You are on page 1of 259

‫المدخل‬

‫لدراسة العلوم القانونية‬


‫نظرية القانون‪ ،‬نظرية الحق‬

‫دراسة مقارنة‬

‫يحيى قاسم علي‬

‫كلية الحقوق جامعة عدن‬

‫الطبعة األولى ‪7991‬م‬

‫كوميت للتوزيع‬
‫ب‪99320293 :‬‬

‫‪ 39‬ش عبد الخالق ثروت – القاهرة‬


‫المدخل‬
‫لدراسة العلوم القانونية‬
‫نظرية القانون‪ ،‬نظرية الحق‬

‫يحيى قاسم علي‬

‫كلية الحقوق جامعة عدن‬

‫الطبعة األولى ‪7991‬م‬

‫كوميت للتوزيع‬
‫ب‪99320293 :‬‬

‫‪ 39‬ش عبد الخالق ثروت – القاهرة‬


‫ما أنفك العالم عالما‪ ،‬ما طلب العلم‪ ،‬فإن ظن أنه‬
‫علم‪ ،‬فقد جهل‪.‬‬
‫"حديث شريف"‬

‫‪3‬‬
‫اإلهداء‬

‫الدي الذين كابدا شظف العيش من أجل تعليمي‬


‫إلى و ّ‬
‫إلى زوجتي التي بعثت األمل في حياتي وأنارت لي الدرب‬

‫إلى قناديل الدار المتألألة رؤى‪ ،‬روض‪ ،‬معاذ‬

‫إلى عبد الرحمن محمد جامع أينما كان وقاء لذكراه العطرة‬

‫يحيى‬

‫‪9‬‬
‫شكر وتقدير‬
‫أتقدم بوافر الشكر والعرفان لجميع من أعانوني على إتمام هذا المؤلف وفي مقدمتهم‬
‫الوالد العزيز السيد عبد الله صالح العراشة الذي كان لدعمه المادي والمعنوي أكبر األثر فلي‬
‫نفسي‪،‬‬

‫كما أتقدم بجزيل الشكر والتقدير ألستاذي د‪ .‬علي غالب العاني عميد كلية القانون جامعة‬
‫بابل الذي أمدني بمالحظاته القيمة وغمرني بعطفه ونبله‪.‬‬

‫كما ال يفوتني أن أعبر عن امتناني وتقديري للمستشارة القانونية إنتصار عبد الله العراشة‬
‫التي وضعت بصماتها على كل ورقة من هذا الكتاب‪.‬‬

‫كما أتقدم بأسمى آيات العرفان واالعتزاز والتقدير للدكتور نبيل محمد سلمان من كلية‬
‫اآلداب بغداد لجهوده اللغوية القيمة في مراجعة هذا الكتاب‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المقدمة‬
‫القول بأن القانون أهم المؤسسات التي ابتدعها الفكر اإلنساني حقيقة ال يرقى لها الشك‪ ،‬غير‬
‫أن ذلك‪ ،‬ال يعفينا من التأكيد كذلك‪ ،‬بأن ليس هناك ظاهرة اجتماعية شغلت الفكر اإلنساني منذ‬
‫طفولته‪ ،‬وحتى هذه اللحظة‪ ،‬سوى القانون‪.‬‬

‫والمتأمل في الفلسفة اليونانية سيلحظ أن هناك خيطا يربط بين الفكر اليوناني برمته هو‬
‫مسألة العدالة والتي يعتقد سقراط بأنها أي العدالة‪ ،‬هي معرفة الشرائع ‪ ،‬ناهيك عن المكانة التي‬
‫تحتلها فكرة (القانون الطبيعي) في الفقه القانوني الروماني‪.‬‬

‫ليس هذا فحسب‪ ،‬بل لقد كانت مفاهيم (السلطة‪ ،‬القانون‪ ،‬الحق العدالة‪ ،‬الحرية‪ )...‬هي‬
‫العالئم البارزة أو السمات األساسية لكثير من المدارس والتيارات الفكرية‪ ،‬فظهرت مثال فلسفة‬
‫القانون أو فلسفة الحق كما يطلق عليها أيضا‪ ،‬أو علم السياسة وغيرها من العلوم اإلنسانية‪.‬‬

‫والقانون كاصطالح ال يثر اليوم إشكالية ما‪ ،‬وان كان من حيث أصله اللغوي فالخالف على‬
‫أشده‪ ،‬وان كان ذلك شأن الجذر اللغوي للكلمة (القانون)‪ ،‬فما القول بشأن أصل القانون أو أساسه‪،‬‬
‫أو مصادره ذلك من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى هناك خالف بين الباحثين حول فكرة تقسيم القانون‬
‫إلى قانون عام وقانون خاص‪ ،‬فهناك من ال يعول على هذا التقسيم‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ويالحظ المشتغلون بالدراسات القانونية وبالذات نظرية القانون ونظرية الحق‪ ،‬أن الكتب‬
‫التي تدرس في كليات القانون في الجامعات العربية والمتعلقة بنظرية القانون ونظرية الحق‪ ،‬قد‬
‫تعددت أسماؤها حيث تسمى مبادئ القانون أو أصول القانون أو المدخل لدراسة القانون وأخي ار‬
‫يسميها البعض النظرية العامة للقانون والنظرية العامة للحق‪.‬‬

‫وهذا الكتاب الموسوم المدخل لدراسة العلوم القانوني (نظرية القانون‪ ،‬نظرية الحق) يبحث في‬
‫نظرية القانون ونظرية الحق مع التطبيق العملي عل التشريعات النافذة في الجمهورية اليمنية مقارنة‬
‫مع تشريعات الدول العربية‪.‬‬

‫وقد أعد هذا الكتاب خصيصا لطالب القانون في الجامعات اليمنية وغيرها من كليات‬
‫الجامعات والمعاهد التي تدرس نظرية القانون ونظرية الحق‪ ،‬كما أنه يعد مرجعا ال غنى عنه‬
‫للمستغلين في محال القانون‪.‬‬

‫وهو حصيلة ما يزيد على عشر سنوات في تدريس القانون بكافة فروعه في كلية الحقوق‬
‫جامعة عدن والمعهد القومي للعلوم اإلدارية فرع عدن‪.‬‬
‫‪0‬‬
‫والجهد الذي بذل ال شك جهدا بالغ المشقة‪ ،‬إال أننا نشعر أننا قد يسرنا به لطلبتنا وأخوننا‬
‫األعزاء وغيرهم من المستغلين أو المهتمين بعلم القانون‪ ،‬وذلك كانت غايتنا‪ ،‬فإن تحققت فذلك من‬
‫دواعي غبطتنا‪.‬‬

‫وأيا كان قيمة الجهد الذي نقدمه للقارئ في تقديرنا فأن القول الفصل في ذلك سيكون له‪،‬‬
‫فهو وحده الذي يملك أن يقوم ما يقرأ‪.‬‬

‫عدن‬
‫أغسطس ‪6991‬م‬
‫يحيى قاسم علي‬

‫‪6‬‬
‫تمهيد‬
‫القانون ظاهرة اجتماعية‬
‫وظيفة القانون‬
‫التعريف بالقانون‬
‫القانون والحق‬

‫‪ - 6‬القانون ظاهرة اجتماعية‪:‬‬

‫إن القانون ظاهرة اجتماعية فال قانون بغير مجتمع وال مجتمع بغير قانون‪ .‬فالفرد المنعزل‬
‫فرض نظري بعيد عن الواقع وقواعد القانون ال تنظم إال العالقة التي تنشأ بين الناس فال قيام‬
‫والفرد منذ فجر تاريخه ال يستطيع أن يعيش إال مع غيره‬ ‫(‪)1‬‬
‫لمجتمع بغير قواعد تتولى تنظيم شئونه‪.‬‬
‫ألنه عاجز عن الوفاء بحاجاته‪ .‬واذا كان االجتماع اإلنساني ضروريا لإلنسان حتى يمكنه من‬
‫التعاون مع أبناء جنسه على تحقيق الضرورات المادية لحياته وبقائه وهو أيضا ضرورة نفسية‪...‬‬
‫ألنه ال يمكن للنفس اإلنسانية أن تحبس في عزلة تامة وان كانت قد تكون انعزالية أو انطوائية إلى‬
‫حد يعد مرضا نفسيا‪.‬‬

‫ولما كان األمر على هذا النحو‪ ،‬كان لزاما على كل فرد أن يتخلى عن جزء من حريته‬
‫ورغباته لكي ال يتعارض مع رغبات وحاجات اآلخرين‪ ،‬وهدف تحقيق هذا االنسجام والتنظيم يلزم‬
‫بالضرورة وجود القانون واال فأن المجتمع تعم فيه الفوضى وينعدم فيه التنظيم واألمن‪ ،‬فإذا خرج‬
‫األفراد عن قواعد القانون قضت السلطة العامة الجزاء على من خالفها ولو بالقوة عند االقتضاء‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ويمكن القول‪ ،‬أن القانون هو إحدى المؤسسات الجوهرية في حياة اإلنسان االجتماعية‪ ،‬لواله‬
‫ألصبح اإلنسان مخلوقا مختلفا جدا عما هو عليه‪ .‬فرغبات اإلنسان واحتياجاته ال تقف عند حد‪،‬‬
‫وهو ال يقنع بما تحت يديه مهما عظم‪.‬‬

‫( ‪ )1‬راجع في ذلك‪ ،‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬‬
‫‪7999‬م ص‪ 9‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬صالح الدين وآخرون‪ ،‬القانون في حياتنا‪ ،‬الجامعة األردنية‪7934-39 ،‬م ص‪.77‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عباس العبودي‪ ،‬تاريخ القانون‪ ،‬مديرية دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬الموصول‪7993 ،‬م ص‪ 0‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫الصدة‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪7994 ،‬م ص‪ 0‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ -‬د‪ .‬عبد المنعم فرج ّ‬
‫(‪ )2‬ارجع د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬المركز العربي للخدمات الطالبية‪ ،‬ص‪،7‬‬
‫عمان‪7990 ،‬م ص‪ 72‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ – 2‬وظيفة القانون‪:‬‬

‫إن وظيفة القانون األساسية هي تنظيم المجتمع تنظيما من شأنه التوفيق بين مصالح األفراد‬
‫وحرياتهم وبين الصالح العام للجماعة بما يحقق الخير العام من أجل توفير أسباب بقاء المجتمع‬
‫(‪)1‬‬
‫ورقيه‪.‬‬

‫وترتبط وظيفة القانون باألهداف أو األغراض التي تسعى القاعدة القانونية إلى تحقيقها‪ ،‬وهذه‬
‫يمكن تحديدها على النحو اآلتي‪:‬‬

‫حماية الحريات لألفراد‪ ،‬كحرية الرأي وحرية التنقل‪ ،‬وصيانة حقوق األشخاص ومصالحهم‬ ‫‪.7‬‬
‫الشخصية كالحق في التملك وحق اإلنسان في الحياة وفي السالمة البدنية وحق الترشيح‬
‫(‪)2‬‬
‫واالنتخاب وغيرها‪.‬‬
‫حفظ كيان المجتمع بإقرار النظام فيه وكفالة تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬األمر الذي جعل هذا‬ ‫‪.3‬‬
‫المجتمع أكثر قوة وتماسكا وأكثر صونا للحريات‪ ،‬وقديما قال "شيشرون" خطيب روما‬
‫وفيلسوفها "إنما نكون عبيد القانون لنصير بالقانون أح اررا"‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫يهدف القانون إلى تحقيق العدل بين أفراد المجتمع‪ ،‬فقواعد القانون تتصف بالعمومية والتجريد‬ ‫‪.9‬‬
‫– كما سنرى ‪ ،-‬والناس سواء أمام القانون‪ .‬والمساواة بهذا المعنى هي جوهر العدل‪ ،‬والعدالة‬
‫كما قال فالسفة اإلغريق قديما هي "إرادة دائبة لوضع كل إنسان في المركز المناسب‪،‬‬
‫واعطاء كل ذي حق حقه"" وقد قسم أرسطو العدالة بهذا المعنى الخاص لها إلى نوعين‪.‬‬
‫عدالة القسمة أو التوزيع وهي تخص عالقة الفرد بالمجتمع أو الدولة أي تتصل بالحقوق‬
‫العامة وهي عبارة عن التناسب بين ما يقدمه اإلنسان من عمل للمجتمع وما يحصل عليه‬
‫من فوائد‪ .‬والنوع الثاني هو العدالة التبادلية وتتصل بالحقوق الخاصة هي عبارة عن التعادل‬
‫بين التزامات وحقوق اإلفراد وفي المعامالت الحالية التي تحدث بينهم وبعبارة أخرى التعادل‬
‫بين ما يأخذه الفرد وما يعطيه في المبادالت التي تنشأ بينه وبين غيره من اإلفراد في‬
‫المجتمع‪ .‬كما في البيع واإليجار وغيرها في العقود التبادلية‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬المدخل إلى علم القانون وخاصة األردني‪ ،‬ط‪7996 ،4‬م ص‪ 72‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ ) 3‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬المدخل لدراسة العلوم القانونية‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬ط‪ 7994 ،7‬ص‪.76‬‬
‫‪3‬‬
‫ونخلص مما تقدم إلى القول‪ ،‬بأن وظيفة القانون في المجتمع كبيرة ومتعددة وضرورية‬
‫فللقانون وظيفة اجتماعية واقتصادية وسياسية وهي تحدد بحسب فلسفة المشرع التي يتبناها والتي‬
‫تنعكس كالمرآة في النصوص القانونية‪.‬‬

‫‪ – 3‬التعريف بالقانون‪:‬‬

‫ينبغي على من يعتزم دراسة القانون ‪ Jus‬أن يعرف أوال من أين اشتقت الكلمة ‪ Jus‬فهذه‬
‫ألن القانون كما عرفه أحد الفقهاء الرومان "كالكوس" تعريفا‬ ‫الكلمة قد سميت كذلك من العدالة‬
‫( ‪)1‬‬

‫حاذقا هو فن الطيبين العادلين والقانون لغة‪" ،‬مقياس كل شيء" وهو لفظ دخيل على العربية‪ ،‬ولعله‬
‫وقد بدأ‬ ‫انتقل إلينا من اليونان والرومان ومأخوذ من كلمة (‪ )Kamun‬ويراد بها العصا المستقيمة‬
‫(‪)2‬‬

‫استعمال كلمة "القانون" في البالد العربية عندما بدأت الدولة العثمانية منذ منتصف القرن التاسع‬
‫عشر سن قوانين اقتبست أحكامها من القوانين الغربية‪.‬‬

‫ويطلق القانون لغة على كل قاعدة مطردة يحمل اطرداها معنى االستمرار أو االستقرار‬
‫فلفظ القانون بهذا المعني‬ ‫والنظام سواء في مجال العلوم االجتماعية أم في مجال العلوم الطبيعية‬
‫(‪)3‬‬

‫اللغوي يعني وقوع أمر معين بصورة متكررة وعلى نمط واحد كلما توافرت ظروف خاصة معينة‬
‫بحيث يبدو األمر وكأنه خضع لنظام ثابت‪ ،‬فيقال مثال "قانون الجاذبية" أو "قانون العرض والطلب"‬
‫أو "قانون الغليان" الذي يخضع له الماء‪ .‬وناد ار ما استعمل الفقهاء المسلمون كلمة "قانون"‬
‫وكلها مأخوذة من كلمة "الشارع"‬ ‫واستعملوا عوضا عنها كلمات الشرع والشريعة والحكم الشرعي‬
‫(‪)4‬‬

‫والمقصود بها الله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫وفي االصطالح القانوني يقصد بالقانون‪ ،‬مجموعة القواعد المنظمة لسلوك األفراد في‬
‫المجتمع والتي تحملهم السلطة العامة فيه على احترامها ولو بالقوة عند الضرورة‪ .‬وهذا هو المعنى‬
‫العام المقصود بكلمة القانون‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ ،‬ز‪ .‬ه‪ .‬بارد‪ ،‬الرومان‪ ،‬ترجمة عبد الرواق يسري‪ ،‬راجعه د‪ .‬سهير القماوي‪ ،‬دار نهضة مصر‪7963 ،‬م‬
‫ص‪ ،332‬أيضا دونالد ر‪ .‬ددلي‪ ،‬ترجمة جميل يوا قيم الذهبي‪ ،‬حضارة الرومان‪ ،‬دار نهضة مصر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سليمان مرقس‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬القاهرة‪7966 ،‬م‪ ،.‬نقال عن خالد الزعبي وزميله‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪ ،77‬و د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬موجز المدخل لدراسة القانون األردني‪ ،‬دار‬ ‫‪3‬‬
‫( ) د‪ .‬عبد المنعم فرج ّ‬
‫عمان‪7997 ،‬م ص‪ 9‬وما بعدها‪.‬‬‫الفرقان‪ّ ،‬‬
‫الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المدخل لعلم القانون‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬ط‪7994 ،9‬م ص‪.3‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬د‪ .‬عباس‬
‫(‪ )4‬مناع القطان‪ ،‬التشريع والفقه في اإلسالم "تاريخا ومنهجا"‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪7939 ،72‬م ص‪.74‬‬
‫‪9‬‬
‫إال أن اصطالح القانون قد ال يتطرق إلى هذا المعنى العام‪ ،‬بل قد يقصد به معنا خاضا‪،‬‬
‫بأن يراد به مجموعة القواعد التي تضعها السلطة التشريعية في الدولة لتنظيم أمر ما‪ ،‬فيقال قانون‬
‫المحاماة أو قانون تنظيم الجامعات أو قانون الجنسية أو قانون الجمارك‪...‬إلخ‪ .‬وقد يقصد بكلمة‬
‫القانون اإلشارة إلى فرع معين من فروع القانون‪ ،‬فيقال القانون المدني والقانون التجاري وقانون‬
‫العمل‪...‬إلخ والقانون بالمعنى العام هو القانون المطبق في بلد معين في زمن معين هو محور‬
‫دراستنا‪ ،‬أي القانون في الجمهورية اليمنية‪ ،‬وفي هذه الحالة يطلق على القانون فعال اسم القانون‬
‫الوضعي‪ ،‬كأن يقال القانون الوضعي المصري للداللة على القانون المطبق فعال في مصر في‬
‫الوقت الحاضر‪..‬إلخ والقانون كعلم يعد من أهم العلوم اإلنسانية‪ ،‬ولذا نصيبه من االهتمام كبير من‬
‫لدن الفالسفة ورجال الفكر منذ "أرسطو" الذي يعرف القانون على أساس العدل فيقول "القانون هو‬
‫نظام يقصد به تحقيق العدل‪ ،‬أو هو الحقيقة التي تتمثل في تحقيق قيمة معينة هي العدل كما‬
‫يعرفه "سان توما" على أساس الخير العام فذهب بالقول "أن القانون هو نظام ينبغي تحقيق الخير‬
‫العام ولذا يرى سان توما بان القانون الذي يفرضه الطاغية تحقيقا لمصلحته الشخصية ال يعد‬
‫قانونا‪ .‬أما "كانت" فيعرف القانون على أساس الحرية الفردية ولذلك القانون عنده "مجموعة الظروف‬
‫التي تتيح إلرادة حرة إن تتفق مع إرادة حرة أخرى في ظل قانون عالمي هو الحرية" واتجاه آخر‬
‫يعرف القانون من منظور واقعي بوصفه واقعة وليس قيمة ونجد هذه النزعة الواقعية عند "كلسن"‬
‫حين عرف القانون بأنه "صياغة اجتماعية قوامها حمل األفراد على أن يسلكوا المسلك المرغوب‬
‫فيه‪ ،‬وذلك عن طريق التهديد باتخاذ إجراء قهري يطبق في حالة ووقع مسلك مخالف‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ – 4‬القانون والحق‪:‬‬

‫القانون والحق مفهومان مترابطان متالزمان بحيث ال يذكر احدها إال ويتبادر إلى الذهن‬
‫واذا كان القانون هو مجموعة القواعد المنظمة لسلوك األفراد وعالقاتهم في المجتمع فأن‬ ‫اآلخر‬
‫(‪)2‬‬

‫وسيلته في هذا الشأن في بيان ما لألفراد من حقوق وما عليهم من واجبات‪ .‬وذلك بترجيحه – بين‬
‫المصالح المتعارضة ومصلحة أحد الطرفين في العالقة على مصلحة الطرف اآلخر الذي يقع عليه‬
‫واجب احترام هذا الحق‪.‬‬

‫فالحق إذن وليد القاعدة القانونية‪ ،‬ذلك أن تطبيق القاعدة القانونية يفضي إلى تقرير الحقوق‬
‫والواجبات على األشخاص في المجتمع فليس هنا حق أو واجب إال بموجب القاعدة القانونية‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المبادئ القانونية العامة لطلبة كلية التجارة‪ ،‬دار لنهضة العربية‪ ،‬ط‪7939 ،4‬م‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫أيضا يراع د‪ .‬سا مية محمد جابر‪ ،‬على االجتماع المعاصر‪ ،‬جار المعرفة الجامعية‪7992 ،‬م‪ ،‬ص‪.307‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬بدون تاريخ نشر‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪72‬‬
‫فالحق إذن هو ممارسة نشاط إنساني منظم وبالتالي فهو مدين بوجوده للقانون‪ ،‬فما من حق‬
‫إال هو ثمرة القانون والقانون أما أن ينص صراحة على حق من الحقوق‪ ،‬يحصل عليه صاحبه وأما‬
‫أن يسكت القانون عن منع الفرد من ممارسة نشاط إنساني لحكمة يقدرها الشرع تطبيقا للقاعدة‬
‫الفقهية القائلة "األصل في األشياء اإلباحة" وذلك في حالة ما إذا كان إعمال هذه القاعدة ال يؤدي‬
‫إلى المساس بالمصالح الجوهرية ألفراد المجتمع‪ .‬وعلى ذلك يمكن تعريف الحق بأنه "مكنة اقتضاء‬
‫الحرية والحركة في ممارسة النشاط الهادف ضمن مخطط التنظيم االجتماعي المؤدي إلى تحقيق‬
‫(‪)1‬‬
‫المصالح االجتماعية المشتركة"‪.‬‬

‫فالحق وفقا لهذا التعريف‪ ،‬ينبثق من مكنات وبما تتضمنه من أدوار وفرص فالقواعد القانونية‬
‫التي تقرر الحق للبائع في اقتضاء ثمن المبيع من المشتري والزامه تسليم المبيع إليه‪ ،‬ولألب في‬
‫تربية أبنائه‪ ،‬وللمواطن في التوظيف أو التنقل أو ممارسة االنتخاب والترشيح‪...‬إلخ كل هذه القواعد‬
‫وغيرها في نطاق القانون الوضعي كصياغة فنية‪ ،‬أما ما ينشأ عن هذه القواعد من مكنات وأدوار‬
‫وصالحيات وهو يمثل الحقوق الناتجة عن التنظيم القانوني واالجتماعي لحياة األفراد‪.‬‬

‫ومما سلف يمكن القول بأن عالقة القانون بالحق وطيدة بحيث من الصعب تصور أحدهم‬
‫دون وجود اآلخر‪ .‬فالقانون هو تصور وضعي للتنظيم االجتماعي‪.‬‬

‫والحقوق هي مراكز قانونية أوجدها هذا التنظيم بعملية متكاملة ضمن إطار المصالح‬
‫المشتركة والشالة‪ .‬ولذلك تأتي دراسة الحق في أعقاب دراسة القانون‪ ،‬ويشكل االثنان برنامج متكامل‬
‫للمدخل لعلم القانون أو "النظرية العامة للقانون"‪.‬‬

‫وهذا ما يجعلنا نقسم دراستنا إلى قسمين‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬نظرية القانون‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬نظرية الحق‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ط‪ ،6‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬مطبعة الروضة‪،‬‬
‫دمشق‪7994 ،‬م‪ ،‬ص‪ 79‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫القسم األول‬
‫نظرية القانون‬
‫‪ – 7‬سندرس في هذا القسم القاعدة القانونية من حيث األصول والمبادئ العامة التي تحكمها‪،‬‬
‫وبيان خصائصها وما يميزها عن غيرها من القواعد االجتماعية األخرى‪ ،‬فضال عن‬
‫مصادرها وقاعد تفسيرها وسريانها‪.‬‬

‫لذا نقسم دراسة هذا القسم إلى بابين‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬نخصصه لدراسة تحليلية للقانون‬

‫الباب الثاني‪ :‬نتناول فيه القانون بين النشأة والتطبيق واإللغاء‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الباب األول‬
‫تحليل القانون‬
‫‪ – 3‬تعرض في هذا الباب دراسة وصفية تحليلية للخصائص للقاعدة القانونية والي تميزها عن‬
‫غيرها من القواعد االجتماعية األحرى ثم تتبع ذلك بالبحث في أساس القانون ومدى تدخله‬
‫في نشاط األشخاص وبعد ذلك نبحث في أنواع القواعد القانونية وذلك في فصول ثالثة‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الخصائص المميزة للقاعدة القانونية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أساس القانون ومدى تدخله في نشاط األشخاص‬

‫الفصل الثالث‪ :‬أنواع القاعد القانونية‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل األول‬

‫الخصائص المميزة للقاعدة القانونية‬


‫‪ – 9‬ونبحث في هذا الفصل خصائص القاعدة القانونية ويقتضي ذلك استبعاد القواعد األخرى التي‬
‫تشترك مع القواعد القانونية في تنظيم المجتمع وتحكم الروابط التي تنشأ بين أفراده‪ .‬وفي هذا‬
‫السياق نتناول عالقة القانون كعلم بغيره من العلوم األخرى‪ ،‬يغرض تحديد مدى التداخل أو‬
‫التنافر بينهما‪.‬‬

‫ولذا سنقسم هذا الفصل إلى مباحث ثالثة هي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬خصائص القاعدة القانونية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز القواعد القانونية عن القواعد االجتماعية األخرى‬

‫المبحث الثالث‪ :‬عالقة القانون بالعلوم االجتماعية األخرى‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫المبحث األول‬
‫خصائص القاعدة القانونية‬
‫‪ – 4‬رأينا أن القانون مجموعة قواعد تنظم نشاط األشخاص في المجتمع وتتولى السلطة العامة‬
‫إيقاع الجزاء على من يخالفها‪ .‬ومن هذا التعريف يمكن إيراد الخصائص العامة للقاعدة‬
‫القانونية‪.‬‬

‫ولهذا سنوزع المبحث على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة عامة مجردة‬

‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية خطاب موجه إلى األشخاص في المجتمع‬

‫المطلب الرابع‪ :‬القاعدة القانونية تقترن بإجراء مادي توقعه السلطة العامة‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫المطلب األول‬

‫القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعية‬

‫‪ – 0‬سبق القول أن القانون عبارة عم مجموعة قواعد تنظم سلوك األفراد في المجتمع وفي سبيل‬
‫تحقيق أهدفه يوجه القانون خطابه إلى األشخاص‪ ،‬سواء كانوا أشخاصا طبيعيين وهم البشر‬
‫أو أشخاصا معنويين‪ ،‬وقد حددت المواد ‪ 92 ،39 ،93‬من القانون المدني اليمني رقم ‪69‬‬
‫لعام ‪93‬م مفهوم الشخص الطبيعي والمعنوي‪ ،‬وبجدر اإلشارة إلى بعض القوانين تسمي‬
‫األشخاص االعتبارية كما هو الحال في القانون‬ ‫األشخاص المعنوية األشخاص الحكمية‬
‫(‪)1‬‬

‫اليمني‪ ،‬والقانون المدني المصري‪.‬‬

‫ولكي يقوم القانون بتنظيم هذه الروابط يستلزم قيام سلوك خارجي للشخص‪ ،‬فالقانون ال يهتم‬
‫أي أن‬ ‫(‪)2‬‬
‫بالنوايا والبواعث ما لم تظهر إلى العام الخارجي‪ ،‬أي ما لم يصاحبها سلوك خارجي‬
‫(‪)3‬‬
‫القانون ال ينفذ إلى ما استقر في النوايا والصدور‪.‬‬

‫والقواعد القانونية تتنوع بتنوع الروابط االجتماعية التي تنظمها‪ .‬فقد تتعلق بمسائل األحوال‬
‫الشخصية لألفراد كالزواج والطالق والميراث والوصية والنفقة‪ ،‬وقد تتعلق بمعامالتهم المالية كالبيع‬
‫والشراء‪ ،‬أو قد تعلق بعالقتهم بغيرهم كالقوانين الجنائية‪.‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 02‬من القانون المدني األردني‪ ،‬والمادة ‪ 03‬من القانون المدني المصري‪ ،‬والقانون المدني السوري المادة‬
‫‪ ،00‬وكذلك القانون المدني الليبي المادة ‪.03‬‬
‫( ‪ )2‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬الدار الجامعية‪7931 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.73‬‬
‫الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬عباس‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫د ‪ .‬عبد المنعم فرج ّ‬
‫( ‪ ) 3‬د‪ .‬نبيل إبراهيم مسعد‪ ،‬د‪ .‬السيد محمد عمران‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬الدخل إلى العلوم القانونية‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية‪7993 ،‬م‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪76‬‬
‫وبالطبع فإن القواعد القانونية تختلف باختالف الزمان والمكان فهي تختلف من دولة إلى‬
‫أخرى فالقانون الذي يصلح للبيئة اليمنية ال يصلح للبيئة الفرنسية أو االيطالية‪ .‬كما أن القانون قد‬
‫يختلف في البيئة الواحدة من عصر إلى آخر فهو يتطور بتطور المجتمع حتى يستجيب لحاجاته‬
‫الجديدة ويساير اتجاهاته المستحدثة‪ .‬وهذه الحقيقة هي التي تدعو المشرع إلى التدخل وتحليل‬
‫أحكام القانون القائم أو تغييرها كي تتالئم مع الظروف الجديدة في المجتمع والقاعدة القانونية في‬
‫توجيهها سلوك األفراد تتضمن إباحة فعل أو أم ار بفعل أو نهيا عن فعل‪.‬‬

‫وقد يرد في ذلك عبارة صريحة‪ ،‬كما في القاعدة التي تقرر حرية من الحريات العامة‪ ،‬أو تلك‬
‫التي تتوجب القيام بالخدمة العسكرية‪ ،‬أو تلك التي تجيز للموكل أن يعزل الوكيل حينما يشاء‬
‫"المادة ‪ 999‬من القانون المدني اليمني‪ 170 ،‬مدني مصري"‪ 369" ،‬مدني أردني" والغالب ال يرد‬
‫وانما يستفاد من مضمون القاعدة التي تقضي بأن كل خطأ سبب ضر ار للغير يلزم‬ ‫(‪)1‬‬
‫ذلك صراحة‪.‬‬
‫من ارتكبه التعويض "المادة ‪ 921‬مدني يمني ‪ 769‬مدني مصري ‪ 306‬مدني أردني يؤخذ من هذه‬
‫المواد النهي عند اإلضرار بالغير‪ .‬ويمكن تحليل القاعدة القانونية إلى عنصرين هما الفرض‬
‫والفرض هو ذلك السلوك الذي إن تحقق فإنه يحقق الجزء الثاني من القاعدة وهو الحكم‬ ‫والحكم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وعادة ما يبدأ الجزء األول من القاعدة بلفظ شرطي مثل إذا‪ ،‬ويكون جواب الشرط من القاعدة للفظ‬
‫وجوب أو لفظ "ال" وذلك لتضمنه عدم الوجوب وغير ذلك من األلفاظ وعلى سبيل المثال ما ورد‬
‫في المادة ‪ 439‬من القانون المدني اليمني (إذا كان البيع بالعينة وجب أن يكون المبيع مطابقا‬
‫لها‪ .)...‬كما يمكن أن يتضمن الحكم مفهوما تخييريا جوازيا فيستعمل لفظ "جائز" أو مشتقاتها‬
‫للداللة على الحكم من ذلك ما نصت عليه المادة "‪ "062‬مدني يمني "إذا تعرض أحد للمشتري‬
‫مستندا إلى حق سابق على البيع أو صائر إليه من البائع أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد‬
‫المشتري جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول‬
‫الخطر‪".‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫القاعدة القانونية قاعدة عامة مجرد‬

‫‪1‬‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 74‬وما بعدها‪.‬‬
‫( ) د ‪ .‬عبد المنعم فرج ّ‬
‫الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 9‬وما بعدها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬عباس‬
‫‪71‬‬
‫وصفة العمومية والتجريد تتحقق في القاعدة‬ ‫(‪) 1‬‬
‫‪ - 6‬تتميز القاعدة القانونية بأنها عامة مجردة‬
‫القانونية إذا كانت القاعدة تتوجه بخطابها إلى األشخاص دون أن تقصد شخصا معينا‪ .‬بالذات‬
‫وتعالج دون أن تقصد واقعة معينة بالذات‪.‬‬

‫ويتم ذلك عن طريق تجديد الشروط التي يلزم توافرها لكي تنطبق القاعدة‪ .‬فإذا توافرت هذه‬
‫الشروط في شخص معين أو في واقعة معينة انطبقت القاعدة‪ .‬وينصرف حكمها بالتالي إلى كل‬
‫فالقاعدة التي تقضي بأن كل شخص يبلغ سن الرشد‬ ‫شخص وواقعة تتحقق فيها هذه الشروط‬
‫(‪)2‬‬

‫متمتعا بقواه العقلية يكون كامل األهلية لمباشرة حقوقه المدنية (وسن الرشد هو خمسة عشر سنة‬
‫كاملة) "المادة ‪ 06‬من القانون المدني اليمني" هي قاعدة عامة تنطبق بالنسبة لكل شخص ذك ار‬
‫كان أو أنثى‪ ،‬متى توافرت فيه شروط معينة هي "أ" بلوغ ‪ 70‬سنة كاملة "ب" وأن يكون قد بلغ‬
‫السن متمتعا بقواه العقلية فإذا توافرت هذه الشروط انطبقت القاعدة القانونية وأصبح الشخص كامل‬
‫األهلية لمباشرة حقوقه المدنية‪.‬‬

‫غير أن عموم القاعدة القانونية ال يعني أنها تنطبق على الناس كافة‪ ،‬فقد توجه القاعدة‬
‫القانونية إلى طائفة من األشخاص‪ ،‬بل قد توجه إلى شخص واحد فقط‪ ،‬ومع ذلك ال يفقد صفة‬
‫طالما أنه لم توجه إلى أشخاص بذواتهم وانما بصفاتهم‪ .‬مثل ذلك القواعد القانونية‬ ‫(‪) 3‬‬
‫العمومية‬
‫الخاصة بطائفة القضاة أو المحامون أو التجار‪ ،‬ففي هذه الحاالت تنطبق القاعدة على فئة من‬
‫األشخاص معينة بصفاتهم ال بذاواتهم‪ .‬وكذلك القاعدة التي تنظم مركز رئيس الدولة‪ ،‬فهي قاعدة‬
‫عامة تنطبق على كل من سيشغل هذا المنصب في الحاضر أو المستقبل كون هذه القاعدة ال‬
‫تختص بشخص رئيس الدولة بالذات‪.‬‬

‫وعموم القاعدة القانونية على النحو السابق يقضي أن تصدر في صيغة مجردة عند نشوئها‬
‫بمعنى أنها تنطبق على جميع األشخاص وجميع الوقائع التي تتوافر فيها شروط تطبيقها فالقاعدة‬

‫( ‪ )1‬تستخدم عبارتي العمومية والتجريد كمترادفتين تعبران عن معنى واحد‪ .‬ويشير بعض الشراح إلى أن العموم‬
‫والتجريد فكرتان متالزمتان أو وجهان لخصيصة واحدة فالقاعدة توحي بالتجريد إذا ما نظر إليها عند نشوئها‬
‫وتوصف بالعمومية إذا ما نظر إليها من حيث أثرها عند التطبيق‪ .‬ويبرز بعض الشراح أن التجريد هو الذي‬
‫تتصف به القاعدة‪ ،‬أما العمومية فليس إال نتيجة للتجريد نقال عن د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬نفس المرجع‪،‬‬
‫ص‪.62‬‬
‫(‪ )2‬أنور سليم وزميله‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ، 71‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪،33‬‬
‫د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ 79‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬أنور سلطان‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫التي تقتضي بأن كل إضرار بالغير يلزم فاعله بتعويض الغير عن الضرر‪ 921 "...‬مدني يمني‪.‬‬
‫هذه القاعدة القانونية عامة ومجردة ألنها تتنازل واقعة اإلضرار بشروطها فتنطبق على كل فعل‬
‫توافرت فيه شروط اإلضرار أيا كان الذي سببه ولو كان غير مميز‪.‬‬

‫إن اتصاف القاعدة القانونية بالعمومية أمر ضروري لتحقيق النظام واالستقرار في المجتمع‪،‬‬
‫كون اتصافها بهذه الصفة يحقق المساواة بين الناس أمام القانون ويبعدها عن الصفة الشخصية‬
‫وكل ذلك‪ ،‬أي إخضاع الوقائع واألشخاص‬ ‫ويمنع تحيزها لمصلحة شخص أو ضد شخص معين‬
‫( ‪)1‬‬

‫لقواعد واحدة بصرف النظر عن ذواتهم‪ ،‬يضمن للقاعدة القانونية القبول واالستحسان من األفراد‬
‫واالستمرار في التطبيق‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫القاعدة القانونية خطاب موجه إلى األشخاص في المجتمع‬

‫‪ - 1‬ذكرنا أن الغرض من القانون هو تنظيم العيش في الجماعة‪ ،‬فإذا لم توجد الجماعة فال محل‬
‫لوجود القانون‪ ،‬فاإلنسان مدني بطبعه يولد في مجتمع وال يعيش إال فيه وتنعدم بالتالي جدوى‬
‫القاعدة القانونية كقاعدة اجتماعية لدى الفرد المنعزل لوحدة في جهة نائية‪ .‬وحيث ينشأ المجتمع‬
‫تنشأ الحاجة إلى إقامة النظام فيه واقامة النظام في المجتمع تكون بفرض قواعد قانونية يمتثل لها‬
‫وال يقصد بالمجتمع في هذا الصدد مجرد تجمع أفراد من‬ ‫أعضاء هذا المجتمع جب ار عند الضرورة‬
‫(‪)2‬‬

‫بل أن المجتمع الذي نقصده هنا هو المجتمع‬ ‫الناس في مكان ما دون أن يربطهم هدف واحد‬
‫(‪)3‬‬

‫الذي توجد فيه سلطة يكون لها السيادة على أفراده‪ ،‬ويكون لها إجبارها على إطاعة أحكام القانون‪،‬‬
‫وان كانت الدولة في الشكل السياسي‬ ‫(‪)4‬‬
‫فالدولة وهي الصورة الواضحة اليوم لمثل هذا المجتمع‬
‫للمجتمع المعاصر‪ ،‬فذلك ال يعني أن نشأة القاعدة القانونية ارتبطت بوجودها‪ .‬فقد وجدت القواعد‬
‫القانونية قبل تكوين الدولة بالمعنى الحديث‪ ،‬فكانت للقبيلة قواعد يتولى شيخها تطبيقها‪ ،‬وكذلك‬
‫األمر بالنسبة للعشيرة‪ ،‬ومعنى هذا أن القاعدة القانونية تنشأ حيث يوجد المجتمع أيا كان شكله‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫المطلب الرابع‬

‫الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.79‬‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1()1‬د‪ .‬عباس‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬د‪ .‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬عباس‬
‫(‪ )4‬خالد الزعبي‪ ،‬ومنذر الفضل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪5‬‬
‫الصدة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫( ) د ‪ .‬عبد المنعم فرج ّ‬
‫‪79‬‬
‫القاعدة القانونية قاعدة ملزمة‬

‫‪ّ - 3‬بينا أن القانون وضع لينظم الحياة االجتماعية في داخل المجتمع‪ ،‬بغية تحقيق مصلحة الناس‬
‫جميعا باعتبار ذلك الهدف السياسي للقانون ولكن تحقيق هذا الهدف لن يتأتي إال إذا التزم كل فرد‬
‫من أفراد المجتمع باحترام قواعد القانون‪ ،‬وان ينفذ ما تطلبه منه‪ .‬فالقاعدة القانونية ليست مجرد‬
‫نصيحة أو توصية يعمل بها إن شاء‪ ،‬وان شاء فله تركها‪ ،‬بل هي أمر أو هي تكليف يتعين‬
‫طاعته‪ ،‬ومن هنا وصفت القاعدة القانونية بأنها ملزمة‪ ،‬ويجبر األفراد على احترامها عن طريق‬
‫والجزاء في القاعدة‬ ‫توقيع الجزاء‪ ،‬واال فقدت القاعدة القانونية صفتها‪ ،‬ولم تصبح قاعدة قانونية‬
‫(‪)1‬‬

‫القانونية ليس غاية بذاته‪ ،‬بل هو وسيلة لتحقيق غاية عملية وعي أال يخرج األفراد في سلوكهم عن‬
‫على أن هذا ال يعني أن احترام القانون يرجع دائما إلى الخشية من توقيع‬ ‫(‪)2‬‬
‫حكم القاعدة القانونية‪.‬‬
‫الجزاء فالغالب أن يصدر هذا االحترام عن رغبة تقوم على أساس الشعور بأن القانون ضرورة‬
‫اجتماعية ال بد منها لحماية النظام في المجتمع والسير بالجماعة في طريق التقدم‪ ،‬لكن هذا ال يقلل‬
‫من دور الجزاء بوصفه ضرورة حتمية لحمل الناس على احترام القانون لذلك فقد دعت الضرورة‬
‫لوجود سلطة عامة مختصة بعهد إليها بكفالة احترام القانون وفي المجتمع الحديث فالدولة هي التي‬
‫تقوم بتوقيع الجزاء على من يخالف القانون‪ ،‬فال يجوز ألي شخص إن يوقع الجزاء بنفسه على من‬
‫أساء إليه بمخالفة القانون وال إن يقتص بنفسه ممن اعتدى عليه‪ ،‬وال أن يسترد ماله بالقوة ممن‬
‫اغتصبه‪ ،‬وانما يجب عليه اللجوء إلى السلطة المختصة‪ ،‬وقد نصت المادة "‪ "02‬من الدستور‬
‫اليمني يحق للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة‪...‬إلخ‪.‬‬

‫أن قوة القانون تشمل على ما هو أكثر من فكرة الخضوع‪ ،‬ولكن عنصر الطاعة والخضوع‬
‫هو العنصر الحاسم ‪ ،‬وعلينا أن نميز هذا النوع من الخضوع الذي هو أحد خصائص العالقة‬
‫القانونية(‪.)3‬‬

‫واذا أردنا أن نفرق بين المقصود باإللزام والجزاء والقهر‪ ،‬قلنا أن القهر عن طريق السلطة‬
‫العامة هو نوع من أنواع الجزاء التي تنفرد بها القاعدة القانونية‪ .‬أما الجزاء فهو اصطالح أوسع من‬
‫اصطالح القهر‪ ،‬وهو يشمل القهر كما يشمل غيره من األنواع الخاصة بقواعد السلوك األخرى‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جميل الشرقاوي‪ ،‬دروس في أصول القانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪ .37‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫الصدة‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.79‬‬ ‫ّ‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سهيل الفتالوي‪ ،‬نظرية القانون‪ ،‬ط‪7999 ،7‬م‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫(‪ )3‬المحامي اللورد دينيس لويد‪ ،‬تعريب المحامي سليم الصويص‪ ،‬مراجعة سليم بسيسو فكرة القانون‪ ،‬سلسلة عالم‬
‫المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪7937/41‬م‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪32‬‬
‫والجزاء في أبسط تعاريفه‬ ‫( ‪)1‬‬
‫أما اإللزام فهو صفة كامنة في كل قاعدة من قواعد السلوك‬
‫وأشملها‪ ،‬هو األثر الذي يترتب على مخالفة فرد من األفراد للقاعدة القانونية‪ ،‬وقد اختلف الفقه بشأن‬
‫مدى اعتبار الجزاء عنص ار مالزما لوجود القاعدة القانونية فذهب البعض إلى أن الجزاء من‬
‫مستلزمات القاعدة القانونية وأنه ال تعد قاعدة تلك التي ال تشتمل على جزاء يوقع جبرا‪ .‬ولقد جعل‬
‫أصحاب هذ ا الرأي من الجزاء معيا ار للتفرقة بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد االجتماعية‪،‬‬
‫وذهب فريق آخر إلى أن الجزاء ليس عنص ار مكونا للقاعدة القانونية بل هو عنصر خارجي متعلق‬
‫بمدى نفاذها‪ ،‬أو بعبارة أخرى أن القاعدة القانونية ال يشترط لقيامها أن تقترن فعال بجزاء‪ ،‬بل يكفي‬
‫أن تتجه نحو االقتران بجزاء‪ ،‬أي إن عدم توافر اإلجبار المادي في القاعدة القانونية ال ينفي‬
‫بل يقلل من فاعليها ونفاذها في العمل‪ ،‬ويدلل أصحاب هذا الرأي على وجهة نظرهم‬ ‫(‪)2‬‬
‫وجودها‬
‫بتخلف الجزاء في بعض فروع القانون كالقانون الدولي العام والقانون الدستوري‪.‬‬

‫ولكن من السهل تفنيد هذا الرأي عن طريق التأمل في طبيعة كل من القانون الدولي العام‬
‫والقانون الدستوري‪.‬‬

‫فبالنسبة للقانون الدولي‪ ،‬يمكن القول بأن التنظيم الدولي لم يبلغ بعد أخر مراحل تطوره‪،‬‬
‫مثلما فعل النظام الداخلي للدولة من حيث وجود سلطة عليا فوق األفراد تتولى توقيع الجزاء‪ ،‬وان‬
‫كان هذا ال يعني انتفاء أي جزاء عن قواعد القانون الدولي العام‪ ،‬إذا أن الجزاءات متوافرة‪ ،‬ولكنها‬
‫ذات طبيعة خاصة تنسجم مع طبيعة القانون الدولي العام كإبطال المعاهدات وتوقيع العقوبات‬
‫االقتصادية والحصار البحري‪...‬إلخ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للقانون الدستوري فالجزاء أو اإلجبار متوافر‪ ،‬غاية األمر أنه يأخذ صور مغايرة‬
‫لصور الجزاء العادي – التي سنتحدث عنها الحقا – فالجزاء في القانون الدستوري يتمثل في‬
‫علمية الرقابة التي تقوم بها السلطات بعضها على البعض اآلخر كذلك فقد يقوم الشعب باتخاذ‬
‫(‪)3‬‬
‫إجراءات الجزاء إما بالوسائل السلمية أو بالوسائل غير السلمية‪.‬‬

‫‪ – 9‬صور الجزاء "أنواع الجزاء" للقاعدة القانونية‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سمير عبد الستار تناغ‪ ،‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪7939 ،‬م‪ ،‬ص ‪.67-62‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬مبادئ القانون‪7930 ،‬م‪ ،‬ص‪ 79‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المدخل لدراسة‬
‫العلوم القانونية‪ ،‬القانون" وفقا للقانون الكويتي" "دراسة مقارنة" مطبوعات جامعة الكويت‪7913 ،‬م‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬د‪ .‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )3‬أنور سلطان‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ .36‬د‪ .‬عباس‬
‫‪37‬‬
‫يتنوع الجزاء تبعا الختالف القواعد القانونية‪ ،‬ونعرض عنا أهم أنواع الجزاء وهو الجزاء‬
‫الجنائي والجزاء المدني والجزاء اإلداري‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫أ – الجزاء الجنائي‪:‬‬
‫وهو الجزاء الذي يوقع على من ارتكب فعال تجرمه قاعدة جنائية وهو بذلك يعد أقصى أنواع‬
‫الجزاء حيث أنه يوقع في حالة ارتكاب فعال يعد إخالل بأمن المجتمع وسالمته‪ .‬وهذا الجزاء قد‬
‫يكون عقوبة بدنية كاإلعدام واإلشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة‪ .‬كما قد يكون الجزاء في شكل‬
‫عقوبة مقيدة للحرية كالحبس‪ ،‬أو عقوبة مالية كالغرامة أو المصادرة‪.‬‬
‫ويالحظ أن ارتكاب الجريمة وتوقيع الجزاء الجنائي ال يمنع من أن الجريمة تعد في حاالت‬
‫خاصة اعتداء على حق خالص يخول لصاحبه بتوقيع جزاء مدني في ذات الوقت فإتالف مال‬
‫الغير عمدا جريمة تستوجب توقيع جزاء جنائي وفي الوقت نفسه للمعتدى على ماله الحق في‬
‫المطالبة بتوقيع جزاء مدني يتمثل في تعويضه هما أصابه من ضرر‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ب – الجزاء المدني‪:‬‬
‫وهو الجزاء الذي يترتب في حالة مخالفة القانون المدني والجزاءات المدنية كثيرة ومتعددة‪.‬‬
‫فقد يقصد به محو مكل أثر لمخالفة القانون كهدم الحائط الذي بني في ملك الجار أو سد المطالت‬
‫التي فتحت على مسافة أقل من المسافة القانونية وقد يتخذ الجزاء صورة البطالن‪ ،‬فإذا أبرم تصرف‬
‫مخالف للقانون المدني‪ .‬فالقانون ال يرتب عليه أي أثر فمثال إذا تعاقد شخص مع مجنون‪ ،‬فمثل‬
‫هذا التعاقد يعد باطال‪ ،‬أي كأن لم يقع‪ ،‬وال يلتزم المجنون في ماله بشيء‪ .,‬ومن يستأجر بيتا ليديره‬
‫للدعارة يعتبر عقده باطال وال يلتزم المؤجر قبله بأي التزام‪ .‬وقد يتخذ الجزاء صورة التعويض‪ ،‬أي‬
‫ضمان األضرار التي لحقت بالمتضرر فإذا أحدث شخص ضر ار بآخر فإنه يكون مسئوال عن فعله‬
‫الضار على أساس القاعدة العامة الفعل الضار وبالتحديد نص المادة ‪ 921‬من القانون المدني‬
‫اليمني والتي تنص (كل فعل أو ترك غير مشروع سواء كان ناشئا عن عمد أو شبه عمد أو خطأ‬
‫إذا سبب للغير ضر ار يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه‪.)...‬‬

‫ج‪ -‬الجزاء اإلداري‪:‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عصام أنور سليم و د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ .79‬د‪ .‬سهيل الفتالوي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪،33‬‬
‫د‪ .‬جميل الشرقاوي‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬عصام أنور سليم ومحمد حن قاسم‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪33‬‬
‫هو الجزاء الذي يترتب على مخالفة قواعد القانون اإلداري بسبب إهمال الموظف في أداء‬
‫ويسمى هذا النوع من الجزاء أيضا بالجزاء التأديبي لتمييزه عن‬ ‫(‪)1‬‬
‫عمله أو انقطاعه عنه بدون عذر‬
‫غيره من الجزاءات علما أن الجزاء التأديبي يقوم المشرع بتحديده على سبيل الحصر وبالتالي ال‬
‫يجوز للهيئة التأديبية أن توقع عقوبة أو جزاء لم ينص عليه القانون ومن الجزاءات اإلدارية اإلنذار‬
‫واللوم وتأجيل منح العالمة أو الحرمان منها‪ ،‬والخصم من الراتب أو الحرمان منه والعزل من‬
‫الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش‪...‬إلخ‪ .‬وهناك اتجاه لدى الفقه يضيف نوعين من الجزاءات هما‬
‫(‪)2‬‬
‫الجزاء السياسي والجزاء المهني‪.‬‬

‫‪ – 61‬خصائص الجزاء‪:‬‬

‫هي‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫يتميز الجزاء في القاعدة القانونية بخصائص معينة‬

‫أ – أنه مادي محسوس‪ ،‬أي يتخذ مظه ار خارجيا يقوم على اإلجبار الذي تباشره السلطة العامة‬
‫بالقوة المادية‪.‬‬

‫ب – الجزاء في القاعدة القانونية جزاء منظم‪ ،‬إذ تتواله السلطة العامة باسم الجماعة وفقا لنظام‬
‫محدد‪ ،‬لذلك يطلق عليه اإلجبار الجماعي‪.‬‬

‫ج – أنه جزاء دنيوي‪ ،‬أي يوقع على األفراد في الحياة الدنيا‪ ،‬وبذلك فإنه يختلف عن الجزاء الديني‬
‫الذي يلقاه العاصي في اآلخرة‪.‬‬

‫‪ – 66‬السلطة المختصة بتوقيع الجزاء‪:‬‬

‫عرفت المجتمعات القديمة ظاهرة الجريمة في صور متعددة‪ ،‬وقررت لها إجراءات في المقابل‬
‫تمثلت في االنتقام الفردي كرد فعل لعقاب المجرم في مرحلة أولى‪ ،‬وتجسدت في االنتقام الجماعي‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬النظام القانوني للجزاء التأديبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪7939 ،‬م‪ ،‬ص‪ 40‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬علي خليل إبراهيم‪ ،‬جريمة الموظف العام الخاضعة للتأديب في القانون العراقي‪ ،‬الدار العربية‪ ،‬بغداد‪ ،‬ص ‪74‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ .39‬د‪ .‬سهيل الفتالوي‪ ،‬ص‪ ،92‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪،‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.779‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬جميل الشرقاوي‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ ،30‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.76-70‬‬
‫‪39‬‬
‫في مرحلة الحقة حين انتقلت الجماعة إلى تنظيم نفسها في إطار القبيلة أو العشيرة التي كانت‬
‫(‪)1‬‬
‫تلتزم مبدأ الدفاع عن أفرادها‪.‬‬

‫أما في المجتمعات الحديثة وبعد بروز الدولة أصبح توقيع الجزاء من اختصاص السلطة‬
‫(‪)2‬‬
‫العامة عن طريق السلطة القضائية "المحاكم"‪.‬‬

‫وفي الجمهورية اليمنية ينظم الفصل الثالث من الدستور "السلطة القضائية" وكذلك القانون‬
‫رقم "‪ 7992 "7‬بشأن السلطة القضائية ووفقا للمادة "‪ "72‬من القانون تعد المحكمة العليا أعلى هيئة‬
‫قضائية في الجمهورية اليمنية‪ ،‬وقد تناول القانون كيفية تكوين المحكمة واختصاصاتها‪...‬إلخ‬
‫وتسمى هذا المحكمة في فرنسا ومصر بمحكمة النقض وفي األردن والعراق محكمة التمييز‪.‬‬

‫ومع أن األصل هو أن توقيع الجزاء احتكار للسلطة العامة ال يشاركها األفراد فيه‪ ،‬فإن هذا‬
‫ال يمنع من التسليم بحق األفراد في االلتجاء إلى الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم بأنفسهم في حاالت‬
‫الضرورة كإباحة الدفاع الشرعي عن النفس أو عن المال ضد اعتداء الغير‪ ،‬وهو ال يجوز إال حيث‬
‫تتعذر االستعانة بالسلطة العامة في ذلك وكإباحة االمتناع عن الوفاء بدين للغير حيث يكون ذلك‬
‫الزما إلجبار الدائن على الوفاء بدين مقابل‪ ،‬وكاالعتراف بحق اإلضراب للعمال دفاعا عن حقوقهم‬
‫(‪)3‬‬
‫في بعض الظروف‪.‬‬

‫ومما ينبغي اإلشارة إليه ونحن في سياق الحديث عن خصائص القاعدة القانونية‪ ،‬فأننا نشير‬
‫وهي الصفة أو الخاصية‬ ‫إلى أن الخصائص األربع التي ذكرت هناك من يضيف إليها خاصية‬
‫(‪)4‬‬

‫التبادلية للقاعدة القانونية‪ ،‬بمعنى أن القانون بوصفه مجموعة قواعد تنظم العالقات االجتماعية يسند‬
‫إلى األشخاص الذين ن شأت العالقة فيما بينهم مراكز تختلف في طابعها بعضها عن بعض فهو‬
‫يعترف للطرف الذي نشأت العالقة لمصلحته بمركز ايجابي هو مركز صاحب الحق‪ ،‬ويسند إلى‬
‫الطرف اآلخر‪ ،‬وهو من لم تنشأ العالقة لمصلحته‪ ،‬مرك از سلبيا وهو مركز المدين‪ ،‬وبذلك يكون‬
‫معنى أن للعالقة القانونية طابعا تبادليا أنها تفترض وجود عالقة بين طرفين وأنها إذ تنشئ حقوقا‬
‫ألحد طرفي هذه العالقة تنشئ على الطرف اآلخر واجبات تقابل هذه الحقوق‪ ،‬بحيث يمكن أن يقال‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬علي محمد جعفر‪ ،‬العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذها‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‪ ،‬ط‪7933 ،7‬م‪،‬‬
‫ص‪.6‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬بغداد‪ ،7933 ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ )3‬جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المدخل لدراسة العلوم القانونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.747‬‬
‫‪34‬‬
‫أن فكرة الحق وفكرة الواجب ترتبط كلتاهما باألخرى ارتباطا وثيقا إلى حد وصف فكرة الواجب‬
‫الصورة السلبية للفكرة األولى وهي فكرة الحق‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫تميز القواعد القانونية عن القواعد االجتماعية األخرى‬

‫‪ – 73‬ليست القاعدة القانونية وحدها التي تحكم سلوك األشخاص في المجتمع‪ ،‬بل توجد إلى‬
‫جانبها قواعد تشترك معها في هذا الشأن فهناك قواعد المجامالت والعادات والتقاليد‪ ،‬وقواعد‬
‫األخالق‪ ،‬وقواعد الدين‪ ،‬وهذه كلها قواعد اجتماعية تحكم سلوك األفراد في المجتمع‪ .‬ولذا يجب‬
‫التمييز بين هذه القواعد وبين القواعد القانونية‪.‬‬

‫وهذا ما تعرض له في ثالثة مطالب‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد المجامالت والعادات والتقاليد‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القاعدة القانونية والقواعد األخالقية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية والقواعد الدينية‬

‫المطلب األول‬
‫القاعدة القانونية وقواعد المجامالت والعادات والتقاليد‬
‫‪ – 79‬في كل مجتمع قواعد وسلوك يحرص الناس على إتباعها في عالقاتهم اليومية فهناك قواعد‬
‫تقضي بها المجامالت كالتحية عند اللقاء‪ ،‬زيارة المريض أو العائد من سفر طويل‪ ،‬أو تقديم‬
‫التهنئة في األفراح‪ ،‬والعزاء في الموت‪...‬إلخ وهناك قواعد يعتاد عليها الناس أو تجري بها‬
‫تقاليدهم بشأن المظهر والملبس وأنماط العيش والمأكل‪ ،‬وهذه التقاليد والعادات تختلف بالنسبة‬
‫والهدف من هذه القواعد هو تدعيم الصالت بين أفراد المجتمع‪.‬‬ ‫للرجال عنها في النساء‬
‫( ‪)1‬‬

‫والفارق الجوهري بين القاعدة القانونية‪ ،‬هو أن القاعدة القانونية ملزمة‪ ،‬وتقترن بالجزاء‬
‫أما جزاء مخالفة قواعد‬ ‫المادي الذي يوقع جب ار بواسطة السلطة العامة على من يخالفها‬
‫( ‪)2‬‬

‫العادات والمجامالت فهو مجرد رد فعل لدى األفراد اآلخرين‪ ،‬مثل غضب الصديق من‬

‫‪1‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪ ،99‬د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫( ) د ‪ .‬عبد المنعم فرج ّ‬
‫(‪ )2‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪30‬‬
‫صديقه‪ ،‬أو المعاملة بالمثل‪ ،‬أو النظر إلى المخالفة نظرة اشمئزاز أو غير ذلك‪ ،‬دون أن‬
‫يكون في اإلمكان اللجوء إلى السلطات العامة لتوقيع جزاء‪.‬‬

‫ومع ذلك فمن المعروف أن ترتقي بعض هذه القواعد إلى مرتبة القواعد القانونية ويكون ذلك‬
‫إذا ما صارت من األهمية للمجتمع بحيث يتوافر اإللزام الخارجي لها‪ ،‬كما لو صدر تشريع يفرض‬
‫زيا معينا على الناس‪ .‬أو على فئات منهم كما قد يتدخل المشرع أو جهة معينة لمنع التدخين في‬
‫األماكن العا مة كما هو الحال في فرنسا‪ .‬وبعض دول العالم حرصا على المصلحة العامة‪ ،‬ومن‬
‫األمثلة على ذلك تدخل المشرع اليمني قبل الوحدة المباركة عندما حدد يومين في األسبوع فقط‬
‫لمصغ "القات" كما حظر تداوله ومضغه في محافظات معينة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫القاعدة القانونية والقواعد األخالقية‬
‫‪ – 74‬تعني األخالق القيم الفاضلة في المجتمع‪ ،‬أو القيم التي تقرها األكثرية الخيرة من أبناء‬
‫المجتمع وتهدف عادة إلى تجريد اإلنسان من األنانية واالستغالل والتحلي بالصدق وحسن‬
‫النية(‪...)1‬إلخ ويجب على كل فرد في المجتمع أن يحترم هذه القاعد والعمل بها واال تعرض‬
‫لسخط المجتمع وازدراءه‪ .‬ويوجد شبه كبير بين القاعدة األخالقية والقاعدة القانونية‪ ،‬إذ أن‬
‫كليتهما من القواعد التي تبين ما يجب أن يكون وتهدفان إلى إقامة العالقات بين الناس‬
‫بعضهم ببعض على أساس العدالة والمساواة وكلتاهما تعدان ملزمتين ولكل منها جزاء يترتب‬
‫على مخالفتها‪ ،‬كما أن العديد من النصوص القانونية ما هي في الواقع إال مجموعة قواعد‬
‫خلقية بنيت عليها تلك النصوص‪ ،‬فما تنهي عنه األخالق قد تحرمه القوانين أيضا‪.‬‬

‫فالقواعد األخالقية تمنع القتل والسرقة والقذف‪ ،‬أيضا الحكم في القوانين الجنائية ناهيك عن‬
‫أن القواعد الخلقية تمنع االتفاقات المخالفة لآلداب العامة‪ ،‬كما هو الحال في القوانين المدنية فأنها‬
‫تعد هذه االتفاقات المخالفة لآلداب العامة‪ ،‬باطلة أيضا ومع ذلك تختلف قواعد القانون من النواحي‬
‫(‪)2‬‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫أ – النطاق‪:‬‬

‫( ‪ )1‬د‪ .‬عدنان الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬المبادئ القانونية العامة "لطلبة كلية االقتصاد" الجامعة‬
‫المفتوحة‪7994،‬م‪ ،‬ص ‪.73-71‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم‪ ،‬أصول القانون‪،‬جامعة بغداد‪7933 ،‬م‪ ،‬ص ‪ ،.30‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪،33‬‬
‫د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬محمد يحيى مطر‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬الدار الجامعية‪7992 ،‬م‪ ،‬ص‪ 33‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫نطاق قواعد األخالق أوسع من نطاق القواعد القانونية فالقانون ال يحكم إال السلوك الخارجي‬
‫دون أن يهتم بالبواعث والنوايا‪ ،‬بينما تعفي قواعد األخالق إلى جانب اهتمامها بالسلوك الخارجي‬
‫للفرد بالنوايا والبواعث التي يضمرها الفرد في نفسه‪.‬‬

‫ب – الجزاء‪:‬‬
‫يختلف جزاء القاعدة القانونية عن جزاء القاعدة األخالقية‪ ،‬فاألولى تقترن بجزاء مادي‬
‫كالحبس والغرامة‪...‬إلخ‪ ،‬بينما الثانية تقترن بجزاء معنوي هو تأنيب الضمير ثم سخط المجتمع‬
‫واستنكاره وشجبه على المخالف ونفوره منه ولذلك فجزاء القواعد القانونية قابل بطبيعته للتنفيذ‬
‫المادي على خالق جزاء القواعد األخالقية‪.‬‬

‫ج – السلطة التي توقع الجزاء‪:‬‬


‫السلطة التي توقع جزاء مخالف القواعد القانونية هي السلطة العامة "القضاء" في حين من‬
‫يتولى فرض جزاء مخالفة القواعد األخالقية هو ضمير المخالف ثم المجتمع الذي يعيش فيه‪.‬‬

‫د – الغاية‪:‬‬
‫القواعد القانونية تهدف إلى تحقيق النفع المادي للمجتمع ‪ ،‬بينما القواعد األخالقية تهدف إلى‬
‫تحقيق غاية مثالية هي السمو باإلنسان‪.‬‬
‫ه – الوضوح‪:‬‬
‫قواعد القانون تكون واضحة ومعينة ويمكن التعرف عليها بسهولة بينما قواعد األخالق ليست‬
‫كذلك‪ ،‬كونها أحاسيس داخلية مرجعها ضمير الشخص وهي لذلك غير واضحة وغالبا ما يكتنفها‬
‫الغموض‪.‬‬
‫و – المضمون‪:‬‬

‫تختلف القاعدة القانونية عن القاعد األخالقية كون األولى بخالف الثانية ذات طابع تبادلي‪،‬‬
‫ألن القاعدة الخلقية تقتصر على مجرد الواجبات دون أن تتجاوز ذلك غالى تقرير الحقوق‪ ،‬فالقاعدة‬
‫األخالقية التي تقضي على القادرين واجب مساعدة المحتاجين ال تنشئ بذلك للمحتاجين حقا في‬
‫مطالبة القادرين بالعون في حين أن القاعدة القانونية ال تكتفي ببيان الواجبات بل تقرر الحقوق إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫جانب ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪ ،71‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪ ،33/31‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪ ،39-33‬جميل‬
‫الشرقاوي‪ ،‬ص‪ 97‬ما بعدها‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫وقد صور البعض عالقة القانون باألخالق بدائرتين متداخلتين‪ ،‬يمثل الجزء الداخلي في‬
‫التقاطع األرضية المشتركة بين االثنين‪ .‬واألجزاء الخارجة تمثل المجاالت المميزة التي يتمتع بها‬
‫كل منهما بهيمنة مطلقة فيها‪ .‬غير أن هذه الصور مضللة من حيث أنها تخلق انطباعا بأنه حيثما‬
‫توجد أرضية مشتركة بين االثنين – القانون واألخالق – يوجد تماثل‪ ،‬وهذا ليس صحيحا دائما‪.‬‬

‫ومع ذلك تظل هناك رقعة عريضة مشتركة بين القانون واألخالق ليست بعيدة المنال‬
‫فكالهما معني بفرض مستويات معينة من السلوك‪ ،‬من الصعب جدا أن يعيش المجتمع بدونها‪،‬‬
‫وفي العديد من هذه المستويات الجوهرية يعزز القانون واألخالق كل منهما اآلخر كجزء من نسيج‬
‫الحياة االجتماعية‪.‬‬

‫المطلب لثالث‬
‫القاعدة القانونية وقواعد الدين‬

‫‪ – 70‬الدين رسالة منزلة في األصل من عند المولى عز وجل على رسول أو نبي من البشر يبلغها‬
‫للناس لإليمان بها والعمل بأحكامها وهذه األحكام تنظم عالقة الفرد بربه وتسمى "العبادات"‬
‫وعالقة الفرد بنفسه تسمى قواعد األخالق الشخصية" وعالقة الفرد بغيره من أفراد المجتمع‬
‫وتسمى قواعد المعامالت‪.‬‬

‫ويتفق القانون والدين في أن كل منهما يخاطب الناس بقواعد ملزمة ومنظمة لسلوكهم وقد تعد‬
‫بعض القواعد الدينية قواعد قانونية إذا أوجب المشرع تطبيقها كما هو الحال في الجمهورية اليمنية‬
‫"قانون األحوال الشخصية رقم ‪ 32‬لعام ‪93‬م قانون الجرائم والعقوبات رقم ‪ 7‬لسنة ‪94‬م‪.‬‬

‫وتختلف قواعد الدين عن القواعد القانونية من وجوه عدة أهمها أن الدين قواعد منزلة من عند‬
‫العلي القدير بينما القانون عبارة عن قواعد من وضع البشر‪ ،‬وهناك اختالف من حيث النطاق‪،‬‬
‫فنطاق الدين أوسع من نطاق القانون‪ ،‬حيث ينظم الدين سلوك اإلنسان مع ربه ومع نفسه وغيره من‬
‫الناس بينما تعني القاعدة القانونية تنظيم سلوك اإلنسان مع غيره فقط‪ .‬وأيضا هناك اختالف من‬
‫حيث الغاية فغاية قواعد الدين هي الخير والنظام والسمو بالسلوك نحو الكمال‪ ،‬بينما غرض قواعد‬
‫(‪)1‬‬
‫القانون تحقيق األمن واالستقرار في المجتمع‪.‬‬

‫وأهم ما يمز قواعد الدين عن قواعد األخالق الج ازء فجراء القواعد القانونية كما سبق وعرفناه‬
‫جزاء مادي وحال توقعه السلطة المختصة أما قواعد الدين فالجزاء فيها أساسا جزاء مؤجل إلى أن‬
‫تقوم الساعة فهو جزاء أخرويا إلى جانب ما قد يوجد من جزاءات دنيوية‪.‬‬

‫الصراف وجورج حزبون‪ ،‬ص‪.32‬‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1‬عصام أنور سليم ومحمد حسن قاسم‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ ،30‬عباس‬
‫‪33‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫عالقة القانون بالعلوم االجتماعية األخرى‬

‫‪ – 76‬من المسلم به القول بأن القاعدة القانونية تدخل في نطاق العلوم االجتماعية ألنها تنظم‬
‫سلوك ونشاط األشخاص في المجتمع والعلوم االجتماعية تتناول بالتنظيم نشاط الفرد‬
‫الطبيعي والشخص المعنوي من الجوانب كافة‪.‬‬

‫وتأسيسا لما تقدم‪ ،‬نتناول عالقة القانون بعلم االجتماع‪ ،‬وعلم االقتصاد‪ ،‬وعلم التاريخ‪ ،‬وعلم‬
‫السياسة‪ ،‬وأخي ار علم اإلجرام‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫القانون وعلم االجتماع‬

‫يعد علم االجتماع من العلوم االجتماعية الوضعية كونه يدرس الظواهر االجتماعية من حيث‬
‫أسبابها ونتائجها‪ ،‬ويستخلص من ذلك قواعد عامة مؤداها إن نتائج معينة ستترتب كلما توافرت‬
‫(‪)1‬‬
‫شروط واحدة‪.‬‬

‫وقد تفرع من علم االجتماع فرع يسمى بـ "علم االجتماع القانوني" وعلم االجتماع القانون‬
‫يعنى بدراسة تفرع سلوك الناس إزاء القواعد القانونية المطبقة واستخالص النتائج االجتماعية‬
‫المترتبة على سن تشريع أو تعديله أو إلغاءه‪ .‬ويرشد المشرع إلى ما ينبغي سنه من قواعد قانونية‬
‫(‪)2‬‬
‫جديدة أو إلى ما ينبغي تعديله أو إلغائه من القواعد القانونية النافذة‪.‬‬

‫أما علم القانون وهو من العلوم االجتماعية والتوجيهية كونه ال يقتصر على دراسة ما هو‬
‫كائن بل يتعدى ذلك إلى دراسة ما يجب أن يكون‪ ،‬لذلك فهو يختلف عن علم االجتماع إذ أن‬
‫األخير يقتصر على دراسة ما هو كائن وبيانه‪.‬‬

‫أن االختالف بين علم القانون وعلم االجتماع ال ينفي الصلة الوثيقة بينهما‪ ،‬فخلق القاعدة‬
‫القانونية وتطبيقها يتوقف إلى حد بعيد على الحقائق االجتماعية التي يقدمها علم االجتماع القانوني‬
‫للمشروع‪ ،‬إذ يستطيع المشرع من خالل معرفته بهذه الحقائق تغيير القواعد القانونية النافذة واقرار‬
‫قواعد أخرى‪ .‬فمثال إذا سجلت البحوث االجتماعية ظاهرة تزايد نسبة ارتكاب جريمة معينة وجب‬
‫على المشرع معالجة ذلك بإعادة النظر في التشريع القائم‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سامية محمد جابر‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ 77‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬هانس كلسن‪ ،‬النظرية المحضة في القانون‪ ،‬ترجمة ‪.‬د‪ .‬أكرم الوتري‪ ،‬مركز البحوث القانونية‪ ،‬بغداد‪7936 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.16‬‬
‫‪39‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫القانون وعلم االقتصاد‬

‫ليس جديدا القول‪ ،‬بأن العالقة بين علم القانون وعلم االقتصاد عميقة الوشائج إذ أن التأثير‬
‫فللعوامل االقتصادية أثر ال ينكر في خلق وتطوير القانون مما يستلزم معرفة‬ ‫(‪) 1‬‬
‫متبادل بينهما‬
‫االتجاه االقتصادي قبل الشروع بوضع القاعدة القانونية فاالقتصاد الحر يستوجب إطالق حق‬
‫الملكية وحرية تداول األموال في حين مذهب االقتصاد الموجه يستوجب تقييدها‪.‬‬

‫أيضا القانون يؤثر في االقتصاد‪ ،‬فوجود قواعد قانونية معينة تؤدي إلى ظواهر اقتصادية‬
‫معينة ما كان وج ودها ممكنا لوال وجود تلك القواعد القانونية فمثال القاعد التي تشجع االستثمار‬
‫تؤدي إلى نمو وازدهار االقتصاد وانتعاشه كذلك وجود قواعد قانونية من شأنها خفض الضرائب‬
‫على الصادرات تؤدي إلى قدرة السلع الوطنية على المنافسة في األسواق الخارجية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫القانون وعلم التاريخ‬

‫يتصل القانون بالتاريخ ليقف على مدى تطور النظم االجتماعية والسياسية والقانونية‬
‫وفي ضوء ذلك يمكن للمشرع تجنب القواعد القانونية‬ ‫(‪)2‬‬
‫واالقتصادية فيهتدي بها في وضع قواعده‬
‫القديمة التي أشارت الدراسات التاريخية إلى فشلها من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر اإلبقاء على تلك‬
‫(‪)3‬‬
‫القواعد التي ثبت صالحيتها‪ .‬وفي إطار التاريخ كعلم يبرز موضوع مستقل وهو تاريخ القانون‪.‬‬

‫المطلب الرابع‬

‫القانون وعلم السياسة‬

‫من الصعوبة بمكان فصل القانون عن السياسة إذ أن االتجاهات السياسية التي تسود في‬
‫المجتمع لها أثرها في تطوير القانون‪ .‬وقد ُعرف عن المدرسة الفرنسية ربطها بين القانون‬
‫والسياسة(‪ )4‬بل كانت إلى عهد قريب تجعل من دراسة القانون الدستوري "القانون الذي يحدد نظام‬
‫الحكم في الدولة" ركنا أساسيا لعمل السياسة‪ .‬وغالبا ما يحكم القانون جوهر العمل السياسي‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ 79‬وما بعدها‪ ،‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ 49‬وما بعدها‪.‬‬
‫الصراف وجورج حزبون‪ ،‬ص‪.37-32‬‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬عباس‬
‫(‪ )3‬راجع عباس العبودي‪ ،‬تاريخ القانون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬بطرس بطرس غالي‪ ،‬د‪ .‬محمود خيري عيسى‪ ،‬المدخل في علم السياسة‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة اإلنجلو المصرية‪،‬‬
‫‪7939‬م‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪92‬‬
‫وخطواته عند كل مستوى‪ ،‬وهو الذي يحدد اإلجراء الواجب اتخاذه في إحداث السياسة الداخلية‬
‫(‪)1‬‬
‫والخارجية‪.‬‬

‫والقواعد القانونية هي التي تتكفل ببيان طبيعة النظام السياسي وأسلوب إدارة الدولة والمجتمع‬
‫وحقوق األفراد السياسية وواجباتهم في هذا الميدان وتوزيع السلطات "التشريعية والتنفيذية والقضائية"‬
‫وطبيعة العالقة بينها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫المطلب الخامس‬

‫القانون وعلم اإلجرام‬

‫لعلم اإلجرام صلة وثيقة بالقانون‪ ،‬فعلم اإلجرام يتناول شخصية المجرم والوسط االجتماعي‬
‫الذي يعيش فيه‪ ،‬والعمل اإلجرامي ودوافعه والوسائل المساعدة للجريمة وطرق اكتشافها ووسائل‬
‫ومن البديهي أن تكون لهذه األمور التي يتناولها علم اإلجرام أهميتها بالنسبة للقانون‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مكافحتها‬
‫ولذا اقتضى األمر تدريس مادة اإلجرام في كليات القانون‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫أساس القانون ومدى تدخله في نشاط األشخاص‬
‫‪ – 71‬الغرض من دراسة أساس القانون هو البحث عن األسس التي تُبنى عليها القواعد‬
‫القانونية‪ ،‬وكذلك العوامل والمؤثرات التي تخضع لها وباختصار فأن أساس القانون يعني بيان تلك‬
‫اآلراء والنظريات التي ترتفع وتسمو بذاتها فوق النصوص‪ ،‬بغية تحديد طبيعة القانون وأساس‬
‫وجوده هذا من جانب ومن جانب آخر فالبحث يقتضي وبعد أن عرفنا أن القانون عبارة عن‬
‫مجموعة من قواعد تحدد أنماط السلوك داخل المجتمع‪ ،‬فمن الطبيعي أن نتساءل عن الدور‬

‫( ‪ ) 1‬انظر د‪ .‬محمد محمود ربيع‪ ،‬مناهج البحث في العلوم السياسية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مكتبة الفالح‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪7931‬م‪ ،‬ص‪.733‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬ومنذر الفضل‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عبد الرحمن العيسوي‪ ،‬علم النفس القانوني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪ ،73‬د‪ .‬محمد خلف‪،‬‬
‫مبادئ علم اإلجرام‪ ،‬الطبعة(‪7911 ،)3‬م‪ ،‬ص‪ 70‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )4‬نحبذ التسمية هذه بدال من كلية الحقوق‪ ،‬كون أن الحقوق أضيق اصطالحا من القانون باعتبار الحقوق ليس إال‬
‫ثمرة من ثمار القانون‪ ،‬ناهيك عن ما يدرس في الجامعات والكليات هو القانون كعلم من العلوم اإلنسانية‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫الصحيح الذي يؤديه في هذا الجانب‪ ،‬والحد الذي يقف عنده في تدخله في شؤون األفراد وعالقاتهم‬
‫المختلفة وعليه فأننا سنحاول في هذا الفصل إعطاء لمحة عن أهم المدارس والمذاهب التي ُعنيت‬
‫بالبحث في أساس القانون‪ ،‬وكذلك وجهات النظر التي قيلت بشأن تحديد نطاق تدخل القانون في‬
‫نشاط األفراد‪.‬‬

‫ولذلك سينقسم هذا الفصل إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أساس القانون‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مدى تدخل القانون في نشاط األشخاص‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫أساس القانون "طبيعة القانون"‬

‫‪ – 73‬البحث في أساس القانون‪ ،‬شغل الفالسفة والمفكرون على مدى أجيال وقد تجلى ذلك في‬
‫ظهور اتجاهات ومدارس فكرية عديدة‪ ،‬علما أن الفكر اإلنساني القانوني المعاصر لم‬
‫يتخطى حتى اآلن أفكار الفلسفة اليونانية التي ما برحب تحتل مكانا مرموقا بين االتجاهات‬
‫الفلسفية المعاصر‪ ،‬ونحن في هذا المبحث ليس بمقدورنا إعطاء حصر شامل لكل ما قيل في‬

‫‪93‬‬
‫هذا الموضوع ألن ذلك يتجاوز حدود هذا المبحث المقتصر على التقديم والتمهيد لدراسة‬
‫القانون كعلم‪.‬‬

‫ومن بين األفكار والنظريات التي بحثت في أساس القانون‪ ،‬نظرية التضامن االجتماعي‬
‫للعميد دوجي‪ ،‬ونظرية الغاية والكفاح "اهرتج" ونظرية النظم "هوريو" ونظرية التوازن "مورتي"‬
‫والنظرية الماركسية "ماركس وانجلس"‪ ،‬والنظرية االجتماعية "دوركايم" ونظرية الهدف العالي "جونو"‬
‫ونظرية الثقة المشروعة "ليفي" والنظرية المحضة أو نظرية القانون البحت "هانس كاسن"‪.‬‬

‫وبديهي القول بأن المدارس الفقهية قد اختلفت في البحث عن أساس وأصل أو جوهر القاعدة‬
‫القانونية‪ ،‬وبوصفها قاعدة وضعية‪ ،‬وهذا بخالف القاعد الدينية‪ ،‬وقد برز من بين تلك النظريات‬
‫عدة مدارس على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المدرسة التاريخية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة الوضعية‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مدرسة الشرح على التوازن‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مدرسة القانون الوضعي‬

‫المطلب الخامس‪ :‬مدرسة العلم والصياغة‬

‫المطلب السادس‪ :‬المدرسة اإلسالمية‬

‫المطلب األول‬

‫المدرسة التاريخية‬

‫‪ – 79‬ظهرت هذه المدرسة في أوائل القرن التاسع عشر‪ ،‬وكان من أبرز المنادين بها الفقيه‬
‫"سافيني" ونقطة البداية عند هذه المدرسة هي اعتراضها على بعض األفكار السائدة آنذاك‪،‬‬
‫فقد اعترض أنصارها على فكرة التقنين "تجميع القواعد القانونية في فرع معين من فروع‬

‫‪99‬‬
‫القانون وتبويبها وتنظيمها واصدارها في مجموعة متكاملة" ألنها حسب رأيهم تؤدي إلى‬
‫تجميد القواعد القانونية ومنع تطويرها وكذلك ينتقد ممثلو هذه المدرسة فكرة العقد االجتماعي‬
‫ألنها من نسيج خيال بعض الفالسفة‪ ،‬وال تستند إلى أي واقع تاريخي‪ ،‬وهم يعترضون على‬
‫االتجاه الثوري ألنه يحدث تغييرات جذرية تتعسف منطق التاريخ الذي يقوم على تطور‬
‫متصل الحلقات وتشوه هذا المنطق‪ ،‬كما يعترضون على دور العقد واإلرادة مع أنه ال يتفق‬
‫مع واقع المجتمع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وتتلخص فكرة هذه المدرسة في أن القوة الخالقة للقانون تكمن في الشعب ولكن الشعب‬
‫المقصود هما ليس الشعب الحالي فقط وانما السلسلة التي تتعاقب من خاللها األجيال والتي يتصل‬
‫فيها الماضي بالحاضر والمستقبل‪ .‬فحفظ القانون واستق ارره في نفوس المخاطبين به يستند إلى‬
‫التقاليد التي هي ميراث ينتقل من جيل إلى آخر بال انقطاع وبطريقة غير ملموسة‪.‬‬

‫فقانون شع ب معين هو من صنع التاريخ وهو ال يختلف في ذلك عن األخالق وعن اللغة‬
‫وسائر الظواهر االجتماعية األخرى‪ ،‬بالتالي فهو ال ينفصل عن طبيعة وصفات وقدرات هذا‬
‫الشعب‪.‬‬

‫وفي نظر هذه المدرسة ال تزيد المصادر الرسمية للقانون عن كونها وسائل لكشف القواعد‬
‫الموجودة سلفا والتي هي وليد التقاليد‪ ،‬وهذا يبرز ما تنادي به هذه المدرسة من أولوية للعرف‬
‫بوصفها مصد ار للقانون‪ ،‬وذلك ألنه وسيلة مباشرة للكشف عن القاعدة القانونية الحقيقية‪ ،‬فالعرف‬
‫هووا اعتياد الناس على سلوك معين وحكم معين‪ ،‬واالعتياد هو التكرار التدريجي والتلقائي لسلوك‬
‫يعبر عن التقاليد التي هي وليدة التاريخ‪.‬‬
‫أما عن التشريع فهو تعبير غير مباشر عن قاعدة قانونية ألنه يصدر بقرار من إحدى‬
‫سلطات الدولة‪ ،‬هذا الق ارر قد يكون تحكيما‪ ،‬وبالتالي قد ينحرف عن القاعدة الحقيقية التي يقود إليها‬
‫التطور التاريخي‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪ 766‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ 17 ،‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬الدار الجامعية‪7992 ،‬م‪ ،‬ص‪ 772‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪94‬‬
‫وهكذا تنتهي هذه المدرسة إلى أن القاعدة القانونية تستند في وجودها إلى المجتمع في‬
‫صورنه المستمرة‪ ،‬أي مجتمعه األمس واليوم وغدا‪ ،‬وال شك في أن لهذه المدرسة الفضل األكبر في‬
‫لفت األنظار إلى أهمية دور الواقع االجتماعي الذي هو وليد التطور التاريخي في ظهر القاعدة‬
‫القانونية تطورها‪ ،‬ولكن يؤخذ على هذه المدرسة إنكارها التام لدور اإلرادة الواعية والمفكرة وفي‬
‫إنشاء القاعدة القانونية وتطورا‪..‬‬
‫ولم تسلم هذه النظرية من االنتقادات‪ .‬إذ تعرضت للنقد بداعي أنها تنكر دور المشرع في قيام‬
‫وكونها تعطي العرف األولوية في ذلك‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫القاعدة القانونية‬

‫المطلب الثاني‬
‫المدرسة الوضعية‬
‫‪ – 32‬الفكرة المشتركة بين أصحاب هذه المدرسة هي أن الظاهرة القانونية ال يجوز البحث‬
‫عنها خارج نطاق القانون الوضعي‪ ،‬وهي مجموعة القواعد القانونية المطبقة فعال في مجتمع معين‬
‫في لحظة معينة بما في ذ لك العمل القضائي الذي يطبقها‪ ،‬والعمل الفقهي الذي يشرحها ويحلل‬
‫وبربط بينهما‪ .‬القانون ال يعرف القواعد أو المبادئ التي تعلو القانون الوضعي أو تسبقه‪ ،‬ألنها‬
‫طبيعية أو مقدسة أو أخالقية‪ ،‬والقانون ال يعرف القواعد األبدية التي تتوارثها اإلنسانية كلها‪،‬‬
‫فالقانون متغير متحرك‪ ،‬ويختلف حسب الزمان والمكان‪ ،‬فتحريم بيوت القمار أو تعطي المخدرات‬
‫الذي هو حكم القانون في مجتمع قد ال يكون في مجتمع آخر‪ ،‬ويندرج تحت هذه المدرسة الوضعية‬
‫تيارات أساسيان هما الوضعية القانونية أو الشكلية والوضعية االجتماعية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫أ ‪ -‬الوضعية القانونية أو الشكلية‪:‬‬


‫يذهب رواد هذا االتجاه إلى القول بأن ال وجود للقانون خارج القواعد التي تصدرها الدولة أو‬
‫تتبناها صراحة أو ضمنا والتي تربطها بجزاء مادي خارجي يضمن احترامها‪ .‬فالقانون ال يستبعد في‬
‫نظرهم من نطاق القانون ويالحظ أن هذا الفريق يتوقف عند المصدر الرسمي للقانون الوضعي‬
‫والقانون الوضعي هو مجموعة من القواعد التي تتولد عن المصادر الرسمية التي من اختصاصها‬
‫إصدار األوامر الملزمة المقرونة بالجزاء‪ .‬وهذه الصادر هي أساسا ق اررات الدولة التي تصدرها‬
‫التشريعات‪ ،‬فهم ال يقبلون البحث فيما وراء أو قبل المصدر الرسمي للوصول إلى القاعدة القانونية‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.13‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬فكرة القانون‪ ،‬دار الفكر العربي‪7919 ،‬م‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬صالح الدين الناهي وآخرون‪ ،‬ص‪ 92‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪ 93‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬عبد‬
‫الحي حجازي‪ ،‬ص‪ 794‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫ويالحظ أيضا أن هذا االتجاه يربط القانون بالدولة بصفتها صاحبة األمر والنهي‪ ،‬وبصفتها‬
‫(‪)1‬‬
‫مالكه للقوة التي تستطيع استنادا إليها أن تلزم الغير بمضمون أوامرها‪.‬‬
‫وقد وجدت اتجاهات يمكن عدها ضمن مدرسة الوضعية القانونية كاتجاه الفيلسوف‬
‫االنجليزي "أوستن" الذي يرى أن القانون هو األمر الملزم‪ ،‬والمقترن بجزاء مادي خارجي‪ ،‬الذي‬
‫يصدره الحاكم الذي يملك السلطة السياسية العليا في المجتمع‪.‬‬
‫والقانون في نظر هذا الفريق يفترض وجود مجتمع منظم سياسيا يضم حاكما له سلطة األمر‬
‫والنهي‪ ،‬ويضم محكومين يلتزمون بالخضوع وبالطاعة‪ ،‬وال تفرقه في ذلك بين نظام حكم وآخر أو‬
‫بين شكل للدولة وآخر‪ ،‬فهذا الحاكم قد يكون دكتاتوريا أو مجلسا شعبيا منتخبا‪ ،‬وقد يكون ملكا أو‬
‫إمبراطو ار أو رئيس جمهورية ‪ ،‬فالمهم في ذلك هو اإلمساك بالسلطة السياسية العليا‪ ،‬والسيطرة على‬
‫أدوات القهر وااللتزام ووجود أمر ملزم صادر من هذا الحاكم السياسي‪.‬‬
‫ويترتب على ذلك أن التشريع هو المصدر الوحيد للقانون وأن تفسره يجب أن يرمي فقط إلى‬
‫الكشف عن إرادة الحاكم الذي أصدره‪ ،‬وبالتالي فليس للقاضي أن يتجاهل هذه اإلرادة أو يحورها‪،‬‬
‫أو يضيف إليها خضوعا لمبادئ العدالة أو تمشيا مع التطور وما ط أر على المجتمع من تغير‪.‬‬
‫ب – الوضعية االجتماعية‪:‬‬
‫يتفق هذا التيار مع الوضعية القانونية في اإلنكار الكلي للقانون المطلق واألبدي الذي يفرض‬
‫من أعلى مما وراء المحسوسات‪ .‬فال وجود في نظرهم للقانون خارج القانون الوضعي‪ .‬ولكن هذا‬
‫التيار يختلف مع الوضعية القانونية في أنه ال يقف عند الدولة وا اردتها بوصفها مصدر القانون‬
‫وأنصار الوضعية االجتماعي ال يقفون عن المصدر الرسمي أو المباشر وانما يركزون االهتمام‬
‫على المصدر المادي أو الفعلي الذي يحرك المصدر الرسمي‪ ،‬وهم في ذلك يقتربون من النظرية‬
‫الماركسية في فكرة المصدر المادي للقانون مع المالحظة بأننا لن نجد بالتأكيد نظرية عامة حول‬
‫الدولة لدى كالسيكيي الماركسية‪ ،‬ليس أنهما لم يستطيعا تطوير ثمل هذه النظرية‪ ،‬بل ألنه ال يمكن‬
‫وضع نظرية عامة للدولة‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬

‫فمصدر القانون يجب البحث عنه في الوسط االجتماعي نفسيه‪ ،‬أي في عناصر الواقع التي‬
‫تتحرك وتفرض حكما معينا‪ ،‬فالقانون ظاهرة اجتماعية تترجم رغبة المجتمع في الحياة وفي التقدم‪،‬‬
‫والمجتمع في سعيه نحو هدفه يهتدي تلقائيا إلى القواعد األكثر مالئمة لذلك‪ ،‬والسبيل الوحيدة‬

‫(‪ )1‬يقف على رأس هذه المدرسة الفيلسوف "كلسن" ومن أشهر علمائها أيضا "باستال" و"هويز"و"هيجل" الذي يرى‬
‫أن القانون هو الدولة ذاتها نقال عن د‪ .‬إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫(‪ )2‬انظر نيكوالس بوال نتزاس‪ ،‬نظرية الدولة‪ ،‬ترجمة ميشيل كيلو‪ ،‬ط‪ ،7‬دار التنوير‪7931 ،‬م‪ ،‬ص‪ 71‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫للوقوف على عوامل الواقع التي تنشئ القانون هو المالحظة والتجربة المادية‪ ،‬فهم ال يتعرفون بغير‬
‫الوسيلة المادية كطريقة البحث عن القانون وعوامل ظهوره‪.‬‬

‫وتعد فكرة "دوجي" التي تعرف بنظرية التضامن االجتماعي امتدادا لتيار الوضعية‬
‫االجتماعية‪ ،‬ويتميز فقه "دوجي" بأنه اجتماعي ووضعي وواقعي‪ ،‬فالمجتمع عنده ضرورة لوجود‬
‫(‪)1‬‬
‫الفرد والقانون‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫مدرسة الشرح على المتون‬

‫‪ – 37‬وهذه المدرسة ال تنسب إلى فقيه معين‪ ،‬وانما في االتجاه الذي ساد في فرنسا عقب‬
‫إصدار التشريعات الكبيرة في صورة مجموعات القواعد المنظمة المبوبة‪ ،‬والتي يتعلق كل منها بفرع‬
‫من فروع القانون‪ ،‬وذلك في بداية القرن التاسع عشر في عهد نابليون عندما اصدر نابليون قانونه‬
‫المدني عام ‪7324‬م والقانون التجاري ‪7321‬م وقد شمل هذا االتجاه الغالبية العظمى من أستاذة‬
‫القانون في فرنسا‪ ،‬وظهرت في مؤلفاتهم التي نشرت ابتداء من القرن التاسع عشر حتى نهايته‪.‬‬
‫والحديث الذي مهد لهذه المدرسة هو ضخامة التقنيات وظهورها ألول مرة في فرنسا مما بهر‬
‫المشتغلين في القانون وجعلهم ينظرون إليه كعمل مقدس تتضاءل بجواره الجهود واالجتهادات‪ .‬وقد‬
‫دفعهم هذا إلى شرح هذه التقنيات وكأنها كتب مقدسة حوت كل شيء وشملت كل التفصيالت ولهذا‬
‫اخذوا يشرحونها كما هي تبويبها وترتيبها نفسه وأرقام نصوصها‪ ...‬فالنص بوصفه أم ار صاد ار من‬
‫قبل المشرع يعد تنظيما شامال وكافيا لتنظيم المشكلة المطروحة‪ ،،‬فالسبيل الوحيد الذي يلجا إليه‬
‫كمصدر هو التسريع‪ ،‬وان كان للعرف أن ينشئ بعض القواعد فإن ذلك ال يجوز إال بموافقة التشريع‬
‫واجازته‪ ،‬والتشريع هو إرادة السلطة السياسية وقت إصداره‪ ،‬ومن ثم وجب البحث عن هذه اإلرادة‬
‫األصلية والوقوف عندها‪ ،‬وليس للقاضي أن يفسر األلفاظ في حد ذاتها وليس له أن يبحث عن‬
‫اإلرادة االجتماعية للمشرع لو أنها صدرت في ظروف مختلفة عن تلك التي أحاطت إصدار‬
‫النص‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬صالح الدين الناهي وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .93‬وانظر هشام القاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬صالح الدين الناهي وآخرون‪ ،‬ص‪.99-93‬‬
‫‪ -‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬توفيق حسن فرج وآخرون‪ ،‬ص‪ 39‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫‪91‬‬
‫واإلرادة األصلية لواضع النص يمكن الكشف عنها من خالل صياغة النص ذاته أو من‬
‫خالل األعمال التحضيرية التي سبقت صدور النص ومهدت له‪ ،‬أو بالرجوع إلى كتابات الفقهاء‬
‫السابقة على صدور النص والتي ألهمت المشرع ومن بين شراح التقنيات الفرنسية الفقيه "دوما"‬
‫والفقيه "بوتييه"‪.‬‬

‫المطلب الرابع‬
‫مدرسة القانون الطبيعي‬

‫‪ – 33‬تُعبر هذه المدرسة عن مجوعة من المبادئ التي راودت الفكر اإلنساني أثناء حقبة‬
‫طويلة امتدت من عصر الفلسفة اليونانية (‪ )1‬حتى وقتنا الحاضر ومن أهم المواقف التي اتخذها‬
‫أصحاب هذه النظرية‪ ،‬التنبيه إلى ضرورة التفريق بين القانون الطبيعي والقانون الوضعي‪.‬‬

‫والقول بازدواج القانونين الطبيعي والوضعي وعدم الخلط بينهما واالعتراف لكل منهما بمجاله‬
‫الخاص‪ ،‬يؤدي إلى نتيجتين هامتين‪:‬‬

‫واوهما أن اإليمان بأي من هذين القانونين ال يتعارض مع اإليمان باآلخر‪ ،‬بل على العكس‬
‫فإن االبنان بالقانون الطبيعي يقتضي اإليمان بضرورة القانون الوضعي وبالفعل فإن أنصار القانون‬
‫الطبيعي كلهم يؤمنون بالقانون الوضعي ويعدون لهذا السبب فالسفة وضعيون‪ ،‬أو مؤمنون بضرورة‬
‫الدولة وبأنه ال يوجد قانون في الدولة إال القانون الصادر عن إرادتها الصريحة أو الضمنية‪.‬‬

‫والنتيجة الثانية لالزدواج بين القانونين هي اعتبار القانون الطبيعي بمثابة معيار الحكم على‬
‫القانون الوضعي‪ ،‬واعتباره أيضا المثل األعلى للقانون الوضعي وهو المثل الذي ينبغي أن تخضع‬
‫له إرادة المشرع فيما تصدره من تشريعات وفي هذه النتيجة الثانية أعظم ضمان في عدم استبداد‬
‫المشرع في أي دولة وفي خضوع القانون الوضعي للقانون الطبيعي أي للعدل والفضيلة واألخالق‪.‬‬

‫وقد عرف القانون الطبيعي بأنه القاعدة اللي يوحي بها العقل القويم والتي بمقتضاها تحكم‬
‫بالضرورة بأن العمل ظالم أو عادل طبقا التفاقه مع المعقول‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬يعود الفضل في وضع هذه النظرية للفيلسوف اليوناني "أرسطو" ومن فالسفتها المتأخرين "كانت"‪.‬‬
‫‪ -‬انظر د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬ص‪.719‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬توفيق حسن فرج وآخرون‪ ،‬ص‪ 39‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص ‪ 713‬وما بعدها‬
‫‪ -‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪93‬‬
‫وقد حاول بعض الفقهاء والفالسفة المعاصرين االحتفاظ بفكرة القانون الطبيعي في صورة‬
‫معتدلة يمكن تقبلها والتوفيق بينها وبين الواقع‪ .‬وهم يرون أن القانون الطبيعي ليس سوى مجموعة‬
‫من المبادئ العليا التي تسمو وتسبق القواعد الوضعية ألنها تمثل الكمال والمثالية التي يجب أن‬
‫يسعى القانون الوضعي إلى تحقيقها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ويمكن تقسيم نظريات القانون الطبيعي إلى ثالثة أمصاف‪ :‬كاثوليكية وفلسفية واجتماعية‬
‫(‪)2‬‬
‫"سوسيولوجية‪.‬‬

‫المطلب الخامس‬
‫مدرسة العلم والصياغة‬
‫‪ – 39‬نادي الفقيه الفرنسي الكبير "جني" في مطلع هذا القرن بمذهبه المسمى مذهب العلم‬
‫والصياغة وبرى األستاذ جني أن علم القانون هو في طبيعته علم معقد‪.‬‬

‫وأن التحليل الدقيق يدلنا إلى أنه يقوم على عنصرين رئيسين‪:‬‬

‫عنصر العلم وعنصر الصياغة‪.‬‬

‫أما عنصر العلم فهو الذي يقدم لنا الحقائق التي تصلح أن تكون أساسا الختيار القواعد‬
‫القانونية المالئمة‪.‬‬

‫وأما عنصر الصياغة فهو الذي يتيح لنا أن نصوغ هذه القواعد القانونية بشكل معين يجعلها‬
‫صالحة للتطبيق العملي‪ .‬أي أن عنصر الصياغة هو القالب أو الشكل الذي تصب فيه المادة التي‬
‫تتكون من الحقائق السباقة وقد عدد "جني" تلك الحقائق على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الحقائق الواقعية‪ ،‬وهي تتضمن جميع الظروف الطبيعية‪ ،‬المادية أو المعنوية‪ ،‬التي تحيط‬
‫بناء والتي بجب مراعاتها عند وضع القواعد القانونية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحقائق التاريخية‪،‬وهي تتضمن التطورات التي مرت بها القواعد والمؤسسات القانونية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الحقائق الفعلية‪ ،‬وهي تتضمن المبادئ التي يوحي لنا بها العقل ويلدنا على صحتها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الحقائق المثالية‪ ،‬وهي تتضمن األهداف التي يطمح إليها كل مجتمع من المجتمعات ويعمل‬
‫على تحقيقها‪.‬‬

‫(‪)1‬د‪ .‬صالح الدين الناهي وآخرون‪ ،‬ص‪.36‬‬


‫‪ -‬كذلك سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬ص‪.732‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫(‪ )2‬انظر المحامي اللورد دينيس لويد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.726‬‬
‫‪99‬‬
‫يبدو لنا أن نظرية "جني" قد استفادت مما تضمنته المدارس المختلفة في أساس القانون من‬
‫وجهات نظر صحيحة وفي الواقع‪ ،‬نحن ال نستطيع أن ننكر أثر كل من هذه العوامل التي حددها‬
‫"جني" في تكوين القواعد القانونية وتطورها وقد كان وجه الخطأ في المدارس األخرى أن كال منها‬
‫قد تبنى عامال واحدا من هذه العوامل واعتبره األساس الذي يبني عليه علم القانون‪ ،‬أما نظرية‬
‫"جني" فقد تحررت من هذا الخطأ باعترافها بأهمية هذه العوامل جميعا‪ .‬ولهذا يؤيدها الفقهاء ألنها‬
‫بأخذها بجميع هذه العناصر تبحث طبيعة القانون من جميع نواحيها‪.‬‬

‫المطلب السادس‬
‫المدرسة اإلسالمية‬

‫‪ – 34‬إذا كان لدى فقهاء القانون ما يبرر لهم ذلك البحث حول أساس القانون وطبيعة‬
‫وجوده‪ ،‬فليس لدى فقهاء الشريعة اإلسالمية أي مبرر للبحث من هذا النوع‪ ،‬إذ أن الشريعة‬
‫اإلسالمية انزلها الله تعالى من سمائه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كاملة شاملة جامعة‬
‫مانعة ال ترى فيها عوجا‪ ،‬وال تشهد فيها نقصا وقد نزلت الشريعة اإلسالمية في فترة قصيرة ال‬
‫تتجاوز المدة الالزمة لنزولها‪ ،‬مدة بداية بعثة الرسول ثم انتهت بوفاته أو انتهت يوم قال الله تعالى‬
‫"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمني ورضيت لكم اإلسالم دينا [سورة المائدة‪.]9‬‬

‫ولم تأت الشريعة لوقت دون وقت‪ ،‬أو لعصر دون عصر‪ ،‬أو لزمن دون زمن‪ ،‬وانما هي‬
‫(‪)1‬‬
‫شريعة كل وقت‪ ،‬وشريعة كل عصر‪ ،‬وشريعة الزمن كله حتى يرث الله األرض ومن عليها‪.‬‬
‫وتختلف عن الشرائع الوضعية في نشأتها ومصدرها طبيعتها وغايتها‪ ،‬ونظ ار لهذا االختالف‬
‫والرساالت السماوية‬ ‫فأن من العبث أن تقارن الشرعية ذات المصدر اإللهي بالشريعة الوضعية‬
‫(‪)2‬‬

‫كلها هدى ونور نزلت ليحكم بها عباد الله وهي تصدق بعضها بعض بل إن منها ما كان يبشر‬
‫( ‪)3‬‬
‫بالرسول الذي يأتي بعدها‪.‬‬

‫وتشمل العبادات من صالة وصوم وزكاه وحج‪ ،‬كما تشمل المعامالت المتعلقة باألحوال‬
‫الشخصية كالزواج والطالق والنسب والحضانة والنفقة والميراث والوصية والوقف ثم تشمل‬
‫المعامالت المادية والروابط العقدية والحقوق العينية والجرائم الحدود والقصاص‪...‬إلخ‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر عبد القادر عوده‪ ،‬التشريع اإلسالمي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪7999 ،73‬م‪ ،‬ص‪ 70‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد فاروق النبهان‪ ،‬المدخل للتشريع اإلسالمي‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،‬دار العلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪76‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬انظر د‪ .‬محمد مصطفى سلبي‪ ،‬المدخل في الفقه اإلسالمي‪ ،‬تعريفه وتاريخه ومذاهبه "نظرية الملكية والعقد‪،‬‬
‫الدار الجامعية‪ ،‬الطبعة العاشرة‪7930 ،‬م‪ ،‬ص‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫ويقوم الشرع اإلسالمي في جملته على أساس من التوازن بين مكارم األخالق وبين مصالح‬
‫المكلفين بالشرع‪.‬‬

‫والقرآن الكريم هو كالم الله المنزل على سيدنا محمد "ص" بواسطة سيدنا جبريل عليه‬
‫السالم‪ ،‬وهو المصدر الرسمي للشريعة اإلسالمية وسندها الرئيسي‪ ،‬وهو دستورنا األساسي الذي ال‬
‫يعلوه نظام‪ ،‬وال يخالفه مخلوق ثم تأتي السنة النبوية بوصفها مصد ار ثانيا للشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهي‬
‫(‪)1‬‬
‫تتمثل في كل فعل أو قول أو تقرير صدر عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ومعروف أن األحاديث النبوية لم تدون في عصر النبي "ص" مخافة أن تختلط بالقرآن وانما بدأ‬
‫بتدوينها في العصر األموي حين كتب الخليفة عمر بن عيد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن‬
‫عمرو بن جزم والى محمد شهاب الزهري ليبدأ في جمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكان‬
‫ذلك في العام المائة من الهجرة‪ ،‬ولم يتم التدوين المكتمل مع ذلك إال في العصر العباسي أي في‬
‫(‪)2‬‬
‫القرنين الثاني والثالث للهجرة‪.‬‬

‫ونحن إذ نسلم بأن اإليمان بحكم الله تعالى وحكم رسوله الكريم رسوخ في العلم‪ ،‬والتسليم له‬
‫عز‪ ،‬واالستقامة على أمره مدخل لكل خير إال أننا نلمح اليوم كثي ار من األخطاء الجسيمة خالل‬
‫مناقشة أحكام الشريعة اإلسالمية وذلك بمحاولة عزل بعضها عن نظرة اإلسالم الشاملة للحياة والقيم‬
‫والمصالح‪ ،‬ناهيك عن خلط البعض ما بين الشريعة والفقه سيان وبحسن نية أو سوء نية‪.‬‬
‫إن الذين يضعون الفقه والشريعة في إطار واحد‪ ،‬يصفونه كله بأنه "التشريع اإلسالمي" الذي‬
‫ال بد من تطبيقه بحذافيره كلها‪ ،‬يرتكبون خطاء فادحا في حق اإلسالم وفي حق الناس‪ .‬أنهم‬
‫يدخلون على اإلسالم ما ليس منه‪ ...‬ويلزمون الناس بما ال يلزم‪ ،‬ويعرضون عليهم من الحرج ما لم‬
‫(‪)3‬‬
‫يأذن الله‪.‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫مدى تدخل الدولة في نشاط األشخاص‬
‫‪ – 30‬من المسلم به القول‪ ،‬بأن القانون هو مجموعة من القواعد القانونية التي تضعها‬
‫السلطة المختصة لتنظيم الروابط االجتماعية بين األفراد في داخل المجتمع‪ ،‬إلزام األفراد باحترامها‬

‫(‪ ) 1‬راجع د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الوجيز في أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬بيروت‪ ،‬جار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط الثانية‪،‬‬
‫‪7990‬م ص‪ 34‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الوهاب خالف‪ ،‬علم أصول الفقه‪ ،‬الطبعة العشرون‪ ،‬دار العلم‪7936،‬م‪ ،‬ص‪ 39‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬أحمد كمال أبو المجد‪ ،‬جوار ال مواجهة "دراسات حول اإلسالم والعصر"كتاب العربي‪ ،‬العدد السابع‪،‬‬
‫أبريل ‪7930‬م‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬أحمد كمال أبو المجد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪47‬‬
‫واال كانوا عرضة للجزاء وكما سبق أن قلنا أن وظيفة القانون األساسية هي تنظيم المجتمع تنظيما‬
‫من شأنه التوفيق بني مصالح األفراد وحرياتهم وبين الصالح العام للجماعة‪...‬إلخ كما أن للقانون‬
‫هدفين هما حماية حريات األفراد‪ ،‬وحفظ كيان المجتمع بإقرار النظم فيه‪...‬إلخ‪.‬‬

‫والقانون في تحقيقه لهذه األهداف يتأثر بظروف كل مجتمع والمعتقدات الفلسفية السياسية‬
‫السائدة فيه‪ ،‬حيث أنها تحدد مدى تدخل القانون في العالقات بين األشخاص والوسائل التي يمكن‬
‫أن تستخدم لتحقيق األهداف التي يتأثر مفهومها من مجتمع إلى آخر‪ .‬إال أنه مهما تباينت الرؤى‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية فهناك مذهبين رئيسين يتراوح بينهما المدى الذي يصل إليه‬
‫القانون في تدخله في نشاط األشخاص وتوجيه سلوكهم‪ :‬أحدهما المذهب الفردي والثاني المذهب‬
‫االجتماعي أو االشتراكي‪.‬‬

‫ولذا نقسم المبحث إلى مطالب ثالثة‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المذهب الفردي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المذهب االجتماعي أو االشتراكي‬

‫المطلب الثالث‪ :‬موقف القانون اليمني من المذهبين الفرد واالشتراكي‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫المذهب الفردي أو المذهب الحر‬

‫‪ – 36‬ساد هذا المذهب في القرنين الماضيين بناء على نظريات اقتصادية وفلسفية وسياسية‬
‫تشبعت بروح الفرد‪ .‬فالمفكر والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو يقول‪ :‬أن السلطة تجد مبررها في‬
‫رضاء المواطنين‪ .‬أن المجتمع والدولة التي تمثله يجد مصدره في العقد االجتماعي الذي أبرمه‬
‫األفراد فيما بينهم للتعايش قفي مجتمع ولتأسيسي الدولة لسلطاتها وسلطانها‪.‬‬

‫كما يقرر "بفنذرف" بأن الفرد هو الكائن المطلق صاحب السلطان الحقيقي وهو مصدر‬
‫سلطان الدولة وسلطان القانون‪ ،‬ويؤكد الفيلسوف "كانت" أحد زعماء المذهب الفردي بأن الفرد ليس‬
‫أداة أو وسيلة مسخرة في المجتمع وانما هو األصل والهدف والغاية في حد ذاته‪ ،‬وقد بلور‬
‫الفيزيوق ارط الجانب االقتصادي لهذا المذهب بأن نادوا بالحرية االقتصادية عندما انطقوا عبارتهم‬
‫المشهورة "دعه يعمل دعه يمر"‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫الصدة‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬انظر علي سبيل المثال د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪43‬‬
‫وقد عرف زعماء المذهب الفردي القانون بأنه "مجموعة الشروط التي بفضلها يمكن أن‬
‫تتماشى إرادة كل فرد مع إرادات اآلخرين وفقا لقانون عام من الحرية"‪.‬‬

‫ويقوم المذهب الفردي على أساس أن الفرد هو الهدف من تنظيم المجتمع فالقانون ال يوجد‬
‫إال لحماية حقوق األفراد وكفالة التمتع بها‪ .‬ذلك أن الفرد في نظر هذا المذهب يولد وله حقوق‬
‫طبيعية‪ ،‬تفرضها الطبيعة وال يمنحها القانون فهي سباقة في وجودها على القانون وجماع هذه‬
‫الحقوق هي الحرية في مظاهرها المختلفة غير أن إطالق استعمال هذه الحقوق‪ ،‬وهي ثابتة لجميع‬
‫األفراد بالتساوي قد يؤدي إلى التفاوت بينها‪ .‬ولهذا كان ال يد من تقييد هذه الحقوق القدر الذي‬
‫يسمح للجميع بالتمتع بها على قدم المساواة وفي هذا تتبين أن مهمة الدولة في ظل هذا المذهب‬
‫إنما مهمة سلبية إذ أنها تقتصر على بيان الحدود أو القيود التي ترد على حريات األفراد‪ .‬فتبين‬
‫دائرة نشاط كل فرد وتمتعه من االعتداء على دائرة نشاط اآلخرين أي أنها تقر لكل فرد ما ال‬
‫يتعارض من حريته الطبيعة مع حريات اآلخرين وتوجب عليه االمتناع عن االعتداء على حرياتهم‪.‬‬

‫وقد أثر هذا المذهب على الفلسفة القانونية واالجتماعية واالقتصادية فسادت فكرة القانون‬
‫الطبيعي في مجال الفلسفة القانونية‪ ،‬وظهرت فكرة العقد االجتماعي "لجان جاك روسو" في مجال‬
‫الفلسفة االقتصادية وانتصرت فكرة الحرية االقتصادية في مجال الفلسفة االقتصادية وهو ما نادى‬
‫به كما أسلفت الفيزيوقراطية‪ ،‬ومحور هذا األفكار جميعا هو اعتناق الحرية الفردية ومبدأ استقالل‬
‫اإل اردة كأساس للنظم القانونية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وقد انطبعت هذه األفكار في أذهان‬
‫واضعي "قانون نابليون" ‪ 7324‬فصدر هذا القانون وبالتالي القوانين التي نقلت عنه مشبعة حتى‬
‫(‪)1‬‬
‫األدنين بالمذهب الفردي‪.‬‬

‫وال شك أن في هذا المذهب الفضل في الدعوة إلى محاربة استبداد الدولة وطغيانها وفي بيان‬
‫وجوب احترام الحرية الفردية وتشجيع النشاط الفردي وقد كان ظهوره أم ار طبيعيا والزما في العصر‬
‫الذي نودي به فيه‪ ،‬حيث أشتد تحكم الدولة إلى حد أهدرت فيه الحريات وأوصدت األبواب أمام‬
‫النشاط الفردي‪.‬‬
‫ولم ينج المذهب الفردي من النقد‪ ،‬فقد أخذ عليه أنه بالغ في االعتداد بالفرد إلى حد‬
‫اإلسراف‪ ،‬وجانب طريق الصواب عندما نادى بإطالق الحرية الفردية فهو يجعل الفرد الهدف من‬

‫‪ -‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪,‬آخرون‪ ،‬ص‪.743‬‬


‫(‪ )1‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪49‬‬
‫وجود القانون‪ ،‬ويفترض أن له حقوقا تعلو على القانون‪ .‬وهذا أساس خاطئ‪ ،‬إذ أن الغرض من‬
‫وجود القانون هو تنظيم المجتمع وحفظ كيانه‪ ،‬واذ كان هذا التنظيم يقتضي صون حريات األفراد‬
‫وتحقيق مصالحهم فما ذلك إال استجابة لما يتطلبه الصالح العام للجماعة بما ينطوي عليه من‬
‫كما ينسى رواد‬ ‫رعاية لمصالح األفراد وليس للفرد من حقوق إال ما يخوله إياه قانون المجتمع‬
‫(‪)1‬‬

‫المذهب الفردي بأن الفرد ليس إال عضوا في جماعة يرتبط في أفرادها اآلخرين بعالقات عدة وأن‬
‫قوة كل فرد ال تنشأ بحريته هو‪ ،‬وانما تتحقق بارتباطه في الجماعة‪ ،‬ولذا كانت حياة اإلنسان في‬
‫الجماعة منذ وجد‪ ،‬ألنه ال يستطيع الحياة منعزال ولذا كانت فكرة الحرية الطبيعية أو الحقوق‬
‫ونخلص إلى القول بأن الحرية والمساواة اللتين نادى بها المذهب‬ ‫(‪)2‬‬
‫الطبيعية فكرة غير صحيحة‪.‬‬
‫الفردي كانتا ضربا من الخيال والوهم‪ :‬ذلك انه من الناحية النظرية البحتة يمكن القول بأن المذهب‬
‫الفردي يقوم على الحرية والمساواة‪ .‬أما من الناحية الواقعية فأنه لم يؤد إلى ذلك‪ ،‬بل على العكس‪،‬‬
‫لقد أدى إلى اختالل التوازن بين األفراد‪ ،‬وظهرت قوى غير عادلة من الناحية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬إذ أدى هذا المذهب إلى قيام اإلقطاع‪ ،‬وتكتل رؤوس األموال‪.‬‬

‫مما جعل الحرية مجر وهم‪ ،‬نظار النعدام المساواة الفعلية‪ ،‬فال حرية مع اإلقطاع وال حرية مع‬
‫رأس المال المستغل‪ .‬وبهذا نجد أن المساواة والحرية اللتين قام عليهما المذهب الفردي ال تؤديان إال‬
‫إلى سعادة قلة من األفراد على حساب الغالبية في المجتمع‪ ،‬مما يجعل تلك الشعارات زائفة جوفاء‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وتبعا لذلك يتخلف عنصر العدل وهو الهدف الذي ترمي القواعد القانونية‪ ،‬إلى تحقيقه‪.‬‬

‫ومن الناحية القانونية أدى تطبيق سلطان اإلرادة على إطالقه إلى تحكم األقوياء في‬
‫الضعفاء‪ ،‬تحت شعار أن الضعفاء رضوا بذلك واختاروا بحريتهم وظهرت مساوئ الحرية التعاقدية‬
‫بخاصة في نطاق عالقات العمل عقب الثورة الصناعية حيث كان يتم تشغيل العمال السيما النساء‬
‫والصغار منهم بأجور زهيدة ولساعات عمل طويلة دون مراعاة صحية أو اجتماعية ولم يكن جائ از‬
‫طبقا للفلسفة الفردية التدخل في هذه العالقات طالما أن العامل قد رضي بهذا العمل وبتلك الشروط‬
‫وفي الحقيقة لم تكن الظروف االقتصادية وقتئذ إال البيئة المناسبة لكي يستثمر الرأسماليون حريتهم‬

‫الصدة‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.900‬‬
‫(‪ )2‬جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪,‬آخرون‪ ،‬ص‪.703‬‬
‫‪44‬‬
‫على أوسع نطاق ولكي يجد العمال أنفسهم مسحوقين تحت وطأتها يستعملون حريتهم في أن يقبلوا‬
‫العمل في ظل هذه الظروف أو يموتوا جوعا‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫وقد أدت مساوئ المذهب الفردي إلى تمهيد الطريق لظهور المذهب االجتماعي أو االشتراكي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫المذهب االجتماعي أو االشتراكي‬
‫‪ – 31‬لقد كان من جراء مبالغة المذهب الفردي وما أفضى إليه من نتائج سيئة أن ظهرت‬
‫المبادئ االشتراكية التي أخذت تهاجم المذهب الفردي‪ ،‬هذه المذاهب االشتراكية‪ ،‬وان اختلفت فيما‬
‫بينها شدة واعتداال تتالقي في فكرة واحدة هي عدم جواز اعتبار حقوق الفرد هي أساس القانون‪.‬‬
‫فليس للفرد حقوق بل عليه واجبات تجاه الجماعة ومن هنا كان التعارض بين المذهب الفردي‬
‫والمذهب االشتراكي‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ففي ظل الفلسفة االشتراكية‪ ،‬ال تقوم وظيفة القانون على أساس واحد هو إسعاد الفرد بكفالة‬
‫حريته‪ ،‬وانما تتحدد هذه الوظيفة بتحقيق مصالح الجماعة قبل كل شيء فالفرد ال قيمة له بوصفه‬
‫عضوا في جماعة يعمل من أجلها ولذا يكون للقانون في المذهب االشتراكي دور إيجابي ال يقتصر‬
‫على النظام في المجتمع‪ ،‬بل يرمي إلى توجيه النشاط الفردي إلى ما فيه خير المجتمع وسعادته‬
‫ونالحظ أن المذهب االشتراكي تتفاوت درجاته‪ .‬فمنها ما يبالغ إلى حد إلغاء الملكية الخاصة‬
‫والتضحية بمصلحة الفرد في سبيل مصلحة المجموع‪ ،‬بحيث يضع نصب عينيه مصلحة الجماعة‬
‫وحدها‪ ،‬ومنها ما يتخذ مذهبا معتدال بين المذهب الفرد والمذهب االشتراكي‪ ،‬حيث يضع مصلحة‬
‫الجماعة في المقام األول‪ ،‬مع االعتراف بالملكية الخاصة‪ ،‬واحترام الحرية الفردية وتشجيع النشاط‬
‫(‪)3‬‬
‫الفردي في الحدود التي تنأى بها عن التحكم واالستغالل‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫(‪ )2‬انظر عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.901‬‬
‫‪ -‬جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬صالح الدين الناهي وآخرون‪.333 ،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪ 90‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬هشام القاسم‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪40‬‬
‫ونجد في المذهب االشتراكي‪ ،‬أو مذهب التدخل‪ ،‬أن للقانون مجاالت أوسع وأعم من المجال‬
‫الذي يريده أن يدور فيه المذهب الفردي أو الحر‪ ،‬حيث اتسع نطاق نظرية التصنيف في استعمال‬
‫الحق‪ ،‬وأصبح الغبن سببا عاما إلبطال العقد إذا كان منطويا على استغالل‪ ،‬وظهرت نظرية‬
‫الظروف الطارئة‪ ،‬وأخذ الشارع يتدخل في تنظيم فريق من العقود بمقتضى قواعد آمره‪ ،‬كعقد العمل‬
‫وعقد اإليجار وأصبح كثير من السلع خاضعا للتسعير الجبري‪.‬‬

‫كما أن المذهب االشتراكي يؤمن بـ (العدل التوزيعي) الذي يتحقق باحتكار الدولة وتوزيع‬
‫الدخل بمنح المزايا المادية والمعنوية للناس‪ ،‬وتقسيم األعباء بينهم والفرد عندما يطالب بهذه المزايا‪،‬‬
‫إنما يطالب بما هو مستحق له بوصفه عضوا في الجماعة‪ .‬ولذلك فأن حق هذا يتوقف على ما‬
‫تقتضيه مصلحة الجماعة والتي قد تقضي بعدم توزيع هذه المزايا على األفراد واستخدامها في‬
‫والعدل التوزيعي يتحقق باحتكار الدولة تقسيم األعباء وتوزيع‬ ‫مجاالت أخرى أكثر فائدة للمجموع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المزايا بين أفراد المجتمع‪.‬‬


‫وقد تترتب عدة آثار قانونية على المذهب االشتراكي نوجزها فيما يلي(‪:)2‬‬
‫أوال‪ :‬من الناحية السياسية‪ :‬نجد أن الفكر السياسي يتأثر بالمصالح العامة للجماعة‪ .‬ويبرر تقييد‬
‫الحريات الفردية تحقيقا للصالح العام‪ ،‬ويقف في وجه أي حق يهدد مصلحة المجتمع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من الناحية االقتصادية‪ :‬نجد أن الفكر االقتصادي وفقا لهذا المذهب يؤمن بسيطرة الدولة‬
‫على وسائل اإلنتاج‪ ،‬وتنظيم تداول الثروة وتوزيعها ويقصف بمبدأ الحرية االقتصادية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬من الناحية القانونية‪ :‬نجد أن دور القاعدة القانونية يتسع‪ ،‬وينعكس هذا الدور على مختلف‬
‫النظم القانونية على النحو التالي‪:‬‬
‫أ – في مجال الروابط يزداد تدخل قواعد القانون بما يحقق صالح المجتمع بأسره كتقييد حرية‬
‫الزواج أو الطالق أو تحديد عدد أفراد األسرة تنظيم النسل‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.93‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫(‪ )2‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ 903‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪ 722‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪ 93‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬توفيق حسن فرج وآخرون‪ ،‬ص‪.700‬‬
‫‪46‬‬
‫ب – في مجال المسئولية ال مدنية‪ ،‬نجد أن قواعدها أصبحت مؤسسة ليس فحسب على فكرة الخطأ‬
‫الشخصي‪ ،‬بل وأيضا على فكرة تحمل التبعة وفكرة الضمان‪.‬‬
‫ج – في مجال الملكية الفردية‪ :‬نجدها قد قيدت بكثير من القيود لما للملكية من وظيفة اجتماعية‪.‬‬

‫د – هدم التقسيم التقليدي للقانون إلى عام وخاص‪ ،‬على أساس أن الدولة بوصفها صورة المجتمع‪،‬‬
‫فهي طرف في كل رابطة قانونية‪.‬‬
‫ه – انكماش دور إرادة الفرد في الروابط التقليدية‪ ،‬وذلك لالتجاه نحو إخضاع معظم العقود لتنظيم‬
‫آخر مثال ذلك إخضاع عالقات العمل لقواعد قانونية ال يجوز االتفاق على عكسها حماية‬
‫للطرف الضعيف في العقد وان كان يجوز االتفاق على عكس ما جاء بها إذا كان في ذلك‬
‫ما يحقق مصلحة أكبر للعامل في مواجهة رب العمل‪.‬‬

‫و – في المذهب االشتراكي نجد أن القواعد القانونية المكملة أو المفسرة تنكمش‪ ،‬بينما يزداد دور‬
‫القواعد اآلمرة اتساعا‪.‬‬

‫ز ‪ -‬ونالحظ في المذهب االشتراكي اتساع دور القانون في تنظيم المجتمع بعد أن كان المذهب‬
‫الفردي مقتص ار على رد العدوان على الحقوق وحفظ النظام في المجتمع‪ ،‬ويبرز دور القانون‬
‫في المذهب االشتراكي جليا في تحقيقه للعدالة االجتماعية وتقديم الخدمات العامة ومع ذلك‬
‫فأن االختالف بين المذهبين ال يقتصر على االختالف في القواعد العامة في كل منهما بل‬
‫(‪)1‬‬
‫مختلفان في النظم والقواعد القانونية األخرى‪.‬‬

‫وبعد أن عرضنا لكل من المذهبين تبقى حقيقة هامة مؤداها أن المذهب الفردي أغرق في‬
‫تقديس الفرد وكان ذلك عيبه الجوهري‪ ،‬وبالمقابل المذهب االشتراكي هو اآلخر أغرق في تقديسه‬
‫لحرية الجماعة وضحى بالفرد من أجل الجماعة‪.‬‬

‫ولذلك فإن االعتدال للتوفيق بين صالح الجماعة وصالح الفرد‪ ،‬هدفا عظيما ونبيال تسعى‬
‫إليه الدول الحديثة في تشريعاتها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫موقف القانون اليمني من المذهب الفردي والمذهب االشتاركي‬

‫‪ – 33‬يتعين علينا عند البحث عن مدى تدخل الدولة في نشاط األشخاص‪ ،‬وموقف القانون‬
‫اليمني من المذهبين اللذين يتنازعان ذلك‪ ،‬أن نؤكد على حقيقة مؤداها أن القانون اليمني وان‬
‫تضمن مبادئ تتفق مع المذهب الفردي أو المذهب االشتراكي‪ ،‬فذلك ال يعني البتة أن القانون‬

‫(‪ )1‬انظر عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.960‬‬


‫‪41‬‬
‫فالقانون اليمني ينفرد لوحدة ويختط مسلكا ال عهد ألحد‬ ‫اليمني قد أنحاز لهذا المذهب أو ذلك‬
‫(‪)1‬‬

‫به‪ ،‬فأساس القانون اليمني الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك ما تؤكده وتقرره نصوص الدستور اليمني‬
‫المعدل الصادر ‪ 39‬سبتمبر ‪7994‬م والقانون المدني اليمني رقم ‪ 79‬لسنة ‪7993‬م الصادر بتاريخ‬
‫‪ 39‬مارس ‪7993‬م‪.‬‬

‫ومعلوم أن الشريعة اإلسالمية تتضمن مبادئ كلية وقواعد أساسية في التشريع وهي تسمو‬
‫وتعلو على كافة المبادئ وا لمذاهب الوضعية‪ ،‬كونها كاملة ال نقص فيها‪ ،‬جامعة تحكم كل حالة‪،‬‬
‫مانعة ال تخرج عن حكمها حالة‪ ،‬شاملة ألمور األفراد والجماعات والدول‪ .‬وعلى وفق ذلك‪ ،‬فال‬
‫بأس أن يتفق المذهب الفردي مع المذهب االشتراكي مع موقف القانون اليمني‪.‬‬

‫وفيما يلي أبرز أهم المعالم الرئيسية لالتجاه اإلسالمي للقانون اليمني‪:‬‬

‫‪ – 6‬من الناحية السياسية‪:‬‬


‫اإلخاء اإلنساني بين الناس من المبادئ األساسية في اإلسالم واآليات القرآنية واألحاديث‬
‫النبوية التي تؤكد ذلك ال حصر لها‪ ،‬وقد جاء الدستور اليمني مؤكدا لذلك حيث قرر الدستور‬
‫اليمني مبدأ المساواة بين اليمنيين في الحقوق الواجبات العامة "مادة ‪ "42‬كما نص على أن الدولة‬
‫تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا "مادة‪ " 30‬وأكد الدستور‬
‫بأن الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق االستفتاء واالنتخابات‬
‫العامة‪..‬إلخ "مادة ‪ "42‬قرر الدستور مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وأكد بان العقوبة شخصية وأن‬
‫المتهم بريء حتى تثبت إدانته "مادة ‪ "46‬وكفل الدستور الحرية الشخصية للمواطنين " مادة ‪"41‬‬
‫ونص على حرية التنقل مادة ‪ "06‬حرية المراسالت مادة "‪ "03‬وغيرها من الحقوق وضماناتها‪.‬‬

‫‪ – 2‬من الناحية االقتصادية‪:‬‬


‫ينص الدستور اليمني على أن االقتصاد الوطني يقوم على أساس حرية النشاط الفردي بما‬
‫يحقق مصلحة الفرد والمجتمع وبما يعزز االستقالل الوطني وباعتماد مبادئ العدالة االجتماعية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬بالتنافس المشروع بين كافة قطاعات االقتصاد‪ ،‬واحترام وحماية الملكية الخاصة‪ ..‬مادة‬
‫"‪ "1‬وأن فرض الض ارئب والتكاليف العامة تراعي فيها مصلحة المجتمع وتحقيق العدالة االجتماعية‬
‫بين المواطنين "المادة ‪ "73‬وتشجع الدولة التعاون واالدخار‪" ..‬مادة ‪ "74‬ويحظر الدستور المصادرة‬
‫العامة لألموال "مادة ‪."32‬‬

‫‪ – 3‬من الناحية االجتماعية‪:‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪.47‬‬


‫‪43‬‬
‫قرر الدستور اليمني بأن التضامن االجتماعي القائم على العدل والحرية والمساواة أساس‬
‫المجتمع "مادة ‪ " 34‬وأن الدولة تكفل بالتضامن مع المجتمع تحمل األعباء الناجمة عن الكوارث‬
‫الطبيعية والمحن العامة "مادة ‪ "99‬وأن األسرة أساس المجتمع قوامها الدين واألخالق وحب الوطن‬
‫"مادة ‪ "99‬إضافة إلى حماية الدولة لألمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب "مادة ‪ "92‬وأن التعليم‬
‫والصحة والخدمات االجتماعية أركان أساسية لبناء المجتمع وتقدمه "المادة‪."93‬‬

‫‪ – 4‬من الناحية القانونية‪:‬‬


‫نص الدستور على أن الشريعة اإلسالمية مصدر جميع التشريعات مادة "‪ "90‬وبذلك يكون‬
‫المشرع اليمني قد حسم أي جدل حول مصدر القوانين في الجمهورية اليمنية على عكس ما فعلت‬
‫بعض الدساتير العربية كالدستور المصري الذي نص على أن "مبادئ الشريعة اإلسالمية المصدر‬
‫الرئيسي للتشريع "مادة ‪ "3‬أو الدستور الكويتي والذي نص على أن الشريعة اإلسالمية مصدر‬
‫رئيسي للتشريع مادة "‪ "3‬والفرق واضح بين هذه النصوص ونص المادة "‪ "9‬من الدستور اليمني‪.‬‬

‫والقانون المدني يعترف بالملكية الخاصة إال أنها ليست مطلقة وانما مقيدة بالوظيفة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ومن أمثلة هذه القيود أنه ليس للمالك أن يغالي في استعمال حقوقه إلى حد يضر‬
‫بملك الجار وليس للجار الرجوع على جاره في مضار الجوار التي ال يمكن تنجبها "المادة ‪"763‬‬
‫واألمثلة عديدة على تبيان المعنى الذي نهل منه المشرع اليمني والمتجسد في الشريعة اإلسالمية‬
‫المبينة على رعاية مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم والتيسير على الناس في معامالتهم وعدم‬
‫تكليفهم بما يشق عليهم ويوقعهم في الضيق والحرج "المادة ‪ 9‬مدني" وغيرها من المواد التي‬
‫تضمنت القواعد الكلية في الشريعة اإلسالمية "المواد ‪ 4‬إلى ‪ "71‬مدني يمني‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫أنواع القواعد القانونية‬

‫‪ – 29‬تحديد هذه األنواع‬

‫هناك العديد من العالقات والروابط االجتماعية القائمة بين أفراد المجتمع وكل نوع في هذه‬
‫العالقات يتطلب تنظيما خاصا يحدد الرابطة القائمة بين عناصر العالقة الواحدة‪ ،‬فال بد أن يكون‬
‫هناك قواعد قانونية مختلفة تحكم هذه العالقات المختلفة وعلى هذا األساس فالقانون ينقسم في‬
‫جملته إلى مجموعات من القواعد بحسب موضوع العالقة التي ينظمها‪ ،‬وقد جرت العادة على تقسيم‬
‫القانون إلى قسيمين رئيسين‪ ،‬هما القانون العام والقانون الخاص‪ ،‬وتندرج تحت كل من هذين‬
‫القسيمين فروع عدة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫كما أن القواعد القانونية‪ ،‬وان كانت جميعها قواعد ملزمة إال أنها تتفاوت من حيث مدى ما‬
‫إلرادة األفراد من سلطان إزاء قوتها ففي حين أنه ال يجوز لهذه اإلرادة أن تخالف اإللزام في القاعدة‬
‫القانونية‪ ،‬نرى عكس ذلك في بعض القواعد أي أن اإلرادة قد تخرج عن اإللزام الوارد في القاعدة‬
‫القانونية ولذا فقد قسمت القواعد القانونية إلى آمرة ومكملة أو مفسره‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس نستعرض هاتين الناحيتين في حديد أنواع القواعد القانونية في المبحثين‬
‫التاليين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أقسام القانون وفروعه‬


‫المبحث الثاني‪ :‬القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‪.‬‬

‫‪02‬‬
‫تقسيم القانون إلى عام وخاص‬
‫القانون‬

‫القانون الخاص‬ ‫القانون العام‬

‫الدولي الخاص‬ ‫العمل‬ ‫الجوي‬ ‫التجاري‬ ‫المدني‬ ‫المرافعات‬ ‫القانون الداخلي‬ ‫القانون الخارجي‬

‫والتنفيذ المدني‬

‫القانون‬
‫تنظيم القضاء‬ ‫الجنائي‬ ‫المالي‬ ‫اإلداري‬ ‫الدستوري‬
‫الدولي العام‬

‫اإلجراءات الجزائية‬ ‫العقوبات‬

‫‪07‬‬
‫المبحث األول‬
‫أقسام القانون وفروعه‬

‫‪ – 92‬تتضمن دراسة القانون‪ ،‬تقسيمه إلى أقسام وفروع متعددة‪ ،‬حيث جرت العادة لدى‬
‫الفقهاء إلى تقسيم قواعد القانون بحسب الزاوية التي ينظر منها وأهم هذه التقسيمات تقسيم القانون‬
‫إلى قانون عام (‪ )Public Law‬وقانون خاص (‪ )Private Law‬إذا نظرنا إلى هذه القواعد من‬
‫جهة تنوع العالقات التي تحكمها‪.‬‬

‫ويجري ثانيا تقسيم قواعد القانون إلى قواعد موضوعية‪ ،‬وقواعد شكلية أو إجرائية‪ ،‬ويقصد‬
‫بالقواعد الموضوعية تلك التي تنبين الحقوق والواجبات المختلفة كالقانون المدني والقانون التجاري‬
‫(‪)1‬‬

‫أما القانون اإلجرائي أو الشكلي فيتضمن قواعد إجرائية تبين األوضاع واإلجراءات التي تتبع‬
‫القتضاء الحقوق التي يقررها القانون الموضوعي والقواعد اإلجرائية أو الشكلية تتمثل في قانون‬
‫المرافعات أو قانون اإلجراءات الجزائية حيث أن قواعد القانون تبين اإلجراءات الواجبة اإلتباع في‬
‫تحريك الدعوى العمومية والتحقيق مع المتهم واستجواب الشهود‪ ،‬وندب الخبير والكشف عن الجريمة‬
‫واصدار األحكام وتنفيذها‪..‬إلخ‪.‬‬

‫كما أن للقانون تقسيمات أخرى إلى قانون داخلي وقانون خارجي أو دولي‪ ،‬وذلك تبعا النعدام‬
‫كذلك يقسم القانون من حيث الصورة‬ ‫وجود عنصر أجنبي في العالقات التي يبحثها أو لوجوده‬
‫(‪)2‬‬

‫التي توجد بها قواعده إلى قانون مكتوب – وهو التشريع الذي تصدره السلطة التشريعية في الدولة –‬
‫وقانون غير مكتوب – وهو القانون العرفي غير المقنن الذي ال يصدر عن السلطة التشريعية في‬
‫ولكن التقسيم الرئيس للقانون هو تقسميه إلى قانون‬ ‫الدولة‪ ،‬بل ينشأ تدريجيا في ضمير الجماعة‬
‫(‪)3‬‬

‫عام وقانون خاص وهو تقسيم تقليدي ال يزال مستق ار أو مسلما به في الفقه الحديث حتى بالنسبة‬
‫لمن يهاجمه من الفقهاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر على سبيل المثال عبد الكاظم فارس المالكي‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫د‪ .‬أنور سلطن‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪ 97‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪03‬‬
‫المطلب األول‬

‫التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص‬

‫‪ – 97‬يرجع تاريخ التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص إلى القانون الروماني ويوجد‬
‫نص شهير منسوب إلى الفقيه أو لبيان‪ ،‬يقرر فيه أن القانون العام هو الذي تسود فيه المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬والقانون الخاص هو الذي تسود فيه المصلحة الخاصة لألفراد" كما يوجد نص آخر للفقيه‬
‫"بابنيا" يؤكد فيه أن القانون العام ال يمكن المساس به عن طريق االتفاقات الخاصة لألفراد وبانهيار‬
‫الدولة الرومانية في القرن الخامس الميالدي كان طبيعيا أن تزول معالم التفرقة بين القانون العام‬
‫والقانون الخاص‪ .‬غير أنه لم تلبث أن بدأت هذه التفرقة تأخذ طريقها من جديد إلى الفكر القانوني‬
‫غير أن هذا التقسيم طمس‬ ‫مع إحياء القانون الروماني ابتداء من القرن الثاني عشر الميالدي‬
‫( ‪)1‬‬

‫مرة أخرى على يد "الماركسية – اللينينية"‪ ،‬إذ أصبح كل شيء في روسيا قانونا عاما ولم يعد هناك‬
‫قانون خاص وصار القانون المدني‪ ،‬كالقانون اإلداري وقانون اإلجراءات جزءا من القانون العام‪،‬‬
‫ومعنى هذا أن جميع العالقات القانونية في روسيا تهيمن عليها الفكرة السياسية‪ ،‬وان القانون هو‬
‫وفي إيطاليا أبان العهد الفاشي طمست‬ ‫(‪)2‬‬
‫السياسة وان كل ما ليس سياسيا ال يعد من قبيل القانون‬
‫أيضا فكرة تقسيم القانون إلى عام وخاص بل واعتبر القانون الخاص قانون دنس‪.‬‬

‫ويعزو بعض الشراح الجدل الذي يثار حول هذا التقسيم إلى سبب جوهري واضح هو الصراع‬
‫بين مذهبين‪ :‬مذهب االقتصاد الحر ومذهب تدخل الدولة "المذهب االجتماعي أو االشتراكي"‬
‫فالليبراليون يدعون إلى تضييق ساحة القانون العام وتوسيع منطقة القانون الخاص فيما أنصار‬
‫المذهب االشتراكي على عكس من ذلك كما سبق أن وضحنا‪ .‬كان ذلك على المستوى السياسي‪.‬‬
‫أما من الناحية الفقهية فقد تعرض هذا التقسيم للنقد‪ ،‬فقيل أنه مجرد تقسيم تاريخي وأن قيمته‬
‫التاريخية التقليدية أكبر من قيمته العلمية والعملية‪ ،‬وأن هذا التقسيم ينال من وحدة القانون‪.‬‬

‫أن تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص لم يجد له أساسا نظريا‪ ،‬بل واستحال‬
‫استخدمه على صعيد الواقع العملي‪ .‬وأمام هذا التداخل بين مختلف فروع القانون يبقى التقسيم بين‬
‫القانون العام والقانون الخاص مسألة وهمية يتمسك بها القانونيون الكالسيكيون دون أن يملكوا‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬ص‪ ،009‬د‪ .‬مصطفى مجمد الجمال وآخرون‪ ،‬ص‪ ،36‬ر‪ .‬هزبارو‪ ،‬ترجمة عبد‬
‫الرزاق يسري‪ ،‬مراجعة د‪ ،7963 ، .‬ص‪ .332‬جونالد‪ .‬ر‪ .‬سهير القلماوي‪ ،‬الرومان‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،7963‬ص‪ .332‬دونالد‪ .‬ر‪ .‬ددلي‪ ،‬ترجمة جميل يواقيم وآخرون‪ ،‬حضارة الرومان‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ )2‬انظر عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ 360‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪09‬‬
‫أساسا نظريا واعتبارات عملية‪ .‬هذا وما يؤك د الطابع األيديولوجي الذي يسيطر على فكرة التقسيم‬
‫(‪)1‬‬

‫وفي كل األحوال ال يزال هذا التقسيم قائما بالرغم من الغموض الذي يكتنفه‪.‬‬

‫معيار التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص‬

‫‪ - 93‬حاول رجال القانون منذ عهد بعيد البحث عن معيار أو ضابط دقيق للتمييز بين‬
‫هاتين الزمرتين واالستناد إليه في معرفة ما إذا كانت هذه الطائفة من القواعد القانونية أو تلك تدخل‬
‫تحت زمرة القانون العام أو زمرة القانون الخاص‪ ،‬ولكنهم أخفقوا كثي ار في أغلب المحاوالت ونعرض‬
‫بإيجاز لهذه المعايير‪.‬‬

‫‪ – 6‬المعيار المالي‪:‬‬
‫يرى القائلون بهذا المعيار أن القواعد المنظمة للعالقات ذات الصفة المالية أو المتعلقة‬
‫باألمور المالية "كعالقات البيع والشراء مثال" هي من القانون الخاص وأن القواعد المنظمة للعالقات‬
‫(‪)2‬‬
‫األخرى التي ال يظهر فيها هذا المفهوم المالي "كتنظيم جهاز الدولة مثال" هي من القانون العام‪.‬‬
‫وهذا المعيار غير صحيح كون هناك قواعد من القانون العام تتصل باألمور المالية كالقواعد‬
‫المتعلقة بالضرائب مثال ناهيك عن وجود قواعد من القانون الخاص ليس لها صلة باألمور‬
‫المالية"كالقواعد المتعلقة بتنظيم العالقات العائلية مثال‪.‬‬
‫‪ – 2‬معيار الحاكم والمحكوم‪:‬‬
‫ويطلق عليه أيضا المعيار العضوي‪ ،‬ويقوم على أساس التفرقة بين الخاضعين ألحكام‬
‫القانون وتقسيمهم إلى حكام ومحكومين‪ ،‬فالقانون العام هو قانون الحكام والقانون الخاص هو الذي‬
‫يطبق على المحكومين‪ ،‬ويعيب هذا المعيار أن الحكام يخضعون في جانب من نشاطهم إلى أحكام‬
‫القانون الخاص‪ ،‬أما بمحض إرادتهم وأما بحكم القانون‪ .‬كما أن المحكومين يخضعون لبعض أحكام‬
‫وهناك من يطلق على هذا المعيار‬ ‫القانون العام كتلك المتصلة بالحريات والحقوق العامة‪...‬إلخ‬
‫(‪)3‬‬

‫الشخصي‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬خالد عمر باجنيد‪ ،‬القانون اإلداري اليمني‪ ،‬جامعة عدن‪ ،‬ص‪7993 ،7‬م‪ ،‬ص (‪.)9-3‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬ص‪ 32‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سهيل الفتالوي‪ ،‬ص‪.723‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.329‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪7934 ،‬م‪ ،‬ص‪ 9‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد احي حجازي‪ ،‬ص‪ 317‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬ص‪ 003‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪04‬‬
‫‪ – 3‬معيار المصلحة أو المصالح المستهدفة‪:‬‬
‫ويطلق عليه أيضا المعيار الموضوعي أو المادي‪ ،‬وهو ينظر إلى المصالح التي يستهدفها‬
‫القانون‪ .‬فقد قيل أن القانون العام وهو الذي يقوم أو يستهدف حماية المصالح االجتماعية أو‬
‫العامة‪ ،‬أما القانون الخاص فهو الذي يقوم على حماية المصالح الفردية أو الخاصة‪ .‬أي أن أساس‬
‫هذا المعيار مقابلة الدولة بالفرد إال أن هذا المعيار غير دقيق‪ ،‬ذلك أن هدف القانون الخاص هو‬
‫دائما تحقيق المصالح العامة‪ ،‬وليس أبدا حماية المصالح الفردية على حساب المصالح الجماعية‬
‫فكل القواعد ومنها قواعد القانون الخاص‪ ،‬قد وضعت لخير الجماعة والمصلحة العامة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ – 4‬معيار الوسائل المستخدمة‪:‬‬


‫ويوصف أحيانا بالمعيار الشكلي‪ ،‬ومفاده أن القانون العام هو ذلك الذي يعتمد على وسائل‬
‫السلطة والقهر وفرض اإلرادة على األفراد‪ ،‬أما القانون الخاص فيقوم على أساس المساواة بين‬
‫أطراف العالقات التي ينظمها ولكن هذا المعيار غير صحيح على إطالقه‪ ،‬ألن القانون العام‬
‫يتضمن قواعد ال تقوم على أساس القهر كتلك المتعلقة بالمسئولية اإلدارية‪ .‬كما أن بعض أشخاص‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون الخاص – كالمؤسسات الخاصة ذات النفع العام – قد تتمتع ببعض امتيازات السلطة‪.‬‬
‫‪ – 5‬معيار صفة أطراف العالقة القانونية‪:‬‬
‫ويرى أصحاب هذا المعيار أن ما يجب أن نأخذه في االعتبار للتفريق بين القانون العام‬
‫والقانون الخاص هو صفة أطراف العالقة التي تنظمها هذه القواعد‪ .‬فإذا كانت الدولة بصفتها‬
‫صاحبة السيادة والسلطان هي أحد أطراف تلك العالقات اعتبرنا هذه القواعد من القانون العام واذا‬
‫لم تكن طرفا فيها‪ ،‬أو كانت طرفا ولكن كفرد عادي ال بصفتها صاحبة سيادة وسلطان اعتبرنا هذه‬
‫غير أن‬ ‫(‪)3‬‬
‫القواعد من القانون الخاص‪ ،‬ويرى بعض الفقهاء أن هذا المعيار أفضل المعايير جميعا‬
‫إذ أن‬ ‫البعض يرى بأن هذا العيار وان كان صائبا أو قريبا من الصواب إال أنه ال يتسم بالدقة‬
‫( ‪)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬صالح الدين الناهي وآخرون‪ ،‬ص‪.44‬‬


‫(‪ )2‬راجع د‪ .‬عبد السالم علي المزوغي‪ ،‬النظرية العامة لعلم القانون‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬الدار الجماهيرية للنشر‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪7933‬م‪ ،‬ص‪ ،701‬د‪ .‬طعيمة الجرف‪ ،‬القانون اإلداري‪7919 ،‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬ص‪.0-4‬‬
‫‪ - -‬المحامي عبد القادر الالمي‪ ،‬معجم المصطلحات القانونية‪ ،‬ط‪ ،7‬بغداد‪7992 ،‬م‪ ،‬ص‪.770‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫(‪ )4‬ارجع د‪ .‬عبد المنعم فرج الصدة‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪00‬‬
‫الصفة التي تثبت ألشخاص العالقة القانونية إنما تتفرع من طبيعة هذه العالقة وهذا المعيار قد‬
‫أورده قديما الفقه التقليدي مثل مونتسكيو‪.‬‬
‫‪ – 1‬معيار طبيعة العالقة القانونية‪:‬‬

‫يقوم هذا المعيار على طبيعة النظر على طبيعة العالقة القانونية ذاتها‪ ،‬فإذا كانت هذه‬
‫العالقة تتصل بحق السيادة في الدولة أو ال تتصل به ومقتضى هذا أن يكون القانون العام هو‬
‫الذي ينظم السلطة العامة في الدولة‪ ،‬ويحكم العالقات المتصلة بحق السيادة فيها‪ .‬وهذه العالقات‬
‫أما أن تقوم بين دولة ودولة‪ ،‬أو بين سلطة وأخرى من السلطات العامة في الدولة‪ ،‬أو بين الدولة‬
‫وأحد أشخاص القانون الخاص‪ .‬بينما يكون القانون الخاص هو الذي يحكم العالقات التي تتعلق‬
‫بتنظيم السلطات العامة في الدولة وال تتصل بحق السيادة فيها‪.‬‬

‫وهذه العالقات أما أن تكون بين الدولة بوصفها شخصا اعتباريا وشخصا من أشخاص‬
‫القانون الخاص‪ ،‬أو بين أشخاص القانون الخاص سواء كانوا أشخاصا اعتباريين أو ا‬
‫أفردا‪.‬‬

‫يتضح مما تقدم الصعوبة في التمييز بين القانون العام والقانون الخاص وبالطبع فإن ذلك‬
‫تبرير للذين ينتقدون بل وينكرون تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص‪ .‬ولكن ليس األمر‬
‫على هذ ا النحو وبصرف النظر عن آراء كل فريق من الفريقين فأنه من الصعب إنكار التداخل‬
‫والتأثير المتبادل بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص‪ ،‬وبين أنواع العالقات والمجاالت‬
‫التي تطبق فيها كل هذه القواعد‪.‬‬

‫‪ – 33‬أهمية التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص‪:‬‬

‫ال تستجيب التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص إلى اعتبارات نظرية فحسب بل‬
‫تستجيب أيضا إلى اعتبارات عملية كثيرة‪ ،‬مردها االختالف في طبيعة ونوع العالقات التي ينظمها‬
‫كل من القانون العام والقانون الخاص‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن بين هذه االعتبارات العملية يمكن ذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -7‬السلطات العامة تتمتع‪ ،‬بحكم طبيعة مركزها‪ ،‬باعتبا ارت‪ ،‬ال يمكن االعتراف بها لألفراد‬
‫العاديين‪ ،‬فيجوز له أن تتخذ إجراءات من جانب واحد يفرض تنفيذها على المحكومين (سواء‬
‫أكانت هذه اإلجراءات قوانين أو لوائح أو ق اررات تنفيذية تتعلق بحالة معينة) كما قد يحصل‬
‫هذا التنفيذ وفقا إلجراءات استثنائية إذا اقتضت الضرورة ذلك كنزع الملكية للمنفعة العامة‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬ص‪.32‬‬


‫‪06‬‬
‫واالستيالء المؤقت‪ ،‬والحق في اقتضاء التنفيذ فو ار رغم ما يقدم من طعون (انظر قانون‬
‫االستيالء للمنفعة العامة رقم ‪ 30‬لعام ‪.)7993‬‬
‫في نطاق العقود التي تبرمها اإلدارة‪ ،‬فإنه ال تقف منهم موقف المساواة‪ ،‬كما هو الشأن في‬ ‫‪-3‬‬
‫العقود التي يبرمها األفراد فيما بينهم‪ ،‬بل تقف في مركز ممتاز يسمح لها بتوقيع جزاءات‬
‫على المتعاقد اآلخر في حالة إخالله بشروط العقد‪ ،‬كما يجوز لها أن تعدل إرادتها المنفردة‬
‫شروط العقد مع تعويض المتعاقد اآلخر‪..‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -9‬بالنسبة لملكية الدولة واألشخاص االعتبارية العامة المخصصة للمنفعة العامة‪ ،‬يختلف‬
‫نظامها القانوني عن الملكية الخاصة لألفراد‪ .‬إذ أن األموال العامة ال يجوز بحسب األصل‪،‬‬
‫التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم "مادة ‪ "732‬مدني يمني على خالف‬
‫األموال الخاصة التي يجوز بالنسبة لها كل ما سبق ذكره‪.‬‬
‫‪ -4‬تخضع عالقة الدولة بوظيفتها لقواعد تختلف عن القواعد التي تحكم عالقة رب العمل‬
‫بعماله‪.‬‬
‫‪ -0‬قواعد القانون العام تهدف إلى حماية النظام العام ولذلك كانت جميعها آمره ال يجوز لألفراد‬
‫االتفاق على ما يخالفها‪.‬‬
‫‪ -6‬للتمييز بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص أهمية كبيرة في الدول التي يوجد فيها‬
‫نوعان من القضاء حيث تختص المحاكم اإلدارية بالمنازعات المتعلقة بمسائل القانون العام‬
‫كما هو الحال في فرنسا ومصر والعراق واألردن ولبنان وغيرها من الدول‪ ،‬والمحاكم العادية‬
‫التي تختص بمنازعات مسائل القانون الخاص‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫فروع القانون العام‬

‫‪ – 94‬عرفنا أن القانون العام هو القانون الذي يحكم العالقات التي تكون الدولة طرفا فيها‬
‫بصفتها صاحبة السلطة والسيادة‪ .‬ولكن الدولة حين تدخل في عالقات قانونية على هذا النحو فإنها‬
‫قد تدخل في عالقات مع دولة أخرى وفي هذه الحالة يسمى القانون العام بالقانون العام الخارجي‬
‫أو القانون الدولي العام‪.‬‬

‫وقد تظل الدولة داخل إقليمها فتدخل في عالقات مع مواطنيها وفي هذه الحالة يسمى القانون‬
‫العام بالقانون العام الداخلي ويتفرع القانون العام الداخلي إلى فروع متعددة فهو يشمل القانون‬
‫الدستوري والقانون اإلداري والقانون المالي والقانون الجنائي وقانون النظام القضائي وسنعرض يما‬
‫يلي للقانون العام الخارجي أو القانون الدولي العام‪ ،‬ثم القانون الداخلي بفروعه المختلفة‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫أوال‪ :‬القانون العام الخارجي‬
‫(القانون الدولي العام)‬
‫‪ – 90‬تعريفه‪ ...‬القانون الدولي العام هو مجموعة القواعد التي تنظم عالقات الدول بعضها‬
‫أو الحياد‬ ‫بالبعض اآلخر وتحدد حقوق كل منهما وواجباتها‪ ،‬سواء في حاالت السلم أو الحرب‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫كما يشمل أيضا القواعد المتعلقة بالمنظمات الدولية فقواعد القانون الدولي تحدد العناصر أو‬
‫الشروط الواجب توفرها في الدولة حتى تكون لها الشخصية الدولية كما يحدد أنواع الدول وشروط‬
‫االعتراف بها‪ ،‬كما يبين حقوق الدول‪ ،‬كذلك يقوم القانون الدولي بتنظيم طريقة تبادل التمثيل‬
‫الدبلوماسي والقنصلي بين الدول‪ ،‬كما يضع األحكام الخاصة بالمعاهدات ويحدد وسائل فض‬
‫المنازعات بالطرق السليمة‪.‬‬

‫والقانون الدولي العام ينظم أيضا عالقات الدول أثناء الحرب‪ ،‬فيحدد حقوق وواجبات‬
‫المحارب‪ ،‬وما يجوز استخدامه من أسلحة‪ ،‬وكيفية معاملة األسرى وكذلك مسئولية الدول المتحاربة‬
‫(‪)2‬‬
‫في مواجهة الدول المحايدة‪.‬‬

‫كما يحدد عالقات الدول بكل من الفريقين المتحاربين‪ ،‬ويبين الحقوق والواجبات التي تترتب‬
‫على حيادها‪.‬‬

‫وأخي ار فإن القانون الدولي العام يتضمن القواعد التي تتعلق بالمنظمات الدولية سوا من حيث‬
‫تكوينها أو تحديد اختصاصاتها وكيفية ممارستها لمهامها أو تنظيم عالقاتها فيما بينها ومع الدول‬
‫وقد بدأت هذه المنظمات باالنتشار على النطاق العالمي في هذا القرن وأهم هذه المنظمات وأبرزها‬
‫منظمة األمم المتحدة وما يتفرع عنها أو يرتبط بها من هيئات ومنظمات‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬ط‪ ،77‬ص‪.76‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز سرحان‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬القاهرة‪7969 ،‬م‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الو لحد عزيز الزنداني‪ ،‬السير والقانون الدولي العام‪ ،‬ط‪7992 ،77‬م‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬رشاد السيد‪ ،‬مبادئ القانون الدولي العم‪ ،‬ط‪7997 ،3‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد محمد علي صالح‪ ،‬العالقات الدولية نشأتها‪ ،‬وأهميتها وتطويرها‪ ،‬مجلة اليمن الجديد‪ ،‬تصدرها و ازرة‬
‫اإلعالم والثقافة‪ ،‬صنعاء‪ ،‬الغدد‪ ،77‬السنة الثامنة عشر‪ ،‬نوفمبر ‪39‬م‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عصام أنور سليم وآخرون‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد السالم علي المزوغي‪ ،‬ص‪.760‬‬
‫‪03‬‬
‫وقد اتجه الفقه في العقود القليلة الفارطة نحو تفريع القانون الدولي إلى عدة فروع منها‬
‫القانون الدولي االقتصادي والقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬والقانون الدولي للمالحة وقانون اإلجراءات‬
‫(‪)1‬‬
‫الدولية‪ ،‬وقانون المنازعات المسلحة‪ ،‬والقانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬والقانون القضائي الدولي‪.‬‬

‫ويستمد القانون الدولي العام قواعده من المعاهدات‪ ،‬فهي أخصب مصدر لقواعد القانون‬
‫الدولي العام إضافة إلى العرف والمبادئ القانونية العامة‪ ،‬وأحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين‬
‫(‪)2‬‬
‫في القانون الدولي العام في مختلف األمم‪.‬‬

‫ومن الجدير اإلشارة إليه هو ذ لك الخالف والجدل الذي ثار في الفقه حول مدى توافر‬
‫الصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫لقد انقسم الفقهاء في ذلك إلى فريقين‪ ،‬الفريق األول ذهب إلى القول بأن القانون الدولي العام‬
‫ليس قانونا بالمعنى الصحيح‪ .‬وذلك استنادا إلى أنه ال توجد سلطة تشريعية دولية تتولى سن قوانين‬
‫تلزم الدولة‪ ،‬وال سلطة قضائية تختص بالفصل في المنازعات الدولة‪ ،‬وال سلطة عليا تقوم بتوقيع‬
‫الج ازء على الدول التي تخالف قواعد هذا القانون‪.‬‬

‫والفريق اآلخر على النقيض من الفريق األول إذ يعتبر القانون الدولي العام قانونا بالمعنى‬
‫الصحيح وكان من اليسير ألنصار هذا الفريق دحض الحجج التي يوردها الفريق األول‪ ،‬فغياب‬
‫سلطة تشريعية تتولى وضع قواعد القانون‪ ،‬فهذا ليبس لزاما حتى في القانون الداخلي فهناك القواعد‬
‫العرفية‪.‬‬
‫كما أن القانون بدأ كأعراف قبل أن تلد الهيئات التشريعية‪ .‬ثم ثانيا وجود سلطة قضائية في‬
‫الفصل في المنازعات داخل الدول وغيابها في اإلطار الدولي غير صحيح‪ ،‬فالقضاء الدولي موجود‬
‫ناهيك عن أي وجود سلطة قضائية للفصل في المنازعات‬ ‫بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى‬
‫(‪)4‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬إبراهيم محمد العناني‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬دار الفكر العربي‪7934،‬م‪ ،‬ص‪.76-70‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.992‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬غسان الجندي‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مطبعة التوفيق‪ ،‬عمان‪39 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر المادة (‪ )93‬من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية الدائمة لسنة ‪7940‬م والذي يعد جزء من ميثاق‬
‫األمم المتحدة‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر في ذلك د‪ .‬عصام العطية‪ ،‬القانون الدولي العام‪7931‬م‪ ،‬ص‪.93-39‬‬
‫(‪ )4‬محكمة التحكيم الدائمة ‪7399‬م‪ ،‬ومحكمة العدل الدولية الدائمة ‪7932‬م‪ ،‬ومحكمة العدل الدولية ‪7940‬م‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬فؤاد شباط‪ ،‬د‪ .‬محمد عزيز شكري‪ ،‬القضاء الدولي‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد الغي محمود‪ ،‬التدخل في الدعوى أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪7933 ،7‬م‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى أحمد فؤاد‪ ،‬الطعن في األحكام‪ ،‬دراسة في النظام القضائي الدولي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪09‬‬
‫أما االحتجاج بعدم وجود سلطة عليا فوق الدول توقع الجزاء على‬ ‫(‪)1‬‬
‫ال تعتبر شرطا لوجود القانون‬
‫من يخالف قواعد القانون الدولي‪ .‬فالسلطة العليا موجودة والجزاء أيضا متوافر في نصوص الميثاق‪،‬‬
‫لكن هذا الجزاء يمتزج بالميول السياسي وميزان القوى والواقع يزخر بأمثلة على توقيع الجزاء كما‬
‫أننا نرى بأن القانون الدولي حديث العهد مقارنة بالقانون الداخلي وأننا نرى اليوم أن الضمير‬
‫العالمي قد بلغ مبلغا من الوعي جعل كثير من الدول القومية تتورع عن االعتداء والغصب كانت ال‬
‫(‪)2‬‬
‫تتورع عن إتيانها في الماضي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القانون الدولي الداخلي‬

‫‪ – 96‬يتفرع القانون الدولي الداخلي إلى‪ :‬القانون الدستوري‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬القانون المالي‪،‬‬
‫القانون الجزائي وأخي ار قانون النظام القضائي‪.‬‬

‫وسنتولى إعطاء لمحة عن كل هذه الفروع ويترك التفصيل فيها إلى المقررات الدراسية‬
‫المختصة‪.‬‬

‫‪ – 6‬القانون الدستوري‪:‬‬

‫تعريفه‪ :‬القانون الدستوري هو مجموعة من القواعد التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها‪.‬‬
‫وتحدد السلطة العامة فيها وتوزيع االختصاص بينها‪ ،‬وعالقاتها ببعضها كما نبين حقوق األفراد قبل‬
‫(‪)3‬‬
‫الدولة‪.‬‬

‫يطلق على القانون الدستوري القانون األساسي في الدولة أو الدستور وعلى ذلك ال يجوز‬
‫ألي قانون تصدره السلطة التشريعية مخالفة قاعدة من قواعده واال ُحكم بعد دستوريته‪ ،‬باعتبار كل‬
‫قانون آخر في الدولة أقل منه في المرتبة ويمكن تحديد موضوعات القانون الدستوري كما يتضح‬
‫كما يتضح من التعريف السابق على النحو اآلتي(‪:)4‬‬

‫‪ -7‬شكل الدولة وما إذا كانت ملكية أو جمهورية‪ ،‬وما إذا كانت موحدة أو اتحاديةـ ديمقراطية أم‬
‫دكتاتورية‪ ،‬نيابية أو غير نيابية‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬إبراهيم شحاتة‪ ،‬موقف الدول الجديدة من محكمة العدل الدولية‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬مجلد (‪)32‬‬
‫‪7964‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪ 47‬وما بعدها‪.‬‬
‫( ‪ )3‬انظر د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد الله‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪7994‬م‪ ،‬ص‪.911‬‬
‫(‪ ) 4‬ارجع المحامي محمود نعمان‪ ،‬موجز المدخل القانوني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪7910 ،‬م‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪62‬‬
‫‪ -3‬تنظيم السلطة العامة في الدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ -9‬تنظيم حقوق األفراد وواجباتهم وهي ما تسمية "الحريات العامة" كالحرية الشخصية وحرية‬
‫الرأي والحق في المساواة‪ ،‬أما الواجبات فتتمثل في أداء الضرائب والخدمة العسكرية‪..‬إلخ‪.‬‬

‫وقد شهدت اليمن كما هو معلوم أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية منذ بداية القرن‪ ،‬وقد‬
‫انعكست تلك األوضاع على تطور الحياة الدستورية في اليمن‪ .‬وبعد تحقيق الوحدة اليمنية في ‪33‬‬
‫مايو ‪7992‬م بدأ تاريخ جديد ليس بالنسبة لليمن بل والمنطقة العربية عموما‪ ،‬كون الوحدة اليمنية‬
‫بقدر ما كانت حاجة أساسية لتوطيد دعائم االستقالل السياسي وبناء اقتصاد وطني مستقل فقد‬
‫كانت ضرورة قومية‪.‬‬

‫تمثل بصدور دستور‬ ‫(‪) 1‬‬


‫وبميالد الجمهورية اليمنية تشكل وضع سياسي ودستوري جديد‪.‬‬
‫الدولة الجديدة عن طريق االستفتاء الشعبي‪ ،‬وذلك في ‪70‬و‪ 76‬سبتمبر ‪7997‬م وقد قام ومجلس‬
‫النواب بتعديل الدستور المستفتى عليه في ‪ 39‬سبتمبر ‪7994‬م حيث شمل التعديل ‪ 03‬مادة كما‬
‫تم إضافة ‪ 39‬مادة شطبت مادة واحدة‪ .‬أما عدد مواد الدستور المعدل ‪ 09‬مادة والدستور المستفتى‬
‫عليه (‪ )797‬مادة‪.‬‬
‫‪ – 2‬القانون اإلداري‬

‫تعريفه‪ :‬القانون اإلداري هو مجموعة من القواعد التي تبين كيفية أداء السلطة التنفيذية‬
‫لوظائفها اإلدارية‪ ،‬أي أن القانون اإلداري هو قانون اإلدارة العامة ويذهب البعض إلى تسميته‬
‫والقانون اإلداري وثيق الصلة بالقانون الدستوري إلى الحد الذي يصعب معه‬ ‫بقانون المرفق العام‬
‫( ‪)2‬‬

‫في بعض الحاالت وضوح الحد الفاصل بينهما‪ .‬فإذا كان الدستور ينظم سلطات الدولة الثالث‬
‫ويحدد اختصاصاتها فالقانون اإلداري يتولى كيفية مباشرة السلطات التنفيذية لوظائفها والقواعد التي‬
‫تحكم نشاطها في إدارة المرافق العام وأهم ما نتناوله قواعد القانون اإلداري ما يلي‪:‬‬

‫(‪ )1‬بالنسبة لتاريخ النشاط الدستوري في اليمن‪ ،‬ارجع د‪ .‬مطهر محمد إسماعيل العزي‪ ،‬التطور الدستوري في ج‪.‬‬
‫ع‪ .‬ي‪7930 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عمر عبد الله الحبشي‪ ،‬اليمن الجنوبي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪7913 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد قائد طربوش‪ ،‬نظام الحكم في الجمهورية العربية اليمنية‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬ط‪7992 ،7‬م‪.‬‬
‫( ‪ )2‬انظر تعريف القانون اإلداري‪ ،‬د‪ .‬أحمد عبد الرحمن شرف‪ ،‬د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القانون اإلداري‬
‫اليمين‪7997 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬ماهر صالح عالو الجبوري‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،‬ة‪7939‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬علي خطار شطناوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري األردني‪ ،‬عمان‪7994 ،‬م‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪67‬‬
‫‪ -7‬يتناول القانون اإلداري التقسيمات اإلدارية "كتقسيم الدولة إلى محافظات ومديريات ونواحي‬
‫وعزل‪ "...‬وتقسيم اإلدارات إلى مؤسسات بعضها مستقل ذاتيا وأخرى تابعة لو ازرات ومرتبطة‬
‫بها‪.‬‬
‫‪ -3‬يتناول القانون اإلداري كذلك صور النشاط اإلداري وأسس اختالفها عن صور النشاط العام‬
‫األخرى وكيفية وأساليب ممارسة اإلدارة لهذا النشاط‪ ،‬ويحدد نظام كل من الهيئات التي تتولى‬
‫أو تدير المرافق العامة‪.‬‬
‫‪ -9‬ويتنازل أيضا الوظائف العامة والموظفين‪ ،‬وصلة اإلدارة بالعاملين في حقلها كما يتضمن‬
‫القواعد التي تنظم تعيين الموظفين‪ ،‬ونقلهم وترقيتهم واجازاتهم وعزلهم وتحديد واجبات والمزايا‬
‫المقررة لهم‪.‬‬
‫‪ -4‬عالقة السلطة الملحية بالسلطة المركزية‪.‬‬
‫‪ -0‬بيان األعمال اإلدارية وشروط صحتها وطرق الرقابة عليها وخاصة الرقابة القضائية‪.‬‬

‫ومفيد القول بأن الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة تختلف فيما بينها بشأن وسائل تحقيق‬
‫هذه الرقابة‪ ،‬فبعض الدول وتطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬تمنع القضاء العادي من النظر في‬
‫أي أنها تجعل الرقابة على األعمال اإلدارية من اختصاص قضاء إداري ينشأ لهذا‬ ‫(‪)1‬‬
‫ق اررات اإلدارة‬
‫(‪2‬‬
‫الغرض كما هو الحال في فرنسا ومصر واألردن ولبنان وسوريا والعراق‪.‬‬

‫أما الدول األخرى فتأخذ بنظام القضاء الموحد‪ ،‬ويكون للمحاكم المدنية الوالية العامة للنظر‬
‫في كافة المنازعات اإلدارية وغير اإلدارية‪ .‬وهناك دول أخرى تأخذ باتجاه تستطيع تسميته "نظام‬
‫التخصص" أي تشكيل شعب أو دوائر في إطار القضاء العادي‪.‬‬

‫ولذلك تنص المادة "‪ "76‬من قانون السلطة القضائية رقم (‪ )7‬لسنة ‪7997‬م على أن تتكون‬
‫المحكمة العليا من الدوائر التالية‪:‬‬
‫الدائرة الدستورية‪.‬‬
‫الدائرة المدنية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫( ) انظر مثال د‪ .‬محمود حافظ‪ ،‬القضاء اإلداري في األردن‪ ،‬منشورات الجامعة األردنية‪ ،‬ط‪ّ ،7‬‬
‫عمان‪7931 ،‬م‪ .‬د‪.‬‬
‫علي خطار شطناوي‪ ،‬القضاء اإلداري األردني‪ ،‬ط األولى‪ ،‬مطبعة كنعان‪7990 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬أنشئت محكمة القضاء اإلداري في العراق بموجب القانون رقم ‪ 726‬لسنة ‪7939‬م‪ ،‬قانون التعديل الثاني لقانون‬
‫مجس شوري الدولة رقم ‪ 60‬لسنة ‪7919‬م‪.‬‬
‫‪ -‬انظر د‪ .‬ماهر صالح عالوي الجبوري‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬كلية صدام للحقوق‪ ،‬دار الحكمة للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بغداد‪7997 ،‬م‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪63‬‬
‫الدائرة التجارية‪.‬‬
‫الدائرة الجزائية‪.‬‬
‫دائرة األحوال الشخصية‪.‬‬
‫الدائرة اإلدارية‪.‬‬
‫الدائرة العسكرية‪.‬‬
‫دائرة فحص الطعون‪.‬‬
‫كما تنص المادة "‪ " 3‬فقرة "ب" على أنه يجوز بقرار من مجلس القضاء األعلى بناء على‬
‫اقتراح من وزير العدل إنشاء محاكم قضائية ابتدائية متخصصة في المحافظات متى دعت الحاجة‬
‫إلى ذلك وفقا للقوانين النافذة‪.‬‬
‫‪ – 3‬القانون المالي‬
‫يتضمن القانون المالي تلك القواعد التي تنظم مالية الدولة من حيث إيراداتها ونفقاتها‪ ،‬وتبين‬
‫طرق اإلنفاق والرقابة عليه ومصادر اإليرادات من ضرائب ورسوم وقروض ويضع الضوابط‬
‫(‪)1‬‬
‫لتحصيل كل من هذه اإليرادات المتنوعة‪.‬‬
‫فموضوع القانون المالي يدور حول موازنة الدولة من إيرادات ونفقات وقد حدد الدستور‬
‫اليمني القواعد والمبادئ التي تنظم النشاط المالي للدولة في "المواد ‪ "73 ،76 ،70 ،79 ،73‬كما‬
‫صدر القانون المالي رقم (‪ )3‬لعام ‪79992‬م محدد القواعد القانونية المنظمة لميزانيات الدولة‪،‬‬
‫وغيرها من القوانين المتعلقة بالنشاط المالي‪.‬‬
‫والقانون المالي حديث عهد كقانون مستقل بذاته‪ ،‬إذ كان إلى وقت قريب جزء من القانون‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلداري‪ ،‬والقانون المالي اليوم تفرعت منه تشريعات منفردة كالتقنين الضريبي‪.‬‬

‫‪ – 4‬القانون الجنائي‬

‫(‪ )1‬ارجع في تعريف القانون المالي على سبيل المثال د‪ .‬حسني سلوم‪،‬المالية العمة "القانون المالي والضريبي"‪ ،‬دار‬
‫الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪7‬ن ‪7992‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز السقاف‪ ،‬نظريات المالية العامة‪ ،‬والنظام المالي في ج‪ .‬ع‪ .‬ي‪ ،‬المعهد القومي لإلدارة‪ ،‬صنعاء‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد العال الصكبان‪ ،‬المالية العامة والمالية العامة في العراق‪ ،‬ج‪ ،7‬دار الكتب للطباعة والنشر‪ ،‬جامعة‬
‫الموصل‪7916 ،‬م‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سمير السيد تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.069‬‬
‫‪69‬‬
‫ويسمى أيضا القانون الجزائي‪ ،‬وهو مجموعة من القواعد التي تحدد الجرائم المعاقب عليها‬
‫قانونا مع العقوبة المقررة لكل منها وكذلك اإلجراءات التي تتبع لتعقب المتهم ومحاكمته وتوقيع‬
‫الجزاء عليه إذا ثبت إجرامه‪.‬‬
‫أي أن القانون الجنائي يشمل طائفتين من القواعد كل طائفة تكون فرعا لهذا القانون‪.‬‬

‫قواعد موضوعية وهي التي تحدد الجرائم وتبين العقوبات المقررة لكل منها وتسمى قانون‬ ‫أ‪-‬‬
‫العقوبات والجرائم كما في اليمن كما يطلق عليه قانون الجزاء في ُعمان والكويت‪.‬‬
‫قواعد شكلية أو إجرائية ويطلق عليها في اليمن قانون اإلجراءات الجزائية وفي مصر قانون‬ ‫ب‪-‬‬
‫اإلجراءات الجنائية وفي لبنان واألردن قانون أصول المحاكمات الجزائية ونتناول هذين‬
‫الفرعين فيما يلي‪:‬‬

‫أ – قانون العقوبات‬
‫وهو مجموعة من القواعد التي تحدد الجرائم وتبين العقوبات التي توقع على مرتكبها وتبين‬
‫شروط المسئولية الجزائية وظروف اإلعفاء أو التخفيف منها‪ ،‬وقانون العقوبات أقدم من القانون‬
‫(‪)1‬‬
‫المدني‪ ،‬وهو يرجع إلى بداية التاريخ القانوني‪ ،‬أنه أول صورة ظهر بها القانون‪.‬‬
‫وينقسم قانون العقوبات إلى قسمين‪ :‬القسم العام‪ ،‬والقسم الخاص‪.‬‬
‫أما القسم العام فهو الذي يتناول الجريمة وأركانها‪ ،‬والمجرم المسئول عنها وأساس مسائلته‬
‫جنائيا‪ ،‬كما يحدد العقوبات والتدابير التي يقررها المشرع وأما القسم الخاص فيتضمن األحكام‬
‫(‪)2‬‬
‫الخاصة بكل جريمة على حدة‪.‬‬
‫وتطبيق القانون الجنائي الحديث يخضع كله لسلطان التشريع‪ ،‬وهناك مبدآن أساسيان تتمثل‬
‫فيهما قاعدة شرعية القانون الجنائي وهما‪:‬‬
‫‪ -7‬مبدأ شرعية الجرائم "ال جريمة بال نص"‬
‫‪ -3‬مبدأ شرعية العقوبات "ال عقوبة بال نص"‬

‫وقد نص الدستور اليمني على هذين المبدأين في المادة ‪ 46‬منه إذ قضى أنه "ال جريمة وال‬
‫عقوبة إال بناء على نص شرعي أو قانوني‪."...‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.977‬‬


‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬حسني الجندي‪ ،‬شرح قانون العقوبات اليمني‪ ،‬القسم العام‪7997 ،‬م‪،‬ص‪ 1‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حسين عبد علي عيسى‪ ،‬قانون العقوبات القسم الخاص‪" ،‬الجرائم الواقعة على األشخاص"‪ ،‬عدن‪7994 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪ 77‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫وكذلك نصت المادة الثانية من القانون رقم ‪ 73‬لسنة ‪7994‬م وبشأن الجرائم والعقوبات‪،‬‬
‫على هذين المبدأين بقولها "المسئولية الجزائية شخصية وال جريمة وال عقوبة إال بقانون"‪ .‬وأخي ار‬
‫نشير إلى أن هناك اتجاه فقهي يدعو كما يعرف بقانون العقوبات الخاص فقيل بوجود قانون‬
‫عقوبات مالي وتجاري وبحري‪...‬إلخ"‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ب – قانون اإلجراءات الجزائية‬

‫ويتضمن القواعد التي تبين اإلجراءات التي تتبع في حال حصول الجريمة‪ ،‬من حيث التحقيق‬
‫مع المتهم‪ ،‬والجهة التي تقوم به‪ ،‬كذلك إجراءات المحاكمة وتحديد المحكمة المختصة‪ ،‬وطرق‬
‫الطعن باألحكام‪ ،‬وجهة تنفيذ العقوبة"‪.‬‬

‫وقد صدر قانون اإلجراءات الجزائية رقم ‪ 79‬لعام ‪7994‬م متضمنا خمسة كتب‪ ،‬الكتاب‬
‫األول مبادئ أساسية وأحكام عامة‪ ،‬الكتاب الثاني في اإلجراءات السابقة على المحاكمة‪ ،‬الكتاب‬
‫الثالث في المحاكمة‪ ،‬الكتاب الرابع طرق الطعن في األحكام‪ ،‬والكتاب الخامس في التنفيذ‪.‬‬

‫‪ – 5‬النظام القضائي اليمني‬

‫يتضمن هذا النظام القواعد القانونية التي تبين أنواع المحاكم ودرجاتها واختصاصاتها‪ ،‬وال‬
‫شك في أن القواعد التي تنظم القضاء تدخل في صميم القانون العام‪ ،‬كونها تنظم السلطة القضائية‬
‫باعتبارها أحد السلطات الثالث في الدولة‪ ،‬ومعلوم لدراسي القانون أن السلطة القضائية ال تدخل‬
‫عادة في نطاق الدراسات الدستورية ألنن الدراسات الدستورية تقتصر فقط في دراسة السلطتين‬
‫وان وردت القواعد الدستورية المنظمة للسلطة القضائية في صلب الدستور‬ ‫التشريعية والتنفيذية‪،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫كما هو الحال في الفصل الثالث من دستور الجمهورية اليمنية"المواد ‪."703 ← 741‬‬

‫واذا كان الباحثون في نظرية القانون العام لم يألفوا بحث ودراسة النظام القضائي في إطار‬
‫ليؤسس بذلك عهد جديد في مجال‬ ‫(‪) 3‬‬
‫فروع القانون العام فهناك من خرج على هذا المألوف‬

‫(‪ ) 1‬انظر مثال د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الجرائم الضريبية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪7992 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،3‬د‪ .‬كامل‬

‫السعيد‪ ،‬شرح األحكام العامة في قانون العقوبات األردني والقانون المقارن‪ ،‬ج‪ ،7‬ط‪ ،3‬دار الفكر‪ّ ،‬‬
‫عمان‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد سليم محمد عزوي‪ ،‬الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬مكتبة دار‬
‫الثقافة‪ ،‬ط‪7994 ،9‬م‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫(‪ )3‬ارجع د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪ 69‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫الدراسات القانونية متجاو از التقسيم التقليدي العتيق لفروع القانون العام والذي وضع مداميكه فقهاء‬
‫الرومان‪.‬‬
‫والقانون المنظم للسلطة القضائية في الجمهورية اليمنية هو القانون رقم واحد لسنة ‪7997‬م‬
‫"قانون السلطة القضائية"‪ ،‬وتوجز أهم المعالم الرئيسية لهذا القانون‪.‬‬

‫‪ -7‬بالرغم من النص الدستوري حول استقالل السلطة القضائية م ‪ 741‬فقد نصت المادة األولى‬
‫من قانون السلطة القضائية على استقالل السلطة القضائية ويعتبر استقالل القضاء شرطا‬
‫(‪)1‬‬
‫أساسيا لتوافر مبدأ الشرعة واحترام سيادة القالون‪.‬‬
‫‪ -3‬يحظر القانون إنشاء المحاكم االستثنائية "والمحاكم االستثنائية هي محاكم تشكل في ظروف‬
‫استثنائية وتختص بالفصل في أمور معينة بموجب نص قانون خاص‪.‬‬
‫وهذه المحاكم تزول بزوال الظروف االستثنائية التي اقتضتها أو يحسمها القضاء التي أوكلت‬
‫(‪)2‬‬
‫مهمة حسمها‪ ،‬كما ال يشترط توافر الثقافة القانونية في أعضائها‪.‬‬
‫‪ -9‬حددت المادة ‪ 31‬من القانون درجات المحاكم بقولها "تكون المحاكم كما يلي‪ -7 :‬المحكمة‬
‫العليا‪ -3 ،‬محاكم االستئناف‪ -9 ،‬المحاكم االبتدائية‪.‬‬
‫‪ -4‬تحدد القانون كيفية تكوين المحكمة العليا بوصفها أعلى هيئة قضائية وبين مهامها م "‪"73‬‬
‫كما بين مهام رئيس المحكمة‪ ،‬وكذلك الدوائر التي تتكون منها المحكمة‪.‬‬
‫‪ -0‬أجاز القانون إنشاء محاكم قضائية ابتدائية في المحافظات متى دعت الحاجة لذلك‪ ،‬كما‬
‫نصت المادة "‪ "49‬على إنشاء محاكم ابتدائية تختص بالنظر في قضايا األحداث‪ .‬وقد صدر‬
‫قانون رعاية األجداث رقم ‪ 34‬لسنة ‪ 7993‬م‪ .‬ومرد اهتمام المشرع اليمني باألحداث كونها‬
‫عماد المستقبل وأمل المجتمع والعمود الفقري لألسرة‪ ،‬ناهيك عن اهتمام الجدول جميعها اليوم‬
‫(‪)3‬‬
‫بظاهرة جنوح األحداث والبحث عن سبل معالجتها بشأن إصالحهم وتقويمهم‪.‬‬
‫‪ -6‬نظم القانون النيابة العامة بوصفها أحد عناصر السلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ -1‬حدد القانون كيفية تشكيل مجلس القضاء وصالحياته‪.‬‬
‫‪ -3‬وفيما يتعلق بحصانات القضاة وتعيينهم وعزلهم ومحاسبتهم‪ ،‬وغير فقد شملها القانون إضافة‬
‫إلى تحديده لمهام هيئة التفتيش القضائي‪...‬إلخ‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية واإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪7911 ،‬م‪ ،‬ص‪763‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬حسن الجوخدار‪ ،‬قانون األحداث الجانحين‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬ط‪7993 ،7‬م‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪66‬‬
‫كانت تلك لمحة عن فروع القانون العام‪ ،‬ولو أن هناك من يعد قانون التأمينات االجتماعية‬
‫فرعا من فروع القانون العام‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫فروع القانون الخاص (‪)Branches Private Law‬‬
‫‪ – 91‬سلف القول بأن القانون الخاص هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العالقات‬
‫التي تكون الدولة طرفا فيها بصفتها صاحبة السيادة والسلطة‪ .‬هذا ويتفرع القانون الخاص إلى عدة‬
‫فروع في مقدمتها القانون المدني بوصفه أهم فروع القانون الخاص‪ ،‬بل هو األساس التي تفرعت‬
‫منه سائر فروعه وهي القانون التجاري والقانون البحري والقانون الجوي وقانون العمل وقانون‬
‫المرافعات‪ ،‬وأخي ار فهناك نوع مستقل ومتميز بطابع خاص من حيث وظيفة قواعده ويطلق عليه‬
‫القانون الدولي الخاص‪.‬‬
‫ونعرض لكل فرع من هذه الفروع باقتضاب غير مخل‪.‬‬
‫‪ – 6‬القانون المدني (‪)Civil Law‬‬
‫إذ يتوجه إلى جميع‬ ‫(‪) 2‬‬
‫يعد القانون المدني الشريعة العامة في عالقات القانون الخاص‪،‬‬
‫األفراد بصفتهم أعضاء في المجتمع ودن النظر إلى اختالف طوائفهم ومهنهم وذلك بخالف الحال‬
‫بالنسبة للفروع األخرى للقانون الخاص‪ ،‬ولذلك فهو يعد المرجع حيت ال توجد في فروع القانون‬
‫الخاص األخرى كالقانون التجاري وقواعد العمل قواعد بشأن العالقات التي تحكمها وهذا ما يؤكده‬
‫منطوق المادة (‪ )791‬من القانون المدني اليمني بالقول‪( :‬إذا لم يوجد نص في القوانين الخاصة‬
‫يمكن تطبيقه على المسألة المتنازع عليها يرجع أوال إلى أحكام هذا القانون)‪.‬‬
‫تكمن أهمية القانون المدني في تفوقه في الفن القانوني عن سائر فروع القانون‪ ،‬بحيث عد‬
‫نموذجا استهدت به القوانين األخرى في تطورها واستعارت من نظمه وقواعده ما سمحت به‬
‫(‪)3‬‬
‫طبيعتها‪.‬‬
‫واألصل أن القانون اليمني ينظم نوعين من العالقات األولى‪ :‬عالقة الفرج بأسرته بما يضعه‬
‫من قواعد األحوال الشخصية‪.‬‬
‫والثانية هي العالقات المالية عن طريق ما يضعه من قواعد المعامالت أو األحوال العينية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس سارت القوانين المدنية في الدول األوروبية‪ ،‬ففي فرنسا يشمل قانون نابليون لعام‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬ص‪ .069‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال و د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد لبيب شنب‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‪ ،‬القاهرة‪7936-30 ،‬م‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ 7324‬قواعد المعامالت المالية وقواعد األحوال الشخصية وكذا الحال في سويس ار وتركيا وغيرها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫أما الدول العربية واإلسالمية كمصر وسوريا والعراق واألردن والكويت وليبيا واليمن فالقانون المدني‬
‫ينفرد بتنظيم الروابط المالية ويترك أمر تنظيم األحوال الشخصية لقانون مستقل استقيت أحكامه من‬
‫الشريعة اإلسالمية لينظم الزواج والطالق والنفقة والحضانة واإلرث والنسب والميراث والوصية‬
‫وغيرها من قضايا األسرة‪.‬‬
‫وقد صدر قانون األحوال الشخصية رقم ‪ 32‬لعام ‪7993‬م متضمنا لكل ذلك إال أن القانون‬
‫المدني اليمني ظل محتويا على حكم بعض المسائل المتعلقة باألحوال الشخصية مثل الشخص‬
‫( ‪)2‬‬
‫الطبيعي واألحكام المتصلة ببدء الشخصية وانتهائها‪ ،‬واألهلية والموطن ودرجة القرابة‪..‬إلخ‪.‬‬
‫والقانون المدني اليمني رقم ‪ 73‬لعام ‪7993‬م الصدر في ‪ 39‬مارس ‪7993‬م قد ألغى كل‬
‫القوانين التي كانت نافذة والصادرة في صنعاء وعدن‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬

‫ويعد القانون المدني اليمني أحدث قانون مدني عربي يصرح في مستهل أحكامه بأنه مستمد‬
‫من الشريعة اإلسالمية حيث تنص المادة األولى على أن (يسري هذا القانون المأخوذ من أحكام‬
‫(‪)4‬‬
‫الشريعة اإلسالمية على جميع المعامالت والمسائل التي تتناولها نصوصه لفظا ومعنى‪.)...‬‬

‫ويالحظ أن استقالل بعض فروع القانون الخاص من القانون المدني‪ ،‬يمثل ظاهرة مستمرة‪.‬‬
‫فلم يقتصر أألمر على القانون التجاري القانون البحري وقانون العمل‪ ،‬بل أننا نشهد اليوم أيضا‬
‫استقالل قانون الملكية األدبية والفنية والصناعة ومثال ذلك ما فعله المشرع اليمني عندما أصدر‬
‫القانون رقم ‪ 79‬لعام ‪7994‬م بشأن الحق الفكري‪.‬‬

‫وتجب اإلشارة هنا إلى أن هناك من يرى بأن إطالق اسم القانون المدني على هذا القانون‬
‫إطالق خاطئ‪ ،‬ألنه ينظم عالقات الناس‪ ،‬وهو قانون معامالت وليس هناك أي صلة بين لفظ‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪ .01‬د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫(‪ )2‬المواد ‪ 17-93‬من القانون المدني اليمني‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬القوانين الصادرة في صنعاء هي القوانين ذات األرقام ‪ 31 ،77 ،72‬لسنة ‪7919‬م‪ ،‬و‪1‬و ‪ 6‬لسنة ‪،7939‬‬
‫والقانون الصادر في عدن رقم ‪ 3‬لسنة ‪7933‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر د‪ .‬محمد وحيد الدين سوار‪ ،‬االتجاهات العامة في القانون المجني األردني‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬ط األولى‪،‬‬
‫‪7996‬م‪ ،‬ص ‪4‬و‪.77‬‬
‫‪63‬‬
‫مدني والمعامالت‪ ،‬فوصف القانون بأنه مدني وصف غير منطبق على حقيقته‪ ،‬ألن حقيقته أنه‬
‫(‪)1‬‬
‫ينظم عالقات الناس‪ ،‬وهذه معامالت‪ ،‬وال صلة للقانون بالمدنية مهما أريد بها من معان‪.‬‬

‫‪ – 2‬القانون التجاري (‪)Commercial Law‬‬

‫تعريفه‪ :‬القانون التجاري عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم أو تحكم فئة من‬
‫وقد كان الزدياد‬ ‫(‪)2‬‬
‫األعمال هي المسماة باألعمال التجارية‪ ،‬وطائفة من األشخاص تسمى التجار‪.‬‬
‫واتساع النشاط التجاري دوره في بروز الحاجة إلى وضع قواعد خاصة تالئم ما تقتضيه التجارة من‬
‫سرعة في التعامل وما تقوم عليه عالقات التجار بعضهم بالبعض اآلخر من ثقة ال تتوفر في‬
‫المعامالت غير التجارية‪ ،‬ولذلك كان بديهيا أن يستقل القانون التجاري عن القانون المدني ليصبح‬
‫فرعا قائما بذاته‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬

‫ويمكن بيان األوضاع التي يتناولها القانون التجاري على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -7‬بيان وتحديد األعمال التجارية‪.‬‬
‫‪ -3‬الشروط الواجب توافرها الكتساب الشخص صفة التجار‪.‬‬
‫‪ -9‬االلتزامات المفروضة على التجار‪ ،‬كالقيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر‪.‬‬
‫‪ -4‬أنواع الشركات‪ ،‬سواء كانت شركات أشخاص أو شركات أموال‪.‬‬
‫‪ -0‬العقود التجارية‪ ،‬كعقد الوكالة بالعمولة‪.‬‬
‫‪ -6‬أحكام األوراق التجارية كالكمبياالت والشيكات وكذلك األسهم وأعمال البنوك‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلفالس التجاري والصلح الواقي لإلفالس‪.‬‬
‫‪ -3‬األسماء التجارية والعالمات التجارية وحمايتها‪.‬‬

‫وينظم الجانب الغالب من هذه الموضوعات التقنين التجاري رقم ‪ 93‬لعام ‪7997‬م الصادر‬
‫في ‪ 73‬أبريل ‪ 7997‬م كما أصدر المشرع اليمني أيضا القوانين التالية على وفق نص المادة‬
‫السابعة من القانون التجاري والقوانين هي‪:‬‬

‫(‪ )1‬يرجع في ذلك أحمد الداعور‪ ،‬نقض القانون المدني‪ ،‬كتاب الوعي‪ ،‬ج‪ ،3‬ط‪ ،9‬دار األمة‪ ،‬بيروت‪7992 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.33‬‬
‫( ‪ )2‬انظر في تعريف القانون التجاري‪ ،‬د‪ .‬مصطفى كمال طه‪ ،‬القانون التجاري الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪7933‬م‪ ،‬ص ‪ .1‬د‪ .‬محمد عبد القادر الحاد‪ ،‬شرح القانون التجاري اليمني‪ ،‬مكتبة الجيل الجديد‪7999-93 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.0‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد حسين إسماعيل‪ ،‬القانون التجاري األردني‪ ،‬ط‪ ،7‬دار ّ‬


‫عمان‪ ،‬ص‪,0‬‬
‫(‪ )3‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد السالم علي المزوغي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.717‬‬
‫‪69‬‬
‫قانون السجل التجاري رقم ‪ 99‬لسنة ‪7997‬م‪ .‬وقانون الشركات رقم ‪ 94‬لسنة ‪7997‬م قانون‬
‫البنوك التجارية رقم ‪ 96‬لسنة ‪7997‬م‪ ،‬وقانون تنظيم الوكاالت وفروع الشركات والبيوت األجنبية‬
‫رقم ‪ 96‬لسنة ‪7993‬م وقانون بشأن اإلشراف والرقابة على شركات ووسطاء التأمين رقم ‪ 91‬لسنة‬
‫‪7993‬م‪.‬‬
‫ويتصف القانون التجاري حاليا بخصائص عدة منها تحوله باتجاه القانون العام‪ ،‬نتيجة‬
‫لسيطرة الدولة على االقتصاد‪ ،‬ووضعها قواعد وشروط إلزامية تخالف ما هو مألوف ضمن القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وكذلك تغليب الصفة القانونية على الصفة العقدية ولذلك نتيجة التساع فكرة النظام العام‬
‫بشكل متزايد في القانون التجاري في هذا العصر‪ .‬وكذلك خاصية توسعه لشمل جميع أوجه الناشط‬
‫االقتصادي‪ ،‬هذا ما يدعو إلى إبداله باسم القانون االقتصادي‪ ،‬وأخي ار ظاهرة توحده دوليا نتيجة‬
‫لتزايد نطاق التجارية الدولية‪ ،‬وشعور أطرافها المختلف في التعامل التجاري الدولي بضرورة وجود‬
‫قواعد عامة مشتركة تحكم العالقات الناشئة بينها والميدان الغالب فيه ظاهرة توحد قانون التجارة‬
‫(‪)1‬‬
‫الدولي‪ ،‬هو ميدان النقل بوجه خاص‪.‬‬
‫‪ – 3‬القانون البحري‬
‫القانون البحري هو مجموعة القواعد التي تنظم العالقات الخاصة بالمالحة البحرية حيث‬
‫(‪2‬‬
‫تتركز قواعد القانون البحري في السفينة وما تحمله بوصفها وسيلة هذه المالحة‪.‬‬

‫فهو ينظم الحقوق التي ترد على السفينة‪ ،‬والعقود التي تكون السفينة محال لها كبيع السفينة‬
‫وتجهيزها‪ ،‬وعالقة الربان بصاحب السفينة وبالمالحين‪ ،‬وعقد العمل البحري‪ ،‬ومسئولية الناقل‪،‬‬
‫والتأمين على السفن والبضائع‪ ،‬إلى غير ذلك من المسائل التي تتصل بالمالحة البحرية‪.‬‬

‫ويتضح أن المسائل البحرية التي يتكفل القانون البحري بتنظيمها تعد من قبيل األعمال‬
‫التجارية‪ ،‬إال أن هناك اعتبارات دعت إلى استقالله عن القانون التجاري‪ .‬حيث روعي أن السفينة‬
‫كبيرة القيمة وأنها تتعرض ألخطار خاصة‪ ،‬كما أنها تكون في أغلب األحيان بعيدة عن رقابة‬
‫صاحبها‪.‬‬

‫وقد صدر القانون البحري اليمني متضمنا معظم القواعد المتعلقة بالمالحة البحرية ويحمل‬
‫رقم ‪ 70‬لعام ‪7994‬م‪ .‬ويعد القانون البحري اليمني من الفروع المهمة للقانون الخاص في‬
‫الجمهورية اليمنية‪ ،‬وذلك للموقع االستراتيجي الهمم لليمن‪ ،‬بل لقد كان هذا الموقع مصدر رخاء‬

‫(‪ )1‬انظر عبد الكاظم فارس المالكي‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬ص‪.717-712‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬كمال محمد أبو سريع‪ ،‬القانون البحري اليمني‪ ،‬منشورات جامعة صنعاء‪7997 ،‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫‪12‬‬
‫للممالك اليمنية القديمة والتي كانت سباقة في سن التشريعات في العالم القديم بما في ذلك التشريع‬
‫الروماني‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ومن أمثلة القوانين في اليمن القديم قانون قتبان التجاري والقوانين الحميرية والتي بلغت ‪46‬‬
‫فصال‪.‬‬
‫‪ – 4‬القانون الجوي‬
‫القانون الجوي هو مجموعة من القواعد التي تنظم العالقات الخاص بالمالحة الجوية وتدور‬
‫هذه العالقة حول الطائرة من حيث ملكيتها وجنسيتها وتسجيلها وعقد النقل الجوي والمسئولية عن‬
‫األضرار التي قد تصيب الراكب أو تصيب من هو على سطح األرض‪ ،‬إلى ذلك من المسائل‬
‫(‪)2‬‬
‫المتعلقة بالمالحة الجوية‪.‬‬

‫وهذا الفرع من القانون حديث النشأة‪ ،‬وترجع معظم قواعده إلى المعاهدات الدولية في شأن‬
‫المالحة الجوية‪ .‬كاتفاقية وارسو لسنة ‪7939‬م وتعديالتها الخاصة بالنقل الجوي‪.‬‬

‫‪ – 5‬قانون العمل‬

‫يضم قانون العمل القواعد التي تنظم العالقات بين العمال وأرباب األعمال‪ ،‬وهو قانون‬
‫حديث النشأة‪ ،‬حيث كان إلى عهد قريب تخضع العالقات بين العمال وأصحاب العمل للقانون‬
‫المدني‪ ،‬وقد ظهر في أعقاب الثورة الصناعية وما جرته على العمال من مساوئ نتيجة استغالل‬
‫أصحاب رؤوس األموال لهم‪ .‬وقد حملت األوضاع المشرع للتدخل وتنظيم هذه العالقات على أسس‬
‫(‪)3‬‬
‫تضمن حقوق العمال‪ .‬وقد ازدادت أهمية قانون العمل حتى صار من أهم فروع القانون الوطني‬
‫فغالبية قواعده آمرة ألنها ت عبر عن ازدياد تدخل الدولة في العالقات الخاصة فهي قواعد تتجه أساسا‬
‫لحماية العمال من استغالل أصحاب العمل‪ ،‬وقد صدر في الجمهورية اليمنية قانون العمل تحت‬
‫رقم ‪ 6‬لسنة ‪7990‬م‪ ،‬وقد نصت المادة الثالثة منه على أنه يسري على العاملين في القطاع‬
‫الخاص والتعاوني وأي قطاع أجنبي ينطبق عليه قانون العمل‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬محمد أحمد علي‪ ،‬من تاريخ التشريع في اليمن‪ ،‬دراسات يمنية‪ ،‬العدد ‪ ،32‬أبريل – مايو –يونيو‪7930 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.330‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫(‪ )3‬انظر مثال د‪ .‬شاب توما منصور‪ ،‬شرح قانون العمل العراقي‪ ،‬بغداد‪7913 ،‬م‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ – 1‬قانون المرافعات‬

‫أو قانون أصول‬ ‫(‪) 1‬‬


‫يتضمن قانون المرافعات والتنفيذ المدني كما يسميه المشرع اليمني‬
‫المحاكمات المدنية كما هو الحال في لبنان واألردن وقانون المرافعات المدينة والتجارية كما يسميه‬
‫القانون المصري‪ ،‬القواعد التي تكفل حماية الحقوق واقتضائها‪ ،‬وأصول تنفيذ األحكام الصادرة‬
‫بشأنها‪.‬‬

‫وقد جاء قانون المرافعات والتنفيذ المدني الصادر في ‪ 9‬أبريل ‪7993‬م مبينا للقواعد التي‬
‫تبين اإلجراءات الواجب على المحاكم تطبيقها وعلى األف ارد إتباعها في الدعاوى التي يقيمها هؤالء‬
‫فيما يتعلق بأمورهم المدنية وأصول تنفيذ األحكام الصادرة بشأنها‪ ،‬ولعلنا نستطيع أن نلحق بهذه‬
‫القواعد أيضا ما تضمنه قانون اإلثبات الصادر بتاريخ ‪ 39‬مارس ‪7993‬م من قواعد تنظيم الوسائل‬
‫فقانون المرافعات إذا قانون شكلي إجرائي يرسم‬ ‫(‪)2‬‬
‫التي يجب اعتمادها إلثبات الحقوق المدعى بها‪.‬‬
‫طريق حماية الحقوق التي تقررها القوانين األخرى‪.‬‬

‫على أساس‬ ‫ويرى بعض الباحثين أن قانون المرافعات هو فرع من فورع القوانين المختلطة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫انه من فروع القانون العام ألنه ينظم المحاكم ويعين االختصاص وطرق الطعن‪ ،‬وهذه القواعد من‬
‫قواعد القانون العام ألنها تتعلق بأمور مرفق عام وهو مرفق القضاء‪ .‬على أساس أنه من فروع‬
‫القانون الخاص من جهة أخرى ألنه يتضمن القواعد التي تتعلق برفع الدعوى وتقديم األدلة‬
‫واجراءات المحاكم واصدار الحكم‪ ،‬وهذه القواعد من قواعد القانون الخاص بأنها تهدف إلى حماية‬
‫المصالح الفردية‪.‬‬

‫‪ – 7‬القانون الدولي الخاص‬

‫الموضوع الرئيسي التي تعنى به قواعد القانون الدولي الخاص هو بيان اختصاص محاكم‬
‫الدولة في مجموعها بنظر الدعاوى التي ترفع بشأن العالقات القانونية الخاصة ذات العنصر‬
‫األجنبي‪ ،‬ثم بيان القانون الواجب التطبيق على المسائل المختلفة التي يثور بشأنها النزاع في نطاق‬
‫هذه العالقات‪ ،‬كما لو تزوج يمني من مصرية‪ ،‬أو اشترى يمني من فرنسي عقا ار في لندن‪.‬‬

‫(‪ )1‬وهو القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪7993‬م‪ ،‬أما في األردن فال يشمل قانون أصول المحاكمات المدنية قواعد إجراءات‬
‫التنفيذ بل يوجد قانون مستقل هو قانون رقم ‪ 97‬لسنة ‪7903‬م‪ ،‬قانون اإلجراء‪.‬‬
‫(‪ )2‬وهو القانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪7993‬م بشأن اإلثبات‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،039‬د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪ ,331‬ولكن االتجاه في الفقه اعتبار قانون المرافعات من فروع القانون الخاص‪،‬‬
‫وهذا األرجح‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫كون أن‬ ‫(‪)1‬‬
‫وبالرغم من تسمية هذا القانون بالقانون الدولي الخاص‪ ،‬إال أنه يعد قانونا وطنيا‬
‫ويقصد بالقول بأن‬ ‫القانون الدولي الخاص ال شأن له بذات الدولة أو بكيانها أو بعالقاتها العامة‬
‫(‪)2‬‬

‫القانون الدولي الخاص قانونا وطنيا أو داخليا‪ ،‬بمعنى أنه ال توجد قواعد موحدة تسير عليها الدولة‬
‫وبالرغم من أن تنازع‬ ‫(‪)3‬‬
‫فيما يتعلق لمسائل القانون وانما لكل دولة قواعدها الخاصة في هذا الشأن‪.‬‬
‫القوانين هو الموضوع الرئيسي أو األساس والوحيد للقانون الدولي الخاص‪ ،‬إال أن جانب من الفقه‬
‫هو الغالب اليوم‪ ،‬قد أدخل القواعد القانونية المنظمة للجنسية واالختصاص القضائي الدولي‬
‫والموطن والمركز القانوني لألجانب وتنفيذ األحكام األجنبية‪ ،‬باعتبارها موضوعات أولية بالنسبة‬
‫لموضوع تنازع القوانين وتنازع االختصاص‪ .‬ومعلوم أن قواعد الجنسية والموطن ومركز األجانب‬
‫وعلى هذا األساس عد البعض القانون الدولي‬ ‫(‪) 4‬‬
‫قواعد موضوعية أي من قواعد القانون العام‬
‫الخاص من فروع القانون المختلط‪.‬‬

‫وقواعد القانون الدولي الخاص ال يضمها قانون موحد‪ ،‬بل هي توجد موزعة على عدد من‬
‫(‪)5‬‬
‫القوانين التي تتضمن بعض موادها الكثير من هذه القواعد‪.‬‬

‫وللقانون الدولي الخاص شأنه شأن أي قانون مصادرة‪ ،‬وهي متنوعة‪ ،‬فهناك المصادر‬
‫الداخلية والمتمثلة في التشريع والعرف والقضاء والمبادئ العامة للقانون أما المصادر الخارجية أو‬
‫الدولية فتتمثل في المعاهدات واالتفاقيات والعرف الدولي والقضاء الدولي‪ ،‬وكذلك مصادر علمية‬
‫والمتمثلة في الفقه الداخلي والدولي علما بأن قواعد التنازع في القانون الدولي الخاص تأسست‬
‫أصال في البداية على أداء الفقهاء في هولندا وايطاليا وفرنسا وانجلترا‪.‬‬
‫(‪) 6‬‬

‫أما بالنسبة لقواعد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فإنها تؤدي بالمسبة للقانون الدولي الخاص بدرجة‬
‫أساسية دور النظام العام‪ ،‬كما ورد ذلك في المادة (‪ )36‬من القانون المدني اليمني‪.‬‬

‫(‪ )1‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬ص‪.49‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )3‬انظر القانون المدني اليمني المواد ‪ 96-34‬أيضا قانون المرافعات المدني اليمني المواد ‪.67-03‬‬
‫( ‪ )4‬انظر د‪ .‬حسن الهداوي‪ ،‬الجنسية ومركز األجانب وأحكامها في القانون الكويتي‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬ط‪،7‬‬
‫‪7919‬م‪ ،‬ص‪ 97‬وما بعدها‪ ،‬ود‪ .‬عباس الصراف ود‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫(‪ )5‬انظر د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم الحقوق‪ ،‬المطبعة العلمية‪ ،‬دمشق‪7917 ،‬م‪ ،‬ص‪.770-774‬‬
‫(‪ )6‬انظر د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪ ،12‬وعبد الكاظم فارس المالكي‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬ص‪ 734‬ود‪ .‬محمد‬
‫أحمد علي‪ ،‬القانون الدولي الخاص المعاصر في اليمن "المصادر" دراسات يمنية‪ ،‬العدد‪ ،97‬مارس ‪7933‬م‪،‬‬
‫‪.379‬‬
‫‪19‬‬
‫وال ريب في أن تطبيق القانون األجنبي ال يعني أن هذا القانون يطبق لما له من سلطان أو‬
‫سيادة‪ ،‬وانما يطبق ألن القانون الوطني صاحب السيادة أو السلطان هو الذي يأمر بتطبيقه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‬

‫‪ – 93‬القاعدة القانونية‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬تنظم سلوك األفراد داخل المجتمع‪ .‬وفي إطار هذا التنظيم‬
‫قد يقتضي األمر وضع قواعد تتمتع بدرجة مطلقة من اإللزام نظ ار الرتباطها بمصلحة عامة‬
‫للمجتمع‪ ،‬فتأتي القواعد القانونية في هذا المجال في صورة قواعد آمرة ال يجوز االتفاق على‬
‫مخالفتها‪ ،‬أما فيما يتعلق األمر بالمصالح الخاصة لألفراد فإن تنظيمه يأتي في صورة قواعد مكملة‬
‫يكون لألفراد في عالقاتهم حرية استبعاده واالتفاق على ما يغايره‪.‬‬

‫ولمعرفة ذلك يقتضي أن نعطي تعريف للقواعد اآلمر والمكملة‪ ،‬ثم نبحث في معيار التمييز‬
‫بينهما‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬معيار التمييز بين القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫تعريف القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‬

‫‪ – 99‬استند تقسيم القواعد القانونية إلى قواعد آمرة وقواعد مكملة أو مفسرة إلى قوة اإللزام في‬
‫هذه القواعد‪.‬‬

‫والقواعد اآلمرة هي التي ال يجوز لألفراد مخالفتها أو االتفاق على عكسها أو على استبعاد‬
‫حكمها‪ ،‬أي أن القاعدة اآلمرة أو الناهية هي قاعدة مطلقة التطبيق‪ ،‬تنعدم حرية األفراد فيما يتعلق‬
‫بكل ما يسمها بالتعديل أو التغيير أو االستبعاد‪.‬‬

‫أما القواعد المكملة أو المفسرة كما يطلق عليها أيضا‪ ،‬فهي تلك القواعد التي يجوز لألفراد‬
‫االتفاق على ما يحالف حكمها ألن هذه القواعد لم يضعها المشرع إال لتكملة إرادة األفراد عند‬

‫‪14‬‬
‫إغفالها االتفاق على حكم رابطة أو مسألة معينة‪ ،‬وعلى ذلك إذا نهضت اإلرادة ونظمت هذه الرابطة‬
‫وجب إتباع حكم هذه اإلرادة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫مرده تلك الحرية الممنوعة لألفراد‬ ‫وتنقسم القواعد القانونية إلى قواعد آمرة وقواعد مكملة‪،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫في تنظيم عالقاتهم‪ ،‬فحيث تقيد هذه الحرية تكون القاعدة آمرة‪ ،‬وعندما تطلق هذه الحرية تكون‬
‫القاعدة مكملة‪ ،‬والعبرة في تقييد الحرية أو إطالقها هو بمدى تعلق العالقة القانونية بنظام المجتمع‬
‫ومقوماته‪ .‬ومثال ذلك القاعدة التي تقرر الجرائم والعقوبات أو تنظم شئون الوظيفة العامة يضع لها‬
‫المشرع أحكام يلتزم بها األفراد بصورة مطلقة بحيث ال يملكون بشأنه سلطة التعديل أو التبديل‪.‬‬

‫وفي نطاق األحوال الشخصية ال يجوز لألفراد على مخالفة األحكام الواردة في القانون‬
‫والمستمدة من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬كأن يتفقوا على توزيع اإلرث بشكل مغاير لما هو وارد في‬
‫الكتاب السادس "المواريث" من قانون األحوال الشخصية رقم ‪ 32‬لسنة ‪7993‬م أو االتفاق على‬
‫تغيير سن الرشد إلى ‪ 73‬سنة بدال من ‪ 70‬سنة فهذا االتفاق باطل لمخالفته نص المادة ‪ 07‬من‬
‫القانون المدني اليمني والذي حدد سن الرشد ‪ 70‬سنة كاملة‪.‬‬
‫كذلك يعد باطال على االتفاق على جعل سن األهلية التجارية ‪ 32‬سنة بدال من ‪ 73‬سنة‬
‫لمخالفة ذلك لنص المادة ‪ 39‬من القانون التجاري اليمني والتي حددت سن األهلية التجارية ‪...‬إلخ‬
‫ألن مثل هذه القواعد آمرة ليس لألفراد حق مخالفتها‪.‬‬
‫غير أن المشرع يرى أحيانا أن الموضوعات التي تنصب عليها أحكام القانون هي مسائل‬
‫تهم األفراد أساسا وتشكل مصالح خاصة بهم وليس لها خطورة على المجتمع ككل وهنا يقوم بوضع‬
‫تنظيم قانوني نموذجي لها كي يسير عليها األفراد في معامالتهم بشأنها ولكن في ذات الوقت يقدر‬
‫أن ذوي الشأن قد يكونون أكثر دراية بشئونهم الخاصة ويرغبون في تنظيمها على وجه آخر مخالف‬
‫للنموذج الذي وضعه المشرع ولذلك ترك مجاال لسلطان إرادتهم في هذا الصدد فأتاح لهم االتفاق‬
‫على مخالفة القواعد التي وضعها لتنظيم الموضوعات المتعلقة بشئونهم الخاصة‪ .‬فقد يحدث مثال‬
‫أن يقتصر اتفاق المتعاقدان على المسائل الجوهرية في التعاقد‪ ،‬تاركين تنظيم سائر المسائل‬
‫التفصيلية‪ .‬ففي عقد البيع مثال قد يتفقان على المبيع والثمن ولكن يختلفان على موعد دفع الثمن‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪ ،07‬د‪ .‬سهيل الفتالوي‪ ،‬ص‪ ،93‬د‪ .‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬ص‪ ،39‬د‪ .‬خالد الزعبي‪،‬‬
‫الصدةـ ص‪.12‬‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬ص‪ ،49‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ ) 2‬يطلق البعض على القواعد المكملة القواعد المقررة‪ ،‬كما يفضل البعض اسم مكملة منتقدا مصطلح مفسرة‪ ،‬انظر‬
‫جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ ،19‬د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪10‬‬
‫ومكانه‪ ،‬وال على موعد تسليم المبيع ومكانه‪ ،‬وال على ما يترتب للمشتري من العقد من ضمانات‬
‫من قبل البائع‪.‬‬

‫ولذلك عني المشرع بالنص على تنظيم قانوني لهذه المسائل وأمثالها‪ ،‬تنظيما يجب إعماله‬
‫وتطبيقه إذا لم يتعرض لها ذوو الشأن بالتنظيم‪.‬‬

‫ومعنى أن هذا التنظيم الذي وضعه المشرع ال يصبح ملزما إال تحت شرط عدم اتفاق‬
‫(‪)1‬‬
‫الطرفين على تنظيم آخر خاص‪.‬‬

‫ومن المسلم به أن قواعد القانون العام جميعها آمرة وذلك نظ ار لطبيعة القانون العام الذي‬
‫يتصل بالمصالح العليا للمجتمع‪ .‬أما قواعد القانون الخاص‪ ،‬فهي قواعد مكملة لكونها تنظم‬
‫العالقات الخاصة بين األفراد‪ .‬وبالتالي تبدو إرادة األفراد أكثر وضوحا وتكون الغالبة في تنظيم هذه‬
‫فنظر‬
‫ا‬ ‫العالقات‪ ،‬إال أن قانون المرافعات المدنية وكذلك قانون العمل‪ ،‬والقانون الدولي الخاص‪،‬‬
‫للطبيعة الخاصة لقواعدها والتي ترتبط بطريقة أو بأخرى بالمجتمع ككل‪ ،‬فإن معظم قواعدها آمرة ال‬
‫يجوز االتفاق على خالفها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫إن اتفاق األطراف على مخالفة القاعدة المكملة‪ ،‬ال يعني‪ ،‬ذلك أن القاعدة القانونية المكملة‬
‫ليست ملزمة‪ ،‬إذ ال يتفق ذلك مع القول بأن اإللزام هو العنصر األساسي من بين عناصر القانون‬
‫القانونية‪ ،‬سيان أكانت آمرة أم مكملة‪.‬‬

‫أن القاعدة القانونية المكملة هي قاعد ملزمة من وقت نشوئها مثلها مثل القاعدة القانونية‬
‫اآلمرة‪ ،‬وكل ما في األمر أن لكل قاعدة قانونية شروط معينة يلزم توافرها لتطبيق حكمها‪ .‬ومن‬
‫شروط القاعدة القانونية المكملة أال يتفق األفراد على مخالفة حكمها‪ ،‬فإذا اتفقوا على خالفها‪ ،‬فإنه‬
‫يمتنع تطبيقها ال ألنها ليس ملزمة‪ ،‬ولكن ألن شروطا من شروط تطبيقها تخلف‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫ويرى البعض بأنه من المتصور أن تكون القاعدة آمرة أن تكن=ون مع ذلك مرتبطة بالنظام العام في المجتمع‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪16‬‬
‫مثال ذلك المادة ‪ 492‬مدني يمني‪ ،‬نجد أن المشرع قد نص في آخر هذه المادة على أنه‬
‫"‪ .....‬ما لم يتفق على خالف ذلك‪ ".‬بمعنى أنه إذا سكت األفراد على النص على مخالفتها‪ ،‬فإن‬
‫شروط تطبيقها تكون متوافرة وبالتالي تنطبق عليهم وملزمون بحكمها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫معيار التمييز بين القواعد اآلمرة والقواعد المكملة أو المفسرة‬
‫‪ – 42‬نظ ار لألهمية العملية لتقسيم القواعد القانونية إلى آمرة ومكملة وجب البحث عن معيار‬
‫يمكن عن طريقة التعرف على القاعدة القانونية محل االعتبار‪ ,‬وقد عرف الفقه في هذا الصدد‬
‫معيارين هما‪:‬‬
‫‪ -7‬المعيار اللفظي أو الشكلي "ألفاظ النص"‪.‬‬
‫‪ -3‬المعيار الموضوعي "المعنوي"‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المعيار اللفظي‬


‫يستند هذا المعيار إلى ألفاظ القاعدة القانونية فقد يصاغ نص القاعدة القانونية بطريقة تقطع‬
‫في الداللة إن صراحة أو ضمنا على تطبيقها‪.‬‬
‫فإن ورد في القاعدة أنه ال يجوز أو ال يصح االتفاق على ما يخالف أحكامها أو على‬
‫بطالن مثل هذا االتفاق‪ ،‬دل ذلك على أن القاعدة آمرة‪ .‬ومن قبيل القواعد اآلمرة كل قواعد قانون‬
‫العقوبات التي تعاقب على ارتكاب أفعال معينة‪ .‬كذلك من قبيل القواعد اآلمرة في نطاق القانون‬
‫المدني ما تنص عليه المادة ‪ 41‬من أنه ليس ألحد التنازل عن أهليته أو التعديل من أحكامها كما‬
‫أنه ليس ألحد التنازل عن حريته الشخصية‪ ،‬وما تنص عليه المادة ‪ 36‬بقولها "ال تقسم تركة إال‬
‫بعد إخراج ما يج ب خراجه من رأس التركة‪...‬إلخ‪ .‬كذلك ما نصت عليه المادة ‪ 719‬من أنه "ال‬
‫يصح العقد الصادر من شخص مكره عليه‪...‬إلخ‪ .‬كذلك المادة ‪ 733‬والتي تنص على أنه "ال‬
‫يصح التعاقد على عين محرمة شرعا وال فعل محرم شرعا أو مخالفة للنظام العام أو اآلداب‬
‫العامة‪...‬إلخ‪ .‬كذلك ما أوردته المادة ‪ 671‬من أنه "ال يجوز للمقرض أن يشترط رد عين القرض‬
‫ولكن إذا ردت له لزم قبولها"‪.‬‬
‫ومن أمثلة هذه القواعد اآلمرة في نطاق قانون األحوال الشخصية نورد بعض األمثلة‪ ،‬فالمادة‬
‫‪ 70‬والتي قضت بأنه "ال يصح تزويج الصغير ذك ار كان أو أنثى دون بلوغه خمس عشرة سنة‬
‫والمادة ‪ 40‬والتي تنص على أن "ال يفسخ الزواج إال بحكم المحكمة"‪ ،‬والمادة ‪ 922‬والتي نصت‬
‫على أنه "ال استحقاق ألحد في تركة المورث إذا بعد تحقق وفاته‪...‬إلخ‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬


‫‪11‬‬
‫أما إذا ورد في القاعدة على أنه يعمل بحكمها ما لم يوجد اتفاق أو عرف بقضي بغيره‪ ،‬دل‬
‫ذلك على أنه قاعدة مكملة أو مفسرة‪ .‬من ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 069‬مدني بالقول "في بيع‬
‫العروض وغيرها من المنقوالت إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع وحل الميعاد دون أن‬
‫يدفع الثمن فللبائع دون أعذار أو طلب أن يفسخ البيع ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك‪ .‬كذلك ما‬
‫أوردته المادة ‪ 196‬بأنه "ال يجوز للمستأجر أن يستعمل العين المؤجرة إال فيما أعدت له وعلى‬
‫النحو المتفق عليه أو المتعارف عليه ما لم يكن هناك اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك‪ .‬أيضا‬
‫المادة ‪ 990‬والتي تقضي بأنه "إذا تعدد الموكلون في عمل مشترك كانوا متضامنين قبل الوكيل‬
‫فيما يترتب على تنفيذ الوكالة ما لم يتفق على غير ذلك‪ ،‬كذلك نصت المادة ‪ 706‬من قانون‬
‫األحوال الشخصية على أنه "ال يحكم للزوجة بأكثر من نفقة سنة سابقة على المطالبات القضائية‬
‫ما لم يتفق الزوجان على خالف ذلك)‪.‬‬

‫مما سبق يتبين لنا من صياغة النص وعبارته طبيعة القاعدة القانونية‪ ،‬وهل هي آمرة أو‬
‫مكملة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المعيار الموضوعي أو المعنوي "مضمون النص"‬

‫عندما ال تساعد صياغة النص على استخالص الصيغة اآلمرة أو المكملة للقاعدة القانونية‬
‫والمعيار الموضوعي هو ما‬ ‫يتعين في هذه الحالة اللجوء إلى المعيار الموضوعي أو المعنوي‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫يتضمنه النص من مضمون وموضوع‪ .‬فإذا كان مضمون النص وموضوعه متعلقا بمصالح خاصة‬
‫لألفراد وكانت القاعدة القانونية الواردة فيه قاعدة مكملة‪ ،‬وان كان متعلقا بكيان الجماعة ونظامها‬
‫األساسي ومصالحها األساسية كانت القاعدة القانونية قاعدة آمرة‪ .‬ولما كانت المصالح األساسية في‬
‫المجتمع تتعلق بما اصطلح على تسميته بالنظام العام واآلداب‪ ،‬فالمعيار الموضوعي‪ ،‬يتلخص في‬
‫وهذا يقتضي أن نعرض لفكرة النظام‬ ‫البحث فيما إذا كانت تتعلق بالنظام العام واآلداب أم ال‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫العام واآلداب مع التطرق لبعض تطبيقاتها‪.‬‬

‫النظام العام‬
‫لم تظهر فكرة النظام العام إال مع ظهور تنازع القوانين‪ ،‬وأرتبط هذا المفهوم الحقوقي باسم‬
‫الفقيه اإليطالي "بارتول" زعيم المدرسة االيطالية التي تعد أول مدرسة وضعت النواة األولى لفكرة‬
‫النظام العام‪ .‬أن تعريف النظام العام ليس باألمر الهين‪ .‬وقد عبر عن ذلك "فاري سوميير" بالقول‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الفتاح عبد الباقي‪ ،‬نظرية القانون‪ ،‬القاهرة‪7904 ،‬ن‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫( ‪ )2‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد جسم قاسم‪ ،‬ص‪ ،43‬د‪ .‬سمير السيد تناغو‪ ،‬ص‪ 92‬زكت بعدها‪ /‬جميل‬
‫الشرقاوي‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪13‬‬
‫"أن في محاولة تعريف النظام العام إعناتا ذهنيا كبيرا" كما قال أيضا أحد القضاة اإلنجليز "أنك إذا‬
‫حاولت تعريف النظام العام فإنما تركب حصانا جامحا‪ ،‬ال تدري على أي أرض سيلقي بك‪ ".‬وقال‬
‫بودان‪" :‬ليس كفكرة النظا م العام فكرة تتأبى على التعريف الدقيق‪ ".‬وقد وصف البعض النظام العام‬
‫بأنه ذريعة حكومية‪ ،‬ذريعة تستطيع الدولة بواسطتها قمع االتفاقات الخاصة التي تنال من مصالحها‬
‫األساسية‪ 1(.‬ولم يقتصر األمر على النطاق الفقهي‪ ،‬بل تعدى التشريعات إذ أن كافة الدول لم تضع‬
‫في تشريعات ها تعريفا للنظام العام‪ ،‬ولم يكن المشرع اليمني أحسن حاال‪ .‬فقد اكتفى بذكره فقط‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال في المادة األولى والمادة ‪ 733‬من القانون المدني والتي تنص على أنه "ال يصح‬
‫التعاقد على عين محرمة شرعا وال فعل محرم شرعا أو مخالف للنظام العام اللذين ال يخالفان‬
‫أصول الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫وتعود الصعوبة في تعريف النظام العام بوصفة من األفكار المرنة غير المحددة‪ ،‬والتي‬
‫تتغير وفقا لظروف الزمان والمكان وتختلف تبعا الختالف المذاهب والنظريات السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية السائدة في بلد من البلدان‪.‬‬

‫ففي مجتمع إسالمي‬ ‫(‪)2‬‬


‫فما يعتبر من النظام العام في بلد ما قد ال يعتبر كذلك في بلد آخر‬
‫يعتبر تعدد الزوجات نظاما مقبوال في حين أنه في المجتمعات المسيحية يعتبر أم ار مخالفا للنظام‬
‫العام‪ ،‬والطالق الذي تسلم بجوازه أغلب التشريعات يعد في بعض البالد التي تحرمه قوانينها مخالفا‬
‫للنظام العام‪ .‬ك ما أن النظام العام يختلف في الجماعة باختالف الزمان‪ .‬فبعد أن كانت بعض النظم‬
‫القانونية تمنع اإلقراض بفائدة أصبحت تسمح به اليوم كما أن التأمين على الحياة بعد أن كان‬
‫مخالفا للنظام العام في الماضي أصبح العكس‪.‬‬
‫وفكرة النظام العام أدخلت على القانون المدني الفرنسي في بداية القرن الماضي تحت تأثير‬
‫المذهب الفردي والذي كان حينها يعتبر الفلسفة السائدة‪ ،‬ولكن مبدأ سلطان اإلرادة من أهم تطبيقات‬
‫النظام العام‪.‬‬

‫وال تقتصر مسائل النظام العام على فروع القانون العام بل أن كثير من األمور المتعلقة‬
‫باألسرة والشئون العائلية في القانون الخاص يعد من النظام العام وال يصح أن يكون موضوعا‬
‫لمساومات تعاقدية واتفاقيات خاصة‪ ،‬كالطالق والنفقة والحضانة والميراث ولصعوبة حصر ما‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمد وحيد الدين سوار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،93‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪01‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،99‬وجميل الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،13‬المحامي‪ ،‬د‪ .‬عبد القادر‬
‫الفأر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪19‬‬
‫يدخل في نطاق النظام العام‪ ،‬فقد ترك المشرع تحديد فكرة النظام العام للقضاء فالقاضي في هذا‬
‫الخصوص هو الذي يقع عليه عبء تحديد ما يعتبر من النظام العام‪ ،‬وهو في هذا السبيل‬
‫يستعرض المبادئ األساسية للنظام االجتماعي والقانوني في الدولة‪ ،‬ويستخلص منها مبادئ النظام‬
‫العام في دولته‪ ،‬والقاضي في هذا خاضع لرقابة المحكمة العليا ألنه يفصل في موضوع قانوني ال‬
‫(‪)1‬‬
‫موضع وقائع‪.‬‬

‫تطبيقات النظام العام في نطاق القانون العام‬

‫لن نحاول أن نعطي تطبيقات جامعة لفكرة النظام العام‪ ،‬بل سنكتفي بإيراد بعد األمثلة‪:‬‬

‫ولسنا في حاجة قبل هذه التطبيقات إلى ذكر إن كان مخالفة للقوانين الجنائية أو اإلدارية أو‬
‫المالية تعتبر مخالفة للنظام العام‪.‬‬

‫التنظيم العام للدولة والقوانين المتعلقة باألمن العام‪:‬‬

‫الشك أن القوانين المتعلقة بالتنظيم العام للدولة كالقانون الدستوري من النظام العام‪ ،‬وعليه‬
‫يعتبر باطال كل اتفاق يخالف هذه القوانين كاالتفاق الخاص باالتجار بأصوات الناخبين أو بتنازل‬
‫شخص عن ترشيح نفسه لشخص آخر بمقابل أو بدونه‪.‬‬

‫كذلك تعتبر القوانين المنظمة للسلطة القضائية من النظام العام ألنها تنظم إحدى السلطات‬
‫العامة للدولة‪ ،‬وعلى هذا يعتبر باطال االتفاق على تعديل اختصاص المحاكم فيما عدا االختصاص‬
‫المحلي ألنه روعي فيه مصلحة المتعاقدين‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫وبالمثل يقع باطال كل اتفاق يتعارض مع القوانين المتعلقة باألمن العام كقوانين العقوبات‬
‫كاالتفاق على ارتكاب جريمة‪..‬إلخ‪.‬‬

‫النظم المالية‬
‫ال يجوز االتفاق على مخالفة النظم المالية في الدولة أو القوانين المنظمة للنقد فيها‪ ،‬وعلى‬
‫ذلك يعتبر باطال االتفاق على جعل الملزم بالضريبة "المكلف أو الممول"شخصا آخر أو غير‬
‫الممول الذي عينه القانون‪.‬‬

‫النظم اإلدارية‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪ ،341‬و د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬جبر لطيف كوماني‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪ ،03‬و د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫‪32‬‬
‫تعد النظم اإلدارية وما تحتويه من قواعد ترمي إلى ضمان نزاهة الموظف والى حسن سير‬
‫العمل في المصالح الحكومية من النظام العام ولذا يقع باطال كل اتفاق يتعارض مع الملحة العامة‬
‫التي تحققها هذه النظم‪ ،‬فمثال ال يصح أن يتنازل موظف لزميل عن حقه في الترقية أو العالوة‬
‫‪...‬إلخ‪.‬‬
‫القواعد المتعلقة بالحريات العامة‬
‫تعد الحريات العامة التي كفلها الدستور لألفراد من النظام العام‪ ،‬كالحريات الشخصية وما‬
‫يتفرع عنها من حرية اإلقامة‪ ،‬وحرية الزواج وحرمة النفس وغيرها من الحريات العامة التي ال يخلو‬
‫منها دستور من دساتير الدول‪.‬‬
‫فالحرية الشخصية من النظام العام‪ ،‬ولذلك نصت المادة ‪ 41‬مدني أنه "ليس ألحد التنازل‬
‫عن حريته الشخصية‪".‬‬
‫وحرية اإلقامة من النظام العام وال يجوز إبعاد مواطن عن وطنه أو حظر اإلقامة عليه في‬
‫جهة أو إلزامه في اإلقامة في مكان معين‪ .‬كذلك حرية الزواج وحرمة النفس وحرية العمل والتجارة‬
‫جميعها تعد من النظام العام‪.‬‬

‫تطبيقات لفكرة النظام العام في القانون الخاص‬


‫أن فكرة النظام العام ال تقتصر على القانون العام كما يرى البعض‪ ،‬بل تمتد كذلك إلى‬
‫القانون الخاص‪ ،‬سواء تنازلت قواعد هذا القانون الروابط المالية أو روابط األحوال الشخصية‪،‬‬
‫فقواعد األهلية هي من القواعد اآلمرة‪ ،‬كذلك القواعد المنظمة للعالقات األسرية هي من القانون العام‬
‫فال يجوز مث ال من له الحق في النفقة أن يتنازل مقدما عن حقه كذلك ال يجوز باالتفاق تعديل ما‬
‫بين الزوجين من حقوق وواجبات‪ ،‬كحق الزوج على زوجته من طاعة وأمانة زوجية‪.‬‬

‫وفي مجال الروابط المالية‪ ،‬فأنه وان كان األصل أن تنظيمها متروك لحرية األفراد‪ ،‬إال أننا‬
‫نجد بعض القواعد تتصل بالنظام العام‪ ،‬وال يجوز االتفاق على مخالفتها كعدم صحة االتفاق على‬
‫اإلعفاء من المسئولية المترتبة على العمل غير المشروع المادة "‪ "901‬مدني‪ ،‬وكذلك المقامرة حيث‬
‫نصت المادة ‪ 7729‬مدني كل عقد خاص بمقامرة أو رهان باطل وال يعمل به ويعاقب طرفاه طبقا‬
‫لما هو مقرر في قانون العقوبات‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وفي الجمهورية اليمنية لم يورد المشرع أسوة بغيره نصوصا قانونية تحدد ما يدخل في مفهوم‬
‫اآلداب العامة وما ال يدخل فمثال نصت المادة ‪ 96‬على أنه "ال يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي‬
‫تعين تطبيق ه طبقا للنصوص السابقة إذا كانت هذه األحكام تخالف أحكام الشريعة اإلسالمية أو‬
‫اآلداب العام في الجمهورية)‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الباب الثاني‬
‫القانون بين النشأة والتطبيق واإللغاء‬
‫‪ – 47‬تناولنا في الباب األول وظيفة القانون وعالقته بالحق وتعريفه وأساسه وخصائصه‬
‫التي تميزه عن غيره من العالقات االجتماعية في المجتمع‪.‬‬

‫ونتناول في هذا الباب كيفية نشوء القانون أي ما هو المصدر الذي يسهم في تكوين القاعدة‬
‫القانونية وكذلك نبحث في المبادئ التي على أساسها يتم تطبيق القانون في الزمان والمكان كما‬
‫نسلط الضوء على طرق تفسير القانون والقواعد التي تحكم تغير قواعده أو إلغاءه‪.‬‬

‫وتأسيسا لما سبق سنقسم هذا الباب على النحو التالي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مصادر القانون‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تطبيق القانون‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تفسير القانون‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول‬
‫مصادر القانون‬

‫‪ – 43‬تفيد كلمة "مصدر" من الناحية اللغوية معنى "األصل" أو "المنبع" الذي يستمد منه‬
‫أما في مجال الدراسات القانونية فلكلمة المصدر عدة معان فقد يقصد بالمصدر األصل‬ ‫(‪)1‬‬
‫الشيء؛‬
‫التاريخي الذي ترجع إليه قاعدة قانونية معينة كأن نقول بأن القانون الروماني هو أحد مصادر‬
‫القانون المدني الفرنسي أو أن الشريعة اإلسالمية هي مصدر مجلة األحكام العدلية التي كانت‬
‫بمثابة قانون مدني للدولة العثمانية؛ أن كال من القانون الروماني والشريعة اإلسالمية يعتبران‬
‫وقد يراد بالمصدر مجموع‬ ‫(‪) 2‬‬
‫مصدران تاريخيان للقانون الفرنسي وكذلك لمجلة األحكام العدلية‬
‫العوامل االقتصادية واالجتماعية والفكرية التي اقتضت وضع القاعدة القانونية ويطلق على المصدر‬
‫بهذا المعنى وصف المصدر المادي أو الموضوعي أو الحقيقي أو المصدر المركب "غير‬
‫للقاعدة القانونية ومن هذا المصدر تستمد القاعدة القانونية مادتها ومضمونها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫المباشر"‬

‫وتشكل المصادر المادية للقانون مشكلة من أدق المشكالت ولذلك فقد أثارت جدال صاخبا‬
‫بين الفالسفة بصفة عامة وفقهاء القانون بصفة خاصة منذ بداية الفكر اإلنساني ومازالت تثيره إلى‬
‫اليوم ورغم اختالف النظريات وتعددها في هذا الشأن فأنه يمكن ردها إلى ثالث مدارس رئيسية‬
‫وهي‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫المدرسة المثالية والمدرسة الواقعية والمدرسة التعادلية‪.‬‬
‫وكذلك يقصد بالمصدر ‪:‬الوسيلة التي منحت القاعدة القانونية صفة اإللزام أو الطريق التي‬
‫خرجت منها القاعدة متضمنة عنصر اإلجبار" وفي الواقع أن القاعدة القانونية التي تطبق في بلد‬
‫من البلدان ال تصدر جميعها من منبع أو تتجلى على صورة واحدة وانما تأتينا من مصادر متعددة‬
‫وبالتالي على دارس القانون أن يتبعها ويتبين وجودها في هذا المصادر كلها وعلى هذا فنحن على‬
‫يقين حين نقول مثال أن هذه القاعدة أو تلك نص عليها القانون أو أنه يقتضيها العرف فإنما نشير‬

‫( ‪ ) 1‬انظر الدكتور شمس الدين الوكيل‪ ،‬الموجز في المدخل لدراسة القانون‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪7960 ،‬م‪ ،‬ص‪.362‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪.‬القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم الحقوق‪ ،‬دمشقـ ‪7937‬م‪ ،‬ص‪.739‬‬
‫( ‪ )3‬د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الدار الجامعية‪7939 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.339‬‬
‫(‪ )4‬راجع د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪.797‬‬
‫‪39‬‬
‫بذلك إلى المصدر الرسمي التي نشأة عنه هذه القاعدة والتي تبدو لنا من خالله‪ .‬ومصدر القانون‬
‫بهذا المعنى تطلق عليها المصادر الرسمية أو الشكلية أو المصادر المباشرة‪.‬‬
‫وتختلف المصادر الشكلية أو الرسمية ودرجة أهميتها باختالف مراحل التطور التي تمر بها‬
‫المجتمعات البشرية ف قد كان العرف ثم الدين من أقدم المصادر الرسمية للقاعدة القانونية غير أن‬
‫تطور المجتمعات وازدياد تنظيمها السياسي وما أدى إلى ذلك من رسوخ وازدهار فكرة الدولة جعل‬
‫من التشريع المصدر الرسمي األول من حيث األهمية في أغلب القانونين الحديثة باستثناء البالد‬
‫اإلنجلوسكسونية ومنها القانون اإلنجليزي حيث جعل السوابق القضائية في المقام األول بدال من‬
‫التشريع ومعنى هذا النظام أن تتقيد كل محكمة بأحكام المحاكم األعلى درجة وتعتبر القضية سابقة‬
‫قضائية ملزمة بقدر ما تأتي به من مبدأ جديد وفي هذا يقول السير "جورج جيتسن" (إن تستعمل‬
‫السوابق لوضع مبادئ ومن خالل تطبيقنا للقانون تأتي المبادئ أوال‪ ،‬ثم تأتي السوابق فإذا غابت‬
‫هذه الحقيقة عن أذهاننا فستصبح السوابق سيدا سيئا بدال من أن تكون خادما مطيعا) ويقول "الين"‬
‫أن الذي يصنع القانون إنما هو علة القضايا وروحها ال حرفية السوابق خاصة‪ .‬ذلك أن القضية‬
‫إنما يكون لها قيمة كسابقة بقدر ما تعنيه فقط فهي في ذاتها ال تعني شيئا فهي قبل أن تكون لها‬
‫عالقة بالمسألة التي بين أيدينا ويجب أن تفسر المبدأ الذي تتضمنه أو المفروض فيها أن تتضمنه‬
‫يجب أن تكون لها عالقة منطقية بالمبدأ الذي يقوم عليه القرار في القضية المعروضة علينا بهذا‬
‫المعنى فكل قضية إنما هي "توضيح لمبدأ" وهي ال يمكن أن تكون إال كذلك وليس أساس هناك‬
‫آخر يمكن أن يستعمل على أساسه بوصفه وسيلة من وسائل المنطق‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وفي دراستنا لمصادر القاعدة القانونية سنقتصر على عرض المسائل أو المصادر الرسمية‬
‫للقاعدة القانونية في القانون اليمني‪.‬‬

‫‪ – 43‬المصادر الرسمية للقانون اليمني‬

‫ورد ذكر المصادر الرسمية للقانون اليمني في المادة األولى من القانون المدني التي تنص‬
‫على أنه "يسري هذا القانون المأخوذ من الشريعة اإلسالمية على جميع المعامالت والمسائل التي‬
‫تتناولها نصوصه لفظا ومعنى فإذا لم يوجد نص في هذا القانون يمكن تطبيقه ويرجع إلى مصادر‬
‫الشريعة اإلسالمية المأخوذ منها هذا القانون فإذا لم يوجد حكم القاضي بمقتضى العرف الجائز‬
‫شرعا فإذا لم يوجد في العرف فبمقتضى مبادئ العدالة الموافق ألصول الشريعة اإلسالمية جملة"‬
‫ويشترط في العرف أن يكون عاما وثابتا ال يتعارض مع النظام العام واآلداب العامة ويتبين من هذا‬
‫النص أن مصادر القانون اليمني هي‪:‬‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬عبد الحميد الحكيم‪ ،‬االعتبار في القانون اإلنجلو أمريكي‪ ،‬بدون تاريخ نشر‪ ،‬ص‪.722‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ – 9‬العرف‬ ‫‪ – 7‬التشريع‬
‫‪ – 4‬مبادئ العدالة‬ ‫‪ - 3‬مبادئ الشريعة اإلسالمية‬
‫ويتبين أيضا من النص أعاله‪ ،‬أن المشرع قد ذكر المصادر الرسمية متدرجا من التشريع إلى‬
‫مبادئ الشريعة اإلسالمية ثم إلى العرف ثم قواعد العدالة‪.‬‬

‫لم يقصد بذلك مجرد تعدادها بل أراد بوجه خاص بيان تدرجها من حيث األولوية في‬
‫التطبيق‪ ،‬وبالتالي فأن هذا الترتيب يعد ملزما للقاضي فالتشريع هو المصدر األساسي الذي يجب‬
‫تطبيقه قبل غيره من المصادر المبينة بالنص والتي تعد مصادر احتياطية ال يرجع إليها إال إذا‬
‫سكت عن معالجة الموضوع أو أحال في شأنه أي مصدر آخر أي أنه ال يرجع إليها إال إذا أعوزه‬
‫في التشريع الحكم الواجب التطبيق‪.‬‬

‫ومعلوم بأن التشريع هو المصدر الوحيد لقانون الجرائم والعقوبات تطبيقا للمبدأ الدستوري أنه‬
‫ال عقوبة وال جريمة إال بنص بيد أن األمر خالف ذلك بالنسبة للمعامالت المالية بين األفراد حيث‬
‫نجد أن المصادر الرسمية تتعدد على وافق نص المادة األولى من القانون المدني اليمني أما‬
‫بالنسبة ألحكام األسرة من زواج وطالق ونفقة ووصية وارث‪...‬إلخ أي ما يطلق عليها اصطالحا‬
‫األحوال الشخصية فالمشرع ينص في المادة (‪ )949‬على أن كل ما لم يرد به نص في هذا القانون‬
‫يعمل فيه بأقوى األدلة في الشريعة اإلسالمية أي أن قانون األحوال الشخصية رقم ‪ 32‬لعام‬
‫‪7993‬م لم يأخذ بالعرف وال بمبادئ العدالة بوصفهما مصدرين من مصادر القانون والسبب في‬
‫ذلك واضح هو أن الشريعة اإلسالمية شريعة متكاملة كما أن فيها مبدأين اثنين مردهما إلى حقين‪:‬‬
‫حقوق الله وحقوق العباد‪.‬‬

‫والمشرع اليمني كان منطقيا في عدم تعرضه في القانون المدني إال للمعامالت مالية على‬
‫أساس أن مسائل األحوال الشخصية هي في التشريع والدين "الشريعة اإلسالمية" وهذا ما اعتمده‬
‫قانون األحوال الشخصية العراقي رقم ‪ 733‬لسنة ‪7909‬م في المادة األولى؛ ويتضح من نص‬
‫الماجدة "‪ "949‬من قانون األحوال الشخصية أن المشرع اليمني لم يتقيد بمذهب معين تحقيقا‬
‫للمصلحة وتيسي ار للناس‪ ،‬كما أنه لم يقتصر على بيان المصادر الرسمية بل عين للقاضي ما‬
‫يستلهمه في استخالص األحكام من هذه المصادر جميعا فعرض للمصادر التفسيرية ومصادر‬
‫االستئناس فنصت المادة "‪ " 79‬مدني على أن "المرجع في تفسير القوانين وتطبيقها هو الفقه‬
‫اإلسالمي والمذكرات اإليضاحية والكتب الشارحة الصادرة من الهيئة التشريعية"‪.‬‬

‫وبناء على ما تقدم ستكون دراستنا لهذا الفصل على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التشريع كمصدر أصلي‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مبادئ الشريعة اإلسالمية كمصدر احتياطي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬العرف كمصدر احتياطي‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬مبادئ العدالة كمصدر احتياطي‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬المصادر التفسيرية‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫التشريع كمصدر أصلي‬

‫‪ – 44‬سنحاول في هذا المبحث الذي نخصصه لدراسة التشريع بوصفه المصدر األصلي‬
‫من مصادر القانون وأكثرها أهمية وانتشا ار لما يتوافر له من مميزات تجعله في ظروف المجتمعات‬
‫الحديثة أفضل من المصادر األخرى السيما العرف الذي ظل لوقت طويل المصدر الرئيسي للقواعد‬
‫القانونية في المجتمعات كلها قبل أن يأخذ التشريع مكانه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وهكذا تتحدد دراستنا لهذا المبحث على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف التشريع وبيان خصائصه‪ ,‬ومزاياه وعيوبه‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪:‬سن التشريع ونفاذه‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع القواعد التشريعية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬التقنين ووسائل الصياغة‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫تعريف التشريع وبيان خصائصه‬
‫‪ – 45‬أوال‪ :‬تعريف التشريع‪:‬‬
‫التشريع كمصدر رسمي للقانون‪ ،‬هو وضع القواعد القانونية واخراجها في صورة مكتوبة‬
‫بواسطة السلطة المختصة وطبقا للقواعد الدستورية المعمول بها‪ .‬كما يطلق لفظ تشريع على القواعد‬
‫القانونية المكتوبة ذاتها التي تصدرها السلطة المختصة‪ ،‬والسلطة المختصة بإصدار التشريع‪ ،‬هي‬
‫(‪)2‬‬
‫عادة السلطة التشريعية "مجلس النواب" ومع ذلك هناك سلطات أخرى تخص بإصدار التشريع‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ ،770‬د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل لعلم الحقوق‪ ،‬ص‪.739‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ نشر‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬همام محمد محمود‪ .‬هشام القاسم‪،‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.399‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪..772‬‬
‫‪36‬‬
‫فالدستور وهو التشريع األساسي يصدر عن السلطة التأسيسية وهي أعلى من السلطة التشريعية‪.‬‬
‫واللوائح والق اررات بقوانين تصدر عن السلطة التنفيذية وهي غير مختصة أصال بإصدار التشريع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ – 41‬ثانيا‪ :‬خصائص التشريع ومزاياه‬

‫يتضح من التعريف السابق أن للتشريع عدة خصائص‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ – 6‬التشريع يضع قاعدة عامة مجردة‬

‫يقصد أن التشريع يضع قاعدة ملزمة للسلوك عامة مجردة‪ ،‬لذلك ال يعد تشريعيا أو قاعدة‬
‫األمر الذي يصدر عن سلطة عامة مختصة في الدولة يخص شخصا معينا كإصدار‬ ‫(‪)2‬‬
‫تشريعية‪،‬‬
‫السلطة التشريعية وسام ألحد األشخاص الذي قدم إنجا از مفيدا‪ ،‬أو إصدار قانون يمنح شركة معينة‬
‫بذاتها احتكار الحفر والتنقيب عن البترول فأن وصف التشريع ال يلحق مثل هذا األمر الصادر من‬
‫السلطة العامة والمختصة إال أنه قد صدر وفق الشكل واإلجراءات التي تتبع في إصدار التشريع‬
‫أي أنه يعد تشريعا من حيث الشكل أما من حيث الموضوع فال يعد تشريعا النتفاء صفة العموم‬
‫(‪)3‬‬
‫والتجريد‪.‬‬

‫‪ – 2‬التشريع يصدر في صورة مكتوبة‬

‫يصدر التشريع في صورة مكتوبة وهذا يحقق قد ار كبي ار من الثقة واالستقرار في المعامالت إذ‬
‫يمكن التأكد من وجود القاعدة القانونية بسهولة ويسر فيسهل على األفراد معرفة حقوقه وواجباتهم‬
‫كما أن صدوره في صورة مكتوبة عن سلطة مختصة يفي على التشريع قد ار كبي ار من التحديد‬
‫(‪)4‬‬
‫والوضوح مما يؤدي إلى تالفي الكثير من الغموض واالضطراب عند تطبيق القانون‪.‬‬

‫‪ – 3‬التشريع يصدر عن سلطة عامة مختصة‬

‫سبق القول أن التشريع يصدر عن سلطة عامة مختصة ونختلف هذه السلطة من دولة إلى‬
‫أخرى تبعا الختالف األنظمة السياسية وتختلف أيضا تبعا لنوع التشريع المطلوب إصداره والتشريع‬
‫يعد مظه ار هاما من مظاهر السيادة فالتشريع يعمل على توحيد النظام القانوني على أجزاء األقاليم‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.727‬‬


‫(‪ )2‬ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أن قانون ربط الميزانية ال تعتبر قانونا إال ن الناحية الشكلية‪ ،‬أما من‬
‫الناحية الموضوعية فهو عمل تنفيذي إداري‪ .‬وهي تقصد بذلك أنه ال يعتبر من مصادر القانون ولكنه يعتبر‬
‫تطبيقا للقانون‪ .‬نقال عن سمير تناغو‪ ،‬ص‪.396‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬ص‪ ،93‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.729‬‬
‫(‪ )4‬ارجع د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪ ،49‬د‪ .‬حسين كيرة‪ ،‬ص‪.392‬‬
‫‪31‬‬
‫في الدولة كافة‪ ،‬ومنذ وضع أرسطو نظرية السلطات الثالث في الدولة فأن القول يجري على أن‬
‫إصدار القوانين هو من اختصاص السلطة التشريعية وهو أهم اختصاصاتها في الدساتير الحديثة‬
‫كما تستطيع السلطة التنفيذية مباشرة هذا االختصاص عند الضرورة فقط وبناء على نصوص‬
‫دستورية كحق السلطة التنفيذية في إصدار اللوائح ومع ذلك فهي تخضع لرقابة السلطة‬
‫التشريعية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ومن مزايا (التشريع) أيضا سهولة التعرف على قواعده وسرعة سن التشريع وتحديثه ناهيك‬
‫عن دوره الفاعل والمؤثر في تطوير المجتمع‪.‬‬

‫‪ – 47‬ثالثا‪ :‬عيوب التشريع‬

‫يعاب على التشريع أن السلطة المختصة بوضعه قد ال توفق في بيان ظروف المجتمع‬
‫وتقدير حاجته فتأتي القواعد التي تسنها غير مالئمة لتلك الظروف وقاصرة عن الوفاء بهذه‬
‫الحاجات بل أنه إذا جاءت القواعد التشريعية حين وضعها مالئمة لتلك الظروف المجتمع فإن‬
‫صبها في نصوص مكتوبة تحدد مدلولها وترسم حدودها يضفي عليها من الجمود ما يقف بها عن‬
‫مسايرة التطور والوفاء بما يجد من حاجات فإذا ما تغيرت هذه الظروف أصبحت تلك القواعد غير‬
‫مالئمة لها وقد يقعد الشارع عن تعديلها على النحو الذي يستجيب لمقتضات التطور‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ومن االنتقادات ال موجهة للتشريع القول بأن المشرع قد جعل من سن تشريع جديد فيأتي‬
‫تشريعه معيبا أو قاص ار أو متعارضا مع غيره من التشريعات فيضطر عندئذ إلى تعديل ما سنه من‬
‫تشريع وقد تتالحق التعديالت األمر الذي يؤدي إلى زعزعة ثقة الناس بالقانون من جهة واالستق ارر‬
‫الواجب تأمينه للمعامالت في المجتمع بالقانون من ناحية أخرى(‪ .)3‬والحقيقة أن العيوب التي تؤخذ‬
‫على التشريع ال تعد شيئا مذكو ار إلى جانب مزاياه العديدة كما أنه ممكن تالفي تلك العيوب وقد‬
‫تعاظم دور التشريع في عصرنا لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ -7‬لجوء الدول الحديثة إلى التشريعات بغية فرض إرادتها بشكل أوسع وضمان تركيزها للسلطة‬
‫ومن أمثلة ذلك رفض أو استبعاد بعض األنظمة القانونية للعرف كأحد مصادر القانون كما‬
‫هو الحال في االتحاد السوفيتي سابقا فأن القانون المدني كان ال يعترف بالعرف مصد ار‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مطهر محمد إسماعيل العزي‪ ،‬المبادئ الدستورية العامة والنظام الدستوري في الجمهورية اليمنية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪7994 ،‬م‪ ،‬ص‪.931‬‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،93‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.749‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬غالب الداودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،722-99‬رمضان أبو السعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫‪33‬‬
‫للقانون وعلى ذلك اعتمد المشرع في اليمن الديمقراطية (سابقا) فالمادة األولى من القانون‬
‫المدني رقم ‪ 3‬لعام ‪7933‬م استبعدت العرف كمصدر للقانون في بلد عاش ردحا من الزمن‬
‫وال يزال يعيش على أعراف‪.‬‬
‫ظهور النظم الديمقراطية التي تؤمن بسيادة الشعب وانتشارها إلى ظهور هيئات مختصة‬ ‫‪-3‬‬
‫بالتشريع يجري تكوينها وفق إرادة الشعب وقد نص الدستور اليمني في المادة الرابعة (الشعب‬
‫مالك السلطة ومصدرها)‪.‬‬
‫أدى تطور المجتمع إلى تعدد ضروب النشاط االجتماعي واالقتصادي لألفراد وتنوعه‬ ‫‪-9‬‬
‫ولمواجهة هذا التطور فأنه ال بد من اللجوء إلى التشريع لوضع قواعد تنظمه وذلك لما يمتاز‬
‫(‪)1‬‬
‫به التشريع من مزايا تجعله يواكب التطور في المجتمع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫سن التشريع ونفاذه‬

‫‪ – 43‬يقتصر الحديث هنا على التشريع العادي الذي تختص بوضعه السلطة التشريعية‪.‬‬
‫ويحتاج وضع التشريع لعدة مراحل هي‪:‬‬

‫‪ -7‬مرحلة االقتراح‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة المناقشة والتصويت‪.‬‬
‫‪ -9‬مرحلة التصديق‪.‬‬
‫‪ -4‬مرحلة اإلصدار‪.‬‬
‫‪ -0‬مرحلة النشر‪.‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة االقتراح‬

‫يبدأ وضع التشريع باالقتراح بمعنى عرضه على السلطة التشريعية وعلى وفق المادة (‪)43‬‬
‫من الدستور (لعضو مجلس النواب وللحكومة حق اقتراح القوانين واقتراح تعديلها‪ )...‬واقتراحات‬
‫القوانين من الحكومة تحال مباشرة إلى اللجان المختصة لفحصها وتقديم تقارير عنها‪ .‬بينما‬
‫مقترحات القوانين المقدمة من عضو مجلس النواب أو أكثر يتعين عرضها على لجنة خاصة للنظر‬
‫في جواز نظرها من عدمه على أن يعرض رأي هذه اللجنة على المجس ليقرر بدوره إحالة االقتراح‬
‫إلى لجنة الفحص أو رفضه‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.779‬‬


‫‪39‬‬
‫وربما كان السبب في وضع هذا القيد على اقتراحات العضو أو األعضاء هو إدراك المشرع‬
‫ولم‬ ‫الدستوري خطورة منح هذا الحق وما ينتج عنه من آثار واضاعة وقت المجلس في مناقشتها‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫يقف عند هذا القيد بل قدر عدم جواز تقديمه ثاني ة أمام المجلس في دورة االنعقاد نفسها‪ .‬أضف‬
‫على وجود قيد على االقتراحات المتعلقة بالقوانين المالية التي تهدف إلى زيادة أو إلغاء ضريبة‬
‫ما‪...‬إلخ إذا اشترط القتراحها من قبل األعضاء أن يكون المقترح مقدم من عشرين في المائة‬
‫‪ %32‬من النواب على األقل وبذلك يكون حق اقتراح القوانين مقتص ار على الحكومة ومجلس‬
‫النواب‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة المناقشة والتصويت‬
‫بعد أن تعد اللجنة البرلمانية المختصة تقريرها عن مشروع القانون تقوم بعرضه على المجلس‬
‫لكي تجري مناقشته والتصويت عليه مادة وهذا ما تنص عليه المادة (‪ )99‬دستور وقد حددت‬
‫الالئحة الداخلية لمجلس النواب إجراءات وطرق تقديم مشرعات القوانين ومناقشتها والتصويت‬
‫عليها‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة التصديق‬


‫األصل أن موافقة مجلس النواب على مشروع القانون تعد كافية إلتمام عملية سن التشريع‪.‬‬
‫إال أن الدستور أعطى لرئيس الجمهورية حق إعادة النظر في أي مشروع قانون أقره المجلس المادة‬
‫"‪ " 727‬خالل ثالثين يوما من تاريخ رفعه إليه بقرار مسبب فإذا لم يرده إلى المجلس خالل هذه‬
‫المدة أو رده إليه وأقره ثانية بأغلبية مجموع أعضائه ُع ّد مصادقا عليه ويجب إصداره خالل‬
‫أسبوعين فإذا لم يصدره يعد صاد ار بقوة الدستور‪.‬‬
‫أن منح رئيس الجمهورية الحق في إعادة النظر في مشروعات القوانين التي أقرها مجلس‬
‫النواب‪ ،‬يمكن تبريره بأن كال من النظامين البرلماني والرئاسي يسمح باستثناءات متعددة على مبدأ‬
‫الفصل بين السلطات واعتبار أن فكرة الفصل المطلق بين السلطات ال تمثل حقيقة أفكار مونتسكيو‬
‫كما يبرر بعض الفقهاء‪ ،‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل أن فكرة الفصل المطلق بين السلطات لم تعمر‬
‫طويال إذ لم تكد توضع موضع التطبيق في الحقبة التي أعقبت الثورة الفرنسية مباشرة حتى أخذت‬
‫مثالبها ومواطن الضعف فيها تتكشف‪ ،‬مما مهد السبيل لظهور فكرة الفصل النسبي بين السلطات‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مطهر محمد إسماعيل العزي‪ ،‬المبادئ الدستورية العامة والنظام الدستوري ‪ ،‬ص‪.992‬‬
‫(‪ )2‬انظر القانون رقم "‪ "0‬لسنة ‪ 7992‬م بإصدار الالئحة الداخلية لمجلس النواب الفرع األول‪ ،‬فصل أول‪ ،‬باب‬
‫رابع‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫وعلى هذا األساس سار المشرع اليمني والمصري‬ ‫كما أنه هي الفكرة السائدة في الفقه المعاصر‬
‫(‪)1‬‬

‫مادة (‪ )779‬والدستور اللبناني المادة (‪ )01‬والدستور الكويتي المادة (‪ )66‬والدستور األردني (‪)99‬‬
‫وغيرها من الدساتير‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة اإلصدار‬
‫أن إصدار التشريع هو عمل تنفيذي وليس عمال تشريعيا‪ ،‬ويقصد به وضع التشريع موضع‬
‫التنفيذ عن طريق األمر من رئيس السلطة التنفيذية لرجال السلطة التنفيذية بتنفيذ القانون الجديد كل‬
‫فيما يخصه كون السلطة التشريعية ال تملك مثل هذا األمر وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات‬
‫التشريعية والتنفيذية والقضائية‪.‬‬
‫كما إن إصدار القوانين شرط إلمكان تطبيقها بواسطة السلطة القضائية‪ .‬واصدار القوانين‬
‫يتواله رئيس الجمهورية طبقا لسلطاته الدستورية المادة‪ "773" :‬واإلصدار بمثابة شهادة ميالد‬
‫القانون‪.‬‬
‫وواضح مما سبق‪ ،‬أنه بالنسبة للتشريعات التي تختص السلطة التنفيذية أصال بوضعها فأنها‬
‫ال تحتاج إلى إصدار بعد وضعها‪ ،‬ألن السلطة التي وضعتها هي التي تتولى تنفيذها‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أن الدستور اليمني لم يحدد ميعاد إلصدارها‪ ،‬وهذا ال يعني أن رئيس‬
‫الجمهورية يملك حق تأخير اإلصدار‪ ،‬فهو ال يمتلك حق تعطيل تنفيذ التشريع واال عد مخالف‬
‫لواجبه باحترام الدستور المادة (‪ )709‬دستور‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة‪ :‬مرحلة النشر‬
‫نشر التشريع هو الوسيلة التي يتم بها شهر التشريع واعالم الناس به‪ .‬ومن غير العدل أن‬
‫يسري التشريع على المخاطبين بأحكامه قبل إحاطتهم بهذه األحكام بطريقة من طرق اإلعالم‪.‬‬
‫وقد جرت العادة قديما على أن يعلن القانون إلى الناس بوسيلة معينة كالمناداة في األسواق‬
‫والطرقات أو التعليق في الميادين العامة‪ ،‬كما هو الحال في الدولة القتبانية عندما علقت القانون‬
‫التجاري القتباني على أبواب المدينة وفي ساحاتها العامة‪.‬‬
‫أما اليوم فطريقة اإلعالم بالقانون هي النشر في الجريدة الرسمية المادة (‪ )723‬من الدستور‬
‫والتي تنص "تنشر القوانين في الجريدة الرسمية وتذاع خالل أسبوعين من تاريخ إصدارها ويعمل بها‬
‫بعد ثالثين يوما من تاريخ نشرها‪ .‬ويجوز مد أو قصر هذا الميعاد بنص خاص في القانون‪.‬‬

‫( ‪ ) 1‬ارجع د‪ .‬عدنان حمودي الجليل‪ ،‬مبدأ الفصل بين السلطات وحقيقة أفكار مونتسكيو‪ ،‬مجلة الحقوق ‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬السنة التاسعة‪ ،‬يوليو ‪7930‬م‪ ،‬ص‪ ،737‬أحمد علي الحمراني‪ ،‬مبدأ فصل السلطات‪،‬‬
‫مجلية أبحاث سياسية تصدرها الخارجية اليمنية‪ ،‬عدد (‪ )4‬السنة الثانية يوليو‪ ،‬أغسطس‪ ،‬سبتمبر ‪7992‬م‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫وال تغني عن النشر في الجريدة الرسمية أية وسيلة أخرى من وسائل اإلعالم كالنشر في‬
‫الصحف العادية أو أإلذاعة في الراديو أو التلفزيون أو غيرها‪ .‬بل أنه ال تغني عنه العلم الحقيقي‬
‫لألفراد بصدور القانون‪ ،‬فالعلم الحقيقي وحده ال يكفي إذا لم يتحقق النشر في الجريدة الرسمية‬
‫(‪)1‬‬

‫وعلى ذلك فمن تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية أو بانتهاء المدة التي ينص عليها التشريع‬
‫صراحة يصير التشريع نافذا ويفترض في جميع المخاطبين بأحكامه العلم به فال يجوز ألي منهم‬
‫أن يتعذر بجهله له‪ .‬واذا اختلف تاريخ توزيع الجريدة الرسمية عن تاريخ المطبوع عليها فالعبرة‬
‫كون نشر التشريع هو األساس الذي تقوم عليه قرينة العلم‬ ‫(‪)2‬‬
‫تكون بتاريخ توزيعها ال بتاريخ طبعها‬
‫بالقانون وبالتالي يستوجب عدم قيام أسباب تحول دون قيام هذا االفتراض‪.‬‬

‫‪ – 5‬عدم جواز االعتداد بالجهل بالقانون بعد نشره ونفاذه‪.‬‬


‫أن مجرد نشر القانون في الجريدة الرسمية يؤدى إلى إل ازم الناس بأحكامه وبعد مرور الفترة‬
‫التي يحددها القانون الصادر نفسه لنفاذه سواء من علم به أو لم يعلم به ويعبر عن ذلك بأن الجهل‬
‫بالقانون ال يعد عذ ار أي أنه ال يقبل ممن ال يعلم بصدور القانون أن يطلب عدم تطبيقه عليه بحجة‬
‫عدم علمه‪.‬‬
‫ويؤدي تطبيق هذا القانون إلى اإلضرار بمصالح بعض األفراد وهم الذين لم يعلموا فعال‬
‫بصدور القانون ورتبوا أمورهم على أساس عدم وجوده ولكن األخذ بهذه القاعدة تقتضيه مصلحة‬
‫الجماعة‪ ،‬فمن الواضح أنه لو أتيح للناس أن يفلتوا من تطبيق القانون بحجة عدم العلم به‪ ،‬لفقد‬
‫القانون عموميته ألنه حينئذ ال ينطبق إال على قلة من األفراد وهم الذين علموا بوجوده علما حقيقيا‬
‫وهذا يتنافي مع مبدأ المساواة أمام القانون‪ .‬ليس هذا فحسب بل أن لو أبيح للفرد أن يطلب عدم‬
‫تطبيق القانون عليه استنادا إلى عدم العلم به المتألت المحاكم بالدعاوى التي طلب أصحابها عدم‬
‫تطبيق القانون عليهم ولشغل القضاء بسماع ادعاءات الجهل بالقانون‪ ،‬ومن شأن ذلك كله‪ ،‬فضال‬
‫عن تضييع الوقت والجهد أن يؤدي إلى زعزعة المعامالت واإلخالل بالثقة الواجبة نحو القانون مما‬
‫(‪)3‬‬
‫يترتب عليها انهيار النظام االجتماعي كله وحلول الفوضى محله‪.‬‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ص‪ ،733-731‬جميل الشرقاوي‪،‬ص‪ ،793‬عبد المنعم فارس‬
‫المالكي‪ ،‬ص‪ .327‬القانون اللبناني يجيز النشر بوسيلة أخرى من وسائل اإلعالم في حالة الضرورة‪ ،‬المادة‬
‫األولى فقرة ثالثة من المرسوم االشتراعي رقم ‪ 9‬بتاريخ ‪7999/77/37‬م المضافة بالرسوم االشتراعي رقم ‪76‬‬
‫بتاريخ ‪7949/4/79‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم محكمة النقض المصرية في ‪ 34‬يونيو ‪7903‬م نقال عن د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.733‬‬
‫(‪ )3‬ارجع د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪ ،00‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪ ،727‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪،733‬‬
‫المحامي محمود نعمان‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪93‬‬
‫ومع التسليم بأن قاعدة عدم جواز االعتذار بالجهل بالقانون يعبر عن مبدأ أساسي من‬
‫المبادئ القامة للقانون‪ ،‬إال أنه ال يمكن عد هذه القاعدة مطلقة ال يرد عليها أي استثناء على‬
‫اإلطالق‪.‬‬
‫وبالطبع بأن هذه االستثناءات ال تؤدي إلى إهدار القاعدة األصلية‪ ،‬بل إلى العكس تؤدي إلى‬
‫تأكيدها عن طريق وضعها في حدودها المعقولة‪ ،‬باالستجابة إلى اعتبارات مماثلة أو مساوية إلى‬
‫االعتبارات التي تستند إليها القاعدة األصلية ذاتها‪.‬‬

‫وعلى وفق ذلك فالرأي مستقر في الفقه والقضاء‪ ،‬بأن هذا المبدأ ال ينطبق في الحاالت التي‬
‫يثبت فيها استحالة وصول الجريدة الرسمية إلى منطقة معينة لسبب القوة القاهرة كحرب أو وباء أو‬
‫فيضانات‪ .‬وبناء على هذا الرأي فان قاطني هذه المنطقة لهم إمكانية المطالبة بعدم تطبيق القانون‬
‫عليهم لعدم علمهم به كما أن القانون قد ينص على األخذ بعذر من يدعي الجهل بالقانون فيعمل‬
‫بهذا الحكم‪ ،‬ومثال على ذلك القانون الصادر في فرنسا عام ‪7312‬م والذي ينص أنه إذا حصلت‬
‫مخالفة في وقت قريب من وقت إعالن القانون بأن العذر بجهل القانون يقبل بشرط أن يكون‬
‫كذلك نص المادة (‪ )333‬من قانون العقوبات السوري والتي تنص في الفقرة (‪)3‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫القانون جنائيا‪.‬‬
‫أ‪" -‬غير أنه يعد مانعا للعقاب الجهل بقانون جديد إذا اقترف الجرم في خالل األيام الثالثة التي‬
‫تلت نشره" كذلك الفقرة (ب) وتنص "جهل األجنبي الذي قدم إلى سورية منذ ثالث أيام على األكثر‬
‫بموجد جريمة مخالفة للقوانين الوضعية ال تعاقب عليها قوانين بالده أو قوانين البالد التي كان‬
‫مقيما فيها" وتقابل هذه المادة أيضا المادة (‪ )339‬من قانون العقوبات اللبناني‪.‬‬

‫كما تضيف بعض التشريعات استثناء آخر‪ ،‬وهو الجهل بقاعدة مقررة في قانون آخر غير‬
‫القانون الجزائي على قاعدة متى كانت منصبه على أمر آخر يعد ركنا من األركان المكونة للجريمة‬
‫كما الحال في المادة المشار إليها في قانون العقوبات اللبناني وكذلك المادة (‪ )91‬من قانون الجرائم‬
‫والعقوبات اليمني وترى أن هذا االستثناء األخير يمكن األخذ به دون نص‪ ،‬ألن األخذ به من‬
‫األصول الجوهرية والواجب التطبيق دون نص‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ويفيد التنبيه إلى وجوب عدم الخلط بين ( قاعدة الجهل بالقانون ال يعد عذرا) و"قاعدة الغلط‬
‫في القانون"‪ .‬فالجهل بالقانون يعني عدم العلم بصدوره أو عدم العلم بأحكامه‪ ،‬أم الغلط في القانون‬
‫فيعني أن يتوهم الشخص وجود حكم معين في القانون أو عدم وجود حكم معين ويتصرف على‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.797‬‬


‫(‪ )2‬ج‪ .‬كامل السعيد‪ ،‬ص‪ 392‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.764‬‬
‫‪99‬‬
‫أساس هذا الوهم‪ ،‬بحيث لو علم الحكم الصحيح في القانون لما رضي بإتمام هذا التصرف وفي‬
‫هذه الحالة جاز للمتعاقد الذي وقع في الغلط أن يطلب إبطال العقد ويستوي في ذلك أن يكون‬
‫الغلط يتعلق بالواقع أو يتعلق بالقانون وقديما قال فقهاء الرومان "الغلط الشائع يولد الحق"‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫أنواع القواعد القانونية‬

‫‪ – 49‬هناك ثالثة أنواع من التشريعات تتدرج من حيث السلطة التي تملك إصدارها ومن‬
‫حيث األهمية التي تحظى بها في النظام القانوني فيأتي في القمة منها التشريع األساسي أو‬
‫الدستوري فالتشريع العادي أو الرئيسي "القانون" فالتشريع الفرعي أو الالئحي‪.‬‬
‫التشريع األساسي أو الدستوري‬

‫‪ – 02‬هو مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكل الدولة‪ ،‬وتضع قواعد الحكم‪ ،‬وتنظم‬
‫السلطات العامة فيها‪ ،‬وتقرر الحقوق األساسية لألفراد‪ ،‬والضمانات الواجبة لهم‪.‬‬

‫عرفت الشعوب أربع طرق إلصدار الدساتير أول طريقة إلصدار الدستور هي طريقة الهبة‬
‫أو المنحة‪ ،‬والمقصود بذلك‪ ،‬هو أن يصدر الدستور في شكل منحة من الحاكم إلى الشعب‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة الدساتير التي تصدر بشكل منحة دستور أمارة موناكو ‪7977‬م‪ ،‬دستور إثيوبيا ‪7997‬م‪،‬‬
‫ودستور مصر ‪7939‬م – والذي سقط بعد ثورة ‪ 39‬يوليو ‪.- 7903‬‬

‫ويتضح للمتأمل للدساتير التي صدرت بطريقة المنحة‪ ،‬أن صدورها إن كان هبة أو منحة‬
‫من الحاكم‪ ،‬إال أنها لم تأت طوعا منه أو حبا في الشعب‪ ،‬وانما فرضتها إرادة الشعوب وحقوقها‬
‫( ‪)2‬‬
‫المغتصبة بطريق غير مشروعة‪.‬‬

‫كما تصدر الدساتير عن طريق العقد‪ ،‬أي عن طريق االتفاق بين الحاكم والمحكومين‬
‫بواسطة "ممثلي الشعب" ومن أمثلة ذلك دستور الكويت ‪7969‬م أما الطريقة الثالثة إلصدار‬
‫الدستور فهي قيام لجنة منتخبة من الشعب تسمى الجمعية التأسيسية بوضعه‪ .‬ومم أمثلة ذلك‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.677‬‬


‫(‪ )2‬راجع د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد الله‪ ،،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬منشأة المعار‪ ،‬اإلسكندرية‪7994 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.440‬‬
‫‪94‬‬
‫دستور بلجيكا ‪7997‬م ودستور فيمر في ألمانيا ‪7979‬ن ودستور النمسا ‪7932‬م وأسبانيا ‪7997‬م‬
‫ويوغسالفيا ‪7946‬م وايطاليا ‪7941‬م والهند ‪7949‬م وسوريا ‪ 7902‬وليبيا ‪ 7906‬وباكستان‬
‫‪7906‬م‪.‬‬

‫والطريقة األخيرة هي ط ريقة االستفتاء الشعبي حيث يتم موافقة الشعب على الدستور في‬
‫استفتاء عام فيكون الشعب هو الذي قام ّ‬
‫بسنه‪ ،‬ومن أمثلة ذلك دستور فرنسا "دستور الجمهورية‬
‫الخامسة" ‪ ،7903‬ومصر ‪7917‬م والدستور اليمني ‪7997‬م‪.‬‬

‫والحقيقة أن الظروف السياسية لكل بلد تؤدي دو ار كبي ار في الطريقة التي توضع فيها‬
‫الدستور‪ ،‬وقد كان دستور الجمهورية اليمنية مثاال صارخا للوضع السياسي الذي شهدته الساحة‬
‫اليمنية بعد تحقيق وحدة التراب والشعب في اليمن والذي يعتبر أهم منجز للثورة اليمنية سبتمبر‬
‫وأكتوبر‪.‬‬

‫وبالنسبة لتعديل دستور نافذ فأن طريقة التعديل تختلف بحسب نوع الدستور أي حسب ما إذا‬
‫كان دستو ار جامدا أو دستو ار مرنا‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫والدستور المرن هو ذلك الذي يتم تعديله بذات الطريقة التي يتم منها إصدار الدستور العادي‬
‫"القانون" والدستور الجامد هو ذلك الذي يتم تعديله بإجراءات مختلفة ‪ -‬وينص عليها – عن‬
‫إجراءات التشريع العادي‪.‬‬

‫ودستور الجمهورية اليمنية دستور جامد وذلك ما يتضح و تفصح عنها المادة "‪ "709‬والتي‬
‫تشترط أن لتعديل الدستور أن يكون الطلب مقدم إلى مجلس النواب وموقعا من ثلث األعضاء‪ ،‬وأن‬
‫يكون ق ارر الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي األعضاء وبعد عرض التعديل ومناقشته من قبل‬
‫مجلس النواب وحصول الموافقة على التعديل من قبل ثالثة أرباع المجلس يعرض التعديل على‬
‫الشغب لالستفتاء وال يكون التعديل نافذا إال بالحصول على األغلبية المطلقة لعدد من أدلوا‬
‫بأصواتهم على االستفتاء العام‪.‬‬

‫وتقسم الدساتير من حيث مصدرها إلى "مكتوبة" و"غير مكتوبة" أو "عرفية" فالدستور‬
‫المكتوب هو الذي يفرغ المشرع أحكامه في وثيقة رسمية مكتوبة‪ ،‬ودساتير أغلب الدول من هذا‬
‫النوع‪ .‬أما الدستور غير المكتوب أو العرفي فهو الذي ال تكون قواعده مكتوبة في وثيقة رسمية وال‬
‫يضعها المشرع وانما تنشأ عن طريق العرف الذي يستقر في العمل ويثبت في أذهان الناس‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد الله‪ ،‬ص‪.491‬‬


‫‪90‬‬
‫ويكتسب صفة اإللزام مع الزمن عن طريق األحكام القضائية كالدستور البريطاني الذي نما تدريجيا‬
‫انجلتر الطويل‪.‬‬
‫ا‬ ‫أثناء تاريخ‬
‫وما يزال في معظمه عرفيا‪ ،‬ويتم تعديل أحكامه من قبل البرلمان البريطاني الذي يملك‬
‫باألكثرية المطلقة حق وضع أو تعديل ما يشاء من القواعد الدستورية أو العادية على حد سواء‬
‫(‪)1‬‬

‫وللدستور طابع سام‪ ،‬فهو ليس مجرد تشريع‪ ،‬بل هوا سمى تشريع لما له من خواص يسمو بها على‬
‫سائر التشريعات وقواعده أبلغ أث ار من غيرها من القواعد فهي تقيد المشرع نفسه‪ ،‬الذي ال يجوز أن‬
‫يصدر تشريعا يخالف القواعد الدستورية‪.‬‬
‫وقد بدأ انتشار الدساتير المدونة اعتبا ار من القرن الثامن عشر وكان أولها في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية (‪7131‬م) والدستور الفرنسي اثر قيام الثورة الفرنسية عام ‪7139‬م‪.‬‬

‫‪ - 56‬التشريع العادي أو الرئيسي "القانون"‬

‫يقصد بالقانون العادي‪ ،‬القواعد القانونية التي تصدرها السلطة المختصة في الدولة وفقا‬
‫ألحكام الدستور‪ ،‬ويقوم الدستور بتحديد الطرق الالزم إتباعها لسن التشريع العادي‪ ،‬وقد جرت العادة‬
‫أن يطلق على التشريع العادي لفظ (قانون) (‪ )Law‬بالمعنى الضيق لهذه الكلمة‪ .‬أي ّ‬
‫عده وثيقة‬
‫مدونة رسمية تصدر عن السلطة التشريعية أي أن اصطالح قانون هنا له داللة خاصة أضيق من‬
‫داللته عندما تعنى به مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلوك األفراد في المجتمع‪ .‬وقد سبق‬
‫أن أوضحنا ذلك عند الحديث عن تعريف القانون‪ .‬والسلطة المختصة بوضع التشريع العادي أو‬
‫الرئيسي في اليمن هو مجلس النواب‪ .‬ويرد على هذا األصل استثناء مهم حيث تحل السلطة‬
‫التنفيذية محل السلطة التشريعية في القيام بهذا العمل واالستثناء الوحيد الذي تقتضيه حالة الضرورة‬
‫وفي ذلك تنص المادة (‪ )779‬من الدستور على أنه "إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس النواب‪،‬‬
‫أو في فترة حله ما يوجب اإلسراع في اتخاذ الق اررات ال تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن‬
‫يتخذ في شأنها ق اررات تكون لها قوة القانون على أن ال تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات الواردة‬
‫في قانون الميزانية ويجب عرض هذه الق اررات على مجلس النواب في أول اجتماع له‪ ،‬فإذا لم‬
‫تعرض يتولى المجلس مناقشة الموضوع واتخاذ الق اررات المناسبة‪ ،‬أما إذا عرضت ولم يوافق عليها‬
‫المجلس‪ ،‬زال ما كان لها من قوة القانون من تاريخ رفض ق ارراها أو من التاريخ الذي يقره المجلس‬
‫مع تسوية لما يترتب من آثار على النحو الذي يقره‪.‬‬

‫ويالحظ من هذا النص أن الدستور "في حالة الضرورة‪ :‬قد منح رئيس الجمهورية حق‬
‫إصدار ق اررات لها قوة القانون‪ .‬ولكن وضع قيودا عديدة في هذا الصدد‪ .‬ومن هذه القيود‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬مصطفى محمد إسماعيل العزي‪ ،‬المبادئ الدستورية والنظام القانوني ج‪ .‬ي‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪96‬‬
‫( أ) يجب أوال أن تكون هناك ضرورة‪ ،‬أي أمور عاجلة تستدعي إصدار قوانين لمواجهتها على‬
‫وجه السرعة أي ال يحتمل التأخير كما ورد في النص‪.‬‬

‫( ب) أن تصدر هذه الق اررات في حالة غيبة مجلس النواب‪ ،‬وقد حدد النص حاالت الغيبة وهي‬
‫عندما يكون المجلس في عطلة بين أدوار االنعقاد أو في فترة حله‪.‬‬

‫( ج) أن ال تخالف هذه القوانين الدستور أو التقديرات المالية الواردة في الميزانية‪.‬‬

‫القررات على مجلس النواب في أول اجتماع له‪ ،‬فإذا لم تعرض يتولى المجلس‬
‫( د) أن تعرض هذه ا‬
‫مناقشة الموضوع واتخاذ الق اررات المناسبة‪ ،‬أما إذا عرضت ولم يوافق عليها المجلس‪ ،‬زال ما‬
‫كان لها من قوة القانون من تاريخ رفض ق ارراها أو من التاريخ الذي يقره المجلس مع تسوية‬
‫لما يترتب من آثار على النحو الذي يقره‪.‬‬

‫من البديهي القول‪ ،‬أن تقدير حالة الضرورة متروك للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية وال‬
‫ضرر في ذلك طالما أن التشريع الذي يصدره سيخضع في مجموعة لرقابة مجلس النواب الذي‬
‫يعرض عليه بعد إصداره‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ويالحظ أن تولي رئيس الجمهورية لسلطة التشريع في هذه الحال االستثنائية‪ ،‬أمر طبيعي‬
‫تقره معظم دساتير العالم‪.‬‬

‫‪ – 52‬التشريع الفرعي "اللوائح"‬


‫وهو مجموعة من القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التنفيذية‪ ،‬بما لها من اختصاص‬
‫تشريعي محدد‪ .‬واختصاصها في ذلك اختصاص أصلي يثبت لها حتى مع قيام السلطة التشريعية‬
‫التي توكل لها أصال مهمة التشريع‪ .‬ويطلق على هذا النوع من التشريع الالئحة‪ ،‬وتقسم اللوائح إلى‬
‫أنواع ثالث وهي اللوائح التنفيذية واللوائح التنظيمية ولوائح الضبط‪ ،‬واللوائح كالقوانين ألنها تتضمن‬
‫قواعد عامة مجردة‪ .‬يبيد أن تختلف عنها في أن القوانين تصدر عن السلطة التشريعية‪ ،‬وفي أن‬
‫اللوائح أقل مرتبة من القوانين‪.‬‬

‫‪ – 6‬اللوائح التنفيذية‬
‫وهي اللوائح التي تسنها السلطة التنفيذية متضمنة التفصيالت الالزمة لتنفيذ القوانين‪ .‬والفكرة‬
‫في إعطاء السلطة التنفيذية سلطة إصدار اللوائح هي أن التشريع العادي يقتصر في الغالب على‬
‫تنظيم المسائل األساسية للموضوع الذي ينظمه تاركا التفصيالت للسلطة التنفيذية‪ ،‬ألنه بحكم‬
‫وظيفتها واتصالها بالمواطنين أقدر على معرفة التفصيالت والجزئيات الالزمة لتنفيذ القانون‪ ،‬ومن‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.934‬‬


‫‪91‬‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬أن تعرض السلطة التشريعية لوضع تفصيالت التنفيذ أمر يثقل كاهلها‪ ،‬ويعوق تفرغها‬
‫للمهام األساسية‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫وتقضي المادة (‪ )732‬من الدستور اليمني أن "يصدر رئيس الجمهورية بناء على اقتراح‬
‫الوزير المختص وبعد موافقة مجلس النواب الق اررات واللوائح الالزمة لتنفيذ القوانين وتنظيم المصالح‬
‫واإلدارات العامة‪ ،‬على أن ال يكون ألي منها تعطيل ألحكام القوانين‪ ،‬أو إعفاء من تنفيذها وله أن‬
‫يفوض غيره في إصدار تلك اللوائح والق اررات‪ ،‬ويجوز أن يعين القانون من يصدر اللوائح والق اررات‬
‫الالزمة لتنفيذه‪.‬‬
‫فرئيس الجمهورية هو المختص أصال بوضع اللوائح التنفيذية بناء على عرض من الوزير‬
‫المختص وله أن يفوض غيره في إصدار هذه اللوائح‪ ،‬أي يفوض رئيس مجلس الوزراء المختص‬
‫إلصدار الالئحة‪ ،‬وقد يعين القانون الشخص المختص بإصدار الالئحة التنفيذية للقانون وغالبا ما‬
‫يكون هو الوزير الداخل في اختصاص و ازرته موضوع القانون المطلوبة تنفيذه‪.‬‬
‫ولما كان الغرض من اللوائح هو تسهيل تنفيذ القانون‪ ،‬فأنها يجب أال تتعدى هذا الغرض‪،‬‬
‫بمعنى هذا الغرض يقتضي أن تلتزم اللوائح‪ ،‬فيما تتضمنه من قواعد حدود القانون الذي صدرت‬
‫تنفيذا له‪ ،‬فال يجوز أن تلغي أو أن تعدل أو أن تخالف حكما من أحكام هذا القانون‪ .‬ونرى بأن‬
‫منح السلطة التشريعية حق التشريع فيه خطورة كبيرة‪ .‬ألنها تجمع بيدها سلطة التشريع والتنفيذ ولذا‬
‫في حالة غياب الرقابة الفاعلة من مجلس النواب أو من السلطة القضائية أن تتجاوز حدودها‪،‬‬
‫وبهذا سوف يشكل هد ار للحريات والحقوق‪.‬‬

‫‪ – 2‬اللوائح التنظيمية‬
‫هي اللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية بغرض تنظيم المصالح والمرافق العامة في الدولة‪.‬‬
‫ويطلق على هذه اللوائح اسم اللوائح المستقلة ألنها قائمة بذاتها ال تستند إلى قانون تعمل على‬
‫ويتعرف اصطالحا تنظيم المصالح واإلدارات العامة إلى إنشائها ابتداء وكذلك إلى ترتيب‬ ‫(‪)2‬‬
‫تنفيذه‬
‫وتنظيم أعمالها وأوضاعها‪.‬‬

‫‪ – 3‬لوائح الضبط‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪ ،03‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪ ،994‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.334‬‬
‫‪93‬‬
‫وهي القواعد التي تضعها السلطة التنفيذية بقصد المحافظة على األمن وكفالة السكينة‬
‫وهي أيضا لوائح‬ ‫(‪)1‬‬
‫وحماية الصحة العامة‪ ،‬ومثالها لوائح المرور ولوائح مراقبة األغذية وغيرها‬
‫مستقلة نظ ار لصدورها استقالال عن أي قانون سابق‪.‬‬

‫المطلب الرابع‬
‫التقنيين وبعض وسائل الصياغة‬

‫‪ – 53‬أوال ‪ :‬التقنين‬

‫يمكن تعريف التقنين بأنه جمع شتات القواعد القانونية المتعلقة بفرع من فروع القانون‪،‬‬
‫وترتيبها وتبوبيها بعد إزالة ما فيها من تكرار وتناقض ثم وضعها في كتاب يسمى مجموعة أو‬
‫مدونة‪ ،‬ومثال ذلك المجموعة المدنية‪ ،‬ومجموعة اإلجراءات المدنية والتجارية والمجموعات‬
‫الجنائية‪...‬إلخ وال تعد تقني نا أو تجميع ما يقوم به فرد أو جماعة علمية بقصد تيسير البحث‪ ،‬طالما‬
‫أنه ليس بتجميع رسمي من قبل المشرع‪.‬‬

‫مع أن التقنين تجربة نجحت في فرنسا منذ نشر تقنين نابليون ‪7324‬م‪ ،‬إال أن خالفا حادا‬
‫شهدته ألمانيا حول فائدة التقنين‪ ،‬وتألفت مدرستان‪ ،‬أحدهما تناصر فكرة التقنين‪ ،‬والثانية تعارضها‬
‫وقد قاد هذه المدرسة "سافيني" مؤسسة المذهب التاريخي‪ ،‬وكلن يرى أن التقنين حبس للقانون‬
‫وصبه في قالب جامد إنما يترتب عليه شل حركته ومنعه من التطور وفقا لتطور المجتمع‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬

‫وليس المقصود بالتقنين عملية الجمع الشكلية‪ ،‬أي إصدار عدة قوانين في مجلد واحد‪ ،‬وانما‬
‫(‪) 3‬‬
‫يعني صدور التقنين من حيث ترابط موضوعاته وتبويبها وتكملة بعضها للبعض اآلخر‪.‬‬

‫وللتقنين مزايا‪ ،‬فضال عن مزايا التشريع بشكل عام من حيث التوضيح وسهولة الرجوع إليها‬
‫فأن التقنين يحافظ على وحدة األحكام عندما تجمع في تقنين واحد بدال من تشتتها في تشريعات‬
‫صغيرة متناثرة ‪ ،‬كذلك لها فائدة علمية من حيث التيسير على الباحثين في معرفة النصوص‬
‫القانونية لفرع من الفروع‪ .‬واذا كان هناك مأخذ لدى البعض على التقنين‪ ،‬فأن تلك المآخذ تفقد‬
‫أهميتها إذا فهم التقنين على وجهه الصحيح وأتبع في عمله الفن التشريعي السليم‪.‬‬

‫حركة التقنين في الجمهورية اليمنية‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ ،792‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.779‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.499‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬عثمان طه الدوري وآخرون‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪99‬‬
‫ارتبط التقنين في اليمن بالتحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي أفرزتها الثورة‬
‫اليمنية‪ ،‬وأبرز تلك التحوالت تسارع وتنامي حركة التشريع حيث صدرت تقنيات متعددة فيما كان‬
‫يعرف بالجمهورية العربية اليمنية أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية‪ .‬وبميالد الجمهورية اليمنية‬
‫في ‪ 33‬مايو ‪92‬م وريثا شرعيا للكيانين السياسيين السابقين تسارعت حركة التشريع بشكل مكثف‬
‫وصدرت عدة تقنيات في فروع القانون المختلفة تساير األوضاع الجديدة ومن أهم التقنينات التي‬
‫صدرت "القانون المدني" رقم ‪ 79‬لسنة ‪7993‬م وقانون األحوال الشخصية رقم ‪ 32‬لسنة ‪7993‬م‬
‫والقانون رقم ‪ 79‬لسنة ‪7994‬م بشأن الحق الفكري والقانون رقم ‪ 37‬بسنة ‪ 7993‬بشأن اإلثبات‪،‬‬
‫والقانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪7993‬م بشأن التحكيم‪ ،‬والقانون رقم ‪ 33‬لسنة ‪7993‬م بشأن المرافعات‬
‫والتنفيذ المدني كما صدر قانون السلطة القضائية رقم ‪ 7‬لعام ‪7997‬م ومن القوانين المهمة التي‬
‫تصدرت قانون الجنسية اليمنية رقم ‪ 6‬لسنة ‪7992‬م وأيضا القانون التجاري رقم ‪ 93‬لسنة ‪7997‬م‬
‫والقانون رقم ‪ 99‬لسنة ‪7997‬م بشان السجل التجاري‪ ،‬وفانون الشركات التجارية رقم ‪ 4‬لعام‬
‫‪7999‬م‪ ،‬وقانون االستثمار رقم ‪ 33‬لسنة ‪7997‬م ‪ ،‬وقانون المناطق الحرة رقم ‪ 4‬لعام ‪7999‬م‬
‫وفي المجال الجنائي صدر قانون الجرائم والعقوبات رقم ‪ 73‬لسنة ‪7994‬م وقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية رقم ‪ 79‬لسنة ‪7994‬م‪ ،‬وقانون رعاية األحداث رقم ‪ 94‬لسنة ‪7993‬م‪ ،‬وقانون العقوبات‬
‫اإلجراءات العسكرية رقم ‪ 70‬لسنة ‪7994‬م كما صدرت مجموعة تقنينات تنظم العالقات المالية‬
‫كالقانون المالي رقم ‪ 3‬لعام ‪7992‬م وقانون تحصيل األموال العامة رقم ‪ 79‬لعام ‪7992‬م إضافة‬
‫إلى قانون ضرائب الدخل والجمارك‪ ،‬وقانون الخدمة المدنية رقم ‪79‬لسنة ‪7997‬م وقانون العمل رقم‬
‫‪ 0‬لسنة ‪7990‬م وقانون التأمينات والمعاشات رقم ‪ 30‬لسنة ‪7997‬م وقانون التأمينات االجتماعية‬
‫رقم ‪ 36‬لسنة ‪7997‬م إضافة إلى ما سبق صدر أيضا القانون البحري رقم ‪ 70‬لسنة ‪7994‬م‬
‫وقانون الوقف الشرعي رقم ‪ 39‬لسنة ‪7993‬م وقانون االستمالك للمنفعة العامة‪ .‬وقانون السلك‬
‫الدبلوماسي والقنصلي‪ ،‬وقانون الصحافة والمطبوعات رقم ‪ 30‬لسنة ‪7992‬م والخالصة أن المشرع‬
‫اليمني وبالرغم من المدة القصيرة المنصرمة منذ قيام الجمهورية اليمنية إال أنه كثف نشاطه‬
‫التشريعي وأصدر مجموعة كبيرة من التقنينات شملت مفاصل الحياة األساسية وحركة التقنين تتوالى‬
‫حتى هذه اللحظة‪ ،‬ولن ينسى التاريخ الرجال الذين يقفون خلف هذه األعمال الجليلة‪ ،‬وسيسجل ذلك‬
‫لهم في ذاكرة شعبهم الوفي‪.‬‬

‫‪ – 54‬ثانيا‪ :‬بعض وسائل الصياغة‬

‫تكون مادة للقانون إلى قواعد قانونية‬


‫يقصد بصياغة القاعدة القانونية عملية تحميل القيم التي ّ‬
‫صالحة للتطبيق في العمل‪ ،‬أو هي فن الوسائل القانونية التي يجب أن توصل إلى تحقيق الغرض‬

‫‪722‬‬
‫وانشاء القواعد القانونية يتم عن طريق مصادر القانون‪ .‬ومعروف‬ ‫(‪)1‬‬
‫الذي تنشده السياسة القانونية‬
‫كما سبق بيانه‪ ،‬أن القواعد القانونية تستمد أحكامها من حقائق وأفكار مختلفة اقتصادية واجتماعية‬
‫وسياسية‪ ،‬وفي الجمهورية اليمنية فالقاعدة القانونية تستمد أحكامها من الشريعة اإلسالمية وفقا‬
‫لنص الدستور أي أن الشريعة اإلسالمية المادة األولى للقانون في الجمهورية اليمنية والتي يقوم‬
‫المشرع بتحويلها إلى نصوص قانونية وضعيه‪ ،‬لذلك يجب عدم الخلط بين‪ :‬السياسية القانونية التي‬
‫تضع المادة األولية للقانون‪ ،‬ولكنها ال تضع القانون ذاته‪ ،‬وبين وسائل الصياغة القانونية التي‬
‫تضع القانون ذاته‪ .‬واذا كانت مصادر القانون المختلفة تأتي في مقدمة وسائل الصياغة القانونية‪،‬‬
‫فأنها تعتمد هي بدورها على وسائل صياغة تفصيلية يتم عن طريقها التعبير عن قواعد القانون‪،‬‬
‫وتحديد مضمونها‪ .‬وطرق الصياغة القانونية عديدة‪ ،‬منها اللغة والمصطلحات‪ ،‬ومنها الظواهر‬
‫الخارجية للمواد القانونية‪ ،‬كالعمومية والتجريد‪ ،‬والمرونة‪ ،‬والجمود‪ ،‬ووسائل القهر المختلفة ومنها‬
‫الطوائف واألفكار والمباني والتقسيمات ومنها إثبات الحقوق‪ ،‬ومنها الشكلية بمعناها الضيق‪ ،‬ومنها‬
‫(‪)2‬‬
‫الحيل والقرائن القانونية‪.‬‬

‫ونكتفي بدراسة بعض وسائل الصياغة بإيجاز‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الشكلية‬
‫الشكل هو عنصر خارجي يشترط القانون إضافته إلى الظاهرة األصلية التي من شأنها إنشاء‬
‫بحيث ال تنتج الظاهرة األصلية وهي في العادة‬ ‫(‪)3‬‬
‫أو تعديل أو نقل أو انقضاء حق أو مركز قانوني‬
‫تصرف قانوني – األثر المشار إليه‪ ،‬بغير إضافة هذا العنصر الخارجي‪ .‬فالشكل هو من ناحية‬
‫عنصر خارجي مضاف إلى العناصر الداخلية المكونة للظاهرة األصلية‪.‬‬

‫والشكل هو من ناحية أخرى عنصر خارجي ملزم وال يجوز إغفاله واال ترتب جزاء قانون وهو‬
‫اعتبار الت صرف القانوني الذي اشترط فيه هذا الشكل غير كامل وغير منتج ألثاره‪ ،‬وصفة اإللزام‬
‫في الشكل هي التي تعطيه الصفة القانونية‪ .‬وهي التي تجعل منها شكال قانونيا والجدير بالذكر أن‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.473‬‬


‫(‪ )2‬ارجع د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.963‬‬
‫(‪ )3‬يعرف المركز القانوني "بأنه مجموعة من الحقوق وااللتزامات التي يتحملها ويتمتع بها شخص معين‪ ،‬كالمركز‬
‫القانوني الذي يشغله الموظف العام في القانون العام ومركز الزوج والزوجة‪ ،‬في القانون الخاص‪ ،‬أي أن المركز‬
‫القانوني هو الحالة التي يوجد فيها الفرد حبال القانون‪.‬‬
‫‪ -‬انظر د‪ .‬محمود حافظـ القرار اإلداري "دراسة مقارنة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪،‬‬
‫ص‪.76‬‬
‫‪727‬‬
‫القوانين في العصور القديمة كانت مغرقة في الشكلية أما القوانين الحديثة فالمشرع يحمي المراكز‬
‫القانونية دون وجوب القيام بشكلية معينة حتى كانت هذه المراكز ظاهرة في الحياة االجتماعية‬
‫ظهور كافيا أي أن األصل في القانون الحديث عدم وجوب شكلية معينة إال متى وجدت اعتبارات‬
‫تقتضي إضافة عناصر خارجية إلى العناصر الموضوعية لتحقق لهذا العنصر األخير أكبر قدر‬
‫من الفاعلية القانونية(‪ 1‬واألصل أن الشكلية تتطلبها التصرفات القانونية أي اإلرادية‪ ،‬إال أنه بالنسبة‬
‫لبعض الوقائع المادية‪ ،‬مراعاة لخطورتها‪ ،‬نجد أن القانون يشترط بالنسبة لها على سبيل االستثناء‬
‫مراعاة أشكال معينة‪ .‬وم ن هذا القبيل أن واقعة الميالد أو واقعة الوفاة ال تترتب على أي منها أثارها‬
‫القانونية‪ ،‬إال إذا ثبتت بشكل رسمي بحسب اإلجراءات المقررة في قانون األحوال المدنية والسجل‬
‫المدني رقم ‪ 39‬لسنة ‪ 7997‬م‪ .‬ومن قبيل الشكلية أيضا الرسمية التي تشترط لصحة بعض العقود‬
‫عند إبرامها المادة (‪ )090‬مدني يمني‪ .‬أيضا الشكلية التي يتطلبها اإلثبات كحضور شاهدين في‬
‫عقد الزواج المادة (‪ )9‬أحوال شخصية‪ .‬وقد يشترط حصول الموافقة من قبل الولي أو الوصي‪ ،‬أو‬
‫موافقة بعض الهيئات (كأذن المحكمة) كذلك الشكلية التي يتطلبها قانون المرافعات عندما تنشأ‬
‫خصومة بين شخصين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القرائن القانونية‬

‫القرينة‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬هي استخالص أمر مجهول من أمر معلوم‪ ،‬على أساس أنه إذا تحقق‬
‫وجود هذا األمر الثاني‪ ،‬كان الغالب وجود األمر المجهول‪ ،‬فهي تقوم على أساس فكرة االحتمال‬
‫والترجيح‪ ،‬أي على أساس فكرة الراجح الغالب الوقوع‪ .‬فالمشرع يستنبط من واقعة معلومة داللة على‬
‫أمر مجهول فيقرر أنه ما دامت هناك واقعة قد ثبتت‪ ،‬فأن واقعة أخرى معينة تثبت بثبوتها‪ ،‬ألن‬
‫هذا يغلب ترجيحه ووقوعه في العمل‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ويلجأ المشرع عادة إلى القرائن القانونية في الحاالت التي يرى أنه يتعذر أو يستحيل فيها المطالبة‬
‫بدليل مادي‪ ،‬فيقطع الشك في شأنها بما يوافق المألوف أو الغالب في العمل‪ .‬ومن ذلك ما ورد في‬
‫الحديث الشريف "الولد للفراش" وذلك أن إثبات نسب المولود من زوج الوالدة أمر عسير ولما كان‬
‫الغالب أن تكون الزوجة مقصورة على زوجها أثناء قيام الزوجية‪ ،‬فيفترض القانون الحمل أثناء‬
‫الزوجية‪ ،‬وعلى هذا األساس ينسب الولد للزوج‪ ،‬ويعفى من يريد إثبات هذا النسب من إقامة الدليل‬
‫عليه‪ ،‬اكتفاء بإقامة الدليل على واقعة أخرى هي حدوث الحمل أثناء فترة الزوجية‪ ،‬وهي واقعة‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ ،479‬د‪ .‬حسنة كيرة‪ ،‬ص‪.797‬‬
‫(‪ )2‬ارجع د‪ .‬توفيق فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬ص‪ ،19‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،727‬د‪ .‬مصطفى‬
‫محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد الجمال‪ ،‬ص‪ ،61‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪.433‬‬
‫‪723‬‬
‫يسهل إثباتها‪ .‬وال شك أن القرائن تبنى على أساس القابلية للتصديق‪ ،‬بناء على فكرة أن اليقين أمر‬
‫نادر في مجال القانون فكان من الضروري‪ ،‬إلعمال القانون‪ ،‬أن نحول ما هو غير مؤكد إلى‬
‫مؤكد‪ ،‬والشكوك إلى حقائق‪ ،‬اعتمادا على ما يحدث وفق السير العادي لألمور‪ .‬وتؤدي هذه القرائن‬
‫دو ار مهما في القانون الوضعي ولقد عالجها قانون اإلثبات رقم ‪ 37‬لسنة ‪7993‬م من المواد (‪704‬‬
‫إلى ‪ )709‬وعالجها القانون المدني المصري من المواد (‪ 424‬إلى ‪ )421‬وقانون المرافعات المدنية‬
‫والتجارية الكويتي في المواد (‪ )743-799‬والقرائن القانونية على نوعين قرائن بسيطة‪ ،‬وقرائن‬
‫قاطعة أو مطلقة‪.‬‬

‫والقرائن البسيطة "هي التي ال تقطع بثبوت الواقعة المراد إثباتها وانما ترشح لثبوتها وقد‬
‫تحتمل ذلك وغيره" وال تعد دليال قاطعا يغني عن المطالبة بإقامة البينة القانونية على ما يدعيه‬
‫وانما يجوز للمحكمة االستئناس بها وتستكمل الدليل على أساسها (م ‪ 703‬قانون إثبات)‪ .‬أما‬
‫القرينة القاطعة هي "ما علم من األمارات ودالئل الحال المصاحبة للواقعة المراد إثباتها فتدل‬
‫بطريقة القطع الذي ال يقبل االحتمال أصال على ثبوتها م(‪ )704‬قانون اإلثبات‪.‬‬

‫والقرائن القاطعة نوعان‪ ،‬قران قاطعة قانونية كقرينة الولد للفراش‪ ،‬وقرينة مطابقة الحكم‬
‫للحقيقة (حجة الحكم)‪ ،‬وقرينة النكول على اليمين‪ ،‬وقرينة العلم بالقانون وقت نشره‪ ،‬ويستخلص مما‬
‫سبق أن القرينة القانونية من صنع المشرع وتكون في مرحلة صياغة القاعدة القانونية‪ ،‬وأما القرينة‬
‫القضائية من صنع القاضي وتكون في مرحلة تطبيق القاعدة القانونية‪ ،‬وهي التي يستخلصها‬
‫القاضي بحكم اللزوم الفعلي والمنطقي من الوقائع الثابتة في الدعوى‪ ،‬وهذه القرائن ال تدخل تحت‬
‫(‪)1‬‬
‫حصر بل يترك أمر استنتاجها للقاضي‪.‬‬

‫ومن أمثلة القرائن البسيطة عد وجود سند الدين بيد المدين دليال على سداد الدين إلى الدائن‬
‫دون إخالل بحق الدائن في نقض هذه القرينة‪ .‬وكذلك من قبيل القرائن البسيطة قرينة البراءة والتي‬
‫وردت في المادة ‪ 46‬من الدستور اليمني "كل متهم بريء حتى تثبت إدانته‪."...‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬حسن الجوخدار‪ ،‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬الطبعة األولى‪7993 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.427‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬ص‪.793‬‬
‫‪729‬‬
‫والقرائن القانونية ال تؤدي في اإلثبات دو ار عاما وخاصا‪ .‬فالدور العام فهو يتمثل في أن كل‬
‫نظام اإلثبات يقوم على قرائن قانونية‪ .‬أما الدور الخاص فيتمثل في وجود وسيلة معينة بالذات من‬
‫(‪)1‬‬
‫وسائل اإلثبات هي القرينة القانونية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحيل القانونية‬

‫ويطلق عليها أيضا االفتراضات‪ ،‬باعتبار أن الحيلة أمر مخالفا للحقيقة والواقع توصال إلى‬
‫ترتيب أثر قانوني معين‪ .‬وظاهر وجه االختالف بين القرينة القانونية والحيلة أو االفتراض القانوني‪.‬‬
‫فالقرينة تقوم على التسليم بما يجري به الغالب من األمور على زيف صناعي تتطلبه الضرورة‬
‫أحيانا‪ ،‬وواضح بأن الحيلة ليس إال افتراضا مخالف للحقيقة والواقع مخالفة صريحة‪.‬‬

‫ومن األمثلة على الحيل القانونية فكرة العقارات بالتخصيص وهي منقوالت بطبيعتها‬
‫تخصصها إرادة المالك لخدمة العقار أو استغالله كاآلالت الزراعية والماشية التي يخصصها مالك‬
‫األرض لخدمتها وزراعتها وقد نصت المادة (‪ )771‬مدني يمني‪ .‬وبمقتضى هذا االفتراض ال يجوز‬
‫الحجر على المنقوالت وفقا إلجراءات حجر المنقول‪ ،‬كما ال يجوز الحجر عليها مستقلة عن‬
‫األرض المخصصة لخدمتها وحماية لهذا النوع من االستغالل‪ .‬ومن األمثلة على الحيل القانونية‬
‫نظام الموت المدني الذي كان معروفا في الش ارئع القديمة‪ ،‬وبمقتضاه كان يفترض موت الشخص‬
‫رغم بقائه على قيد الحياة‪ ،‬وكان يترتب على هذا االفتراض إنهاء الشخص وما يجره هذا االنتهاء‬
‫والحيلة بهذا المعنى هي أشد وسائل الصياغة القانونية تطرفا‪ .‬وهي ال تدعو‬ ‫( ‪)2‬‬
‫من نتائج معينة‬
‫الحاجة إليها إال بسبب عجز الفكر القانوني عن خلق تصورات فكرية تنسجم مع الواقع‪ .‬ولهذا‬
‫ينبغي أن تظل الحيلة من وسائل الصياغة االستثنائية التي ال يلجأ إليها إال في حاالت الضرورة‪،‬‬
‫وتحقيقا ألهداف القانون في إقامة العدل أو المحافظة على المصلحة العامة‪ ،‬حيث تعجز سائل‬
‫والمالحظ أن كلما تطور علم القانون كلما أمكن‬ ‫(‪) 3‬‬
‫الصياغة األخرى عن إد ارك هذه األهداف‬
‫االستغناء عن هذه الطريقة في الصياغة‪.‬‬

‫والحيلة القانونية بوصفها أحد وسائل الصياغة القانونية‪ ،‬ال يقصد بها التحايل على القانون‬
‫كما قد يتبادر للذهن أو يلتبس الفهم فالتحايل هو االلتفاف على نصوص القانون بغية الفكاك‬
‫والتنصل من أحكامه‪ .‬فاالختالف واضح‪ .‬إذ أن التحايل يندرج في نطاق نهى عنه الرسول "ص"‬
‫"وال ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" وقد بحث فقهاء الشريعة اإلسالمية‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪ 939‬حيث بحث موضوع القران بتوسع وعمق ويرد أمثلة عديدة‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬توفيق حسن فرج وآخرون‪ ،‬ص‪ ،710‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.729‬‬
‫(‪ )3‬انظر محمد مصطفى الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد الجمال‪ ،‬ص‪ ،17‬د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.427‬‬
‫‪724‬‬
‫الحيل من حيث حكمها في الشريعة وما يجوز وال يجوز شرعا منها‪ ،‬وفرقوا بين الحيلة والتحايل‬
‫على أساس األصل اللغوي ولهم بحوث مستفيضة في ذلك منها كتاب "الخصاف" المتوفي ‪367‬ه‬
‫المسمى "الحيل" وي عد أول كتاب في الحيل‪ ،‬وليس كما زعم البعض أن أبو حنيفة أول من عمل‬
‫(‪)1‬‬
‫بالحيل وله كتاب في ذلك‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الصياغة الجامدة والصياغة المرنة‬

‫من بين وسائل الصياغة القانونية طريقة الصياغة الجامدة والصياغة المرنة‪ .‬فالصياغة‬
‫الجامدة هي التي تحقق التحديد الكامل للحكم القانوني أو لما يخضع له من أشخاص أو أحداث‪،‬‬
‫على نحو ال يترك مجاالت للتقدير‪ ،‬سواء بالنسبة للمخاطب بالقانون أو بالنسبة للقاضي‪ .‬ومن‬
‫أمثلة ذلك تحديد سن الرشد بـ ‪ 70‬سنة مادة ‪ 07‬مدني يمني‪ ،‬فالفرض هو من بلع سنة ‪ 70‬سنة‬
‫والحكم أن يعتبر رشيدا‪.‬‬

‫وكذلك تجد الصياغة الجا مدة في القواعد التي تحدد مدة التقادم بعدد معين من السنوات‪ ،‬أو‬
‫القواعد التي تحدد مواعيد الطعن في األحكام وقد حددت المادة (‪ )322‬من قانون المرافعات والتنفيذ‬
‫المدني‪ ،‬ميعاد الطعن بستين يوما‪ ،‬أو القواعد التي تحدد مقدار الرسوم والضرائب‪ ،‬ففي هذه القواعد‬
‫جميعا نجد التحديد الرقمي ال يترك أي مجال للتقدير‪.‬‬

‫كما نجد أيضا الصياغة الجامدة في الصياغة الشكلية‪ ،‬كما هو الحال في القاعدة التي‬
‫تستلزم إعالن في صحيفة الدعوى للمدعى عليه على يد محضر المادة (‪ )39‬من قانون المرافعات‬
‫والتنفيذ المدني‪ .‬ففي هذه القواعد جميعا يتطلب شكال معينا ال يحتمل إال الوجود أو االنعدام ويربط‬
‫األثر القانوني بوجوده وينفيه بانتفائه‪.‬‬

‫أما الصياغة المرنة فهي الصياغة التي ال تضمن القاعدة القانونية حكما ثابتا ال يتغير‬
‫بالنظر إلى ظروف كل حالة بل تضفي عليها نوعا من المرونة تستجيب لمتغيرات الظروف مما‬
‫يترك للقاضي حرية التقدير وفقا لواقع ومالبسات كل حالة‪.‬‬

‫ويعد من قبيل الصياغة المرنة في القانون المدني تحديد فكرة النظام العام واآلداب المادة‬
‫(‪ )36‬مدني أو تحديد المألوف من األضرار التي يتعين على الجار تحمله المادة (‪ )7769‬مدني‬
‫أو تقدير الشروط التعسفية المرهقة التي تعطي للقاضي الحق في تعديلها أو إعفاء الطرف الذي‬
‫يسلم بها منها المادة (‪ )376‬مدني وأمثلة ال يمكن حصرها وردت في القانون المدني‪ .‬أيضا من‬
‫قبيل الصياغة المرنة في قانون الجرائم والعقوبات ترك تقدير العقوبات للقاضي في جرائم التعزير‪،‬‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬محمد مصطفى شلبي‪ ،‬المدخل في الفقه اإلسالمي‪ ،‬ص‪.973‬‬


‫‪720‬‬
‫إذ غالبا ما يضع القانون حدا أدنى فالقاضي هو الذي يقدر على تقدير العقوبات على وفق ظروف‬
‫الجريمة‪ ،‬أو الترخيص للقاضي الحكم بإحدى عقوبتين أو بهما معا‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وهكذا وتتميز الصياغة الجامدة بأنها تسهل للقضاة تطبيق القواعد القانونية‪ ،‬ألنها تحقق‬
‫االستقرار االجتماعي ألن كل شخص يعرف موقفه من القانون سواء بالنسبة إلى حقوقه أو إلى‬
‫واجباته‪ ،‬ومع ذلك يعاب عليها أن تحقق هذه المزايا على حساب العدالة في التطبيق ألنها تغفل‬
‫الظروف والمالبسات الخاصة بكل حالة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للصياغة المرنة فميزتها األساسية تمكن القاضي من مراعاة العدالة كونها تترك له‬
‫حرية االختيار ألنها تدخل في الحسبان ظروف ومالبسات كل حالة‪ ،‬عالوة على مسايرتها للتقدم‬
‫االجتماعي‪ ،‬إال ن ذلك ال يتم إال على حساب االستقرار واألمن المدني في المعامالت‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫مبادئ الشريعة اإلسالمية مصد ار احتياطيا‬

‫‪ – 00‬الدولة في المنظور اإلسالمي‪ ،‬تنبثق عن مفهوم الوجود والتصور العام اإلسالمي‬


‫للكون‪ ،‬الذي يركز على المحور الجوهري‪ ،‬أي العقيدة‪ .‬بناء عليه فأن مؤسسات المجتمع اإلسالمي‬
‫ونشاطاته المختلفة ال بد أن ترتبط بالمحور التصوري للوجود‪ ،‬وتشكل فرعا منه‪ ،‬مما يسمح بتشبيه‬
‫المنظومة اإلسالمية بشجرة سابقة وجذورها وجذعها‪ :‬العقيدة‪ ،،‬فروعها وأغصانها‪ :‬كل النظم‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬السياسية والثقافية‪ ،‬وكل من المؤسسات التي تعمل على تكريس وتحقيق‬
‫هذه النظم في الواقع اليومي وحياة المسلمين‪.‬‬

‫والواقع أن عالقة الدولة اإلسالمية بالدين‪ ،‬هي عالقة الفرع باألصل‪ ،‬األمر الذي يجعل من‬
‫هذه الم ؤسسات هيئة ال بد أن تنظم وأن تسير وفقا لما يقره األصل (الدين) بل أن من أولى المهام‬
‫وعلى‬ ‫( ‪)2‬‬
‫الملقاة على عاتق الدولة – في المفهوم اإلسالمي – هي حفظ الدين وسياسة الدنيا به‬
‫ضوء ما سلف‪ ،‬بأن المجتمع اإلسالمية مطالب بضرورة االلتجاء إلى القرآن والسنة لتحكيمهما في‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬نبيل إبراهيم سهد وآخرون‪ ،‬ص‪ ، 792‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.760‬‬
‫(‪ )2‬انظر ابن خلدون‪ :‬المقدمة تاريخ العالمة ابن خلدون‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬ط‪ ،9‬مكتبة المدرسة ودار الكتب اللبناني‪،‬‬
‫بيروت ‪7961 ،‬م‪ ،‬ص‪ 993‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪726‬‬
‫(فال وربك ال‬ ‫(‪)1‬‬
‫شئونه المختلفة‪ ،‬وهو لجوء يعد شرطا أساسيا إليمان أفراد المجتمع اإلسالمي‪:‬‬
‫يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)‬
‫سورة النساء ‪.60‬‬

‫وعلى وفق هذه المعطيات فقد جعل المشرع اليمني الشريعة اإلسالمية مصدر جميع‬
‫التشريعات المادة "‪ " 9‬دستور‪ ،‬وبذلك ينفرد الدستور اليمني عن كافة دساتير الدول العربية التي‬
‫تجعل من الشريعة اإلسالمية مصد ار رئيسيا أو المصدر الرئيسي للتشريع كما كان الوضع في‬
‫الدستور اليمني قبل تعديله‪.‬‬

‫لقد وضعت المادة "‪ "9‬دستور على عاتق المشرع عند سنه القوانين التزاما مفاده أن الشريعة‬
‫اإلسالمية هي المصدر المادي أو الموضوعي لكافة القواعد القانونية‪ ،‬وعليه بالتالي أال يخالف‬
‫االلتزام الدستوري واال اعتبرت التشريعات باطلة لعد دستوريتها الستنادها إلى مصادر أخرى غير‬
‫الشريعة اإلسالمية والقانون المدني أيضا يلزم القاضي عند تطبيقه القانون بأن يرجع أوال ومباشرة‬
‫إلى التشريع للبحث عن نص يحكم النزاع‪ .‬واذا لم يعثر فيه على أي نص يرجع إلى مبادئ الشريعة‬
‫اإلسالمية المأخوذ منها القانون المادة األولى من القانون المدني‪ .‬ويقصد بالشريعة اإلسالمية هنا‬
‫ما شرعه الله سبحانه وتعالى من أحكام لعباده بنصوص القرآن وما خرج عن الرسول الكريم "ص"‬
‫من سنة قولية أو فعلية أو تقريرية‪.‬‬

‫وال بد أن يفهم من اإلحالة إلى الشريعة اإلسالمية أنها دعوى للرجوع إلى المبادئ العامة‬
‫وتختلف مرتبة التشريع اإلسالمي كمصدر‬ ‫واألصول التي ال يختلف جوهرها باختالف المذاهب‬
‫( ‪)2‬‬

‫احتياطي باختالف األنظمة القانونية فبعض الدول تضعها في المرتبة الثانية بعد التشريع كالقانون‬
‫المدني اليمني‪ ،‬المدني السوري المادة (‪ )7‬والمدني الليبي مادة (‪ )7‬وبعض الدول تضعها في‬
‫المرتبة الثالثة بعد التشريع والعرف كالقانون المدني المصري مادة (‪ )7‬والعراقي مدني مادة (‪)7‬‬
‫والكويتي مادة (‪ )7‬أما قانون الموجبات والعقود اللبناني فلم ينص على اعتبار الشريعة اإلسالمية‬
‫من مصادر القاعدة القانونية‪.‬‬

‫ويذهب بعض الفقهاء إلى أن تقديم العرف على الشريعة في ترتيب المصادر ال يؤثر على‬
‫قيمة العرف ومكانته كمصدر من حيث النتيجة ألن مبادئ الشريعة أصبحت من أعراف البالد‪،‬‬

‫(‪ ) 1‬أرزقي نسيب‪ ،‬الظاهرة الدستورية في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬مجلة بحوث تصدرها جامعة الجزائر‪ ،‬العدد الثاني‪،‬‬
‫‪7994‬م‪ ،‬ص‪.797-792‬‬
‫( ‪ )2‬انظر د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪ ،034‬د‪ .‬همام محمد محمود‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن منصور‪،‬‬
‫ص‪.32‬‬
‫‪721‬‬
‫كذلك‪،‬‬ ‫ولكن الواضح ما في هذا التخريج‪ ،‬رغم مهارته من خروج على النص وعلى قصد المشرع‬
‫(‪)1‬‬

‫أليس من الممكن أن توجد أعراف مخالفة للشريعة اإلسالمية كأن تحرم المرأة من حقها الشرعي في‬
‫اإلرث كما هو الحال في بعض مناطق بالدنا‪ ،‬فكيف سيكون الحال مثال لو أن القانون اليمني‬
‫أعطى األولوية للعرف بعد التشريع في ترتيبه للمصادر علما بأن المشرع قد اشترط أن يكون العرف‬
‫وهكذا فأن الشريعة اإلسالمية تعد مصد ار احتياطيا على وفق المادة األولى من‬ ‫(‪) 2‬‬
‫جائز شرعا‬
‫القانون اليمني‪ ،‬ومصد ار ماديا أيضا موضوعيا وفقا للنص الدستوري‪" .‬الشريعة اإلسالمية مصدر‬
‫جميع التشريعات" ويتضح أيضا من النص أنها هي المصدر الوحيد وليس هناك أي مصدر آخر‬
‫يزاحمها‪ ،‬والشريعة اإلسالمية على درجة من الوفرة والخصوبة‪ ،‬وفيها اكتفاء عن االلتجاء إلى‬
‫سواها‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫العرف‬

‫‪ – 06‬يعد العرف أقدم مصادر القانون في تاريخ المجتمعات البشرية بوصفه قانونا غير‬
‫مكتوب وينشأ عن تواتر الناس في إتباع سلوك معين مع شعورهم بالتزامه وبجود جزاء قهري يكفل‬
‫احترام هذا السلوك‪ ،‬وبعبارة أخرى "العرف" عادة تواضع الناس على إتباعها معتقدين في قوتها‬
‫الملزمة أي أن العرف كان هو الطريق الطبيعي التي تخرج منه القواعد القانونية التي يحتاج إليها‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫ولما تعقدت الروابط االجتماعية بين األفراد‪ ،‬وتقدمت الجماعات ظهر عجز العرف عن‬
‫مسايرة األوضاع الجديدة‪ ،‬لذا أصبح التشريع اآلن هو الذي يحتل مكان الصدارة بين مصادر‬
‫القانون في المجتمعات الحديثة لمقدرته على تلبية حاجات هذه المجتمعات‪ .‬ولم يفقد العرف مكانته‬
‫بل بقي العرف مصد ار من المصادر االحتياطية يلجأ إليه إذا كان التشريع كمصدر رسمي ومبادئ‬
‫الشريعة كمصدر احتياطي لم يرد فيها ما يحكم مسألة من المسائل‪.‬‬

‫وفي بالدنا يحتل العرف مكانة كبيرة في تنظيم العالقات بين الناس والزال إلى اللحظة ينافس‬
‫القانون بقوة‪ ،‬إذ أننا نالحظ أن كثير من الخصومات تحل وفقا لألعراف المتجسدة في ضمير‬
‫الشعب ووجد أنه بغض النظر عن األسباب الكامنة وراء ذلك‪ ،‬ناهيك عن أن العرف يجد قبوال‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬الهامش "‪ ،"7‬ص‪.393‬‬


‫(‪ )2‬القوانين المدنية العربية لم تضع هذا الشرط‪ ،‬مع أنها وصفت العرف المصدر الثاني بعد التشريع‪.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.073‬‬
‫‪723‬‬
‫باعتباره نابع من الفطرة التي جبل عليها اإلنسان وكونه أيضا تعبير عن الموروث الثقافي‬
‫والتاريخي الذي ينتقل عبر األجيال‪.‬‬

‫ينبغي اإلشارة في هذا السياق إلى أن المشرع اليمني يعتد بالعرف مصد ار من مصادر‬
‫القانون الرسمية إذا كان جائ از شرعا وموقف المشرع هذا‪ ،‬ينسجم تماما مع منطوق المادة الثالثة من‬
‫الدستور والتي تنص بأن الشريعة اإلسالمية مصدر جميع التشريعات باعتبار أن العرف قانون غير‬
‫مكتوب‪ ،‬وبالتالي فأن مخالفة العرف للشريعة اإلسالمية يؤدي إلى بطالنه لعدم دستوريته‪ .‬وتقتضي‬
‫دراسة العرف بيان أركانه وأنواعه‪ ،‬ومزاياه وعيوبه مقارنة بالتشريع‪ ،‬وأسا قوته اإللزامية‪ ،‬وأخي ار دور‬
‫العرف بين مصادر القانون‪ ،‬لهذا نخصص لدراسة هذا المبحث المطالب التالية‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أركان العرف وأنواعه‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العرف‪ ،‬مزاياه وعيوبه‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أساس القوة اإللزامية للعرف‬
‫المطلب الرابع‪ :‬دور العرف في التشريع اليمني‬

‫المطلب األول‬
‫أركان العرف وأنواعه‬

‫‪ – 01‬العرف هو المصدر الرسمي الثالث للقاعدة القانونية في القانون اليمني بعد التشريع‬
‫ومبادئ الشريعة اإلسالمية كما رتبتها المادة األولى من القانون اليمني المدني السابق ذكرها‬
‫والعرف ك ما سبق القول‪ ،‬عادة تواضع الناس على إتباعها معتقدين في قوتها الملزمة‪ ،‬ويتضح من‬
‫التعريف أن للعرف ركنين‪ :‬اعتياد الناس على سلوك معين وهو الركن المادي‪ :‬واعتقادهم بأن هذا‬
‫السلوك ملزم وهو الركن المعنوي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الركن المادي‬

‫"االطراد على إتباع سلوك معين أي االعتياد‪ ،‬ومعنى هذا أن يكون قد تكرر من الناس إتباع‬
‫هذه القاعدة‪ ،‬بحيث يستنتج معه استقرار الجماعة على االلتزام بها‪ .‬ويلزم أن يتوافر في االعتياد‬
‫(‪)1‬‬
‫شروط معينة‪:‬‬

‫‪ -7‬أن يكون عاما مجردا ال يتناول حكمه أشخاص معيين بالذات‪ .‬وقد يكون محليا خاصا‬
‫بمجموعة من الناس وال يفقد صفته العمومية كالقانون التجاري‪ .‬وقد ينشأ العرف من تعود‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬ص‪ ،314‬المحامي محمود نعمان‪ ،‬ص‪ ،31‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪ ،63‬د‪ .‬سعيد جبر‪،‬‬
‫ص‪ ،743-741‬د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬ود‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪729‬‬
‫شخص واحد غير معين بالذات على مس لك معين‪ ،‬كما لو تعود رئيس الجمهورية على‬
‫إصدار ق اررات من نوع خاص إذ قد يترتب على هذا أن تتكون قاعدة عرفية تخول رئيس‬
‫(‪)1‬‬
‫الجمهورية إصدار مثل هذه الق اررات‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون ثابتا‪ :‬أي أن يتبعه الناس بانتظام دون انقطاع فإذا تكرر من الناس إتباع مسلك‬
‫معين فترة من الزمن ثم تحولوا عن هذا المسلك إلى غيره فترة أخرى ثم عاودا على إتباع‬
‫التكرر ال يكون ثابتا وال يتوفر عندئذ ركن االعتياد‪ .‬وبديهي أن الثبات ال‬
‫ا‬ ‫المسلك األول فأن‬
‫يتقرر لعرف إال أنه إذا كان قديما أي ال يعرف أوله كما قال األسالف‪ ،‬وباتصاف السلوك‬
‫أو العادة بالثبات والقدم تغدو قاعدة عرفية مستقرة‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يكون مطابقا للنظام العام واآلداب العامة في المجتمع فالعرف الذي يتنافى مع األسس‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية واألخالقية التي تقوم عليها المصالح العليا للجماعة ال‬
‫ترتقي إلى مرتبة العرف‪ ،‬مهما طال األمر‪ .‬كعادة األخذ بالثأر فانه ال تنشئ عرف ملزم‬
‫قانونا الن النظام العام يقضي بأن تتولى الدولة القصاص من األفراد الذين يعتدون على‬
‫الناس‪ ،‬ناهيك عن أن األخذ بالثأر ال يجوز شرعا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركن المعنوي‪:‬‬


‫القاعدة العرفية ال تنشأ بمجرد توافر الركن المادي بل‪ ،‬يجب كذلك أن يتوفر الركن المعنوي‬
‫للعرف‪ ،‬أي أن يتولد اعتقاد لدى الناس بأن هذه القاعدة ملزمة باعتبارها قاعدة قانونية لها جزاء‬
‫مادي توقعه السلطة ال عامة جب ار على من يخالفها‪ ،‬شأنها شأن سائر القواعد التشريعية سواء بسواء‪.‬‬
‫واالعتقاد بأن عادة معينة لها حرمة القواعد القانونية‪ ،‬ال ينشأ دفعة واحدة‪ ،‬بل يتكون تدريجيا حتى‬
‫يصل في وقت ما إلى أن يكون محققا ال نزاع فيه‪ ،‬واذا أجمع الفقه على أن عادة معينة أصدرت‬
‫(‪)2‬‬
‫عرفا أو اطردت أحكام المحاكم على ذلك‪ ،‬أصبح العرف ثابتا بما ال يحتمل الجدل‪.‬‬
‫والركن المعنوي هو الذي يميز بين العرف والقاعدة فاعتياد الناس في سلوكهم على أوضاع‬
‫معينة والسير عليها بصورة دائمة ال يعد عرفا لفقد الركن المعنوي أي الشعور بإلزامها لهم‪ ،‬أي أن‬
‫العادة تقوم على الركن المادي للعرف فقط دون الركن المعنوي ومن العادات ما يسمى بالعادات‬
‫االتفاقية بين األفراد وهي عادات تصبح واجبة التطبيق إذا اتفق األفراد على إتباعها‪ .‬فالعادة ال‬
‫تسري في حق األفراد إال إذا انصرفت إرادتهم إلى ذلك أي أن مصدر إلزام العامة هو إرادة األفراد‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬و د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪ ،741‬د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪772‬‬
‫وجدير بالذكر أن العادة‬ ‫(‪) 1‬‬
‫واتفاقهم بينما مصدر إلزام القاعدة العرفية هو أنها قاعدة قانونية‪.‬‬
‫االتفاقية ال تختلف فقط عن العرف‪ ،‬وانما أيضا تفترق عن القواعد القانونية المكملة‪ .‬فالقواعد‬
‫األخيرة هي قواعد ملزمة وواجبة التطبيق بمجرد عدم االتفاق على ما يخالفها‪ ،‬فليس شرطا لتطبيق‬
‫القاعدة القانونية المكملة إثبات اتجاه اإلرادة إليها أو إثبات علم المتعاقدين بها‪ .‬ويستوي تطبيقها أن‬
‫يعلم بها المتعاقدان أو ال يعلمان‪ .‬وهذا بعكس العادة االتفاقية فشرط ثبوت اتجاه اإلرادة الصريحة‬
‫(‪)2‬‬
‫أو الضمنية لألخذ بها بالفعل‪.‬‬
‫ويبدو مما ذكر سلفا أن العرف يختلف عن العادة في األمور التالية‪:‬‬
‫من ناحية التكوين حيث أن العرف يتوفر له ركنان مادي ومعنوي‪ ،‬بينما العادة يتوفر لها‬ ‫أ‪-‬‬
‫الركن المادي فقط‪.‬‬
‫ب‪ -‬من حيث األثر‪ ،‬إذا توافرت للعرف أركانه وشروطه نتجت عنه قاعدة قانونية ملزمة أما‬
‫العادة فال تعتبر قانونا وال تلزم الناس بها إال إذا اتفق األفراد على إتباعها صراحة أو ضمنا‪.‬‬

‫‪ – 58‬أنواع العرف‬
‫يمكن تقسيم العرف من حيث النشاط الذي يحكمه إلى عرف عام وعرف خاص‪ ،‬ويمكن‬
‫(‪)3‬‬
‫تقسيمه أيضا من ناحية نطاق تطبيقه إلى عرف شامل وعرف طائفي وعرف مهني‪.‬‬
‫‪ – 6‬العرف العام‬
‫هو قانون عرفي عام من صنع السلطات المكونة للدولة في مباشرتها لوظائفها المختلفة‪ ،‬وفي‬
‫تسييرها للمرافق العامة وفي عالقتها مع األفراد ومن هذا القبيل العرف الدستوري والعرف اإلداري‪.‬‬
‫‪ – 2‬العرف الخاص‪:‬‬
‫وهو قانون عرفي خاص من صنع األفراد أنفسهم في مباشرتهم لمعامالتهم المدنية والتجارية‪.‬‬
‫‪ – 3‬العرف الشامل‪:‬‬
‫هو العرف الذي يحكم عالقات األفراد في الدولة كلها بغض النظر عن اإلقليم أو الطائفة أو‬
‫المهنة الذي ينتمي إليها الفرد‪ .‬وقد كان العرف في الماضي عرفا شامال بهذا المعنى‪.‬‬

‫‪ – 4‬في الدولة الحديثة‪ ،‬من الصعوبة تصور نشأة عرف شامل بحكم سلوك المواطنين‬
‫جميعا‪ ،‬إال أنه ممكن أن ينشأ عرف شامل في إطار المجتمعات الصغيرة كالطوائف والمهن‬
‫واألقاليم‪ ،‬والعرف الذي ينشأ داخل هذه المجتمعات يسمى باسمها فقد يكون عرف طائفي خاص‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬و د‪ .‬محمد حين قاسم‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪ ،793‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪.12-69‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.430‬‬
‫‪777‬‬
‫بطائفة معينة كالتجارة‪ ،‬أو عرف مهني خاص بمهنة معينة كالمحاماة‪ ،‬أو عرف إقليمي والعرف في‬
‫(‪)1‬‬
‫الشريعة اإلسالمية كما في القانون ينقسم لعرف عام‪ ،‬وعرف خاص‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫مزايا العرف وعيوبه‬
‫‪ – 59‬من مزايا العرف أنه‪:‬‬
‫‪ -7‬يتولد تلقائيا في ضمير الجماعة‪ ،‬فهو يتماشى مع رغبات األمة وحاجاتها‪ ،‬ولذلك عده الفقيه‬
‫"سافيني" أكمل المصادر القانونية وقال عنه "هوالند" أنه بالنظر إلى طريقة تكوينه يكون أكثر‬
‫تالؤما مع الشعور القومي من القانون المصنوع بطريقة أخرى‪.‬‬
‫العرف يتمشى مع الظروف االجتماعية وحاجات المجتمع الذي تطبق فيه كونه انبثق‬ ‫‪-3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عنه‪.‬‬
‫عيوب العرف‪:‬‬

‫‪ -7‬أنه أداة بطيئة إلنتاج القواعد القانونية وهو يحتاج إلى وقت طويل حتى يتكون وينشئ‬
‫القاعدة‪ ،‬األمر الذي لم يعد يالئم المجتمعات والتطورات السريعة الجارية فيها‪.‬‬
‫‪ -3‬العرف يكتنفه الغموض واإلبهام‪ ،‬بعكس التشريع فأن صياغته في نصوص مكتوبة محكمة‬
‫تضفي عليه الكثير من الوضوح‪.‬‬
‫‪ -9‬العرف يؤدي إلى تباين النظم القانونية في الدولة الواحدة‪ ،‬فهو بطبيعته متجزئ ويختلف‬
‫باختالف الجهات‪ ،‬مما يعني اختالف القواعد المنظمة للموضوع الواحد من إقليم إلى آخر‬
‫في الدولة الواحدة وهو ما يتنافى مع ما تسعي إليه من وحدة القانون في كافة أنحاء إقليمها‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وهذا بخالف التشريع الذي عن طريقه تفرض الدولة نظاما قانونيا واحدا على كل إقليمها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫أساس القوة اإللزامية للعرف‬
‫‪ – 62‬أن البحث في أساس القوة الملزمة للعرف‪ ،‬لم يثر إال حديثا وذلك بقيام الدولة وانفرادها‬
‫بوضع القواعد التشريعية‪ ،‬وقد كثرت اآلراء حول أساس القوة الملزمة للعرف فمنها ما يرد القوة‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬عبد العزيز عامر‪ ،‬المدخل لدراسة القانون المقارن بالفقه اإلسالم القسم األول‪ ،‬نظرية القانون "طبعة‬
‫خاصة"‪ ،‬المطبعة العالمية‪ ،‬القاهرة‪7969 ،‬م‪ ،‬ص‪.369‬‬
‫(‪ )2‬ارجع عبد الكريم فارس المالكي‪ ،‬جبار صابر‪ ،‬طه‪ ،‬ص‪ ،372‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪ ،733‬د‪ .‬غاب‬
‫علي الداودي‪ ،‬ص‪.712‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪ ،736-730‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪.741-746‬‬
‫‪773‬‬
‫الملزمة للعرف إلى إرادة المشرع وذلك الن المشرع يرضى بقيام العرف ويحيل إليه في كثير من‬
‫القواعد القانونية‪.‬‬
‫ومن هذه اآلراء ما يرد في القوة الملزمة للعرف إلى الضمير الشعبي ألن القانون ينشأ‬
‫ويتطور في ضمير الجماعة وقد عرف أصحاب هذا االتجاه "بالمدرسة التاريخية" وعلى رأسهم‬
‫الفقيه "سافينيي" ومن هذه اآلراء ما يرد القوة الملزمة للعرف إلى القضاء على أساس تطبيق المحاكم‬
‫له وقد عرض هذه النظرية "نظرية العرف القضائي"‪ ،‬الفقيه الفرنسي "المبير" في مؤلف ضخم نشره‬
‫سنة ‪7929‬م ردا على النظرية التقليدية عن العرف التي شرحها "جيني" في فرنسا ألول مرة سنة‬
‫‪7399‬م‪ ،‬وتقوم هذه النظرية على أساس أن تبني القضاء للعرف وتطبيقه من قبله وهو الذي يسبع‬
‫عليه قوته اإللزامية‪ .‬ويذهب رأي آخر في الفقه الحديث إلى أن العرف يستمد قوته الملزمة من‬
‫وبصرف النظر عن ما وجه إلى‬ ‫الضرورة االجتماعية التي تفرضه وتحتم وجوده لتنظيم المجتمع‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫هذه النظريات من انتقادات‪ ،‬فأننا نميل إلى الرأي الذي يذهب إلى أن العرف يستمد قوته الملزمة‬
‫من إرادة المجتمع ألن القواعد العرفية تنشأ من ضمير الجماعة بسبب عوامل مختلفة‪ ،‬ذلك أن‬
‫الثابت في دراسة‪ ،‬تاريخ العرف‪ ،‬أنه هو القانون غير المكتوب وهو الذي ينظم المجتمع قبل ظهور‬
‫الدولة إلى جانب القواعد الدينية‪ ،‬وأن دور العرف لم يلغ حتى بعد ظهور الدولة والتشريعات‬
‫(‪)2‬‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‬
‫دور العرف في القانون اليمني‬
‫‪ – 67‬ليس جديدا القول بأن العرف يعتبر مصد ار رسميا للقانون‪ ،‬ولو أنه قد ترك مكان‬
‫الصدارة للتشريع في جميع الدول‪ ،‬وفيما سبق أوضحنا مزايا التشريع التي جعلته يتفوق على‬
‫العرف‪ .‬وتتضح هذه المكانة من منطوق المادة األولى من القانون المدني والتي اعتبرت العرف‬
‫المصدر االحتياطي الثالث للقانون في النظام القانوني اليمني‪ ،‬فحث ال يجد القاضي نصا تشريعيا‬
‫يمكن تطبيقه على ما يعرض عليه من نزاع‪ ،‬عليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فأن لم‬
‫يجد حكم بمقتضى العرف الجائز شرعا‪"....‬‬

‫الصدة‪ ،‬ص‪ ،704‬د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪.733‬‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬ص‪ ،339‬عبد الكاظم فارس‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬ص‪.321‬‬
‫د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪ 709‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬ص‪.790‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪.760‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذ الفضل‪ ،‬ص‪ ،34‬و د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪779‬‬
‫ولم يجار المشرع اليمني التقنيات المدنية التي تحيل إلى العرف مباشرة بعد التشريع‪ ،‬وانما‬
‫جعل العرف يأتي بعد التشريع ومبادئي الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك ينسجم مع الدستور الذي ينص‬
‫على أن التشريع اإلسالمي مصدر جميع التشريعات ومعلوم بأن الشريعة اإلسالمية من الوفرة‬
‫والخصوصية بحيث يصعب تقنينها مهما بذل من جهد وعناء‪ ،‬ناهيك عن أن باب االجتهاد في‬
‫عكس الدول اإلسالمية األخرى التي ظلت فيها الشريعة اإلسالمية فترة‬ ‫اليمن لم يغلق حتى اليوم‬
‫(‪)1‬‬

‫من الزمن معزولة عن تنظيم شئون الحياة إال بالقدر اليسير أضف إلى ذلك أن باب االجتهاد‬
‫أوصد وقيد لعدة قرون‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فأن اإلحالة إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية‬
‫تتضمن اإلحالة إلى العرف‪ ،‬فالفقهاء المسلمين يعتبرون العرف أحد المصادر أو األدلة الشرعية‬
‫والدليل على ذلك أن من بين القواعد الكلية في الشريعة‬ ‫( ‪)2‬‬
‫بغض النظر عن اختالفهم في ذلك‬
‫اإلسالمية القاعدة التالية‪" :‬العادة محكمة"‪ ،‬استعمال الناس حجة يجب العمل بها‪ ،‬الممتنع عادة‬
‫كالممتنع حقيقة" الحقيقة تترك بداللة العادة‪" ،‬المعروف عرفا كالمشروط شرطا‪ ،‬والمعروف بين‬
‫(‪)3‬‬
‫التجار كالمشروط بينهم" التعيين بالعرف كالتعيين بالنص"‪.‬‬
‫ولقد سبق التقنين المدني السوري تقنينا المدني في ترتيب العرف بعد التشريع ومبادئ‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وينبغي أال يفهم بأن المشرع اليمني ينكر الدور المهم الذي يؤديه العرف في‬
‫حيث تبرز الدور المهم الذي يؤديه‬ ‫(‪)4‬‬
‫القانون اليمني‪ ،‬والدليل على ذلك النصوص القانونية ذاتها‬
‫العرف في القانون اليمني‪ ،‬فهو قد يكمل ما في التشريع من نقص كما قد يكون معاونا له‪ ،‬كما أن‬
‫القانون سمح للعرف أحيانا بمخالفة التشريع‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬العرف المكمل للتشريع‬


‫يقوم العرف بهذا الدور بالنسبة لقواعد القانون العام منها أو الخاص‪ ،‬وهذا يتضح من المادة‬
‫األولى من القانون المدني‪ ،‬والذي تقربان التشريع ال يستطيع أن يتضمن جميع األحكام الذي يحتاج‬

‫(‪ )1‬انظر حديث الرئيس القائد المنشور بالمذكرة اإليضاحية لقانون المدني للجمهورية اليمني‪ ،‬الكتاب األول والثاني‪،‬‬
‫ص‪.0‬‬
‫(‪ )2‬ارجع د‪ .‬سهيل الفتالوي‪ ،‬ص‪ ، 713‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪ 309‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬محمود عبد الحميد المغربي‪ ،‬القواعد الكلية في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬المكتبة الحديثة‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪7933‬م‪ ،‬ص‪ ، 34‬مجلة األحكام العدلية الصادرة عن الدولة العثمانية‪7390 ،‬ه‪ ،‬المواد ‪،99 ،93 ،91 ،96‬‬
‫‪.40 ،44 ،49 ،42‬‬
‫(‪ )4‬القانون المدني اليمني المواد ‪،936 ،931 ،334 ،370 ،113 ،112 ،196 ،123 ،692 ،461 ،303‬‬
‫‪ .7912 ،7796‬القانون التجاري المواد ‪.97 ،929 ،796 ،727‬‬
‫‪774‬‬
‫إليها الناس في أمورهم ومعامالتهم‪ ،‬وكذلك ظل هذا المصدر وسيظل إلى جانب التشريع مصد ار‬
‫تكميليا خصبا‪.‬‬

‫والعرف يقوم بهذه الوظيفة فيما عدى القانون الجنائي وذلك تطبيقا لمبدأ دستوري مفاده‪ ،‬أنه‬
‫ال جريمة وال عقوبة إال بنص" "و‪ "46‬دستور‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقانون الدولي العام‪ ،‬فالعرف يلعب الدور الرئيسي إذ أن العالقات بين الدول‬
‫تسير في معظم األحيان على القواعد العرفية‪ ،‬ويسمى هنا العرف الدولي كما يلعب دو ار هاما في‬
‫القانون اإلداري(‪ 1‬نظ ار ألن قواعد هذا الفرع غير مقننة‪ ،‬وكثي ار ما تلجأ إليه المحاكم وتطبقه‪.‬‬
‫إما في القانون المدني‪ ،‬ونظ ار لعناية المشرع بتنظيم وتفصيل أحكامه‪ ،‬نالحظ أن دور العرف‬
‫ضئيل‪ ،‬وذلك على العكس في القانون التجاري‪ ،‬فأن العرف يؤدي دو ار مهما نظ ار لقصور‬
‫النصوص التشريعية عن مواجهة متطلبات الحياة التجارية المتجددة والمتنوعة بتنوع التجارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العرف المعاون للتشريع‬


‫ويعد العرف معاونا للتشريع في األحوال التي تحيل فيها النصوص إليه‪ ،‬لتحديد مضمون‬
‫فكرة معينة‪ ،‬أو لتفسير قصد المتعاقدين أو التعرف على نيتهم أو لتنظيم مسألة فرعية لم ينظمها‬
‫التشريع ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫ما تنص عليه المادة (‪ )931‬مدني والتي تنص على أن "يلزم الوكيل تنفيذ الوكالة دون‬
‫تجاوز لحدودها المتفق عليه آو ما جرى به العرف"‪.‬‬
‫كذلك المادة (‪ )112‬والتي تنص على أن "ما لم يرد حكمه في المواد المتقدمة يرجع فيه‬
‫لعرف الجهة"‪ .‬وكذلك نص المادة (‪ )303‬والتي تنص "أن ال اعتداد بالعيب اليسير الذي جرى‬
‫العرف على التسامح به"‪ .‬ويتضح من األمثلة السابقة الدور الذي يحتله العرف كمعاون للتشريع‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العرف المخالف للتشريع‬

‫ذكرنا فيما سبق أن العرف احتياطي للقانون بمعنى أنه ال يطبق إال إذا لم يوجد في المسألة‬
‫المعروضة نص في التشريع‪ ،‬ويترتب على ذلك انه ال يجوز للعرف مخالفة التشريع‪ ،‬بالرغم من‬
‫ذلك ففي حاالت معينة يضع التشريع حكما لمسألة معينة ولكن يقرر أن إذا وجد عرف في هذه‬
‫المسالة فأنه يجب العمل به دون العمل بما يضعه المشرع من قواعد تشريعية‪ .‬والمشرع يقدر في‬
‫ذلك أن ما يعتاد الناس في إتباعه من أحكام في مسألة من المسائل الفرعية‪ ،‬يعد أفضل مما يضعه‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.707‬‬


‫‪770‬‬
‫وهذا يعني أن العرف يملك‬ ‫التشريع في هذه المسائل‪ ،‬وباعتباره أكثر اتفاقا مع حاجات التعامل‬
‫(‪)1‬‬

‫مخالفة القواعد الشريعة المكملة‪ ،‬فهي كما سبق بيانه‪ ،‬قواعد يجوز لألفراد االتفاق على مخالفتها‬
‫ومن أمثلة ذلك ما تنص عليه المادة‬ ‫"فمن باب أولى يجوز نشوء عرف مخالف لها في الجماعة‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ 196‬من القانون المدني على أنه "ال يجوز للمستأجر أن يستعمل العين المؤجرة إال فيما أعدت له‬
‫وعلى النحو المتفق عليه أو المتعارف عليه"‪ ،‬ما لم يكن هناك اتفاق أو عرف يقضي بذلك‪ .‬أيضا‬
‫ما نصت عليه المادة "‪ "370‬والتي تنص على أن "ال يلزم رب العمل إطعام الخادم وكسوته إال إذا‬
‫اشترط عليه أو جرى العرف به‪. ".‬‬
‫ويالحظ أن دور العرف في حلول حكمه محل التشريع إذا كان مخالفا له‪ ،‬ومقصور على‬
‫القواعد التشريعية المكملة‪ ،‬وال يتصور قيامه بالنسبة للقواعد اآلمرة‪ ،‬فحكم هذه القواعد مفروض‬
‫فرضا ال يسمح مخالفته في آية حال‪ .‬ذلك أنها تنظم مسائل تتعلق بالمصلحة العامة‪ ،‬وال يجوز أن‬
‫(‪)3‬‬
‫يفلت زمام السيطرة على تنظيمها من قبضة السلطة القائمة على التشريع في الدولة‪.‬‬
‫ومع ذلك بعض من الفقه يجيز للعرف التجاري أن يخالف القواعد اآلمرة في القانون المدني وذلك‬
‫على أساس أن مثل هذا القول ال يؤثر على مبدأ تدرج مصادر القانون‪ ،‬بل يقتصر على تحديد‬
‫نطاق تطبيق كل من القانون التجاري والقانون المدني‪ ،‬كما أن قواعد القالون المدني تعتبر الشريعة‬
‫العامة بالنسبة للمعامالت الخاصة‪ ،‬في حين يعتبر القانون التجاري هو القانون الخاص بالنسبة‬
‫للمعامالت التجارية‪ ،‬وبالتالي فان القانون المدني يكمل القانون التجاري في حالة غياب النص فإذا‬
‫ثار نزاع تجاري معين وجب البحث عن قاعدة خاصة في نطاق القواعد التجارية التشريعية أو‬
‫العرفية‪ ،‬وبالتالي ال مجال للتنازع بين العرف التجاري وبين نصوص القانون المدني‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫مبادئ العدالة‬
‫‪ – 63‬إذا لم يجد القاضي نصا تشريعيا يرجع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية وان لم يجد‬
‫رجع إلى العرف فإذا لم تسعفه هذه المصادر بالحكم الواجب اإلتباع يستعين بمبادئ العدالة الموافق‬
‫ألصول الشريعة اإلسالمية جملة ذلك ما تقضي به المادة األولى من القانون المدني‪.‬‬

‫(‪ )1‬ارجع جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ ،746‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪ ، 749‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‬
‫‪.303‬‬
‫(‪ )4‬انظر د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬ص‪ ،372‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.410‬‬
‫‪776‬‬
‫فالقانون يرجع إلى قواعد العدالة في النهاية إذا لم يجد الحكم محل النزاع المعروض عليه في‬
‫التشريع ومبادئ الشريعة اإلسالمية والعرف‪ .‬أما إذا وجد الحكم الالزم في أحد هذه المصادر لحسم‬
‫النزاع المعروض عليه‪ ،‬فال يجوز له عندئذ أن يبحث عن حكم آخر للنزاع المعروض في مبادئ‬
‫وفي الواقع ال يمكن إعطاء‬ ‫(‪)1‬‬
‫العدالة ولو كان الحكم الذي تلزمه به تلك المصادر منافيا لقناعته‬
‫تعريف محدد لهذه المبادئ باعتبار أنها غير واضحة وغير محددة‪ ،‬كما أنها ال ترد القاضي إلى‬
‫وفكرة مبادئ‬ ‫ضابط يقيني إنما تلزمه أن يجتهد برأيه حتى تقطع عليه سبيل النكول عن القضاء‬
‫(‪)2‬‬

‫العدالة ترتبط بفكرة القانون – الطبيعي بل وتتفرع منه‪ ،‬والقانون الطبيعي لم يكن في يوم من األيام‬
‫سوى مجموعة من األفكار العامة والمبهمة التي لم تستقر لها مضمون معين وكل ما أمكن ذكره‬
‫عن جوهرها يدور حول أنها "المبادئ األبدية والمثالية التي يتوصل إليها اإلنسان بتفكيره وعقله‬
‫وتأمله‪ ،‬وكال الفكرتان تنطويان على مضمون مثالي‪ ،‬ويشوبها ذات العيب وهو عدم التحديد وعدم‬
‫الوضوح وبالتالي يمكن اعتبارها "اقرب إلى الشعور منها إلى األفكار الثابتة المحددة"‪.‬‬
‫وقد عبر أرسطو بوضوح عن أن القانون الطبيعي هو القانون العقلي‪ ،‬وأن إدراك العمل يكون‬
‫بواسطة العقل السليم‪ ،‬كما لقيت هذه الفكرة بعض التغيير في أوروبا على يد الفالسفة المسيحيين‪.‬‬
‫فمع أخذهم بنظرية القانون الطبيعي‪ ،‬إال أن هذا القانون لم يعد في نظرهم قانونا عقليا يدركه‬
‫اإلنسان بما يشع في عقله من ضوء‪ ،‬ولكنه أصبح قانونا مقدسا مصدره الوحيد الله ودليل وجوده‬
‫هو الكتب المقدسة‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬

‫وخالص القول ارتبطت فكرة العدالة في الفكر اإلغريقي والروماني ثم في األوربي باتجاهات‬
‫فلسفية‪ -‬والخوض فيما يتجاوز نطاق هذه الدراسة – ولكن نؤكد أن المشرع المصري في القانون‬
‫المدني النافذ تبنى مذهب القانون الطبيعي وبمبادئ العدالة مصد ار رسميا راجعا في المادة األولى‬
‫منه ودخل الموقف المصري إلى التقنينات المدنية العربية األخرى ومنها القانون المدني اليمني‬
‫(‪)4‬‬
‫كآخر تقنين مدني عربي يصدر وكان هذا الصنيع تقليدا اعمي للقانون المصري‪.‬‬

‫(‪ )1‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪.719‬‬


‫(‪ )2‬ارجع د‪ .‬غالب الداودي‪ ،‬ص‪ ، 714‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪ ،360‬د‪.‬‬
‫عصام أنور سليم وآخرون‪ ،‬ص‪ ،37‬د‪ .‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬ص‪ ،336‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫( ‪ )3‬لمزيد من التفصيل على تاريخ فكرة القانون الطبيعي راجع د‪ .‬ملحم قربان‪ ،‬قضايا الفكر السياسي "القانون‬
‫الطبيعي‪ ،‬ط‪ ،7‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪7933 ،‬م‪ ،‬ص‪ 70‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )4‬ارجع د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬ص‪ ،00‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪،‬‬
‫ص‪.364‬‬
‫‪771‬‬
‫ومن نافل القول‪ ،‬أن التقنينات المدنية العربية‪ ،‬وان حاكت التقنينات األوروبية وبالذات التقنين‬
‫المدني الفرنسي‪ ،‬إال أن ذلك ينسجم مع النصوص الدستورية التي تجعل من الشريعة اإلسالمية‬
‫مصد ار رئيسيا أو المصدر الرئيسي أي أن النصوص الدستورية لم تجعل من الشريعة اإلسالمية‬
‫المصدر الوحيد بل فتحت المجال أمام – المشرع – الستمداد قواعده من مصادر أخرى‪ ،‬وذلك‬
‫مغاير لموقف المشرع اليمني الذي يجعل من الشريعة اإلسالمية مصدر جميع التشريعات بعد‬
‫تعديل الدستور الذي كان ينص سابقا على أن الشريعة اإلسالمية المصدر الرئيسي للتشريع" وان‬
‫كان هذا النص ينسجم مع نص المادة األولى من القانون المدني التي تورد مبادئ العدالة كأحد‬
‫المصادر إال أنه بعد تعديل الدستور لم يعد كذلك والقول بغير ذلك مردود عليه بالتالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تنص المادة الثالثة من الدستور بأن الشريعة اإلسالمية مصدر جميع التشريعات‬
‫وبالتالي ليس أمام المشرع اليمني أي مصادر أخرى إذ أن الشريعة اإلسالمية تستغرق مصادر‬
‫التشريع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن المادة األولى من القانون المدين والذي هو اآلخر ليس إال تقنينا للشريعة اإلسالمية‬
‫"ويسري هذا القانون المأخوذ من أحكام الشريعة اإلسالمية جعلت " الشريعة اإلسالمية المصدر‬
‫الثاني بعد التشريع"‪.‬‬

‫واذا كان البعض يرى أن اإلحالة إلى قواعد العدالة في القانون المصري ليس لها من فائدة‬
‫أمام قيام اإلحالة إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية وسبقها عليها(‪ 1‬فأننا نتمنى لو أن المشرع اليمني‬
‫يعيد النظر في المادة األولى من القانون المدني ويعيد صياغتها متخلصا من اإلحالة إلى مبادئ‬
‫العدالة‪ ،‬والمفيد الذكر أيضا أن المشرع حتى عند اإلحالة إلى مبادئ العدالة وضع قيد وهو موافقتها‬
‫ألصول الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫أن بقاء الحال كما هو عليه في المادة األولى ربما يوحي لدى البعض بان هناك شأنا من‬
‫شئون الحياة ال حكم للشريعة فيه أو مصادر الشريعة اإلسالمية وهي الكتاب والسنة النبوية الشريفة‬
‫واإلجماع والقياس وغيرها من المصادر وكذلك المبادئ واألصول والقواعد الكلية ال تنطوي على‬
‫مبادئ العدالة‪ ،‬ومثل هذا القول أو الطرح ال يمكن مطلقا التسليم به‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪ 360‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪773‬‬
‫أن الشريعة اإلسالمية في تقدير جمهور الفقهاء نظام قانوني تتسع أحكامه لكل جوانب‬
‫الحياة‪ ،‬وانها ال تقتصر على كليات الحياة فحسب‪ ،‬بل تناول جزئياتها أيضا(‪ 1‬ولن نسمح ألنفسنا‬
‫بأن ننساق خلف الذين يوردون بعض اآليات من كتاب الله أو بعض األحاديث النبوية ليؤكدوا على‬
‫العدل في الشريعة اإلسالمية إذ يكفي أن صانعها هو الله‪ .‬وتتمثل فيها قدرة الخالق وكماله وعظمته‬
‫وقد جعل المولى عز وجل العدل أسما له تمجيدا للعدل كأصل‬ ‫(‪)2‬‬
‫واحاطته بما كان وبما هو كائن‬
‫من أصول الشريعة السمحاء‪.‬‬

‫المبحث الخامس‬
‫المصادر التفسيرية‬
‫والمصدر التفسيري يراد‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ – 69‬ذهب الباحثون مذاهب شتى في تسمية المصادر التفسيرية‪،‬‬
‫به المرجع الذي يساعد على تجلية ما في القاعدة القانونية من غموض وتوضيح ما فيها من إبهام‪.‬‬
‫فهو مصدر لالستئناس واالسترشاد‪ ،‬يسترشد به القاضي للتعرف على حقيقة القواعد التي استمدها‬
‫من مصادرها الرسمية دون أن يكون لها قوة ملزمة(‪ 4‬وقد جرت العادة عند الباحثين في النظرية‬
‫العامة للقانون على اعتبار االجتهاد القضائي وآراء الفقهاء‪ ،‬مصدرين تفسيريين أو مصدرين غير‬
‫رسميين‪ .‬أي أن المشرع عند تعداده لمصادر القاعدة القانونية‪ ،‬عادة ما ينص على المصادر‬
‫الرسمية كما هو الحال في القانون المدني اليمني في المادة األولى منه‪ ،‬والقانون المدني المصري‬
‫المادة األولى والمدني السوري المادة األولى والقانون المدني الليبي المادة األولى‪ ،‬والقانون المدني‬
‫العراقي المادة األولى‪.‬‬

‫وباستقراء النصوص أعاله ال نجد ذك ار للمصادر التفسيرية أو غير الرسمية باستثناء القانون‬
‫المدني األردني في الفقرة الرابعة المادة الثانية والتي تنص على أن "يسترشد في ذلك كله بما أقره‬
‫القضاء والفقه على أن ال يتعارض مع ما ذكر"‪ .‬الجدير بالذكر هو أن القانون المدني اليمني في‬
‫المادة (‪ )79‬ينص على أن المرجع في تفسير نصوص القوانين وتطبيقها هو الفقه اإلسالمي‬
‫والمذكرات اإليضاحية والكتب الشارحة الصادرة عن الهيئة التشريعية‪.‬‬

‫( ‪ ) 1‬لنظر د‪ .‬محمد عوض محمد‪ ،‬مهمة المشرع العربي في ضوء النصوص الدستورية التي تجعل الشريعة‬
‫اإلسالمية مصدر للتشريع‪ ،‬دراسات قانونية‪ ،‬منشورات – الجامعة الليبية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬الجلد الثالث‪ ،‬السنة‬
‫الثالثة‪7919 ،‬م‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫(‪ )2‬انظر عبد القادر عودة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73‬‬
‫(‪ )3‬حيث يطلق أيضا المصادر المساعدة‪ ،‬المصادر االستثنائية‪ ،‬وغير التشريعية أو غير الرسمية‪.‬‬
‫(‪ )4‬لنظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.711‬‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪779‬‬
‫ونقتصر في هذا المقام على تناول القضاء والفقه كمصدرين تفسيريين يجمع عليهما الفقه‬
‫إجماعا مانعا‪ ،‬أما ما ورد في المادة (‪ )79‬مدني يمني فنتناوله عند تفسير القانون في فصل‬
‫مستقل‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫القضاء‬

‫وما يهمنا من تلك المعاني‬ ‫(‪)1‬‬


‫القضاء في اللغة من المشترك اللفظي الذي يقع في عدة معان‬
‫المتعددة هو ورودها بمعنى الحكم‪ ،‬كما قال األزهري "وقيل للحاكم قاضي ألنه يمضي الحكم أو‬
‫األحكام ويحكمها‪ ،‬ويكون قضى بمعنى أوجب فيجوز أن يكون سمي قاضيا إليجابه على الحكم‬
‫والقضاء بوصفه أحد السلطات الثالث في الدولة يقصد به معنى ثالث‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫على من عليه‬

‫األول مجموعة المحاكم الموجودة في الدولة والتي تقوم بتطبيق القانون على المنازعات‬
‫المعروضة عليها‪،‬والثاني‪ :‬األحكام التي تصدر من هذه المحاكم‪ ،‬الثالث‪ :‬يفيد استقرار المحاكم‬
‫باتجاه معين بصدد مسألة معينة واطراد قضاءها طبقا لهذا االتجاه والمعنى اآلخر هو الذي يعنينا‬
‫في هذا المبحث‪.‬‬

‫وقد كان القضاء مصد ار رسميا في الشرائع القديمة وتحول اآلن إلى مصدر تفسيري له في‬
‫معظم قوانين العالم‪ ،‬وعلى األخص القوانين الالتينية والقوانين التي سارت علي منهجها‪ ،‬أما‬
‫القوانين اإلنجلوسكسونية‪ ،‬فالقضاء هو المنبع الجوهري للقواعد والحلول القانونية‪.‬‬

‫وفي هنا يقوم الفقيه اإلنجليزي "‪ "Lawson‬أن الخصوصية التي يتميز بها القانون اإلنجليزي‬
‫تنبع إلى درجة كبير من كون الطريقة أو المبدأ الذي يكون في اللب أو الجوهر الحقيق للنظام ال‬
‫نجد أكثره في أي إعالن أو بيان مكتوب وملزم‪ ،‬ولكن يجب أن تجمع من عدد كبير من الق اررات أو‬
‫األحكام القضائية ويضم ما جمع‪.‬‬
‫ومن ذلك يتضح أن المبادئ المقررة في القوانين‬ ‫(‪) 3‬‬
‫على هذا النحو بعضه على بعض‬
‫اإلنجلوسكسونية أن أحكام المحاكم العليا تكون سوابق قضائية ملزمة للمحكمة التي أصدرتها‬
‫والمحاكم التي تلتها في الدرجة‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك القرآن الكريم‪ ،‬سورة اإلسراء آية (‪ ،)39‬النساء (‪ ،)729‬البقر (‪ ،)372‬طه (‪ ،)13‬زخرف (‪،)11‬‬
‫الحجر (‪ ،)66‬فصلت (‪ ،)73‬الزمر (‪ .)69‬وانظر أيضا لسان العرب البن منظور‪ ،‬جزء ‪ ،79‬الدار المصرية‬
‫للتأليف والترجمة مادة "قضى"‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫(‪ )2‬تهذيب األسماء واللغات للندوي‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬المجيد الحكيم‪ ،‬االعتبار كركن في العقد في القانون اإلنجلو أمريكي‪7997 ،‬م‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪732‬‬
‫ويقول أحد الفقهاء اإلنجليز "عندما أقول القانون فإنما أعني القانون كما يعلنه قضاء صاحبة‬
‫(‪)1‬‬
‫الجاللة "ال القانون الذي تعلنه الدائر الحكومية"‪.‬‬
‫أن إضفاء اللزوم والحجية إلىا لسوابق القضائية يعزوه "قيليب جميس" إلى سببين نفسي‬
‫وعقلي‪ ،‬ناهيك عن المكانة التي يحتلها القضاة في إنجلت ار وما يحضون به من إقدام وتقدير وليس‬
‫هناك أدلة على هذه المكانة مما قاله رئيس وزراء بريطانيا السير ونستون تشرشل واصفا القضاة‬
‫(‪)2‬‬
‫أنهم أناس ال شبيه لهم أبدا في جزيرتنا"‪.‬‬

‫أن الوضع في البالد العربية ومنها الجمهورية اليمنية مغاير لما هو عليه في النظام اإلنجلو‬
‫سكسوني فالمادة األولى من القانون المدني اليمني والنصوص المماثلة في البالد العربية استبعدت‬
‫اعتبار القضاء مصد ار رسميا من المصادر الرسمية األخرى بل من المصادر التفسيرية‪ .‬ومعنى‬
‫ذلك أن األحكام ا لقضائية التي تصدر عن المحاكم ال تعتبر بمثابة قواعد قانونية عامة كقواعد‬
‫التشريع أو العرف مثال‪ ،‬وانما هي عبارة عن تطبيق عملي للقواعد القانونية الموجودة وليس لها أي‬
‫(‪)3‬‬
‫صفة بالنسبة للقضايا التي تفصل فيها‪.‬‬
‫ومما ينبغي لفت االنتباه إليه هو أن القضاء ليس سلطة لسن القوانين‪ ،‬وذلك أن القضاء‬
‫عندما ال يجد قاعدة في المصادر الرسمية‪ ،‬فأنه مضطر إلى االجتهاد للوصول إلى حل يطبق على‬
‫النزاع ثم تتواتر األحكام وتستقر على األخذ بهذا الحل في الحاالت المماثلة وهذا القول ينصرف‬
‫بالذات على أحكام المحكمة العليا‪ ،‬إذا تواترت‪ ،‬اعتبر القضاء هذه األحكام وكأنها مبادئ كلية‬
‫يطبقها كلما عرض أمامه وقائع مماثلة‪ ،‬غير أن التزام المحاكم بأحكام المحكمة العليا‪ ،‬ال نجد سنده‬
‫في القانون‪ ،‬إنما في المكانة التي يحتلها في سلم القضاء بوصفها أعلى سلطة قضائية‪ ،‬فاإللزام ال‬
‫وعلى العموم فالقاضي غير ملزم بالرجوع إلى األقضية السابقة‪،‬‬ ‫يخرج عن االعتبارات األدبية‪،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫كما أن التطبيق اآللي للقواعد القانونية يجردها من نبض الحياة ويحد من إنماء القانون وتطوره‪ .‬أن‬
‫اعتبار االجتهاد القضائي من المصادر التفسيرية هو من نتائج مبدأ الفصل بين السلطات وبصورة‬
‫خاصة بين السلطتين التشريعية والقضائية‪ .‬كم ا أن السلطة التشريعية ال تستطيع أن تتولى الفصل‬
‫مباشرة في الدعاوى‪ ،‬كذلك ال تستطيع السلطة القضائية أن تتولى مهمة التشريع ووضع وقواعد‬
‫قانونية عامة‪.‬‬

‫( ‪ )1‬د‪ .‬المجيد الحكيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96‬‬


‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬المجيد الحكيم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.773‬‬
‫(‪ )3‬راجع في ذلك د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.347‬‬
‫(‪ )4‬انظر في ذلك د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،03‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.736-730‬‬
‫ّ‬
‫‪737‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الفقه‬

‫يقصد بالفقه مجموعة من الشروح واآلراء التي يصدرها علماء القانون سواء كان ذلك في‬
‫مؤلفاتهم القانونية أو في أبحاثهم أو في فتاواهم أو في تعليقاتهم على أحكام القضاء‪ ،‬وقد كان للفقه‬
‫في أيام الرومان دور بارز في وضع األحكام‪ ،‬حيث كانت المحاكم تستعين بآراء الفقهاء وقد خلد‬
‫التاريخ أسماء فقهاء أمثال جايوس‪ ،‬وايلييان وبول ومورستان وبابنيان حيث تكون القانون الروماني‬
‫وقد احتل الفقه دو ار مهما في تفسير المصدرين الرئيسيين للشريعة اإلسالمية "القرآن‬ ‫من آرائهم‬
‫(‪)1‬‬

‫والسنة" وقد درج كثير من الفقهاء على تقسيم الفقه اإلسالمي إلى قسمين "عبادات ومعامالت" والفقه‬
‫اإلسالمي فقه يناسب اإلنسانية وي حل مشاكلها في كل زمان ومكان‪ ،‬ألنه من معين صاف طيب‬
‫أساسه كتاب الله الذي (ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه ولسنة نبيه محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم الذي أرسله رحمة بعباده)‪.‬‬

‫(‪ )1‬جميل الشرقاوي‪ ،‬نفس المجرع‪ ،‬ص‪ ،709‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.13‬‬
‫‪733‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫تطبيق القانون‬
‫‪ – 64‬عندما تتوافر للقاعدة القانونية عناصر الوجود والنفاذ‪ ،‬فأنه تسري على المخاطبين‬
‫بأحكامها‪ ،‬ويجب على السلطتين التنفيذية والقضائية أن تطبق كل حدود اختصاصه‪.‬‬

‫ومن نافل القول أن تطبيق القانون يقتضي أوال تحديد المكان الذي تسري فيه قواعده في‬
‫المكان والزمان‪.‬‬

‫ولذلك ف أننا نخصص هذا الفصل في تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان والزمان وذلك‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطبيق القاعدة القانونية من حيث الزمان‪.‬‬

‫‪739‬‬
‫المبحث األول‬
‫تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان‬

‫‪ – 60‬األصل أن قوانين الدولة توجد بقصد تطبيقها على مواطنها داخل حدود إقليمها‪ ،‬غير‬
‫أن نشاط األفراد ال يقتصر على ما يقومون به داخل حدود دولتهم‪ ،‬بل يمتد نشاطهم إلى ما وراء‬
‫هذه الحدود‪ ،‬فمن النادر أن يكون إقليم الدولة مقصو ار على مواطنيها‪ ،‬إنما الغالب أن يوجد على‬
‫إقليم كل دولة رعايا دول أخرى‪ .‬كما أن سهولة وسائل المواصالت وتقدم وسائلها وازدهار التجارة‬
‫الدولية أدى إلى نشوء كثير من العالقات بين أفراد يقيمون في دول مختلفة‪ .‬ولذلك برز السؤال‬
‫الخاص بتحديد نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان‪ .‬ومع معرفة ما إذا كان القانون‬
‫تطبق على كل من يوجد على إقليم الدولة بصرف النظر عن انتماؤه إليها أو عدم انتماؤه‪ ،‬وال يمتد‬
‫حكمه إلى رعاياها أن تجاو از حدود إقليمها‪ .‬وهذا هو مبدأ إقليمية القانون‪ .‬أم أن تطبيق القانون‬
‫على رعايا الدولة دون غيرهم سواء في إقليم الدولة أو خارجه وهذا ما يعرف لمبدأ شخصية‬
‫القوانين‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫يستمد مبدأ إقليمية القوانين من فكرة سيادة الدولة على إقليمها فتخضع لحكم قوانينها األجنبي‬
‫خضوع الوطني له‪ .‬ويستمد مبدأ شخصية القوانين فكرة سيادة الدولة على رعاياها فينصرف إليهم –‬
‫دون األجانب – حكم قوانينها أينما وجدوا ولهذا قيل "بأن من يغترب يحمل على نعليه جزء من‬
‫أرض وطنه"‪.‬‬

‫والراجح في الوقت الحاضر أن المبدأ األساسي إقليمية القوانين وأن االستثناء هو السماح‬
‫لمبدأ شخصية القوانين في حدد معينة‪ .‬ومن الطبيعي أن ينتصر مبدأ إقليمية القوانين على مبدأ‬
‫شخ صية القوانين‪ ،‬ألن الدولة ال تملك سلطة حقيقية فعلية إال على إقليمها‪ ،‬وهي تستطيع مباشرة‬
‫هذه السلطة حتى على األجانب المقيمين على إقليمها‪ .‬وهذا بعكس الحال بالنسبة لألشخاص الذين‬
‫يحملون جنسيتها ويوجدون على إقليم دولة أجنبية حيث ال تملك حسب األصل سلطة فعلية عليهم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ومن هنا كان انتصار مبدأ إقليمية القوانين‪.‬‬
‫‪ – 11‬المبدأ المعمول به في اليمن‬

‫( ‪ ) 1‬ارجع د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪ ،36‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ ،613‬د‪ .‬حمدي عبد‬
‫الرحمن‪ ،‬ص‪.749‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪.696‬‬
‫‪734‬‬
‫الواقع أن القانون اليمني يأخذ مبدأ إقليمية القوانين بمعنى أن يطبق في إقليم الجمهورية اليمنية على‬
‫المواطنين واألجانب على السواء‪ ،‬غير أن هذا المبدأ ترد عليه عدة استثناءات أهمها اآلتي‪:‬‬

‫‪ -7‬يتمتع اليمنيون وحدهم دون األجانب بالحقوق السياسية كحق االنتخاب والترشيح وتولي‬
‫الوظائف العامة‪ ،‬وبالتالي ال تسري القوانين المنظمة لهذه الحقوق على كل األشخاص في‬
‫إقليم اليمن‪.‬‬
‫‪ -3‬كذلك ينص قانون الجرائم والعقوبات في المادة الثالثة على أن تسري هذه القوانين على‬
‫الجرائم التي تقع خارج إقليم الدولة وتختص المحاكم اليمنية بها وفقا لقانون اإلجراءات‬
‫الجزائية‪ ,‬وعلى أساس ذلك نصت المادة "‪ "341‬إجراءات جزائية على أن المحاكم اليمنية هي‬
‫المختصة بمحاكمة كل من ارتكب خارج إقليم الدولة جريمة مخلة بأمن اليمن مما نص عليه‬
‫في الباب األول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات أو جريمة تقليد أو تزييف أختام الدولة‬
‫أو إحدى الهيئات العامة أو تزوير عملة وطنية متداولة قانونيا أو إخراجها أو ترويجها أو‬
‫حيازتها بقصد الترويج أو التعامل بها‪ .‬والسبب في ذلك ألن هذه القاعدة القانونية تمس‬
‫النظام العام ومصلحة الدولة العليا وسيادتها‪.‬‬
‫وهنا نجد أنه رقم ارتكاب هذه الجرائم خارج اليمن إال أن القانون اليمني يطبق عليها‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫‪ -9‬ويتصل هذا االستثناء بالحصانة القضائية التي يقررها القانون الدولي العام لبعض األجانب‬
‫كرؤساء الدول األجنبية والممثلين الدبلوماسيين‪ ،‬وفي حدود هذه الحصانة ال يخضعون لوالية‬
‫القضاء الوطني‪ ،‬وال تطبق عليهم بالتالي قانون الدولة الذي يزاولون عملهم فيها‪.‬‬
‫‪ -4‬وهذا االستثناء مرده األخذ بقواعد اإلسناد في القانون الدولي الخاص‪ ،‬إذ قد يؤدي إعمال هذه‬
‫القواعد إلى تطبيق قانون أجنبي داخل الدولة‪،‬وفي هذا خروج على مبدأ اإلقليمية‪ ،‬أو يؤدي‬
‫إلى تطبيق القانون اليمني خارج حدود اإلقليم اليمني‪ ،‬وبهذا يكون مبدأ شخصية القوانين هو‬
‫المطبق‪ ..‬وذلك ما تنص عليه المادة (‪ )30‬من القانون المدني "يرجع في الحالة المدنية‬
‫(‪)2‬‬
‫لألشخاص وأهليتهم إلى قانون جنسيتهم‪.‬‬

‫وعد هذا االستثناء أهم استثناء يرد على مبدأ إقليمية القوانين‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫تطبيق القانون من حيث الزمان‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬ص‪ ،723‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪ ،731‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪.763‬‬
‫(‪ )2‬انظر المواد ‪ 96-34‬من القانون المدني اليمني‪.‬‬
‫‪730‬‬
‫‪ – 61‬ال يمكن أن تكون القوانين أزلية‪ ،‬إنما تتبدل تبعا لتبدل الظروف السياسة واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬والقانون يطبق من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية على النحو الذي سبق أن أوردناه‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن األصل سريان القانون على المستقبل‪ ،‬أي على العالقات التي تنشأ في ظل القانون‬
‫الجديد‪ ،‬دون أن يتعدى ذلك إلى حكم وقائع حدثت في الماضي‪.‬‬
‫أن تطبيق القواعد القانونية يبدو سهال وميسو ار إذا تعلق بواقع تصرفات تمت وترتبت آثارها‬
‫في ظل القاعدة القانونية القديمة‪ ،‬إذ ال مجال للشك في سريان هذه القاعدة‪ ،‬كعقوبات رتب كافة‬
‫آثاره قبل نفاذ القاعدة الجديدة‪ ،‬إذ ال مجال للحديث عن سريان القاعدة الجديدة عليه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫إال أن تطبيق القاعدة القانونية ال يعرض دائما مثل هذه السهولة والبساطة إذ أن العالقة‬
‫القانونية قد تبدأ في التكوين في ظل قانون معين ثم تكتمل لها عناصر التكوين أو تنتح آثارها" في‬
‫ظل قانون جديد‪ .‬فيقوم تنازع بين قاعدتين قانونيتين على حكم هذه العالقة فهل ترجح تطبيق‬
‫القانون القديم بسبب تكوين عناصر العالقة كلها أو بعضها في ظله‪ ،‬أم نرجح تطبيق القانون‬
‫الجديد بسبب تحقق اآلثار بعد نفاذه؟ هذه المشكلة تعرف بمشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪:‬‬


‫إذا بلغ الشخص سن الخامسة عشر أصبح وفقا للقانون الحالي كامل األهلية‪ ،‬فإذا صدر‬
‫قانون جديد يجعل سن الرشد ‪ 73‬سنة ـ فما أثر هذه القاعدة القانونية على األشخاص الذين اعتبروا‬
‫راشدين طبقا للقانون الحالي إذا لم يكونوا قد بلغوا السن المقررة في القاعدة الجديدة‪ ،‬هل يعودون‬
‫قاصرين مرة أخرى‪ ،‬واذا عادوا قاصرين تطبيقا للقاعدة الجديدة فما حكم التصرفات التي أبرموها في‬
‫ظل القاعدة القديمة هل تبقى صحيحة وفقا لهذه القاعدة أم تعتبر باطلة تطبيقا للقاعدة الجديدة‪.‬‬
‫ومثال آخر يتعلق باالختصاص‪ ،‬إذا كانت بعض الدعاوى من اختصاص المحاكم االبتدائية‪،‬‬
‫ثم صدر قانون جديد يجعلها من اختصاص محاكم االستئناف‪ ،‬فما حكم الدعاوى المرفوعة في ظل‬
‫القانون القديم أمام المحاكم االبتدائية‪ ،‬إذا لم يكن قد فصل فيها بعد نفاذ القانون الجديد؟ هل تستمر‬
‫المحاكم االبتدائية في نظرها؟ أم تحيلها إلى المحاكم االستئنافية التي أصبحت بعد نفاذ القانون‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬أنور سلطان‪،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.711‬‬


‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.741‬‬
‫د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫د‪ .‬عبد السالم المزوغي‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.339‬‬
‫‪736‬‬
‫الجديد هي المختصة أن موضوع تنازع القوانين في الزمان هو في نظر غالبية الفقهاء من أكثر‬
‫المواضيع الحقوقية تعقيدا‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫ولحل مشكلة التنازع هذه وجد مبدأ قانوني قديم‪ ،‬وهو مبدأ عدم رجعية القوانين‪ ،‬كما وجد مبدأ‬
‫ثاني هو مبدأ األثر الفوري المباشر للقانون الجديد‪ ،‬كما وجدت بعض الحلول الوضعية لحل مشاكل‬
‫التنازع الزماني‪ .‬ونعرض لذلك في مطلبين‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحلول النظرية لحل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحلول الوضعية لحل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫الحلول النظرية لحل مشكلة التنازع‬
‫(مبدأ عدم رجعية القوانين ومبدأ األثر الفوري للقانون)‬
‫‪ – 18‬أوال‪ :‬مبدأ رجعية القوانين‬
‫ينص الدستور في المادة (‪ )729‬على أنه ال تسري أحكام القوانين إال على ما قع من تاريخ‬
‫العمل بها وال يترتب أثر على ما وقع قبل إصدارها‪ ،‬ومع ذلك يجوز في غير المواد الضريبية‬
‫والجزائية النص في القانون على خالف ذلك‪ ،‬وبموافقة ثلثي أعضاء المجلس‪.‬‬
‫ومبدأ عدم رجعية القانون من المبادئ األساسية في القانون‪ ،‬وتنص عليه معظم الدساتير‬
‫منها الدستور المصري المادة (‪ )731‬والدستور السوري م(‪ )92‬والدستور العرقي م(‪ )64‬الفقرة‬
‫(ب)‪ ،‬الدستور الكويتي م(‪ ،)719‬كما أن مبدأ وجيعة القانون يعمل به حتى لو لم يكن هناك نصا‬
‫عليه ويبرر هذا المبدأ باعتبارات كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -7‬يقضي المنطق أال يطبق القانون على الماضي‪،‬وهو ما نجده في معنى القانون ذاته باعتباره‬
‫خطابا لألشخاص ليوجهوا سلوكهم على مقتضاه‪ ،‬فال بد أن يكون هذا الخطاب سابقا في‬
‫وجوده على السلوك المطلوب ليمكن الحكم على السلوك بأنه مطابق أو مخالف للقانون‪.‬‬
‫وهذا يعني أن ما يتضمن القانون من "أمر ال يتصور توجيهه إلى ما وقع في الماضي وانما‬
‫في المستقبل‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬أنطوان قسيس‪ ،‬النظرية الحديثة في تنازع القوانين في الزمان ‪ ،‬مجلة "المحامون" سوريا‪ ،‬العددان األول‬
‫والثاني لسنة ‪7912‬م‪ ،‬دمشق‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪ -‬انظر أيضا د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع بين القوانين في الزمان‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬السنة السابعة‪ ،‬العددان‪،9 ،‬‬
‫‪ ،4‬ص‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬ارجع جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ ،733‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ ،672‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪ ،33‬د‪ .‬عبد‬
‫المنعم فرج الصّدة‪ ،‬ص‪.332‬‬
‫‪731‬‬
‫أن تطبيق القانون على الماضي‪ ،‬يعني إلزام األفراد بقانون لم يكن بوسعهم العمل به ألنه لم‬
‫يكن موجودا‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬فأن القاضي إنما يرجع إلى قانون ساري وقت نشوء العالقة القانونية‬
‫(‪)1‬‬
‫وعند إنتاجها ألثارها‪ ،‬وال يعقل أن يطبق عليها قانونا آخر‪.‬‬
‫‪ -3‬االعتبارات القائمة على العدالة ليس من العدل في شيء مفاجأة الناس بقانون جديد يعاقب‬
‫على أعمال أباحها القانون القديم‪ ،‬بمحاسبتهم على ما أتوا من هذه األعمال في ظل القانون‬
‫القديم‪.‬‬
‫‪ -9‬تقضي المصلحة العامة بعدم سريان القانون على الماضي‪ ،‬حتى ال تضطرب المعامالت‬
‫ويسود القلق بين الناس‪ ،‬إذا أمكن القانون الجديد أن يعدل بأثر رجعي األوضاع واآلثار‬
‫القانونية التي تمت قبل صدوره‪ .‬فضال عن ذلك فأن هذا المبدأ يعد أساس مهم من أسس‬
‫الحريات العامة‪.‬‬

‫‪ – 19‬ثانيا‪ :‬النظريات العامة لحل مشكلة التنازع‬

‫واجه الفقه الفرنسي (مشكلة تنازع القوانين) في القرن (‪ )79‬فوضع نظريات عامة في هذا‬
‫الشأن يستعان بها في حل هذه المشكلة‪ ،‬وتسمى بالنظرية التقليدية‪ ،‬وكذلك نظرية (ديجي) التي‬
‫تفرق بين المراكز القانونية أو الموضوعية‪ ،‬والمراكز القانونية الشخصية‪ ،‬ونظرية "بونكاز" التي‬
‫تفرق بين المراكز القانونية المجردة‪ ،‬والمراكز القانونية المحددة‪ ،‬وأخي ار النظرية الحديثة التي يرجع‬
‫الفضل فيها إلى الفقيه الفرنسي "بول روبيه"‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ونكتفي هنا بعرض النظرية التقليدية والنظرية الحديثة‪.‬‬

‫‪ - 71‬النظرية التقليدية‬

‫تقوم هذه النظرية على أساس التفرقة بين الحق المكتسب ومجرد األمل فالقانون الجديد ال‬
‫يجوز له أن يمس حقا مكتسب واال كان ذلك تطبيقا رجعيا للقانون الجديد‪ .‬وبالتالي يمتنع تطبيقه‬
‫ويظل القانون القديم مطبقا‪.‬‬

‫أما إذا لم يترتب على القانون الجديد سوى اإلخالل بمجرد األمل‪ ،‬فأنه يطبق وال يعد ذلك‬
‫سريانا على الماضي‪.‬‬

‫ولكن ما الحق المكتسب؟ وما هو مجرد األمل؟‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.760‬‬


‫(‪ ) 2‬ارجع بصفة خاصة‪ ،‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع بين القوانين في الزمن‪ ،‬ص‪ ،720‬د‪ .‬أنطوان قسيس‪ ،‬ص‪،77‬‬
‫د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.900‬‬
‫‪733‬‬
‫لم يعترف أنصار هذه النظرية على تعريف محدد للحق المكتسب ومجرد األمل‪ .‬فقد عرف‬
‫البعض الحق المكتسب بأنه مصلحة شخصية يحميها القانون‪ .‬وعرف البعض اآلخر‪ ،‬بأنه الحق‬
‫الذ ي يستقر نهائيا في ذمة صاحبه‪ .‬أما مجرد األمل فهو أمنية قد تتحقق وقد ال تتحقق والمثال‬
‫العملي الذي يضربونه على ذلك هو التركة بعد وفاة المورث والتركة االحتمالية قبل وفاة صاحبها‪،‬‬
‫فبعد الوفاة يكون للورثة حق مكتسب‪ ،‬أما قبل الوفاة‪ ،‬فال يكون إال مجرد أمل في التركة االحتمالية‪.‬‬
‫وكذلك الحال فيما يتعلق بالوصية‪ .‬ففي أثناء حياة الموصي ال يكون للموصى به سوى مجرد أمل‬
‫في هذا المال‪ .‬فإذا صدر قانون جديد يعدل القدر الذي تنفذ فيه الوصية بغير إجازة الورثة‪ ،‬بأن‬
‫جعل هذا القدر ثلث التركة بعد أن كان النصف‪ ،‬وكان نافذا قبل وفاة الموصي‪ ،‬فأنه ال يمس سوى‬
‫مجرد أمل للموصى له‪ .‬وكذلك يسري على الوصية‪.‬‬

‫أما إذا صدر هذا القانون وصار نافذا بعد وفاة الموصي فأته يمس حقا مكتسبا للموصى له‬
‫(‪)1‬‬
‫في نصف التركة لو أن الوصية كانت بالنصف‪ .‬ولذلك ال يسري على الوصية‪.‬‬

‫نستخلص مما تقدم بأن القاعدة هي عدم رجعية القانون‪ ،‬بمعنى عدم المساس بالحقوق التي‬
‫اكتسبت في ظل القانون القديم‪ ،‬لكن هذه القاعدة ليست مطلقة في ظل النظرية التقليدية فمن المسلم‬
‫به في هذه النظرية إمكان تطبيق القانون بأثر رجعي في بعض الحاالت‪.‬‬

‫‪ – 76‬االستثناءات من مبدأ عدم رجعية القانون‬

‫ال ريب في أن اإلجماع قانونا وفقها منعقد بعدم سريان القانون بأثر رجعي‪ .‬غير أن هذا‬
‫المبدأ ال يطبق بشكل مطلق إذ ترد على بعض االستثناءات وهي كالتالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النص صراحة في القانون على رجعيته‬

‫بما أن مبدأ عدم رجعية القانون ال يقيد إرادة المشرع‪ ،‬فيما عدى القوانين الضريبة والجزائية‪.‬‬
‫كما تنص (‪ )729‬دستور يمني‪ ،‬ووفقا لذلك فأنه من الجائز أن يقرر المشرع انسحاب القانون بأثر‬
‫رجعي متى ما دعت المصلحة العامة لذلك‪ .‬ويجب أن يكون النص على األثر الرجعي للقانون‬
‫صريحا‪ ،‬فال يؤخذ باألثر الرجعي ألي قانون عن طريق االستنتاج الذي يصل حد اليقين‪.‬‬

‫فال تكفي اإلرادة الضمنية‪ ،‬فليس ثمة رجعية ضمنية‪ ،‬تدل على ذلك أن الدستور اشترط‬
‫إلصدار القوانين التي تكون ذات أثر رجعي أن يوافق على ذلك ثلثي أعضاء مجلس النواب‪.‬‬

‫الصدة‪ ,‬ص‪ ،330‬د‪ .‬غالب الداودي‪ ،‬ص‪ ،736‬د‪ .‬حمد عبد الرحمن‪ ،‬ص‪ ،749‬د‪.‬‬
‫ّ‬ ‫( ‪ )1‬د‪ ,‬عبد المنعم فرج‬
‫مصطفى مجمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪.779‬‬
‫‪739‬‬
‫على أنه ينبغي مالحظة أن مبدأ عدم الرجعية‪ ،‬وان كان ال يقيد المشرع فأنه يقيد السلطة‬
‫التنفيذية ‪ ،‬فال يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدر الئحة تنفيذية ذات أثر رجعي‪ ،‬واال كانت الالئحة‬
‫(‪)1‬‬
‫غير شرعية أو غير دستورية في آن واحد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القوانين الجنائية األصلح للمتهم‬

‫األصل أن القوانين الجنائية ال تنسحب إلى الماضي‪ ،‬وقد عني الدستور اليمني كما رأينا‬
‫بالتنويه بذلك‪ ،‬لما في هذا من ضمان للحرية الشخصية‪ ،‬كما قرر أيضا على أنه "ال جريمة وال‬
‫عقوبة إال بنص شرعي أو قانوني‪ ،‬وال يجوز سن قانون يعاقب على أي أفعال بأثر رجعي على‬
‫صدوره" وخروجا على هذا األصل فأن القوانين الجنائية تطبق بأثر رجعي إذا كانت أصلح للمتهم‪،‬‬
‫بأن كانت تخفف من العقوبة أو تبيح الفعل‪ ،‬ألنه ليس في ذلك مساس بالحرية الشخصية بل‬
‫العكس‪ .‬في هذه الحال يطبق على المتهم‪ ،‬الذي لم يصدر الحكم عليه نهائيا‪ ،‬بعد القانون الجديد‬
‫فتمتنع معاقبته أو تطبيق عليه العقوبة الجديدة األخف بالرغم من ارتكابه الفعل في ظل التشريع‬
‫أن استفادة المتهم مما يصدر بعد ارتكاب الجرم من قوانين جنائية أصلح وان كان قد قرره‬ ‫القديم‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫الدستور‪ ،‬فأن القانون العقوبات أيضا ينص عليه في المادة الرابعة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬القوانين المتعلقة بالنظام العام واآلداب‬

‫ال يصح التمسك بحقوق مكتسبة في مواجهة القانون الجديد إذا تعلق األمر بالنظام العام‬
‫واآلداب‪ .‬حتى ولو لم ينص القانون الجديد على سريانه على الماضي‪.‬‬

‫مثال على ذلك القانون الذي ينظم سن الرشد فإذا بلغ شخص سن الرشد في ظل قانون قديم‬
‫ونفرض أنه ‪ 70‬سنة ثم جاء قانون جديد ورفع سن الرشد إلى ‪ ،73‬فأن القانون الجديد يطبق ويعود‬
‫الشخص قاصرا‪ ،‬إذا لم يكن قد بلغ شن ‪ 73‬عند تطبيق القانون الجديد وتجب اإلشارة إلى أن‬
‫التصرفات القانونية التي عقدها هذا الشخص قبل صدور القانون الجديد نظل صحيحة ومرتبة‬
‫ألثارها القانونية‪ .‬ألنها صدرت من شخص اعتبره القانون كامل األهلية وقت انعقادها‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫رابعا‪ :‬االستثناء األخير يتصل بالقوانين المفسرة ألن الغرض من هذه القوانين هو إزالة‬
‫غموض شاب نصوص قانونية نافذة أدى إلى االختالف في تفسيرها وتطبيقها والقانون المفسر يعد‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ ،673‬د‪ .‬سمير جبر‪ ،‬ص‪ ،324‬عبد الكاظم فارس المالي وجبار صابر طه‪،‬‬
‫ص‪.332‬‬
‫( ‪ )2‬انظر د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل في علم القانون‪ ،‬ص‪ ،766‬د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪ ،799‬جميل‬
‫الشرقاوي‪ ،‬ص‪.713‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.737‬‬
‫‪792‬‬
‫جزءا من القانون السابق الذي صدر لتفسيره‪ ،‬وعلى هذا األساس فأنه يطبق اعتبا ار من تاريخ‬
‫القانون الذي جاء لتفسيره وليس من تاريخ صدوره فقط‪ ،‬باعتباره جزءا متمما للقانون السابق‪ ،‬أنه‬
‫(‪)1‬‬
‫كاشف ال منشئ فال يأتي بأحكام موضوعية جديدة‪ ،‬بل يتضمن أحكاما مفسرة للقانون السائد‪.‬‬

‫ومما تجدر اإلشارة إليه أن البعض ال يعتبر هذه الحالة من حاالت سريان التشريع الجديد‬
‫على الماضي ألن التشريع الجديد ليس هو الذي يطبق وانما يطبق التشريع القديم‪ ،‬وأن يكون من‬
‫مفعول رجعي‪ ،‬إذ يعتبر‬ ‫الظاهر عمليا أن التفسير الذي جاء به التشريع الجديد سيبدو وكأنه ذو‬
‫( ‪)2‬‬

‫من الواجب إتباعه واألخذ به بالنسبة للحاالت السابقة لصدروه‪.‬‬

‫نقد النظرية التقليدية‪:‬‬


‫سادت النظرية التقليدية خالل القرن التاسع عشر واعتنقها كثير من المشتغلين بالقانون‪،‬‬
‫ولكن الفقه الحديث نجح في بيان عيوبها وعدم كفايتها لمواجهة مشكالت تنازع القوانين في‬
‫ونبرز هنا أهم االنتقادات التي وجهت لهذه النظرية‪:‬‬ ‫الزمان‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ -7‬أن النظرية التقليدية تمتاز بغموض األساس الذي قامت عليه وعدم دقته‪ .‬فمعيار الحق‬
‫المكتسب معيار مبهم كل اإلبهام ال يفصح في جالء عن معنى الرجعية‪ ،‬ولذلك تضاربت‬
‫آراء أنصارها حول تعريفه‪.‬‬
‫حتى انتهى األمر إلى أن تغدو فكرة "الحق المكتسب" مجرد حيلة لمنع سريان القانون الجديد‬
‫(‪)4‬‬
‫على ما يراد سلفا عدم المساس به‪.‬‬
‫‪ -3‬تخلط النظرية التقليدية بين األثر الرجعي للقانون‪ ،‬واألثر الفوري للقانون وهذا ما دفع النظرية‬
‫التقليدية إلى عد القوانين المتعلقة بالنظام العام قوانين رجعية استثناء من مبدأ عدم الرجعية‪.‬‬
‫والصحيح أن القانون يطبق على الوقائع التالية لصدوره أي بأثر فوري أو مباشر‪ .‬ففي المثال‬
‫السابق عن سن الرشد المحدد في القانون القديم ‪ 70‬سنة‪ ،‬وصدور القانون الجديد بـ ‪ 73‬سنة‬
‫أي جعل البالغ قاصرا‪ .‬فهنا ال يوجد أثر رجعي‪ .‬ألنه كما أوضحنا يترك تصرفات القاصر‬
‫في الفترة بين بلوغه سن الرشد وفقا للقانون القديم وعودته إلى القصر وفقا للقانون الجديد‪،‬‬
‫يتركها صحيحة‪ ،‬وكل ما يحدث هو أن القانون يطبق بأثر مباشر‪ ،‬ومن ثم فأن عودة الرشد‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.747‬‬


‫( ‪ )2‬ارجع هشام القاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،776‬د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.772‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع بين القوانين في الرمان‪ ،‬ص‪.727‬‬
‫(‪)4‬انظر د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع ‪ ،‬ص‪.727‬‬
‫‪797‬‬
‫والقول بأن للقانون أثر‬ ‫( ‪)1‬‬
‫إلى القصر هو نتيجة لهذا األثر المباشر‪ ،‬وليس نتيجة لرجعيته‬
‫رجعي على سبيل االستثناء في هذا الحال‪ ،‬يقتضي جعل مثل هذا الشخص قاص ار حتى في‬
‫الفترة المذكورة التي اعتبر فيها بالغا سن الرشد في القانون القديم‪ ،‬وبالتالي جعل كل تصرفاته‬
‫في تلك الفترة باطلة‪.‬‬
‫‪ -9‬أـن منطق النظرية التقليدية يؤدي إلى نتائج شاذة غير مقبولة‪ ،‬ففهم مبدأ عدم الرجعية على‬
‫أساس عدم المساس بالحقوق القائمة من قبل‪ ،‬يؤدي مثال إلى عدم المساس بالملكيات القائمة‬
‫وقت صدور القانون الجديد المعدل لنظام الملكية‪ .‬واال كان القانون رجعيا‪ .‬وهذا ال يمكن‬
‫التسليم به‪ ،‬فلم يقل أحد بأن القانون يكفل أبدا اإلبقاء على الحقوق أو على طريق استعمالها‬
‫بوضعها القائم‪ ،‬والقول بمثل هذا يؤدي إلى الجمود وغلق الباب نهائيا أمام كل إصالح‬
‫منشود في المستقبل‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ – 72‬النظرية الحديثة‪:‬‬

‫إزاء النقد الشديد الذي تعرضت له النظرية التقليدية‪ ،‬نادى الفقه بنظرية جديدة أطلق عليها‬
‫وتقوم تلك النظرية على أساس التفرقة بين مبدأين مبدأ عدم رجعية القانون‬ ‫(‪) 3‬‬
‫النظرية الحديثة‬
‫الجديد‪ ،‬ومبدأ سريانه سريانا مباش ار من جهة أخرى‪ .‬وعلى أساس هذه التفرقة يكون حل مشكلة‬
‫تنازع القواعد القانونية في الزمان‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عدم رجعية القانون الجديد‬

‫ويقصد بمبدأ عدم الرجعية أن القانون الجديد ال يمس ما تم في ظل القانون القديم من‬
‫المراكز القانونية التي تكونت أو انقضت‪ ،‬كما أنه ال يمس ما توفر من عناصر خاصة بتكوين أو‬
‫انقضاء تلك الماركز‪ ،‬وما رتبته المراكز القانونية المذكورة من آثار‪.‬‬

‫وتفيد اإلشارة إلى أن بعض المراكز القانونية تنشأ وتنتهي في لحظة واحدة كمركز الوارث إذا‬
‫نشأ حقه في اإلرث فور وفاة المورث‪ ،‬ومركز المضرور‪ ،‬إذا نشأ حقه في التعويض فور وقوع‬
‫الحادث‪ ،‬فمثل هذه المراكز تخضع للقانون الساري وقت نشوئها‪ ،‬وال يثير أمر هذه مشكلة تنازع‬
‫القوانين في الزمان‪ .‬ولكن بعض هذه المراكز تستغرق في نشوءه فترة من الزمن فإذا وضع شخص‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪ ،769‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬ج‪7‬ن ص‪ ،904‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪.321‬‬
‫(‪ ) 3‬يعد مؤلف الفقيه روبير "تنازع القوانين في الزمان" أعظم ما كتب في هذا الموضوع‪ ،‬ومن أنصارها بالينول‬
‫وكرالت وكابيتان‪ ،‬عبد الكاظم فراس‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.391‬‬
‫‪793‬‬
‫يده على مال مملوك للغير بقصد تملكه‪ ،‬وانقضت المدة الالزمة لذلك وأصبح هذا الشخص مالكا‬
‫تكون مركز الشخص القانوني كمالك بوضع اليد في‬ ‫يوضع اليد‪ ،‬فإن أي قانون جديد يصدر بعد ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ظل القانون القديم‪ ،‬ويطيل التقادم‪ ،‬مثال ال يطبق على ما تم في ظل القانون القديم‪.‬‬

‫كذلك إذا انقضى مركز قانوني في ظل قانون قديم فال يسري عليه القانون الجديد مثال ذلك‬
‫أن تنقضي عالقة زوجية بالطالق ثم يصدر قانون جديد يستلزم إتمام الطالق أمام المحكمة‪ ،‬فهذا‬
‫القانون ال يسري على رابطة الزوجية التي انقضت في ظل القانون القديم‪ ،‬فالقانون الجديد ال يسري‬
‫على المراكز القانونية التي انقضت في ظل قانون سابق لم يكن يشترط إتمام الطالق أمام‬
‫(‪)2‬‬
‫المحكمة‪.‬‬

‫واذا توافرت بعض عناصر تكوين أو انقضاء المراكز القانونية دون البعض اآلخر فأن‬
‫القانون الجديد ال يمس ما تم منها فعال‪ .‬فالمركز القانوني الناشئ عن الوصية مثال ال يتكون إال‬
‫باجتماع عنصرين فال بد أوال من إبرام الوصية وال بد ثانيا من وفاة الموصي بتمامها‪ .‬وعلى ذلك‬
‫فأن القانون الجديد الذي يصدر بعد إبرام الوصية وقبل وفاة الموصي‪ ،‬فال يمس ما تم من إبرام‬
‫الوصية‪ ،‬وانما يرجع في ذلك إلى القانون القديم‪ .‬أما بالنسبة إلتمام الوصية فيرجع فيه للقانون‬
‫الجديد تطبيقا لألثر المباشر للقانون المذكور‪ .‬وبذلك ال تكون الوصية نافذة في حق الورثة إال في‬
‫أما بالنسبة لآلثار المترتبة على المراكز القانونية‪ ،‬فأن‬ ‫الحدود التي يسمح بها القانون الجديد‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫مقتضى عدم الرجعية أال يمس القانون الجديد‪ ،‬ما ترتب فعال من آثار في ظل القانون القديم‪ ،‬فإذا‬
‫أبرم عقد بيع في ظل قانون يرتب على انعقاد البيع وانتقال الملكية بمجرد إبرام العقد ثم صدر‬
‫قانون يعلق انتقال الملكية على تسجيل العقد‪ ،‬فهذا القانون ال يسري على العقد الذي أبرمت قبل‬
‫نفاذه‪.‬‬

‫أما اآلثار التي تستمر وقتا طويال‪ ،‬فما تم منها في ظل القانون القديم ال تأثير للقانون الجديد‬
‫عليه ألنه ال يملك الرجوع فيما يتم‪ ،‬وما لم يتم منها في ظل القانون القديم يخضعه القانون الجديد‬
‫ألثره المباشر فال يعد ذلك رجعية منه بل تطبيقا لألثر المباشر للقانون‪ .‬فإذا اقرض شخص شخصا‬
‫آخر بفائدة ‪ %3‬ثم صدر قانون جديد يجعل الفائدة ‪ %1‬فقط فال يسري القانون الجديد على الفوائد‬
‫الني استحقت في ظل القانون القديم‪ ،‬على الرغم من سريانه على ما يستحق منها منذ تطبيقه‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬انظر مصطفى محمد الجمال‪ ،‬ود‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪ ،776‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن‬
‫قاسم‪ ،‬ص‪.723‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪.399‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪ ،373‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ )3‬انظر هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم الحقوق‪ ،‬ص‪.739‬‬
‫‪799‬‬
‫كذلك الطالق تترتب عليه بعض آثار تستمر وقتا وطويال‪ ،‬كالنفقة وحضانة األوالد‪ .‬فإذا صدر‬
‫قانون جديد يعدل في هذه اآلثار‪ ،‬فال تأثير له على ما استحق فعال في نفقة المطلقة وال على ما تم‬
‫فعال من حضانة األوالد في ظل القانون القديم‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ – 73‬االستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القانون الجديد‬

‫القاعدة أنه ليس القانون الجديد أثر رجعي‪ ،‬أي ليس له أثر على ما تم في ظل القانون القديم‬
‫تكون أو انقضاء مركز قانوني ‪ ،‬وما اجتمع من عناصر هذا التكوين أو االنقضاء‪ ،‬وال على ما‬ ‫من ّ‬
‫ترتب في ظل القانون القديم من آثار متولدة من مركز قانوني‪ .‬وال يرد استثناء على هذه القاعدة إال‬
‫حيث ينص المشرع صارحة على الرجعية‪ ،‬وحيث يكون القانون الجديد تفسيريا‪ ،‬وفي هذين‬
‫االستثناءين تتفق النظرية الحديثة مع النظرية التقليدية‪.‬‬

‫غير أن النظرية الحديثة ال تسلم باالستثناءين اآلخرين اللذين توردهما النظرية التقليدية على‬
‫مبدأ عدم الرجعية‪ .‬فهي ال تقرر رجعية القوانين المتعلقة بالنظام العام واآلداب‪ ،‬وبالتالي ال تسري‬
‫(‪)2‬‬
‫هذه القوانين بأثر رجعي وفقا لما ذهبوا إليه إال إذا نص المشرع صراحة على ذلك‪.‬‬

‫أما القوانين الجنائية األصلح للمتهم فهذه تسري بأثر رجعي على ما لم يتم الفصل فيه نهائيا‬
‫في الدعوى الجنائية أن هذه الدعاوى تمثل أوضاعا لم يتم تكوينها بعد‪ ،‬وعلى ذلك فأن منطق‬
‫النظرية الحديثة ال يحتاج إلى استثناء هذه القوانين من األثر الرجعي كما تفعل النظرية التقليدية‬
‫طالما لم يصدر حكم نهائي في الدعوى‪.‬‬

‫والخالصة أن منطق النظرية الحديثة‪ ،‬ال يعد تطبيق للقانون الجنائي الجديد األصلح‬
‫للمتهم‪ ،‬استثناء من مبدأ عدم الرجعية‪ ،‬بل يعد تطبيقا لمبدأ األثر المباشرة للقانون الجديد‪ .‬فهذا‬
‫القانون يسري بأثر مباشر على جميع األفعال التي ارتكبت من قبل والتي لم يصدر فيها حكم‬
‫(‪) 3‬‬
‫نهائي‪.‬‬
‫‪ – 74‬ثانيا‪ :‬األ ثر الفوري أو المباشر للقانون الجديد‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع‪ ،‬ص‪ ،773‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪ ،744‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪،‬‬
‫ص‪ ،36‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪ ،374‬د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪.793‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع‪ ،‬ص‪ ،773‬د‪.‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.717‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬ص‪ ،700‬د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬ص‪ ،777‬د‪ .‬سمير تناغو‪،‬‬
‫ص‪.636‬‬
‫‪794‬‬
‫يقصد به أن القانون الجديد يسري على كل ما يتلو نفاذه من مراكز قانونية سواء في نشوئها‬
‫ويترتب على ذلك‪:‬‬ ‫أو في أثارها ومعنى ذلك استبعاد امتداد سلطان القانون القديم بعد إلغاءه‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫‪ -7‬تطبيق القانون الجديد على المراكز القانونية التي تنشأ بعد بدء سريانه‪.‬‬
‫‪ -3‬تطبيق القانون الجديد على اآلثار المستقبلية للمراكز التي سبق أن نشأت في ظل القانون‬
‫القديم‪.‬‬
‫‪ -9‬تطبيق القانون الجديد على المراكز القانونية التي في طور التكوين‪ ،‬ومن قبيل ذلك القواعد‬
‫المتعلقة باكتساب الملكية بالتقادم‪.‬‬
‫‪ -4‬تطبيق القانون الجديد على اآلثار المستقبلية للمراكز القائمة وقت صدروه فإذا أبرم عقد زواج‬
‫في ظل القانون القديم ثم صدر قانون جديد يعدل من آثاره أو من طرق انحالله‪ ،‬فأن من‬
‫مقتضى األثر المباشر سريان هذا القانون بالنسبة لآلثار المستقبلية‪.‬‬

‫بيد أنه إذا كان للقانون الجديد أن يطبق بأثر مباشر على هذا النحو بالنسبة لكل ما ينشأ أو‬
‫يتكون أو ينقضي في ظله‪ ،‬وكذلك بالنسبة لما ترتبه المراكز القانونية من آثار فأن ذلك يؤدي إلى‬
‫تحقيق ما يقتضيه النظام في الدولة من وحدة قانونية المطبق على المراكز القانونية ذات الطبيعة‬
‫الواحدة‪ ،‬ويتفادى ما يؤدي إليه من المبدأ العكسي – وهو مبدأ األثر المستمر للقانون القديم – من‬
‫(‪)2‬‬
‫ازدواج أو تعدد األنظمة القانونية في حكم مراكز مماثلة‪.‬‬

‫ويرد على هذا المبدأ استثناء وحيد خاص بالعقود‪ ،‬إذ تظل المراكز القانونية الجارية –حتى‬
‫بعد صدور قانون جديد – محكومة بالقانون التي تكونت في ظله‪ ،‬دون أن يخضع لألثر المباشر‬
‫لهذا القانون الجديد والعلة في هذا االستثناء هو احترام إرادة المتعاقدين حيث ال يكون هناك مبرر‬
‫إلهدارها‪ ،‬وذلك أن المتعاقدين إنما تعاقدوا على أساس القانون القديم وقت إبرام العقد‪ ،‬فإذا ما طبقنا‬
‫عليهما قانون جديد غير الذي كان في ذهنهما عند التعاقد ألدى إلى اإلخالل بالتوازن العقدي‪.‬‬
‫أن امتداد القانون القديم "مبدأ األثر المستمر للقانون القديم" – مشروط بأن يكون هناك‬
‫"مركز تعاقدي " "ال" مركز قانوني تنظيمي‪ .‬ومن أمثلة المراكز القانونية المنظمة‪ ،‬الزواج والملكية‬
‫وعالقة الموظف بالدولة‪ ،‬أما المراكز التعاقدية فهي عالقة البائع بالمشتري وعالقة المؤجر‬
‫لقد أدت التفرقة بين "المركز التعاقدي" و"المركز القانوني‬ ‫(‪)3‬‬
‫بالمستأجر وعالقة المقرض بالمقترض‪،‬‬
‫التنظيمي" إلى فتح الباب واسعا لخالفات كثيرة‪ ،‬إذ يرى البعض بأن تطبيق القانون الجديد بأثر‬

‫(‪ )1‬انظر جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ ،734‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪،‬ص‪.773‬‬


‫(‪ )2‬ارجع حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع‪ ،‬ص‪.737‬‬
‫(‪ )33‬انظر جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ ،730‬عبد الحي حجازي‪ ،‬ص‪ ،696‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪.713‬‬
‫‪790‬‬
‫مباشر يكون فق ط إذا كانت قواعده آمرة‪ .‬أما إذا كانت قواعده مكملة‪ ،‬فأنه يكون هناك مجاالت‬
‫ولكن يرى اتجاه في الفقه أن التفرقة بين النظام القانوني والمركز العقدي‬ ‫الستمرار القانون القديم‪،‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫كثير من األحيان إذ يصعب معرفته‪ ،‬فيما إذا كان بصدد نظام قانوني أو‬
‫تفرقة غير محكمة‪ ،‬وتدق ا‬
‫رابطة تعاقدية‪ .‬ويقصد النظام القانوني المركز القانوني الذي يستقل المشرع بتنظيمه وتحديد آثاره‪.‬‬
‫ومثال ذلك نظام الزواج في القانون الخاص‪ ،‬ونظام الوظيفة العامة وفي القانون العام‪ ،‬وتسمى هذه‬
‫المراكز أيضا مراكز قانونية أو الئحية أو تنظيمية أما المركز العقدي فيقصد به المركز القانوني‬
‫الذي يترك المشرع تنظيمه وتحديد آثاره إلرادة الفرد‪ ،‬وخير مثال لذلك المراكز التي تنشئها العقود‬
‫(‪)2‬‬
‫سواء في مجال القانون العام أو الخاص‪.‬‬

‫‪ – 75‬تقدير النظرية الحديثة‬


‫تعد النظرية الحديثة اليوم هي النظرية التي يلتف حولها جمهور الفقهاء الفرنسيين‬
‫المعاصرين‪ ،‬ولعل ما يحمد للنظرية الحديثة ما تمتاز به من وضوح التفرقة بين األثر الرجعي‬
‫واألثر المباشر للقوانين الجديدة‪ ،‬وهي تلك التفرقة التي غفلت عنها ومن أهميتها النظرية التقليدية‪.‬‬
‫ذلك أن تطبيق النظرية الجديد على ما يقع في المستقبل وكذلك على اآلثار المستقبلية للوقائع‬
‫القديمة ال يكون من قبيل الرجعية بل هو إعمال لألثر المباشر للقانون الجديد‪.‬‬

‫كما أن النظرية الحديثة تجنبت التفرقة التي أخذت بها النظرية التقليدية بين الحق المكتسب‬
‫ومجرد األمل وهي كما سبق ذكره تفرقة غامضة‪.‬‬
‫وتركز النظرية الحديثة على أساس مفاده "سريان القانون الجديد في الحال" وهذا المبدأ يتفق‬
‫مع نية المشرع وما ينبغي أن يتوفر للروابط القانونية من توحيد في نظامها القانوني‪.‬‬
‫وأخي ار فأن النظرية الحديثة لم تهمل مبدأ سلطان اإلرادة في الروابط العقدية واحترام إرادة‬
‫أألفراد في هذا المجال‪ ،‬وذلك من خالل االستثناء الذي أوردته بشأن الروابط العقدية المتكون في‬
‫ولكن بالرغم مما ذكر من المزايا‪ ،‬فأنها لم تسلم من النقد‪ ،‬فقد قيل بأن التفرقة‬ ‫ظل القانون القديم‬
‫( ‪)3‬‬

‫التي أخذت بها في سبيل تحديد نطاق األثر المستمر للقانون القديم والمتمثلة في التفرقة بين المركز‬
‫العقدي والنظام القانوني تعد غير محكمة أو منظمة‪.‬‬

‫( ‪) 1‬انظر مصطفى محمد الجمال‪ ،‬ود‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪ ،732‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪،‬‬
‫ص‪ ،719‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع‪ ،‬ص‪ ،793‬عبد الكاظم‪ ،‬المالكي‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬ص‪.9.6‬‬
‫(‪ )2‬ارجع د‪ ,‬محمود حافظ‪ ،‬القرار اإلداري دراسة مقارنة‪ ،‬ج‪ ،7‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫عمان‪799 ،‬م‪ ،‬ص‪.34‬‬ ‫د‪ .‬خالد سمارة الزعبي‪ ،‬القرار اإلداري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ّ ،‬‬
‫(‪ )3‬ارجع د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪ ،721‬عب د الكاظم فراس المالكي‪ ،‬جبار صابر طه‪،‬‬
‫ص‪ ،921‬د‪ .‬رمشان أبو السعود‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪ ،966-960‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪ 334‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪796‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الحلول الوضعية لحل مشكلة تنازع القوانين في الزمان‬

‫‪ – 16‬حسم المشرع اليمني مشكلة تنازع القوانين‪ ،‬ولم يترك القضاء للخالفات الفقيه حول‬
‫قواعد حل التنازع بين القوانين في الزمان‪ ،‬وذلك بوضعه قواعد لحل تنازع القوانين من حيث الزمان‪.‬‬

‫وقد أورد المشرع اليمني في المادة (‪ )37‬مدني المبادئ العامة في تطبيق القوانين من حيث‬
‫الزمان حيث ينص على "ال تسري القوان ين على الوقائع السابقة على الوقت المحدد لتنفيذها إال في‬
‫الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫إذا كانت نصوصها آمرة أو متعلقة بالنظام العام‪ ،‬أو اآلداب العامة بشرط أن ال تمس ما تم‬ ‫‪-7‬‬
‫أو استقر من قبل‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا تعلق األمر بتفسير تشريع سابق‪.‬‬
‫‪ -9‬إذا نص القانون صراحة على سريانه على الوقائع السابقة على تنفيذه‪.‬‬

‫ونحن من جانبنا نرى أن المبادئ العامة للقانون ملزمة وواجبة التطبيق حتى في ظل غياب‬
‫النصوص القانونية المكتوبة غير أن المشرع اليمني وقد وضع أساسا تشريعيا للمبادئ العامة‬
‫للقانون وذلك ما يستفاد من المادة (‪ )37‬مدني‪ ،‬االستثناءات الثالثة الواردة في النص المذكور وقد‬
‫أوجبتها المصلحة العامة التي تتحقق من ورائها‪ ،‬والقوانين منوطة بالمصلحة ربما قصد المشرع من‬
‫وسبق القول بأن المشرع‬ ‫ذلك حسم الخالف حول القيمة القانونية التي تتمتع بها هذه المبادئ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫اليمني وضع قواعد لحل تنازع القوانين من حيث الزمان‪ ،‬وقد توزعت هذه القواعد في تقنينات‬
‫مختلفة بحسب طبيعة القوانين الذي يقوم التنازع بينها‪ .‬فمنها ما ورد في التقنين المدني‪ ،‬ومنها وما‬
‫ورد في قانون المرافعات‪ ،‬ومنها ما جاء في قانون الجرائم والعقوبات‪ .‬ونعرض فيما يلي الحلول‬
‫التي قررها المشرع في هذه القوانين‪..‬‬

‫‪ – 77‬الحلول الوضعية لحل التنازع الزماني الواردة في القانون اليمني‬

‫أوال ‪ :‬النصوص المتعلقة باألهلية‬

‫أن تطبيق القانون في الزمان يثير مسألتين بشأن األهلية‪ ،‬األولى مرتبطة بتحددي مركز‬
‫الشخص نفسه من حيث األهلية والثانية بمصير التصرفات التي صدرت منه في ظل القانون‬

‫(‪ )1‬راجع د‪ .‬علي خطار شطناوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري األردني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.749‬‬
‫‪791‬‬
‫وبالنسبة للقانون المدني اليمني فقد ترك المسألة‬ ‫القديم‪ ،‬بعد أن تغير وضعه وفقا للقانون الجديد‬
‫(‪)1‬‬

‫األولى للمبادئ العامة واقتصر األمر في المادة (‪ )39‬على معالجة تصرفات الشخص التي أبرمها‬
‫في ظل القانون القديم‪.‬‬

‫‪ – 6‬أهلية الشخص‬

‫ترك المشرع اليمني مسألة حل تنازع القوانين فيما يتعلق باألهلية للمبادئ العامة‪ ،‬والحال‬
‫الذي تنهض به المبادئ العامة في هذا الصدد يقوم على أساس أن القانون الجديد يسري بمقتضى‬
‫أثره المباشر وذلك في الحالتين أي في حالة رفع القانون الجديد سن الرشد أو العكس‪ .‬ففي حالة‬
‫رفع سن الرشد يسري القانون الجديد بأثر مباشر على الشخص وبوصفه رشيدا‪ ،‬فيعده قاص ار إذا لم‬
‫يكن قد بلغ السن المقررة فيه وقت نفاذه‪ ،‬إذ أنه يملك إعادة النظر في المراكز القانونية القائمة وقت‬
‫نفاذه‪ ،‬بما له من أثر مباشر بالنسبة إلى المستقبل‪ .‬وفي حالة تخفيض سن الرشد يسري القانون‬
‫الجديد بأثر مباشر على مركز الشخص باعتباره قاصرا‪ ،‬إذا أن هذا المركز لم يكن قد انقضى في‬
‫ظل القانون القديم‪ ،‬فيسري عليه القانون الجديد بما له من أثر مباشر حيث تقرر انقضاءه من وقت‬
‫(‪) 2‬‬
‫نفاذه‪.‬‬

‫‪ – 2‬تصرفات الشخص‬

‫تنص المادة (‪ )39‬مدني على أنه "إذا عاد شخص توافرت فيه األهلية‪ ،‬بحسب نصوص‬
‫قديمة ناقص األهلية بحسب نصوص جديدة فأن ذلك ال يؤثر في تصرفاته السابقة‪.‬‬

‫أن الحكم الوارد في المادة أعاله واضح‪ ،‬فتصرفات الشخص التي أبرمت في ظل القانون‬
‫القديم‪ ،‬فالقاعدة في شأنها أنها تظل محكومة به‪ .‬فالتصرفات التي عقدها الشخص الراشد في ظل‬
‫القانون القديم تظل صحيحة حتى لو أصبح هذا الشخص قاص ار في ظل القانون الجديد‪ .‬وأيضا‬
‫فأن التصرفات التي عقدها شخص قاصر في ظل القانون القديم تظل باطلة أو قابلة لإلبطال حتى‬
‫لو أصبح هذا الشخص رشيدا في ظل القانون الجديد‪.‬‬

‫ولتوضيح ذلك نورد المثالين التاليين‪:‬‬

‫(‪ )1‬انظر م(‪ )6‬مدني مصري‪ ،‬م(‪ 779‬مدني عراق‪ ،‬م(‪ )1‬مدني سوري‪ ،‬م(‪ )6‬مدني أردني‪ ،‬م(‪ )6‬مدني ليبي‪ ،‬وقد‬
‫وردت كافة النصوص مطابقة تماما للنص المصري باعتباره أول تقنين مدني عربي‪.‬‬
‫الصدة‪ ،‬د‪ .‬سمير جبر‪ ،‬ص‪.391‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬ارجع في ذلك د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪793‬‬
‫عد الشخص راشدا إلكماله (‪ )70‬عاما وهو سن الرشد المطلوب بالقانون القديم‪ ،‬فإذا قام هذا‬
‫ّ‬
‫الشخص بإبرام بعض التصرفات‪ ،‬ومن ثم صدر القانون الجديد معدال سن الرشد برفعها إلى (‪73‬‬
‫سنة)‪ ،‬فأن تصرفات الشخص تبقى صحيحة‪ ،‬ولو أنه لم يكمل ‪ 73‬سنة من عمره‪ ،‬وهو قاصر تبعا‬
‫لذلك‪.‬‬

‫والمثال أآلخر‪ ،‬لنفرض أن سن الرشد وفقا للقانون القديم كان ‪ 73‬سنة‪ ،‬وتصرف شخص‬
‫وهو في سنة ‪ 71‬سنة‪ ،‬فيعتبر تصرفه باطال ابتدأ فإذا جاء القانون الجديد وخفض سن الرشد إلى‬
‫‪ 70‬سنة‪ ،‬فيظل ذلك التصرف باطال‪ ،‬وال أثر للقانون الجديد عليه‪ ،‬رغم تقريره الرشد لهذا الشخص‪،‬‬
‫حال نفاذه‪ .‬وبهذا نرى أن الحكم الذي تقرره المادة (‪ 39‬مدني يمني) يتفق مع مضمون كل من‬
‫النظريتين التقليدية والحديثة‪.‬‬

‫فنالحظ أن فكرة احترام الحق المكتسب بالنسبة للنظرية التقليدية‪ ،‬هي التي تبرر إبقاء‬
‫التصرفات التي تتم في ظل القانون القديم صحيحة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النصوص المتعلقة بالتقادم‬

‫تنص المادة (‪ )33‬من القانون المدني على أن‪:‬‬

‫‪ -7‬يسري التشريع الجديد المتعلق بالتقادم من وقت العمل به على كل تقادم لم يكتمل‪.‬‬
‫‪ -3‬فإذا قرر التشريع الجديد مدة تقادم أطول مما قرره التشريع القديم امتدت المدة القديمة طبقا‬
‫للتشريع الجديد‪.‬‬
‫‪ -9‬واذا كانت المدة الجديدة اقصر مم ا قرره التشريع القديم سرت المدة الجديدة من وقت العمل‬
‫بالتشريع الجديد ولو كانت المدة القديمة قد بدأت قبل ذلك‪.‬‬
‫أما إذا كان الباقي من المدة طبقا للتشريع القديم اقصر من المدة المقررة في التشريع الجديد‬ ‫‪-4‬‬
‫فأن التقادم يتم بانقضاء هذا الباقي‪.‬‬
‫‪ -0‬وفي كل حال يسري التشريع القديم على المسائل الخاصة ببدء التقادم ووقفه وانقطاعه وذلك‬
‫على المدة السابقة على العمل بالتشريع الجديد‪.‬‬

‫والتقادم هو طريقة الكتساب الملكية وبعض الحقوق العينية "كاالرتفاق واالنتفاع" عن طريق‬
‫حيازتها مدة يحددها القانون‪ ،‬وبشروط يحددها القانون‪ ،‬وهذا هو المسمى بالتقادم المكسب‪ .‬أما‬
‫التقادم المسقط‪ ،‬فهو وسيلة النقضاء الحقوق الشخصية "االلتزامات وبعض الحقوق العينية‬

‫‪799‬‬
‫كاالرتفاق واالنتفاع إذا مضى على استحقاقها أو عدم استعمالها مدة يحددها القانون في كل حالة‬
‫(‪)1‬‬

‫أي أن التقادم يعد طريقة النقضاء االلتزام "التعهد" دون الوفاء به‪ .‬وهذا ما تأخذ به غالبية‬
‫وهذا ما يصادم الشريعة اإلسالمية التي ال‬ ‫التشريعات الوضعية وهو سقوط الحقوق بمضي المدة‬
‫( ‪)2‬‬

‫تقر مبدأ سقوط الحق بمضي المدة‪ ،‬كما ال تعرف الشريعة اإلسالمية من جهة أخرى اكتساب‬
‫الحقوق بمرور الزمن‪ ،‬فمن ال حق له في شيء ال يكتسبه بوضع اليد عليه زمانا طال أو قصر‪ ،‬إذ‬
‫الكتساب الحقوق وانتقالها بين الناس طرق مشروعة أباحتها الشريعة اإلسالمية كالعقود والتصرفات‬
‫والمواريث‪ .‬وبذلك‪ ،‬فاته من كان عليه حق يلتزم بوفائه شرعا مهما تقادم العقد به وال يحله من‬
‫ولكن مبادئ الشريعة اإلسالمية تقر فكرة منع‬ ‫(‪)3‬‬
‫الوفاء مرور الزمان ألن حقه ثابت في ذمة مدينه‬
‫القاضي من سماع الدعوى التي تمر عليها مدة طويلة‪ .‬ويبني الفقهاء المنع من سماع الدعوى على‬
‫قاعدة تخصيص القضاء بالمكان تخصيص القضاء بالمكان والزمان "النازلة" علما بأن هذه القاعدة‬
‫تخصيص القضاء بالمكان والزمان ال يعمل بها عند اإلقرار بالحق من المدين مهما طال الزمن‬
‫على الدين المدعى به‪.‬‬

‫ونخلص مما سلف‪ ،‬بأن التقادم في الشريعة اإلسالمية وهو تقادم الدعوى التي تحمي الحق‬
‫دون تقادم الحق ذاته‪ ،‬بمعنى أنه يجرد حق الحماية إذا أهمله صاحبه بالترك‪ ،‬ولكن دون أن يؤدي‬
‫وفي الحديث الشريف "ال يبطل حق امرئ مسلم وان قدم"‪.‬‬ ‫ذلك إلى سقوط الحق في حد ذاته‪،‬‬
‫( ‪)4‬‬

‫وتجنبا للمفاهيم التي تنسجم مع الشريعة اإلسالمية فقد وردت النصوص المتعلقة بالتقادم في‬
‫القانون المدني اليمني منسجمة مع موقف الشريعة اإلسالمية من فكرة التقادم وكذا الحال في‬
‫القانون المدني األردني والمدني الليبي بعد تعديله بالقانونين (‪ 36‬لسنة ‪7913‬م) و(‪ 93‬لسنة‬
‫‪7911‬م)‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر المحامي عبد القادر الفار‪ ،‬ص‪ ،733‬د‪ .‬عصام أور سليم‪ ،،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪ ،723‬عبد الكاظم‬
‫فارس المالكي وآخرون‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫(‪ )2‬انظر القانون المدني المصري مواد (‪ 133 ،693 ،)913-914‬فقرة ‪ ،3‬وغيرها‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر المذكرة اإليضاحية للقانون رقم ‪ 36‬لعام ‪7913‬م بشأن تحريم بعض عقود الضروع في القانون المدني‬
‫الليبي وتعديل بعض أحكامه المواد (‪ )910-967‬نقال عن عبد السالم علي المزوغي‪ ،‬ص‪.993‬‬
‫(‪ )4‬انظر محمد عبد اللطيف‪ ،‬التقادم المكسب والمسقط‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النشر للجامعات المصرية‪ ،‬القاهرة‪7966 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.36-32‬‬
‫‪742‬‬
‫لقد بينت المادة ‪ 33‬مدني الحل في حال التنازع الزماني بين القوانين المتعلقة بالتقادم‬
‫ويتضح لنا من نص المادة السابقة من القانون المدني أنها تعرض لمبدأ األثر المباشر للقانون‪ ،‬كما‬
‫تعرض لمبدأ عدم رجعية القانون الجديد في شأن بعض العناصر المتعلقة بالتقادم‪.‬‬

‫عدم الرجعية‪ :‬يفرق القانون بين المادة السابقة على العمل بالقانون الجديد‪ ،‬وهذه تخضع‬ ‫(أ)‬
‫ألحكام القانون القديم بالنسبة للمسائل الخاصة ببدء التقادم ووقفه وانقطاعه وبذلك ال يكون‬
‫للقانون الجديد أثر رجعي بالنسبة لهذه المسائل‪ ،‬وبين المدة التالية على العمل بالقانون‬
‫الجديد‪ ،‬وهذه يسري عليها القانون الجديد بأثر مباشر ويتفق النص في ذلك مع النظرية‬
‫(‪)1‬‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫(ب) األثر المباشر‪:‬‬

‫تقضي الفقرة األولى من(‪ )33‬بأنه "يسري التشريع الجديد المتعلق بالتقادم من وقت العمل به‬
‫على كل تقادم لم يكتمل"‪ .‬وبما أن التقادم ال يتم إال بانقضاء مدة من الزمن لذا فأنه من الجائز أن‬
‫يصدر قانون جديد خالل هذه الفترة يعدل في أحكامه‪ .‬وهذا التعديل قد ينصب على مدة التقادم‬
‫بإطالتها أو تقصيرها ‪ ،‬كما قد ينصب على شروط التقادم األخرى‪ .‬وأكثر ما تبرز من مشاكل‬
‫تحتاج للحل في هذا الشأن هو التغيير في مدة التقادم سواء بإطالتها أو تقصيرها‪.‬‬

‫وباستعراض المادة (‪ )33‬مدني نستخلص األحكام التالية‪:‬‬

‫‪ -7‬التقادم الذي يبدأ في السريان في ظل القانون الجديد‪ ،‬فالقانون الجديد هو الذي يطبق عليه‬
‫من جميع الوجوه وال يثير ذلك أي مشكلة‪.‬‬
‫‪ -3‬التقادم الذي اكتملت مدته قبل نفاذ القانون الجديد‪ ،‬يعتبر مكتسبا في ظل القانون القديم وال‬
‫شأن للقانون الجديد به‪.‬‬
‫‪ -9‬في حالة إطالة القانون الجديد لمدة التقادم‪ ،‬فأن القانون الجديد يسري بأثر فوري بحيث يعتد‬
‫بالمدة الطويلة الجديدة للتقادم ولكن تحتسب مدة هذا التقادم من وقت بدئها في ظل القانون‬
‫القديم وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 33‬مدني‪.‬‬
‫قصر القانون الجديد مدة التقادم‪ ،‬فأنه طبقا للفقرة الثانية من المادة ذاتها‪ ،‬تسري المدة‬
‫‪ -4‬إذا ّ‬
‫التي ينص عليها القانون الجديد من وقت العمل به وذلك بالنسبة لكل تقادم لم يكتمل دون‬
‫اعتداد بالمدة التي انقضت في ظل القانون القديم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬مصطفة محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،730‬عبد الكاظم فارس‬
‫المالكي‪ ،‬جبار ثابر طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.974‬‬
‫‪747‬‬
‫‪ -0‬وفي الحالة التي يكون فيها الباقي من المدة القديمة أقصر من المدة التي تقررت في التشريع‬
‫الجديد كما لو كانت المدة القديمة عشر سنوات ولم يبق إلكمالها سوى ثالث سنوات ثم جعل‬
‫التشريع الجديد المدة خمس سنوات‪ .‬ففي هذه الحالة يعتد بالمدة القديمة وما سري منها ويتم‬
‫التقادم بانقضاء باقيها "ثالث سنوات" وتكون والية التشريع القديم قد امتدت بعد زواله تحقيقا‬
‫للعدالة ألنه بغير هذا االستثناء تطول مدة التقادم على عكس ما أراد المشرع‪ .‬وقد آثر‬
‫القانون اليمني هذا الحل اقتداء بالتقنين المدني المصري‪.‬‬

‫والتقنينات العربية األخرى التي حذت حذوه(‪ 1‬والحكمة واضحة في هذا الحل الذي تتبناه الفقرة‬
‫الرابعة م(‪ )33‬مدني يمني فلو أخذنا بالمدة الجديدة وهي أطول بحسب المثل السابق عن المدة‬
‫الباقية ألدى هذا إلى إطالة التقادم مع أن القانون الجديد جاء بقصد تقصيرها‪.‬‬

‫‪ – 78‬الحلول الوضعية لحل التنازع الزماني الواردة في قانون المرافعات‪:‬‬

‫عالج قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم (‪ )33‬لسنة ‪7993‬م المسائل الخاصة بتنازع‬
‫ق وانين المرافعات من حيث الزمان في المادتين األولى والثانية‪ ،‬وقد أخذ المشرع اليمني بهذا الشأن‬
‫لمبدأ األثر المباشر لقوانين المرافعات‪ ،‬ومبدأ انعدام األثر الرجعي للقانون الجديد‪ .‬ونعرض ذلك‬
‫على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬عدم رجعية القانون الجديد‬

‫تطبيقا لمبدأ عدم رجعية قانون المرافعات‪ ،‬فقد نصت المادة الثانية منه على أن كل إجراء تم‬
‫صحيحا في ظل قانون معمول به يبقى صحيحا ما لم ينص على غير ذلك أن كل إجراء من‬
‫إجراءات المرافعة يخضع للقانون الذي تم تحت سلطانه‪.‬‬

‫فاإلجراء الذي تم صحيحا في ظل القانون القديم‪ ،‬يظل كذلك في ظل القانون الجديد وان‬
‫وكذلك اإلجراء الذي يقع باطال في ظل‬ ‫استلزم القانون الجديد أوضاعا أخرى بصحة هذا اإلجراء‬
‫(‪)2‬‬

‫والمقصود بقوانين المرافعات‪ ،‬كل القواعد‬ ‫(‪) 3‬‬


‫القانون القديم‪ ،‬يظل باطال في ظل القانون الجديد‬

‫(‪ )1‬ارجع المذكرة اإليضاحية لقانون المدني الكويتي‪ ،‬مجلس الوزراء‪ ،‬إدارة الفتوى والتشريع‪ ،‬لجان تطوير التشريع‪،‬‬
‫مطابع القبس التجاريةـ بجون تاريخ‪ ،‬ص‪.70-74‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪.361‬‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ )3‬أجمد أبو الوفاء‪ ،‬التنازع الزمني لقوانين المرافعات‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة (‪7912 ،)70‬م‪ ،‬العدد األول‪ ،‬صادر‬
‫‪7917‬م‪ ،‬ص‪ 66-64‬نقال عن عبد الكاظم فارس المالكي وآخرون‪ ،‬ص‪ ،979‬د‪ .‬سمير تناغو‪.176 ،‬‬
‫‪743‬‬
‫المتعلقة بإجراءات التقاضي واجراءات اإلثبات‪ ،‬والتنفيذ والتي ال تمس أصل الحق بطريق مباشر‪.‬‬
‫وخالصة القول بأن المادة أعاله تقرر بأن قوانين المرافعات ال تسري على الماضي‪ ،‬أي ليس لها‬
‫اثر رجعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مبدأ األثر المباشر لقوانين المرافعات‬

‫تنص المادة أألولى من قانون المرافعات والتنفيذ المدني على ما يلي‪:‬‬

‫تسري قانون المرافعات على ما لم يكن قد ُفصل فيه من الدعاوى وما لم يكن قد تم من‬
‫اإلجراءات قبل تاريخ العمل بها ويستثنى من ذلك‪:‬‬

‫‪ -7‬القوانين المعدلة لالختصاص إذا كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى‪.‬‬
‫‪ -3‬القوانين المنشئة أو الملغية آو المعدلة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من األحكام قبل تاريخ‬
‫العمل بها‪.‬‬
‫‪ -9‬القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها‪.‬‬

‫يتبين من هذا النص أن المشرع أخذ بمبدأ األثر المباشر لقوانين المرافعات بالنسبة للدعاوى‬
‫التي لم يكن قد فصل فيها أو بالنسبة لإلجراءات ا لتي لم تكن قد تمت حتى تاريخ العمل بتلك‬
‫القوانين‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬فإذا صدر قانون جديد ينقل االختصاص بنظر دعاوى معينة من محكمة إلى‬
‫محكمة أخرى داخل الجهة القضائية الواحدة‪ ،‬أو نقل هذا االختصاص من جهة قضائية إلى جهة‬
‫أخرى‪ ،‬فأن مثل هذا القانون يسري بأثر مباشر على كل الدعاوى التي ترفع في ظله‪ ،‬وكذلك على‬
‫تلك التي رفعت قبل نفاذه ولكن لم يفصل فيها بعد‪.‬‬

‫وانسجاما مع نص هذه المادة‪ ،‬فان الدعاوى التي كانت منظورة أمام المحاكم أو الجهات‬
‫القضائية التي لم تعد مختصة بنظرها‪ ،‬تحال فو ار بحالتها إلى المحاكم أو الجهات القضائية التي‬
‫أصبحت مختصة بنظرها طبقا للقانون الجديد(‪ 1‬وان كان هذا هو األصل‪ ،‬إال أن المشرع قد أورد‬
‫استثناءات ثالثة على هذا المبدأ أخذ فيها مبدأ األثر المستمر للقانون القديم بالرغم من نفاذ القانون‬
‫الجديد‪ ،‬واالستثناءات هي‪:‬‬

‫( ‪ ) 1‬انظر د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،911‬د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪ ،171‬د‪ .‬هشام قاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.730‬‬
‫‪749‬‬
‫‪ -7‬ال تنطبق القوانين المعدلة لالختصاص على الدعاوى التي أعلن فيها إقفال باب المرافعة قبل‬
‫نفاذها‪ .‬فمثل هذه الدعاوى تظل محكومة بنصوص القانون الذي رفعت تلك الدعاوى وقفل‬
‫باب المرافعة في ظل القانون القديم‪.‬‬

‫ويبرز هذا االستثناء ما تقتضيه المصلحة العامة ومصلحة الخصوم أنفسهم من عدم نقل‬
‫الدعوى إلى محكمة أخرى واعادة النظر فيها وقد وصلت مرحلة حاسمة حيث لم يبق فيها إال‬
‫إصدار الحكم‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -3‬القوانين التي تنظم طرق الطعن بالنسبة لما صدر من أحكام قبل تاريخ العمل بها‪ ،‬متى‬
‫كانت هذه القوانين منشئة أو ملغية أو معدلة لطريق من تلك الطرق‪ .‬ومعنى ذلك أنه إذا‬
‫صدر حكم في ظل القانون القديم الذي يبيح الطعن فيه باالستئناف‪ ،‬ثم صدر قانون جديد‬
‫وجعل هذا الحكم غير قابل للطعن فيه باالستئناف فال يسري القانون الجديد‪ ،‬ويستمر سريان‬
‫القانون القديم‪ ،‬ويكون الحكم قابال للطعن فيه باالستئناف‪ .‬وكذلك العكس أي أن الحكم غير‬
‫قابل للطعن باالستئناف مثال في القانون القديم الذي صدر الحكم في ظله‪ ،‬ال يصبح قابل‬
‫للطعن باالستئناف في حالة صدور قانون جديد ينشئ طريقا للطعن باالستئناف في مثل هذا‬
‫النوع من األحكام‪ .‬غير أن هناك من يرى خالف ذلك‪ ،‬باعتبار أن غلق باب الطعن أمام‬
‫أطراف النزاع من شأنه غلق الباب أمام البحث عن معرفة الحقيقة وكشف الحق وبالتالي فان‬
‫االستفاد ة من القاعدة الجديدة التي تبيح الطعن يتفق والعدالة طالما كان األمر ممكنا أي‬
‫(‪)2‬‬
‫طالما كان الحكم لم يمضي على صدوره مدة طويل‪.‬‬

‫ونحن بدورنا ال نجد في هذا الطرح أي وجاهة‪ ،‬إذ أن المبررات التي يستند عليها هي في‬
‫األصل التي أرغمت المشرع على إعادة النظر واصدار قانون جديد الذي فتح باب الطعن بعد أن‬
‫كان موصدا في القانون القديم‪ ،‬ناهيك عن أن المبادئ العامة في المرافعات ال تجيز تطبيق القانون‬
‫(‪)3‬‬
‫الجدي على الدعاوى التي صدرت فيها أحكام في ظل القانون القديم‪.‬‬

‫‪ -9‬القوانين المعدلة للمواعيد‪ ،‬مثل المواعيد التي ينبغي أن ترفع فيها المعارضة أو االستئناف أو‬
‫النقض‪ ،‬يطبق بشأنها القانون القديم‪ ،‬متى ما كان القانون الجديد قد عجل به بعد أن بدأت‬
‫المواعيد فعال في ظل القانون القديم‪ ،‬والحكمة في هذا األمر أنه متى بدأ الميعاد في ظل‬
‫قانون معين‪ ،‬فمن العدل وحسن التصرف أن ينتهي طبقا لهذا القانون نفسه‪ ،‬كي ال يتج أز‬

‫(‪ )1‬عبد الكاظم فارس المالكي‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.932‬‬
‫(‪ )2‬راجع د‪ .‬عبد السالم علي المزوغي‪ ،‬ص‪.943-941‬‬
‫(‪ )3‬انظر عبد الكاظم فارس المالكي‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬ص‪.933-937‬‬
‫‪744‬‬
‫ويالحظ أن هذا االستثناء ال يسري إال‬ ‫الميعاد أو يضطرب حساب بدايته ونهايته ومداه‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫على القواعد المعدلة للمواعيد فقط‪ ،‬فال يسري على استحداث القانون الجديد لميعاد من‬
‫مواعيد السقوط بل يخضع ذلك للمادة الثالثة مرافعات التي تنص "ال يسري ما يستحدث من‬
‫مواعيد السقوط إال من تاريخ العمل بالقانون التي استحدثها‪.‬‬

‫‪ – 79‬الحلول الوضعية لحل التنازع الزماني الوارد في قانون الجرائم والعقوبات‬


‫(‪)2‬‬
‫سبق القول‪ ،‬بأن القاعدة بالنسبة لقانون العقوبات‪ ،‬أنه ال يجوز أن يكون له اثر رجعي‬
‫فيطبق على الفترة السابقة لتاريخ صدوره‪ ،‬وهذه القاعدة وهي نتيجة لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات‬
‫وقد تبنى الدستور اليمني قاعدة عدم رجعية القوانين الجزائية بنص قاطع في المادة (‪ )46‬التي جاء‬
‫فيها ما يلي‪ .." :‬وال يجوز سن قانون يعاقب على أي أفعال بأثر رجعي لصدوره" كما تبنى قانون‬
‫الربعة فيه على ما‬
‫الجرائم والعقوبات اليمني قاعدة عدم رجعية القوانين الجزائية‪ ،‬فنصت المادة ا‬
‫يلي‪ " :‬يطبق القانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة‪ .".‬أي أن القاعدة بالنسبة لقوانين العقوبات أنها‬
‫تسري بأثر مباشر‪ ،‬فتطبق على كل ما يحدث ابتداء من وقت العمل بها‪ ،‬وال تسري بأثر رجعي‬
‫وهذه القاعدة يتقيد بها المشرع نفسه المادة (‪ )729 ،41‬فال يستطيع الخروج عليها‪ ،‬ولو بالنص‬
‫الصريح‪ ،‬خالفا للمسائل األخرى غير الجنائية وذلك أن كفالة الحرية الفردية‪ ،‬تستلزم أن ال يؤاخذ‬
‫(‪) 3‬‬
‫األفراد على أفعال كانت مباحة وقت ارتكابها‪.‬‬

‫أن الحكمة من عدم رجعية القانون الجنائي اقتضتها عدة اعتبارات منها‪:‬‬
‫احترام الحقوق والحريات الفردية‪ ،‬ناهيك عن مصلحة المجتمع والمحافظة على الثقة‬
‫واالستقرار القانوني وغيرها من األسباب واالعتبارات التي تجعل من مبدأ الحرية هي األصل العام‪،‬‬
‫وتجريم األفعال والمعاقبة على ارتكابها هو االستثناء فقط في حالة الضرورة القصوى لحماية‬
‫وبالرغم من الحكمة القوية التي تدعم تقرير مبدأ عدم رجعية‬ ‫(‪) 4‬‬
‫المجتمع من ظاهر االنحراف‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية‪7937 ،‬م‪ ،‬ص‪.917‬‬
‫(‪ )2‬انظر في قاعدة عدم رجعية القانون الجزائي د‪ .‬عبود السراج‪ ،‬قانون المرافعات القسم العام‪ ،‬الطبعة السادسة‪،‬‬
‫منشورات جامعة دمشق‪799-93 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،93-36‬كامل السعيد ‪ ،11-01‬وحسني الجندي‪ ،‬ص‪،746-777‬‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،‬المادة ‪ ،77‬فقرة ‪.3‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬ص‪.916‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبد السالم علي المزوعي‪ ،‬ص‪.907‬‬
‫‪740‬‬
‫القوانين الجنائية‪ ،‬إال أن المشرع أورد استثناءا هاما عليه وهذا االستثناء خاص بقوانين العقوبات‬
‫(‪)1‬‬
‫األصلح للمتهم‪.‬‬

‫قوانين العقوبات األصلح للمتهم‪:‬‬


‫أورد المشرع األحكام الخاصة بهذا الخصوص في المادة الرابعة ذاتها أي التي قررت عدم‬
‫رجعية القانون الجنائي‪ .‬حيث نصت على أنه "يطبق القانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة على أنه‬
‫إذا صدر قانون أو أكثر بعد وقوع الجريمة وقبل الفصل فيها بحكم بات يطبق أصلحها للمتهم واذا‬
‫صدر قانون بعد الحكم البات يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف‬
‫الجزئية‪ ،‬ومع ذلك إذا صدر قانون بتجريم فعل أو امتناع أو بتشديد‬
‫ا‬ ‫تنفيذ الحكم وتنتهي آثاره‬
‫العقوبة المقررة له وكان ذلك في فترة محددة فأن انتهاء هذه الفترة ال يحول دون تطبيقه على ما‬
‫وقع خاللها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ويتضح من ذلك أن القانون الجديد يعتبر أصلح للمتهم في حالتين‪:‬‬
‫‪ -7‬إذا كان يخفف العقوبة المقررة‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان يبيح فعال كان معتب ار جريمة في ظل القانون القديم‪.‬‬

‫والحكمة في هذا واضحة ‪ ،‬ذلك أن المشرع إذا رأى أن العقوبة شديدة فخفف منها‪ ،‬أو أن‬
‫الفعل لم يعد من األهمية والخطورة على الجماعة حتى يستحق أن يعتبر جريمة‪ ،‬فمن العدل أن‬
‫(‪)3‬‬
‫يعمل بماء جاء به المشرع الجديد ويمتد إلى األفعال التي وقعت قبل سريانه‪.‬‬

‫على أنه يشترط لكي تطبق القوانين األصلح للمتهم على األفعال التي وقعت قبل سريانه‬
‫الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -7‬أن ال يكون المتهم قد حوكم من أجلها وصار الحكم عليه باتا أي استنفدت فيه كل وسائل‬
‫الطعن في الحكم‪ .‬فإذا صار الحكم نهائيا فأن المتهم ال يستفيد من أي قانون يصدر بهد‬
‫ذلك ولو كان في صالحه‪.‬‬

‫(‪ )1‬تنص على هذا االستثناء معظم القوانين الجنائية (م‪ 0‬عقوبات مصري)‪( ،‬م‪ 0‬عقوبات عراقي)‪( ،‬م‪ 0‬عقوبات‬
‫أردني) والمواد (‪ ،72 ،3 ،0 ،4 ،9 ،3‬عقوبات سوري)‪(( ،‬م‪ 76 ،70‬عقوبات كويتي)‪( ،‬م‪ 7‬عقوبات قطري)‪،‬‬
‫(م‪ 74 ،79‬عقوبات إماراتي)‪( ،‬م‪ 3‬فقرة ‪ 3‬عقوبات ليبي)‪.‬‬
‫(‪ )2‬قانون العقوبات السوري المواد ‪ 77 ،72 ،3 ،0 ،4 ،9 ،3‬والعقوبات اللبناني المواد (‪ ... )72 ،4‬من مفهوم‬
‫القانون األصلح للمتهم‪.‬‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،913‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪746‬‬
‫‪ -3‬أن يمحو القانون الجديد الجريمة‪ ،‬أي أن يصبح الفعل الذي حوكم عليه المجرم من أجله‬
‫غير معاقب عليه‪ ،‬ففي هذه الحالة يسري القانون بأثر رجعي فيستفيد منه المتهم‪ ،‬حتى وان‬
‫أصبح الحكم باتا فصدور مثل هذا الحكم ال يحول دون استفادة المحكوم عليه من القانون‬
‫الجديد‪ ،‬فيوقف تنفيذ الحكمة وتنتهي كل آثاره الجنائية‪ .‬ويالحظ في هذا الشأن اختالف هذه‬
‫الحالة التي سبقتها وترجع ذلك إلى تخفيف العقاب يقتضي حكما جديدا‪ ،‬وهذا األمر قد امتنع‬
‫بعد صدوره الحكم باتا‪ ،‬بينما الحالة الثانية ال تقتضي اإلفادة منها صدور حكم جديد‪ ،‬وانما‬
‫يكتفي فقط بوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ويالحظ أن المادة (‪ )4‬انتهت بالقول "ومع ذلك أن صدور قانون بتجريم فعل أو االمتناع أو‬
‫التشديد بالعقوبة المقررة له وكان ذلك في فترة محددة فأن انتهاء هذه الفترة ال يحول دون تطبيقه‬
‫على ما وقع خاللها"‪.‬‬
‫ووفقا لذلك فأن تطبيق األصلح للمتهم ليس مطلقا وذلك أن هذا االستثناء ال ينصرف إلى‬
‫الحالة التي لم يتركب فيها جريمة في ظل قانون مؤقت أي في ظل قانون يعاقب على الفعل في‬
‫فترة محددة‪ ،‬والقوانين المؤقتة نوعان‪ :‬قوانين مؤقتة بحكم النص أي قوانين يحدد الشارع صراحة فيها‬
‫تاريخ انتهاء العمل بها كالقانون الذي ينحصر على سكان منطقة مغادرتها لمدة ستة أشهر النتشار‬
‫الوباء‪.‬‬
‫والنوع الثاني في القوانين المؤقتة بحكم طبيعتها‪ ،‬أي قوانين سنت لواجهة ظروف طارئة ال‬
‫يعرف على وجه التحديد زمن زوالها‪ ،‬كالحرب والدمار أو األزمة االقتصادية‪ ،‬التي تتطلب إصدار‬
‫ومثال على ذلك أن يصدر قانون من قوانين التسعيرة‬ ‫(‪)2‬‬
‫قوانين تعلق بالتموين أو التسعيرة‪...‬إلخ‬
‫الجبرية تحدد للعمل به مدة سنة مثال‪ .‬وأرتكب أحد التجار خالل تلك السنة مخالفات لألسعار‬
‫الجبرية وانقضت مدة اللسنة وأصبح الفعل بذلك مباحا قبل أن تتم محاكمته‪ ،‬فليس معنى ذلك‬
‫إفالت هذا التاجر من العقاب ألن الفعل صار مباحا بانقضاء السنة‪ ..‬بل تتم محاكمته طبقا لذلك‬
‫(‪) 3‬‬
‫القانون‪ ،‬على ما ارتكبه من مخالفات أثناء قيامه‪.‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫تفسير القانون‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬ج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،933‬د‪ .‬نبيل إب ارهيم سعد وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.732‬‬
‫(‪ )2‬ارجع في ذلك د‪ .‬عبود السراج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.96-90‬‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .306‬و د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪741‬‬
‫‪ – 32‬سبق القول‪ ،‬بأن الغاية من سن القانون هي تنظيم الروابط والعالقات التي تنشأ بين‬
‫األفراد من جهة وبينهم وبين السلطة من جهة أخرى‪ ،‬وأن وظيفة المشرع تنتهي بتشريعه القوانين‬
‫حيث تبدأ وظيفة القاضي بتطبيقها على القضايا التي ترفع إليه بغية الفصل فيها‪ .‬غير أن عمل‬
‫القاضي ال يكون عادة على مثل هذا القدر من السهولة‪ ،‬فالقواعد القانونية تتصف بالعموم والتجريد‪،‬‬
‫كما يكتنفها الغموض واإلبهام ألنها تأتي في عبارات وجيزة مركزة‪ ،‬مما يؤدي في كثير من الحاالت‬
‫التي صعوبة الوقوف على معناها‪ ،‬سواء من حيث ما تتضمنه من شروط إلعمال حكمها‪ ،‬أو من‬
‫حيث تحديد مضمون هذا الحكم‪ ،‬والطريق الذي يسلكه رجال القانون الستخالص حكم القانون من‬
‫خالل نصوصه يسمى تفسير القانون‪ ،‬والغاية من تفسير القانون هو تحديد معناه ومقصوده‪ ،‬ولذا‬
‫فالقاعدة الشرعية المطابقة لنص المادة السادسة مدني يمني تنص على "األمور بمقاصدها والعبرة‬
‫بالمقاصد والمعاني ال باأللفاظ والمباني"‪ .‬كما نصت المادة األولى مدني يمني على أن يسري هذا‬
‫القانون المأخوذ من أحكام الشريعة اإلسالمية على جميع المعامالت والمسائل التي تتناولها‬
‫نصوصه لفظا ومعنى ‪ "...‬ويتضح من هذه المادة بأنه يلزم عدم التقيد بألفاظ النص وانما يجب أن‬
‫يستخلص معنى النص من مجموعة عبارته وعلى هدى قصد المشرع ونيته الحقيقية‪.‬‬
‫أما في مجال التفسير فقد اختلف الباحثون‪ ،‬فهناك من ير بأن التفسير مقصور بالنسبة لكل‬
‫القواعد القانونية أيا كان مصدرها‪ ،‬وفريق آخر يرى بأن التفسير ال يتناول إال القواعد التشريعية‬
‫المكتوبة والصادرة في صورة رسمية من السلطات التنفيذية‪ ،‬أما القواعد العرفية‪ ،‬فأنها ليست بحاجة‬
‫إلى التفسير ألنه إذا أريد تطبيق القواعد العرفية وجب التحري عن وجودها والتحري عن وجودها‬
‫يؤدي بطبيعة الحال إلى الوقوف على معناها أو التعرف على حقيقة الحكم الذي تتضمنه‪ ،‬ولذلك ال‬
‫( ‪)1‬‬
‫تبقى حاجة للتفسير‪.‬‬
‫ولهذا جرى الفقه على بحث التفسير بمناسبة الكالم عن التشريع فقط نظ ار ألنه يعد في‬
‫الوقت الحاضر المصدر األساسي للقواعد القانونية؛ وتأسيسا لما سبق فأن دراستنا لتفسير القاعدة‬

‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.319‬‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.991‬‬
‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون ‪ ،‬ص‪.743‬‬
‫د‪ .‬هشام قاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ص‪.793‬‬
‫د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.779‬‬
‫د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.303‬‬
‫د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.320‬‬
‫‪743‬‬
‫القانونية ستقتصر بصفة أساسية على تفسير القواعد التشريعية‪ ،‬ونبحث في هذا الشأن باقتضاب‬
‫أنواع التفسير ومدارسه‪ ،‬وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -7‬المبحث األول‪ :‬أنواع التفسير‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مدارس التفسير‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -9‬المبحث الثالث‪ :‬طرق التفسير‬
‫‪ -4‬المبحث الرابع‪ :‬إلغاء القانون‬

‫المبحث األول‬
‫أنواع التفسير‬

‫‪ – 37‬ينقسم التفسير بالنظر إلى الهيئة التي تقوم بها إلى ثالثة أنواع‪:‬‬
‫فإذا صدر التفسير عن المشرع نفسيه‪ ،‬سمي تفسير تشريعي إما إذا صدر عن القضاة الذين‬
‫يتولون تطبيقه سمى تفسير قضائي‪ ،‬وقد يصدر عن الفقهاء الذين يعكفون على دراسته‪ ،‬عندها‬
‫يكون التفسير فقهيا‪ .‬والغالب أن يصدر التفسير عن القاضي بمناسبة ما يعرض عليه من أقضية‪،‬‬
‫لذلك يعتبر التفسير القضائي أكثر صور التفسير من الناحية العملية‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫التفسير التشريعي‬
‫التفسير التشريعي هو التفسير الذي يقوم به المشرع نفسه‪ ،‬فإذا ما وجد الشارع نفسه أمام‬
‫نص غامض‪ ،‬أو أن القضاء قد نهج في تفسيره منهجا يخالف قصده‪ ،‬عمد إلى إصدار نص‬
‫(‪)1‬‬
‫تشريعي آخر إليضاحه وازالة الغموض عنه‪.‬‬
‫وقد ال يتولى المشرع مباشرة مهمة إصدار التفسير التشريعي بل ينيب عنه غيره في ذلك‪،‬‬
‫ويتميز التفسير التشريعي بكونه يلزم الكافة‪ .‬وهو يستمد هذا اإللزام العام من كون السلطة التي تقوم‬
‫به هي السلطة المخولة حق التشريع في البالد‪.‬‬

‫واألصل أنه ال يجوز للتشريع المفسر أن يتضمن تعديال أو إضافة للتشريع المراد تفسيره‬
‫(‪)2‬‬

‫وهذا النوع من التفسير نادر ما يلجأ إليه المشرع‪.‬‬

‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬األصول العامة للقانون‪ ،‬الدار الجامعية‪7933 ،‬م‪ ،‬ص‪،713‬‬
‫د‪ .‬مصطفى الجمال‪ ،‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬دروس في القانون‪ ،‬الدار المصرية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪7917‬م‪ ،‬ص‪.734‬‬
‫(‪ ) 2‬يذهب البعض إلى أن بإمكان المشرع الخروج عن هذا األصل‪ ،‬أي أن يتجاوز النص المفسر ويجري تعديالت‬
‫واضافات جديدة‪ .‬إال أننا ت=نرى أن ذلك غير صحيح باعتبار أن مهمة التشريع التفسيري مقتصرة على تفسير‬
‫‪749‬‬
‫وتستند التفسير التشريعي إلى مبدأ فصل السلطات‪ ،‬فالقضاة عليهم فقط واجب تطبيق‬
‫القانون‪ ،‬فإذا وجدوا غموضا فيه‪ ،‬فعليهم أن يلجئوا إلى المشرع الذي وضعه ليفسر لهم‪ ،‬ال أن‬
‫يقوموا هم بتفسيره‪ ،‬فينحرفوا بمعناه على المعنى الذي قصده المشرع نفسه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫التفسير القضائي‬

‫هو التفسير الذي يقوم به القضاة أثناء نظر الدعوى التي ترفع غليهم‪ ،‬والقاضي يقوم‬
‫بالتفسير من تلقاء نفسه دون أن يطلب منه ذلك‪ ،‬ألن مهمته هي معرفة حكم القانون فيما يعرض‬
‫عليه من دعاوى‪ ،‬فالتفسير عن د القضاء ليس غاية في ذاته‪ ،‬بل هو وسيلة يستخدمها بقصد الفصل‬
‫في المنازعات‪ ،‬وبناء على هذا فال يمكن أن يطلب من القاضي تفسير نص قانوني استقالال عن‬
‫وجود نزاع معروض عليه‪ .‬والقاضي ال يستطيع أن يمتنع عن تطبيق النص القانوني بحجة عدم‬
‫وضوحه أو نقصه واال عد منك ار للعدالة‪ ،‬بل ينبغي عليه تفسيره وأن يستشف من مضمون النص‬
‫والمعاني الوارد التي أرد المشرع أإلفصاح عنها ولم تسعفه جهوده لتوضيح ذلك النص عن‬
‫الصياغة‪.‬‬

‫واألصل في التفسير القضائي‪ ،‬أنه غير ملزم إال في حدود النزاع الذي يستلزم هذا التفسير‪،‬‬
‫فهو غير ملزم لنفس القاضي في نزاع مستقل مماثل‪ .‬وهو غير ملزم من باب أولى لقاضي آخر‪،‬‬
‫حتى وان كان هذا التفسير صاد ار من أعلى سلطة قضائية وهي المحكمة العليا ولكن يستثنى من‬
‫ذلك الحالة التي نص عليها قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني م(‪ )337‬وهي الحالة التي‬
‫تنقض فيها محكمة النقض الحكم المطعون فيه وكان نقضها مبنيا على سبب آخر غير مخالفة‬
‫قواعد االختصاص فأنها تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها‬
‫من جديد بناء على طلب الخصوم في هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن‬
‫تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة‪ .‬هذا ويتميز التفسير‬
‫القضائي بالطابع العملي والواقعي ألنه يصدر عن جهة تعد أكثر الجهات التصاقا بالواقع‪ ،‬ولهذا‬
‫فأنه يتأثر بالظروف المحيطة بالمنازعات التي تعرض على القضاء للفصل فيها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫قانون معين‪ ،‬وان رأي المشرع غير ذلك‪ ،‬فهو صاحب الحق في إلغاء القانون إصدار آخر متضمن ال يرد‬
‫إضافته من نصوص موضوعية جديدة‪ .‬انظر د‪ .‬محمد الجمال‪ ،‬وعبد الحميد الجمال‪ ،‬ص‪.371‬‬
‫(‪ )1‬ارجع د‪ .‬نبيل سعد وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.734‬‬
‫د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫د‪ .‬عبد السالم علي المزوعي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.969‬‬
‫‪702‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫التفسيري الفقهي‬

‫والعلم‪ ،‬واصطالحا في القانون هو مجموع آراء وأبحاث ودراسات األساتذة‬ ‫الفقه لغة الفهم‬
‫( ‪)1‬‬

‫ويتكون من حصيلة هذا الجهد مجموعة‬ ‫الذين يكرسون أوقاتهم وجهودهم في شرح أحكام القانون‬
‫(‪)2‬‬

‫من االتجاهات واآلراء تكون خير معين للمشرع في تعديل القوانين أو تطويرها‪ ،‬وخير معين‬
‫للقاضي في تأكيد آرائه أو مراجعتها‪.‬‬

‫ويتميز التفسير الفقهي بالطابع النظري كما ليس لهذا التفسير صفة اإللزام بالنسبة للمحاكم‪،‬‬
‫فهي ليس ملزمة باألخذ به‪.‬‬

‫وقد لعب الفقه في بعض مراحل التاريخ دوار أهم من مجرد تفسير القانون كما هو الحال في‬
‫القانون الروماني حيث يعتبر الفقه مصد ار من مصادر القانون‪ ،‬كذلك في الشريعة اإلسالمية يعتبر‬
‫والجدير بالذكر بأن‬ ‫(‪)3‬‬
‫إجماع الفقهاء‪ ،‬هو المصدر الثالث للتشريع اإلسالمي بعد الكتاب والسنة‪.‬‬
‫البعض يضيف التفسير اإلداري كنوع رابع للتفسير أي التفسير الذي تقوم به السلطات اإلدارية‬
‫(‪)4‬‬
‫عند قيامها بتنفيذ قانون معين من خالل منشورات أو تعليمات ‪....‬إلخ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫مدارس التفسير‬

‫‪ – 33‬تعددت وجهات النظر حول أصل القانون وأساسه‪ ،‬كما سبق وأوضحنا وتبعا لهذا‬
‫الخالف تنوعت االتجاهات واختلفت أيضا فيما يجب البحث عنه عند التفسير لتحديد المعنى‬
‫المقصود من النص‪ ،‬وبرزت في الفقه عدة مدارس هي مدرسة الشرح على المتون‪ ،‬والمدرسة‬
‫التاريخية أو االجتماعية‪ ،‬المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي الحر‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫د‪ .‬كامل السعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.49‬‬


‫(‪ )1‬ارجع الشيخ اإلمام محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬جار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.029‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،19‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.707‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬محمود محمد طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،93‬د‪ .‬محمد فاروق النبهان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،726‬د‪.‬‬
‫وهبة الزحيلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،49‬عبد الوهاب خالف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.377‬‬
‫‪707‬‬
‫مدرسة الشرح على المتون‬

‫ظهرت هذه المدرسة في فرنسا أثر التقنينات الفرنسية في القرن التاسع عشر والتي سميت‬
‫بمجموعة نابليون‪ .‬وقد نظر الفقهاء إلى هذه التقنينات نظرة تقديس واحترام‪ .‬لذلك فأن دور الفقه في‬
‫تفسير هذه النصوص يتلخص في البحث عن أرادة المشرع الحقيقية متى عبر عنها بالنص‬
‫التشريعي عند وضعه ويستدل على هذه النية الحقيقية من معاني ألفاظ النصوص نفسها‪ ،‬أما إذا لم‬
‫تعين البحث عن اإلرادة المفترضة للمشرع وقت وضع النص فالعبرة إذن‪،‬‬
‫يجد نص لحالة معينة ّ‬
‫لدى أصحاب هذه المدرسة بنية المشرع عن د وضع النص سواء كانت هذه النية حقيقة أم‬
‫وهي تنظر دائما إلى نية المشرع عند وضع النص حتى ولو تغيرت ظروف الجماعة‬ ‫(‪)1‬‬
‫مفترضة‬
‫عند تفسير القانون عنها عند وضعه‪ ،‬واذا كانت لهذه النظرية مزايا في أنها تمنع تحكم القضاة‪ ،‬كما‬
‫تحقق للنصوص القانونية الثبات واالستق ارر‪ ،‬فان عيوبها أنها تعتبر التشريع هو المصدر الوحيد‬
‫فأن نظرتها للتفسير يؤدي إلى جمود القانون وتحول دون تطوره لكي‬ ‫(‪)2‬‬
‫للقانون ومن جانب آخر‪،‬‬
‫يتالئم مع تغير الظروف في المجت مع‪ .‬وقد عرف الفقه اإلسالمي مدرسة مماثلة لهذه المدرسة هي‬
‫المدرسة الظاهرية والسبب في هذه التسمية أنهم كانوا يأخذون بظاهر النص "الكتاب والسنة"‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫المدرسة التاريخية أو االجتماعية‬
‫أنشأ "سافيني" و "بوشتا" هذه النظرية في ألمانيا ولم تجد لها في فرنسا إال نصا ار قليلين ويرى‬
‫أنصارها أن تفسير التشريع يجب أن يكون على حسب الظروف االجتماعية واالقتصادية في الوقت‬
‫الذي تفسر فيه النصوص‪ .‬وال عبره بإرادة المشرع الحقيقية المفترضة عند وضع النص‪ ،‬كما يقول‬
‫أنصار المدرسة السابقة ومن ثم فأن تفسير التشريع ال ينبغي أن يكون تفسي ار إلرادة المشرع‪ ،‬بل‬
‫يجب أن يستقل التشريع عن المشرع ويعيش حباته المستقلة في الجماعة ذاتها‪ ،‬ويخضع في تفسيره‬
‫وبالتالي فاإلرادة المعتبرة في هذا الشأن هي اإلرادة‬ ‫(‪)4‬‬
‫لكل التطو ارت التي تحدث داخل هذه الجماعة‬
‫المحتملة أي اإلرادة التي كان يريدها المشرع لو أنه وجد في الظروف الحالية التي تحيط بالفقيه أو‬
‫القاضي عند تفسيرهما للقانون‪ .‬ونرى أن ما تذهب إليه هذه المدرسة يقترب من القاعدة الفقهية في‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪ ،736‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬الدخل للعلوم القانونية‪ ،‬ص‪.999‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪ ،103‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪ ،473‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪.361‬‬
‫(‪ )3‬ارجع إلى د‪ .‬محمود محمد طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.391‬‬
‫(‪ ) 4‬انظر د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬ص‪ ،711‬د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬ص‪ ،109‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪،‬‬
‫ود‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪.773‬‬
‫‪703‬‬
‫ومن المفيد اإلشارة إلى أن‬ ‫الشريعة اإلسالمية التي تقول "ال ينكر تغير األحكام بتغير األزمان"‬
‫(‪)1‬‬

‫المدرسة التاريخية هي أكثر مرونة من المدرسة السابقة كونها تهدف إلى تطويع النصوص لمواجهة‬
‫الظروف المتجددة‪ ،‬أال أنها تفتح المجال للتحكم‪ ،‬وتخرج بالتفسير عن معناه ووظيفته‪ ،‬من خالل‬
‫تعديل النصوص التشريعية تحت ستار التفسير‪ ،‬وبحجة أن ما يقول به المفسر هو اإلرادة التي كان‬
‫من المحتمل أن يقول بها المشرع لو أنه وضع النص في الظروف الجديدة التي يتم فيها التفسير‪،‬‬
‫وبذلك ال يكون للتشريع أي قيمة في ذاته‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫المدرسة العلمية‬
‫ظهرت هذه المدرسة في فرنسا على يد الفقيه "جيني" "‪ "Geny‬وجاءت المدرسة العلمية‬
‫كاتجاه وسط بين المدرستين السابقتين فنظرة هذه المدرسة في التفسير تقوم على أساس البحث عن‬
‫إرادة المشرع مع عدم إغفال العوامل المختلفة التي تساهم في تكوين القاعدة القانونية‪ .‬وتتفق‬
‫المدرسة العلمية مع مدرسة الشرح على المتون عل أنه ينبغي أن يتم تفسير التشريع طبقا إلرادة‬
‫المشرع الحقيقية إال أنها تختلف عنها بالنسبة للبحث عن النية المفترضة إذا لم يوجد نص في‬
‫التشريع في الحالة المعروضة فال يجوز أن تفترض أم ار وتنسبه إلى المشرع‪ ،‬بل ينبغي التسليم بأن‬
‫التشريع ال يتضمن القاعدة التي تطبق ولهذا يتعين البحث في المصادر الرسمية األخرى‪ ،‬فإذا لم‬
‫توجد قاعدة في المصادر الرسمية األخرى فال ينبغي إال إتباع "البحث العلمي الحر" أي الرجوع إلى‬
‫جوهر القانون والحقائق التي تتكون منها مادته األولية وهي حقائق طبيعة وتاريخية وعقلية‬
‫وفقا لما رآه جيني مؤسس هذه المدرسة‪.‬‬ ‫ومثالية‬
‫(‪)3‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫طرق التفسير‬

‫‪ – 39‬طرق التفسير هي الوسائل التي يهتدي إليها المفسر في سبيل استخالص المعاني‬
‫التي يدل عليها النص التشريعي بما يطابق القصد الحقيق للمشرع‪ ،‬وهذه الوسائل أما أن تكون‬
‫(‪)4‬‬
‫داخلية أو خارجية‪.‬‬

‫(‪ )1‬مجلة األحكام العدلية م م ‪.99‬‬


‫(‪ ) 2‬ارجع في ذلك د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪ ،337‬د‪ .‬توفيق حسن فرد‪ ،‬د‪.‬‬
‫محمد يحيى مطر‪ ،‬ص‪ ،711‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬ص‪.472‬‬
‫(‪ )4‬انظر د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪ ،377‬عبد القادر عودة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.321-736‬‬
‫‪709‬‬
‫المطب األول‬
‫طرق التفسير الداخلية‬

‫وهي الطريق التي يهتدي إليها المفسر بالتشريع نفسه دون االستعانة بعنصر خارجي أي أنه‬
‫يتقيد ضمن نطاق النصوص التشريعية والطرق المتبعة في التفسير الداخلي هي‪:‬‬

‫‪ – 6‬القياس‬

‫القياس لغة هو التسوية بين شيئين وقيل هو التقدير كقولك قست الثوب بالذرع أي قدرته‪،‬‬
‫والقياس بمعناه الفني‪ ،‬هو استنباط حكم غير منصوص عليه من حكم منصوص عليه التحاد العلة‬
‫بين حكمين وفي اصطالح األصوليين هو إلحاق واقعة ال نص على حكمها بواقعة ورد نص‬
‫ونضرب على‬ ‫(‪)1‬‬
‫بحكمها‪ ،‬في الحكم الذي ورد به النص‪ .‬لتساوي الواقعتين في علة هذا الحكم‬
‫القياس المثال الذي نستمده من أحكام الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫جاء في أحد األحاديث النبوية الشريفة أن قاتل مورثه ال يرث فالحكم هنا هو حرمان الوارث‬
‫الذي يقتل مورثه من نصيبه في اإلرث‪ ،‬والسبب هو قتله لهذا المورث وقد قيس على هذه الحالة‬
‫حالة تتعلق بالموصى له الذي يقتل من أوصى إليه وطبق عليه نفس الحكم وهو حرمان الموصى‬
‫له من حقه في الوصية‪ ،‬ألن السبب واحد في الحالتين وهو قتل الموصي أو المورث‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ – 2‬االستنتاج من باب أولى‬

‫هو أن تكون هناك حالة منصوص على حكمها وتكون علة الحكم أكثر تواف ار في حالة أخرى‬
‫غير منصوص على الحكم فيها فينسب الحكم في الحالة المنصوص عليها على الحالة غير‬
‫المنصوص عليها من باب أولى ومثال على ذلك اآلية الكريمة التي تأمر اإلنسان بحسن معاملة‬
‫أبويه بقولها "وال تقل لهما ٍ‬
‫أف وال تنهرهما" نستطيع أن نستنتج من باب أولى مثال أن من واجبه أن‬
‫ال يضربهما‪.‬‬

‫‪ – 3‬االستنتاج من مفهوم المخالفة‬


‫هو أن تعطي حالة غير منصوص عليها حكما يكون عكس الحكم في حالة منصوص عليها‬
‫الختالف العلة في الحالتين أوال وألن الحال المنصوص عليها هي جزئية من جزئيات الحالة غير‬
‫المنصوص عليها فتخصيصها بحكم يستخلص منه أنها تنفرد بهذا الحكم دون سائر الجزئيات‬

‫( ‪ )1‬انظر عبد الوهاب خالف‪ ،‬ص‪ ،03‬د‪ .‬محمود محمد طنطاوي‪ ،‬ص‪ ،306‬د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ ،‬ص‪ ،06‬عبد‬
‫اقالدر عودة‪ ،‬التشريع الجنائي اإلسالمي‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.733‬‬
‫(‪ )2‬انظر قانون األحوال الشخصية رقم ‪ 32‬لعام ‪7993‬م‪ ،‬المادة ‪.324 ،3/399‬‬
‫‪704‬‬
‫ومثال على ذلك ما تنص عليه المادة (‪ )043‬مدني يمني على أنه إذا هلك المبيع قبل‬ ‫األخرى‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫التسليم انفسخ البيع واسترد المشتري الثمن فالمفهوم المخالف لهذا الحكم هو أن هالك المبيع بعد‬
‫التسليم ال يؤدي إلى فسخ البيع واسترداد الثمن‪ ،‬ومثال آخر ما تقضي به المادة (‪ )006‬مدني يمني‬
‫حيث تنص إذا أخطر المشتري بالبائع بالعيب في الوقت المالئم طبقت أحكام خيار العيب‬
‫المنصوص عليها في القانون‪ .‬ومن هذا النص يمكن االستنتاج بمفهوم المخالفة أنه لم يقم المشتري‬
‫بإخطار البائع بالعيب في الوقت المالئم فال تطبق أحكام خيار العيب وما هذه األمثلة إال غيض‬
‫من فيض‪.‬‬
‫‪ – 4‬تقريب النصوص المتعلقة بموضوع واحد بعضها مع البعض‬
‫تقتضي هذه الطريقة أن يكون هناك تقريبا بين الجزئيات النص الواحد والنصوص المبعثرة‬
‫وأن يكون النص المراد تفسيره وثيق الصلة بنصوص القانون األخرى باعتباره جزءا منه لكي تظهر‬
‫هذه الطريقة أثرها في تحديد معنى النص القانوني المزمع تفسيره‪.‬‬
‫أن تقريب النصوص بعضها مع البعض‪ ،‬يؤدي إلى تدارك ما بها من نقص‪ ،‬فقد يكمل‬
‫بعضها البعض أو يفسر المجمل فيها أو يقيد المطلق‪ ،‬فالمفسر يجد النصوص الخاصة بموضوع‬
‫(‪)2‬‬
‫واحد كال ال يتج أز يكمل بعضها البعض اآلخر وبذلك يسهل عليه التعرف على األحكام القانونية‬
‫وأخي ار ينبغي التأكيد على أن استخدام هذه الطرق في االستنتاج يجب أن يتم بحذر كي ال نصل‬
‫إلى أحكام مخالفة لروح النص وقواعد الشريعة اإلسالمية باعتبارها مصدر تشريعاتنا كما يجب أن‬
‫نالحظ أن األحكام الواردة على سبيل الحصر واالستثناء ال يقاس عليها وال يتوسع في تفسيرها ألنها‬
‫تبنى على ضرورة والضرورة تقدر بقدرها‪ ،‬فمثال هذه النصوص يحب أن تفسر تفسي ار ضيقا وأن‬
‫( ‪)3‬‬
‫يقتصر حكمها على ما ورد بشأنه‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫طرق التفسير الخارجية‬

‫وهي التي يهتدي إلهيا المفسر مستعينا بعناصر ووسائل خارجة عن نطاق النصوص‬
‫التشريعية ومن الطرق المتبعة في طريقة التفسير الخارجية‪.‬‬

‫‪ – 6‬األعمال التحضيرية‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬هشام قاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ص‪.764‬‬


‫د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪.703‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪.379‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪.709‬‬
‫‪700‬‬
‫وهي جميع األعمال التي سبقت إقرار التشريع أو عاصرت تقنينه‪ ،‬كالمتناقشات التي دارت‬
‫خالل مراحل التصويت ومالحظات اللجان المتخصصة‪ ،‬ومحاضر جلسات المجالس التشريعية‬
‫والمذكرات اإليضاحية‪.‬‬

‫والرجوع إلى هذه المسائل يساعد في معرفة األسباب الموجبة للتشريع والنية الحقيقة للمشرع‪.‬‬
‫واألعمال التحضيرية كإحدى طرق التفسير الخارجية‪ ،‬نصت عليها المادة ‪ 79‬مدني يمني‪ ،‬ويجب‬
‫أن نالحظ أن المذكرات اإليضاحية ليست جزء من التشريع‪ ،‬بل خارج النص وليس لها أي صفة‬
‫رسمية كما أن المذكرات اإليضاحية تعبر عن رأي واضعها وتصوره الشخصي والتي قد ال تتفق‬
‫(‪)1‬‬
‫ونية المشرع الحقيقة‪.‬‬

‫‪ – 2‬الكتب الشارحة‬
‫(‪) 2‬‬
‫تقضي المادة (‪ )79‬مدني يمني بأن‪" :‬الكتب الشارحة الصادرة من الهيئة التشريعية"‬
‫كمرجع من مراجع تفسير القوانين‪ .‬وأول ما يتبادر إلى الذهن بعد قراءة النص أعاله هو أن المشرع‬
‫اليمني عازم على إصدار كتب تشرح القوانين‪ ،‬حتى يسهل للمشتغلين بالقانون تطبيقها على نحو ما‬
‫قصد وذهبت إليه إرادته‪.‬‬

‫ونرى من جانبنا‪ ،‬بأن هذه الكتب الشارحة ليست لها صفة اإللزام‪ ،‬وانما يرجع إليها مطبق‬
‫القانون لالستئناس‪ ،‬اعتبار أن الكتب الشارحة ليست تشريعا‪.‬‬

‫‪ – 3‬المصدر التاريخي‬

‫هو المصدر الذي يستمد منه المشرع نصوص التشريع وباستطاعة المفسر االستفادة من‬
‫وتعتبر الشريعة اإلسالمية "الكتاب والسنة" المصدر‬ ‫(‪)3‬‬
‫األصل الذي اقتبس منه التشريع في تفسيره‬
‫التاريخي للتشريع اليمني وعلى أساس ذلك نصت م(‪ )79‬مدني بأن الفقه اإلسالمي هو المصدر‬
‫عند تفسير القوانين وتطبيقها ويعتبر القانون المدني الفرنسي المصدر التاريخي للقانون المدني‬
‫المصري وكلك قانون العقوبات اإليطالي المصدر التاريخي لقانون العقوبات الليبي‪ .‬ومجلة األحكام‬
‫العدلية والقانون المدني المصري والقانون المدني الفرنسي تعتبر مصادر تاريخية للقانون المدني‬

‫(‪)1‬انظر د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬ص‪.339‬‬


‫(‪ )2‬لم نجد مصت للمادة (‪ )79‬مدني يمني في معظم التشريعات العربية‪.‬‬
‫(‪)3‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.763‬‬
‫‪706‬‬
‫أما القانون السوداني فيمكن فهمه في ضوء القانون‬ ‫(‪)1‬‬
‫العراقي كما جاء في المذكرة اإليضاحية‬
‫مصدر تاريخيا للقانون السوداني‪.‬‬
‫ا‬ ‫االنجليزي باعتباره‬

‫‪ – 4‬المبادئ العليا لتشريع‬

‫هناك مبادئ عليها يخضع لها كل تشريع‪ ،‬هذه المبادئ يجب أن يتوخاها القاضي وهو يفسر‬
‫نصا غامضا‪.‬‬

‫ويقصد بالمبادئ العليا المبادئ المستقرة في كل نظام قانوني يسير بموجبة ويتبعه ذلك البلد‪،‬‬
‫والمبادئ العليا المستقرة في النظام القانوني اليمني هي مبادئ الشريعة اإلسالمية وهي التي ال تقبل‬
‫فيجب على المفسر القانوني االستئناس بهذه المبادئ‬ ‫التغيير أو التبديل "ال تبديل لكلمات الله"‬
‫(‪)2‬‬

‫وما تتضمنه من أحكام واسترشاد بما تحتويه من توجيهات واعتبارات عامة‪.‬‬

‫وأخير نود اإلشارة إلى أن التفسير من قبل القاضي المدني يختلف عندما يكون المفسر‬
‫قاضيا جنائيا‪ ،‬فالقاضي المدني يطبق قواعد التفسير بتوسع بينما العكس في حالة القضايا للجنائي‬
‫فهو مقيد بأن يحصر اجتهاده في تفسير النص وتطبيقه على الواقعة المروضة فليس له أن يخلف‬
‫جريمة أو عقوبة من طريق القياس مثال‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫إلغاء القانون‬

‫‪ – 34‬أن حركة المجتمع متدفقة ودائمة التجدد‪ ،‬ولما كان األمر كذلك‪ ،‬فالقانون باعتباره توأم‬
‫المجتمع‪ ،‬فهو األخير متجدد ومتغير بتغير وتجدد المجتمع ذاته‪ .‬فالقاعدة القانونية والموافقة‬
‫والمواكبة لشروط المجتمع اليوم‪ ،‬ال يكون كذلك غدا ولذا لزم األمر إلغاء القاعدة القانونية بأخرى‬
‫مواكبة للحياة في صيرورتها‪.‬‬

‫والمقصود بإلغاء القانون وقف العمل به وتجريد قوته الملزمة واإللغاء بهذا المعني قد يكون‬
‫بقصد إحالل قانون آخر محل القانون السابق وقد يكون بغرض االستغناء عن القانون دون إحالل‬
‫قانون آخر محله‪ .‬واإللغاء يرد على القواعد القانونية أيا كان مصدرها الرسمي أي أكانت مستمدة‬
‫ويكون اإللغاء‬ ‫من التشريع أو من مصدر آخر غير التشريع فالعرف مثال يلغى بعرف مخالف له‬
‫(‪)3‬‬

‫صريح أو ضمني‪ ،‬وسوف نبحث هذا الفصل‪:‬‬

‫(‪ )1‬المذكرة اإليضاحية للقانون المدني العراقي‪ ،‬ص‪ 7‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬عبد السالم علي المزوغي‪ ،‬ص‪.999‬‬
‫(‪ )2‬سورة يونس ‪.64‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬ص‪ 996‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪701‬‬
‫‪ -7‬المطلب األول‪ :‬إلغاء القواعد القانونية وغير التشريعية‬
‫‪ -3‬المطلب الثاني‪ :‬اإللغاء الصريح اإللغاء الضمني‬
‫‪ -9‬المطلب الثالث‪ :‬التفرقة بين إلغاء التشريع وابطاله‬

‫المطلب األول‬
‫إلغاء القواعد القانونية وغير التشريعية‬

‫‪ – 30‬تنص المادة الثانية من القانون المدني اليمني على أنه ال يجوز إلغاء نص تشريعي‬
‫إال بتشريع الحق ينص صراحة على هذا اإللغاء أو يشتمل أو يشتمل على نص يتعارض مع نص‬
‫التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعد ذلك التشريع‪.‬‬

‫ووفقا لألصل أعاله‪ ،‬فأن السلطة المختصة في إلغاء التشريع هي نفس السلطة التي أصدرته‬
‫أو من جهة أعلى منها‪ ،‬ويترتب على هذا أن التشريع ال يلغى إال بتشريع الحق‪ .‬فالدستور هو أعلى‬
‫القوانين ال يلغى إال من السلطة المختصة قانونا وال يجرى تعديله إال حسب األسس المنصوص‬
‫وبناء على ما تقدم يجب رفض ما يذهب إليه البعض من أن التشريع يصبح‬ ‫عليها في الدستور‬
‫(‪)1‬‬

‫ملغيا إذا أهمل تطبيقه أي جرى العرف عدم إعماله مدة طويلة فعدم تطبيق التشريع مهما طالت‬
‫(‪)2‬‬
‫المدة ال يترتب عليها سوى نشوء "عرف سلبي" كما يقال عادة‪.‬‬

‫والعرف أيا كان ال يلغي التشريع كما هو واضح من منطوق م(‪ )3‬مدني يمني‪ .‬فالنص‬
‫القانوني يمكن االحتجاج به وطلب تطبيقه في كل وقت مادام المشرع لم يعمد إلى إلغائه‪ ،‬ألنه يظل‬
‫وعدم جواز إلغاء التشريع إال بتشريع الحق مرجعه أن‬ ‫قائما وساري المفعول ولو أهمل استعماله‬
‫(‪)3‬‬

‫التشريع هو أعلى مصادر القانون واذا كان العرف ال ينفي التشريع ألنه أعلى منه مرتبة فأن مبادئ‬
‫الشريعة اإلسالمية تتميز بالثبات والتالي ال يمكن الحديث عن إلغائها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫اإللغاء الصريح واإللغاء الضمني‬

‫د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل للقانون‪ ،‬ص‪ 997‬وما بعدها‪.‬‬


‫جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ 370‬وما بعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪ 717‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬خالد الزغبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.724‬‬
‫(‪)2‬انظر د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬ص‪ ،794‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.792‬‬
‫(‪ )3‬ارجع د‪ .‬هشام قاسم‪ ،‬المدخل إلى علم الحقوق‪ ،‬ص‪.327‬‬
‫‪703‬‬
‫‪ – 36‬يتضح من المادة الثانية مدني يمني بأن اإللغاء قد يكون صريحا أو ضمنيا‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬اإللغاء الصريح‬

‫يكون اإللغاء صريحا إذا صدرت قاعدة قانونية جديدة تقضي صراحة بهذا اإللغاء وال يكون‬
‫ذلك إال بواسطة قاعدة تشريعية ينص فيها صراحة على إلغاء القاعدة السابقة مثل ذلك ما نصت‬
‫عليه المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم ‪ 79‬لسنة ‪7993‬م الخاص بإصدار القانون المدني‬
‫حيث نصت على أن "يلغي القوانين ‪ 31 ،77 ،72‬لسنة ‪7919‬م و‪ 76،1‬لسنة ‪7939‬م بشأن‬
‫القانون المدني الصادر في صنعاء‪ ،‬كما يلغي القانون رقم ‪ 3‬لسنة ‪7939‬م بشأن القانون المدني‬
‫الصادر في عدن‪.‬‬

‫هذه صورة من صور اإللغاء الصريح‪ ،‬والصورة األخرى تتمثل في حالة ما إذا كان سريان‬
‫القاعدة القانونية موقوتا بمدة معينة بحيث تعتبر القاعدة ملغية بانقضاء هذه المدة‪ ،‬كأن يصدر‬
‫قانون لمواجهة ظروف معينة كحالة حرب‪ ،‬أو أزمة اقتصادية وبنص فيها على العمل بها أثناء مدة‬
‫الحرب‪ ،‬أو األزمة االقتصادية فقط‪ ،‬وبانتهاء الحرب وزوال األزمة االقتصادية ينتهي العمل بهذا‬
‫القانون‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإللغاء الضمني‬


‫ويراد به إلغاء القاعدة القانونية الذي يستخلص من حالة التعارض مع قاعدة قديمة وأخرى‬
‫أي أن اإللغاء‬ ‫(‪)1‬‬
‫جديدة تحل محلها أو من تنظيم تشريع جديد لموضوع سبق وأن نظمه تشريع قديم‬
‫الضمني يتحقق في صورتين‪:‬‬

‫الصورة األولى‪ :‬التعارض بين قاعدة جديدة وأخرى قديمه‬


‫إذا صدر قانون جديد متضمنا قاعدة أو قواعد تتعارض مع ما هو مقرر في التشريع القديم‬
‫بحيث يتعذر تطبيق القاعدة أو القواعد في آن واحد والعمل بكليمها‪ ،‬فيعتبر أن القانون الالحق قد‬
‫ألغى ضمنا القانون القديم‪.‬‬

‫أما إذا أمكن التوفيق بين القواعد القديمة والجديدة‪ ،‬ال يعتبر القانون الالحق ألغى السابق‬
‫وانما يطبقان معا كل منهما بالنسبة للحاالت التي تتناولها أحكامه كأن يكون يحتوي القانون نصا‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬خالد الزغبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬ص‪.726‬‬


‫د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬ص‪ 710‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪709‬‬
‫عاما‪ ،‬والنص الجديد نصا خاصا ففي الحالة األولى يعد النص الخاص استثناء من النص العام‬
‫( ‪)1‬‬
‫ويعمد إلى تطبيقه بالنسبة لألمور التي جاء لتنظيمها‪ ،‬ثم يطبق النص العام فيما عدا ذلك‪.‬‬
‫الصورة الثانية ‪ :‬تنظيم الموضوع نفسه من جديد إذا صدر تشريع جديد ينظم موضوعا سبق‬
‫وأن نظمه تشريع قدم‪ ،‬فأنه يستخلص من إعادة تنظيم هذا الموضوع أن القواعد الجديدة قد نسخت‬
‫القواع د القديمة كلها حتى تلك التي ال تتعارض معها والعلة في ذلك أن إعادة تنظيم نفس الموضوع‬
‫من قبل المشرع يفيد انصراف نيته إلى العدول عن التشريع القديم بأكمله‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ويالحظ من النادر أن يعيد المشرع تنظيم موضوع كان ينظمه تشريع سابق دون أن ينص‬
‫التشريع الجديد‪ ،‬على إلغاء التشريع السابق صراحة لذلك فأن الفقه ال يجد أمثلة يضربها على‬
‫(‪)3‬‬
‫اإللغاء الضمني بهذه الطريقة‪.‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫التفرقة بين إلغاء التشريع وابطاله‬

‫‪ – 31‬سبق القول بان إلغاء القانون هو وقف العمل به وتجريده من قوته الملزمة‪ ،‬واإللغاء‬
‫حدث عادي في حياة القانون فهو يضع نهاية لهذه الحياة واإللغاء يجرد القانون من قوته الملزمة‬
‫بالنسبة للمستقبل فقط وليس بالنسبة للماضي‪.‬‬
‫أما اإلبطال فهو صورة خاصة من صور إعدام وجود القانون عن حاالت اإللغاء السابق‪ .‬أي‬
‫أن اإلبطال حدث غير عادي في حياة التشريع‪ ،‬ومن النادر أن يتعرض تشريع لإلبطال واإلبطال‬
‫التي‬ ‫ويحدث ذلك بالنسبة للتشريعات السلطة الفعلية‬
‫(‪)5‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫ال يرد إال على تشريع معيب في تكوينه‬
‫تنشأ عقب ثورة أو انقالب‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬ص‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬


‫د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬ص‪ 799‬وما بعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬الجزء األول‪ ، ،‬ص‪ 923‬وما بعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬ص‪ 719‬وما بعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.766‬‬
‫جميل الشرقاوي‪ ،‬ص‪ 376‬وما بعدها‪.‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪ ،370‬د‪ .‬ـأنور سلطان‪ ،‬ص‪.730‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.471‬‬
‫( ‪ ) 4‬انظر د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .69-63‬د‪ .‬سمير تناغو‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.473‬‬
‫(‪ )5‬تشريع السلطة الفعلية هو التشريع الصادر عن سلطة غير مزودة من الناحية الدستورية بحق إصدار التشريع‪،‬‬
‫ومع ذلك فهو يعتبر ألسباب مختلفة تشريعا صحيحا‪.‬‬
‫‪762‬‬
‫ويختلف اإلبطال عن اإللغاء فاإلبطال ال يقتصر على إنهاء القوة الملزمة للقانون بالنسبة‬
‫للمستقبل‪ ،‬بل يتعدى ذلك إلى الماضي‪ ،‬فهو يعدم وجود القانون منذ والدته بحيث يعتبر كأن لم‬
‫يكن أصال والب طالن تقرره المحاكم أي أن زوال التشريع باإلبطال ال يحتاج إلى صدور قاعدة‬
‫قانونية جديدة تقرره كما هو الحال في اإللغاء‪.‬‬

‫ومن أمثلة هذه التشريعات التي أصدرتها حكومة "فيشي" التي حكمت فرنسا في ظل‬
‫االحتالل الهتلري فحين تم تحرير فرنسا أصدرت الحكومة الفرنسية المؤقتة ق اررات إبطال بعض‬
‫التشريعات بأثر رجعي‪.‬‬

‫للتفصيل انظر د‪ .‬سمير تناغو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.933‬‬


‫‪767‬‬
‫القسم الثاني‬
‫النظرية العامة للحق‬
‫سبق أن أوضحنا بأن القانون والحق مفهومات متالزمان مترابطان‪ ،‬بحيث أن الحديث عن‬
‫أحدهما يقود إلى الحديث عن اآلخر والحق ليس إال ثمرة من ثمار القانون‪ .‬وهذه الصلة الوثيقة‬
‫بينهما كانت السبب في اعتبارهما معا موضوعا لعلم القانون‪.‬‬

‫ودرج الباحثون على دراسة "النظرية العامة للحق" في أعقاب دراسة النظرية العامة للقانون‪.‬‬

‫وتتضمن خطة دراسة هذا القسم التالي‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬في التعرف بالحق‬

‫الباب الثاني ‪ :‬أركان الحق‬

‫‪763‬‬
‫الباب األول‬
‫التعرف بالحق‬
‫الفصل األول‪ :‬التعريف بالحق‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أنواع الحق‬

‫‪769‬‬
‫الفصل األول‬
‫التعريف بالحق‬

‫من بين الموضوعات التي احتدم الخالف حولها‪ ،‬موضوع الحق‪ ،‬ووضع تعريف له‪ ،‬ووصل‬
‫الخالف إلى إنكار الفقيه الفرنسي "ديجي" وجود فكرة الحق بحد ذاتها‪ ،‬مستندا إلى صعوبة وضع‬
‫كما حاول البعض إنكار فكرة‬ ‫تعريف للحق ونادي بنظريته عن المركز القانوني بدال عن الحق‬
‫(‪)1‬‬

‫الحق من الوجهة التاريخية‪ ،‬زاعمين بأنها فكرة حديثة مصطنعة لم تعرف في الشرائع القديمة‬
‫والسيما القانون الروماني‪ ،‬ومن المنكرين أيضا لفكرة الحق األستاذ "كلسين"‪.‬‬

‫والشريعة اإلسالمية تعرف اصطالح الحق‪ ،‬وقد استعمل فقهائها كلمة الحق استعماال عاما‬
‫في بعض األحيان‪ ،‬واستعماال خاصا في بعض األحيان األخرى‪ .‬وقد عرف الشيخ علي الخفيف‬
‫الحق بأنه "مصلحة مستحقة شرعا" وعرفه األستاذ مصطفي الزرقاء بأنه "اختصاص يقرر به الشرع‬
‫سلطة أو تكليفا" وعرفه األستاذ أحمد فهمي أبو سنة بأنه‪ :‬ما ثبت في الشرع لإلنسان‪ ،‬أو لله تعالى‬
‫– على الغير‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫أما فقهاء القانون المؤيدون لوجود الحق‪ ،‬فقد تجاذبتهم أربعة اتجاهات‪ .‬فاالتجاه األول نظر‬
‫إلى الحق من ناحية صاحبه وهذا هو االتجاه الشخصي ومضمونه "أن الحق فكرة أو سلطة إرادية‬
‫مخولة لشخص" واالتجاه الثاني نظر إلى الحق من ناحية موضوعه‪ ،‬وهذا هو المذهب الموضوعي‬
‫ومضمونه‪ ،‬أن الحق مصلحة يحميها القانون‪ ،‬واالتجاه الثالث كان وسيطا بين المذهب الشخصي‬
‫والموضوعي‪ ،‬ويسمى بالمذهب المختلط ومضمونه أن الحق سلطة إرادية تثبت للشخص تحقيقا‬
‫لمصلحة يحميها القانون‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫أما االتجاه الحديث فقد أبرز عناصر الحق وخصائصه المميزة وصاحب االتجاه الحديث في‬
‫تعريف الحق هو الفقيه البلجيكي "دابان"‬

‫( ‪ )1‬انظر د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬لوسيط في شرح مقدمة القانون المدنيـ النظرية العامة للحق‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬
‫‪7930‬م‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬المدخل لعلوم القانونية‪ ،‬ص‪.493‬‬
‫د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل لعلوم القانونية‪ ،‬ص‪.439‬‬
‫(‪ )2‬ارجع في ذلك د‪ .‬محمود محمد طنطاوي‪ ،‬ص‪.393‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬همام محمد محمود‪ ،‬د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬أإلسكندرية‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ‪ ،‬ص‪.737‬‬
‫‪764‬‬
‫واذا كان المقام هنا ال يتسع لعرض واف لهذه المذاهب في تعريف الحق‪ ،‬فال بأس من‬
‫الحديث عنها بإيجاز غير مخل‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫المذاهب المختلفة في تعريف الحق‬
‫أوال‪ :‬المذهب الشخصي‬
‫وسمي هذا المذهب أيضا بمذهب اإلرادة ومن أبرز أنصاره الفقيه اإليطالي سافيني‪ ،‬وفينر‬
‫شايد‪ ،‬وجيرك‪.‬‬

‫أي أن إرادة صاحب الحق هي‬ ‫(‪)1‬‬


‫ويعرف أنصار هذا الحق بالنظر له من خالل صاحبه‪،‬‬
‫العنصر الجوهري "فيه" فيعرف الحق وفقا لهذا المذهب بأنه قدرة أو سلطة إرادية يخولها القانون‬
‫للشخص"‪ .‬ذلك أن القانون في تضمينه لعالقات األفراد إنما يحدد كل شخص نطاقا محددا تعمل‬
‫فيه إرادته‪ ،‬وفي هذا النطاق يوجد الحق‪ .‬ووفقا لذلك فأن حق الملكية هو السلطة اإلرادية للشخص‬
‫في استعمال الشيء واستغالله والتصرف فيه‪.‬‬

‫وقد تعرضت النظرية التقليدية" المذهب الشخصي" إلى انتقادات أبرزها يتمثل في إنكار‬
‫الحقوق لمعدومي األهلية "المجنون والصغير وغير المميز"‪ ،‬باعتبارهم معدومي اإلرادة في حين‬
‫يقرر الواقع لهم حقوقا ال يمكن نكرانها‪ ،‬كما أن ربط الحق باإلرادة ال يفسر الحقوق التي لألشخاص‬
‫االعتبارية‪ ،‬كما أن الحق قد ثبت للشخص دون علمه أو دون تدخل أرادته كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للغائب‪ ،‬أو بالنسبة للوارث‪ ،‬الذي ثبت له حقوق في تركة مورثه دون تدخل إرادته بمجرد وفاة‬
‫المورث‪.‬‬

‫كما عيب على هذا المذهب أيضا أنه قد خلط بين وجود الحق وبين استعماله أو مباشرته‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فالحق كما رأيناه يوجد ولو دون تدخل من اإلرادة أما مباشرته فال تكون إال عن طريق اإلرادة‬
‫وقد تزعم هذه االنتقادات الفقيه "اهرنج"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المذهب الموضوعي‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل لعلوم القانون‪ ،‬ص‪.497‬‬


‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬ص‪.797‬‬
‫د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬ص‪.792‬‬
‫‪760‬‬
‫نادي بهذا المذهب الفقيه األلماني "اهرنج" الذي أنكر دور اإلرادة في وجود الحق وينظر‬
‫أنصار هذا المذهب إلى الحق من خالل موضوعه‪ ،‬لذلك عرفوا الحق بأنه "مصلحة يحميها‬
‫القانون" ووفقا لهذه النظرية يقوم تعريف الحق على عنصرين‪ :‬أولهما وهو العنصر الجوهري يتصل‬
‫بالغاية العملية من الحق وهي المنفعة أو الفائدة التي يخولها الحق وهي ما يسمي بعنصر‬
‫المصلحة‪ ،‬وثانيهما‪ ،‬وهو العنصر الشكلي‪ ،‬يتصل بالحماية أي حماية هذا الغرض بالذات فلكل‬
‫حق "مصلحة" ال بد له من عنصر الحماية حتى يكفل احترام المصلحة التي يهدف إلى تحقيقها‪.‬‬
‫والمصلحة قد تكون مادية مثل حق الملكية أو مصلحة معنوية كالحرية‬ ‫وهذا العنصر هو الدعوى‬
‫(‪)1‬‬

‫والشرف‪.‬‬

‫وبالرغم من إنكار هذه النظرية قيام الحق على اإلرادة‪ ،‬إال إنها هي األخرى كانت هدفا‬
‫لالنتقادات وأول نقد وجه لها اعتبارها المصلحة معيار لوجود الحق بينما هي ليست كذلك دائما‪.‬‬
‫والنقد اآلخر أنها تجعل من الحماية القانونية أو الدعوى عنص ار من عناصر الحق رغم أن الحماية‬
‫تالية لوجود الحق ونشأته‪ .‬وأخير أخذ على تعريفها للحق بأن هناك مصالح ال ترتفع إلى مرتبة‬
‫الحقوق ومن ناحية أخرى يمكن أن يكون الحق ثابتا لشخص من األشخاص‪ ،‬في الوقت الذي تكون‬
‫فيه اإلفادة مما يمثله من مصلحة لشخص آخر غيره مما يدل على أن الحق ليس هو المصلحة‬
‫(‪)2‬‬
‫واال ثبت الحق لهذا الشخص األخير دون الشخص األول‪.‬‬

‫ثالث‪ :‬المذهب المختلط‬


‫تالفيا لالنتقادات التي تعرض لهما المذهب الشخصي والمذهب الموضوعي‪ ،‬يجمع هذا‬
‫المذهب في تعريف الحق بين عنصري اإلرادة والمصلحة فينظر أنصاره إلى الحق من ناحية‬
‫صاحبة فيرون فيه عنصر اإلرادة ومن ناحية موضوعه فيرون في عنصر المصلحة‪ ،‬ولكن أنصاره‬
‫مختلفين فيما بينهم من تغليب أحد العنصرين وتقديمه على اآلخر‪.‬‬

‫فالذين يغلبون دور اإلرادة على دور المصلحة عرفوا الحق بأنه "هو القدرة اإلرادية المعطاة‬
‫لشخص من األشخاص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون"‪ .‬أما الذين غلبوا دور المصلحة‬
‫على دور اإلرادة عرفوا الحق بأنه "المصلحة التي يحميها القانون وتقوم على تحقيقها والدفاع عنها‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬المدخل لعلوم القانون ‪ ،‬ص‪.440‬‬


‫جميل الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.494‬‬
‫د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫‪766‬‬
‫قدرة إ اردية معينة" وهذه النظرية لم تسلم من سهام النقد هي األخرى‪ ،‬ووجهت إليها االنتقادات التي‬
‫وجهت إلى المذهبين السابقين كونها تقوم على أساس الجمع بينهما‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬النظرية الحديثة‬


‫تنسب هذه النظرية إلى الفقيه البلجيكي "دابان ‪ "Dabain‬الذي عرف الحق بأنه "ميزة يمنحها‬
‫القانون لشخص ما وتحميها طرق قانونية‪ ،‬وبمقتضاها يتصرف الشخص في مال أقر القانون‬
‫وقد استمد دابان هذا‬ ‫(‪)1‬‬
‫استئثاره به وتسلطه عليه بصفته مالكا له أو مستحقا له في ذمة الغير"‬
‫التعريف من خصائص الحق أو عناصره األساسية وهي‪ :‬االستئثار‪ ،‬والتسلط‪ ،‬واحترام الغير للحق‬
‫والحماية القانونية‪.‬‬
‫‪ – 7‬االستئثار‪ :‬أي اختصاص شخص بمال معين‪ .‬فكل حق يفترض اختصاص شخص‬
‫بمال معين أو قيمة معينة‪ .‬واالستئثار يثبت لصاحب الحق ولو لم تتوافر لديه اإلرادة المعتبرة‬
‫قانونا‪ .‬واالستئثار يرد على األشياء المادية كالعقار والمنقول‪ ،‬كما يرد على القيم اللصيقة‬
‫بالشخصية كحياة اإلنسان وسالمة بدنه‪ ،‬بل أنه يرد على عمل أو امتناع عن عمل يلتزم به للغير‬
‫( ‪)2‬‬
‫لصاحب الحق‪.‬‬
‫‪ – 3‬التسلط ‪ :‬أي قدرة صاحب الحق على التصرف في الشيء موضوع الحق بحرية‬
‫وبالكيفية والحدود التي رسمها القانون‪.‬‬

‫‪ – 3‬احترام الغير للحق‬


‫بضيف دابان عنصر ثالث هو احترام الغير للحق‪ ،‬ويقصد بالغير هنا‪ ،‬كافة األشخاص في‬
‫المجتمع‪ ،‬يلتزمون في االمتناع عن كل ما من شأنه المساس باستئثار صاحب الحق وتسلطه عليه‪.‬‬
‫ولصاحب الحق دائما أن يطالب باحترامه وعدم االعتداء عليه وهذا ما يسميه دابان بمكنة‬
‫االقتضاء‪.‬‬

‫‪ – 4‬الحماية القانونية‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬ص‪.360‬‬


‫د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬ص‪ . 447‬قام بتحليل الحق الق عناصر أو عرفه بأنه تلك الرابطة القانونية التي بمقتضاها يحول‬
‫القانون شخصا على سبيل اإلنف ارد االستئثار التسلط على شيء أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر‪.‬‬
‫تعريف دابان "الحق عبارة عن انتماء شيء إلى شخص انتماء يحميه القانون"‪.‬‬
‫ويورد األستاذان د‪ .‬عباس الصراف وجورج حزبون‪ ،‬اعتراض على تعريف دابان من الناحية اللفظية والموضوعية‪.‬‬
‫انظر مؤلفهما‪ ،‬ص‪ 733‬حيث يعرفان الحق بأنه "اختصاص يقره القانون"‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬ص‪.363‬‬
‫‪761‬‬
‫الحماية القانونية هي العنصر األخير من عناصر الحق‪ .‬حيث يرى دايان أن الحق ال يوجد‬
‫في نطاق القانون الوضعي إال بتوافر هذه الحماية‪ ،‬وذلك بأن يخول صاحب الحق دعوى يستطيع‬
‫بها أن يقتضي احترام الغير لحقه‪ .‬فالشخص ال يستطيع الوصول إلى حقه بيده‪ ،‬بل ال بد من‬
‫تدخل السلطة العامة‪.‬‬

‫أن الفقه الحديث يتجه إلى مسايرة نظرية "دابان" بل لقد تأثر الشراح العرب المعاصرين ممن‬
‫كتبوا في المدخل إلى علم القانون بتعريف دايان ومن جانبنا نرى أن تعريف دابان اقرب التعريفات‬
‫داللة على جوهر الحق وقد أخذت به عمليا الكثير من القوانين الحديثة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫تعريف الحق في القانون اليمني‬

‫عرفت المادة (‪ ) 739‬مدني يمني الحق بقولها "الحق هو مصلحة ثابتة للفرد أو للمجتمع‬
‫ولهما معا مادية أو معنية ويقرها الشرع واذا تعلق الحق بمال فهو سلطة يكون للشخص بمقتضاها‬
‫التصرف في هذا المال واالنتفاع به واستعماله واستغالله طبقا للقانون وكل حق يقابله واجب يلتزم‬
‫بأدائه من عليه الحق‪:‬‬

‫ويتضح من التعريف أعاله ما يلي‪:‬‬


‫‪ -7‬يتفق التعريف أعاله مع تعريف "اهرنج" للحق "المذهب الموضوعي" حيث عرف الحق بأنه‬
‫وهذه المصلحة قد تكون للفرد أو للمجتمع أو لهما معا‪ .‬ومثال المصلحة التي‬ ‫( ‪)1‬‬
‫مصلحة‬
‫تثبت للفرد حقه في ملكية شيء معين ‪ ،‬ومنزل أو سيارة‪...‬إلخ‪.‬‬

‫والمصلحة التي تثبت للمجتمع ككل احتكار الدولة وحدها حق التنقيب عن المعادن المادة‬
‫"‪ "7396‬مدني يمني‪ ،‬أما المصلحة التي تثبت للفرد والمجتمع في آن واحد كحق القصاص من‬
‫القاتل عمدا وفي ذلك يقول الله تعالي‪" :‬ولكم في القصاص حياة يا أولي األلباب لعلكم تتقون"‪.‬‬

‫‪ -3‬المصلحة قد تكون مادية كحق الملكية‪ ،‬أو مصلحة معنوية كحق المؤلف في نشر عمله أو‬
‫حق إبداء الرأي‪.‬‬
‫ليست كل مصلحة مادية أو معنوية تعد حقا‪ ،‬ولكن المصلحة التي تعتبر حقا هي المصلحة‬ ‫‪-9‬‬
‫فإذا أقر الشرع مصلحة ما اعتبرت حقا وبالتالي يكفل لها المصلحة‬ ‫(‪)1‬‬
‫التي يقرها الشرع‬
‫المقررة‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المدخل لدراسة القانون اليمني‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬نظرية الحق‪ ،،7992 ،‬ص‪.3‬‬
‫‪763‬‬
‫‪ -4‬إذا تعلق الحق بمال معين‪ ،‬فأن هذا الحق يمنح صاحبه سلطة معينة في االستفادة في هذا‬
‫المال‪ ،‬وه ذه السلطات تختلف اتساعا وضيقا حسب نوع الحق وطبيعته‪ ،‬فحق الملكية أوسع‬
‫من حق االنتفاع‪ ،‬فاألخير ال يخول صاحبه إال سلطتي االستعمال واالستغالل دون‬
‫التصرف‪ ،‬بينما حق الملكية يخوله إضافة إلى سلطتي االستغالل واالستعمال سلطة‬
‫التصرف بالمال‪.‬‬
‫‪ -0‬أن الشرع حينما يقرر حقا إلنسان ينشئ في نفس الوقت واجبا مقر ار على غيره من الناس‬
‫نحو هذا الحق‪ .‬وهذا الواجب هو احترام هذا الحق في نطاق الحدود المرسومة له‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫أنواع الحقوق‬
‫تمهيد‬

‫تنقسم الحقوق بعامة إلى حقوق سياسة وحقوق مدنية‪ .‬وتنقسم الحقوق المدنية إلى حقوق‬
‫عامة وحقوق خاصة‪ .‬وتنقسم الحقوق الخاص إلى حقوق أسرة وحقوق مالية وتنقسم الحقوق المالية‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى حقوق عينية وحقوق شخصية وحقوق معنوية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬للحقوق السياسية‬


‫هي الحقوق التي يقررها القانون للشخص بوصفه منتميا إلى بلد معين‪ ،‬حتى يتمكن من‬
‫االشتراك واإلسهام في حكم البالد وادارتها‪ ،‬كحق االنتخاب والترشيح أو حق تولي الوظائف‬
‫وهذه الحقوق ال تمنح لألجانب‪ ،‬كما أنها ليست سوى وظائف سياسية أي أنها حقوق لها‬ ‫العامة‪،‬‬
‫(‪)3‬‬

‫(‪ )1‬تختلف نظرة الشريعة اإلسالمية إلى الحق عن نظرة القانون الوضعي‪ ،‬فشريعة الله سبحانه وتعالى هي المصدر‬
‫لكل حق‪ ،‬أما القوانين الوضعي فمصدر الحقوق عندها هو القانون‪ .‬ونالحظ أن المشرع اليمني استخدم لفظ‬
‫"الشرع" بدال من لفظ القانون‪ ،‬وربما كان مرد ذلك إلى أن القانون المدني اليمني ما هو إال تقنين ألحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وبالتالي فالحقوق التي يقرها الشرع هي ذاتها التي اقرها القانون المدني المأخوذة عن الشريعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫(‪ )2‬هناك من يقسم الحقوق إلى حقوق مالية وحقوق مؤجلة أو مستقبلية‪ ،‬وحقوق شرطية وحقوق احتمالية أيضا‬
‫وحقوق مقيدة وحقوق مطلقة‪ ،‬وحقوق دولية وداخلية‪ ،‬انظر حسن كيرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.440‬‬
‫(‪ )3‬انظر المحامي د‪ .‬صبحي المحمصاني‪ ،‬أركام حقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار المعلم للماليين‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪7919‬م‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪769‬‬
‫وظيفة اجتماعية تتمثل في حماية المصالح السياسية للجماعة ولممارسة الحقوق السياسية شروط‬
‫(‪)1‬‬
‫خاصة يقررها الدستور والقوانين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحقوق المدنية‬


‫ويطلق عليها أيضا الحقوق غير السياسية كونها تثبت لألفراد خارج النطاق السياسي وتهدف‬
‫إلى تحقيق مصالحهم الشخصية بوصفهم أعضاء في المجتمع اإلنساني بصرف النظر عن‬
‫(‪)2‬‬
‫جنسيتهم سواء كانون من الوطنين أم من األجانب‪.‬‬
‫والحقوق المدنية تنقسم إلى حقوق عامة وحقوق خاصة‪:‬‬
‫أ – الحقوق العامة‬
‫ال غنى له عنها ولذا‬ ‫(‪)3‬‬
‫هي الحقوق التي تثبت للشخص بمجرد وجوده أي لكونه إنسانا‬
‫يطلق عليها الحقوق اللصيقة بالشخصية أو الحقوق الشخصية‪ ،‬والحقوق العامة على أنواع ثالثة‪،‬‬
‫يتصل كل نوع منها بجانب من جوانب شخصية اإلنسان‪.‬‬
‫فمن النوع األول حق الشخص في الحياة وفي سالمة جسمه وأعضائه‪ ،‬أما النوع الثاني وهو‬
‫وأما النوع الثالث‬ ‫ما يتعلق بحماية الكيان األدبي أو المعنوي للشخص‪ ،‬كالسمعة والشرف‪...‬إلخ‬
‫(‪)4‬‬

‫فيهدف إلى تمكين الشخص من مزاولة نشاطه وهذه هي الحريات الشخصية‪ ،‬كحرية العمل وحرية‬
‫التملك وحرية السكن وحرية المراسالت‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وتتميز الحقوق العامة بالخصائص التالية‪:‬‬
‫ال يجوز التصرف فيها بأي وجه من وجوه التصرف‪ ،‬سواء كان بمقابل أو بدونه فهذه‬ ‫‪-7‬‬
‫األنواع من الحقوق لصيقة بشخصية صاحبها‪ .‬ولهذا نص القانون المدني اليمني في المادة‬

‫د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬ص‪ ،327‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫( ‪ )1‬انظر المادة ‪ 69‬دستور الجمهورية اليمنية‪ ،‬والمواد ‪ 6 ،0 ،4 ،9‬في القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪7993‬م بشأن‬
‫االنتخابات العامة‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة ‪" 3322‬ألف" المؤرخ في‬
‫‪ 76‬ديسمبر ‪7966‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬ارجع في ذلك موريس كرنستون‪ ،‬حقوق اإلنسان ما هي‪ ،‬بيروت‪7919 ،‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫الصدة‪.979 ،‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )4‬انظر د‪ .‬أنور سليم‪ ،‬ص‪ ،731‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ )5‬انظر د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.333‬‬
‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.932‬‬
‫د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.437‬‬
‫‪712‬‬
‫"‪ "41‬على أنه "ليس ألحد التنازل علن أهليته وال التعديل من إحكامها كما أنه ليس ألحد‬
‫التنازل عن حريته الشخصية"‪.‬‬
‫‪ -3‬الحقوق الشخصية ال تنتقل بالميراث أو الوصية‪ ،‬بل تنقضي بمجرد وفاة صاحبها‪ ،‬كونها‬
‫مرتبطة بشخص اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -9‬الحقوق الشخصية ال يرد عليها التقادم‪ ،‬فعدم استخ دام شخص لحقه في العمل أو في إبداء‬
‫الرأي ال يؤدي إلى سقوط هذا الحق مهما طالت مدة عدم ممارسته له‪.‬‬
‫‪ -4‬االعتداء على الحقوق العامة ينشئ لصاحبها الحق في التعويض فعلى الرغم من عدم ثبوت‬
‫الصفة المالية للحقوق العامة‪ ،‬فأن ذلك ال يحول دون ثبوت الحق في التعويض عن كل‬
‫اعتداء يقع على حق من الحقوق اللصيقة بالشخصية‪ .‬وقد نصت المادة (‪ )49‬أيضا على‬
‫أنه لكل من نازعه غيره في استعمال أسمه بال مبرر أو انتحال الغير اسمه دون حق أن‬
‫يطلب وقف هذا االعتداء مع التعويض عما لحقه من ضرر‪".‬‬
‫ب – الحقوق الخاصة‬
‫هذه الحقوق تقررها فروع القانون الخاص المختلفة وبالذات القانون المدني وهي تنقسم إلى‬
‫قسمين‪ :‬حقوق األسرة والحقوق المالية‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ – 6‬حقوق األسرة‬
‫وهي الحقوق التي تثبت للشخص بوصفه عضوا في أسرة معينة‪ ،‬وتعطي له السلطات في‬
‫مواجهة عضو آخر فيها تربطه به رابطة قرابة أو زواج‪ ،‬ومثالها حقوق األب على أبنائه‪ ،‬وحقوق‬
‫اإلباء على األبناء‪ ،‬وحقوق الزوج على زوجته‪ ،‬وحقوق الزوجة على زوجها‪.‬‬
‫واذا كانت أغلب الحقوق التي تنبثق عن الزواج والقرابة هي حقوق أدبية فالشك أن بعض‬
‫تلك الحقوق هي حقوق مالية كحق الزوجة في النفقة‪ ،‬الحق في اإلرث إال أن الصفة العامة لحقوق‬
‫األسرة أنها حقوق غير مالية ولهذا فأنها تخرج عن دائرة التعامل‪ ،‬فال يصح نقلها إلى الغير بالتنازل‬
‫أو التصرف فيها‪ .‬كما أن هذه القوانين تخضع لقوانين األحوال الشخصية التي تستمد أحكامها من‬
‫الشريعة اإلسالمية كما هو الحال في قانون األحوال الشخصية في الجمهورية اليمنية رقم ‪ 32‬لسنة‬
‫‪7993‬م‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمد سعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.720‬‬


‫د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.310‬‬
‫د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.739-733‬‬
‫د‪ .‬عدنان جاموس‪ ،‬المدخل إلى العلوم القانونية‪،‬الطبعة الثانية‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪7993-7997 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.739‬‬
‫‪717‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ – 2‬الحقوق المالية‬
‫الحقوق المالية هي التي يمكن تقويم محل الحق فيها بالنقود‪ .‬والحقوق المالية قد ترد على‬
‫شيء مادي كالعقارات والمنقوالت بأنواعها المختلف‪ ،‬وقد ترد على عمل يلتزم شخص معين بالقانون‬
‫به‪ ،‬كالتزام العامل أو الطبيب أو المهندس‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وتسمى هذه الحقوق بحقوق الذمة المالية ألنها تكون الجانب االيجابي للذمة المالية‬
‫للشخص‪ .‬وتنقسم الحقوق المالية إلى حقوق شخصية وحقوق عينية‪ ،‬وهذا ما نصت عيه المادة‬
‫(‪ )734‬من القانون المدني اليمني‪ .‬والحق العيني محله شيء مادي كحق الملكية‪ ،‬أما الحق‬
‫الشخصي فهو سلطة مقررة لشخص قبل شخص آخر‪ ،‬بمقتضاها يستطيع األول أن يجبر الثاني‬
‫على أداء العمل الذي التزم به بأدائه‪.‬‬

‫واضافة لهذين النوعين من الحقوق‪ ،‬يوجد نوع ثالث من الحقوق يكفلها القانون وهي الحقوق‬
‫الفكرية كحق المؤلف أو المخترع والمكتشف المادة ‪ 731‬في القانون المدني اليمني‪ ،‬وتنظيم هذا‬
‫النوع من الحقوق قانون خاص بها هو القانون رقم ‪ 72‬لسنة ‪7994‬م بشأن الحق الفكري‪ .‬وهذه هي‬
‫الحقوق التي تكون مناط بحثنا على النحو التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحقوق الشخصية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحقوق العينية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الحقوق المعنوية "الحق الفكري"‬

‫المبحث األول‬
‫الحقوق الشخصية‬
‫بأنه السلطة الناجمة عن العالقة القانونية والمقررة لشخص تجاه‬ ‫يعرف الحق الشخصي‬
‫( ‪)2‬‬

‫آخر‪ ،‬تخول األول وهو – الدائن – أن يجبر الثاني وهو – المدين – أن يعطيه شيئا‪ ،‬أو أن يقوم‬
‫له بعمل‪ ،‬أو أن يمتنع عن عمل أو أداء خدمة‪ ،‬كحقوق المشتري تجاه البائع‪ ،‬وهو حق شخصي‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.939‬‬


‫د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫د‪ .‬محمد سعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.726‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عبد المجيد الحكيم‪ ،‬الكافي في شرح القانون المدني األردني والعراقي واليمني في االلتزامات والحقوق‬
‫الشخصية‪ ،‬جذ‪ ،‬ط‪7999 ،7‬م‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫انظر د‪ .‬عدنان الجاموس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.730‬‬
‫‪713‬‬
‫على البائع يتعلق بتسليم المبيع‪ ،‬وحق الموكل على المحامي‪ ،‬القيام بعمل وهو الدفاع عن موكله‪،‬‬
‫وحق التاجر على زميله الذي يتعهد بأال يفتح محال تجاريا بالقرب منه االمتناع عن القيام بعمل‪.‬‬
‫والحق الشخصي يسمى حقا إذا نظرنا إليه من جانب الدائن‪ ،‬أما إذا نظرنا إليه من جانب‬
‫(‪)1‬‬
‫المدين فأنه يسمى دينا أو التزاما فالحق الشخصي وااللتزام وجهان لعملة واحدة‪.‬‬
‫ويظهر الحق الشخصي في ذمة الدائن كعنصر إيجابي‪ ،‬ويقابله التزام يظهر في ذمة المدين‬
‫كعنصر سلبيا‪ ،‬ومن ثم تجتمع في الحق الشخصي عناصر ثالثة هي صاحب الحق وهو الدائن‬
‫ا‬
‫ومن عليه الحق وهو المدني‪ ،‬ومحل الحق وهو األداء الواجب على المدين‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫والحقوق الشخصية ال يمكن حضرها‪ ،‬فهي تتنوع بحسب نوع األداء الذي يلتزم به المدين‪.‬‬
‫ولكن مهما تعددت صور الحق الشخصي فهي لن تخرج عن األنواع الثالثة التي ذكرناها‪ .‬وهي‬
‫إعطاء شيء أو القيام بعمل‪ ،‬أما الحقوق العينية فقد وردت في القانون على سبيل الحصر‪.‬‬
‫وقد حدد المشرع اليمني في القانون المدني مصادر الحقوق حيث ردت المادة ‪7733‬‬
‫المصادر األساسية إلى ثالث أسباب‪ ،‬هي التصرف اإل اردي‪ ،‬والفعل المجرد‪ ،‬والواقعة‪.‬‬

‫والتصرف اإلرادي أو العمل القانوني يتفرع منه العقد واإلرادة المنفردة‪ ،‬المادة ‪ 739‬والفعل‬
‫المجرد‪ ،‬ويتفرع عنه العمل الضار والفعل النافع وااللتصاق المادة ‪.792‬‬
‫وأخي ار الواقعة (وهي أمر حاصل بالفعل سواء أراده اإلنسان أم لم يرده ولكن القانون يرتب‬
‫عليه حقوقا لإلنسان أو عليه‪ ،‬وذلك كميالد اإلنسان وموته ونسبه وشيوع الملك والجوار فيه وكون‬
‫اإلنسان موظفا في الحكومة أو عامال لدى آخر وغير ذلك من العالقات العامة أو الخاصة‬
‫(المادةة‪.)797‬‬
‫واذا كان كل من االلتزام والحق الشخصي‪ ،‬كما رأينا وجه لشيء واحد هو الرابطة القانونية‪،‬‬
‫إال أننا نالحظ أن االلتزام شاع استخدامه بوصفه مصطلحا‪ ،‬فيقال نظرية االلتزام وال يقال (نظرية‬
‫الحق الشخصي) ومعظم القوانين تستخدم المصطلح األول باستثناء المشرعين اليمني واألردني‬
‫اللذين استخدما اصطالح مصادر الحقوق كما أن العالمة السنهوري سمى كتابه عن الفقه‬
‫(‪)3‬‬
‫اإلسالمي (مصادر الحق) ولم يسميه مصادر االلتزام‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫(‪ )1‬يرى د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬و د‪ .‬جورج حزبون أن هناك فارق كبير بين اصطالح الحق الشخصي واصطالح‬
‫االلتزام وأن كثير من الفقهاء يغفل عن هذا الفارق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.000‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬عبد المجيد الحكيم‪ ، .02/‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪719‬‬
‫الحقوق العينية‬
‫(‪)1‬‬
‫يعرف الحق العيني بأنه اختصاص الشخص بمال معين اختصاصا مباش ار يقره القانون‬
‫ويتميز الحق العيني بأنه يرد على شيء مادي معين بالذات‪ ،‬لذا كان على صاحبه أن يستعمل‬
‫حقه دون حاجة إلى وساطة شخص آخر‪.‬‬

‫فصاحب حق الملكية يمارس سلطة مطلقة على الشيء الذي يملكه ويتمتع بامتياز فردي‬
‫مطلق عليه يخول له استعمال الشيء الذي يملكه واستغالله والتصرف به بالطريقة التي يجد فيها‬
‫( ‪)2‬‬
‫أنها تحقق له أكبر قدر ممكن من االستفادة واالنتفاع من مميزات هذا الشيء المتاحة فيه‪.‬‬

‫ونصت المادة (‪ )734‬مدني يمني على أن الحقوق العينية هي ما كان لإلنسان من حقوق‬
‫في مال بعينه ويتضح من النص أن محل الحق العيني شيء من األشياء وليس عمال يقوم به‬
‫شخص كما هو الحال بالنسبة للحق الشخصي‪.‬‬
‫ووفقا لنص المادة (‪ )730‬مدني يمكن تنقسم للحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق‬
‫عينية تبعية‪.‬‬
‫والحقوق العينين األصلية هي الحقوق التي تنشأ لذاتها غير تابعة لحق آخر وتزول‬
‫بالتصرف فيها تبعا لزوال حق آخر‪.‬‬
‫أما الحقوق العينية التبعية هي الحقول التي تنشأ لضمان حق تعلق بالذمة وتزول بزوال‬
‫الحق الذي تضمنته وقد تزول بنفسها‪.‬‬
‫المطلب األول‬

‫الحقوق العينية األصلية‬

‫وهي الحقوق التي تنشأ لذاتها غير تابعة لحق آخر‪ ،‬وقد حدد المشرع اليمني هذه الحقوق في‬
‫المادة (‪ )730‬من القانون المدني وهي "حق الملكية وما يتفرع عنها من حقوق وفي حق تملك‬
‫الرقبة وحق االنتفاع وحق االستعمال وحق االستغالل وحقوق االرتفاق كحق المرور وحق الشرب‬
‫وحق صرف المياه‪.‬‬

‫(‪)1‬انظر د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.797‬‬


‫انظر التعريف السائد في الفقه للحق العيني هو ا‪،‬ه يخول لصاحبه السلطات القانونية مباشرة على شيء مادي‬
‫"جسن كيرة"‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬ص‪ . 409‬ويعرفه د‪ .‬عبد المنعم فرج الصدة‪ ،‬بأنه حق يتمثل في سلطة‬
‫لشخص تنصب مباشرة على شيء معين‪ ،‬ص‪.739‬‬
‫(‪ )2‬انظر محمد محمود عبد الله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.394‬‬
‫‪714‬‬
‫‪ – 6‬حق الملكية‬

‫يعد حق الملكية أوسع الحقوق من حيث السلطات التي يمنحها للمالك‪ ،‬إذ أنه يخول له كل‬
‫وهذه السلطات الثالث التي‬ ‫(‪)1‬‬
‫السلطات على الشيء من حيث استعماله واستغالله والتصرف فيه‬
‫يمنحها القانون للمالك هي التي تتكون منها عناصر الملكية‪ .‬وقد نصت المادة (‪ )7767‬مدني‬
‫يمني بأن لمالك الشيء وحده وفي حدود القانون الشرعي حق االنتفاع به واستعماله واستغالله‬
‫(‪)2‬‬
‫والتصرف فيه‪.‬‬
‫سلطة االستعمال‪ :‬يقصد بها استعمال الشيء فيما أعد له وبما يتفق مع طبيعة الشيء‪ ،‬فإذا‬ ‫‪-7‬‬
‫كان الشيء منزال كان استعماله بسكناه‪ ،‬واستعمال األرض يكون بزراعتها‪.‬‬
‫‪ -3‬سلطة االستغالل‪ :‬ويقصد بها الحصول على ما يتولد عنه من ثماره كالحاصالت الزراعية أو‬
‫أجرة المباني أو إنتاج الماشية‪ ،‬أو فوائد السندات أو أرباح أسهم‪.‬‬
‫‪ -9‬سلطة التصرف‪ :‬والتصرف أما أن يكون ماديا وافناءه والقضاء على مادته أو تغييره تغيي ار‬
‫جوهريا بقلب وظيفته والغرض منه‪ .‬وأما أن يكون قانونيا بنقل السلطة الواردة على الشيء أو‬
‫بعضها إلى الغير بعوض أو بدون عوض مثل البيع والهبة‪.‬‬
‫وعنصر التصرف هو الذي يميز حق الملكية عن سائر الحقوق العينية عموما وعن باقي‬
‫الحقوق العينية األصلية بصفة خاصة ألن الحقوق العينية األخرى تنصب على عنصري االستعمال‬
‫واالستغالل أو أحدهما أو حتى بعض مظاهر االستعمال وال تعطي هذه الحقوق لصاحبها أي‬
‫سلطة تصرف في الشيء ذاته‪.‬‬
‫وحق الملكية في الفقه اإلسالمي‪ ،‬حق محترم معصوم‪ ،‬فال يجوز ألحد غير صاحبه أن‬
‫يتصرف فيه إال بإذن األخير وعصمة الملكية قاعدة مطلقة سوا في مواجهة سائر األفراد أو في‬
‫مواجهة الدولة‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع في حق الملكية بالتفصيل د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬الحقوق العينية والكفالة في القانون اليمني‪ ،‬مطبعة‬
‫التوفيق‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪ .73‬د‪ .‬محمد وحيد الدين سوار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫(‪ ) 2‬يجمع الفقه إجماعا مانعا بأن للمالك سلطات ثالث هي سلطة االستعمال واالستغالل والتصرف وبتوافر هذه‬
‫السلطات الثالث لشخص واحد تكون له الملكية الكاملة على الشيء‪ .‬لفظ المنفعة الوارد في النص يعني‬
‫االستعمال وهو اللفظ الشائع في القوانين العربية األخرى‪ .‬وقد ورد لفظ المنفعة في المادة (‪ )77‬من مرشد‬
‫الحيران "المل ك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفا مطلقا فيما يملكه عينا ومنفعة واستغالال وهو ذات‬
‫النص الوارد في المادة ‪ 93/77‬مصري قديم التي تنص على أن الملكية هي حق للمالك في االنتفاع بما‬
‫يملكه‪ ..‬والمشرع المصري أخذه من القانون المدني الفرنسي م(‪" )044‬الملكية هي حق المالك في االنتفاع" نقال‬
‫عن د‪ .‬محمد وحيد الدين سوار‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.331-336‬‬
‫‪710‬‬
‫والملكية أو الملك في تعريف القرافي "حكم شرعي مقرر في العين أو في المنفعة يقتضي‬
‫تمكين من يضاف إليه من أي ينتفع بالشيء وأن يأخذ العوض عنه‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ – 2‬حق االنتفاع‬
‫هو الحق الذي يثبت لشخص على شيء مملوك للغير‪ ،‬ويكون له بمقتضاه أن يستعمل‬
‫الشيء ويستغله دون التصرف فيه المادة (‪ )7931‬مدني يمني وحق االنتفاع يرد على ملك الغير‬
‫أي أنه ليس حقا عينيا مستقال ولذا يوصف بأنه حق عيني متفرع عن حق الملكية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وينتزع في حق االنتفاع عن المالك سلطتي االستعمال واالستغالل‪ ،‬وتبقى سلطة التصرف‬


‫وهو ما يعبر عنه في هذه الحالة بملكية الرقبة‪ ،‬تميي از لها عن الملكية الكاملة أو التامة التي تشمل‬
‫وحق االنتفاع حق مؤقت ينتهي بانقضاء المدة المحددة في سبب إنشائه أو تلف‬ ‫السلطات الثالث‬
‫( ‪)3‬‬

‫العين المنتفع بها أو تنازل المنتفع عن حقه‪ ،‬أو بحكم المحكمة بإنهائه لسوء االستعمال‪ ،‬أو اتحاد‬
‫صفتي المالك والمنتفع أو صفة المنتفع المادة ‪ 7994‬مدني يمني‪.‬‬

‫‪ – 3‬حق االستعمال وحق السكن‬

‫حق االستعمال هو حق عيني يخول لصاحبه استعمال الشيء بمقدار ما يحتاج إليه هو‬
‫وأسرته فقط‪.‬‬

‫أما حق السكن‪ ،‬فيخول لصاحبه حق سكن الدار فقط‪ ،‬أي ليس له االنتفاع بها لغير السكن‬
‫كاستخدامها ألي غرض آخر‪ ،‬المادة ‪ 7991‬مدني يمني‪.‬‬

‫واالستعمال قد يرد على عقار أو على منقول‪ ،‬أما حق السكن فأنه ال يرد إال على عقار‬
‫واكتساب حق االستعمال وحق السكن وانقضائهما يكون بذات الطرق‬ ‫( ‪)4‬‬
‫وبالذات على دار سكن‬
‫التي يكسب بها أو ينقضي حق االنتفاع المادة ‪ 7999‬مدني يمني‪.‬‬

‫‪ – 4‬حق القرار‬
‫وهو حق عيني عقاري متفرع عن حق الملكية ويعطي‬ ‫(‪) 1‬‬
‫ويسمى أيضا حق المساطحة‪،‬‬
‫صاحبه الحق في إقامة بناء أو غرس أرض الغير‪ ،‬ويكتسب باالتفاق (العقد) وينتقل بالميراث أو‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجاي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.396‬‬


‫(‪ )2‬ارجع د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.079‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،793‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،772‬د‪ .‬سعيد‬
‫عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.994‬‬
‫(‪ )4‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.993‬‬
‫‪716‬‬
‫الوصية‪ ،‬ويبين السند المنشئ للحق حقوق صاحبه والتزاماته‪ .‬كما يجوز تقرير حقوق االرتفاق على‬
‫حق القرار شريطة عدم تعارضها مع طبيعته ويملك صاحبه حق القرار ما يحدثه في األرض من‬
‫مبان أو أغراس‪.‬‬

‫وقد بينت المادة (‪ )7944‬مدني يمني األحوال التي ينتهي فيها حق القرار وهي‪:‬‬
‫‪ -7‬انتهاء المدة المتفق عليها‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا صار ملك العين لصاحب القرار أو العكس‪.‬‬
‫تخلف صاحب الحق عن أداء األجرة المتفق عليها مدة سنتين متتاليتين في الغراس أو لم‬ ‫‪-9‬‬
‫يتفق على غير ذلك‪.‬‬
‫كما نصت المادة (‪ )7940‬ع لى أنه (ال ينتهي حق القرار إذا زال البناء أو الغراس قبل المدة‬
‫المتفق عليها بل يبقى لحين انتهاء مدته)‪.‬‬

‫وعند انتهاء حق القرار تطبق على المباني والمنشآت والغ ارس األحكام الخاصة بذلك في باب‬
‫اإلجازة في الفصل الخاص بالزراعة المادة (‪.)7946‬‬

‫‪ – 5‬حق االرتفاق‬
‫تعرف المادة (‪ )7941‬مدني يمني حق االرتفاق بقولها (االرتفاق منفعة مقررة على عقار‬
‫تحد من انتفاع مالكه به لمصلحة عامة أو خاصة)‪.‬‬
‫أن‬ ‫ويكتب االرتفاق بإذن المالك أو بالتصرف الشرعي أو بالميراث أو بالعرف‪ ،‬كما يجوز‬
‫(‪)2‬‬

‫يرتب على مال عام إن كان ال يتعارض مع االستعمال المخصص لهذا المال المادة ‪ 7943‬ومن‬
‫أمثلة حق االرتفاق حق المرور وحق الطريق وحق الشرب وحق المجرى وحق المسيل‪.‬‬
‫وحق االرتفاق يختلف عن حق االنتفاع في أنه يرد دائما على عقار بينما حق االنتفاع قد‬
‫يرد على منقول أو عقار‪ .‬كما أن االرتفاق وحيث أنه مقر ار لصالح عقار ال لصالح شخص معين‬
‫فأنه ال ينقضي بتغير المالك‪.‬‬

‫والعقار الذي يصلح أن يكون محال لحق االرتفاق هو العقار بطبيعته أما العقار بالتخصيص‬
‫المادة (‪ )771‬مدني يمني فال يصلح أن يكون محال لحق االرتفاق مستقال عن العقار بطبيعته‪.‬‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 7940‬مدني يمني‪ ،‬المادة ‪ 7330‬مدني أردني‪ ،‬المادة ‪ 7336‬مدني عراقي والتي استثنت الغراس كمحل‬
‫للعقد المنشئ لحق المساطحة وال وجود لهذا الحق في القانون المدني المصري‪،‬‬
‫(‪ )2‬تقابل المادة ‪ 7270‬مدني مصري‪.‬‬
‫‪711‬‬
‫ويطلق على العقار المثقل باالرتفاق أي العقار المرفق به اصطالح (العقار الخادم) ويطلق‬
‫(‪)1‬‬
‫على العقار المقرر لفائدته اصطالح (العقار المخدوم)‪.‬‬

‫وهناك عدة تقسيمات لحقوق االرتفاق‪ :‬ارتفاقات مستمرة‪ ،‬وارتفاقات غير مستمرة‪ ،‬وارتفاقات‬
‫وقد ينتهي حق االرتفاق بصفة جزئية في‬ ‫(‪)2‬‬
‫ظاهرة وأخرى غير ظاهرة‪ ،‬ارتفاق إيجابي وارتفاق سلبي‬
‫حالة تجزئة العقار المرفق أو المرفق به‪ ،‬كما ينتهي كذلك بانتهاء أجله أو بزوال محله أو باتحاد‬
‫الذمة أو بتعذر استعماله‪ ،‬أو بتنازل صاحبه أو بزوال الفائدة منه المادة (‪ )7906‬مدني يمني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫الحقوق العينية التبعية‬

‫الحقوق العينية هي الحقوق التي ال توجد مستقلة بذاتها‪ ،‬وانما تكون تابعة لحق شخص‬
‫تضمن الوفاء به‪ .‬ولهذا سميت بالتأمينات العينية وذلك لتمييزها عن التأمينات الشخصية‪ ،‬ويتمثل‬
‫التأمين الشخصي في ضم ذمة أو أكثر إلى ذمة المدين األصلي لضمان الوفاء بحق المدين‪ ،‬إذ‬
‫يلتزم شخص آخر بالدين مع المدين‪ ،‬فيصبح أمام الدائن مدينان أو أكثر بدال من دائن واحد‪،‬‬
‫بحيث يستطيع أن يرجع عليهم مجتمعين أو على أحدهم الستيفاء كامل حقه والكفالة هي أهم أنواع‬
‫التأمينات الشخصية وينظم المشرع اليمني الكفالة في الكتاب الثالث الخاص بالعقود المسماة‪،‬‬
‫وخصص لها الباب الثاني من القسم الثالث والخامس بعقود الضمان "الوثيقة" المواد ‪ 7299‬إلى‬
‫ودراسة التأمينات الشخصية تخرج عن دراستنا‪،‬‬ ‫‪ 7260‬أي أنه وصفها كذلك من العقود المسماة‬
‫(‪)3‬‬

‫باعتبار أن دراستنا ترد ضمن النظرية العامة لاللتزام‪.‬‬


‫ولذا تقتصر دراستنا على الحقوق العينية التبعية "التأمينات العينية"‬

‫سبق القول بأن الحقوق العينية التبعية ال يمكن أن توجد بصورة مستقلة‪ ،‬وانما هي حقوق‬
‫متعلقة بحق أصلي آخر ترتكز عليه‪ ،‬وقد سميت عينية ألنها تخول الدائن سلطة مباشرة على مال‬
‫معين من أموال المدين وسميت تبعية ألنها ال تقوم مستقلة بنفسها‪ ،‬إنما تقوم مستندة أو تابعة لحق‬
‫شخصي لضمان الوفاء به‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.942‬‬


‫د‪ . .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.047‬‬
‫د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.799‬‬
‫(‪ )2‬ارجع في ذلك د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.010‬‬
‫(‪ )3‬ارجع د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.976‬‬
‫د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.741‬‬
‫‪713‬‬
‫وهذه الحقوق تؤمن أصحابها ضد مخاطر إعسار المدين وتجنبهم مزاحمة الدائنين العاديين‬
‫أو الدائنين التالين لهم في المرتبة وما قد يتعرضون له من اقتسام أموال المدين قسمة غرماء أي‬
‫وتتنوع الحقوق العينية التبعية بحسب مصدرها أنواعا ثالثة‪ :‬حق الرهن وحق‬ ‫(‪)1‬‬
‫بنسبة دين كل منهم‬
‫االختصاص وحق االمتياز‪ .‬األول يتقرر بمقتضى عقد من العقود والثاني بأمر القضاء والثالث‬
‫( ‪)2‬‬
‫بنص في القانون‪.‬‬

‫وتختلف الحقوق العينية باختالف القوانين(‪.)3‬‬


‫الرهن‪:‬‬
‫الرهن في اللغة الحبس‪ ،‬وهو شرعا حبس شيء بحق الستيفاء الحق من ذلك الشيء‪،‬‬
‫والغرض منه هو التوثق من الوفاء بالحق‪ ،‬ودليل مشروعيته النص لقوله تعالى‪" :‬وان كنتم على‬
‫سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة" ولما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها‪ :‬أن النبي‬
‫عليه الصالة والسالم "اشترى طعاما من يهودي يقال له أبو الشحم ورهن درعه عليه" وروي عنه‬
‫وهذا ما تقضي به‬ ‫(ص) أنه قال‪" :‬ال ُيغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه‪ ،‬له غنمه وعليه غرمه"‬
‫(‪)4‬‬

‫المادة ‪ 7277‬مدني يمني‪.‬‬


‫عرفت المادة (‪ )992‬من القانون المدني اليمني الرهن بقولها "الرهن عقد يقدم به المدين أو‬
‫غيره بإذنه عينا مخصومة إلى الدين أو عدل يختاره الطرفان لحبسها الستيفاء مال مخصوص‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫والرهن نوعان‪ :‬رهن رسمي ورهن حيازي‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد وآخرون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.397‬‬


‫د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.794‬‬
‫د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.779‬‬
‫د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.947‬‬
‫(‪ )2‬ارجع في ذلك د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.637‬‬
‫(‪ )3‬انظر القانون المدني المصري المواد ‪ ،7792 ،7296 ،7230 ،7292‬القانون المدني ا{دني المادة‪ 12‬فقرة‬
‫‪ ،3‬القانون المدني اليمني ‪339‬ـ ‪7933 ،7936 ،992‬‬
‫(‪ ) 4‬الشافعي والدار قطني وابن ماجة وهو حسن لكثرة طرقه‪ ،‬ومعني غلق الرهن‪ :‬أن يقول المرتهن للراهن إن لم‬
‫توفني ديني أخذت الرهن‪ ،‬نقال عن أبو بكر صابر الجزائري‪ ،‬منهاج المسلم‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪7426‬هجرية‪ ،‬ص‪.912‬‬
‫(‪ )5‬انظر د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.332‬‬
‫د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪719‬‬
‫ويشترك الرهن الحيازي مع الرهن الرسمي أن كل منهما يعد حقا عينيا غير قابل للتجزئة‪،‬‬
‫وأن هما ينتميان إلى التأمينات االتفاقية التي تنشأ عن طريق العقد‪ ،‬وذلك بخالف حق االختصاص‬
‫الذي ينشأ بأمر القاضي‪ ،‬وحق االمتياز الذي يتقرر بنص القانون‪.‬‬

‫ويختلف الرهن الحيازي عن الرهن الرسمي في النواحي التالية‪:‬‬

‫‪ -7‬ينشأ الرهن الحيازي العقد العرفي أي بمجرد التراضي دون اشتراط أي شكل رسمي‪ ،‬وذلك‬
‫بخالف الحال بالنسبة للرهن الرسمي الذي يشترط فيه أن يكون العقد رسميا‪ .‬وذلك ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 7292‬مدني مصري والمادة ‪ 7939‬مدني أردني والمادة ‪ 7336‬مدني عراقي‪.‬‬
‫‪ -3‬الرهن الحيازي ممكن أن يكون محله منقوال أو عقارا‪ ،‬في حين أن الرهن الرسمي ال يقع إال‬
‫على العقار‪.‬‬
‫‪ -9‬الرهن الحيازي يؤدي إلى انتقال حيازة المال المرهون إلى الدائن أو إلى شخص ثالث يتفق‬
‫عليه وهو ما يطلق عليه العدل‪ ،‬أما في الرهن الرسمي فيبقى العقار المرهون في حيازة‬
‫الراهن‪.‬‬
‫‪ -4‬يخول الرهن الحيازي للدائن‪ ،‬فوق ميزتي التقدم واألولوية والتتبع المترتبين على الرهن‬
‫الرسمي حق حبس الشيء لحين استيفاء دينه‪.‬‬

‫أورد القانون المدني اليمني في الكتاب الرابع نوعين من الحقوق العينية والتبعية هي‪:‬‬

‫رهن المنقول‪ ،‬والتأمين العقاري‪ ،‬أما الحقوق العينية التبعية األخرى فقد أحال "إلى أحكام‬
‫السبب في تقريرها" المادة ‪.7999‬‬

‫رهن المنقول‪:‬‬

‫عرفت المادة ‪ 7936‬مدني يمني رهن المنقول بأنه "عقد يخصص بمقتضاه شيء منقول‬
‫مادي أو غير مادي لضمان الوفاء بالتزام معين‪ ،‬وسبق أن وضحنا أن حق الرهن الحيازي يرد على‬
‫العقارات والمنقوالت على السواء‪ ،‬وذلك ما تقضي به المادة (‪ )992‬التي عرفت الرهن بأنه عقد‬
‫يقدم به المدين أو غيره بإذنه عينا‪...‬إلخ"‪.‬‬

‫فلفظ "عين" تشمل العقار والمنقول‪ .‬إال أن المادة (‪ )7936‬قصرت الرهن على المنقول سواء‬
‫أكان ماديا أو غير مادي‪.‬‬

‫جميل الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬د‪ .‬حسين النوري‪ ،‬دروس في القانون‪ ،‬مكتبة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪،‬‬
‫ص‪.36‬‬
‫‪732‬‬
‫يبدو أن المشرع نص على إلغاء الرهن الحيازي على األموال غير المنقولة لكفاية التأمين‬
‫العقاري‪ .‬وينص القانون اليمني على أن تسري األحكام بالرهن المواد (‪ )7293-992‬على أن رهن‬
‫المنقول بالقدر الذي ال يتعارض فيه مع أحكام القانون التجاري والقوانين المتعلقة بحاالت خاصة‬
‫في الرهن والقوانين المتعلقة بالمؤسسات المرخص لها بالتسليف على رهن المنقول‪ ،‬المادة‬
‫(‪.)7931‬‬

‫التأمين العقاري‪:‬‬

‫ويطلق عليه في مصر بالرهن الرسمي وفي العراق الرهن التأميني وفي لبنان التأمين‬
‫( ‪)1‬‬
‫الرضائي وفي ليبيا الرهن االتفاقي‪.‬‬

‫والتأمين العقار هو حق عيني تبعي يترتب للدائن على عقار معين بمقتضى عقد رسمي‪،‬‬
‫ويخول له الحق في أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه‬
‫في ثمن ذلك العقار في أي يد يكون‪.‬‬

‫والتأمين العقاري ال يؤدي إلى انتقال العقار المرهون الحيازة الدائن المرتهن‪.‬‬

‫ويالحظ أن التأمين العقاري ال ينعقد إال إذا سجل في السجل العقاري المادة ‪ 7939‬ويشترط‬
‫القانون في من يعقد التأمين العقاري أن يكون متمتعا بأهلية التصرف بالعقار‪ ،‬وال يؤثر التأمين‬
‫العقاري علي سلطات المالك أو الغير للعقار المؤمن به‪ ،‬ولكن ينبغي عليه مراعاة القواعد‬
‫المنصوص عليها في القانون المواد (‪ )7994‬إلى (‪ )7991‬وبانقضاء االلتزام الذي يكون ضامنا له‬
‫أو بتنازل الدائن عن حقه ينقضي التأمين العقاري‪.‬‬

‫حق االمتياز‪:‬‬
‫عرفت المادة (‪ )933‬حق االمتياز بقولها (االمتياز أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة‬
‫لصفته وال يكون امتياز إال بمقتضى نص القانون"‪.‬‬
‫من هذا النص يتبين أن حق االمتياز ال يتقرر إال بنص في القانون والقانون حينما يقرر‬
‫امتيا از لحق شخصي يرى أن هذا الحق جدير بالرعاية فيقرر له أولوية على الحقوق الشخصية‬
‫األخرى‪.‬‬

‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.907‬‬


‫ّ‬ ‫(‪ )1‬راجع في ذلك د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.947‬‬
‫د‪ .‬عدنان طه الدوري‪،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪737‬‬
‫وحق االمتياز قد يكون حقا عاما يرد على جميع أموال المدين‪ ،‬مثال ذلك امتياز المبالغ‬
‫المستحقة للخدم والكتبة والعمال وكل أجير آخر‪...‬إلخ مادة (‪.)9/931‬‬
‫وقد يكون امتياز حق يرد على مال معين بالذات في أموال المدين كامتياز المصروفات‬
‫القضائية التي أنفقت في حفظ أموال المدين وبيعها على أثمان هذه األموال مادة (‪.)7/931‬‬

‫الطلب الثالث‬
‫التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي‬

‫التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي‪ ،‬تفرقة جوهرية يترتب عليها عدة نتائج‪ ،‬والجدير‬
‫بذلوا عدة محاوالت إلزالة هذه التفرقة‪ ،‬غير أن تلك الجهود لم تفلح في‬ ‫بالتنويه‪ ،‬هو أن الفقهاء‬
‫(‪)1‬‬

‫هدم التمييز بينهما‪ .‬أن المعيار األساسي للتفرقة يتحدد بالنظر إلى محل الحق فإذا كان الحق عمال‬
‫أو امتناعا عن عمل‪ ،‬كان الحق من الحقوق الشخصية‪.‬‬
‫أما إذا كان هذا الحق شيئا يرد الحق مباشرة على هذا الشيء‪ ،‬فيستطيع صاحبه أن يستفيد‬
‫من الشيء دون وساطة أو عمل شخص آخر‪ ،‬فأن الحق يكون من الحقوق العينية‪.‬‬
‫ومن حيث األطراف فأن الحق الشخصي يوجد به طرفان أحدهما دائن واآلخر مدين‪ .‬أما‬
‫الحق العيني فال يوجد به إال شخص واحد هو صاحب الحق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ويمكن إبراز الفوارق األساسية بين الحق العيني والحق الشخصي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -7‬أن الحقوق العينية واردة في القانون على سبيل الحصر‪ ،‬أما الحقوق الشخصية ال تقع تحت‬
‫حصر فهي غير محدودة بعدد معين وذلك ألن محلها عمل أو امتناع عن عمل ولذلك‬
‫تتحدد الحقوق الشخصية‪ ،‬بتعدد حدود النشاط اإلنساني‪ ،‬مادام األمر ال يخالف أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية واآلداب العامة‪.‬‬
‫‪ -3‬الحق العيني سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات‪ ،‬وذلك على خالف الحق‬
‫الشخصي فمحله عمل المدين‪ ،‬ولذلك يتصور أن ينشأ هذا الحق متعلقا بشيء غير معين‬
‫بالذات‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك بالتفصيل د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬و د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪.796 ،799 ،‬‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪ ،904‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬ص‪.009‬‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ، ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.733‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬حسين النوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.90-94‬‬
‫د‪ .‬همام محمد محمود‪ ،‬د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬مبادئ القانون‪ ، ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.799‬‬
‫د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.770‬‬
‫‪733‬‬
‫‪ -9‬الحق العيني حق مطلق بمعنى أنه تحتج به في مواجهة الكافة‪ ،‬بينما الحق الشخصي نسبي‬
‫ال يحتج به إال في مواجهة شخص أو أشخاص معينين‪.‬‬
‫‪ -4‬يخول الحق العيني لصاحبه ميزة األفضلية وكذلك ميزة التتبع‪ ،‬وهذا بخالف الحق الشخصي‪.‬‬
‫‪ -0‬يمارس صاحب الحق العيني سلطته على الشيء مباشرة دون وساطة من أحد أما الحق‬
‫الشخصي ال تتم ممارسته إال عن طريق تدخل المدين‪.‬‬
‫‪ -6‬التنازل عن الحق العيني يتم باإلرادة المنفردة‪ ،‬أما التنازل عن الحق الشخصي فال بد على‬
‫(‪)1‬‬
‫األقل من تبليغه إلى المدين ليعتبر ساريا بحقه‪.‬‬
‫‪ -1‬التقادم يؤدي إلى اكتساب الحق العيني ولكن ال يؤدي من حيث المبدأ إلى زواله وانقضائه‪،‬‬
‫بعكس الحق الشخصي الذي ال يكتسب بالتقادم ولكن من الممكن أن يسقط به‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫الحقوق المعنوية "الحق الفكري"‬

‫الحقوق المعنوية هي الحقوق التي تنصب على أشياء غير مادية "معنوية"‪ ،‬والى هذا أشارت‬
‫المادة ‪ 739‬من التقنين المدني اليمني بقولها "الحق هو مصلحة ثابتة للفرد أو المجتمع أو لهما‬
‫معا مادية أو معنوية‪...‬إلخ والشيء غير المادي هو الذي ال يمكن أن يدرك بالحس بل بدرك‬
‫بالفكر المجرد‪.‬‬
‫والحقوق الفكرية هي الملكية المعنوية التي ترد على أشياء غير مادية أي غير محسوسة‬
‫ألنها نتاج وخلق الجهد الذهني كحق المؤلف في مؤلفه وحق المخترع في اختراعه وحق الفنان في‬
‫قد عرفت الدول العربية قوانين البراءة وحماية الملكية‬ ‫(‪)2‬‬
‫مبتكراته الفنية فهذه الحقوق لها قيمة مالية‪.‬‬
‫الفكرية والملكية الصناعية منذ أن كانت واليات خاضعة للدولة العثمانية وبعض هذه القوانين ظل‬
‫وقد أحال القانون المدني اليمني في المادة (‪ )731‬منه على‬ ‫ساريا في بعض الدول حتى اليوم‬
‫(‪)3‬‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك د‪ .‬هشام قاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ص‪ ،339‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )2‬انظر أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.327‬‬
‫(‪ )3‬راجع في ذلك بالتفصيل د‪ .‬صالح الدين عبد اللطيف الناهي‪ ،‬الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬دار الفرقان‪ ،7939-33 ،‬ص‪ 79‬و‪.39‬‬
‫يشير د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،771‬إلى سريان‪ ،‬قانون "حق التأليف العثماني" في األردن‬
‫حتى اليوم‪ ،‬والقانون قد صدر بتاريخ ‪ 73‬جمادي األول سنة ‪7933‬ه‪.‬‬
‫‪739‬‬
‫القوانين الخاصة لتنظيم الحقوق التي ترد على شيء غير مادي "معنوي" فقرر بأنه "الحقوق الفكرية‬
‫يكفلها القانون وتنظيمها القوانين الخاصة كحق المؤلف والمخترع والمكتشف‪.‬‬

‫ويختلف الفقه حول الطبيعة القانونية لحق المؤلف إذ يدرجه البعض في محيط الحقوق‬
‫العينية ويعده حق ملكية ويرى آخرون فيه حقا من حقوق الشخصية‪ .‬ورغم اختالف اآل ارء فأن هذه‬
‫( ‪)1‬‬
‫الحقوق لم تدرجه تحت الحقوق المالية التقليدية‪ ،‬ولكنها اتخذت كيانا مستقال يتالئم ووظيفتها‬
‫وتشمل الحقوق المعنوية حقول الملكية الصناعية والتجارية وحقوق الملكية األدبية والفنية وحق‬
‫المؤلف‪.‬‬

‫وسنقتصر في دراستنا على حق المؤلف على النحو اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‬
‫المقصود بحق المؤلف‬
‫يقصد بحق المؤلف ذلك الحق الذي يخول لشخص ما على كل إنتاج ذهني مبتكر سواء ذلك‬
‫في مجال اآلداب أم الفنون أم العلوم وينظم حقوق المؤلف في الجمهورية اليمنية القانون ‪ 79‬لسنة‬
‫‪7994‬م بشأن الحق الفكري‪.‬‬

‫ويكون موضوعا لحق المؤلف كل إنتاج للفكر أيا كانت الصورة التي يظهر فيها‪ .‬وقد ذكرت‬
‫المادة الثالثة من القانون السابق ذكره عددا كبي ار من األعمال الفكرية التي يعترف القانون لمؤلفيها‬
‫بحق المؤلف منها المصنفات المكتوبة واألعمال الداخلة في فنون الرسم والتصوير بالخطوط‬
‫واأللوان أو الحفر أو النحت أو العمارة‪ ،‬واألعمال التي تبقى شفهيا كالخطب والمحاضرات والمواعظ‬
‫وما يمثلها‪ ،‬واألعمال المسرحية والمسرحيات الموسيقية سواء اقترنت باأللفاظ أو لم تقترن بها أو‬
‫األعمال الفوتوغرافية والسينمائية وغيرها‪.‬‬

‫وواضح مما سبق أن لفظ مؤلف ينصرف إلى الكاتب والرسام والمثال والنحات والملحن بل‬
‫والى المترجم الذي يقوم بترجمة المصنف إلى لغة أخرى أو قام بتحويله من لونه األصلي إلى لون‬
‫آخر أو من قام بتلخيصه أو تحويره أو شرحه أو التعليق عليه المادة الثالث الفقرة الرابعة‪ .‬كما‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك د‪ .‬محمد إبراهيم الوالي‪ ،‬حقوق الملكية الفكرية في التشريع الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجزائري‪،‬‬
‫‪7939‬م‪ ،‬ص‪ .79‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عبد الحميد الجمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 479‬عبد الحي‬
‫حجازي‪ ،‬المدخل إلى العلوم القانونية‪ ،3 ،‬الحق‪ ،‬وفقا للقانون الكويتي‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪7912 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.330‬‬
‫د‪ .‬عبد المنعم سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذ الفضل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.799‬‬
‫‪734‬‬
‫يشمل حق المؤلف أيضا المترجم عمل سبق ترجمته أو أي من حقق أعمال تراثية "المخطوطات"‬
‫المادة الخامسة‪.‬‬

‫وقد حددت المادة الثامنة المؤلف بأنه "الشخص الذي نشر العمل منسوبا إليه سواء كان‬
‫شخصا طبيعيا أو اعتباريا وذلك بذكر اسمه على العمل أو بأية طريقة أخرى‪ ،‬ما لم يقم دليل على‬
‫عكس ذلك‪.‬‬

‫ويجوز نشر العمل بدون اسم بناء على طلب المؤلف‪ .‬وللمؤلف في أي وقت الكشف عن‬
‫شخصيته أو نشر العمل باسم مستعار أو بدون اسم ولو سبق له االتفاق على خالف ذلك المادتين‬
‫‪.77 ،72‬‬

‫أنواع المصنف‪:‬‬

‫يقصد بالمصنف أي إبداع فكري مبتكر اتخذ مظهر الكتابة أو الصوت أو الرسم‪...‬إلخ وليس‬
‫معنى االبتكار هنا اإلتيان بأفكار جديدة لم يسبق معرفتها‪ ،‬وانما يقصد باالبتكار أن يأخذ اإلنتاج‬
‫الفكري طابعا متمي از باألصالة يبرز شخصية صاحبه سواء كان ذلك في جوهر الموضوع أو في‬
‫طريقة عرضه أو التعبير عنه وعلى العموم فأن أي قدر من االبتكار يكفي في هذا الصدد‪ ،‬فقد‬
‫( ‪)1‬‬
‫يكون االبتكار مجرد ترجمة المصنف إلى لغة أخرى‪.‬‬
‫والمصنف فد يكون من عمل مؤلف واحد وهذه هي الصورة البسيطة للتأليف‪ ،‬وقد يكون‬
‫مصنفا مشتركا‪ ،‬وقد يكون مصنفا جماعيا‪.‬‬
‫المصنف المشترك‪ :‬هو الذي يشترك في عمله أكثر من شخص كأن تشترك مجموعة‬
‫مؤرخين في إعداد كتاب تاريخي‪ ،‬أو يشترك أديبان في تأليف مسرحية وقد كفل القانون لكل مؤلف‬
‫(‪)2‬‬
‫حقه على عمله منفردا في العمل المشترك‪.‬‬
‫أما المصنف الجماعي كما تنص المادة ‪ 94‬هو العمل اإلبداعي الذي يقوم بوضعه جماعة‬
‫تحت إشراف هيئة أو مؤسسة تتكفل بنشره تحت إدارتها واسمها‪ ،‬ويندمج عمل المساهمين فيه في‬
‫غاية مقصودة‪ ،‬وتكون حقوق المؤلف على العمل بمجمله للهيئة أو المؤسسة التي تصدره‪ ،‬ويكون‬
‫لكل محرر أو كاتب حقوق المؤلف على ما يكتبه من أبحاث أو مقاالت‪ .‬ومثاله أن تعهد جامعة‬

‫(‪ )1‬انظر ـنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.329‬‬


‫د‪ .‬رمضان أبو السعيد‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.010‬‬
‫د‪ .‬محمد إبراهيم الوالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.707‬‬
‫(‪ )2‬راجع المواد ‪ 99 ،93 ،97 ،92 ،39‬من قانون الحق الفكري ‪ 79‬لعامى‪7994‬م‪.‬‬
‫‪730‬‬
‫عدن لمجموعة من األساتذة بوضع كتاب معين في موضوع معين تتولى نشره‪ ،‬فيكون لجامعة عدن‬
‫حق المؤلف على الكتاب‪.‬‬
‫ومن أمثلة المصنفات الجماعية دوائر المعارف‪ ،‬كدائرة المعارف الفرنسية‪ ،‬ودارة المعارف‬
‫البريطانية‪ ،‬والموسوعات العلمية كموسوعة دالوز في فرنسا‪.‬‬
‫ويتفق المصنف الجماعي مع المصنف المشترك في أنه يأتي ثمرة الشتراك عدة أشخاص‬
‫ولكنه يختلف عنه في أن العمل يتم لحساب‪ ،‬وتحت إشراف شخص طبيعي أو اعتباري تحقيقا‬
‫(‪)1‬‬
‫ألهدافه‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫مضمون حق المؤلف‬
‫في اليمن على أنه للمؤلف الحق فيما يلي‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫نصت المادة ‪ 73‬من قانون الحق الفكري‬
‫أ – تقرير نشر العمل وبيان طريقة النشر‪.‬‬
‫ب – حصانة العمل وحمايته‪.‬‬
‫ج – الحصول على مكافأة تناسب طبيعة العمل ونوعه عند استعمال الغير للعمل‪ ،‬عدا الحاالت‬
‫المنصوص عليها في القانون‪ .‬يتضح من هذا النص أن للمؤلف على مصنفه حقان حق‬
‫أدبي وحق مالي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحق األدبي‬


‫يخول الحق األدبي للمؤلف مكنة تقدير صالحية نشر مؤلفه ونسبته إليه‪ ،‬المادة الثامنة من‬
‫القانون ‪ 79‬لسنة ‪7994‬م‪ ،‬كذلك يخول الحق األدبي للمؤلف سلطة سحب مؤلفه من التداول كما‬
‫يخوله أيضا حمايته أثناء حياته وبعد مماته‪ ،‬كما للمؤلف الحق وحده في ترجمته إلى لغة أخرى أو‬
‫لغات أخرى‪ ،‬ناهيك عن حقه في إعادة طبع عمله وبأي وسيلة كانت المادة ‪ 79‬من القانون‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.999‬‬
‫(‪ )2‬يقابلها المادة السابعة من قانون حماية حق المؤلف في العراق رقم ‪ 9‬لسنة ‪7947‬م‪ ،‬والمادة الخامسة من قانون‬
‫حقوق المؤلف في مصر رقم ‪ 940‬لسنة ‪7904‬م‪،‬‬
‫يراجع فيما يتعلق بالتطور التشريعي والدولي لحماية حق المؤلف كال من د‪ .‬محمود إبراهيم الوالي‪ ،‬د‪ .‬عبد المنعم‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.790‬‬
‫ّ‬ ‫فرج‬
‫الصدة‪ ،‬ص‪.969‬‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.017‬‬
‫‪736‬‬
‫ويعد الحق األدبي من الحقوق اللصيقة بالشخصية التي تميز فردية كل شخص وال يمكن‬
‫ويترتب على ذلك أن هذا‬ ‫(‪)1‬‬
‫بالتالي فصلها عن هذا الشخص ونزعها منه ونقلها إلى شخص آخر‪.‬‬
‫الحق ال يسري عليه التقادم وال يجوز التصرف فيه أو الحجز عليه‪.‬‬

‫ويتميز هذا الحق عن غيره من حقوق الشخصية بأنه ينتقل بالوفاة إلى الورثة المادة ‪737‬‬
‫من القانون وجدير باإلشارة بأن الحق األدبي يبقى مؤبدا على الدوام للورثة وذلك عكس الحق‬
‫المالي‪ .‬ولكن انتقال الحق األدبي للمؤلف إلى ورثته ال يعني أن نسبة المصنف إلى المؤلف تنتقل‬
‫إلى ورثته‪ ،‬فهي تظل له وحده والى األبد‪.‬‬

‫وكل ما في األمر أن بعض السلطات التي يخولها الحق األدبي هي التي تنتقل إلى الورثة‬
‫بغية تمكينهم من المحافظة على سمعة المؤلف األدبية والفنية على الوجه الذي ارتضاه المؤلف‬
‫لنفسه قبل وفاته‪.‬‬
‫ثانيا الحق المالي‪:‬‬
‫يعبر الحق المالي عن الصلة المادية القائمة بين المؤلف صاحب الحق الفكري وبين مصنفه‬
‫أو عمله اإلبداعي األدبي أو العملي أو الفني‪ ،‬ويخول هذا الحق لصاحبه االستئثار بنشر جهده‪.‬‬
‫وقد أعطى القانون للمؤلف وحده استغالل مصنفه ماليا بأي طريقة من طرق االستغالل وقد‬
‫أوضحت المادة ‪ 79‬من القانون أهم طرق هذا االستغالل بقولها للمؤلف حق استغالل إنتاجه‬
‫بالطرق المناسبة وعلى األخص‪:‬‬

‫أ‪ -‬طبع العمل بعدد غير محدد من النسخ وبأية وسيلة كانت كالنسخ اليدوي أو على آالت الطباعة‬
‫‪..‬إلخ‪.‬‬

‫ب – أألداء العلني للعمل اإلبداعي في الندوات أو العرض في القاعات الموسيقية أو المسرح أو‬
‫السينما أو معارض اللوحات أو التصور‪.‬‬
‫ج – طرح العمل للتداول في األسواق والمعارض الوطنية والدولية‪.‬‬
‫د – نقل العمل إلى لغة أو لغات أخرى‪.‬‬
‫خ – إعادة طبع العمل‪.‬‬

‫( ‪ )1‬انظر ماليين‪ ،‬القانون المدني وحماية حقوق الشخصية في االتحاد السوفيتي‪ ،‬ترجمة دار التقدم‪ ،‬موسكو‪،‬‬
‫‪7933‬م‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.092‬‬
‫‪731‬‬
‫هذا يالحظ أن حق المؤلف في االستغالل المالي لمصنفه ال يختلف كثي ار في خصائصه عن‬
‫الحقوق المالية األخرى‪.‬‬

‫فحق االستغالل المالي يجوز التصرف فيه كبقية الحقوق المالية‪ ،‬فللمؤلف أن ينزل عنه‬
‫للغير بمقابل أو بدون مقابل ويشترط إلتمام هذا التصرف أن يكون مكتوبا (المادة ‪.)4‬‬

‫واذا كان من الثابت أن الحق القابل للتصرف فيه يكون قابال للحجز عليه فالمادة (‪ )33‬قد‬
‫نصت على أنه "ال يجوز الحجز على أعمال المؤلف للوفاء بديونه"‪.‬‬

‫وينتقل حق المؤلف المالي إلى ورثته بعد وفاته إذ يكون لورثته وحدهم الحق في مباشرة‬
‫حقوق المؤلف في االستغالل التجاري‪ ،‬لمدة ‪ 92‬سنة تحتسب من أول يناير من سنة وفاة المؤلف‪.‬‬
‫وقد أورد المشرع على هذه القاعدة استثناءات‪ .‬ففي حالة األفالم السينمائية والتلفزيونية ينقضي حق‬
‫االستغالل المالي بمضي ‪ 30‬سنة من تاريخ اإلنتاج تحتسب من أول يناير من سنة اإلنتاج وغير‬
‫ذلك من االستثناءات المواد ‪.31 ،36 ،30‬‬

‫واذا كان الحق المالي ليس مؤبدا شأن الحق األدبي‪ ،‬أي أنه ينقضي بمضي المدة المقررة‬
‫قانونا وهي ‪ 92‬سنة كما سبق القول‪ .‬ففي هذه الحالة ال يصح استغالل المصنف ماليا قاص ار على‬
‫احد‪ ،‬ألنه بفوات هذه المدة يعد المصنف جزءا من التراث اإلنساني‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬

‫والجدير بالذكر أن القانون اليمني قد اعترف بحق المؤلف لغير اليمني إذا كان قانون بلده‬
‫يعامل اليمني بالمثل أو بناء على التفاقيات الدولية التي تكون اليمن طرفا فيها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫حماية حق المؤلف‬

‫اعتبر المشرع أن االعتداء على حق من حقوق المؤلف جريمة جنائية إضافة إلى النسبة إلى‬
‫النفس بالنشر أو اإلعالن مؤلفا وضعه الغير كذلك التحريض واالشتراك في فعل من األفعال‬
‫المحظورة في القانون "قانون الحق الفكري" ‪ 79‬لعام ‪7994‬م وعقوبة هذه الجرائم هي الحبس مدة‬
‫ال تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة التي ال تقل عن عشرة آالف ريال‪.‬‬

‫واال جانب الجزاء الجنائي قرر المشرع الجزاء المدني المتمثل في الحق في التعويض وازالة‬
‫اآلثار التي تلحق بالمؤلف‪ .‬ليس هذا فحسب بل أن المشرع لم يجز االتفاق على مخالفة أحكام‬
‫القانون ما لم تكن في صالح المؤلف المادة "‪"730‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.320‬‬


‫‪733‬‬
‫الباب الثاني‬
‫أركان الحق‬

‫اختلف الباحثون في تحديد أركان الحق‪ ،‬فبينما يرى البعض أن الحق يقوم على ركنين‬
‫أساسين هما‪:‬‬

‫‪ – 7‬أشخاص الحق‪ – 3 ،‬محل الحق‪ .‬ويضيف آخرون ركنا ثالثا هو الحماية القانونية‬
‫( ‪)1‬‬
‫للحق‪ ،‬كما يذهب فريق ثالث إلى إضافة سبب الحق ومضمون الحق ومؤيد الحق وجزاءه‪.‬‬

‫وقد أوضحنا عن د تعريف الحق‪ ،‬أن النظرية الموضوعية عدت الحماية القانونية عنص ار من‬
‫عناصر الحق بالرغم من أن الحماية تالية لوجود الحق ونشأته‪ ،‬بمعنى أن القانون ال يمكن أن‬
‫يحمي شيئا لم يوجد بعد‪ .‬وخلصنا فيما سبق إلى أن الحق انتماء شيء إلى شخص انتماء يحميه‬
‫القانون‪ .‬ويتبين من ذلك أن للحق ركنين هما‪:‬‬

‫‪ – 7‬صاحب الحق‪ :‬وهو ما يرد عليه االستئثار‪.‬‬

‫بصرف النظر عن الصراع المحتدم حتى اليوم بين الباحثين بشأن عد عنصر الحماية‬
‫القانونية من العناصر المكونة للحق أو عدم عده من بين العناصر المكونة للحق‪ ،‬فأن الذي ال شك‬
‫فيه أن الحق الذي ال يوفر له القانون وسائل حمايته يكون موجودا ولكن صاحبه ال يستطيع‬
‫( ‪)2‬‬
‫الحصول عليه‪.‬‬

‫وتأسيسا لما سبق سنقسم هذا الباب إلى ثالثة فصول هي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أشخاص الحق‬

‫الفصل الثاني‪ :‬محل الحق‬

‫الفصل الثالث‪ :‬حماية الحق‬

‫الفصل األول‬
‫أشخاص الحق‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،321‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪.349‬‬
‫د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،349‬د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.749‬‬
‫د‪ .‬عدنان جاموس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،731‬د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.349‬‬
‫د‪ .‬هشام قاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫(‪ )2‬للتفصيل راجع د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.799‬‬
‫‪739‬‬
‫الشخص في نظر القانون هو كل من يصلح الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات والشخصية‬
‫القانونية هي الصالحية الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‪.‬‬

‫وتثبت الشخصية القانونية لإلنسان أساسا‪ ،‬فإلنسان شخص في نظر القانون ألنه يصلح‬
‫الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‪ .‬إال أن الشخصية القانونية ال تقتصر على اإلنسان كفرد‪ ،‬فقد‬
‫دعت ضرورات التقديم الحضاري الذي أصاب مختلف جوانب الحياة االجتماعية واالقتصادية إلى‬
‫التسليم بصالحية اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات لبعض جماعات من األفراد ولبعض‬
‫مجموعات من األموال‪.‬‬

‫ولتمييز الشخصية القانونية التي تثبت لإلنسان عن الشخصية القانونية التي تثبت لغيره جرى‬
‫االصطالح على تسمية اإلنسان بالشخص الطبيعي‪ ،‬وعلى تسمية غيره بالشخص المعنوي أو‬
‫وقد اختلف فقهاء الشريعة اإلسالمية حول فكرة الشخص‬ ‫(‪) 1‬‬
‫االعتباري أو الحكمي أو المجازي‬
‫المعنوي ففي حين يذهب البعض إلى أن الشريعة اإلسالمية لم تعرف فكرة الشخصية المعنوية يرى‬
‫وعلى هذا األساس سنتكلم أوال عن الشخص المطبيعي‪ ،‬وثانيا عن‬ ‫(‪) 2‬‬
‫فريق آخر عكس ذلك‬
‫الشخص االعتباري‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫الشخص الطبيعي‬

‫تعترف القوانين الحديثة‪ ،‬على عكس الحال بالنسبة للقوانين القديمة لكل إنسان بالشخصية‬
‫القانونية‪.‬‬

‫والشخص الطبيعي هو اإلنسان‪ ،‬واألصل في الشخصية القانونية أنها لإلنسان وحده‪.‬‬


‫والقوانين التي تفرض على اإلنسان الرفق بالحيوان ال تخلق من هذا االلتزام حقا للحيوان‪ ،‬وانما‬
‫أساسها فكرة أخالقية وهدفها مصلحة اإلنسان نفسه‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر محمود سليمان موسى‪ ،‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في القانونين الليبي واألجنبي‪ ،‬ط‪ ،7‬الدار‬
‫الجماهيرية للنشر والتوزيع واإلعالن‪7930 ،‬م‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬ص‪.437‬‬
‫(‪ )2‬انظر محمود سليمان‪ ،‬موسى‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.40-44‬‬
‫‪792‬‬
‫وقد عرفت اإلنسانية حاالت لم يعترف فيها اإلنسان بالشخصية القانونية كالحالة التي في‬
‫القانون المدني الفرنسي "الموت المدني" حيث كان يعتبر المحكوم بهذه العقوبة بمثابة الميت فتسلخ‬
‫(‪)1‬‬
‫عنه شخصيته القانونية‪.‬‬
‫وتثبت الشخصية لالبسان بصرف النظر عما يمكن أن يكسبه من حقوق أو يلتزم به من‬
‫واجبات كما ال يشترط لثبوت الشخصية أن توفر لإلنسان القدرة اإلرادية لكسب حق أو لتحمل‬
‫بواجب فهي تثبت للطفل غير المميز والمجنون رغم كوهنهما فاقدي اإلرادة النعدام التمييز‪.‬‬

‫ونتناول في هذا المبحث بدء الشخصية ونهايتها‪ ،‬ثم مميزات الشخصية‪ ،‬وأخي ار أهلية األداء‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫بدء الشخصية ونهايتها‬
‫أوال‪ :‬بدء الشخصية‬
‫تنص المادة ‪ 93‬من القانون المدني اليمني على أنه "تبدأ شخصية أإلنسان وقت والدته حيا‬
‫وتنتهي بموته ومع ذلك فأن للحمل المستكن حقوقا اعتبرها القانون"‪.‬‬

‫وواضح من النص بأن شخصية اإلنسان تبدأ بوالدته حيا‪ ،‬فيشترط لثبوت الشخصية أن‬
‫وتنتهي هذه الشخصية بالوفاة‪.‬‬ ‫ينفصل الجنين انفصاال تاما عن أمه وأن يولد الجنين حيا‬
‫(‪)2‬‬

‫واثبات الوالدة والوفاة قد ال تكون عن طريق السجالت الرسمية المعدة لذلك‪ ،‬فإذا لم توجد‬
‫سجالت أو لم تبين عدم صحة ما أدرج في السجالت المذكورة جاز اإلثبات بكافة الطرق المادة‬
‫‪ 99‬من القانون المدني اليمني‪.‬‬
‫وتوجب المادة ‪ 32‬من قانون األحوال المدنية والسجل المدني رقم ‪ 39‬لسنة ‪7997‬م بأن‬
‫يكون التبليغ عن المواليد خالل ستين يوما من تاريخ الوالدة‪ ،‬وقد أعفى القانون شهادة الميالد من‬
‫الرسوم المادة ‪ 39‬قانون السجل المدني‪.‬‬

‫حالة الحمل المستكن (الجنين)‪:‬‬


‫إذا كان األصل هو ابتداء شخصية اإلنسان بوالدته حيا‪ ،‬إال أن القالون خرج عن هذا األصل‬
‫واعترف للحمل أو الجنين قبل والدته ببعض الحقوق‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عدنان جاموس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.763‬‬


‫(‪ )2‬المذهب الحنفي يكتفي في هذا الصدد بخروج أكثر المولود من أمه دون أن يشترط خروجه كله‪ ،‬أما المذاهب‬
‫الثالثة األخرى تشترط تمام الوالدة بخروج المولود كله وانفصاله عن أمه انفصاال تماما‪ .‬انظر د‪ .‬حسن كيرة‪،‬‬
‫المدخل إلى القانون ‪ ،‬ص‪.039‬‬
‫د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.377‬‬
‫‪797‬‬
‫فيثبت له فضال عن النسب‪ ،‬اإلرث والوصية واالشتراط لمصلحة الغير‪ ،‬أما الهبة ال يجوز‬
‫للجنين كون الهبة عقد يتم بإيجاب وقبول‪ ،‬ناهيك عن أن الهبة يشترط أن يكون الموهوب له‬
‫فالجنين‪ ،‬إذن‪ ،‬ثبت له حياة تقديرية يكتسب بموجهها بعض الحقوق التي يعينها القانون‪.‬‬ ‫موجودا‬
‫(‪)1‬‬

‫ولكن يشترط الكتساب هذه الحقوق نهائيا أن يولد الجنين حيا‪ ،‬فهو إذا ولد ميتا‪ ،‬ال يستحق‬
‫(‪)2‬‬
‫هذه الحقوق وتعتبر بالنسبة له كأنها لم تكن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نهاية الشخصية‬

‫تنتهي الشخصية من الناحية الطبيعية بالوفاة‪،‬والمبدأ أن تنتهي كذلك بالوفاة من الناحية‬


‫القانونية وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 93‬مدني يمني‪.‬‬

‫إال أن هذه الشخصية قد تنقضي في وقت سابق على الوفاة إذا حكم بموت المفقود وهو ما‬
‫يعرف بالموت الحكمي ونعرض فيما يلي حالة الموت الحكمي أو المفقود‪.‬‬

‫المفقود‪:‬‬

‫المفقود هو الشخص الذي غاب عن موطنه أو محل إقامته غيبة منقطعة‪ ،‬وانقطعت أخباره‪،‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 779‬من قانون األحوال الشخصية على أن‬ ‫بحيث ال يعرف حياته من مماته‬
‫( ‪)3‬‬

‫"المفقود هو الغائب التي ال تعرف حياته وال وفاته" وقد فرقت المادة ذاتها بين المفقود والغائب‬
‫بقولها في الفقرة األولى "الغائب هو الشخص الذي ال يعرف موطنه وال محل إقامته"‪ .‬والغائب هو‬
‫الشخص الذي يغيب عن موطنه وقد يكون له محل إقامة معروف خارج موطنه أو ال يكون ولكن‬
‫الثابت يقينا أن الغائب حي وحياته معلومة‪ .‬ولذلك ال يعد الغائب مفقودا وال يؤثر غيابه على‬
‫شخصيته القانونية وكل ما في األمر إذا ترتب على غياب الغائب أن تعطلت مصالحة أو مصالح‬
‫الغير اعتمد له القاضي مقدما إلدارة أمواله كما يحق لزوجة الغائب حق فسح نكاحها بعد انقضاء‬
‫سنة واحدة لغير المنفق وبعد سنتين للمنفق‪ .‬المواد (‪ )774 ،03‬قانون األحوال الشخصية‪.‬‬

‫الحكم بموت المفقود‪:‬‬


‫تنص المادة (‪ )771‬من قانون األحوال الشخصية على أن للقاضي أن يحكم بموت المفقود‬
‫في الحاالت التالية‪:‬‬

‫أ – إذا قام دليل على وفاته‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر قانون األحوال الشخصية المواد ‪ 713 ،717 ،399 ،794 ،737‬والمادة ‪ 337‬قانون مدني يمني‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.369‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫‪793‬‬
‫ب – إذا مرت مدة كافية من إعالن فقده في ظروف ال يغلب فيها الهالك على أن ال تقل المدة‬
‫عن أربع سنوات‪.‬‬

‫ج – إذا فقد في ظروف يغلب فيها الهالك ومضت سنتان على إعالن فقده‪ ،‬يتضح من النص‬
‫أعاله أنه يفرق بين حالتين‪:‬‬

‫‪ -7‬حالة المفقود في ظروف ال يغلب فيها الهالك‪ ،‬كمن سافر إلى الخارج للسياحة أو التجارة أو‬
‫طلبا للعمل أو انقطعت أخباره وال تعرف حياته من مماته ففي هذه الحالة يفوض القانون‬
‫للقاضي تحديد المدة التي بعدها يمكنه الحكم باعتبار المفقود ميتا‪ .‬وبالطبع فأن هذه المدة ال‬
‫ينبغي أن تقل عن أربع سنين‪.‬‬
‫‪ -3‬حالة المفقود في ظروف يغلب فيها الهالك‪ ،‬كما إذا كان قد فقد في زلزال أو فيضان‪ .‬ففي‬
‫هذه الحالة يحكم بموت المفقود بمضي سنتين على إعالن فقده‪ .‬وفي جميع األحوال ينبغي‬
‫على القاضي أن يتحرى بجميع الطرق الممكنة الموصلة إلى معرفة الحقيقة أي معرفة ما إذا‬
‫كان حيا أو ميتا قبل أن يحكم بوفاته‪.‬‬

‫ويذهب البعض إلى القول إذا كان حكم القاضي بموت المفقود قائما على أدلة قوية تصلح‬
‫إلثبات الوفاة وفاة حقيقة ولبست حكمية وكان الحكم بالوفاة حكما مقر ار ال منشأ‪ ،‬فتكون الوفاة من‬
‫وقت ثبوتها ال من وقت الحكم‪ ،‬بخالف ما إذا كان حكم القاضي بموت المفقود قائما على مجرد‬
‫أمارات ال تصلح ألن تكون حجة في إثبات الوفاة فأن الموت يكون حكميا ويكون الحكم الذي‬
‫(‪)1‬‬
‫قضي به حكما منشأ‪.‬‬

‫الحكم باعتبار المفقود ميتا‪:‬‬


‫نص المادة (‪ )779‬من قانون األحوال الشخصية على أن يعتبر يوم صدور الحكم بموت‬
‫المفقود تاريخا لوفاته"ويترتب على الحكم بموت المفقود أن تنتهي شخصيته أي أهليته الكتساب‬
‫الحقوق وتحمل الواجبات‪ .‬وتبعا لذلك توزع تركته على من كان موجودا من ورثته وقت الحكم‬
‫بموته‪ ،‬وتعتد زوجته عدة الوفاة من يوم صدور الحكم بوفاته ال من ويم فقده‪ .‬ويحل لها بعد انقضاء‬
‫كذلك يعتبر ميتا من وقت الحكم بالنسبة لألموال التي كان يملكها عند‬ ‫(‪)2‬‬
‫العدة أن تتزوج من غيره‬
‫فقده‪ ،‬ومؤدى ذلك أن هذه األموال ونماءها توزع على الورثة الموجودين عند الحكم‪ ،‬أما الذين ماتوا‬
‫قبل الحكم فال يرثون ألن شرط الميراث أن يكون الوارث حيا وقت الوفاة أي وقت وفاة المورث‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.029‬‬


‫(‪ ) 2‬هذا إذا لم يكن قد سبق لها أن طلبت فسخ الزواج لغيبة الزوج وحكم لها به كما تقتضي بذلك المادة ‪ 03‬من‬
‫القانون‪ ،‬أيضا انظر م(‪.)36‬‬
‫‪799‬‬
‫أما‬ ‫(‪)1‬‬
‫المادة (‪ )92‬قانون األحوال الشخصية وذلك ألن المفقود لم يعتبر ميتا إال بعد حكم موته‬
‫بالنسبة للحقوق التي تنفع المفقود وتضر غيره‪ ،‬فأن المفقود يعتبر ميتا ال من تاريخ الحكم وانما من‬
‫فإذا كان قد آل إليه ميراث في المدة بين فقده والحكم بموته‪ .‬فأنه بعد صدور هذا‬ ‫(‪)2‬‬
‫تاريخ الفقد‬
‫الحكم ال ينتقل هذا الميراث إلى ورثته هو وانما يعود نصيبه الذي كان موقوفا إلى من كانوا‬
‫يستحقونه من وقت الوفاة وفاة المورث المادة (‪ )37‬أحوال شخصية‪.‬‬

‫ظهور حياة المفقود‪:‬‬

‫إذا ظهر المفقود بعد حكم موته من قبل القضاء‪ ،‬يكون له أن يسترد ما بقي من ماله من‬
‫ورثته‪ ،‬وكذلك يسترد ما يوجد من استحقاقه في إرث مورثه‪ ،‬في أيدي ورثة مورثه‪ .‬أما ما استهلك‬
‫في تلك األحوال‪ ،‬أو تم التصرف فيه إلى الغير‪ ،‬فهم غير مسئولين منه‪ ،‬أي أنهم ال يسألون عن‬
‫مواجهة العائد من أي تعويض عن قيمة ما هلك بفعلهم‪ ،‬ذلك أن يدهم كانت يد شرعية تستند إلى‬
‫حكم قضائي سليم‪ .‬أما عن زوجته والتي اعتدت هده الوفاة تعود إلى عصمته ما لم تتزوج" ويقع‬
‫الدخول بها المادة (‪ )792‬أحوال شخصية‪ .‬هذا إذا لم يكن زواجها األخر قد حدث بعد فسخ زواجها‬
‫من المفقود بحكم قضائي بسبب غيبة المفقود المادة (‪ )03‬من القانون‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫مميزات الشخصية‬

‫يتميز الشخص عن غيره بعدة مميزات أو خصائص‪ ،‬ويحدد الفقهاء هذه المميزات بأمور‬
‫ثالثة هي ‪ :‬االسم‪ ،‬والموطن‪ ،‬والحالة التي تحدد مركزه بالنسبة إلى الدولة والى األسرة وفي بعض‬
‫األحيان بالنسبة إلى المدن‪ ،‬ويضيف البعض األهلية والذمة المالية‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫أوال ‪ :‬االسم‬
‫ُيعرف الشخص باسمه ويتميز عن غيره من األشخاص‪ ،‬وتنص المادة (‪ )06‬من القانون‬
‫المدين اليمني على أنه "يعرف اإلنسان في التعامل باسمه واسم أبيه واسم جده ولقب يتميز به‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.024‬‬


‫(‪ )2‬يراجع في دلك د‪ .‬توفيق حسن فرج ‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.303‬‬
‫جميل الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.393‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،374‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،319‬د‪.‬‬
‫محمد العيد رشدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،734‬ا د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.769 ،799‬‬
‫‪794‬‬
‫وينظم القانون كيفية تسجيل األشخاص ألسمائهم وألقابهم"‪ ،‬القانون المنظم لكيفية تسجيل األشخاص‬
‫ألسمائهم وألقابهم هو القانون رقم ‪ 39‬لسنة ‪7997‬م بشأن األحوال الشخصية والسجل المدني"‪.‬‬
‫ويتضح من النص أعاله بأنه يلزم إلى جانب اسم الشخص نفسه اسم أبيه واسم جده أن يوجد‬
‫له لقب وهو اسم العائلة وذ لك حتى ال يقع اللبس بين األشخاص‪ ،‬وهذا هو الشائع أي استعمال‬
‫( ‪)1‬‬
‫االسم الشخصي مضافا إليه اسم األب والجد ومع ذلك يمكن أن يكون للشخص لقب يتميز به‪.‬‬
‫وقد ثار خالف حول الطبيعية القانونية لالسم وتعددت النظريات بهذا الصدد‪ ،‬ومن جانبنا‬
‫نميل إلى ترجيح الرأي القائل أن االسم من صفات الشخصية القانونية ومن مميزاتها‪ ،‬وباعتباره‬
‫كذلك فأنه ينطوي على فكرتي الحق والواجب في آن معا‪ ،‬فهو ينطوي على فكرة الواجب بمعنى أن‬
‫العالقة بين الشخص واسمه هي عالقة وجوب ولزوم وضرورة‪ .‬وهو ينطوي على فكرة الحق بمعنى‬
‫أن للشخص حقا على اسمه يجب احترامه وعدم االعتداء عليه بانتحاله ألنه من الحقوق اللصيقة‬
‫فاالسم واجب يقرره القانون‪ ،‬ولهذا فأنه ال يترك لألف ارد الحرية في تغيير أسمائهم أو‬ ‫(‪)2‬‬
‫بالشخصية‬
‫تصحيحها حسب إرادتهم‪ ،‬وانما رسم لذلك نظاما ينبغي إتباعه حتى يمكن حصول هذا التغيير‪ .‬وقد‬
‫نص قانون األحوال المدنية والسجل المدني في المادة (‪ )43‬بأنه "ال يجوز ا‬
‫إجرء تصحيح أو تغيير‬
‫في قيود واقعات األحوال المدنية إال بحكم نهائي يصدر في المحكمة‪...‬إلخ‪.‬‬

‫والى جانب أن االسم واجب يقرره القانون‪ ،‬فهو كذلك حق للشخص‪ ،‬وهو ليس حقا ماليا‬
‫وانما هو حق من الحقوق العامة اللصيقة بالشخصية كما تقدم القول‪ ،‬لذلك يظل اإلنسان محتفظا‬
‫باسمه ما بقيت شخصيته‪ ،‬وكل اعتداء على االسم عن طريق استعماله بال مبرر أو انتحاله يجيز‬
‫لصاحبه طلب وقفه أي وقف االعتداء على اسمه مع التعويض عما لحقه من ضرر "المادة ‪49‬‬
‫مدني يمني‪.‬‬
‫ويطلق على االسم الوارد في المادة ‪ 46‬مدني يمني "االسم المدني" ألنه قد يوجد للشخص‬
‫اسم تجاري غير االسم المدني ومن خصائص االسم التجاري أنه مرتبط بالمحل‪ ،‬فال يوجد اسم‬
‫تجاري مستقال بحيث يمكن التصرف فيه‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 03‬من القانون التجاري اليمني بـأنه‬
‫"ال يجوز التصرف في العنوان التجاري تصرفا مستقال عن التصرف في المتجر ولكن إذا تصرف‬

‫(‪ )1‬وهناك صور أخرى لالسم‪ ،‬كاسم الشهرة‪ ،‬وهو ما يخلقه الجمهوري من اسم على الشخص بحيث يستوعب كامل‬
‫نشاطه ويعرف به‪ .‬كذلك قد يختار الشخص لنفسه اسم يتميز به كالفنانين والرياضيين وهو ما يعرف باالسم‬
‫المستعار‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬محمود محمد عبد الله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،313‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪ ،729‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.379‬‬
‫‪790‬‬
‫صاحب المتجر في متجره لم يشمل التصرف العنوان التجاري ما لم ينص على ذلك صراحة‬
‫وضمنا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الموطن‬

‫ُيعرف الموطن المحل الرئيس ي الذي يستقر فيه الشخص‪ ،‬أي أن الموطن عبارة عن المكان‬
‫الذي يفضل أن يعيش فيه اإلنسان ويستقر ويرتب أموره فيه واذا أراد أن يبتعد عنه فليس إال لكي‬
‫(‪)1‬‬
‫يعود فيما بعد‪.‬‬

‫وقد عرف المادة(‪ )39‬من قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم ‪ 33‬لعام ‪799‬م الموطن‬
‫بقولها (الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة ويباشر فيه أعمال الحياة العادية ويستوفي‬
‫ماله ويؤدي ما عليه‪ ،‬ويكون المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة أو مهنة أو وظيفة‪،‬‬
‫موطنا له إلدارة هذه األعمال)‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع اليمني أجاز أن يكون للشخص الواحد في وقت واحد أكثر من‬
‫موطن كما أجاز له موطن المادة (‪ )34‬قانون المرافعات والتنفيذ المدني‪.‬‬

‫المذهب الواقعي وبمقتضاه يتحدد الموطن بالمكان الذي‬ ‫( ‪)2‬‬


‫ويتجاذب فكرة الموطن مذهبان‬
‫يقيم فيه الشخص عادة‪ ،‬وواضح من نص المادة (‪ )39‬مرافعات أن المشرع اليمني أخذ بالمذهب‬
‫الواقعي في تحديد فكرة المواطن‪ ،‬كذلك القانون المدني اإليطالي المادة (‪ )1‬والمدني المصري‬
‫المادة (‪ )42‬المدني العراقي المادة (‪ )43‬والمدني الليبي المادة (‪ )42‬والمدني األردني ‪ 39‬فقرة ‪.7‬‬

‫والمذهب اآلخر هو المذهب الحكمي والذي يحدد الموطن ال بالمكان الذي يقيم فيه الشخص‬
‫عادة بل للمكان الذي يوجد فيه المركز الرئيسي ألعمال الشخص ومصالحه‪ .‬وقد أخذ بهذا المذهب‬
‫القانون المدني الفرنسي المادة (‪ )723‬والقانون المدني اإليطالي المادة (‪ )47‬مني إيطالي‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أن المذهب الواقعي في تحديد فكرة الموطن يتفق مع الشريعة اإلسالمية‬
‫(‪)3‬‬

‫والتي تأخذ بمكان اإلقامة المعتاد‪ ،‬وتسمح بتعدد الموطن للشخص الواحد ناهيك عن السماح بأن ال‬
‫يكون للشخص موطن ما‪ ،‬كما هو الحال عند البدو الرحل‪ ،‬ويتأكد ذلك بنصوص القوانين سالفة‬

‫(‪ )1‬راجع في ذلك د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.769‬‬
‫(‪ )2‬يراجع في ذلك بالتفصيل د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.417‬‬
‫(‪ )3‬راجع د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،970‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫‪796‬‬
‫ويترتب على األخذ بالمذهب‬ ‫الذكر‪ ،‬والتي جاءت متوافقة مع تنص المادة ‪ 94‬من مرافعات يمني‬
‫(‪)1‬‬

‫الواقعي لتحديد فكرة الموطن نتيجتان‪ :‬األولى هي إمكان تعدد الموطن‪ ،‬حيث يكون الشخص مقيما‬
‫فعال في أكثر من مكان‪ ،‬كأن يكون متزوجا بزوجة مقيمة في مكان معين وأخرى في مكان آخر‪.‬‬

‫ومفيد اإلشارة في هذا السياق إلى أن القانون الروماني لم يكن يفصل بين الموطن واإلقامة‪،‬‬
‫فكان الموطن حيث يقيم الشخص أما القانون اليمني فيفرق بين الموطن ومحل اإلقامة حيث نصت‬
‫المادة ‪ 33‬مرافعات يمني على أن محل اإلقامة هو "المكان الذي يقيم فيه الشخص بصفة مؤقتة‬
‫لعمل عارض أو ظرف خاص"‪.‬‬

‫أهمية تحديد الموطن‪ :‬لتحديد موطن الشخص أهمية تبرز في نواحي متعددة أهمها‪:‬‬

‫‪ -7‬يتحدد االختصاص للمحاكم على أساس موطن المدعى عليه أو محل إقامته المادة (‪)71‬‬
‫مرافعات يمني‪.‬‬
‫‪ -3‬األوراق المطلوب إعالنها كصيغة الدعوى واإلنذارات يجب أن توجه للشخص في موطنه‬
‫المادة (‪ )93‬المرافعات يمني‪.‬‬
‫‪ -9‬الوفاء بااللتزامات التي ليس محلها شيئا معينا بالذات يكون في المكان الذي يوجد فيه موطن‬
‫المدين وقت الوفاء‪...‬إلخ المادة (‪ )439‬مدني يمني‪.‬‬
‫‪ -4‬الحجز على المدين المفلس يكون بحكم من المحكمة التي يقع في دائرتها موطن هذا المدين‬
‫المادة ‪ 13‬مدني يمني‪.‬‬

‫أنواع الموطن‪:‬‬

‫الموطن أساسا ينقسم إلى نوعين‪ :‬موطن عام‪ ،‬وموطن خاص‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الموطن العام‬

‫(‪ )1‬انظر المادة (‪ )42‬فقرة ‪ 3‬مدني مصري‪ ،‬والمادة ‪4‬ة فقرة ‪ 3‬مدني ليبي‪ ،‬والمادة ‪ 99‬فقرة ‪ 923‬مدني أردني‪ ،‬أما‬
‫المشرع العراقي في المادة ‪ 43‬مدني لم ينص على إمكان عدم وجود موطن للشخص وهو محق بذلك إذ ال فائدة‬
‫من ذلك‪ ،‬دون إيجاد الحل‪ ،‬أي كيف سيكون األمر في حالة عدم وجود موطن للشخص‪ ،‬مثال كيف يستطيع‬
‫الدائنون الوصول إلى مدينهم الذي ال موطن له‪ .‬وينبغي أال يفهم أن الحل متعذر‪ ،‬وذلك ما ورده المشرع‬
‫البرتغالي حيث ينص على أنه إذا لم يكن للشخص إقامة دائمة كان موطنه حيث يوجد المادة ‪ 40‬وكذلك‬
‫القانون البرازيلي الذي نص على أن من ليس له موطن وكان يمضي حياته متنقال في البالد كان موطنه حيث‬
‫يوجد المادة ‪ 99‬أيضا القانون الياباني إذ يقول "من ليس له موطن في اليابان‪ ،‬سواء أكان يابانيا أو أجنبيا يكون‬
‫مونه حيث يوجد المادة ‪.99‬‬
‫‪791‬‬
‫هو المكان الذي يقيم فيه الشخص وعادة في األصل يترك تحديد هذا المكان الختيار‬
‫الشخص وارداته ويسمى الموطن الذي يختار على األساس بالموطن االختياري أو اإلرادي‪.‬‬
‫ولكن هذا ال يكون إال بالنسبة لكاملي األهلية‪ ،‬وهم البالغون سن الرشد دون أن يحجز عليهم‬
‫لصغرهم أو لجنونهم أو لسفه‪ .‬وعلى ذلك ففي الحال التي ال يكون فيها الشخص غير كامل األهلية‬
‫فأن القانون هو الذي يحدد موطن الشخص لذلك سمى بالموطن القانوني أو اإللزامي‪ .‬ووفقا لنص‬
‫المادة ‪ 30‬مرافعات "موطن القاصر ومن في حكمه هو موطن النائب عنه قانونا‪ ،‬وليا أو وصيا‪،‬‬
‫وموطن التركة هو آخر موطن للمتوفى عنها"‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ثانيا‪ :‬الموطن الخاص‬
‫هو الموطن الذي يتعلق ببعض أعمال معينة ال يعول فيها على الموطن العام فيعتد بهذا‬
‫الموطن الخاص بالنسبة لهذه األعمال والعالقات فقط‪ .‬ويعتد بالوطن العام بالنسبة لجميع أعمال‬
‫الشخص وعالقاته األخرى‪.‬‬

‫وأهم أنوع الموطن الخاص موطن األعمال والموطن المختار‪.‬‬

‫وموطن األعمال‪ ،‬هو المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة أو مهنة أو وظيفة‬
‫وذلك ما نصت عليه المادة ‪ 39‬مرافعات بقولها "ويكون المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو‬
‫حرفة أو مهنة أو وظيفة‪ ،‬موطنا له إلدارة هذه األعمال"‪.‬‬

‫أما الموطن المختار‪ ،‬فهو المكان الذي يختاره الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين باالتفاق مع‬
‫األطراف األخرى كتابة أو بإعالن به بوجه رسمي‪ ...‬المادة ‪ 310‬مرافعات‪ .‬هذا وال يجوز إثبات‬
‫وجود الموطن المختار إال بالكتابة أو بإعالنه رسميا‪ .‬وذلك لكون الموطن المختار خروجا عن‬
‫األصل الذي يجعل موطن الشخص محل إقامته المعتادة‪.‬‬
‫(‪) 2‬‬

‫ثالثا‪ :‬الحالة‬
‫يرجع األصل التاريخي لفكرة الحالة إلى القانون الروماني‪ ،‬ويقصد بحالة الشخص مجموع‬
‫الصفات التي تلحق به ويترتب على توافرها آثار قانونية‪ .‬وهذه الصفات منها ما يحدد مركز‬
‫الشخص بالنسبة إلى دولة معينة وذلك بانتمائه إلى جنسية هذه الدولة وهذه هي الحالة السياسية‪،‬‬
‫ومنها ما يحدد مركزه بالنظر إلى انتسابه إلى أسرة معينة وهذه هي الحالة العائلية‪ ،‬ويدخل فيها‬

‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق ص‪ 496‬وما بعدها‪ ،‬د‪ ,‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬راجع في ذلك مفصال د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫محمد يحيى مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.319‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.711‬‬
‫‪793‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫وقد عرفت محكمة النقض المصرية‬ ‫( ‪)1‬‬
‫أخي ار ما يحدد مركزه من حيث انتمائه إلى دين معين‬
‫الحالة بأنه مجموعة ما يتميز به اإلنسان عن غيره من الصفات التي يرتب القانون عليها أث ار في‬
‫حياته االجتماعية وهذه الصفات قد تكون طبيعية مثل كون اإلنسان ذك ار أو أنثى‪ ،‬وقد تكون عائلية‬
‫ككونه زوجا أو أرمال أو أبا أو ابنا‪ .‬وقد تكون مدنية ككونه تام األهلية أو ناقصها أو مقيدها بسبب‬
‫من األسباب القانونية‪ ،‬وقد تكون دينية ككونه مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو غير ذلك‪ ،‬وقد تكون‬
‫سياسية ككونه متجنسا بجنسية الدولة ومستوطنا فيها أو قد تكون حرفية ككونه محاميا أو موظفا أو‬
‫عامال ومما يجدر ذكره في هذا السياق هو أن الحالة في القانون الروماني كانت تشمل مركز الفرد‬
‫(‪)3‬‬
‫من الحرية بانتمائه إلى مجموعة األحرار واألرقاء‪.‬‬

‫‪ – 6‬الحالة السياسية "الجنسية"‬


‫وتتحدد الحالة السياسية للشخص بتحدد جنسيته أي انتمائه إلى دولة معينة‪ ،‬وللحالة‬
‫السياسية أهمية كبرى من حيث تحديد حقوق الشخص وواجباته ونشاطه القانوني ولذلك فهناك تفرقة‬
‫بين الوطنين واألجانب في كل الدولة من حيث نطاق ما يتمتع به كل من الوطنيين واألجانب من‬
‫حقوق وواجبات‪ ,‬فمن حيث الحقوق العامة و ما تسمى بالحقوق الشخصية فال فرق بين وطني‬
‫وأجنبي في التمتع بهذه الحقوق فلألجنبي شأنه شأن الوطني الحق في سالمة جسمه وحقه في‬
‫التنقل وحرية الفكر والرأي ‪...‬إلخ مع األخذ في االعتبار بأن المشرع في بعض األحيان يضع‬
‫بعض القيود على تمتع األجانب بهذه الحقوق مراعاة المصلحة العامة للدولة مثل منع األجانب من‬
‫ممارسة بعض المهن واألعمال‪ .‬أما بالنسبة للحقوق الخاصة التي يحكمها القانون الخاص فأنه‬
‫يعترف لألجانب ببعض منها‪ .‬أما الحقوق السياسية فال يتمتع بها األجنبي كحق الترشيح أو‬
‫كما أن تحديد الجنسية يعد فيما‬ ‫(‪)4‬‬
‫االنتخاب في المجالس النيابية أو حق تولي الوظائف العامة‬
‫يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق على العالقات التي تنشأ بين أفراد ينتمون لجنسيات مختلفة‪,‬‬
‫وكذلك فيما يتعلق بتعيين المحكمة المختصة بالنظر في المنازعات التي قد تنشأ عن تلك العالقات‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 091‬وما بعدها‪ ،‬د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص‪ ،792‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.770‬‬
‫(‪ )2‬نقال عن رمضان أبو السعد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.776‬‬
‫(‪ ) 3‬يراجع في ذلك د‪ .‬عباس العبودي‪ ،‬تاريخ القانون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.799‬‬
‫(‪ )4‬انظر قانون ‪ 47‬لعام ‪7993‬م بشأن االنتخابات المادة (‪ ،)9‬أيضا قانون ‪ 0‬لعام ‪7990‬م "قانون العمل" المواد‬
‫‪79‬ـ ‪.36 ،30 ،34 ،39 ،33 ،37 ،32‬‬
‫‪799‬‬
‫وتنص المادة (‪ )43‬من القانون المدني على أن الجنسية اليمنية ينظمها قانون الجنسية وهو‬
‫(‪)1‬‬
‫القانون رقم ‪ 6‬لعام ‪7992‬م‪ .‬والجنسية نوعان هي الجنسية األصلية والجنسية الطارئة المكتسبة‪.‬‬
‫الجنسية األصلية‪ :‬وهي تلك التي تثبت للشخص عند الميالد على أساس رابطة الدم "حق‬ ‫أ‪-‬‬
‫الدم" أو على أساس رابطة اإلقليم "حق أإلقليم" وقد درجت الدول على األخذ بكال الرابطتين‬
‫رابطة الدم ورابطة أإلقليم‪ ،‬فتكون إحدى الرابطتين هي الرابطة األصلية واألخرى تأخذ الصفة‬
‫التكميلية‪ ،‬أي أنها ال تأخذ بإحدى الرابطتين دون األخرى انظر المادتين ‪ 9 ،3‬من قانون‬
‫الجنسية حيث أخذ المشرع اليمني برابطة الدم كأساس الكتساب الجنسية اليمنية فكل من ولد‬
‫ألب يتمتع بالجنسية اليمنية يكتسب هذه الجنسية سيان ولد في اليمن أو خارجها‪ .‬واذا كانت‬
‫رابطة الدم هي األساس إال أن المشرع اليمني أخذ ب اربطة اإلقليم في حاالت معينة كحالة‬
‫الذي يولد في اليمن من أم يمنية وأب مجهول الجنسية أو ال جنسية له‪ ،‬وكذلك حالة الطفل‬
‫الذي ولد في اليمن من أم يمنية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا‪...‬إلخ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ب – الجنسية الطارئة‪ :‬وهي التي تكتسب بعد الميالد ولسبب آخر غيره‪ ،‬وهي تكتسب عادة‬
‫بطريق الزواج أو بطريق التجنس(‪ .)2‬وقد حدد المشرع اليمني شروط اكتساب الجنسية اليمنية‬
‫وذلك في المواد ‪ 77 ،9 ،6 ،0 ،4‬من القانون‪ .‬والغالب بالنسبة إلى من اكتسب الجنسية‬
‫بسبب الزواج أو بالتجنس أال يتمتع فور كسبه للجنسية بكل الحقوق التي تثبت للوطنيين‬
‫"الجنسية األصلية" فحرم لمدة بعد اكتسابه الجنسية من التمتع ببعض الحقوق وخاصة‬
‫الحقوق السياسية‪ ،‬وذلك ما تقضي به المادة ‪ 39‬من قانون الجنسية اليمنية بقولها "األجنبي‬
‫المسلم الذي اكتسب الجنسية اليمنية عمل بأحكام المواد (‪ )77 ،9 ،6 ،0 ،4‬من هذا‬
‫القانون ال يكون له حق مباشرة الحقوق السياسية المقررة لليمنيين قبل انقضاء خمس عشر‬
‫سنة من تاريخ كسبة للجنسية المذكورة كما ال يجوز انتخابه أو تعيينه في أية هيئة نيابية قبل‬
‫مضي المدة المذكورة من التاريخ المذكور" ويوجد في قانون الجنسية األردني رقم ‪ 6‬لعام‬
‫‪7904‬م المعدل نصا مماثل للنص اليمني وهي المادة (‪ )74‬من قانون الجنسية األردني‬
‫وكذلك الحال في غيره من قوانين الجنسية كالكويتي الصادر في ‪7909‬م والمصري الصادر‬
‫في ‪7903‬م‪...‬إلخ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫وقد اعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر سنة ‪7943‬م الجنسية من المبادئ‬
‫األساسية التي تقوم عليها حقوق اإلنسيان‪ ،‬حيث نصت المادة (‪ )70‬من اإلعالن على أن لكل فرد‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.403‬‬


‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.373‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.469‬‬
‫‪322‬‬
‫حق التمتع بجنسية ما‪ ،‬وال يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفا وانكار حقه في تغييرها"‪.‬‬
‫وجاءت المادة(‪ )49‬من الدستور اليمني المعدل تطبيقا لما ورد في اإلعالن "ينظم قانون الجنسية‬
‫اليمني وال يجوز إسقاطها من يمني إطالقا وال يجوز سحبها ممن اكتسبها إال وفقا للقانون"‪.‬‬

‫‪ – 2‬الحالة العائلية‪:‬‬

‫يقصد بالحالة العائلية أو المدنية‪ ،‬مركز الشخص في أسرة معينة بوصفه عضوا فيها تربطه‬
‫بباقي أعضائها رابطة وثيقة من قرابة النسب ووحدة األصل‪ ،‬وقد تربطه بأعضاء أسرة أخرى رابطة‬
‫من قرابة المصاهرة‪.‬‬

‫أ – قرابة النسب‪ :‬يقصد بقرابة النسبة أو الدم‪ ،‬الصلة التي تقوم بين األشخاص يجمعهم‬
‫أصل مشترك‪ ،‬وهو ما عبر عنه القانون المدني بقوله "أقارب الشخص هم الذين يجمعهم معه أصل‬
‫مشترك‪ ...‬المادة (‪ )49‬وتنقسم قرابة النسب إلى قسمين هي القرابة المباشرة والقرابة غير المباشرة‬
‫أو قرابة الحواشي والقرابة المباشرة هي بحسب المادة (‪ )44‬من القانون المدني‪" ،‬الصلة بين األصل‬
‫والفروع" أي هي قرابة اآلباء واألمهات واألجداد والجدات مهما علو واألبناء والبنات واألحفاد‬
‫والحفيدات مهما نزلوا ألنهم إنما ينحدرون بعضهم من بعض بصورة مباشرة وعلى خط مستقيم‪.‬‬
‫فقرابة الشخص بجدة مثال هي قرابة مباشرة ألنه ينحدر منه انحدا ار مباش ار ويجمعهما عمود نسب‬
‫واحد هو العمود الذي يربط بين الشخص وأبيه ثم جده‪.‬‬

‫أما القرابة غير المباشرة أو قرابة الحواشي فهي بحسب المادة (‪ )44‬المشار إليها "هي الصلة‬
‫بين شخصين يجمعهما أصل مشترك دون أن يكون أحدهما فرعا لآلخر "كالقرابة بين األخ وأخيه‬
‫والولد وعمه وخاله"‪.‬‬

‫وتحسب درجة الحواشي بحسب الدرجات صعودا من الفرع لألصل ثم نزوال إلى الفرع اآلخر‪،‬‬
‫وكل فرع يعتبر درجة دون أن يحسب األصل المشترك فاألخ يعتبر من الدرجة الثانية بالنسبة‬
‫ألخيه ألن األصل المشترك بينما هو األب وكل منهما يعد درجة بالنسبة إلى األصل المشترك الذي‬
‫هو األب فالمجموع درجتان وهكذا "المادة ‪ "40‬من القانون المدني‪ .‬وقد سميت هذه القرابة بالقرابة‬
‫غير المباشرة أو قرابة الحواشي ألن األقارب فيها ال ينحدرون بعضهم عن بعض على خط مستقيم‪،‬‬
‫وانما هو يوزعون على عمودين مستقلين للنسب يلتقيان معا عند األصل المشترك‪.‬‬

‫وقرابة النسب سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة إنما تكون على نوعين وهما‪ :‬قرابة‬
‫العصبات أو القرابة العصبية‪ ،‬وقرابة األرحام أو القرابة الرحمية‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫أما القرابة العصبية فهي التي تكون عن طريق األب كقرابة الشخص لجده ألبيه مثال أو‬
‫لعمه‪ .‬وأما القرابة الرحمية فهي التي تكون عن طريق األم كقرابته لجده ألمه أو لخاله مثال‪.‬‬
‫( ‪)1‬‬

‫ب – قرابة المصاهرة‪ :‬المصاهرة صلة قانونية تنشأ بسبب الزواج بين أحد الزوجين وأقارب‬
‫الزوج اآلخر‪ ،‬والمصاهرة صلة شخصية بحث‪ .‬ولم ينظم المشرع اليمني قرابة المصاهرة كما فعلت‬
‫وصلة المصاهرة ال تكون إال بين أحد الزوجين‪ ,‬أقارب الزوج اآلخر والصلة‬ ‫( ‪)2‬‬
‫التقنينات العربية‬
‫التي تربط بين الزوجين هي صلة ذات طبيعة خاصة‪ ،‬فهي ليست صلة مصاهرة ولو أنها هي التي‬
‫تنشأ صلة المصاهرة‪.‬‬
‫أن المشرع اليمني وان لم يورد نص بشأن قرابة المصاهرة كما سلف القول‪ ،‬إال أنه رتب على‬
‫قرابة المصاهرة آثارها القانونية‪ ،‬كما هو الحال عليه في قانون المرافعات والتنفيذ المدني‪.‬‬
‫المادة ‪ 93 ،47‬فقرة ‪ 4 ،9 ،7‬والمادة‪ 722‬فقرة ‪ .3‬كذلك المادة ‪ 61‬من قانون اإلثبات‬
‫والمادة ‪ 93‬فقرة ‪ 4‬من قانون األحوال الشخصية‪.‬‬

‫آثار القرابة‪ :‬يترتب على القرابة آثار قانونية مهمة من حيث تحديد ما لشخص من حقوق وما‬
‫عليه من التزامات عائلية‪ ،‬أي تحديد حقوق األسرة‪ ،‬كالحق في اإلرث والنفقة والحق في الحضانة‬
‫وواجب الطاعة‪ ،‬وكذلك من حيث تحديد المحرمات من النساء سواء حسب قرابة النسب أو قرابة‬
‫المصاهرة ‪ .‬وتؤثر القرابة أيضا على النشاط القانوني للشخص‪ ،‬فمثال يعتبر القاضي غير صالح‬
‫لنظر الدعوى إذا كانت له صلة قرابة بأحد أطرافها المادة ‪ 317‬فقرة ب إجراءات جزائية‪.‬‬

‫‪ – 3‬الحالة الدينية‪:‬‬
‫ينص الدستور اليمني على أنه "المواطنين جميعهم مساوون في الحقوق والواجبات العامة"‬
‫ومعنى ذ لك أن الحالة الدينية ال تؤثر على صالحية الشخص في اكتساب الحقوق والتحمل‬
‫بالواجبات غير أن هذا األصل قد يرد عليه استثناءات مثال المادة ‪ 7349‬مدني يمني والتي نصت‬
‫بأنه يجوز للمسلم إحياء أو تحجر األرض الموات المباحة للكافة وهي التي لم يملكها أحد وال‬
‫تحجرها أحد وال تعلق بها حق عام أو خاص طبقا لما هو منصوص عليه‪ ...‬وهذا االستثناء يعود‬
‫إلى تطبيق الشريعة اإلسالمية باعتبارها مصدر جميع التشريعات كذلك الحال فيما يتعلق بتطبيق‬
‫قانون األحوال الشخصية فالحقوق والواجبات التي تثبت للشخص تختلف باختالف الدين الذي‬

‫(‪ )1‬للتفصيل انظر د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.441‬‬


‫( ‪ )2‬المدني المصري المادة (‪ )91‬والمدني األردني (‪ ،)91‬والمدني العراقي م(‪ ،)3/99‬والمدني السوري (‪،)99‬‬
‫والمدني الليبي (‪.)91‬‬
‫‪323‬‬
‫ينتسب إليه‪ .‬وينبغي اإلشارة إلى أن معظم الشعب اليمني يدين باإلسالم باستثناء مجموعة قليلة‬
‫( ‪)1‬‬
‫تدين باليهودية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬األهلية‬
‫األهلية لغة هي الصالحية‪ :‬يقال فالن أهل لعمل كذا إذا كان صالحا للقيام به‪ .‬في اصطالح‬
‫األصوليين صالحية الشخص لإللزام وااللتزام بمعنى أن يكون الشخص صالحا ألن تلزمه حقوق‬
‫(‪)2‬‬
‫لغيره‪ ،‬وتثبت له حقوق قبل غيره وصالحا ألن يلتزم بهذه الحقوق على وجه يعتد به شرعا‪.‬‬
‫واألهلية عند فقهاء القانون الوضعي هي صالحية الشخص الكتساب الحقوق وتحمل‬
‫االلتزامات وينصرف اصطالح األهلية تارة إلى ما يسمى بأهلية الوجوب وتارة أخرى إلى ما يسمى‬
‫بأهلية األداء وان كان الغالب أن يقصد بكلمة األهلية أو انعدامها أو نقصها أهلية األداء ال أهلية‬
‫الوجوب‪ ،‬ألنه إذا انعدمت أهلية الوجوب فال يتصور البحث في أهلية األداء‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ – 6‬تعريف أهلية الوجوب‬


‫هي صالحية الشخص الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات‪ ،‬أي صالحيته في أن يكون‬
‫طرفا إيجابيا أو سلبيا في الحقوق‪ .‬وهي ترتبط بالشخصية القانونية‪ .‬فكل شخص له أهلية وجوب‬
‫أي يصلح لوجوب الحقوق المشروعة له أو عليه‪ .‬وهذا يثبت له بمجرد الوالدة كما تثبت له قبل‬
‫الوالدة "الحمل المستكن"‪ ،‬فقد سبق القول أن الجنين يثبت له الحق في الميراث من مورثه وفي‬
‫الوصية ممن يوصى له‪.‬‬
‫‪ – 2‬تعريف أهلية األداء‬
‫هي صالحية الشخص إلبرام تصرفات قانونية تستهدف إنشاء حقوق وااللتزامات أو استعمال‬
‫ويمكن إبراز الفرق بين أهلية الوجوب وأهلية األداء على‬ ‫(‪)4‬‬
‫تلك الحقوق والوفاء بهذه االلتزامات‪.‬‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫أ – أن أهلية الوجوب تكتسب الوجوب بمجرد الميالد‪ ،‬أي مجرد بدء الشخصية‪ ،‬وقد تكتسب قبل‬
‫ذلك في حالة الجنين‪ ،‬بخالف أهلية األداء فأنها ال تتوافر للشخص إال ببلوغ سن معينة‪.‬‬

‫(‪ )1‬للتفاصيل ارجع د‪ .‬محمد عبد الكريم عكاشة‪ ،‬يهود اليمن والهجرة إلى فلسطين‪ ،‬الطبعة األولى‪7999 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬ارجع في ذلك د‪ .‬حسن محمد مقبول األهدل‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة الجيل الجديد‪،‬‬
‫صنعاء‪7992 ،‬م‪ ،‬ص‪ 371‬وما بعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬محمد سعود المعيبي‪ ،‬اإلكراه وأثره في التصرفات الشرعية "بحث مقارن بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪،‬‬
‫ط‪ ،7‬منشورات مكتبة سام‪7930 ،‬م‪ ،‬ص‪ 77‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.331‬‬
‫(‪ )4‬انظر مفصال د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 423‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪329‬‬
‫ب – األصل في أهلية الوجوب تبدأ كاملة بمجرد الوالدة‪ .‬وتبقى مالزمة للشخص طوال حياته‪ ،‬ال‬
‫تتأثر بصغر أو مرض أو آفة عقلية‪ .‬أما أهلية األداء فتتدرج مع السن‪ ،‬فال تبلغ درجة‬
‫الكمال إال في سن معينة‪ .‬وقد تنعكس بعد ذلك لعارض الحق‪.‬‬
‫ج – عديم أهلية الوجوب ال عالج له‪ ،‬فال يستطاع إصالحه بإحالل شخص محل شخص آخر‪.‬‬
‫بخالف عدم أهلية األداء ما ال يستطيع عديم األهلية أن يباشره بنفسه‪ ،‬يجوز أن يباشره عنه‬
‫نائب قانوني‪.‬‬
‫أن صالحية الشخص إلجراء األعمال والتصرفات ذات النتائج القانونية ومباشرتها بنفسه ال‬
‫تتعلق بصفته اإلنسانية وحدها بل بتوجب لثبوتها أن يكون هذا الشخص على قدر كاف من العقل‬
‫واإلدراك يسمح له بمعرفة نتائج أعماله والتبصر فيها‪ ،‬أي أن مناط أهلية األداء هو التمييز ولذلك‬
‫جعل القانون السن معيار تحديد درجة التمييز لدى الشخص كما أن التمييز يتأثر أيضا بعوارض‬
‫أخرى قد تصيب الشخص بعد بلوغه سن الرشد كالجنون والعته والسفه والغفلة كما هو الحال في‬
‫(‪)1‬‬
‫القوانين المدنية العربية‪.‬‬
‫‪ – 3‬تدرج األهلية بحسب السن‬
‫قسم القانون حياة اإلنسان إلى ثالث مراحل‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬مرحلة الصبي غير المميز‬
‫يبدأ هذه المرحلة منذ والدة الشخص وتنتهي عند بلوغه سنا يستطيع معها أن يعرف معاني‬
‫األلفاظ ويقدر على التمييز كأن يميز بين الغبن الفاحش والغبن اليسير كما تورد المادة ‪ 949‬من‬
‫مجلة األحكام العدلية‪ .‬وقد حدد القانون المدني اليمني سن التمييز في المادة ‪ 03‬حيث نص على‬
‫أن "سن التمييز هي عشر سنين كاملة" وال يملك هذا الصبي أي أهلية إلبرام التصرفات القانونية‪،‬‬
‫لكونه عديم التمييز وبالتالي عديم األهلية‪ ،‬واذا أقدم على تصرف من التصرفات كان باطال بطالنا‬
‫مطلقا‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬الصبي المميز‬

‫هو الصبي الذي أكمال السنة العاشرة من عمره ولم يبلغ الخامسة عشرة‪ ،‬ويكون للصبي‬
‫الميز أهلية أداء ناقصة‪ ،‬إذا يفترض في هذه المرحلة أنه لم يتوافر له أسباب التمييز كاملة ويظل‬
‫الشخص ناقص األهلية إلى أن يبلغ سن الرشد وهي ‪70‬ىسنة كاملة‪.‬‬

‫(‪ )1‬القانون المدني ال يعتر الغفلة من بين عوارض األهلية‪ ،‬انظر المادة ‪ 46‬مجني مصري ‪ 739‬مدني أردني‬
‫‪ ،772‬وفي ليبيا قانون ‪ 71‬لعام ‪ 7993‬م بشأن تنظيم األحوال للقاصرين ومن في حكمهم المادة ‪ 77‬فقرة ج‪،‬‬
‫وفي سوريا المادة ‪ 322‬من قانون األحوال الشخصية‪.‬‬
‫‪324‬‬
‫أن تمتع الصبي المميز بأهلية أداء ناقصة‪ ،‬مؤداها السماح له ببعض التصرفات وعدم‬
‫السماح له بغيرها‪ .‬وتصرفات الشخص عادة تتحدد بثالث أشكال من حيث نفعها أو ضررها كما‬
‫وهذه التصرفات أما أن تكون نافعة له نفعا محضا‪ ،‬وهذه صحيحة يعترف بها‬ ‫(‪)1‬‬
‫قسمها الحنفية‬
‫القانون إذا مارسها الشخص‪ ،‬كقبول الهبة‪ ،‬كون الهبة نافعة للموهوب له نفعا خالصا لدخول أموال‬
‫إلى ذمته بال مقابل‪.‬‬

‫أما النوع الثاني من التصرفات‪ ،‬فهي الضارة له ضر ار محضا ومثالها أن يوهب هو أمواله‬
‫وهذه باطلة بطالنا مطلقا‪ .‬أما النوع الثالث من التصرفات فهي الدائرة بين النفع والضرر‪ ،‬كالبيع‬
‫واإليجار‪ ،‬فأنها تكون صحيحة من جانب الصبي المميز‪ ،‬على اعتبار أنه يتمتع بأهلية األداء إال‬
‫أنها موقوفة على إجازة الولي أو الوصي نظ ار لنقصان أهلية األداء من الصبي المميز‪ ،‬فإذا أجاز‬
‫وقد فصلت‬ ‫(‪)2‬‬
‫الولي تصرفه فقد سد النقص بإجازته‪ ،‬فيصير التصرف صالحا لترتب آثاره عليه‪،‬‬
‫المادة (‪ )67‬مدين يمني‪.‬‬

‫على أن المشرع اليمني قد راعى من ناحية أخرى أن ناقص األهلية يتجه رشده إلى االكتمال‬
‫امى َحتى ِإ َذا َبَل ُغوا‬
‫كلما اقترب من السنة المحددة لكمال الرشد والمذكور في قوله تعالي " َو ْابَتُلوا اْلَي َت َ‬
‫َمَواَل ُه ْم"(‪ )3‬وتطبيقا لذلك قضت المادة ‪ 63‬من القانون‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫الن َك َ ِ‬
‫اح َفإ ْن َآن ْستُ ْم م ْن ُه ْم ُرْش ًدا َف ْادَف ُعوا إَل ْيه ْم أ ْ‬
‫المدني اليمني بأن "الصبي المميز يختبر في رشده قبل بلوغه بأن يأذن له وليه أو وصيه بإدارة‬
‫شيء من ماله‪ ،‬ويختلف باختالف األحوال فولد التاجر بالبيع والشراء والمحترف بما يتعلق بحرفته‬
‫وولد المزارع بالمزرعة والصبية بتدبير شؤون بيتها وذلك لمعرفة الغاية المقصودة من االختبار"‪.‬‬
‫ولما كان الغرض هو اختبار مدى نباهة الصبي المميز وقدرته على حسن التصرف ووزن األمور‬
‫بالشكل السليم الذي يحقق مصالحه إذ كان لزاما على المشرع أن يعتد اآلثار القانونية لتلك‬
‫التصرفات المأذون بها ولذا قضت المادة ‪ 69‬مدين يمني بقولها "يقع صحيحا منتجا لجميع آثاره‬
‫تصرف الصبي المميز فيما أذن له به على النحو المبين في المادة (‪ )63‬ويستثنى من ذلك الغبن‬
‫الفاحش‪...‬إلخ‪.‬‬

‫واشترط القانون أن يكون اإلذن في الوالي أو الوصي‪ ،‬كما اشترط إشهار هذا اإلذن وال يعتد‬
‫باإلذن قبل إشهاره المادتين ‪ 17 ،63‬مدين يمني‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمود محمد طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.962‬‬


‫( ‪ )2‬انظر د‪ .‬محمد سعود المعيبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،70‬د‪ .‬حسن محمد مقبول األهدل‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص‪.337‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء اآلية ‪.0‬‬
‫‪320‬‬
‫ونالحظ أن المشرع اليمني في المادة (‪ )63‬لم يحدد السن التي يجوز فيها اإلذن للصبي‬
‫(‪)2‬‬
‫واكتفى باستخدام لفظ قبيل‬ ‫المميز بإدارة شيء من ماله‪ ،‬كما فعلت معظم التشريعات العربية‬
‫(‪)1‬‬

‫وقد فعل خيرا‪ ،‬حيث أن اكتمال النضج العقلي ال يتوافر عند جميع األشخاص في سن واحدة‪ ،‬بل‬
‫يختلفان باختالف األشخاص‪ ،‬فقد يتوافر النضوج والنباهة عند شخص قبل توافرها عند شخصا‬
‫آخر‪ ،‬لذا كان تحديد السن التي يجوز فيهما اإلذن باإلدارة فيه تحكم غير قليل‪ ،‬أتبع فيه المشرع‬
‫طريقة الكم بدال من طريقة الكيف‪ ،‬والتي جعلها المشرع اليمني سلطة تقديرية بيد الولي أو الوصي‪.‬‬
‫ناهيك عن أن تحديد السنة جائز فيها اإلذن للقاصر بإدارة شيء من ماله هي حالة خاصة عكس‬
‫تحديد سن الرشد بسن محدد والذي يقوم على أساس قرينة معينة هي أن شخص في هذا السن‬
‫تكتمل إرادته ويتم نضجه العقلي مع أن هذه القرينة ليست صحيحة دائما إنما اقتضتها الضرورة‬
‫العملية‪ ،‬ثم أن التشريع يكون للغالب في الحاالت‪ ،‬والغالب أن يكتمل النضج العقلي في سن معينة‬
‫قدرها معظم الفقهاء بتمام الخامسة عشرة وهذه السن هي التي تظهر فيها عالمات البلوغ المعروفة‪.‬‬
‫ناهيك عن أن تطور العلم والمعرفة واالتصال وغيرها من وسائل المدنية وانتشار التعليم‪...‬إلخ‪.‬‬
‫عامل أثر النضوج العقلي وهذا االتجاه الغالب اليوم‪ ،‬عكس ما يذهب إليه البعض من أن سن‬
‫الرشد في القانون المدني اليمني متدني مقارنة بمعظم التشريعات العربية(‪ 3‬والجدير بالتنويه أن لفظ‬
‫اإلدارة في المادة (‪ )63‬مدني يمني ليس المقصود منه حرفيته‪ ،‬علما أن لفظ "إدارة" ليس له جذر‬
‫وانما المقصود اصطالح الحديث لمعني اإلدارة‪ ،‬بدليل األمثلة اللي يوردها‬ ‫لغوي في اللغة العربية‬
‫( ‪)4‬‬

‫النص لمعرفة الغاية المقصودة من االختبار ناهيك عن الدليل الشرعي للنص ذاته وهي اآلية‬
‫السالفة الذكر من سورة النساء‪ ،‬والتي ابتدأت بكلمة "ابتلوا" أي اختبروا‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬سن الرشد‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 779‬فقرة ‪ 7‬مدني أردني حددتها بـ ‪ 70‬سنة‪ ،‬المادة ‪ 773‬مدني مصري حددتها بـ ‪ 73‬سنة‪ ،‬المادة ‪779‬‬
‫مدني سوري ‪ 774‬أحوال شخصية سوري بت ‪ 70‬سنة‪ ،‬أما المادة ‪ 776‬أحوال شخصية سوري فأوردت حكم‬
‫خاص يتعلق بإدارة أمواله التي كسبها بعمله الخاص وحددت السنة بـ ‪ 79‬سنة‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬قبيل تصغير قبل‪ .‬يقال جاء فالن قبيل الهصر "أي قبله بزمن يسير‪ ،‬انظر المنجد في اللغة واإلعالم‪ ،‬الطبعة‬
‫‪ ،33‬منشورات دار المشرق‪ ،‬بيروت‪7936 ،‬م‪ /‬ص‪.621‬‬
‫( ‪ )3‬انظر د‪ .‬سعد محمد سعد‪ ،‬أحكام األهلية في القانون المدني اليمني‪ ،‬مجلة القانون‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬والتاسع‪،‬‬
‫تصدرها كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عدن‪ ،‬السنة ‪7990-94‬م‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫(‪ ) 4‬انظر تاج العروس‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬معجم متن اللغة‪ ،‬مختار الصحاح‪.‬‬
‫‪326‬‬
‫قال تعالى في كتابه‬ ‫(‪)1‬‬
‫الرشد لغة االستقامة على طريق الحق‪ ،‬وهو ضد الضالل والغي‬
‫الكريم "ال إكراه في الدين‪ ،‬قد تبين الرشد من الغي" القرة ‪.306‬‬

‫والرشد عن الفقهاء الصالح في المال‪ ،‬وذلك عند األئمة الثالثة‪ :‬أبي حنيفة ومالك وأحمد‪،‬‬
‫وهو الصالح في الدين والمال معا عند الشافعي أما المشرع اليمني فيعرف الرشد بأنه حسن‬
‫التصرف في المال المادة ‪ 72‬مدني والرشد ال يعرف إال باختبار فإذا بلغ رشيدا صار أهال لكل‬
‫التصرفات‪ ،‬وأصبح وليا على نفسه‪ ،‬وزالت عنه والية غيره‪ ،‬وسلمت إليه أمواله باتفاق الفقهاء‪ .‬أما‬
‫إذا بلغ غير رشيد فأنه ال يسلم إليه ماله باتفاق الفقهاء وقد عبرت عن ذلك المادة (‪ )0‬مدني يمني‬
‫بقولها "سن الرشد ‪ 70‬سنة كاملة إذا بلغها الشخص متمتعا بقواه العقلية رشيدا في تصرفاته يكون‬
‫كامل األهلية لمباشرة حقوقه المدنية والتصرف فيها" والرشد ال يحتاج إلى حكم إال عند الخالف‬
‫عليه بين الصغير مدعي الرشد وبين وليه أو وصيه‪ ،‬المادة ‪ 62‬مدني يمني‪ .‬ويجب كي تكتمل‬
‫األهلية أن يبلغ الصبي سن الرشد متمتعا بكامل قواه العقلية‪ ،‬وكل من يبلغ سن الرشد وكان سفيها‬
‫يكون ناقص األهلية في حكم الصبي المميز ومن لم يبلغ سن التمييز أو بلغها مجنونا أو معتوها‬
‫يكون فاقد األهلية "المادة ‪ 03‬مدني يمني" غير أن الشخص قد يعترض أهليته عارض يفقده التمييز‬
‫واإلدراك‪.‬‬

‫‪ – 4‬عوارض األهلية‬

‫العوارض جمع عارض‪ :‬وهو ما يط أر على أألهلية بعد كمالها‪ ،‬فقد يط أر على األهلية بعد‬
‫وجودها ما يزيلها أو ينقصها‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وعوارض األهلية في القانون اليمني هي‪ :‬الجنون والعته والسفه‪.‬‬

‫‪ – 6‬الجنون والعته‬

‫والجنون هو اختالل العقل بما يفقد الشخص اإلدراك والتمييز كلية‪ .‬أما العته فهو نقصان‬
‫ويختلف‬ ‫(‪) 3‬‬
‫العقل أو احتالله‪ ،‬يجعل الشخص قليل الفهم مضطرب القول والفعل فاسد التدبير‬
‫احدهما عن اآلخر من حيث أن العته ال يرافقه اضطراب الجنون‪ ،‬فهو أشبه ما يكون من الجنون‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمود محمد طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.963‬‬


‫(‪ )2‬عوارض األهلية في التشريعات العربية أربعة هي الجنون والعته والسفه والغفلة‪ .‬انظر مدني مصري المادة ‪46‬‬
‫مدني أردني المادة ‪ 731‬فقرة ‪ ،3‬أحوال الشخصية سوري المادة ‪ ،322‬مدني عراقي المادة ‪ ،772‬أما في ليبيا‬
‫المادة ‪ 77‬فقرة ج من القانون رقم ‪ 71‬لسنة ‪7993‬م بشأن أموال القاصرين من في حكمهم‪.‬‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،403‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.034‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪321‬‬
‫وقد ساوى القانون المدني اليمني بين المجنون والمعتوه من حيث األهلية فاعتبر كل‬ ‫( ‪)1‬‬
‫الهادئ‪.‬‬
‫منهما عديم األهلية‪ ،‬كالصغير غير المميز‪ ،‬وبذلك تنص المادة "‪ :03‬منه على انه "من لم يبلغ‬
‫سن التمييز أو بلغها مجنونا أو معتوها يكون فاقد األهلية تبعا النعدام تمييزهما‪ ،‬فال يستطيع أي‬
‫منهما "المجنون والمعتوه" إجراء أي نوع من التصرفات بنفسه‪ ،‬وكل ما يجريه منها يعد باطال وال‬
‫يعتد به من الوجهة القانونية‪.‬‬
‫والمجنون والمعتوه محجور عليهما ابتداء‪ ،‬وليس بحاجة إلى قرار من المحكمة بالحجز‬
‫عليهما المادة (‪ )03‬مدني وخروجا على هذا األصل يلزم الحكم بالحجز من محكمة موطن‬
‫المحجوز عليه وذلك في حالة اإلصابة بالجنون بعد بلوغ سن الرشد‪ ،‬على أن يتضمن الحكم‬
‫الصادر بالحجز تعيين منصوبا عن المحجوز عليه يسلم إليه ماله لحفظه أو استغالله لمصلحة‬
‫المحجوز عليه المادة (‪ )09‬مدمني‪.‬‬

‫ومن المسلم به أن التصرفات التي يقوم بها من أصيب بالجنون بعد بلوغه سن الرشد تكون‬
‫باطلة إذا صدرت منه بعد الحجر عليه بحكم المحكمة‪ ،‬أما تصرفاته الصادر عنه قبل الحكم‬
‫بالحجر عليه‪ ،‬فال شك في صحتها باعتبار أن الحكم بالحجر ال تنتج أثره إال من لحظة صدوره‪،‬‬
‫ناهيك عن اشتراط القانون إشهاره في ذات اليوم إلي يصدر فيه وذلك بإثباته في السجل المعد‬
‫لذلك‪...‬إلخ المادة (‪ )12‬مدني‪.‬‬

‫ويفرق فقهاء الشريعة اإلسالمية بين الجنون الذي ال يفيق الشخص منه‪ ،‬والجنون المتقطع‬
‫تصرفات‬ ‫الذي تتخلله فترات إفاقة‪ ،‬فيصححون تصرفات المجنون إذا ما أجريت في فرات اإلفاقة‬
‫(‪)2‬‬

‫المجنون غير المطبق في حالة إفاقته كتصرفات العاقل‪ ،‬المادة (‪ )932‬من مجلة األحكام العدلية‬
‫تنص على أنه يرتفع الحجر عن المجنون‬ ‫( ‪)3‬‬
‫وقد أخذ المشرع اليمني بذلك فالمادة (‪ )63‬مدني‬
‫باإلفاقة من الجنون وتصح التصرفات التي تصدر عنه في حالة اإلفاقة ويجوز لمن أفاق من جنون‬
‫أن يطلب من محكمة موطنه رفع الحجر عنه وتسليم أمواله إليه‪ .‬كما يجوز لوليه أو الوصي‬
‫المنصوب عنه ذلك وال تصح ق اررات من رفع الحجز عنه لجنون عن تصرفاته حال الجنون وال‬
‫إجازته لتلك التصرفات"‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.909‬‬
‫( ‪ ) 2‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد احمدي محمد الجمال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،406‬د‪ .‬محمود محمد‬
‫طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،964‬د‪ .‬حسن محمد مقبول األهدل‪ ،‬المرجع السابق‪.936-930 ،‬‬
‫(‪ )3‬انظر مجلة األحكام العدية المواد ‪944‬ـ ‪ .932 ،919‬والمادة ‪ 723‬مدني عراقي والمادة ‪ 733‬فقرة ‪ 3‬مدني‬
‫أردني‪.‬‬
‫‪323‬‬
‫ويتضح من النص السابق اآلتي‪:‬‬

‫‪ -7‬األصل في الحجر يرفع عن المجنون عند اإلفاقة من الجنون‪ ،‬أي دون حاجة إلى إصدار‬
‫حكم يرفعه‪.‬‬
‫‪ -3‬التصرفات التي تصدر عن المجنون في حالة إفاقته صحيحة أي كتصرفات العاقل‪ ،‬أما حالة‬
‫عدم اإلفاقة فحكمه كحكم الجنون المطبق "حكم الصغير غير المميز"‪.‬‬
‫‪ -9‬المجنون الذي يف يق من جنونه أي الذي عاد له عقله‪ ،‬كما قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم "رفع القلم عن ثالثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون‬
‫حتى يعقل"‪ .‬فقد أجاز له القانون أن يطلب من المحكمة رفع الحجر عنه وتسليم أمواله إليه‬
‫وذلك في حالة ما إذا نازع الوصي تسليمه أمواله إلدارتها والصرف فيها فينازعه الوصي في‬
‫ذلك عندما يلجأ المجنون الذي أفاق إلى المحكمة لتصدره حكما برفع الحجر والحكم هنا‬
‫(‪)1‬‬
‫تقريري "كاشف" وليس منشئ‪.‬‬
‫‪ -4‬أجاز القانون للولي أو الوصي التقدم إلى المحكمة وطلب إصدار حكم برفع الحجر عن‬
‫المجنون وذلك أما حماية له المجنون" أما لغير الذي ينازعه في اإلفاقة‪ ،‬وأما لكي يستوثق‬
‫من إفاقة المجنون بصدور الحكم برفع الحجر وبسلم األموال التي بحوزته ويخلي‬
‫( ‪)2‬‬
‫مسئوليته‪.‬‬

‫ب – السفه‬
‫السفه في اللغة‪ :‬الخفة وفي االصطالح عبارة عن التصرف في المال‪ ،‬على خالف مقتضى‬
‫ولم يعد القانون المدني السفيه محجو ار لذاته‪ ،‬بل أوجب صدور‬ ‫(‪) 3‬‬
‫الشرع والعقل‪ ،‬مع قيام العقل‪.‬‬
‫حكم بالحجر عليه‪ .‬واذا حجر عليه أصبح حكمه حكم الضبي المميز "ناقص األهلية" المادة ‪.64‬‬

‫( ‪ )1‬انظر د‪ .‬إبراهيم نجيب سعد‪ ،‬القانون القضائي الخاص‪ ،‬ج‪ ،3‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪،‬‬
‫ص‪ 794‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.720‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬محمد سعود المعيني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪329‬‬
‫وتطبيق حكم الصبي المميز على السفيه يقتضي بطالن تصرفاته الصادرة ضر ار محضا‪،‬‬
‫وصحة تصرفاته النافعة نفعا محضا‪ ،‬وقابلية تصرفات الدائرة بين النفع والضرر لإلبطال‪ ،‬وهذه‬
‫التصرفات موقوفة على إجازة الولي والوصي‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك فقد قرر القانون عدم صحة إق ارر السفيه المحجور عليه بدين مطلقا أما إذا‬
‫كان إق ارره متعلقا بشيء غير المال فيعد صحيحا وبذلك تنص المادة (‪ )60‬مدني يمني على أنه ال‬
‫يصح إقرار السفيه المبذر المحجور عليه بدين مطلقا ويصح إق ارره بما ال يتعلق به مال"‪.‬‬
‫والسفه يخالف الجنون والعته‪ ،‬ألن السفيه عاقل بخالف المجنون والمعتوه‪ ،‬لكن معه وجود‬
‫عقله يعد غير رشيد بالنسبة لتصرفاته المالية‪ ،‬باستثناء الوصية‪ ،‬ألنها تصرف مضافا لما بعد‬
‫الموت المادة ‪ 66‬مدني يمني‪ .‬أما طالق السفيه فهو صحيح ألن الحجر عليه في التصرفات‬
‫(‪)1‬‬
‫المالية وهذا رأي جمهور الفقهاء‪.‬‬
‫والحجر على السفيه ال يرفع إال بصدور حكم عكس الحجر على المجنون كما تقدم‪ ،‬ويصدر‬
‫الحكم برفع احجر على السفيه ويسلم إليه ماله وتكون تصرفاته بعد رفع الحجر صحيحة بما في‬
‫ذلك إجازته لتصرفاته السابقة على رفع الحجر واق ارراته‪ .‬المادة ‪ 61‬مدني يمني‪.‬‬
‫موانع األهلية‪ :‬قد يكون الشخص كامل األهلية أي أن ه بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية‬
‫غير محجو از عليه‪ ،‬إال أن هناك ظروف معينة مادية أو طبيعية أو قانونية‪ ،‬يترتب على وجدودها‬
‫في هذه الحاالت‬ ‫(‪)2‬‬
‫أال يتمكن من مباشرة التصرفات القانونية أو أال يتمكن من مباشرتها منفردا‬
‫يقرر لها القانون تعيين شخص آخر يباشر عنه هذه التصرفات أو يقوم إلى جانبه عند مباشرتها‪.‬‬
‫‪ – 6‬الغيبة‬
‫الغيبة مانع قانون يتحول بين الشخص وبين مباشرة التصرفات القانونية بنفسه رغم اكتمال‬
‫أهليته‪ .‬وقد نص القانون المدني اليمني على زوجة الغائب وأوالده البالغون وكالء عنه في ماله‬
‫إلدارته‪ ،‬وذلك إذ خفي مكانه وانقطعت أخباره ومضت سنة على غيابه ولم يكن له وكيل أو ولي أو‬
‫وصي‪ .‬وان لم يكن له زوجة أو أوالد أو ثبت تفريطهم وخشي ضياع المال تعين المحكمة منصوبا‬
‫عنه‪ ،‬على أن تكون األقدمية في ذلك للرشيد األمين من أقاربه تسلم إليه أموال الغائب للمحافظة‬
‫عليها‪ .‬ويتمتع المنصوب عن الغائب بسلطات الوصي وعليه واجباته تحت إشراف المحكمة‪ .‬المادة‬
‫‪.04‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمود محمد طنطاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.961‬‬


‫د‪ .‬حسن محمد مقبول األهدل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.336‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪،‬‬
‫‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.336‬‬
‫‪372‬‬
‫والغيبة مانع مؤقت تنتهي بزوال سببه‪ ،‬أو بموت الغائب أو الحكم باعتباره ميتا‪.‬‬

‫‪ – 2‬العاهة البدنية‬

‫العاهات البدنية كالعمى والصمم ال تؤثر في أهلية اإلنسان‪ ،‬لكنها تقيم مانعا ماديا يمنع‬
‫الشخص المصاب بهذه العاهات من القيام بتصرفات معينة لعدم استطاعته توفير الشروط الالزمة‬
‫لسالمة هذه التصرفات‪ ،‬فاألعمى ال يمكنه أن يعمل وصية سرية بسبب عدم استطاعته قراءة‬
‫وما‬ ‫الوصية التي يكتبها غيره‪ ،‬واألصم األبكم األمي ال يستطيع أن عمل وصية أيا كان شكلها‬
‫(‪)1‬‬

‫تقدم ليس إال استحالة مادية وليس عدم أهلية يحول دون إبرام تصرفات قانونية‪ .‬ولقد نصا المادة‬
‫(‪ )00‬من القانون المدني اليمين على انه "يجوز لمحكمة موطن األخرس أو من كان ذا عاهة‬
‫تعوقه عن مباشرة حقوقه بطريقة طبيعية أن تعين له بناء على طلب مساعد يعاونه في ذلك ويوقع‬
‫معه ما يصدر منه وال يجوز للمساعد أن يباشر بمفرده شيئا خاصا بمن يساعده‪.‬‬
‫ونالحظ أن القانون اليمني يكتفي بعاهة واحدة لجواز الحكم بتعيين مساعد قضائي‪ ،‬بخالف‬
‫القانون المصري الذي اشترط عاهتين كذلك القانون السوري والليبي واألردني والعراقي والذي يجيز‬
‫للمحكمة أن تنصب على ذي العاهتين وصيا بدال من مساعد قضائي وبذلك يكون القانون اليمني‬
‫( ‪)2‬‬
‫أقل تشددا من التقنينات العربية‪.‬‬
‫أن تعيين المساعد القضائي أمر متروك لذي العاهة نفسه وال يعتد به إذا قدم الطلب من غيره‪.‬‬
‫ولم يبين القانون الم دني اليمني مصير التصرفات التي يبرمها ذو العاهة بغير معاونة‬
‫المساعد وقد جارى في ذلك القانون المدني العراقي وذلك بخالف القوانين المدنية العربية األخرى‬
‫والتي نصت على أنه "يكون قابال إلبطال كل تصرف من التصرفات التي تقررت المساعدة‬
‫القضائية فيها‪ ،‬متى صدرت من الشخص الذي تقررت المساعدة قضائيا‪ ،‬بغير معاونة المساعد إذا‬
‫(‪)3‬‬
‫صدر التصرف بعد تسجيل المساعدة‪.‬‬
‫ومن الصعوبة القول أنه يمكن الوصول إلى نفس النتيجة في القانون اليمني بغير نص‪ ،‬إذا‬
‫أن البطالن أو القابلية لإلبطال ال تكون إال بنص‪.‬‬

‫(‪)1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.439‬‬


‫(‪ )2‬المادة ‪ 771‬فقرة ‪ 3‬مدني مصري‪ ،‬المادة ‪ 793‬مدني أردني‪ ،‬المادة ‪ 771‬فقرة ‪ 7‬مدني ليبي‪ ،‬المادة ‪724‬‬
‫مدني عراقي‪ ،‬المادة ‪ 721‬مدني كويتي‪ ،‬المادة ‪ 773‬فقرة ‪ 7‬مدني سوري‪ ،‬المادة ‪ 32‬مدني جزائري‪.‬‬
‫(‪ )3‬المادة ‪ 771‬فقرة ‪ 7‬مدني مصري‪ 724 ،‬مدني عراقي‪ 771 ،‬فقرة ‪ 3‬ليبي‪ 773 ،‬فقرة ‪ 3‬سوري‪.‬‬
‫‪377‬‬
‫وفي هذا السياق يجب التنبيه إلى امن تعيين المساعد القضائي ألمثال هؤالء المعوقين ال‬
‫ويؤكد ذلك‪ ،‬قول المشرع في عجز المادة ذاتها‬ ‫(‪)1‬‬
‫ينتقص من أهلية أدائهم بأي حال من األحوال‬
‫"وال يجوز للمساعد أن يباشر بمفرده شيئا خاصا بمن يساعده"‪.‬‬

‫وهذا يؤكد مسألة أخرى‪ ،‬وهي أن المساعد القضائي ليس نائبا لذي العاهة‪.‬‬

‫الحكم بعقوبة جنائية‬


‫لم يذكر فقهاء الشريعة اإلسالمية مثل هذه الحالة على اعتبار إن األصل في الشخص كمال‬
‫إال أن الضرورة تقتضي تعيين نائب له‬ ‫أهليته وال يجوز إهدار آدمية إنسان دون سبب يدعو لذلك‬
‫(‪)2‬‬

‫يرعى مصالحه‪ ،‬ولذلك تنص قوانين العقوبات على أن كل حكم بعقوبة جنائية تستلزم حتما حرمان‬
‫المحكوم عليه مدة اعتقاله من مباشرة أعمال اإلدارة الخاصة بأمواله وأمالكه‪ ،‬المادة (‪ /30‬اربعا) من‬
‫وال نظير لمثل هذا النص في قانون العقوبات اليمني أو األردني أو‬ ‫( ‪)3‬‬
‫قانون العقوبات المصري‬
‫الكويتي‪.‬‬
‫أن الحرمان من أهلية األداء هنا تعد عقوبة تبعية يوقعها القانون على كل من يحكم القضاء‬
‫عليه بعقوبة جناية والمحكوم عليه بعقوبة جنائية يعد محجو ار بقوة القانون دون حاجة إلى أن ينص‬
‫(‪)4‬‬
‫الحكم عليه‪ ،‬فهو نتيجة للحكم باإلدانة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الذمة المالية‬


‫اختلف الفقهاء في تعريف الذمة‪ ،‬فذهب البعض إلى أن الذمة صفة شرعية يفترض الشارع‬
‫وجودها في اإلنسان وعرفها آخرون أنها وصف شرعي يصير به المكلف أهال لإللزام‪ .‬وعرفها‬
‫الشيخ علي الخفيف بقوله" الذمة هي وصف شرعي اعتباري يصير به اإلنسان أهال لوجوب له‬
‫والوجوب عليه‪.‬‬
‫وعرفها الشيخ الجليل مصطفى الزرقاوي بأنها‪ :‬محل اعتباري في الشخص تشغله الحقوق‬
‫ويعرف رجال القانون الذمة المالية بأنها مجموع ما للشخص من حقوق وما‬ ‫التي تتحقق عليه‬
‫(‪)5‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عليه من التزامات مالية في الحاضر والمستقبل‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.709‬‬
‫(‪) 2‬انظر د‪ .‬عبد الرحمن الصابوني‪ ،‬المخل لدراسة التشريع اإلسالمي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة التعاونية‪ ،‬مديرية الكتب‬
‫المجتمعية‪7910-7914 ،‬م‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.433‬‬
‫(‪)3‬انظر قانون العقوبات اللبناني المادة (‪ )0‬والعقوبات السوري (‪ )02‬والعقوبات العراقي المادة ‪.93/91‬‬
‫(‪ )4‬للتفصيل ارجع د‪ .‬عبد احي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.440‬‬
‫(‪ )5‬انظر د‪ .‬عبد الرحمن الصابوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.447‬‬
‫‪373‬‬
‫ويتضح من التعريف السابق أن الذمة المالية تتكون من عنصرين إيجابي يشتمل على‬
‫الحقوق‪ ،‬وعنصر سلبيي يشمل على االلت ازمات‪.‬‬
‫والذمة المالية تشمل جانب فقط في الحقوق وااللتزامات التي تعود للشخص‪ ،‬وهي الحقوق‬
‫وااللتزامات ذات القيمة المالية‪ .‬أما الحقوق وااللتزامات غير المالية‪ ،‬كحق االنتخاب أو الترشح أو‬
‫حق األب في تربية أبنائه إلخ فال تعد من عناصر الذمة المالية‪.‬‬
‫كما أن الذمة المالية ليس عبارة عن الرصيد بين عنصري الحقوق وااللتزامات‪ .‬وانما هي‬
‫عبارة عن مجموعهما معا‪ ،‬والذمة المالية ال تقتصر على الحقوق وااللتزامات المالية العائدة‬
‫واضافة لما‬ ‫(‪)2‬‬
‫للشخص في وقت من األوقات فقط‪ ،‬بل تتضمن أيضا الحقوق وااللتزامات المقبلة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سبق يمكن إيجاز خصائص الذمة المالية النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -7‬أن لكل شخص ذمة مالية حتى الجنين‪ ،‬وتثبت بمجرد ثبوت صالحية الشخص ألن تكون له‬
‫وعليه حقوق والتزامات مالية ولو لم يكن فيها مال في الحال‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الذمة المالية ال تثبت إال لألشخاص فال تثبت للحيوان والجماد‪.‬‬
‫‪ -9‬أن الذمة المالية مالزمة للشخصية وهي واحدة غير قابلة للتعدد والتجزئة والتنازل عنها وال‬
‫تنتهي الذمة المالية للشخص إال بوفاته وانقضاء شخصيته‪.‬‬

‫وتمكن فائدة الذمة المالية في أنها الضمان العام لحقوق الدائنين وذلك ما أشارت إليه المادة‬
‫(‪ )960‬مدني يمني بقولها "أموال المدين جميعها ضمانة للوفاء بدينه وجميع الدائنين متساوون في‬
‫هذا الضمان‪ "...‬وبناء على هذا الضامن العام يستطيع أي دائن التنفيذ على أي مال من أموال‬
‫المدين‪ ،‬إذ لو وقع االلتزام على مال معين من أموال المدين يصعب على المدين التصرف فيه‪ ،‬ألن‬
‫الناس ال ترغب في التعامل على مال حمل بحصة للغير‪ ،‬أما مع وجود فكرة الذمة المالية‪ ،‬فإن‬
‫االلتزام يقع على مجموع أموال المدين‪ ،‬وال يستقر على أحدهما ولذا يكون للمدين حرية التصرف‬
‫في أمواله حتى ولو كان مدينا‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.769‬‬


‫د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫(‪)2‬انظر د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ، ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪ 964‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)3‬انظر د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.343‬‬
‫المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 736‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.336‬‬
‫‪379‬‬
‫الشخص االعتباري‬

‫أن الشخصية القانونية هي صفة في اإلنسان‪ ،‬تجعله صالحا للوجوب له أو عليه‪ ،‬وهي تثبت‬
‫لإلنسان بمجرد والدته حيا‪ ،‬فشخصية اإلنسان من هذه الوجهة شخصية طبيعية‪ .‬غير أن تطور‬
‫المجتمع اقتضي ضرورة ثبوت الشخصية القانونية لغير بني اإلنسان‪ ،‬كالشركات والمجمعيات وذلك‬
‫بغية تمكينها من أداء دورها االقتصادي واالجتماعي والشخصية القانونية التي تثبت لغير بني‬
‫اإلنسان‪ ،‬ال تستند في ثبوتها إلى عناصر طبيعية بل إلى عناصر معنوية‪ ،‬أهمها رغبة القانون في‬
‫تقريرها إليها‪ ،‬ولها تسمى الشخصية هنا بالشخصية المعنوية ألنها شخصية ال تدركها الحواس‪ ،‬أو‬
‫(‪)1‬‬
‫بالشخصية القانونية أو االعتبارية ألنها تقوم على اعتبار القانون إليها‪.‬‬

‫وقد اعترف القانون لمجموعات األشخاص أو األموال بالشخصية القانونية حتى تتمكن من‬
‫تحقيق األهداف التي ال يمكن لإلنسان بمفرده تحقيقها‪.‬‬
‫هذا ويمكن تعريف الشخص االعتباري بأنه "مجموعة من األشخاص أو األموال‪ ،‬تقدم تحقيق‬
‫والحديث عن الشخص االعتباري‬ ‫غرض معين‪ ،‬ويمنحها القانون الشخصية القانونية لتحقيق ذلك"‬
‫(‪)2‬‬

‫يقتضي التطرق إلى طبيعية الشخص االعتباري وبدء الشخص االعتباري وخصائصه وأنواعه‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬طبيعة الشخص االعتباري‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بداية الشخصية االعتبارية ونهايتها‬

‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص الشخص االعتباري‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أنواع الشخص االعتباري‬

‫المطلب األول‬
‫طبيعة الشخص االعتباري‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬محمود سليمان موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 00‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.347‬‬
‫‪374‬‬
‫انصرف قرن‪ ،‬والخالف على أشده حول طبيعة الشخص االعتباري‪ ،‬حتى لقد ذهب البعض‬
‫ولقد انقسم الفقه بشأن‬ ‫(‪)1‬‬
‫إلى القول بأن تطور القانون المقارن يدور حول فكرة الشخص االعتباري‬
‫طبيعة الشخص االعتباري إلى ثالثة اتجاهات رئيسية هي‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬وهو ما يطلق عليه نظرية‪ ,‬مذهب االفتراض أو المجاز‪ ،‬ويقوم على أساس أن‬
‫الشخص الطبيعي هو وحده الشخص الحقيقي أما الشخص االعتباري فليس إال خرافة أو حيلة‬
‫افترضها المشرع‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬وهو ما يطلق عليه نظرية‪ ,‬مذهب الحقيقة ويقوم على أساس أن الشخص‬
‫االعتباري هو حقيقة كائنة وليس بدعة أو خرافة‪.‬‬

‫االتجاه الثالث ‪ :‬وهو ما يطلق عليه مذهب نفي الشخصية االعتبارية‪ ،‬ويقوم على أساس‬
‫رفض فكرة الشخص االعتباري‪ ،‬ويدعو إلى أفكار بديلة‪.‬‬

‫‪ - 6‬نظرية االفتراض أو المجاز‬

‫ويرجع أصلها إلى الكنسية‪ ،‬وانتشرت في ألمانيا على يد العالمة سافيني وتبناها رجال‬
‫القانون من أنصار المذهب الفردي خالل القرن الثامن عشر‪ .‬ويرى أصحاب هذه النظرية بأن‬
‫الشخص االعتباري هو مجرد افتراض قانوني خالف الحقيقة فهو كائن خيالي خلقته إدارة المشرع‬
‫وأسبغت عليها الشخصية القانونية‪ .‬فعند هؤالء أن الشخص الحقيقي هو الشخص اآلدمي فحسب‪،‬‬
‫ألن الحقوق ليست سوى سلطة إرادية‪ ،‬واإلرادة ال تكون لإلنسان فإذا خلع القانون الشخصية على‬
‫وقد أوضح "ميرالن"‬ ‫(‪)2‬‬
‫كائن غير اإلنسان كان ذلك عن طريق االفتراض ال على أساس الحقيقة‬
‫نظرية االفتراض بقوله‪" :‬أن الكائنات اآلدمية هي األشخاص فقط‪ ،‬بمفهومها القانوني‪ ،‬ولها دون‬
‫(‪)3‬‬
‫سواها تقرير الحقوق"‪.‬‬

‫ووفقا لهذه النظرية فالشخصية االعتبارية منحة من الدولة وهذا يؤدي إلى إطالق يدها في‬
‫هذا المحال‪ .‬فهذه النظرية تؤدي إلى التسليم للدولة بالسلطان لمطلق على الجماعات فتمنحها‬

‫(‪ )1‬للتفصيل بشأن طبيعة الشخص االعتباري انظر د‪ .‬محمود سلمان موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.711‬‬
‫د‪ .‬عبد الحي حجازي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.043‬‬
‫جميل الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.939‬‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.410‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬محمود سليمان موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪370‬‬
‫الشخصية القانونية أو تمنعها عنها حسب ما تمليه االعتبارات السياسية كأن يكون لها سحب‬
‫(‪)1‬‬
‫الشخصية القانونية من الشخص االعتباري وتقييد األعمال القانونية التي يجوز له القيام بها‪.‬‬

‫‪ – 2‬نظرية الشخصية الحقيقية‬


‫اتجه جمهور الفقه الحديث إلى دحض نظرية االفتراض القانوني التقليدية واستبدلوا نظرية‬
‫معاكسة بها‪ ،‬تنظر إلى الشخص االعتباري إلى انه حقيقة واقعة‪ .‬وعلى الرغم من أن أنصار هذه‬
‫النظرية اتفقوا على الصفة الحقيقة للشخص االعتباري إال أنهم اختلفوا في سبيل تأكيد هذه الصفة‪،‬‬
‫واتبعوا مذاهب شتى‪ ،‬تسعي جميعها إلى إقامة الشخصية االعتبارية على أساس موضوعي بعيدا‬
‫عن المعيار الشكلي المطلق الذي تـأخذ به نظرية االفت ارض وهو ارتباط الشخص االعتباري بإرادة‬
‫(‪)2‬‬
‫المشرع‪.‬‬
‫وفي ضوء ذلك الخالف بين أنصار نظرية الحقيقة‪ ،‬برزت آراء مغالية في تصوير الشخص‬
‫االعتباري ‪ ،‬فذهب البعض إلى القول بأن الشخص االعتباري ليس فقط حقيقة من الناحية القانونية‪،‬‬
‫بل هو أيضا حقيقة بيولوجية وفيزيقية‪ ،‬بل لقد ذهب أحدهم إلى القول‪ :‬أن من بين األشخاص‬
‫(‪)3‬‬
‫االعتبارية من يمكن تحديد ذكورته أو أنوثته"‪.‬‬

‫ويمكن تصنيف مذاهب الحقيقة على النحو التالي‪:‬‬

‫نظرية أو مذهب الحقيقة العضوية‪.‬‬ ‫‪-7‬‬


‫نظرية أو مذهب الحقيقة االجتماعية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫نظرية أو مذهب اإلرادة الجماعية‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫نظرية أو مذهب الحقيقة الفنية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫وبصرف النظر عن المذاهب األربعة السالفة الذكر‪ ،‬فأن النتيجة الرئيسية التي تسعى النظرة‬
‫الحقيقة للوصول إليها هي االعتراف بوجود الشخصية االعتبارية توافر عناصرها دون أن يتوقف‬
‫ذلك على إرادة المشرع‪ ،‬أي يريدون التأكيد على أن المشرع ال يخلق الشخصية االعتبارية من العدم‬
‫(‪)4‬‬
‫وانما يكشف وجودها‪.‬‬

‫‪ – 3‬النظريات التي تنكر الشخصية االعتبارية‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.392‬‬


‫(‪)2‬انظر في تفصيل ذلك د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 630‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪)3‬انظر د‪ .‬محمود سليمان موسى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 64‬الهامش رقم (‪.)3‬‬
‫(‪ )4‬انظر جميل الشرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.931‬‬
‫د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.472‬‬
‫‪376‬‬
‫ينكر جانب من الفقه وجود الشخصية القانونية لما يسمى بالشخص االعتباري‪ ،‬ويرى ضرورة‬
‫االستغناء عن فكر الشخص االعتباري في القانون‪ ،‬لكي تحل محلها أفكار أخرى واقعية‪ ،‬وقد وجد‬
‫أصحاب هذا االتجاه في فكرة الملكية الجماعية أو المشتركة كبديل لفكرة الشخص االعتباري‪ ،‬وقسم‬
‫آخر منهم يرى إمكانية وجود مال يخصص لغرض معين دون مالك‪ ،‬إذ ليس من الضروري وجود‬
‫يكون ذمة مالية مخصصة‬
‫وهنا يقوم تخصيص المال مقام المالك‪ ،‬وال ّ‬
‫(‪) 1‬‬
‫أصحاب الحقوق‪،‬‬
‫ونعرض لهاتين النظريتين يما يلي‪:‬‬
‫‪ – 6‬نظرية الملكية الجماعية أو المشتركة‬
‫يرى أصحاب هذه النظرية أن اإلنسان هو وحده الشخص الحقيقي في نظر القانون‪ ،‬وأن‬
‫إعطاء الشخصية لغيره من التكوينات االجتماعية مجرد افتراض ال جدوى منه‪ ،‬وقد أخذ بهذه‬
‫النظرية في فرنسا "بالينول" والذي يستبدل بفكرة الشخص االعتباري فكرة الملكية المشتركة‪ ،‬أي‬
‫الملكية التي تنتمي إلى مجموعة من الناس ويكون أصحاب الحق هم أعضاء هذه المجموعة‪ ،‬أما‬
‫اعتبار المجموعة كائنا قائما بذاته مستقال عن أعضاء المجموعة المكونين لها فهو عند "بالينول"‬
‫تجريد ال أساس له من الحقيقة وعيب هذه النظرية أنها تنظر إلى المال باعتباره الشيء الرئيسي في‬
‫فكرة الشخص االعتباري‪ ،‬وهذا ليس بحق‪ ،‬إذ أن األمر الرئيسي الذي دعا لوجود أو نشوء الشخص‬
‫االعتباري ليس هو المال‪ ،‬بل هو الغرض الذي يراد تحقيقه من وراءه ناهيك عن وجود أشخاص‬
‫االعتبارية يعتبر المال فيها عنص ار ثانويا كالنوادي والنقابات والجمعيات العلمية والدينية إلخ‪ .‬وحتى‬
‫لو أخذنا بفكرة الملكية المشتركة بدال من فكرة الشخصية االعتبارية‪ ،‬فأن الفكرة األولى نفسها‬
‫غامضة وغير واقعية‪ ،‬كما أنه ال يتصور إمكانية مسائلة البديل الذي تدعو إليه نظرية الملكية‬
‫المشتركة‪ ،‬باعتباره ليس شخصا قانونيا‪.‬‬
‫‪ – 2‬نظرية ذمة التخصيص‬

‫ال يؤمن أصحاب هذه النظرية وفي مقدمتهم الفقيه األلماني "برنز" بفكرة الشخص االعتباري‬
‫على أساس اعتبار اإلنسان هو وحدة الشخص الحقيقي في نظر القانون‪ ،‬وأن الشخص االعتباري‬
‫مع هو إال محض افتراض يخالف الواقع‪ .‬ولذلك يرى هؤالء وجوب االستغناء عن فكرة الشخص‬
‫االعتباري‪ ،‬واالستعاضة عنها بفكرة المال الذي ال مالك له‪ ،‬وعلى وفق رأي "برنز" تكون األموال‬
‫التي يقال أنها لشخص معنوي هي أموال أو ذمة مالية مخصصة لغرض معين وليس من‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجاي‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.004‬‬


‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.411‬‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪713‬‬
‫‪371‬‬
‫ويرى الفقيه "اوتوفون جيركا" بأن هذه‬ ‫الضروري أن تنسب هذه الذمة وتلك األموال لشخص معين‬
‫(‪)1‬‬

‫النظرية "لم تفعل أكثر من إرجاء المجاز وذلك ألنه وجود حق دون صاحب هو تناقض في حد‬
‫(‪)2‬‬
‫ذاته‪ ،‬ولهذا فأنها إذ أردت أن تتخلص من المجاز أو االفتراض‪ ،‬وقعت في فيه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫بداية الشخصية االعتبارية ونهايتها‬

‫أوال‪ :‬الشخصية االعتبارية‬

‫يتوقف اكتساب الشخصية االعتبارية على اعتراف القانون بها لجماعة من األشخاص أو‬
‫مجموعة من األموال‪ ،‬وبديهي أنه يسبق هذا االعتراف أن يتم تكوين الشخصي االعتباري وفقا‬
‫للشروط التي يتطلبها القانون‪.‬‬

‫واالعتراف بالشخصي االعتباري أما أني كون عاما أو خاصا‪ .‬ومقتضى االعتراف العام أن‬
‫ي ضع المشرع مسبقا شروطا عامة‪ ،‬إذا توافرت في جماعة من األشخاص أو مجموعة من األموال‬
‫اكتسبت هذه المجموعة الشخصية االعتبارية بقوة القانون دون حاجة إلى إذن خاص من جانب‬
‫المشرع بصدد كل جماعة أو مجموعة منها على حدة أما االعتراف الخاص فيتطلب اكتساب‬
‫الشخصية االعتبارية صدور إذن أو ترخيص خاص بذلك لكل جماعة من األشخاص أو مجموعة‬
‫من األموال على حدة‪.‬‬

‫ويتضح من نص المادة ‪ 39‬من القانون المدني اليمني أن المشرع اليمني قد جعل من‬
‫االعتراف العام األصل‪ ،‬واالعتراف الخاص هو االستثناء‪ .‬وقد ورد نص المادة المذكورة على النحو‬
‫التالي‪ :‬األشخاص االعتباريون هم‪:‬‬

‫‪ -7‬الدولة والمحافظات والمدن والمديريات بالشروط التي يحددها القانون‪ ،‬والو ازرات والمصالح‬
‫وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون الشخصية االعتبارية‪.‬‬
‫‪ -3‬الهيئات التي تعترف لها الدولة بالشخصية االعتبارية‪.‬‬
‫‪ -9‬األوقاف‪.‬‬
‫‪ -4‬الشركات التجارية والمدنية‪.‬‬
‫‪ -0‬الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفق أحكام الجمعيات والمؤسسات المبينة في هذا القانون‪.‬‬

‫(‪)1‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.397‬‬


‫د‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.993‬‬
‫(‪ )2‬محمود سلمان عيسى‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫‪373‬‬
‫‪ -6‬كل مجموعة من األشخاص واألموال التي تثبت لها الشخصية االعتبارية بمقتضى القانون‪.‬‬
‫فيما يلي ذكره من األشخاص المنصوص عليها في هذه المادة يعد شخصا اعتباريا إذا‬
‫استوفى الشوط الالزمة لتكوينه‪ ،‬وما لم يرد ذكره في المادة السالفة فأنه ال يكتسب الشخصية‬
‫إال إذا صدر به اعتراف خاص بمقتضى نص فلي القانون وفقا للفقرة السادسة من المادة‬
‫السابقة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نهاية الشخصية االعتبارية‬

‫ينتهي الشخص االعتباري بانتهاء األجل المحدد له‪ ،‬فقد يحدد للشخص االعتباري‪ ،‬أجل‬
‫معين في السند المنشئ له‪ .‬كما تنهي الشخصية االعتبارية بتحقيق الغرض الذي أنشئ من أدجله‪،‬‬
‫أو إذا أصبح من المستحيل تحقيق هذا الغرض‪.‬‬

‫وقد ينتهي الشخص االعتباري بموت كل من األفراد أعضاء الشخص االعتباري إذا كان‬
‫جماعة من األشخاص أ و بانقراض كل المنتفعين بالغرض منه إذا كان مجموعة من األموال‪ .‬ومن‬
‫األمثلة على ذلك ما تنص عليه المادة (‪ )602‬من القانون المدني اليمني بقولها‪" :‬تنتهي الشركة‬
‫بانتهاء الميعاد المعين لها أو بانتهاء العمل الذي قامت من أجله" كذلك المادة (‪ )603‬والتي تنص‬
‫على أن‪" :‬تنتهي الشركة بهالك جميع مالها أو جزء كبير منه بحيث ال تبق فائدة من استمرارها"‪.‬‬

‫وقد تنتهي الشخصية االعتبارية بالحل‪ ،‬والحل قد يكون اختياريا‪ ،‬باتفاق األشخاص المكونين‬
‫للشخص االعتباري كما لو اتفق أعضاء الجمعية على حلها طبقا للشروط والواردة في نظام‬
‫تأسيسها أو في القانون‪.‬‬

‫وقد يكون الحل إجباريا‪ ،‬بحكم القضاء إذا خالف الشخص االعتباري القانون‪ ،‬أو عند هالك‬
‫جزء كبير من رأس المال الشخص االعتباري‪ ،‬بحيث يصبح عاج از عن االستمرار في نشاطه‬
‫وتحقيق األهداف المنوطة به وغيرها من األسباب انظر مثال المادتين (‪ )603/602‬من القانون‬
‫المدني اليمني‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫خصائص الشخص االعتباري‬

‫للشخص االعتباري خصائص يتميز بها‪ .‬إذ أنه يتمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها‬
‫الشخص الطبيعي إال ما كان منها متصال بصفة اإلنسان الطبيعية "المادة ‪ "92‬من القانون المدني‬
‫اليمني فالشخص االعتباري له اسم وموطن وحالة وأهلية وذمة مالية‪.‬‬

‫‪ – 6‬االسم‬

‫‪379‬‬
‫لكل شخص اسم اعتباري اسم يميزه عن غيره من األشخاص ويجب أن ينص هذا االسم في‬
‫سند إنشائه‪ .‬وهو يستمد عادة من الغرض الذي يسعى الشخص االعتباري إلى تحقيقه أو من‬
‫المجال الذي يمارس فيه نشاطه أو من أسماء مؤسسية وألقابهم وما إلى ذلك من اعتبارات‪.‬‬
‫وقد يكون اسم الشخص االعتباري اسما تجاريا‪ ،‬وفي هذه الحالة يجوز له التصرف فيه‬
‫(‪)1‬‬
‫باعتباره أحد عناصر المحل التجاري‪.‬‬
‫ويحمي القانون اسم الشخص االعتباري أسوة بالحماية القانونية التي لالسم الطبيعي‪.‬‬
‫‪ – 2‬الموطن‬
‫يكون للشخص االعتباري موطن خاص به مستقل عن موطن أعضائه أو منشئيه‪ .‬وقد‬
‫نصت المادة "‪ "92‬من القانون المدني اليمني على ذلك أيضا قانون المرافعات ينفي على أن‬
‫"موطن الشركات والجمعيات والمؤسسات القائمة أو التي في دور التصفية هو مركز إدارتها‬
‫الرئيسي‪ ،‬وتعد مقر فرعها موطنا لها في المسائل المتعلقة به"‪.‬‬
‫‪ – 3‬الحالة‬
‫بديهي أنه ليس للشخص االعتباري حالة مدنية الستحالة أن يكون له أسرة‪ .‬كما أنه ليس‬
‫م=له دين‪ .‬لذلك فأن حالة الشخص االعتباري مقصورة على حالته من ناحية الجنسية‪ ،‬أي انتسابه‬
‫إلى دولة معينة‪.‬‬
‫والقانون المدني اليمني لم يشر كما تبين لنا من نص المادة "‪ "92‬إلى الجنسية‪.‬‬
‫أحد الخصائص التي يتمتع بها الشخص االعتباري ونعزو ذلك إلى أن حقوق وخصائص‬
‫الشخص االعتباري التي حددتها المادة "‪ "92‬وردت على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬باعتبار أن‬
‫األصل هو تمتع الشخص االعتباري بحقوق الشخص الطبيعي كافة إال ما كان منها متصال بصفة‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫واالتجاه الغالب في معظم التشريعات هو إعطاء الشخص االعتباري جنسية الدولة التي يوجد‬
‫وهذا ما يستخلص من نص المادة "‪ "30‬مدني يمني والتي تقضي بأن‬ ‫(‪)2‬‬
‫فيها مركز إدارته الرئيسي‬
‫"يرجع في نظام األشخاص االعتباري األجنبية من شركات وجمعيات وغيرها إلى قانون الدولة التي‬

‫(‪)1‬انظر د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.349‬‬


‫د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.394‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬محمد السعيد رشدي‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.741‬‬
‫د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.339‬‬
‫د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.791‬‬
‫د‪ .‬عبد المنعم فرج الصذة‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.497‬‬
‫‪332‬‬
‫اتخذت فيها مركز إدارتها الرئيسي الفعلي‪ .‬ومع ذلك فإذا باشرت نشاطها الرئيس في الجمهورية فأن‬
‫القانون اليمني هو الذي يسري‪.‬‬
‫‪ – 4‬األهلية‬

‫للشخص االعتباري أهلية كاملة بالنسبة للحقوق والواجبات التي يقتضيها الغرض من إنشائه‬
‫وهو ما يسمى بمبدأ التخصيص"‪ ,‬قد تضمن ذلك البند الثاني من المادة"‪ "92‬من القانون المدين‬
‫اليمين‪ ،‬والتي ورد فيها بأن للشخص االعتباري "أهلية‪ ،‬في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي‬
‫يقرها القانون"‪ .‬ولما كان مناط أهلية األداء هو التمييز واإلرادة وأن الشخص االعتباري ليس شخص‬
‫حقيقي بل شخص معنوي‪ ،‬لذلك يصبح من الضروري أن يكون لكل شخص االعتباري ممثل يعبر‬
‫عن إرادته ويباشر نشاطه القانوني ويعمل لحسابه وهذا ما نصت عليه المادة "‪ "92‬في البند‬
‫الخامس بقولها‪" :‬يكون للشخص االعتباري نائب يعبر عن إرادته ويمثله في التقاضي وغيره"‪.‬‬

‫‪ – 5‬الذمة المالية‬

‫للشخص االعتباري ذمة مالية‪ .‬وهذه الذمة مستقلة عن ذمة األشخاص المكونين له‪ .‬ويترتب‬
‫على ذلك أنه ال يجوز لدائني هؤالء األشخاص الرجوع بديونهم على الشخص االعتباري‪ .‬كما أنه‬
‫ليس لدائني هؤالء األشخاص الرجوع على األموال الخاصة لهؤالء األشخاص‪ ،‬مع مراعاة أنه ليس‬
‫بالنسبة للشركات المدينة وشركات التضامن والتوصية يكون كل الشركاء فيها أو بعضهم مسئولين‬
‫عن ديون الشركة فلي أموالهم الخاصة‪ .‬وهذا ال يعني اختالط ذمة الشخص االعتباري مع ذمم‬
‫الشركاء‪ ،‬وانا كل ما هنالك أن الشركاء يضعون ذممهم المستقلة لضمان الوفاء بديون الشركة وذلك‬
‫كضمان إضافي لدائني الشركة‪.‬‬

‫ويترتب على الذمة المالية للشخص االعتباري اآلثار والنتائج التي تنجم عن الذمة المالية‬
‫للشخص الطبيعي‪ .‬كما أن هذه الذمة المالية تالزم الشخص االعتباري طوال وجوده‪ ،‬ثم تنقضي‬
‫بانقضائه وزواله‪.‬‬
‫المطلب الرابع‬
‫أنوع الشخص االعتباري‬

‫حدد القانون المدني اليمني في المادة "‪ "39‬منه األشخاص االعتبارية بأنها أما أن تكون‬
‫أشخاص اعتبارية عامة كالدولة والمحفظات والمدن والمديريات‪ ،‬وأما أن تكون أشخاص االعتبارية‬
‫خاصة كالشركات والجمعيات واألوقاف والمؤسسات‪.‬‬

‫أن تقسيم األشخاص االعتبارية إلى أشخاص اعتبارية وأخرى خاصة له أهمية من حيث‬
‫القواعد التي تحكم كل نوع‪ ،‬فاألشخاص االعتبارية العامة تخضع ألحكام القانون العام‪ ،‬أن الدولة‬
‫‪337‬‬
‫هي تلك التي تقوم بإنشائها‪ ،‬بينما تخضع األشخاص االعتبارية الخاصة ألحكام القانون الخاص‪،‬‬
‫ألن األشخاص هم الذين يقومون بإنشائها‪ ،‬ويترتب على ذلك تمتع األشخاص االعتبارية العامة‬
‫(‪)1‬‬
‫بحقوق وسلطان ال يتمتع بها األشخاص االعتبارية الخاصة‪.‬‬

‫‪ - 6‬األشخاص االعتبارية العامة‬

‫األشخاص االعتبارية العامة "هي تلك التي تناط بها تولي السلطة العامة كلها أو قسط منها‪،‬‬
‫أو مباشرة أحد المرافق العامة" والدولة هي أقدم األشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬وتكتسب شخصيتها‬
‫في اعتراف الدول بها‪ ،‬والدولة هي الهيئة الرئيسية التي لها السلطة العامة على كل اإلقليم‪.‬‬

‫وبجانب الدولة توجد سلطات محلية "تنازلت لها الدولة عن قسط من سلطتها أخذا بسياسة‬
‫وتناط بالمسلطات المحلية "أمور المرافق العامة على اختالف أنواعها في بقعة معينة‬ ‫الالمركزية‬
‫(‪)2‬‬

‫مدني يمني‪ ،‬ويطلق على هذه‬ ‫(‪)4‬‬


‫كالمحافظات والمدن والمديريات‪ ،‬المادة "‪"39‬‬ ‫من إقليم الدولة‬
‫(‪)3‬‬

‫األشخاص االعتبارية‪ ،‬األشخاص اإلقليمية‪ .‬وتوجد باإلضافة إلى األشخاص االعتبارية السابقة‬
‫الو ازرات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون الشخصية االعتبارية‪ ،‬كذلك‬
‫ذكرت المادة ‪ 9 ،39‬الهيئات التي تعترف لها الدولة بالشخصية االعتبارية‪ ،‬وهي تندرج في عداد‬
‫األشخاص االعتبارية العامة‪.‬‬

‫‪ – 2‬تنقسم األشخاص االعتبارية بالنسبة إلى‪:‬‬

‫‪ -7‬جماعات األشخاص‪.‬‬
‫‪ -3‬مجموعات‬

‫أوال‪ :‬جماعات األشخاص‬

‫وتتألف من جماعة من األشخاص تسعى لتحقيق غرض معين‪ ،‬وهي تشمل الشركات‬
‫والجمعيات‪.‬‬

‫أ – الشركات‬

‫(‪)1‬انظر د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.300‬‬


‫(‪)2‬انظر د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،322‬الهامش "‪."372‬‬
‫انظر د‪ .‬ـنور سلطان‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.341‬‬
‫(‪)3‬انظر د‪ .‬حسن طيرة‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪.617‬‬
‫(‪)4‬انظر (يقابلها المادة (‪ )03‬مصري‪ 41 ،‬عراقي‪ 02 ،‬أردني‪ 03 ،‬ليبي‪.‬‬
‫‪333‬‬
‫عرفت المادة "‪ "631‬مدني يمني الشركة بقولها‪" :‬عقد الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان‬
‫أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل واقتسام ما قد ينشأ‬
‫عن هذا المشروع من ربح أو خسارة"‪ .‬والشركة قد تكون شركة مدنية وهي التي تقوم بأعمال ال‬
‫يعتبرها القانون التجاري أعماال تجارية وقد حدد القانون التجاري رقم "‪ "93‬لسنة ‪7997‬م أألعمال‬
‫التجارية في المواد ‪ 9‬إلى ‪.79‬‬

‫وقد حددت المادة "‪ "630‬من القانون المدني صور الشركة المدنية وهي شركة المفاوضة‬
‫وشركة العنان وشركة األبدان وشركة الوجوه‪.‬‬

‫أما الشركة التجارية فهي التي تباشر أي عمل من األعمال التي اعتبرها القانون التجاري‬
‫أعماال تجارية وذلك في المواد ‪ 9‬إلى ‪.73‬‬

‫ووفقا لقانون الشركات التجارية رقم (‪ )94‬لسنة ‪7997‬م تقسم الشركات التجارية إلى شركة‬
‫األشخاص وشركة األموال‪.‬‬

‫وتضم شركة األشخاص شركة التضامن شركة التوصية البسيطة وشركة المحاصة‪.‬‬

‫أما شركات األموال فتتمثل في شركة المساهمة وشركة التوصية باالسم والشركة ذات‬
‫المسئولية المحدودة‪.‬‬

‫وتكتسب الشخصية القانونية بمجرد تكوينها‪ ،‬ويجب أن يتم هذا التكوين بعقد مكتوب واذا‬
‫كانت الشخصية القانونية تثبت للشركة بمجرد التكوين كما سبق القول‪ ،‬فأنه ال يحتج بهذه‬
‫الشخصية على الغير إال بعد استيفاء إجراءات النشر وفقا لما تنص عليه القوانين النافذة واذا لم تقم‬
‫الشركة بإجراءات النشر المقررة فإن ذلك ال يمنع الغير من التمسك بشخصيتها "المادة ‪"633‬‬
‫مدني‪.‬‬
‫هذا وتنتهي شخصية الشركة بانتهاء الميعاد لها أو انتهاء العمل الذي قامت من أجله‪" :‬مادة‬
‫‪ 602‬مدني" كما تنتهي الشركة بهالك جميع مالها أو جزء كبير منه بحيث ال تبق فائدة من‬
‫استمرارها "مادة ‪ 609‬مدني" وتنتهي أيضا بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بانسحابه ‪...‬‬
‫"مادة ‪ 604‬مدني" ‪ ،‬وبإجماع الشركاء على حلها "مادة ‪ 600‬مدني" وتنتهي كذلك الشركة إذا‬
‫حكمت المحكمة بحلها بناء على ط لب أحد الشركاء لعدم وفاء أحدهم بما تعهد به أو ألي سبب‬
‫آخر يسوغ الحل "مادة ‪ 606‬مدني"‪.‬‬

‫وبانتهاء الشكة تتعين تصفية أموالها وقسمتها وذلك وفقا للطريقة المبينة في عقد إنشائها فإذا‬
‫لم يوجد في العقد نص على ذلك تتبع أحكام القانون المادة "‪ 609‬مدني"‪ .‬ونص القانون على أن‬

‫‪339‬‬
‫تنتهي عند فسخ الشركة سلطة المديرين أما شخصية الشركة فتبقى بالقدر الالزم للتصفية والى أن‬
‫تنتهي هذه التصفية"‪" .‬مادة ‪ 662‬مدني"‪.‬‬

‫عرف الماجة "‪ 97‬مدني" الجمعية بأنها "جماعة تتخذ لها صفة دائمة وتكون من عدة‬
‫أشخاص طبيعية أو اعتبارية لغرض غير الحصول على ربح مادي‪.‬‬

‫وتتميز الجمعية باآلتي‪:‬‬

‫‪ -7‬تتكون من عدة من األشخاص سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين‪ .‬ولم يضع القانون‬
‫حدا أدنى أو أقصى لهذا العدد‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كما هو الحال في بعض القوانين العربية‪.‬‬

‫‪ -3‬تتصف الجمعية بصفة الدوام في تنظيمها‪ ،‬أي أن الجمعية ال تنشأ ألمر عارض‪ ،‬غير أن‬
‫ذلك ال يعني أن يكون الجمعية مؤبدة فقد تكون لمدة معينة كما قد تكون لمدة غر معينة‪.‬‬
‫‪ -9‬تتميز الجمعية بأنها ال تهدف إلى تحقيق ربح‪ ،‬وهذا أهم ما يميزها عن الشركة‪ .‬وقد يكون‬
‫غرض الجمعية علمي أو ثقافي أو خيري أو رياضي أو غير ذلك‪.‬‬

‫وتنشأ الجمعية عن طريق وضع نظام خاص لها مكتوب وموقع من المؤسسين "مادة ‪93‬‬
‫مدني" وتثبت الشخصية االعتبارية للجمعية بمجرد إنشائها ولكنه ال يحتج بها قبل الغير إال قبل أن‬
‫يتم ِإشهار نظامها بقيد البيانات التي يتضمنها النظام األساسي في سجالت الجهة الرسمية‬
‫المختصة وتسليمها صورة من نظامها المكتوب وال يمنع إهمال اإلشهار الغير من التمسك ضد‬
‫الجمعية باآلثار المترتبة على الشخصية االعتبارية وكل جميعه ُمشهرة أو منشأة بطريقة صحيحة‬
‫أو بطريقة سرية تلتزم بما تعهد به مديرها أو العاملون لحسابها من أموالها وسواء كانت عن‬
‫اشتراكات أو أي مورد "مادة ‪ 30‬مدني"‬

‫وتنقضي شخصية الجمعية بالحل‪ .‬والحل قد يكون اختياريا بقرار من الجمعية العمومية‬
‫بأغلبية ثلثي أألعضاء ما لم يرد في نظام الجمعية نص يشترط أغلبية أكثر من ذلك "مادة ‪93‬‬
‫مدني"‪.‬‬

‫(‪ )1‬اشترط القانون في مصر بأن ال يقل عدد األشخاص المكونين للجمعية عشرة أشخاص في حالة األشخاص‬
‫الطبيعيين "المادة األولى من القانون رقم (‪ )93‬لسنة‪7994‬م بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة‪.‬‬
‫‪334‬‬
‫وقد يكون الحل إجباريا وذلك بحكم من المحكمة يصدر بناء على طلب من أحد أعضاء‬
‫الجمعية أو من شخص له مصلحة أو من النيابة العامة ويشترط القانون بأن يكون طلب الحل مبنيا‬
‫على سبب من السباب التالية‪:‬‬

‫‪ -7‬إذا أصحبت الجمعية عاجزة عن الوفاء بتعهداتها‪.‬‬


‫‪ -3‬إذا خصصت أموالها أو نقلت هذه األموال ألغراض غير التي أنشئت من أجلها‪.‬‬
‫‪ -9‬إذا ارتكبت مخالفة لتعاليم الشريعة اإلسالمية أو للقانون ولنظامها‪.‬‬

‫وبين القانون طريقة تصفية الجمعية وتحويل أموالها‪" .‬المادة ‪ 729‬مدني"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مجموعات األموال‬

‫تضم مجموعات األموال المؤسسات والوقف‬

‫‪ – 6‬المؤسسات‬

‫المؤسسة شخص اعتباري ينشأ بتخصيص مال مدة غير معينة لعمل ذي منفعة إنسانية أو‬
‫أدبية أو رياضية أو ألي عمل آخر من أعمال البر أو النفع العام وال يكون الغرض منه الربح‬
‫المادة‪" .‬مادة ‪ 724‬مدني"‪.‬‬

‫فالمؤسسة تتفق مع الجمعية في أنها ال تهدف إلى الربح المالي وهي بذلك تختلف عن‬
‫الشركة‪ .‬غير أنها تختلف عن الجمعية في أن المؤسسة تهدف دائما إلى تحقيق غرض من أغراض‬
‫النفع العام‪ ،‬مثل بناء مستشفى أو مدرسة واإلنفاق عليها‪ .‬أما الجمعية فقد تقوم لتحقيق مثل هذا‬
‫الغرض أو لتحقيق مصلحة خاصة بأعضائها‪ .‬إضافة إلى أن المؤسسة تقوم على مال أو مجموعة‬
‫من األموال أما الجمعية فتقوم على جماعة من األشخاص‪.‬‬

‫وتنشأ المؤسسة بمستند أو وصية شرعيين ويكون السند أو الوصية دستو ار للمؤسسة ولذلك‬
‫يجب أن يشمل على البيانات األساسية المتعلقة بها وهي‪ :‬اسم المؤسسة ومركزها على أن يكون‬
‫هذا المركز في الجمهورية اليمنية‪ ،‬والغرض من إنشائها‪ ،‬وبيان دقيق باألموال المخصصة له‪،‬‬
‫ونظام إدارة المؤسسة "مادة ‪ 720‬مدني"‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫محل الحق‬

‫سبق القول بأن الحق يخول صاحبه سلطات وامكانات معينة يباشرها على محله‪ ،‬وهذه‬
‫السلطات هي التي تكون مضمون الحق‪ .‬أما محل الحق فهو ما يرد أو يقع عليه هذا الحق‪ ،‬سواء‬
‫كان شيئا أو عمال‪.‬‬
‫‪330‬‬
‫أن مضمون حق الملكية هو ما يثبت للمالك من سلطات االستعمال واالستغالل والصرف‬
‫بينما يعتبر الشيء الذي تنصب عليه هذه السلطات هو محل الحق‪.‬‬

‫فالحق العيني يرد على شيء مادي‪ ،‬ألنه سلطة لشخص معين على شيء معين كالملكية‬
‫والحق الشخصي يرد على عمل أو امتناع عن عمل ألن هذا الحق رابطة بين شخصين يلتزم‬
‫بمقتضاها أحدهما بالقيام بعمل أو باالمتناع عن عمل‪ .‬وسبق أن تناولنا الحق الفكري "حق المؤلف"‬
‫والذي يرد على شيء معنوي‪.‬‬
‫ولذا يقتصر حديثن ا في هذا الفصل على محل الحق الشخصي وهو العمل ومحل الحق‬
‫العيني وهو الشيء‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫األعمال‬

‫محل الحق الشخصي أو االلتزام وهو العمل الذي يلتزم المدين القيام به‪ .‬وهذا العمل يكون‬
‫إيجابيا كالتزام مقاول ببناء حديقة أو التزام المؤجر بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة‪.‬‬
‫وفي جميع األحوال يشترط في العمل كي يصلح محال للحق الشخصي أن يكوم ممكنا‪ ،‬وأن يكون‬
‫معينا أو قابال للتعيين وأن يكون مشروعا‪.‬‬

‫‪ – 6‬اإلمكان‬

‫يجب أن يكون العمل محل الحق الشخصي ممكنا‪ ،‬ويقصد بشرط اإلمكان أال يكون المحل‬
‫وفي هذه نصت المادة‬ ‫(‪) 1‬‬
‫مستحيال في ذاته أي مستحيال استحالة مطلقة بالنسبة لكافة األشخاص‪.‬‬
‫‪ 790‬من القانون المدني على أنه‪" :‬إذا كان محل العقد مستحيالت استحالة مطلقة كان العقد غير‬
‫صحيح"‪ .‬أما االستحالة النسبية أي التي تقوم بالنسبة إلى المدين ذاته دون غيره فال تمنع من قيام‬
‫االلتزام‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة (‪" 790‬مدني‪ ..."،‬أما إذا كان مستحيالت "محل العقد" على‬
‫الملتزم دون أن تكون االستحالة في ذاتها مطلقة صح العقد ويكون للطرف اآلخر الخيار"‪.‬‬

‫‪ – 2‬أن يكون المحل معينا أو قابال للتعيين‬

‫يجب في محل الحق أن يكون معينا أو على األقل قابال للتعيين‪ ،‬واال فأنه ال يكون هناك‬
‫الت ازم النعدام المحل أو لجهالته‪ ،‬فإذا تعهد مقاول بإقامة منزل مثال يجب أن يكون هذا البناء معينا‬
‫أو أن يكون على األقل قابال للتعيين‪ ،‬بحيث يمكن استخالص ذلك من ظروف التعاقد واذا كان‬
‫المحل إعطاء شيء يجب أن يكون هذا الشيء معينا أو قابال للتعيين‪ .‬وتختلف تعيين الشيء‬

‫(‪)1‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجاي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.663-667‬‬


‫‪336‬‬
‫بحسب ما إذا كان أصله مما يعّين بذاته أو مما يعين بنوعه‪ ،‬فإذا كان الشيء مما يعين بذاته وجب‬
‫لكي يتوافر فيه شرط التعيين أن تكون ذاتيته معروفة‪.‬‬

‫أما إذا كان مما يتعين بنوعه فقط لزم أن يتضمن العقد ما يستطاع به تعيين جنسه ونوعه‬
‫مقداره‪ ،‬واذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء من حيث جودته ولم يمكن استخالص ذلك من‬
‫العرف أو من أي طرف البس ال تعاقد وقع العقد على شيء متوسط الجودة من ذلك الصنف‪" .‬مادة‬
‫‪ 799‬مدني"‪.‬‬

‫‪ – 9‬المشروعية يجب أن يكون محل الشخص مشروعا‪ .‬والعمل غير المشروع هو العمل‬
‫الذي يكون مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة‪ .‬وقد نصت المادة ‪ 733‬مدني بأنه "ال يصح‬
‫التعاقد على عين محرمة شرعا وال فعل محرم شرعا أو مخالف للنظام العام أو اآلداب العامة اللذين‬
‫يخالفان أصول الشريعة اإلسالمية‪ .‬ومن أمثلة العمل غير المشروع المبطل للتعهد به‪ :‬االلت ازم‬
‫بارتكاب حريمه معينة‪ ،‬أو بيع كمية من المخدرات‪ ،‬أو بدفع مبلغ من المال إلى ام أرة مقابل إنشاء‬
‫(‪)1‬‬
‫أو استمرار عالقة جنسية غير مشروعة معها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫األموال واألشياء‬

‫خالف للقانون المدني اليمني‪ ،‬وقد سار على‬ ‫تُميز التقنيات العربية بني األشياء واألموال‪،‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ذلك أكثر شراح القانون حيث فرقوا بين الشيء والمال(‪ )3‬علما أن التمييز بين األشياء واألموال لم‬
‫يكن قاص ار في القانون الروماني وال في قانون نابليون الصادر ‪7324‬م‪.‬‬

‫وأن "المال" في نظر القوانين المدينة العربية هو الحق المالي أي الحق الذي يمكن تقدير‬
‫محله بالنقود أم الشيء فهو محل الحق المالي‪ .‬والفرق بين المال والشيء كالفرق بين الحق ومحل‬
‫الحق‪ .‬فالشخص الذي له حق ملكية على منزل يكون له مال هو حق الملكية وهذا الحق يمكن‬
‫(‪)4‬‬
‫تقدير محله بالنقود‪ ،‬أما المنزل ذاته فهو الشيء الذي يرد عليه الحق‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ، ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫(‪)2‬انظر القانون المدني المصري م‪ ،7/34‬والمدني السوري ‪ ،7/39‬والمدني الليبي م‪ ،39‬واألردني م‪ ،04‬والعراقي‬
‫م‪ ،7/67‬والجزائري م‪.633‬‬
‫(‪)3‬انظر د‪ .‬عبد الحي حجاي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.034‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن الصابوني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.407‬‬
‫د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫(‪ )4‬انظر د‪ .‬سعيد عبد الكريم مبارك‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.924‬‬
‫‪331‬‬
‫وقد عرفت مجلة األحكام العدلية في المادة ‪ 736‬بقولها "المال ما يميل إليه طبع اإلنسان‬
‫ويمكن ادخاره إلى وقت الحاجة منقوال كان أو غير منقول"‪ .‬ويعرف محمد قدري باشا المال في‬
‫المادة األولى من كتابه مرشد الحيران "المال ما يمكن ادخاره لوقت الحاجة"‪.‬‬
‫وخالصة ما ذهب إليه فقهاء الشريعة اإلسالمية في تعريف المال‪ :‬أن المال هو كل ما أمكن‬
‫إح ارزه واالنتفاع به ويتضح من ذلك أن الشريعة اإلسالمية ال تعرف التفرقة بين األموال واألشياء‬
‫كما هو الحال في القوانين الوضعية‪ ،‬علما بأن التفرقة بين المال والشيء وان كانت لها أهمية فأنها‬
‫(‪)1‬‬
‫تقتصر على الناحية النظرية‪.‬‬
‫ولما كان القانون المدني اليمني مأخوذا من أحكام الشريعة اإلسالمية باعتبارها مصدر جميع‬
‫التشريعات وفقا للمادة الثالثة من الدستور‪ .‬فقد جاء في المادة ‪ 774‬مدني‪" :‬المال هو كل شيء‬
‫يتمول به ويمكن ادخاره لوقت الحاجة إذا كان التعامل فيه مباحا شرعا وكان غير خارج عن‬
‫التعامل بطبيعته"‪.‬‬

‫ووفقا لذلك فأن المال في نظر القانوني اليمني هو الشيء الذي يمكن أن ينصب عليه الحق‪.‬‬
‫وبالتالي فان تقسيمات األموال في الشريعة اإلسالمية والقانون اليمني تعتبر تقسيمات لألشياء في‬
‫التقنينات المدنية والعربية‪ ،‬ولذا ليس ثمة ما يمنع من استعمال إحدى العبارتين مكان األخرى‪.‬‬

‫تقسيمات األموال واألشياء‪:‬‬


‫فمن النوع‬ ‫( ‪)2‬‬
‫هناك تقسيمات ترد عادة في التشريعات وأخرى ترد في كتب فقهاء القانون‪،‬‬
‫األول تقسم األشياء إلى أشياء داخلة في التعامل وأشياء خارجة عنه‪ ،‬والى أشياء قابلة لالستهالك‬
‫وأشياء غير قابلة له‪ ،‬والى أشياء عقارية وأشياء منقولة‪ ،‬والى أشياء قيمية وأشياء مثلية والى أشياء‬
‫عامة وأشياء خاصة‪ ،‬ومثال النوع الثاني من تقسيم األشياء هو تقسيمها إلى قابلة للقسمة وغير‬
‫قابلة للقسمة‪ ،‬وأشياء حاضرة وأخرى مستقبلية‪ ،‬وأشياء بسيطة وأشياء مركبة وأشياء ورئيسية وأشياء‬
‫تبعية‬
‫وسوف نقتصر في تناول التقسيمات التي ترد عادة في التشريعات‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫أشياء الداخلة في التعامل واألشياء الخارجة عنه‬
‫تناولت المادة ‪ 770‬مدني األشياء التي ال يجوز التعامل فيها فنصت على أن "األشياء التي‬
‫ال يباح التعامل فيها شرعا هي التي حرم الشرع التعامل فيها‪ ،‬واألشياء التي تخرج عن التعامل‬

‫(‪ )1‬انظر بشكل مفصل د‪ .‬عبد الحي حجاي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.030-032‬‬
‫(‪ ) 2‬للوقوف على التقسيمات الفقهية لألشياء ارجع د‪ .‬عبد الحي حجاي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.693‬‬
‫‪333‬‬
‫بطبيعتها أو بحكم القانون تكون قابلة للتعامل‪ ،‬أي تصلح أن تكون محال للحق‪ .‬واألشياء الخارجة‬
‫عن التعامل كما حددتها المادة ‪ 770‬مدني هي‪:‬‬

‫‪ – 6‬أشياء خارجة عن دائرة التعامل بطبيعتها‪:‬‬

‫وهذه األشياء التي ال يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها‪ ،‬كأشعة الشمس والهواء وماء البحر‬
‫ألن حيازتها مسألة مستحيلة‪ ،‬ولكن إذا أمكن االستئثار بجزء منها عن طريق حيازته وفصله صار‬
‫هذا الجزء مملوكا ملكية فردية‪ ،‬وينشأ عليه لحائزه حق‪ ،‬ويمكن التعامل فيه فالهواء إذا ما ضغط في‬
‫أنبوبة صار مملوكا لحائزه‪ ،‬وكذلك أشعة الشمس بعد تحويلها إلى طاقة شمسية وكذلك مياه البحر‬
‫يمكن أن يكون محال للحق المالي بعد حصرها وتحويلها إلى مجرى خاص‪.‬‬

‫‪ - 2‬أشياء خارجة عن التعامل بحكم الشرع‬

‫األشياء التي تخرج عن دارة التعامل بحكم القانون هي أشياء تقبل بطبيعتها االستئثار بها‬
‫وحيازتها ولكن الشرع يخرجها من دائرة التعامل مراعاة لبعض االعتبارات المتعلقة بمصلحة‬
‫الجماعة‪ .‬ومثال هذه األشياء المواد المخدرة‪ ،‬كذلك األشياء العامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫األموال القابلة لالستهالك واألموال غير القابلة الستهالك‬

‫تنص المادة ‪ 773‬مدني على أن المال ينقسم إلى قابل لالستهالك ومال غير قابل‬
‫لالستهالك‪ .‬ويكون المال قابال لالستهالك إذا كان استعماله فيما أعد له سنحصر في استهالكه أو‬
‫إنفاقه ويعتبر كل ما اعد فلي المتاجر قابال لالستهالك أما غير قابل لالستهالك فهو المال الذي‬
‫أعد لالنتفاع به واستغالله مع بقاء عينة كاألرض الزراعية والدور والحوانيت‪.‬‬

‫ويتضح لنا من هذه التفرقة أن األشياء القابل لالستهالك هي تلك التي بمجرد استعمالها مرة‬
‫وحدة‪ .‬أي أن استعمالها ينحصر بحسب ما عدت له‪ ،‬في استهالكها‪.‬‬

‫أما األشياء غير القابلة لالستهالك فهي األشياء المعدة بطبيعتها لالستعمال المتكرر ال تهلك‬
‫منذ أو استعماال‪ ,‬استخدام بل يمكن أن نستخدم أكثر من مرة كالمالبس والمفروشات والكتب‪.‬‬

‫وأساس تقسيم األشياء إلى قابلة لالستهالك وغير قابلة لالستهالك هي طبيعتها‪ ،‬غير أن‬
‫أراد ة الفرد قد تتدخل في تعديل وصف الشيء إذا خصص الستعمل يختلف عن االستعمال الذي‬
‫أعد له بحسب كبيعته‪ .‬فالنقود والثمار من األشياء القابلة لالستهالك بطبيعتها‪ ،‬ولكنها تصبح غير‬
‫قابلة لالستهالك إذا أعدت للعرض في معرض لمدة معينة‪ ،‬والكتب مثال‪ ،‬فهي من األشياء غير‬
‫القابلة لالستهالك إذا أعدت لالستعمال الشخصي‪ ،‬ولكنها تكون قابلة لالستهالك إذا أعجت للبيع‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫وينبغي التأكيد بأن االستهالك قد يكون ماديا أو قانونيا‪ .‬ومن أمثلة األشياء التي تستهلك‬
‫ماديا بمجرد استعمالها األنواع المختلفة للطعام‪ .‬أما االستهالك القانوني فتنتقل به ملكية الشيء‬
‫كإنفاق النقود أو بيع البضاعة المعروضة في المتاجر‪.‬‬

‫وأهمية التفرقة بين األشياء القابلة لالستهالك وغير القابلة لالستهالك ينحصر في ناحيتين‪:‬‬

‫‪ -7‬أن بعض الحقوق ال تعطي لصاحبها حق التصرف وانما تعطيه فقط حق االستعمال ال‬
‫يمكن أن ترد على األشياء القابلة لالستهالك‪ ،‬وذك مثل حق االنتفاع واالستعمال والسكن‬
‫واالرتفاق‪.‬‬
‫‪ -3‬بعض النقود ال ترد إال على أشياء غير قابلة لالستهالك‪ ،‬وهي النقود التي تلزم أحد‬
‫المتعاقدين برد الشيء الذي تسلمه بعد استعماله‪ ،‬كاإليجار‪ ،‬فالمستأجر يلتزم برد الشيء‬
‫المؤجر بعد انتهاء مدة اإليجار‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫األموال العقارية واألموال المنقولة‬

‫وقد وجد هذا التقسيم في‬ ‫(‪)1‬‬


‫تنقسم األموال إلى عثارية ومنقولة يعد أهم تقسيماتها جميعا‪،‬‬
‫القانون الروماني‪ ،‬واتخذ هذا التقسيم أهمية كبرى في القانون الفرنسي القديم وذلك لما لملكية‬
‫( ‪)2‬‬
‫العقارات واألرض خاصة من أهمية بالغة من الناحية السياسية حينها‪.‬‬

‫وقد نصت على هذا التقسيم المادة ‪ 776‬مدني بقولها "ينقسم المال إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ -7‬مال ثابت غير منقول "عقار"‪.‬‬


‫‪ -3‬مال منقول‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 771‬مدني فقد عرفت العقار والمنقول حيث تنص على أن المال الثابت غير‬
‫المنقول " العقار" هو كل شيء له أصل ثابت ال يمكن نقله أو تحويله دون تلف فهو مستقر بحيز‬
‫ثابت ويلحق به كل منقول يضعه مالك المال فيه لخدمته أو الستغالله وكل ما عدا ذلك من المال‬
‫فهو منقول"‪.‬‬

‫ويتضح من هذا النص أن معيار هذا التقسيم معيا ار ماديا يعتمد على طبيعة األشياء وهو‬
‫معيار الثبات والحركة‪ .‬فالعقار هو الشيء الثابت الذي ال يمكن نقله من مكانه دون تلف وهو‬

‫(‪ )1‬العالمة األستاذ عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬حق الملكية‪ ،‬الجزء الثامن‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪7961‬م‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد الحي حجاي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.031-036‬‬
‫‪392‬‬
‫يشمل األرض والمباني واألشجار وغيرها وهذه هي العقارات بطبيعتها‪ .‬ولم يعرف القانون المدني‬
‫المنقول تعريفا مباش ار كما فعل في تعريف العقار‪ ،‬بل اقتصر على أن يقول "وكل ما عدا ذلك من‬
‫المال فهو منقول" م‪ 771‬منه‪ .‬فالمنقول إذن بمفهوم المخالفة‪ ،‬هو كل شيء يمكن نقله من مكان‬
‫إلى آخر دون تلف كالنقود والحيوانات والمحاصيل الزراعية والسيارة وغيرها‪.‬‬

‫والى جانب العقارات بطبيعتها يالحظ أن المشرع قد مد وصف العقار إلى بعض المنقوالت‬
‫إذا توافرت فيها شروط معينة‪ ،‬وتسمى في هذه الحالة عقارات بالتخصيص‪ .‬فالمادة ‪ 771‬مدني بعد‬
‫أن عرفت العقار بطبيعته أضافت "ويلحق به كل منقول يضعه مالك المال فيه لخدمته أو‬
‫استغالله"‪ .‬فالعقار بالتخصيص هو شيء منقول بطبيعته‪ ،‬ولكن مالكه الحق بعقار له بأن خصصه‬
‫( ‪)1‬‬
‫لخدمة العقار أو استغالله‪.‬‬

‫ويتضح مما سبق أنه يشترط العتبار المنقول عقا ار بالتخصيص‪:‬‬

‫‪ -7‬وحدة المالك‪ ،‬يشترط العتبار المنقول عقا ار بالتخصيص أن يكون مالكه ومالك العقار الذي‬
‫ارصد المنقول لخدمته شخصا واحدا‪.‬‬

‫أما إذا كان العقار للشخص والمنقول لغيره‪ ،‬فال يكون عقار بالتخصيص حتى لو أرصد‬
‫لخدمة العقار‪ ،‬كما لو كان المنقول مملوكا للمستأجر‪ ،‬أو أن مالك العقار استأجر المنقول لخدمة‬
‫العقار‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يخصص هذا المنقول أو استغالله‪ ،‬ويجب أن يكون هذا التخصيص عينيا ال شخصيا‪،‬‬
‫بمعنى أن يكون مقر ار لخدمة العقار أو استغالله وليس لخدمة شخص مالكه‪ ،‬فالخيل التي‬
‫يركبها صاحب المزرعة مثال ال تعد عقار بالتخصيص‪ ،‬أما الخيل التي تستخدم نقل منتجات‬
‫المزرعة فتعد عقا ار بالتخصيص‪.‬‬

‫فإذا توافر هذا الشرطان‪ ،‬أصبح المال رغم كونه من المنقوالت بطبيعته‪ ،‬عقا ار بالتخصيص‪،‬‬
‫أي بسبب تخصيصه لخدمة العقار‪ .‬وتسري عليه األحكام الخاصة بالعقار‪ ،‬فال يجوز الحجز عليه‬
‫حجز منقول مستقال عن العقار الذي خصص لخدمته أو استغالله‪ ،‬كما أن التنفيذ على العقار‬
‫يشمله ولو لم يذكر في تنبيه نزع الملكية‪ ،‬كذلك فأن التصرف في العقار بالطبيعة يشمل العقار‬
‫بالتخصيص‪ .‬ويكون في حالة القسمة من نصيب من حصل على العقار األصلي‪ ،‬حتى ولو كانت‬
‫(‪)2‬‬
‫القسمة بسبب وفاة المالك‪ ،‬ألن التخصيص ال يزول بالوفاة‪.‬‬

‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.073‬‬


‫ّ‬ ‫(‪)1‬انظر د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫الصدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.033‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬
‫‪397‬‬
‫واذا كان العقار يقسم إلى نوعين هما العقار بالطبيعة والعقار بالتخصيص كما سبق‪ .‬فالحال‬
‫أيضا كذلك بالنسبة للمنقول‪ ،‬فالمنقول بدوره ينقسم إلى منقول بالطبيعة‪ ،‬وهو كما أسلفت كل شيء‬
‫يمكن نقله من مكان إلى آخر دون تلف ومنقول بحسب المآل" وهو كل عقار معد للتحول في‬
‫ومثال ذلك البناء المعد للهدم واألشجار المعدة للقطع‪.‬‬ ‫القريب وعلى سبيل التحقيق إلى منقول"‬
‫(‪)1‬‬

‫ويترتب على اعتبار العقار منقوالت بحسب المآل أنه إذا بيعت هذه األشياء بأن بيعها يعتبر‬
‫بيع منقول يخضع ألحكام بيع المنقول ال بيع العقار‪ ،‬والحكمة من ذلك التخفف من قيود التصرف‬
‫(‪)2‬‬
‫في العقار‪.‬‬

‫أهمية تقسيم األموال إلى عقار ومنقول‪:‬‬

‫‪ – 7‬من حيث انتقال الملكية‬

‫الملكية ال تنتقل في العقار إال بالتسجيل بينما في المنقول فأنها تنتقل بمجرد العقد إذا كان‬
‫معين بالذات‪ ،‬واذا كان المنقول من المثليات معين بالنزع تنتقل الملكية باإلفراز‪.‬‬

‫‪ – 3‬من حيث الحقوق العينية الواردة على األشياء‬

‫من الحقوق ما ال يرد إال على عقار‪ ،‬كحق االرتفاق والسكن والقرار‪.‬‬
‫‪ – 9‬دعاوى الحيازة التي شرعت من أجل حماية الحيازة‪ ،‬ال تحمي إال حائز العقار فهي غير مقررة‬
‫بالنسبة للمنقول‪.‬‬

‫‪ – 4‬ال يقع االستمالك للمنفعة العامة إال على العقارات‪".‬قانون االستمالك للمنفعة العامة رقم ‪30‬‬
‫لسنة ‪7993‬م‪.‬‬

‫‪ – 0‬يفرق قانون المرافعات بين إجراءات الحجز على المنقول واجراءات التنفيذ على العقار‪.‬‬

‫‪ – 6‬من حيث االختصاص القضائي‬

‫األصل أن ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المدعى عليه ويستثنى‬
‫من ذلك الدعاوى المتعلقة بحق عقاري‪ ،‬فترفع أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرتها‪ .‬م‪61‬‬
‫مرافعات‪.‬‬

‫‪ – 1‬القيود التي تحد من تملك األجانب تقتصر عادة على العقارات دون المنقوالت‪.‬‬

‫د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14‬‬


‫(‪ )1‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ، ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.934‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬همام محمد محمود‪ ،‬د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.320‬‬
‫‪393‬‬
‫المطلب الرابع‬
‫األشياء المثلية واألشياء القيمية‬

‫تنص المادة ‪ 779‬من القانون المدني على أن األشياء المثلية تتماثل آحادها ويقوم بعضها‬
‫مقام بعض عند الوفاء وتقدر في التعامل بين الناس عادة بالعد أو الفرع أو الوزن وما عدا ذلك من‬
‫المال مما يكثر التفاوت فيه فهو قيمي "غير مثلي"‪.‬‬

‫فاألشياء المثلية‪ ،‬أو المعينة بالنوع‪ ،‬هي األشياء التي يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء فهي‬
‫في الغالب أشياء ال تتفاوت آحادها تفاوتا يعتد به‪ ،‬وتجري العادة على تعيين هذه األشياء بالعدد‬
‫كالنقود أو بالمقياس كالمنسوجات أو بالكيل كالحبوب أو بالوزن كالزيوت‪.‬‬

‫أما األشياء القيمية فهي التي يقدم بها وصف خاص بحيث ال يمكن أن يحل غيرها محلها‬
‫في لوفاء كعقار معين أو سيارة معينة‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وهذه األشياء يطلق عليها أيضا أشياء معينة بالذات ألن تحديدها ينصب على ذاتيتها وليس‬
‫على نوعها فقط‪.‬‬

‫ولعله من المفيد اإلشارة إلى أن أصل هذه التفرقة تعود للقانون الروماني فقد وردت هذه‬
‫ثم إلى القوانين العربية‬ ‫التقسيمات لألموال في مدونة جستنيان ومنها انتقلت إلى القوانين الالتينية‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬‬
‫ومنها اليمني واألردني والمصري والسوري والليبي والعراقي‪.‬‬

‫هذا وترتب على تقسيم األشياء إلى أشياء مثلية وقيمية عدة نتائج أهمها‪:‬‬

‫األشياء القيمية "المعينة بالذات" تنتقل ملكيته بمجرد العقد‪ ،‬أما األشياء المثلية "المعينة بالنوع"‬ ‫‪-7‬‬
‫فال تنتقل ملكيتها إال باإلفراز‪.‬‬
‫‪ -3‬هناك مقولة مفادها أن "األموال المثلية ال تهلك" ومعنى ذلك لو أن شخصا التزم بتقديم شيء‬
‫مماثل لكمية والنوعية المتعاقد عليها‪ ،‬في حين لو باع شيئا قيميا‪ ،‬معينا بذاته‪ ،‬كبقرة مثال‪،‬‬
‫وهلكت بقوة قاهرة فأن ذمة المدين تب أر وال يطالب بتسليم بقرة أخرى‪ ،‬لعدم وجود ما يماثلها‬
‫تماما‪.‬‬
‫‪ -9‬من حيث المقاصة" فأنها ال تقع إال بين دينين موضوع كل منهما شيء مثني متحد في النوع‬
‫والجودة‪...‬إلخ م‪ 493‬مدني‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.334‬‬
‫(‪ )2‬انظر القانون المدني األردني م‪ ،06‬والمصري م‪ ،30‬والليبي م‪ ،30‬والعراقي م‪.64‬‬
‫‪399‬‬
‫المطلب الخامس‬
‫األموال العامة واألموال الخاصة‬

‫تنقسم األموال من حيث تخصيص منفعتها إلى أموال عامة وأموال خاصة‪ ،‬وقد نصت المادة‬
‫‪ 732‬مدني على أن "المال العام هو كل مال تملكه الدولة أو األشخاص االعتبارية العامة ويكون‬
‫مخصصا للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار وهذا المال ال يجوز التصرف فيه‬
‫والحجز عليه وال تملك األشخاص له بأي وسيلة مهما بقي عاما ويجوز لألشخاص االنتفاع به فيما‬
‫أعد له طبقا للقانون وما عدا ذلك من المال فهو مال خاص سواء تملكه الدولة أو أألشخاص‬
‫االعتبارية العامة أو تملكه آحاد الناس"‪.‬‬

‫ووفقا للنص أعاله يجب العتبار المال عاما أن يتوافر شرطان‪ .‬أولهما أن يكون المال‬
‫مملوكا للدولة أو أحد أشخاص القانون العام كالمدن والمديريات ‪..‬إلخ وثانيهما أن يكون المال‬
‫مخصصا للمنفعة العامة‪.‬‬

‫وكما أن للدول أمواال عاما بصفتها صاحبة السيادة لها كذلك أموال خاصة تكون في انتفاعها‬
‫بها كاألفراد في انتفاعهم بما يملكون‪ .‬ومن هنا انقسمت أموال الدولة قسمين‪ .‬أموال عامة وأموال‬
‫خاصة‪ .‬والمقصود بأموال الدولة الخاصة تلك التي تملكها الدولة بوصفها فردا كسائر األفراد لكي‬
‫تحصل منها على دخل كاألراضي والمناجم والمحاجر وتخضع لنظام القانون الخاص‪ ،‬بحيث يجوز‬
‫التصرف بها بجميع أوجه التصرف المبينة في القانون م‪ 733‬مدني‪.‬‬

‫وقد وردت عبارة األموال العامة في الدستور اليمني‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 79‬منه "لألموال‬
‫والممتلكات العامة حرمة وعلى الدولة وجميع أفراد المجتمع صيانتها وحمايتها‪.‬‬

‫أما المال الخاص فهو المملوك ملكية خاصة لألفراد أو لألشخاص االعتبارية الخاصة‬
‫كالشركات والجمعيات‪.‬‬

‫وتكمن أهمية تقسيم األموال إلى أموال عامة وأموال خاصة في النواحي التالية‪:‬‬

‫‪ -7‬األموال العام غير القابلة للتصرف فيها‪ ،‬بمعنى أنه ال يجوز نقل ملكيتها إلى أشخاص‬
‫آخرين‪ .‬والتصرف الممنوع بالنسبة لألموال العامة هو التصرف الذي يتنافى مع تخصيص‬
‫المال للنفع العام‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يجوز الحجز على األموال العامة وذلك عكس األموال الخاصة‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫حماية الحق‬

‫سبق القول بأن فقهاء القانون لم يتفقوا عند تعريفهم للحق حيال عد الحماية القانونية عنص ار‬
‫من عناصر الحق‪ .‬وقد عرضنا للنقد الموجه للمذهب الموضوعي الذي اعتبر الحماية القانونية‬
‫عنص ار من عناصر الحق‪ .‬وبصرف النظر عن هذا الجدل بشأن عد الحماية القانونية من عناصر‬
‫فأن الذي ال يدخل إليه الشك أن الحق الذي ال يوفر له القانون وسائل‬ ‫(‪)1‬‬
‫الحق أو عدم عده كذلك‬
‫ومن هنا يمكن القول بأن الوضع‬ ‫(‪)2‬‬
‫حمايته يكون موجودا ولكن صاحبه ال يستطيع الحصول عليه‬
‫(‪)3‬‬
‫الطبيعي أنه ما دام القانون قد أقر بالحق واعترف به يجب أن يوفر له أسباب الحماية القانونية‪.‬‬

‫هذا ويجمع فقهاء القانون على أن الحماية القانونية ال تتحرك إال عندما يحدث نزاع بين‬
‫األشخاص بشأن هذا الحق‪ ،‬وفي ذلك تأكيد على أن الحق ينفصل عن وسيلة حمايته‪.‬‬

‫وقد وضع القانون لصاحب الحق من الوسائل ما يمكنه من الوصول إلى حماية حقه إذا ما‬
‫اكره الغير أو اعتدى عليه‪ ،‬ولذلك تقرر المادة ‪ 779‬مدني على أن كل حق يقابله واجب يلتزم‬
‫بأدائه من عليه الحق"‪ .‬كما تنص المادة ‪ 921‬مدني على أن كل فعل أو ترك غير مشروع سواء‬
‫كان ناشئا عن عند أو شبه عمد أو خطأ إذا سبب للغير ضر ار يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن‬
‫الضرر الذي أصابه وال يخل ذلك بالعقوبات المقررة للجرائم طبقا للقوانين النافذة‪.‬‬

‫أن إضفاء الحماية القانونية على الحق تقتضي من صاحب الحق إثبات وجود الحق بإقامة‬
‫الدليل أمام القضاء‪ ،‬وانه استعمل حقه دون تعسف‪ ،‬أي أنه استعمل حقه استعماال مشروعا‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫وسائل حماية الحق‬
‫أن إقرار القانون للحق‪ ،‬ومنحه وسائل الحماية‪ ،‬يؤكد بأن الحق دون حماية ال قيمه له‪.‬‬
‫والوسيلة األساسية لحماية الحق هي الدعوى‪ ،‬وهذا ما يؤكده المادة ‪ 02‬من قانون المرافعات حيث‬
‫تنص بأن "الدعوى هي الوسيلة التي يخولها القانون للشخص في سبيل االلتجاء إلى القضاء‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬خالد الزعبي‪ ،‬د‪ .‬منذر الفضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.330‬‬
‫(‪)2‬د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬وجورج حزبون‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.799‬‬
‫(‪ )3‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.371‬‬
‫‪390‬‬
‫للحصول على حق أو ضمانه أو إثباته"‪ .‬وتتفق التشريعات الحديثة في كون الدعوى سلطة قانونية‪،‬‬
‫وتختلف في تغليب بعض األوصاف عليها‪.‬‬
‫فيعرف البعض الدعوى بكونها سلطة قانونية يكلف الشخص باالستناد إليها السلطة القضائية‬
‫بحماية حق يدعيه بالمؤيدة المقررة‪ ،‬ويرى آخرون بأن الدعوى "سلطة مقررة لألفراد في االرتفاع‬
‫للقضاء اللتماس توفير الحرمة لحقوقهم ومصالحهم المشروعة‪ .‬وقسم أخر يعرفها بكونها "سلطة من‬
‫أخل بحق من حقوقه في مطالبة القضاء بتوفير الحماية لحقه‪.‬‬

‫وقد عرفها األستاذ أحمد أبو الوفاء تعريفا موج از مستمدا مما سلف بقوله‪" :‬أنها سلطة‬
‫االلتجاء إلى القضاء للحصول على تقرير حق أو حمايته"‪.‬‬

‫ويعرفها األستاذ صال ح الدين الناهي بالقول‪" :‬أن الدعوى هي تقاضي حماية حق أو‬
‫مصلحة أخل بهما أو أصبحا عرضة لإلخالل أو الضياع"‪.‬‬

‫أن حماية الحق باللجوء إلى القضاء حق دستوري‪ ،‬فالمادة ‪ 02‬من الدستور تنص يحق‬
‫للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة وله الحق في تقديم الشكاوى‬
‫واالنتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬

‫ويتضح من النص الدستوري السابق أن وسائل حماية الحق ال تقتصر على الدعوى فقط بل‬
‫تتعداها إلى الحق في تقديم الشكاوى واالنتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها إلخ‪.‬‬

‫الجزئية أيضا حق الشخص في الدفاع الشرعي عن نفسه أو مال‪ ،‬بل أيضا‬


‫ا‬ ‫وتقرر القوانين‬
‫عن نفس غيره وماله مثال ذلك قانون الجرائم والعقوبات المواد ‪ 92-36‬والدعوى وان كانت هي‬
‫الوسيلة األساسية لحماية الحق فأنها مقيدة بشروط‪ :‬أهمها شرط المصلحة بمعنى أن تكون لمن يقم‬
‫الدعوى مصلحة في ذلك‪ .‬حيث أن هذا المبدأ المتفق عليه أنه "ال دعوى بدون مصلحة"‪ .‬ولكي‬
‫تكون هذه المص لحة "سواء كانت مادية أو أدبية" منتجة ومعتبرة بالنسبة إلقامة الدعوى يجب أن‬
‫تكون هذه المصلحة مستندة إلى حق‪ ،‬وأن تكون شخصية‪ ،‬ومباشرة‪ ،‬وأن تكون قائمة وحالة أي أن‬
‫الحق الذي يستند إليه تقوم بشأنه منازعة جدية‪ ،‬وال يهم بعد ذلك أن تكون المصلحة مهمة أو قليلة‬
‫وأخي ار يشترط لقبول الدعوى أن ال يكون قد سبق الحكم في موضوعها "بين نفس‬ ‫(‪) 1‬‬
‫األهمية‬
‫الخصوم" وذلك تطبيقا لمبدأ أساسي في القانون هو "مبدأ حجية الشيء المحكوم به" أو مبدأ "قوة‬
‫األمر المقضي به"‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أمينة مصطفى النمر‪ ،‬الدعوى واجراءاتها‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪396‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫إثبات الحق‬

‫اإلثبات لغة‪ ،‬ثبت األمر ثباتا وثبوتا فهو ثابت‪ ،‬وثبت األمر تحقق وتأكد وأثبته جعله ثابتا‪،‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫واإلثبات‪ ،‬اإليجاب‪ ،‬ضد السلب والنفي‪.‬‬

‫أما من الناحية الفلسفية‪ ،‬فيعرف اإلثبات بأنه العملية التي تسوق بصفة مقنعة قاطعة إلى‬
‫التسليم بصحة قصة مشكوك فيها بداءة‪.‬‬

‫ويعرف الفقه اإلسالمي اإلثبات بمعناه العام بأنه إقامة الدليل على حق أو واقعة من الوقائع‪.‬‬
‫وبمعناه الخاص بأنه أقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددتها الشريعة على حق أو على‬
‫(‪)2‬‬
‫واقعة معينة تترتب عليها آثار‪.‬‬

‫أما اإلثبات قانونا فتعرفه المادة األول من قانون اإلثبات رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 7993‬بأنه إقامة‬
‫الدليل بالطرق القانونية إلثبات الحق المتنازع عليه أو نفيه"‪.‬‬

‫ولإلثبات أهمية عملية بالغة‪ ،‬فصاحب الحق لكلي يستطيع الوصول إلى حماية حقه يتعين‬
‫عليه إقامة الدليل على وجوده‪ ،‬فإن لم يتمكن من ذلك مجرد الحق من كل قيمة عملية وأصبح هو‬
‫وصدق من قال "يستوي حق ال وجود له مع حق ال دليل عليه"‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫والعدم سواء‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫محل اإلثبات وعبء اإلثبات‬

‫محل اإلثبات‪:‬‬

‫واضح من تعريف اإلثبات‪ ،‬بأن اإلثبات ينصب على الواقعة القانونية مصدر الحق أو‬
‫المنشئة له‪ .‬فنحل اإلثبات ليس هو الحق المتنازع فيه ولكن محل اإلثبات ينصب على المصدر‬
‫القانوني الذي ينشئ الحق‪ ،‬والحق ينشأ أما عن واقعة أو فعل مجرد أو تصرف إرادي‪ ،‬فمن يدعي‬
‫أن له دينا في ذمة آخر‪ ،‬عليه أن يثبت مصدر هذا الدين‪ ،‬كعقد بيع مثال ومن يدعى بأن شخصا‬

‫(‪ )1‬المنجد في اللغة واإلعالم كلمة ثبت ‪ ،‬ط‪ ،33‬دار الشروق‪ ،‬بيروت‪7939 ،‬م‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬حرف الثاء‪،‬‬
‫ص‪.99‬‬
‫(‪ )2‬ارجع د‪ .‬آدم وهيب النداوي‪ ،‬شرح قانون اإلثبات‪ ،‬ط‪ ،3‬بغداد‪7936 ،‬م‪ ،‬ص‪.70-74‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬عبد الودود يحيى‪ ،‬دروس في قانون اإلثبات‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪391‬‬
‫ملتزم تجاهه بالتعويض عليه إثبات الواقعة المنشئة للحق في التعريض بإثبات أن المدعى عليه قد‬
‫ارتكب خطأ سبب له ضر ار معينا كإصابة في حادث‪ ،‬ومن يريد أن يثبت أن له حقا في الميراث‪،‬‬
‫فعليه أن يثبت أوال واقعة الوفاة للمورث وواقعة القرابة‪.‬‬

‫عبء اإلثبات‪:‬‬

‫وبقصد بتحديد عبء اإلثبات تعيين أي من المتنازعين يحمل واجب أقامة الدليل على ما‬
‫يدعيه‪ ،‬ولتحديد عبء اإلثبات أهمية بالغة من الناحية العملية ذلك أن تكليف أحد الخصوم‬
‫باإلثبات يجعل الخصم اآلخر في مركز أفضل‪ ،‬أن موقفه سيكون سلبيا وسيكسب الدعوى دون‬
‫مجهود إذا عجز المكلف باإلثبات عن إقامة الدليل على ما يدعيه‪ ،‬فعلى سبيل المثال أنه عندما‬
‫يكلف المدعى بإثبات خطأ المدعى عليه في المسئولية‪ ،‬ال شك أن المدعى عليه سيكون في مركز‬
‫(‪)1‬‬
‫أفضل من مركز المدعي الذي ينوء بذلك العبء‪.‬‬

‫والقاعدة العامة في شأن اإلثبات هي أن اإلثبات على المدعي‪ ،‬وهذا ما تقتضي به المادة‬
‫الثانية من قانون اإلثبات والتي تنص بأن الدليل إثبات الحق وعلى المدائن إثبات الحق وعلى‬
‫المدين إثبات التخلص منه‪ ،‬وتكون البينة على المدعي واليمين على من أنكر‪.‬‬
‫سواء‬ ‫وال يقصد بالمعني رفع الدعوى‪ ،‬بل يقصد به كل من يدعي أم ار على خالف الظاهر‬
‫( ‪)2‬‬

‫كان هو رافع الدعوى أو من رفعت عليه‪ ،‬فإذا رفع شخص دعوى على آخر يطالبه فيها بمبلغ‬
‫معين اقترضه منه‪ ،‬كان رافع الدعوى أن يثبت حقه في ذمة المدين المدعى عليه‪ .‬فإذا ما جاء‬
‫المدين أمام القاضي وادعى أنه قام بالوفاء بهذا الدين فأنه يكون عليه أن يثبت ذلك أي يقع عليه‬
‫عبء اإلثبات‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫طرق اإلثبات‬

‫طرق اإلثبات أو أدلة اإلثبات هي الوسائل المقبولة قانونا التي يلجأ إليها أطراف النزاع إلقناع‬
‫وقد بين قانون اإلثبات "رقم ‪ 37‬لسنة ‪ "7993‬هذه‬ ‫(‪) 3‬‬
‫القاضي بصحة الوقائع التي يدعونها‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الودود يحيى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.76‬‬


‫د‪ .‬آدم وهيب النداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫(‪ )2‬انظر المادة الثالثة من قانون اإلثبات‪ ،‬رقم ‪ 37‬لسنة ‪7993‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أدم وهيب النداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪393‬‬
‫وهي شهادة الشهود‪ ،‬أقرار‪ ،‬الكتابة‪ ،‬اليمين وردها والنكول عنها‪ ،‬القرائن القاطعة ‪ ،‬المعاينة‬ ‫(‪)1‬‬
‫الطرق‬
‫"النظر"‪ ،‬الخبرة "العدول" تقريرهم‪ ،‬استجواب الخصم‪.‬‬

‫‪ – 6‬شهادة الشهود‬
‫عرفت المادة (‪ )36‬من قانون اإلثبات بقل=ولها "الشهادة أخبار في مجلس القضاء من‬
‫شخص بلفظ الشهادة إلثبات حق لغيره على غيره‪ .‬أما المادة (‪ )31‬من القانون نفسه فذكرت ما‬
‫يشترط في الشاهدة وهي‪:‬‬
‫أ – أن يكون بالغا عاقالت مختا ار عدال‪.‬‬
‫ب – أن يكون قد عاين المشهود به بنفسه إال فيما يثبت بالسمع واللمس ويستثنى أبضا النسب‬
‫والموت والدخول بالزوجة وأصل الوقف فأنه يجوز إثابتها بالشهرة‪.‬‬
‫ج – أن ال يكون مجلودا في حد أو مجروحا في عدالة‪ ،‬والعدالة هي الصالح الظاهر في الشاهد‪.‬‬
‫د – أن ال يجر لنفسه نفعا أو يدفع ضررا‪.‬‬
‫ه – أن ال يكون خصما للمشهود عليه‪.‬‬
‫و – أن ال يشهد على فعل نفسه‪.‬‬
‫ز – أن يكون عاما بالمشهود به ذاك ار له وقت األداء‪.‬‬
‫وتشترط المادة (‪ )47‬في الشهادة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -7‬أن تكون في مجلس القضاء في حضور المشهود عليه أو وكيله و المنصوب عنه‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يؤدي بلفظ الشهادة‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يتقدمها دعوة شاملة لها‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ال يكون بالنفي الصرف وأن ال يكذبها الواقع‪.‬‬
‫وبالنسبة لنصاب الشهادة فقد حددتها المادة (‪ )40‬كما يلي‪:‬‬
‫‪ -7‬في الزنا أربعة رجال‪.‬‬
‫‪ -3‬في بقية الحدود رجالن أو رجل وامرأتان‪.‬‬
‫‪ -9‬في جنايات النفس واألطراف رجالن أصالن أو رجل وامرأتان‪.‬‬
‫‪ -4‬في األموال والحقوق ونحوها رجالن أو رجل وامرأتان‪ ،‬ويجوز أن يقبل غير ذلك يما استثنى‬
‫بنص كشهادة امرأة فيما ال يطلع عليه الرجال وشهادة الصبيان بعضهم على بعض‪ .‬انظر‬
‫المادتين ‪ 93 ،92‬من قانون اإلثبات‪.‬‬
‫‪ – 2‬اإلقرار‬

‫(‪ )1‬انظر قانون اإلثبات‪ ،‬المادة ‪.7‬‬


‫‪399‬‬
‫اإلقرار هو إخبار الناس شفاها أو كتابه عن ثبوت حق لغيره على نفسه "المادة ‪ "13‬إثبات‪.‬‬
‫واق ارر الشخص بالواقعة يحسم النزاع في شأنها فيجعلها في غير حاجة إلى إثبات‪ .‬وبذلك تنص‬
‫المادة ‪ 31‬من القانون "اإلقرار حجة قاطعة على المقر"‪.‬‬
‫وقد ّبين القانون أركان القرار والشروط التي ينبغي توافرها في المقر والمقر له والمقر به‪..‬إلخ‬
‫"المواد ‪ "96-19‬من قانون اإلثبات‪.‬‬
‫‪ – 3‬الكتابة‬
‫تعد الكتابة من أهم أجلة اإلثبات في الوقت الحاضر‪ ،‬وقد تكون الكتابة رسمية أمام موظف‬
‫رسمي مختص طبقا لألوضاع التي يستلزمها القانون‪ .‬وقد تكون ُعرفية بين األفراد ولكل من‬
‫النوعين حجية في اإلثبات على النحو الذي ّبينه القانون ‪" ،‬المواد ‪."733-91‬‬

‫‪ – 4‬اليمين وردها والنكول عنها‬


‫اليمين حلف إلثبات الواقعة المتنازع عليها أو لنفيها تؤدى من الخصم الذي وجهت إليه‬
‫بالصفة التي تقرها المحكمة‪ .‬المادة ‪ 739‬إثبات‪.‬‬

‫ورد اليمين هو طلب الخصم الذي وجهت إليه بردها إلى خصمه ليحلفها هو بالصفة التي‬
‫تقرها المحكمة‪ .‬المادة ‪ 792‬إثبات‪.‬‬

‫والنكول هو امتناع الخصم الذي وجهت إليه اليمين عن حلفها الواجب عليه دون أن يردها‬
‫على خصمه في األحوال التي ال يجوز فيها الرد‪ .‬المادة ‪ 797‬إثبات‪.‬‬

‫واليمين كأحد طرق اإلثبات‪ ،‬يؤخذ بها في ظل ضمانه من الذمة والعقيدة الدينية‪ ،‬واليمين‬
‫(‪)1‬‬
‫نظاما من أنظمة العدالة أراد به المشرع أن يخفف من مساوئ تقييد الدليل‪.‬‬

‫واليمين القضائية تنقسم إلى نوعين ‪ ،‬يمين حاسمة ويمين متممة‪.‬‬


‫أ – اليمين الحاسمة‬
‫هي يمين يوجهها الخصم إلى خصمه إذا أعوزه الدليل المطلوب‪ ،‬ليحسم بها الن ازع‪ ،‬فهي‬
‫ليست دليال يقدمه الخصم على صحة ما يدعيه‪ ،‬إنما وهي وسيلة احتياطية يلجأ إليها الخصم‪،‬‬
‫واذا حلف اليمين من وجهت إليه كان مضمون الحلف حجة‬ ‫( ‪)2‬‬
‫محتكما إلى ذمة خصمه وضميره‪.‬‬
‫ملزمة للقاضي‪ ،‬فيحسم النزاع‪ ،‬ويخسر من وجه ا ليمين دعواه‪ ،‬فإذا تضمن الحلف إنكا ار لما يطالب‬
‫به من وجه اليمين‪ ،‬حكم برفض الدعوى‪ .‬وهذا الحكم نهائي‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر د‪ .‬آدم وهيب النداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.347-342‬‬


‫(‪ )2‬انظر د‪.‬عبد الودود يحيى‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.769‬‬
‫‪342‬‬
‫أما إذا نكل من وجهت إليه اليمين ‪ -‬أي رفض أن يحلف اليمين بعد أن وجهت إليه – خسر‬
‫ويكون النكول صراحة أو ضمنا‪ .‬مادة ‪ 744‬إثبات‪ ,‬وقد‬ ‫(‪)1‬‬
‫دعواه‪ ،‬وكسب من وجه اليمين الدعوى‪.‬‬
‫يرد الخصم اليمين أي يطلب إلى من يوجهها إليه أن يحلف هو فأما أن يحلف فيكسب الدعوى‪.‬‬
‫أما إذا امتنع عن الحلف خسر دعواه‪.‬‬
‫ويالحظ أنه إذا كان القانون قد أعطى لكل من الخصمين الحق في توجيه اليمين الحاسمة‬
‫إال أنه أخضع ذلك لرقابة المحكمة تجوز للمحكمة أن تعدل من صيغة اليمين أو تمنع توجيهها‪.‬‬
‫المادتين ‪ 742 ،791‬إثبات‪.‬‬

‫ب – اليمين المتممة‬

‫هي يمين توجهها المحكمة للمدعي الذي قدم ّبينه ناقصة الستكمال البينة القانونية عن الحق‬
‫المدعى به بشرط أال تكون الدعوى خالية من أية بينه وأن ال تكون فيها بينة كاملة وتلك في‬
‫األحوال التي يجوز فها ذلك وهي الحقوق واألموال‪ ،‬وال يجوز للمدعي أن يرد اليمين المتممة إلى‬
‫المدعى عليه المادة ‪ 740‬إثبات‪.‬‬

‫واليمني المتممة ال تحسم النزاع كاليمين الحاسمة‪ ،‬وانما هي إجراء يلجأ إليه القاضي‪ ،‬عند‬
‫نقص األدلة‪.‬‬
‫‪ – 5‬القرائن القاطعة‬
‫وهي على نوعين‪ :‬القرائن القانونية‬ ‫(‪) 2‬‬
‫القرينة هي استنباط أمر غير ثابت من أمر ثابت‬
‫(‪)3‬‬
‫والقرائن القضائية‪.‬‬
‫والقرينة القانونية قد تكون قرينة بسيطة أي يمكن إثبات عكسها‪ ،‬وقد تكون القرينة القانونية‬
‫قاطعة أي ال يمكن إثبات عكسها‪ ،‬ومن أهم أمثلتها حجة األمر المقضي به ويقصد بها أن الحكم‬
‫النهائي الذي يصدر في قصية معينة يكون حجة على ما فصل به فال تقبل العودة إلى مناقشة ما‬
‫فصل فيه هذا الحكم كما ال يجوز التشكيك في صحة ما قضي به (‪ )709‬إثبات‪ .‬وعلى ذلك تنص‬
‫المادة ‪ 704‬إثبات "القرينة القاطعة هي ما علم من األمارات والدالئل الحال المصاحبة للواقعة‬
‫المراد إثباتها فتدل بطريقة القطع الذي ال يقبل االحتمال أصال على ثبوتها‪ .‬كما تنص المادة ‪706‬‬
‫إثبات على أن كل قرينة قاطعة قانونية ال يجوز نقضها‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪.‬عبد الودود يحيى‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.719-713‬‬


‫د‪ .‬آدم وهيب النداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.304‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬آدم وهيب النداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.376‬‬
‫(‪ ) 3‬سبق الحديث عن القرائن القانونية عند الحديث عن وسائل الصياغة القانونية‪ ،‬في القسم لألول من الكتاب‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫‪ – 1‬المعاينة "النظر"‬
‫تعد المعاينة من األدلة المهمة في سبيل التوصل الر معرفة الحقيقة فقد ترى المحكمة أن‬
‫معاينة المتنازع فيه له أهميته في اإلثبات فيكون لها من تلقاء نفسها أن تقرر االنتقال لمعاينة‬
‫موضوع النزاع‪ .‬كما يكون للمحكمة أن تنتقل بناء على طلب أحد الخصوم في الدعوى غير أنه في‬
‫هذه الحالة ال تلتزم المحكمة باالنتقال في محل النزاع فاألمر يخضع لتقديرها‪ .‬المادة ‪ 763‬إثبات‪.‬‬

‫واذا كان انتقال المحكمة لمعاينة محل النزاع من األمور الجوازية فلها أن تقرر االنتقال‬
‫بنفسها أو أن تنتسب أحد قضاتها أو من قضاة المحاكم األخرى‪ .‬المادة ‪ 762‬إثبات‪.‬‬

‫وهناك خالف حول سلطة قاضي الموضوع في تقدير الدليل الناتج عن المعاينة‪ .‬ففي حين‬
‫يذهب األستاذ السنهوري إلى القول "وغني عن البيان أن المعاينة والخبرة دليالن حجيتها غير‬
‫يذهب آخرون إلى القول بأن "كل ما يثبت للمحكمة بالمعاينة يعد دليال قائما على‬ ‫(‪) 1‬‬
‫ملزمة"‬
‫(‪)3‬‬
‫وهذا هو حكم محكمة النقض المصرية‪.‬‬ ‫الدعاوى يتحتم عليها أن تقول كلمتها فيه"‬
‫(‪)2‬‬

‫أما األستاذ آم وهيب النداوي فيرى "أن بإمكان القاضي أال يأخذ بنتيجة المعاينة إذا شعر أن‬
‫ثمة تغييرات قد أدخلت على ما عاينه بحيث لم يعد يطابق الحقيقة أو أن المعاينة لم تؤدي إلى‬
‫تكوين قناعة بصدد النزاع" ويخلص إلى القول بأن (القاضي حر في عدم األخذ بما حصل عليه من‬
‫علم نتيجة المعاينة ولكنه ملزم في حالة عدم األخذ به بتسبيب قرار الرفض كما هو الحال في أي‬
‫ونحن نشاطره هذا الرأي لما فيه من منطق يتفق ومهم اإلثبات‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫دليل مقنع غير ملزم‬

‫‪ – 7‬الخبرة "العدول"‬
‫نعتد بالخبرة نوع من المعاينة الفنية تتم بواسطة أشخاص من أهل الخبرة تتوافر لديهم الكفاءة‬
‫في النواحي التي ال تتوافر لدى القضاة‪ .‬فقد يقتضي الفصل في النزاع الوقوف على بعض النواحي‬
‫الفنية التي ال يلم بها القاضي‪ ،‬كالهندسة والطب وغيرها من فروع المعرفة‪ ،‬لذا أجاز القانون‬
‫للمحكمة أن تعين خبي ار "عدال أو أكثر لالستعانة بهم‪ .‬المادة ‪ 760‬إثبات‪.‬‬
‫هذا وتعد النتيجة التي توصل إليها الخبير أو الخبراء وتطمئن أليها المحكمة دليال كامال في‬
‫المسائل التي يعينون فيها‪ .‬المادة ‪ 710‬إثبات‪.‬‬

‫(‪ )1‬العالمة السنهوري‪ ،‬الوسيط‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪ ،727‬نقال عن د‪ .‬آدم وهيب النداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.366‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد الودود يحيى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.733‬‬
‫د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.664‬‬
‫(‪ )3‬نقض مدني‪ ،‬في ‪7940/3/3‬م نقال عن د‪ .‬عبد الودود يحيى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.739‬‬
‫(‪)4‬د‪ .‬آدم وهيب النداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.366‬‬
‫‪343‬‬
‫‪ – 8‬استجواب الخصوم‬
‫نصت المادة ‪ 716‬إثبات بأنه "يجوز للمحكمة من تلقاء نسها أو بناء على طلب الخصم‬
‫استجواب خصمه لإلحاطة بجوانب المسألة المتنازع عليها ويكون توجيه األسئلة للخصم عن طريق‬
‫المحكمة أو من تنتدبه لذلك من قضائها أو قضاة لمحاكم األخرى ويبدأ بتوجيه األسئلة التي ترى‬
‫المحكمة أو القاضي المنتدب توجيهها ثم أسئلة الخصم وسببه أن وجد وال يخل ذلك بما تستنبطه‬
‫المحكمة من قرائن تفيد في إثبات أو نفي الحق المتنازع عليه‪.‬‬

‫تم بحمد الله‬

‫‪349‬‬
‫المراجع‬
‫مراجع الكتاب‬
‫‪ -7‬القرآن الكريم‬
‫‪ -3‬ابن خلدون‪ ،‬المقدمة تاريخ العالمة ابن خلدون‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬ط‪ ،9‬مكتبة المدرسة ودار‬
‫الكتب اللبنانية‪ ،‬بيروت ‪.7961‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬إبراهيم محمد العاني‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫د‪ .‬أنور سلطان‪ ،‬المبادئ القانونية العامة "لطلبة كلية التجارة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪،4‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪. .7939‬‬
‫‪ -0‬د‪ .‬إبراهيم أبو الليل‪ ،‬د‪ .‬محمد األلفي‪ ،‬المدخل إلى نظرية الحق‪ ،‬مطابع مقهوري‪ ،‬الكويت‬
‫‪.7914‬‬
‫‪ -6‬د‪ .‬أحمد سالمة‪ ،‬المدخل إلى لدراسة القانون‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية القاعدة القانونية‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪.7914‬‬
‫‪ -1‬د‪ .‬أـحمد فتحي سرور‪ ،‬الجرائم الضريبية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،.‬القاهرة ‪.7992‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬ـأحمد فتحي سرور‪ ،‬الشرعية واإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،.‬القاهرة ‪.7911‬‬
‫‪ -9‬د‪ .‬ـأحمد عبد الرحمن شرف الدين‪ ،‬د‪ .‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬القانون اإلداري اليمني‬
‫‪.7997‬‬
‫‪ -72‬د‪ .‬أمينة مصطفى النمر‪ ،‬الدعوى واجراءاتها ‪ ،‬منشاة المعارف اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ -77‬د‪ .‬إبراهيم نجيب سعد‪ ،‬القانون القضائي الخاص‪ ،‬ج‪ ،3‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ -73‬آدم وهيب النداوين شرح قانون اإلثبات‪ ،‬ط‪ ،3‬بغداد ‪7936‬م‪.‬‬
‫‪ -79‬د‪.‬بطرس بطري غالي‪ ،‬د‪ .‬محمود خيري عيسى‪ ،‬المدخل في علم السياسة‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة‬
‫اإلنجلو المصرية ‪7939‬م‪.‬‬
‫‪ -74‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬الدخل للعلوم القانونية‪ ،‬ط‪ ،3‬مؤسسة الثقافة الجامعية ‪7937‬م‪.‬‬
‫‪ -70‬د‪ .‬توفيق حسن فرج‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬األصول العامة للقانون‪ ،‬الدار الجامعية‬
‫‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -76‬جميل الشرقاوي‪ ،‬دروس في أصول القانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫‪ -71‬د‪ .‬جعفر الفضلي‪ ،‬د‪ .‬منذر عبد الحسين الفضل‪ ،‬المدجل للعلوم القانونية "النظرية العامة‬
‫للقانون والنظرية العام للحق‪ ،‬ط‪791 ،7‬م‪.‬‬
‫‪ -73‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬المدخل إلى القانون‪7914 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -79‬د‪ .‬حسن الهنداوي‪ ،‬الجنسية ومركز األجانب وأحكامها في القانون الكويتي‪ ،‬وكالة‬
‫المطبوعات ‪7919‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬فكرة القانون‪ ،‬دار الفرك العربي ‪7919‬م‪.‬‬
‫‪ -37‬د‪ .‬حسين عبد علي عيسى‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص "الجرائم الواقعة على‬
‫األشخاص"‪ ،‬عدن ‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬د‪ .‬حسني الجندي‪ ،‬شرح قانون العقوبات اليمني‪ ،‬القسم العام ‪7997‬م‪.‬‬
‫‪ -39‬د‪ .‬حسن الجوداري‪ ،‬شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬ط‪ ،7‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬عدن‬
‫‪7993‬م‪.‬‬
‫‪ -34‬د‪ .‬حسن الجوداري‪ ،‬قانون األحدث الجانحين‪ ،‬مكتبة دار الثقافة‪ ،‬ط‪ ،7‬عمان ‪7993‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬د‪ .‬حسين سلوم‪ ،‬المالية العامة "القانون المالي الضريبي"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‬
‫‪7992‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬د‪ .‬محمد مقبول األهدل‪ ،‬أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،7‬مكتبة الجيل ‪ ،‬صنعاء ‪7992‬م‪.‬‬
‫‪ -31‬د‪ .‬حسين النوري‪ ،‬دروس في القانون ‪ ،‬مكتبة عين شمس‪ ،‬القاهرة بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -33‬د‪ .‬خالد سمارة الزعبي‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬ط‪ ،7‬المركز العربي للخدمات الطالبية‪ ،‬عمان‬
‫‪7990‬م‪.‬‬
‫‪ -39‬د‪ .‬خالد عمر باجبيد‪ ،‬القانون اإلداري اليمني‪ ،‬إصدار جامعة عدن‪ ،‬عدن ‪7993‬م‪.‬‬
‫‪ -92‬دونالد ر‪ .‬ددلي‪ ،‬حضارة الرومان‪ ،‬ترجمة يواقيم الذهبي‪ ،‬دار نهضة مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون‬
‫سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -97‬رز هز بارو‪ ،‬الرومان‪ ،‬ترجمة عبد الرزاق يسري‪ ،‬مراجعة د‪ .‬سمير القلماوي‪ ،‬دار نهضة‬
‫مصر‪ ،‬القاهرة ‪7963‬م‪.‬‬
‫‪ -93‬د‪ .‬رشاد السيد‪ ،‬مبادئ القانون الدولي ‪7997‬م‪.‬‬
‫‪ -99‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني‪ ،‬ج‪ ،7‬الدار الجامعية ‪7939‬م‬
‫‪ -94‬د‪ .‬رمضان أبو السعد‪ ،‬الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني‪ ،‬النظرية العامة للحق‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية ‪7930‬م‪.‬‬
‫‪ -90‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المدخل لدراسة القانون اليمني‪ ،‬ج‪ ،7‬نظرية القانون ‪7992‬م‬
‫‪ -96‬د‪ .‬سعيد جبر‪ ،‬المدخل لدراسة القانون اليمني‪ ،‬ج‪ ،3‬نظرية الحق ‪7992‬م‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫‪ -91‬د‪ .‬سمير عبد اليد تناغو‪ ،‬النظر العامة للقانون‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية ‪7936‬م‪.‬‬
‫‪ -93‬د‪ .‬سهيل الفتالوي‪ ،‬نظرية القانون‪ ،‬ط‪7999 ،7‬م‪.‬‬
‫‪ -99‬د‪ .‬سامية محمد جابر‪ ،‬علم االجتماع المعاصر‪ ،‬دار المعرفة الجامعية ‪7992‬م‪.‬‬
‫‪ -42‬د‪ .‬شمس الدين الوكيل‪ ،‬الموجز في المدخل لدراسة القانون‪،‬ط‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -47‬د‪ .‬شاب توما منصور‪ ،‬شرح قانون العمل العراقي‪ ،‬بغداد ‪7913‬م‪.‬‬
‫‪ -43‬د‪ .‬صالح الدين عبد اللطيف الناهي‪ ،‬الوجيز في الملكية الصناعة والتجارية‪ ،‬دار الفرقان‬
‫‪7939-33‬م‪.‬‬
‫‪ -49‬د‪ .‬صالح الناهي‪ ،‬د‪ .‬محمد صبحي نجم‪ ،‬د‪ .‬نائل عبد الرحمن صالح‪ ،‬القانون في حياتنا‪،‬‬
‫الجامعة األردنية ‪7934-39‬م‪.‬‬
‫‪ -44‬د‪ .‬صالح الدين عبد اللطيف الناهي‪ ،‬النظرية العامة في الدعوى في المرافعات واألصول‬
‫المدنية‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار عمار‪ ،‬عما‪7933 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -40‬د‪ .‬طعيمة الجرف‪ ،‬القانون اإلداري ‪7919‬م‪.‬‬
‫‪ -46‬د‪ .‬عبد العزيز سرحان‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬القاهرة ‪7969‬م‪.‬‬
‫‪ -41‬د‪ .‬عبد المجيد راضي الحكيم‪ ،‬الكافي في شرح القانون المدني أألردني والعراقي واليمني‪،‬‬
‫ج‪ ،7‬الشركة الجديدة للطباع‪ ،‬عان ‪7999‬م‪.‬‬
‫‪ -43‬د‪ .‬عبد الغني بسيوني عبد الله‪ ،‬النظم السياسية والقانونية الدستورية‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية ‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -49‬السنهوري‪ ،‬الوسيط في القانون المجني‪ ،‬ج‪ ،3‬القاهرة ‪7961‬م‪.‬‬
‫‪ -02‬المحامي د‪ .‬عبد القادر الفأر‪ ،‬المدجل لدراسة العلوم القانونية‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‬
‫‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -07‬د‪ .‬صادق أبو هيف‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬ط‪ ،77‬منشاة المعارف‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -03‬د‪ .‬عمر بامحسون‪ ،‬التطور الدستوري في اليمن الديمقراطية‪ ،‬مكتبة مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون‬
‫سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -09‬د‪ .‬عبد العزيز السقاف‪ ،‬نظرية المالية العامة والنظام المالي في الجمهورية العربية‬
‫اليمنية‪،‬المعهد القوني لإلدارة‪ ،‬صنعاء‪.‬‬
‫‪ -04‬د‪ .‬عبد الودود يحيى‪ ،‬دروش في قانون اإلثبات‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -00‬د‪ .‬علي خطار شطناوي‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري األردني‪ ،‬عمان ‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -06‬د‪ .‬علي خطار شطناوي‪ ،‬القضاء اإلداري ‪ ،‬ط‪ ،7‬مطبعة كنعان ‪7990‬م‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫‪ -01‬د‪ .‬عبد الرحمن عيسوي‪ ،‬علم النفس القانوني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -03‬د‪ ,‬عبد الواحد عزيز الزنداني‪ ،‬السير والقانون الدول العام‪ ،‬ط‪7992 7‬م‪.‬‬
‫‪ -09‬د‪ .‬عبد القادر الالمي‪ ،‬معجم المصطلحات القانونية‪ ،‬بغداد ‪7992‬م‪.‬‬
‫‪ -62‬د‪ .‬عبد العزيز عامر‪ ،‬المدخل لدراسة القانون المقارن بالفقه اإلسالمي‪ ،‬القسم األول‪ ،‬نظرية‬
‫القانون‪ ،‬طبعة خاصة‪ ،‬المطبعة العالمية‪ ،‬القاهرة‪7969 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -67‬د‪ .‬عبد المجيد الحفناوي‪ ،‬تاريخ القانون المصري‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية ‪.19-13‬‬
‫‪ -63‬د‪ .‬عباس الصراف‪ ،‬د‪ .‬جوج حزبون‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ط‪ ،9‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‬
‫‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -69‬د‪ .‬عدنان طه الدوري‪ ،‬د‪ .‬لطيف جبر كوماني‪ ،‬المبادئ للقانونية العامة‪" ،‬لطلبة التجارة"‪،‬‬
‫ط‪ ،7‬الجامعة المفتوحة ‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -64‬د‪ .‬عصام أنور سليم‪ ،‬د‪ .‬محمد حسن قاسم‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬مدخل الى القانون‪ ،‬مدخل الى‬
‫االلتزامات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪7999‬م‪.‬‬
‫‪ -60‬عبد الكاظم فارس المالكين‪ ،‬جبار صابر طه‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‪ ،‬مؤسسة المعاهد‬
‫التقنية‪ ،‬بغداد ‪7936‬م‪.‬‬
‫‪ -66‬عبد القادر عودة‪ ،‬التشريع الجنائي اإلسالمي‪ ،‬في جزئين‪ ،‬ط‪ ،73‬مؤسسة الرسالة ‪7999‬م‪.‬‬
‫‪ -61‬عبد الوهاب خلفن علم أصول الفقه‪ ،‬دار القلم‪7936 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -63‬د‪ .‬عبود المسراج‪ ،‬قانون العقوبات "القسم العام"‪ ،‬ط‪ ،6‬مطبوعات جامعة دمشق‪-93 ،‬‬
‫‪7999‬م‪.‬‬
‫‪ -69‬د‪ .‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬مبادئ القانون ‪7930‬م‪.‬‬
‫‪ -12‬د‪ .‬عدنان جاموس‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ط‪ ،3‬منشورات جامعة دمشق‪7993-97 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬د‪ .‬عبد الحي الحجازي‪ ،‬المدخل لدراسة العلوم القانونية‪ "7" ،‬القانون‪ ،‬وفقا للقانون الكويتي‪،‬‬
‫"دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬الكوبت ‪7913‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬د‪ .‬عبد الحي الحجازي‪ ،‬المدخل لدراسة العلوم القانونية‪ "3" ،‬الحق‪ ،‬وفقا للقانون الكويتي‪،‬‬
‫"دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬الكوبت ‪7912‬م‪.‬‬
‫‪ -19‬د‪ .‬عبد الرحمن الصابوني‪ ،‬المدخل لدراسة التشريع اإلسالمي‪ ،‬ج‪ ،3‬الطبعة التعاوني‪ ،‬مديرية‬
‫الكتب الجامعية‪7914-14 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -14‬د‪ .‬عبد السالم علي المزوغي‪ ،‬النظرية العامة لعلم القانون‪ ،‬ج‪ ،7‬نظرية القانون‪ ،‬ط‪ ،3‬الدار‬
‫الجامعية للنشر والتوزيع واإلعالن ‪7933‬م‪.‬‬
‫الصدة‪ ،‬أصول القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪7994 ،‬م‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -10‬د‪ .‬عبد المنعم فرج‬

‫‪341‬‬
‫‪ -16‬د‪ .‬عبد الباقي البكري‪ ،‬د‪ .‬غلي محمد بدير‪ ،،‬زهير البشير‪ ،‬المدخل لدراسة القانون‪ ،‬بغداد‬
‫‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬د‪ .‬عبد القادر الشيخلي‪ ،‬النظام القانون للجزاء التأديبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان ‪7939‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬علي خليل إبراهيم‪ ،‬جريمة الموظف العام الخاطفة للتأديب في القانون العراقي‪ ،‬الدار العربية‪،‬‬
‫بغداد‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -19‬د‪ .‬عبد الفتاح عبد الباقي‪ ،‬نظرية القانون‪ ،‬القاهرة ‪7904‬م‪.‬‬
‫‪ -32‬د‪ .‬عصام العطية‪ ،‬القانون الدولي العام‪7931 ،‬م‪ ،‬ص ‪.93-39‬‬
‫‪ -37‬د‪ .‬علي محمد جعفر‪ ،‬العقوبات والتدابير واألساليب تنفيذها‪ ،‬ط‪ ،7‬المؤسسة الجامعية‬
‫للدراسات ‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬د‪ .‬عبد الغني محمود‪ ،‬التدخل في الدعوى أمام محكمة العدل الدولية‪ ،‬ط‪ ،7‬دار النهضة‬
‫العربية ‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -39‬د‪ .‬عبد العال الصكبان‪ ،‬مقدمة في علم المالية العامة في العراق‪ ،‬ج‪ ،7‬دار الكتب لطباعة‬
‫والشتر‪ ،‬جامعة الموصل ‪7936‬م‬
‫‪ -34‬د‪ .‬غسان الجندي‪ ،‬القانون الدولي لحقوق اإلنسان‪ ،‬مطبعة التوفيق ‪ ،‬عمان ‪7939‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬د‪ .‬غالب علي الداودي‪ ،‬المدخل إلى عالم القانون وخاصة األردني‪ ،‬ط‪7996 ،4‬م‪.‬‬
‫‪ -36‬د‪ .‬فؤاد شباط‪ ،‬د‪ .‬محمد عزيز شكري‪ ،‬القضاء الدولي‪ ،‬المطبعة الجديدة‪ ،‬دمشق ‪7966‬م‪.‬‬
‫‪ -31‬د‪ .‬كمال أبو سريع‪ ،‬القانون البحري اليمني‪ ،‬منشورات جامعة صنعاء ‪7997‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬د‪ .‬كمال السعيد‪ ،‬شرح األحكام العامة في قانون العقوبات األردني‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‬
‫‪7939‬م‪.‬‬
‫مناع القطاع‪ ،‬التشريع والفقه اإلسالمي‪" ،‬تاريخا ومنهجا" ط‪ ،72‬مؤسسة الرسالة‪7939 ،‬م‪.‬‬
‫‪ّ -39‬‬
‫‪ -92‬د‪ .‬مصطفى كمال أبو طه‪ ،‬القانون التجاري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -97‬المحامي محمود نعمان‪ ،‬موجز المدخل للقانون‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت ‪7910‬م‪.‬‬
‫‪ -93‬د‪ .‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪7934‬م‪.‬‬
‫‪ -99‬د‪ .‬ماهر صالح عالو الجبوري‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬جامعة الموصل ‪7939‬م‪.‬‬

‫‪ -94‬د‪ .‬محمد السعيد رشيدي‪ ،‬موجز المدخل لدراسة القانون األردني‪ ،‬دار الفرقان‪ّ ،‬‬
‫عمان‬
‫‪7997‬م‪.‬‬
‫‪ -90‬د‪ .‬ملحم قربان‪ ،‬قضايا الفكر السياسي "القانون الطبيعي"‪ ،‬ط‪ ،7‬المؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت ‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -96‬د‪ .‬محمد عبد الكريم عكاشة‪ ،‬يهود اليمن والهجرة إلى فلسطين‪ ،‬الطبعة األولى‪7999 ،‬م‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫‪ -91‬د‪ .‬ماهر صالح عالو الجبوري‪ ،‬القرار اإلداري‪ ،‬كلية صدام للحقوق‪ ،‬دار الحكمة للطبعة‬
‫والنشر‪ ،‬بغداد ‪7997‬م‪.‬‬
‫‪ -93‬د‪ .‬محمد محمود ربيع‪ /‬مناهج البحث في العلوم السياسية‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة الفالح‪ ،‬الكويت‬
‫‪7931‬م‪.‬‬
‫‪ -99‬د‪ .‬محمد لبيب شنب‪ ،‬الدخل لدراسة القانون‪ ،‬القاهرة ‪7936-30‬م‪.‬‬
‫‪ -722‬د‪ .‬محمد مصطفى شلبي‪ ،‬المدخل في الفقه اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،72‬الدار الجامعية‪7930 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -727‬د‪ .‬محمد فاروق النبهان‪ ،‬المدخل للتشريع اإلسالمي‪ ،‬وكالة المطبوعات ‪ ،‬الكويت‪ ،‬دار‬
‫القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -723‬د‪ .‬منذر الشاوي‪ ،‬المدخل لدراسة القانون الوضعي‪ ،‬ط‪ ،7‬دار الشئون الثقافية‪ ،‬بغداد‬
‫‪7966‬م‪.‬‬
‫‪ -729‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬عبد الحميد محمد الجمال‪ ،‬النظريات العامة للقانون‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية ‪7931‬م‪.‬‬
‫‪ -724‬د‪ .‬محمد خلف‪ ،‬مبادئ علم اإلجرام‪ ،‬ط‪7911 ،7‬م‪.‬‬
‫"لطلبة كلية‬ ‫‪ -720‬د‪ .‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن’‪،‬دروس في القانون‬
‫التجارة"‪ ،‬الدار المصرية للطباعة والنشر ‪7917‬م‪.‬‬
‫‪ -726‬د‪ .‬محمد محمود عبد الله‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪ ،‬ط‪ ،6‬منشورات جامعة دمشق‬
‫‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -721‬د‪ .‬محمد حسن منصور‪ ،‬الحقوق العينية والكفالة في القانون اليمني‪ ،‬مطبعة تونس‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -723‬محمود سليمان عيسى‪ ،‬المسئولية الجنائية للشخص المعنوي في القانون الليبي واألجنبي‪،‬‬
‫ط‪ ،7‬الدار الجامعية للنشر والتوزيع اإلعالن ‪7930‬م‪.‬‬
‫‪ -729‬محمد عبد اللطيف‪ ،‬التقادم المكسب والمسقط‪ ،‬ط‪ ،3‬د ار النشر للجامعات المصرية‪،‬‬
‫‪7966‬م‪.‬‬
‫‪ -772‬د‪.‬محمد إبراهيم الوالي‪ ،‬حقوق الملكية الفكرية في التشريع‪ ،‬ديوان المطبوعات‪ ،‬الجزائر‬
‫‪7939‬م‪.‬‬
‫‪ -777‬د‪ .‬محمد عمر الحبشي‪ ،‬اليمن الجنوبي‪ ،‬سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‬
‫‪7963‬م‪.‬‬
‫‪ -773‬د‪ .‬محمد سليم محمد غزوي‪ ،‬الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكة األردنية‬
‫الهاشمية‪ ،‬ط‪ ،9‬مكتبة دار الثقافة ‪7994‬م‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫‪ -779‬د‪ .‬محمد قائد طربوش‪ ،‬نظام الحكم في الجمهورية العربية اليمنية‪ ،‬ط‪ ،7‬مكتبة مدبولي‬
‫‪7992‬م‪.‬‬
‫‪ -774‬د‪ .‬محمد عبد القادر الحاج‪ ،‬شرح القانون التجاري اليمني‪ ،‬مكتبة الجيل الجديد ‪-93‬‬
‫‪7999‬م‪.‬‬
‫‪ -770‬د‪ .‬مصطفى أحمد فؤاد‪ ،‬الطعن في األحكام "دراسة في النظام القضائي الدولي"‪ ،‬منشأة‬
‫المعارف اإلسكندرية‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -776‬د‪ .‬سيعد وحيد الدين سوار‪ ،‬االتجاهات العام في القانون المدني األردني‪،‬ط‪ ،7‬مكتبة دار‬
‫عمان ‪7996‬م‪.‬‬
‫الثقافة‪ّ ،‬‬
‫‪ -771‬د‪ .‬مطهر محمد إسماعيل العزي‪ ،‬التطور الدستوري في الجمهورية العربية اليمنية ‪7930‬م‪.‬‬
‫‪ -773‬د‪ .‬مطهر محمد إسماعيل العزي‪ ،‬المبادئ الدستورية والنظام الدستوري في الجمهورية‬
‫اليمنية‪ ،‬ط‪7994 ،7‬م‬
‫‪ -779‬ماليين‪ ،‬القانون المدني وحماية حقوق الشخصية في االتحاد السوفيتي‪ ،‬ترجمة دار التقديم‪،‬‬
‫موسكو ‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -732‬د‪ .‬محمد سعود المعيني‪ ،‬أإلكراه وأثره‪ ،‬في التصرفات الشرعية‪" ،‬بحث مقارن بين الفقه‬
‫اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬ط‪ ،7‬منشورات مكتبة بسام ‪7930‬م‪.‬‬
‫‪ -737‬د‪ .‬محمود الطنطاوي‪ ،‬المدخل إلى الفقه اإلسالمي "تاريخ التشريع ومناهجه ومصادره‬
‫والنظريات الفقهية"‪ ،‬ط‪ ،3‬مطبعة البيان التجارية‪ ،‬دبي ‪7933‬م‪.‬‬
‫‪ -733‬موريس كرنستون‪ ،‬حقوق اإلنسان ما هي‪ ،‬دار النهار‪ ،‬بيروت‪7919 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -739‬د‪ .‬محمود حافظ‪ ،‬القرار اإلداري "دراسة مقارنة"‪ ،‬ط‪ ،7‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون‬
‫سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -734‬د‪ .‬محمود عبد المجيد المغربي‪ ،‬القواعد األهلية في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،7‬المكتبة‬
‫الحديثة ‪7933‬م‪.‬‬

‫‪ -730‬د‪ .‬محمود حافظ‪ ،‬القضاء اإلداري في األردن‪ ،‬ط‪ ،7‬منشورات الجامعة األردنية‪ّ ،‬‬
‫عمان‬
‫‪7931‬م‪.‬‬
‫‪ -736‬د‪ .‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬د‪ .‬محمد السيد عمران‪ ،‬د‪ .‬محمد يحيى مطر‪ ،‬المدخل إلى العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬الدار الجامعية ‪7993‬م‪.‬‬
‫‪ -731‬نيكوالس بوالنتزاس‪ ،‬نظرية الدولة‪ ،‬ترجمة ميشيل كيلو‪ ،‬ط‪ ،7‬دار التنوير ‪7931‬م‪.‬‬
‫عمان بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ -733‬د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم النفس‪ ،‬دار الثقافة‪ّ ،‬‬
‫‪ -739‬د‪ .‬هشام القاسم‪ ،‬المدخل إلى علم الحقوق‪ ،‬المطبعة العلمية‪،‬دمشق ‪7917‬م‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫‪ -792‬هانس كلسن‪ ،‬النظرية المحضة في القانون‪،‬ترجمة د‪ .‬أكرم الوتري‪ ،‬مركز البحوث القانونية‪،‬‬
‫بغداد ‪7936‬م‪.‬‬
‫‪ -797‬د‪ .‬همام محمد محمود‪ ،‬د‪ .‬محمد حسين منصور‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ -793‬د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الوجيز في أصول الفقه‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر ‪،‬‬
‫دمشق ‪7990‬م‪.‬‬

‫البحوث والمقاالت والدوريات‬


‫‪ -799‬أحمد الداعور‪ ،‬نقض القانون المدني‪ ،‬كتاب الوعي‪ ، "3" ،‬ط‪ ،9‬دار األمة‪ ،‬بيروت‬
‫‪7992‬م‪.‬‬
‫‪ -794‬أحمد علي الجهراني‪ ،‬مبدأ فصل السلطات‪ ،‬مجلة أبحاث سياسية تصدرها و ازرة الخارجية‬
‫اليمينية‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬يوليو‪ ،‬أغسطس‪ ،‬سبتمبر ‪7992‬م‪.‬‬
‫‪ -790‬د‪ .‬أنطوان قيس‪ ،‬النظرية الحديثة في تنازع القوانين في الزمان‪ ،‬مجلة المحامون‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫العددان األول والثاني السنة ‪ ،90‬دمشق ‪7912‬م‪.‬‬
‫‪ -796‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬التنازع الزمني لقوانين المرافعات‪ ،‬مجلة الحقوق للبحوث القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬السنة الخامسة عشر ‪ ،7912‬العدد األول‪ ،‬صادر سنة ‪7917‬م‪.‬‬
‫‪ -791‬د‪ .‬إبراهيم شحاتة‪ ،‬موقف الدول الجديدة من محكمة العدل الدولية‪ ،‬المجلة المصرية للقانون‬
‫الدولي‪ ،‬مجلة ‪7964 ،32‬م‪.‬‬
‫‪ -793‬د‪ .‬أحمد كمال أبو المجد‪ ،‬حوار ال مواجهة "دراسات حول اإلسالم والعصر‪ ،‬كتاب العربي‪،‬‬
‫العدد السابع‪ ،‬أبريل ‪7930‬م‬
‫‪ -799‬ارزقي نسيب‪ ،‬الظاهرة الدستورية في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬مجلة بحوث‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬‬
‫العدد الثاني ‪7994‬م‪.‬‬
‫‪ -742‬د‪ .‬حسن كيرة‪ ،‬مشكلة التنازع بين القوانين في الزمان‪ ،‬مجلة الحقوق للبحوث القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬السنة السابعة‪3903-01 ،‬م‪ ،‬العددان الثالث والرابع‪.‬‬
‫‪ -747‬المحامي اللورد دينيس لويد‪ ،‬فكرة القانون‪ ،‬تعريب المحامي سليم الصويصي‪ ،‬مراجعة سليم‬
‫بسيسو‪ ،‬سلسلة علم المعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،41‬نوفمبر ‪7936‬م‪.‬‬
‫‪ -743‬د‪ .‬سعد محمد سعد‪ ،‬أحكا األهلية في القانوني المدني اليمني‪ ،‬مجلة القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة عدن‪ ،‬العددان ‪ 3‬و‪7990-94 ،9‬م‪.‬‬
‫‪ -749‬د‪ .‬عدنان حمودي الجليل‪ ،‬مبدأ الفصل بين لسلطات وحقيقة مونتسكيو‪ ،‬مجلة القانون‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬السنة التاسعة‪ ،‬يونيو ‪7930‬م‪.‬‬
‫‪307‬‬
‫‪ -744‬د‪ .‬محمد أحمد علي‪ ،‬مسائل خالفية في القانون الدولي الخاص موقف التشريع اليمني‬
‫منها‪ ،‬مجلة دراسات يمنية‪ ،‬مركز البحوث والدراسات‪ ،‬صنعاء‪ ،‬العدد ‪ ،92‬أكتوبر‪ ،‬نوفمبر‪،‬‬
‫ديسمبر ‪7931‬م‪.‬‬
‫‪ -740‬د‪ .‬محمد أحمد علي‪ ،‬من تاريخ التشريع في اليمن‪ ،‬دراسات يمنية‪ ،‬مركز البحوث‬
‫والدراسات‪ ،‬صنعاء‪ ،‬العدد ‪ ،92‬أبريل‪ ،‬مايو‪ ،‬يونيو ‪7930‬م‪.‬‬
‫‪ -746‬د‪ .‬محمد عوض محمد‪ ،‬مهمة المشرع العربي في ضوء النصوص الدستورية التي تجعل‬
‫الشريعة اإلسالمية مصد ار للتشريع‪ ،‬مجلة دراسات قانونية‪ ،‬منشورات الجامعة الليبية‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬السنة الثالثة ‪7919‬م‪.‬‬
‫‪ -741‬د‪ .‬محمد محمد علي صالح‪ ،‬العالقات الدولية نشأتها‪ ,‬أهميتها وتطورها‪ ،‬مجلة اليمن‬
‫الجديد‪ ،‬و ازرة الثقافة واإلعالم‪ ،‬صنعاء‪ ،‬العدد ‪ ،77‬السنة‪ ،‬ذ‪ ،73‬نوفمبر ‪7919‬م‪.‬‬
‫‪ -743‬د‪ .‬محمد أحمد علي ‪ ،‬القانون اليمني الخاص المعاصر في اليمن "المصادر"‪ ،‬دراسات‬
‫يمنية‪ ،‬مركز البحوث الدراسات ‪................‬‬
‫‪ -749‬يحيى قاسم علي ‪ ،‬القضاء الدولي والقضاء الداخلي "دراسة مقارنة"‪ ،‬بحث غير منشور‪.‬‬
‫‪ -702‬يحيى قاسم علي ‪ ،‬التفويض اإلداري كمصدر من مصادر االختصاص‪ ،‬بحث غير‬
‫منشور‪.‬‬

‫الوثائق القانونية‬
‫‪ -707‬الدستور اليمني‪.‬‬
‫‪ -703‬الدستور المصري‪.‬‬
‫‪ -709‬الدستور األردني‪.‬‬
‫‪ -704‬القانون المدني اليمني‬
‫‪ -700‬القانون المدني العراقي‪.‬‬
‫‪ -706‬القانون المدني المصري‪.‬‬
‫‪ -701‬القانون المدني األردني‪.‬‬
‫‪ -703‬القانون المدني الليبي‪.‬‬
‫‪ -709‬القانون المدني السوري‪.‬‬
‫‪ -762‬قانون بشأن العقوبات والجرائم رقم ‪ 73‬لسنة ‪.94‬‬
‫‪ -767‬قانون بشأن األحوال الشخصية رقم ‪ 32‬لسنة ‪.93‬‬
‫‪ -763‬قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم ‪ 33‬لسنة ‪.93‬‬

‫‪303‬‬
‫‪ -769‬قانون اإلثبات ‪ 37‬لسنة ‪.93‬‬
‫‪ -764‬قانون الوقف الشرعي ‪ 39‬لسنة ‪.93‬‬
‫‪ -760‬قانون بشأن الحق الفكري ‪ 79‬لعام ‪.94‬‬
‫‪ -766‬قانون اإلجراءات الجزائية ‪ 79‬لعام ‪.94‬‬

‫‪309‬‬
‫المحتويات‬
‫تمهيد‬
‫‪ – 7‬القانون ظاهرة اجتماعية‬
‫‪ – 3‬وظيفة القانون‬
‫‪ – 9‬التعريف بالقانون‬
‫‪ – 4‬القانون والحق‬

‫‪62‬‬ ‫القسم األول‪ :‬نظرية القانون‬


‫‪79‬‬ ‫الباب األول‪ :‬تحليل القانون‬
‫‪74‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬الخصائص المميزة للقاعدة القانونية‬
‫‪70‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬خصائص للقاعدة القانونية‬
‫‪76‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعية‬
‫‪71‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة‬
‫‪79‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية خطاب موجه إلى األشخاص في المجتمع‬
‫‪79‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة ملزمة‬
‫‪34‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز القواعد القانونية عن القواعد االجتماعية األخرى‬
‫‪30‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد المجامالت والعادات والتقاليد‬
‫‪30‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬القاعدة القانونية والقواعد األخالقية‬
‫‪31‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية وقواعد الدين‬
‫‪33‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬عالقة القانون بالعلوم االجتماعية األخرى‬
‫‪33‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬القانون وعلم االجتماع‬
‫‪39‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬القانون وعلم االقتصاد‬
‫‪39‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬القانون وعلم التاريخ‬
‫‪92‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬القانون وعلم السياسة‬
‫‪92‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬القانون وعلم اإلجرام‬
‫‪97‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬أساس القانون ومدى تدخله في نشاط األشخاص‬
‫‪93‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أساس القانون "طبيعة القانون"‬
‫‪99‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المدرسة التاريخية‬
‫‪304‬‬
‫‪94‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة الوضعية‬
‫‪96‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مدرسة الشرح على المتون‬
‫‪91‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مدرسة القانون الطبيعي‬
‫‪93‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬مدرسة العلم والصناعة‬
‫‪99‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬المدرسة اإلسالمية‬
‫‪42‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مدى تدخل الدولة في نشاط األشخاص‬
‫‪47‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المذهب الفردي أو المذهب الحر‬
‫‪44‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المذهب االجتماعي أو االشتراكي‬
‫المطلب الثالث‪ :‬موقف القانون اليمني من المذهب الفردي والمذهب ‪46‬‬
‫االشتراكي‬
‫‪43‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬أنواع القواعد القانونية‬
‫‪02‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أقسام القانون وفروعه‬
‫‪07‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص‬
‫‪00‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬فروع القانون العام‬
‫‪64‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬فروع القانون الخاص‬
‫‪17‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‬
‫‪13‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف بين القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‬
‫‪14‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬معيار التمييز بين القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‬
‫‪19‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬القانون بين النشأة والتطبيق واإللغاء‬
‫‪32‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬مصادر القانون‬
‫‪39‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬التشريع كمصدر أصلي‬
‫‪39‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف التشريع وبيان خصائصه وتوضيح مزاياه وعيوبه‬
‫‪96‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬سن التشريع ونفاذه‬
‫‪97‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أنواع القواعد القانونية‬
‫‪90‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬التقنين وبعض وسائل الصياغة‬
‫‪723‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مبادئ الشريعة اإلسالمية مصد ار احتياطيا‬
‫‪724‬‬ ‫العرف‬
‫المبحث الثالث‪ُ :‬‬
‫‪720‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أركان العرف وأنواعه‬
‫‪723‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مزايا العرف وعيوبه‬

‫‪300‬‬
‫‪729‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أساس القوة اإللزامية للعرف‬
‫‪772‬‬ ‫المطب الرابع‪ :‬دور العرف في القانون اليمني‬
‫‪779‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬مبادئ العدالة‬
‫‪770‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬المصادر التفسيرية‬
‫‪776‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬القضاء‬
‫‪773‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الفقه‬
‫‪779‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬تطبيق القانون‬
‫‪732‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تطبيق القانون من حيث المكان‬
‫‪737‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تطبيق القانون من حيث الزمان‬
‫‪739‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الحلول النظرية لحل مشكلة التنازع‬
‫‪793‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الحلول الوضعية لحل مشكلة تنازع القوانين في الزمان‬
‫‪749‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬تفسير القانون‬
‫‪744‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أنواع التفسير‬
‫‪744‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التفسير التشريعي‬
‫‪740‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التفسير القضائي‬
‫‪746‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التفسير الفقهي‬
‫‪741‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬مدراس التفسير‬
‫‪741‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مدرسة الشرح على المتون‬
‫‪741‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة التاريخية واالجتماعية‬
‫‪743‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬المدرسة العلمية‬
‫‪749‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬طرق التفسير‬
‫‪749‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬طرق التفسير الداخلية‬
‫‪707‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬طرق التفسير الخارجية‬
‫‪703‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬إلغاء القانون‬
‫‪709‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬إلغاء القواعد التشريعية وغير التشريعية‬
‫‪704‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اإللغاء الصريح واإللغاء الضمني‬
‫‪700‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التفرقة بين إلغاء التشريع وابطاله‬
‫‪701‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬النظرية العام للحق‬
‫‪703‬‬ ‫الباب األول‪ :‬تعريف بالحق‬
‫‪306‬‬
‫‪709‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التعريف بالحق‬
‫‪762‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المذاهب المختلفة في تعريف الحق‬
‫‪769‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف الحق في القانون اليمني‬
‫‪764‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬أنواع الحقوق‬
‫‪761‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الحقوق الشخصية‬
‫‪763‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الحقوق العينية‬
‫‪769‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الحقوق العينية األصلية‬
‫‪719‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الحقوق العينية التبعية‬
‫‪716‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي‬
‫‪713‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬الحقوق المعنوية "الحق الفكري"‬
‫‪719‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المقصود بحق المؤلف‬
‫‪732‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مضمون حق المؤلف‬
‫‪739‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬حماية حق المؤلف‬
‫‪739‬‬ ‫الباب الثاني ‪ :‬أركان الحق‬
‫‪734‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬أشخاص الحق‬
‫‪730‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الشخص الطبيعي‬
‫‪730‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬بدء الشخصية ونهايتها‬
‫‪739‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مميزات الشخصية‬
‫‪323‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الشخص االعتباري‬
‫‪329‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬طبيعة الشخص االعتباري‬
‫‪373‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬بداية الشخصية االعتبارية ونهايتها‬
‫‪379‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬خصائص الشخص االعتباري‬
‫‪370‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أنواع الشخص االعتباري‬
‫‪379‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬محل الحق‬
‫‪332‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬األعمال‬
‫‪337‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬األموال واألشياء‬
‫‪333‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬األشياء الداخلة في التعامل واألشياء الخارجة عنه‬
‫‪339‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬األموال القابلة لالستهالك واألموال غير القابلة لالستهالك‬
‫‪334‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬األموال العقارية واألموال المنقولة‬

‫‪301‬‬
‫‪331‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬األشياء المثلية واألشياء القيمية‬
‫‪333‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬األموال العامة واألموال الخاصة‬
‫‪339‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬حماية الحق‬
‫‪339‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬وسائل حماية الحق‬
‫‪397‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬إثبات الحق‬
‫‪397‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬محل إثبات الحق‬
‫‪393‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬طرق اإلثبات‬
‫‪393‬‬ ‫المراجع‬
‫‪343‬‬ ‫المحتويات‬

‫‪303‬‬

You might also like