You are on page 1of 14

Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020

SIATS Journals

Journal of Islamic Studies and Thought for


Specialized Researches

(JISTSR)

Journal home page: http://www.siats.co.uk

‫مجلة الدراسات اإلسالمية والفكر للبحوث التخصصية‬


‫م‬2020 ،3 ‫ العدد‬،6 ‫المجلد‬
e-ISSN: 2289-9065

THE RULES OF PURPOSES AND ITS RELATIONSHIP WITH THE


FUNDAMENTALIST RULES
‫القواع ُد املقاصدية وعالقتُها ابلقواعد األصولية‬

‫عمر عبدالاله أمحد كليب‬

Omar Abdellah Ahmed Kolaib


kolaipomar@gmail.com

‫ حممد برهان الدين بن زكراي‬.‫د‬

Dr. Mohd Borhanuddin Zakaria


borhanuddin@unisza.edu.my

(FKI)‫( – كلية الدراسات اإلسالمية املعاصرة‬UniSZA)‫جامعة السلطان زين العابدين‬

‫هـ‬1441 /‫م‬2020

Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches


Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020

ARTICLE INFO
Article history:
Received 22/3/2020
Received in revised form1/4/2020
Accepted 20/6/2020
Available online 15/7/2020

Abstract

The problem of research emerges in explaining the relationship between the rules of the purposes
and the fundamentalist rules، the extent of their connected and their importance for jurist to devise
provisions for cases which there is no legal text، and it aims to clarify the concept of legitimate
purposes of old and late jurists، and its importance in Islamic legislation without excessive or
inattentive، and the approach followed: describe The rules of purposes by explaining their
definition and establish them to be a guide that the jurist argues in the cases which there is no legal
text، with an indication to the manifestation of its characteristics and the most prominent benefits،
and analyze of the relationship between them and fundamentalist rules and the statement of aspects
of agreement and separation، so the researcher reached to that the rules of purposes are a major of
rules denoted by the sum of the partial evidence and taken to the rank of independent major
evidence، and it was a valid argument and can be a valid inference by it، and it is with
fundamentalist rules are two basic pillars which the jurist is relying on in order to reach the Islamic
legal ruling that the legislator wanted and desired. And who was not full conversant in the rules of
the purposes will not be able to employ the fundamentalist rules as required.
Keywords: rules، purposes، fundamental، aims.

‫ملخص البحث‬
‫تربز إشكالية البحث يف بيان عالقة قواعد املقاصد ابلقواعد األصولية ومدى ترابطهما وأمهيتهما للمجتهد يف استنباط‬
‫ كما يهدف إىل توضيح مفهوم املقاصد الشرعية عند‬،‫نص شرعي‬ ٌّ ‫األحكام للحوادث والنوازل اليت ال يوجد فيها‬
ٍ ‫املتقدمني واملتأخرين وأمهيته يف التشريع اإلسالمي من غري إفر‬
‫ وصف قواعد املقاصد ببيان‬:‫ واملنهج املتبع‬،‫اط وال تفريط‬
ِّ ‫ مع اإلشارة إىل‬،‫النص الشرعي‬
‫أظهر‬ ِّ ‫اجملتهد يف النوازل واملستجدات عند غياب‬
ُ ‫حيتج به‬
ُّ ً‫تعريفها وأتصيلها لتكون دليال‬
‫الباحث إىل‬
ُ ‫ليتوصل‬
َّ ،‫ وحتليل العالقة بينها والقواعد األصولية وبيان أوجه االتفاق واالفرتاق‬،‫خصائصها وأبرز فوائدها‬
َّ ‫ات‬
ً‫ فكانت بذلك حجة‬،‫دل عليها جمموعُ األدلة اجلزئية وهنضت هبا إىل رتبة الدليل العام املستقل‬ ٌ َّ‫أن قواعد املقاصد كلي‬
‫يستند إليهما اجملتهد للوصول إىل احلكم الشرعي‬
ُ ‫ وأهنا مع القواعد األصولية ركنان أساسيان‬،‫معتربًة يصح االستدالل هبا‬
‫ ومن مل يكن متمكناً من قواعد املقاصد فلن يستطيع أن يوظف القواعد األصولية على الوجه‬،‫ع وابتغاه‬
ُ ‫الذي أراده الشار‬
.‫املطلوب‬
.‫ ِّح َكم‬،‫ أصول‬،‫ مقاصد‬،‫ قواعد‬:‫الكلمات املفتاحية‬

82
Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫الـمـقدم ـ ـة‬
‫رب العاملني محداً كثرياً طيباً مباركاً فيه‪ ،‬والصالة والسالم على سيدان حممد بن عبدهللا الصادق األمني وعلى‬ ‫احلمدهلل ِّ‬
‫آله وصحبه أمجعني‪...‬‬
‫رد مؤكدةً ارتباط أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬الكلي منها واجلزئي‬
‫جيدها تتوا ُ‬ ‫ِّ‬
‫نصوص الشرعية ُ‬ ‫املتأم َل لِّل‬
‫وبعد‪ :‬فإن ِّ‬
‫ُ‬
‫ابحلِّ َك ِّم و ِّ‬
‫املصال واملعاين اليت تكفل سعادة اإلنسان يف دنياه وأُخراه‪.‬‬
‫متوقف على معرفة املقاصد الشرعية‪ ،‬لذلك يلزم اجملتهد ابخلصوص استعمال‬ ‫ٌ‬ ‫وإن إدراك هذه احلِّ َكم واملصال‬
‫قواعد املقاصد مع القواعد األصولية للوصول إىل تلك املقاصد والغاايت‪ ،‬ومن هنا يسعى الباحث إىل بيان مفهوم‬
‫املقاصد الشرعية وأمهيتها والتعريف بقواعد املقاصد وعالقتها ابلقواعد األصولية‪ ،‬وقد وضع الباحث تساؤالت وهي‪ :‬ما‬
‫املراد ابملقاصد الشرعية وقواعد املقاصد؟ وما عالقتها ابلقواعد األصولية؟ مث ما أمهيتهما يف استنباط األحكام؟ وسيحاول‬
‫اإلجابة عليها خالل هذا البحث‪ ،‬متبعاً يف ذلك منهج الوصف والتحليل‪.‬‬
‫تـمـه ـي ـد‬
‫أحكامها الشرعية‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫مصال العباد يف الدارين من ِّ‬
‫خالل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لتحقيق‬ ‫الغراءَ جاءت‬
‫أن الشريعةَ َّ‬ ‫مما ال شك فيه َّ‬
‫األحكام‬ ‫التام للنصوص الشرعية تتضح العالقةُ الوثيقةُ بني األحكام واحلِّ َكم‪ ،‬ويتبني ٍ‬
‫جبالء "أن‬ ‫وابلتأم ِّل واالستقر ِّاء ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مقاصد عليا‪ُُ ،‬تَس ُد مصال حيويةً واقعيةً يف حال إقامتِّها و ِّ‬
‫االمتثال هبا(‪.")1‬‬ ‫َ‬ ‫وسائل لتحقيق‬ ‫الفقهيةَ ما هي إال‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫بيان هذه املقاصد املرتبطة واملبَ ثُوثَِّة يف هذه النصوص‪ ،‬ابتداءً إبمام احلرمني اجلويين‬ ‫وقد انربى كثري من العلماء ل ِّ‬
‫ٌ‬
‫يف كتابه األصويل "الربهان" والغزايل يف كتابيه "املستصفى" و "شفاء الغليل" والعز بن عبد السالم يف "قواعد األحكام"‬
‫وفارس َميدانِّه‬
‫علم املقاصد ِّ‬ ‫بشيخ ِّ‬
‫والقرايف يف "الفروق" مث اآلمدي يف "اإلحكام" وابن القيم يف "إعالم املوقعني" وانتهاءً ِّ‬
‫البحث الفقهي واألصويل لِّيَكو َن مستوعباً‬ ‫ِّ‬ ‫وراب ِّن سفينته اإلمام الشاطيب يف كتابه "املوافقات"‪ ،‬فهو الذي دعا إىل ِّ‬
‫تعميق‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫نصوص الشريعة وفَهم َها فَهماً أصولياً‬ ‫ِّ‬ ‫ص يف‬ ‫ِّ‬
‫بكل تطوراهتا ومستجداهتا ونو ِّازِلا‪ ،‬وأن ذلك ال يتأتَّى إال ابلغَو ِّ‬ ‫ِّ‬
‫للحياة ِّ‬
‫وحدودها‪ِّ ،‬‬
‫وبيان‬ ‫ِّ‬ ‫تقعيد قو ِّ‬
‫اعد املقاصد‪ ،‬ورس ِّم ضو ِّ‬
‫ابطها‬ ‫جبالء دوره العظيم يف ِّ‬‫مقاصدايً فقهياً‪ ،‬وكتابه املشار إليه يوضح ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ُ‬
‫َوضح‬ ‫ِّ‬
‫ومفهومها ٍ‬ ‫فلسفتِّها‬
‫أول من أ َ‬ ‫ذكرهم إال أنه ان َفَرَد بكونه َ‬
‫مر ُ‬
‫يد عليه‪ ،‬وهو وإن كان امتداداً ملن َسبَ َق ممن َّ‬ ‫ببيان ال مز َ‬
‫س‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ضمن إطار علم ٍي منهجي‪ ،‬مما جعلها أتخ ُذ حيزاً مستقالً يف مباحث أصول الفقه‪ ،‬بل وأصبحت تُد َر ُ‬ ‫نظريةَ املقاصد َ‬
‫ِّ‬
‫كاملقدمة ابلنسبة‬ ‫س ابعتبارها علماً يُسمى علم املقاصد‪ ،‬ولذلك فلو قيل‪ :‬إن ما قد َمهُ السابقون يف علم املقاصد هو‬ ‫وتُ َد َّر ُ‬
‫كل َمن جاء بعده فَهو عالةٌ عليه‪ُ ،‬مستَ ٍق من‬ ‫اإلمام الشاطيب يف هذا العلم لصح ذلك القول‪ ،‬ولذلك أيضاً ف ُّ‬ ‫ملا َبَثَهُ ُ‬
‫وسائر على منهجه وقواعده‪.‬‬ ‫طريقته ٌ‬

‫‪83‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫االهتمام عِّلماً ومبحثاً مستقالً‬


‫ُ‬ ‫أصبح هذا‬
‫االهتمام بعلم املقاصد واضحاً وجلياً يف العصر احلايل‪ ،‬حىت َ‬
‫ُ‬ ‫وبرز‬
‫ابطه وقو ِّ‬
‫اعده وحدوده‪.‬‬ ‫بذاته‪ ،‬وتظافرت جهود العلماء املعاصرين إلظهار هذا العلم‪ ،‬ووضع ضو ِّ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫كبري يف االجتهاد الفقهي‪ ،‬وخصوصاً فيما يُستَ َج ُّد من الوقائع‬
‫أثر ٌ‬ ‫وقد كان ِلذا العلم وقواعده ‪-‬وما يزال‪ٌ -‬‬
‫قصدها من تشريعه‪،‬‬
‫الصور اليت يَََرت َسُها الشارعُ وي ُ‬
‫تضع للمجتهد املعاملَ و َ‬
‫اعد املقاصدية الضابطةُ ِلذا العلم ُ‬
‫والنوازل‪ ،‬والقو ُ‬
‫احلكم الذي يتوص ُل إليه متوافقاً مع الغاايت‬
‫ُ‬ ‫اعد راسخةً يف ذهن اجملتهد‪ ،‬عميقةً يف وجدانه‪ ،‬ليكون‬‫فتكون هذه القو ُ‬
‫نفسها اليت تكشف عنها القواعد‪ ،‬ومؤكداً ملضموهنا‪.‬‬
‫مساره‪ ،‬حىت يكون متوافقاً مع كليات الشرع‬ ‫اعد وسيلةً لضبط االجتهاد الفقهي‪ ،‬وت ِّ‬
‫وجيه ِّ‬ ‫وبذلك تكون هذه القو ُ‬
‫وحمققاً ملصال العباد يف الدارين‪.‬‬
‫ومقاصده‪ُ ،‬‬

‫اد ابملقاصد الشرعية‬ ‫املبحث األول‪ :‬املُر ُ‬


‫لتفت السابقون إىل تعريفه مع استعماِلم لَهُ يف كتاابهتم‪ ،‬فقد كانوا يقتصرون على‬ ‫احلقيقة أن هذا املصطلح مل ي ِّ‬
‫ب‬‫املقصود من شرع احلُكم‪ :‬إما جل ُ‬ ‫َ‬ ‫األحكام الشرعية‪ ،‬فاآلمدي يقول‪ :‬إن‬ ‫ُ‬ ‫بيان أنو ِّاع املصال واملقاصد اليت ُحت ِّق ُقها‬
‫ٍ‬
‫دفع مضرةٍ أو جمموعُ األمرين ‪ ،‬والشاطيب يقول‪ :‬إن الشار َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ص َد ابلتشريع إقامةَ املصال األخروية‬ ‫ع قَ َ‬ ‫مصلحة أو ُ‬
‫والدنيوية(‪.)3‬‬
‫مخسة يف كتابه الربهان ِّ‬
‫ترج ُع يف‬ ‫أصول ٍ‬ ‫رد الشريعةَ إىل ٍ‬ ‫أول من َّ‬ ‫إمام احلرمني اجلويين ‪-‬رمحه هللا‪َ -‬‬ ‫ولََقد كان ُ‬
‫فعرب يف مبحث تقاسيم‬ ‫ِّ‬
‫حقيقتها إىل املقاصد الكربى الثالثة‪ ،‬وهذه املقاصد هي‪ :‬الضرورايت واحلاجيَّات والتحسينيات‪ََّ ،‬‬
‫"آيل إىل الضرورة الراجعة إىل النوع واجلملة" وعن الثاين ب "ما يتعلَّق ابحلاجة العامة وال‬ ‫العلل واألصول عن األول ابل ِّ‬
‫ض يف جلب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫غر ٌ‬‫يلوح فيه َ‬
‫ينتهي إىل حد الضرورة" وعن الثالث ب "ماال يتعلق بضرورة حاقة‪ ،‬وال حاجة عامة‪ ،‬ولكن ُ‬
‫كرَم ٍة أو يف نفي ٍ‬
‫نقيض ِلا‪.")4( ..‬‬ ‫َم ُ‬
‫متييز األحكام‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫فرز و ُ‬‫ومقصودهم ُ‬
‫ُ‬ ‫املناسب يف مسالك العلة‪،‬‬ ‫من‬
‫َب األصوليون على ذكر هذه املقاصد ض َ‬ ‫وقد َدأ َ‬
‫املقصد الضروري‪ -‬أييت يف مقدمتها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ملناسب الضروري ‪-‬وهو‬
‫ُ‬ ‫ود َرجتِّها يف ُسلَّم الشريعة‪ ،‬فا‬ ‫ِّ‬
‫على حسب أمهيتها الشرعية‪َ ،‬‬
‫حكام أ ِّ‬
‫َحكام‬ ‫مسلك آخر يف بيان إِّ ِّ‬
‫ٌ‬ ‫املقصد احلاجي‪ -‬اثنياً‪ ،‬وآخراً أييت التحسيين‪ ،‬مث كان للشاطيب‬ ‫املناسب احلاجي ‪ُ -‬‬ ‫مث‬
‫ُ‬
‫س يف‬ ‫انسجامها‪ ،‬ف َفَّرع املقاصد إىل ٍ‬
‫ِّ‬ ‫انضباط منظومتها‪ِّ ،‬‬ ‫ووضوح ِّح َك ِّمها‪ ،‬و ِّ‬
‫أطال النَّ َف َ‬
‫أصلية واتبعة‪ ...‬و َ‬ ‫َ‬ ‫ومشوِلا و‬ ‫ِّ‬ ‫الشريعة‬
‫املقاصد‬
‫ُ‬ ‫حفظ مقاصدها يف اخللق‪ ،‬وهذه‬ ‫أتصيل املقاصد الثالثة وبياهنا‪ ،‬ويف ذلك يقول‪" :‬تكاليف الشريعة ترجع إىل ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(‪)5‬‬
‫ال تعدو ثالثة أقسام‪ :‬أحدها‪ :‬أن تكون ضرورية‪ ،‬والثاين‪ :‬أن تكون حاجية‪ ،‬والثالث‪ :‬أن تكون حتسينية "‪.‬‬
‫املصطلح األصويل الفقهي فناً شرعياً معترباً‪ ،‬ولهُ أمهيتُه وقيمتُه ومكانتُه علمياً وأكادميياً‪ ،‬وقبل‬ ‫ُ‬ ‫صار هذا‬
‫وقد َ‬
‫حل مشكالتِّه ومستجداتِّه وأحوالِّه‪ ،‬وكما ال خيفى أنه يف العقود‬ ‫ونتائجهُ على مستوى الواقع االنساين يف ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ائده‬
‫ذلك فو ُ‬

‫‪84‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫املتأخرة حتديداً كثُر الكالمُ عن هذا املصطلح ومكانتِّه ِّ‬


‫ودورهِّ يف استنباط األحكام‪ ،‬وكان خالصةُ ذلك ظهور ثالثة‬ ‫َ‬
‫آراء‪:‬‬
‫األحكام أتسيساً وترجيحاً‪ ،‬قبوالً َوَرداً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تثبت به‬
‫املطلق على املقاصد وجعلُها دليالً شرعياً مستقالً‪ُ ،‬‬
‫االعتماد ُ‬
‫ُ‬ ‫األول‪:‬‬
‫لتفت إليه‪ ،‬وال يقوى على مواجهة األدلة والنصوص واإلمجاعات‬
‫اعتبارها أصالً ُملغى ال يُ ُ‬
‫املطلق للمقاصد‪ ،‬و ُ‬ ‫الثاين‪ُ :‬‬
‫النفي ُ‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫االستناد إليها‪ ،‬بال إفراط وال تفريط‪ ،‬فال إِّ َ‬
‫عمال مطلق‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫االعتدال يف مراعاهتا و‬
‫ُ‬ ‫ط يف األخذ ابملقاصد‪ ،‬و‬ ‫الثالث‪ُّ :‬‬
‫التوس ُ‬
‫فرط‪.‬‬‫وال نفي ُم ِّ‬
‫َ‬
‫َجدر ابملنظومة الشرعية‪ ،‬ومقررات العقل ومتطلبات‬ ‫األقرب للصحة والقبول‪ ،‬واأل ُ‬‫ُ‬ ‫الثالث هو‬
‫َ‬ ‫أي‬
‫احلق أن الر َ‬
‫و ُّ‬
‫الواقع ومصال اخللق‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حاجة إىل‬ ‫االهتمام هبا يف عصران احلايل وأتكد نظراً لِّما ظهر فيه من حوادث ومستجدات‪ ،‬هي يف‬ ‫ُ‬ ‫وإمنا زاد‬
‫ظهر‬
‫الفقهي فيها‪ ،‬وتُ َ‬
‫َ‬ ‫غ‬ ‫معاجلتِّها وتكييفها وفق املقاصد الشرعية‪ ،‬من خالل قواعد املقاصد والقواعد األصولية‪ ،‬لِّتَ َّ‬
‫سد الفرا َ‬
‫وخلودها‪ ،‬وحاكمي تَها على الوجود واحلياة‪.‬‬
‫َ‬ ‫وصالحها ومشوَِلا‬
‫َ‬ ‫حيويةَ الشريعة‬
‫مومه وإطالقه‪ ،‬فهو مقي ٌد بعموم األدلة والقواعد والضوابط‬ ‫ِّ‬
‫ابملقاصد والعمل هبا ليس على ع ِّ‬ ‫على أن األخ َذ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الع َقدية واألخالقية والعقلية‪.‬‬‫سائر األبعاد َ‬‫الشرعية‪ ،‬وب ِّ‬
‫ِّ‬
‫قصدت الشيء قصداً أي طلبتُه‬ ‫ُ‬ ‫قص َد يقصد‪ ،‬ومن معاين هذا الفعل‪:‬‬ ‫مقصد ومها مصدر َ‬ ‫املقاصد لغةً‪ :‬مفرد مقصد أو َ‬
‫املناسب‬
‫ُ‬ ‫توسط(‪ .)6‬وهذه املعاين هي املر ُاد هنا و‬ ‫وقصد يف األمر‪َّ :‬‬‫ص َد إليه قَص َداً‪ :‬اعتزم عليه وتوجه إليه‪َ ،‬‬ ‫ص َدهُ وقَ َ‬
‫بعينه‪ ،‬وقَ َ‬
‫تقصد مصالَ العباد وتَطلُبُها بعينها وتَتَ َوجه إىل حتقيقها وإقامتها‪ ،‬مع اعتمادها على التوسط‬ ‫الغراءُ ُ‬ ‫ِلذا املفهوم‪ ،‬فالشريعةُ َّ‬
‫يف ذلك‪.‬‬
‫أما تعريفها اصطالحاً‪ :‬فقد عرفها الشيخ الطاهر بن عاشور بقوله‪" :‬املعاين واحلِّ َكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال‬
‫عالل الفاسي‬ ‫نوع خاص من أحكام الشريعة‪ ،")7(...‬وعرفها َّ‬ ‫معظمها‪ ،‬بيث ال ختتص مالحظتها ابلكون يف ٍ‬ ‫التشريع أو ِّ‬
‫ع عند كل حك ٍم من أحكامها(‪ ،")8‬وعرفها د أمحد الريسوين بقوله‪:‬‬ ‫بقوله‪" :‬الغايةُ منها واألسر ُار اليت وضعها الشار ُ‬
‫الغاايت اليت وضعت الشريعة ألجل حتقيقها ملصلحة العباد(‪ ،")9‬ويعرفها د عبدالرمحن الكيالين بقوله‪" :‬املعاين الغائية‬‫ُ‬ ‫"‬
‫اليت اُتهت إرادةُ الشارع إىل ِّ‬
‫حتقيقها عن طر ِّيق أحكامه"(‪ ،)10‬وعرفها الشيخ عبدهللا بن بَيه بقوله‪" :‬املعاين اجلزئية أو‬
‫الكلية املفهومة من خطاب الشارع ابتداءً‪ ،‬أصلية أو اتبعة‪ ،‬وكذلك املرامي واملرامز واحلِّ َكم والغاايت املستنبطة من‬
‫سكوت مبختلف دالالته‪ ،‬مدركة للعقول البشرية متضمنة ملصال العباد معلومة ابلتفصيل أو‬ ‫ٍ‬ ‫اخلطاب‪ ،‬وما يف معناه من‬
‫يف اجلملة(‪.")11‬‬

‫‪85‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫يف املقاصد مبا يتعلق بفهم األدلة الشرعية للوصول إىل استنباط األحكام واحلِّ َكم وصوالً‬ ‫ومبا َّ‬
‫أن املراد تعر ُ‬
‫للغاايت فإن التعريف املختار لدى الباحث هو‪ :‬املعاين واحلِّ َكم والغاايت اليت راعاها الشارعُ يف أحكامه ألجل حتقيق‬
‫مصال العباد‪.‬‬
‫يهتم ابلغاايت اليت من‬
‫املقاصد يف احلقائق وهي املعاين واحلكم امللحوظة من الشارع‪ ،‬بل ُّ‬
‫َ‬ ‫حيصر‬
‫وذلك أنه ال ُ‬
‫العكس أيضاً فال حيصرها يف الغاايت بل يُعرف ابحلقائق‪ ،‬ومع إجياز ألفاظه إال أنه‬‫أجلها ُشرعت تلك األحكام‪ ،‬و ُ‬
‫اضح يف مدلوله مما يعطي تصوراً واضحاً عن مفهوم املقاصد‪.‬‬
‫و ٌ‬
‫ِّ‬
‫مقاصد الشريعة متفاوتةً يف ِّ‬
‫ألفاظها إال أهنا تتفق يف‬ ‫وبناء على ما سبق فقد جاءت تعاريف املعاصرين ِّ‬
‫ملفهوم‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِّ‬
‫ومقصود الشارع‬ ‫ِّ‬
‫األحكام الشرعية‪ ،‬وفَه ِّم مناطاهتا‪،‬‬
‫يهدف إىل تعلقها بدراسة األدلة و‬
‫ُ‬ ‫املعىن العام للمقاصد‪ ،‬والذي‬
‫فيها‪ ،‬والغاايت املرجوة منها‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬ق ــواع ــد ال ـم ــقاصــد‬
‫ابب أوىل قواعد املقاصد‪ ،‬ولذلك انربى كثريٌ من‬ ‫يف مفهوم املقاصد الشرعية فمن ٍ‬ ‫وكما أن السابقني مل يتعرضوا لتعر ِّ‬
‫يف املعاصرين ِلا متنوعةً‬ ‫ِّ‬
‫املتأخرين املشتغلني هبذا العلم لتقعيد قواعده وتعريفها‪ ،‬وبيان حدودها وضوابطها‪ ،‬وجاءت تعار ُ‬
‫ٍ‬
‫مستفاد‬ ‫معىن عام‬
‫عربُ به عن ً‬‫ومتفاوتة‪ ،‬إال أهنا أيضاً متفقةٌ يف املقصود والغاية‪ ،‬فيعرفها د عبدالرمحن الكيالين بقوله‪" :‬ما يُ َّ‬
‫من أدلة التشريع املختلفة‪ ،‬اُتهت إرادةُ الشارع إىل إقامته من خالل ما بُين عليه من أحكام(‪ ،")12‬ويعرفها د ُشبَري‪:‬‬
‫ستفاد عن طريق االستقراء لألحكام الشرعية(‪ ،")13‬ويعرفها د‬
‫تعرب عن إرادة الشارع من تشريع األحكام وتُ ُ‬ ‫"قضيةٌ كليةٌ ِّ‬
‫الصيغ التقعيدية ِّ‬
‫املعربةُ عن املقاصد الشرعية العامة‪ ،‬وعن مقتضياهتا التشريعية والتطبيقية‪ ،‬أو‬ ‫أمحد الريسوين بقوله‪ُ " :‬‬
‫املوصلة إىل معرفتها وإثباهتا(‪.")14‬‬
‫وابلنظر إىل تعريف القاعدة املقاصدية‪ ،‬وأهنا قائمةٌ على االستقراء من النصوص الشرعية‪ ،‬وإىل أن االستقراءَ إذا‬
‫صحيح يف النوازل‬
‫النص الشرعي ال ِّ‬‫االحتجاج هبا عند غياب ِّ‬
‫َ‬ ‫ميكن‬
‫ول ُ‬ ‫يفيد القطع‪ ،‬فإن القواعد املقاصدية أص ٌ‬‫كان اتماً ُ‬
‫معني‪،‬‬
‫نص ٌ‬ ‫أصل شرعي مل يشهد له ٌّ‬ ‫كل ٍ‬
‫اإلمام الشاطيب بقوله‪ُّ :‬‬
‫والوقائع املستجدة‪ ،‬وما يؤكد هذا األمر هو ما ذكره ُ‬
‫األصل قد صار‬ ‫ُ‬ ‫رج ُع إليه إذا كان ذلك‬
‫صحيح يُبىن عليه‪ ،‬ويُ َ‬
‫ٌ‬ ‫لتصرفات الشرع ومأخوذاً من أدلته فهو‬ ‫وكان مالئماً ُّ‬
‫مبجموع أدلته مقطوعاً به(‪.)15‬‬
‫أصول صحيحةٌ‬ ‫وح َكمه وغاايته‪ ،‬هي ٌ‬ ‫اعد املقاصدية املستفادةُ من أدلة الشرع واملوافقةُ ملقصود الشارع ِّ‬ ‫فالقو ُ‬
‫شرعية‪ ،‬عن طر ِّيق استقر ِّاء‬
‫ٍ‬ ‫جمموع ٍ‬
‫أدلة‬ ‫أصول مستفادةٌ من ِّ‬ ‫الفقهية على ِّوف ِّقها‪ ،‬ألهنا ٌ‬
‫ِّ‬ ‫يبين اجتهاداتِّه‬
‫ميكن للمجتهد أن َ‬
‫تعارض بني الكلي واجلزئي ومل ِّ‬
‫ميكن‬ ‫وقع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ب هذه األصول مكانةً جليلةً‪ ،‬وحىت إن َ‬ ‫اجلزئيات املتعددة‪ ،‬وهذا مما يُكس ُ‬
‫أمر جزئي‪ ،‬فالكلي مقد ٌم‬ ‫أمر كلي و ٌ‬
‫يتعني تقدمي األول واألخذ به‪ ،‬ألن القاعدة املقررة أنه إذا تعارض ٌ‬ ‫اجلمع بينهما‪ ،‬فإنه ُ‬
‫ُ‬
‫(‪)16‬‬
‫نظام العامل ابخنرام املصلحة اجلزئية ‪.‬‬
‫ألن اجلزئي يقتضي مصلحةً جزئية‪ ،‬والكلي يقتضي مصلحةً كلية‪ ،‬وال ينخرم ُ‬ ‫َّ‬

‫‪86‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫هنضت مبعىن تلك القاعدة‪ ،‬فإن‬ ‫جمموع األدلة اجلزئية اليت َ‬ ‫ومبا َّ‬
‫أن القاعدة املقاصدية أيضاً "قد استُفيدت من ِّ‬
‫تتحقق هذه احلُجيَّةُ يف القاعدة اليت‬
‫َ‬ ‫كل دليل جزئي هو حجةٌ بذاته يصح االستدالل به‪ ،‬فمن ٍ‬
‫ابب أوىل أن‬ ‫كان ُّ‬
‫ُ‬
‫شرعي لناز ٍلة مستجدة‪ ،‬ألهنا‬
‫ٍ‬ ‫أرشدت إليها جمموع األدلة(‪ ،")17‬وتصبح حجةً ميكن االستدالل هبا إلثبات حك ٍم‬
‫استمدت هذه احلجية من حجية جمموع األدلة اجلزئية اليت هنضت مبعناها‪.‬‬
‫صفت به من خصائص‪ ،‬وما ظَ َهَر ِلا من فوائد‬ ‫وم ما يؤكد حجيتها وقوة االستدالل هبا ما ات َ‬
‫فَم ْن أَظْـ ـه ـر خ ـصـ ـائ ـص ـه ـا‪:‬‬
‫مجيع‬ ‫شخص دون آخر‪ ،‬وال ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬الكلية فال تتعني ٍ‬
‫يشمل َ‬ ‫ُ‬ ‫حال دون حال‪ ،‬ف ُكلي تُها واتساعها‬ ‫بباب دون ابب‪ ،‬وال‬
‫األشخاص واألحوال‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫اب و‬ ‫األبو ِّ‬
‫ت‬ ‫معان ٍ‬ ‫ِّ‬
‫الصيغ‪ -‬واملعىن أهنا تُع ِّرب عن ٍ‬
‫قصدها الشارعُ والتَ َف َ‬
‫عامة َ‬ ‫ُ‬ ‫عموم املعاين ال عموم األلفاظ و َ‬ ‫‪ -‬العموم ‪-‬أي ُ‬
‫تلتفت إىل‬
‫ُ‬ ‫تبني ذلك من خالل تَقصي اجلزئيات واألدلة اليت قامت بتلك املعاين العامة‪ ،‬وال يعين أهنا ال‬ ‫إليها‪َ َّ ،‬‬
‫موضوعها املعاين العامة الكلية اليت تتفرعُ عنها املعاين اخلاصة‪.‬‬
‫َ‬ ‫املقاصد اجلزئية وتُقررها‪ ،‬وإمنا ألن‬
‫وم ْن أَبْـ ـرز فـ ـوائ ـ ـده ــا أنَّـ ـهــا‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اضه اجلزئية والكلية‪ ،‬العامة واخلاصة‪ ،‬يف شىت جماالت احلياة وخمتلف أبواب الشريعة‪،‬‬ ‫‪ -‬تُ ِّربُز علَ َل التشريع وح َكمه وأغر َ‬
‫التفاعل مع ِّ‬
‫خمتلف‬ ‫خصائص صالحية الشريعة ودو َامها وواقعيتَها ومرونتَها ومشوليتَها وقُدرَهتا على التحقق و ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وتقرُر‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫قاعدة‬ ‫كل‬
‫البيئات والظروف واألحوال‪ ،‬ومبدأَ نفي العبث يف التشريع اإلسالمي من خالل املعاين اليت تضمنتها ُّ‬
‫ومقاصد عظيمة(‪.")18‬‬
‫َ‬ ‫بغاية ومرتبطةٌ أبهداف‬ ‫كل أحكام الشريعة مغَيَّاةٌ ٍ‬ ‫منها "أن َّ‬
‫ُ‬
‫سه ُل للمجتهد‬‫ب منظٍَّم مرتَّب‪ ،‬مما يُ ِّ‬ ‫رجه يف قالَ ٍ‬ ‫ط علم مقاصد الشريعة ِّ‬
‫وحتد ُد هويَّته‪ ،‬وتوض ُح أماراتِّه‪ُ ،‬‬
‫وخت ُ‬ ‫‪ -‬تضب ُ َ‬
‫إمام احلرمني‬ ‫ٍ‬ ‫خالل هذه القواعد الكلية‪ ،‬اليت يُ ِّعرب ٌّ‬ ‫الوقوف عليه من ِّ‬
‫معىن مقصود شرعاً‪ ،‬ورحم هللاُ َ‬ ‫كل منها عن ً‬ ‫َ‬
‫"ومن مل يتفطن لوقوع املقاصد يف األوامر والنواهي فليس على بصرية يف وضع الشريعة(‪ ،")19‬ولذلك‬ ‫حيث يقول َ‬
‫"العلم مبقاصد الشريعة(‪.")20‬‬ ‫ِّ‬
‫فقد اشرتط العلماءُ لصحة االجتهاد ُ‬
‫اعد اثبتة يف ذهن اجملتهد‬
‫يدها الشارعُ ويتغياها من تشريعه‪ ،‬فتكون هذه القو ُ‬ ‫هد إبظهار املعامل و ِّ‬
‫الصور اليت ير ُ‬ ‫عني اجملت َ‬
‫‪ -‬تُ ُ‬
‫اعد‪ ،‬وموثقة ِلا‬
‫هرهتا القو ُ‬
‫احلكم الذي توص َل إليه متوافقاً مع تلك املرادات والغاايت اليت أَظ َ‬ ‫عند اجتهاده‪ ،‬ليكون ُ‬
‫ومؤكدة ملضموهنا‪.‬‬
‫تساهم‬
‫ُ‬ ‫وسريهِّ على الطريق الوسط العدل‪ ،‬كما‬ ‫ِّ‬
‫وتساهم يف اعتدال ميزانه َ‬
‫ُ‬ ‫الفكر االجتهادي لدى اجملتهد‪،‬‬ ‫‪ -‬تصح ُح َ‬
‫ِّ‬
‫وتصحيح مساره‪ ،‬وحتديد معامل فهم النص الشرعي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وضبطه‬ ‫ِّ‬
‫االجتهاد ابلرأي‬ ‫يف ِّ‬
‫تقومي‬
‫اعتبار اجلزئيات‬
‫ط اجلزئيات ابلكليات‪ ،‬و ُ‬
‫حيث ارتبا ُ‬
‫األحكام الشرعية‪ ،‬من ُ‬
‫ُ‬ ‫النس َق الذي سارت عليه‬
‫الرتتيب و َ‬
‫َ‬ ‫ظهر‬
‫‪ -‬تُ ُ‬
‫فاألحكام‬
‫ُ‬ ‫يف إقامة تلك الكليات الثابتة للمحافظة عليها‪ ،‬بدءاً ابلضرورايت مث احلاجيات وانتهاءً ابلتحسينيات‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫بعضها ببعض‪ ،‬تُظ ِّه ُر ذلك القو ُ‬


‫اعد املقاصدية من خالل املراتب‬ ‫الشرعيةُ وإن اختلفت موضوعا ُهتا إال أهنا مرتبطةٌ ُ‬
‫اتب وثيقةُ الصلة بعضها ببعض‪،‬‬
‫الثالث اليت ينطوي حتت كل واحدة منها جمموعةٌ كبرية من األحكام‪ ،‬وهذه املر ُ‬
‫فالضرورايت أصل احلاجيات‪ ،‬واحلاجيات أصل للتحسينيات‪ ،‬وعليه فال يتقدم حكم ِّ‬
‫أحدمها على اآلخر‪ ،‬فال‬ ‫ُ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ُ ُ‬
‫احلكم احلاجي على الضروري وال التحسيين على احلاجي‪.‬‬
‫يتقدم ُ‬
‫ولعل من املناسب هنا إيراد بعض قواعد املقاصد اليت ذكرها اإلمام الشاطيب يف موافقاته‪:‬‬
‫اإلعنات فيه‬
‫َ‬ ‫التكليف ابلشاق و‬
‫َ‬ ‫‪ -‬الشارعُ ال يقصد‬
‫نفس املشقة‪ ،‬بل يقصد ما‬
‫‪ -‬ال نزاع يف أن الشارع قاص ٌد إىل التكليف مبا يلزم فيه كلفةٌ ومشقةٌ ما‪ ،‬ولكنه ال يقصد َ‬
‫يف ذلك من املصال العائدة على املكلف‬
‫الرفع‬
‫فمقصود الشارع فيها ُ‬
‫ُ‬ ‫فساد ديين أو دنيوي‪،‬‬
‫‪ -‬إذا كانت املشقةُ خارجةٌ عن املعتاد بيث حيصل للمكلف هبا ٌ‬
‫على اجلملة‬
‫وضع الشرائع إمنا هو ملصال العباد يف العاجل واآلجل معاً‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫املفاسد راجعةٌ إىل خطاب الشارع‬
‫‪ -‬املصالُ و ُ‬
‫االلتفات إىل املعاين‬
‫ُ‬ ‫األصل يف العبادات التوقُّف دون االلتفات إىل املعاين‪ ،‬و ُ‬
‫أصل العادات‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)21‬‬
‫درجات األمر على حسب تفاوت درجات املأمور به ضرورايً كان أو حاجياً أو حتسينياً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬تتفاوت‬

‫املبحث الثالث‪ :‬القواعد األصـولية‬


‫نوع مع ٍ‬
‫ني من القواعد‪ ،‬وإمنا كانوا يكتفون‬ ‫وعلَ َماً على ٍ‬ ‫ِّ‬
‫مل يتطرق السابقون إىل تعريف القواعد األصولية ابعتبارها لقبَاً َ‬
‫يف اإلمام‬ ‫بتعريف القاعدة على وجه العموم واملراد أبصول الفقه‪ ،‬وكثرت تعاريفهم له‪ِّ ،‬‬
‫ومن أمجع التعاريف و ِّ‬
‫أشهرها تعر ُ‬ ‫َ‬
‫(‪)22‬‬
‫فج َم َع يف‬
‫وحال املستفيد "‪َ ،‬‬
‫أصول الفقه‪ :‬معرفةُ دالئل الفقه إمجاالً‪ ،‬وكيفيةُ االستفادة منها ُ‬
‫البيضاوي إذ يقول‪ُ " :‬‬
‫اعد االستنباط‪.‬‬
‫ط منها وقو ُ‬ ‫العناصر اليت تتكو ُن منها األصول وهي األدلةُ واالستنبا ُ‬
‫َ‬ ‫تعريفه‬
‫وقد قام كثريٌ من املشتغلني هبذا العلم من املتأخرين بتعريف القاعدة األصولية بناءً على ما فهموه من كالم السابقني‪،‬‬
‫ومن هذه التعريفات‪:‬‬
‫حكام كليةٌ أصوليةٌ منطبقةٌ على مجيع جزئياهتا من األدلة االمجالية واملوجهات العامة يف‬
‫‪ -‬تعريف د أمين البدارين‪" :‬أ ٌ‬
‫ضبط االجتهاد األصويل والفقهي وحال اجملتهد(‪.")23‬‬
‫وحم َكمة(‪ .")24‬وهذا‬ ‫‪ -‬تعريف د اجليال ِّيل املريين‪ٌ " :‬‬
‫حكم كلي تُبىن عليه الفروعُ الفقهية‪ ،‬مصوغٌ صياغة اتمة‪ ،‬وجمردة ُ‬
‫التعريف ينطبق على القاعدة الفقهية أيضاً‪.‬‬
‫ط من األدلة الشرعية ينطبق على جزئياته ليتعرف أحكامها منه(‪.")25‬‬‫حكم كلي مستنب ٌ‬
‫‪ -‬تعريف د عدانن الشوابكة‪ٌ " :‬‬

‫‪88‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫‪ -‬تعريف الطيب السنوسي‪" :‬قضيةٌ كليةٌ يتوصل هبا إىل استنباط األحكام الشرعية(‪.")26‬‬
‫صب عينيه عند البدء والشروع ابالستنباط‪،‬‬
‫اجملتهد نُ َ‬
‫ُ‬ ‫املناهج اليت يضعها‬
‫طو ُ‬ ‫األسس واخلط ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬تعريف د مصطفى اخلن‪" :‬‬
‫يضعُها ليُشيد عليها صر َح مذهبِّه‪ ،‬ويكون ما توصل إليه مثرة ونتيجة ِلا(‪.")27‬‬
‫املختار للقاعدة اصطالحاً أهنا‪ :‬قضيةٌ كليةٌ يتوصل‬
‫ُ‬ ‫يف‬
‫وابلنظر يف هذه التعريفات وغريها مما عرفها به املتأخرون فالتعر ُ‬
‫هبا إىل استنباط األحكام الشرعية العملية من األدلة أو الرتجيح بني األقوال الفقهية‪.‬‬
‫جمتهد املذهب يعتمد عليها أيضاً يف استنباط‬
‫أن َ‬ ‫عتمد عليها الستنباط األحكام‪ ،‬كما َّ‬ ‫املستقل ي ُ‬
‫ُ‬ ‫فاجملتهد‬
‫ُ‬
‫االعتماد عليها يف الرتجيح بني األقوال الفقهية‬
‫ُ‬ ‫نص عن إمامه فيها‪ ،‬يُضاف إىل ذلك‬‫األحكام للمسائل اليت مل يرد ٌّ‬
‫املختلفة اليت ال ميكن اجلمع بينها‪.‬‬
‫اسم‬
‫أن القضية ٌ‬ ‫والتعبريُ ب "قضيةٌ كليةٌ" أوىل وأدق من التعبري بغريه ك "األمر الكلي" أو "احلكم الكلي" إذ َّ‬
‫حمكوم فيها على مجيع أفرادها‪ ،‬واختيار كلمة "كلية" بدالً عن أغلبية‬
‫ٌ‬ ‫للحكم واحملكوم عليه واحملكوم به‪ ،‬و"كلية" أي‬
‫ف بعض اجلزئيات عنها وخصوصاً أن ختلفها راجع إىل ٍ‬
‫وصف‬ ‫ألن من شأن القاعدة أن تكون كذلك‪ ،‬وال يضريُها ختلُّ ُ‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬
‫يؤثر يف كلية القاعدة‪ ،‬فهو يف حكم الشاذ والنادر وهو ال حكم له‪ ،‬مث إن القواعد يف سائر العلوم ال‬ ‫اختصت به وال ُ‬
‫ختلو من مستثنيات(‪.)28‬‬
‫اجملتهد الستخراج األحكام‪ ،‬و"األحكام‬
‫ُ‬ ‫السبيل اليت يسلكها‬
‫يق و ُ‬ ‫و"يتوصل هبا إىل استنباط" أي أهنا الطر ُ‬
‫الشرعية" أي اليت يتوقف معرفتُها على الشرع كاألحكام اخلمسة وما يف معناها‪ ،‬فيخر ُج به األحكام االصطالحية والعقلية‬
‫وحنوها‪.‬‬
‫علم‬
‫اعد األصولية ويريدون ما يشمل َ‬ ‫ويظهر أن كثرياً من علماء األصول وخصوصاً السابقني منهم يطلقون القو َ‬ ‫ُ‬
‫نفس تعريف علم أصول الفقه‪ ،‬وابلتايل فإطالقهم للقواعد‬ ‫ِّ‬
‫يف القواعد األصولية عندهم هو ُ‬ ‫أصول الفقه ذاته‪ ،‬وعليه فتعر ُ‬
‫نفسه القواعد‬
‫فأصول الفقه هو ُ‬‫ُ‬ ‫ابلثمرة املرتتِّبة على البحث فيه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫على علم األصول هو تسميةٌ للعلم أببرز ما فيه‪ ،‬أو‬
‫منسوب إليها وال تصح النسبةُ إال مع حصول معرفته هبا وإتقانه ِلا‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫األصولية ألنه‬
‫ومباحث التعارض والرتجيح‬
‫ُ‬ ‫وتفاصيل اخلالف فيها‪ ،‬وبيا ُن قيودها‪ ،‬وحتر ُير شروط إِّعماِلا‬
‫ُ‬ ‫وأما أدلةُ هذه القواعد‬
‫ٍ‬
‫كمتممة‬ ‫أمور اتبعةٌ ِلا متعلقةٌ هبا‪ ،‬استدعتها الصنعةُ العلمية التأصيلية التنظريية يف علم أصول الفقه‬ ‫وغريها‪ ،‬فكلها ٌ‬
‫ضاً‪ ،‬وليست جزءاً من حقيقته اليت ال يُعرف إال‬ ‫ٍ‬
‫ومكملة لبحث هذه القواعد‪ ،‬فليست من أصول الفقه أصالةً وإمنا َعَر َ‬
‫درُك هبا شيءٌ من مقاصده اليت على رأسها تقر ُير هذه القواعد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫بعض أهدافه ويُ َ‬
‫هبا‪ ،‬وإمنا هي من خواصه ابعتبارها ُحتقق َ‬
‫ط الفقه(‪.)29‬‬ ‫على أكمل ٍ‬
‫وجه يُستطاع به استنبا ُ‬
‫أكثرهم من املعاصرين والذين اهتموا ابلقواعد األصولية أتصيالً وتطبيقاً على الفروع الفقهية‪،‬‬ ‫ب ي نم ا يرى آخرون و ُ‬
‫علم أصول الفقه ابلفقه نفسه‪.‬‬
‫اعد األصولية تُعىن بضبط أصول الفقه‪ ،‬بينما يُعىن ُ‬
‫أن القو َ‬

‫‪89‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫ستخدم‬
‫ُ‬ ‫املناهج واملعايريُ اليت تُ‬
‫ُ‬ ‫حجر األساس يف علم أصول الفقه إذ هي‬
‫اعد األصولية هي ُ‬
‫وال شك أن القو َ‬
‫ِّ‬
‫العالقة‬ ‫ِّ‬ ‫للوصول إىل مثرةِّ البحث يف علم األصول‪ ،‬وهي استنبا ُ‬
‫بعض املتأخرين تشبيهَ‬ ‫األحكام الشرعية‪ ،‬ولذلك رأى ُ‬ ‫ط‬
‫أصول الفقه شر ٌح له(‪.)30‬‬
‫منت و َ‬
‫اعد األصوليةَ ٌ‬
‫بني أصول الفقه والقواعد األصولية ابلعالقة بني املنت والشرح‪ ،‬فكأن القو َ‬

‫املبحث الرابع‪ :‬عالقة قواعد املقاصد ابلقواعد األصولية‬


‫وإظهار ما بينهما من تو ٍ‬
‫افق وانسجام أو تباي ٍن‬ ‫َ‬ ‫حياول الباحث بيا َن صلة قواعد املقاصد بقواعد األصول‬
‫يف هذا املبحث ُ‬
‫واختالف‪ ،‬وذلك من خالل نقاط االجتماع واالفرتاق التالية‪:‬‬
‫ف تج تم ع ان ف ي‪:‬‬
‫‪ -‬الكلية والعموم لكث ٍري من اجلزئيات املندرجة حتتهما‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫أمر يقتضيه مسمى القاعدة يف األصل‪.‬‬
‫‪ -‬أنه ال يقوم االستنباط لألحكام الشرعية من األدلة أبنواعها إال هبما‪.‬‬
‫اجملتهد البد أن يكون حميطاً ابلقواعد املقاصدية إحاطتَه ابلقواعد‬
‫َ‬ ‫‪ -‬أن اإلحاطة هبما من شروط االجتهاد‪ ،‬إذ أن‬
‫اعد األصول املتعلقة ابلطلب والرتك مثالً‪ ،‬دون التفا ٍ‬
‫ت إىل املقصد والغاية‬ ‫األصولية املعهودة‪ ،‬فال ميكن تطبيق قو ِّ‬
‫َ‬
‫من هذا الطلب أو ذلك الرتك‪.‬‬
‫وتفت رق ان ف ي‪:‬‬
‫منهج االستنباط واالستخراج لألحكام الشرعية من األدلة دون اإلشارة إىل‬ ‫دور أغلبُها حول ِّ‬
‫‪ -‬أن القواعد األصولية ي ُ‬
‫يهدف‬
‫ُ‬ ‫الغاايت اليت تسعى تلك األحكام إلقامتها يف الواقع اإلنساين‪ ،‬وال ٍ‬
‫بيان منها لألهداف التشريعية العليا‪ ،‬اليت‬ ‫ُ‬
‫الشارع إىل تشييدها عن طريق أحكامه‪ ،‬خالفاً للقواعد املقاصدية فإضافةً إىل كوهنا عنصراً مرعياً ابألساس يف‬
‫ضبط كيفية تطبيق تلك األحكام‪،‬‬‫استنباط األحكام فإهنا أيضاً العنصر األساسي يف بيان تلك الغاايت واحلِّ َكم و ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تطبيق األحكام غايتُه حتقيق املقاصد فيكون حتقق املقاصد هو املكيِّ ُ‬
‫(‪)31‬‬
‫ف األكربُ للتطبيق ‪ ،‬وعليه‬ ‫من حيث أن َ‬
‫حال القاعدة‬
‫فالقاعدةُ املقاصدية وسيلةٌ للكشف عن احلكم الشرعي واحلكمة التشريعية‪ ،‬ال احلكم فقط كما هو ُ‬
‫األصولية‪.‬‬
‫‪ -‬أن مصدر القاعدة األصولية هو اللغة العربية يف ِّ‬
‫معظمها كما ذكره العلماء كالقرايف واآلمدي والزركشي وغريهم(‪،)32‬‬ ‫َ‬
‫مصدر القاعدة املقاصدية فأدلةُ الشريعة الكلية واجلزئية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫استكشاف مر ِّاد الشارع من خطابه‪ ،‬أما‬
‫ُ‬ ‫غرضها‬
‫ألن َ‬
‫استكشاف ملراد الشارع من أحكامه‪ ،‬ومع ذلك فهي حمتاجةٌ للقواعد األصولية‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ومعانيها اليت راعاها‪ ،‬ألهنا‬
‫الدليل الشرعي‪ ،‬خبالف القاعدة‬ ‫ف على أحكام اجلزئيات يف القاعدة األصولية ال يكون إال بو ٍ‬
‫اسطة وهو‬ ‫‪ -‬أن التعر َ‬
‫ُ‬
‫املقاصدية فتنطبق على جزئياهتا دون واسطة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫اختالف فيما نشأ عنها من الفروع الفقهية‪،‬‬ ‫ظهر‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬


‫ٌ‬ ‫‪ -‬أن القواعد األصولية ليست كلها حمل اتفاق عند األصوليني‪ ،‬ومنه َ‬
‫معان ٍ‬
‫عامة فإهنا ينبغي أن تكون معتربًة ومأخوذاً هبا عند اجلميع(‪.)33‬‬ ‫اعد املقاصد فبما أهنا تُ ِّعرب عن ٍ‬
‫أما قو ُ‬
‫ُ‬

‫خــاتـمــة‪:‬‬
‫عدد من النتائج؛‬
‫وبناءً على ما سبق من احلديث عن القواعد املقاصدية وعالقتها ابلقواعد األصولية ظهر يف البحث ٌ‬
‫وهي‪:‬‬
‫كليات مستفادةٌ من األدلة اجلزئية‬
‫انتهاضها إىل رتبة الدليل العام املستقل؛ بناءً على أهنا ٌ‬
‫‪ .1‬حجيةُ القواعد املقاصدية و ُ‬
‫اليت هي حجةٌ معتربةٌ يصح االستدالل هبا‪ ،‬فمن ٍ‬
‫ابب أوىل حتقق هذه احلجيةُ فيها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪ .2‬أن اختالف قواعد املقاصد عن القواعد األصولية ال يعين ابلضرورة خروجها عن ميدان أصول الفقه‪ ،‬ذلك أن‬
‫األصول ليس معرفةُ قواعده فقط؛ بل وكيفية استعماِلا وتوظيفها‪ ،‬ومن مل يكن متمكناً من قواعد املقاصد فلن‬
‫ف القواعد األصولية على الوجه املطلوب‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫يستطيع أن يوظ َ‬
‫يتوصل إىل احلكم الشرعي الذي‬
‫اجملتهد ل َّ‬
‫ُ‬ ‫يستند إليهما‬
‫اعد املقاصدية مع القواعد األصولية ركنان أساسيَّان ُ‬
‫‪ .3‬أن القو َ‬
‫أراده الشارع وابتغاه‪.‬‬

‫اهلوامش‪:‬‬

‫(‪ )1‬الكيالين‪ ،‬عبدالرمحن إبراهيم‪ .)2000( .‬قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب عرضاً ودراسةً وحتليالً‪ .‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ .‬ط‪ .1:‬ص‪.13 :‬‬
‫(‪ )2‬اآلمدي‪ ،‬علي بن أيب علي بن حممد بن سامل الثعليب‪ .) 1402( .‬اإلحكام يف أصول األحكام‪ .‬حتقيق‪ :‬عبدالرزاق عفيفي‪ .‬بريوت‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ .‬ط‪ .2 :‬ج‪،3 :‬‬
‫ص‪.271 :‬‬
‫(‪ )3‬الشاطيب‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرانطي‪ .)1997( .‬املوافقات‪ .‬حتقيق‪ :‬مشهور بن حسن آل سلمان‪ .‬دار ابن عفان‪ .‬ط‪ ،1 :‬ج‪ ،2 :‬ص‪.37 :‬‬
‫(‪ )4‬اجلويين‪ ،‬عبدامللك بن عبدهللا بن يوسف‪ .)1399( .‬الربهان يف أصول الفقه‪ .‬حتقيق‪ :‬عبدالعظيم الديب‪( .‬د‪ .‬ط)‪ .‬ج‪ ،2 :‬ص‪.924-923 :‬‬
‫(‪ )5‬الشاطيب‪ ،‬املوافقات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2 :‬ص‪.8 :‬‬
‫(‪ )6‬انظر الفيومي‪ ،‬أمحد بن حممد بن علي‪( .‬د‪ .‬ت)‪ .‬املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري‪ .‬بريوت‪ :‬املكتبة العلمية‪( .‬د‪ .‬ط)‪ .‬ج‪ ،2 :‬ص‪.692 :‬‬
‫(‪ )7‬عاشور‪ ،‬حممد الطاهر بن حممد بن حممد بن عاشور‪ .) 2004( .‬مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد احلبيب ابن خوجة‪ .‬قطر‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪.‬‬
‫(د‪ .‬ط)‪ .‬ص‪.51 :‬‬
‫الغرب اإلسالمي‪ .‬ط‪ .5 :‬ص‪.7 :‬‬ ‫الفاسي‪ ،‬عالل‪( .‬د‪ .‬ت)‪ .‬مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها‪ .‬دار َ‬
‫(‪)8‬‬

‫(‪ )9‬الريسوين‪ ،‬أمحد عبدالسالم‪ .) 2003( .‬نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب‪ .‬الرابط‪ :‬دار األمان‪ .‬ط‪ .2 :‬ص‪.7 :‬‬
‫(‪ )10‬الكيالين‪ ،‬قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47 :‬‬
‫(‪ )11‬بَيَّه‪ ،‬عبدهللا بن الشيخ احملفوظ‪ .)2012( .‬مشاهد من املقاصد‪ .‬الرايض‪ :‬دار وجوه للنشر والتوزيع‪ .‬ط‪ .2 :‬ص‪.33 :‬‬
‫(‪ )12‬الكيالين‪ ،‬قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫عمان‪ :‬دار النفائس‪ .‬ط‪ .2 :‬ص‪.31 :‬‬ ‫(‪ُ )13‬شبري‪ ،‬حممد عثمان‪ .)2007( .‬القواعد الكلية والضوابط الفقهية يف الشريعة اإلسالمية‪َّ .‬‬
‫(‪ )14‬معلمة زايد للقواعد الفقهية واألصولية‪ .)2013( .‬أبوظيب‪ :‬مؤسسة زايد بن سلطان وجممع الفقه اإلسالمي‪ .‬ط‪ .1 :‬ج‪ ،2 :‬ص‪.531 :‬‬
‫(‪ )15‬الشاطيب‪ ،‬املوافقات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،1 :‬ص‪.39 :‬‬

‫‪91‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫(‪ )16‬العلمي‪ ،‬عبداحلميد‪ .) 2001( .‬منهج الدرس الداليل عند اإلمام الشاطيب‪ .‬املغرب‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪( .‬د‪ .‬ط)‪ .‬ص‪.129 :‬‬
‫(‪ )17‬الكيالين‪ ،‬قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.120 :‬‬
‫(‪ )18‬الكيالين‪ ،‬قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65-62 :‬‬
‫(‪ )19‬اجلويين‪ ،‬الربهان يف أصول الفقه‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2 :‬ص‪.295 :‬‬
‫(‪ )20‬الشاطيب‪ ،‬املوافقات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،4 :‬ص‪.106-105 :‬‬
‫(‪ )21‬الشاطيب‪ ،‬املوافقات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،2 :‬ص‪ .513 ،9 ،268 ،215 ،210 :‬ج‪ ،3 :‬ص‪.41 :‬‬
‫(‪ )22‬البيضاوي‪ ،‬عبدهللا عمر حممد الشريازي الشافعي‪ .)2008( .‬منهاج الوصول إىل علم األصول‪ .‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪ .‬ط‪ .1 :‬ج‪ ،1 :‬ص‪.8 :‬‬
‫(‪ )23‬البدارين‪ ،‬أمين عبداحلميد‪ .)2006( .‬نظرية التقعيد األصويل‪ .‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪ .‬ط‪ .1 :‬ص‪.59 :‬‬
‫يين‪ ،‬اجلِّ ِّ‬
‫ياليل‪ .)2002( .‬القواعد األصولية عند اإلمام الشاطيب من خالل كتابه املوافقات‪ .‬دار ابن عفان‪ .‬ط‪ .1 :‬ص‪.55 :‬‬ ‫(‪ )24‬املر ِّ‬
‫عمان‪ :‬دار النفائس للنشر والتوزيع‪ .‬ط‪ .1 :‬ص‪.25 :‬‬ ‫(‪ )25‬الشوابكة‪ ،‬عدانن ضيف هللا‪ .)2011( .‬القواعد األصولية أتصيل وتطبيق‪َّ .‬‬
‫(‪ )26‬السنوسي‪ ،‬أمحد الطيب‪ .) 2009( .‬االستقراء وأثره يف القواعد األصولية والفقهية‪ .‬السعودية‪ :‬دار التدمرية‪ .‬ط‪ .3 :‬ص‪.420 :‬‬
‫(‪ )27‬اخلن‪ ،‬مصطفى سعيد‪ .)1983( .‬أثر االختالف يف القواعد األصولية يف اختالف الفقهاء‪ .‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ .‬ط‪ .3 :‬ص‪.117 :‬‬
‫(‪ُ )28‬شبري‪ ،‬القواعد الكلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14-13 :‬‬
‫(‪ )29‬البدارين‪ ،‬نظرية التقعيد األصويل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44-43 :‬‬
‫(‪ )30‬الشوابكة‪ ،‬القواعد األصولية أتصيل وتطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫(‪ )31‬النجار‪ ،‬عبداجمليد عمر‪ .) 1992( .‬فقه التطبيق ألحكام الشريعة عند اإلمام الشاطيب‪ .‬بريوت‪ :‬دار املغرب اإلسالمي‪ .‬ط‪ .1 :‬ص‪.176 :‬‬
‫(‪ )32‬اآلمدي‪ ،‬اإلحكام يف أصول األحكام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪،1 :‬ص‪ .7 :‬القرايف‪ ،‬أمحد بن إدريس بن عبدالرمحن املالكي‪( .‬د‪ .‬ت)‪ .‬الفروق = أنوار الربوق يف أنواء الفروق‪.‬‬
‫(د‪ .‬ط)‪ .‬عامل الكتب‪ .‬ج‪ ،1 :‬ص‪ .201 :‬الزركشي‪ ،‬حممد بن عبدهللا بن هبادر‪ .)1994( .‬البحر احمليط يف أصول الفقه‪ .‬دار الكتيب‪ .‬ط‪ ،1 :‬ص‪.29-28 :‬‬
‫(‪ )33‬الكيالين‪ ،‬قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81-75 :‬‬

‫المصادر والمراجع‬

‫‪ .1‬اآلمدي‪ ،‬أبو احلسن علي بن أيب علي بن حممد بن سامل الثعليب‪ .)1402( .‬اإلحكام يف أصول األحكام‪.‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبدالرزاق عفيفي‪ .‬بريوت‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ .‬ط‪.2 :‬‬
‫‪ .2‬البدارين‪ ،‬أمين عبداحلميد‪ .)2006( .‬نظرية التقعيد األصويل‪ .‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫‪ .3‬البيضاوي‪ ،‬عبدهللا عمر حممد الشريازي الشافعي‪ .)2008( .‬منهاج الوصول إىل علم األصول‪ .‬بريوت‪ :‬دار‬
‫ابن حزم‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫‪ .4‬بَيَّه‪ ،‬عبدهللا بن الشيخ احملفوظ‪ .)2012( .‬مشاهد من املقاصد‪ .‬الرايض‪ :‬دار وجوه للنشر والتوزيع‪ .‬ط‪.2 :‬‬
‫‪ .5‬اجلويين‪ ،‬إمام احلرمني عبدامللك بن عبدهللا بن يوسف‪ .)1399( .‬الربهان يف أصول الفقه‪ .‬حتقيق‪ :‬عبدالعظيم‬
‫الديب‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫‪ .6‬اخلن‪ ،‬مصطفى سعيد‪ .)1983( .‬أثر االختالف يف القواعد األصولية يف اختالف الفقهاء‪ .‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ .‬ط‪.3 :‬‬
‫‪ .7‬الريسوين‪ ،‬أمحد عبدالسالم‪ .)2003( .‬نظرية املقاصد عند اإلمام الشاطيب‪ .‬الرابط‪ :‬دار األمان‪ .‬ط‪.2 :‬‬

‫‪92‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020‬‬

‫‪ .8‬الزركشي‪ ،‬أبو عبدهللا بدر الدين حممد بن عبدهللا بن هبادر‪ .)1994( .‬البحر احمليط يف أصول الفقه‪ .‬دار‬
‫الكتيب‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫‪ .9‬السنوسي‪ ،‬أمحد الطيب‪ .)2009( .‬االستقراء وأثره يف القواعد األصولية والفقهية‪ .‬السعودية‪ :‬دار التدمرية‪.‬‬
‫ط‪.3 :‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرانطي‪ .)1997( .‬املوافقات‪ .‬حتقيق‪ :‬مشهور بن‬ ‫‪.10‬‬
‫حسن آل سلمان‪ .‬دار ابن عفان‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫عمان‪ :‬دار‬
‫ُشبري‪ ،‬حممد عثمان‪ .)2007( .‬القواعد الكلية والضوابط الفقهية يف الشريعة اإلسالمية‪َّ .‬‬ ‫‪.11‬‬
‫النفائس‪ .‬ط‪.2 :‬‬
‫عمان‪ :‬دار النفائس‪ .‬ط‪:‬‬
‫الشوابكة‪ ،‬عدانن ضيف هللا‪ .)2011( .‬القواعد األصولية أتصيل وتطبيق‪َّ .‬‬ ‫‪.12‬‬
‫‪.1‬‬
‫عاشور‪ ،‬حممد الطاهر بن حممد بن حممد بن عاشور‪ .)2004( .‬مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ .‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪.13‬‬
‫حممد احلبيب ابن خوجة‪ .‬قطر‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪.‬‬
‫العلمي‪ ،‬عبداحلميد‪ .)2001( .‬منهج الدرس الداليل عند اإلمام الشاطيب‪ .‬املغرب‪ :‬وزارة األوقاف‬ ‫‪.14‬‬
‫والشؤون اإلسالمية‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد‪ .‬املستصفى من علم األصول‪ .‬دراسة وحتقيق‪ :‬محزه بن زهري حافظ‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫شركة املدينة املنورة للطباعة‪.‬‬
‫الغرب اإلسالمي‪ .‬ط‪.5 :‬‬‫الفاسي‪ ،‬عالل‪ .‬مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها‪ .‬دار َ‬ ‫‪.16‬‬
‫القرايف‪ ،‬أبو العباس شهاب الدين أمحد بن إدريس بن عبدالرمحن املالكي‪ .‬الفروق = أنوار الربوق يف‬ ‫‪.17‬‬
‫أنواء الفروق‪ .‬عامل الكتب‪.‬‬
‫الكيالين‪ ،‬عبدالرمحن إبراهيم‪ .)2000( .‬قواعد املقاصد عند اإلمام الشاطيب عرضاً ودراسةً وحتليالً‪.‬‬ ‫‪.18‬‬
‫دمشق‪ :‬دار الفكر‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫يين‪ ،‬اجلِّ ِّ‬
‫ياليل‪ .)2002( .‬القواعد األصولية عند اإلمام الشاطيب من خالل كتابه املوافقات‪ .‬دار‬ ‫املر ِّ‬ ‫‪.19‬‬
‫ابن عفان‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫معلمة زايد للقواعد الفقهية واألصولية‪ .)2013( .‬اإلمارات‪ :‬مؤسسة زايد بن سلطان وجممع الفقه‬ ‫‪.20‬‬
‫اإلسالمي‪-‬أبوظيب‪ .‬ط‪.1 :‬‬
‫النجار‪ ،‬عبداجمليد عمر‪ .)1992( .‬فصول من الفكر اإلسالمي ابملغرب‪-‬فقه التطبيق ألحكام‬ ‫‪.21‬‬
‫الشريعة عند اإلمام الشاطيب‪ .‬بريوت‪ :‬دار املغرب اإلسالمي‪ .‬ط‪.1 :‬‬

‫‪93‬‬
‫‪Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches‬‬
Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches (JISTSR) VOL: 6, NO 3, 2020

94
Journal of Islamic Studies and Thought for Specialized Researches

You might also like