Professional Documents
Culture Documents
مايكل كوك
mostafaaelfekey@gmail.com
/1مقدمة:
هل من الممكن تحديد أرومة مصاحف األمصار المنتسخة في صدر اإلسالم؟ في دراسة سابقة،
قدّمتُ بعض المالحظات األولية حول هذا السؤال في أحد الهوامش ،1معتمدا بقدر كبير على
القراءة التي قدّمها نولدكه في العام .21860ومنذ ذلك الحين ،أدركتُ أن األمر ليس واضحا بما
يكفي .ومن هنا ،تأتي تلك الورقة الراهنة.
نص رسمي معتمد للقرآن إبان حكم الخليفة عثمان تتحدث المصادر اإلسالمية عن عملية جمع ّ
بن عفان (حكم ،)656-644 / 35-23 :ومن ث ّم تعميم هذا النص وإرساله إلى األمصار .وقد
أورد العالم األندلسي أبو عمرو الداني (ت )1053/ 444 .روايتين لعملية توزيع هذا النص
على األمصار .3وبحسب أولى الروايتين ،نسخ عثمان أربع نسخ من هذا النص (جعله على أربع
نسخ) وأرسل نسخة إلى الكوفة ،وأخرى إلى البصرة ،وثالثة إلى الشام ،4وأبقى واحدة لديه
(وأمسك عند نفسه واحدة) .وبحسب الداني ،هذه الرواية هي الرواية األصح وهي ما تبنّاه كثير
من األئمة .وفقا لل رواية الثانية ،انتسخ عثمان سبع نسخ وليس أربعة ،وأرسل النسخ اإلضافية
إلى مكة واليمن والبحرين ،ولكن الداني ال يرجح هذه الرواية.
وقبل أن نشرع في معالجة هاتين الروايتين ،يجدر بنا أن نالحظ إشكاليتين تكتنفان مثل هذه
المرويات .أوال :من غير الواضح تماما ما إذا كانت تلك النسخ األربع (أو السبع) تتضمن أم
1
M. cook, "A Koranic Codex Inherited by Malik from his Grandfather", Graeco-Arabica 7-8 (1999-
2000) 93-105, here 101, n.52.
ومنذ ذلك الحين ،استفدت من العمل مع طالبي على مجموعة من المواد ذات الصلة على مدار حلقتين دراسيتين.
( Theodor Nöldeke, Geschichte des Qorāns, Göttingen 1860, 242 2حيث ي صف القراءة المقترحة بأنها األكثر
ترجيحا) .وتظهر هذه القراءة مرة أخرى بدون تغيير في Theodor Nöldeke et al., Geschichte des Qorāns2, 3,
( Leipzig 1926-1938, 15,والجزء ذو الصلة من الكتاب روجع بواسطة برغشترسر) .ومن الالفت للنظر أن النقاش حول
مصاحف األمصار المعروض في الطبعة الثانية لألطروحة كان موجودا بالفعل في الطرح الذي قُ ّدِّم أول مرة ،ولكن جميع المراجع
اإلضافية تخص الطبعة الثانية من الكتاب.
3الداني ،المقنع في رسم مصاحف األمصار ،طبع بعناية أوتو برتزل ،استانبول :مطبعة الدولة ،1932ص 10سطر ،8وسيشار إلى
هذا المصدر من اآلن فصاعدا بـ (المقنع) .ولمطالعة روايات مماثلة ،انظر على سبيل المثال ،ابن أبي داود ،كتاب المصاحف ،عناية
آرثر جيفري ،في الروايات التي أوردها حول تاريخ نص القرآن ،ليدن ،1937ص 34س ،14ص 34س ،17وسيشار إلى هذا
المصدر بـ (المصاحف).
4في مواضع أخرى من الكتاب ،يقول الداني إن هذه النسخة أرسلت إلى مدينة "حمص" تحديدا ( ،المقنع ،ص 109س .13ص
121س .)2
تستبعد من بينها المصحف اإلمام (وهو النص الذي انتُسخت منه جميع النسخ األخرى سواء
بشكل مباشر أو غير مباشر) .ومع ذلك ،تشي العبارة القائلة إن عثمان أمسك عند نفسه واحدة
بأن المصحف اإلمام كان من بين هذه النسخ .أما اإلشكالية الثانية فهي أن تلك الروايات ال
تخبرنا ما إذا كانت هذ ه النسخة التي أمسكها عثمان عند نفسه هي نسخة شخصية خاصة به ،أم
أنها هي ذاتها نسخة المدينة (التي تكافئ نسخ الكوفة والبصرة والشام) .تشي الصياغة الظاهرة
للروايات باالحتمال األول ،ولكن عند أخذ حالة التكافؤ بين النسخ في عين االعتبار نصبح أمام
االحتمال الثاني.
سط األمور من خالل وضع افتراضات ثالثة .أوال ،سوف نؤجل عند هذه المرحلة ،دعونا نب ّ
النقاش حول الرواية الثانية التي أوردها الداني لنبدأ بالرواية األولى جريا على ترجيحه .ثانيا،
سوف نفترض أن هذه النسخ األربعة تتضمن المصحف اإلمام .ثالثا ،لنفترض أن النسخة التي
أمسكها عثمان عند نفسه هي نسخة المدينة (أو هي نسخة تلعب دورا مزدوجا) .وطبقا لهذه
االفتراضات الثالثة ،نحن معنيون عند هذه النقطة بأربع نسخ فقط أُرسلت إلى األمصار .ويمكننا
أن نرمز إلى تلك النسخ بالحروف التالية:
حرف (ش) ويرمز إلى النسخة المرسلة إلى الشام ،حرف (مـ) ويرمز إلى النسخة التي أمسكها
عثمان في المدينة ،حرف (ب) ويرمز إلى نسخة البصرة ،وحرف (ك) يرمز إلى نسخة الكوفة.
بالطبع ،لم يبق أي مصحف من هذه المصاحف األربعة إلى اليوم .ومع ذلك ،فنحن لدينا روايات
صلة حول االختالفات النصية التي تميزت بها كل نسخة من النسخ األربع (أو المصاحف مف ّ
المحلية المنتسخة منها) . 5يورد الداني هذه الروايات في أحد األبواب المخصصة لمناقشة هذا
الموضو ع . 6حيث يحصي الداني ستة وثالثين موضعا في القرآن تحدث فيها مثل هذه
االختالفات ،وفي كل موضع من هذه المواضع يخبرنا الداني بالقراءات المحلية لآلية .7ال يعد
نص طويل بحجم القرآن ،إذ أن الكلمات التي تقع فيها مثل هذه ّ هذا العدد كبيرا بالقياس إلى
االختالفات تشكل أقل من كلمة واحدة من كل ألفي كلمة .كما ال يتعدى عدد القراءات المختلفة
ي بقراءة منهما أو في أي موضع من المواضع المذكورة القراءتين ،ويلهج كل مصحفٍ محل ّ
باألخرى .ال ينفرد أبو عمرو الداني بذكر هذه المعلومات .فعلى سبيل المثال ،نعثر على هذه
المرويات بشكل أساسي في مصنفات ابن أبي داود (ت ،8)929 / 316 .وأبي عبيد القاسم بن
سالم (ت ، 9)838 / 224 .ويعاد إنتاج هذه الروايات في المصنفات الحديثة التي تعالج تاريخ
القرآن . 10ثمة بعض التناقضات التي تظهر بين مختلف المصادر ،ولكننا نحتاج إلى النظر إليها
باعتبارها ذات صلة بنقاشنا .ولنشرع اآلن في معالجة نسخةً فنسخة.
5تتحدث المصادر عادة عن "مصاحف أهل البصرة" ولكنها نادرا ما تشير إلى االختالفات بين مثل هذه المصاحف المحلية {لمطالعة
مثال على ذلك االستثناء ،انظر :المقنع ،ص 109س 18حول اآلية ( )36من سورة النساء} .وألغراض إجرائية يمكننا الركون إلى
الصيغة التي تتحدث عن "مصحف أهل البصرة" ،وهكذا بالنسبة إلى بقية مصاحف األمصار.
6المقنع ،ص .116 – 108
7هذه المواضع الستة وثالثين من إحصائي .أما الداني فقد أحصى ثالثة وأربعين اختالفا ،ولكن ستة مواضع منها تخالف قطعا
المصحف المكي ،وموضع واحد ربما خالف مصاحف األمصار ،وهكذا تكون هذه المواضع غير ذات صلة بنقاشنا عند هذه المرحلة.
والموضع المتنازع فيه هو اآلية ( )18من سورة محمد (الحالة السابعة في االختالفات المكية التي سنناقشها الحقا في الفقرة التاسعة).
8المصاحف ،ص .49-39
9أبو عبيد القاسم بن سالم ،فضائل القرآن ،بيروت .200- 196 ،1991وسيشار إلى هذا المصدر الحقا بـ (الفضائل).
10
Nöldeke, Geschichte, 11-14.
/2مصحف أهل الشام
تسير األمور على نحو مبسط في حالة مصحف الشام .11ثمة مجموعة واحدة من المواضع
(عددها ستة عشر موضعا) التي انفرد بها مصحف الشام (وهذا يعني أن تلك المواضع غير
مقروءة هكذا في مصاحف أهل المدينة والبصرة والكوفة) .كما توجد مجموعة ثانية من
المواضع (وعددها ثالثة عشر موضعا) اتفق فيها مصحف الشام مع مصحف المدينة مخالفا
مصاحف البصرة والكوفة .12ولم يحدث أبدا أن وافق مصحف أهل الشام مصاحف البصرة أو
الكوفة وخالف المصحف المدني . 13وعلى هذا النحو ،بإمكاننا أن نميز مصحف أهل الشام من
خالل تحديد المواضع التي انفرد بها (مؤجلين النقاش حول المواضع التي وافق فيها مصحف
المدينة مخالفا لمصاحف الكوفة والبصرة إلى حين مناقشة مصحف أهل المدينة) .وهذه
المواضع هي:14
َللا َولَدًا (بدال من وقالوا بالواو) . قَالُوا ات َّ َخذَ َّ ُ (ش )1 :سورة البقرة :آية ()116 -
ب (بدال من بالبينات الزب ُِّر َو ِّب ْال ِّكت َا ِّ
ِّب ْال َب ِّّينَاتِّ َو ِّب ُّ (ش )2 :سورة آل عمران :آية ()184 -
والزبر والكتاب).15
َّما فَ َعلُوهُ ِّإ َّال قَ ِّليال ِّّم ْن ُه ْم (وفي سائر المصاحف: (ش )3 :سورة النساء :آية ()66 -
إال قلي ٌل بالرفع) .
َّار ْاآل ِّخ َرة ُ (وفي سائر المصاحف :ولل ّدار َولد ُ (ش )4 :سورة األنعام :آية ()32 -
اآلخرة).16
ير ِّّمنَ ٱ ْل ُم ْش ِّركِّينَ قَتْ َل أ َ ْو َٰلَ ِّد ِّه ْم َو َك َٰذَلِّكَ زَ يَّنَ ِّل َكثِّ ٍ (ش )5 :سورة األنعام :آية ()137 -
شُ َر َكآئه ْم (وفي سائر المصاحف :شركاؤهم) .
قَ ِّليال َما يذَ َّك ُرونَ (وفي سائر المصاحف: (ش )6 :سورة األعراف :آية ()3 -
تذكرون أو تذّكرون بالتاء من غير ياء) .
17
ِّي (وفي سائر المصاحف :و َما كُ َّنا َما كُنَّا ِّلنَ ْهتَد َ (ش )7 :سورة األعراف :آية ()43 -
ِّلنَ ْهتَد َ
ِّي) .
11
See Nöldeke, Geschichte, 11-14.
12نؤجل آيات سورة المؤمنون )85-89( :حتى نقاش مصحف أهل البصرة.
13نؤجل آية سورة الشمس حتى نقاش الحالة الثالثة عشر في المصحف المدني.
14يورد ابن أبي داود في المصاحف (ص 44س )14قائمة تُعزى فيها كثير من هذه المواضع إلى مصحف المدينة أيضا (نعثر على
المثال األول لدينا في كتاب المصاحف ص 44س ،17وآخر مثال تجده في ص 47س .)11وقد يبدو ذلك أمرا مربكا كثيرا إلن
قراءات مصحف المدينة موثقة جيدا في ال مخطوطات الفعلية ،ومن ثم تجاهلت األمر .ولمطالعة قراءتين شاذتين منسوبتين إلى مصحف
أهل الشام ،دون وجود بيانات كافية للمقارنة مع المصاحف األخرى ،انظر :المقنع ،ص 121س ،4وكتاب المصاحف ،ص 44س
،13ص 45س ،19وحول اآلية ( )67من سورة األنفال ،واآلية ( )77من سورة الكهف ،انظر :المقنع ،ص 121س . 5وقد
استبعدت ذلك.
15وفي رواية أخرى يقال إن الباء زيدت في كلمة (وبالزبر) وحدها .انظر :المقنع ،ص 109س .14
16قد ال يكون ذلك أكثر من مجرد خطأ إمالئي.)Nöldeke, Geschichte, 12, n.3( .
17وحول القراءات المختلفة لآلية ،انظر :ابن مجاهد ،كتاب السبعة في القراءات ،تحقيق شوقي ضيف ،القاهرة ،1980ص .278
وسيشار إلى هذا المصدر فصاعدا بـ (السبعة).
وقَالَ ٱ ْل َم َأل ُ ٱلَّذِّينَ ٱ ْست َ ْك َب ُرواْ (وفي سائر (ش )8 :سورة األعراف :آية ()75 -
المصاحف :قَا َل ٱ ْل َم َأل ُ ٱلَّذِّينَ ٱ ْست َ ْكبَ ُرواْ).
ع ْونَ (وفي سائر َو ِّإ ْذ أَن َجا ُكم ِّّم ْن آ ِّل ِّف ْر َ (ش )9 :سورة األعراف :آية ()141 -
المصاحفَ :و ِّإ ْذ أَن َج ْينَاكُم ِّّم ْن آ ِّل فِّ ْر َ
ع ْونَ ).
س ِّي ُّركُ ْم فِّي ْال َب ِّ ّر َو ْالبَحْ ِّر (وفي سائر ه َُو الَّذِّي يُ َ (ش )10 :سورة يونس :آية ()22 -
المصاحف :يُ َسيِّ ُّركُ ْم).
س ْب َحانَ َر ِّبّي (في مقابل :قُ ْل ُ
س ْب َحانَ قال ُ (ش )11 :سورة اإلسراء :آية ()93 -
َر ِّبّي).18
َلل ت َأ ْ ُم ُروننِّّي أ َ ْعبُ ُد (وفي سائر قُ ْل أَفَغَي َْر ٱ َّ ِّ (ش )12 :سورة الزمر :آية ()64 -
ْ
ى). المصاحف :تَأ ُم ُر ٓونِّّ ٓ
ش َّدش َّد ِّم ْنك ْم (وفي سائر المصاحف :أ َ َ َكانُوا هُ ْم أ َ َ (ش )13 :سورة غافر :آية ()21 -
ِّم ْن ُه ْم).
الري َْحانُ (وفي سائر ف َو َّ َو ْال َحبُّ ذا ْال َع ْ
ص ِّ (ش )14 :سورة الرحمن :آية ()12 -
ف). ص ِّ المصاحف :ذُو ْال َع ْ
اإل ْك َر ِّام (وفي سائر المصاحف: ِّذو ْال َج َال ِّل َو ْ ِّ (ش )15 :سورة الرحمن :آية ()78 -
اإل ْك َر ِّام).ذِّي ْال َج َال ِّل َو ْ ِّ
َللاُ ْال ُح ْسنَى (وفي سائر المصاحف: ع َد ََّوكُ ٌل َو َ (ش )16 :سورة الحديد :آية ()10 -
وكالً وعد هللا).
ويمكننا في المرحلة الحالية أن نتغاضى عن السؤال المهم حول ما إذا كان أي من هذه القراءات
يمكن أن تكون صحيحة أو خاطئة.
تختلف حالة المصحف المدني عن حالة مصحف الشام .ففي حين انفرد مصحف الشام بستة
عشر موضعا مختلفا ،لم ينفرد مصحف المدينة بقراءة ما ،حيث نجده في كل موضع موافقا
لمصحف الشام أو مصحف البصرة .وهكذا ،بإمكاننا أن نميز مصحف المدينة بذكر الثالثة عشر
موضعا التي خالف فيها مصحف البصرة .وهذه المواضع هي:19
ص َٰى بِّ َها).ص َٰى بِّ َها (في مقابلَ :و َو َّ َوأ َو َّ (مـ )1 :سورة البقرة :آية ()132 -
ارعُوا ِّإلَ َٰى َم ْغ ِّف َرةٍ ِّّمن َّربِّّكُ ْم (في مقابل:
س ِّ
َ (مـ )2 :سورة آل عمران :آية ()133 -
ارعُوا بالواو) .
س ِّ
َو َ
يَقُو ُل الَّذِّينَ آ َمنُوا (في مقابلَ :و َيقُو ُل بالواو). (مـ )3 :سورة المائدة :آية ()53 -
َمن َي ْرتدد ِّمنكُ ْم (في مقابلَ :و َمن َي ْرت َ َّد ِّمنكُ ْم بدال (مـ )4 :سورة المائدة :آية ()54 -
واحدة) .
18وتجد ذلك منسوبا إلى مصحف أهل الكوفة أيضا في أحد المصادر (المصاحف ،ص ،)48وقد استبعدت ذلك.
19مرة أخرى ،نؤجل آيات سورة المؤمنون )85-89( :حتى نقاش مصحف أهل البصرة.
ضرارا (في مقابل :والذين
ً الذين اتخذوا مسجدًا (مـ )5 :سورة براءة :آية ()107 -
ضرارا بإثبات الواو) .
ً اتخذوا مسجدًا
َخي ًْرا ِّّم ْن َهما ُمنقَلَبًا (في مقابلَ :خي ًْرا ِّّم ْن َها ُمنقَلَبًا). (مـ )6 :سورة الكهف :آية ()36 -
الر ِّح ِّيم (في مقابلَ :وت ََو َّك ْل يز َّ علَى ْال َع ِّز ِّ فت ََو َّك ْل َ (مـ )7 :سورة الشعراء :آية ()217 -
بالواو).
ض ْالفَ َسا َد (في مقابل :أ َ ْو أ َ ْن ُظ ِّه َر فِّي ْاأل َ ْر ِّ وأ َ ْن ي ْ (مـ )8 :سورة غافر :آية ()26 -
ض ْالفَ َ
سا َد). 20 ُظ ِّه َر فِّي ْاأل َ ْر ِّي ْ
ت ت أَ ْيدِّيكُ ْم (في مقابل :فَبِّ َما َك َسبَ ْ ب َما َك َسبَ ْ (مـ )9 :سورة الشورى :آية ()30 -
أ َ ْيدِّيكُ ْم).
علَ ْيكُ ُم ْاليَ ْو َم (في مقابل :يَا ف َ يَا ِّعبَادي ِّ َال خ َْو ٌ (مـ )10 :سورة الزخرف :آية ()68 -
ِّعبَا ِّد بغير ياء). 21
س (في مقابلَ :ما ت َ ْشت َ ِّهي َما ت َ ْشت َ ِّهي ِّه األَنفُ ُ (مـ )11 :سورة الزخرف :آية ()71 -
س). األَنفُ ُ
يَللا ه َُو ْالغَنِّ ُّ
ي ْال َح ِّمي ُد (في مقابل :فَإ ِّ َّن َّ َ َللا ْالغَنِّ ُّ
(مـ )12 :سورة الحديد :آية ( )24فَإ ِّ َّن َّ َ -
ْال َح ِّمي ُد).
َاف َاف عُ ْقبَاهَا ( في مقابلَ :وال يَخ ُ فال يَخ ُ (مـ )13 :سورة الشمس :آية ()15 -
بالواو). 22
ومرة أخرى ،يمكننا تأجيل السؤال عما إذا كان يمكن قراءة أي من هذه المواضع بشكل صحيح
أو خاطئ.
على نحو بارز ،يعد مصحف أهل البصرة مرآة لمصحف المدينة .ومثلما هي الحال مع
المصحف المدني ،لم ينفرد مصحف البصرة بقراءة ما ،23وفي كل موضع نجده موافقا إما
لمصحف المدينة أو لمصحف الكوفة ،ولكن لم يحدث أن وافق مصحف البصرة مصحف الشام
مخالفا مصحف المدينة (تماما مثلما اتفق مصحف المدينة في كل المواضع إما مع مصحف
الشام أو مصحف البصرة ،ولكنه لم يحدث أن اتفق مع مصحف الكوفة مخالفا مصحف
20يقول الداني إن مصاحف أهل الكوفة انفردت بقراءة (أو أن يظهر) وهو ما يعني ضمنا أن قراءة (وأن يظهر) كانت هي قراءة أهل
البصرة (المقنع ،ص 114س ) 1وهذا ما تدعمه قراءة أبي عمرو البصري (السبعة ،ص 569رقم .)6ولكن الداني يذكر الحقا أن
قراءة (أو أن يظهر) هي قراءة "أهل العراق" (المقنع ،ص 117س ،5وكذا في كتاب المصاحف ،ص 46س ،20والفضائل ،ص
197س .) 3وينص ابن أبي داود صراحة على أن قراءة (أو أن يظهر) هي قراءة الكوفيين والبصريين جميعا (المصاحف ،ص 40
س . )1وكذلك هي قراءة يعقوب الحضرمي البصري (ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،تحقيق علي محمد الضباع ،المجلد
الثاني ،القاهرة ،ص 365س .)6
21المقنع ،ص 114س . 7أضع تلك الصيغة اإلمالئية المختلفة بين هذه المواضع فقط إلن الداني ال يستبعدها ،وهي ال تظهر عادة
عند مقارنة الفروقات ما بين مصاحف المدينة ومصاحف البصرة .انظر على سبيل المثال ،المقنع ،ص 117س .6
22ينص الداني في "المقنع" على أن هذه القراءة انفردت بها مصاحف أهل المدينة (المقنع ،ص 116س .)1ولكن يبدو جليا أنه
تجاهل مصحف أهل الشام (انظر المقنع ،ص 119س ،15والقسم األلماني من الكتاب ،ص ،30كتاب المصاحف ،ص 47س ،12
الفضائل،ص 199س ،8السبعة ،ص 689رقم .)2
23كما لوحظ في. Nöldeke, Geschichte,15 . :
البصرة) .لسنا بحاجة إلى سرد المواضع التي اختلف فيها مصحف البصرة مع مصحف المدينة
إلننا أتينا على ذكرها لدى مناقشة مصحف المدينة ،كما أننا لن نسرد المواضع التي خالف فيها
مصحف البصرة مصحف الكوفة إلننا سوف نذكرها عندما تحين مناقشة مصحف الكوفة.
ومع ذلك ،ثمة استثناء هنا يشوب صفو تحليلنا للموضوع .في الواقع ،تمدنا المصادر بقراءة
واحدة انفرد بها مصحف البصرة:
هلل ...هللا ...هللا (في مقابل" :هلل" ( -ب )1 :سورة المؤمنون :اآليات ()85-89
لثالثتهن) .
وبعيدا عن كون هذا الموضع ربما هو الموضع الوحيد الذي انفرد به مصحف البصرة ،تأتي
المصادر على ذكر عدد من الروايات التي تخبرنا أن األلفين اللذين زيدا في كلمة (هللا) قد أضيفا
في وقت الحق .24يرفض الداني هذه الروايات بشيء من التحفظ ،والحقيقة القائلة بأن تلك
الروايات تنسب هذه اإلضافة إلى ثالثة أشخاص مختلفين ال تشي بكثير من الثقة فيها .ولكن
الروايات توافق الدليل النصي ،لذلك سوف أتجاهل هذه القراءة.
إذا كان مصحف أهل البصرة مرآة للمصحف المدني ،فإن مصحف أهل الكوفة مرآة لمصحف
الشام وإن كان ذلك من الناحية النوعية ال الكمية .25وهذا يعني أن قراءات مصحف الكوفة إما
قراءات انف رد بها أو وافق فيها مصحف البصرة ،ولكن لم يحدث أن وافق مصحف الكوفة
مصحف المدينة أو مصحف الشام مخالفا مصحف البصرة( .االستثناء الوحيد المعتبر لتلك
القاعدة هو القراءة المذكورة في مناقشة مصحف البصرة وقمنا باستبعادها بوصفها إضافة
الحقة ،وإذا ما قبلناها ،فسوف يوافق مصحف الكوفة في هذه الحالة مصاحف المدينة والشام
ويخالف مصحف البصرة . 26وعلى هذا النحو ،يمكننا أن نميز مصحف الكوفة من خالل سرد
القراءات التي انفرد بها وتأتي في ستة مواضع (بخالف الستة عشر موضعا التي انفرد بها
مصحف الشام) .وهذه المواضع كما يأتي:27
24انظر ،M. cook, "A Koranic Codex Inherited by Malik from his Grandfather", 98, n.41 :وانظر أيضا:
المصاحف ،ص 50س ،1ص 118س ( 1حيث ينسب هذه اإلضافة إلى الحجاج).
.Nöldeke, Geschichte,15 . 25خالفا لالدعاء الشامي غير المعقول والذي ينص على أن مصاحف أهل الشام وأهل البصرة
أحفظ من مصحف أهل الكوفة إلنهما روجعا قبل إرسالهما إلى المصرين (كتاب المصاحف ،ص 35س .)13
26هذا االستثناء الثانوي سيكون سندا شاذا لقراءة (قال سبحان ربي ،بدال من قل) في سورة اإلسراء (انظر :ش )11بالنسبة إلى
مصحف الكوفة .وكال االستثنائين مستبعد.
27استبعدت كلمة (تأتهم) في اآلية ( )18من سورة محمد (انظر أدناه :ة )7 :حيث يبدو أن نسبة هذه القراءة إلى مصحف الكوفة مسألة
مشكوك فيها .كما استبعدت أيضا موضع سورة غافر (انظر :مـ .)8 :وكال الموضعين ال يظهران عند سبر االختالفات الخاصة بين
مصاحف أهل العراق (المقنع ،ص 119س ،18الفضائل ،ص 119س .)11ولمطالعة قراءة شاذة تنسب إلى مصحف الكوفة في
عارض بما جاء فياآلية ( )36من سورة ا لنساء انظر :المصادر أعاله ،هامش رقم ( ،)5كتاب المصاحف ،ص 40س ( 21ولكنه ُم َ
ص 48س .)11
28المقنع ،ص 110س . 11
قل (في مقابل :قال) .29 (ك )3 :سورة المؤمنون :آية ()112 -
تماما كما هو الموضع السابق. (ك )4 :سورة المؤمنون :آية ()114 -
عملت أيديهم (في مقابل :عملته أيديهم) .
30
(ك )5 :سورة يس :آية ()35 -
سانَ بِّ َوا ِّل َد ْي ِّه إحسانا (في مقابل: ص ْينَا ْ ِّ
اإلن َ َو َو َّ (ك )6 :سورة األحقاف :آية ()15 -
ُح ْسنًا).
نالحظ أن ثمة مواضع ثالثة مما سبق ذكره تعد ذات أهمية هامشية ،وهي المتعلقة بحالة التناوب
بين لفظت ي (قال وقل) ،وهي في األساس ليست أكثر من مسألة اختالف في التلفظ بهما .ومرة
أخرى ،بإمكاننا تأجيل السؤال عما إذا كان يمكن تصنيف هذه القراءات صحيحة أو خاطئة.
سحائب صيف
ُ /6
في غالبية المواضع الستة وثالثين التي يقع فيها االختالف بين المصاحف يكون األمر واضحا ال
لبس فيه .ولكن في بعض المواضع ،كما رأينا من قبل ،نشهد بعض اللبس الذي قمت بإيجاد
مخرج له بطريقة أو بأخرى .وتنقسم هذه المواضع ،من حيث تأثيرها على البيانات المعروضة
آنفا ،إلى نوعين.31
أوال ،ثمة بعض المواضع التي ستغير نوعا ما العدد الدقيق للقراءات المنفردة أو المشتركة بين
المصاحف الت ي حددناها سابقا ،ولكنها لن تؤثر على العالقات البنيوية بينها كما رأيناها .أحد
األمثلة على هذه المواضع هي قراءة "أ َ ْو أ َ ْن" في اآلية ( )26من سورة غافر (مـ ،)8 :وهو ما
قمنا بمعالجته بذكر اشتراك أهل البصرة وأهل الكوفة في القراءة ذاتها ،بينما الخيار البديل هو
معاملة هذا الموضع بوصفه قراءة منفردة ألهل الكوفة .ومثال آخر هو قراءة كلمة (تأتهم) في
اآلية ( )18من سورة محمد (والتي سنذكرها الحقا كقراءة مكية في المصحف المكي )7 :التي
استبعدنا نسبتها إلى مصحف الكوفة ،والخيار البديل في هذه الحالة هو إضافتها إلى القراءات
التي انفرد بها المصحف الكوفي.
ثانيا ،هناك موضعان سيقوضان العالقات البنيوية التي وجدناها إذا عولجا بطريقة مختلفة.
أولها :قراءة "هللا" بدال من "هلل" في آيات سورة المؤمنون (( )85-89ب ،)1 :وإذا ما كان علينا
قبول هذه القراءة في مصحف البصرة ،فإن ذلك سوف يعني أنه انفرد بقراءة وحده .والموضع
َاف عُ ْق َباهَا" من سورة الشمس :آية (( )15مـ ،)13 :فإذا لم ننسب هذه
الثاني هو قراءة " فال يَخ ُ
القراءة إلى مصحف الشام أيضا ،فإن ذلك يعني أن مصحف المدينة قد انفرد بقراءة وحده.
قراء الكوفة التقليديين الثالثة ،قرأ اثنان منهم –حمزة والكسائي -هذه اآلية "قل" على األمر وبغير ألف ،بينما قرأ عاصم
29من بين ّ
"قال" باأللف على الخبر (السبعة ،ص 449رقم .) 19وإلن طبعات مصحف القاهرة تلتزم رواية حفص عن عاصم ،نجدها هناك
باأللف المثبتة.
30هنا تتفق قراءة حفص عن عاصم (بخالف قراءة حمزة والكسائي ورواية أبي بكر عن عاصم) مع النص غير الكوفي (السبعة ،ص
540رقم )6لذا من غير المفاجئ أن تكتب هكذا في مصحف القاهرة.
31أتغاضى عن ذكر بعض المواضع التي يكون إقرار االختالف فيها أمرا هامشيا ،أو أن االختالف طفيف لدرجة ال تكاد تذكر
(وتحديدا القراءة بالتناوب بين لفظتي "قال ،وقل" ،وحول ذلك األمر انظر)Nöldeke, Geschichte, 16. :
وبالتالي ،من األمور المشجعة أن نجد سببا كافيا لرفض البديل غير المرغوب فيه في الحالة
األولى ،وسببا قويا لرفضه في الحالة الثانية كذلك.
دعونا أوال نصطلح على بعض المصطلحات الفرعية للمصاحف األربعة .سوف ندعو مصحفا
الشام والكوفة بـ"مصاحف األطراف" ،ومصحفا المدينة والبصرة بـ"مصاحف المركز"،
ومصحفا الشام والمدينة بـ"المصاحف الغربية" ،ومصحفا البصرة والكوفة بـ"المصاحف
الشرقية".
وباستخدام تلك المصطلحات ،يمكننا تلخيص النمط المستخلص من البيانات المعروضة أعاله
كما يأتي :قراءات كل مصحف من مصاحف األطراف إما قراءات منفردة أو متطابقة مع
قراءات مصاحف المركز ك ٌل بحسب نطاقه الجغرافي .وقراءات كل مصحف من مصاحف
المركز ليست قراءات منفردة ولكنها إما توافق قراءات مصاحف األطراف ك ٌل بحسب نطاقه
الجغرافي ،أو توافق المصحف المركزي اآلخر .السؤال المطروح إذن هو :أي أصل من
األصول العديدة التي يمكن تصورها للمصاحف السابقة تالئم هذه الحقائق المذكورة .واإلجابة
هي أنه توجد أربعة أصول مختلفة ،يُحدد ك ٌل منها على نحو فريد بمجرد أن نختار مصحف ما
للبدء به:
قد تبدو هذه النتائج محبطة ،وهي كذلك إلى حد ما .ولكنها تصل بنا إلى شيء أيضا .ال تقل عدد
األصول المحتملة التي يمكن تصورها للمصاحف األربعة ،حتى على االفتراض الذي افترضناه
بدءا ،عن ستين احتما ال ، 32ولكن تلك البيانات السابقة أسدت إلينا معروفا بتقليص تلك
االحتماالت الستين إلى أربعة فحسب.
فهل من الممكن أن نطمح إلى ما وراء ذلك بالسعي إلى ر ّد تلك األصول األربعة المحتملة إلى
أصل واحد فقط؟ يعتقد نولدكه أن ذلك ممكنا بالطبع :فبعد أن يقدم حجاجا مختصرا للغاية
ومتبصرا في آن ،يختار نولدكه النمط "ب" بوصفه األكثر احتماال .33ولكن لماذا يختار النمط
"ب" تحديدا؟ بالطبع لدى نولدكه أسبابه الخاصة ،ولكنها غير واضحة إلى حد ما .34لذلك نقدّم
أسبابنا الخاصة كما نراها.
يعتمد إحراز المزيد من الفهم المتقدم لهذه النقطة على القدرة على تحديد المواضع التي تبدو فيها
إحدى كتابات المصاحف صحيحة واألخرى خاطئة ،بينما المواضع التي تبدو متكافئة لن
تساعدنا على اإلطالق .المشكلة هنا أن غالبية االختالفات التي نتعاطى معها تنتمي إلى هذا
النوع المحايد الذي يصعب معه الجزم بخيار ما يم ّكنُنا من أن ندعي بكل وضوح أن" :هللا لم يقل
ذلك مطلقا ،بل قال ذلك فحسب" .35وأنا لن أحاول مناقشة كل موضع على حدة ،أو أي موضع
بالتفصيل ،وعلى القارئ المهتم أن يتوجه إلى السياقات القرآنية ليتوصل إلى استنتاجاته
الخاصة .وفيما يلي ،سوف أنتخب ببساطة بعض المواضع التي أعتقد أن ثمة ما يدعو إلى
تفضيل أحد االختالفات فيها على اآلخر.
ولنبدأ بالقراءات التي انفرد بها مصحف الشام .ثمة أمران تجدر مالحظتهما .أوال ،ال يوجد
موضع بعينه يدرك فيه المرء أن قراءة الشام هي القراءة الصحيحة .ثانيا ،يبدو أن نصف
المواضع التي انفرد بها مصحف الشام خاطئة .ينطوي هذا القول على حكم ذاتي subjectivity
نوعا ما ،ولكن قائمتي الخاصة من االختالفات الشامية الخاطئة إلى حد ما ستشمل( :ش،)3 :
(ش( ،36)5 :ش( ،)9 :ش( ،)11 :ش( ،)13 :ش( ،)14 :ش( ،)15 :ش.)16 :
ثم ننتقل إلى ا لمواضع التي خالف فيها مصحف المدينة مصحف البصرة .هنا ،لألسف ،ال
أحدس ،في أي موضع من مواضع الخالف ،وجود قراءة صحيحة واألخرى خاطئة.
وأخيرا ،نأتي إلى القراءات التي انفرد بها مصحف الكوفة .هنا ،األمر أخف مما هو عليه في
حالة مصحف الشام ،إذ تميل االختالفات إلى أن تكون محايدة أو هامشية .الموضع الوحيد الذي
يمكن أن يساعدنا في تلك المواضع هو اآلية ( )15من سورة األحقاف (ك ، )6 :إذ تبدو قراءة
"إحسانا" الكوفية هي القراءة األفضل.
32هناك 24 = 2 * 3 * 4أصال خطيا unilinearيمكن تصوره (وهي األنماط التي ينتمي إليها النمط "أ" والنمط "د") ،و * 3 * 4
24 = 2أصال فرعيا يمكن تصوره حيث يتبع المصحف الفرعي المصحف اإلمام مباشرة (وهي األنماط التي ينتمي إليها النمط "ب"
والنمط "ج") ،و 12 = 3 * 4أصال فرعيا يمكن تصوره حيث ال يتبع المصحف الفرعي المصحف اإلمام مباشرة (وهي غير
موضحة بالرسم التوضيحي).
Nöldeke, Geschichte, 15. 33وال يلقي باال ألصول محتملة أخرى.
34يُحيل نولدكه على نحو ملغز إلى "التقليد" ( ،)mit Hinzuziehung der Traditionولكن ما هي المعلومات ذات الصلة التي
يمكن أن يقدمها لنا "التقليد" في هذا الصدد؟
35يُشار إلى هذه النقطة في. Nöldeke, Geschichte, 14. :
36حول قراءة ابن عامر المنفردة لآلية ،انظر :السبعة ،ص ،270رقم ، 54وحول الفهم الشامي المرتبك لآلية ،انظر :الفضائل ،ص
198س .6ويصف نولدكه القراءة تلك بأنها "غير ممكنة لغويا" (.)Geschichte, 12, n. 5
وبعبارة أخرى ،إذا ما افترضنا أن النصوص القرآنية بدأت صحيحةً ثم وقع االختالف بينها عند
نسخ المصاحف ،يمكننا أن نستنتج بشيء من الثقة أن مصحف الشام نُ ِّس َخ عن مصحف المدينة،
وفي الوقت ذاته نقترح أن يكون مصحف البصرة نُ ِّس َخ عن مصحف الكوفة .سيؤدي االستنتاج
األول إلى استبعاد النمط (أ) ،أما االقتراح الثاني األقل تأكيدا من شأنه أن يستبعد جميع األنماط
ما عدا النمط (د) .باختصار ،بقي لدينا األنماط (ب) ،و(ج) ،و(د) ،مع إعطاء األولوية للنمط
(د) .ولكن هناك مشكلة أخرى .افترضنا أن النص بدأ صحيحا ثم جرى عليه االختالف ،ولكن
من الممكن أيضا ،بالنسبة إلى المصاحف األربعة ،أن يكون بدأ مختلفا ثم خضع لتصحيحات
معقولة (باإلضافة إلى بعض االختالفات العشوائية) عن طريق الكتبة ،والقراءات الخاطئة التي
أشرتُ إليها ليست ،في النهاية ،سوى قراءات يمكن لفقيه اللغة أن يتعاطى معها ،وبالتالي قد ال
تكون مهمة للغرض الذي نسعى إليه .وإذا ما أخذنا هذا االحتمال بعين االعتبار ،فال يزال لدينا
أربعة أصول محتملة.
ثمة احتمال آخر ،وإن كان بعيدا ربما .إذا كانت لدينا قراءات من مصاحف غير عثمانية في
المواضع محل بحثنا ،فلربما تساعدنا هذه القراءات على تحديد أحد االختالفين في الموضع
الواحد كقراءة أصلية واآلخر كقراءة ثانوية .وأنا ال علم لي بمثل هذه القراءات ،ولكن ربما
يكون لدى مخطوطات صنعاء األقدم ما تقدمه في هذا الشأن.
افترضنا حتي هذه اللحظة أن المصحف اإلمام كان من بين المصاحف األربعة التي تعرضنا
لها ،وأن المصاحف الباقية منتسخة منه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .ولكن ماذا إن لم يكن
األمر كما افترضنا؟ دعونا نقلب هذا االحتمال على وجهين :أوال ،من الناحية النظرية ،وثانيا،
عند األخذ بعين االعتبار البيانات التي يقدمها لنا أبو عمرو الداني وغيره من المصا در األخرى
فيما يتعلق باالختالفات النصية في المصحف الذي يدعونه "اإلمام".
بالطبع لن نستفيد شيئا جديدا إذا أقحمنا مصحفا إماما افتراضيا –ولنسمه "س" -فوق أي نمط
من األنماط التي تعرضنا لها آنفا .وإذا أقررنا وجود أحد هذه األنماط األربعة ،فال شك أننا
سنميل إلى افتراض أن أول نسخة في أعلى السلسلة منسوخة من مصحف سابق عليها نوعا ما،
ولكن لن يكون لدينا أي معلومات إضافية عن هذا المصحف األقدم.
في أي موضع ينبغي أن نضع المصحف اإلمام المفترض حتى يش ّكل فارقا؟ بالطبع في الموضع
الذي يسمح لنا ببناء نمط ألصل المصاحف يكون فيه "س" متبوعا مباشرة بالمصاحف
المنسوخة عنه .37فكم عدد المصاحف الفرعية التي يمكن أن يحتوي عليها مثل هذا النمط؟ ال
توجد طريقة يمكن من خاللها ألربعة أو حتى ثالثة مصاحف محلية أن تتفرع على الفور من
37مبدأيا ،يمكننا أن ندرج مصحفا مفترضا (ولنسمه "ص") في الحلقة األضعف من النمط .وهناك طريقان للقيام بذلك .أوال ،نظرا
ل لعالقة المعلومة لدينا بين (م)ـــ(ش) (على اعتبار أن مصحف الشام منسوخ عن مصحف المدينة) ،يمكننا تمديد هذه العالقة لتشمل
"ص" بينهما( :م)ـــ(ص)ــــ(ش) ،ولكن ذلك لن يجدي مطلقا .ثانيا ،يمكننا بناء نمط فرعي يكون فيه (م) و(ش) على حد سواء
منسوخان من "ص" ،ولكن هذا سيكون مستحيال ،أو غير معقوال .فمثل هذا النمط ينبغي أن يتفرع منه مصحفان ينفرد كل منهما
بقراء ات خاصة به ،ولكن المصاحف الوحيدة التي انفردت بقراءات خاصة هي (ش) و (ك) ،وهذه المصاحف ترتبط ارتبا ً
طا وثيقًا
بالمخطوطات المركزية المتطابقة أكثر من ارتباطها ببعضها البعض.
"س" ،ألنه في هذه الحالة ،يمكننا أن نتوقع العثور على مصحف مركزي واحد على األقل
يحتوي على قراءات منفردة ،ومصحف واحد على األقل من مصاحف األطراف يوافق
مصاحف المجموعة الجغرافية األخرى .ولكن النمط المزدوج مالئم تماما .فمن أصل واحد
وستين نمطا يمكن تصورها من هذا النوع ،38هناك ثالثة أنماط ممكنة:
هل يمكننا استبعاد أي من هذه األنماط بافتراض أن القراءات التي فضلناها سابقا من المرجح أن
تكون هي القراءات األصلية؟ ال تساعدنا المرتبة المتدنية لمصحف الشام في اإلجابة على هذا
السؤال ،ولكننا إذا كنا على استعداد لتقبل أولوية المصحف الكوفي كما نعتقد ،فيمكننا أن نستبعد
النمطين( :هـ) و (و).
فما هي إذن القراءات المنسوبة في المصادر لدينا إلى "اإلمام مصحف عثمان" كما يحلو للداني
39
أحيانا أن يسميه في مصنفه؟
توجد هنا مشكلتان أساسيتان .أوال ،ال تمدنا المصادر بقراءات المصحف اإلمام سوى في عدد
محدود جدا من المواضع ،وعادة مواضع الخالف بين مصحف المدينة ومصحف البصرة .ثانيا،
تمدنا المصادر المختلفة بمعلومات مختلفة بل متناقضة.
تبعا لذلك ،يعرض لنا الداني ثمان قراءات منسوبة للمصحف اإلمام .يسند خمسة من بينها إلى
أبي عبيد الذي يخبرنا أنه رأى بنفسه المصحف اإلمام أو كما يقول في أحد المواضع "الذي يُقال
له اإلمام" .40من بين هذه القراءات الخمس ،ثمة قراءات ثالث يعتمد فيه المصحف اإلمام قراءة
38األنماط التي يمكن تصورها هي :جميع النسخ األربعة منسوخة مباشرة من "س" (وهناك حالة واحدة غير محتملة) ،ثالثة منسوخة
من "س" ،والرابع منسوخ من أحد الثالثة (اثنا عشرة حالة ،وال واحدة منهم محتملة) ،اثنان منسوخان من "س" ،واالثنان اآلخران
منسوخان منهما (اثنا عشرة حالة ،واحدة محتملة) ،اثنان منسوخان من "س" ،واالثنان اآلخران منسوخان من أحدهما (اثنا عشرة
حالة ،وال واحدة منهم محتملة) ،اثنان منسوخان من "س " ،والثالث منسوخ من أحد هذين االثنين ،والرابع منسوخ من الثالث (أربع
وعشرون حالة ،اثنان منهم محتمالن).
39المقنع ،ص 109س ،4ص 114س ، 3ص 115س .12
40المقنع ،ص 115س .12
المصاحف الغربية في اآلية ( )132من سورة البقرة (مـ ،)1 :واآلية ( )54من سورة المائدة
(مـ ،)4 :واآلية ( )71من سورة الزخرف (مـ .)11 :وفي قراءة أخرى ،ال يوافق المصحف
اإلمام ما انفرد به مصحف البصرة من زيادة حرف األلف في اآليات ( )85-89من سورة
المؤمنون (ب .)1 :كما يظهر في موضع آخر عدم اتفاق المصحف اإلمام مع ما انفرد به
مصحف الشام في اآلية ( )12من سورة الرحمن (ش .)14 :وبعبارة أخرى ،تتفق مواضع
المصحف اإلمام بحسب رواية أبي عبيد دائما مع مصحف المدينة ،وتخالف في موضع واحد
مصحف الشام .وهذا يعني أن المصحف اإلمام ال يمكن أن يكون هو "س" في النمط (ز) ،كما
ال يتناسب مع النمطين (هـ) و (و) ،نظرا ألننا نتوقع عندئذ أن يوافق مصحف الشام في النمط
(هـ) تارة أو مصحف البصرة في النمط (و) تارة أخرى ،على الرغم من ضآلة عدد قراءاته
المتاحة لدينا بحيث ال تمنحنا هذه الثقة .أما قراءات المصحف اإلمام األخرى ،فيسندها الداني
إلى مصادر أخرى .إحدى هذه القراءات المنسوبة إلى المصحف اإلمام هي قراءة (أو أن) في
اآلية ( )26من سورة غافر (مـ ،41)8 :وهذا يجعل المصحف اإلمام موافقا لمجموعة المصاحف
الشرقية (أو أقل احتمالية لموافقة مصحف الكوفة وحده) .وثمة إحالة أخرى من المصحف
اإلمام على قراءات المصاحف الشرقية لآلية ( )24من سورة الحديد (مـ )12 :واآلية ( )15من
سورة الشمس (مـ .42)13 :وهذه القراءات الشرقية يمكن أن يتضاعف عددها إذا ما أخذنا في
اعتبارنا البيانات التي أوردها ابن أبي داود والتي تظهر موافقة المصحف اإلمام مصحف
البصرة في جميع المواضع.43
كالم آخر ،التقليد منقسم حول طبيعة نص المصحف اإلمام ما إذا كان ينتمي إلى المصاحف ٍ في
الشرقية أو إلى المصاحف الغربية ،وينشأ شك قوي عند النظر في ذلك إذ أننا يجب أن نكون
حذرين عندما نتعاطى مع المصاحف المحلية العادية التي حددتها األجيال الالحقة عن طريق
الخطأ بأنها المصحف اإلمام .وفي الواقع ،ثمة رواية تفيد بأن المصحف اإلمام فُ ِّقد عند مقتل
عثمان .44وباختصار ،ال يمكن للبيانات المتاحة لنا حول نص المصحف اإلمام أن تساعدنا
مطلقا.
ي
/9المصحف المك ّ
ولنرجع اآلن إلى الرواية الثانية التي ال يرجحها الداني حول توزيع مصاحف األمصار ،وهي
وتنص على أن هذه المصاحف
ّ رواية تضيف ثالثة مصاحف أخرى إلى النسخ األربع األولى،
أرسلت تحديدا إلى مكة ،واليمن ،والبحرين .وعند الحديث عن االختالفات بين المصاحف
المحلية ،ال تأتي المصادر على ذكر أي معلومات عن مصحف اليمن ومصحف البحرين .ولكن
ولنبدأ بمناقشة العالقة بين المصحف المكي ومصاحف األطراف .ونالحظ هنا أن مصحف مكة
يحافظ على مسافة بينه وبين كال المصحفين :الشامي والكوفي .ثمة موضع واحد يوافق فيه
مصحف مكة القراءة التي انفرد بها مصحف الشام في اآلية ( )93من سورة اإلسراء (قال
سبحان ربي ،في مقابل :قل) (ش ،)11 :وهو موضع ال يعنينا كثيرا .وهناك موضعان آخران
مشكوك فيهما ربما يشترك فيهما (ة) مع مع قراءات انفرد بها (ك) .الموضع األول هو اآلية
( )26من سورة غافر (مـ ،)8 :حيث يوجد سبب وجيه العتقاد أن هذه القراءة تخص مصحف
البصرة أيضا .أما الموضع الثاني فهو اآلية ( )18من سورة محمد (ة ،)7 :حيث القراءة الكوفية
مشكوك فيها هنا.
ما هي العالقة إذن بين (ة) ومصاحف المركز؟ عندما يختلف مصحف المدينة مع مصحف
البصرة ،عادة ً ما يوافق مصحف مكة مصحف البصرة .وهكذا توجد تسعة مواضع على األقل
يوافق فيها (ة) مصحف البصرة مخالفا مصحف المدينة .ومع ذلك ،يوافق مصحف مكة
مصحف المدينة في موضعين مخالفا مصحف البصرة :في اآلية ( )53من سورة المائدة (مـ)3 :
واآلية ( )36من سورة الكهف (مـ .)6 :وهناك موضعان مشكوك في كونهما يعودان للمصحف
المكي :اآلية ( )26من سورة غافر (مـ ،)8 :حيث يوجد بعض الشك فيما يتعلق بانتماءها إلى
مصحف أهل البصرة ،وفي اآلية ( )68من سورة الزخرف (مـ ،)10 :حيث يوجد شك في
كونها كذلك في مصاحف أهل مكة.46
وأخيرا ،ثمة سبعة مواضع (أو خمسة على األقل) انفرد بها المصحف المكي ،وهي كما يلي:47
45ومع ذلك ،نالحظ أن الداني يلجأ في موضعين إلى استنتاج قراءة المصحف المكي بسبب قلة المعلومات (المقنع ،ص 113س ،2
ص 114س.)9
46المقنع ،ص 114س .9
47ولمطالعة قراءة شاذة منسوبة لمصحف مكة دون وجود معلومات كافية للمقارنة مع المصاحف األخرى ،انظر :المقنع ،ص 121
س .1والمصاحف ،ص 47س { 16حول اآلية ( )171من سورة النساء}.
48المقنع ،ص 111س ( .7وقد أخطأ محرر الكتاب في تحديد رقم اآلية ،وكذلك في ص 117س .)16
49ثمة تقليد شاذ ينص على أن هذه القراءة هي قراءة أهل العراق أيضا (المصاحف ،ص 46س .)7
عةَ أَن تأتهم بَ ْغتَةً (في مقابل: فَ َه ْل يَن ُ
ظ ُرونَ إِّالَّ ال َّ
سا َ ( -ة )7 :سورة محمد :آية ()18
ت َأْتِّيَ ُهم).50
ماذا يمكننا أن نستنتج مما سبق؟ حقيقة أن مصحف أهل مكة يوافق مصحفا المركز تعني أنه ال
يمكن أن يكون منسوخا بشكل حصري من أحدهما .كما أنه ال يزال بعيدا عن كونه منسوخا من
مصحف الشام أو مصحف الكوفة ،إلنه يوافق عادة المصحفين اآلخرين مقابلهما .بعبارة أخرى،
ال يمكن أن نضع مصحف مكة ضمن أي نمط من األنماط السبعة المحتملة كمصحف منسوخ
عنهم .كما أنه ال يمكن أن ينطبق على المصحف (س) في هذه األنماط ،ألن فرص اتفاق
نسختان مستقلتان عن مصحف مكة مقابل قراءاتهما المنفردة ضئيلة للغاية .في الحقيقة ،النمط
الوحيد الممكن لجمع مصحف مكة مع المصاحف األربعة األخرى هو النمط التالي:
بالطبع يفترض هذا النمط استبعاد الموافقات الثالث الممكنة للمصحف المكي مع مصاحف
األطراف ،ويستخدم المصحف (س) للتخلص من القراءات المنفردة لمصحف مكة قبل أن
يُتضمنا في مصحف المدينة أو مصحف البصرة.
حقيقة أن القراءات المنفردة للمصحف المكي ال تبدو ذات جدارة تقف نوعا ما في وجه هذا
النمط غير المالئم ويمكننا على األرجح أن ننحيه جانبا .وإذا فعلنا ذلك ،يكن الطريق أمامنا
50هذا إن لم تكن هذه القراءة هي قراءة مصحف الكوفة أيضا ،ولكن ذلك مسألة مشكوك فيها (المقنع ،ص 115س .4المصاحف،
ص 40س ،18ص 48س .)20
ممهدا لتصنيف المصحف المكي على أنه نتاج مختلط .وعلى وجه التحديد ،يبدو المصحف
المكي وكأنه التقاء بين المصحف البصري والمدني مع هيمنة مصحف البصرة.51
/10خاتمة
كما رأينا في النقاش السابق ،ال تسمح لنا البيانات التي يمدنا بها علماء المسلمين بتحديد أرومة
مصاحف األمصار .ولكنها تسمح لنا باستبعاد عدد كبير من األنماط التي يمكن تصورها ألصل
هذه المصاحف –أكثر من مائة نمط -كما تسمح لنا في الوقت ذاته بترجيح بعض االحتماالت
المتبقية لدينا .وربما يكون النمط األكثر ترجيحا لدينا هو النمط (د) الذي يكون فيه مصحف أهل
الكوفة هو المصحف اإلمام إلى ح ٍد ما.
ما هي إذن التداعيات التي تعكسها –أو ال تعكسها -هذه النتائج بالنسبة إلى تاريخ القرآن؟ ربما
يجدر بنا أن نشير إلى أربع نقاط في هذا الصدد.
أوال ،اإلجابة على سؤال أي من المصاحف األربعة (إن كان ثمة إجابة) هو المصحف اإلمام
مصاحف أربعة
َ ليس لها أي تداعيات تاريخية ذات مغزى .52ولمعرفة ذلك ،دعونا نفترض أن
نُسخت في المدينة ثم وزعت على األمصار .فإذا كانت الحال كذلك ،ال يوجد سبب مقنع لإلبقاء
على مصحف إمام ،وهو أحد المصاحف األربعة ،دون غيره في المدينة .ربما كانت هناك نية
لإلبقاء على النسخة األجود في المدينة ،لكن ربما يؤدي ذلك إلى االحتفاظ بالنسخة األكثر جودة،
بدال من مصحف إمام.
ثانيا ،يتحدث أبو عمرو الداني وآخرون عن مصاحف األمصار بوصفها "منتسخة من المصحف
اإلمام" .53فإذا كان المقصود من ذلك أن كل مصحف من هذه المصاحف نُسخ مباشرة عن
المصحف اإلمام (سواء كان اإلما م من بين المصاحف األربعة أو ال) ،فقد ثبت على نحو واضح
خطأ هذا القول.
ثالثا ،السمة األكثر لفتا لالنتباه في االختالفات المقررة بين المصاحف األربعة هي عدم وجود
أي مؤشر ذي خطر على وجود اختالفات حادة بين نصوصها .وهذا يدفع أي اقتراح يرى أن
هذه االختالفات ملفقة .54فمن أجل اختالق مجموعة من القراءات الخالية من مظهر التفاوت
بينها ،كان علماء المسلمين األوائل بحاجة إلى نوع من اإلدراك العملي آلليات نقل النصوص:
منطق األنماط والتفاوت بين النصوص .ونحن نعلم أن ورثتهم الناقلين عنهم من مصنفي تلك
المصادر التي بين أيدينا لم يتوفروا على ذلك ،بل لم يكن ذلك موجودا في أي ثقافة علمية حتى
نص انتقائي ( .)Nöldeke, Geschichte, 15ومن غير المحتمل أن يكون نصا مركبا كما كان 51بعبارة أخرى ،المصحف المكي ّ
مصحف جد مالك بن أنس ( ،)See cook, "A Koranic Codex", 99ألن المواضع التي يتفق فيها مع مصحف المدينة مخالفا
مصحف البصرة محصورة بين المواضع التي يتفق فيها مع مصحف البصرة مخالفا مصحف المدينة.
52ربما فاتت هذه النقطة نولدكه (انظر هامش 34أعاله).
53المقنع ،ص 108س ( 16المنتسخة من اإلمام) ،وانظر أيضا :المقنع ،ص 2س .10وراجع كتاب المصاحف ،ص 39س ،8
والفضائل ،ص 200س ،5والمقنع ،ص 116س .4
54كما يشهد أيضا على الدقة المتوارثة إلسناد هذه االختالفات.
القرون القليلة الماضية .ويمكننا طبقا لذلك أن نستنتج أن علينا أن نتعاطى مع حاالت نسخ حدثت
بالفعل من مصحف إمام.55
أخيرا ،يميل تحليلنا للمصحف المكي إلى دعم رفض الداني للرواية الثانية التي تتحدث عن
توزيع مصاحف األمصار .ومن المرجح أن يكون المصحف المكي نصا مختلطا ،وسيتناسب
ذلك بشكل جيد مع أصل متأخر.
55
Nöldeke, Geschichte, 9.