You are on page 1of 7

‫الزالزل‪ :‬أخبارها في مصادر التاريخ اإلسالمي ومراجعه‬

‫عبدالكريم السمك‬
‫‪ 15/9/2014‬ميالدي ‪ 21/11/1435 -‬هجري‬

‫‪https://2u.pw/aT8nF‬‬

‫علم التاريخ من أسمى العلوم اإلنسانية التي ساهمت في خدمة سائر العلوم إنسانية أم علمية‪ ،‬في هذا الجانب‬
‫يأتي علم التاريخ في خدمة علم الجغرافية التاريخية للمنطقة العربية واإلسالمية‪ ،‬التي شهدت أراضيها زالزل متعاقبة‬
‫على مدى ألف وخمسمائة عام مضت‪ ،‬ومثل هذه القضية تعتبر من أهم القضايا التي يخشاها ويخافها اإلنسان‪ ،‬من يوم‬
‫أن أوجده هللا على هذه األرض‪ ،‬وقد حفظت لنا مكتبة التاريخ اإلسالمي سجالت وتواريخ هذه الزالزل‪ ،‬فو َّفرت هذه‬
‫السجالت التاريخية لعلماء الغرب المتعقبين لعلم الزالزل ماد ًة عظيمة‪ ،‬في وفرة معلوماتها وأخبارها وقوتها وزمانها‬
‫ومكانه‪ ،‬لدراسة مواضع هذه األمكنة التي سبق ونزل فيها ما نزل من زالزل‪ ،‬فيما يخدم العلماء في العلم‪.‬‬

‫ت اَأْل ْر ُ‬
‫ض َأ ْث َقالَ َه‪CC‬ا * َو َق‪CC‬ال َ‬ ‫ت اَأْل ْر ُ‬
‫ض ِز ْل َزالَ َه‪CC‬ا * َوَأ ْخ‪َ C‬ر َج ِ‬ ‫جاء في سورة الزلزلة‪ ،‬بسم هللا الرحمن الرحيم ﴿ ِإ َذا ُز ْل ِزلَ ِ‬
‫ارهَا * ِبَأنَّ َر َّب َك َأ ْو َحى لَ َها ﴾ [الزلزلة‪.]5 - 1 :‬‬ ‫ث َأ ْخ َب َ‬
‫سانُ َما لَ َها * َي ْو َمِئ ٍذ ُت َح ِّد ُ‬
‫اِإْل ْن َ‬

‫فالزالزل آية من آيات هللا المعجزة‪ ،‬أودعه‪CC‬ا هللا في نظ‪CC‬ام الك‪CC‬ون ال‪CC‬ذي ُيس‪ِّ C‬يره هللا بقدرت‪CC‬ه وإرادت‪CC‬ه‪ ،‬وب َّين س‪CC‬بحانه‬
‫ض آ َياتٌ لِ ْل ُموقِنِينَ ﴾ [الذاريات‪ ،]20 :‬وما زال اإلنسان مع كل ما عرفه في ع‪CC‬الم‬ ‫وتعالى في سورة الذاريات‪َ ﴿ :‬وفِي اَأْل ْر ِ‬
‫عاجز ا أمام الزالزل‪ ،‬وما يصاحبها من تدمير وقتل وتشريد في المناطق التي تنزل فيها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اليوم من تقدم علمي وتقني‬

‫الزلزلة ً‬
‫لغة‪:‬‬
‫بالر ْجف‪C‬ةِ‪ ،‬ويق‪CC‬ال‪ :‬رجفت األرض رج ًف‪CC‬ا‪ :‬اض‪CC‬طربت‪ ،‬والراجف‪CC‬ة‪:‬‬
‫الز ْلزلَ‪CC‬ة َّ‬
‫هي تحري‪CC‬ك الش‪CC‬يء بق‪CC‬وة وبش‪CC‬دة‪ ،‬وتس‪CC‬مى َّ‬
‫األرض ترتجف؛ أي‪ :‬تتحرك بشدة‪.‬‬

‫الزلزلة جيولوج ًّيا‪:‬‬


‫هي انطالق الطاقة المف‪CC‬اجئ من ب‪CC‬اطن األرض بش‪CC‬كل اه‪CC‬تزازات وارتجاج‪CC‬ات‪ ،‬يس‪CC‬ببها ان‪CC‬زالق الص‪CC‬خور المتواص‪CC‬ل‬
‫الناجم عن تقلص الصدوع أو تمددها على سطح األرض‪.‬‬

‫وقد ق ِّدر عدد الزالزل التي يشهدها العالم في السنة بآالف الزالزل‪ ،‬غ‪CC‬ير أن معظ َمه‪CC‬ا ت‪CC‬أتي خفيف‪CC‬ة‪ ،‬بحيث ال يش‪CC‬عر‬
‫‪C‬دث م‪CC‬ر ًة أو م‪CC‬رتين ك‪CC‬ل ش‪CC‬هر‪ ،‬وفيم‪CC‬ا يخص الموج‪CC‬ات‬ ‫‪C‬ارا واس‪ً C‬عا‪ ،‬فهي تح‪ُ C‬‬
‫بها أحد‪ ،‬أما الزالزل القوية‪ ،‬والتي تسبب دم‪ً C‬‬
‫الزلزالي‪CC‬ة فهي تنتش‪CC‬ر من المرك‪CC‬ز إلى الخ‪CC‬ارج في جمي‪CC‬ع االتجاه‪CC‬ات تما ًم‪CC‬ا بس‪CC‬رعة وق‪CC‬وة واح‪CC‬دة‪ ،‬كم‪CC‬ا تفع‪CC‬ل الموج‪CC‬ات‬
‫الصوتية‪.‬‬

‫َّ‬
‫والزالزل ُ في هذا الشأن نوع‪CC‬ان‪ :‬زالزل قار َّية‪ ،‬وزالزل مائ َّية تع‪CC‬رف بـ(تس‪CC‬ونامي) تنش‪CC‬ط في أعم‪CC‬اق المحيط‪CC‬ات‬
‫ِثة اضطرابات زلزالية في قِيعان المحيطات‪ ،‬ويبلغ طول ما بين الموجة والموج‪CC‬ة الناتج‪CC‬ة عن تس‪CC‬ونامي في‬ ‫البحرية محد ً‬
‫حدود (‪ )200‬كم في الساعة‪ ،‬كما تبلغ سرعتها في ق‪C‬وة ان‪C‬دفاعها في ح‪C‬دود (‪ )800‬كم في الس‪C‬اعة‪ ،‬وعن‪C‬دما تص‪C‬ل إلى‬
‫تخف سرعتها وي‪CC‬زداد ارتفاعه‪C‬ا‪ ،‬وباقترابه‪C‬ا ي‪C‬تراجع البح‪C‬ر أوالً ثم يرت‪C‬د من‪CC‬دف ًعا في سلس‪CC‬لة من‬
‫ُّ‬ ‫شاطئ خفيف االنحدار‪،‬‬
‫األمواج الهائلة‪ ،‬ال‪CC‬تي تمض‪CC‬ي في اقتح‪CC‬ام اليابس‪CC‬ة‪ ،‬كال‪CC‬ذي ن‪CC‬زل في لش‪CC‬بونة ع‪CC‬ام ‪1755‬م‪ ،‬حيث تح‪CC‬ولت إلى رك‪CC‬ام خالل‬
‫مترا‪ ،‬وغير بعيد ع َّنا زل‪C‬زال تس‪C‬ونامي ال‪C‬ذي ن‪C‬زل في إندونيس‪C‬يا وغيره‪C‬ا‬ ‫خمس دقائق‪ ،‬في ارتفاع موج بلغ علوه (‪ً )17‬‬
‫من الدول المطلة على المحيطات مثل زلزال اليابان األخير‪ ،‬وكيف طغى البحر على اليابسة وابتلع من هو على ظهرها‪.‬‬

‫أما عن أسباب الزالزل عند علماء الفيزياء والجغراف‪CC‬يين المس‪CC‬لمين‪ ،‬فالكتاب‪CC‬ات تش‪CC‬ير إلى أن علم‪CC‬اء الفيزي‪CC‬اء‬
‫والجغرافية المسلمين‪ ،‬ذهبوا في تعليل أسبابها إلى‪ :‬أن الكهوف والمغارات واألهوية التي في جوف األرض والجبال‪ ،‬إذا‬
‫لم يكن لها منافذ تخرج منها المياه‪ ،‬بقيت تلك المياه هناك محبوس‪CC‬ة زما ًن‪CC‬ا‪ ،‬وإذا ح َّم ب‪CC‬اطنُ األرض وج‪CC‬رف تل‪CC‬ك الجب‪CC‬ال‪،‬‬
‫‪C‬ع‪ ،‬ف‪CC‬إن ك‪CC‬انت األرض كث‪CC‬يرة ال َّت ْخل ُخ‪CC‬ل‪،‬‬
‫‪C‬ارا‪ ،‬وارتفعت وطلبت مكا ًن‪CC‬ا أوس‪َ C‬‬
‫سخنت تل‪CC‬ك المي‪CC‬اه ولطفت وتحللت وص‪CC‬ارت بخ‪ً C‬‬
‫ً‬
‫تحللت وخرجت تلك البخارات من تلك المنافذ‪ ،‬وإن كان ظاهر األرض شديد التكاتف حص‪CC‬يفا منعه‪CC‬ا من الخ‪CC‬روج‪ ،‬وبقيت‬
‫محتبسة تتموج في تلك األهوية لطلب الخروج‪ ،‬وربما انش‪َّ C‬قت األرض في موض‪CC‬ع منه‪CC‬ا‪ ،‬وخ‪CC‬رجت تل‪CC‬ك الري‪CC‬اح مفاج‪CC‬أة‪،‬‬ ‫ً‬
‫وانخسف مكانها‪ ،‬ويسمع لها دوي وهدة وزلزلة‪.‬‬

‫قال بهذا إخوان الصفا وابن سينا وابن رشد وابن حيان والقزويني والخوارزمي‪ ،‬ويشير الدكتور الغنيم ب‪CC‬أن ه‪CC‬ذا‬
‫الرأي عن أسباب الزالزل جاء عند المسلمين‪ ،‬ويتفق هذا الرأي مع رأي أرسطو مع بعض اإلضافات علي‪CC‬ه ال‪CC‬تي ال تغ‪CC‬ير‬
‫إيضاحا وتثريها باألدلة‪.‬‬
‫ً‬ ‫شيًئ ا فيه‪ ،‬لكنها تزيدها‬

‫كتاب سجل الزالزل الع‪CC‬ربي (أح‪CC‬داث ال‪CC‬زالزل وآثاره‪CC‬ا في المص‪CC‬ادر العربي‪CC‬ة) لمؤلف‪CC‬ه األس‪CC‬تاذ ال‪CC‬دكتور‪ :‬يوس‪CC‬ف عب‪CC‬د هللا‬
‫الغنيم‪:‬‬

‫مكتبة الجغرافية العربية بأعمال نفسية من غير ه‪CC‬ذا‬‫َ‬ ‫مؤلف الكتاب أستاذ فاضل من أفاضل علماء الكويت‪ ،‬خدم‬
‫الكتاب‪ ،‬وكان منها نشره لكتاب عنوانه (المخطوطات الجغرافية العربية في المكتبة البريطانية ومكتبة جامعة كامبردج)‪،‬‬
‫وقد تم نشره في الكويت سنة ‪1420‬هـ ‪1999 -‬م‪ ،‬وكتاب‪CC‬ه الث‪CC‬اني (الفوائ‪CC‬د في أص‪CC‬ول علم البح‪CC‬ر والقواع‪CC‬د) كمخط‪CC‬وط‬
‫لمؤلفه شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي (‪906 - 825‬هـ ‪1489 - 1421 -‬م)‪ ،‬وقد نشره مركز البحوث والدراسات‬
‫الكويتية سنة ‪2004‬م‪ ،‬أما ما كتبه في كتابه (سجل الزالزل العربي) وال‪CC‬ذي تم نش‪CC‬ره في الك‪CC‬ويت س‪CC‬نة ‪2002‬م‪ ،‬تن‪CC‬اول‬
‫فيه المؤلف في مقدمته في الكت‪CC‬اب قولَ‪CC‬ه ب‪CC‬أن فك‪CC‬رة الكت‪CC‬اب راودت‪CC‬ه س‪CC‬نة ‪1973‬م‪ ،‬وج‪CC‬اء تفرغ‪CC‬ه العلمي س‪CC‬نة ‪1986‬م‬
‫طيل‪C‬ة خمس وعش‪C‬رين س‪C‬نة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ليس ِّهل السبيل له في إخراج العمل من حيز الفكرة إلى واقع الحقيقة‪ ،‬وق‪C‬د امت‪C‬د العم‪C‬ل في‪C‬ه‬
‫والكتاب في علميته وأهميته ُيش َك ُر مؤلفُه عليه‪ ،‬بم‪CC‬ا قدم‪CC‬ه في إحص‪CC‬اء ت‪CC‬واريخ أح‪CC‬داث ال‪CC‬زالزل ال‪CC‬تي دونه‪CC‬ا المؤرخ‪CC‬ون‬
‫المسلمون على مدى خمسة عشر قر ًن ا‪ ،‬خدم فيها الجغرافية التاريخية في موضوع الزالزل وتواريخها‪ ،‬وسيكون الكت‪CC‬اب‬
‫خير عون لي في تناول ه‪CC‬ذه الدراس‪C‬ة المعني‪C‬ة ب‪C‬الزالزل وتواريخه‪C‬ا في الم‪CC‬وروث الت‪CC‬اريخي اإلس‪C‬المي‪ ،‬فخ‪C‬الص الش‪CC‬كر‬ ‫َ‬
‫للدكتور الغنيم على عمله العلمي الجليل‪ ،‬والذي أحصى فيه الزالزل من السنة الخامسة للهج‪C‬رة‪ ،‬ابت‪C‬دأها بزل‪C‬زال المدين‪C‬ة‬
‫مرورا بالعديد من الزالزل ال‪C‬تي عص‪C‬فت بالع‪C‬الم الع‪C‬ربي واإلس‪C‬المي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫المنورة على عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫من مشرقه حتى مغربه‪.‬‬

‫اإلسالمي‪:‬‬ ‫الزالزل وأخبارها في الموروث التاريخي‬


‫لم يسقط المؤرخون المسلمون أخبار الزالزل فيما قبل السنة الخامسة للهجرة‪ ،‬بل تناولوها في كتبهم كم‪CC‬ا وردت‬
‫ص‪C‬لة‪ ،‬عن‬ ‫الص ْل َ‬
‫في مدونات التاريخ التي أخذوا منها أخب‪CC‬ار ه‪CC‬ذه ال‪CC‬زالزل‪ ،‬فق‪CC‬د ذك‪CC‬ر الس‪CC‬يوطي في مقدم‪CC‬ة كتاب‪CC‬ه (كش‪CC‬ف َّ‬
‫وصف الزلزلة)‪ ،‬في الحديث عن أول زلزلة وقعت في الدنيا‪ ،‬كانت يوم قتل قابيل هابيل‪ ،‬فق‪CC‬د رجفت األرض س‪CC‬بعة أي‪CC‬ام‪،‬‬
‫وتزلزلت األرض يوم أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل عليهما السالم‪ ،‬وأن قوم شعيب عليه السالم قد هلكوا بالزلزل‪CC‬ة‬
‫ص َب ُحوا فِي دَ ِار ِه ْم َجاثِمِينَ ﴾ [األع‪CC‬راف‪ ،]91 :‬وأن األرض رجفت بالس‪C‬بعين ال‪C‬ذين اخت‪C‬ارهم موس‪C‬ى‬ ‫الر ْج َف ُة َفَأ ْ‬
‫﴿ َفَأ َخ َذ ْت ُه ُم َّ‬
‫‪C‬برا مف‪CC‬ادُه أن الش‪CC‬ام ق‪CC‬د رجفت بع‪CC‬د س‪CC‬يدنا‬
‫عليه السالم‪ ،‬ألسباب أوردها السيوطي وجم‪CC‬ع كب‪CC‬ير من المفس‪CC‬رين‪ ،‬وأورد خ‪ً C‬‬
‫عيسى عليه السالم واح ًدا وثمانين مرة‪ ،‬وأن األرض زلزلت لما َق ِد َم أصحاب الفيل إلى مكة‪ ،‬وزلزلت مكة يوم ول‪CC‬د الن‪CC‬بي‬
‫ص‪C‬لى هللا علي‪C‬ه وس‪C‬لم ثالث‪C‬ة أي‪C‬ام بلياليه‪C‬ا‪ ،‬وهي الزلزل‪C‬ة ال‪C‬تي ه‪C‬زت إي‪C‬وان كس‪C‬رى وس‪C‬قطت من‪C‬ه أرب‪C‬ع عش‪C‬رة ش‪C‬رفة؛‬
‫السيوطي‪ :‬كشف الصلصلة (ص‪.)21 - 7 :‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد تنوعت المصادر في أخبار الزالزل في الموروث الت‪CC‬اريخي اإلس‪CC‬المي‪ ،‬فمنه‪CC‬ا الح‪CC‬ولي‪ ،‬ومنه‪CC‬ا م‪CC‬ا ه‪CC‬و‬
‫الح ْول َّية‪ ،‬فقد كانت على الشكل التالي‪:‬‬
‫خاص بموضوع الزالزل وعلومها‪ ،‬أما الكتب َ‬

‫الح ْول َّية في التاريخ اإلس‪CC‬المي‪ ،‬ال‪CC‬تي تن‪CC‬اولت الح‪CC‬ديث عن ال‪CC‬زالزل‪ ،‬بكتاب‪CC‬ة‬
‫أ ‪ -‬جاءت المصادر َ‬
‫َح ْول َّي ة في سياق النص في هذه المصادر‪ ،‬وقد تم حصر البعض منها على الشكل التالي‪:‬‬

‫أرخ فيه الطبري من السنة الخامسة للهجرة النبوية ح‪C‬تى س‪C‬نة‬


‫‪ -" -1‬تاريخ الرسل والملوك" البن جرير الطبري‪ ،‬وقد َّ‬
‫‪302‬هـ‪.‬‬
‫‪ -" -2‬المنتخب من تاريخ المنبجي" تأليف قسطنطين المنبجي‪ ،‬نسبة إلى مدينة منبج‪.‬‬

‫أرخ فيه الثنتين وعشرين زلزلة‪.‬‬


‫‪ -" -3‬تاريخ حلب" تأليف محمد بن علي العظيمي الحلبي‪َّ ،‬‬

‫‪ -" -4‬المنتظم‪ ،‬في تاريخ الملوك واألمم" البن الجوزي‪ ،‬والكتاب يغطي من الفترة ‪574 C- 357‬هـ‪ ،‬واحت‪C‬وى الكت‪CC‬اب‬
‫على خبر سبعة وعشرين زلزاالً‪ ،‬فيصف زل‪CC‬زال بغ‪CC‬داد وص‪ً C‬فا دقيق‪CC‬ا فيق‪CC‬ول س‪CC‬نة‪ 544 :‬هـ "وفي ي‪CC‬وم الس‪C‬بت غ‪C‬رة ذي‬
‫نحوا من عشر مرات"‪.‬‬ ‫عظيمة فبقيت تموج ً‬ ‫ً‬ ‫الحجة وقت الضحى‪ ،‬زلزلت األرض زلزلة‬

‫‪ -" -5‬الكامل في التاريخ" البن األثير‪ ،‬وهو يغطي بين السنة األولى للهجرة حتى عام ‪638‬هـ؛ أي‪ :‬قبل وفاته بسنتين‪.‬‬

‫‪ -6‬الت‪CC‬اريخ المنص‪CC‬وري "تلخيص البي‪CC‬ان‪ ،‬في ح‪CC‬وادث الزم‪CC‬ان" البن نظي‪CC‬ف الحم‪CC‬وي‪ ،‬ويب‪CC‬دأ تاريخ‪CC‬ه من الس‪CC‬نة األولى‬
‫للهجرة حتى سنة ‪631‬هـ‪ ،‬وقد احتوى على ثمانية عشر حد ًثا زلزال ًّيا‪.‬‬

‫‪ -" -7‬البداية والنهاية" البن كثير‪ ،‬وقد غ َّطى الكتاب األحداث التاريخية من السنة األولى للهجرة ح‪C‬تى س‪C‬نة ‪ 767‬هـ‪،‬‬
‫ويحتوي الكتاب على ستة وأربعين حاد ًثا زلزال ًّيا‪.‬‬

‫‪ -" -8‬كنز الدرر‪ ،‬وجامع الغرر" للداوداري‪ ،‬واحتوى الكتاب على واحد وثالثين حاد ًثا زلزال ًّيا‪ ،‬والمؤلف من أهل مصر‪.‬‬

‫‪ -" -9‬إنباء الغمر‪ ،‬بأبناء العمر" البن حجر العسقالني‪ ،‬وفيه أخبار وصفية عن العديد من الحوادث الزلزالية التي نزلت‬
‫في الشام‪.‬‬

‫‪ -" -10‬بدائع الزهور‪ ،‬في وقائع الدهور" البن إياس‪ ،‬وهو تاريخ اعتنى بأخبار مصر من‪CC‬ذ الفتح اإلس‪CC‬المي ح‪CC‬تى وف‪CC‬اة‬
‫ابن إياس سنة ‪930‬هـ‪ ،‬وجاء في الكتاب ستة عشر حاد ًثا زلزال ًّيا‪.‬‬

‫أرخ فيه للدولة‬


‫‪ -11‬كتاب "بغية المستفيد" وكتاب "الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار زبيد" البن الديبع‪ ،‬وقد َّ‬
‫الطاهرية في اليمن‪ ،‬ورصد جميع الزالزل التي نزلت في اليمن‪.‬‬

‫‪ -" -12‬شذرات الذهب‪ ،‬في أخبار من ذهب" البن العماد‪ ،‬وفيه خبر ثالثة وثالثين حاد ًثا زلزال ًّيا‪.‬‬

‫‪ - -13‬تاريخ الضعيف "تاريخ الدولة السعيدية" لمحمد بن عبدالسالم الض‪C‬عيف‪ ،‬والمؤل‪C‬ف مغ‪C‬ربي ول‪C‬د بالرب‪C‬اط‪ ،‬وفي‪C‬ه‬
‫رصد زالزل المغرب‪.‬‬

‫وقد اكتفيتُ به‪CC‬ذه المجموع‪C‬ة من الكتب التاريخي‪C‬ة ال‪C‬تي كتبت عن ال‪CC‬زالزل وأخ‪C‬برت عنه‪CC‬ا‪ ،‬وال يع‪CC‬ني ه‪CC‬ذا ع‪CC‬دم‬
‫وجود غيرها من الكتب التي تناولت الحوادث الزلزالية في تاريخنا اإلسالمي والعربي‪.‬‬

‫ب ‪ -‬مراج‪CC‬ع خاص‪CC‬ة ب‪CC‬الزالزل‪ ،‬حملت في َع ْن َونته‪CC‬ا الح‪CC‬ديث عن ال‪CC‬زالزل‪ ،‬ال‪CC‬تي وقعت في الع‪CC‬الم الع‪CC‬ربي‬
‫واإلسالمي‪ ،‬وجاءت على شكل كتب ورسائل‪ ،‬وقد تم حصرها على الشكل التالي‪:‬‬

‫ما ذكره ابن النديم في كتابه (الفهرست)‪ ،‬رسالة في علم الزالزل‪ ،‬وكان عنوانها "علم حدوث الرياح في‬ ‫‪-1‬‬
‫باطن األرض‪ ،‬المحدثة كثير الزالزل"‪ ،‬ونسبها ابن النديم إلى الكندي المتوفى ‪204‬هـ وهي التي ترجمه‪CC‬ا ابن البطري‪CC‬ق‪،‬‬
‫وهي التي تقول بفرضية دور الرياح المحتقنة في باطن األرض في إحداث الزالزل‪.‬‬

‫الحموي‪ ،‬في كتاب "معجم األدباء" إلى أن ابن عساكر ‪571‬هـ كتب كتا ًبا في ثالثة أجزاء‬
‫ُّ‬ ‫أشار ياقوت‬ ‫‪-2‬‬
‫بعنوان "اإلنذار بحدوث الزالزل"‪.‬‬

‫كتاب "الزالزل واألشراط" ألبي الحسن علي بن أبي بكر العوشاني ‪557‬هـ‪ ،‬والكتاب في غرض نصه‪ ،‬جاء‬ ‫‪-3‬‬
‫معن ًّيا ب‪CC‬الجوانب الفقهي‪C‬ة والش‪CC‬رعية‪ ،‬وتكلم عن زل‪CC‬زال الحج‪CC‬از الكب‪C‬ير‪ ،‬ال‪CC‬ذي نتج عن‪C‬ه تضعض‪CC‬ع ال‪CC‬ركن اليم‪CC‬اني للكعب‪CC‬ة‬
‫المشرفة‪ ،‬وذلك سنة ‪515‬هـ‪.‬‬
‫قالئد العقائل‪ ،‬في ذكر ما ورد في الزالزل" لشهاب الدين إسماعيل بن حامد بن عبدالرحمن القوصي ‪- 574‬‬ ‫‪" -4‬‬
‫‪653‬هـ‪.‬‬

‫جمل اإليجاز‪ ،‬بنار الحجاز" وقد سماه حاحي خليفة‪" :‬عروة التوثيق‪ ،‬في النار والحريق"‪ ،‬والكتاب لكاتبه‬ ‫‪" -5‬‬
‫سخاوي‪ ،‬وفيه أشار القسطالني لالنبثاقات الالبية التي ح‪CC‬دثت ش‪CC‬رقي المدين‪CC‬ة‬
‫قطب محمد بن علي القسطالني كما أشار ال َّ‬
‫المنورة على طول أحد الصدوع‪.‬‬

‫رسالة في الزلزال الذي ضرب حلب ومنبج في ذلك العام" البن الوردي‪ ،‬وابن الوردي شاعر ومؤرخ وأديب‬ ‫‪" -6‬‬
‫ولد في معرة النعمان سنة ‪744‬هـ‪ ،‬وق‪CC‬د وض‪C‬ع الرس‪C‬الة في ديوان‪C‬ه‪ ،‬وأش‪C‬ار للرس‪C‬الة الطب‪C‬اخ في كتاب‪C‬ه "إعالم النبالء‪،‬‬
‫بتاريخ حلب الشهباء"‪.‬‬

‫تحصين المنازل‪ ،‬من هول الزالزل" ألبي الحسن بن الجزار‪ ،‬وفيها أشار إلى زلزلة سنة ‪984‬هـ‪ ،‬وفيها يرد‬ ‫‪" -7‬‬
‫على من يقول بأن الزلزلة سببها أبخرة ُتثي ُرها األرض‪ ،‬كما تثير حرارة المحموم الباطنة حمى ظاهرة بجسده في الط‪CC‬ول‬
‫معتبرا ذلك ضر ًبا من كالم الفالسفة والهرطقة‪ ،‬الموافِقة لرأي جهالء الحكماء واألطباء‪ ،‬وكان الجزار قد نق‪CC‬ل‬
‫ً‬ ‫والعرض‪،‬‬
‫من السيوطي أخبار بعض الزالزل‪ ،‬وهو يرى بأن الزالزل شكل من أشكال العقاب من هللا‪.‬‬

‫الحوقلة في الزلزلة" لمؤلفه حامد بن علي العمادي‪1171 C- 1103 ،‬هـ‪ ،‬والمؤلف عاصر الشيخ عبدالغني‬ ‫‪" -8‬‬
‫النابلسي‪ ،‬وتحدث عن زلزال دمشق لسنة ‪1148‬هـ‪ ،‬وأشار إلى زلزال دمشق لسنة ‪1117‬هـ وقد أشار له النابلسي‪.‬‬

‫تحريك السلسلة‪ ،‬فيم‪C‬ا يتعل‪CC‬ق بالزلزل‪C‬ة" لمؤلف‪CC‬ه إس‪CC‬ماعيل بن محم‪CC‬د بن عب‪C‬دالهادي العجل‪C‬وني ‪- 1087‬‬ ‫‪" -9‬‬
‫‪1162‬هـ‪ ،‬وعدد أوراقها خمس وثالثون ورقة‪.‬‬

‫َ‬
‫ثالث‬ ‫هداية الطريق‪ ،‬إلزالة الزلزلة والحريق" لشبيب زاده محمد أمين‪ ،‬وهي رسالة ص‪CC‬غيرة ع‪CC‬دد أوراقه‪CC‬ا‬ ‫‪" -10‬‬
‫عشر َة ورقة‪ ،‬وهي في موضوعها معنية باألحكام الفقهية المتعلقة بالزلزلة مع إشارة موجزة ألسبابها‪.‬‬

‫كشف الصلصلة‪ ،‬في وصف الزلزلة" لجالل الدين السيوطي المتوفي ‪911‬هـ‪ ،‬وهي من أهم الرس‪CC‬ائل في‬ ‫‪" -11‬‬
‫الزالزل عند المؤرخين المسلمين‪ ،‬وقد كثر االهتمام بها عند الغربيين من العلماء‪ ،‬حيث ت‪CC‬رجمت ألك‪CC‬ثر من لغ‪CC‬ة‪ ،‬كم‪CC‬ا أن‬
‫السيوطي جاء على ذكر الزالزل في كتاب‪CC‬ه ت‪CC‬اريخ الخلف‪CC‬اء‪ ،‬والرس‪CC‬الة محفوظ‪CC‬ة في المكتب‪CC‬ة األهلي‪CC‬ة في ب‪CC‬اريس‪ ،‬وهن‪CC‬اك‬
‫نسخة ثانية في مكتبة المتحف البريطاني‪ ،‬وقد اكتشف الكتاب سنة ‪1842‬م في الجمعية اآلسيوية البنغالية‪.‬‬

‫عرض لبعض الزالزل المشهورة في تاريخنا اإلسالمي‪:‬‬


‫السنة الخامسة للهجرة النبوية الشريفة‪ ،‬أصاب المدينة المنورة زلزال شهده رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫‪-1‬‬
‫وسلم‪ ،‬فقال فيه‪(( :‬يستعت ُبكم ر ُّبكم‪ ،‬فأعتبوه))‪ ،‬فكان أول زلزال تم ذكره عن زلزال المدينة المن‪CC‬ورة في مص‪CC‬ادر الت‪CC‬اريخ‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫كبيرا‪ ،‬حصل فيه دمار كبير‪،‬‬ ‫ً‬ ‫زلزال دمشق الذي حدث في يوم الخميس ‪ 11‬ربيع اآلخر ‪233‬هـ‪ ،‬وكان زلزاالً‬ ‫‪-2‬‬
‫قت‪C‬ل في‪C‬ه خل‪CC‬ق كث‪CC‬ير‪ ،‬وته‪َّ C‬دمت دور وبي‪C‬وت كث‪C‬يرة‪ ،‬الجمي‪C‬ع تن‪C‬اول ذك‪CC‬ر الحادث‪CC‬ة في كتبهم‪ ،‬ومنهم ال‪C‬ذهبي والس‪C‬يوطي‪،‬‬
‫والزلزلة تجاوزت حدود دمشق ووص‪CC‬لت إلى أنطاكي‪CC‬ة والجزي‪CC‬رة والموص‪CC‬ل‪ ،‬فيق‪CC‬ال‪ :‬هل‪CC‬ك من أهله‪CC‬ا خمس‪CC‬ون أل ًف‪CC‬ا‪ ،‬وق‪CC‬د‬
‫ذكرها ابن عساكر بقوله واص ًف ا إياها في كتاب "الزالزل"‪ :‬بأن دمشق زلزلت ضحى يوم الخميس ربي‪CC‬ع اآلخ‪CC‬ر ‪233‬هـ‪،‬‬
‫ربعا من الجامع األم‪C‬وي‪ ،‬وت‪C‬زايلت الحج‪C‬ارة العظ‪C‬ام‪ ،‬ووقعت المن‪C‬ارة‪ ،‬وس‪C‬قطت القن‪C‬اطر والمن‪C‬ازل‪ ،‬وامت‪C‬دت إلى‬ ‫فقطعت ً‬
‫الغوطة‪ ،‬فأتت على داريا والمزة وبيت لهيا وغيره‪CC‬ا‪ ،‬وخ‪CC‬رج الن‪CC‬اس إلى المص‪CC‬لى يتض‪CC‬رعون إلى ق‪CC‬ريب نص‪CC‬ف النه‪CC‬ار‪،‬‬
‫أرخ‪C‬وا له‪C‬ذه الحادث‪C‬ة‬ ‫فس‪C‬كنت ال‪C‬دنيا؛ "الس‪C‬يوطي"‪ ،‬والص‪C‬ورة عن ه‪C‬ذا الزل‪C‬زال واح‪C‬دة عن‪C‬د كث‪C‬ير من الم‪C‬ؤرخين ال‪C‬ذين َّ‬
‫وعظمتها‪ ،‬فالمؤرخ الخلف أخذ صورة هذه الزلزلة عن المؤرخ السلف‪.‬‬

‫زلزال الرملة وجاء تاريخه في ‪ 11‬من جمادى اآلخرة ‪460‬هـ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬


‫زلزال شيزر وحماة‪ ،‬وقعت الزلزلة على بلدة شيزر‪ ،‬وذلك بتاريخ ‪ 6‬ربيع األول ‪549‬هـ‪ ،‬قال ابن واصل‪ :‬إن‬ ‫‪-4‬‬
‫في هذه السنة كانت زلزلة التي أخربت شيزر‪ ،‬وانقطعت فيه مملكة بني منقذ ‪ -‬قلعة ش‪CC‬يزر إلى الغ‪CC‬رب من حم‪CC‬اة مس‪CC‬افة‬
‫‪C‬ة زلزل‪ٌ C‬‬
‫‪C‬ة‬ ‫مترا‪ ،‬ولم ين ُج منها أحد‪ ،‬وجاءت نجاة أسامة بن منقذ بسبب كونه خار َج البلدة ‪ -‬وزا َمنَ هذه الزلزل‪َ C‬‬
‫ثالثين كيلو ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أرخ له‪CC‬ا ابن ال‪CC‬ديبع وق‪CC‬د ج‪CC‬اء وص‪CC‬ف الزلزل‪CC‬ة وص‪C‬فا دقيق‪CC‬ا عن‪CC‬ده‪،‬‬
‫كبيرة في اليوم نفسه ‪ -‬زلزلة اليمن الشهيرة ‪ ،-‬وقد َّ‬
‫وارتبط حادث الزلزال هذا عند األدباء والشعراء من الذين تناولوا دراسة شخصية القائد والشاعر أس‪CC‬امة بن منق‪CC‬ذ‪ ،‬وم‪CC‬ا‬
‫جميع‪ C‬ا‪ ،‬وق‪C‬د انعكس ه‪CC‬ذا على م‪CC‬وروث أس‪CC‬امة‬ ‫ً‬ ‫نتج عن هذا الزلزال الذي كان سب ًبا في القضاء على مملكة أهله ووفاتهم‬
‫الجوانب المأساوية في شخصية أسامة‪.‬‬‫َ‬ ‫في شعره الرثائي وأدبه‪ ،‬فأبرز من يكتب عنه هذه‬

‫وبعد ثالث سنوات على خراب شيزر‪ ،‬ك‪CC‬انت الش‪CC‬ام تش‪CC‬هد زالزل م‪CC‬ترددة ح‪CC‬تى ج‪CC‬اءت س‪CC‬نة ‪552‬هـ‪ ،‬وفيه‪CC‬ا ك‪CC‬ان‬
‫زلزال حماة الشهير‪ ،‬والذي يمثل صورة من صور المآسي في تاريخ مدينة حماة السورية‪ ،‬وقد جاء خ‪CC‬بر الزل‪CC‬زال به‪CC‬ذه‬
‫عشر من صفر وافت زلزلة عظيمة‪ ،‬وتالها ع‪CC‬دة زالزل أث‪CC‬رت في‬ ‫َ‬ ‫التاسع‬
‫َ‬ ‫الصورة في كتب التاريخ وفي سنة ‪552‬هـ في‬
‫تأثيرا أزعج أهلها‪ ،‬وه َّد مت عدة حصون من حمص وحماة وكفر طاب وأفاميا‪ ،‬ولم يسلم من عطب هذه الزالزل في‬ ‫ً‬ ‫حلب‬
‫َ‬
‫البالد الشامية إال النادر‪ ،‬وكان معظم هذه الزالزل بحماة ثم بحلب‪ ،‬وكان َي ْتبع الزلزلة صيحاتٌ مختلفة كالرعود القاصفة‪،‬‬
‫وقد هلك بها كثير من الخلق‪ ،‬حتى ُحكِي أن بعض المعلمين بحماة‪ ،‬فارق المكتب لمهمة‪ ،‬فجاءت الزلزلة‪ ،‬فأخربت ال‪CC‬دور‬
‫ت أح ٌد يسأل عن صبي كان في المكتب‪ ،‬وجملة من هل‪CC‬ك في ه‪CC‬ذا‬ ‫وسقط المكتب على الصبيان جميعهم‪ ،‬قال المعلم‪ :‬فلم يأ ِ‬
‫الزلزال عشرة آالف نسمة‪ ،‬وهلك أكث ُر بني منقذ تحت ال‪CC‬ردم بش‪CC‬يزر ‪ -‬وهم حكامه‪CC‬ا ‪ ،-‬فس‪CC‬ار إليه‪CC‬ا ن‪CC‬ور ال‪CC‬دين وملَ َكه‪CC‬ا‪،‬‬
‫وفيها اهتم نور الدين ببناء القالع واألسوار التي هدمتها الزلزلة‪ ،‬وأغار على الفرنج ليشغلهم عن قص‪CC‬د البالد؛ "الغ‪CC‬زي‬
‫الحلبي"‪.‬‬

‫والذي يزور جامع النوري في مدينة حماة‪ ،‬يقرأ على نقش حجري مكتوب فوق م‪CC‬دخل الب‪CC‬اب‪( :‬تم إع‪CC‬ادة بن‪CC‬اء‬
‫الجامع على يد نور الدين محمود‪ ،‬بعد خرابه بالزلزال الذي نزل في حماة سنة ‪552‬هـ)‪ ،‬وحتى منبر الجامع فهو ش‪CC‬قيق‬
‫منبر جامع األقصى الذي كان محموالً في حروب ص‪CC‬الح ال‪CC‬دين على جم‪CC‬ال؛ ألن المن‪CC‬برين ص‪CC‬نعهما ن‪CC‬ور ال‪CC‬دين محم‪CC‬ود‪،‬‬
‫واحد لمسجده في حماة‪ ،‬والثاني لألقصى‪ ،‬وقد أقامه صالح الدين بعد تحرير القدس ووضعه في المسجد األقصى‪ ،‬والذي‬
‫يبدو أن القرن السادس الهجري لم تنقطع الزالزل فيه كزالزل م‪C‬ترددة‪ ،‬وك‪C‬ان منه‪C‬ا زل‪C‬زال حلب س‪C‬نة ‪565‬هـ‪ ،‬فق‪C‬د ق‪C‬ال‬
‫القاضي بهاء الدين بن شداد‪ ،‬قاضي حلب في تأليفه سيرة صالح الدين‪" :‬بأن‪C‬ه ج‪CC‬اءت بحلب في ث‪CC‬اني عش‪CC‬رة من ش‪CC‬وال‬
‫كثيرا من البالد"‪ ،‬وهو معاصر للحادثة‪.‬‬
‫سنة ‪565‬هـ‪ ،‬زلزلة عظيمة أخربت ً‬

‫وكانت الزلزلة قد وصلت إلى بالد الفرنج ‪ -‬البالد ال‪C‬تي يحكمه‪C‬ا الص‪C‬ليبيون في بالد الش‪C‬ام ‪ -‬ق‪C‬ال العم‪C‬اد الك‪C‬اتب‬
‫ش ْهر ُز ِّ‬
‫وري‪:‬‬ ‫واص ًفا هذه الزلزلة في مدح القاضي محيي الدين ال َّ‬

‫جل رزء الفرنج فاستبدلوا منه ** بلبس الجديد لبس الحداد‬

‫عال ** وأعادت قالعها كالوها ِد‬


‫خفضت من قالعها كل ٍ‬

‫إلى أن يقول‪:‬‬

‫الرؤوف في الشام ع َّنا ** داف ٌع لطف ٌه بال َء البال ِد‬


‫ُ‬ ‫واإلل ُه‬

‫زلزال المدينة المنورة لسنة ‪664‬هـ‪ ،‬فقد جاء مستهل جمادى اآلخرة أو آخر جمادى األولى من سنة أربع‬ ‫‪-5‬‬
‫وستين وس‪CC‬تمائة‪ ،‬وابت‪CC‬دأت بزلزل‪CC‬ة خفيف‪CC‬ة‪ ،‬ثم اش‪CC‬تدت ليل‪CC‬ة األربع‪CC‬اء ث‪CC‬الث الش‪CC‬هر أو رابع‪CC‬ه‪ ،‬واس‪CC‬تمرت لي‪CC‬وم الجمع‪CC‬ة‪،‬‬
‫وصورة الزلزلة وصفها السمهودي واليونيني وابن عمران اليامي‪ ،‬ومعظم المؤرخين تكلموا عن هذه الزلزلة‪.‬‬

‫زلزال القاهرة الشديد‪ ،‬الذي كان قد نزل فيها سنة ‪702‬هـ في ‪ 13‬ذي الحجة‪ ،‬وجاء ذكر هذا الزل‪CC‬زال عن‪CC‬د‬ ‫‪- 6‬‬
‫الداوداري‪ ،‬والعيني‪.‬‬

‫زلزال غرناطة الذي وقع في ‪ 11‬شعبان لسنة ‪834‬هـ‪ ،‬وقد جاء على ذكر الزلزلة المقريزي والعيني في‬ ‫‪-7‬‬
‫عقد الجمان‪.‬‬
‫زلزال السودان يوم األحد ‪ 27‬محرم ‪1168‬هـ‪ ،‬وق‪CC‬د وص‪C‬فت الزلزل‪C‬ة بـ (س‪C‬مع الن‪CC‬اس ص‪CC‬و ًتا وزلزل‪C‬ة‬ ‫‪- 8‬‬
‫َّ‬
‫بالخرطوم‪ ،‬في العام الثامن والستين بعد المائة وألف‪ ،‬واشتد الصوت والزلزلة حتى تحركت األش‪CC‬جار والرب‪CC‬وع واش‪CC‬تقت‬
‫وخربت‪ ،‬ومات تحتها الناس وقت الزوال يوم األحد السابع والعشرين من المحرم في العام المذكور) وقد ذكرها السعدي‪.‬‬

‫وفي العام التالي نزل بالمغرب زلزال كبير أصاب عد ًدا من المدن‪ ،‬ومنها فاس وسال‪ ،‬وقد ُأ ِّرخت الزلزلة بـ‬ ‫‪-9‬‬
‫(ضحوة يوم السبت السادس والعشرين من محرم الحرام فاتح عام تسعة وستين ومائة وأل‪CC‬ف‪ ،‬وقعت زلزل‪CC‬ة عظيم‪CC‬ة في‬
‫وسط المغرب)‪ ،‬ومن عاصر الزلزلة وصفها وص ًفا دقي ًقا‪ ،‬وقد جاء على ذكرها ِّ‬
‫الغزي الحلبي والبديري الحالق‪.‬‬

‫والمتتبع ألحداث ال‪CC‬زالزل يج‪CC‬د أن بالد الش‪CC‬ام ق‪CC‬د احتلت مرك‪CC‬ز الص‪CC‬دارة في س‪C‬جل أح‪CC‬داث ال‪CC‬زالزل في مص‪CC‬ادر‬
‫التاريخ اإلسالمي‪ ،‬وقد أبدع المؤرخون في وصف الزالزل من حيث قو ُتها ودما ُرها للم‪CC‬دن والق‪CC‬رى وتواريخه‪CC‬ا‪ ،‬ودرج‪CC‬ة‬
‫شدتها‪ ،‬وتوج أحداث الشام زالزل مترددة ن‪CC‬زلت في مدين‪CC‬ة حلب طيل‪CC‬ة عش‪CC‬ر س‪CC‬نوات‪ ،‬من س‪CC‬نة ‪1226‬هـ ‪1237 -‬هـ‪،‬‬
‫والمؤرخ ‪1237‬هـ‪ ،‬تهدم فيه مباني وقلع‪CC‬ة حلب‪ ،‬وق‪CC‬د وص‪CC‬فها األديب أحم‪CC‬د ال‪CC‬دمياطي في‬ ‫َّ‬ ‫وكان أكبرها وأشدها آخرها‪،‬‬
‫هذه األبيات‪:‬‬

‫الزلزال‬
‫ِ‬ ‫ضت ** لستُ أنسى ليالي‬ ‫إن تناسيتُ أوقاتَ ُأ ْن ٍ‬
‫س تق َّ‬

‫الجبال‬
‫ِ‬ ‫رقص‬
‫َ‬ ‫َأ ْذ َك َر ْتنا كيف المنا ُم بم ْه ٍد ** وَأ َر ْتنا بالعين‬

‫األطفال‬
‫ِ‬ ‫أشهد ْتنا تمايال ِ‬
‫ت قصور ** باهتزاز كحال ِة‬

‫أما عن شرق الجزيرة العربية‪ ،‬فلم تتوفر أخبار عنها سوى ما أشار له "عبدهللا بن حميد الس‪CC‬المي" المت‪CC‬وفى‬
‫سنة ‪1332‬هـ في كتابه (تحفة األعيان‪ ،‬بسيرة أهل عمان)‪ ،‬ويشير الخبر إلى زالزل س‪C‬نة ‪365‬هـ‪ ،‬وه‪C‬و الخ‪C‬بر الوحي‪C‬د‬
‫الذي أشار لما نزل بشرقي الجزيرة من زالزل‪ ،‬وال يغيب عنا زلزال الكويت س‪CC‬نة ‪1993‬م وال‪CC‬ذي بلغت درجت‪CC‬ه بمقي‪CC‬اس‬
‫رختر ‪ 4،5‬درجة‪ ،‬كما ال يغيب عنا زلزال اليمن المد ِّمر الذي نزل فيها سنة ‪1982‬م‪ ،‬وقد اهتمت المملكة بدراسة العلوم‬
‫الزلزالية‪ ،‬وتم عقد الحلقة الدراسية العربية الثالثة للعلوم الزلزالية‪ ،‬في مدينة الرياض في مارس لسنة ‪1986‬هـ‪.‬‬

‫وفي باب االهتمام بحال الزالزل في المملكة العربية السعودية‪ ،‬فهناك دراسة علمية عن الوضع الزل‪CC‬زالي في‬
‫منطقة القصيم‪ ،‬قامت بها الدكتورة مشاعل بنت محمد آل سعود‪ ،‬حيث أشارت إلى زالزل نزلت بالقصيم تراوحت درجته‪CC‬ا‬
‫‪C‬ارا دقي ًق‪CC‬ا وموف ًق‪CC‬ا؛ ألن‬
‫بين ‪ 5.9 C- 4‬درجة‪ ،‬على مقياس رختر‪ ،‬في فترات زمنية متباعدة‪ ،‬وجاء اختي‪CC‬ار المنطق‪CC‬ة اختي‪ً C‬‬
‫المنطقة تجمع تراكيب الدرع العربي‪ ،‬والرف الع‪CC‬ربي الرس‪CC‬وبي‪ ،‬ال‪CC‬تي تش‪CC‬تمل على نط‪CC‬اق الض‪CC‬عف البن‪CC‬ائي الواقع‪CC‬ة على‬
‫حدود التكوينات الجيولوجية‪.‬‬

‫ظواهر طبيعية مصاحبة للزالزل‪:‬‬


‫ُت صاحب الزالزل العديد من الظواهر الطبيعية‪ ،‬كما جاء في سجل الزالزل اإلسالمي والعربي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫بركاني‪ ،‬وكذلك زلزال المدينة سنة ‪604‬هـ‪.‬‬


‫ٌّ‬ ‫زلزال اليمن لسنة ‪1038‬هـ مصوع رافقه نشاط‬ ‫‪-2‬‬

‫االنزالقات األرضية من تربة وحجارة وصخور‪ ،‬وحتى الجبال‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫ثالث عشر َة‬


‫َ‬ ‫الخسوف واندثار مدن وقرى مثل الذي نزل على القيروان لسنة ‪240‬هـ‪ ،‬والذي رافقه خسوف‬ ‫‪-4‬‬
‫قرية‪ ،‬ولم ين ُج من أهلها سوى اثنين وأربعين رجالً‪ ،‬وال يغيب زلزال أغادير بالمغرب لسنة ‪1960‬م‪.‬‬

‫الم ُّد والجزر في مواطن البالد البحرية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫نضوب المياه أو تفجرها والشواهد في هذا كثيرة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫الرعود‪ ،‬ناتج عن احتكاك الصخور الجوفية‪ ،‬كما حصل في‬


‫البعض من الزالزل يصاحبها أصوات أشبه بدمدمة ُّ‬ ‫‪-7‬‬
‫زلزال قرطبة سنة ‪566‬هـ‪.‬‬
‫زمن الزلزال وشدته‪:‬‬
‫تقدير زمن الزلزال من خالل شدته وقوته‪ ،‬فكانت وحدات القياس عندهم على الش‪CC‬كل‬
‫َ‬ ‫عرف المؤرخون المسلمون‬
‫َ‬
‫التالي‪:‬‬

‫الساعة الفلكية والدرجة وعلى سبيل المثال‪ :‬فإن زلزال القاهرة الشهير لسنة ‪702‬هـ وامت‪CC‬دَّ لبالد الش‪CC‬ام‪ ،‬فيص‪CC‬فه‬
‫مؤرخ الزلزال فيقول‪ :‬فأقامت األرض تهتز ربع س‪CC‬اعة فلكي‪CC‬ة ‪ 15‬دقيق‪CC‬ة‪ ،‬في تق‪CC‬دير ال‪CC‬داوداري‪ C،‬وخمس درج في تق‪CC‬دير‬
‫المقريزي ‪ 20‬دقيقة‪ ،‬وهذا يشير إلى أن المسلمين قد عرفوا مقياس الزالزل قبل مقياس رختر‪.‬‬

‫ففي وصف الشدة والسرعة عن زل‪C‬زال الق‪C‬اهرة لس‪C‬نة ‪807‬هـ فيق‪C‬ول‪( :‬ثم س‪CC‬كنت بع‪CC‬د لحظ‪CC‬ة)‪ ،‬وعن زل‪C‬زال س‪C‬نة‬
‫‪826‬هـ فيقول‪" :‬زلزلت القاهرة كلمح البصر"‪.‬‬

‫وفي وصف الشدة‪ ،‬فجاءت هذه العبارات في كتبهم‪( :‬زلزلة شديدة مهولة)‪ ،‬وكلمات‪( :‬ش‪CC‬ديدة‪ ،‬هائل‪CC‬ة‪ ،‬عظيم‪CC‬ة‪،‬‬
‫متوسطة‪ ،‬خفيفة‪ ،‬لطيفة) تشير في داللتها إلى قوة وشدة الزالزل‪.‬‬

‫التن ُّبؤ بالزالزل‬


‫أسس‪C‬ا له‪CC‬ذا العلم‪ ،‬ولم يو َّفق الفلكي‪CC‬ون ل‪CC‬ذلك‪ ،‬فق‪CC‬د دلت النص‪CC‬وص كم‪CC‬ا يق‪CC‬ول‬
‫ً‬ ‫‪C‬رف عن الع‪CC‬رب أنهم وض‪CC‬عوا‬
‫فلم ُيع‪َ C‬‬
‫العسقالني عن زلزال ‪802‬هـ‪ :‬كان أولها يوم الجمعة وكان أهل الهيئة بمصر ذكروا أن‪CC‬ه يق‪CC‬ع في أول ي‪CC‬وم منه‪CC‬ا زلزل‪CC‬ة‪،‬‬
‫وشاع ذلك بين الناس‪ ،‬فلم يق‪CC‬ع ش‪CC‬يء من ذل‪C‬ك‪ ،‬وك‪َّ C‬ذبهم هللا س‪C‬بحانه وتع‪CC‬الى‪ ،‬ومث‪CC‬ل ه‪CC‬ذه القص‪CC‬ة س‪C‬اقها الج‪C‬برتي س‪C‬نة‬
‫‪1205‬هـ عن زل‪C‬زال س‪C‬يقع في مص‪C‬ر في ‪ 12‬جم‪C‬ادى األولى لتل‪C‬ك الس‪C‬نة‪ ،‬بحيث ستحص‪C‬ل زلزل‪C‬ة عظيم‪C‬ة تس‪C‬تمر س‪C‬بع‬
‫ساعات‪ ،‬وبات الناس ينتظرون حتى الصباح فلم يحصل شيء من ذلك‪.‬‬

‫ص ا بعلم هللا وقدرته‪ ،‬على الرغم من التقدم العلمي‪ ،‬الذي يشهده العالم اليوم‪ ،‬ويوثق ذلك ما‬ ‫وهذا األمر ال زال مخت ًّ‬
‫يصيب أك‪CC‬ثر دول الع‪CC‬الم تق‪ُّ C‬د ًما في العلم‪ ،‬كالص‪CC‬ين والياب‪CC‬ان وأمريك‪CC‬ا‪ ،‬فال زال‪CC‬وا ع‪CC‬اجزين في عل‪CC‬ومهم أم‪CC‬ام ق‪CC‬درة هللا في‬
‫التعرف والتنبؤ بساعة وقوع الزالزل‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين الذي خص نشاطها بعلمِه وإرادته وقدرته‪ ،‬وآخ‪CC‬ر دعوان‪CC‬ا‬
‫أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

You might also like