You are on page 1of 2

‫إن العلم ن و ٌر وهُ دى‪ ،‬والجه ل ض ال ٌل وش قاء‪ ،‬ف العلم م يراث‬ ‫أيه ا الطالب‪ّ ،‬‬

‫األنبياء‪ ،‬والعُلماء ورثتهم‪ ،‬فاألنبياء لم يورِّثوا دين اراً وال درهم ا ً وإنَّم ا ورَّث وا‬
‫إن العلم يرف ع ص احبه في‬ ‫وافر من ميراثهم‪ ،‬بل َّ‬ ‫ٍ‬ ‫العلم‪ ،‬فمن أخذه فقد أخذ بح ٍظ‬
‫ين ُأوتُ وا ْال ِع ْل َم‬ ‫ين آ َمنُ وا ِم ْن ُك ْم َوالَّ ِذ َ‬
‫ال ُّدنيا واالخرة‪ ،‬لقوله ‪-‬تع الى‪( :-‬يَرْ فَ ِع هَّللا ُ الَّ ِذ َ‬
‫ت)‪.‬‬ ‫َد َر َجا ٍ‬
‫ألن العلم يبقى أثره بعد موت‬ ‫ق في اآلخرين؛ َّ‬ ‫لسان صد ٍ‬ ‫َ‬ ‫ومن تَعلّم العلم كان له‬
‫ان ا ْنقَطَ َع ع ْن ه َع َملُ هُ ِإاَّل‬ ‫ات اإل ْن َس ُ‬
‫صاحبه‪ ،‬قال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ِ( :-‬إ َذا َم َ‬
‫ح يَ ْد ُعو ل ه)‪ ،‬وال‬ ‫صالِ ٍ‬‫اريَ ٍة‪َ ،‬أ ْو ِع ْل ٍم يُ ْنتَفَ ُع بِ ِه‪َ ،‬أ ْو َولَ ٍد َ‬ ‫ِمن ثَاَل ثَ ٍة‪ِ :‬إاَّل ِمن َ‬
‫ص َدقَ ٍة َج ِ‬
‫زلنا إلى اآلن نتذ َّكر ما مضى من أهل العلم والعُلماء‪ ،‬فقد قال هللا ‪-‬تع الى‪ -‬عن‬
‫ان َميْتا ً فََأحْ يَ ْينَاهُ َو َج َع ْلنَا لَ هُ نُ وراً يَ ْم ِش ي بِ ِه فِي‬ ‫العُلماء وعلو منزلتهم‪َ( :‬أ َو َم ْن َك َ‬
‫ج ِم ْنهَا)‪ ،‬فالعالم يمشي بين النَّاس بنور‬ ‫ار ٍ‬ ‫ْس بِ َخ ِ‬ ‫ت لَي َ‬ ‫اس َك َم ْن َمثَلُهُ فِي ُّ‬
‫الظلُ َما ِ‬ ‫النَّ ِ‬
‫العلم‪.‬‬
‫إخوتي في هللا‪ ،‬تعلَّموا العلم لتنالوا فضله وبركته‪ ،‬وتجن وا ثِم اره‪ ،‬وال تتعلَّم وه‬
‫لتجادلوا به غيركم‪ ،‬أو تماروا به‪ ،‬فمن طلبه ليماري به السُّفهاء أو يج اري ب ه‬
‫ألن العلم‬ ‫العلم اء فق د ع رَّض نفس ه للعقوب ة‪ ،‬وال تطلب وا العلم ألج ل الم ال؛ َّ‬
‫أشرف من أن يكون وسيلةً إليه‪ ،‬والمال يفنى والعلم يبقى‪ ،‬وال بُ َّد لن ا أن نُش ِّمر‬
‫الش باب‪ ،‬أنتم أم ل اُأل َّمة‪ ،‬ومعق د آماله ا‪،‬‬ ‫عن ساعد الج ِّد في طلب ه‪ .‬وأنتم أيُّه ا َّ‬
‫الش باب فق د اهت َّم اإلس الم‬ ‫عزها ونهض تها وق َّوته ا‪ ،‬وألهميَّة مرحل ة َّ‬ ‫ومصدر ِّ‬
‫بها‪ ،‬وأوالها عنايةً فائقةً‪ ،‬فالواجب عليكم أن تس تغلوا ُعطلكم وأوق ات ف راغكم‬
‫والس الم‪:-‬‬ ‫َّ‬ ‫في تنمي ة م واهبكم وقُ دراتكم‪ ،‬فق د ق ال رس ول هللا ‪-‬علي ه الص الةُ‬
‫غ)‪.‬‬ ‫ص َّحةُ والفَرا ُ‬ ‫اس‪ :‬ال ِّ‬ ‫(نِ ْع َمتا ِن َم ْغب ٌ‬
‫ُون فِي ِهما َكثِي ٌر ِم َن النَّ ِ‬
‫أيه ا المس تمعون الك رام‪ ،‬ق د جع ل هللا ‪-‬تع الى‪ -‬عالج الجه ل ب العلم‪ ،‬وس ؤال‬
‫العُلماء‪ ،‬ويكفي طالب العلم فخراً حديث النب ِّي ‪-‬عليه الصالةُ والسالم‪ -‬في عل ِّو‬
‫مكانته ومنزلته‪( :‬من سلك طريقا يلتمس فيه علم ا س هل هللا ل ه ب ه طريق ا إلى‬
‫الجنة)‬
‫إخوتي األعزاء‪َّ ،‬‬
‫إن العلم من عالمات إرادة هللا ‪-‬تعالى‪ -‬الخ ير للعب د‪ ،‬فب العلم‬
‫ور‪ ،‬ويس تقيم على دين ه‪ ،‬وي دعو غ يره إلى‬ ‫يعب ُد اإلنسان ربَّه على بص ير ٍة ون ٍ‬
‫الص حابة الك رام؛ فق د ك انوا يحرص ون على طلب‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وقُ دوتنا في ذل ك َّ‬
‫العلم؛ فق د ورد عن عب د هللا بن الح ارث ‪-‬رض ي هللا عن ه‪ -‬أنَّه أ َّول من س مع‬
‫هي عن التَّبول في استقبال القبلة‪ ،‬وأ َّول من ح َّدث به‪.‬‬
‫حديث النَّ ِ‬
‫الص حابة؛ ك ان‬ ‫وها هو عمرو بن س لمة ‪-‬رض ي هللا عن ه‪ -‬وه و من ص غار َّ‬
‫يحرص على أن يستفتي العُلم اء ويس ألهم‪ ،‬ح تى وص ل إلى درج ٍة عالي ٍة من‬
‫العلم وفاق من في ُعمره بالعلم والمعرفة‪ ،‬األمر الذي أهَّلَهُ ألن يك ون إم امهم‪،‬‬
‫الس فر لطلب العلم‬ ‫بل وصل األمر في بعض الصَّحابة الكرام أن يتكبَّدوا عن اء َّ‬
‫والح ديث؛ فق د ورد عن ج ابر بن عب د هللا ‪-‬رض ي هللا عن ه‪ -‬أنَّه س افر ش هراً‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالةُ والسالم‪-‬‬ ‫ِّ‬ ‫أن رجالً بال َّشام سمع حديثا ً من‬ ‫كامالً عندما سمع َّ‬
‫لم يَسمعهُ أح ٌد غيرُه‪.‬‬
‫أن اآلي ة اُألولى‬ ‫أحبائي الكرام‪ ،‬وم َّما ي ُدلُّ على أهميَّة العلم ورفع قيمة العُلماء؛ َّ‬
‫ق)‪[،‬‬ ‫تحث على القراءة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ا ْق َرْأ بِاس ِْم َرب َِّك الَّ ِذي َخلَ َ‬ ‫ُّ‬ ‫نُزوالً في القُرآن‬
‫أن هارون الرَّشيد‬ ‫‪ ]١٣‬ومن مظاهر اهتمام ال ُمسلمين بالعلم على مدار التَّاريخ ّ‬
‫قَبِ َل الجزي ة من غ ير ال ُمس لمين ُكتُب اً‪ ،‬وك ان العُلم اء يرتحل ون في طلب ه‬
‫واالستزادة منه‪ ،‬ويحرص العُلماء على تبليغ ما أعطاهم هللا ‪-‬تعالى‪ -‬من العلم‪،‬‬
‫ون َما َأ ْن َز ْلنَ ا‬ ‫ين يَ ْكتُ ُم َ‬ ‫مخافة الوقوع في الوعيد الوارد في قوله ‪-‬تعالى‪ِ( :-‬إ َّن الَّ ِذ َ‬
‫ب ُأولَِئ َ‬
‫ك يَ ْل َعنُهُ ُم هَّللا ُ َويَ ْل َعنُهُ ُم‬ ‫اس فِي ْال ِكتَ ا ِ‬
‫ت َو ْالهُ َدى ِم ْن بَ ْع ِد َما بَيَّنَّاهُ لِلنَّ ِ‬
‫ِم َن ْالبَيِّنَا ِ‬
‫الاَّل ِعنُ َ‬
‫ون) ‪.‬‬

You might also like