Professional Documents
Culture Documents
شرعية السجود على الأرض
شرعية السجود على الأرض
شرعية السجود على الأرض
السجود :
السجود ركن من أركان الصالة اليت من دوهنا تبطل الصالة واليت هي من أهم العبادات
ومن علل وسبب وجود اخللق كما يف قوله سبحانه {وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون} ،
إ ّن الصالة عمود الدين والدنيا أيضا ملا هلا من أمهية عبادية وآثار دنيوية تبين شخصية الفرد
وتنمي فيه الفضيلة ومتحو منه الرذيلة كما بان واضحا يف قوله تعاىل {إن الصالة تنهى عن
الفحشاء واملنكر} .
وبعد أن عرفنا ذلك فأنه جيب أن حيرص املرء على تأدية هذا الركن بالشكل الصحيح
وكما أراد رب العباد سبحانه ،حىت جنين من أثر الصالة اهلد املطلوب يف خلق اإلنسان،
وسو أعتمد بالبحث على األدلة النقلية من كتب أخواننا أتباع مدرسة الصحابة ،ألنه ثابت
لدى اإلمامية كيفية السجود أو باألحرى على ماذا نسجد إذ اتفق الفريقان على كثري من
أجزاء السجود واختلفوا يف املادة املسجود عليها .
ال خيفى عليك أخي القاريء أن الروايات عن النيب األكرم (ص) اختصت يف السجود
على األرض وبعضها أوضحت هذا املفهوم اخلاص يف تربتها ومكوناهتا والكيفية واملوقع املباشر
هلا من املصلي [أي اجلبهة] كما سيمر علينا يف الروايات املروية يف صحاح املسلمني وغريها
من الكتب .
وجمموع هذه الروايات تؤكد ما تذهب إليه الشيعة االمامية من السجود على األرض
دون الفرش واللباس وتنقسم تلك الروايات يف داللتها إىل أقسام .
1
أوال /السجود على مطلق وجه األرض:
الرواية األوىل ( :عن النبي (ص) قال … :وجعلت األرض لي طيبةً وطهورا
ومسجدا فأيما رجل أدركته الصالة صلى حيث كان …) البخاري كتاب الصالة باب
جعلت يل األرض مسجد ..
الرواية الثانية ( :عن النبي (ص) قال :وجعلت لنا األرض كلها مسجدا وتربتها
طهورا إذ لم نجد الماء ) املصدر السابق.
الرواية الثالثة ( :عن ابراهيم بن زيد التيمي قال ثم كنت أقرأ على أبي القرآن في
السدة فإذا قرأت السجدة سجد فقلت له يا أبت أتسجد في الطريق قال إني سمعت
أبا ذر يقول سألت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن أول مسجد وضع في األرض
قال المسجد الحرام قلت ثم أي قال المسجد األقصى قلت كم بينهما قال أربعون عاما
ثم األرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصالة فصل) صحيح مسلم كتاب املساجد
ومواضع الصالة.
(حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال حدثني معيقيب
أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد).
2
وقد ذكر عدة روايات باإلضافة الختال الرواة أنقل منها اآليت باإلضافة لرقم احلديث
التسلسلي:
أقول :املعرو عن عبد الرمحن بن األسود روايته عن ( عم أبيه ) فإن كان املوجود يف
السند تصحيف والصواب ( عن عم أبيه ) فاإلسناد صحيح.
( :0387( )2حدثنا وكيع قال ثنا سفيان عن الشيباني عن عبد الرحمن بن
األسود عن أبيه قال رأيت عبد اهلل بن مسعود حط الحصى بيده ثم سجد ).
( :0388( )2حدثنا أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر عن نافع قال كان ابن
عمر ربما يسوي الحصى برجله وهو قائم في الصالة).
( :0387( )4حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن محمد قال قال حذيفة هكذا
واحدة أودع .وبيده مسح األرض قال أبو أسامة يعني تسوية الحصى أو شئ في موضع
سجوده).
( :0380( )5حدثنا أبو معاوية عن األعمش عن أبي صالح قال كان يرخص في
مسحة واحدة للحصى ).
3
أقول :إسناد صحيح.
( :0383( )1حدثنا مروان بن معاوية عن أبي مالك األشجعي عن إبراهيم أنه لم
ير بأسا بتسوية الحصى مرة واحدة ).
( :0387( )7حدثنا وكيع قال ثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن
أبي هريرة أو عن كعب قال إن الحصا إذا أخرجت من المسجد تناشد صاحبها ).
أقول :روي يف مصنف عبد الرزاق من هذا الطريق وهو إسناد صحيح واسرائيل من
اثبت الناس يف اسحاق كما ذكره ابن حجر العسقالين يف التقريب.
4
وقال الذهيب يف التلخيص( :صحيح) .
مالحظات -:
ففي صحيح سنن النسائي تأليف حممد األلباين ج 1حديث رقم 1000كتاب
التطبيق باب تربيد احلصى للسجود عليه ص َ ( : 252ع ْن َجابِ ِر بْ ِن َع ْب ِد اللَّ ِه ,قَ َ
ال ُ :كنَّا
5
صى فِي ول اللَّ ِه صلَّى اللَّه علَي ِه و( آله ) وسلَّم الظُّهر فَآ ُخ ُذ قَ ب َ ِ صلِّي َم َع ر ُس ِ
ضةً م ْن َح ً ْ َ َ َ َْ ُ َْ َ َ نُ َ
ض ْعتُهُ لِ َج ْب َهتِي ). ُح ِّولُهُ فِي َك ِّفي ْاْل َخ ِر فَِإ َذا َس َج ْد ُ
ت َو َ َك ِّفي أُبَ ِّر ُدهُ ثُ َّم أ َ
قال األلباين( :حسن) .
ويف صحيح أيب داود تصحيح االلباين ص :299جابر بن عبد اهلل قال ( :كنت أصلي
مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفي أضعها
لجبهتي أسجد عليها لشدة الحر).
(إسناده حسن).
موارد الظمآن للهيثمي ج 1ص 412باب وقت صالة الظهر و جممع الزوائد للهيثمي
ج 1ص( :201عن أنس قال كنا نصلي مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فيأخذ أحدنا
الحصى في يده فإذا برد وضعه فسجد عليه [ .وعلق الهيثمي] رواه أبو يعلى ورجاله
رجال الصحيح ).
أقول :صحح سنده حسني سليم أسد يف حتقيقه مسند أيب يعلى وهو كما قال.
-2رواية خباب:
قال مسلم يف صحيحه بشرح النووي ج 5ص( : 121وحدثنا أبوبكر بن أبي شيبة,
حدثنا أبو أألحوص سالم بن سليم ,عن أبي إسحاق ,عن سعيد بن وهب ,عن خباب,
قال :شكونا الى رسول اهلل (ص) الصالة في الرمضاء فلم يشكنا ,ورواه من طريق آخر
في صحيحه أيضا).
6
وأذكر من رواه من احلفاظ ،راجع [ :مسند أمحد ج 7ص 449ح ،21100مسند
احلميدي ج 1ص 02ح ،152سنن النسائي ،املعجم الكبري للطرباين ج 4ص 72ح،2171
،2170 ،2177ص 74ح ،2101ص 79ح[ 2700 ،2199 ،2190اىل] ، 2702
السنن الكربى للبيهقي ج 2ص] 107
مالحظات -:
نفهم من الروايات أن الصحابة يرون ضرورة السجود على احلصى واليت بني أدلتها
الصحابة كجابر األنصاري وأنس خادم النيب (ص).
يتم تربيد احلصى بأي شكل كان ولكن ال ميكن اإلستغناء عن السجود عليها أو
استخدام الثوب كبديل هلا.
موقع السجود خيتص بسبعة أعضاء من املصلي (اجلبهة – الكفني – والركبتني –
وأطرا القدم) ولكن نالحظ يف الروايات السابقة الرتكيز على اجلبهة وهو العضو املختص يف
ُمباشرة احلصى املربد.
قد اشتكى بعض الصحابة شدة حرارة األرض ولكن مل يتقبل النيب (ص) شكواهم ومل
يأمرهم بوضع مايتقون به شدة احلر يف موضع السجود أي اجلبهة وهذا مما جيعل عالمة
تعجب على الروايات اخلاصة بالسجود على الثوب وماشابه !!.
7
-1السنن الكربى للبيهقي ج 2ص … ( :105أخبرنا أبو عبد اهلل أنبأ أبو بكر
أنبأ عبد اهلل ثنا هناد ثنا عبدة عن عبيد اهلل بن عمر عن نافع ان ابن عمر كان إذا سجد
وعليه العمامة يرفعها حتى يضع جبهته باألرض).
المالحظات -:
نفهم من الرواية السابقة أنه الجيوز السجود على طر العمامة إذ تكون هي الفاصل
بني جبهة املصلي واألرض مباشرة .
وكما سيأيت علينا الحقا هناك استثناء للحصري أو اخلمرة يف السجود يف رأي وروايات
علماء مدرسة الصحابة ،ولكن حرمت امللبوسات وغريها مما يصنع من املنسوجات يف مكان
وضعها حتت اجلبهة أثناء السجود حىت لو كانت هناك ضرورة كاحلر الشديد أو املطر والبلل
وغريها.
خامسا /آراء التابعين وعلماء العامة في السجود على األرض (التراب) والحصير:
-1ابن القيم.
اغاثة امللهو ج 1البن القيم ص( : 100أن سنة رسول اهلل صلى اهلل تعالى عليه
وآله وسلم :الصالة حيث كان ,وفى أى مكان كان ,سوى ما نهى عنه من المقبرة
والحمام وأعطان اإلبل ,فصح عنه عليه الصالة والسالم أنه قال:
8
الصالَةُ ت َر ُجالً ِم ْن أ َُّم ِ
تى َّ ورا ,فَ َح ْيثُ َما أ ْد َرَك ْ ِ
ض َم ْسجداً َوطَ ُه ً
«ج ِعلَ ْ ِ
ت ل َى األَ ْر ُ ُ
صل».
فَ لْيُ َ
وكان يصلى فى مرابض الغنم ,وأمر بذلك ,ولم يشترط حائال) [يعين مانع أو
عازل] .
قال ابن المنذر« :أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إباحة الصالة فى
مرابض الغنم ,إال الشافعي» .فإنه قال« :أكره ذلك ,إال إذا كان سليماً من أبعارها».
وقال :أبو هريرة رضى اهلل عنه :قال رسول اهلل صلى اهلل تعالى عليه وآله وسلم:
ض الْغَنَ ِم ,وال تُصلُّوا فى أَ ْعطَ ِ
ان ا ِإلبِ ِل». صلُّوا فى َم َرابِ ِ
َ َ «َ
رواه الرتمذى وقال :حديث حسن صحيح.
وقد صلى النبى عليه الصالة والسالم على حصير قد اسو ّد من طول ما لبس ,فنضح له
بالماء وصلى عليه ,ولم يفرش له فوقه سجادة وال منديل).
ويف نفس املصدر ص 101قال( :وكان يسجد على التراب تارة ,وعلى الحصى
تارة ,وفى الطين تارة ,حتى يرى أثره على جبهته وأنفه.
ويف شفاء العليل ج 1ص 224البن القيم قال ( :ونُدب له أن يسجد معه ثيابه
يتأسر التراب بجبهته ,وينال
وشعره فال يك ّفه ,وأن يكون بعضه محموالً على بعض ,وأن ّ
العز
قبل وجهة المصلّي ,ويكون رأسه أسفل ما فيه تكميالً للخضوع والتذليل لمن له ّ
كله والعظمة كلها).
ويف كتاب الصالة وحكم تاركها البن القيم فصل السجود ،بني بعض فلسفة وفوائد
السجود على الرتاب واآلثار املرتتبة عليه حيث قال( :وهو يضع أشرف شيء منه وأعاله
وهو الوجه ,وقد صار أعاله أسفله خضوعاً بين يدي ربه األعلى ,وخشوعاً له ,وتذلالً
لعظمته ,واستكانة لعزته ,وهذا غاية خشوع الظاهر .فإن اهلل سبحانه خلقه من األرض
التي هي مذللة للوطء ,باألقدام ,واستعمله فيها وردَّه إليها ,ووعده باإلخراج منها .فهي
وجعلت له طهراً
أمه وأبوه وأصله وفصله ,فضمته حياً على ظهرها ,وميتاً على بطنهاُ ,
ومسجداً ,فأمر بالسجود إذ هو غاية خشوع الظاهر ,وأجمع العبودية لسائر األعضاء,
فيعفر وجهه في التراب ,استكانة وتواضعاً وخضوعاً وإلقاء باليدين ،وقال مسروق لسعيد
بن جبير :ما بقي شيء يرغب فيه إالّ أن نعفر وجوهنا في التراب له ,وكان النبي صلى
اهلل عليه وسلم ال يتقي [أي ال جيعل مانع] األرض بوجهه قصداً ,بل إذا اتفق له ذلك
فعله ,ولذلك سجد في الماء والطين).
ويف كتاب زاد املعاد البن القيم ج 1ص 111قال ( :وكان النبي صلى اهلل عليه
السجود على ُكور
ُ وسلم يسجد على جبهته وأنفه دون ُكور ِ
العمامة ,ولم يثُبت عنه ُ
الع َم َام ِة من حديث صحيح وال حسن ,وفي مقطع آخر قال :وقد ذكر أبو داود في
ِ
المراسيل أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم رأى رجالً يُصلي في المسجد ,فسجد
11
رسول اللَّ ِه يسج ُد
ُ رسول اهلل عن جبهته .وكان
ُ بجبينه ,وقد اعتم على جبهته ,فحسر
على األرض كثيراً ,وعلى الماء والطين ,وعلى ال ُخ ْم َرةِ المتَّخذة من ُخوص النخل ,وعلى
مكن جبهته وأنفه من َّخذ منه ,وعلى الفروة المدبوغة .وكان إذا سجدَّ , الحصير المت ِ
األرض) .
ويف جمموع فتاوى البن تيمية ج 21ص 115يقول متحدثا عن فعل النيب صلوات اهلل
عليه وآله( :وال كان يصلي على سجادة ,بل كان يصلي إماماً بجميع المسلمين يصلي
على ما يصلون عليه ,ويقعد على ما يقعدون عليه ,لم يكن متميزاً عنهم بشيء يقعد
عليه ,ال سجادة وال غيره ,ولكن يسجد أحياناً على الخميرة وهي شيء يصنع من
الخوص صغير يسجد عليها أحياناً ألن المسجد لم يكن مفروشاً ,بل كانوا يصلون على
الرمل والحصى ,وكان أكثر األوقات يسجد على األرض حتى يبين الطين في جبهته
صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم تسليماً ومن اعتقد البدع التي ليست واجبة وال مستحبة
قربة وطاعة وطريقاً إلى اهلل ,وجعلها من تمام الدين ,ومما يؤمر به التائب والزاهد
والعابد ,فهو ضال ,خارج عن سبيل الرحمن ,متبع لخطوات الشياطين).
وأيضا يذكر يف نفس املصدر ج 22ص 521ويف رواية( :إنها ال تتم صالة أحدكم
حتى يسبغ الوضوء ,كما أمر اهلل عز وجل ,فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ,ويمسح
برأسه ورجليه إلى الكعبين ثم يكبر اهلل ويحمده ,ثم يقرأ من القرآن ما أذن له وتيسر
وذكر نحو للفظ األول ,وقال [يقصد النيب] :ثم يكبر فيسجد ,فيمكن وجهه وربما قال:
جبهته من األرض ,حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ,ثم يكبر فيستوي قاعداً على مقعدته
ويقيم صلبه فوصف الصالة هكذا أربع ركعات حتى فرغ ,ثم قال :ال تتم صالة ألحدكم
11
حتى يفعل ذلك» رواه أهل السنن :أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال:
حديث حسن والروايتان :لفظ أب ي داود).
نفس املصدر ج 24ص 211قال ابن تيمية ( :والسنة أن يتقدم الرجل بنفسه ,وأما
من يتقدم بسجادة فهو ظالم ,ينهى عنه ويجب رفع تلك السجاجيد ,ويمكن الناس من
مكانها.
هذا مع أن أصل الفرش بدعة ,ال سيما في مسجد النب ي صلى اهلل عليه وسلّم
فإن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلّم وأصحابه كانوا يصلون على األرض ,والخمرة التي
كان يصلي عليها رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلّم صغيرة ,ليس بقدر السجادة).
ويف مقطع آخر يقول( :فقد نقل ابن حزم في المحلى عن عطاء بن أب ي رباح :أنه
ال يجوز الصالة في مسجد إال على األرض ,ولما قدم عبد الرحمن بن مهدي من
العراق ,وفرش في المسجد أمر مالك بن أنس [امام المذهب المالكي] بحبسه تعزيراً
له[أي انزال العقوبه عليه] ,حتى روجع في ذلك ,فذكر أن فعل هذا في مثل هذا المسجد
بدعة يؤدب صاحبها.
وعلى الناس االنكار على من يفعل ذلك ,والمنع منه ,ال سيما والة األمر الذين
لهم هنالك والية على المسجد ,فإنه يتعين عليهم رفع هذه السجاجيد ,ولو عوقب
أصحابه بالصدقة بها لكان هذا مما يسوغ في االجتهاد ).
وينفي ابن تيمية أن يكون النيب قد استخدم احلائل بينه وبني األرض [أي احلاجز أو
املانع أو وسيط بني اجلبهة والرتاب إال مستُثين من حصري ومخرة بل جعل فرش املساجد
بدعة].
12
وسئل رحمه اهلل (ابن
كما ذكر يف جمموع الفتاوي البن تيمية ج 22صُ …( :191
تيمية) :عن الحديث« :أن النب ي صلى اهلل عليه وسلّم صلى على سجادة» ……
فأجاب :لفظ الحديث «أنه طلب الخمرة» والخمرة :شيء يصنع من الخوص ,فسجد
عليه يتقي به حر األرض وأذاها فإن حديث الخمرة صحيح ,وأما اتخاذها كبيرة يصلي
عليها يتقي بها النجاسة ونحوها ,فلم يكن النب ي صلى اهلل عليه وسلّم يتخذ سجادة
يصلي عليها وال الصحابة ,بل كانوا يصلون حفاة ومنتعلين ,ويصلون على التراب
والحصير ,وغير ذلك من غير حائل).
ويف مقطع آخر قال( :وينقل عن مالك أنه لما قدم بعض العلماء ,وفرش في
مسجد النب ي صلى اهلل عليه وسلّم شيئاً من ذلك أمر بحبسه وقال :أما علمت أن هذا
في مسجدنا بدعة؟! واهلل أعلم).
(قال الشيخ رحمه اهلل [أي البيهقي]ولو جاز السجود على ثوب متصل به لكان
ذلك أسهل من تبريد الحصا في الكف ووضعها للسجود عليها وباهلل التوفيق).
-4ويف املدونة الكربى ج 1ص( : 75وكان مالك يكره أن يسجد الرجل على
الطنافس ).
13
-5قال احلافظ ابوبكر بن أيب شيبة يف املصنف ج 1ص 252ح( : 412حدثنا
حاتم عن هشام عن أبيه عروة بن الزبير[الفقبه التابعي] ,أنه كان يكره أن يسجد على
شيء دون األرض).
-7ويف املصدر السابق قال ابن أيب شيبة أيضا ( :حدثنا وكيع ,عن معقل بن
عبيداهلل ,عن عبد الكريم الجزري ,عن مجاهد ,قال :البأس بالصالة على األرض وما
أنبت ).
-0ويف املصدر السابق قال أيضا ( :حدثنا زياد بن الربيع ,عن صالح الدهان ,أن
جابر بن زيد كان يكره الصالة على كل شيء من الحيوان ,ويستحب الصالة على كل
شيء من نبات األرض ).
أقول :صاحل الدهان وثقه أمحد وحيىي بن معني وكفى هبما وال عربة بقول ابن عدي
ليس مبعرو فالطريق صحيح ..وجابر بن زيد هو األزدي أحد األئمة.
14
-9وقال سحنون املالكي يف املدونة الكربى ج 1ص 74فيما رواه عن ابن القاسم
الي أن يرفع ها
العتيقي عن مالك( :وقال مالك فيمن سجد على كور العمامة ,قال :أحب ّ
ع ن بعض جبهته حتى يمس بعض جبهته األرض.
قلت [يعين عبد الرمحن بن قاسم] :فإن سجد على كور العمامة؟ قال :أكرهه ,فإن
فعل ذلك فال إعادة عليه.
قال مالك وال يعجبني أن يحمل الرجل الحصباء والتراب من موضع الظل الى
موضع الشمس فيسجد عليه ,قال :وكان مالك يكره أن يسجد الرجل على الطنافس
وبسط الشعر[وهو البساط املتخذ من صو احليوانات] والثياب ,واألدم [وهو املتخذ من
البعري األبيض] ,وكان يقول :البأس أن يقوم عليها ويركع عليها او يقعد عليها واليسجد
عليها واليضع كفيه عليها ,وكان اليرى بأسا بالحصباء وما أشبهه مما تنبت األرض أن
يسجد عليها ,وأن يضع كفيه عليها).
-10روى مسلم يف صحيحه حديث رقم ( : 5005عن أبي هريرة قال قال أبو
جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم قال فقيل نعم فقال والالت والعزى لئن رأيته
يفعل ذلك ألطأن على رقبته أو ألعفرن وجهه في التراب قال فأتى رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم وهو يصلي ….) .
وقال النووي يف شرحه للحديث( :قوله :هل يعفر محمد وجهه أي ( :يسجد
ويلصق وجهه بِال َْع َف ِر وهو التراب).
15
سادسا /السجود على التربة من كتب الشيعة -:
-1قال الشيخ الصدوق يف كتابه من ال حيضره الفقيه :ج 1ص( :272قال هشام
بن الحكم ألبي عبد اهلل عليه السالم :أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما ال يجوز ؟
قال :السجود ال يجوز إال على األرض أو على ما أنبتت األرض إال ما أكل أو لبس
فقال له :جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال :الن السجود خضوع هلل عز وجل فال
ينبغي أن يكون على ما يؤكل أو يلبس الن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون,
والساجد في سجوده في عبادة اهلل عز وجل فال ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على
معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها ,والسجود على األرض أفضل ألنه أبلغ في
التواضع والخضوع هلل عز وجل).
وصحح السند العالمة املامقاين عظم اهلل قدره يف تنقيح املقال يف أحوال الرجال ج2
ص .09
وكذلك علق العالمة القهبائي رمحه اهلل بقوله( :السند صحيح ) يف جممع الرجال ج 7
ص ،205طبع بأصفهان 1207هـ ،صححه وعلق عليه السيد ضياء الدين الشهري بالعالمة
األصفهاين.
16
-2يف الكايف ج 2ص 224روى الكليين عن ( :محمد بن إسماعيل ,عن الفضل
بن شاذان ,عن صفوان بن يحيى ,عن إسحاق ابن عمار ,عن عبد الملك بن عمرو
قال :رأيت أبا عبد اهلل عليه السالم سوى الحصا حين أراد السجود).
وعلق العالمة اجمللسي يف مرآة العقول ج 15ص 154على احلديث بقوله( :موثق).
وصحح السند العالمة املامقاين رضوان اهلل تعاىل عليه يف تنقيح املقال ج 2ص.04
بعد عرض تلك الروايات واآلراء اليوجد مكان للشك بوجوب أو على األقل إذا
سلمنا جدالً جواز السجود على الرتاب أو احلصى واخلمرة اواحلصري ولقد ّبني بعض العلماء
فلسفة السجود على الرتاب ،واتضح أيضاً أنه من أكرب القربات هلل سبحانه وأفضل الطرق
لإلعرتا بالعبودية هلل وأقرب الطرق للتذلل له عز شأنه ،وكما الحظنا أيضا كراهة بعض
العلماء يف السجود على السجادة والطنافس واملناديل وغريها من احلوائل بني الساجد
واألرض ،ورأى البعض األخر بأهنا بدعة وضاللة وجيب رفع السجاجيد وتعزير من يصلي
عليها ومن املمكن أن نستفيد منه الدليل على غرينا بوجود الشبهة على مايسجد عليه من
السجاد أو غريه من احلوائل بني اجلبهة واالرض ،وال ميكن بعد هذا أن نتهم من يسجد على
17
الرتبة اجملففة أو احلصى واحلصري وما شابه يف هذا العصر ويف زمن التطور مبن يعبد الرتاب،
ألنه سيتهم النيب صلوات اهلل عليه وآله حاشاه وأصحابه والتابعني هلم بذلك ،وهو املشرع
لكيفية السجود الصحيحة واملادة املسجود عليها وقام العلماء من بعده بنقل تلك الصورة
للسجود ،وحنن بدورنا نطالب بدليل صريح وصحيح واحد ملنع السجود على الرتاب أو احلجر
والطني اجملفف ،وسيُتّهم من يسجد على السجادة بعبادهتا أيضا ،ولكن جيب التفريق بني
املسجود عليه واملسجود له ،الن هذا سيفتح الباب الهتام املسلمني كافة بعبادة الكعبة املشرفة
حيث يتجه مجيع املسلمون حنوها يف صالهتم ،وكان األجدر مبن يتهمون طائفة بالشرك يف
عملها وهي التعتمد إال على الدليل النقلي والعقلي واملأخوذ من كتب الطوائف املعارضة
لتلك العبادة وكيفيتها ،و كان األجدر هبم تطبيق ما صح يف الروايات واليت أفىت مبوجبها بعض
كبار علماء السنة بالسجود على الرتاب واحلصري واحلصى ورأت السجود على غريها من
البدع ، !!..ونأمل أن تكون هذه النقاط املثارة عامل مشرتك يضا إىل سابقاهتا من أمور
املسلمني اليت تقوم على مل مشلهم ورد كيد الكائدين ويقلل من الفوارق اليت صنعته أيدي
أعداء اإلسالم وحتولت إىل دماء تراق يف أحناء العامل بأسره وكان اجلهل هو الشبح الذي جيثم
على صدر من يكون وسيلة لتحقيق اإلهدا اخلبيثة ألعداء الدين.
18