You are on page 1of 85

‫جامعة قاصدي مرباح ‪-‬ورقمة‪-‬‬

‫كمية الحقوق والعموم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬
‫مذكرة الستكمال متطلبات شهادة ماستر أكاديمي‬
‫الميدان‪ :‬حقوق وعلوم سياسية‬
‫الشعبة‪ :‬حقوق‬
‫تخصص‪ :‬عالقات دولية خاصة‬

‫إعداد الطالبتين‪:‬‬
‫سكداني لينو‬
‫نكارم الضاكية‬
‫بعنـــــــــــــــــوان ‪:‬‬

‫المسؤولية المترتبة عن التصادم البحري‬

‫نكقشت كأجيزت بتاريخ‪............:‬‬

‫أماـ المجنة المككنة مف السادة األعضاء‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫د‪ .‬يسمينة لعجاؿ‬

‫مشرفا كمقر ار‬ ‫أستاذ التعميـ العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬رضا ىميسي‬

‫مناقشا‬ ‫أستاذ محاضر ب‬ ‫د‪ .‬إنتصار مجكج‬

‫السنة الجامعية ‪2018/2017 :‬‬


‫جامعة قاصدي مرباح ‪-‬ورقمة‪-‬‬

‫كمية الحقوق والعموم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬
‫مذكرة الستكمال متطلبات شهادة ماستر أكاديمي‬
‫الميدان‪ :‬حقوق وعلوم سياسية‬
‫الشعبة‪ :‬حقوق‬
‫تخصص‪ :‬عالقات دولية خاصة‬

‫إعداد الطالبتين‪:‬‬
‫سكداني لينو‬
‫نكارم الضاكية‬
‫بعنـــــــــــــــــوان ‪:‬‬

‫المسؤولية المترتبة عن التصادم البحري‬

‫نكقشت كأجيزت بتاريخ‪............:‬‬

‫أماـ المجنة المككنة مف السادة األعضاء‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫د‪ .‬يسمينة لعجاؿ‬

‫مشرفا كمقر ار‬ ‫أستاذ التعميـ العالي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬رضا ىميسي‬

‫مناقشا‬ ‫أستاذ محاضر ب‬ ‫د‪ .‬إنتصار مجكج‬

‫السنة الجامعية ‪2018/2017 :‬‬


‫شك ووتقدك‬

‫ذ االجال وااإلكاا ووعل رسال أفضل االجال واالجا ااتق ال "من ال دششك اان س ال دششك‬ ‫االحق‬
‫ا "‬

‫ن شك ا وولحقد ح االحق االذ وفتن ومنلن ااتق ال واالعدحم اوح ا لا االحل االذ وكرس أن‬
‫دشسن ال اسرجل ااشكديم وأن دننلن ل و غكو وأر ال وع ورل أن دشسن لا االلح من االعي‬
‫االذ دنتنع لم‬

‫حغلس ر االذ ونضل ا كاا‬ ‫أوتقا لعدل شكذ إال االدإلتس‬

‫وعل لا االلح ووعل مل وقاته ووسرغج ول االقدقال ااتس قمج‬

‫الو ساال فتكال إوقاد لا االلح ‪.‬‬

‫وال أولل إللال أر ولال إلعغم االتسق وإلل من وعحن كفق و افتن فس ملغكون‬

‫ااق ارغم اجي من رعدل ااششك وااتتقدك‬

‫ورعدل ااششك الح ال مشتلم إلعغم االتسق ‪.‬‬


‫اإلىداء‬

‫إلى عائمتي وأصدقائي‬

‫د م بجك االغي‬ ‫إال إلل من دول اس دوسال‬

‫إال إلل من دوحنس من كدي و لغق‪.‬‬

‫إال إلل اي وعي و ق ر دنتنع من لا االحل‬

‫االلغط‪.‬إال إلل من أوكفجي‬

‫إال إلل هالال أ قذ ثحكال ملجسدذ ااحتسارع‬

‫معا ووكفق و ‪.‬‬

‫وأاتحس االل من إلل ق ر ورق فغل وتل‬

‫أو وتلغكا فس ر وي من االساوي‪.‬‬

‫ألن ااشح ال نم من نق ت ا وع ورل‪.‬‬


‫مقدمة‬

‫عرؼ اإلنساف البحر منذ القدـ كسعى لمخكض فيو كصنع السفف مف أجؿ اإلبحار فيو كاستغاللو‪،‬‬
‫كقد استعمؿ السفف ألغراضو التجارية ككذا في زمف الحرب مف أجؿ بسط النفكذ‪ .‬فأصبح البحر ىمزة‬
‫كصؿ بيف الحضارات كالقارات كذلؾ بفضؿ المالحة البحرية كالنقؿ البحرم باعتباره مف أىـ العكامؿ التي‬
‫ترتكز عمييا التجارة الخارجية‪ .‬فبنشاطيا زادت حركات المبادالت التجارية بيف الدكؿ كازداد عدد السفف‬
‫التي تجكب البحر‪.‬‬

‫كالنقؿ البحرم بصفة عامة ذك طبيعة خاصة نظ ار لما تتعرض لو السفف مف مخاطر خالؿ الرحمة‬
‫البحرية‪ .‬إذ أف تأثيرات الطقس كطبيعة الممرات المائية كاألخطاء البشرية ككذلؾ قكة تأثير البحار نفسيا‪،‬‬
‫جعمت مف السفف كسيمة انتقاؿ ميددة باألخطار في معظـ األحياف‪ .‬كعمى الرغـ مف الكسائؿ المتعددة‬
‫التي تـ التكصؿ إلييا عبر السنيف لتكفير األماف فإف الخطر مازاؿ قائما كالحكادث البحرية التي ىي مف‬
‫أبرز مشاكؿ النقؿ البحرم عبر التاريخ الزالت مستمرة كتحدث بتتابع‪.‬‬

‫كفي نطاؽ الحديث عف الحكادث البحرية التي تتعرض ليا السفف في البحر في أثناء عمميات النقؿ‬
‫أك السياحة البحرية كغيرىا‪ .‬يعد التصادـ البحرم مف أىـ الحكادث كأكثرىا شيكعا بسبب كثرة كقكعيا‬
‫كجسامة ما ينجر عنيا مف أضرار كخسائر مادية كبشرية‪ .‬كؿ ىذا يظير بكضكح مدل خطكرة مشكمة‬
‫التصادـ البحرم كالحاجة المستمرة لمعمؿ عمى تفاديو‪ .‬فإذا أخذنا لمحة تاريخية عف التصادـ كمقارنتو‬
‫بالماضي‪ ،‬سنجد أف حاالت التصادـ في الماضي كانت كثيرة إال أف األضرار الناجمة عنيا كانت أبسط‬
‫مف اآلف كجؿ أسبابو كقتئذ كانت تنسب إلى الخطأ أك إلى القكة القاىرة‪ .‬كفي حالة كجكد خطأ كانت‬
‫أما اآلف فإف التقدـ التقني في‬
‫التعكيضات قميمة بسبب قمة األضرار كانخفاض قيمة السفف المتصادمة ّ‬
‫صناعة السفف كرغـ تقميمو لحاالت التصادـ إال أنو لـ يستطع أف يقمؿ مف أض ارره فقد ازدادت خطكرة مف‬
‫ذم قبؿ‪ ،‬لضخامة السفف الحديثة كسرعتيا العالية أثناء السير‪ ،‬كليذا السبب قد تضاعفت الككارث التي‬
‫تنجـ عف التصادـ كما تخمفو مف خسائر مادية كبشرية‪.‬‬

‫كاذا ما عممنا أف ىناؾ آالؼ السفف تجكب البحار كالمحيطات يكميا‪ ،‬ناىيؾ عف الكحدات البحرية‬
‫الصغيرة التي تبحر في المكانئ كاألنيار يكميا‪ ،‬كاألخرل التي تقكـ برحالت قصيرة كاف لنا أف نتصكر‬

‫أ‬
‫عدد الحكادث التي يمكف أف تحدث كأف نتكقع نتائجيا سكاء كانت مباشرة أك غير مباشرة كجسامة ما‬
‫ينجر عنيا مف أضرار مادية كبشرية‪.‬‬

‫إف خطكرة النتائج التي يؤدم إلييا التصادـ البحرم كانت سببا في كجكد أحكاـ قانكنية في‬
‫تشريعات العديد مف الدكؿ كالتي تناكلت مكضكع التصادـ بكضع قكاعد ذات طابع كقائي تتمثؿ في لكائح‬
‫منع التصادـ‪ ،‬كقكاعد ذات طابع إجرائي حيث تناكلت مكضكع التصادـ بعد كقكعو‪ .‬حيث أنو في القرف‬
‫‪ 19‬أدرؾ المجتمع الدكلي ضركرة كضع قكاعد مكحدة بخصكص التصادـ البحرم فتضافرت الجيكد‬
‫‪ 1910‬المتعمقة‬ ‫إليجاد قكاعد قانكنية مكحدة تنظـ ىذه المسألة ككاف نتاجيا معاىدة برككسؿ لسنة‬
‫بالمصادمات البحرم‪ ،‬كلـ تتكقؼ عند ىذا الحد بؿ أكجدت معاىدة أخرل متعمقة باالختصاص الجنائي‬
‫كالمدني سنة ‪ 1952‬حيث تنظـ مسألة االختصاص في دعاكل التصادـ كتحديد الجيات المختصة‪.‬‬

‫ىذه المعاىدات رغـ أنيا كحدت المسائؿ المتعمقة بالتصادـ البحرم ّإال أف ىناؾ مسائؿ ظمت عالقة‬
‫خاصة في حالة عدـ تكقيع دكؿ السفف المتصادمة عمى المعاىدة‪ ،‬رغـ أف جؿ التشريعات الغربية منيا‬
‫كالعربية تضمنت نصكصا متعمقة بمسألة التصادـ البحرم مكافقة لما جاءت بو المعاىدة لكف ذلؾ لـ يغني‬
‫عف كجكد تنازع في القكانيف‪ .‬حيث أف حاالت التصادـ تقع بيف سفف مف دكؿ مختمفة كفي المياه اإلقميمية‬
‫أك أعالي البحار كبيذا نككف أماـ عدة قكانيف كمنو تثكر مسألة البحث عف القانكف الكاجب التطبيؽ‪،‬‬
‫كتحديد الجية القضائية المختصة دكليا‪.‬‬

‫كتتجمى أىمية ىذه الدراسة في تحديد المسؤكلية الناجمة عف التصادـ البحرم‪ ،‬كتحديد اإلختصاص‬
‫‪ 1910‬ك ‪ . 1952‬كالبحث عف‬ ‫التشريعي كالقضائي في ظؿ القانكف الجزائرم كمعاىدتي برككسؿ لسنة‬
‫حمكؿ لممسائؿ التي سكتت عنيا المعاىدة‪.‬‬

‫األىمية البالغة التي يكتسييا المكضكع‪ ،‬كقمة‬ ‫كمف األسباب المكضكعية الختيارنا لممكضكع‬
‫الدراسات القانكنية السابقة خاصة الجزائرية‪.‬‬

‫كنظ ار لما يطرحو مكضكع التصادـ البحرم مف مسائؿ كاشكاالت قانكنية‪ ،‬تيدؼ دراستنا إلى بياف‬
‫األحكاـ المتعمقة بالتصادـ البحرم‪ ،‬كالمسؤكليات الناتجة عنو كتحديد الجية المختصة قضائيا في دعكل‬
‫التصادـ كالمسؤكؿ عف التعكيض في ظؿ القانكف الجزائرم‪ ،‬الذم نظـ مسألة التصادـ البحرم في القانكف‬
‫‪ 273‬إلى‬ ‫البحرم في القسـ األكؿ مف الفصؿ الرابع بعنكاف '' تصادـ السفف في البحار'' في المكاد مف‬

‫ب‬
‫‪ .298‬كسنخص بالدراسة ما يرتبو التصادـ مف مسؤكلية تقصيرية حيث سنتناكؿ الدعكل المدنية فقط دكف‬
‫الجنائية ككنيا تخرج عف نطاؽ دراستنا‪.‬‬

‫كمنو فإف إاإلشكالية التي تطرحيا ىذه الدراسة تتمثؿ فيما يمي‪ :‬ما ىي األحكاـ الخاصة بالمسؤكلية‬
‫الناتجة عف التصادـ البحرم في ظؿ القانكف الجزائرم؟‬
‫كتتفرع عف اإلشكالية الرئيسية اإلشكاالت الفرعية اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ما المقصكد بالتصادـ البحرم؟‬
‫‪ -‬ما ىي الجيات المختصة في نظر دعكل التصادـ؟‬
‫‪ -‬ما ىي إجراءات رفع دعكل التصادـ؟ كعمى أم أساس يتـ تحديد المحكمة المختصة؟‬
‫كلإلجابة عف ىذه اإلشكالية‪ ،‬فقد تـ تقسيـ بحثنا ىذا إلى فصميف‪ ،‬حيث نتناكؿ في الفصؿ األكؿ‬
‫مفيكـ التصادـ البحرم محاكليف مف خاللو تكضيح المقصكد بالتصادـ البحرم كشركطو كأنكاعو‪ .‬بينما‬
‫ندرس في الفصؿ الثاني عف الدعكل الناشئة عف التصادـ البحرم مف خالؿ تعييف الجيات المختصة في‬
‫نظر دعكل التصادـ ككيفية تحديدىا كتقدير التعكيضات الناجمة عنيا‪.‬‬
‫كلقد اتبعنا في ىذه الدراسة المنيج التحميمي لتحميؿ العناصر محؿ الدراسة ككذا المكاد القانكنية‬
‫كاآلراء الفقيية ذات الصمة بمكضكع الدراسة ‪ ،‬ككذا المنيج المقارف إذ سنقكـ بإجراء مقارنة بيف ما كرد في‬
‫القانكف الجزائرم كمعاىدم برككسؿ لسنة ‪ 1910‬ك‪ 1952‬مف أحكاـ قانكنية‪.‬‬

‫كفي األخير نشير إلى أنو كاجيتنا عدة صعكبات مف بينيا قمة الدراسات القانكنية السابقة ككذا قمة‬
‫المراجع الكطنية المتخصصة‪.‬‬

‫ج‬
‫الفصل األول‬

‫مفيوم التصادم البحري‬

‫يعتبر التصادـ البحرم مف أخطر الحكادث البحرية لما ينجر عنو مف خسائر مادية كبشرية‪ ،‬ما‬
‫يتكجب التعكيض عنيا مف طرؼ المتسبب في التصادـ‪ ،‬كلكف يتكجب قبميا تحديد نكع التصادـ كالمتسبب‬
‫فيو لتحديد المسؤكلية‪ .‬لذا كاف لزاما عمينا أف نحدد أكال ما المقصكد بالتصادـ البحرم في االتفاقيات‬
‫الدكلية كالتشريعات المقارنة‪ ،‬ثـ تحديد الشركط الالزـ تكافرىا في الكاقعة حتى تحكز كصؼ التصادـ‬
‫البحرم‪ ،‬كالتعرض ألنكاعو‪ .‬كىك ما سنتكلى بيانو فيما يأتي‪:‬‬

‫المبحث األول‬

‫تعريف التصادم البحري‬

‫سعت الجيكد الدكلية لعقد مؤتمرات كممتقيات دكلية مف أجؿ تنظيـ مكضكع التصادـ البحرم نظ ار‬
‫لخطكرتو كجسامة ما ينجز عنو مف أضرار مادية كبشرية‪ ،‬كمنو ظيرت عدة اتفاقيات منيا اتفاقية برككسؿ‬
‫‪ 1952‬الخاصة بتكحيد االختصاص‬ ‫لسنة ‪ 1910‬المتعمقة بالتصادـ البحرم‪ ،‬كاتفاقية برككسؿ لسنة‬
‫الجنائي كالمدني‪ .‬كقد تضمنت التشريعات العربية منيا كالغربية نصكصا منظمة ليا كمكافقة لما جاءت بو‬
‫ىذه اإلتفاقيات‪ .‬كسنقكـ في ىذا المبحث بتحديد تعريؼ التصادـ البحرم عند الفقياء ثـ في االتفاقيات‬
‫الدكلية‪ ،‬كأخي ار في التشريعات المقارنة‪ ،‬كؿ في مطمب مستقؿ‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬التعريف الفقيي‬

‫اختمؼ الفقو حكؿ تحديد المقصكد بالتصادـ البحرم‪ ،‬فقد رّكز البعض عمى صفة المنشآت أك‬
‫السفف التي كانت طرفا في التصادـ‪ ،‬بحيث يعد تصادما بحريا متى كقع اإلرتطاـ بيف سفينتيف بحريتيف أك‬
‫أكثر أك بيف سفينة بحرية كاحدة عمى األقؿ كغيرىا مف مراكب المالحة الداخمية‪ ،‬كلك كقع ىذا اإلرتطاـ‬
‫في األنيار أك المياه الداخمية‪ .‬كىذا ىك المعنى الذم أخذت بو معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬لمتصادـ عمى‬
‫نحك ما سنرل أثناء الدراسة‪ .‬كيفضؿ جانب آخر مف الفقو التركيز عمى المياه التي كقع التصادـ فييا بيف‬

‫‪2‬‬
‫المنشآت بصرؼ النظر عف صفة ىذه المنشآت كما إذا كانت تعتبر سفنا بحرية أك مف مراكب المالحة‬
‫النيرية ‪.1‬‬

‫كمنو يعتبر تصادما بحريا متى كقع االرتطاـ في البحر كسكاء كاف بيف سفف بحرية أك بيف مراكب‬
‫أما إذا كقع االرتطاـ في المياه الداخمية فإنو يعتبر تصادما نيريا حتى لك كقع‬
‫مالحة نيرية أك داخمية‪ّ .‬‬
‫بيف سفف بحرية‪ .‬كيخرج مف نطاؽ فكرة التصادـ البحرم كفقا لكؿ مف اإلتجاىيف السابقيف اإلرتطاـ الذم‬
‫يقع بيف مركبيف مف مراكب المالحة الداخمية كالذم يقع في األنيار كالمياه الداخمية‪ .‬ككذا االرتطاـ الذم‬
‫يقع بيف سفينة بحرية أك مركب مف مراكب المالحة النيرية كبيف رصيؼ الميناء أك المنشآت الممحقة بو‪،‬‬
‫ككذلؾ اإلرتطاـ الذم يقع بيف السفف المذككرة كالصخكر أك حطاـ سفينة أخرل كالذم قد تصادفو في ىذه‬
‫السفف أثناء سيرىا‪.2‬‬

‫كىناؾ مف يميز بيف تعريؼ التصادـ البحرم ككنو حادث مف الحكادث البحرية‪ ،‬كبيف المقصكد بو‬
‫أف معنى التصادـ في التأميف‬
‫في التأميف البحرم‪ .‬كىك ما يظير عند الفقو الفرنسي‪ ،‬فذىب رأم إلى ّ‬
‫البحرم ال يقصد بو اصطداـ السفينة المؤمف عمييا بأم جسـ ثابت كرصيؼ أك سد أك بأم جسـ لو‬
‫الكصؼ القانكني لمسفينة كالحطاـ‪ .‬كالرأم اآلخر يعتبر معنى التصادـ في الحالتيف كاحد‪ ،‬بحيث يككف‬
‫‪ .3‬فيك ىنا يعتد‬ ‫التصادـ بحريا إذا حدث بيف سفينتيف أك بيف سفينة كمنشأة ليا كصؼ السفينة قانكنا‬
‫بصفة المنشأة فأم تصادـ بحرم يحدث بيف منشأتيف تحمؿ كصؼ السفينة فيك يعتبر تصادما بحريا‬
‫بغض النظر عف المياه التي كقع فييا التصادـ‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تعريف التصادم حسب اتفاقية بروكسل‬

‫تعد معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬نتاج جيكد دكلية لتكحيد المسائؿ المتعمقة بالتصادـ البحرم‪،‬‬
‫كنظمت ىذه االتفاقية مسألة التصادـ البحرم كأحكامو‪ ،‬كقد عرفت التصادـ البحرم في مادتيا األكلى‬

‫‪ -1‬انظر‪ :‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬تنازع القكانيف في مسائؿ المسؤكلية التقصيرية المترتبة عمى التصادـ البحرم كالحكادث‬
‫الكاقعة عمى ظير السفف‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2002‬ص ‪.67‬‬
‫‪ -2‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪ -3‬حسف حرب المصاصمة‪ ،‬األخطار البحرية في قانكف التجارة البحرية األردني (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الخميج‪ ،‬عماف‬
‫‪ ،2015‬ص ‪.81‬‬

‫‪3‬‬
‫بأنو‪ '' :‬التصادـ الذم يحصؿ بيف سفينتيف بحريتيف أك بيف سفينة بحرية كمركب مالحة داخمية بغض‬
‫النظر عف المياه التي كقع فييا التصادـ''‪.1‬‬

‫كنالحظ أف اإلتفاقية قد اعتدت بصفة المنشآت أك السفف أطراؼ التصادـ البحرم كلك كقع ىذا‬
‫التصادـ في المياه الداخمية اإلقميمية‪ .‬كقد اشترطت المعاىدة أف تككف إحدل السفف المتصادمة عمى األقؿ‬
‫فإف التصادـ الذم يقع بيف سفينة بحرية كأحد مراكب المالحة النيرية أك‬
‫مف السفف البحرية‪ ،‬كمف ثـ ّ‬
‫الداخمية يعد تصادما كفقا لممفيكـ الذم تبنتو المعاىدة‪ ،‬كبذلؾ فيك يخضع لمقكاعد المقررة بيا‪ .‬كعميو‬
‫يخرج مف مفيكـ التصادـ البحرم كفقا ألحكاـ المعاىدة ارتطاـ سفينة بحرية بحطاـ سفينة أخرل أك بأحد‬
‫الصنادؿ كغير ذلؾ مف العائمات التي ليست ليا مقكمات السفف البحرية أك مراكب المالحة الداخمية ‪.2‬‬

‫كبيذا التعريؼ الذم كضعتو المعاىدة تككف قد حسمت الخالؼ الفقيي الذم كاف قائما حكؿ‬
‫المعيار الذم يأخذ بو العتبار الحادث تصادما بحريا‪ ،‬ىؿ بمكاف كقكع التصادـ أك صفة المنشأة‪ .‬فقد‬
‫اكتفت أنو العتبار الحادث تصادما بحريا أف تككف إحدل المنشأتيف سفينة بحرية بغض النظر عف مكاف‬
‫كقكع التصادـ‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬التصادم البحري في التشريعات المقارنة‬

‫تبنت التشريعات الغربية منيا كالعربية مكضكع التصادـ البحرم في قكانينيا الداخمية حيث أفردتو‬
‫بمكاد تنظمو‪ ،‬كمف بيف ىذه التشريعات نجد المشرع الفرنسي‪ ،‬المصرم‪ ،‬األردني‪ ،‬ككذا المشرع الجزائرم‪.‬‬

‫حيث نجد أف المشرع المصرم نظـ أحكاـ التصادـ البحرم في القانكف البحرم الجديد في المكاد‬
‫‪ 292‬إلى ‪ ،301‬كقد استقى ىذا التنظيـ مف معاىدة برككسؿ لسنة ‪ ،1910‬كمف القانكف الفرنسي الجديد‬
‫الخاص بالحكادث البحرية رقـ ‪ 454‬الصادر في ‪ .1967/07/09‬كجاء في نص المادة ‪ 292‬ما يمي‪'' :‬‬
‫في حالة كقكع تصادـ بيف سفف بحرية أك بيف سفف بحرية كمراكب المالحة الداخمية‪ ،‬تسكل التعكيضات‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 01‬مف معاىدة برككسؿ المتعمقة بالمصادمات البحرية لسنة ‪.1910‬‬


‫‪ -2‬محمد عبد الفتاح ترؾ‪ ،‬التصادـ البحرم كدكر العنصر البشرم في كقكعو‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.61‬‬

‫‪4‬‬
‫التي تستحؽ عف األضرار التي تمحؽ بالسفف كاألشخاص المكجكديف عمييا طبقا لألحكاـ المنصكص‬
‫عمييا في ىذا الفصؿ دكف اعتبار لممياه التي حصؿ فييا التصادـ ‪.1''...‬‬

‫كما يميز ىذا التعريؼ الذم أكرده ىذا النص‪ ،‬أنو يتضمف تكسيعا لمفيكـ التصادـ البحرم بحيث‬
‫يشمؿ كؿ تصادـ يخص سفينة بحرية‪ ،‬كاخضاع تعكيض األضرار التي تمحؽ األشياء كاألشخاص‬
‫المكجكديف عمى السفينة لمقكاعد المنصكص عمييا في الفصؿ الخاص بالتصادـ‪ ،‬كعدـ أخذه في االعتبار‬
‫لطبيعة المياه التي يقع فييا التصادـ‪.2‬‬

‫أما بالنسبة لممشرع األردني تناكلت المادة ( ‪ )236‬مف قانكف التجارة البحرية األردني‪ ،‬تبياف مفيكـ‬
‫ّ‬
‫التصادـ البحرم حيث اعتبرت ىذه المادة التصادـ البحرم‪ ،‬بأنو التصادـ الذم يقع بيف السفف البحرية‪ ،‬أك‬
‫بيف السفف البحرية كسفف المالحة الداخمية بغض النظر عف المياه التي حدث فييا التصادـ‪ ،‬إذ تنص‬
‫المادة المذككرة بأنو (إذا كقع تصادـ بيف السفف البحرية أك بيف السفف البحرية كسفف المالحة الداخمية‪،‬‬
‫فإف التعكيض مف الضرر الالحؽ بالسفف كما عمى متنيا مف أشياء كأشخاص يدفع لألحكاـ التالية‪ ،‬كال‬
‫عبرة لممياه التي حدث فييا التصادـ)‪.3‬كىك يطابؽ التعريؼ الذم جاءت بو اتفاقية برككسؿ‪.4‬‬

‫كقد حدا المشرع الجزائرم حذك التشريعات السابقة حيث أخذ التعريؼ الذم جاءت بو معاىدة‬
‫برككسؿ لسنة ‪ 1910‬حيث عرفت المادة ‪ 273‬مف القانكف البحرم الجزائرم التصادـ البحرم بأنو‪ " :‬يعد‬
‫تصادـ سفف في البحار‪ ،‬كؿ ارتطاـ بيف السفف في البحر أك بيف السفف في البحر أك بيف السفف كبكاخر‬
‫المالحة الداخمية دكف األخذ في االعتبار لممياه التي كقع فييا التصادـ"‪.5‬‬

‫كالجدير بالذكر أف المشرع الجزائرم قد أعطى تعريفا لمتصادـ البحرم‪ ،‬كىذا ما لـ تفعمو معاىدة‬
‫برككسؿ كالكثير مف التشريعات الكطنية التي تمت اإلشارة إلييا سابقا حيث أغمبيا تستعمؿ عبارة '' إذا‬
‫كقع تصادـ'' أك '' في حالة كقكع تصادـ'' دكف أف تبيف المقصكد بكممة تصادـ‪ ،‬كىذا بخالؼ المشرع‬

‫‪-1‬راجع‪ :‬أحمد حسني‪ ،‬الحكادث البحرية التصادـ كاإلتقاذ‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬د س ف‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -2‬راجع‪ :‬محمكد سمير الشرقاكم‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ط ‪ ،4‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة ‪ ،1993‬ص ‪ 509‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 236‬مف قانكف التجارة البحرية األردني‪.‬‬
‫‪ -4‬عادؿ عمي المقدادم‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬عماف ‪ ،2009‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 273‬مف القانكف رقـ ‪ 80/76‬المؤرخ في ‪ 29‬شكاؿ ‪ 1396‬المكافؽ ‪ 23‬أكتكبر ‪ 1976‬كالمتضمف القانكف‬
‫البحرم المعدؿ كالمتمـ بالقانكف رقـ ‪ 10/04‬المؤرخ في ‪ 15‬أكت ‪.2010‬‬

‫‪5‬‬
‫الجزائرم الجزائرم الذم عرؼ التصادـ بأنو '' ارتطاـ مادم أك اصطداـ بيف السفف''‪ ،‬بؿ أنو تكسع في‬
‫مفيكـ التصادـ حيث اعتبرت المادة ‪ 274‬فقرة ‪ 2‬في حكـ التصادـ ما تمحقو سفينة مف خسائر نتيجة‬
‫تنفيذ أك إىماؿ مناكرة حتى كاف لـ يحصؿ ارتطاـ بصفة مباشرة‪.1‬‬

‫كنالحظ مف المادة ‪ 273‬مف القانكف البحرم الجزائرم أف المشرع يأخذ بمعيار المنشأة أم السفينة‪،‬‬
‫فيكفي العتبار الحادث تصادما بحريا كجكد سفينة كاحدة في التصادـ عمى األقؿ بغض النظر عف مكاف‬
‫حصكؿ الكاقعة‪ .‬أم أنو ينظر لصفة المنشآت التي يحدث بينيا التصادـ دكف مراعاة مكاف كقكعيا سكاء‬
‫كانت في المياه اإلقميمية أك في أعالي البحار‪ ،‬فمتى كقع تصادـ بيف منشأتيف إحداىما ليا كصؼ سفينة‬
‫فإنيا تطبؽ عمييا أحكاـ التصادـ البحرم المنصكص عميو في القانكف البحرم‪ .‬كأكثر ما يميز ىذا‬
‫التعريؼ أنو يتضمف تكسيعا لمفيكـ التصادـ بحيث يشمؿ كؿ تصادـ يخص سفينة بحرية كبالتالي‬
‫إخضاع ىذا األخير لقكاعد القانكف البحرم كاخضاع تعكيض األضرار التي تمحؽ األشخاص كاألشياء‬
‫المكجكديف عمى ظير السفينة لمقكاعد المنصكص عمييا في الفصؿ الخاص بالتصادـ‪ ،‬كعدـ أخذه‬
‫باالعتبار لممياه التي يقع فييا التصادـ سكاء كانت في المياه اإلقميمية أك في أعالي البحار‪ .‬كىك بيذا‬
‫يكافؽ ما جاءت بو معاىدة برككسؿ في مادتيا األكلى‪.‬‬

‫‪ -1‬راجع‪ :‬جماؿ بف عصماف‪ ،‬المسؤكلية التقصيرية المترتبة عف التصادـ البحرم في القانكف الدكلي الخاص‪ ،‬رسالة‬
‫دكتكراه‪ ،‬تخصص قانكف خاص‪ ،‬جامعة تممساف‪ ،‬كمية الحقكؽ‪ 26 ،2009/2008 ،‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫شروط التصادم البحري‬

‫مف خالؿ التعاريؼ السابقة لمتصادـ البحرم‪ ،‬يمكف أف نستخمص الشركط التي مف أجميا تعتبر‬
‫الكاقعة تصادما بحريا‪ .‬ذلؾ ألنو ليس كؿ تصادـ بحرم يدخؿ في نطاؽ المسؤكلية كتطبؽ عميو أحكاـ‬
‫التصادـ المنصكص عمييا قانكنا‪ ،‬كىك ما سنتكلى بيانو في ىذا المبحث‪ ،‬حيث سنتعرض لمشركط المتعمقة‬
‫بكسيمة التصادـ كىي السفينة في (المطمب األكؿ)‪ ،‬ثـ الشرط المتعمؽ بالفعؿ المادم كىك حصكؿ االرتطاـ‬
‫في (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬الشروط المتعمقة بوسيمة التصادم‬

‫إف المقصكد ىنا بكسيمة التصادـ ىي السفينة‪ ،‬كالمقرر في التشريعات المقارنة كمعاىدة برككسؿ أنو‬
‫مف أجؿ إعماؿ أحكاـ التصادـ ال بد أف تتكرط في التصادـ سفينة كىي المنشأة البحرية العائمة‪ ،‬كىك ما‬
‫سنتكلى بيانو‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التصادم بين منشأتين بحريتين‬

‫يعد التصادـ تصادما بحريا‪ ،‬إذا كاف ىذا التصادـ قد حدث بيف سفف مخصصة لممالحة البحرية‪،‬‬
‫أك بيف سفينة بحرية كمركب مخصص لممالحة الداخمية النيرية كغالبا ما يككف ذلؾ عند اجتياز السفف‬
‫البحرية لألنيار بقصد الكصكؿ إلى المكانئ‪ .‬كال ينظر إلى نكع السفينة التي كانت طرفا في الحادث أك‬
‫غرضيا‪ ،‬إذ يستكم في ذلؾ‪ ،‬ما إذا كانت إحدل سفف الحادث غرضيا تجاريا أك صيد أك نزىة‪ .‬كما ال‬
‫ينظر إلى مكقع الحادث الذم يحصؿ فيو التصادـ‪ ،‬فسكاء أف كاف ذلؾ في البحر أك األنيار‪ .‬إال أنو ال‬
‫يمكف اعتبار الحادث تصادما بحريا‪ ،‬إذا كقع بيف مراكب مخصصة لممالحة النيرية الداخمية حتى كاف‬
‫كاف ذلؾ في المياه البحرية ‪.1‬‬

‫‪ -1‬عادؿ عمي المقدادم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 195‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫كعميو فإذا ارتطمت السفينة بجسـ ثابت كرصيؼ أك حاجز أمكاج أك صخكر‪ ،‬فال يعد الحادث‬
‫تصادما بحريا بؿ تطبؽ عميو المبادئ العامة في المسؤكلية‪ ،‬ككذلؾ الحكـ فيما لك ارتطمت السفينة بجسـ‬
‫عائما ال يعتبر سفينة أك مركب مالحة داخمية كرافعة أك حطاـ أك صندؿ أك طائرة بحرية‪.1‬‬

‫كيعد تصادما بحريا التصادـ البحرم الذم يحصؿ بيف السفف البحرية أك بيف السفف البحرية كمراكب‬
‫المالحة النيرية يعتبر تصادما بغض النظر عما إذا كانت السفف المتصادمة سفنا تجارية أك سفف صيد‬
‫أك نزىة‪ ،‬كاشتراط حصكؿ االرتطاـ بيف سفف بحرية أك سفف بحرية كمراكب مالحة نيرية الكتساب‬
‫الحادث صفة التصادـ البحرم‪ ،‬ىك ما يكاد يككف محؿ إجماع الفقو كالقضاء‪.2‬‬

‫أما إذا لك ارتطـ مركباف مف مراكب المالحة الداخمية أحدىما باآلخر كلك في المياه البحرية‪ ،‬فإف‬
‫ىذا ال يعد مف قبيؿ التصادـ البحرم كال يخضع ألحكاـ القانكف البحرم كانما تسرم عميو المبادئ العامة‬
‫في المسؤكلية‪ .‬أم أف العبرة في تحديد التصادـ البحرم ليست بطبيعة المياه التي يحصؿ فييا بؿ بصفة‬
‫المنشآت التي يحصؿ بينيما‪.‬‬

‫كتطبؽ أحكاـ التصادـ البحرم أيضا عمى التصادـ الذم يحصؿ بيف سفينتيف تابعتيف لنفس‬
‫المجيز‪ ،‬إذ أف كمتا السفينتيف تعد ذمة بحرية مستقمة كيؤمف عمييا عادة لدل مؤمنيف مختمفيف ‪ .3‬كىك ما‬
‫يطمؽ عميو بالتصادـ بيف السفف الشقيقة‪ ،‬كقد يبدك لمكىمة األكلى أنو ليس مف المعقكؿ أف يرفع المجيز‬
‫دعكل التصادـ عمى نفسو بصفتو مالكا لمسفينة المخطئة كالسفينة المضركرة معا‪ .‬كلكف الحقيقة أف الرجكع‬
‫البحرم بناءا عمى التصادـ معقد‪ ،‬إذ يتدخؿ فيو المؤمنكف الذيف يتحممكف في النياية عبء المخاطر‪ ،‬كمف‬
‫ناحية أخرل فإف كؿ سفينة تعتبر ثركة بحرية مستقمة بما ليا مف حقكؽ كما يثقميا مف التزامات‪ ،‬كبالتالي‬
‫فإنو ينبغي حتى في مثؿ ىذه الحالة تسكية الحقكؽ كالمسؤكليات الناشئة عف التصادـ تماما كما لك كانت‬
‫السفينتاف مممككتيف لمجيزيف مختمفيف‪.4‬‬

‫‪ -1‬محمكد شحماط‪ ،‬المختصر في القانكف البحرم الجزائرم‪ ،‬دار العمكـ لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عنابة ‪ ،2010‬ص ‪.73‬‬
‫‪ -2‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬أحكاـ التصادـ البحرم ( دراسة مقارنة في ظؿ بعض القكانيف‬
‫العربية كاألجنبية كاإلتفاقيات الدكلية)‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار جميس الزماف‪ ،‬عماف ‪ ،2011‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -3‬مصطفى كماؿ طو‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2000‬ص ‪ 404‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -4‬عمي الباركدم‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬القاىرة ‪ ،1988‬ص ‪.346‬‬

‫‪8‬‬
‫كخالصة القكؿ فإنو إلعتبار الحادث تصادما بحريا ال بد مف تكافر معيار المنشأة البحرية في‬
‫الحادث‪ ،‬كتككف مخصصة لممالحة البحرية‪ .‬كيستكم في ذلؾ إذا كاف كالىما أك إحداىما سفينة كال تيـ‬
‫صفتيا إذا كانت سفف تجارية أك نزىة بغض النظر عف مكاف االرتطاـ‪ ،‬كبذلؾ فيي تخضع ألحكاـ‬
‫التصادـ البحرم‪ .‬أما إذا حصؿ االرتطاـ بيف مركبيف مف مراكب المالحة الداخمية سكاء في المياه‬
‫اإلقميمية أك خارجيا فال تخضع ألحكاـ التصادـ البحرم كانما تسرم عمييا المبادئ العامة في المسؤكلية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التصادم بين منشأتين عمى األقل إحداىما سفينة‬

‫ال يكفي العتبار الحادث تصادما أف يحصؿ بيف منشأتيف أك أكثر‪ ،‬بؿ يجب أف تككف إحدل‬
‫المنشأتيف سفينة بحرية سكاء كانت في ذلؾ أكانت صادمة أك مصدكمة‪ ،‬كسكاء كقع الحادث في المياه‬
‫البحرية أك الداخمية‪ ،‬ككثي ار ما يقع التصادـ في المياه النيرية التي تجتازىا السفف البحرية لمكصكؿ إلى‬
‫بعض المكانئ اليامة‪.1‬‬

‫كقد أثار تعريؼ السفينة خالفا فقييا كبي ار ككنيا ىي التي تخضع لمقانكف البحرم دكف غيرىا مف‬
‫المنشآت العائمة‪ ،‬حيث عرفيا جانب مف الفقو عمى أنيا آلة قادرة عمى مكاجية األخطار في البحر‬
‫تستخدـ عادة لممالحة البحرية‪ ،‬بينما عرفيا جانب آخر عمى أنيا آلة عائمة ذات طبيعة منقكلة‪،‬‬
‫مخصصة لمالحة تعرضيا لمخاطر البحر‪.2‬‬

‫‪ 22‬الخاصة‬ ‫كنجد أف بعض اإلتفاقيات الدكلية تطرقت لتعريؼ السفينة منيا اتفاقية العمؿ رقـ‬
‫بعقكد التزاـ البحارة المؤرخة في عاـ ‪ 1926‬التي تعرؼ السفينة كاآلتي‪ '' :‬كؿ منشأة ميما كانت طبيعتيا‬
‫كسكاء كانت ممكية عامة أك خاصة تقكـ عادة بالمالحة البحرية''‪ .‬ككذا اتفاقية لندف المؤرخة في أفريؿ‬
‫‪ 1989‬حكؿ المساعدة في البحر إذ أكردت التعريؼ التالي‪ '' :‬تعتبر سفينة كؿ منشأة بحرية أك آلية‬
‫عائمة أك تركيبة قادرة عمى المالحة''‪.3‬‬

‫‪ -1‬محمكد شحماط‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.73‬‬


‫‪ -2‬منية حسف البالسي‪ ،‬الحجز التحفظي عمى السفف في القانكف الجزائرم‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬قانكف خاص‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫‪ ،1‬كمية الحقكؽ‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2014/2013 :‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -3‬راجع‪ :‬دكاخة نادية‪ ،‬بكدبكز آمنة‪ ،‬الحجز التحفظي عمى السفينة في ظؿ القانكف الجزائرم‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬تخصص‬
‫قانكف أعماؿ‪ ،‬جامعة قالمة‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2016/2015 :‬ص ‪.21‬‬

‫‪9‬‬
‫كالمالحظ أف ىذه التعريفات تقترب مف التعريفات الكاردة في الفقو مف حيث تخصيص المنشأة‬
‫العائمة لممالحة البحرية‪ .‬كالمتتبع لنصكص اإلتفاقيات الدكلية ‪ 1‬يجد كثير منيا تعرضت لتعريؼ السفينة‪،‬‬
‫كاليدؼ مف ذلؾ تحديد المنشآت التي تنطبؽ عمييا أحكاميا ال تعريؼ تجريدم ليا‪.‬‬

‫أما في الجزائر فإف اتجاه المشرع الجزائرم كاضح في مختمؼ النصكص القانكنية الدكلية عند‬
‫تعرضو لمكضكعو السفينة‪ ،‬كحاكؿ كضع تعريؼ ليا محاكال بذلؾ تسييؿ العمؿ عمى القضاء كاف كاف فيو‬
‫شيء مف الصعكبة ‪ ،2‬حيث تنص المادة ‪ 13‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪ '' :‬تعتبر السفينة كؿ عائمة‬
‫تقكـ بالمالحة البحرية إما بكسيمتيا الخاصة كاما عف طريؽ قطرىا بسفينة أخرل أك مخصصة لمثؿ ىذه‬
‫المالحة ''‪.3‬‬

‫كيقصد بالمنشأة العائمة ىي سفينة بحرية عائمة معرضة فعال كبطريقة معتادة لمخاطر البحر‪ ،‬كما‬
‫يقتضي تخصيص السفينة لممالحة البحرية أف تككف صالحة ليذه المالحة بأف تككف في حالة جيدة تكفؿ‬
‫سالمتيا مع مراعاة ما تتعرض لو مف أخطار‪ ،‬كىذه الصالحية لممالحة ىي التي تحدد بدء حياة السفينة‬
‫قانكنا كنيايتيا‪ .‬فالمنشأة ال تعد سفينة إال مف كقت صالحيتيا لممالحة كيزكؿ عنيا ىذا الكصؼ إذا فقدت‬
‫ىذه الصالحية أك صارت حطاما ‪ .4‬كما أف كصؼ السفينة يمتد إلى ممحقاتيا الالزمة لإلستغالؿ البحرم‬
‫كاآلالت كالصكارم كالدفة كقكارب التجارة‪.5‬‬

‫كمادامت العبرة بالتخصيص لممالحة فإف المنشآت الطافية عمى سطح البحر ال تعتبر سفنا‬
‫كاألرصفة العائمة كالجسكر العائمة كاألحكاض العائمة كالمدارس العائمة (سفف التدريب) كالفنادؽ العائمة‬
‫كالعكامات كما تستبعد مف مفيكـ السفينة المنشآت التي تسير في البحر دكف أف تككف مخصصة لممالحة‬
‫البحرية بؿ تقدـ بعض الخدمات داخؿ مرفؽ المالحة البحرية أم المكانئ كذلؾ مثؿ الرافعات المائية‬

‫‪ -1‬مف ىذه االتفاقيات نجد‪ :‬اتفاقية األمـ المتحدة المتعمقة بنقؿ البضائع عف طريؽ البحر كميا أك جزئيا المكقعة بركترداـ‬
‫لسنة ‪ ،2009‬كتعريؼ لجنة القانكف الدكلي لمسفينة لسنة ‪.1954‬‬
‫مجمة اإلجتياد لمدراسات القانونية‬ ‫‪ -2‬كناسة بكخميس‪ '' :‬النظاـ القانكني لمسفينة في القانكف البجرم الجزائرم''‪،‬‬
‫واإلقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،)01( :‬المركز الجامعي لتامنغست ‪ ،2012‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 13‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬
‫‪ -4‬فراح عز الديف‪" :‬التصادـ البحرم"‪ ،‬مجمة المفكر ‪ ،‬العدد‪ ،)12( :‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪،‬‬
‫بسكرة ‪ ،2015‬ص ‪.169‬‬
‫‪ -5‬عباس حممي‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،1983‬ص ‪.08‬‬

‫‪10‬‬
‫كالصنادؿ كالكراكات كالزكارؽ كقكارب الغطس كبكجو عاـ كؿ منشأة تكجد في البحر كال تستخدـ في‬
‫المالحة البحرية‪.‬‬

‫كال يمزـ بالضركرة أف يككف نشاط المنشأة قاص ار عمى المالحة البحرية بؿ يكفي أف تقكـ بيذه‬
‫المالحة عمى سبيؿ االعتياد‪ .‬كعمى ذلؾ ال تعد المنشآت المخصصة لممالحة النيرية مف قبيؿ السفف كلك‬
‫قامت برحمة بحرية بصفة عارضة‪ ،‬بؿ يبقى ليا كصؼ المركب‪ ،‬كذلؾ ال يزكؿ عف المنشأة كصؼ‬
‫السفينة إذا قامت عرضا ببعض الرحالت النيرية أك الداخمية‪.1‬‬

‫كمتى تكفر كصؼ السفينة في إحدل المنشآت المتصادمة يتحقؽ التصادـ البحرم كلك كانت‬
‫المنشأة الثانية صادمة أك مصدكمة مف أحد مراكب المالحة الداخمية‪ .‬كعمى ذلؾ ال يعد تصادما يخضع‬
‫لمقانكف البحرم التصادـ الذم يقع فحسب بيف مراكب المالحة الداخمية كلك كقع في البحر‪ .‬كذلؾ االرتطاـ‬
‫بجسـ ثابت أك عائـ طالما أنو ال يعتبر سفينة في نظر القانكف أم غير صالح لممالحة‪ .‬كعميو متى تحقؽ‬
‫لممنشأة كصؼ السفينة ال ييـ الغرض الذم تخصصو لو‪ ،‬ىؿ ىك نقؿ البضائع أك األشخاص‪ ،‬أك الصيد‬
‫أك النزىة‪ ،‬فالقاعدة تتعمؽ بالمالحة البحرية بصرؼ النظر عف الغرض مف ىذه المالحة‪.2‬‬

‫كخالصة القكؿ أف مفاد ىذا الشرط أف تككف إحدل المنشاتيف سفينة يعني يتكفر فييا كصؼ‬
‫السفينة سكاء كانت صادمة أك مصدكمة مف حيث تخصيصيا لممالحة كقدرتيا عمى تحمؿ مخاطر‬
‫البحر‪ ،‬كيمتد ىذا الكصؼ إلى ممحقاتيا‪ .‬فمتى تحقؽ ىذا الكصؼ فتطبؽ عمييا أحكاـ التصادـ البحرم‪،‬‬
‫كال عبرة لمكاف االرتطاـ‪ .‬كقد كضع المشرع تعريفا لمسفينة مف أجؿ تسييؿ عمؿ القضاء ككذا مف أجؿ‬
‫تجنب االختالؼ حكؿ مفيكميا ككي ال تتداخؿ مع غيرىا مف المنشآت األخرل‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الشروط المتعمقة بالفعل المادي‬

‫يشترط اعتبار الحادث تصادما بحريا أف يحصؿ ارتطاـ مادم بيف المنشأتيف العائمتيف‪ ،‬سكاء‬
‫حصؿ االرتطاـ بيف جسمي السفينتيف أك ممحقاتيما‪ .‬كيقصد باالرتطاـ المادم التالمس بيف جسمي‬
‫المنشأتيف القائمتيف كممحقاتيما‪ .‬كىذا االرتطاـ قد يككف ارتطاـ مباشر كما لك اصطدمت سفينتيف كحدث‬
‫تالمس جسدم‪ ،‬كقد يككف التالمس عمى مرحمتيف كأف ترتطـ السفينتيف معا كبأثر الضربة التي تمحؽ‬

‫‪ -1‬محمد عبد الفتاح ترؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 30‬كما يمييا‪.‬‬


‫‪ -2‬راجع ‪:‬محمد عبد الفتاح ترؾ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ 32‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫السفينة الثانية تصطدـ بسفينة ثالثة‪ ،‬فينا حصؿ تصادـ بحرم بيف السفينتيف لحدكث تالمس مباشر‪ ،‬كما‬
‫حصؿ تصادـ بيف السفينة الثانية كالثالثة لحصكؿ تالمس مباشر أيضا‪ ،‬كحصؿ تصادـ بيف السفينة‬
‫األكلى كالسفينة الثالثة كالتالمس حصؿ بينيما بالكاسطة‪.‬‬

‫كقد يككف التصادـ مرّكبا كىك التصادـ الذم يحصؿ بيف أكثر مف منشاتيف بحريتيف كما إذا‬
‫اصطدمت السفف الثالث جميعيا في كقت كاحد ففي ىذه الحالة يحدد مركز كؿ سفينة مع غيرىا مف‬
‫السفف األخرل كما لك كاف التصادـ بيف سفينتيف فقط‪.1‬‬

‫بأنو االحتكاؾ‬
‫كيشترط بعض الفقياء في التصادـ البحرم أف يككف عمى درجة مف العنؼ‪ ،‬فعرفو ّ‬
‫أف االحتكاؾ العنيؼ كلك كاف يتالئـ مع كصؼ التصادـ البحرم المتمثؿ‬
‫العنيؼ بيف سفينتيف‪ ،‬كالحقيقة ّ‬
‫باالرتطاـ المادم بيف المنشأتيف العائمتيف إال أننا ال نرل كجكب تكفر ىذا الشرط في الحادث الكتساب‬
‫صفة التصادـ البحرم‪ .‬كاف مقدار العنؼ يتكقؼ في أغمب األحياف عمى طريقة بناء السفف فكمما كانت‬
‫مصنكعة مف مكاد صمبة قكية كمما كاف االرتطاـ عنيفا‪ ،‬كذلؾ يتكقؼ عمى مكقع االرتطاـ مف جسـ‬
‫السفينة فاالرتطاـ الحاصؿ في مقدمة كؿ مف السفينتيف قد يككف أعنؼ مف التالمس الحاصؿ بيف‬
‫منتصفيما‪ .‬كدرجة سرعة كؿ مف السفينتيف المتصادمتيف ليا تأثير عمى عنؼ االرتطاـ فكمما ازدادت‬
‫سرعتيا كمما ازداد عنؼ االصطداـ كما أف لحجـ السفف المتصادمة أث ار في درجة العنؼ فاالصطداـ‬
‫الحاصؿ بيف السفف الكبيرة الحجـ يككف أعنؼ مف التصادـ الحاصؿ بيف السفف صغيرة الحجـ‪.2‬‬

‫كبقي اشتراط حصكؿ االرتطاـ المادم بيف المنشأتيف العائمتيف لغرض تطبيؽ أحكاـ التصادـ‬
‫البحرم عمى الحادث‪ ،‬فال تطبؽ أحكاـ التصادـ البحرم عمى الضرر الحاصؿ لسفينة مف جراء تالطـ‬
‫األمكاج التي تحدثيا سفينة أخرل مارة بالقرب منيا دكف أف يحصؿ تالمس مادم بينيما‪ ،‬ككاف مثؿ ىذا‬
‫الضرر يخضع لمقكاعد العامة في المسؤكلية‪ .‬إلى أف أبرمت اتفاقية برككسؿ لسنة ‪ 1910‬الخاصة بتكحيد‬
‫‪ 13‬مف ىذه االتفاقية عمى ما يمي‪( :‬‬ ‫بعض القكاعد التي تتعمؽ بالتصادـ البحرم‪ .‬فقد نصت المادة‬
‫تنطبؽ المعاىدة الحالية عمى تعكيض الخسائر التي تسببيا سفينة لسفينة أخرل أك لألشياء أك لألشخاص‬

‫‪ -1‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬اؿمرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 55‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -2‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬اؿمرجع نفسو‪ ،‬ص‪.59‬‬

‫‪12‬‬
‫الذيف يككنكف عمى ظيرىا مف جراء عمؿ مناكرة أك إغفاؿ عمؿ مناكرة أم عمؿ إتباع المكائح كلك لـ يكف‬
‫ىناؾ تصادـ)‪.1‬‬

‫كبيذا النص قد كسعت االتفاقية مف مجاؿ تطبيؽ أحكاـ التصادـ البحرم بعد أف كانت مقتصرة‬
‫عمى حاالت االرتطاـ المادم بيف السفف البحرية كمراكب المالحة النيرية‪ ،‬فأصبحت تطبؽ عمى كافة‬
‫األضرار التي تمحقيا سفينة بسفينة أخرل أك باألشخاص أك باألشياء المكجكدة عمى ظيرىا كلك لـ يحصؿ‬
‫ارتطاـ مادم بينيما‪.2‬‬

‫حيث أف كاضعي معاىدة لبرككسؿ ارتأكا عدـ الكقكؼ عند الكقكؼ الضيؽ لمفيكـ التصادـ‪ ،‬كىذا‬
‫التكسع نجده معتمدا في قكانيف الكثير مف الدكؿ سكاء كانت منضمة لمعاىدة برككسؿ أك لـ تكف كذلؾ‪،‬‬
‫ففي فرنسا تقضي المادة ‪ 06‬مف قانكف ‪ 1967‬بأنو "تسرم األحكاـ السابقة عمى تعكيض األضرار التي‬
‫تسببيا سفينة ألخرل كلألشياء كاألشخاص الذيف يككنكف عمى ظيرىا إما بسبب القياـ بمناكرة أك االمتناع‬
‫عنيا كاما بسبب عدـ مراعاة المكائح‪ ،‬حتى كلك لـ يكف ىناؾ تصادـ"‪.‬‬

‫كتأخذ جؿ التشريعات العربية بفكرة التكسيع مف مفيكـ التصادـ‪ ،‬كقد سمؾ المشرع الجزائرم بدكره‬
‫ىذا المسمؾ‪ ،3‬إذ تنص المادة ‪ 3/274‬عمى ما يمي‪ ...'' :‬كتشبو كذلؾ بتصادـ سفف في البحار كؿ خسارة‬
‫تسببيا سفينة إما لسفينة أخرل كاما ألشخاص مكجكديف عمى متنيا عمى إثر تنفيذ أك إىماؿ مناكرة في‬
‫المالحة أك عدـ مراعاة القكاعد مع عدـ حصكؿ اصطداـ أك ارتطاـ بصفة مباشرة'' ‪.4‬‬

‫كيظير جميا مف ىذه المادة أف المشرع الجزائرم لـ يقؼ عند المعنى المغكم لمتصادـ كلقد عبر عف‬
‫ذلؾ بشكؿ صريح بقكلو '' مع عدـ حصكؿ اصطداـ أك ارتطاـ بصفة مباشرة''‪ ،‬كبيذا المسمؾ يككف‬
‫‪ . 5‬فتقضي بتطبيؽ أحكاـ‬ ‫القانكف الجزائرم قد تطابؽ بما جاء في معاىدة برككسؿ الخاصة بالتصادـ‬
‫التصادـ عمى الحادث حتى كلك لـ يقع ارتطاـ مادم عمى تعكيض األضرار‪ ،‬فيك ال يشترط كقكع االرتطاـ‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 13‬مف معاىدة برككسؿ المتعمقة بالمصادمات البحرية لسنة ‪.1910‬‬


‫‪ -2‬راجع ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -3‬بف عصماف جماؿ ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 274‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬
‫‪ -5‬بف عصماف جماؿ ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.55‬‬

‫‪13‬‬
‫المادم فعال بيف السفف بؿ يكفي أف ينشأ الحادث عف قياـ إحدل السفف المتصادمة بحركة كاجبة أك‬
‫مخالفة قكاعد السير في البحر‪.1‬‬

‫كبتكافر الشركط السابؽ ذكرىا يمكف اعتبار التصادـ تصادما بحريا تطبؽ عميو أحكاـ التصادـ‬
‫البحرم‪ ،‬كلكف ىناؾ حاالت قد تتكافر فييا شركط التصادـ البحرم مف الناحية القانكنية‪ ،‬كلكف مع ذلؾ ال‬
‫تطبؽ أحكاـ التصادـ كذلؾ في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ :‬سكاء كانت بحرية أك‬ ‫أ‪ -‬إذا وقع التصادم بين سفينة خاصة وبين السفن الممموكة لمدولة‬
‫مخصصة لخدمة عامة أك لمالحة عامة (ألغراض غير تجارية)‪ ،‬إذ أف ىذه السفف ال تخضع لقكاعد‬
‫القانكف البحرم‪ .2‬ككذا السفف الحربية‪ ،‬كىك ما نصت عميو معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬في مادتيا ‪11‬‬
‫بقكليا‪ '' :‬ال تطبؽ أحكاـ المعاىدة الحالية عمى السفف الحربية كسفف الحككمة المخصصة كمية لخدمة‬
‫عامة''‪.3‬‬

‫عرفت المادة ‪ 29‬مف اتفاقية البحار لسنة ‪ 1982‬السفينة الحربية بأنيا‪ '' :‬السفينة التابعة‬
‫كلقد ّ‬
‫لمقكات المسمحة لدكلة ما تحمؿ العالمات الخارجية المميزة لمسفف الحربية التي ليا جنسية ىذه الدكلة‬
‫كتككف تحت إمرة ضابط معيف رسميا مف حككمة تمؾ الدكلة كيظير اسمو في قائمة الخدمة المناسبة أك‬
‫ما يعادليا‪ ،‬كيشغميا طاقـ مف األشخاص خاضع لقكاعد االنضباط في القكات المسمحة النظامية''‪.4‬‬

‫أما السفف المخصصة لمنفعة عامة فيي تمؾ السفف التي تككف مممككة لمدكلة أك احدل الييئات‬
‫العامة كتككف في نفس الكقت مخصصة لمصمحة عامة‪ ،‬كيذىب الرأم الراحج إلى القكؿ بأف السفف التي‬
‫تستأجرىا الدكلة لتخصيصيا لمصمحة عامة ال تعتبر سفف عامة لتخمؼ أحد الشرطيف كىك كجكب أف‬
‫تككف السفينة مممككة لمدكلة‪.5‬‬

‫ب‪ -‬إذا وقع التصادم بين سفينة مقطورة والسفينة التي تقطرىا ‪ :‬كالقطر ىك عبارة عف عقد يمتزـ‬
‫بمقتضاه مجيز سفينة قطر جر سفينة أخرل لقاء أجر يتقاضاه‪ ،‬كنظمو المشرع الجزائرم في المكاد مف‬

‫‪ -1‬راجع‪ :‬فراح عز الديف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.169‬‬


‫‪ -2‬محمد عبد الفتاح ترؾ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 11‬مف معاىدة برككسؿ المتعمقة بالمصادمات البحرية لسنة ‪.1910‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 29‬مف اتفاقية البحار لسنة ‪.1982‬‬
‫‪ -5‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ 279‬إلى ‪ .281‬ك بارتباط السفينتاف بعقد القطر كىك الذم ينظـ العالقة بيف السفينتيف‪ ،‬كالمسؤكلية‬
‫العقدية تستبعد ىنا المسؤكلية التقصيرية الناشئة مف التصادـ‪.1‬‬

‫كلما كاف القطر عبارة عف عقد فإف أم تصادـ يحدث بيف سفينة القطر كالسفينة المقطكرة سيخرج‬
‫‪Bruxelles‬‬ ‫مف نطاؽ أحكاـ التصادـ البحرم ليخضع لألحكاـ الكاردة في العقد كبيذا أخذت معاىدة‬
‫الخاصة بالتصادـ حيف قضت المادة ‪ 10‬بعدـ سرياف أحكاـ المعاىدة عمى ما ينشأ مف التزامات نتيجة‬
‫عقد نقؿ أك أية عقكد أخرل‪ ،‬كما داـ األمر كذلؾ فانو يعد ضركريا تحديد المحظة التي يبدأ فييا تنفيذ عقد‬
‫القطر كالمحظة التي ينتيي فييا‪ ،‬إذ ما يخضع لممسؤكلية العقدية ىك التصادـ الذم يككف أثناء تنفيذ عقد‬
‫القطر‪ ،‬أما خارج ذلؾ فيك يخضع ألحكاـ التصادـ المقررة في القانكف البحرم متى تكفرت الشركط‪.2‬‬
‫أما إذا كقع التصادـ بيف السفينة القاطرة أك السفينة المقطكرة كسفينة أخرل فقد تسأؿ كؿ مف القاطرة‬
‫ّ‬
‫كالمقطكرة عف ىذا التصادـ‪ ،‬كاف كاف العمؿ يجرم عمى أف ينص في عقد القطر عمى مسؤكلية السفينة‬
‫المقطكرة في مثؿ ىذه الحالة نظ ار لمقاعدة التي تقرر إعتبار السفينة القاطرة تابعة لمسفينة المقطكرة‪.‬‬

‫ج‪ -‬إذا وقع التصادم بين سفينة اإلرشاد والسفينة التي تقوم بإرشادىا ‪ :3‬كيعرؼ اإلرشاد بأنو المساعدة‬
‫التي تقدـ إلى الربابنة مف قبؿ مستخدمي السمطة المينائية المرخص ليا مف قبؿ الدكلة لقيادة السفف عند‬
‫الدخكؿ إلى المكانئ كالفرض كالمياه الداخمية كالخركج منيا‪.‬‬

‫عما يحدث مف تصادـ‬


‫كقد قررت المادة ‪ 05‬مف معاىدة برككسؿ مسؤكلية المالؾ أك المجيز ّ‬
‫نتيجة خطأ المرشد حتى كلك كاف اإلرشاد إجباريا‪ ،‬كىك حكـ اعتمدتو الكثير مف القكانيف الكطنية منيا‬
‫القانكف الفرنسي‪ ،‬كالقانكف المصرم كالميبي كالككيتي‪ .‬كقد سمؾ المشرع الجزائرم نفس االتجاه إذ تقرر‬
‫المادة ‪ 283‬مف القانكف البحرم الجزائرم مسؤكلية مجيز السفينة أك مالكيا في حالة التصادـ حتى كلك‬
‫أف خضكع التصادـ الذم يحدث بيف‬
‫كاف نتيجة خطأ المرشد كحتى كلك كاف اإلرشاد إجباريا‪ .‬كنشير إلى ّ‬
‫السفينة المرشدة كسفينة اإلرشاد لألحكاـ المقررة لعممية اإلرشاد ّإنما يككف أثناء القياـ بيذه العممية‪ ،‬كىي‬

‫‪-1‬محمكد سمير الشرقاكم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.595‬‬


‫‪ -2‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -3‬محمكد سمير الشرقاكم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 595‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫تبدأ كفقا لمقتضيات القانكف الجزائرم اعتبا ار مف كصكؿ المرشد لحدكد المحطة كتنتيي عند كصكؿ‬
‫الرسك أك الرصيؼ أك المحطة‪.1‬‬
‫السفينة إلى مكاف الكصكؿ أك ّ‬

‫‪ -1‬راجع‪ :‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 60‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫أنواع التصادم البحري‬

‫لمتصادـ البحرم عدة أنكاع يختمؼ حكـ المسؤكلية في كؿ حالة منيا عف األخرل باختالؼ سببيا‪،‬‬
‫كيمكف رد أسبابو إلى أسباب قيرية أك مشتبو بيا‪ ،‬أك إلى الخطأ‪ ،‬كىذا الخطأ إما أف يككف مف جانب‬
‫كاحد أك مشترؾ بيف الطرفيف‪ .‬كسنحاكؿ في ىذا المبحث بياف كؿ نكع مف أنكاع التصادـ كبياف مفيكمو‬
‫كحكمو كالمسؤكلية الناشئة عنو‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬التصادم القيري والتصادم المشتبو في سببو‬

‫تنص المادة ‪ 02‬في فقرتيا األكلى مف اتفاقية برككسؿ لسنة ‪ 1910‬عمى‪ '' :‬إذا حصؿ التصادـ‬
‫عرضا أك كاف ناشئا عف قكة قاىرة أك كاف ىناؾ شؾ في أسباب التصادـ فتككف الخسارة عمى عاتؽ مف‬
‫أصابتو''‪.1‬‬

‫كيطمؽ تعبير التصادـ العرضي عمى (التصادـ الذم يحصؿ رغـ اتخاذ سائر اإلحتياطات‬
‫الضركرية لتفادم كقكعو‪ ،‬كيأتي نتيجة لمصدفة دكف أف يككف باإلمكاف نسبتو إلى قصد أك إىماؿ أك سكء‬
‫تصرؼ‪ ،‬فيك إذف حادث يتحمؿ بعضيـ آثاره دكف أف يككف ىنالؾ شخص مسؤكؿ عنو)‪ .‬كقد عبر‬
‫الدكتكر ‪ Lushington‬مف انكمت ار في القضية ‪ The Europe‬عف التصادـ القيرم بقكلو أنو التصادـ‬
‫الذم يحصؿ بالرغـ مف أف السفينة المتصادمة لـ ترتكب أم خطأ كلـ يكف لدييا أم قصد بإلحاؽ الضرر‬
‫بالسفف األخرل كلكف سكء حظيا يؤدم إلى اصطداميا بسفينة أخرل‪.2‬‬

‫كيقصد بالحالة القاىرة الحادث الذم ال يستحيؿ دفعو‪ ،‬كال يمكف تكقعو‪ .‬حيث أف القكة القاىرة تككف‬
‫حادثا خارجيا عف الشيء الذم تتحقؽ بو المسؤكلية كعاصفة أك زلزاؿ‪ .‬فعدـ إمكاف التكقع كاستحالة الدفع‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 02‬مف معاىدة برككسؿ المتعمقة بالمصادمات البحرية لسنة ‪.1910‬‬


‫‪ -2‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪ 232‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ىما الشرطاف الكاجب تكافرىما في القكة القاىرة‪ ،‬كاذا ما تكاف ار كاف الحادث أجنبيا عف الشخص ال يد لو‬
‫فيو‪ ،‬أما العكس فغير صحيح‪ .‬كعميو إذا تخمؼ أحد الشرطاف ال يمكف أف نقكؿ بكجكد قكة قاىرة‪.1‬‬

‫كتعكد القكة القاىرة ألسباب ال دخؿ لإلنساف فييا مثؿ الرياح كاألعاصير الشديدة‪ ،‬ىيجاف البحر‬
‫كاضطرابو‪ ،‬األمطار الغزيرة كالبرد‪ ،‬الرعد‪ ،‬حصكؿ بركاف مفاجئ في مكاف سير السفينة‪ ،‬أك زلزاؿ كغيرىا‬
‫مف الظكاىر الطبيعية التي تدخؿ كال يمكف لإلنساف تكقع حصكليا‪.2‬‬

‫كمتى كاف التصادـ كاقعا نتيجة قكة قاىرة فإف كؿ سفينة مف السفف المتصادمة تتحمؿ ما أصابيا‬
‫مف ضرر‪ .‬كفي ذلؾ محض تطبيؽ لمقكاعد العامة التي تعفي المديف مف المسؤكلية إذا كاف الضرر قد‬
‫نشأ عف قكة قاىرة‪ ،‬إذ ال يمكف نسبة خطأ إليو كحاؿ الضرر ناشئا عف فعؿ القكة القكة كآثارىا‪ .‬كيستكم‬
‫األمر أف تككف المنشأتاف راسيتيف أك أف تككف إحداىما راسية كقت كقكع التصادـ‪ ،‬فال يفترض خطأ‬
‫السفينة السارية مثال كقد ثبت أف الضرر كاف كليد القكة القاىرة‪ .‬كبالتالي تتحمؿ كؿ منشأة ما أصابيا مف‬
‫ضرر‪.3‬‬

‫كبالتكقيع عمى معاىدة برككسؿ الخاصة بالتصادـ صارت قاعدة تحمؿ األضرار ممف تعرض‬
‫لتصادـ قيرم قاعدة ذات مصدر دكلي‪ ،‬بؿ إف ىذه المعاىدة قررت تطبيؽ ىذه القاعدة حتى كلك كانت‬
‫السفف راسية كقت الحادث‪ ،‬كاضعة بذلؾ حدا لمجدؿ الذم كاف سائدا حكؿ مدل إمكانية اإلعفاء مف‬
‫المسؤكلية كتحميؿ السفينة المتضررة الخسائر متى كانت راسية كقت الحادث‪ ،‬كمخالفة بذلؾ ما كانت قد‬
‫استقرت عميو بعض التشريعات مف افتراض خطأ السفينة السائرة التي تصطدـ بسفينة راسية‪ .‬كالحكـ‬
‫المقرر في المادة الثانية مف معاىدة برككسؿ تعتمده حاليا جؿ تشريعات العالـ كمف بينيا الكثير مف‬
‫القكانيف العربية‪ .‬كلقد ساير المشرع الجزائرم بدكره ما قررتو المعاىدة ‪ 4‬كىك ما نص عميو في المادة ‪281‬‬
‫مف القانكف البحرم بقكليا‪ '' :‬إذا كاف التصادـ قيريا أك بسبب حالة القكة القاىرة أك ظيرت شككؾ في‬

‫‪ -1‬راجع‪ :‬عبد الرزاؽ أحمد السنيكرم‪ ،‬الكسيط في شرح القانكف المدني الجديد‪ ،‬المجمد‪ ،)02( :‬ط ‪ ،3‬منشكرات الحمبي‬
‫الحقكقية‪ ،‬لبناف ‪ ،1998‬ص ‪ 994‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -2‬إيياب خضر عرفات الغازم‪ ،‬أحكاـ حكادث السفف كالقرصنة البحرية في الفقو اإلسالمي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬تخصص‬
‫الفقو المقارف‪ ،‬كمية الشريعة كالقانكف‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪ ،‬غزة ‪ ،2013/2012‬ص ‪.46 -37‬‬
‫‪ -3‬ىاني دكيدار‪ ،‬الكجيز في القانكف البحرم‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2001‬ص ‪ 222‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -4‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪18‬‬
‫أسباب الحادث‪ ،‬تحمؿ األضرار مف تعرض لمتصادـ بدكف تمييز لمحالة التي كانت فييا السفف أك إحداىا‬
‫راسية عند كقكع التصادـ''‪.1‬‬

‫أما الحالة الثانية كىك التصادـ المشتبو في سببو كىك الذم ال يمكف تعييف سببو بصكرة أكيدة‪ ،‬فال‬
‫ّ‬
‫يمكف معرفة ما إذا كاف سببو قكة قاىرة أك خطأ أحد الطرفيف أك خطأ مشترؾ بينيما‪ .‬كيعرؼ كذلؾ بأنو‬
‫التصادـ الذم ال يمكف نسبتو إلى خطأ معيف كمع ذلؾ ال يككف سببو قكة قاىرة فيناؾ شؾ في أسبابو‪.‬‬
‫كما سميت ىذه الحالة بحالة عدـ التمكف مف إثبات الخطأ‪ .‬كذىب رأم إلى خطأ إال أنو مف غير الممكف‬
‫معرفة مرتكب الخطأ‪ .2‬كال يمكف تبيف سببو عمى كجو التحقيؽ‪ ،‬فال يمكف معرفة ما إذا كاف راجعا إلى قكة‬
‫قاىرة أك إلى خطأ أحد الربانيف‪ ،‬أك إلى خطأ مشترؾ‪.‬‬

‫كقد جمع المشرع البحرم بيف التصادـ القيرم كالتصادـ المشتبو في سببو في المادة ‪ 281‬كطبؽ‬
‫عمييما حكما كاحدا نصت عميو المادة بقكليا‪ '' :‬إذا كاف التصادـ قيريا أك بسبب حالة القكة القاىرة أك‬
‫ظيرت شككؾ في أسباب الحادث‪ ،‬تحمؿ األضرار مف تعرض لمتصادـ بدكف تمييز لمحالة التي كانت فييا‬
‫السفف أك إحداىا راسية عند كقكع التصادـ''‪ .‬ك يؤخذ مف ىذا النص أف المشرع ألحؽ التصادـ المشتبو في‬
‫‪ '' :282‬ال‬ ‫سببو بالتصادـ القيرم‪ ،‬كمف ثـ يتحممو مف أصابو‪ .‬كيسرم ىذا الحكـ كما تضيؼ المادة‬
‫محؿ إلفتراضات الخطأ المشركعة فيما يخص مسؤكلية تصادـ السفف في البحار''‪ .‬ذلؾ بأف بعض‬
‫التشريعات تقضي بأنو إذا كانت السفينة راسية كقت الحادث‪ ،‬فإف التصادـ يفترض أنو كقع بخطأ رباف‬
‫السفينة األخرل السائرة‪ ،‬كلكف معاىدة التصادـ ىدمت ىذه القرينة‪ ،‬كلـ يأخذ بيا المشرع الجزائرم‪.3‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬التصادم الناشئ عن خطأ من جانب واحد‬

‫تنص المادة مف معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬عمى ما يمي‪ '' :‬إذا حصؿ التصادـ بسبب خطأ‬

‫إحدل السفف فتمزـ السفينة التي ارتكبت ذلؾ الخطأ بتعكيض الخسائر''‪.‬‬

‫كتقضي ىذه المادة أنو إذا كقع التصادـ بخطأ مف إحدل السفينتيف كجب تعكيض الضرر عمى مف‬
‫ارتكب الخطأ‪ .‬كالخطأ المقصكد ىنا ىك خطأ كاجب اإلثبات كال محؿ إلفتراضو‪ ،‬إذ أف الفقرة الثانية مف‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 281‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬


‫‪ -2‬ىشاـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.243‬‬
‫‪ -3‬محمكد شحماط‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪19‬‬
‫المادة السادسة مف المعاىدة تقرر بأنو ليست ىناؾ قرائف عمى األخطاء فيما يتعمؽ بالمسؤكلية عف‬
‫المصادمات البحرية‪ .‬ك المالحظ أف الحديث عف خطأ السفينة ىك مف باب المجاز‪ ،‬فالسفينة شيء بال‬
‫إرادة حتى يمكف نسبة الخطأ إلييا‪ ،‬كالمقصكد الحقيقي ىك خطر يرتكبو إما يرتكبو مجيز السفينة أك أحد‬
‫تابعيو البرييف أك البحرييف‪ .‬كخطأ المجيز يتخذ عادة صكرة تقصيره في تجييز أك في صيانة السفينة ‪،1‬‬
‫كيسأؿ عف إىمالو في التأكد مف صالحية السفينة لممالحة البحرية قبؿ إبحارىا‪ .‬ككذا يسأؿ مجيز السفينة‬
‫إذا كقع التصادـ نتيجة خطأ إرتكبو المرشد‪ ،‬كلك كاف اإلرشاد إجباريا تنتفي معو حرية الرباف في االستعانة‬
‫بالمرشد أك عدـ اإلستعانة بو‪ .2‬كأما خطأ الرباف أك البحارة فيك يتخذ إحدل صكرتيف‪:‬‬

‫‪ :1972‬ىذه‬ ‫‪ -1‬مخالفة القواعد الدولية أو المحمية الخاصة بمنع التصادم في البحار لسنة‬
‫القكاعد ككما يظير مف تسميتيا تيدؼ أساسا إلى محاكلة تجنب التصادـ بيف السفف كذلؾ عف طريؽ‬
‫تنظيميا لقكاعد السير كبيانيا لألنكار كاألشكاؿ كاإلشارات الصكتية كالضكئية‪ ،‬كسعيا منيا في أف‬
‫تككف ىذه القكاعد فعالة كمعتمدة لدل جميع الدكؿ البحرية نصت ىذه المعاىدة في قاعدتيا األكلى‬
‫فقرة ''ب'' ك ''ج'' عمى كجكب أف تتطابؽ القكاعد المحمية الخاصة التي تضعيا الدكؿ قدر اإلمكاف‬
‫مع القكاعد الدكلية‪ .‬كتتمثؿ ىذه القكاعد إجماال كالتي قد يككف عدـ احتراميا سببا في كقكع خطأ ينتج‬
‫عنو تصادـ فيما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬قكاعد السير كالمناكرات‪.‬‬


‫‪ -‬القكاعد الخاصة باألنكار‪.‬‬
‫‪ -‬القكاعد الخاصة بالعالمات أك باألشكاؿ‪.‬‬
‫‪ -‬القكاعد الخاصة باإلشارات الصكتية كالضكئية‪.3‬‬
‫‪ -2‬الخطأ بسبب اإلىمال‪ :‬كيقصد ىنا إىماؿ اإلحتياطات الالزمة في الظركؼ اإلستثنائية‪ ،‬أم القياـ‬
‫بفعؿ أك اإلمتناع عف فعؿ‪ ،‬مخالفا بذلؾ بما تمميو خبرة كحيطة البحار المتكسط العناية ‪ ،4‬كما لك لـ تقـ‬
‫السفينة بربط حباليا‪ ،‬أك تمر سفينة بسرعة مخمفة كرائيا أمكاجا تككف سببا في إغراؽ سفينة أخرل صغيرة‪.‬‬
‫كذلؾ يعتبر إىماال عدـ المراقبة الجيدة التي يقصد بيا تتبع كمعرفة األحداث التي تقع في منطقة اإلبحار‬

‫‪ -1‬محمكد سمير الشرقاكم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.609‬‬


‫‪ -2‬ىاني دكيدار‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ -3‬راجع‪ :‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪72‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -4‬محمكد سمير الشرقاكم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.610‬‬

‫‪20‬‬
‫كىي تشمؿ كال مف المراقبة السمعية كالبصرية كتتـ عادة مف قبؿ مراقب كاحد فقط يككف مؤىال تأىيال‬
‫جيدا كعمى عمـ تاـ بكاجباتو‪ ،‬كيظير اإلىماؿ في المراقبة بصفة خاصة في حالة البحار المفتكحة حيث‬
‫يقؿ حرص المراقب كال يتابع كاجباتو بصفة جيدة اعتقادا منو أف المساحات الشاسعة مف المياه تجعؿ‬
‫احتماالت حدكث تصادـ شبو معدكمة‪.1‬‬
‫كيككف الرباف مسؤكال إذا أثبت المدعي في دعكل التصادـ حصكؿ خطأ مف الرباف‪ ،‬كال يكفي إثبات‬
‫حصكؿ الخطأ بؿ يجب إثبات أف ىذا الخطأ ىك السبب في حصكؿ التصادـ البحرم‪ ،‬ككسيمة اإلثبات ىنا‬
‫مطمقة كبجميع كسائؿ اإلثبات خطية كالبنية الشخصية عمى اعتبار أنيا مبنية عمى كقائع مادية يجكز‬
‫إثباتيا بجميع كسائؿ اإلثبات‪ .‬كيمكف المجكء إلى التقرير البحرم كدفتر يكمية السفينة‪ .‬كلممحكمة كذلؾ‬
‫سماع شيكد التصادـ كاالستعانة بالخبرة الفنية لتحديد سبب التصادـ كقيمة األضرار الناجمة عنو‪.2‬‬

‫كنجد أف المشرع الجزائرم قد نص عمى التصادـ بخطأ إحدل السفف في القانكف البحرم في المادة‬
‫‪ 277‬منو عمى أنو‪ '' :‬إذا نتج التصادـ بخطأ إحدل السفف‪ ،‬كقع تعكيض األضرار عمى عاتؽ السفينة‬
‫‪ .1910‬كعميو إذا ما كقع‬ ‫التي ارتكبت الخطأ'' ‪ .3‬كىك بذلؾ كافؽ ما جاءت بو معاىدة برككسؿ لسنة‬
‫تصادـ بسبب خطأ إحدل السفف فإف السفينة الصادمة ىي مف يقع عمى عاتقيا تعكيض األضرار لمسفينة‬
‫المصدكمة‪.‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬التصادم الناشئ عن خطأ مشترك‬

‫كىذا التصادـ يقصد بو ذلؾ التصادـ الذم يحدث نتيجة خطأ صدر مف رباف أك أحد أفراد طاقـ‬
‫السفينتيف التي كقع ليما الحادث ‪ ، 4‬كما يعتبر التصادـ بخطأ مشترؾ كلك كاف المتسبب فيو أكثر مف‬
‫أ كالسفينة ب خطأ إال أنيما لـ تصطدما كأف تمؾ األخطاء‬ ‫سفينتيف‪ .‬كما لك ارتكبت كؿ مف السفينة‬
‫ساىمت في حصكؿ تصادـ بيف السفينة ب كالسفينة ج التي ارتكبت خطأ أيضا‪ .‬فالتصادـ بيف السفينة ب‬
‫كالسفينة ج تصادـ بخطأ مشترؾ‪ .‬كقد يككف الخطأ المرتكب عمى درجة متساكية مف الجسامة كقد يككف‬

‫‪ -1‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.77‬‬


‫‪ -2‬حسف حرب المصاصمة‪ ،‬األخطار البحرية في قانكف التجارة البحرية األردني (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الخميج‪ ،‬عماف‬
‫‪ ،2015‬ص ‪.105‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 277‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬
‫‪ -4‬عادؿ عمي المقدادم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.201‬‬

‫‪21‬‬
‫بدرجة متفاكتة‪ ،‬إال أنو يجب أف لكؿ مف الخطأيف أثر في حصكؿ التصادـ البحرم حتى تككف ىناؾ‬
‫عالقة سببية بيف الخطأ المرتكب كالتصادـ الحاصؿ‪ .‬كفي حالة التصادـ بخطأ مشترؾ يككف ىناؾ مجاؿ‬
‫لتكزيع المسؤكلية عف الضرر بيف السفف المتصادمة لذلؾ يمجأ كؿ طرؼ في دعكل التصادـ إلى إسناد‬
‫خطأ إلى الطرؼ اآلخر ليمقي جزء مف المسؤكلية عمى تبعتو‪.1‬‬

‫كقبؿ التكقيع عمى معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬تعددت اآلراء كاالتجاىات حكؿ مسألة التعكيض‬
‫بيف اتجاه رافض لمتعكيض في حاؿ الخطأ المشترؾ كتتحمؿ كؿ سفينة لكحدىا الخسارة‪ ،‬كاتجاه ثاف يقكؿ‬
‫بتطبيؽ قاعدة النسبية كاقتساـ الخسائر‪ ،‬كحرصا منيا عمى إعطاء حؿ متكامؿ فقررت المعاىدة الجمع بيف‬
‫القاعدتيف لتجعؿ إحداىما المبدأ كاألخرل االستثناء‪ ،‬فالمبدأ ىك تطبيؽ قاعدة النسبية‪ ،‬فتككف كؿ سفينة‬
‫مسؤكلة بنسبة جسامة الخطأ الذم ارتكبتو‪ ،‬االستثناء ىك تكزيع المسؤكلية بالتساكم كيككف عند عدـ‬
‫إمكانية تحديد النسبة‪ ،‬ىذا ىك المقرر في المادة ‪ 01/04‬مف المعاىدة التي تقضي بأنو‪ '' :‬إذا كاف الخطأ‬
‫مشتركا تككف مسؤكلية كؿ سفينة بنسبة خطكرة األخطاء التي ارتكبتيا عمى أنو إذا كانت الظركؼ ال‬
‫تمكف مف تحديد تمؾ النسبة أك إذا ظير أف األخطاء متعادلة فتقسـ المسؤكلية بالتساكم''‪.2‬‬

‫كقد ساير المشرع الجزائرم ما جاءت بو معاىدة برككسؿ حيث نص في مادتو ‪ 278‬عمى أنو‪ '':‬إذا‬
‫نتج التصادـ بخطأ مشترؾ لسفينتيف أك عدة سفف‪ ،‬كزعت مسؤكلية كؿ منيما في تعكيض األضرار بنسبة‬
‫جسامة األضرار التي ارتكبتيا كؿ منيا عمى أف المشرع بعد أف كضع ؼ صدر المادة مبدأ المسؤكلية‬
‫بنسبة جسامة الخطأ‪ ،‬عاد فنص عمى‪ '' :‬غير أنو إذا لـ يمكف تحديد النسبة نظ ار الظركؼ أك تبيف أف‬
‫األخطاء متساكية كزعت المسؤكلية عمى حصص متساكية''‪.3‬‬

‫كقد ينشأ عف التصادـ بسبب الخطأ المشترؾ ضرر يصيب بضائع الشاحنيف أك أمتعة المسافريف‪.‬‬
‫‪ 279‬بأف مالكي السفينتيف الداخمتيف في التصادـ يككناف مسؤكليف‬ ‫كتقضي الفقرة الثانية مف المادة‬
‫بالتضامف قبؿ الغير‪ .‬يبد أف التضامف ال يسمـ مف العيكب‪ .‬ذلؾ أف الشاحف أك المسافر سيتجنب الرجكع‬
‫عمى الناقؿ الذم تعاقد معو حتى ال يحتج في مكاجيتو بشرط اإلعفاء مف المسؤكلية الكارد في سند الشحف‬
‫أك في تذكرة السفر أك اإلعفاء القانكني مف المسؤكلية‪ ،‬كيكجو دعكاه إلى المجيز اآلخر كيحصؿ منو عمى‬

‫‪ -1‬راجع‪ :‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك رشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 187‬كمايمييا‪.‬‬
‫‪ -2‬راجع‪ :‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 85‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 278‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫التعكيض كامال‪ ،‬ثـ يرجع األخير عمى المجيز الناقؿ بنصيبو في التعكيض فيفقد الناقؿ ميزة اإلعفاء مف‬
‫المسؤكلية‪ .‬ىذا إلى أف المجيز الذم يدفع التعكيض كامال قد يصطدـ بتحديد المسؤكلية الذم يتمسؾ بو‬
‫المجيز اآلخر‪.1‬‬

‫كلذلؾ عنيت معاىدة التصادـ كعمى منكاليا القانكف البحرم بالنص عمى انتفاء التضامف بيف‬
‫المسؤكليف بالنسبة إلى الغير في حالة الخطأ المشترؾ إذا تعمؽ األمر بأضرار مادية تصيب السفف أك‬
‫بضائع الشاحنيف أك أمتعة الركاب كالطاقـ (ـ ‪ 4‬فقرة ‪ 2‬معاىدة)‪ ،‬كيمزـ المتضرر بتقسيـ مطالبتو عمى‬
‫المسؤكليف‪ ،‬خالفا لما تقضي بو القكاعد العامة ‪ .2‬كبالتالي يتعيف عمى المضركر أف يطالب كؿ مجيز‬
‫عمى حدة بنسبة التعكيض التي يتحمميا مف التعكيض المستحؽ لو‪ ،‬كال يجكز لو مطالبتو بكامؿ ىذا‬
‫أما في المسؤكلية عف األضرار البدنية إذا نتج عف التصادـ البحرم إصابة أحد الركاب أك‬
‫التعكيض‪ّ .‬‬
‫البحارة بأضرار بدنية‪ ،‬ففي ىذه الحالة يسأؿ مجيز كؿ سفينة تسببت في كقكع التصادـ بالتضامف مع‬
‫غيره مف المسؤكليف عف ىذا التصادـ‪ .‬كتطبيقا لذلؾ يحؽ لممضركر مطالبة أم مجيز بتعكيض الضرر‪،‬‬
‫بغض النظر عف نسبة الخطأ المنسكب إليو‪ ،‬عمى أنو يجكز لممجيز الذم دفع التعكيض لممضركر‬
‫الرجكع عمى سائر المسؤكليف اآلخريف بنسبة ما يتحممكنو مف نصيب في التعكيض المدفكع‪.3‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كماؿ طو‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.410‬‬


‫‪ -2‬محمكد شحماط‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ -3‬ىاني دكيدار‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪ 321‬كما يمييا‬

‫‪23‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫دعوى المسؤولية الناشئة عن التصادم البحري‬

‫ينتج عف كقكع التصادـ البحرم أضرار مادية ك بدنية كيترتب مف جراءىا مسؤكليات‪ ،‬كالمسؤكلية‬
‫الناتجة ىنا ىي مسؤكلية تقصيرية النعداـ عالقة تعاقدية بيف السفينة الصادمة كالمصدكمة‪ .‬فمؤكد أف‬
‫المتضرريف سيمجأكف لرفع دعكل قضائية كىذه الدعكل قد تككف دعكل مدنية‪ ،‬ككف أف المتضرريف‬
‫يتخذكنيا كسيمة لمحصكؿ عمى التعكيض عف األضرار التي لحقتيـ‪ .‬كقد تككف دعكل جنائية ضد الرباف‬
‫كالطاقـ أك أم شخص تسبب في حصكؿ التصادـ‪ ،‬كىذه الدعكل تخرج عف نطاؽ دراستنا‪.‬‬

‫كما أنو يمكف لألطراؼ المجكء لعرض نزاعيـ عمى التحكيـ باعتباره آلية مف آليات حؿ النزاع ككذا‬
‫لما يكفره مف مزايا كسرعة الفصؿ في النزاع‪.‬‬

‫كسنقكـ في ىذا الفصؿ بالحديث عف كيفية رفع الدعكل أماـ القضاء في مبحث أكؿ‪ ،‬ثـ الحديث‬
‫عف التحكيـ في مبحث ثاف‪ ،‬كفي المبحث الثالث تقادـ الدعكل كالتعكيضات‪.‬‬

‫المبحث األول‬

‫رفع الدعوى أمام القضاء‬

‫تثير الدعكل المدنية مشكالت قانكنية عديدة مما تضعنا أماـ إشكاالت تتعمؽ باإلختصاص‬
‫القضائي الدكلي نظ ار لكجكد عنصر أجنبي كاختالؼ النظـ القانكنية لكؿ دكلة‪ ،‬مما تطرح مسألة تنازع‬
‫القكانيف‪ .‬فسعت الجيكد الدكلية لكضع حمكؿ ليا مف أجؿ معالجة مختمؼ أحكاميا تمثمت في شكؿ‬
‫معاىدة برككسؿ المتعمقة باإلختصاص المدني لسنة ‪.1952‬‬

‫لذا سنتطرؽ لكيفية تحديد المحكمة المختصة كالقانكف الكاجب التطبيؽ عمى الدعكل في مطمب‬
‫أكؿ‪ ،‬ثـ ننتقؿ إلى الدفع بعدـ قبكؿ الدعكل كتقادميا في مطمب ثاف‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫المطمب األول‪ :‬تعيين المحكمة المختصة‬

‫في سياؽ الحديث عف المحكمة المختصة في حسـ النزاع المعركض بشأف التصادـ البحرم‪ ،‬البد‬
‫مف التذكير بأف القانكف الدكلي قبؿ كقكع حادثة ''المكتس'' كاف يخمك مف بعض المكاد التي تحدد الجية‬
‫القضائية التي ترفع أماميا دعكل التصادـ كتعتبر قضية ''المكتس'' األساس األكؿ في التفكير لكضع‬
‫قكانيف دكلية لتكحيد التشريعات الكطنية المختمفة‪.1‬‬

‫كيشار في ىذا الصدد إلى قضية سفينة ''المكتس'' الفرنسية‪ ،‬كتتمخص أحداثيا في حصكؿ تصادـ‬
‫بأعالي البحار بينيا كبيف سفينة تركية لنقؿ الفحـ‪ ،‬كتضررت السفينة التركية ماديا كبشريا‪ .‬كحينما رست‬
‫السفينة الفرنسية في ميناء اسطنبكؿ ألقت السمطات التركية القبض عمى ربانيا كمحاكمتو أماـ المحاكـ‬
‫التركية‪ ،‬كبعد عرض المكضكع عمى المحكمة الدائمة لمعدؿ الدكلي عاـ ‪ ،1927‬انتيت المحكمة إلى ما‬
‫اتخذتو تركيا ال يخالؼ القانكف الدكلي‪ ،‬كذلؾ لخمك ىذا القانكف مف قاعدة تحدد اإلختصاص القضائي بيذا‬
‫الشأف‪.2‬‬

‫كمنو تظافرت الجيكد الدكلية مف أجؿ تنظيـ مسألة االختصاص المدني لدعاكل التصادـ البحرم‪،‬‬
‫‪ ،1910‬كبتاريخ ‪ 10‬مام ‪ 1952‬تـ ابراـ اتفاقية‬ ‫كلتدارؾ الفراغ الذم تركتو معاىدة برككسؿ لسنة‬
‫برككسؿ المتعمقة بتكحيد االختصاص المدني في دعاكل التصادـ البحرم كالتي تضمنت نصكصا منظمة‬
‫لمدعكل المدنية ككيفية رفعيا كالجيات المختصة‪.‬‬

‫إف معرفة المحكمة المختصة في الدعكل المدنية الناشئة عف التصادـ ذك أىمية كبيرة‪ ،‬كذلؾ ألف‬
‫ىذه الدعكل تخضع في الغالب لمدد تقادـ قصيرة يسقط بانتيائيا حؽ إقامة الدعكل مما يستكجب معرفة‬
‫المحكمة المختصة بنظر الدعكل بالسرعة الممكنة‪ ،‬كما أف مسألة االختصاص القضائي الدكلي تعتبر‬
‫بصكرة عامة مسألة أكلية تسبؽ مشكمة تطبيؽ القانكف كما أنيا تمعب دك ار كبي ار في تعييف القانكف الكاجب‬
‫التطبيؽ كذلؾ في الدعاكل التي يكجد فييا عنصر أجنبي‪ ،‬كأف القاضي عندما يبث في مسألة اختصاص‬
‫محكمة في نزاع يشتمؿ عمى عنصر أجنبي فإنو يستعيف في ذلؾ بقكاعد قانكنية كطنية كاف القكاعد‬

‫‪ -1‬فراح عز الديف‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.175‬‬


‫‪ -2‬طالب حسف مكسى‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬عماف ‪ ، 2007‬ص ‪.190‬‬

‫‪27‬‬
‫الكطنية التي تتعمؽ بتنازع اإلختصاص القضائي الدكلي تقتصر عمى تحديد اختصاص المحاكـ الكطنية‬
‫فقط‪ ،‬كال تتدخؿ باختصاص المحاكـ األجنبية‪.1‬‬

‫كعميو عندما يثبت اإلختصاص القضائي في دعكل التصادـ لمحاكـ إحدل الدكؿ‪ ،‬فإف معاىدة‬
‫برككسؿ لسنة ‪ 1952‬تمنح الحؽ لممدعي رفع دعكاه أماـ إحدل المحاكـ المنصكص عمييا في مادتيا‬
‫األكلى في فقرتيا األكلى بقكليا‪'' :‬يجكز رفع الدعكل الناشئة عف التصادـ الذم يحدث بيف السفف البحرية‬
‫بعضيا بعضا أك بينيا كبيف مراكب المالحة الداخمية أماـ إحدل المحاكـ اآلتي بيانيا كحسب‪:‬‬

‫(أ) أماـ محكمة محؿ إقامة المدعى عميو المعتاد أك أماـ المحكمة التي يقع بدائرتيا أحد مراكز‬
‫استغاللو‪.‬‬

‫(ب) أماـ محكمة المكاف الذم أجرل فيو الحجز عمى سفينة المدعى عميو أك عمى سفينة أخرل‬
‫مممككة لنفس المدعى عميو في حالة ما إذا كاف الحجز مأذكنا بو‪ .‬أك أماـ محكمة المكاف الذم كاف مف‬
‫الممكف أف يكقع الحجز فيو‪ .‬كالذم قدـ فيو المدعى عميو كفيال أك أم ضماف آخر‪.‬‬

‫(ج) أماـ محكمة المكاف الذم كقع فيو التصادـ إذا كاف ىذا التصادـ قد كقع في المكانئ أك المرافئ‬
‫أك في المياه الداخمية ''‪. 2‬‬

‫ك في حالة تعدد المدعكف حيث يقع التصادـ بيف عدة سفف تنتمي لدكؿ مختمفة ففي ىاتو الحالة‬
‫فإف المحكمة المختصة التي سبؽ أف رفعت إلييا دعكل ناشئة عف نفس التصادـ ضد نفس المدعى عميو‬
‫‪ ،1952‬كىك ما‬ ‫كىي التي تقرر ليا االختصاص عمال بأحكاـ المادة األكلى مف معاىدة برككسؿ لسنة‬
‫تنص عميو المادة ‪ 03‬في فقرتيا الثانية مف المعاىدة بقكليا‪ '' :‬إذا تعدد المدعكف جاز لكؿ كاحد منيـ‬
‫رفع دعكاه أماـ المحكمة التي سبؽ أف رفعت إلييا دعكل ناشئة عف نفس التصادـ ضد الخصـ نفسو''‪.‬‬

‫كعميو إذا كقع تصادـ بحرم فإف المدعي يمكف رفع دعكاه أماـ إحدل المحاكـ السابؽ ذكرىا‪ ،‬كلكف‬
‫نشير إلى أنو لكي نستطيع تطبيؽ أحكاـ ىذه المعاىدة يجب أف تككف المنشآت المتكرطة في التصادـ‬
‫‪ 08‬منيا بقكليا‪ '' :‬تسرم أحكاـ ىذه‬ ‫ترفع أعالـ دكؿ مصدقة عمى االتفاقية كىك ما تنص عميو المادة‬
‫اإلتفاقية عمى جميع ذكم الشأف عندما تككف السفف التي تشمميا الدعكل تابعة جميعيا لمدكؿ المتعاقدة''‪.‬‬

‫‪ -1‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ اخك أرشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.274‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 01‬مف معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1952‬المتعمقة باالختصاص المدني في مسائؿ التصادـ البحرم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫كفي حالة ما إذا تعمؽ األمر بدكؿ غير منتمية لممعاىدة ففي ىاتو الحالة يمكف تطبيؽ ىذه األحكاـ‬
‫عمى شرط المعاممة بالمثؿ‪ ،‬أما إذا كاف ذكم الشأف ينتمكف لنفس الدكلة التي رفعت الدعكل أماـ محكمتيا‬
‫فإف القانكف الكطني ليذه الدكلة ىك الذم يطبؽ كىك ما نصت عميو المادة السابؽ ذكرىا‪.‬‬

‫كقد نص المشرع الجزائرم في القانكف البحرم عمى مسألة االختصاص القضائي في دعكل‬
‫التصادـ في المادة ‪ 290‬مف القانكف البحرم‪ '' :‬يمكف لممدعي رفع دعكل التعكيض عف األضرار الناشئة‬
‫عف تصادـ السفف في البحار أماـ إحدل الجيات القضائية المذككرة فيما يمي‪:‬‬

‫أ‪ -‬المحكمة المكجكدة في المكاف الذم يسكف فيو المدعى عميو أك أحد مقرات استغاللو‪.‬‬

‫ب‪ -‬المحكمة المكجكدة في المكاف الذم جرل فيو حجز سفينة المدعى عميو أك سفينة أخرل يممكيا‬
‫نفس المدعى عميو كذلؾ في حالة ما إذا تـ الترخيص بيذا الحجز أك المكاف الذم كاف يمكف أ‪ ،‬يقع فيو‬
‫الحجز كالذم قدـ فيو المدعى عميو كفالة أك ضمانا آخر‪.‬‬

‫ج‪ -‬المحكمة المكجكدة في المكاف الذم كقع فيو التصادـ كذلؾ في حالة حصكلو في المكانئ‬
‫ككذلؾ في المياه الداخمية‪. 1''.‬‬

‫‪ 293‬مف‬ ‫كلقد أشار أيضا لمسألة االختصاص في حالة كقكع تصادـ بيف عدة سفف في المادة‬
‫القانكف البحرم بقكليا‪ '' :‬في حالة كقكع تصادـ تكرطت فيو عدة سفف‪ ،‬تختص المحكمة التي رفع إلييا‬
‫النزاع تطبيقا ألحكاـ المادة ‪ 290‬أعاله‪ ،‬بالحكـ في جميع الدعاكل المرفكعة عف الحادث نفسو'' ‪.2‬‬

‫ففي ىذه الحالة تختص المحكمة التي سبؽ كرفعت إلييا الدعكل مف الحادث نفسو‪ .‬كنشير إلى أنو‬
‫يجكز لألطراؼ االتفاؽ عمى رفع دعكاىـ أماـ أم محكمة يختاركنيا أك عرضيا عمى التحكيـ‪ ،‬كىك ما‬
‫نصت عميو المعاىدة في مادتيا الثانية بقكليا‪ '' :‬ال تخؿ أحكاـ المادة األكلى بأم حاؿ مف األحكاؿ بحؽ‬
‫الخصكـ في رفع دعكل أماـ أم محكمة يككنكف قد اتفقكا عمييا فيما بينيـ أك في عرضيا عمى التحكيـ''‪.‬‬
‫فيمكف لألشخاص اإلتفاؽ فيما بينيـ عمى محكمة يركنيا مناسبة لعرض النزاع أماميا‪ ،‬أك اإلتفاؽ عمى‬
‫عرض مسائؿ التصادـ عمى التحكيـ يتـ بعد كقكع الحادث إذ ال نتصكر اإلتفاؽ مسبقا عمى ذلؾ ككنو ال‬
‫يمكف التنبؤ بكقكع الحادث كبذلؾ نككف أماـ مشارطة التحكيـ‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 290‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 293‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫كقد ساير المشرع الجزائرم المعاىدة في ذلؾ إذ نص في المادة ‪ 291‬مف القانكف البحرم عمى‪'' :‬‬
‫إف أحكاـ المادة ‪ 290‬أعاله ال تمس حؽ األطراؼ المعنييف باألمر في رفع دعكل بسبب تصادـ السفف‬
‫في البحار أماـ الجية القضائية التي سبؽ ليـ اختيارىا باتفاؽ مشترؾ بينيـ أك في عرضيا عمى‬
‫التحكيـ‪.1''.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تعيين القانون الواجب التطبيق‬

‫ال تثكر مسألة القانكف الكاجب التطبيؽ عمى المسؤكلية الناتجة عف التصادـ البحرم كذلؾ عندما‬
‫يحصؿ التصادـ بيف دكؿ تنتمي إلى دكؿ منضمة إلى اتفاقية برككسؿ‪ ،‬إذ أف ىذه اإلتفاقية تكفمت بتعييف‬
‫القانكف الكاجب التطبيؽ كلكف المشكمة تبقى قائمة عندما يحصؿ التصادـ بيف سفينتيف أك أكثر‪ ،‬إحداىا‬
‫تنتمي إلى دكلة غير منضمة إلى االتفاقية المذككرة‪ .‬إذ تظير أىمية تعييف القانكف الكاجب التطبيؽ عمى‬
‫الكاقعة لغرض تحديد مدل المسؤكلية كبياف مقدار ككيفية التعكيض كالجية التي تتحممو خاصة إذا كاف‬
‫الخطأ مشترؾ أك كاف التصادـ ألسباب غير معركفة‪ ،2‬كىنا نميز بيف حالتيف‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التصادم الواقع في المياه اإلقميمية‬

‫كثي ار ما يحدث تنازع القكانيف عندما يحصؿ التصادـ في المياه اإلقميمية لدكلة ما بيف سفف ترفع‬
‫أعالـ دكؿ مختمفة‪ ،‬كتثير الكثير مف المصاعب عند البحث عف القانكف الكاجب التطبيؽ‪ .‬كقد اختمفت‬
‫اآلراء في ىذه المسألة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تطبيق القانون الوطني‬

‫كىذا ىك المبدأ المقرر في تشريع كقضاء الكثير مف الدكؿ‪ ،‬حيث يتـ إخضاع كؿ تصادـ كاقع في‬
‫المياه اإلقميمية لقانكف الدكلة التي تتبعيا تمؾ المياه‪ ،‬كما ذلؾ في الحقيقة سكل تطبيؽ لمقاعدة العامة في‬
‫مجاؿ المسؤكلية التقصيرية التي تقضي بإخضاع الفعؿ الضار لمكاف حدكثو‪ ،‬فالمياه اإلقميمية تعتبر جزءا‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 291‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬


‫‪ -2‬عالء عمر محمد‪ '':‬الدعكل المدنية في التصادـ البحرم ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،''-‬مجمة جامعة بابؿ‪ ،‬جامعة البصرة‪،‬‬
‫المجمد‪ ،)18( :‬العدد‪ ،)01( :‬العراؽ ‪ ،2010‬ص ‪.10‬‬

‫‪30‬‬
‫مف إقميـ الدكلة ككقكع فغؿ ضار في ىذه المياه يعني كقكع ىذا الفعؿ في إقميـ الدكلة الساحمية‪ ،‬كبالتالي‬
‫إختصاص قانكنيا في حكـ العالقة محؿ النزاع‪.1‬‬

‫كمف الضركرم اإلشارة إلى أف المبدأ الذم يقضي بتطبيؽ قانكف الدكلة التي حصؿ فييا التصادـ‬
‫القائمة عمى أساس المسؤكلية التقصيرية‪ ،‬كال يشمؿ الدعاكل عمى أساس المسؤكلية العقدية‪ ،‬كالدعكل التي‬
‫يقيميا الشاحف عمى الناقؿ فيذه تخضع في الغالب لقانكف اإلقميـ الذم أبرـ فيو العقد كليس لقانكف اإلقميـ‬
‫الذم حصؿ فيو التصادـ‪.2‬‬

‫كمثؿ ىذا الحؿ درج عميو القضاء االنجميزم منذ منتصؼ القرف ‪ ،19‬ففي حكـ قديـ يرجع إلى سنة‬
‫‪ 1876‬فصمت محكمة االستئناؼ األميرالية في دعكل تصادـ كقع في ميناء اسباني طبقا لألحكاـ المقررة‬
‫في القانكف اإلسباني رغـ أف كؿ أطراؼ النزاع كانكا يحممكف الجنسية االنجميزية‪ .‬نفس المكقؼ اعتمدتو‬
‫المحكمة األميرالية ك ّأيدتو محكمة االستئناؼ في حكـ آخر صادر بتاريخ ‪ 1887/12/05‬حيث جاء فيو‬
‫أنو ما داـ أف التصادـ كقع في المياه اإلقميمية لدكلة أجنبية فإف قانكف ىذه الدكلة ىك الذم يككف كاجب‬
‫التطبيؽ‪ .‬كيميؿ القضاء الفرنسي بدكره مؤيدا في ذلؾ مف قبؿ غالبية الفقو‪ ،‬إلى تطبيؽ القانكف المحمي‬
‫عمى التصادـ الكاقع في المياه اإلقميمية‪ ،‬حيث يتـ تطبيؽ القانكف الفرنسي عمى كؿ تصادـ يحدث في‬
‫المكانئ أك المياه الداخمية أك المياه اإلقميمية‪ ،‬سكاء كانت السفف المعنية فرنسية أك أجنبية‪ ،‬كحتى لك كانت‬
‫تحمؿ تمؾ السفف أعالما مشتركة ‪.3‬‬

‫كمما سبؽ ذكره نجد أف الراجح عند القضاء كالفقو ىك تطبيؽ القانكف المحمي عمى دعاكل التصادـ‬
‫ّ‬
‫عما إذا كانت السفف المتصادمة ترفع عمـ الدكلة‬
‫البحرم التي تقع في إقميـ تمؾ الدكلة بغض النظر ّ‬
‫صاحبة اإلقميـ أـ ال‪ .‬بؿ أنو قد يطبؽ أيضا حتى لك كانت السفف المتصادمة ترفع عمما مشتركا‪ ،‬كىك‬
‫الرأم المتبع في العديد مف الدكؿ كنممس ذلؾ أحكاميا القضائية الصادرة عنيا مثؿ ما ذكرنا في فرنسا‬
‫كالقضاء اإلنجميزم‪.‬‬
‫أف النقد المكجو إليو ىك كجكب استثناء حالة التصادـ‬
‫كعمى الرغـ مف كجاىة ىذا الرأم إالّ ّ‬
‫ألنو‬
‫أف مف األفضؿ تطبيؽ قانكف العمـ المشترؾ‪ ،‬كذلؾ ّ‬
‫الحاصؿ بيف سفينتيف تحمالف نفس العمـ‪ ،‬إذ ّ‬

‫‪ -1‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ -2‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.294‬‬
‫‪ -3‬راجع‪ :‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 222‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫األكثر ارتباطا بأطراؼ العالقة مف القانكف الكطني كمع ذلؾ فأغمبية الدكؿ أخذت بتطبيؽ القانكف الكطني‬
‫حتى لك كانت السفف المتصادمة تنتمي إلى دكلة كاحدة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تطبيق قانون العمم المشترك‬


‫يميؿ قضاء بعض الدكؿ البحرية إلى الخركج عف قاعدة القانكف المحمي في كؿ مرة تتحد فييا‬
‫أعالـ السفف المتصادمة‪ ،‬حيث يتـ تطبيؽ قانكف الدكلة التي تحمؿ السفف عمميا‪ ،‬ىذا ما ذىب إليو‬
‫القضاء النركيجي مثال حيث أخضعت المحكمة العميا النركيجية تصادما بيف سفينتيف نركيجيتيف في نير‬
‫إنجميزم لمقانكف النركيجي ‪.1‬‬
‫كيسكد ىذا االتجاه في القضاء األلماني بصفة خاصة‪ ،‬ففي حكـ لممحكمة العميا األلمانية طبقت‬
‫المحكمة القانكف األلماني عمى التصادـ البحرم الذم كقع في مياه إقميمية أجنبية بيف سفينتيف ترفع كؿ‬
‫منيما العمـ األلماني‪ .‬كقد أيدت بيذا الحكـ اتجاىا قكيا قد ظير بكضكح في القضاء األلماني مف قبؿ‪.‬‬
‫عمى أف تطبيؽ قانكف العمـ المشترؾ عمى التصادـ البحرم الكاقع في المياه اإلقميمية األجنبية عمى ىذا‬
‫النحك لـ يستبعد الرجكع إلى القانكف المحمي بصفة مطمقة‪ .‬فقد أكد القضاء األلماني أف القانكف المحمي‬
‫ىك الذم يتعيف الرجكع إليو في جميع األحكاؿ بالنسبة لمقكاعد الخاصة بتنظيـ مركر السفف كاألحكاـ‬
‫الخاصة بمنع التصادـ التي قررتيا الدكلة التي كقع التصادـ في مياىيا اإلقميمية‪.‬‬
‫كقد ذىب جانب مف الفقو إلى حد القكؿ بأف تطبيؽ قانكف العمـ المشترؾ في الفرض الخاص‬
‫بالتصادـ البحرم بصفة خاصة يعد إعماال لقاعدة إسناد مكحدة تضمنتيا المادة ‪ 12‬مف معاىدة برككسؿ‬
‫لعاـ ‪ 1910‬في الفركض التي تدخؿ فييا عالقة المسؤكلية في نطاؽ تطبيؽ المعاىدة‪ ،‬كذلؾ فيما لك كاف‬
‫قانكف العمـ المشترؾ ىك قانكف الجنسية المشتركة لذكم الشأف في نفس الكقت‪.‬‬
‫إالّ أف ىذا االتجاه كاجو نقدا كبي ار مف جانب الفقو السائد ككنو في مجاؿ التصادـ البحرم الكاقع في‬
‫المياه اإلقميمية عمى كجو الخصكص‪ ،‬فميس مف المنطؽ في نظر في ىذا الرأم أف نتجاىؿ مبدأ تطبيؽ‬
‫القانكف المحمي بما يقكـ عميو مف أسس قانكنية صمبة لمجرد تحقؽ اعتبارات عارضة ىي تصادؼ أف‬
‫تككف كؿ مف السفينتيف المتصادمتيف تحمالف عمـ دكلة كاحدة ‪.2‬‬

‫‪ -1‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.224‬‬


‫‪ -2‬راجع‪ :‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 126‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫أماّ القكؿ بأف معاىدة برككسؿ قد تضمنت قاعدة إسناد مكحدة تقضي بتطبيؽ قانكف العمـ المشترؾ‪،‬‬
‫فإف األساس الذم تقكـ عميو تفسير المادة ‪ 12‬خاطئ ‪.1‬‬

‫كميما تكف التبريرات فإف أىـ ما يمكف مالحظتو حكؿ ىذه األحكاـ ىك أنيا كاف كانت قد طبقت‬
‫قانكف العمـ المشترؾ‪ ،‬فإف ذلؾ في الحقيقة يقترف في نفس الكقت بقانكف القاضي‪ ،‬كىك ما يجعمنا نتساءؿ‬
‫بحؽ ىؿ تطبيؽ قانكف العمـ المشترؾ ىك الغاية أـ أنو مجرد كسيمة لمكصكؿ إلى تطبيؽ القانكف الكطني‬
‫كىك سؤاؿ اإلجابة عنو تقتضي صدكر حكـ حكؿ تصادـ يقع بيف سفينتيف تحمالف أعالما مشتركة كيرفع‬
‫النزاع أماـ قضاء دكلة ال تنتمي إلييا تمؾ السفف‪ .‬كاذا كاف ىذا ىك الكضع في القضاء‪ ،‬فإف الفقو في‬
‫غالبيتو يرفض فكرة التخمي عف القانكف المحمي كتطبيؽ قانكف العمـ المشترؾ بصفة مجردة‪ ،‬إذ ليس في‬
‫ذلؾ أم أسس قانكنية صمبة كانما فقط استجابة العتبارات عارضة كىي تصادؼ ككف كؿ مف السفف‬
‫المتصادمة تحمؿ نفس العمـ‪ ،‬كمنو يبقى الحؿ األفضؿ ىك تطبيؽ قانكف العمـ المشترؾ فقط في حالة‬
‫ككنو ىك أيضا قانكف القاضي‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬تطبيق قانون القاضي‬

‫لقد كجد االتجاه المنادم بتطبيؽ قانكف القاضي في مجاؿ المسؤكلية التقصيرية صدل لو في بعض‬
‫المحاكـ كذلؾ بخصكص المسؤكلية المترتبة عف التصادـ البحرم الكاقع في المياه اإلقميمية‪.‬‬

‫كنجد في ألمانيا تطبيقات لقانكف القاضي في أحكاـ المسؤكلية عف التصادـ البحرم‪ ،‬أيف ترجع‬
‫جذكر تطبيؽ قانكف القاضي إلى سنة ‪ ،1886‬حيث قررت محكمة اإلمبراطكرية األلمانية في حكـ ليا‬
‫صادر بتاريخ ‪ 12‬جكيمية مف نفس السنة‪ ،‬بخصكص تصادـ كقع بيف سفينة ألمانية كأخرل انجميزية في‬
‫المياه اليكلندية‪ ،‬أف القانكف األلماني ىك الكاجب التطبيؽ كال مجاؿ لمبحث عف الحؿ كفقا لمقانكف‬
‫اليكلندم‪ ،‬كقد عممت المحكمة ذلؾ بالقكؿ أف نية المشرع األلماني كانت تتجو إلى تطبيؽ القانكف األلماني‬
‫عمى المجيزيف األلماف‪ .‬كيككف بالتالي مف غير المقبكؿ استبعاد القانكف األلماني لفائدة قانكف أجنبي‬
‫أحكامو مختمفة‪ .‬كالحقيقة أف الغرض مف تطبيؽ القانكف األلماني في ىذه القضية كاف كاضحا‪ ،‬فيذا‬
‫األخير أحكامو لـ تكف تقر بمسؤكلية المجيز عف التصادـ الحاصؿ بخطأ المرشد بخالؼ القانكف‬

‫‪ -1‬راجع‪ :‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 126‬كما يمييا‪.‬‬


‫‪ -2‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 224‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫اليكلندم‪ ،‬ككاف تطبيؽ ىذا األخير سيؤدم إلى قياـ مسؤكلية السفينة األلمانية الصادمة التي كانت تحت‬
‫قيادة مرشد إجبارم‪.1‬‬

‫أف المبدأ ىك تطبيؽ القانكف المحمي‪ ،‬فإنو مع ذلؾ نجد ميال ليذا القضاء نحك‬
‫كفي انجمت ار كرغـ ّ‬
‫‪ )The orlik‬التي فصمت فييا المحكمة العميا‬ ‫تطبيؽ القانكف اإلنجميزم كىك ما ظير في قضية (‬
‫‪ 1964‬حيث أخضعت ىذه األخيرة التصادـ الكاقع بيف سفينة سكيدية كأخرل‬ ‫اإلنجميزية سنة‬
‫تشيككسمكفاكية في المياه األلمانية لمقانكف االنجميزم ليس فقط بخصكص المسؤكلية المترتبة‪ ،‬بؿ حتى‬
‫فيما يتعمؽ بمركر السفف رغـ أنو كانت ىناؾ قكاعد خاصة بالمالحة في النير األلماني‪.‬‬

‫أما في فرنسا فرغـ استقرار القضاء ىناؾ مؤيدا مف قبؿ غالبية الفقو عمى تطبيؽ القانكف المحمي‬
‫في كؿ األحكاؿ‪ ،‬فإف ذلؾ لـ يمنع بعض المحاكـ مف محاكلة الخركج عف المبدأ لفائدة قانكف القاضي‪ ،‬بؿ‬
‫‪ .19‬كنجد حكـ‬ ‫إف ىذا األخير ىك الذم ساد عند بعض قضاة المكضكع في النصؼ الثاني مف القرف‬
‫محكمة ‪ Rouen‬الصادر في ‪ 1886/06/02‬ما يدعـ ذلؾ حيث قضت ىذه األخيرة بخصكص تصادـ‬
‫كقع في ‪( Lisbonne‬البرتغاؿ) بأف األجنبي الذم يقاضي فرنسيا أماـ محكمة فرنسية عمى أساس المادة‬
‫‪ 15‬مف القانكف المدني الفرنسي ليس لو سكل تطبيؽ القانكف الفرنسي‪.2‬‬

‫كمف خالؿ استقرائنا ليذه األحكاـ القضائية التي فضمت تطبيؽ قانكف القاضي‪ ،‬نجد أف تطبيؽ‬
‫قانكف القاضي يرجع لعدة أسباب أكليا احتكاء العالقة القانكنية عمى عنصر كطني حيث يككف طرفا في‬
‫النزاع المعركض عمى القضاء‪ ،‬كمنو نكليو دكلتو حماية كال تعرضو اللتزامات قانكنية غير منصكص‬
‫عمييا في قانكنو الكطني‪ .‬كالسبب الثاني ىك فكرة النظاـ العاـ حيث يتـ تطبيؽ قانكف القاضي بحجة أف‬
‫أحكامو ىي مف صميـ النظاـ العاـ كال يمكف مخالفتيا‪ .‬أما السبب الثالث فيك صعكبة الكقكؼ عمى‬
‫مضمكف القانكف األجنبي مف حيث اثباتو كمشقة البحث عف مضمكنو كعدـ العمـ بأحكامو فيفضؿ‬
‫القاضي تطبيؽ قانكنو الكطني الذم ىك عمى بو بأحكامو كيسيؿ التكصؿ إلى أحكامو‪.‬‬

‫كمع ىذا فإف ىذا االتجاه أيضا لـ يسمـ مف االنتقاد كسابقيو‪ ،‬كلالعتبارات السابؽ ذكرىا لـ يتكانى‬
‫الفقو في رفض القكؿ بتطبيؽ قانكف القاضي عمى التصادـ البحرم الكاقع في المياه اإلقميمية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر‪ :‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.225‬‬


‫‪ -2‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ 226‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫كبعد استعراض اآلراء الفقيية المختمفة كتتبع ما أخذت بو بعض الدكؿ في أحكاميا القضائية نشير‬
‫‪ 287‬مف القانكف البحرم كالتي جاء فييا‪:‬‬ ‫إلى المشرع الجزائرم قد تعرض ليذه المسألة في المادة‬

‫'' تخضع النزاعات المتعمقة بالتعكيض عف األضرار المنجرة عف تصادـ السفف في البحار‪:‬‬

‫أ‪ -‬لمقانكف البحرم إذا كاف حاصال في المياه اإلقميمة الجزائرية‪.‬‬

‫ب‪ -‬لقانكف المحكمة المختصة في النزاع إذا كقع التصادـ في عرض البحر‪.‬‬

‫ج‪ -‬لقانكف البمد الذم تحمؿ السفينة رايتو إذا كانت السفينة المصدكمة ترفع نفس الراية بصرؼ النظر‬
‫عف المياه التي كقع فييا التصادـ'' ‪.1‬‬

‫كيالحظ مف خالؿ ىذا النص أف المشرع اعتمد في مجاؿ التصادـ البحرم الكاقع في المياه‬
‫اإلقميمية قاعدة القانكف المحمي كىك ما تضمنتو الفقرة (أ) مف المادة ‪ ،287‬فمتى كقع التصادـ البحرم في‬
‫المياه اإلقميمية الجزائرية فإف القانكف الجزائرم ىك الكاجب التطبيؽ‪ .‬بحيث أف كؿ تصادـ يقع يخضع‬
‫لمدكلة التي تتبعيا تمؾ المياه‪ .‬كعميو إذا كقع تصادـ في مياه إقميمة أجنبية فإف اإلختصاص سيؤكؿ لقانكف‬
‫الدكلة التي تتبعيا تمؾ المياه‪ ،‬ىذا ىك األصؿ‪ .‬ثـ أكرد المشرع استثناء ا في الفقرة (ج) حيث أنو يؤكؿ‬
‫االختصاص لقانكف العمـ المشترؾ إذا كانت السفف تحمؿ نفس الراية بغض النظر عف المياه التي كقع‬
‫فييا التصادـ سكاء كقع في المياه اإلقميمية أك في عرض البحر‪ .‬فمك أف سفينتيف أجنبيتيف تحمالف نفس‬
‫الراية حصؿ بينيما تصادـ في المياه اإلقميمية الجزائرية فإف االختصاص ال يككف لمقانكف الجزائرم‪ ،‬إنما‬
‫يؤكؿ لمدكلة التي يحمالف رايتيا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التصادم الواقع في أعالي البحار‬

‫يدعكنا مكضكع التصادـ البحرم الكاقع في أعالي البحار لمبحث عف مسألة كقكع التصادـ في مياه‬
‫ال تنتمي لسمطاف أم دكلة كعميو عدـ خضكعيا لقانكف يحكميا‪ .‬لذلؾ فمسألة تنازع القكانيف تككف في ىذه‬
‫الحالة أكثر تعقيدا مف سابقتيا حيث يصعب تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ خاصة مع اختالؼ حاالت‬
‫التصادـ فقد يككف بيف سفف ترفع عمـ دكلة كاحدة أك سفف ترفع أعالـ دكلة مختمفة‪ ،‬كىذه األخيرة قد تككف‬
‫‪ 1952‬المتعمقة بتكحيد قكاعد االختصاص المدني‬ ‫منضمة أك غير منضمة التفاقية برككسؿ لسنة‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 287‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫لمتصادـ البحرم‪ .‬كمع تعدد ىذه المسائؿ التي تطرح أشكاؿ تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ تعددت اآلراء‬
‫الفقيية لمحاكلة إيجاد حمكؿ ليا كسنتكلى عرضيا كتحديد مضمكف كؿ منيا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تطبيق القانون البحري العام‬

‫يقصد بالقانكف البحرم العاـ مجمكعو العادات كاألعراؼ البحرية التي استقر العمؿ بيا في مختمؼ‬
‫الدكؿ حتى أصبحت ذات صفة دكلية‪ .‬كقكاعد ىذا القانكف ىي التي تحكـ المسؤكلية المترتبة عمى الفعؿ‬
‫الضار الحادث في عرض البحر كنتيجة لعدـ سرياف قانكف دكلة معينة في أعالي البحار‪ .‬فكأف القانكف‬
‫البحرم العاـ ينطبؽ في ىذه الحالة بكصفو القانكف المحمي‪ ،‬أم قانكف المكاف الذم كقع فيو الفعؿ المنشئ‬
‫لاللتزاـ‪.1‬‬
‫رد عمى ىذا اإلتجاه بالقكؿ أف الفكرة األساسية التي يرتكز عمييا مبنية عمى أساس خاطئ‪،‬‬
‫غير أنو ّ‬
‫إذ في حقيقة األمر ليس ىناؾ ما يشير إلى كجكد قانكف بحرم عاـ‪ ،‬بؿ كؿ ما ىنالؾ ىك بعض القكاعد‬
‫المشتركة السائدة عند الدكؿ البحرية ككجكدىا ال يعني غياب اختالؼ القكانيف كتنازع فيما بينيا‪ .‬ثـ إنو‬
‫تمؾ المبادئ التي نادل بيا الفقو كاعتبرىا قانكنا لمشعكب أك قانكنا مشتركا لألمـ البحرية تبقى عبارة عف‬
‫أفكار غامضة كشاسعة تحديد مفيكميا يبقى أم ار ضركريا‪ ،‬كىذا ما لـ يفعمو الفقو المؤيد ليذا اإلتجاه‪.‬‬
‫كأخي ار فإف كاقع الحاؿ يثبت أف المحاكـ التي اعتنقت ىذا االتجاه انتيت في النياية إلى تطبيؽ قانكنيا‬
‫عمى أساس مف القكؿ بأنو قائـ عمى فكرة القانكف البحرم العاـ‪ ،‬كىذا يعني أف الفكرة األخيرة ما ىي في‬
‫النياية إال ستار ككاجية يخفي كراءىا مبدأ آخر ىك حؿ النزاع طبقا لقانكف القاضي‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬تطبيق قانون القاضي‬

‫ذىب بعض الشراح إلى القكؿ أف قانكف القاضي المعركض عميو النزاع ىك الذم يطبؽ عمى‬
‫النزاع‪ ،‬كىذا الحؿ ما ىك إال حؿ عممي يؤخذ بو في حالة عدـ كجكد حؿ أفضؿ‪ ،‬كأىـ ما قيؿ في تبرير‬
‫ىذا الرأم أنو يدفع عف القاضي الحيرة الناشئة عف عدـ كجكد قانكف كاجب التطبيؽ عمى ىذه الحالة كما‬
‫أف القاضي عندما يطبؽ قانكنو إنما يطبؽ القانكف الممـ بو أكثر مف بقية القكانيف األخرل‪.3‬‬

‫‪ -1‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 148‬كما يمييا‪.‬‬


‫‪ -2‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪ -3‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.301‬‬

‫‪36‬‬
‫كمف جية أخرل فإف ىذا الحؿ يتفؽ مع اعتبارات العدالة ألف أحد الخصكـ عمى األقؿ‪ ،‬كىك‬
‫المدعي‪ ،‬قد ارتضى تطبيؽ ىذا القانكف‪ .‬ذلؾ أف رفع النزاع أماـ محكمة معينة يستفاد منو الرضاء‬
‫الضمني بتطبيؽ قانكف ىذه المحكمة‪ .‬بؿ كقد ذىب البعض إلى حد القكؿ بأف مؤدل التصادـ الكاقع بيف‬
‫سفينتيف في عرض البحر أف ينشأ نكع مف العقد أك شبو العقد القضائي بيف الطرفيف يمتزـ المدعى عميو‬
‫بمقتضاه بقبكؿ اختصاص المحكمة التي يرفع المدعي أماميا الدعكل‪ .‬كما يمتزـ بقبكؿ تطبيؽ قانكف‬
‫الدكلة التي تتبعيا ىذه المحكمة‪.1‬‬

‫‪ 503‬مف قانكف‬ ‫كقد أخذت بعض التشريعات بيذا المبدأ كالقانكف االنجميزم‪ ،‬فقد نصت المادة‬
‫التجارة البحرية لسنة ‪ 1894‬عمى إخضاع مسؤكلية مجيزم السفف المتصادمة إلى القانكف االنجميزم في‬
‫الحاالت التي تختص فييا المحاكـ االنجميزية بنظر الدعكل‪ ،‬سكاء كانت كمتا السفينتيف المتصادمتيف‬
‫بريطانيتيف أك كمتاىما أجنبيتيف أك كانت إحداىما فقط انجميزية كسكاء كقع التصادـ في المياه االنجميزية‬
‫أك في أعالي البحار أك في مياه إقميمية أجنبية‪.‬‬

‫كما استقر الفقو االنجميزم عمى ىذا المبدأ‪ ،‬ففي قضية ( ‪ )The Leon‬كىي حادثة تصادـ كقعت‬
‫في عرض البحر بيف سفينة انجميزية كأخرل اسبانية بخطأ مف السفينة اإلسبانية‪ ،‬دفع المجيز اإلسباني‬
‫أماـ المحكمة األدميرالية بأف القانكف اإلسباني ال يعترؼ بمسؤكلية المجيز عف أخطاء الرباف أك البحارة‬
‫إال أف المحكمة األدميرالية رفضت ىذا الدفع كطبقت القانكف االنجميزم الذم ينص عمى مسؤكلية المجيز‬
‫عف أخطاء الرباف أك البحارة التابعيف لو‪ .‬كأخذت بيذا المبدأ بعض المحاكـ الفرنسية أيضا ‪.2‬‬

‫كلـ يسمـ ىذا المبدأ مف االنتقاد كسابقو‪ ،‬كمف االنتقادات المكجية لو أف حجة عمـ القاضي بالقانكف‬
‫الكطني ال يمكف قبكلو ألف مف كاجبو اختيار القانكف األكلى بالتطبيؽ عمى النزاع مف قانكف القاضي‬
‫كممزـ بالبحث عف مضمكف القانكف األجنبي أسكة بقانكنو‪.‬‬

‫كما أف األخذ بالقبكؿ الضمني أك افتراض كجكد عقد قضائي بيف أطراؼ الدعكل يتضمف قبكليما‬
‫تحكيـ القكاعد المكضكعية في قانكف القاضي الذم ينظر الدعكل‪ ،‬بينما الفصؿ في الدعكل يتطمب الفصؿ‬
‫باإلختصاص‪ ،‬كاذا كاف االختصاص غير متنازع فيو طبؽ القاضي قانكنو الذم قد تشير عميو قاعدة‬

‫‪ -1‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 150‬كما يمييا‪.‬‬


‫‪ -2‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 301‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫اإلسناد بتطبيؽ قانكف آخر كبذلؾ ال يخضع لرغبة كاتفاؽ أطراؼ النزاع ‪ .‬كتـ الرد عمى ىذا االتجاه أيضا‬
‫بأف قانكف القاضي قد يحتكم عمى قكاعد قانكنية قد كضعت لحماية مكاطنيو‪.1‬‬

‫كما يمكف أخذه عمى تطبيؽ قانكف القاضي ىك فتحو باب التحايؿ‪ ،‬فحيف يمجأ المتضرر إلى‬
‫محكمة دكلة معينة خاصة في األحكاؿ التي تككف لو إمكانية االختيار بيف محاكـ عدة دكؿ‪ ،‬يككف ىذا‬
‫األخير قد اختار سمفا القانكف الذم سيخضع لو النزاع‪ ،‬كما داـ األمر كذلؾ فإف المؤكد سيختار قضاء‬
‫دكلة قانكنيا يخدـ مصالحو‪ ،‬كىذه النتيجة ىي التي جعمت بعض الشراح ينبذكف صراحة فكرة تطبيؽ‬
‫قانكف القاضي في حالة التصادـ الكاقع في أعالي البحار‪.‬‬

‫كرغـ كؿ االنتقادات المكجية فمقد أصر الكثير مف الفقياء عمى تطبيؽ قانكف القاضي في حالة‬
‫التصادـ الكاقع في أعالي البحار مستنديف ىذه المرة عمى فكرة االختصاص االحتياطي ليذا القانكف‪ ،‬مع‬
‫اعترافيـ بأف تطبيؽ قانكف القاضي ال يخمك مف نقائص منيا كما رأينا فتح باب التحايؿ كامكانية التكصؿ‬
‫إلى حؿ مرضي ‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬تطبيق قانون العمم‬

‫ذىب جانب مف الفقو إلى القكؿ بتطبيؽ قانكف الدكلة التي تحمؿ السفينة رايتيا عمى التصادـ‬
‫الكاقع في أعالي البحار كىك يعتبر أكثر الحمكؿ مالئمة لطبيعة النزاع في شأف المسؤكلية عف حكادث‬
‫السفف‪ .‬كىذا الحؿ ال يثير أم إشكاؿ في حالة اتحاد عمـ كؿ مف السفينتيف المتصادمتيف‪ ،‬إذ يتعيف تطبيؽ‬
‫العمـ المشترؾ في مثؿ ىذا الفرض‪ .‬كىذا القكؿ ىك محؿ إجماع كافة الشراح كما يأخذ بو القضاء في‬
‫كافة دكؿ العالـ‪.‬‬

‫لكف في الكاقع نجد أف أغمب حاالت التصادـ ال تقع بيف سفف تحمؿ أعالما مشتركة‪ ،‬بؿ تقع بيف‬
‫سفف تحمؿ أعالما مختمفة كمنو يثكر الخالؼ أم قانكف يتـ تطبيقو ىؿ ىك قانكف السفينة الصادمة أك‬
‫المصدكمة؟ أك تطبيؽ كالىما أـ أنو يعطى الحؽ لممضركر في اختيار القانكف األنسب لو؟ كىذا ما‬
‫سنتعرض لو فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ -1‬عالء عمر محمد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ -2‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.240‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -1‬تطبيق قانون عمم السفينة الصادمة‬

‫يرل ىذا االتجاه أف أكثر الحمكؿ مالءمة لطبيعة المسؤكلية المترتبة عمى التصادـ البحرم الكاقع‬
‫في البحار العامة عند اختالؼ عمـ السفينتيف المتصادمتيف ىك تطبيؽ قانكف عمـ السفينة التي ارتكبت‬
‫الخطأ‪.‬‬

‫كىذا أمر في رأييـ يتماشى مع المبدأ األساسي الذم تقكـ عميو فكرة اختيار قانكف العمـ في حالة‬
‫التصادـ في أعالي البحار‪ ،‬إذ المقرر أف كؿ مف ارتكب خطأ عميو أف يتحمؿ نتائج ىذا الخطأ كيجب أف‬
‫يككف ذلؾ كفقا لقانكنو ال طبقا لقانكف آخر ألف الخطأ ال كجكد لو إال بالشركط كالنتائج المقررة في قانكف‬
‫التي مرتكب الخطأ كىي ىنا السفينة الصادمة‪ ،‬إذ ىك القانكف الكحيد الذم عمييا أف تككف عمى عمـ بو‪.‬‬
‫كبمعنى آخر كجكد سفينة في أعالي البحار يجعميا ال تخضع ألم سيادة سكل الدكلة التي ترفع عمميا كال‬
‫تمتزـ إال بما ىك مقرر في قانكف ىذه الدكلة‪ ،‬كبالتالي ال يمكف مؤاخذة المخطئ إال في حدكد ىذا‬
‫القانكف‪.1‬‬
‫كقد أخذ القضاء الفرنسي في أغمب أحكامو بيذا الرأم فقد حصؿ تصادـ بيف السفينة االنجميزية‬
‫(‪ )Appollo‬كالسفينة الفرنسية )‪ (precurseur‬في البحر العاـ بخطأ مف السفينة االنجميزية‪ ،‬كعرضت‬
‫الدعكل أماـ محكمة ( ‪ )Brest‬الفرنسية حينيا طمب مجي از السفينة االنجميزية تحديد مسؤكليتيـ عف‬
‫التعكيض بترؾ السفينة كاألجرة استنادا إلى المادة ( ‪ )216‬مف القانكف التجارم الفرنسي‪ ،‬إال أف المحكمة‬
‫رفضت ىذا الطمب كطبقت القانكف االنجميزم‪ .‬كمع ذلؾ فقد اشترطت المحاكـ الفرنسية لألخذ بيذا الرأم‬
‫أف ال يككف في ىذا القانكف ما يخالؼ حسف اآلداب كالنظاـ العاـ ‪.2‬‬
‫كمف االنتقادات التي كجيت إلى المبدأ الذم يقضي بتطبيؽ قانكف السفينة التي سببت التصادـ‪ ،‬ىك‬
‫أف ىذا القانكف قد يعطي لممتضرر حقكقا ال يعطييا لو قانكف دكلتو‪ ،‬لذلؾ يرل أصحاب ىذا االنتقاد أنو‬
‫يجب أف يطبؽ عمى المدعى عميو القانكف األصمح لو‪،‬فإذا كاف قانكف المدعى عميو ىك األصمح لو طبؽ‬
‫عميو ىذا القانكف كاذا لـ يكف كذلؾ طبؽ عميو قانكف المدعي‪ .‬إال أف ىذا الحؿ أيضا معرض لالنتقاد ألف‬

‫‪ -1‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.236‬‬


‫‪ -2‬عالء عمر محمد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪39‬‬
‫قانكف المدعي قد يككف في صالح المدعى عميو في بعض النقاط‪ ،‬كفي غير صالحو في نقاط أخرل‪،‬‬
‫ككذلؾ الحاؿ بالنسبة لقانكف المدعى عميو كال يمكف تجزئة أم مف القانكنيف ‪.1‬‬

‫‪ -2‬تطبيق قانون عمم السفينة المصدومة‬

‫عمى عكس االتجاه السابؽ يتجو بعض الشراح إلى تطبيؽ قانكف عمـ السفينة التي لحقيا الضرر‬
‫في شأف المسؤكلية التقصيرية المترتبة عمى التصادـ البحرم الكاقع في البحار العامة‪ .‬كقد أشرنا إلى أف‬
‫ىذا االتجاه يستند إلى ككف ككف أحكاـ المسؤكلية التقصيرية بصفة عامة ترمي أساسا إلى حماية الدائف‬
‫المضركر‪.2‬‬

‫حيث يجب أف نضع بعيف االعتبار فكرة أننا لسنا أماـ عقد مدني أيف تككف مصالح الدائف عادة‬
‫ىي الراجحة‪ ،‬بؿ يتعمؽ األمر يتعمؽ بالتزاـ تقصيرم يجب فيو حماية الضحية كىك ما يتـ الكصكؿ إليو‬
‫عف طريؽ تطبيؽ قانكف السفينة المصدكمة باعتبارىا الضحية عمى أساس أنيا تتكقع تعكيضا مثمما ىك‬
‫مقرر في ىذا القانكف ‪.3‬‬

‫إال أنو مف مساكئ ىذا المبدأ أنو يجعؿ مسؤكلية المجيز خاضعة لقانكف غير معركؼ لو مقدما‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫كرغـ قياـ‬ ‫كما أف ىذا المبدأ ال سند لو في القانكف بؿ بالعكس أف المديف ىك أحؽ بالرعاية مف الدائف‪.‬‬
‫ىذا االتجاه عمى فكرة سميمة مفادىا اتجاه أحكاـ المسؤكلية إلى حماية المضركر‪ ،‬إال أف ذلؾ قد ال يتحقؽ‬
‫في نطاؽ العالقات الدكلية الخاصة‪ ،‬إذ مف الممكف أف يككف تطبيؽ قانكف السفينة المصدكمة ال يحقؽ‬
‫حماية كافية لممضركر مقارنة بقانكف السفينة الصادمة كيككف ىك األفضؿ كاألكثر حماية لو كىذه حالة‬
‫يمكف حدكثيا بال شؾ‪.‬‬

‫‪ -1‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك أرشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.307‬‬
‫‪ -2‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.162‬‬
‫‪ -3‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ -4‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك أرشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.305‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -3‬تطبيق كال القانونين‬

‫كيقكـ ىذا االتجاه عمى فكرة مفادىا أنو في حالة التصادـ بيف سفف تحمؿ أعالما مختمفة في أعالي‬

‫البحار‪ ،‬فإنو يتـ تطبيؽ قانكف كمييما‪ .‬فينا ال يتـ تفضيؿ قانكف عمى اآلخر بؿ يتـ تطبيؽ كالىما إماّ‬
‫تطبيقا جامعا أك مكزعا‪ .‬كىذا االتجاه يمجأ إليو كثي ار في حالة كقكع التصادـ بخطأ مشترؾ‪.‬‬

‫كيميؿ بعض الفقياء لمتطبيؽ الجامع‪ ،‬بحيث ال تقكـ المسؤكلية إالّ إذا تكافرت شركطيا كفقا لما ىك‬
‫مقرر في قانكف كؿ مف الدكؿ التي ترفع السفف أعالميا‪ .‬كيعاب عمى ىذه الطريقة ترجيحيا لمصمحة‬
‫السفينة مرتكبة الخطأ‪ ،‬إذ القكؿ بكجكب تكفر شركط المسؤكلية في كال القانكنيف قد يؤدم إلى عدـ‬
‫مساؤلة مالؾ أك مجيز ىذه األخيرة كذلؾ في حالة عدـ تحقؽ أركاف المسؤكلية في أحد القانكنيف‪.1‬‬
‫كفضؿ جانب آخر مف شراح القانكف تطبيؽ قانكف كؿ مف العمميف تطبيقا مكزعا بحيث تتحدد‬
‫مسؤكلية مالؾ أك مجيز كؿ سفينة كفقا لقانكف الدكلة التي ترفع سفينتو عمميا‪ ،‬كذلؾ فيما لك كقع التصادـ‬
‫بخطأ مشترؾ‪ .‬عمى أف ىذا الرأم لـ يسمـ بدكره مف النقد‪ .‬فباإلضافة إلى ما يترتب عميو مف تجزئة‬
‫ألحكاـ المسؤكلية كىك ما يثير صعكبات عممية مف العسير تالفييا‪ ،‬فقد أكد البعض بحؽ أف التطبيؽ‬
‫المكزع لكؿ مف قانكف عمـ السفينة التي أخطأت كقانكف عمـ السفينة التي لحقيا الضرر يخؿ بالمساكاة‬
‫المتطمبة في معاممة كؿ مف السفينتيف المتصادمتيف بخطأ مشترؾ‪ .‬كال يتأتى تحقيؽ ىذه المساكاة في‬
‫المعاممة إال عف طريؽ تطبيؽ قانكف كاحد‪.2‬‬

‫‪ -4‬تطبيق القانون األصمح لممضرور‬

‫كمضمكف ىذا االتجاه أنو يعطي الحؽ لممضركر في اختيار القانكف األصمح لو كالذم يحقؽ لو‬
‫أكثر منفعة‪.‬‬

‫كلقد أخذ بيذا الرأم القضاء األلماني في بعض أحكامو‪ ،‬إذ أعطى لممضركر حؽ اختيار القانكف‬
‫األكثر تحقيقا لمصالحو‪ ،‬كمع ذلؾ فإف ىذا الحؿ منتقد أيضا ألنو قد يككف قانكف المدعي يحكم نقاط في‬

‫‪ -1‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.238‬‬


‫‪ -2‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 164‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫صالح المدعى عميو‪ ،‬كفي نقاط أخرل لغير صالحو‪ ،‬ككذلؾ الحاؿ في قانكف المدعى عميو‪ ،‬كبالتالي ال‬
‫أم مف القانكنيف ‪.1‬‬
‫يمكف تجزئة ّ‬

‫بناءا عمى ما سبؽ ذكره نجد أف الفقو لـ يستطع الكقكؼ عمى رأم كاحد لتحديد القانكف الكاجب‬
‫التطبيؽ عمى التصادـ البحرم الكاقع في أعالي البحار‪ .‬خاصة مع اختالؼ حاالت التصادـ فأحيانا يككف‬
‫بيف سفف تحمؿ نفس العمـ كىذا ال تثير إشكاال في تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ حيث يتـ تطبيؽ قانكف‬
‫الدكلة التي تنتمي إلييا السفينتيف‪.‬‬

‫أماّ في حالة كقكع التصادـ بيف سفف تحمؿ أعالما مختمفة‪ ،‬فإذا كانت سفف ىذه الدكؿ تنتمي لدكؿ‬
‫مكقعة عمى معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1952‬المتعمقة باالختصاص المدني فإف أحكاـ المعاىدة ىي التي‬
‫تسرم‪ .‬أماّ إذا كانت السفف تنتمي لدكؿ غير منضمة لممعاىدة فينا يثكر اإلشكاؿ حكؿ القانكف الكاجب‬
‫التطبيؽ ىؿ ىك قانكف القاضي أـ قانكف إحدل الدكلتيف حيث أف كؿ طرؼ سينحاز لقانكف دكلتو أك‬
‫القانكف الذم يكفر لو أكثر حماية كحاكؿ كؿ جانب االنحياز لرأيو كاعطاء المبررات التي تؤكده‪.‬‬
‫كنرل مف جانبنا أنو مف األفضؿ األخذ بالرأم القائؿ بالرجكع لقانكف القاضي كرغـ أنو ال يخمك مف‬
‫العيكب‪ ،‬إالّ أنو يسيؿ عمى القاضي ميمة الفصؿ في النزاع ككنو يعمـ مضمكف قانكنو كال يبحث عف‬
‫مضمكف قانكف آخر‪ ،‬كما أف المدعي عند رفع دعكاه أماـ قانكف القاضي كقدكـ المدعى عميو لمتابعة‬
‫اإلجراءات يعني ذلؾ كجكد رضا ضمني بو‪.‬‬

‫كعند المشرع الجزائرم فقد كانت مكقفو كاضحا مف خالؿ الفقرتيف (ب) ك(ج) مف المادة ‪ 287‬التي‬
‫تنص عمى‪ '' :‬تخضع النزاعات المتعمقة بالتعكيض عف األضرار المنجرة عف تصادـ السفف في البحار‪:‬‬

‫ب‪ -‬لقانكف المحكمة المختصة في النزاع إذا كقع التصادـ في عرض البحر‪.‬‬

‫ج‪ -‬لقانكف البمد الذم تحمؿ السفينة رايتو إذا كانت السفف المصدكمة ترفع نفس الراية بصرؼ‬
‫النظر عف المياه التي كقع فييا التصادـ'' ‪.2‬‬

‫‪ -1‬عالء عمر محمد‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 287‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫كيظير مف الفقرتيف أف القانكف الكاجب التطبيؽ في حالة التصادـ الكاقع في أعالي البحار ىك‬
‫قانكف المحكمة المختصة أم قانكف القاضي‪ ،‬كىك بذلؾ أخذ الرأم الراحج عند الفقو‪ .‬كيككف في حالة‬
‫التصادـ بيف سفف تحمؿ أعالما مختمفة‪ ،‬كىك ما تضمنتو الفقرة (ب)‪.‬‬

‫أما في حالة كقكع التصادـ بيف سفف تحمؿ عمـ نفس الدكلة فبطبيعة الحاؿ فإف القانكف الدكلة الذم‬
‫تنتمي إليو السفينتيف ىك الكاجب التطبيؽ كىك ما تضمنتو الفقرة (ج)‪.‬‬

‫إذا فتحديد القانكف المطبؽ متكقؼ عمى مدل اتحاد عمـ السفف المتصادمة مف عدمو كمنو‪ ،‬فإذا‬
‫كاف األمر يتعمؽ بتصادـ حدث بيف سفف تحمؿ أعالما مشتركة كاف قانكف الدكلة التي تنتمي إليو السفف‬
‫ىك الكاجب التطبيؽ‪ ،‬أما إذا اختمفت األعالـ فيتـ تطبيؽ قانكف القاضي‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫المجوء إلى التحكيم البحري‬

‫التحكيـ البحرم نظاـ قانكني أساسي ال غنى عنو في تسكية المنازعات البحرية‪ .‬كقد تـ تطكيره مف‬
‫أجؿ دفع عجمة التجارة البحرية الدكلية إلى مزيد مف التقدـ ك االزدىار ‪ ،‬كأف العالقات البحرية في عصرنا‬
‫الحاضر يسكدىا رغبة طاغية في جعؿ التحكيـ ىك الحؿ لممنازعات الناشئة عنيا حيث يتفؽ أطراؼ ىذه‬
‫العالقة عمى أف يعيدكا بالمنازعات الحالية أك المستقبمية الناشئة إلى محكميف يختاركنيـ كىـ مف أصحاب‬
‫الخبرات كالكفاءة كالدراية كالعمـ ‪ ،‬كذلؾ في مجاؿ البحرم ليقكمكا بالفصؿ فييا بأحكاـ تحكمية ممزمة ‪ ،‬كقد‬
‫استقبمت معظـ الدكؿ في أنظمتيا القانكنية التحكيـ ككنو كسيمة فعالة بطمبيا األطراؼ لحؿ الخالفات التي‬
‫‪ . 1‬كمف ىذا نقسـ‬ ‫قد تنشأ في إطار العالقات التجارية ك االقتصادية سكاء كانت داخمية أـ خارجية‬
‫م البحرم‪.‬‬
‫المبحث إلى مطمبيف األكؿ مفيكـ التحكيـ البحرم ك الثاني تنظيـ التحؾـ‬

‫المطمب األول‪:‬مفيوم التحكيم البحري‬

‫يعتبر التحكيـ البحرم فرع مف فركع التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬كبذلؾ فإنو ال يختمؼ في تعريفو عف‬
‫التحكيـ عمكما ككذا أنكاعو‪ .‬ك سنتعرض في ىذا المطمب إلى تعريؼ التحكيـ البحرم كأىـ أنكاعو كمزايا‬
‫كعيكب كؿ نكع ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف التحكيم البحري‬

‫التحكيـ ىك كؿ إتفاؽ الخصكـ عمى طرح النزاع عمى شخص أك أشخاص معينيف ليفصمكا فيو دكف‬
‫يتفزؿ الخصكـ عف حقيـ في عرض النزاع عمى‬
‫المجكء إلى محكمة مختصة ‪ ،‬كبمقتضى ىذا التحكيـ ا‬
‫القضاء‪ ،‬ك يصدر بمكجبو حكـ يككف ممزما لمخصكـ غير قابؿ لمطعف‪.2‬‬

‫كقد عرفو القانكف النمكذجي لمتحكيـ التجارم الدكلي بأنو ( اتفاؽ بيف الطرفيف عمى أف يحيال إلى‬
‫التحكيـ جميع أك بعض المنازعات المحددة التي نشأػت أك قد تنشأ بينيما بشأف عالقة قانكنية محددة‬

‫‪ -1‬عبد الحميد محمد الحكسني‪ ، ،‬التحكيـ البحرم‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2007‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -2‬عمي طاىر البياتي‪ ،‬التحكيـ التجارم البحرم (دراسة قانكنية مقارنة)‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬عماف ‪ ،2006‬ص ‪.87‬‬

‫‪44‬‬
‫تعاقدية كانت أـ غير تعاقدية كيجكز أف يككف إتفاؽ التحكيـ في شرط تحكيـ كارد في عقد أك في صكرة‬
‫اتفاؽ منفصؿ) ‪.1‬‬

‫أما القضاء المصرم تعريؼ فقد رأت المحكمة الدستكرية أف تعرؼ التحكيـ عمى أفق‪...'' :‬عرض‬
‫نزاع معيف بيف طرفيف عمى محكـ مف األغيار يعيف باختيارىما أك بتفكيض منيما أك عمى ضكء شركط‬
‫‪،‬‬ ‫يحددانيا ليفصؿ ىذا المحكـ في ذلؾ النزاع بقرار يككف نائبا عف شبية المماالة مجردا مف التحامؿ‬
‫كقاطعا لدابر الخصكمة في جكانبيا التي أحاليا الطرفاف ألية بعد أف يدلي كؿ منيما بكجية نظره تفصيال‬
‫مف خالؿ ضمانات التقاضي الرئيسية‪.2 '' ...‬‬

‫يسكم طرؼ مف الغير خالفا قائما بيف‬ ‫كلقد انتيى الفقو إلى أف التحكيـ ىك النظاـ الذم بمكجبو‬
‫طرفيف أك عدة أطراؼ ممارسا لميمة قضائية عيدت إليو عف طريؽ ىؤالء األطراؼ‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمقانكف الجزائرم فقد عرؼ اتفاؽ التحكيـ في قانكف االجراءات المدنية كاإلدارية في‬
‫المادة ‪ 1011‬بنصيا‪ '' :‬اتفاؽ التحكيـ ىك اإلتفاؽ الذم يقبؿ األطراؼ بمكجبو عرض نزاع سبؽ نشكءه‬
‫عمى التحكيـ'' ‪ .3‬حيث يستطيع األطراؼ اإلتفاؽ فيما بينيـ عمى عرض النزاع القائـ بينيـ عمى التحكيـ‬
‫كغالبا ما يككف في شكؿ مشارطة تحكيـ ككنو ال يمكف تكقع كجكد اتفاؽ سابؽ عمى عرض النزاع عمى‬
‫التحكيـ ألف مف غير الممكف تكقع حصكؿ التصادـ البحرم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬أنواع التحكيم‬

‫إف أطراؼ العالقات البحرية الدكلية الخاصة عندما يقكمكف باالتفاؽ عمى شرط التحكيـ قبؿ نشكء‬
‫النزاع أك مشارطة التحكيـ بعد نشكئو فأنيـ بذلؾ يككنكا قد اتفقكا عمى إحالة المنازعة التي تنشأ أك التي قد‬
‫تنشأ بينيـ عمى التحكيـ البحرم كالذم قد يككف التحكيـ البحرم تحكيـ مؤسسي أك تحكيـ حر إذا فماذا‬
‫يقصد بيذيف الطريقتيف مف طرؽ التحكيـ‪.‬‬

‫‪ ،14‬العدد‪ ،50 :‬كمية‪،‬‬ ‫‪ -1‬أفراح عبد الكريـ خميؿ‪ '' :‬التحكيـ في المنازعات البحرية''‪ ،‬مجمة الرافديف لمحقكؽ‪ ،‬المجمد‪:‬‬
‫العراؽ‪.141 ،2010 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد محمد الحكسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 1011‬مف القانكف رقـ ‪ 09/08‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر ‪ 1429‬المكافؽ ؿ ‪ 25‬فيفرم ‪ ،2008‬المتضمف قانكف‬
‫اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪.2008 ،12‬‬

‫‪45‬‬
‫أوال‪:‬التحكيم المؤسسي‬

‫حيث يقصد بو ذلؾ التحكيـ البحرم الذم يتفؽ فيو األطراؼ عمى إحالة المنازعات التي نشأت‬
‫بالفعؿ إلى التحكيـ أماـ إحدل مؤسسات التحكيـ البحرم الدائمة مثؿ غرفة التحكيـ البحرم بباريس حيث‬
‫تتكلى العممية التحكيمية مف بدايتيا منذ تمقي الطمب كحتى إصدار حكـ التحكيـ عف طريؽ أجيزتيا‬
‫اإلدارية كلكائحيا التي كضعت سمفا ‪.1‬‬

‫كما لمتحكيـ المؤسسي مزايا عديدة أىميا‪:‬‬

‫اؿكسيمة األكفأ في إدارة التحكيـ كخاصة عندما يككف التحكيـ في‬ ‫‪ .1‬أف التحكيـ المؤسسي ىك‬
‫المنازعات ذات القيمة الكبيرة كالمكضكعات المعقدة‪.‬‬
‫‪ .2‬أف ىيئات كمنظمات كمراكز التحكيـ الدائمة يككف لدييا قكائـ بأسماء المحكميف المتخصصيف في‬
‫مختمؼ المجاالت يستطيع مف خالليا األطراؼ اختيار محكميـ الذم يركنو مناسبا‪.‬‬
‫‪ .3‬إف تمؾ الييئات كالمنظمات كالمراكز التحكيـ الدائمة يككف لدييا لكائح جاىزة باإلجراءات التي يجرل‬
‫التحكيـ عمى أساسيا كتككف بسيطة كسريعة مما يجنب المتحكـ مؤنة االتفاؽ عمى اإلجراءات‬
‫الكاجبة اإلتباع أماـ المحكـ‪.‬‬
‫‪ .4‬كفاءة تحكيـ المنظمات كالييئات كالمراكز الدائمة في مكاجية الطرؼ المراكغ‪.2‬‬

‫كالمزايا التي سبؽ الحديث عنيا ‪ ،‬ال تخفي العيكب المكجكدة في ىذا النكع مف التحكيـ البحرم ك‬
‫التي أىميا عدـ معرفة المحتكميف المؤسسي يفقد التحكيـ طابعة الشخصي الذم كثي ار ما يككف لو األثر‬
‫الحاسـ في اختيار أطراؼ النزاع التحكيـ عكضا عف القضاء‪.3‬‬

‫كأىـ المراكز التحكيـ البحرم المؤسسي‪:‬‬

‫‪ .1‬غرفة التحكيم البحري بباريس ‪ :‬تـ تأسيس غرفة التحكيـ البحرم بباريس عاـ‪ 1929‬كذلؾ بمكجب‬
‫قانكف ‪1‬يكليك ‪ 1901‬بكاسطة المجنة المركزية الفرنسية لمجيزم السفف حيث تكقؼ نشاطيا خالؿ‬
‫حرب العالمية الثانية كأعيد بعد ذلؾ في ‪8‬نكفمبر عاـ ‪ 1966‬كىي غرفة تحكيـ تخصصت في‬

‫‪ -1‬عبد الحميد محمد الحكسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪54‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد محمد الحكسني‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬عمي طاىر البياتي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.71‬‬

‫‪46‬‬
‫المجاؿ البحرم تضـ في عضكيتيا كافة التخصصات البحرية مف مالؾ لمسفف كربابنة‬
‫السفف‪,‬كالككالء البحرييف ‪ ،‬كمقاكلي الشحف كالتفريغ ‪ ،‬كالسماسرة البحرييف كشركات بناء السفف ‪،‬‬
‫كشركات التأميف‪ ،‬كأم مف لو اىتمامات مباشرة أك غير مباشرة بالنقؿ البحرم‪.‬‬
‫‪ .2‬المنظمة الدولية لمتحكيم البحري‪ :‬نظ ار الزدياد المنازعات البحرية كتعقدىا أيضا فقد قامت غرفة‬
‫التجارة الدكلية ( ‪ )CCI‬كالمجنة البحرية الدكلية ( ‪ )CMI‬معا بكضع الئحة تحكيـ بحرم تعرؼ‬
‫بالئحة ( ‪ )CCI-CMI‬عف طريؽ الخبراء مف غرفة التجارة البحرية الدكلية في شير مارس مف‬
‫عاـ ‪ .1978‬كيقع تطبيؽ ىذه الالئحة عمى عاتؽ المنظمة الدكلية لمتحكيـ البحرم كىي منظمة‬
‫دكلية كليست فرنسية كيكجد مقر اؿؿجنة الدائمة كمقر السكرتارية لممنظمة في باريس‪.‬‬
‫‪ .3‬غرفة المويدز لمتحكيم البحري‪ :‬تعتبر ىذه الغرفة مف أىـ كأعرؽ مؤسسات التحكيـ البحرم كالتي‬
‫ليا باع طكيؿ في التحكيـ المنازعات الخاصة بالحكادث البحرية‪ .‬كيكجد عدد كبير مف أشير‬
‫‪،‬‬ ‫المحكميف المعركفيف كالمشيكد ليـ بالكفاءة كذلؾ في مجاؿ المساعدات البحرية كاإلنقاذ‬
‫كعمميات النقؿ البحرم ‪ ،‬كما أنو يكجد ليا نماذج شييرة خاصة باإلنقاذ ‪ ،‬كبتسكية قضايا التصادـ‬
‫البحرم‪ ،‬كالخسارات البحرية المشتركة ‪ ،‬كتقكـ بإدارة ىذه العمميات اإلدارة كالسكرتارية التي يككف‬
‫لدييا أسماء المحكميف كأية معمكمات خاصة بيـ‪0.1‬‬

‫ثانيا‪:‬التحكيم الحر‬

‫فيك ذلؾ التحكيـ الذم يتـ بعيدا عف مؤسسات التحكيـ البحرم الدائمة حيث يقكـ األطراؼ عمى‬
‫إرادة كتنظيـ التحكيـ بأنفسيـ كيتفقكف عمى تشكيؿ ىيئة التحكيـ كعمى كافة القكاعد المطبقة عمى‬
‫اإلجراءات التحكيمية كعمى اختيار مكاف كالقانكف المطبؽ عمى المكضكع‪ ،‬كعمى تذليؿ جميع الصعكبات‬
‫كالعقبات التي قد تعترض طريؽ التحكيـ‪ 2.‬كليذا النكع مف التحكيـ مزايا عديدة أىميا‪:‬‬

‫‪ .1‬يتميز التحكيـ البحرم الحر بعدـ كجكد إشراؼ مف منظمة تحكيـ‪ ،‬حيث األطراؼ يستقمكف بكضع‬
‫نظاـ إجراءات التحكيـ‪ ,‬كقد يحمكف إلى قكاعد تحكيـ تكضع ليذا الغرض‪ ,‬كما ىك الشأف في قكاعد‬
‫‪ 1976‬أك القكاعد التي تضعيا بعض‬ ‫األمـ المتحدة في شأف التحكيـ التجارم الدكلي لعاـ‬
‫المنظمات المينية‪.‬‬

‫‪ -1‬راجع‪ :‬عبد الحميد محمد الحكسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 60‬كما يمييا‬
‫‪ -2‬عمي طاىر البياتي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ .2‬التحكيـ البحرم الحر يتميز بأنو أقؿ كمفة مف التحكيـ البحرم المؤسسي مما جعؿ األطراؼ‬
‫يفضمكنو‪.‬‬
‫‪ .3‬السرية ىي مطمب مف يختار التحكيـ ليككف الطريؽ لفض ما قد ينشأ مف نزاع‪ ،‬كالتحكيـ البحرم‬
‫الحر ىك أكثر التزاما بميزة السرية‪.‬‬
‫‪ .4‬التحكيـ الحر أكثر مناسبة لمييئات كالككاالت الحككمية كذلؾ العتبار السيادة‪ ،‬ككنيا تنظر إلى‬
‫التحكيـ المؤسسي عمى أنو تحكيـ يقع في دكلة ليا نظاـ خاص بيا كالعتبارات أخرل‪.1‬‬

‫كمع أف التحكيـ البحرم الحر لو مميزات تجعؿ األطراؼ يختاركنو غير أف ىذا ال يمنع مف ذكر‬
‫عيكب ىذا النكع مف التحكيـ‪.‬‬

‫‪ .1‬احتماؿ عدـ قدرة األطراؼ عمى التعاكف عندما يحدث النزاع كتسكء العالقة بينيـ‪.‬‬
‫‪ .2‬صعكبة التنبؤ بالمشكالت التي قد تكاجييا ىيئة التحكيـ كمف ثـ عدـ القدرة عمى حسـ المشكالت التي‬
‫ال يغطييا اتفاؽ التحكيـ‪.‬‬
‫‪ .3‬قد يكاجو التحكيـ الحر صعكبة في تنفيذ حكـ التحكيـ‪.2‬‬

‫كما أف لمتحكيـ البحرم الحر العديد مف المراكز التي تنظـ التحكيـ البحرم الحر كأىميا‪:‬‬

‫تأسست ىذه الجمعية بمندف عاـ ‪ 1960‬كأخذت طريقيا كغرفة‬ ‫‪ .1‬جمعية المحكمين البحريين بمندن‪:‬‬
‫تحكيـ لممحكميف البحرييف لمؤسسة البمطيؽ لمتجارة كالتبادؿ كتضـ تقريبا خمسيف مف األعضاء‬
‫المؤسسيف باإلضافة إلى حكالي مائتيف مف األعضاء اآلخريف مثؿ المحاميف كالمستشاريف القانكنييف‬
‫كمجيزيف السفف كغيرىـ‪ .‬كليذه الجمعية الئحة تضـ كافة األحكاـ كالقكاعد الخاصة بيا‪ ,‬كتعرؼ‬
‫‪ 1987‬كالمعدلة عاـ ‪ 1991‬كما تكجد الئحة لممنازعات‬ ‫بقكاعد جمعية لندف لممحكميف البحرييف‬
‫الصغيرة ‪ 1991‬التي ال تزيد قيمة النزاع فييا عف حد معيف كذلؾ لتبسيط اإلجراءات كتقميؿ النفقات‬
‫في المنازعات البسيطة‪.‬‬
‫‪ .2‬جمعية المحكمين البحريين بنيويورك‪ :‬تتككف ىذه الجمعية مف السماسرة المرخص ليـ بالعمؿ في‬
‫المجاؿ البحرم كككالء السفف التجارية حيث يمكف ليذه الجمعية أف تكفر مجمكعة مف المحكميف ممف‬

‫‪ -1‬أفراح عبد الكريـ خميؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.155‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد محمد الحكسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪48‬‬
‫يممككف الخبرة ك الدراية في مجاؿ العمؿ في األنشطة البحرية بمختمؼ أنكاعيا‪ ،‬كما أف لمجمعية الئحة‬
‫تحكيـ‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى مجمكعة مف القكاعد التي تحدد المبادئ المقيدة لسمككيات المحكـ‪ ,‬كالئحة‬
‫تحكيـ لممنازعات الصغيرة‪ .‬كىذه الجمعية مينية‪ ،‬كليست جمعية ىدفيا الربح‪ ،‬كىي تقكـ بتدريب‬
‫أعضائيا عمى ممارسة العممية التحكمية عف طريؽ الدكرات المختمفة‪ ،‬كما تمتاز بكجكد الئحة تحكيمية‬
‫عمى أفضؿ حاؿ غير أف ىذه الالئحة ليست ليا صفة اإللزاـ‪ ،‬إذ أف طمب االستعانة بيا يتـ بناءا عمى‬
‫مكافقة أطراؼ التحكيـ عمى ذلؾ‪.1‬‬
‫‪ .3‬التحكيم البحري بموجب الئحة تحكيم لجنة األمم المتحدة لمقانون التجاري الدولي (اليونسترال)‪:‬‬

‫تعتبر الئحة التحكيـ النمكذجية التي كضعتيا لجنة األمـ المتحدة لقانكف التجارة الدكلية مف أبرز‬
‫قكاعد التحكيـ الحر –في الكقت الحاضر‪ -‬عمى المستكل‪ ،‬كالتي تسمى ب'' الئحة اليكنستراؿ'' فقد‬
‫عممت عمى إعداد لكائح بيدؼ تكحيد القكاعد المنظمة لمتحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬أعدت لتسييؿ ميمة‬
‫رجكع األطراؼ أك محكمة التحكيـ المعينة مف قبميـ إلييا‪ ،‬بدال مف قياميـ بإعداد قكاعد إجرائية لتنظيـ‬
‫عممية التحكيـ ‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تنظيم التحكيم البحري‬

‫بسبب طبيعة التصادـ البحرم فإنو ال يتخيؿ كجكد عقكد مسبقة بيف األطراؼ تمزميـ بتسكية النزاع‬
‫عف طريؽ التحكيـ في حاالت التصادـ البحرم‪ ،‬لذا فإف المجكء لمتحكيـ يككف بعد كقكع الحادث كيككف‬
‫اتفاقيـ في شكؿ مشارطة تحكيـ‪ .‬كيخضع التحكيـ في المنازعات المتعمقة بالنشاط البحرم لمقكاعد المنظمة‬
‫لمتحكيـ الدكلي كقكاعد القانكف النمكذجي لمتحكيـ التجارم الدكلي كقكاعد لجنة األمـ المتحدة لمقانكف‬
‫التجارم الدكلي باإلضافة إلى قانكف اإلجراءات المدنية الجزائرم الذم نظـ األحكاـ المتعمقة بالتحكيـ‬
‫التجارم الدكلي في المكاد مف ‪ 1039‬إلى ‪.1061‬‬

‫كيتـ تعييف ىيئة التحكيـ إما باختيار أطراؼ النزاع أك مف قبؿ إحدل مراكز التحكيـ المعركض أماـ‬
‫النزاع كيتـ تشكيميا حسب لكائحيا التنظيمية‪ .‬كيشترط في المحكـ الحياد كاالستقاللية ككذا التخصص‪.‬‬

‫‪ -1‬راجع‪:‬عبد الحميد محمد الحكسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 71‬كما يمييا‬


‫‪ -2‬سيدم معمر دليمة‪ ،‬التحكيـ في المنازعات البحرية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص قانكف النشاطات البحرية كالساحمية‪ ،‬كمية‬
‫الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة تيزم كزك السنة الجامعية ‪ ،2015/2014‬ص ‪.92‬‬

‫‪49‬‬
‫كيمر الحكـ التحكيمي بمراحؿ حتى يتـ إصداره في صيغتو النيائية‪ .‬مما يستدعي منا التعرض‬
‫إلجراءات تنظيـ التحكيـ البحرم في فرع أكؿ‪ ،‬ثـ القانكف الكاجب التطبيؽ في فرع ثاف‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إجراءات تنظيم التحكيم‬

‫يخضع النزاع المعركض عمى التحكيـ البحرم إلى إجراءات معينة يتـ إتباعيا مف أجؿ نجاح‬
‫العممية التحكيمية‪ ،‬ابتداءا بتقديـ طمب أماـ ىيئة التحكيـ‪ ،‬ثـ النظر فيو كأخي ار إصدار حكـ نيائي فاصؿ‬
‫في النزاع‪ .‬كسنكضح ىذه اإلجراءات فيما يأتي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مباشرة إجراءات التحكيم البحري‬

‫تبدأ إجراءات التحكيـ البحرم بتقديـ طمب تحكيـ عف طريؽ طالب التحكيـ ( المدعي في‬
‫اإلجراءات) مبديا رغبتو في بدء التحكيـ كىذا الطمب يقدـ إلى سكرتارية مركز التحكيـ البحرم إذا كاف‬
‫التحكيـ البحرم مؤسسيا أك إلى الطرؼ اآلخر الذم يقكـ بدكر المدعى عميو إذا كاف التحكيـ البحرم ح ار‬
‫كتختمؼ إجراءات تقديـ طمب التحكيـ كشكمو كبياناتو كمرفقاتو كجية تقديمو في التحكيـ البحرم كالمؤسسي‬
‫كالحر‪.1‬‬

‫ففي التحكيـ البحرم المؤسسي يقدـ الطمب إلى سكرتارية مركز التحكيـ كيتـ صياغة طمب التحكيـ‬
‫كفقا لالئحة مركز التحكيـ البحرم المختار ككذلؾ األمر بالنسبة لتقديـ المرافعات كااللتزاـ بالمكاعيد‬
‫المحددة في الالئحة حيث يككف تاريخ بدء اإلجراءات ىك اإلجراء القاطع لتقادـ دعكل التحكيـ كغالبا ما‬
‫يككف تاريخ استالـ سكرتارية مركز التحكيـ البحرم المؤسسي لطمب التحكيـ‪ .‬أما بالنسبة لمتحكيـ البحرم‬
‫الحر فتبدأ دعكل التحكيـ البحرم الحر عف طريؽ إرساؿ طمب التحكيـ أك إخطار التحكيـ إلى لمدعى‬
‫عميو كحيث يعد تاريخ استالـ األخير لو ىك تاريخ بدء إجراء التحكيـ كىك اإلجراء القاطع لتقادـ دعكل‬
‫التحكيـ‪.2‬‬

‫‪ -1‬محمد عبد الفتاح ترؾ‪ ،‬التحكيـ البحرم النطاؽ الشخصي التفاؽ التحكيـ في عقد النقؿ البحرم‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية ‪ ،2005‬ص ‪.412‬‬
‫‪ -2‬صداـ كحمة‪ ،‬التحكيـ الدكلي في منازعات التجارة البحرم‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬تخصص عالقات دكلية خاصة‪ ،‬كمية‬
‫الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬كرقمة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016/2015‬ص ‪.42‬‬

‫‪50‬‬
‫كيجب أف يككف لمتحكيـ مكاف يصدر فيو نظ ار ألىميتو في تحديد جنسية حكـ التحكيـ البحرم‬
‫الصادر كأنو يشكؿ عامال ميما في تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ عمى مكضكع النزاع‪ ،‬كيككف مكاف‬
‫‪ .1‬كقد يتفؽ‬ ‫التحكيـ في العادة ىك مكاف اتخاذ اإلجراءات التحكيمية مع إمكانية تغييره باتفاؽ األطراؼ‬
‫عميو األطراؼ في مشارطة التحكيـ‪ ،‬إال أف بعض مراكز التحكيـ البحرم تفرض أف يككف مكاف التحكيـ‬
‫أما في حالة عدـ اتفاؽ األطراؼ عمى مكاف‬
‫ىك مقرىا فال يككف لألطراؼ حرية اختيار مكاف التحكيـ‪ّ .‬‬
‫التحكيـ يككف لمحكمة التحكيـ دكر في تحديده ‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬سير اإلجراءات‬

‫بعد تحديد اإلجراءات التي يتكجب عمى المحكميف تطبيقيا‪ ،‬تعقد ىيئة التحكيـ جمسات المرافعة‬
‫كتعمف بيا الخصكـ بشكؿ صحيح كقبؿ فترة مناسبة‪ .‬ثـ تطمع عمى عقد التحكيـ كعمى المسائؿ المحددة‬
‫لمنزاع ثـ تطمب مف الخصكـ تقديـ ما لدييـ مف مستندات كلكائح ليشرحكا فييا طمباتيـ كأدلتيـ كليا أف‬
‫تحدد فترة معينة لكؿ خصـ لتقديـ مستندات كأكجو دفاعو فإذا تخمؼ عف ذلؾ جاز لمييئة الحكـ بناءا عمى‬
‫الطمبات كالمستندات المقدمة مف جانب كاحد ‪.3‬‬

‫كتحكـ إجراءات التحكيـ البحرم بعض المبادئ المستقرة منيا‪:‬‬

‫‪ -‬حرية األطراؼ في االتفاؽ عمى القكاعد التي تحكـ إجراءات التحكيـ سكاء أكاف التحكيـ مؤسسيا أك‬
‫ح ار‪.‬‬
‫‪ -‬حرية ىيئة التحكيـ البحرم في اختيار القكاعد الخاصة بإجراءات التحكيـ في حالة عدـ اتفاؽ‬
‫األطراؼ عمييا‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة التعاكف بيف ىيئة التحكيـ كالمحاكـ القضائية كذلؾ فيما ال تستطيع ىيئة التحكيـ تنفيذه مف‬
‫اتخاذ اإلجراءات التحفظية كالحجز التحفظي عمى سفينة أك عمى إحضار شاىد‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Van Den Berg , étude comparative du droit de l’Arbitrage commercial dans de common‬‬
‫‪low, thése, Aix, 1977, p 75.‬‬
‫‪ -2‬راجع‪ :‬سيدم معمر دليمة ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ -3‬عمي طاىر البياتي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ -4‬صداـ كحمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪51‬‬
‫ثالثا‪ :‬نياية إجراءات التحكيم‬

‫بعد أف تستمع الييئة لدفكع الطرفيف كمطالبيـ كتستنفذ اإلجراءات الكاجب تطبيقيا عمى النزاع‪ ،‬تتـ‬
‫مناقشتيا لمكصكؿ إلى رأم متفؽ عميو أك بأغمبية األصكات حكؿ مكضكع النزاع كبعد االنتياء مف‬
‫المناقشات كالمراجعات مف قبؿ المحكميف يصدر حكميـ‪ .1‬كيككف ذلؾ في الغالب بمكجب محضر مسجؿ‬
‫ما لـ يتفؽ األطراؼ عمى غير ذلؾ‪ .‬كال يككف لألطراؼ عالقة بالقضية بعد ذلؾ‪ ،‬كال يمكنيـ اإلطالع‬
‫عمى الممؼ أك تقديـ دفكع جديدة أك طمبات عارضة كال أدلة أك كثائؽ أخرل إضافية‪.‬إال أنو عند كجكد‬
‫سبب مبرر كمعقكؿ يجكز لمحكمة التحكيـ قبؿ إصدار الحكـ أف تعيد فتح اإلجراءات بعد إغالقيا في أم‬
‫كقت سكاء مف تمقاء نفسيا أك بطمب مف أحد األطراؼ‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعيين القانون الواجب التطبيق‬

‫يخضع مكضكع تحديد القكاعد القانكنية الكاجبة التطبيؽ عمى النزاع البحرم إلى اختيار األطراؼ‬
‫في التحكيـ الحر‪ ،‬أك إلى محكمة التحكيـ البحرم في التحكيـ المؤسسي‪ .‬حيث يتمتع أطراؼ المنازعات‬
‫البحرية بحربة تامة في تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ عمى النزاع‪ ،‬كذلؾ في اتفاؽ التحكيـ المبرـ بينيـ‪.‬‬
‫كتقر التشريعات األكلكية إلرادة األطراؼ المتعاقدة الصريحة أك الضمنية الختيار القانكف طالما ال ينطكم‬
‫ذلؾ عمى مخالفة لمقكاعد اآلمرة كالمتعمقة بالنظاـ العاـ في الدكلة المعنية‪ .‬كتمتزـ ىيئة التحكيـ بتطبيؽ‬
‫القانكف الذم اتفؽ عميو األطراؼ عمى كجكب تطبيقو عمى مكضكع النزاع صراحة‪.3‬‬

‫أما إذا لـ يحدد األطراؼ القانكف الكاجب التطبيؽ عمى مكضكع النزاع سكاء بشكؿ صريح أك‬
‫ّ‬
‫ضمني‪ ،‬فإنو يقع عمى المحكـ أف يتصدل ليذه المشكمة حيث يتمتع بسمطة تقديرية كاسعة في ىذا‬
‫الصدد‪.4‬‬

‫‪ -1‬أفراح عبد الكريـ خميؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.161‬‬


‫‪ -2‬سيدم معمر دليمة ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ -3‬عمر مشيكر حديثة الجازم‪ ،‬التحكيـ في المنازعات البحرية‪ ،‬محاضرة ألقيت في مقر نقابة ككالء المالحة البحرية‬
‫بتاريخ ‪ ،2002/10/08‬منشكرة في ‪ ،www.jcdr.com‬ص ‪.09‬‬
‫‪ -4‬أشرؼ عبد العميـ الرفاعي‪ ،‬القانكف الكاجب التطبيؽ عمى مكضكع التحكيـ كالنظاـ العاـ في العالقات الخاصة الدكلية‪،‬‬
‫ط ‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2003‬ص ‪.04‬‬

‫‪52‬‬
‫فتتكلى ىيئة التحكيـ ميمة تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ عند غياب قانكف اإلرادة أك بعبارة أخرل‬
‫عند عدـ االتفاؽ بيف األطراؼ عمى تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ أك عند تفكيضيا لمقياـ بذلؾ مف قبؿ‬
‫أطراؼ النزاع كاتفاقيـ عمى ذلؾ‪.1‬‬

‫كتتمتع ىيئة التحكيـ بكامؿ الحرية في كضع القكاعد القانكنية التي تحكـ المنازعة البحرية‬
‫المعركضة أماميا لمفصؿ فييا‪ ،‬كىي بمناسبة ممارستيا ليذه الميمة قد تستعيف بتطبيؽ قانكف كطني أك‬
‫اتفاقيات دكلية متعمقة بالتحكيـ أك لكائح التحكيـ البحرم أك أعراؼ بحرية‪ ،‬فيي حرة في اختيار القانكف‬
‫الذم تراه مالئما لحؿ النزاع‪.2‬‬

‫‪ -1‬خالد ابراىيـ التالحمة‪ ،‬القانكف الكاجب التطبيؽ عمى إجراءات التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار جيينة‪ ،‬عماف ‪،2006‬‬
‫ص ‪.37‬‬
‫‪ -2‬سيدم معمر دليمة ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪53‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫آثار دعوى التصادم‬

‫إف دعكل التصادـ كغيرىا مف الدعاكل تنتج آثا ار بعد رفعيا‪ ،‬كتخضع كذلؾ لمتقادـ لذا كاف لزاما‬
‫عمينا التطرؽ ليذا‪ .‬أما بالنسبة لمتعكيضات فيي كأثر الحؽ بعد صدكر حكـ فاصؿ في الدعكل كىي‬
‫السبب في رفع الدعكل حيث يسعى الطرؼ المتضرر لمحصكؿ عمى تعكيض عما أصابو مف‬
‫ضرر‪ .‬كسنتعرض لمتقادـ في المطمب األكؿ كسنخصص المطمب الثاني لمتعكيضات‪.‬‬

‫المطمب األول‪ :‬تقادم دعوى التصادم‬


‫‪1‬‬
‫عمى إجراءات خاصة يجب عمى المدعي في دعكل‬ ‫لقد كانت تنص بعض القكانيف البحرية‬
‫التصادـ إتباعيا عند إقامة الدعكل‪ ،‬كاال كانت الدعكل معرضة لمدفع بعدـ القبكؿ‪ ،‬كما أخضعت دعكل‬
‫التصادـ إلى تقادـ قصير فإذا لـ ترفع الدعكل خالؿ مدة معينة فإنيا تسقط بالتقادـ‪ .‬حيث اشترطت‬
‫كجكب إتباع شكميات خاصة عند إقامة الدعكل‪ ،‬كبعد االنتياء منيا البد مف رفع الدعكل خالؿ مدة معينة‬
‫كاال كانت الدعكل معرضة لمدفع بعدـ القبكؿ‪.‬‬

‫لكف ىذه الشكميات كانت تؤدم لضياع الكثير مف الحقكؽ لذا فإف معظـ القكانيف العربية بعد‬
‫صدكر اتفاقية برككسؿ لـ تأخذ بالدفع بعدـ القبكؿ ‪ . 2‬حيث نصت المعاىدة في مادتيا السادسة عمى‬
‫اآلتي‪ '' :‬ال يشترط لدعكل المطالبة بالتعكيض عف الخسائر الناتجة عف المصادمات البحرية عمؿ‬
‫بركتستك أك عمؿ أم إجراء خاص آخر''‪.3‬‬

‫فمـ تشترط االتفاقية إلقامة دعكل المطالبة بالتعكيض عف الخسارات الناشئة عف التصادـ البحرم‬
‫عمؿ بركتستك أك اتخاذ أم إجراء خاص آخر‪ .‬كبذلؾ ألغت الدفع بعدـ القبكؿ المبني عمى كجكب اتخاذ‬
‫أف االتفاقية بعد أف ألغت الدفع بعدـ القبكؿ المبني عمى كجكب اتخاذ‬
‫شكميات معينة في كقت محدد‪ ،‬ك ّ‬

‫‪ -1‬مف بيف ىذه القكانيف القانكف الفرنسي‪ ،‬المبناني كالمصرم‪.‬‬


‫‪ -2‬راجع‪ :‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 310‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 06‬مف معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬المتعمقة بالمصادمات البحرية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫فقررت تقادما قصي ار تنقضي بو دعكل التصادـ ‪ ،1‬فنصت المادة السابعة منيا عمى ما‬
‫شكميات معينة‪ّ ،‬‬
‫يمي‪ '' :‬تسقط دعكل المطالبة بالتعكيضات بعد مضي سنتيف مف تاريخ الحادث''‪.‬‬

‫كالمدة المحددة لرفع دعكل المطالبة بالفرؽ المقرر في الفقرة الثالثة مف المادة الرابعة ىي سنة‬
‫كاحدة‪ ،‬كال تسرم ىذه المدة إال مف يكـ الدفع‪.‬‬

‫كأسباب إيقاؼ كانقطاع ىذه المدة المحددة لسقكط الدعكل يقررىا قانكف المحكمة التي ترفع أماميا‬
‫الدعكل''‪.2‬‬

‫‪ 289‬مف‬ ‫كنجد أف المشرع الجزائرم قد ساير ما نصت عميو معاىدة برككسؿ حيث تنص المادة‬
‫القانكف البحرم الجزائرم عمى‪ '' :‬تتقادـ دعاكل التعكيض عف األضرار بمضي عاميف إبتداءا مف تاريخ‬
‫كقكع الحادث‪.‬‬

‫إف األجؿ المحدد لرفع دعكل الرجكع المنصكص عمييا في المادة ‪ 280‬أعاله ىك سنة كاحدة كال‬
‫يسرم ىذا التقادـ إال مف يكـ الدفع''‪.3‬‬

‫لقد حددت المادة السابعة مف اتفاقية برككسؿ عمى مدة تقادـ دعكل المطالبة بالتعكيضات عمى‬
‫األضرار الناجمة عف التصادـ كحددتيا بسنتيف مف تاريخ الحادث‪ ،‬كيشمؿ ىذا التقادـ القصير جميع‬
‫دعاكل التعكيض الناشئة عف التصادـ البحرم كىي‪:‬‬

‫‪ -‬أضرار التصادـ البحرم‬


‫‪ -‬األضرار التي تصيب البضائع عمى السفينة كاألضرار الجسدية التي تصيب األفراد‪.‬‬
‫‪ -‬دعاكل أضرار التصادـ البحرم الالحقة بالسفف التجارية‪ ،‬كسفف النزىة كسفف الصيد‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمسفف الحربية كسفف الدكلة المخصصة لخدمة عامة فإف دعاكل التعكيض بالنسبة ليا‬
‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫تخضع ألحكاـ القكاعد العامة المقررة في القانكف المدني‪.‬‬

‫‪ -1‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك أرشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 07‬مف معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬الخاصة بالمصادمات البحرية‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 289‬مف القانكف البحرم الجزائرم‪.‬‬
‫‪ -4‬حسف حرب المصاصمة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪55‬‬
‫أما في دعاكل الرجكع فحددتيا بمدة سنة كاحدة مف يكـ الدفع‪.‬كدعكل الرجكع أك دعكل المطالبة‬
‫ّ‬
‫بالفرؽ ىي الدعكل التي ترفعيا إحدل السفينتيف عمى األخرل في حالة المسؤكلية التضامنية عف األضرار‬
‫‪1‬‬
‫ففي حالة كقكع تصادـ بخطأ مشترؾ بيف السفينتيف‬ ‫الجسيمة كالمكت كالجركح الناتجة عف التصادـ‪.‬‬
‫المتصادمتيف كينتج عنيا أضرار جسيمة فإف قاـ مجيز أحد السفينتيف بالكفاء بالتعكيضات لممصابيف‬
‫جراء التصادـ أك كرثتيـ‪ .‬فإنو يعكد عمى المجيز اآلخر كيطالبو بنصيبو مف التعكيضات كتسرم أجاؿ‬
‫تقادـ الدعكل مف يكـ الكفاء‪.‬‬
‫كالمالحظ أف المادة نصت في فقرتيا الثالثة عمى أف الدعكل تخضع ألسباب االنقطاع كالكقؼ التي‬
‫يقررىا قانكف المحكمة التي رفعت الدعكل أماميا كلـ تحدد بذلؾ تمؾ األسباب تاركة تحديدىا لقانكف‬
‫المحكمة‪.‬‬
‫كىذا يعني أف المعاىدة كضعت بخالؼ األصؿ قاعدة إسناد خاصة بكقؼ كانقطاع مدة التقادـ‬
‫ضابط اإلسناد فييا ىك قانكف القاضي‪ .‬كيتفؽ الجميع عمى أف اإلحالة إلى قانكف القاضي ىنا ال يقصد‬
‫بيا مجرد استبعاد أحكاـ المعاىدة كعدـ انطباقيا مما يعني إمكانية الرجكع إلى قكاعد اإلسناد في دكلة‬
‫القاضي لمبحث عف القانكف الكاجب التطبيؽ‪ ،‬كانما المقصكد بيذه الفقرة ىك تطبيؽ األحكاـ المكضكعية‬
‫المقررة كالسارية المفعكؿ في دكلة القاضي كىك ما يعني تطبيؽ القكاعد المكضكعية المقررة في قانكف‬
‫الدكلة المرفكع أماميا النزاع فيما يخص أسباب كقؼ التقادـ كانقطاعو‪.2‬‬
‫كىكذا تككف معاىدة برككسؿ قد كضعت حدا لجدؿ فقيي كقضائي حكؿ تكييؼ التصادـ كمدل‬
‫اعتباره مسألة مكضكعية أك إجرائية حيث كانت المحاكـ في انجمت ار كالكاليات المتحدة األمريكية تميؿ إلى‬
‫الحؿ الثاني ككاف الفقو المؤيد لذلؾ يبرر ىذا المسمؾ عف طريؽ قكلو بكجكد تفرقة بيف الحؽ كنفاذه أك‬
‫حمايتو‪ ،‬كأف التقادـ ينصب عمى النفاذ أك الحماية في حيف كاف يميؿ القضاء الفرنسي يؤيده في ذلؾ‬
‫بعض الشراح إلى اعتبار التقادـ مف مسائؿ المكضكع المرتبطة بالحؽ مما يعني خضكعو لمقانكف الذم‬
‫يحكـ المسؤكلية التقصيرية‪ .‬ككاف عمى كاضعي معاىدة برككسؿ اعتماد أحد االتجاىيف فكقع اإلختيار‬
‫عمى ما ىك متبع في النظاـ األنجمكسكسكني كاعتبار كقؼ كانقطاع مدة التصادـ مف المسائؿ اإلجرائية‬
‫التي تخضع لقانكف القاضي‪.3‬‬

‫‪ -1‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪ -2‬راجع‪ :‬ىشاـ عمي صادؽ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 117‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪ -3‬بف عصماف جماؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.220‬‬

‫‪56‬‬
‫المطمب الثاني‪ :‬التعويض عن الضرر‬
‫عندما تثبت مسؤكلية المدعى عميو في دعكة التصادـ البحرم يحكـ عميو بالتعكيض كذلؾ ألف‬
‫القكاعد القانكنية تقضي ب أف كؿ خطأ مسبب ضرر لمغير يمزـ مف ارتكبو بالتعكيض‪ ،‬كتعتبر مسألة‬
‫الغرض مف رفعيا حصكؿ‬ ‫اؿتعكيض عف الضرر ذات أىمية كبيرة في دعكل التصادـ المدنية‪ ،‬ألف‬
‫المتضرر عمى تعكيض عما أصابو‪ ،‬كسكؼ نتطرؽ إؿل مسألة التعكيضات في ثالث فركع‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬تقدير التعكيض‬
‫الثاني‪ :‬امتياز التعكيض‬
‫الثالث‪ :‬مدل المسؤكلية عف التعكيض‬

‫الفرع األول ‪ :‬تقدير التعويض‬


‫إف تقدير التعكيض في حكادث التصادـ البحرم يخضع لقكاعد التعكيض في المسؤكلية التقصيرية‬
‫كأف الضرر الذم يككف عمى المخطئ تعكيضو يشمؿ الضرر المتكقع كغير المتكقع عمى أف يككف مباش ار‬
‫ك يعتبر الضرر مباش ار إذا كاف نتيجة لخطأ المسؤكؿ‪.1‬‬
‫لـ تتناكؿ معاىدة التصادـ لسنة ‪ 1910‬بياف طريقة تقدير التعكيض كما خمت نصكص القانكف‬
‫البحرم شأنو شأف غيره مف التشريعات البحرية مف أية نصكص تتعمؽ بعناصر أك طريقة تقدير التعكيض‬
‫‪ 124‬إلى‬ ‫كعميو فإنو يتعيف الرجكع إلى القكاعد العامة الكاردة في القانكف المدني الجزائرم في المكاد مف‬
‫‪.133‬‬
‫كقد حدد المشرع في ىذه المكاد العناصر التي يجب أف يضعيا القاضي في اعتباره عند تقدير‬
‫التعكيض كىي عناصر مف شأنيا أف تؤدم إلى التعكيض الكامؿ الذم يجبر كؿ الضرر الذم لحؽ بو‬
‫المضركر‪.2‬‬
‫كالقاعدة في التعكيض القضائي ىي التعكيض الكامؿ الذم يشمؿ الضرر المباشر كما لحؽ‬
‫أف تحديد التعكيض عمى ىذا النحك قد ال يتفؽ كالعدالة‪،‬‬
‫المضركر مف خسارة كما فاتو مف كسب‪ ،‬إال ّ‬
‫كلذلؾ أقر المشرع قاعدة ىامة مف ىذا الشأف تؤيد فكرة عدالة التعكيض‪ ،‬كىي قصر مسؤكلية المديف‬
‫العقدية في حالة الخطأ اليسير عمى تعكيض الضرر الذم يمكف تكقعو كقت التعاقد ‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬ا لمرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪ -2‬أحمد حسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ىاني دكيدار‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.360‬‬

‫‪57‬‬
‫أما في المسؤكلية التقصيرية كالتي ينشأ عنيا التصادـ عادة فإف قاعدة‬
‫ىذا في المسؤكلية العقدية ّ‬
‫عدالة التعكيض تتمثؿ ليس في المسئكلية عف الضرر المتكقع كحده إنما في االعتداد بعدـ صيانة الخطأ‬
‫الكبير لتحقيؽ التعكيض‪.1‬‬
‫فنسأؿ المتسبب في حصكؿ التصادـ فقط عف األضرار المباشرة أما األضرار غير المباشرة فال‬
‫نسأؿ عنيا كذلؾ إلنقطاع رابطة السببية بيف الخطأ كالضرر‪.2‬‬
‫ففي قضية السفينة ( ‪ )THE FRITZ THYSSEN‬التي عرضت عمى القضاء اإلنجميزم‪،‬‬
‫)‪(MITERA MARIGO‬‬ ‫كتتخمص كقائعيا بأف السفينة المذككرة قد اصطدمت بخطأ منيا مع السفينة‬
‫كأصيبت السفينة األخيرة بأضرار في المنطقة السفمى مف ىيكميا مما أدل إلى تسرب الماء في داخميا‬
‫كقد رفض قائدىا المساعدة التي قدميا لو السفينة الصادمة (‪ )THE FRITZ THYSSEN‬ككذلؾ رفض‬
‫المساعدة التي قدمتيا لو سفينة اإلنقاذ (‪ ) ENGLISHMA‬لحسب كمية الماء التي في داخميا ككاصمت‬
‫السفينة (‪ )MITERA MARIGO‬رحمتيا إلى ميناء ركترداـ ك لكنيا غيرت طريقيا إلى ميناء فالمكث‬
‫ألف كمية الماء التي تسربت إلى حكضيا قد ازدادت ك في ميناء فالمكت سحبت بكاسطة سفف القطر‬
‫(‪ )ENGLISHAMAN‬بسحب‬ ‫التابعة إلى الميناء حيث ربطت بإحدل المراسي كقامت سفينة اإلنقاذ‬
‫كمية الماء التي بداخميا كلكف دكف جدكل فتـ سحبيا مف المرساة إلى الرصيؼ حيث غرقت بعد ذلؾ‪.‬‬
‫فأقاـ مالكك السفينة الغارقة الدعكل عمى سفينة (‪ )FRITZ THYSSEN‬لممطالبة بتعكيض عف األضرار‬
‫التي لحقت بيـ مف جراء غرؽ سفينتيـ فحكمت محكمة االستئناؼ البريطانية بعدـ مسؤكلية السفينة‬
‫الصادمة (‪ )FRITZ THYSSEN‬عف غرؽ السفينة (‪ )MITERA MARIGO‬كذلؾ ألف ىذا الغرؽ لـ‬
‫يكف نتيجة مباشرة لمتصادـ كأنو حصؿ بسبب رفض رباف السفينة لممساعدة التي قدمتيا لو سفينة اإلنقاذ‬
‫(‪.3(ENGLISHMAN‬‬
‫كـ ّما سبؽ نستنتج مف ىذه القضية أف األضرار المباشرة ىي كحدىا القابمة لإلصالح‪ ،‬كما أف‬
‫التعكيض يشمؿ الخسارة الحاممة كالكسب الفائت‪.‬‬
‫كما يمكف كذلؾ تقدير األضرار في حالة اليالؾ الكمي لمسفينة كحتى يككف التعكيض عادال يجب‬
‫عمى القاضي أف يتدخؿ في حساب القيمة الحقيقية لمسفينة اليالكة كقت التصادـ‪ ،‬فيدخؿ في الحساب عمى‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ىاني دكيدار‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أحمد حسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.322‬‬

‫‪58‬‬
‫سبيؿ المثاؿ التجييز الفاخر إلحدل اليخكت‪ ،‬فعندما تفقد سفينة بسبب خطأ السفينة المخطئة كحدىا فاف‬
‫‪ RESTITUTION IN TEGRUM‬كيعني‬ ‫مالؾ السفينة المصدكمة يككف ليـ الحؽ فيما يطمؽ عميو‬
‫أنيـ سيحصمكف عمى مبمغ مف الماؿ يجعميـ في نفس المكقؼ كما ىك أف الخسارة لـ تحصؿ ليـ‪،‬‬
‫كالتعكيض الذم يغطي ذلؾ ىك القيمة الحقيقة لمسفينة المفقكدة في مكاف كزماف الخسارة كىذا ىك القياس‬
‫الحقيقي لمضرر‪.1‬‬
‫أما السفينة المستعممة فيجب أف ينقص مف‬
‫كمنو فإف السفينة الجديدة يجب أف تقدر بثمف شرائيا ّ‬
‫ثمنيا تبعا إلستعماليا إال أنو قد يحصؿ العكس في حالة إرتفاع األسعار كال يعكؿ عمى القيمة التي أمف‬
‫عمى السفينة بيا إذ أنيا ليست إال مؤش ار فحسب‪ .‬إال أنو قد يككف مف المستحيؿ معرفة ثمف السكؽ لمسفينة‬
‫التي تغرؽ في حادث تصادـ ‪ ,‬كفي ىذه الحالة ذىب القضاء االنجميزم إلى أف معيار التعكيض يككف‬
‫بقيمتيا بالنسبة لمالكيا كمشركع تجارم يسرم عمى كجو مرضي‪.2‬‬
‫كالتعكيض العادؿ لصاحب السفينة يجب أف يتضمف باإلضافة إلى قيمة السفينة ما فاتو مف كسب‬
‫بفقده سفينتو‪ ،‬كىذا الحؿ مأخكذ بو في كافة التشريعات األجنبية‪.‬‬
‫كقد حكـ القضاء االنجميزم بأف عندما تككف سفينة مستأجرة خسارة كمية في حادث تصادـ ؼ إف‬
‫تقدير التعكيض يككف بقيمتيا كقت الخسارة باإلضافة إلى مبمغ األجرة أك األرباح في نياية الرحمة تحدد‬
‫بناء عمى مشاركة اإليجار السارم مع مراعاة اإلنقاص الخاص بالحكادث الطارئة كالقدـ كالبمى ‪.‬‬
‫ككذالؾ يشمؿ تعكيض التمفيات الخسارة الكاقعة التي تتمثؿ أساسا في قيمة التعكيضات التي يجب‬
‫أف يعرض ليا عندما يككف ممزما بتعكيضيا إلعادة سفينة إلى الحالة التي كانت عمييا قبؿ الخسارة أك‬
‫الضرر ّإال أنو لمكصكؿ إلى القيمة الحقيقية لمضرر قد يحصؿ أحياننا إنقاص في ىذه القيمة أك زيادتيا‬
‫أحياننا أخرل أك إضافة عناصر أخرل‪.‬‬
‫فيككف ىناؾ ضركرة لإلنقاص عندما تككف ىذه التعكيضات ستضيؼ إلى السفينة قيمة أكبر مما‬
‫كاف ليا قبؿ الحادث كىذا ما يحصؿ كثي ار بالنسبة لمسفف القديمة ك خاصة تمؾ التي ال تحضى بعمميات‬
‫صيانة دكرية كالتي ييمؿ في صيانتيا كعمى العكس يككف ىناؾ مجاال لمزيادة عندما تككف السفينة عمى‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مصطفى كماؿ طو‪ ،‬التكحيد الدكلي لمقانكف البحرم‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2007‬ص ‪.235‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أحمد حسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪209‬‬

‫‪59‬‬
‫الرغـ مف اإلصالحات قد انخفضت قيمتيا في السكؽ ك يشمؿ التعكيض أيضا الكسب الفائت‪ ،‬كىذا‬
‫الكسب يتككف مف عنصريف يمكف أف يجتمعا سكيا ك عميو فيجب أف نراعي عدـ احتساب الضرر مرتيف‪.1‬‬
‫‪ - 1‬العنصر األكؿ لمكسب الفائت ىك تعطؿ السفينة كيطمؽ عميو التعكيض المقابؿ ليذا التعطؿ‬
‫تعكيض البطالة كىك يقابؿ المكاسب التي كاف في إمكاف المجيز إف يحققيا‪ ،‬إذا لـ تكف سفينتو قد بقيت‬
‫معطمة نتيجة الحادث ‪ ،‬كبالنسبة لمسفف التجارية ‪ ،‬كسفف الصيد فإف الضرر مؤكد كمبدأ تعكيضو ليس‬
‫محؿ خالؼ كانما الصعب ىك طريقة حسابو‪.‬‬
‫‪ - 2‬كالعنصر الثاني لمكسب الفائت ىك فقد أجرة النقؿ عندما يككف التصادـ قد أدل إلى قطع رحمة‬
‫السفينة مما ترتب عميو فسخ عقد النقؿ كرد أجرة النقؿ كىك ضرر يستحؽ عنو المجيز تعكيضا عمى أف‬
‫يؤخذ في االعتبار أجرة النقؿ الصافية‪.2‬‬
‫كيقدر القاضي مدل التعكيض عف الضرر الذم لحؽ المتضرر بشرط أف يككف الضرر نتيجة‬
‫طبيعية كمباشرة لمتصادـ ‪ ،‬كيشمؿ التعكيض ما لحؽ المتضرر مف خسارة ؼ إ ف ىمكت السفينة كجب دفع‬
‫قيمتيا كقت التصادـ‪ ،‬كاذا تمفت كجب دفع قيمة اإلصالحات التي أجريت‪ ،‬كما يشمؿ التعكيض ما فات‬
‫المتضرر مف كسب كأجرة النقؿ الخاصة بالرحمة التي حدث التصادـ خالليا‪ ،‬كالربح الذم ضاع عميو‬
‫بسبب تعطؿ السفينة أثناء المالحة‪.3‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬امتياز التعويض‬


‫إف فكرة تقرير امتياز التعكيضات المستحقة عف حكادث التصادـ البحرم عمى السفينة التي أحدثت‬
‫الضرر‪ ،‬تعتبر غريبة عمى التشريعات األجنبية ك القكانيف المقتبسة مف تمؾ التشريعات كقانكف التجارة‬
‫البحرية‪ ،‬ففي ىذه القكانيف ال يككف لممضركر حؽ امتياز عمى الشيء مصدر الضرر ألف االمتياز صفة‬
‫في الديف ذاتو كيعتبر صفاتو قانكنية لمدائف الذم لـ يحصؿ عمى ضماف اتفاقي تسيي ار لإلئتماف‪ ،‬أما‬
‫النظرية األنجمكسكسكنية فإنيا تعطي لممضركر حؽ امتياز عمى شيء الذم نشأ عنو الضرر نظ ار لمرابطة‬
‫بيف الشيء ك الديف‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أحمد حسني‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 285‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محمكد سمير الشرقاكم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.595‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬محمكد شحماط‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ -4‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك أرشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.329‬‬

‫‪60‬‬
‫فمـ يعطي قانكف التجارة الفرنسي لسنة ‪ 1807‬في البداية بدكف امتياز التعكيضات إلى أف أبرمت‬
‫اتفاقية برككسؿ الخاصة باالمتيازات كالرىكف البحرية في ‪ 10‬نيساف ‪ 1926‬الذم عدؿ المكاد ‪ 190‬كما‬
‫بعدىا مف قانكف التجارة الفرنسي‪ ،‬كأصبحت التعكيضات مستحقة عف التصادـ البحرم تتمتع باإلمتياز‪.‬‬
‫كما قسمت ىذه االتفاقية االمتيازات إلى طائفتيف‪ ،‬األكلى كتسمى امتيازات الطبقة األكلى أك‬
‫أما‬
‫االمتيازات الدكلية التي تتقدـ عف الرىف البحرم كىي خمسة‪ ،‬كال يحؽ لمتشريعات الكطنية أف تعدؿ فييا ّ‬
‫الطائفة الثانية فيي امتيازات الطبقة الثانية أك ما يسمى باالمتيازات الداخمية حيث تركت لمتشريعات‬
‫الكطنية الحرية في تحديدىا بشرط أف تأتي في المرتبة بعد الرىف البحرم كقد تأثرت ىذه اإلتفاقية في ما‬
‫يتعمؽ بتحديد اإلمتيازات الدكلية بالنظرية األنجمكسكسكنية التي تقضي بعدـ منح اإلمتيازات لمديكف‬
‫التعاقدية ألف أصحابيا يمكنيـ الحصكؿ عمى الرىف البحرم ضمانا لدييـ كانما تعطي االمتيازات أصال‬
‫لمديكف غير التعاقدية كتعكيض التصادـ‪ ،‬حيث ال يمكف اشتراط ضماف اتفاقي خاص كقت نشأتيا كقد‬
‫ألغيت اتفاقية ‪ 1926‬كحمت محميا اتفاقية أخرل أبرمت في برككسؿ في ‪ 27‬أيار ‪.1 1967‬‬
‫أما بالنسبة لممشرع الجزائرم إؼنو يقرر امتيا از عمى السفينة لضماف تعكيضات مستحقة عف التصادـ‬
‫الذم كقع بخطئيا ‪ ،‬كىذا الحكـ مستمد مف المعاىدة الدكلية الخاصة باالمتيازات كالرىكف البحرية في‬
‫مادتيا الثانية بقكليا ‪'' :‬تعتبر ممتازة بالنسبة لمسفينة كأجرة الرحمة التي نشأ خالليا الديف الممتاز كتكابع‬
‫السفينة كاألجرة المستحقة منذ بدأ الرحمة‪ :‬التعكيضات المترتبة عمى التصادـ كسائر حكادث المالحة كعف‬
‫األضرار التي تصيب المنشات الفنية في المرافئ كالمكانئ كطرؽ المالحة البحرية‪ ،‬كالتعكيضات عف‬
‫الجراح الجسدية المسببة لمركاب كالرباف كالتعكيضات عف فقداف البضاعة أك األمتعة أك عف األضرار‬
‫التي تمحؽ بيا ‪ ''...‬كقد أخذتو بدكرىا عف التشريع االنجميزم الذم يمنح امتيا از لممتضرر عمى الشيء‬
‫الذم نشأ عنو الضرر نظ ار لرابطة الشيء كالضرر‪.2‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬مدى المسؤولية عن التعويض‬


‫مف المعركؼ أف جميع أمكاؿ المديف تككف الضماف العاـ لمدائميف ‪ ،‬غير أف األمر يختمؼ في‬
‫نطاؽ القانكف البحرم فتعتبر مسئكلية مالؾ السفينة منذ القدـ محددة بالسفينة ذاتيا دكف أف تتعدل إلى بقية‬
‫أمكالو‪ ،‬كسبب كجكد ىذا المبدأ في القانكف البحرم يرجع إلى عدة عكامؿ منيا ما يرجع إلى أصكؿ تاريخية‬
‫حيث كاف في السابؽ يعقد نكع مف شركة التكصية بيف مالؾ السفينة الذم يساىـ فالشركة بالسفينة فقط‬

‫‪ -1‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 330‬كما يمييا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محمكد شحماط‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪61‬‬
‫كيساىـ الشريؾ بمالو ك انتشرت ىذه الشركات في أعماؿ التجارة البحرية إال أنيا زالت بعد ذالؾ كبقيت‬
‫‪1‬‬
‫مسؤكلية مالؾ السفينة محددة‪.‬‬
‫أف مسؤكليتو‬
‫ك يشجع مبدأ تحديد المسؤكلية عمى اإلستثمار البحرم إذ أف مالؾ السفينة مطمئف إلى ّ‬
‫عف األضرار التي تحدثيا سفينتو بالغير تككف محددة بالسفينة كال تشمؿ أمكالو األخرل ‪.‬‬
‫كما أف مسؤكلية المجيز عف أعماؿ الرباف قائمة عمى أساس مسؤكلية المتبكع عف أعماؿ تابعو‬
‫كبالرغـ مف أف الرباف يتمتع بسمطة كاسعة في عممو كيعمؿ بعيدا عنو‪ ،‬كأف األخذ بمبدأ تحديد المسؤكلية‬
‫يخفؼ مف مسؤكلية المجيز عف تصرفات الرباف كاف مبدأ تحديد المسؤكلية يفيد الدائنيف أنفسيـ ألف عالقة‬
‫منا فإذا كاف مبدأ تح ديد‬ ‫المشتغميف بالمالحة البحرية تتشابؾ بحيث يصبح كؿ منيـ مرة دائنا كأخرل مد‬
‫المسؤكلية يضره كدائف فإنو يفيده كمديف ففييا يتعمؽ بتعكيض األضرار الناشئة عف التصادـ البحرم ‪ ،‬فإف‬
‫جميع التشريعات البحرية تقريبا متفقة عمى شمكليا بمبدأ تحديد المسؤكلية إال إذا كاف التصادـ الذم سبب‬
‫ىذه األضرار قد حصؿ بخطأ المجيز نفسو أف يترؾ السفينة تبحر كىي غير صالحة لممالحة أك غير‬
‫مزكدة بطاقـ كافي لتسييرىا‪ ،‬ففي ىذه الحالة يسأؿ المجيز عف األضرار الحاصمة لكافة أمكالو إ ّال أف ىذه‬
‫‪ 216‬مف قانكف‬ ‫التشريعات تختمؼ فيما بينيا حكؿ طريقة تحديد المسؤكلية عف ىذه األضرار فالمادة‬
‫التجارة الفرنسي لسنة ‪ 1807‬تقر مبدأ تحديد المسؤكلية عف األضرار التي تصيب الغير بخطأ مف الرباف‬
‫أك مف البحار‪ ،‬كيسأؿ مالؾ السفينة مسؤكلية شخصية ك مطمقة عف تعكيض األضرار الناشئة عف التصادـ‬
‫البحرم الحاصؿ بخطأ الرباف أك البحارة‪ ،‬كيحؽ لمالؾ السفينة أف يتخمص مف ىذه المسؤكلية بترؾ السفينة‬
‫كاألجرة‪.‬‬
‫كفي قضية (‪ )THE WARKWORHT‬حيث اصطدمت ىذه السفينة بسفينة أخرل بسبب خمؿ‬
‫في محركيا حصؿ بإىماؿ مف بعض تابعي المجيز الذيف يعممكف عمى األرض‪ ،‬كليس بإىماؿ مف الرباف‬
‫أك البحارة فقد حكمت المحكمة بأنو يحؽ لمجيز السفينة المخطئة أف يحدد مسؤكليتو عف األضرار الناشئة‬
‫عف التصادـ بالرغـ مف أف التصادـ لـ يكف قد حصؿ بخطأ مف الرباف أك البحارة‪ ،‬إال أنو ال يحؽ لمجيز‬
‫السفينة أف يطالب بتحديد مسؤكليتو عف األضرار الناتجة عف التصادـ الحاصؿ بخطئو الشخصي ‪ ،‬كما لك‬
‫ترؾ السفينة تبحر كىي في حالة غير صالحة لممالحة كيتـ تحديد مسؤكلية المالؾ في القانكف االنجميزم‬
‫الجزافي يحدد عمى أساس نكع الضرر ك حمكلة السفينة فقد كاف ىذا المبمغ حتى سنة ‪ 1958‬يقدر ب‪15‬‬
‫جنييا عف كؿ طف مف حمكلة السفينة بالنسبة لألضرار البدنية التي تصيب األشخاص‪ ،‬كثمانية جنييات‬

‫‪ -1‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.335‬‬

‫‪62‬‬
‫عف حمكلة كؿ طف مف حمكلة السفينة بالنسبة لألضرار المادية‪ ،‬كبقيت ىذه النسبة معمكؿ بيا في انجمت ار‬
‫إلى أف صدر قانكف التجارة البحرية ‪ 1958‬الذم أدخؿ النسب التي حددتيا اتفاقية برككسؿ المبرمة في‬
‫‪ 10‬تشريف األكؿ ‪ 1957‬الخاصة بتكحيد بعض القكائـ المتعمقة بمسؤكلية مالؾ السفف التي ألغت اتفاقية‬
‫برككسؿ المبرمة في ‪ 1924‬الخاصة بمسؤكلية مالؾ السفف كحمت محميا‪.‬‬
‫‪ 1957‬الحؽ لمالؾ السفينة بأف يحدد‬ ‫فقد أعطت المادة ‪ 1/3‬مف اتفاقية برككسؿ مف سنة‬
‫مسؤكلياتو بمبمغ معيف يحسب عمى أساس حمكلة السفينة الصافية كحسب نكع الضرر كيككف تحديد‬
‫المسؤكلية بالشكؿ التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا نتج عف الحادث أضرار بدنية فقد يككف مبمغ التحديد ‪ 3100‬فرؾ عف كؿ طف مف حمكلة‬
‫السفينة الصافية ‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا نتج عف الحادث أضرار مادية فقد يككف مبمغ التحديد ‪ 1000‬فرؾ عف كؿ طف مف حمكلة‬
‫السفينة الصافية‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا نتج عف الحادث أضرار مادية كأضرار بدنية معا يككف مبمغ التحديد ‪ 3100‬فرؾ عف كؿ‬
‫طف مف حمكلة السفينة الصافية‪ ،‬كيقسـ ىذا المبمغ إلى قسميف‪ ،‬القسـ األكؿ قدره ‪ 2100‬فرؾ عف كؿ طف‬
‫‪1000‬‬ ‫مف حمكلة السفف الصافية كيخصص لتسديد الديكف الناتجة عف األضرار البدنية‪ ،‬كالقسـ الثاني‬
‫فرؾ عف كؿ طف مف حمكلة السفينة الصافية يخصص لتسديد الديكف الناتجة عف األضرار المادية‪ ،‬كاذا‬
‫كانت مبالغ القسـ األكؿ ال تكفي لتسديد جميع الديكف الناتجة عف األضرار البدنية فتضاؼ النسبة الباقية‬
‫بدكف تسديد إلى الديكف الناتجة عف أضرار مادية لتناؿ حصة مف الكمية المخصصة لألضرار المادية‬
‫بنسبة قيمتيا‪.1‬‬
‫كقد نصت المادة ‪ 2/3‬مف االتفاقية بأف التكزيع بيف الدائنيف يككف بنسبة القيمة المقررة لكؿ منيـ ‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 5/3‬مف االتفاقية بأنو إذا كانت حمكلة السفينة تقؿ عف ‪ 300‬طف فإنيا تعتبر في حكـ‬
‫السفينة التي تبمغ حمكلتيا ‪ 300‬طف‪.‬‬
‫كيقصد بالفرنؾ في ىذه اإلتفاقية الفرنؾ الذىبي ( الفرنؾ الفرنسي ) الذم يشمؿ عمى ‪ 65.5‬ممغ‬
‫كىك عبارة عف ‪ 900‬ألؼ مف الذىب الخالص ك يتـ تحكيؿ المبمغ المحدد إلى العممة بالقياس إلى الفرنؾ‬
‫الذىبي في التاريخ الذم يقكـ مالؾ السفينة بإيداع مبمغ التحديد أك تقديـ ضماف معادؿ كما جاء في المادة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.340‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ 6/3‬مف االتفاقية أك السبب في اتخاذ الفرنؾ الذىبي أساسا في تقدير ىك لغرض تكحيد ىذا األساس في‬
‫كافة الدكؿ بتالفي مشاكؿ تقمبات العممة‪.1‬‬
‫كمما تـ مالحظتو أف تحديد المسؤكلية في ىذه االتفاقية يشمؿ مجمكع الديكف الناشئة عف كؿ‬
‫ّ‬
‫حادث عمى حدل كبغض النظر عف الديكف الناشئة أك التي ستنشأ عف حادث آخر‪ .‬أم أف تحديد‬
‫المسؤكلية يتجدد مع كؿ حادث‪ .‬فمك تكررت الحكادث يجب عمى المالؾ أف يدفع مبمغ التحديد عف كؿ‬
‫حادث مف تمؾ الحكادث كبصرؼ النظر عف مصير السفينة كأف ىذا المبدأ يختمؼ عف المبدأ المعمكؿ بو‬
‫في القانكف الفرنسي‪ ،‬حيث ال تتحدد المسؤكلية عف كؿ حادث كانما عف الرحمة بأسرىا كلك تكررت فييا‬
‫الحكادث‪.‬‬
‫كتحيؿ المعاىدة إلى التشريعات الكطنية فيما يتعمؽ بإجراءات إيداع مبمغ التحديد ك تكزيعو كفي‬
‫المادة الرابعة ‪ ،‬ككذلؾ فيما يتعمؽ بإجراءات كمكاعيد الدعاكل المرفكعة مف الدائنيف حسب الفقرة الخامسة‬
‫مف المادة الخامسة‪ ،‬كما حرصت المعاىدة عمى النص عمى أف التمسؾ بتحديد المسؤكلية ال يتضمف‬
‫اعترافا بيذه المسؤكلية في المادة األكلى الفقرة السابعة‪.‬‬
‫كما ىناؾ مستفيدكف مف التحديد كيفيد مف تحديد المسؤكلية كؿ مف مالؾ السفينة ك مستأجر‬
‫السفيف ‪ ،‬ك المجيز غير المالؾ كالمجيز المدير‪ ،‬ككذلؾ الرباف كرجاؿ الطاقـ ك غيرىـ مف تابعي المالؾ ك‬
‫ة‬
‫المستأجر أك المجيز حسب المادة ‪ 6‬مف المعاىدة‪ .‬كافادة التابعيف مف تحديد المسؤكلية ىك حكـ جديد لـ‬
‫يكف مقر ار في المعاىدة ‪ ،1924‬كالعمة منو ىي أف المضركر قد يرجع مباشرة عمى التابع فيحكـ عمى‬
‫األخير بالتعكيض ‪ ،‬بيد أف المالؾ أك المجيز ال يستطيع عمميا أف يترؾ تابعو يتحمؿ نتيجة الحكـ كحده‬
‫مما يحرـ المالؾ أك المجيز بطرؽ غير مباشر مف ميزة تحديد المسؤكلية‪ ،‬كلذلؾ تقرر إفادة التابعيف مف‬
‫أحكاـ المعاىدة عمى أف مجمكع مبالغ التحديد المستحقة عمى المالؾ كتابعيو بسبب األضرار الناتجة عف‬
‫الحادث الكاحد ال يجكز أف يتعدل الحد األقصى المقرر‪.‬‬
‫كيالحظ أنو إذا رفعت الدعكل عمى الرباف أك أفراد الطاقـ جاز ليـ تحديد مسؤكليتيـ حتى كلك كاف‬
‫الحادث المنشئ لمديف راجع إلى خطأ شخص منيـ‪ ,‬ك مع ذلؾ إذا كاف الرباف أك عضك مف الطاقـ في‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ىاشـ رمضاف الجزائرم‪ ،‬عكض خمؼ أخك ارشيدة‪ ،‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪ 340‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫نفس الكقت مالكا كحيدا أك مشاعا أك مستأج ار أك مجي از أك مجي از صدي ار فال يجكز لو التمسؾ بتحديد‬
‫المسؤكلية إال إذا كاف الخطأ قد كقع منو بصفتو رباننا أك عضكا في الطاقـ‪.1‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كماؿ طو‪ ،‬التكحيد الدكلي لمقانكف البحرم‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪ 32‬كما يمييا‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الخاتمة‬

‫كفي خاتمة بحثنا ىذا تكصمنا لمنتائج اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬اختمؼ الفقو حكؿ تحديد المقصكد بالتصادـ البحرم‪ ،‬فقد رّكز البعض عمى صفة المنشآت أك‬
‫السفف التي كانت طرفا في التصادـ بينما يفضؿ جانب آخر مف الفقو التركيز عمى المياه التي كقع التصادـ‬
‫فييا بيف المنشآت بصرؼ النظر عف صفة ىذه المنشآت كما إذا كانت تعتبر سفنا بحرية أك مف مراكب‬
‫المالحة النيرية‪.‬‬
‫‪ .2‬تعد معاىدة برككسؿ لسنة ‪ 1910‬نتاج جيكد دكلية لتكحيد المسائؿ المتعمقة بالتصادـ البحرم‪،‬‬
‫كنظمت ىذه االتفاقية مسألة التصادـ البحرم كأحكامو كقد عرفت التصادـ البحرم في مادتيا األكلى بأنو ''‬
‫التصادـ الذم يحصؿ بيف سفينتيف بحريتيف أك بيف سفينة بحرية كمركب مالحة داخمية بغض النظر عف‬
‫المياه التي كقع فييا التصادـ'' كبيذا التعريؼ الذم كضعتو المعاىدة تككف قد حسمت الخالؼ الفقيي الذم‬
‫كاف قائما حكؿ المعيار الذم يأخذ بو العتبار الحادث تصادما بحريا‪ ،‬ىؿ بمكاف كقكع التصادـ أك صفة‬
‫المنشأة‪ .‬فقد اكتفت أنو العتبار الحادث تصادما بحريا أف تككف إحدل المنشأتيف سفينة بحرية بغض النظر‬
‫عف مكاف كقكع التصادـ‪.‬‬
‫‪ .3‬تبنت التشريعات الغربية منيا كالعربية مكضكع التصادـ البحرم في قكانينيا الداخمية حيث أفردتو‬
‫‪ 1910‬إال أف‬ ‫قانكنية خاصة تنظمو‪ .‬كرغـ أف العديد منيا لـ تصادؽ عمى اتفاقية برككسؿ لسنة‬
‫تشريعاتيا جاءت متأثرة بيا‪.‬‬
‫‪ .4‬حذا المشرع الجزائرم حذك التشريعات العربية كالغربية حيث أخذ التعريؼ الذم جاءت بو معاىدة‬
‫برككسؿ لسنة ‪ 1910‬كأعطى تعريفا محددا لمتصادـ البحرم‪ ،‬كىذا ما لـ تفعمو معاىدة برككسؿ كالكثير‬
‫مف التشريعات الكطنية‪.‬‬
‫‪ .5‬يالحظ أف المعيار الذم اعتمده المشرع الجزائرم في اعتبار الحادث تصادما بحريا ىك معيار‬
‫المنشأة أم السفينة‪ ،‬فيكفي العتبار الحادث تصادما بحريا كجكد سفينة كاحدة في التصادـ عمى األقؿ‬
‫بغض النظر عف مكاف حصكؿ الكاقعة‪.‬‬
‫‪ .6‬ال يعد كؿ حادث بحرم تصادـ بحريا يدخؿ في نطاؽ المسؤكلية كتطبؽ عميو أحكاـ التصادـ‬
‫المنصكص عمييا قانكنا بؿ البد مف تكافر شركط محددة كىي‪ :‬حصكؿ التصادـ بيف منشأتيف بحريتيف‪ ،‬كأف‬
‫تككف إحداىما سفينة عمى األقؿ‪ ،‬كحصكؿ ارتطاـ مادم‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ .7‬ىناؾ حاالت قد تتكافر فييا شركط التصادـ البحرم مف الناحية القانكنية‪ ،‬كلكف مع ذلؾ ال تطبؽ‬
‫أحكاـ التصادـ كذلؾ في الحاالت التالية‪ :‬كقكع التصادـ بيف سفينة خاصة كبيف السفف المممككة لمدكلة سكاء‬
‫كانت بحرية أك مخصصة لخدمة عامة أك لمالحة عامة‪ ،‬التصادـ بيف سفينة مقطكرة كالسفينة التي‬
‫تقطرىا‪ ،‬كحالة التصادـ بيف سفينة اإلرشاد كالسفينة التي تقكـ بإرشادىا‬
‫‪ .8‬تختمؼ أنكاع التصادـ البحرم باختالؼ سببيا‪ ،‬كيمكف رد أسبابو إلى أسباب قيرية أك مشتبو بيا‪،‬‬
‫أك إلى الخطأ‪ ،‬كىذا الخطأ إما أف يككف مف جانب كاحد أك مشترؾ بيف الطرفيف‪ .‬كعميو فإف حكـ المسؤكلية‬
‫يختمؼ مف حالة ألخرل‪.‬‬
‫‪ .9‬رغـ أف الجزائر لـ تصادؽ عمى اتفاقيتي برككسؿ لسنتي ‪ 1910‬ك‪ 1952‬إال أف األحكاـ المتعمقة‬
‫بالتصادـ البحرم جاءت مكافقة لما نصت عميو المعاىدة مف حيث الجيات المختصة في نظر دعكل‬
‫التصادـ كالتعكيضات‪.‬‬
‫‪ .10‬ال تثكر مشكمة القانكف الكاجب التطبيؽ عمى المسؤكلية الناتجة عف التصادـ البحرم كذلؾ عندما‬
‫يحصؿ التصادـ بيف دكؿ تنتمي إلى دكؿ منضمة إلى اتفاقية برككسؿ‪ ،‬إذ أف ىذه اإلتفاقية تكفمت بتعييف‬
‫القانكف الكاجب التطبيؽ‪ .‬كلكف المشكمة تبقى قائمة عندما يحصؿ التصادـ بيف سفينتيف أك أكثر‪ ،‬إحداىا‬
‫تنتمي إلى دكلة غير منضمة إلى االتفاقية المذككرة‪ .‬حيث تظير أىمية تعييف القانكف الكاجب التطبيؽ عمى‬
‫الكاقعة لغرض تحديد مدل المسؤكلية كبياف مقدار ككيفية التعكيض كالجية التي تتحممو‪.‬‬
‫‪ .11‬يمكف لألطراؼ عرض نزاعيـ عمى القضاء كذلؾ برفعيا عمى إحدل المحاكـ المحددة قانكنا‪ ،‬أك‬
‫يمكنيـ االتفاؽ عمى عرض نزاعيـ عمى التحكيـ‪.‬‬

‫كما يمكننا أف ندرج جممة مف اإلقتراحات أىميا‪:‬‬

‫‪ .1‬نؤكد عمى ضركرة الصيانة الدكرية لمسفف كتدريب البحارة عمى القيادة الجيدة ككيفية تفادم حاالت‬
‫التصادـ‪.‬‬
‫‪ .2‬ينبغي عمى الدكؿ الغير منضمة لمعاىدة برككسؿ التكقيع عمييا لتفادم مشكمة تنازع القكانيف‬
‫كتعديؿ تشريعاتيا لتتناسب مع ما ىك كارد في اإلتفاقية‪.‬‬
‫‪ .3‬كضع حمكؿ كتكحيد لممسائؿ التي الزالت عالقة كلـ تعالج بكضع معاىدة جديدة أك القياـ‬
‫بتعديالت عمى المعاىدة السابقة‪.‬‬
‫‪ .4‬إنشاء محاكـ خاصة لمنظر في المنازعات الناشئة عف التصادـ البحرم‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫أوال‪ :‬المراجع بالمغة العربية‬

‫‪ .I‬المؤلفات‬
‫‪ .1‬الباركدم عمي‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬القاىرة ‪.1988‬‬
‫ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬عماف‬ ‫‪ .2‬البياتي عمي طاىر ‪ ،‬التحكيـ التجارم البحرم دراسة قانكنية مقارنة‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ .3‬التالحمة خالد إبراىيـ‪ ،‬القانكف الكاجب التطبيؽ عمى إجراءات التحكيـ التجارم الدكلي‪ ،‬دار‬
‫جيينة‪ ،‬عماف ‪.2006‬‬
‫‪ .4‬الحكسني عبد الحميد محمد‪ ،‬التحكيـ البحرم‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2007‬‬
‫‪ .5‬الجزائرم ىاشـ رمضاف ‪ ،‬عكض خمؼ أخك أرشيدة‪ ،‬أحكاـ التصادـ البحرم ( دراسة مقارنة في‬
‫ظؿ بعض القكانيف العربية كاألجنبية كاإلتفاقيات الدكلية)‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار جميس الزماف‪ ،‬عماف ‪.2011‬‬
‫‪ .6‬الرفاعي أشرؼ عبد العميـ ‪ ،‬القانكف الكاجب التطبيؽ عمى مكضكع التحكيـ كالنظاـ العاـ في‬
‫العالقات الخاصة الدكلية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2003‬‬
‫‪ ،)02‬ط ‪،3‬‬ ‫‪ .7‬السنيكرم عبد الرزاؽ أحمد ‪ ،‬الكسيط في شرح القانكف المدني الجديد‪ ،‬المجمد‪( :‬‬
‫منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬لبناف ‪.1998‬‬
‫‪ .8‬الشرقاكم محمكد سمير‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ط ‪ ،4‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة ‪.1993‬‬
‫‪ .9‬المصاصمة حسف حرب ‪ ،‬األخطار البحرية في قانكف التجارة البحرية األردني (دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫ط ‪ ،1‬دار الخميج‪ ،‬عماف ‪.2015‬‬
‫‪ .10‬المقدادم عادؿ عمي‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬عماف ‪.2009‬‬
‫‪ .11‬ترؾ محمد عبد الفتاح‪ ،‬التصادـ البحرم كدكر العنصر البشرم في كقكعو‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2003‬‬
‫‪ ، '' '' '' .12‬التحكيـ البحرم النطاؽ الشخصي إلتفاؽ التحكيـ في عقد النقؿ البحرم‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2005‬‬
‫‪ .13‬حسني أحمد‪ ،‬الحكادث البحرية التصادـ كاإلنقاذ‪ ،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية د س ف‪.‬‬
‫‪ .14‬حممي عباس ‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪.1983‬‬
‫‪ .15‬دكيدار ىاني‪ ،‬الكجيز في القانكف البحرم‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2001‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ .16‬شحماط محمكد‪ ،‬المختصر في القانكف البحرم الجزائرم‪ ،‬دار العمكـ لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عنابة‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .17‬صادؽ ىشاـ عمي‪ ،‬تنازع القكانيف في مسائؿ المسؤكلية التقصيرية المترتبة عمى التصادـ البحرم‬
‫كالحكادث الكاقعة عمى ظير السفف‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2002‬‬
‫‪ .18‬مصطفى كماؿ طو‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬دار المطبكعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2000‬‬
‫‪ ،'' '' '' .19‬التكحيد الدكلي لمقانكف البحرم‪ ، ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2007‬‬
‫‪ .20‬مكسى طالب حسف‪ ،‬القانكف البحرم‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة‪ ،‬عماف ‪.2007‬‬

‫‪ .II‬المقاالت‬
‫‪ .1‬بكخميس كناسة‪ '' :‬النظاـ القانكني لمسفينة في القانكف البجرم الجزائرم''‪ ،‬مجمة اإلجتياد لمدراسات‬
‫القانكنية كاإلقتصادية‪ ،‬العدد‪ ،)01( :‬المركز الجامعي لتامنغست ‪.2012‬‬
‫‪ .2‬خميؿ أفراح عبد الكريـ‪ '' :‬التحكيـ في المنازعات البحرية''‪ ،‬مجمة الرافديف لمحقكؽ‪ ،‬المجمد‪،14 :‬‬
‫العدد‪ ،50 :‬كمية‪ ،‬العراؽ ‪.2010‬‬
‫‪ .3‬عز الديف فراح‪" :‬التصادـ البحرم"‪ ،‬مجمة المفكر‪ ،‬العدد‪ ،)12 ( :‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪،‬‬
‫جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.2015 ،‬‬
‫‪ .4‬عالء عمر محمد‪'' :‬الدعكل المدنية في التصادـ البحرم –دراسة مقارنة‪ ،''-‬مجمة جامعة بابؿ‪،‬‬
‫جامعة البصرة المجمد‪ ،)18( :‬العدد‪ ، ،)01( :‬العراؽ ‪.2010‬‬
‫‪ .5‬عمر مشيكر حديثة الجازم‪ ،‬التحكيـ في المنازعات البحرية ‪ ،‬محاضرة ألقيت في مقر نقابة ككالء‬
‫المالحة البحرية‪ ،‬األردف ‪ ،2002/10/08‬منشكرة في ‪.www.jcdr.com‬‬

‫‪ .III‬البحوث الجامعية‬
‫‪ -1‬أطروحات الدكتوراه‬
‫‪ .1‬بف عصماف جماؿ‪ :‬المسؤكلية التقصيرية المترتبة عف التصادـ البحرم في القانكف الدكلي‬
‫تخصص قانكف خاص‪ ،‬جامعة تممساف‪ ،‬كمية الحقكؽ ‪ ،‬السنة الجامعية‬ ‫الخاص‪ ،‬رسالة دكتكراه‪،‬‬
‫‪.2009/2008‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -2‬مذكرات ماجستير‬
‫‪ .1‬البالسي منية حسف‪ ،‬الحجز التحفظي عمى السفف في القانكف الجزائرم‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص‬
‫قانكف خاص‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كمية الحقكؽ‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014/2013‬‬
‫‪ .2‬الغازم إيياب خضر عرفات‪ :‬أحكاـ حكادث السفف كالقرصنة البحرية في الفقو اإلسالمي‪ ،‬رسالة‬
‫‪ ،‬السنة‬ ‫الجامعة اإلسالمية‪ ،‬كمية الشريعة كالقانكف‪ ،‬غزة‬ ‫ماجستير‪ ،‬تخصص الفقو المقارف‪،‬‬
‫الجامعية ‪.2013/2012‬‬
‫تخصص قانكف النشاطات‬ ‫‪ .3‬سيدم معمر دليمة ‪ ،‬التحكيـ في المنازعات البحرية‪ ،‬مذكرة ماجستير‪،‬‬
‫‪ ،‬السنة الجامعية‬ ‫كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬جامعة تيزم كزك‬ ‫البحرية كالساحمية‪،‬‬
‫‪.2015/2014‬‬

‫‪ -3‬مذكرات ماستر‬
‫‪ .1‬بكدبكز آمنة ‪ ،‬دكاخة نادية‪ ،‬الحجز التحفظي عمى السفينة في ظؿ القانكف الجزائرم‪ ،‬مذكرة‬
‫السنة الجامعية‬ ‫ماستر‪ ،‬تخصص قانكف أعماؿ‪ ،‬جامعة قالمة‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪،‬‬
‫‪.2016/2015‬‬
‫تخصص عالقات دكلية‬ ‫‪ .2‬كحمة صداـ‪ ،‬التحكيـ في منازعات التجارة البحرية‪ ،‬مذكرة ماستر‪،‬‬
‫خاصة‪ ،‬كمية الحقكؽ كالعمكـ السياسية‪ ،‬كرقمة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2016/2015‬‬
‫النصوص القانونية‪:‬‬ ‫‪.IV‬‬
‫‪ .1‬القانكف رقـ ‪ 09/08‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر ‪ 1429‬المكافؽ ؿ ‪ 25‬فيفرم ‪ ،2008‬المتضمف قانكف‬
‫‪.2008‬‬ ‫اإلجراءات المدنية كاإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪،12‬‬
‫‪ .2‬القانكف رقـ ‪ 80/76‬المؤرخ في ‪ 29‬شكاؿ ‪ 1396‬المكافؽ ‪ 23‬أكتكبر ‪ 1976‬كالمتضمف القانكف‬
‫البحرم المعدؿ كالمتمـ بالقانكف رقـ ‪ 10/04‬المؤرخ في ‪ 15‬أكت ‪.2010‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع بالمغة األجنبية‬

‫‪Thèses:‬‬

‫‪- Van Den Berg , étude comparative du droit de l’Arbitrage commercial dans de‬‬
‫‪common low, thèse, Aix, 1977.‬‬

‫‪72‬‬
‫الصفحة‬ ‫العنكاف‬
‫شكر وتقدير‬
‫إىداء‬
‫أ‪ -‬ت‬ ‫مقدمة‬
‫الفصؿ األكؿ‪ :‬مفيكـ التصادـ البحرم‬
‫‪02‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف التصادم البحري‬
‫‪02‬‬ ‫المطمب األول‪ :‬التعريف الفقيي‬
‫‪03‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬التعريف الوارد في اتفاقية بروكسل‬
‫‪04‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬تعريف التشريعات المقارنة‬
‫‪07‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬شروط التصادم البحري‬
‫‪07‬‬ ‫المطمب األول‪ :‬شروط متعمقة بوسيمة التصادم‬
‫‪07‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬التصادم بين منشأتين بحريتين‬
‫‪09‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التصادم بين منشأتين إحداىما سفينة‬
‫‪12‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬شروط متعمقة بالفعل المادي (وقوع ارتطام)‬
‫‪17‬‬ ‫المبحث الثالث‪:‬أنواع التصادم البحري‬
‫‪17‬‬ ‫المطمب األول‪ :‬التصادم القيري والتصادم المشتبو في سببو‬
‫‪19‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬التصادم الناشئ عن خطأ من جانب واحد‬
‫‪22‬‬ ‫المطمب الثالث‪ :‬التصادم الناشئ عن خطأ مشترك‬
‫الفصؿ الثاني‪ :‬دعكل المسؤكلية الناشئة عف التصادـ البحرم‬
‫‪26‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬رفع الدعوى أمام القضاء‬
‫‪27‬‬ ‫المطمب األول‪ :‬تعيين المحكمة المختصة‬
‫‪30‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬تعيين القانون الواجب التطبيق‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬التصادم الواقع في المياه اإلقميمية‬
‫‪31‬‬ ‫أوال‪ :‬تطبيق القانون الوطني‬
‫‪32‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تطبيق قانون العمم المشترك‬
‫‪33‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تطبيق قانون القاضي‬
‫‪36‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التصادم الواقع في أعالي البحار‬
‫‪36‬‬ ‫أوال‪ :‬تطبيق القانون البحري العام‬
‫‪74‬‬
‫‪37‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تطبيق قانون القاضي‬
‫‪39‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تطبيق قانون العمم‬
‫‪39‬‬ ‫‪ -1‬تطبيق قانون عمم السفينة الصادمة‬
‫‪40‬‬ ‫‪ -2‬تطبيق قانون عمم السفينة المصدومة‬
‫‪41‬‬ ‫‪ -3‬تطبيق كال القانونين‬
‫‪42‬‬ ‫‪ -4‬تطبيق القانون األصمح لممضرور‬
‫‪44‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬رفع الدعوى أمام ىيئة التحكيم‬
‫‪44‬‬ ‫المطمب األول‪ :‬مفيوم التحكيم البحري‬
‫‪44‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف التحكيم البحري‬
‫‪45‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع التحكيم البحري‬
‫‪46‬‬ ‫أوال‪ :‬التحكيم المؤسسي‬
‫‪47‬‬ ‫ثانيا‪ :‬التحكيم الحر‬
‫‪49‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬تنظيم التحكيم البحري‬
‫‪50‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬إجراءات تنظيم التحكيم‬
‫‪50‬‬ ‫أوال‪ :‬مباشرة إجراءات التحكيم البحري‬
‫‪51‬‬ ‫ثانيا‪ :‬سير اإلجراءات‬
‫‪52‬‬ ‫ثالثا‪ :‬نياية إجراءات التحكيم‬
‫‪52‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تعيين القانون الواجب التطبيق‬
‫‪54‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬آثار دعوى التصادم‬
‫‪54‬‬ ‫المطمب األول‪ :‬تقادم دعوى التصادم‬
‫‪57‬‬ ‫المطمب الثاني‪ :‬التعويض عن الضرر‬
‫‪57‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تقدير التعويض‬
‫‪61‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬امتياز التعويض‬
‫‪62‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬مدى المسؤولية عن التعويض‬
‫‪66‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪69‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪73‬‬ ‫الفيرس‬

‫‪75‬‬
74
:‫الممخص‬

‫في نطاؽ الحديث عف الحكادث البحرية التي تتعرض ليا السفف في البحر في أثناء عمميات النقؿ أكالسياحة البحرية‬
‫كغيرىا نجد أف التصادـ البحرم مف أىـ الحكادث كأكثرىا شيكعا بسبب كثرة كقكعيا كجسامة ما ينجر عنيا مف أضرار‬
‫ خاصة كأف حكادث التصادـ‬.‫ كىذا ما جعؿ الكثير مف الدكؿ تسعى إلى كضع قكاعد خاصة بالتصادـ‬.‫كخسائر مادية كبشرية‬
‫ مما تطرح مسألة التنازع مف حيث اإلختصاص التشريعي أم‬.‫ كبيذا نككف أماـ عدة قكانيف‬،‫تقع بيف سفف مف دكؿ مختمفة‬
.‫ أك االختصاص القضائي كالمتمثؿ في تحديد الجية القضائية المختصة دكليا‬،‫تحديد القانكف الكاجب التطبيؽ‬
:‫الكممات المفتاحية‬
.‫ اإلختصاص التشريعي‬،‫االختصاص القضائي‬،‫ المسؤكلية التقصيرية‬،‫ تنازع القكانيف‬،‫ التصادـ البحرم‬،‫الحكادث البحرية‬

Abstract:

In the context of talking about marine accidents that are exposed to the ship in sea
during the process of transport or marine tourism and others, we find that the collision of the
sea of the most important incident and the most common because of the abundance and the
magnitude of the resulting damage and loss of material and human, which made a lot
Especially the fact that collisions occur between ships from different countries. Therefore
there are several laws which raise the issue of conflict in terms of the jurisdiction of the
legislature, namely the definition of the applicable law and the jurisdiction of determining the
competent international jurisdiction.

Key words:

Marine accidents, maritime collision, conflict of laws, legislative jurisdiction, tort liability.

Résumé: Pour parler des accidents maritimes subis par le navire en mer pendent le transport
ou le tourisme et d'autres échelle, nous constatons que la collision maritime des accidents
majeurs et les plus courantes en raison du grand nombre et fréquence et l'ampleur des
dommages qui en résultent et des pertes matérielles et humaines, ce qui est ce a fait beaucoup
des pays qui cherchent à élaborer des règles spéciales de collisions, en particulier que les
accidents de collision entre navires de différents pays et e sera en face de plusieurs lois qui
soulèvent la question du conflit en termes de compétence législative de toute limitation de la
compétence applicable et judiciaire et l'objectif de déterminer droit international compétent.

Les mots clés: Accidents maritimes, collisions maritimes, conflits de lois, juridiction législative.

You might also like