You are on page 1of 46

‫دراسة لترجمة معاني القرآن الكريم إلى‬

‫الإنجليزية(القرآن مترجما)‬
‫للمستشرق الإنجليزي آرثر ج‪ .‬آربري‬

‫الدكتور‪ :‬هيثم بن عبد العزيز ساب‬

‫‪0‬‬
‫المقدمة‬

‫احلمد هلل رب الع املني والص الة والس الم على املبع وث رمحة للع املني س يدنا‬
‫ونبينا حممد عليه أفضل الصالة و أمت التسليم ‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن الدراسة واالهتمام برتمجات معاين القرآن الكرمي من لغته العربية‬
‫إىل شىت لغ ات األرض قد ب دأت تأخذ ح يزاً كب رياً يف جمال الدراس ات‬
‫اإلس المية والقرآنية على وجه اخلص وص‪ ،‬ومن قبل املراكز واملؤسس ات ذات‬
‫العالقة هبا بوجه ع ام؛ ملا هلذه الرتمجات من أمهية عظمى ولكوهنا س الحا ذا‬
‫ح دين‪ ،‬فمن ناحية قد يك ون هلا أثر كبري يف ال دعوة إىل اهلل ونشر اإلس الم‬
‫وتقريب الشعوب املسلمة وغري املسلمة من املتحدثني باإلجنليزية اىل كتاب‬
‫اهلل‪ ،‬ومن ناحية أخ رى قد تك ون مع ول ه دم وت دمري ملب ادئ اإلس الم وجماال‬
‫خص با لبث الس موم والتش ويهات واألفك ار املعادية لإلس الم من خالل ه ذه‬
‫الرتمجات‪ ،‬وعلى س بيل املث ال فقد ح دث م ؤخراً أن ق ام الص هاينة اليه ود‬
‫حمرفة للق رآن الك رمي إىل اللغة العربية بغ رض إي ذاء املس لمني‬
‫بإص دار ترمجة ّ‬
‫املشوهة عن ال دين الإس المي‪ ،‬مما دع ا‬ ‫وج رح مش اعرهم ونشر األفك ار َّ‬
‫املس لمين للتح رك والعمل على إص دار ترمجة ص حيحة للق رآن إىل ه ذه اللغة‬
‫وت زعمت جامعة األزهر هذا املش روع‪ ،‬وذلك ي بني لنا اخلطر الب الغ لس وء‬
‫توظيف ترمجات القرآن واستغالهلا استغالالً سلبياً‪.‬‬
‫وإن ه ذه الن دوة املباركة اليت يقيمها جممع امللك فهد لطباعة‬
‫املص حف الش ريف يف مدينة رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم لفرصة عظيمة‬
‫إللق اء الض وء على اجله ود الكب رية اليت تب ذل يف ه ذا اجملال العظيم‪ ،‬ألا وه و‬

‫‪1‬‬
‫ترمجة مع اين الق رآن الك رمي إىل اللغ ات املختلف ة‪ ،‬ويف ه ذا املنت دى العلمي‬
‫الكبري يلتقي الب احثون واملتخصص ون يف ه ذا اجملال لدراسة وحتليل الرتمجات‬
‫بشىت أنواعها واالطالع على إجيابياهتا وس لبياهتا وكيفية اس تغالل ه ذه‬
‫الرتمجات فيما يفيد اإلسالم واملسلمني والعمل على ما من شأنه خدمة كتاب‬
‫اهلل والدفاع عن املعتقدات الإسالمية ضد أعداء هذه الأمة‪.‬‬
‫ونظ راً للمكانة املرموقة اليت حتتلها اللغة اإلجنليزية يف العصر احلديث‪،‬‬
‫وللش عبية الكب رية اليت تتمتع هبا خاصة يف الق رن الواحد والعش رين امليالدي‪،‬‬
‫احتلت الرتجم ات اإلجنليزية ملع اين الق رآن موقع الص دارة بني الرتمجات إىل‬
‫اللغ ات املختلفة وأص بحنا نش اهد بني الفينة والفينة ظه ور ترمجة اجنليزية‬
‫جدي دة ملع اين الق رآن الك رمي‪ ،‬تتطلب من الدارسني والب احثني املس لمني‬
‫الدراسة والتحليل للوقوف على صالح الرتمجة ومدى صدقها ودقتها يف نقل‬
‫معاين القرآن الكرمي إىل ماليني البشر من املتحدثني هبذه اللغة اليت تعد الثانية‬
‫فقط بعد اللغة الص ينية من ناحية ع دد املتكلمني هبا يف الع امل‪ ،‬ورمبا تتص در‬
‫اللغ ات قاطبة من ناحية الأمهية السياس ية واالقتص ادية والعملية على مس توى‬
‫العامل‪.‬‬
‫ويف املاضي أسيء استخدام الرتمجات االجنليزية للقرآن الكرمي كثرياً‪،‬‬
‫والس بب يف ذلك هو أن الرتمجات القدمية منذ بداية ظه ور أول ترمجة يف‬
‫الق رن الس ابع عشر وإىل هناي ات الق رن التاسع عشر امليالدي مل يكن فيها‬
‫لأبن اء الإس الم ب اع‪ ،‬بل ُأع ّدت من قبل حفنة من القساوسة واملستش رقني‬
‫اإلجنليز من أمثال‪:‬‬
‫‪Wherry, George Sale, Rodwell, and Palmer‬‬

‫‪2‬‬
‫القس يس وه ريي وج ورج س يل وردويل وب امر‪ ،‬والغالبية العظمى من ه ؤالء‬
‫صال هو‬
‫حاق دون يناص بون الإس الم الع داء‪ ،‬وك ان اهلدف من ترمجاهتم أ ً‬
‫اهلج وم على اإلس الم عن طريق زعم التن اقض والغم وض يف آي ات الق رآن‪،‬‬
‫وكذلك التشكيك يف أن القرآن هو كالم اهلل‪ ،‬ولذلك ليس من املستغرب أن‬
‫يكون عنوان أول ترمجة إجنليزية – وهي منقولة عن ترمجة فرنسية – هو‪:‬‬
‫(‪ )Alcoran of Mahomet‬أي (ق رآن حمم د) للك اتب اإلجنل يزي‬
‫‪( Alexander Ross‬ألكزاندر روس) يف عام ‪1649‬م‪ ،‬وقد ذكر يف عنوانه‬
‫الطويل أن ترمجته ه ذه هتدف إلرض اء رغب ات كل من يريد النظر يف أباطيل‬
‫األت راك (ويقصد املس لمني ب الطبع)‪ ،‬مؤك داً على زعمه الأس اس وهو أن‬
‫(‪)1‬‬
‫القرآن ليس فيه ما جيذب النصارى ومن مث ليس يف قراءته خطر‪.‬‬
‫وهبذا مل تقدِّم هذه الرتمجات أي خدمة ألهل اإلسالم سواء من جهة‬
‫مواقفها العدائية وأه دافها املعلنة أو من جانبها اللغ وي املتعلق بالدقة‬
‫والوض وح‪ ،‬إذ هي مليئة ب الكثري والكثري من األخط اء –بقصد أو ب دون‬
‫قصد– وتك ون النتيجة هي اخلروج بعمل مش وه ال ميثّل ب أي ح ال من‬
‫األحوال معاين القرآن الكرمي‪ ،‬ومن جانب آخر‪ ،‬جند أن الباحثني املسلمني مل‬
‫يطرق وا ب اب ترمجة مع اين الق رآن إىل الإجنليزية إال يف ب دايات الق رن املاضي‬
‫(العش رين امليالدي) مثل ترمجة عبد احلليم خ ان (‪1905‬م) وترمجة مرم دوك‬
‫بكث ال (‪1930‬م) ‪ Marmaduke Pickthall‬وهو أول مس لم إجنل يزي‬
‫ت رجم الق رآن‪ ،‬وترمجة عبد اهلل يوسف علي املعروفة (‪1934‬م)‪ ،‬وهي خمتلفة‬
‫يف توجهاهتا وأهدافها عن الرتمجات الس ابقة غري اإلس المية‪ ،‬وكذلك ال ختلو‬
‫‪(?)Naji Oueijan, The Progress of an image: the East in English‬‬
‫‪1‬‬

‫‪Literature, (Peter Lang: New York, 1996), p. 21.‬‬

‫‪3‬‬
‫من األخطاء اللغوية بطبيعة احلال‪ ،‬ولكن تأخر املسلمني يف ترمجة القرآن حىت‬
‫العهود احلديثة رمبا أثر سلبياً يف عملية تصحيح الصور المشوهة عن الإسالم‬
‫واملس لمني اليت نقلت إىل أذه ان الغ رب من خالل الرتمجات الاستش راقية‬
‫للقرآن الكرمي على مدى سنوات طويلة‪.‬‬
‫ولكن مل خيل جمال ترمجة مع اين الق رآن الك رمي إىل اإلجنليزية من‬
‫مستش رقني ال ي دينون باإلس الم ولكنهم على ج انب كبري من اإلنص اف‬
‫واملوض وعية‪ ،‬وال شك أن أمث ال ه ؤالء هلم دور إجيايب وم ؤثر يف ه ذا اجملال‪،‬‬
‫كما سنرى‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ترجمة أرثر ج‪ .‬آربري‪ ،‬المترجم في سطور‪ -‬مؤلفاته وآراؤه‬
‫حول القرآن‬

‫الرتمجة اليت بني أي دينا هي يف احلقيقة من ن وع خ اص‪ ،‬وخمتلفة متاماً‬


‫عن س ابقاهتا من ناحية التوجه واهلدف؛ ألن فيها ج انب إنص اف للق رآن‬
‫الكرمي من جهة الدفاع عن ه ولفت النظر لبالغته وقوة عبارته وروعة أسلوبه‪،‬‬
‫بالرغم من أن كاتبها مستشرق غري مسلم هو‪ Arthur J. Arberry :‬آرثر‬
‫ج‪ .‬آرب ري‪ ،‬وهو املستش رق اإلجنل يزي ال ذي ق ام يف ع ام ‪1964‬م بأح دث‬
‫ترمجة إجنليزية راقية ملعاين القرآن الكرمي وأطلق عليها عنوان‪:‬‬
‫(‪ )The Koran Interpreted‬أي (القرآن مرتمجا)‬
‫وال يب دو أن ه ذه الرتمجة قد اس توفت حقها من الدراسة والتحليل‬
‫من املهتمني والب احثني املس لمني رغم ش هرهتا يف الغ رب‪ ،‬وألهنا على ج انب‬
‫كبري من األمانة العلمية يف الرتمجة من حيث الدقة‪ ،‬وسنحاول يف هذا البحث‬
‫ب إذن اهلل تع اىل دراسة ه ذه الرتمجة من مجيع جوانبها مع الرتك يز على مميزاهتا‬
‫وعيوهبا واألخطاء اليت وقع فيها املرتجم‪.‬‬
‫ولقد ولد آربري عام ‪1905‬م يف إجنلرتا‪ ،‬ودرس العربية والفارسية‪،‬‬
‫مث عمل رئيساً لقسم الدراس ات الفارس ية يف جامعة لن دن‪ ،‬وأص بح يف ع ام‬
‫‪1946‬م أس تاذا للعربية والدراس ات الش رق أوس طية جبامعة ك امربدج‪،‬‬
‫غوفا ب الأدب الفارسي‬
‫وك انت وفاته يف ع ام ‪1969‬م‪ ،‬ولقد ك ان آرب ري ش ً‬
‫واللغة العربية والش عر الع ريب وك ان نش يطاً يف الكتابة يف آداب الش رق‪،‬‬
‫وباإلضافة إىل قيامه برتمجة معاين القرآن الكرمي‪ ،‬قام بت أليف أكثر من ستني‬
‫مؤلفا يف موض وعات خمتلفة عن مقارنة األدي ان واآلداب العربية والفارس ية‪،‬‬ ‫ً‬
‫‪5‬‬
‫ومن أمهها‪:‬‬
‫‪Aspects of Islamic Civilization As Depicted in the‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪Original Texts‬‬
‫مظاهر احلضارة اإلسالمية و تصويرها يف النصوص األصلية‪.‬‬
‫‪ Fifty Poems of Hafiz .2‬مخسون قصيدة حلافظ‪.‬‬
‫‪ Discourses of Rumi .3‬مواعظ الرومي‪.‬‬
‫‪Poems of al-Mutanabbi: A Selection with Introduction, .4‬‬
‫‪ Translations & Notes‬قصائد املتنيب‪.‬‬
‫‪ Revelation & Reason in Islam .5‬الوحي و العقل يف الإسالم‪.‬‬
‫‪ Religion in the Middle East .6‬ال دين يف الش رق األوسط (يف‬
‫جملدين)‪.‬‬
‫وه ذا يظهر س عة اطالعه على األدب الع ريب ومعرفته باللغة العربي ة‪،‬‬
‫ويع ّد آرثر ج‪ .‬آرب ري أحد املستش رقني القالئل ال ذين هلم مواقف إجيابية من‬
‫اإلسالم والقرآن‪ ،‬وهو خمتلف عن غريه لرؤيته املوضوعية وإنصافه يف احلكم‬
‫على الق رآن ال ذي يعرب عن إعج اب عظيم ب ه‪ ،‬وب دالً من أن يس تهل ترمجته‬
‫ب اهلجوم على اإلس الم واالف رتاء على الق رآن كما هو معت اد عند املستش رقني‬
‫الغرب يني‪ ،‬يب دأ آرب ري بالتأكيد على أن ه ذا الق رآن معجز وغري قابل للرتمجة‬
‫(وهلذا اختار عنوان "القرآن مرتمجاً")‪ ،‬وبالرغم من ذلك فلم يهتد آربري إىل‬
‫حقيقة الق رآن بل أكد اعتق اده أنه ميثل حتفة أدبية ليس هلا مثيل يف آداب‬
‫الع امل أمجع‪ ،‬وأنه ال ميثل ش عراً وال ن ثراً حبد ذاته بل عب ارة عن م زيج من‬
‫الن وعني‪ ،‬وي رى آرب ري أن بالغة الق رآن وإعج ازه وفص احته اليت هي يف‬
‫عظمتها كاحمليط ات‪ ،‬س تكون حمجوبة عن بعض النق اد املستش رقني ال ذين‬
‫‪6‬‬
‫ارتبك وا يف طم وحهم الكبري لسرب أغ وار الق رآن بقواع دهم اجلام دة‪ ،‬فوصف‬
‫هؤالء يف لغة أدبية مجيلة معرباً عن استهزائه هبم‪:‬‬
‫‪bewildered critics ambitious to measure the ocean of‬‬
‫‪prophetic eloquence with the thimble of pedestrian‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.analysis‬‬
‫وقد ب دأ آرب ري رحلته مع الق رآن الك رمي باختي ار ع دد من الس ور‬
‫ودراس تها وترمجتها ومن مث تقس يمها إىل جمموع ات وتص نيفها حسب‬
‫حيانا حسب أس باب ال نزول‪ ،‬وذكر آرب ري يف مقدمة ه ذه‬ ‫موض وعاهتا وأ ً‬
‫الرتمجة التجريبية أنه س يقوم – يف ح ال قب ول الق راء هلذا العمل ‪ -‬برتمجة‬
‫القرآن كامالً معتمداً على تقومي القراء ومالحظاهتم وتوجيهاهتم له‪.‬‬
‫دفاعا مس تميتاً عن الق رآن الك رمي‬
‫ويف ه ذه املقدمة ي دافع آرب ري ً‬
‫وفصاحته وقوة عبارته ومجال أسلوبه ضد افرتاءات املستشرقني‪ ،‬ومن أبرزهم‬
‫توماس كارليل ‪ ،Thomas Carlyle‬إذ وصمه بالوحشية لعدم تذوقه لبالغة‬
‫القرآن وعدم فهمه لنصوصه‪ ،‬ورغم أن آربري ال يؤمن أن القرآن كالم اهلل‬
‫قوة ما خارقة ‪ supernatural power‬إال أنه يثبت بطالن زعم‬ ‫بل هو عمل ٍ‬
‫املستش رقني (أمث ال م ارجوليوث ‪ Margoliouth‬وجب ‪ ) Gibb‬أن الق رآن‬
‫وج ه ترمجته‬
‫هو كالم حممد ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬ويب دو أن آرب ري قد ّ‬
‫التجريبية إىل املسلمني وقد يكون املتوجه إليهم األوربيني منهم‪ ،‬و هدفه كما‬
‫ذكر‪:‬‬
‫‪Only here I am trying to show what the Koran means‬‬

‫‪(?)Arthur Arberry, The Koran Interpreted, (Oxford: Oxford UP,‬‬


‫‪1‬‬

‫‪1964), introduction, xi..‬‬

‫‪7‬‬
‫‪..…to the unquestioning soul of the Believer‬‬
‫(‪)2‬‬

‫أي إنه حاول إظهار حقيقة القرآن للمؤمن غري املتدبر له أو املتفكر فيه‪.‬‬
‫ويدعي آرب ري أن أكرب إجناز حقق ه يف ترمجته هو ابتك اره يف النص‬‫َّ‬
‫اإلجنليزي املرتجم ألمناط الإيقاع الصويت (‪ )Rhythmic Patterns‬كما هي يف‬
‫الق رآن وي زعم أنه اكتش فها خالف اً لجميع س ابقيه من املرتمجني وأنه ح اول‬
‫حماكاة هذا اإليقاع‪ ،‬وسنقوم يف هذا البحث بتسليط الضوء على هذا اجلانب‬
‫اهلام يف ترمجته‪.‬‬
‫مميزات ترجمة آربري‬
‫ال شك أن مرتمجاً إجنليزي اً له مثل ه ذه املواقف واآلراء اإلجيابية‬
‫واملنصفة حول القرآن الكرمي‪ ،‬واستطاع يف الوقت نفسه أن يتذوق مجال لغة‬
‫الق رآن وبالغته وفص احته وق وة عبارته ورقي أس لوبه‪ ،‬س يظهر إعجابه ه ذا‬
‫باستخدام اللغة اليت تتناسب مع عظمة هذه النصوص الدينية املعجزة اليت هي‬
‫ليست من كالم البشر كما ذكر يف املقدمة‪ ،‬ولذلك فإن ترمجة آربري تتضح‬
‫قوهتا بص فة عامة يف لغتها اليت تتسم ب التميّز يف كوهنا ذات ط ابع أديب ٍ‬
‫راق‬
‫تس تعمل اللغة الفص يحة املتناس بة مع بالغة كت اب اهلل وحماولة حماك اة ه ذا‬
‫األسلوب الذي وصفه بـ ‪ the sublime rhetoric of the Koran‬هو يف‬
‫ذلك جيمع بني الفص احة والبالغة من ناحية‪ ،‬وبني البس اطة والوض وح من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬وذلك كله ال ينفي وقوعه يف األخطاء اللغوية بأنواعها‪ ،‬ولكن‬
‫من املهم تس ليط الض وء على اجلوانب املش رقة يف ترمجته اليت ترتبط ارتباطا‬

‫‪2‬‬
‫‪(?)Arthur Arberry, The Holy Koran: An Introduction with Selections,‬‬
‫‪(London: George Allen and Unwin Ltd, 1953), introduction p.31.‬‬

‫‪8‬‬
‫وثيقا بآرائه حول بالغة القرآن‪ ،‬وتتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫أوال ً‪ :‬الدقة في نقل معاني القرآنـ الكريم‬

‫حترى آرب ري الدقة كث رياً يف ترمجته وح رص على ذلك‪ ،‬ولقد س ّوغ‬


‫ع دم اس تخدامه ألي تعليق ات تفس ريية أو ح وا ٍش تفص يلية ب أن مثل ه ذه‬
‫التعليقات ال وجود هلا يف النص القرآين نفسه ألهنا تؤدي إىل اعرتاض التدفق‬
‫الع ذب للنص الق رآين‪ ،‬وه ذا ي دل على أمانته يف الرتمجة؛ ألنه عرب عن رغبته‬
‫متاما بدون نقص أو زيادة‪.‬‬
‫يف نقل معاين كلمات القرآن ً‬

‫أوالً‪ :‬نماذج جميلة من مظاهر الدقة في ترجمة آربري‬


‫ومن ذلك األمثلة التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬فهمه اجليد وال دقيق ملعىن كلمة ‪‬وانحر‪ ‬يف قوله تع اىل‪ :‬فصل لربك‬
‫وانحر‪‬‬ ‫(الكوثر‪)2:‬‬

‫فقد ترمجها ترمجة ص حيحة‪so pray unto thy Lord and :‬‬
‫‪sacrifice‬‬
‫بعكس غ ريه من املستش رقني ال ذين ترمجوا مع اين الق رآن ق دمياً‪ ،‬مثل‬
‫رودويل ‪ Rodwell‬الذي ش ّوه معىن اآلية برتمجتها‪:‬‬
‫‪and slay the victims‬‬
‫أي (اقتل الضحايا) وهذه الرتمجة رمبا تدل على خبث املرتجم يف حتريف‬
‫املعىن‪.‬‬
‫‪ .2‬يف ترمجة ‪‬بعض كم لبعض ع دو‪( ‬البق رة‪ )36:‬استخدم آربري تعبرياً دقيق اً‬
‫وبأسلوب مجيل يويف باملعىن‪each of you an enemy of each :‬‬
‫‪ .3‬ومن مظ اهر الدقة عند آرب ري ك ذلك أنه فهم املقص ود من وصف‬

‫‪10‬‬
‫الغ ني‪(‬يونس‪:‬‬
‫‪‬الغني‪ ‬يف قوله تعاىل‪ :‬ق الوا اتخذ اهلل ول دا س بحانه هو‬
‫‪ )68‬فرتمجها‪ All Sufficient :‬وهي ترمجة جي دة ودقيقة بعكس ترمجة‬
‫الهاليل وخان غري الموفقة حىت بعد استعمال التعليقات التفسريية‪Rich :‬‬
‫)‪ (free of all needs‬وكذلك أفضل من ترمجة بكثال‪He hath no :‬‬
‫‪. needs‬‬
‫‪ .4‬ترمجته لآلية ‪‬إن مكناهم في األرض‪ ( ‬احلج‪ )41 :‬كما يلي‪:‬‬
‫‪if We establish them in the land‬‬
‫وهي ترمجة دقيقة وخمتص رة وتفي ب املعىن املقص ود من "التمكني"‬
‫يف اآلية دون احلاجة إىل املزيد من اإليض اح والتعليق كما يف بعض‬
‫الرتمجات األخرى‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬الدقة في نقل معاني بعض التعابير والكنايات‬
‫القرآنية‪:‬‬
‫ومن ناحية أخ رى يظهر آرب ري أيضا الفهم لبعض الكناي ات القرآنية‬
‫ويرتمجها بش كل جيد بعكس غ ريه ممن جلؤوا إىل الرتمجة احلرفية ومن ه ذه‬
‫الكنايات‪:‬‬
‫‪.1‬ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله‪( ‬احلج‪.)8 :‬‬
‫‪turning his side to lead astray from God’s way‬‬
‫(احلج‪)11:‬‬ ‫‪ .2‬انقلب على وجهه‪‬‬
‫‪ He turns completely over‬وه ذه الرتمجة أفضل وأك ثر دقة من ترمجة‬
‫اهلاليل وخان احلرفية‪He turns back on his face :‬‬
‫‪And be comforted‬‬ ‫‪.3‬وقري عيناً‪(‬مرمي‪ )26 :‬وترمجها بشكل صحيح‪:‬‬
‫بدالً من الرتمجة اخلاطئة ملعظم املرتمجين‪And cool thine eyes :‬‬

‫‪11‬‬
‫(األحزاب‪)10 :‬‬ ‫‪ .4‬يف ترمجة هذه الكناية القرآنية‪ :‬وبلغت القلوب الحناجر‪‬‬
‫‪ and your hearts reached your throats‬حترى آربري الدقة ولكنه مل‬
‫يقدم املرادف الصحيح متام اً يف اإلجنليزية ‪ ،‬ومبا أن املقصود هو شدة اخلوف‬
‫والف زع‪ ،‬فك ان من األوىل اس تخدام التعبري اإلجنل يزي ال ذي يقابل ه ذا التعبري‬
‫القرآين يف املعىن وهو‪:‬‬
‫‪and your hearts were in your mouths‬‬
‫‪.5‬فهمه الدقيق لمعنى ‪‬وهللا عليم بذات الصدور‪ ‬إذ ترجمها كم‪JJ‬ا‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪And God knows the thoughts in the breasts‬‬
‫مقبول‪JJ‬ة ألن اس‪JJ‬تخدامه لكلم‪JJ‬ة ‪ the thoughts‬ليس‬ ‫وهي ترجم‪JJ‬ة‬
‫حرفيا ً ويد ّل على معرفته الجي‪JJ‬دة –بعكس غ‪JJ‬يره من الم‪JJ‬ترجمين‪-‬‬
‫للمقصود من (بذات الصدور)‪.‬‬
‫‪ .6‬وفق آربري في ترجمته لقوله تعالى‪ :‬والذين عق‪$$‬دت أيم‪$$‬انكم‬
‫‪(‬النساء‪)33:‬‬
‫‪and those with whom you have sworn compact‬‬
‫وك ذلك ت رجم مع اين ه ذه اآلية ترمجة دقيقة وواض حة ‪ ‬يخ افون يوما‬
‫تتقلب فيه القلوب واألبصار‪( ‬النور‪ )37:‬خبالف غريه من املرتمجني وذلك كما‬
‫يلي‪fearing a day when hearts and eyes will be turned about:‬‬
‫راء‪ )83:‬كما‬ ‫(اإلس‬ ‫‪ .7‬ترمجته اجلي دة والدقيقة لآلية ‪‬أع رض ون أى بجانبه‪‬‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ he turns away, and withdraws aside‬واملعىن ص حيح كما ورد يف تفسري‬
‫اآلية‪ ،‬أي لوى عطفه وامتنع عن الشكر كرباً (‪.)1‬‬
‫‪ )? (1‬انظر حممد سليمان عبد اهلل األشقر‪ ،‬نفحة العبري من زبدة التفسري‪( ،‬دار السالم للنشر و التوزيع‬
‫‪1417‬ه ‪1996-‬م)‪ ،‬ص‪.695-694‬‬

‫‪12‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬اللغة الأدبية الراقية‬

‫يندر أن جيمع مرتجم معاين القرآن الكرمي بني الدقة والوضوح وبني‬
‫فص احة األس لوب وق وة العب ارة وذلك أمر ليس ب اهلني‪ ،‬ومن خالل النظر يف‬
‫ترمجة آرب ري يش عر الق ارئ باجلهد املب ذول للوص ول إىل ه ذا اهلدف‪ ،‬ومن‬
‫الواضح أن آرب ري ح اول كث رياً ال رقي بأس لوب الرتمجة ليق رتب من لغة‬
‫جازما أنه حتفة أدبية خال دة ليس هلا مثيل يف أي لغة‬
‫ً‬ ‫الكت اب ال ذي يعتقد‬
‫أخ رى‪ ،‬ول ذلك أراد آرب ري أن تك ون ترمجته متم يزة يف عذوبة بياهنا‬
‫باس تخدام الأس لوب األديب الفص يح‪ ،‬وك ذلك مبحاولة اس تخدام الألف اظ‬
‫الفص يحة األدبية ب ديالً لأللف اظ العامة يف اللغة اليت تك ون ع ادة غري م ؤثرة‬
‫وغري متناسبة مع فصاحة القرآن الكرمي وبالغته‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬أمثلة للتع ابير الفص يحة ‪formal‬ال تي اس تخدمها آرب ري في‬
‫ترجمته‪:‬‬
‫‪ .1‬استخدام كلمة ‪ sorcery‬بدالً من‪ magic‬مبعىن "السحر"‪.‬‬
‫‪ .2‬اس تخدام كلمة ‪ extirpate‬مبعىن "ي ذهبا بط ريقتكم" ب دالً من‬
‫‪ overcome‬يف قوله تعاىل ‪‬ويذهبا بطريقتكم المثلى‪( ‬طه‪.)63:‬‬
‫‪ .3‬استخدام كلمة ‪ fashioned‬و هي تويف باملعىن بشكل أمجل من الكلمة‬
‫الشائعة ‪ made‬يف ترمجة قوله ‪‬تلقف ما ص نعوا‪(‬ط ه‪ .)69:‬فقد ترجم معىن‬
‫‪it shall swallow what they have fashioned‬‬ ‫هذه اآلية بـ‬
‫‪ .4‬اس تخدام كلمة ‪ alight‬مبعىن "حيل الغض ب" يف قوله تع اىل‪ :‬يحل‬
‫‪descend‬‬ ‫ب دالً من اس تخدام كلمة‬ ‫(ط ه‪،)86 :‬‬ ‫عليكم غضب من ربكم‪‬‬

‫‪13‬‬
‫واملستخدمة يف ترمجة عبداهلل يوسف علي والهاليل وخان‪.‬‬
‫(طه‪:‬‬ ‫‪ .5‬استخدام تعبري‪ guile‬مبعىن (كيد) يف قوله تعاىل‪:‬فأجمعوا كيدكم‪‬‬
‫‪)64‬‬
‫بدال من التعبري الشائع ‪.plot‬‬
‫‪have‬‬ ‫‪ .6‬يف ترمجة قوله تعاىل‪ :‬وإيـاي ف ارهبون‪( ‬البق رة‪ )40:‬استخـدم تعبري‬
‫‪ awe of me‬ال ذي هو أك ثر فص احة وأبلغ يف نقل معىن "الرهب ة" من ‪fear‬‬
‫‪.none but me‬‬
‫‪ .7‬استخدام كلمة ‪ surmise‬الفصيحة مبعىن "الظن" يف اآلية‪ :‬مالهم به من‬
‫علم إال اتباع الظن‪( ‬النساء‪.)157:‬‬

‫ثاني‪$$$‬ا ً‪ :‬أمثل‪$$$‬ة للتع‪$$$‬ابير واأللف‪$$$‬اظ األدبي‪$$$‬ة (‪ )literary‬ال‪$$$‬تي‬


‫استخدمها آربري‪:‬‬
‫‪ .1‬اس تخدم آرب ري تعب ريات أدبية غاي ـــةً يف اجلم ال‪ ،‬كـما ف ــي ترمجة معىن‬
‫بـ‪smote her‬‬ ‫قوله تع ـــاىل‪:‬قد ش غفها حبـ ـــاً‪( ‬يوس ف‪ .)30 :‬فقد ترمج ـــها‬
‫‪ heart with love‬وك ذلك يف ترمجة معىن قوله تع اىل‪ :‬ال ذي جعل لكم‬
‫بناء‪(‬البقرة‪.)22:‬‬
‫الأرض فراشا و السماء ً‬
‫‪assigned to you the earth for a couch, and heaven for an‬‬
‫‪edifice‬‬
‫‪ .2‬اس تخدامه للكلمة األدبية ‪ cast‬مبعىن "يلقي" يف قوله تع اىل ‪‬ق الوا يا‬
‫موسى إما أن تلقي‪( ‬األعراف‪ )115 :‬بدالً من ‪ throw‬كما يف معظم الرتمجات‬
‫مثل بكثال وعبد اهلل يوسف علي والهاليل وخان‪.‬‬
‫‪.3‬اس تخدام الكلم ات األدبية التالي ة‪ nigh :‬مبعىن "ق ريب" و‪ slay‬مبعىن‬

‫‪14‬‬
‫"يقت ل" و‪ ungodly‬مبعىن "الفاس قون" وك ذلك ‪ vanity‬مبعىن "الباط ل" يف‬
‫قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪‬وال تلبسوا الح ـق بالب ـاطل‪( ‬البقرة‪ )42:‬فرتجم معن ــاه بـ‪:‬‬
‫‪And do not confound the truth with vanity‬‬
‫اس تخدم آرب ري‬ ‫(احلج ر‪)60:‬‬ ‫ويف ترمجة معىن قوله تع اىل ‪‬إنها لمن الغ ابرين‪‬‬
‫الرتمجة التالي ة‪ She shall surely be of those that tarry :‬وكلمة‬
‫‪ tarry‬تعبري أديب مجيل ويوفـ ـي باملعىن باختصار بدالً م ـ ـن استخدام‬
‫‪she shall surely be of those who remain behind.‬‬
‫التعبري األديب‪ wax insolent‬وبش كل دقيق لرتمجة كلمة‬ ‫‪ .4‬اس تخدام‬
‫بدال من ‪.become arrogant‬‬
‫"يطغى" ً‬
‫‪We‬‬ ‫‪.5‬استخدام تعبري جـميل ف ـــي ترمجة ‪‬نصيب برحمتنا‪( ‬يوس ف‪ )56:‬وهو‬
‫يضا من التع ابري املس تخدمة يف نص وص‬
‫‪ visit with Our Mercy‬وه ذا أ ً‬
‫متاما‪ ،‬ومث ال آخر أيضاً اس تخدمه يف ترمجة‬
‫العهد الق دمي وهو ي ؤدي املعىن ً‬
‫معىن قوله تعاىل ‪‬فكيف إذا أصابتهم مصيبة‪(‬النساء‪ )62:‬فرتمجها بـ‪:‬‬
‫‪when they are visited by an affliction‬‬
‫‪ .6‬يف ترمجة معىن قوله تعاىل ‪‬يومئذ يصدر الناس أشتاتاً‪( ‬الزلزلة‪ )6 :‬استعمل‬
‫آرب ري الفعل ‪ issue‬مبعىن "يص در" وهو لفظ أديب مقابل للمعىن املقص ود يف‬
‫اآلية‪.‬‬
‫‪ .7‬اس تخدام كلمة ‪ sojourn‬وهي أدبية مبعىن "مس كن" أو "مس تقر"‪ ،‬يف‬
‫ترمجته ملعىن اآلية‪ :‬ولكم في األرض مستقر‪(‬البقرة‪.)36:‬‬

‫‪15‬‬
‫ثالثًا‪ :‬موقف آربري من القرآنـ الكريم‬

‫ال دارس هلذه الرتمجة يلحظ خلوها من تش ويه ألحك ام اإلس الم‪ ،‬أو‬
‫تأويل من شأنه الطعن يف القرآن الكرمي‪ ،‬أو إساءة إىل شخص الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫ومما يؤكد سالمة ترمجة أربري من األقوال املسيئة إىل القرآن الكرمي‬
‫واإلسالم وشخص النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬خلوها من احلواشي اليت غالباً‬
‫ما يزج فيها مبثل هذه األفكار‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫رابعا ً‪ :‬ترجمة لفظ الجاللة‬

‫من مميزات ترمجة آرب ري هو اس تخدامه يف ترمجة لفظ اجلاللة لكلمة‬


‫‪ God‬بشكل ثابت ويف مجيع الرتمجة‪ ،‬ومل يستخدم ‪ Allah‬اليت قد ال يفهمها‬
‫الكثري من متح دثي اإلجنليزية من غري املس لمني‪ ،‬وكلمة ‪ God‬هي الكلمة‬
‫العامة والش ائعة االس تعمال اليت ت دل على معىن األلوهية ل دى مجيع متح دثي‬
‫اللغة اإلجنليزية (وإن ك انت ك ذلك يف مجيع األدي ان) بينما اس تخدام كلمة‬
‫‪ Allah‬قد يس بب أيضاً بعض الغم وض واالعتق اد اخلاطئ ل دى الكثري من‬
‫قارئي الرتمجة من غري املسلمني بأن (اهلل) هو إله العرب فقط (‪.)1‬‬

‫‪ )?(1‬انظر مناقشة هذه القضية يف‪" ،‬وقفة مع بعض الرتمجات اإلجنليزية ملعاين القرآن الكرمي" وجيه محد عبد‬
‫الرمحن حبوث ندوة عناية اململكة العربية السعودية بالقرآن الكرمي وعلومه (‪1421\6/7-3‬هـ)ص‪-31‬‬
‫‪.34‬‬

‫‪17‬‬
‫مالحظات على الترجمة‬

‫الجانب األول‪:‬محاولة تقسيم اآليات على شكل نمط إيقاعي‬


‫رغم أن معظم الق راء هلذه الرتمجة يؤك دون أن أب رز ما مييز ترمجة‬
‫آرب ري هو فص احة اللغة و عذوبة البي ان ومجال األس لوب‪ ،‬إال أن آرب ري‬
‫جديدا يف ترمجته للقرآن الكرمي مل يأت به من‬
‫ً‬ ‫نفسه يزعم أنه قد ابتدع جانباً‬
‫س بقه من املرتمجني يف أي لغة من اللغ ات‪ ،‬وليس ه ذا االكتش اف يتعلق‬
‫جبانب اللغة نفس ها بق در ما يتعلق باجلانب الص ويت اإليق اعي آلي ات الق رآن‬
‫الكرمي‪.‬‬
‫ويقول آربري يف مقدمة الرتمجة عن اكتشافه هذا‪:‬‬
‫‪I have striven to devise rhythmic patterns and sequence-‬‬
‫‪groupings in correspondence with what the Arabic‬‬
‫‪presents, paragraphing the grouped sequences as they seem‬‬
‫)‪to form original units of revelation. (1‬‬
‫أي ما معن اه‪( :‬لقد ب ذلت جه دا كب ريا البت داع أمناط إيقاعية‬
‫وجمموع ات يف سلس لة متعاقبة لتك ون مقابلة متاماً للنص الع ريب ومقس مة إىل‬
‫فقرات بشكل تبدو معها وكأهنا فقرات من الوحي األصلي)‪.‬‬
‫وال شك أن هذه املقولة إحدى سقطات آربري ومتثل خلالً كبرياً يف‬
‫فهمه ألنه اعتقد خاطئا مقدرته على حماكاة اإليقاع الصويت يف القرآن لدرجة‬
‫أنه تصور أنه بإمكانه كتابة ترمجة تبدو يف تناغمها وكأهنا وحي منزل وباللغة‬
‫اإلجنليزية‪ ،‬ويتضح للمتصفح هلذه الرتمجة وجود شيء ما من هذه الأمناط يف‬
‫ترمجة آربري من حيث تقسيم معظم آيات القرآن إىل سطور وكأهنا أبيات‬

‫‪(?)Arberry, The Koran Interpreted, introduction, X‬‬


‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫فعال من‬
‫ش عرية‪ ،‬ولكن الس ؤال ال ذي يط رح نفسه ه و‪ :‬هل متكن آرب ري ً‬
‫جماراة اإليقاع الصويت يف القرآن الكرمي؟‬
‫للوص ول إىل ه ذه األمناط ق ام آرب ري يف جتربته األوىل اخلاصة برتمجة‬
‫أوال‪ :‬بن اءً على‬
‫س ور خمت ارة من الق رآن بدراسة اإليق اع الص ويت يف الق رآن‪ً ،‬‬
‫تقسيم ألفاظ القرآن إىل مقاطع طويلة وقصرية‪ ،‬وثانياً‪ :‬بناءً على متابعة كيفية‬
‫تنوع وقوع النرب الصويت ‪ stress‬على هذه املقاطع‪ ،‬وقارن بني هذا اإليقاع‬
‫يف الس ور الطويلة (مثل آية الطالق يف س ورة البق رة) والقص رية (مثل القارعة‬
‫غالبا على ن وعني‪:‬‬
‫والفاحتة والفتح) واس تنتج أن اإليق اع الص ويت يف الق رآن ً‬
‫الأول ويس مى ‪ dactyl‬وهو عب ارة عن مقطع منب ور يليه مقطع ان غري‬
‫منب ورين‪ ،‬واآلخر ‪ iambic‬وهو عب ارة عن مقطع غري منب ور يليه مقطع‬
‫شيوعا يف القرآن على حد قوله‪.‬‬
‫ً‬ ‫منبور‪ ،‬وهذان النوعان مها األكثر‬
‫وإذا نظرنا على س بيل املث ال‪ ،‬إىل اآلي ات األوىل يف س ورة القارعة (‬
‫‪ )The Clatterer‬جند أنه حاول اختيار ألفاظها يف الرتمجة اإلجنليزية لتكون‬
‫مقاطعها مطابقة متام اً‪ -‬يف ط ول وقصر املقطع وك ذلك يف وق وع النرب من‬
‫عدمه‪-‬لأللفاظ يف النص القرآين‪ ،‬و هذا هو التمثيل الصويت ملقاطع الكلمات‬
‫حبروف التينية وما يقابلها يف الرتمجة‪:‬‬
‫?‪The Clatterer! What is the Clatterer‬‬
‫‪Al-qāri‘a : mā l-qāri‘a‬‬
‫?‪And what shall teach thee what is the Cla tterer‬‬ ‫‪wa-mā‬‬
‫‪adrāk : mā l-qāri‘a‬‬
‫ونالحظ أنه رمبا طبق ه ذا اإليق اع يف الس طر األول (اآلية األوىل‬
‫والثاني ة) بينما لم ينجح يف تط بيق ذلك على الس طر الث اين ‪‬وما أدراك ما‬

‫‪19‬‬
‫القارع ة؟‪ ‬الذي ال يطابق اإليقاع يف النص القرآين‪ ،‬وهذا املثال البسيط قد‬
‫جيعلنا نستنتج أن آربري مل يتمكن من تطبيق نظريته على اإليقاع الصويت يف‬
‫ترمجته ملع اين الق رآن الك رمي كاف ة‪ ،‬وه ذا بالفعل ما ذك ره من أن دراسة ه ذا‬
‫اجلانب بالتفص يل وبش كل منظم ودقيق هو أمر ض روري جلميع النص وص‬
‫القرآنية وقبل الوص ول إىل أية نت ائج‪ ،‬وهو أمر ليس ب اهلني رغم إميانه بأمهية‬
‫ه ذا اجلانب املهمل وال ذي مل يس بقه إليه أح د‪ ،‬وال بد من الق ول أن فشل‬
‫آرب ري يف اس تنتاج منط معني و ث ابت ملا أمساه باألمناط اإليقاعية يف الق رآن‬
‫الك رمي وع دم قدرته على حماك اة بعض من ج وانب ه ذه األمناط دليل ق وي‬
‫على أن كتاب اهلل معجز وبالغته تفوق قدرات البشر القاصرة واحملدودة وأنه‬
‫تس ّرع إىل حد كبري بادعائه أن الفق رات املتوالية يف ترمجته قد تب دو وكأهنا‬
‫وحي‪.‬‬
‫الجانب الثاني‪ :‬األخطاء اللغوية‬
‫رغم أن ترمجة آرب ري تتف وق على غريها من الرتمجات من ناحية‬
‫الدقة يف املعىن ووضوح اللغة وسالستها وفصاحة األسلوب إال أن الوقوع يف‬
‫األخط اء املتك ررة هو أمر ال مفر من ه‪ ،‬والس يما تلك األخط اء اللغوية اليت‬
‫ترجع إىل ك ون املرتجم ليس من أهل العربية وقد يس يء فهم لفظ معني‬
‫فيفس ره مبعن اه احلريف‪ ،‬أو قد ال ي درك املقص ود من بعض التعب ريات القرآنية‬
‫ريا يف ترمجة آربري مثل غريه من املرتمجني حىت املسلمني أو‬
‫وحيصل ذلك كث ً‬
‫العرب منهم‪ ،‬وقد حيصل عنده اخللط بني األلفاظ فيستخدم لفظاً مكان آخر‬
‫وهك ذا‪ ،‬وذلك كله ال يقلل من أمهية ه ذه الرتمجة ومكانتها املرموقة بني‬
‫الرتمجات‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫وس نحاول فيما يلي أن نلقي الض وء على ج وانب الض عف يف ترمجة‬
‫آربري متمثلة يف بعض األمثلة اليت تع ّد أهم األخطاء اليت وقع فيها آربري‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أخطاء في فهم المعنى الداللي أللفاظ القرآن‪:‬‬


‫‪ .1‬أخطأ آرب ري يف ترمجة معىن قوله تع اىل‪ :‬إال بشق األنفس‪‬‬
‫(النح ل‪ )7:‬فرتمجها بـ ‪ Excepting with great distress‬وكلمة‬
‫‪ distress‬مبعىن "أمل نفس ي" أو "ح زن" وال ت ؤدي املعىن‪ ،‬فاألوىل‬
‫أن يقول‪with great effort :‬‬
‫‪ .2‬أخطأ آرب ري يف س ورة القيامة (‪ )35-31‬ومل ينجح يف الرتمجة يف‬
‫جانبيها اللغوي الداليل وكذلك النحوي ومل تتضح له معاين األلفاظ والتعابري‬
‫القرآنية يف اآليات التالية‪:‬‬
‫‪‬فال ص ّدق وال ص لى ولكن ك ّذب وت ولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى‬
‫لك فأولى ثم أولى لك فأولى‪( ‬القيامة‪.)35-31:‬‬
‫‪For he confirmed it not, and did not pray, but he cried it‬‬
‫‪lies, and he turned away, then he went to his household‬‬
‫‪arrogantly. Nearer to thee and nearer, then nearer to thee‬‬
‫‪and nearer.‬‬
‫وحنويا وتكون كما يلي‪:‬‬
‫ً‬ ‫وال بد أن تعاد صياغة الرتمجة داللياً‬
‫‪And so he neither believed nor prayed, but he disbelieved‬‬
‫‪and turned away, then he stalked to his household in full‬‬
‫‪conceit. Woe to thee, and then woe to thee.‬‬
‫‪ .3‬يف ترمجة ‪‬فت اب عليه إنه هو الت واب ال رحيم‪( ‬البق رة‪ )37:‬لم يتمكن‬
‫آربري من نقل معىن "تاب عليه" إىل اإلجنليزية يف هذا السياق وجلأ إىل تكرار‬

‫‪21‬‬
‫الألفاظ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫‪and He turned towards him; truly He turns, and is All-‬‬
‫‪ compassionate‬وكالمه ه ذا يع ين‪" :‬واهلل أقبل علي ه‪ ،‬إن اهلل يُقبل وهو‬
‫الرحيم" وهو غري دقيق يف املعىن مع ركاكة األسلوب‪ ،‬واألفضل أن يقول‪:‬‬
‫‪and He pardoned him. Truly He is the Most Forgiving, the‬‬
‫‪Most Merciful‬‬
‫(املائدة‪)71:‬‬ ‫وكذلك يف ‪‬ثم تاب اهلل عليهم‪‬‬
‫‪Then God turned towards them‬‬
‫‪ .4‬مل يوفق آرب ري يف ترمجة تعبري (األمر ب املعروف و النهي عن املنك ر)‬
‫املتك رر يف الق رآن‪ ،‬إذ يس تخدم ‪bid to honour, and forbid‬‬
‫‪ dishonour‬وكلمت ا ‪ honour‬و‪ dishonour‬تعنيان "الشرف" و"العار"‬
‫وال ت دلان على "املع روف" و"املنك ر" كما هو املقص ود يف الق رآن‪ ،‬ول ذلك‬
‫فاألوىل أن يقول‪)bid to good, and forbid evil( :‬‬
‫نصرف اآليات‪ ‬فرتمجها بـ‪:‬‬
‫‪ .5‬أخطأ آربري يف فهم ‪ّ ‬‬
‫‪We turn about the signs‬‬
‫مبعىن "نقلِّب" واملعىن املقصود هو "نبنّي " ولذلك فاألوىل أن يقول‪:‬‬
‫‪We explain the verses variously‬‬
‫‪ .6‬أخطأ يف ترمجة ‪‬النبي األمي‪ ‬بـ‪:‬‬
‫‪The Prophet of the common folk‬‬
‫‪The Prophet who is illiterate‬‬ ‫بينما الصحيح هو‪:‬‬
‫‪ .7‬ترمجة خاطئة للفظ ‪‬خذ العفو‪( ‬األعراف‪ )199:‬بـ‪:‬‬
‫‪show forgiveness‬‬ ‫‪ Take the abundance‬والصحيح هو‪:‬‬
‫‪ .8‬أخفق آرب ري يف نقل معىن التعبري الق رآين ‪‬قلن ح اش هلل‪(‬يوس ف‪ )31:‬إىل‬

‫‪22‬‬
‫اإلجنليزية مس تخدماً‪ !God save us :‬بينما التعبري اإلجنل يزى األق رب ه و‪:‬‬
‫‪!God forbid‬‬
‫‪ .9‬مل يفهم املعىن املقص ود من كلمة (أج ر) يف س ياق اآلية ‪‬وال نض يع أجر‬
‫المحس نين‪( ‬يوس ف‪ )56:‬مس تخدماً كلمة (‪ )wage‬وهي تعىن "األجر املايل"‬
‫والكلمة املستخدمة يف هذا السياق هي ‪.reward‬‬
‫‪ gather his bones‬والصحيح‬ ‫‪ .10‬ترمجته خطًأ ‪‬نجمع عظامه‪‬‬
‫(القيامة‪)3:‬‬

‫أن يقال‪assemble his bones :‬‬


‫‪ .11‬ترمجته للفظ (اآلخ رة) ‪ the world to come‬ب دالً من ‪the‬‬
‫‪Hereafter‬‬
‫(عبد) بـ ‪ servant‬غري دقيقة؛ إذ‬
‫‪ .12‬ترمجته للفظ (يعبُ ُد) بـ ‪ ،serve‬وللفظ ْ‬
‫معىن ‪ serve‬يف املعجم اإلجنليزي وبسرت‪:‬‬
‫)‪to render obedience or homage to (God or sovereign) (1‬‬
‫وليس ه ذا بالض رورة ي دل على معىن العب ادة بق در ما ي دل على‬
‫الطاعة واالح رتام‪ ،‬ول ذلك فمن األفضل اس تخدام كلم ة‪worship, :‬‬
‫‪ worshipper‬ألهنا أكثر دقة يف السياق القرآين‪.‬‬
‫‪ .13‬مل يوفق آرب ري يف اختي ار الكلمة املناس بة للفعل "يقط ع" يف ترمجة‬
‫فاس تخدم كلمة ‪ cut‬وهي‬ ‫(البق رة‪)27 :‬‬ ‫‪‬ويقطع ون ما أمر اهلل به أن يوصل‪‬‬
‫كلمة عادية قد ال تتناسب مع بالغة القرآن‪:‬‬
‫‪cut what God has commanded should be joined‬‬
‫ولعل ه ذا يتن اىف مع أس لوبه ال راقي يف التعامل مع األلف اظ والتع ابري‪،‬‬
‫والكلمة الفص يحة يف اإلجنليزية هبذا املعىن اليت ك ان من األفضل آلرب ري‬
‫‪(?)Webster’s Encyclopedic Unabridged Dictionary of the‬‬
‫‪1‬‬

‫‪English Language. (Gramercy Books: New York, 1989). .‬‬

‫‪23‬‬
‫استخدامها يف هذا السياق هي ‪.sever‬‬
‫‪ .14‬اس تخدم ترمجة حرفية لآلي ة‪ :‬إن اهلل ال يس تحي أن يض رب مثالً‪‬‬
‫(البقرة‪God is not ashamed to strike a similitude )26:‬‬
‫وهي ترمجة غري مناسبة يف األسلوب‪ ،‬و لعل الرتمجة األفضل هي‪:‬‬
‫‪God disdains not to set forth a similitude‬‬

‫ثانياً‪ :‬الأخطاء النحوية‬


‫وأحيانا اإلض افة‬
‫ً‬ ‫مييل آرب ري كث رياً إىل الوق وع يف خطأ احلذف‬
‫لبعض األلفاظ والكلمات النحوية يف اآليات‪.‬‬
‫ومن أمثلة احلذف عنده ما يلي ‪:‬‬
‫‪.1‬حذف حرف العطف (الواو) يف أول اآليات‪ ،‬مثل ترمجته للفظ ‪‬ويا‬
‫‪And O‬‬ ‫قوم‪ ‬يف سورة هود مكتفياً برتمجتها ‪ O my people‬بدالً من‬
‫(البق رة‪:‬‬ ‫‪ my people‬وك ذلك يف اآلي ة‪ :‬واس تعينوا بالص بر و الص الة‪‬‬
‫‪)45‬‬
‫‪Seek you help in patience and prayer‬‬
‫وخلط يف بعض الأحي ان بني العطف يف أول اآلي ات وكلمة‬
‫"أيض اً"‪ ،‬مثل اس تخدامه لكلمة ‪ also‬ب دالً من‪ and‬يف ترمجة ‪‬وق ال يا‬
‫بني ال تدخلوا‪( ‬يوسف‪)67:‬‬

‫‪ .2‬وك ذلك ح ذف ض مري املخ اطب يف اإلجنليزية ‪ you‬يف الكثري من‬


‫اآليات اليت حتتوي على نداء ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪O you who‬‬ ‫‪‬يا أيها ال ذين آمن وا‪ ‬فيرتمجها ‪ O believers‬ب دالً من‬
‫‪believe‬‬
‫وفــي البعض اآلخــر ح‪JJ‬ذف أداة الن‪JJ‬داء ‪ ،O‬مث‪JJ‬ل قول‪JJ‬ه تع‪JJ‬الى‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫الصديق‪( ‬يوسف‪Joseph, thou true man )46:‬‬ ‫‪‬يوسف أيها‬
‫‪ .3‬ويف قوله تع اىل‪ :‬يا م ريم اقن تي لربك واس جدي واركعي مع‬
‫الراكعين‪‬‬
‫(آل عمران‪ )43:‬حذف (مع الراكعني) وترمجها‪:‬‬
‫‪Mary, be obedient to thy Lord, prostrating and bowing‬‬
‫‪ before Him‬باإلضافة حلذف أداة النداء "يا"‪.‬‬
‫‪ .4‬حذف حرف اجلر‪ on‬أو صيغة ‪ whereon‬يف ترمجة قوله تعاىل‪ :‬ويوم‬
‫‪And the day We shall muster them‬‬ ‫نحشرهم‪( ‬يونس‪.)28:‬‬
‫‪And on the Day We shall muster them‬‬ ‫واألوىل أن تكون‪:‬‬
‫‪ .5‬حذف في الترجمة اإلنجليزية كلم‪JJ‬ة ‪ make‬في ترجم‪JJ‬ة‬
‫قوله تعالى‪ :‬ال تفسدوا في األرض‪( ‬البق‪JJ‬رة‪ .)11:‬فأصبحت‬
‫الجملة خاطئة نحويا ً بشكل واضح‪Do not corruption in :‬‬
‫‪the land‬‬
‫ولعل الكلمة سقطت بسبب خطأ مطبعي!‬
‫ووقع آربري كذلك يف خطأ إضافة كلمات ليست يف النص القرآين‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪ .1‬يف قوله تع اىل‪ :‬آي ات للس ائلين‪( ‬يوس ف‪ )7:‬أض اف آرب ري كلمة‬
‫‪ questions‬اليت تعد زائ دة على النص األص لي‪ ،‬واألوىل أن يكتفي‬
‫برتمجتها‪. signs for those who ask :‬‬
‫‪ .2‬وك ذلك زاد يف معىن اآلية ‪‬وال يحس بن ال ذين كف روا س بقوا إنهم ال‬
‫يعجزون‪(‬األنفال‪.)59:‬‬
‫‪And thou art not to suppose that they who disbelieve have‬‬
‫‪outstripped Me; they cannot frustrate My will.‬‬

‫‪25‬‬
‫والزيادة اليت أضافها آربري إىل معىن اآلية هي يف‪ Me‬وأيض اً يف‬
‫‪.My will‬‬
‫"حتسنب"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫"حيسنب" الذي تُرجم على أنه‬
‫ّ‬ ‫مع اخلطأ يف ترمجة الضمري يف‬
‫ومن أخطائ ه النحوية األخ رى املختلفة يف اس تخدام األفع ال‬
‫والضمائر والرتاكيب النحوية‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫‪.1‬خيطئ آرب ري بش كل متك رر يف ترمجة كلمة "أص بح" ويفهمها مبعىن‬
‫"اتص اف املبت دأ ب اخلرب يف الص بح" ومث ال ذلك ‪ ‬فأص بح يقلب كفيه‪‬‬
‫(الكهف‪ )42:‬اليت ترمجها كما يلي‪:‬‬
‫‪and in the morning he was wringing his hands‬‬
‫ومبا أن املعىن هو "صار" فالصحيح أن تكون‪:‬‬
‫‪and he began wringing his hands‬‬
‫‪ .2‬خيلط آربري يف الفعل املبىن للمعلوم واملبين للمجهول‪ ،‬واألمثلة التالية‬
‫توضح ذلك‪:‬‬
‫مل مييز بني (يق اتَلون) و(يق اتِلون) يف اآلي ة‪ :‬أذن لل ذين يق اتَلون‬
‫بأنهم ظلموا‪( ‬احلج‪ )39:‬وترجم معناها خطأً‪:‬‬
‫‪Leave is given to those who fight‬‬
‫والأوىل أن تكون‪:‬‬
‫‪Leave is given to those who are fought against‬‬
‫(الزلزلة ‪:‬‬ ‫كذلك خلط بني "يَروا" و"يُروا" يف ترمجة ‪‬ليُ روا أعم الهم‪‬‬
‫‪to see their works )6‬‬
‫والصحيح هو‪:‬‬
‫‪to be shown their deeds‬‬
‫ول ذلك فمن الواضح أن آرب ري جيد ص عوبة يف ترمجة ت ركيب املبين‬

‫‪26‬‬
‫للمجه ول يف آي ات الق رآن الك رمي وال يس تطيع التفريق بينه وبني املبين‬
‫للمعلوم‪.‬‬
‫‪ .3‬استخدم أسلوباً ركيك اً وغري مفهوم يف ترمجة ‪‬إن شكرتم وآمنتم‪‬‬
‫(النساء‪ )147 :‬فقال‪ if you are thankful, and believe :‬ومعىن ترمجته‬
‫هي‪( :‬إن كنتم ش اكرين وآمنتم) واخلطأ هنا أنه مل يط ابق بني الكلم تني‬
‫"شكرمت" و"آمنتم" يف صيغتيهما النحوية فجمع بني "الصفة" و"الفعل" أو‬
‫بني اجلملتني االمسية والفعلية‪ ،‬واحلقيقة أن استخدام صيغة الفعل هو أكثر‬
‫وضوحاً يف هذه احلالة‪if you thank (Him), and believe :‬‬
‫‪ .4‬أرجع الضمري يف الفعل ‪‬يعرفونه‪ ‬يف اآلية‪ :‬الذين آتيناهم الكت اب‬
‫يعرفونه كما يعرف ون أبن اءهم‪( ‬البق رة‪ )146 :‬إىل "الكت اب" وليس إىل‬
‫"النيب" صلى اهلل عليه و سلم كما يف تفسري اآلية‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫‪Those to whom We have given the Book recognize it as‬‬
‫‪they recognize their sons‬‬
‫والصحيح أن يقول‪:‬‬
‫‪Those to whom We have given the Book recognize him‬‬
‫‪as they recognize their sons‬‬
‫والعجيب أن (مونتج ومري وات) املستش رق اإلجنل يزي ال ذي كتب‬
‫دليالً إيضاحياً أللفاظ ومصطلحات القرآن بناءً على ترمجة آربري أشار‬
‫إىل اإلمكانية النحوية ألن يك ون الض مري يشري إىل الرس ول أيض اً‪ ،‬حيث‬
‫يذكر يف دليله‪:‬‬
‫‪recognize it: the Book; ‘him’ is grammatically possible,‬‬
‫‪and would refer to Muhammad(1).‬‬
‫‪(?) W. Montgomery Watt, Companion to the Quran: Based on the‬‬
‫‪1‬‬

‫‪Arberry Translation, (London: George Allen and Unwin Ltd, 1967),‬‬

‫‪27‬‬
‫ولكن ربما لم يكن هناك أي تنس‪JJ‬يق بين آرب‪JJ‬ري ووات‪J‬‬
‫فيما يتعلق بهذا الدليل اإليضاحي‪ ،‬وبخاصة مع األخ‪JJ‬ذ‪ J‬في‬
‫االعتبار المواقف‪ J‬المعادية والمعروفة لوات ض‪JJ‬د اإلس‪JJ‬الم‬
‫والق‪JJ‬رآن وش‪JJ‬خص الرس‪JJ‬ول‪ J‬ص‪JJ‬لى هللا علي‪JJ‬ه وس‪JJ‬لم وهي‬
‫تظهر في تشويهاته في هذا الدليل وفي كتبه األخرى‪.‬‬
‫‪ .5‬خل‪JJ‬ط آرب‪JJ‬ري بين الم العل‪JJ‬ة والم الطلب في ترجمت‪JJ‬ه‬
‫لقوله تعالى‪ :‬ربنا ليضلّوا عن سبيلك‪( ‬يونس‪.)88:‬‬
‫‪Our Lord, let them go astray from thy way‬‬
‫والمعنى المقصود بالالم ليس طلب اإلضالل ولكنه‬
‫نتيج‪JJJJ‬ة وعاقب‪JJJJ‬ة م‪JJJJ‬ا أنعمه هللا على فرع‪JJJJ‬ون‪ J‬وقومه من‬
‫اإلضالل عن سبيل هللا‪ ،‬فالترجمة يجب أن تكون‪:‬‬
‫‪Our Lord, that they may lead astray from thy way‬‬
‫‪ .6‬يبدو أن آربري يستخدم االستفهام يف غري موضعه يف بعض اآليات‪،‬‬
‫فمثالً استخدمه بدالً من الشرط يف ترمجة ‪‬إن كنتم تعلمون‪:‬‬
‫?‪Did you but know‬‬
‫‪If you but know‬‬ ‫والصحيح هو‪:‬‬
‫‪ .7‬ق ام برتمجة غري دقيقة يف لفظ "النفس اللوام ة" ‪the reproaching‬‬
‫‪ soul‬واليت قد تعىن "النفس الالئمة" ولذلك فاألوىل أن يقول‪:‬‬
‫‪the self-reproaching soul.‬‬
‫الجانب الثالث ‪ :‬التكرار في الألفاظ‬
‫وع يف بعض‬ ‫ري قد أدى به للوق‬ ‫لعل حتري الدقة عند آرب‬
‫اإلش كاليات؛ وذلك ألنه ب الغ يف ذلك اجلانب قليالً يف ح االت معين ة‪ ،‬فمن‬
‫ن واحي الدقة عن ده‪ :‬ترمجته لألف اظ مك ررة يف بعض اآلي ات عن طريق‬

‫‪p.81.‬‬

‫‪28‬‬
‫استخدام ألفاظٍ مكررة يف الرتمجة الإجنليزية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫(يوسف‪)59 :‬‬ ‫‪‬ولما جهزهم بجهازهم‪‬‬
‫‪when he had equipped them with their equipment‬‬
‫(يوسف‪)67 :‬‬ ‫‪‬وعليه فليتوكل المتوكلون‪‬‬
‫‪Let all put their trust who put their trust‬‬
‫وهذه األخرية بالذات ترمجة سيئة وركيكة يف أسلوهبا لعدم وضوح‬
‫املعىن متاماً‪.‬‬
‫وأيض اً يف قوله تع اىل‪ :‬وقل رب أنزل ني م نزلاً مبارك اً وأنت خ ير‬
‫‪harbour‬‬ ‫ون‪ )29 :‬ويف ترمجته معىن ه ذه اآلية ك رر كلمة‬ ‫(املؤمن‬ ‫الم نزلين‪‬‬
‫ثالث مرات لتقابل التكرار يف اجلذر "نزل"‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
‫‪And say, “O my Lord, do Thou harbour me in a blessed‬‬
‫‪harbour, for Thou art the best of harbourers‬‬
‫وبالت ايل فالرتمجة فق دت مجال البي ان وق وة الت أثري احلاص لة بس بب‬
‫التكرار يف األصل‪ ،‬ومع أن التكرار مسة من مسات اللغة العربية بغرض تأكيد‬
‫الفك رة وتثبيتها وإض فاء ق وة للمعىن ومجال لألس لوب وبخاصة يف الق رآن‪،‬‬
‫إال أن الوضع خيتلف يف اللغة االجنليزية التي يعد التك رار فيها خللاً ونقص اً‬
‫يف ق وة العب ارة‪ ،‬وعليه ف إن مثل ه ذا التك رار قد ي ؤدي إىل إض عاف املعىن‬
‫باللغة اإلجنليزية‪.‬‬
‫الجانب الرابع‪ :‬استخدام الكلمات العتيقة والمصطلحات‬
‫النصرانية (‪)biblical‬‬
‫رغم أن آرب ري ذكر يف مقدمة الرتمجة أنه جتنب اللغة املتكلّفة وذلك‬
‫باس تخدام لغة سلسة ‪ unmannered English‬وك ذلك جتنّب لغة اإلجنيل‬

‫‪29‬‬
‫القدمية الرائجة ل دى س ابقيه‪ ،‬إال أنه يصر على املزج بني اللغة احلديثة واللغة‬
‫القدمية بتضمني الرتمجة لكلمات عتيقة متناثرة هنا وهناك‪ ،‬وإن كان استعمال‬
‫هذه الكلمات يضفي على الرتمجة شيئاً من الفصاحة واخلصوصية بع ّد النص‬
‫املرتجم نص اً ديني اً يتسم بالقدس ية وليس ك أي نص آخر يف اللغ ة‪ ،‬ولكن قد‬
‫يعد ه ذا من عي وب الرتمجة احلديثة؛ ألن ه ذه الكلم ات العتيقة مل تعد‬
‫مس تخدمة يف اللغة اإلجنليزية احلديثة وال يس تطيع الكثري من متح دثي‬
‫فضال عن مس تخدمي ه ذه الرتمجة من‬ ‫اإلجنليزية فهمها يف الس ياق الق رآين‪ً ،‬‬
‫الذين ال متثل اإلجنليزية لغتهم األصلية‪ ،‬ومبا أن آربري مل يسرف يف استعمال‬
‫هذه الكلمات والتعابري فال يشكل هذا اجلانب نقطة ضعف بارزة يف ترمجته‪.‬‬
‫وتش مل الكلم ات العتيقة اليت اس تخدمها آرب ري كلم ات وظيفية‬
‫كالضمائر وأمساء الإشارة القدمية والتصاريف مثل‪:‬‬
‫‪thou, thy, thine, thee, aught‬‬
‫‪. knowest‬‬ ‫(‪ )est‬يف إسناد الفعل إىل املخاطب‪:‬‬
‫وأيضا من الكلم ات والتع ابري العتيقة اليت اس تخدمها آرب ري كلمة‪lo‬‬
‫ً‬
‫للتنبيه ب دالً من "‪ "behold‬أو "‪ "look‬يف ترمجته ملعىن اآلي ة‪ :‬ف إذا حب الهم‬
‫‪And lo, it seemed to him‬‬ ‫فق ال‪:‬‬ ‫(ط ه‪) 60 :‬‬ ‫وعص يهم يخيل إليه‪‬‬
‫مبعىن "أن داداً"‪ ،‬و‬ ‫و‪compeers‬‬ ‫وك ذلك ‪ go privily‬مبعىن "خل وا"‪،‬‬
‫‪tryst‬مبعىن "موعدا" يف اآلية ‪‬فاجعل بيننا و بينك موعداً‪(‬طه‪ )58:‬وأخطأ يف‬
‫ه ذه الكلمة اليت ال تناسب س ياق اآلية؛ ألن معناها يف املع اجم اإلجنليزية هو‬
‫"موعد للقاء الأحبة" والصحيح هو استخدام ‪. meeting place‬‬
‫وك ذلك ي رتجم آرب ري كلمة "ع ذاب" بـ‪ chastisement‬وهي‬

‫‪30‬‬
‫إح دى الكلم ات اإلجنليزية القدمية‪ ،‬والأفضل اس تخدام كلمة معاص رة مثل‬
‫‪ torment‬بدالً منها‪.‬‬
‫ولقد ح اول آرب ري ك ذلك جتنب الكلم ات النص رانية ال واردة يف‬
‫العه دين الق دمي واجلديد ‪ Biblical words‬يف ترمجته كما زعم يف املقدمة‬
‫ولذلك مل يستخدمها إال يف حاالت معينة‪ ،‬مثل استعمال كلمة ‪Gehenna‬‬
‫مرادف اً لكلمة "جهنم" وهي إض افة لكوهنا نص رانية فهي ن ادرة االستعمال يف‬
‫اللغة املعاصرة بعكس كلمة ‪ hell‬اليت يستعملها آربري فقط مبعىن النار‪.‬‬

‫الجانب الخامس‪ :‬الخلط في معاني بعض كلمات القرآن‬


‫التبست على آربري – مع بذله جهداً كبرياً يف حتري الدقة‪ -‬بعض‬
‫الكلم ات القرآني ة‪ ،‬وذلك كغ ريه من املستش رقني الدارسني للعربية وال ذين‬
‫يقوم ون برتمجات مع اين الق رآن الك رمي ويواجه ون مش كالت يف اس تيعاب‬
‫بعض املف اهيم واأللف اظ اليت تتك رر يف الق رآن‪ ،‬ف راح خيلط بني مع اين‬
‫الكلمات اليت يظهر له الشبه فيما بينها من حيث الشكل أو املعىن‪ ،‬ومن أمثلة‬
‫خ ْلطه‪:‬‬
‫‪ .1‬أن آرب ري يف بعض احلاالت ال يف ّرق بني (اس جدوا) وتعىن باإلجنليزية‬
‫‪ prostrate‬و(اركع وا) وتعىن ‪ bow‬حيث يرتمجهما ‪ bow‬كما يف ترمجته‬
‫معين قوله تعاىل‪ :‬و إذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا‪( ‬البقرة‪.)34:‬‬
‫‪And when We said to the angels, ‘Bow yourselves to‬‬
‫‪Adam’; so they bowed.‬‬
‫‪ .2‬خيلط بني (الق ْدر) و(القوة أو الق درة) ف رتجم األوىل ‪ power‬من خالل‬
‫‪congregation‬‬ ‫اسم سورة القدر‪ ،‬وبني (اجلمعة) و(اجلماعة) فرتجم األوىل‬

‫‪31‬‬
‫‪The Kingdom‬‬ ‫بدالً من ‪ ،Friday‬وبني (امللك) و(اململكة) فرتجم األوىل‬
‫ُ‬
‫بدالً من ‪.Dominion‬‬
‫‪ .3‬خيلط بني (ش اهداً أو حاض راً) و(ش هيداً) يف ترمجته ‪‬إذ لم أكن معهم‬
‫شهيدا‪( ‬النساء‪ ) 72 :‬حيث استخدم كلمة ‪ martyr‬بدالً من كلمة ‪.present‬‬
‫ً‬
‫‪ .4‬خيلط بني (ت ذ ّكرون) و(ت ْذكرون) ف رتجم األوىل خط ًأ (‪)remember‬‬
‫بدالً من(‪.)give a thought‬‬
‫‪ .5‬خيلط بني (يك ّذبون) و(ي ْك ذبون) فرتجم األوىل خط ًأ ‪ cry lies‬بدالً من‬
‫(‪.)disbelieve‬‬
‫‪ .6‬خيلط آربري كذلك بني (وليّكم) و(صديقكم) حيث ترجم األوىل يف‪:‬‬
‫(املائدة‪)55:‬‬ ‫‪‬إنما وليّكم اهلل ورسوله ‪‬‬
‫‪Your friend is only God, and His Messenger‬‬
‫والصحيح أن يقول‪:‬‬
‫‪Your helper (or protector) is only God‬‬
‫‪ .7‬خلط بني (تب تئس) و(ت يئس) يف اآلية ‪‬فال تب تئس بما ك انوا يعمل ون‬
‫‪(‬يوسف‪ )69:‬حيث ترمجها خطأً‪:‬‬
‫‪ so do not despair of that they have done‬بـ ـ ـدالً م ـن‬
‫‪so do not grieve of that they have done‬‬
‫(الفرق ان) خط ًأ على أهنا ‪ salvation‬وهذه الكلمة تعرب عن‬ ‫‪ .8‬ترجم كلمة‬
‫مفهوم اخلالص من اخلطيئة كما هو موجود يف النصرانية‪ ،‬ولذلك لعله فهمها‬
‫مبعىن (الغف ران) لش بهها بكلمة (الفرق ان) اليت يفضل ترمجتها إىل كلمة‬
‫‪.criterion‬‬
‫‪ .9‬خلط آرب ري بني (العم رة) و(الزي ارة) ف رتجم األوىل ‪ visitation‬وهي‬

‫‪32‬‬
‫كلمة أدبية فص يحة مبعىن (زي ارة رمسية أو عق اب إهلي) وهي ترمجة خاطئ ة‪،‬‬
‫ونظ راً لع دم وج ود م رادف إجنل يزي لكلمة (العم رة)‪ ،‬ك ان األوىل أن يلجأ‬
‫آرب ري إىل عملية النقح رة ‪ transliteration‬وهي نقل ح روف الكلمة من‬
‫لغة اىل أخرى باستخدام حروف اللغة األخرى – بدون ال التعريف يف هذه‬
‫احلالة‪ ،‬فتكون الرتمجة هي‪.umrah :‬‬
‫وامللح وظ أن آرب ري مل يلجأ إىل عملية النقح رة إال يف ح االت‬
‫حمدودة ج داً منه ا‪ ،‬مثالً يف لفظ "ال رقيم" يف س ورة الكهف ‪Er-rakeem‬‬
‫وك ذلك يف ترمجته السم س ورة احلجر فق ام بنقل ح روف الكلمة نفس ها إىل‬
‫اإلجنليزي ة‪ ،El-Hijr :‬وه ذا املث ال ي دفعنا للح ديث عن ه ذا اجلانب املهم يف‬
‫ترمجة آربري أال وهو أمساء السور‪.‬‬

‫الجانب السادس‪ :‬األخطاء في أسماء السور‬


‫من أبرز المالحظات على ترجمة آربري ه‪JJ‬و ع‪JJ‬دم فهم‪JJ‬ه‬
‫في كث‪JJ‬ير من األحي‪JJ‬ان للمع‪JJ‬اني المقص‪JJ‬ودة من أس‪JJ‬ماء الس‪JJ‬ور‪ J‬في‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬فوقع في الكثير من األخطاء‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬من ناحية تراكيب الكلمات‬


‫‪definite‬‬ ‫ح ذف آرب ري "ال" التعريف اليت تقابل “‪ ”the‬ويس ّمى‬
‫‪ article‬يف اإلجنليزية يف بعض أمساء الس ور بينما أبق اه يف البعض اآلخ ر‪،‬‬
‫وأمساء السور‪-‬حسب ما ورد يف ترمجته‪ -‬اليت حذف منها ‪ the‬بدون مس وغ‬
‫لغوي واضح هي‪ :‬الرعد (‪ )Thunder‬والفرق ان (‪ )Salvation‬والس جدة‬
‫(‪ )Prostration‬والجاثية (‪ )Hobbling‬والحج رات (‪)Apartments‬‬

‫‪33‬‬
‫والمزمل (‪ )Enwrapped‬والم دثر (‪ ،)Shrouded‬ومجيعها تشري إىل أمساء‬
‫حمسوسة وليست جمردة من ناحية املعىن وبغض النظر عن أي س ياق معني‪،‬‬
‫ول ذلك حسب القاع دة العامة يف اإلجنليزية يُف رتض اس تخدام ‪ the‬مع مجيع‬
‫ه ذه الأمساء‪ ،‬ولكن ليس من الواضح س بب ه ذا التقس يم عند آرب ري ومل‬
‫ي ذكر على أي مص در اعتمد يف ذل ك‪ ،‬ورمبا اعتمد على تق ديره الشخصي‬
‫ووجهة نظره يف هذه الناحية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬من ناحية معاني أسماء السور‬


‫بالإض افة إىل الغم وض احلاصل يف ج انب ال رتاكيب النحوية ألمساء‬
‫الس ور من قبل آرب ري فإنه أيض اً أخطأ يف ترمجة الكثري من مع اين ه ذه‬
‫الكلم ات‪ ،‬وكما ذكرنا آنف اً فباإلض افة إىل أخطائه يف أمساء س ور اجلمعة‬
‫وامللك والفرقان‪ ،‬وقع يف األخطاء التالية‪:‬‬
‫س ورة األع راف‪ The Battlements :‬وتعني كما ورد يف املعجم‬
‫اإلجنليزي‪:‬‬
‫‪ Longman Dictionary of Contemporary English‬ما معن اه‪:‬‬
‫"فتح ات على فص يل حصن تس تخدم إلطالق الن ار منه ا!" وليس ه ذا هو‬
‫املقص ود‪ ،‬والص حيح هو اس تخدام عملية النقح رة ‪ al-A‘rāf‬بالإض افة إىل‬
‫شرح معىن الكلمة ليتضح املعىن‪:‬‬
‫‪The wall with elevated places between Paradise and Hell.‬‬
‫القصص‪ The Story :‬واألوىل أن ترتجم ‪.The Narration‬‬
‫الروم‪ :‬وأخطأ آربري يف ترمجتها بـ ‪ The Greeks‬أي اليونانيون‪ ،‬ورغم أن‬
‫ترمجات بكث ال وعبد الل ه يوسف علي واهلاليل وخ ان جتمع على ترمجتها بـ‬

‫‪34‬‬
‫‪ The Romans‬إال أن هذا أيض اً يعد خطأ شائعاً‪ ،‬والرتمجة الصحيحة هي‬
‫‪ The Byzantines‬أي الب يزنطيون أو ال روم كما ك ان يطلق عليهم الع رب‬
‫زمان الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫غ افر‪ :‬وهلا اسم آخر هو املؤمن ‪ The Believer‬ولكن آرب ري اس تخدم‬
‫صيغة اجلمع ‪ The Believers‬وهو اسم سورة أخرى يف القرآن الكرمي‪.‬‬
‫الزمر‪ The Companies :‬واألصح أن ترتجم ‪.The Throngs‬‬
‫صلت‪ Distinguished :‬وطبقاً ملعىن هذا االسم فاألوىل أن ترتجم ‪They‬‬ ‫فُ ِّ‬
‫‪(verses) are expounded‬‬
‫‪The‬‬ ‫"العرج" والرتمجة الصحيحة هي‪:‬‬ ‫اجلاثية‪ The Hobbling :‬وهي مبعىن‬
‫‪.Kneeling‬‬
‫الواقع ة‪ The Terror :‬ورغم أن ه ذه الكلمة تشري إىل اسم من أمساء‬
‫القيامة أيضاً‪ ،‬إال أن املعىن الدقيق هو ‪.The Inevitable‬‬
‫الص ف‪ :‬ترمجها آرب ري خط ًأ بص يغة اجلمع ‪ The Ranks‬بـــدلاً مــن ‪The‬‬
‫‪.Rank‬‬
‫العص ر‪ :‬ترمجها حرفيا بـ ‪Afternoon‬واملعىن املقص ود هو ال دهر أي‬
‫‪.Time‬‬

‫الجانب السابع ‪ :‬ترجمة الكنايات في القرآن‬


‫(‪Quranic‬‬ ‫أبدع آربري في ترجمة بعض الكنايات القرآنية‬
‫‪)idioms‬كم‪JJ‬ا رأين‪JJ‬ا س‪JJ‬ابقا ً ولكن‪JJ‬ه أخف‪JJ‬ق في التعام‪JJ‬ل م‪JJ‬ع أغلبه‪JJ‬ا‪،‬‬
‫فالحقيقة أنها دائماً ما تمثل مشكلة كبيرة لجمي‪JJ‬ع م‪JJ‬ترجمي مع‪JJ‬اني‬
‫القرآن من العرب وغيرهم نظراً لصعوبة التعامل معها في اللغ‪JJ‬ة‬
‫أصالً‪ ،‬إذ ال يمكن الوصول‪ J‬إلى المع‪JJ‬نى الص‪JJ‬حيح للكناي‪JJ‬ة إال من‬
‫‪35‬‬
‫خالل معرفة استخدام أهل اللغة له‪ ،‬وليس من خالل فهم مكوناته‬
‫وألفاظ‪JJ‬ه فق‪JJ‬ط‪ ،‬وق‪JJ‬د تك‪JJ‬ون المش‪JJ‬كلة أك‪JJ‬بر ل‪JJ‬دى الم‪JJ‬ترجمين غ‪JJ‬ير‬
‫المتح‪JJ‬دثين بالعربي‪JJ‬ة بس‪JJ‬بب ع‪JJ‬دم‪ J‬ق‪JJ‬درتهم على فهم مع‪JJ‬اني معظم‬
‫الكنايات في العربية‪ ،‬وبالنس‪JJ‬بة للكناي‪JJ‬ات القرآني‪JJ‬ة يجب الرج‪JJ‬وع‬
‫الى التفاسير لفهم المعنى‪.‬‬
‫ول‪JJ‬ذلك لم يوف‪JJ‬ق آرب‪JJ‬ري في نق‪JJ‬ل مع‪JJ‬اني معظم الكناي‪JJ‬ات‬
‫القرآنية إلى اللغة اإلنجليزية‪ ،‬وربما يعذر في ذلك‪ ،‬وه‪J‬و في ه‪J‬ذا‬
‫الجانب كغيره من المترجمين لمعاني القرآن الكريم ال‪JJ‬ذين وقع‪JJ‬وا‬
‫في الأخطاء نفسها تقريباً وهو اللجوء‪ J‬لترجمة ما تع‪JJ‬بر عن‪JJ‬ه ه‪JJ‬ذه‬
‫الكنايات حرفياً‪ ،‬وهذا ما يقع فيه السواد‪ J‬األعظم‪ J‬من الم‪JJ‬ترجمين‪،‬‬
‫حرفيا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ومن أمثلة الكنايات القرآنية التي ترجمها آربري‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ويثبت أقدامكم ‪( ‬حممد‪)7:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪and confirm your feet‬‬
‫‪and make you steadfast‬‬ ‫بينما الصحيح أن تكون‪:‬‬
‫‪ .2‬واخفض لهما جناح الذل من الرحمة‪( ‬اإلسراء‪)24:‬‬
‫‪Lower to them the wing of humbleness out of mercy.‬‬
‫وهذه ترمجة حرفية بينما املعىن الصحيح هو‪:‬‬
‫‪and submit yourself to them out of mercy‬‬
‫(القصص‪)10 :‬‬ ‫‪‬وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ً‪‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪(On the morrow the heart‬‬ ‫‪of Moses’ mother became‬‬
‫)‪empty‬‬
‫وهي ترمجة خاطئة وحرفي ة‪ ،‬فباإلض افة إىل اللبس يف معىن "أص بح" ‪-‬كما‬
‫أوض حنا س ابقاً‪ ،-‬أغفل آربري املقص ود من الكناية يف ه ذه اآلية وهو أنه مل‬
‫يعد يش غل أم موسى أي ش يء إال أمر موسى ملا مسعت بوقوعه يف يد‬
‫فرعون(‪ ،)1‬ولذلك فاملعىن الصحيح أن يقول‪:‬‬
‫‪)?(1‬انظر األشقر‪ ،‬نفحة العبري من زبدة التفسري ‪ ،‬ص‪..935‬‬

‫‪36‬‬
‫‪And Moses’ mother became preoccupied with nothing but‬‬
‫‪Moses.‬‬
‫‪ .4‬وال تجعل ي دك مغلولة إلى عنقك و ال تبس طها كل البسط‪(‬اإلس راء‪:‬‬
‫‪)29‬‬
‫‪And keep not thy hand chained to thy neck, nor outspread‬‬
‫‪it widespread‬‬
‫وه ذه الرتمجة احلرفية أغفلت املعىن الص حيح لآلية وهو الكناية عن‬
‫البخل واإلسـراف ف ـ ـي اإلنفاق‪ ،‬وب ـذلك تكون الرتمجة كم ـا يـلي‪:‬‬
‫‪And be neither miserly nor extravagant‬‬
‫مسوداً‪(‬النحل‪ his face darkened ) 58 :‬واملعىن الصحيح‬ ‫‪ .5‬ظل وجهه‬
‫أن يقول‪.he becomes disgraced:‬‬
‫)‬ ‫‪ .6‬في قول‪JJ‬ه تع‪JJ‬الى‪ :‬وأش‪$$‬ربوا في قل‪$$‬وبهم العجل‪( ‬البق‪JJJ‬ر‪93 :‬‬
‫ترجمها حرفياً بمعنى "الشرب"‪J:‬‬
‫‪and they were made to drink the calf in their heart‬‬
‫تضمنته الرتمجة املقرتحة التالية‪:‬‬
‫بينما املقصود ّ‬
‫‪and their hearts were soaked with the love of the calf.‬‬
‫(الفرقان‪)27 :‬‬ ‫يعض الظالم على يديه‪‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .7‬ويوم‬
‫‪Upon the day the evildoer shall bite his hands‬‬
‫ه و‪Upon the day the evildoer shall feel :‬‬ ‫واملعىن الص حيح‬
‫‪remorse‬‬
‫(األنفال‪) 58 :‬‬ ‫‪ .8‬أخفق في ترجمة ‪‬فانبذ إليهم على سواء‪‬‬
‫‪dissolve it with them equally‬‬
‫تخدام الإش ارة املبهمة يف ‪ it‬واملعىن‬
‫وه ذه ترمجة غامضة خاصة مع اس‬
‫الص حيح كما ورد يف التفسري هو "أخ ربهم إخب اراً ظ اهراً مكش وفاً‬
‫بالنقض"(‪ )1‬فتكون الرتمجة كما يلي‪:‬‬
‫‪ ) ?(1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.438‬‬

‫‪37‬‬
tell them openly that the covenant is no longer valid.

38
‫الخاتمة‬

‫ري‬ ‫جليا من خالل الدراسة املتأنية لرتمجة آرثر آرب‬


‫يظهر لنا ً‬
‫املستش رق اإلجنل يزي أن ه ذه الرتمجة تعد أفضل الرتمجات اإلجنليزية اليت ق ام‬
‫هبا شخص غري مسلم من جانبني رئيسني مها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مواقف املرتجم نفسه ال ذي يتضح لنا مما س بق أنه من املستش رقني‬
‫املنص فني واملوض وعيني‪ ،‬فإنه مل يقم مبخالفة االجتاه الس ائد ل دى معظم‬
‫احلاق دين على اإلس الم والق رآن فق ط‪ ،‬بل جتاوز ذلك إىل ال دفاع عن الق رآن‬
‫بتفنيد بعض مزاعم سابقيه وافرتاءاهتم‪.‬‬
‫ثاني اً‪ :‬متيّز الرتمجة ‪-‬اليت تف وقت على بعض الرتمجات اإلس المية املعاص رة‬
‫للق رآن‪ -‬يف أم ور ع دة‪ ،‬منها لغتها األدبية الراقية‪ ،‬وعذوبة بياهنا‪ ،‬ودقتها يف‬
‫نقل مع اين ألف اظ الق رآن الك رمي إىل اللغة اإلجنليزية دون نقص أو زي ادة‪،‬‬
‫ويبدو أن موقف آربري نفسه من ناحية التجرد من األفكار السلبية الس ابقة‬
‫حول القرآن وتذوقه لِعظَم كتاب اهلل وبالغته قد انعكس إجيابياً على ترمجته‪.‬‬
‫ومن أب رز املالحظ ات على ترمجته‪ :‬ما يتعلق بزعمه ابت داع أمناط‬
‫إيقاعية حتاكي ما يف الق رآن وتظهر ك الوحي‪ ،‬فهي كما ذكرنا إح دى‬
‫س قطات آرب ري‪ ،‬ومع ذلك فمن الواضح أنه مل يقصد اإلس اءة إىل الق رآن‬
‫الك رمي ولكنه خُدع مبقدرته اللغوية ورمبا ان دفع بإعجابه الش ديد باإليق اع‬
‫الصويت يف القرآن إىل هذا االدعاء الذي ثبت فشله فيه‪.‬‬
‫أيضا من خالل األمثل ة تع دد املالحظ ات على ترمجة‬ ‫وكما ش اهدنا ً‬
‫آرب ري يف ج انب اللغ ة‪ ،‬إال أن الرتمجة بص فة عامة إذا ما ق ورنت بس ابقاهتا‬

‫‪39‬‬
‫تعد قليلة األخط اء‪ ،‬بل معظم أخطائها لغوية حبتة ترجع إىل ن واحي الض عف‬
‫يف اللغة العربية عند املرتجم اإلجنل يزي مما جيعلها قابلة للتع ديل والتص حيح‪،‬‬
‫واملهم أن أخط اءه ليست نامجة عن فكر مش وش أو اعتق ادات معينة خاطئة‬
‫حول الدين اإلسالمي‪ ،‬ولعل كثرة املالحظات على آربري تؤكد لنا استحالة‬
‫الوص ول إىل ترمجة كاملة ختلو من األخط اء‪ ،‬ف القرآن معجز والرتمجة ليست‬
‫إال جهداً بش رياً قاصراً‪ ،‬وآرب ري ال ذي اع رتف ب أن الق رآن ال ميكن ترمجته‬
‫ح اول جاه دا حماك اة بالغة الق رآن فلم يكتف بقصر ترمجته على النص‬
‫اإلجنل يزي فقط ب دون النص األصلي يف العربية‪ ،‬وب دون ه وامش أو تعليق ات‬
‫تفسريية (واليت يف نظره تصرف األنظار عن روعة النص القرآين)‪ ،‬بل اخرتع‬
‫آنفا‪ -‬أمناطاً لإليق اع الص ويت زعم أهنا تقابل ما يف الق رآن من‬
‫– كما ذكرنا ً‬
‫إيقاع صويت فريد ومتغري‪ ،‬ومل ينجح يف تطبيق ذلك رغم دراسته هلذا اجلانب‬
‫وإميانه ب أن اإليق اع الص ويت هو من أهم اجلوانب يف الق رآن ال تي مل ي درك‬
‫أمهيتها أي من سابقيه من املرتمجني‪.‬‬
‫وفلس فة آرب ري يف ترمجة الق رآن هي الوص ول إلى بالغة الق رآن‬
‫وفص احته وحماك اة ذلك يف الرتمجة‪ ،‬وهو أمر مس تحيل ومل يق در عليه أحد‬
‫ريا‪ ,‬ولكن جيب أن‬‫من املرتمجني وحىت آرب ري نفسه ال ذي ح اول ذلك كث ً‬
‫ندرك أن النص القرآين ليس كأي نص يف اللغة ألنه وحي منزل من عند اهلل‬
‫ولذلك فمن األمهية مبكان استخدام األسلوب املناسب يف ترمجة معاين القرآن‬
‫املالئم لكالم اهلل سبحانه وتعاىل وهو األسلوب الفصيح األديب الراقي‪ ،‬وهذا‬
‫ما جنح آرب ري يف تطبيقه إىل حد كب ري‪ ،‬ألن املبالغة يف اس تخدام اللغة‬
‫املعاصرة الواضحة هو اجتاه خاطئ عند البعض؛ ألنه يفقد الرتمجة ما يف النص‬

‫‪40‬‬
‫الق رآين من بالغة ومجال‪ ،‬وهو يف ال وقت نفسه م نزلق خطري قد خُي شى معه‬
‫حتول لغة الرتمجة إىل العامية أو لغة التخ اطب الي ومي‪ ،‬وعليه ف إن من أكرب‬
‫مميزات ه ذه الرتمجة حماولة آرب ري حتقيق الت وازن بني اس تخدام اللغة املعاص رة‬
‫الواض حة وبني اس تخدام األس لوب الفص يح األديب (مع اللج وء إىل‬
‫املصطلحات العتيقة يف بعض األحيان) وهذا التوازن يف غاية الصعوبة‪.‬‬
‫ونعتقد بعد دراسة ه ذه الرتمجة من مجيع جوانبها أن االس تفادة منها‬
‫أمر ال بد منه‪.‬‬
‫ومن التوص يات اليت ميكن اخلروج هبا من ه ذا البحث‪ :‬إع ادة طباعة‬
‫ترمجة آرب ري مع األخذ يف االعتب ار إض افة النص الق رآين ودراسة مجيع‬
‫املالحظ ات واملآخذ على آرب ري‪ ،‬ومن مث العمل على تص حيح مجيع أخطائها‬
‫اللغوية مع إرفاق الحواشي والتعليقات التفسريية الالزمة وترقيم اآليات (ألن‬
‫آرب ري مل يتبع النظ ام املعت اد يف ال رتقيم)‪ ،‬وحماولة احلف اظ على مس توى اللغة‬
‫الفص يحة األدبية بق در اإلمك ان‪ ،‬وال شك أن لدراسة األخط اء اليت يقع فيها‬
‫املرتمجون فائ دة عظيمة من اس تخدام التعليق ات والتفس ريات الالزمة إليض اح‬
‫مع اين كلم ات كت اب اهلل الك رمي وألفاظه وكناياته بش كل جيد لتجنب أي‬
‫لبس أو غموض وللمسامهة يف تطوير ترمجة معاين القرآن بلغة راقية جتمع بني‬
‫الدقة والفص احة‪ ،‬ول ذلك فإنه ميكن أن ت ؤدي ه ذه الرتمجة ‪-‬بعد إج راء‬
‫التع ديالت الالزمة‪ -‬دوراً فاعالً يف جمال ال دعوة إىل اهلل‪ ،‬وبخاصة أن كاتبها‬
‫من املستش رقني غري املس لمني وأن هلا مكانة كب رية بالنس بة إىل طبقة املثقفني‬
‫من املتحدثني باإلجنليزية من غري املسلمني؛ ألن فيها الكثري من عوامل اجلذب‬
‫والقب ول ل دى ه ؤالء‪ ،‬فهي س هلة الت ذوق والق راءة‪ ,‬ولعل أفضل جهة للقي ام‬

‫‪41‬‬
‫هبذا العمل هي اجلهة املن وط هبا االعتن اء بكت اب اهلل وخدمته بكل الوس ائل‬
‫واإلمكان ات ودراسة مجيع ش ؤونه ومن أمهها قض ية الرتمجة‪ ،‬وه ذه اجلهة هي‬
‫جممع امللك فهد لطباعة املص حف الش ريف‪ ،‬إذ ميكن ت أليف اللج ان الالزمة‬
‫لدراسة ترمجة آرب ري وإع داد تقرير ش امل عنها من قبل املتخصصني‬
‫والباحثني‪ ،‬وبناءً على توصية هذه اللجان ميكن إصدار طبعة جديدة لتكون‬
‫يف خدمة املسلمني يف شىت بقاع األرض‪.‬‬
‫أعاننا اهلل مجيعا على خدمة كتابه العزيز ونفعنا مبا فيه‪ ,‬وصلى اهلل على سيدنا‬
‫حممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫المراجعـ‬

‫ المراجع العربية‬:ً ‫أولا‬


‫ حممد علي‬:‫ار وحتقي ق‬ ‫ اختص‬،‫ خمتصر تفسري ابن كثري‬:‫ ابن كثري‬.1
.)‫هـ‬1402 ‫ الطبعة السابعة‬،‫ دار القرآن الكرمي‬:‫ (بريوت‬.‫الصابوين‬
.‫ نفحة العبري من زب دة التفسري‬:‫ حممد س ليمان عبد اهلل‬،‫ األش قر‬.2
.)‫م‬1996– ‫هـ‬1417 ،‫ دار السالم للنشر والتوزيع‬:‫(الرياض‬
‫ "وقفة مع بعض الرتمجات اإلجنليزية ملع اين‬:‫ وجيه محد‬،‫ عبد ال رمحن‬.3
".‫القرآن الكرمي‬
-3( ‫حبوث ن دوة عناية اململكة العربية الس عودية ب القرآن الك رمي وعلومه‬
.)‫هـ‬1421\7\6

‫ ترجمات القرآن و المراجع اإلنجليزية‬:‫ثانيا‬


ً
Abdulrahman, Wajih. “Reflections on the Translation of
Quranic Idioms.” Turjuman, 6 (1) 1997: 57-67.
Al-Hilali, Mohammad T., and Khan, Mohammad M,
Translation of the Meanings of the Noble Qur’an.
(Madinah Munawwarah: King Fahd Complex for the
Printing of the Holy Qur’an).
Ali, Abdullah Yusuf. The Meanings of the Holy Quran.
(Brentwood (Maryland): Amana Corp, 1992).
Arberry Arthur, The Koran Interpreted, (Oxford: Oxford
UP, 1964).
Arberry, The Holy Koran: An Introduction with Selections,
(London: George Allen and Unwin Ltd, 1953).
Hosni, Abdul Moneim, “On Translating the Quran: (An
Introductory essay)”. Journal of King Saud U. vol 2, Arts
2: 1990, 93-134.

43
Pickthall, Marmaduke, The Glorious Quran. (Istanbul,
1999).
Oueijan, Naji, The Progress of an image: the East in
English Literature, (New York: Peter Lang, 1996).
Watt, W. Montgomery, Companion to the Quran: Based
on the Arberry Translation, (London: George Allen and
Unwin Ltd, 1967).

44
‫فهرس الموضوعات‬
‫املقدمة ‪1.......................................................................‬‬
‫ترمجة أرثر ج‪ .‬آربري‪ ،‬املرتجم يف سطور‪ -‬مؤلفاته وآراؤه حول القرآن‪5............‬‬
‫مميزات ترمجة آربري ‪8........................................................‬‬
‫أوالً‪ :‬الدقة يف نقل معاين القرآن الكرمي ‪10........................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬اللغة األدبية الراقية ‪13......................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬موقف آربري من القرآن الكرمي ‪16.........................................‬‬
‫رابعاً‪ :‬ترمجة لفظ اجلاللة ‪17.....................................................‬‬
‫مالحظات على الرتمجة ‪18.......................................................‬‬
‫اجلانب األول‪:‬حماولة تقسيم اآليات على شكل منط إيقاعي ‪18...................‬‬
‫اجلانب الثاين‪ :‬األخطاء اللغوية ‪20............................................‬‬
‫اجلانب الثالث ‪ :‬التكرار يف األلفاظ ‪29.........................................‬‬
‫اجلانب الرابع‪ :‬استخدام الكلمات العتيقة واملصطلحات النصرانية (‪30. .)biblical‬‬
‫اجلانب اخلامس‪ :‬اخللط يف معاين بعض كلمات القرآن ‪31........................‬‬
‫اجلانب السادس‪ :‬األخطاء يف أمساء السور ‪33...................................‬‬
‫اجلانب السابع ‪ :‬ترمجة الكنايات يف القرآن ‪36..................................‬‬
‫اخلامتة ‪39......................................................................‬‬
‫املراجع ‪43.....................................................................‬‬
‫أوالً‪ :‬املراجع العربية ‪43.......................................................‬‬
‫ثانياً‪ :‬ترمجات القرآن و املراجع اإلجنليزية ‪43....................................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪45...........................................................‬‬

‫‪45‬‬

You might also like