You are on page 1of 3

‫المبحث األول‪ :‬ماهية النموذج التدريجي االستراتيجي‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف النموذج التدريجي االستراتيجي‬


‫يع رف أيض ا بالنظري ة التراكمي ة ويقص د ب ه وج ود ع دد مح دود من الخي ارات أو‬
‫البدائل المتاحة تسمح كل منها بإحداث تغييرات تدريجي ة ومح دودة ج دا في الوض ع الق ائم‪ .‬إن‬
‫هذا النموذج ط ور ليتج اوز االنتق ادات الموجه ة لنظري ة الرش د والش مولية والص عوبات ال تي‬
‫تواجه تطبيقها‪ ,‬كما أنها أكثر وصفية وتوضيحية بالنسبة لمتخذي القرارات السياسية حيث يقول‬
‫لندبلوم أن التراكمية أو التدريجية تمثل العملية النموذجية التخاذ القرار في المجتمعات التعددي ة‬
‫مثل الواليات المتحدة األمريكية فالقرارات و السياسات هي حصيلة األخ ذ وال رد واالتف اق بين‬
‫عدد من المشاركين الحزبيين في عملية صنع واتخاذ القرار‪ ,‬فالتدريجية تتميز بأنها تع د مقبول ة‬
‫سياسيا ألنها تسهل الوصول إلى االتفاق في المواضيع المختلف فيها بين الجماع ات ف القرارات‬
‫التدريجية تقلل من أخطاء عدم التأكد ومن تكاليف المغ امرات ال تي تتخ ذ له ا الق رارات البديل ة‬
‫كما أن النظرية التدريجية تتالءم مع الوقت الذي يتميز بمحدودية الوقت المتاح ألخ ذ الق رارات‬
‫ومحدودية المعلومات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المنطلق الفلسفي للنموذج التدريجي االستراتيجي‬


‫ينطلق النموذج التدريجي من خالل االهتمام المتزايد ازاء موضوعات اتخاذ الق رارات‬
‫وصنع السياسات عند لندبلوم و باألخص ما نشره ع ام ‪ 1959‬ص من مجل ة االدارة العام ة من‬
‫أفك ار أث ارت اهتم ام الكث ير من المعن يين من خالل المع روف ب علم التخب ط ال ذي ع بر عن‬
‫التدريجية المجزأة المعارضة للكلية الرشيدة في عملية اتخاذ القرارات وصنع القرارات وص نع‬
‫السياسات العامة فالنموذج الت دريجي كم ا ي رى لن دبلوم يحق ق حتمي ا م ا دامت عملي ة تخطي ط‬
‫السياسات العامة واتخاذ القرارات الحكومية تتم في اط ار ض يق ممكن وبأق ل ع دد من الب دائل‬
‫المتاحة من منطلق أن صنع القرار العلمي ال يقوى على تحقي ق أك ثر من تغي ير مح دود وغ ير‬
‫ش كلي وال ش مولي في طبيع ة المش كلة القائم ة بخالف م ا يتص وره أص حاب النم وذج الكلي‬
‫الرشيد‪ ,‬كم ا ط رح النم وذج الت دريجي فك رة التواف ق والتراض ي بين العناص ر المص لحية في‬
‫السياسة العامة واعطاء وزن معقول لقيام التنازالت والمساومات بين ممثلي تل ك المص الح مم ا‬
‫يجعل من التغيرات محدودة ومندرجة صمن ما هو قائم وراهن وبصورة يتج اوب فيه ا ص ناع‬
‫السياسة العامة‪ ,‬مع اقتراحات ومطالب وجهات النظر المتباينة‪ .‬لقد نهض النموذج التدريجي في‬
‫دراسة موازنة الدولة‬
‫العام ة وض من نظري ات أو نم اذج تحلي ل السياس ات العام ة ليس توعب ك ون السياس ة العام ة‬
‫ديناميكية ومتحرك ة وأن عملياته ا متداخل ة م ع المنظم ات الحكومي ة ويش به في ذل ك الص راع‬
‫والتنافس ازاء الموارد والقيم والتوزيع لها ويبرز في خضم ذلك العامل السياس ي ال ذي تجاهل ه‬
‫النم وذج الكلي الرش يد فلم يس توعبه‪ .‬فباإلض افة ل ذلك ف إن النم وذج الت دريجي اس توعب لتل ك‬
‫العالق ة القائم ة بين الجماع ات والمنظم ات الحكومي ة وأح داث س ياقات وض وابط ش به ذاتي ة‬
‫للتعامل مع القنوات المتعددة ذات العالقة بعملية السياس ة العام ة‪ .‬وفي اط ار ذل ك يعل ق 'دال' "‬
‫يمكن مواجه ة ع دم اليقين في الواق ع المع اش ب أكثر من طريق ة مقي دة حيث البحث عن حل ول‬
‫مرضية للمشكالت بدال من البحث عن حلول كلية كاملة أو مثالية كما يمكن اتخاذ قرارات أولية‬
‫وبالتالي معرفة ما يترتب عليها فيما بعد وباإلمكان االس تفادة من التغذي ة الراجع ة والمعلوم ات‬
‫التي ولدها القرار األولي وكنتيجة لذلك يمكن تغيير األهداف بما في ذلك األه داف المهم ة ج دا‬
‫وهذا كله مب ني على اف تراض أن الق رارات ال تي يتم اتخاذه ا م ا هي في الحقيق ة إال سلس لة ال‬
‫نهائية من الخطوات التي باإلمكان تصحيح األخطاء دون توقف لها‪ ,‬ومع ذلك فباإلمك ان احالل‬
‫األسلوب التزايدي أو التدريجي من حيث االبتداء واالنطالق ومن وضع ق ائم ومع روف الكث ير‬
‫عنه ثم القيام بعمل تغييرات صغيرة أو متزايدة ضمن االتجاه المرغوب فيه ثم مالحظة ما يجب‬
‫أن تكون عليه الخطوة الالحقة وهكذا حتى ما ال نهاية من الخط وات اإلض افية التدريجي ة ال تي‬
‫في األخير تعبر عن تحول عميق في التغيير ذلك ألن الخيارات المحدودة هي كل ما يملكه ه ذا‬
‫الفرد أو ذلك في سبيل اتخ اذ الق رار أو ص نعه في السياس ة العام ة وه ذا ه و منطل ق النم وذج‬
‫التدريجي وفلسفته القائمة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص النموذج التدريجي االستراتيجي‬


‫يمكن تلخيص خصائص النموذج التدريجي االستراتيجي في النقاط التالية‪:‬‬
‫إن اختيار األهداف والمقاصد والتحليل العلمي للتصرفات المطلوب تحقيقها هي متداخل ة‬ ‫‪-‬‬
‫فيما بينها وليست مستقلة أو منفصلة‪.‬‬
‫إن متخذ القرار يأخذ باعتباره أحد البدائل فحسب وليس جميعها وهذه البدائل تظ ل غالب ا‬ ‫‪-‬‬
‫متأثرة بالسياسات الحالية وتترك لها هامشا كبيرا‪.‬‬
‫عن د تق ييم الب دائل المطروح ة ف إن الترك يز يك ون على ع دد من نت ائج الب دائل المهم ة‬ ‫‪-‬‬
‫والمحددة‪.‬‬
‫إن المشكلة التي تواجه متخذي القرار قابلة إلعادة التحديد وإن تعريفها يراجع بين الحين‬ ‫‪-‬‬
‫واآلخر‪ ,‬فإن النظرية التراكمية تسمح بإعادة النظ ر في العالق ة بين األه داف والوس ائل‬
‫لتسهيل السيطرة على المشكلة‪.‬‬
‫عدم وجود قرار منفرد وحل صحيح بعينه للمشكلة الواحدة واالختي ار الجي د للق رار ه و‬ ‫‪-‬‬
‫الذي تتفق كل التحليالت عليه وليس بالضرورة أن تتفق على أن هذا الق رار ه و األمث ل‬
‫واألحسن للوصول إلى االهداف‪.‬‬
‫القرار التدريجي هو عالجي يحافظ على التواصل واالس تمرار م ع الحاض ر ويس تجيب‬ ‫‪-‬‬
‫بظروفه أكثر من كونه منطلقا للتغيير في االهداف االجتماعية المستقبلية‪.‬‬
‫ترك ز النظري ة التراكمي ة التدريجي ة على األه داف قص يرة الم دى والمح دودة المثقل ة‬ ‫‪-‬‬
‫بمتغيرات البيئة المحيطة وليس على األهداف البعيدة النائية التي ال يمكن بلوغها‪.‬‬

You might also like