Professional Documents
Culture Documents
12-1 النقد الأدبي
12-1 النقد الأدبي
ّ
بمرحلة التّعليم الثّانوي (القسم األدبي)
ّ
متخصصة إعداد جلنة
عليمية والبحوث تّال� ّ
بوية بتلكيف من مركز املناه ّ
الت ّ ج
1441 -1440هجرية.
2020-2019ميالدية.
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة
لمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
A
الصفحة الموضوع
5 املقـدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الصفحة الموضوع
أ ت�ليــــل ّ
55 النـــص الدبـــي ونقـــــــــــده
بن ئ َّ َ َ ضْ ّ ِّ
57 نا� -ا� زيدون ي الت � أ عري الش الفن
ُّ َ
63 الفــــــــن الق ّصصـــــــــــــــــــــــــــــــي
69 قصـــــة قصيـــــــــــــــــــــــرة ن�ـــوذج ّ :
75 ّ
املرسحــــــــــــــــــــــــــــي ّ
الفــــــــــــن
79 ن�وذج مرسحية ثورة معر املخ تار -حممد الفيتوري
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
مقدمة
الطـ ّـاب وزمالئنــا املدرسـ ي ن ّ ال بد� نضعــه بـ ي ن أ
ـ�، ـ� أيــدي أبنائنــا ي هــذا كتــاب النقــد
أ
ـ� رأينــا نأ�ــا تفيــد الــدارس، ي
ـد� واحلديــث الـ ت ي ـ الق د�ـا� النقــد ب ي
ال أمه قضـ ي وقــد حــوى ّ
زً ً ت
ـ�ا ـ� التطبي ـق ي حـ ي ي ـ العم ـب ـ ان ال
ج ـغل ـ ش ـذا
ـ وهل ـة،ـ النقدي ـة ـ للعملي ـا ـ اممرس ـهـ من ـل ـ ع و�
ج
ـ� الطالــب عــى النقــد والتحليــل ملــا يقـرأ مــن هممـ ًـا ف� الكتــاب وهــو مــن شــأنه ت�فـ ي ز
ي
ف ت أ
والبــداع ي� العمــل المــال إ فنــون الدب املخ تلفــة ،و�كينــه مــن كشــف مواطــن ج
ف ُْ ف أ
سـ ُـم ي� تنميــة الــذوق ،ومســو النفــس ،وقــد توخينــا ي� هــذا الكتــاب ِ ي ـا
ـ م ـو
ـ وه ، د�
بي ال
ض ض ُ أ التطور ي خ ّ
ملا�.
د� عند العرب ،وهدفنا ربط احلا� ب� ي التار� للنقد ال ب ي ي
5
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
6
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الفصل األول
ّ ّ
النقد والناقد
7
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
8
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
مفهــــــوم النقــــد:
الــسءّ ، والن ْق ُــد :اختــاس النظــر ن�ــو ش
نقــدا :إذا نقــره �صبعــهَّ ، ً َن َق َــد ش
والنقــد ي إ ب ينقــده ء الــس
ي
َّ ن ف ش
ـا� اللغويــة املذكــورة يتضــح أن
ـسء إللحاطــة بــه ومعرفتــه ،ومــن خــال التدقيــق ي� املعـ ي اختيــار الـ ي
يز
فالتمي�. النقد معناه :العطاء ،فالتناول،
والمــال الـ ت أ ً ّ
ـ� امس
ي ج ـن
ـ احلس ـارص ـ عن ـتخالص ـ واس ، د�
بي ال ـل ـ العم ـة ـ مناقش ـوـ ه ـاوالنقــد اصطالحـ
ت َّ
ال� ات َضع ب�ا. ي عف �ا ،وامست القبح ّ
والض ب
وظيفة النقد وغايته:
ت ت ت
الغــرض مــن �ديــد وظيفــة النقــد وغايتــه هــو �ديــد الــدور الــذي يقــوم بــه النقــد ،و�ديــد
ت أ ت ف
اال�اهات ـ� تُ ُ� ِّي ز� بعــض ج ي
وإ�از الـ ّـامت الـ ت ب ـة، ـ دبي ال ـات ـ اه اال�
ج ـح ـ توضي �
ي م إليــه اهلــدف الــذي ي� ي
يل: من بعض ،يو�كن تلخيهصا يف� ي
ف ف أ
د� مــن الناحيــة الفنيــة ،وبيــان قيمتــه « املوضوعيــة »� ،ــو الــذي ينظــر ي� ـد� العمــل ب ي
ال 1.1تقـ ي
أ ف أ
الــودة الفنيــة ،والصــدق، يعالــه ،مــن حيــث ج د� الــذي ج النــس ال يب مــدى توفيــق الديــب ي� ج
ف
والتأث� ي� احلياة. ي
أ ْ ف خ أ ف ن
ـد�
ي ـ فتق ـه،
ـ إلي ـ�ي ـ ينت ـذي ـ ال دب ال ـامل
ـ ع �
ي : أي ـاص، ـ ال ـاهل ـمج �
د� ي 2.2تعيـ يـ� مــان العمــل ال ب ي
ْ أ ْ أ
د� مــن الناحيــة الفنيــة يقتــض ي أن َيعــرف الناقــد ماكنــه مــن الدب ،وأن ي�ــدد العمــل ب ي
ال
ّ أ ف ف أ ت
و� عــامل الدب لكــه بصفــة عامــة، د� ي� لغتــه بصفــة خاصــة ،ي مقــدار مــا أضافــه إىل الــراث ال ب ي
الناقــد ْأن يتبـ ي ن أ
ـ� أهــو ن�ــوذج جديــد ،أم تكـرار لـامن ذج ســابقة الد� مــن ّ
كذلــك يتطلــب العمــل ب ي
مــع ش�ء مــن التجديــد؟ ث� أن ينظــر ِ َلــا فيــه مــن جديــد يؤهــه للبقــاء ،أم هــو فضـ ة ْ
ـ� ال تضيــف ي
ش َّ أ ت
�ء؟ إىل ال�اث الول أي ي
أ أ 3.3ت�ديــد ت أ� ث
ثــره يف�ــا ،وهــذا جانــب مــن الــ� يظهــر يف�ــا ،ومــدى ت� ي أ ي
ال بد� ب�لبيئــة ت
ي العمــل �
أ يخ ـد� الاكمــل للعمــل ال بد� مــن الناحيتـ ي ن
والتار�يــة ،وإذا اكن الدب وليــد ـ� الفنيــة ي جوانــب التقـ ي
أ ْ
د� مــن بيئتــه بي ال ـل ـ العم ـذ ـ أخ ـاذا ـ م ـد ـ الناق ـرف ـ يع أن ـد�
بيئتــه فإنــه يكــون مــن املهــم عنــد التقـ ي
ومــاذا أعطاهــا ،إذ عــى معرفــة ذلــك يتحـ ّـدد مــدى مــا فيــه مــن إبــداع ،ومــن اســتجابة للبيئــة،
9
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أ أ ت
د� ببيئتــه أمــر مســتطاع إذا توافــرت املعلومــات والدراســات يب ال و�ديــد مــدى ت� ث� العمــل
ً ً ً والوضاع ت أ
ال� سبقت وأحاطت معال أدبيا معينا. ي للظروف
ف أ أ تأ
د� ب�لبيئــةّ ،أمــا عــن مــدى ت�ثـ يـره يف�ــا� ،ــن الهســل معرفتــه بي ال ـل
ـ العم � ث � - 4هــذا عــن مــدى
م� عليه من الزمن ما ف قد� ًا ض أ
يك� احلمك عليه. ي ي د�
إذا اكن العمل ب ي
ال
أ ُ
د� مــن خــال أمعــاهل ،وبيــان خصائصــه الشــعورية بي ال العمــل صاحــب امست عــرف ت -5
أ
وو� ت�ــا
ـ� تضافــرت عــى نتــاج أمعــاهل الدبيــة ،ج ت
والتعب� يــة ،وكشــف العوامــل النفســية الـ ي ي
و�ة معينة خاصة. ج
أ
- 6النقــد يوســع ثقافــة الديــب يو�كنــه مــن فنــون جديــدة ،وأســاليب ممتعــة ،وأفــار حصيحــة
أ بسبب ما ت
معاي� للجمال .
يق�حه عىل ال بد�ء من ي
ف آث أ َ
القــراء ،ويســاعدمه عــى �مهــا ،يو�مس هلــم طــرق القــراءة الدبيــة إىل ّ ُ - 7يق ّــرب النقــد ال�ر
ف ت النافعــة ،يو� ن
المــال والتــذوق نــواح ج
ي د�ــم إىل ك�ــم مــن �ليــل النصــوص� ،ــو بذلــك ي� ي
أ
د�.بي ال
- 1الموهبـــــة:
أ أ ف ت
د� وتذوقــه والتـ ثـأ� بــه؛ لن الناقــد الفاقــدـذا� لــدى الناقــد ل�ــم العمــل ب ي
ال وه االســتعداد الـ ي ي
�ض أ خ َ ْ
د� ب�نطباعــات وا ــة ،هممــا ج�ــع مــن لمليــول الفنيــة غـ يـر قــادر عــى أن ي�ــرج مــن العمــل ال ب ي
ّي
ونظر�ته. المال وأصوهل قواعد علوم ج
10
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
- 2الثقافة الواسعة:
الد� بثقافــة موســوعية ال تقــف عنــد ثقافــة ن أ مــن املهـ ّـم ْأن يتمـ ي ز
بعي�ــا ،بــل تتطلــب إالملــام بي ـد
ـ الناق ـ�
يخ ف ة ب ج�مـ ة
الميــ� ،واملوســيقا ،وعــم النفــس ،والتــار� ،ج�ميــع هــذه ـ� مــن العلــوم واملعــارف ،مثــل :الفنــون ج
أ
العلوم ت�تبط ب�لدب ،الرتباهطا ب�ياة إالنسان.
أ أ أ أ
د� إىل معايشــة الدب وكـرث ة مدارســته؛ لن ذلــك يعينــه عــى العــم ب�لدب، امك ي�تــاج الناقــد ب ي
ال
ً
ـدراك الفــروق والتميـ ي ز أ ً أ ـد�ه أو التميـ ي ز
ـ� بـ ي ن
ـ� ـ� جيــده ورديئــه ،فالتمــرس ي ج�عــه بصـ يـرا ب�مــور الدب ،مـ وتقـ ي
ّ أ والجود ،ي ن أ ين
القوي والقوى. وب� اليد
ب� ج
- 3معرفة ال ّلغة:
أ أ ْ
عــى الناقــد أن يكــون ذا معرفــة واســعة ب�للغــة؛ لن اللغــة مــادة الدب ،ومــن خالهلــا يـ ت ّـم تصــوره
ف أ ْ إللنســان وللحيــاة ش
الب� يــة ،فعــى الناقــد أن يــدرك دورهــا الدقيــق ي� الدب ،فيــدرس الملكــات مــن
ُ
مفــردات جُو�ــل؛ ليقــف عــى مــا تقدمــه الملكــة مــن يإ�ــاءات وصــور وموســيقا ،وهــذا لكــه يفــرض
ْ ّ
عــى الناقــد إالملــام بعلــوم النحــو والــرف ،والعــروض ،وعلــوم البالغــة ،ولك مــا مــن شــأنه أن ي ز� يــد
أ
وخفا�ها.
ي من معرفته ب�رسار العربية
- 4ن َّ ز
ال�اهة والصدق:
ْ أ ف تز أ عــى ّ
د� ،فالنقــد ال ي�كــن أن يقــوم عــىي ب ال ـد
ـ النق �ي ـة
ـ واملوضوعي ـة
ـ العملي ـة ـ مانال الناقــد أن يلــ�م
ّ أ ف التعصــب والعاطفــة اللـ ي ن
ـذ� قــد يدفعــان ب� إلنســان إىل إالفـراط ي� التقريــظ ،أو الــذم ،لســباب فرديــة
تكون الوالء ،أو املعاداة الشخصية. قد ّ
ْ ّ آ ً ف ْ وعــى ّ
ـر� ومناقشـ تـها بــل موضوعيــة ،وأن يتحـ َّـرى الخـ ي ن الناقــد أن يكــون صادقــا ي� عــرض أفــار
ت آ ف ف
و�نــب رسقــةأحصا�ــا ،ج
ب حقيق�ــا ،ونسـ تـب�ا إىل
ت ـر� ،واحلــرص عــى نقلهــا عــى الخـ ي ن الدقــة ي� �ــم آراء
ت أ ف آ
د� ال خ�تلف عن أي رسقة. بي ال النقد �
ي العملية قة خر�ّ ،
فالس ن ي ال أفاكر
11
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
أ ف ْ ت شّ
د�؟
بي ال الناقـد �ي تتوافر أن ب �ج ي ال�
ي وط ال� 1.1ما
أ ْ ت
� 2.2ـــدث عـــن جمــــاالت النقــــد الدبـــــــــي.
ّ ّ أ
3.3كيف يستطيـــــــــع الناقد الولــــوج إىل عامل النص الدبــــي؟
أ ف
د� ي� حياة إالنســـــان؟ 4.4ملاذا ال ي�كن االستغناء عن النقد ال ب ي
ِّ ْ أ ف
د�َ .علل. بي ال الناقد �ينب� توافرها ي
ال� غ ت
5.5املوهبة من الصفات ي ي
ن ت
ال� ي�تاج يإل�ا الناقد إل ج�از هممتــــــــــــــــــه؟ 6.6ما نوع الثقافة ي
ً 7.7كيـــــــف ي�كــــــــن ْأن يكـــــــــون ّ
الناقــــــــد نز� ي�ــــــــــــا؟
12
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
نشأة النقد األدبي عند العرب
بدايات النقد:
ف أ
ـر� ،ومــع ذلــك ال نســتطيع أن نقــف عــى الصــورة الوىل للنقــد ي� ـد� قــدم الشــعر العـ ب ي النقــد قـ ي
ف أ
عــر مــا قبــل إالســام؛ لن مــا قيــل مــن شــعر ومــن نقــد ي� تلــك الفـ تـرة مل يصــل إلينــا ،ومل نعــرف
ّ ً
ـيئا ،حـ تـى إ َّن مــا قيــل بعــد تلــك املرحـ ة
ـ� مل يصــل منــه إال القليــل النــادر .يقــول أبــو معــرو ِ عنــه شـ
ً ّ
بن� العــاء« :مــا انـ تـىه إليــم امم قالــت العــرب إال أقــه ،ولــو جــاءمك وافـرا جلــاءمك عــم وشــعر كثـ يـر»،
ومع ذلك فقد وردت إلينا بعض صور النقد نملح نم�ا ثأ� البساطة وقرب املأخذ ،نم�ا:
- 1حكومة «أم ُج ْن ُدب»
وه أقــدم مــا ُعــرف ،حيــث التـىق امــرؤ القيــس وعلقمــة بن ن
بـ يـ� امــرئ القيــس وعلقمــة � عبــدة ،ي
ّ
بن� عبــدة يتذاكـران الشــعر ،ومهعمــا ّأم ُج ْنـ ُـدب زوج امــرئ القيــس ،فقــال امــرؤ القيــس :نأ� أشــعر
أ ت
منــك! وقــال علقمــة :بــل نأ� أشــعر منــك! و�ــاامك إىل أم ُج ْنـ ُـدب ،فملــا فرغــا حمكــت لعلقمــة؛ لن
ف ف
امرأ القيس ي� نظرها مل يبدع ي� وصف فرسه امك أبدع علقمة.
تلمس وطَ َر َفة:
الم ِّ
ُ -2
بن ََ َ َ
صغ� يلعب مع الصبيان -إىل املتملس قوهل-:
ص� ي
بي وهو – مسع العبد � ة ي ُ�وى أن طرف
َ َّ ْ َ َ ّ ُ ُ ْ وقد َ
أتناس َّ
بناج عليه الصيعر ية مكد ِم.
ٍ احتضاره عند اهلم
البع�. ف ُ
يعرية مسة ي� ُعنق الناقة ال ي
الص ّالمل! أل َّن َّ
فقال طرفة :استنوق ج
وب� بن ب يأ� خازم يُقويان: ن
الذبيا� ،ش - 3النابغة
ي
قــال أبــو معــرو بن� العــاء :ف�ــان مــن الشــعراء ن
اك� ُي ْقــو ي�ن :النابغــة وبـ شـر بن� أ� خــازمّ ،
فأمــا بي ِ
ّ ُْ ُ
النابغــة فدخــل يـرث ب فغـنّ يَ بشــعره ففطــن فــم َيعــد إللقــواء ،وأمــا ِبـ شـر فقــال هل أخــوه :إنــك تقــوي،
قال :ما إالقواء ؟ قال :قولك:
يت ُخ َذامُ
ُوي ْنس مثل ما ُنس ْ ْ ُ
هر يس يل َّ َت َ َّ َ
ِ ي أمل � أن طول الد ِ
ث� َ
قلت:
َ َ ْ َ َ
البــــــلد الش ِـآم
ِ ف ُسق َنامه إىل قــومنا فبغ ْوا علينا وكــانوا
13
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
خط� ،و ُ
لست بعائد. فقالَّ :تب ُ
ينت ئ
ي
ف
القوا� إعر ً با�)
ي (القواء :اختالف
إ
مرحلة التّأسيس:
ً ً ف ظـ ّـل النقــد ف� عــر النبــوة خ
والالفــة الراشــدة امك اكن ي� عــر مــا قبــل إالســام نقــدا فطـ ي
ـر� ي
ـ� الشــعراء ،يو�ــم لشــاعر عــى آخــر ،أو عــى آخـ ي ن ً ً
ـردا مــن التعليــل ،نقــدا يفاضــل بـ ي ن
ـر� ،مــن جمـ
ِّ أ
دون أن يشــفع احلــم ب�ســبابه أو حيثياتــه ،والتطــور الــذي حــدث هــو العــدول ب�لشــعر عــن
أ ً ت ً ت
د� ب�قــدار بي ال ـل
ـ العم ـىـ ع ـه
ـ في ـاس
ـ املقي ـون
ـ يك ـاميا
ـ إس ـاا�اهـ واال�ــاه بــه ج
ج الاهليــة،
املفاهـ يـم ج
ف مطابقته أو عدم مطابقته ّ
للحق ،وهذا ما بع� عنه حسان بن� ث�بت ي� قوهل:
ْ َْ ً ْ نّ ِّ ُ
حقاوإن ُ ُ عىل املج ا ِل ِس ِإن كيسا املرء َي ْع ِر ُض ُه
وإ�ا الش ُعر ل ُّب ِ
َْ َ َ ُ
َب ْي ٌت ُيقال ِإذا أنش ْـدت ُه َصدقــــا. نـت قا ِئ ُلَُو َّإن َأ ْش ْع َـر َب ْيت َأ َ
ٍ
***
ن ف ّ
املعلـ ة أ غ
ـ� آخــذة ي� الظهــور ،ومــن ذلــك مــا ج�ــده عنــد بو�� هــذا فقــد بــدأت الحــام النقديــة
أ َ ْ الطــاب عندمــا طلــب مــن بن معــر بن� خ
ا� عبــاس أن ينشــده مــن شــعر زهـ يـر ،وحــم لزهـ يـر ب�نــه
ف وه « :أنــه ال يتبــع ُحـ ش يّ أ شــاعر الشــعراء ،ث
ـو� الكلام ،وال يعاظــل ي� ي ، ـباب
ٍ ـ س � ب ـه ـ حمك ـفعـ ش �
ة ف
املنطــق ،وال يقــول إال مــا يعــرف ،وال ي�ــدح الرجــل إال ب�ــا فيــه » واملعاظــ� ي� الكلام يه شــدة
ّ
تعليق الشاعر ألفاظ البيت بع�ض ا ببعض.
ً ً ً ً ّ ُ
زهــرا ويعليــه عــى ج�يــع الشــعراء إن َعــر ب�ــذا يصــدر حكما أدبيــا مفصــا يفضــل فيــه ي
الخــر إىل املضمــون ،فــان يـ ث آ
ـؤ� العتبــارات ي�جــع بع�ض ــا إىل الصياغــة اللفظيــة ،امك ي�جــع بع�ض ــا
ّ البينــة املــاحم ،والعبــارات الـ ت الهســ� املألوفــة ،والصــور القريبــة املنــالّ ، ة أ
ـ� تــدل عــى ي ـاظ ـ لفال
بن ف
أ� طالــب يقــف مــن امــرئ القيــس �
ي بي ـ� ـ وع ، ـر
ي ـ زه ـعرـ ش �
صــدق (التجربــة) وهــذا وجــده ي
ً ً
موقــف معــر مــن زهـ يـر ،حمــاوال تعليــل حمكــه عــى غـ يـر مــا اكن موجــودا لــدى نقــاد عــر مــا قبــل
ين بن َ َّ َ
املتقدمــ� بقــوهل« :رأيتــه أ� طالــب امــرأ القيــس عــى الشــعراء بي � عــ�
ي ــل البعثــة ،فقــد فض
ً أ ّ ّ
أحس ـهن م ن�درة وأسـ قـب�م ،وأنــه مل يقــل لرغبــة وال لرهبــة «.فعلــل حمكــه ب�نــه أحس ـهن م التقاطــا
ِّ ً ف املعا� ،ق جلواهر ن
بد�ة وابتاكرا ي� طرائف الشعر». وأسب�م ي ي
14
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـر واالســتقرار ،وبــدأ التنافــس بـ ي ن
ـ� ومــع مــرور الزمــن بــدأت حيــاة العــرب تسـ يـر ن�ــو التحـ ض
الدب والنقــد مواكبـ ي ن أ ً ً ً أ
ـ� القبائــل العربيــة ي�خــذ شكلا سياســيا ،أي :رصاعــا حــول احلــم ،واكن
ف ف
ـ� حدثــت ي� احليــاة العربيــة� ،ــا دام النقــد هــو (فـ ّـن دراســة النصــوص، ي
جلميــع التحــوالت الـ ت
ا�اهاتــه تو�راكتــه ،يتـ ثـأ� بــه ويـ ث أ ف ّ ت ف ز ن أ
ـؤ� ـ� الســاليب املخ تلفــة) �ــو ب�ــذا يسـ يـا� الدب ي� لك ج والتميـ يـ� بـ ي
فيه.
الشــعر وتطــور ف ي� هعــد بـن أميــة غلــب الغــزل احلـ ض ّ
الديــدة ـري بفعــل العوامــل ج ي وعندمــا ن�ــض
ف
الديــدة ي� بيئــة احلجــاز ومتمعــه ،وقــد اســتتبع هــذه نال�ضــة الشــعرية ج ـ� ط ـرأت عــى بيئتــه ج ي
الـ ت
ق ف أ ت ف ن
ر� الــذوق ،واتســاع ار�ــا ي� روهحــا ،وتــدل إىل حــد مــا عــى ي د� ج� ي �ضــة أخــرى ي� النقــد ال يب
أ
الفق والنظرة ،فالتفت النقاد إىل بعض جوانب النقد مل يلتفت يإل�ا النقاد السابقون .
ٌّ والنقــد ف� هــذه املرحـ ة ّ
ـ� أهســم فيــه الرجــال ،والنســاء ،والشــعراء ،وغـ يـر الشــعراء ،لك عــى قــدر ي
ف
ذوقه و�مه ،وروحه ونوع ثقافته.
أ
الدب ف� هذه ت
الف�ة نذكر: ي ومن مالحم تطور
ـ� ط ـرأت عــى الديــدة ّالـ ت ج ـاتـ اه ج
ت
اال� ـدمه ـ نق �
ي
ن ف
ـ� ي ـ مواكب ـدـ للنق ـمـ أنفهس اءر ـع ـ الش ى -1تصـ َّ
ـد
ي
ف بن الشــعر ،ومــن ذلــك أربعــة مــن كبــار الشــعراء جأ�عــوا عــى تقـ ي
أ� ربيعــة ي� الغــزل، ـد� معــر � ب ي
َ
ـر� ،جو�يــل ،فيقــول نصيــب عنــه « :ل ُع َمـ ُـر وهــؤالء الشــعراء مه :نصيــب بن� بر�ح ،والفــرزدق ،وجـ ي
ـو�ت احل َجــال « ،ف�ــو �ى أنــه أحســن معارصيــه وصفـ ًـا حملاســن املصـ ن ـر�ت ِ أ� ربيعــة أوصفنــا لـ َّ ب بن
ي � بي
ُ
وغ�هــن مــن نســاء العــرب ،وقــال الفــرزدق عندمــا مســع َعـ َـر يتشـ َّـب ُب « :هــذا مــن القرشـ ّـيات ي
َْ
الد�ر ،ووقع هذا عليه ». الذي اكنت الشعراء تطلبه فأخطأته وبكت ي
أ� ربيعــة نشــأة الغــزل امك ينبـغ ي أن يكــون ،وأن مــا ســبقه مــن غــزل مل بن
والفــرزدق يعــزو إىل ا� ب ي
ف
يكــن إال حمــاوالت قــام ب�ــا الشــعراء ي� ســبيل اكتشــاف هــذا الغــزل ،فأخطــأت طريقــه وبكــت
أ� ربيعة. � بن رُ الد�ر واكتشفه ُ َ
ع ي
بي
وجرير يقول:
َّ
وإن أنســب النــاس » املخ ــزوم ،يعــن بن
أ�
«ا� يب ي ي « إنــم ي� أهــل املدينــة يعجبــم النســيب،
ف أ
ربيعة» ،فيصفه ب�نه أحسن الشعراء ي� ب�ب الغزل والنسيب.
15
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ت بن َّ
أ� ربيعة ،وأنشد ج�يل قصديته ي
ال� يقول يف�ا: أما ج�يل فإنه عندما اجتمع مع معر � ب ي
ُ َ
الب ْخ ِل. َ
جـانـب ُ ْ
أبـدت لنا ُبثينـة أو ـللقد فـرح الواشـون أ ْن َص َـر َم ْت َح ِْ
ـب
أُ ي
َ َ ْ ُ ً
ـــــــــل.
ِ ْ
مال عن بثينة من م
س ي لق ِ ُ يقـولـــــونْ َ :مـال ي� ج�يل وإننـــــــــي
***
ً ّ ف حتــى تأ� علـى آخرهـا ،ث� قـال لعمـر :ي� بأ� خ
الــروي شـيـئــــا ؟ الطـاب هـل قلـت ي� هـذا
قال :نعم.
قال :فأنشدنيه ،فأنشده قصيدته تّ
ال� مطلهعا:
ي
قتل فقـــر بنــي يــوم ِ َ
َّ ـــح ب� ّ
لـــود بينــي ن َج َ
ـــرى ن� ِص ٌ
ـاب إىل ي
احلص ِ وبي�ـــا
الطــاب ،ال أقــول مثــل هــذا ! ،وهللا مــا خاطــب النســاء مخ اطبتــك أحــد ،وقــام فقــال :يه�ــات ي� بأ� خ
ّ ً
مشمرا.
ا� أ� ربيعــة ف� الغــزل ،وهلــذا ّ َّ
يفضــه عــى ي بي
بن ن
وبــ�ي بينــه شاســع البــون أن جو�يــل بن� َم ْع َمــر ي�ى
ف نفسه ،ث� ي�مك هل ب�لتفوق عىل ئ
سا� الشعراء ي� مخ اطبة النساء واحلديث يإل�ن.
َّ ف أ أ
أ� ربيعــة ب�نــه إمــام جم ّــدد ي� شــعر الغــزل ،وأنــه الربعــة حمكــوا بن
ال� يب وهكــذا ن�ى أن الشــعراء
ت ً
ا�اها يغ� مسبوق. استحدث فيه ج
ً ف ـ� ي�يــل ن�ــو ّ -2بــدأ النقــد ف� هــذه املرحـ ة
أ� عتيــق ،مو�ض ــا ســبب بي
بن
ا� ـول ـ ق �
ي ـذا ـ ه ـر
ـ ويظه ـل،
ـ علي الت ي
أ� ربيعة ،فيقول: بن
تقد�ه لعمر � ب ي ي
ـعر ،ومــا ـ لش ـت
ـ ليس ـةـ للحاج ك روع ُلــوق ب�لنفــسَ ،ود َ « ِلشـ ْـعر معــر بن� أ� ربيعــة َن ْو َطـ ٌـة ف� القلــبُ ،
ٍ ي بي ِ
بن ثَ ُ ّ ّ ُع ِ َ ُ
أ� ربيعة» . ص بشعر ا� ب ي ص هللا -جل وعز -بشعر أك� امم ع ِ َي ي
وه :دقــة املع ـىن ،ولطــف الشــعر ــا � ب فــا� أ� عتيــق حــم لعمــر بن� أ� ربيعــة ألســباب ي ز
يتمــ� بن
ي بي بي
والعراب عن احلاجة. املعا� ،إ وإ�رة ن احلوا� ،ث ش املدخل ،وهسولة املخ رج ،ومتانة احلشو ،وتعطف
ي ي
16
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـ� أصبــح النقــد ي�يــل إىل املوضوعيــة ،ويبتعــد عــن روح التعصــب واهلــوى ،يو�اد -3ف� هــذه املرحـ ة
ي
ف أ ف
بــه العــم والتوجيــه وخدمــة الشــعر مــن ج�يــع نواحيــه ،مــع االســتعانة ي� ذلــك ب�لصــول املقــررة ي�
َ ُ أ
ـد� الدب ،بو�ــذا دخــل العملــاء ميــدان النقــد ،وقــد اكن مــن ق ْبــلاللغــة والنحــو والعــروض ،وتقـ ي
ق أ َْ ً
ومتذو� الدب.
ي اء
ر والشع الرواة، عىل فا وق
وقــد أرىس العملــاء نقــدمه عــى مــا أحاطــوا بــه مــن دقائــق اللغــة ،وأصــول النحــو ،وأعاريــض
الشــعر ،ومــا ي ج�ــوز يف�ــا ومــا ال ي ج�ــوز ،تو�كنــوا ب�ــذه الثقافــة ْأن ينظــروا ف� الشــعر يف�ــا ّ
فيصوبــوا، ي
و� ّطئوا ،ويقدمواّ ،
ويعدلوا . يخ
ف أ
ـ� والنحــاة ي� شــعر الفــرزدق مــادة خصبــة لنقــدمه النحــوي، الول مــن اللغويـ ي ن وقــد َو َجـ َـد الرعيــل
بن ّ ًّ ف ً
ا� ســام وتلكــا ي� شــعره ،فقــد ذكــر م أكـرث مه نقــدا للفــرزدق، ض
أ� إحســاق احلــر ي
بن
واكن عبــد هللا � ب ي
مد�ه ي ز� يد بن� عبد امللك : أنه ملا مسع الفرزدق ينشد ف ي� ي
ـطن َم ُ ُ ْ َ ُ ْ نَ شَ َ َ َّ ْ َ ُ
ـور
ِ نثـ يف الق ِ ب� ِ
ـاص ٍب كن ِد ِ سـتقب يل� �ال الشأ ِم تض ِـر بنا م ِ
ََ َ ُ معا�ـنـا ُي قَلـ� ْ
احف ت ْـز ج َ�ُ ،م ُّـخها ِر ي ِ�. علـى زو ِ وأر ُحـ ِل َنـــــا علـى ئِ
***
ً ّ ة ف أ
شــاعرا أوردوا أســباب تفضيلهــم هل ،امك ــ� �ــم إذا فضلــوا امك أخــذوا يتجهــون إىل الحــام املعل
رث أ أ
ـاد ليــس يف�ــا ســقط وال فاحــش
ـوال جيـ ٍ
ـر� والفــرزدق؛ لنــه أكـ مه عــدد طـ ٍفضلــوا الخطــل عــى جـ ي
ً
لشعره.
ِ وأشدمه ت�ذيبا
17
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ال ّلغويون وال ّنحاة ودورهم في ّ
تطور النقد األدبي
ت أ ّ ن ف
وا�اهاتــه ،وتعــددت د� ،واتســعت جماالتــه ،وتنوعــت صــوره ج ـا� تطــور النقــد ب ي
ال ي� القــرن الثـ ي
ُ َ مقاييســه ،وال غــرو ف� ذلــك ففيــه نشــأت أكـرث العلــوم إالســامية والعربيــة وبــدأ ن
تدوي�ــا ،ون ِقــل إىل ي
أ ً العربيــة مــا نقــل مــن علــوم اليـ ن
ـو�ن والفــرس واهلنــد ،وفيــه أيضــا أخــذ الشــعر والدب يتحــوالن إىل
ـوال الكثـ يـر مــن الشــعراء ـ امل ـنـ م ـر
ـ اك� يصــدران عــن طبــع وســليقة ،وكذلــك �ظ فــن وصناعــة ،بعــد ْأن ن
ي
عر� ،الختالهطم ب�لقبائل العربية ت ً الذ� ُع ُّ وال بد�ء والعملاء ي ن أ
ال� صاروا ينتمون يإل�ا ب�لوالء. ي ب وا د
أ أ
ـا� ف ي� احليــاة العربيــة بفعــل إالســام ،واالختــاط ب�بنــاء الشــعوب الخــرى الـ ي ن ف َّ
ـذ� ي ـ الثق ـول ـ التح إن
ـ� والنحــاة ي� احلــرص عــى تنظـ يـم اللغــة
ف ُّ يتعملــون اللغــة تعملـ ًـا ال ســليقة ،قــد قـ َّـوى مــن دور اللغويـ ي ن
ً ت ف
اكي�ــا ،وأعاريــض الشــعر يف�ــا ب�ثــا يعتمــد عــى مفردا�ــا تو� ب العربيــة بتعــرف نك�هــا ،والبحــث ي�
القياس ووضع القواعد.
ف أ
واكنــت البــرة والكوفــة أحفــل املــدن ب�لعملــاء ،وأغزرهــا ثقافــة ،وأبعدهــا ث ًأ�ا ي� ت�ســيس العربيــة
ف ٍّ
ووضــع قيمهــا ،وتوضيــح ســبلها ،وقــد أخــذ النحــاة ي� لك مــن البــرة والكوفــة يتتبعــون الكم العــرب؛
العاريض ت أ ليستنبطوا منه قواعد ّ
عل�ا الشعر. ال� جاء ي ي أو االشتقاق، وجوه أو حو، الن
ّ ْ
ـ� أن يــؤدي هــذا االســتنباط إىل نقــد الشــعر ،ال مــن حيــث عذوبتــه أو رقتــه أو ج�ــاهل وطبيـ ي
ف أ
ال� هدامه استقراؤمه يإل�ا ي� إعراب ،أو وزن ،أو قافية. ي
للصول ت الف� ،بل من حيث مخ الفته ي
ن
ّ ً وتذوقــه ،فو� معرفــة ممـ ي ز ّ ف ف
تعمقــا مل ـ�ات الشــعراء، ي ـعر ـ الش ـم ـ � وقــد تعمــق عملــاء اللغــة والنحــو ي�
أ َّ ـر�ا قـ ُّ
ـوي الطبـ ِـع ،صــادق الشــعور ،وأن العـ شـى يســتعمل ي�تــد إليــه أحــد مــن قبــل ،عرفــوا أن جـ ي ً
وأن شــعر النابغــة الذبيـ نـا� قـ ّ َّ ف أ ً
ـوي الصياغــة تم�ســك ،وشــعر امــرئ ي ـعره، ـ ش � ي ان ز و ال ـنـ م ة ـر
ي ـ كث ـا أنواعـ
َّ القيــس مــ�ء ب�ملعـ نـا� الـ تـ� مل يســبقه يإل�ــا أحــد ،وعرفــوا ض�وب ّ
الصياغــة ،وأن نم�ــا مــا هــو هســل ي ي ي
ن َّ ض أ
ـا� وأن ـر� ،صعــب ملتــو عنــد الفــرزدق ،جــزل عنــد الخطــل ،وكذلــك �وب املعـ ي رقيــق عنــد جـ ي
ِّ ْ َ ّ
نم�ــا مــا هــو فاســد ،ومــا هــو فــظ ،ومــا هــو صائــب حكـ يـم ال لغـ َـو فيــه ،وكذلــك وقفــوا عــى مــا لــل
ـ�ات ،وال سـ يـام كبــار الشــعراء ،ومــا ي�ســن مــن القــول ،ومــا يطــرق مــن شــاعر مــن خصائــص وممـ ي ز
العاريــض ،ومــا ينظــم فيــه مــن أعاريــض ،ومــا يسـ ي ن أ
ـتع� بــه مــن اللفــظ ،ومــا ي ج�نــح إليــه مــن رقــة أو
18
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
لة ف جـزالة أو حوشـ ّـية ،وأدركــوا أمهيــة إال ي ج�ــاز ف� املعـ ن
و� البيــت الواحــد ،وعرفــوا مـز يا� الــز ،ي ـا� ج
ي ي
املعا� واستيفاء الالكم. وأ� ذلك ف� غزارة ن النفس ف ي� القصائد ،ث طول َّ
ي ي
الر َّمة حيث يقول: اللغوي� نقد بأ� معرو بن� العالء لشعر ذي ُّ
ي
ين ومن أمثلة نقد
شّ ف نّ
ـم ي� أول ش ّ�ــة ،ث� الرمــة نقــط عــروس يضمحــل عــن قليــل ،وأبعــار هلــا مـ «إ�ــا شــعر ذي ُّ
الب َعــر» يعـن ي أن شــعره حلــو ّأول مــا يســمع ،فــإذا كــرر إنشــاده ذهبــت طالوتــه تعــود إىل أرواح َ
ئ ُ
ـ� تذهــب ب�لغســل ،وهــو كبعــر الظبــاء الــذي تقبــل را�تــه مــن ثأ� النبــت ي
كنقــط العــروس الـ ت
ئ أ أ
كسا� البعار. الطيب الذي ت� لكه ّأول ما شت� ،ث� ال تلبث أن ت ز�ول فيكون
الصومــة حــول الشــعر ـ� يتـ ثـأ� ب�ملـزاج والثقافــة واالســتعداد ،واكنــت خ واكن النقــد عنــد اللغويـ ي ن
تعمــق البحــث ف ي� خصائــص الشــعراءَّ ، أ
وتعمــق اهــ� ،ومــن هنــا َّ والشــعراء مدمعــة ب�لدلة ب
وال� ي ن
ٌّ ّ أ ف
و�مــع البحــث ي� ض�وب القــول ،و�ظ ــرت الح ـزاب والشــيع لــل شــاعر ،لك ينتــر لشــاعره ،ي ج
ً َّ أ أ
والدلة الـ ت
ـ� تــدمع رأيــه ،وعــى هــذا الســاس قــرروا أن ام ـرأ القيــس ،والنابغــة ،وزهـ يـرا، ي احلجــج
أ ف ّ أ
اهلي� ،وعرفــوا خصائصه، ال ي ن ـ� ،فقــد خاضــوا ي� لك واحــد من الربعــة ج الاهليـ ي ن والعـ شـى ،أشــعر ج
يتم� به شعره.وما ي ز
19
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
بدايات التأليف في ال ّنقد
ق ف ف
وتعم�ــم ي� �مــه وتذوقــه ،ومعرفــة أصــوهل دفــع ـ� ب�لشــعر،َّإن اهـ تـامم عملــاء اللغــة والنحويـ ي ن
بن ّ أ ف �ض
مــ� (ت 231 :هــــ) اللغــوي ي ال ج م ســا � حممــد فــان ، د�
بع ــم إىل التأليــف ي� النقــد ب ي
ال
ْ
وإن اكن ت خ ف ً ف
ا�ــذ ـا� ي� النقــد ،وهــو كتــاب (طبقــات �ــول الشــعراء)، النحــوي ّأول مــن صنــف كتـ ب
أ ف أ ّ ً ت يخ أ
ر� الدب أساســا هل ،فإنــه اعتمــد عــى الحــام النقديــة ي� تبويبــه لــ�دب ،فـ ثـآ� املقاييــس مــن �
ً ال� َّال� أصبحت سائدة ،و�ظ رت وا�ض ة ف ي� املبادئ ت ت
وه:
ي هلا، تبعا اء ر الشع قس ي ي
أ
د�.الزمان -واملاكن -والفن ب ي
ال
- 1الزمان:
ـامي� ،وهــو مل يقصــد هــذا التقسـ يـم ومل ـ� وإسـ ي ن ـ� :جاهليـ ي ن ا� سـ ّـام الشــعراء إىل جمموعتـ ي ن قــم بن
ف ف
يفكــر فيــه ،ولكــن مل يكــن هل منـ ُـه بـ ٌّـد� ،ــا أحدثــه إالســام مــن تغيـ يـر ي� حيــاة العــرب انعكــس
ف أد�ــم وشــعرمه ،فصــار االختــاف بـ ي ن
الاهليــة ،والشــعر الــذي قيــل ـ� الشــعر الــذي قيــل ي� ج عــى ب
ف ف ي� إالســام ظاهـ ًـرا لــدى بن
والســام الاهلية إ و� هــذا يقــول «:ففضلنــا الشــعراء مــن أهل ج ا� ســام ،ي
ّ الاهليــة وأدركــوا إالســام نزَّ ف واملخ�ض مـ ي ن
ـ� الـ ي ن
ف�لنــامه منازهلــم ،واحتججنــا لــل شــاعر ـذ� اكنــوا ي� ج
حــة ،ومــا قــال فيــه العملــاء ،وقــد اختلــف النــاس والــرواة يف�ــم ،فنظــر قــوم مــن ـد� هل مــن ُ ج َّ ب�ــا وجـ ن
آ ّ ف
ـت الـ ّـرواة فقالــوا ب�ر ئا�ــم،
أهــل العــم ب�لشــعر والنفــاذ ي� الكم العــرب والعــم ب�لعربيــة ،إذا اختلفـ ِ
ض
الروايــة ّمعــن تقـ َّـدم» .ووا� مــن هــذا هوا�ــا ،وال ُي ْق ِنــع النــاس مــع ذلــك إال ِّوقالــت العشـ ئـا� ب أ� ئ
ر�ه للدب وتبويبه.
ً ف ت خ أ
ا�ذ من النقد فيصال ي� � ي ا� سالم تّ خ الن ّص ّأن بن ّ
- 2المكان:
ا� سـ ّـام فوجــد ّأن هنالــك شــعراء مل يصبحــوا شــعراء للعــرب اكفــة ،بــل ظلــوا متصلـ ي ن
ـ� نظــر بن
ف ن ف ْ ُ ًّ
ـ�) ،ج�علهــم ي� ب�ب شــعراء مكــة ،واملدينــة، ـم�م ب(�لشــعراء إالقليميـ ي ك بقريتــه ،يو�كــن أن نسـ ي
ـ�، ـ� شــعراء لك قريــة ،ف ج�عــل مــن ّ
حســان أشــعر املدنيـ ي ن ـر� ،وفاضــل بـ ي ن وال�مــة ،والبحـ ي نوالطائــف ي
ّ ومن عبد هللا بن� ّ
الز َب ْع َرى بأ�ع املك ّي ي ن�.
20
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الفن األدبي:
ّ -3
والنســاء ،ش ـو�ة ،خ بن الد� الســل� إىل ّأن أحصــاب املـر ث أ بن
وأع� ي ـ ن � ـ
ـم متم ، ا�
ي ي فطــن ا� ســام بذوقــه ب ي
ِّ ب�هـ ة
ـ� ،وكعــب بن� ســعد ،ليســوا كغـ يـرمه ممــن صــدروا عــن فـ ّـن ،بــل مه إنســانيون قالــوا الشــعر لشــفاء
ذو�ــم،
ف
مدحــا لمليــت �ســب ،بــل يه تعبـ يـر عــن أملهــم لفقــد ي نفوهســم ِّم ت ج�ــد ،فــم ت أ�ت مر ياث�ــم ً
وإن مل يذكــر الســبب ،ث� َّإنــه مل يكتــف ب�ــذا ،بــل فاضــل ن ْ ولذلــك أفــرد هلــم ب� ً ب� ًّ
بي�ــم، خاصــا،
ن
فقال« :واملفضل عند� متمم بن� ي
نو�ة» .
ّ الســاس الــذي أقــام عليــه تقســيمه للشــعراء ،وقــد فطــن بن أ أ
ا� ســام د� هــو وعــى هــذا فالنقــد ب ي
ال
النقد ،ن
وم�ا: ال� ي ج�ب ْأن تتوفر ف� الناقد فو� ّ ت ش
ي ي كث� من ال�وط ي إىل ي
- 1الدُّربة والممارسة:
الدربــة واملمارســة لذلــك ،فــإن بــد هل مــن ّقــدا ال ّ
ا� ســام أن النســان لــ� يصبــح ن� ً ي�ى بن
ي إ
ف القــدر عــى ت�يـ ي زأ ن ّ
ـ�ه ومعرفــة خصائصــه ،قــال :وللشــعر صناعــة وثقافــة يعر�ــا ـ� ب�لشــعر مه املهتمـ ي
أ ـ� ،ن ـات :نم�ــا مــا تثقفــه العـ ي ن أهــل العــم ،كسـ ئـا� أصنــاف العــم َّ
وم�ــا مــا تثقفــه الذن، والصناعـ ِ
وم�ــا مــا يثقفــه اللســان ،مــن ذلــك اللؤلــؤ والياقــوت ال تعرفــه بصفــة وال وم�ــا مــا تثقفــه اليــد ،ن ن
بصه ....وزن ،دون املعاينة ِ َّم ْن ُي ِ
- 2تحقيق النصوص:
وه أوىل معليــات النقــد وأساســه ا، النصــوص وحصــة نسـ ت
ـب� حصــة ّا� ســام أمهيــة ت�قيــق ّ
ي�ى بن
ي
ف ً ً ً ً َ َّ ف ن ف
ـ�� ،ــن خــال نظــره ي� شــعر الشــعراء َو َجــد أن هنــاك شــعرا كثـ يـرا منسـ ب
ـو� لغـ يـر قائــه� ،ثــا املتـ ي
َّ َّ
ي�ى أن الــروح (القبليــة) قــد أفســدت الشــعر والشــعراء ،فيقــول« :واكن قــوم قلــت وقائهعــم
أ
ـنة شــعر ئا�م» .وقــد فصــل وأشــعارمه فــأرادوا أن يلحقــوا ب�ــن هل الوقائــع والشــعار فقالــوا عــى ألسـ ِ
ِّ أ
الدلة العقلية والنقلية عىل انتحال الشعر.
- 3تفسير الظواهر األدبية:
ُ أ ي�ــاول بن
ا� ســام تفسـ يـر بعــض الظواهــر الدبيــة ،مثــل حديثــه عــن شــعراء القـ َـرى ،وتعليــه
لقلة الشعراء ف� الطائف ،ومكةَ ،و ُعان ،ث
وك� ت�م ب�ملدينة ،فيقول: ي
21
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ن أ نّ َ رثُ ِّ
الشــعر �بحلــروب الـ ت
ـ� الحيــاء، ـ� تكــون ب يـ
ي «و�لطائــف ِشــعر وليــس ب�لكثـ يـر ،وإ�ــا اكن يك ـ
ب
َّ َ َّ ّ أ
ن�ــو :حــرب الوس خ
ـعر قريــش أنــه مل يكــن عل�ــم ،والــذي قلــل ِشـ َ والــزرج ،أو قــوم يغـ يـرون ُويغــار ي ِ
فتث� ش�ورمه. ب� القوم ،ي والثا�ة ه احلقد والعداوة ،تقع ي نبي�م ث� ئ�ة ،ومل ي�اربوا» ،ئ
ن
ي
الد�َّ ،أ ف ا� ســام قــد فتــح آفاقـ ًـا جديــدة أمــام ّ
بو�ــذا يكــون بن
فنبــه إىل يب النقــاد ي� جمــال النقــد
ت ً ن ف ت يخ أ ْ ض�ورة التحقــق مــن حصــة ّ
ا�اهــا �ــو العــر� ج
بي دب ال ر� � �
ي يدخــل أن النصــوص ،وحــاول
أ
والتفســر عــى أحــام فنيــة ،إضافــة إىل هــذا تدوينــه ملالحظــات النقــاد مــن ال بد�ء ي التبويــب
أ ف َّ
والل ي ن
غوي� ي ن
الذ� سبقوه فانتفع ب�ا يف� بعد من كتبوا ي� نقد الدب.
22
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الخصومة بين القدماء والمحدثين
ً ِّ
اهليــ� غنائيــا يصــور نفســية الفــرد ،ومــا يــدور بخ�لــده مــن عواطــف ال ي ن اكن الشــعر عنــد ج
ـ� يصــف ،أو ي�جــو، ـ� يتغــزل ،أو حـ ي ن ـ� يفخــر الشــاعر ،أو ي�ــدح ،أو حـ ي ن وأحاســيس ،ســواء حـ ي ن
ً ف أ
واكن �ضخ ــم اللفــاظ ،تم�ســك العبــارة ،معانيــه فطريــة ،ال تعقيــد يف�ــا ،فــا يتطلــب �مهــا جمهــودا
ً ً
ذهنيا معيقا.
ق ف أ
مثلهــم العــى ي� القصيــدة أن تبــدأ ب�لنســيب واحلديــث عــن رحيــل احملبوبة وفرا�ــا ،والوقوف
ـو� معـ نـا�ة الشــاعر أثنــاء الســفر وقطــع عــى أطالهلــا والبــاء عــى يد�رهــا ،ووصــف ّ ة
الرحـ ُـ� وتصـ ي
ً فخ ً ً
�ـرا ،وأحيـ نـا� املفــاوز ،ث� االنتقــال إىل الغــرض الــذي مــن أجــه أنشــئت القصيــدة مدحــا اكن أم
ف ت ف أ تُ
وخ�اته ي� احلياة. تع� عن ج�ارب الشاعر ب خ� تِت� القصيدة ب�بيات ي� احلمكة ب
و�امــة الاهــ� طريقـ ًـة ومعـىنً ،وجـزالة ف� العبــارة ،ف خ ج ـعر ـ اكلش ـن ـ م�بز ـام ـ سالإ ـدـ بع ـعر ـ الش
َ َّ
ـل وظـ
ي ي
ف ف ف
ـا� ،تو�ذيــب ي� العبــارات ،فملــا جــاءت الـ ّـدولة العباســية ،وتوطدت ن
ي� اللفــظ ،مــع اتســاع ي� املعـ ي
فــام ن ن أ أ الصــات ي ن ّ
بي�ــا ،وتبدلــت احليــاة وبــ� المم الخــرى ،وانهصــرت الثقافــات ي بــ� العــرب ي
ف أ
الدبيــة ّ ث ف ت ً ت
و� الشــعر خاصــة ،فعــادت أغراضــه ي ـة، ـ عام ـاة ـ احلي � ي ه أ� ـك ـ ذل لك ك � ـدال االج�عيــة تبـ
ٍّ ً
ـان وزندقــة ،لكـ ْـن مل يســتطيعوا وإ�ـ ٍ الديــدة بــل مظاهرهــا مــن ِجــد وهلــو ،ي ُمعـرب ة عــن احلضــارة ج
�ء إال إعــادة ـ� شْأن يغـ يـروا ف ي� نــوع الشــعر ،فســاروا عــى ثآ�ر القدمــاء ،ومل يبـ َـق أمــام احملدثـ ي ن
ي
ف ق
وتنمي�ــا ،والتفتيــش ي� ـان ،مــا دفهعــم إىل زخرفــة عبار تا�ــم صياغــة مــا خلــف القدمــاء مــن معـ ٍ
ف ُ َ َ ً
وغ�هــا النــاس ،والطبــاق ،واالســتعارة ،ي القد�ــة ّمعــا يظنونــه ج�يــا ،فك ـرث َ ي� شــعرمه ج العبــارات ي
النواع ت أ
ال� عرفت يف� بعد ب�مس « البديع». ي من
َّ أ
َو ِمـ ْـن هنــا �ظ ــرت طائفــة جديــدة مــن الشــعراء ُعرفــوا ب�حصــاب البديــع ،ت�زعهــا بشــار بن� ب�د،
ـري ،وأبــو نــواس ،ومســم بن� الوليــد ،وأبــو ت�ــام ،وأصبــح ُّ
ـا� ،ومنصــور الن َمـ ْ ِي ـ ت وا� َه ْر َمـ َـةَ ،
والع َّ بن
ِب ي
ف ّ ً
و� ي ـال، ـ امل اء ر و ـه ـ في ـاعر ـ الش ـر ي ـ يس ـا للشــعر لغــة جديــدة غـ يـر لغــة القدمــاء ،وأصبــح الشــعر فنـ
ّ ت ت ّ
القبائــل ظلــت طائفــة مــن الشــعراء �تــذي حــذو القدمــاء ،وال ج�ــدد إال ب�قــدار مــا يتــاءم مــع
أ� حفصة، بن الــروح العربيــة ،يو�افــظ عــى الصياغــة ي
القد�ــة ،وعــى رأس هــذه الطائفــة مــروان ا� ب ي
اع. خُ َ ْ وعل بن� ج َ ْ
الهمِ ،ودع ِبل الز ي ي
23
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المقياس البالغي
َّ الديــدة الـ ت ّ َّ
ـ� جــاء ب�ــا شــعراء البديــع أمثــال بشــار ،ومســم بن� الوليــد، ي ج ـعرية ـ الش ـة ـ الصياغ إن
أ� �ــام ت �ظ ّ ل�ة ّ ت
وأ� �ــام أصبحــت تكــون مش ـ فنيــة لــدى النقــاد ،خاصــة بعــد ــور ب ي وأ� نــواس ،ب ي بي
تفوق فيه عىل من تقد َمه من أحصاب هذا ّ ُ َّ َ َ الديد الذي ّ
الفن. البديع ج ي ب�ذهبه
والديــب عبــد هللا بن� املعـ ت ز أ
ـاس ( 296-217هـــ)، ي ـ العب ـ� واكنــت بدايــة احلــل عــى يــد الشــاعر
ً ن َ َُ َّ َ َ َّ أ ف
�ــو ّأول مــن لفــت النظــار إىل أن البديــع الــذي يــد يع احملدثــون أ�ــم ســبقوا إليــه اكن موجــودا
أ ف
ســام ،وقــد وضــع كتابــه ي وال
إ اهــ�
ي ال
ج دب وال ، الرســول وأحاديــث ، ي
الكــر� القــرآن �
ي
خ َ َّ َ بن املعـ ت ز ف
ـ� ي� كتابــه عــى أنــه اقتــر ب�لبديــع عــى �ســة (البديــع) ليثبــت هــذه احلقيقــة ،ونبــه ا�
فنون يه:
يَّ
الكلام)، أعــاز الكلام عــى مــا تقدهمــا ،واملذهــب والنــاس ،واملطابقــةَّ ،
ورد ج (االســتعارة ،ج
أ وهــو ف ي� أثنــاء ب�ثــه ف ي� هــذه الفنــون يبــدأ بتعريــف الفـ ِّـن البديـ يِّ
ـ� عليــه مــن المثـ ة ـ� ،ث� ُيثـنِّ ي ب إ� ي�اد
المثـ ة أ ة َ ن ث خ ت
ـ� مــا شي�حــه أو ـب منــه ،ومــن مأثــور الكم القدمــاء واحملدثـ يـ� � ،ي�ــم بذكــر أمثــ� لمل ِعيـ ِ
ِّ ِّ ي ن
يع� موضع الشاهد فيهُ ،وي َعلق عىل ما فيه من عيوب الوزن والقافية.
أ ف �ظ تز وحمــاولة بن
د� ،هــو :املقيــاس بي ال النقــد ا� املعــ� هــذه اكنــت نــواة ــور مقيــاس جديــد ي
�
أ
ـ� الــذي أخــذ يقيــس الدب ب�ــا فيــه مــن بديــع ال يكتســب صفــة القبــول واحلســن حـ تَّـى البديـ ي
ن َّ
يكــون املعـىن هــو الــذي طلبــه واســتدعاه ،أي أن املعـىن هــو الــذي يقــود البديــع �ــوه ،ال أن يقــود
َ َّ ف ف هو ن
املع� إليه� ،ا طابق هذا املقياس منه �سن ،وما شذ عنه فقبيح مرفوض.
ت ِّ ُ َ َ َّ َ
ز بن
س ب�مس (البديــع) ،وهــو موضوعــه الرئيــس ،فــإن ا� املعــ� أضــاف إليــه الكتــاب قــد َ ي ومــع أن ِ
ف
بعــض حماســن الكلام والشــعر لتكـرث فائــدة كتابــه ،فتحــدث ي� االلتفــات واالعـ تـراض ،والرجــوع،
ّ ت أ
الـ ّـد، و�اهــل العــارف ،واهلــزل الــذي ي�اد بــه ج ِّ الــروج ،تو� كيــد املــدح ب�ــا يشــبه الــذم ،ج وحســن خ
ف ين
والفــراط ي� الصفــة ،وحســن التشــبيه ،ولــزوم مــاال يلــزم، والتضمــ� ،والتعريــض ،والكنايــة ،إ
ً ف ا� ت ز وحسن االبتداء ،بو�ذا يكون بن
كتا� ي� البالغة. املع� قد وضع ب
24
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
َ َ َ
ـ� هــو الــذي َحـ َّـدد خصائــص مذهــب البديــع ،وف َصلهــا َّعــا عداهــا مــن ا� املعـ ت ز وكتــاب بن
ف ت
الديــد ي� الشــعر ،وعرفــوا بطريقــة اال�ــاه ج الطــرق البالغيــة ،وبذلــك فطــن النقــاد إىل هــذا ج
ن ت�ليليــة مــا فيــه مــن جديــد ،واكن هلــذا ثأ� بعيــد ف� مؤ ت
لفا�ــم وطريقــة تناوهلــم للنقــد عــى �ــو ي
�. ن
م� ج ي
ف الوجــه إىل أصــول الـ ت أ ا� املعـ ت ز ّ
ورد بن
ـر�� ،ــو يبــدأ امك قدمنا بذكر االســتعارات بي ـ الع اث ـر ـ� هــذه
ـ� وشــعر ئا�م ،ث� ي� بــط والنــاس ،والطبــاق ،الـ تـ� وردت ف ي� القــرآن ،واحلديــث ،وأقــوال املتقدمـ ي ن ج
ي
ـذ� ي ج�نحــون إىل إال كثار من اســتخدام وأ� نــواس ،الـ ي ن بن ة تّ
بأ� �ــام بسلســ� بشــار ،ومســم � الوليــد ،ب ي
ا�ــاذوحـ َـل النقــاد عــى ت خ
ر�يــةَ َ ، و�ــة ت� ي خ ال� ف ي� توجيــه النقــد ج هــذه الوســائل ،واكن هلــذا أعظــم أ ث
عناي�ــم بدراســة مســألة التقاليــد ف� الشــعر مقاييــس هلــم ،واكن مــن ثأ� ذلــك ْأن عظمــت ت
ي
أ ت
كت�م. الانب ال بك� من ب ال� شغلت ج الرسقات ي
ً أ
فكتــاب البديــع ب�ــذا يكــون ّأول كتــاب مــن نوعــه يتنــاول الدب تنــاوال ّفن ًيــا ،ويعــرض
أ ً ب�لـ شـرح للعنــارص الـ ت ت
د� إىل طــور جديــد ،طــور العنايــة ـ� ز� يــده حســنا ،وقــد انتقــل ب�لنقــد ب ي
ال ي
ن أ ً ّ ت ن
بدراســة العبــارة ونقدهــا ،عــى حـ يـ� اكن االهــامم مــن قبــل مركــزا عــى نقــد الفــار واملعـ ي
ـا�،
الســاليب ،فــم يكــن ُينظــر إىل ش�ء يف�ــا خــارج حــدود ّ أ ّ َّأمــا ّ
الصحــة مــن ي عب� يــة أوالصــور الت ي
والعر ّ ّ أ
ابية. الخطاء اللغوية إ
25
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
اآلمدي وبداية النقد ال ّتطبيقي
ن ن َّ
الط َائيـ يْ ّ بن شْ آ
أ�
ِ بي : ـ� ـ�ي ـ ب ـةـ املوازن :ـم
ي ـ الق ـه
ـ وكتاب (ت370-ه)، ـدي ـ مال هــو أبــو القــامس احلســن � ِبــر
ـاعر� ،واملوازنــة ت�ــام والبحـ تـري ،ال يقتــر فيــه عــى يإ�اد جحــج لك فريــق ،بــل ي أ�خــذ ف ي� دراســة الشـ ي ن
ف
تفصيل ،ال مثيل هل ي� كتب من سبقه من النقاد. ي بي�ما وفق نم�ج ن
ت أْ آ
والبحــري ب�ن يــورد جحــج أنصــار لك شــاعر ،وأســباب أ� ت�ــام بي
ن
بــ� ي املوازنــة مــدي ال يبــدأ
ف ث أ
أ� ت�ــام وأخطائــه وعيوبــه البالغيــة ،ويفعــل مثــل ذلــك بي ـات ـ رسق ـة ـ اس ر د � ي ـذـ خ � تفضيلهــم هل � ،ي
ً ُ
خصوصــا رسقاتــه مــن أ� ت�ــام ،ث َّ
ـه إىل ي
ـرا ينـ ت ي ـ وأخ ـه،ـ وعيوب ـاءه ـ أخط � بي
ً ـور ًدا رسقاتــه، ت ُ
مــع البحــري مـ ِ
معا� الشعر. ب� ما قاهل ُ ٌّك نم�ما ف� ِّلك َم ْع نً� ،من ن املوازنة التفضيلية ي ن
ي ي
أ آ
أ� ت�ــام والبحـ تـري موازنــة فنيــة؛ لن موضــوع حديثــه مل يكــن ي�تمــل ي بي
ن
ـ� ـ ب ـدي ـ مال وموازنــة
ً
ـ� اختالفــا بـ ي ن ـعر�ما وا�ض ــة ،امك ن�ى ـ� شـ ي ـاعر� وبـ ي ن
ـذ� الشـ ي ن ـ� حيــاة هـ ي ن ـار� ،فالعالقــة بـ ي ن
ي
امل�ــج التـ ي خ
ن
أ تبعــا لطبيعــة ٍّلك نم�مــا الفنيــة ،كذلــك ال ي�تمــل ن
النفــ�؛ لنــه ال ي�كننــا ّرد ي ــج امل� شــعر�ما ً
ي
ف ّ ِّ الفروق ن
بي�ما إىل حياة لك شاعر ومذهبه ي� الشعر.
26
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
َ َْ ٌ
فصـواب ِم ْـن ُمقل ِ ت ي� أن ت ُص َوبــا لول ْأن ال تُ ج�يبــاَ ْ َ َ َ ُّ
س يا� الط ِ ِمـن ج
ِ
َ ً ُ َّ َ تَ اكك جوابـاً ْ ُ َ َ ْ ن َ ْ ََ
وميبـــــا.ِج� ِد الشــــوق ســائال ج فاســألـ�ا واجعـل ب
***
27
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
السرقات ِّ
الشعرية َّ
السقــات ،لكــن دراسـ تـها دراســة نم�جيــة مل ـا� الـ تـ� شــغلت النقــاد العــرب قضيــة َّ
ي مــن أكـرث القضـ ي
مر�: الصومة حول شعره أل ي ن تظهر إال بعد �ظ ور أ� ت�ام وقيام خ
بي
ي ً ًّ -1قيــام خصومــة عنيفــة حــول شــعر هــذا الشــاعر ،ف�ســألة الرسقــات ت خ
للتجر�، ا�ذت ســاحا قـ ي
ـو�
ـ� انقســموا إىل أنصــار وقــد ُكتبــت مؤلفــات إلخـراج رسقــات بأ� ت�ــام ورسقــات البحـ تـري ،ولكــن املؤلفـ ي ن
ي
ِّ ت ت ن أ
متعصب� ل ب ي� �ام ومذهب البديع ،أو للبح�ي ومعود الشعر. ي القد� ،أي: احلديث وأنصار ي
ً ً ً َّ
أ� ت�ــام :إن شــاعرمه قــد اخـ تـرع مذهبــا جديــدا ،وأصبــح فيــه إمامــا ،مل -2عندمــا قــال أحصــاب ب ي
ّ ّ ْ ً ـبيال إىل ّرد ّ ً
االدعــاء خـ يـرا مــن أن يبحثــوا للشــاعر عــن رسقاتــه؛ ليدلــوا ي ج�ــد خصــوم هــذا املذهــب سـ
آ ف ـابق� ،ثن وإ�ــا أخــذ عــن ّ ً نّ عــى ّأنــه مل ي ُ ج ّ�ـ َـد ْ
و� هــذا قــال المــدي نفســه: ي ـرط ـ وأف ـغ ـ ل � ب � ي ـ الس ، ـيئا ـ ش د
َّ ً أ ت ت ّ
أ� �ــام؛ لن أحــدا مل يــد ِع « إنــه مل يتتبــع رسقــات البحــري بنفــس االهـ تـامم الــذي تتبــع بــه رسقــات يب
جديد».
مذهب ٍ أسالبح�ي ر ُ َّأن ت
ٍ
� ٍء إىل توج�هــا ،ف� تعمــد قبــل ِّلك ش �
ث ف خ ّ
ي ي ي لقــد اكن لنشــأة دراســة السقــات وســط الصومــات أ� ي
يفرق النقاد العرب ي ن الشعراء ،امك مل ِّ ت ي ّ
وغ�ها ،مثل: ب� الرسقة ي ج�ر�
ـب ي ُ مطالعت ُه يف� َك َت َ
ُ ْ أت
غ�ه. تستدع�ا
ي جديدة
ٍ عان٭٭االستيحاء :وهـو أن ي� ي� الشاعر أو الاكتب ب� ٍ
أ أ
٭٭اســتعارة الهيــكل :كن ي�خــذ الشــاعر أو الاكتــب موضــوع قصيدتــه ،أو قصتــه عــن أســطورة
ح� لياكد ي خ�لقه من العدم. ر� ،وينفث احلياة ف� هذا اهليلك ،تّ شعبية ،أو ب ت خ
ي خ� � ي ي
ف أ ف ّ ف ْ أ
٭٭التأثــر :وهــو أن ي�خــذ شــاعر أو اكتــب ب�ذهــب غـ يـره ي� اللغــة ،أو ي� الفــن ،أو ي� الســلوب ،فقــد
ً ً ً ت راح ّ
النقــاد ي� ُّدون أبيــات الشــاعر الــذي ي� يــدون ج� ير�ــه إىل أبيــات تشـهب ها شـهب ا قريبــا ،أو بعيــدا،
ّ افتنــوا ف� ذلــك فـ ُّ ف� املعـىن ،أو اللفــظ ،أو ف�مــا معـ ًـا ،بــل لقــد ُّ
ـردوا الكثـ يـر مــن الشــعر إىل ج�ــل ي ي ي
ـ� ،مــن خطبــاء وحكماء ،واســتقصوا ذلــك ـابق� والالحقـ ي ن ثن� يــة مــن القــرآن ،واحلديــث ،وأقــوال السـ ي ن
عو�ــا ،ث� ي ج�هــدون أنفهســم ف ي� التفـنن أبعــد اســتقصاء حـ تـى معلــوا عــى إ�ظ ــار رسقــات مسـ تـت�ة ّيد ن
ن ف
ـر� للتقاليــد الشــعرية املتوارثــة ،وا�صــار عل�ــا ،وســاعدمه ي� ذلــك خضــوع الشــعر العـ ب ي للتدليــل ي
أغراضه ومعانيه ،بل وطرق أدائه.
28
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ف آ ف والسقــة عنــد العــرب ال تكــون ف� املعـ نـا� املشـ ت
َّ
� عنــد المــدي ال تكــون إال ي� البديــع
ي كة، ـر ي ي
ً ف ف
املخ ت�ع الذي ي خ�تص به الشاعر ،ومن ث� �و ال ي�ى رسقة ي�:
- 1االتفاق :ويورد عدة أمثلة لذلك ،منها قول أبي تمام:
َ بغ� َ َ ُ
ـاح أو ِطع ٍان ب� ِ
الــم. ٍ س ي النوم منه فمل َيك ْن
الود جمرى ِ
جرى ج
وقول ت
البح�ي:
َّ ُ
ح� يكون املج ُد ُجل َمن ِام ِه
ت ملكــــارم والفلــي
ِ �ب ُ
ــــم ل ويبيـــت ي�
فـ يـرى َّأن هــذا الكلام موجــود ف� عــادات النــاس ،ومعــروف ف� معـ ن
ـا� الكهمــم ،وجـ ٍـار اكملثــل عــى
ي ي ي
ـتك� منــه « :فــان ال ي�ــم إال ب�لطعــام » « ،وفــان ال ألسـ تـن�م ب أ� ْن يقولــوا ملــن أحــب شــيئا أو اسـ ث
ً
ي�ــم إال بفالنــة » مــن شــدة وجــده �ــا .وال يقــال ملــن اكنــت هــذه ســبيهل« :رسق» ،ن
وإ�ــا يقــال هل: ب
ْ
ـإن اكن واحــد قــد مســع هــذا املع ـىن أو مثــه مــن آخــر فاحتــذاه ن
فإ�ــا ذكــر مع ـىنً قــد «اتفــاق» ( فـ
ّ
عرفه واستعمهل ،ال أنه أخذه رسقة ).
شــعر العربــي ،ومــن أمثلــة
شــعرية :وهــي المعانــي المتداولــة فــي ال ّ
- 2التّقاليــد ال ّ
ذلك قول البحتري:
َ َ أْ ْ َ ً ِّ
أض َع ِاف ِه ف ِبك الش َع ُار ِ
تفتخ ُ
ـــر. ومن يكن فاخرا ب�لشعر ُيذك ُر فـي
أ� ت�ام
قيل :إنه رسقه من بيت ب ي
َ ئ َ ً ئ ُ
يوما فأنـت ل َع ْم ِري ِم ْن َمد ِ
ا�هـا. مدا� ِهم
إذا القصـائد كـانت من ِ
ّ أ َّ آ
ي�ى المــدي أن هــذا غلــط عــى البحـ تـري؛ لن النــاس ال ي ز�الــون يقولــون « :فــان ي ز� ي ن� الثيــاب،
ف تز ف تُ َ ِّ ُ َ ُ َ ِّ ُ
ـ� ،وال ي ز� يــد ي� حس ـهن ا ،وفــاني ـاحل ـن ـ حس �ي ـد
ـ ي � ـةـ وفالن ، ـهـ م �ج وال ـة
ـ يالالو ـل وال ت ز� ينــه » يو ج�مـ
أ
ـ� ي ج�ــوز أن يـ ّـد يع أحــد مــن النــاس النســاب وال َيفخــر ب�ــا ،وهــذا ليــس مــن املعـ نـا� الـ ت
ي ي تفتخــر بــه
ـبق يإل�مــا ،وال ي ج�ــوز أن يكــون مثــل هــذا إذا اتفــق فيــه خطيبــان أو اخ�هعــا ،أو تسـ َأنــه ابتدهعــا أو ت
آ ّ
شاعران أن ُيقال ِإن أحدمها أخذه من الخــــــر.
- 3األقوال السائرة :فمثالً قول البحتري:
َ ْ تُ ْ َ َ ْ َ ٌ َ َ َ َ ٌْ ََُّ ٌ
� ج� ،وأجسام ِبل أرو ِاح ـــــــق
ٍ ئ
ِ ل خ غيـــر
خلق مثل ِ ِ
ب ــــة
29
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ف
أ� ت�ام ي� قوهل:
قيل :إنه مرسوق من ب ي
وأجسام ،وليس هلم ُق ُل ُ
وب. ٌ ََ
هلم نش ٌب وليـــــــس هلم َ َس ٌاح
ئ ً آ ْ أ ْ آ ف
دا�ــا يقولــون :مــا �ــذا عنــد المــدي شأ�ــر مــن أن ي�تــاج شــاعر أن ي�خــذه مــن الخــر ،ومه
ن أ َّ
فــان إال شــبح مــن الشــباح ،ومــا هــو إال صــورة هــو حائــط ،أو جســد فــارغ ،و�ــو هــذا مــن القــول
الشائع ت ّ
املش�ر.
المعنيي ِ
ــن واحــدا ،فيقــول ْ الســرقة إو� ْن كان جنــس
- 4اختــاف الغــرض :ينفــي ّ
البحتري:
َك َ ٌ
ــــك َب ْع َد َب ْ ي ِن�
الق ُم َو ِاش ٍ
ٍ ت ءٍ �
ي
ش بعد شاشــــــــة مـا شل�ء َ
ب ي ٍ
ّ
إال اللقاء ّ واملع� :ال ش�ء ي ز� يد ّ
ن
الس يع بعد الفراق. السور ي
أ� ت�ام:
وقيل إنه مرسوق من قول ب ي
ملوقوف عىل تَ َ َّ ُ أ
الــــــوداع
ِ حِ � ٍ و� ِت إال وليســــــت فرحة ال ب
***
َّ ّ ً َّ ْ آ
ـاعر� مخ تلــف ،فأبــو ت�ــام ذكــر أنــه ال يفــرح
الشـ ي ن فالمــدي ي�ى إن اكن املعـىن مشـ تـراك فـ ِـإن غــرض
التوديــع ،وأراد البحـ تـري َّأنــه ليــس ش�ــاه وأحزنــه ّ ش َّ
والــذل
�ء أحســن مــن املــرة ج ي ج ـن ـ م إال ب�لقــدوم
ال� بعد ّ ّ ق إذا جاء ف� ثأ� ش
التفرق. �ء ،اكلت ي ي ي
غوية إىل ثالثة أقسام يه: السقة ُّالل ّ
النقاد ّ وقد قمس ّ
أ ) َّ
النسخ:
َ
وهــو أخــذ اللفــظ واملعـىن ب�متــه مــن غـ يـر يز�دة عليــه ،مأخــوذ مــن ن َسـ َـخ الكتــاب ،وينقــم إىل
ن أ
قسم� :ال ّول ُوي َس َّم وقوع احلافر عىل احلافر كقول امرئ القيس: ي
ً تَ َّ َ ً
وقوفـــا �ــا َ
أىس َو ج َ� ُّمل يقولون ال ت�لك عل َمط يُّ ُ� ْم
ي بـي ص ب
وقول طرفة:
ً ت ّ ً
يقولون ال ت�لك أىس ج
و�لد مط�ــــــم حص� ّ
عىل ي بي ا �ب وقوفا
***
30
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ً ّ
والثـ نـا� :وهــو الــذي يؤخــذ فيــه املع ـىن وأك ـرث اللفــظ ،كقــول بعــض املتقدمـ ي ن
ـ� ي�ــدح معبــدا ي
صاحب الغناء:
َ وما َق َص َب ُ
الس ِبق إال َل ْع ِب ِ
ــد ات َّ ي ج يّ
والرس� بعــده أجاد طويس
وقال أبو ت�ام:
ملعبـــد. الس ِبق إال ُ
قصبات ّ وما املغن� ج ّ
�ــة حماسن أصناف ي ن
ِ
السلخ :
ب ) َّ
أ ف
ور�ــا ب�لفــاظ أخــرى
هــو أن يعــدو الشــاعر عــى شــعر غـ يـره فيأخــذ معانيــه ويدخلهــا ي� شــعره ب
أ أ
أو ب�لفاظ ممزوجة ب�لفاظ الشاعر املأخوذ ومنه:
أن يؤخــذ المعنــى ويســتخرج منــه مــا يشــبهه ،وال يكــون هــو إيــاه ،وهــذا مــن ْ -1
أدق السـّـرقات مذهبـاً وأحســنها صــورة ،وال يأتــي إال قليـاً ،ومــن ذلــك قــول أحــد
شعراء الحماسة:
ِّ َّ لقد َز ن
غ� طائل
امرئ ِي
ٍ لك بغيض إىل اد� ُح ًّبا لنفســــي أن ن ي�
ي
املع� ،واستخرج منه ن
مع� آخر يغ�ه ،إال أنه شبيه به ،فقال: املتن� هذا ن
وقد أخذ ب ي
ُ شّ ُ أ ِّ ف
ال�ادة يل ب� ن ي� اكمــــــــل. �
ي قص ن وإذا أتتك ت
مذم� من � ٍ
ي
ـب جــداً ،وال يــكاد يأتــي إال
ص ُعـ ُ
- 2أن يؤخــذ المعنــى مجــرداً مــن اللّفــظ ،وذلــك ممــا َي ْ
قليالً ،فمنه قول ُعروة بن الورد:
َّ ْ ْ ً َ ُ
مـن املال يطرح نفسه لك َمط َر ِح مثل ذا عيـال ُومق تِ�ا
ومن ي ً ي
ك
جح. نُوم ْـبل ُغ نفس ُع ْذ َرها م ُثل ُم ْ َُ
َلي ْبلغ ُعـذرا ْأو ينال رغيبـــــــــة
ِ ِ ِ
أخذ أبو ت�ام هذا ن
املع� ،فقال:
النرص ْإذ فاته ّ
تقوم مقام ّ ً تًف� َ
الن ُ
رص. ب� ال�ضَّ ب والطعن ميتة
مات ي ن
***
اج�ــاده ف� طلــب الــرزق عــذ ًرا يقــوم مقــام ّ
النجــاح ،وأبــو ت�ــام جعــل فعــروة بن� الــورد جعــل ت
ي
قا�ـ ًـا مقــام ّ
النــر ،والك املعنيـ ي ن
ـ� املــوت ف� احلــرب ّالــذي هــو غايــة ت
اج�ــاد املج ت�ــد ف� لقــاء العــدو ئ
ي ي
َّ
واحد يغ� أن اللفظ مخ تلف.
31
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
- 3أن يؤخذ بعض المعنى ،ومن ذلك قول ابن الرومي:
ّ ْ ُ نَ ٌ َ ْ ُ ُ نز� تل� عىل َه ِام املعال إذا ق
يإل�ا أ�س غ ي�ك ب�لس ِ
المل. ارت� ي
فقد أخذه المتنبي فقال:
ً َ
فــــوق ّ
فـإذا أرادوا غاية نز�لـــــــوا. الس ِء وفـوق مـا طلبوا
ـال، ـ املع ـام
ـ ه ـىـ ع ا� الــروم؛ ألنــه قــال :إنــم نز�لـ ت
ـم وهــذا بعــض املع ـىن الــذي تضمنــه قــول بن
ي ي
أرد� غايــة نز�لـ تـمّ ،
وأمــا قــوهل (فــوق الـ ّـامء) وإن غـ يـرمك � ق� يإل�ــا رقيـ ًـاَّ ،
وأمــا املتنـ فإنــه قــال :إنــم إذا ت
بي ي
أ ِّ َ ْ
�ء؛ ل ن�ــا مخ تصــة ش
ـال فــوق لك ي
ت
ـروم :نز�لــم عــى هــام املعـ ي
ـال ،إذ املعـ ي
بن ىن
فإنــه يغ ـ عنــه قــول ا� الـ ي
ً
ب�لعلو مطلقا.
كســى عبــارة أحســن مــن العبــارة األولــى ،وهــذا هــو
في َ
أن يؤخــذ المعنــى ُ
ْ -4
السرقة ،ومن ذلك قول أبي نواس: المحمود الذي يخرج به أحس ُنه عن باب ّ
َ ش َ خْ َت َق ُّل ُ َ ُّ
دل عىل ما ف� ّ
الض يم� من ت
ص من ي�وى
ِ � إىل عينيه ب الف� ِ ي ي
املتن� ،فقال:
أخذه ب ي
ُ ِّ َْ
ع� َد ِليـل.
لكـل ي ن فعليه وإذا خامـر اهلـوى قل َب َص ٍّب
سـ َـبك ســبكاً موجـ ازً ،وذلــك مــن أحســن َّ
الســرقات ،لمــا فيــه وي ْ
أن يؤخــذ المعنــى ُ
ْ -5
مــن الداللــة علــى بســطة ال ّناظــم فــي القــول ،وســعة باعــه فــي البالغــة ،فمــن ذلــك
قول بشار:
ُ َّ َّ اقب ّ
َم ْن ر َ
يبات الفا ِتك الل ِه ُج.
ِ لط وفاز ب� الن َ
اس مل يظفر ب�اجته
«س ْ ُل خ
الارس» ،فقال: الريء املثا� عىل العمل ،أخذه َ
ب
ْ
أي :فاز ج
ذة ج َ َّ �غَ ّ ً من راقب ّ
ال ُس ُور وفاز ب�لل ِ النـاس مــــات ا
شــاعران طريقـاً واحــدة،
أن يســلك ال ّ - 6اتحــاد الطّريــق واختــاف المقصــد ،ومثالــه ْ
مورد ْيـ ِـن أو روضتَ ْيـ ِـن ،وهنــاك َّ
يتبيــن فضـ ُل أحدهمــا علــى اآلخــر، َ فتخــرج بهمــا إلــى
النابغة الذبياني: ومما جاء منه قول َّ َّ
َع َصا ِئ ُب َط ْي� ت قَ َّ
بعصـائـــب
ِ تدي � ٍ إذا ما غزوا ب� جليش َحل َق فو�م
َ َّ ُ إذا ما ق جـوا� قــد َأ ْي َق َّ
ـــــن َّأن َقب َيلـــــهُ ن
معان أول غا ِل ِبال ِالت� ج ِ
***
32
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ً ً ّ
قد�ا وحديثا وأوردوه ب�ض وب العبارات ،فقال أبو نواس: وهذا ن
املع� توارد عليه الشعراء ي
َ ً
ـــة ب� ّلش ْبــع مــن ُج َ يــر َغ ْز َو َتــــــــــهُ َّ َّ َ
ــــز ِر ِه. ِثق الط ُ تتــــأيــــا
ِ ن َّ ّ
والزرّ :
الناقة املج ــــــــــزورة. ُ
غزوته ،لتشبع من قتاله ،ج واملع� :أن الط ي� تت�يأ وتنتظر
وقال مسمل بن� الوليد :
ــل.�يتب ْع َن ُه ف� ّلك ُم ْر تَ َ فَ ُ� َّ
ــن َ ْ
ادات َوِثق َن ِب�ا
ٍ عَ َ
� ْ َ َّ َ َّ
قد عود ي
الط
ِ ي
***
جـ) المسخ:
أ� ت�ام: ّ
وهو قلب الصورة احلسنة إىل صورة قبيحة كقول ب ي
ُ َّ ٌ َّ
و ْ
لكن ي�ى أن العيوب مقاتل. تًف� ال ي�ى أن الفريصة مقتل
املتن�:
وقول ب ي
أ َ َ َ َ ّ
لعائـــب.
ِ منك ن ب�قتل امم ب� لضارب
ٍ منك ن �ب ما أن ي�ى
***
والصــدر والكتــف عنــد منبــض القلــب ،ف�ــو ْإن مل يشــوه املع ـىن
النــب ّ ـ� جوالفريصــة :حلمــة بـ ي ن
السقات. الصورة ،وهذا من أرذل ّ شوه ّ
فقد ّ
33
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
أ ً ف أ أ
د� .شا�ح ذلك. بي ال النقد انتعاش � ي ا
ر دو سواق وال دبية ال 1.1لعبت املج الس
ب� أمية وجعلته ي ز�دهـــــر؟ ال� طرأت عىل النقد ف ي� هعد ن ت
ي 2.2ما املستجدات ي
ّ ف ف امل�ج الذي ّاتبعه بن 3.3ما ن
«ا� سالم» ي� كتابه طبقات �ول الشعـــــــــراء ؟
ف
ابس ِط القول ي� هذا املوضوع. املع� (البديع)؟ ِ ا� ت ز ال� الذي قام عليه كتاب بن 4.4ما أ ث
المــدي ف� كتابــه املوازنــة مــن ّ آ 5.5انتقــل النقــد نقـ ة
النقــد النظــري إىل النقــد ي ـ� هممــة عــى يــد
أ ش ً ّ ق ت ْ
مست�دا ببعض المثلة . طبي�� ،دث عن ذلك الت ي
أ 6.6هنالــك عــدد مــن املصطلحــات تدخــل ت�ــت مصطلــح ّ
السقــة الدبيــة .اذكـ ْـر بع�ض ــا
ش ً أ ً
مست�دا ب�لمثلة . يع� عن ذلك ب الذي انب ال
ج ا
ز بم�
ش ً ً أ َ 7.7مـ تَـى تكــون ّ
ـت�دا عــى مــا ـ� تكــون عيبــا؟ شا�ح ذلــك مسـ ي
حمببــة؟ ومـ ت الدبيــة ّ السقــة
تقول.
34
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
بناء القصيدة العربية
ّأو ًال -المطلع :
الســمع ،فــإذا اكن حسـ ًـنا أيقــظ النقــاد العــرب ب�طلــع قصائــدمه ،فاملطلــع ّأول مــا يقــع ف� ّ
اهـ تـم ُّ
ي
ً تً ََ َ ً نفــس ّ
صف املســتمع عنــه، الســامع ،واكن داعيــا إىل االسـ تـامع إىل مــا بعــده ،وإن اكن ضعيفــا فــا�ا
ً ْ �ض ً ْ
والــزالة ،وأن يكــون مناســبا ولــذا فاملطلــع ي ج�ــب أن يكــون وا ــا هســل املأخــذ ،مــع القــوة ج
ن ً
واملع� معا. اع فيه الشاعر جودة اللفظ ملوضوع القصيدة ،ي� ي
ف ومــن املطالــع الـ تـ� استحسـهن ا ّ
النقــاد ،وجــاءت مناســبة للحــال واملقــام ،قــول أوس بن� جحــر ي� ي
ابتداء مرثيته:
َ َّ َّ تَ ْ َ ن َ َ َ َ َ ْ ُ َ ّ ُت َ ّ ْ
ِإن الذي �ذ ِر ي� قد وقعــــــــا. أ� ِ يل جزعــــــــــا ج
أي�ا النفــس ِ
الذبيا� من قصيدة ف� االعتذارَ ،ص َّور ف�ا خوفه من ُّ
النعمان: ن وكذلك قول ّ
النابغة
ي ي ي
َ َ ُ ن ٍّ ُ َ ْ َ َ
الكواكـــب.
ِ ط ِء ول ْي ٍل أ ِ
قاسيه ب ِ ي ـــب ن
يـــ� ِلـــم ي� أميمــة � ِص ِ
ِ ِك ِ ي
ف
أ� ت�ام ي� فتح معورية:
ومطلع قصيدة ب ي
ف َ ِّ َ ُّ َ ْ نَ ِّ َّ ُ َّ ْ ُ ْ ُ
دق ْأن ً
ـب.
الد ِ ِ
ع والل ي� حد ِه احلد ب ي� ِج باء من الك ُت ِب السيف أص
ال� عا�ا ّ
النقاد مطلع قصيدة جل ير� ي�دح يف�ا عبد امللك بن� مروان: ومن املطالع ت ي ب
َ
عشية َ َّه ُ ُ َ َ َ
واح.
ِ
َّ
لــــــــــر �ب ك حصب أت ْص ُحـــو ْأم ف َــؤ ُادك غ ْي ُــر َص ِاح
ً ومطلع قصيدة لذي ُّ
الرمة ي�دح يف�ما عبد امللك أيضا:
ُ َ َ َّ ًُ َ ْ أّ َّ ما ب� ُل َع ْي ِن َك ِم نْ�ا ُ
املاء َي َنس ِك ُ
كنه من ك مف ِر ي ٍة ســــــــــرب. ـب
ثانيًاُ -حسن ال ّت ّخلص :
ُويقصــد بــه حســن االنتقــال مــن املوضــوع الــذي ْاب ُتـ ِـدئ بــه إىل موضوع آخــر ،أينتقل الشــاعر
أ ف
ج�ــأة دون ت�هيــد ،أم ي�هــد لذلــك ب�بيــات؟ فالشــاعر املج يــد هــو الــذي ي�ســن االنتقــال ،فيغــادر
ت أّ
ن
املوضوع� �ازج وانسجــــــــــام.
ي ن
موضوعه الول إىل الذي يليه دون خلل أو انقطاع ،ويكون يب�
أ� ُسىمل ،وهو ينتقل إىل ي بن ّ
املد�: بي � زه�
ي قول يدة، ال
ج صات التخل ومن
35
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
َّ ُ َ َ َّ َ َ ُ
واد عىل ِعل ِت ِه َه ِر ُم
ال َ َّ
ـــــــكن ج الب ِخيل َمل ٌوم حيث اكن ولـــــ ِإن
***
ّ ف أ
الناقة ج�أة: ع� ،واكن يتحدث عن صاحبته ث� انتقل إىل
ال ش وقول
ََْ ِّ َّ ُ ف َ َ َ ْ َ ِّ َّ َ
ت ز� يد ي� فضل الزمــام وتعت ِ
لـــي ـــــرة
ٍ س �ب
ِج عنك فدعا وسل اهلم
***
ّ ّ
املتن�:
بي قول القبيحة، صات خل ومن الت
َّ ت تَ َ َ ْ ن ف َ َ َ ُ ِّ ْ َ َ َّ أ
ـــوى َمثال إىل ال ي� �كت ي� ي� اهل م� َ ي َ�ى ذ يل َفيشف َع لــــي
ال ي َ عــل
***
36
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
رابعا -الخاتمة: ً
ً ف
ووقعــا ي� القلب، اعتنــوا �ملطلــع؛ أل َّن خل تا�ــة القصيــدة ث ًأ�ا ف� ّ
النفــس، النقــاد � خل تا�ــة امك َ اعتـىن ّ
ي ب ب
أعبــت ّ ـا�ت حســنة ج�يـ ة ن ف ّ ىن ىق ف أ ّ ن أ
النقــاد ـ� ج ـ �
بي ي ـر�ـ الع ـعر
ـ الش و�
ي ـان، ـ ذهال �ي ـ يب ـ مع ـر
ـ آخ ـا
ـ � ول
قد�ا ،من ذلك قول ت أ� َّبط ش ًّ
�ا: يً
َ َ َّ ْ َ َ ْ ً َ ْ َ ْ َ ق
ـــــض أخلِ ي�. إذا تذكرت يومــا بع
َ َل َت ْق َرع َّن َع َ َّل ِّ
الس َّن ِم ْن ن َد ٍم ي
***
أ ف
الروم ي� ثر�ء ابنه الوسط:
ي
وقول بن
ا�
صاد ِق ب ْ
ال� ِق َّ ِّ َ َ َ ُ َّ نِّ ت
عد.
والر ِ غيث ِ
ومن لك ٍ م� �يــة
عليك سلم الل ي
***
37
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
ْ َّ 1.1ركز ّ
النقاد عىل مطلع القصيدة ملا هل من أمهية ،ن�قش ذلك.
بــ� أجــزاء القصيــدة .شا�ح ذلــك، النقــاد عــى وجــوب وجــود تناســب ي ن شــدد َّّ 2.2
ش ً
مست�دا ما أمكن ذلك من حمفوظك.
ت ْ ف ّ خلــص مــن املوضوعــات الـ ت ُ ْ ُ ّ ّ
عل�ــا� ،ــدث ي�
ـ� شــغلت النقــاد ،وحرصــوا ي ي 3.3حســن الت
هذا املوضوع.
ـ� نقرؤهــا أو نســمهعا :ن
«إ�ــا قصيــدة 4.4مــا املعايـ يـر الـ تـ� ت ج�علنــا نقــول عــن قصيــدة حـ ي ن
ي
جيدة؟»
38
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الفصل الثاني
39
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
40
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ال ّنقد األدبي الحديث
ً ً ً رأينــا كيــف بــدأ ّ
النقــد عنــد العــرب ذاتيــا� ،ظ ــر ج�ــا مركــزة تصــف شــاعرا ،أو قصيــدة ،أو
ن
خطبة ،أو �و ذلك ّمما قد يؤدي إىل موقف ،أو فكرة.
ّ الدبيــة الـ ت أ النقــد كــرد فعــل ن فو� العــر احلديــث �ظ ــر ّ
ـ� بدأهــا الشــاعر البــارودي، ي ـة ـ ض لل� ي
ف أ ف ف
ـ� الــذي ت� ب� ونشــأ ي� مدينــة املقامــات ،و�ــم الدب ي� حــدود بالغيــة ي�رصهــا والاكتــب املويلـ ي
ت أ أ
الســلوب املج ـ ّـود ،والســلوب املعــاد ج�ويــده ،ومل يكــن هــذان الرائــدان ومــن مهعمــا يســتنكفون مــن
ف ْ ْ ّ ف ض ت
ـا� عــرمه ي� ضــوء البالغــة ـا� بــل أبعــاده ،وإن ظــل ي� مقــدورمه أن يكتبــوا عــن قضـ ي اجــرار املـ ي
ـ� إىل َّأن ّ ن ف أ الـ تـ� ارتضاهــا القدمــاء ،ث� ّ
ـر� ي�تــاج إىل بي ـ الع ـدـ ق الن ي ـ مريكيت ال تنبــه املهاجــرون العــرب ي� ي
أ ّ
إعادة نظر ،ومن هنا بدأت احملاوالت لربط النقد ب�لتيارات الوروبية احلديثة.
ً ّ ف وقــد اختلطــت نز�عــات ّ
النقــاد ي� الرومانســية جمــاال لالهـ تـامم التجديــد ببالغــة القدمــاء ،ووجــد
ـر� مــن حيــث هــو نســيج لغــوي ،تو�ك هــذا ثأ�ه حـ تـى لــدى جمــددي العــر -مــن ب�لبيــان العـ ب ي
ـر�، ئ ـاز� والعقــاد -فأخــذوا ينعــون عــى املهاجـ ي ن ن ن
ـر� ضعــف أدا�ــم العـ ب ي أمثــال طــه حسـ يـ� واملـ ي
ـ� مــن ك ّتــاب مــر وشــعر ئا�ا،
ُ امل�اونـ ي ن محل�ــم إىل ت وا�مــومه ب أ� ن�ــم ي�ملــون اللغــة ،وقــد امتــدت ت تّ
ف
القد�ــة شــائعة ،و�ظ ــر ذلــك ي� أد�ء العصــور ي االهــامم ب�لبالغــة ،وظلــت عــادة تقليــد ب ت فاســتمر
ال� استوحت ث ت ن الشعرية ،فو� ن ق ِّ
وأ� العالء. بي احظ الج ن� ي حس� ي طه اذج � ي شو�
معارضات ي
ف ّ ّ َّ
مصطــى عبــر الفــن ي التقليديــة ،ومــن ب
أقطا�ــا وظلــت ج�اعــة القدمــاء متمســكة بنظريــة الت ي
حســ� جو�اعــة الديــوان والرابطــة ين وم�ــم طــه التجديــد ن صــادق الرافــ� الــذي اكن مــن أنصــار ّ
ي
ت َ َّ
ـ� مثلهــا ت
ا�اهــه بفلســفة ديــارت ،أمــا ج�اعــة الديــوان الـ ي ـ� َحــدد ج القمليــة ب�ملهجــر ،فطــه حسـ ي ن
ف التقليديـ ي ن ـو� أمعــال ّ ـاز� والعقــاد فعمــدت إىل تقـ ي ن
ـ� مســتعينة بق ـراءات ومرجعيــات أجنبيــة ي� املـ ي
الثقافيــة القمليــة الـ ت ّ النفــس ،ف ي� حـ ي ن الفلســفة واالجـ تـامع وعــم ّ
ـ� اكن جـرب ان خليــل ي ـ� اكنــت الرابطــة
ي ف ُ
ـد� ي� ضــوء مــا تســتمده جـرب ان معيدهــا وميخائيــل نعيمــة مستشــارها تنــادي بتنظـ يـم الثــورة عــى القـ
ً أ
(الغر�ل) مضمنا يإ�ه مقـــــــــاالت ب من التيارات الوروبية احلديثة ،ويضع ميخائيل نعيمة كتابه
41
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أ
ـ�دب مقاييــس نقديــة تـ ئ ْ ت
ـا� العــر ،وقــد ازداد االتصــال مخ تلفــة �مــل دعــوة إىل أن توضــع لـ
ت ّ ب�لغــرب وكـرث
ـ� اتســمت ب�لعمــق واســتخدام ثقافات العــر ،لكن هذه الدراســات ي ـ ال ـات
ـ اس
ر الد ت
أ ّ ت َ َّ َ ف
مل تتبلــور ي� نم�ــج نقــدي حمـ ّـدد حــى ألــف أمحــد الشــايب كتابيــه (الســلوب) و(أصــول النقــد
أ ال بد�) ،ث� توالــت الدراســات ت أ
الــ� انفتحــت عــى المعــال النقديــة لكبــار النقــاد العــرب. ي ي
عناصر األدب:
أ ن الدب ف� ج�يــع صــوره مــن أربعــة عنــارص :العاطفة ،خ أ
واملعا� ،والســلوب،
ي ـال، ـ ي وال ي يتكــون
أ َّ َّ
وهــذا يعـن ي أن لك نــوع مــن أنــواع الدب ال يتحقــق وجــوده إال بوجــود هــذه العنــارص فيــه وتضافرهــا
ِّ الدب ي خ�تلــف ف� القــدر أو ّف أ ً ف
الدرجــة حســب طبيعــة لك نــوع مــن ي معــا ي� بنائــه ،ولكـ ّـن وجودهــا ي�
ّ ف أ
أنــواع الدب� ،ــظ الشــعر مــن العاطفــة أوفــر ،وحــظ النــرث مــن املعــىن أو الفكــرة أوفــر.
ّأوال -العاطفــــــة:
ف ّ أ
الدب العاطفــة وه ن
ـواح الوجــدان الــذي هــو الناحيــة احلساســة ي�
ي ـ ن ـنـ م ـة
ـ حي � ي مــن عنــارص
ّ أ
النفس ،وهو موطن الرسور والمل ،فلك آمالنا ومرساتنا وأحزاننا مرجهعا الوجدان ،وهو أنواع:
ّ
كحــب الــذات الاصــة،1.1الوجــدان الفــردي :ويتصــل ب�لفــرد ويــدور حــول نز�عاتــه وميــوهل خ
التملك والفخر ب� َّلنفس.والوف والغضب وحب ّ خ
2.2الوجــدان االجـ تـامع :ويتصــل �بملج تمــع وشــؤونه ،و�تكــز عــى صـ ة
ـ� إالنســان بغـ يـره ،اكحلــب، ي ي
واالح�ام ،والعطف ،والصداقة ،واملنافسة ،والوطنية. ت والبغض،
وه ت ت
الــ� تنشــأ عــن الوجــدان الفــردي أو االجــام يع ،يوه االنفعــاالت النفســية ي 3.3العواطــف :ي
فردية أو ت
اج�عية.
ّ
وتتكـ ّـون العواطــف عــادة مــن اتصــال الفــرد ب�ملواقــف املخ تلفــة ،فــإذا أرضــت هــذه العواطــف
ف ث ف ب ث
مر�ة.
صاح�ا أ�رت ي� نفسه مشاعر لذيذة ،وإذا أحبطته أ�رت ي� نفسه مشاعر مؤملة ي
42
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أ
الدب ،وه الـ تـ� تضـ ف
ـ� عليــه صبغة الــدوام والبقاء،
ي ي ي بو�ــذا فالعاطفــة عنــر همــم مــن عنــارص
ف ً َّ
تغــرت اكن ي� أشــاهلا دون أســاهسا ،وعــى العكــس مــن ذلــك وه ال تتغـ يـر إل قليــا ،وإذا َّيي
«العمل» الذي هو خاضع للعقل.
ف أ ْ
وهناك مقاييس ي�كن أن تقاس ب�ا العاطفة ي� الدب من بأ�زها:
ال ِس ُ ُ ْ ْ َ َق أ َ َ َْ ٌ َ ُ َّ أ
يـــــــر ِبكـر ٍه ِمن ِك ،ما ل ِ يَ� ـاك غيـــــث ـ� سق ِ أيـا أم ال ِس ي ِ
ُ
يـــــــــر؟ ست ِجف� ْن َي ْد ُعو ُل ُـه أو َي َ ــــــــر �ابن ِك َس َار ف� َ ٍّ� َ بو َ ْ إذا ُ
ٍ ب ي
ــــــــــــــر ُور
ُ َوُل ٌؤم أن ُي ِ َّل به ّ
الس ـــــن ي يـت قر ي َ� َع ْ َ َح َـر ٌام ْأن َيب َ
ِ ِ ُ ٍ ِ
الص ُ يـها ّ إذا َض َاق ْت ب َ�ـا ِف َ َ ن ْ َ َ ْ َْ
ــدور؟ ِ إىل مـن أشت ِ يك؟ وملـن أ�جـي
ُ أ� ِّي ض َيـاء َو ْج ٍـه َ أ ّ ُ َ َ َ ُ َّ
يـــــــــر؟ أسـت ِن ِب ِ ِ ِب�ي دع ِاء د ِاعي ٍة أوقـــــــــــى؟
مـر َ
الع ِس ُ ال ُ َ ْ ُ ََْ ُ أ َ ْ ُْ َْ َُ ََ ُ ُ ّ
يـــــر؟ ِب�ـن يستفتح ِب�ـن يستدفع القدر املوفـــى؟
***
43
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
فأبيــات أ� ف ـراس هــذه تـ ن ّـم عــن عاطفــة صادقــة ث
مبع�ــا احلــزن العميــق لوفــاة أمــه لغلبــة بي
ت
عل�ا بسبب أرسه ،أبيات ج�عل القارئ يتعاطف مع الشاعر. احلرسة ي
- 2قوة العاطفة وحيويتها:
ً ف ت ّ
املتن� مثال:
بي فقول القلوب، �
ي احلياة وتبعث املشاعر، تث�
والعاطفة القوية يه ِ ي ي
� ال
َ َْ ْ ف َ
النجوم
ِ فـال تق َنع بـما دون غامر َت ي� ش� ٍف َم ُر ٍوم إذا
ف َ ف ُ ْ َ َ
عظ�
أمـر ِي
املـوت ي ٍ
� ِ كطعم
ِ ق� ح
ِ ي ٍ يٍ أمر � املـوت ـمع ط ف
***
المــورّ ، ئ أ صــوت عاطفــة قويــة ّ َ ُي ُ
وتقــوي فينــا عاطفــة مدويــة تدفعنــا إىل عظــا� ســمعنا
ّ ش ف ف
وأ��ــا ،ومــا دام إالنســان غـ يـر مخ لــد، ـا�توالقــدام واالسـ تـامتة ي� ســبيل أىمس الغـ ي الشــجاعة إ
ً ْ ً وهو ِّميت ال حمالة ،ف خ
� ي� هل إذن أن ي�وت ش� يفا عىل أن ي�يا ذليال.
النــاسالصعــب وضــع قيــاس واحــد لتقــد� العواطــف املخ تلفــة الختــاف طبائــع ّ ومــن ّ
ي
ـب أو البغــض وهكذا، وأمزج�ــم ،فبع�ض ــم تثـ يـره عاطفــة الـ ّـرور أو عاطفــة احلــزن أو عاطفــة احلـ ّت
أ ِّ ّ ِّ
طبيع�ــا ومقــدار ت� يث�هــا ،وتعتمــد قــوةت ـد� لك عاطفــة عــى حــدة ،حســب وهلــذا يفضــل النقــاد تقـ ي
ْ الديــب ،فلــ� يثـ يـر القــارئ أو ّأ
الســامع ي ج�ــب أن يكــون هــو قــوي الشــعور ي العاطفــة عــى طبيعــة
ف َّ اليالّ ، أ ف
لكنه ال ُيوفق ي� قوة العاطفة. قوي خوالتعب� َّ
ي ي� أدبه ،وقد يكون حسن الداء
44
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
- 4سمو العاطفة:
أ رفع�ــا أو فودرج�ــا مــن حيــث ت ت
ضع�ــا ،فــالدب عــى اختــاف صــوره ويع ـن ي نــوع العاطفــة
ِّ ف النفــوس تّ يثــر ف� ّ
ُ
تث�هــا موســيقا الشــعر ،وعواطــف شــى العواطــف� ،نــاك عواطــف ي وأشــاهل ي ي
ـس احليــاة ويبعــث حســية ،وأدب يثـ يـر شــعو ًرا أخالقيـ ًـا َي َ�ـ ُّ تث�هــا معانيــه ،وهنــاك أدب يثـ يـر لــذة ّ ي
أ َ
و� يــد حيــاة النــاس قــوة، الدبيــة يه الـ تـ� ت�ـ يـ� الضمـ يـر ت ز ـف ـ العواط س قي�ــا ،وعــى هــذا فــأ ْ َ عــى ت� ت
أ ي ي ً أ
ً ً ق
ا� هــو مــا يثـ يـر فينــا انفعــاال وميــا إىل احليــاة الراقيــة ،ولــن يكــون الدب راقيــا إال إذا ي ر ـ ال دب وال
ن ً
اكنت هل صفة أخالقية ،واكن قادرا عىل تنمية طبائعنا ،ث
مشاعر� الصحيحة. وإ�رة
ثانيًا -الخيال:
ُّ أ أ
اليــال ،وهــو قــوة ذات قيمــة كبـ يـرة ّالبــد نم�ــا للديــب ًّ يأ� اكن ،ولك أنــواع الدب خ مــن عنــارص
ّ ض الد� اكنــت حاجتــه إىل خ أ ولكــا ارت ـىق ّ الدب حمتاجــة إىل خ أ
اليــال أو� ،ولعــل بي ـوع ـ املوض ـال، ـ يال
أ ّ
أك� أنواع الدب حاجة إليه. قص�ة مها ث الشعر والقصة ،طويلة اكنت أو ي
ً ًّ ّ يو�تبــط خ
ـو� ،فلكــا اكنــت العاطفــة قويــة احتاجــت إىل خيــال قــوي اليــال ب�لعواطــف ارتباطــا قـ ي
ث تأ ثَ َّ َّ أ
و� يــد مــن درجــة ت� يث�هــا ،ومــن � فــإن ضعــف أي م�ــا يــؤ� �ثـ يـر
ن ّ ت
وروع�ــا ،ي ز ـ� عــى إ�ظ ارهــا ُيعـ نُ
ي
آ فً
كب�ا ي� ضعف الخر. ي
ْ ف ن
ـا� وحضورهــا ي� الذهــن بهســولة ،فبعــد أن تـ تـراءى الصــور ـداع املعـ ي ويعتمــد اليــال عــى تـ ي
خ
ن ف ئ ن ُ لة َّ
ـا� ي�ـداع املعـ ي
للحيــاة بوســي التذكــر ،يســتخلص م�ــا مــا يــا� الغــرض ،وتنحــر عوامــل تـ ي
املاك� أو ن
الزما�: واالق�ان ن (التبا�) ،ت ين وه :التشابه ،والتضاد
ي ي ثالثة أمور ،ي
45
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
- 1ومن تداع ن
املعا� بعامل التشبيه قول الشاعر:
ي ي
ف َّ ً
ظــالم
يـــل ي� إال ِ
ِ اكلل لنفــوس
ٍ ضيـــــاء وجوه مثـل نال�ــــار
مك ٍ
ّ
ـ� مــن ت�اثــل ـ� املعنيـ ي ن
(ال�ــار) وذلــك ملــا بـ ي ن الشــاعر ن ـتدع إىل ذهــن
فالوجــوه الكثـ يـرة املضيئــة تسـ ي
أ وتشــابه ف ي� أمــر خــاص وهــو الضيــاء ،وكذلــك النفــوس الكثـ يـرة الـ ت
ـ� تنطــوي عــى احلقــد الســود ي
فاليــال ـاص هنــا هــو إالظــام ،خ ـ� مــن ت�اثــل وتشــابه أيضـ ًـا ف� أمــر خـ ّ
ـ� املعنيـ ي ن تســتدع (الليــل) ملــا بـ ي ن
ي ي
ّ ب� الوجوه املضيئة ن
وال�ار ي ن ال� ي ن ب ت
وب� النفوس املظملة والليل. املشا�ة ي هو الذي ملح
بي�ــا تضــاد أو ـا� مــن عوامــل تــداع املعـ نـا� واســتحضارها ،فالصــور الـ تـ� ن - 2التضــاد أو التبـ ي ن
ي ي ي
ف ت
ـا� ال يــاد بع�ض ــا ي خ�تلــف عــن بعــض� ،ــن خ�يــل (احلــب) خطــر هل معـىن (البغــض) ومــن َمـ َّـر ْت تبـ ي ن
(ال بن�) ،ومن أمثلة ذلك قول الشاعر: مع� ج عىل ب�هل (الشجاعة) انساق إليه ن
َ ت إذا ن�ن ِس ن� ي ن
ّ�رك يقظان تّال�اب نو� ئ�ه ب� ش� ٍق ومغرب
املع� املضاد هل وهو ئ
(النا�). الاطر ن ف�نا ن�ى َّأن (اليقظان) قد استدىع إىل خ
ـا� أو الزمـ نـا� َّأن ذكــر مــان أو زمــان ُمعـ ّ ي ن
ـ� مــن - 3ومــن تــداع املعـ نـا� بعامــل االقـ تـران املـ ن
ي ي ي ي
ت ُْ َ أ
شــأنه ْأن يســتدع إىل الذهــن الحــداث الـ تـ� وقعــت فيــه ،ومــن أمثـ ة
ـ� تذكــر عندمــا ي ـ ال ـع
ـ الوقائ ـ� ي ي
الروم: ماك�ا ،قول بن
ا� ي خ�طر ب�لبال ن
ي
ُ مآر ُب َّ َ َ
الشباب هنالاك قضـاها ِ وح َّب َب أوطـان الرجـال يإل� ُم
ُّ ف َ
ُع ُـهود ِّ ـر� ُ َ ن ُ َّ
ذك تْ
الصبا يف�ا �نوا لذلاك ــم إذا ذكـروا أوطا�م
***
46
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـ� عظيمـ ي ن
ـ� مــن أمعــال ي
أخ�ــا ـ� ب�لذكــر؛ أل ن�مــا مظهـران لعملـ ي نـذ� الوقتـ ي ن فالشــاعرة خصــت هـ ي ن
ـ� يه مظهــر الشــجاعة عنــد طلــوع الشــمس ،ويقــري الضيــوف ت صخ
ــر حيــث اكن يغــدو للغــارة الـ ي
ويقدم هلم الطعام عند الغروب.
أ ً ن ت ت ف
ـ� خ� ت ز� ن�ــا الذاكــرة عــى وجــوه شـ تـى طبقــا ملقتضيــات الحــوال
ي ـ ال ـا�
ي ـ املع �
ي
خ
واليــال يتــرف
أ
اليال» ومن هذه الحوال: يع� عنه بــــ «فنون خ التعب� ،وهو ما ّب
ي ومتطلبات
ً
تكث� القليل ،كقول معرو بن� لكثوم مفتخرا: 1.1ي
أ
البحــــر ن�لؤه سفينــــــا
ِ
َو ُ
ماء ح� ضـــــاق ّ
عنــــــا ملنــا ب َّ
ال� ت
َّ ا� لكثــوم ت ج�ــاوز حـ ّـد احلقيقــة ف� إالخبــار بك ـرث ة قبيلتــه وسـ نفالــذي صنعــه خيــال بن
ـف�ا ،وإن ي
ع�م ،والبحر قد ازدمح ن
بسف�م. ال� قد ضاق ن واالع�از دفعته إىل ت خ�يل ب ّ
تز نشوة الفخر
ف خ ش بن
ثعم ي� وصف معركة: الصغ� :كقول ب� � ربيعة ال ي ي تكب�
2.2ي
َّ
ْ
جناحـــي طائـــــــر ُيعــــــار عشيــــــة ّود القــــــوم لــــــو أن
أ
اكلبـال
دلفنـــــتا لخـــــرى ج
إذا مـــا فرغنــــا مـــن قــــــــراع
فقد بلغ خيال الشاعر ب�لكتيبة من ج�ة الضخامة مبلغ ج
البال.
املتن�: لة
الكب� ومن أمث ذلك قول ب ي تصغ� ي
3.3ي
َ لـــوال مخ ت ٌ ً ن ف
اطبــ� يإ�ك مل ت�نـــي
ي ي
ــــوال ن
أن� رجل � سمـــي�ج ب ك�
د�ــم إىل ماكنــه حــى ّادىع َّأن مخ اطبتــه للنــاس ه ّال ت
ــ� ت� ي الــم ت فاليــال أخــذ يســتصغر ج خ
ي ي
ْ ً
قبال�ــم ،فعندمــا يتدخــلوإن وقــف ت ـ� النــاس ـو� عــن أعـ ي نفيبرصونــه ،ولــوال مخ اطبتــه لب ـق ي حمجـ ب
ْ ف
اليــال ي� مثــل هــذا املوقــف ويعمــد إىل تصغـ يـر الكبـ يـر نإ�ــا يبـغ ي مــن وراء ذلــك أن يثـ يـر عاطفــة خ
ً
صغ�ا. الكب� الذي ردته أحداث الدهر ي والر ث�ء حلال ي الشفقة ّ
ف ت ُ
4.4خ� ّيل ما هو معنوي ي� صورة حمسوس ،ومن أمثلة ذلك قول الشاعر:
ُ ُ َ ُ
تنتحب الفتــــاة؟ فقلت عالم تبك
ي ي وه املـروءة
ِ عىل مـررت
ً
ج�يعا دون خلق هللا ماتـــــوا أبك وأهلـي
فقـالت :كيف ال ي
***
47
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ف ّ ت
ـ� ،فأســند يإل�ــا البــاء،
ي ـ تب ـاة
ـ فت زي �ي ـوي
ـ معن ـ�
ي ـ عق ـر
ـ أم وه
ي ـروءةـ امل ـاعرـالش فقــد خ�يــل
وبي�ا هذا احلوار.وأجرى بينه ن
ف ت
- 5خ� ّيل احملسوس ي� صورة احملسوس ومن ذلك قول البارودي:
طـ� ب أ�جنـحة خ�ض ب� يد َّ أ
امك رفرفت ي الص َبا الغصـان ي ن وقد مـاجت
ت ّ َّ
كـأن َّ
ج�ول بخ�د أو جـمان علـى ِت ْب� ٌ
مدامـــــع النـدى فوق الشـقيق
***
َّ ف ـ� ج �ــار الـ ت أش فخ
الصبــا ي� صورة طيــور مرفرفة يؤر�هــا نسـ يـم ي ج ال ـانـ أغص ـلـ يتمث ـارودي ـ الب ـال ـ ي �
ف أ ـر ،امك �ى قط ـرات ّ ب أ�جنحــة ُخـ ضْ
النــدى فــوق ورد الشــقيق المحــر ي� صــورة دمــوع تنحــدر عــى ي
ُ
حبات الفضة عىل فتات الذهب خ خد ،أو صورة ّ ٍّ
الالص.
ً ت خ
- 6احلــوار والقصــص ،ومــن فنــون اليــال عقــد حمــاورة أو إنشــاء قصــة �ــدف إىل مغــزى ب ّ ي
أد�،
ـ� اثنـ ي نال بد�ء ومــا زالــوا يســتعينون ب� خليــال ف ي� إجـراء حــوار بـ ي ن أ ـياس ،أو أخـ ق ي ّ أو سـ يّ
ـ� ـا� ،وقــد اكن
ف
�صيات قصصية ال وجود هلا ي� عامل الواقع. أك�ْ ،أو خلق ش خ أو ث
ثالثًا -المعاني:
ف أ ن أ
كبــرة ي�
وه قــوام لك أنــواع الدب ،وقــد تكــون هلــا قيمــة ي ي ي املعــا� دب ال ومــن عنــارص
أ أ ت يخ أ ف أ
واحلــم والمثــال؛ لن موضوهعــا هــو إالخبــار ر� الدب ِ بعــض النــواع امك هــو الشــأن ي� كتــب �
أ ّ ت ف
قيم�ــا ي� القصــص؛ لن ـز�ة دقيقــة وا�ض ــة ،وتقــل ـا� عــى وجــه تكــون فيــه غـ ي
ن
�بحلقائــق وأداء املعـ ي
ت أ غ
ـر� مــن هــذا فــإن املعـ ن الول نم�ــا ث أ
مقوما�ا الساســية، ـا� مــن
ي ـ ال ـى
ـ ع ـن ـ لك و ـف، ـ العواط رة إ� القصــد
ِّ فالعواطــف تكــون حصيحــة ســليمة إذا اكنــت ئ
قا�ــة عــى أســاس حصيــح مــن احلقائــق ،والشــعر وهــو
ن الــرف ُ الدب ِّ أ
عل�ــا العاطفــة ،وليــس مــن الــ� ت�تكــز ي املعــا� ت
ي مــن فيــه ــا � ب قــاس ي أمه أنــواع
أ ي أ ن ْ أ ف ض
ـا� مبتكــرة جديــدة؛ لن الدب قــد يتنــاول فكــرة مألوفــة للنــاس الــروري ي� الدب أن تكــون املعـ ي
ً
ـدا بي�ــر العـ ي ن ً
ـ� ويدهــش فيكســب يف�ــا مــن عاطفتــه وخيــاهل ،ومنــه مــا ي ج�علهــا تنقلــب خلقــا جديـ
ي ن ف أ
ـد� ج�ــد مع ـىن بيــت الشــعر الواحــد وموضعــه يتنقــان مــن شــاعر إىل ـ� الدب القـ العقــل ،فـ ي
أ أ ٍّ
شــاعر لك يقـ ّـد ُم صياغــة خاصــة بــه حـ تـى اختلــف النقــاد فيمــن يقدمــون :ال ّول أم الخـ يـر ،وقــد
ن ف أ
لملعا� ي� الدب نم�ا: ي وضع النقاد مقاييس
48
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الصحة والخطأ:
* مقياس ّ
ً ف أ ْ
ينبـغ ي أن يكــون املعـىن ي� الدب حصيحــا ال خطــأ فيــه مــن ن�حيــة احلقائــق أو واقــع احليــاة أو
الطأ اللغوي قول ت ف ً
ثال ُي َع ُّد من خ ّ
البح�ي: املدلول اللغوي� ،
الغ َم ِام َب ْ ن� ب ْكر يّ
وأ�
ُُ َ َ
جيوب
ّ ي ُ ُ َّ
� ك َع ِش َّي ٍة ليه الر َ
ع قَت ُش ُّ
ي ِ ٍ ٍ ِ
***
ف ً ف َ َّ أ أ
فقــد أخطــأ البحـ تـري؛ لنــه ظــن أن (ال ي�) يه ليســت بكـرا ،ج�علهــا ي� البيــت ِضــد (البكــر)،
ً ً أ
ال� ال زوج هلا ،بكرا اكنت أم ِّثيبا ،ومن الرجال من ال امرأة هل. ال ي� من النساء ه ت
ي ي مع أن
* مقياس الطرافة:
الوانــب خ أ يقيــس ّ
الفيــة إل ج
ي ـب
ـ ديال النقــاد املعـىن ب�قــدار مــا فيــه مــن طرافــة ،أي :نــدرة فيتطــرق
أ فيع� ن ن ف
الدؤل:
ي سود ال أ�
بي كقول اع� ب املع� �يغ� املطروحة ي
بخ َُْ ْ ُ يلومون� ف� البخل ج� ًال وض ًلة
خ� من سؤال �يل
وللبخل ي ِ ني ي
***
50
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
51
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
52
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الفصل الثالث
تطبيقات نقدية
53
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
54
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
تحليل ال ّنص األدبي ونقده
ـد� ف� اكتشــاف أبعــاد ّ
النـ ّ ـت�ي ت�ليلنــا وتفيـ ن
الد� سـ ثّ ّ أ ّ َّ
ـص ي بي ـص ـ لن �ب ـق
ـ يتعل ـا
ـ م ـل
ـ ب ـا
ـ معرفتن إن
نلق�ــا عــى
ً
الارجيــة أو الســياقية أحاكمــا ي ومراميــهّ ،إل أنــه ي ج�ــب ّأل تكــون املعلومــات املســبقة خ
ف ن ّ
ـص ،ومــن ث َّ� �لــه وفــق هــذه املعلومــات املســبقة� ،ــذه املعلومــات إضــاءات اكشــفة تعيننــا عــى النـ ّ
النقــاد عــى املبــادئ العامــة ملراحــل ت�ليــل ّ
النــص ـص واســتنباط م ـزا�ه ،ويــاد يتفــق ّ ف�ــم ّ
النـ ّ
ِ ي
ف ال بد� وتتبع ش�ح عنارصه ت أ
ال� تتمثل ي�: ي ي
ــــــــص
ّ - 1فهــــم النّ
ـص ق ـراءة واعيــة متأنيــة يــدرك مــن خالهلــا القــارئ العالقــات ّ
النحويــة ،ويتفحــص ق ـراءة ّ
النـ ّ
أ
لللفــاظ ،ويتوقــف عنــد الملكــات ت الداء اللغــويّ ، أ
الــ�
ي واهلامشــية املركزيــة الالت والــد طريقــة
معا� يغ� معروفة ،وذلك �بالستعانة ب� ج ن ت
ملعا� اللغوية. �مل ي
جوه العام - 2تحديد موقع النّ ّ
ص َو ّ
أ ْ َّ ّ ّ ً مخ ً
لك ،فيجــب أن يطلـ َـع الـ ّـدارس عــى الصــل ملعرفــة
ي ـصـ ن ـن
ـ م ا
ر ـا
ـ ت أو ـا
ـ مقتطف ـص إذا اكن ّ
النـ ّ
ْ أفــار الاكتــب ،وموضــع ّ
النــص مــن نتاجــه ،والتعــرف عــى املناســبة إن اكن هنــاك حــدث ي�تبــط
ب� ّلن ّص.
- 3تحديد أفكار النّ ّ
ص
النــص مــن فكــرة أو أفــار عامــة ،وخـ يـر وســيلة للوصــول إىل الفكــرة العامــة يه دراســةَيتكـ ّـون ّ
ْ الفــار الفرعيــة ن أ النـ ّّ
وم�ــا نصــل إىل الفكــرة اللكيــة ،وعــى الــدارس أن يقــف عــى ـص ،وتســجيل
ْ ن أ االنســجام ت
الزئيــة والفكــرة العامــة ،امك عليــه أن يتفحــص حســن انتقــال ـ� الفــار ج وال�ابــط بـ ي
أ
الديب من فكرة إىل فكرة لنقل مشاعره وأفاكره للقارئ.
صــــــــــــــــــور
- 4ال ّ
ت ف َّ أ أ ّ ّ
وتثبي�ــا ي� د� ،إذ إن الديــب يلجــأ عــادة إىل تغليــف أفــاره الصــور مــن أمه عنــارص النــص ب ي
ال
ً أ طري�ــا ،امك نأ�ــا توقــظ العواطــف ،ف� ت
نفــس القــارئ عــن ق
التصو� يــة ،وإذا اكن الدب تعبـ يـر ي�
ي لغ�ــا ي
ً َّ أ
الفــار ه الـ ت الصــور ه الطاغيــة عــى ّ
النــصّ ، اكنــت ُّ
ـ� تســيطر عليــهي ي ـإنـ ف �ي ـر�
ي ـ تق اكن إذا ـا
ـ أم ي
55
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ف ّ ّ أ
ـو� الصــور ي� ت�ابطهــا وانســجاهما مــع الفكــرة ،ويلحــظ ال بد� يلتفــت إىل تكـ ي ن
ي والــدارس للنــص
ف
كذلــك طابــع الصــورة ،هــل يه ماديــة ،أو حســية ،أو معنويــة أو خياليــة بعيــدة تتاكثــف ي�
أ
و� ت� التلـ ي ن ن آ
الفــاق؟ امك ينتبــه إىل حركــة الصــورة ق
النفس
ي ـالـ االنفع صباغ �
إ ب ـادة
ـ ع ـو� ي ي ـا،
ـ وتلوي� ـا
ـ ومع�
أ
عند الديب الذي ي�اول نقلها إىل القارئ.
- 5العواطف
ً ئً العواطــف ه االنفعــال النفــ� املصاحــب ّللنـ ّ
ـاد� متوســطا أو ـص ،وقــد يكــون االنفعــال هـ ي ي
ف ت ـ� ال ّول والثـ ن أ جاحمـ ًـا ،فالغــزل يناســبه اهلــدوء ،واحلــزن يناســبه اهلــدوء ،وبـ ي ن
ا�ــاه ـا� اختــاف ي� ج ي
إ�ـ بـا� متمـ ّـدد فــرح ،والثـ نـا� هــدوء منمكــش حـ ي ن أ
ـز� ،والغضــب انفعــال ي ي ج ي ـدوء ـ ه ول ـال اهلــدوء ،فـ
ّ ن ف ّ
الول ي خ َّ أ ُّ
ا� ي� النوع. ي الث عن تلف � واحلض عىل الثورة والقتال انفعال جاحم لكن جاحم،
َّ والعاطفــة ت خ�تلــف عــن الفكــرة إذ إ َّن العاطفــة ت�ريــك نفــ� والفكــرة ش
ـ� ،فالذ َهــاب ي ـ عق ء � ي ي ِ
َّ فكرة ُ
وح ّب الذهاب عاطفة.
أ
إعاب؟ أه حب ،أم كره ،أم حزن ،أم فرح ،أم تقزز ،أم ت�مل ،أم ج ● ومن ذلك نوع العاطفة :ي
�صـــــــي؟ إنسا� ،أم ش خ وط� ،أم ن ن ن
ي قوم ،أم ي دي� ،أم ي ● ومن ذلك دافع العاطفة :أهو ي
أه معيقــة أم ســطحية وهــل يه فرديــة أم ج�اعيــة ت
● ومــن ذلــك معــق العاطفــة ودرجا�ــا :ي
إنسانية؟
أه معيقة ،صادقة ،ملونة ث�بتة جياشة ،هادئة أم...؟ ● ومن ذلك احلمك عىل العاطفة :ي
ص - 6دراسة البناء الداخلي والشكل الخارجي للنّ ّ
أ ّ ف
ـتو�ت النظــام اللغــوي إىل أعالهــا فينظــر إىل الصــوات وطابهعــا مــن وهــو �ــص الــدارس ملسـ ي
ت ت ملخ
ـ� �تــاج إىل ج�ــد حيــث ا ــارج وارتباهطــا ب�ملوضــع ،فاحلــروف احللقيــة تناســب املوضوعــات الـ ي
اكي�ــا يف�صــد ـص تو� ب النـ ّ ـض ،وتقريــع ،ومــدح ،أو ثر�ء ،ث� ينتقــل الــدارس إىل ج�ــل ّ �ــر وحـ ّ مــن ف خ
والنشــاء، ال ب� إ ـ� ض�وب خ والر�بــة والتنــوع ،واالنتقــال بـ ي ن ـ� مــن حيــث الطــول والقــر ت المـ ة طابــع ج
والتك ـرار ،وســبب أي ظاهــرة تتكــرر ،وإليــك مخ تــارات ّيتضــح مــن ـد� والتأخــر ،واحلشــو َّ
ي والتقـ ي
أ ف
خالهلا ما عرضناه ي� القمس ال ّول من هذه الدراسة.
56
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الفن ِّ
الشعري ّ
َأ ْض َحى ال َّتنائي -ابن زيدون
ص: النّ ّ
ُ ْ تَ َون َ ديـال مـن َت َد َ َّ ئ َ ً �ضْ
يـب لق َي نَا� ج� ِافينـــــا ِ ط ِ ـن ع ـــاب َ انـينــــا ِ ب ـنـــا�
ي الت ـى أ
للح ْ ن� َداع َ َ ٌ َ َ َ َ َ
ـيـنـــــا يِ ِ َ ــا ــام ب َ
ن ِ
َ فق حيـــن الب ْ ي ِن� َص َّب َـح َنـا ـبح َ ــــان ُص ُ أال وقـد ح
ــز� مـع َّ ُ نً ْ امل ْلبس َ ُ
الد ْه ِـر ال َي ْبلـىَ ،و ُي ْب ِل َينـــا ح اح ِـه ُ
ــــم ـينــــا ِب�ن ت ز� ِ َم ْـن ُم ْب ِلـــغ ُ ِ ِ
َ ْ ُْ ً ُْ ُ ُ َ ُ ُ َ َّإن َّ
ْ ُ
أنسـا ِبقر ِب�ــم قــد عــــاد يب ِكـينــــا؟َ َ الز َمـــــان الــــذي ك ّـنا ن َس ُّـر بـــــه
الد ْه ُرِ :آمينـاَ ـال َّ ْ َ َ َّ َ َ َ الع َدا مـن َت َس ِاق َينا َاهلـوى َف َد َعواْ َ
ِبــــأن نغــــص فق ِغيـظ ِ
َ َ ْ َ نَ ْ ُ َ َ ُ ْ َ َ ََ ُ ُ َ َ ُ ُ
َ
� تل ِقينــــا فاليــــوم �ن ،ومــا يـر ج ي وقد نكــــون ومـا ي خْ�شــــى تف ُّـرق َنـــــــا
ش ْوقــــا ِإليك َوال َجفـــــت َم ِآق َينـــــا
َّ ً ُ َ
ا� َـنـــــا ابـت َّل ْت َج َو ِ ن ُ ب ْن ُتـم َوب َّنــــاَ ،ف َـما َ
ِ ِ
أ َ أ َ ْ ضَ َ ئ ُ َ ن َُ ُ َ
ـضـــي َعل ْي َـنا ال َس ل ْوال تَ� ِّس َينـــــا َيق ِ حـــ� تن ِاجيكــــــم � ِا�نــــا يكــــاد ي
ُ
ًَ
ــت ِبك ْـم ِبيضـــا ل َيا ِل َينــا
ُ ً َََ ْ ُ
ســودا وكن ـام َـنـــاَ ،ف َـغ َ
ــــــد ْت الــت ِل ْفق ِد ُ ُك َّأي ُ َح ْ
ّ أَ ُ ْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ ُّ ُ فَ
ـاحينـــــا َ َ
احـنــــا ِإال ر ي ِ َ َ ــــم لرو َِ ْ ُك ُنت ْ ِليســــق عــــدك عـــد السـر ِور �ـــــا
ْأن طــال مــا َغ َّ َ� َّ ُ َ ِّ ُ َ َّ نَ أْ َ ُ تَ
امل ِح ِّب َينــــا أي ُ الن ُ ي ال ْ� َـس ُبـــــــوا �يـك عنـــــــا يغ ي�نـــــا
َ ِّ ُ َ َ ْ َ ص ْ الق ْ َ َ َ َ َْ َ َ
سقينـا ِ ي د والو ى ـو اهل ف من كـان ِص فاس ِــق بــه ي� س ِـاري بال� ِق غ ِاد
َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ ًّ َ َ ُ ِّ تَ َ
حيا كن ي ْ� ِي َينـــــا من لو عل البع ِد الصبـــا َبلـــغ َ� َّيت َنــــــــا ــــــ� َّ َو َيـا ِنس ي َ
َ نُ َ ََ ٌ ََ
ـــك خْ� ِـف ي َ�ـــا ف ُت ْخ ِف َينــــــا صـباب ِ ِ ب ــة ــــالم هللا َما َبق َي ْ
ـــــت ِ ُ س َ � ن
ع ِ ِ ي
م يــــك ل
***
صاحب النّ ّ
ص:
ف
ـزومُ ،وِلـ َـد ي� الرصافــة بقرطبــة ســنة 394هــــ، ملخ بن ّ ّ
صاحــب هــذا النــص هــو أمحــد � زيــدون ا ـ ي
فتعــم خّ ف أ أ ف َّ
الــط ،وق ـراءة القــرآن، الندلــسّ ، وتل ـىق تعليمــه ال ّول ي� الكتاتيــب ،وأماكــن التعلـ يـم ي�
57
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أ ف أ وعلــوم النحــو والــرف ،وقــرأ ي ن
وغ�هــا ،وقــد توطــدت عالقتــه ب� ب�ز ال بد�ء ي� دواو� الشــعر ي
ً ً أ
وغ�مهــا ،فأوهلمــا اكن واليــا ،ثو� ين�مــا قاضيــا ،وقــدوأ� بكــر بن� ذكــوان يبي ـور
ـ �ج بن
� ـد ـ ليو ال �عــره ب ي
ك
ـتك� ،واكن مــن املقربـ ي ن أ
المــوي املسـ ف ـب مــع « ّولدة » بنــت خ ارتبطــت حياتــه بقصــة حـ ٍّ
ـ� ي ـةـ ليف ال
أ بن
أ� الوليــد ،وفســدت عالقتــه ب� ب ي� احلــزم فأدخــه أ� احلــزم ا� ج�ــور حــامك قرطبــة وابنــه ب ي مــن ب ي
ـ� إشــبيلية وقرطبــة ا� زيــدون بـ ي ن
بي�مــا ،ومــات بن ـو�ت عالقتــه بـ ّـولدة ف�دثــت القطيعــة ن الســجن ،وتـ ت
سنة 463هـــ.
* مناسبة القصيدة:
ا� زيــدون هــذه القصيــدة بعــد خروجــه مــن الســجن ســنة 433هـــــــ ي ن
يبــ� يف�ــا أمل أنشــد بن
ْ
الف ـراق ،ويتم ـىن أن تعــود يأ�مــه إىل ســابق هعدهــا حيــث اكن يســتمتع ب�لــذات احليــاة ،جو�عتــه
الســجن املــودة والصفــاء مــع َمـ ْـن ي�ــب ،ف ج�ــاءت هــذه القصيــدة عصــارة نفــس اكتــوت بنــاري ّ
أ أ أ
واحلب ،نو�ر البعد عن قرطبة موطن الهل والصدقاء والحباب. ّ
ف
بعــد هــذه إالضــاءات مــن خــال التعريــف ،ب�لشــاعر ومعرفــة بأ�ز احملطــات ي� حياتــه ،وتعـ ّـرف
ب� أيدينا مفاتيح للدخول إىل عامل القصيدة. ال� اكنت سبب هذه القصيدة فتكون ي ن ت
املناسبة ي
* حتليل الن ّ
ّص:
ـد� ،املب ـن ي عــى وحــدة الــوزن والقافيــة،
ـر� القـ ي ّ ّ
ـ� هــذا النــص امك نالحــظ إىل الشــعر العـ ب ي ينتـ ي
ف َّ
عل�ــا وزن ب�ــر واحــد مــن أوهلــا إىل آخرهــا تتســاوى عــدد التفعيــات ي� ب�عـىن أن القصيــدة يســيطر ي
الشطر� ف� البيت الواحد ،امك تنظم القصيدة قافية واحدة ت ز
يل�م ب�ا الشاعر طوال القصيدة. ين ي
النــص ق ـراءة واعيــة متأمـ ة
ـ� عــدة م ـرات إىل أن يبــدأ يبــدأ الناقــد بعــد هــذه املالحظــة بق ـراءة ّ
أ ف ت أ ف
ـ� ال تظهــر ي� القـراءة الوىل ،ويبــدأ بعــد ذلــك ي� �ليــل البيــات ـا�ه ّالـ ت
ي ـ خف ـن
ـ ع ـوح ـ الب �ي
ّ ّ ف
النــص
ي آ
النحو ال ت ي�: عىل ّ
-األفكار:
ّ َّ �تكــز هــذا ّ
النـ ّ
وه ذكــر ماضيــه ي ـدة ـ القصي ـوال
ـ ط ـاعر
ـ الش ـا
ـ دده�ي ـل ـ ظ ـة
ـ رئيس ـرة
ـ فك ـى
ـ ع ـص ي
ـر�ـ� الــذي يتمـىن التخلــص منــه ،ب� إلضافــة إىل التـ ي ـا�ه َّ
السـ ي ِّ ئ احلســن الــذي يتمـىنَّ أن يعــود ،وحـ ض
قيا عىل ّ ً أّ
حب من ي�ب. ب�نه ما زال ب�
58
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أ ف ف ض
ا� زيــدون يعـن ي الوصــال واحلــب واالســتقرار ي� الوطــن ،والعيــش ي� كنــف الهــل، ـا� عنــد بن
واملـ ي
ْ أ ف
ـا� يســعده ويؤملــه ي� ٍآن واحــد ،يســعده؛ لنــه ُمـ شـرق نو�ل فيــه مــا ت�ـىن ،ويؤملــه؛ ض
واحلديــث عــن املـ ي
ـا� يعـن عنــده القطيعــة بينــه وبـ ي نالىس واحلــزن ،واحلـ ضأ ض ً ً أ
ـ� ي ارة ر ـ م ـه
ـ في ـرع
ـ يتج ـيئا
ـ س ا ـا� ـ ح ـش ـ يعي ـهـ ن ل
ال� هو وحيدها ،وخوفه من حامك قرطبة. ت
حمبوبته ،وفراق قرطبة والبعد عن أمه ي
الزمن� جلأ يإل�ا الشاعر منذ مطلع القصيدة إل�ظ ار املفارقة من خالل ين ب�وهذه املوازنة ي ن
ف ْ الصورتــ� ،وعــودة الشــاعر إىل الــوراء ليعيــش حيــاة ج� ة ين
يــ� ال يســتطيع أن ي�ياهــا ي� تضخــم
ي
ً أ ف
حا�ه الراهن ،وكنه ي� جنة مل تي�هكا ب�حض إرادته ،بل ت�هكا قرسا. ض
الصورة:
ُّ -
وه ، ا� زيــدون عــى االســتعارة دون التشــبيه؛ ألن االســتعارة هلــا قــوة إال ي�ــاء والتصــو� أكـرث ركــز بن
ي ي
ف أ
قــادرة عــى بإ�از الشــياء املألوفــة ي� صــورة فنيــة مغـ يـا�ة ملــا تعــارف عليــه النــاس ،ومــن االســتعارات
الن ّص:الواردة ف� ّ
ي
ـال الــرور بيــض، (احلــزن ال يبــى) و (الزمــان يضحكنــا ويبكينــا) و (قــال الدهــر آمينــا) و (ليـ ي
ـا� الســعيد ـا� بــل مآســيه ،واملـ ض ـ� :احلـ ضوليــال احلــزن ســود)ُ ،وتـرب ز لنــا هــذه االســتعارات صورتـ ي ن
ي ي
ـ� تعيـ ٌ ف ْ َّ َّ
الــذي َول ،ويتمـىن الشــاعر أن يعــود ،وهــو ي� احلالتـ ي ن
ـس ،وجــاءت الصــور منســجمة مــع فكــرة
عا�تــه ،ونعيــش أجــواء القصيــدة احلزينــة مــن خــال القصيــدة ،واســتطاع الشــاعر ْأن ي ج�علنــا نتـ ثـأ� ب� ن
التصو�.
ي هذا
-العاطفة:
ف
ـ� ،لكنــه ي� الوقــت نفســه يع ـرب عــن عاطفــة ـ الدافــع وراء عاطفــة هــذه القصيــدة هــو دافــع ش خ
�
ي
أ ّ إنســانية ،فاحلـ ّ
والخــاص لملحبوبــة ،وحــب الم ،لكهــا عواطــف إنســانية ،امك نالحــظ عــى ـب للوطــن ،إ
�ء واحــد هــو احلــب ،ولذلــك ـ� ،ومتفــردة؛ أل ن�ــا تعـرب عــن ش مع�ــا ب� غ� عــدد احملبوبـ ي ن
هــذه العاطفــة ق
ي
ا� زيــدون امم ي ج�علنــا نتـ ثـأ� حـ ي ن
ـ� صد�ــا؛ أل ن�ــا تعـرب عــن حــالة احلــزن الـ تـ� تســيطر عــى بن ق
�ي
ف
ال نشــك
ي أ
نقرأ البيات ،فالشاعر يتعذب لفقدان حمبوبته وبعده عن ِّأمه وعن قرطبة.
59
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
األسلوب:
أ
فاللفــاظ الـ ت ُ قِّ ف الشــاعر ْأن يوظــف إمـ ن ّ
ـ�
ي ، ي ـ تل امل إىل ـه ـ فكرت ـال ـ إيص ـبيل ـ س �ي ـة ـ اللغ ت ـا� اســتطاع
ف ت�ثــل املـ ض
ـال البيــض، ي ـ اللي ـوى، ـ اهل ـك، ـ الضح ـن ـ زم ـا، ـ اللقي ـب ـ طي : �ي ـعادة ـ الس ـاـ عل�
ي ـب ـ يغل ـا�
ي
ح� ،احملب ،إاللف ،سالم هللا. الر� ي ن الشوق ،الصفاء ،الرسور ،ي
احل ْ ي ن الب ْ ي ن
ــ�َ ، جــا�ّ ،َّ ئ َّ ف ض الــ� ت
ت أ
ــ� ،احلــزن ،البــاء ،العــدا، ي الت ، نــا�
ي الت : هي احلــا� ثــل � ي لفــاظ وال
أ أ أ
عل�ــا التشــاؤم ،وتصب�غ ــا صبغــة الغصــص ،التفــرق ،الىس ،ال ي�م الســود ،وهــذه اللفــاظ يغلــب ي
القتامة.
ف أ
وقــد اعتمــد الشــاعر عــى الســاليب إالنشــائية بصــورة الفتــة ،حيــث ورد أســلوب االسـ فـت�ام ي�
ت ف ُّ
تذكـ ن
ـر�؟ والنــداء ي� قــوهل :ي� ســاري الـرب ق غــاد القــر ،وقــوهل ي� نسـ يـم بلــغ �يتنــا، قــوهل « :هــل عــن
ف أ ت ف ف
ـ� ي� قــوهل :ال يبــى ،وقــوهل :ال �ســبوا ن�يــم ،والدعــاء ي� قــوهل :ليســق هعــدمك هعــد الــرور ،وقــد والنـ ي
الســاليب ف� القصيــدة لتعـ عــن معـ نـا� َّ أ
التمـن ي واالســتناكر والتفجــع والتعجــب مــن ي رب ي خرجــت هــذه
ً أ ـا� الــ�ء ،والرجــاء أن يتبــدل هــذا احلـ ضاحلـ ض
ـا� إىل الحســن ،وين ـبئ هــذا إالحلــاح أيضــا عــن ي
حا�ه املؤمل واحملزن.والتو� من ض
إحساس الشاعر ب�لقلق ت
-املوسيقا:
ت ف ا� زيــدون ف� إ�ظ ــار موســيقا ّ
النـ ّ أجــاد بن
وقافي�ــا ،ج�ــاءت عــى البحــر ـص ب�ســن اختيــاره لبحرهــا ي
البســيط بتفعيالتــه املتنوعــة (مســتفعلن فاعلــن مســتفعلن فعلــن) وكـرث ة مقاطعــه ،وروي القصيــدة هــو
أ أ «حــرف النــون» الغنـ ئـا� ،وحـ ي ن
ـ� اقـ تـرن هــذا احلــرف ب�لــف إالطــاق صبــغ البيــات بصبغــة احلــزن ي
ف أ
ـس بنغمــة الـراخ تنبعــث مــن القصيــدة منــذ مطلهعــا ،امك اكن َّللتكـرار ي� معظــم أبيــات ـ� ،فنحـ ّ والنـ ي ن
ف
القصيــدة ثأ�ه ي� وضــوح املوســيقا بو�وزهــا ،فعــى ســبيل املثــال ال احلــرَ ،و َر َد تكـرار هــذا احلــرف
الول ،وثــاث ف� الشــطر الثـ ن أ ف أ ف
ـا� ،وتكـراره ســبعي ي ـطرـ الش �ي ات ر ـ م ـع ـ أرب ات، ر ـ م ـبع
ـ س ول ال ـت ـ البي �
ي
ف خ ف خ ن ً ف
ـا� ،و�ــس م ـرات ي� البيــت الثالــث ،و�ــس م ـرات ي� البيــت الرابــع م ـرات أيضــا ي� البيــت الثـ ي
وكن الشــاعر � يــد ْأن يســوق النغمــة الغنائيــة احلزينــة مــن ّأول ّ
النـ ّ أ
ـص إىل آخــره بتك ـراره ي وهكــذا،
ن ف آ أ
هــذا ،مــع وجــود حــرف املــد (اللــف) الــذي تكــرر هــو الخــر ،فعــى ســبيل املثــال ج�ــد ي� البيــت
ال ت� :ن� ،دا ،ن� ،ن� ،جــا ،ن� ،فنالحــظ ف ي� هــذا املـ ّـد نغمــة ال ـراخ والبــاء ،الـ ت آ أ
ـ�
ي ي ـوـ النح ـى
ـ ع ول ال
ش أ
�ية. تعط البيات موسيقا ج ي
60
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـص كذلــك مــن خــال احملســنات البديعيــة ،فقــد أكـرث الشــاعر مــن املقابلة و�ظ ــرت موســيقا ّ
النـ ّ
َّ ف ن ئ ف
جــا�)( ،ال يبــى ويبلينــا)( ،مــا زال التــدا� ،طيــب اللقيــا ،الت ي ي (التنــا�،
ي والطبــاق ي� مثــل:
ّ يضحكنــا ،عــاد يبكينــا) ،ي خ
(أ�منــا ســود ،بيــض (�ـ شـى تفرقنــا ،ي� ج� تالقينــا)( ،ابتلــت ،جفــت) ،ي
ليالينا).
ـا�ـا� واحلـ ض ض ن ن �ظ ة
وإحلــاح الشــاعر عــى املقابــ� والطبــاق وإ ــار املفارقــة بـ يـ� زمنـ يـ� :مهــا املـ ي
ـ� حـ ض ـاض ج�يــل ســعد فيــه ،وبـ ي ن ـدل عــى إحساســه ب�لزمــن ،وإحساســه ب�لقطيعــة بـ ي ن ّ
ـا� مل ـ� مـ ٍ يـ
أ أ
ي ج�د فيه سوى المل والقطيعة والحزان.
أ أ ف النــاس دوره ف� موســيقا ّ
النــاس ي� قوهل( :ال َس ،ت�ســينا)( ،أرواحنا، ـص ،فقــد ورد ج النـ ّ
ي ولعــب ج
ف
ير�حينــا)( ،حيــا ،ي�يينــا) ،وكذلــك َر ُّد العجــز عــى الصــدر ي� قــوهل( :يســقينا – اســق بــه)( ،يعنينا،
أ
(بنــم ِوب َّنــا)( ،هعــدمك ،هعــد) ،ن(�يــم، ــ�) ،ت للح ْ ي ن
ــ�َ ، (ح ْ نٌ
عــن ي ) ،والتكــرار( :صبــح ،صبحنــا) َ ،ي
ن
(تذكر� ،تذكره). النأي)،
ولك هــذا أضـ فـى عــى القصيــدة نغمــة موســيقية تضافــرت مــع الطبــاق واملقابـ ة ّ
ـ� لتصــدع ب�ــا
ّ
يعانيه الشاعر من أحزان.
61
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
ض ف ض ين
واحلــا� ي� القصيــدة مــن أوهلــا إىل املــا�
ي الزمنــ� 1.1مــا الغــرض مــن تــازم
آخرهــــــا؟
ض ّ ف
2.2مــا نــوع العاطفــة ي� القصيــدة؟ وهــل ع ـرب الشــاعر عــن أحاسيســه بصــدق؟ و�
ذلك.
3.3ما الدور الذي لعبه التكرار ف� موسيقا هـــــذا ّ
الن ّص؟ ي
ت
ال� َم ّر ب�ا �ليل هـــــذا النـــــــــص.
ت
4.4اذكر املراحل ي
ا� زيدون من خالل هذا النص؟ أ� تضع شاعرية بن 5.5ي ن
62
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
الفن ال َق ّصصي
ُّ
التعريف:
أ يخ ف ٌ ف
واحلاك�ت
ي ـاط�
قد�ــة نشــأت مع إالنســان حيث عرف السـ ي � ي ي ،ـار� ـ الت ـاق ـ أمع �القصــة ضاربــة ي
أ ت
ـ� ظلــت تتناقلهــا الجيــال ومــا زالــت إىل يومنــا هــذا ،وقــد عــرف العــرب كغـ يـرمه مــن الشــعوب الـ ي
ـا� وحوادثــه ،وتطــور يقصــون ف� جمالهســم قصصـ ًـا ت�ــ� أخبــار املـ ض الاهليــة حيــث اكنــوا ّ القصــة منــذ ج
ي ي ي
ـذا� « فنشــأ فـ ّـن املقامــات، ـص ف� القــرن الرابــع عــى يــد « بديــع الزمــان اهلمـ ن هــذا الفـ ّـن مــن القـ ّ
ي ي
واملقامــة لــون مــن احلاكيــة موشــاة بلغــة مســجوعة هلــا بطــل وراويــة ،و�ظ ــرت قصــص أخــرى فـ يـام بعــد
ـ� يف�ــا ـ�
ت
ر) ـر�
ي ـ و(� ـ� مهــا :ش(�ــرزاد) ش ـ� الـ تـ� تقــوم عــى ش خ
�صيتـ ي ن ـ� وليـ ةأ�زهــا قصــص ألــف ليـ ة
ي ي ب
ً
ر�ر قصصا ت�تعه ب�ا تف�ة ألف ليلة وليلة . ش�رزاد شل� ي
الك ّتــاب إىل ت ُ ف
القصــ� الســابق فوجــدوا فيــه مــادة زاخــرة ي اث الــر و� عــر نال�ضــة رجــع ي
املو�ــ� (حديــث عيــى بن� هشــام) َصـ َّـور فيــه بعــض الظواهــر ت ي َّ َ
االج�عيــة ي ـف فاســتلهموا منــه ،فقــد ألـ
أ ـروا�ت الغربيــة ف� ت ف
لغا�ــا الصليــة ي ي� عــره عــن طريــق القصــة ،امك أفــاد هــؤالء مــن القصــص والـ ي
وامل� ج�ة عىل حد سواء. ت
أ ف ت ت
ـر� ي� �ريــك أحصــاب املواهــب مــن ال بد�ء فظهــرت القصــة وقــد أهســم تضافــر ذلــك الــراث العـ ب ي
ـ� هيــل ف ي� قصتــه ش
ال�ـ يـرة العربيــة احلديثــة ،ومــن أوائــل مــن وصلتنــا قصهصــم املكتوبــة حممــد حسـ ي ن
ف ث
و�
الرائــد واملج ــات ،ي ـروا�ت عــى صفحــات ج «زينــب» � ،بــدأت تنتـ شـر الكثـ يـر مــن القصــص والـ ي
ف لة
ـر� عــى ســبيلكتــب مســتق عــى طــول الســاحة العربيــة ومــن كتــاب القصــة والروايــة ي� أدبنــا العـ ب ي
ـ� هيــل وحممــد تيمــور وتوفيــق احلكـ يـم وهسيــل إدريــس والطيــب املثــال ال احلــر :حممــد حسـ ي ن
الياط وغالب هملســا ،ويوســف صــاحل وعبــد الســام العجيــ� ،وحنــا مينــا ويوســف إدريــس وإدوارد خ
ي
ن أ
ـو�دي ـو�ي ،وحممــد الشـ ي ـي� وعبــد هللا القـ ي
ـق� وحممــود املســعدي والعــرج واسـ ي القعيــد وحممــود شـ ي
وغ�مه.
اه� الفقيه ي وأمحد بإ� ي
ً أ
والقصــة والروايــة والقصوصــة ج�يهعــا تُ ْ� َوى نــرث ا ،وتصــور ظاهــرة مــن الظواهــر أو قضيــة مــن
نّ ت
لك�ا خ�تلف من حيث الطول. القضا� هلا مقدمة نو�اية ي� بطها خيط واحد ي
63
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أو ًال -القصة والرواية:
أ ف
ـا� ت� ت ي� ي� شــبكة مــن احلــوادث يســجلها
ـال طويــل ي ج�ســد قضيــة مــن القضـ ي
ـ� خيـ يومهــا رسد قصـ ي
ً ث شخ ت ف ف
� تشــغل جــزءا أكـرب ،الاكتــب بدقــة ،وتكــون الروايــة أوســع مــن القصــة ي� أحدا�ــا و�صيا�ــا ،ي
ً
وزمنا أطول.
ً ثً ثً ت
ـدا� ،تقــوم عــى احلــوار ،وتلعــب يف�ــا الشــخصيات دورا ـد� أو أحـ و�ــوي القصــة أو الروايــة حـ
�ر ًزا تقــوم ف� بيئــة أو بيئــات ،وهلــا حبكــة ث� حـ ّـل ،وتتكــون عنــارص القصــة أو الروايــة عــى ّ
النحــو ي ب
آ
ال ت ي�:
1.1احلدث:
وهــو املوضــوع الــذي تقــوم عليــه القصــة أو الروايــة ،وهــذا احلــدث يســتقيه الاكتــب مــن حميطــه
ً ف ن ً أ ْ
االجـ تـام يع وبيئتــه ،وعليــه أن ي ج�عــل الحــداث تسـ يـر بطريقــة تتــدرج يف�ــا شــيئا فشــيئا ي� �ــو يتصاعد
مشدودا إىل االستمرار ف� قر ت ً ق ْ
اء�ا إىل نال�اية. ي إىل أن يصل إىل �ته امم ي ج�عل القارئ
ّ أ ف والحــداث ف ي� القصــة أو الروايــة ت ج�ــري عــى منطــق احليــاة الـ تأ
ـ� نعر�ــا ،وقــد يقــرر الديــب أنــه ي
أ ف ً أ
عل�ــا ،وقــد يطــرح ي� القصــة رســائل البطــال ش�ــد بعينــه الحــداث أو الت ـىق ب�ــن اكنــوا ش�ــودا ي
ثً ت أ نً
ـاك مــا
ي ـ � ـدا�ـ أح ـب ـ ديال ـل
ـ يتخي ـا�ومذكر تا�ــم ويقــرب الوقائــع مــن احليــاة احمليطــة بنــا ،وأحيـ
ة ّ أ ي�ــدث ف� احليــاة ،خ
ـ� ال تقــل أمهيــة عــن واليــال هنــا ال يناقــض الواقــع بــل تبــدو الحــداث املتخيـ ي
واقع احلياة.
ّ 2.2
الشخصيات:
ف أ ف ّ ت ت ً ف ً
ــ� �ــرك الحــداث ،وتتنــوع ي� ي ال �
ي الروايــة أو القصــة �
ي رئيســا ا
ر تلعــب الشــخصيات دو
ً ف أ
ـ� رئيســة ثو�نويــة ،وال تقتــر عــى إالنســان فقــط ،بــل يلعــب احليــوان دورا ي� الحيــان بـ ي ن أغلــب
أ ـروا�ت ،وينب ـغ ْأن تكــون الشــخصيات متفاعـ ة
ـ� مــع الحــداث ومتطــورة ي كثـ يـر مــن القصــص والـ ي
الرواية إىل آخرها. من ّأول القصة أو ّ
أ
وك ن�ــا مــن احليــاة ،ت�مــل نب�ض ــا وحر ت ـ� ش خ
وتتمـ ي ز
ار�ــا فــا �صيــات العمــل ب�لواقعيــة واحليويــة ،فتظهــر
يفر�ــا عــىالاصــة ،أو آلراء ي� يــد ْأن ض �صياتــه جمــرد حامــات ألفــاره خ ي ج�ــوز للاكتــب ْأن ي ج�عــل ش خ
64
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أ ف غ ْ
د�،
بي ال ـل
ـ العم �
ي ـة
ـ مفروض ـر
ي ـ غ ـة
ـ تلقائي ـة
ـ طبيعي ـة
ـ عفوي ـة
ـ بطريق ـم
ـ أماهم ـر
ـ تظه أن قرائــه ،بــل ينبـ ي
ْ أ أ
وك ن�ا مستقلة عن الديب نفسه ،وعن مفاهيمه وهو أن تكون ن� ج�ة �بحلياة.
وتنقسم الشخصيات إلى قسمني:
أ
الاهــزة ال تتطــور وال تتغـ يـر نتيجة الحــداث ،وتعكس الامــدة أو ج .أاملســطحة وتسـ ّـى الثابتــة أو ج
ف ً ً ً
عاطفــة إنســانية واحــدة أو موقفــا إنســانيا واحــدا ال يتبــدل ،امك هــو احلــال ي� أبطــال قصــص
املغامرة والقصص البوليسية.
ً ً .بالناميــة أو املتطــورة وه الشــخصيات الـ تـ� ت أ�خــذ �لنمــو ّ
ـا� وســلبا حســب
إ�ـ ب والتطــور والتغـ يـر ي ج ب ي ي
ف َّ أ
الحداث ومهعا ،وال تتوقف هذه العملية إل ي� ن�اية القصة أو الرواية.
1.1املكان:
أ أ
تقــع الحــداث بفعــل الشــخوص ،والبـ ّـد للحــداث والشــخوص مــن بيئــة ماكنيــة وزمانيــة ت�ــارس
ـ� ّ
ـ� ،فاملــان هــو الوســط الطبيـ ي يف�ــا وجودهــا وبذلــك يبــدو جــو مــن الواقعيــة عــى العمــل القصـ ي
ف ً أ ت
الــذي ج�ــري ض�نــه الحــداث وتتحــرك فيــه الشــخوص ،وتنبــع أمهيــة املــان أيضــا مــن دوره ي�
أ َّ الحــداث وإ�ظن أ
ـوح ب�ن البطــل ســعيد، ي ـ ي ـل
ـ مي ال
ج ـانـ فامل ـخوص،ـ الش ـدىـ ل ـاعر
ـ املش ـار
ـ ـو�
تكـ ي
ـوح ْأو ي�ـ ي ئ
ـ� ـوح �بحلــزن ،وتغـ يـر املــان أو انتقــال البطــل مــن مــان إىل آخــر يـ يواملنظــر الكئيــب يـ ي
أ
القارئ لحداث جديدة.
2.2احلبكة أو العقدة:
وتتكــون مــن خيــط رئيــس ،تتفــرع منــه ّ عل�ــا القصــة أو الروايــة،
تســر يالــ� ي وه الطريقــة ت
ي ي
ّ ّ ّ ت ّ
خيــوط فرعيــة ولكهــا �تــد ملــا بعدهــا ،وتتضافــر مــع الشــخصيات والزمــان واملــان حـ تـى تصــل إىل
�
ف
ـةـ احلبك ـا
ـ و�تلــف احلبكــة عــن احلــدث ف� ّأن احلــدث �تكــز عــى الـ ّـرد والتتابــعَّ ،
أم اهلــدف ،ت خ
ي ي ي
َّ ف َ ْ ف أ
أي :يكــون الســؤال ي� احلــدث ،مــاذا َبعــد ذلــك؟ أمــا ي� الحــداثْ ، تعتمــد عــى منطقــة تتابــع
َ
احلبكة ،فالسؤال هوَ ِ :ل َح َدث ذلك؟
واحلبكة أنواع منها:
أ أ
ـ� تبــدأ ب�لعــرض ث� تتصاعــد الحــداث لتصــل إىل درجــة الوج أو ت
وه الـ ي
.أاحلبكــة املتوازنــة :ي
نز ن أ
ل�ول �و نال�اية. الذروة أو الزمة أو النقطة الوسىط ،ث� تبدأ القصة ب�
65
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ف
ـ� تبــدأ ب�ندحــار البطــل وفشــه ،ث� تســتمر ي� الـنز ول بــه إىل احلضيــض، ب .احلبكــة النــازلة :وه ّالـ ت
ي ي
ت َّ ف ً ْ
مثــل أن يكــون البطــل قاتــا ،فيعــرض الاكتــب هــذا البطــل وهــو يــردى ي� املشــالك النفســية
ف َّ ت
وعــدم التوفيــق ،ث� يضيــف إليــه مصائــب أخــرى ت ز� يــد مــن �طيمــه� ،ــع أنــه هــارب مــن يــد
أ ً ف َْ
الزاء ال يل�. العدالة مثال �و َيل ق� ج
أ ن ن
فف�ــا ينتقــل البطــل مــن ج�ــاح إىل ج�ــاح ،كن يكــون وه عكــس الســابقة ،ي جـــ .احلبكــة الصاعــدة :ي
ً
ـ�وج فيســعد بز�واجــه ث� ينجــب أطفــاال ي�لــؤون عليــه البطــل ت�ج ـ ًرا صادقـ ًـا فـ تـر ب� ت ج�ارتــه ،ويـ ت ز
حياته.
ّ
ـ� يـ تـرك قصتــه ْأو روايتــه دون ن�ايــة ،فيـ تـرك القــارئ يضــع احلــل ـ� أو الروائيـ ي ن وبعــض ّ
القاصـ ي ن
املناسب الذي يتوصل إليه من خالل قراءته.
5.5الزّمان:
الدوار الرئيســة ف� القصــة أو الروايــة ،ي خ أ ً يلعــب ّ
و�تلــف مــن واحــدة إىل أخــرى، ي ـنـ م ار الزمــان دو
الزمنة ف� القصة أو الرواية الواحدة ،ن أ
وم�ا: ي وقد تتعدد
أ
المــام حـ تـى تنـ ت ـا ويبــدأ مــن نقطــة معينــة ،ث ً .أالزمــن التـ ي خ
ـهي إىل ـر
ي ـ يس � ـار� :ويكــون متسلسـ ي
ف حد� بعد آخر ،ن ثً أ
دو�ا ارتداد ي� الزمان. القصة ،والحداث تكون مرتبة ب�سب الزمان،
ف أ
ـ� :وهــو الزمــن الــذي ينظــم حســب إالحســاس بــه ،وهــو تســجيل عفــوي للفــار ي� .بالزمــن النفـ ي
ف أذهان الشخوص بطريقة تداع ن
املعا� احلرة ي� العقل.
ي ي
ـ� :وفيــه تبــدأ القصــة مــن ن� تاي�ــا ،ث� تعــود إىل البدايــة ،وقــد يقطــع الاكتــب تسلســل .ج إلرجــاع النفـ ي
ض �غ ً ف حد� من ض ثً أ
احلا�. املا� يفرس وضا ي� الوقت ي فيقدم اء
ر الو إىل ليعود حداث ال
ّ 6.6
احلل:
ـا� ت ً ـال ُّ
االج�عيــة ،مثــل :عالقــة الرجــل القاصــون والروائيــون العــرب عــددا مــن القضـ ي وقــد عـ ج
المراض ت أ والتخلف ،والتفاوت قّ
االج�عية. الطب� ،وبعض
ي ب�ملرأة ،والفقر،
ين
والقاصــ� ين
الروائيــ� وهز�ــة يونيــو 1967م صــدى لــدى ين
فلســط� عــام 1948م ،ي امك اكن لنكبــة
ـروا�ت ،ويقــف ف ي� صــدارة هــؤالء غســان كنعـ ن يّ
ـا� وحنــا
ف
العــرب ،فســجلوها ي� عــدد مــن القصــص والـ ي
وغ�مه.
مينا ،وعبد الرمحن منيف ي
66
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـ�ت ت
أد� مــن الفنــون القصصيــة الـ ي
ـ� يه شــل ب يويضــاف ًإىل القصــة ً الروايــة «املرسحيــة» الـ ي
ـدا� معينــة عــن طريــق حــوار الشــخصيات فينمــو بذلــك احلــدث ويتفاعــلـد� أو أحـ ث تعــرض حـ ث
أ ف
ويلتحم ي� معل متاكمل مع العنارص الخرى.
القصة القصيرة:
ّ ثاني ًا -األقصوصة أو
ت ُ ف
اليــال ،تق ـرأ ي� جلســة واحــدة ،ال خ�تلــف عــن وه قطعــة فنيــة قصصيــة مكثفــة مــن معــل خ
ي
وال�اية. وال�اية ت ن
وامل� ن القصة والرواية من حيث البداية ن
ف أ ً
� الي اض، ر غــال مــن جــدا القصــرة تــدور حــول غــرض واحــد ْأو عــدد قليــل
ي والقصــة
المــة أو املج تمــع أو العــر؛ أل ن�ــا تقــدم صــورة ّ
خاصــة رسيعــة
أ
ـا�
ـا� كثـ يـرة كقضـ ي
تســتوعب قضـ ي
الكث�ة.
ملالحم وجه واحد من الوجوه ي
ت أ
وأفضــل القصــص مــا تتوفــر عــى عنــر التشــويق وربــط الحــداث بصــورة ج�عــل القــارئ
ف
يســتمتع بصــورة العمــل وال يتخــى عنــه حـ تـى آخــره ،ويعتمــد الاكتــب ي� ذلــك عــى رشــاقة العبارة،
أ
الحــداث بطريقــة ت ج�عــل القــارئ متلهفـ ًـا إىل معرفــة مــا تنـ ت أ
الســلوب ،ت
ـه إليــه
ي ـب
ـ تيو� وجاذبيــة
القصة.
67
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
ف أ
العر�؟
1.1كيف تطورت القصة ي� الدب ب ي
القصة من الروايـــــــــــة؟ 2.2ما الذي ي� ي ز� ّ
أ ف
3.3عرف «احلدث» ي� القصة أو الرواية ،وما عالقته ب�لديـــــــب.
الديب ف أ ف
توظي�ا؟ 4.4ما أمهية الشخصيات ي� القصة؟ وكيف يستطيع
ف ّ
القصص؟
ي العمل �ي بــــــ(احلبكة) 5.5ما املقصود
6.6يلعب املاكن دو ًرا ف� القصة أو الروايةَ ،و�ضِّ ْ هُ.
ي
القصوصة » من ّ أ ِ 7.7ب َ� ي ز
القصة والرواية؟ تتم� «
68
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
قصة قصيرة
نموذج ّ :
ّص:
الن ّ
ف ت ن ُ ُ
رحل�ــا �ــو الـ شـرق ،ويتجــى قــرص الشــمس اهلائــل ي� وســط ـم� املمطــرة
واصــل غيــوم ديسـ ب ت ِ
ّ ً ت ً ن
اد� �و الغرب ،غامرا بنوره لك املدينة. الامسء ،م� ي
ف ً ً
والــدران وبعــض النــاس أكـرث شإ�اقــا ونظافــة ّممــا مه عليــه ي� عنــد ذلــك تبــدو لنــا الشــوارع ج
المطــار الـ تـ� غســلت َّلك ش أ
�ء ،أو بســبب شإ�اقــة الشــمس ي ي الواقــع ،وقــد يكــون ذلــك بســبب
ال� مسحت عن العيون عتمة الغيوم الصباحية املمطرة. ت
املباركة ي
أ آ ُ
ـنزل صبــاح ذلــك اليــوم رأيــت اللة الصفـراء العمالقــة بقطعــة الرض املج اورة حـ يـ� غــادرت مـ ي
ن
لتوهــا مــن مصنهعــا ،وعندمــا عـ ُ وك ن�ــا خرجــت ّ أ ملسـ ن
ـال من املدرســة، ي ـ أطف عودة ـل
ـ قب ـدت ـك� تملــع ي
ت ْ َ َّ ْ ش
ـ� اكنــت ب�نتصــف القطعــة مــن جذورهــا وألقــت ب�ــا �ــرة الزيتــون اهلرمــة الـ ي
اكنــت قــد اجتثــت ج
أ ف
ي� وجه الرض.
ـت عاد�ــا ،ثُ َّ� مسعـ ُ
ـا�ة عــى غـ يـر ت غرف�ــا مبـ ش
عــادت ابنـ تـ� الصغـ يـرة مــن املدرســة ،ودخلــت ت
ي ُ
ق لة ف ُ ن ت َّ
أما ترصخ كعاد�ا مستفرسة عن سبب باكء الطف � ،رعت �ومها ،قال شقي�ا:
الديد. ال يف� ج لقد ن�رها خ
ُ ْ ِم َقــص ُيقـ َّ
ـك� ثو�ــرة طماطــم -منــذ أن ـص لســانه -قالــت زوجـ تـ� الـ تـ� اكنــت ت�ســك بسـ ي ن
ي ي
ت ش ت أ
ـ� يلعبــون�ــرة الزيتــون الـ يجــاؤوا إىل هــذه القطعــة مــا انفــك يطــرد الطفــال مــن �ــت ج
ُ ت
� ت�ا طول معرمه.
ن ن ت
ب� � بي�ا ودموهعا). ابن� من ي
لقد اقتلعوها ...اقتلعوها من جذورها( .قالت ي
ت
ـ� -لقــد ار�نــا نم�ــا ،فأطفــال الشــارع ال ي�لــو هلــم ت أ�خــذ مهعــا لك َّ
السـ ْـوء -قالــت زوجـ ت
ي َّ
ت
اللعب إال � ت�ا.
ابن� وقالـــت هلا مستدركــــــــــــــــة: نت ن�و ت ث� نا� ْ
ي
ش
�رتنا عىل ّأية حال. وما شأنك أنت ب�ا؟ نإ�ا ليست ج
69
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
و�هــا عندمــا فــر الــذي رصخ ف ي� ج ال يوإ�ــا مــن خ شــقي�ا -ن
ق تبــ� عــى الزيتونــة -قــال
إ�ــا ال ي
ن
ن ْ أ ً أ َ ّه ْ
يتعــ� أن ن�خــذه، ي ... الشــجرة بغصــن معقــودا اكن الــذي رجوحــة ال ــت بملــس حبــل
تبك). ت
وه ي ابن� ي
أليس كذلك؟ إنه حبلنا( .قالت ي
ُ ُ ت ف ُّ َ َ ْ ُ
ت
اع،خ َرجــت أمــا ،وكذلــك بقيــة إخو�ــا ج�لســت ج�وارهــا ،ومســدت شــعرها وطوق�ــا بــذر ي
ب
الصــفـ� مثلهــا ف� ّ ج�اننــا لبنــاء مســكن هلــم ،وهــذا أمــر تعرفــه ف� العــادة ُّلك طفـ ة ف
وأ� تم�ــا حلاجــة ي
ي ي
السادس. ّ
�ــار ،أرض هللا واســعة ..واســعة ،واكن ب إ� ن أش بنـ ُ
ماك�ــم يعط�ــم حــق اغتيــال ال جـاء مســكن جديــد ال ي
ف ْ ْأن يبنــوا مسـ ن
ـك�م دون أن يقتلعوهــا!! ..مــا اكن هلــم أن يقتلــوه( .قالــت ذلــك بن ـرب ة طا�ــة �بحلــزن
وه تنوح). ي
ـت هل نفــ� بصفـ ت ـت ن�ــوه وحييتــهَ ،ر َّد ت�يـ تـ� ،قدمـ ُ فا�هـ ُ َّ ن ً ت ـت خ ُق َب ْيــل املغــرب حملـ ُ
ـ� ي ي ي ج ا
ر � ـدـ يوق ـر
ي ـ ف ال
ً ُ ْ
جاره ،وسألته أن يطرق ب� ب ي� إن احتاج شيئا ما ،ث ّ� سألته عن امسه.
ّ
-أبو الليل -وهو يضع قدح الشاي فوق موقد النار -من سوهاج ،تفضل.
ّ ت ُ
فــام يبــدو بعــد ــ� نقلــت ،ي وأشــار إىل صنــدوق خشــب ي مقلــوب اكن ب ج�ــوار جــذع الزيتونــة ال ي ِّ
ف
جلست عىل الصندوق ي� حماولة لكسب ِّوده. ُ قلت هل بعد أن بت إىل جوار غرفتهُ ، ْأن شذ ْ
حــى ُّ
لهكــر�ء ت ئيــا يصــل تَّ
حــى ت ً ً ْ
تتمــوا ب بيــ� ،ســأوصهل لــك ب� ي هكر�
ب ســلاك تتــد�
ب أن لــو تســتطيع
إجراءات توصليتمك.
ن
وشــكر� املســودة مــن ش�ب الشــاي الثقيــل، ّ أيــت أســنانه حــى ر ُ أســار�ه ،وابتــم ت انفرجــت
ي ي
ض
ب�متنان وا�.
ـت ـس جــذع الشــجرة الـ تـ� مــا زالـ ْ ـت هل فـ يـام كنــت تأ� َّسـ ُ ـوص عليــه( .قلـ ُ فالــار ُمـ ً داع لذلــك ج
ي ال ي
ً ق
بعض أورا�ا الخ�ض اء احلية ب�رزة نم�ا).
الرافة صباح هذا اليوم. ت
اقتلع�ا ج ت
ال�
خافت طفلتك عندما رأت جذور هذه الزيتونة ي
70
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ـ� يل�ــا مل تقتلـ ْـع ،فرأيــت ابنـ ت و� ت ـت ببــري ن�ــو احلفــرة الـ تـ� اقتلعــت نم�ــا الزيتونــة ،ت خ ا�هـ ُ ج
ت
ي ُّ ي أ
ماك�ــا وظلهــا ن ـأر� �بحلبــل الــذي أوثقتــه ب�حــد فروهعــا منــذ ســتة أعــوام ،اكنــت الشــجرة تتـ ج
متأر�ــة �ــا ،عندئــذ فقــط انت�ـ ُ ت ئ ً ن
ـت ب املفضــل ،وكنــا دا�ــا ج�دهــا عندمــا ن� يدهــا هنــاك � ،ت�ــا أو ج ب
وباك�ا عىل الشجرة. حز�ا ئ إىل سبب ن
َّ
ارتفــع املب ـىن ،ولســبب ال أعرفــه توقــف العمــل بــهَ ،وظــل أبــو الليــل وحــده ي�رســه ،يعمــل
ُ َ ْ صباحـ ًـا ب�ملبـ ن
ـا� املج ــاورة ويعــود لغرفتــه عنــد املغــرب ،إىل أن طــرق ب� ب ي� ق َب ْيــل ش�ــر رمضــان، ي
أ ً ْ ً ً ً
وودعـن ي متمنيــا يل ش�ـرا مبــاراك ،وغــادر غرفتــه ومل َي ُعــد يإل�ــا ،وظــل املبـىن خاليــا ل كـرث مــن
ا� سنوات. ث ن
� ي
ـت عــى املبـىن ذات يــوم ربيــ� مشــمس ،وفــام كنــت أقــوم بعمــل مــا فــوق ســطح املـنز ل ،شأ�فـ ُ
ي ي
ْ
ـراء تــاد ت خ�ـ فـ� جــذعَ وانت�ــت ج�ــأة إىل غابـ ٍـة مــن أغصــان خـ ض ف ُ خ
ي ِ أ� الليــل ..ب ي ب ـال ورأيــت غرفــة ي الـ
خ ْ ُ ْ ت ُ ْ ُ َّ ش
ب
ال� أجتثت منذ زمن بعيد ،وألقيت ج�وار غرفة ال يف�. ي الزيتون رة � ج
وتــد�ت دخــوهل مــن فــوق الســور، ــال ،ب و�لــت ن�ــو املبــىن خ
ال نز االســتطالع، حــب ت� ّلكــن
ي ي
ن ّ تّ ن ت
الــذع �ــو ـ� اكنــت فـ يـام يبــدو ،قــد مــدت جذورهــا مــن أســفل ج ي ـ ال ـجرة ـ الش ـذع ـ ج ـو
ـ � ـت ـ هوا�
ج
ْ ّ ت ْ ت ْ ت ُّ أ
ال� احتضن�ا وأرضع�ا ،فدبت يف�ا احلياة فأورقت من جديد. أمنا الرض ي
أ ُ
فرحت امك يفرح الطفال !!
ـ� اكنــت ورعاي�ــا ،ولكنـن ُعـ ْـد ُت مرسعـ ًـا ن�ــو بيـ تـ� ألخـرب ابنـ تـ� الـ ت ت ا ـذ�ب ـ ش ة ـا� ـرت ف� مبـ ش
ي
وفكـ ُ
ي ي ي ي
ف
ي� يز�رتنا ب�ا رأيت.
لتوهــا طفل�ــا ّالـ تـ� اكنــت قــد فرغــت ّ مب�جــة ،ث� احتضنــت ت وأخ� ت�ــا ،ش�قــت ت عل�ــا ب دخلــت ي
ُ
ِي
من إرضاهعا ،وقالت هلا:
ْ َّ ـت ،كنــت موقنــة مــن ذلــكْ ، حيــة مل تَ ُ�ـ ْ صديقـ تـ� ّ
أمل أقــل لــك إن صداقتنــا اكلشــمس ،وإن ي
ً ت ت
جح تب�ا الغيوم ،ال �وت ...ال �وت أبدا ؟!!!.
طفل�ا ابتسمت. إل َّأن ت ُخ ِّي َل يَّ
71
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
التحليل والنقد:
ً أش
ي
ن
املبــا� إالمسنتيــة احلديثــة حمــورا تــدور د وازد�
ي ــار، �
ج ّيتخــذ الاكتــب مــن ظاهــرة اقتــاع ال
ـال مــن التعتـ يـم والتعقيــد
ـا� خـ ٍـال بشــل مبـ ش حــوهل أحــداث ِق َّصــة الزيتونــة ،وموضــوع القصــة ُيعـ ِ ج
ش ف ً أ ً
مبا� ي� الطبيعة وحياة الناس. صورة حياتية هلا ت� يث�
معالــة قضيــة تــؤرق اكفــة الشــعوب ف� زمننــا احلــال ،وه مشـل�ة والســارد أراد مــن وراء ذلــك ج َّ
ي ي ي
أ أش
الرداء.وازد�د رقعة الرض ج �ار ،ي وتغ� املناخ بسبب اقتالع ال ج االحتباس احلراري ،ي
ف َّ
وبســاطة موضــوع القصــة يتجــى ف ي� اختيــار املــان الــذي ال ي ز� يــد عــن قطعــة أرض ،تقــف ي�
�ــرة زيتــون هرمــة ،ث� بيــت الـ َّـراوي ،أو َّ ف ش
الســارد ،ومعــه زوجتــه وابنــه وابنتــه واحلــارس منتص�ــا ج
« أبو الليل ».
أ ً أ ش وعقــدة َّ
ـ� اكنــت مــاذا لطفــال يلعبــون ب�لرجوحة ي
�ــرة الزيتــون الـ ت ج القصــة ال ت ز� يــد عــن اقتــاع
والد َّقــة تبــدو وا�ض ــة ف� طريقــة عــرض العنــارص املكونــة َّ
للقصــة، غصا�ــا منــذ زمــنِّ ، املعلقــة ب أ� ن
ي
ث ش َّ أْ
�ــرة ـا� الغـ ئـا� الــذي يصلــح لن يشــل خلفيــة معجــزة � ،ج ئ
الــو الثنـ ي
ـو� ج ّ الســارد بتصـ ي حيــث بــدأ َّ
عل�ــا ب أ�دوات ِّ ً ِّ أ ش
مدمــرة ،ث� ربــط اكتــب القصــة �ــار املعتــدى ي الزيتــون املباركــة لتكــون رمـزا لــل ال ج
ْ ـ� الرمــز «الشــجرة» والطفــولة الـ َّـدالة عــى وجــود عالقــة أزليــة بـ ي ن بـ ي ن
ـ� إالنســان والشــجرة منــذ أن
ُ
خلق.
أ أ أ �ــوص َّ ـ� َّأن ش خ ـدا عندمــا يتبـ ّ ي ن ً يز
القصــة ،ومه الب والم ّ والخ واحلــارس ال و�داد املوقــف تعقيـ
ف ّ ش
�ــرة الزيتــون ،حـ تّـى نَّأ�ــم عللــوا ذلــك بخ�و�ا مــن احلارس، ـ� عنــد اقتــاع ج في�مــون ملــاذا تبــ� الطفـ ة
ي
أ نز ش آ
اللة
�رة الزيتون من الرض. وه ت�ع ج ي ، أو من منظر
َّ َّ ْ
وحي ـامن ربــط الاكتــب بدايــة املش ـل�ة ب َ�قـ َـدم الشــتاء ،يالحــظ أنــه يضــع احلــل املنتظــر بقــدوم
وأ�بــت ،واملولــودة
ن
و�وجــت ج ـ� الباكيــة كـرب ت ت ز ـن� ،فالطفـ ة متأخـ ًرا بضــع سـ ي ن ِّ
فصــل الربيــع الــذي تأ�
ْ
ـت مــن جديــد ،بعــد أن َمـ َّـد ْت جذورهــا مــن ت�مــز إىل ارتبــاط الطفــولة الفطــري ب� َّلشــجرة الـ تـ� نَ َ�ـ ْ
ي ن ُ ِّ أ
الذع امليت �و أمنا الرض. أسفل ج
ـرار الشــجرة مــن جديــد بي�هــن عــى انتصــار الطبيعــة وانتصــار الطفــولة وهــذا إال ن ج�ــاب واخـ ض
َّ وتنــا� الوالــدة املولــودة ة ين بال� يئــة ،و� ي ن
قائــ� هلــا( :أمل أقــل لــك :إن صداقتنــا ج ي املتحابــ�، بالثنــ�
72
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ً ً ُ ْ َّ
اكلشــمس ،وإن جح تب�ــا الغ ُيــوم ،ال ت�ــوت .ال ت�ــوت أبــدا) وهكــذا تبــدو قصــة الزيتونــة ن�وذجــا
أ ف القصــة القصـ يـرة الـ ت ُ مــن ن�ــاذج َّ
ـ� ي
الدبيــة الـ ت وه نــوع مــن الـامن ذج ـ� وجــدت ي� العــر احلديــث ،ي ي
ـ� الشــديد ،وتكثيــف احلــدث ب�يــث ال ينــرف ـا� الـ تـ� تطرهحــا مــع تال�كـ ي ز ز
تتمـ يـ� بشــمولية َّالقضـ ي ي
ـ� حمــدود مــن الزمــان واملــان ،وهــذا مــا ذهــن القــارئ إال إىل موضــوع واحــد تــدور أحداثــه ف� حـ ي ز
ي
تأ ن ج�ــده ف� قصــة الزيتونــة الـ تـ� ن
زما�ــا غيــوم ش
ـ� ي ـ ربي ـل ـ فص �
ي � ي ـده
ـ بع ـن
ـ وم ـرة، ـ املمط ـم� ب ـ ديس ـر ـ � ي ي
ف ّ
تدب فيه احلياة ي� بأ� صورها.
الضيــق الــذي ال ي ز� يــد عــن قطعة ـا� ِّ ن ِّ ز َّ
هكــذا تبــدو احلبكــة القصصيــة ال تتجــاوز هــذا احلـ يـ� املـ ي
ـ� أرض ت ج�اورهــا مســاكن عامــرة ،وعيــون ن�ظــرة إىل تلــك الزيتونــة ّالـ تـ� ت�مــز إىل عالقــة وثيقــة بـ ي ن
ي
إالنسان والشجرة ،ومها رفيقان منذ هعد آدم.
أ وهــذا الرمــز القصــ� الــذي ُتعـ ِّرب عنــه الشــجرة ُيــوح بعــدة دالالت مــن ِّ
أمههــا :معــارة الرض ي ي
�ــار يعـن ش أ زي�ــا يـضئُ�ــرة مباركــة يــاد ت ش َّ أ ش
ي ج ال ـع ـ وقط ، ج ـت ـ اكن إذا ـة ـ وخاص ـار،
ـ �
ج ال تكــون إال ب�ل
الكث� عند إالنسان. ال�ء ي ش
ي
ـ� ـ� ،جو�ــل قصـ يـرة يهســل تتبهعــا ،امك تتمـ ي ز ـاص ف� صياغــة قصتــه عــى لغــة هسـ ة ولقــد اعتمــد القـ ُّ
ي
ت ف ُ
دالال�ا. اللغة ب�لوضوح ،واالبتعاد عن اصطناع صورة جمازية ي�ار العقل ي� إدراك
73
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
74
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المسرحي
ّ ّ
الفن
التّعريف:
ف ف لك�ــا ت خ الساســية ،و نّ أ ّ ف
و� ي ـاز ـ االرت ـة
ـ درج �ي ـفـ تل � القصــة ي� توفــر العنــارص تشـ تـرك املرسحيــة مــع
ُ َّ أ أ
بعــض المــور الخــرى ،مــن ذلــك أن القصــة كتبــت لتق ـرأ ،وأمــا املرسحيــة فقــد كتبــت لتمثــلْ ،أو
ً َّ ـ� ت ـ� اكنــوا ف ي� ذهــن الاكتــب حـ ي ن المهــور واملمثلـ ي ن َّ
كتاب�ــا ،امك أن مؤلــف املرسحيــة يبــذل ج�ــدا أن ج
الن يتوقــف ملراجعــة ّ ْ �ض ً ف ً ْ ً
ـص ْأو مــا يشــل النـ ّ وم�ومــا؛ أن قــارئ القصــة يســتطيع خاصــا ليكــون وا ــا
ـ� ،ت خ ّ
املمثلـ ي ن أْ عليــه ،ف ي� حـ ي ن
و�تلــف ثقافــة اكتــب القصــة ـ� ال يســتطيع املشــاهد لملرسحيــة لن يوقــف
آ ّ ف َّ أ
ـواح النفســية ي ـ لن �ب ـع
ـ أوس ـة ـ ثقاف ـه ـ لدي ـر
ـ خ وال ـة، ـ القص ـة
ـ بكتاب ـم ـ م ولال عــن اكتــب املرسحيــة ي� أن
ُّ
للشخوص.
أ واملرسحيــة ّ
ـص بوصــف احليــاة الخـ ّ اكلقصــة يف�ــا حــدث أو أحــداث ،ولكــن القصــة ت�ـ تـم عــى
ف ف ن ف �ــاص عــن طريــق ّ أ
وال ش خ
� تعتمــد عــى احلــوار، ي املرسحيــة، � ي رسد يوجــد ال حــ�ي �ي د، الــر
ة َ
ـرح ُو ِضـ َـع ِل ُيقــال؛ لذلــك فــإن لغتــه هلــا إيقــاع خــاص ،جو�ــه ليســت طويــ� وال قصـ يـرة، واحلــوار املـ ي
ّ ف ف ي� ي ن
والسد ي� القصة. ح� قد تطول ج�لة الوصف
ف
ومــن ج�ــة أخــرى فــإن املرسحيــة حمــدودة الزمــان واملــان� ،ــن ن�حيــة الزمــان يه مقيــدة
ـ� تطــول القصــة أكـرث ب� جلمهــور ،إذ ال ي�كــن ْأن يســتمروا ب�ملشــاهدة أكـرث مــن ثــاث ســاعات ف ي� حـ ي ن
ْ ت َّ
مــن ذلــك بكثـ يـرَّ ،أمــا مــن ن�حيــة املــان فــإن املرسحيــة حمــدودة ب�ملــرح فــا ي�كــن أن �ــدث
ف
اليشان. مرسحية ي� ميدان للحرب حيث يتقاتل ج
* عناصر املسرحية:
.أاحلدث:
الب� يــة ،أي :يكــون وهــو أســاس الفعــل املــرح وحمــور العمليــة الفنيــة ،ويكــون حمــااكة للحيــاة ش
ي
ُ
تلكــف فيــه وال خــروج عــن منطــق احليــاة ،وهــذا ي َسـ َّـ� ب�لصــدق الفـنّ ً ً ً
ي ي ال ، ـاـ حمتم ـا ـ طبيعي ـامنطقيـ
ً تدر�يـ ًـا بفعــل الـراع بـ ي ن
ـ� الشــخوص ،ويبـىق مســتمرا ال يتوقــف حلظــة واحــدة، ويتحــرك احلــدث ي ج
ْ امك ّأنــه ليــس مــن الـ ض
ـروري أن تكــون هــذه احلركــة املرسحيــة حركــة ظاهــرة ،فقــد تكــون ب� إلضافــة إىل
ً ً ّ
ذلك ب�لوقفة الساكنة ،فلك ما يؤدي إىل دفع احلدث سواء أاكن قوال أو مصتا
75
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أو حركة ،فإنه ُي َس َّم حركة.
العقدة املسرحية:
.أ ُ
ً َّ ف ف
وه نقطــة التــأزم ي� احلــدث الواحــد ،وهــذا يعـن ي أن ي� املرسحيــة عــددا مــن العقــد ،وهــذه
ي
أ ت ً
العقــد مرتبطــة ب�لعقــدة الرئيســة �امــا ،اكرتبــاط الحــداث النوعيــة �بحلــدث الرئيــس ،وهــذا
االرتباط يعمل مع عنارص املرسحية عىل َش ِّد ق
املتل� يإل�ا.
ي
.ب ّ
الشخصيات:
ت ّ الشــخصيات ف� املرسحيــة تشــبه ش خ ّ
�صيــات القصــة ،لكــن الشــخصية املرسحيــة �تــاج إىل ي
ـل وتتحــرك ب ُ�ريــة دون ْأن يكــون الاكتــب مــن ف َّ ف
خل�ــا ،يفــرض عنايــة فائقــة ي� رمسهــا ،وجع ِلهــا تتـ
أ ّ يلق ن�ــا مــا � يــد ،ش خ ْ ّ
و�صيــات املرسحيــة تتحــاور مــع الشــخصيات الخــرى دون ي عل�ــا أو
نفســه ي
أ رسد ْأو تدخــل مــن ال ـراوي ،فتبــدو أغــزر حيويــة وأصــدق مــن الشــخصيات ش
الب� يــة؛ ل ن�ــا
ً ً
عل�ــم واحــدا واحــدا،ـرح عــى درايــة بشــخوص مرسحيتــه يتعــرف ي رمســت بعنايــة ،والاكتــب املـ ي
ِّ ف
ويعيــش مهعــم ي� ذهنــه مــدة اكفيــةَ ،حـ تَّـى يقــرر ْأو يكثــف لــل واحــد نم�ــم أبعــاده الثالثــة
البعــاد مبـ شأ ْ
ـا�ة ،بــل تظهــر خــال واالج�عيــة ،والنفســية ،وال ي ج�ــوز أن يـ شـرح هــذه ت الســمية،
ج
جمرى احلدث واحلركة املرسحية.
.جاحلدث املسرحي:
ض أ
الساســية ويقــدم ب� ن ض أ ُ َ ُّ
ها�ــا ،ويــو� ـرح أمه العنــارص؛ لنــه يــو� الفكــرة
يعــد احلــدث املـ ي
ْ غــر ش
حــى نال�ايــة دون أن
مبــا�ة ،ويدفــع الــراع الصاعــد ت الشــخصيات ،يو�مسهــا بطريقــة ي
شّ
وال�ح. يعتمد عىل الرسد
ْ
وأن تكــون ج�ـ ة ت ت ْ
ـ� ذات وفكر�ــا، وثقاف�ــا ولغــة احلــوار ي ج�ــب أن تكــون مناســبة للشــخصية
والهســاب ،هلــا إيقــاع خــاص ،مثـ يـر للفكــر خ
واليــال ،وحمــرك طــول متوســط بعيــدة عــن احلشــو إ
للعاطفة.
76
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
وب� ّ
القصة. َ 1.1ع ِّرف املرسحية ّ ،ي ن
وب� الفرق ن
بي�ا ي ن
ف ّ
2.2ما الذي ي ج�ب مراعاته ي� الشخصية املرسحية؟
3.3ما العالقـــة بـيــن الاكتــــب ش خ
و�صياتـــــــــه؟
ْ َ ضِّ ف
املرسح من أمه العنارص ي� املرسحية ،و� ذلك.
ي 4.4احلوار
77
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
78
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
نموذج مسرحية
ثورة عمر المختار -محمد الفيتوري
النّ ّ
ص:
ن َ ُ أ
از� ن ي� ب�لقبــض عــى معــر
ـا� ،ت ِصــل الخبــار إىل غـر ي ش
-1لوحــة مــن امل�ــد الثالــث مــن الفصــل الثـ ي
و�تيه ّ أ
الرد. املخ تار فيستبد به فرح شديد ،ويتصل ب�وما ليعلن نبأ انتصاره ي
ً أ
ي
نســبيا -فــوق الطــاولة ت
الــ� جلــس يإل�ــا بســيط ث �ال ث از� ن ي� -
الــرن ال غــر ي
املــان( :مكتــب ج
ف ت أ
الصغــرة ت�مــز إىل الفــرق احملاربــة �ــت قيادتــه -يظهــر ي� اللوحــة ي الــرن ال عــدد مــن العــام
ج
وبي�م امرأة جمندة امسها جينا). از� ن� وبعض أتباعه ن
غر ي ي
79
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
النود الثالثة)
أعلقه فوق صدرك (إىل ج
�ور بمكالند نِّإ� ف خ
ي� يأ�ا ج
ي
آ
من الن ،تأن�
ً ُ(ت ْس َم ُع رصخات من خ
الارج ،يندفع عىل ثأ�ها مالزم ،ممزق املالبس ملطخا ب�لدماء)
ً
املالزم( :الهثا) لقد عاد.
ال ن�الَ :م ْن؟
ج
ُ
املالزمَ :عر.
ال ن�ال :عاد من موته!
ج
املالزم :مل يكن مات ي� سيدي.
ال ن�ال :كنت أعرف ذلك.ج
املالزم :اكنت مناورة أو خديعة.
ً ّ ال ن�الُ :
كنت معتقدا أنه مل ي�ت. ج
(يستد� ن�حية الكولونيل الذي بدا عليه االرتباك) ي
عز� *** ي� كولونيل الشجاع َت َ َّ ْ
ك ي� ي ز
ي
ف ف الكولونيل :إذا َ َّ
� ج�يعة. ي قال ما ص
وأ� ت
تقابل�؟ ال ن�ال (لملالزم) :ي ن ج
ً
البل. املالزم :كنت متجها ب ج�نودي بع� ج
ُ
فإذا ب�جال َعر
الدروبيقطعون علينا ج�يع ّ
80
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ين
ساعت� ن
مصد� هلم
َ َ َّ َ
وملا تكشف ِت املعركة
ال ي ن
انب� عن الك ج
ً ُ ْ
جر�ا كنت ُمل قً� ي
ب� ي ن ّ
ولك الكتيبة ما ي ن
ب�
ُ
الذي مات مات ،ومن مل ي� ْت قد أ ِس
ت ن ثَّ ف
ح� ج�وت. تع� ُت ي� الرمل
ستا�ها الليلة املظملة (ممك ًال) وألقت عليك ئ ال ن�الِّ :
ج
ُ ن
وا�زمنا وفاز َعر
ئ ف
دا�ا ي� معاركه ِض ّد ن�
ئً
دا�ا يأ�ا الكولونيل يفوز معر
ً أ
وتفوزون ب�لفخر والومسة (زاعقا ب ج�نون)
اق� ْب
يأ�ا الكولونيل ت
َّ
إن هذا الوسام ثقيل عليك
(ي�ع الوسام ث�نية)
لغ�ك ي�مهل عنك نز فدعه ي
يعا ...ما عدا «جينا» ت ً ُْ ْ آ
الن ي خ
ال� تظل واقفة ب�لباب).ي �ج رجون(� اغرب
أتعتقد� ب أ� ن� نا� ُ
زمت ين ً
حسنا
ي
فيش� يإل�ا ب�لسكوت )
(تفتح فاها لتتملك ي
ن أ
تعتقد� ب� ن ي� نا�زمت امامه (يضحك)
ي بل أنت
ُ
وهذا حمال احملال
81
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ن ف
اطمئ�
ي أة) (�
ج
أق� بب�قة يوم القيامة
فسوف ي
تق� بب�قة يوم القيامة!
جينا( :بدهشة) ي
س ُن ن ْْ
ساك�ا جأ� ي ن
ع� ال ن�الَ :سأ ِج
ج
ين
وتستغرب� ل� كيف *** تقو ي ن
ّ
سأ�ع لك القبائل *** لك العوائل ج
عال وسافل
ب� ٍ أغناهمم ،إبلهم ،لن أفرق ما ي ن
82
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
ً َ ف
الصحارى وجوها بال أقنعة أجعلهم ي�
ف ف ً
كت�ا ي� سعادة وانتشاء) سيوفا بال أذرعة (يضع يده عىل
تعج� فالطريق إىل ث� ئ� كعمرجينا ،ال ب ي
ْ
هو أن نعزل الشعب عنه (ببطء قاتل)
ً ً ً ً
فيضعف شيئا فشيئا ...شيئا فشيئا ...
ْ
إىل أن يدامهه القدر املنتظر.
ي�ل ِّ
الستار ). ( يضحك قم� ق� ًا *** نبي� ينظر إىل جينا بذعر ش
وا� ئز�از – نز
ـا� مــن الفصــل الثالــث ،وفيــه ت� إلقــاء القبــض عــى البطــل معــر املخ تــار، ن ش
ُ -2لوحــة مــن امل�ــد الثـ ي
ُ ً ُ وأ َّ
عد ِت احملمكة واملشنقة معا إلصدار احلمك ب إ�عدامه.
أ
النــود شــاهرو الســلحة ،إىل ـ� (املعســكر واملعتقلــون والضوضــاء ف ي� ج
الوا�ــة ،ج املنظــر :معســكر العقيـ ة
ـ� مشــنقة خاليــة ،يتوافــد بعــض املتفرجـ ي ن
ـ� اليســار منصــة القضــاء وأماهمــا عــدد مــن املقاعــد ،إىل اليمـ ي ن
ف
يعق�ــا دخــول معــر املخ تــار ي� تــؤدة وهمابــة *** احلـراس ي�يطــونأماك�ــم ،حركــة غـ يـر عاديــة ،ب يتخــذون ن
ف
به ،والقيود ي� يديه ورجليه).
صوت رجل :معذرة ي� سيدي.
اسأل لو أحببت
أ
سوف تفيق الصحراء من ُسبات الزمنة
وسوف تكسو يّ
عر�ا احلدائق امللونة
ت
وتس� ي� من ب
عذا�ا
ال ي�دي خأ
الشنة
كذا يقولون لنا
83
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
معر املخ تار :قولوا هلم
ولن ت�ضوا ب�جد شعبنا
وك� ي�ء أرضنا
ب
عودوا إىل بالدمك ،ي
فالر� تلهو بدخان املدخنة
واحل ّر ليس ت
يش�ى ،وال يبيع وطنه ُ
85
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
أ
الحيــان وهــذا ّلكــه دليــل عــى خ ف
الــروح واليــأس
ي ــواء ال مســتوى املهــرج املضحــك ي� بعــض
َّ ً ف
ـر� غـ يـر عــادلة ،وأن
واالضطـراب الــذي يعصــف بــه ،ذلــك أنــه يــدرك ي� قـرارات نفســه أنــه ي خ�ــوض حـ ب
ْ
احلق ُالب َّد أن قت�ره.
قوة ّ
ف
�صيــة معــر املخ تــار الــذي يظهــر ي� ومــن هــذا املنظــور ،منظــور احلـ ّـق والقــوة ي�كــن ْأن نــدرس ش خ
و�لقضيــة الـ ت ف
ـ� يناضــل مــن أجلهــا ،وهــذا مــا ي�بــه ي ب هلل �ب ـن ـ املؤم ،ـر
ي ـ الكب ـلـ الرج ـورة ـ ص � املرسحيــة ي
ح� أمام حبل املشنقة. ي�عزع ت الثقة والثبات ،ف�و ال ي�تعد وال ت ز
الماهـ يـر العريضــة املؤمنــة اليــوش واملدافــع ،فاملخ تــار يعتمــد عــى ج از� ن ي� يعتمــد عــى ج وإذا اكن غـر ي
ً ت ّ ت ت
ـ� تؤيــده و�ــارب إىل جانبــه ،وهكــذا يبــدو الرجــل (الضعيــف) املصفــد ب�لسالســل ج�ســيدا للقــوة الـ ي
َّ
احلكــم أال نتخــاذل وال ي والكــرب ي�ء والثقــة ب�لنفــس ،ونســتمع إليــه وهــو يتجــه إلينــا بصوتــه الواثــق
وأن احلــق والطغيــان ف� املـ ي ز ً ّ
ـ�ان فاملعركــة مســتمرة والنــر يف�ــا ي نستســم ،وأن النضــال ال ي ز�ال متصــا
الماهـ يـر الـ ت وأن الفــرد إذا مــا انـ تـىه فسـ ق َّ
ـ� تشــعل الثــورة مــن جديــد ي ج ـد
ـ ي ـوع) ـ م ال
ج ـد ـ (ي ـتب� للعــدل،
ّ ف ْ
وتبق�ــا مضيئــة متقــدة إىل أن يتحقــق النــر ،فاملهــم ي� ذلــك لكــه الوحدة ،وحــدة اليد والقلــب واهلدف، ي
فقضي�م خارسة همما ت ت أ ْ
اليوش. دمع�ا قوة ج وال ينىس البطل أن ينصح العداء ب�لعودة،
ـال، ـ يط ال
إ ـا� والفكــرة ف� هــذه املرسحيــة تظهــر ف� ّأول صورهــا فكــرة الـراع الليـ ِضـ ّـد الغــزو الفـ ش
ي ي بي ي ي
ـ� الـ يـر والـ شـر ،بـ ي ن ـ� خ لكـ َّـن الشــاعر ينجــح ف ي� ت�ويلهــا إىل فكــرة إنســانية عامليــة وه فكــرة ال ـراع بـ ي ن
ي
الشــاعر ذلــك بلغــة هسـ ة ِّ الغا�ــة وحتميــة انتصــار خ احلــق والقــوة ش
ـ� ي ز� يدهــا جاذبيــة النظــم الـ يـر ،ويقــدم
ـوا�
ف
ـ الق ـتـ تنوع امك ـة،ـ غنائي ـيقية ـ موس ـوار ـ احل ـى ـ ع ـت ـ� الـ تـ� َأ ْض َفـ ْ الشــعري الــذي جــاء عــى وزن التفعيـ ة
ي ي
ع�ــا، لــدى الشــاعر وتعــددت ،وهــذا مــا تأ�ح هل ْأن يصــوغ احلــوار وفــق الفكــرة الـ تـ� ي� يــد التعبـ يـر ن
ي
أ
وبذلــك اقـ تـرب احلــوار الشــعري ف ي� املرسحيــة مــن احلــوار العــادي ،وقـ ّـدم إلينــا ج�يــع الفــار الـ ت
ـ� أراد ي
ف
الشاعر طرهحا ي� مرسحيته.
86
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
المناقشة
* ي�كــن النظــر إىل مرسحيــة (معــر املخ تــار) عــى نّأ�ــا تناولــت موضــوع
ب� احلق والباطل ،ن�قش هذه الفكرة. ب� خ
ال ي� ش
وال� ،ي ن الرصاع ي ن
87
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
88
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
89
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵