You are on page 1of 253

1

‫نوفيال‬

‫فتاة العادل الوردم‬

‫آية طارؽ‬
‫‪2‬‬
‫بقلم‪:‬‬

‫آية طارؽ‬

‫تصميم غالؼ‪:‬‬

‫ضحى محاد‬

‫تصميم داخلي‪:‬‬

‫ديدم‬

‫تعبئة كتنسيق كرابط ربميل‪:‬‬

‫حنُت أمحد‬

‫‪3‬‬
‫سلسلة بكل فصل نبضة‬

‫فصل الربيع‬
‫حصراي جلركب ركائع الركاايت الركمانسية‬
‫‪https://www.facebook.com/groups/rawae3rewayat/?ref=group_he‬‬
‫‪ader‬‬

‫‪4‬‬
‫ادلقدمة‬
‫«ىيييييييح»‬

‫أغمضت الشيماء عينيها حبادلية تتخيل نفسها مكاف بطلة الركاية ‪-‬اليت تقرأىا‪ -‬كالبطل يقبلها بشغف‪..‬‬

‫فتحت عينيها‪ ،‬تعيد قراءة ادلشهد مرة أخرل كأخرل كأحالمها ال تًتكها‪..‬‬

‫تركت ىاتفها‪ ،‬ضمت نفسها مفكرة ُب فارس أحالمها‪ ،‬تتخيلو هبياـ!‬

‫شاب ُب بداية الثالثينات‪ ،‬صاحب رلموعة شركات معركفة‪ ،‬مكافح‪ ،‬بٌت نفسو بنفسو‪ ،‬ربمل الكثَت كالكثَت‬

‫ليصل إذل مكانتو احلالية!‬

‫طويل القامة‪ ،‬ذك كجو جذاب كجسد عضلي إثر مواظبتو على شلارسة الرايضة!‬

‫‪5‬‬
‫متملك‪ ،‬غيور‪ ،‬يعشقها جبنوف كيفعل ذلا كل ما تتمناه!‬

‫تنهدت تنهيدة طويلة‪ٍ ،‬ب قالت بشوؽ‪« :‬امىت تيجي بقى»‬

‫كىل أيٌب؟‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األكؿ (صدمة)‬
‫ُب منزؿ الشيماء‬

‫بصوت مرتفع صاحت كالدة الشيماء بنفاذ صرب‪« :‬اي شيماء‪ ،‬اي شيماء‪ ،‬استغفر هللا العظيم ايرب‪ ،‬نفسي مرة‬

‫تسمعي الكالـ من أكؿ مرة!»‬

‫**********‬

‫تركت الشيماء ىاتفها بضيق تتمتم لنفسها‪« :‬شيماء شيماء‪ ،‬ىو مفيش غَت شيماء ُب البيت ده يعٍت!»‬

‫خرجت إذل كالدهتا‪ ،‬كقفت أمامها منتظرة أكامرىا‪.‬‬

‫«ركحي اعملي الغدا يال‪ ،‬كلها ساعة كأبوؾ يوصل»‬

‫‪7‬‬
‫أتففت الشيماء بصوت كاضح‪ ،‬الركاية شيّقة للغاية كتود متابعة قرائتها‪..‬‬

‫من أين خرج ذلا الطعاـ اآلف؟‬

‫دلعت الفكرة ُب عقلها‪ ،‬تقفز حبماس كتشرع ُب تنفيذىا!‬

‫دنت من كالدهتا تقبلها كتدللها دبشاغبة‪ ،‬تبعدىا األخَتة عنها كىي تقوؿ بنربة ذات مغزل‪:‬‬

‫«ىاٌب اللي عندؾ ايخيت عايزة أيو؟ غدا أان مش عاملة‪ ،‬أان مش قادرة أقف على حيلي»‬

‫كتتعيب نفسك!»‬
‫تسارع الشيماء ابلقوؿ‪« :‬ال طبعان اي حبيبيت مُت قاؿ كده‪ ،‬كىو أان برضو ىسيبك تقفي ّ‬
‫مصمصت السيدة شفتيها بعدـ تصديق‪ ،‬كالعلا يدرؾ أف أفعاؿ الشيماء زبالف سبامان قوذلا!‬

‫ذباىلت الشيماء نظرات كالدهتا الساخرة‪ ،‬كقالت‪« :‬بقوؿ لك أيو اي ماميت اي حبيبيت‪ ،‬أان زىقت من أكل‬

‫‪8‬‬
‫البيت‪ ،‬ماتيجي نغَت النهاردة كنطلب دليفرم»‬

‫«تطليب أيو اي عينيا! امشي اي بت على ادلطبخ كبطلي دلع‪ ،‬ده اللي انقص صليب أكل منعرفش متجاب منُت‬

‫كال معموؿ ازام!»‬

‫«اي ماما»‬

‫قاطعتها بصرامة‪« :‬بقولك اصلرم على (اذىيب إذل) ادلطبخ كإال قسمان ابهلل ىخلي أبوؾ ايخد منك ادلوابيل اللي‬

‫الحس عقلك ده كمش ىتشوفيو اتشل!»‬

‫أتففت الشيماء بينما تتجو إذل ادلطبخ كتشرع ُب ربضَت الغذاء كما تريد كالدهتا‪..‬‬

‫بدأت ُب إعداده بسرعة ككل اثنية كأخرل زبتطف ىاتفها لتتابع قراءة الركاية!‬

‫‪9‬‬
‫**********‬

‫على مائدة الطعاـ‬

‫«راػلة فُت بس اي بنيت؟»‬

‫ىتف كالد الشيماء بدىشة كابنتو تضع الصحوف على ادلائدة سريعان كهترع إذل غرفتها‪.‬‬

‫ىتفت قبل أف تغلق الباب‪« :‬كلوا أنتوا اي اببيت أان مش جعانة»‬

‫استغلت كالدهتا الفرصة‪ ،‬قالت حبماس‪« :‬سيبها اي حج‪ ،‬أان أصالن عايزة اتكلم معاؾ ُب موضوع»‬

‫ترؾ زكجها الطعاـ‪ ،‬ينظر ذلا ابىتماـ‪.‬‬

‫«خَت إف شاء هللا؟»‬

‫‪11‬‬
‫بفرحة ىتفت‪« :‬كل خَت اي حج‪ ،‬فيو عريس جام لشيماء»‬

‫**********‬

‫ُب غرفة الشيماء‬

‫«قوليلو حببك اي غبية‪ ..‬ايريب‪ ،‬أان ماشفتش غباء ابلشكل ده!»‬

‫دلعت مقلتاىا سريعان كىي تقرأ ما فعلو البطل‪ ،‬كيف سحب البطلة إذل أحضانو‪ ،‬اعتصرىا بُت ذراعيو‪ ،‬سحب‬

‫اعًتافها من بُت شفتيها رغمان عنها!‬

‫تركت اذلاتف ملتقطة دفًت أحالمها ‪-‬كما تطلق عليو‪ -‬تضيف على قائمة أمساء الزكج احملتمل اسم (إلياس)‬

‫ٍب تقرأ األمساء ادلدكنة بصوت مرتفع‪« :‬أدىم‪ ،‬آدـ‪ ،‬مالك‪ ،‬ايسر‪ ،‬جاسر‪ ،‬ليث‪ ،‬مازف‪ ،‬إلياس‪..‬‬

‫‪11‬‬
‫اي ترل امسك ىيكوف أيو اي حبييب؟»‬

‫انتفضت ككالدهتا تقتحم الغرفة‪ ،‬ألقت الدفًت جانبان‪.‬‬

‫«بقى حد يدخل كده اي ماما! خضتيٍت»‬

‫مصمصت كالدهتا شفتيها بعدـ رضى‪ ،‬جلست جبانبها‪ ،‬تقوؿ‪« :‬معلش ايخيت أزعجناؾ! ادلهم دلوقيت‪ ،‬فيو‬

‫عريس جام يشوفك آخر األسبوع»‬

‫«ىاه!»‬

‫سبتمت الشيماء ببالىة‪.‬‬

‫«أيو اللي ىاه ده اي بت‪ ،‬بقولك فيو كاحد جام يشوفك آخر األسبوع‪ ..‬أىا اي بت اي شيماء ربنا غلعلو‪»..‬‬

‫‪12‬‬
‫قاطعت كلماهتا صرخة الشيماء ادلزعجة‪« :‬ال طبعان أان مش موافقة!»‬

‫رمقتها كالدهتا بضيق‪« :‬كليو بقى ايخيت؟»‬

‫«أكالن فُت ادلفاجأة كالفرحة ككل اللي حبلم بيو! فُت طريقتك كأنت بتقوليلي كأخَتان اي شيماء ىفرح بيك كجيو‬

‫اللي يصونك كػلافظ عليك‪ ..‬فُت مفاجئتو ىو ليا! ازام ميسحبنيش ُب حضنو كيقورل ىتجوزؾ غصب عنك!‬

‫أك غليلي الشغل كيبقى متفق مع صحباٌب كيركع كسطهم كده كيقورل حببك كعايز اذبوزؾ‪ ..‬أيو ده حلظة‪،‬‬

‫أان مبشتغلش أصالن!»‬

‫توقفت عن التحدث مع نفسها ككالدهتا تقوؿ‪«:‬أنت عارفة عفاؼ صاحبيت‪ ،‬آخر مرة كلمتٍت عن ابن أختها‪،‬‬

‫شاب بسم هللا ما شاء هللا عليو‪ ،‬أدب كأخالؽ‪ ،‬قالت مفيش غَتؾ تنفعو»‬

‫‪13‬‬
‫رمشت بعينيها بعدـ استيعاب؛ كلمات كالدهتا ال تدخل عقلها أك ال تريد‪ ..‬تصديقها!‬

‫«إال ىو شافٍت فُت اي ماميت؟»‬

‫تساءلت متمسكة آبخر أمل‪ ،‬متشبثة حبلم حلمتو لسنوات!‬

‫مصمصت كالدهتا شفتيها‪ ،‬توضح‪« :‬كأان بقوؿ أيو من الصبح! ىو ىييجي يوـ اخلميس إف شاء هللا علشاف‬

‫يشوفك كتتعرفوا على بعض‪ ..‬ربنا غلعلو من نصيبك اي شيماء اي بنيت اي رب»‬

‫«ال طبعان‪ ،‬أان مستحيل اذبوز ابلطريقة دم»‬

‫صاحت بتهور‪.‬‬

‫«أكماؿ عايزة تتجوزم ازام اي بت بطٍت»‬

‫‪14‬‬
‫ابتلعت الشيماء ريقها كنظرة كالدهتا احملذرة تضرب عقلها‪ ،‬سبنع لساهنا بقوة عن التفوه بػ‪:‬‬

‫«اذبوز اللي ػلبٍت كاحبو‪ ،‬اللي يعمل ادلستحيل علشاف أكوف مراتو»‬

‫ألهنا تعلم أف خركج تلك الكلمات من فمها سيصاحبو ما ال حػلمد عقباه!‬

‫هنضت كالدهتا دكف أف تنتظر ردىا‪ ،‬تقوؿ قبل أف زبرج‪« :‬جهزم نفسك يوـ اخلميس علشاف الضيوؼ»‬

‫تسقط الشيماء على سريرىا تضرب كسادهتا بعنف‪ ،‬ترثي اهنيار أكؿ أحالمها‪ ،‬كادلصيبة إف تاله آخر كآخر‪،‬‬

‫ستموت بال شك!‬

‫**********‬

‫يوـ اخلميس‬

‫‪15‬‬
‫عمدت الشيماء األايـ السابقة على قراءة بعض الركاايت اليت كانت تدكر فكرهتا حوؿ (زكاج الصالوانت)‬

‫سبامان كزكاجها!‬

‫تقرأ كيف ال يطيق البطالف بعضهما أكؿ مرة‪ ،‬لكن سرعاف ما تندلع شرارة احلب‪ ،‬ذبرفهما رايح العشق‪،‬‬

‫ػلملهما الغراـ لعادل آخر كردم ال يوجد فيو سواعلا!‬

‫تربؽ عيناىا ابلقلوب كىي تقرأ حالة الركمانسية اليت يكوان عليها‪ ،‬كيف يدلل البطل البطلة كيعاملها بكل رقة‬

‫كحناف!‬

‫تتنهد هبياـ متخيلة زكجها احملتمل كىو يعاملها بنفس الطريقة‪ ،‬تبٍت أحالمان جديدة حلياهتما تتناسب مع طريقة‬

‫تعارفهما‪ ،‬تتمسك حبياة لن تقبل بغَتىا!‬

‫‪16‬‬
‫دخلت كالدهتا الغرفة‪ ،‬تراىا ترتدم فستاانن انعمان‪ ،‬تطلق زغركدة عالية قبل أف تقًتب منها‪ ،‬تضمها كالفرحة سبأل‬

‫قلبها‪ ،‬ابنتها‪ ..‬كحيدهتا‪ ..‬ستكوف عركسان‪..‬‬

‫حلمها الذم حلمت بو منذ ضمتها بُت ذراعيها كعمرىا ال يتعدل ساعات‪ ..‬أخَتان سيتحقق!‬

‫"قمر اي حبيبيت قمر‪ ،‬دكؿ ىيتجننوا بيك»‬

‫«جبد اي ماميت»‬

‫«جبد اي ركح كقلب ماما‪ ..‬يال بقى تعارل خدم العصَت علشاف تقدميو»‬

‫ربركت معها أبعُت دامعة من الفرحة‪ ،‬كالشيماء تسَت جبوارىا ال تفكر سول ُب شيء كاحد‪ ،‬ترل ما امسو؟‬

‫فوالدهتا حىت اآلف دل زبربىا بو!‬

‫‪17‬‬
‫تدعو بداخلها‪« :‬اي رب يكوف أدىم اي رب»‬

‫**********‬

‫دخلت الغرفة بتوتر‪ ،‬احلماس يكاد يقتلها لرؤيتو‪ ،‬لكن خجلها ؽلنعها عن ذلك!‬

‫قدمت العصَت دكف أف ترفع عينيها حىت!‬

‫فقط حملت حذاءه األسود الالمع ككأنو اشًتاه للتو‪ ،‬كىذا ذ ّكرىا دبشهد ُب ركاية ما قد قرأهتا حديثان‪،‬‬

‫فاستبشرت خَتان!‬

‫**********‬

‫هتللت أساريره بشدة حينما دلفت‪ ،‬تفحصها بعينيو كقلبو يهلل بسعادة‪ ،‬فهي كما كصفوىا لو‪ ،‬مجيلة مجاؿ‬

‫‪18‬‬
‫ىادئ‪ ،‬مالزلها يظهر عليها الطيبة‪..‬‬

‫كبنفسو سأؿ عنها كعن عائلتها ليتأكد من أخالقها‪ ،‬كاليت امتدحها اجلميع كأشادكا هبا!‬

‫ستكوف حتمان زكجة مناسبة لو!‬

‫ع ّدؿ عدساتو الزجاجية حبركة معتادة‪ ،‬يقوؿ بصوت منخفض إثر توتره‪« :‬ازيك اي آنسة شيماء؟»‬

‫عقدت حاجبيها بدىشة‪ ،‬الصوت ليس خشنان‪ ..‬قواين كما يحوصف ُب الركاايت‪ ،‬نعم ػلمل حبة شليزة‪ ،‬لكن ليس‬

‫كما تتصور!‬

‫تعجب من صمتها كتعابَت كجهها‪..‬‬

‫دلم ىي ىكذا؟‬

‫‪19‬‬
‫ىل أجربكىا على اجللوس معو؟‬

‫أما ىي؛ رفعت عينيها تدرغليان لتقع نظراهتا عليو‪ ،‬ترمقو بصدمة كعدـ تصديق!‬

‫شاب مخرم البشرة‪ ،‬ذا طوؿ متوسط تقريبان‪ ،‬جسد أقرب للنحافة ؼللو من العضالت!‬

‫عدسات دائرية كبَتة زبفي عينيو السوداء!‬

‫أىذا ممن ستتزكجو؟‬

‫ماذا عن الطوؿ العمالؽ؟!‬

‫ماذا عن احلائط البشرم؟!‬

‫أين األعُت الرمادية الغامضة‪ ،‬أك الزرقاء الساحرة‪ ،‬أك اخلضراء اليت ستحتويها؟!‬

‫‪21‬‬
‫ىل ىذا ممن ستتزكجو؟‬

‫«معلش اي زلمود اي ابٍت أصلها متوترة شوية»‬

‫برر كالد الشيماء ابرتباؾ كىو يرل نظرات ابنتو الغريبة‪.‬‬

‫«زلمود!»‬

‫رمشت بعينيها بذىوؿ‪ ،‬تسلك أذهنا أبصابعها لردبا مسعت خطأ!‬

‫«اشرب العصَت اي زلمود‪ ،‬ده أنت نورتنا كهللا»‬

‫«زلمود!»‬

‫ككأف اجلميع يؤكد ذلا األمر‪ ،‬يستمتعوف بقتل أحالمها الوردية!‬

‫‪21‬‬
‫«زلمود‪ ..‬زلمود‪ ..‬زلمود‪»..‬‬

‫تردد االسم أبذهنا عدة مرات‪ ،‬حىت دل تعد ربتمل كفقدت الوعي!‬

‫**********‬

‫أصوات مزعجة تصلها من بعيد تصيبها ابلصداع‪ ،‬جاىدت للتحدث لَتأفوا حباذلا إال أهنا دل تستطع‪..‬‬

‫فتحت عينيها ببطء شديد‪ ،‬تقع نظراهتا عليو‪ ،‬ينظر إليها بتوتر كقلق‪.‬‬

‫«احلمد هلل فاقت»‬

‫ابلكاد استوعبت كلمتو‪ ،‬لتجد كالدهتا تضمها بشدة كدموعها تغرؽ كجنتيها‪..‬‬

‫كصوت عفاؼ ‪-‬صديقة كالدهتا‪ -‬يعلو‪« :‬ألف سالمة عليك اي حبيبيت‪ ،‬خضيتينا عليك»‬

‫‪22‬‬
‫كالدىا يقبّلها حبنو‪ ،‬ػلمد هللا كثَتان على أهنا خبَت‪..‬‬

‫كابلكاد ىي تتذ ّكر ما حدث!‬

‫«احلمد هلل على سالمتك اي آنسة شيماء»‬

‫ىتف زلمود بقلق كىو يعدؿ العدسات الزجاجية على عينيو‪.‬‬

‫«زلمود»‬

‫أكمأ ابرتباؾ كىو يرل نظراهتا الغريبة اذباىو!‬

‫تزداد صدمتو عندما تنفجر ابكية‪ ،‬تنزكم ُب حضن كالدهتا!‬

‫كعلى الرغم من نربهتا اخلافتة جدان‪ ،‬إال أنو استطاع مساع امسو ينطلق من بُت شفتيها أبسى كبؤس!‬

‫‪23‬‬
‫«زلمود»‬

‫**********‬

‫بعد عدة ساعات‬

‫«انمت»‬

‫أكمأت كالدة الشيماء حبزف بينما سبسح على شعر ابنتها‪.‬‬

‫«احلمد هلل»‬

‫«أان مش عارفة إيو اللي حصلها‪ ،‬دم كانت كويسة!»‬

‫يربت على كتف زكجتو‪ ،‬يقوؿ خبفوت‪:‬‬


‫اذبو كالد الشيماء إذل سرير ابنتو‪ّ ،‬‬

‫‪24‬‬
‫«لعلو خَت‪ ..‬قومي بس خلينا نراتح شوية‪ ،‬الحسن اليوـ كاف صعب أكم»‬

‫**********‬

‫ُب منزؿ زلمود‬

‫جالس ُب غرفتو بشركد يفكر فيما حدث‪..‬‬

‫ال ينكر أف الفتاة جيدة؛ كما كصفوىا لو‪..‬‬

‫لكن ما حدث…!‬

‫صدمتها عندما رأتو ال تفارؽ سليلتو‪..‬‬

‫حل هبا؟‬
‫ماذا ّ‬

‫‪25‬‬
‫دلم تصرفت ىكذا؟‬

‫كما السر خلف فقداهنا للوعي؟‬

‫«شكل كراؾ حكاية كبَتة اي ست شيماء‪ ،‬كأان مش فايق ليك!»‬

‫**********‬

‫صباح اليوـ التارل‬

‫ىزت رأسها ؽلينان كيساران بعنف‪ ،‬تفتح عينيها فجأة مرددة‪:‬‬

‫«ال ال مستحيل»‬

‫هنضت‪ ،‬تزيح شعرىا من على كجهها‪ ،‬تقوؿ بقرؼ‪« :‬يع‪ ،‬إيو الكابوس ده استغفر هللا‪ ،‬قضى على كل‬

‫‪26‬‬
‫أحالمي»‬

‫التفتت لتلتقط ىاتفها‪ ،‬تقع عيناىا على الفستاف ادللقى إبعلاؿ‪ ،‬ترمش عدة مرات بعدـ استيعاب قبل أف تنطلق‬

‫صرختها هتز أرجاء ادلنزؿ!‬

‫«عااااااااااا»‬

‫قفزت على سريرىا كالطفلة‪ ،‬تصرخ جبنوف «اي هنار أسود كمنيّل‪ ،‬ده مكنش كابوس‪ ،‬اي هنار أسود كمنيّل»‬

‫دخل كالداىا مفزكعُت‪ ،‬توقفا ينظرا إليها بعدـ فهم‪..‬‬

‫تركض الشيماء ضلو كالدىا‪ ،‬تقوؿ بتوسل طفورل‪« :‬اكعى توافق عليو اي اباب اكعى»‬

‫**********‬

‫‪27‬‬
‫يستمع زلمود إذل حديث كالديو ابىتماـ‪ ،‬يقوؿ حبَتة‪« :‬مش عارؼ كهللا اي اباب»‬

‫هتتف كالدتو بلهفة‪ ،‬ال تتقبل سول موافقتو على الفتاة ليفرح قلبها بو‪:‬‬

‫«ىي البنت معجبتكش كال أيو؟»‬

‫«من حيث الشكل ىي مقبولة‪ ،‬لكن أان ملحقتش اتكلم معاىا كلمتُت على بعضهم‪ ،‬كاللي عملتو ده‬

‫كماف‪»...‬‬

‫قاطعتو قاتلة أم زلاكلة منو لرفض الفتاة‪« :‬عملت أيو بس اي حبييب؟ البت كاضح إهنا كانت متوترة زايدة عن‬

‫اللزكـ فأغمى عليها‪ ،‬كعياطها ده أكيد بسبب كسوفها مننا كمن اللي حصل أكؿ مرة نشوفها‪..‬‬

‫نيجي احنا بقى نلومها كنضايقها أكًت دلا نصرؼ نظر عنها؟»‬

‫‪28‬‬
‫ىز زلمود رأسو بنفي‪ ،‬يقوؿ بتخبط‪« :‬اي ماما دم شكلها دلا شافتٍت كال كأهنا شايفة عفريت‪ ،‬كنظراهتا ليّا‪»..‬‬

‫صمت ال يعرؼ كيفية التعبَت عن مشاعره‪.‬‬

‫تستغل كالدتو صمتو‪ ،‬تقوؿ إبصرار‪« :‬ما قحلتلك البت كانت خايفة كمتوترة اي حبييب»‬

‫تنهد زلمود؛ كاضح أف كالدتو لن تراتح إال عندما يتزكج ىذه الفتاة‪ ،‬كلن تلتفت إذل أم من كلماتو!‬

‫«طب أان عندم حل كويس‪ ،‬احنا ضلدد معاد اتشل تقعدكا كتتكلموا فيو أنت كىي‪ ،‬كبعدىا اتخد القرار اللي‬

‫يرػلك»‬

‫اقًتح كالده‪ ،‬أكمأ االثنُت موافقُت‪..‬‬

‫زلمود ال غلد سول ىذا احلل لَتاتح من ضغط كالدتو‪..‬‬

‫‪29‬‬
‫ككالدتو كاثقة سباـ الثقة أف الشيماء ستناؿ إعجاب كلدىا‪ ،‬فشقيقتها امتدحت الفتاة كثَتان!‬

‫**********‬

‫«عامل زم العصاية كالبس نضارات قد كشو تلت (ثالث) مرات كال كأنو بيدارم جوىرة!‬

‫ده حىت عينيو سودة زبوؼ كالواحد يهرب منها!‬

‫كقاؿ أيو امسو زلمود‪..‬‬

‫أكماؿ لو كاف امسو أدىم كال مالك كاف حصل إيو»‬

‫تنهدت براحة‪« :‬اىوه احلمد هلل خلصنا منو‪ ،‬ربنا ما يرجعو»‬

‫استمعت إذل نداء كالدىا‪ ،‬خرجت مسرعة إليو‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫«تعارل اقعدم اي شيماء‪ ،‬عايزؾ ُب موضوع»‬

‫ارتفع حاجباىا ابرتياب‪ ،‬جلست جبانبو‪ ،‬تسمعو يقوؿ هبدكء‪:‬‬

‫«أبو زلمود كلمٍت كحدد معااي ميعاد اتشل علشاف تقعدكا كتتكلموا»‬

‫قفزت الشيماء مرددة بذىوؿ‪« :‬أنت مش راضية عٍت كهللا العظيم ما راضية عٍت»‬

‫ضربت كالدهتا صدرىا بصدمة‪ ،‬ككالدىا ينظر ذلا بدىشة!‬

‫«فيو إيو بس اي بنيت»‬

‫التفتت إذل كالدىا‪ ،‬تقوؿ ببكاء طفورل‪« :‬أصل اللي بيحصلي ده مش طبيعي كهللا!»‬

‫«كىو إيو اللي بيحصل بس؟»‬

‫‪31‬‬
‫سأذلا حبَتة‪.‬‬

‫أطرقت برأسها دكف رد‪..‬‬

‫ابلنسبة لوالديها الركاايت شيء اتفو يضيّع الوقت‪ ،‬أحالـ تغوص فيها الفتاة غافلة عن كاقعها‪..‬‬

‫كىي ليست ُب كضع ػلتمل أحاديثهما كنصائحهما اآلف!‬

‫«علا ىييجوا امىت اي اباب؟»‬

‫سألتو زلاكلة تغيَت ادلوضوع‪.‬‬

‫بت على كتفها قائالن حبنو‪« :‬بكرة ابلليل اف شاء هللا‪ ،‬أان عايزؾ تقعدم كتتكلمي‬
‫الحظ كالد الشيماء ضيقها‪ ،‬ر ّ‬
‫معاه من غَت توتر أك خوؼ‪ ،‬أان ىبقى جنبك كمعاؾ‪ ..‬كبعد ما ؽلشوا ابقي صلي صالة استخارة‪،‬‬

‫‪32‬‬
‫كمفيش حاجة ىتتم إال برضاؾ‪ ..‬اتفقنا اي حبيبيت؟»‬

‫هنضت تقبّل رأسو‪ ،‬تقوؿ حبنو‪« :‬ربنا ؼلليك ليّا اي أحلى أب ُب الدنيا»‬

‫لوت كالدة الشيماء شفتيها‪ ،‬تقوؿ بضيق مصطنع‪« :‬أيوه طبعان‪ ،‬ىو أحلى أب ُب الدنيا كأان الوحشة اللي مش‬

‫راضية عنك! بت أبوؾ بصحيح»‬

‫اقًتبت من كالدهتا‪ ،‬تداعبها كىي تقوؿ دبرح‪« :‬أنت بتغَتم اي نوجة!»‬

‫أبعدهتا صلول بضيق مصطنع‪ ،‬تقوؿ‪« :‬ال ايخيت مبغَتش‪ ..‬كاتفضلي يال على ادلطبخ اغسلي ادلواعُت»‬

‫«مطبخ كمواعُت! ده أنت بتنتقمي بقى‪ ،‬كاضح فعالن إنك مبتغَتيش»‬

‫رمقتها صلول بنصف عُت‪ ،‬تقوؿ بتهديد‪« :‬أنت بتربطمي بتقورل إيو اي بت؟»‬

‫‪33‬‬
‫ضنت مالمح الشيماء كىي هتتف‪« :‬بقوؿ شوية كده كىغسل ادلواعُت حاضر»‬
‫تغ ّ‬

‫«ال اي حبيبيت مفيش شوية‪ ،‬اتفضلي يال دلوقيت‪ ،‬كمتسيبيليش حاجة ُب احلوض زم عادتك‪ ،‬عايزاه يلمع»‬

‫«أككككؼ بقى»‬

‫ىتفت بضيق شديد بينما تتجو إذل ادلطبخ‪ ،‬ككالدىا يتابعها ضاحكان!‬

‫تنظر لو زكجتو‪ ،‬تقوؿ حبنق شلتع‪« :‬بتضحك! شايف آخرة دلعك ليها؟»‬

‫**********‬

‫ُب اليوـ التارل‬

‫إما ىذه الفتاة ليست طبيعية‪ ،‬أك أف ىناؾ ما زبفيو!‬

‫‪34‬‬
‫ىذا ما فكر فيو زلمود كىو يرمق الشيماء اجلالسة أمامو بصمت كضيق كنظرات غريبة ال تفصح عن دكاخلها!‬

‫«ايرب تكوشل دلوقيت أحسن اي آنسة شيماء؟»‬

‫رفعت حاجبان كاحدان دكف رد‪..‬‬

‫يوضح بتوتر‪« :‬اقصد يعٍت بعد اللي حصل ادلرة اللي فاتت»‬

‫أبعدت نظراهتا عنو‪ ،‬تقوؿ من دكف نفس‪« :‬أحسن»‬

‫«نعم؟»‬

‫عادت نظراهتا إليو‪ ،‬تبتسم لو بسماجة‪.‬‬

‫«أحسن‪ ،‬بقيت أحسن احلمد هلل»‬

‫‪35‬‬
‫«احلمد هلل»‬

‫ردد خبفوت‪ ،‬غللس أمامها صامتان ال يستطيع ذبميع كلمتُت على بعضهما!‬

‫يستجمع شجاعتو‪ ،‬يسأذلا بتهور‪« :‬ىو فيو إيو؟»‬

‫رمقتو الشيماء بدىشة‪ ،‬تسألو بدكرىا‪« :‬فيو إيو؟»‬

‫رفع زلمود أكتافو بعدـ معرفة‪ ،‬يقوؿ‪« :‬أان اللي بسأؿ‪ ،‬أصل تصرفاتك دم مش طبيعية!»‬

‫«ليو شايفٍت كاقفة على راسي كال بتكلم من بطٍت!»‬

‫حدؽ فيها ببالىة‪ ،‬يرمش ػلاكؿ استيعاب ما قالتو‪ٍ ،‬ب ينفجر ضاحكان!‬

‫أتملتو حبدقتُت ضيقتُت‪ ،‬تبحث ُب مالزلو عن أم شيء يشًتؾ بو مع أبطاؿ الركاايت‪ ،‬إال أهنا دل ذبد!‬

‫‪36‬‬
‫«أككككؼ»‬

‫توقف عن الضحك‪ ،‬ينظر ذلا حبذر‪ ،‬يسأذلا‪« :‬أنت معًتضة على جوازان؟»‬

‫تضحك ابستخفاؼ‪ ،‬ترفع رأسها بكربايء‪ ،‬تقوؿ بغركر مستفز‪« :‬جوازان! أنت مستعجل كده ليو؟‬

‫دم لسو رلرد قعدة علشاف أعرفك كبعدين أبقى أشوؼ‪»...‬‬

‫ليفر كتتخلص منو‪ ،‬لكنها ال تستطيع التطاكؿ عليو‪ ،‬فقط‬


‫قطعت كلماهتا عمدان‪ ،‬تعًتؼ أهنا ترغب ُب استفزازه ّ‬
‫كمسعتو!‬
‫من أجل كالدىا ح‬

‫أطرقت برأسها منتظرة ما سيقولو‪ ،‬كابلفعل دل يتأخر رده كثَتان‪:‬‬

‫«عندؾ حق‪ ،‬امسحيلي أعرفك بنفسي‪ ..‬امسي زلمود انصر حسُت»‬

‫‪37‬‬
‫ضن كجهها ككادت أف تبكي من األسى لوال صلاحها ُب السيطرة على نفسها‪..‬‬
‫تغ ّ‬

‫اي هللا‪ ،‬زلمود كحسُت كانصر ُب اسم كاحد!‬

‫«عمرم سبعة كعشرين سنة‪ ،‬متخرج من كلية اآلداب‪ ،‬كبشتغل مدرس عريب ُب مدرسة‪»...‬‬

‫مدرس!‬

‫على آخر الزماف ستكوف من نصيب مدرس!‬

‫ككلية اآلداب أيضان!‬

‫يعٍت أنو ال يوجد أم أمل لتكوف زكجة رجل األعماؿ مالك الشركات!‬

‫الرمحة اي هللا!‬

‫‪38‬‬
‫تغَت مالزلها كالصدمة ادلرسومة على كجهها ابرتياب‪ ،‬يقوؿ لنفسو‪:‬‬
‫كاف يالحظ ّ‬
‫«كهللا العظيم شكلها رلنونة»‬

‫يتابع بصوت مرتفع قليالن‪« :‬بصي أان شخصية ىادية جدان‪ ،‬بس ُب نفس الوقت زلبش اللي ييجي عليّا‪ ،‬كزم ما‬

‫بيقولوا كده اتقي شر احلليم اذا غضب‪ ،‬كاألحسن برضو تبعدم عٍت لو لقيتيٍت متعصب كمتحاكليش تتكلمي‬

‫معااي علشاف مش ببقى شايف قدامي»‬

‫توسعت عيناىا حبماس بينما تستمع لكلماتو‪..‬‬

‫يرفع زلمود حاجبيو حبَتة كقلقو منها يزداد!‬

‫«كماف أان شخصية منظمة كده‪ ،‬كاكًت حاجة بتنرفزشل لو لقيت الدنيا حواليا متبهدلة»‬

‫‪39‬‬
‫«يس يس يس»‬

‫كادت أف تقفز ُب مكاهنا من فرط فرحتها!‬

‫شخصيتو كشخصية أبطاؿ الركاايت سبامان!‬

‫كابلتأكيد ؽللك مسات أخرل مشًتكة معهم!‬

‫شردت ُب أحالمها كلساهنا ينطق بػ (ىيييح) بنربة خافتة ال تصل دلسامعو‪ ،‬لكنو دل يغفل عن تعابَت كجهها‬

‫كابتسامتها البلهاء‪.‬‬

‫«كحياة أمي البت دم رلنونة!»‬

‫رفعت الشيماء كجهها مبتسمة‪ ،‬تقوؿ هبدكء ؼلالف معاملتها السابقة لو‪« :‬كأان الشيماء دمحم‪ ،‬عمرم تالتة‬

‫‪41‬‬
‫كعشرين سنة‪ ،‬متخرجة من كلية ذبارة كمبشتغلش»‬

‫رفعت أكتافها ال تعرؼ كيف تتحدث عن نفسها‪ ،‬يبتسم بتفهم‪.‬‬

‫«أان عارؼ عنك كل حاجة‪ ،‬كده أصالن اللي شجعٍت إشل أجي كأطلب ايدؾ‪ ..‬كإف شاء هللا لو كافقت حياتنا‬

‫سول ىتكوف كويسة‪ ،‬يعٍت طادلا احنا ىنحط أسس كظلشي عليها فإف شاء هللا كل حاجة ىتبقى سباـ»‬

‫أكمأت إبدراؾ‪ ،‬خياذلا يشرد للحياة الوردية اليت ستحياىا معو‪ ،‬أحالمها تغزكىا كتبعث السعادة داخلها‪.‬‬

‫بعد بعض الوقت ك ّدع زلمود كعائلتو كالد الشيماء على كعد بلقاء قريب‪.‬‬

‫انطلقت الشيماء إذل غرفتها لتأدية صالة االستخارة‪ ،‬كبعدىا مباشرة إذل سريرىا‪ ،‬تغفو كربلم أبايمها القادمة‬

‫معو؛ تظن أف احلياة ستحقق ذلا ما تريد!‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاشل (عرساف)‬
‫«خشي (ادخلي) برجلك اليمُت اي عركسة»‬

‫كقفت الشيماء ُب مكاهنا دكف حركة‪ ،‬ربدؽ ُب زكجها ببالىة!‬

‫«ىو فيو حاجة كال إيو؟»‬

‫استمرت الشيماء على صمتها بال تربير‪ ،‬كدل تتخذ خطوة كاحدة للداخل!‬

‫خطى زلمود اذباىها كقلقو يزداد‪ ،‬كقف أمامها مباشرة‪ ،‬يسأذلا‪:‬‬

‫«مالك اي شيماء؟»‬

‫«مش ىندخل؟»‬

‫‪42‬‬
‫سألتو ببالىة‪.‬‬

‫يرمقها بصدمة‪ ،‬يقوؿ خبفوت‪« :‬إيو اذلبل ده بقى! ماان بقارل ساعة بقوذلا ادخلي»‬

‫«تعارل يال ادخلي»‬

‫ىتف برقة كىو ؽلسك يدىا‪.‬‬

‫سحبت كفها من كفو‪ ،‬تقوؿ بلهفة‪« :‬طب يال»‬

‫انعقد حاجباه ُب ارتياب‪ ،‬يسأذلا حبذر‪« :‬يال إيو؟»‬

‫رفعت ذراعيها اذباىو‪ ،‬تقوؿ اببتسامة كاسعة‪« :‬شيلٍت»‬

‫«ىاه!»‬

‫‪43‬‬
‫«شيلٍت»‬

‫كررت إبصرار‪.‬‬

‫سحبها زلمود للداخل‪ ،‬كىو يقوؿ ابستنكار‪« :‬أشيلك إيو اي بنيت‪ ،‬إيو جو األفالـ القدؽلة اللي أنت عايشة فيو‬

‫ده!»‬

‫«أفالـ قدؽلة!»‬

‫رددت ابستنكار‪.‬‬

‫تتخصر ُب كقفتها كىي تصيح بنزؽ‪« :‬ىو دلا تشيلٍت يبقى ده جو أفالـ قدؽلة! ما كل العرايس بيشيلوا‬
‫ّ‬
‫عركساهتم ليلة الدخلة!»‬

‫‪44‬‬
‫«عرايس! ىي امسها عرايس؟»‬

‫رفعت رأسها بشموخ‪ ،‬تقوؿ‪« :‬أيّن كاف يعٍت‪ ،‬ادلهم ادلبدأ»‬

‫عقد ذراعيو أماـ صدره‪ ،‬يقوؿ بسخرية‪« :‬كاللي ىو إيو إف شاء هللا؟»‬

‫رفعت ذراعيها ذباىو دكف حديث‪.‬‬

‫«استغفر هللا العظيم ايرب‪ ،‬شكلها دخلة مش معدية»‬

‫سبتم بنفاذ صرب‪.‬‬

‫«ماىي مش ىتعدم فعالن لو مش شلتٍت ألكضة النوـ»‬

‫رفع حاجبيو ابستنكار‪ ،‬يردد خلفها بذىوؿ‪« :‬أشيلك ألكضة النوـ‪ ،‬أنت مش مكسوفة كأنت بتقوليها؟‬

‫‪45‬‬
‫مش ادلفركض دم أكؿ ليلة يعٍت يبقى فيو قلق كتوتر»‬

‫ابتسمت بسخرية متعمدة‪ ،‬تكرر كلماتو‪« :‬قلق كتوتر! إيو جو األفالـ القدؽلة اللي أنت عايش فيو ده!»‬

‫ضحك عليها‪ ،‬يقوؿ بداخلو‪«:‬كربنا أان قحلت إهنا رلنونة!»‬

‫ٍب يقًتب منها قائالن‪« :‬أمرم هلل»‬

‫محلها‪ ،‬لتضم عنقو بذراعيها كابتسامتها من األذف لألذف‪.‬‬

‫اذبو هبا إذل غرفة نومهما‪ ،‬كضعها على السرير‪ ،‬كىو يقوؿ بتذمر‪:‬‬

‫«أىا اي ضهرم‪ ،‬إيو اي بنيت كل ده‪ ،‬شايل فيلة!»‬

‫زمت شفتيها‪ ،‬تعقد ذراعيها أماـ صدرىا‪ ،‬تقوؿ بضيق‪« :‬على فكرة أان رشيقة جدان كمسبتيك ُب نفسي!»‬
‫ّ‬

‫‪46‬‬
‫ألقى نظرة سريعة على جسدىا الشبو مكتنز‪ ،‬كىو يقوؿ بنربة ذات معٌت‪« :‬أىا ما ىو كاضح!»‬

‫حدجتو بنفس النظرة‪ ،‬كىي تقوؿ بسخرية‪« :‬كهللا اللوـ على اللي جسمو شبو العصاية كمعندكش أم‬

‫عضالت»‬

‫بت على حجاهبا‪ ،‬كىو يقوؿ‪« :‬أان بسمع كتَت عن مشاكل اجلواز بس‬
‫سبالك زلمود أعصابو‪ ،‬ماؿ عليها‪ ،‬ير ّ‬
‫كنغَت ىدكمنا كنصلي علشاف الليلة دم تعدم‬
‫عمرم ما فكرت اهنا بتبدأ من أكؿ يوـ! فأان بقوؿ نستهدل ابهلل ّ‬
‫على خَت!»‬

‫أكمأت بدكف كعي‪ ،‬ليًتكها زلمود كؼلرج‪.‬‬

‫دقائق كثَتة قضتها الشيماء ُب تبديل الفستاف‪ ،‬كىي تفكر فيما سيفعلو زلمود معها‪ ،‬حياهتا الوردية اليت‬

‫‪47‬‬
‫ستبدأ بعد حلظات قليلة!‬

‫سبلك التوتر منها كىي زبرج إليو‪..‬‬


‫ّ‬

‫يسمي هللا داخلو‪.‬‬


‫يلقي زلمود عليها نظرة سريعة‪ّ ،‬‬
‫«مخس دقايق ىغَت ىدكمي كاتوضى»‬

‫تركها متجمدة ُب مكاهنا‪ ،‬ربدؽ ُب ادلكاف الذم كاف يقف فيو بصدمة!‬

‫دلم دل يقًتب منها‪ ،‬يغازذلا كيثٍت على مجاذلا‪ ،‬ؼلتطف قبلة سريعة ىاتفان ابجلملة الشهَتة (ىذه لتساعدشل على‬

‫االنتظار)؟‬

‫أين كل ىذا؟‬

‫‪48‬‬
‫عاد زلمود بعد دقائق ليجدىا على كقفتها دل تتحرؾ!‬

‫«شيماء؟»‬

‫دل يتلقى ردان منها‪ ،‬خطى اذباىها حبَتة‪.‬‬

‫«شيماء‪ ،‬أنت اي بنيت»‬

‫«شيماء»‬

‫بت على كتفها‪.‬‬


‫كرر كىو ير ّ‬
‫انتفضت ملتفتة إليو بذعر‪.‬‬

‫«إيو ُب إيو‪ ،‬خضتٍت»‬

‫‪49‬‬
‫«أنت اللي فيو أيو‪ ،‬كاقفة عندؾ كده ليو؟»‬

‫رمقتو دكف رد‪ ،‬تنتظر منو أم إطراء‪ ،‬غزؿ‪ ،‬أم كلمة أك دلسة حربيي أحالمها اليت على كشك ادلوت!‬

‫«كبعدين بقى»‬

‫شهقت مفزكعة‪ ،‬ترمقو بغضب‪ٍ ،‬ب تتجو خبطوات حانقة اذباه ادلطبخ‪.‬‬

‫«راػلة فُت؟»‬

‫أاته صوهتا من بعيد‪« :‬ىاكل جعانة»‬

‫«مش تستٍت دلا نصلي األكؿ!»‬

‫**********‬

‫‪51‬‬
‫بعد عدة دقائق‬

‫كقفت الشيماء أماـ ادلائدة ادلرصوص عليها سلتلف أنواع الطعاـ‪ ،‬مغمضة عينيها‪ ..‬تتخيل زلمود يضمها من‬

‫اخللف ىامسان ُب أذهنا بكلمات الغزؿ كالعشق‪.‬‬

‫«مالك كاقفة كده ليو؟»‬

‫فتحت عينيها‪ ،‬تراه غللس أمامها على ادلائدة‪ ،‬يشرع ُب تناكؿ الطعاـ‪.‬‬

‫«طب بالش‪ ،‬أصالن أكفر أكم إنو ػلضٍت من أكؿ يوـ‪ ..‬ادلفركض احلركة دم بعد اجلواز بفًتة‪ ،‬كأكوف أان‬

‫بطبخ‪ ..‬بس ىو إيو؟ مش ىيقعدشل ُب حضنو كيوكلٍت أبيده كال إيو؟»‬

‫«اي شيماء‪ ..‬ده إيو الليلة اللي مش ىتعدم دم بقى؟»‬

‫‪51‬‬
‫«ىاه»‬

‫«ىي معندىاش غَت ىاه!»‬

‫ىتف بداخلو بضيق‪.‬‬

‫«ىتفضلي كاققة كده كتَت‪ ،‬ما تقعدم اي بنيت»‬

‫«اقعد فُت؟»‬

‫سألتو ببالىة‪.‬‬

‫حدؽ فيها حبذر ككأنو يتعامل مع رلنونة!‬

‫«على الكرسي‪ ،‬يعٍت ىتقعدم فُت؟»‬

‫‪52‬‬
‫طفح الكيل!‬

‫سحبت ادلقعد بغضب لتجلس عليو‪ٍ ،‬ب بدأت ُب تناكؿ الطعاـ بنهم سلرجة فيو كل غضبها!‬

‫«بسم هللا‪ ،‬ىي بتاكل كده ليو؟»‬

‫تنقض عليو ُب أم حلظة‬


‫أكل زلمود بضع لقيمات‪ ،‬ككل اثنية كأخرل يرمقها بذىوؿ‪ ،‬حىت أنو ابت ؼلشى أف ّ‬
‫كأتكلو!‬

‫تنهدت بعد أف انتهت من طعامها‪ ،‬تنظر إذل الصحوف الفارغة حبسرة‪ ،‬ليس ىذا ما كانت تتمناه كال زبطط لو‪،‬‬

‫لكن معو تبخرت كل أحالمها!‬

‫أك ردبا ال!‬

‫‪53‬‬
‫سبنت أف زبيب ظنوهنا‪ ،‬أف أيخذىا زلمود إذل العادل الوردم الذم حلمت بو مراران!‬

‫«طب إيو؟»‬

‫سبلك‬
‫تسارعت نبضاهتا عند مساع صوتو األجش‪ ،‬رمشت بعينيها خبوؼ كىي ترل نظراتو ادلختلفة‪ ..‬الغريبة‪ّ ،‬‬

‫اخلوؼ منها كىو ينهض كيقًتب منها!‬

‫«أنت ىتعمل إيو؟»‬

‫ابلكاد خرج صوهتا عندما كقف فوؽ رأسها‪.‬‬

‫سحبها برفق إذل غرفتهما كاالبتسامة سبأل كجهو‪ ،‬كبعدىا دل تشعر بشيء!‬

‫**********‬

‫‪54‬‬
‫تسحبت هبدكء خارج الغرفة‪ ،‬ارسبت على األريكة بوجو‬
‫ألقت عليو نظرة سريعة؛ لتجده يغط ُب نوـ عميق‪ّ ،‬‬
‫شاحب كمالمح ذابلة تناُب كوهنا عركس!‬

‫ضمت قدميها إذل صدرىا‪ ،‬تستند برأسها عليهما مفكرة ُب حياهتا‪..‬‬

‫تسربت من بُت أيديها كبسبب اختيارىا!‬


‫كل ما كانت تتمناه اختفى‪ ،‬أحالمها ّ‬
‫«بس أان كنت ىعرؼ منُت إف ىو مش زم أبطاؿ الركاايت!»‬

‫علست لنفسها ببؤس‪ ،‬تتذ ّكر حلظاهتما السابقة كاقًتابو منها‪ ،‬ال تنكر أنو كاف متفهمان إذل حد ما‪ ،‬لكن ليس‬

‫كما ربلم!‬

‫«كنت ادلفركض أرفضو من أكؿ ما عرفت امسو‪ ،‬لكن أان غبية غبية»‬

‫‪55‬‬
‫طرقت جبينها تعنّف نفسها‪ ،‬لوال غباؤىا لكانت اآلف ملكة ُب بيت كالدىا تنتظر ممن ػلقق ذلا أحالمها!‬

‫جزت على أسناهنا تقوؿ حبنق‪« :‬كأان ىعمل إيو دلوقيت؟ أتطلق؟»‬

‫شهقت هتز رأسها بعنف رافضة التفكَت ُب الفكرة حىت!‬

‫تسلم نفسها كعائلتها إذل‬


‫أف تكوف مطلقة بعد أايـ قليلة من زكاجها كُب رلتمع شرقي كمجتمعها فهي ىكذا ّ‬
‫الناس ليكونوا علكة ُب أفواىهم!‬

‫كحىت إف ضغطت على نفسها كربملت عدة أشهر فاجملتمع أيضان لن يرمحها‪ ،‬فيكفي محلها للقب مطلقة!‬

‫«يعٍت ىفضل عايشة معاه بطريقتو دم‪ ،‬ده أان شلكن ػلصلي حاجة كهللا!»‬

‫شردت أبفكارىا من أكؿ خطبتها لو‪..‬‬

‫‪56‬‬
‫كيف كاف حنوانن عليها‪ ،‬يسأؿ عن أحواذلا دائمان‪ ،‬لكنو أبدان دل يغازذلا‪ ،‬يسرؽ اللحظات ليختطف قبلة من‬

‫شفتيها كما يفعل أبطاؿ الركاايت!‬

‫إال أهنا أرجعت ذلك إذل أف رلتمعها يلتزـ بعادات كتقاليد كدينها ينبذ ىذه التصرفات‪ ،‬اعًتفت مرغمة أف‬

‫كاتبات الركاايت يتمادكف ُب كصف العالقة بُت ادلخطوبُت ُب ىذه الفًتة‪ ،‬فالبد أف تكوف ىناؾ حدكد بُت‬

‫االثنُت!‬

‫أحر من اجلمر‪ ،‬فحينها سينطلق زكجها كيعاملها كما ترغب‪..‬‬


‫كعليو انتظرت موعد عقد القراف على ّ‬
‫كًب ربديد موعد عقد القراف ُب نفس يوـ الزفاؼ‪ ،‬لتحصدـ بزكجها كأفعالو ليلة الدخلة!‬

‫«غبية اي شيماء‪ ،‬كهللا العظيم غبية‪ ،‬ده امسو زلمود‪ ،‬يعٍت اجلواب ابين من عنوانو!»‬

‫‪57‬‬
‫**********‬

‫سبلمل ُب نومو‪ ،‬رمش بعينيو لتعتاد على ضوء الشمس الذم ينَت غرفتو‪ ،‬استغرؽ عدة حلظات ليستوعب أين ىو‬

‫كيتذ ّكر زكاجو الذم دل ؽلر عليو أربع كعشركف ساعة بعد!‬

‫التقط عدساتو الطبية يضعها على عينيو‪ٍ ،‬ب جالت حدقتاه ُب الغرفة حبثان عنها‪.‬‬

‫«شيماء‪ ،‬شيماء»‬

‫خرج كىو يناديها‪ ،‬ليجدىا جالسة على األريكة‪ ..‬شاردة‪.‬‬

‫«شيماء»‬

‫بت على كتفها لتنتفض بذعر‪.‬‬


‫ر ّ‬

‫‪58‬‬
‫«خضتٍت اي أخي»‬

‫ىتف بسخرية كىو غللس جبانبها‪« :‬ىو أان كل دلا أجي جنبك ىتتخضي كال إيو!»‬

‫زمت شفتيها دكف رد‪.‬‬


‫ّ‬
‫بتفحص‪ ،‬كجهها الشاحب‪ ،‬عيناىا الذابلة كاذلاالت السوداء اليت ربيط هبما‪ ،‬احلزف البادم على مالزلها!‬
‫ّ‬ ‫أتملها‬

‫شعر حبَتة كقلق شديد عليها‪ ،‬فهذا ليس كجو عركس أبدان!‬

‫«مالك اي شيماء؟»‬

‫أجابتو دكف النظر إليو‪« :‬مارل ماان كويسة اىوه»‬

‫أدار كجهها اذباىو‪ ،‬ػلدؽ فيها بطريقة أربكتها‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مٍت‪ ،‬ده احنا لسو مكملناش أربعة كعشرين ساعة مع بعض‪ ،‬يعٍت ىتبقى عيبة كبَتة أكم‬
‫«اكعي تكوشل زعالنة ّ‬
‫ُب حقي»‬

‫ىتف زلمود بنربة مرحة جلبت االبتسامة إذل شفتيها‪ ،‬حاكلت كبتها بكل قوهتا‪ ،‬تقوؿ متذمرة‪:‬‬

‫«اي سالـ‪ ،‬يعٍت أنت اللي فارؽ معاؾ إنك زعلتٍت ُب أكؿ يوـ بس؟ لكن بعد كده ىيبقى عادم مثالن!»‬

‫ضحك خبفة‪ٍ ،‬ب قاؿ‪« :‬اي بنيت ىو أنت بتدكرم على ادلشاكل كخالص؟ كبعدين إف شاء هللا ربنا ما غليب زعل‬

‫كال حاجة»‬

‫صمتت‪ ،‬ليقوؿ رافعان حاجبيو‪« :‬طيب اعرؼ بس مالك‪ ،‬إيو اللي ضايقك؟»‬

‫ثواشل كدلعت مقلتاه بفهم‪« :‬اكعي تكوشل اتضايقت علشاف قحلت عليك فيلة!»‬

‫‪61‬‬
‫برقت مقلتاىا بشراسة‪ ،‬تنهره بضيق طفورل‪« :‬بس متقولش فيلة‪ ،‬أان قمر ُب نفسي اصالن»‬

‫«كىي امسها قمر ُب نفسي؟ كبعدين يعٍت أنت قمر كأان عصاية! بقى بذمتك أان عصاية؟»‬

‫ربركت عيناىا على جسده النحيف‪ ،‬تقوؿ حبذر‪« :‬أنت عايز الصراحة؟»‬

‫أكقفها عن احلديث إبشارة من يده‪ ،‬يقوؿ دبرح عفوم‪« :‬ال ابهلل عليك‪ ،‬الحسن أنت لسانك شكلو طويل كأان‬

‫مضمنش ىفضل مستحملو حلد امىت؟»‬

‫انتفضت ُب مكاهنا‪ ،‬تقوؿ بغضب‪« :‬أان لساشل طويل؟»‬

‫رفع يديو مستسلمان‪ ،‬ينفي بسرعة‪« :‬مش قصدم‪ ،‬بس أصلك بتقورل كالـ غريب فجأة كده كأنك مش‬

‫ُب كعيك»‬

‫‪61‬‬
‫أشارت إذل نفسها‪ ،‬تصرخ جبنوف‪« :‬تقصد إشل رلنونة؟ أنت جام تكحلها تركح تعميها!»‬

‫«ال حوؿ كال قوة إال ابهلل»‬

‫سبتم بداخلو كىو يقًتب منها‪ ،‬يسحبها لتجلس جبانبو‪ ،‬يقوؿ هبدكء‪:‬‬

‫«اىدم بس اي شيماء‪ ،‬ده أنت ست العاقلُت»‬

‫كرر كلماهتا‪« :‬ده أنت حىت قمر ُب نفسك‪ ،‬كمش زبينة‪ ،‬بس اىدم اي شيماء ابهلل عليك»‬

‫«شيماء شيماء شيماء أكككؼ أان زىقت بقى»‬

‫ربركت من أمامو بعصبية‪ ،‬تتمتم بغيظ‪« :‬يزرع األمل جوااي كاقوؿ اي بت ده زم ابطاؿ الركاايت‪ ،‬ركح ىوككب‬

‫ؽلسك مسدس عيار تسعتاشر (تسعة عشر) يقتل بيو كل آمارل كأحالمي‪..‬‬

‫‪62‬‬
‫أان إيو اللي رماشل الرمية السودة دم بس اي رب!»‬

‫كدمحم يتابعها بنظراتو‪ ،‬يهمس بيقُت‪« :‬طب كحياة أمي البت دم رلنونة!»‬

‫**********‬

‫كانت الشيماء ذبلس مع عائلتها كعائلة زكجها كاالبتسامة سبأل كجهها‪ ،‬تتحدث كسبزح معهم كشخصية طبيعية‬

‫سبامان!‬

‫ىتف زلمود لنفسو‪« :‬ماىي حلوة اىيو‪ ،‬أكماؿ بتقلب معااي ليو كجنّونتها بتطلع»‬

‫سحبت كالدة الشيماء ابنتها لتتحدث معها‪.‬‬

‫«ىاه اي بت طمنيٍت»‬

‫‪63‬‬
‫علست كاالبتسامة سبأل كجهها‪.‬‬

‫ابتسمت الشيماء ساخرة‪« :‬ايااه اي ماما‪ ،‬كأخَتان شوفتك مرة زم أمهات الركاايت! بس اي فرحة ما سبت»‬

‫علست حبسرة حىت ال تسمعها أمها كتعتفها‪« :‬ايريتك كنت فضلت زم مانت اي حجة ككاف زلمود ىو اللي‬

‫زم أبطاؿ الركاايت‪ ،‬لكن أان طوؿ عمرم ضلس أان عارفة»‬

‫«أنت بتربطمي تقورل إيو اي بت أنت؟»‬

‫مطت الشيماء شفتيها‪ ،‬تقوؿ‪« :‬بت إيو بس اي حجة هللا يهديك‪ ،‬أان بقيت ست خالص»‬

‫شهقت كالدة الشيماء من جرأة ابنتها‪ ،‬تصفق كفيها بقلة حيلة‪.‬‬

‫«كهللا ماان عارفة افرح كال أديك ابلشبشب على قلة أدبك دم‪ ،‬هللا يكوف ُب عوف الراجل عليك‪،‬‬

‫‪64‬‬
‫ده ليو اجلنة»‬

‫حدقت الشيماء ُب كالدهتا بذىوؿ‪.‬‬

‫«اي حجة كهللا أان بنتك أنت مش جايباشل من الشارع! كبعدين شبشب إيو اللي ىتديٍت بيو ده؟‬

‫أان بقيت متجوزة دلوقيت ككلها يومُت كابقى أـ‪ ،‬كأنت عايزة تديٍت ابلشبشب!»‬

‫ش ّدهتا من أذهنا كىي تقوؿ‪« :‬كأديك ابجلزمة كماف ايبت بطٍت‪ ،‬حىت لو كاف عندؾ عشر عياؿ‪ ،‬إيو رأيك بقى؟‬

‫كيال بينا علشاف متسيبيش أىل جوزؾ لوحدىم»‬

‫سارت الشيماء خلفها‪ ،‬تتمتم بقهر‪« :‬رب ّكم كتسلّط حىت بعد اجلواز‪ ،‬أان عمرم ما ىناؿ حرييت كأعيش‬

‫حياٌب زم ماان عايزة أبدان»‬

‫‪65‬‬
‫تكتم كالدهتا ضحكتها عليها‪ ،‬تدعو هللا أف يوفق ابنتها كيرزقها السعادة مع زكجها‪.‬‬

‫**********‬

‫«ىاه بقى؟»‬

‫ىتف زلمود اببتسامة خبيثة بعد رحيل عائلتو كعائلة الشيماء‪.‬‬

‫رفعت أحد حاجبيها‪ ،‬تقوؿ الكية شفتيها‪« :‬ىاه إيو؟»‬

‫خطى اذباىها‪ ،‬ػليط جسدىا بذراعيو‪ ،‬يغمزىا قائالن‪« :‬ما تيجي اقولك كلمة سر»‬

‫«أىا‪ ،‬ما انت شكلك مش فاحل غَت ُب كده!»‬

‫سبتمت خبفوت‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫عقد حاجبيو زلاكالن معرفة ما هتمس بو‪.‬‬

‫«أنت بتقورل إيو؟»‬

‫أبعدت يده عن جسدىا‪ ،‬كىي تقوؿ بربكد‪« :‬مش دلوقيت أان جعانة»‬

‫كربركت من أمامو إذل ادلطبخ!‬

‫سار خلفها مربطمان أبسى‪« :‬كىو ده كقت أكل يعٍت!»‬

‫جلست أتكل بنهم‪ ،‬تنتقم ُب الطعاـ من تصرفات زكجها‪..‬‬

‫فهو ال يغازذلا‪ ،‬ال حغللسها ُب أحضانو‪ ،‬ال يحطعمها بيده‪..‬‬

‫كإف كاف ال يفعل ذلك كعلا ما زاال عركسُت‪ ،‬فبالتأكيد لن يفعل أبدان!‬

‫‪67‬‬
‫راقبها زلمود بدىشة‪ ،‬ال يعلم كيف أتكل كل ىذه الكمية‪ ،‬أال تشبع!‬

‫سبلس على بطنها بشبع‪ ،‬ىامسة بصوت مسموع‪«:‬احلمد هلل»‬


‫انتظر بنفاذ صرب حىت انتهت‪ّ ،‬‬
‫«كأخَتان»‬

‫زفر براحة‪ٍ ،‬ب سحبها إذل غرفتهما ليسد جوعو اخلاص‪.‬‬

‫«استٌت اي زلمود أان‪»..‬‬

‫تذمرت بغَت رضا‪.‬‬

‫«ىوكككس»‬

‫قاطعها إبشارة من يده‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ألقاىا على السرير‪ ،‬ينزع سًتتو عن جسده‪ ،‬يقوؿ‪:‬‬

‫«بصي بقى احنا ىنبدأ من األىم للمهم»‬

‫يصور ذلا إال مشاىد من بعض الركاايت الركمانسية اليت تعشقها‪.‬‬


‫رمقتو بعدـ فهم‪ ،‬خياذلا الوردم ال ّ‬
‫«ىنخلص األىم األكؿ‪ ،‬كبعدين نبقى نشوؼ نفسيتك اللي مفتوحة على األكل على طوؿ دم‪ ،‬الحسن أنت‬

‫لو فضلت كده أسبوع أان ىعلن إفالسي!»‬

‫توسعت عيناىا بصدمة‪ ،‬هتتف من بُت أسناهنا بغيظ‪« :‬أيو الدبش اللي بًتميو ده! بقى حد يقوؿ كده‬

‫لعركسة لسو‪»..‬‬

‫كدل يسمح ذلا دبتابعة حديثها‪ ،‬كفعل ما كاف يتمناه منذ كقت‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫**********‬

‫بعد فًتة‬

‫رمقتو الشيماء بعدـ فهم كىو يلتقط مالبسهما كيضعها ُب حقيبة صغَتة‪.‬‬

‫«أنت بتعمل إيو؟»‬

‫أجاهبا زلمود كتركيزه منصب على ما يفعلو‪« :‬حبضر ىدكمنا علشاف نسافر»‬

‫قفزت على السرير بسعادة ابلغة‪.‬‬

‫«جبد اي زلمود جبد؟ كهللا أان كنت عارفة إنك شبو أبطاؿ الركاايت كمز كقمر‪ ،‬كإف كل اللي حصل من‬

‫امبارح لدلوقيت بس علشاف احنا لسو ُب البداية»‬

‫‪71‬‬
‫دلك فركة رأسو‪ ،‬يهتف حبَتة‪« :‬ىو أان مش فاىم حاجة‪ ،‬بس مش مهم‪ ،‬الزـ صلهز بسرعة علشاف منتأخرش‬

‫على ميعاد القطر»‬

‫رمشت الشيماء بعينيها‪ ،‬رباكؿ تكذيب آخر ما مسعتو‪.‬‬

‫«نتأخر على إيو؟»‬

‫أجاب زلمود ببساطة بينما يتأكد من كجود كامل احتياجاتو‪.‬‬

‫«القطر»‬

‫سل ّكت أذنيها‪ ،‬هتمس لنفسها مؤكدة‪« :‬ال ىو قاؿ الطيارة أكيد بس أان اللي مسعت غلط»‬

‫تغمض عينيها أبسى‪ ،‬تكاد تصاب ابلشلل كىي تسمعو يقوؿ‪« :‬أكعدؾ ىنقضي أسبوع ُب األقصر كأسواف‬

‫‪71‬‬
‫إظلا إيو عنب‪ ،‬ىيبقى أمجل أسبوع عشتيو ُب حياتك بعوف هللا»‬

‫«األقصر كأسواف؟ ىو احنا ىنقضي شهر عسلنا ُب األقصر كأسواف‪ ،‬كأسبوع كماف مش شهر؟!»‬

‫أكد زلمود حبماس غافالن عن حالتها الغريبة‪ ،‬يشرح ذلا برانمج رحلتهما كامالن‪ ،‬كىي ذباىد كي ال تحصاب‬

‫ابإلغماء إثر الصدمات اليت تتواذل عليها!‬

‫«اي ميلة خبتك اي شيماء»‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثالث (مفيش فايدة)‬
‫بعد شهرين‬

‫أان بوس بوس بوس‬

‫ىتخس ُب حيب النص‬

‫سبشي كعينيك بتبص كقلبك ىيشوؼ البدع‬

‫أجدع منك اىو نخ‬

‫ده اان سهل اعملك فخ‬

‫كانزؿ فيك طخ إخل إخل استحمل لو جدع‬

‫‪73‬‬
‫دندنت الشيماء كلمات األغنية دبرح بينما تعد كجبة الغذاء لزكجها‪..‬‬

‫مالت ترقص بسعادة‪ ،‬تضرب ادلالعق ببعضها بتفاعل‪ ،‬كىي تغٍت بصوت عارل‬

‫بسبوسة ابلسمنة منقطة ايللي رسي عليك العطى أان عايز أتوب من العطعطة كده ابختيارم‬

‫اه اي ماجستَت ُب اذلشتكة اان قليب جالك اه اشتكي‪ ،‬كانت كال كأنك حاسس بنارم‬

‫انتفضت على صياح زلمود الغاضب‪.‬‬

‫«اي شيماء‪ ،‬أنت اي شيماء إيو اللي أنت مشغاله ده!»‬

‫كضعت يدىا على قلبها بذعر‪ ،‬هتمس لنفسها‪« :‬علوت انقصة عمر بسببو كهللا»‬

‫كقف زلمود على ابب ادلطبخ‪ ،‬يقوؿ بغضب‪« :‬ساعة برف اجلرس كأنت كال أنت ىنا!»‬

‫‪74‬‬
‫مطت شفتيها برباءة‪.‬‬

‫«جبد؟ مسمعتش»‬

‫أشار إذل ىاتفها الصادح أبغنية غريبة الكلمات على مسامعو‪.‬‬

‫«مانت طبعان مش ىتسمعي حاجة من الزفت ده‪ ،‬كطي الصوت شوية»‬

‫لفت انتباىو كلمات األغنية اليت تسمعها‪ ،‬يقوؿ ابمشئزاز‪« :‬كبعدين إيو القرؼ اللي أنت بتسمعيو ده‪ ،‬اقفلي‬

‫القرؼ ده حاالن»‬

‫لوت الشيماء شفتيها بنزؽ‪ ،‬تربطم بصوت غَت مسموع‪:‬‬

‫«طبعان مش ىتعجبو األغاشل اللي بسمعها بتاع كاف كأخواهتا ده‪ ،‬كاحد معقد صحيح!»‬

‫‪75‬‬
‫«أنت بتقورل إيو؟»‬

‫أشارت لو ابدللعقة‪ ،‬تقوؿ بربكد‪« :‬بقوؿ ايريت تركح تغَت ىدكمك بعدين ماجهز الغدا»‬

‫تعم ادلطبخ‪ ،‬يقوؿ من بُت أسنانو‪« :‬ىو أنت لسو ىتعملي الغدا؟»‬
‫نظر إذل الفوضى اليت ّ‬
‫رددت معو دبلل‪« :‬ىو أان مش قحلت قبل كده مليوف مرة إشل حبب ارجع من الشغل االقي األكل جاىز علشاف‬

‫أكل كأانـ كأراتح!»‬

‫قاطعت الشيماء كلماتو اليت ربفظها عن ظهر قلب‪« :‬طوؿ مانت بًتغي كتَت كده الغدا ىيتأخر‪ ،‬اتفضل ركح‬

‫غَت ىدكمك كاألكل ىيكوف جاىز»‬

‫ألقى عليها نظرة غاضبة‪ٍ ،‬ب ربرؾ إذل غرفتهما ليبدؿ ثيابو‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫«القرؼ اللي كنت مشغاله ده ميتفتحش اتشل فاعلة؟»‬

‫انتظرتو حىت دخل الغرفة‪ ،‬لتفتح أغنية جديدة‪ ،‬تدندف مع ادلطرب بسعادة بينما تتابع صنع الطعاـ!‬

‫**********‬

‫أبعد زلمود صحن األرز عنو‪ ،‬يقوؿ بضيق‪« :‬إيو ده اي شيماء؟ الرز زلركؽ»‬

‫تطلعت الشيماء إذل الصحن أمامها‪ ،‬تقوؿ حبسرة‪« :‬أخدت ابرل»‬

‫استندت برأسها على يدىا‪ ،‬هتتف بنربة طفولية‪« :‬اي خسارة الوقت اللي ضيعتو ُب عميلو»‬

‫صفق زلمود بقلة حيلة‪.‬‬

‫«كهللا ماان عارؼ اضحك عليك كال أتعصب كأزبانق!»‬

‫‪77‬‬
‫رمقتو بنظرة غاضبة‪.‬‬

‫«تتعصب ليو يعٍت ادلوضوع مش مستاىل‪ ،‬كال ىتعمل زم ماما كتقلبهارل زلاضرة اقتصادية كتديٍت مواعظ‬

‫كنصايح»‬

‫قرب زلمود صحن ادللوخية منو‪ ،‬مكتفيان بو كوجبة مع الفراخ ادلشوية‪.‬‬


‫ّ‬
‫«ده على أساس إشل لو اديتك زلاضرات كال قحلتلك نصايح ىتعملي بيها!‬

‫أان بقارل أكًت من شهرين معاؾ‪ ،‬مفتكرش إشل أكلت ُب يوـ كجبة سليمة من غَت ما ربطي عليها بصمتك!‬

‫مرة ربرقي الرز‪ ،‬مرة ربطي سكر على األكل بدؿ ادللح‪ ،‬مرة‪»..‬‬

‫«خالص اي عم‪ ،‬كهللا أان عارفة كل اللي عملتو! كبعدين مش مكسوؼ من نفسك كأنت بتقوؿ‬

‫‪78‬‬
‫شهرين‪ ،‬ادلفركض أان لسو عركسة‪ ،‬يعٍت اتدلع كبس‪ ،‬مش اقعد اطبخ كأنضف!»‬

‫ارتفع حاجباه بصدمة‪.‬‬

‫«ال اي شيخة؟ كحضرتك بقى ىتفضلي عركسة لغاية امىت؟ كادلفركض مُت اللي يهتم بيا كابلشقة لغاية دلا الفًتة‬

‫دم تنتهي؟»‬

‫رفعت أكتافها بال مباالة‪ ،‬ذبيبو كىي تتناكؿ طعامها بنهم‪:‬‬

‫«كهللا يعٍت ادلفركض أنت كرجل جنتل ُب نفسك كده؛ سازلٍت ايرب‪ ،‬ادلهم يعٍت ادلفركض ذبيب دلراتك‬

‫الرقيقة العسل اللي ىو أان يعٍت خدامة ُب البيت تساعدىا»‬

‫قلدىا بصرب‪« :‬كمراٌب الرقيقة العسل؛ سازلٍت ايرب‪ ،‬انقصها أيد كال رجل علشاف هتتم ىي ببيتها كجوزىا؟»‬

‫‪79‬‬
‫تركت الطعاـ غاضبة‪ ،‬توضح لو‪« :‬كهللا أنت ادلفركض تدلعٍت كهتنٍت‪ ،‬مش زبليٍت طوؿ ما أان قعدة أفكر ُب‬

‫ملوخية كابمية!»‬

‫«أنت مبتعرفيش تعملي ادللوخية كالبامية أصالن اي شيماء! طب بذمتك اي شيخة دم ملوخية تتاكل؟‬

‫دم شوربة‪ ،‬كايريت طعمها حلو حىت!»‬

‫قاطعتو متذمرة‪« :‬اىوه اىوه‪ ،‬بقى بذمتك ُب حد يقوؿ لعركسة كده‪ ،‬ادلفركض سبدح ُب أكلي حىت لو ىوكلك‬

‫عيداف كربيت‪ ،‬كدلا زبلص تقورل تسلم ايدؾ اي حياٌب‪ ،‬مش تقعد تطلعلي القطط الفطسانة ُب كل حاجة‬

‫بعملها ككأشل قاعدة مع شيف الشربيٍت!»‬

‫دلك زلمود جبينو بنفاذ صرب بينما يستمع ذلا‪« :‬كبعدين طادلا مش عاجبك أكلي كمش راضي ذبيبلي‬

‫‪81‬‬
‫خدامة‪ ،‬يبقى مفيش غَت حل كاحد»‬

‫«اللي ىو إيو بقى إف شاء هللا؟»‬

‫رفعت الشيماء أكتافها بربكد‪.‬‬

‫«تطبخ لنفسك‪ ،‬كاىو على رأم اخواتنا األجانب ىيلب يور سيلف‬

‫»)‪(Help your self‬‬

‫هنض من على مائدة الطعاـ‪ ،‬يقوؿ حبنق‪« :‬طب بصي بقى اي ىازل‪ ،‬جو اخلدـ كاذلبل اللي أنت عايزاه ده تنسيو‬

‫خالص‪ ،‬احنا مش عايشُت ُب ادلريخ! كإشل اطبخ لنفسي كالكالـ الفاضي ده تشيليو من دماغك‪ ،‬أان بشتغل‬

‫كبتعب كبشقى طوؿ اليوـ علشاف اجي االقي لقمة أكلها‪ ،‬مش اجي اطبخ لنفسي!»‬

‫‪81‬‬
‫كتركها متجهان لغرفتهما لَتاتح‪.‬‬

‫اتبعتو الشيماء بنظراهتا‪ ،‬تقوؿ حبنق‪« :‬رخم كغيب‪ ،‬قاؿ إيو بتعب كبشقى طوؿ اليوـ‪ ،‬ماان شلكن من بكرة انزؿ‬

‫اشتغل كيبقى زيي زيو ابلظبط‪ ،‬كساعتها يبقى يوريٍت ىيتحجج إبيو أستاذ كاف كأخواهتا!»‬

‫كضعت الصحوف ُب ادلطبخ‪ ،‬تًتكها ُب مكاهنا‪ٍ ،‬ب تسرع إذل ىاتفها‪ ،‬تلتقطو كتستلقي على األريكة‪ ،‬تتابع قراءة‬

‫ركايتها‪.‬‬

‫**********‬

‫هنض زلمود من نومو بعد ساعتُت‪ ،‬خرج من الغرفة ليجد الشيماء مستلقية على األريكة‪ ،‬تضع قدمان فوؽ قدـ‪،‬‬

‫مركزة ُب شاشة ىاتفها‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫«شيماء‪ ،‬قومي اعمليلي شام»‬

‫دل ػلصل منها على أم رد‪ ،‬ليكرر مرة أخرل كأخرل ككال حياة دلمن تنادم!‬

‫«أنت اي ست اي شيماء!»‬

‫قفزت شيماء هبلع‪ ،‬لًتل زلمود أمامها‪.‬‬

‫«ؼلربيتك ىتموتٍت من اخلضة»‬

‫ضغط على كف يده ػلاكؿ سبالك أعصابو‪ ،‬فهو يشعر بصداع شديد كليس لديو قدرة على اجلداؿ معها‪.‬‬

‫«قومي اعمليلي شام»‬

‫«حاضر دقيقة»‬

‫‪83‬‬
‫أشارت لو بيدىا كعادت إذل ىاتفها‪.‬‬

‫كمرت دقيقة كاثنية كاثلثة كدل تتحرؾ من مكاهنا!‬

‫أتفف بضيق‪ ،‬ربرؾ ليصنع الشام بنفسو!‬

‫تعمو‪ ،‬سبتم ابالستغفار كبدأ ُب إعداد الشام‪ٍ ،‬ب خرج لَتاىا على‬
‫دخل إذل ادلطبخ ليجد حالة من الفوضى ّ‬
‫حاذلا‪ ،‬سحب اذلاتف منها لتشهق الشيماء بفزع‪.‬‬

‫«زلمود ىات الفوف»‬

‫كضع اذلاتف ُب جيب سركالو‪ ،‬أشار إذل ادلطبخ قائالن‪« :‬دلا تنضفي بيتك ابقي اقعدم على التليفوف براحتك!»‬

‫رمقتو بدىشة‪ ،‬تقوؿ‪« :‬إيو اللي بتقولو ده؟ ىو أنت بتتعامل مع عيلة؟»‬

‫‪84‬‬
‫أشار برأسو مؤكدان‪« :‬هللا يفتح عليك‪ ،‬أنت مينفعش معاؾ غَت معاملة العياؿ»‬

‫«بطل ىزار!»‬

‫«مبهزرش اتفضلي قومي شوُب ادلطبخ اللي مقلوب ده كبعدين ابقي تعارل اقعدم على ادلوابيل براحتك»‬

‫هنضت متأففة‪ ،‬تربطم لنفسها كعادهتا‪:‬‬

‫«ديكتاتورم متسلّط غاكم رب ّكمات كبس»‬

‫أتففت مرة أخرل كىي ترل حالة ادلطبخ ادلزرية‪ ،‬مشرت أكمامها كشرعت ُب جلي الصحوف‪.‬‬

‫«استعنا على الشقى ابهلل»‬

‫**********‬

‫‪85‬‬
‫«أححححح أححححح‪ ،‬احلقٍت اي زلمود‪ ،‬احلقناااااام»‬

‫ؽلسها شيء!‬
‫ركض زلمود إليها كقلبو يقرع خوفان‪ ،‬توقف بصدمة كىو يراىا سليمة دل ّ‬
‫«بتصوٌب ليو؟»‬

‫«ادلياه ادلياه ساقعة تلج»‬

‫قبض على يده بشدة حىت ال يتهور‪ ،‬يستغفر هللا بصوت عارل‪.‬‬

‫«استغفر هللا العظيم كأتوب إليو‪ ،‬استغفر هللا‪»..‬‬

‫قاطعتو الشيماء ابرتياب‪« :‬أنت جام تتوب عن ذنوبك ُب ادلطبخ؟»‬

‫رفع يده اذباىها‪ ،‬ػلركها أمامها ككأنو سيلكمها!‬

‫‪86‬‬
‫«ال كأنت الصادقة أان بستغفر عن الذنب اللي ىرتكبو دلوقيت لو سلتفيتيش من قدامي!»‬

‫دل تفهم شلا يعنيو سول آخر كلماتو!‬

‫«إيو ده يعٍت مغسلش ادلواعُت؟ اشطااا جججدان‪ ،‬ىات الفوف بقى»‬

‫«اثبيت اي بت مكانك»‬

‫ىزت رأسها بعدـ رضى‪ ،‬تؤنبو جبدية‪« :‬إيو اثبيت دم اي زلمود ما ربسن ألفاظك شوية!‬

‫ده أنت حىت متخرج من كلية آداب مش شرطة!»‬

‫«مش عجباؾ ألفاظي اي بتاعت بوس كطخ كمش عارؼ إيو!»‬

‫سبايلت الشيماء جبسدىا كىي تغٍت بدالؿ‪« :‬أان بوس بوس بوس‪ ،‬ىتخس ُب حيب النص»‬

‫‪87‬‬
‫«اتعدرل اي شيماء كبطلي»‬

‫لوت شفتيها بضيق‪ ،‬حىت دل يغازذلا أك يضمها إليو كيقبّلها!‬

‫«كهللا ما ىتفاجئ‪ ،‬أان خالص غسلت ايدم منك»‬

‫«بتربطمي تقورل إيو؟»‬

‫لوت شفتيها ساخرة‪ ،‬مستعَتة مجلة ىاشل رمزم الشهَتة‪« :‬اديك قحلتها بنفسك بربطم‪ ،‬ىو حد بيقوؿ اللي‬

‫بيربطمو!»‬

‫«طب اتفضلي ايخيت اغسلي ادلواعُت»‬

‫ىتف بتهكم كىو يشَت إذل الصحوف ادلتكومة فوؽ بعضها‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫«طب ما زبليها بكرة‪ ،‬ادلياه ساقعة أكم»‬

‫قالت بوجو برمء علّها تكسب شفقتو‪.‬‬

‫لتمس ادلاء‪ ،‬كىو يقوؿ بسماجة‪:‬‬


‫فتح زلمود ادلاء الساخن‪ ،‬يسحب يدىا ّ‬
‫«شايفة ادلياه مبقتش ساقعة ازام!»‬

‫«أححححح ؼلربيت رخامتك اي أخي حرقت ايدم»‬

‫كتم ضحكتو كخرج من ادلطبخ‪ ،‬لتجلي ىي الصحوف متحلطمة!‬

‫**********‬

‫«اخخخ اخخخخ اي ضهرم‪ ،‬حراـ عليك اي مفًتم‪ ،‬سايبٍت ساعة ُب ادلطبخ لوحدم لغاية دلا ضهرم اتكسر!»‬

‫‪89‬‬
‫ىتفت بتعب كىي تستلقي على السرير‪.‬‬

‫ذباىل زلمود كجودىا كاتبع قراءة الكتاب الذم بُت يديو‪.‬‬

‫رمقتو الشيماء بغيظ‪ ،‬سرعاف مازاؿ كحدقتاىا تلمعاف بتخطيط!‬

‫قفزت عليو ككأهنا ليست اليت كادت سبوت من التعب منذ دقائق!‬

‫«ده كتاب إيو اللي بتقرأه ده اي زلمود؟»‬

‫كدكف انتظار رده‪ ،‬سحبت الكتاب لتنظر إذل غالفو‬

‫«الزنزانة اشلمم شكلو حلو‪ ،‬ىو بيتكلم عن إيو؟»‬

‫«أنت ليك ُب القراية؟»‬

‫‪91‬‬
‫سأذلا بشك‪.‬‬

‫تومئ حبماس القًتاب صلاح سلططها‪.‬‬

‫«طبعان أكماؿ أنت فاكرشل بعمل إيو على الفوف طوؿ اليوـ‪ ،‬ده أان سللصة أكًت من ثالث آالؼ ركاية»‬

‫ىز رأسو ابستحساف‪.‬‬

‫«طب كويس كهللا‪ ،‬بس األحسن تقرأم كتب‪ ،‬ىتفيدؾ أكًت»‬

‫تربعت ُب جلستها‪ ،‬تقوؿ دببدأ تتمسك بو‪« :‬امشعٌت يعٍت؟ ما الركاايت برضو مفيدة جدان‪ ،‬كمعظمها بيناقش‬

‫مشاكل موجودة ُب اجملتمع ال كبتجيب حلوؿ جذرية كماف»‬

‫كضع الكتاب جانبان‪ ،‬يناقشها‪« :‬أديك قحلت بنفسك معظمها‪ ،‬فيو ركاايت كتَت متستحقش تبصي فيها أصالن‪،‬‬

‫‪91‬‬
‫كركاايت بتناقش أفكار مقرفة‪ ،‬كشلكن احللوؿ تبقى بنفس القرؼ كاكًت‪ ..‬علشاف كده بقولك خليك ُب‬

‫الكتب أحسن»‬

‫«أحم ما يعٍت كل حاجة فيها احللو كفيها الوحش‪ ،‬كاحنا ادلفركض طلتار احلاجات اللي تفيدان كنبعد عن اللي‬

‫بيخالف أفكاران»‬

‫ٍب سحبتو ابلنقاش إذل ما تريده‪« :‬طب تعرؼ‪ ،‬أان حاليان بقرأ حتة ركاية إظلا إيو ذبنن هتبل‪ ،‬بتناقش مواضيع مهمة‬

‫جدا كأبسلوب شيّق‪ ،‬كمتوقعة النهاية ىتكوف قوية»‬

‫«أشلممم»‬

‫دل يبدم أم فعل على ما قالتو‪ ،‬لتجازؼ‪« :‬إيو رأيك لو تقرأىا؟»‬

‫‪92‬‬
‫كقبل أف يلقي أم تعليق اتبعت حبماس‪« :‬كهللا كهللا ككماف كهللا ىتعجبك جدا كمش ىتحس إنك ضيّعت‬

‫كقتك فيها خاااالص»‬

‫كأماـ محاسها الشديد دل جبد سول ادلوافقة!‬

‫سحبت الشيماء ىاتفو لًتسل لو ملف الركاية‪ ،‬متمنية أف تفلح زلاكلتها كيتغَت كلو قليالن بعد قرائتو كرؤيتو ما‬

‫يفعلو البطل مع البطلة!‬

‫«ايرب بقى»‬

‫**********‬

‫بعد عدة أايـ‬

‫‪93‬‬
‫دارت الشيماء حوؿ نفسها أماـ ادلرآة‪ ،‬تتأمل نفسها بضيق‪..‬‬

‫لقد صدؽ حديثو‪ ،‬ابلفعل أصبحت (فيلة) كما أطلق عليها من قبل‪ ،‬ككلو بسببو!‬

‫ىو الذم غلعلها تصل إذل حالة من الغضب ال ذبد سول الطعاـ لتفرغ البعض منو فيو‪ ،‬البعض فقط!‬

‫ربملو!‬
‫بينما البقيّة يًتاكم كيًتاكم بداخلها حىت دل تعد تستطيع ّ‬
‫لقد سأمت منو‪ّ ،‬ملت من طباعو اليت زبالف كل أحالمها؛ البسيطة منها كالال بسيطة‪..‬‬

‫األمل الوحيد لديها حاليان ىو أف يتأثر بشخصية بطل الركاية اليت أعطتها لو ليقرأىا‪ ،‬يعاملها مثلما يعامل‬

‫البطلة‪ ،‬كإف دل يتأثر‪ ،‬ف حقضي األمر!‬

‫ستقضي ادلتبقي من حياهتا ترثي أحالمها كاحدان كاحدان‪ ..‬حىت ادلوت‪ ،‬كالذم سيكوف قريبان؛ إما إثر ضغط‬

‫‪94‬‬
‫مرتفع أك جلطة تصيبها بسبب جالفتو!‬

‫«شيماء‪ ،‬أنت كل ده لسو بتلبسي‪ ،‬ما زبلصي بقى»‬

‫جزت على أسناهنا بغيظ‪.‬‬

‫«ايريب مفيش مرة يقوؿ حبيبيت بالش حبيبيت‪ ،‬طب شيمو‪ ،‬شوشو‪ ،‬شوشيتا‪ ..‬كهللا حىت لو دلع بكرىو ىحبو‬

‫كافرح بيو لو قاذلورل!»‬

‫ىتفت لنفسها بينما تتجو إليو‪.‬‬

‫«ساعة بتلبسي؟!»‬

‫سأذلا حادلا ظهرت أمامو‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫تقوؿ دبلل‪« :‬عادم يعٍت‪ ،‬كبعدين أنت مستعجل على إيو؟ ده احنا راػلُت نفس البيتُت اللي بنركحهم كل‬

‫أسبوع‪ ،‬كاللي مش بنركح غَتىم من ساعة ما اذبوزان!»‬

‫«أنت مش عايزة تزكرم أىلك؟!»‬

‫سأذلا بدىشة‪.‬‬

‫زمت شفتيها بضجر‪ ،‬مهما قالت لن يفهم‪ ،‬ستًتؾ األمر حىت ينهي قراءة الركاية‪ ،‬ىي أملها الوحيد ليشعر هبا‬
‫ّ‬
‫كيفهم متطلباهتا!‬

‫«ال يال»‬

‫كربركت أمامو‪ ،‬كىو يتبعها بدىشة!‬

‫‪96‬‬
‫**********‬

‫ككل أسبوع‪ ،‬يقضياف ساعة أك أكثر ُب بيت كالد زلمود‪ ،‬كمثلها ُب بيت كالد الشيماء‪ ،‬ساعة تقضيها ُب ملل‬

‫شديد‪ ،‬اللهم إال أكؿ ربع ساعة منها!‬

‫عادا إذل البيت بعد الزايرة األسبوعية‪.‬‬

‫«انبسطت؟»‬

‫ارتسمت على شفتيها ابتسامة مسجة‪ ،‬ذبيب ابستهزاء‪« :‬جدان جدان متعرفش انبسطت قد إيو‪ ،‬ده أان مكنتش‬

‫عايزة ارجع البيت من كًت االنبساط!»‬

‫«طب احلمد هلل»‬

‫‪97‬‬
‫ىتف ببساطة ٍب اذبو إذل غرفة النوـ‪.‬‬

‫قبضت كفيها‪ ،‬ضربتهما ببعضهما‪ ،‬كىي تقوؿ لنفسها‪« :‬اىدم اىدم‪ ،‬الركاية إف شاء هللا ىتغَته‪ ،‬خلي عندؾ‬

‫أمل إنو إف شاء هللا ىيتغَت أكؿ دلا يقرأ الركاية»‬

‫اذبهت إذل الغرفة‪ ،‬ب ّدلت مالبسها كاستلقت جبانبو‪ ،‬لتجده يقرأ كتاابن جديدان!‬

‫اعتدلت ُب جلستها‪ ،‬تسألو بلهفة‪« :‬ىو أنت قريت الركاية اللي أان اديتهالك؟»‬

‫أكمأ ذلا كتركيزه منصب على الكتاب الذم بُت يديو‪.‬‬

‫سحبتو الشيماء منو‪ ،‬كىي تسألو‪« :‬طب كإيو رأيك فيها؟ عجبتك؟»‬

‫أجاهبا زلمود مؤكدان‪« :‬بصراحة أىا‪ ،‬فكرهتا حلوة مش بطالة يعٍت»‬

‫‪98‬‬
‫ارتسمت السعادة على كل كجهها‪ ،‬كىي تستجوبو‪« :‬طب قورل بقى إيو اكًت حاجة عجبتك؟‬

‫كمُت الكابل اللي حبتهم كليو؟ كإيو اللي‪»..‬‬

‫قاطعها ضاحكان‪« :‬اىدم اي ماما‪ ،‬إيو ده ماسورة أسئلة كاتفتحت»‬

‫لكزتو دبزاح‪« :‬جاكب بقى كبالش رخامة»‬

‫ىز رأسو بيأس من تصرفاهتا‪.‬‬

‫«بصي ايسيت ىي زم ماقحلتلك حلوة‪ ،‬كفيو كذا مشهد فيها عجبٍت‪ ،‬بس حاجة كاحدة اللي زلبتهاش فيها‬

‫الصراحة كأكًت من مرة كنت ىقفل الركاية بسببها!»‬

‫«حاجة إيو دم؟»‬

‫‪99‬‬
‫سألتو ابرتياب‪.‬‬

‫«عالقة األبطاؿ ببعض‪ ،‬حاجة شللة كرمخة ألبعد احلدكد‪ ،‬مش عارؼ أنتوا ازام بتسموا ده ركمانسية!‬

‫دم حاجة مقرفة»‬

‫ككانت الصدمة‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل الرابع (رلنونة)‬
‫الدنيا ربيع كاجلو بديع‬

‫قفلى على كل ادلواضيع‬

‫قفل قفل قفل قفل قفل‬

‫ما فيناش كاسل كما فيناش ماسل‬

‫كاسل ماسل ايو دل الدنيا ربيع‬

‫‪111‬‬
‫«الدنيا ربيع الدنيا ربيع»‬

‫صاحت الشيماء بصوت مرتفع كىي ربرؾ كجهها ؽلينان كيساران كشعرىا القصَت ينساب على كتفيها‪..‬‬

‫التقطت (بيضة) لتقوـ بتلوينها كالبسمة مرتسمة على كجهها‪ ،‬كصوت سعاد حسٍت يصدح ُب ادلنزؿ ؽللؤه‬

‫ابلبهجة‪..‬‬

‫الشجر الناشف بقى كركر هللا‬

‫كالطَت بقى لعب كمتهور كدة ىو‬

‫كاحنا حنفرفش امىت اماؿ‬

‫دلوقت كال َب سبتمرب‬

‫‪112‬‬
‫قاؿ لك قاؿ لك قاؿ لك ايو قاؿ لك اه‬

‫قاؿ لك فرفشة اليوـ متأجلهاش للغد‬

‫الغد الغد‬

‫كللى حنظبطوا مهموهـ راح نزعل منو جبد‬

‫جبد جبد‬

‫«إيو الصداع ده على الصبح؟»‬

‫ىتف زلمود بصوت انعس بينما ؼلرج من الغرفة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫تركت الشيماء البيضة بضجر‪.‬‬

‫«اىو صحي اللي ىيجيب أجلي!»‬

‫رفعت عينيها إليو‪ ،‬تقوؿ بنربة شلطوطة‪« :‬شم نسيم سعيد عليك اي ركككحي»‬

‫جلس زلمود على األريكة‪ ،‬كىي ربت قدميو؛ تفًتش البيض كاأللواف على األرض‪.‬‬

‫«أنت بتعملي إيو على الصبح؟»‬

‫ىتف ابنزعاج‪.‬‬

‫ىزت رأسها بيأس منو‪.‬‬

‫«بقى بقولك شم نسيم سعيد عليك اي ركحي‪ ،‬كأنت تسألٍت بعمل إيو! ىو مش كاضح يعٍت؟»‬

‫‪114‬‬
‫أراح رأسو على األريكة مغمضان عينيو‪.‬‬

‫«اللي كاضح اإلزعاج اللي أنت عماله كمش سلليٍت عارؼ أانـ»‬

‫انتفض بفزع على شيء يرتطم جببينو‪ ،‬كاليت دل تكن سول (البيضة) اليت ألقتها الشيماء عليو حبرفية لتحصيب‬

‫ىدفها بنجاح!‬

‫فوؽ كده‪ ،‬دم الدنيا ربيع كاجلو بديع‪ ،‬كالنهاردة شم النسيم!»‬


‫«ال نوـ إيو ّ‬
‫كيصدح صوت سعاد حسٍت معها‪:‬‬

‫الدنيا ربيع كاجلو بديع‬

‫قفلى على كل ادلواضيع‬

‫‪115‬‬
‫قفل قفل قفل قفل قفل‬

‫ما فيناش كاسل كما فيناش ماسل‬

‫كاسل ماسل ايو دل الدنيا ربيع‬

‫الدنيا ربيع الدنيا ربيع‬

‫«اقفلي الزفت ده»‬

‫ىتف بعصبية كىو يلقي عليها البيضة‪.‬‬

‫التقطتها دبهارة‪ ،‬كىي تقوؿ بضيق‪« :‬استغفر هللا العظيم ايرب‪ ،‬يعٍت اشغل عمرك كبسنت ميعجبش‪ ،‬سعاد‬

‫حسٍت تقوؿ عليها ازعاج‪ ..‬عارؼ؛ أنت مش ىينفع معاؾ غَت أيها الراقدكف ربت الًتاب!»‬

‫‪116‬‬
‫«صربشل اي رب»‬

‫ىتف كىو يضع يديو على جانيب رأسو‪.‬‬

‫تقلده كىي تقوؿ‪« :‬يصربشل أان على ما بالشل! اتفضل قوـ يال اغسل كشك علشاف نفطر كنلحق اليوـ من‬

‫أكلو»‬

‫رمقها بعدـ فهم!‬

‫«نلحق إيو؟»‬

‫«اىدم اىدم اىدم»‬

‫التسلح ابلصرب‪.‬‬
‫علست لنفسها زلاكلة ّ‬

‫‪117‬‬
‫«يعٍت بقولك شم نسيم‪ ،‬كالدنيا ربيع‪ ،‬يبقى ىنلحق إيو بذمتك؟ ىنخرج نتفسح طبعان»‬

‫ضنت مالزلو بعدـ رضى‪.‬‬


‫تغ ّ‬

‫«حراـ عليك اي شيماء‪ ،‬ده أان ماصدقت يوـ اجازة اراتح فيو من الشغل‪ ،‬كأنت تقوليلي طلرج نتفسح!»‬

‫شم‬
‫متخصرة‪« :‬نعععم اي ركحي‪ ،‬ال بقولك إيو‪ ،‬أان من ساعة ما أخدتك كأان مبخرجش كال ب ّ‬
‫ّ‬ ‫كقفت أمامو‬

‫نفسي‪ ،‬اللهم إال بيت أبوؾ كأبواي‪ ،‬كبتبقى خركجة كلها ملل ُب ملل»‬

‫قاطعها دمحم مستنكران‪« :‬اي سالـ؟! ليو ىو أان ركحت األقصر كأسواف لوحدم؟»‬

‫ربولت مالزلها للشر‪ ،‬كىي تقوؿ‪« :‬متفكرنيش ابلرحلة ادلنيّلة دم علشاف كل ما بفتكرىا بتعصب»‬

‫أتفف ابستسالـ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫«طيب‪ ،‬عايزة زبرجي تركحي فُت؟»‬

‫«ىو أنت عمرؾ ما خرجت ُب شم النسيم قبل كده؟»‬

‫رفع أكتافو بال مباالة‪ ،‬كىو يقوؿ‪« :‬عادم يعٍت‪ ،‬كنت بطلع العب كرة مع أصحايب‪ ،‬نقعد على القهوة‪ ،‬نركح‬

‫سايرب ككده»‬

‫«قهوة كسايرب؟ ىو ده آخرؾ ُب الشقاكة؟»‬

‫كقبل أف ؽلنحها أم تعليق‪ ،‬أشارت لو بيديها‪.‬‬

‫«صحيح أنت مدرس لغة عربية‪ ،‬آخرؾ ضلو كصرؼ‪ ،‬آشل آسف»‬

‫صفق بيديو بنفاذ صرب‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫«استغفر هللا العظيم ايرب‪ ،‬أان مش عارؼ أنت أيو مشكلتك مع شغلي‪ ،‬ماؿ إف مدرس عريب ابخلركج مش‬

‫فاىم!»‬

‫ابتسمت لو بسماجة‪ ،‬تقوؿ‪« :‬أصل بعيد عنك مدرسُت العريب دكؿ بيبقوا… كال بالش الحسن تزعل»‬

‫قطعت كلماهتا كابتسامتها السمجة تزداد اتساعان‪.‬‬

‫أشار ذلا ابدلتابعة‪.‬‬

‫«ال كهللا كملي»‬

‫ليًتاجع فوران عن رغبتو‪.‬‬

‫«كال أقولك بالش‪ ،‬الواحد مش انقص ضغطو يًتفع على الصبح»‬

‫‪111‬‬
‫حركت حدقتيها‪ ،‬كىي تقوؿ‪« :‬ده على أساس إنو ضغطو ىو اللي ىيعلى بسبيب!»‬

‫ذباىل سبتماهتا كاليت ابلتأكيد إف عرفها ستحثَت أعصابو!‬

‫«ادلهم سيادتك عايزة تركحي فُت؟»‬

‫قفزت جبانبو‪ ،‬تقوؿ بنربة طفولية‪« :‬بص احنا شلكن انخد أكل‪ ،‬كنركح نقعد ُب أم جنينة انكل ىناؾ‪ ،‬كبعدين‬

‫نركح‪»..‬‬

‫قاطعها بربكد‪« :‬ال جو األكل ُب اجلناين ده مش حببو»‬

‫«ريالكس اي شيمو ريالاااكس»‬

‫ى ّدأت نفسها حىت ال تقتلو!‬

‫‪111‬‬
‫كاتبعت حمسًتضية‪« :‬خالص نتغدل قبل ما ننزؿ‪ ،‬كال أقولك دلا نرجع‪ ،‬كتعاذل ننزؿ دلوقيت نركح درصل ابرؾ‪،‬‬

‫بيبقوا عاملُت‪»...‬‬

‫قاطعها مرة اثنية‪« :‬درصل ابرؾ دم بتاعت األلعاب؟ ال طبعان مستحيل نركح ىناؾ‪ ،‬أنت شايفاشل عيّل قدامك!»‬

‫«كعلا العياؿ بس اللي بَتكحوا درصل ابرؾ؟»‬

‫سألتو ابستنكار‪.‬‬

‫ىز رأسو برفض‪ ،‬يقوؿ‪« :‬ماليش ُب اجلو ده برضو»‬

‫«أكماؿ حضرتك ليك ُب إيو؟»‬

‫جزت على أسناهنا كىي تسألو بغضب‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫«مش عارؼ! ما تفكك من اخلركجة دم كخلينا نقضي اليوـ ُب البيت»‬

‫«لولولورل بتاع كاف كأخواهتا بقي يقوؿ فكك»‬

‫ىتفت بطريقة مسرحية‪.‬‬

‫ٍب هنضت‪ ،‬تقوؿ منهية احلديث‪« :‬قحعاد (جلوس) ُب البيت نو نو نو‪ ،‬كرأفةن مٍت بيك بس ىتنازؿ كننزؿ بعد‬

‫الغدل‪ ،‬كبالىا درصل ابرؾ اي سيدم‪ ،‬بس ابقى شخلل جيبك بقى»‬

‫كتركتو لتعد الفطور‪ ،‬كىو ينظر ُب أثرىا حبنق!‬

‫**********‬

‫قبيل العصر‬

‫‪113‬‬
‫داىم زلمود شعور ابلغثياف كرائحة غريبة سبأل الشقة‪..‬‬

‫اذبو إذل حيث زكجتو‪ ،‬يسأذلا ابمشئزاز‪« :‬إيو الرػلة دم؟»‬

‫ىتفت الشيماء برباءة كىي تضع طعاـ الغذاء على ادلائدة‪« :‬دم أكيد رػلة الفسيخ»‬

‫«فسيخ!»‬

‫تعالت نربتو الغاضبة‪.‬‬

‫«مُت اللي جاب ده ىنا؟»‬

‫أشارت إذل نفسها بفخر‪ ،‬كىي تقوؿ‪« :‬أان»‬

‫كضع يده على أنفو‪ ،‬ال يتحمل تلك الرائحة الكريهة‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫«ركحي ارمي البتاع ده بسرعة‪ ،‬كإايؾ تدخليو البيت اتشل»‬

‫كفى!‬

‫التقطت الشيماء السكُت من على ادلائدة‪ ،‬اقًتبت منو بوجو أمحر‪ ،‬عيناف تربقاف ابجلنوف!‬

‫«ما ىو بص بقى‪ ،‬زلمود كقحلنا معلش كلها أسامي ربنا‪ ..‬عصاية كالبسلي نضارة قد كشك كقحلت خلقة ربنا‬

‫كمفيش انساف مش حلو! كتب كتاب مع الفرح ككربت عقلي كقحلت اي بت أنت ُب رلتمع شرقي ميصحش!‬

‫يومُت عسل ُب معابد عفى عليها الزمن‪ ،‬كمخس أايـ بُت أربع حيطاف‪ ،‬كقحلت معلش شجعي سياحة بلدؾ‪..‬‬

‫رخامة كبركد كقلة اىتماـ كقحلت نصيبك كاستعوضت ربنا كاللهم ال اعًتاض!‬

‫لكن تيجي دلوقيت تبص للفسيخ بقرؼ كتقورل يع كمش ابكلو‪ ،‬كتعملي نفسك جام من أمريكا ال سورم‪،‬‬

‫‪115‬‬
‫ذلنا ككفاية بقى! فوؽ لنفسك اي زلمود انصر حسُت‪ ،‬أنت مدرس لغة عربية‪ ،‬يعٍت من عامة الشعب‪ ،‬اتكل‬

‫أكل الشعب كزبرج خركجات الشعب‪ ..‬لكن عايزان نقلبها بقى كتبقى زم أبطاؿ الركاايت اشطا‪ ،‬بس ىيبقى‬

‫ُب كلو مش الفسيخ بس!»‬

‫ىتفت آخر كلماهتا بتهديد‪ ،‬كىي تشَت ابلسكينة اذباه صدره‪..‬‬

‫كىو أمامها مذىوالن‪ ..‬مصدكمان‪ ،‬غَت قادر على ازباذ أم رد فعل!‬

‫لقد تعدل جنوهنا كل حدكد ادلعقوؿ‪ ،‬ككجودىا ابت يحش ّكل خطران على حياتو!‬

‫«قحلت إيو؟»‬

‫قرب السكُت من صدره‪.‬‬


‫صاحت كىي تح ّ‬

‫‪116‬‬
‫«استهدم ابهلل بس اي شيماء كابعدم السكينة دم»‬

‫ىتف كىو ػلاكؿ سحب السكُت منها‪.‬‬

‫تصرخ مثَتة فزعو‪« :‬متقوليش اي شيماااء!»‬

‫«أكماؿ أقولك إيو بس اي رلنونة؟»‬

‫سأذلا بفزع‪ ،‬يفكر بسرعة ُب طريقة للسيطرة على جنوهنا!‬

‫أشارت ابلسكُت إذل ادلائدة‪ ،‬أتمره‪« :‬ركح اقعد ىناؾ»‬

‫كأماـ حالتها الغريبة دل يستطع إال االمتثاؿ ألمرىا!‬

‫جلس على ادلائدة‪ ،‬ذبلس الشيماء جبانبو‪ ،‬تشَت إذل الفسيخ ابلسكُت‪ ،‬كىي تقوؿ‪:‬‬

‫‪117‬‬
‫«اي نكمل زم ماحنا كاتكل الفسيخ‪ ..‬اي تعلن نيّتك ُب التغيَت!»‬

‫اتغَت ازام مش فاىم؟»‬


‫« ّ‬
‫سأذلا ابرتياب‪.‬‬

‫ابتسامة كاسعة ارتسمت على شفتيها؛ تدؿ على قرهبا لعودهتا لوعيها!‬

‫كبنربة حادلة علست‪« :‬تبقى زم أبطاؿ الركاايت‪ ،‬تعاملٍت بكل حب كحناف‪ ،‬تدلعٍت كهتتم بيا‪ ،‬تعملي مفاجآت‬

‫كزبرجٍت‪ ،‬ككل اجازة تسفرشل لغاية دلا نلف العادل»‬

‫استعاد زلمود سيطرتو على نفسو‪ ،‬اشتعلت عيناه بغضب كأكؿ رد فعل على ما تفعلو معو!‬

‫«ال اي شيخة‪ ،‬ده على أساس إنك بتعملي ربع اللي بتطلبيو ده!»‬

‫‪118‬‬
‫«كعايزشل اعملك إيو يعٍت؟»‬

‫سألتو بشراسة‪.‬‬

‫بدأ يستعيد تركيزه‪ ،‬استوعب ما ألقتو عليو منذ قليل!‬

‫«كبعدين تعارل ىنا‪ ،‬إيو امسي زلمود كإشل رخم كابرد! ىو حضرتك فاكرة نفسك إيو! بنت شقرا بعيوف ملونة!‬

‫لسانك اللي عايز قطعو ده بينقط عسل كسكر! كال على أساس امسك مجيلة كال رصل!»‬

‫ابتلعت الشيماء ريقها كنربتو تتعاذل مثَتة ذعرىا‪.‬‬

‫«كبعدين ماذلا األقصر كأسواف‪ ،‬ده أنت قضيت أسبوع معيشتهوش حياتك كلها!‬

‫ده ألف بت كانوا يتمنوا يبقوا مكانك!»‬

‫‪119‬‬
‫استفزىا حبديثو‪ ،‬فصاحت جبنوف‪« :‬ألف بت مُت اي عينيا‪ ،‬ىو أنت أخدتٍت حجزر ادلالديف!»‬

‫« حجزر إيو؟ ابقي اتغطي كأنت انؽلة اي اباب ماشي»‬

‫ضربت ادلائدة بعصبية‪« :‬يعٍت مش انكم تتغَت! طب اتفضل كل الفسيخ»‬

‫نظر ذلا بسخرية‪..‬‬

‫مصوبة السكُت اذباىو‪ ،‬صائحة‪ « :‬حكل»‬


‫التقطت سالحها‪ّ ،‬‬
‫ُب حلظة حرؾ ذراعو ليختطف السكُت منها‪..‬‬

‫حركت يدىا بدكرىا‪ ،‬فأكشكت على جرح عنقو‪.‬‬

‫«اي بت اجملنونة»‬

‫‪121‬‬
‫ىتف بذعر‪ ،‬ػلرؾ يديو على عنقو ليتأكد من عدـ إصابتو‪..‬‬

‫داعلها اخلوؼ للحظة‪ ،‬لكنو زاؿ حينما أتكدت من عدـ إصابتو‪..‬‬

‫ابتسمت لو بشر‪ ،‬هتدده‪ « :‬حكل بقى كإال…!»‬

‫كلتيّقنو من جنوهنا التاـ‪ ،‬أرغم نفسو على تناكؿ الفسيخ!‬

‫كضعت البصل األخضر أمامو‪.‬‬

‫« حكل معاه بصل‪ ..‬كاعمل حسابك بعد األكل ىننزؿ نتفسح‪ ،‬كىنركح كل األماكن اللي أان عايزاىا؛‬

‫كمن غَت أم اعًتاضات»‬

‫تناكؿ البصل بغل‪ ،‬يهتف بداخلو حبنق‪:‬‬

‫‪121‬‬
‫«كاف يوـ أسود يوـ ما اذبوزتك اي شيخة»‬

‫كىي تقوؿ لنفسها‪« :‬كاف يوـ أسود يوـ ما اذبوزتك اي شيخ»‬

‫**********‬

‫جالسة أماـ التلفاز دبلل‪ ،‬زلمود أخربىا أبنو سيزكر صديقو ادلريض بعد انتهاء اليوـ الدراسي‪ ،‬كعليو سيعود إذل‬

‫البيت ُب كقت متأخر‪..‬‬

‫نظرت إذل الساعة ادلعلقة على اجلدار‪ ،‬لقد ذباكزت اخلامسة كدل يعد بعد!‬

‫قلبّت القنوات دبلل‪ ،‬تبحث عن أم شيء يحسليها حىت عودتو‪..‬‬

‫لقد توقفت عن القراءة منذ عدة أايـ‪ ،‬ككل ىذا بسببو!‬

‫‪122‬‬
‫حياهتا معو أثبتت ذلا ابلطريقة الصعبة أف كل ما ػلدث ُب الركاايت خياؿ ُب خياؿ‪ ،‬ال ؽلحت للواقع بصلة‪ ،‬أهنا‬

‫تصور الكاتبات ُب الركاايت‪..‬‬


‫أبدان لن تعيش مثلما ّ‬
‫لن ربصل على الرجل العاشق‪ ..‬ادلتملك‪ ..‬الذم يغار عليها بشدة‪ ،‬يعاملها كاألمَتة‪ ،‬يهتم هبا كيدللها‪..‬‬

‫نصيبها زلمود‪ ،‬بكل مساجتو كجالفتو كبركده!‬

‫يكفي أنو صلح فيما فشل فيو الكثَتكف‪ ،‬أفقدىا شغفها ُب أكثر ما ربب‪ ..‬قراءة الركاايت!‬

‫«مسابقة األمثاؿ الشعبية‪ ،‬اعرؼ ادلثل كاكسب‪»..‬‬

‫لتغَت القناة‪ ،‬إال أهنا توقفت كىي تستمع للمثل!‬


‫نظرت لإلعالف دبلل‪ ،‬التقطت جهاز التحكم ّ‬
‫«ابنك على ما تربيو ك… كمل ادلثل كاكسب‪»...‬‬

‫‪123‬‬
‫انفصلت عن العادل كادلثل كامالن يًتدد ُب عقلها‪:‬‬

‫«ابنك على ما تربيو كجوزؾ على ما تعوديو»‬

‫برقت مقلتاىا متذ ّكرة ما قالتو لو منذ أايـ كرده عليها‪.‬‬

‫(تبقى زم أبطاؿ الركاايت‪ ،‬تعاملٍت بكل حب كحناف‪ ،‬تدلعٍت كهتتم بيا‪ ،‬تعملي مفاجآت كزبرجٍت‪ ،‬ككل اجازة‬

‫تسفرشل لغاية دلا نلف العادل»‬

‫«ال اي شيخة‪ ،‬ده على أساس إنك بتعملي ربع اللي بتطلبيو ده!)‬

‫ىي دل تفعل‪ ،‬دل ذبرب‪ ،‬اكتفت ابلتعليم النظرم ‪-‬عن طريق القراءة‪ -‬كدل ت حقم أبدان ابلتدريب العملي!‬

‫كمض عقلها بفكرة ما‪ ،‬كادلثل يًتدد ُب أذهنا‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫«ىي دم»‬

‫هنضت سريعان منفذة ما تفكر فيو‪ ،‬آملة أف تنتهي قبل عودة زلمود!‬

‫**********‬

‫يعمها‪ ،‬حاكؿ إانرة الضوء كلكنو دل يفلح!‬


‫متعجبان من الظالـ الذم ّ‬
‫دخل زلمود شقتو ّ‬
‫قاـ بفتح ابب الشقة انظران للخارج‪.‬‬

‫«ما النور منور اىوه امشعٌت احنا؟»‬

‫«زلمود أنت جيت؟»‬

‫أغلق الباب‪ ،‬التفت يبحث عنها كسط الظالـ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫«أنت فُت اي شيماء؟ كالدنيا ضادلة كده ليو؟»‬

‫تفاجأ دبمن يسحبو!‬

‫«متخافش دم أان»‬

‫علست بنربة غريبة كىي تسحبو للداخل‪.‬‬

‫«إيو اللي أنت عماله ده؟»‬

‫سأذلا بصدمة كىو ينظر دلا فعلتو!‬

‫‪............................................‬‬

‫التفت حولو بدىشة‪ ،‬الشموع تنتشر ُب كل مكاف‪ ،‬طعاـ كثَت مرصوص على ادلائدة القابعة ُب جانب الصالة‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫رائحة عطرة تعبق األجواء‪.‬‬

‫«عجبك؟»‬

‫علست ُب أذنو بنربة مثَتة‪ ،‬يدىا تتحرؾ على صدره حبركة مدركسة‪ ،‬أتمل أف أتٌب بثمارىا!‬

‫انتبو حينها إذل ما ترتديو‪ ،‬قميص نوـ طويل ابللوف األمحر ادلثَت‪ ،‬شفاؼ‪ ،‬يكشف الكثَت كالكثَت من جسدىا!‬

‫«إيو احلالكة دم؟»‬

‫علس كىو ػلتجزىا بُت أحضانو‪.‬‬

‫كعت إذل حركة يده على جسدىا‪ ،‬ابتعدت عنو‪ ،‬هتز رأسها بنفي‪ ،‬هتمس‪:‬‬

‫«تؤ تؤ‪ ،‬مش دلوقيت»‬

‫‪127‬‬
‫حاكؿ زلمود سحبها إليو‪ ،‬إال أهنا امتنعت‪ ،‬كقفت خلفو تعبث خبصالت شعره‪ ،‬هتمس جبانب أذنو‪:‬‬

‫شور‪ ،‬كبعدين نعمل كل اللي ىو عايزه»‬


‫«األكؿ حبييب يركح يغَت ىدكمو كايخذ م‬
‫كتعمدت علس آخر كلماهتا ببطء‪ ..‬كإغواء!‬

‫«يال»‬

‫دفعتو اذباه غرفتهما‪ ،‬ليفعل ما قالت!‬

‫«اي رب اللي بعملو ده غليب نتيجة بقى»‬

‫علست أبمل‪.‬‬

‫**********‬

‫‪128‬‬
‫«شيماء‪ ،‬أنت فُت؟»‬

‫خرج زلمود من الغرفة‪ ،‬يبحث عنها بعينيو‪..‬‬

‫تظهر أمامو من حيث ال يدرم‪ ،‬تشَت إذل موضع قلبو‪ ،‬تقوؿ بنعومة‪:‬‬

‫«أان ىنا»‬

‫«ىاه»‬

‫ىتف ببالىة‪ ،‬ال يستوعب سول كجودىا أمامو هبذه اذليئة‪ ..‬ادلدمرة!‬

‫زبلصت من غضبها سريعان‪ ،‬فهو اليزاؿ متعلمان‪ ،‬كعلى يدىا‬


‫أزعجها جدان عدـ تفاعلو مع مجلتها‪ ،‬لكنها ّ‬
‫سيصبح خبَتان!‬

‫‪129‬‬
‫فطنت إذل حركتو القادمة من نظرة عينيو‪ ،‬سحبتو سريعان إذل ادلائدة‪ ،‬تقوؿ بدالؿ كاد يفقده عقلو‪:‬‬

‫«انكل بقى»‬

‫سحبها إليو بعد أف جلس‪ ،‬يقوؿ ابعًتاض كعيناه أتكلها‪:‬‬

‫«كىو ده كقت أكل برضو!»‬

‫استغلت الفرصة‪ ،‬جلست على قدميو‪ ،‬ربيط عنقو بذراعيها‪ ،‬تلعب أبصابعها ُب آخر عنقو‪.‬‬

‫«معلش اي حبييب بس أان جعانة أكم»‬

‫كدكف انتظار رده‪ ،‬سحبت قطعة بيتزا ‪-‬كانت قد طلبتها مسبقان‪ -‬ككضعتها مقابل فمو‪.‬‬

‫«يال افتح بوقك»‬

‫‪131‬‬
‫فتح فمو بطاعة‪ ،‬يستقبل اىتمامها بو كدالذلا لو بكل سركر!‬

‫سبسو ىي!‬
‫قطعة تلوىا قطعة من يدىا‪ ،‬حىت أهنى معظم الطعاـ دكف أف ّ‬
‫«ابذلنا كالشفا اي قليب»‬

‫علست بعد أف انتهت من إطعامو‪.‬‬

‫ابتعدت عنو خبطوات متمايلة‪ ،‬تتظاىر بتنظيف ادلائدة!‬

‫كقف خلفها‪ ،‬يهمس كذراعاه ربيطها‪:‬‬

‫«مش يال بقى كال إيو؟»‬

‫التفتت إليو جبسدىا‪ ،‬ترمش عدة مرات بدالؿ‪ ،‬هتمس كيدىا تتحرؾ على صدره‪:‬‬

‫‪131‬‬
‫«طيب مش ىتشيلٍت ألكضة النوـ؟»‬

‫أحكمت سيطرهتا عليو سبامان بدالذلا كحركاهتا‪ ،‬دل يستطع ادلقاكمة‪ ،‬محلها كما تريد دكف إبداء أم اعًتاض‪،‬‬

‫كاذبو هبا إذل غرفتهما!‬

‫كضعها على السرير كاستلقى فوقها‪ ،‬علست كىي ربرؾ يدىا على ظهره حبنو‪:‬‬

‫«ضهرؾ كجعك؟»‬

‫«فداؾ أم كجع»‬

‫**********‬

‫استيقظ زلمود صباحان كابتسامة كاسعة سبأل كجهو‪..‬‬

‫‪132‬‬
‫الليلة ادلاضية ال يعرؼ كيف يصفها‪ ،‬لكنها كانت‪ ..‬رائعة!‬

‫كضع العدسات الطبية على عينيو‪ٍ ،‬ب هنض يبحث عن تلك اجملنونة اليت سيطرت على كيانو أمس بطريقة‬

‫غَت متوقعة!‬

‫**********‬

‫كانت الشيماء ُب ادلطبخ‪ ،‬تقوـ بتحضَت الفطور كىي تدندف إحدل األغاشل الركمانسية اليت تعشقها‪..‬‬

‫تكاد تطَت من الفرحة‪ ،‬لن تبالغ إف قالت أهنا قضت أسعد ليلة ُب حياهتا!‬

‫صحيح البداية كانت مليئة ابخلجل إثر ارتدائها ذلك القميص الفاضح‪.‬‬

‫«قاؿ أان اللي كنت مكسوفة من القميص اللي لبستو‪ ،‬أكماؿ اللي عملتو معاه ابلليل ده يبقى إيو!»‬

‫‪133‬‬
‫ضحكت خبجل‪ ،‬تتذ ّكر جرأهتا معو أثناء حلظاهتما اخلاصة لتتمتع كما حسبتعو!‬

‫ال مشكلة‪ُ ،‬ب النهاية ىو زكجها على كل حاؿ!‬

‫ككما ستعوده على االىتماـ هبا كتدليلها كما يفعل أبطاؿ الركاايت‪ ،‬ستتعود ىي على اجلرأة كاستخداـ سحر‬

‫أنوثتها لتصل إذل ما تريد!‬

‫«إيو ده أنت صاحية بدرم كده ليو‪ ،‬غريبة يعٍت؟»‬

‫ىتف زلمود ابرتياب عندما رآىا ُب ادلطبخ!‬

‫أخذت نفسان عميقان‪ ،‬تستعد دلتابعة ما بدأتو‪.‬‬

‫ضر جلوزم حبييب الفطار قبل ما يركح الشغل»‬


‫اببتسامة كاسعة نظرت إليو‪ ،‬تقوؿ برقة‪« :‬علشاف أح ّ‬

‫‪134‬‬
‫ازداد ارتيابو‪ ،‬فعلى مدار األشهر ادلاضية دل تفعل ذلك إال أكؿ أسبوعُت من زكاجهما!‬

‫«حالتها دم مش مطمناشل‪ ،‬ربنا يسًت منها!»‬

‫علس لنفسو خبوؼ جاىد كي ال يظهر على مالزلو‪.‬‬

‫اقًتب منها ببطء؛ خشية أف يظهر جنوهنا فجأة!‬

‫«كعملت إيو بقى؟»‬

‫كضعت على ادلائدة طبق الفوؿ‪ ،‬الطعمية الساخنة‪ ،‬البيض ادلقلي‪ ،‬اجلنب كادلرىب‪ ،‬كاخلبز ابلطبع‪.‬‬

‫«إيو كل ده؟»‬

‫ىتف بذىوؿ‪ ،‬مع إعلاذلا اعتاد على تناكؿ شطَتة جنب مع كوب الشام قبل ذىابو إذل عملو‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫أشارت لو ابجللوس‪ ،‬تقوؿ برقة‪« :‬علشاف حبييب ايكل كويس‪ ،‬كيقدر يكمل يومو الطويل»‬

‫«كهللا فيها حاجة مش طبيعية!»‬

‫ىتف لنفسو مؤكدان‪.‬‬

‫كالشيماء جبانبو‪ ،‬تتناكؿ طعامها هبدكء‪.‬‬

‫«زلمود أان عايزة فلوس»‬

‫«كهللا أان كنت عارؼ إف كرا كل اللي بتعمليو ده طلب!»‬

‫صاح بعصبية اتركان طعامو‪.‬‬

‫بتعجب‪ ،‬كل ىذا لطلبها بعض األمواؿ!‬


‫رفعت حاجبيها ّ‬

‫‪136‬‬
‫«ىو أان مش لسو مديك تلتمية (ثالث مائة) جنيو من أسبوع‪ ،‬كديتيهم فُت؟»‬

‫«ما نصهم ضاع على ليلة امبارح"‪.‬‬

‫ىتفت برباءة‪.‬‬

‫«كمُت قالك تعملي الزفت ده‪ ،‬ىي بعزقة فلوس على الفاضي!»‬

‫لوت شفتيها ابستنكار‪.‬‬

‫«دلوقيت بقيت بعزقة‪ ،‬لكن امبارح كاف دايب ككال علو!»‬

‫فكرت قليالن؛ ٍب قررت اجملازفة كاستخداـ سحر أنوثتها!‬

‫هنضت لتجلس على قدميو‪ ،‬أحاطت عنقو متالعبة أبصابعها آبخره ُب حركة اكتشفت أهنا ذات أتثَت كبَت‬

‫‪137‬‬
‫عليو!‬

‫«أخص عليك اي مودم‪ ،‬يعٍت ليلة امبارح كانت كحشة؟»‬

‫«ىاه؟»‬

‫ىتف بتشتت‪ ،‬ال يعي سول حلركة أصابعها!‬

‫ابتسمت بداخلها خببث‪ ،‬رمست على كجهها احلزف‪ ،‬كىي تقوؿ‪« :‬خالص أان آسفة‪ ،‬كمش عايزة فلوس خالص‬

‫أان ىتصرؼ»‬

‫تركتو لتنهض‪ ،‬إال أنو منعها!‬

‫«استٍت بس»‬

‫‪138‬‬
‫دفنت كجهها ُب عنقو مدعية البكاء‪« :‬ال اكعى خالص أان زعالنة»‬

‫ابتسم على نربهتا الطفولية‪ ،‬يقوؿ بصدؽ‪« :‬كهللا أنت من امبارح متجننة كربنا يسًت عليّا منك!‬

‫بس خالص اي سيت متزعليش‪ ،‬ىديك الفلوس اللي أنت عايزاىا»‬

‫«جبد؟»‬

‫نظرت إذل كجهو‪ ،‬تسألو بسعادة‪.‬‬

‫أكمأ بتأكيد‪ ،‬يقوؿ بتحذير‪« :‬بس ابقي خفي ايدؾ بعد كده‪ ،‬كإال ادلحرتب ىيطَت ُب أسبوع!»‬

‫جبرأة علست ُب أذنو‪« :‬يعٍت مش عايز زم ليلة امبارح اتشل؟»‬

‫ابتلع ريقو برغبة‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫«عايز طبعان»‬

‫اتسعت ابتسامتها‪ ،‬كقلبها يرقص فرحان لنجاحها أخَتان!‬

‫«كأان علشاف خاطرؾ اي مودم ىاخد ابرل كمش ىصرؼ كتَت»‬

‫كقرصت كجنتيو دبرح قبل أف تطبع على إحداعلا قبلة صغَتة‪.‬‬

‫غَت ىدكمك علشاف متتأخرش على الشغل»‬


‫«يال اي حبييب ركح ّ‬
‫هنض منفذان‪ ،‬مع أنو يتمٌت أال يذىب كيبقى معها؛ يتمتع بدالذلا الذم دل يتذكقو من قبل!‬

‫**********‬

‫«أان ماشي اي شيماء‪ ،‬عايزة حاجة؟»‬

‫‪141‬‬
‫ركضت ابذباىو‪ ،‬توقفو‪« :‬استٌت استٌت»‬

‫كصلت لو‪ ،‬تطبع قبلة على كجنتو‪ ،‬تقوؿ‪« :‬دم علشاف تصربشل على بعادؾ‪ ..‬مع السالمة اي حبييب»‬

‫ىز رأسو بتيو‪ ،‬كربرؾ ليغادر‪.‬‬

‫«استٌت»‬

‫أكقفتو مرة أخرل‪ ،‬ليلتفت ذلا مستفهمان‪.‬‬

‫«ينفع اتخد حاجة كمًتجعهاش؟»‬

‫نظر ذلا بعدـ فهم‪.‬‬

‫أشارت إذل كجنتها‪ ،‬قائلة‪« :‬يال بوسٍت كقورل خلي ابلك من نفسك اي حبيبيت»‬

‫‪141‬‬
‫كمن ينظر جملنونة‪..‬‬
‫نظر ذلا م‬
‫كلكنها مستعدة لفعل أم شيء دلتابعة انتصارىا!‬

‫سبايلت خبصرىا‪ ،‬تسألو بوقاحة يتخللها احلزف‪« :‬إيو مش عايز تبوسٍت‪ ،‬كال أان مش حبيبتك؟»‬

‫كاستطاعت التأثَت عليو حبركاهتا!‬

‫دسل منها‪ ،‬يقبّل كجنتها قبلة سريعة‪ ،‬يكرر كلماهتا اليت ألقتها عليو‪ٍ ،‬ب يودعها متجهان إذل عملو‪ ..‬متمنيان أال‬

‫تغادرىا ىذه احلالة قريبان!‬

‫«أبو اذلوؿ نطق‪ ،‬يس يس يسسس»‬

‫قفزت بسعادة‪ ،‬قامت حبركات غريبة من فرط فرحتها‪..‬‬

‫‪142‬‬
‫دقائق كجلست على األريكة‪ ،‬تتمالك أنفاسها كتفكر فيما ستفعلو معو األايـ القادمة!‬

‫ىي الزالت ُب البداية‪ ،‬دل تنسى كلماتو عندما نعت الركاايت الركمانسية ابلقرؼ‪ ،‬لذا عليها ّتوخي احلذر ُب‬

‫معاملتها معو‪ ،‬استقباؿ أم رد فعل منو هبدكء كالتعامل معو حبرفية‪ ،‬لتناؿ ما تريد!‬

‫«نتنقل للخطوة التانية بقى كربنا يسًت»‬

‫‪143‬‬
‫الفصل اخلامس (مصيبة)‬
‫التقطت الشيماء ىاتفها لتبدأ ُب خطوهتا التالية‪.‬‬

‫أرسلت إذل زلمود رسالة عرب أحد التطبيقات‪:‬‬

‫«كحشتٍت»‬

‫مرت دقيقتاف قبل أف يظهر ذلا رؤيتو للرسالة‪.‬‬

‫انتظرت الرد إال أهنا دل ربصل عليو!‬

‫كبكل إصرار ىتفت‪« :‬كراؾ كراؾ اي زلمود اي ابن أـ زلمود»‬

‫أرسلت لو رسالة أخرل‪:‬‬

‫‪144‬‬
‫«البيت كحش أكم من غَتؾ‪ ،‬ىتيجي امىت بقى؟»‬

‫عرضت شاشة اذلاتف أنو يكتب اآلف‪ ،‬فكادت أف ترقص فرحان‪.‬‬

‫«مش كقتو اي شيماء‪ ،‬أان عندم حصة كمش فاضي»‬

‫«عااااااااا»‬

‫قاكمت رغبتها إبلقاء اذلاتف‪ ،‬كبدؿ ذلك هنضت تدكر ُب صالة ادلنزؿ بعصبية‪.‬‬

‫«اعمل إيو معاه بس ايريب اعمل إيو؟»‬

‫قضمت أظافرىا مفكرة‪ ،‬رافضة سبامان التخلي عما تفعلو‪ ،‬خاصة أهنا حصلت منو ابلفعل على استجابة بسيطة!‬

‫«ماىو برضو اي شيماء مش من أكؿ يوـ ىيتفاعل معاؾ‪ ،‬الزـ تصربم شوية‪ ،‬يعٍت يوـ يرد رد رخم زيو‪..‬‬

‫‪145‬‬
‫ال يوـ إيو دكؿ يومُت ثالثة أربع أسابيع كال شهور كده‪ ،‬ده معقد كرخم كمش ىيتعدؿ غَت دلا يطلع ركحي!»‬

‫أكدت لنفسها هتيء نفسيتها دلا ىو قادـ‪.‬‬

‫«بس أنت بقى كاجبك تستحمليو كتعلميو لغاية دلا يبقى زم مانت عايزة‪ ،‬إف شاء هللا يعٍت ىيبقى إف شاء هللا»‬

‫ضر لو الغذاء‪.‬‬
‫ىتفت أبمل قبل أف تذىب كرب ّ‬
‫**********‬

‫ألكؿ مرة يستقبلو صوت أـ كلثوـ اذلادئ عندما يدخل ادلنزؿ!‬

‫ألكؿ مرة تداىم أنفو رائحة طعاـ ذكية!‬

‫البد أنو يتخيل!‬

‫‪146‬‬
‫ظهرت أمامو انفية أحالمو‪ ،‬تؤكد لو كاقع مجيل‪ ..‬ىادئ كشخصيتو‪.‬‬

‫«مساء اجلماؿ اي حبييب»‬

‫ىتفت الشيماء بينما تسحب منو حقيبة أكراقو‪ٍ ،‬ب طبعت قبلة صغَتة على كجنتو‪.‬‬

‫«كحشتٍت»‬

‫«ابيّنها لسو على نفس احلالة! كهللا ماان عارؼ افرح كال أخاؼ‪ ،‬ربنا يسًت من اللي جام!»‬

‫ىتف بداخلو ابرتياب‪.‬‬

‫«ىو أان ماكحشتكش؟»‬

‫سألتو بينما سبيل برأسها بضيق‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫ليستخدـ نفس الرد األبلو‪« :‬ىاه؟»‬

‫أخذت نفسان عميقان مسيطرة على ىدكءىا‪ ،‬كقالت كىي تدفعو للداخل‪:‬‬

‫تغَت ىدكمك أكوف حطيت األكل»‬


‫«يال بعدين ماتدخل ّ‬
‫رمقها بدىشة ككأنو ينظر إذل كائن فضائي!‬

‫«ىو األكل اتعمل»‬

‫«طبعان‪ ،‬أكماؿ يعٍت ينفع تيجي ما تالقيش األكل جاىز!»‬

‫اذبو إذل غرفتو دكف تعليق‪ ،‬فهو على كشك اجلنوف من تصرفاهتا!‬

‫**********‬

‫‪148‬‬
‫«ىو أنت اللي طبخت كال ده دليفرم؟»‬

‫دل يستطع منع لسانو من سؤاذلا كىي ألكؿ مرة تطهو طعامان هبذه اللذة!‬

‫أجابت عليو بسؤاؿ مرح‪« :‬أنت بتشكك ُب قدراٌب كال إيو اي مودم؟»‬

‫تذكؽ ملعقة أخرل‪ ،‬قبل أف يقوؿ‪« :‬مش قصدم‪ ،‬بس أصلك أكؿ مرة تعملي أكل حلو كده»‬

‫صفقت بيديها بيأس‪« :‬اسكت اي حبييب‪ ،‬علشاف أنت كل ماتيجي تكحلها تعميها!‬

‫بقى حد يقوؿ دلراتو أكؿ مرة تعملي أكل حلو!»‬

‫«هللا مش دم احلقيقة؟!»‬

‫سأذلا مستنكران‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫تقورل كده برضو‪ ،‬شلكن مثالن تقوؿ تسلم‬
‫استندت بذقنها على كف يدىا‪ ،‬تعلمو بصرب‪« :‬حىت لو‪ ،‬مينفعش ّ‬

‫ايدؾ اي ركحي األكل النهاردة ليو طعم سلتلف‪ ..‬األسلوب بيفرؽ برضو!»‬

‫«اشلمم طيب»‬

‫كاتبع تناكؿ طعامو ككأنو دل يرفع ضغطها هبمهمتو اليت ال تفيد!‬

‫«ده إيو اللي طيب ده؟ ما تقوؿ؟»‬

‫سأذلا بعدـ فهم‪« :‬أقوؿ إيو؟!»‬

‫تنهدت زلافظة على ىدكئها‪ ،‬تقوؿ بصرب‪« :‬أم حاجة‪ ..‬تسلم إيدؾ‪..‬ربنا ما ػلرمٍت من أكلك احللو‪..‬‬

‫أم حاجة ترفع من معنوايت الغلبانة اللي كاقفة ساعتُت ُب ادلطبخ علشاف خاطرؾ»‬

‫‪151‬‬
‫ضحك عليها‪ ،‬كىتف لَتػلها‪« :‬تسلم ايدؾ ايسيت»‬

‫كدبا أهنا الزالت ُب البداية‪ ،‬تقبّلت منو شكره اليتيم!‬

‫«اي خراشي على ادلطيع»‬

‫ىتفت اببتسامة كىي تقرص كجنتو دبرح‪.‬‬

‫أبعد راسو عنها‪ ،‬يقوؿ ضاحكان‪« :‬إيو اللي بتعمليو ده اي رلنونة؟»‬

‫«بدلع جوزم حبييب‪ ،‬حقي كال مش حقي؟»‬

‫كقبل أف يرد عليها‪ ،‬كانت تضع ادللعقة ُب فمو‪.‬‬

‫كمل أكل يال»‬


‫« ّ‬

‫‪151‬‬
‫**********‬

‫«زلمود اصحى يال»‬

‫دفعتو برقة‪ ،‬توقظو من قيلولتو‪.‬‬

‫رمقها زلمود من بُت أىدابو بكسل‪.‬‬

‫«إيو فيو إيو؟»‬

‫«يال اي حبييب كفاية نوـ‪ ،‬العشا قربت أتذف»‬

‫رمش بعينيو بعدـ استيعاب‪.‬‬

‫«ىو ادلوابيل رف؟»‬

‫‪152‬‬
‫كحينها تعاذل صوت ادلنبو ككل يوـ!‬

‫«أىو رف اي سيدم‪ ،‬قوـ بقى يال»‬

‫كتركتو كغادرت‪.‬‬

‫يدلك زلمود عينيو بعدـ تصديق‪.‬‬


‫ّ‬
‫«بسم هللا الرمحن الرحيم‪ ،‬ده أكيد حلم!»‬

‫خرج من غرفتو بعد عدة دقائق مستعدان للمعركة اليومية؛ معركة (إعداد الشام)!‬

‫ليتفاجئ بكوب الشام على الطاكلة كالبخار يتطاير منو!‬

‫«ال دم حالتها كده زادت أكم‪ ،‬بس أحلوت أكم أكم‪ ،‬لو تفضل على كده بس!»‬

‫‪153‬‬
‫«يعٍت مصحياشل كعمالرل الشام كماف‪ ،‬ال أان مش متعود على كده!»‬

‫ضل إهناءه يوـ‬


‫ىتف اببتسامة كاسعة بينما غللس على الطاكلة‪ ،‬يستعد لتحضَت عمل بداية األسبوع‪ ،‬فهو يف ّ‬

‫اخلميس لينعم ابلراحة يومي االجازة‪.‬‬

‫ضمتو الشيماء من اخللف‪ ،‬كىي تقوؿ‪« :‬إف مكنتش اىتم جبوزم حبييب‪ ،‬ىهتم دبُت يعٍت؟»‬

‫ٍب تركتو ليعمل ُب ىدكء‪ ،‬كالتقطت ىاتفها لتقرأ إحدل ركاايهتا‪..‬‬

‫تدكف كربفظ كل حركة من ادلمكن أف تفيدىا ُب تغيَت زكجها!‬


‫ىي دل تعد للقراءة فقط‪ ،‬بل أصبحت ّ‬
‫مر بعض الوقت انتهى فيو زلمود من عملو‪..‬‬

‫تركت ىاتفها كأسرعت لو‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫«خلصت؟»‬

‫أكمأ ذلا‪ ،‬لتخربه حبماس أف يذىب كغللس أماـ التلفاز حىت أتٌب لو!‬

‫ضل كابلتأكيد لن يضيّعو!‬


‫تعجب من طلبها‪ ،‬لكن ُب كل األحواؿ ىذا موعد برانرلو الرايضي ادلف ّ‬
‫ّ‬
‫دقائق كانضمت الشيماء لو‪ ،‬تضع أمامو صحن مليء ابلفشار كآخر ابلشيبسي‪ ،‬ككوب بيبسي لكل منهما‪،‬‬

‫كابلطبع اللب كالسوداشل!‬

‫«إيو كل ده؟»‬

‫«لزكـ السهرة»‬

‫ىتفت حبماس بينما ذبلس جبانبو‪ ،‬تلتصق بو سبامان مثَتة رجولتو‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫«طب إيو احنا ىنقضي السهرة ىنا كال إيو؟»‬

‫سأذلا خببث‪.‬‬

‫ابتسمت دبكر بينما تدير كجهو إذل التلفاز‪ ،‬تقوؿ برباءة‪« :‬الربانمج اللي بتحبو بدأ»‬

‫أتفف بضيق كىو يشاىد الربانمج‪ ،‬كىي ذباكره دبلل‪ ..‬تفكر!‬

‫أتقوـ لتقرأ ركايتها كما تفعل كل يوـ كىو يشاىد ىذا الربانمج‪ ،‬أـ ذبلس كتشاىد معو ليصل لو شعور أهنا هتتم‬

‫يغَت القناة كؼلتارا فيلمان يشاىداه سواين؟‬


‫دبا يهتم بو‪ ،‬أـ تتدلل عليو حىت ّ‬
‫أيهما التصرؼ األفضل؟‬

‫دقائق قليلة مرت كدل تستطع ربمل ادلزيد‪ ،‬فال أكثر من الرايضة كاألخبار تكرىهما ُب حياهتا!‬

‫‪156‬‬
‫كما أف ذلك الربانمج الرايضي شلل للغاية‪ ،‬ككلمات اإلعالمي كلها متناقضة!‬

‫«مودم»‬

‫«أشلمم»‬

‫علهم كتركيزه كلو على ما يشاىده‪.‬‬

‫«ىو أان شلكن أقلب عن الراجل الرخم ده؟»‬

‫خرجت نربهتا اللطيفة مثَتة أعصابو!‬

‫«بصي بقى‪ ،‬كل حاجة ُب كوـ كخالد الغندكر كالزمالك ُب كوـ! تغلطي فيهم أنفخك»‬

‫مصمصت شفتيها بعدـ رضى‪ ،‬كدل تشأ الدخوؿ ُب جداؿ معو حىت ال يفسد كل ما فعلتو!‬

‫‪157‬‬
‫«معلش بس أان مبحبش الرايضة خالص‪ ،‬كبزىق دلا بتفرج عليها»‬

‫علست بنربة خافتة لتؤثر بو‪.‬‬

‫ذباىل اعًتاضها ككأهنا دل تنطقو‪ ،‬أخذ يتابع الربانمج حبماس!‬

‫صربشل اي صرب»‬
‫« ّ‬
‫ىتفت بداخلها بغيظ‪..‬‬

‫«مودم»‬

‫كحصلت على نفس اذلمهمة اليت حصلت عليها مسبقان‪ ،‬إال أهنا دل تستسلم!‬

‫«ىو احنا ىنخرج بكرة؟»‬

‫‪158‬‬
‫أكمأ دكف رد‪.‬‬

‫اتبعت إبصرار كنربة مليئة ابلرجاء‪« :‬طب شلكن لو مسحت يعٍت كاحنا راجعُت نبقى نقعد ُب أم كافيو علشاف‬

‫أان ازبنقت من قعدة البيت كنفسي أشم شوية ىوا؟»‬

‫نظر ذلا بصدمة‪ ،‬يقوؿ‪« :‬نعم! ازبنقت من إيو؟ ىو احنا مش لسو خارجُت يوـ شم النسيم؟!»‬

‫ىتف بغيظ متذ ّكران ذلك اليوـ كما فعلتو فيو!‬

‫ضت على شفتيها منتبهة إذل نربتو احلانقة‪.‬‬


‫عّ‬

‫ربركت ملتصقة بو أكثر‪ ،‬تكاد تكوف ُب أحضانو!‬

‫«ده كاف من شهر‪ ،‬كبعدين ىو أان حلقت اهتٌت‪ ،‬دكؿ علا اي دكب ساعتُت كرجعتٍت!»‬

‫‪159‬‬
‫«ليو اي ىازل أنت كنت عايزة تبقي لنص الليل ُب الشارع كال إيو؟»‬

‫سأذلا ابستنكار‪.‬‬

‫جزت على أسناهنا مانعة لساهنا من التفوه بػ‪:‬‬

‫(ده على أساس إشل كنت ىبقى لوحدم! مش ادلفركض حضرتك راجل معااي)‬

‫حىت ال ينقلب كل ما تفعلو عليها!‬

‫«طب خالص نركح بكرة نقعد ُب أم كافيو نشرب عصَت كنرجع على طوؿ‪ ،‬مش ىنكمل ساعة!»‬

‫«الزمتو إيو ده كلو يعٍت؟ ماحنا ىنركح عند أىلي كأىلك كتشمي ىوا زم مانت عايزة»‬

‫قاطعتو حبنق‪« :‬حراـ عليك اي زلمود‪ ،‬ىو أان دلا اخرج من أربع حيطاف ألربع حيطاف اتنية يبقى كده‬

‫‪161‬‬
‫بشم ىوا! كبعدين سواء أىلك أك أىلي القعدة كلها بتبقى ملل!»‬

‫ٍب أحاطت عنقو‪ ،‬ككررت برجاء‪« :‬علشاف خاطرم اي مودم‪ ،‬علشاف خاطرم»‬

‫«أكككؼ‪ ،‬بالش زف العياؿ ده بقى!»‬

‫ىي طفلة!‬

‫ال إذل ىنا كيكفي!‬

‫‪.................................‬‬

‫ىل ستتعجل إف بدأت اآلف بتمثيل دكر (الثقل) عليو؟‬

‫ىل سيسعى إلرضائها كما ػلدث مع بطالت الركاايت أـ سيقتل أحالمها كما اعتاد؟‬

‫‪161‬‬
‫ليس مهمان!‬

‫ستحاكؿ ُب كل األحواؿ!‬

‫كإف جاء لَتاضيها فهي ادلستفيدة‪ ،‬ستفوز بنزىة معو‪ ،‬ستتخذ خطوة أخرل اذباه تغيَته‪..‬‬

‫كإف دل يفعل فلن تستسلم‪ ،‬طادلا حصلت منو على بوادر استجابة فستتابع طريقها لألخَت!‬

‫ارتدت مالبس النوـ كاستلقت على السرير‪ ..‬منتظرة!‬

‫دل ؽلر الكثَت من الوقت كدخل زلمود الغرفة‪..‬‬

‫حادلا رأتو انقلبت مالزلها كأدارت لو جسدىا!‬

‫رمقها بغيظ‪ ،‬ال يعلم دلم كل ىذا الغضب؟‬

‫‪162‬‬
‫إف كاف ال ؼلرج معها كل أسبوع من األساس ماذا كانت ستفعل؟!‬

‫اذبو ليستلقي جبانبها‪ ..‬سبامان‪ ،‬كيده ربيط خبصرىا تقرهبا منو‪..‬‬

‫سبلملت كىي رباكؿ إبعاد جسدىا عنو‪ ،‬إال أنو دل يسمح ذلا!‬

‫«اكعى سيبٍت»‬

‫ىتفت بدالؿ كىو يقبّل خصالت شعرىا زلاكالن الوصوؿ لوجهها‪..‬‬

‫سبادل أكثر‪ ،‬أدارىا إليو ليتمتع بنعيم قرهبا‪ ،‬فما كاف منها إال أف دفعتو بشدة ليبتعد عنها‪ ،‬فيسقط على‬

‫األرض!‬

‫انفجرت ضاحكة كىي تراه أسفلها‪ ،‬يدلك رأسو بتعب كالصدمة تظهر على مالزلو!‬

‫‪163‬‬
‫«ايذلوم مش قادرة»‬

‫كضعت يدىا على بطنها اليت بدأت تؤدلها من كثرة الضحك‪ ،‬كمع ذلك ال تستطيع التوقف‪ ،‬خاصة كىو‬

‫يرمقها ببالىة!‬

‫أخَتان استوعب ما فعلتو بو‪ ،‬هنض حبنق‪ ،‬غلذهبا من ذراعها حبدة‪ ،‬يضغط عليو بقوة‪ ،‬يقوؿ من بُت أسنانو‪:‬‬

‫«أنت اذبننت؟ إيو اللي أنت عملتيو ده؟»‬

‫أتكىت أبدل من قبضتو‪ ،‬حاكلت إزاحتها من عليها‪ ،‬كىي تربر‪:‬‬

‫«مكنش قصدم كهللا‪ ،‬كبعدين مانت اللي مش راضي تبعد!»‬

‫«كابعد ليو؟ ىو أان مش جوزؾ كال إيو؟»‬

‫‪164‬‬
‫ارتعبت من نربتو ادلرتفعة كمالزلو اإلجرامية‪..‬‬

‫دل يكذب حينما قاؿ ذلا‪:‬‬

‫(بصي أان شخصية ىادية جدان‪ ،‬بس ُب نفس الوقت زلبش اللي ييجي عليّا‪ ،‬كزم ما بيقولوا كده اتقي شر‬

‫احلليم اذا غضب!)‬

‫إنو اآلف ُب أكج حاالت غضبو‪ ،‬كاليت من ادلمكن أف تحسفر عن عواقب كخيمة!‬

‫«معلش كهللا اي زلمود‪ ،‬مكنش قصدم كهللا»‬

‫دفعها حبنق لتسقط على السرير‪..‬‬

‫خرج من الغرفة صارخان بغضب‪« :‬كل ده علشاف الزفت اخلركج! طب إيو رأيك بقى مفيش‬

‫‪165‬‬
‫خركج خالص‪ ،‬كخليك مرزكعة ُب البيت لغاية دلا تتعلمي ربًتمي نفسك!»‬

‫استلقت تضم نفسها كدموعها تسيل على كجنتيها‪ ،‬ىي دل تقصد دفعو‪ ،‬تقسم على ذلك‪ ،‬كما أهنا اعتقدت أنو‬

‫سيأخذ ادلوضوع كمزاح مثلها‪ ،‬دل تتوقع أف يغضب ىكذا!‬

‫«اي رب أان مكنش قصدم أزعلو كهللا»‬

‫اعتدلت على ظهرىا مفكرة أف كل ما يزعجها حاليان ىو غضبو منها!‬

‫دل تبارل أبمر اخلركج أك فشل خطتها‪ ،‬فقط ىو ممن يهمها!‬

‫«إيو ده أان حبيتو»‬

‫ىتفت لنفسها مبهورة مستوعبة ىذا للتو!‬

‫‪166‬‬
‫منذ رليئو خلطبتها دل تفكر أبدان ُب ماىية مشاعرىا ضلوه‪ ،‬كل ما كاف يهمها ىو تطبيق ما قرأتو عليو كجعلو‬

‫نسخة من أبطاؿ ركاايهتا ادلفضلُت لتحيا ُب العادل الوردم الذم لطادلا سبنتو!‬

‫تسلم بو أك تنتصر عليو!‬


‫تعاملت معو على أنو أمر كاقع إما أف ّ‬
‫دل تبارل أبدان دبشاعرىا اذباىو أك مشاعره اذباىها!‬

‫لكن دلاذا أحبتو؟!‬

‫كحنُت كبيعاملك كويس‬


‫جلست ذبيب على نفسها ابستنكار‪« :‬بقى ده سؤاؿ برضو اي شيماء! ده طيب ّ‬
‫كبيتقي ربنا فيك‪ ..‬ده كفاية إنو مستحمل جنانك كآخره إنو يرميلك كلمتُت ميجوش حاجة جنب اللي‬

‫بتعمليو فيو!»‬

‫‪167‬‬
‫لطمت كجنتيها بصدمة!‬

‫«هنار أسوح‪ ،‬ده أان حبيت كل حاجة فيو ماذلاش عالقة ابلركاايت!»‬

‫دارت ُب الغرفة مفكرة‪.‬‬

‫«كبعدين بقى دلوقيت‪ ،‬ىعمل إيو ُب الكارثة دم!»‬

‫متخصرة‪« :‬حببو كحبب مشاكستو اشطا‪ ،‬بس الزـ برضو ػلققلي أحالمي!»‬
‫ّ‬ ‫كقفت‬

‫كاستقرت أخَتان!‬

‫«أان اطلع أصاحلو دلوقيت علشاف ميفضلش زعالف‪ ،‬كبعدين ابقى أشوؼ ىعمل إيو ُب ادلصيبة اللي حلت‬

‫على دماغي دم!»‬

‫‪168‬‬
‫**********‬

‫ربمل ادلزيد!‬
‫استلقى زلمود على األريكة غاضبان‪ ،‬ما فعلتو اليوـ تعدل كل حدكد صربه عليها‪ ،‬لن يستطيع ّ‬
‫منذ زكاجهما كعلا يعيشاف كالقط كالفأر‪ ،‬بُت شد كجذب‪ ،‬دل ؽلر يوـ عليهما إال كتشاحنا فيو!‬

‫صحيح أغلب خالفتهما رلنونة مثلها كال تستغرؽ سول دقائق معدكدة‪ ،‬إال أنو كأم رجل ال يرجو سول الراحة‬

‫كاذلدكء ُب بيتو!‬

‫«أىا بس لو تفضل زم امبارح كده كتريّح الواحد من جنوهنا ده!»‬

‫«زلمود»‬

‫علست خبفوت كىي تقف أمامو كالطفلة ادلذنبة!‬

‫‪169‬‬
‫أدار كجهو عنها دكف رد‪..‬‬

‫خطت ضلوه‪ ،‬استلقت على األريكة‪ ..‬فوقو!‬

‫أدارت كجهو اذباىها‪ ،‬تسألو اببتسامة مشاكسة‪:‬‬

‫مٍت اي مودم؟»‬
‫«أنت زعالف ّ‬
‫«ابعدم»‬

‫ىتف كىو يدفعها بقوة‪.‬‬

‫سبسكت بو‪ ،‬تقوؿ دبرح‪« :‬أنت فاكر إنك ىتقدر توقعٍت‪ ،‬ال انسى‪ ،‬لو كقعت مش ىبقى لوحدم!»‬

‫اشتعلت حدقتاه بغضب‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫«ادخلي األكضة كخلي ليلتك تعدم اي شيماء‪ ،‬أان ماسك نفسي عنك ابلعافية!»‬

‫قبّلت كجنتو‪ٍ ،‬ب ىتفت‪« :‬أان آسفة‪ ،‬كربنا ما كنت أقصد»‬

‫أدار كجهو عنها دكف رد‪..‬‬

‫قرصت كجنتو دبرح‪ ،‬تقوؿ‪« :‬متبقاش قفوش بقى اي مودم‪ ،‬كبعدين أان كنت بتدلع عليك شوية‪ ،‬أيش كاف‬

‫عرفٍت إنك ىتحقع يعٍت!»‬


‫ّ‬
‫مالت بوجهها ليكوف أماـ كجهو‪.‬‬

‫«خالص بقى متزعلش»‬

‫كجبرأة اقًتبت منو لتتابع ما بدأه ىو منذ قليل!‬

‫‪171‬‬
‫«بتعملي إيو؟»‬

‫ابتسمت لو برقة‪ ،‬تقوؿ هبمس مثَت‪« :‬بصاحل جوزم»‬

‫**********‬

‫بعد بعض الوقت‬

‫جبانبو على األريكة‪ ،‬يضمها إذل جسده بقوة كي ال تسقط‪ ،‬كىي تكاد سبوت على نفسها من الضحك!‬

‫«ىي حالة اجلناف رجعت كال إيو؟»‬

‫سأذلا اببتسامة كاسعة‪.‬‬

‫سبالكت أنفاسها قليالن‪ ،‬تقوؿ لو‪« :‬أصل كاف فيو كاحد كده بيقولك إف ادلشاىد الركمانسية اللي ُب‬

‫‪172‬‬
‫الركاايت دم حاجة منتهى القرؼ‪ ،‬كأان شايفة إنو حب القرؼ ده أكم دلوقيت!»‬

‫عقد حاجبيو ابستنكار‪.‬‬

‫«تقصدم إيو يعٍت؟»‬

‫استلقت فوقو‪ ،‬تقوؿ اببتسامة مشاكسة‪« :‬أصل أبطاؿ الركاايت اي ركحي دلا بيتخانقوا مع بعض‪ ،‬بيتصاحلوا‬

‫بنفس الطريقة اللي احنا اتصاحلنا بيها دم‪ ،‬مع اختالؼ صغَت بس إف البطل ىو اللي بيصاحل البطلة‪ ،‬بس يال‬

‫مش مشكلة‪ ،‬علشاف تعرؼ بس إف أفضارل عليك كتَت»‬

‫ضغط على عظامها حىت كادت تسمع صوهتا‪ ،‬كىو يقوؿ بسماجة‪:‬‬

‫«أفضالك عليّا برضو! كبعدين أان مكنتش اقصد ابلقرؼ اللي ىو ده‪ ،‬اقصد ابلدلع ادلاسخ اللي‬

‫‪173‬‬
‫بيدلعو ذلا كاذلدااي األكفر اللي بيجيبها ذلا‪ ،‬غَتتو الغبية من أىلها كمعاملتو الغريبة ليها»‬

‫استندت بذراعيها على طرُب األريكة‪ ،‬تسألو حبنق‪« :‬ىو أنت شايف إف ده قرؼ»‬

‫أكمأ مؤكدان‪ ،‬يقوؿ بنفس السماجة‪« :‬كعلى فكرة اي قطة احنا متصاحلناش‪ ،‬مفيش خركج برضو غَت دلا تتعلمي‬

‫األدب»‬

‫«يعٍت اي ريب يوـ ما تقورل قطة ترفع ضغطي! ىو أنت مش ىًتاتح غَت دلا ذبيب أجلي؟»‬

‫ىتفت بيأس قبل أف تبتعد عنو متجهة إذل الغرفة‪ ،‬كىو يتابعها ضاحكان!‬

‫‪...........................‬‬

‫صباح اجلمعة‬

‫‪174‬‬
‫ضرت الشيماء الفطور اببتسامة مشاكسة مليئة ابحلماس‪ ،‬كىي على كامل الثقة أهنا ستتفذ ما تريده!‬
‫حّ‬

‫تعلم أنو طيب كحنوف كلن يقسو عليها كثَتان‪ ،‬على األقل سيأخذىا إذل عائلتهما ككل أسبوع‪ ،‬لكنها ال تريد‬

‫ذلك!‬

‫تريد مشاكستو كاللعب عليو حىت تثَت جنونو!‬

‫كضعت الطعاـ على ادلائدة‪ٍ ،‬ب أسرعت إذل الغرفة لتوقظو‪.‬‬

‫«استعنا عالشقى ابهلل‪ ،‬ايرب انصران على عبدؾ الغلباف»‬

‫كقفت أماـ السرير حلظات تتأملو‪ ،‬يناـ هبدكء عكسها‪ ،‬فهي عندما تغفو ككأهنا تتعارؾ مع أحدىم!‬

‫«زلمود‪ ،‬زلمود»‬

‫‪175‬‬
‫زلض إعجاهبا!‬
‫فتح عينيو لتتأمل حدقتيو السوداء‪ ،‬مصدر تعاستها سابقان‪ ،‬لكنهما اآلف ّ‬
‫خاصة كتلك العدسات الزجاجية الكريهة ال زبفي مجاذلما!‬

‫«أان حاليت بقيت خطر كهللا‪ ،‬الزـ اتصرؼ ُب ادلصيبة اللي أان فيها دم!»‬

‫سبتمت لنفسها تقاكـ مشاعرىا اليت تتحرؾ اذباىو‪.‬‬

‫«قوـ يال الفطار اتعمل كالظهر قرب أيذف»‬

‫ىتفت جبفاء قبل أف تغادر الغرفة‪..‬‬

‫تشجع نفسها‪« :‬كده كويس أكم علشاف يعرؼ إشل زعالنة»‬


‫ّ‬
‫تشكر صدمتها ُب مشاعرىا اليت ساعدهتا كثَتان للتظاىر أمامو ابلغضب!‬

‫‪176‬‬
‫دقائق ككاف كالعلا جالس على ادلائدة‪ ،‬يتناكالف الفطور ُب ىدكء عكس ادلعتاد!‬

‫فكل كجبة ذبمعهما البد أف ربمل الكثَت كالكثَت من مشاكستها‪ ،‬إال أهنا اليوـ على عكس طبيعتها‪..‬‬

‫ىادئة سبامان!‬

‫الحظت الشيماء نظراتو اخلفيّة ذلا‪ ،‬ابتسمت دبكر مهنئة نفسها مقدمان على صلاح ما تفعلو!‬

‫«الفوؿ انقص ملح»‬

‫جاىدت لكبح ابتسامتها حىت دخلت ادلطبخ‪ ،‬لتنفجر ضاحكة دكف صوت‪ٍ ،‬ب رمست على مالزلها الغضب‬

‫قبل عودهتا إليو!‬

‫كضعت ادللح أمامو دكف أم تعليق‪ ،‬كاتبعت تناكؿ الطعاـ!‬

‫‪177‬‬
‫تعمد مشاكستها‪ ،‬لكنو فشل!‬
‫أزاح زلمود ادللح جانبان‪ ،‬فالفوؿ ال ينقصو شيئان‪ ،‬كل ما ُب األمر أنو ّ‬
‫اتبعها كىي تتناكؿ الطعاـ بنهم بينما ىو غَت قادر على تناكؿ قطعة صغَتة من اخلبز!‬

‫«ده بدؿ ما تفرح إنك ارربت من جنوهنا بتدكر عليو!»‬

‫ىتف صوت بداخلو‪.‬‬

‫ملس زلمود على شعره بضيق‪ ،‬يفتقد اجلو الذم كانت تفعلو حبديثها كمشاكستها!‬
‫ّ‬
‫حاكؿ مرة أخرل‪« :‬كفاية أكل بقى ىتبقي قد الفيلة!»‬

‫«قاؿ يعٍت أان لسو مبقتش قدىا؟»‬

‫سألتو بغيظ مشَتة إذل حديثو ليلة زفافهما‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫«ال ساعتها كنت قربت تبقي زيها بس كاف لسو ابقيلك حاجة بسيطة»‬

‫ىتف اببتسامة مستفزة ليثَتىا‪.‬‬

‫إال أف رد فعلها جاء عكس ماتوقع!‬

‫«عمومان يعٍت اللي يتجوزؾ ادلفركض يبقى ُب حجم تلت (ثالث) فيمل مش فيلة كاحدة!»‬

‫رفع حاجبيو بتساؤؿ‪.‬‬

‫«امشعٌت يعٍت؟»‬

‫ردت لو ابتسامتو ادلستفزة كىي تقوؿ‪« :‬علشاف اللي ىيعيش معاؾ ىيجيلو الضغط كالسكر كادلرارة‪ ،‬كمش‬

‫بعيد ذبيلو جلطة فجأة ترػلو منك! كعلشاف أان لسو صغَتة ُب عز شبايب كخايفة على عمرم‪،‬‬

‫‪179‬‬
‫بطلع علي ُب األكل علشاف سلسرش صحيت!»‬

‫«ادم جنوهنا طلع‪ ،‬استحمل بقى ايسيدم!»‬

‫ىتف عقلو ساخران شلا كاف يريده‪.‬‬

‫«ده على أساس إف اللي بيعيش معاؾ بيشوؼ اجلنة على األرض!‬

‫ده أنت أقل حاجة تعمليها ُب الواحد توديو العباسية!»‬

‫سألتو بال مباالة‪« :‬معاؾ رقمها؟»‬

‫«رقم مُت؟»‬

‫أجابتو برباءة‪« :‬العباسية اي ركحي‪ ،‬أان بقوؿ نلحق نكلمهم علشاف حالتك متتأخرش»‬

‫‪181‬‬
‫جز على أسنانو بغيظ منها‪ ،‬ردكدىا جاىزة ك‪ ..‬قاصفة!‬

‫كقف خلفها‪ ،‬يشدىا من تالبيب بلوزهتا‪ ،‬يعاتب نفسو على ما بدأه!‬

‫«ماىو الكلب اللي طلّع لسانك»‬

‫كتركها ليستعد للصالة‪ ،‬كىو يستغفر منها كشلا ذبربه عليو!‬

‫ضن‪ ،‬رباكؿ تفسَت معٌت مجلتو األخَتة!‬


‫اتبعتو الشيماء بوجو متغ ّ‬

‫«ىو مش الكلب بيطلع لسانو‪ ،‬ليو قاؿ لسانك بقى؟»‬

‫مصمصت شفتيها ابستهزاء‪« :‬كعاملي فيها مدرس عريب قاؿ‪ ،‬شكلو ميعرفش ؾ من ق كب من ت بتاع‬

‫كاف كأخواهتا!»‬

‫‪181‬‬
‫‪..............................‬‬

‫بعد صالة الظهر‬

‫ركضت الشيماء إذل الداخل بعدما حملت عودة زلمود من ادلسجد من الشرفة‪..‬‬

‫انتظرت حىت مسعت صوت خطواتو على الدرج‪ ،‬كحينما دلف الشقة ىتفت ابرتباؾ‪:‬‬

‫«أىا أيوه اي ماما‪ ،‬طيب حاضر ىشوؼ زلمود»‬

‫انتظرت قليالن ككأف كالدهتا تتحدث معها!‬

‫«ال مش حكاية يرفض بس‪ ،‬ال خالص مش ىنتأخر حاضر»‬

‫كل ىذا كزلمود يتابعها بعدـ فهم‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫كبعدما أغلقت اخلط سأذلا‪« :‬إيو خَت فيو إيو؟»‬

‫مصرة إننا نتغدل معاىا النهاردة!»‬


‫تظاىرت ابلقلق كىي تقوؿ‪« :‬دم ماما ّ‬
‫«كأنت قحلتلها إيو؟»‬

‫سأذلا رافعان حاجبيو‪.‬‬

‫أشاحت بعينيها عنو حىت ال تنفجر ضاحكة‪.‬‬

‫«كىو أان حلقت أقوؿ حاجة‪ ،‬دم قالت الكلمتُت كقفلت على طوؿ»‬

‫بت على كجنتها بتأنيب ظهر ُب نربتو‪:‬‬


‫اقًتب منها حىت أصبح ال يفصل بينهما سول خطوة كاحدة‪ ،‬ر ّ‬
‫«ىو مش عيب البنات احللوين اللي زيك يكدبوا؟»‬

‫‪183‬‬
‫رمشت بعينيها عدة مرات‪ ،‬أشارت إذل نفسها قائلة ابستنكار مضحك‪:‬‬

‫«أان كدابة‪ ،‬أان‪ ،‬ربنا يسازلك»‬

‫أكمأ مؤكدان‪ ،‬يقوؿ فاضحان كذبتها‪« :‬أيوه‪ ،‬علشاف ابابؾ لسو مكلمٍت كقارل معديش عليو النهاردة علشاف رايح‬

‫ىو كمامتك حلد قرايبكم تعباف»‬

‫«إيو ده جبد اباب قالك كده؟»‬

‫سألتو ببالىة‪.‬‬

‫مالزلو اجلادة جعلتها تتمتم بضيق‪« :‬طب مش احلج يفطمٍت‪ ،‬كال يسيبٍت اقع ربت إيدؾ كده!»‬

‫ٍب ارتسمت على كجهها ابتسامة كاسعة كىي توضح‪« :‬ال ماان مش اللي كلمتٍت ماميت أان‪ ،‬دم مامتك أنت!»‬

‫‪184‬‬
‫«ىنكدب اتشل؟»‬

‫مطت شفتيها بطفولية‪ ،‬تسألو‪« :‬يعٍت مفيش أمل طلرج النهاردة؟»‬

‫ىز رأسو ابلنفي‪ ،‬يقوؿ ابستفزاز‪« :‬دلا تتعلمي األدب»‬

‫أصاهبا احلنق من بركده‪ ،‬ىتفت ابنفعاؿ‪« :‬على فكرة أان مؤدبة أكًت‪»...‬‬

‫«ىاه؟»‬

‫ىتف بتحذير‪.‬‬

‫جزت على أسناهنا‪ ،‬تطرؽ األرض بقدمها بعنف كىي تبتعد عنو‪.‬‬

‫كىو يتابعها بنظراتو كالضحكة سبأل كجهو‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫**********‬

‫كاف جالسان يشاىد ادلباراة حبماس‪ ،‬حينما قاطعتو ابلتقاط جهاز التحكم كتغيَت القناة‪.‬‬

‫«إيو ده؟ ىاٌب الرؽلوت»‬

‫أشارت لو ابجلهاز‪ ،‬قائلة‪« :‬أان ىتفرج على الفيلم»‬

‫ارتسمت ابتسامة جانبية على شفتيو‪ ،‬كىو يقوؿ‪« :‬طيب خالص اتفرجي على الفيلم كبالش خركج بقى!»‬

‫قفزت عليو بدىشة‪ ،‬تسألو‪« :‬إيو ده احنا ىنخرج»‬

‫«ؼلربيتك كسرت عضمي»‬

‫أحاطت عنقو كىي تقوؿ بدالؿ‪« :‬بعد الشر عليك اي مودم»‬

‫‪186‬‬
‫ٍب سألتو بفرحة‪« :‬بس احنا ىنخرج جبد؟ قوؿ أىا ابهلل عليك»‬

‫أصرت ليتزكجها!‬
‫حرؾ رأسو بيأس‪ ،‬لتأٌب كالدتو كترل الطفلة اليت ّ‬
‫«طب قومي األكؿ كبعدين اقولك»‬

‫على نفس كضعيتها‪ ،‬كبنفس دالذلا علست‪« :‬إيو ده اي مودم أنت مش عايزشل؟»‬

‫استطاعت إاثرتو ببساطة‪ ،‬ضمها إليو أكثر مستمتعان جبماؿ قرهبا‪ ،‬شفتاه تقًتب منها كىو يهمس بصوت أجش‪:‬‬

‫«كده سؤاؿ برضو؟ ده أان عايزؾ كعايزؾ كعايزؾ»‬

‫كضعت يدىا على كجهو‪ ،‬تنهره بضحك‪« :‬دماغك على طوؿ راػلة لقلة األدب كده!‬

‫أان كاف قصدم برمء»‬

‫‪187‬‬
‫«كاللي ىو إيو بقى إف شاء هللا؟»‬

‫سأذلا بغيظ‪.‬‬

‫هنضت من عليو‪ ،‬كىي تقوؿ اببتسامة‪« :‬ال مش كقتو‪ ،‬أان ىركح البس بقى»‬

‫كأسرعت إذل غرفتها كىي هتمس‪« :‬حبييب أبو قلب طيب اللي مرضاش يزعلٍت اي انس‪ ،‬بس برضو أان لن‬

‫استسلم كلن أزبلى عن مبدأم»‬

‫**********‬

‫ُب منزؿ كالد زلمود‬

‫كانت الشيماء مع كالدة زلمود ُب ادلطبخ‪ ،‬بينما زلمود ككالده غللساف ُب الصالة‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫«طب كهللا مراتك دم دمها زم العسل‪ ،‬ربنا ػلفظهالك اي حبييب»‬

‫ارتسمت على كجو زلمود ابتسامة ايئسة‪ ،‬كىو يقوؿ‪« :‬عسل إيو بس اي اباب‪ ،‬ده أنت مشوفتش جناهنا‪ ،‬دم‬

‫قنبلة متحركة»‬

‫أشاح لو كالده بعدـ اىتماـ‪ ،‬يقوؿ بتأييد‪« :‬كىو الزمن اللي احنا فيو ده ينفع فيو غَت اجلنوف!‬

‫كطادلا كلو ُب إيطار األدب كاألخالؽ فربنا ػلفظلك جناهنا كيرزقك بيو»‬

‫فيقوؿ زلمود‪« :‬أنت بتقوؿ كده بس علشاف معشتش معاىا يومُت‪ ،‬أان كاثق أنك لو جربت ىتهج من البلد‬

‫كلها بسببها!»‬

‫يسألو كالده بقلق‪« :‬أنت ندماف إنك اذبوزهتا؟»‬

‫‪189‬‬
‫جاء رد زلمود ابلنفي سريعان‪ ،‬يؤكد بكلماتو‪« :‬ابلعكس‪ ،‬أان بدأت أتعود على تصرفاهتا كأحس إشل مش ىعرؼ‬

‫أعيش من غَتىا»‬

‫بت كالد زلمود على كتف ابنو‪ ،‬يقوؿ بسعادة‪« :‬كأان أكؿ مرة أشوفك أنت كمراتك مراتحُت كالسعادة بتنط‬
‫ر ّ‬
‫اذلم»‬
‫من عينيكم‪ ،‬مش زم األسابيع اللي فاتت كاف ابين على كشوشكم ّ‬
‫«ىو كاف كاضح؟»‬

‫سأؿ زلمود كىو ؽلسح على شعره خبجل‪.‬‬

‫«كاضح لدرجة إف أمك الحظت كماف‪ ،‬بس احنا قحلنا نسيبكم ربلوا مشاكلكم سول‪ ،‬خصوصان إنكم لسو‬

‫ُب بداية حياتكم كطبيعي تواجهوا مشاكل لغاية دلا تتعودكا على بعض»‬

‫‪191‬‬
‫ٍب لكزه كىو يقوؿ دبرح‪« :‬كأىو طلع عندان حق كاحلمد هلل انتوا احسن من األكؿ»‬

‫«امسك اخلشب بس اي ابو زلمود»‬

‫ىتفت كالدة زلمود حبدقتُت المعتُت كىي تتقدـ منهما حاملة أكواب الشام‪ ،‬كخلفها الشيماء ربمل صحن‬

‫مليء ابلكعك‪.‬‬

‫«كهللا اي اباب أان معيشاه ُب جنة‪ ،‬لكن ىو اللي داؽلان قاتل أحالمي!»‬

‫ىتفت دبرح بعد أف كضعت صحن الكعك على ادلائدة‪.‬‬

‫يهددىا زلمود دبرح‪« :‬ما بالااش بدؿ ماطلع فضاػلك!»‬

‫زبصرت ُب كقفتها‪ ،‬تقوؿ بقوة‪« :‬نعم اي حبييب! ال اي اباب خاؼ على نفسك‪ ،‬أان ملفي نضيف‬
‫ّ‬

‫‪191‬‬
‫كمعليش أم حاجة»‬

‫اعتدؿ زلمود ُب جلستو متظاىران بفضحها‪« :‬طب احكم أنت بقى اي حج‪ ،‬ينفع ادخل مرة‪»...‬‬

‫كضعت الشيماء قطعة كعك ُب فمو لتمنعو عن احلديث‪ ،‬تقوؿ دبرح‪« :‬ىو احلج ال حكبارة ده‪ ،‬كمراتو السكر‬

‫دم‪ ،‬مش علموؾ متطلعش أسرار بيتك برا!»‬

‫شاركها كالده ادلرح‪« :‬ايما فهمتو اي بنيت‪ ،‬بس معلش ىو بيستوعب بصعوبة شوية»‬

‫تعالت ضحكات الشيماء‪ ،‬كزلمود يعاتب كالده‪« :‬جرل أيو اي حج‪ ،‬أنت ىتعوـ على عومها كال إيو؟»‬

‫أشار لو كالده بال مباالة كاتبع ادلزاح مع زكجتو كالشيماء‪.‬‬

‫بعد بعض الوقت هنض زلمود مستأذانن‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫«ما خلينا قاعدين شوية لسو بدرم»‬

‫ماؿ زلمود عليها ىامسان‪« :‬أنت مش عايزة تتفسحي كال إيو؟»‬

‫قفزت من على ادلقعد كاألطفاؿ‪ ،‬تقوؿ بسعادة‪« :‬أان بقوؿ ظلشي برضو كفاية كده»‬

‫ضحك كالدا زلمود عليها‪ ،‬كدعهما ىو كزكجتو اجملنونة كغادرا ليفعل ذلا ما تريد!‬

‫**********‬

‫«ىاه عايزة تقعدم فُت؟»‬

‫سألتو الشيماء اببتسامة مليئة ابلشر‪« :‬أنت معاؾ فلوس صح؟»‬

‫رمقها زلمود ابرتياب كقلبو ؼلربه أف القادـ لن يكوف جيدان!‬

‫‪193‬‬
‫«ده على حسب؛ أنت عايزة إيو؟»‬

‫رمشت بعينيها برباءة‪ ،‬كىي تقوؿ‪« :‬ىندخل سينما»‬

‫توسعت عيناه بدىشة‪ ،‬بينما ىي تتابع‪« :‬كبعدين نركح انكل برجر»‬

‫كقبل أف يتحدث قالت‪« :‬كبعد كده ضللي آبيس كرصل»‬

‫قاطعها بصوت مرتفع قليالن‪« :‬بس بس إيو ده كلو»‬

‫انتبو إذل نظرات الناس ذلما‪ ،‬فتحدث بصوت ىادئء‪« :‬أنت مش قحلت امبارح إنك عايزة تقعدم ُب أم‬

‫كافيو؟»‬

‫أشارت لو بدالؿ‪ ،‬تقوؿ‪« :‬تؤ‪ ،‬ده كاف امبارح قبل ما نتخانق كتنيمٍت زعالنة كتفضل سلليٍت النهاردة‬

‫‪194‬‬
‫طوؿ النهار على أعصايب! كل ده الزملو تعويض‪ ،‬كأان تعويضاٌب الزـ تبقى غالية زيي!»‬

‫حدقت ُب مالزلو ادلمتعضة ضاحكة‪.‬‬

‫صوت كقوؿ أان اللي جبت ده كلو لنفسي»‬


‫«بص‪ ،‬أكؿ دلا ندخل البيت ابقى اقعد ّ‬
‫تبدك على حق‪ ،‬فهو حقان من جلب كل ىذا لنفسو ابستسالمو السخيف كتنفيذ طلبها‪ ،‬لكن الوقت دل ي حفت‬

‫بعد!‬

‫«ده على أساس إشل ىعمل اللي أنت عايزاه؟ يال اي ماما على بيتك‪ ،‬أان غلطاف إشل رأفت حبالك البائس!»‬

‫مالزلو اجلديّة أثبتت ذلا أنو لن يًتاجع‪..‬‬

‫فكرت سريعان ُب طريقة لنيل رضاه كاستمالتو‪ ،‬خاصة كأهنا لن تستطيع استخداـ جنوهنا ُب الشارع!‬

‫‪195‬‬
‫دلعت مقلتيها دبكر عند الوصوؿ إذل ما ستفعلو‪« :‬طب بص‪ ،‬أان عندم ليك اتفاؽ حلو»‬

‫رمقها بتساؤؿ‪ ،‬لتتابع هبمس‪« :‬نعمل اللي قحلت عليو‪ ،‬ككعد ىعملك ليلة حلوة زم ادلرة اللي فاتت‪ ،‬عشا‬

‫كمشوع ك‪»..‬‬

‫كغمزت لو بوقاحة مشَتة إذل أشياء عدة سيستمتع هبا كمعها!‬

‫«أشلممم كتيجي اتشل يوـ تقوليلي ىات تلتمية (ثالث مائة) جنيو علشاف األكل؟»‬

‫«أىا اي خبيل اي جلدة»‬

‫علست لنفسها‪ ،‬قبل أف تقوؿ بوعد‪« :‬ىطبخلك أبيدم‪ ،‬كمصاريف الليل كآخره مش ىطالبك بيها يال»‬

‫كأرسلت لو غمزة كقحة أخرل جعلت خيالو يشتعل!‬

‫‪196‬‬
‫العرض مثَت‪ ..‬جدان‪ ،‬كسيكوف غبيان إف دل يقبلو!‬

‫«طب بطلي الغمزات دم اي ىازل احنا ُب الشارع! كشوُب عايزة تدخلي فيلم إيو يال»‬

‫أصدرت ضحكة خافتة قبل أف تقوؿ‪« :‬كنت متأكدة إنك ىتوافق اي قليل األدب»‬

‫فيدفعها برفق كاالبتسامة سبأل كجهو‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫الفصل السادس (صراحة)‬

‫يوما ضمن حسلططاٌب‬


‫دل تكن ن‬
‫إليك خطواٌب‬
‫تسع م‬‫كدل م‬
‫كمثلك ليس لو كجود ُب حياٌب‬
‫م‬ ‫كرداي‬
‫حسبت عادلي ن‬
‫عمن يستحق ربياٌب‬
‫كمضيت أحبث م‬
‫أان جوىرة ىذا الزماف حخلقت ألكوف أعز األمَتات‬

‫ذحكرت ُب حكتب التاريخ كعلى طوؿ الصفحات‬

‫‪198‬‬
‫كخلدكا إمسي كقالوا‪ :‬ذلا ماليُت الصفات‬

‫كنت أقصى الصفعات‬


‫أتيت أاي فارسي ادلغوار م‬
‫كحُت م‬
‫حطمت أحالمي كلها بقسوة ما سبلك من اعتقادات‬
‫م‬
‫مر الوقت ُب االنتقادات‬
‫كما بُت ما حربب كأححب ّ‬
‫ألجلك قناعاٌب‬
‫م‬ ‫حتما لن أحغَت‬
‫أنت حمص ّر كأان ن‬
‫عادلك القاًب ألجلي‬
‫فإما تلوف م‬
‫أك تستسلم لغزك كركدم بال ص ّد كاعًتاضات!‬

‫‪199‬‬
‫بقلم ىند فايد‬

‫بعد منتصف الليل‬

‫دلف زلمود كالشيماء ادلنزؿ بعد أف قضيا مساء اليوـ دبفردعلا كفعل ذلا كل ما كانت تريده‪.‬‬

‫«أىا اي رجلي‪ ،‬مش قادر»‬

‫ينظر إذل رلنونتو بغيظ‪ ،‬يقوؿ‪« :‬مرجعاشل البيت الساعة اتنُت الفجر! حراـ عليك اي شيخة ده أان معملتهاش‬

‫كأان عازب!»‬

‫جلست جبواره ضاحكة‪« :‬ما أان مش مشكليت إنك كنت راجل مؤدب اي مودم!»‬

‫‪211‬‬
‫«ال اي شيخة‪ ،‬ده بدؿ ما تفرحي إف جوزؾ راجل مستقيم طوؿ عمره!»‬

‫استندت على كتفو برأسها‪ ،‬تقوؿ بصدؽ‪« :‬بص الصراحة لو كنت عرفت إشل ىتجوز خط مستقيم من سنة‬

‫كاحدة بس»‬

‫قاطعها بتعجب‪« :‬ىو أان ده اللي خط مستقيم؟!»‬

‫ذباىلت تعليقو كقالت‪« :‬مكننش ىزعل‪ ،‬ال ده أان كاف شلكن انتحر! بس أنت بقى بتعمل فيّا حاجات غريبة‬

‫أان مش فاعلاىا!»‬

‫«إزام يعٍت؟»‬

‫سأذلا بعدـ فهم‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫رفعت أكتافها بتشتت‪ ،‬كقالت‪« :‬مش عارفة كهللا‪ ،‬بس ىو غالبان أان ىطق بسببك قريب»‬

‫«ىتطقي علشاف اذبوزتيٍت يعٍت؟»‬

‫سأذلا بعصبية‪.‬‬

‫رفعت رأسها لتصبح عيناىا مقابلة لعينيو‪.‬‬

‫«ىي ليو بقيت أحلى حاجة حصلتلي ُب حياٌب إشل أذبوزتك؟ ليو بستمتع دلا أعصبك كأنرفزؾ كأطلع جنوشل‬

‫عليك؟ ليو حبب حنيّتك عليّا كبستٌت دلا تيجي تدلع كتدادم فيا بعد كل مشادة بيننا مع إشل ببقى أان الغلطانة!‬

‫ىو أان ليو حببك جبد مع إنك متحصلش كاحد ُب ادلية من فىت أحالمي!»‬

‫كمجلتها األخَتة خرجت ببؤس كاضح‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫ذـ؟»‬
‫مسح على شعره خبجل‪ ،‬كىو يقوؿ‪« :‬أان مش فاىم ىو ده مدح كال ّ‬
‫ظهرت ابتسامتها بسبب خجلو‪ ،‬قرصت كجنتيو دبرح‪ ،‬كىي تقوؿ‪« :‬اي خراشي على ادلكسوؼ اي انس!»‬

‫ٍب تقبّل كجنتو‪ ،‬كتشكره حبب‪« :‬جبد مَتسي جدان على اليوـ ده اي زلمود‪ ،‬أان انبسطت أكم أكم جبد»‬

‫أحاط جسدىا بذراعيو‪ ،‬يهمس براحة‪« :‬أىم حاجة عندم إنك تكوشل مبسوطة»‬

‫«كىذه ىي الركمانسية ادلقرفة اي عزيزم»‬

‫ىتفت دبرح كالزالت تتذ ّكر حديثو عن ركايتها‪.‬‬

‫«شايفاؾ بقيت مقرؼ أكم اي مودم يعٍت!»‬

‫سألتو دبرح‪ ،‬كاتبعت قبل أف يلقي عليها ردان مستفزان كعادتو‪« :‬ابهلل عليك ما تقوؿ حاجة‪ ،‬خلي نص يوـ يعدم‬

‫‪213‬‬
‫من غَت ما ترفع ضغطي هللا ػلفظك!»‬

‫تفهمو بصرب‪« :‬على فكرة اللي قرأتو ده مش ركمانسية مقرفة‬


‫ابتسم دكف تعليق‪ ،‬لًتجع سبيل على صدره‪ّ ،‬‬
‫خااالص‪ ،‬أنت بس اللي مقفل حبتُت»‬

‫كاد أف يقاطعها‪ ،‬فمنعتو‪« :‬ىوككككس‪ ،‬دلا الفاعلُت اللي زيي يتكلموا ادلعقدين اللي زيك يسكتوا»‬

‫ضرب رأسها ضربة خفيفة‪ ،‬يعاتبها‪« :‬أان معقد برضو؟»‬

‫أكمأت برأسها عدة مرات تكاد تبصم على ىذا!‬

‫«طبعان‪ ،‬دلا متهتمش دبراتك‪ ،‬تدلعها‪ ،‬تقوذلا كلمة حلوة‪ ،‬تبقى معقد كمريض نفسي كماف»‬

‫ضرهبا مرة أخرل‪ ،‬يؤنبها بضيق‪« :‬بطلي طولة لسانك دم بقى»‬

‫‪214‬‬
‫اعتدلت لتواجهو‪« :‬طب بذمتك أنت من ساعة ما أذبوزان عمرؾ دلعتٍت؟ جبتلي ىدية؟ قحلتلي كلمة حلوة؟»‬

‫كقبل أف يصرح بكلمتو الشهَتة (ركمانسية مقرفة) اتبعت‪« :‬كمتقوليش ده قرؼ‪ ،‬ألشل دلا اىتميت بيك‬

‫كابحتياجاتك يوـ كاحد بس كنت ىتطَت من الفرحة‪ ..‬يبقى ليو مش من حقي أان كماف افرح؟»‬

‫صمت ال غلد ردان مناسبان‪.‬‬

‫لتتابع ىي حبادلية‪« :‬فيها إيو يعٍت لو قحلتلي مرة اي حبيبيت كال اي شيمو‪ ،‬بدؿ ما أنت كل شوية اي شيماء‬

‫اي شيماء حلد ما كرىتٍت ُب امسي!»‬

‫ارتسمت شبو ابتسامة على مالزلو كرد فعل على حديثها‪.‬‬

‫«ىيحصل إيو لو جبتلي كأنت راجع من الشغل شيبسي أك شوكوالتو أك آيس كرصل‪..‬‬

‫‪215‬‬
‫التعصب الرايضي اللي بتدكش دماغنا بيو ده!»‬
‫ّ‬ ‫ضلمل فيلم ابلليل كنسهر عليو بدؿ‬
‫ّ‬
‫اشتعلت عيناه بغضب‪ ،‬فأردفت سريعان‪« :‬كالزمالك على عيٍت كراسي كهللا متقلبش كده»‬

‫اتسعت ابتسامتو حىت انقلبت إذل ضحكة خافتة‪.‬‬

‫«تقورل إنك أمجل ست ُب الدنيا كتبطل تعلق على زبٍت اي عصاية أنت!»‬

‫قرص كجنتها كضحكتو سبأل الشقة الواسعة‪.‬‬

‫«كدلا اعمل ده كلو لسانك الطويل ده يطّلع مواىبو على مُت؟»‬

‫اعتدلت حبماس عندما شعرت ببوادر استجابة منو‪.‬‬

‫«متخافش اي عم لساشل ده مبيهمدش أساسان‪ ،‬ده أان ىرميلك تعليق كأطلع جناشل عليك ُب كل حاجة تعملها»‬

‫‪216‬‬
‫حرؾ زلمود حدقتيو متظاىران ابلتفكَت‪.‬‬

‫«يال بقى ابليز ابليز ابليز»‬

‫«أشلمممم ىفكر»‬

‫ضربت صدره بغيظ‪.‬‬

‫«اي رخم اي رخم اي رخم»‬

‫**********‬

‫صباح اليوـ التارل‬

‫هنض زلمود ابكران‪ ،‬ارتدل عدساتو الطبية زلدقان اببتسامة ايئسة ُب زكجتو اليت تناـ بطريقة غريبة!‬

‫‪217‬‬
‫فرأسها أصبحت على الوسادة بعد أف كانت على صدره‪ ،‬ذراع على رأسها كاألخرل أتخذ عرض السرير‪،‬‬

‫كتضع قدمان على قدـ!‬

‫«ىي انؽلة ازام كده!»‬

‫سأؿ بدىشة قبل أف يقوـ إبيقاظها‪ ،‬ػلمد هللا كثَتان ألف نومو ثقيل‪ ،‬كإال كاف سيعاشل بسببها أك يًتؾ ذلا الغرفة‬

‫هنائيان!‬

‫«شيماء يال قومي‪ ،‬كفاية نوـ بقى»‬

‫علهمت بكسل‪ ،‬انقلبت للجانب اآلخر معطية إايه ظهرىا!‬

‫«قومي بقى بالش كسل»‬

‫‪218‬‬
‫«ىي الساعة كاـ؟»‬

‫نظر إذل الساعة‪ ،‬كأجاهبا‪« :‬الساعة عشرة كربع»‬

‫فهتفت بنربة ابكية‪« :‬ده بدرم أكم لسو‪ ،‬حراـ عليك ده احنا انؽلُت بعد الفجر»‬

‫«ماان مش جاييٍت نوـ‪ ،‬كجعاف»‬

‫أشارت بال مباالة‪ٍ ،‬ب التقطت الوسادة ككضعتها على رأسها‪.‬‬

‫«اي شيماء قومي بقى»‬

‫«يوككككه‪ ،‬ما تركح تطلع أم حاجة من التالجة كاتكلها‪ ،‬سيبٍت أانـ بقى»‬

‫«ماان مش ىاكل لوحدم»‬

‫‪219‬‬
‫ىتف بسماجة كىو يدفعها لتستيقظ‪.‬‬

‫«طب بص‪ ،‬ركح اعمل الفطار كحطو‪ ،‬كتعاذل صحيٍت»‬

‫«نعم ايخيت! ليو شغاؿ عندؾ؟ قومي اي بت كبطلي دلع»‬

‫التفتت إليو حبنق‪ ،‬تصيح ابنفعاؿ‪« :‬ده احنا مكملناش كم ساعة متكلمُت‪ ،‬حراـ عليك اي شيخ‪ ،‬حراـ عليك»‬

‫كألقت عليو الوسادة بغل‪.‬‬

‫قفز زلمود من على السرير‪ ،‬يصرخ بذعر‪« :‬أعوذ ابهلل من الشيطاف الرجيم‪ ،‬أنت ىتتحورل كال إيو؟»‬

‫«اطلع برا‪ ،‬براااا»‬

‫خرج اتركان الغرفة ذلا‪ ،‬لتعود للنوـ بقهر‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫«حسيب هللا‪ ،‬حسيب هللا ككفى!»‬

‫تقلبّت ؽلينان كيساران‪ ،‬إال أهنا دل تستطع النوـ‪ ،‬ضمَتىا يؤنيها على تركو جائعان!‬

‫استلقت على ظهرىا بضيق‪.‬‬

‫«يعٍت اي ريب أان أىتم بيو كىو مفيش بربع جنيو كلمة حلوة يعٍت! حسيب هللا فيّا!»‬

‫هنضت مستسلمة لتعد لو الفطور‪.‬‬

‫خرجت من الغرفة متعجبة من الصمت الذم يسيطر على الشقة‪.‬‬

‫«زلمود‪ ،‬كير أر يو؟‬

‫)‪)Where are you‬‬

‫‪211‬‬
‫غريبة راح فُت ده؟»‬

‫التقطت اذلاتف لتتصل بو‪.‬‬

‫«أيوه اي زلمود أنت فُت؟»‬

‫اتسعت حدقتاىا غيظان من رده‪« :‬يعٍت إيو طلعت تفطر برا‪ ،‬كأان إيو طيب؟»‬

‫جزت على أسناهنا حبنق حينما جاءىا رده ادلستفز‪.‬‬

‫«يعٍت أنت كنت قحلتلي كأان قحلتلك الء!»‬

‫كقاطعتو قبل أف يتحدث‪« :‬ادلهم ىاتلي كأنت جام سندكتشػ‪»..‬‬

‫«ألو ألو»‬

‫‪212‬‬
‫نظرت إذل اذلاتف بصدمة؛ لقد أغلق اخلط ُب كجهها!‬

‫ضربت األرض بقدمها‪« :‬ماشي اي زلمود ماشي‪ ،‬كهللا ألكريك»‬

‫يتعاذل صوت من داخلها‪« :‬اي شيخة اتنيلي‪ ،‬ده أنت مقدرتيش تسيبيو جعاف كقحمت علشاف تعمليلو أكل‪،‬‬

‫كقاؿ أيو بتحبيو!»‬

‫ضها على فعل ما ال تريد‪ ،‬عشقها لو غلعلها تتنازؿ عن أحالمها الوردية اليت لطادلا‬
‫نعم نعم قلبها اخلائن ػلر ّ‬

‫سبنتها!‬

‫صرخت بغيظ من نفسها‪« :‬عاااااااااااااااااا»‬

‫**********‬

‫‪213‬‬
‫أغلق زلمود اخلط ضاحكان؛ يتخيل رد فعلها بعد ما قالو كإغالقو اخلط ُب كجهها‪ ،‬ابلتأكيد تشد ُب شعرىا اآلف‬

‫من الغيظ!‬

‫انتظر إعداد الشطائر مفكران ُب حوارعلا فجر اليوـ‪ ،‬ىذه أكؿ مرة غللساف فيها ككل منهما يصرح عن مشاعره‬

‫كما يريده‪ ،‬كال ينكر أف ما تريده حقان ذلا‪ ،‬لكن ادلشكلة بو!‬

‫ىو ال يعرؼ كيف يهتم ابمرأة كيدللها كما تريد منو الشيماء أف يفعل!‬

‫كلكن مع إصرارىا ال يتوقع أف يستمر على جهلو طويالن!‬

‫عاد إذل منزلو مبتسمان كُب يده الشطائر اليت ابتاعها‪..‬‬

‫تحرل ماذا ستفعل حينما تراه؟‬

‫‪214‬‬
‫قفزت الشيماء عليو حينما فتح ابب الشقة‪ ،‬تتعلق بعنقو كتضرب ظهره بعشوائية‪.‬‬

‫«فطار برا اي مفًتم‪ ،‬فطار‪ ،‬كدلا أجي اطلب منك حاجة تبقى زم فريد شوقي ُب البخيل كأان!»‬

‫ضحك عليها‪ ،‬كقاؿ‪« :‬فريد إيو بس ده زلدش فريد ىنا غَتؾ كهللا! ابعدم شوية مش قادر اتنفس»‬

‫ابتعدت مبتسمة ببالىة‪.‬‬

‫«ىو أنت مدحتٍت كال أان متهيأرل!»‬

‫ىز رأسو بقلة حيلة‪ ،‬كداخلو يقوؿ‪« :‬أصحاب العقوؿ ُب راحة»‬

‫«السندكتشات ىتربد»‬

‫توسعت عيناىا كىي تلتقط احلقائب البالستيكية منو‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫«هللا سندكتشات فوؿ كطعمية‪ ،‬كسللل كماف!»‬

‫ركضت للمائدة‪ ،‬حزبرج الشطائر كتشرع ُب تناكؿ الطعاـ بنهم‪.‬‬

‫ضرتش الفطار بس إنك تنزؿ ذبيب سندكتشات دم حاجة حربسبلك‪ ،‬شكل كالـ امبارح جاب‬
‫«مع إنك زل ّ‬

‫نتيجة»‬

‫ضرهبا على عنقها خبفة‪ ،‬يؤنبها‪« :‬متتكلميش كاألكل ُب بوقك»‬

‫رمقتو بضيق‪ ،‬كاتبعت تناكؿ الطعاـ‪.‬‬

‫«ال جبد اي مودم أان سو فخورة بيك‪ ،‬ربنا ػلفظك ليّا اي ركحي»‬

‫كقبل أف يعلق اقًتبت تقبّل كجنتو‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫«إيو اي بنيت القرؼ ده‪ ،‬بوقك كلو أكل»‬

‫ىتف ابمشئزاز كىو ؽلسح كجنتو‪.‬‬

‫«بقى ادعيلك كأبوسك كتقورل قرؼ! اي أخي ارمحٍت بقى ارمحٍت»‬

‫كتركت لو ادلكاف كىو يتابعها بدىشة‪.‬‬

‫عادت إليو بعد حلظات‪ ،‬تصيح إبصرار‪« :‬كاعمل حسابك أنت ىتتغَت يعٍت ىتتغَت‪ ،‬كهللا ما ىسيبك غَت‬

‫دلا تتغَت»‬

‫ليتمتم ابالستغفار بضيق‪.‬‬

‫**********‬

‫‪217‬‬
‫بعد عدة أايـ‬

‫«شيماء‪ ،‬اي شيماء»‬

‫كقفت أمامو‪ ،‬تشَت لو بتنبيو‪« :‬احنا قحلنا أيو؟»‬

‫تنهد زلمود بيأس‪« :‬شيمو»‬

‫منحتو ابتسامة كاسعة‪ ،‬تطبع على شفتيو قبلة سريعة‪.‬‬

‫أحاطها بذراعيو‪ ،‬يهمس‪« :‬ده إيو احلالكة دم؟»‬

‫تتخصر ُب كقفتها‪ ،‬تقوؿ بدالؿ‪« :‬انسي اي ركحي‪ ،‬مفيش قلة أدب غَت‬
‫ّ‬ ‫تعالت ضحكاهتا بينما تبتعد عنو‪،‬‬

‫دلا يبقى فيو اىتماـ!»‬

‫‪218‬‬
‫رفع حاجبيو ابستنكار!‬

‫«ده أنت بتساكمي بقى! خدم ابلك أان كال يهمٍت‪ ،‬كُب خالؿ أربعة كعشرين ساعة ابقى مع غَتؾ اللي‬

‫تدلعٍت من غَت طلبات‪ ،‬ككلو دبا يرضي هللا!»‬

‫انقلبت ُب حلظة‪ ،‬تبدلّت مالزلها للجنوف‪ ،‬تصيح بنربة مرتفعة‪.‬‬

‫«يرضي مُت اي ركح طنط! طب ابقى اعملها اي زلمود كقسمان عظمان القتلك أنت كىي بسكينة كاحدة‪ ،‬كابقي‬

‫خليها تدلعك ُب جهنم بقى اي حبييب!»‬

‫تشده من تالبيب قميصو‪ ،‬تقوؿ من بُت أسناهنا‪« :‬كبعدين اي ركحي متطلبش االىتماـ غَت دلا تديو‪ ،‬زمن الطيبة‬

‫كذل خالص»‬
‫ده ّ‬

‫‪219‬‬
‫«طب كربنا كأنت رلنونة أحسن دبليوف مرة من جو السهوكة اللي أنت عاماله ده»‬

‫تركتو بيأس‪ ،‬فعلى ما يبدك أهنا مهما فعلت لن يتغَت!‬

‫«افتحي لالىتماـ طيب»‬

‫كتركها كدخل إذل الغرفة‪.‬‬

‫دقيقة كاحدة ككانت تقتحم الغرفة‪ ،‬تقفز عليو بسعادة‪.‬‬

‫«جيبتلي الشيبسي كالشوكوالتة‪ ،‬أان حببك أكم جبد»‬

‫«كربنا أان متجوز عيّلة!»‬

‫سبتم بذىوؿ‪ ،‬فزكجتو الطفلة تقفز من السعادة عندما غللب ذلا احللول!‬

‫‪221‬‬
‫«يال قوؿ»‬

‫رمقها بعدـ فهم‪.‬‬

‫«أقوؿ إيو؟»‬

‫بصرب كبَت أكضحت لو‪« :‬احضٍت كقورل كأان دبوت فيك اي ركحي»‬

‫آبلية شديدة فعل ما قالتو‪.‬‬

‫تنهره بضيق‪« :‬إيو ده ىو أنت بتقورل صباح اخلَت؟ قوذلا من قلبك»‬

‫شدد من احتضاهنا‪ ،‬يكرر بنربة خاصة‪« :‬حببك اي بت كهللا‪ ،‬حببك جبنونك كىبلك كتصرفاتك الغريبة دم‪،‬‬

‫بس لو تعقلي شوية!»‬

‫‪221‬‬
‫نظرت ُب عينيو ضاحكة‪« :‬ما أان لو عقلت أنت ىتبطل رببٍت اي مودم‪..‬‬

‫زم مانت دخلت قليب برجولتك كحنيّتك‪ ،‬أان دخلت قلبك بشقاكٌب كجناشل‪ ،‬كال مفر من ذلك اي ركحي»‬

‫لتتحوؿ نظراهتا العاشقة إذل أخرل مهددة‪.‬‬

‫«بس برضو ىتتغَت كتبقى زم أبطاؿ الركاايت»‬

‫ىز رأسو بيأس‪ ،‬فالركاايت أكلت عقلها ابلكامل كال أمل منها!‬

‫**********‬

‫ُب ادلساء‬

‫انئمة على صدره براحة كىو يعبث ُب خصالت شعرىا كما ربب‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫«زلمود»‬

‫ىتف ابرتياب‪« :‬ربنا يسًت‪ ،‬آخر مرة اتكلمت ابلنربة دم ظلنا بعد الفجر كطلبت طلبات غريبة»‬

‫«ىو أان لسو قحلت حاجة؟»‬

‫سألتو بضيق طفورل‪.‬‬

‫أهبرىا بقولو‪« :‬ماىو أنت اي ركحي بتقورل زلمود بطريقة زبليٍت عارؼ أنت عايزة إيو‪ ،‬فهمتك كحفظتك‬

‫خالص»‬

‫«طب حللٍت»‬

‫طلبت منو اببتسامة سعيدة‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫«مش فاىم يعٍت عايزة إيو؟»‬

‫أكضحت بفرحة‪« :‬مش أنت بتقوؿ إنك بتعرؼ أان عايزة إيو من طريقة نطقي المسك‪ ،‬بتعرؼ ازام بقى؟»‬

‫قاؿ بشركد‪« :‬دلا تصرخي بػ زلمود ككشك كلو يبقى أمحر بتبقى جنونّتك طلعت كالزـ الواحد ايخدؾ على قد‬

‫عقلك علشاف ػلافظ على حياتو»‬

‫«كهللا؟»‬

‫سألتو حبنق‪.‬‬

‫«كدلا هتمسي بػ زلمود كتقعدم تسبليلي بعينيك»‬

‫رمشت الشيماء بعينيها‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫فأكمأ مؤكدان‪« :‬أيوه ىو كده ابلظبط‪ ،‬بتبقى عايزة‪»..‬‬

‫فقاطعتو مبتسمة بسماجة‪« :‬سكيب سكيب‪ ،‬بالش نشرح دم»‬

‫رد ذلا ابتسامتها‪.‬‬

‫«علشاف عارفة إنك قليلة األدب صح؟»‬

‫كمل ربنا يسًتؾ»‬


‫كمل ّ‬
‫أشارت إذل نفسها ابستنكار‪« :‬أان اللي قليلة أدب! أىا ماىو كاضح! ّ‬
‫«آخر زلمود بقى ايسيت اللي قحلتها دلوقيت دم‪ ،‬بتبقى من احلاالت النادرة جدان اللي بتتكلمي فيها جبدية‬

‫كببقى حاسس إشل قاعد مع إنسانة كده»‬

‫«ليو كأنت ابقي الوقت بتبقى قاعد مع إيو؟»‬

‫‪225‬‬
‫سألتو ابستفسار‪.‬‬

‫«أرا‪»...‬‬

‫قاطع كلماتو سريعان‪« :‬كال بالش‪ ،‬الحسن تتحورل كالواحد مش فايق!»‬

‫أدارت كجهو إليها‪ ،‬تنظر ُب عينيو إبصرار‪ ،‬تلقنّو‪« :‬ببقى قاعد مع القمر‪ ،‬عمرؾ أنت شوفت قمر على‬

‫األرض!»‬

‫«ىاه!»‬

‫«انطق قوؿ»‬

‫«أقوؿ إيو اي بنيت ربنا يهديك!»‬

‫‪226‬‬
‫استلقت فوقو‪ ،‬تكرر إبصرار‪« :‬قوؿ قوؿ ابليز‪ ،‬مش احنا اتفقنا إنك ىتتغَت! يال قوؿ بقى قوؿ‪..‬‬

‫كلمة صغَتة سبنع بالكم كتَتة»‬

‫تعالت ضحكاتو على ما تقولو‪ ،‬يهتف بصدؽ‪« :‬كهللا أان ما عارؼ لو مكنتش اذبوزتك كنت ىكمل حياٌب‬

‫ازام!»‬

‫كادت أف تقفز عليو من السعادة‪ ،‬إال أنو منعها بصراخ‪« :‬اكعي‪ ،‬ىتكسرم عضامي اي رلنونة»‬

‫فتقبّل كجنتيو عدة قبالت متفرقة‪ ،‬تقوؿ من بينها‪« :‬حببك اي مودم‪ ،‬بعشقك أقسم ابهلل»‬

‫فيبادذلا دكف أف تطلب منو‪« :‬كأان كهللا حببك جدان»‬

‫**********‬

‫‪227‬‬
‫غَتم ىدكمك بسرعة بعدين ماجي‪ ،‬أان ُب الطريق اىوه»‬
‫«ألو أيوه اي شيماء‪ّ ،‬‬
‫انتفضت فزعان‪ ،‬تسألو‪« :‬ليو فيو إيو؟»‬

‫ابتسم على خوفها الواضح‪ ،‬يهديها‪« :‬مفيش حاجة متقلقيش‪ ،‬البسي بس بعدين ماجي‪ ،‬أان مش ىتأخر إف‬

‫شاء هللا»‬

‫أغلق اخلط دكف أف تفهم منو شيئان‪ ،‬لكنها نفذت ما أمر بو!‬

‫«شيمو‪ ،‬اي شيمو‪ ،‬أنت لسو سللصتيش كال إيو؟»‬

‫ركضت الشيماء اذباىو‪ ،‬تقوؿ أبنفاس الىثة‪« :‬جاىزة جاىزة‪ ،‬بس ىو فيو إيو؟»‬

‫أشار ذلا ابذلدكء‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫أغَت ىدكمي»‬
‫«مفيش حاجة‪ ،‬خدم نفسك بس بعدين ماركح ّ‬
‫«استٍت اي زلػ‪»..‬‬

‫أشار ذلا قبل أف يدخل الغرفة‪.‬‬

‫«كهللا العظيم ما فيو حاجة‪ ،‬اىدم بس كدقيقتُت كننزؿ»‬

‫كابلفعل بعد دقائق قليلة كاف أمامها ليخرجا سواين‪.‬‬

‫«شلكن اعرؼ بقى احنا راػلُت فُت؟»‬

‫سألتو بنفاذ صرب‪.‬‬

‫التفت ذلا زلمود مبتسمان‪ ،‬يتخيل مقدار السعادة اليت ستكتنفها عندما تعلم إذل أين سيأخذىا!‬

‫‪229‬‬
‫«أبدان ايسيت ادلكافأة نزلت النهاردة‪ ،‬ف حقلت طلرج نتغدل برا كنتفسح شوية»‬

‫توقع رد فعلها‪ ،‬فنهرىا‪« :‬امسكي نفسك‪ ،‬احنا ُب الشارع!»‬

‫منعت نفسها من الققز بقوة‪ ،‬تقوؿ بضحكة‪« :‬طيب طيب‪ ،‬بس أصلي مبسوطة أكم»‬

‫«ما أان عارؼ‪ ،‬علشاف كده مرضيتش أقولك‪ ،‬كنت عايز اعملهالك مفاجأة»‬

‫اي هللا‬

‫قلبها سيتوقف من السعادة‪ ،‬ال تصدؽ أنو يفعل كل ىذا من تلقاء نفسو!‬

‫«كهللا كاحلوت كبقي عندؾ اللي ربلمي بيو اي بت اي شيمو‪ ..‬احلمد هلل ايرب إف رلهودم مضاعش ىدر»‬

‫أخذىا زلمود إذل أحد ادلطاعم ليتناكال كجبة الغذاء‪ٍ ،‬ب اذبها إذل أحد اجملمعات التجارية ليشًتم ذلا ما تريد‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫«ندخل احملل ده بقى»‬

‫«ايوه بس ده رجارل»‬

‫قاؿ ذلا بدىشة‪.‬‬

‫«ما أان عارفة شايفٍت عامية!»‬

‫سحبتو لداخل احملل‪ ،‬التقطت قميص تضعو عليو كسط حَتتو‪.‬‬

‫«ده ىيبقى حلو أكم عليك»‬

‫ابتسم من اىتمامها بو‪ ،‬كىتف ابعًتاض‪« :‬مالكيش دعوة بيّا أان مش عايز‪ ،‬شوُب أنت بس عايزة تشًتم‬

‫إيو األكؿ»‬

‫‪231‬‬
‫أشارت إذل احلقيبة البالستيكية اليت سبسكها بسعادة‪.‬‬

‫«ماان اشًتيت خالص»‬

‫«أيوه بس ده طقم كاحد!»‬

‫«كىو أان يعٍت ىشًتم احملل كلو؟!»‬

‫تصر على عدـ صرؼ الكثَت من األمواؿ‪ ،‬فلردبا تزيد مسؤكلياهتما الفًتة القادمة!‬
‫سألتو ابستنكار‪ ،‬كبداخلها ّ‬
‫اشًتل زلمود لنفسو قميصان كسركاالن بعد إحلاح كبَت من الشيماء‪ٍ ،‬ب عادا إذل ادلنزؿ‪.‬‬

‫«كهللا أان ما مصدؽ نفسي‪ ،‬ده أان قحلت إنك ىتلففيٍت على مية زلل كىتشطيب على ادلكافأة كلها‪،‬‬

‫بس طلعت حنيّنة»‬

‫‪232‬‬
‫تظاىرت ابلبؤس بينما تقوؿ‪« :‬كهللا لو عليّا ما كنت ىتأخر‪ ،‬بس ادلنحوس منحوس كلو علقوا على دماغو‬

‫فانوس!»‬

‫‪233‬‬
‫اخلاسبة (حامل)‬
‫«طب أأتكد إزام‪ ،‬أأتكد إزام؟»‬

‫دارت الشيماء ُب الشقة مفكرة‪.‬‬

‫«أركح اكشف‪ ،‬اىا ما ُب الركاايت بيقولوا إف التحليل بتاع البيت ده أكقات كتَت بيكوف غلط»‬

‫جلست على ادلقعد‪ ،‬تعارض أفكارىا‪« :‬الء الء أان عايزة أكؿ مرة أركح للدكتورة زلمود يبقى معااي‪ ،‬كبعدين أان‬

‫األعراض كلها عندم‪ ،‬كمتأكدة إف شاء هللا إشل حامل»‬

‫«أككككؼ بقى»‬

‫التقطت ىاتفها‪ ،‬تقوؿ لنفسها‪« :‬إيو الغباء ده‪ ،‬ماان اسأؿ ماما أحسن»‬

‫‪234‬‬
‫انتظرت حىت فتحت كالدهتا اخلط‪.‬‬

‫«ماميت حبيبيت»‬

‫قطعت على كالدهتا عتاهبا‪« :‬بصي بس اي ماميت‪ ،‬ىي الواحدة تتأكد ازام إهنا حامل؟»‬

‫«ألو اي ماميت‪ ،‬اي ماميت»‬

‫حدقت ُب شاشة اذلاتف بصدمة‪ ،‬لقد أغلقت كالدهتا اذلاتف ُب كجهها بعد أف ىلّلت كأخربهتا أهنا قادمة ذلا ىي‬

‫ككالدىا ُب احلاؿ!‬

‫لطمت كجنتيها بفزع‪« :‬هنار أسوح الحسن تقوؿ حملمود»‬

‫دارت حوؿ نفسها مفكرة‪« :‬طب اعمل إيو‪ ،‬اعمل إيو؟»‬

‫‪235‬‬
‫التقطت ىاتفها أبسى لتتصل بو‪.‬‬

‫«بالىا قرؼ ‪-‬ركمانسية‪ -‬بقى‪ ،‬ىو أصالن بيحب جناشل أكًت!»‬

‫صرخت خبوؼ فور أف فتح زلمود اخلط‪« :‬زلمود احلقٍت اي زلمود‪ ،‬علوت علػ‪»..‬‬

‫أغلقت اخلط ُب كجهو غَت قادرة على عدـ الضحك أكثر من ذلك‪.‬‬

‫كمن بُت ضحكاهتا دعت‪« :‬اي رب أكوف حامل بقى‪ ،‬الحسن لو مكنتش ىيعمل مٍت بتاتس زلمرة»‬

‫ٍب ركضت للشرفة تنتظر عودتو‪.‬‬

‫**********‬

‫قبل دخوؿ زلمود ادلنزؿ بدقيقة كاحدة‬

‫‪236‬‬
‫استلقت الشيماء على األرض متظاىرة ابإلغماء غَت مبالية ابلباب الذم يكاد يحكسر بسبب طرؽ زلمود عليو!‬

‫أخرج زلمود مفاتيحو‪ ،‬كبعد عدة زلاكالت فاشلة صلح ُب فتح الباب‪.‬‬

‫أسرع إليها بفزع‪ ،‬يهزىا خبشونة كاخلوؼ ؽلأل قلبو‪.‬‬

‫«شيماء فوقي اي شيماء‪ ،‬شيماء مالك؟»‬

‫ضرب كجنتيها عدة مرات كي تفيق‪ ،‬لكن مجيع زلاكالتو ابئت ابلفشل!‬

‫محلها يدكر ُب الشقة بتيو‪ ،‬عقلو متوقف عن العمل‪..‬‬

‫كحينها دل تتمالك الشيماء نفسها كانفجرت ضاحكة!‬

‫«يعٍت بذمتك كاحدة مغمى عليها ىتفضل ماشي بيها كده‪ ،‬اي إما رباكؿ تفوقها بربفاف اي إما اتخدىا على‬

‫‪237‬‬
‫ادلستشفى‪ ،‬لكن كقفتك دم مش ىتنفعها حباجة!»‬

‫رمقها زلمود ببالىة‪ ،‬ال يستوعب أهنا تتحدث كتضحك بال أم تعب‪.‬‬

‫«أنت‪ ،‬أنت»‬

‫«استهدل ابهلل بس كنزلٍت»‬

‫طلبت منو ضاحكة‪.‬‬

‫أنزذلا بال كعي‪ ،‬لتوضح لو اببتسامة مسجة‪« :‬بص الصراحة ده كاف مقلب»‬

‫اثنية كاحدة استوعب فيها ما قالتو‪ ،‬قبل أف يركض إليها صارخان‪« :‬نعم اي ركح أمك!»‬

‫ركضت صارخة بضحك حىت كقفت ُب آخر الصالة‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫«استٍت بس اي عم أان حامل!»‬

‫كقف أمامها بدىشة‪ ،‬ال يعلم إف كاف ما مسعو حقيقيان أـ ال!‬

‫«ىاه؟»‬

‫«ىاه إيو بقولك أان حامل»‬

‫قالت بينما ربرؾ يدىا أماـ كجهو لتتأكد من استيعابو دلا تقولو‪.‬‬

‫صرخ فيها بتشتت‪« :‬كفيو كاحدة حامل ذبرم كده‪ ،‬أنت غبية!»‬

‫حركها ببطء حىت أجلسها على األريكة‪.‬‬

‫«مراتحة كال تدخلي تنامي على السرير؟»‬

‫‪239‬‬
‫رمشت بعينيها مبتسمة‪.‬‬

‫«بسم هللا ما شاء هللا‪ ،‬دم حركات أبطاؿ الركاايت بقيت تطلع تلقائي اىوه‪..‬‬

‫بس أنت مشلتنيش ليو؟»‬

‫كخرجت آخر كلماهتا بعصبية‪.‬‬

‫«سيبك من الزفت الركاايت دلوقيت‪ ..‬أنت عرفت إنك حامل امىت؟»‬

‫اببتسامة بلهاء قالت‪« :‬ال ما أان لسو معرفتش‪ ،‬ده توقع»‬

‫«ىقتلك كاخلص من ىبلك‪ ،‬أقسم ابهلل ماان سايبك النهاردة»‬

‫صرخ فيها بغضب شلا تفعلو بو‪ ،‬كاد يهجم عليها‪ ،‬إال أهنا منعتو‪« :‬حاسب البييب ىتم ّوتو»‬

‫‪241‬‬
‫«اي رب‪ ،‬اي رب»‬

‫غَتم ىدكمك علشاف نركح لدكتور نتأكد»‬


‫أشار ذلا هبدكء ال ؽلتلك منو الكثَت‪« :‬خشي (ادخلي) ّ‬
‫نفذت بسرعة‪ ،‬كىي تدعي‪« :‬اي رب أكوف حامل اي رب‪ ،‬كإال هللا يرمحٍت بقى»‬

‫**********‬

‫«شوفت أان حامل اىوه‪ ،‬حامل»‬

‫قفزت الشيماء بطفولية بعد أف ًب فحصها من قبل الطبيبة كأكدت أمر محلها‪.‬‬

‫«مينفعش تتنططي كده اي مداـ»‬

‫ىتفت الطبيبة ضاحكة‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫كقفت الشيماء معتدلة‪ ،‬تقوؿ بطاعة‪« :‬أيوه صح‪ ،‬ادلفركض اخد ابرل»‬

‫«ده أكؿ محل؟»‬

‫أكمأ زلمود مؤكدان‪.‬‬

‫كتبت الطبيبة األدكية اليت ستحتاجها الشيماء كأعطت الورقة حملمود‪.‬‬

‫«ايريت متبقاش فيو حركة كتَت‪ ،‬متشيليش حاجة تقيلة‪ ،‬كىستناؾ بعد أسبوع إف شاء هللا»‬

‫شكرىا زلمود‪ ،‬كأخذ زكجتو عائدين للمنزؿ‪.‬‬

‫**********‬

‫«أان مش مصدقة‪ ،‬ىيبقى عند‪»..‬‬

‫‪242‬‬
‫توقفت الشيماء عن احلديث عند رؤية كالديها على ابب الشقة‪.‬‬

‫«إيو ده اباب؛ ماما‪ ،‬أنتوا ىنا من امىت؟»‬

‫ىتفت كالدهتا بعصبية‪« :‬أنت اي بت أنت أان مش قاياللك ىجيب أبوؾ كاجيلك‪ ،‬نزلت ليو ىاه؟»‬

‫ىتف زلمود مرحبان‪« :‬ندخل األكؿ بس اي أمي»‬

‫دخلوا الشقة‪ ،‬كالشيماء ت ّدعي التعب لتنجو من توبيخ كالدهتا‪:‬‬

‫«أصل أان اي ماميت أكؿ دلا قفلت معاؾ‪ ،‬حسيت بدكخة كاغمػ‪»..‬‬

‫قاطعها زلمود مبتسمان ابنتقاـ‪« :‬متصدقيهاش اي أمي‪ ،‬دم كانت بتجرم كتتنطط زم القردة»‬

‫رمقتو الشيماء بغيظ‪ ،‬ليشَت ذلا بال مباالة‪ ،‬فإف كاف لن يستطيع زلاسبتها فليفعل كالداىا ذلك!‬

‫‪243‬‬
‫كابلفعل أخذت الكثَت كالكثَت من التوبيخ من كالديها كسط ابتسامات زلمود كسيطرتو على ضحكاتو!‬

‫«كاعقلي بقى شوية ده أنت ىتبقي أـ!»‬

‫ختمت كالدهتا احلديث هبذه اجلملة‪ٍ ،‬ب قبّلتها ىي ككالدىا كغادرا‪.‬‬

‫متخصرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كقفت الشيماء أماـ زلمود‬

‫«طبعان عجب سيادتك اللي حصل ده؟»‬

‫أطلق زلمود ضحكاتو لتمأل الشقة مؤكدان على حديثها‪.‬‬

‫توعدتو الشيماء بداخلها‪« :‬ماشي اي زلمود‪ ،‬كهللا ألكريك‪ ،‬كأدينا داخلُت على كحم بقى كاشرب!‬

‫نيهاىاىاىا»‬

‫‪244‬‬
‫«الضحكة دم متطمنش!»‬

‫ىتف ابرتياب‪.‬‬

‫أحاطت عنقو بدالؿ‪ ،‬تقوؿ‪« :‬ليو بس اي مودم‪ ،‬دم حىت ضحكة لطيفة خالص»‬

‫رفع حاجبيو بعدـ تصديق‪.‬‬

‫تتابع بتساؤؿ‪« :‬قحلي بقى اي حبييب‪ ،‬لو كاف البييب كلد ىنسميو إيو؟»‬

‫حرؾ مقلتيو بتفكَت‪.‬‬

‫«مش عارؼ‪ ،‬إيو رأيك لو انصر على اسم اباب‪ ،‬أك دمحم على اسم ابابؾ»‬

‫ربولت إذل اجلنوف‪ ،‬تصيح ابستنكار‪« :‬نعم اي حبييب! ال انسي‪ ،‬بص من اآلخر كده؛ عندؾ‬

‫‪245‬‬
‫أدىم‪ ،‬آدـ‪ ،‬آسر‪ ،‬مازف‪ ،‬ايسر‪ ،‬مالك‪ ..‬اختار اسم منهم البننا»‬

‫قرر أف يطيعها حاليان‪ ،‬كحينما أيٌب موعد الوضع يفعل ما يريد!‬

‫«طيب طيب»‬

‫دل ترتح الستسالمو السريع‪ ،‬سألتو بشك‪« :‬أنت بتاخذشل على قد عقلي صح؟»‬

‫كابتسامتو السمجة كانت خَت إجابة ذلا‪.‬‬

‫«طب كحياة الغوارل اي زلمود البٍت ىيبقى امسو أدىم إيو رأيك بقى؟!‬

‫ايكش أان امحل كاتعب كاكلد كُب اآلخر تسميلي ابٍت على مزاجك!»‬

‫«استغفر هللا العظيم‪ ،‬إف شاء هللا تيجي بنت علشاف تسكيت»‬

‫‪246‬‬
‫«لو جت بنت ىسمػ‪»..‬‬

‫صمتت لثواشل مفكرة‪ ،‬قبل أف تشَت لو بال مباالة‪.‬‬

‫«خالص لو بنت مسيها أنت»‬

‫«ده إيو الرضا ده؟»‬

‫سأذلا بدىشة‪.‬‬

‫ربركت إذل غرفتها كىي تتمتم‪« :‬ايعيٍت ميعرفش إف اسامي األكالد دكؿ كراشاٌب قبل ماتدبس فيو!»‬

‫**********‬

‫قبيل الفجر‬

‫‪247‬‬
‫انتظرت الشيماء حىت استغرؽ زلمود ُب النوـ‪.‬‬

‫بتقوـ ماما عليّا!‬


‫هتتف بداخلها‪« :‬بقى ّ‬
‫ماشي اي زلمود‪ ،‬ىورييييك»‬

‫هتمس بصوت ابلكاد يحسمع‪« :‬حاف كقت االنتقاـ»‬

‫قبل أف تصرخ بصوت يثَت الفزع‪« :‬زلمود‪ ،‬زلمود»‬

‫«اشلممم»‬

‫«زلموكككد»‬

‫«إيو فيو إيو؟‬

‫‪248‬‬
‫ىتفت برباءة‪« :‬عايزة كيوم»‬

‫«نعم ايخيت‪ ،‬كيوم! كأجيبلك كيوم منُت أان دلوقيت؟»‬

‫رفعت أكتافها بال مباالة‪.‬‬

‫«معرفش اتصرؼ»‬

‫سحبها لتناـ رغمان عنها‪ ،‬كىو يقوؿ‪« :‬طيب اي حبيبيت انمي‪ ،‬كالشتا اجلاية إف شاء هللا ابقى أجيبلك كيوم»‬

‫ابتعدت عنو صائحة‪« :‬شتا أيو‪ ،‬أان عايزة كيوم دلوقيت‪ ..‬حاالن»‬

‫«عايزة كيوم الساعة تالتة الفجر ُب عز الصيف! أنت اذبننت اي شيماء؟»‬

‫«هللا كأان مارل! ده ابنك اللي عايز على فكرة!»‬

‫‪249‬‬
‫ىتفت مؤنبة‪ ،‬معتقدة أنو فور أف يعلم ذلك سيقفز من نومو ليجلب لطفلو ما يريد!‬

‫«ابٍت؟»‬

‫«أىا بتوحم»‬

‫ىتفت مؤكدة‪.‬‬

‫يصرخ زلمود بعدـ تصديق‪« :‬تتومحي إيو ده أنت مكملتيش يوـ عارفة إنك حامل!»‬

‫ىل كشف كذبتها؟‬

‫كضعت الوسادة أماـ كجهها ربمي نفسها منو‪.‬‬

‫«أصل أان كنت جبرب ادلشهد ىيبقى عامل ازام؟»‬

‫‪251‬‬
‫كسط استيعابو دلا قالتو‪ ،‬أظهرت جزء من كجهها‪ ،‬تقوؿ‪:‬‬

‫«بس اكعي يوـ ما اتوحم جبد ترفض تنزؿ ذبيبلي اللي أان عايزاه‪..‬‬

‫عايزة أقولك نفسي ُب كذا تقوـ تنط ذبيبهورل‪..‬‬

‫كال أنت عايز ابنك يطلع‪»..‬‬

‫أعادت كجهها خلف الوسادة‪ ،‬كىو يصيح بعصبية‪« :‬قسمان عظمان لو ما سيبتيٍت أانـ دلوقيت ألخليك تكرىي‬
‫اليوـ اللي اتولدت فيو‪ ،‬كأنت حرة بقى!»‬

‫انقلبت الشيماء تعطيو ظهرىا‪ ،‬تقوؿ بطاعة‪« :‬ظلت ظلت خالص»‬

‫‪251‬‬
‫بعد عدة دقائق‬

‫«زلمود»‬

‫«استغفر هللا العظيم كأتوب إليو»‬

‫سبتم زلمود بنفاذ صرب‪.‬‬

‫هتمس الشيماء‪« :‬مش ىتاخدشل ُب حضنك؟»‬

‫أصدر تنهيدة طويلة بينما تسًتيح على صدره‪ ،‬هتمس‪« :‬حببك»‬

‫كررت كىي تضربو على صدره‪« :‬حببك»‬

‫ابدذلا ببؤس‪« :‬كأان كهللا حببك بس سيبيٍت أانـ»‬

‫‪252‬‬
‫ربتّت على صدره حبنو‪ ،‬تقوؿ اببتسامة‪« :‬انـ اي حبييب‪ ،‬انـ علشاف اللي جام أحلى!»‬

‫ليدعو ابلصرب على ما سينالو من رلنونتو!‬

‫سبت حبمد هللا‬

‫‪253‬‬

You might also like