You are on page 1of 89

‫للسنة الثالثة‬

‫ّ‬
‫بمرحلة التّعليم الثّانوي (القسم األدبي)‬

‫ّ‬
‫متخصصة‬ ‫إعداد جلنة‬
‫عليمية والبحوث تّال� ّ‬
‫بوية‬ ‫بتلكيف من مركز املناه ّ‬
‫الت ّ‬ ‫ج‬

‫‪1441 -1440‬هجرية‪.‬‬
‫‪ 2020-2019‬ميالدية‪.‬‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة‬
‫‪‬‬ ‫لمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية‬
‫‪‬‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪A‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪5‬‬ ‫املقـدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة‪:‬‬

‫‪7‬‬ ‫الفصل األول‬


‫ال ّنقد وال ّناقد‬
‫‪9‬‬ ‫فم�وم النقـــــــــــــــــــــــــــــد‪:‬‬
‫أ‬
‫‪13‬‬ ‫د� عند العـــرب‬ ‫نشأة النقد ب ي‬
‫ال‬
‫أ‬ ‫والنحاة ودورمه ف� ّ‬ ‫ّاللغويون ّ‬
‫‪18‬‬ ‫د�‬
‫بي‬ ‫ال‬ ‫النقد‬ ‫ر‬‫تطو‬ ‫ي‬
‫بدا�ت التأليف ف� ّ‬
‫النقــــــــــد‬
‫‪20‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪23‬‬ ‫ين‬
‫واحملدث�‬ ‫ب� القدماء‬ ‫الصومة ي ن‬ ‫خ‬

‫‪24‬‬ ‫املقيــــــاس البالغـــــــــــــــــي‬


‫المدي وبداية النقد ّ‬ ‫آ‬
‫‪26‬‬ ‫التطبيقـي‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫‪28‬‬ ‫السقـــــات الشعريـــــــــــــــة‬
‫‪35‬‬ ‫بنـــاء القصيـــــدة العربيـــــــة‬
‫‪39‬‬ ‫الفصل الثّاني‬
‫أ‬ ‫ّ‬
‫‪41‬‬ ‫د� احلديــــــــــــــــث‪:‬‬
‫يب‬ ‫ال‬ ‫النقد‬
‫أ‬
‫‪42‬‬ ‫عناصــــــــــــــــــــــــــر الدب‪:‬‬

‫‪53‬‬ ‫الفصل الثّالث‬


‫تطبيقات نقديّة‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫أ‬ ‫ت�ليــــل ّ‬
‫‪55‬‬ ‫النـــص الدبـــي ونقـــــــــــده‬
‫بن‬ ‫ئ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ضْ‬ ‫ّ ِّ‬
‫‪57‬‬ ‫نا� ‪ -‬ا� زيدون‬ ‫ي‬ ‫الت‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫عري‬ ‫الش‬ ‫الفن‬
‫ُّ َ‬
‫‪63‬‬ ‫الفــــــــن الق ّصصـــــــــــــــــــــــــــــــي‬
‫‪69‬‬ ‫قصـــــة قصيـــــــــــــــــــــــرة‬ ‫ن�ـــوذج ‪ّ :‬‬

‫‪75‬‬ ‫ّ‬
‫املرسحــــــــــــــــــــــــــــي‬ ‫ّ‬
‫الفــــــــــــن‬
‫‪79‬‬ ‫ن�وذج مرسحية ثورة معر املخ تار‪ -‬حممد الفيتوري‬

‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫مقدمة‬
‫الطـ ّـاب وزمالئنــا املدرسـ ي ن‬ ‫ّ‬ ‫ال بد� نضعــه بـ ي ن‬ ‫أ‬
‫ـ�‪،‬‬ ‫ـ� أيــدي أبنائنــا‬ ‫ي‬ ‫هــذا كتــاب النقــد‬
‫أ‬
‫ـ� رأينــا نأ�ــا تفيــد الــدارس‪،‬‬ ‫ي‬
‫ـد� واحلديــث الـ ت‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫الق‬ ‫د�‬‫ـا� النقــد ب ي‬
‫ال‬ ‫أمه قضـ ي‬ ‫وقــد حــوى ّ‬
‫زً‬ ‫ً‬ ‫ت‬
‫ـ�ا‬ ‫ـ� التطبي ـق ي حـ ي‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫العم‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫ان‬ ‫ال‬
‫ج‬ ‫ـغل‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ـذا‬
‫ـ‬ ‫وهل‬ ‫ـة‪،‬‬‫ـ‬ ‫النقدي‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫للعملي‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫اممرس‬ ‫ـه‬‫ـ‬ ‫من‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫و�‬
‫ج‬
‫ـ� الطالــب عــى النقــد والتحليــل ملــا يقـرأ مــن‬ ‫هممـ ًـا ف� الكتــاب وهــو مــن شــأنه ت�فـ ي ز‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫والبــداع ي� العمــل‬ ‫المــال إ‬ ‫فنــون الدب املخ تلفــة‪ ،‬و�كينــه مــن كشــف مواطــن ج‬
‫ف‬ ‫ُْ ف‬ ‫أ‬
‫سـ ُـم ي� تنميــة الــذوق‪ ،‬ومســو النفــس‪ ،‬وقــد توخينــا ي� هــذا الكتــاب‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫وه‬ ‫‪،‬‬ ‫د�‬
‫بي‬ ‫ال‬
‫ض‬ ‫ض‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫التطور ي خ‬ ‫ّ‬
‫ملا�‪.‬‬
‫د� عند العرب‪ ،‬وهدفنا ربط احلا� ب� ي‬ ‫التار� للنقد ال ب ي‬ ‫ي‬

‫والله ويل التوفيــــــــق‬

‫‪5‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
6
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫الفصل األول‬
ّ ّ
‫النقد والناقد‬

7
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
8
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫مفهــــــوم النقــــد‪:‬‬
‫الــسء‪ّ ،‬‬ ‫والن ْق ُــد‪ :‬اختــاس النظــر ن�ــو ش‬
‫نقــدا‪ :‬إذا نقــره �صبعــه‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫َن َق َــد ش‬
‫والنقــد‬ ‫ي‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ينقــده‬ ‫ء‬ ‫الــس‬
‫ي‬
‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ش‬
‫ـا� اللغويــة املذكــورة يتضــح أن‬
‫ـسء إللحاطــة بــه ومعرفتــه‪ ،‬ومــن خــال التدقيــق ي� املعـ ي‬ ‫اختيــار الـ ي‬
‫يز‬
‫فالتمي�‪.‬‬ ‫النقد معناه‪ :‬العطاء‪ ،‬فالتناول‪،‬‬
‫والمــال الـ ت‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ـ� امس‬
‫ي‬ ‫ج‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫احلس‬ ‫ـارص‬ ‫ـ‬ ‫عن‬ ‫ـتخالص‬ ‫ـ‬ ‫واس‬ ‫‪،‬‬ ‫د�‬
‫بي‬ ‫ال‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫العم‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫مناقش‬ ‫ـو‬‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـا‬‫والنقــد اصطالحـ‬
‫ت َّ‬
‫ال� ات َضع ب�ا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫عف‬ ‫�ا‪ ،‬وامست القبح ّ‬
‫والض‬ ‫ب‬
‫وظيفة النقد وغايته‪:‬‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫الغــرض مــن �ديــد وظيفــة النقــد وغايتــه هــو �ديــد الــدور الــذي يقــوم بــه النقــد‪ ،‬و�ديــد‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫اال�اهات‬ ‫ـ� تُ ُ� ِّي ز� بعــض ج‬ ‫ي‬
‫وإ�از الـ ّـامت الـ ت‬ ‫ب‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫دبي‬ ‫ال‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫اه‬ ‫اال�‬
‫ج‬ ‫ـح‬ ‫ـ‬ ‫توضي‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫م إليــه‬ ‫اهلــدف الــذي ي� ي‬
‫يل‪:‬‬ ‫من بعض‪ ،‬يو�كن تلخيهصا يف� ي‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫د� مــن الناحيــة الفنيــة‪ ،‬وبيــان قيمتــه « املوضوعيــة »‪� ،‬ــو الــذي ينظــر ي�‬ ‫ـد� العمــل ب ي‬
‫ال‬ ‫‪ 1.1‬تقـ ي‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫الــودة الفنيــة‪ ،‬والصــدق‪،‬‬ ‫يعالــه‪ ،‬مــن حيــث ج‬ ‫د� الــذي ج‬ ‫النــس ال يب‬ ‫مــدى توفيــق الديــب ي� ج‬
‫ف‬
‫والتأث� ي� احلياة‪.‬‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ْ ف‬ ‫خ‬ ‫أ ف‬ ‫ن‬
‫ـد�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫فتق‬ ‫ـه‪،‬‬
‫ـ‬ ‫إلي‬ ‫ـ�‬‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ينت‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫ـامل‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫أي‬ ‫ـاص‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـاهل‬ ‫ـ‬‫م‬‫ج‬ ‫�‬
‫د� ي‬ ‫‪ 2.2‬تعيـ يـ� مــان العمــل ال ب ي‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬
‫د� مــن الناحيــة الفنيــة يقتــض ي أن َيعــرف الناقــد ماكنــه مــن الدب‪ ،‬وأن ي�ــدد‬ ‫العمــل ب ي‬
‫ال‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫و� عــامل الدب لكــه بصفــة عامــة‪،‬‬ ‫د� ي� لغتــه بصفــة خاصــة‪ ،‬ي‬ ‫مقــدار مــا أضافــه إىل الــراث ال ب ي‬
‫الناقــد ْأن يتبـ ي ن‬ ‫أ‬
‫ـ� أهــو ن�ــوذج جديــد‪ ،‬أم تكـرار لـامن ذج ســابقة‬ ‫الد� مــن ّ‬
‫كذلــك يتطلــب العمــل ب ي‬
‫مــع ش�ء مــن التجديــد؟ ث� أن ينظــر ِ َلــا فيــه مــن جديــد يؤهــه للبقــاء‪ ،‬أم هــو فضـ ة‬ ‫ْ‬
‫ـ� ال تضيــف‬ ‫ي‬
‫ش‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫�ء؟‬ ‫إىل ال�اث الول أي ي‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫‪ 3.3‬ت�ديــد ت أ� ث‬
‫ثــره يف�ــا‪ ،‬وهــذا جانــب مــن‬ ‫الــ� يظهــر يف�ــا‪ ،‬ومــدى ت� ي‬ ‫أ ي‬
‫ال بد� ب�لبيئــة ت‬
‫ي‬ ‫العمــل‬ ‫�‬
‫أ‬ ‫يخ‬ ‫ـد� الاكمــل للعمــل ال بد� مــن الناحيتـ ي ن‬
‫والتار�يــة‪ ،‬وإذا اكن الدب وليــد‬ ‫ـ� الفنيــة‬ ‫ي‬ ‫جوانــب التقـ ي‬
‫أ‬ ‫ْ‬
‫د� مــن بيئتــه‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫العم‬ ‫ـذ‬ ‫ـ‬ ‫أخ‬ ‫ـاذا‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫الناق‬ ‫ـرف‬ ‫ـ‬ ‫يع‬ ‫أن‬ ‫ـد�‬
‫بيئتــه فإنــه يكــون مــن املهــم عنــد التقـ ي‬
‫ومــاذا أعطاهــا‪ ،‬إذ عــى معرفــة ذلــك يتحـ ّـدد مــدى مــا فيــه مــن إبــداع‪ ،‬ومــن اســتجابة للبيئــة‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫د� ببيئتــه أمــر مســتطاع إذا توافــرت املعلومــات والدراســات‬ ‫يب‬ ‫ال‬ ‫و�ديــد مــدى ت� ث� العمــل‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫والوضاع ت‬ ‫أ‬
‫ال� سبقت وأحاطت معال أدبيا معينا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫للظروف‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تأ‬
‫د� ب�لبيئــة‪ّ ،‬أمــا عــن مــدى ت�ثـ يـره يف�ــا‪� ،‬ــن الهســل معرفتــه‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫العم‬ ‫�‬ ‫ث‬ ‫�‬ ‫‪ - 4‬هــذا عــن مــدى‬
‫م� عليه من الزمن ما ف‬ ‫قد� ًا ض‬ ‫أ‬
‫يك� احلمك عليه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫د�‬
‫إذا اكن العمل ب ي‬
‫ال‬
‫أ‬ ‫ُ‬
‫د� مــن خــال أمعــاهل‪ ،‬وبيــان خصائصــه الشــعورية‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫العمــل‬ ‫صاحــب‬ ‫امست‬ ‫عــرف‬ ‫ت‬ ‫‪-5‬‬
‫أ‬
‫وو� ت�ــا‬
‫ـ� تضافــرت عــى نتــاج أمعــاهل الدبيــة‪ ،‬ج‬ ‫ت‬
‫والتعب� يــة ‪ ،‬وكشــف العوامــل النفســية الـ ي‬ ‫ي‬
‫و�ة معينة خاصة‪.‬‬ ‫ج‬
‫أ‬
‫‪ - 6‬النقــد يوســع ثقافــة الديــب يو�كنــه مــن فنــون جديــدة‪ ،‬وأســاليب ممتعــة‪ ،‬وأفــار حصيحــة‬
‫أ‬ ‫بسبب ما ت‬
‫معاي� للجمال ‪.‬‬
‫يق�حه عىل ال بد�ء من ي‬
‫ف‬ ‫آث أ‬ ‫َ‬
‫القــراء‪ ،‬ويســاعدمه عــى �مهــا‪ ،‬يو�مس هلــم طــرق القــراءة‬ ‫الدبيــة إىل ّ‬ ‫‪ُ - 7‬يق ّــرب النقــد ال�ر‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫النافعــة‪ ،‬يو� ن‬
‫المــال والتــذوق‬ ‫نــواح ج‬
‫ي‬ ‫د�ــم إىل‬ ‫ك�ــم مــن �ليــل النصــوص‪� ،‬ــو بذلــك ي� ي‬
‫أ‬
‫د�‪.‬‬‫بي‬ ‫ال‬

‫صفات النّاقد األدبي‪:‬‬


‫أ‬ ‫ف أ‬ ‫للديــب مــن ْأن يكــون ذا ملكــة ُمنتجــة ُتبـ ي ن‬ ‫ّ أ‬
‫المــال ي� المعــال الدبيــة‪،‬‬ ‫ـ� مواضـ َـع ج‬ ‫إذا اكن البــد‬
‫ال بد�‪ ،‬حـ تـى يســتطيع ْأن يبـ ي ن‬ ‫أ‬ ‫ت ق ف‬ ‫ف�نــاك صفــات البـ ّ‬
‫ـ� ّللنــاس مــا أدركــه مــن‬ ‫ي‬ ‫ـد‬‫ـ‬ ‫الناق‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ق�‬ ‫�‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـد‬
‫ف أ‬
‫المال ي� الدب‪ ،‬ومن بأ�ز هذه الصفات‪:‬‬ ‫أسباب ج‬

‫‪ - 1‬الموهبـــــة‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬
‫د� وتذوقــه والتـ ثـأ� بــه؛ لن الناقــد الفاقــد‬‫ـذا� لــدى الناقــد ل�ــم العمــل ب ي‬
‫ال‬ ‫وه االســتعداد الـ ي‬ ‫ي‬
‫�ض‬ ‫أ‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫د� ب�نطباعــات وا ــة‪ ،‬هممــا ج�ــع مــن‬ ‫لمليــول الفنيــة غـ يـر قــادر عــى أن ي�ــرج مــن العمــل ال ب ي‬
‫ّي‬
‫ونظر�ته‪.‬‬ ‫المال وأصوهل‬ ‫قواعد علوم ج‬

‫‪10‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪ - 2‬الثقافة الواسعة‪:‬‬
‫الد� بثقافــة موســوعية ال تقــف عنــد ثقافــة ن‬ ‫أ‬ ‫مــن املهـ ّـم ْأن يتمـ ي ز‬
‫بعي�ــا‪ ،‬بــل تتطلــب إالملــام‬ ‫بي‬ ‫ـد‬
‫ـ‬ ‫الناق‬ ‫ـ�‬
‫يخ ف‬ ‫ة‬ ‫ب ج�مـ ة‬
‫الميــ�‪ ،‬واملوســيقا‪ ،‬وعــم النفــس‪ ،‬والتــار�‪ ،‬ج�ميــع هــذه‬ ‫ـ� مــن العلــوم واملعــارف‪ ،‬مثــل‪ :‬الفنــون ج‬
‫أ‬
‫العلوم ت�تبط ب�لدب‪ ،‬الرتباهطا ب�ياة إالنسان‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫د� إىل معايشــة الدب وكـرث ة مدارســته؛ لن ذلــك يعينــه عــى العــم ب�لدب‪،‬‬ ‫امك ي�تــاج الناقــد ب ي‬
‫ال‬
‫ً‬
‫ـدراك الفــروق والتميـ ي ز‬ ‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫ـد�ه أو التميـ ي ز‬
‫ـ� بـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ـ� جيــده ورديئــه‪ ،‬فالتمــرس ي ج�عــه بصـ يـرا ب�مــور الدب‪ ،‬مـ‬ ‫وتقـ ي‬
‫ّ أ‬ ‫والجود‪ ،‬ي ن‬ ‫أ‬ ‫ين‬
‫القوي والقوى‪.‬‬ ‫وب�‬ ‫اليد‬
‫ب� ج‬
‫‪ - 3‬معرفة ال ّلغة‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫عــى الناقــد أن يكــون ذا معرفــة واســعة ب�للغــة؛ لن اللغــة مــادة الدب‪ ،‬ومــن خالهلــا يـ ت ّـم تصــوره‬
‫ف أ‬ ‫ْ‬ ‫إللنســان وللحيــاة ش‬
‫الب� يــة‪ ،‬فعــى الناقــد أن يــدرك دورهــا الدقيــق ي� الدب‪ ،‬فيــدرس الملكــات مــن‬
‫ُ‬
‫مفــردات جُو�ــل؛ ليقــف عــى مــا تقدمــه الملكــة مــن يإ�ــاءات وصــور وموســيقا‪ ،‬وهــذا لكــه يفــرض‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫عــى الناقــد إالملــام بعلــوم النحــو والــرف‪ ،‬والعــروض‪ ،‬وعلــوم البالغــة‪ ،‬ولك مــا مــن شــأنه أن ي ز� يــد‬
‫أ‬
‫وخفا�ها‪.‬‬
‫ي‬ ‫من معرفته ب�رسار العربية‬
‫‪ - 4‬ن َّ ز‬
‫ال�اهة والصدق‪:‬‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تز أ‬ ‫عــى ّ‬
‫د�‪ ،‬فالنقــد ال ي�كــن أن يقــوم عــى‬‫ي‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ـد‬
‫ـ‬ ‫النق‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫واملوضوعي‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫العملي‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫مان‬‫ال‬ ‫الناقــد أن يلــ�م‬
‫ّ أ‬ ‫ف‬ ‫التعصــب والعاطفــة اللـ ي ن‬
‫ـذ� قــد يدفعــان ب� إلنســان إىل إالفـراط ي� التقريــظ‪ ،‬أو الــذم‪ ،‬لســباب فرديــة‬
‫تكون الوالء‪ ،‬أو املعاداة الشخصية‪.‬‬ ‫قد ّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫آ‬ ‫ً ف‬ ‫ْ‬ ‫وعــى ّ‬
‫ـر� ومناقشـ تـها بــل موضوعيــة‪ ،‬وأن يتحـ َّـرى‬ ‫الخـ ي ن‬ ‫الناقــد أن يكــون صادقــا ي� عــرض أفــار‬
‫ت‬ ‫آ‬ ‫ف ف‬
‫و�نــب رسقــة‬‫أحصا�ــا‪ ،‬ج‬
‫ب‬ ‫حقيق�ــا‪ ،‬ونسـ تـب�ا إىل‬
‫ت‬ ‫ـر�‪ ،‬واحلــرص عــى نقلهــا عــى‬ ‫الخـ ي ن‬ ‫الدقــة ي� �ــم آراء‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫آ‬
‫د� ال خ�تلف عن أي رسقة‪.‬‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫النقد‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫العملية‬ ‫قة‬ ‫خر�‪ّ ،‬‬
‫فالس‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫أفاكر‬

‫‪11‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫شّ‬
‫د�؟‬
‫بي‬ ‫ال‬ ‫الناقـد‬ ‫�‬‫ي‬ ‫تتوافر‬ ‫أن‬ ‫ب‬ ‫�‬‫ج‬ ‫ي‬ ‫ال�‬
‫ي‬ ‫وط‬ ‫ال�‬ ‫‪1.1‬ما‬
‫أ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬
‫‪� 2.2‬ـــدث عـــن جمــــاالت النقــــد الدبـــــــــي‪.‬‬
‫ّ ّ أ‬
‫‪ 3.3‬كيف يستطيـــــــــع الناقد الولــــوج إىل عامل النص الدبــــي؟‬
‫أ ف‬
‫د� ي� حياة إالنســـــان؟‬ ‫‪ 4.4‬ملاذا ال ي�كن االستغناء عن النقد ال ب ي‬
‫ِّ ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫د�‪َ .‬علل‪.‬‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫الناقد‬ ‫�‬‫ينب� توافرها ي‬
‫ال� غ‬ ‫ت‬
‫‪ 5.5‬املوهبة من الصفات ي ي‬
‫ن‬ ‫ت‬
‫ال� ي�تاج يإل�ا الناقد إل ج�از هممتــــــــــــــــــه؟‬ ‫‪ 6.6‬ما نوع الثقافة ي‬
‫ً‬ ‫‪ 7.7‬كيـــــــف ي�كــــــــن ْأن يكـــــــــون ّ‬
‫الناقــــــــد نز� ي�ــــــــــــا؟‬

‫‪12‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫نشأة النقد األدبي عند العرب‬
‫بدايات النقد‪:‬‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ـر�‪ ،‬ومــع ذلــك ال نســتطيع أن نقــف عــى الصــورة الوىل للنقــد ي�‬ ‫ـد� قــدم الشــعر العـ ب ي‬ ‫النقــد قـ ي‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫عــر مــا قبــل إالســام؛ لن مــا قيــل مــن شــعر ومــن نقــد ي� تلــك الفـ تـرة مل يصــل إلينــا‪ ،‬ومل نعــرف‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ـيئا‪ ،‬حـ تـى إ َّن مــا قيــل بعــد تلــك املرحـ ة‬
‫ـ� مل يصــل منــه إال القليــل النــادر‪ .‬يقــول أبــو معــرو‬ ‫ِ‬ ‫عنــه شـ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫بن� العــاء‪« :‬مــا انـ تـىه إليــم امم قالــت العــرب إال أقــه‪ ،‬ولــو جــاءمك وافـرا جلــاءمك عــم وشــعر كثـ يـر»‪،‬‬
‫ومع ذلك فقد وردت إلينا بعض صور النقد نملح نم�ا ثأ� البساطة وقرب املأخذ‪ ،‬نم�ا‪:‬‬
‫‪ - 1‬حكومة «أم ُج ْن ُدب»‬
‫وه أقــدم مــا ُعــرف‪ ،‬حيــث التـىق امــرؤ القيــس وعلقمــة‬ ‫بن‬ ‫ن‬
‫بـ يـ� امــرئ القيــس وعلقمــة � عبــدة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫بن� عبــدة يتذاكـران الشــعر‪ ،‬ومهعمــا ّأم ُج ْنـ ُـدب زوج امــرئ القيــس‪ ،‬فقــال امــرؤ القيــس‪ :‬نأ� أشــعر‬
‫أ‬ ‫ت‬
‫منــك! وقــال علقمــة‪ :‬بــل نأ� أشــعر منــك! و�ــاامك إىل أم ُج ْنـ ُـدب‪ ،‬فملــا فرغــا حمكــت لعلقمــة؛ لن‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫امرأ القيس ي� نظرها مل يبدع ي� وصف فرسه امك أبدع علقمة‪.‬‬
‫تلمس وطَ َر َفة‪:‬‬
‫الم ِّ‬
‫‪ُ -2‬‬
‫بن‬ ‫ََ َ َ‬
‫صغ� يلعب مع الصبيان ‪ -‬إىل املتملس قوهل‪-:‬‬
‫ص� ي‬
‫بي‬ ‫وهو‬ ‫–‬ ‫مسع‬ ‫العبد‬ ‫�‬ ‫ة‬ ‫ي ُ�وى أن طرف‬
‫َ‬ ‫َّ ْ َ َ ّ ُ ُ ْ‬ ‫وقد َ‬
‫أتناس َّ‬
‫بناج عليه الصيعر ية مكد ِم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫احتضاره‬ ‫عند‬ ‫اهلم‬
‫البع�‪.‬‬ ‫ف ُ‬
‫يعرية مسة ي� ُعنق الناقة ال ي‬
‫الص ّ‬‫المل! أل َّن َّ‬
‫فقال طرفة ‪ :‬استنوق ج‬
‫وب� بن ب يأ� خازم يُقويان‪:‬‬ ‫ن‬
‫الذبيا�‪ ،‬ش‬ ‫‪ - 3‬النابغة‬
‫ي‬
‫قــال أبــو معــرو بن� العــاء‪ :‬ف�ــان مــن الشــعراء ن‬
‫اك� ُي ْقــو ي�ن‪ :‬النابغــة وبـ شـر بن� أ� خــازم‪ّ ،‬‬
‫فأمــا‬ ‫بي‬ ‫ِ‬
‫ّ ُْ‬ ‫ُ‬
‫النابغــة فدخــل يـرث ب فغـنّ يَ بشــعره ففطــن فــم َيعــد إللقــواء‪ ،‬وأمــا ِبـ شـر فقــال هل أخــوه‪ :‬إنــك تقــوي‪،‬‬
‫قال‪ :‬ما إالقواء ؟ قال‪ :‬قولك‪:‬‬
‫يت ُخ َذامُ‬
‫ُوي ْنس مثل ما ُنس ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫هر يس يل‬ ‫َّ‬ ‫َت َ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أمل � أن طول الد ِ‬ ‫ ‬
‫ث� َ‬
‫قلت‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫البــــــلد الش ِـآم‬
‫ِ‬ ‫ف ُسق َنامه إىل‬ ‫قــومنا فبغ ْوا علينا‬ ‫وكــانوا‬ ‫ ‬
‫‪13‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫خط�‪ ،‬و ُ‬
‫لست بعائد‪.‬‬ ‫فقال‪َّ :‬تب ُ‬
‫ينت ئ‬
‫ي‬
‫ف‬
‫القوا� إعر ً با�)‬
‫ي‬ ‫(القواء‪ :‬اختالف‬
‫إ‬
‫مرحلة التّأسيس‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫ظـ ّـل النقــد ف� عــر النبــوة خ‬
‫والالفــة الراشــدة امك اكن ي� عــر مــا قبــل إالســام نقــدا فطـ ي‬
‫ـر�‬ ‫ي‬
‫ـ� الشــعراء‪ ،‬يو�ــم لشــاعر عــى آخــر‪ ،‬أو عــى آخـ ي ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ـردا مــن التعليــل‪ ،‬نقــدا يفاضــل بـ ي ن‬
‫ـر�‪ ،‬مــن‬ ‫جمـ‬
‫ِّ‬ ‫أ‬
‫دون أن يشــفع احلــم ب�ســبابه أو حيثياتــه‪ ،‬والتطــور الــذي حــدث هــو العــدول ب�لشــعر عــن‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫ت ً‬ ‫ت‬
‫د� ب�قــدار‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫العم‬ ‫ـى‬‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫في‬ ‫ـاس‬
‫ـ‬ ‫املقي‬ ‫ـون‬
‫ـ‬ ‫يك‬ ‫ـاميا‬
‫ـ‬ ‫إس‬ ‫ـا‬‫ا�اهـ‬ ‫واال�ــاه بــه ج‬
‫ج‬ ‫الاهليــة‪،‬‬
‫املفاهـ يـم ج‬
‫ف‬ ‫مطابقته أو عدم مطابقته ّ‬
‫للحق‪ ،‬وهذا ما بع� عنه حسان بن� ث�بت ي� قوهل‪:‬‬
‫ْ َْ ً ْ‬ ‫نّ ِّ ُ‬
‫حقا‬‫وإن ُ ُ‬ ‫عىل املج ا ِل ِس ِإن كيسا‬ ‫املرء َي ْع ِر ُض ُه‬
‫وإ�ا الش ُعر ل ُّب ِ‬
‫َْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َب ْي ٌت ُيقال ِإذا أنش ْـدت ُه َصدقــــا‪.‬‬ ‫نـت قا ِئ ُلُ‬‫َو َّإن َأ ْش ْع َـر َب ْيت َأ َ‬
‫ٍ‬
‫***‬
‫ن‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫املعلـ ة‬ ‫أ‬ ‫غ‬
‫ـ� آخــذة ي� الظهــور‪ ،‬ومــن ذلــك مــا ج�ــده عنــد‬ ‫بو�� هــذا فقــد بــدأت الحــام النقديــة‬
‫أ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الطــاب ‪ ‬عندمــا طلــب مــن بن‬ ‫معــر بن� خ‬
‫ا� عبــاس أن ينشــده مــن شــعر زهـ يـر‪ ،‬وحــم لزهـ يـر ب�نــه‬
‫ف‬ ‫وه‪ « :‬أنــه ال يتبــع ُحـ ش يّ‬ ‫أ‬ ‫شــاعر الشــعراء‪ ،‬ث‬
‫ـو� الكلام‪ ،‬وال يعاظــل ي�‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ـباب‬
‫ٍ‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫حمك‬ ‫ـفع‬‫ـ‬ ‫ش‬ ‫�‬
‫ة ف‬
‫املنطــق‪ ،‬وال يقــول إال مــا يعــرف‪ ،‬وال ي�ــدح الرجــل إال ب�ــا فيــه » واملعاظــ� ي� الكلام يه شــدة‬
‫ّ‬
‫تعليق الشاعر ألفاظ البيت بع�ض ا ببعض‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ُ‬
‫زهــرا ويعليــه عــى ج�يــع الشــعراء‬ ‫إن َعــر ب�ــذا يصــدر حكما أدبيــا مفصــا يفضــل فيــه ي‬
‫الخــر إىل املضمــون‪ ،‬فــان يـ ث‬ ‫آ‬
‫ـؤ�‬ ‫العتبــارات ي�جــع بع�ض ــا إىل الصياغــة اللفظيــة‪ ،‬امك ي�جــع بع�ض ــا‬
‫ّ‬ ‫البينــة املــاحم‪ ،‬والعبــارات الـ ت‬ ‫الهســ� املألوفــة‪ ،‬والصــور القريبــة املنــال‪ّ ،‬‬ ‫ة‬ ‫أ‬
‫ـ� تــدل عــى‬ ‫ي‬ ‫ـاظ‬ ‫ـ‬ ‫لف‬‫ال‬
‫بن‬ ‫ف‬
‫أ� طالــب ‪ ‬يقــف مــن امــرئ القيــس‬ ‫�‬
‫ي بي‬ ‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫وع‬ ‫‪،‬‬ ‫ـر‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫زه‬ ‫ـعر‬‫ـ‬ ‫ش‬ ‫�‬
‫صــدق (التجربــة) وهــذا وجــده ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موقــف معــر مــن زهـ يـر‪ ،‬حمــاوال تعليــل حمكــه عــى غـ يـر مــا اكن موجــودا لــدى نقــاد عــر مــا قبــل‬
‫ين‬ ‫بن‬ ‫َ َّ َ‬
‫املتقدمــ� بقــوهل‪« :‬رأيتــه‬ ‫أ� طالــب امــرأ القيــس عــى الشــعراء‬ ‫بي‬ ‫�‬ ‫عــ�‬
‫ي‬ ‫ــل‬ ‫البعثــة‪ ،‬فقــد فض‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أحس ـهن م ن�درة وأسـ قـب�م‪ ،‬وأنــه مل يقــل لرغبــة وال لرهبــة‪ «.‬فعلــل حمكــه ب�نــه أحس ـهن م التقاطــا‬
‫ِّ‬ ‫ً ف‬ ‫املعا�‪ ،‬ق‬ ‫جلواهر ن‬
‫بد�ة وابتاكرا ي� طرائف الشعر‪».‬‬ ‫وأسب�م ي‬ ‫ي‬
‫‪14‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـر واالســتقرار‪ ،‬وبــدأ التنافــس بـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫ومــع مــرور الزمــن بــدأت حيــاة العــرب تسـ يـر ن�ــو التحـ ض‬
‫الدب والنقــد مواكبـ ي ن‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫ـ�‬ ‫القبائــل العربيــة ي�خــذ شكلا سياســيا‪ ،‬أي‪ :‬رصاعــا حــول احلــم‪ ،‬واكن‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫ـ� حدثــت ي� احليــاة العربيــة‪� ،‬ــا دام النقــد هــو (فـ ّـن دراســة النصــوص‪،‬‬ ‫ي‬
‫جلميــع التحــوالت الـ ت‬
‫ا�اهاتــه تو�راكتــه‪ ،‬يتـ ثـأ� بــه ويـ ث‬ ‫أ ف ّ ت‬ ‫ف‬ ‫ز ن أ‬
‫ـؤ�‬ ‫ـ� الســاليب املخ تلفــة) �ــو ب�ــذا يسـ يـا� الدب ي� لك ج‬ ‫والتميـ يـ� بـ ي‬
‫فيه‪.‬‬
‫الشــعر وتطــور ف ي� هعــد بـن أميــة غلــب الغــزل احلـ ض‬ ‫ّ‬
‫الديــدة‬ ‫ـري بفعــل العوامــل ج‬ ‫ي‬ ‫وعندمــا ن�ــض‬
‫ف‬
‫الديــدة ي� بيئــة احلجــاز‬ ‫ومتمعــه‪ ،‬وقــد اســتتبع هــذه نال�ضــة الشــعرية ج‬ ‫ـ� ط ـرأت عــى بيئتــه ج‬ ‫ي‬
‫الـ ت‬
‫ق‬ ‫ف‬ ‫أ ت‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫ر� الــذوق‪ ،‬واتســاع‬ ‫ار�ــا ي� روهحــا‪ ،‬وتــدل إىل حــد مــا عــى ي‬ ‫د� ج� ي‬ ‫�ضــة أخــرى ي� النقــد ال يب‬
‫أ‬
‫الفق والنظرة‪ ،‬فالتفت النقاد إىل بعض جوانب النقد مل يلتفت يإل�ا النقاد السابقون ‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫والنقــد ف� هــذه املرحـ ة‬ ‫ّ‬
‫ـ� أهســم فيــه الرجــال‪ ،‬والنســاء‪ ،‬والشــعراء‪ ،‬وغـ يـر الشــعراء‪ ،‬لك عــى قــدر‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫ذوقه و�مه‪ ،‬وروحه ونوع ثقافته‪.‬‬
‫أ‬
‫الدب ف� هذه ت‬
‫الف�ة نذكر‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ومن مالحم تطور‬
‫ـ� ط ـرأت عــى‬ ‫الديــدة ّالـ ت‬ ‫ج‬ ‫ـات‬‫ـ‬ ‫اه‬ ‫ج‬
‫ت‬
‫اال�‬ ‫ـدمه‬ ‫ـ‬ ‫نق‬ ‫�‬
‫ي‬
‫ن ف‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫مواكب‬ ‫ـد‬‫ـ‬ ‫للنق‬ ‫ـم‬‫ـ‬ ‫أنفهس‬ ‫اء‬‫ر‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ى‬ ‫‪ -1‬تصـ َّ‬
‫ـد‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫بن‬ ‫الشــعر‪ ،‬ومــن ذلــك أربعــة مــن كبــار الشــعراء جأ�عــوا عــى تقـ ي‬
‫أ� ربيعــة ي� الغــزل‪،‬‬ ‫ـد� معــر � ب ي‬
‫َ‬
‫ـر�‪ ،‬جو�يــل‪ ،‬فيقــول نصيــب عنــه ‪ « :‬ل ُع َمـ ُـر‬ ‫وهــؤالء الشــعراء مه‪ :‬نصيــب بن� بر�ح‪ ،‬والفــرزدق‪ ،‬وجـ ي‬
‫ـو�ت‬ ‫احل َجــال «‪ ،‬ف�ــو �ى أنــه أحســن معارصيــه وصفـ ًـا حملاســن املصـ ن‬ ‫ـر�ت ِ‬ ‫أ� ربيعــة أوصفنــا لـ َّ ب‬ ‫بن‬
‫ي‬ ‫� بي‬
‫ُ‬
‫وغ�هــن مــن نســاء العــرب‪ ،‬وقــال الفــرزدق عندمــا مســع َعـ َـر يتشـ َّـب ُب ‪ « :‬هــذا‬ ‫مــن القرشـ ّـيات ي‬
‫َْ‬
‫الد�ر‪ ،‬ووقع هذا عليه »‪.‬‬ ‫الذي اكنت الشعراء تطلبه فأخطأته وبكت ي‬
‫أ� ربيعــة نشــأة الغــزل امك ينبـغ ي أن يكــون‪ ،‬وأن مــا ســبقه مــن غــزل مل‬ ‫بن‬
‫والفــرزدق يعــزو إىل ا� ب ي‬
‫ف‬
‫يكــن إال حمــاوالت قــام ب�ــا الشــعراء ي� ســبيل اكتشــاف هــذا الغــزل‪ ،‬فأخطــأت طريقــه وبكــت‬
‫أ� ربيعة‪.‬‬ ‫�‬ ‫بن‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫الد�ر واكتشفه ُ َ‬
‫ع‬ ‫ي‬
‫بي‬
‫وجرير يقول‪:‬‬
‫َّ‬
‫وإن أنســب النــاس » املخ ــزوم‪ ،‬يعــن بن‬
‫أ�‬
‫«ا� يب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫« إنــم ي� أهــل املدينــة يعجبــم النســيب‪،‬‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ربيعة»‪ ،‬فيصفه ب�نه أحسن الشعراء ي� ب�ب الغزل والنسيب‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ت‬ ‫بن‬ ‫َّ‬
‫أ� ربيعة‪ ،‬وأنشد ج�يل قصديته ي‬
‫ال� يقول يف�ا‪:‬‬ ‫أما ج�يل فإنه عندما اجتمع مع معر � ب ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الب ْخ ِل‪.‬‬ ‫َ‬
‫جـانـب ُ‬ ‫ْ‬
‫أبـدت لنا‬ ‫ُبثينـة أو‬ ‫ـل‬‫لقد فـرح الواشـون أ ْن َص َـر َم ْت َح ِْ‬
‫ـب‬
‫أُ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ـــــــــل‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫مال عن بثينة من م‬
‫س ي‬ ‫لق ِ ُ‬ ‫يقـولـــــون‪ْ َ :‬مـال ي� ج�يل وإننـــــــــي‬
‫***‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫حتــى تأ� علـى آخرهـا‪ ،‬ث� قـال لعمـر‪ :‬ي� بأ� خ‬
‫الــروي شـيـئــــا ؟‬ ‫الطـاب هـل قلـت ي� هـذا‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأنشدنيه‪ ،‬فأنشده قصيدته تّ‬
‫ال� مطلهعا‪:‬‬
‫ي‬
‫قتل‬ ‫فقـــر بنــي يــوم ِ َ‬
‫َّ‬ ‫ـــح ب� ّ‬
‫لـــود بينــي ن‬ ‫َج َ‬
‫ـــرى ن� ِص ٌ‬
‫ـاب إىل ي‬
‫احلص ِ‬ ‫وبي�ـــا‬
‫الطــاب‪ ،‬ال أقــول مثــل هــذا !‪ ،‬وهللا مــا خاطــب النســاء مخ اطبتــك أحــد‪ ،‬وقــام‬ ‫فقــال‪ :‬يه�ــات ي� بأ� خ‬
‫ّ ً‬
‫مشمرا‪.‬‬
‫ا� أ� ربيعــة ف� الغــزل‪ ،‬وهلــذا ّ‬ ‫َّ‬
‫يفضــه عــى‬ ‫ي‬ ‫بي‬
‫بن‬ ‫ن‬
‫وبــ�‬‫ي‬ ‫بينــه‬ ‫شاســع‬ ‫البــون‬ ‫أن‬ ‫جو�يــل بن� َم ْع َمــر ي�ى‬
‫ف‬ ‫نفسه‪ ،‬ث� ي�مك هل ب�لتفوق عىل ئ‬
‫سا� الشعراء ي� مخ اطبة النساء واحلديث يإل�ن‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫أ� ربيعــة ب�نــه إمــام جم ّــدد ي� شــعر الغــزل‪ ،‬وأنــه‬ ‫الربعــة حمكــوا بن‬
‫ال� يب‬ ‫وهكــذا ن�ى أن الشــعراء‬
‫ت ً‬
‫ا�اها يغ� مسبوق‪.‬‬ ‫استحدث فيه ج‬
‫ً‬ ‫ف‬ ‫ـ� ي�يــل ن�ــو ّ‬ ‫‪ -2‬بــدأ النقــد ف� هــذه املرحـ ة‬
‫أ� عتيــق‪ ،‬مو�ض ــا ســبب‬ ‫بي‬
‫بن‬
‫ا�‬ ‫ـول‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫ـذا‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫ويظه‬ ‫ـل‪،‬‬
‫ـ‬ ‫علي‬ ‫الت‬ ‫ي‬
‫أ� ربيعة‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫بن‬
‫تقد�ه لعمر � ب ي‬ ‫ي‬
‫ـعر‪ ،‬ومــا‬ ‫ـ‬ ‫لش‬ ‫ـت‬
‫ـ‬ ‫ليس‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫للحاج‬ ‫ك‬ ‫ر‬‫وع ُلــوق ب�لنفــس‪َ ،‬ود َ‬ ‫« ِلشـ ْـعر معــر بن� أ� ربيعــة َن ْو َطـ ٌـة ف� القلــب‪ُ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ِ‬
‫بن‬ ‫ثَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُع ِ َ ُ‬
‫أ� ربيعة‪» .‬‬ ‫ص بشعر ا� ب ي‬ ‫ص هللا ‪ -‬جل وعز‪ -‬بشعر أك� امم ع ِ َي‬ ‫ي‬
‫وه ‪ :‬دقــة املع ـىن ‪ ،‬ولطــف‬ ‫الشــعر‬ ‫ــا‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫فــا� أ� عتيــق حــم لعمــر بن� أ� ربيعــة ألســباب ي ز‬
‫يتمــ�‬ ‫بن‬
‫ي‬ ‫بي‬ ‫بي‬
‫والعراب عن احلاجة‪.‬‬ ‫املعا�‪ ،‬إ‬ ‫وإ�رة ن‬ ‫احلوا�‪ ،‬ث‬ ‫ش‬ ‫املدخل‪ ،‬وهسولة املخ رج‪ ،‬ومتانة احلشو‪ ،‬وتعطف‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪16‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـ� أصبــح النقــد ي�يــل إىل املوضوعيــة‪ ،‬ويبتعــد عــن روح التعصــب واهلــوى‪ ،‬يو�اد‬ ‫‪ -3‬ف� هــذه املرحـ ة‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫بــه العــم والتوجيــه وخدمــة الشــعر مــن ج�يــع نواحيــه‪ ،‬مــع االســتعانة ي� ذلــك ب�لصــول املقــررة ي�‬
‫َ ُ‬ ‫أ‬
‫ـد� الدب‪ ،‬بو�ــذا دخــل العملــاء ميــدان النقــد‪ ،‬وقــد اكن مــن ق ْبــل‬‫اللغــة والنحــو والعــروض‪ ،‬وتقـ ي‬
‫ق أ‬ ‫َْ ً‬
‫ومتذو� الدب‪.‬‬
‫ي‬ ‫اء‬
‫ر‬ ‫والشع‬ ‫الرواة‪،‬‬ ‫عىل‬ ‫فا‬ ‫وق‬
‫وقــد أرىس العملــاء نقــدمه عــى مــا أحاطــوا بــه مــن دقائــق اللغــة‪ ،‬وأصــول النحــو‪ ،‬وأعاريــض‬
‫الشــعر‪ ،‬ومــا ي ج�ــوز يف�ــا ومــا ال ي ج�ــوز‪ ،‬تو�كنــوا ب�ــذه الثقافــة ْأن ينظــروا ف� الشــعر يف�ــا ّ‬
‫فيصوبــوا‪،‬‬ ‫ي‬
‫و� ّطئوا‪ ،‬ويقدموا‪ّ ،‬‬
‫ويعدلوا ‪.‬‬ ‫يخ‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ـ� والنحــاة ي� شــعر الفــرزدق مــادة خصبــة لنقــدمه النحــوي‪،‬‬ ‫الول مــن اللغويـ ي ن‬ ‫وقــد َو َجـ َـد الرعيــل‬
‫بن ّ‬ ‫ًّ ف‬ ‫ً‬
‫ا� ســام‬ ‫وتلكــا ي� شــعره‪ ،‬فقــد ذكــر‬ ‫م أكـرث مه نقــدا للفــرزدق‪،‬‬ ‫ض‬
‫أ� إحســاق احلــر ي‬
‫بن‬
‫واكن عبــد هللا � ب ي‬
‫مد�ه ي ز� يد بن� عبد امللك ‪:‬‬ ‫أنه ملا مسع الفرزدق ينشد ف ي� ي‬
‫ـطن َم ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫نَ شَ َ َ َّ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ـور‬
‫ِ‬ ‫نثـ‬ ‫يف الق ِ‬ ‫ب� ِ‬
‫ـاص ٍب كن ِد ِ‬ ‫سـتقب يل� �ال الشأ ِم تض ِـر بنا‬ ‫م ِ‬
‫ََ َ ُ‬ ‫معا�ـنـا ُي قَلـ� ْ‬
‫احف ت ْـز ج َ�‪ُ ،‬م ُّـخها ِر ي ِ�‪.‬‬ ‫علـى زو ِ‬ ‫وأر ُحـ ِل َنـــــا‬ ‫علـى ئِ‬
‫***‬

‫(ر�)‪ ،‬وكذلــك قيــاس النحــو ف� هــذا املوضــع‪ ،‬فملــا ُّ‬


‫أحلــوا‬ ‫ي‬ ‫ـأت‪ ،‬نّإ�ــا يه ي ُ‬ ‫ا� أ� إحســاق‪ :‬أسـ َ‬
‫بي‬
‫قــال بن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـر)‪ ،‬قــال‪ :‬ث� ت�ك النــاس هــذا ورجعــوا إىل القــول‬‫عــى الفــرزدق قــال‪( :‬عــى ز َواحــف نُ زْ� ِج ي�ــا م ِاسـ ِي‬
‫أ‬
‫ال ّول‪.‬‬
‫الرد عىل الفرزدق‪ ،‬فقال فيه الفرزدق‪:‬‬ ‫ك� َّ‬ ‫واكن ُي ث‬
‫َ َْ‬ ‫لكـــن َ‬ ‫َ ًْ َ ُ‬ ‫فلــو اكن ُ‬
‫ــــول َم َوا ِليـا‪.‬‬ ‫عبـــد هللا م‬ ‫و َّ‬ ‫ـــول ج َه ْوته‬ ‫عبد هللا م‬
‫***‬

‫ً‬ ‫ّ ة ف‬ ‫أ‬
‫شــاعرا أوردوا أســباب تفضيلهــم هل‪ ،‬امك‬ ‫ــ� �ــم إذا فضلــوا‬ ‫امك أخــذوا يتجهــون إىل الحــام املعل‬
‫رث‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ـاد ليــس يف�ــا ســقط وال فاحــش‬
‫ـوال جيـ ٍ‬
‫ـر� والفــرزدق؛ لنــه أكـ مه عــدد طـ ٍ‬‫فضلــوا الخطــل عــى جـ ي‬
‫ً‬
‫لشعره‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وأشدمه ت�ذيبا‬

‫‪17‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ال ّلغويون وال ّنحاة ودورهم في ّ‬
‫تطور النقد األدبي‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ف‬
‫وا�اهاتــه‪ ،‬وتعــددت‬ ‫د�‪ ،‬واتســعت جماالتــه‪ ،‬وتنوعــت صــوره ج‬ ‫ـا� تطــور النقــد ب ي‬
‫ال‬ ‫ي� القــرن الثـ ي‬
‫ُ َ‬ ‫مقاييســه‪ ،‬وال غــرو ف� ذلــك ففيــه نشــأت أكـرث العلــوم إالســامية والعربيــة وبــدأ ن‬
‫تدوي�ــا‪ ،‬ون ِقــل إىل‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫العربيــة مــا نقــل مــن علــوم اليـ ن‬
‫ـو�ن والفــرس واهلنــد‪ ،‬وفيــه أيضــا أخــذ الشــعر والدب يتحــوالن إىل‬
‫ـوال الكثـ يـر مــن الشــعراء‬ ‫ـ‬ ‫امل‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫اك� يصــدران عــن طبــع وســليقة‪ ،‬وكذلــك �ظ‬ ‫فــن وصناعــة‪ ،‬بعــد ْأن ن‬
‫ي‬
‫عر�‪ ،‬الختالهطم ب�لقبائل العربية ت‬ ‫ً‬ ‫الذ� ُع ُّ‬ ‫وال بد�ء والعملاء ي ن‬ ‫أ‬
‫ال� صاروا ينتمون يإل�ا ب�لوالء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫د‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ـا� ف ي� احليــاة العربيــة بفعــل إالســام‪ ،‬واالختــاط ب�بنــاء الشــعوب الخــرى الـ ي ن‬ ‫ف‬ ‫َّ‬
‫ـذ�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫الثق‬ ‫ـول‬ ‫ـ‬ ‫التح‬ ‫إن‬
‫ـ� والنحــاة ي� احلــرص عــى تنظـ يـم اللغــة‬
‫ف‬ ‫ُّ‬ ‫يتعملــون اللغــة تعملـ ًـا ال ســليقة‪ ،‬قــد قـ َّـوى مــن دور اللغويـ ي ن‬
‫ً‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫اكي�ــا‪ ،‬وأعاريــض الشــعر يف�ــا ب�ثــا يعتمــد عــى‬ ‫مفردا�ــا تو� ب‬ ‫العربيــة بتعــرف نك�هــا‪ ،‬والبحــث ي�‬
‫القياس ووضع القواعد‪.‬‬
‫ف أ‬
‫واكنــت البــرة والكوفــة أحفــل املــدن ب�لعملــاء‪ ،‬وأغزرهــا ثقافــة‪ ،‬وأبعدهــا ث ًأ�ا ي� ت�ســيس العربيــة‬
‫ف ٍّ‬
‫ووضــع قيمهــا‪ ،‬وتوضيــح ســبلها‪ ،‬وقــد أخــذ النحــاة ي� لك مــن البــرة والكوفــة يتتبعــون الكم العــرب؛‬
‫العاريض ت‬ ‫أ‬ ‫ليستنبطوا منه قواعد ّ‬
‫عل�ا الشعر‪.‬‬ ‫ال� جاء ي‬ ‫ي‬ ‫أو‬ ‫االشتقاق‪،‬‬ ‫وجوه‬ ‫أو‬ ‫حو‪،‬‬ ‫الن‬
‫ّ ْ‬
‫ـ� أن يــؤدي هــذا االســتنباط إىل نقــد الشــعر‪ ،‬ال مــن حيــث عذوبتــه أو رقتــه أو ج�ــاهل‬ ‫وطبيـ ي‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ال� هدامه استقراؤمه يإل�ا ي� إعراب‪ ،‬أو وزن‪ ،‬أو قافية‪.‬‬ ‫ي‬
‫للصول ت‬ ‫الف�‪ ،‬بل من حيث مخ الفته‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫ّ ً‬ ‫وتذوقــه‪ ،‬فو� معرفــة ممـ ي ز‬ ‫ّ‬ ‫ف ف‬
‫تعمقــا مل‬ ‫ـ�ات الشــعراء‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـعر‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫�‬ ‫وقــد تعمــق عملــاء اللغــة والنحــو ي�‬
‫أ‬ ‫َّ‬ ‫ـر�ا قـ ُّ‬
‫ـوي الطبـ ِـع‪ ،‬صــادق الشــعور‪ ،‬وأن العـ شـى يســتعمل‬ ‫ي�تــد إليــه أحــد مــن قبــل‪ ،‬عرفــوا أن جـ ي ً‬
‫وأن شــعر النابغــة الذبيـ نـا� قـ ّ‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫ـوي الصياغــة تم�ســك‪ ،‬وشــعر امــرئ‬ ‫ي‬ ‫ـعره‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ان‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ـر‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫كث‬ ‫ـا‬ ‫أنواعـ‬
‫َّ‬ ‫القيــس مــ�ء ب�ملعـ نـا� الـ تـ� مل يســبقه يإل�ــا أحــد‪ ،‬وعرفــوا ض�وب ّ‬
‫الصياغــة‪ ،‬وأن نم�ــا مــا هــو هســل‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫ن َّ‬ ‫ض‬ ‫أ‬
‫ـا� وأن‬ ‫ـر�‪ ،‬صعــب ملتــو عنــد الفــرزدق‪ ،‬جــزل عنــد الخطــل‪ ،‬وكذلــك �وب املعـ ي‬ ‫رقيــق عنــد جـ ي‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫نم�ــا مــا هــو فاســد‪ ،‬ومــا هــو فــظ ‪ ،‬ومــا هــو صائــب حكـ يـم ال لغـ َـو فيــه‪ ،‬وكذلــك وقفــوا عــى مــا لــل‬
‫ـ�ات‪ ،‬وال سـ يـام كبــار الشــعراء‪ ،‬ومــا ي�ســن مــن القــول‪ ،‬ومــا يطــرق مــن‬ ‫شــاعر مــن خصائــص وممـ ي ز‬
‫العاريــض‪ ،‬ومــا ينظــم فيــه مــن أعاريــض‪ ،‬ومــا يسـ ي ن‬ ‫أ‬
‫ـتع� بــه مــن اللفــظ‪ ،‬ومــا ي ج�نــح إليــه مــن رقــة أو‬

‫‪18‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫لة ف‬ ‫جـزالة أو حوشـ ّـية‪ ،‬وأدركــوا أمهيــة إال ي ج�ــاز ف� املعـ ن‬
‫و� البيــت الواحــد‪ ،‬وعرفــوا مـز يا�‬ ‫الــز ‪ ،‬ي‬ ‫ـا� ج‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫املعا� واستيفاء الالكم‪.‬‬ ‫وأ� ذلك ف� غزارة ن‬ ‫النفس ف ي� القصائد‪ ،‬ث‬ ‫طول َّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الر َّمة حيث يقول‪:‬‬ ‫اللغوي� نقد بأ� معرو بن� العالء لشعر ذي ُّ‬
‫ي‬
‫ين‬ ‫ومن أمثلة نقد‬
‫شّ ف‬ ‫نّ‬
‫ـم ي� أول ش ّ�ــة‪ ،‬ث�‬ ‫الرمــة نقــط عــروس يضمحــل عــن قليــل‪ ،‬وأبعــار هلــا مـ‬ ‫«إ�ــا شــعر ذي ُّ‬
‫الب َعــر» يعـن ي أن شــعره حلــو ّأول مــا يســمع‪ ،‬فــإذا كــرر إنشــاده ذهبــت طالوتــه‬ ‫تعــود إىل أرواح َ‬
‫ئ‬ ‫ُ‬
‫ـ� تذهــب ب�لغســل‪ ،‬وهــو كبعــر الظبــاء الــذي تقبــل را�تــه مــن ثأ� النبــت‬ ‫ي‬
‫كنقــط العــروس الـ ت‬
‫ئ أ‬ ‫أ‬
‫كسا� البعار‪.‬‬ ‫الطيب الذي ت� لكه ّأول ما شت�‪ ،‬ث� ال تلبث أن ت ز�ول فيكون‬
‫الصومــة حــول الشــعر‬ ‫ـ� يتـ ثـأ� ب�ملـزاج والثقافــة واالســتعداد‪ ،‬واكنــت خ‬ ‫واكن النقــد عنــد اللغويـ ي ن‬
‫تعمــق البحــث ف ي� خصائــص الشــعراء‪َّ ،‬‬ ‫أ‬
‫وتعمــق‬ ‫اهــ�‪ ،‬ومــن هنــا َّ‬ ‫والشــعراء مدمعــة ب�لدلة ب‬
‫وال� ي ن‬
‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫و�مــع‬ ‫البحــث ي� ض�وب القــول‪ ،‬و�ظ ــرت الح ـزاب والشــيع لــل شــاعر‪ ،‬لك ينتــر لشــاعره‪ ،‬ي ج‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫والدلة الـ ت‬
‫ـ� تــدمع رأيــه‪ ،‬وعــى هــذا الســاس قــرروا أن ام ـرأ القيــس‪ ،‬والنابغــة‪ ،‬وزهـ يـرا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫احلجــج‬
‫أ‬ ‫ف ّ‬ ‫أ‬
‫اهلي�‪ ،‬وعرفــوا خصائصه‪،‬‬ ‫ال ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬فقــد خاضــوا ي� لك واحــد من الربعــة ج‬ ‫الاهليـ ي ن‬ ‫والعـ شـى‪ ،‬أشــعر ج‬
‫يتم� به شعره‪.‬‬‫وما ي ز‬

‫‪19‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫بدايات التأليف في ال ّنقد‬
‫ق ف ف‬
‫وتعم�ــم ي� �مــه وتذوقــه‪ ،‬ومعرفــة أصــوهل دفــع‬ ‫ـ� ب�لشــعر‪،‬‬‫َّإن اهـ تـامم عملــاء اللغــة والنحويـ ي ن‬
‫بن ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫�ض‬
‫مــ� (ت‪ 231 :‬هــــ) اللغــوي‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ســا‬ ‫�‬ ‫حممــد‬ ‫فــان‬ ‫‪،‬‬ ‫د�‬
‫بع ــم إىل التأليــف ي� النقــد ب ي‬
‫ال‬
‫ْ‬
‫وإن اكن ت خ‬ ‫ف‬ ‫ً ف‬
‫ا�ــذ‬ ‫ـا� ي� النقــد‪ ،‬وهــو كتــاب (طبقــات �ــول الشــعراء)‪،‬‬ ‫النحــوي ّأول مــن صنــف كتـ ب‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ت يخ أ‬
‫ر� الدب أساســا هل‪ ،‬فإنــه اعتمــد عــى الحــام النقديــة ي� تبويبــه لــ�دب‪ ،‬فـ ثـآ� املقاييــس‬ ‫مــن �‬
‫ً‬ ‫ال� َّ‬‫ال� أصبحت سائدة‪ ،‬و�ظ رت وا�ض ة ف ي� املبادئ ت‬ ‫ت‬
‫وه‪:‬‬
‫ي‬ ‫هلا‪،‬‬ ‫تبعا‬ ‫اء‬ ‫ر‬ ‫الشع‬ ‫قس‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أ‬
‫د�‪.‬‬‫الزمان ‪ -‬واملاكن ‪ -‬والفن ب ي‬
‫ال‬
‫‪ - 1‬الزمان‪:‬‬
‫ـامي�‪ ،‬وهــو مل يقصــد هــذا التقسـ يـم ومل‬ ‫ـ� وإسـ ي ن‬ ‫ـ�‪ :‬جاهليـ ي ن‬ ‫ا� سـ ّـام الشــعراء إىل جمموعتـ ي ن‬ ‫قــم بن‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫يفكــر فيــه‪ ،‬ولكــن مل يكــن هل منـ ُـه بـ ٌّـد‪� ،‬ــا أحدثــه إالســام مــن تغيـ يـر ي� حيــاة العــرب انعكــس‬
‫ف‬ ‫أد�ــم وشــعرمه‪ ،‬فصــار االختــاف بـ ي ن‬
‫الاهليــة‪ ،‬والشــعر الــذي قيــل‬ ‫ـ� الشــعر الــذي قيــل ي� ج‬ ‫عــى ب‬
‫ف‬ ‫ف ي� إالســام ظاهـ ًـرا لــدى بن‬
‫والســام‬ ‫الاهلية إ‬ ‫و� هــذا يقــول‪ «:‬ففضلنــا الشــعراء مــن أهل ج‬ ‫ا� ســام‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫الاهليــة وأدركــوا إالســام نزَّ‬ ‫ف‬ ‫واملخ�ض مـ ي ن‬
‫ـ� الـ ي ن‬
‫ف�لنــامه منازهلــم‪ ،‬واحتججنــا لــل شــاعر‬ ‫ـذ� اكنــوا ي� ج‬
‫حــة‪ ،‬ومــا قــال فيــه العملــاء‪ ،‬وقــد اختلــف النــاس والــرواة يف�ــم‪ ،‬فنظــر قــوم مــن‬ ‫ـد� هل مــن ُ ج َّ‬ ‫ب�ــا وجـ ن‬
‫آ‬ ‫ّ ف‬
‫ـت الـ ّـرواة فقالــوا ب�ر ئا�ــم‪،‬‬
‫أهــل العــم ب�لشــعر والنفــاذ ي� الكم العــرب والعــم ب�لعربيــة‪ ،‬إذا اختلفـ ِ‬
‫ض‬
‫الروايــة ّمعــن تقـ َّـدم»‪ .‬ووا� مــن هــذا‬ ‫هوا�ــا‪ ،‬وال ُي ْق ِنــع النــاس مــع ذلــك إال ِّ‬‫وقالــت العشـ ئـا� ب أ� ئ‬
‫ر�ه للدب وتبويبه‪.‬‬
‫ً ف ت خ أ‬
‫ا�ذ من النقد فيصال ي� � ي‬ ‫ا� سالم تّ خ‬ ‫الن ّص ّأن بن‬ ‫ّ‬

‫‪ - 2‬المكان‪:‬‬
‫ا� سـ ّـام فوجــد ّأن هنالــك شــعراء مل يصبحــوا شــعراء للعــرب اكفــة‪ ،‬بــل ظلــوا متصلـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫نظــر بن‬
‫ف‬ ‫ن ف‬ ‫ْ‬ ‫ُ ًّ‬
‫ـ�)‪ ،‬ج�علهــم ي� ب�ب شــعراء مكــة‪ ،‬واملدينــة‪،‬‬ ‫ـم�م ب(�لشــعراء إالقليميـ ي‬ ‫ك بقريتــه‪ ،‬يو�كــن أن نسـ ي‬
‫ـ�‪،‬‬ ‫ـ� شــعراء لك قريــة‪ ،‬ف ج�عــل مــن ّ‬
‫حســان أشــعر املدنيـ ي ن‬ ‫ـر�‪ ،‬وفاضــل بـ ي ن‬ ‫وال�مــة‪ ،‬والبحـ ي ن‬‫والطائــف ي‬
‫ّ‬ ‫ومن عبد هللا بن� ّ‬
‫الز َب ْع َرى بأ�ع املك ّي ي ن�‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الفن األدبي‪:‬‬
‫‪ّ -3‬‬
‫والنســاء‪ ،‬ش‬ ‫ـو�ة‪ ،‬خ‬ ‫بن‬ ‫الد� الســل� إىل ّأن أحصــاب املـر ث‬ ‫أ‬ ‫بن‬
‫وأع�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ـ‬
‫ـم‬ ‫متم‬ ‫‪،‬‬ ‫ا�‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫فطــن ا� ســام بذوقــه ب ي‬
‫ِّ‬ ‫ب�هـ ة‬
‫ـ�‪ ،‬وكعــب بن� ســعد‪ ،‬ليســوا كغـ يـرمه ممــن صــدروا عــن فـ ّـن‪ ،‬بــل مه إنســانيون قالــوا الشــعر لشــفاء‬
‫ذو�ــم‪،‬‬
‫ف‬
‫مدحــا لمليــت �ســب‪ ،‬بــل يه تعبـ يـر عــن أملهــم لفقــد ي‬ ‫نفوهســم ِّم ت ج�ــد‪ ،‬فــم ت أ�ت مر ياث�ــم ً‬
‫وإن مل يذكــر الســبب‪ ،‬ث� َّإنــه مل يكتــف ب�ــذا‪ ،‬بــل فاضــل ن‬ ‫ْ‬ ‫ولذلــك أفــرد هلــم ب� ً ب� ًّ‬
‫بي�ــم‪،‬‬ ‫خاصــا‪،‬‬
‫ن‬
‫فقال‪« :‬واملفضل عند� متمم بن� ي‬
‫نو�ة» ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الســاس الــذي أقــام عليــه تقســيمه للشــعراء‪ ،‬وقــد فطــن بن‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ا� ســام‬ ‫د� هــو‬ ‫وعــى هــذا فالنقــد ب ي‬
‫ال‬
‫النقد‪ ،‬ن‬
‫وم�ا‪:‬‬ ‫ال� ي ج�ب ْأن تتوفر ف� الناقد فو� ّ‬ ‫ت‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫كث� من ال�وط ي‬ ‫إىل ي‬
‫‪ - 1‬الدُّربة والممارسة‪:‬‬
‫الدربــة واملمارســة لذلــك‪ ،‬فــإن‬ ‫بــد هل مــن ّ‬‫قــدا ال ّ‬
‫ا� ســام أن النســان لــ� يصبــح ن� ً‬ ‫ي�ى بن‬
‫ي‬ ‫إ‬
‫ف‬ ‫القــدر عــى ت�يـ ي ز‬‫أ‬ ‫ن ّ‬
‫ـ�ه ومعرفــة خصائصــه‪ ،‬قــال‪ :‬وللشــعر صناعــة وثقافــة يعر�ــا‬ ‫ـ� ب�لشــعر مه‬ ‫املهتمـ ي‬
‫أ‬ ‫ـ�‪ ،‬ن‬ ‫ـات‪ :‬نم�ــا مــا تثقفــه العـ ي ن‬ ‫أهــل العــم‪ ،‬كسـ ئـا� أصنــاف العــم َّ‬
‫وم�ــا مــا تثقفــه الذن‪،‬‬ ‫والصناعـ ِ‬
‫وم�ــا مــا يثقفــه اللســان‪ ،‬مــن ذلــك اللؤلــؤ والياقــوت ال تعرفــه بصفــة وال‬ ‫وم�ــا مــا تثقفــه اليــد‪ ،‬ن‬ ‫ن‬
‫بصه ‪....‬‬‫وزن‪ ،‬دون املعاينة ِ َّم ْن ُي ِ‬
‫‪ - 2‬تحقيق النصوص‪:‬‬
‫وه أوىل معليــات النقــد وأساســه‬ ‫ا‪،‬‬ ‫النصــوص وحصــة نسـ ت‬
‫ـب�‬ ‫حصــة ّ‬‫ا� ســام أمهيــة ت�قيــق ّ‬
‫ي�ى بن‬
‫ي‬
‫ف ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ َّ‬ ‫ف‬ ‫ن ف‬
‫ـ�‪� ،‬ــن خــال نظــره ي� شــعر الشــعراء َو َجــد أن هنــاك شــعرا كثـ يـرا منسـ ب‬
‫ـو� لغـ يـر قائــه‪� ،‬ثــا‬ ‫املتـ ي‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ي�ى أن الــروح (القبليــة) قــد أفســدت الشــعر والشــعراء‪ ،‬فيقــول‪« :‬واكن قــوم قلــت وقائهعــم‬
‫أ‬
‫ـنة شــعر ئا�م»‪ .‬وقــد فصــل‬ ‫وأشــعارمه فــأرادوا أن يلحقــوا ب�ــن هل الوقائــع والشــعار فقالــوا عــى ألسـ ِ‬
‫ِّ‬ ‫أ‬
‫الدلة العقلية والنقلية عىل انتحال الشعر‪.‬‬
‫‪ - 3‬تفسير الظواهر األدبية‪:‬‬
‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ي�ــاول بن‬
‫ا� ســام تفسـ يـر بعــض الظواهــر الدبيــة‪ ،‬مثــل حديثــه عــن شــعراء القـ َـرى‪ ،‬وتعليــه‬
‫لقلة الشعراء ف� الطائف‪ ،‬ومكة‪َ ،‬و ُعان‪ ،‬ث‬
‫وك� ت�م ب�ملدينة‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫ي‬

‫‪21‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ن أ‬ ‫نّ َ رثُ ِّ‬
‫الشــعر �بحلــروب الـ ت‬
‫ـ� الحيــاء‪،‬‬ ‫ـ� تكــون ب يـ‬
‫ي‬ ‫«و�لطائــف ِشــعر وليــس ب�لكثـ يـر‪ ،‬وإ�ــا اكن يك ـ‬
‫ب‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫ن�ــو‪ :‬حــرب الوس خ‬
‫ـعر قريــش أنــه مل يكــن‬ ‫عل�ــم‪ ،‬والــذي قلــل ِشـ َ‬ ‫والــزرج‪ ،‬أو قــوم يغـ يـرون ُويغــار ي‬ ‫ِ‬
‫فتث� ش�ورمه‪.‬‬ ‫ب� القوم‪ ،‬ي‬ ‫والثا�ة ه احلقد والعداوة‪ ،‬تقع ي ن‬‫بي�م ث� ئ�ة‪ ،‬ومل ي�اربوا»‪ ،‬ئ‬
‫ن‬
‫ي‬

‫الد�‪َّ ،‬‬‫أ‬ ‫ف‬ ‫ا� ســام قــد فتــح آفاقـ ًـا جديــدة أمــام ّ‬
‫بو�ــذا يكــون بن‬
‫فنبــه إىل‬ ‫يب‬ ‫النقــاد ي� جمــال النقــد‬
‫ت ً ن‬ ‫ف ت يخ أ‬ ‫ْ‬ ‫ض�ورة التحقــق مــن حصــة ّ‬
‫ا�اهــا �ــو‬ ‫العــر� ج‬
‫بي‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫ر�‬ ‫�‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫يدخــل‬ ‫أن‬ ‫النصــوص‪ ،‬وحــاول‬
‫أ‬
‫والتفســر عــى أحــام فنيــة‪ ،‬إضافــة إىل هــذا تدوينــه ملالحظــات النقــاد مــن ال بد�ء‬ ‫ي‬ ‫التبويــب‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫َّ‬
‫والل ي ن‬
‫غوي� ي ن‬
‫الذ� سبقوه فانتفع ب�ا يف� بعد من كتبوا ي� نقد الدب‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الخصومة بين القدماء والمحدثين‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫اهليــ� غنائيــا يصــور نفســية الفــرد‪ ،‬ومــا يــدور بخ�لــده مــن عواطــف‬ ‫ال ي ن‬ ‫اكن الشــعر عنــد ج‬
‫ـ� يصــف‪ ،‬أو ي�جــو‪،‬‬ ‫ـ� يتغــزل‪ ،‬أو حـ ي ن‬ ‫ـ� يفخــر الشــاعر‪ ،‬أو ي�ــدح‪ ،‬أو حـ ي ن‬ ‫وأحاســيس‪ ،‬ســواء حـ ي ن‬
‫ً‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫واكن �ضخ ــم اللفــاظ‪ ،‬تم�ســك العبــارة‪ ،‬معانيــه فطريــة‪ ،‬ال تعقيــد يف�ــا‪ ،‬فــا يتطلــب �مهــا جمهــودا‬
‫ً ً‬
‫ذهنيا معيقا‪.‬‬
‫ق‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫مثلهــم العــى ي� القصيــدة أن تبــدأ ب�لنســيب واحلديــث عــن رحيــل احملبوبة وفرا�ــا‪ ،‬والوقوف‬
‫ـو� معـ نـا�ة الشــاعر أثنــاء الســفر وقطــع‬ ‫عــى أطالهلــا والبــاء عــى يد�رهــا‪ ،‬ووصــف ّ ة‬
‫الرحـ ُـ� وتصـ ي‬
‫ً‬ ‫فخ ً‬ ‫ً‬
‫�ـرا‪ ،‬وأحيـ نـا�‬ ‫املفــاوز‪ ،‬ث� االنتقــال إىل الغــرض الــذي مــن أجــه أنشــئت القصيــدة مدحــا اكن أم‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫تُ‬
‫وخ�اته ي� احلياة‪.‬‬ ‫تع� عن ج�ارب الشاعر ب‬ ‫خ� تِت� القصيدة ب�بيات ي� احلمكة ب‬
‫و�امــة‬ ‫الاهــ� طريقـ ًـة ومعـىنً ‪ ،‬وجـزالة ف� العبــارة‪ ،‬ف خ‬ ‫ج‬ ‫ـعر‬ ‫ـ‬ ‫اكلش‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬‫�‬‫بز‬ ‫ـام‬ ‫ـ‬ ‫س‬‫ال‬‫إ‬ ‫ـد‬‫ـ‬ ‫بع‬ ‫ـعر‬ ‫ـ‬ ‫الش‬
‫َ َّ‬
‫ـل‬ ‫وظـ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫ـا�‪ ،‬تو�ذيــب ي� العبــارات‪ ،‬فملــا جــاءت الـ ّـدولة العباســية‪ ،‬وتوطدت‬ ‫ن‬
‫ي� اللفــظ‪ ،‬مــع اتســاع ي� املعـ ي‬
‫فــام ن‬ ‫ن أ أ‬ ‫الصــات ي ن‬ ‫ّ‬
‫بي�ــا‪ ،‬وتبدلــت احليــاة‬ ‫وبــ� المم الخــرى‪ ،‬وانهصــرت الثقافــات ي‬ ‫بــ� العــرب ي‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫الدبيــة ّ‬ ‫ث ف‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ت‬
‫و� الشــعر خاصــة‪ ،‬فعــادت أغراضــه‬ ‫ي‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫عام‬ ‫ـاة‬ ‫ـ‬ ‫احلي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫أ�‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫ذل‬ ‫لك‬ ‫ك‬ ‫�‬ ‫ـدال‬ ‫االج�عيــة تبـ‬
‫ٍّ‬ ‫ً‬
‫ـان وزندقــة‪ ،‬لكـ ْـن مل يســتطيعوا‬ ‫وإ�ـ ٍ‬ ‫الديــدة بــل مظاهرهــا مــن ِجــد وهلــو‪ ،‬ي‬ ‫ُمعـرب ة عــن احلضــارة ج‬
‫�ء إال إعــادة‬ ‫ـ� ش‬‫ْأن يغـ يـروا ف ي� نــوع الشــعر‪ ،‬فســاروا عــى ثآ�ر القدمــاء‪ ،‬ومل يبـ َـق أمــام احملدثـ ي ن‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫ق‬
‫وتنمي�ــا‪ ،‬والتفتيــش ي�‬ ‫ـان‪ ،‬مــا دفهعــم إىل زخرفــة عبار تا�ــم‬ ‫صياغــة مــا خلــف القدمــاء مــن معـ ٍ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫وغ�هــا‬ ‫النــاس‪ ،‬والطبــاق‪ ،‬واالســتعارة‪ ،‬ي‬ ‫القد�ــة ّمعــا يظنونــه ج�يــا‪ ،‬فك ـرث َ ي� شــعرمه ج‬ ‫العبــارات ي‬
‫النواع ت‬ ‫أ‬
‫ال� عرفت يف� بعد ب�مس « البديع‪».‬‬ ‫ي‬ ‫من‬
‫َّ‬ ‫أ‬
‫َو ِمـ ْـن هنــا �ظ ــرت طائفــة جديــدة مــن الشــعراء ُعرفــوا ب�حصــاب البديــع‪ ،‬ت�زعهــا بشــار بن� ب�د‪،‬‬
‫ـري‪ ،‬وأبــو نــواس‪ ،‬ومســم بن� الوليــد‪ ،‬وأبــو ت�ــام‪ ،‬وأصبــح‬ ‫ُّ‬
‫ـا�‪ ،‬ومنصــور الن َمـ ْ ِي‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫وا� َه ْر َمـ َـة‪َ ،‬‬
‫والع َّ‬ ‫بن‬
‫ِب ي‬
‫ف‬ ‫ّ ً‬
‫و�‬ ‫ي‬ ‫ـال‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫امل‬ ‫اء‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫في‬ ‫ـاعر‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ـر‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫يس‬ ‫ـا‬ ‫للشــعر لغــة جديــدة غـ يـر لغــة القدمــاء‪ ،‬وأصبــح الشــعر فنـ‬
‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ّ‬
‫القبائــل ظلــت طائفــة مــن الشــعراء �تــذي حــذو القدمــاء‪ ،‬وال ج�ــدد إال ب�قــدار مــا يتــاءم مــع‬
‫أ� حفصة‪،‬‬ ‫بن‬ ‫الــروح العربيــة‪ ،‬يو�افــظ عــى الصياغــة ي‬
‫القد�ــة‪ ،‬وعــى رأس هــذه الطائفــة مــروان ا� ب ي‬
‫اع‪.‬‬ ‫خُ َ‬ ‫ْ‬ ‫وعل بن� ج َ ْ‬
‫الهم‪ِ ،‬ودع ِبل الز ي‬ ‫ي‬

‫‪23‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المقياس البالغي‬
‫َّ‬ ‫الديــدة الـ ت‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ـ� جــاء ب�ــا شــعراء البديــع أمثــال بشــار‪ ،‬ومســم بن� الوليــد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ـعرية‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫الصياغ‬ ‫إن‬
‫أ� �ــام‬ ‫ت‬ ‫�ظ‬ ‫ّ‬ ‫ل�ة‬ ‫ّ‬ ‫ت‬
‫وأ� �ــام أصبحــت تكــون مش ـ فنيــة لــدى النقــاد‪ ،‬خاصــة بعــد ــور ب ي‬ ‫وأ� نــواس‪ ،‬ب ي‬ ‫بي‬
‫تفوق فيه عىل من تقد َمه من أحصاب هذا ّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الديد الذي ّ‬
‫الفن‪.‬‬ ‫البديع ج‬ ‫ي‬ ‫ب�ذهبه‬
‫والديــب عبــد هللا بن� املعـ ت ز‬ ‫أ‬
‫ـاس (‪ 296-217‬هـــ)‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫العب‬ ‫ـ�‬ ‫واكنــت بدايــة احلــل عــى يــد الشــاعر‬
‫ً‬ ‫ن َ َُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫�ــو ّأول مــن لفــت النظــار إىل أن البديــع الــذي يــد يع احملدثــون أ�ــم ســبقوا إليــه اكن موجــودا‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ســام‪ ،‬وقــد وضــع كتابــه‬ ‫ي‬ ‫وال‬
‫إ‬ ‫اهــ�‬
‫ي‬ ‫ال‬
‫ج‬ ‫دب‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫الرســول‬ ‫وأحاديــث‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫الكــر�‬ ‫القــرآن‬ ‫�‬
‫ي‬
‫خ‬ ‫َ َّ َ بن املعـ ت ز ف‬
‫ـ� ي� كتابــه عــى أنــه اقتــر ب�لبديــع عــى �ســة‬ ‫(البديــع) ليثبــت هــذه احلقيقــة‪ ،‬ونبــه ا�‬
‫فنون يه‪:‬‬
‫يَّ‬
‫الكلام)‪،‬‬ ‫أعــاز الكلام عــى مــا تقدهمــا‪ ،‬واملذهــب‬ ‫والنــاس‪ ،‬واملطابقــة‪َّ ،‬‬
‫ورد ج‬ ‫(االســتعارة‪ ،‬ج‬
‫أ‬ ‫وهــو ف ي� أثنــاء ب�ثــه ف ي� هــذه الفنــون يبــدأ بتعريــف الفـ ِّـن البديـ يِّ‬
‫ـ� عليــه مــن‬ ‫المثـ ة‬ ‫ـ�‪ ،‬ث� ُيثـنِّ ي ب إ� ي�اد‬
‫المثـ ة‬ ‫أ‬ ‫ة َ‬ ‫ن ث خ ت‬
‫ـ� مــا شي�حــه أو‬ ‫ـب منــه‪ ،‬ومــن‬ ‫مأثــور الكم القدمــاء واحملدثـ يـ�‪ � ،‬ي�ــم بذكــر أمثــ� لمل ِعيـ ِ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ي ن‬
‫يع� موضع الشاهد فيه‪ُ ،‬وي َعلق عىل ما فيه من عيوب الوزن والقافية‪.‬‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫�ظ‬ ‫تز‬ ‫وحمــاولة بن‬
‫د�‪ ،‬هــو‪ :‬املقيــاس‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫النقــد‬ ‫ا� املعــ� هــذه اكنــت نــواة ــور مقيــاس جديــد ي‬
‫�‬
‫أ‬
‫ـ� الــذي أخــذ يقيــس الدب ب�ــا فيــه مــن بديــع ال يكتســب صفــة القبــول واحلســن حـ تَّـى‬ ‫البديـ ي‬
‫ن‬ ‫َّ‬
‫يكــون املعـىن هــو الــذي طلبــه واســتدعاه‪ ،‬أي أن املعـىن هــو الــذي يقــود البديــع �ــوه‪ ،‬ال أن يقــود‬
‫َ َّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫هو ن‬
‫املع� إليه‪� ،‬ا طابق هذا املقياس منه �سن‪ ،‬وما شذ عنه فقبيح مرفوض‪.‬‬
‫ت‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ز‬ ‫بن‬
‫س ب�مس (البديــع)‪ ،‬وهــو موضوعــه الرئيــس‪ ،‬فــإن ا� املعــ� أضــاف إليــه‬ ‫الكتــاب قــد َ ي‬ ‫ومــع أن ِ‬
‫ف‬
‫بعــض حماســن الكلام والشــعر لتكـرث فائــدة كتابــه‪ ،‬فتحــدث ي� االلتفــات واالعـ تـراض‪ ،‬والرجــوع‪،‬‬
‫ّ ت‬ ‫أ‬
‫الـ ّـد‪،‬‬ ‫و�اهــل العــارف‪ ،‬واهلــزل الــذي ي�اد بــه ج ِّ‬ ‫الــروج‪ ،‬تو� كيــد املــدح ب�ــا يشــبه الــذم‪ ،‬ج‬ ‫وحســن خ‬
‫ف‬ ‫ين‬
‫والفــراط ي� الصفــة‪ ،‬وحســن التشــبيه‪ ،‬ولــزوم مــاال يلــزم‪،‬‬ ‫والتضمــ�‪ ،‬والتعريــض‪ ،‬والكنايــة‪ ،‬إ‬
‫ً ف‬ ‫ا� ت ز‬ ‫وحسن االبتداء‪ ،‬بو�ذا يكون بن‬
‫كتا� ي� البالغة‪.‬‬ ‫املع� قد وضع ب‬

‫‪24‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫َ َ َ‬
‫ـ� هــو الــذي َحـ َّـدد خصائــص مذهــب البديــع‪ ،‬وف َصلهــا َّعــا عداهــا مــن‬ ‫ا� املعـ ت ز‬ ‫وكتــاب بن‬
‫ف‬ ‫ت‬
‫الديــد ي� الشــعر‪ ،‬وعرفــوا بطريقــة‬ ‫اال�ــاه ج‬ ‫الطــرق البالغيــة‪ ،‬وبذلــك فطــن النقــاد إىل هــذا ج‬
‫ن‬ ‫ت�ليليــة مــا فيــه مــن جديــد‪ ،‬واكن هلــذا ثأ� بعيــد ف� مؤ ت‬
‫لفا�ــم وطريقــة تناوهلــم للنقــد عــى �ــو‬ ‫ي‬
‫�‪.‬‬ ‫ن‬
‫م� ج ي‬
‫ف‬ ‫الوجــه إىل أصــول الـ ت‬ ‫أ‬ ‫ا� املعـ ت ز‬ ‫ّ‬
‫ورد بن‬
‫ـر�‪� ،‬ــو يبــدأ امك قدمنا بذكر االســتعارات‬ ‫بي‬ ‫ـ‬ ‫الع‬ ‫اث‬ ‫ـر‬ ‫ـ� هــذه‬
‫ـ� وشــعر ئا�م‪ ،‬ث� ي� بــط‬ ‫والنــاس‪ ،‬والطبــاق‪ ،‬الـ تـ� وردت ف ي� القــرآن‪ ،‬واحلديــث‪ ،‬وأقــوال املتقدمـ ي ن‬ ‫ج‬
‫ي‬
‫ـذ� ي ج�نحــون إىل إال كثار من اســتخدام‬ ‫وأ� نــواس‪ ،‬الـ ي ن‬ ‫بن‬ ‫ة‬ ‫تّ‬
‫بأ� �ــام بسلســ� بشــار‪ ،‬ومســم � الوليــد‪ ،‬ب ي‬
‫ا�ــاذ‬‫وحـ َـل النقــاد عــى ت خ‬
‫ر�يــة‪َ َ ،‬‬ ‫و�ــة ت� ي خ‬ ‫ال� ف ي� توجيــه النقــد ج‬ ‫هــذه الوســائل‪ ،‬واكن هلــذا أعظــم أ ث‬
‫عناي�ــم بدراســة مســألة‬ ‫التقاليــد ف� الشــعر مقاييــس هلــم‪ ،‬واكن مــن ثأ� ذلــك ْأن عظمــت ت‬
‫ي‬
‫أ‬ ‫ت‬
‫كت�م‪.‬‬ ‫الانب ال بك� من ب‬ ‫ال� شغلت ج‬ ‫الرسقات ي‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫فكتــاب البديــع ب�ــذا يكــون ّأول كتــاب مــن نوعــه يتنــاول الدب تنــاوال ّفن ًيــا‪ ،‬ويعــرض‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫ب�لـ شـرح للعنــارص الـ ت ت‬
‫د� إىل طــور جديــد‪ ،‬طــور العنايــة‬ ‫ـ� ز� يــده حســنا‪ ،‬وقــد انتقــل ب�لنقــد ب ي‬
‫ال‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫بدراســة العبــارة ونقدهــا‪ ،‬عــى حـ يـ� اكن االهــامم مــن قبــل مركــزا عــى نقــد الفــار واملعـ ي‬
‫ـا�‪،‬‬
‫الســاليب‪ ،‬فــم يكــن ُينظــر إىل ش�ء يف�ــا خــارج حــدود ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫َّأمــا ّ‬
‫الصحــة مــن‬ ‫ي‬ ‫عب� يــة أو‬‫الصــور الت ي‬
‫والعر ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫ابية‪.‬‬ ‫الخطاء اللغوية إ‬

‫‪25‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫اآلمدي وبداية النقد ال ّتطبيقي‬

‫ن‬ ‫ن َّ‬
‫الط َائيـ يْ‬ ‫ّ‬ ‫بن شْ آ‬
‫أ�‬
‫ِ بي‬ ‫‪:‬‬ ‫ـ�‬ ‫ـ�‬‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫املوازن‬ ‫‪:‬‬‫ـم‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫الق‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫وكتاب‬ ‫(ت‪370-‬ه)‪،‬‬ ‫ـدي‬ ‫ـ‬ ‫م‬‫ال‬ ‫هــو أبــو القــامس احلســن � ِبــر‬
‫ـاعر�‪ ،‬واملوازنــة‬ ‫ت�ــام والبحـ تـري‪ ،‬ال يقتــر فيــه عــى يإ�اد جحــج لك فريــق‪ ،‬بــل ي أ�خــذ ف ي� دراســة الشـ ي ن‬
‫ف‬
‫تفصيل‪ ،‬ال مثيل هل ي� كتب من سبقه من النقاد‪.‬‬ ‫ي‬ ‫بي�ما وفق نم�ج‬ ‫ن‬
‫ت أْ‬ ‫آ‬
‫والبحــري ب�ن يــورد جحــج أنصــار لك شــاعر‪ ،‬وأســباب‬ ‫أ� ت�ــام‬ ‫بي‬
‫ن‬
‫بــ�‬ ‫ي‬ ‫املوازنــة‬ ‫مــدي‬ ‫ال‬ ‫يبــدأ‬
‫ف‬ ‫ث أ‬
‫أ� ت�ــام وأخطائــه وعيوبــه البالغيــة‪ ،‬ويفعــل مثــل ذلــك‬ ‫بي‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫رسق‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫اس‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ـذ‬‫ـ‬ ‫خ‬ ‫�‬ ‫تفضيلهــم هل‪ � ،‬ي‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫خصوصــا رسقاتــه مــن أ� ت�ــام‪ ،‬ث َّ‬
‫ـه إىل‬ ‫ي‬
‫ـرا ينـ ت‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫وأخ‬ ‫ـه‪،‬‬‫ـ‬ ‫وعيوب‬ ‫ـاءه‬ ‫ـ‬ ‫أخط‬ ‫�‬ ‫بي‬
‫ً‬ ‫ـور ًدا رسقاتــه‪،‬‬ ‫ت ُ‬
‫مــع البحــري مـ ِ‬
‫معا� الشعر‪.‬‬ ‫ب� ما قاهل ُ ٌّك نم�ما ف� ِّلك َم ْع نً�‪ ،‬من ن‬ ‫املوازنة التفضيلية ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫آ‬
‫أ� ت�ــام والبحـ تـري موازنــة فنيــة؛ لن موضــوع حديثــه مل يكــن ي�تمــل‬ ‫ي بي‬
‫ن‬
‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـدي‬ ‫ـ‬ ‫م‬‫ال‬ ‫وموازنــة‬
‫ً‬
‫ـ�‬ ‫اختالفــا بـ ي ن‬ ‫ـعر�ما وا�ض ــة‪ ،‬امك ن�ى‬ ‫ـ� شـ ي‬ ‫ـاعر� وبـ ي ن‬
‫ـذ� الشـ ي ن‬ ‫ـ� حيــاة هـ ي ن‬ ‫ـار�‪ ،‬فالعالقــة بـ ي ن‬
‫ي‬
‫امل�ــج التـ ي خ‬
‫ن‬
‫أ‬ ‫تبعــا لطبيعــة ٍّلك نم�مــا الفنيــة‪ ،‬كذلــك ال ي�تمــل ن‬
‫النفــ�؛ لنــه ال ي�كننــا ّرد‬ ‫ي‬ ‫ــج‬ ‫امل�‬ ‫شــعر�ما ً‬
‫ي‬
‫ف ّ‬ ‫ِّ‬ ‫الفروق ن‬
‫بي�ما إىل حياة لك شاعر ومذهبه ي� الشعر‪.‬‬

‫أن يجعل ملوازنته قيمة بأمرين‪:‬‬


‫وقد استطاع اآلمدي ْ‬
‫ِّ‬
‫والبحــري‪ ،‬بــل أحــاط بــل معــىن عــرض هل عنــد الشــعراء‬ ‫ت‬ ‫أ� ت�ــام‬‫‪1.1‬إنــه مل يقرصهــا عــى ب ي‬
‫ف‬ ‫ً‬
‫ـد�ر مثــا مل يــورد مــا قــاهل الشــاعران �ســب‪ ،‬نإ�ــا يــورد‬ ‫ـ�‪ ،‬فــإذا تكلم عــن التسـ يـل� عــى الـ ي‬ ‫املخ تلفـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫الميــع حـ تـى لتعتـرب موازنتــه موســوعة ف ي� املعـ نـا� الشــعرية الـ ت‬ ‫ـ� ج‬ ‫مــا قــاهل يغ�مهــا‪ ،‬ويقــارن بـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ف‬
‫تناوهلا العرب ي� العصور اكفة‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ـ� الشـ ي ن‬ ‫ـ� بـ ي ن‬‫‪2.2‬إنــه مل يقــف يف�ــا عنــد جمــرد املفاضـ ة‬
‫ـاعر�‪ ،‬بــل تعداهــا إىل إيضــاح خصائــص لك‬
‫نم�ما‪ ،‬وما انفرد به دون صاحبه‪ ،‬أو دون يغ�ه من الشعراء‪.‬‬
‫المــدي عــن خصائــص ِّلك شــاعر‪َ ،‬و ُي َب نُ‬ ‫آ‬
‫غــره مــن‬ ‫ــ� معــا خالــف فيــه ي‬ ‫ي‬ ‫بو�ــذا يكشــف لنــا‬
‫ف أ‬ ‫نّ‬
‫يكتــ� ب�ن يناقشــه مــن الناحيــة الشــعرية‬ ‫ي‬ ‫ــا‬ ‫وإ�‬ ‫الشــعراء‪ ،‬ولكنــه ال يفــر ســبب مــا يالحظــه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ف ً‬
‫الــواب‪،‬‬ ‫والنســانية‪� ،‬ثــا عندمــا يتحــدث ّمعــا القــاه الشــاعر ي� ســؤال الــد ي�ر واســتعجاهما عــن ج‬ ‫إ‬
‫ُ أ‬
‫يورد ل ب ي� ت�ام قوهل‪:‬‬ ‫عل�ا‪،‬‬ ‫والباكء ي‬

‫‪26‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ٌ‬
‫فصـواب ِم ْـن ُمقل ِ ت ي� أن ت ُص َوبــا‬ ‫لول ْأن ال تُ ج�يبــاَ‬ ‫ْ َ َ َ ُّ‬
‫س يا� الط ِ‬ ‫ِمـن ج‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ً ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫تَ‬ ‫اكك جوابـاً‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ ْ ََ‬
‫وميبـــــا‪.‬‬‫ِج� ِد الشــــوق ســائال ج‬ ‫فاســألـ�ا واجعـل ب‬
‫***‬

‫َّ ت‬ ‫ً أ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬


‫س يا�هــا أال ج�يــب‪،‬‬ ‫ـوا�)؛ لنــه قــد قــال‪ :‬مــن ج‬ ‫ن‬
‫ويعلــق قائــا‪ :‬وقــوهل (فاســأل�ا واجعــل بــاك جـ ب‬
‫َّ‬ ‫تُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الــواب؛ ل ن�ــا لــو أجابــت ّمعــا يبكيــك‪ْ ،‬أو ل ن�ــا ملــا مل ج�ــب عملــت أن مــن اكن ي ج�يــب‬ ‫فليكــن بــاك ج‬
‫ع�ا‪ ،‬فأوجب ذلك باكك‪.‬‬ ‫قد رحل ن‬
‫وميبـ ًـا) أي‪ :‬أنــك وقفــت عــى الــدار وسـ ت‬ ‫ً‬ ‫ّ َ‬ ‫ت‬
‫ـأل�ا لشــدة شــوقك إىل مــن‬ ‫(�ــد الشــوق ســائال ج‬ ‫وقــوهل ج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اكن ب�ــا‪ ،‬ث� بكيــت شــوقا أيضــا يإل�ــم‪ ،‬فــان الشــوق ســببا للســؤال‪ ،‬وســببا للبــاء‪ ،‬وهــذه فلســفة‬
‫ت‬
‫طريق�م»‪.‬‬ ‫أ� ت�ام ليس عىل مذهب الشعراء وال‬ ‫حسنة‪ ،‬ومذهب من مذاهب ب ي‬
‫الرجــوع ف� ّلك أمــر ي خ�تلــف فيــه املتذوقــون ّ‬ ‫المــدي أساسـ ًـا لنظرتــه ّ‬
‫النقديــة ّ‬ ‫آ‬
‫والنقــاد إىل‬ ‫ي‬ ‫يج‬
‫و�عــل‬
‫الدربــة ّ‬ ‫الناقــد ْأن ُيكـ ِّـو َن ذوقــه مــن خــال ُّ‬
‫ع�ــا‪ ،‬فعــى ّ‬ ‫ُ‬
‫والتمـ ّـرس‬ ‫مــا تعارفــه العــرب وأقرتــه‪َ ،‬وأ ث ِ َ� ن‬
‫ّ‬ ‫الدربــة يتكــون ذوق ّ‬‫ـابق�‪ ،‬ف�ــن هــذه ُّ‬ ‫النظــر ف� ثآ�ر ّ‬ ‫وطــول ّ‬
‫الناقــد‪ ،‬ومنــه ُيســتدل عــى مــا جــرت‬ ‫السـ ي ن‬ ‫ي‬
‫بــه العــادة‪ ،‬فيتمكــن مــن احلــم عــى إحســان الشــاعر أو إســاءته‪ ،‬ب�لنظــر إىل مــا جــرت عليــه العــرب‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف� ق‬
‫طري�ــا‪ ،‬وال يقــف هــذا المــر عنــد حــدود اللفــظ‪ ،‬ومــا ي ج�ــوز ي� االســتعمال‪ ،‬ومــا ال ي ج�ــوز‪ ،‬بــل‬ ‫ي‬
‫أ‬
‫املعا� والصور والخيلة ‪ ،‬فإذا قال أبو ت�ام‪:‬‬ ‫ي‬
‫يتجاوزه إىل دقائق ن‬
‫َّ ْ ْ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫داد طـول ُوقـــــود‪.‬‬ ‫ب�لدم ِع أن تــز‬ ‫أجـــدر ب ج�مـــرة ل ْو ٍ‬
‫عــــة إطفاؤها‬ ‫ْ‬
‫***‬
‫أ‬ ‫ّ‬
‫معان�ــا؛ لن املعلــوم مــن شــأن‬
‫قيــل هل ‪ « :‬هــذا خــاف مــا عليــه العــرب‪ ،‬وضــد مــا يعــرف مــن ي‬
‫ف‬ ‫الدمــع ْأن ف ئ‬
‫يطــ� الغليــل‪ ،‬ويــرب ِّ د حــرارة احلــزن‪ ،‬ي ز‬
‫و� يــل شــدة الوجــد‪ ،‬ويعقــب الراحــة‪ ،‬وهــو ي�‬
‫كث� موجود ينىح هذا النحو من نَ‬
‫املع�»‪.‬‬ ‫أشعارمه ي‬
‫من ذلك قول امرئ القيس‬
‫ف�ل عند رمس دارس من ُم َع َّ‬
‫ــــول‬ ‫ئ‬
‫شفــــا� عبــرة ُ َمراقـة‬ ‫وإن‬
‫ي‬
‫***‬

‫‪27‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫السرقات ِّ‬
‫الشعرية‬ ‫َّ‬
‫السقــات‪ ،‬لكــن دراسـ تـها دراســة نم�جيــة مل‬ ‫ـا� الـ تـ� شــغلت النقــاد العــرب قضيــة َّ‬
‫ي‬ ‫مــن أكـرث القضـ ي‬
‫مر�‪:‬‬ ‫الصومة حول شعره أل ي ن‬ ‫تظهر إال بعد �ظ ور أ� ت�ام وقيام خ‬
‫بي‬
‫ي‬ ‫ً ًّ‬ ‫‪ -1‬قيــام خصومــة عنيفــة حــول شــعر هــذا الشــاعر‪ ،‬ف�ســألة الرسقــات ت خ‬
‫للتجر�‪،‬‬ ‫ا�ذت ســاحا قـ ي‬
‫ـو�‬
‫ـ� انقســموا إىل أنصــار‬ ‫وقــد ُكتبــت مؤلفــات إلخـراج رسقــات بأ� ت�ــام ورسقــات البحـ تـري‪ ،‬ولكــن املؤلفـ ي ن‬
‫ي‬
‫ِّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن أ‬
‫متعصب� ل ب ي� �ام ومذهب البديع‪ ،‬أو للبح�ي ومعود الشعر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫القد�‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫احلديث وأنصار ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫أ� ت�ــام‪ :‬إن شــاعرمه قــد اخـ تـرع مذهبــا جديــدا‪ ،‬وأصبــح فيــه إمامــا‪ ،‬مل‬ ‫‪ -2‬عندمــا قــال أحصــاب ب ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ـبيال إىل ّرد ّ‬ ‫ً‬
‫االدعــاء خـ يـرا مــن أن يبحثــوا للشــاعر عــن رسقاتــه؛ ليدلــوا‬ ‫ي ج�ــد خصــوم هــذا املذهــب سـ‬
‫آ‬ ‫ف‬ ‫ـابق�‪ ،‬ث‬‫ن‬ ‫وإ�ــا أخــذ عــن ّ‬ ‫ً نّ‬ ‫عــى ّأنــه مل ي ُ ج ّ�ـ َـد ْ‬
‫و� هــذا قــال المــدي نفســه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ـرط‬ ‫ـ‬ ‫وأف‬ ‫ـغ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫الس‬ ‫‪،‬‬ ‫ـيئا‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫د‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ّ‬
‫أ� �ــام؛ لن أحــدا مل يــد ِع‬ ‫« إنــه مل يتتبــع رسقــات البحــري بنفــس االهـ تـامم الــذي تتبــع بــه رسقــات يب‬
‫جديد»‪.‬‬
‫مذهب ٍ‬ ‫أس‬‫البح�ي ر ُ‬ ‫َّأن ت‬
‫ٍ‬
‫� ٍء إىل‬ ‫توج�هــا‪ ،‬ف� تعمــد قبــل ِّلك ش‬ ‫�‬
‫ث ف‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لقــد اكن لنشــأة دراســة السقــات وســط الصومــات أ� ي‬
‫يفرق النقاد العرب ي ن‬ ‫الشعراء‪ ،‬امك مل ِّ‬ ‫ت ي ّ‬
‫وغ�ها‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫ب� الرسقة ي‬ ‫ج�ر�‬
‫ـب ي ُ‬ ‫مطالعت ُه يف� َك َت َ‬
‫ُ‬ ‫ْ أت‬
‫غ�ه‪.‬‬ ‫تستدع�ا‬
‫ي‬ ‫جديدة‬
‫ٍ‬ ‫عان‬‫٭٭االستيحاء‪ :‬وهـو أن ي� ي� الشاعر أو الاكتب ب� ٍ‬
‫أ أ‬
‫٭٭اســتعارة الهيــكل‪ :‬كن ي�خــذ الشــاعر أو الاكتــب موضــوع قصيدتــه‪ ،‬أو قصتــه عــن أســطورة‬
‫ح� لياكد ي خ�لقه من العدم‪.‬‬ ‫ر�‪ ،‬وينفث احلياة ف� هذا اهليلك‪ ،‬تّ‬ ‫شعبية‪ ،‬أو ب ت خ‬
‫ي‬ ‫خ� � ي ي‬
‫ف أ‬ ‫ف ّ‬ ‫ف‬ ‫ْ أ‬
‫٭٭التأثــر‪ :‬وهــو أن ي�خــذ شــاعر أو اكتــب ب�ذهــب غـ يـره ي� اللغــة‪ ،‬أو ي� الفــن‪ ،‬أو ي� الســلوب‪ ،‬فقــد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫راح ّ‬
‫النقــاد ي� ُّدون أبيــات الشــاعر الــذي ي� يــدون ج� ير�ــه إىل أبيــات تشـهب ها شـهب ا قريبــا‪ ،‬أو بعيــدا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫افتنــوا ف� ذلــك فـ ُّ‬ ‫ف� املعـىن ‪ ،‬أو اللفــظ‪ ،‬أو ف�مــا معـ ًـا‪ ،‬بــل لقــد ُّ‬
‫ـردوا الكثـ يـر مــن الشــعر إىل ج�ــل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ـ�‪ ،‬مــن خطبــاء وحكماء‪ ،‬واســتقصوا ذلــك‬ ‫ـابق� والالحقـ ي ن‬ ‫ثن� يــة مــن القــرآن‪ ،‬واحلديــث‪ ،‬وأقــوال السـ ي ن‬
‫عو�ــا‪ ،‬ث� ي ج�هــدون أنفهســم ف ي� التفـنن‬ ‫أبعــد اســتقصاء حـ تـى معلــوا عــى إ�ظ ــار رسقــات مسـ تـت�ة ّيد ن‬
‫ن‬ ‫ف‬
‫ـر� للتقاليــد الشــعرية املتوارثــة‪ ،‬وا�صــار‬ ‫عل�ــا‪ ،‬وســاعدمه ي� ذلــك خضــوع الشــعر العـ ب ي‬ ‫للتدليــل ي‬
‫أغراضه ومعانيه‪ ،‬بل وطرق أدائه‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ف‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫والسقــة عنــد العــرب ال تكــون ف� املعـ نـا� املشـ ت‬
‫َّ‬
‫� عنــد المــدي ال تكــون إال ي� البديــع‬
‫ي‬ ‫كة‪،‬‬ ‫ـر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً ف‬ ‫ف‬
‫املخ ت�ع الذي ي خ�تص به الشاعر‪ ،‬ومن ث� �و ال ي�ى رسقة ي�‪:‬‬
‫‪ - 1‬االتفاق‪ :‬ويورد عدة أمثلة لذلك‪ ،‬منها قول أبي تمام‪:‬‬
‫َ‬ ‫بغ� َ َ‬ ‫ُ‬
‫ـاح أو ِطع ٍان ب� ِ‬
‫الــم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫النوم منه فمل َيك ْن‬
‫الود جمرى ِ‬
‫جرى ج‬
‫وقول ت‬
‫البح�ي‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ح� يكون املج ُد ُجل َمن ِام ِه‬
‫ت‬ ‫ملكــــارم والفلــي‬
‫ِ‬ ‫�‬‫ب‬ ‫ُ‬
‫ــــم‬ ‫ل‬ ‫ويبيـــت ي�‬
‫فـ يـرى َّأن هــذا الكلام موجــود ف� عــادات النــاس‪ ،‬ومعــروف ف� معـ ن‬
‫ـا� الكهمــم‪ ،‬وجـ ٍـار اكملثــل عــى‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ـتك� منــه‪ « :‬فــان ال ي�ــم إال ب�لطعــام »‪ « ،‬وفــان ال‬ ‫ألسـ تـن�م ب أ� ْن يقولــوا ملــن أحــب شــيئا أو اسـ ث‬
‫ً‬
‫ي�ــم إال بفالنــة » مــن شــدة وجــده �ــا‪ .‬وال يقــال ملــن اكنــت هــذه ســبيهل‪« :‬رسق»‪ ،‬ن‬
‫وإ�ــا يقــال هل‪:‬‬ ‫ب‬
‫ْ‬
‫ـإن اكن واحــد قــد مســع هــذا املع ـىن أو مثــه مــن آخــر فاحتــذاه ن‬
‫فإ�ــا ذكــر مع ـىنً قــد‬ ‫«اتفــاق» ( فـ‬
‫ّ‬
‫عرفه واستعمهل‪ ،‬ال أنه أخذه رسقة )‪.‬‬
‫شــعر العربــي‪ ،‬ومــن أمثلــة‬
‫شــعرية‪ :‬وهــي المعانــي المتداولــة فــي ال ّ‬
‫‪ - 2‬التّقاليــد ال ّ‬
‫ذلك قول البحتري‪:‬‬
‫َ َ أْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً ِّ‬
‫أض َع ِاف ِه ف ِبك الش َع ُار ِ‬
‫تفتخ ُ‬
‫ـــر‪.‬‬ ‫ومن يكن فاخرا ب�لشعر ُيذك ُر فـي‬ ‫ ‬
‫أ� ت�ام‬
‫قيل‪ :‬إنه رسقه من بيت ب ي‬
‫َ ئ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ئ‬ ‫ُ‬
‫يوما فأنـت ل َع ْم ِري ِم ْن َمد ِ‬
‫ا�هـا‪.‬‬ ‫مدا� ِهم‬
‫إذا القصـائد كـانت من ِ‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫آ‬
‫ي�ى المــدي أن هــذا غلــط عــى البحـ تـري؛ لن النــاس ال ي ز�الــون يقولــون‪ « :‬فــان ي ز� ي ن� الثيــاب‪،‬‬
‫ف‬ ‫تز ف‬ ‫تُ َ ِّ ُ‬ ‫َ ُ َ ِّ ُ‬
‫ـ�‪ ،‬وال ي ز� يــد ي� حس ـهن ا‪ ،‬وفــان‬‫ي‬ ‫ـ‬‫احل‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫حس‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـد‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫وفالن‬ ‫‪،‬‬ ‫ـه‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫�‬‫ج‬ ‫وال‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫ي‬‫ال‬‫الو‬ ‫ـل‬ ‫وال ت ز� ينــه » يو ج�مـ‬
‫أ‬
‫ـ� ي ج�ــوز أن يـ ّـد يع أحــد مــن النــاس‬ ‫النســاب وال َيفخــر ب�ــا‪ ،‬وهــذا ليــس مــن املعـ نـا� الـ ت‬
‫ي ي‬ ‫تفتخــر بــه‬
‫ـبق يإل�مــا‪ ،‬وال ي ج�ــوز أن يكــون مثــل هــذا إذا اتفــق فيــه خطيبــان أو‬ ‫اخ�هعــا‪ ،‬أو تسـ َ‬‫أنــه ابتدهعــا أو ت‬
‫آ‬ ‫ّ‬
‫شاعران أن ُيقال ِإن أحدمها أخذه من الخــــــر‪.‬‬
‫‪ - 3‬األقوال السائرة‪ :‬فمثالً قول البحتري‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تُ ْ َ َ ْ َ ٌ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ٌْ ََُّ ٌ‬
‫� ج�‪ ،‬وأجسام ِبل أرو ِاح‬ ‫ـــــــق‬
‫ٍ‬ ‫ئ‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫غيـــر‬
‫خلق مثل ِ ِ‬
‫ب‬ ‫ــــة‬

‫‪29‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ف‬
‫أ� ت�ام ي� قوهل‪:‬‬
‫قيل‪ :‬إنه مرسوق من ب ي‬
‫وأجسام‪ ،‬وليس هلم ُق ُل ُ‬
‫وب‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ََ‬
‫هلم نش ٌب وليـــــــس هلم َ َس ٌاح‬
‫ئ ً‬ ‫آ‬ ‫ْ أ‬ ‫ْ‬ ‫آ‬ ‫ف‬
‫دا�ــا يقولــون‪ :‬مــا‬ ‫�ــذا عنــد المــدي شأ�ــر مــن أن ي�تــاج شــاعر أن ي�خــذه مــن الخــر‪ ،‬ومه‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫َّ‬
‫فــان إال شــبح مــن الشــباح‪ ،‬ومــا هــو إال صــورة هــو حائــط‪ ،‬أو جســد فــارغ‪ ،‬و�ــو هــذا مــن القــول‬
‫الشائع ت‬ ‫ّ‬
‫املش�ر‪.‬‬
‫المعنيي ِ‬
‫ــن واحــدا‪ ،‬فيقــول‬ ‫ْ‬ ‫الســرقة إو� ْن كان جنــس‬
‫‪ - 4‬اختــاف الغــرض‪ :‬ينفــي ّ‬
‫البحتري‪:‬‬
‫َك َ‬ ‫ٌ‬
‫ــــك َب ْع َد َب ْ ي ِن�‬
‫الق ُم َو ِاش ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫ء‬‫ٍ‬ ‫�‬
‫ي‬
‫ش‬ ‫بعد‬ ‫شاشــــــــة‬ ‫مـا شل�ء َ‬
‫ب‬ ‫ي ٍ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫إال اللقاء ّ‬ ‫واملع�‪ :‬ال ش�ء ي ز� يد ّ‬
‫ن‬
‫الس يع بعد الفراق‪.‬‬ ‫السور‬ ‫ي‬
‫أ� ت�ام‪:‬‬
‫وقيل إنه مرسوق من قول ب ي‬
‫ملوقوف عىل تَ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ أ‬
‫الــــــوداع‬
‫ِ‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫و� ِت إال‬ ‫وليســــــت فرحة ال ب‬
‫***‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً َّ‬ ‫ْ‬ ‫آ‬
‫ـاعر� مخ تلــف‪ ،‬فأبــو ت�ــام ذكــر أنــه ال يفــرح‬
‫الشـ ي ن‬ ‫فالمــدي ي�ى إن اكن املعـىن مشـ تـراك فـ ِـإن غــرض‬
‫التوديــع‪ ،‬وأراد البحـ تـري َّأنــه ليــس ش‬‫�ــاه وأحزنــه ّ‬ ‫ش‬ ‫َّ‬
‫والــذل‬
‫�ء أحســن مــن املــرة ج‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫إال‬ ‫ب�لقــدوم‬
‫ال� بعد ّ‬ ‫ّ ق‬ ‫إذا جاء ف� ثأ� ش‬
‫التفرق‪.‬‬ ‫�ء‪ ،‬اكلت ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫غوية إىل ثالثة أقسام يه‪:‬‬ ‫السقة ُّالل ّ‬
‫النقاد ّ‬ ‫وقد قمس ّ‬

‫أ ) َّ‬
‫النسخ‪:‬‬
‫َ‬
‫وهــو أخــذ اللفــظ واملعـىن ب�متــه مــن غـ يـر يز�دة عليــه‪ ،‬مأخــوذ مــن ن َسـ َـخ الكتــاب‪ ،‬وينقــم إىل‬
‫ن أ‬
‫قسم�‪ :‬ال ّول ُوي َس َّم وقوع احلافر عىل احلافر كقول امرئ القيس‪:‬‬ ‫ي‬
‫ً تَ‬ ‫َّ َ‬ ‫ً‬
‫وقوفـــا �ــا َ‬
‫أىس َو ج َ� ُّمل‬ ‫يقولون ال ت�لك‬ ‫عل َمط يُّ ُ� ْم‬
‫ي‬ ‫بـي‬ ‫ص‬ ‫ب‬ ‫ ‬
‫وقول طرفة‪:‬‬
‫ً ت ّ‬ ‫ً‬
‫يقولون ال ت�لك أىس ج‬
‫و�لد‬ ‫مط�ــــــم‬ ‫حص� ّ‬
‫عىل ي‬ ‫بي‬ ‫ا‬ ‫�‬‫ب‬ ‫وقوفا‬ ‫ ‬
‫***‬

‫‪30‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والثـ نـا�‪ :‬وهــو الــذي يؤخــذ فيــه املع ـىن وأك ـرث اللفــظ‪ ،‬كقــول بعــض املتقدمـ ي ن‬
‫ـ� ي�ــدح معبــدا‬ ‫ي‬
‫صاحب الغناء‪:‬‬
‫َ‬ ‫وما َق َص َب ُ‬
‫الس ِبق إال َل ْع ِب ِ‬
‫ــد‬ ‫ات َّ‬ ‫ ‬ ‫ي ج يّ‬
‫والرس� بعــده‬ ‫أجاد طويس‬ ‫ ‬
‫وقال أبو ت�ام‪:‬‬
‫ملعبـــد‪.‬‬ ‫الس ِبق إال‬ ‫ُ‬
‫قصبات ّ‬ ‫وما‬ ‫املغن� ج ّ‬
‫�ــة ‬ ‫حماسن أصناف ي ن‬ ‫ ‬
‫ِ‬
‫السلخ ‪:‬‬
‫ب ) َّ‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ور�ــا ب�لفــاظ أخــرى‬
‫هــو أن يعــدو الشــاعر عــى شــعر غـ يـره فيأخــذ معانيــه ويدخلهــا ي� شــعره ب‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫أو ب�لفاظ ممزوجة ب�لفاظ الشاعر املأخوذ ومنه‪:‬‬
‫أن يؤخــذ المعنــى ويســتخرج منــه مــا يشــبهه‪ ،‬وال يكــون هــو إيــاه‪ ،‬وهــذا مــن‬ ‫‪ْ -1‬‬
‫أدق السـّـرقات مذهبـاً وأحســنها صــورة‪ ،‬وال يأتــي إال قليـاً‪ ،‬ومــن ذلــك قــول أحــد‬
‫شعراء الحماسة‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫لقد َز ن‬
‫غ� طائل‬
‫امرئ ِي‬
‫ٍ‬ ‫لك‬ ‫بغيض إىل‬ ‫اد� ُح ًّبا لنفســــي أن ن ي� ‬
‫ي‬ ‫ ‬
‫املع�‪ ،‬واستخرج منه ن‬
‫مع� آخر يغ�ه‪ ،‬إال أنه شبيه به‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫املتن� هذا ن‬
‫وقد أخذ ب ي‬
‫ُ‬ ‫شّ ُ أ ِّ‬ ‫ف‬
‫ال�ادة يل ب� ن ي� اكمــــــــل‪.‬‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫قص ‬ ‫ن‬ ‫وإذا أتتك ت‬
‫مذم� من � ٍ‬
‫ي‬ ‫ ‬
‫ـب جــداً‪ ،‬وال يــكاد يأتــي إال‬
‫ص ُعـ ُ‬
‫‪ - 2‬أن يؤخــذ المعنــى مجــرداً مــن اللّفــظ‪ ،‬وذلــك ممــا َي ْ‬
‫قليالً‪ ،‬فمنه قول ُعروة بن الورد‪:‬‬
‫َّ ْ‬ ‫ْ ً‬ ‫َ ُ‬
‫مـن املال يطرح نفسه لك َمط َر ِح‬ ‫مثل ذا عيـال ُومق تِ�ا‬
‫ومن ي ً ي‬
‫ك‬
‫جح‪.‬‬ ‫ن‬‫ُوم ْـبل ُغ نفس ُع ْذ َرها م ُثل ُم ْ‬ ‫َُ‬
‫َلي ْبلغ ُعـذرا ْأو ينال رغيبـــــــــة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخذ أبو ت�ام هذا ن‬
‫املع�‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫النرص ْإذ فاته ّ‬
‫تقوم مقام ّ‬ ‫ً‬ ‫تًف� َ‬
‫الن ُ‬
‫رص‪.‬‬ ‫ب� ال�ضَّ ب والطعن ميتة‬
‫مات ي ن‬ ‫ ‬
‫***‬
‫اج�ــاده ف� طلــب الــرزق عــذ ًرا يقــوم مقــام ّ‬
‫النجــاح‪ ،‬وأبــو ت�ــام جعــل‬ ‫فعــروة بن� الــورد جعــل ت‬
‫ي‬
‫قا�ـ ًـا مقــام ّ‬
‫النــر‪ ،‬والك املعنيـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫املــوت ف� احلــرب ّالــذي هــو غايــة ت‬
‫اج�ــاد املج ت�ــد ف� لقــاء العــدو ئ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َّ‬
‫واحد يغ� أن اللفظ مخ تلف‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪ - 3‬أن يؤخذ بعض المعنى‪ ،‬ومن ذلك قول ابن الرومي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ نَ ٌ َ ْ ُ ُ‬ ‫نز� تل� عىل َه ِام املعال إذا ق‬
‫يإل�ا أ�س غ ي�ك ب�لس ِ‬
‫المل‪.‬‬ ‫ارت�‬ ‫ي‬
‫فقد أخذه المتنبي فقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫فــــوق ّ‬
‫فـإذا أرادوا غاية نز�لـــــــوا‪.‬‬ ‫الس ِء وفـوق مـا طلبوا‬
‫ـال‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫املع‬ ‫ـام‬
‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ـى‬‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ا� الــروم؛ ألنــه قــال‪ :‬إنــم نز�لـ ت‬
‫ـم‬ ‫وهــذا بعــض املع ـىن الــذي تضمنــه قــول بن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أرد� غايــة نز�لـ تـم‪ّ ،‬‬
‫وأمــا قــوهل (فــوق الـ ّـامء)‬ ‫وإن غـ يـرمك � ق� يإل�ــا رقيـ ًـا‪َّ ،‬‬
‫وأمــا املتنـ فإنــه قــال‪ :‬إنــم إذا ت‬
‫بي‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫�ء؛ ل ن�ــا مخ تصــة‬ ‫ش‬
‫ـال فــوق لك ي‬
‫ت‬
‫ـروم‪ :‬نز�لــم عــى هــام املعـ ي‬
‫ـال‪ ،‬إذ املعـ ي‬
‫بن‬ ‫ىن‬
‫فإنــه يغ ـ عنــه قــول ا� الـ ي‬
‫ً‬
‫ب�لعلو مطلقا‪.‬‬
‫كســى عبــارة أحســن مــن العبــارة األولــى‪ ،‬وهــذا هــو‬
‫في َ‬
‫أن يؤخــذ المعنــى ُ‬
‫‪ْ -4‬‬
‫السرقة‪ ،‬ومن ذلك قول أبي نواس‪:‬‬ ‫المحمود الذي يخرج به أحس ُنه عن باب ّ‬
‫َ‬ ‫ش َ خْ‬ ‫َت َق ُّل ُ‬ ‫َ ُّ‬
‫دل عىل ما ف� ّ‬
‫الض يم� من ت‬
‫ص من ي�وى‬
‫ِ‬ ‫�‬ ‫إىل‬ ‫عينيه‬ ‫ب‬ ‫الف�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫املتن�‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أخذه ب ي‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َْ‬
‫ع� َد ِليـل‪.‬‬
‫لكـل ي ن‬ ‫فعليه‬ ‫وإذا خامـر اهلـوى قل َب َص ٍّب‬
‫سـ َـبك ســبكاً موجـ ازً‪ ،‬وذلــك مــن أحســن َّ‬
‫الســرقات‪ ،‬لمــا فيــه‬ ‫وي ْ‬
‫أن يؤخــذ المعنــى ُ‬
‫‪ْ -5‬‬
‫مــن الداللــة علــى بســطة ال ّناظــم فــي القــول‪ ،‬وســعة باعــه فــي البالغــة‪ ،‬فمــن ذلــك‬
‫قول بشار‪:‬‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫اقب ّ‬
‫َم ْن ر َ‬
‫يبات الفا ِتك الل ِه ُج‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لط‬ ‫وفاز ب�‬ ‫الن َ‬
‫اس مل يظفر ب�اجته‬
‫«س ْ ُل خ‬
‫الارس»‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫الريء املثا� عىل العمل‪ ،‬أخذه َ‬
‫ب‬
‫ْ‬
‫أي‪ :‬فاز ج‬
‫ذة ج َ‬ ‫َّ‬ ‫�غَ ّ ً‬ ‫من راقب ّ‬
‫ال ُس ُور‬ ‫وفاز ب�لل ِ‬ ‫النـاس مــــات ا‬
‫شــاعران طريقـاً واحــدة‪،‬‬
‫أن يســلك ال ّ‬‫‪ - 6‬اتحــاد الطّريــق واختــاف المقصــد‪ ،‬ومثالــه ْ‬
‫مورد ْيـ ِـن أو روضتَ ْيـ ِـن‪ ،‬وهنــاك َّ‬
‫يتبيــن فضـ ُل أحدهمــا علــى اآلخــر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فتخــرج بهمــا إلــى‬
‫النابغة الذبياني‪:‬‬ ‫ومما جاء منه قول َّ‬ ‫َّ‬
‫َع َصا ِئ ُب َط ْي� ت‬ ‫قَ‬ ‫َّ‬
‫بعصـائـــب‬
‫ِ‬ ‫تدي‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫إذا ما غزوا ب� جليش َحل َق فو�م‬
‫َ َّ ُ‬ ‫إذا ما ق‬ ‫جـوا� قــد َأ ْي َق َّ‬
‫ـــــن َّأن َقب َيلـــــهُ‬ ‫ن‬
‫معان أول غا ِل ِب‬‫ال ِ‬‫الت� ج‬ ‫ِ‬
‫***‬
‫‪32‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫قد�ا وحديثا وأوردوه ب�ض وب العبارات‪ ،‬فقال أبو نواس‪:‬‬ ‫وهذا ن‬
‫املع� توارد عليه الشعراء ي‬
‫َ ً‬
‫ـــة ب� ّلش ْبــع مــن ُج َ‬ ‫يــر َغ ْز َو َتــــــــــهُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ــــز ِر ِه‪.‬‬ ‫ِثق‬ ‫الط ُ‬ ‫تتــــأيــــا‬ ‫ ‬
‫ِ‬ ‫ن َّ ّ‬
‫والزر‪ّ :‬‬
‫الناقة املج ــــــــــزورة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫غزوته‪ ،‬لتشبع من قتاله‪ ،‬ج‬ ‫واملع�‪ :‬أن الط ي� تت�يأ وتنتظر‬
‫وقال مسمل بن� الوليد‪ :‬‬
‫ــل‪.‬‬‫�‬‫يتب ْع َن ُه ف� ّلك ُم ْر تَ َ‬ ‫فَ ُ� َّ‬
‫ــن َ‬ ‫ْ‬
‫ادات َوِثق َن ِب�ا‬
‫ٍ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫َ‬
‫�‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َّ‬
‫قد عود ي‬
‫الط‬ ‫ ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫***‬

‫جـ) المسخ‪:‬‬
‫أ� ت�ام‪:‬‬ ‫ّ‬
‫وهو قلب الصورة احلسنة إىل صورة قبيحة كقول ب ي‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫و ْ‬
‫لكن ي�ى أن العيوب مقاتل‪.‬‬ ‫تًف� ال ي�ى أن الفريصة مقتل‬ ‫ ‬
‫املتن�‪:‬‬
‫وقول ب ي‬
‫أ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لعائـــب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫منك‬ ‫ن‬ ‫ب�قتل امم ب�‬ ‫لضارب‬
‫ٍ‬ ‫منك‬ ‫ن‬ ‫�‬‫ب‬ ‫ما‬ ‫أن‬ ‫ي�ى‬ ‫ ‬
‫***‬
‫والصــدر والكتــف عنــد منبــض القلــب‪ ،‬ف�ــو ْإن مل يشــوه املع ـىن‬
‫النــب ّ‬ ‫ـ� ج‬‫والفريصــة‪ :‬حلمــة بـ ي ن‬
‫السقات‪.‬‬ ‫الصورة‪ ،‬وهذا من أرذل ّ‬ ‫شوه ّ‬
‫فقد ّ‬

‫‪33‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬
‫أ‬ ‫ً ف‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫د�‪ .‬شا�ح ذلك‪.‬‬ ‫بي‬ ‫ال‬ ‫النقد‬ ‫انتعاش‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫دو‬ ‫سواق‬ ‫وال‬ ‫دبية‬ ‫ال‬ ‫‪1.1‬لعبت املج الس‬
‫ب� أمية وجعلته ي ز�دهـــــر؟‬ ‫ال� طرأت عىل النقد ف ي� هعد ن‬ ‫ت‬
‫ي‬ ‫‪ 2.2‬ما املستجدات ي‬
‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫امل�ج الذي ّاتبعه بن‬ ‫‪ 3.3‬ما ن‬
‫«ا� سالم» ي� كتابه طبقات �ول الشعـــــــــراء ؟‬
‫ف‬
‫ابس ِط القول ي� هذا املوضوع‪.‬‬ ‫املع� (البديع)؟ ِ‬ ‫ا� ت ز‬ ‫ال� الذي قام عليه كتاب بن‬ ‫‪ 4.4‬ما أ ث‬
‫المــدي ف� كتابــه املوازنــة مــن ّ‬ ‫آ‬ ‫‪ 5.5‬انتقــل النقــد نقـ ة‬
‫النقــد النظــري إىل النقــد‬ ‫ي‬ ‫ـ� هممــة عــى يــد‬
‫أ‬ ‫ش ً‬ ‫ّ ق ت ْ‬
‫مست�دا ببعض المثلة ‪.‬‬ ‫طبي�‪� ،‬دث عن ذلك‬ ‫الت ي‬
‫أ‬ ‫‪ 6.6‬هنالــك عــدد مــن املصطلحــات تدخــل ت�ــت مصطلــح ّ‬
‫السقــة الدبيــة‪ .‬اذكـ ْـر بع�ض ــا‬
‫ش ً أ‬ ‫ً‬
‫مست�دا ب�لمثلة ‪.‬‬ ‫يع� عن ذلك‬ ‫ب‬ ‫الذي‬ ‫انب‬ ‫ال‬
‫ج‬ ‫ا‬
‫ز‬ ‫بم�‬
‫ش ً‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫‪َ 7.7‬مـ تَـى تكــون ّ‬
‫ـت�دا عــى مــا‬ ‫ـ� تكــون عيبــا؟ شا�ح ذلــك مسـ‬ ‫ي‬
‫حمببــة؟ ومـ ت‬ ‫الدبيــة ّ‬ ‫السقــة‬
‫تقول‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫بناء القصيدة العربية‬
‫ّأو ًال‪ -‬المطلع ‪:‬‬
‫الســمع‪ ،‬فــإذا اكن حسـ ًـنا أيقــظ‬ ‫النقــاد العــرب ب�طلــع قصائــدمه‪ ،‬فاملطلــع ّأول مــا يقــع ف� ّ‬
‫اهـ تـم ُّ‬
‫ي‬
‫ً تً ََ َ‬ ‫ً‬ ‫نفــس ّ‬
‫صف املســتمع عنــه‪،‬‬ ‫الســامع‪ ،‬واكن داعيــا إىل االسـ تـامع إىل مــا بعــده‪ ،‬وإن اكن ضعيفــا فــا�ا‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫�ض ً‬ ‫ْ‬
‫والــزالة ‪ ،‬وأن يكــون مناســبا‬ ‫ولــذا فاملطلــع ي ج�ــب أن يكــون وا ــا هســل املأخــذ‪ ،‬مــع القــوة ج‬
‫ن ً‬
‫واملع� معا‪.‬‬ ‫اع فيه الشاعر جودة اللفظ‬ ‫ملوضوع القصيدة‪ ،‬ي� ي‬
‫ف‬ ‫ومــن املطالــع الـ تـ� استحسـهن ا ّ‬
‫النقــاد‪ ،‬وجــاءت مناســبة للحــال واملقــام‪ ،‬قــول أوس بن� جحــر ي�‬ ‫ي‬
‫ابتداء مرثيته‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ َّ تَ ْ َ ن َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ ُت َ ّ ْ‬
‫ِإن الذي �ذ ِر ي� قد وقعــــــــا‪.‬‬ ‫أ� ِ يل جزعــــــــــا‬ ‫ج‬
‫أي�ا النفــس ِ‬ ‫ ‬
‫الذبيا� من قصيدة ف� االعتذار‪َ ،‬ص َّور ف�ا خوفه من ُّ‬
‫النعمان‪:‬‬ ‫ن‬ ‫وكذلك قول ّ‬
‫النابغة‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ن‬ ‫ٍّ ُ َ ْ َ َ‬
‫الكواكـــب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ط ِء‬ ‫ول ْي ٍل أ ِ‬
‫قاسيه ب ِ ي‬ ‫ـــب‬ ‫ن‬
‫يـــ� ِلـــم ي� أميمــة � ِص ِ‬
‫ِ ِك ِ ي‬ ‫ ‬
‫ف‬
‫أ� ت�ام ي� فتح معورية‪:‬‬
‫ومطلع قصيدة ب ي‬
‫ف َ ِّ َ ُّ َ ْ نَ ِّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ ُ ْ ُ‬
‫دق ْأن ً‬
‫ـب‪.‬‬
‫الد ِ ِ‬
‫ع‬ ‫والل‬ ‫ي� حد ِه احلد ب ي� ِج‬ ‫باء من الك ُت ِب‬ ‫السيف أص‬ ‫ ‬
‫ال� عا�ا ّ‬
‫النقاد مطلع قصيدة جل ير� ي�دح يف�ا عبد امللك بن� مروان‪:‬‬ ‫ومن املطالع ت ي ب‬
‫َ‬
‫عشية َ َّه ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬
‫واح‪.‬‬
‫ِ‬
‫َّ‬
‫لــــــــــر‬ ‫�‬‫ب‬ ‫ك‬ ‫حصب‬ ‫أت ْص ُحـــو ْأم ف َــؤ ُادك غ ْي ُــر َص ِاح‬ ‫ ‬
‫ً‬ ‫ومطلع قصيدة لذي ُّ‬
‫الرمة ي�دح يف�ما عبد امللك أيضا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ًُ َ ْ‬ ‫أّ َّ‬ ‫ما ب� ُل َع ْي ِن َك ِم نْ�ا ُ‬
‫املاء َي َنس ِك ُ‬
‫كنه من ك مف ِر ي ٍة ســــــــــرب‪.‬‬ ‫ـب‬ ‫ ‬
‫ثانيًا‪ُ -‬حسن ال ّت ّخلص ‪:‬‬
‫ُويقصــد بــه حســن االنتقــال مــن املوضــوع الــذي ْاب ُتـ ِـدئ بــه إىل موضوع آخــر‪ ،‬أينتقل الشــاعر‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ج�ــأة دون ت�هيــد‪ ،‬أم ي�هــد لذلــك ب�بيــات؟ فالشــاعر املج يــد هــو الــذي ي�ســن االنتقــال‪ ،‬فيغــادر‬
‫ت‬ ‫أّ‬
‫ن‬
‫املوضوع� �ازج وانسجــــــــــام‪.‬‬
‫ي‬ ‫ن‬
‫موضوعه الول إىل الذي يليه دون خلل أو انقطاع‪ ،‬ويكون يب�‬
‫أ� ُسىمل‪ ،‬وهو ينتقل إىل ي‬ ‫بن‬ ‫ّ‬
‫املد�‪:‬‬ ‫بي‬ ‫�‬ ‫زه�‬
‫ي‬ ‫قول‬ ‫يدة‪،‬‬ ‫ال‬
‫ج‬ ‫صات‬ ‫التخل‬ ‫ومن‬

‫‪35‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫َّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َّ َ َ ُ‬
‫واد عىل ِعل ِت ِه َه ِر ُم‬
‫ال َ‬ ‫َّ‬
‫ـــــــكن ج‬ ‫الب ِخيل َمل ٌوم حيث اكن ولـــــ‬ ‫ِإن‬ ‫ ‬
‫***‬
‫ّ ف‬ ‫أ‬
‫الناقة ج�أة‪:‬‬ ‫ع�‪ ،‬واكن يتحدث عن صاحبته ث� انتقل إىل‬
‫ال ش‬ ‫وقول‬
‫ََْ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ُ ف‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ِّ َّ َ‬
‫ت ز� يد ي� فضل الزمــام وتعت ِ‬
‫لـــي‬ ‫ـــــرة‬
‫ٍ‬ ‫س‬ ‫�‬‫ب‬
‫ِج‬ ‫عنك‬ ‫فدعا وسل اهلم‬ ‫ ‬
‫***‬
‫ّ ّ‬
‫املتن�‪:‬‬
‫بي‬ ‫قول‬ ‫القبيحة‪،‬‬ ‫صات‬ ‫خل‬ ‫ومن الت‬
‫َّ ت تَ َ َ ْ ن ف َ َ َ‬ ‫ُ ِّ ْ َ‬ ‫َ َّ أ‬
‫ـــوى َمثال‬ ‫إىل ال ي� �كت ي� ي� اهل‬ ‫م� َ ي َ�ى ذ يل َفيشف َع لــــي‬
‫ال ي َ‬ ‫عــل‬ ‫ ‬
‫***‬

‫ثالثا‪ -‬وحدة البيت‪:‬‬ ‫ً‬


‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫�ى معظــم ّ‬
‫النقــاد العــرب أن البيــت ي� القصيــدة ينبــغ ي أن يســتقل ب�عنــاه‪ ،‬وأل ي�تــاج إىل‬ ‫ي‬
‫َّ‬
‫غـ يـره‪ ،‬وعـ ُّـدوا مــن عيــوب الشــعر أل يســتقل البيــت ب�عنــاه‪ ،‬وأن ي�تــاج إىل غـ يـره ليـ ت ّـم معنــاه‪ ،‬وقــال‬
‫ـت�د القدمــاء عــى‬ ‫ـرب بــه املثــل»‪ ،‬واسـ ش‬ ‫امل�ــور الــذي ُيـ ض‬
‫ـتغ� بنفســه‪ ،‬ش‬
‫ن‬ ‫بن‬
‫ا� ســام‪ « :‬البيــت املسـ ي‬
‫ن‬
‫الذبيا�‪:‬‬ ‫القا� بذاته ببيت ّ‬
‫النابغة‬ ‫البيت ئ‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫عىل َش َ‬ ‫ستبق ًأخـا ال ُتل ُ‬
‫َ ُ ْ‬
‫جال املهذب؟‬
‫ِ‬ ‫الر‬ ‫أي‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬‫ٍ‬ ‫ع‬ ‫ــه‬ ‫ولسـت ب� ٍ‬ ‫ ‬
‫ت ت‬ ‫أ‬
‫ال� �تاج إىل يغ�ها قول عروة بن� الورد‪:‬‬
‫ي‬ ‫بيات‬‫ال‬ ‫ومن‬
‫َ َّ ُّ ف أ‬
‫مـــــــور‪.‬‬
‫ِ‬ ‫د� ي� ال‬
‫ومن لك ب�لت ب ِ‬ ‫فلو اكليوم اكن ّي‬
‫إل أمــــــــري‬ ‫ ‬
‫***‬
‫ف‬
‫�ذا ال يكتمل إال ب�لبيت الذي يليه وهو‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ًَ َْ ُ ْ َ ُ‬
‫دور‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عىل ما اكن من حس ِك الص ِ‬ ‫ـــب‬
‫ِإذا للكت ِعصمة أم وه ٍ‬ ‫ ‬ ‫ ‬
‫***‬
‫وقول الشاعر‪:‬‬
‫َ لةَ َ ُ َْ‬ ‫َ َّ‬
‫ــــــــــــر ُاح‬
‫َ‬ ‫العـامري ِة أو ُي‬
‫َّ‬ ‫بلـيىل‬ ‫كـأن القلب لي ِقيل يغـدى‬
‫تَ ج� ِاذ ُب ُ‬
‫ـــه وقـــــــــد َع ِل َق ْ ج َ‬
‫ال َن ُاح‪.‬‬ ‫ـاة َع َّـزهـا َش َـر ٌك َف َـب ْ‬
‫ـاتت‬
‫َ َ ٌ‬
‫قط‬
‫***‬

‫‪36‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫رابعا‪ -‬الخاتمة‪:‬‬ ‫ً‬
‫ً ف‬
‫ووقعــا ي� القلب‪،‬‬ ‫اعتنــوا �ملطلــع؛ أل َّن خل تا�ــة القصيــدة ث ًأ�ا ف� ّ‬
‫النفــس‪،‬‬ ‫النقــاد � خل تا�ــة امك َ‬ ‫اعتـىن ّ‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ب‬
‫أعبــت ّ‬ ‫ـا�ت حســنة ج�يـ ة‬ ‫ن‬ ‫ف ّ‬ ‫ىن ىق ف أ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫النقــاد‬ ‫ـ� ج‬ ‫ـ‬ ‫�‬
‫بي ي‬ ‫ـر�‬‫ـ‬ ‫الع‬ ‫ـعر‬
‫ـ‬ ‫الش‬ ‫و�‬
‫ي‬ ‫ـان‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ذه‬‫ال‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـ‬ ‫يب‬ ‫ـ‬ ‫مع‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫آخ‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫�‬ ‫ول‬
‫قد�ا‪ ،‬من ذلك قول ت أ� َّبط ش ًّ‬
‫�ا‪:‬‬ ‫يً‬
‫َ َ َّ ْ َ َ ْ ً َ ْ َ ْ َ ق‬
‫ـــــض أخلِ ي�‪.‬‬ ‫إذا تذكرت يومــا بع‬
‫َ‬ ‫َل َت ْق َرع َّن َع َ َّل ِّ‬
‫الس َّن ِم ْن ن َد ٍم‬ ‫ي‬
‫***‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫الروم ي� ثر�ء ابنه الوسط‪:‬‬
‫ي‬
‫وقول بن‬
‫ا�‬
‫صاد ِق ب ْ‬
‫ال� ِق َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ َ ُ َّ نِّ ت‬
‫عد‪.‬‬
‫والر ِ‬ ‫غيث ِ‬
‫ومن لك ٍ‬ ‫م� �يــة‬
‫عليك سلم الل ي‬
‫***‬

‫‪37‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬
‫ْ‬ ‫‪َّ 1.1‬ركز ّ‬
‫النقاد عىل مطلع القصيدة ملا هل من أمهية‪ ،‬ن�قش ذلك‪.‬‬
‫بــ� أجــزاء القصيــدة‪ .‬شا�ح ذلــك‪،‬‬ ‫النقــاد عــى وجــوب وجــود تناســب ي ن‬ ‫شــدد ّ‬‫‪َّ 2.2‬‬
‫ش ً‬
‫مست�دا ما أمكن ذلك من حمفوظك‪.‬‬
‫ت ْ ف‬ ‫ّ‬ ‫خلــص مــن املوضوعــات الـ ت‬ ‫ُ ْ ُ ّ ّ‬
‫عل�ــا‪� ،‬ــدث ي�‬
‫ـ� شــغلت النقــاد‪ ،‬وحرصــوا ي‬ ‫ي‬ ‫‪ 3.3‬حســن الت‬
‫هذا املوضوع‪.‬‬
‫ـ� نقرؤهــا أو نســمهعا‪ :‬ن‬
‫«إ�ــا قصيــدة‬ ‫‪ 4.4‬مــا املعايـ يـر الـ تـ� ت ج�علنــا نقــول عــن قصيــدة حـ ي ن‬
‫ي‬
‫جيدة؟»‬

‫‪38‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الفصل الثاني‬

39
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
40
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫ال ّنقد األدبي الحديث‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رأينــا كيــف بــدأ ّ‬
‫النقــد عنــد العــرب ذاتيــا‪� ،‬ظ ــر ج�ــا مركــزة تصــف شــاعرا‪ ،‬أو قصيــدة‪ ،‬أو‬
‫ن‬
‫خطبة‪ ،‬أو �و ذلك ّمما قد يؤدي إىل موقف‪ ،‬أو فكرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدبيــة الـ ت‬ ‫أ‬ ‫النقــد كــرد فعــل ن‬ ‫فو� العــر احلديــث �ظ ــر ّ‬
‫ـ� بدأهــا الشــاعر البــارودي‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ض‬ ‫لل�‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫ـ� الــذي ت� ب� ونشــأ ي� مدينــة املقامــات‪ ،‬و�ــم الدب ي� حــدود بالغيــة ي�رصهــا‬ ‫والاكتــب املويلـ ي‬
‫ت‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الســلوب املج ـ ّـود‪ ،‬والســلوب املعــاد ج�ويــده‪ ،‬ومل يكــن هــذان الرائــدان ومــن مهعمــا يســتنكفون مــن‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْ ّ ف‬ ‫ض‬ ‫ت‬
‫ـا� عــرمه ي� ضــوء البالغــة‬ ‫ـا� بــل أبعــاده‪ ،‬وإن ظــل ي� مقــدورمه أن يكتبــوا عــن قضـ ي‬ ‫اجــرار املـ ي‬
‫ـ� إىل َّأن ّ‬ ‫ن‬ ‫ف أ‬ ‫الـ تـ� ارتضاهــا القدمــاء‪ ،‬ث� ّ‬
‫ـر� ي�تــاج إىل‬ ‫بي‬ ‫ـ‬ ‫الع‬ ‫ـد‬‫ـ‬ ‫ق‬ ‫الن‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫مريكيت‬ ‫ال‬ ‫تنبــه املهاجــرون العــرب ي�‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ّ‬
‫إعادة نظر‪ ،‬ومن هنا بدأت احملاوالت لربط النقد ب�لتيارات الوروبية احلديثة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ ف‬ ‫وقــد اختلطــت نز�عــات ّ‬
‫النقــاد ي� الرومانســية جمــاال لالهـ تـامم‬ ‫التجديــد ببالغــة القدمــاء‪ ،‬ووجــد‬
‫ـر� مــن حيــث هــو نســيج لغــوي‪ ،‬تو�ك هــذا ثأ�ه حـ تـى لــدى جمــددي العــر‪ -‬مــن‬ ‫ب�لبيــان العـ ب ي‬
‫ـر�‪،‬‬ ‫ئ‬ ‫ـاز� والعقــاد ‪ -‬فأخــذوا ينعــون عــى املهاجـ ي ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ـر� ضعــف أدا�ــم العـ ب ي‬ ‫أمثــال طــه حسـ يـ� واملـ ي‬
‫ـ� مــن ك ّتــاب مــر وشــعر ئا�ا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫امل�اونـ ي ن‬ ‫محل�ــم إىل ت‬ ‫وا�مــومه ب أ� ن�ــم ي�ملــون اللغــة‪ ،‬وقــد امتــدت ت‬ ‫تّ‬
‫ف‬
‫القد�ــة شــائعة‪ ،‬و�ظ ــر ذلــك ي�‬ ‫أد�ء العصــور ي‬ ‫االهــامم ب�لبالغــة‪ ،‬وظلــت عــادة تقليــد ب‬ ‫ت‬ ‫فاســتمر‬
‫ال� استوحت ث‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الشعرية‪ ،‬فو� ن‬ ‫ق ِّ‬
‫وأ� العالء‪.‬‬ ‫بي‬ ‫احظ‬ ‫ال‬‫ج‬ ‫ن�‬ ‫ي‬ ‫حس�‬ ‫ي‬ ‫طه‬ ‫اذج‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫شو�‬
‫معارضات ي‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫مصطــى‬ ‫عبــر الفــن ي التقليديــة‪ ،‬ومــن ب‬
‫أقطا�ــا‬ ‫وظلــت ج�اعــة القدمــاء متمســكة بنظريــة الت ي‬
‫حســ� جو�اعــة الديــوان والرابطــة‬ ‫ين‬ ‫وم�ــم طــه‬ ‫التجديــد ن‬ ‫صــادق الرافــ� الــذي اكن مــن أنصــار ّ‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ـ� مثلهــا‬ ‫ت‬
‫ا�اهــه بفلســفة ديــارت‪ ،‬أمــا ج�اعــة الديــوان الـ ي‬ ‫ـ� َحــدد ج‬ ‫القمليــة ب�ملهجــر‪ ،‬فطــه حسـ ي ن‬
‫ف‬ ‫التقليديـ ي ن‬ ‫ـو� أمعــال ّ‬ ‫ـاز� والعقــاد فعمــدت إىل تقـ ي‬ ‫ن‬
‫ـ� مســتعينة بق ـراءات ومرجعيــات أجنبيــة ي�‬ ‫املـ ي‬
‫الثقافيــة القمليــة الـ ت‬ ‫ّ‬ ‫النفــس‪ ،‬ف ي� حـ ي ن‬ ‫الفلســفة واالجـ تـامع وعــم ّ‬
‫ـ� اكن جـرب ان خليــل‬ ‫ي‬ ‫ـ� اكنــت الرابطــة‬
‫ي ف‬ ‫ُ‬
‫ـد� ي� ضــوء مــا تســتمده‬ ‫جـرب ان معيدهــا وميخائيــل نعيمــة مستشــارها تنــادي بتنظـ يـم الثــورة عــى القـ‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫(الغر�ل) مضمنا يإ�ه مقـــــــــاالت‬ ‫ب‬ ‫من التيارات الوروبية احلديثة‪ ،‬ويضع ميخائيل نعيمة كتابه‬

‫‪41‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أ‬
‫ـ�دب مقاييــس نقديــة تـ ئ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬
‫ـا� العــر‪ ،‬وقــد ازداد االتصــال‬ ‫مخ تلفــة �مــل دعــوة إىل أن توضــع لـ‬
‫ت ّ‬ ‫ب�لغــرب وكـرث‬
‫ـ� اتســمت ب�لعمــق واســتخدام ثقافات العــر‪ ،‬لكن هذه الدراســات‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـات‬
‫ـ‬ ‫اس‬
‫ر‬ ‫الد‬ ‫ت‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ت َ َّ َ‬ ‫ف‬
‫مل تتبلــور ي� نم�ــج نقــدي حمـ ّـدد حــى ألــف أمحــد الشــايب كتابيــه (الســلوب) و(أصــول النقــد‬
‫أ‬ ‫ال بد�)‪ ،‬ث� توالــت الدراســات ت‬ ‫أ‬
‫الــ� انفتحــت عــى المعــال النقديــة لكبــار النقــاد العــرب‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫عناصر األدب‪:‬‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫الدب ف� ج�يــع صــوره مــن أربعــة عنــارص‪ :‬العاطفة‪ ،‬خ‬ ‫أ‬
‫واملعا�‪ ،‬والســلوب‪،‬‬
‫ي‬ ‫ـال‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫ي‬ ‫ يتكــون‬
‫أ‬ ‫َّ َّ‬
‫وهــذا يعـن ي أن لك نــوع مــن أنــواع الدب ال يتحقــق وجــوده إال بوجــود هــذه العنــارص فيــه وتضافرهــا‬
‫ِّ‬ ‫الدب ي خ�تلــف ف� القــدر أو ّ‬‫ف أ‬ ‫ً ف‬
‫الدرجــة حســب طبيعــة لك نــوع مــن‬ ‫ي‬ ‫معــا ي� بنائــه‪ ،‬ولكـ ّـن وجودهــا ي�‬
‫ّ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫أنــواع الدب‪� ،‬ــظ الشــعر مــن العاطفــة أوفــر‪ ،‬وحــظ النــرث مــن املعــىن أو الفكــرة أوفــر‪.‬‬

‫ّأوال‪ -‬العاطفــــــة‪:‬‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫أ‬
‫الدب العاطفــة وه ن‬
‫ـواح الوجــدان الــذي هــو الناحيــة احلساســة ي�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫حي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫مــن عنــارص‬
‫ّ‬ ‫أ‬
‫النفس‪ ،‬وهو موطن الرسور والمل‪ ،‬فلك آمالنا ومرساتنا وأحزاننا مرجهعا الوجدان‪ ،‬وهو أنواع‪:‬‬
‫ّ‬
‫كحــب الــذات‬ ‫الاصــة‪،‬‬‫‪1.1‬الوجــدان الفــردي‪ :‬ويتصــل ب�لفــرد ويــدور حــول نز�عاتــه وميــوهل خ‬
‫التملك والفخر ب� َّلنفس‪.‬‬‫والوف والغضب وحب ّ‬ ‫خ‬
‫‪2.2‬الوجــدان االجـ تـامع‪ :‬ويتصــل �بملج تمــع وشــؤونه‪ ،‬و�تكــز عــى صـ ة‬
‫ـ� إالنســان بغـ يـره‪ ،‬اكحلــب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫واالح�ام‪ ،‬والعطف‪ ،‬والصداقة‪ ،‬واملنافسة‪ ،‬والوطنية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫والبغض‪،‬‬
‫وه‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫الــ� تنشــأ عــن الوجــدان الفــردي أو االجــام يع‪ ،‬ي‬‫وه االنفعــاالت النفســية ي‬ ‫‪3.3‬العواطــف‪ :‬ي‬
‫فردية أو ت‬
‫اج�عية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتتكـ ّـون العواطــف عــادة مــن اتصــال الفــرد ب�ملواقــف املخ تلفــة‪ ،‬فــإذا أرضــت هــذه العواطــف‬
‫ف‬ ‫ث‬ ‫ف‬ ‫ب ث‬
‫مر�ة‪.‬‬
‫صاح�ا أ�رت ي� نفسه مشاعر لذيذة‪ ،‬وإذا أحبطته أ�رت ي� نفسه مشاعر مؤملة ي‬

‫‪42‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أ‬
‫الدب‪ ،‬وه الـ تـ� تضـ ف‬
‫ـ� عليــه صبغة الــدوام والبقاء‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫بو�ــذا فالعاطفــة عنــر همــم مــن عنــارص‬
‫ف‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫تغــرت اكن ي� أشــاهلا دون أســاهسا‪ ،‬وعــى العكــس مــن ذلــك‬ ‫وه ال تتغـ يـر إل قليــا‪ ،‬وإذا َّي‬‫ي‬
‫«العمل» الذي هو خاضع للعقل‪.‬‬
‫ف أ‬ ‫ْ‬
‫وهناك مقاييس ي�كن أن تقاس ب�ا العاطفة ي� الدب من بأ�زها‪:‬‬

‫‪ 1.1‬صدق العاطفة أو صحتّها‪:‬‬


‫ت ْ ُ‬
‫حص�ــا أن تنبعــث مــن أســباب حصيحــة غـ يـر زائفــة‪ ،‬فــإذا جــاءت‬ ‫واملـراد صــدق العاطفــة أو‬
‫أصيــ� طبيعيــة‪ ،‬نو� ج�ــة عــن أســباب حصيحــة‪ ،‬اكنــت‬ ‫ة‬ ‫د�‬
‫أ‬
‫ال‬ ‫ــص‬ ‫العواطــف ّال تــ� يث�هــا ّ‬
‫الن‬
‫بي‬ ‫ي ي‬
‫ف‬ ‫ّ‬
‫اكلـ ت‬ ‫ـؤ� ًا ب�عثـ ًـا ف ي� نفــوس القـ ّ‬
‫ثّ‬ ‫أ‬ ‫العاطفــة صادقــة‪ّ ،‬‬
‫ـ� قامــت ي� نفــس‬ ‫ي‬ ‫ـف‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫عواط‬ ‫اء‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫د�‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ـص‬‫ـ‬ ‫والن‬
‫ث‬ ‫َ ف‬ ‫َّ‬
‫ويبن�ــا عــى أســاس معيــق‪ ،‬أمــا إذا غــال ي� ذلــك وأ�ر‬ ‫اليــد هــو الــذي يثـ يـر ي‬ ‫صاحبــه‪ ،‬فالشــاعر ج‬
‫َّ‬ ‫ّ أ‬
‫ـادة لســباب واهيــة‪ ،‬فــإن شــعره يكــون ضئيــل القيمــة هممــا استحســنه النــاس‪ ،‬ومــن‬ ‫عواطــف حـ‬
‫ـدا� أل ّمــه العواطــف عندمــا بلغــه نبــأ ت‬
‫وفا�ــا حــرة‬ ‫ن‬ ‫ث‬ ‫ّ‬ ‫ة‬
‫أ� فـراس احلمـ ي‬ ‫أمثــ� العاطفــة الصادقــة ر�ء ب ي‬
‫ال� نم�ا قوهل‪:‬‬ ‫أس� ف ي� بالد الروم ف ي� قصيدته ت‬ ‫عل�ا‪ ،‬وهو ي‬‫ي‬
‫ي‬

‫ال ِس ُ‬ ‫ُ ْ ْ َ َق أ‬ ‫َ َ َْ ٌ‬ ‫َ ُ َّ أ‬
‫يـــــــر‬ ‫ِبكـر ٍه ِمن ِك‪ ،‬ما ل ِ يَ�‬ ‫ـاك غيـــــث‬ ‫ـ� سق ِ‬ ‫أيـا أم ال ِس ي ِ‬
‫ُ‬
‫يـــــــــر؟‬ ‫ست ِج‬‫ف� ْن َي ْد ُعو ُل ُـه أو َي َ‬ ‫ــــــــر‬ ‫�‬‫ابن ِك َس َار ف� َ ٍّ� َ بو َ ْ‬ ‫إذا ُ‬
‫ٍ‬ ‫ب‬ ‫ي‬
‫ــــــــــــــر ُور‬
‫ُ‬ ‫َوُل ٌؤم أن ُي ِ َّل به ّ‬
‫الس‬ ‫ـــــن‬ ‫ي‬ ‫يـت قر ي َ� َع ْ‬ ‫َ‬ ‫َح َـر ٌام ْأن َيب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ُ ٍ‬ ‫ِ‬
‫الص ُ‬ ‫يـها ّ‬ ‫إذا َض َاق ْت ب َ�ـا ِف َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ــدور؟‬ ‫ِ‬ ‫إىل مـن أشت ِ يك؟ وملـن أ�جـي‬
‫ُ‬ ‫أ� ِّي ض َيـاء َو ْج ٍـه َ‬ ‫أ ّ ُ َ َ َ ُ َّ‬
‫يـــــــــر؟‬ ‫أسـت ِن‬ ‫ِب ِ ِ‬ ‫ِب�ي دع ِاء د ِاعي ٍة أوقـــــــــــى؟‬
‫مـر َ‬
‫الع ِس ُ‬ ‫ال ُ‬ ‫َ ْ ُ ََْ ُ أ‬ ‫َ ْ ُْ َْ َُ ََ ُ ُ ّ‬
‫يـــــر؟‬ ‫ِب�ـن يستفتح‬ ‫ِب�ـن يستدفع القدر املوفـــى؟‬
‫***‬

‫‪43‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫فأبيــات أ� ف ـراس هــذه تـ ن ّـم عــن عاطفــة صادقــة ث‬
‫مبع�ــا احلــزن العميــق لوفــاة أمــه لغلبــة‬ ‫بي‬
‫ت‬
‫عل�ا بسبب أرسه‪ ،‬أبيات ج�عل القارئ يتعاطف مع الشاعر‪.‬‬ ‫احلرسة ي‬
‫‪ - 2‬قوة العاطفة وحيويتها‪:‬‬
‫ً‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ّ‬
‫املتن� مثال‪:‬‬
‫بي‬ ‫فقول‬ ‫القلوب‪،‬‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫احلياة‬ ‫وتبعث‬ ‫املشاعر‪،‬‬ ‫تث�‬
‫والعاطفة القوية يه ِ ي ي‬
‫�‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ ف َ‬
‫النجوم‬
‫ِ‬ ‫فـال تق َنع بـما دون‬ ‫غامر َت ي� ش� ٍف َم ُر ٍوم‬ ‫إذا‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫عظ�‬
‫أمـر ِي‬
‫املـوت ي ٍ‬
‫�‬ ‫ِ‬ ‫كطعم‬
‫ِ‬ ‫ق�‬ ‫ح‬
‫ِ ي ٍ يٍ‬ ‫أمر‬ ‫�‬ ‫املـوت‬ ‫ـم‬‫ع‬ ‫ط‬ ‫ف‬

‫***‬
‫المــور‪ّ ،‬‬ ‫ئ أ‬ ‫صــوت عاطفــة قويــة ّ‬ ‫َ‬ ‫ ُي ُ‬
‫وتقــوي فينــا عاطفــة‬ ‫مدويــة تدفعنــا إىل عظــا�‬ ‫ســمعنا‬
‫ّ‬ ‫ش ف‬ ‫ف‬
‫وأ��ــا‪ ،‬ومــا دام إالنســان غـ يـر مخ لــد‪،‬‬ ‫ـا�ت‬‫والقــدام واالسـ تـامتة ي� ســبيل أىمس الغـ ي‬ ‫الشــجاعة إ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫وهو ِّميت ال حمالة ‪ ،‬ف خ‬
‫� ي� هل إذن أن ي�وت ش� يفا عىل أن ي�يا ذليال‪.‬‬
‫النــاس‬‫الصعــب وضــع قيــاس واحــد لتقــد� العواطــف املخ تلفــة الختــاف طبائــع ّ‬ ‫ومــن ّ‬
‫ي‬
‫ـب أو البغــض وهكذا‪،‬‬ ‫وأمزج�ــم‪ ،‬فبع�ض ــم تثـ يـره عاطفــة الـ ّـرور أو عاطفــة احلــزن أو عاطفــة احلـ ّ‬‫ت‬
‫أ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫طبيع�ــا ومقــدار ت� يث�هــا‪ ،‬وتعتمــد قــوة‬‫ت‬ ‫ـد� لك عاطفــة عــى حــدة‪ ،‬حســب‬ ‫وهلــذا يفضــل النقــاد تقـ ي‬
‫ْ‬ ‫الديــب‪ ،‬فلــ� يثـ يـر القــارئ أو ّ‬‫أ‬
‫الســامع ي ج�ــب أن يكــون هــو قــوي الشــعور‬ ‫ي‬ ‫العاطفــة عــى طبيعــة‬
‫ف‬ ‫َّ‬ ‫اليال‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫لكنه ال ُيوفق ي� قوة العاطفة‪.‬‬ ‫قوي خ‬‫والتعب� َّ‬
‫ي‬ ‫ي� أدبه‪ ،‬وقد يكون حسن الداء‬

‫‪ - 3‬ثبات العاطفة واستمرارها‪:‬‬


‫ين‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ُتقــاس العاطفــة ت‬
‫القارئــ� أو‬ ‫بثبا�ــا واســتمرارها أيضــا وهــذا يعــن ي بقــاء ثأ�هــا ي� نفــوس‬
‫ً ف‬ ‫آ‬ ‫ً‬ ‫ثّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ـؤ� وقتيــا‪ ،‬وبع�ض ــا الخــر يبـىق ثأ�ه َّفعــاال ي�‬ ‫السـ ي ن‬
‫ـامع� زمنــا طويــا‪ ،‬فبعــض المعــال الدبيــة يـ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫النفــوس إىل أمــد طويــل‪ ،‬فثبــات العاطفــة ي� القطعــة الدبيــة يع ـن ي أن تثـ يـر شــعورا متجانســا‬
‫الديــب مــن شــعور إىل آخــر مــن غـ يـر صـ ة‬ ‫أ‬ ‫ً ْ ْ‬
‫ـ�‬ ‫أي‪ :‬أن تكــون هنــاك وحــدة‪ ،‬فــا ينتقــل‬ ‫متسلســا‪،‬‬
‫ف ً‬ ‫بي�ما تَّ‬‫ت ج�مع ن‬
‫ح� ال يكون االنتقال ج�ائيا‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪ - 4‬سمو العاطفة‪:‬‬
‫أ‬ ‫رفع�ــا أو ف‬‫ودرج�ــا مــن حيــث ت‬ ‫ت‬
‫ضع�ــا‪ ،‬فــالدب عــى اختــاف صــوره‬ ‫ويع ـن ي نــوع العاطفــة‬
‫ِّ‬ ‫ف‬ ‫النفــوس تّ‬ ‫يثــر ف� ّ‬
‫ُ‬
‫تث�هــا موســيقا الشــعر‪ ،‬وعواطــف‬ ‫شــى العواطــف‪� ،‬نــاك عواطــف ي‬ ‫وأشــاهل ي ي‬
‫ـس احليــاة ويبعــث‬ ‫حســية‪ ،‬وأدب يثـ يـر شــعو ًرا أخالقيـ ًـا َي َ�ـ ُّ‬ ‫تث�هــا معانيــه‪ ،‬وهنــاك أدب يثـ يـر لــذة ّ‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫َ‬
‫و� يــد حيــاة النــاس قــوة‪،‬‬ ‫الدبيــة يه الـ تـ� ت�ـ يـ� الضمـ يـر ت ز‬ ‫ـف‬ ‫ـ‬ ‫العواط‬ ‫س‬ ‫قي�ــا‪ ،‬وعــى هــذا فــأ ْ َ‬ ‫عــى ت� ت‬
‫أ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ق‬
‫ا� هــو مــا يثـ يـر فينــا انفعــاال وميــا إىل احليــاة الراقيــة‪ ،‬ولــن يكــون الدب راقيــا إال إذا‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫دب‬ ‫وال‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫اكنت هل صفة أخالقية‪ ،‬واكن قادرا عىل تنمية طبائعنا‪ ،‬ث‬
‫مشاعر� الصحيحة‪.‬‬ ‫وإ�رة‬

‫ثانيًا‪ -‬الخيال‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫اليــال‪ ،‬وهــو قــوة ذات قيمــة كبـ يـرة ّالبــد نم�ــا للديــب ًّ يأ� اكن‪ ،‬ولك أنــواع‬ ‫الدب خ‬ ‫مــن عنــارص‬
‫ّ‬ ‫ض‬ ‫الد� اكنــت حاجتــه إىل خ‬ ‫أ‬ ‫ولكــا ارت ـىق‬ ‫ّ‬ ‫الدب حمتاجــة إىل خ‬ ‫أ‬
‫اليــال أو�‪ ،‬ولعــل‬ ‫بي‬ ‫ـوع‬ ‫ـ‬ ‫املوض‬ ‫ـال‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬‫ال‬
‫أ‬ ‫ّ‬
‫أك� أنواع الدب حاجة إليه‪.‬‬ ‫قص�ة مها ث‬ ‫الشعر والقصة‪ ،‬طويلة اكنت أو ي‬
‫ً ًّ ّ‬ ‫يو�تبــط خ‬
‫ـو�‪ ،‬فلكــا اكنــت العاطفــة قويــة احتاجــت إىل خيــال قــوي‬ ‫اليــال ب�لعواطــف ارتباطــا قـ ي‬
‫ث تأ‬ ‫ثَ َّ َّ‬ ‫أ‬
‫و� يــد مــن درجــة ت� يث�هــا‪ ،‬ومــن � فــإن ضعــف أي م�ــا يــؤ� �ثـ يـر‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ت‬
‫وروع�ــا‪ ،‬ي ز‬ ‫ـ� عــى إ�ظ ارهــا‬ ‫ُيعـ نُ‬
‫ي‬
‫آ‬ ‫فً‬
‫كب�ا ي� ضعف الخر‪.‬‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫ـا� وحضورهــا ي� الذهــن بهســولة ‪ ،‬فبعــد أن تـ تـراءى الصــور‬ ‫ـداع املعـ ي‬ ‫ويعتمــد اليــال عــى تـ ي‬
‫خ‬
‫ن ف‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫لة َّ‬
‫ـا� ي�‬‫ـداع املعـ ي‬
‫للحيــاة بوســي التذكــر‪ ،‬يســتخلص م�ــا مــا يــا� الغــرض‪ ،‬وتنحــر عوامــل تـ ي‬
‫املاك� أو ن‬
‫الزما�‪:‬‬ ‫واالق�ان ن‬ ‫(التبا�)‪ ،‬ت‬ ‫ين‬ ‫وه‪ :‬التشابه‪ ،‬والتضاد‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ثالثة أمور‪ ،‬ي‬

‫‪45‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫‪ - 1‬ومن تداع ن‬
‫املعا� بعامل التشبيه قول الشاعر‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫ظــالم‬
‫يـــل ي� إال ِ‬
‫ِ‬ ‫اكلل‬ ‫لنفــوس‬
‫ٍ‬ ‫ضيـــــاء‬ ‫وجوه مثـل نال�ــــار‬
‫مك ٍ‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫ـ� مــن ت�اثــل‬ ‫ـ� املعنيـ ي ن‬
‫(ال�ــار) وذلــك ملــا بـ ي ن‬ ‫الشــاعر ن‬ ‫ـتدع إىل ذهــن‬
‫فالوجــوه الكثـ يـرة املضيئــة تسـ ي‬
‫أ‬ ‫وتشــابه ف ي� أمــر خــاص وهــو الضيــاء‪ ،‬وكذلــك النفــوس الكثـ يـرة الـ ت‬
‫ـ� تنطــوي عــى احلقــد الســود‬ ‫ي‬
‫فاليــال‬ ‫ـاص هنــا هــو إالظــام‪ ،‬خ‬ ‫ـ� مــن ت�اثــل وتشــابه أيضـ ًـا ف� أمــر خـ ّ‬
‫ـ� املعنيـ ي ن‬ ‫تســتدع (الليــل) ملــا بـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ب� الوجوه املضيئة ن‬
‫وال�ار ي ن‬ ‫ال� ي ن‬ ‫ب ت‬
‫وب� النفوس املظملة والليل‪.‬‬ ‫املشا�ة ي‬ ‫هو الذي ملح‬
‫بي�ــا تضــاد أو‬ ‫ـا� مــن عوامــل تــداع املعـ نـا� واســتحضارها‪ ،‬فالصــور الـ تـ� ن‬ ‫‪ - 2‬التضــاد أو التبـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ف ت‬
‫ـا� ال يــاد بع�ض ــا ي خ�تلــف عــن بعــض‪� ،‬ــن خ�يــل (احلــب) خطــر هل معـىن (البغــض) ومــن َمـ َّـر ْت‬ ‫تبـ ي ن‬
‫(ال بن�)‪ ،‬ومن أمثلة ذلك قول الشاعر‪:‬‬ ‫مع� ج‬ ‫عىل ب�هل (الشجاعة) انساق إليه ن‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫إذا ن�ن ِس ن� ي ن‬
‫ّ�رك يقظان تّال�اب نو� ئ�ه‬ ‫ب� ش� ٍق ومغرب‬ ‫ ‬
‫املع� املضاد هل وهو ئ‬
‫(النا�)‪.‬‬ ‫الاطر ن‬ ‫ف�نا ن�ى َّأن (اليقظان) قد استدىع إىل خ‬
‫ـا� أو الزمـ نـا� َّأن ذكــر مــان أو زمــان ُمعـ ّ ي ن‬
‫ـ� مــن‬ ‫‪ - 3‬ومــن تــداع املعـ نـا� بعامــل االقـ تـران املـ ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ت ُْ َ‬ ‫أ‬
‫شــأنه ْأن يســتدع إىل الذهــن الحــداث الـ تـ� وقعــت فيــه‪ ،‬ومــن أمثـ ة‬
‫ـ� تذكــر عندمــا‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـع‬
‫ـ‬ ‫الوقائ‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الروم‪:‬‬ ‫ماك�ا‪ ،‬قول بن‬
‫ا�‬ ‫ي خ�طر ب�لبال ن‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫مآر ُب َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الشباب هنالاك‬ ‫قضـاها‬ ‫ِ‬ ‫وح َّب َب أوطـان الرجـال يإل� ُم‬
‫ُّ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ُع ُـهود ِّ‬ ‫ـر� ُ‬ ‫َ ن ُ َّ‬
‫ذك تْ‬
‫الصبا يف�ا �نوا لذلاك‬ ‫ــم‬ ‫إذا ذكـروا أوطا�م‬
‫***‬

‫حيا�ــم‪ ،‬وه هعــود ِّ‬


‫الصبــا الـ ت‬ ‫أ ن ُ ّ‬
‫ذكــرمه ب أ�عـ ّـز مراحــل ت‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ـ� ال تــاد تطيــف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـم‬
‫ـ‬ ‫وطا�‬‫ل‬ ‫ـال‬
‫ـ‬ ‫الرج‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ف ِذ‬
‫ح� تستيقظ عاطفة ي ن‬
‫احلن� يإل�ا‪.‬‬ ‫ذها�م‪ ،‬ت‬ ‫ب أ� ن‬
‫ف‬
‫أخ�ا صخ ر‪:‬‬
‫النساء ي� ثر�ء ي‬
‫زما�ا قول خ‬ ‫ال� تتوارد عىل خ‬
‫الاطر عند جمرد ذكر ن‬ ‫ت‬ ‫لة‬
‫ومن أمث الوقائع ي‬
‫ـــس‬ ‫�‬‫للك ُغ ُروب ش‬
‫ِّ‬
‫وأذكره‬
‫ً‬ ‫ر� ُ‬
‫طلوع الشمس صخ را‬
‫ِّ‬
‫يذك ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫***‬

‫‪46‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـ� عظيمـ ي ن‬
‫ـ� مــن أمعــال ي‬
‫أخ�ــا‬ ‫ـ� ب�لذكــر؛ أل ن�مــا مظهـران لعملـ ي ن‬‫ـذ� الوقتـ ي ن‬ ‫فالشــاعرة خصــت هـ ي ن‬
‫ـ� يه مظهــر الشــجاعة عنــد طلــوع الشــمس‪ ،‬ويقــري الضيــوف‬ ‫ت‬ ‫صخ‬
‫ــر حيــث اكن يغــدو للغــارة الـ ي‬
‫ويقدم هلم الطعام عند الغروب‪.‬‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫ن ت ت‬ ‫ف‬
‫ـ� خ� ت ز� ن�ــا الذاكــرة عــى وجــوه شـ تـى طبقــا ملقتضيــات الحــوال‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـا�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫املع‬ ‫�‬
‫ي‬
‫خ‬
‫واليــال يتــرف‬
‫أ‬
‫اليال» ومن هذه الحوال‪:‬‬ ‫يع� عنه بــــ «فنون خ‬ ‫التعب�‪ ،‬وهو ما ّب‬
‫ي‬ ‫ومتطلبات‬
‫ً‬
‫تكث� القليل‪ ،‬كقول معرو بن� لكثوم مفتخرا‪:‬‬ ‫‪ 1.1‬ي‬
‫أ‬
‫البحــــر ن�لؤه سفينــــــا‬
‫ِ‬
‫َو ُ‬
‫ماء‬ ‫ح� ضـــــاق ّ‬
‫عنــــــا‬ ‫ملنــا ب َّ‬
‫ال� ت‬ ‫ ‬
‫َّ‬ ‫ا� لكثــوم ت ج�ــاوز حـ ّـد احلقيقــة ف� إالخبــار بك ـرث ة قبيلتــه وسـ ن‬‫فالــذي صنعــه خيــال بن‬
‫ـف�ا‪ ،‬وإن‬ ‫ي‬
‫ع�م‪ ،‬والبحر قد ازدمح ن‬
‫بسف�م‪.‬‬ ‫ال� قد ضاق ن‬ ‫واالع�از دفعته إىل ت خ�يل ب ّ‬
‫تز‬ ‫نشوة الفخر‬
‫ف‬ ‫خ‬ ‫ش بن‬
‫ثعم ي� وصف معركة‪:‬‬ ‫الصغ�‪ :‬كقول ب� � ربيعة ال ي‬ ‫ي‬ ‫تكب�‬
‫‪ 2.2‬ي‬
‫َّ‬
‫ْ‬
‫جناحـــي طائـــــــر‬ ‫ُيعــــــار‬ ‫ ‬‫عشيــــــة ّود القــــــوم لــــــو أن‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫اكلبـال‬
‫دلفنـــــتا لخـــــرى ج‬ ‫ ‬
‫إذا مـــا فرغنــــا مـــن قــــــــراع‬ ‫ ‬
‫فقد بلغ خيال الشاعر ب�لكتيبة من ج�ة الضخامة مبلغ ج‬
‫البال‪.‬‬
‫املتن�‪:‬‬ ‫لة‬
‫الكب� ومن أمث ذلك قول ب ي‬ ‫تصغ� ي‬
‫‪ 3.3‬ي‬
‫َ‬ ‫لـــوال مخ ت‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ف‬
‫اطبــ� يإ�ك مل ت�نـــي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ــــوال ن‬
‫أن� رجل‬ ‫�‬ ‫سمـــي‬‫�‬‫ج‬ ‫ب‬ ‫ك�‬ ‫ ‬
‫د�ــم إىل ماكنــه‬ ‫حــى ّادىع َّأن مخ اطبتــه للنــاس ه ّال ت‬
‫ــ� ت� ي‬ ‫الــم ت‬ ‫فاليــال أخــذ يســتصغر ج‬ ‫خ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫قبال�ــم‪ ،‬فعندمــا يتدخــل‬‫وإن وقــف ت‬ ‫ـ� النــاس‬ ‫ـو� عــن أعـ ي ن‬‫فيبرصونــه‪ ،‬ولــوال مخ اطبتــه لب ـق ي حمجـ ب‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫اليــال ي� مثــل هــذا املوقــف ويعمــد إىل تصغـ يـر الكبـ يـر نإ�ــا يبـغ ي مــن وراء ذلــك أن يثـ يـر عاطفــة‬ ‫خ‬
‫ً‬
‫صغ�ا‪.‬‬ ‫الكب� الذي ردته أحداث الدهر ي‬ ‫والر ث�ء حلال ي‬ ‫الشفقة ّ‬
‫ف‬ ‫ت ُ‬
‫‪ 4.4‬خ� ّيل ما هو معنوي ي� صورة حمسوس‪ ،‬ومن أمثلة ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫تنتحب الفتــــاة؟‬ ‫فقلت عالم‬ ‫تبك‬
‫ي ي‬ ‫وه‬ ‫املـروءة‬
‫ِ‬ ‫عىل‬ ‫مـررت‬
‫ً‬
‫ج�يعا دون خلق هللا ماتـــــوا‬ ‫أبك وأهلـي‬
‫فقـالت‪ :‬كيف ال ي‬
‫***‬

‫‪47‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ت‬
‫ـ�‪ ،‬فأســند يإل�ــا البــاء‪،‬‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫تب‬ ‫ـاة‬
‫ـ‬ ‫فت‬ ‫زي‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـوي‬
‫ـ‬ ‫معن‬ ‫ـ�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫عق‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫أم‬ ‫وه‬
‫ي‬ ‫ـروءة‬‫ـ‬ ‫امل‬ ‫ـاعر‬‫ـ‬‫الش‬ ‫فقــد خ�يــل‬
‫وبي�ا هذا احلوار‪.‬‬‫وأجرى بينه ن‬
‫ف‬ ‫ت‬
‫‪ - 5‬خ� ّيل احملسوس ي� صورة احملسوس ومن ذلك قول البارودي‪:‬‬
‫طـ� ب أ�جنـحة خ�ض‬ ‫ب� يد َّ‬ ‫أ‬
‫امك رفرفت ي‬ ‫الص َبا‬ ‫الغصـان ي ن‬ ‫وقد مـاجت‬
‫ت‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫كـأن َّ‬
‫ج�ول بخ�د أو جـمان علـى ِت ْب�‬ ‫ٌ‬
‫مدامـــــع‬ ‫النـدى فوق الشـقيق‬
‫***‬
‫َّ ف‬ ‫ـ� ج‬ ‫�ــار الـ ت‬ ‫أش‬ ‫ فخ‬
‫الصبــا ي� صورة طيــور مرفرفة‬ ‫يؤر�هــا نسـ يـم‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ـان‬‫ـ‬ ‫أغص‬ ‫ـل‬‫ـ‬ ‫يتمث‬ ‫ـارودي‬ ‫ـ‬ ‫الب‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫�‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ـر‪ ،‬امك �ى قط ـرات ّ‬ ‫ب أ�جنحــة ُخـ ضْ‬
‫النــدى فــوق ورد الشــقيق المحــر ي� صــورة دمــوع تنحــدر عــى‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫حبات الفضة عىل فتات الذهب خ‬ ‫خد‪ ،‬أو صورة ّ‬ ‫ٍّ‬
‫الالص‪.‬‬
‫ً‬ ‫ت‬ ‫خ‬
‫‪ - 6‬احلــوار والقصــص‪ ،‬ومــن فنــون اليــال عقــد حمــاورة أو إنشــاء قصــة �ــدف إىل مغــزى ب ّ ي‬
‫أد�‪،‬‬
‫ـ� اثنـ ي ن‬‫ال بد�ء ومــا زالــوا يســتعينون ب� خليــال ف ي� إجـراء حــوار بـ ي ن‬ ‫أ‬ ‫ـياس‪ ،‬أو أخـ ق ي ّ‬ ‫أو سـ يّ‬
‫ـ�‬ ‫ـا�‪ ،‬وقــد اكن‬
‫ف‬
‫�صيات قصصية ال وجود هلا ي� عامل الواقع‪.‬‬ ‫أك�‪ْ ،‬أو خلق ش خ‬ ‫أو ث‬

‫ثالثًا‪ -‬المعاني‪:‬‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬
‫كبــرة ي�‬
‫وه قــوام لك أنــواع الدب‪ ،‬وقــد تكــون هلــا قيمــة ي‬ ‫ي ي‬ ‫املعــا�‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫ ومــن عنــارص‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت يخ أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫واحلــم والمثــال؛ لن موضوهعــا هــو إالخبــار‬ ‫ر� الدب ِ‬ ‫بعــض النــواع امك هــو الشــأن ي� كتــب �‬
‫أ‬ ‫ّ ت ف‬
‫قيم�ــا ي� القصــص؛ لن‬ ‫ـز�ة دقيقــة وا�ض ــة‪ ،‬وتقــل‬ ‫ـا� عــى وجــه تكــون فيــه غـ ي‬
‫ن‬
‫�بحلقائــق وأداء املعـ ي‬
‫ت أ‬ ‫غ‬
‫ـر� مــن هــذا فــإن املعـ ن‬ ‫الول نم�ــا ث‬ ‫أ‬
‫مقوما�ا الساســية‪،‬‬ ‫ـا� مــن‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـى‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫لك‬ ‫و‬ ‫ـف‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫العواط‬ ‫رة‬ ‫إ�‬ ‫القصــد‬
‫ِّ‬ ‫فالعواطــف تكــون حصيحــة ســليمة إذا اكنــت ئ‬
‫قا�ــة عــى أســاس حصيــح مــن احلقائــق‪ ،‬والشــعر وهــو‬
‫ن‬ ‫الــرف ُ‬ ‫الدب ِّ‬ ‫أ‬
‫عل�ــا العاطفــة‪ ،‬وليــس مــن‬ ‫الــ� ت�تكــز ي‬ ‫املعــا� ت‬
‫ي‬ ‫مــن‬ ‫فيــه‬ ‫ــا‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫قــاس‬ ‫ي‬ ‫أمه أنــواع‬
‫أ ي أ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ض‬
‫ـا� مبتكــرة جديــدة؛ لن الدب قــد يتنــاول فكــرة مألوفــة للنــاس‬ ‫الــروري ي� الدب أن تكــون املعـ ي‬
‫ً‬
‫ـدا بي�ــر العـ ي ن‬ ‫ً‬
‫ـ� ويدهــش‬ ‫فيكســب يف�ــا مــن عاطفتــه وخيــاهل‪ ،‬ومنــه مــا ي ج�علهــا تنقلــب خلقــا جديـ‬
‫ي ن‬ ‫ف أ‬
‫ـد� ج�ــد مع ـىن بيــت الشــعر الواحــد وموضعــه يتنقــان مــن شــاعر إىل‬ ‫ـ� الدب القـ‬ ‫العقــل‪ ،‬فـ ي‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ٍّ‬
‫شــاعر لك يقـ ّـد ُم صياغــة خاصــة بــه حـ تـى اختلــف النقــاد فيمــن يقدمــون‪ :‬ال ّول أم الخـ يـر‪ ،‬وقــد‬
‫ن ف أ‬
‫لملعا� ي� الدب نم�ا‪:‬‬ ‫ي‬ ‫وضع النقاد مقاييس‬
‫‪48‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الصحة والخطأ‪:‬‬
‫* مقياس ّ‬
‫ً‬ ‫ف أ‬ ‫ْ‬
‫ ينبـغ ي أن يكــون املعـىن ي� الدب حصيحــا ال خطــأ فيــه مــن ن�حيــة احلقائــق أو واقــع احليــاة أو‬
‫الطأ اللغوي قول ت‬ ‫ف ً‬
‫ثال ُي َع ُّد من خ‬ ‫ّ‬
‫البح�ي‪:‬‬ ‫املدلول اللغوي‪� ،‬‬
‫الغ َم ِام َب ْ ن� ب ْكر يّ‬
‫وأ�‬
‫ُُ َ َ‬
‫جيوب‬
‫ّ ي ُ ُ َّ‬
‫� ك َع ِش َّي ٍة‬ ‫ليه الر‬ ‫َ‬
‫ع‬ ‫ق‬‫َت ُش ُّ‬
‫ي ِ ٍ ٍ‬ ‫ِ‬
‫***‬
‫ف‬ ‫ً ف‬ ‫َ َّ أ‬ ‫أ‬
‫ فقــد أخطــأ البحـ تـري؛ لنــه ظــن أن (ال ي�) يه ليســت بكـرا‪ ،‬ج�علهــا ي� البيــت ِضــد (البكــر)‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫ال� ال زوج هلا‪ ،‬بكرا اكنت أم ِّثيبا‪ ،‬ومن الرجال من ال امرأة هل‪.‬‬ ‫ال ي� من النساء ه ت‬
‫ي ي‬ ‫مع أن‬
‫* مقياس الطرافة‪:‬‬
‫الوانــب خ‬ ‫أ‬ ‫يقيــس ّ‬
‫الفيــة‬ ‫إل ج‬
‫ي‬ ‫ـب‬
‫ـ‬ ‫دي‬‫ال‬ ‫النقــاد املعـىن ب�قــدار مــا فيــه مــن طرافــة‪ ،‬أي‪ :‬نــدرة فيتطــرق‬
‫أ‬ ‫فيع� ن‬ ‫ن‬ ‫ف‬
‫الدؤل‪:‬‬
‫ي‬ ‫سود‬ ‫ال‬ ‫أ�‬
‫بي‬ ‫كقول‬ ‫ا‬‫ع�‬ ‫ب‬ ‫املع�‬ ‫�‬‫يغ� املطروحة ي‬
‫بخ‬ ‫َُْ ْ ُ‬ ‫يلومون� ف� البخل ج� ًال وض ًلة‬
‫خ� من سؤال �يل‬
‫وللبخل ي‬ ‫ِ‬ ‫ني ي‬
‫***‬

‫فالطرافة ف ي� أنه معد إىل ت� ي ن‬


‫س� القبيح وهو البخل‪.‬‬
‫* مقياس الوضوح والغموض‪:‬‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�غ‬ ‫أ‬
‫ُيقــاس الدب بدرجــة وضوحــه و وضــه‪ ،‬يو�جــع هــذا إىل الســلوب‪ ،‬فيكــون الســلوب وا�ض ــا إذا‬
‫�غ‬ ‫ً ف‬ ‫ً‬
‫جــاء عــى أصــول اللغــة‪ ،‬خاليــا مــن التعقيــد‪ ،‬بعيــدا ي� ألفاظــه عــن الغرابــة‪ ،‬ومــن أســباب ــوض‬
‫ف‬
‫أ� ت�ــام الــذي أفــرط فيــه إىل حـ ّـد‬
‫املعـىن ي� الشــعر إال كثــار مــن اســتعمال البديــع امك هــو احلــال عنــد يب‬
‫جعل النقاد يعيبونه عليه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫والنــاس واالســتعارات البعيــدة املآخــذ مــن شــأنه أن يوقع‬ ‫الطبــاق ج‬
‫فــإرساف الشــاعر ي� اســتخدام ِ‬
‫ـا�‪ ،‬فقــد يقصــد بلفظــة االســتعارة أو‬ ‫ن‬ ‫ف َ‬
‫القــارئ أو الســامع ي� حـ يـرة االهتــداء إىل مـراد الشــاعر مــن املعـ ي‬
‫ـؤدي ب�عـىن العبــارة ِّلكهــا إىل الغمــوض خ‬
‫والفــاء‪،‬‬ ‫النــاس َم ْعـىنً غـ يـر شــائع االســتعمال مــا يـ ِّ‬‫الطبــاق أو ج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫�غ‬
‫بتحمل�ــا معـىن خارجــا‬
‫ي‬ ‫وامم يــؤدي إىل ــوض املعـىن اســتخدام الملكــة ي� غـ يـر مــا وضعــت هل أصــا‬
‫عن مدلوهلا املتعارف عليه‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫رابعًا‪ -‬األسلوب‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الشــاعر خ‬ ‫ّ‬
‫الاصــة ي� اختيــار اللفــاظ عــى الشــل الــذي ي�تضيــه الــذوق‪،‬‬ ‫وهــو طريقــة الاكتــب أو‬
‫أ‬ ‫ف أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫تو�ليــف الكلام عــى الوضــع الــذي يقتضيــه العقــل‪ ،‬وللســلوب قيمــة كبـ يـرة ي� الدب؛ لن النفــس تتـ ثـأ�‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫أ ً‬
‫بنظــم الكلام وصياغتــه ت� ث�ا ب�لغــا حـ تَّـى إن بعــض النقــاد العــرب جعــل نصيــب الســلوب ي� الفضــل‬
‫أ‬ ‫فض ُل ن‬ ‫مثال �د عىل من ُي ِّ‬ ‫ً‬ ‫أك� من نصيب ن‬ ‫ث‬
‫املع� عىل السلوب بقوهل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫فالاحظ‬ ‫املع�‪ ،‬ج‬
‫ن ّ نَّ‬ ‫ـر� والبـ ُّ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫وإ�ــا الشــأن‬ ‫ـد�‪،‬‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫وامل‬ ‫ـروي‬ ‫ـ‬ ‫والق‬ ‫ـدوي‬ ‫بي‬ ‫ـ‬ ‫والع‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫العج‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫يعر�‬ ‫ـا� مطروحــة ي� الطريــق‬ ‫« واملعـ ي‬
‫الســبك‪ ،‬ن‬ ‫الطبــع‪ ،‬وجــودة َّ‬ ‫ّ‬ ‫و�ـ ُّيـر اللفــظ‪ ،‬وهســولة املخ ــرج‪ ،‬وك ـرث ة املــاء‪ ،‬فو� َّ‬ ‫ف� إقامــة الــوزن‪ ،‬ت خ‬
‫فإ�ــا‬ ‫حصــة‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الشــعر صناعــة‪ ،‬ض‬ ‫ِّ‬
‫ـو� « وهــذا الـرأي هــو نفســه رأي نقــاد العــرب‪،‬‬ ‫و�ب مــن النســج وجنــس مــن التصـ ي‬
‫أ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬
‫فقالــوا‪ « :‬الديــب يعــم أن قيمــة الفكــر ب�لقالــب الــذي يفــرغ فيه هــذا الفكر‪ .‬والســلوب ي�تبط بشــخصية‬
‫ّ أ‬ ‫أ‬
‫الديــب حـ تـى قيــل‪ « :‬إن الســلوب هــو الرجــل نفســه «‪ ،‬فالفكــرة العامــة إذا أخذهــا الفنــان وصا�غ ــا‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بطريقتــه‪ ،‬ن‬
‫تســر ي� النــاس موســومة بومســه‪ ،‬وتعيــش ي� احليــاة مقرونــة‬ ‫فإ�ــا تصبــح ملــا خاصــا هل‪ ،‬ي‬
‫الفــار وإن اكنــت لغــره‪ ،‬وقــد تعــارف ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬
‫النــاس عــى‬ ‫ي‬ ‫ب�مســه‪ ،‬فالســلوب وحــده هــو الــذي ُي َ�لــك الديــب‬
‫املع� وصاغه ف ي� بيته ش‬ ‫املتن� هذا ن‬ ‫الكر� ُوت غ‬ ‫تأ‬ ‫َّأن املعاملة‬
‫امل�ور‪:‬‬ ‫يب‬ ‫اللئ�‪ ،‬وأخذ‬ ‫ط� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫رس‬ ‫�‬ ‫ة‬ ‫الكر�‬
‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫اللئ� ت� َّردا‬
‫أكرمت ي َ‬ ‫َ‬ ‫وإن َ‬
‫أنت‬ ‫أكرمت الك ير� ملكته‬ ‫َ‬ ‫أنت‬‫إذا َ‬
‫***‬
‫ً‬
‫ملاك هل ومن أبياته ئ‬ ‫أ‬
‫السا�ة‪.‬‬ ‫فأصبح ب�ذه الصيغة وهذا السلوب‬
‫ق‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ـام‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـو�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـلوب‬
‫ـ‬ ‫وأس‬ ‫ـاه‪،‬‬
‫ـ‬ ‫معن‬ ‫ـق‬‫ـ‬ ‫ينغل‬ ‫ال‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫هس‬ ‫ـلوب‬
‫ـ‬ ‫وأس‬ ‫ـوي‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ـزل‬
‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ـلوب‬ ‫ـ‬ ‫أس‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫ـلوب‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ُويقــاس‬
‫أ‬
‫ـو� غامــض بم�ــم‪ ،‬وإىل جانــب ذلــك ُيقـ َّـم الســلوب ب�عتبــار املوضوعــات‬ ‫فـ تـا�‪ ،‬هملهــل‪ ،‬وأســلوب حـ ش يّ‬
‫أ‬ ‫أو الفنــون الـ ت‬
‫لم� وهــو الســلوب الــذي تــؤدى بــه احلقائــق العمليــة‪ ،‬وأســلوب‬ ‫يعالهــا إىل‪ :‬أســلوب ع ّي‬ ‫ـ� ج‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أد� وهــو أســلوب الن ـرث الف ـن ‪ ،‬وأســلوب شـ ّ‬
‫ـعري وهــو مــا يكــون جانــب العاطفــة فيــه ب�رزا متغلبــا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ب ّي‬
‫أ‬ ‫ٍّ‬ ‫ـاري‪ ،‬وحـ ّ‬
‫ـواري تو� يّ‬ ‫ـ�‪ ،‬وأســلوب إخبـ ّ‬ ‫ئ‬
‫ـاه‪ ،‬ولــل مــن هــذه الســاليب‬ ‫كم� وفـ ي ّ‬ ‫روا� وقصـ ّي‬ ‫وأســلوب ّ ي‬
‫عنارص ت� ي ز�ه من يغ�ه وميدانه الذي يعمل فيه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬

‫الديــب صادقــة؟ ت‬ ‫أ‬ ‫ــدث عــن العاطفــة‪ ،‬ت‬ ‫ت ْ‬


‫ومــى‬ ‫ومــى تكــون عاطفــة‬ ‫‪�1.1‬‬
‫ت�تبط ب� خليال؟‬
‫ّ‬
‫الشعرية‪.‬‬ ‫املعا� من القصائد‬‫‪َ 2.2‬م ِّث ْل لعوامل تداع ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن ف أ‬ ‫ت‬
‫لملعا� ي� الدب؟‬
‫ي‬ ‫ال� وضهعا النقاد‬
‫‪3.3‬ما املقاييس ي‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫واملعا� مطروحــة ي� الطريق‬ ‫ـظ‪:‬‬
‫ـ‬ ‫اح‬ ‫ال‬
‫ج‬ ‫وا�ح مقــولة‬
‫الســلوب‪ ،‬ش‬ ‫‪َ 4.4‬عـ ِّـرف‬
‫‪ .....‬خ‬
‫إل‬

‫‪51‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
52
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫الفصل الثالث‬
‫تطبيقات نقدية‬

53
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
54
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫تحليل ال ّنص األدبي ونقده‬
‫ـد� ف� اكتشــاف أبعــاد ّ‬
‫النـ ّ‬ ‫ـت�ي ت�ليلنــا وتفيـ ن‬
‫الد� سـ ث‬‫ّ ّ أ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ـص‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ـص‬ ‫ـ‬ ‫لن‬ ‫�‬‫ب‬ ‫ـق‬
‫ـ‬ ‫يتعل‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫معرفتن‬ ‫إن‬
‫نلق�ــا عــى‬
‫ً‬
‫الارجيــة أو الســياقية أحاكمــا ي‬ ‫ومراميــه‪ّ ،‬إل أنــه ي ج�ــب ّأل تكــون املعلومــات املســبقة خ‬
‫ف‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫ـص‪ ،‬ومــن ث َّ� �لــه وفــق هــذه املعلومــات املســبقة‪� ،‬ــذه املعلومــات إضــاءات اكشــفة تعيننــا عــى‬ ‫النـ ّ‬
‫النقــاد عــى املبــادئ العامــة ملراحــل ت�ليــل ّ‬
‫النــص‬ ‫ـص واســتنباط م ـزا�ه‪ ،‬ويــاد يتفــق ّ‬ ‫ف�ــم ّ‬
‫النـ ّ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫ال بد� وتتبع ش�ح عنارصه ت‬ ‫أ‬
‫ال� تتمثل ي�‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ــــــــص‬
‫ّ‬ ‫‪ - 1‬فهــــم النّ‬
‫ـص ق ـراءة واعيــة متأنيــة يــدرك مــن خالهلــا القــارئ العالقــات ّ‬
‫النحويــة‪ ،‬ويتفحــص‬ ‫ق ـراءة ّ‬
‫النـ ّ‬
‫أ‬
‫لللفــاظ‪ ،‬ويتوقــف عنــد الملكــات ت‬ ‫الداء اللغــوي‪ّ ،‬‬ ‫أ‬
‫الــ�‬
‫ي‬ ‫واهلامشــية‬ ‫املركزيــة‬ ‫الالت‬ ‫والــد‬ ‫طريقــة‬
‫معا� يغ� معروفة‪ ،‬وذلك �بالستعانة ب� ج‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫ملعا� اللغوية‪.‬‬ ‫�مل ي‬
‫جوه العام‬ ‫‪ - 2‬تحديد موقع النّ ّ‬
‫ص َو ّ‬
‫أ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً مخ ً‬
‫لك‪ ،‬فيجــب أن يطلـ َـع الـ ّـدارس عــى الصــل ملعرفــة‬
‫ي‬ ‫ـص‬‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ت‬ ‫أو‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫مقتطف‬ ‫ـص‬ ‫إذا اكن ّ‬
‫النـ ّ‬
‫ْ‬ ‫أفــار الاكتــب‪ ،‬وموضــع ّ‬
‫النــص مــن نتاجــه‪ ،‬والتعــرف عــى املناســبة إن اكن هنــاك حــدث ي�تبــط‬
‫ب� ّلن ّص‪.‬‬
‫‪ - 3‬تحديد أفكار النّ ّ‬
‫ص‬
‫النــص مــن فكــرة أو أفــار عامــة‪ ،‬وخـ يـر وســيلة للوصــول إىل الفكــرة العامــة يه دراســة‬‫َيتكـ ّـون ّ‬
‫ْ‬ ‫الفــار الفرعيــة ن‬ ‫أ‬ ‫النـ ّ‬‫ّ‬
‫وم�ــا نصــل إىل الفكــرة اللكيــة‪ ،‬وعــى الــدارس أن يقــف عــى‬ ‫ـص‪ ،‬وتســجيل‬
‫ْ‬ ‫ن أ‬ ‫االنســجام ت‬
‫الزئيــة والفكــرة العامــة‪ ،‬امك عليــه أن يتفحــص حســن انتقــال‬ ‫ـ� الفــار ج‬ ‫وال�ابــط بـ ي‬
‫أ‬
‫الديب من فكرة إىل فكرة لنقل مشاعره وأفاكره للقارئ‪.‬‬
‫صــــــــــــــــــور‬
‫‪ - 4‬ال ّ‬
‫ت ف‬ ‫َّ أ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتثبي�ــا ي�‬ ‫د�‪ ،‬إذ إن الديــب يلجــأ عــادة إىل تغليــف أفــاره‬ ‫الصــور مــن أمه عنــارص النــص ب ي‬
‫ال‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫طري�ــا‪ ،‬امك نأ�ــا توقــظ العواطــف‪ ،‬ف� ت‬
‫نفــس القــارئ عــن ق‬
‫التصو� يــة‪ ،‬وإذا اكن الدب تعبـ يـر ي�‬
‫ي‬ ‫لغ�ــا‬ ‫ي‬
‫ً َّ أ‬
‫الفــار ه الـ ت‬ ‫الصــور ه الطاغيــة عــى ّ‬
‫النــص‪ّ ،‬‬ ‫اكنــت ُّ‬
‫ـ� تســيطر عليــه‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـإن‬‫ـ‬ ‫ف‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـر�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫تق‬ ‫اكن‬ ‫إذا‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫أم‬ ‫ي‬

‫‪55‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ف‬ ‫ّ ّ أ‬
‫ـو� الصــور ي� ت�ابطهــا وانســجاهما مــع الفكــرة‪ ،‬ويلحــظ‬ ‫ال بد� يلتفــت إىل تكـ ي ن‬
‫ي‬ ‫والــدارس للنــص‬
‫ف‬
‫كذلــك طابــع الصــورة‪ ،‬هــل يه ماديــة‪ ،‬أو حســية‪ ،‬أو معنويــة أو خياليــة بعيــدة تتاكثــف ي�‬
‫أ‬
‫و� ت� التلـ ي ن‬ ‫ن‬ ‫آ‬
‫الفــاق؟ امك ينتبــه إىل حركــة الصــورة ق‬
‫النفس‬
‫ي‬ ‫ـال‬‫ـ‬ ‫االنفع‬ ‫صباغ‬ ‫�‬
‫إ‬ ‫ب‬ ‫ـادة‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـو�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـا‪،‬‬
‫ـ‬ ‫وتلوي�‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ومع�‬
‫أ‬
‫عند الديب الذي ي�اول نقلها إىل القارئ‪.‬‬
‫‪ - 5‬العواطف‬
‫ً‬ ‫ئً‬ ‫العواطــف ه االنفعــال النفــ� املصاحــب ّللنـ ّ‬
‫ـاد� متوســطا أو‬ ‫ـص‪ ،‬وقــد يكــون االنفعــال هـ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ف ت‬ ‫ـ� ال ّول والثـ ن‬ ‫أ‬ ‫جاحمـ ًـا‪ ،‬فالغــزل يناســبه اهلــدوء‪ ،‬واحلــزن يناســبه اهلــدوء‪ ،‬وبـ ي ن‬
‫ا�ــاه‬ ‫ـا� اختــاف ي� ج‬ ‫ي‬
‫إ�ـ بـا� متمـ ّـدد فــرح‪ ،‬والثـ نـا� هــدوء منمكــش حـ ي ن‬ ‫أ‬
‫ـز�‪ ،‬والغضــب انفعــال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ـدوء‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ول‬ ‫ـال‬ ‫اهلــدوء‪ ،‬فـ‬
‫ّ ن ف‬ ‫ّ‬
‫الول ي خ‬ ‫َّ أ‬ ‫ُّ‬
‫ا� ي� النوع‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الث‬ ‫عن‬ ‫تلف‬ ‫�‬ ‫واحلض عىل الثورة والقتال انفعال جاحم لكن‬ ‫جاحم‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والعاطفــة ت خ�تلــف عــن الفكــرة إذ إ َّن العاطفــة ت�ريــك نفــ� والفكــرة ش‬
‫ـ�‪ ،‬فالذ َهــاب‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫عق‬ ‫ء‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫فكرة ُ‬
‫وح ّب الذهاب عاطفة‪.‬‬
‫أ‬
‫إعاب؟‬ ‫أه حب‪ ،‬أم كره‪ ،‬أم حزن‪ ،‬أم فرح‪ ،‬أم تقزز‪ ،‬أم ت�مل‪ ،‬أم ج‬ ‫● ومن ذلك نوع العاطفة‪ :‬ي‬
‫�صـــــــي؟‬ ‫إنسا�‪ ،‬أم ش خ‬ ‫وط�‪ ،‬أم ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫قوم‪ ،‬أم ي‬ ‫دي�‪ ،‬أم ي‬ ‫● ومن ذلك دافع العاطفة‪ :‬أهو ي‬
‫أه معيقــة أم ســطحية وهــل يه فرديــة أم ج�اعيــة‬ ‫ت‬
‫● ومــن ذلــك معــق العاطفــة ودرجا�ــا‪ :‬ي‬
‫إنسانية؟‬
‫أه معيقة‪ ،‬صادقة‪ ،‬ملونة ث�بتة جياشة‪ ،‬هادئة أم‪...‬؟‬ ‫● ومن ذلك احلمك عىل العاطفة‪ :‬ي‬
‫ص‬ ‫‪ - 6‬دراسة البناء الداخلي والشكل الخارجي للنّ ّ‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬
‫ـتو�ت النظــام اللغــوي إىل أعالهــا فينظــر إىل الصــوات وطابهعــا مــن‬ ‫وهــو �ــص الــدارس ملسـ ي‬
‫ت ت‬ ‫ملخ‬
‫ـ� �تــاج إىل ج�ــد‬ ‫حيــث ا ــارج وارتباهطــا ب�ملوضــع‪ ،‬فاحلــروف احللقيــة تناســب املوضوعــات الـ ي‬
‫اكي�ــا يف�صــد‬ ‫ـص تو� ب‬ ‫النـ ّ‬ ‫ـض‪ ،‬وتقريــع‪ ،‬ومــدح‪ ،‬أو ثر�ء‪ ،‬ث� ينتقــل الــدارس إىل ج�ــل ّ‬ ‫�ــر وحـ ّ‬ ‫مــن ف خ‬
‫والنشــاء‪،‬‬ ‫ال ب� إ‬ ‫ـ� ض�وب خ‬ ‫والر�بــة والتنــوع‪ ،‬واالنتقــال بـ ي ن‬ ‫ـ� مــن حيــث الطــول والقــر ت‬ ‫المـ ة‬ ‫طابــع ج‬
‫والتك ـرار‪ ،‬وســبب أي ظاهــرة تتكــرر‪ ،‬وإليــك مخ تــارات ّيتضــح مــن‬ ‫ـد� والتأخــر‪ ،‬واحلشــو َّ‬
‫ي‬ ‫والتقـ ي‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫خالهلا ما عرضناه ي� القمس ال ّول من هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الفن ِّ‬
‫الشعري‬ ‫ّ‬
‫َأ ْض َحى ال َّتنائي ‪ -‬ابن زيدون‬

‫ص‪:‬‬ ‫النّ ّ‬
‫ُ ْ تَ‬ ‫َون َ‬ ‫ديـال مـن َت َد َ‬ ‫َّ ئ َ ً‬ ‫�ضْ‬
‫يـب لق َي نَا� ج� ِافينـــــا‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ِ‬ ‫ـن‬ ‫ع‬ ‫ـــاب َ‬ ‫انـينــــا‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ـنـــا�‬
‫ي‬ ‫الت‬ ‫ـى‬ ‫أ‬
‫للح ْ ن� َداع َ‬ ‫َ ٌ َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ـيـنـــــا‬ ‫يِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ــا‬ ‫ــام ب َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فق‬ ‫حيـــن‬ ‫الب ْ ي ِن� َص َّب َـح َنـا‬ ‫ـبح َ‬ ‫ــــان ُص ُ‬ ‫أال وقـد ح‬
‫ــز� مـع َّ‬ ‫ُ نً‬ ‫ْ‬ ‫امل ْلبس َ‬ ‫ُ‬
‫الد ْه ِـر ال َي ْبلـى‪َ ،‬و ُي ْب ِل َينـــا‬ ‫ح‬ ‫اح ِـه ُ‬
‫ــــم‬ ‫ـينــــا ِب�ن ت ز� ِ‬ ‫َم ْـن ُم ْب ِلـــغ ُ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ً ُْ ُ ُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّإن َّ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫أنسـا ِبقر ِب�ــم قــد عــــاد يب ِكـينــــا؟‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫الز َمـــــان الــــذي ك ّـنا ن َس ُّـر بـــــه‬
‫الد ْه ُر‪ِ :‬آمينـاَ‬ ‫ـال َّ‬ ‫ْ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫الع َدا مـن َت َس ِاق َينا َاهلـوى َف َد َعواْ‬ ‫َ‬
‫ِبــــأن نغــــص فق‬ ‫ِغيـظ ِ‬
‫َ َ ْ َ نَ ْ ُ َ َ ُ ْ َ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫َ‬
‫� تل ِقينــــا‬ ‫فاليــــوم �ن‪ ،‬ومــا يـر ج ي‬ ‫وقد نكــــون ومـا ي خْ�شــــى تف ُّـرق َنـــــــا‬
‫ش ْوقــــا ِإليك َوال َجفـــــت َم ِآق َينـــــا‬
‫َّ‬ ‫ً ُ‬ ‫َ‬
‫ا� َـنـــــا‬ ‫ابـت َّل ْت َج َو ِ ن ُ‬ ‫ب ْن ُتـم َوب َّنــــا‪َ ،‬ف َـما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َ أ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ضَ َ ئ ُ َ‬ ‫ن َُ ُ‬ ‫َ‬
‫ـضـــي َعل ْي َـنا ال َس ل ْوال تَ� ِّس َينـــــا‬ ‫َيق ِ‬ ‫حـــ� تن ِاجيكــــــم � ِا�نــــا‬ ‫يكــــاد ي‬
‫ُ‬
‫ًَ‬
‫ــت ِبك ْـم ِبيضـــا ل َيا ِل َينــا‬
‫ُ ً َََ ْ ُ‬
‫ســودا وكن‬ ‫ـام َـنـــا‪َ ،‬ف َـغ َ‬
‫ــــــد ْت‬ ‫الــت ِل ْفق ِد ُ ُك َّأي ُ‬ ‫َح ْ‬
‫ّ‬ ‫أَ‬ ‫ُ ْ َ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ ُّ ُ فَ‬
‫ـاحينـــــا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احـنــــا ِإال ر ي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ــــم لرو ِ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُك ُنت ْ‬ ‫ِليســــق عــــدك عـــد السـر ِور �ـــــا‬
‫ْأن طــال مــا َغ َّ َ� َّ‬ ‫ُ َ ِّ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫نَ أْ َ ُ‬ ‫تَ‬
‫امل ِح ِّب َينــــا‬ ‫أي ُ‬ ‫الن ُ‬ ‫ي‬ ‫ال ْ� َـس ُبـــــــوا �يـك عنـــــــا يغ ي�نـــــا‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫الق ْ َ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ‬
‫سقينـا‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫والو‬ ‫ى‬ ‫ـو‬ ‫اهل‬ ‫ف‬ ‫من كـان ِص‬ ‫فاس ِــق بــه‬ ‫ي� س ِـاري بال� ِق غ ِاد‬
‫َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ ًّ َ َ ُ‬ ‫ِّ تَ َ‬
‫حيا كن ي ْ� ِي َينـــــا‬ ‫من لو عل البع ِد‬ ‫الصبـــا َبلـــغ َ� َّيت َنــــــــا‬ ‫ــــــ� َّ‬ ‫َو َيـا ِنس ي َ‬
‫َ‬ ‫نُ‬ ‫َ ََ ٌ‬ ‫ََ‬
‫ـــك خْ� ِـف ي َ�ـــا ف ُت ْخ ِف َينــــــا‬ ‫صـباب ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ــة‬ ‫ــــالم هللا َما َبق َي ْ‬
‫ـــــت‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫�‬ ‫ن‬
‫ع ِ ِ ي‬
‫م‬ ‫يــــك‬ ‫ل‬
‫***‬
‫صاحب النّ ّ‬
‫ص‪:‬‬
‫ف‬
‫ـزوم‪ُ ،‬وِلـ َـد ي� الرصافــة بقرطبــة ســنة ‪ 394‬هــــ‪،‬‬ ‫ملخ‬ ‫بن‬ ‫ّ ّ‬
‫صاحــب هــذا النــص هــو أمحــد � زيــدون ا ـ ي‬
‫فتعــم خّ‬ ‫ف أ‬ ‫أ ف‬ ‫َّ‬
‫الــط‪ ،‬وق ـراءة القــرآن‪،‬‬ ‫الندلــس‪ّ ،‬‬ ‫وتل ـىق تعليمــه ال ّول ي� الكتاتيــب‪ ،‬وأماكــن التعلـ يـم ي�‬

‫‪57‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أ ف‬ ‫أ‬ ‫وعلــوم النحــو والــرف‪ ،‬وقــرأ ي ن‬
‫وغ�هــا‪ ،‬وقــد توطــدت عالقتــه ب� ب�ز ال بد�ء ي�‬ ‫دواو� الشــعر ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫وغ�مهــا‪ ،‬فأوهلمــا اكن واليــا‪ ،‬ثو� ين�مــا قاضيــا‪ ،‬وقــد‬‫وأ� بكــر بن� ذكــوان ي‬‫بي‬ ‫ـور‬
‫ـ‬ ‫�‬‫ج‬ ‫بن‬
‫�‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫لي‬‫و‬ ‫ال‬ ‫�‬‫عــره ب ي‬
‫ك‬
‫ـتك�‪ ،‬واكن مــن املقربـ ي ن‬ ‫أ‬
‫المــوي املسـ ف‬ ‫ـب مــع « ّولدة » بنــت خ‬ ‫ارتبطــت حياتــه بقصــة حـ ٍّ‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫ليف‬ ‫ال‬
‫أ‬ ‫بن‬
‫أ� الوليــد‪ ،‬وفســدت عالقتــه ب� ب ي� احلــزم فأدخــه‬ ‫أ� احلــزم ا� ج�ــور حــامك قرطبــة وابنــه ب ي‬ ‫مــن ب ي‬
‫ـ� إشــبيلية وقرطبــة‬ ‫ا� زيــدون بـ ي ن‬
‫بي�مــا‪ ،‬ومــات بن‬ ‫ـو�ت عالقتــه بـ ّـولدة ف�دثــت القطيعــة ن‬ ‫الســجن‪ ،‬وتـ ت‬
‫سنة ‪463‬هـــ‪.‬‬
‫* مناسبة القصيدة‪:‬‬
‫ا� زيــدون هــذه القصيــدة بعــد خروجــه مــن الســجن ســنة ‪ 433‬هـــــــ ي ن‬
‫يبــ� يف�ــا أمل‬ ‫أنشــد بن‬
‫ْ‬
‫الف ـراق‪ ،‬ويتم ـىن أن تعــود يأ�مــه إىل ســابق هعدهــا حيــث اكن يســتمتع ب�لــذات احليــاة‪ ،‬جو�عتــه‬
‫الســجن‬ ‫املــودة والصفــاء مــع َمـ ْـن ي�ــب‪ ،‬ف ج�ــاءت هــذه القصيــدة عصــارة نفــس اكتــوت بنــاري ّ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫واحلب‪ ،‬نو�ر البعد عن قرطبة موطن الهل والصدقاء والحباب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ف‬
‫بعــد هــذه إالضــاءات مــن خــال التعريــف‪ ،‬ب�لشــاعر ومعرفــة بأ�ز احملطــات ي� حياتــه‪ ،‬وتعـ ّـرف‬
‫ب� أيدينا مفاتيح للدخول إىل عامل القصيدة‪.‬‬ ‫ال� اكنت سبب هذه القصيدة فتكون ي ن‬ ‫ت‬
‫املناسبة ي‬
‫* حتليل الن ّ‬
‫ّص‪:‬‬
‫ـد�‪ ،‬املب ـن ي عــى وحــدة الــوزن والقافيــة‪،‬‬
‫ـر� القـ ي‬ ‫ّ ّ‬
‫ـ� هــذا النــص امك نالحــظ إىل الشــعر العـ ب ي‬ ‫ينتـ ي‬
‫ف‬ ‫َّ‬
‫عل�ــا وزن ب�ــر واحــد مــن أوهلــا إىل آخرهــا تتســاوى عــدد التفعيــات ي�‬ ‫ب�عـىن أن القصيــدة يســيطر ي‬
‫الشطر� ف� البيت الواحد‪ ،‬امك تنظم القصيدة قافية واحدة ت ز‬
‫يل�م ب�ا الشاعر طوال القصيدة‪.‬‬ ‫ين ي‬
‫النــص ق ـراءة واعيــة متأمـ ة‬
‫ـ� عــدة م ـرات إىل أن يبــدأ‬ ‫يبــدأ الناقــد بعــد هــذه املالحظــة بق ـراءة ّ‬
‫أ‬ ‫ف ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ـ� ال تظهــر ي� القـراءة الوىل‪ ،‬ويبــدأ بعــد ذلــك ي� �ليــل البيــات‬ ‫ـا�ه ّالـ ت‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫خف‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـوح‬ ‫ـ‬ ‫الب‬ ‫�‬‫ي‬
‫ّ ّ ف‬
‫النــص‬
‫ي‬ ‫آ‬
‫النحو ال ت ي�‪:‬‬ ‫عىل ّ‬

‫‪ -‬األفكار‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫�تكــز هــذا ّ‬
‫النـ ّ‬
‫وه ذكــر ماضيــه‬ ‫ي‬ ‫ـدة‬ ‫ـ‬ ‫القصي‬ ‫ـوال‬
‫ـ‬ ‫ط‬ ‫ـاعر‬
‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫دده‬‫�‬‫ي‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ظ‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫رئيس‬ ‫ـرة‬
‫ـ‬ ‫فك‬ ‫ـى‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـص‬ ‫ي‬
‫ـر�‬‫ـ� الــذي يتمـىن التخلــص منــه‪ ،‬ب� إلضافــة إىل التـ ي‬ ‫ـا�ه َّ‬
‫السـ ي ِّ ئ‬ ‫احلســن الــذي يتمـىنَّ أن يعــود‪ ،‬وحـ ض‬
‫قيا عىل ّ‬ ‫ً‬ ‫أّ‬
‫حب من ي�ب‪.‬‬ ‫ب�نه ما زال ب�‬

‫‪58‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ض‬
‫ا� زيــدون يعـن ي الوصــال واحلــب واالســتقرار ي� الوطــن‪ ،‬والعيــش ي� كنــف الهــل‪،‬‬ ‫ـا� عنــد بن‬
‫واملـ ي‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ـا� يســعده ويؤملــه ي� ٍآن واحــد‪ ،‬يســعده؛ لنــه ُمـ شـرق نو�ل فيــه مــا ت�ـىن ‪ ،‬ويؤملــه؛‬ ‫ض‬
‫واحلديــث عــن املـ ي‬
‫ـا� يعـن عنــده القطيعــة بينــه وبـ ي ن‬‫الىس واحلــزن‪ ،‬واحلـ ض‬‫أ‬ ‫ض ً ً‬ ‫أ‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ارة‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـه‬
‫ـ‬ ‫في‬ ‫ـرع‬
‫ـ‬ ‫يتج‬ ‫ـيئا‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ـا�‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ـش‬ ‫ـ‬ ‫يعي‬ ‫ـه‬‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫ال� هو وحيدها‪ ،‬وخوفه من حامك قرطبة‪.‬‬ ‫ت‬
‫حمبوبته‪ ،‬وفراق قرطبة والبعد عن أمه ي‬
‫الزمن� جلأ يإل�ا الشاعر منذ مطلع القصيدة إل�ظ ار املفارقة من خالل‬ ‫ين‬ ‫ب�‬‫وهذه املوازنة ي ن‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫الصورتــ�‪ ،‬وعــودة الشــاعر إىل الــوراء ليعيــش حيــاة ج� ة‬ ‫ين‬
‫يــ� ال يســتطيع أن ي�ياهــا ي�‬ ‫تضخــم‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫أ ف‬
‫حا�ه الراهن‪ ،‬وكنه ي� جنة مل تي�هكا ب�حض إرادته‪ ،‬بل ت�هكا قرسا‪.‬‬ ‫ض‬

‫الصورة‪:‬‬
‫‪ُّ -‬‬
‫وه‬ ‫‪،‬‬ ‫ا� زيــدون عــى االســتعارة دون التشــبيه؛ ألن االســتعارة هلــا قــوة إال ي�ــاء والتصــو� أكـرث‬ ‫ركــز بن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫قــادرة عــى بإ�از الشــياء املألوفــة ي� صــورة فنيــة مغـ يـا�ة ملــا تعــارف عليــه النــاس‪ ،‬ومــن االســتعارات‬
‫الن ّص‪:‬‬‫الواردة ف� ّ‬
‫ي‬
‫ـال الــرور بيــض‪،‬‬ ‫(احلــزن ال يبــى) و (الزمــان يضحكنــا ويبكينــا) و (قــال الدهــر آمينــا) و (ليـ ي‬
‫ـا� الســعيد‬ ‫ـا� بــل مآســيه‪ ،‬واملـ ض‬ ‫ـ�‪ :‬احلـ ض‬‫وليــال احلــزن ســود)‪ُ ،‬وتـرب ز لنــا هــذه االســتعارات صورتـ ي ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ـ� تعيـ ٌ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الــذي َول‪ ،‬ويتمـىن الشــاعر أن يعــود‪ ،‬وهــو ي� احلالتـ ي ن‬
‫ـس‪ ،‬وجــاءت الصــور منســجمة مــع فكــرة‬
‫عا�تــه‪ ،‬ونعيــش أجــواء القصيــدة احلزينــة مــن خــال‬ ‫القصيــدة‪ ،‬واســتطاع الشــاعر ْأن ي ج�علنــا نتـ ثـأ� ب� ن‬
‫التصو�‪.‬‬
‫ي‬ ‫هذا‬
‫‪ -‬العاطفة‪:‬‬
‫ف‬
‫ـ�‪ ،‬لكنــه ي� الوقــت نفســه يع ـرب عــن عاطفــة‬ ‫ـ‬ ‫الدافــع وراء عاطفــة هــذه القصيــدة هــو دافــع ش خ‬
‫�‬
‫ي‬
‫أ ّ‬ ‫إنســانية‪ ،‬فاحلـ ّ‬
‫والخــاص لملحبوبــة‪ ،‬وحــب الم‪ ،‬لكهــا عواطــف إنســانية‪ ،‬امك نالحــظ عــى‬ ‫ـب للوطــن‪ ،‬إ‬
‫�ء واحــد هــو احلــب‪ ،‬ولذلــك‬ ‫ـ�‪ ،‬ومتفــردة؛ أل ن�ــا تعـرب عــن ش‬ ‫مع�ــا ب� غ� عــدد احملبوبـ ي ن‬
‫هــذه العاطفــة ق‬
‫ي‬
‫ا� زيــدون امم ي ج�علنــا نتـ ثـأ� حـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫صد�ــا؛ أل ن�ــا تعـرب عــن حــالة احلــزن الـ تـ� تســيطر عــى بن‬ ‫ق‬
‫�‬‫ي‬
‫ف‬
‫ال نشــك‬
‫ي‬ ‫أ‬
‫نقرأ البيات‪ ،‬فالشاعر يتعذب لفقدان حمبوبته وبعده عن ِّأمه وعن قرطبة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫األسلوب‪:‬‬
‫أ‬
‫فاللفــاظ الـ ت‬ ‫ُ قِّ‬ ‫ف‬ ‫الشــاعر ْأن يوظــف إمـ ن‬ ‫ّ‬
‫ـ�‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫تل‬ ‫امل‬ ‫إىل‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫فكرت‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫إيص‬ ‫ـبيل‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫اللغ‬ ‫ت‬ ‫ـا�‬ ‫اســتطاع‬
‫ف‬ ‫ت�ثــل املـ ض‬
‫ـال البيــض‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫اللي‬ ‫ـوى‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫اهل‬ ‫ـك‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫الضح‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫زم‬ ‫ـا‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫اللقي‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫طي‬ ‫‪:‬‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـعادة‬ ‫ـ‬ ‫الس‬ ‫ـا‬‫ـ‬ ‫عل�‬
‫ي‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫يغل‬ ‫ـا�‬
‫ي‬
‫ح�‪ ،‬احملب‪ ،‬إاللف‪ ،‬سالم هللا‪.‬‬ ‫الر� ي ن‬ ‫الشوق‪ ،‬الصفاء‪ ،‬الرسور‪ ،‬ي‬
‫احل ْ ي ن‬ ‫الب ْ ي ن‬
‫ــ�‪َ ،‬‬ ‫جــا�‪ّ ،‬‬‫َّ ئ َّ ف‬ ‫ض‬ ‫الــ� ت‬
‫ت‬ ‫أ‬
‫ــ�‪ ،‬احلــزن‪ ،‬البــاء‪ ،‬العــدا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الت‬ ‫‪،‬‬ ‫نــا�‬
‫ي‬ ‫الت‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬‫ي‬ ‫احلــا�‬ ‫ثــل‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫لفــاظ‬ ‫وال‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫عل�ــا التشــاؤم‪ ،‬وتصب�غ ــا صبغــة‬ ‫الغصــص‪ ،‬التفــرق‪ ،‬الىس‪ ،‬ال ي�م الســود‪ ،‬وهــذه اللفــاظ يغلــب ي‬
‫القتامة‪.‬‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫وقــد اعتمــد الشــاعر عــى الســاليب إالنشــائية بصــورة الفتــة‪ ،‬حيــث ورد أســلوب االسـ فـت�ام ي�‬
‫ت‬ ‫ف‬ ‫ُّ‬
‫تذكـ ن‬
‫ـر�؟ والنــداء ي� قــوهل‪ :‬ي� ســاري الـرب ق غــاد القــر‪ ،‬وقــوهل ي� نسـ يـم بلــغ �يتنــا‪،‬‬ ‫قــوهل‪ « :‬هــل عــن‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ف ف‬
‫ـ� ي� قــوهل‪ :‬ال يبــى‪ ،‬وقــوهل‪ :‬ال �ســبوا ن�يــم‪ ،‬والدعــاء ي� قــوهل‪ :‬ليســق هعــدمك هعــد الــرور‪ ،‬وقــد‬ ‫والنـ ي‬
‫الســاليب ف� القصيــدة لتعـ عــن معـ نـا� َّ‬ ‫أ‬
‫التمـن ي واالســتناكر والتفجــع والتعجــب مــن‬ ‫ي‬ ‫رب‬ ‫ي‬ ‫خرجــت هــذه‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫ـا� الــ�ء‪ ،‬والرجــاء أن يتبــدل هــذا احلـ ض‬‫احلـ ض‬
‫ـا� إىل الحســن‪ ،‬وين ـبئ هــذا إالحلــاح أيضــا عــن‬ ‫ي‬
‫حا�ه املؤمل واحملزن‪.‬‬‫والتو� من ض‬
‫إحساس الشاعر ب�لقلق ت‬

‫‪ -‬املوسيقا‪:‬‬
‫ت ف‬ ‫ا� زيــدون ف� إ�ظ ــار موســيقا ّ‬
‫النـ ّ‬ ‫أجــاد بن‬
‫وقافي�ــا‪ ،‬ج�ــاءت عــى البحــر‬ ‫ـص ب�ســن اختيــاره لبحرهــا‬ ‫ي‬
‫البســيط بتفعيالتــه املتنوعــة (مســتفعلن فاعلــن مســتفعلن فعلــن) وكـرث ة مقاطعــه‪ ،‬وروي القصيــدة هــو‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫«حــرف النــون» الغنـ ئـا�‪ ،‬وحـ ي ن‬
‫ـ� اقـ تـرن هــذا احلــرف ب�لــف إالطــاق صبــغ البيــات بصبغــة احلــزن‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ـس بنغمــة الـراخ تنبعــث مــن القصيــدة منــذ مطلهعــا‪ ،‬امك اكن َّللتكـرار ي� معظــم أبيــات‬ ‫ـ�‪ ،‬فنحـ ّ‬ ‫والنـ ي ن‬
‫ف‬
‫القصيــدة ثأ�ه ي� وضــوح املوســيقا بو�وزهــا‪ ،‬فعــى ســبيل املثــال ال احلــر‪َ ،‬و َر َد تكـرار هــذا احلــرف‬
‫الول‪ ،‬وثــاث ف� الشــطر الثـ ن‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ـا�‪ ،‬وتكـراره ســبع‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـطر‬‫ـ‬ ‫الش‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫أرب‬ ‫ات‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـبع‬
‫ـ‬ ‫س‬ ‫ول‬ ‫ال‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫البي‬ ‫�‬
‫ي‬
‫ف‬ ‫خ‬ ‫ف‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫ً ف‬
‫ـا�‪ ،‬و�ــس م ـرات ي� البيــت الثالــث‪ ،‬و�ــس م ـرات ي� البيــت الرابــع‬ ‫م ـرات أيضــا ي� البيــت الثـ ي‬
‫وكن الشــاعر � يــد ْأن يســوق النغمــة الغنائيــة احلزينــة مــن ّأول ّ‬
‫النـ ّ‬ ‫أ‬
‫ـص إىل آخــره بتك ـراره‬ ‫ي‬ ‫وهكــذا‪،‬‬
‫ن ف‬ ‫آ‬ ‫أ‬
‫هــذا‪ ،‬مــع وجــود حــرف املــد (اللــف) الــذي تكــرر هــو الخــر‪ ،‬فعــى ســبيل املثــال ج�ــد ي� البيــت‬
‫ال ت�‪ :‬ن�‪ ،‬دا‪ ،‬ن�‪ ،‬ن�‪ ،‬جــا‪ ،‬ن�‪ ،‬فنالحــظ ف ي� هــذا املـ ّـد نغمــة ال ـراخ والبــاء‪ ،‬الـ ت‬ ‫آ‬ ‫أ‬
‫ـ�‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـو‬‫ـ‬ ‫النح‬ ‫ـى‬
‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ول‬ ‫ال‬
‫ش‬ ‫أ‬
‫�ية‪.‬‬ ‫تعط البيات موسيقا ج‬ ‫ي‬
‫‪60‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـص كذلــك مــن خــال احملســنات البديعيــة‪ ،‬فقــد أكـرث الشــاعر مــن املقابلة‬ ‫و�ظ ــرت موســيقا ّ‬
‫النـ ّ‬
‫َّ ف‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫ف‬
‫جــا�)‪( ،‬ال يبــى ويبلينــا)‪( ،‬مــا زال‬ ‫التــدا�‪ ،‬طيــب اللقيــا‪ ،‬الت ي‬ ‫ي‬ ‫(التنــا�‪،‬‬
‫ي‬ ‫والطبــاق ي� مثــل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يضحكنــا‪ ،‬عــاد يبكينــا)‪ ،‬ي خ‬
‫(أ�منــا ســود‪ ،‬بيــض‬ ‫(�ـ شـى تفرقنــا‪ ،‬ي� ج� تالقينــا)‪( ،‬ابتلــت‪ ،‬جفــت)‪ ،‬ي‬
‫ليالينا)‪.‬‬
‫ـا�‬‫ـا� واحلـ ض‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫�ظ‬ ‫ة‬
‫وإحلــاح الشــاعر عــى املقابــ� والطبــاق وإ ــار املفارقــة بـ يـ� زمنـ يـ�‪ :‬مهــا املـ ي‬
‫ـ� حـ ض‬ ‫ـاض ج�يــل ســعد فيــه‪ ،‬وبـ ي ن‬ ‫ـدل عــى إحساســه ب�لزمــن‪ ،‬وإحساســه ب�لقطيعــة بـ ي ن‬ ‫ّ‬
‫ـا� مل‬ ‫ـ� مـ ٍ‬ ‫يـ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ي ج�د فيه سوى المل والقطيعة والحزان‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫النــاس دوره ف� موســيقا ّ‬
‫النــاس ي� قوهل‪( :‬ال َس‪ ،‬ت�ســينا)‪( ،‬أرواحنا‪،‬‬ ‫ـص‪ ،‬فقــد ورد ج‬ ‫النـ ّ‬
‫ي‬ ‫ولعــب ج‬
‫ف‬
‫ير�حينــا)‪( ،‬حيــا‪ ،‬ي�يينــا)‪ ،‬وكذلــك َر ُّد العجــز عــى الصــدر ي� قــوهل‪( :‬يســقينا – اســق بــه)‪( ،‬يعنينا‪،‬‬
‫أ‬
‫(بنــم ِوب َّنــا)‪( ،‬هعــدمك‪ ،‬هعــد)‪ ،‬ن(�يــم‪،‬‬ ‫ــ�)‪ ،‬ت‬ ‫للح ْ ي ن‬
‫ــ�‪َ ،‬‬ ‫(ح ْ نٌ‬
‫عــن ي )‪ ،‬والتكــرار‪( :‬صبــح‪ ،‬صبحنــا)‪ َ ،‬ي‬
‫ن‬
‫(تذكر�‪ ،‬تذكره)‪.‬‬ ‫النأي)‪،‬‬
‫ولك هــذا أضـ فـى عــى القصيــدة نغمــة موســيقية تضافــرت مــع الطبــاق واملقابـ ة‬ ‫ّ‬
‫ـ� لتصــدع ب�ــا‬
‫ّ‬
‫يعانيه الشاعر من أحزان‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬
‫ض ف‬ ‫ض‬ ‫ين‬
‫واحلــا� ي� القصيــدة مــن أوهلــا إىل‬ ‫املــا�‬
‫ي‬ ‫الزمنــ�‬ ‫‪1.1‬مــا الغــرض مــن تــازم‬
‫آخرهــــــا؟‬
‫ض‬ ‫ّ‬ ‫ف‬
‫‪ 2.2‬مــا نــوع العاطفــة ي� القصيــدة؟ وهــل ع ـرب الشــاعر عــن أحاسيســه بصــدق؟ و�‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ 3.3‬ما الدور الذي لعبه التكرار ف� موسيقا هـــــذا ّ‬
‫الن ّص؟‬ ‫ي‬
‫ت‬
‫ال� َم ّر ب�ا �ليل هـــــذا النـــــــــص‪.‬‬
‫ت‬
‫‪ 4.4‬اذكر املراحل ي‬
‫ا� زيدون من خالل هذا النص؟‬ ‫أ� تضع شاعرية بن‬ ‫‪ 5.5‬ي ن‬

‫‪62‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫الفن ال َق ّصصي‬
‫ُّ‬
‫التعريف‪:‬‬
‫أ‬ ‫يخ ف‬ ‫ٌ ف‬
‫واحلاك�ت‬
‫ي‬ ‫ـاط�‬
‫قد�ــة نشــأت مع إالنســان حيث عرف السـ ي‬ ‫� ي‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬‫ـار�‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫ـاق‬ ‫ـ‬ ‫أمع‬ ‫�‬‫القصــة ضاربــة ي‬
‫أ‬ ‫ت‬
‫ـ� ظلــت تتناقلهــا الجيــال ومــا زالــت إىل يومنــا هــذا‪ ،‬وقــد عــرف العــرب كغـ يـرمه مــن الشــعوب‬ ‫الـ ي‬
‫ـا� وحوادثــه‪ ،‬وتطــور‬ ‫يقصــون ف� جمالهســم قصصـ ًـا ت�ــ� أخبــار املـ ض‬ ‫الاهليــة حيــث اكنــوا ّ‬ ‫القصــة منــذ ج‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ـذا� « فنشــأ فـ ّـن املقامــات‪،‬‬ ‫ـص ف� القــرن الرابــع عــى يــد « بديــع الزمــان اهلمـ ن‬ ‫هــذا الفـ ّـن مــن القـ ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫واملقامــة لــون مــن احلاكيــة موشــاة بلغــة مســجوعة هلــا بطــل وراويــة‪ ،‬و�ظ ــرت قصــص أخــرى فـ يـام بعــد‬
‫ـ� يف�ــا‬ ‫ـ‬‫�‬
‫ت‬
‫ر)‬ ‫ـر�‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫و(�‬ ‫ـ� مهــا‪ :‬ش(�ــرزاد) ش‬ ‫ـ� الـ تـ� تقــوم عــى ش خ‬
‫�صيتـ ي ن‬ ‫ـ� وليـ ة‬‫أ�زهــا قصــص ألــف ليـ ة‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب‬
‫ً‬
‫ر�ر قصصا ت�تعه ب�ا تف�ة ألف ليلة وليلة ‪.‬‬ ‫ش�رزاد شل� ي‬
‫الك ّتــاب إىل ت‬ ‫ُ‬ ‫ف‬
‫القصــ� الســابق فوجــدوا فيــه مــادة زاخــرة‬ ‫ي‬ ‫اث‬ ‫الــر‬ ‫و� عــر نال�ضــة رجــع‬ ‫ي‬
‫املو�ــ� (حديــث عيــى بن� هشــام) َصـ َّـور فيــه بعــض الظواهــر ت‬ ‫ي‬ ‫َّ َ‬
‫االج�عيــة‬ ‫ي‬ ‫ـف‬ ‫فاســتلهموا منــه‪ ،‬فقــد ألـ‬
‫أ‬ ‫ـروا�ت الغربيــة ف� ت‬ ‫ف‬
‫لغا�ــا الصليــة‬ ‫ي‬ ‫ي� عــره عــن طريــق القصــة‪ ،‬امك أفــاد هــؤالء مــن القصــص والـ ي‬
‫وامل� ج�ة عىل حد سواء‪.‬‬ ‫ت‬
‫أ‬ ‫ف ت‬ ‫ت‬
‫ـر� ي� �ريــك أحصــاب املواهــب مــن ال بد�ء فظهــرت القصــة‬ ‫وقــد أهســم تضافــر ذلــك الــراث العـ ب ي‬
‫ـ� هيــل ف ي� قصتــه ش‬
‫ال�ـ يـرة‬ ‫العربيــة احلديثــة‪ ،‬ومــن أوائــل مــن وصلتنــا قصهصــم املكتوبــة حممــد حسـ ي ن‬
‫ف‬ ‫ث‬
‫و�‬
‫الرائــد واملج ــات‪ ،‬ي‬ ‫ـروا�ت عــى صفحــات ج‬ ‫«زينــب»‪ � ،‬بــدأت تنتـ شـر الكثـ يـر مــن القصــص والـ ي‬
‫ف‬ ‫لة‬
‫ـر� عــى ســبيل‬‫كتــب مســتق عــى طــول الســاحة العربيــة ومــن كتــاب القصــة والروايــة ي� أدبنــا العـ ب ي‬
‫ـ� هيــل وحممــد تيمــور وتوفيــق احلكـ يـم وهسيــل إدريــس والطيــب‬ ‫املثــال ال احلــر‪ :‬حممــد حسـ ي ن‬
‫الياط وغالب هملســا‪ ،‬ويوســف‬ ‫صــاحل وعبــد الســام العجيــ�‪ ،‬وحنــا مينــا ويوســف إدريــس وإدوارد خ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫أ‬
‫ـو�دي‬ ‫ـو�ي‪ ،‬وحممــد الشـ ي‬ ‫ـي� وعبــد هللا القـ ي‬
‫ـق� وحممــود املســعدي والعــرج واسـ ي‬ ‫القعيــد وحممــود شـ ي‬
‫وغ�مه‪.‬‬
‫اه� الفقيه ي‬ ‫وأمحد بإ� ي‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫والقصــة والروايــة والقصوصــة ج�يهعــا تُ ْ� َوى نــرث ا‪ ،‬وتصــور ظاهــرة مــن الظواهــر أو قضيــة مــن‬
‫نّ ت‬
‫لك�ا خ�تلف من حيث الطول‪.‬‬ ‫القضا� هلا مقدمة نو�اية ي� بطها خيط واحد‬ ‫ي‬

‫‪63‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أو ًال‪ -‬القصة والرواية‪:‬‬
‫أ ف‬
‫ـا� ت� ت ي� ي� شــبكة مــن احلــوادث يســجلها‬
‫ـال طويــل ي ج�ســد قضيــة مــن القضـ ي‬
‫ـ� خيـ ي‬‫ومهــا رسد قصـ ي‬
‫ً‬ ‫ث شخ ت ف‬ ‫ف‬
‫� تشــغل جــزءا أكـرب ‪،‬‬‫الاكتــب بدقــة‪ ،‬وتكــون الروايــة أوســع مــن القصــة ي� أحدا�ــا و�صيا�ــا‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫وزمنا أطول‪.‬‬
‫ً‬ ‫ثً‬ ‫ثً‬ ‫ت‬
‫ـدا�‪ ،‬تقــوم عــى احلــوار‪ ،‬وتلعــب يف�ــا الشــخصيات دورا‬ ‫ـد� أو أحـ‬ ‫و�ــوي القصــة أو الروايــة حـ‬
‫�ر ًزا تقــوم ف� بيئــة أو بيئــات‪ ،‬وهلــا حبكــة ث� حـ ّـل‪ ،‬وتتكــون عنــارص القصــة أو الروايــة عــى ّ‬
‫النحــو‬ ‫ي‬ ‫ب‬
‫آ‬
‫ال ت ي�‪:‬‬
‫‪1.1‬احلدث‪:‬‬
‫وهــو املوضــوع الــذي تقــوم عليــه القصــة أو الروايــة‪ ،‬وهــذا احلــدث يســتقيه الاكتــب مــن حميطــه‬
‫ً ف ن‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫االجـ تـام يع وبيئتــه‪ ،‬وعليــه أن ي ج�عــل الحــداث تسـ يـر بطريقــة تتــدرج يف�ــا شــيئا فشــيئا ي� �ــو يتصاعد‬
‫مشدودا إىل االستمرار ف� قر ت‬ ‫ً‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫اء�ا إىل نال�اية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إىل أن يصل إىل �ته امم ي ج�عل القارئ‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫والحــداث ف ي� القصــة أو الروايــة ت ج�ــري عــى منطــق احليــاة الـ ت‬‫أ‬
‫ـ� نعر�ــا‪ ،‬وقــد يقــرر الديــب أنــه‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫أ‬
‫عل�ــا‪ ،‬وقــد يطــرح ي� القصــة رســائل البطــال‬ ‫ش�ــد بعينــه الحــداث أو الت ـىق ب�ــن اكنــوا ش�ــودا ي‬
‫ثً ت‬ ‫أ‬ ‫نً‬
‫ـاك مــا‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫�‬ ‫ـدا�‬‫ـ‬ ‫أح‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫دي‬‫ال‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫يتخي‬ ‫ـا�‬‫ومذكر تا�ــم ويقــرب الوقائــع مــن احليــاة احمليطــة بنــا‪ ،‬وأحيـ‬
‫ة ّ‬ ‫أ‬ ‫ي�ــدث ف� احليــاة‪ ،‬خ‬
‫ـ� ال تقــل أمهيــة عــن‬ ‫واليــال هنــا ال يناقــض الواقــع بــل تبــدو الحــداث املتخيـ‬ ‫ي‬
‫واقع احلياة‪.‬‬
‫‪ّ 2.2‬‬
‫الشخصيات‪:‬‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ف ّ ت ت‬ ‫ً ف‬ ‫ً‬
‫ــ� �ــرك الحــداث‪ ،‬وتتنــوع ي�‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫الروايــة‬ ‫أو‬ ‫القصــة‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫رئيســا‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫تلعــب الشــخصيات دو‬
‫ً ف‬ ‫أ‬
‫ـ� رئيســة ثو�نويــة‪ ،‬وال تقتــر عــى إالنســان فقــط‪ ،‬بــل يلعــب احليــوان دورا ي�‬ ‫الحيــان بـ ي ن‬ ‫أغلــب‬
‫أ‬ ‫ـروا�ت‪ ،‬وينب ـغ ْأن تكــون الشــخصيات متفاعـ ة‬
‫ـ� مــع الحــداث ومتطــورة‬ ‫ي‬ ‫كثـ يـر مــن القصــص والـ ي‬
‫الرواية إىل آخرها‪.‬‬ ‫من ّأول القصة أو ّ‬
‫أ‬
‫وك ن�ــا مــن احليــاة‪ ،‬ت�مــل نب�ض ــا وحر ت‬ ‫ـ� ش خ‬
‫وتتمـ ي ز‬
‫ار�ــا فــا‬ ‫�صيــات العمــل ب�لواقعيــة واحليويــة‪ ،‬فتظهــر‬
‫يفر�ــا عــى‬‫الاصــة‪ ،‬أو آلراء ي� يــد ْأن ض‬ ‫�صياتــه جمــرد حامــات ألفــاره خ‬ ‫ي ج�ــوز للاكتــب ْأن ي ج�عــل ش خ‬

‫‪64‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫غ ْ‬
‫د�‪،‬‬
‫بي‬ ‫ال‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫العم‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫مفروض‬ ‫ـر‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫تلقائي‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫طبيعي‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫عفوي‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫بطريق‬ ‫ـم‬
‫ـ‬ ‫أماهم‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫تظه‬ ‫أن‬ ‫قرائــه‪ ،‬بــل ينبـ ي‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وك ن�ا مستقلة عن الديب نفسه‪ ،‬وعن مفاهيمه وهو أن تكون ن� ج�ة �بحلياة‪.‬‬
‫وتنقسم الشخصيات إلى قسمني‪:‬‬
‫أ‬
‫الاهــزة ال تتطــور وال تتغـ يـر نتيجة الحــداث‪ ،‬وتعكس‬ ‫الامــدة أو ج‬‫ ‪.‬أاملســطحة وتسـ ّـى الثابتــة أو ج‬
‫ف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عاطفــة إنســانية واحــدة أو موقفــا إنســانيا واحــدا ال يتبــدل‪ ،‬امك هــو احلــال ي� أبطــال قصــص‬
‫املغامرة والقصص البوليسية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ ‪.‬بالناميــة أو املتطــورة وه الشــخصيات الـ تـ� ت أ�خــذ �لنمــو ّ‬
‫ـا� وســلبا حســب‬
‫إ�ـ ب‬ ‫والتطــور والتغـ يـر ي ج‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫َّ‬ ‫أ‬
‫الحداث ومهعا‪ ،‬وال تتوقف هذه العملية إل ي� ن�اية القصة أو الرواية‪.‬‬
‫‪ 1.1‬املكان‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫تقــع الحــداث بفعــل الشــخوص‪ ،‬والبـ ّـد للحــداث والشــخوص مــن بيئــة ماكنيــة وزمانيــة ت�ــارس‬
‫ـ�‬ ‫ّ‬
‫ـ�‪ ،‬فاملــان هــو الوســط الطبيـ ي‬ ‫يف�ــا وجودهــا وبذلــك يبــدو جــو مــن الواقعيــة عــى العمــل القصـ ي‬
‫ف‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ت‬
‫الــذي ج�ــري ض�نــه الحــداث وتتحــرك فيــه الشــخوص‪ ،‬وتنبــع أمهيــة املــان أيضــا مــن دوره ي�‬
‫أ َّ‬ ‫الحــداث وإ�ظ‬‫ن أ‬
‫ـوح ب�ن البطــل ســعيد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫مي‬ ‫ال‬
‫ج‬ ‫ـان‬‫ـ‬ ‫فامل‬ ‫ـخوص‪،‬‬‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ـدى‬‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ـاعر‬
‫ـ‬ ‫املش‬ ‫ـار‬
‫ـ‬ ‫ـو�‬
‫تكـ ي‬
‫ـوح ْأو ي�ـ ي ئ‬
‫ـ�‬ ‫ـوح �بحلــزن‪ ،‬وتغـ يـر املــان أو انتقــال البطــل مــن مــان إىل آخــر يـ ي‬‫واملنظــر الكئيــب يـ ي‬
‫أ‬
‫القارئ لحداث جديدة‪.‬‬
‫‪2.2‬احلبكة أو العقدة‪:‬‬
‫وتتكــون مــن خيــط رئيــس‪ ،‬تتفــرع منــه‬ ‫ّ‬ ‫عل�ــا القصــة أو الروايــة‪،‬‬
‫تســر ي‬‫الــ� ي‬ ‫وه الطريقــة ت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ّ‬
‫خيــوط فرعيــة ولكهــا �تــد ملــا بعدهــا‪ ،‬وتتضافــر مــع الشــخصيات والزمــان واملــان حـ تـى تصــل إىل‬
‫�‬
‫ف‬
‫ـة‬‫ـ‬ ‫احلبك‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫و�تلــف احلبكــة عــن احلــدث ف� ّأن احلــدث �تكــز عــى الـ ّـرد والتتابــع‪َّ ،‬‬
‫أم‬ ‫اهلــدف‪ ،‬ت خ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َّ ف‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫أ‬
‫أي‪ :‬يكــون الســؤال ي� احلــدث‪ ،‬مــاذا َبعــد ذلــك؟ أمــا ي�‬ ‫الحــداث‪ْ ،‬‬ ‫تعتمــد عــى منطقــة تتابــع‬
‫َ‬
‫احلبكة‪ ،‬فالسؤال هو‪َ ِ :‬ل َح َدث ذلك؟‬
‫واحلبكة أنواع منها‪:‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ـ� تبــدأ ب�لعــرض ث� تتصاعــد الحــداث لتصــل إىل درجــة الوج أو‬ ‫ت‬
‫وه الـ ي‬
‫ ‪.‬أاحلبكــة املتوازنــة‪ :‬ي‬
‫نز ن‬ ‫أ‬
‫ل�ول �و نال�اية‪.‬‬ ‫الذروة أو الزمة أو النقطة الوسىط‪ ،‬ث� تبدأ القصة ب�‬
‫‪65‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ف‬
‫ـ� تبــدأ ب�ندحــار البطــل وفشــه‪ ،‬ث� تســتمر ي� الـنز ول بــه إىل احلضيــض‪،‬‬ ‫ب ‪ .‬احلبكــة النــازلة ‪ :‬وه ّالـ ت‬
‫ي ي‬
‫ت َّ ف‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫مثــل أن يكــون البطــل قاتــا‪ ،‬فيعــرض الاكتــب هــذا البطــل وهــو يــردى ي� املشــالك النفســية‬
‫ف َّ‬ ‫ت‬
‫وعــدم التوفيــق‪ ،‬ث� يضيــف إليــه مصائــب أخــرى ت ز� يــد مــن �طيمــه‪� ،‬ــع أنــه هــارب مــن يــد‬
‫أ‬ ‫ً ف َْ‬
‫الزاء ال يل�‪.‬‬ ‫العدالة مثال �و َيل ق� ج‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫فف�ــا ينتقــل البطــل مــن ج�ــاح إىل ج�ــاح‪ ،‬كن يكــون‬ ‫وه عكــس الســابقة‪ ،‬ي‬ ‫جـــ ‪ .‬احلبكــة الصاعــدة‪ :‬ي‬
‫ً‬
‫ـ�وج فيســعد بز�واجــه ث� ينجــب أطفــاال ي�لــؤون عليــه‬ ‫البطــل ت�ج ـ ًرا صادقـ ًـا فـ تـر ب� ت ج�ارتــه‪ ،‬ويـ ت ز‬
‫حياته‪.‬‬
‫ّ‬
‫ـ� يـ تـرك قصتــه ْأو روايتــه دون ن�ايــة‪ ،‬فيـ تـرك القــارئ يضــع احلــل‬ ‫ـ� أو الروائيـ ي ن‬ ‫وبعــض ّ‬
‫القاصـ ي ن‬
‫املناسب الذي يتوصل إليه من خالل قراءته‪.‬‬
‫‪5.5‬الزّمان‪:‬‬
‫الدوار الرئيســة ف� القصــة أو الروايــة‪ ،‬ي خ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫يلعــب ّ‬
‫و�تلــف مــن واحــدة إىل أخــرى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـن‬‫ـ‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ر‬ ‫الزمــان دو‬
‫الزمنة ف� القصة أو الرواية الواحدة‪ ،‬ن‬ ‫أ‬
‫وم�ا‪:‬‬ ‫ي‬ ‫وقد تتعدد‬
‫أ‬
‫المــام حـ تـى تنـ ت‬ ‫ـا ويبــدأ مــن نقطــة معينــة‪ ،‬ث‬ ‫ً‬ ‫ ‪.‬أالزمــن التـ ي خ‬
‫ـه‬‫ي‬ ‫إىل‬ ‫ـر‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫يس‬ ‫�‬ ‫ـار�‪ :‬ويكــون متسلسـ‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫حد� بعد آخر‪ ،‬ن‬ ‫ثً‬ ‫أ‬
‫دو�ا ارتداد ي� الزمان‪.‬‬ ‫القصة‪ ،‬والحداث تكون مرتبة ب�سب الزمان‪،‬‬
‫ف‬ ‫أ‬
‫ـ�‪ :‬وهــو الزمــن الــذي ينظــم حســب إالحســاس بــه‪ ،‬وهــو تســجيل عفــوي للفــار ي�‬ ‫ ‪.‬بالزمــن النفـ ي‬
‫ف‬ ‫أذهان الشخوص بطريقة تداع ن‬
‫املعا� احلرة ي� العقل‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ـ�‪ :‬وفيــه تبــدأ القصــة مــن ن� تاي�ــا‪ ،‬ث� تعــود إىل البدايــة‪ ،‬وقــد يقطــع الاكتــب تسلســل‬ ‫ ‪.‬ج إلرجــاع النفـ ي‬
‫ض‬ ‫�غ ً ف‬ ‫حد� من ض‬ ‫ثً‬ ‫أ‬
‫احلا�‪.‬‬ ‫املا� يفرس وضا ي� الوقت‬ ‫ي‬ ‫فيقدم‬ ‫اء‬
‫ر‬ ‫الو‬ ‫إىل‬ ‫ليعود‬ ‫حداث‬ ‫ال‬
‫‪ّ 6.6‬‬
‫احلل‪:‬‬
‫ـا� ت‬ ‫ً‬ ‫ـال ُّ‬
‫االج�عيــة‪ ،‬مثــل‪ :‬عالقــة الرجــل‬ ‫القاصــون والروائيــون العــرب عــددا مــن القضـ ي‬ ‫وقــد عـ ج‬
‫المراض ت‬ ‫أ‬ ‫والتخلف‪ ،‬والتفاوت ق‬‫ّ‬
‫االج�عية‪.‬‬ ‫الطب�‪ ،‬وبعض‬
‫ي‬ ‫ب�ملرأة‪ ،‬والفقر‪،‬‬
‫ين‬
‫والقاصــ�‬ ‫ين‬
‫الروائيــ�‬ ‫وهز�ــة يونيــو ‪ 1967‬م صــدى لــدى‬ ‫ين‬
‫فلســط� عــام ‪ 1948‬م‪ ،‬ي‬ ‫امك اكن لنكبــة‬
‫ـروا�ت‪ ،‬ويقــف ف ي� صــدارة هــؤالء غســان كنعـ ن يّ‬
‫ـا� وحنــا‬
‫ف‬
‫العــرب‪ ،‬فســجلوها ي� عــدد مــن القصــص والـ ي‬
‫وغ�مه‪.‬‬
‫مينا‪ ،‬وعبد الرمحن منيف ي‬
‫‪66‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـ�‬‫ت‬ ‫ت‬
‫أد� مــن الفنــون القصصيــة الـ ي‬
‫ـ� يه شــل ب ي‬‫ويضــاف ًإىل القصــة ً الروايــة «املرسحيــة» الـ ي‬
‫ـدا� معينــة عــن طريــق حــوار الشــخصيات فينمــو بذلــك احلــدث ويتفاعــل‬‫ـد� أو أحـ ث‬ ‫تعــرض حـ ث‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ويلتحم ي� معل متاكمل مع العنارص الخرى‪.‬‬

‫القصة القصيرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثاني ًا‪ -‬األقصوصة أو‬
‫ت‬ ‫ُ ف‬
‫اليــال‪ ،‬تق ـرأ ي� جلســة واحــدة‪ ،‬ال خ�تلــف عــن‬ ‫وه قطعــة فنيــة قصصيــة مكثفــة مــن معــل خ‬
‫ي‬
‫وال�اية‪.‬‬ ‫وال�اية ت ن‬
‫وامل� ن‬ ‫القصة والرواية من حيث البداية ن‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ً‬
‫� ال‬‫ي‬ ‫اض‪،‬‬ ‫ر‬ ‫غــ‬‫ال‬ ‫مــن‬ ‫جــدا‬ ‫القصــرة تــدور حــول غــرض واحــد ْأو عــدد قليــل‬
‫ي‬ ‫والقصــة‬
‫المــة أو املج تمــع أو العــر؛ أل ن�ــا تقــدم صــورة ّ‬
‫خاصــة رسيعــة‬
‫أ‬
‫ـا�‬
‫ـا� كثـ يـرة كقضـ ي‬
‫تســتوعب قضـ ي‬
‫الكث�ة‪.‬‬
‫ملالحم وجه واحد من الوجوه ي‬
‫ت‬ ‫أ‬
‫وأفضــل القصــص مــا تتوفــر عــى عنــر التشــويق وربــط الحــداث بصــورة ج�عــل القــارئ‬
‫ف‬
‫يســتمتع بصــورة العمــل وال يتخــى عنــه حـ تـى آخــره‪ ،‬ويعتمــد الاكتــب ي� ذلــك عــى رشــاقة العبارة‪،‬‬
‫أ‬
‫الحــداث بطريقــة ت ج�عــل القــارئ متلهفـ ًـا إىل معرفــة مــا تنـ ت‬ ‫أ‬
‫الســلوب‪ ،‬ت‬
‫ـه إليــه‬
‫ي‬ ‫ـب‬
‫ـ‬ ‫تي‬‫و�‬ ‫وجاذبيــة‬
‫القصة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬
‫ف أ‬
‫العر�؟‬
‫‪1.1‬كيف تطورت القصة ي� الدب ب ي‬
‫القصة من الروايـــــــــــة؟‬ ‫‪2.2‬ما الذي ي� ي ز� ّ‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫‪3.3‬عرف «احلدث» ي� القصة أو الرواية‪ ،‬وما عالقته ب�لديـــــــب‪.‬‬
‫الديب ف‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫توظي�ا؟‬ ‫‪4.4‬ما أمهية الشخصيات ي� القصة؟ وكيف يستطيع‬
‫ف‬ ‫ّ‬
‫القصص؟‬
‫ي‬ ‫العمل‬ ‫�‬‫ي‬ ‫بــــــ(احلبكة)‬ ‫‪5.5‬ما املقصود‬
‫‪6.6‬يلعب املاكن دو ًرا ف� القصة أو الرواية‪َ ،‬و�ضِّ ْ ه‪ُ.‬‬
‫ي‬
‫القصوصة » من ّ‬ ‫أ‬ ‫‪ِ 7.7‬ب َ� ي ز‬
‫القصة والرواية؟‬ ‫تتم� «‬

‫‪68‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫قصة قصيرة‬
‫نموذج ‪ّ :‬‬
‫ّص‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫ف‬ ‫ت ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رحل�ــا �ــو الـ شـرق‪ ،‬ويتجــى قــرص الشــمس اهلائــل ي� وســط‬ ‫ـم� املمطــرة‬
‫واصــل غيــوم ديسـ ب‬ ‫ت ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ت ً ن‬
‫اد� �و الغرب‪ ،‬غامرا بنوره لك املدينة‪.‬‬ ‫الامسء‪ ،‬م� ي‬
‫ف‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫والــدران وبعــض النــاس أكـرث شإ�اقــا ونظافــة ّممــا مه عليــه ي�‬ ‫عنــد ذلــك تبــدو لنــا الشــوارع ج‬
‫المطــار الـ تـ� غســلت َّلك ش‬ ‫أ‬
‫�ء‪ ،‬أو بســبب شإ�اقــة الشــمس‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الواقــع‪ ،‬وقــد يكــون ذلــك بســبب‬
‫ال� مسحت عن العيون عتمة الغيوم الصباحية املمطرة‪.‬‬ ‫ت‬
‫املباركة ي‬
‫أ‬ ‫آ‬ ‫ُ‬
‫ـنزل صبــاح ذلــك اليــوم رأيــت اللة الصفـراء العمالقــة بقطعــة الرض املج اورة‬ ‫حـ يـ� غــادرت مـ ي‬
‫ن‬
‫لتوهــا مــن مصنهعــا‪ ،‬وعندمــا عـ ُ‬ ‫وك ن�ــا خرجــت ّ‬ ‫أ‬ ‫ملسـ ن‬
‫ـال من املدرســة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫أطف‬ ‫عودة‬ ‫ـل‬
‫ـ‬ ‫قب‬ ‫ـدت‬ ‫ـك� تملــع‬ ‫ي‬
‫ت‬ ‫ْ َ َّ ْ ش‬
‫ـ� اكنــت ب�نتصــف القطعــة مــن جذورهــا وألقــت ب�ــا‬ ‫�ــرة الزيتــون اهلرمــة الـ ي‬
‫اكنــت قــد اجتثــت ج‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ي� وجه الرض‪.‬‬
‫ـت‬ ‫عاد�ــا‪ ،‬ثُ َّ� مسعـ ُ‬
‫ـا�ة عــى غـ يـر ت‬ ‫غرف�ــا مبـ ش‬
‫عــادت ابنـ تـ� الصغـ يـرة مــن املدرســة‪ ،‬ودخلــت ت‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫لة ف ُ ن‬ ‫ت‬ ‫َّ‬
‫أما ترصخ كعاد�ا مستفرسة عن سبب باكء الطف ‪� ،‬رعت �ومها‪ ،‬قال شقي�ا‪:‬‬
‫الديد‪.‬‬ ‫ال يف� ج‬ ‫ لقد ن�رها خ‬
‫ُ ْ‬ ‫ ِم َقــص ُيقـ َّ‬
‫ـك� ثو�ــرة طماطــم ‪ -‬منــذ أن‬ ‫ـص لســانه ‪ -‬قالــت زوجـ تـ� الـ تـ� اكنــت ت�ســك بسـ ي ن‬
‫ي ي‬
‫ت‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫ـ� يلعبــون‬‫�ــرة الزيتــون الـ ي‬‫جــاؤوا إىل هــذه القطعــة مــا انفــك يطــرد الطفــال مــن �ــت ج‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫� ت�ا طول معرمه‪.‬‬
‫ن ن‬ ‫ت‬
‫ب� � بي�ا ودموهعا)‪.‬‬ ‫ابن� من ي‬
‫ لقد اقتلعوها ‪ ...‬اقتلعوها من جذورها‪( .‬قالت ي‬
‫ت‬
‫ـ� ‪ -‬لقــد ار�نــا نم�ــا‪ ،‬فأطفــال الشــارع ال ي�لــو هلــم‬ ‫ ت أ�خــذ مهعــا لك َّ‬
‫السـ ْـوء ‪ -‬قالــت زوجـ ت‬
‫ي‬ ‫َّ‬
‫ت‬
‫اللعب إال � ت�ا‪.‬‬
‫ابن� وقالـــت هلا مستدركــــــــــــــــة‪:‬‬ ‫نت ن�و ت‬ ‫ ث� نا� ْ‬
‫ي‬
‫ش‬
‫�رتنا عىل ّأية حال‪.‬‬ ‫ وما شأنك أنت ب�ا؟ نإ�ا ليست ج‬

‫‪69‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫و�هــا عندمــا‬ ‫فــر الــذي رصخ ف ي� ج‬ ‫ال ي‬‫وإ�ــا مــن خ‬ ‫شــقي�ا ‪ -‬ن‬
‫ق‬ ‫تبــ� عــى الزيتونــة ‪ -‬قــال‬
‫ إ�ــا ال ي‬
‫ن‬
‫ن ْ أ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫َ ّه ْ‬
‫يتعــ� أن ن�خــذه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫‪...‬‬ ‫الشــجرة‬ ‫بغصــن‬ ‫معقــودا‬ ‫اكن‬ ‫الــذي‬ ‫رجوحــة‬ ‫ال‬ ‫ــت بملــس حبــل‬
‫تبك)‪.‬‬ ‫ت‬
‫وه ي‬ ‫ابن� ي‬
‫أليس كذلك؟ إنه حبلنا‪( .‬قالت ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت ف‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫ت‬
‫اع‪،‬‬‫خ َرجــت أمــا‪ ،‬وكذلــك بقيــة إخو�ــا ج�لســت ج�وارهــا‪ ،‬ومســدت شــعرها وطوق�ــا بــذر ي‬
‫ب‬
‫الصــف‬‫ـ� مثلهــا ف� ّ‬ ‫ج�اننــا لبنــاء مســكن هلــم‪ ،‬وهــذا أمــر تعرفــه ف� العــادة ُّلك طفـ ة‬ ‫ف‬
‫وأ� تم�ــا حلاجــة ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫السادس‪.‬‬ ‫ّ‬
‫�ــار‪ ،‬أرض هللا واســعة ‪ ..‬واســعة‪ ،‬واكن ب إ� ن‬ ‫أش‬ ‫بنـ ُ‬
‫ماك�ــم‬ ‫يعط�ــم حــق اغتيــال ال ج‬‫ـاء مســكن جديــد ال ي‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْأن يبنــوا مسـ ن‬
‫ـك�م دون أن يقتلعوهــا!!‪ ..‬مــا اكن هلــم أن يقتلــوه‪( .‬قالــت ذلــك بن ـرب ة طا�ــة �بحلــزن‬
‫وه تنوح)‪.‬‬ ‫ي‬
‫ـت هل نفــ� بصفـ ت‬ ‫ـت ن�ــوه وحييتــه‪َ ،‬ر َّد ت�يـ تـ�‪ ،‬قدمـ ُ‬ ‫فا�هـ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ن ً ت‬ ‫ـت خ‬ ‫ُق َب ْيــل املغــرب حملـ ُ‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫�‬ ‫ـد‬‫ـ‬ ‫يوق‬ ‫ـر‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ال‬
‫ً ُ‬ ‫ْ‬
‫جاره‪ ،‬وسألته أن يطرق ب� ب ي� إن احتاج شيئا ما‪ ،‬ث ّ� سألته عن امسه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ ‪ -‬أبو الليل ‪ -‬وهو يضع قدح الشاي فوق موقد النار ‪ -‬من سوهاج‪ ،‬تفضل‪.‬‬
‫ّ ت ُ‬
‫فــام يبــدو بعــد‬ ‫ــ� نقلــت‪ ،‬ي‬ ‫وأشــار إىل صنــدوق خشــب ي مقلــوب اكن ب ج�ــوار جــذع الزيتونــة ال ي‬ ‫ِّ‬
‫‬
‫ف‬
‫جلست عىل الصندوق ي� حماولة لكسب ِّوده‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قلت هل بعد أن‬ ‫بت إىل جوار غرفته‪ُ ،‬‬ ‫ْأن شذ ْ‬
‫حــى ُّ‬
‫لهكــر�ء ت‬ ‫ئيــا يصــل تَّ‬
‫حــى ت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫تتمــوا‬ ‫ب‬ ‫بيــ�‪ ،‬ســأوصهل لــك ب�‬ ‫ي‬ ‫هكر�‬
‫ب‬ ‫ســلاك‬ ‫تتــد�‬
‫ب‬ ‫أن‬ ‫ لــو تســتطيع‬
‫إجراءات توصليتمك‪.‬‬
‫ن‬
‫وشــكر�‬ ‫املســودة مــن ش�ب الشــاي الثقيــل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أيــت أســنانه‬ ‫حــى ر ُ‬ ‫أســار�ه‪ ،‬وابتــم ت‬ ‫ انفرجــت‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ض‬
‫ب�متنان وا�‪.‬‬
‫ـت‬ ‫ـس جــذع الشــجرة الـ تـ� مــا زالـ ْ‬ ‫ـت هل فـ يـام كنــت تأ� َّسـ ُ‬ ‫ـوص عليــه‪( .‬قلـ ُ‬ ‫فالــار ُمـ ً‬ ‫داع لذلــك ج‬
‫ي‬ ‫ ال ي‬
‫ً‬ ‫ق‬
‫بعض أورا�ا الخ�ض اء احلية ب�رزة نم�ا)‪.‬‬
‫الرافة صباح هذا اليوم‪.‬‬ ‫ت‬
‫اقتلع�ا ج‬ ‫ت‬
‫ال�‬
‫خافت طفلتك عندما رأت جذور هذه الزيتونة ي‬ ‫‬

‫يش� إىل جذع الشجرة ب�ملقلوب‪.‬‬


‫قال أبو الليل وهو ي‬ ‫‬
‫نً أ‬ ‫آ‬
‫الن أي ش�ء ب�ملقلوب‪ ،‬الكبار فقط مه ي ن‬
‫أحيا� الشياء ب�ملقلوب!‪.‬‬ ‫الذ� ي�ون‬ ‫ي‬ ‫نعم نإ�ا مل ت� إىل‬ ‫‬

‫‪70‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ـ�‬ ‫يل�ــا مل تقتلـ ْـع‪ ،‬فرأيــت ابنـ ت‬ ‫و� ت‬ ‫ـت ببــري ن�ــو احلفــرة الـ تـ� اقتلعــت نم�ــا الزيتونــة‪ ،‬ت خ‬ ‫ا�هـ ُ‬ ‫ج‬
‫ت‬
‫‬
‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫ماك�ــا‬ ‫وظلهــا ن‬ ‫ـأر� �بحلبــل الــذي أوثقتــه ب�حــد فروهعــا منــذ ســتة أعــوام‪ ،‬اكنــت الشــجرة‬ ‫تتـ ج‬
‫متأر�ــة �ــا‪ ،‬عندئــذ فقــط انت�ـ ُ‬ ‫ت‬ ‫ئ ً ن‬
‫ـت‬ ‫ب‬ ‫املفضــل‪ ،‬وكنــا دا�ــا ج�دهــا عندمــا ن� يدهــا هنــاك‪ � ،‬ت�ــا أو ج ب‬
‫وباك�ا عىل الشجرة‪.‬‬ ‫حز�ا ئ‬ ‫إىل سبب ن‬
‫َّ‬
‫ ارتفــع املب ـىن ‪ ،‬ولســبب ال أعرفــه توقــف العمــل بــه‪َ ،‬وظــل أبــو الليــل وحــده ي�رســه‪ ،‬يعمــل‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫صباحـ ًـا ب�ملبـ ن‬
‫ـا� املج ــاورة ويعــود لغرفتــه عنــد املغــرب‪ ،‬إىل أن طــرق ب� ب ي� ق َب ْيــل ش�ــر رمضــان‪،‬‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وودعـن ي متمنيــا يل ش�ـرا مبــاراك‪ ،‬وغــادر غرفتــه ومل َي ُعــد يإل�ــا‪ ،‬وظــل املبـىن خاليــا ل كـرث مــن‬
‫ا� سنوات‪.‬‬ ‫ث ن‬
‫� ي‬
‫ـت عــى املبـىن‬ ‫ذات يــوم ربيــ� مشــمس‪ ،‬وفــام كنــت أقــوم بعمــل مــا فــوق ســطح املـنز ل‪ ،‬شأ�فـ ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ْ‬
‫ـراء تــاد ت خ�ـ فـ� جــذعَ‬ ‫وانت�ــت ج�ــأة إىل غابـ ٍـة مــن أغصــان خـ ض‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫خ‬
‫ي ِ‬ ‫أ� الليــل ‪ ..‬ب‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ـال ورأيــت غرفــة‬ ‫ي‬ ‫الـ‬
‫خ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت ُ ْ ُ َّ‬ ‫ش‬
‫ب‬
‫ال� أجتثت منذ زمن بعيد‪ ،‬وألقيت ج�وار غرفة ال يف�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫الزيتون‬ ‫رة‬ ‫�‬ ‫ج‬
‫وتــد�ت دخــوهل مــن فــوق الســور‪،‬‬ ‫ــال‪ ،‬ب‬ ‫و�لــت ن�ــو املبــىن خ‬
‫ال‬ ‫نز‬ ‫االســتطالع‪،‬‬ ‫حــب‬ ‫ت� ّلكــن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫تّ‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫الــذع �ــو‬ ‫ـ� اكنــت فـ يـام يبــدو‪ ،‬قــد مــدت جذورهــا مــن أســفل ج‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـجرة‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫ـذع‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫�‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ه‬‫وا�‬
‫ج‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ُّ أ‬
‫ال� احتضن�ا وأرضع�ا‪ ،‬فدبت يف�ا احلياة فأورقت من جديد‪.‬‬ ‫أمنا الرض ي‬
‫أ‬ ‫ُ‬
‫فرحت امك يفرح الطفال !!‬
‫ـ� اكنــت‬ ‫ورعاي�ــا‪ ،‬ولكنـن ُعـ ْـد ُت مرسعـ ًـا ن�ــو بيـ تـ� ألخـرب ابنـ تـ� الـ ت‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ـذ�‬‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ة‬ ‫ـا�‬ ‫ـرت ف� مبـ ش‬
‫ي‬
‫وفكـ ُ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫ي� يز�رتنا ب�ا رأيت‪.‬‬
‫لتوهــا‬ ‫طفل�ــا ّالـ تـ� اكنــت قــد فرغــت ّ‬ ‫مب�جــة‪ ،‬ث� احتضنــت ت‬ ‫وأخ� ت�ــا‪ ،‬ش�قــت ت‬ ‫عل�ــا ب‬ ‫دخلــت ي‬
‫ُ‬
‫ِي‬
‫من إرضاهعا‪ ،‬وقالت هلا‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ـت‪ ،‬كنــت موقنــة مــن ذلــك‪ْ ،‬‬ ‫حيــة مل تَ ُ�ـ ْ‬ ‫ صديقـ تـ� ّ‬
‫أمل أقــل لــك إن صداقتنــا اكلشــمس‪ ،‬وإن‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫جح تب�ا الغيوم‪ ،‬ال �وت‪ ...‬ال �وت أبدا ؟!!!‪.‬‬
‫طفل�ا ابتسمت‪.‬‬ ‫إل َّأن ت‬ ‫ُخ ِّي َل يَّ‬

‫‪71‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫التحليل والنقد‪:‬‬
‫ً‬ ‫أش‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املبــا� إالمسنتيــة احلديثــة حمــورا تــدور‬ ‫د‬ ‫وازد�‬
‫ي‬ ‫ــار‪،‬‬ ‫�‬
‫ج‬ ‫ّيتخــذ الاكتــب مــن ظاهــرة اقتــاع ال‬
‫ـال مــن التعتـ يـم والتعقيــد‬
‫ـا� خـ ٍ‬‫ـال بشــل مبـ ش‬ ‫حــوهل أحــداث ِق َّصــة الزيتونــة‪ ،‬وموضــوع القصــة ُيعـ ِ ج‬
‫ش ف‬ ‫ً أ‬ ‫ً‬
‫مبا� ي� الطبيعة وحياة الناس‪.‬‬ ‫صورة حياتية هلا ت� يث�‬
‫معالــة قضيــة تــؤرق اكفــة الشــعوب ف� زمننــا احلــال‪ ،‬وه مشـل�ة‬ ‫والســارد أراد مــن وراء ذلــك ج‬ ‫َّ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫أش‬
‫الرداء‪.‬‬‫وازد�د رقعة الرض ج‬ ‫�ار‪ ،‬ي‬ ‫وتغ� املناخ بسبب اقتالع ال ج‬ ‫االحتباس احلراري‪ ،‬ي‬
‫ف‬ ‫َّ‬
‫وبســاطة موضــوع القصــة يتجــى ف ي� اختيــار املــان الــذي ال ي ز� يــد عــن قطعــة أرض‪ ،‬تقــف ي�‬
‫�ــرة زيتــون هرمــة‪ ،‬ث� بيــت الـ َّـراوي‪ ،‬أو َّ‬ ‫ف ش‬
‫الســارد‪ ،‬ومعــه زوجتــه وابنــه وابنتــه واحلــارس‬ ‫منتص�ــا ج‬
‫« أبو الليل »‪.‬‬
‫أ‬ ‫ً أ‬ ‫ش‬ ‫وعقــدة َّ‬
‫ـ� اكنــت مــاذا لطفــال يلعبــون ب�لرجوحة‬ ‫ي‬
‫�ــرة الزيتــون الـ ت‬ ‫ج‬ ‫القصــة ال ت ز� يــد عــن اقتــاع‬
‫والد َّقــة تبــدو وا�ض ــة ف� طريقــة عــرض العنــارص املكونــة َّ‬
‫للقصــة‪،‬‬ ‫غصا�ــا منــذ زمــن‪ِّ ،‬‬ ‫املعلقــة ب أ� ن‬
‫ي‬
‫ث ش‬ ‫َّ‬ ‫أْ‬
‫�ــرة‬ ‫ـا� الغـ ئـا� الــذي يصلــح لن يشــل خلفيــة معجــزة‪ � ،‬ج‬ ‫ئ‬
‫الــو الثنـ ي‬
‫ـو� ج ّ‬ ‫الســارد بتصـ ي‬ ‫حيــث بــدأ َّ‬
‫عل�ــا ب أ�دوات ِّ‬ ‫ً ِّ أ ش‬
‫مدمــرة‪ ،‬ث� ربــط اكتــب القصــة‬ ‫�ــار املعتــدى ي‬ ‫الزيتــون املباركــة لتكــون رمـزا لــل ال ج‬
‫ْ‬ ‫ـ� الرمــز «الشــجرة» والطفــولة الـ َّـدالة عــى وجــود عالقــة أزليــة بـ ي ن‬ ‫بـ ي ن‬
‫ـ� إالنســان والشــجرة منــذ أن‬
‫ُ‬
‫خلق‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫�ــوص َّ‬ ‫ـ� َّأن ش خ‬ ‫ـدا عندمــا يتبـ ّ ي ن‬ ‫ً‬ ‫يز‬
‫القصــة‪ ،‬ومه الب والم ّ والخ واحلــارس ال‬ ‫و�داد املوقــف تعقيـ‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ش‬
‫�ــرة الزيتــون‪ ،‬حـ تّـى نَّأ�ــم عللــوا ذلــك بخ�و�ا مــن احلارس‪،‬‬ ‫ـ� عنــد اقتــاع ج‬ ‫في�مــون ملــاذا تبــ� الطفـ ة‬
‫ي‬
‫أ‬ ‫نز ش‬ ‫آ‬
‫اللة‬
‫�رة الزيتون من الرض‪.‬‬ ‫وه ت�ع ج‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫أو من منظر‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫وحي ـامن ربــط الاكتــب بدايــة املش ـل�ة ب َ�قـ َـدم الشــتاء‪ ،‬يالحــظ أنــه يضــع احلــل املنتظــر بقــدوم‬
‫وأ�بــت‪ ،‬واملولــودة‬
‫ن‬
‫و�وجــت ج‬ ‫ـ� الباكيــة كـرب ت ت ز‬ ‫ـن�‪ ،‬فالطفـ ة‬ ‫متأخـ ًرا بضــع سـ ي ن‬ ‫ِّ‬
‫فصــل الربيــع الــذي تأ�‬
‫ْ‬
‫ـت مــن جديــد‪ ،‬بعــد أن َمـ َّـد ْت جذورهــا مــن‬ ‫ت�مــز إىل ارتبــاط الطفــولة الفطــري ب� َّلشــجرة الـ تـ� نَ َ�ـ ْ‬
‫ي‬ ‫ن ُ ِّ أ‬
‫الذع امليت �و أمنا الرض‪.‬‬ ‫أسفل ج‬
‫ـرار الشــجرة مــن جديــد بي�هــن عــى انتصــار الطبيعــة وانتصــار الطفــولة‬ ‫وهــذا إال ن ج�ــاب واخـ ض‬
‫َّ‬ ‫وتنــا� الوالــدة املولــودة ة‬ ‫ين‬ ‫بال� يئــة‪ ،‬و� ي ن‬
‫قائــ� هلــا‪( :‬أمل أقــل لــك‪ :‬إن صداقتنــا‬ ‫ج ي‬ ‫املتحابــ�‪،‬‬ ‫بالثنــ�‬

‫‪72‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫اكلشــمس‪ ،‬وإن جح تب�ــا الغ ُيــوم‪ ،‬ال ت�ــوت‪ .‬ال ت�ــوت أبــدا) وهكــذا تبــدو قصــة الزيتونــة ن�وذجــا‬
‫أ‬ ‫ف‬ ‫القصــة القصـ يـرة الـ ت ُ‬ ‫مــن ن�ــاذج َّ‬
‫ـ�‬ ‫ي‬
‫الدبيــة الـ ت‬ ‫وه نــوع مــن الـامن ذج‬ ‫ـ� وجــدت ي� العــر احلديــث‪ ،‬ي‬ ‫ي‬
‫ـ� الشــديد‪ ،‬وتكثيــف احلــدث ب�يــث ال ينــرف‬ ‫ـا� الـ تـ� تطرهحــا مــع تال�كـ ي ز‬ ‫ز‬
‫تتمـ يـ� بشــمولية َّالقضـ ي ي‬
‫ـ� حمــدود مــن الزمــان واملــان‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫ذهــن القــارئ إال إىل موضــوع واحــد تــدور أحداثــه ف� حـ ي ز‬
‫ي‬
‫تأ‬ ‫ن ج�ــده ف� قصــة الزيتونــة الـ تـ� ن‬
‫زما�ــا غيــوم ش‬
‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ربي‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫فص‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ـده‬
‫ـ‬ ‫بع‬ ‫ـن‬
‫ـ‬ ‫وم‬ ‫ـرة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫املمط‬ ‫ـم�‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ديس‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫ّ‬
‫تدب فيه احلياة ي� بأ� صورها‪.‬‬
‫الضيــق الــذي ال ي ز� يــد عــن قطعة‬ ‫ـا� ِّ‬ ‫ن‬ ‫ِّ ز‬ ‫َّ‬
‫هكــذا تبــدو احلبكــة القصصيــة ال تتجــاوز هــذا احلـ يـ� املـ ي‬
‫ـ�‬ ‫أرض ت ج�اورهــا مســاكن عامــرة‪ ،‬وعيــون ن�ظــرة إىل تلــك الزيتونــة ّالـ تـ� ت�مــز إىل عالقــة وثيقــة بـ ي ن‬
‫ي‬
‫إالنسان والشجرة‪ ،‬ومها رفيقان منذ هعد آدم‪.‬‬
‫أ‬ ‫وهــذا الرمــز القصــ� الــذي ُتعـ ِّرب عنــه الشــجرة ُيــوح بعــدة دالالت مــن ِّ‬
‫أمههــا‪ :‬معــارة الرض‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫�ــار يعـن‬ ‫ش‬ ‫أ‬ ‫زي�ــا يـضئُ‬‫�ــرة مباركــة يــاد ت‬ ‫ش‬ ‫َّ أ ش‬
‫ي‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫وقط‬ ‫‪،‬‬ ‫ج‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫اكن‬ ‫إذا‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫وخاص‬ ‫ـار‪،‬‬
‫ـ‬ ‫�‬
‫ج‬ ‫ال تكــون إال ب�ل‬
‫الكث� عند إالنسان‪.‬‬ ‫ال�ء ي‬ ‫ش‬
‫ي‬
‫ـ�‬ ‫ـ�‪ ،‬جو�ــل قصـ يـرة يهســل تتبهعــا‪ ،‬امك تتمـ ي ز‬ ‫ـاص ف� صياغــة قصتــه عــى لغــة هسـ ة‬ ‫ولقــد اعتمــد القـ ُّ‬
‫ي‬
‫ت‬ ‫ف‬ ‫ُ‬
‫دالال�ا‪.‬‬ ‫اللغة ب�لوضوح‪ ،‬واالبتعاد عن اصطناع صورة جمازية ي�ار العقل ي� إدراك‬

‫‪73‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬

‫للقصة حدود زمانية وماكنية‪ ،‬اذكرمها‪.‬‬ ‫‪َّ 1.1‬‬


‫أش‬ ‫ً‬ ‫ُّ ش‬
‫�ار؟‬
‫�رة الزيتون موضوعا لقصته دون يغ�ها من ال ج‬ ‫القاص ج‬ ‫‪ 2.2‬ملاذا اختار‬
‫ف‬ ‫ش‬
‫�رة الزيتون ي�مز إىل أشياء ج�يلة ‪� ،‬ا يه؟‬ ‫‪ 3.3‬عودة احلياة جلذع ج‬
‫ـ� صغـ يـرة‪ ،‬وخفـ يـر امســه «أبــو الليــل»‪ ،‬وهلــذا‬ ‫�ــوص القصــة طفـ ة‬ ‫‪ 4.4‬مــن أ�ز ش خ‬
‫ب‬
‫ّ ف َّ‬
‫القاص‪� ،‬ال ذكرته‪.‬‬ ‫االختيار داللته عند‬
‫ن‬
‫املعــا�‪ِ �ْ َ ،‬ه ْ‬ ‫هســ� وا�ض‬
‫ة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ــن عــى ذلــك مــن خــال عبــارات‬ ‫ي ب‬ ‫ــة‬ ‫ــة‬ ‫القص‬ ‫لغــة‬ ‫‪5.5‬‬
‫ّ‬
‫القصة‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المسرحي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفن‬
‫التّعريف‪:‬‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫لك�ــا ت خ‬ ‫الساســية‪ ،‬و نّ‬ ‫أ‬ ‫ّ ف‬
‫و�‬ ‫ي‬ ‫ـاز‬ ‫ـ‬ ‫االرت‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫درج‬ ‫�‬‫ي‬ ‫ـف‬‫ـ‬ ‫تل‬ ‫�‬ ‫القصــة ي� توفــر العنــارص‬ ‫تشـ تـرك املرسحيــة مــع‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫بعــض المــور الخــرى‪ ،‬مــن ذلــك أن القصــة كتبــت لتق ـرأ‪ ،‬وأمــا املرسحيــة فقــد كتبــت لتمثــل‪ْ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ـ� ت‬ ‫ـ� اكنــوا ف ي� ذهــن الاكتــب حـ ي ن‬ ‫المهــور واملمثلـ ي ن‬ ‫َّ‬
‫كتاب�ــا‪ ،‬امك أن مؤلــف املرسحيــة يبــذل ج�ــدا‬ ‫أن ج‬
‫الن يتوقــف ملراجعــة ّ‬ ‫ْ‬ ‫�ض ً ف ً ْ‬ ‫ً‬
‫ـص ْأو مــا يشــل‬ ‫النـ ّ‬ ‫وم�ومــا؛ أن قــارئ القصــة يســتطيع‬ ‫خاصــا ليكــون وا ــا‬
‫ـ�‪ ،‬ت خ‬ ‫ّ‬
‫املمثلـ ي ن‬ ‫أْ‬ ‫عليــه‪ ،‬ف ي� حـ ي ن‬
‫و�تلــف ثقافــة اكتــب القصــة‬ ‫ـ� ال يســتطيع املشــاهد لملرسحيــة لن يوقــف‬
‫آ‬ ‫ّ‬ ‫ف َّ أ‬
‫ـواح النفســية‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫لن‬ ‫�‬‫ب‬ ‫ـع‬
‫ـ‬ ‫أوس‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ثقاف‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫لدي‬ ‫ـر‬
‫ـ‬ ‫خ‬ ‫وال‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫القص‬ ‫ـة‬
‫ـ‬ ‫بكتاب‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ول‬‫ال‬ ‫عــن اكتــب املرسحيــة ي� أن‬
‫ُّ‬
‫للشخوص‪.‬‬
‫أ‬ ‫واملرسحيــة ّ‬
‫ـص بوصــف احليــاة‬ ‫الخـ ّ‬ ‫اكلقصــة يف�ــا حــدث أو أحــداث‪ ،‬ولكــن القصــة ت�ـ تـم عــى‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫�ــاص عــن طريــق ّ‬ ‫أ‬
‫وال ش خ‬
‫� تعتمــد عــى احلــوار‪،‬‬ ‫ي‬ ‫املرسحيــة‪،‬‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫رسد‬ ‫يوجــد‬ ‫ال‬ ‫حــ�‬‫ي‬ ‫�‬‫ي‬ ‫د‪،‬‬ ‫الــر‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ـرح ُو ِضـ َـع ِل ُيقــال؛ لذلــك فــإن لغتــه هلــا إيقــاع خــاص‪ ،‬جو�ــه ليســت طويــ� وال قصـ يـرة‪،‬‬ ‫واحلــوار املـ ي‬
‫ّ ف‬ ‫ف ي� ي ن‬
‫والسد ي� القصة‪.‬‬ ‫ح� قد تطول ج�لة الوصف‬
‫ف‬
‫ومــن ج�ــة أخــرى فــإن املرسحيــة حمــدودة الزمــان واملــان‪� ،‬ــن ن�حيــة الزمــان يه مقيــدة‬
‫ـ� تطــول القصــة أكـرث‬ ‫ب� جلمهــور‪ ،‬إذ ال ي�كــن ْأن يســتمروا ب�ملشــاهدة أكـرث مــن ثــاث ســاعات ف ي� حـ ي ن‬
‫ْ ت‬ ‫َّ‬
‫مــن ذلــك بكثـ يـر‪َّ ،‬أمــا مــن ن�حيــة املــان فــإن املرسحيــة حمــدودة ب�ملــرح فــا ي�كــن أن �ــدث‬
‫ف‬
‫اليشان‪.‬‬ ‫مرسحية ي� ميدان للحرب حيث يتقاتل ج‬
‫* عناصر املسرحية‪:‬‬
‫ ‪ .‬أاحلدث‪:‬‬
‫الب� يــة‪ ،‬أي‪ :‬يكــون‬ ‫وهــو أســاس الفعــل املــرح وحمــور العمليــة الفنيــة‪ ،‬ويكــون حمــااكة للحيــاة ش‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫تلكــف فيــه وال خــروج عــن منطــق احليــاة‪ ،‬وهــذا ي َسـ َّـ� ب�لصــدق الفـن‬‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ـا‬‫ـ‬ ‫حمتم‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫طبيعي‬ ‫ـا‬‫منطقيـ‬
‫ً‬ ‫تدر�يـ ًـا بفعــل الـراع بـ ي ن‬
‫ـ� الشــخوص‪ ،‬ويبـىق مســتمرا ال يتوقــف حلظــة واحــدة‪،‬‬ ‫ويتحــرك احلــدث ي ج‬
‫ْ‬ ‫امك ّأنــه ليــس مــن الـ ض‬
‫ـروري أن تكــون هــذه احلركــة املرسحيــة حركــة ظاهــرة‪ ،‬فقــد تكــون ب� إلضافــة إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ذلك ب�لوقفة الساكنة‪ ،‬فلك ما يؤدي إىل دفع احلدث سواء أاكن قوال أو مصتا‬

‫‪75‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أو حركة‪ ،‬فإنه ُي َس َّم حركة‪.‬‬

‫العقدة املسرحية‪:‬‬
‫ ‪ .‬أ ُ‬
‫ً‬ ‫َّ ف‬ ‫ف‬
‫وه نقطــة التــأزم ي� احلــدث الواحــد‪ ،‬وهــذا يعـن ي أن ي� املرسحيــة عــددا مــن العقــد‪ ،‬وهــذه‬
‫ي‬
‫أ‬ ‫ت ً‬
‫العقــد مرتبطــة ب�لعقــدة الرئيســة �امــا‪ ،‬اكرتبــاط الحــداث النوعيــة �بحلــدث الرئيــس‪ ،‬وهــذا‬
‫االرتباط يعمل مع عنارص املرسحية عىل َش ِّد ق‬
‫املتل� يإل�ا‪.‬‬
‫ي‬
‫ ‪.‬ب ّ‬
‫الشخصيات‪:‬‬
‫ت‬ ‫ّ‬ ‫الشــخصيات ف� املرسحيــة تشــبه ش خ‬ ‫ّ‬
‫�صيــات القصــة‪ ،‬لكــن الشــخصية املرسحيــة �تــاج إىل‬ ‫ي‬
‫ـل وتتحــرك ب ُ�ريــة دون ْأن يكــون الاكتــب مــن ف‬ ‫َّ‬ ‫ف‬
‫خل�ــا‪ ،‬يفــرض‬ ‫عنايــة فائقــة ي� رمسهــا‪ ،‬وجع ِلهــا تتـ‬
‫أ‬ ‫ّ‬ ‫يلق ن�ــا مــا � يــد‪ ،‬ش خ‬ ‫ْ ّ‬
‫و�صيــات املرسحيــة تتحــاور مــع الشــخصيات الخــرى دون‬ ‫ي‬ ‫عل�ــا أو‬
‫نفســه ي‬
‫أ‬ ‫رسد ْأو تدخــل مــن ال ـراوي‪ ،‬فتبــدو أغــزر حيويــة وأصــدق مــن الشــخصيات ش‬
‫الب� يــة؛ ل ن�ــا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عل�ــم واحــدا واحــدا‪،‬‬‫ـرح عــى درايــة بشــخوص مرسحيتــه يتعــرف ي‬ ‫رمســت بعنايــة‪ ،‬والاكتــب املـ ي‬
‫ِّ‬ ‫ف‬
‫ويعيــش مهعــم ي� ذهنــه مــدة اكفيــة‪َ ،‬حـ تَّـى يقــرر ْأو يكثــف لــل واحــد نم�ــم أبعــاده الثالثــة‬
‫البعــاد مبـ ش‬‫أ‬ ‫ْ‬
‫ـا�ة‪ ،‬بــل تظهــر خــال‬ ‫واالج�عيــة‪ ،‬والنفســية‪ ،‬وال ي ج�ــوز أن يـ شـرح هــذه‬ ‫ت‬ ‫الســمية‪،‬‬
‫ج‬
‫جمرى احلدث واحلركة املرسحية‪.‬‬
‫ ‪.‬جاحلدث املسرحي‪:‬‬
‫ض‬ ‫أ‬
‫الساســية ويقــدم ب� ن‬ ‫ض‬ ‫أ‬ ‫ُ َ ُّ‬
‫ها�ــا‪ ،‬ويــو�‬ ‫ـرح أمه العنــارص؛ لنــه يــو� الفكــرة‬
‫يعــد احلــدث املـ ي‬
‫ْ‬ ‫غــر ش‬
‫حــى نال�ايــة دون أن‬
‫مبــا�ة‪ ،‬ويدفــع الــراع الصاعــد ت‬ ‫الشــخصيات‪ ،‬يو�مسهــا بطريقــة ي‬
‫شّ‬
‫وال�ح‪.‬‬ ‫يعتمد عىل الرسد‬
‫ْ‬
‫وأن تكــون ج�ـ ة‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ـ� ذات‬ ‫وفكر�ــا‪،‬‬ ‫وثقاف�ــا‬ ‫ولغــة احلــوار ي ج�ــب أن تكــون مناســبة للشــخصية‬
‫والهســاب‪ ،‬هلــا إيقــاع خــاص‪ ،‬مثـ يـر للفكــر خ‬
‫واليــال‪ ،‬وحمــرك‬ ‫طــول متوســط بعيــدة عــن احلشــو إ‬
‫للعاطفة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬

‫وب� ّ‬
‫القصة‪.‬‬ ‫‪َ 1.1‬ع ِّرف املرسحية‪ ّ ،‬ي ن‬
‫وب� الفرق ن‬
‫بي�ا ي ن‬
‫ف ّ‬
‫‪2.2‬ما الذي ي ج�ب مراعاته ي� الشخصية املرسحية؟‬
‫‪3.3‬ما العالقـــة بـيــن الاكتــــب ش خ‬
‫و�صياتـــــــــه؟‬
‫ْ‬ ‫َ ضِّ‬ ‫ف‬
‫املرسح من أمه العنارص ي� املرسحية‪ ،‬و� ذلك‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪4.4‬احلوار‬

‫‪77‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
78
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
‫نموذج مسرحية‬
‫ثورة عمر المختار‪ -‬محمد الفيتوري‬

‫النّ ّ‬
‫ص‪:‬‬
‫ن َ ُ أ‬
‫از� ن ي� ب�لقبــض عــى معــر‬
‫ـا�‪ ،‬ت ِصــل الخبــار إىل غـر ي‬ ‫ش‬
‫‪ -1‬لوحــة مــن امل�ــد الثالــث مــن الفصــل الثـ ي‬
‫و�تيه ّ‬ ‫أ‬
‫الرد‪.‬‬ ‫املخ تار فيستبد به فرح شديد‪ ،‬ويتصل ب�وما ليعلن نبأ انتصاره ي‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫ي‬
‫نســبيا ‪ -‬فــوق الطــاولة ت‬
‫الــ� جلــس يإل�ــا‬ ‫بســيط‬ ‫ث‬ ‫�‬‫ال ث‬ ‫از� ن ي� ‪-‬‬
‫الــرن ال غــر ي‬
‫املــان‪( :‬مكتــب ج‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫أ‬
‫الصغــرة ت�مــز إىل الفــرق احملاربــة �ــت قيادتــه ‪ -‬يظهــر ي� اللوحــة‬ ‫ي‬ ‫الــرن ال عــدد مــن العــام‬
‫ج‬
‫وبي�م امرأة جمندة امسها جينا‪).‬‬ ‫از� ن� وبعض أتباعه ن‬
‫غر ي ي‬

‫جينا‪ :‬رسالة روما‪.‬‬


‫ال ن�ال‪ :‬وماذا تقول؟‬ ‫ج‬
‫ً‬ ‫قَّ‬
‫النود ج�يعا‪.‬‬‫جينا‪( :‬تقرأ) ُ ي َ�� ج‬
‫ً ُ ُّ‬ ‫ال ن�ال‪( :‬بفرح ج ئ‬
‫س�قون (بعد حلظة)‪.‬‬ ‫النود ج�يعا ي‬
‫مفا�) أجل‪ ،‬ج‬ ‫ج‬
‫ً‬ ‫ْ ّ‬ ‫ن‬
‫إ� أرى أن ي�قوا (منتفخا)‪.‬‬
‫ي‬
‫ين‬ ‫َّ‬
‫العامل�‬ ‫فإن ماكفأة‬
‫ض�ورية لنجاح العمل (للكولونيل)‪.‬‬
‫يأ�ا الكولونيل البطل‬
‫(يتقدم الكولونيل خطوة ويؤدي التحية)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ي� ي ز‬
‫يستد�)‪.‬‬
‫ي‬ ‫عز�ي منحتك هذا الوسام (يقلده وساما ***‬
‫و�مس ي ز‬
‫العز�ة روما‬ ‫ب‬

‫‪79‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫النود الثالثة)‬
‫أعلقه فوق صدرك (إىل ج‬
‫�ور بمك‬‫الند نِّإ� ف خ‬
‫ي� يأ�ا ج‬
‫ي‬
‫آ‬
‫من الن‪ ،‬تأن�‬
‫ً‬ ‫ُ(ت ْس َم ُع رصخات من خ‬
‫الارج‪ ،‬يندفع عىل ثأ�ها مالزم‪ ،‬ممزق املالبس ملطخا ب�لدماء)‬
‫ً‬
‫املالزم‪( :‬الهثا) لقد عاد‪.‬‬
‫ال ن�ال‪َ :‬م ْن؟‬
‫ج‬
‫ُ‬
‫املالزم‪َ :‬عر‪.‬‬
‫ال ن�ال‪ :‬عاد من موته!‬
‫ج‬
‫املالزم‪ :‬مل يكن مات ي� سيدي‪.‬‬
‫ال ن�ال‪ :‬كنت أعرف ذلك‪.‬‬‫ج‬
‫املالزم‪ :‬اكنت مناورة أو خديعة‪.‬‬
‫ً ّ‬ ‫ال ن�ال‪ُ :‬‬
‫كنت معتقدا أنه مل ي�ت‪.‬‬ ‫ج‬
‫(يستد� ن�حية الكولونيل الذي بدا عليه االرتباك)‬ ‫ي‬
‫عز� *** ي� كولونيل الشجاع َت َ َّ ْ‬
‫ك‬ ‫ي� ي ز‬
‫ي‬
‫ف ف‬ ‫الكولونيل‪ :‬إذا َ َّ‬
‫� ج�يعة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫قال‬ ‫ما‬ ‫ص‬
‫وأ� ت‬
‫تقابل�؟‬ ‫ال ن�ال (لملالزم)‪ :‬ي ن‬ ‫ج‬
‫ً‬
‫البل‪.‬‬ ‫املالزم‪ :‬كنت متجها ب ج�نودي بع� ج‬
‫ُ‬
‫فإذا ب�جال َعر‬
‫الدروب‬‫يقطعون علينا ج�يع ّ‬

‫وسال رصاهصم فوقنا اكملطر‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ين‬
‫ساعت�‬ ‫ن‬
‫مصد� هلم‬
‫َ َ َّ َ‬
‫وملا تكشف ِت املعركة‬
‫ال ي ن‬
‫انب�‬ ‫عن الك ج‬
‫ً‬ ‫ُ ْ‬
‫جر�ا‬ ‫كنت ُمل قً� ي‬
‫ب� ي ن‬ ‫ّ‬
‫ولك الكتيبة ما ي ن‬
‫ب�‬
‫ُ‬
‫الذي مات مات‪ ،‬ومن مل ي� ْت قد أ ِس‬
‫ت ن‬ ‫ثَّ ف‬
‫ح� ج�وت‪.‬‬ ‫تع� ُت ي� الرمل‬
‫ستا�ها الليلة املظملة‬ ‫(ممك ًال) وألقت عليك ئ‬ ‫ال ن�ال‪ِّ :‬‬
‫ج‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫وا�زمنا وفاز َعر‬
‫ئ ف‬
‫دا�ا ي� معاركه ِض ّد ن�‬
‫ئً‬
‫دا�ا يأ�ا الكولونيل يفوز معر‬
‫ً‬ ‫أ‬
‫وتفوزون ب�لفخر والومسة (زاعقا ب ج�نون)‬
‫اق� ْب‬
‫يأ�ا الكولونيل ت‬
‫َّ‬
‫إن هذا الوسام ثقيل عليك‬
‫(ي�ع الوسام ث�نية)‬
‫لغ�ك ي�مهل عنك نز‬ ‫فدعه ي‬
‫يعا ‪ ...‬ما عدا «جينا» ت‬ ‫ً‬ ‫ُْ ْ آ‬
‫الن ي خ‬
‫ال� تظل واقفة ب�لباب)‪.‬‬‫ي‬ ‫�‬‫ج‬ ‫رجون‬‫(�‬ ‫اغرب‬
‫أتعتقد� ب أ� ن� نا� ُ‬
‫زمت‬ ‫ين‬ ‫ً‬
‫حسنا‬
‫ي‬
‫فيش� يإل�ا ب�لسكوت )‬
‫(تفتح فاها لتتملك ي‬
‫ن أ‬
‫تعتقد� ب� ن ي� نا�زمت امامه (يضحك)‬
‫ي‬ ‫بل أنت‬
‫ُ‬
‫وهذا حمال احملال‬

‫‪81‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ن‬ ‫ف‬
‫اطمئ�‬
‫ي‬ ‫أة)‬ ‫(�‬
‫ج‬
‫أق� بب�قة يوم القيامة‬
‫فسوف ي‬
‫تق� بب�قة يوم القيامة!‬
‫جينا‪( :‬بدهشة) ي‬
‫س ُن ن‬ ‫ْْ‬
‫ساك�ا جأ� ي ن‬
‫ع�‬ ‫ال ن�ال‪َ :‬سأ ِج‬
‫ج‬
‫ين‬
‫وتستغرب�‬ ‫ل� كيف ***‬ ‫تقو ي ن‬
‫ّ‬
‫سأ�ع لك القبائل *** لك العوائل‬ ‫ج‬
‫عال وسافل‬
‫ب� ٍ‬ ‫أغناهمم‪ ،‬إبلهم‪ ،‬لن أفرق ما ي ن‬

‫ب� طفل ب�يء العيون وقاتل‬‫ما ي ن‬


‫ن‬
‫ستسك�م؟‬ ‫جينا‪ :‬ي ن‬
‫وأ�‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬
‫ال ن�ال‪ :‬ي� القليل القل من الرض‬ ‫ج‬
‫الو�ء وتعوي املج اعة‬
‫حيث يبيض ب‬
‫بعد املج اعة‪ ،‬وبعد املج اعة (حلظة مصت)‬
‫ْ‬ ‫ت‬
‫همت *** توشك عيناك أن‬ ‫أر ِاك ج� ِ‬
‫(�نون)‬ ‫فكر� ب�لفظاعة ب ج‬ ‫تصفا ت‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫هل قلت ف� ِّ‬
‫الس‪ :‬ي� للفظاعة‬ ‫ي‬
‫أ‬
‫ال ب�س *** هذا يؤكد يل نأ�ا فكرة عبقرية‬
‫ً‬ ‫ض‬ ‫أ‬
‫عل�م ج�يعا ب�ذا‪.‬‬ ‫ستق� ي‬‫ي‬ ‫مل)‬ ‫(�‬‫جينا‪ :‬ب‬
‫ً‬
‫ع�ون ألفا‪ ،‬ث�انون أو بر�ا‪.‬‬ ‫س�لك ألفان‪ ،‬ش‬ ‫ال ن�ال‪ :‬ي‬
‫ج‬
‫جينا‪ :‬ث� ماذا؟‬
‫والذ� معه‪.‬‬ ‫ال ن�ال‪ :‬ض‬
‫سأق� عىل معر ي ن‬ ‫ج‬
‫ي‬
‫جينا‪ :‬كيف؟‬

‫‪82‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫الصحارى وجوها بال أقنعة‬ ‫أجعلهم ي�‬
‫ف ف‬ ‫ً‬
‫كت�ا ي� سعادة وانتشاء)‬ ‫سيوفا بال أذرعة (يضع يده عىل‬
‫تعج� فالطريق إىل ث� ئ� كعمر‬‫جينا‪ ،‬ال ب ي‬
‫ْ‬
‫هو أن نعزل الشعب عنه (ببطء قاتل)‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فيضعف شيئا فشيئا ‪ ...‬شيئا فشيئا ‪...‬‬
‫ْ‬
‫إىل أن يدامهه القدر املنتظر‪.‬‬
‫ي�ل ِّ‬
‫الستار )‪.‬‬ ‫( يضحك قم� ق� ًا *** نبي� ينظر إىل جينا بذعر ش‬
‫وا� ئز�از – نز‬

‫ـا� مــن الفصــل الثالــث‪ ،‬وفيــه ت� إلقــاء القبــض عــى البطــل معــر املخ تــار‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ش‬
‫ُ ‪ -2‬لوحــة مــن امل�ــد الثـ ي‬
‫ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫وأ َّ‬
‫عد ِت احملمكة واملشنقة معا إلصدار احلمك ب إ�عدامه‪.‬‬
‫أ‬
‫النــود شــاهرو الســلحة‪ ،‬إىل‬ ‫ـ� (املعســكر واملعتقلــون والضوضــاء ف ي� ج‬
‫الوا�ــة‪ ،‬ج‬ ‫املنظــر‪ :‬معســكر العقيـ ة‬
‫ـ� مشــنقة خاليــة‪ ،‬يتوافــد بعــض املتفرجـ ي ن‬
‫ـ�‬ ‫اليســار منصــة القضــاء وأماهمــا عــدد مــن املقاعــد‪ ،‬إىل اليمـ ي ن‬
‫ف‬
‫يعق�ــا دخــول معــر املخ تــار ي� تــؤدة وهمابــة *** احلـراس ي�يطــون‬‫أماك�ــم‪ ،‬حركــة غـ يـر عاديــة‪ ،‬ب‬ ‫يتخــذون ن‬
‫ف‬
‫به‪ ،‬والقيود ي� يديه ورجليه)‪.‬‬
‫صوت رجل‪ :‬معذرة ي� سيدي‪.‬‬
‫اسأل لو أحببت‬
‫أ‬
‫سوف تفيق الصحراء من ُسبات الزمنة‬
‫وسوف تكسو يّ‬
‫عر�ا احلدائق امللونة‬
‫ت‬
‫وتس� ي� من ب‬
‫عذا�ا‬
‫ال ي�دي خ‬‫أ‬
‫الشنة‬
‫كذا يقولون لنا‬

‫‪83‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫معر املخ تار‪ :‬قولوا هلم‬
‫ولن ت�ضوا ب�جد شعبنا‬
‫وك� ي�ء أرضنا‬
‫ب‬
‫عودوا إىل بالدمك‪ ،‬ي‬
‫فالر� تلهو بدخان املدخنة‬
‫واحل ّر ليس ت‬
‫يش�ى‪ ،‬وال يبيع وطنه‬ ‫ُ‬

‫صوت رجل‪ :‬ي� سيدي إذا مسحت‬


‫اسأل لو أحببت‬
‫ف‬
‫وأنت ي� أغالهلم‪ ،‬هل نا�زمت؟‬
‫معر املخ تار‪ :‬ال تعتذر‬
‫انترصت إرادة القضاء والقدر‬
‫احلق والطغيان ف� ي ز‬
‫امل�ان‬ ‫وما ز�ال ّ‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ف‬
‫غد ستنترص‬
‫و� ٍ‬‫ي‬
‫إرادة إالنسان‬
‫ّ‬
‫صوت رجل‪ :‬هل عذبوك؟‬
‫ن‬
‫تسألو� عن العذاب‬ ‫معر املخ تار‪:‬‬
‫ي‬
‫أ‬
‫ليس وراء غربة الوطان من عذاب‬
‫صوت رجل‪َ :‬‬
‫كنت لنا الثورة *** كنت ت‬
‫صو�ا ويدها‬
‫ي� سيدي‪ .‬لو قتلوك‬
‫ف�ا الذي ق‬
‫يب� لنا؟‬
‫ْ‬
‫امتدت ب�ا إىل يدي‬ ‫ت‬
‫ال�‬ ‫معر املخ تار‪ :‬ق‬
‫الك�ى ي‬
‫تب� اليد ب‬
‫الموع الباقية‬
‫يد ج‬
‫ت‬
‫تشعلها �ت الرماد ث�نية‬
‫‪84‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫صوت رجل‪ :‬ي� سيدي انصحنا‬
‫ْ ت‬
‫معر املخ تار‪ :‬أضيئوا *** واحذروا أن خ�مدوا‬
‫تّ‬ ‫تَ‬
‫وا�دوا *** ا�دوا‬
‫ال ّتحليـــل‪:‬‬
‫ـ�‬‫ـد� الليبيـ ي ن‬ ‫أمامنــا لوحتــان مــن مرسحيــة طويـ ة‬
‫ـ� للشــاعر حممــد الفيتــوري صـ ّـور يف�ــا نضــال املج اهـ ي ن‬
‫ع�ــا‬ ‫ضــد االســتعمار إاليطــال‪ ،‬وقــد قــدم الشــاعر هــذه الثــورة مــن خــال رؤيــة خاصــة يع ـرب الشــاعر ن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫و�ــة نظــري حــول معــر املخ تــار حصيــح أن املخ تــار اكن يـ تـ�زمع الثــورة الوطنيــة ِضــد الطغيــان‬ ‫بقــوهل‪( :‬إن ج‬
‫الشــعب الليـ نفســه وهلــذا الســبب صـ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ـورت الثــورة مــن‬ ‫يب‬ ‫ـ�‪ ،‬إال أن البطــل احلقيـق ي هــو‬ ‫ت‬
‫ـال الفاشسـ ي‬
‫إاليطـ ي‬
‫ت‬
‫وتضحي�ا)‪.‬‬ ‫ماه�‬
‫ال ي‬ ‫خالل مشاركة ج‬
‫ف‬
‫الــزء احملــدود مــن املرسحيــة‪� ،‬ــن املتعــذر احلديــث عــن ج�يــع عنارصهــا‬ ‫بو�ــا أننــا مل نقتطــف إال هــذا ج‬
‫ـ� يف�ــا ومهــا‪ :‬معــر املخ تــار‬ ‫ـخصيت� البارزتـ ي ن‬ ‫ين‬ ‫ـو� الشــاعر الشـ‬ ‫ب�لاكمــل‪ ،‬وهلــذا نكتـ ف‬
‫ـ� ب�لتعليــق عــى تصـ ي‬ ‫ي‬
‫از� ن ي�‪.‬‬ ‫والفاشس� غر ي‬‫ي‬
‫ت‬
‫ف‬ ‫َّ‬
‫املــرح حريــة عــرض الشــخصية مــن‬ ‫ي‬ ‫للاكتــب‬ ‫تتيــح‬ ‫ال‬ ‫املــرح‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫واملاكنيــة‬ ‫الزمانيــة‬ ‫القيــود‬ ‫إن‬
‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬
‫ين‬
‫ـخصيت�‬ ‫ـو� الشـ‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫تص‬ ‫�‬
‫ي‬ ‫ـوري‬ ‫ـ‬ ‫الفيت‬ ‫ـق‬ ‫ـ‬ ‫وف‬ ‫ـد‬‫ـ‬ ‫وق‬ ‫ـد‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫واح‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫جان‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـادة‬ ‫ـ‬ ‫الع‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫يصوره‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫�‬ ‫جوان�ــا‪،‬‬ ‫مخ تلــف ب‬
‫الخــرى‪ ،‬فتظهــر ف� الفصــل الثـ نـا� مــن املرسحيــة ش خ‬ ‫أ‬
‫از� ن ي�‬
‫�صيــة غـر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـ�‪ ،‬تدفــع إحدامهــا‬ ‫ـ� متعارضتـ ي ن‬ ‫كقوتـ ي ن‬
‫ت‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫ت‬
‫وه القتــل والبطــش والتنكيل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـا‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫لتنفيذه‬ ‫ا‬ ‫�‬‫ب‬ ‫ـاء‬‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ـ�‬‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ة‬‫�‬ ‫ي‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫لملهم‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫وفي‬ ‫اكن‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫وبذل‬ ‫‪،‬‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫لل‬ ‫ـيدا‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫�‬‫ج‬
‫خ‬ ‫ف‬ ‫ق‬
‫الماعيــة‬ ‫وه نزإ�ال العقوبــة ج‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬‫ـار�‬‫ي‬ ‫ـ‬ ‫الت‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫أح‬ ‫ـا‬‫ـ‬ ‫إل�‬
‫ي‬ ‫ـبقه‬ ‫ـ‬ ‫يس‬ ‫مل‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫بعملي‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫يق‬ ‫ـورة‬‫ـ‬ ‫الث‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫�‬ ‫وعندمــا يعجــز عــن‬
‫ـ� تعملــت الفاشــية اهلتلريــة‬ ‫الماعيــة الـ ت‬ ‫ج‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫االعتق‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫معس‬ ‫ئ‬
‫ـس‬ ‫ب�لشــعب ّلكــه‪ ،‬وهلــذا يفخــر ب أ�نــه ينـ ش‬
‫ي‬
‫والـرب وت‪،‬‬ ‫تغذ�ــا ب�لقــوة والصلــف ج‬ ‫ـ� ي‬ ‫از� ن� ال تنفصــل عــن أصوهلــا الـ ت‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ـة‬‫ـ‬ ‫صي‬ ‫بنا�ــا فـ يـام بعــد‪ ،‬ش خ‬
‫و�‬ ‫طــرق ئ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫أ‬ ‫ـوال عــى أســطول جــوي فـ ش‬ ‫ً‬ ‫ف‬
‫ـا� تعــززه الســاطيل‪ ،‬ومثملــا وفــق الشــاعر ي� عــرض‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫حمم‬ ‫ـاد‬ ‫ـ‬ ‫الب‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫يدخ‬ ‫ـو‬
‫ـ‬ ‫�‬
‫از��ن‬ ‫ً ف‬ ‫ت‬
‫ـ� تتمتــع ب�ــا هــذه الشــخصية‪ ،‬فقــد وفــق أيضــا ي� عــرض جوانــب الضعــف يف�ا فغـر ي ي‬ ‫مظاهــر القــوة الـ ي‬
‫أ‬
‫تم�ــور طائــش يــرخ دون ســبب‪ ،‬وينتقــل مــن موقــف إىل موقــف نقيــض هل‪ ،‬فيعلــق الومســة عــى‬
‫كثــر التبجــح بقوتــه‪ ،‬يعلــو صوتــه ب� تل�ديــد والوعيــد تَّ‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫َّ‬ ‫ثُ‬
‫حــى يصــل إىل‬ ‫ي‬ ‫وهــو‬ ‫هعــا‪،‬‬ ‫ين�‬ ‫�‬ ‫صــدور جنــوده‬

‫‪85‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫أ‬
‫الحيــان وهــذا ّلكــه دليــل عــى خ‬ ‫ف‬
‫الــروح واليــأس‬
‫ي‬ ‫ــواء‬ ‫ال‬ ‫مســتوى املهــرج املضحــك ي� بعــض‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ف‬
‫ـر� غـ يـر عــادلة ‪ ،‬وأن‬
‫واالضطـراب الــذي يعصــف بــه‪ ،‬ذلــك أنــه يــدرك ي� قـرارات نفســه أنــه ي خ�ــوض حـ ب‬
‫ْ‬
‫احلق ُالب َّد أن قت�ره‪.‬‬
‫قوة ّ‬
‫ف‬
‫�صيــة معــر املخ تــار الــذي يظهــر ي�‬ ‫ومــن هــذا املنظــور‪ ،‬منظــور احلـ ّـق والقــوة ي�كــن ْأن نــدرس ش خ‬
‫و�لقضيــة الـ ت‬ ‫ف‬
‫ـ� يناضــل مــن أجلهــا‪ ،‬وهــذا مــا ي�بــه‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫هلل‬ ‫�‬‫ب‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫املؤم‬ ‫‪،‬‬‫ـر‬
‫ي‬ ‫ـ‬ ‫الكب‬ ‫ـل‬‫ـ‬ ‫الرج‬ ‫ـورة‬ ‫ـ‬ ‫ص‬ ‫�‬ ‫املرسحيــة ي‬
‫ح� أمام حبل املشنقة‪.‬‬ ‫ي�عزع ت‬ ‫الثقة والثبات‪ ،‬ف�و ال ي�تعد وال ت ز‬

‫الماهـ يـر العريضــة املؤمنــة‬ ‫اليــوش واملدافــع‪ ،‬فاملخ تــار يعتمــد عــى ج‬ ‫از� ن ي� يعتمــد عــى ج‬ ‫وإذا اكن غـر ي‬
‫ً‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬
‫ـ� تؤيــده و�ــارب إىل جانبــه‪ ،‬وهكــذا يبــدو الرجــل (الضعيــف) املصفــد ب�لسالســل ج�ســيدا للقــوة‬ ‫الـ ي‬
‫َّ‬
‫احلكــم أال نتخــاذل وال‬ ‫ي‬ ‫والكــرب ي�ء والثقــة ب�لنفــس‪ ،‬ونســتمع إليــه وهــو يتجــه إلينــا بصوتــه الواثــق‬
‫وأن احلــق والطغيــان ف� املـ ي ز‬ ‫ً ّ‬
‫ـ�ان فاملعركــة مســتمرة والنــر يف�ــا‬ ‫ي‬ ‫نستســم‪ ،‬وأن النضــال ال ي ز�ال متصــا‬
‫الماهـ يـر الـ ت‬ ‫وأن الفــرد إذا مــا انـ تـىه فسـ ق‬ ‫َّ‬
‫ـ� تشــعل الثــورة مــن جديــد‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ـد‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـوع)‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ال‬
‫ج‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫(ي‬ ‫ـتب�‬ ‫للعــدل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬
‫وتبق�ــا مضيئــة متقــدة إىل أن يتحقــق النــر‪ ،‬فاملهــم ي� ذلــك لكــه الوحدة‪ ،‬وحــدة اليد والقلــب واهلدف‪،‬‬ ‫ي‬
‫فقضي�م خارسة همما ت‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫اليوش‪.‬‬ ‫دمع�ا قوة ج‬ ‫وال ينىس البطل أن ينصح العداء ب�لعودة‪،‬‬
‫ـال‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫يط‬ ‫ال‬
‫إ‬ ‫ـا�‬ ‫والفكــرة ف� هــذه املرسحيــة تظهــر ف� ّأول صورهــا فكــرة الـراع الليـ ِضـ ّـد الغــزو الفـ ش‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ـ�‬ ‫الـ يـر والـ شـر‪ ،‬بـ ي ن‬ ‫ـ� خ‬ ‫لكـ َّـن الشــاعر ينجــح ف ي� ت�ويلهــا إىل فكــرة إنســانية عامليــة وه فكــرة ال ـراع بـ ي ن‬
‫ي‬
‫الشــاعر ذلــك بلغــة هسـ ة‬ ‫ِّ‬ ‫الغا�ــة وحتميــة انتصــار خ‬ ‫احلــق والقــوة ش‬
‫ـ� ي ز� يدهــا جاذبيــة النظــم‬ ‫الـ يـر‪ ،‬ويقــدم‬
‫ـوا�‬
‫ف‬
‫ـ‬ ‫الق‬ ‫ـت‬‫ـ‬ ‫تنوع‬ ‫امك‬ ‫ـة‪،‬‬‫ـ‬ ‫غنائي‬ ‫ـيقية‬ ‫ـ‬ ‫موس‬ ‫ـوار‬ ‫ـ‬ ‫احل‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـت‬ ‫ـ� الـ تـ� َأ ْض َفـ ْ‬ ‫الشــعري الــذي جــاء عــى وزن التفعيـ ة‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ع�ــا‪،‬‬ ‫لــدى الشــاعر وتعــددت‪ ،‬وهــذا مــا تأ�ح هل ْأن يصــوغ احلــوار وفــق الفكــرة الـ تـ� ي� يــد التعبـ يـر ن‬
‫ي‬
‫أ‬
‫وبذلــك اقـ تـرب احلــوار الشــعري ف ي� املرسحيــة مــن احلــوار العــادي‪ ،‬وقـ ّـدم إلينــا ج�يــع الفــار الـ ت‬
‫ـ� أراد‬ ‫ي‬
‫ف‬
‫الشاعر طرهحا ي� مرسحيته‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
‫المناقشة‬

‫* ي�كــن النظــر إىل مرسحيــة (معــر املخ تــار) عــى نّأ�ــا تناولــت موضــوع‬
‫ب� احلق والباطل‪ ،‬ن�قش هذه الفكرة‪.‬‬ ‫ب� خ‬
‫ال ي� ش‬
‫وال�‪ ،‬ي ن‬ ‫الرصاع ي ن‬

‫‪87‬‬
‫‪]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵‬‬
88
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵
89
]ËeË’;z;ÏÁÊd2’\;oÊue’\Â;ÏË⁄Ë÷¬i’\;r·]fi∏\;á—ÖŸ;z’;ÏΩÊ •;–ÊŒ¢\;√˵

You might also like