You are on page 1of 3

‫فرويد مؤسس التحليل النفسي‪:‬‬ ‫‪#‬صالح الدين الناجي‬

‫•كانت في أواخر القرن ‪ ، 19‬العديد من القضايا تشغل اهتمام العلماء في مجال البيولوجيا و الفيزيولوجيا ‪ ،‬لم تكن‬
‫تفسيرات وفرضيات العلماء مقنعة من الناحية العلمية و السيكولوجيا ‪ ،‬فظهر سيغموند فرويد كشخصية علمية متميزة ‪،‬‬
‫حيث استطاع تشخيص حالة ( أنا أو ( التي كانت تعاني من أعراض هستيرية بالرغبات الجنسية المكبوتة ‪ ،‬و‬
‫اإلستيهامات الطفولية باألمراض العصابية ‪ ،‬كانت بمثابة ثورة في مجال السيكولوجيا ‪ ،‬ومن أهم مرتكزات المشروع‬
‫الفرويدي‪:‬‬

‫•اكتشاف الالشعور‪ :‬رغم أنه كان موجود في بعض النصوص الفلسفية لفالسفة ‪ ،‬لكنه استطاع أن يرقى به إلى مستوى‬
‫النظرية السيكولوجية ‪ ،‬وجعله أساس الممارسة اإلكلينيكية في الجلسة التحليلية‬
‫•التحليل النفسي الذاتي‪ :‬استطاع فرويد ‪ ،‬من خالل وضع نفسه على أريكة التحليل النفسي العودة إلى ماضيه الطفولي‬
‫‪،‬وما يحمله من ( خبرات ‪ ،‬تجارب ‪ ،‬صدمات ‪ ،‬أحالم ‪ )...‬من أجل صياغة نظرية عامة حول النمو الجنسي للطفل ‪ ،‬وما‬
‫ترافقها من رغبات جنسية وعدوانية‬
‫•المالحظات اإلكلينيكية‪ :‬تعتبر الحاالت التي شخصها فرويد مثل حالة ( أنا أو ) بمثابة مصادر نظرية للتحليل النفسي‬

‫مرحلة التحليل النفسي الفرويدي كانت حافلة باإلنجازات واإلكتشافات الجديدة ‪ ،‬كما كانت تتميز بالمراجعة ‪ ،‬كمراجعة‬
‫فرويد ل ( الالشعور ‪ ،‬الشعور ‪ ،‬ما قبل الشعور ) وتعويضها ب ( الهو ‪ ،‬األنا ‪ ،‬األنا األعلى ) ‪ ،‬حيث استطاع أن‬
‫يحدد بدقة منطق الصراع بين عناصر الجهاز النفسي ‪ ،‬وكشف فرويد حقيقة العالقة بين األنا و الهو بالليبدو ‪ ،‬أي عالقة‬
‫غريزة المحافظة على الذات من خالل الجنس ‪ ,‬ويمكن تفسير جميع الظواهر النفسية واالجتماعية بالعالقة المركبة بين‬
‫اللذة و األلم في اإلنسان ( توجد اللذة في األلم ‪ ،‬ويوجد األلم في اللذة)‬

‫التحليل النفسي كممارسة إكلينيكية‪:‬‬


‫اعتمد فرويد في البداية على تقنية التنويم المغناطيسي كطريقة عالجية للكشف عن الدوافع و الخبرات الالشعورية ‪ ،‬الكن‬
‫سرعان ما استبدلها بالتداعي الحر ‪ ،‬واعتبره قاعدة أساسية للعالج التحليلي ‪،‬‬
‫كان يالحظ بشكل جيد المفحوص حين يطلب منه تذكر األحداث الماضية والتي تبدو لها صلة باألعراض (تعابير الوجه ‪،‬‬
‫المقاومة ‪ ، )...‬وكان عمله هو البحث عن الوسائل التي من خاللها يتم التحايل عن تلك المقاومة للوصول إلى المنطقة‬
‫المحرمة والمحاطة بكل أشكال الرقابة‬
‫تقوم الطريقة التحليلية على إجراء مقابالت مع المريض‪:‬‬
‫‪ ¤‬إخضاع المفحوص لجلستين أو ثالثة في األسبوع‬
‫‪ ¤‬المدة الزمنية في كل جلسة ( ما بين ‪ 40‬و ‪ 50‬دقيقة )‬

‫‪ ¤‬يتمدد المفحوص على األريكة ‪ ،‬والمحلل جالس في الوراء ‪ ،‬تسمح هذه الوضعية للمريض بالتكلم الحر وكأنه لوحده ‪،‬‬
‫ودور المحلل هو‪ :‬المالحظة واإلستماع والتأويل ‪ ،‬وعدم التدخل إال في الوقت المناسب‬
‫التحليل النفسي و العلوم العصبية ‪ :‬أية عالقة؟‬ ‫‪#‬صالح الدين الناجي‬

‫لم تمنح البيولوجيا السائدة في عصر فرويد مايدعم به أفكاره ‪ ،‬لذلك كان يعتمد على تكوينه في ميدان البيولوجيا وعلى‬
‫ذكائه و مالحظاته اإلكلينيكية ‪ ،‬من أجل إقناعنا بالكثير من الوقائع السيكولوجية غير القابلة للمالحظة و التجريب‬
‫لقد تأثر التحليل النفسي بعلوم عصره ‪ ،‬خصوصا أن فرويد كان طبيبا في البيولوجيا ‪ ،‬وكان يدرك جيدا أنه لتأسيس‬
‫مشروعه العلمي (في تأسيس علم جديد) ‪ ،‬ينبغي أن يقوم على أرضية المعارف البيولوجية السائدة في عصره ‪ ،‬لذلك‬
‫فإن جميع األفكار المؤقتة والفرضيات المقترحة في التحليل النفسي هي نابعة من مصدر عصبي – بيولوجي ‪ ،‬بعد ظهور‬
‫علوم األعصاب و ما تحقق من إنجازات في مجال التصوير الدماغي والتعرف على المناطق المسؤولة عن األنشطة‬
‫المعرفية ‪ ،‬و الوجدانية ‪ ،‬و السلوكية‪.‬‬
‫•هل باإلمكان عودة البراديغم الوجداني من جديد؟ • ماهي نقط اإللتقاء بين التحليل النفسي والعلوم العصبية؟‬
‫• كيف يمكن تفسير فرضيات فرويد تفسيرا نورولوجيا؟‬

‫تراجعت فعالية التحليل النفسي ‪ ،‬أمام ظهور أشكال جديدة من العالجات النفسية التي تعتمد السرعة و الفعالية و‬
‫إشراك المفحوص في الخطة العالجية ‪ ،‬وعلى التحليل النفسي تأكيد استمراريته من خالل اإلنفتاح على العلوم العصبية‬
‫و المستجدات العلمية ‪ ،‬والمحاوالت الجادة إلعادة اإلعتبار للتحليل النفسي جاءت من الواليات المتحدة األمريكية و‬
‫أعضاء الجمعية الدولية للتحليل النفسي ‪ ،‬ومن بينهم‪:‬‬
‫‪ : Mark solms‬اهتم بالميكانيزمات العصبية و األساس النورولوجي للحلم ‪ ،‬من خالل البحث عن العالقة القائمة بين‬
‫التفسير العلمي و التأويل الفرويدي‬
‫‪ : jack Panksepp‬حاول دراسة النظام العصبي الخاص والمسؤول عن عملية الجزاء أو المكافئة ‪ ،‬التي يقوم بها‬
‫الدماغ في حاالت اإلدمان‪.‬‬
‫هذا المجهود توج بنشر المجلة العلمية المتخصصة بعنوان " التحليل النفسي العصبي " سنة ‪ ، 2005‬وكان أول مؤتمر‬
‫خاص بالتحليل النفسي العصبي في البرازيل جمع مجموعة من العلماء والباحثين المتخصصين في العلوم العصبية ‪ ،‬و‬
‫علم النفس العصبي ‪ ،‬وأصبحت الفرضيات السيكو تحليلية اآلن قابلة للمالحظة والتجريب والتفسير ‪ ،‬عن طريق تقنيات‬
‫التصوير الدماغي ‪.‬‬
‫نتائج األبحاث والدراسات التي توصلت إليها العلوم العصبية تمكنت من تحديد عالقة التقاطع بين فرضيات التحليل النفسي‬
‫و التفسير النورولوجي ‪ ،‬ويمكن تحديد هذه العالقة في ‪:‬‬
‫تأكيد الدور المهم لألنشطة العصبية للدماغ في جميع العمليات الفيزيولوجية ‪ ،‬و الوجدانية ‪ ،‬و السلوكية ‪ ،‬و المعرفية ‪،‬‬
‫من أجل تحقيق التوازن بين األنشطة الالإرادية و الرغبات الوجدانية و القرارات المنطقية‬
‫• اقتراح العالم النورولوجي ‪ Paul Mac Lean‬اقتراح نظرية التقسيم الثالثي للدماغ ( الزواحف – الدماغ الوجداني ‪-‬‬
‫الدماغ الجديد أو الدماغ المعرفي ) ‪ ،‬والعالقة بين هذه األدمغة قائمة للحصول على إنسان "سوي" وهذا المبدأ هو نفسه‬
‫الذي تحدث عنه فرويد في تأويله لمنطق الصراع بين مكونات الجهاز النفسي وعناصره ( الهو ‪ -‬األنا – األنا األعلى )‬
‫يتيح لنا الدماغ الوجداني فهم آليات الكبت و الذاكرة و النسيان ‪ ،‬خصوصا في كل من اللوزية و الحصين ‪ ،‬فاللوزية‬
‫تشغل جزء صغير من الدماغ ولها صلة بالمعلومات البصرية اآلتية من العالم الخارجي ‪ ،‬و خزان للصور التي تلتقطها‬
‫العين ‪ ،‬ثم تتحول إلى منبع للمشاعر واإلنفعاالت غير الواعية ‪ ،‬و ذاكرة للعواطف الضمنية‬

‫مطواعية الدماغ وعودة البراديغم الوجداني‪:‬‬


‫يخضع دماغ اإلنسان لتغيرات وتحوالت كبيرة ‪ ،‬حسب التجارب والخبرات التي يعيشها كل شخص ‪ ،‬و مطواعية الدماغ‬
‫هي التي تشكل نقاط التفاعل بين النشاط العصبي اآللي ( الفطري ) و تشكل المشابك واإلقترانات العصبية الجديدة‬
‫المكتسبة ‪ ،‬نتيجة الخبرات و التجارب و الصدمات منذ مراحل الطفولة‬

‫على أساس هذه المعطيات ‪ ،‬تبدو فكرة فرويد حول "الالشعور والخبرات والتجارب والصدمات النفسية التي عاشها‬
‫اإلنسان في الطفولة " ‪ ،‬تتقاطع مع الفكرة التي توصلت إليها الدراسات النورولوجية حول "العوامل المتحكمة في‬
‫عملية تكوين الشبكات العصبية "‬

‫فالبنيات العصبية ليست مكتملة و تامة البناء ‪ ،‬وإنما تتشكل بواسطة التجارب والخبرات الخاصة بكل شخص ‪ ،‬لتتحول‬
‫إلى رصيد هام من الذاكرة اإلبيزودية ‪،‬‬

‫وكان فرويد يتحدث دائما عن أهمية الذاكرة وما تخزنه من صدمات مكبوتة وخبرات الشعورية تعود إلى مرحلة الطفولة‬
‫‪ ،‬وعالقة ذلك بأنواع العصابات‬

‫توصلت األبحاث النوروسيكولوجية ‪ ،‬إلى أهمية العالقة بين أنواع الذاكرات و اإلضطرابات الذهنية ( الوسواس‬
‫القهري – اإلكتئاب ) ‪ ،‬فهذه اإلضطرابات لها عالقة بعمليات تخزين المعلومات في الذاكرة الضمنية ‪ ،‬وكيفية معالجتها‬
‫‪ Antonio Damasio‬أشار إلى أهمية التجارب الشخصية في تخزين الذكريات السعيدة و الحزينة ‪ ،‬والتي قد تتحول‬
‫إلى عالمات جسدية ‪ ،‬وحاول إثبات أهمية العامل الوجداني في اتخاذ القرارات‬

You might also like