You are on page 1of 16

‫د‪ .

‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬
‫تاريخ نشر المقال‪1422/21/42 :‬‬ ‫تاريخ قبول نشر المقال ‪1422/40/20‬‬ ‫تاريخ استقبال المقال‪1422/40/21 :‬‬

‫املعتقدات الدينية بني السحر واألسطورة‬

‫"رؤية أنثروبولوجية دينية"‬

‫حمة لخضر‪ ،‬الوادي – الجزائر‬


‫د‪ .‬خالد خوانـي جامعة الشهيد ّ‬
‫‪k_khouani@yahoo.fr‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫مستمدة من منطلقات سحرية أو من أساطير‬
‫ّ‬ ‫كانت للمجتمعات مند القدم معتقدات ذات طابع ديني أو‬
‫وحكايات األسالف‪ .‬اعتقدت هذه المجتمعات بنفعها في مجال جلب الرزق أو الحماية من أخطار أو للعالج من‬
‫أمراض عضوية أو روحية‪ .‬تخضع هذه المعتقدات في الغالب لعامل التغيرات التي تحدث داخل المجتمعات سواء‬
‫كانت ذات طابع اجتماعي أو ثقافي أو طبيعي أو قد تجتمع معاً عند بعض الشعوب‪.‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى إبراز طبيعة ودور هذه المعتقدات داخل المجتمعات من منظور أنثروبولوجي ديني‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬المعتقد‪ ،‬الدين‪ ،‬السحر‪ ،‬األسطورة‪ ،‬األنثروبولوجيا‪ ،‬األنثروبولوجيا الدينية‪.‬‬

‫‪Religious beliefs between magic and myth.‬‬


‫"‪"Religious anthropology vision‬‬

‫‪Abstract :‬‬
‫‪Since ancient times human societies have beliefs of religious origins or that‬‬
‫‪derive from the Magics of the legends and tales of the ancestors. The perception of the‬‬
‫‪usefulness of these beliefs by providing means of sustenance or protection against the‬‬
‫‪dangers or treatment of diseases of biological or spiritual orders. These beliefs are‬‬
‫‪subject to societal changes and cultural or natural. This study aims to highlight the‬‬
‫‪nature of these beliefs from a perspective of religious anthropology.‬‬
‫‪Keywords: Belief, Magic, Myth, Religious, Anthropology, Religious anthropology.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪133‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يلعب الدين دو اًر مهماً في حياة اإلنسان‪ ،‬فهو يعيد إليه الشعور بالطمأنينة‪ ،‬ويساعده في التغلب على‬
‫المشكالت عموماً‪ ،‬وبصفة خاصة التي تتعلق باألمور المجهولة في الحياة‪ .‬ويمكن القول أن الدين نظام اجتماعي‬
‫يقوم على فكرة وجود موجود أو أكثر له قوى فوق الطبيعية‪ ،‬ويرتكز على العالقات بين اإلنسان وبين تلك‬
‫الموجودات‪ ،‬و تتشكل هذه الفكرة من منطلق ثقافي لتصبح أنماطاً اجتماعية أو تنظيماً اجتماعياً‪ ،‬وهذه األنماط أو‬
‫النظم تصبح معروفة بإسم الدين‪.‬‬
‫مجسد اجتماعياً في أفعال وأنماط وتقاليد‬
‫ّ‬ ‫تعبير عن ثقافة مجتمع‪ ،‬فهي كيان‬
‫اً‬ ‫تمثل الممارسات الدينية‬
‫التصورات واالعتقادات بغض‬
‫ّ‬ ‫مردها إلى نظم من‬‫وأعراف واعتقادات‪ .‬فهذه الطقوس والممارسات ذات الطابع الديني ّ‬
‫النظر عن طريقة استيعابها وطرق التعبير عنها من طرف المنخرطين فيها أو المؤمنين بها‪.‬‬
‫منذ بدء ظهور االهتمامات المب ّكرة لألنثروبولوجيا بثقافات المجتمعات ومحاولة فهم مدى الفروق‬
‫واالختالف بين ماضي المجتمعات وحاضرها أخذ السؤال حول كيف ومدى تأثير العقائد على ُّ‬
‫تشكل الناس وفهمهم‬
‫للطبيعة والعالقات القائمة بينهم‪ .‬ولعل النصوص الدينية ـ وبالذات في الكتاب المقدس بسبب إيرادها أوصافاً‬
‫عما كانت عليه حياة أسالف الشعوب الحديثة في تصرفاتهم وأفعالهم الحياتية اليومية ‪ -‬ما دفع بعض‬‫وتفاصيل ّ‬
‫مرت البشرية بتحوالت لتصبح على ما هي عليه اليوم؟ ونظ اًر لشيوع "االتجاه‬
‫المفكرين لطرح السؤال اآلتي‪ :‬هل ّ‬
‫تطورها‪ ،‬تولّد الفضول المبكر ألصحاب هذا‬
‫مرت بها المجتمعات خالل ّ‬ ‫مفسر للمراحل التي ّ‬‫التطوري" كطرح ّ‬
‫ّ‬
‫يفسر اإلنسان في الماضي عالقاته بالطبيعة ؟‬
‫االتجاه المفضي إلى إثارة أسئلة حول كيف كان يعتقد أو ّ‬
‫وأصبح المطلوب هو دراسة وفهم الحاالت األكثر بساطة وبدائية‪ ،‬حتى تكون المادة األولية لتتبع مسار‬
‫تطور مفهوم البشرية بخصوص الدين انطالقاً من أفكار كانت سائدة حول وحدة النفس البشرية من حيث األصل‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن العديد من المفكرين وأوائل الباحثين األنثروبولوجيين‪ ،‬سعوا الكتشاف مجموعات إنسانية ليست‬
‫تنم عن غياب أي تصورات دينية إال أن ذلك لم يتحقق؛ أي أن المجتمعات البسيطة‬ ‫لديها أية مفاهيم أو أفكار ّ‬
‫تعرف عليها المفكرون األوائل من أصحاب الفضول المعرفي األنثروبولوجي‪ ،‬وجدوا أن مفهوم اإليمان‬
‫األولية التي َّ‬
‫بقوى فوق طبيعية ووجود تصورات ميثالوجية (تعتمد على األساطير) حول خلق الكون كانت موجودة بصورة أو‬
‫تعرف‬
‫بأخرى في كل المجتمعات البشرية‪ ،‬حتى أكثرها بساطة وبدائية‪ ،‬مثلما كانت عليه الحال في قارة أستراليا التي َّ‬
‫المستكشفون على سكانها األصليين الذين كانوا يعيشون حياة بسيطة جداً‪ ،‬ربما كانت األكثر بساطة وبدائية بين‬
‫كبير في‬
‫تبين أن الممارسات السحرية واألساطير لعبت دو اًر اً‬
‫تم التعرف عليهم‪ ،‬حيث ّ‬
‫معظم السكان األصليين الذين ّ‬
‫صقل معتقدات الشعوب اإلنسانية‪.‬‬
‫أهمية وأهداف الدراسة‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫يش ّك ل الدين أحد المواضيع المهمة في مجال األنثروبولوجيا العامة واألنثروبولوجيا الدينية بصفة خاصة‪.‬‬
‫تعد الممارسات الدينية تعبير عن رؤية للعالم من حيث الوجود والطبيعة واإلنسان محور هذا الكون‪ ،‬فهي تقدم‬
‫صو ار ألدق تفاصيل عملية البناء اإلنساني من جوانبها األخالقية واالقتصادية والسياسية وحتى األحوال‬
‫ت ّ‬
‫‪1‬‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪134‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫(محرم)‪ ،‬هذه المبادئ تحولت‬


‫ّ‬ ‫وضعت العقائد الدينية للمنتسبين إليها ما هو جائز (حالل) وما هو ممنوع‬
‫إلى قواعد فكرية وسلوكية صارمة بل وأفكا ار تحولت إلى عقائد راسخة ال تقبل المراجعة في جانبها الالهوتي‪ ،‬حتى‬
‫‪2‬‬
‫إن كانت تقبل بعض التغيير في الجوانب المتعلقة بالمجاالت المدنية ذات الطابع االجتماعي‪.‬‬
‫أما األهداف التي رسمناها من خالل عرضنا لهذا البحث‪ ،‬فتتمثل في إبراز وجود هذه الممارسات والطقوس‬
‫ّ‬
‫المتأصل في جانبه االعتقادي عند مختلف الشعوب حاضرها وقديمها‪ ،‬كون هذا اإلنسان منذ‬
‫ّ‬ ‫ذات الطابع الديني‪ ،‬و‬
‫قوة علوية غير مرئية وغيبة تفوق قدرته‪ ،‬يلجأ إليها عند الحاجة أو‬
‫الخلق األول وحتى الفترة المعاصرة يؤمن بوجود ّ‬
‫عند عجزه‪ ،‬وتظهر هذه االعتقادات من خالل ممارسات ذات طابع روحي أو مادي‪.‬‬
‫مفاهيم األنثروبولوجيا‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫من حيث اللفظ هي "علم اإلنسان" أي العلم الذي يدرس اإلنسان من حيث هو كائن عضوي حي‪ ،‬يعيش‬
‫محدداً؛ وهو‬
‫متعددة‪ ،‬ويسلك سلوكاً ّ‬
‫ّ‬ ‫معينة ويقوم بأعمال‬
‫في مجتمع تسوده نظم وأنساق اجتماعية في ظ ّل ثقافة ّ‬
‫التنبؤ بمستقبل اإلنسان معتمداً على‬
‫أيضاً العلم الذي يدرس الحياة البدائية‪ ،‬والحياة الحديثة المعاصرة‪ ،‬ويحاول ّ‬
‫‪3‬‬
‫تطوره عبر التاريخ اإلنساني الطويل‪.‬‬
‫ّ‬
‫بأنها علم األناسة أي العلم الذي يدرس اإلنسان كمخلوق‪ ،‬ينتمي إلى العالم‬ ‫وتعرف األنثروبولوجيا أيضاً‪ّ ،‬‬
‫الحيواني من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ّأنه الوحيد من األنواع الحيوانية كلّها‪ ،‬الذي يصنع الثقافة ويبدعها‪ ،‬والمخلوق‬
‫‪4‬‬
‫يتميز عنها جميعاً‪.‬‬
‫الذي ّ‬
‫‪5‬‬
‫أن‬
‫بأنها " علم دراسة اإلنسان طبيعياً واجتماعياً وحضارياً " ‪ ،‬أي ّ‬
‫تعرف األنثروبولوجيا بصورة شاملة ّ‬
‫كما ّ‬
‫األنثروبولوجيا ال تدرس اإلنسان ككائن وحيد بذاته‪ ،‬أو بمعزل عن أبناء جنسه‪ّ ،‬إنما تدرسه بوصفه كائناً اجتماعياً‬
‫معينين ‪.‬‬
‫معين لـه ميزاته الخاصة في مكان وزمان ّ‬
‫بطبعه‪ ،‬يحيا في مجتمع ّ‬
‫فاألنثروبولوجيا بوصفها دراسة لإلنسان في أبعاده المختلفة‪ ،‬البيوفيزيائية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬فهي علم‬
‫شامل يجمع بين ميادين ومجاالت متباينة ومختلفة بعضها عن بعض‪ ،‬من بينها علم التشريح الذي يبحث عن تاريخ‬
‫سياسية واقتصادية وق اربية ودينية‬
‫ّ‬ ‫تطور الجنس البشري والجماعات العرقية‪ ،‬وعن دراسة النظم االجتماعية من‬ ‫ّ‬
‫المتنوعة التي تشمل ‪ :‬التراث الفكري وأنماط القيم‬
‫ّ‬ ‫الثقافة‬ ‫مجاالت‬ ‫في‬ ‫اإلنساني‬ ‫اإلبداع‬ ‫عن‬ ‫تبحث‬ ‫كما‬ ‫‪.‬‬ ‫وقانونية‬
‫وأنساق الفكر واإلبداع األدبي والفني‪ ،‬بل والعادات والتقاليد ومظاهر السلوك في المجتمعات اإلنسانية المختلفة‪.‬‬
‫موضوع األنثروبولوجيا الدينية‪:‬‬ ‫‪.III‬‬
‫ومتعددة لها قدرة‬
‫ّ‬ ‫يرتبط مصطلح الدين عند الشعوب القديمة أو الشعوب البدائية الحالية بوجود أرواح قديمة‬
‫‪6‬‬
‫اإلنتقال ‪ ،‬أو في االعتقاد بالسحر؛ أما الشعوب الحديثة فالدين بالنسبة لها هو اإليمان باهلل‪.‬‬
‫يحتاج اإلنسان إلى تصورات للعالم من حوله سواء كان ماديا مرئيا أو معنويا غيبيا ممثلة في سلوكيات‬
‫التكيف والتوافق مع محيطه‪ ،‬وتقوم الثقافة بتقديم هذه التصورات التي تأخذ شكال يعرف باسم‬
‫ّ‬ ‫تساعده على‬
‫المعتقدات‪ .‬ومن هذا المنطلق يفكر اإلنسان في سر وجوده وكيف خلق وما مصدر القوة والسلطة فيه‪ ،‬وما الذي‬
‫شره‪ ،‬فيحاول أن يتخذ له موقفاً يساعده على الحصول على حاجاته‪ ،‬فيجد في هذه‬
‫يجعل األشياء تسير بخيره أو ّ‬
‫المعتقدات السائدة في مجتمعه ما يساعده على تفاعله مع بيئته الخارجية لكي يضمن الحماية واألمن والغذاء‪،‬‬
‫ويحدد مكانه ومصيره وعالقته بجماعته ومجتمعه‪ ،‬ويعرف واجباته وحقوقه ومركزه وبما ينبغي أو ال ينبغي في‬ ‫ّ‬
‫‪7‬‬
‫عالقاته اإلنسانية‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪135‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫بمده بالتفسيرات لما يحيط به من‬


‫تعمل المنظومة الدينية التي هي عبارة عن إجابات النشغاالت اإلنسان ّ‬
‫فالدين هو مجموعة من االعتقادات تظهر في طقوس‬ ‫ّ‬ ‫محير وغامض‪.‬‬‫عوالم ورفع الستار على كل ما هو ّ‬
‫وممارسات ترسم لنا الجانب الثقافي السائد عند أي مجتمع‪.‬‬
‫قبل الولوج لموضوع الدين كمعتقد وممارسة نعرج على تعريف الثقافة من منظور أنثروبولوجي كما يلي‪:‬‬
‫عرفها األنثروبولوجي اإلنجليزي الشهير "ادوارد تايلور" سنة ‪ 2172‬على أنها‪" :‬ذلك الكل المركب الذي‬‫الثقافة كما ّ‬
‫تميز‬
‫يشمل المعارف‪ ،‬التقنيات‪ ،‬العادات والتقاليد والمعتقدات والفنون واألخالق والقانون أو أي قدورات أخرى والتي ّ‬
‫‪8‬‬
‫وعدلوا وحذفوا وأضافوا إلى‬
‫بدلو ّ‬‫مجتمعا ما عن آخر أو مجموعة بشرية عن أخرى" ‪ .‬ثم جاء بعده علماء آخرون ّ‬
‫عرف "رالف لنتون" األمريكي "الثقافة هي تجسيد لتلك السلوكيات المكتسبة والموزعة‬
‫تعريف تايلور عناصر جديدة‪ّ .‬‬
‫والتي تنتقل وتتوارث من قبل أعضاء مجتمع ما"‪ ،9‬في حين عرف "كروبر" األمريكي المعاصر علم الثقافة‬
‫‪ culturology‬بأنه "ذلك العلم الذي يسمح بفهم الظاهرة االجتماعية"‪ .10‬ويرى "مالينوفسكي" أن الثقافة هي ذلك الكل‬
‫المركب الذي يشتمل على األدوات التنظيمية للمجتمع واألفكار والفنون والمعتقدات والعادات‪ .‬أما "راد كليف براون"‬
‫يرى أن الثقافة هي عملية التي يكتسب الفرد بواسطتها المعرفة والمهارة واألفكار والمعتقدات واألدوات والعواطف‬
‫وذلك عن طريق االتصال بأفراد آخرين‪.‬‬
‫فكل هذه التعريفات تدل على أن القاسم المشترك بينها كون الثقافة شيء مكتسب وال يمت بصلة إلى‬
‫المسائل الفطرية لدى اإلنسان‪ .‬فالثقافة تؤثر على السلوك الفردي والجماعي داخل المجتمع‪.‬‬
‫فالدين ثقافة كما يقول عبد اإلله بلقزيز‪ :‬بوصفه نمطاً مغلقاً من القيم والعادات والطقوس والشعائر‪ ،‬أي‬
‫طريقة ثابتة المالمح في ممارسة الحياة وفي بناء المجتمع واعادة إنتاجه‪ .‬وهو في الحالتين بنية عقلية كاملة‬
‫للمجتمع بالمعنى األنثروبولوجي‪ ،‬أي نمطاً من السلوك والتفكير ويكتسب منطقاً ذاتياً خاصاً‪ ،‬ويمتنع فهمه وتفسيره‬
‫‪11‬‬
‫أو تعليله بمعزل من شبكة المعاني والدالالت الخاصة به‪.‬‬
‫محددة لينتقل مباشرة بعدها إلـى‬
‫أما الدكتور عبد الغني عماد فيقول‪" :‬ينطلق الدين من قبول نماذج روحانية ّ‬
‫فرض نماذج أخالقية وقيمية فيصبح بذلك شبكة متكاملة من النماذج الفكرية والسلوكية تؤطر حياة مـن ينطـوي تحـت‬
‫لوائه‪ ،‬الدين هنـا ثقافـة بوصـفه نمطـاً مـن المعرفـة بـالوجود الطبيعـي واالجتمـاعي‪ ،‬وهـو يختلـف عـن سـواه مـن المعرفـة‬
‫كالعلم والفلسفة واألسطورة وسواها‪ ،‬فله مسلّماته التي ال يقوم اإليمان بغير اإلقرار بها‪ ،‬وله طريقته الخاصـة فـي بنـاء‬
‫‪12‬‬
‫أحكامه‪،‬وهي ال تفهم بغير ربطها بنمط االستدالل فيه‪.‬‬
‫فال ــدين ه ــو سلس ــلة م ــن المعتق ــدات ذات الط ــابع الروح ــاني‪ ،‬يفت ــرض به ــا توجي ــه أفع ــال الف ــرد ف ــي اإلط ــار‬
‫االجتماعي واإلنساني‪ .‬ينطلـق الـدين مـن فرضـيات مسـبقة وهـي فرضـيات اإليمـان‪ ،‬وعلـى مـن يقبـل بهـا أن يعمـد إلـى‬
‫‪13‬‬
‫ُيلــزم الــدين الفــرد علــى االعتقــاد بمنظومــة روحانيــة تتجســد فــي‬ ‫تبنــي سلســلة مــن الف ـرائض تقيــد مســلكه االجتمــاعي‪.‬‬
‫ممارسات يلتزم بها حتى يدخل ضمن دائرة المؤمنين‪.‬‬
‫وقد انقسمت اآلراء حول مسألة نشأة الدين‪ ،‬ونحاول هنا عـرض بعـض النظريـات والمـذاهب المفسـرة لنشـأته‬
‫وتطوره عند المجتمعات البدائية‪.‬‬
‫ّ‬
‫المفسرة للمعتقدات الدينية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النظريات‬ ‫‪.IV‬‬
‫تقتــرح هــذه النظريــات أن الــدين هــو اســتجابة لظــروف الحرمــان أو التــوتر ال ــذى يشــعر بــه الفــرد ألســباب‬
‫موجــودة فــي المجتمــع‪ ،‬وعنــدما يكــون المجتمــع مســتق اًر فــإن طاقتــه تعمــل علــى المحافظــة وبقــاء توازنــه‪ ،‬ولكــن عنــدما‬
‫يتزعـزع هــذا االسـتقرار سـواء بسـبب خالفــات أو ن ازعـات داخــل المجتمـع أو بســبب خـارجي‪ ،‬فــإن المجتمـع يتبنــى حيــاة‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪136‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫جديـدة بوسـائل مختلفـة‪ .‬قـد يــتم تحقيـق اإلنعـاش االجتمـاعي والعـودة للتـوازن االجتمـاعي بظهـور ديانـة جديـدة أو فرقــة‬
‫دينية أو طائفة دينية‪ ،‬فالحرمـان سـواء كـان ذات طـابع اجتمـاعي أو اقتصـادي ينـت عنـه الضـغط الـذي يولـد حركـات‬
‫‪14‬‬
‫هذه النظريات حاولت المزج بين كل ما هو اجتماعي ونفسي في تفسيرها لنشأة الدين‪.‬‬ ‫دينية جديدة‪.‬‬
‫أ‪ -‬النظريات االجتماعية‪:‬‬
‫قدموا تفسي اًر اجتماعياً للدين نذكر "إيميل دوركـايم" الـذي عـرض أفكـاره‬
‫من أبرز العلماء االجتماعيين الذين ّ‬
‫في مؤلفه "األشكال األوليـة للحيـاة الدينيـة" سـنة ‪ ،2124‬وقـد اعتمـد فـي د ارسـاته علـى المعطيـات اإلثنوغرافيـة‪ 15‬التـي‬
‫وتوصــل إلــى أنــه ينظــر إلــى الــدين كــأي نظــام اجتمــاعي مــا هــو إال‬
‫ّ‬ ‫صــيغت مــن الطوطميــة عنــد القبائــل األســترالية‪،‬‬
‫‪16‬‬
‫استجابة لمتطلبات اجتماعية‪ ،‬وأنه من بين الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫مقدســة‪ ،‬ترتكــز‬
‫يعتبــر "إيميــل دوركــايم" الــدين علــى أنــه نظــام موحــد مــن المعتقــدات والممارســات حــول أمــور ّ‬
‫المقدسة واألخرى الدنيوية‪ .‬ويضيف قائال‪ :‬أنه‬
‫ويميز بين األشياء ّ‬ ‫يفرق ّ‬ ‫أصوله إلى الواقع والمجتمع وليس الفرد الذي ّ‬
‫مقدسـاً‬
‫مقدساً من تلقاء نفسه‪ ،‬فقطعة الحجر أو الخشب أو التمثـال ال يصـير شـيئاً ّ‬‫ال يوجد شيء مادي يصير تلقائياً ّ‬
‫‪17‬‬
‫بد أن يكون رم اًز‪ ،‬لكن رم اًز ألي شيء؟‪.‬‬‫من تلقاء ذاته‪ ،‬وانما ال ّ‬
‫مقدســة‪.‬‬
‫يقتــرح "دوركــايم" أن رمزيــات الشــيء المقــدس ترجــع إلــى أن المجتمــع يجعــل مــن بعــض األشــياء ّ‬
‫‪18‬‬
‫كرمــز‪ .‬فــأفراد هــذه القبائــل ينتظمــون فــي‬ ‫ويعتمــد فــي أطروحات ـه علــى أن قبائــل وســط أســتراليا يســتخدمون الطــوطم‬
‫عشائر وأن لك ّل عشيرة طوطماً خاصاً بها‪.‬‬
‫والطوطم هو مركـز الشـعائر الدينيـة للعشـيرة‪ ،‬ويصـبح رمـ اًز لهـا بـل وللمجتمـع ككـل ويعتمـد أعضـاء العشـيرة‬
‫على الطوطم كرمز في حياتهم‪ ،‬وتتحـدد مـاهيتهم تبعـا للطـوطم الـذي يمـارس قوتـه علـى أفعـالهم وسـلوكياتهم وأفكـارهم‬
‫‪19‬‬
‫التي يجب أن يعملوا على تأكيدها من خالل ممارسة شعائر وطقوس عامة‪.‬‬
‫النظريات النفسية‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫تنظر هذه النظريات السيكولوجية إلى الدين على أنه يساعد على تخفيض القلق والخوف لدى األفراد الناجم‬
‫عن شعور بالشيء المجهـول‪ .‬وقـد افتـرض العـالم األنثروبولـوجي "مالينوفسـكي" أن الـدين هـو اسـتجابة للقلـق والخـوف‬
‫مـن المجهــول الــذي يــؤثر فــي شخصــية األفـراد‪ ،‬فالشــعور بالتهديــد يشــتت ويمــزق الجماعــة‪ ،‬والتمــزق هــو المــوت ذاتــه‪،‬‬
‫ولكن من خالل الدين يؤكد اإلنسان لذاته أن الموت ليس هو النهايـة‪ ،‬وانمـا تسـتمر شخصـية اإلنسـان معـه حتـى بعـد‬
‫‪20‬‬
‫الموت‪.‬‬
‫فمرده إلى نتيجـة‬
‫ويفسر "سيجموند فرويد" نشأة الدين ويميزه عن القلق الذي ينشأ خالل فترة الطفولة األولى ّ‬
‫‪21‬‬
‫التــي يوجــه الطفــل مــن خاللهــا مشــاعره نحــو أمــه‪ ،‬ويصــاحب ذلــك الشــعور‬ ‫عــدم التوصــل إلــى حــل عقــدة "أوديــب"‬
‫بالخوف من اإلله‪ .‬فالدين عند "فرويد" حاجة عصابية ينمو عند الكائنات اإلنسانية مع استمرار الحياة‪ ،‬ويقف "يـون "‬
‫موقفاً معارضاً حيـث يعتبـر الـدين عالجـاً نفسـياً‪ ،‬وُيرجـع القلـق إلـى خبـرات التنشـئة االجتماعيـة‪ ،‬ويقتـرح أن الـدين يم ّـد‬
‫‪22‬‬
‫األفراد بحلول وعالجات للصراعات الداخلية الذاتية‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫عــن ثقافــات‬ ‫وقــد اســتنت "فرويــد" مــا توصــل إليــه فــي تفســير القلــق والــدين مــن خ ـالل التقــارير اإلثنولوجيــة‬
‫المجتمع ــات البدائي ــة‪ ،‬وظه ــرت آراءه ف ــي كتاب ــه "الط ــوطم والمح ــرم" ال ــذي نشـ ـره س ــنة ‪ ،2121‬وج ــاءت مت ــأثرة بـ ـ راء‬
‫التطـ ّـوريين‪ ،‬ولــذلك ســرعان مــا انهــارت النهيــار التطوريــة‪ ،‬ورغــم ذلــك لــم يســتطع "فرويــد" أن يحــرر فكـره مــن معتقداتــه‬
‫المبك ـرة التــي ارتبطــت بــالفكر التطــوري‪ ،‬فأعــاد تأكيــدها فــي كتابــه "موســى والتوحيــد" ســنة ‪ .2111‬وقــد واجــه "فرويــد"‬
‫الموجهــة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫موجـة مــن النقـد مــن طــرف زمالئـه الســيكولوجيين‪ ،‬حيـث يــرى "أدلــر" أن "فرويـد" أغفــل العوامـل االجتماعيــة‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪137‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬
‫‪24‬‬
‫وحاول أن يفسر الدين من منظور فردي‪.‬‬
‫كم ــا رك ــز عل ــى مرحل ــة الطفول ــة دون سـ ـواها م ــن الم ارح ــل العمري ــة األخ ــرى ف ــي ص ــب س ــلوكيات األفـ ـراد‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ربط الدين بالخوف والقلق والفزع الذي يحياه الفرد‪ ،‬وعليه فالدين عنـده هـو عـدم القـدرة فـي التحـرر مـن‬
‫عقـ ــدة "أوديـ ــب" ال غيـ ــر‪ ،‬وهـ ــذا مـ ــا يؤكـ ــد صـ ــحة الطـ ــرح الـ ــذي يقـ ــول أن الفكـ ــر الفرويـ ــدي فكـ ــر اسـ ــتاتيكي (عكسـ ــه‬
‫الديناميكية)‪.‬‬
‫المذاهب الدينية عند المجتمعات البدائية‪:‬‬ ‫‪.V‬‬
‫المذهب الحيوي‪Animisme :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اشتهر عالمين في تفسير نشـأة الـدين وفـق المـذهب الحيـوي وهمـا "ادوارد تـايلور" والعـالم "سبنسـر"‪ ،‬وقـد‬
‫طرحـا أن أقـدم ديـن فـي الوجــود هـو االعتقـاد فـي األرواح وعبادتهـا‪ ،‬حيــث يظهـر "تـايلور" أن مخيلـة األقـدمين متــأثرة‬
‫جداً باألحالم‪ .‬كيف أن النائم تحت الشجرة أو في خيمة أو في كهف‪ ،‬على حين فجأة يـرى نفسـه متـنقالً فـي أمـاكن‬
‫لم تطأها قدماه‪ ،‬أو يرى نفسه في قتال عنيف يوشك على الهالك‪ ،‬واذا به يستيقظ فيـرى نفسـه فـي مكانـه لـم يبرحـه‪،‬‬
‫فبالتــالي ومــن المعقــول أن يــذهب بــالقول بوجــود نفــس فيــه تفــارق الجســد فــي حالــة النــوم ولهــا مقــدرة التنقــل إلــى عــدة‬
‫‪25‬‬
‫وأهــم المســائل الت ــي اعتمــدها هــذا المــذهب فــي طروحاتــه وهــي‪ :‬نشــأة الــنفس اإلنســانية‪ ،‬عبــادة النفــوس‬ ‫أمــاكن‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلنسانية‪ ،‬عبادة األرواح‪.‬‬
‫نشـــاة الـــنفا اةنســـانية‪ :‬كــان الفيلســوف اليونــاني "‪ "Evhemere‬الســباق إلــى وضــع أس ــس المــذهب‬ ‫أ‪-‬‬
‫الحيــوي أو حيويــة المــادة بشــرحه فكــرة اآللهــة بــتكهن الملــوك المــوتى‪ ،‬وبالتــالي كان ــت أول ــى اآللهــة عنــد أصــحاب‬
‫‪27‬‬
‫المذهب الحيوي هم عبادة األسالف‪.‬‬
‫أمـا التفســير األنثروبولــوجي لنشـأة الفكـرة فيقدمــه "تـايلور" قــائال‪" :‬إنهــا نشـأت مــن اعتقــاد اإلنسـان البــدائي فــي‬
‫الحياة المزدوجة التي يحياها في يقظته من ناحية وفـي نومـه مـن ناحيـة أخـرى‪ ،‬فقـد تص ّـور الحـالتين علـى اعتبـار أن‬
‫كلتيهما حياتان حقيقيتان واقعيتان‪ ،‬فما يراه اإلنسان في نومه من أحـالم إنمـا هـو تعبيـر عـن حيـاة حقيقيـة قضـاها لهـا‬
‫كــل مقومــات الحيــاة التــي يمارســها أثنــاء اليقظــة‪ .‬فحــين يحلــم أنــه زار بلــداً بعيــداً‪ ،‬يعتقــد عــن يقــين أنــه قــام بالزيــارة‪.‬‬
‫ويستنت من هذا أن في اإلنسان يوجد كائنـان‪ ،‬أحـدهما الجسـد‪ ،‬وهـو الشـيء المـادي الملتصـق بالمكـان الـذي نـام فيـه‬
‫وله خاصية عدم االنتقال‪ ،‬والكائن الثاني لـه القـدرة علـى االنتقـال مـن مكـان آلخـر فـي الوقـت الـذي يكـون فيـه الكـائن‬
‫األ ول (الجسد) ساكنا في حالة النوم‪ .‬ومن التجارب التي تحدث لإلنسان البدائي في نومـه ومـا يـراه فـي أحالمـه ومـن‬
‫مالحظاته أن ما يقابلهم في أحالمه لهم أيضا أجساد بعيدة ونفوس قريبة منه من هذا كله ثبت لـه أن فيـه كائنـاً آخـر‬
‫‪28‬‬
‫غير جسده‪ ،‬يستطيع في ظروف معينة أن يترك هذا الكائن المادي الذي يسكن فيه‪ ،‬وأن ينطلق بعيداً عنه‪.‬‬
‫ومن مميزات هذا الكائن الثاني أنه أكثر حركية‪ ،‬يخترق في لحظات آماداً بعيدة‪ ،‬إنه أكثـر لينـا وشـفافية‪ ،‬لـه‬
‫القــدرة علــى النفــاد مــن أج ـزاء الجســم ‪ ،‬مــن األنــف أو الفــم علــى الخصــوص‪ ،‬لــه كــل الصــفات الماديــة التــي للكــائن‬
‫األول‪ ،‬هذا الكائن أو القرين هو النفس‪ ،‬حيث اعتقـدت المجتمعـات البدائيـة أن لهـا القـدرة الماديـة علـى اإليـذاء وانـزال‬
‫النكبات بهم‪ ،‬وأن تحاربهم ألنه عـالم خفـي غيـر مرئـي‪ ،‬ولهـذا كانـت القبائـل األسـترالية تلجـأ إلـى قطـع اإلبهـام األيسـر‬
‫‪29‬‬
‫لقتالهم‪ ،‬لكي تفقد القتيل القدرة على االنتقام‪.‬‬
‫عبادة النفوا اةنسانية (عبادة األرواح الدينية)‪ :‬إن النفس اإلنسانية متصلة مع الجسد وال تخرج منـه‬ ‫ب‪-‬‬
‫إال فــي حالــة المــوت فتتحــول إلــى روح لهــا قــدرة االنتقــال‪ ،‬وال يســتطيع اإلنســان أن يتصــل بهــا إال بممارســته لطقــوس‬
‫خاصة‪ .‬فالنفس ال تصير مقدسـة وال تعبـد إال إذا انفصـلت عـن الجسـد فـي حالـة المـوت‪ ،‬فتتحـول إلـى روح لهـا قـدرة‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪138‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫االنتقــال والنفــاد فتحــدث المنــافع (روح صــالحة) واآلالم واألض ـرار (روح خبيثــة) حســب العواطــف واألحاســيس التــي‬
‫‪30‬‬
‫كانت تحتفظ بها النفوس في حالة اتصالها باألجساد‪.‬‬
‫تلك هي فكرة النفس التـي انتقلـت مـن مبـدأ حيـوي فـي جسـم اإلنسـان إلـى أن صـارت روحـاً أو قرينـاً خايـ اًر أو‬
‫تحوالً في تلك النفس اإلنسانية إلى روح مقدسـة‪ ،‬فـإن أول عبـادة‬ ‫شري اًر أو إلهاً‪ .‬ولكن إذا كان الموت هو الذي أحدث ّ‬
‫إنسانية إنما اتجهت إلـى المـوتى‪ ،‬وكانـت القـرابين توضـع لهـم لتشـبع حاجـاتهم‪ ،‬وكانـت أولـى المـذابح التـي تقـام عليهـا‬
‫‪31‬‬
‫هذه القرابين هي القبور واللحود‪.‬‬

‫عبادة األرواح أصل عبادة الطبيعة‪:‬‬ ‫ج‪-‬‬


‫يرى "تايلور" أن عقلية البدائي مشابهة لعقلية الطفل الذي ال تستطيع التمييز بين الكائن الحي وغير الحـي‪،‬‬
‫فيتصــور األشــياء علــى مثالــه اإلنســاني‪ ،‬ومــن ثــم بــدأ فــي نســب األشــياء غيــر الحيــة لهــا طبيعــة مشــابهة لطبيعتــه‪،‬‬
‫فاألشياء الطبيعية بالنسبة له هي أرواح كاألرواح اإلنسانية‪ ،‬واألرواح إذن هي قسمان‪:‬‬
‫إنســـانية‪ :‬لــيس لهــا تــأثير مباشــر إال علــى العــالم اإلنســاني متصــلة مــع الجســم ويخلصــها عــن طريــق‬ ‫‪-‬‬
‫قدم لها القرابين وفق طقـوس‬
‫الموت‪ ،‬فتصير لها قوة مطلقة في االنتقال وتختص بالصحة والمرض فتعبد وتُ ّ‬
‫معينة‪.‬‬
‫متصلة باألشياء‪ :‬تفسر لنا ظواهر الحياة المادية في مجـاري الميـاه وحركـة النجـوم‪ ،‬فقـد خضـع اإلنسـان‬ ‫‪-‬‬
‫البدائي لحركة األرواح الكونية‪.‬‬
‫خضــع اإلنســان البــدائي أكثــر للقــوى الكونيــة ممثلــة فــي حركــات النجــوم والكواكــب‪ ،‬يطلــب منهــا أمــو اًر ماديــة‬
‫بحتة يحتاجها‪ ،‬لذلك تقرب إليها بالقرابين واألضحيات يستلهم منها بـالطقوس والصـلوات األمـن والسـعة والـرزق‪ .‬بينمـا‬
‫‪32‬‬
‫صلته بأرواح األسالف كانت ذات طابع مثالي وتخيلي‪.‬‬
‫الطوطمية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي ـراد بــالطوطم كائنــات حيوانيــة أو نباتيــة تحترمهــا بعــض المجتمعــات البدائيــة‪ ،‬ويعتبــر مــن العبــادات التــي‬
‫‪33‬‬
‫عرفت بها هذه المجتمعات‪ .‬والطوطم بالنظر إلى مجموع القبائل ثالت طبقات‪:‬‬
‫طوطم القبيلة وهو عام يشترك في احترامه كل أفرادها ويتوارثونه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫طــوطم الجــنس وهــو مــا يخــتص باحت ارمــه أف ـراد أحــد الجنســين الــذكور أو اإلنــاث‪ ،‬فيكــون خاص ـاً‬ ‫‪-‬‬
‫بنساء القبيلة أو برجالها‪.‬‬
‫الطوطم الشخصي وهو ما يختص باحترامه الفرد الواحد وال يرثه أبناؤه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومن قوانين الطوطمية أو تعاليمها كما لخصها المؤلف االجتماعي "رينخ" ‪:Reinach‬‬
‫يمتنــع أصــحاب هــذا المــذهب عــن قتــل أو أكــل لحــوم بعــض الحيوانــات تقديســا لهــا‪ ،‬وعنــد بعــض‬ ‫‪-‬‬
‫القبائل تتم عملية االمتناع عن أكل بعض أعضاء لحم الطوطم وليس كله‪.‬‬
‫إذا مات الحيوان الطوطم تحزن القبيلة بأسرها‪ ،‬وتدفنه بم ارسـيم جنائزيـة كمـا لـو كـان أحـد أفرادهـا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫واذا وجد أحـد األفـراد نفسـه مضـط اًر لقتـل طوطمـه‪ ،‬يعتـذر إليـه ويعمـل مـا فـي وسـعه للتخفيـف مـن‬
‫تقدم القبيلة طوطمها كذبيحة تبكي بأسرها حزناً عليه‪.‬‬
‫وطأة جريمته‪ .‬وفي حال ّ‬
‫تطلق بعض القبائل وبعض األفراد على نفسها اسم طوطمها‪ ،‬كما تزين كثير من القبائـل أسـلحتها‬ ‫‪-‬‬
‫أو أجسامها بصور طوطمها الحيوان ويشمون أنفسهم بها‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪139‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫يحامي الحيوان الطوطم عن أصحابه ويدافع عنهم‪ ،‬كما قد يكشـف لهـم عـن المسـتقبل ويكـون لهـم‬ ‫‪-‬‬
‫أمـا إذا كـان الطـوطم حيوانـاً مفترسـاً يخشـى شـره فاالعتقـاد السـائد أنـه يكـف أذاه عـن القبيلـة‬
‫دليالً‪ّ .‬‬
‫التي تسمى باسمه‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫يؤمن أفراد القبيلة الطوطمية بوجود نسب يربطها بطوطمها وبأنها واياه من أصل واحد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ينظــر األنثروبولوجيــون إلــى الطوطميــة باعتبارهــا تعبي ـ اًر عــن وحــدة الجماعــة وتضــامنها وتماســكها وهــو يمــد‬
‫الحيــاة االجتماعيــة باســمه‪ ،‬وهــم يقومــون بــبعض الطقــوس والشــعائر العتقــادهم بأنــه يعطــي العشــيرة القــوة‪ ،‬وألن هــذه‬
‫الطقوس تحافظ على قوة الحية للحيوان الطوطم‪ ،‬وتجعله يتكـاثر ويتضـاعف‪ ،‬وهـم ال يقتلـون وال يـأكلون هـذا الطـوطم‬
‫وانما يترك ليتكاثر وليمد العشائر األخرى بالطعام‪ ،‬فإذا كان حيوان "الكانغـارو" مـثال طوطمـاً لعشـيرة مـا‪ ،‬فمعنـى ذلـك‬
‫أن هذه العشيرة تتخذ هذا الحيوان رم اًز لها يميزها عن غيرها من العشائر األخرى‪ ،‬ولقبـاً يحملـه جميـع أفرادهـا للداللـة‬
‫‪35‬‬
‫النتمائهم إليه‪ ،‬وتعتقد أنها وفصيلة "الكانغارو" من طبيعة واحدة‪.‬‬
‫يوجــد فــي بعــض الــنظم االجتماعيــة الطوطميــة نــوع مــن تقســيم العمــل وتحديــد دور كــل مــن الرجــل والم ـرأة‪،‬‬
‫وكبار السن والصغار‪ ،‬وكذا طقوس الزواج وتأسيس األسرة‪ .‬فالطوطم شيء أساسي في ثقافة المجتمع الذي يؤمن به‬
‫وهو شكل من أشكال التنظيم االجتماعي‪ ،‬وقد يشكل شريعة وقانون الجماعة‪ .‬والطـوطم شـائع عنـد الهنـود الحمـر فـي‬
‫‪36‬‬
‫أمريكا الشمالية وأستراليا والقبائل البدائية وشعوب البانتو في إفريقيا‪.‬‬
‫عرفــت العــرب فــي الجاهليــة عبــادة التماثيــل أو األصــنام وهــذا نــوع مــن الطوطميــة‪ .‬أمــا فــي العهــد اإلســالمي‬
‫وخاصة في عهـد الخليفـة عمـر ابـن الخطـاب رضـي اهلل عنـه الـذي قـام بقطـع الشـجرة التـي أقيمـت تحتهـا بيعـة العقبـة‬
‫تحول بعض المسلمين إلى تمجيدها وتقديسها‪ ،‬وبالتالي يعد هذا نـوع مـن الطوطميـة فـي العهـد اإلسـالمي‬
‫الثانية حين ّ‬
‫قام الخليفة الفاروق باستئصالها نهائياً لتصحيح عقيدة المسلمين نحو عبادة اإلله الواحد (عقيدة التوحيد)‪.‬‬
‫السحر واألنثروبولوجيا‪:‬‬ ‫‪.VI‬‬
‫الســحر ظــاهرة اجتماعيــة عرفتهــا وال ت ـزال تعرفهــا جــل المجتمعــات اإلنســانية‪ ،‬كمــا أن للخصوصــية الثقافيــة‬
‫للمجتمعــات عالقــة فــي تحديــد مكانــة الســحر داخــل المجتمعــات ونظ ـرة أفرادهــا لــه‪ ،‬فالســحر يمكــن أن يكــون ممارســة‬
‫دونية في بيئات اجتماعية ثقافية معينة‪ ،‬بينما مبجل ومرغوب فيـه مـع الحـث عليـه فـي بيئـات اجتماعيـة ثقافيـة أخـرى‬
‫نظ ار للخدمة التي يقدمها ألفراد المجتمع‪.‬‬
‫يعتمد السحر على اعتقاد ما في نوع من أنواع من القوى والطاقات فوق الطبيعية‪ ،‬وليس مـن الضـروري أن‬
‫يكون مرتبطاً بالدين‪ ،‬ولكن فـي غالـب الحـاالت يكـون مرتبطـا ارتباطـاً وثيقـاً بـه خاصـة عنـد المجتمعـات البدائيـة التـي‬
‫تؤمن بتعدد اآللهة وغيرها وبالتالي من الصعب الفصل بين السحر والدين عند هذه المجتمعـات ألن معتقـداتها تعتمـد‬
‫على اإليمان بوجود قـوى فـوق الطبيعـة‪ .‬كمـا أن الكثيـر ممـن يمارسـون السـحر هـم مـن رجـال الـدين كمـا كـان السـحرة‬
‫‪37‬‬
‫المقدسة‪.‬‬
‫في أوربا العصور الوسطى يستخدمون نصوصاً من الكتب ّ‬
‫ويميــز "جــيمس فريــزر" بــين الســحر‬
‫اســتخدمت المجتمعــات البدائيــة الســحر لكــي تتعامــل مــع العــالم الغيبــي‪ّ .‬‬
‫والدين‪ ،‬عن طريق السحر يقوم الفرد بتقديم توسالت إلى قوى الغير علوية‪ ،‬بينما الدين هـو وسـيلة للتقـرب إلـى القـوى‬
‫العلوية‪ ،‬ويهدف الدين إلى السيطرة على نظام الطبيعة وتتحكم فيه كائنات عليا‪ ،‬بينما يتبع السحر نظام الطبيعة‪.‬‬
‫وقد اعتقد "جيمس فرايزر" وهو مـن أصـحاب الطـرح التطـوري الـذين اعتبـروا أن السـحر شـ ّكل حقبـة تاريخيـة‬
‫من حقب المسيرة اإلنسانية حيث أروا فيه أولى المحطات هذه المسيرة ثم جاء بعدها الدين ثم تاله العلم أو مـا يعـرف‬
‫بالوضعية‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪140‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫أما "مالينوفسكي" فقد اهتم بوظيفـة السـحر والـدين فـي حيـاة المجتمعـات ولـم يـولي اهتمامـاً لنشـأة كـل منهمـا‪.‬‬
‫وميز بين الشعائر الدينية والممارسات السحرية‪ ،‬فاألولى ليس لها غرض خفي في حين أن الثانية تهدف إلـى تحقيـق‬
‫ّ‬
‫غرض خـاص‪ ،‬وأن كـل هـدف لـه متضـمنات سـيكولوجية وسوسـيولوجية‪ ،‬علـى سـبيل المثـال مـا الحظـه "مالينوفسـكي"‬
‫عندما قامت أعاصير في ميالنيزيا أثناء إجراء دراسته الميدانية أن أحد السحرة وهو يأمر اإلعصار بـالتوقف‪ ،‬ويؤكـد‬
‫‪38‬‬
‫ألفراد القبيلة أن ليس ثمة ضرر سيلحق بقريتهم‪.‬‬
‫وقد أدرك "مالينوفسكي" من خالل هذا الموقف وظيفة السحر الحقيقة‪ ،‬فهـي تـؤدي مـن الناحيـة السـيكولوجية‬
‫إلى التكامل العقلي والثقة في شـخص واحـد‪ ،‬ويسـتطيع عـن طريقهـا توحيـد التنظـيم فـي الوقـت والظـروف التـي تتطلـب‬
‫تغيـر مـن‬
‫حركة منظمة وفعالة‪ .‬وحسـب "مالينوفسـكي" فـإن سـكان "التروبريانـد" يعتقـدون فـي الشـعائر السـحرية أنهـا ال ّ‬
‫الطبيعــة‪ ،‬فهــم يعرفــون قــدرات اإلنســان‪ ،‬وأن الســحر يعطــيهم فقــط اإلحســاس باألمــان‪ ،‬فالســحر عنــدهم لــيس خطــأ أو‬
‫شيطاناً‪ ،‬وانما يعتقد "مالينوفسكي" أن السحر هو طريقة للتعامل مـع األخطـار الحقيقيـة التـي تهـدد حيـاة األفراد‪،‬ولـذلك‬
‫‪39‬‬
‫فهو يقوم أساساً على الحاجات النفسية‪.‬‬
‫أكــد "مالينوفســكي" علــى أن وظــائف الســحر والــدين تعمــل علــى تخفــيض القلــق والخــوف واإلحســاس بــاألمن‪،‬‬
‫بينمــا يــرى "راد كليــف ب ـراون" أن الشــعائر الســحرية تعمــل علــى إثــارة القلــق والشــعور بعــدم األمــان والخطــر‪ ،‬المالحــظ‬
‫يلمــس نــوع مــن التعــارض فــي الــرؤى لكــن الحقــائق تبـّـين وجــود تكامــل بعضــهما الــبعض‪ .‬ويرجــع اخــتالف تفســير كــل‬
‫منهما إلى طبيعة الشعائر التي تؤدى في المجتمع‪ ،‬فالفرد الذي نشأ فـي ثقافـة لهـا تقاليـد خاصـة بـه فـي أداء الشـعائر‬
‫قد يجد فيها وسـيلة للـتخلص مـن القلـق‪ ،‬وعـادة مـا يكـون األداء فـي شـكل جمـاعي‪ ،‬وبالنسـبة للعـالم "راد كليـف بـراون"‬
‫فــإن حــاالت القلــق التــي تظهــر يكــون ســببه وجــود الشــعائر‪ ،‬وتــؤدي المشــاركة فــي أداء الشــعائر إلــى ضــغوط نفســية‬
‫عامة‪ ،‬مما يعزز التماسك االجتماعي وضرورة المشاركة في أدائها‪.‬‬
‫اشــترك العالمــان "مالينوفســكي" و"ب ـراون" فــي اهتمامهمــا بد ارســة وظيفــة الــدين داخــل المجتمــع‪ .‬فمالينوفســكي‬
‫ك ــان يه ــتم بالوظ ــائف الس ــيكولوجية الت ــي يؤديه ــا الس ــحر وال ــدين للف ــرد كتخفي ــف القل ــق والخ ــوف‪ ،‬بينم ــا اه ــتم "بـ ـراون"‬
‫‪40‬‬
‫بالوظيفة االجتماعية للسحر والدين‪.‬‬
‫فرغم التقدم المعرفي والعلمـي الـذي يشـهده العـالم خاصـة فـي أمريكـا وأوربـا إال أنـه لـم يقـف عائقـا فـي طريـق‬
‫السحر بل نجد أن هذا األخير عاد بقوة إلى هذه المجتمعات نتيجة للفراغ الروحي الذي تتخبط فيه وكثرة القلـق الـذي‬
‫يعيشــه أفرادهــا‪ .‬فالــدين فــي نظــر المختصــين الســبيل الوحيــد إليقــاف الســحر‪ ،‬فكلمــا تشــبعت المجتمعــات بالــدين كلمــا‬
‫تراجع السحر والعكس صحيح‪.‬‬
‫يقــول "مارس ـيل مــوس"‪" :‬الســحر هــو إمســاك ذرائعــي بقــوى غيــر بش ـرية وتحويلهــا لمصــلحة شخصــية‪ ،‬بينمــا‬
‫‪41‬‬
‫يتوجه الدين بصورة جماعية نحو قوى متسامية تلعب دو اًر اجتماعياً توحيدياً‪.‬‬
‫مع ذلك تظهر السمات السحرية في األشكال الخارجية للدين‪ ،‬فتمارس الطقوس السحرية تـأثي اًر تلقائيـاً دونمـا‬
‫اعتب ــار للحري ــة األش ــخاص أو لقيم ــة الفع ــل أو الموض ــوع األخالق ــي‪ ،‬فعن ــدما تُق ـ ّـدم القـ ـرابين وال ــذبائح ُيعتق ــد بمق ــدرتها‬
‫الحياتية لصالحنا‪ ،‬وكذلك األمر في حمل حجاب أو التميمة أو تعويـذة يفتـرض أن هنـاك روحـاً أو قـدرة خاصـة تفعـل‬
‫من خاللها‪ ،‬والمحظورات والمحرمات الخاصة بأشـياء أو أفعـال أو أشـخاص يشـكل واحـدا منهـا خطـ اًر علـى اإلنسـان‪،‬‬
‫‪42‬‬
‫هي غريبة عن مفهوم مسؤولية الشخص أو القصد‪ ،‬لكون اإلخالل بها يستتبع خسارة تلقائية‪.‬‬
‫ويدم السحر األبيض أو اإليجابي ما يمكن تسميته بالممارسة التطبيبية أو العالجية‪ ،‬بينمـا السـحر األسـود‬
‫ُ‬
‫أو السلبي يمكن تسميته بالشعوذة نظ اًر للغايات التي يهدف إليها والمتمثلة في إلحاق الضرر واألذى باآلخرين‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪141‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫يهدف سحر الحماية إلى تخليص اإلنسان من مؤثرات السوء‪ ،‬إذ يحاول الشخص في عملية فك السـحر أن‬
‫يســتحوذ علــى القــوى الحيــة آلخــر (وهــذا مــا يســمى الرقيــة) مــن خــالل عنصــر منــه‪ :‬شــعرة‪ ،‬ظفــر أو لبــاس‪ ،‬ويســود‬
‫االعتقــاد هنــا بــأن جــزءاً مــن المخلــوق ســوف يــؤثر عليــه بكاملــه‪ ،‬هــذا مــا يبــين كيــف أن الســحر يعكــس المنطــق وعلــم‬
‫البي ــان م ــن خ ــالل الكناي ــة (الدالل ــة عل ــى الك ــل م ــن خ ــالل الج ــزء)‪ ،‬أو م ــن خ ــالل االس ــتعارة (الدالل ــة عل ــى المثي ــل‬
‫‪43‬‬
‫بالمثيل)‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫يقدم "تايلور" أربعة أسباب إليمان الشعوب بالسحر وهي‪:‬‬
‫‪ -‬بعض نتائ السحر تحدث فعالً ولكن ال شك في ذلك من قبل الصدفة‪.‬‬
‫‪ -‬غالبـ ـاً م ــا يس ــتخدم الس ــاحر الخ ــداع واإليه ــام واإليح ــاء والتالع ــب باأللف ــاظ العمومي ــة الت ــي تحتم ــل كاف ــة‬
‫التأويالت الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬المؤمنون بالسحر يذهلون من النتائ التي تحدث ويتأثرون بها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تحقق المطالب يفسر دائماً بوجود قوى سحرية مضادة تعمل علـى عـدم إنجـاح المطلـوب وتسـتدعي‬
‫أعماالً سحرية أخرى ضد السحر المضاد‪.‬‬
‫ويعتقد "جيمس فريزر" أن السلوك السحري واالعتقاد فيه يشابه العلـم‪ ،‬ألنهمـا يفترضـان أن تسلسـل الحـوادث‬
‫مـرتبط ببعضــه وأن الحــدث الســابق يصــبح مســبباً لالحــق‪ .‬لكــن الســحر يتضــمن المعتقــد والشــكل والســلوك وهــذه قائمــة‬
‫غير قابلة للنقد أو االختبار والتجربة والتعديل كما هو الحل في المنه العلمـي‪ ،‬والـى جانـب ذلـك فالسـحر ال يعتـرف‬
‫بوجــود أدلــة مناهضــة‪ ،‬بــل علــى العكــس يتطلــب اقتناع ـاً مؤمن ـاً ال يعتريــه الشــك‪ ،‬وبــذلك هــو علــم دوغمــاتيكي‪ ،‬ولكنــه‬
‫‪45‬‬
‫مقبول تماماً عند المؤمنين به‪.‬‬
‫نلخص أهم النقاط المتعلقة بموضوع السحر وهي كاآلتي‪:‬‬
‫من الناحية التاريخية يعد السحر من أقدم الممارسات التي لجأ إليها اإلنسان لحل مشكالته‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ظاهرة السحر ال ترتبط بالمجتمعات ذات الثقافة البدائية بل حتـى المجتمعـات المتقدمـة تنتشـر فيـه‬ ‫‪-‬‬
‫هذه الظاهرة‪.‬‬
‫يعتبـر السـحر مســتوى مـن مسـتويات التفكيــر الالعقالنـي ولكــن هـذه الالعقالنيـة ينظــر لهـا بالنســبة‬ ‫‪-‬‬
‫للمشتغلين بالسحر والمقبلين عليه عقالنية نظ اًر للخدمـة االجتماعيـة التـي يقـدمها لهـم وقـوة اإلقنـاع‬
‫يتميز بهما عندهم‪.‬‬
‫واإليمان اللتين ّ‬
‫وجود نوعان من السـحر‪ ،‬سـحر أبـيض أو النـافع وسـحر أسـود أو الضـار مـع التمييـز بـين السـحر‬ ‫‪-‬‬
‫النافع والرقية‪ ،‬حيث أن الساحر سواء بالنسبة للسحر النافع أو الضار يلجأ فـي عملـه إلـى التقـرب‬
‫مــن قــوى روحيــة والجــن والشــياطين‪ ،‬بينمــا ال ارقــي الــذي يســتعمل الرقيــة الشــرعية يلجــأ إلــى الكتــب‬
‫السماوية سواء اإلنجيل بالنسبة للمسيحيين والنصـارى والقـرآن الكـريم واألحاديـث النبويـة الصـحيحة‬
‫بالنسبة للمسلمين‪.‬‬
‫إلــى جانــب أســباب اإلقبــال علــى الســحر والســحرة التــي ذكرهــا "تــايلور" هنــاك أســباب أخــرى يمكــن‬ ‫‪-‬‬
‫إدراجها كجهـل األفـراد واسـتغاللهم مـن طـرف السـحرة‪ ،‬ضـعف الـوازع الـديني والفـراغ الروحـي التـي‬
‫تعيشه أغلـب المجتمعـات المتقدمـة وسـيادة الفكـر المـادي النفعـي‪ ،‬فشـل وعجـز الطـب الحـديث فـي‬
‫تقديم الخدمات العالجية الالئقة وخاصة الطب النفسي التـي لـم يصـل إلـى حـد اآلن لعـالج العديـد‬
‫عدة مجتمعات‪.‬‬
‫من األمراض النفسية إلى جانب عدم اإليمان به واإلقبال عليه في ّ‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪142‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫الفرق بين الدين والسحر‪:‬‬


‫تعـ ّـددت تعــاريف الفالســفة واألنثروبولــوجيين وعلمــاء الــنفس وعلمــاء االجتمــاع للــدين‪ ،‬فمــنهم "سبنســر" الــذي‬
‫عرف الديانة بأنها نوع من اإلحسـاس يجعلنـا نشـعر بأننـا نسـبح فـي بحـر مـن األسـرار‪ ،‬ومـنهم "فيروربـا " الـذي نسـب‬ ‫ّ‬
‫الديانة إلى غريزة تدفعنا نحو السعادة‪ ،‬وكذلك تعريف "برغسون" مجدد علم النفس الذي يعتبر الـدين نـوع مـن الشـعور‬
‫الــداخلي بالســعادة‪ .‬أمــا الوضــعيون الــذين يرتكــزون علــى العلــم دون التعــاريف الســابقة التــي هــي مبنيــة علــى الشــعور‬
‫النفسي واإلحساس الداخلي‪ ،‬على غرار "جيمس فريزر" الذي جعل ظهور الديانات من يـوم مـا خضـع النـاس ل‪،‬لهـة‪،‬‬
‫أو مــن يــوم مــا اعتقــدوا بوجــود األرواح والجــن ونفــوس األمـوات‪ .‬فقــد حــدا "شــميدت" حــذو "فريــزر" واعتبــر الديانــة مــن‬
‫مقيـد بكـائن أعلـى منـه وأقـوى‪ ،‬ومـن الوجهـة العمليـة‬ ‫الوجهة النفسية فكـرة فـي المـرء وعاطفـة‪ ،‬يشـعر مـن جرائهمـا بأنـه ّ‬
‫عبــادة وصــالة وذبيحــة‪ 46.‬وينكــر "إيميــل دوركــايم" هــذا القــول قــائال بأنــه قــد تخلــو الديانــة مــن اآللهــة واألرواح‪ ،‬ودليلــه‬
‫على ذلك خلو البوذية والبراهمية من اآللهة وهما ديانتان تتبعهما شعوب عرفت أعظم حضارات التاريخ‪.‬‬
‫ومـن التعــاريف الســابقة نعـرج علــى تعريــف قـد يكــون شــامالً مـا رآه "إيميــل دوركــايم" أن الديانـة تقســم األشــياء‬
‫واألمور إلى فئتين متناقضتين‪ :‬الحالل والحـرام ‪ le sacré et le profane‬معتبـ اًر أنهمـا أسـاس كـل ديـن الـذي يقـوم‬
‫على مبدأ التمييز بينهما وعدم الخلط بينهما‪ .‬فتكون الديانة على حد تعبير "دوركايم"‪" :‬مجموعـة متماسـكة مـن العقائـد‬
‫والفرائض واألعمال المتعلقة باألشياء المحرمة‪ ،‬وهي محكمة الربط فيما بينها تضم في مجتمع خلقـي واحـد كـل الـذين‬
‫‪47‬‬
‫يتصلون بها‪ ،‬ويسلمون بنفس األمور"‪.‬‬
‫فإذا كانـت الديانـة تفـرق بـين الحـالل والحـرام‪ ،‬فكـذلك السـحر يفـرق بينهمـا ولـه كـذلك تعاليمـه وتقاليـده‪ ،‬ولكـن‬
‫يكمن الفرق بينهما كون المحرمات في الدين ال تكون أبداً طاهرة‪ ،‬فالكتب المقدسة طاهرة وأماكن العبـادة طـاهرة‪ ،‬أمـا‬
‫السحر فتستمد محرماته قوتها من األشياء النجسة كاألوسا والقاذورات والشعر والحيضة والعظام والبول‪ ،‬واذا تنـاول‬
‫الساحر األشـياء المحللـة عمـد بـادئ بـدء إلـى تنجيسـها‪ .‬فالـدين يسـتمد قوتـه مـن الطهـارة أمـا السـحر فيسـتمد قوتـه مـن‬
‫‪48‬‬
‫النجاسة‪.‬‬
‫يميــز الــدين عــن الســحر هــو أن األول مــن الطقــوس العامــة االجتماعيــة‪ ،‬والث ــاني مــن الطقــوس‬
‫كــذلك مــا ّ‬
‫االسـ ّـرية لل خاصــة الفرديــة‪ ،‬أي أن الســاحر يقــوم بعملــه فــي مصــلحة الفــرد أو بضــعة أفـراد بينمــا رجــل الــدين يخــدم كــل‬
‫أفراد المجتمع‪.‬‬
‫األسطورة واألنثروبولوجيا‪:‬‬ ‫‪.VII‬‬
‫تعاريف األسطورة‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫من الناحية اللغوية األسطورة من سطر وهو بهذا المعنـى تقسـيم وتصـنيف األشـياء‪ ،‬فاألسـطورة تعنـي الكـالم‬
‫مدونــة أو مكتوبــة‪ ،‬ولكــن بالضــرورة هــي الكــالم المنظــوم ســط اًر وراء‬
‫المســطور المصــفوف‪ ،‬وال يشــترط فيهــا أن تكــون ّ‬
‫ـف‪ ،‬وس َّ‬
‫ـطر‬ ‫سطر كالشعر ما يسهل حفظها وتداولها ويحافظ على بنيانها وكلماتها‪ .‬في محيط المحـيط طسـطَّر أي ألَّ ط‬
‫‪49‬‬

‫‪50‬‬
‫فالن أي أتانا باألساطير‪.‬‬
‫يعتبر بعض الباحثين أن كلمـة أسـطورة مقتبسـة مـن اليونانيـة "‪ "Historia‬وتعنـي الحكايـة أو القصـة‪ ،‬إال أن‬
‫‪51‬‬
‫أسطورة تعني قصة غير حقيقية‪ ،‬بينما كلمة "‪ "Historia‬تعني تاريخ‪.‬‬
‫يتفق المؤرخون بأن تاريخ األسطورة يسبق ظهور الكتابة بزمن طويل‪ ،‬فقد تمكنت الحمـالت الغربيـة الحديثـة‬
‫مـع نهايــة القــرن ‪ 21‬التـي توجهــت للتنقيــب عــن اآلثـار فــي بــالد الشـام والعـراق ومصــر مــن العثـور علــى ألـواح طينيــة‬
‫دونــت عليهــا رســومات ورمــوز واشــارات كتبــت بأشــكال مختلفــة وتطـ ّـورت زمانيـاً حســب الم ارحــل‬
‫وأرقــام وجــدران معابــد ّ‬
‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪143‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫المدونات باألساطير‪ .‬وتعد بالد سومر أقدم الحضارات التي اهتمت بالتـدوين والتسـطير‬ ‫ّ‬ ‫الحضارية‪ ،‬حيث عرفت تلك‬
‫كما دلت عليه االكتشافات‪ .‬أما ما يخص تاريخ بداية الكتابة الرمزية ومن خـالل المعطيـات التراثيـة يقـال بـأن "أنـوش‬
‫هـو أول مـن خـدش الخـدوش"‪ ،‬وأنـوش مـن سـاللة آدم اهتـدى إلـى الـنقش علـى الطـين عنـدما الحـظ أثـار أقدامـه علــى‬
‫‪52‬‬
‫األرض‪.‬‬
‫جـ ــاء فـ ــي كتـ ــاب الميثولوجيـ ــا السـ ــورية‪ ،‬تعريـ ــف لألسـ ــطورة عـ ــن الفيلسـ ــوف "ميرسـ ــيا إيليـ ــاد"‪ :‬أن الميتـ ــوس‬
‫(‪ )Mythos‬وهي عند اإلغريق تعني الحكاية‪ ،‬واألسطورة تحكـي قصـة مقدسـة وحادثـا وقـع فـي زمـن غـابر‪ ،‬وال تـروي‬
‫وتفســر مــا هــو ك ـائن وموجــود فعــال‪ ،‬لــذلك هــي قصــة حقيقيــة‪ .‬ويضــيف‪" :‬إن األســاطير‬ ‫األســطورة إال مــا حــدث فعــال ّ‬
‫تنبع ــث م ــن حاج ــة ديني ــة عميق ــة تظه ــر ف ــي ص ــيغة اجتماعي ــة ومتطلب ــات عملي ــة‪ .‬وف ــي المجتمع ــات البدائي ــة تلع ــب‬
‫تعبر عن المعتقدات‪ ،‬إنها تشريح حقيقي للديانـة البدائيـة وللحكمـة العمليـة كمـا يقـول العـالم‬
‫األساطير دو اًر ضرورياً إذ ّ‬
‫‪53‬‬
‫األنثروبولوجي مالينوفسكي"‪.‬‬
‫تع ـ ّـد األس ــطورة م ــن المواض ــيع الخص ــبة ف ــي مج ــال األنثروبولوجي ــا العام ــة األنثروبولوجي ــا الثقافي ــة والديني ــة‬
‫خاصة‪ ،‬فهي كما يقول عبد الباسط سيدا على لسـان مالينوفسـكي‪" :‬هـي ركـن أساسـي مـن أركـان الحضـارة اإلنسـانية‪،‬‬
‫وتقومها‪ ،‬وتضمن فعالية الطقوس‪ ،‬وتنطـوي علـى قـوانين عمليـة‬
‫تنظم المعتقدات وتعززها‪ ،‬وتصون المبادئ األخالقية ّ‬
‫‪54‬‬
‫لحماية اإلنسان"‪.‬‬
‫وعليه نستنت أن األسطورة أو علم األساطير (‪ )Mythology‬هي قصة اإلنسان ومسيرته عبر األزمنة تلك‬
‫القصة التي طغت عليها الذاتية والخيال ورسمت سطورها العواطف البشرية‪.‬‬
‫نشاة وأصل األساطير‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫األسطورة تشمل جميـع مجـاالت الحيـاة فهـي مـرآة لهـا‪ ،‬وهـي ليسـت وليـدة شـخص بعينـه حتـى يعـرف أصـلها‬
‫وتاريخه ــا‪ ،‬ب ــل ه ــي حكاي ــات الق ــدماء ال ــذين ذهبـ ـوا فيه ــا م ــذاهب ش ــتى‪ ،‬فاش ــتملت عل ــى بع ــض ميـ ـزات مش ــتركة ب ــين‬
‫‪55‬‬
‫الشعوب‪ ،‬وبذلك تلونت بلون الراوي‪ ،‬الذي يتركها بدوره لرٍاو آخر‪ ،‬يزيد عليها من تأليفه وخياله وابداعاته‪.‬‬
‫في الغالب تفتقر األسطورة لعنصر النقاء من خالل تدخل الراوي في التعديل واإلضافة‪ ،‬األمر الذي يجعلها‬
‫متغي اًر باستمرار‪.‬عكس الدين الـذي يمتـز بالتبـات واالسـتقرار‪ ،‬وعليـه ال يوجـد أصـل وال تاريخـاً دقيقـاً صـريحاً‬
‫موضوعاً ّ‬
‫لألسطورة نظ اًر لغياب المصدر‪ ،‬باإلضافة إلى أن المحتوى غير مستقر من رٍاو آلخر‪.‬‬
‫يقول العقاد‪" :‬يرى كثير من الناس أن األساطير هي أصل الدين بـين الهمـ ‪ ،‬وهـذا الـرأي ال يمكـن أن نقبلـه‬
‫بكــل مــا فيــه‪ ،‬فالعقائــد الهمجيــة هــي عقائــد الشــعوب البدائيــة قــد تلبســت باألســاطير‪ ،‬فالعالقــة موجــودة بــين األســطورة‬
‫والعقيدة الدينية‪ ،‬ولكن ليست كل العقائد الدينية عند جميع القبائل الفطرية نجدها في األسطورة‪ ،‬بمعنى آخـر أوضـح‪،‬‬
‫‪56‬‬
‫أن الدين قد يحتوي األسطورة‪ ،‬ولكن األسطورة ال تحتوي الدين"‪.‬‬
‫إالّ أن هناك العديد من اآلراء المخالفة لرأي العقاد وأصحاب وجهة النظر القائلة بأن الدين يحوي األساطير‬
‫والعكس غير صحيح‪ ،‬مستدلين من خالل الدراسات التحليلية لألساطير القديمة‪ .‬فمثالً تم العثور علـى لوحـات دونـت‬
‫عليها أساطير مثل تلك التي تروي حادثة الطوفان والتي هي موجودة في الكتب السماوية‪ ،‬باإلضافة إلى أمثلة أخرى‬
‫مشابهة‪.‬‬
‫وحســب "كــومالن" (‪ )Commelin‬فــإن األســاطير هــي مجموعــة مــن األكاذيــب‪ ،‬ولكــن هــذه األكاذيــب كانــت‬
‫ولقرون طويلة مواضيع اعتقاد بـل حقـائق لعقـول عـدة شـعوب كـاإلغريق والرومـان‪ ،‬ومـن ثـم وجـب احترامهـا ود ارسـتها‬
‫‪57‬‬
‫وهــي بــذلك مرحلــة مــن الم ارحــل الحاســمة لظهــور العقيــدة الدينيــة عنــد األمــم البدائيــة‪ ،‬وقــد ســاعدت‬ ‫لالســتفادة منهــا‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪144‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫الثقافة الشعبية والتنشئة االجتماعية عند هذه الشعوب على الحفاظ على هذا المنت وبقائه إلى هذا اليوم‪.‬‬
‫بالنسبة لعلماء األساطير وبالخصوص األنثروبولوجيين تروي األسطورة قصة حقيقية أوهي حكاية مقدسة قد‬
‫ســاهمت العوامــل االجتماعيــة والثقافيــة فــي إدخــال العديــد م ـن التعــديالت والتغي ـرات علــى محتواهــا األصــلي وهــذا مــا‬
‫جعلهــا تطبــع بطــابع المجتمعــات التــي تتــداولها‪ ،‬حيــث نجــد نفــس األســطورة عنــد انتشــارها ودخولهــا لمجتمعــات أخــرى‬
‫تصب بثقافة هذه المجتمعات‪.‬‬
‫‪ :"Paul‬أن ت ــاريخ األس ــاطير يمث ــل جه ــد المجتمع ــات إلبط ــال اآلث ــار المقلق ــة للعوام ــل‬ ‫يق ــول "‪Ricoeur‬‬
‫‪58‬‬
‫التاريخية‪ ،‬فاألساطير تمثل خطة إللغاء التاريخ‪.‬‬
‫وفي محاولة للوصول إلـى أرضـية مشـتركة فـي تفسـير أصـل األسـاطير يقـرر "تومـاس بوليفينشـي" فـي كتابـه‬
‫‪59‬‬
‫"ميثولوجيا اليونان وروما" وجود أبع نظريات تفسر أصل األسطورة وهي‪:‬‬
‫‪ -‬النظريـــة التاريخيـــة‪ :‬التــي تأخــذ بمقولــة أن أبطــال األســاطير عاش ـوا فع ـالً وحقق ـوا سلســلة مــن األعمــال‬
‫العظيمــة‪ ،‬ومــع مــرور الــزمن أضــاف إلــيهم الــرواة خيــالهم وابــداعاتهم مــا وضــعهم فــي اإلطــار الغرائبــي‬
‫جو األسطورة‪.‬‬
‫الذي يتحركون خالله في ّ‬
‫‪ -‬النظريــة الرمزيــة‪ :‬والتــي تــذهب إلــى أن كــل األســاطير ليســت ســوى مجــازات فهمــت علــى غيــر وجههــا‬
‫الصحيح أو فهمت حرفياً‪ ،‬ومن أمثلة ذلك مقولة "أن ستورن يلتهم أبناءه" أي الزمن يمضي ويأكل كـل‬
‫ما يوجد فيه‪.‬‬
‫تخيل عناصر الكـون مـن هـواء ونـار ومـاء فـي هيئـة أشـخاص أو‬ ‫‪ -‬النظرية الطبيعية‪ :‬والتي تنظر أنه يتم ّ‬
‫كائنات حية‪ ،‬أو أنها تختفي وراء مخلوقات خاصـة‪ ،‬وعلـى هـذا النحـو أُتخـذ لكـل ظـاهرة كونيـة طبيعيـة‬
‫‪ -‬س ـواء الشــمس أو القمــر أو البحــر أو الريــاح أو الرعــد وحتــى أصــغر مجــرى مــائي – كــائن روحــي‬
‫يتمثل فيه وتبنى عليه أسطورة أو أساطير‪.‬‬
‫‪ -‬النظرية الدينية‪ :‬التي تعتبر أن حكايات األساطير مأخوذة كلها من الكتاب المقدس مـع االعتـراف بأنهـا‬
‫ُغّيرت أو ُحّرفت‪.‬‬
‫نظرة األنثروبولوجيين لألسطورة‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يعــد كتــاب "الغصــن الــذهبي" لجــيمس فريــزر مــن أعظــم اإلنجــازات فــي حقــل األنثروبولوجيــا الثقافيــة والدينيــة‬
‫التي عالجت موضوع وظيفة السحر والدين والمعتقدات عموماً داخل المجتمعات البدائية ومصد اًر مهماً من المصادر‬
‫الخاصة بعلم األساطير‪.‬‬
‫يعكــس علــم األســاطير أشــكال الفكــر اإلنســاني البــدائي أو العقليــة البدائيــة التــي تتميــز عــن الفكــر العقالنــي‪.‬‬
‫وتهدف األساطير إلى إعطـاء صـورة عـن العـالم فـي عصـر لـم يكـن ترقـى بعـد إلـى المعرفـة العلميـة‪ ،‬إنهـا نتـاج خيـال‬
‫‪60‬‬
‫قريب من األحالم والفكر الصبياني‪.‬‬
‫خــالل القــرن العش ـرين اعتبــر الوظيفيــون وعلــى أرســهم العــالمين األنثروبولــوجيين "مالينوفســكي" و"ب ـراون" أن‬
‫األســاطير ليســت مجــرد نتــاج فكــر قــديم عــاجز عــن الطــرح العقالني‪،‬بــل هــي تــؤ امن فــي المجتمعــات البدائيــة وظيفــة‬
‫اجتماعيـ ــة‪ ،‬بوصـ ــفها روايـ ــات تشـ ـ ّـرع للنظـ ــام االجتمـ ــاعي‪ ،‬ومـ ــن خاللهـ ــا نكتشـ ــف طبيعـ ــة الـ ــنظم السـ ــائدة فـ ــي هـ ــذه‬
‫المجتمع ـات‪ 61.‬كمــا يمكنهــا تحديــد دور ووظــائف هــذه الــنظم فــي حيــاة األف ـراد كنظــام الق اربــة‪ ،‬نظــام المحــارم‪ ،‬نظــام‬
‫التبــادل إلــخ‪ .‬تعــد األســطورة حســب الطــرح البنــائي الــوظيفي بمثابــة اإلســمنت الــذي ي ـربط الــنظم بالبنــاء االجتمــاعي‬
‫ويجعل هذا األخير قادر على البقاء واالستم اررية‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪145‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫أمـا مدرســة التحليـل النفســي (علــى أرسـها ســيجموند فرويــد) فتعتبـر األســطورة أنهــا تخفـي خلــف الالعقالنيتهــا‬
‫معين ـاً حتم ـاً لــيس منطــق مجتمــع‪ ،‬بــل منطــق االنــدفاعات الغريزيــة العميقــة عنــد الفــرد‪ ،‬مــثال ال يمكننــا اعتبــار‬
‫منطق ـاً ّ‬
‫مشاهد عادة أكل لحم البشر‪ ،‬وزنـا المحـارم‪ ،‬وقتـل األب‪ ،‬وهـي مشـاهد موجـودة فـي علـم األسـاطير علـى اختالفـه‪ ،‬إال‬
‫‪62‬‬
‫بمثابة اندفاعات غريزية قديمة انغرست بعمق في الذاكرة البيولوجية‪.‬‬
‫يعتب ــر " ميرس ــيا إيلي ــاد " مس ــار األس ــطورة مح ــدوداً‪ ،‬ويـ ـرتبط بمواض ــيع أساس ــية بالحي ــاة اإلنس ــانية كالحي ــاة‬
‫والموت‪ ،‬الحب‪ ،‬االنتقام‪ ،‬الصحة‪ ،‬الممنوعات االجتماعية‪ ،‬وبذلك شكلت بالنسـبة لألنثروبولـوجيين خاصـة خـالل فتـرة‬
‫الثالثينات والخمسينات من القرن العشرين من أخصب المواضيع الدراسية ألن وظيفتها األساسية هي إعطـاء الوجـود‬
‫معنى إنساني قادر على تفسير العالم بمكوناته وأس ارره المختلفة‪.‬‬
‫فقــدت األســطورة بريقهــا بعــد فت ـرة الثمانينــات‪ ،‬بــل أن بعــض الكتــاب وخاصــة المؤرخــون شــككوا فــي أهميتهــا‬
‫حتــى لـدى الشــعوب البدائيــة‪ ،‬ففــي عــام ‪ 2112‬كتــب "م‪ .‬داتيــين" فــي كتابــه (‪)Invention de la mythologie‬‬
‫واصفاً األسطورة خطاباً مقدساً مصطنعاً مـن خـالل دارسـيها واألمثلـة كثيـرة كمغـامرات هرقـل وزيـوس وأسـطورة أوديـب‬
‫عند اليونانيين القدامى كما لو كانت سيناريوهات للتسلية تعاد كـل مـرة صـياغتها بشـكل جديـد‪ ،‬فلـذلك األسـطورة شـكل‬
‫ال يمكــن أن نجــده فــي الطــرح العقالنــي‪ .‬وبعــد التســعينيات انتقــد وجــود األســطورة بشــدة‪ ،‬بــل اعتبــرت األســاطير التــي‬
‫‪63‬‬
‫تنسب إلى البدائيين مجرد اختراع قام به األنثروبولوجيون‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫مــن الناحيــة التاريخيــة تع ــد المعتقــدات الدينيــة مــن أق ــدم الممارســات الت ــي لجــأ إليهــا اإلنس ــان كالطوطميــة‬
‫والســحر أو التــي ترتكــز علــى أســاطير األولــين‪ .‬ارتبطــت هــذه الممارســات بالمجتمعــات البدائيــة بــل حتــى المجتمعــات‬
‫المتقدم ــة تنتش ــر فيه ــا ه ــذه الظ ــاهرة‪ .‬رغ ــم الالعقالني ــة ه ــذه الممارس ــات إال أنه ــا تتحـ ـول إل ــى عقالني ــة نظـ ـ اًر للخدم ــة‬
‫االجتماعيــة التــي تقــدمها لهــم وقــوة اإلقنــاع لممارســيها واإليمــان بهــا‪ .‬كمــا يمكــن إدراج أســباب أخــرى كجهــل األف ـراد‬
‫واستغاللهم من طرف السحرة‪ ،‬ضعف الوازع الـديني والفـراغ الروحـي التـي تعيشـه أغلـب المجتمعـات المتقدمـة وسـيادة‬
‫الفكر المادي النفعي‪ ،‬فشل وعجز الطب الحديث في تقديم الخدمات العالجية الالئقة وخاصة الطب النفسي التـي لـم‬
‫عدة مجتمعات‪.‬‬
‫يصل إلى حد اآلن لعالج العديد من األمراض النفسية إلى جانب عدم اإليمان به واإلقبال عليه في ّ‬
‫وحتى األساطير تمثل حقيقة ال يمكننا نكرانها‪ ،‬فهي تعد من العناصر المهمـة والمسـاعدة علـى فهـم الطبيعـة‬
‫اإلنســانية وتمتــاز بالحيويــة‪ ،‬حيــث تتمحــور مواضــيعها حــول الحيــاة والمــوت‪ ،‬الخيــر والشــر‪ ،‬الحــب والكراهيــة‪ ،‬التعــاون‬
‫واالنتقــام‪ ،‬الصــحة والمــرض‪ ،‬إلــى جانــب عــالم الممنوعــات االجتماعيــة (الطبوهــات)‪ ،‬ففــي تاريخنــا العربــي واإلســالمي‬
‫مثال كثيـر مـن األسـاطير ذات الطـابع الخ ارفـي ال تمـث بصـلة للمنطـق العقالنـي إال أنهـا مـا ازلـت موجـودة فـي واقعنـا‬
‫االجتمـاعي واالعتقـادي‪ ،‬وتبنـى علــى أساسـها مسـائل جوهريـة عنــد بعـض الطوائـف الدينيـة وتســتغل حتـى فـي المجــال‬
‫السياسي‪.‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪146‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫العقيدة الدينية عند المسيحيين تسعى لبناء مجتمع يغلب عليه الجانب الروحي‪ ،‬أما العقيدة اإللسمامية تسعى‬
‫لبناء أمة اجتماعية وروحية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد اإلله بلقزيز (‪ .)8991‬في البدء كانت الثقافة – نحو وعي عربي متجدد بمسألة الثقافة‪ .‬افريقيا الشرق‪.‬‬
‫الدار البيضاء‪ .‬بيروت‪ .‬ص ‪.35‬‬
‫ّ‬
‫أحمد أبو همال (‪ .)8991‬مقدمة في األنثروبولوجيا التربوية‪ .‬المطابع التعاونية‪ .‬األردن‪ .‬ع ّمان‪ .‬ص ‪.9‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫علي الجباوي (‪ .)8999‬األنثروبولوجيا – علم اإلنالسة‪ .‬جامعة دمشق‪ .‬ص ‪.9‬‬
‫‪5‬‬
‫لسليم‪ ،‬شاكر (‪ .)8918‬قاموس األنثروبولوجيا‪ .‬جامعة الكويت‪ .‬ص ‪.35‬‬
‫‪6‬‬
‫حسين عبد الحميد أحمد رشوان (‪ .)0282‬األنثروبولوجيا في المجالين النظري والتطبيقي‪ .‬ط‪ .5‬المكتب‬
‫الجامعي الحديث‪ .‬االلسكندرية‪ .‬ص ‪.839‬‬
‫‪7‬‬
‫علي عبد الرزاق جلبي (‪ .)8999‬درالسات في المجتمع والثقافة والشخصية‪ .‬دار المعرفة الجامعية‪.‬‬
‫االلسكندرية‪ .‬مصر‪ .‬ص ‪.93‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Russ Jacqueline (2004). Dictionnaire de philosophie. Bordas . p 86 .‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Linton Ralphe (1975). le fondement culturel de la personnalité . Dunod . p 80.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Gresle francois , Panoff michel (1994). Dictionnaire des sciences humaines .‬‬
‫‪Nathan . p 80 .‬‬
‫‪11‬‬
‫عبد اإلله بلقزيز‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.31‬‬
‫‪12‬‬
‫عبد الغني عماد (‪ .)0225‬لسولسيولوجيا الثقافة‪ :‬المفاهيم واالشكاليات من الحداثة إلى العولمة‪ .‬مركز‬
‫درالسات الوحدة العربية‪ .‬بيروت‪ .‬لبنان‪ .‬ص ‪.851‬‬
‫‪13‬‬
‫فريدريك معتوق (‪ .)8998‬المعرفة المجتمع والتاريخ‪ .‬طرابلس‪ .‬لبنان‪ .‬ص ‪.880‬‬
‫‪14‬‬
‫محمد حسن غامري (‪ .)8998‬مقدمة في األنثروبولوجيا العامة (علم اإلنسان)‪ .‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ .‬الجزائر‪ .‬ص ‪.801‬‬
‫‪15‬‬
‫الدرالسات اإلثنوغرافية هي درالسات وصفية‪ ،‬تعتمد على وصف ما هو موجود على أرض الواقع‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.809‬‬
‫‪17‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.801‬‬
‫‪18‬‬
‫تطلق كلمة الطوطم على كل أصل حيواني أو نباتي أو جماد تتخذه العشيرة رمزا لها‪ ،‬ولقبا لجميع أفرادها‪،‬‬
‫وهي ترتبط به ارتباطا وثيقا‪ .‬والطوطم عبارة عن شيء مقدس على شكل هيكل أو تمثال حيوان‪ ،‬إنسان‪ ،‬نبات‪،‬‬
‫صخر أو شيء آخر مقدس من طرف القبيلة العتقادهم بوجود عماقة روحية بين أفراد القبيلة أو الجماعة وبين‬
‫المقدس (الطوطم) أو العتقادهم بأنه يحميهم من الشرور واألمراض أو يجلب الرزق أو يحفظ تمالسكهم كجماعة‬
‫اجتماعية‪( .‬ينظر عبد المجيد لبصير (‪ .)0282‬مولسوعة علم االجتماع ومفاهيم في السيالسة واالقتصاد والثقافة‬
‫العامة‪ .‬دار الهدى‪ .‬عين مليلة‪ .‬الجزائر‪ .‬ص ‪).015‬‬
‫‪19‬‬
‫محمد حسن غامري‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.801‬‬
‫‪20‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.805‬‬
‫‪21‬‬
‫ألسطورة يونانية تقول أن الطفل من شدة حبه ألمه وال يحب أن يشاركه أحد في حبه لها حتى أباه‪ ،‬فيقتل‬
‫أباه ليتزوج أمه‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫محمد حسن غامري‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.809-805‬‬
‫‪23‬‬
‫الدرالسات اإلثنولوجية تعتمد الوصف والتحليل والمقارنة بين الثقافات‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫محمد حسن غامري‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ ،‬ص ‪.809‬‬
‫‪25‬‬
‫يولسف شلحت (‪ .)0225‬نحو نظرية جديدة في علم االجتماع الديني‪ .‬دار الفارابي‪ .‬بيروت‪ .‬ص ‪.90‬‬
‫‪26‬‬
‫علي لسامي النشار (‪ .)0229‬نشأة الدين‪-‬مركز اإلنسان الحضاري‪ .‬دار المحبة‪ ، .‬دمشق‪ .‬ص ‪.58‬‬
‫‪27‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.50‬‬
‫‪28‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.55-50‬‬
‫‪29‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.55‬‬
‫‪30‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.51‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪147‬‬
‫د‪ .‬خالد خواني‬ ‫المعتقدات الدينية بين السحر واألسطورة – رؤية أنثروبولوجية دينية‬

‫‪31‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.53‬‬
‫‪32‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.55‬‬
‫‪33‬‬
‫يولسف شلحت‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.880‬‬
‫‪34‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.881‬‬
‫‪35‬‬
‫حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.850‬‬
‫‪36‬‬
‫عبد المجيد لبصير‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.051‬‬
‫‪37‬‬
‫محمد الخطيب (‪ .)0222‬األنثروبولوجيا – درالسة عن المجتمعات البدائية‪ .‬منشورات دار عماء الدين‪.‬‬
‫دمشق‪ .‬لسوريا‪ .‬ص ‪.832‬‬
‫‪38‬‬
‫محمد حسن غامري‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.858‬‬
‫‪39‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.858‬‬
‫‪40‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.850‬‬
‫‪41‬‬
‫فليب اليورت‪ ،‬توال وجان بيار فارنييه (‪ .)0221‬إثنولوجيا وأنثروبولوجيا‪ .‬تر‪ :‬عبد الصمد مصباح‪.‬‬
‫المؤلسسة الجامعية للدرالسات والنشر والتوزيع‪ .‬بيروت‪ .‬لبنان‪ .‬ص ‪.890‬‬
‫‪42‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.895-890‬‬
‫‪43‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.895‬‬
‫‪44‬‬
‫محمد الخطيب‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.830‬‬
‫‪45‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.838‬‬
‫‪46‬‬
‫يولسف شلحت‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.32‬‬
‫‪47‬‬
‫‪Emile Durkheim (1912). les formes élémentaires de la vie religieuse . Alcan .‬‬
‫‪Paris . p 61.‬‬
‫‪48‬‬
‫يولسف شلحت‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.35‬‬
‫‪49‬‬
‫قسم الدرالسات والبحوث في جمعية التجديد الثقافية االجتماعية (‪ .)0229‬األلسطورية توثيق حضاري‪ .‬دار‬
‫عيوان للطباعة والنشر والتوزيع‪ .‬دمشق‪ .‬لسوريا‪ .‬ص ‪.02‬‬
‫‪50‬‬
‫بطرس البستاني (‪ .)8999‬محيط المحيط‪ .‬مكتبة لبنان‪ .‬بيروت‪ .‬ص ‪.182‬‬
‫‪51‬‬
‫وديع باشور (د‪.‬ت)‪ .‬الميثولوجيا السورية – ألساطير آرام‪ .‬ص ‪.9‬‬
‫‪52‬‬
‫قسم الدرالسات والبحوث في جمعية التجديد الثقافية االجتماعية‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.08‬‬
‫‪53‬‬
‫وديع باشور‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.88‬‬
‫‪54‬‬
‫عبد البالسط لسيدا (‪ .)8993‬من الوعي األلسطوري إلى بداية التفكير الفلسفي النظري‪-‬بماد الرافدين تحديدا‪.‬‬
‫دار الحصاد للنشر والتوزيع‪ .‬لسوريا‪ .‬ص ‪.89‬‬
‫‪55‬‬
‫حسين الحاج حسن (‪ .)8911‬األلسطورة عند العرب في الجاهلية‪ .‬المؤلسسة الجامعية للدرالسات والنشر‬
‫والتوزيع‪ .‬بيروت‪ .‬لبنان‪ .‬ص ‪.05‬‬
‫‪56‬‬
‫عباس محمود العقاد (د‪.‬ت)‪ ،‬هللا‪ .‬دار الهمال‪ .‬مصر‪ .‬ص ‪.82‬‬
‫‪57‬‬
‫‪Commelin . P (1994) . Mythologie grecque et romaine . Ed Pocket . Paris . p 10.‬‬
‫‪58‬‬
‫‪Paul Ricoeur (1963). Structure et herméneutique . Esprit n°322 . p 610.‬‬
‫‪59‬‬
‫قسم الدرالسات والبحوث في جمعية التجديد الثقافية االجتماعية‪ .‬مرجع لسبق ذكره‪ .‬ص ‪.58-52‬‬
‫‪60‬‬
‫جان فرانسوا دورتيه (‪ .)0288‬معجم العلوم اإلنسانية‪ .‬تر‪ :‬جورج كتورة‪ ،‬المؤلسسة الجامعية للدرالسات‬
‫والنشر والتوزيع‪ .‬بيروت‪ .‬ص ‪.35‬‬
‫‪61‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.39‬‬
‫‪62‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.39‬‬
‫‪63‬‬
‫المرجع نفسه‪ .‬ص ‪.39‬‬

‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،42‬ديسمبر‪ ،4027‬ص ص (‪)221-133‬‬
‫‪148‬‬

You might also like