Professional Documents
Culture Documents
بحث لنيل شهادة الإجازة (3) -1!1!023752
بحث لنيل شهادة الإجازة (3) -1!1!023752
2022-2023
"محمد العربان"
1
كلمة الشكر وتقدير
يقتضي واجب االعتراف بالفضل ان نتقدم بجزيل الشكر واالمتنان لألستاذ محمد عربان
على كل ما قدمه من توجيهات وارشادات إلنجاز هذا البحث رغم ضيق الوقت
وانشغاالته فله منا كل االجالل وعظيم الثناء والتقدير واالحترام وجزاه هللا عنا خيرا وال
يفوتنا ان نتقدم بالشكر للمشرف الذي كان يعوض االستاذ محمد عربان في مهمته
التأطير واالرشاد وأيضا واكبا معنا مرحلة االعداد بتزويدنا بالمعلومات وتحمل عناء
تصحيح وتقييم هذا ال عمل وإلى كل من ساعدنا في إنجاز هذا البحث إلى حين الوجود
فلكم منا جميعا غاية الشكر والتقدير وجزاكم هللا عنا خيرا.
2
الئحة المختصرات
3
مقدمة
يعرف العالم ظاهرة مجتمعية في الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،تطورت إلى جانب
اآللية الرسمية والكالسيكية لفض تلك النزاعات ونعني بذلك القضاء
فإذا كان من غير المعقول تصور الحياة بدون نزاعات كذلك ال يمكن تصور نزاع بدون
حل وعلى هذا األساس عمل اإلنسان مند األزل على البحث عن أحسن السبل للفصل
في هده النزاعات مع مراعات قواعد العدالة واإلنصاف ،إذا كانت النزاعات تحل مبدئيا
بواسطة السلطة القضائية بعد العدا لة الخاصة إال أن القانون لم يجعل سلوك طريق
القضاء إلزاميا على الخصوم للفصل في منازعاتهم ،بل أجاز لهم قبل رفع الدعوى أو
بعد رفعها أو أثناء السير فيها ،اللجوء الى وسائل أخرى لحل المنازعات يطلق عليها
الوسائل البديلة أو المالئمة لحل المنازعات.
ولهذا فقد لوحظ خالل العقود الثالثة األخيرة ارتفاع حدة األصوات المطالبة بضرورة
إصالح النظام القضائي الحالي والخروج به من مأزق إشكاالته ،وذلك على مختلف
األصعدة المحلية واإلقليمية والدولية ،والعمل على النهوض ،بدوره لجعله قادرا أكثر
على مواجهة ما استجد من متغيرات في معامالت األفراد ومؤهالتهم ،خاصة على
الصعيد التجاري واالقتصادي والمالي والتي تأثرت بفعل أفرزته بعض الظواهر
الحديثة ،كالعولمة وطفرة الثورة العلمية والتكنولوجية خاصة في المجاالت االتصال،
وكذلك االنفتاح االقتصادي وما رافقه من خطوات كإزالة مختلف القيود والحواجز
الجمركية وتحرير التجارة العالمية ....إلخ.
ولوحظ في الوقت ذاته نزايد االهتمام بالوسائل البديلة ،والذي بدا واضحا في جهود
لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومساهمات رجال
الفقه والقضاء وانعقاد العديد من الندوات والملتقيات وأوراش العمل الخاصة بدراسة
هذه الوسائل في مختلف جوانبها وأيضا إنشاء العديد من المركز والمؤسسات اإلقليمية
4
والدولية المختصة بتسوية المنازعات التجارية الدولية وتزيد عدد الملفات التي تم
1
تسويتها عن طريق هذه الوسائل
ولم يكن أمام هذا التطور في البنية االجتماعية للمجتمعات عبر مختلف العصور إال
احتكار الحاكم لسلطة الفصل في نزاعات األفراد أو ال ثم تفويضها في مرحلة ثانية إلى
من يثق فيهم ،إلى غاية ظهور الدولة بمفهومها المعاصر حيث صار القضاء سلطة
مستقلة عن باقي السلط ،وظل يعتبر بمثابة الحكم.
وفي خصم هذا التطور اجتهد اإلنسان مند العصور القديمة في التنقيب عن الوسائل
الكفيلة لفض نزاعاته مع الغير بشكل ودي فأضحى يقبل الصلح مع من ينازعهم أو
اللجوء إلى شيوخ القبائل وأعيانها أو إلى رجال الدين ،أو أي شخص يشهد له
باالستقامة والصدق واألمانة وألخالق العالية من أجل أن يرشده شأن المتنازع معه إلى
2
الحالل الكفيل بفض النزاع بشكل يرضيهما معا ويحافظ معا على عالقتهما.
ويتجلى هذا التصور من خالل استقراء تاريخي لحضارة الشعوب وتأثر فض نزاعات
أفرادها بالثقافة والتقاليد االجتماعية وبتطور الروابط التجارية ،إذ ثبت أن العديد من
الحضارات القديمة خصوصا اآلسيوية واالفريقية لجأت إلى الوسائل الودية لفض
نزاعات ونصت عليها الكتب الدينية الثالث الثورات ،اإلنجيل ،والقران الكريم ،وهو ما
أكده جانب من الفقه معتبرا أن هذه الوسائل البديلة هي عريقة عراقة اإلنسان ،لها جدور
في ثقافة الشعوب وتاريخها ،تجسدت في شكل أعراف وتقاليد وعادات ،تم تورتها من
جيل إلى جيل.
وقد انطلق بعض الفقه لتعليل قدم الوسائل البديلة من األمثال واألقوال الشعبية المأثورة
المتداولة من لدن الحضارات القديمة ،كما هو الحال في الحضارة الصينية التي يعتبر
اللجوء فيها إلى المحاكم عامال من عوامل زعزعة النظام العام واإلخالل بالروابط
- 1حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمارية والتجارية " التحكيم والوساطة
والتوفق" ،الدار البيضاء ،ط األولى ،س ،2014ص .7
- 2طارق زهير الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية ,ط األولى ,دار النشر المغربية عين السبع الدار البيضاء,
س ,2012ص .13
5
االجتماعية والتعامل التجاري ،إذ يضرب الصينيون لذلك مثال <<:الدعوى الرابحة
تكلف نقودا أو خسارة نقود>>.
نفس األمر عرفته الحضارة الفارسية فقد كانت الوسائل البديلة ،خصوصا الوساطة،
شائعة االستعمال في عصر الدولة الساسانية ،إذا كان يشرف عليها رجال الدين أو ما
يعرف باألشخاص ذوي النوايا الحسنة ،هؤالء يتدخلون بطلب من أطرف النزاع أو
أحدها لمساعدتهم على فض نزاعهم فتجدرت الية التفاوض لفض النزاع بعيدا عن
المحاكم ،انبثقت عنها مقولة تتداول باللغة الفارسية من أجل حث وتشجيع أطرف النزاع
على الحل الودي تقول ":مضيت عمري بشرف ولم أطرق باب المحاكم والمخافر حتى
عند الضرورة".
أما في المغرب ما قبل اإلسالم ،فقد كان العرف أهم هذه الوسائل البديلة التي كان سكانه
يلجؤون إليه سواء في نزاعاتهم المدنية أو الجنائية أو مرتبطة بالميراث واألحوال
الشخصية وبعد اعتناق المغاربة دين اإلسالم ،وجدوا فيه وسائل كانوا يستعملونها،
يعتبر أهمها :الصلح ،والنظرة إلى المسيرة كآليتين ناجعين لفض ما كان ينشب بينهم من
منازعات تجارية ،ناهيك عن احتفاظهم ببعض أعرافهم التي تتعارض مع قواعد
اإلسالم ،استنبط لها فقهاء الشريعة أدلة الشرعية.
أما بالنسبة للمدن والحواضر ،فقد كان األمناء هم الذين يسهرون على فض النزعات
التي تثور بين الحرفيين فيما بينهم ،أو فيما بينهم وبين زبنائهم ،إذ كان يتكلف أمين
الحرفة باعتباره من بين أمهر الصناع والتجارة المشهود لهم باألمانة والصدق والبراعة
على فض النزاع عن ط ريق التوفيق ،في حالة عدم تمكنه من مساعدة أطراف النزاع
أو كان النزاع يتمحور حول غش في البضاعة ،او احتكاك للسلع فقد كان المحتسب
مرجعا للفصل فيها ،يتم اللجوء إليه من طرف أطرف النزاع لما يتمتع به من أدوار
6
واختصاصات دينية وتربوية تؤهله للتوفيق بين المتخاصمين وإصالح ذات البين بينهم
3
وقد ظلت أطراف النزاعات ،خصوصا التجارية منها ،تلجأ أحيانا إلى وسائل بديلة عن
قضاء الدولة ،فكانت هذه الوسائل موازية للقضاء في فض النزاع التجاري ،غير أنه
مع طغيان التنافسية على ميدان األعمال ،صارت هذه األخيرة عامال من عوامل
حدوث نزاعات بين التجار ،ال يصلح مطلقا حلها عبر تطبيق القانون من طرف
القضاء ،أو بإصدار هذا األخيرة ألحكام قضائية ملزمة ألطراف ال تكفل بشكل مطلق
تحقق وضمان االستقرار والسلم االجتماعيين.
ما جعل أحيانا أطراف النزاع التجاري تتفق لفظه علي وسيلة بديلة تجعل القاضي غير
مختص للبت في نزاعها ،يعتمد خاللها علي ما يمنحه مسلسلها من اليات تساعدها علي
إيجاد حل ترتضيه ،يكون له أثر إيجابي علي عالقتها التجاري يتمثل علي الخصوص
في تأمينه لالستمرارية وتفادي كل ما بات يعاني منه القضاء من مشاكل ،أضحت معها
أساليب التسوية القضائية غير مالئمة لما تعرفه الدورة االقتصادية من حركة وما يشهده
السوق الوطني والدولي من تطور للمعامالت التجارية.
وتتمثل أهم المشاكل التي يعاني منها القضاء في كثرة القضايا المعروضة على المحاكم
4
عموما .والتجارية خصوصا.
وهناك من يري أن هذه الوسائل هي آليات محددة يلجأ إليها األطراف بشكل إلزامي
عوضا عن القضاء العادي عند نشوب خالف بينهم بغية التوصل لحل ذلك الخالف فهي
5
بذلك طرف أو أساليب استثنائية لفض الخالفات والمنازعات.
5حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمارية والتجارية "لتحكيم الوساطة
والتوفيق " ،مرجع سابق ،صفحة8
8
ونظرا األهمية ونجاعة هذه الوسائل ،فقد حظيت باهتمام بالغ على الصعيد الدولي
والجهوي والمحلي.
9
المبحث األول :ماهية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية
إذا ما علمنا أن القضاء كان الوسيلة الوحيدة لحل النزاع إال أن تطور المجتمعات وكثرة
الدعاوى وربط إجراءات القضاء وتكاليفه الباهظة قد دفعت الناس الى اللجوء إلى
الوسيلة أخرى لحل نزاعاتهم بعيدا عن القضاء وبشكل ودي يضمن بقاء العالقات بين
األطراف والوصول إلى حل حيادي يرضي الطرفين دون ضرورة كان هناك طرفا
رابحا في القضية .لذلك سنتطرق من خالل هذا المبحث الى ماهية الوسائل البديلة في
(المطلب األول) وتحكيم كآلية لتسوية المنازعات التجارية في المطلب الثاني).
في حين عرفها لوكس الفقيه لوكس أميستيليس بأنها" :مجموعة من اإلجراءات التي
تشكل بديال عن المحاكم في حسم النزاعات ،تقتضي غالبا تدخل شخص ثالث نزيه
ومحايد".
أما الفقه الفرنسي فيعرفها في شخص الفقه شارل جارسون بأنها ":مجموعة مفتوحة من
اإلجراءات الحبية لحل النزاعات ،تتم في معظم األحيان عن طريق تدخل شخص ثالث،
من أجل مساعدة األطراف على إيجاد حل غير قضائي لنزاعها.
10
وقد ذهب الفقيه ولريش في تعر يفه لها أبعد مما أشير إليه أعاله ،عندما اعتبر ها شكال
وديا لحل النزاعات ،تلجأ إليها األطراف عند رغبتها في عدم فض نزاعها عن طريق
حكم قضائي أو مقرر تحكيمي ،لتأخذ أشكاال متعددة تختلف حسب اختالف إرادة
األطراف في اختيارها لواحدة من مختلف التقنيات التي تدخل في زمرتها ،وهو ما
يشاطره نوعا ما الفقيه دافيد بالن ت ،عندما اعتبر أن تسمية الوسائل البديلة تحيل على
كل آلية رضائية يكون الهدف من ورائها تسهيل حل النزاع بعيدا عن أي قرار ملزم
صادر عن الغير
لم يقتصر تعريف الوسائل البديلة على الفقه فحسب ،بل عمدت العديد من المراكز التي
تتخذها كوسائل لفض النزاعات التجارية المحالة عليها من طرف أطرافها على إعطائها
تعريفا ،اختلف حسب النظام القانوني أو البعد الدولي لكل مركز ،فعرفها المركز
التجاري لحل النزاعات في أستراليا ،بكونها العمليات الهادفة إلى تشجيع المتنازعين
على حل خالفاتها بأنفسهم بمساعدة شخص ثالث محايد يعمل على تسهيل تحقيق ذلك.
وقد رصد رأي فقهي تعريفا لغرفة التجارة الدولية بباريس يعرفها بأنها شكل رضائي
لحل النزاعات ،يلجأ إليه األطراف الذين ال يرغبون في فض النزاع عن طريق حكم
أو مقرر قد يكونان ملزمين لهم ،ودون أن يكونوا ملزمين بأي شكل من األشكال
بالخضوع لمسلسل الوسائل البد يلة ،بل يحبذون االتفاق على شكل الممكن أن يساعدها
على التوصل إلى حل غير نافذ إال االتفاق عليه رضائيا .
غير أن هذا التعريف يبقى في نظرنا بعيدا عن ذلك الذي أعطته غرفة التجارة بباريس
للوسائل البديلة في ديباجة نظامها المعتمد من لدنها ،إذ عرفتها بأنها الحل الحبي للنزاع
بواسطة تدخل شخص ثالث يسمى "الغير" سواء قبل أو بعد عرض النزاع التحكيم أو
القضاء .
• أما الفقه المغربي فيعرف بعضه الوسائل البديلة بأنها مجموعة من اآلليات الممكن
اللجوء إليها لحل النزعات بعد موافقة األطراف ومشاركتهم كبديل عن بعض
اإلجراءات والمساطر القضائية وليس كبديل للقضاء ،في حين ذهب البعض إلى
11
اعتماد فكرتين في تعريف الوسائل أنها وسائل لحل البديلة ،أوالهما أنها بديلة
للتقاضي الرسمي باعتباره وظيفة من اختصاص الدولة ،وثانيتهما أنها وسائل لحل
النزاعات بين األطراف والجماعات ،يمكن اللجوء إليها من أجل إرساء مناخ
اجتماعي واقتصادي وإنساني أكثر استقرارا ،نظرا لما توفره من عالقات طبية بين
6
الفرقاء بعد تسوية الخالف ،وهو ماال يتحقق دوما أمام القضاء
لتبرز من هذا المنطق نقطتان هامتان تتعلقان بطبيعة الوسائل البديلة ،تتمثل ألولى في
طبيعتها البديلة للقانون ،والثانية في طبيعتها البديلة للقضاء ،فأما الطبيعة األولى فيمكن
دراستها من خالل تحدد مكانة القانوني الموضو عي واإلجرائي بالنسبة للوسائل البديلة
(أوال) ،أما الثانية فتحدد من خالل طبيعة الحل المتفق عليه (تانيا).
من هذا المنطلق ،يطرح إشكال بخصوص دور القاعدة القانونية واعتمادها إبان سريان
مسلسل الوسيلة البديلة ،الذي ينتهي دوما عند نجاعة بتبني حل تتفق عليه األطراف
يختلف عن الحكم القضائي ،فالقاضي وفقا للفصل الثالث من ق .م .م .ملزم بتطبيق
6 ـ طارق زهير ،مرجع سابق ،صفحة .36
12
القانون عند بثه في النزاع المعروض عليه ،إدا ال يمكن أن يصدر حكما دون أن يتأكد
من توفير الشروط الشكلية ذات الصلة بالنظام العام ،والتبس يمكن له إثارتها تلقائيا ولو
7
لم يطلب ذلك األطراف ،أو دون أن يعلله كافيا يتفادى من خالله أسباب الطعن فيه.
من تم ،فهل الغير الذي يناط به حل النزاع وفقا للوسيلة المتفق عليها ملزم باحترام
قواعد المسطرة المدنية ،وتطبيق القانون على موضوع النزاع ،أم غير ملزم بذلك؟
وهل تستبعد من مجال تطبيق الوسائل القواعد اإلجرائية كليا ،أم يجب احترام بعض
مبادئها ،أم احترام إرادة األطراف التي اختارت وسيلة بديلة لفض نزاعها؟
تعتمد الوسائل البديلة على أساس اتفاقي وتنطلق بشكل رضائي ،يتفق من خالله
األطراف على البحث سويا على حل عادل ،إن لم يكن على األقل مقبول من طرفهما
عب مسلسل تفاوضي يسهر عليه الغير ،هذا األخير ال يكون حسب وجهة نظر بعض
الفقه ملزما بتعليل االتفاق إال إذا اتفقت على ذلك أطراف النزاع ،ألن من شأن التعليل
أن يضفي طابعا قضائيا على مسلسل حل النزاع ،ويتعارض مع غاية الوسائل البديلة
كبديل للقضاء وبالتالي يعتمده من قواعد وإجراءات للفصل في الدعوى.
وتجدر اإلشارة بداية في هذا الصدد إلى أن استعمال الفقه لمصطلح مسلسل عند حديثه
عن سريان الوسائل البديلة ،يستبعده إمكانية خضوعها لمبادئ الدعوى ،طالما أنه ليست
هناك دعوى أساسا ،وأن أطراف النزاع تلتقي أمام الغير المعتمد بناء على وسيلة بديلة
ما من أجل بسط موقف ها والدفاع عنه دون التقيد بأي شكليات أو إجراءات مسطريه،
فهل هذا يعني أن الغير غير ملزم باحترام مبدأ التوجيهية؟
إذا كان يفترض فعال أن األطراف ،وكيفما كانت الوسيلة البديلة المعتمدة ،تلتقي لتفصح
عن وجهة نظرها بخصوص النزاع ،فهذا ال يعني ضرورة احترام مبدأ التوجيهية،
في حين نجد القضاء والمحكمين ملزمين باحترام مبدأ التوجيهية ،وحق الدفاع ،اللذين
يعتبر ان مبدأين في أساسيين في كل من الدعوى القضائية أو التحكيمية ،عكس الوسائل
البديلة التي ال يعمل فيها بمبدأ التوجيهية ،مادام أن الغير أو الشخص الثالث الذي كلفه
طرفي النزاع ،يمكن له بعد موافقة األطراف إجراء جلسات انفرادية مع كل طرف على
حدة ،خصوصا عند تعدد األطراف ،مما يجعل التوجيهية مغيبة في مسلسل الوسائل
9
البديلة.
لقد أ صبحت العالقات التجارية الدولية تعرف لجوء أطرافها إلى حل نزاعاتهم بشكل
ودي وسري ،بعيد عن القضاء أو التحكيم ،من خالل ما بات يعرف بمسلسل
المفاوضات الذي يتخذ أحيانا تسميات أخري ينتهي عند نجاح أطواره إلى اتفاقها على
حل رضائي للنزاع ،يكون غالبا بتدخل غير مسهل لتلك العلمية ،ما جعل الفقهاء
يعتبرونه بمثابة الطب للقانون.
ويؤثر هذا الغير على طبيعة الوسائل المختارة لحل النزاع ،فإذا كانت له سلطة في
اتخاذ قرار يحسم النزاع سواء اتخذ شكل حكم قضائي أو مقرر تحكيمي ،تكون الوسيلة
ذات طبيعة قضائية ،أما إذا كان دوره محدودا في مساعدة األطراف على ايجاد حل
متفق عليه تصير هذه الوسيلة البديلة وسيلة رضائية ذات طبيعة تعاقدية.
ويعكس هذا التوجه ما أصبح يعرفه القانون في إطار دوره النظام قانوني مفروض إلى
نظام قانوني تفاوضي ،ومن تنظيم أو ضبط ذي طبيعة سلطوية إلى نظام قانوني ذي
طبيعة تفاوضية نابع مما أسماه الفقيه طانوجي بالمجتمع التعاقدي ،إذا أصبح العقد حال
وتعمل أطراف النزاع من خالل المصدرين االتفاقيين المشار إليهما أعاله ،على تحديد
الوسيلة البديلة التي سيتم اعتمادها لحل النزاع عن طريق تدخل خبير ،أو موفق ،أو
وسيط ،وفق الدور والمهام التي يمكن لها االتفاق عليها وتحديد حدودها.
ويتجلى مما سبق ،أن هذه الوسائل البديلة قد نجد لها مصدرا في إرادة أطراف النزاع،
هذه األخيرة يبقى لها في ظل مبدأ سلطات اإلدارة اختيار الوسيلة التي تراها مناسبة
وكفيلة لحل نزاعها فيلزمها اختيارها هذا وفقا لمبدأ القوة الملزمة للعقد بمحاولة حل
النزاع عن طريق الوسيلة المختارة أوال ،فهل يعني هذا تنازلها المؤقت عن حقها
الدستوري في التقاضي ،وما تأثير ذلك على صحة العقد أو شرط الذي تضمنه؟
10 طارق زهير ،مرجع سابق ،صفحة .48
15
لقد دفع اعتبار الوسائل البديلة ذات طبيعة مختلفة أساسها إرادي وموضوعها قضائي
بعض الفقهاء إلى اعتبار أن شرط المنظم لحل النزاع ال ينصرف إلى موضوع العقد بل
إلى حاالت عرضية تلزم عالقات العقد ،وليذهبوا قياسا على شرط التحكيم أن شرط حل
النزاع هو نوع من العقد على العقد ،يكون محله مستقال عن العقد ما دام الدعوى
11
القضائية.
" .....كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين اإلسالمي مكانة الصدارة فيها ،وذلك
في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم االنفتاح واالعتدال والتسامح والحوار ،والتفاهم
12
المتبادل بين الثقافات والحضارات اإلنسانية جمعا ".
وال غرو أن العالم المغربي أشار بدوره إلى ضرورة االهتمام بتدريس الشريعة
اإلسالمية من منطلق أنها تعت بر مصدرا من مصادر التشريع العام .وهو ما أكدته العديد
من المؤتمرات
والمهتمين ،السيما مؤتمر المحامين الدولي المنعقد في الهاي سنة .1948
واعتبار لما لقيم الشريعة اإلسالمية من دور متميز في بناء أسس الحضارة اإلنسانية
وترسيخ ثقافة إصالح ذات البين وجبر الضرر والفصل في مظالم الناس فإنها تعتبر
مصدرا ملهما للمشرع من أجل وضع أسس وقواعد تخص الوسائل البديلة.
ويعتبر التشريع المغربي بدوره مصدرا قانونيا للوسائل البديلة ،فقد نظم الصلح وفقا
للفصول من 1098إلى 1116من قانون االلتزامات والعقود المغربي ،ناهيك على نصه
على إلزامية القيام بمحاولة الصلح بين أطراف النزاع سواء في قضايا الطالق التطليق
للشقاق ،أ و القضايا االجتماعية ،وما جاء بها المشرع المغربي في القانون رقم 95ـ15
المتعلقة بمدونة التجارة والمتجلية بالخصوص في مسطرة التسوية الودية للنزاعات
الناتجة عن العقود االئتمان التجاري ،والمنصوص عليها في المادتين 433و 435
منه ،وكذلك تلك الواردة في مادته 553المنظمة إلجراءات التسوية الودية المسهلة
15
لتصحيح وضعية المقاولة التي تعاني من صعوبات.
-16ح ميد الحاجي ،الوسائل البديلة لتسوية النزاعات مدخل أساسي اإلصالح القضاء :التحكيم الوساطة ،مجلة الفقه
والقانون ـ العدد 21،يوليوز ،سنة ،2014صفحة . 73
حميد الحاجي ،نفس مرجع ،صفحة 7417 .
19
ثانيا :عناصر الحكيم:
رغم اختالف العنا صر الذي يتميز بها التحكيم إلى أنه يقتضي بمفهومه اربعة عناصر
أساسية وهي.
✓ نشوب نزاع :يجب التأكيد على أن جمهورا كبيرا من الفقه يذهب إلى أن من
مميزات التحكيم أن يرتبط بنزاع ناشئ أو سينشأ .ويمكن القول بأنه ال تحكيم بدور
نزاع ألن التحكيم قضاء القضاء يجب معه وجود النزاع للبث فيه ،18ومن المعلوم
أن النزاع يقتضي توفير شرطين أساسيين وهما تعارض في المصالح بين األطراف
وأن يتعلق باالدعاءات ذات طبيعة قانونية أي ذات سند قانوني ،مما يعني إمكانية
إيجاد حل قانوني لهذا النزاع ،وبعبارة أخرى ،فالتزام هو الخصوصية التي يكون
الغرض منها حماية حق أو مركز قانوني للشخص إذا نازعه خصمه .ولهذا فال
يمكن الحديث عن التحكيم عند انتفاء وجود النزاع كما لو تدخل الغير قصد الحيلولة
دون وقوع النزاع مستقبال ،أي في إطار الوسائل الوقائية على اعتبار أن تدخله هنا
ال يكون بغرض إيجاد حل النزاع ،ألن هذا األخير غير قائم أصال .نفس الوضع
نجده في الحاالت التي يكون فيها الشخص الثالث مكلفا باكمان العقد في غياب أي
19
نزاع.
✓ قابلية النزاع األن يكون موضوعا للتحكيم :أي أن تكون المادة المتنازع
بشأنها تدخل ضمن الحقوق التي يمتلك األطراف حرية التصرف فيها ،أي أال تتعلق
بالنظام العام.
إسماعيل أوبلعيد ،الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،طبعة األولى ،الرباط ،2015 ،صفحة 5218
إسماعيل أوبلعيد ،نفس مرجع ،صفحة 19.53
20
ع لى ضوء القانون المختار من قبلها .ونتيجة لذلك ،فليس باستطاعته األطراف عند
االلتزام (االتفاق على التحكيم وقبول المحكم لمهمته) العلم المسبق بالحل الذي
سيتوصل إليه المحكم ،لذلك يعتبر التحكيم أشد خطورة من الصلح ألن التجاوز عن
الحق في الصلح معلوم قبل إبرامه ،بينما في التحكيم تتعذر معرفة ما يمكن أن يحكم
20
به المحكم ،فالمهمة القضائية تعتبر أذا عنصرا مميزا للتحكيم.
النظرية التعاقدية:
ترى هذه النظرية أن نظام التحكيم من حيث طبيعته ليس على صلة بالقضاء ،فهو
ذو طبيعة اتفاقية أو تعاقدية قائمة على أساس رغبة األطراف الذاتية في حل النزاع
بطريقة ودية بعيدة عن القضاء ،وذلك عن طريق إحالل شخص ثالث وهو المحكم
الذي يكون محل ثقتهم وتقديرهم ،ولذلك فإن أساس التحكيم هو إرادة األطراف في
التصالح ،كما أن األفراد باتفاقهم على التحكيم يتفقون ضمنا على التنازل عن
الدعوى بمحض إرادتهم ،وبذلك فإن هذه السلطة ليست ذات طابع قضائي ،إذ أنها
قائمة على إرادة األطراف ذوي الشأن والمعبر عنها في االتفاق القائم بينهم ،فاتفاق
التحكيم وحكم المحكمين طبقا للنظرية يستمد قوته ومادته من اتفاق التحكيم ،حيث
أن تحديد نطاق التحكيم الشخصي والموضوعي ،وتعيين المحكم أو المحكمين أو
وسيلة انتقائهم أو اختيارهم وكذا القانون الواجب التطبيق واإلجراءات المتبعة تحدد
جميعا في اتفاق التحكيم حسب اإلرادة الذاتية لألطراف ،ولطالما أن اتفاق التحكيم
هو عقد ،وبالتالي يكون لحكم التحكيم نفس خصائص االتفاق .
وهكذا تعتبر النظرية التعاقدية التحكيم مجرد نظام من أنظمة القانون ،يجد أساسه في
اتفاق التحكيم ،وإن حكم المحكم ليس سوى تجسيدا أو تنفيذا لهذا االتفاق الذي يستمد
قوته من رضا الخصوم الذين اتفقوا على عرض النزاع على المحكمين والخضوع
ألحكامهم.
يرى أنصار هذه النظرية أن هدف التحكيم يختلف عن هدف القضاء ،حيث أن
القضاء ،يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة ،أما التحكيم فهو يهدف إلى تحقيق مصلحة
خاصة تعود األطراف عقد التحكيم ،25كذلك فإن القضاء يفترض عدم إرادة
األطراف في االمتثال للقاعدة القانونية التي تحمي مصلحة أحدهما في مواجهة
اآلخر ،في حين أن التحكيم يرغب األطراف بإرادتهم إبعاد كل شك حول نطاق
حقوقهم.
ويرى هؤالء أيضا بأن القانون الوضعي يؤيد هذه الطبيعة الخاصة للتحكيم وذلك
للدواعي اآلتية:
25حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمار والتجارية" التحكيم والوساطة
والتوفيق " ،الدار البيضاء ،طبعة األولى ،سنة ،2014صفحة . 55
23
األصل في التحك يم هو التحكيم مع التفويض بالصلح ،وبالتالي فالمحكمون ال ▪
يطبقون القانون بل العدالة في حين أن القاضي يطبق القانون بهدف تحقيق
العدالة.
يمكن أن يكون المحكم وطنيا أو أجنبيا ،بينما الوظيفة القضائية ال تباشرها ▪
سوى قاضي وطني.
إذا لم يقم المحكم بواجبه التحكمي فال تطبق عليه تهمة إنكار العدالة. ▪
ال يجوز الطعن في حكم المحكم إال برفع دعوى أصلية ،فحكم التحكيم ال ▪
26
يقبل الطعن بتلك الطرق التي تقبلها األحكام القضائية وأهمها االستئناف.
النظرية القضائية:
يعتبر أصحاب هذه النظرية أن التحكيم له طبيعة قضائية ،فهم يعتبرون أنه بمجرد
اتفاق أطراف النزاع على التحكيم يصبح قضاء إجباريا ويحل بصفته هاته محل
القضاء العادي .كذلك يعتبرون أن المحكم مهمته التي هي الفصل في المنازعات
فهو يعد بحد ذاته قاضيا ،وأن سلطته تستمد باألساس من إرادة المشرع وليس من
اتفاق األطراف ،إضافة إلى أنهم يؤيدون رأيهم يكون الحكم الصادر عن المحكم ال
ينفد إال بأمر تنفيذ من قبل الدولة صاحبة السيادة ،وهو الرأي الذي تسطره قواعد
القانون الوضعي في مجموعة من الدول حيث تؤكد على أن األحكام الصادرة عن
الهيئة التحكمية طبقا لقواعد القانون تكتسي حجية األمر المقتضي به ،وتنفذ تنفيذا
جبريا كالحكم القضائي الذي يصدر عن القضاء.
وبناء على هذه اآلراء ،اعتبر أنصار هذه النظرية أن حكم المحكم يعتبر بحد ذاته
نوعا من أنواع القضاء ،وأن كل ما يصدر عن المحكم يعد من قبيل األعمال
القضائية ،وجدير بالذكر أن محكمة النقض الفرنسية قد صرحت في إحدى قرارتها
بأن أطراف النزاع بالتجائهم إلى التحكيم إنما يعبرون عن إرادتهم بمنح الغير سلطة
قضائية.
كما نجد أن مجموعة من البنود القانون 05ـ 08لسنة ،2007خاصة الفصول 321
و 327/92و 327/3قد أخدت بالنظرية القضائية خاصة عند وضع الصيغة
التنفيذية ،وكذا عند تعذر اتفاق الهيئة التحكيمية على حكم موحد وكذلك في اختيار
هذه الهيئة.
26 حسين عبد العزيز عبد هلل النجار ،مرجع سابق ،صفحة .56
24
وقد حظيت هذه النظرية ،بتأييد المحكمة العليا الفرنسية ،حيث أشارت إلى أن
التحكيم يعتبر قضاء استثماريا ،يملك فيه المحكم سلطة ذاتية ومستقلة للفصل في
27
النزاعات التي يطرحها عليه الخصوم.
النظرية المختلطة:
يرى أنصار هذه النظرية أن للتحكيم طبيعة مختلطة أو مركبة عقدية وقضائية،
وذلك ألنه يبدأ تعاقديا باتفاق األطراف على اللجوء للتحكيم ،ثم يكتسي بعد ذلك
طابعا قضائيا بصدور التحكيم الذي ال يختلف في شيء عن الحكم القضائي ،ألنه
28
يجوز حجية األمر المقضي به.
25
موضوع النزاع وتعين المحكمين وتحديد االجراءات التي تتبع في تنظيم التحكيم ،وقد
تحديد القانون الواجب التطبيق.
ومن خالل هذا يتضح أن اتفاق التحكيم يقوم على أركان أساسية وهم كتالي:
➢ الرضا:
إذا كان اتفاق التحكيم هو مجرد عقد من العقود ،تنطبق عليه الضوابط العامة
للتعاقد المنصوص عليها في ق ل ع ،فإنه ينبغي لقيام هذا االتفاق ،أن يتوفر الرضا
باللجوء إلى التحكيم ،أي تقابل إرادتي طرفي هذا االتفاق على اللجوء إلى التحكيم
لفض المنازعات الناشئة أو والتي يمكن أن تنشأ مستقبال بينهما ،فضال عن ضرورة
أن يأتي هذا الرضا صحيحا وسليما
إذ ال تكفي اإلرادة وحدها ،بل يتعين أن تكون حرة وصريحة ،وسليمة أي أنه يلزم
لوجود ،التراضي عند إبرام اتفاق التحكيم وصحته توافر أمرين أساسين ال يجب الخلط
بينهما وهما:
• وجود الرضا بالتحكيم ،حيت أن تخلفه يؤدي إلى وقوع اتفاق التحكيم باطال.
• صحة الرضا بالتحكيم ،حيث أن تعينه يؤدي إلى وقوع اتفاق التحكيم قابال
31
لإلبطال.
وقد أوكل -بصيغة الوجب – المشرع المغربي في الفقرة األولى من الفصل 327 – 09
من القانون رقم 08-05للهيئة التحكمية سلطة البت في صحة اتفاق التحكيم قبل النظر
وهكذا فإن كان المشرع المغربي ،ومعه غالبية التشريعات قد منحت سواء للهيئة
33
التحكيمية أو لمحكمة الموضوع إقرار صحة أو بطالن اتفاق التحكيم.
➢ األهلية:
27
مما ال شك فيه ،أن التزام المحتكمين باللجوء للتحكيم التجاري عن طريق اتفاق
التحكيم ،رهين بمدى توفرهم على األهلية الكاملة ،وهذا ما نص علية الفصل 308
من القانون 08.05في فقرته األولي على أنه" :يجوز لجميع األشخاص من ذوي
األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق
التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود."....
وفي ذات السياق ينبغي التميز بين أهلية األشخاص الذاتين والمعنويين في إبرام
اتفاق التحكيم.
استناد لمقتضيات الفصل المذكور ،يتبين أن األهلية المطلوبة ليست فقط أهلية التعاقد،
بل تتعدي ذلك لضرورة التوفر على أهلية التصرف في الحقوق موضوع النزاع ،بحيث
يشترط القدرة في التصرف بالحقوق كمعيار لألهلية التي يجب توفرها في أطراف
شرط التحكيم ،ونظرا لكن التحكيم من أعمال التصرف ينقل الحقوق علي الذمة المالية
للمحتكم سلبا ،فإنه يمكن الجزم بأن أهلية التصرف هي المتطلبة ،فالقصر ال يستطيع أن
يكون طرفا في اتفاق التحكيم ،في مقابل ذلك فمقتضيات الترشيد تعطي المرشد الحق
34
في إبرام اتفاق التحكيم.
في مقابل ذلك فالممنوع من التصرف حقوقه ،أي الشخص الذي سقطت أهليته بسبب
حكم قضائي من أجل عقوبة جنائية يمنعه م ن اإلدارة والتسيير والمراقبة لكل مقاولة
تجارية أو غيرها حسب المادة 711من مدونة التجارة ،وبذلك فلجؤه للتحكيم ال يكون
نافدا على اعتبار أن هذا لمنع متعلق بالنظام العام ،وبالتالي يترتب على مخالفته البطالن
35
المطلق لتصرفات.
عمل المشرع المغربي علي التخفيف من مبدأ حظر لجوء الدولة ومؤسساتها إلي
التحكيم من خالل القانون 08.05كما حافظ علي نفس التوجه في مشروع القانون
- 34محمد العفس ،التحكيم والنظام العام ،رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض ،
الكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية ،2010- 2009صفحة .43
- 35محمد العفس ،نفس مرجع ،صفحة .44
28
،36 95.17بحيث أقر قاعدة عامة بالفصل 306من القانون 08.05مفادها إمكانية
لجوء أشخاص القانون العام للتحكيم ،غير أنه قيد ذلك بموجب الفصل 310من ذات
القانون ,إذ أنه ال يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية
للدولة أو الجماعات الترابية أو غيرها من الهيأة المتمتعة باختصاصات السلطة العامة,
غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها ،يمكن أن تكون محل عقد تحكيم باستثناء تلك
المتعلقة بتطبيق قانون جبائي.
كما أنه يمكن محل اتفاق تحكيم النزاعات المتعلقة بالعقود التي يبرهما أشخاص القانون
العام مع ضرورة التقيد بسلطة الرقابة والوصاية المرتبطة بتلك العقود ،إضافية إلى ذلك
فقد أجاز المشرع المغربي للمقاوالت العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية وكذا
للمؤسسات العمومية إبرام اتفاق التحكيم ،وذلك بمقتضي الفصل 311من ق 08.05
➢ المحل:
يتجسد محل التحكيم في موضوع النزاع أو المنازعات التي يطرحها اتفاق التحكيم على
الهيئة التحكيمية ،لذلك يشترط في النزاع المطلوب الفصل فيه أن يكون قابال للتسوية
عن طريق التحكيم ،مع ضرورة التقيد بالقواعد العامة المنصوص عليها في قانون
االلتزامات والعقود.37
ومن جهة أخري فقد استثني المشرع المغربي مجموعة من النزاعات والمرتبطة أساس
بحالة األشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة ،والتي ال
يمكن ابرام اتفاق التحكيم بشأنها ،وذلك بمقتضي الفصل 309من ق .08.05
و بذلك يكون المشرع المغربي قد سار في نفس منحي التشريع الفرنسي الذي نص في
المادة 2060من ق .م .م علي جواز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام وكذا
بالمسائل المتعلقة بحالة و أهلية األشخاص و الطالق ,و جدير ذكره أن المشرع
المغربي حافظ علي نفس توجه الفصلين 308و 309بمشروع القانون 95.17
بالفصلين 14و.38 15
➢ السبب :
اي الغرض الذي يقصده الملتزم وراء التزامه ونظمه المشرع المغربي يبقي السبب
ركن ضروري لتكون اتفاق التحكيم وسبب التحكيم يتمثل في ارادة أطراف االتفاق في
حال ما نشأ أو قد ينشأ من خالفات بواسطة التحكيم وعليه السبب يكون غالبا مشروعا.
- 36المادتين 16و 17من مشروع القانون 95.17المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية .
-37عادل أحسايني ،دور التحكيم في تحقيق األمن تحقيق و القضائي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص
،جامعة موالي إسماعيل ،الكلية المتعددة التخصصات ،الرشيدية ،السنة الجامعية ، 2021-2020الصفحة .32
- 38عادل أحسايني ،نفس مرجع ،الصفحة .32
29
ب .صياغة اتفاقية التحكيم
باإلضافة إلى األركان الموضوعية المذكورة أعاله ،اشترط المشرع المغربي في ق
08-05شروطا شكلية ينبغي لألطراف االلتزام بها حتى يكون اتفاق التحكيم صحيحا.
وفي هذا الصدد ينص الفصل 313من ق 08-05على أنه "يجب أن يبرم اتفاق
التحكيم كتابة ،إما بعقد رسمي أو عرفي وإما بمحضر يحرر أمام الهيأة التحكيمية
المختارة.
يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من االطراف أو في رسائل
متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخري من وسائل االتصال والتي تعد
بمثابة االتفاق تثبت وجوده ،أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها
أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف اآلخر في ذلك.
ويعد في حكم اتفاق التحكيم المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد
نموذجي أو اتفاقية دولية ،أو إلى أي وتقية أخري تتضمن شرطا تحكيما إذا كانت
اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد".
يظهر من أحكام هذا الفصل ابتعاد المشرع المغربي عن المبالغة في الشكلية المطلوبة
لصحة اتفاق التحكيم ،خصوصا تلك المتطلبة في شرط التحكيم والتي كان يستلزمها
الفصل 309من ق.م.م .الملغي ،والتي كانت ال تخدم مصالح األطراف خصوصا في
المعامالت التجارية الدولية . 39إال أن التساؤل الذي يطرح في هذا الصدد هو ما إذا
كانت الكتابة المطلوبة لصحة اتفاق التحكيم ،شرط شكلي النعقاده .أم إلثباته؟
بخصوص هذا اإلشكال يري بعض الفقه أن مقتضيات الفصل أعاله تفيد اتجاه المشرع
المغربي نحو اعتبار الكتابة شكلية إثبات اتفاق التحكيم بالدرجة األولي ،في حين يري
اتجاه آخر من الفقه والباحثين أن الكتابة المتطلبة في هذا الصدد هي النعقاد اتفاق
التحكيم وليس إلثباته.
ونحن بدورنا نميل إلي االتجاه الثاني ونقول بأن شكلية هي واجبة وضرورية النعقاد
اتفاق التحكيم ،وسندنا في ذلك العبارة األولي من الفصل 313التي ينص فيها المشرع
المغربي علي أنه " :يجب أن يبرم اتفاق التحكيم كتابة "...والتي ال تدع مجاال للشك
في أن الكتابة شرط لالنعقاد وليس لإلثبات ،باإلضافة إلي الفقرة األولي من الفصل
317من ق 08-05والتي تستلزم تحت طائلة ضرورة كتابة شرط التحكيم في االتفاق
األصلي أو في وثيقة تستوجب – تحت طائلة – تحديد موضوع النزاع تحكيمي وتعين
ونفس الشيء أيضا بالنسبة للتشريع الفرنسي (ق.م.م) بعد تعديله بالمرسوم رقم 48
لسنة 2011حيث كان قانون المسطرة المدن ية قبل التعديل يفرق ما بين شرط التحكيم
وعقد التحكيم بخصوص طبيعة الكتابة ،حيث تعتبر الكتابة شرط انعقاد بخصوص شرط
التحكيم ،وشرط إثبات بحصوص عقد التحكيم ،حيث أصبحت المادة 1443تتحدث عن
اتفاق التحكيم ككل واستلزمت ضرورة كتابته تحت طائلة البطالن.
وانطالق من كل ما سبق يتضح أن المشرع المغربي اعتبر الكتابة شرطا إلزاميا يدور
معه اتفاق التحكيم وجودا وعدما ،وهو ما يجعل إذن اتفاق التحكيم من العقود الشكلية
التي يتوقف انعقادها على إفراغها في سند كتابي ،وعلة اشتراط الكتابة لصحة اتفاق
التحكيم هو الحرص على عدم فتح الباب لمنازعات فرعية حول وجود أو مضمون هذا
االتفاق ،والتي من شأنها أن تؤثر في فعالية مسطرة التحكيم لفض نزاعاتهم بعيدا عن
القضاء.
لكن بالرغم من تقييد المشرع المغربي إلرادة االطراف وألزمهم بضرورة كتابة اتفاق
التحكيم من جهة ،إال أنه من جهة ثانية توسع في مفهوم الكتابة وجعل مبدأ سلطان
اإلرادة هو المحدد لكيفية صياغة هذا االتفاق ،حيث منح المشرع المغربي الحرية
المطلقة ألطراف التحكيم في االتفاق على الشكل الذي يرتضونه إلبرام اتفاقهم تحكيمي
وخيرهم في ذلك ما بين:
الوسائل التقليدية:
كالعقود الرسمية أو العرفية ،أو محضر يتم تحريره أمام الهيئة التحكيمية المختارة ،أو
حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع والتي يدعي فيها أحد األطراف وجود اتفاق تحكيم
دون أن ينازعه الطرف اآلخر أو غيرها من الوسائل التقليدية المذكورة في الفصلين
313و 314من ق .08-05
الوسائل الحديثة اإللكترونية:
31
حيث أصبح بموجب الفصل 313من ق 08-05من أطراف التحكيم تحرير اتفاقهم
بوسائل حديثة كالرسائل المتبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخري من
وسائل االتصال.
وبهذا يكون المشرع المغربي قد ساير التحوالت التكنولوجية الحاصلة في مجال انعقاد
وابرام العقود والتي تجاوزت األدبيات التقليدية إلى الوسائل الحديثة اإللكترونية والتي
يسهل بموجبها إبرام العقود واالتفاقات عن بعد ،السما بعد صدور القانون رقم 05-53
المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية والذي أصبحت بموجبه للوثيقة المحررة
على دعامة إلكترونية نفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة ورق.
وهكذا وانطالقا من هذه القيمة والحجية القانونية التي أصبحت تتمتع بها المحررات
إلكترونية ،إضافة إلي أهميتها الكبيرة في مجال المعامالت التجارية التي أصبحت تتم
بواسطة عقود إلكترونية ،وبالرغم من أن اتفاق التحكيم من العقود الشكلية التي تلزم
الكتابة لصحة إبرامه فإننا نري أنه ال ينبغي أن تؤثر هذه الشكلية علي إرادة األطراف
في إبرام اتفاقهم علي دعامة إلكترونية السما مع هذا المفهوم الواسع لشكلية الكتابة ،
وباالستناد أيضا إلي عبارة " أي وسيلة أخري من وسائل االتصال "...الواردة في
الفصل 313من ق ، 08-05والتي قد تكون نية المشرع بإرادة لهذه العبارة أن يفتح
المجال النعقاد وإبرام التحكيم بوسائل إلكترونية ,فإن األمر يحتاج إلي إعادة نظر في
المقتضيات القانونية المنظمة لكيفية انعقاد وإثبات اتفاق التحكيم حتي يساير هذه
41
التطورات التكنولوجية الحاصلة في مجال إبرام العقود وإثباتها .
وعالج القانون رقم 08-05الجديد إشكالية عدم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا ،وال كيفية
وتاريخ اختيار المحكمين ،أو لم يتفق األطراف علي ،ذلك ،ووضع لهذه المعضلة في
المادة 327-5حلوال وإجراءات هي التالية:
.1إذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة في
األصل في نظر النزاع تعين المحكم بناء طلب أحد الطرفين.
.2إذ ا كانت هيئة التحكيم الثالث ،فإذا كانت هيئة التحكيم الثالث ،فإذا لم يعين أحد
الطرفين محكمة خالل 15يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف اآلخر ،أو إذا
لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خالل 15يوما التالية لتاريخ
تعين آخرهما ،تولي رئيس المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب أي من
الطرفين ،وتكون رئاسة هيئة التحكيم للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو
الذي عينه رئيس المحكمة.
.3تتبع اإلجراءات المذكورة في الفقرة الثانية أعاله إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من
أكتر من ثالثة محكمين.
.4يجب أن يراعي رئيس المحكمة المختصة في المحكم الذي يختاره الشروط التي
يطلبها القانون رقم ،08-05تلك التي اتفق عليها الطرفان ،ويصدر قراره بعد
42أحمد شكري السباعي ،الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت التجارية والمدنية ،الرباط
،2010صفحة .251
33
استدعاء األطراف ،وال يكون هذا القرار قابال للطعن فيه بأي طريق من طرق
الطعن.
وذيل المشرع التعداد أعاله ،المرتبط بحل الصعوبات التي قد تعترض تشكيل الهيئة
التحكيمية ،بقاعدة عامة تجعل نفس المقتضيات تطبق كلما اعترض تشكيل الهيئة
التحكيمية صعوبة بسبب أحد األطراف أو صعوبة في تطبيق إجراءات العيين.
وال يمكن تعيين محكم في الهيئة التحكيمية بالرغم من إرادته ،بل أن قبوله يعد شرطا
ضروريا النضمامه إليها ،وأن يفصح عن ذلك كتابة ووفقا لمقتضيات المادة 327-6
التي حددت المبادئ التي تحكم هذا القبول وهي التالية:
• ال يعتبر تشكيل الهيئة التحكيمية كامال إذا قبل المحكم أو المحكمون المعينون
المهمة المعهود إليهم بها.
• يجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبوله عن أي ظروف من
شأنها إثارة شكوك حول حياده واستقالله؛ وال تغيب عن الباحثين صعوبة بيان
43
هذه الظروف وما يترتب عنها من آثار.
• يثبت قبول المهمة كتابة بالتوقيع على اتفاق التحكيم أو بتحرير عقد ينص على
الشروع لقيام بالمهمة.
• يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها ،يجوز له ،تحت
طائلة دفع تعويضات أن يتخل ى عنها دون سبب مشروع بعد قبولها ،وذلك بعد
إرساله إشعارا يذكر فيه أسباب نخليه كالمرض أو غيره.
ويالحظ أن المشرع أقحم المحكمة المختصة في حل كثير من إشكاالت وصعوبات
تشكيل الهيئة التحكيمية ،وهو كذلك ماجري عليه األمر في المادة 315المنسوخة من
القانون القديم ،إال إن هذه األخيرة قضت برفع األمر إلي رئيس المحكمة الذي يكون
مختصا بإصدار األمر بتنفيذ حكم المحكمين.44
ويمكن أن يكون المحكوم أو الحكم شخصا طبيعيا ذاتيا أو شخصا معنويا وإن ضيق
لمشرع مهمة هذا األخير في المادة 320من ق رقم .08-05
34
الفقرة الثالثة :صدور الحكم التحكمي وطرق الطعن فيه
بعد تطرقنا في الفقرة السابقة لمسطرة تشكيل الهيئة التحكمية في القانون 08-05
ارتأينا في هذه الفقرة التطرق إلى كل من صدور الحكم التحكيمية (أوال) على أن
نخصص (ثانيا) لطرق الطعن فيه .
35
يصدر الحكم تحكيمي بأغلبية األصوات بعد مداوالت الهيئة التحكيمية وهذا ما أكد
عليه الفصل 327-22من ق ،08-05ومن أجل ضمانات قوية للمحتكمين فإن
المشرع المغربي أوجب إفراغ الحكم تحكيمي في قالب شكلي يعتمد على الكتابة
كشرط لوجود الحكم ال إلثباته وعلى خالف المشرع الجزائر الذي سكت عن شكلية
الحكم التحكمي . 45حسنا فعل المشرع المغربي في عدم االعتداد بالحكم الصادر
شفويا ألنه ال يحقق قوة ثبوتيه في تنفيذه.46
والستكمال جميع اإلجراءات المتعلقة بعملية التحكيم التجاري (من قبول مهمة
التحكيم ،عقد الجلسات ،حقوق الدفاع ،كتابة وتبادل المذكرات )...فإن الحكم تحكيمي
الصادر عن الهيئة التحكيمية البد أن يتوفر على البيانات المحددة بنص الفصل -24
327وهي كاالتي":
-أسماء المحكمين وجنسياتهم وصفاتهم وعنوانهم.
-تاريخ صدور الحكم إصداره.
-األسماء العائلية والشخصية لألطراف أو عنوانهم التجاري وكذا موطنهم أو
مقرهم االجتماعي وإن اقتضي الحال أسماء المحامين أو أي شخص مثل
األطراف أو آزرهم.
-يتعين أن يتضمن حكم التحكيم تحديد أتعاب المحكمين ونفقات التحكيم،
وكيفية توزيعها بين األطراف ،وإذا لم يتم االتفاق بين األطراف والمحكين
على تحديد أتعاب المحكمين فيتم تحديدها بقرار مستقبل من هيئة التحكيم
ويكون قرارها بهذا الشأن قابال للطعن أمام رئيس المحكمة المختصة الذي
يكون قراره في هذا الموضوع نهائيا غير قابل ألي طعن".
يتضح من هذا الفصل أن تخلف أي بيان من شأنه أن يجعل الحكم تحت طائلة البطالن.
36
الطعن ،عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة ،وللخصوم عن طريق طلب
إعادة النظر أو الطعن بالبطالن.
- 47هشام خضري ،مسطرة التحكيم على ضوء القانون رقم 08-05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،مجلة
الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد 15دجنبر ،2019الصفحة .187
37
ولقد أقر المشرع بأن هناك أسباب للطعن بإعادة النظر هي نفسها أسباب الطعن
بالبطالن حسب صريح البند الثالث من الفصل 327-36من ق م م .لمحكمة النقض
الذي جاء فيه "وبخصوص القرار االستئنافي الصادر بتاريخ 2010-5-25القاضي
بتأييد الحكم االبتدائي الصادر بعدم قبول الطعن بإعادة النظر في الحكم تحكيمي،
اعتمادا منها بكون الطالبة لم تكن من بين أطرافه ،وبذلك فهي باعتمادها محل ما ذكر
48
لم يخرق قرارها أي مقتضي وجاء معالل سليما ومرتكزا على أساس"
➢ الطعن بالبطالن
يقصد بدعوي البطالن إنكار التحكيم ،أو إنكار سلطة المحكم فيها فصل فيه ،أو التمسك
ببطالن الحكم أو اإلجراءات السابقة إلغفال ما يجوز إغفاله من قانون ومن أسس
المرافعات
ولقد حصر المشرع المغربي حاالت الطعن بالبطالن في األحكام التحكمية ظمن الفصل
327-36من ق 08-05وهي:
إذا صدر الحكم تحكيمي في غياب اتفاق التحكيم أو إذا كان اتفاق التحكيم باطال
أو إذا صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم.
إذا تم تشكيل الهيئة التحكمية أو تعين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو مخالفة
التفاق الطرفين.
إذا بتت الهيئة تحكمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها أو بتت في مسائل ال
يشملها التحكيم أو تجاوزت حدود هذا االتفاق ،ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء
الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير
الخاضعة له ،فال يقع البطالن إال على األجزاء األخيرة وحدها.
إذا لم تحترم مقتضيات الفصلين 327-23الفقرة ،2والفصل 327-24فيما
يتعلق بأسماء المحكمين وتاريخ الحكم تحكيمي والفصل .327-25
إذا تعتذر على أي من طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغا صحيحا
بتعين محكم أو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق
الدفاع.
49
إذا صدر الحكم تحكيمي خالفا لقاعدة من قواعد النظام العام.
في حالة عدم التقيد باإلجراءات المسطرة التي اتفاق األطراف على تطبيقها أو
استبعاد تطبيق القانون الذي اتفاق األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.
يجب على المحكمة المحال إليها نزاع في مسألة أبرام األطراف في شأنها اتفاق وساطة
وفقا لمقتضيات هذا الفرع أن تصريح بعدم القبول إلى حين استنفاد مسطرة الوساطة أو
بطالن اتفاق الوساطة".
ولمعالجة موضوع الوساطة نتطرق إلى قواعدها العامة في (المطلب األول) .ثم نتطرق
ثانيا نطاق تطبيقها وأهميتها في (المطلب الثاني).
39
المطلب األول :الوساطة االتفاقية كآلية لتسوية المنازعات التجارية
إن آلية الوساطة أصبحت تحل مكانة مهمة في المجتمع األوساط نظرا للدور الفعال في
فض المنازعات بشكل حبي ،وذلك عن اختيار االطراف وطواعيتهم في اختيار شخص
ثالث يسمى الوسيط الذي يبقى دوره في مساعدة األطراف في الوصول إلى الحل
توافقي عن طريق تقريب وجهات النظر ،إذن سنحاول في هذا المطلب التطرق لتعريف
الوساطة االتفاقية وخصائصها وإجراءاتها في (الفقرة األولى) .ثم في (الفقرة الثانية)،
عالقة الوساطة االتفاقية بالقضاء والصعوبات التي توجهها.
أما اصطالحا :في ظل غياب تعريف للوساطة ،ذلك أن المشرع ال يضع تعريفا
للمصطلحات القانونية إال في الحاالت الضرورية والتي يهدف المشرع من خاللها إزالة
اللبس عن مصطلح قانوني معين ،أو تحديد المعنى المقصود من هذا المصطلح في
تطبيق العلمي.
وقد ساهمت العديد من المؤلفات الفقهية في تعريف الوساطة كأحد اآلليات البديلة لحل
المنازعات حيث عرفها الفقيه Touzardبأنها " تعني التفاوض بين المتخاصمين
بحضور طرف ثالث محايد دوره هو تسهيل البحث عن حل للنزاع"52
كما عرفه الفقيه طلعت حسين القيس بأنها " تدخل في نزاع أو عملية تفاوض يقبل
االطراف أن يقوم بها طرف ثالث من صفاته أن يكون غير منحاز ،حيادي ال يملك
السلطة أو القوة لصنع القرار ،وكذلك مساعدتهم بطريقة تطوعية على الوصول إلى
اتفاق خاص بينهم ومقبول منهم.
40
ومن كل ما سبق من هذه التعريفات من هذه التعريفات الفقهية للوساطة واألهمية التي
أصبحت تحظى بها على المستوى العلمي ،فإنه يمكننا أن نقول بأنها طريقة طوعية يلجأ
لها األطراف عن بينة واختيار منهم وذلك بإشراك طرف ثالث يسمى وسيط الحوار
وتقريب وجهات النظر بين الطرفين المتخاصمين من أجل مساعدتهما على الوصول
الى حل متوافق عليه من طرفين.
كما أنه يجب على الوسيط أال يفشي المعلومات والوثائق التي يقدمها أحد األطراف
سواء كان ذلك في لقاء مشترك او منفرد ،إال في حالة الموافقة الصريحة للطرف
المعني تحت طائلة تطبيق العقوبات المنصوص عليها في ق .ج المتعلق بالسير المهني.
56
لكنها مع ذلك تختلف عن المصالحة التي تتم بناء على أمر قضائي أوعن طريق الهيئات
واللجان ذات االختصاص المهني ،ألن مثل هذه المصالحة تتطلب عادة وقتا طويل
57
وصبرا واستعداد للحوار وقدرة على التحكم وتهدئة الوضع .
ويستدل من ذلك بأن الوسيط شخص اعتيادي وليس اعتباري .لكن هل يجوز بأن تستند
مهمة الوساطة إلى شخص معنوي؟ اعتباري ؟؟
وينطبق ذلك تماما على الوساطة أي ال يجوز أن يكون الوسيط شخصا اعتباريا ،وهذا
ال يمنع إمكانية إجراء الوساطة عن طريق مركز أو مؤسسة مختصة ،وفي هذه الحالة
ال تتولى تلك الجهة مهمة الوساطة ،بل تتمتع فقط بصالحية تنظيمها وضمان حسن
سيرها بعد أن تسندها لشخص طبيعي يتوفر على مجموعة من الشروط المحددة من
طرفها والذي ترضي به أطراف النزاع ،وبالتالي فإن اتفاق األطراف على اختيار أحد
مراكز الوساطة للقيام بمهمة الوساطة في نزاعهما ال يؤدي إلى بطالن اتفاقهما ،وإنما
تكون لهذا المركز سلطة تنظيم الوساطة واإلشراف عليها فقط بعد أن تسندها إلى
58
شخص طبيعي .
58حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،مرجع سابق ،الصفحة .222
43
إفشائها للغير 59.المنصوص عليها في الفصل 66ـ 372ق .م .م " يلزم الوسيط بوجود
كتمان السر المهني بالنسبة إلى األغيار وفق المقتضيات وتحت طائلة العقوبات
المنصوص عليها في القانون الجنائي المتعلقة بكتمان السر المهني .وال يجوز أن تثار
مالحظات الوسيط والتصاريح التي يتلقاها أمام القاضي المعروض عليه النزاع إال
60
باتفاق األطراف وال يجوز استعمالها في دعوى أخرى .
• مرحلة التمهيد واالعداد للوساطة :تعد هذه المرحلة ذات اهمية قصوى في
نظام الوساطة ،على اعتبار انها االساس التي يسمح باستمرار هذه االخيرة من
59حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،م رجع سابق ،صفحة .222
60الفصل 66ـ 372من قانون المسطرة المدنية المغربي.
61حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،نفس مرجع ،صفحة .222
62ـ حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،نفس مرجع ،صفحة . 222
44
عدمه ،حيث التعارف وربط االتصال االولى مع االطراف ،وشرح دور الوسيط
63
وعملية الوساطة وقواعد النقاش
• مرحلة بدء اجراءات الوساطة :تشمل هذه المرحلة استقبال االطراف،
وتوفير قاعات االجتماعات المنفردة والجماعي بيهم 64.ويقوم الوسيط بإعطاء
الكلمة لكل طرف من أطراف النزاع لعرض وقائع النزاع وكذا مختلف المعلومات
65
التي يستند اليها كل طرف والتي يمكن ان تساعد في حل ودي للخالف.
• مرحلة التفاوض وكسب التفاهم :تتميز هذه المرحلة بكونها محطة حاسمة
في مسار الوسطة حيث يتم فتح مجال للنقاش والحوار والتفاوض حول مختلف
المشاكل والقضايا المطلوب تسويتها ،للوصول الى اتفاق حبي للنزاع يرضي جميع
االطراف ويحقق مصالحهم ،اذ يقوم الوسيط في هذه المرحلة بدور مهم في نجاح
الوساطة من خالل مساعدة االطراف على البحث ن افضل الحلول الممكنة للنزاع
بينهما ،حيث يعمد الى عقد اجتماعات سرية خاصة ،واخرى جماعية في وقت
المناسب لخلق نوع من الثقة بين االطراف وتوضيح المشاكل والحاجيات والتذكير
ببرنامج كل طرف ،لينتقل الوسيط بعد ان يكون الجميع قد الم االلمام الكامل والجيد
لمختلف عناصر النزاع الى مرحلة الحاسمة والمتمثلة 66في:
الدفع باألطراف الى تجاوز مرحلة النقاش والتفاوض الى مرحلة أكثر ايجابية.
طرح الحل المبتكر والخالف مع االطراف ،التركيز على المستقبل.
حضير االطراف لتقييم الخيارات وتقديم بعص االقتراحات.
عرض بعض المعاير لتقييم االختيارات واالقتراحات المقدمة.
- 63عثمان اخديم ،الوسائل لحل النزاعات االسرية (الوساطة نموذجا) ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في
القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،طنجة ،السنة
،2010/2009الصفحة .82.
64ـ محمد اطويف ،الوسائل االتفاقية على ضوء القانون 05ـ ،08مجلة الحقوق ،العدد ،14ال سنة
،2013الصفحة.161
- 65عثمان اخديم ،نفس مرجع ،الصفحة .84
- 66بنسالم أوديجا ،الوساطة كوسيلة من الوسائل لفض النزاعات ،الطبعة االولى ،دار القلم ،الرباط ،2008
الصفحة .117
45
وهي التي تتم فيها تعيين الوسيط بصورة مباشرة من قبل أطراف النزاع ،ويتجسد فيها
التعبير الكامل إلرادتهم الذاتية في اختيار وتعيين الوسيط ،ويالحظ بهذا الخصوم أن
جل التشريعات والقوانين المقارنة تتفق حول تخويل الخصوم الصالحية الكاملة في
عملية اختيار الوسيط وتعيينه ،والذي يتم التعبير عنها في االتفاق المبرم بينها صراحة
أو ضمنيا .
وينسجم كل ذلك مع رغبتهم األكيدة في ضبط األمور وتحديدها لفض نزاعهم بالصورة
والنتيجة التي يرتضون بها ،ويأتي في مقدمة هذه األمور حريتهم الكاملة في اختيار
الشخص الذي يرونه مالئما للقيام بمهمة الوساطة مما يؤدي إلى تعزيز ثقتهم وشعورهم
باالطمئنان تجاه حقوقهم ومصالحهم .
ويتم التعبير عن هذا االختيار إما في شرط الوساطة أو في مشارطة الوساطة ،أي إما
67
قبل نشوء النزاع أو بعده.
-حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،مرجع سابق ،صفحة 22467
22568 حسين عبد العزيز عبد هللا النجار ،نفس مرجع ،صفحة
46
واقعها العملي يشهد أحيانا قيام وساطة إجبارية ،يتم خاللها تعيين الوسيط من قبل الغير
وبعيدا عن إرادة طرفي النزاع معا أو أحدهما.
ويقتصر هذه الحالة على نماذج معينة من الوساطة ،كما هو قائم في نظام وسيط
الجمهورية في فرنسا واألم ودسمان في السو يد ،ومحامي الشعب في إسبانيا والمفوض
69
البرلماني في بريطانيا.
باعتبار الوساطة وسيلة خاصة لتسوية المنازعات فإن المشرع المغربي حرص في
تنظيمها على إدراج مجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية ،البد من توافرها أثناء
سير مسطرة الوساطة
47
التوسع في شرط الكتابة يتوافق مع ما جاء به القانون رقم 05ـ 53المتعلق بالتبادل
االلكتروني للمعطيات القانونية .
والمشرع المغربي على غرار أغلب التشريعات المعاصرة ،نص في افصل 327.65
من قانون المسطرة المدنية على أن األطراف أن يحددوا للوسيط مدة مهمته دون أن
تتجاوز أجل ثالث أشهر من التاريخ الذي قبل فيه الوسيط مهمته ،كما أنه لألطراف
تمدد أجل المذكور باتفاق يبرم وفق الشروط المعتمدة االبرام اتفاق الوساطة
عبد المجيد غميجة ،نظام الوساطة االتفاقية بالمغرب "مقال منشور ب المجلة المغربية للوساطة والتحكيم العدد 4السنة
، 2009صفحة 71 . 81
-تنص المادة 90من القانون 95.17علي أنه "يجب أن يتضمن عقد الوساطة تحث طائلة البطالن :
تحدد موضوع النزاع
تعيين الوسيط أو التنصيص علي طريقة تعيينه 72 .
48
هي المسائل المستثناة من نطاق الصلح ،وذلك بالرجوع إلى المواد من 1099إلى
1104نجدها تتبين المجاالت التي ال تجوز فيها الوساطة استنادا للمبدأ القائل أن
الوساطة تجوز فيه الصلح ،وال تجوز فيه الصلح وتتمثل في األتي:
قضايا األهلية .
قضايا النفقة .
قضايا اإلرث.
القضايا التي ال يمكن إبرام الصلح بشأنها.
القضايا المتعلقة بالنزعات والرهون العقارية .
من هنا يتبين لنا أن المشرع المغربي أعطى لرجال االعمال إمكانية عرض نزاعاتهم
على الوساطة بدل المحاكم التجارية بغية المحافظة على المصالح التجارية.
و من أهم النزاعات التي يمكن عرضها على الوساطة حسب المادة 5من القانون 95ـ
7353نذكر ما يلي:
- 73تنص المادة 5القانون رقم القاضي بإحداث المحاكم التجارية على ما يلي" تختص المحاكم التجارية بالنظر في:
ـ الدعوى المتعلقة بالعقود التجارية؛
ـ الدعوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية؛
ـ الدعوى المتعلقة باألوراق التجارية؛
ـ النزاعات الناشئات بين شركاء في شركة تجارية؛
49
ترتبط بجوانب أخرى من المادة التجارية كعقود التأمين والعقود البحرية وعقود
البيع الدولية وغيرها ،وبالتالي فكل هذه العقود يمكن ألطرافها اللجوء إلى الوساطة
في حالة نشوء نزاع فيما بينهم بدال من القضاء ألن الوساطة قد تنجح في المحافظة
74
على العالقات الدولية بين األطراف .
فكل هذا النزاعات يمكن أن يكون مجاال للوساطة التجارية ،مادامت ذات طبيعة
تجارية وتدخل في اختصاص المحاكم التجارية كما نصت ذلك المادة 5من القانون
95ـ5375
50
الخاص به ،وقيمته االقتصادية الذاتية ،فإن من مجموع العناصر ،وعن طريق
عملها متحدة تتكون وحدة مستقلة قائمة بذاتها هي األصل التجاري الذي له بدوره
كيانه القانوني المتميز وقيمته االقتصادية الذاتية.
وبالتالي فكل عنصر من العناصر األصل التجاري يمكن أن تثار بشأنه مجموعة من
المنازعات والتي يمكن أن تكون محال للوساطة التجارية بدال من القضاء التجاري .
77
أظهرت إحصائيات بعض مراكز الوساطة ،بأن مؤسسة الوساطة التجارية نجحت بشكل
كبير في السنوات األخيرة في استقطاب العديد من النزاعات التجارية ن وذلك بفضل
مزاياها العديدة والتي نذكر منها:
إذا كان دور القاضي ينحصر في تحدد صاحب الحق والحكم لصالحه ،فإن ذلك يخلق
تدم را في نفس خاسر الدعوى ،مما ينتج عنه تنعت المحكوم ضده في تنفيذ الحكم
77فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد ،الطبعة الرابعة ،مطبعة األمنية بالرباط ،السنة ،2012الصفحة
.195
51
القضائي ،على عكس ما هو عليه بالنسبة للوساطة التجارية التي تتميز بالسعي نحو
المحافظة على العالقات الودية بين األطراف ،واإلبقاء على إمكانية التعامل فيما بينهم
،بالنظر إلى ابتعادها عن منطق البح المطلق وما يتولد عنه من إحساس بالقوة
واالنتصار على اآلخر ،فهذا النظام يعطي األولوية للمصالح االقتصادية على القواعد
78
القانونية .
إذا كان الدعوى القضائية تحكمها قواعد وشكليات قانونية تقلص من حرية القاضي
واألطراف في إيجاد الحلول المنا سبة للنزاع المطروح على المحكمة فمن إيجابيات
الوساطة أنها متحررة من كل الشكليات والتعقيدات المسطرة ،بل وحتى من بعض
القواعد الجوهرية ،ذلك ألن أ طراف النزاع هم الذين يحددون مسطرة حل النزاع
ومدة حل هذا الحل .
كما أن الوساطة التقف عند متطلبات العدل المثالية ،وال تتقيد بضوابطه المتسمة
بالتجريد والتعميم وااللتزام بالكيل بنفس المكيال في كل النوازل مهما اخلفت الظروف
واألحوال واألشخاص ،بل إن الوسيط يستعمل لكل حالة ما يوفقها من معايير
ومقاييس ،األمر الذي يجعل عمله واقعيا وأقرب إلى العدالة النسبية منه إلى العدل
الم طلق .وهذا ما يشجع رجال األعمال واالقتصاد على اللجوء للوساطة لفض نزاعاتهم
79
ألن حلولها تنبني على الواقع .
إن مالءمة الوساطة التجارية للواقع المغربي تمليه عدة اعتبارات مرتبطة أساسا
بانخفاض تكلفة هذه اآللية مقارنة مع الدعوى القضائية والتحكيم ،علي اعتبار أن
النسيج االقتصادي المغربي يتشكل أساسا من المقاوالت الصغرى والمتوسطة ،والتي
تتميز بهشاشة بنياتها وضعف قدراتها المالية وغل بة الطابع العائلي على بنية رأسمالها
80
والتي ينظر فيها القضاء الرسمي أو القضاء الخاص عن طريق التحكيم .
52
فالمصاريف القضائية تعد أحد سلبيات القضاء الرسمي ،سواء ما تعلق منها بمصاريف
الخبراء وأداء الرسوم القضائية أو مصاريف الطعن والت بليغ والتنفيذ إلى غير ذلك،
على الوساطة التي تتميز بانخفاض تكلفتها مقارنة بالدعوى القضائية.
يعتبر االستثمار دعامة أساسية للتنمية ،لكونه يشكل باإلضافة إلى الطاقة اإلنتاجية ،
الزيادة في الثروات ،لدى تساهم الوساطة التجارية بفضل مزاياها العديدة في توفير
المناخ المناسب لتشجيج االستثمار والمبادرة الحرة وإشاعة ثقافة التفاوض من أجل
مواجهة متطلبات وإكراهات وتنافسية عولمة االقتصاد ،وخلق بيئة استثمارية جذابة
81
ومشجعة على تحقيق مكاسب مشتركة لطفي النزاع ،على حل مرض للطرفين .
➢
يعتبر تفعيل الوساطة التجارية ترسيخا لثقافة الحوار داخل المجتمع ،وتحسينا للعالقات
بين التجار من خالل ضمان استمرارها بعد حل النزاع ،مما يؤدي إلى تعايش األطراف
والبعد عن الخصومة وإشاعة األمن والسلم بين أفراد المجتمع ،بخالف األحكام
القضائية التي غالبا ما تورث الكراهية والحقد بين أطراف النزاع ،فكما يقول المثل
الفرنسي" تسوية سيئة خير من محاكمة جيدة".82
فالوساطة التجارية كآلية بديلة قادرة على الحفاض على استمرا العالقات التجارية بين
األطراف المتنازعة ،فهي تهدف إلى إيجاد عدالة التهدئة التي تبني على الحوار عكس
القضاء الذي قد يفسد هذه الروابط لكون أحكامه غالبا ما ال ترضي أطراف النزاع .
أ.
يتم اللجوء للوساطة وتنفيذ اجراءاتها بناء على اتفاق األطراف ،لكن ذلك فإن مفاوضات
الوساطة قد تنتهي إما بالفشل ،وقد تتوج بنجاح األطراف في الوصول لحل نهائي ودي.
رغم فشل الوساطة فإن األطراف النزاع يمكن أن يكسبوا منها عدة امتيازات من أهمها:
-تبادل المعلومات وتجنب األحكام المسبقة
-مساعدة لألطراف على التواصل واعطاء الفرصة لكل طرف لالستماع لما يقول
األخر
-تسهيال رسم عملية التفاوض مستقبال.
إن اللجوء للوساطة ال يقلص بأي شكل من األشكال الحق في اللجوء للقضاء ،وبما أن
النزاع في هذا الحالة يبقى قائما فإن ألطراف إمكانية رفعه إلى المحكمة المختصة
لتسويته بحكم قضائي.83
إن الوساطة تتوج بالنجاح من خالل اتفاق األطراف فيما بينهم حول نقط الخالف،
الشيء الذي يتحقق من خالل استم اع األطراف لبعضهم البعض ،وكذلك في تنازلهم عن
بعض حقوقهم ،واتفاق األطراف قد يكون كليا من خالل اتفاقهم على كل نقاط الخالف،
أو جزئيا في حالة اختالفهم على بعضها 84.باالطالع على المادة 99من القانون
17ـ 95فإن الوسيط يقوم بتحرير مشروع صلح في شكل وثيقة صلح تتضمن وقائع
النزاع وكيفية حله ،واتفاق األطراف والحلول التي تم التوصل إليها كحل النزاع
المعروض ،ويعرضه علي األطراف يوقع الوسيط مع األطراف علي وثيقة الصلح في
حالة موافقتهم عليه ويسلمها لهم .
رشيد الوردي الوساطة االتفاقية من خالل القانون ، 05\08رسالة لنيل شهادة الماستر ،جامعة سيدي محمد بن عبد
--هللا ، -كلية العلوم القانونية واالقتصادية بفاس ،السنة ،2008 \2007الصفحة 75إلى 83 . 77
54
عند توقيع الوسيط مع األ طراف وثيقة الصلح الذي تم التوصيل إليه ،تصبح هذه الوثيقة
قائمة بذاتها وتكتسب قوة الشيء المقضي به فيما بين األطراف بمجرد صدورها،
ويتوجب على أطراف ذلك الصلح تنفيذ مضمونه تنفيذا رضائيا ،فإذا أخل أحدهم بالتزام
بموجبه يكون للطرف اآلخر أن يطلب تنفيذه جبرا من خالل تقديم طلب لرئيس المحكمة
المختصة للبث في موضوع النزاع من أجل تذييله بالصيغة التنفيذية .
ويخضع هذا الصلح لمقتضيات القسم التاسع من الكتاب الثاني لقانون االلتزامات
والعقود المنظم للصلح ،حيث نجد الفصل 1110على أنه "إذا لم ينفذ أحد الطرفين
االلتزامات التي تعهد بها بمقتضى الصلح ،حق للطرف اآلخر أن يطلب تنفيذ العقد ،إن
كان ممكنا ،وإال كان له الحق في طلب فسخ مع عدم اإلخالل بحقه في التعويض في
كلتا الحالتين " فهذا الحكم الوارد على الصلح ،يرد كذلك على الوساطة أخذا بمفهوم
الموافقة ،كما أن فسخ الصلح المبرم من الطرفين يعيدهما إلى الحالة التي كانا عليها قبل
التوصل إلى هذا الصلح.
كما يجوز الطعن في صلح الوساطة ولو بعد اكتسابه لقوة الشيء المقضي به ،أو حتى
بعد تذييله بالصيغة التنفيذية ،في حالة توفر أسباب أبطاله كالغلط في الواقع أو تدليس
االكراه .كذلك في حالة عدم مشروعية المحل ،أو عدم مشروعية السبب .ولكن ال
85
يمكن التمسك بالبطالن إال للمتعاقد الذي كان حسين النية.
ويترتب عن الطعن إمكانية من له الحق في التوجه للقضاء ،كما أن الطرفين يتم
ارجاعهما للحالة التي كانا عليها قبل الصلح ،تم إن بطالن جزء من الصلح بين الطرفين
86
يبطل الصلح بأكمله.
87 محمد أطويف ،دور القضاء في عملية الوساطة ،مجلة القضاء المدني العدد ،13سنة، 2016،صفحة . 62
56
للصلح المبرم في هذا اإلطار أن يذيل بالصيغة التنفيذية ،وهو ما ال يتحه الصلح
88
المبرم ف ي إطار عادي بين الطرفين تلقائيا ودون تدخل وسيط.
-عبد الرحيم بحار ،القضاء التجاري والمنازعات التجارية ،الطبعة األولى ،دون ذكر المطبعة والمدينة2014،
،الصفحة89. 68
57
ما لم يكن اتفاق الوساطة باطال ،وتتقيد المحكمة بنفس الشيء إذا كان النزاع
غير معروض بعد على الوسيط ،ويجوز لها في هذه الحالة أن تحدد بناء
على طلب الطرف المدعي المدة القصوى التي تراها مناسبة للشروع في
الوساطة تحت طائلة بطالن االتفاق ،غير أن المشرع ال يجيز للمحكمة في
الحالتين إثارة عدم اختصاصها تلقائيا (الفصل 327ـ.)64
)2ـ إذا تم ابرام الوساطة خالل مسطرة جارية أمام المحكمة حيث يرفع الى علم
المحكمة داخل أقرب اآلجال ويترتب عليه وقف المسطرة الى حين استنفاذ
مسطرة الوساطة االتفاقية.
)3ـ إن القضاء هو الذي يمنح عقد الصلح المبرم بين الطرفين القوة اإللزامية ،
حيث أنه يكون قابل للتذليل بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة
المختصة محليا للبث في موضوع النزاع .
تلك هي أهم نقط االلتقاء بين مؤسسة الوسيط االتفاقي والقضاء ،حيث يستشف منها أن
هذا األخير له رقابة بعدية على أعمال الوسيط ونظرا ألهمية الوسائل البديلة لحل
المنازعات التجارية ،فقد تم التنصيص في البند العاشر المتعلق بالرؤية العامة من
ميثاق إصالح منظومة العدالة ،على ضرورة العمل على تشجيع اللجوء إلى الوسائل
البديلة لحل المنازعات ،وتسير السبل المحفزة لذلك.
58
عن شمول الكثير من المنازعات الجديدة ذات الطبيعة التقنية المتناهية ،بالرغم من أنها
قد تكون األنجح لمقاربتها وليس هناك من توجس أن يتعلق مجالها بما قد يتصل بالنظام
العام مادام أن الوساطة في جوهرها ترمي إلى تقريب وجهات نظر المتنازعين ،لعل
المنازعات المتعلقة بالتجارة االلكترونية يمكن أن تفرز العديد من النزاعات الخاصة
المتعلقة على سبيل المثال بالملكية الفكرية وقضايا الجمارك وغيرها من النزاعات التي
تعدت في البنية االلكترونية ،وقابليتها لتطبيق هذه اآللية فإن القانون رقم 08.05لم يشر
إليها ال بشكل صريح وال ضمني ،مما يعني أن المشرع لم يوسع مع أفقه وظل متمسكا
بالنزاعات الكالسيكية
ومن جانب آخر لم تتضمن المقتضيات القانونية المتعلقة بالوساطة االتفاقية النص
صراحة على حق المتنازعين في االستعانة بمحاميهم عند اعتمادهم اللجوء إلى الوساطة
،وهو ما يجعل التشريع المغربي يكاد يشكل استثناء بين التشريعات المقارنة التي
نصت على حق المتنازعين في الدفاع بواسطة محاميهم في إطار الوساطة على غرار
ما هو جار أمام المحاكم القضائية
وعالوة على ذلك ،فالقانون رقم 28.08المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهمة المحاماة
لم يتضمن ما يشير إلى ذلك ماعدا ما ورد في المادة 9منه التي اقتصرت على ذكر ان
مهمة المحاماة ال تتنافى مع القيام بمهام التحكيم والوساطة بانتداب من القضاء أو
طلب من األطراف .90
وفي نفس اإلطار فإنه بالرجوع إلى المادة 64ـ 327من القانون 08.05.المتعلق
بالتحكيم والوساطة االتفاقية نجدها ينص في فقرتيه االولى والثانية بوجود التصريح
بعدم القبول قبل المحكمة متى وجد اتفاق أو شرط الوساطة صحيح أي لم يكن باطال
بطالنا مطلقا ،غير ان الفقرة الثالثة من المادة المذكورة تجعل التصريح بعدم القبول
مقيدا بشرط الدفع بذلك ممن له المصلحة .
وهكذا فعدم إشارة المحكمة تلقائيا لعدم القبول يفرغ هذا القانون من محتواها وفعاليته
ويعدم االتفاقات والشروط من جدواها .ولعل هذا التناقض كان من الممكن تجاوزه ،ال
لخلق انسجام بين نصوص القانون ولكن بين فقرات النص الواحد
وقد حاولنا من خالل هذا الموضوع اإلحاطة بمختلف جوانب مؤسستي التحكيم
والوساطة االتفاقية وذلك من خالل الوقوف على مختلف األحكام العامة المنظمة لهما.
وبالرغم من األدوار الهامة التي تلعبها الوسائل البديلة لحل المنازعات للتجارية يمكن
القول إن مؤسستي التحكيم والوساطة االتفاقية الزالت تعترضها العديد من المشاكل
القانونية والواقعية منها ما يتعلق بالمحكمين ومراكز التحكيم والوساطة ومنها ما يتعلق
بالفاعلين االقتصاديين أنفسهم ومنها ما يتعلق بدور القضاء كمساعد وداعم للتحكيم أو
بمدي السلطات الممنوحة للمحكمين ،أو بالقيود التي تحد من هذه السلطات فضال عن
محدودية التحكيم والوساطة عبر اآلليات الرقمية .
لذلك نري أنه يتعين اإلسراع في تنزيل مشروع قانون المتعلق بالتحكيم والوساطة
االتفاقية خصوصا أنه تضمن مجموعة من المستجدات من شأنها أن تساعد على تجاوز
هذه الصعوبات أو على األقل التقليل منها .ومن هنا يتضح لنا ،أن مشرع قانون 95.17
حمل في طياته مجموعة من المستجدات شأنها أن تتجاوز اإلكراهات التي يعاني منها
التحكيم.
60
المصادر:
سورة البقرة .اآلية 143
الكتب:
-حسين عبد العزير عبد هللا النجار ،البدائل القضائية لتسوية النزاعات االستثمارية
والتجارية <<التحكيم والوساطة والتوفق >> ،الدار البيضاء ،الطبعة االولى ،
.2014
ـ طارق زهير ،الوسائل البديلة لفض النزاعات التجارية ،الطبعة االولى ،دار نشر
المغربية عين السبع الدار البيضاء. 2012 ،
ـ زينب وحيد دحام ،الوسائل البديلة عن القضاء لحل النزاعات ،الطبعة األولى،
مطبعة الثقافة ـ أربيل. 2012
-إسماعيل أوبلعيد ،الطرق البديلة لتسوية المنازعات ،الطبعة األولى ،الرباط ،في
ماي .2015
-ل زهر ابن سعيد و كريم محمد زيدان النجار ،التحكيم التجاري الدولي ،دراسة
مقارنة ،دار الفكر الجامعي ،الطبعة األولي.2010
-عبد الكريم الطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،الطبعة األولي ، 2015
مطبعة النجاح الجديدة ،مراكش .
-عبد الرحيم بحار ،القضاء التجاري والمنازعات التجارية ،الطبعة األولى ،دون ذكر
المطبعة والمدينة. 2014،
ـ فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد ،الطبعة الرابعة ،مطبعة األمنية بالرباط،
السنة .2012
-بنسالم أوديجا ،الوساطة كوسيلة من الوسائل لفض النزاعات ،الطبعة االولى ،دار
القلم ،الرباط .2008
61
األطروحات والرسائل:
األطروحات:
-إبراهيم العسرى ,ضمانات التحكيم التجاري ,أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ,جامعة محمد األول ,كلية القانونية و االقتصادية ,وجدة.2016-2015 ,
الرسائل
ـ عثمان اخديم ،الوسائل لحل النزاعات االسرية (الوساطة نموذجا) ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،طنجة ،السنة الجامعية .20/2009
-محمد العفس ،التحكيم والنظام العام ،رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون الخاص ،
جامعة القاضي عياض ،الكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش،
السنة الجامعية .2010-2009
-عادل أحسايني ،دور التحكيم في تحقيق األمن تحقيق و القضائي ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة موالي إسماعيل ،الكلية المتعددة التخصصات ،
الرشيدية ،السنة الجامعية . 2021-2020
62
-إيمان أزناي ،الحلول البديلة لفض المنازعات في المادة التجارية "الوساطة االتفاقية
كنموذج" ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية -2008ـ. 2009
المجالت:
ـ حميد الحاجي ،الوسائل البديلة لتسوية النزاعات مدخل أساسي اإلصالح القضاء:
التحكيم الوساطة ،مجلة الفقه والقانون ـ العدد 21،يوليوز ،السنة .2014
-هشام خضري ،مسطرة التحكيم علي ضوء القانون رقم 08-05المتعلق بالتحكيم
والوساطة االتفاقية ،مجلة الباحث للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية ،العدد 15
دجنبر .2019
ـ عبد المجيد غميجة ،نظام الوساطة االتفاقية بالمغرب "مقال منشور بالمجلة المغربية
للوساطة والتحكيم العدد 4السنة 2009
-محمد أطويف ،دور القضاء في عملية الوساطة مجلة القضاء المدني العدد
،13سنة.2016،
-إسماعيل أوبلعيد ،مدى إمكانية تفعيل الوساطة في الواقع المغربي ،مجلة المغربية
للوساطة والتحكيم ،العدد ، 6السنة .2012
-محمد اطويف ،الوسائل االتفاقية على ضوء القانون 05ـ ،08مجلة الحقوق ،العدد ،14
السنة .2013
القوانين:
-قانون المسطرة المدنية.
63
-الفصل 1110من قانون االلتزامات والعقود.
-تنص المادة 5القانون رقم القاضي بإحداث المحاكم التجارية على ما يلي" تختص
المحاكم التجارية بالنظر في :ـ الدعوى المتعلقة بالعقود التجارية؛
الدعوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية؛
الدعوى المتعلقة باألوراق التجارية؛
النزاعات الناشئات بين شركاء في شركة تجارية.
-تنص المادة 90من القانون 95.17علي أنه "يجب أن يتضمن عقد الوساطة تحث
طائلة البطالن :
تحدد موضوع النزاع
تعيين الوسيط أو التنصيص علي طريقة تعيينه .
64
مقدمة 4 ...................................................................................................
المبحث األول :ماهية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية 10 ................................
المطلب االول :ماهية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية 10 ......................................................
الفقرة األولى :تعريف الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية 10 .....................................................
الفقرة الثانية :طبيعة الوسائل البديلة لفض النزاعات 12 ......................................................................
الفقرة الثالثة :مصادر الوسائل البديلة لتسوية المنازعات التجارية 15 .....................................................
الفقرة الثانية :حرية األطراف واللجوء الي التحكيم التجارية 25 .............................................................
الفقرة الثالثة :صدور الحكم التحكمي وطرق الطعن فيه 35 ...................................................................
65
المطلب الثاني :مزايا الوساطة التجارية وآثارها وعالقتها بالقضاء 51 ....................................................
الفقرة األولى :مزايا الوساطة االتفاقية وآثارها 51 .............................................................................
الفقرة الثانية :عالقة الوساطة االتفاقية بالقضاء والصعوبات التي توجهها57 ......................................... :
خاتمة 60.................................................................................................
66