You are on page 1of 66

‫السنة الجامعية‬

‫‪2022-2023‬‬

‫اللكية املتعددة التخصصات ابلعرائش‬


‫‪FACULTE POLYDISCIPLINAIRE A LARACHE‬‬

‫بحث لنيل شهادة اإلجازة‬


‫في القانون‬
‫تخصص قانون خاص‬
‫بعنوان‪:‬‬
‫الطرق البديلة لتسوية النزاعات التجارية‬
‫إعداد الطلبة‬

‫الرقم الوطني‪:‬‬ ‫االسم والنسب‪:‬‬

‫‪P138035697‬‬ ‫عائشة اخزان‬


‫‪P147034274‬‬ ‫أسماء المودن‬
‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬

‫"محمد العربان"‬
‫‪1‬‬
‫كلمة الشكر وتقدير‬
‫يقتضي واجب االعتراف بالفضل ان نتقدم بجزيل الشكر واالمتنان لألستاذ محمد عربان‬
‫على كل ما قدمه من توجيهات وارشادات إلنجاز هذا البحث رغم ضيق الوقت‬
‫وانشغاالته فله منا كل االجالل وعظيم الثناء والتقدير واالحترام وجزاه هللا عنا خيرا وال‬
‫يفوتنا ان نتقدم بالشكر للمشرف الذي كان يعوض االستاذ محمد عربان في مهمته‬
‫التأطير واالرشاد وأيضا واكبا معنا مرحلة االعداد بتزويدنا بالمعلومات وتحمل عناء‬
‫تصحيح وتقييم هذا ال عمل وإلى كل من ساعدنا في إنجاز هذا البحث إلى حين الوجود‬
‫فلكم منا جميعا غاية الشكر والتقدير وجزاكم هللا عنا خيرا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الئحة المختصرات‬

‫ق‪ .‬م‪ :‬قانون المسطرة المدنية‬


‫م‪ .‬ت‪ :‬مدونة التجارة‬
‫ق‪ .‬ج‪ :‬قانون الجنائي‬
‫م‪ .‬س‪ :‬مرجع سابق‬
‫ق‪ :‬القانون‬
‫ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪ :‬قانون االلتزامات والعقود‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬
‫يعرف العالم ظاهرة مجتمعية في الطرق البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬تطورت إلى جانب‬
‫اآللية الرسمية والكالسيكية لفض تلك النزاعات ونعني بذلك القضاء‬

‫فإذا كان من غير المعقول تصور الحياة بدون نزاعات كذلك ال يمكن تصور نزاع بدون‬
‫حل وعلى هذا األساس عمل اإلنسان مند األزل على البحث عن أحسن السبل للفصل‬
‫في هده النزاعات مع مراعات قواعد العدالة واإلنصاف‪ ،‬إذا كانت النزاعات تحل مبدئيا‬
‫بواسطة السلطة القضائية بعد العدا لة الخاصة إال أن القانون لم يجعل سلوك طريق‬
‫القضاء إلزاميا على الخصوم للفصل في منازعاتهم‪ ،‬بل أجاز لهم قبل رفع الدعوى أو‬
‫بعد رفعها أو أثناء السير فيها‪ ،‬اللجوء الى وسائل أخرى لحل المنازعات يطلق عليها‬
‫الوسائل البديلة أو المالئمة لحل المنازعات‪.‬‬

‫ولهذا فقد لوحظ خالل العقود الثالثة األخيرة ارتفاع حدة األصوات المطالبة بضرورة‬
‫إصالح النظام القضائي الحالي والخروج به من مأزق إشكاالته ‪ ،‬وذلك على مختلف‬
‫األصعدة المحلية واإلقليمية والدولية ‪ ،‬والعمل على النهوض ‪ ،‬بدوره لجعله قادرا أكثر‬
‫على مواجهة ما استجد من متغيرات في معامالت األفراد ومؤهالتهم‪ ،‬خاصة على‬
‫الصعيد التجاري واالقتصادي والمالي والتي تأثرت بفعل أفرزته بعض الظواهر‬
‫الحديثة‪ ،‬كالعولمة وطفرة الثورة العلمية والتكنولوجية خاصة في المجاالت االتصال‪،‬‬
‫وكذلك االنفتاح االقتصادي وما رافقه من خطوات كإزالة مختلف القيود والحواجز‬
‫الجمركية وتحرير التجارة العالمية‪ ....‬إلخ‪.‬‬

‫ولوحظ في الوقت ذاته نزايد االهتمام بالوسائل البديلة‪ ،‬والذي بدا واضحا في جهود‬
‫لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومساهمات رجال‬
‫الفقه والقضاء وانعقاد العديد من الندوات والملتقيات وأوراش العمل الخاصة بدراسة‬
‫هذه الوسائل في مختلف جوانبها وأيضا إنشاء العديد من المركز والمؤسسات اإلقليمية‬

‫‪4‬‬
‫والدولية المختصة بتسوية المنازعات التجارية الدولية وتزيد عدد الملفات التي تم‬
‫‪1‬‬
‫تسويتها عن طريق هذه الوسائل‬

‫ولم يكن أمام هذا التطور في البنية االجتماعية للمجتمعات عبر مختلف العصور إال‬
‫احتكار الحاكم لسلطة الفصل في نزاعات األفراد أو ال ثم تفويضها في مرحلة ثانية إلى‬
‫من يثق فيهم‪ ،‬إلى غاية ظهور الدولة بمفهومها المعاصر حيث صار القضاء سلطة‬
‫مستقلة عن باقي السلط‪ ،‬وظل يعتبر بمثابة الحكم‪.‬‬

‫وفي خصم هذا التطور اجتهد اإلنسان مند العصور القديمة في التنقيب عن الوسائل‬
‫الكفيلة لفض نزاعاته مع الغير بشكل ودي فأضحى يقبل الصلح مع من ينازعهم أو‬
‫اللجوء إلى شيوخ القبائل وأعيانها أو إلى رجال الدين‪ ،‬أو أي شخص يشهد له‬
‫باالستقامة والصدق واألمانة وألخالق العالية من أجل أن يرشده شأن المتنازع معه إلى‬
‫‪2‬‬
‫الحالل الكفيل بفض النزاع بشكل يرضيهما معا ويحافظ معا على عالقتهما‪.‬‬

‫ويتجلى هذا التصور من خالل استقراء تاريخي لحضارة الشعوب وتأثر فض نزاعات‬
‫أفرادها بالثقافة والتقاليد االجتماعية وبتطور الروابط التجارية‪ ،‬إذ ثبت أن العديد من‬
‫الحضارات القديمة خصوصا اآلسيوية واالفريقية لجأت إلى الوسائل الودية لفض‬
‫نزاعات ونصت عليها الكتب الدينية الثالث الثورات‪ ،‬اإلنجيل‪ ،‬والقران الكريم‪ ،‬وهو ما‬
‫أكده جانب من الفقه معتبرا أن هذه الوسائل البديلة هي عريقة عراقة اإلنسان‪ ،‬لها جدور‬
‫في ثقافة الشعوب وتاريخها‪ ،‬تجسدت في شكل أعراف وتقاليد وعادات‪ ،‬تم تورتها من‬
‫جيل إلى جيل‪.‬‬

‫وقد انطلق بعض الفقه لتعليل قدم الوسائل البديلة من األمثال واألقوال الشعبية المأثورة‬
‫المتداولة من لدن الحضارات القديمة‪ ،‬كما هو الحال في الحضارة الصينية التي يعتبر‬
‫اللجوء فيها إلى المحاكم عامال من عوامل زعزعة النظام العام واإلخالل بالروابط‬

‫‪- 1‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمارية والتجارية " التحكيم والوساطة‬
‫والتوفق"‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط األولى‪ ،‬س ‪ ،2014‬ص ‪.7‬‬
‫‪ - 2‬طارق زهير الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية ‪ ,‬ط األولى ‪ ,‬دار النشر المغربية عين السبع الدار البيضاء‪,‬‬
‫س ‪ ,2012‬ص ‪.13‬‬
‫‪5‬‬
‫االجتماعية والتعامل التجاري‪ ،‬إذ يضرب الصينيون لذلك مثال ‪<<:‬الدعوى الرابحة‬
‫تكلف نقودا أو خسارة نقود>>‪.‬‬

‫نفس األمر عرفته الحضارة الفارسية فقد كانت الوسائل البديلة‪ ،‬خصوصا الوساطة‪،‬‬
‫شائعة االستعمال في عصر الدولة الساسانية‪ ،‬إذا كان يشرف عليها رجال الدين أو ما‬
‫يعرف باألشخاص ذوي النوايا الحسنة‪ ،‬هؤالء يتدخلون بطلب من أطرف النزاع أو‬
‫أحدها لمساعدتهم على فض نزاعهم فتجدرت الية التفاوض لفض النزاع بعيدا عن‬
‫المحاكم ‪ ،‬انبثقت عنها مقولة تتداول باللغة الفارسية من أجل حث وتشجيع أطرف النزاع‬
‫على الحل الودي تقول ‪":‬مضيت عمري بشرف ولم أطرق باب المحاكم والمخافر حتى‬
‫عند الضرورة"‪.‬‬

‫أما في المغرب ما قبل اإلسالم‪ ،‬فقد كان العرف أهم هذه الوسائل البديلة التي كان سكانه‬
‫يلجؤون إليه سواء في نزاعاتهم المدنية أو الجنائية أو مرتبطة بالميراث واألحوال‬
‫الشخصية وبعد اعتناق المغاربة دين اإلسالم‪ ،‬وجدوا فيه وسائل كانوا يستعملونها‪،‬‬
‫يعتبر أهمها‪ :‬الصلح‪ ،‬والنظرة إلى المسيرة كآليتين ناجعين لفض ما كان ينشب بينهم من‬
‫منازعات تجارية‪ ،‬ناهيك عن احتفاظهم ببعض أعرافهم التي تتعارض مع قواعد‬
‫اإلسالم‪ ،‬استنبط لها فقهاء الشريعة أدلة الشرعية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمدن والحواضر ‪ ،‬فقد كان األمناء هم الذين يسهرون على فض النزعات‬
‫التي تثور بين الحرفيين فيما بينهم ‪،‬أو فيما بينهم وبين زبنائهم ‪،‬إذ كان يتكلف أمين‬
‫الحرفة باعتباره من بين أمهر الصناع والتجارة المشهود لهم باألمانة والصدق والبراعة‬
‫على فض النزاع عن ط ريق التوفيق ‪ ،‬في حالة عدم تمكنه من مساعدة أطراف النزاع‬
‫أو كان النزاع يتمحور حول غش في البضاعة ‪ ،‬او احتكاك للسلع فقد كان المحتسب‬
‫مرجعا للفصل فيها ‪ ،‬يتم اللجوء إليه من طرف أطرف النزاع لما يتمتع به من أدوار‬

‫‪6‬‬
‫واختصاصات دينية وتربوية تؤهله للتوفيق بين المتخاصمين وإصالح ذات البين بينهم‬
‫‪3‬‬

‫وقد ظلت أطراف النزاعات‪ ،‬خصوصا التجارية منها‪ ،‬تلجأ أحيانا إلى وسائل بديلة عن‬
‫قضاء الدولة‪ ،‬فكانت هذه الوسائل موازية للقضاء في فض النزاع التجاري ‪ ،‬غير أنه‬
‫مع طغيان التنافسية على ميدان األعمال ‪ ،‬صارت هذه األخيرة عامال من عوامل‬
‫حدوث نزاعات بين التجار ‪ ،‬ال يصلح مطلقا حلها عبر تطبيق القانون من طرف‬
‫القضاء ‪ ،‬أو بإصدار هذا األخيرة ألحكام قضائية ملزمة ألطراف ال تكفل بشكل مطلق‬
‫تحقق وضمان االستقرار والسلم االجتماعيين‪.‬‬

‫ما جعل أحيانا أطراف النزاع التجاري تتفق لفظه علي وسيلة بديلة تجعل القاضي غير‬
‫مختص للبت في نزاعها‪ ،‬يعتمد خاللها علي ما يمنحه مسلسلها من اليات تساعدها علي‬
‫إيجاد حل ترتضيه‪ ،‬يكون له أثر إيجابي علي عالقتها التجاري يتمثل علي الخصوص‬
‫في تأمينه لالستمرارية وتفادي كل ما بات يعاني منه القضاء من مشاكل‪ ،‬أضحت معها‬
‫أساليب التسوية القضائية غير مالئمة لما تعرفه الدورة االقتصادية من حركة وما يشهده‬
‫السوق الوطني والدولي من تطور للمعامالت التجارية‪.‬‬

‫وتتمثل أهم المشاكل التي يعاني منها القضاء في كثرة القضايا المعروضة على المحاكم‬
‫‪4‬‬
‫عموما‪ .‬والتجارية خصوصا‪.‬‬

‫المقصود بالوسائل البديلة‬


‫يقصد بالوسائل لتسوية المنازعات وبشكل عام تلك األليات والطرق التي يلجأ إليها‬
‫األطراف (الخصومة) كبديل للتقاضي أمام القضاء العادي عند وقوع نزاع بينهم قصد‬
‫التوصل لحل أو تسوية لذلك النزاع‪.‬‬

‫‪ 3‬طارق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬


‫‪4‬‬ ‫طارق زهير‪ ،‬الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.1‬‬
‫‪7‬‬
‫ويطلق البعض على أن هذه الوسائل البديلة العدالة الموازية أي القضاء الخاص‬
‫والم وازي للقضاء العام أو هي تلك الطرق المناسبة لفض المنازعات الناشئة بين‬
‫الخصوم‪.‬‬

‫وهناك من يري أن هذه الوسائل هي آليات محددة يلجأ إليها األطراف بشكل إلزامي‬
‫عوضا عن القضاء العادي عند نشوب خالف بينهم بغية التوصل لحل ذلك الخالف فهي‬
‫‪5‬‬
‫بذلك طرف أو أساليب استثنائية لفض الخالفات والمنازعات‪.‬‬

‫أهمية موضوع البحث‬


‫تكمن أهمية الوسائل البديلة للتقاضي ألنها تسمح باستمرار العالقات بين الطرفين‬
‫المتنازعين وتوطيد التفاعل اإليجابي بينهما ‪ ،‬مما يدعم االستمرار المقاوالت في‬
‫أنشطتها اإلنتاجية والتوزيعية ‪ ،‬وبالتالي ضمان الرواج االقتصادي واألمن القانوني ‪،‬‬
‫كما تكمن هذه األليات في فعاليتها وناجعتها من خالل وجهتين ‪ ،‬الوجهة األولى ترتبط‬
‫با لمصلحة العامة وذلك عن طريق تخفيض عدد القضايا المحالة على القضاء وتقليص‬
‫المدة الالزمة لحل النزاع والمصاريف القضائية (ترشيد األموال العمومية ) وكذا توفير‬
‫إطار تنمية المبادالت الخارجية واالستثمارات األجنبية‪ .‬أما الوجهة الثانية‪ ،‬المعنية‬
‫بالمصلحة الخاصة األطراف من خالل تدبير الخالف عن طريق األطراف المعنية‬
‫بالنزاع أنفسها وعلى نفقتها وباعتماد هذه الوسائل التي تعتمد المرونة والفعالية وذلك‬
‫قصد االستجابة لمصالحهم المشتركة ‪ .‬ومن ثم يتأسس نوع من التكامل بين نظام القاضي‬
‫النظامي المرتكز على القانون المفروض ونظام الوسائل البديلة الذي يعتمد القانون‬
‫المتفاوض بشأنه‪.‬‬

‫‪ 5‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمارية والتجارية "لتحكيم الوساطة‬
‫والتوفيق "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة‪8‬‬
‫‪8‬‬
‫ونظرا األهمية ونجاعة هذه الوسائل‪ ،‬فقد حظيت باهتمام بالغ على الصعيد الدولي‬
‫والجهوي والمحلي‪.‬‬

‫إشكالية موضوع البحت‬


‫عندما يحدث نزاع بين األطراف فإن جل تركيزهم يكون على النزاع ذاته دون التفكير‬
‫بكيفية الحل وماهي أفضل الوسائل لحلها‪ ،‬وإذا ما فكروا في طريقة فإنهم يلجأن مباشرة‬
‫إلي القضاء كحل أول وأخير ‪ .‬مما يؤدي عن عجز القضاء في العالم معالجة القضايا‬
‫بسبب كترة الدعاوى ونقص الموارد فيقع تحت جهد متزايد وبطئ في اإلجراءات كذلك‬
‫هناك أعباء تقع على الفرد عند لجوء للقضاء من تكاليف باهظة إضافة إلى عدم‬
‫رضاءه عن القرار الصادر حتى من قبل الطرف الرابح ‪ ،‬مما يجب عليه البحث عن‬
‫وسائل بديلة عن القضاء ‪،‬وترضي الطرفين‪.‬‬

‫من خالل ما تقدم بيانه يمكن حصر إشكالية الموضوع في‪:‬‬

‫فماهي الطرق البديلة لتسوية المنازعات التجارية ‪.‬؟‬

‫ولمعالجة هذا اإلشكال سنعتمد التقسيم التالي ‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية الوسائل البديلة والتحكيم نموذجا‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الوساطة االتفاقية لتسوية المنازعات التجارية‬

‫‪9‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية‬
‫إذا ما علمنا أن القضاء كان الوسيلة الوحيدة لحل النزاع إال أن تطور المجتمعات وكثرة‬
‫الدعاوى وربط إجراءات القضاء وتكاليفه الباهظة قد دفعت الناس الى اللجوء إلى‬
‫الوسيلة أخرى لحل نزاعاتهم بعيدا عن القضاء وبشكل ودي يضمن بقاء العالقات بين‬
‫األطراف والوصول إلى حل حيادي يرضي الطرفين دون ضرورة كان هناك طرفا‬
‫رابحا في القضية‪ .‬لذلك سنتطرق من خالل هذا المبحث الى ماهية الوسائل البديلة في‬
‫(المطلب األول) وتحكيم كآلية لتسوية المنازعات التجارية في المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب االول‪ :‬ماهية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية‬


‫ترتبط ماهية الوسائل البديلة بتحديد تعريفها (الفقرة األولى)‪ ،‬وطبعتها (الفقرة الثانية)‪،‬‬
‫وبتعدد أشكال مصادر الوسائل المعتمدة لفضها (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية‬


‫لم يعرف تعريف الوسائل البديلة نفس االختالف الذي عرفته تسميتها‪ ،‬إذا جاء تعريفها‬
‫متقاربا لدى العديد من الفقهاء‪ ،‬فقد عرفها الفقيهان ماريو وبرون بأنها ‪ ":‬مجموعة‬
‫إجراءات يتوخى من خاللها أطراف نزاع حله بوسيلة غير قضائية أو غير تحكيمية ‪،‬‬
‫عن طريق التفاوض المباشر في ما بينهما ‪ ،‬أو بإشراك شخص ثالث محايد يساعدهم‬
‫على تسهيل وصولهم الى حل النزاع "‪.‬‬

‫في حين عرفها لوكس الفقيه لوكس أميستيليس بأنها‪" :‬مجموعة من اإلجراءات التي‬
‫تشكل بديال عن المحاكم في حسم النزاعات‪ ،‬تقتضي غالبا تدخل شخص ثالث نزيه‬
‫ومحايد‪".‬‬

‫أما الفقه الفرنسي فيعرفها في شخص الفقه شارل جارسون بأنها‪ ":‬مجموعة مفتوحة من‬
‫اإلجراءات الحبية لحل النزاعات‪ ،‬تتم في معظم األحيان عن طريق تدخل شخص ثالث‪،‬‬
‫من أجل مساعدة األطراف على إيجاد حل غير قضائي لنزاعها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وقد ذهب الفقيه ولريش في تعر يفه لها أبعد مما أشير إليه أعاله‪ ،‬عندما اعتبر ها شكال‬
‫وديا لحل النزاعات ‪ ،‬تلجأ إليها األطراف عند رغبتها في عدم فض نزاعها عن طريق‬
‫حكم قضائي أو مقرر تحكيمي ‪ ،‬لتأخذ أشكاال متعددة تختلف حسب اختالف إرادة‬
‫األطراف في اختيارها لواحدة من مختلف التقنيات التي تدخل في زمرتها ‪ ،‬وهو ما‬
‫يشاطره نوعا ما الفقيه دافيد بالن ت‪ ،‬عندما اعتبر أن تسمية الوسائل البديلة تحيل على‬
‫كل آلية رضائية يكون الهدف من ورائها تسهيل حل النزاع بعيدا عن أي قرار ملزم‬
‫صادر عن الغير‬

‫لم يقتصر تعريف الوسائل البديلة على الفقه فحسب‪ ،‬بل عمدت العديد من المراكز التي‬
‫تتخذها كوسائل لفض النزاعات التجارية المحالة عليها من طرف أطرافها على إعطائها‬
‫تعريفا ‪ ،‬اختلف حسب النظام القانوني أو البعد الدولي لكل مركز‪ ،‬فعرفها المركز‬
‫التجاري لحل النزاعات في أستراليا‪ ،‬بكونها العمليات الهادفة إلى تشجيع المتنازعين‬
‫على حل خالفاتها بأنفسهم بمساعدة شخص ثالث محايد يعمل على تسهيل تحقيق ذلك‪.‬‬

‫وقد رصد رأي فقهي تعريفا لغرفة التجارة الدولية بباريس يعرفها بأنها شكل رضائي‬
‫لحل النزاعات ‪ ،‬يلجأ إليه األطراف الذين ال يرغبون في فض النزاع عن طريق حكم‬
‫أو مقرر قد يكونان ملزمين لهم ‪ ،‬ودون أن يكونوا ملزمين بأي شكل من األشكال‬
‫بالخضوع لمسلسل الوسائل البد يلة ‪ ،‬بل يحبذون االتفاق على شكل الممكن أن يساعدها‬
‫على التوصل إلى حل غير نافذ إال االتفاق عليه رضائيا ‪.‬‬

‫غير أن هذا التعريف يبقى في نظرنا بعيدا عن ذلك الذي أعطته غرفة التجارة بباريس‬
‫للوسائل البديلة في ديباجة نظامها المعتمد من لدنها‪ ،‬إذ عرفتها بأنها الحل الحبي للنزاع‬
‫بواسطة تدخل شخص ثالث يسمى "الغير" سواء قبل أو بعد عرض النزاع التحكيم أو‬
‫القضاء ‪.‬‬

‫• أما الفقه المغربي فيعرف بعضه الوسائل البديلة بأنها مجموعة من اآلليات الممكن‬
‫اللجوء إليها لحل النزعات بعد موافقة األطراف ومشاركتهم كبديل عن بعض‬
‫اإلجراءات والمساطر القضائية وليس كبديل للقضاء‪ ،‬في حين ذهب البعض إلى‬
‫‪11‬‬
‫اعتماد فكرتين في تعريف الوسائل أنها وسائل لحل البديلة ‪ ،‬أوالهما أنها بديلة‬
‫للتقاضي الرسمي باعتباره وظيفة من اختصاص الدولة ‪ ،‬وثانيتهما أنها وسائل لحل‬
‫النزاعات بين األطراف والجماعات ‪ ،‬يمكن اللجوء إليها من أجل إرساء مناخ‬
‫اجتماعي واقتصادي وإنساني أكثر استقرارا‪ ،‬نظرا لما توفره من عالقات طبية بين‬
‫‪6‬‬
‫الفرقاء بعد تسوية الخالف‪ ،‬وهو ماال يتحقق دوما أمام القضاء‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬طبيعة الوسائل البديلة لفض النزاعات‬


‫يتفق اللجوء إلى الوسائل البديلة لفض نزاع قد ينشأ أو نشأ فعال على توافق إرادة‬
‫أطرافه‪ ،‬فيأخذ اتفاقهم إما طابع شرط يضمن في العقد يسمى شرط فض النزاعات‬
‫المرتقبة‪ ،‬أو شكل عقد تتفق األطراف من خالله على فض نزاع نشأ بينها بعيدا عن‬
‫القضاء‪ ،‬ليصح من تم القول على أن العقد يصبح أحيانا حال للنزاع‪ ،‬يتخذ شكل عقد‬
‫صلح‪.‬‬

‫لتبرز من هذا المنطق نقطتان هامتان تتعلقان بطبيعة الوسائل البديلة‪ ،‬تتمثل ألولى في‬
‫طبيعتها البديلة للقانون‪ ،‬والثانية في طبيعتها البديلة للقضاء‪ ،‬فأما الطبيعة األولى فيمكن‬
‫دراستها من خالل تحدد مكانة القانوني الموضو عي واإلجرائي بالنسبة للوسائل البديلة‬
‫(أوال)‪ ،‬أما الثانية فتحدد من خالل طبيعة الحل المتفق عليه (تانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الطبيعة غير القضائية للوسائل البديلة‬


‫عمليا تخار األطراف اللجوء إلى الوسائل البديلة لفض نزاعاتها من أجل تفادي سلبيات‬
‫اإلجراءات القانونية التي تعتري المسطرة القضائية‪ ،‬وحيلولتها دون وصول األطراف‬
‫إلى حل توافقي‪ ،‬ندكر منها على وجه الخصوص كثرة الشكليات ومبدأ التوجيهية‪،‬‬
‫والعلنية‪ ،‬وطغيان طابع المناعة‪.‬‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬يطرح إشكال بخصوص دور القاعدة القانونية واعتمادها إبان سريان‬
‫مسلسل الوسيلة البديلة‪ ،‬الذي ينتهي دوما عند نجاعة بتبني حل تتفق عليه األطراف‬
‫يختلف عن الحكم القضائي‪ ،‬فالقاضي وفقا للفصل الثالث من ق‪ .‬م‪ .‬م‪ .‬ملزم بتطبيق‬
‫‪6‬‬ ‫ـ طارق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.36‬‬
‫‪12‬‬
‫القانون عند بثه في النزاع المعروض عليه‪ ،‬إدا ال يمكن أن يصدر حكما دون أن يتأكد‬
‫من توفير الشروط الشكلية ذات الصلة بالنظام العام‪ ،‬والتبس يمكن له إثارتها تلقائيا ولو‬
‫‪7‬‬
‫لم يطلب ذلك األطراف‪ ،‬أو دون أن يعلله كافيا يتفادى من خالله أسباب الطعن فيه‪.‬‬

‫من تم ‪ ،‬فهل الغير الذي يناط به حل النزاع وفقا للوسيلة المتفق عليها ملزم باحترام‬
‫قواعد المسطرة المدنية‪ ،‬وتطبيق القانون على موضوع النزاع‪ ،‬أم غير ملزم بذلك؟‬
‫وهل تستبعد من مجال تطبيق الوسائل القواعد اإلجرائية كليا‪ ،‬أم يجب احترام بعض‬
‫مبادئها‪ ،‬أم احترام إرادة األطراف التي اختارت وسيلة بديلة لفض نزاعها؟‬

‫تعتمد الوسائل البديلة على أساس اتفاقي وتنطلق بشكل رضائي‪ ،‬يتفق من خالله‬
‫األطراف على البحث سويا على حل عادل‪ ،‬إن لم يكن على األقل مقبول من طرفهما‬
‫عب مسلسل تفاوضي يسهر عليه الغير‪ ،‬هذا األخير ال يكون حسب وجهة نظر بعض‬
‫الفقه ملزما بتعليل االتفاق إال إذا اتفقت على ذلك أطراف النزاع‪ ،‬ألن من شأن التعليل‬
‫أن يضفي طابعا قضائيا على مسلسل حل النزاع‪ ،‬ويتعارض مع غاية الوسائل البديلة‬
‫كبديل للقضاء وبالتالي يعتمده من قواعد وإجراءات للفصل في الدعوى‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة بداية في هذا الصدد إلى أن استعمال الفقه لمصطلح مسلسل عند حديثه‬
‫عن سريان الوسائل البديلة ‪ ،‬يستبعده إمكانية خضوعها لمبادئ الدعوى‪ ،‬طالما أنه ليست‬
‫هناك دعوى أساسا ‪ ،‬وأن أطراف النزاع تلتقي أمام الغير المعتمد بناء على وسيلة بديلة‬
‫ما من أجل بسط موقف ها والدفاع عنه دون التقيد بأي شكليات أو إجراءات مسطريه‪،‬‬
‫فهل هذا يعني أن الغير غير ملزم باحترام مبدأ التوجيهية؟‬

‫إذا كان يفترض فعال أن األطراف‪ ،‬وكيفما كانت الوسيلة البديلة المعتمدة‪ ،‬تلتقي لتفصح‬
‫عن وجهة نظرها بخصوص النزاع‪ ،‬فهذا ال يعني ضرورة احترام مبدأ التوجيهية‪،‬‬

‫‪7‬‬ ‫طارق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.45‬‬


‫‪13‬‬
‫لكون طبيعة بعض الوسائل البديلة كالوساطة مثال تعطي للوسيط حق جلسات انفرادية‬
‫‪8‬‬
‫مع كل طرف على حدة بغية مساعدة على اقتراح حلول‪.‬‬

‫في حين نجد القضاء والمحكمين ملزمين باحترام مبدأ التوجيهية‪ ،‬وحق الدفاع‪ ،‬اللذين‬
‫يعتبر ان مبدأين في أساسيين في كل من الدعوى القضائية أو التحكيمية‪ ،‬عكس الوسائل‬
‫البديلة التي ال يعمل فيها بمبدأ التوجيهية‪ ،‬مادام أن الغير أو الشخص الثالث الذي كلفه‬
‫طرفي النزاع‪ ،‬يمكن له بعد موافقة األطراف إجراء جلسات انفرادية مع كل طرف على‬
‫حدة‪ ،‬خصوصا عند تعدد األطراف‪ ،‬مما يجعل التوجيهية مغيبة في مسلسل الوسائل‬
‫‪9‬‬
‫البديلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطبيعة التعاقدية للوسائل البديلة لفض النزاعات‬

‫لقد أ صبحت العالقات التجارية الدولية تعرف لجوء أطرافها إلى حل نزاعاتهم بشكل‬
‫ودي وسري‪ ،‬بعيد عن القضاء أو التحكيم‪ ،‬من خالل ما بات يعرف بمسلسل‬
‫المفاوضات الذي يتخذ أحيانا تسميات أخري ينتهي عند نجاح أطواره إلى اتفاقها على‬
‫حل رضائي للنزاع‪ ،‬يكون غالبا بتدخل غير مسهل لتلك العلمية‪ ،‬ما جعل الفقهاء‬
‫يعتبرونه بمثابة الطب للقانون‪.‬‬

‫ويؤثر هذا الغير على طبيعة الوسائل المختارة لحل النزاع‪ ،‬فإذا كانت له سلطة في‬
‫اتخاذ قرار يحسم النزاع سواء اتخذ شكل حكم قضائي أو مقرر تحكيمي‪ ،‬تكون الوسيلة‬
‫ذات طبيعة قضائية‪ ،‬أما إذا كان دوره محدودا في مساعدة األطراف على ايجاد حل‬
‫متفق عليه تصير هذه الوسيلة البديلة وسيلة رضائية ذات طبيعة تعاقدية‪.‬‬

‫ويعكس هذا التوجه ما أصبح يعرفه القانون في إطار دوره النظام قانوني مفروض إلى‬
‫نظام قانوني تفاوضي ‪ ،‬ومن تنظيم أو ضبط ذي طبيعة سلطوية إلى نظام قانوني ذي‬
‫طبيعة تفاوضية نابع مما أسماه الفقيه طانوجي بالمجتمع التعاقدي‪ ،‬إذا أصبح العقد حال‬

‫‪8‬‬ ‫طارق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.46‬‬


‫‪9‬‬ ‫طارق زهير‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪.47‬‬
‫‪14‬‬
‫للنزاع‪ ،‬يطلق عليه اسم اتفاق عندما يكون محله اتفاق أطراف النزاع على عرض‬
‫نزاعهم على الغير من أجل حله ‪ ،‬واسم الصلح عندما ينتهي مسلسل الوسيلة البديلة‬
‫‪10‬‬
‫باتفاق أطراف النزاع على حل يفضه‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مصادر الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية‬


‫يحق لألطراف عند إبرام معاملة تجارية وصياغة االتفاق أو العقد أن يضمنوا فيه بندا‬
‫يتعلق بفض النزاعات التي قد تنجم عنه‪ ،‬كما يمكن لهم تدارك عند إغفالهم هذا التضمين‬
‫باالتفاق بعد وقوع النزاع على طريقة حله بعيدا عن القضاء (أوال)‪ ،‬هذا األخير ينزع‬
‫عنه المش رع بدوره احتكاره لحل النزعات بالتنصيص على فض النزعات بطرق بديلة‬
‫له قبل اللجوء إليه (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المصادر االتفاقية للوسائل البديلة‬


‫بات المبدأ المستقر عليه فقها ‪ ،‬هو أن اللجوء إلى الوسائل البديلة رهين بقبول ورضا في‬
‫النزاع معا على سلوك مسلسلها لحل نزاعهما‪ ،‬مما يجعل لها أساسا اتفاقيا‪ ،‬ومدخال‬
‫رضائيا ‪ ،‬يتجليان عموما من خالل إما تضمين األطراف العقد شرطا أو إبرامها اتفاقا‬
‫مستقال‪ ،‬يلزمانها باللجوء إلى الوسائل البديلة لفض نزاعها قبل اللجوء إلى القضاء‪ ،‬ومن‬
‫تم يصبح اعتبار اتفاقها هذا بمثابة شهادة ميالد الوسيلة البديلة‪.‬‬

‫وتعمل أطراف النزاع من خالل المصدرين االتفاقيين المشار إليهما أعاله‪ ،‬على تحديد‬
‫الوسيلة البديلة التي سيتم اعتمادها لحل النزاع عن طريق تدخل خبير‪ ،‬أو موفق‪ ،‬أو‬
‫وسيط‪ ،‬وفق الدور والمهام التي يمكن لها االتفاق عليها وتحديد حدودها‪.‬‬

‫ويتجلى مما سبق ‪ ،‬أن هذه الوسائل البديلة قد نجد لها مصدرا في إرادة أطراف النزاع‪،‬‬
‫هذه األخيرة يبقى لها في ظل مبدأ سلطات اإلدارة اختيار الوسيلة التي تراها مناسبة‬
‫وكفيلة لحل نزاعها فيلزمها اختيارها هذا وفقا لمبدأ القوة الملزمة للعقد بمحاولة حل‬
‫النزاع عن طريق الوسيلة المختارة أوال‪ ،‬فهل يعني هذا تنازلها المؤقت عن حقها‬
‫الدستوري في التقاضي‪ ،‬وما تأثير ذلك على صحة العقد أو شرط الذي تضمنه؟‬
‫‪10‬‬ ‫طارق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.48‬‬
‫‪15‬‬
‫لقد دفع اعتبار الوسائل البديلة ذات طبيعة مختلفة أساسها إرادي وموضوعها قضائي‬
‫بعض الفقهاء إلى اعتبار أن شرط المنظم لحل النزاع ال ينصرف إلى موضوع العقد بل‬
‫إلى حاالت عرضية تلزم عالقات العقد‪ ،‬وليذهبوا قياسا على شرط التحكيم أن شرط حل‬
‫النزاع هو نوع من العقد على العقد‪ ،‬يكون محله مستقال عن العقد ما دام الدعوى‬
‫‪11‬‬
‫القضائية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المصادر القانونية للوسائل البديلة‬


‫تقتضي معالجة المصادر القانونية للوسائل البديلة أن ندرسها من خالل أصولها‬
‫الشرعية والفقهية واإلسالمية‪ ،‬خصوصا قواعد المذهب الملكي باعتباره المذهب المعتمد‬
‫في الدولة المغربية (أ) تم من خالل استقرار النصوص القانونية المعتبرة بمثابة مصدر‬
‫قانوني لها (ب)‪.‬‬

‫أ‪ .‬الشريعة اإلسالمية إطار مرجعي للوسائل البديلة‬


‫أبى مشرع المملكة المغربية باعتبارها دولة إسالمية إال أن يجعل من اإلسالم دين‬
‫الدولة‪ ،‬فقد جاء في ديباجة دستورية ‪ 2011‬ما يلي‪:‬‬

‫"‪ .....‬كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين اإلسالمي مكانة الصدارة فيها‪ ،‬وذلك‬
‫في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم االنفتاح واالعتدال والتسامح والحوار‪ ،‬والتفاهم‬
‫‪12‬‬
‫المتبادل بين الثقافات والحضارات اإلنسانية جمعا "‪.‬‬
‫وال غرو أن العالم المغربي أشار بدوره إلى ضرورة االهتمام بتدريس الشريعة‬
‫اإلسالمية من منطلق أنها تعت بر مصدرا من مصادر التشريع العام‪ .‬وهو ما أكدته العديد‬
‫من المؤتمرات‬
‫والمهتمين‪ ،‬السيما مؤتمر المحامين الدولي المنعقد في الهاي سنة ‪.1948‬‬

‫واعتبار لما لقيم الشريعة اإلسالمية من دور متميز في بناء أسس الحضارة اإلنسانية‬
‫وترسيخ ثقافة إصالح ذات البين وجبر الضرر والفصل في مظالم الناس فإنها تعتبر‬
‫مصدرا ملهما للمشرع من أجل وضع أسس وقواعد تخص الوسائل البديلة‪.‬‬

‫طارق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪5311‬‬


‫طارق زهير‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪5612‬‬
‫‪16‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬يظل الصلح من أبرز الموضوعات التي تناولتها أحكام الشريعة واستفاض‬
‫فقهاء األمة في دراستها‪ ،‬إذ شكل هذا النوع من العقود صورة محسدة للطرق البديلة‬
‫لتسوية النزاعات بين األفراد‪.‬‬
‫ودليل مشروعية الصلح نجده في كتاب هللا العزيز والسنة النبوية الشريفة واجتهاد فقهاء‬
‫األمة األجالء‪.‬‬
‫أما الدليل من الكتاب فينهض به مجموع اآليات الكريمة التي تحت الناس على عقد‬
‫الصلح فيما بينهم‪ .‬يقول المولى عز وجل‪" :‬فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصبح‬
‫بينهم فال إثم عليه‪".‬‬
‫ويقول عزمن قائل‪ ":‬ال خير في كثير من نجوا هم إال من أمر بصدقة أو معروف أو‬
‫إصالح بين الناس" ويقول سبحانه وتعالى‪ ":‬والصلح خير "‪.‬‬

‫ب‪ .‬التشريع صدر للوسائل البديلة لفض النزاعات‬


‫لم تجد الكثير من ال تشريعات في العالم أي بد إال تبني وتنظيم الوسائل البديلة بعدما‬
‫أثبتت فعاليتها العلمية من جهة ‪ ،‬وبعدما صارت هذه التشريعات ملزمة سواء في إطار‬
‫اتفاقيات دولية أو ثنائية باعتمادها كوسيلة بديلة لحل النزعات ‪ ،‬وانخراطها فيما بات‬
‫يعرف بعولمة القاعدة القانونية‪ ،‬هذه ا ألخيرة أضحت في نظرنا غير وليدة الوقع بل‬
‫تفرض على أي مجتمع في إطار ما تفرضه المنظمات غير الحكومية أو باألحرى‬
‫اللولبيات القانونية الدولية من قواعد قانونية ‪ ،‬خصوصا التجارية منها على دول استقبال‬
‫الرساميل ‪.‬‬
‫فأصبح بذلك التشريع ال وطني مصدرا لهذه الوسائل البديلة‪ ،‬ويعتبر التشريع األمريكي‬
‫من بين أهم التشريعات ارتي نظمت الوسائل البديلة منذ إصداره في عام ‪ 1948‬النظام‬
‫الفدرالي للوساطة والمصالحة‪ ،‬ليصير مصدرا تشريعيا بامتياز لحل النزاعات التجارية‬
‫في العديد من الواليات األمريكية‪.‬‬
‫وقد امتد أثر تدخل التشريعات األنجلو سكسونية كمصدر لمصادر الوسائل البديلة إلى‬
‫النظم القانونية الجرمان التينية ‪،‬كالنظام القانوني الفرنسي ‪ ،‬إذ تبنى المشرع الفرنسي‬
‫بمقتضى القانون رقم ‪95‬ـ‪ 129‬الصادر بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪ 1995‬التوفيق والوساطة‬
‫القضائية كوسيلتين بديلتين لفض النزاعات من خالل إدخاله تعديال على المادة ‪ 21‬من‬
‫قانون المسطرة الفرنسية الجديدة ‪ ،13‬تم سنه بتاريخ‪ 22‬يوليوز‪ 1996‬للقرار رقم‪96‬‬

‫صفحة‪13.62‬‬ ‫طارق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬


‫‪17‬‬
‫ـ‪ 62‬ليضيف بمقتضاه العنوان السادس مكرر المعنون بالوساطة في قانون المسطرة‬
‫المدينة الجديدة ‪ ،‬وتبنيه للوساطة والتوفيق االتفاقيين من خالل سنة للمرسوم‬
‫رقم‪2012‬ـ‪ 66‬الصادر بتاريخ ‪20‬يناير‪20114‬‬

‫ويعتبر التشريع المغربي بدوره مصدرا قانونيا للوسائل البديلة ‪ ،‬فقد نظم الصلح وفقا‬
‫للفصول من ‪1098‬إلى ‪1116‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي ‪ ،‬ناهيك على نصه‬
‫على إلزامية القيام بمحاولة الصلح بين أطراف النزاع سواء في قضايا الطالق التطليق‬
‫للشقاق ‪ ،‬أ و القضايا االجتماعية ‪ ،‬وما جاء بها المشرع المغربي في القانون رقم ‪95‬ـ‪15‬‬
‫المتعلقة بمدونة التجارة والمتجلية بالخصوص في مسطرة التسوية الودية للنزاعات‬
‫الناتجة عن العقود االئتمان التجاري ‪ ،‬والمنصوص عليها في المادتين ‪ 433‬و ‪435‬‬
‫منه ‪ ،‬وكذلك تلك الواردة في مادته ‪553‬المنظمة إلجراءات التسوية الودية المسهلة‬
‫‪15‬‬
‫لتصحيح وضعية المقاولة التي تعاني من صعوبات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحكيم كآلية لتسوية المنازعات التجارية‬


‫يعتبر التحكيم من أقدم المؤسسات التي يلجأ إليها لحل المنازعات وتسويتها‪ ،‬حيث‬
‫صاحب اإلنسان مند عهود قديمة‪ ،‬وعرف هذا األسلوب تطورات مهمة بتطور‬
‫التجارية ‪ ،‬حتي أصبح أمرا مألوفا في العقود التجارية ‪ ،‬ذلك أن الغالبية الكبرى من هذه‬
‫العقود تتضمن اتفاق التحكيم الذي يشكل الحل األمثل لفض المنازعات عند معظم‬
‫الشركات أو مؤسسات التجارية ‪.‬فالتحكيم يعتبر ضمانة حقيقية للمستثمرين األجانب‬
‫وكذا للشركات األجنبية الراغبة في االستثمار على الصعيد الدولي ‪ ،‬والسبب يرجع‬
‫باألساس إلى كون هاته الشركات ال ترغب في الخضوع للقوانين المحلية عند نشوء‬
‫أي نزاع له عالقة باالستثمار‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن التحكيم أصبح اليوم يحتل مكانة الصدارة بين الوسائل البديلة مما‬
‫يجعل منه منافسا كبيرا للقضاء‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التحكيم ـ عناصره وأنواع وطبيعته‬


‫يعتبر التحكيم أداة فعالة لتسوية المنازعات التجارية‪ ،‬حيث يتم إسناد مهمة الفصل في‬
‫هذا النزاع إلى أشخاص يسمون المحكومين‪ ،‬ويكون هؤالء األشخاص محل اختيار‬
‫طرق زهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪6314‬‬
‫طارق زهير‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪6415‬‬
‫‪18‬‬
‫األفراد‪ ،‬ومن األوصاف التي يأخذها األفراد في اختيارهم للمحكمين الخبرة والدراية‬
‫بالمسائل المراد االحتكام فيها ‪ ،‬هذا ما يجعلنا نسعى إلى تحديد تعريفه (أوال)‪ ،‬ومعرفة‬
‫عناصره (ثانيا)‪ ،‬وباإلضافة أنواعه (ثالثا)‪ ،‬وطبيعته (رابعا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم التحكيم‬


‫يعرف الفقه التحكيم بأنه وسيلة لحل النزاعا ت وتسويتها من قبل المحكم أو المحكمين‪،‬‬
‫ولغة معناه التفويض في الحكم ‪ ،‬يقال حكمت فالنا في مالي تحكيما أي فوضت إليه‬
‫الحكم فيه فاحتكم علي في ذلك‪ .‬وفي االصطالح القانوني هو اختيار األطراف لقاضيهم‬
‫عن طريق إعمال شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم‪ .‬وعلى غرار باقي التشريعات‬
‫المقارنة ينص الفصل ‪ 306‬من قانون المسطرة كما تم تعديله وفق مقتضيات القانون‬
‫رقم ‪ 08.05‬الصادر بالظهير الشريف المؤرخ في‪30‬نوفمبر‪ 2007‬المعدل القانون‬
‫المسطرة المدنية‪.‬‬
‫" يراد بالتحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من األطراف مهمة الفصل في‬
‫النزاع بناء على اتفاق تحكيم "‪ .‬أما الفصل ‪ 307‬من نفس القانون فقد عرف اتفاق‬
‫التحكيم بأنه "‪ ....‬التزام األطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشا‬
‫عن عالقة قانونية معينة‪ ،‬تعاقدية أو غير تعاقدية "‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق ‪ ،‬نشير إلى أن موضوع التحكيم قد حضي باهتمام متزايد وكبير من‬
‫طرف فقهاء القا نون ووضعت له مجموعة من التعاريف‪ ،‬هذا وقد عرفه جانب من الفقه‬
‫أنه اتفاق أطراف النزاع على اللجوء إلى جهة قضائية اختيارية لحل نزاعاتهم الطارئة‬
‫أو متوقعة بواسطة شخص أو عدة أشخاص معينين من قبلهم أو يتم تعيينهم من طرف‬
‫هيئة متخصصة ‪ .‬ويعرفه فقهاء آخرون بأنه "لجوء المتنازعين إلى أحد الخواص‬
‫يطلبون منه فض النزاع القائم بينهم"‪ ، 16‬إنه " نظام تعاقدي يلجأ إليه فريقان ألجل حل‬
‫الخالف الناشئ بينهما بواسطة شخص أو أكثر من غير القضاة "‪ .‬إضافة لما ذكر‪،‬‬
‫عرفه جانب آخر من الفقه بأنه االتفاق على عرض النزاع على أشخاص معينين يسمون‬
‫محكمين ليفصلوا فيه ‪ ،‬وقد يكون االتفاق على التحكيم في النزاع معين نشأنه ويسمى‬
‫االتفاق في هذه الحالة مشارطة التحكيم أو عقد التحكيم وقد يتفق أطراف النزاع مقدما‪،‬‬
‫وقبل قيام النزاع على عرض النزاعات التي قد ينشأ في المستقبل على التحكيم‪ ،‬ويسمى‬
‫‪17‬‬
‫االتفاق في هذه الحالة شرط التحكيم‪.‬‬

‫‪-16‬ح ميد الحاجي‪ ،‬الوسائل البديلة لتسوية النزاعات مدخل أساسي اإلصالح القضاء‪ :‬التحكيم الوساطة‪ ،‬مجلة الفقه‬
‫والقانون ـ العدد ‪ 21،‬يوليوز‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬صفحة ‪. 73‬‬
‫حميد الحاجي‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪7417 .‬‬
‫‪19‬‬
‫ثانيا‪ :‬عناصر الحكيم‪:‬‬
‫رغم اختالف العنا صر الذي يتميز بها التحكيم إلى أنه يقتضي بمفهومه اربعة عناصر‬
‫أساسية وهي‪.‬‬

‫✓ نشوب نزاع‪ :‬يجب التأكيد على أن جمهورا كبيرا من الفقه يذهب إلى أن من‬
‫مميزات التحكيم أن يرتبط بنزاع ناشئ أو سينشأ‪ .‬ويمكن القول بأنه ال تحكيم بدور‬
‫نزاع ألن التحكيم قضاء القضاء يجب معه وجود النزاع للبث فيه‪ ،18‬ومن المعلوم‬
‫أن النزاع يقتضي توفير شرطين أساسيين وهما تعارض في المصالح بين األطراف‬
‫وأن يتعلق باالدعاءات ذات طبيعة قانونية أي ذات سند قانوني‪ ،‬مما يعني إمكانية‬
‫إيجاد حل قانوني لهذا النزاع‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فالتزام هو الخصوصية التي يكون‬
‫الغرض منها حماية حق أو مركز قانوني للشخص إذا نازعه خصمه‪ .‬ولهذا فال‬
‫يمكن الحديث عن التحكيم عند انتفاء وجود النزاع كما لو تدخل الغير قصد الحيلولة‬
‫دون وقوع النزاع مستقبال ‪ ،‬أي في إطار الوسائل الوقائية على اعتبار أن تدخله هنا‬
‫ال يكون بغرض إيجاد حل النزاع‪ ،‬ألن هذا األخير غير قائم أصال‪ .‬نفس الوضع‬
‫نجده في الحاالت التي يكون فيها الشخص الثالث مكلفا باكمان العقد في غياب أي‬
‫‪19‬‬
‫نزاع‪.‬‬

‫✓ قابلية النزاع األن يكون موضوعا للتحكيم‪ :‬أي أن تكون المادة المتنازع‬
‫بشأنها تدخل ضمن الحقوق التي يمتلك األطراف حرية التصرف فيها‪ ،‬أي أال تتعلق‬
‫بالنظام العام‪.‬‬

‫✓ إسناد مهمة حل النزاع للغير "الشخص الثالث"‪ :‬والذي يتعين أن يكون‬


‫مستقال عن األطراف ومتصفا بالحياد ويحظى بثقتهم‪ ،‬وذلك بموجب اتفاق مشترك‬
‫بين الخصوم ينص على مبدأ التحكيم وجميع عملياته‪ .‬فعنصر التراضي بين‬
‫األطراف يعتبر جوهر التحكيم في مفهومه القانوني؛‬

‫✓ وهذه المهمة المسندة إلى المحكم هي مهمة قضائية حسب االتجاه‬


‫العام في الفقه والقضاء‪ :‬أي أن وظيفة المحكم هي وظيفة قضائية‪ ،‬وهو‬
‫قاض خاص منحه المتخاصمين سلطة الفصل في خصومتها بحكم ملزم لثقتهما فيه‬

‫إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬طبعة األولى‪ ،‬الرباط‪ ،2015 ،‬صفحة ‪5218‬‬
‫إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪19.53‬‬

‫‪20‬‬
‫ع لى ضوء القانون المختار من قبلها‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فليس باستطاعته األطراف عند‬
‫االلتزام (االتفاق على التحكيم وقبول المحكم لمهمته) العلم المسبق بالحل الذي‬
‫سيتوصل إليه المحكم ‪ ،‬لذلك يعتبر التحكيم أشد خطورة من الصلح ألن التجاوز عن‬
‫الحق في الصلح معلوم قبل إبرامه‪ ،‬بينما في التحكيم تتعذر معرفة ما يمكن أن يحكم‬
‫‪20‬‬
‫به المحكم‪ ،‬فالمهمة القضائية تعتبر أذا عنصرا مميزا للتحكيم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أنواع التحكيم‬


‫توجد عدة أنواع للتحكيم والتي سنتناولها في بحثا هذا كاالتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬التحكيم الخاص والتحكيم المؤسساتي‪:‬‬


‫➢ التحكيم الخاص‪:‬‬
‫في هذا النوع من التحكيم يحدد أطراف النزاع المواعيد والمهل ويعينون‬
‫المحكمين ويقومون بعزلهم أوردهم ويقومون بتحديد اإلجراءات االزمة للفصل‬
‫في قضايا التحكيم ‪ ،‬ويعد خاص ولم تم االتفاق بين الطرفين على تطبيق قواعد‬
‫أو اجراءات منظمة أو هيئة تحكيمية طالما أن التحكيم يتم خارج تلك المنظمة أو‬
‫الهيئة ‪ ،‬كان يختار الطرفان تطبيق القواعد الصادرة عن لجنة األمم المتحدة‬
‫لقانون التجارة الدولية فالعبرة في هذا التحكيم بما يختاره طرفا النزاع من‬
‫إجراءات وقواعد تطبيق على التحكيم وخارج أية هيئة أو منظمة تحكيمية‪ ،‬وهذا‬
‫‪21‬‬
‫النوع هو األول من نوعه وال يزال يطبق إلى يومنا هذا بين الدول ‪.‬‬
‫➢ التحكيم المؤسسي‪:‬‬
‫فرض التحكيم أهمية خاصة في مجال عالقات التجارة الدولية ‪ ،‬مما اقتضى قيام‬
‫هي ئات أو مراكز أو مؤسسات متخصصة في مجال التحكيم بما تملكه من‬
‫إمكانيات علمية وفنية ومادية وعلمية ولوائحها الخاصة في مجال التحكيم ولقد‬
‫أنشئت العديد من تلك المؤسسات على المستوى اإلقليمي والدولي منها نظام هيئة‬
‫التحكيم في غرفة التجارة الدولية لعام ‪ 1998‬والذي حدد في البند األول مهام‬
‫هيئة التحكيم في غرفة التجارية في حل النزاعات ذات الطابع الدولي وهيئة‬
‫التحكيم األمريكية ‪ 1992‬هذه الهيئة تنظر في كثير من الدعاوى ومحكمة لندن‬
‫‪22‬‬
‫للتحكيم الدولي ‪.‬‬

‫ـ إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬مرجع سابق صفحة ‪5420‬‬


‫‪21‬زينب وحيد دحام‪ ،‬الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية‪ ،‬أربيل‪ ،‬طبعة األولى مطبعة الثقافة‪ ،‬سنة‪،2012‬‬
‫صفحة ‪92‬‬
‫زينب وحيد دحام‪ ،‬نفسة مرجع ‪ ،‬صفحة ‪9222‬‬
‫‪21‬‬
‫التحكيم الدولي و الداخلي‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫➢ التحكيم الدولي‪:‬‬
‫المقصود به في مجال العالقات التجارية الدولية والمصالح الخارجية ألطراف‬
‫النزاع حيث كما في التحكيم الداخلي يجلس المحكمون وأطراف النزاع‬
‫ومحاموهم حول طاوالت في قاعات االجتماعات‪ ،‬ليس فيها شكليات المحاكم‬
‫القضائية‪ .‬ويحدث النزاع دوليا أي كان يكون بين شركة إيطالية مثال وشركة‬
‫مصرية وال قانون المطبق هو القانون الفرنسي والتحكيم يجري في جنيف‬
‫والمحامون هم إيطاليون ومصريين وممكن أن يكونوا من دول أخرى أو أن‬
‫يكتفوا بمحاميين من جنسيتهم‪.‬‬
‫➢ التحكيم الداخلي‪:‬‬
‫وفيه المحكمون واألطراف كلهم من أبناء البلد الذي يجري فيه التحكيم والقانون‬
‫‪23‬‬
‫المطبق هو قانون البلد الذي يجري فيه التحكيم‪.‬‬
‫ج‪ .‬التحكيم االختياري واإللزامي‪:‬‬
‫➢ التحكيم االختياري‪:‬‬
‫المقصود الذي بناء على اتفاق طرفي النزاع وبمحض ارادتهما‪ ،‬أي اللجوء‬
‫باختيارهما إلى التحكيم لفض النزاع القائم بينهما‪ ،‬وقد ينظم قانون مثل هذا‬
‫التحكيم ووضع الضوابط االزمة والمناسبة لضمان فاعليته ولكن تبقى الحرية‬
‫للطرفيين في اللجوء إليه عوضا عن اللجوء إلى المحاكم‪.‬‬
‫➢ التحكيم اإللزامي‪:‬‬
‫وفقا لهذا التحكيم يلزم قانون طرفي النزاع في اللجوء إلى التحكيم والخضوع‬
‫إلحكامه في بعض المنازعات وقوانين بعض الدول تنص على هذا النوع من‬
‫التحكيم مثل القانون السوري الذي يلجا إلى التحكيم في منازعات معينة منها قضايا‬
‫‪24‬‬
‫العمل حيث تحل الخالفات بين العمال وأرباب األعمال بالتحكيم اإلجباري‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬طبيعة التحكيم‪:‬‬


‫فإن نظام التحكيم ذو طبيعة خاصة فهو يمر بأكثر من مرحلة مختلفة فهو في البداية‬
‫اتفاق أي أنه تصرف إرادي يعبر عنه أطراف النزاع في االتفاق أو العقد المبرم‬
‫بينهما‪ ،‬ومن ثم ينتقل في مرحلة الثانية ويصبح إ جراء خاصا وذلك حين البحث في‬
‫النزاع من قبل هيئة التحكيم ‪ ،‬أي أنه يصبح نظاما إجرائيا تتفاعل فيه عناصر ذات‬

‫زينب وحيد دحام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪9323‬‬


‫زينب وحيد دحام‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪9424‬‬
‫‪22‬‬
‫طبيعة أخرى تدخل في عداد العمل القضائي؛ وعلى هذا األساس تباينت النظريات‬
‫حول طبيعة وتوزعت إلى ثالثة آراء رئيسية وهي‪:‬‬

‫النظرية التعاقدية‪:‬‬
‫ترى هذه النظرية أن نظام التحكيم من حيث طبيعته ليس على صلة بالقضاء ‪ ،‬فهو‬
‫ذو طبيعة اتفاقية أو تعاقدية قائمة على أساس رغبة األطراف الذاتية في حل النزاع‬
‫بطريقة ودية بعيدة عن القضاء ‪ ،‬وذلك عن طريق إحالل شخص ثالث وهو المحكم‬
‫الذي يكون محل ثقتهم وتقديرهم ‪ ،‬ولذلك فإن أساس التحكيم هو إرادة األطراف في‬
‫التصالح ‪ ،‬كما أن األفراد باتفاقهم على التحكيم يتفقون ضمنا على التنازل عن‬
‫الدعوى بمحض إرادتهم ‪ ،‬وبذلك فإن هذه السلطة ليست ذات طابع قضائي ‪ ،‬إذ أنها‬
‫قائمة على إرادة األطراف ذوي الشأن والمعبر عنها في االتفاق القائم بينهم ‪ ،‬فاتفاق‬
‫التحكيم وحكم المحكمين طبقا للنظرية يستمد قوته ومادته من اتفاق التحكيم ‪ ،‬حيث‬
‫أن تحديد نطاق التحكيم الشخصي والموضوعي ‪،‬وتعيين المحكم أو المحكمين أو‬
‫وسيلة انتقائهم أو اختيارهم وكذا القانون الواجب التطبيق واإلجراءات المتبعة تحدد‬
‫جميعا في اتفاق التحكيم حسب اإلرادة الذاتية لألطراف‪ ،‬ولطالما أن اتفاق التحكيم‬
‫هو عقد‪ ،‬وبالتالي يكون لحكم التحكيم نفس خصائص االتفاق ‪.‬‬
‫وهكذا تعتبر النظرية التعاقدية التحكيم مجرد نظام من أنظمة القانون‪ ،‬يجد أساسه في‬
‫اتفاق التحكيم‪ ،‬وإن حكم المحكم ليس سوى تجسيدا أو تنفيذا لهذا االتفاق الذي يستمد‬
‫قوته من رضا الخصوم الذين اتفقوا على عرض النزاع على المحكمين والخضوع‬
‫ألحكامهم‪.‬‬
‫يرى أنصار هذه النظرية أن هدف التحكيم يختلف عن هدف القضاء‪ ،‬حيث أن‬
‫القضاء‪ ،‬يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة‪ ،‬أما التحكيم فهو يهدف إلى تحقيق مصلحة‬
‫خاصة تعود األطراف عقد التحكيم‪ ،25‬كذلك فإن القضاء يفترض عدم إرادة‬
‫األطراف في االمتثال للقاعدة القانونية التي تحمي مصلحة أحدهما في مواجهة‬
‫اآلخر‪ ،‬في حين أن التحكيم يرغب األطراف بإرادتهم إبعاد كل شك حول نطاق‬
‫حقوقهم‪.‬‬
‫ويرى هؤالء أيضا بأن القانون الوضعي يؤيد هذه الطبيعة الخاصة للتحكيم وذلك‬
‫للدواعي اآلتية‪:‬‬

‫‪ 25‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمار والتجارية" التحكيم والوساطة‬
‫والتوفيق "‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة األولى‪ ،‬سنة‪ ،2014‬صفحة ‪. 55‬‬

‫‪23‬‬
‫األصل في التحك يم هو التحكيم مع التفويض بالصلح‪ ،‬وبالتالي فالمحكمون ال‬ ‫▪‬
‫يطبقون القانون بل العدالة في حين أن القاضي يطبق القانون بهدف تحقيق‬
‫العدالة‪.‬‬
‫يمكن أن يكون المحكم وطنيا أو أجنبيا‪ ،‬بينما الوظيفة القضائية ال تباشرها‬ ‫▪‬
‫سوى قاضي وطني‪.‬‬
‫إذا لم يقم المحكم بواجبه التحكمي فال تطبق عليه تهمة إنكار العدالة‪.‬‬ ‫▪‬
‫ال يجوز الطعن في حكم المحكم إال برفع دعوى أصلية‪ ،‬فحكم التحكيم ال‬ ‫▪‬
‫‪26‬‬
‫يقبل الطعن بتلك الطرق التي تقبلها األحكام القضائية وأهمها االستئناف‪.‬‬

‫النظرية القضائية‪:‬‬
‫يعتبر أصحاب هذه النظرية أن التحكيم له طبيعة قضائية‪ ،‬فهم يعتبرون أنه بمجرد‬
‫اتفاق أطراف النزاع على التحكيم يصبح قضاء إجباريا ويحل بصفته هاته محل‬
‫القضاء العادي ‪ .‬كذلك يعتبرون أن المحكم مهمته التي هي الفصل في المنازعات‬
‫فهو يعد بحد ذاته قاضيا‪ ،‬وأن سلطته تستمد باألساس من إرادة المشرع وليس من‬
‫اتفاق األطراف‪ ،‬إضافة إلى أنهم يؤيدون رأيهم يكون الحكم الصادر عن المحكم ال‬
‫ينفد إال بأمر تنفيذ من قبل الدولة صاحبة السيادة‪ ،‬وهو الرأي الذي تسطره قواعد‬
‫القانون الوضعي في مجموعة من الدول حيث تؤكد على أن األحكام الصادرة عن‬
‫الهيئة التحكمية طبقا لقواعد القانون تكتسي حجية األمر المقتضي به‪ ،‬وتنفذ تنفيذا‬
‫جبريا كالحكم القضائي الذي يصدر عن القضاء‪.‬‬
‫وبناء على هذه اآلراء ‪ ،‬اعتبر أنصار هذه النظرية أن حكم المحكم يعتبر بحد ذاته‬
‫نوعا من أنواع القضاء‪ ،‬وأن كل ما يصدر عن المحكم يعد من قبيل األعمال‬
‫القضائية‪ ،‬وجدير بالذكر أن محكمة النقض الفرنسية قد صرحت في إحدى قرارتها‬
‫بأن أطراف النزاع بالتجائهم إلى التحكيم إنما يعبرون عن إرادتهم بمنح الغير سلطة‬
‫قضائية‪.‬‬
‫كما نجد أن مجموعة من البنود القانون ‪05‬ـ‪ 08‬لسنة ‪ ،2007‬خاصة الفصول ‪321‬‬
‫و‪ 327/92‬و‪ 327/3‬قد أخدت بالنظرية القضائية خاصة عند وضع الصيغة‬
‫التنفيذية‪ ،‬وكذا عند تعذر اتفاق الهيئة التحكيمية على حكم موحد وكذلك في اختيار‬
‫هذه الهيئة‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫حسين عبد العزيز عبد هلل النجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.56‬‬
‫‪24‬‬
‫وقد حظيت هذه النظرية‪ ،‬بتأييد المحكمة العليا الفرنسية‪ ،‬حيث أشارت إلى أن‬
‫التحكيم يعتبر قضاء استثماريا‪ ،‬يملك فيه المحكم سلطة ذاتية ومستقلة للفصل في‬
‫‪27‬‬
‫النزاعات التي يطرحها عليه الخصوم‪.‬‬

‫النظرية المختلطة‪:‬‬
‫يرى أنصار هذه النظرية أن للتحكيم طبيعة مختلطة أو مركبة عقدية وقضائية‪،‬‬
‫وذلك ألنه يبدأ تعاقديا باتفاق األطراف على اللجوء للتحكيم‪ ،‬ثم يكتسي بعد ذلك‬
‫طابعا قضائيا بصدور التحكيم الذي ال يختلف في شيء عن الحكم القضائي‪ ،‬ألنه‬
‫‪28‬‬
‫يجوز حجية األمر المقضي به‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حرية األطراف واللجوء الي التحكيم التجارية‬


‫يعتبر األمن القانوني الهدف الدي يبحث عنه كل شخص وكل متعامل في الحق‬
‫التجاري‪ ،‬وذلك رغبة في الحفاظ على استمرار العالقات والمعامالت االقتصادية‬
‫وتحقيقا الستقرارها‪ .‬لذلك فإن اللجوء إلي التحكيم التجاري لدليل علي رغبة األطراف‬
‫في الحصول علي درجة وعلي قدر كاف من األمن القنوني ‪ ،‬وهذا راجع إلي ما يوفر‬
‫التحكيم التجاري من ضمانات ألطرافه ال يجدون مثيال لها في األنظمة القضائية‬
‫الوطنية والتي تعد حرية األطراف في اللجوء إلي هذه الوسيلة من أهمها ‪ ،‬ذلك أن‬
‫اإلرادة والحرية تتجلي ومنذ البداية في اللجوء إلي التحكيم في حد ذاته ‪ ،‬فعدم توفر هذه‬
‫اإلرادة يعني عدم توفر أي اتفاق ‪ ،‬وما هذا األخير إال تعبير عن التراضي والحرية ‪،‬‬
‫‪29‬‬
‫ومن التراضي والتوافق يستمد العقد قوته الملزمة ‪ ،‬وبالتالي أمانة القانوني‪.‬‬
‫إدن فالحديث عن الحرية في اللجوء إلى التحكيم يقودنا إلى الحديث عن الحرية في إبرام‬
‫اتفاق التحكيم وإنشائه (أوال)‪ ،‬وما سيتتبع ذلك من تشكيل للهيئة التحكيمية أو التنصيص‬
‫على طريقة تعيينها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور إرادة األطراف في إبرام اتفاق التحكيم‬


‫يستند تنظيم التحكيم في تحكميه في األساس على إرادة األطراف إذ أن اتفاق األطراف‬
‫هو الشريعة العامة وأساس نظام التحكيم‪ ،‬لذلك فدور االرادة أساسي حيث بناء عليه يتم‬

‫‪ 27‬حميد الحاجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪. 75‬‬


‫‪ -28‬حميد الحاجي‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪.76‬‬
‫‪ - 29‬إبراهيم العسرى‪ ،‬ضمانات التحكيم التجاري‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬وجدة‪ ،2016- 2015,‬صفحة ‪.14‬‬

‫‪25‬‬
‫موضوع النزاع وتعين المحكمين وتحديد االجراءات التي تتبع في تنظيم التحكيم‪ ،‬وقد‬
‫تحديد القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫ومن خالل هذا يتضح أن اتفاق التحكيم يقوم على أركان أساسية وهم كتالي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬األركان الموضوعية اإلبرام اتفاق التحكيم‬


‫اتفاق التحكيم يعتبر عقدا كباقي العقود‪ ،‬وبالتالي فال يقوم صحيحا مرتبا آلثاره القانونية‬
‫إال إذا استجمع األركان الموضوعية األساسية للتعاقد والمنصوص عليها في قانون‬
‫االلتزامات والعقود من رضا وأهلية وسبب ومحل‪ ،‬مع ما يمكن أ تتميز به هذه األركان‬
‫‪30‬‬
‫من خصوصية في اتفاق التحكيم ومن تنظيم خاص في القوانين الداخلية للتحكيم‪.‬‬
‫فاستشعار من الدول بمك انة وأهمية اتفاق التحكيم باعتباره أساس وجوهر العلمية‬
‫التحكيمية برمتها‪ ،‬تولت تنظيم معظم هذه األركان في تشريعاتها الداخلية‪ ،‬خصوصا تلك‬
‫المتعلقة باللجوء إلى التحكيم الداخلي وسنحاول تبيان هذه األركان كما يلي‪:‬‬

‫➢ الرضا‪:‬‬
‫إذا كان اتفاق التحكيم هو مجرد عقد من العقود‪ ،‬تنطبق عليه الضوابط العامة‬
‫للتعاقد المنصوص عليها في ق ل ع‪ ،‬فإنه ينبغي لقيام هذا االتفاق‪ ،‬أن يتوفر الرضا‬
‫باللجوء إلى التحكيم‪ ،‬أي تقابل إرادتي طرفي هذا االتفاق على اللجوء إلى التحكيم‬
‫لفض المنازعات الناشئة أو والتي يمكن أن تنشأ مستقبال بينهما‪ ،‬فضال عن ضرورة‬
‫أن يأتي هذا الرضا صحيحا وسليما‬
‫إذ ال تكفي اإلرادة وحدها‪ ،‬بل يتعين أن تكون حرة وصريحة‪ ،‬وسليمة أي أنه يلزم‬
‫لوجود ‪ ،‬التراضي عند إبرام اتفاق التحكيم وصحته توافر أمرين أساسين ال يجب الخلط‬
‫بينهما وهما‪:‬‬

‫• وجود الرضا بالتحكيم‪ ،‬حيت أن تخلفه يؤدي إلى وقوع اتفاق التحكيم باطال‪.‬‬
‫• صحة الرضا بالتحكيم‪ ،‬حيث أن تعينه يؤدي إلى وقوع اتفاق التحكيم قابال‬
‫‪31‬‬
‫لإلبطال‪.‬‬
‫وقد أوكل ‪-‬بصيغة الوجب – المشرع المغربي في الفقرة األولى من الفصل ‪327 – 09‬‬
‫من القانون رقم ‪ 08-05‬للهيئة التحكمية سلطة البت في صحة اتفاق التحكيم قبل النظر‬

‫‪ - 30‬إبراهيم العسرى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.16‬‬


‫‪- 31‬إبراهيم العسرى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.17‬‬
‫‪26‬‬
‫في موضوع النزاع‪ ،‬وذلك إما تلقائيا أو بطلب من أحد األطراف‪ ،‬وبالتالي فالطرف‬
‫الذي يدعي بأن إرادته منعدمة‪ ،‬أو مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا كالغلط أو‬
‫اإلكراه أو الغبن أو التدليس‪ ،‬عليه أن يثير ذلك أمام الهيئة التحكمية وفق ما ينص عليه‬
‫الفصل ‪ .327-09‬وهناك العديد من الحاالت التي أثيرت فيها عيوب الرضا أمام‬
‫الهيئات التحكمية‪ ،‬ونذكر من بينها القضية رقم ‪ 4381‬سنة ‪ ،1986‬والتي ادعي فيها‬
‫أحد أطراف اتفاق التحكيم أمام الهيئة التحكيمية أن االتفاق الذي أبرمه تم تحت اإلكراه‪،‬‬
‫لكن هيئة التحكيم رفضت طلب المدعي نظرا لعدم استطاعته إثبات ذلك‪ ،‬وأقراب تبعا‬
‫لذلك صحة اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫كما يمكن أيضا لمحكمة الموضوع أن تقرر إبطال اتفاق التحكيم لسبب من األسباب‬
‫والتي قد تكون إرادة أحد األطراف بانعدامها أو عيبها أحد هاته األسباب‪ ،‬حسب الفقرة‬
‫االولى والثانية من الفصل المدعي ‪ 327‬من القانون ‪ 08 – 05‬حيت ينص على أنه "‬
‫عندما يعرض نزاع هذه األخيرة إذا دفع المدعي عليه بذلك قبل الدخول في جوهر‬
‫النزاع أن تصريح بعدم القبول إلى حين استفاد مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم‪.‬‬
‫إذا كان النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية‪ ،‬وجب كذلك على المحكمة بطلب‬
‫‪32‬‬
‫من المدعي عليه أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن بطالن اتفاق التحكيم واضحا "‪.‬‬
‫تبقي اإلشارة إلى أنه يمكن كذلك ألي طرف يدعي أن اتفاق التحكيم باطل لعدم وجود‬
‫رضاه أو عيبها أن يطعن بالبطالن في الحكم التحكيمي الصادر في هذا النزاع المبني‬
‫على اتفاق تحكيمي باطل‪ ،‬وفق ما ينص عليه الفصل ‪ 327-36‬بخصوص التحكيم‬
‫الداخلي والفصل ‪ 327-51‬بخصوص األحكام التحكيمية الدولية الصادرة بالمغرب‪ ،‬أما‬
‫األحكام الصادرة خارج المغرب فيمكن أيضا الطعن باالستئناف في األمر القاضي‬
‫بتخويلها االعتراف أو الصيغة التنفيذية متي ثبت أن هناك اتفاق تحكيمي باطل‪ ،‬حسب‬
‫ما ينص الفصل ‪.327-48‬‬

‫وهكذا فإن كان المشرع المغربي‪ ،‬ومعه غالبية التشريعات قد منحت سواء للهيئة‬
‫‪33‬‬
‫التحكيمية أو لمحكمة الموضوع إقرار صحة أو بطالن اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫➢ األهلية‪:‬‬

‫إبراهيم العسري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.18‬‬ ‫‪32‬‬

‫إبراهيم العسري‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة‪.19‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪27‬‬
‫مما ال شك فيه‪ ،‬أن التزام المحتكمين باللجوء للتحكيم التجاري عن طريق اتفاق‬
‫التحكيم‪ ،‬رهين بمدى توفرهم على األهلية الكاملة‪ ،‬وهذا ما نص علية الفصل ‪308‬‬
‫من القانون ‪ 08.05‬في فقرته األولي على أنه‪" :‬يجوز لجميع األشخاص من ذوي‬
‫األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق‬
‫التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود‪."....‬‬
‫وفي ذات السياق ينبغي التميز بين أهلية األشخاص الذاتين والمعنويين في إبرام‬
‫اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫التحكيم‪:‬‬ ‫✓ أهلية األشخاص الذاتيين في إبرام اتفاق‬

‫استناد لمقتضيات الفصل المذكور‪ ،‬يتبين أن األهلية المطلوبة ليست فقط أهلية التعاقد‪،‬‬
‫بل تتعدي ذلك لضرورة التوفر على أهلية التصرف في الحقوق موضوع النزاع‪ ،‬بحيث‬
‫يشترط القدرة في التصرف بالحقوق كمعيار لألهلية التي يجب توفرها في أطراف‬
‫شرط التحكيم‪ ،‬ونظرا لكن التحكيم من أعمال التصرف ينقل الحقوق علي الذمة المالية‬
‫للمحتكم سلبا‪ ،‬فإنه يمكن الجزم بأن أهلية التصرف هي المتطلبة‪ ،‬فالقصر ال يستطيع أن‬
‫يكون طرفا في اتفاق التحكيم‪ ،‬في مقابل ذلك فمقتضيات الترشيد تعطي المرشد الحق‬
‫‪34‬‬
‫في إبرام اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫في مقابل ذلك فالممنوع من التصرف حقوقه‪ ،‬أي الشخص الذي سقطت أهليته بسبب‬
‫حكم قضائي من أجل عقوبة جنائية يمنعه م ن اإلدارة والتسيير والمراقبة لكل مقاولة‬
‫تجارية أو غيرها حسب المادة ‪ 711‬من مدونة التجارة‪ ،‬وبذلك فلجؤه للتحكيم ال يكون‬
‫نافدا على اعتبار أن هذا لمنع متعلق بالنظام العام‪ ،‬وبالتالي يترتب على مخالفته البطالن‬
‫‪35‬‬
‫المطلق لتصرفات‪.‬‬

‫✓ أهلية األشخاص المعنويين في إبرام اتفاق التحكيم‬


‫تنقسم األشخاص المعنوية إلى أشخاص معنوية خاصة وأشخاص معنوية عامة‪.‬‬

‫عمل المشرع المغربي علي التخفيف من مبدأ حظر لجوء الدولة ومؤسساتها إلي‬
‫التحكيم من خالل القانون ‪ 08.05‬كما حافظ علي نفس التوجه في مشروع القانون‬

‫‪- 34‬محمد العفس‪ ،‬التحكيم والنظام العام‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون الخاص ‪ ،‬جامعة القاضي عياض ‪،‬‬
‫الكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2010- 2009‬صفحة ‪.43‬‬
‫‪ - 35‬محمد العفس ‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪.44‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ ،36 95.17‬بحيث أقر قاعدة عامة بالفصل ‪ 306‬من القانون ‪ 08.05‬مفادها إمكانية‬
‫لجوء أشخاص القانون العام للتحكيم ‪ ،‬غير أنه قيد ذلك بموجب الفصل ‪ 310‬من ذات‬
‫القانون ‪ ,‬إذ أنه ال يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية‬
‫للدولة أو الجماعات الترابية أو غيرها من الهيأة المتمتعة باختصاصات السلطة العامة‪,‬‬
‫غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها‪ ،‬يمكن أن تكون محل عقد تحكيم باستثناء تلك‬
‫المتعلقة بتطبيق قانون جبائي‪.‬‬
‫كما أنه يمكن محل اتفاق تحكيم النزاعات المتعلقة بالعقود التي يبرهما أشخاص القانون‬
‫العام مع ضرورة التقيد بسلطة الرقابة والوصاية المرتبطة بتلك العقود‪ ،‬إضافية إلى ذلك‬
‫فقد أجاز المشرع المغربي للمقاوالت العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية وكذا‬
‫للمؤسسات العمومية إبرام اتفاق التحكيم‪ ،‬وذلك بمقتضي الفصل ‪ 311‬من ق ‪08.05‬‬
‫➢ المحل‪:‬‬
‫يتجسد محل التحكيم في موضوع النزاع أو المنازعات التي يطرحها اتفاق التحكيم على‬
‫الهيئة التحكيمية‪ ،‬لذلك يشترط في النزاع المطلوب الفصل فيه أن يكون قابال للتسوية‬
‫عن طريق التحكيم ‪ ،‬مع ضرورة التقيد بالقواعد العامة المنصوص عليها في قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪.37‬‬
‫ومن جهة أخري فقد استثني المشرع المغربي مجموعة من النزاعات والمرتبطة أساس‬
‫بحالة األشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة‪ ،‬والتي ال‬
‫يمكن ابرام اتفاق التحكيم بشأنها‪ ،‬وذلك بمقتضي الفصل ‪ 309‬من ق ‪.08.05‬‬

‫و بذلك يكون المشرع المغربي قد سار في نفس منحي التشريع الفرنسي الذي نص في‬
‫المادة ‪ 2060‬من ق‪ .‬م‪ .‬م علي جواز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام وكذا‬
‫بالمسائل المتعلقة بحالة و أهلية األشخاص و الطالق‪ ,‬و جدير ذكره أن المشرع‬
‫المغربي حافظ علي نفس توجه الفصلين ‪ 308‬و ‪ 309‬بمشروع القانون ‪95.17‬‬
‫بالفصلين ‪14‬و‪.38 15‬‬

‫➢ السبب ‪:‬‬
‫اي الغرض الذي يقصده الملتزم وراء التزامه ونظمه المشرع المغربي يبقي السبب‬
‫ركن ضروري لتكون اتفاق التحكيم وسبب التحكيم يتمثل في ارادة أطراف االتفاق في‬
‫حال ما نشأ أو قد ينشأ من خالفات بواسطة التحكيم وعليه السبب يكون غالبا مشروعا‪.‬‬

‫‪ - 36‬المادتين ‪16‬و‪ 17‬من مشروع القانون ‪ 95.17‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ‪.‬‬
‫‪ -37‬عادل أحسايني‪ ،‬دور التحكيم في تحقيق األمن تحقيق و القضائي ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‬
‫‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل ‪ ،‬الكلية المتعددة التخصصات ‪ ،‬الرشيدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2021-2020‬الصفحة ‪.32‬‬
‫‪ - 38‬عادل أحسايني ‪ ،‬نفس مرجع‪ ،‬الصفحة ‪.32‬‬
‫‪29‬‬
‫ب‪ .‬صياغة اتفاقية التحكيم‬
‫باإلضافة إلى األركان الموضوعية المذكورة أعاله‪ ،‬اشترط المشرع المغربي في ق‬
‫‪ 08-05‬شروطا شكلية ينبغي لألطراف االلتزام بها حتى يكون اتفاق التحكيم صحيحا‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد ينص الفصل ‪ 313‬من ق ‪ 08-05‬على أنه "يجب أن يبرم اتفاق‬
‫التحكيم كتابة‪ ،‬إما بعقد رسمي أو عرفي وإما بمحضر يحرر أمام الهيأة التحكيمية‬
‫المختارة‪.‬‬
‫يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من االطراف أو في رسائل‬
‫متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخري من وسائل االتصال والتي تعد‬
‫بمثابة االتفاق تثبت وجوده‪ ،‬أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها‬
‫أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف اآلخر في ذلك‪.‬‬

‫ويعد في حكم اتفاق التحكيم المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد‬
‫نموذجي أو اتفاقية دولية‪ ،‬أو إلى أي وتقية أخري تتضمن شرطا تحكيما إذا كانت‬
‫اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد"‪.‬‬

‫يظهر من أحكام هذا الفصل ابتعاد المشرع المغربي عن المبالغة في الشكلية المطلوبة‬
‫لصحة اتفاق التحكيم‪ ،‬خصوصا تلك المتطلبة في شرط التحكيم والتي كان يستلزمها‬
‫الفصل ‪ 309‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬الملغي‪ ،‬والتي كانت ال تخدم مصالح األطراف خصوصا في‬
‫المعامالت التجارية الدولية‪ . 39‬إال أن التساؤل الذي يطرح في هذا الصدد هو ما إذا‬
‫كانت الكتابة المطلوبة لصحة اتفاق التحكيم‪ ،‬شرط شكلي النعقاده‪ .‬أم إلثباته؟‬
‫بخصوص هذا اإلشكال يري بعض الفقه أن مقتضيات الفصل أعاله تفيد اتجاه المشرع‬
‫المغربي نحو اعتبار الكتابة شكلية إثبات اتفاق التحكيم بالدرجة األولي‪ ،‬في حين يري‬
‫اتجاه آخر من الفقه والباحثين أن الكتابة المتطلبة في هذا الصدد هي النعقاد اتفاق‬
‫التحكيم وليس إلثباته‪.‬‬
‫ونحن بدورنا نميل إلي االتجاه الثاني ونقول بأن شكلية هي واجبة وضرورية النعقاد‬
‫اتفاق التحكيم ‪ ،‬وسندنا في ذلك العبارة األولي من الفصل ‪ 313‬التي ينص فيها المشرع‬
‫المغربي علي أنه ‪" :‬يجب أن يبرم اتفاق التحكيم كتابة ‪ "...‬والتي ال تدع مجاال للشك‬
‫في أن الكتابة شرط لالنعقاد وليس لإلثبات ‪ ،‬باإلضافة إلي الفقرة األولي من الفصل‬
‫‪ 317‬من ق ‪ 08-05‬والتي تستلزم تحت طائلة ضرورة كتابة شرط التحكيم في االتفاق‬
‫األصلي أو في وثيقة تستوجب – تحت طائلة – تحديد موضوع النزاع تحكيمي وتعين‬

‫‪ 39‬إبراهيم العسري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪30‬‬
‫الهيئة التحكيمية أو التنصيص علي طريقة تعينها متي اكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد‬
‫‪40‬‬
‫التحكيم ‪ ،‬ما يفيد ضمنيا ضرورة كتابة هذا األخير‪.‬‬
‫وهو نفس النهج الذي تسير فيه أغلب ال تشريعات المقارنة كالتشريع المصري حيث‬
‫تنص المادة ‪ 12‬من القانون ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬على أنه‪ " :‬يجب أن يكون اتفاق التحكيم‬
‫مكتوبا وإال كان باطال ‪ "...‬وهو ما يفيد أن الكتابة متطلبة النعقاد اتفاق التحكيم وليس‬
‫إلثباته كما كان عليه الحال في قانون التحكيم المصري القديم لسنة ‪.1978‬‬

‫ونفس الشيء أيضا بالنسبة للتشريع الفرنسي (ق‪.‬م‪.‬م) بعد تعديله بالمرسوم رقم ‪48‬‬
‫لسنة ‪ 2011‬حيث كان قانون المسطرة المدن ية قبل التعديل يفرق ما بين شرط التحكيم‬
‫وعقد التحكيم بخصوص طبيعة الكتابة‪ ،‬حيث تعتبر الكتابة شرط انعقاد بخصوص شرط‬
‫التحكيم‪ ،‬وشرط إثبات بحصوص عقد التحكيم‪ ،‬حيث أصبحت المادة ‪ 1443‬تتحدث عن‬
‫اتفاق التحكيم ككل واستلزمت ضرورة كتابته تحت طائلة البطالن‪.‬‬
‫وانطالق من كل ما سبق يتضح أن المشرع المغربي اعتبر الكتابة شرطا إلزاميا يدور‬
‫معه اتفاق التحكيم وجودا وعدما‪ ،‬وهو ما يجعل إذن اتفاق التحكيم من العقود الشكلية‬
‫التي يتوقف انعقادها على إفراغها في سند كتابي‪ ،‬وعلة اشتراط الكتابة لصحة اتفاق‬
‫التحكيم هو الحرص على عدم فتح الباب لمنازعات فرعية حول وجود أو مضمون هذا‬
‫االتفاق‪ ،‬والتي من شأنها أن تؤثر في فعالية مسطرة التحكيم لفض نزاعاتهم بعيدا عن‬
‫القضاء‪.‬‬
‫لكن بالرغم من تقييد المشرع المغربي إلرادة االطراف وألزمهم بضرورة كتابة اتفاق‬
‫التحكيم من جهة ‪ ،‬إال أنه من جهة ثانية توسع في مفهوم الكتابة وجعل مبدأ سلطان‬
‫اإلرادة هو المحدد لكيفية صياغة هذا االتفاق‪ ،‬حيث منح المشرع المغربي الحرية‬
‫المطلقة ألطراف التحكيم في االتفاق على الشكل الذي يرتضونه إلبرام اتفاقهم تحكيمي‬
‫وخيرهم في ذلك ما بين‪:‬‬

‫الوسائل التقليدية‪:‬‬
‫كالعقود الرسمية أو العرفية‪ ،‬أو محضر يتم تحريره أمام الهيئة التحكيمية المختارة‪ ،‬أو‬
‫حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع والتي يدعي فيها أحد األطراف وجود اتفاق تحكيم‬
‫دون أن ينازعه الطرف اآلخر أو غيرها من الوسائل التقليدية المذكورة في الفصلين‬
‫‪ 313‬و‪ 314‬من ق ‪.08-05‬‬
‫الوسائل الحديثة اإللكترونية‪:‬‬

‫‪.31‬‬ ‫إبراهيم العسري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫‪40‬‬

‫‪31‬‬
‫حيث أصبح بموجب الفصل ‪ 313‬من ق ‪ 08-05‬من أطراف التحكيم تحرير اتفاقهم‬
‫بوسائل حديثة كالرسائل المتبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخري من‬
‫وسائل االتصال‪.‬‬
‫وبهذا يكون المشرع المغربي قد ساير التحوالت التكنولوجية الحاصلة في مجال انعقاد‬
‫وابرام العقود والتي تجاوزت األدبيات التقليدية إلى الوسائل الحديثة اإللكترونية والتي‬
‫يسهل بموجبها إبرام العقود واالتفاقات عن بعد‪ ،‬السما بعد صدور القانون رقم ‪05-53‬‬
‫المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية والذي أصبحت بموجبه للوثيقة المحررة‬
‫على دعامة إلكترونية نفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة ورق‪.‬‬
‫وهكذا وانطالقا من هذه القيمة والحجية القانونية التي أصبحت تتمتع بها المحررات‬
‫إلكترونية ‪ ،‬إضافة إلي أهميتها الكبيرة في مجال المعامالت التجارية التي أصبحت تتم‬
‫بواسطة عقود إلكترونية ‪ ،‬وبالرغم من أن اتفاق التحكيم من العقود الشكلية التي تلزم‬
‫الكتابة لصحة إبرامه فإننا نري أنه ال ينبغي أن تؤثر هذه الشكلية علي إرادة األطراف‬
‫في إبرام اتفاقهم علي دعامة إلكترونية السما مع هذا المفهوم الواسع لشكلية الكتابة ‪،‬‬
‫وباالستناد أيضا إلي عبارة " أي وسيلة أخري من وسائل االتصال ‪ "...‬الواردة في‬
‫الفصل ‪ 313‬من ق ‪ ، 08-05‬والتي قد تكون نية المشرع بإرادة لهذه العبارة أن يفتح‬
‫المجال النعقاد وإبرام التحكيم بوسائل إلكترونية ‪ ,‬فإن األمر يحتاج إلي إعادة نظر في‬
‫المقتضيات القانونية المنظمة لكيفية انعقاد وإثبات اتفاق التحكيم حتي يساير هذه‬
‫‪41‬‬
‫التطورات التكنولوجية الحاصلة في مجال إبرام العقود وإثباتها ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تشكيل الهيئة التحكيمية‬


‫خصص المشرع لتشكيل الهيئة التحكيمية المواد ‪ 312-2‬إلى ‪ 327-8‬من القانون الجديد‬
‫رقم ‪ 08-05‬لسنة ‪ 2007‬وبناء على المادة ‪ 312‬و‪ 327‬من ذات القانون تتشكل الهيئة‬
‫التحكيمية من محكم واحد أو عدة محكمين‪ ،‬تكون لألطراف حرية تحديد إجراءات‬
‫تعينهم وعددهم إما في االتفاق تحكيمي وإما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع‬
‫للمؤسسة المختارة (المادة ‪ 327-2‬الفصل ‪ )1‬توافقا مع المادة ‪ 319‬التي تجعل التحكيم‬
‫إما خاصا أو مؤسساتيا‪.‬‬
‫ووضع المشرع قاعدتين هامتين‪ :‬تروم األولي حل مشكلة عدم اتفاق األطراف على‬
‫عدد المحكمين ‪ ،‬وتفرض الثانية أن يكون عدد المحكمين وترا أو فرديا عند تعدد‬
‫المحكمين تحت طائلة البطالن‪ .‬وبمعني آخر‪ ،‬حاول المشرع تفادي مأزق تساوي‬
‫األصوات أو تغليب صوت الرئيس عند التساوي‪ ،‬وهكذا‪:‬‬
‫فإذا لم يتفق األطراف علي عدد المحكمين كان العدد ثالثة‪.‬‬ ‫أ‬
‫‪ 41‬إبراهيم العسري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 32‬و‪ 33‬و‪.34‬‬
‫‪32‬‬
‫وإدا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا وإال كان التحكيم باطال‪ .‬وإدا ثبت‬ ‫ب‬
‫أن المحكم أو المحكمين المعينين في اتفاق التحكيم ال تتوافر فيهم الشروط القانونية‬
‫لممارسة هذه المهمة‪ ،‬أو ألي سبب آخر يحول دون تشكيل الهيئة التحكيمية‪ ،‬فإن‬
‫تعين المحكمين يتم إما باتفاق األطراف‪ ،‬وإما وفقا للمادة ‪ 327-4‬من ذات القانون‬
‫التي وضعت الحلول التالية‪:‬‬
‫إذا عين األطراف عددا مزدوجا من المحكمين وجب تكميل تشكيل الهيئة التحكيمية‬ ‫ج‬
‫بمحكم يتم اختياره إما طبقا لما اتفاق عليه االطراف وإما من لدن المحكمين المعينين‬
‫في حالة عدم حصول هذا االتفاق وإما من لدن رئيس المحكمة المختصة بنظر‬
‫النزاع في األصل‪ ،‬بناء علي أمر غير قابل للطعن‪ ،‬إن لم يحصل اتفاق بين‬
‫المحكمين المذكورين‪.‬‬
‫يطبق في حالة تحكيم مؤسساتي على مسطرة تعيين المحكمين بالهيئة التحكيمية‬ ‫د‬
‫‪42‬‬
‫وعددهم نفس ما هو مقرر من لدن المؤسسة التحكيمية المختارة‪.‬‬

‫وعالج القانون رقم ‪ 08-05‬الجديد إشكالية عدم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا‪ ،‬وال كيفية‬
‫وتاريخ اختيار المحكمين‪ ،‬أو لم يتفق األطراف علي‪ ،‬ذلك‪ ،‬ووضع لهذه المعضلة في‬
‫المادة ‪ 327-5‬حلوال وإجراءات هي التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة في‬
‫األصل في نظر النزاع تعين المحكم بناء طلب أحد الطرفين‪.‬‬
‫‪ .2‬إذ ا كانت هيئة التحكيم الثالث‪ ،‬فإذا كانت هيئة التحكيم الثالث‪ ،‬فإذا لم يعين أحد‬
‫الطرفين محكمة خالل ‪ 15‬يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف اآلخر‪ ،‬أو إذا‬
‫لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خالل ‪ 15‬يوما التالية لتاريخ‬
‫تعين آخرهما‪ ،‬تولي رئيس المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب أي من‬
‫الطرفين ‪ ،‬وتكون رئاسة هيئة التحكيم للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو‬
‫الذي عينه رئيس المحكمة‪.‬‬
‫‪ .3‬تتبع اإلجراءات المذكورة في الفقرة الثانية أعاله إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من‬
‫أكتر من ثالثة محكمين‪.‬‬
‫‪ .4‬يجب أن يراعي رئيس المحكمة المختصة في المحكم الذي يختاره الشروط التي‬
‫يطلبها القانون رقم ‪ ،08-05‬تلك التي اتفق عليها الطرفان‪ ،‬ويصدر قراره بعد‬

‫‪ 42‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت التجارية والمدنية‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،2010‬صفحة ‪.251‬‬

‫‪33‬‬
‫استدعاء األطراف‪ ،‬وال يكون هذا القرار قابال للطعن فيه بأي طريق من طرق‬
‫الطعن‪.‬‬
‫وذيل المشرع التعداد أعاله‪ ،‬المرتبط بحل الصعوبات التي قد تعترض تشكيل الهيئة‬
‫التحكيمية‪ ،‬بقاعدة عامة تجعل نفس المقتضيات تطبق كلما اعترض تشكيل الهيئة‬
‫التحكيمية صعوبة بسبب أحد األطراف أو صعوبة في تطبيق إجراءات العيين‪.‬‬
‫وال يمكن تعيين محكم في الهيئة التحكيمية بالرغم من إرادته‪ ،‬بل أن قبوله يعد شرطا‬
‫ضروريا النضمامه إليها‪ ،‬وأن يفصح عن ذلك كتابة ووفقا لمقتضيات المادة ‪327-6‬‬
‫التي حددت المبادئ التي تحكم هذا القبول وهي التالية‪:‬‬

‫• ال يعتبر تشكيل الهيئة التحكيمية كامال إذا قبل المحكم أو المحكمون المعينون‬
‫المهمة المعهود إليهم بها‪.‬‬
‫• يجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبوله عن أي ظروف من‬
‫شأنها إثارة شكوك حول حياده واستقالله؛ وال تغيب عن الباحثين صعوبة بيان‬
‫‪43‬‬
‫هذه الظروف وما يترتب عنها من آثار‪.‬‬
‫• يثبت قبول المهمة كتابة بالتوقيع على اتفاق التحكيم أو بتحرير عقد ينص على‬
‫الشروع لقيام بالمهمة‪.‬‬
‫• يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها‪ ،‬يجوز له‪ ،‬تحت‬
‫طائلة دفع تعويضات أن يتخل ى عنها دون سبب مشروع بعد قبولها‪ ،‬وذلك بعد‬
‫إرساله إشعارا يذكر فيه أسباب نخليه كالمرض أو غيره‪.‬‬
‫ويالحظ أن المشرع أقحم المحكمة المختصة في حل كثير من إشكاالت وصعوبات‬
‫تشكيل الهيئة التحكيمية‪ ،‬وهو كذلك ماجري عليه األمر في المادة ‪ 315‬المنسوخة من‬
‫القانون القديم ‪ ،‬إال إن هذه األخيرة قضت برفع األمر إلي رئيس المحكمة الذي يكون‬
‫مختصا بإصدار األمر بتنفيذ حكم المحكمين‪.44‬‬
‫ويمكن أن يكون المحكوم أو الحكم شخصا طبيعيا ذاتيا أو شخصا معنويا وإن ضيق‬
‫لمشرع مهمة هذا األخير في المادة ‪ 320‬من ق رقم ‪.08-05‬‬

‫‪ - 43‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.252‬‬


‫‪ - 44‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬نفس مرجع‪ ،‬صفحة ‪.253‬‬

‫‪34‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬صدور الحكم التحكمي وطرق الطعن فيه‬
‫بعد تطرقنا في الفقرة السابقة لمسطرة تشكيل الهيئة التحكمية في القانون ‪08-05‬‬
‫ارتأينا في هذه الفقرة التطرق إلى كل من صدور الحكم التحكيمية (أوال) على أن‬
‫نخصص (ثانيا) لطرق الطعن فيه ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬صدور الحكم التحكمي‬


‫إن نظام التحكيم التجاري يتسم بالسرعة والمرونة‪ ،‬فبمجرد تشكيل هيئة التحكيم فإنها‬
‫تباشر مجموعة من اإلجراءات من أجل بلوغ الغاية األساسية للتحكيم التجاري أال وهي‬
‫ص دور حكم تحكمي وفق مبتدئ تنظمه وكذلك يجب أن يتضمن مجموعة من البيانات‬
‫لكي يكتسب حجيته‪.‬‬

‫أ‪ .‬المبادئ المنظمة للحكم تحكيمي‬


‫❖ من مستجدات ق ‪ 08-05‬التركيز على مبدأ إجازة االتفاق على إعفاء محكمة‬
‫التحكيم من تسبيب الحكم وكذا إعفائها من تعليل حكمها وهذا ما أسس له‬
‫الفصل ‪ ، 327-23‬ولكن إذا تعلق الحكم بأحد األشخاص الخاضعين للقانون‬
‫العام فإنه يلزم تعليل الحكم‪.‬‬
‫❖ اكتساب الحكم تحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص‬
‫النزاع الذي تم الفصل فيه بناء على الفصل ‪ ،327-26‬وباكتسابه الحجة يمنع‬
‫عرض موضوع الحكم على أي محكمة أو هيئة تحكيمية اإلعادة النظر فيه‪،‬‬
‫لكن لهذه القاعدة استثناء وذلك عندما يتعلق األمر بنزاع يكون أحد األشخاص‬
‫المعنويين الخاضعين للقان ون العام طرفا فيه‪ ،‬حيث ال يكتسب الحكم الحجية‬
‫إال بناء علي أمر بتخويل صيغة التنفيذ‪.‬‬
‫❖ منع النشر الحكم التحكيم إال بموافقة الطرفين طبقا للفصل ‪ ،327-27‬وهو‬
‫تأكيد لمبدأ سرية التحكيم التي كثيرا ما يعلق عليها الطرفان أهمية خاصة‬
‫حفاظا على العالقات التجارية بينهم‪.‬‬
‫❖ إج ازة طلب استصدار حكم تحكيم تكميلي في طلبات قدمت خالل اإلجراءات‬
‫وأغفلها حكم التحكيم وإصالح كل الخطاء في الحساب أو الكتابة ورد في‬
‫الحكم طبقا للفصل ‪ ،327-28‬وتسير على حكم التحكيم التكميلي ذات األحكام‬
‫التي تسير على تحكيمي األصلي‪.‬‬

‫ب‪ .‬بيانات الحكم تحكيمي‬

‫‪35‬‬
‫يصدر الحكم تحكيمي بأغلبية األصوات بعد مداوالت الهيئة التحكيمية وهذا ما أكد‬
‫عليه الفصل ‪ 327-22‬من ق ‪ ،08-05‬ومن أجل ضمانات قوية للمحتكمين فإن‬
‫المشرع المغربي أوجب إفراغ الحكم تحكيمي في قالب شكلي يعتمد على الكتابة‬
‫كشرط لوجود الحكم ال إلثباته وعلى خالف المشرع الجزائر الذي سكت عن شكلية‬
‫الحكم التحكمي‪ . 45‬حسنا فعل المشرع المغربي في عدم االعتداد بالحكم الصادر‬
‫شفويا ألنه ال يحقق قوة ثبوتيه في تنفيذه‪.46‬‬
‫والستكمال جميع اإلجراءات المتعلقة بعملية التحكيم التجاري (من قبول مهمة‬
‫التحكيم‪ ،‬عقد الجلسات‪ ،‬حقوق الدفاع‪ ،‬كتابة وتبادل المذكرات‪ )...‬فإن الحكم تحكيمي‬
‫الصادر عن الهيئة التحكيمية البد أن يتوفر على البيانات المحددة بنص الفصل ‪-24‬‬
‫‪ 327‬وهي كاالتي‪":‬‬
‫‪ -‬أسماء المحكمين وجنسياتهم وصفاتهم وعنوانهم‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ صدور الحكم إصداره‪.‬‬
‫‪ -‬األسماء العائلية والشخصية لألطراف أو عنوانهم التجاري وكذا موطنهم أو‬
‫مقرهم االجتماعي وإن اقتضي الحال أسماء المحامين أو أي شخص مثل‬
‫األطراف أو آزرهم‪.‬‬
‫‪ -‬يتعين أن يتضمن حكم التحكيم تحديد أتعاب المحكمين ونفقات التحكيم‪،‬‬
‫وكيفية توزيعها بين األطراف‪ ،‬وإذا لم يتم االتفاق بين األطراف والمحكين‬
‫على تحديد أتعاب المحكمين فيتم تحديدها بقرار مستقبل من هيئة التحكيم‬
‫ويكون قرارها بهذا الشأن قابال للطعن أمام رئيس المحكمة المختصة الذي‬
‫يكون قراره في هذا الموضوع نهائيا غير قابل ألي طعن‪".‬‬
‫يتضح من هذا الفصل أن تخلف أي بيان من شأنه أن يجعل الحكم تحت طائلة البطالن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬طرق الطعن في المقرر التحكمي‬


‫أ‪ .‬طرق الطعن في المقرر التحكمي‬
‫عمل المشرع المغربي علي غرار باقي التشريعات على تنظيم طرق معينة للطعن في‬
‫أحكام المحكمين ‪ ،‬والهدف من هذا استدراك ما قد يكون المحكم وقع فيه من خطأ بغيه‬
‫إصالحه‪ ،‬وعلى الرغم من تنصيص المشرع الفص ‪ 327-34‬من ق م م‪ .‬في فقرته‬
‫األولي على أنه ال يقبل الحكم تحكيمي أي طعن إال المشرع من خالل الفقرة الثانية من‬
‫هذا الفصل وعمال بأحكام الفصل ‪ 327-35‬من نفس القانون قد خول للغير ممارسة‬
‫‪ -45‬لزهر ابن سعيد و كريم محمد زيدان النجار ‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫الطبعة األولي ‪ ،2010‬الصفحة ‪.75‬‬
‫‪ - 46‬عبد الكريم الطالب ‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬الطبعة األولي ‪ ، 2015‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬مراكش ‪،‬‬
‫الصفحة ‪300‬‬

‫‪36‬‬
‫الطعن ‪ ،‬عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة‪ ،‬وللخصوم عن طريق طلب‬
‫إعادة النظر أو الطعن بالبطالن‪.‬‬

‫➢ تعرض الغير الخارج عن الخصومة‬


‫لقد أقر المشرع المغربي علي غرار المشرع الفرنسي‪ ،‬إمكانية اللجوء لطعن الغير‬
‫الخارج عن الخارج عن الخصومة لحماية حقوق األغيار ‪ ،‬ضد األحكام القضائية‬
‫واألحكام التحكمية الداخلية علي السواء ‪ ،‬علي عكس األحكام التحكيمية الدولية في‬
‫المجال التجاري الدولي فإن المشرع الفرنسي ال يوفر هذه المكنة شأنه في ذلك شأن‬
‫المشرع المغربي وإن كان هذا األخير قد أدرج التحكيم الدولي قانون ‪ 08-05‬وهذا ما‬
‫أكد عليه ثلة من الفقهاء‪.‬‬
‫وتعرض الغير الخارج عن الخصومة هو طريق الطعن غير العادية في األحكام‪،‬‬
‫وضعه المشرع في متناول كل شخص مس بحقوقه حكم لم يكن طرفا فيه وال ممثال‬
‫فيه‪ ،‬من أجل الحصول على مراجعة النظر في هذا الحكم‪.‬‬
‫ويقدم هذا التعرض وفقا للقواعد المقررة للمقاالت االفتتاحية‪ ،‬والتي نص عليها المشرع‬
‫الفصلين ‪ 31‬و‪ 32‬من ق م م‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن الحكم الذي يصدر نتيجة تعرض الغير الخارج عن الخصومة ال يكون‬
‫قابال للطعن بالنقض وهو ما يستشف من مقتضيات الفصل ‪ 327‬من ق م م‪ .‬الذي أجاز‬
‫الطعن بالنقص في القرارات الصادرة إنتهائيا في طلب إعادة ‪47‬النظر في حكم‬
‫المحكمين والتزم الصمت إزاء مصير يصدر نتيجة تعرض الغير الخارج عن‬
‫الخصومة‪.‬‬
‫➢ طلب إعادة النظر‬
‫إن المشرع المغربي لم يأت بأية أحكام خاصة بطلب إعادة النظر في حكم المحكين‪،‬‬
‫وإنما اكتفي باإلحالة على القواعد العامة المنصوص عليها من الفصول ‪ 402‬إلى ‪410‬‬
‫من ق م م‪.‬‬
‫و يقصد بالطعن بإعادة النظر ذلك الطعن الموجه ضد الحكم النهائي غير القابل للطعن‬
‫فيه بطرق الطعن العادية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى القواعد العامة‪ ،‬فإنه يحق لكل من كان طرفا في نزاع صدر فيه حكم أن‬
‫يطلب من المحكمة إعادة النظر في الحكم من جديد إذا توفرت أسبابه‪.‬‬

‫‪ - 47‬هشام خضري‪ ،‬مسطرة التحكيم على ضوء القانون رقم ‪ 08-05‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬مجلة‬
‫الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ 15‬دجنبر ‪ ،2019‬الصفحة ‪.187‬‬
‫‪37‬‬
‫ولقد أقر المشرع بأن هناك أسباب للطعن بإعادة النظر هي نفسها أسباب الطعن‬
‫بالبطالن حسب صريح البند الثالث من الفصل ‪ 327-36‬من ق م م‪ .‬لمحكمة النقض‬
‫الذي جاء فيه "وبخصوص القرار االستئنافي الصادر بتاريخ ‪ 2010-5-25‬القاضي‬
‫بتأييد الحكم االبتدائي الصادر بعدم قبول الطعن بإعادة النظر في الحكم تحكيمي‪،‬‬
‫اعتمادا منها بكون الطالبة لم تكن من بين أطرافه‪ ،‬وبذلك فهي باعتمادها محل ما ذكر‬
‫‪48‬‬
‫لم يخرق قرارها أي مقتضي وجاء معالل سليما ومرتكزا على أساس"‬
‫➢ الطعن بالبطالن‬
‫يقصد بدعوي البطالن إنكار التحكيم ‪ ،‬أو إنكار سلطة المحكم فيها فصل فيه‪ ،‬أو التمسك‬
‫ببطالن الحكم أو اإلجراءات السابقة إلغفال ما يجوز إغفاله من قانون ومن أسس‬
‫المرافعات‬
‫ولقد حصر المشرع المغربي حاالت الطعن بالبطالن في األحكام التحكمية ظمن الفصل‬
‫‪ 327-36‬من ق ‪ 08-05‬وهي‪:‬‬
‫إذا صدر الحكم تحكيمي في غياب اتفاق التحكيم أو إذا كان اتفاق التحكيم باطال‬
‫أو إذا صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم‪.‬‬
‫إذا تم تشكيل الهيئة التحكمية أو تعين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو مخالفة‬
‫التفاق الطرفين‪.‬‬
‫إذا بتت الهيئة تحكمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها أو بتت في مسائل ال‬
‫يشملها التحكيم أو تجاوزت حدود هذا االتفاق‪ ،‬ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء‬
‫الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير‬
‫الخاضعة له‪ ،‬فال يقع البطالن إال على األجزاء األخيرة وحدها‪.‬‬
‫إذا لم تحترم مقتضيات الفصلين ‪ 327-23‬الفقرة ‪ ،2‬والفصل ‪ 327-24‬فيما‬
‫يتعلق بأسماء المحكمين وتاريخ الحكم تحكيمي والفصل ‪.327-25‬‬
‫إذا تعتذر على أي من طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغا صحيحا‬
‫بتعين محكم أو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق‬
‫الدفاع‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫إذا صدر الحكم تحكيمي خالفا لقاعدة من قواعد النظام العام‪.‬‬
‫في حالة عدم التقيد باإلجراءات المسطرة التي اتفاق األطراف على تطبيقها أو‬
‫استبعاد تطبيق القانون الذي اتفاق األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع‪.‬‬

‫‪ - 48‬هشام خضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.188‬‬


‫‪ 49‬هشام الخضري‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪.189‬‬
‫‪38‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن االختصاص في دعوى البطالن ينعقد لمحكمة االستئناف ونفس‬
‫التوجه سار عليه المشرع المصري في انعقاد االختصاص بالنظر في دعوى البطالن‬
‫لمحكمة الدرجة الثانية حسب منطوق الفصل ‪ 9‬من ق التحكيم المصري‪.‬‬
‫أما عن أجل هذا الطعن نجد أن المشرع المغربي من خالل الفصل ‪ 327-36‬حدد أجل‬
‫‪ 15‬يوما من تاريخ تبليغ الحكم تحكيمي مذيال بالصيغة التنفيذية‪ ،‬هذا على خالف‬
‫المشرع الفرنسي الذي حدده في ‪ 30‬يوما سواء أكان التحكيم داخلي أم دولي‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة للقانون المصري فقد حصر المدة في ‪ 90‬يوما وهذا ما يدل عليه مضمون الفقرة‬
‫‪50‬‬
‫األولى من المادة ‪ 54‬من قانون التحكيم المصري‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الوساطة االتفاقية لتسوية المنازعات التجارية‬


‫الوساطة وسيلة قديمة لفض المنازعات وتقريب وجهات النظر بين األطراف في‬
‫القضايا المتنازع بشأنها‪ ،‬وقد وجدت هذه الوسيلة في أغلب الحضارات اإلنسانية وتم‬
‫التعامل بها‪ ،‬وأصبحت بعد ذلك إحدى االليات البديلة عن القضاء في البحث عن حلول‬
‫للمنازعات‪.‬‬
‫وتشكل هذه الوسيلة أسلوبا ناجعا للبث في العديد من المنازعات خاصة تلك المترتبة عن‬
‫عالقة الزبناء مع المصاريف و األبناك والبورصة والتأمين والملكية الفكرية وعقود‬
‫الشغل ‪...‬إضافة إلى دورها الحاسم النزاعات األسرية والمسؤولية التقصيرية‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن األدوار اإليجابية التي تلعبها الوساطة في حل مجموعة من المنازعات‬
‫قد ضافت اللجوء إليها إلى درجة أن أطراف النزاع ال تلجأ في الغالب إلى التحكيم إال‬
‫بعد استنفاذ هذه الوسيلة‪ ،‬فال غرابة إذن أن نجد أن بعض النظم القضائية تحت أطراف‬
‫النزاع وبصفة صريحة على اللجوء إلى هذه الوسيلة قبل البث في الموضوع النزاع‪ .‬بل‬
‫نجد أن هناك من النظم القضائية من ترفض قبول الدعوى في مسألة اتفق فيها أطراف‬
‫النزاع على اللجوء إلى الوساطة وذلك إلى حين استنفاد الوساطة أو بطالن اتفاق‬
‫الوساطة‪ ،‬وفي هذا الصدد مثال ينص الفصل ‪64‬ـ‪ 327‬من ق م م المغربية على ما يلي‪:‬‬

‫يجب على المحكمة المحال إليها نزاع في مسألة أبرام األطراف في شأنها اتفاق وساطة‬
‫وفقا لمقتضيات هذا الفرع أن تصريح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة الوساطة أو‬
‫بطالن اتفاق الوساطة‪".‬‬

‫ولمعالجة موضوع الوساطة نتطرق إلى قواعدها العامة في (المطلب األول)‪ .‬ثم نتطرق‬
‫ثانيا نطاق تطبيقها وأهميتها في (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫هشام الخضري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.190‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪39‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الوساطة االتفاقية كآلية لتسوية المنازعات التجارية‬
‫إن آلية الوساطة أصبحت تحل مكانة مهمة في المجتمع األوساط نظرا للدور الفعال في‬
‫فض المنازعات بشكل حبي‪ ،‬وذلك عن اختيار االطراف وطواعيتهم في اختيار شخص‬
‫ثالث يسمى الوسيط الذي يبقى دوره في مساعدة األطراف في الوصول إلى الحل‬
‫توافقي عن طريق تقريب وجهات النظر‪ ،‬إذن سنحاول في هذا المطلب التطرق لتعريف‬
‫الوساطة االتفاقية وخصائصها وإجراءاتها في (الفقرة األولى)‪ .‬ثم في (الفقرة الثانية)‪،‬‬
‫عالقة الوساطة االتفاقية بالقضاء والصعوبات التي توجهها‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قواعد العامة للوساطة االتفاقية‬


‫أوال‪ :‬تعريف الوساطة االتفاقية‪:‬‬
‫الوساطة لغة‪ :‬مأخوذة من كلمة وسط "بفتح السين" ويقول وسط الشيء ما بين‬
‫طرفيه‪ ،‬مثل قول قبضت وسط الحبل‪ ،‬أما لوسط "بسكوت السين" فهو ظرف ال اسم له‬
‫ومن ذلك جلست وسط القوم أي بينهم‪ ،‬ويقال وسطت القوم اي توسطهم ووسط الشمس‬
‫توسطها السماء‪ ،‬والوسيط "بفتح السين" من كل شيء اعدله‪ ،‬ومنه قوله تعالى " َو َكذَلِكَ‬
‫ش ِهيدا "‪ 51‬أي‬ ‫علَ ْيكُ ُم َ‬ ‫علَى النَّ ِ‬
‫اس َويَكُونَ َّ‬
‫الرسُو ُل َ‬ ‫َجعَ ْلنَا كُ ْم أ َّمة َو َ‬
‫سطا ِلتَكُونُوا شُ َه َدا َء َ‬
‫عدال‪.‬‬

‫أما اصطالحا‪ :‬في ظل غياب تعريف للوساطة‪ ،‬ذلك أن المشرع ال يضع تعريفا‬
‫للمصطلحات القانونية إال في الحاالت الضرورية والتي يهدف المشرع من خاللها إزالة‬
‫اللبس عن مصطلح قانوني معين‪ ،‬أو تحديد المعنى المقصود من هذا المصطلح في‬
‫تطبيق العلمي‪.‬‬

‫وقد ساهمت العديد من المؤلفات الفقهية في تعريف الوساطة كأحد اآلليات البديلة لحل‬
‫المنازعات حيث عرفها الفقيه ‪ Touzard‬بأنها " تعني التفاوض بين المتخاصمين‬
‫بحضور طرف ثالث محايد دوره هو تسهيل البحث عن حل للنزاع‪"52‬‬

‫كما عرفه الفقيه طلعت حسين القيس بأنها " تدخل في نزاع أو عملية تفاوض يقبل‬
‫االطراف أن يقوم بها طرف ثالث من صفاته أن يكون غير منحاز‪ ،‬حيادي ال يملك‬
‫السلطة أو القوة لصنع القرار‪ ،‬وكذلك مساعدتهم بطريقة تطوعية على الوصول إلى‬
‫اتفاق خاص بينهم ومقبول منهم‪.‬‬

‫‪ - 51‬سورة البقرة اآلية ‪.143‬‬


‫الملودي العابد العمراني ‪ ،‬الوساطة في التشريع المغربي المقارن ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتورة في القانون الخاص ‪،‬‬
‫جامعة عبد المالك السعدي ‪ -‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ‪،‬سنة ‪2011‬ـ ‪،2012‬صفحة‪52 ،. 27‬‬

‫‪40‬‬
‫ومن كل ما سبق من هذه التعريفات من هذه التعريفات الفقهية للوساطة واألهمية التي‬
‫أصبحت تحظى بها على المستوى العلمي‪ ،‬فإنه يمكننا أن نقول بأنها طريقة طوعية يلجأ‬
‫لها األطراف عن بينة واختيار منهم وذلك بإشراك طرف ثالث يسمى وسيط الحوار‬
‫وتقريب وجهات النظر بين الطرفين المتخاصمين من أجل مساعدتهما على الوصول‬
‫الى حل متوافق عليه من طرفين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص الوساطة االتفاقية‬


‫إن اللجوء إلى آلية الوساطة مرده إلى مجموعة من الخصائص التي تمتاز بها‪ ،‬تتمثل‬
‫في اآلتي‪:‬‬

‫‪.1‬الوساطة وسيلة غير قضائية ‪:‬‬


‫إذا في الغالب ما تكون الوساطة مستقلة عن القضاء‪ ،‬حيث أن الحلول التي ينتجها‬
‫الوسيط تتم بعيدا عن سلطة القاضي‪ .‬لكن هذه الخاصية ال تمنع وجود بعض الروابط‬
‫مع القضاء خصوصا عندما يتعلق األمر بالوساطة القضائية أو في الحاالت التي يتم‬
‫‪53‬‬
‫فيها تعيين الوسيط من طرف القاضي‪.‬‬

‫‪.2‬الوساطة وسيلة ودية تتم برضي األطراف واتفاقهم‪:‬‬


‫سواء تم ذلك كتابة أو شفويا فمصدرها األساسي نابع من اإلرادة الذاتية لألطراف‪،‬‬
‫وبالتالي فهي كما سبقت اإلشارة إليه وسيلة طوعية غير ملزمة بنتائجها لألطراف‪،‬‬
‫وهذا ما يميزها بالدرجة األولى عن نظام التحكيم‪ ،‬حيث أن عملية التحكيم تكون برمتها‬
‫ملزمة لهم وال يمكنهم الرجوع عنها أو الخروج منها‪ ،‬وبالتالي فإن قرار التحكيم بشأن‬
‫موضوع النزاع يكون ملزم‪ ،‬كما ال يمكن االستناد إليه حين اللجوء إلى القضاء في حالة‬
‫‪54‬‬
‫فشل عملية الوساطة‪ ،‬أو حتى باستغالله للمطالبة بالتعرض للخصم ‪.‬‬

‫‪.3‬الوساطة وسيلة تعتمد على السرية‪:‬‬


‫ذلك انه في كل المجاالت تعتبر سرية الوساطة شرطا أساسيا لعدالة الحل المقترح‬
‫ونجاحه‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 95‬من قانون رقم ‪15‬ـ‪95‬المتعلق بالتحكيم والوساطة‬
‫االتفاقية‪ ،‬حيث جاء فيها " تتسم اعمال الوساطة بالسرية‪ ،‬وال يمكن االحتجاج بما راج‬
‫بها وما تم فيها من تنازالت ألطراف النزاع امام المحاكم أو أي جهة أخرى مالم يتفق‬
‫األطراف على خالف ذلك‪".‬‬

‫‪ - 53‬حميد الحاجي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪.80‬‬


‫‪- 54‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬الصفحة ‪.200‬‬
‫‪41‬‬
‫وذلك بهدف تشجيع األطراف باإلدالء ببعض المعلومات والوثائق التي يتخوفون من‬
‫تقديما بأن تتخذ ضدهم في حالة فشل الوساطة وإحالة النزاع امام القضاء‪ ،‬إال إذا اتفق‬
‫‪55‬‬
‫األطراق على خالف ذلك‪ ،‬وعليه ينبغي ان تحترف سرية كل ما راج في الوساطة ‪.‬‬

‫كما أنه يجب على الوسيط أال يفشي المعلومات والوثائق التي يقدمها أحد األطراف‬
‫سواء كان ذلك في لقاء مشترك او منفرد‪ ،‬إال في حالة الموافقة الصريحة للطرف‬
‫المعني تحت طائلة تطبيق العقوبات المنصوص عليها في ق‪ .‬ج المتعلق بالسير المهني‪.‬‬
‫‪56‬‬

‫‪.4‬الوساطة وسيلة مرنة‪:‬‬


‫تسمح لألطراف المشاركة الفعالة في صنع القرار الخاص بحل النزاع أو تسويته‪ ،‬كما‬
‫أنها ال تهدف لوضع حد للنزاع أو الخالف فحسب‪ ،‬بل تساهم كذلك وبدرجة كبيرة على‬
‫استمرار العالقات الودية والطيبة بين الخصوم‪ ،‬فهي من حيث المبدأ تفتح باب الحوار‬
‫بدال من المواجهة خاصة بعد إفراغ النزاع من مظاهر التوتر والقلق ‪ ،‬وهذا ما يميزها‬
‫كثيرا عن القضاء والتحكيم ‪ ،‬حيث أنها في جوهرها ال تسعى للبحث عن صاحب الحق‬
‫بل لتحقيق الصلح بين األطراف والحفاض على استمرار العالقة الطيبة والودية بينهم‪.‬‬

‫لكنها مع ذلك تختلف عن المصالحة التي تتم بناء على أمر قضائي أوعن طريق الهيئات‬
‫واللجان ذات االختصاص المهني‪ ،‬ألن مثل هذه المصالحة تتطلب عادة وقتا طويل‬
‫‪57‬‬
‫وصبرا واستعداد للحوار وقدرة على التحكم وتهدئة الوضع ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اجراءات الوساطة االتفاقية‪:‬‬


‫أ‪ .‬ماهية الوسيط‪:‬‬
‫الوسيط هو ذلك الشخص الطبيعي المكلف بتسهيل إبرام صلح لنزاع نشأ أو قد ينشأ فيما‬
‫بعد‪ ،‬أو هو ذلك الشخص من الغير محايد ومستقيل يقوم بتسهيل وتنسيق المفاوضات‬
‫التي تجمع أطراف النزاع‪ ،‬والمحفر لهم من أجل التوصل إلى حل ودي لنزاعهم الناشئ‬
‫أو الذي قد ينشأ فيما بعد بينهم‪.‬‬

‫ويستدل من ذلك بأن الوسيط شخص اعتيادي وليس اعتباري‪ .‬لكن هل يجوز بأن تستند‬
‫مهمة الوساطة إلى شخص معنوي؟ اعتباري ؟؟‬

‫‪ 55‬الملودي العابد العمراني‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪.35‬‬


‫‪ 56‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية والعدالة المكملة أو البديلة ‪،‬طبعة الرابعة ‪ ،‬دار‬
‫المعارف الجديدة الرباط‪ ،2018 ،‬صفحة ‪.28‬‬
‫‪ 57‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.200‬‬
‫‪42‬‬
‫إذا كانت جل القوانين الوطنية المدنية كقانون المرافعات المدنية الفرنسي ال تجيز بأن‬
‫تناط مهمة التحكيم إال بشخص طبيعي‪ ،‬وذلك إلضفاء الطابع الشخصي على التحكيم‪،‬‬
‫وهو ما ال يتوفر عند اختيار مركز أو مؤسسة اعتبارية للتحكيم‪ ،‬لكون هذه األخيرة‬
‫ستباشر التحكيم بواسطة شخص لم يختاره طرفا النزاع‪ ،‬لكن إذا عين الطرفان شخصا‬
‫اعتباريا كمحكم بينهما فإن هذا ال يؤدي إلى بطالن اتفاقهما‪ ،‬وإنما ال يكون للشخص‬
‫المعنوي أو االعتباري على اختياره محكما إال سلطة تنظيم التحكيم واإلشراف عليه‪.‬‬

‫وينطبق ذلك تماما على الوساطة أي ال يجوز أن يكون الوسيط شخصا اعتباريا ‪ ،‬وهذا‬
‫ال يمنع إمكانية إجراء الوساطة عن طريق مركز أو مؤسسة مختصة ‪ ،‬وفي هذه الحالة‬
‫ال تتولى تلك الجهة مهمة الوساطة ‪ ،‬بل تتمتع فقط بصالحية تنظيمها وضمان حسن‬
‫سيرها بعد أن تسندها لشخص طبيعي يتوفر على مجموعة من الشروط المحددة من‬
‫طرفها والذي ترضي به أطراف النزاع ‪ ،‬وبالتالي فإن اتفاق األطراف على اختيار أحد‬
‫مراكز الوساطة للقيام بمهمة الوساطة في نزاعهما ال يؤدي إلى بطالن اتفاقهما‪ ،‬وإنما‬
‫تكون لهذا المركز سلطة تنظيم الوساطة واإلشراف عليها فقط بعد أن تسندها إلى‬
‫‪58‬‬
‫شخص طبيعي ‪.‬‬

‫ب‪ .‬شروط الوسيط‪:‬‬


‫يمكن تحديد الشروط التي يجب أن تتوفر في الوسيط على نحو اآلتي‪:‬‬

‫األهلية القانونية الكاملة‬


‫يجب على الوسيط شأنه شأن المحكم أن يتوفر على األهلية المدنية الكاملة‪ .‬وتتحد هذه‬
‫األهلية حسب األحوال الشخصية للبلد الذي يحمل الوسيط جنسيته‪ ،‬وتتمثل عادة هذه‬
‫األهلية بالبلوغ أي أال يكون قاصرا‪ ،‬ومحمود السير وحسن السمعة والسلوك‪ ،‬وبأن ال‬
‫يكون قد سبق الحكم عليه بأية عقوبة مقيدة للحرية‬

‫التقيد بواجبات المهنية واحترام سرية الجلسات‬


‫إن التقيد بكتمان السر المهني من قبل الوسيط هم من أهم الشروط التي يجب أن يتوفر‬
‫عليها الوسيط‪ ،‬ويشكل ذلك أهم االلتزامات الملقاة عليه في عملية في الوساطة‪ .‬وبذلك‬
‫فعليه كتمان ما يدور في الجلسات الوساطة في محافظة على أسرار األطراف وعدم‬

‫‪ 58‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الصفحة ‪.222‬‬
‫‪43‬‬
‫إفشائها للغير‪ 59.‬المنصوص عليها في الفصل ‪66‬ـ‪ 372‬ق‪ .‬م‪ .‬م " يلزم الوسيط بوجود‬
‫كتمان السر المهني بالنسبة إلى األغيار وفق المقتضيات وتحت طائلة العقوبات‬
‫المنصوص عليها في القانون الجنائي المتعلقة بكتمان السر المهني‪ .‬وال يجوز أن تثار‬
‫مالحظات الوسيط والتصاريح التي يتلقاها أمام القاضي المعروض عليه النزاع إال‬
‫‪60‬‬
‫باتفاق األطراف وال يجوز استعمالها في دعوى أخرى ‪.‬‬

‫الخبرة والتخصيص والتجربة العلمية والعملية‬


‫فكلما تميز الوسيط بخبرة ومؤهالت علمية ومهنية يحسم بها النزاع بعيدا عن أي من‬
‫التأثيرات الخارجية‪ ،‬كلما صائبا في مهمته‪ ،‬وهناك بعض التشريعات الوطنية التي تحدد‬
‫مدة تلك الخبرة‪ ،‬كما هو الشأن فيما ورد في القرار الوزاري المصري رقم ‪127‬لسنة‬
‫‪ 2003‬الذي حددها بأن ال تقل عن سنوات في العمل في أي من المجاالت القانونية أو‬
‫االقتصادية أو االجتماعية أو التأمين بكافة أنواعها‪(( .‬يتعلق األمر بالوسيط القائم على‬
‫‪61‬‬
‫حل منازعات الشغل)) ‪.‬‬

‫أن يكون على درجة عالية من التكوين واإلعداد في مجال‬


‫الوساطة‬
‫فمن المستحسن أن يتوفر الوسيط على تكوين وإعداد متقدم ومتميز في مجال الوساطة‪،‬‬
‫وذلك على غرار تلك التكوينات التي تقربها وتفترضها مراكز الوساطة ذات الصيت‬
‫والشهرة العالمية كمركز باريس للوساطة والتحكيم ومركز روما وغيرهما من المراكز‬
‫‪62‬‬
‫الدولية المتخصصة ‪.‬‬

‫ج‪ .‬دور الوسيط‪:‬‬


‫يلعب الوسيط دورا محوريا في تنظيم الوساطة عبر مختلف مراحلها ويقوم الوسيط‬
‫بالترتيبات الالزمة للوساطة بما في ذلك‪:‬‬

‫• مرحلة التمهيد واالعداد للوساطة‪ :‬تعد هذه المرحلة ذات اهمية قصوى في‬
‫نظام الوساطة‪ ،‬على اعتبار انها االساس التي يسمح باستمرار هذه االخيرة من‬

‫‪ 59‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬م رجع سابق‪ ،‬صفحة ‪.222‬‬
‫‪ 60‬الفصل ‪ 66‬ـ‪ 372‬من قانون المسطرة المدنية المغربي‪.‬‬
‫‪ 61‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪.222‬‬
‫‪ 62‬ـ حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪. 222‬‬
‫‪44‬‬
‫عدمه‪ ،‬حيث التعارف وربط االتصال االولى مع االطراف‪ ،‬وشرح دور الوسيط‬
‫‪63‬‬
‫وعملية الوساطة وقواعد النقاش‬
‫• مرحلة بدء اجراءات الوساطة‪ :‬تشمل هذه المرحلة استقبال االطراف‪،‬‬
‫وتوفير قاعات االجتماعات المنفردة والجماعي بيهم‪ 64.‬ويقوم الوسيط بإعطاء‬
‫الكلمة لكل طرف من أطراف النزاع لعرض وقائع النزاع وكذا مختلف المعلومات‬
‫‪65‬‬
‫التي يستند اليها كل طرف والتي يمكن ان تساعد في حل ودي للخالف‪.‬‬
‫• مرحلة التفاوض وكسب التفاهم‪ :‬تتميز هذه المرحلة بكونها محطة حاسمة‬
‫في مسار الوسطة حيث يتم فتح مجال للنقاش والحوار والتفاوض حول مختلف‬
‫المشاكل والقضايا المطلوب تسويتها ‪ ،‬للوصول الى اتفاق حبي للنزاع يرضي جميع‬
‫االطراف ويحقق مصالحهم ‪ ،‬اذ يقوم الوسيط في هذه المرحلة بدور مهم في نجاح‬
‫الوساطة من خالل مساعدة االطراف على البحث ن افضل الحلول الممكنة للنزاع‬
‫بينهما ‪ ،‬حيث يعمد الى عقد اجتماعات سرية خاصة ‪ ،‬واخرى جماعية في وقت‬
‫المناسب لخلق نوع من الثقة بين االطراف وتوضيح المشاكل والحاجيات والتذكير‬
‫ببرنامج كل طرف ‪ ،‬لينتقل الوسيط بعد ان يكون الجميع قد الم االلمام الكامل والجيد‬
‫لمختلف عناصر النزاع الى مرحلة الحاسمة والمتمثلة‪ 66‬في‪:‬‬
‫الدفع باألطراف الى تجاوز مرحلة النقاش والتفاوض الى مرحلة أكثر ايجابية‪.‬‬
‫طرح الحل المبتكر والخالف مع االطراف‪ ،‬التركيز على المستقبل‪.‬‬
‫حضير االطراف لتقييم الخيارات وتقديم بعص االقتراحات‪.‬‬
‫عرض بعض المعاير لتقييم االختيارات واالقتراحات المقدمة‪.‬‬

‫د‪ .‬تعين الوسيط‪:‬‬


‫هناك ثالث حاالت لتعيين الوسيط‪:‬‬

‫الحالة األولى ‪ :‬التعيين المباشر للوسيط من قبل الخصوم‬

‫‪ - 63‬عثمان اخديم‪ ،‬الوسائل لحل النزاعات االسرية (الوساطة نموذجا)‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،2010/2009‬الصفحة ‪.82.‬‬
‫‪ 64‬ـ محمد اطويف‪ ،‬الوسائل االتفاقية على ضوء القانون ‪05‬ـ‪ ،08‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،14‬ال سنة‬
‫‪،2013‬الصفحة‪.161‬‬
‫‪ - 65‬عثمان اخديم‪ ،‬نفس مرجع ‪،‬الصفحة ‪.84‬‬
‫‪ - 66‬بنسالم أوديجا ‪ ،‬الوساطة كوسيلة من الوسائل لفض النزاعات ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬الرباط ‪،2008‬‬
‫الصفحة ‪.117‬‬
‫‪45‬‬
‫وهي التي تتم فيها تعيين الوسيط بصورة مباشرة من قبل أطراف النزاع ‪ ،‬ويتجسد فيها‬
‫التعبير الكامل إلرادتهم الذاتية في اختيار وتعيين الوسيط ‪ ،‬ويالحظ بهذا الخصوم أن‬
‫جل التشريعات والقوانين المقارنة تتفق حول تخويل الخصوم الصالحية الكاملة في‬
‫عملية اختيار الوسيط وتعيينه ‪ ،‬والذي يتم التعبير عنها في االتفاق المبرم بينها صراحة‬
‫أو ضمنيا ‪.‬‬
‫وينسجم كل ذلك مع رغبتهم األكيدة في ضبط األمور وتحديدها لفض نزاعهم بالصورة‬
‫والنتيجة التي يرتضون بها ‪ ،‬ويأتي في مقدمة هذه األمور حريتهم الكاملة في اختيار‬
‫الشخص الذي يرونه مالئما للقيام بمهمة الوساطة مما يؤدي إلى تعزيز ثقتهم وشعورهم‬
‫باالطمئنان تجاه حقوقهم ومصالحهم ‪.‬‬
‫ويتم التعبير عن هذا االختيار إما في شرط الوساطة أو في مشارطة الوساطة ‪ ،‬أي إما‬
‫‪67‬‬
‫قبل نشوء النزاع أو بعده‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬التعيين غير المباشر للوسيط‬


‫تظهر هذه الصورة في تعيين الوسيط ‪ ،‬حين اتفاق األطراف باللجوء إلى أحد مراكز أو‬
‫مؤسسات الوساطة ‪ ،‬حيث يقوم المركز باختيار الوسيط الذي تسند إليه مهمة الوساطة‬
‫‪،‬وذلك بعد استشارة األطراف ‪ ،‬ويقوم المركز بتقديم مقترحاته لهم مشفوعة ببيانات‬
‫السيرة الذاتية لكل وسيط مرشح ‪ ،‬ولهم بعد ذلك الحرية الكاملة في اختيار أي من‬
‫المترشحين الذين تقدم بهم المراكز‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة يقتصر دور المركز على اإلشراف على الوساطة وتنظيمها فقط‪ ،‬ويسند‬
‫إجرائها إلى الوسيط الذي وقع عليه اختيار األطراف ‪.‬‬
‫يالحظ أن اإلرادة الذاتية لألطراف قد لعبت دورا رئيسيا في اختيار الوسيط‪ ،‬لكن‬
‫اقتصر أمرها على اختيار شخص من ضمن قائمة الوسطاء المرشحين الذين يتقدم بهم‬
‫المركز ‪ ،‬مما يعني بأنه ليس لألطراف الحرية في اختيار أو تعين وسيط من خارج‬
‫‪68‬‬
‫إطار القوائم الخاصة بالمركز‪.‬‬

‫الحالة الثالثة ‪ :‬تعيين الوسيط من طرف الغير‬


‫رغم أن الوساطة تعد من حيث الجوهر تعبيرا عن اإلرادة الحرة أو الخاصة ألطراف‬
‫النزاع ‪ ،‬خاصة في اختيارهم وتعيينهم للوسيط أي للشخص المكلف بالقيام بها‪ ،‬فإن‬

‫‪-‬حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬صفحة ‪22467‬‬
‫‪22568‬‬ ‫حسين عبد العزيز عبد هللا النجار‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة‬
‫‪46‬‬
‫واقعها العملي يشهد أحيانا قيام وساطة إجبارية ‪ ،‬يتم خاللها تعيين الوسيط من قبل الغير‬
‫وبعيدا عن إرادة طرفي النزاع معا أو أحدهما‪.‬‬
‫ويقتصر هذه الحالة على نماذج معينة من الوساطة ‪ ،‬كما هو قائم في نظام وسيط‬
‫الجمهورية في فرنسا واألم ودسمان في السو يد‪ ،‬ومحامي الشعب في إسبانيا والمفوض‬
‫‪69‬‬
‫البرلماني في بريطانيا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط الوساطة االتفاقية ونطاق تطبيقها‬


‫ال يمكن للوساطة ان تقوم كنظام لفض المنازعات التي تنشأ بين األطراف إال بتوفير‬
‫شروط متعددة وال تصح إال باتباع إجراءات وشكليات قد تكون نابعة من إرادة‬
‫االطراف أو من القانون نفسه (أوال) فبالرجوع الى المادة ‪ 5‬من القانون ‪53 .95‬‬
‫المحدث للمحاكم التجارية نجد أن المشرع المغربي أعطى امكانية لرجال االعمال‬
‫عرض لنزعاتهم على الوساطة بدل المحاكم التجارية (ثانيا )‪.‬ونطاق تطبيقها (ثالثا)‪.‬‬

‫باعتبار الوساطة وسيلة خاصة لتسوية المنازعات فإن المشرع المغربي حرص في‬
‫تنظيمها على إدراج مجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية‪ ،‬البد من توافرها أثناء‬
‫سير مسطرة الوساطة‬

‫أوال‪ :‬الشروط الشكلية‬


‫باعتبار الوساطة وسيلة خاصة لتسوية المنازعات فإن المشرع حرص في تنظيمها على‬
‫ادراج مجموعة من الشروط الشكلية والتي البد من توافرها ‪ ،‬وتتجلى في أن يبرم اتفاق‬
‫كتابة إما في وثيقة أصلية أو وثيقة عرفية‪ ،‬ويعينها الوسيط الذي يجب عليه أن يتقيد‬
‫بكتمان السر المهني أثناء سير مسطرة الوساطة كما عليه احترام آجال الوساطة ‪ ،‬وذلك‬
‫كله تحت طائلة البطالن ‪.‬‬
‫و يتبين على أن شرط الكتابة مهم حيث نص الفصل ‪ " 327.58‬يجب أن يبرم دوما‬
‫‪70‬‬
‫اتفاق الوساطة كتابة أما بعقد رسمي أو عرفي وإما بمحضر يحرر أمام المحكمة"‪.‬‬
‫وقد تساهم المشرع المغربي بهذا الشأن مع األطراف ‪ ،‬وذلك بتوسيع دائرة الكتابة حيث‬
‫تشمل صورة عدة من المحررات تتحها تكنولوجية االتصال الحديثة ‪ 71‬حيث أن هذا‬

‫‪69‬‬‫حسين عبد العزيز عبدهللا النجار ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة‪.227‬‬


‫إيمان أزناي‪ ،‬الحلول البديلة لفض المنازعات في المادة التجارية "الوساطة االتفاقية كنموذج"‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماستر في القانون الخاص ‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية ‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ -2008‬ـ‪ ، 2009‬الصفحة ‪70 .40‬‬

‫‪47‬‬
‫التوسع في شرط الكتابة يتوافق مع ما جاء به القانون رقم ‪05‬ـ‪ 53‬المتعلق بالتبادل‬
‫االلكتروني للمعطيات القانونية ‪.‬‬
‫والمشرع المغربي على غرار أغلب التشريعات المعاصرة‪ ،‬نص في افصل ‪327.65‬‬
‫من قانون المسطرة المدنية على أن األطراف أن يحددوا للوسيط مدة مهمته دون أن‬
‫تتجاوز أجل ثالث أشهر من التاريخ الذي قبل فيه الوسيط مهمته ‪ ،‬كما أنه لألطراف‬
‫تمدد أجل المذكور باتفاق يبرم وفق الشروط المعتمدة االبرام اتفاق الوساطة‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية‬


‫الشروط الموضوعية في عقد الوساطة هي الشروط المتطلبة عموما في العقود ‪ ،‬وهي‬
‫الرضا والسبب والمحل ‪ ،‬وهي تتعلق أساس ببعص البيانات الواجب توافرها في شرط‬
‫الوساطة أو ع قد الوساطة ‪ ،‬والمجاالت التي يمكن إعمال الوساطة االتفاقية فيها‪.‬‬

‫• البيانات الواجب توافرها‬


‫البيانات الواجب توافرها في عقد الوساطة‪ :‬إن عقد الوساطة باعتباره اتفاقا مبرما بعد‬
‫نشوء النزاع بين طرفيه‪ ،‬فإن المشرع المغربي ألزم تحت طائلة البطالن أن يتحدد في‬
‫هذا العقد موضوع النزاع ‪،‬يتعين الوسيط أو طريقة تعيينه‪ ،‬والغاية من تحدد موضوع‬
‫النزاع هي تبيان ما إذا كان هذا األخير يدخل ضمن نطاق القضايا التي تجوز فيها‬
‫‪72‬‬
‫الوساطة أم ال‪.‬‬

‫البيانات الواجب توافرها في شرط الوساطة‪:‬‬


‫باإلضافة للكتابة وتضمين شرط في عقد األصلي أو في وثيقة تحال إليه بشكل ال لبس‬
‫فيه واجب المشرع الغربي تحت طائلة البطالن أن يتضمن شرط الوساطة تعيين‬
‫الوسيط أو وسطاء أو التنصيص على طريقة تعيينهم ‪ .‬وعلى خالف ما أوجبه المشرع‬
‫في عقد الوساطة لم يشترط في الوساطة أن يتضمن موضوع النزاع ويرجع ذلك إلى أن‬
‫النزاع لم يكن قد نشأ بعد‪.‬‬

‫• المجاالت المستثناة من الوساطة االتفاقية‬

‫عبد المجيد غميجة ‪،‬نظام الوساطة االتفاقية بالمغرب "مقال منشور ب المجلة المغربية للوساطة والتحكيم العدد‪ 4‬السنة‬
‫‪ ، 2009‬صفحة ‪71 . 81‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 90‬من القانون ‪ 95.17‬علي أنه "يجب أن يتضمن عقد الوساطة تحث طائلة البطالن ‪:‬‬
‫تحدد موضوع النزاع‬
‫تعيين الوسيط أو التنصيص علي طريقة تعيينه ‪72 .‬‬

‫‪48‬‬
‫هي المسائل المستثناة من نطاق الصلح ‪ ،‬وذلك بالرجوع إلى المواد من ‪ 1099‬إلى‬
‫‪ 1104‬نجدها تتبين المجاالت التي ال تجوز فيها الوساطة استنادا للمبدأ القائل أن‬
‫الوساطة تجوز فيه الصلح ‪ ،‬وال تجوز فيه الصلح وتتمثل في األتي‪:‬‬
‫قضايا األهلية ‪.‬‬
‫قضايا النفقة ‪.‬‬
‫قضايا اإلرث‪.‬‬
‫القضايا التي ال يمكن إبرام الصلح بشأنها‪.‬‬
‫القضايا المتعلقة بالنزعات والرهون العقارية ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نطاق تطبيق الوساطة االتفاقية‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 5‬من القانون ‪95‬ـ‪ 53‬المحدث المحاكم التجارية نجدها تنص على‬
‫أنه‪ "..‬يجوز لألطراف االتفاق على عرض النزاعات المبينة على مسطرة التحكيم‬
‫والوساطة وفق االحكام الفصول من ‪ 306‬إلى‪70‬ـ ‪ 327‬من قانون المسطرة المدنية" ‪.‬‬

‫من هنا يتبين لنا أن المشرع المغربي أعطى لرجال االعمال إمكانية عرض نزاعاتهم‬
‫على الوساطة بدل المحاكم التجارية بغية المحافظة على المصالح التجارية‪.‬‬

‫و من أهم النزاعات التي يمكن عرضها على الوساطة حسب المادة ‪ 5‬من القانون ‪95‬ـ‬
‫‪ 7353‬نذكر ما يلي‪:‬‬

‫➢ النزعات المتعلقة بالعقود التجارية‬


‫تعتبر العقود التجارية إحدى األدوات القانونية المهمة التي يتم بواسطتها إبرام‬
‫التصرفات وإجراء المعامالت وتبادل الثروات والخدمات في الميدان التجارية‪ ،‬وقد‬
‫خصص لها المشرع المغربي المواد من ‪ 336‬إلى ‪ 544‬من م‪ .‬ت ‪ ،‬لكن تعدادها‬
‫كان على سبيل المثال فقط وليس الحصر ‪ ،‬وبالتالي يمكن أن تتضاف إليها سائر‬
‫العقود التي يستقر العمل على سبيل على ثبوت طبيعتها التجارية ‪ ،‬وكذا تلك التي‬

‫‪ - 73‬تنص المادة ‪ 5‬القانون رقم القاضي بإحداث المحاكم التجارية على ما يلي" تختص المحاكم التجارية بالنظر في‪:‬‬
‫ـ الدعوى المتعلقة بالعقود التجارية؛‬
‫ـ الدعوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية؛‬
‫ـ الدعوى المتعلقة باألوراق التجارية؛‬
‫ـ النزاعات الناشئات بين شركاء في شركة تجارية؛‬
‫‪49‬‬
‫ترتبط بجوانب أخرى من المادة التجارية كعقود التأمين والعقود البحرية وعقود‬
‫البيع الدولية وغيرها ‪ ،‬وبالتالي فكل هذه العقود يمكن ألطرافها اللجوء إلى الوساطة‬
‫في حالة نشوء نزاع فيما بينهم بدال من القضاء ألن الوساطة قد تنجح في المحافظة‬
‫‪74‬‬
‫على العالقات الدولية بين األطراف ‪.‬‬

‫➢ النزعات التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية‬


‫تعتبر الوساطة وسيلة مهمة لحل النزاعات الناشئة بين التجار والمتعلقة بأعمالهم‬
‫التجارية سواء تلك المتعلقة بأنشطتهم االعتيادية أو االحترافية أو تلك التي تماثلها أو‬
‫يقوم بها التاجر بمناسبة تجارته‪.‬‬

‫فكل هذا النزاعات يمكن أن يكون مجاال للوساطة التجارية‪ ،‬مادامت ذات طبيعة‬
‫تجارية وتدخل في اختصاص المحاكم التجارية كما نصت ذلك المادة ‪ 5‬من القانون‬
‫‪95‬ـ‪5375‬‬

‫➢ النزاعات الناشئة بين الشركات في شركات تجارية‬


‫أكدت المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط‪ ،‬عبر موقعه اإللكتروني أن‪:‬‬
‫‪ 38‬من النزعات التي يتم إحالتها على المركز هي عبارة عن نزاعات بين‬
‫الشركات‪ ،‬ألن الوساطة تمنح لألطراف المتنازعة ضمانات أكثر‪ ،‬من أهمها أن‬
‫الوسطاء يراعون أثناء حل النزاع العادات التجارية وكذا مبادئ التجارية الدولية مما‬
‫‪76‬‬
‫يساهم في حل النزاع في وقت وجيز وبأقل الخسائر أيضا ‪.‬‬

‫➢ النزاعات المتعلقة باألصول التجارية‬


‫يعتبر االصل التجاري من أهم ما ابتدعه الفكر التجاري‪ ،‬فقد عرفه المشرع المغربي‬
‫في المادة ‪ 79‬من مدونة التجارة بأنه‪ ":‬مال منقول يشمل جميع االموال المنقولة‬
‫المتخصصة لممارسة النشاط التجاري أو عدة أنشطة تجارية"‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فاألصل التجاري يتكون من مجموعة من العناصر المادية والمعنوية‬
‫المتخصصة لممارسة النشاط التجاري‪ ،‬وهو يهدف أساسا إلى تكوين حصيلة من‬
‫الزبناء وتنميتها‪ .‬وإذا كان لكل عنصر من العناصر المكونة له كيانه القانوني‬
‫‪ - 74‬فاتحة الغاللي ‪ ،‬دور الوساطة التجارية في الرقي بالتجارة واالستثمار في المغرب ‪ ،‬مجلة منازعات االعمال ‪،‬‬
‫أكادير‪ ،‬العدد‪ 16‬شتنبر ‪ ، 2016‬الصفحة ‪. 67‬‬
‫‪ 75‬العابد العمراني الملودي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬صفحة ‪. 84‬‬
‫‪ -76‬فاتحة الغاللي ‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪.68‬‬

‫‪50‬‬
‫الخاص به‪ ،‬وقيمته االقتصادية الذاتية‪ ،‬فإن من مجموع العناصر‪ ،‬وعن طريق‬
‫عملها متحدة تتكون وحدة مستقلة قائمة بذاتها هي األصل التجاري الذي له بدوره‬
‫كيانه القانوني المتميز وقيمته االقتصادية الذاتية‪.‬‬

‫وبالتالي فكل عنصر من العناصر األصل التجاري يمكن أن تثار بشأنه مجموعة من‬
‫المنازعات والتي يمكن أن تكون محال للوساطة التجارية بدال من القضاء التجاري ‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مزايا الوساطة التجارية وآثارها وعالقتها بالقضاء‬


‫تهدف الوساطة التجارية إلى ترسيخ مبدأ العدالة التصالحية باعتبارها خيارا استراتيجيا‬
‫وحال ناجعا وسريعا للقضاء على معظم النزاعات التجارية ‪ ،‬فالعالقات التجارية غالبا‬
‫ما تصاحبها تضارب بين مصالح التجار يستدعي حلها اللجوء إلى مسطرة تراعي‬
‫مصلحة جميع ألطراف المتنازعة ‪.‬‬
‫والوساطة التجارية تتميز بمجموعة من المزايا تجعلها قادرة على معالجة الخالفات‬
‫التجارية بشكل ودي وعقالني والمساهمة في توفير المناخ المناسب لتشجيع التجارة‬
‫واالستثمار وإشاعة ثقافة الحوار والسلم واالجتماعي‪.‬‬
‫ومن أجل اإللمام بكل ما سبق ‪ ،‬سنحاول تقسيم هذا المطلب إلى الفقرتين ‪ ،‬نتناول في‬
‫الفقرة االولى مزايا الوساطة التجارية وآثارها في حين نخصص الفقرة الثانية عالقة‬
‫الوساطة بالقضاء وصعوبات التي توجهها‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مزايا الوساطة االتفاقية وآثارها‬

‫أظهرت إحصائيات بعض مراكز الوساطة‪ ،‬بأن مؤسسة الوساطة التجارية نجحت بشكل‬
‫كبير في السنوات األخيرة في استقطاب العديد من النزاعات التجارية ن وذلك بفضل‬
‫مزاياها العديدة والتي نذكر منها‪:‬‬

‫إذا كان دور القاضي ينحصر في تحدد صاحب الحق والحكم لصالحه‪ ،‬فإن ذلك يخلق‬
‫تدم را في نفس خاسر الدعوى‪ ،‬مما ينتج عنه تنعت المحكوم ضده في تنفيذ الحكم‬

‫‪ 77‬فؤاد معالل ‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد ‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬مطبعة األمنية بالرباط ‪،‬السنة ‪ ،2012‬الصفحة‬
‫‪.195‬‬
‫‪51‬‬
‫القضائي‪ ،‬على عكس ما هو عليه بالنسبة للوساطة التجارية التي تتميز بالسعي نحو‬
‫المحافظة على العالقات الودية بين األطراف ‪ ،‬واإلبقاء على إمكانية التعامل فيما بينهم‬
‫‪ ،‬بالنظر إلى ابتعادها عن منطق البح المطلق وما يتولد عنه من إحساس بالقوة‬
‫واالنتصار على اآلخر ‪ ،‬فهذا النظام يعطي األولوية للمصالح االقتصادية على القواعد‬
‫‪78‬‬
‫القانونية ‪.‬‬

‫إذا كان الدعوى القضائية تحكمها قواعد وشكليات قانونية تقلص من حرية القاضي‬
‫واألطراف في إيجاد الحلول المنا سبة للنزاع المطروح على المحكمة فمن إيجابيات‬
‫الوساطة أنها متحررة من كل الشكليات والتعقيدات المسطرة‪ ،‬بل وحتى من بعض‬
‫القواعد الجوهرية ‪ ،‬ذلك ألن أ طراف النزاع هم الذين يحددون مسطرة حل النزاع‬
‫ومدة حل هذا الحل ‪.‬‬
‫كما أن الوساطة التقف عند متطلبات العدل المثالية ‪،‬وال تتقيد بضوابطه المتسمة‬
‫بالتجريد والتعميم وااللتزام بالكيل بنفس المكيال في كل النوازل مهما اخلفت الظروف‬
‫واألحوال واألشخاص ‪ ،‬بل إن الوسيط يستعمل لكل حالة ما يوفقها من معايير‬
‫ومقاييس‪ ،‬األمر الذي يجعل عمله واقعيا وأقرب إلى العدالة النسبية منه إلى العدل‬
‫الم طلق ‪ .‬وهذا ما يشجع رجال األعمال واالقتصاد على اللجوء للوساطة لفض نزاعاتهم‬
‫‪79‬‬
‫ألن حلولها تنبني على الواقع ‪.‬‬

‫إن مالءمة الوساطة التجارية للواقع المغربي تمليه عدة اعتبارات مرتبطة أساسا‬
‫بانخفاض تكلفة هذه اآللية مقارنة مع الدعوى القضائية والتحكيم‪ ،‬علي اعتبار أن‬
‫النسيج االقتصادي المغربي يتشكل أساسا من المقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ ،‬والتي‬
‫تتميز بهشاشة بنياتها وضعف قدراتها المالية وغل بة الطابع العائلي على بنية رأسمالها‬
‫‪80‬‬
‫والتي ينظر فيها القضاء الرسمي أو القضاء الخاص عن طريق التحكيم ‪.‬‬

‫‪78‬‬ ‫فاتحة الغاللي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة‪. 63‬‬


‫‪79‬‬ ‫‪-‬فاتحة الغاللي ‪ ،‬نفس مرجع ‪ ،‬صفحة ‪. 64‬‬
‫إسماعيل أوبلعيد ‪ ،‬مدى إمكانية تفعيل الوساطة في الواقع المغربي ‪ ،‬مجلة المغربية للوساطة والتحكيم ‪ ،‬العدد‪ ، 6‬السنة ‪ ،2012‬الصفحة‬
‫‪80 .58‬‬

‫‪52‬‬
‫فالمصاريف القضائية تعد أحد سلبيات القضاء الرسمي‪ ،‬سواء ما تعلق منها بمصاريف‬
‫الخبراء وأداء الرسوم القضائية أو مصاريف الطعن والت بليغ والتنفيذ إلى غير ذلك‪،‬‬
‫على الوساطة التي تتميز بانخفاض تكلفتها مقارنة بالدعوى القضائية‪.‬‬

‫يعتبر االستثمار دعامة أساسية للتنمية ‪ ،‬لكونه يشكل باإلضافة إلى الطاقة اإلنتاجية ‪،‬‬
‫الزيادة في الثروات ‪ ،‬لدى تساهم الوساطة التجارية بفضل مزاياها العديدة في توفير‬
‫المناخ المناسب لتشجيج االستثمار والمبادرة الحرة وإشاعة ثقافة التفاوض من أجل‬
‫مواجهة متطلبات وإكراهات وتنافسية عولمة االقتصاد ‪ ،‬وخلق بيئة استثمارية جذابة‬
‫‪81‬‬
‫ومشجعة على تحقيق مكاسب مشتركة لطفي النزاع‪ ،‬على حل مرض للطرفين ‪.‬‬

‫➢‬
‫يعتبر تفعيل الوساطة التجارية ترسيخا لثقافة الحوار داخل المجتمع‪ ،‬وتحسينا للعالقات‬
‫بين التجار من خالل ضمان استمرارها بعد حل النزاع‪ ،‬مما يؤدي إلى تعايش األطراف‬
‫والبعد عن الخصومة وإشاعة األمن والسلم بين أفراد المجتمع‪ ،‬بخالف األحكام‬
‫القضائية التي غالبا ما تورث الكراهية والحقد بين أطراف النزاع ‪ ،‬فكما يقول المثل‬
‫الفرنسي" تسوية سيئة خير من محاكمة جيدة"‪.82‬‬
‫فالوساطة التجارية كآلية بديلة قادرة على الحفاض على استمرا العالقات التجارية بين‬
‫األطراف المتنازعة‪ ،‬فهي تهدف إلى إيجاد عدالة التهدئة التي تبني على الحوار عكس‬
‫القضاء الذي قد يفسد هذه الروابط لكون أحكامه غالبا ما ال ترضي أطراف النزاع ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬آثار الوساطة االتفاقية‬


‫يترتب على تطبيق مراحل الوساطة االتفاقية مجموعة من األثار التي سنحاول التطرق‬
‫اليها حيث سنعمل على رصد نتائج الوساطة (أ)‪ ،‬ثم نتطرق للحديث عن مدى حجية‬
‫مقرر الوساطة (ب)‪.‬‬

‫أ‪.‬‬
‫يتم اللجوء للوساطة وتنفيذ اجراءاتها بناء على اتفاق األطراف‪ ،‬لكن ذلك فإن مفاوضات‬
‫الوساطة قد تنتهي إما بالفشل‪ ،‬وقد تتوج بنجاح األطراف في الوصول لحل نهائي ودي‪.‬‬

‫‪-‬فاتحة الغاللي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪65‬‬


‫‪81 .‬‬

‫‪82 .‬‬ ‫‪-‬العابد العمراني الملودي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪81‬‬


‫‪53‬‬
‫يتجلى لنا فشل الوساطة اال تفاقية في حالة التي يتمكن فيها الوسيط من تسوية النزاع كليا‬
‫أو جزئيا خالل المدة القانونية ‪ ،‬وهذا راجع لعدة أسباب كحالة وصول المفاوضات إلى‬
‫طريق مسدود ال يمكن لألطراف معه االستمرار في النقاش‪ ،‬نظرا لعدم تقارب وجهات‬
‫نظرهم حول لنزاع‪ .‬وذلك بسبب تخلي الوسيط عن مهمته أو بسبب تغيب الخصوم‬
‫وعدم متابعتهم إلجراءات الوساطة‪ ،‬ففي هذه الحالة يقوم الوسيط باختيار األطراف بهذا‬
‫الفشل أمام جهة اخرى وتبقى محاطة بسرية تامة‪ .‬و عند رجوع للمادة ‪ 99‬من القانون‬
‫رقم‪17‬ـ‪ 95‬فالوسيط يقوم بتسليم األطراف وثيقة وعدم وقوع الصلح موقعه من قبله‪.‬‬

‫رغم فشل الوساطة فإن األطراف النزاع يمكن أن يكسبوا منها عدة امتيازات من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تبادل المعلومات وتجنب األحكام المسبقة‬
‫‪ -‬مساعدة لألطراف على التواصل واعطاء الفرصة لكل طرف لالستماع لما يقول‬
‫األخر‬
‫‪ -‬تسهيال رسم عملية التفاوض مستقبال‪.‬‬
‫إن اللجوء للوساطة ال يقلص بأي شكل من األشكال الحق في اللجوء للقضاء‪ ،‬وبما أن‬
‫النزاع في هذا الحالة يبقى قائما فإن ألطراف إمكانية رفعه إلى المحكمة المختصة‬
‫لتسويته بحكم قضائي‪.83‬‬

‫إن الوساطة تتوج بالنجاح من خالل اتفاق األطراف فيما بينهم حول نقط الخالف‪،‬‬
‫الشيء الذي يتحقق من خالل استم اع األطراف لبعضهم البعض‪ ،‬وكذلك في تنازلهم عن‬
‫بعض حقوقهم‪ ،‬واتفاق األطراف قد يكون كليا من خالل اتفاقهم على كل نقاط الخالف‪،‬‬
‫أو جزئيا في حالة اختالفهم على بعضها‪ 84.‬باالطالع على المادة ‪ 99‬من القانون‬
‫‪17‬ـ‪ 95‬فإن الوسيط يقوم بتحرير مشروع صلح في شكل وثيقة صلح تتضمن وقائع‬
‫النزاع وكيفية حله ‪ ،‬واتفاق األطراف والحلول التي تم التوصل إليها كحل النزاع‬
‫المعروض ‪ ،‬ويعرضه علي األطراف يوقع الوسيط مع األطراف علي وثيقة الصلح في‬
‫حالة موافقتهم عليه ويسلمها لهم ‪.‬‬

‫رشيد الوردي الوساطة االتفاقية من خالل القانون ‪ ، 05\08‬رسالة لنيل شهادة الماستر ‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد‬
‫‪ --‬هللا ‪ ، -‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية بفاس ‪ ،‬السنة ‪ ،2008 \2007‬الصفحة ‪ 75‬إلى ‪83 . 77‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬رشيد الوردي‪ ،‬نفس مرجع‪ ،‬صفحة ‪84 .77‬‬

‫‪54‬‬
‫عند توقيع الوسيط مع األ طراف وثيقة الصلح الذي تم التوصيل إليه‪ ،‬تصبح هذه الوثيقة‬
‫قائمة بذاتها وتكتسب قوة الشيء المقضي به فيما بين األطراف بمجرد صدورها‪،‬‬
‫ويتوجب على أطراف ذلك الصلح تنفيذ مضمونه تنفيذا رضائيا‪ ،‬فإذا أخل أحدهم بالتزام‬
‫بموجبه يكون للطرف اآلخر أن يطلب تنفيذه جبرا من خالل تقديم طلب لرئيس المحكمة‬
‫المختصة للبث في موضوع النزاع من أجل تذييله بالصيغة التنفيذية ‪.‬‬
‫ويخضع هذا الصلح لمقتضيات القسم التاسع من الكتاب الثاني لقانون االلتزامات‬
‫والعقود المنظم للصلح‪ ،‬حيث نجد الفصل ‪ 1110‬على أنه "إذا لم ينفذ أحد الطرفين‬
‫االلتزامات التي تعهد بها بمقتضى الصلح‪ ،‬حق للطرف اآلخر أن يطلب تنفيذ العقد‪ ،‬إن‬
‫كان ممكنا‪ ،‬وإال كان له الحق في طلب فسخ مع عدم اإلخالل بحقه في التعويض في‬
‫كلتا الحالتين " فهذا الحكم الوارد على الصلح‪ ،‬يرد كذلك على الوساطة أخذا بمفهوم‬
‫الموافقة‪ ،‬كما أن فسخ الصلح المبرم من الطرفين يعيدهما إلى الحالة التي كانا عليها قبل‬
‫التوصل إلى هذا الصلح‪.‬‬
‫كما يجوز الطعن في صلح الوساطة ولو بعد اكتسابه لقوة الشيء المقضي به ‪ ،‬أو حتى‬
‫بعد تذييله بالصيغة التنفيذية ‪ ،‬في حالة توفر أسباب أبطاله كالغلط في الواقع أو تدليس‬
‫االكراه ‪ .‬كذلك في حالة عدم مشروعية المحل ‪ ،‬أو عدم مشروعية السبب‪ .‬ولكن ال‬
‫‪85‬‬
‫يمكن التمسك بالبطالن إال للمتعاقد الذي كان حسين النية‪.‬‬
‫ويترتب عن الطعن إمكانية من له الحق في التوجه للقضاء‪ ،‬كما أن الطرفين يتم‬
‫ارجاعهما للحالة التي كانا عليها قبل الصلح‪ ،‬تم إن بطالن جزء من الصلح بين الطرفين‬
‫‪86‬‬
‫يبطل الصلح بأكمله‪.‬‬

‫مدى حجية مرر الوساطة‬ ‫ب‪.‬‬


‫عندما يجوز اتفاق الصلح الناتج عن الوساطة قوة الشيء المقضي به‪ ،‬فإنه ال يمكن‬
‫لألطراف القيام برفع الدعوى أمام القضاء للنظر في نفس النزاع الذي فصلت فيه‬
‫الوساطة وعليه فموضوع حجية مقرر الوسيط مرتبط أساسا بدور القضاء في مراقبة‬
‫اتفاق التسوية الناتج عن الوساطة من خالل تشجيع القضاء على سلوك مسطرة الوساطة‬
‫وكذلك بتذييل اتفاق الصلح بالصيغة التنفيذية‪ .‬ولهذا سنتطرق لدور القضاء قبل الوساطة‬
‫ثم لدوره بعدها‬

‫‪ -‬دور القضاء قبل الوساطة‬

‫‪85‬‬ ‫الفصل ‪ 1111‬من قانون االلتزامات والعقود‬


‫‪86‬‬‫الفصل ‪ 1114‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫‪55‬‬
‫• اللجوء إلى القضاء أثناء سريان مسطرة الوساطة‪ :‬هنا يجب على المحكمة‬
‫المحال عليها النزاع في مسألة إبرام األطراف في شأنها اتفاق وساطة‪ ،‬أن‬
‫تصرح بعدم قبول الدعوى إلى حين استئناف مسطرة الوساطة أو بطالن اتفاق‬
‫الوساطة‪ ،‬ويتعين أن يثير الطرف المعني الدفع بعدم القبول‪ ،‬وال يجوز للمحكمة‬
‫أن تصرح بعدم القبول تلقائيا دون اثارة الدفع األطراف‪.‬‬
‫• اللجوء إلى القضاء قبل عرض النزاع على الوساطة‪ :‬إذا كان النزاع لم يعرض‬
‫بعد على الوسيط ورغم ذلك تم رفع القضية‪ ،‬فإنه يجب على المحكمة أيضا أن‬
‫تصرح بعدم القبول الدعوى‪ ،‬هذا مالم يثبت للمحكمة كون اتفاق الوساطة باطال‬
‫بطالنا واضحا‪ ،‬فإنها تستمر آنذاك في نظر الدعوى النعدام موجب عدم القبول‪.‬‬
‫وحتى في هذه الحالة ال يجوز للمحكمة تصريح تلقائيا بعدم القبول وتجدر‬
‫اإلشارة إلى أن المحكمة تحظى بوظيفة إدارية تتمثل في تحرير محضر اتفاق‬
‫الوساطة أمام المحكمة إذا كان النزاع جاريا أمامها‪ ،‬وما يجب االنتباه إليه هو‬
‫‪87‬‬
‫الوظيفة التي أعطيت للمحكمة ال يمكن اعتبارها وساطة قضائية‪.‬‬

‫‪ -‬دور القضاء بعد مسطرة الوساطة‬


‫بعد استيفاء اتفاق الصلح لجميع عناصره من تحرير وثيقة الصلح والتوقيع‬
‫عليها‪ ،‬تصبح هذه الوثيقة قائمة بذاتها‪ ،‬وتكتسب قوة الشيء المقضي به بمجرد‬
‫صدورها إال أنه ال يمكن تنفيذها جبرا إال بمقتضي أمر بتخويل الصيغة التنفيذية‬
‫لها‪.‬‬
‫وبالرجوع للمادة ‪ 100‬من القانون رقم ‪ 95.17‬فإن المشرع المغربي أوكل مهمة‬
‫النظر في طلبات تذيل اتفاق الصلح الناتج عن الوساطة بالصيغة التنفيذية إلي‬
‫رئيس المحكمة المختص محليا للبث في موضوع النزاع وذلك داخل أجل ‪7‬‬
‫أيام والمشرع المغربي من خالل مدونة التحكيم والوساطة أحسن عندما حدد‬
‫أجل قصير لتذيل بالصيغة التنفيذية في ‪7‬أيام علي عكس قانون المسطرة المدنية‬
‫التي لم تحدد أجل لذلك‪ ،‬وعليه نالحظ توجه المشرع المغربي لتفعيل أهم‬
‫خصائص الوساطة التي تتجلي في السرعة‪.‬‬
‫إن التذيل بالصيغة التنفيذية يخول ضمان مباشرة إلجراءات التنفيذ الجبري‪،‬‬
‫وبهذا يختلف الصلح المعقود بين األطراف في إطار عادي عن الصلح الذي يتم‬
‫عبر وسيط طبقا للمقتضيات القانونية الخاصة بالوساطة االتفاقية‪ ،‬حيت يمكن‬

‫‪87‬‬ ‫محمد أطويف‪ ،‬دور القضاء في عملية الوساطة ‪ ،‬مجلة القضاء المدني العدد ‪،13‬سنة‪، 2016،‬صفحة ‪. 62‬‬
‫‪56‬‬
‫للصلح المبرم في هذا اإلطار أن يذيل بالصيغة التنفيذية‪ ،‬وهو ما ال يتحه الصلح‬
‫‪88‬‬
‫المبرم ف ي إطار عادي بين الطرفين تلقائيا ودون تدخل وسيط‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة الوساطة االتفاقية بالقضاء والصعوبات التي‬


‫توجهها‪:‬‬
‫األصل أن نظام الوسائل البديلة يلعب دورا مكمال للقضاء على صعيد تخفيف حجم‬
‫العبء الملقي على كاهل القضاء‪ ،‬فهو يسير معه جنبا جنب في تحقيق العدالة‪ .‬إال هذا‬
‫األخير بالرغم من االهمية الكبيرة التي تلعبها الوسائل البديلة لحل المنازعات في تسوية‬
‫النزاعات بشكل عام والتجارية بشكل خاص فإنها مع ذلك تعاني من الصعوبات‬
‫وبخصوص المرتبطة بالوساطة االتفاقية ‪ .‬إذا سنخصص هذه الفقرة لتطرق ( اوال)‬
‫عالقة الو ساطة االتفاقية بالقضاء ثم (ثانيا) للصعوبات المرتبطة بالوساطة االتفاقية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬عالقة القضاء بالوساطة االتفاقية‬


‫أن القضاء يلعب دور الفاعل األصلي والمحرك األساسي لتحقيق العدالة المتفاوض‬
‫عليها والتي أصبحت مصدرا للشريعة في القضاء بشكل عام‪.‬‬
‫فقد تبين للمؤسسة القضائية بأن أسلوب العمل القضائي التقليدي ال يتيح لها االستجابة‬
‫لبعض القضايا عن كتب ‪ ،‬بينما الوساطة تستطيع ذلك مما يجعلها تقوم بدور رئيسي‬
‫للحلول المتفاوض عليها‪ ،‬وبما أن العدالة تهدف فعليا إلى تأمين السلم االجتماعي وإعادة‬
‫بناء الروابط والعالقات االج تماعية ‪ ،‬وهذا ما يسمى بالعدالة البديلة وهنا تحل الوساطة‬
‫والوسائل المتعلقة بها مكان القانون الجاهز وتعمل على وضع قانون "على قياس" لكل‬
‫حالة بمفردها ‪ ،‬وهو ما يجعل القضاء يقوم بدور رئيسي في ايجاد الحلول البديلة ‪ ،‬وإن‬
‫كان البعض يعتقد بأن القضاء عند تطبيق الوسائل البديلة يفقدون سلطاتهم التي تتمثل في‬
‫اتخاد القرار ويعتبر الكثيرون بأن الحل القابل للتفاوض خارج الدعوى سينزع قواعد‬
‫عملهم في القضاء ‪.‬‬
‫وتتمثل عالقة القضاء بالوساطة االتفاقية ‪89‬فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ )1‬ـ إذا عرض على المحكمة ما نزاع اتفق في شأنه على الوساطة تعين عليها‬
‫وجوبا التصريح بعدم اختصاصها ما لم تستنفذ في شأنه مسطرة الوساطة أو‬

‫الفصل ‪ 1110‬من قانون االلتزامات والعقود‬


‫‪88‬‬

‫‪ -‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دون ذكر المطبعة والمدينة‪2014،‬‬
‫‪،‬الصفحة‪89. 68‬‬

‫‪57‬‬
‫ما لم يكن اتفاق الوساطة باطال ‪ ،‬وتتقيد المحكمة بنفس الشيء إذا كان النزاع‬
‫غير معروض بعد على الوسيط ‪ ،‬ويجوز لها في هذه الحالة أن تحدد بناء‬
‫على طلب الطرف المدعي المدة القصوى التي تراها مناسبة للشروع في‬
‫الوساطة تحت طائلة بطالن االتفاق ‪ ،‬غير أن المشرع ال يجيز للمحكمة في‬
‫الحالتين إثارة عدم اختصاصها تلقائيا (الفصل ‪327‬ـ‪.)64‬‬
‫‪ )2‬ـ إذا تم ابرام الوساطة خالل مسطرة جارية أمام المحكمة حيث يرفع الى علم‬
‫المحكمة داخل أقرب اآلجال ويترتب عليه وقف المسطرة الى حين استنفاذ‬
‫مسطرة الوساطة االتفاقية‪.‬‬
‫‪ )3‬ـ إن القضاء هو الذي يمنح عقد الصلح المبرم بين الطرفين القوة اإللزامية ‪،‬‬
‫حيث أنه يكون قابل للتذليل بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة‬
‫المختصة محليا للبث في موضوع النزاع ‪.‬‬
‫تلك هي أهم نقط االلتقاء بين مؤسسة الوسيط االتفاقي والقضاء ‪ ،‬حيث يستشف منها أن‬
‫هذا األخير له رقابة بعدية على أعمال الوسيط ونظرا ألهمية الوسائل البديلة لحل‬
‫المنازعات التجارية ‪ ،‬فقد تم التنصيص في البند العاشر المتعلق بالرؤية العامة من‬
‫ميثاق إصالح منظومة العدالة ‪ ،‬على ضرورة العمل على تشجيع اللجوء إلى الوسائل‬
‫البديلة لحل المنازعات ‪ ،‬وتسير السبل المحفزة لذلك‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬صعوبات الوساطة االتفاقية‬


‫يعتبر التنظيم التشريعي للوساطة االتفاقية من قبل المشرع المغربي في أطار القانون‬
‫‪05‬ـ ‪ 08‬لبنة إضافة في بناء العدالة التعاقدية ‪ ،‬االنه بهذا يكون قد وضع رهن إشارة‬
‫األطراف المتناز عة ‪ ،‬إمكانية بديلة للمساطر القضائية تتيح لهم التحكيم في مسلسلها بما‬
‫يخدم مصالحهم المشتركة ‪ ،‬فاألحكام المتضمنة في هذا القانون لها من األهمية بمكان‬
‫وإن كانت مشبوهة ببعض جوانب النقص والقصور التي ستتم اإلشارة إليها ‪.‬‬
‫يتمثل الجانب األول منها في عدم صدور المرسوم التطبيقي بشأن تحديد طبيعة‬
‫المؤسسات التي ستتولى ممارسة الوساطة ‪ ،‬إذا ال يجوز حاليا ألي قيد لولوج مهمة‬
‫الوسيط ‪ ،‬مما من شأنه أن يلحق ضررا بها وبمصالح األطراف ‪ ،‬فالقانون المذكور‬
‫ينص في فصله ‪67‬ـ‪ 327‬على أنه يعهد بالوساطة إلى الشخص طبيعي أو معنوي دون‬
‫تحديد األحكام الواجب التقيد بها والضمانات الواجب التوفر عليها في هذا المضمار‬
‫وطبيعة التزام الوسيط ومسؤوليته تجاه األطراف‬
‫أما الجانب الثاني فيهم مجال الوساطة حيث إن القانون رقة ‪05‬ـ‪ 08‬قد حدده في‬
‫المنازعات التي أجاز المشرع إجراء الصلح بشأنها ‪ ،‬األمر الذي يجعل نطاقها يضيق‬

‫‪58‬‬
‫عن شمول الكثير من المنازعات الجديدة ذات الطبيعة التقنية المتناهية ‪ ،‬بالرغم من أنها‬
‫قد تكون األنجح لمقاربتها وليس هناك من توجس أن يتعلق مجالها بما قد يتصل بالنظام‬
‫العام مادام أن الوساطة في جوهرها ترمي إلى تقريب وجهات نظر المتنازعين ‪ ،‬لعل‬
‫المنازعات المتعلقة بالتجارة االلكترونية يمكن أن تفرز العديد من النزاعات الخاصة‬
‫المتعلقة على سبيل المثال بالملكية الفكرية وقضايا الجمارك وغيرها من النزاعات التي‬
‫تعدت في البنية االلكترونية ‪ ،‬وقابليتها لتطبيق هذه اآللية فإن القانون رقم ‪08.05‬لم يشر‬
‫إليها ال بشكل صريح وال ضمني ‪ ،‬مما يعني أن المشرع لم يوسع مع أفقه وظل متمسكا‬
‫بالنزاعات الكالسيكية‬
‫ومن جانب آخر لم تتضمن المقتضيات القانونية المتعلقة بالوساطة االتفاقية النص‬
‫صراحة على حق المتنازعين في االستعانة بمحاميهم عند اعتمادهم اللجوء إلى الوساطة‬
‫‪ ،‬وهو ما يجعل التشريع المغربي يكاد يشكل استثناء بين التشريعات المقارنة التي‬
‫نصت على حق المتنازعين في الدفاع بواسطة محاميهم في إطار الوساطة على غرار‬
‫ما هو جار أمام المحاكم القضائية‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فالقانون رقم ‪ 28.08‬المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهمة المحاماة‬
‫لم يتضمن ما يشير إلى ذلك ماعدا ما ورد في المادة ‪ 9‬منه التي اقتصرت على ذكر ان‬
‫مهمة المحاماة ال تتنافى مع القيام بمهام التحكيم والوساطة بانتداب من القضاء أو‬
‫طلب من األطراف ‪.90‬‬
‫وفي نفس اإلطار فإنه بالرجوع إلى المادة ‪64‬ـ‪ 327‬من القانون‪ 08.05.‬المتعلق‬
‫بالتحكيم والوساطة االتفاقية نجدها ينص في فقرتيه االولى والثانية بوجود التصريح‬
‫بعدم القبول قبل المحكمة متى وجد اتفاق أو شرط الوساطة صحيح أي لم يكن باطال‬
‫بطالنا مطلقا ‪ ،‬غير ان الفقرة الثالثة من المادة المذكورة تجعل التصريح بعدم القبول‬
‫مقيدا بشرط الدفع بذلك ممن له المصلحة ‪.‬‬
‫وهكذا فعدم إشارة المحكمة تلقائيا لعدم القبول يفرغ هذا القانون من محتواها وفعاليته‬
‫ويعدم االتفاقات والشروط من جدواها ‪ .‬ولعل هذا التناقض كان من الممكن تجاوزه‪ ،‬ال‬
‫لخلق انسجام بين نصوص القانون ولكن بين فقرات النص الواحد‬

‫‪90.‬‬ ‫‪ -‬محمد أطواف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪188‬‬


‫‪59‬‬
‫خاتمة‬
‫وختاما البد من اإلشادة بالدور الفعال التي تلعبه الوسائل البديلة لفض المنازعات‬
‫التجارية باعتبارها من أهم الوسائل التي تؤدي إلى فض النزاعات المتعلقة بالتجار‬
‫واألعمال التجارية في أقصر اآلجال وبأقل التكاليف مقارنة بإجراءات القضاء الرسمي‪،‬‬
‫وخصوص التحكيم والوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫وقد حاولنا من خالل هذا الموضوع اإلحاطة بمختلف جوانب مؤسستي التحكيم‬
‫والوساطة االتفاقية وذلك من خالل الوقوف على مختلف األحكام العامة المنظمة لهما‪.‬‬

‫وبالرغم من األدوار الهامة التي تلعبها الوسائل البديلة لحل المنازعات للتجارية يمكن‬
‫القول إن مؤسستي التحكيم والوساطة االتفاقية الزالت تعترضها العديد من المشاكل‬
‫القانونية والواقعية منها ما يتعلق بالمحكمين ومراكز التحكيم والوساطة ومنها ما يتعلق‬
‫بالفاعلين االقتصاديين أنفسهم ومنها ما يتعلق بدور القضاء كمساعد وداعم للتحكيم أو‬
‫بمدي السلطات الممنوحة للمحكمين‪ ،‬أو بالقيود التي تحد من هذه السلطات فضال عن‬
‫محدودية التحكيم والوساطة عبر اآلليات الرقمية ‪.‬‬

‫لذلك نري أنه يتعين اإلسراع في تنزيل مشروع قانون المتعلق بالتحكيم والوساطة‬
‫االتفاقية خصوصا أنه تضمن مجموعة من المستجدات من شأنها أن تساعد على تجاوز‬
‫هذه الصعوبات أو على األقل التقليل منها‪ .‬ومن هنا يتضح لنا‪ ،‬أن مشرع قانون ‪95.17‬‬
‫حمل في طياته مجموعة من المستجدات شأنها أن تتجاوز اإلكراهات التي يعاني منها‬
‫التحكيم‪.‬‬

‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪60‬‬
‫المصادر‪:‬‬
‫سورة البقرة‪ .‬اآلية ‪143‬‬

‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬حسين عبد العزير عبد هللا النجار‪ ،‬البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمارية‬
‫والتجارية <<التحكيم والوساطة والتوفق >> ‪،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة االولى ‪،‬‬
‫‪.2014‬‬

‫ـ طارق زهير‪ ،‬الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬دار نشر‬
‫المغربية عين السبع الدار البيضاء‪. 2012 ،‬‬

‫ـ زينب وحيد دحام‪ ،‬الوسائل البديلة عن القضاء لحل النزاعات‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫مطبعة الثقافة ـ أربيل‪. 2012‬‬

‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد ‪ ،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات ‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط ‪ ،‬في‬
‫ماي ‪.2015‬‬

‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت‬


‫التجارية والمدنية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬الرباط ‪ 01‬يناير ‪.2010‬‬

‫‪ -‬ل زهر ابن سعيد و كريم محمد زيدان النجار ‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولي‪.2010‬‬

‫‪ -‬عبد الكريم الطالب ‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬الطبعة األولي ‪، 2015‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬مراكش ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬دون ذكر‬
‫المطبعة والمدينة‪. 2014،‬‬

‫ـ فؤاد معالل ‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد ‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬مطبعة األمنية بالرباط‪،‬‬
‫السنة ‪.2012‬‬

‫‪ -‬بنسالم أوديجا ‪ ،‬الوساطة كوسيلة من الوسائل لفض النزاعات ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬دار‬
‫القلم ‪ ،‬الرباط ‪.2008‬‬

‫‪61‬‬
‫األطروحات والرسائل‪:‬‬

‫األطروحات‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيم العسرى‪ ,‬ضمانات التحكيم التجاري‪ ,‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪ ,‬جامعة محمد األول‪ ,‬كلية القانونية و االقتصادية‪ ,‬وجدة‪.2016-2015 ,‬‬

‫‪ -‬الميلودي العابد العمراني ‪ ،‬الوساطة في التشريع المغربي والمقارن ‪ ،‬اطروحة‬


‫لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة عبد الملك السعدي ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية االجتماعية ‪ ،‬س‪2011‬ـ‪، 2012‬ص‪.‬‬

‫الرسائل‬
‫ـ عثمان اخديم‪ ،‬الوسائل لحل النزاعات االسرية (الوساطة نموذجا)‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.20/2009‬‬

‫‪ -‬محمد العفس‪ ،‬التحكيم والنظام العام‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون الخاص ‪،‬‬
‫جامعة القاضي عياض ‪ ،‬الكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2010-2009‬‬

‫‪ -‬عادل أحسايني‪ ،‬دور التحكيم في تحقيق األمن تحقيق و القضائي ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون الخاص ‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل ‪ ،‬الكلية المتعددة التخصصات ‪،‬‬
‫الرشيدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2021-2020‬‬

‫‪ -‬رشيد الوردي الوساطة االتفاقية من خالل القانون ‪ ، 05\08‬رسالة لنيل شهادة‬


‫الماستر ‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد ‪ --‬هللا ‪ ، -‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية بفاس‬
‫‪ ،‬السنة ‪ ،2008\2007‬الصفحة ‪ 75‬إلى ‪. 77‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬إيمان أزناي‪ ،‬الحلول البديلة لفض المنازعات في المادة التجارية "الوساطة االتفاقية‬
‫كنموذج"‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية ‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ -2008‬ـ‪. 2009‬‬

‫المجالت‪:‬‬
‫ـ حميد الحاجي‪ ،‬الوسائل البديلة لتسوية النزاعات مدخل أساسي اإلصالح القضاء‪:‬‬
‫التحكيم الوساطة‪ ،‬مجلة الفقه والقانون ـ العدد ‪ 21،‬يوليوز‪ ،‬السنة ‪.2014‬‬

‫‪ -‬هشام خضري‪ ،‬مسطرة التحكيم علي ضوء القانون رقم ‪ 08-05‬المتعلق بالتحكيم‬
‫والوساطة االتفاقية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ‪ ،‬العدد ‪15‬‬
‫دجنبر ‪.2019‬‬

‫ـ فاتحة الغاللي‪ ،‬دور الوساطة التجارية في الرقي بالتجارة واالستثمار في‬


‫المغرب‪ ،‬مجلة منازعات االعمال‪ ،‬أكادير‪ ،‬العدد ‪ 16‬شتنبر‪.2016‬‬

‫ـ عبد المجيد غميجة ‪،‬نظام الوساطة االتفاقية بالمغرب "مقال منشور بالمجلة المغربية‬
‫للوساطة والتحكيم العدد‪ 4‬السنة ‪2009‬‬

‫‪ -‬محمد أطويف‪ ،‬دور القضاء في عملية الوساطة مجلة القضاء المدني العدد‬
‫‪،13‬سنة‪.2016،‬‬

‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد ‪ ،‬مدى إمكانية تفعيل الوساطة في الواقع المغربي ‪ ،‬مجلة المغربية‬
‫للوساطة والتحكيم ‪ ،‬العدد‪ ، 6‬السنة ‪.2012‬‬

‫‪ -‬محمد اطويف‪ ،‬الوسائل االتفاقية على ضوء القانون ‪05‬ـ‪ ،08‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪،14‬‬
‫السنة ‪.2013‬‬

‫القوانين‪:‬‬
‫‪-‬قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫‪ -‬المادتين ‪16‬و‪ 17‬من مشروع القانون ‪ 95.17‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 1110‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 1111‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 1114‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 5‬القانون رقم القاضي بإحداث المحاكم التجارية على ما يلي" تختص‬
‫المحاكم التجارية بالنظر في‪ :‬ـ الدعوى المتعلقة بالعقود التجارية؛‬
‫الدعوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية؛‬
‫الدعوى المتعلقة باألوراق التجارية؛‬
‫النزاعات الناشئات بين شركاء في شركة تجارية‪.‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 90‬من القانون ‪ 95.17‬علي أنه "يجب أن يتضمن عقد الوساطة تحث‬
‫طائلة البطالن ‪:‬‬
‫تحدد موضوع النزاع‬
‫تعيين الوسيط أو التنصيص علي طريقة تعيينه ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫مقدمة ‪4 ...................................................................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية ‪10 ................................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬ماهية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية ‪10 ......................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية ‪10 .....................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬طبيعة الوسائل البديلة لفض النزاعات ‪12 ......................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مصادر الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية ‪15 .....................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحكيم كآلية لتسوية المنازعات التجارية ‪18 ...............................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬التحكيم ـ عناصره وأنواع وطبيعته ‪18 ..........................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حرية األطراف واللجوء الي التحكيم التجارية ‪25 .............................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬صدور الحكم التحكمي وطرق الطعن فيه ‪35 ...................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الوساطة االتفاقية لتسوية المنازعات التجارية ‪39 ....................................‬‬


‫المطلب األول‪ :‬الوساطة االتفاقية كآلية لتسوية المنازعات التجارية ‪40 ....................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قواعد العامة للوساطة االتفاقية ‪40 ..............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط الوساطة االتفاقية ونطاق تطبيقها ‪47 .................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬نطاق تطبيق الوساطة االتفاقية ‪49 ..........................................................................................‬‬

‫‪65‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مزايا الوساطة التجارية وآثارها وعالقتها بالقضاء ‪51 ....................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مزايا الوساطة االتفاقية وآثارها ‪51 .............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عالقة الوساطة االتفاقية بالقضاء والصعوبات التي توجهها‪57 ......................................... :‬‬

‫خاتمة ‪60.................................................................................................‬‬

‫قائمة المصادر و المراجع ‪60............................................................................‬‬

‫‪66‬‬

You might also like