Professional Documents
Culture Documents
الزلازل أخبارها في مصادر التاريخ الإسلامي ومراجعه
الزلازل أخبارها في مصادر التاريخ الإسلامي ومراجعه
عبدالكريم السمك
15/9/2014ميالدي 21/11/1435 -هجري
https://2u.pw/aT8nF
علم التاريخ من أسمى العلوم اإلنسانية التي ساهمت في خدمة سائر العلوم إنسانية أم علمية ،في هذا الجانب
يأتي علم التاريخ في خدمة علم الجغرافية التاريخية للمنطقة العربية واإلسالمية ،التي شهدت أراضيها زالزل متعاقبة
على مدى ألف وخمسمائة عام مضت ،ومثل هذه القضية تعتبر من أهم القضايا التي يخشاها ويخافها اإلنسان ،من يوم
أن أوجده هللا على هذه األرض ،وقد حفظت لنا مكتبة التاريخ اإلسالمي سجالت وتواريخ هذه الزالزل ،فو َّفرت هذه
السجالت التاريخية لعلماء الغرب المتعقبين لعلم الزالزل ماد ًة عظيمة ،في وفرة معلوماتها وأخبارها وقوتها وزمانها
ومكانه ،لدراسة مواضع هذه األمكنة التي سبق ونزل فيها ما نزل من زالزل ،فيما يخدم العلماء في العلم.
ت اَأْل ْر ُ
ض َأ ْث َقالَ َهCCا * َو َقCCال َ ت اَأْل ْر ُ
ض ِز ْل َزالَ َهCCا * َوَأ ْخَ Cر َج ِ جاء في سورة الزلزلة ،بسم هللا الرحمن الرحيم ﴿ ِإ َذا ُز ْل ِزلَ ِ
ارهَا * ِبَأنَّ َر َّب َك َأ ْو َحى لَ َها ﴾ [الزلزلة.]5 - 1 : ث َأ ْخ َب َ
سانُ َما لَ َها * َي ْو َمِئ ٍذ ُت َح ِّد ُ
اِإْل ْن َ
فالزالزل آية من آيات هللا المعجزة ،أودعهCCا هللا في نظCCام الكCCون الCCذي ُيسِّ Cيره هللا بقدرتCCه وإرادتCCه ،وب َّين سCCبحانه
ض آ َياتٌ لِ ْل ُموقِنِينَ ﴾ [الذاريات ،]20 :وما زال اإلنسان مع كل ما عرفه في عCCالم وتعالى في سورة الذارياتَ ﴿ :وفِي اَأْل ْر ِ
عاجز ا أمام الزالزل ،وما يصاحبها من تدمير وقتل وتشريد في المناطق التي تنزل فيها. ً اليوم من تقدم علمي وتقني
الزلزلة ً
لغة:
بالر ْجفCةِ ،ويقCCال :رجفت األرض رج ًفCCا :اضCCطربت ،والراجفCCة:
الز ْلزلَCCة َّ
هي تحريCCك الشCCيء بقCCوة وبشCCدة ،وتسCCمى َّ
األرض ترتجف؛ أي :تتحرك بشدة.
وقد ق ِّدر عدد الزالزل التي يشهدها العالم في السنة بآالف الزالزل ،غCCير أن معظ َمهCCا تCCأتي خفيفCCة ،بحيث ال يشCCعر
Cدث مCCر ًة أو مCCرتين كCCل شCCهر ،وفيمCCا يخص الموجCCات Cارا واسً Cعا ،فهي تحُ C
بها أحد ،أما الزالزل القوية ،والتي تسبب دمً C
الزلزاليCCة فهي تنتشCCر من المركCCز إلى الخCCارج في جميCCع االتجاهCCات تما ًمCCا بسCCرعة وقCCوة واحCCدة ،كمCCا تفعCCل الموجCCات
الصوتية.
َّ
والزالزل ُ في هذا الشأن نوعCCان :زالزل قار َّية ،وزالزل مائ َّية تعCCرف بـ(تسCCونامي) تنشCCط في أعمCCاق المحيطCCات
ِثة اضطرابات زلزالية في قِيعان المحيطات ،ويبلغ طول ما بين الموجة والموجCCة الناتجCCة عن تسCCونامي في البحرية محد ً
حدود ( )200كم في الساعة ،كما تبلغ سرعتها في قCوة انCدفاعها في حCدود ( )800كم في السCاعة ،وعنCدما تصCل إلى
تخف سرعتها ويCCزداد ارتفاعهCا ،وباقترابهCا يCتراجع البحCر أوالً ثم يرتCد منCCدف ًعا في سلسCCلة من
ُّ شاطئ خفيف االنحدار،
األمواج الهائلة ،الCCتي تمضCCي في اقتحCCام اليابسCCة ،كالCCذي نCCزل في لشCCبونة عCCام 1755م ،حيث تحCCولت إلى ركCCام خالل
مترا ،وغير بعيد ع َّنا زلCزال تسCونامي الCذي نCزل في إندونيسCيا وغيرهCا خمس دقائق ،في ارتفاع موج بلغ علوه (ً )17
من الدول المطلة على المحيطات مثل زلزال اليابان األخير ،وكيف طغى البحر على اليابسة وابتلع من هو على ظهرها.
أما عن أسباب الزالزل عند علماء الفيزياء والجغرافCCيين المسCCلمين ،فالكتابCCات تشCCير إلى أن علمCCاء الفيزيCCاء
والجغرافية المسلمين ،ذهبوا في تعليل أسبابها إلى :أن الكهوف والمغارات واألهوية التي في جوف األرض والجبال ،إذا
لم يكن لها منافذ تخرج منها المياه ،بقيت تلك المياه هناك محبوسCCة زما ًنCCا ،وإذا ح َّم بCCاطنُ األرض وجCCرف تلCCك الجبCCال،
Cع ،فCCإن كCCانت األرض كثCCيرة ال َّت ْخل ُخCCل،
Cارا ،وارتفعت وطلبت مكا ًنCCا أوسَ C
سخنت تلCCك الميCCاه ولطفت وتحللت وصCCارت بخً C
ً
تحللت وخرجت تلك البخارات من تلك المنافذ ،وإن كان ظاهر األرض شديد التكاتف حصCCيفا منعهCCا من الخCCروج ،وبقيت
محتبسة تتموج في تلك األهوية لطلب الخروج ،وربما انشَّ Cقت األرض في موضCCع منهCCا ،وخCCرجت تلCCك الريCCاح مفاجCCأة، ً
وانخسف مكانها ،ويسمع لها دوي وهدة وزلزلة.
قال بهذا إخوان الصفا وابن سينا وابن رشد وابن حيان والقزويني والخوارزمي ،ويشير الدكتور الغنيم بCCأن هCCذا
الرأي عن أسباب الزالزل جاء عند المسلمين ،ويتفق هذا الرأي مع رأي أرسطو مع بعض اإلضافات عليCCه الCCتي ال تغCCير
إيضاحا وتثريها باألدلة.
ً شيًئ ا فيه ،لكنها تزيدها
كتاب سجل الزالزل العCCربي (أحCCداث الCCزالزل وآثارهCCا في المصCCادر العربيCCة) لمؤلفCCه األسCCتاذ الCCدكتور :يوسCCف عبCCد هللا
الغنيم:
مكتبة الجغرافية العربية بأعمال نفسية من غير هCCذاَ مؤلف الكتاب أستاذ فاضل من أفاضل علماء الكويت ،خدم
الكتاب ،وكان منها نشره لكتاب عنوانه (المخطوطات الجغرافية العربية في المكتبة البريطانية ومكتبة جامعة كامبردج)،
وقد تم نشره في الكويت سنة 1420هـ 1999 -م ،وكتابCCه الثCCاني (الفوائCCد في أصCCول علم البحCCر والقواعCCد) كمخطCCوط
لمؤلفه شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي (906 - 825هـ 1489 - 1421 -م) ،وقد نشره مركز البحوث والدراسات
الكويتية سنة 2004م ،أما ما كتبه في كتابه (سجل الزالزل العربي) والCCذي تم نشCCره في الكCCويت سCCنة 2002م ،تنCCاول
فيه المؤلف في مقدمته في الكتCCاب قولَCCه بCCأن فكCCرة الكتCCاب راودتCCه سCCنة 1973م ،وجCCاء تفرغCCه العلمي سCCنة 1986م
طيلCة خمس وعشCرين سCنة، َ ليس ِّهل السبيل له في إخراج العمل من حيز الفكرة إلى واقع الحقيقة ،وقCد امتCد العمCل فيCه
والكتاب في علميته وأهميته ُيش َك ُر مؤلفُه عليه ،بمCCا قدمCCه في إحصCCاء تCCواريخ أحCCداث الCCزالزل الCCتي دونهCCا المؤرخCCون
المسلمون على مدى خمسة عشر قر ًن ا ،خدم فيها الجغرافية التاريخية في موضوع الزالزل وتواريخها ،وسيكون الكتCCاب
خير عون لي في تناول هCCذه الدراسCة المعنيCة بCالزالزل وتواريخهCا في المCCوروث التCCاريخي اإلسCالمي ،فخCالص الشCCكر َ
للدكتور الغنيم على عمله العلمي الجليل ،والذي أحصى فيه الزالزل من السنة الخامسة للهجCرة ،ابتCدأها بزلCزال المدينCة
مرورا بالعديد من الزالزل الCتي عصCفت بالعCالم العCربي واإلسCالمي، ً المنورة على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم،
من مشرقه حتى مغربه.
هذا ،وقد تنوعت المصادر في أخبار الزالزل في الموروث التCCاريخي اإلسCCالمي ،فمنهCCا الحCCولي ،ومنهCCا مCCا هCCو
الح ْول َّية ،فقد كانت على الشكل التالي:
خاص بموضوع الزالزل وعلومها ،أما الكتب َ
الح ْول َّية في التاريخ اإلسCCالمي ،الCCتي تنCCاولت الحCCديث عن الCCزالزل ،بكتابCCة
أ -جاءت المصادر َ
َح ْول َّي ة في سياق النص في هذه المصادر ،وقد تم حصر البعض منها على الشكل التالي:
-" -4المنتظم ،في تاريخ الملوك واألمم" البن الجوزي ،والكتاب يغطي من الفترة 574 C- 357هـ ،واحتCوى الكتCCاب
على خبر سبعة وعشرين زلزاالً ،فيصف زلCCزال بغCCداد وصً Cفا دقيقCCا فيقCCول سCCنة 544 :هـ "وفي يCCوم السCبت غCرة ذي
نحوا من عشر مرات". عظيمة فبقيت تموج ً ً الحجة وقت الضحى ،زلزلت األرض زلزلة
-" -5الكامل في التاريخ" البن األثير ،وهو يغطي بين السنة األولى للهجرة حتى عام 638هـ؛ أي :قبل وفاته بسنتين.
-6التCCاريخ المنصCCوري "تلخيص البيCCان ،في حCCوادث الزمCCان" البن نظيCCف الحمCCوي ،ويبCCدأ تاريخCCه من السCCنة األولى
للهجرة حتى سنة 631هـ ،وقد احتوى على ثمانية عشر حد ًثا زلزال ًّيا.
-" -7البداية والنهاية" البن كثير ،وقد غ َّطى الكتاب األحداث التاريخية من السنة األولى للهجرة حCتى سCنة 767هـ،
ويحتوي الكتاب على ستة وأربعين حاد ًثا زلزال ًّيا.
-" -8كنز الدرر ،وجامع الغرر" للداوداري ،واحتوى الكتاب على واحد وثالثين حاد ًثا زلزال ًّيا ،والمؤلف من أهل مصر.
-" -9إنباء الغمر ،بأبناء العمر" البن حجر العسقالني ،وفيه أخبار وصفية عن العديد من الحوادث الزلزالية التي نزلت
في الشام.
-" -10بدائع الزهور ،في وقائع الدهور" البن إياس ،وهو تاريخ اعتنى بأخبار مصر منCCذ الفتح اإلسCCالمي حCCتى وفCCاة
ابن إياس سنة 930هـ ،وجاء في الكتاب ستة عشر حاد ًثا زلزال ًّيا.
-" -12شذرات الذهب ،في أخبار من ذهب" البن العماد ،وفيه خبر ثالثة وثالثين حاد ًثا زلزال ًّيا.
- -13تاريخ الضعيف "تاريخ الدولة السعيدية" لمحمد بن عبدالسالم الضCعيف ،والمؤلCف مغCربي ولCد بالربCاط ،وفيCه
رصد زالزل المغرب.
وقد اكتفيتُ بهCCذه المجموعCة من الكتب التاريخيCة الCتي كتبت عن الCCزالزل وأخCبرت عنهCCا ،وال يعCCني هCCذا عCCدم
وجود غيرها من الكتب التي تناولت الحوادث الزلزالية في تاريخنا اإلسالمي والعربي.
ب -مراجCCع خاصCCة بCCالزالزل ،حملت في َع ْن َونتهCCا الحCCديث عن الCCزالزل ،الCCتي وقعت في العCCالم العCCربي
واإلسالمي ،وجاءت على شكل كتب ورسائل ،وقد تم حصرها على الشكل التالي:
ما ذكره ابن النديم في كتابه (الفهرست) ،رسالة في علم الزالزل ،وكان عنوانها "علم حدوث الرياح في -1
باطن األرض ،المحدثة كثير الزالزل" ،ونسبها ابن النديم إلى الكندي المتوفى 204هـ وهي التي ترجمهCCا ابن البطريCCق،
وهي التي تقول بفرضية دور الرياح المحتقنة في باطن األرض في إحداث الزالزل.
الحموي ،في كتاب "معجم األدباء" إلى أن ابن عساكر 571هـ كتب كتا ًبا في ثالثة أجزاء
ُّ أشار ياقوت -2
بعنوان "اإلنذار بحدوث الزالزل".
كتاب "الزالزل واألشراط" ألبي الحسن علي بن أبي بكر العوشاني 557هـ ،والكتاب في غرض نصه ،جاء -3
معن ًّيا بCCالجوانب الفقهيCة والشCCرعية ،وتكلم عن زلCCزال الحجCCاز الكبCير ،الCCذي نتج عنCه تضعضCCع الCCركن اليمCCاني للكعبCCة
المشرفة ،وذلك سنة 515هـ.
قالئد العقائل ،في ذكر ما ورد في الزالزل" لشهاب الدين إسماعيل بن حامد بن عبدالرحمن القوصي - 574 " -4
653هـ.
جمل اإليجاز ،بنار الحجاز" وقد سماه حاحي خليفة" :عروة التوثيق ،في النار والحريق" ،والكتاب لكاتبه " -5
سخاوي ،وفيه أشار القسطالني لالنبثاقات الالبية التي حCCدثت شCCرقي المدينCCة
قطب محمد بن علي القسطالني كما أشار ال َّ
المنورة على طول أحد الصدوع.
رسالة في الزلزال الذي ضرب حلب ومنبج في ذلك العام" البن الوردي ،وابن الوردي شاعر ومؤرخ وأديب " -6
ولد في معرة النعمان سنة 744هـ ،وقCCد وضCع الرسCالة في ديوانCه ،وأشCار للرسCالة الطبCاخ في كتابCه "إعالم النبالء،
بتاريخ حلب الشهباء".
تحصين المنازل ،من هول الزالزل" ألبي الحسن بن الجزار ،وفيها أشار إلى زلزلة سنة 984هـ ،وفيها يرد " -7
على من يقول بأن الزلزلة سببها أبخرة ُتثي ُرها األرض ،كما تثير حرارة المحموم الباطنة حمى ظاهرة بجسده في الطCCول
معتبرا ذلك ضر ًبا من كالم الفالسفة والهرطقة ،الموافِقة لرأي جهالء الحكماء واألطباء ،وكان الجزار قد نقCCل
ً والعرض،
من السيوطي أخبار بعض الزالزل ،وهو يرى بأن الزالزل شكل من أشكال العقاب من هللا.
الحوقلة في الزلزلة" لمؤلفه حامد بن علي العمادي1171 C- 1103 ،هـ ،والمؤلف عاصر الشيخ عبدالغني " -8
النابلسي ،وتحدث عن زلزال دمشق لسنة 1148هـ ،وأشار إلى زلزال دمشق لسنة 1117هـ وقد أشار له النابلسي.
تحريك السلسلة ،فيمCا يتعلCCق بالزلزلCة" لمؤلفCCه إسCCماعيل بن محمCCد بن عبCدالهادي العجلCوني - 1087 " -9
1162هـ ،وعدد أوراقها خمس وثالثون ورقة.
َ
ثالث هداية الطريق ،إلزالة الزلزلة والحريق" لشبيب زاده محمد أمين ،وهي رسالة صCCغيرة عCCدد أوراقهCCا " -10
عشر َة ورقة ،وهي في موضوعها معنية باألحكام الفقهية المتعلقة بالزلزلة مع إشارة موجزة ألسبابها.
كشف الصلصلة ،في وصف الزلزلة" لجالل الدين السيوطي المتوفي 911هـ ،وهي من أهم الرسCCائل في " -11
الزالزل عند المؤرخين المسلمين ،وقد كثر االهتمام بها عند الغربيين من العلماء ،حيث تCCرجمت ألكCCثر من لغCCة ،كمCCا أن
السيوطي جاء على ذكر الزالزل في كتابCCه تCCاريخ الخلفCCاء ،والرسCCالة محفوظCCة في المكتبCCة األهليCCة في بCCاريس ،وهنCCاك
نسخة ثانية في مكتبة المتحف البريطاني ،وقد اكتشف الكتاب سنة 1842م في الجمعية اآلسيوية البنغالية.
كبيرا ،حصل فيه دمار كبير، ً زلزال دمشق الذي حدث في يوم الخميس 11ربيع اآلخر 233هـ ،وكان زلزاالً -2
قتCل فيCه خلCCق كثCCير ،وتهَّ Cدمت دور وبيCوت كثCيرة ،الجميCع تنCاول ذكCCر الحادثCCة في كتبهم ،ومنهم الCذهبي والسCيوطي،
والزلزلة تجاوزت حدود دمشق ووصCCلت إلى أنطاكيCCة والجزيCCرة والموصCCل ،فيقCCال :هلCCك من أهلهCCا خمسCCون أل ًفCCا ،وقCCد
ذكرها ابن عساكر بقوله واص ًف ا إياها في كتاب "الزالزل" :بأن دمشق زلزلت ضحى يوم الخميس ربيCCع اآلخCCر 233هـ،
ربعا من الجامع األمCوي ،وتCزايلت الحجCارة العظCام ،ووقعت المنCارة ،وسCقطت القنCاطر والمنCازل ،وامتCدت إلى فقطعت ً
الغوطة ،فأتت على داريا والمزة وبيت لهيا وغيرهCCا ،وخCCرج النCCاس إلى المصCCلى يتضCCرعون إلى قCCريب نصCCف النهCCار،
أرخCوا لهCذه الحادثCة فسCكنت الCدنيا؛ "السCيوطي" ،والصCورة عن هCذا الزلCزال واحCدة عنCد كثCير من المCؤرخين الCذين َّ
وعظمتها ،فالمؤرخ الخلف أخذ صورة هذه الزلزلة عن المؤرخ السلف.
وبعد ثالث سنوات على خراب شيزر ،كCCانت الشCCام تشCCهد زالزل مCCترددة حCCتى جCCاءت سCCنة 552هـ ،وفيهCCا كCCان
زلزال حماة الشهير ،والذي يمثل صورة من صور المآسي في تاريخ مدينة حماة السورية ،وقد جاء خCCبر الزلCCزال بهCCذه
عشر من صفر وافت زلزلة عظيمة ،وتالها عCCدة زالزل أثCCرت في َ التاسع
َ الصورة في كتب التاريخ وفي سنة 552هـ في
تأثيرا أزعج أهلها ،وه َّد مت عدة حصون من حمص وحماة وكفر طاب وأفاميا ،ولم يسلم من عطب هذه الزالزل في ً حلب
َ
البالد الشامية إال النادر ،وكان معظم هذه الزالزل بحماة ثم بحلب ،وكان َي ْتبع الزلزلة صيحاتٌ مختلفة كالرعود القاصفة،
وقد هلك بها كثير من الخلق ،حتى ُحكِي أن بعض المعلمين بحماة ،فارق المكتب لمهمة ،فجاءت الزلزلة ،فأخربت الCCدور
ت أح ٌد يسأل عن صبي كان في المكتب ،وجملة من هلCCك في هCCذا وسقط المكتب على الصبيان جميعهم ،قال المعلم :فلم يأ ِ
الزلزال عشرة آالف نسمة ،وهلك أكث ُر بني منقذ تحت الCCردم بشCCيزر -وهم حكامهCCا ،-فسCCار إليهCCا نCCور الCCدين وملَ َكهCCا،
وفيها اهتم نور الدين ببناء القالع واألسوار التي هدمتها الزلزلة ،وأغار على الفرنج ليشغلهم عن قصCCد البالد؛ "الغCCزي
الحلبي".
والذي يزور جامع النوري في مدينة حماة ،يقرأ على نقش حجري مكتوب فوق مCCدخل البCCاب( :تم إعCCادة بنCCاء
الجامع على يد نور الدين محمود ،بعد خرابه بالزلزال الذي نزل في حماة سنة 552هـ) ،وحتى منبر الجامع فهو شCCقيق
منبر جامع األقصى الذي كان محموالً في حروب صCCالح الCCدين على جمCCال؛ ألن المنCCبرين صCCنعهما نCCور الCCدين محمCCود،
واحد لمسجده في حماة ،والثاني لألقصى ،وقد أقامه صالح الدين بعد تحرير القدس ووضعه في المسجد األقصى ،والذي
يبدو أن القرن السادس الهجري لم تنقطع الزالزل فيه كزالزل مCترددة ،وكCان منهCا زلCزال حلب سCنة 565هـ ،فقCد قCال
القاضي بهاء الدين بن شداد ،قاضي حلب في تأليفه سيرة صالح الدين" :بأنCه جCCاءت بحلب في ثCCاني عشCCرة من شCCوال
كثيرا من البالد" ،وهو معاصر للحادثة.
سنة 565هـ ،زلزلة عظيمة أخربت ً
وكانت الزلزلة قد وصلت إلى بالد الفرنج -البالد الCتي يحكمهCا الصCليبيون في بالد الشCام -قCال العمCاد الكCاتب
ش ْهر ُز ِّ
وري: واص ًفا هذه الزلزلة في مدح القاضي محيي الدين ال َّ
إلى أن يقول:
زلزال المدينة المنورة لسنة 664هـ ،فقد جاء مستهل جمادى اآلخرة أو آخر جمادى األولى من سنة أربع -5
وستين وسCCتمائة ،وابتCCدأت بزلزلCCة خفيفCCة ،ثم اشCCتدت ليلCCة األربعCCاء ثCCالث الشCCهر أو رابعCCه ،واسCCتمرت ليCCوم الجمعCCة،
وصورة الزلزلة وصفها السمهودي واليونيني وابن عمران اليامي ،ومعظم المؤرخين تكلموا عن هذه الزلزلة.
زلزال القاهرة الشديد ،الذي كان قد نزل فيها سنة 702هـ في 13ذي الحجة ،وجاء ذكر هذا الزلCCزال عنCCد - 6
الداوداري ،والعيني.
زلزال غرناطة الذي وقع في 11شعبان لسنة 834هـ ،وقد جاء على ذكر الزلزلة المقريزي والعيني في -7
عقد الجمان.
زلزال السودان يوم األحد 27محرم 1168هـ ،وقCCد وصCفت الزلزلCة بـ (سCمع النCCاس صCCو ًتا وزلزلCة - 8
َّ
بالخرطوم ،في العام الثامن والستين بعد المائة وألف ،واشتد الصوت والزلزلة حتى تحركت األشCCجار والربCCوع واشCCتقت
وخربت ،ومات تحتها الناس وقت الزوال يوم األحد السابع والعشرين من المحرم في العام المذكور) وقد ذكرها السعدي.
وفي العام التالي نزل بالمغرب زلزال كبير أصاب عد ًدا من المدن ،ومنها فاس وسال ،وقد ُأ ِّرخت الزلزلة بـ -9
(ضحوة يوم السبت السادس والعشرين من محرم الحرام فاتح عام تسعة وستين ومائة وألCCف ،وقعت زلزلCCة عظيمCCة في
وسط المغرب) ،ومن عاصر الزلزلة وصفها وص ًفا دقي ًقا ،وقد جاء على ذكرها ِّ
الغزي الحلبي والبديري الحالق.
والمتتبع ألحداث الCCزالزل يجCCد أن بالد الشCCام قCCد احتلت مركCCز الصCCدارة في سCجل أحCCداث الCCزالزل في مصCCادر
التاريخ اإلسالمي ،وقد أبدع المؤرخون في وصف الزالزل من حيث قو ُتها ودما ُرها للمCCدن والقCCرى وتواريخهCCا ،ودرجCCة
شدتها ،وتوج أحداث الشام زالزل مترددة نCCزلت في مدينCCة حلب طيلCCة عشCCر سCCنوات ،من سCCنة 1226هـ 1237 -هـ،
والمؤرخ 1237هـ ،تهدم فيه مباني وقلعCCة حلب ،وقCCد وصCCفها األديب أحمCCد الCCدمياطي في َّ وكان أكبرها وأشدها آخرها،
هذه األبيات:
الزلزال
ِ ضت ** لستُ أنسى ليالي إن تناسيتُ أوقاتَ ُأ ْن ٍ
س تق َّ
الجبال
ِ رقص
َ َأ ْذ َك َر ْتنا كيف المنا ُم بم ْه ٍد ** وَأ َر ْتنا بالعين
األطفال
ِ أشهد ْتنا تمايال ِ
ت قصور ** باهتزاز كحال ِة
أما عن شرق الجزيرة العربية ،فلم تتوفر أخبار عنها سوى ما أشار له "عبدهللا بن حميد السCCالمي" المتCCوفى
سنة 1332هـ في كتابه (تحفة األعيان ،بسيرة أهل عمان) ،ويشير الخبر إلى زالزل سCنة 365هـ ،وهCو الخCبر الوحيCد
الذي أشار لما نزل بشرقي الجزيرة من زالزل ،وال يغيب عنا زلزال الكويت سCCنة 1993م والCCذي بلغت درجتCCه بمقيCCاس
رختر 4،5درجة ،كما ال يغيب عنا زلزال اليمن المد ِّمر الذي نزل فيها سنة 1982م ،وقد اهتمت المملكة بدراسة العلوم
الزلزالية ،وتم عقد الحلقة الدراسية العربية الثالثة للعلوم الزلزالية ،في مدينة الرياض في مارس لسنة 1986هـ.
وفي باب االهتمام بحال الزالزل في المملكة العربية السعودية ،فهناك دراسة علمية عن الوضع الزلCCزالي في
منطقة القصيم ،قامت بها الدكتورة مشاعل بنت محمد آل سعود ،حيث أشارت إلى زالزل نزلت بالقصيم تراوحت درجتهCCا
Cارا دقي ًقCCا وموف ًقCCا؛ ألن
بين 5.9 C- 4درجة ،على مقياس رختر ،في فترات زمنية متباعدة ،وجاء اختيCCار المنطقCCة اختيً C
المنطقة تجمع تراكيب الدرع العربي ،والرف العCCربي الرسCCوبي ،الCCتي تشCCتمل على نطCCاق الضCCعف البنCCائي الواقعCCة على
حدود التكوينات الجيولوجية.
الساعة الفلكية والدرجة وعلى سبيل المثال :فإن زلزال القاهرة الشهير لسنة 702هـ وامتCCدَّ لبالد الشCCام ،فيصCCفه
مؤرخ الزلزال فيقول :فأقامت األرض تهتز ربع سCCاعة فلكيCCة 15دقيقCCة ،في تقCCدير الCCداوداري C،وخمس درج في تقCCدير
المقريزي 20دقيقة ،وهذا يشير إلى أن المسلمين قد عرفوا مقياس الزالزل قبل مقياس رختر.
ففي وصف الشدة والسرعة عن زلCزال القCاهرة لسCنة 807هـ فيقCول( :ثم سCCكنت بعCCد لحظCCة) ،وعن زلCزال سCنة
826هـ فيقول" :زلزلت القاهرة كلمح البصر".
وفي وصف الشدة ،فجاءت هذه العبارات في كتبهم( :زلزلة شديدة مهولة) ،وكلمات( :شCCديدة ،هائلCCة ،عظيمCCة،
متوسطة ،خفيفة ،لطيفة) تشير في داللتها إلى قوة وشدة الزالزل.
ص ا بعلم هللا وقدرته ،على الرغم من التقدم العلمي ،الذي يشهده العالم اليوم ،ويوثق ذلك ما وهذا األمر ال زال مخت ًّ
يصيب أكCCثر دول العCCالم تقُّ Cد ًما في العلم ،كالصCCين واليابCCان وأمريكCCا ،فال زالCCوا عCCاجزين في علCCومهم أمCCام قCCدرة هللا في
التعرف والتنبؤ بساعة وقوع الزالزل ،والحمد هلل رب العالمين الذي خص نشاطها بعلمِه وإرادته وقدرته ،وآخCCر دعوانCCا
أن الحمد هلل رب العالمين.