Professional Documents
Culture Documents
دراسة مقارنة
كوميت للتوزيع
ب99320293 :
كوميت للتوزيع
ب99320293 :
3
اإلهداء
إلى عبد الرحمن محمد جامع أينما كان وقاء لذكراه العطرة
يحيى
9
شكر وتقدير
أتقدم بوافر الشكر والعرفان لجميع من أعانوني على إتمام هذا المؤلف وفي مقدمتهم
الوالد العزيز السيد عبد الله صالح العراشة الذي كان لدعمه المادي والمعنوي أكبر األثر فلي
نفسي،
كما أتقدم بجزيل الشكر والتقدير ألستاذي د .علي غالب العاني عميد كلية القانون جامعة
بابل الذي أمدني بمالحظاته القيمة وغمرني بعطفه ونبله.
كما ال يفوتني أن أعبر عن امتناني وتقديري للمستشارة القانونية إنتصار عبد الله العراشة
التي وضعت بصماتها على كل ورقة من هذا الكتاب.
كما أتقدم بأسمى آيات العرفان واالعتزاز والتقدير للدكتور نبيل محمد سلمان من كلية
اآلداب بغداد لجهوده اللغوية القيمة في مراجعة هذا الكتاب.
4
المقدمة
القول بأن القانون أهم المؤسسات التي ابتدعها الفكر اإلنساني حقيقة ال يرقى لها الشك ،غير
أن ذلك ،ال يعفينا من التأكيد كذلك ،بأن ليس هناك ظاهرة اجتماعية شغلت الفكر اإلنساني منذ
طفولته ،وحتى هذه اللحظة ،سوى القانون.
والمتأمل في الفلسفة اليونانية سيلحظ أن هناك خيطا يربط بين الفكر اليوناني برمته هو
مسألة العدالة والتي يعتقد سقراط بأنها أي العدالة ،هي معرفة الشرائع ،ناهيك عن المكانة التي
تحتلها فكرة (القانون الطبيعي) في الفقه القانوني الروماني.
ليس هذا فحسب ،بل لقد كانت مفاهيم (السلطة ،القانون ،الحق العدالة ،الحرية )...هي
العالئم البارزة أو السمات األساسية لكثير من المدارس والتيارات الفكرية ،فظهرت مثال فلسفة
القانون أو فلسفة الحق كما يطلق عليها أيضا ،أو علم السياسة وغيرها من العلوم اإلنسانية.
والقانون كاصطالح ال يثر اليوم إشكالية ما ،وان كان من حيث أصله اللغوي فالخالف على
أشده ،وان كان ذلك شأن الجذر اللغوي للكلمة (القانون) ،فما القول بشأن أصل القانون أو أساسه،
أو مصادره ذلك من ناحية ،ومن ناحية أخرى هناك خالف بين الباحثين حول فكرة تقسيم القانون
إلى قانون عام وقانون خاص ،فهناك من ال يعول على هذا التقسيم.
هذا ،ويالحظ المشتغلون بالدراسات القانونية وبالذات نظرية القانون ونظرية الحق ،أن الكتب
التي تدرس في كليات القانون في الجامعات العربية والمتعلقة بنظرية القانون ونظرية الحق ،قد
تعددت أسماؤها حيث تسمى مبادئ القانون أو أصول القانون أو المدخل لدراسة القانون وأخي ار
يسميها البعض النظرية العامة للقانون والنظرية العامة للحق.
وهذا الكتاب الموسوم المدخل لدراسة العلوم القانوني (نظرية القانون ،نظرية الحق) يبحث في
نظرية القانون ونظرية الحق مع التطبيق العملي عل التشريعات النافذة في الجمهورية اليمنية مقارنة
مع تشريعات الدول العربية.
وقد أعد هذا الكتاب خصيصا لطالب القانون في الجامعات اليمنية وغيرها من كليات
الجامعات والمعاهد التي تدرس نظرية القانون ونظرية الحق ،كما أنه يعد مرجعا ال غنى عنه
للمستغلين في محال القانون.
وهو حصيلة ما يزيد على عشر سنوات في تدريس القانون بكافة فروعه في كلية الحقوق
جامعة عدن والمعهد القومي للعلوم اإلدارية فرع عدن.
0
والجهد الذي بذل ال شك جهدا بالغ المشقة ،إال أننا نشعر أننا قد يسرنا به لطلبتنا وأخوننا
األعزاء وغيرهم من المستغلين أو المهتمين بعلم القانون ،وذلك كانت غايتنا ،فإن تحققت فذلك من
دواعي غبطتنا.
وأيا كان قيمة الجهد الذي نقدمه للقارئ في تقديرنا فأن القول الفصل في ذلك سيكون له،
فهو وحده الذي يملك أن يقوم ما يقرأ.
عدن
أغسطس 6991م
يحيى قاسم علي
6
تمهيد
القانون ظاهرة اجتماعية
وظيفة القانون
التعريف بالقانون
القانون والحق
إن القانون ظاهرة اجتماعية فال قانون بغير مجتمع وال مجتمع بغير قانون .فالفرد المنعزل
فرض نظري بعيد عن الواقع وقواعد القانون ال تنظم إال العالقة التي تنشأ بين الناس فال قيام
والفرد منذ فجر تاريخه ال يستطيع أن يعيش إال مع غيره ()1
لمجتمع بغير قواعد تتولى تنظيم شئونه.
ألنه عاجز عن الوفاء بحاجاته .واذا كان االجتماع اإلنساني ضروريا لإلنسان حتى يمكنه من
التعاون مع أبناء جنسه على تحقيق الضرورات المادية لحياته وبقائه وهو أيضا ضرورة نفسية...
ألنه ال يمكن للنفس اإلنسانية أن تحبس في عزلة تامة وان كانت قد تكون انعزالية أو انطوائية إلى
حد يعد مرضا نفسيا.
ولما كان األمر على هذا النحو ،كان لزاما على كل فرد أن يتخلى عن جزء من حريته
ورغباته لكي ال يتعارض مع رغبات وحاجات اآلخرين ،وهدف تحقيق هذا االنسجام والتنظيم يلزم
بالضرورة وجود القانون واال فأن المجتمع تعم فيه الفوضى وينعدم فيه التنظيم واألمن ،فإذا خرج
األفراد عن قواعد القانون قضت السلطة العامة الجزاء على من خالفها ولو بالقوة عند االقتضاء.
()2
ويمكن القول ،أن القانون هو إحدى المؤسسات الجوهرية في حياة اإلنسان االجتماعية ،لواله
ألصبح اإلنسان مخلوقا مختلفا جدا عما هو عليه .فرغبات اإلنسان واحتياجاته ال تقف عند حد،
وهو ال يقنع بما تحت يديه مهما عظم.
( )1راجع في ذلك ،د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،مبادئ القانون ،دار الجامعة الجديدة للنشر،
7999م ص 9وما بعدها.
-د .صالح الدين وآخرون ،القانون في حياتنا ،الجامعة األردنية7934-39 ،م ص.77
-د .عباس العبودي ،تاريخ القانون ،مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ،الموصول7993 ،م ص 0وما
بعدها.
الصدة ،أصول القانون ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية7994 ،م ص 0وما بعدها. -د .عبد المنعم فرج ّ
( )2ارجع د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ،المدخل إلى علم القانون ،المركز العربي للخدمات الطالبية ،ص،7
عمان7990 ،م ص 72وما بعدها.
1
– 2وظيفة القانون:
إن وظيفة القانون األساسية هي تنظيم المجتمع تنظيما من شأنه التوفيق بين مصالح األفراد
وحرياتهم وبين الصالح العام للجماعة بما يحقق الخير العام من أجل توفير أسباب بقاء المجتمع
()1
ورقيه.
وترتبط وظيفة القانون باألهداف أو األغراض التي تسعى القاعدة القانونية إلى تحقيقها ،وهذه
يمكن تحديدها على النحو اآلتي:
حماية الحريات لألفراد ،كحرية الرأي وحرية التنقل ،وصيانة حقوق األشخاص ومصالحهم .7
الشخصية كالحق في التملك وحق اإلنسان في الحياة وفي السالمة البدنية وحق الترشيح
()2
واالنتخاب وغيرها.
حفظ كيان المجتمع بإقرار النظام فيه وكفالة تحقيق المصلحة العامة ،األمر الذي جعل هذا .3
المجتمع أكثر قوة وتماسكا وأكثر صونا للحريات ،وقديما قال "شيشرون" خطيب روما
وفيلسوفها "إنما نكون عبيد القانون لنصير بالقانون أح اررا".
()3
يهدف القانون إلى تحقيق العدل بين أفراد المجتمع ،فقواعد القانون تتصف بالعمومية والتجريد .9
– كما سنرى ،-والناس سواء أمام القانون .والمساواة بهذا المعنى هي جوهر العدل ،والعدالة
كما قال فالسفة اإلغريق قديما هي "إرادة دائبة لوضع كل إنسان في المركز المناسب،
واعطاء كل ذي حق حقه"" وقد قسم أرسطو العدالة بهذا المعنى الخاص لها إلى نوعين.
عدالة القسمة أو التوزيع وهي تخص عالقة الفرد بالمجتمع أو الدولة أي تتصل بالحقوق
العامة وهي عبارة عن التناسب بين ما يقدمه اإلنسان من عمل للمجتمع وما يحصل عليه
من فوائد .والنوع الثاني هو العدالة التبادلية وتتصل بالحقوق الخاصة هي عبارة عن التعادل
بين التزامات وحقوق اإلفراد وفي المعامالت الحالية التي تحدث بينهم وبعبارة أخرى التعادل
بين ما يأخذه الفرد وما يعطيه في المبادالت التي تنشأ بينه وبين غيره من اإلفراد في
المجتمع .كما في البيع واإليجار وغيرها في العقود التبادلية.
( )1د .غالب علي الداودي ،المدخل إلى علم القانون وخاصة األردني ،ط7996 ،4م ص 72وما بعدها.
( )2د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ،المرجع السابق ،ص.79
( ) 3المحامي د .عبد القادر الفأر ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،مكتبة دار الثقافة ،ط 7994 ،7ص.76
3
ونخلص مما تقدم إلى القول ،بأن وظيفة القانون في المجتمع كبيرة ومتعددة وضرورية
فللقانون وظيفة اجتماعية واقتصادية وسياسية وهي تحدد بحسب فلسفة المشرع التي يتبناها والتي
تنعكس كالمرآة في النصوص القانونية.
– 3التعريف بالقانون:
ينبغي على من يعتزم دراسة القانون Jusأن يعرف أوال من أين اشتقت الكلمة Jusفهذه
ألن القانون كما عرفه أحد الفقهاء الرومان "كالكوس" تعريفا الكلمة قد سميت كذلك من العدالة
( )1
حاذقا هو فن الطيبين العادلين والقانون لغة" ،مقياس كل شيء" وهو لفظ دخيل على العربية ،ولعله
وقد بدأ انتقل إلينا من اليونان والرومان ومأخوذ من كلمة ( )Kamunويراد بها العصا المستقيمة
()2
استعمال كلمة "القانون" في البالد العربية عندما بدأت الدولة العثمانية منذ منتصف القرن التاسع
عشر سن قوانين اقتبست أحكامها من القوانين الغربية.
ويطلق القانون لغة على كل قاعدة مطردة يحمل اطرداها معنى االستمرار أو االستقرار
فلفظ القانون بهذا المعني والنظام سواء في مجال العلوم االجتماعية أم في مجال العلوم الطبيعية
()3
اللغوي يعني وقوع أمر معين بصورة متكررة وعلى نمط واحد كلما توافرت ظروف خاصة معينة
بحيث يبدو األمر وكأنه خضع لنظام ثابت ،فيقال مثال "قانون الجاذبية" أو "قانون العرض والطلب"
أو "قانون الغليان" الذي يخضع له الماء .وناد ار ما استعمل الفقهاء المسلمون كلمة "قانون"
وكلها مأخوذة من كلمة "الشارع" واستعملوا عوضا عنها كلمات الشرع والشريعة والحكم الشرعي
()4
وفي االصطالح القانوني يقصد بالقانون ،مجموعة القواعد المنظمة لسلوك األفراد في
المجتمع والتي تحملهم السلطة العامة فيه على احترامها ولو بالقوة عند الضرورة .وهذا هو المعنى
العام المقصود بكلمة القانون.
( )1انظر ،ز .ه .بارد ،الرومان ،ترجمة عبد الرواق يسري ،راجعه د .سهير القماوي ،دار نهضة مصر7963 ،م
ص ،332أيضا دونالد ر .ددلي ،ترجمة جميل يوا قيم الذهبي ،حضارة الرومان ،دار نهضة مصر ،القاهرة،
بدون تاريخ ،ص.44
( )2د .سليمان مرقس ،المدخل للعلوم القانونية ،القاهرة7966 ،م ،.نقال عن خالد الزعبي وزميله ،ص.77
الصدة ،ص ،77و د .محمد السعيد رشدي ،موجز المدخل لدراسة القانون األردني ،دار 3
( ) د .عبد المنعم فرج ّ
عمان7997 ،م ص 9وما بعدها.الفرقانّ ،
الصراف ،د .جورج حزبون ،المدخل لعلم القانون ،مكتبة دار الثقافة ،ط7994 ،9م ص.3
ّ -د .عباس
( )4مناع القطان ،التشريع والفقه في اإلسالم "تاريخا ومنهجا" ،مؤسسة الرسالة ،ط7939 ،72م ص.74
9
إال أن اصطالح القانون قد ال يتطرق إلى هذا المعنى العام ،بل قد يقصد به معنا خاضا،
بأن يراد به مجموعة القواعد التي تضعها السلطة التشريعية في الدولة لتنظيم أمر ما ،فيقال قانون
المحاماة أو قانون تنظيم الجامعات أو قانون الجنسية أو قانون الجمارك...إلخ .وقد يقصد بكلمة
القانون اإلشارة إلى فرع معين من فروع القانون ،فيقال القانون المدني والقانون التجاري وقانون
العمل...إلخ والقانون بالمعنى العام هو القانون المطبق في بلد معين في زمن معين هو محور
دراستنا ،أي القانون في الجمهورية اليمنية ،وفي هذه الحالة يطلق على القانون فعال اسم القانون
الوضعي ،كأن يقال القانون الوضعي المصري للداللة على القانون المطبق فعال في مصر في
الوقت الحاضر..إلخ والقانون كعلم يعد من أهم العلوم اإلنسانية ،ولذا نصيبه من االهتمام كبير من
لدن الفالسفة ورجال الفكر منذ "أرسطو" الذي يعرف القانون على أساس العدل فيقول "القانون هو
نظام يقصد به تحقيق العدل ،أو هو الحقيقة التي تتمثل في تحقيق قيمة معينة هي العدل كما
يعرفه "سان توما" على أساس الخير العام فذهب بالقول "أن القانون هو نظام ينبغي تحقيق الخير
العام ولذا يرى سان توما بان القانون الذي يفرضه الطاغية تحقيقا لمصلحته الشخصية ال يعد
قانونا .أما "كانت" فيعرف القانون على أساس الحرية الفردية ولذلك القانون عنده "مجموعة الظروف
التي تتيح إلرادة حرة إن تتفق مع إرادة حرة أخرى في ظل قانون عالمي هو الحرية" واتجاه آخر
يعرف القانون من منظور واقعي بوصفه واقعة وليس قيمة ونجد هذه النزعة الواقعية عند "كلسن"
حين عرف القانون بأنه "صياغة اجتماعية قوامها حمل األفراد على أن يسلكوا المسلك المرغوب
فيه ،وذلك عن طريق التهديد باتخاذ إجراء قهري يطبق في حالة ووقع مسلك مخالف.
()1
– 4القانون والحق:
القانون والحق مفهومان مترابطان متالزمان بحيث ال يذكر احدها إال ويتبادر إلى الذهن
واذا كان القانون هو مجموعة القواعد المنظمة لسلوك األفراد وعالقاتهم في المجتمع فأن اآلخر
()2
وسيلته في هذا الشأن في بيان ما لألفراد من حقوق وما عليهم من واجبات .وذلك بترجيحه – بين
المصالح المتعارضة ومصلحة أحد الطرفين في العالقة على مصلحة الطرف اآلخر الذي يقع عليه
واجب احترام هذا الحق.
فالحق إذن وليد القاعدة القانونية ،ذلك أن تطبيق القاعدة القانونية يفضي إلى تقرير الحقوق
والواجبات على األشخاص في المجتمع فليس هنا حق أو واجب إال بموجب القاعدة القانونية.
( ) 1د .أنور سلطان ،المبادئ القانونية العامة لطلبة كلية التجارة ،دار لنهضة العربية ،ط7939 ،4م ،ص.76
أيضا يراع د .سا مية محمد جابر ،على االجتماع المعاصر ،جار المعرفة الجامعية7992 ،م ،ص.307
( )2د .هشام القاسم ،المدخل إلى علم القانون ،مكتبة دار الثقافة ،عمان ،بدون تاريخ نشر ،ص.6
72
فالحق إذن هو ممارسة نشاط إنساني منظم وبالتالي فهو مدين بوجوده للقانون ،فما من حق
إال هو ثمرة القانون والقانون أما أن ينص صراحة على حق من الحقوق ،يحصل عليه صاحبه وأما
أن يسكت القانون عن منع الفرد من ممارسة نشاط إنساني لحكمة يقدرها الشرع تطبيقا للقاعدة
الفقهية القائلة "األصل في األشياء اإلباحة" وذلك في حالة ما إذا كان إعمال هذه القاعدة ال يؤدي
إلى المساس بالمصالح الجوهرية ألفراد المجتمع .وعلى ذلك يمكن تعريف الحق بأنه "مكنة اقتضاء
الحرية والحركة في ممارسة النشاط الهادف ضمن مخطط التنظيم االجتماعي المؤدي إلى تحقيق
()1
المصالح االجتماعية المشتركة".
فالحق وفقا لهذا التعريف ،ينبثق من مكنات وبما تتضمنه من أدوار وفرص فالقواعد القانونية
التي تقرر الحق للبائع في اقتضاء ثمن المبيع من المشتري والزامه تسليم المبيع إليه ،ولألب في
تربية أبنائه ،وللمواطن في التوظيف أو التنقل أو ممارسة االنتخاب والترشيح...إلخ كل هذه القواعد
وغيرها في نطاق القانون الوضعي كصياغة فنية ،أما ما ينشأ عن هذه القواعد من مكنات وأدوار
وصالحيات وهو يمثل الحقوق الناتجة عن التنظيم القانوني واالجتماعي لحياة األفراد.
ومما سلف يمكن القول بأن عالقة القانون بالحق وطيدة بحيث من الصعب تصور أحدهم
دون وجود اآلخر .فالقانون هو تصور وضعي للتنظيم االجتماعي.
والحقوق هي مراكز قانونية أوجدها هذا التنظيم بعملية متكاملة ضمن إطار المصالح
المشتركة والشالة .ولذلك تأتي دراسة الحق في أعقاب دراسة القانون ،ويشكل االثنان برنامج متكامل
للمدخل لعلم القانون أو "النظرية العامة للقانون".
( )1انظر د .محمد محمود عبد الله ،المدخل إلى علم القانون ،ط ،6منشورات جامعة دمشق ،مطبعة الروضة،
دمشق7994 ،م ،ص 79وما بعدها.
77
القسم األول
نظرية القانون
– 7سندرس في هذا القسم القاعدة القانونية من حيث األصول والمبادئ العامة التي تحكمها،
وبيان خصائصها وما يميزها عن غيرها من القواعد االجتماعية األخرى ،فضال عن
مصادرها وقاعد تفسيرها وسريانها.
73
الباب األول
تحليل القانون
– 3تعرض في هذا الباب دراسة وصفية تحليلية للخصائص للقاعدة القانونية والي تميزها عن
غيرها من القواعد االجتماعية األحرى ثم تتبع ذلك بالبحث في أساس القانون ومدى تدخله
في نشاط األشخاص وبعد ذلك نبحث في أنواع القواعد القانونية وذلك في فصول ثالثة.
79
الفصل األول
74
المبحث األول
خصائص القاعدة القانونية
– 4رأينا أن القانون مجموعة قواعد تنظم نشاط األشخاص في المجتمع وتتولى السلطة العامة
إيقاع الجزاء على من يخالفها .ومن هذا التعريف يمكن إيراد الخصائص العامة للقاعدة
القانونية.
المطلب الرابع :القاعدة القانونية تقترن بإجراء مادي توقعه السلطة العامة.
70
المطلب األول
– 0سبق القول أن القانون عبارة عم مجموعة قواعد تنظم سلوك األفراد في المجتمع وفي سبيل
تحقيق أهدفه يوجه القانون خطابه إلى األشخاص ،سواء كانوا أشخاصا طبيعيين وهم البشر
أو أشخاصا معنويين ،وقد حددت المواد 92 ،39 ،93من القانون المدني اليمني رقم 69
لعام 93م مفهوم الشخص الطبيعي والمعنوي ،وبجدر اإلشارة إلى بعض القوانين تسمي
األشخاص االعتبارية كما هو الحال في القانون األشخاص المعنوية األشخاص الحكمية
()1
ولكي يقوم القانون بتنظيم هذه الروابط يستلزم قيام سلوك خارجي للشخص ،فالقانون ال يهتم
أي أن ()2
بالنوايا والبواعث ما لم تظهر إلى العام الخارجي ،أي ما لم يصاحبها سلوك خارجي
()3
القانون ال ينفذ إلى ما استقر في النوايا والصدور.
والقواعد القانونية تتنوع بتنوع الروابط االجتماعية التي تنظمها .فقد تتعلق بمسائل األحوال
الشخصية لألفراد كالزواج والطالق والميراث والوصية والنفقة ،وقد تتعلق بمعامالتهم المالية كالبيع
والشراء ،أو قد تعلق بعالقتهم بغيرهم كالقوانين الجنائية.
( )1المادة 02من القانون المدني األردني ،والمادة 03من القانون المدني المصري ،والقانون المدني السوري المادة
،00وكذلك القانون المدني الليبي المادة .03
( )2د .مصطفى محمد الجمال ،عبد الحميد محمد الجمال ،النظرية العامة للقانون ،الدار الجامعية7931 ،م،
ص.73
الصراف ،د .جورج حزبون ،مرجع سابق ،ص.74
ّ د .عباس
الصدة ،المرجع السابق ،ص.74
د .عبد المنعم فرج ّ
( ) 3د .نبيل إبراهيم مسعد ،د .السيد محمد عمران ،د .محمد يحيى مطر ،الدخل إلى العلوم القانونية ،الدار
الجامعية7993 ،م ،ص.71
76
وبالطبع فإن القواعد القانونية تختلف باختالف الزمان والمكان فهي تختلف من دولة إلى
أخرى فالقانون الذي يصلح للبيئة اليمنية ال يصلح للبيئة الفرنسية أو االيطالية .كما أن القانون قد
يختلف في البيئة الواحدة من عصر إلى آخر فهو يتطور بتطور المجتمع حتى يستجيب لحاجاته
الجديدة ويساير اتجاهاته المستحدثة .وهذه الحقيقة هي التي تدعو المشرع إلى التدخل وتحليل
أحكام القانون القائم أو تغييرها كي تتالئم مع الظروف الجديدة في المجتمع والقاعدة القانونية في
توجيهها سلوك األفراد تتضمن إباحة فعل أو أم ار بفعل أو نهيا عن فعل.
وقد يرد في ذلك عبارة صريحة ،كما في القاعدة التي تقرر حرية من الحريات العامة ،أو تلك
التي تتوجب القيام بالخدمة العسكرية ،أو تلك التي تجيز للموكل أن يعزل الوكيل حينما يشاء
"المادة 999من القانون المدني اليمني 170 ،مدني مصري" 369" ،مدني أردني" والغالب ال يرد
وانما يستفاد من مضمون القاعدة التي تقضي بأن كل خطأ سبب ضر ار للغير يلزم ()1
ذلك صراحة.
من ارتكبه التعويض "المادة 921مدني يمني 769مدني مصري 306مدني أردني يؤخذ من هذه
المواد النهي عند اإلضرار بالغير .ويمكن تحليل القاعدة القانونية إلى عنصرين هما الفرض
والفرض هو ذلك السلوك الذي إن تحقق فإنه يحقق الجزء الثاني من القاعدة وهو الحكم والحكم.
()2
وعادة ما يبدأ الجزء األول من القاعدة بلفظ شرطي مثل إذا ،ويكون جواب الشرط من القاعدة للفظ
وجوب أو لفظ "ال" وذلك لتضمنه عدم الوجوب وغير ذلك من األلفاظ وعلى سبيل المثال ما ورد
في المادة 439من القانون المدني اليمني (إذا كان البيع بالعينة وجب أن يكون المبيع مطابقا
لها .)...كما يمكن أن يتضمن الحكم مفهوما تخييريا جوازيا فيستعمل لفظ "جائز" أو مشتقاتها
للداللة على الحكم من ذلك ما نصت عليه المادة " "062مدني يمني "إذا تعرض أحد للمشتري
مستندا إلى حق سابق على البيع أو صائر إليه من البائع أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد
المشتري جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول
الخطر".
المطلب الثاني
1
الصدة ،المرجع السابق ،ص 74وما بعدها.
( ) د .عبد المنعم فرج ّ
الصراف ،د .جورج حزبون ،مرجع سابق ،ص 9وما بعدها.
ّ ( )2د .عباس
71
وصفة العمومية والتجريد تتحقق في القاعدة () 1
- 6تتميز القاعدة القانونية بأنها عامة مجردة
القانونية إذا كانت القاعدة تتوجه بخطابها إلى األشخاص دون أن تقصد شخصا معينا .بالذات
وتعالج دون أن تقصد واقعة معينة بالذات.
ويتم ذلك عن طريق تجديد الشروط التي يلزم توافرها لكي تنطبق القاعدة .فإذا توافرت هذه
الشروط في شخص معين أو في واقعة معينة انطبقت القاعدة .وينصرف حكمها بالتالي إلى كل
فالقاعدة التي تقضي بأن كل شخص يبلغ سن الرشد شخص وواقعة تتحقق فيها هذه الشروط
()2
متمتعا بقواه العقلية يكون كامل األهلية لمباشرة حقوقه المدنية (وسن الرشد هو خمسة عشر سنة
كاملة) "المادة 06من القانون المدني اليمني" هي قاعدة عامة تنطبق بالنسبة لكل شخص ذك ار
كان أو أنثى ،متى توافرت فيه شروط معينة هي "أ" بلوغ 70سنة كاملة "ب" وأن يكون قد بلغ
السن متمتعا بقواه العقلية فإذا توافرت هذه الشروط انطبقت القاعدة القانونية وأصبح الشخص كامل
األهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
غير أن عموم القاعدة القانونية ال يعني أنها تنطبق على الناس كافة ،فقد توجه القاعدة
القانونية إلى طائفة من األشخاص ،بل قد توجه إلى شخص واحد فقط ،ومع ذلك ال يفقد صفة
طالما أنه لم توجه إلى أشخاص بذواتهم وانما بصفاتهم .مثل ذلك القواعد القانونية () 3
العمومية
الخاصة بطائفة القضاة أو المحامون أو التجار ،ففي هذه الحاالت تنطبق القاعدة على فئة من
األشخاص معينة بصفاتهم ال بذاواتهم .وكذلك القاعدة التي تنظم مركز رئيس الدولة ،فهي قاعدة
عامة تنطبق على كل من سيشغل هذا المنصب في الحاضر أو المستقبل كون هذه القاعدة ال
تختص بشخص رئيس الدولة بالذات.
وعموم القاعدة القانونية على النحو السابق يقضي أن تصدر في صيغة مجردة عند نشوئها
بمعنى أنها تنطبق على جميع األشخاص وجميع الوقائع التي تتوافر فيها شروط تطبيقها فالقاعدة
( )1تستخدم عبارتي العمومية والتجريد كمترادفتين تعبران عن معنى واحد .ويشير بعض الشراح إلى أن العموم
والتجريد فكرتان متالزمتان أو وجهان لخصيصة واحدة فالقاعدة توحي بالتجريد إذا ما نظر إليها عند نشوئها
وتوصف بالعمومية إذا ما نظر إليها من حيث أثرها عند التطبيق .ويبرز بعض الشراح أن التجريد هو الذي
تتصف به القاعدة ،أما العمومية فليس إال نتيجة للتجريد نقال عن د .محمد السعيد رشدي ،نفس المرجع،
ص.62
( )2أنور سليم وزميله ،نفس المرجع السابق ،ص ، 71المحامي د .عبد القادر الفأر ،نفس المرجع السابق ،ص،33
د .هشام القاسم ،نفس المرجع السابق ،ص.71
( )3د .مصطفى محمد الجمال ،عبد الحميد محمد الجمال ،نفس المرجع ،ص 79وما بعدها.
-أنور سلطان ،نفس المرجع ،ص 33وما بعدها.
73
التي تقتضي بأن كل إضرار بالغير يلزم فاعله بتعويض الغير عن الضرر 921 "...مدني يمني.
هذه القاعدة القانونية عامة ومجردة ألنها تتنازل واقعة اإلضرار بشروطها فتنطبق على كل فعل
توافرت فيه شروط اإلضرار أيا كان الذي سببه ولو كان غير مميز.
إن اتصاف القاعدة القانونية بالعمومية أمر ضروري لتحقيق النظام واالستقرار في المجتمع،
كون اتصافها بهذه الصفة يحقق المساواة بين الناس أمام القانون ويبعدها عن الصفة الشخصية
وكل ذلك ،أي إخضاع الوقائع واألشخاص ويمنع تحيزها لمصلحة شخص أو ضد شخص معين
( )1
لقواعد واحدة بصرف النظر عن ذواتهم ،يضمن للقاعدة القانونية القبول واالستحسان من األفراد
واالستمرار في التطبيق.
المطلب الثالث
- 1ذكرنا أن الغرض من القانون هو تنظيم العيش في الجماعة ،فإذا لم توجد الجماعة فال محل
لوجود القانون ،فاإلنسان مدني بطبعه يولد في مجتمع وال يعيش إال فيه وتنعدم بالتالي جدوى
القاعدة القانونية كقاعدة اجتماعية لدى الفرد المنعزل لوحدة في جهة نائية .وحيث ينشأ المجتمع
تنشأ الحاجة إلى إقامة النظام فيه واقامة النظام في المجتمع تكون بفرض قواعد قانونية يمتثل لها
وال يقصد بالمجتمع في هذا الصدد مجرد تجمع أفراد من أعضاء هذا المجتمع جب ار عند الضرورة
()2
بل أن المجتمع الذي نقصده هنا هو المجتمع الناس في مكان ما دون أن يربطهم هدف واحد
()3
الذي توجد فيه سلطة يكون لها السيادة على أفراده ،ويكون لها إجبارها على إطاعة أحكام القانون،
وان كانت الدولة في الشكل السياسي ()4
فالدولة وهي الصورة الواضحة اليوم لمثل هذا المجتمع
للمجتمع المعاصر ،فذلك ال يعني أن نشأة القاعدة القانونية ارتبطت بوجودها .فقد وجدت القواعد
القانونية قبل تكوين الدولة بالمعنى الحديث ،فكانت للقبيلة قواعد يتولى شيخها تطبيقها ،وكذلك
األمر بالنسبة للعشيرة ،ومعنى هذا أن القاعدة القانونية تنشأ حيث يوجد المجتمع أيا كان شكله.
( )5
المطلب الرابع
ّ - 3بينا أن القانون وضع لينظم الحياة االجتماعية في داخل المجتمع ،بغية تحقيق مصلحة الناس
جميعا باعتبار ذلك الهدف السياسي للقانون ولكن تحقيق هذا الهدف لن يتأتي إال إذا التزم كل فرد
من أفراد المجتمع باحترام قواعد القانون ،وان ينفذ ما تطلبه منه .فالقاعدة القانونية ليست مجرد
نصيحة أو توصية يعمل بها إن شاء ،وان شاء فله تركها ،بل هي أمر أو هي تكليف يتعين
طاعته ،ومن هنا وصفت القاعدة القانونية بأنها ملزمة ،ويجبر األفراد على احترامها عن طريق
والجزاء في القاعدة توقيع الجزاء ،واال فقدت القاعدة القانونية صفتها ،ولم تصبح قاعدة قانونية
()1
القانونية ليس غاية بذاته ،بل هو وسيلة لتحقيق غاية عملية وعي أال يخرج األفراد في سلوكهم عن
على أن هذا ال يعني أن احترام القانون يرجع دائما إلى الخشية من توقيع ()2
حكم القاعدة القانونية.
الجزاء فالغالب أن يصدر هذا االحترام عن رغبة تقوم على أساس الشعور بأن القانون ضرورة
اجتماعية ال بد منها لحماية النظام في المجتمع والسير بالجماعة في طريق التقدم ،لكن هذا ال يقلل
من دور الجزاء بوصفه ضرورة حتمية لحمل الناس على احترام القانون لذلك فقد دعت الضرورة
لوجود سلطة عامة مختصة بعهد إليها بكفالة احترام القانون وفي المجتمع الحديث فالدولة هي التي
تقوم بتوقيع الجزاء على من يخالف القانون ،فال يجوز ألي شخص إن يوقع الجزاء بنفسه على من
أساء إليه بمخالفة القانون وال إن يقتص بنفسه ممن اعتدى عليه ،وال أن يسترد ماله بالقوة ممن
اغتصبه ،وانما يجب عليه اللجوء إلى السلطة المختصة ،وقد نصت المادة " "02من الدستور
اليمني يحق للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة...إلخ.
أن قوة القانون تشمل على ما هو أكثر من فكرة الخضوع ،ولكن عنصر الطاعة والخضوع
هو العنصر الحاسم ،وعلينا أن نميز هذا النوع من الخضوع الذي هو أحد خصائص العالقة
القانونية(.)3
واذا أردنا أن نفرق بين المقصود باإللزام والجزاء والقهر ،قلنا أن القهر عن طريق السلطة
العامة هو نوع من أنواع الجزاء التي تنفرد بها القاعدة القانونية .أما الجزاء فهو اصطالح أوسع من
اصطالح القهر ،وهو يشمل القهر كما يشمل غيره من األنواع الخاصة بقواعد السلوك األخرى.
( )1د .جميل الشرقاوي ،دروس في أصول القانون ،دار النهضة العربية ،بدون تاريخ ،ص .37د .عبد المنعم فرج
الصدة ،نفس المرجع ،ص.79 ّ
( )2د .سهيل الفتالوي ،نظرية القانون ،ط7999 ،7م ،ص.34
( )3المحامي اللورد دينيس لويد ،تعريب المحامي سليم الصويص ،مراجعة سليم بسيسو فكرة القانون ،سلسلة عالم
المعرفة ،الكويت ،العدد 7937/41م ،ص.94
32
والجزاء في أبسط تعاريفه ( )1
أما اإللزام فهو صفة كامنة في كل قاعدة من قواعد السلوك
وأشملها ،هو األثر الذي يترتب على مخالفة فرد من األفراد للقاعدة القانونية ،وقد اختلف الفقه بشأن
مدى اعتبار الجزاء عنص ار مالزما لوجود القاعدة القانونية فذهب البعض إلى أن الجزاء من
مستلزمات القاعدة القانونية وأنه ال تعد قاعدة تلك التي ال تشتمل على جزاء يوقع جبرا .ولقد جعل
أصحاب هذ ا الرأي من الجزاء معيا ار للتفرقة بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد االجتماعية،
وذهب فريق آخر إلى أن الجزاء ليس عنص ار مكونا للقاعدة القانونية بل هو عنصر خارجي متعلق
بمدى نفاذها ،أو بعبارة أخرى أن القاعدة القانونية ال يشترط لقيامها أن تقترن فعال بجزاء ،بل يكفي
أن تتجه نحو االقتران بجزاء ،أي إن عدم توافر اإلجبار المادي في القاعدة القانونية ال ينفي
بل يقلل من فاعليها ونفاذها في العمل ،ويدلل أصحاب هذا الرأي على وجهة نظرهم ()2
وجودها
بتخلف الجزاء في بعض فروع القانون كالقانون الدولي العام والقانون الدستوري.
ولكن من السهل تفنيد هذا الرأي عن طريق التأمل في طبيعة كل من القانون الدولي العام
والقانون الدستوري.
فبالنسبة للقانون الدولي ،يمكن القول بأن التنظيم الدولي لم يبلغ بعد أخر مراحل تطوره،
مثلما فعل النظام الداخلي للدولة من حيث وجود سلطة عليا فوق األفراد تتولى توقيع الجزاء ،وان
كان هذا ال يعني انتفاء أي جزاء عن قواعد القانون الدولي العام ،إذا أن الجزاءات متوافرة ،ولكنها
ذات طبيعة خاصة تنسجم مع طبيعة القانون الدولي العام كإبطال المعاهدات وتوقيع العقوبات
االقتصادية والحصار البحري...إلخ.
أما بالنسبة للقانون الدستوري فالجزاء أو اإلجبار متوافر ،غاية األمر أنه يأخذ صور مغايرة
لصور الجزاء العادي – التي سنتحدث عنها الحقا – فالجزاء في القانون الدستوري يتمثل في
علمية الرقابة التي تقوم بها السلطات بعضها على البعض اآلخر كذلك فقد يقوم الشعب باتخاذ
()3
إجراءات الجزاء إما بالوسائل السلمية أو بالوسائل غير السلمية.
( )1د .سمير عبد الستار تناغ ،النظرية العامة للقانون ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية7939 ،م ،ص .67-62
( )2د .عبد المنعم البدراوي ،مبادئ القانون7930 ،م ،ص 79وما بعدها .د .عبد الحي حجازي ،المدخل لدراسة
العلوم القانونية ،القانون" وفقا للقانون الكويتي" "دراسة مقارنة" مطبوعات جامعة الكويت7913 ،م ،ص.76
الصراف ،د .جورج حزبون ،د .نفس المرجع ،ص.76
ّ ( )3أنور سلطان ،نفس المرجع ،ص .36د .عباس
37
يتنوع الجزاء تبعا الختالف القواعد القانونية ،ونعرض عنا أهم أنواع الجزاء وهو الجزاء
الجنائي والجزاء المدني والجزاء اإلداري.
()1
أ – الجزاء الجنائي:
وهو الجزاء الذي يوقع على من ارتكب فعال تجرمه قاعدة جنائية وهو بذلك يعد أقصى أنواع
الجزاء حيث أنه يوقع في حالة ارتكاب فعال يعد إخالل بأمن المجتمع وسالمته .وهذا الجزاء قد
يكون عقوبة بدنية كاإلعدام واإلشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة .كما قد يكون الجزاء في شكل
عقوبة مقيدة للحرية كالحبس ،أو عقوبة مالية كالغرامة أو المصادرة.
ويالحظ أن ارتكاب الجريمة وتوقيع الجزاء الجنائي ال يمنع من أن الجريمة تعد في حاالت
خاصة اعتداء على حق خالص يخول لصاحبه بتوقيع جزاء مدني في ذات الوقت فإتالف مال
الغير عمدا جريمة تستوجب توقيع جزاء جنائي وفي الوقت نفسه للمعتدى على ماله الحق في
المطالبة بتوقيع جزاء مدني يتمثل في تعويضه هما أصابه من ضرر.
()2
ب – الجزاء المدني:
وهو الجزاء الذي يترتب في حالة مخالفة القانون المدني والجزاءات المدنية كثيرة ومتعددة.
فقد يقصد به محو مكل أثر لمخالفة القانون كهدم الحائط الذي بني في ملك الجار أو سد المطالت
التي فتحت على مسافة أقل من المسافة القانونية وقد يتخذ الجزاء صورة البطالن ،فإذا أبرم تصرف
مخالف للقانون المدني .فالقانون ال يرتب عليه أي أثر فمثال إذا تعاقد شخص مع مجنون ،فمثل
هذا التعاقد يعد باطال ،أي كأن لم يقع ،وال يلتزم المجنون في ماله بشيء .,ومن يستأجر بيتا ليديره
للدعارة يعتبر عقده باطال وال يلتزم المؤجر قبله بأي التزام .وقد يتخذ الجزاء صورة التعويض ،أي
ضمان األضرار التي لحقت بالمتضرر فإذا أحدث شخص ضر ار بآخر فإنه يكون مسئوال عن فعله
الضار على أساس القاعدة العامة الفعل الضار وبالتحديد نص المادة 921من القانون المدني
اليمني والتي تنص (كل فعل أو ترك غير مشروع سواء كان ناشئا عن عمد أو شبه عمد أو خطأ
إذا سبب للغير ضر ار يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه.)...
( )1د .عصام أنور سليم و د .محمد حسن قاسم ،نفس المرجع ،ص .79د .سهيل الفتالوي ،نفس المرجع ،ص،33
د .جميل الشرقاوي ،نفس المرجع ،ص 37وما بعدها.
( )2عصام أنور سليم ومحمد حن قاسم ،نفس المرجع ،ص.32
33
هو الجزاء الذي يترتب على مخالفة قواعد القانون اإلداري بسبب إهمال الموظف في أداء
ويسمى هذا النوع من الجزاء أيضا بالجزاء التأديبي لتمييزه عن ()1
عمله أو انقطاعه عنه بدون عذر
غيره من الجزاءات علما أن الجزاء التأديبي يقوم المشرع بتحديده على سبيل الحصر وبالتالي ال
يجوز للهيئة التأديبية أن توقع عقوبة أو جزاء لم ينص عليه القانون ومن الجزاءات اإلدارية اإلنذار
واللوم وتأجيل منح العالمة أو الحرمان منها ،والخصم من الراتب أو الحرمان منه والعزل من
الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش...إلخ .وهناك اتجاه لدى الفقه يضيف نوعين من الجزاءات هما
()2
الجزاء السياسي والجزاء المهني.
– 61خصائص الجزاء:
هي: ()3
يتميز الجزاء في القاعدة القانونية بخصائص معينة
أ – أنه مادي محسوس ،أي يتخذ مظه ار خارجيا يقوم على اإلجبار الذي تباشره السلطة العامة
بالقوة المادية.
ب – الجزاء في القاعدة القانونية جزاء منظم ،إذ تتواله السلطة العامة باسم الجماعة وفقا لنظام
محدد ،لذلك يطلق عليه اإلجبار الجماعي.
ج – أنه جزاء دنيوي ،أي يوقع على األفراد في الحياة الدنيا ،وبذلك فإنه يختلف عن الجزاء الديني
الذي يلقاه العاصي في اآلخرة.
عرفت المجتمعات القديمة ظاهرة الجريمة في صور متعددة ،وقررت لها إجراءات في المقابل
تمثلت في االنتقام الفردي كرد فعل لعقاب المجرم في مرحلة أولى ،وتجسدت في االنتقام الجماعي
( ) 1د .عبد القادر الشيخلي ،النظام القانوني للجزاء التأديبي ،دار الفكر ،عمان7939 ،م ،ص 40وما بعدها.
-علي خليل إبراهيم ،جريمة الموظف العام الخاضعة للتأديب في القانون العراقي ،الدار العربية ،بغداد ،ص 74
وما بعدها.
( )2انظر د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،نفس المرجع ،ص .39د .سهيل الفتالوي ،ص ،92د .عبد الحي حجازي،
نفس المرجع ،ص.779
( )3د .جميل الشرقاوي ،نفس المرجع ،ص ،30د .محمد السعيد رشدي ،نفس المرجع ،ص.76-70
39
في مرحلة الحقة حين انتقلت الجماعة إلى تنظيم نفسها في إطار القبيلة أو العشيرة التي كانت
()1
تلتزم مبدأ الدفاع عن أفرادها.
أما في المجتمعات الحديثة وبعد بروز الدولة أصبح توقيع الجزاء من اختصاص السلطة
()2
العامة عن طريق السلطة القضائية "المحاكم".
وفي الجمهورية اليمنية ينظم الفصل الثالث من الدستور "السلطة القضائية" وكذلك القانون
رقم " 7992 "7بشأن السلطة القضائية ووفقا للمادة " "72من القانون تعد المحكمة العليا أعلى هيئة
قضائية في الجمهورية اليمنية ،وقد تناول القانون كيفية تكوين المحكمة واختصاصاتها...إلخ
وتسمى هذا المحكمة في فرنسا ومصر بمحكمة النقض وفي األردن والعراق محكمة التمييز.
ومع أن األصل هو أن توقيع الجزاء احتكار للسلطة العامة ال يشاركها األفراد فيه ،فإن هذا
ال يمنع من التسليم بحق األفراد في االلتجاء إلى الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم بأنفسهم في حاالت
الضرورة كإباحة الدفاع الشرعي عن النفس أو عن المال ضد اعتداء الغير ،وهو ال يجوز إال حيث
تتعذر االستعانة بالسلطة العامة في ذلك وكإباحة االمتناع عن الوفاء بدين للغير حيث يكون ذلك
الزما إلجبار الدائن على الوفاء بدين مقابل ،وكاالعتراف بحق اإلضراب للعمال دفاعا عن حقوقهم
()3
في بعض الظروف.
ومما ينبغي اإلشارة إليه ونحن في سياق الحديث عن خصائص القاعدة القانونية ،فأننا نشير
وهي الصفة أو الخاصية إلى أن الخصائص األربع التي ذكرت هناك من يضيف إليها خاصية
()4
التبادلية للقاعدة القانونية ،بمعنى أن القانون بوصفه مجموعة قواعد تنظم العالقات االجتماعية يسند
إلى األشخاص الذين ن شأت العالقة فيما بينهم مراكز تختلف في طابعها بعضها عن بعض فهو
يعترف للطرف الذي نشأت العالقة لمصلحته بمركز ايجابي هو مركز صاحب الحق ،ويسند إلى
الطرف اآلخر ،وهو من لم تنشأ العالقة لمصلحته ،مرك از سلبيا وهو مركز المدين ،وبذلك يكون
معنى أن للعالقة القانونية طابعا تبادليا أنها تفترض وجود عالقة بين طرفين وأنها إذ تنشئ حقوقا
ألحد طرفي هذه العالقة تنشئ على الطرف اآلخر واجبات تقابل هذه الحقوق ،بحيث يمكن أن يقال
( ) 1د .علي محمد جعفر ،العقوبات والتدابير وأساليب تنفيذها ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ،ط7933 ،7م،
ص.6
( )2د .سعيد عبد الكريم مبارك ،أصول القانون ،و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي ،بغداد ،7933 ،ص.44
( )3جميل الشرقاوي ،ص.36
( )4د .عبد الحي حجازي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،مرجع سابق ،ص.747
34
أن فكرة الحق وفكرة الواجب ترتبط كلتاهما باألخرى ارتباطا وثيقا إلى حد وصف فكرة الواجب
الصورة السلبية للفكرة األولى وهي فكرة الحق.
المبحث الثاني
تميز القواعد القانونية عن القواعد االجتماعية األخرى
– 73ليست القاعدة القانونية وحدها التي تحكم سلوك األشخاص في المجتمع ،بل توجد إلى
جانبها قواعد تشترك معها في هذا الشأن فهناك قواعد المجامالت والعادات والتقاليد ،وقواعد
األخالق ،وقواعد الدين ،وهذه كلها قواعد اجتماعية تحكم سلوك األفراد في المجتمع .ولذا يجب
التمييز بين هذه القواعد وبين القواعد القانونية.
المطلب األول
القاعدة القانونية وقواعد المجامالت والعادات والتقاليد
– 79في كل مجتمع قواعد وسلوك يحرص الناس على إتباعها في عالقاتهم اليومية فهناك قواعد
تقضي بها المجامالت كالتحية عند اللقاء ،زيارة المريض أو العائد من سفر طويل ،أو تقديم
التهنئة في األفراح ،والعزاء في الموت...إلخ وهناك قواعد يعتاد عليها الناس أو تجري بها
تقاليدهم بشأن المظهر والملبس وأنماط العيش والمأكل ،وهذه التقاليد والعادات تختلف بالنسبة
والهدف من هذه القواعد هو تدعيم الصالت بين أفراد المجتمع. للرجال عنها في النساء
( )1
والفارق الجوهري بين القاعدة القانونية ،هو أن القاعدة القانونية ملزمة ،وتقترن بالجزاء
أما جزاء مخالفة قواعد المادي الذي يوقع جب ار بواسطة السلطة العامة على من يخالفها
( )2
العادات والمجامالت فهو مجرد رد فعل لدى األفراد اآلخرين ،مثل غضب الصديق من
1
الصدة ،ص ،99د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ،ص.91
( ) د .عبد المنعم فرج ّ
( )2المحامي د .عبد القادر الفأر ،ص.30
30
صديقه ،أو المعاملة بالمثل ،أو النظر إلى المخالفة نظرة اشمئزاز أو غير ذلك ،دون أن
يكون في اإلمكان اللجوء إلى السلطات العامة لتوقيع جزاء.
ومع ذلك فمن المعروف أن ترتقي بعض هذه القواعد إلى مرتبة القواعد القانونية ويكون ذلك
إذا ما صارت من األهمية للمجتمع بحيث يتوافر اإللزام الخارجي لها ،كما لو صدر تشريع يفرض
زيا معينا على الناس .أو على فئات منهم كما قد يتدخل المشرع أو جهة معينة لمنع التدخين في
األماكن العا مة كما هو الحال في فرنسا .وبعض دول العالم حرصا على المصلحة العامة ،ومن
األمثلة على ذلك تدخل المشرع اليمني قبل الوحدة المباركة عندما حدد يومين في األسبوع فقط
لمصغ "القات" كما حظر تداوله ومضغه في محافظات معينة.
المطلب الثاني
القاعدة القانونية والقواعد األخالقية
– 74تعني األخالق القيم الفاضلة في المجتمع ،أو القيم التي تقرها األكثرية الخيرة من أبناء
المجتمع وتهدف عادة إلى تجريد اإلنسان من األنانية واالستغالل والتحلي بالصدق وحسن
النية(...)1إلخ ويجب على كل فرد في المجتمع أن يحترم هذه القاعد والعمل بها واال تعرض
لسخط المجتمع وازدراءه .ويوجد شبه كبير بين القاعدة األخالقية والقاعدة القانونية ،إذ أن
كليتهما من القواعد التي تبين ما يجب أن يكون وتهدفان إلى إقامة العالقات بين الناس
بعضهم ببعض على أساس العدالة والمساواة وكلتاهما تعدان ملزمتين ولكل منها جزاء يترتب
على مخالفتها ،كما أن العديد من النصوص القانونية ما هي في الواقع إال مجموعة قواعد
خلقية بنيت عليها تلك النصوص ،فما تنهي عنه األخالق قد تحرمه القوانين أيضا.
فالقواعد األخالقية تمنع القتل والسرقة والقذف ،أيضا الحكم في القوانين الجنائية ناهيك عن
أن القواعد الخلقية تمنع االتفاقات المخالفة لآلداب العامة ،كما هو الحال في القوانين المدنية فأنها
تعد هذه االتفاقات المخالفة لآلداب العامة ،باطلة أيضا ومع ذلك تختلف قواعد القانون من النواحي
()2
اآلتية:
أ – النطاق:
( )1د .عدنان الدوري ،د .لطيف جبر كوماني ،المبادئ القانونية العامة "لطلبة كلية االقتصاد" الجامعة
المفتوحة7994،م ،ص .73-71
( )2د .سعيد عبد الكريم ،أصول القانون،جامعة بغداد7933 ،م ،ص ،.30أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص،33
د .توفيق حسن فرج ،محمد يحيى مطر ،المدخل للعلوم القانونية ،الدار الجامعية7992 ،م ،ص 33وما بعدها.
36
نطاق قواعد األخالق أوسع من نطاق القواعد القانونية فالقانون ال يحكم إال السلوك الخارجي
دون أن يهتم بالبواعث والنوايا ،بينما تعفي قواعد األخالق إلى جانب اهتمامها بالسلوك الخارجي
للفرد بالنوايا والبواعث التي يضمرها الفرد في نفسه.
ب – الجزاء:
يختلف جزاء القاعدة القانونية عن جزاء القاعدة األخالقية ،فاألولى تقترن بجزاء مادي
كالحبس والغرامة...إلخ ،بينما الثانية تقترن بجزاء معنوي هو تأنيب الضمير ثم سخط المجتمع
واستنكاره وشجبه على المخالف ونفوره منه ولذلك فجزاء القواعد القانونية قابل بطبيعته للتنفيذ
المادي على خالق جزاء القواعد األخالقية.
د – الغاية:
القواعد القانونية تهدف إلى تحقيق النفع المادي للمجتمع ،بينما القواعد األخالقية تهدف إلى
تحقيق غاية مثالية هي السمو باإلنسان.
ه – الوضوح:
قواعد القانون تكون واضحة ومعينة ويمكن التعرف عليها بسهولة بينما قواعد األخالق ليست
كذلك ،كونها أحاسيس داخلية مرجعها ضمير الشخص وهي لذلك غير واضحة وغالبا ما يكتنفها
الغموض.
و – المضمون:
تختلف القاعدة القانونية عن القاعد األخالقية كون األولى بخالف الثانية ذات طابع تبادلي،
ألن القاعدة الخلقية تقتصر على مجرد الواجبات دون أن تتجاوز ذلك غالى تقرير الحقوق ،فالقاعدة
األخالقية التي تقضي على القادرين واجب مساعدة المحتاجين ال تنشئ بذلك للمحتاجين حقا في
مطالبة القادرين بالعون في حين أن القاعدة القانونية ال تكتفي ببيان الواجبات بل تقرر الحقوق إلى
()1
جانب ذلك.
( )1د .محمد السعيد رشدي ،ص ،71د .غالب علي الداودي ،ص ،33/31د .سعيد جبر ،ص ،39-33جميل
الشرقاوي ،ص 97ما بعدها.
31
وقد صور البعض عالقة القانون باألخالق بدائرتين متداخلتين ،يمثل الجزء الداخلي في
التقاطع األرضية المشتركة بين االثنين .واألجزاء الخارجة تمثل المجاالت المميزة التي يتمتع بها
كل منهما بهيمنة مطلقة فيها .غير أن هذه الصور مضللة من حيث أنها تخلق انطباعا بأنه حيثما
توجد أرضية مشتركة بين االثنين – القانون واألخالق – يوجد تماثل ،وهذا ليس صحيحا دائما.
ومع ذلك تظل هناك رقعة عريضة مشتركة بين القانون واألخالق ليست بعيدة المنال
فكالهما معني بفرض مستويات معينة من السلوك ،من الصعب جدا أن يعيش المجتمع بدونها،
وفي العديد من هذه المستويات الجوهرية يعزز القانون واألخالق كل منهما اآلخر كجزء من نسيج
الحياة االجتماعية.
المطلب لثالث
القاعدة القانونية وقواعد الدين
– 70الدين رسالة منزلة في األصل من عند المولى عز وجل على رسول أو نبي من البشر يبلغها
للناس لإليمان بها والعمل بأحكامها وهذه األحكام تنظم عالقة الفرد بربه وتسمى "العبادات"
وعالقة الفرد بنفسه تسمى قواعد األخالق الشخصية" وعالقة الفرد بغيره من أفراد المجتمع
وتسمى قواعد المعامالت.
ويتفق القانون والدين في أن كل منهما يخاطب الناس بقواعد ملزمة ومنظمة لسلوكهم وقد تعد
بعض القواعد الدينية قواعد قانونية إذا أوجب المشرع تطبيقها كما هو الحال في الجمهورية اليمنية
"قانون األحوال الشخصية رقم 32لعام 93م قانون الجرائم والعقوبات رقم 7لسنة 94م.
وتختلف قواعد الدين عن القواعد القانونية من وجوه عدة أهمها أن الدين قواعد منزلة من عند
العلي القدير بينما القانون عبارة عن قواعد من وضع البشر ،وهناك اختالف من حيث النطاق،
فنطاق الدين أوسع من نطاق القانون ،حيث ينظم الدين سلوك اإلنسان مع ربه ومع نفسه وغيره من
الناس بينما تعني القاعدة القانونية تنظيم سلوك اإلنسان مع غيره فقط .وأيضا هناك اختالف من
حيث الغاية فغاية قواعد الدين هي الخير والنظام والسمو بالسلوك نحو الكمال ،بينما غرض قواعد
()1
القانون تحقيق األمن واالستقرار في المجتمع.
وأهم ما يمز قواعد الدين عن قواعد األخالق الج ازء فجراء القواعد القانونية كما سبق وعرفناه
جزاء مادي وحال توقعه السلطة المختصة أما قواعد الدين فالجزاء فيها أساسا جزاء مؤجل إلى أن
تقوم الساعة فهو جزاء أخرويا إلى جانب ما قد يوجد من جزاءات دنيوية.
– 76من المسلم به القول بأن القاعدة القانونية تدخل في نطاق العلوم االجتماعية ألنها تنظم
سلوك ونشاط األشخاص في المجتمع والعلوم االجتماعية تتناول بالتنظيم نشاط الفرد
الطبيعي والشخص المعنوي من الجوانب كافة.
وتأسيسا لما تقدم ،نتناول عالقة القانون بعلم االجتماع ،وعلم االقتصاد ،وعلم التاريخ ،وعلم
السياسة ،وأخي ار علم اإلجرام.
المطلب األول
يعد علم االجتماع من العلوم االجتماعية الوضعية كونه يدرس الظواهر االجتماعية من حيث
أسبابها ونتائجها ،ويستخلص من ذلك قواعد عامة مؤداها إن نتائج معينة ستترتب كلما توافرت
()1
شروط واحدة.
وقد تفرع من علم االجتماع فرع يسمى بـ "علم االجتماع القانوني" وعلم االجتماع القانون
يعنى بدراسة تفرع سلوك الناس إزاء القواعد القانونية المطبقة واستخالص النتائج االجتماعية
المترتبة على سن تشريع أو تعديله أو إلغاءه .ويرشد المشرع إلى ما ينبغي سنه من قواعد قانونية
()2
جديدة أو إلى ما ينبغي تعديله أو إلغائه من القواعد القانونية النافذة.
أما علم القانون وهو من العلوم االجتماعية والتوجيهية كونه ال يقتصر على دراسة ما هو
كائن بل يتعدى ذلك إلى دراسة ما يجب أن يكون ،لذلك فهو يختلف عن علم االجتماع إذ أن
األخير يقتصر على دراسة ما هو كائن وبيانه.
أن االختالف بين علم القانون وعلم االجتماع ال ينفي الصلة الوثيقة بينهما ،فخلق القاعدة
القانونية وتطبيقها يتوقف إلى حد بعيد على الحقائق االجتماعية التي يقدمها علم االجتماع القانوني
للمشروع ،إذ يستطيع المشرع من خالل معرفته بهذه الحقائق تغيير القواعد القانونية النافذة واقرار
قواعد أخرى .فمثال إذا سجلت البحوث االجتماعية ظاهرة تزايد نسبة ارتكاب جريمة معينة وجب
على المشرع معالجة ذلك بإعادة النظر في التشريع القائم.
( )1د .سامية محمد جابر ،نفس المرجع ،ص 77وما بعدها.
( )2هانس كلسن ،النظرية المحضة في القانون ،ترجمة .د .أكرم الوتري ،مركز البحوث القانونية ،بغداد7936 ،م،
ص.16
39
المطلب الثاني
ليس جديدا القول ،بأن العالقة بين علم القانون وعلم االقتصاد عميقة الوشائج إذ أن التأثير
فللعوامل االقتصادية أثر ال ينكر في خلق وتطوير القانون مما يستلزم معرفة () 1
متبادل بينهما
االتجاه االقتصادي قبل الشروع بوضع القاعدة القانونية فاالقتصاد الحر يستوجب إطالق حق
الملكية وحرية تداول األموال في حين مذهب االقتصاد الموجه يستوجب تقييدها.
أيضا القانون يؤثر في االقتصاد ،فوجود قواعد قانونية معينة تؤدي إلى ظواهر اقتصادية
معينة ما كان وج ودها ممكنا لوال وجود تلك القواعد القانونية فمثال القاعد التي تشجع االستثمار
تؤدي إلى نمو وازدهار االقتصاد وانتعاشه كذلك وجود قواعد قانونية من شأنها خفض الضرائب
على الصادرات تؤدي إلى قدرة السلع الوطنية على المنافسة في األسواق الخارجية.
المطلب الثالث
يتصل القانون بالتاريخ ليقف على مدى تطور النظم االجتماعية والسياسية والقانونية
وفي ضوء ذلك يمكن للمشرع تجنب القواعد القانونية ()2
واالقتصادية فيهتدي بها في وضع قواعده
القديمة التي أشارت الدراسات التاريخية إلى فشلها من جانب ،ومن جانب آخر اإلبقاء على تلك
()3
القواعد التي ثبت صالحيتها .وفي إطار التاريخ كعلم يبرز موضوع مستقل وهو تاريخ القانون.
المطلب الرابع
من الصعوبة بمكان فصل القانون عن السياسة إذ أن االتجاهات السياسية التي تسود في
المجتمع لها أثرها في تطوير القانون .وقد ُعرف عن المدرسة الفرنسية ربطها بين القانون
والسياسة( )4بل كانت إلى عهد قريب تجعل من دراسة القانون الدستوري "القانون الذي يحدد نظام
الحكم في الدولة" ركنا أساسيا لعمل السياسة .وغالبا ما يحكم القانون جوهر العمل السياسي
( )1د .سعيد عبد الكريم ،نفس المرجع ،ص 79وما بعدها ،عبد الحي حجازي ،ص 49وما بعدها.
الصراف وجورج حزبون ،ص.37-32 ّ ( )2د .عباس
( )3راجع عباس العبودي ،تاريخ القانون ،مصدر سابق ،نفس الصفحة.
( )4د .بطرس بطرس غالي ،د .محمود خيري عيسى ،المدخل في علم السياسة ،ط ،3مكتبة اإلنجلو المصرية،
7939م ،ص.77
92
وخطواته عند كل مستوى ،وهو الذي يحدد اإلجراء الواجب اتخاذه في إحداث السياسة الداخلية
()1
والخارجية.
والقواعد القانونية هي التي تتكفل ببيان طبيعة النظام السياسي وأسلوب إدارة الدولة والمجتمع
وحقوق األفراد السياسية وواجباتهم في هذا الميدان وتوزيع السلطات "التشريعية والتنفيذية والقضائية"
وطبيعة العالقة بينها.
()2
المطلب الخامس
لعلم اإلجرام صلة وثيقة بالقانون ،فعلم اإلجرام يتناول شخصية المجرم والوسط االجتماعي
الذي يعيش فيه ،والعمل اإلجرامي ودوافعه والوسائل المساعدة للجريمة وطرق اكتشافها ووسائل
ومن البديهي أن تكون لهذه األمور التي يتناولها علم اإلجرام أهميتها بالنسبة للقانون، ()3
مكافحتها
ولذا اقتضى األمر تدريس مادة اإلجرام في كليات القانون.
()4
الفصل الثاني
أساس القانون ومدى تدخله في نشاط األشخاص
– 71الغرض من دراسة أساس القانون هو البحث عن األسس التي تُبنى عليها القواعد
القانونية ،وكذلك العوامل والمؤثرات التي تخضع لها وباختصار فأن أساس القانون يعني بيان تلك
اآلراء والنظريات التي ترتفع وتسمو بذاتها فوق النصوص ،بغية تحديد طبيعة القانون وأساس
وجوده هذا من جانب ومن جانب آخر فالبحث يقتضي وبعد أن عرفنا أن القانون عبارة عن
مجموعة من قواعد تحدد أنماط السلوك داخل المجتمع ،فمن الطبيعي أن نتساءل عن الدور
( ) 1انظر د .محمد محمود ربيع ،مناهج البحث في العلوم السياسية ،الطبعة الثانية ،مكتبة الفالح ،الكويت،
7931م ،ص.733
( )2د .خالد الزعبي ،ومنذر الفضل ،ص.47
( )3د .عبد الرحمن العيسوي ،علم النفس القانوني ،دار النهضة العربية ،بدون تاريخ ،ص ،73د .محمد خلف،
مبادئ علم اإلجرام ،الطبعة(7911 ،)3م ،ص 70وما بعدها.
( )4نحبذ التسمية هذه بدال من كلية الحقوق ،كون أن الحقوق أضيق اصطالحا من القانون باعتبار الحقوق ليس إال
ثمرة من ثمار القانون ،ناهيك عن ما يدرس في الجامعات والكليات هو القانون كعلم من العلوم اإلنسانية.
97
الصحيح الذي يؤديه في هذا الجانب ،والحد الذي يقف عنده في تدخله في شؤون األفراد وعالقاتهم
المختلفة وعليه فأننا سنحاول في هذا الفصل إعطاء لمحة عن أهم المدارس والمذاهب التي ُعنيت
بالبحث في أساس القانون ،وكذلك وجهات النظر التي قيلت بشأن تحديد نطاق تدخل القانون في
نشاط األفراد.
المبحث األول
أساس القانون "طبيعة القانون"
– 73البحث في أساس القانون ،شغل الفالسفة والمفكرون على مدى أجيال وقد تجلى ذلك في
ظهور اتجاهات ومدارس فكرية عديدة ،علما أن الفكر اإلنساني القانوني المعاصر لم
يتخطى حتى اآلن أفكار الفلسفة اليونانية التي ما برحب تحتل مكانا مرموقا بين االتجاهات
الفلسفية المعاصر ،ونحن في هذا المبحث ليس بمقدورنا إعطاء حصر شامل لكل ما قيل في
93
هذا الموضوع ألن ذلك يتجاوز حدود هذا المبحث المقتصر على التقديم والتمهيد لدراسة
القانون كعلم.
ومن بين األفكار والنظريات التي بحثت في أساس القانون ،نظرية التضامن االجتماعي
للعميد دوجي ،ونظرية الغاية والكفاح "اهرتج" ونظرية النظم "هوريو" ونظرية التوازن "مورتي"
والنظرية الماركسية "ماركس وانجلس" ،والنظرية االجتماعية "دوركايم" ونظرية الهدف العالي "جونو"
ونظرية الثقة المشروعة "ليفي" والنظرية المحضة أو نظرية القانون البحت "هانس كاسن".
وبديهي القول بأن المدارس الفقهية قد اختلفت في البحث عن أساس وأصل أو جوهر القاعدة
القانونية ،وبوصفها قاعدة وضعية ،وهذا بخالف القاعد الدينية ،وقد برز من بين تلك النظريات
عدة مدارس على النحو التالي:
المطلب األول
المدرسة التاريخية
– 79ظهرت هذه المدرسة في أوائل القرن التاسع عشر ،وكان من أبرز المنادين بها الفقيه
"سافيني" ونقطة البداية عند هذه المدرسة هي اعتراضها على بعض األفكار السائدة آنذاك،
فقد اعترض أنصارها على فكرة التقنين "تجميع القواعد القانونية في فرع معين من فروع
99
القانون وتبويبها وتنظيمها واصدارها في مجموعة متكاملة" ألنها حسب رأيهم تؤدي إلى
تجميد القواعد القانونية ومنع تطويرها وكذلك ينتقد ممثلو هذه المدرسة فكرة العقد االجتماعي
ألنها من نسيج خيال بعض الفالسفة ،وال تستند إلى أي واقع تاريخي ،وهم يعترضون على
االتجاه الثوري ألنه يحدث تغييرات جذرية تتعسف منطق التاريخ الذي يقوم على تطور
متصل الحلقات وتشوه هذا المنطق ،كما يعترضون على دور العقد واإلرادة مع أنه ال يتفق
مع واقع المجتمع.
()1
وتتلخص فكرة هذه المدرسة في أن القوة الخالقة للقانون تكمن في الشعب ولكن الشعب
المقصود هما ليس الشعب الحالي فقط وانما السلسلة التي تتعاقب من خاللها األجيال والتي يتصل
فيها الماضي بالحاضر والمستقبل .فحفظ القانون واستق ارره في نفوس المخاطبين به يستند إلى
التقاليد التي هي ميراث ينتقل من جيل إلى آخر بال انقطاع وبطريقة غير ملموسة.
فقانون شع ب معين هو من صنع التاريخ وهو ال يختلف في ذلك عن األخالق وعن اللغة
وسائر الظواهر االجتماعية األخرى ،بالتالي فهو ال ينفصل عن طبيعة وصفات وقدرات هذا
الشعب.
وفي نظر هذه المدرسة ال تزيد المصادر الرسمية للقانون عن كونها وسائل لكشف القواعد
الموجودة سلفا والتي هي وليد التقاليد ،وهذا يبرز ما تنادي به هذه المدرسة من أولوية للعرف
بوصفها مصد ار للقانون ،وذلك ألنه وسيلة مباشرة للكشف عن القاعدة القانونية الحقيقية ،فالعرف
هووا اعتياد الناس على سلوك معين وحكم معين ،واالعتياد هو التكرار التدريجي والتلقائي لسلوك
يعبر عن التقاليد التي هي وليدة التاريخ.
أما عن التشريع فهو تعبير غير مباشر عن قاعدة قانونية ألنه يصدر بقرار من إحدى
سلطات الدولة ،هذا الق ارر قد يكون تحكيما ،وبالتالي قد ينحرف عن القاعدة الحقيقية التي يقود إليها
التطور التاريخي.
( )1د .سمير عبد السيد تناغو ،نفس المرجع ،ص 766وما بعدها.
-د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص.91
-د .هشام القاسم ،نفس المرجع ،ص .06
-د .سعيد عبد الكريم مبارك 17 ،وما بعدها.
-د .توفيق حسن فرج ،د .محمد يحيى مطر ،الدار الجامعية7992 ،م ،ص 772وما بعدها.
-د .غالب علي الداودي ،ص.74
-د .أنور سلطان ،ص.30
94
وهكذا تنتهي هذه المدرسة إلى أن القاعدة القانونية تستند في وجودها إلى المجتمع في
صورنه المستمرة ،أي مجتمعه األمس واليوم وغدا ،وال شك في أن لهذه المدرسة الفضل األكبر في
لفت األنظار إلى أهمية دور الواقع االجتماعي الذي هو وليد التطور التاريخي في ظهر القاعدة
القانونية تطورها ،ولكن يؤخذ على هذه المدرسة إنكارها التام لدور اإلرادة الواعية والمفكرة وفي
إنشاء القاعدة القانونية وتطورا..
ولم تسلم هذه النظرية من االنتقادات .إذ تعرضت للنقد بداعي أنها تنكر دور المشرع في قيام
وكونها تعطي العرف األولوية في ذلك.
( )2 ()1
القاعدة القانونية
المطلب الثاني
المدرسة الوضعية
– 32الفكرة المشتركة بين أصحاب هذه المدرسة هي أن الظاهرة القانونية ال يجوز البحث
عنها خارج نطاق القانون الوضعي ،وهي مجموعة القواعد القانونية المطبقة فعال في مجتمع معين
في لحظة معينة بما في ذ لك العمل القضائي الذي يطبقها ،والعمل الفقهي الذي يشرحها ويحلل
وبربط بينهما .القانون ال يعرف القواعد أو المبادئ التي تعلو القانون الوضعي أو تسبقه ،ألنها
طبيعية أو مقدسة أو أخالقية ،والقانون ال يعرف القواعد األبدية التي تتوارثها اإلنسانية كلها،
فالقانون متغير متحرك ،ويختلف حسب الزمان والمكان ،فتحريم بيوت القمار أو تعطي المخدرات
الذي هو حكم القانون في مجتمع قد ال يكون في مجتمع آخر ،ويندرج تحت هذه المدرسة الوضعية
تيارات أساسيان هما الوضعية القانونية أو الشكلية والوضعية االجتماعية.
()3
فمصدر القانون يجب البحث عنه في الوسط االجتماعي نفسيه ،أي في عناصر الواقع التي
تتحرك وتفرض حكما معينا ،فالقانون ظاهرة اجتماعية تترجم رغبة المجتمع في الحياة وفي التقدم،
والمجتمع في سعيه نحو هدفه يهتدي تلقائيا إلى القواعد األكثر مالئمة لذلك ،والسبيل الوحيدة
( )1يقف على رأس هذه المدرسة الفيلسوف "كلسن" ومن أشهر علمائها أيضا "باستال" و"هويز"و"هيجل" الذي يرى
أن القانون هو الدولة ذاتها نقال عن د .إبراهيم سعد وآخرون ،ص.99
( )2انظر نيكوالس بوال نتزاس ،نظرية الدولة ،ترجمة ميشيل كيلو ،ط ،7دار التنوير7931 ،م ،ص 71وما بعدها.
96
للوقوف على عوامل الواقع التي تنشئ القانون هو المالحظة والتجربة المادية ،فهم ال يتعرفون بغير
الوسيلة المادية كطريقة البحث عن القانون وعوامل ظهوره.
وتعد فكرة "دوجي" التي تعرف بنظرية التضامن االجتماعي امتدادا لتيار الوضعية
االجتماعية ،ويتميز فقه "دوجي" بأنه اجتماعي ووضعي وواقعي ،فالمجتمع عنده ضرورة لوجود
()1
الفرد والقانون.
المطلب الثالث
– 37وهذه المدرسة ال تنسب إلى فقيه معين ،وانما في االتجاه الذي ساد في فرنسا عقب
إصدار التشريعات الكبيرة في صورة مجموعات القواعد المنظمة المبوبة ،والتي يتعلق كل منها بفرع
من فروع القانون ،وذلك في بداية القرن التاسع عشر في عهد نابليون عندما اصدر نابليون قانونه
المدني عام 7324م والقانون التجاري 7321م وقد شمل هذا االتجاه الغالبية العظمى من أستاذة
القانون في فرنسا ،وظهرت في مؤلفاتهم التي نشرت ابتداء من القرن التاسع عشر حتى نهايته.
والحديث الذي مهد لهذه المدرسة هو ضخامة التقنيات وظهورها ألول مرة في فرنسا مما بهر
المشتغلين في القانون وجعلهم ينظرون إليه كعمل مقدس تتضاءل بجواره الجهود واالجتهادات .وقد
دفعهم هذا إلى شرح هذه التقنيات وكأنها كتب مقدسة حوت كل شيء وشملت كل التفصيالت ولهذا
اخذوا يشرحونها كما هي تبويبها وترتيبها نفسه وأرقام نصوصها ...فالنص بوصفه أم ار صاد ار من
قبل المشرع يعد تنظيما شامال وكافيا لتنظيم المشكلة المطروحة ،،فالسبيل الوحيد الذي يلجا إليه
كمصدر هو التسريع ،وان كان للعرف أن ينشئ بعض القواعد فإن ذلك ال يجوز إال بموافقة التشريع
واجازته ،والتشريع هو إرادة السلطة السياسية وقت إصداره ،ومن ثم وجب البحث عن هذه اإلرادة
األصلية والوقوف عندها ،وليس للقاضي أن يفسر األلفاظ في حد ذاتها وليس له أن يبحث عن
اإلرادة االجتماعية للمشرع لو أنها صدرت في ظروف مختلفة عن تلك التي أحاطت إصدار
النص.
()2
( )1د .صالح الدين الناهي وآخرون ،المرجع السابق ،ص .93وانظر هشام القاسم ،المرجع السابق ،ص.09
( )2د .صالح الدين الناهي وآخرون ،ص.99-93
-انظر د .سعيد عبد الكريم مبارك ،ص.67
-د .توفيق حسن فرج وآخرون ،ص 39وما بعدها.
-د .غالب علي الداودي ،ص.79
91
واإلرادة األصلية لواضع النص يمكن الكشف عنها من خالل صياغة النص ذاته أو من
خالل األعمال التحضيرية التي سبقت صدور النص ومهدت له ،أو بالرجوع إلى كتابات الفقهاء
السابقة على صدور النص والتي ألهمت المشرع ومن بين شراح التقنيات الفرنسية الفقيه "دوما"
والفقيه "بوتييه".
المطلب الرابع
مدرسة القانون الطبيعي
– 33تُعبر هذه المدرسة عن مجوعة من المبادئ التي راودت الفكر اإلنساني أثناء حقبة
طويلة امتدت من عصر الفلسفة اليونانية ( )1حتى وقتنا الحاضر ومن أهم المواقف التي اتخذها
أصحاب هذه النظرية ،التنبيه إلى ضرورة التفريق بين القانون الطبيعي والقانون الوضعي.
والقول بازدواج القانونين الطبيعي والوضعي وعدم الخلط بينهما واالعتراف لكل منهما بمجاله
الخاص ،يؤدي إلى نتيجتين هامتين:
واوهما أن اإليمان بأي من هذين القانونين ال يتعارض مع اإليمان باآلخر ،بل على العكس
فإن االبنان بالقانون الطبيعي يقتضي اإليمان بضرورة القانون الوضعي وبالفعل فإن أنصار القانون
الطبيعي كلهم يؤمنون بالقانون الوضعي ويعدون لهذا السبب فالسفة وضعيون ،أو مؤمنون بضرورة
الدولة وبأنه ال يوجد قانون في الدولة إال القانون الصادر عن إرادتها الصريحة أو الضمنية.
والنتيجة الثانية لالزدواج بين القانونين هي اعتبار القانون الطبيعي بمثابة معيار الحكم على
القانون الوضعي ،واعتباره أيضا المثل األعلى للقانون الوضعي وهو المثل الذي ينبغي أن تخضع
له إرادة المشرع فيما تصدره من تشريعات وفي هذه النتيجة الثانية أعظم ضمان في عدم استبداد
المشرع في أي دولة وفي خضوع القانون الوضعي للقانون الطبيعي أي للعدل والفضيلة واألخالق.
وقد عرف القانون الطبيعي بأنه القاعدة اللي يوحي بها العقل القويم والتي بمقتضاها تحكم
بالضرورة بأن العمل ظالم أو عادل طبقا التفاقه مع المعقول.
( ) 1يعود الفضل في وضع هذه النظرية للفيلسوف اليوناني "أرسطو" ومن فالسفتها المتأخرين "كانت".
-انظر د .سمير عبد السيد تناغو ،ص.719
-د .توفيق حسن فرج وآخرون ،ص 39وما بعدها.
-د .عبد الحي حجازي ،ص 713وما بعدها
-د .أنور سلطان ،ص.14
93
وقد حاول بعض الفقهاء والفالسفة المعاصرين االحتفاظ بفكرة القانون الطبيعي في صورة
معتدلة يمكن تقبلها والتوفيق بينها وبين الواقع .وهم يرون أن القانون الطبيعي ليس سوى مجموعة
من المبادئ العليا التي تسمو وتسبق القواعد الوضعية ألنها تمثل الكمال والمثالية التي يجب أن
يسعى القانون الوضعي إلى تحقيقها.
()1
ويمكن تقسيم نظريات القانون الطبيعي إلى ثالثة أمصاف :كاثوليكية وفلسفية واجتماعية
()2
"سوسيولوجية.
المطلب الخامس
مدرسة العلم والصياغة
– 39نادي الفقيه الفرنسي الكبير "جني" في مطلع هذا القرن بمذهبه المسمى مذهب العلم
والصياغة وبرى األستاذ جني أن علم القانون هو في طبيعته علم معقد.
وأن التحليل الدقيق يدلنا إلى أنه يقوم على عنصرين رئيسين:
أما عنصر العلم فهو الذي يقدم لنا الحقائق التي تصلح أن تكون أساسا الختيار القواعد
القانونية المالئمة.
وأما عنصر الصياغة فهو الذي يتيح لنا أن نصوغ هذه القواعد القانونية بشكل معين يجعلها
صالحة للتطبيق العملي .أي أن عنصر الصياغة هو القالب أو الشكل الذي تصب فيه المادة التي
تتكون من الحقائق السباقة وقد عدد "جني" تلك الحقائق على النحو التالي:
أوال :الحقائق الواقعية ،وهي تتضمن جميع الظروف الطبيعية ،المادية أو المعنوية ،التي تحيط
بناء والتي بجب مراعاتها عند وضع القواعد القانونية.
ثانيا :الحقائق التاريخية،وهي تتضمن التطورات التي مرت بها القواعد والمؤسسات القانونية.
ثالثا :الحقائق الفعلية ،وهي تتضمن المبادئ التي يوحي لنا بها العقل ويلدنا على صحتها.
رابعا :الحقائق المثالية ،وهي تتضمن األهداف التي يطمح إليها كل مجتمع من المجتمعات ويعمل
على تحقيقها.
المطلب السادس
المدرسة اإلسالمية
– 34إذا كان لدى فقهاء القانون ما يبرر لهم ذلك البحث حول أساس القانون وطبيعة
وجوده ،فليس لدى فقهاء الشريعة اإلسالمية أي مبرر للبحث من هذا النوع ،إذ أن الشريعة
اإلسالمية انزلها الله تعالى من سمائه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كاملة شاملة جامعة
مانعة ال ترى فيها عوجا ،وال تشهد فيها نقصا وقد نزلت الشريعة اإلسالمية في فترة قصيرة ال
تتجاوز المدة الالزمة لنزولها ،مدة بداية بعثة الرسول ثم انتهت بوفاته أو انتهت يوم قال الله تعالى
"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمني ورضيت لكم اإلسالم دينا [سورة المائدة.]9
ولم تأت الشريعة لوقت دون وقت ،أو لعصر دون عصر ،أو لزمن دون زمن ،وانما هي
()1
شريعة كل وقت ،وشريعة كل عصر ،وشريعة الزمن كله حتى يرث الله األرض ومن عليها.
وتختلف عن الشرائع الوضعية في نشأتها ومصدرها طبيعتها وغايتها ،ونظ ار لهذا االختالف
والرساالت السماوية فأن من العبث أن تقارن الشرعية ذات المصدر اإللهي بالشريعة الوضعية
()2
كلها هدى ونور نزلت ليحكم بها عباد الله وهي تصدق بعضها بعض بل إن منها ما كان يبشر
( )3
بالرسول الذي يأتي بعدها.
وتشمل العبادات من صالة وصوم وزكاه وحج ،كما تشمل المعامالت المتعلقة باألحوال
الشخصية كالزواج والطالق والنسب والحضانة والنفقة والميراث والوصية والوقف ثم تشمل
المعامالت المادية والروابط العقدية والحقوق العينية والجرائم الحدود والقصاص...إلخ.
( )1انظر عبد القادر عوده ،التشريع اإلسالمي ،الجزء األول ،مؤسسة الرسالة ،ط7999 ،73م ،ص 70وما بعدها.
( )2د .محمد فاروق النبهان ،المدخل للتشريع اإلسالمي ،وكالة المطبوعات ،الكويت ،دار العلم ،بيروت ،ص76
وما بعدها.
( ) 3انظر د .محمد مصطفى سلبي ،المدخل في الفقه اإلسالمي ،تعريفه وتاريخه ومذاهبه "نظرية الملكية والعقد،
الدار الجامعية ،الطبعة العاشرة7930 ،م ،ص 30وما بعدها.
42
ويقوم الشرع اإلسالمي في جملته على أساس من التوازن بين مكارم األخالق وبين مصالح
المكلفين بالشرع.
والقرآن الكريم هو كالم الله المنزل على سيدنا محمد "ص" بواسطة سيدنا جبريل عليه
السالم ،وهو المصدر الرسمي للشريعة اإلسالمية وسندها الرئيسي ،وهو دستورنا األساسي الذي ال
يعلوه نظام ،وال يخالفه مخلوق ثم تأتي السنة النبوية بوصفها مصد ار ثانيا للشريعة اإلسالمية ،وهي
()1
تتمثل في كل فعل أو قول أو تقرير صدر عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
ومعروف أن األحاديث النبوية لم تدون في عصر النبي "ص" مخافة أن تختلط بالقرآن وانما بدأ
بتدوينها في العصر األموي حين كتب الخليفة عمر بن عيد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن
عمرو بن جزم والى محمد شهاب الزهري ليبدأ في جمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكان
ذلك في العام المائة من الهجرة ،ولم يتم التدوين المكتمل مع ذلك إال في العصر العباسي أي في
()2
القرنين الثاني والثالث للهجرة.
ونحن إذ نسلم بأن اإليمان بحكم الله تعالى وحكم رسوله الكريم رسوخ في العلم ،والتسليم له
عز ،واالستقامة على أمره مدخل لكل خير إال أننا نلمح اليوم كثي ار من األخطاء الجسيمة خالل
مناقشة أحكام الشريعة اإلسالمية وذلك بمحاولة عزل بعضها عن نظرة اإلسالم الشاملة للحياة والقيم
والمصالح ،ناهيك عن خلط البعض ما بين الشريعة والفقه سيان وبحسن نية أو سوء نية.
إن الذين يضعون الفقه والشريعة في إطار واحد ،يصفونه كله بأنه "التشريع اإلسالمي" الذي
ال بد من تطبيقه بحذافيره كلها ،يرتكبون خطاء فادحا في حق اإلسالم وفي حق الناس .أنهم
يدخلون على اإلسالم ما ليس منه ...ويلزمون الناس بما ال يلزم ،ويعرضون عليهم من الحرج ما لم
()3
يأذن الله.
المبحث الثاني
مدى تدخل الدولة في نشاط األشخاص
– 30من المسلم به القول ،بأن القانون هو مجموعة من القواعد القانونية التي تضعها
السلطة المختصة لتنظيم الروابط االجتماعية بين األفراد في داخل المجتمع ،إلزام األفراد باحترامها
( ) 1راجع د .وهبة الزحيلي ،الوجيز في أصول الفقه ،دار الفكر المعاصر ،بيروت ،جار الفكر ،دمشق ،ط الثانية،
7990م ص 34وما بعدها.
-عبد الوهاب خالف ،علم أصول الفقه ،الطبعة العشرون ،دار العلم7936،م ،ص 39وما بعدها.
( )2انظر د .أحمد كمال أبو المجد ،جوار ال مواجهة "دراسات حول اإلسالم والعصر"كتاب العربي ،العدد السابع،
أبريل 7930م ،ص.74
( )3انظر د .أحمد كمال أبو المجد ،نفس المرجع ،ص.99
47
واال كانوا عرضة للجزاء وكما سبق أن قلنا أن وظيفة القانون األساسية هي تنظيم المجتمع تنظيما
من شأنه التوفيق بني مصالح األفراد وحرياتهم وبين الصالح العام للجماعة...إلخ كما أن للقانون
هدفين هما حماية حريات األفراد ،وحفظ كيان المجتمع بإقرار النظم فيه...إلخ.
والقانون في تحقيقه لهذه األهداف يتأثر بظروف كل مجتمع والمعتقدات الفلسفية السياسية
السائدة فيه ،حيث أنها تحدد مدى تدخل القانون في العالقات بين األشخاص والوسائل التي يمكن
أن تستخدم لتحقيق األهداف التي يتأثر مفهومها من مجتمع إلى آخر .إال أنه مهما تباينت الرؤى
السياسية واالقتصادية واالجتماعية فهناك مذهبين رئيسين يتراوح بينهما المدى الذي يصل إليه
القانون في تدخله في نشاط األشخاص وتوجيه سلوكهم :أحدهما المذهب الفردي والثاني المذهب
االجتماعي أو االشتراكي.
المطلب األول
المذهب الفردي أو المذهب الحر
– 36ساد هذا المذهب في القرنين الماضيين بناء على نظريات اقتصادية وفلسفية وسياسية
تشبعت بروح الفرد .فالمفكر والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو يقول :أن السلطة تجد مبررها في
رضاء المواطنين .أن المجتمع والدولة التي تمثله يجد مصدره في العقد االجتماعي الذي أبرمه
األفراد فيما بينهم للتعايش قفي مجتمع ولتأسيسي الدولة لسلطاتها وسلطانها.
كما يقرر "بفنذرف" بأن الفرد هو الكائن المطلق صاحب السلطان الحقيقي وهو مصدر
سلطان الدولة وسلطان القانون ،ويؤكد الفيلسوف "كانت" أحد زعماء المذهب الفردي بأن الفرد ليس
أداة أو وسيلة مسخرة في المجتمع وانما هو األصل والهدف والغاية في حد ذاته ،وقد بلور
الفيزيوق ارط الجانب االقتصادي لهذا المذهب بأن نادوا بالحرية االقتصادية عندما انطقوا عبارتهم
المشهورة "دعه يعمل دعه يمر".
()1
الصدة ،ص.93
ّ ( )1انظر علي سبيل المثال د .عبد المنعم فرج
-د .سعيد جبر ،ص .93
43
وقد عرف زعماء المذهب الفردي القانون بأنه "مجموعة الشروط التي بفضلها يمكن أن
تتماشى إرادة كل فرد مع إرادات اآلخرين وفقا لقانون عام من الحرية".
ويقوم المذهب الفردي على أساس أن الفرد هو الهدف من تنظيم المجتمع فالقانون ال يوجد
إال لحماية حقوق األفراد وكفالة التمتع بها .ذلك أن الفرد في نظر هذا المذهب يولد وله حقوق
طبيعية ،تفرضها الطبيعة وال يمنحها القانون فهي سباقة في وجودها على القانون وجماع هذه
الحقوق هي الحرية في مظاهرها المختلفة غير أن إطالق استعمال هذه الحقوق ،وهي ثابتة لجميع
األفراد بالتساوي قد يؤدي إلى التفاوت بينها .ولهذا كان ال يد من تقييد هذه الحقوق القدر الذي
يسمح للجميع بالتمتع بها على قدم المساواة وفي هذا تتبين أن مهمة الدولة في ظل هذا المذهب
إنما مهمة سلبية إذ أنها تقتصر على بيان الحدود أو القيود التي ترد على حريات األفراد .فتبين
دائرة نشاط كل فرد وتمتعه من االعتداء على دائرة نشاط اآلخرين أي أنها تقر لكل فرد ما ال
يتعارض من حريته الطبيعة مع حريات اآلخرين وتوجب عليه االمتناع عن االعتداء على حرياتهم.
وقد أثر هذا المذهب على الفلسفة القانونية واالجتماعية واالقتصادية فسادت فكرة القانون
الطبيعي في مجال الفلسفة القانونية ،وظهرت فكرة العقد االجتماعي "لجان جاك روسو" في مجال
الفلسفة االقتصادية وانتصرت فكرة الحرية االقتصادية في مجال الفلسفة االقتصادية وهو ما نادى
به كما أسلفت الفيزيوقراطية ،ومحور هذا األفكار جميعا هو اعتناق الحرية الفردية ومبدأ استقالل
اإل اردة كأساس للنظم القانونية واالجتماعية واالقتصادية ،وقد انطبعت هذه األفكار في أذهان
واضعي "قانون نابليون" 7324فصدر هذا القانون وبالتالي القوانين التي نقلت عنه مشبعة حتى
()1
األدنين بالمذهب الفردي.
وال شك أن في هذا المذهب الفضل في الدعوة إلى محاربة استبداد الدولة وطغيانها وفي بيان
وجوب احترام الحرية الفردية وتشجيع النشاط الفردي وقد كان ظهوره أم ار طبيعيا والزما في العصر
الذي نودي به فيه ،حيث أشتد تحكم الدولة إلى حد أهدرت فيه الحريات وأوصدت األبواب أمام
النشاط الفردي.
ولم ينج المذهب الفردي من النقد ،فقد أخذ عليه أنه بالغ في االعتداد بالفرد إلى حد
اإلسراف ،وجانب طريق الصواب عندما نادى بإطالق الحرية الفردية فهو يجعل الفرد الهدف من
المذهب الفردي بأن الفرد ليس إال عضوا في جماعة يرتبط في أفرادها اآلخرين بعالقات عدة وأن
قوة كل فرد ال تنشأ بحريته هو ،وانما تتحقق بارتباطه في الجماعة ،ولذا كانت حياة اإلنسان في
الجماعة منذ وجد ،ألنه ال يستطيع الحياة منعزال ولذا كانت فكرة الحرية الطبيعية أو الحقوق
ونخلص إلى القول بأن الحرية والمساواة اللتين نادى بها المذهب ()2
الطبيعية فكرة غير صحيحة.
الفردي كانتا ضربا من الخيال والوهم :ذلك انه من الناحية النظرية البحتة يمكن القول بأن المذهب
الفردي يقوم على الحرية والمساواة .أما من الناحية الواقعية فأنه لم يؤد إلى ذلك ،بل على العكس،
لقد أدى إلى اختالل التوازن بين األفراد ،وظهرت قوى غير عادلة من الناحية االقتصادية
واالجتماعية ،إذ أدى هذا المذهب إلى قيام اإلقطاع ،وتكتل رؤوس األموال.
مما جعل الحرية مجر وهم ،نظار النعدام المساواة الفعلية ،فال حرية مع اإلقطاع وال حرية مع
رأس المال المستغل .وبهذا نجد أن المساواة والحرية اللتين قام عليهما المذهب الفردي ال تؤديان إال
إلى سعادة قلة من األفراد على حساب الغالبية في المجتمع ،مما يجعل تلك الشعارات زائفة جوفاء،
()3
وتبعا لذلك يتخلف عنصر العدل وهو الهدف الذي ترمي القواعد القانونية ،إلى تحقيقه.
ومن الناحية القانونية أدى تطبيق سلطان اإلرادة على إطالقه إلى تحكم األقوياء في
الضعفاء ،تحت شعار أن الضعفاء رضوا بذلك واختاروا بحريتهم وظهرت مساوئ الحرية التعاقدية
بخاصة في نطاق عالقات العمل عقب الثورة الصناعية حيث كان يتم تشغيل العمال السيما النساء
والصغار منهم بأجور زهيدة ولساعات عمل طويلة دون مراعاة صحية أو اجتماعية ولم يكن جائ از
طبقا للفلسفة الفردية التدخل في هذه العالقات طالما أن العامل قد رضي بهذا العمل وبتلك الشروط
وفي الحقيقة لم تكن الظروف االقتصادية وقتئذ إال البيئة المناسبة لكي يستثمر الرأسماليون حريتهم
الصدة ،ص.99
ّ ( )1د .عبد المنعم فرج
-د .عبد الحي حجازي ،ص.900
( )2جميل الشرقاوي ،ص.32
( )3د .توفيق حسن فرج ,آخرون ،ص.703
44
على أوسع نطاق ولكي يجد العمال أنفسهم مسحوقين تحت وطأتها يستعملون حريتهم في أن يقبلوا
العمل في ظل هذه الظروف أو يموتوا جوعا.
() 1
وقد أدت مساوئ المذهب الفردي إلى تمهيد الطريق لظهور المذهب االجتماعي أو االشتراكي.
المطلب الثاني
المذهب االجتماعي أو االشتراكي
– 31لقد كان من جراء مبالغة المذهب الفردي وما أفضى إليه من نتائج سيئة أن ظهرت
المبادئ االشتراكية التي أخذت تهاجم المذهب الفردي ،هذه المذاهب االشتراكية ،وان اختلفت فيما
بينها شدة واعتداال تتالقي في فكرة واحدة هي عدم جواز اعتبار حقوق الفرد هي أساس القانون.
فليس للفرد حقوق بل عليه واجبات تجاه الجماعة ومن هنا كان التعارض بين المذهب الفردي
والمذهب االشتراكي.
()2
ففي ظل الفلسفة االشتراكية ،ال تقوم وظيفة القانون على أساس واحد هو إسعاد الفرد بكفالة
حريته ،وانما تتحدد هذه الوظيفة بتحقيق مصالح الجماعة قبل كل شيء فالفرد ال قيمة له بوصفه
عضوا في جماعة يعمل من أجلها ولذا يكون للقانون في المذهب االشتراكي دور إيجابي ال يقتصر
على النظام في المجتمع ،بل يرمي إلى توجيه النشاط الفردي إلى ما فيه خير المجتمع وسعادته
ونالحظ أن المذهب االشتراكي تتفاوت درجاته .فمنها ما يبالغ إلى حد إلغاء الملكية الخاصة
والتضحية بمصلحة الفرد في سبيل مصلحة المجموع ،بحيث يضع نصب عينيه مصلحة الجماعة
وحدها ،ومنها ما يتخذ مذهبا معتدال بين المذهب الفرد والمذهب االشتراكي ،حيث يضع مصلحة
الجماعة في المقام األول ،مع االعتراف بالملكية الخاصة ،واحترام الحرية الفردية وتشجيع النشاط
()3
الفردي في الحدود التي تنأى بها عن التحكم واالستغالل.
كما أن المذهب االشتراكي يؤمن بـ (العدل التوزيعي) الذي يتحقق باحتكار الدولة وتوزيع
الدخل بمنح المزايا المادية والمعنوية للناس ،وتقسيم األعباء بينهم والفرد عندما يطالب بهذه المزايا،
إنما يطالب بما هو مستحق له بوصفه عضوا في الجماعة .ولذلك فأن حق هذا يتوقف على ما
تقتضيه مصلحة الجماعة والتي قد تقضي بعدم توزيع هذه المزايا على األفراد واستخدامها في
والعدل التوزيعي يتحقق باحتكار الدولة تقسيم األعباء وتوزيع مجاالت أخرى أكثر فائدة للمجموع.
()1
ثانيا :من الناحية االقتصادية :نجد أن الفكر االقتصادي وفقا لهذا المذهب يؤمن بسيطرة الدولة
على وسائل اإلنتاج ،وتنظيم تداول الثروة وتوزيعها ويقصف بمبدأ الحرية االقتصادية.
ثالثا :من الناحية القانونية :نجد أن دور القاعدة القانونية يتسع ،وينعكس هذا الدور على مختلف
النظم القانونية على النحو التالي:
أ – في مجال الروابط يزداد تدخل قواعد القانون بما يحقق صالح المجتمع بأسره كتقييد حرية
الزواج أو الطالق أو تحديد عدد أفراد األسرة تنظيم النسل.
د – هدم التقسيم التقليدي للقانون إلى عام وخاص ،على أساس أن الدولة بوصفها صورة المجتمع،
فهي طرف في كل رابطة قانونية.
ه – انكماش دور إرادة الفرد في الروابط التقليدية ،وذلك لالتجاه نحو إخضاع معظم العقود لتنظيم
آخر مثال ذلك إخضاع عالقات العمل لقواعد قانونية ال يجوز االتفاق على عكسها حماية
للطرف الضعيف في العقد وان كان يجوز االتفاق على عكس ما جاء بها إذا كان في ذلك
ما يحقق مصلحة أكبر للعامل في مواجهة رب العمل.
و – في المذهب االشتراكي نجد أن القواعد القانونية المكملة أو المفسرة تنكمش ،بينما يزداد دور
القواعد اآلمرة اتساعا.
ز -ونالحظ في المذهب االشتراكي اتساع دور القانون في تنظيم المجتمع بعد أن كان المذهب
الفردي مقتص ار على رد العدوان على الحقوق وحفظ النظام في المجتمع ،ويبرز دور القانون
في المذهب االشتراكي جليا في تحقيقه للعدالة االجتماعية وتقديم الخدمات العامة ومع ذلك
فأن االختالف بين المذهبين ال يقتصر على االختالف في القواعد العامة في كل منهما بل
()1
مختلفان في النظم والقواعد القانونية األخرى.
وبعد أن عرضنا لكل من المذهبين تبقى حقيقة هامة مؤداها أن المذهب الفردي أغرق في
تقديس الفرد وكان ذلك عيبه الجوهري ،وبالمقابل المذهب االشتراكي هو اآلخر أغرق في تقديسه
لحرية الجماعة وضحى بالفرد من أجل الجماعة.
ولذلك فإن االعتدال للتوفيق بين صالح الجماعة وصالح الفرد ،هدفا عظيما ونبيال تسعى
إليه الدول الحديثة في تشريعاتها.
المطلب الثالث
موقف القانون اليمني من المذهب الفردي والمذهب االشتاركي
– 33يتعين علينا عند البحث عن مدى تدخل الدولة في نشاط األشخاص ،وموقف القانون
اليمني من المذهبين اللذين يتنازعان ذلك ،أن نؤكد على حقيقة مؤداها أن القانون اليمني وان
تضمن مبادئ تتفق مع المذهب الفردي أو المذهب االشتراكي ،فذلك ال يعني البتة أن القانون
به ،فأساس القانون اليمني الشريعة اإلسالمية ،وذلك ما تؤكده وتقرره نصوص الدستور اليمني
المعدل الصادر 39سبتمبر 7994م والقانون المدني اليمني رقم 79لسنة 7993م الصادر بتاريخ
39مارس 7993م.
ومعلوم أن الشريعة اإلسالمية تتضمن مبادئ كلية وقواعد أساسية في التشريع وهي تسمو
وتعلو على كافة المبادئ وا لمذاهب الوضعية ،كونها كاملة ال نقص فيها ،جامعة تحكم كل حالة،
مانعة ال تخرج عن حكمها حالة ،شاملة ألمور األفراد والجماعات والدول .وعلى وفق ذلك ،فال
بأس أن يتفق المذهب الفردي مع المذهب االشتراكي مع موقف القانون اليمني.
وفيما يلي أبرز أهم المعالم الرئيسية لالتجاه اإلسالمي للقانون اليمني:
والقانون المدني يعترف بالملكية الخاصة إال أنها ليست مطلقة وانما مقيدة بالوظيفة
االجتماعية ،ومن أمثلة هذه القيود أنه ليس للمالك أن يغالي في استعمال حقوقه إلى حد يضر
بملك الجار وليس للجار الرجوع على جاره في مضار الجوار التي ال يمكن تنجبها "المادة "763
واألمثلة عديدة على تبيان المعنى الذي نهل منه المشرع اليمني والمتجسد في الشريعة اإلسالمية
المبينة على رعاية مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم والتيسير على الناس في معامالتهم وعدم
تكليفهم بما يشق عليهم ويوقعهم في الضيق والحرج "المادة 9مدني" وغيرها من المواد التي
تضمنت القواعد الكلية في الشريعة اإلسالمية "المواد 4إلى "71مدني يمني.
الفصل الثالث
أنواع القواعد القانونية
هناك العديد من العالقات والروابط االجتماعية القائمة بين أفراد المجتمع وكل نوع في هذه
العالقات يتطلب تنظيما خاصا يحدد الرابطة القائمة بين عناصر العالقة الواحدة ،فال بد أن يكون
هناك قواعد قانونية مختلفة تحكم هذه العالقات المختلفة وعلى هذا األساس فالقانون ينقسم في
جملته إلى مجموعات من القواعد بحسب موضوع العالقة التي ينظمها ،وقد جرت العادة على تقسيم
القانون إلى قسيمين رئيسين ،هما القانون العام والقانون الخاص ،وتندرج تحت كل من هذين
القسيمين فروع عدة.
49
كما أن القواعد القانونية ،وان كانت جميعها قواعد ملزمة إال أنها تتفاوت من حيث مدى ما
إلرادة األفراد من سلطان إزاء قوتها ففي حين أنه ال يجوز لهذه اإلرادة أن تخالف اإللزام في القاعدة
القانونية ،نرى عكس ذلك في بعض القواعد أي أن اإلرادة قد تخرج عن اإللزام الوارد في القاعدة
القانونية ولذا فقد قسمت القواعد القانونية إلى آمرة ومكملة أو مفسره.
وعلى هذا األساس نستعرض هاتين الناحيتين في حديد أنواع القواعد القانونية في المبحثين
التاليين:
02
تقسيم القانون إلى عام وخاص
القانون
الدولي الخاص العمل الجوي التجاري المدني المرافعات القانون الداخلي القانون الخارجي
والتنفيذ المدني
القانون
تنظيم القضاء الجنائي المالي اإلداري الدستوري
الدولي العام
07
المبحث األول
أقسام القانون وفروعه
– 92تتضمن دراسة القانون ،تقسيمه إلى أقسام وفروع متعددة ،حيث جرت العادة لدى
الفقهاء إلى تقسيم قواعد القانون بحسب الزاوية التي ينظر منها وأهم هذه التقسيمات تقسيم القانون
إلى قانون عام ( )Public Lawوقانون خاص ( )Private Lawإذا نظرنا إلى هذه القواعد من
جهة تنوع العالقات التي تحكمها.
ويجري ثانيا تقسيم قواعد القانون إلى قواعد موضوعية ،وقواعد شكلية أو إجرائية ،ويقصد
بالقواعد الموضوعية تلك التي تنبين الحقوق والواجبات المختلفة كالقانون المدني والقانون التجاري
()1
أما القانون اإلجرائي أو الشكلي فيتضمن قواعد إجرائية تبين األوضاع واإلجراءات التي تتبع
القتضاء الحقوق التي يقررها القانون الموضوعي والقواعد اإلجرائية أو الشكلية تتمثل في قانون
المرافعات أو قانون اإلجراءات الجزائية حيث أن قواعد القانون تبين اإلجراءات الواجبة اإلتباع في
تحريك الدعوى العمومية والتحقيق مع المتهم واستجواب الشهود ،وندب الخبير والكشف عن الجريمة
واصدار األحكام وتنفيذها..إلخ.
كما أن للقانون تقسيمات أخرى إلى قانون داخلي وقانون خارجي أو دولي ،وذلك تبعا النعدام
كذلك يقسم القانون من حيث الصورة وجود عنصر أجنبي في العالقات التي يبحثها أو لوجوده
()2
التي توجد بها قواعده إلى قانون مكتوب – وهو التشريع الذي تصدره السلطة التشريعية في الدولة –
وقانون غير مكتوب – وهو القانون العرفي غير المقنن الذي ال يصدر عن السلطة التشريعية في
ولكن التقسيم الرئيس للقانون هو تقسميه إلى قانون الدولة ،بل ينشأ تدريجيا في ضمير الجماعة
()3
عام وقانون خاص وهو تقسيم تقليدي ال يزال مستق ار أو مسلما به في الفقه الحديث حتى بالنسبة
لمن يهاجمه من الفقهاء.
( )1انظر على سبيل المثال عبد الكاظم فارس المالكي ،جبار صابر طه ،ص.94
الصدة ،ص.43
ّ -د .عبد المنعم فرج
د .أنور سلطن ،ص.96
( )2د .هشام القاسم ،ص.11
-د .محمد محمود عبد الله ،ص.03
( )3انظر د .غالب علي الداودي ،ص 97وما بعدها.
03
المطلب األول
– 97يرجع تاريخ التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص إلى القانون الروماني ويوجد
نص شهير منسوب إلى الفقيه أو لبيان ،يقرر فيه أن القانون العام هو الذي تسود فيه المصلحة
العامة ،والقانون الخاص هو الذي تسود فيه المصلحة الخاصة لألفراد" كما يوجد نص آخر للفقيه
"بابنيا" يؤكد فيه أن القانون العام ال يمكن المساس به عن طريق االتفاقات الخاصة لألفراد وبانهيار
الدولة الرومانية في القرن الخامس الميالدي كان طبيعيا أن تزول معالم التفرقة بين القانون العام
والقانون الخاص .غير أنه لم تلبث أن بدأت هذه التفرقة تأخذ طريقها من جديد إلى الفكر القانوني
غير أن هذا التقسيم طمس مع إحياء القانون الروماني ابتداء من القرن الثاني عشر الميالدي
( )1
مرة أخرى على يد "الماركسية – اللينينية" ،إذ أصبح كل شيء في روسيا قانونا عاما ولم يعد هناك
قانون خاص وصار القانون المدني ،كالقانون اإلداري وقانون اإلجراءات جزءا من القانون العام،
ومعنى هذا أن جميع العالقات القانونية في روسيا تهيمن عليها الفكرة السياسية ،وان القانون هو
وفي إيطاليا أبان العهد الفاشي طمست ()2
السياسة وان كل ما ليس سياسيا ال يعد من قبيل القانون
أيضا فكرة تقسيم القانون إلى عام وخاص بل واعتبر القانون الخاص قانون دنس.
ويعزو بعض الشراح الجدل الذي يثار حول هذا التقسيم إلى سبب جوهري واضح هو الصراع
بين مذهبين :مذهب االقتصاد الحر ومذهب تدخل الدولة "المذهب االجتماعي أو االشتراكي"
فالليبراليون يدعون إلى تضييق ساحة القانون العام وتوسيع منطقة القانون الخاص فيما أنصار
المذهب االشتراكي على عكس من ذلك كما سبق أن وضحنا .كان ذلك على المستوى السياسي.
أما من الناحية الفقهية فقد تعرض هذا التقسيم للنقد ،فقيل أنه مجرد تقسيم تاريخي وأن قيمته
التاريخية التقليدية أكبر من قيمته العلمية والعملية ،وأن هذا التقسيم ينال من وحدة القانون.
أن تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص لم يجد له أساسا نظريا ،بل واستحال
استخدمه على صعيد الواقع العملي .وأمام هذا التداخل بين مختلف فروع القانون يبقى التقسيم بين
القانون العام والقانون الخاص مسألة وهمية يتمسك بها القانونيون الكالسيكيون دون أن يملكوا
( )1د .سمير عبد السيد تناغو ،ص ،009د .مصطفى مجمد الجمال وآخرون ،ص ،36ر .هزبارو ،ترجمة عبد
الرزاق يسري ،مراجعة د ،7963 ، .ص .332جونالد .ر .سهير القلماوي ،الرومان ،دار النهضة ،مصر،
،7963ص .332دونالد .ر .ددلي ،ترجمة جميل يواقيم وآخرون ،حضارة الرومان ،دار النهضة ،مصر،
القاهرة ،بدون تاريخ ،ص.44
( )2انظر عبد الحي حجازي ،ص 360وما بعدها.
09
أساسا نظريا واعتبارات عملية .هذا وما يؤك د الطابع األيديولوجي الذي يسيطر على فكرة التقسيم
()1
وفي كل األحوال ال يزال هذا التقسيم قائما بالرغم من الغموض الذي يكتنفه.
- 93حاول رجال القانون منذ عهد بعيد البحث عن معيار أو ضابط دقيق للتمييز بين
هاتين الزمرتين واالستناد إليه في معرفة ما إذا كانت هذه الطائفة من القواعد القانونية أو تلك تدخل
تحت زمرة القانون العام أو زمرة القانون الخاص ،ولكنهم أخفقوا كثي ار في أغلب المحاوالت ونعرض
بإيجاز لهذه المعايير.
– 6المعيار المالي:
يرى القائلون بهذا المعيار أن القواعد المنظمة للعالقات ذات الصفة المالية أو المتعلقة
باألمور المالية "كعالقات البيع والشراء مثال" هي من القانون الخاص وأن القواعد المنظمة للعالقات
()2
األخرى التي ال يظهر فيها هذا المفهوم المالي "كتنظيم جهاز الدولة مثال" هي من القانون العام.
وهذا المعيار غير صحيح كون هناك قواعد من القانون العام تتصل باألمور المالية كالقواعد
المتعلقة بالضرائب مثال ناهيك عن وجود قواعد من القانون الخاص ليس لها صلة باألمور
المالية"كالقواعد المتعلقة بتنظيم العالقات العائلية مثال.
– 2معيار الحاكم والمحكوم:
ويطلق عليه أيضا المعيار العضوي ،ويقوم على أساس التفرقة بين الخاضعين ألحكام
القانون وتقسيمهم إلى حكام ومحكومين ،فالقانون العام هو قانون الحكام والقانون الخاص هو الذي
يطبق على المحكومين ،ويعيب هذا المعيار أن الحكام يخضعون في جانب من نشاطهم إلى أحكام
القانون الخاص ،أما بمحض إرادتهم وأما بحكم القانون .كما أن المحكومين يخضعون لبعض أحكام
وهناك من يطلق على هذا المعيار القانون العام كتلك المتصلة بالحريات والحقوق العامة...إلخ
()3
الشخصي.
( )1انظر د .خالد عمر باجنيد ،القانون اإلداري اليمني ،جامعة عدن ،ص7993 ،7م ،ص (.)9-3
( )2انظر د .هشام القاسم ،ص 32وما بعدها.
-د .أنور سلطان ،ص.91
-د .سهيل الفتالوي ،ص.723
-د .سعيد عبد الكريم مبارك ،ص.329
( )3انظر د .ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية7934 ،م ،ص 9وما بعدها.
-د .عبد احي حجازي ،ص 317وما بعدها.
-د .سمير عبد السيد تناغو ،ص 003وما بعدها.
04
– 3معيار المصلحة أو المصالح المستهدفة:
ويطلق عليه أيضا المعيار الموضوعي أو المادي ،وهو ينظر إلى المصالح التي يستهدفها
القانون .فقد قيل أن القانون العام وهو الذي يقوم أو يستهدف حماية المصالح االجتماعية أو
العامة ،أما القانون الخاص فهو الذي يقوم على حماية المصالح الفردية أو الخاصة .أي أن أساس
هذا المعيار مقابلة الدولة بالفرد إال أن هذا المعيار غير دقيق ،ذلك أن هدف القانون الخاص هو
دائما تحقيق المصالح العامة ،وليس أبدا حماية المصالح الفردية على حساب المصالح الجماعية
فكل القواعد ومنها قواعد القانون الخاص ،قد وضعت لخير الجماعة والمصلحة العامة.
()1
يقوم هذا المعيار على طبيعة النظر على طبيعة العالقة القانونية ذاتها ،فإذا كانت هذه
العالقة تتصل بحق السيادة في الدولة أو ال تتصل به ومقتضى هذا أن يكون القانون العام هو
الذي ينظم السلطة العامة في الدولة ،ويحكم العالقات المتصلة بحق السيادة فيها .وهذه العالقات
أما أن تقوم بين دولة ودولة ،أو بين سلطة وأخرى من السلطات العامة في الدولة ،أو بين الدولة
وأحد أشخاص القانون الخاص .بينما يكون القانون الخاص هو الذي يحكم العالقات التي تتعلق
بتنظيم السلطات العامة في الدولة وال تتصل بحق السيادة فيها.
وهذه العالقات أما أن تكون بين الدولة بوصفها شخصا اعتباريا وشخصا من أشخاص
القانون الخاص ،أو بين أشخاص القانون الخاص سواء كانوا أشخاصا اعتباريين أو ا
أفردا.
يتضح مما تقدم الصعوبة في التمييز بين القانون العام والقانون الخاص وبالطبع فإن ذلك
تبرير للذين ينتقدون بل وينكرون تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص .ولكن ليس األمر
على هذ ا النحو وبصرف النظر عن آراء كل فريق من الفريقين فأنه من الصعب إنكار التداخل
والتأثير المتبادل بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص ،وبين أنواع العالقات والمجاالت
التي تطبق فيها كل هذه القواعد.
ال تستجيب التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص إلى اعتبارات نظرية فحسب بل
تستجيب أيضا إلى اعتبارات عملية كثيرة ،مردها االختالف في طبيعة ونوع العالقات التي ينظمها
كل من القانون العام والقانون الخاص.
()1
ومن بين هذه االعتبارات العملية يمكن ذكر ما يلي:
-7السلطات العامة تتمتع ،بحكم طبيعة مركزها ،باعتبا ارت ،ال يمكن االعتراف بها لألفراد
العاديين ،فيجوز له أن تتخذ إجراءات من جانب واحد يفرض تنفيذها على المحكومين (سواء
أكانت هذه اإلجراءات قوانين أو لوائح أو ق اررات تنفيذية تتعلق بحالة معينة) كما قد يحصل
هذا التنفيذ وفقا إلجراءات استثنائية إذا اقتضت الضرورة ذلك كنزع الملكية للمنفعة العامة
المطلب الثاني
فروع القانون العام
– 94عرفنا أن القانون العام هو القانون الذي يحكم العالقات التي تكون الدولة طرفا فيها
بصفتها صاحبة السلطة والسيادة .ولكن الدولة حين تدخل في عالقات قانونية على هذا النحو فإنها
قد تدخل في عالقات مع دولة أخرى وفي هذه الحالة يسمى القانون العام بالقانون العام الخارجي
أو القانون الدولي العام.
وقد تظل الدولة داخل إقليمها فتدخل في عالقات مع مواطنيها وفي هذه الحالة يسمى القانون
العام بالقانون العام الداخلي ويتفرع القانون العام الداخلي إلى فروع متعددة فهو يشمل القانون
الدستوري والقانون اإلداري والقانون المالي والقانون الجنائي وقانون النظام القضائي وسنعرض يما
يلي للقانون العام الخارجي أو القانون الدولي العام ،ثم القانون الداخلي بفروعه المختلفة.
01
أوال :القانون العام الخارجي
(القانون الدولي العام)
– 90تعريفه ...القانون الدولي العام هو مجموعة القواعد التي تنظم عالقات الدول بعضها
أو الحياد بالبعض اآلخر وتحدد حقوق كل منهما وواجباتها ،سواء في حاالت السلم أو الحرب،
()1
كما يشمل أيضا القواعد المتعلقة بالمنظمات الدولية فقواعد القانون الدولي تحدد العناصر أو
الشروط الواجب توفرها في الدولة حتى تكون لها الشخصية الدولية كما يحدد أنواع الدول وشروط
االعتراف بها ،كما يبين حقوق الدول ،كذلك يقوم القانون الدولي بتنظيم طريقة تبادل التمثيل
الدبلوماسي والقنصلي بين الدول ،كما يضع األحكام الخاصة بالمعاهدات ويحدد وسائل فض
المنازعات بالطرق السليمة.
والقانون الدولي العام ينظم أيضا عالقات الدول أثناء الحرب ،فيحدد حقوق وواجبات
المحارب ،وما يجوز استخدامه من أسلحة ،وكيفية معاملة األسرى وكذلك مسئولية الدول المتحاربة
()2
في مواجهة الدول المحايدة.
كما يحدد عالقات الدول بكل من الفريقين المتحاربين ،ويبين الحقوق والواجبات التي تترتب
على حيادها.
وأخي ار فإن القانون الدولي العام يتضمن القواعد التي تتعلق بالمنظمات الدولية سوا من حيث
تكوينها أو تحديد اختصاصاتها وكيفية ممارستها لمهامها أو تنظيم عالقاتها فيما بينها ومع الدول
وقد بدأت هذه المنظمات باالنتشار على النطاق العالمي في هذا القرن وأهم هذه المنظمات وأبرزها
منظمة األمم المتحدة وما يتفرع عنها أو يرتبط بها من هيئات ومنظمات.
( )1انظر د .علي صادق أبو هيف ،القانون الدولي العام ،ط ،77ص.76
د .عبد العزيز سرحان ،القانون الدولي العام ،القاهرة7969 ،م ،ص.92
-د .عبد الو لحد عزيز الزنداني ،السير والقانون الدولي العام ،ط7992 ،77م ،ص.64
-د .رشاد السيد ،مبادئ القانون الدولي العم ،ط7997 ،3م ،ص.9
-د .محمد محمد علي صالح ،العالقات الدولية نشأتها ،وأهميتها وتطويرها ،مجلة اليمن الجديد ،تصدرها و ازرة
اإلعالم والثقافة ،صنعاء ،الغدد ،77السنة الثامنة عشر ،نوفمبر 39م ،ص.71
( )2انظر د .عصام أنور سليم وآخرون ،ص.92
-د .عبد السالم علي المزوغي ،ص.760
03
وقد اتجه الفقه في العقود القليلة الفارطة نحو تفريع القانون الدولي إلى عدة فروع منها
القانون الدولي االقتصادي والقانون الدولي اإلنساني ،والقانون الدولي للمالحة وقانون اإلجراءات
()1
الدولية ،وقانون المنازعات المسلحة ،والقانون الدولي لحقوق اإلنسان ،والقانون القضائي الدولي.
ويستمد القانون الدولي العام قواعده من المعاهدات ،فهي أخصب مصدر لقواعد القانون
الدولي العام إضافة إلى العرف والمبادئ القانونية العامة ،وأحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين
()2
في القانون الدولي العام في مختلف األمم.
ومن الجدير اإلشارة إليه هو ذ لك الخالف والجدل الذي ثار في الفقه حول مدى توافر
الصفة القانونية لقواعد القانون الدولي العام.
()3
لقد انقسم الفقهاء في ذلك إلى فريقين ،الفريق األول ذهب إلى القول بأن القانون الدولي العام
ليس قانونا بالمعنى الصحيح .وذلك استنادا إلى أنه ال توجد سلطة تشريعية دولية تتولى سن قوانين
تلزم الدولة ،وال سلطة قضائية تختص بالفصل في المنازعات الدولة ،وال سلطة عليا تقوم بتوقيع
الج ازء على الدول التي تخالف قواعد هذا القانون.
والفريق اآلخر على النقيض من الفريق األول إذ يعتبر القانون الدولي العام قانونا بالمعنى
الصحيح وكان من اليسير ألنصار هذا الفريق دحض الحجج التي يوردها الفريق األول ،فغياب
سلطة تشريعية تتولى وضع قواعد القانون ،فهذا ليبس لزاما حتى في القانون الداخلي فهناك القواعد
العرفية.
كما أن القانون بدأ كأعراف قبل أن تلد الهيئات التشريعية .ثم ثانيا وجود سلطة قضائية في
الفصل في المنازعات داخل الدول وغيابها في اإلطار الدولي غير صحيح ،فالقضاء الدولي موجود
ناهيك عن أي وجود سلطة قضائية للفصل في المنازعات بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى
()4
( )1د .إبراهيم محمد العناني ،القانون الدولي العام ،دار الفكر العربي7934،م ،ص.76-70
-د .عبد الحي حجازي ،ص.992
-د .غسان الجندي ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،مطبعة التوفيق ،عمان39 ،م.
( )2انظر المادة ( )93من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية الدائمة لسنة 7940م والذي يعد جزء من ميثاق
األمم المتحدة.
( )3انظر في ذلك د .عصام العطية ،القانون الدولي العام7931م ،ص.93-39
( )4محكمة التحكيم الدائمة 7399م ،ومحكمة العدل الدولية الدائمة 7932م ،ومحكمة العدل الدولية 7940م.
-د .فؤاد شباط ،د .محمد عزيز شكري ،القضاء الدولي ،بدون سنة نشر.
-د .عبد الغي محمود ،التدخل في الدعوى أمام محكمة العدل الدولية ،دار النهضة العربية ،ط7933 ،7م.
-د .مصطفى أحمد فؤاد ،الطعن في األحكام ،دراسة في النظام القضائي الدولي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية.
09
أما االحتجاج بعدم وجود سلطة عليا فوق الدول توقع الجزاء على ()1
ال تعتبر شرطا لوجود القانون
من يخالف قواعد القانون الدولي .فالسلطة العليا موجودة والجزاء أيضا متوافر في نصوص الميثاق،
لكن هذا الجزاء يمتزج بالميول السياسي وميزان القوى والواقع يزخر بأمثلة على توقيع الجزاء كما
أننا نرى بأن القانون الدولي حديث العهد مقارنة بالقانون الداخلي وأننا نرى اليوم أن الضمير
العالمي قد بلغ مبلغا من الوعي جعل كثير من الدول القومية تتورع عن االعتداء والغصب كانت ال
()2
تتورع عن إتيانها في الماضي.
ثانيا :القانون الدولي الداخلي
– 96يتفرع القانون الدولي الداخلي إلى :القانون الدستوري ،القانون اإلداري ،القانون المالي،
القانون الجزائي وأخي ار قانون النظام القضائي.
وسنتولى إعطاء لمحة عن كل هذه الفروع ويترك التفصيل فيها إلى المقررات الدراسية
المختصة.
– 6القانون الدستوري:
تعريفه :القانون الدستوري هو مجموعة من القواعد التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها.
وتحدد السلطة العامة فيها وتوزيع االختصاص بينها ،وعالقاتها ببعضها كما نبين حقوق األفراد قبل
()3
الدولة.
يطلق على القانون الدستوري القانون األساسي في الدولة أو الدستور وعلى ذلك ال يجوز
ألي قانون تصدره السلطة التشريعية مخالفة قاعدة من قواعده واال ُحكم بعد دستوريته ،باعتبار كل
قانون آخر في الدولة أقل منه في المرتبة ويمكن تحديد موضوعات القانون الدستوري كما يتضح
كما يتضح من التعريف السابق على النحو اآلتي(:)4
-7شكل الدولة وما إذا كانت ملكية أو جمهورية ،وما إذا كانت موحدة أو اتحاديةـ ديمقراطية أم
دكتاتورية ،نيابية أو غير نيابية.
-د .إبراهيم شحاتة ،موقف الدول الجديدة من محكمة العدل الدولية ،المجلة المصرية للقانون الدولي ،مجلد ()32
7964م ،ص.10
الصدة ،ص.02
ّ ( )1انظر د .عبد المنعم فرج
( )2انظر د .غالب علي الداودي ،ص 47وما بعدها.
( )3انظر د .عبد الغني بسيوني عبد الله ،النظم السياسية والقانون الدستوري ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية،
7994م ،ص.911
( ) 4ارجع المحامي محمود نعمان ،موجز المدخل القانوني ،دار النهضة العربية ،بيروت7910 ،م ،ص.46
62
-3تنظيم السلطة العامة في الدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.
-9تنظيم حقوق األفراد وواجباتهم وهي ما تسمية "الحريات العامة" كالحرية الشخصية وحرية
الرأي والحق في المساواة ،أما الواجبات فتتمثل في أداء الضرائب والخدمة العسكرية..إلخ.
وقد شهدت اليمن كما هو معلوم أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية منذ بداية القرن ،وقد
انعكست تلك األوضاع على تطور الحياة الدستورية في اليمن .وبعد تحقيق الوحدة اليمنية في 33
مايو 7992م بدأ تاريخ جديد ليس بالنسبة لليمن بل والمنطقة العربية عموما ،كون الوحدة اليمنية
بقدر ما كانت حاجة أساسية لتوطيد دعائم االستقالل السياسي وبناء اقتصاد وطني مستقل فقد
كانت ضرورة قومية.
تعريفه :القانون اإلداري هو مجموعة من القواعد التي تبين كيفية أداء السلطة التنفيذية
لوظائفها اإلدارية ،أي أن القانون اإلداري هو قانون اإلدارة العامة ويذهب البعض إلى تسميته
والقانون اإلداري وثيق الصلة بالقانون الدستوري إلى الحد الذي يصعب معه بقانون المرفق العام
( )2
في بعض الحاالت وضوح الحد الفاصل بينهما .فإذا كان الدستور ينظم سلطات الدولة الثالث
ويحدد اختصاصاتها فالقانون اإلداري يتولى كيفية مباشرة السلطات التنفيذية لوظائفها والقواعد التي
تحكم نشاطها في إدارة المرافق العام وأهم ما نتناوله قواعد القانون اإلداري ما يلي:
( )1بالنسبة لتاريخ النشاط الدستوري في اليمن ،ارجع د .مطهر محمد إسماعيل العزي ،التطور الدستوري في ج.
ع .ي7930 ،م.
-د .عمر عبد الله الحبشي ،اليمن الجنوبي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ،دار الطليعة ،بيروت7913 ،م.
-د .محمد قائد طربوش ،نظام الحكم في الجمهورية العربية اليمنية ،مكتبة مدبولي ،ط7992 ،7م.
( )2انظر تعريف القانون اإلداري ،د .أحمد عبد الرحمن شرف ،د .محمد رفعت عبد الوهاب ،القانون اإلداري
اليمين7997 ،م.
-د .ماهر صالح عالو الجبوري ،القانون اإلداري ،جامعة الموصل ،ة7939م ،ص.9
-د .علي خطار شطناوي ،مبادئ القانون اإلداري األردني ،عمان7994 ،م ،ص.70
67
-7يتناول القانون اإلداري التقسيمات اإلدارية "كتقسيم الدولة إلى محافظات ومديريات ونواحي
وعزل "...وتقسيم اإلدارات إلى مؤسسات بعضها مستقل ذاتيا وأخرى تابعة لو ازرات ومرتبطة
بها.
-3يتناول القانون اإلداري كذلك صور النشاط اإلداري وأسس اختالفها عن صور النشاط العام
األخرى وكيفية وأساليب ممارسة اإلدارة لهذا النشاط ،ويحدد نظام كل من الهيئات التي تتولى
أو تدير المرافق العامة.
-9ويتنازل أيضا الوظائف العامة والموظفين ،وصلة اإلدارة بالعاملين في حقلها كما يتضمن
القواعد التي تنظم تعيين الموظفين ،ونقلهم وترقيتهم واجازاتهم وعزلهم وتحديد واجبات والمزايا
المقررة لهم.
-4عالقة السلطة الملحية بالسلطة المركزية.
-0بيان األعمال اإلدارية وشروط صحتها وطرق الرقابة عليها وخاصة الرقابة القضائية.
ومفيد القول بأن الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة تختلف فيما بينها بشأن وسائل تحقيق
هذه الرقابة ،فبعض الدول وتطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات ،تمنع القضاء العادي من النظر في
أي أنها تجعل الرقابة على األعمال اإلدارية من اختصاص قضاء إداري ينشأ لهذا ()1
ق اررات اإلدارة
(2
الغرض كما هو الحال في فرنسا ومصر واألردن ولبنان وسوريا والعراق.
أما الدول األخرى فتأخذ بنظام القضاء الموحد ،ويكون للمحاكم المدنية الوالية العامة للنظر
في كافة المنازعات اإلدارية وغير اإلدارية .وهناك دول أخرى تأخذ باتجاه تستطيع تسميته "نظام
التخصص" أي تشكيل شعب أو دوائر في إطار القضاء العادي.
ولذلك تنص المادة " "76من قانون السلطة القضائية رقم ( )7لسنة 7997م على أن تتكون
المحكمة العليا من الدوائر التالية:
الدائرة الدستورية.
الدائرة المدنية.
1
( ) انظر مثال د .محمود حافظ ،القضاء اإلداري في األردن ،منشورات الجامعة األردنية ،طّ ،7
عمان7931 ،م .د.
علي خطار شطناوي ،القضاء اإلداري األردني ،ط األولى ،مطبعة كنعان7990 ،م.
( )2أنشئت محكمة القضاء اإلداري في العراق بموجب القانون رقم 726لسنة 7939م ،قانون التعديل الثاني لقانون
مجس شوري الدولة رقم 60لسنة 7919م.
-انظر د .ماهر صالح عالوي الجبوري ،القرار اإلداري ،كلية صدام للحقوق ،دار الحكمة للطباعة والنشر،
بغداد7997 ،م ،ص.6
63
الدائرة التجارية.
الدائرة الجزائية.
دائرة األحوال الشخصية.
الدائرة اإلدارية.
الدائرة العسكرية.
دائرة فحص الطعون.
كما تنص المادة " " 3فقرة "ب" على أنه يجوز بقرار من مجلس القضاء األعلى بناء على
اقتراح من وزير العدل إنشاء محاكم قضائية ابتدائية متخصصة في المحافظات متى دعت الحاجة
إلى ذلك وفقا للقوانين النافذة.
– 3القانون المالي
يتضمن القانون المالي تلك القواعد التي تنظم مالية الدولة من حيث إيراداتها ونفقاتها ،وتبين
طرق اإلنفاق والرقابة عليه ومصادر اإليرادات من ضرائب ورسوم وقروض ويضع الضوابط
()1
لتحصيل كل من هذه اإليرادات المتنوعة.
فموضوع القانون المالي يدور حول موازنة الدولة من إيرادات ونفقات وقد حدد الدستور
اليمني القواعد والمبادئ التي تنظم النشاط المالي للدولة في "المواد "73 ،76 ،70 ،79 ،73كما
صدر القانون المالي رقم ( )3لعام 79992م محدد القواعد القانونية المنظمة لميزانيات الدولة،
وغيرها من القوانين المتعلقة بالنشاط المالي.
والقانون المالي حديث عهد كقانون مستقل بذاته ،إذ كان إلى وقت قريب جزء من القانون
()2
اإلداري ،والقانون المالي اليوم تفرعت منه تشريعات منفردة كالتقنين الضريبي.
– 4القانون الجنائي
( )1ارجع في تعريف القانون المالي على سبيل المثال د .حسني سلوم،المالية العمة "القانون المالي والضريبي" ،دار
الفكر العربي ،بيروت ،ط7ن 7992م ،ص.9
-د .عبد العزيز السقاف ،نظريات المالية العامة ،والنظام المالي في ج .ع .ي ،المعهد القومي لإلدارة ،صنعاء،
بدون تاريخ ،ص.71
-د .عبد العال الصكبان ،المالية العامة والمالية العامة في العراق ،ج ،7دار الكتب للطباعة والنشر ،جامعة
الموصل7916 ،م ،ص.97
( )2د .سمير السيد تناغو ،المرجع السابق ،ص.069
69
ويسمى أيضا القانون الجزائي ،وهو مجموعة من القواعد التي تحدد الجرائم المعاقب عليها
قانونا مع العقوبة المقررة لكل منها وكذلك اإلجراءات التي تتبع لتعقب المتهم ومحاكمته وتوقيع
الجزاء عليه إذا ثبت إجرامه.
أي أن القانون الجنائي يشمل طائفتين من القواعد كل طائفة تكون فرعا لهذا القانون.
قواعد موضوعية وهي التي تحدد الجرائم وتبين العقوبات المقررة لكل منها وتسمى قانون أ-
العقوبات والجرائم كما في اليمن كما يطلق عليه قانون الجزاء في ُعمان والكويت.
قواعد شكلية أو إجرائية ويطلق عليها في اليمن قانون اإلجراءات الجزائية وفي مصر قانون ب-
اإلجراءات الجنائية وفي لبنان واألردن قانون أصول المحاكمات الجزائية ونتناول هذين
الفرعين فيما يلي:
أ – قانون العقوبات
وهو مجموعة من القواعد التي تحدد الجرائم وتبين العقوبات التي توقع على مرتكبها وتبين
شروط المسئولية الجزائية وظروف اإلعفاء أو التخفيف منها ،وقانون العقوبات أقدم من القانون
()1
المدني ،وهو يرجع إلى بداية التاريخ القانوني ،أنه أول صورة ظهر بها القانون.
وينقسم قانون العقوبات إلى قسمين :القسم العام ،والقسم الخاص.
أما القسم العام فهو الذي يتناول الجريمة وأركانها ،والمجرم المسئول عنها وأساس مسائلته
جنائيا ،كما يحدد العقوبات والتدابير التي يقررها المشرع وأما القسم الخاص فيتضمن األحكام
()2
الخاصة بكل جريمة على حدة.
وتطبيق القانون الجنائي الحديث يخضع كله لسلطان التشريع ،وهناك مبدآن أساسيان تتمثل
فيهما قاعدة شرعية القانون الجنائي وهما:
-7مبدأ شرعية الجرائم "ال جريمة بال نص"
-3مبدأ شرعية العقوبات "ال عقوبة بال نص"
وقد نص الدستور اليمني على هذين المبدأين في المادة 46منه إذ قضى أنه "ال جريمة وال
عقوبة إال بناء على نص شرعي أو قانوني."...
ويتضمن القواعد التي تبين اإلجراءات التي تتبع في حال حصول الجريمة ،من حيث التحقيق
مع المتهم ،والجهة التي تقوم به ،كذلك إجراءات المحاكمة وتحديد المحكمة المختصة ،وطرق
الطعن باألحكام ،وجهة تنفيذ العقوبة".
وقد صدر قانون اإلجراءات الجزائية رقم 79لعام 7994م متضمنا خمسة كتب ،الكتاب
األول مبادئ أساسية وأحكام عامة ،الكتاب الثاني في اإلجراءات السابقة على المحاكمة ،الكتاب
الثالث في المحاكمة ،الكتاب الرابع طرق الطعن في األحكام ،والكتاب الخامس في التنفيذ.
يتضمن هذا النظام القواعد القانونية التي تبين أنواع المحاكم ودرجاتها واختصاصاتها ،وال
شك في أن القواعد التي تنظم القضاء تدخل في صميم القانون العام ،كونها تنظم السلطة القضائية
باعتبارها أحد السلطات الثالث في الدولة ،ومعلوم لدراسي القانون أن السلطة القضائية ال تدخل
عادة في نطاق الدراسات الدستورية ألنن الدراسات الدستورية تقتصر فقط في دراسة السلطتين
وان وردت القواعد الدستورية المنظمة للسلطة القضائية في صلب الدستور التشريعية والتنفيذية،
()2
واذا كان الباحثون في نظرية القانون العام لم يألفوا بحث ودراسة النظام القضائي في إطار
ليؤسس بذلك عهد جديد في مجال () 3
فروع القانون العام فهناك من خرج على هذا المألوف
( ) 1انظر مثال د .أحمد فتحي سرور ،الجرائم الضريبية ،دار النهضة العربية ،القاهرة7992 ،م ،ص ،3د .كامل
السعيد ،شرح األحكام العامة في قانون العقوبات األردني والقانون المقارن ،ج ،7ط ،3دار الفكرّ ،
عمان ،بدون
تاريخ ،ص.79
( )2د .محمد سليم محمد عزوي ،الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكة األردنية الهاشمية ،مكتبة دار
الثقافة ،ط7994 ،9م ،ص.93
( )3ارجع د .محمد محمود عبد الله ،ص 69وما بعدها.
60
الدراسات القانونية متجاو از التقسيم التقليدي العتيق لفروع القانون العام والذي وضع مداميكه فقهاء
الرومان.
والقانون المنظم للسلطة القضائية في الجمهورية اليمنية هو القانون رقم واحد لسنة 7997م
"قانون السلطة القضائية" ،وتوجز أهم المعالم الرئيسية لهذا القانون.
-7بالرغم من النص الدستوري حول استقالل السلطة القضائية م 741فقد نصت المادة األولى
من قانون السلطة القضائية على استقالل السلطة القضائية ويعتبر استقالل القضاء شرطا
()1
أساسيا لتوافر مبدأ الشرعة واحترام سيادة القالون.
-3يحظر القانون إنشاء المحاكم االستثنائية "والمحاكم االستثنائية هي محاكم تشكل في ظروف
استثنائية وتختص بالفصل في أمور معينة بموجب نص قانون خاص.
وهذه المحاكم تزول بزوال الظروف االستثنائية التي اقتضتها أو يحسمها القضاء التي أوكلت
()2
مهمة حسمها ،كما ال يشترط توافر الثقافة القانونية في أعضائها.
-9حددت المادة 31من القانون درجات المحاكم بقولها "تكون المحاكم كما يلي -7 :المحكمة
العليا -3 ،محاكم االستئناف -9 ،المحاكم االبتدائية.
-4تحدد القانون كيفية تكوين المحكمة العليا بوصفها أعلى هيئة قضائية وبين مهامها م ""73
كما بين مهام رئيس المحكمة ،وكذلك الدوائر التي تتكون منها المحكمة.
-0أجاز القانون إنشاء محاكم قضائية ابتدائية في المحافظات متى دعت الحاجة لذلك ،كما
نصت المادة " "49على إنشاء محاكم ابتدائية تختص بالنظر في قضايا األحداث .وقد صدر
قانون رعاية األجداث رقم 34لسنة 7993م .ومرد اهتمام المشرع اليمني باألحداث كونها
عماد المستقبل وأمل المجتمع والعمود الفقري لألسرة ،ناهيك عن اهتمام الجدول جميعها اليوم
()3
بظاهرة جنوح األحداث والبحث عن سبل معالجتها بشأن إصالحهم وتقويمهم.
-6نظم القانون النيابة العامة بوصفها أحد عناصر السلطة القضائية.
-1حدد القانون كيفية تشكيل مجلس القضاء وصالحياته.
-3وفيما يتعلق بحصانات القضاة وتعيينهم وعزلهم ومحاسبتهم ،وغير فقد شملها القانون إضافة
إلى تحديده لمهام هيئة التفتيش القضائي...إلخ.
( )1راجع في ذلك د .أحمد فتحي سرور ،الشرعية واإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية7911 ،م ،ص763
وما بعدها.
( )2د .سعيد عبد الكريم مبارك ،المرجع السابق ،ص.44
( )3انظر د .حسن الجوخدار ،قانون األحداث الجانحين ،مكتبة دار الثقافة ،ط7993 ،7م ،ص.3
66
كانت تلك لمحة عن فروع القانون العام ،ولو أن هناك من يعد قانون التأمينات االجتماعية
فرعا من فروع القانون العام.
()1
المطلب الثالث
فروع القانون الخاص ()Branches Private Law
– 91سلف القول بأن القانون الخاص هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العالقات
التي تكون الدولة طرفا فيها بصفتها صاحبة السيادة والسلطة .هذا ويتفرع القانون الخاص إلى عدة
فروع في مقدمتها القانون المدني بوصفه أهم فروع القانون الخاص ،بل هو األساس التي تفرعت
منه سائر فروعه وهي القانون التجاري والقانون البحري والقانون الجوي وقانون العمل وقانون
المرافعات ،وأخي ار فهناك نوع مستقل ومتميز بطابع خاص من حيث وظيفة قواعده ويطلق عليه
القانون الدولي الخاص.
ونعرض لكل فرع من هذه الفروع باقتضاب غير مخل.
– 6القانون المدني ()Civil Law
إذ يتوجه إلى جميع () 2
يعد القانون المدني الشريعة العامة في عالقات القانون الخاص،
األفراد بصفتهم أعضاء في المجتمع ودن النظر إلى اختالف طوائفهم ومهنهم وذلك بخالف الحال
بالنسبة للفروع األخرى للقانون الخاص ،ولذلك فهو يعد المرجع حيت ال توجد في فروع القانون
الخاص األخرى كالقانون التجاري وقواعد العمل قواعد بشأن العالقات التي تحكمها وهذا ما يؤكده
منطوق المادة ( )791من القانون المدني اليمني بالقول( :إذا لم يوجد نص في القوانين الخاصة
يمكن تطبيقه على المسألة المتنازع عليها يرجع أوال إلى أحكام هذا القانون).
تكمن أهمية القانون المدني في تفوقه في الفن القانوني عن سائر فروع القانون ،بحيث عد
نموذجا استهدت به القوانين األخرى في تطورها واستعارت من نظمه وقواعده ما سمحت به
()3
طبيعتها.
واألصل أن القانون اليمني ينظم نوعين من العالقات األولى :عالقة الفرج بأسرته بما يضعه
من قواعد األحوال الشخصية.
والثانية هي العالقات المالية عن طريق ما يضعه من قواعد المعامالت أو األحوال العينية.
وعلى هذا األساس سارت القوانين المدنية في الدول األوروبية ،ففي فرنسا يشمل قانون نابليون لعام
( )1ارجع د .سمير عبد السيد تناغو ،ص .069د .مصطفى محمد الجمال و د .عبد الحميد محمد الجمال ،المرجع
السابق ،ص.91
( )2انظر د .حسن كيرة ،المدخل إلى القانون ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،ص.13
( )3د .محمد لبيب شنب ،المدخل لدراسة القانون ،القاهرة7936-30 ،م ،ص.92
61
7324قواعد المعامالت المالية وقواعد األحوال الشخصية وكذا الحال في سويس ار وتركيا وغيرها.
()1
أما الدول العربية واإلسالمية كمصر وسوريا والعراق واألردن والكويت وليبيا واليمن فالقانون المدني
ينفرد بتنظيم الروابط المالية ويترك أمر تنظيم األحوال الشخصية لقانون مستقل استقيت أحكامه من
الشريعة اإلسالمية لينظم الزواج والطالق والنفقة والحضانة واإلرث والنسب والميراث والوصية
وغيرها من قضايا األسرة.
وقد صدر قانون األحوال الشخصية رقم 32لعام 7993م متضمنا لكل ذلك إال أن القانون
المدني اليمني ظل محتويا على حكم بعض المسائل المتعلقة باألحوال الشخصية مثل الشخص
( )2
الطبيعي واألحكام المتصلة ببدء الشخصية وانتهائها ،واألهلية والموطن ودرجة القرابة..إلخ.
والقانون المدني اليمني رقم 73لعام 7993م الصدر في 39مارس 7993م قد ألغى كل
القوانين التي كانت نافذة والصادرة في صنعاء وعدن.
( )3
ويعد القانون المدني اليمني أحدث قانون مدني عربي يصرح في مستهل أحكامه بأنه مستمد
من الشريعة اإلسالمية حيث تنص المادة األولى على أن (يسري هذا القانون المأخوذ من أحكام
()4
الشريعة اإلسالمية على جميع المعامالت والمسائل التي تتناولها نصوصه لفظا ومعنى.)...
ويالحظ أن استقالل بعض فروع القانون الخاص من القانون المدني ،يمثل ظاهرة مستمرة.
فلم يقتصر أألمر على القانون التجاري القانون البحري وقانون العمل ،بل أننا نشهد اليوم أيضا
استقالل قانون الملكية األدبية والفنية والصناعة ومثال ذلك ما فعله المشرع اليمني عندما أصدر
القانون رقم 79لعام 7994م بشأن الحق الفكري.
وتجب اإلشارة هنا إلى أن هناك من يرى بأن إطالق اسم القانون المدني على هذا القانون
إطالق خاطئ ،ألنه ينظم عالقات الناس ،وهو قانون معامالت وليس هناك أي صلة بين لفظ
( )1د .غالب علي الداودي ،ص .01د .خالد الزعبي ،،د .منذر الفضل ،المرجع السابق ،ص.09
( )2المواد 17-93من القانون المدني اليمني.
( ) 3القوانين الصادرة في صنعاء هي القوانين ذات األرقام 31 ،77 ،72لسنة 7919م ،و1و 6لسنة ،7939
والقانون الصادر في عدن رقم 3لسنة 7933م.
( )4انظر د .محمد وحيد الدين سوار ،االتجاهات العامة في القانون المجني األردني ،مكتبة دار الثقافة ،ط األولى،
7996م ،ص 4و.77
63
مدني والمعامالت ،فوصف القانون بأنه مدني وصف غير منطبق على حقيقته ،ألن حقيقته أنه
()1
ينظم عالقات الناس ،وهذه معامالت ،وال صلة للقانون بالمدنية مهما أريد بها من معان.
تعريفه :القانون التجاري عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم أو تحكم فئة من
وقد كان الزدياد ()2
األعمال هي المسماة باألعمال التجارية ،وطائفة من األشخاص تسمى التجار.
واتساع النشاط التجاري دوره في بروز الحاجة إلى وضع قواعد خاصة تالئم ما تقتضيه التجارة من
سرعة في التعامل وما تقوم عليه عالقات التجار بعضهم بالبعض اآلخر من ثقة ال تتوفر في
المعامالت غير التجارية ،ولذلك كان بديهيا أن يستقل القانون التجاري عن القانون المدني ليصبح
فرعا قائما بذاته.
( )3
ويمكن بيان األوضاع التي يتناولها القانون التجاري على النحو التالي:
-7بيان وتحديد األعمال التجارية.
-3الشروط الواجب توافرها الكتساب الشخص صفة التجار.
-9االلتزامات المفروضة على التجار ،كالقيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر.
-4أنواع الشركات ،سواء كانت شركات أشخاص أو شركات أموال.
-0العقود التجارية ،كعقد الوكالة بالعمولة.
-6أحكام األوراق التجارية كالكمبياالت والشيكات وكذلك األسهم وأعمال البنوك.
-1اإلفالس التجاري والصلح الواقي لإلفالس.
-3األسماء التجارية والعالمات التجارية وحمايتها.
وينظم الجانب الغالب من هذه الموضوعات التقنين التجاري رقم 93لعام 7997م الصادر
في 73أبريل 7997م كما أصدر المشرع اليمني أيضا القوانين التالية على وفق نص المادة
السابعة من القانون التجاري والقوانين هي:
( )1يرجع في ذلك أحمد الداعور ،نقض القانون المدني ،كتاب الوعي ،ج ،3ط ،9دار األمة ،بيروت7992 ،م،
ص.33
( )2انظر في تعريف القانون التجاري ،د .مصطفى كمال طه ،القانون التجاري الدار الجامعية ،اإلسكندرية،
7933م ،ص .1د .محمد عبد القادر الحاد ،شرح القانون التجاري اليمني ،مكتبة الجيل الجديد7999-93 ،م،
ص.0
فهو ينظم الحقوق التي ترد على السفينة ،والعقود التي تكون السفينة محال لها كبيع السفينة
وتجهيزها ،وعالقة الربان بصاحب السفينة وبالمالحين ،وعقد العمل البحري ،ومسئولية الناقل،
والتأمين على السفن والبضائع ،إلى غير ذلك من المسائل التي تتصل بالمالحة البحرية.
ويتضح أن المسائل البحرية التي يتكفل القانون البحري بتنظيمها تعد من قبيل األعمال
التجارية ،إال أن هناك اعتبارات دعت إلى استقالله عن القانون التجاري .حيث روعي أن السفينة
كبيرة القيمة وأنها تتعرض ألخطار خاصة ،كما أنها تكون في أغلب األحيان بعيدة عن رقابة
صاحبها.
وقد صدر القانون البحري اليمني متضمنا معظم القواعد المتعلقة بالمالحة البحرية ويحمل
رقم 70لعام 7994م .ويعد القانون البحري اليمني من الفروع المهمة للقانون الخاص في
الجمهورية اليمنية ،وذلك للموقع االستراتيجي الهمم لليمن ،بل لقد كان هذا الموقع مصدر رخاء
( )1انظر عبد الكاظم فارس المالكي ،جبار صابر طه ،ص.717-712
( )2انظر د .كمال محمد أبو سريع ،القانون البحري اليمني ،منشورات جامعة صنعاء7997 ،م ،ص.9
12
للممالك اليمنية القديمة والتي كانت سباقة في سن التشريعات في العالم القديم بما في ذلك التشريع
الروماني.
()1
ومن أمثلة القوانين في اليمن القديم قانون قتبان التجاري والقوانين الحميرية والتي بلغت 46
فصال.
– 4القانون الجوي
القانون الجوي هو مجموعة من القواعد التي تنظم العالقات الخاص بالمالحة الجوية وتدور
هذه العالقة حول الطائرة من حيث ملكيتها وجنسيتها وتسجيلها وعقد النقل الجوي والمسئولية عن
األضرار التي قد تصيب الراكب أو تصيب من هو على سطح األرض ،إلى ذلك من المسائل
()2
المتعلقة بالمالحة الجوية.
وهذا الفرع من القانون حديث النشأة ،وترجع معظم قواعده إلى المعاهدات الدولية في شأن
المالحة الجوية .كاتفاقية وارسو لسنة 7939م وتعديالتها الخاصة بالنقل الجوي.
– 5قانون العمل
يضم قانون العمل القواعد التي تنظم العالقات بين العمال وأرباب األعمال ،وهو قانون
حديث النشأة ،حيث كان إلى عهد قريب تخضع العالقات بين العمال وأصحاب العمل للقانون
المدني ،وقد ظهر في أعقاب الثورة الصناعية وما جرته على العمال من مساوئ نتيجة استغالل
أصحاب رؤوس األموال لهم .وقد حملت األوضاع المشرع للتدخل وتنظيم هذه العالقات على أسس
()3
تضمن حقوق العمال .وقد ازدادت أهمية قانون العمل حتى صار من أهم فروع القانون الوطني
فغالبية قواعده آمرة ألنها ت عبر عن ازدياد تدخل الدولة في العالقات الخاصة فهي قواعد تتجه أساسا
لحماية العمال من استغالل أصحاب العمل ،وقد صدر في الجمهورية اليمنية قانون العمل تحت
رقم 6لسنة 7990م ،وقد نصت المادة الثالثة منه على أنه يسري على العاملين في القطاع
الخاص والتعاوني وأي قطاع أجنبي ينطبق عليه قانون العمل.
( ) 1د .محمد أحمد علي ،من تاريخ التشريع في اليمن ،دراسات يمنية ،العدد ،32أبريل – مايو –يونيو7930 ،م،
ص.330
( )2انظر د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص.43
د .عدنان طه الدوري ،د .لطيف جبر كوماني ،المرجع السابق ،ص.31
د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ،المرجع السابق ،ص.63
( )3انظر مثال د .شاب توما منصور ،شرح قانون العمل العراقي ،بغداد7913 ،م ،ص.79
17
– 1قانون المرافعات
وقد جاء قانون المرافعات والتنفيذ المدني الصادر في 9أبريل 7993م مبينا للقواعد التي
تبين اإلجراءات الواجب على المحاكم تطبيقها وعلى األف ارد إتباعها في الدعاوى التي يقيمها هؤالء
فيما يتعلق بأمورهم المدنية وأصول تنفيذ األحكام الصادرة بشأنها ،ولعلنا نستطيع أن نلحق بهذه
القواعد أيضا ما تضمنه قانون اإلثبات الصادر بتاريخ 39مارس 7993م من قواعد تنظيم الوسائل
فقانون المرافعات إذا قانون شكلي إجرائي يرسم ()2
التي يجب اعتمادها إلثبات الحقوق المدعى بها.
طريق حماية الحقوق التي تقررها القوانين األخرى.
على أساس ويرى بعض الباحثين أن قانون المرافعات هو فرع من فورع القوانين المختلطة.
()3
انه من فروع القانون العام ألنه ينظم المحاكم ويعين االختصاص وطرق الطعن ،وهذه القواعد من
قواعد القانون العام ألنها تتعلق بأمور مرفق عام وهو مرفق القضاء .على أساس أنه من فروع
القانون الخاص من جهة أخرى ألنه يتضمن القواعد التي تتعلق برفع الدعوى وتقديم األدلة
واجراءات المحاكم واصدار الحكم ،وهذه القواعد من قواعد القانون الخاص بأنها تهدف إلى حماية
المصالح الفردية.
الموضوع الرئيسي التي تعنى به قواعد القانون الدولي الخاص هو بيان اختصاص محاكم
الدولة في مجموعها بنظر الدعاوى التي ترفع بشأن العالقات القانونية الخاصة ذات العنصر
األجنبي ،ثم بيان القانون الواجب التطبيق على المسائل المختلفة التي يثور بشأنها النزاع في نطاق
هذه العالقات ،كما لو تزوج يمني من مصرية ،أو اشترى يمني من فرنسي عقا ار في لندن.
( )1وهو القانون رقم 33لسنة 7993م ،أما في األردن فال يشمل قانون أصول المحاكمات المدنية قواعد إجراءات
التنفيذ بل يوجد قانون مستقل هو قانون رقم 97لسنة 7903م ،قانون اإلجراء.
( )2وهو القانون رقم 33لسنة 7993م بشأن اإلثبات.
( )3انظر د .سمير تناغو ،المرجع السابق ،ص ،039د .عدنان طه الدوري ،د .لطيف جبر كوماني ،ص.33
د .سعيد عبد الكريم مبارك ،ص ,331ولكن االتجاه في الفقه اعتبار قانون المرافعات من فروع القانون الخاص،
وهذا األرجح.
13
كون أن ()1
وبالرغم من تسمية هذا القانون بالقانون الدولي الخاص ،إال أنه يعد قانونا وطنيا
ويقصد بالقول بأن القانون الدولي الخاص ال شأن له بذات الدولة أو بكيانها أو بعالقاتها العامة
()2
القانون الدولي الخاص قانونا وطنيا أو داخليا ،بمعنى أنه ال توجد قواعد موحدة تسير عليها الدولة
وبالرغم من أن تنازع ()3
فيما يتعلق لمسائل القانون وانما لكل دولة قواعدها الخاصة في هذا الشأن.
القوانين هو الموضوع الرئيسي أو األساس والوحيد للقانون الدولي الخاص ،إال أن جانب من الفقه
هو الغالب اليوم ،قد أدخل القواعد القانونية المنظمة للجنسية واالختصاص القضائي الدولي
والموطن والمركز القانوني لألجانب وتنفيذ األحكام األجنبية ،باعتبارها موضوعات أولية بالنسبة
لموضوع تنازع القوانين وتنازع االختصاص .ومعلوم أن قواعد الجنسية والموطن ومركز األجانب
وعلى هذا األساس عد البعض القانون الدولي () 4
قواعد موضوعية أي من قواعد القانون العام
الخاص من فروع القانون المختلط.
وقواعد القانون الدولي الخاص ال يضمها قانون موحد ،بل هي توجد موزعة على عدد من
()5
القوانين التي تتضمن بعض موادها الكثير من هذه القواعد.
وللقانون الدولي الخاص شأنه شأن أي قانون مصادرة ،وهي متنوعة ،فهناك المصادر
الداخلية والمتمثلة في التشريع والعرف والقضاء والمبادئ العامة للقانون أما المصادر الخارجية أو
الدولية فتتمثل في المعاهدات واالتفاقيات والعرف الدولي والقضاء الدولي ،وكذلك مصادر علمية
والمتمثلة في الفقه الداخلي والدولي علما بأن قواعد التنازع في القانون الدولي الخاص تأسست
أصال في البداية على أداء الفقهاء في هولندا وايطاليا وفرنسا وانجلترا.
() 6
أما بالنسبة لقواعد الشريعة اإلسالمية ،فإنها تؤدي بالمسبة للقانون الدولي الخاص بدرجة
أساسية دور النظام العام ،كما ورد ذلك في المادة ( )36من القانون المدني اليمني.
المبحث الثاني
– 93القاعدة القانونية ،كما رأينا ،تنظم سلوك األفراد داخل المجتمع .وفي إطار هذا التنظيم
قد يقتضي األمر وضع قواعد تتمتع بدرجة مطلقة من اإللزام نظ ار الرتباطها بمصلحة عامة
للمجتمع ،فتأتي القواعد القانونية في هذا المجال في صورة قواعد آمرة ال يجوز االتفاق على
مخالفتها ،أما فيما يتعلق األمر بالمصالح الخاصة لألفراد فإن تنظيمه يأتي في صورة قواعد مكملة
يكون لألفراد في عالقاتهم حرية استبعاده واالتفاق على ما يغايره.
ولمعرفة ذلك يقتضي أن نعطي تعريف للقواعد اآلمر والمكملة ،ثم نبحث في معيار التمييز
بينهما ،وذلك على النحو التالي:
المطلب األول
تعريف القواعد اآلمرة والقواعد المكملة
– 99استند تقسيم القواعد القانونية إلى قواعد آمرة وقواعد مكملة أو مفسرة إلى قوة اإللزام في
هذه القواعد.
والقواعد اآلمرة هي التي ال يجوز لألفراد مخالفتها أو االتفاق على عكسها أو على استبعاد
حكمها ،أي أن القاعدة اآلمرة أو الناهية هي قاعدة مطلقة التطبيق ،تنعدم حرية األفراد فيما يتعلق
بكل ما يسمها بالتعديل أو التغيير أو االستبعاد.
أما القواعد المكملة أو المفسرة كما يطلق عليها أيضا ،فهي تلك القواعد التي يجوز لألفراد
االتفاق على ما يحالف حكمها ألن هذه القواعد لم يضعها المشرع إال لتكملة إرادة األفراد عند
14
إغفالها االتفاق على حكم رابطة أو مسألة معينة ،وعلى ذلك إذا نهضت اإلرادة ونظمت هذه الرابطة
وجب إتباع حكم هذه اإلرادة.
()1
مرده تلك الحرية الممنوعة لألفراد وتنقسم القواعد القانونية إلى قواعد آمرة وقواعد مكملة،
()2
في تنظيم عالقاتهم ،فحيث تقيد هذه الحرية تكون القاعدة آمرة ،وعندما تطلق هذه الحرية تكون
القاعدة مكملة ،والعبرة في تقييد الحرية أو إطالقها هو بمدى تعلق العالقة القانونية بنظام المجتمع
ومقوماته .ومثال ذلك القاعدة التي تقرر الجرائم والعقوبات أو تنظم شئون الوظيفة العامة يضع لها
المشرع أحكام يلتزم بها األفراد بصورة مطلقة بحيث ال يملكون بشأنه سلطة التعديل أو التبديل.
وفي نطاق األحوال الشخصية ال يجوز لألفراد على مخالفة األحكام الواردة في القانون
والمستمدة من الشريعة اإلسالمية ،كأن يتفقوا على توزيع اإلرث بشكل مغاير لما هو وارد في
الكتاب السادس "المواريث" من قانون األحوال الشخصية رقم 32لسنة 7993م أو االتفاق على
تغيير سن الرشد إلى 73سنة بدال من 70سنة فهذا االتفاق باطل لمخالفته نص المادة 07من
القانون المدني اليمني والذي حدد سن الرشد 70سنة كاملة.
كذلك يعد باطال على االتفاق على جعل سن األهلية التجارية 32سنة بدال من 73سنة
لمخالفة ذلك لنص المادة 39من القانون التجاري اليمني والتي حددت سن األهلية التجارية ...إلخ
ألن مثل هذه القواعد آمرة ليس لألفراد حق مخالفتها.
غير أن المشرع يرى أحيانا أن الموضوعات التي تنصب عليها أحكام القانون هي مسائل
تهم األفراد أساسا وتشكل مصالح خاصة بهم وليس لها خطورة على المجتمع ككل وهنا يقوم بوضع
تنظيم قانوني نموذجي لها كي يسير عليها األفراد في معامالتهم بشأنها ولكن في ذات الوقت يقدر
أن ذوي الشأن قد يكونون أكثر دراية بشئونهم الخاصة ويرغبون في تنظيمها على وجه آخر مخالف
للنموذج الذي وضعه المشرع ولذلك ترك مجاال لسلطان إرادتهم في هذا الصدد فأتاح لهم االتفاق
على مخالفة القواعد التي وضعها لتنظيم الموضوعات المتعلقة بشئونهم الخاصة .فقد يحدث مثال
أن يقتصر اتفاق المتعاقدان على المسائل الجوهرية في التعاقد ،تاركين تنظيم سائر المسائل
التفصيلية .ففي عقد البيع مثال قد يتفقان على المبيع والثمن ولكن يختلفان على موعد دفع الثمن
( )1انظر د .أنور سلطان ،ص ،07د .سهيل الفتالوي ،ص ،93د .عبد المنعم البدراوي ،ص ،39د .خالد الزعبي،
الصدةـ ص.12
ّ د .منذر الفضل ،ص ،49د .عبد المنعم فرج
( ) 2يطلق البعض على القواعد المكملة القواعد المقررة ،كما يفضل البعض اسم مكملة منتقدا مصطلح مفسرة ،انظر
جميل الشرقاوي ،ص ،19د .سمير تناغو ،ص.30
10
ومكانه ،وال على موعد تسليم المبيع ومكانه ،وال على ما يترتب للمشتري من العقد من ضمانات
من قبل البائع.
ولذلك عني المشرع بالنص على تنظيم قانوني لهذه المسائل وأمثالها ،تنظيما يجب إعماله
وتطبيقه إذا لم يتعرض لها ذوو الشأن بالتنظيم.
ومعنى أن هذا التنظيم الذي وضعه المشرع ال يصبح ملزما إال تحت شرط عدم اتفاق
()1
الطرفين على تنظيم آخر خاص.
ومن المسلم به أن قواعد القانون العام جميعها آمرة وذلك نظ ار لطبيعة القانون العام الذي
يتصل بالمصالح العليا للمجتمع .أما قواعد القانون الخاص ،فهي قواعد مكملة لكونها تنظم
العالقات الخاصة بين األفراد .وبالتالي تبدو إرادة األفراد أكثر وضوحا وتكون الغالبة في تنظيم هذه
فنظر
ا العالقات ،إال أن قانون المرافعات المدنية وكذلك قانون العمل ،والقانون الدولي الخاص،
للطبيعة الخاصة لقواعدها والتي ترتبط بطريقة أو بأخرى بالمجتمع ككل ،فإن معظم قواعدها آمرة ال
يجوز االتفاق على خالفها.
()2
إن اتفاق األطراف على مخالفة القاعدة المكملة ،ال يعني ،ذلك أن القاعدة القانونية المكملة
ليست ملزمة ،إذ ال يتفق ذلك مع القول بأن اإللزام هو العنصر األساسي من بين عناصر القانون
القانونية ،سيان أكانت آمرة أم مكملة.
أن القاعدة القانونية المكملة هي قاعد ملزمة من وقت نشوئها مثلها مثل القاعدة القانونية
اآلمرة ،وكل ما في األمر أن لكل قاعدة قانونية شروط معينة يلزم توافرها لتطبيق حكمها .ومن
شروط القاعدة القانونية المكملة أال يتفق األفراد على مخالفة حكمها ،فإذا اتفقوا على خالفها ،فإنه
يمتنع تطبيقها ال ألنها ليس ملزمة ،ولكن ألن شروطا من شروط تطبيقها تخلف.
المطلب الثاني
معيار التمييز بين القواعد اآلمرة والقواعد المكملة أو المفسرة
– 42نظ ار لألهمية العملية لتقسيم القواعد القانونية إلى آمرة ومكملة وجب البحث عن معيار
يمكن عن طريقة التعرف على القاعدة القانونية محل االعتبار ,وقد عرف الفقه في هذا الصدد
معيارين هما:
-7المعيار اللفظي أو الشكلي "ألفاظ النص".
-3المعيار الموضوعي "المعنوي".
مما سبق يتبين لنا من صياغة النص وعبارته طبيعة القاعدة القانونية ،وهل هي آمرة أو
مكملة.
عندما ال تساعد صياغة النص على استخالص الصيغة اآلمرة أو المكملة للقاعدة القانونية
والمعيار الموضوعي هو ما يتعين في هذه الحالة اللجوء إلى المعيار الموضوعي أو المعنوي.
()1
يتضمنه النص من مضمون وموضوع .فإذا كان مضمون النص وموضوعه متعلقا بمصالح خاصة
لألفراد وكانت القاعدة القانونية الواردة فيه قاعدة مكملة ،وان كان متعلقا بكيان الجماعة ونظامها
األساسي ومصالحها األساسية كانت القاعدة القانونية قاعدة آمرة .ولما كانت المصالح األساسية في
المجتمع تتعلق بما اصطلح على تسميته بالنظام العام واآلداب ،فالمعيار الموضوعي ،يتلخص في
وهذا يقتضي أن نعرض لفكرة النظام البحث فيما إذا كانت تتعلق بالنظام العام واآلداب أم ال.
() 2
النظام العام
لم تظهر فكرة النظام العام إال مع ظهور تنازع القوانين ،وأرتبط هذا المفهوم الحقوقي باسم
الفقيه اإليطالي "بارتول" زعيم المدرسة االيطالية التي تعد أول مدرسة وضعت النواة األولى لفكرة
النظام العام .أن تعريف النظام العام ليس باألمر الهين .وقد عبر عن ذلك "فاري سوميير" بالقول:
( )1انظر د .عبد الفتاح عبد الباقي ،نظرية القانون ،القاهرة7904 ،ن ،ص.93
( )2د .عصام أنور سليم ،د .محمد جسم قاسم ،ص ،43د .سمير السيد تناغو ،ص 92زكت بعدها /جميل
الشرقاوي ،ص.13
13
"أن في محاولة تعريف النظام العام إعناتا ذهنيا كبيرا" كما قال أيضا أحد القضاة اإلنجليز "أنك إذا
حاولت تعريف النظام العام فإنما تركب حصانا جامحا ،ال تدري على أي أرض سيلقي بك ".وقال
بودان" :ليس كفكرة النظا م العام فكرة تتأبى على التعريف الدقيق ".وقد وصف البعض النظام العام
بأنه ذريعة حكومية ،ذريعة تستطيع الدولة بواسطتها قمع االتفاقات الخاصة التي تنال من مصالحها
األساسية 1(.ولم يقتصر األمر على النطاق الفقهي ،بل تعدى التشريعات إذ أن كافة الدول لم تضع
في تشريعات ها تعريفا للنظام العام ،ولم يكن المشرع اليمني أحسن حاال .فقد اكتفى بذكره فقط ،على
سبيل المثال في المادة األولى والمادة 733من القانون المدني والتي تنص على أنه "ال يصح
التعاقد على عين محرمة شرعا وال فعل محرم شرعا أو مخالف للنظام العام اللذين ال يخالفان
أصول الشريعة اإلسالمية.
وتعود الصعوبة في تعريف النظام العام بوصفة من األفكار المرنة غير المحددة ،والتي
تتغير وفقا لظروف الزمان والمكان وتختلف تبعا الختالف المذاهب والنظريات السياسية
واالقتصادية واالجتماعية السائدة في بلد من البلدان.
وال تقتصر مسائل النظام العام على فروع القانون العام بل أن كثير من األمور المتعلقة
باألسرة والشئون العائلية في القانون الخاص يعد من النظام العام وال يصح أن يكون موضوعا
لمساومات تعاقدية واتفاقيات خاصة ،كالطالق والنفقة والحضانة والميراث ولصعوبة حصر ما
( )1انظر د .محمد وحيد الدين سوار ،المرجع السابق ،ص ،93د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص01
( )2د .سمير تناغو ،المرجع السابق ،ص ،99وجميل الشرقاوي ،المرجع السابق ،ص ،13المحامي ،د .عبد القادر
الفأر ،المرجع السابق ،ص.06
19
يدخل في نطاق النظام العام ،فقد ترك المشرع تحديد فكرة النظام العام للقضاء فالقاضي في هذا
الخصوص هو الذي يقع عليه عبء تحديد ما يعتبر من النظام العام ،وهو في هذا السبيل
يستعرض المبادئ األساسية للنظام االجتماعي والقانوني في الدولة ،ويستخلص منها مبادئ النظام
العام في دولته ،والقاضي في هذا خاضع لرقابة المحكمة العليا ألنه يفصل في موضوع قانوني ال
()1
موضع وقائع.
لن نحاول أن نعطي تطبيقات جامعة لفكرة النظام العام ،بل سنكتفي بإيراد بعد األمثلة:
ولسنا في حاجة قبل هذه التطبيقات إلى ذكر إن كان مخالفة للقوانين الجنائية أو اإلدارية أو
المالية تعتبر مخالفة للنظام العام.
الشك أن القوانين المتعلقة بالتنظيم العام للدولة كالقانون الدستوري من النظام العام ،وعليه
يعتبر باطال كل اتفاق يخالف هذه القوانين كاالتفاق الخاص باالتجار بأصوات الناخبين أو بتنازل
شخص عن ترشيح نفسه لشخص آخر بمقابل أو بدونه.
كذلك تعتبر القوانين المنظمة للسلطة القضائية من النظام العام ألنها تنظم إحدى السلطات
العامة للدولة ،وعلى هذا يعتبر باطال االتفاق على تعديل اختصاص المحاكم فيما عدا االختصاص
المحلي ألنه روعي فيه مصلحة المتعاقدين.
() 2
وبالمثل يقع باطال كل اتفاق يتعارض مع القوانين المتعلقة باألمن العام كقوانين العقوبات
كاالتفاق على ارتكاب جريمة..إلخ.
النظم المالية
ال يجوز االتفاق على مخالفة النظم المالية في الدولة أو القوانين المنظمة للنقد فيها ،وعلى
ذلك يعتبر باطال االتفاق على جعل الملزم بالضريبة "المكلف أو الممول"شخصا آخر أو غير
الممول الذي عينه القانون.
النظم اإلدارية
( )1د .سعيد عبد الكريم مبارك ،ص ،341و د .عدنان طه الدوري ،د .جبر لطيف كوماني ،ص.99
( )2د .أنور سلطان ،ص ،03و د .عباس الصراف ،د .جورج حزبون ،ص.96
32
تعد النظم اإلدارية وما تحتويه من قواعد ترمي إلى ضمان نزاهة الموظف والى حسن سير
العمل في المصالح الحكومية من النظام العام ولذا يقع باطال كل اتفاق يتعارض مع الملحة العامة
التي تحققها هذه النظم ،فمثال ال يصح أن يتنازل موظف لزميل عن حقه في الترقية أو العالوة
...إلخ.
القواعد المتعلقة بالحريات العامة
تعد الحريات العامة التي كفلها الدستور لألفراد من النظام العام ،كالحريات الشخصية وما
يتفرع عنها من حرية اإلقامة ،وحرية الزواج وحرمة النفس وغيرها من الحريات العامة التي ال يخلو
منها دستور من دساتير الدول.
فالحرية الشخصية من النظام العام ،ولذلك نصت المادة 41مدني أنه "ليس ألحد التنازل
عن حريته الشخصية".
وحرية اإلقامة من النظام العام وال يجوز إبعاد مواطن عن وطنه أو حظر اإلقامة عليه في
جهة أو إلزامه في اإلقامة في مكان معين .كذلك حرية الزواج وحرمة النفس وحرية العمل والتجارة
جميعها تعد من النظام العام.
وفي مجال الروابط المالية ،فأنه وان كان األصل أن تنظيمها متروك لحرية األفراد ،إال أننا
نجد بعض القواعد تتصل بالنظام العام ،وال يجوز االتفاق على مخالفتها كعدم صحة االتفاق على
اإلعفاء من المسئولية المترتبة على العمل غير المشروع المادة " "901مدني ،وكذلك المقامرة حيث
نصت المادة 7729مدني كل عقد خاص بمقامرة أو رهان باطل وال يعمل به ويعاقب طرفاه طبقا
لما هو مقرر في قانون العقوبات...إلخ.
وفي الجمهورية اليمنية لم يورد المشرع أسوة بغيره نصوصا قانونية تحدد ما يدخل في مفهوم
اآلداب العامة وما ال يدخل فمثال نصت المادة 96على أنه "ال يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي
تعين تطبيق ه طبقا للنصوص السابقة إذا كانت هذه األحكام تخالف أحكام الشريعة اإلسالمية أو
اآلداب العام في الجمهورية).
37
الباب الثاني
القانون بين النشأة والتطبيق واإللغاء
– 47تناولنا في الباب األول وظيفة القانون وعالقته بالحق وتعريفه وأساسه وخصائصه
التي تميزه عن غيره من العالقات االجتماعية في المجتمع.
ونتناول في هذا الباب كيفية نشوء القانون أي ما هو المصدر الذي يسهم في تكوين القاعدة
القانونية وكذلك نبحث في المبادئ التي على أساسها يتم تطبيق القانون في الزمان والمكان كما
نسلط الضوء على طرق تفسير القانون والقواعد التي تحكم تغير قواعده أو إلغاءه.
33
الفصل األول
مصادر القانون
– 43تفيد كلمة "مصدر" من الناحية اللغوية معنى "األصل" أو "المنبع" الذي يستمد منه
أما في مجال الدراسات القانونية فلكلمة المصدر عدة معان فقد يقصد بالمصدر األصل ()1
الشيء؛
التاريخي الذي ترجع إليه قاعدة قانونية معينة كأن نقول بأن القانون الروماني هو أحد مصادر
القانون المدني الفرنسي أو أن الشريعة اإلسالمية هي مصدر مجلة األحكام العدلية التي كانت
بمثابة قانون مدني للدولة العثمانية؛ أن كال من القانون الروماني والشريعة اإلسالمية يعتبران
وقد يراد بالمصدر مجموع () 2
مصدران تاريخيان للقانون الفرنسي وكذلك لمجلة األحكام العدلية
العوامل االقتصادية واالجتماعية والفكرية التي اقتضت وضع القاعدة القانونية ويطلق على المصدر
بهذا المعنى وصف المصدر المادي أو الموضوعي أو الحقيقي أو المصدر المركب "غير
للقاعدة القانونية ومن هذا المصدر تستمد القاعدة القانونية مادتها ومضمونها. ()3
المباشر"
وتشكل المصادر المادية للقانون مشكلة من أدق المشكالت ولذلك فقد أثارت جدال صاخبا
بين الفالسفة بصفة عامة وفقهاء القانون بصفة خاصة منذ بداية الفكر اإلنساني ومازالت تثيره إلى
اليوم ورغم اختالف النظريات وتعددها في هذا الشأن فأنه يمكن ردها إلى ثالث مدارس رئيسية
وهي:
()4
المدرسة المثالية والمدرسة الواقعية والمدرسة التعادلية.
وكذلك يقصد بالمصدر :الوسيلة التي منحت القاعدة القانونية صفة اإللزام أو الطريق التي
خرجت منها القاعدة متضمنة عنصر اإلجبار" وفي الواقع أن القاعدة القانونية التي تطبق في بلد
من البلدان ال تصدر جميعها من منبع أو تتجلى على صورة واحدة وانما تأتينا من مصادر متعددة
وبالتالي على دارس القانون أن يتبعها ويتبين وجودها في هذا المصادر كلها وعلى هذا فنحن على
يقين حين نقول مثال أن هذه القاعدة أو تلك نص عليها القانون أو أنه يقتضيها العرف فإنما نشير
( ) 1انظر الدكتور شمس الدين الوكيل ،الموجز في المدخل لدراسة القانون ،الطبعة األولى ،منشأة المعارف،
اإلسكندرية7960 ،م ،ص.362
( )2انظر د.القاسم ،المدخل إلى علم الحقوق ،دمشقـ 7937م ،ص.739
( )3د .رمضان أبو السعود ،الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني ،الجزء األول ،الدار الجامعية7939 ،م،
ص.339
( )4راجع د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،ص.797
39
بذلك إلى المصدر الرسمي التي نشأة عنه هذه القاعدة والتي تبدو لنا من خالله .ومصدر القانون
بهذا المعنى تطلق عليها المصادر الرسمية أو الشكلية أو المصادر المباشرة.
وتختلف المصادر الشكلية أو الرسمية ودرجة أهميتها باختالف مراحل التطور التي تمر بها
المجتمعات البشرية ف قد كان العرف ثم الدين من أقدم المصادر الرسمية للقاعدة القانونية غير أن
تطور المجتمعات وازدياد تنظيمها السياسي وما أدى إلى ذلك من رسوخ وازدهار فكرة الدولة جعل
من التشريع المصدر الرسمي األول من حيث األهمية في أغلب القانونين الحديثة باستثناء البالد
اإلنجلوسكسونية ومنها القانون اإلنجليزي حيث جعل السوابق القضائية في المقام األول بدال من
التشريع ومعنى هذا النظام أن تتقيد كل محكمة بأحكام المحاكم األعلى درجة وتعتبر القضية سابقة
قضائية ملزمة بقدر ما تأتي به من مبدأ جديد وفي هذا يقول السير "جورج جيتسن" (إن تستعمل
السوابق لوضع مبادئ ومن خالل تطبيقنا للقانون تأتي المبادئ أوال ،ثم تأتي السوابق فإذا غابت
هذه الحقيقة عن أذهاننا فستصبح السوابق سيدا سيئا بدال من أن تكون خادما مطيعا) ويقول "الين"
أن الذي يصنع القانون إنما هو علة القضايا وروحها ال حرفية السوابق خاصة .ذلك أن القضية
إنما يكون لها قيمة كسابقة بقدر ما تعنيه فقط فهي في ذاتها ال تعني شيئا فهي قبل أن تكون لها
عالقة بالمسألة التي بين أيدينا ويجب أن تفسر المبدأ الذي تتضمنه أو المفروض فيها أن تتضمنه
يجب أن تكون لها عالقة منطقية بالمبدأ الذي يقوم عليه القرار في القضية المعروضة علينا بهذا
المعنى فكل قضية إنما هي "توضيح لمبدأ" وهي ال يمكن أن تكون إال كذلك وليس أساس هناك
آخر يمكن أن يستعمل على أساسه بوصفه وسيلة من وسائل المنطق.
()1
وفي دراستنا لمصادر القاعدة القانونية سنقتصر على عرض المسائل أو المصادر الرسمية
للقاعدة القانونية في القانون اليمني.
ورد ذكر المصادر الرسمية للقانون اليمني في المادة األولى من القانون المدني التي تنص
على أنه "يسري هذا القانون المأخوذ من الشريعة اإلسالمية على جميع المعامالت والمسائل التي
تتناولها نصوصه لفظا ومعنى فإذا لم يوجد نص في هذا القانون يمكن تطبيقه ويرجع إلى مصادر
الشريعة اإلسالمية المأخوذ منها هذا القانون فإذا لم يوجد حكم القاضي بمقتضى العرف الجائز
شرعا فإذا لم يوجد في العرف فبمقتضى مبادئ العدالة الموافق ألصول الشريعة اإلسالمية جملة"
ويشترط في العرف أن يكون عاما وثابتا ال يتعارض مع النظام العام واآلداب العامة ويتبين من هذا
النص أن مصادر القانون اليمني هي:
( )1ارجع د .عبد الحميد الحكيم ،االعتبار في القانون اإلنجلو أمريكي ،بدون تاريخ نشر ،ص.722
34
– 9العرف – 7التشريع
– 4مبادئ العدالة - 3مبادئ الشريعة اإلسالمية
ويتبين أيضا من النص أعاله ،أن المشرع قد ذكر المصادر الرسمية متدرجا من التشريع إلى
مبادئ الشريعة اإلسالمية ثم إلى العرف ثم قواعد العدالة.
لم يقصد بذلك مجرد تعدادها بل أراد بوجه خاص بيان تدرجها من حيث األولوية في
التطبيق ،وبالتالي فأن هذا الترتيب يعد ملزما للقاضي فالتشريع هو المصدر األساسي الذي يجب
تطبيقه قبل غيره من المصادر المبينة بالنص والتي تعد مصادر احتياطية ال يرجع إليها إال إذا
سكت عن معالجة الموضوع أو أحال في شأنه أي مصدر آخر أي أنه ال يرجع إليها إال إذا أعوزه
في التشريع الحكم الواجب التطبيق.
ومعلوم بأن التشريع هو المصدر الوحيد لقانون الجرائم والعقوبات تطبيقا للمبدأ الدستوري أنه
ال عقوبة وال جريمة إال بنص بيد أن األمر خالف ذلك بالنسبة للمعامالت المالية بين األفراد حيث
نجد أن المصادر الرسمية تتعدد على وافق نص المادة األولى من القانون المدني اليمني أما
بالنسبة ألحكام األسرة من زواج وطالق ونفقة ووصية وارث...إلخ أي ما يطلق عليها اصطالحا
األحوال الشخصية فالمشرع ينص في المادة ( )949على أن كل ما لم يرد به نص في هذا القانون
يعمل فيه بأقوى األدلة في الشريعة اإلسالمية أي أن قانون األحوال الشخصية رقم 32لعام
7993م لم يأخذ بالعرف وال بمبادئ العدالة بوصفهما مصدرين من مصادر القانون والسبب في
ذلك واضح هو أن الشريعة اإلسالمية شريعة متكاملة كما أن فيها مبدأين اثنين مردهما إلى حقين:
حقوق الله وحقوق العباد.
والمشرع اليمني كان منطقيا في عدم تعرضه في القانون المدني إال للمعامالت مالية على
أساس أن مسائل األحوال الشخصية هي في التشريع والدين "الشريعة اإلسالمية" وهذا ما اعتمده
قانون األحوال الشخصية العراقي رقم 733لسنة 7909م في المادة األولى؛ ويتضح من نص
الماجدة " "949من قانون األحوال الشخصية أن المشرع اليمني لم يتقيد بمذهب معين تحقيقا
للمصلحة وتيسي ار للناس ،كما أنه لم يقتصر على بيان المصادر الرسمية بل عين للقاضي ما
يستلهمه في استخالص األحكام من هذه المصادر جميعا فعرض للمصادر التفسيرية ومصادر
االستئناس فنصت المادة " " 79مدني على أن "المرجع في تفسير القوانين وتطبيقها هو الفقه
اإلسالمي والمذكرات اإليضاحية والكتب الشارحة الصادرة من الهيئة التشريعية".
وبناء على ما تقدم ستكون دراستنا لهذا الفصل على النحو التالي:
30
المبحث الثاني :مبادئ الشريعة اإلسالمية كمصدر احتياطي.
المبحث األول
التشريع كمصدر أصلي
– 44سنحاول في هذا المبحث الذي نخصصه لدراسة التشريع بوصفه المصدر األصلي
من مصادر القانون وأكثرها أهمية وانتشا ار لما يتوافر له من مميزات تجعله في ظروف المجتمعات
الحديثة أفضل من المصادر األخرى السيما العرف الذي ظل لوقت طويل المصدر الرئيسي للقواعد
القانونية في المجتمعات كلها قبل أن يأخذ التشريع مكانه.
()1
المطلب األول
تعريف التشريع وبيان خصائصه
– 45أوال :تعريف التشريع:
التشريع كمصدر رسمي للقانون ،هو وضع القواعد القانونية واخراجها في صورة مكتوبة
بواسطة السلطة المختصة وطبقا للقواعد الدستورية المعمول بها .كما يطلق لفظ تشريع على القواعد
القانونية المكتوبة ذاتها التي تصدرها السلطة المختصة ،والسلطة المختصة بإصدار التشريع ،هي
()2
عادة السلطة التشريعية "مجلس النواب" ومع ذلك هناك سلطات أخرى تخص بإصدار التشريع.
( )1انظر جميل الشرقاوي ،ص ،770د .هشام القاسم ،المدخل لعلم الحقوق ،ص.739
( )2د .محمد حسين منصور ،مبادئ القانون ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ نشر ،ص.03
-د .همام محمد محمود .هشام القاسم،
-د .سمير تناغو ،ص.399
-د .أنور سلطان ،ص..772
36
فالدستور وهو التشريع األساسي يصدر عن السلطة التأسيسية وهي أعلى من السلطة التشريعية.
واللوائح والق اررات بقوانين تصدر عن السلطة التنفيذية وهي غير مختصة أصال بإصدار التشريع.
()1
يقصد أن التشريع يضع قاعدة ملزمة للسلوك عامة مجردة ،لذلك ال يعد تشريعيا أو قاعدة
األمر الذي يصدر عن سلطة عامة مختصة في الدولة يخص شخصا معينا كإصدار ()2
تشريعية،
السلطة التشريعية وسام ألحد األشخاص الذي قدم إنجا از مفيدا ،أو إصدار قانون يمنح شركة معينة
بذاتها احتكار الحفر والتنقيب عن البترول فأن وصف التشريع ال يلحق مثل هذا األمر الصادر من
السلطة العامة والمختصة إال أنه قد صدر وفق الشكل واإلجراءات التي تتبع في إصدار التشريع
أي أنه يعد تشريعا من حيث الشكل أما من حيث الموضوع فال يعد تشريعا النتفاء صفة العموم
()3
والتجريد.
يصدر التشريع في صورة مكتوبة وهذا يحقق قد ار كبي ار من الثقة واالستقرار في المعامالت إذ
يمكن التأكد من وجود القاعدة القانونية بسهولة ويسر فيسهل على األفراد معرفة حقوقه وواجباتهم
كما أن صدوره في صورة مكتوبة عن سلطة مختصة يفي على التشريع قد ار كبي ار من التحديد
()4
والوضوح مما يؤدي إلى تالفي الكثير من الغموض واالضطراب عند تطبيق القانون.
سبق القول أن التشريع يصدر عن سلطة عامة مختصة ونختلف هذه السلطة من دولة إلى
أخرى تبعا الختالف األنظمة السياسية وتختلف أيضا تبعا لنوع التشريع المطلوب إصداره والتشريع
يعد مظه ار هاما من مظاهر السيادة فالتشريع يعمل على توحيد النظام القانوني على أجزاء األقاليم
ومن مزايا (التشريع) أيضا سهولة التعرف على قواعده وسرعة سن التشريع وتحديثه ناهيك
عن دوره الفاعل والمؤثر في تطوير المجتمع.
يعاب على التشريع أن السلطة المختصة بوضعه قد ال توفق في بيان ظروف المجتمع
وتقدير حاجته فتأتي القواعد التي تسنها غير مالئمة لتلك الظروف وقاصرة عن الوفاء بهذه
الحاجات بل أنه إذا جاءت القواعد التشريعية حين وضعها مالئمة لتلك الظروف المجتمع فإن
صبها في نصوص مكتوبة تحدد مدلولها وترسم حدودها يضفي عليها من الجمود ما يقف بها عن
مسايرة التطور والوفاء بما يجد من حاجات فإذا ما تغيرت هذه الظروف أصبحت تلك القواعد غير
مالئمة لها وقد يقعد الشارع عن تعديلها على النحو الذي يستجيب لمقتضات التطور.
()2
ومن االنتقادات ال موجهة للتشريع القول بأن المشرع قد جعل من سن تشريع جديد فيأتي
تشريعه معيبا أو قاص ار أو متعارضا مع غيره من التشريعات فيضطر عندئذ إلى تعديل ما سنه من
تشريع وقد تتالحق التعديالت األمر الذي يؤدي إلى زعزعة ثقة الناس بالقانون من جهة واالستق ارر
الواجب تأمينه للمعامالت في المجتمع بالقانون من ناحية أخرى( .)3والحقيقة أن العيوب التي تؤخذ
على التشريع ال تعد شيئا مذكو ار إلى جانب مزاياه العديدة كما أنه ممكن تالفي تلك العيوب وقد
تعاظم دور التشريع في عصرنا لألسباب التالية:
-7لجوء الدول الحديثة إلى التشريعات بغية فرض إرادتها بشكل أوسع وضمان تركيزها للسلطة
ومن أمثلة ذلك رفض أو استبعاد بعض األنظمة القانونية للعرف كأحد مصادر القانون كما
هو الحال في االتحاد السوفيتي سابقا فأن القانون المدني كان ال يعترف بالعرف مصد ار
( )1د .مطهر محمد إسماعيل العزي ،المبادئ الدستورية العامة والنظام الدستوري في الجمهورية اليمنية ،الطبعة
األولى7994 ،م ،ص.931
الصدة ،المرجع السابق ،ص ،93د .حمدي عبد الرحمن ،المرجع السابق ،ص.749
ّ ( )2انظر د .عبد المنعم فرج
( )3انظر د .غالب الداودي ،المرجع السابق ،ص ،722-99رمضان أبو السعد ،المرجع السابق ،ص.309
33
للقانون وعلى ذلك اعتمد المشرع في اليمن الديمقراطية (سابقا) فالمادة األولى من القانون
المدني رقم 3لعام 7933م استبعدت العرف كمصدر للقانون في بلد عاش ردحا من الزمن
وال يزال يعيش على أعراف.
ظهور النظم الديمقراطية التي تؤمن بسيادة الشعب وانتشارها إلى ظهور هيئات مختصة -3
بالتشريع يجري تكوينها وفق إرادة الشعب وقد نص الدستور اليمني في المادة الرابعة (الشعب
مالك السلطة ومصدرها).
أدى تطور المجتمع إلى تعدد ضروب النشاط االجتماعي واالقتصادي لألفراد وتنوعه -9
ولمواجهة هذا التطور فأنه ال بد من اللجوء إلى التشريع لوضع قواعد تنظمه وذلك لما يمتاز
()1
به التشريع من مزايا تجعله يواكب التطور في المجتمع.
المطلب الثاني
– 43يقتصر الحديث هنا على التشريع العادي الذي تختص بوضعه السلطة التشريعية.
ويحتاج وضع التشريع لعدة مراحل هي:
-7مرحلة االقتراح.
-3مرحلة المناقشة والتصويت.
-9مرحلة التصديق.
-4مرحلة اإلصدار.
-0مرحلة النشر.
يبدأ وضع التشريع باالقتراح بمعنى عرضه على السلطة التشريعية وعلى وفق المادة ()43
من الدستور (لعضو مجلس النواب وللحكومة حق اقتراح القوانين واقتراح تعديلها )...واقتراحات
القوانين من الحكومة تحال مباشرة إلى اللجان المختصة لفحصها وتقديم تقارير عنها .بينما
مقترحات القوانين المقدمة من عضو مجلس النواب أو أكثر يتعين عرضها على لجنة خاصة للنظر
في جواز نظرها من عدمه على أن يعرض رأي هذه اللجنة على المجس ليقرر بدوره إحالة االقتراح
إلى لجنة الفحص أو رفضه.
يقف عند هذا القيد بل قدر عدم جواز تقديمه ثاني ة أمام المجلس في دورة االنعقاد نفسها .أضف
على وجود قيد على االقتراحات المتعلقة بالقوانين المالية التي تهدف إلى زيادة أو إلغاء ضريبة
ما...إلخ إذا اشترط القتراحها من قبل األعضاء أن يكون المقترح مقدم من عشرين في المائة
%32من النواب على األقل وبذلك يكون حق اقتراح القوانين مقتص ار على الحكومة ومجلس
النواب.
المرحلة الثانية :مرحلة المناقشة والتصويت
بعد أن تعد اللجنة البرلمانية المختصة تقريرها عن مشروع القانون تقوم بعرضه على المجلس
لكي تجري مناقشته والتصويت عليه مادة وهذا ما تنص عليه المادة ( )99دستور وقد حددت
الالئحة الداخلية لمجلس النواب إجراءات وطرق تقديم مشرعات القوانين ومناقشتها والتصويت
عليها.
() 2
( )1د .مطهر محمد إسماعيل العزي ،المبادئ الدستورية العامة والنظام الدستوري ،ص.992
( )2انظر القانون رقم " "0لسنة 7992م بإصدار الالئحة الداخلية لمجلس النواب الفرع األول ،فصل أول ،باب
رابع.
92
وعلى هذا األساس سار المشرع اليمني والمصري كما أنه هي الفكرة السائدة في الفقه المعاصر
()1
مادة ( )779والدستور اللبناني المادة ( )01والدستور الكويتي المادة ( )66والدستور األردني ()99
وغيرها من الدساتير.
المرحلة الرابعة :مرحلة اإلصدار
أن إصدار التشريع هو عمل تنفيذي وليس عمال تشريعيا ،ويقصد به وضع التشريع موضع
التنفيذ عن طريق األمر من رئيس السلطة التنفيذية لرجال السلطة التنفيذية بتنفيذ القانون الجديد كل
فيما يخصه كون السلطة التشريعية ال تملك مثل هذا األمر وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات
التشريعية والتنفيذية والقضائية.
كما إن إصدار القوانين شرط إلمكان تطبيقها بواسطة السلطة القضائية .واصدار القوانين
يتواله رئيس الجمهورية طبقا لسلطاته الدستورية المادة "773" :واإلصدار بمثابة شهادة ميالد
القانون.
وواضح مما سبق ،أنه بالنسبة للتشريعات التي تختص السلطة التنفيذية أصال بوضعها فأنها
ال تحتاج إلى إصدار بعد وضعها ،ألن السلطة التي وضعتها هي التي تتولى تنفيذها.
والجدير بالذكر أن الدستور اليمني لم يحدد ميعاد إلصدارها ،وهذا ال يعني أن رئيس
الجمهورية يملك حق تأخير اإلصدار ،فهو ال يمتلك حق تعطيل تنفيذ التشريع واال عد مخالف
لواجبه باحترام الدستور المادة ( )709دستور.
المرحلة الخامسة :مرحلة النشر
نشر التشريع هو الوسيلة التي يتم بها شهر التشريع واعالم الناس به .ومن غير العدل أن
يسري التشريع على المخاطبين بأحكامه قبل إحاطتهم بهذه األحكام بطريقة من طرق اإلعالم.
وقد جرت العادة قديما على أن يعلن القانون إلى الناس بوسيلة معينة كالمناداة في األسواق
والطرقات أو التعليق في الميادين العامة ،كما هو الحال في الدولة القتبانية عندما علقت القانون
التجاري القتباني على أبواب المدينة وفي ساحاتها العامة.
أما اليوم فطريقة اإلعالم بالقانون هي النشر في الجريدة الرسمية المادة ( )723من الدستور
والتي تنص "تنشر القوانين في الجريدة الرسمية وتذاع خالل أسبوعين من تاريخ إصدارها ويعمل بها
بعد ثالثين يوما من تاريخ نشرها .ويجوز مد أو قصر هذا الميعاد بنص خاص في القانون.
( ) 1ارجع د .عدنان حمودي الجليل ،مبدأ الفصل بين السلطات وحقيقة أفكار مونتسكيو ،مجلة الحقوق ،كلية
الحقوق ،جامعة الكويت ،السنة التاسعة ،يوليو 7930م ،ص ،737أحمد علي الحمراني ،مبدأ فصل السلطات،
مجلية أبحاث سياسية تصدرها الخارجية اليمنية ،عدد ( )4السنة الثانية يوليو ،أغسطس ،سبتمبر 7992م.
97
وال تغني عن النشر في الجريدة الرسمية أية وسيلة أخرى من وسائل اإلعالم كالنشر في
الصحف العادية أو أإلذاعة في الراديو أو التلفزيون أو غيرها .بل أنه ال تغني عنه العلم الحقيقي
لألفراد بصدور القانون ،فالعلم الحقيقي وحده ال يكفي إذا لم يتحقق النشر في الجريدة الرسمية
()1
وعلى ذلك فمن تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية أو بانتهاء المدة التي ينص عليها التشريع
صراحة يصير التشريع نافذا ويفترض في جميع المخاطبين بأحكامه العلم به فال يجوز ألي منهم
أن يتعذر بجهله له .واذا اختلف تاريخ توزيع الجريدة الرسمية عن تاريخ المطبوع عليها فالعبرة
كون نشر التشريع هو األساس الذي تقوم عليه قرينة العلم ()2
تكون بتاريخ توزيعها ال بتاريخ طبعها
بالقانون وبالتالي يستوجب عدم قيام أسباب تحول دون قيام هذا االفتراض.
( )1ارجع د .هشام القاسم ،المدخل إلى علم القانون ،ص ،733-731جميل الشرقاوي،ص ،793عبد المنعم فارس
المالكي ،ص .327القانون اللبناني يجيز النشر بوسيلة أخرى من وسائل اإلعالم في حالة الضرورة ،المادة
األولى فقرة ثالثة من المرسوم االشتراعي رقم 9بتاريخ 7999/77/37م المضافة بالرسوم االشتراعي رقم 76
بتاريخ 7949/4/79م.
( )2حكم محكمة النقض المصرية في 34يونيو 7903م نقال عن د .سعيد عبد الكريم مبارك ،ص.733
( )3ارجع د .محمد السعيد رشدي ،ص ،00د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص ،727د .سعيد جبر ،ص،733
المحامي محمود نعمان ،ص.1
93
ومع التسليم بأن قاعدة عدم جواز االعتذار بالجهل بالقانون يعبر عن مبدأ أساسي من
المبادئ القامة للقانون ،إال أنه ال يمكن عد هذه القاعدة مطلقة ال يرد عليها أي استثناء على
اإلطالق.
وبالطبع بأن هذه االستثناءات ال تؤدي إلى إهدار القاعدة األصلية ،بل إلى العكس تؤدي إلى
تأكيدها عن طريق وضعها في حدودها المعقولة ،باالستجابة إلى اعتبارات مماثلة أو مساوية إلى
االعتبارات التي تستند إليها القاعدة األصلية ذاتها.
وعلى وفق ذلك فالرأي مستقر في الفقه والقضاء ،بأن هذا المبدأ ال ينطبق في الحاالت التي
يثبت فيها استحالة وصول الجريدة الرسمية إلى منطقة معينة لسبب القوة القاهرة كحرب أو وباء أو
فيضانات .وبناء على هذا الرأي فان قاطني هذه المنطقة لهم إمكانية المطالبة بعدم تطبيق القانون
عليهم لعدم علمهم به كما أن القانون قد ينص على األخذ بعذر من يدعي الجهل بالقانون فيعمل
بهذا الحكم ،ومثال على ذلك القانون الصادر في فرنسا عام 7312م والذي ينص أنه إذا حصلت
مخالفة في وقت قريب من وقت إعالن القانون بأن العذر بجهل القانون يقبل بشرط أن يكون
كذلك نص المادة ( )333من قانون العقوبات السوري والتي تنص في الفقرة ()3 ()1
القانون جنائيا.
أ" -غير أنه يعد مانعا للعقاب الجهل بقانون جديد إذا اقترف الجرم في خالل األيام الثالثة التي
تلت نشره" كذلك الفقرة (ب) وتنص "جهل األجنبي الذي قدم إلى سورية منذ ثالث أيام على األكثر
بموجد جريمة مخالفة للقوانين الوضعية ال تعاقب عليها قوانين بالده أو قوانين البالد التي كان
مقيما فيها" وتقابل هذه المادة أيضا المادة ( )339من قانون العقوبات اللبناني.
كما تضيف بعض التشريعات استثناء آخر ،وهو الجهل بقاعدة مقررة في قانون آخر غير
القانون الجزائي على قاعدة متى كانت منصبه على أمر آخر يعد ركنا من األركان المكونة للجريمة
كما الحال في المادة المشار إليها في قانون العقوبات اللبناني وكذلك المادة ( )91من قانون الجرائم
والعقوبات اليمني وترى أن هذا االستثناء األخير يمكن األخذ به دون نص ،ألن األخذ به من
األصول الجوهرية والواجب التطبيق دون نص.
()2
ويفيد التنبيه إلى وجوب عدم الخلط بين ( قاعدة الجهل بالقانون ال يعد عذرا) و"قاعدة الغلط
في القانون" .فالجهل بالقانون يعني عدم العلم بصدوره أو عدم العلم بأحكامه ،أم الغلط في القانون
فيعني أن يتوهم الشخص وجود حكم معين في القانون أو عدم وجود حكم معين ويتصرف على
المطلب الثالث
– 49هناك ثالثة أنواع من التشريعات تتدرج من حيث السلطة التي تملك إصدارها ومن
حيث األهمية التي تحظى بها في النظام القانوني فيأتي في القمة منها التشريع األساسي أو
الدستوري فالتشريع العادي أو الرئيسي "القانون" فالتشريع الفرعي أو الالئحي.
التشريع األساسي أو الدستوري
– 02هو مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكل الدولة ،وتضع قواعد الحكم ،وتنظم
السلطات العامة فيها ،وتقرر الحقوق األساسية لألفراد ،والضمانات الواجبة لهم.
عرفت الشعوب أربع طرق إلصدار الدساتير أول طريقة إلصدار الدستور هي طريقة الهبة
أو المنحة ،والمقصود بذلك ،هو أن يصدر الدستور في شكل منحة من الحاكم إلى الشعب ،ومن
أمثلة الدساتير التي تصدر بشكل منحة دستور أمارة موناكو 7977م ،دستور إثيوبيا 7997م،
ودستور مصر 7939م – والذي سقط بعد ثورة 39يوليو .- 7903
ويتضح للمتأمل للدساتير التي صدرت بطريقة المنحة ،أن صدورها إن كان هبة أو منحة
من الحاكم ،إال أنها لم تأت طوعا منه أو حبا في الشعب ،وانما فرضتها إرادة الشعوب وحقوقها
( )2
المغتصبة بطريق غير مشروعة.
كما تصدر الدساتير عن طريق العقد ،أي عن طريق االتفاق بين الحاكم والمحكومين
بواسطة "ممثلي الشعب" ومن أمثلة ذلك دستور الكويت 7969م أما الطريقة الثالثة إلصدار
الدستور فهي قيام لجنة منتخبة من الشعب تسمى الجمعية التأسيسية بوضعه .ومم أمثلة ذلك
والطريقة األخيرة هي ط ريقة االستفتاء الشعبي حيث يتم موافقة الشعب على الدستور في
استفتاء عام فيكون الشعب هو الذي قام ّ
بسنه ،ومن أمثلة ذلك دستور فرنسا "دستور الجمهورية
الخامسة" ،7903ومصر 7917م والدستور اليمني 7997م.
والحقيقة أن الظروف السياسية لكل بلد تؤدي دو ار كبي ار في الطريقة التي توضع فيها
الدستور ،وقد كان دستور الجمهورية اليمنية مثاال صارخا للوضع السياسي الذي شهدته الساحة
اليمنية بعد تحقيق وحدة التراب والشعب في اليمن والذي يعتبر أهم منجز للثورة اليمنية سبتمبر
وأكتوبر.
وبالنسبة لتعديل دستور نافذ فأن طريقة التعديل تختلف بحسب نوع الدستور أي حسب ما إذا
كان دستو ار جامدا أو دستو ار مرنا.
()1
والدستور المرن هو ذلك الذي يتم تعديله بذات الطريقة التي يتم منها إصدار الدستور العادي
"القانون" والدستور الجامد هو ذلك الذي يتم تعديله بإجراءات مختلفة -وينص عليها – عن
إجراءات التشريع العادي.
ودستور الجمهورية اليمنية دستور جامد وذلك ما يتضح و تفصح عنها المادة " "709والتي
تشترط أن لتعديل الدستور أن يكون الطلب مقدم إلى مجلس النواب وموقعا من ثلث األعضاء ،وأن
يكون ق ارر الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي األعضاء وبعد عرض التعديل ومناقشته من قبل
مجلس النواب وحصول الموافقة على التعديل من قبل ثالثة أرباع المجلس يعرض التعديل على
الشغب لالستفتاء وال يكون التعديل نافذا إال بالحصول على األغلبية المطلقة لعدد من أدلوا
بأصواتهم على االستفتاء العام.
وتقسم الدساتير من حيث مصدرها إلى "مكتوبة" و"غير مكتوبة" أو "عرفية" فالدستور
المكتوب هو الذي يفرغ المشرع أحكامه في وثيقة رسمية مكتوبة ،ودساتير أغلب الدول من هذا
النوع .أما الدستور غير المكتوب أو العرفي فهو الذي ال تكون قواعده مكتوبة في وثيقة رسمية وال
يضعها المشرع وانما تنشأ عن طريق العرف الذي يستقر في العمل ويثبت في أذهان الناس
وللدستور طابع سام ،فهو ليس مجرد تشريع ،بل هوا سمى تشريع لما له من خواص يسمو بها على
سائر التشريعات وقواعده أبلغ أث ار من غيرها من القواعد فهي تقيد المشرع نفسه ،الذي ال يجوز أن
يصدر تشريعا يخالف القواعد الدستورية.
وقد بدأ انتشار الدساتير المدونة اعتبا ار من القرن الثامن عشر وكان أولها في الواليات
المتحدة األمريكية (7131م) والدستور الفرنسي اثر قيام الثورة الفرنسية عام 7139م.
يقصد بالقانون العادي ،القواعد القانونية التي تصدرها السلطة المختصة في الدولة وفقا
ألحكام الدستور ،ويقوم الدستور بتحديد الطرق الالزم إتباعها لسن التشريع العادي ،وقد جرت العادة
أن يطلق على التشريع العادي لفظ (قانون) ( )Lawبالمعنى الضيق لهذه الكلمة .أي ّ
عده وثيقة
مدونة رسمية تصدر عن السلطة التشريعية أي أن اصطالح قانون هنا له داللة خاصة أضيق من
داللته عندما تعنى به مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلوك األفراد في المجتمع .وقد سبق
أن أوضحنا ذلك عند الحديث عن تعريف القانون .والسلطة المختصة بوضع التشريع العادي أو
الرئيسي في اليمن هو مجلس النواب .ويرد على هذا األصل استثناء مهم حيث تحل السلطة
التنفيذية محل السلطة التشريعية في القيام بهذا العمل واالستثناء الوحيد الذي تقتضيه حالة الضرورة
وفي ذلك تنص المادة ( )779من الدستور على أنه "إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس النواب،
أو في فترة حله ما يوجب اإلسراع في اتخاذ الق اررات ال تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن
يتخذ في شأنها ق اررات تكون لها قوة القانون على أن ال تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات الواردة
في قانون الميزانية ويجب عرض هذه الق اررات على مجلس النواب في أول اجتماع له ،فإذا لم
تعرض يتولى المجلس مناقشة الموضوع واتخاذ الق اررات المناسبة ،أما إذا عرضت ولم يوافق عليها
المجلس ،زال ما كان لها من قوة القانون من تاريخ رفض ق ارراها أو من التاريخ الذي يقره المجلس
مع تسوية لما يترتب من آثار على النحو الذي يقره.
ويالحظ من هذا النص أن الدستور "في حالة الضرورة :قد منح رئيس الجمهورية حق
إصدار ق اررات لها قوة القانون .ولكن وضع قيودا عديدة في هذا الصدد .ومن هذه القيود:
( )1انظر د .مصطفى محمد إسماعيل العزي ،المبادئ الدستورية والنظام القانوني ج .ي ،ص.49
96
( أ) يجب أوال أن تكون هناك ضرورة ،أي أمور عاجلة تستدعي إصدار قوانين لمواجهتها على
وجه السرعة أي ال يحتمل التأخير كما ورد في النص.
( ب) أن تصدر هذه الق اررات في حالة غيبة مجلس النواب ،وقد حدد النص حاالت الغيبة وهي
عندما يكون المجلس في عطلة بين أدوار االنعقاد أو في فترة حله.
القررات على مجلس النواب في أول اجتماع له ،فإذا لم تعرض يتولى المجلس
( د) أن تعرض هذه ا
مناقشة الموضوع واتخاذ الق اررات المناسبة ،أما إذا عرضت ولم يوافق عليها المجلس ،زال ما
كان لها من قوة القانون من تاريخ رفض ق ارراها أو من التاريخ الذي يقره المجلس مع تسوية
لما يترتب من آثار على النحو الذي يقره.
من البديهي القول ،أن تقدير حالة الضرورة متروك للسلطة التقديرية لرئيس الجمهورية وال
ضرر في ذلك طالما أن التشريع الذي يصدره سيخضع في مجموعة لرقابة مجلس النواب الذي
يعرض عليه بعد إصداره.
()1
ويالحظ أن تولي رئيس الجمهورية لسلطة التشريع في هذه الحال االستثنائية ،أمر طبيعي
تقره معظم دساتير العالم.
– 6اللوائح التنفيذية
وهي اللوائح التي تسنها السلطة التنفيذية متضمنة التفصيالت الالزمة لتنفيذ القوانين .والفكرة
في إعطاء السلطة التنفيذية سلطة إصدار اللوائح هي أن التشريع العادي يقتصر في الغالب على
تنظيم المسائل األساسية للموضوع الذي ينظمه تاركا التفصيالت للسلطة التنفيذية ،ألنه بحكم
وظيفتها واتصالها بالمواطنين أقدر على معرفة التفصيالت والجزئيات الالزمة لتنفيذ القانون ،ومن
وتقضي المادة ( )732من الدستور اليمني أن "يصدر رئيس الجمهورية بناء على اقتراح
الوزير المختص وبعد موافقة مجلس النواب الق اررات واللوائح الالزمة لتنفيذ القوانين وتنظيم المصالح
واإلدارات العامة ،على أن ال يكون ألي منها تعطيل ألحكام القوانين ،أو إعفاء من تنفيذها وله أن
يفوض غيره في إصدار تلك اللوائح والق اررات ،ويجوز أن يعين القانون من يصدر اللوائح والق اررات
الالزمة لتنفيذه.
فرئيس الجمهورية هو المختص أصال بوضع اللوائح التنفيذية بناء على عرض من الوزير
المختص وله أن يفوض غيره في إصدار هذه اللوائح ،أي يفوض رئيس مجلس الوزراء المختص
إلصدار الالئحة ،وقد يعين القانون الشخص المختص بإصدار الالئحة التنفيذية للقانون وغالبا ما
يكون هو الوزير الداخل في اختصاص و ازرته موضوع القانون المطلوبة تنفيذه.
ولما كان الغرض من اللوائح هو تسهيل تنفيذ القانون ،فأنها يجب أال تتعدى هذا الغرض،
بمعنى هذا الغرض يقتضي أن تلتزم اللوائح ،فيما تتضمنه من قواعد حدود القانون الذي صدرت
تنفيذا له ،فال يجوز أن تلغي أو أن تعدل أو أن تخالف حكما من أحكام هذا القانون .ونرى بأن
منح السلطة التشريعية حق التشريع فيه خطورة كبيرة .ألنها تجمع بيدها سلطة التشريع والتنفيذ ولذا
في حالة غياب الرقابة الفاعلة من مجلس النواب أو من السلطة القضائية أن تتجاوز حدودها،
وبهذا سوف يشكل هد ار للحريات والحقوق.
– 2اللوائح التنظيمية
هي اللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية بغرض تنظيم المصالح والمرافق العامة في الدولة.
ويطلق على هذه اللوائح اسم اللوائح المستقلة ألنها قائمة بذاتها ال تستند إلى قانون تعمل على
ويتعرف اصطالحا تنظيم المصالح واإلدارات العامة إلى إنشائها ابتداء وكذلك إلى ترتيب ()2
تنفيذه
وتنظيم أعمالها وأوضاعها.
– 3لوائح الضبط
( )1انظر د .محمد السعيد رشدي ،ص ،03د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،المرجع السابق ،ص.03
( )2انظر د .سمير تناغو ،ص ،994د .رمضان أبو السعد ،الجزء األول ،ص.334
93
وهي القواعد التي تضعها السلطة التنفيذية بقصد المحافظة على األمن وكفالة السكينة
وهي أيضا لوائح ()1
وحماية الصحة العامة ،ومثالها لوائح المرور ولوائح مراقبة األغذية وغيرها
مستقلة نظ ار لصدورها استقالال عن أي قانون سابق.
المطلب الرابع
التقنيين وبعض وسائل الصياغة
– 53أوال :التقنين
يمكن تعريف التقنين بأنه جمع شتات القواعد القانونية المتعلقة بفرع من فروع القانون،
وترتيبها وتبوبيها بعد إزالة ما فيها من تكرار وتناقض ثم وضعها في كتاب يسمى مجموعة أو
مدونة ،ومثال ذلك المجموعة المدنية ،ومجموعة اإلجراءات المدنية والتجارية والمجموعات
الجنائية...إلخ وال تعد تقني نا أو تجميع ما يقوم به فرد أو جماعة علمية بقصد تيسير البحث ،طالما
أنه ليس بتجميع رسمي من قبل المشرع.
مع أن التقنين تجربة نجحت في فرنسا منذ نشر تقنين نابليون 7324م ،إال أن خالفا حادا
شهدته ألمانيا حول فائدة التقنين ،وتألفت مدرستان ،أحدهما تناصر فكرة التقنين ،والثانية تعارضها
وقد قاد هذه المدرسة "سافيني" مؤسسة المذهب التاريخي ،وكلن يرى أن التقنين حبس للقانون
وصبه في قالب جامد إنما يترتب عليه شل حركته ومنعه من التطور وفقا لتطور المجتمع.
( )2
وليس المقصود بالتقنين عملية الجمع الشكلية ،أي إصدار عدة قوانين في مجلد واحد ،وانما
() 3
يعني صدور التقنين من حيث ترابط موضوعاته وتبويبها وتكملة بعضها للبعض اآلخر.
وللتقنين مزايا ،فضال عن مزايا التشريع بشكل عام من حيث التوضيح وسهولة الرجوع إليها
فأن التقنين يحافظ على وحدة األحكام عندما تجمع في تقنين واحد بدال من تشتتها في تشريعات
صغيرة متناثرة ،كذلك لها فائدة علمية من حيث التيسير على الباحثين في معرفة النصوص
القانونية لفرع من الفروع .واذا كان هناك مأخذ لدى البعض على التقنين ،فأن تلك المآخذ تفقد
أهميتها إذا فهم التقنين على وجهه الصحيح وأتبع في عمله الفن التشريعي السليم.
( )1انظر جميل الشرقاوي ،ص ،792د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص.779
( )2انظر د .عبد الحي حجازي ،ص.499
( )3انظر د .عثمان طه الدوري وآخرون ،ص.40
99
ارتبط التقنين في اليمن بالتحوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي أفرزتها الثورة
اليمنية ،وأبرز تلك التحوالت تسارع وتنامي حركة التشريع حيث صدرت تقنيات متعددة فيما كان
يعرف بالجمهورية العربية اليمنية أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .وبميالد الجمهورية اليمنية
في 33مايو 92م وريثا شرعيا للكيانين السياسيين السابقين تسارعت حركة التشريع بشكل مكثف
وصدرت عدة تقنيات في فروع القانون المختلفة تساير األوضاع الجديدة ومن أهم التقنينات التي
صدرت "القانون المدني" رقم 79لسنة 7993م وقانون األحوال الشخصية رقم 32لسنة 7993م
والقانون رقم 79لسنة 7994م بشأن الحق الفكري والقانون رقم 37بسنة 7993بشأن اإلثبات،
والقانون رقم 33لسنة 7993م بشأن التحكيم ،والقانون رقم 33لسنة 7993م بشأن المرافعات
والتنفيذ المدني كما صدر قانون السلطة القضائية رقم 7لعام 7997م ومن القوانين المهمة التي
تصدرت قانون الجنسية اليمنية رقم 6لسنة 7992م وأيضا القانون التجاري رقم 93لسنة 7997م
والقانون رقم 99لسنة 7997م بشان السجل التجاري ،وفانون الشركات التجارية رقم 4لعام
7999م ،وقانون االستثمار رقم 33لسنة 7997م ،وقانون المناطق الحرة رقم 4لعام 7999م
وفي المجال الجنائي صدر قانون الجرائم والعقوبات رقم 73لسنة 7994م وقانون اإلجراءات
الجزائية رقم 79لسنة 7994م ،وقانون رعاية األحداث رقم 94لسنة 7993م ،وقانون العقوبات
اإلجراءات العسكرية رقم 70لسنة 7994م كما صدرت مجموعة تقنينات تنظم العالقات المالية
كالقانون المالي رقم 3لعام 7992م وقانون تحصيل األموال العامة رقم 79لعام 7992م إضافة
إلى قانون ضرائب الدخل والجمارك ،وقانون الخدمة المدنية رقم 79لسنة 7997م وقانون العمل رقم
0لسنة 7990م وقانون التأمينات والمعاشات رقم 30لسنة 7997م وقانون التأمينات االجتماعية
رقم 36لسنة 7997م إضافة إلى ما سبق صدر أيضا القانون البحري رقم 70لسنة 7994م
وقانون الوقف الشرعي رقم 39لسنة 7993م وقانون االستمالك للمنفعة العامة .وقانون السلك
الدبلوماسي والقنصلي ،وقانون الصحافة والمطبوعات رقم 30لسنة 7992م والخالصة أن المشرع
اليمني وبالرغم من المدة القصيرة المنصرمة منذ قيام الجمهورية اليمنية إال أنه كثف نشاطه
التشريعي وأصدر مجموعة كبيرة من التقنينات شملت مفاصل الحياة األساسية وحركة التقنين تتوالى
حتى هذه اللحظة ،ولن ينسى التاريخ الرجال الذين يقفون خلف هذه األعمال الجليلة ،وسيسجل ذلك
لهم في ذاكرة شعبهم الوفي.
722
وانشاء القواعد القانونية يتم عن طريق مصادر القانون .ومعروف ()1
الذي تنشده السياسة القانونية
كما سبق بيانه ،أن القواعد القانونية تستمد أحكامها من حقائق وأفكار مختلفة اقتصادية واجتماعية
وسياسية ،وفي الجمهورية اليمنية فالقاعدة القانونية تستمد أحكامها من الشريعة اإلسالمية وفقا
لنص الدستور أي أن الشريعة اإلسالمية المادة األولى للقانون في الجمهورية اليمنية والتي يقوم
المشرع بتحويلها إلى نصوص قانونية وضعيه ،لذلك يجب عدم الخلط بين :السياسية القانونية التي
تضع المادة األولية للقانون ،ولكنها ال تضع القانون ذاته ،وبين وسائل الصياغة القانونية التي
تضع القانون ذاته .واذا كانت مصادر القانون المختلفة تأتي في مقدمة وسائل الصياغة القانونية،
فأنها تعتمد هي بدورها على وسائل صياغة تفصيلية يتم عن طريقها التعبير عن قواعد القانون،
وتحديد مضمونها .وطرق الصياغة القانونية عديدة ،منها اللغة والمصطلحات ،ومنها الظواهر
الخارجية للمواد القانونية ،كالعمومية والتجريد ،والمرونة ،والجمود ،ووسائل القهر المختلفة ومنها
الطوائف واألفكار والمباني والتقسيمات ومنها إثبات الحقوق ،ومنها الشكلية بمعناها الضيق ،ومنها
()2
الحيل والقرائن القانونية.
أوال :الشكلية
الشكل هو عنصر خارجي يشترط القانون إضافته إلى الظاهرة األصلية التي من شأنها إنشاء
بحيث ال تنتج الظاهرة األصلية وهي في العادة ()3
أو تعديل أو نقل أو انقضاء حق أو مركز قانوني
تصرف قانوني – األثر المشار إليه ،بغير إضافة هذا العنصر الخارجي .فالشكل هو من ناحية
عنصر خارجي مضاف إلى العناصر الداخلية المكونة للظاهرة األصلية.
والشكل هو من ناحية أخرى عنصر خارجي ملزم وال يجوز إغفاله واال ترتب جزاء قانون وهو
اعتبار الت صرف القانوني الذي اشترط فيه هذا الشكل غير كامل وغير منتج ألثاره ،وصفة اإللزام
في الشكل هي التي تعطيه الصفة القانونية .وهي التي تجعل منها شكال قانونيا والجدير بالذكر أن
القرينة ،بصفة عامة ،هي استخالص أمر مجهول من أمر معلوم ،على أساس أنه إذا تحقق
وجود هذا األمر الثاني ،كان الغالب وجود األمر المجهول ،فهي تقوم على أساس فكرة االحتمال
والترجيح ،أي على أساس فكرة الراجح الغالب الوقوع .فالمشرع يستنبط من واقعة معلومة داللة على
أمر مجهول فيقرر أنه ما دامت هناك واقعة قد ثبتت ،فأن واقعة أخرى معينة تثبت بثبوتها ،ألن
هذا يغلب ترجيحه ووقوعه في العمل.
()2
ويلجأ المشرع عادة إلى القرائن القانونية في الحاالت التي يرى أنه يتعذر أو يستحيل فيها المطالبة
بدليل مادي ،فيقطع الشك في شأنها بما يوافق المألوف أو الغالب في العمل .ومن ذلك ما ورد في
الحديث الشريف "الولد للفراش" وذلك أن إثبات نسب المولود من زوج الوالدة أمر عسير ولما كان
الغالب أن تكون الزوجة مقصورة على زوجها أثناء قيام الزوجية ،فيفترض القانون الحمل أثناء
الزوجية ،وعلى هذا األساس ينسب الولد للزوج ،ويعفى من يريد إثبات هذا النسب من إقامة الدليل
عليه ،اكتفاء بإقامة الدليل على واقعة أخرى هي حدوث الحمل أثناء فترة الزوجية ،وهي واقعة
( )1انظر د .عبد الحي حجازي ،ص ،479د .حسنة كيرة ،ص.797
( )2ارجع د .توفيق فرج ،د .محمد يحيى مطر ،ص ،19د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص ،727د .مصطفى
محمد الجمال ،د .عبد الحميد الجمال ،ص ،61د .عبد الحي حجازي ،ص.433
723
يسهل إثباتها .وال شك أن القرائن تبنى على أساس القابلية للتصديق ،بناء على فكرة أن اليقين أمر
نادر في مجال القانون فكان من الضروري ،إلعمال القانون ،أن نحول ما هو غير مؤكد إلى
مؤكد ،والشكوك إلى حقائق ،اعتمادا على ما يحدث وفق السير العادي لألمور .وتؤدي هذه القرائن
دو ار مهما في القانون الوضعي ولقد عالجها قانون اإلثبات رقم 37لسنة 7993م من المواد (704
إلى )709وعالجها القانون المدني المصري من المواد ( 424إلى )421وقانون المرافعات المدنية
والتجارية الكويتي في المواد ( )743-799والقرائن القانونية على نوعين قرائن بسيطة ،وقرائن
قاطعة أو مطلقة.
والقرائن البسيطة "هي التي ال تقطع بثبوت الواقعة المراد إثباتها وانما ترشح لثبوتها وقد
تحتمل ذلك وغيره" وال تعد دليال قاطعا يغني عن المطالبة بإقامة البينة القانونية على ما يدعيه
وانما يجوز للمحكمة االستئناس بها وتستكمل الدليل على أساسها (م 703قانون إثبات) .أما
القرينة القاطعة هي "ما علم من األمارات ودالئل الحال المصاحبة للواقعة المراد إثباتها فتدل
بطريقة القطع الذي ال يقبل االحتمال أصال على ثبوتها م( )704قانون اإلثبات.
والقرائن القاطعة نوعان ،قران قاطعة قانونية كقرينة الولد للفراش ،وقرينة مطابقة الحكم
للحقيقة (حجة الحكم) ،وقرينة النكول على اليمين ،وقرينة العلم بالقانون وقت نشره ،ويستخلص مما
سبق أن القرينة القانونية من صنع المشرع وتكون في مرحلة صياغة القاعدة القانونية ،وأما القرينة
القضائية من صنع القاضي وتكون في مرحلة تطبيق القاعدة القانونية ،وهي التي يستخلصها
القاضي بحكم اللزوم الفعلي والمنطقي من الوقائع الثابتة في الدعوى ،وهذه القرائن ال تدخل تحت
()1
حصر بل يترك أمر استنتاجها للقاضي.
ومن أمثلة القرائن البسيطة عد وجود سند الدين بيد المدين دليال على سداد الدين إلى الدائن
دون إخالل بحق الدائن في نقض هذه القرينة .وكذلك من قبيل القرائن البسيطة قرينة البراءة والتي
وردت في المادة 46من الدستور اليمني "كل متهم بريء حتى تثبت إدانته."...
( )1انظر د .حسن الجوخدار ،شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ،مكتبة دار الثقافة ،الطبعة األولى7993 ،م،
ص.427
-د .حسن كيرة ،ص.793
729
والقرائن القانونية ال تؤدي في اإلثبات دو ار عاما وخاصا .فالدور العام فهو يتمثل في أن كل
نظام اإلثبات يقوم على قرائن قانونية .أما الدور الخاص فيتمثل في وجود وسيلة معينة بالذات من
()1
وسائل اإلثبات هي القرينة القانونية.
ويطلق عليها أيضا االفتراضات ،باعتبار أن الحيلة أمر مخالفا للحقيقة والواقع توصال إلى
ترتيب أثر قانوني معين .وظاهر وجه االختالف بين القرينة القانونية والحيلة أو االفتراض القانوني.
فالقرينة تقوم على التسليم بما يجري به الغالب من األمور على زيف صناعي تتطلبه الضرورة
أحيانا ،وواضح بأن الحيلة ليس إال افتراضا مخالف للحقيقة والواقع مخالفة صريحة.
ومن األمثلة على الحيل القانونية فكرة العقارات بالتخصيص وهي منقوالت بطبيعتها
تخصصها إرادة المالك لخدمة العقار أو استغالله كاآلالت الزراعية والماشية التي يخصصها مالك
األرض لخدمتها وزراعتها وقد نصت المادة ( )771مدني يمني .وبمقتضى هذا االفتراض ال يجوز
الحجر على المنقوالت وفقا إلجراءات حجر المنقول ،كما ال يجوز الحجر عليها مستقلة عن
األرض المخصصة لخدمتها وحماية لهذا النوع من االستغالل .ومن األمثلة على الحيل القانونية
نظام الموت المدني الذي كان معروفا في الش ارئع القديمة ،وبمقتضاه كان يفترض موت الشخص
رغم بقائه على قيد الحياة ،وكان يترتب على هذا االفتراض إنهاء الشخص وما يجره هذا االنتهاء
والحيلة بهذا المعنى هي أشد وسائل الصياغة القانونية تطرفا .وهي ال تدعو ( )2
من نتائج معينة
الحاجة إليها إال بسبب عجز الفكر القانوني عن خلق تصورات فكرية تنسجم مع الواقع .ولهذا
ينبغي أن تظل الحيلة من وسائل الصياغة االستثنائية التي ال يلجأ إليها إال في حاالت الضرورة،
وتحقيقا ألهداف القانون في إقامة العدل أو المحافظة على المصلحة العامة ،حيث تعجز سائل
والمالحظ أن كلما تطور علم القانون كلما أمكن () 3
الصياغة األخرى عن إد ارك هذه األهداف
االستغناء عن هذه الطريقة في الصياغة.
والحيلة القانونية بوصفها أحد وسائل الصياغة القانونية ،ال يقصد بها التحايل على القانون
كما قد يتبادر للذهن أو يلتبس الفهم فالتحايل هو االلتفاف على نصوص القانون بغية الفكاك
والتنصل من أحكامه .فاالختالف واضح .إذ أن التحايل يندرج في نطاق نهى عنه الرسول "ص"
"وال ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" وقد بحث فقهاء الشريعة اإلسالمية
( )1ارجع د .سمير تناغو ،ص 939حيث بحث موضوع القران بتوسع وعمق ويرد أمثلة عديدة.
( )2انظر د .توفيق حسن فرج وآخرون ،ص ،710د .أنور سلطان ،ص.729
( )3انظر محمد مصطفى الجمال ،د .عبد الحميد الجمال ،ص ،17د .سمير تناغو ،ص.427
724
الحيل من حيث حكمها في الشريعة وما يجوز وال يجوز شرعا منها ،وفرقوا بين الحيلة والتحايل
على أساس األصل اللغوي ولهم بحوث مستفيضة في ذلك منها كتاب "الخصاف" المتوفي 367ه
المسمى "الحيل" وي عد أول كتاب في الحيل ،وليس كما زعم البعض أن أبو حنيفة أول من عمل
()1
بالحيل وله كتاب في ذلك.
من بين وسائل الصياغة القانونية طريقة الصياغة الجامدة والصياغة المرنة .فالصياغة
الجامدة هي التي تحقق التحديد الكامل للحكم القانوني أو لما يخضع له من أشخاص أو أحداث،
على نحو ال يترك مجاالت للتقدير ،سواء بالنسبة للمخاطب بالقانون أو بالنسبة للقاضي .ومن
أمثلة ذلك تحديد سن الرشد بـ 70سنة مادة 07مدني يمني ،فالفرض هو من بلع سنة 70سنة
والحكم أن يعتبر رشيدا.
وكذلك تجد الصياغة الجا مدة في القواعد التي تحدد مدة التقادم بعدد معين من السنوات ،أو
القواعد التي تحدد مواعيد الطعن في األحكام وقد حددت المادة ( )322من قانون المرافعات والتنفيذ
المدني ،ميعاد الطعن بستين يوما ،أو القواعد التي تحدد مقدار الرسوم والضرائب ،ففي هذه القواعد
جميعا نجد التحديد الرقمي ال يترك أي مجال للتقدير.
كما نجد أيضا الصياغة الجامدة في الصياغة الشكلية ،كما هو الحال في القاعدة التي
تستلزم إعالن في صحيفة الدعوى للمدعى عليه على يد محضر المادة ( )39من قانون المرافعات
والتنفيذ المدني .ففي هذه القواعد جميعا يتطلب شكال معينا ال يحتمل إال الوجود أو االنعدام ويربط
األثر القانوني بوجوده وينفيه بانتفائه.
أما الصياغة المرنة فهي الصياغة التي ال تضمن القاعدة القانونية حكما ثابتا ال يتغير
بالنظر إلى ظروف كل حالة بل تضفي عليها نوعا من المرونة تستجيب لمتغيرات الظروف مما
يترك للقاضي حرية التقدير وفقا لواقع ومالبسات كل حالة.
ويعد من قبيل الصياغة المرنة في القانون المدني تحديد فكرة النظام العام واآلداب المادة
( )36مدني أو تحديد المألوف من األضرار التي يتعين على الجار تحمله المادة ( )7769مدني
أو تقدير الشروط التعسفية المرهقة التي تعطي للقاضي الحق في تعديلها أو إعفاء الطرف الذي
يسلم بها منها المادة ( )376مدني وأمثلة ال يمكن حصرها وردت في القانون المدني .أيضا من
قبيل الصياغة المرنة في قانون الجرائم والعقوبات ترك تقدير العقوبات للقاضي في جرائم التعزير،
وهكذا وتتميز الصياغة الجامدة بأنها تسهل للقضاة تطبيق القواعد القانونية ،ألنها تحقق
االستقرار االجتماعي ألن كل شخص يعرف موقفه من القانون سواء بالنسبة إلى حقوقه أو إلى
واجباته ،ومع ذلك يعاب عليها أن تحقق هذه المزايا على حساب العدالة في التطبيق ألنها تغفل
الظروف والمالبسات الخاصة بكل حالة.
أما بالنسبة للصياغة المرنة فميزتها األساسية تمكن القاضي من مراعاة العدالة كونها تترك له
حرية االختيار ألنها تدخل في الحسبان ظروف ومالبسات كل حالة ،عالوة على مسايرتها للتقدم
االجتماعي ،إال ن ذلك ال يتم إال على حساب االستقرار واألمن المدني في المعامالت.
()1
المبحث الثاني
والواقع أن عالقة الدولة اإلسالمية بالدين ،هي عالقة الفرع باألصل ،األمر الذي يجعل من
هذه الم ؤسسات هيئة ال بد أن تنظم وأن تسير وفقا لما يقره األصل (الدين) بل أن من أولى المهام
وعلى ( )2
الملقاة على عاتق الدولة – في المفهوم اإلسالمي – هي حفظ الدين وسياسة الدنيا به
ضوء ما سلف ،بأن المجتمع اإلسالمية مطالب بضرورة االلتجاء إلى القرآن والسنة لتحكيمهما في
( )1ارجع د .نبيل إبراهيم سهد وآخرون ،ص ، 792د .توفيق حسن فرج ،د .محمد يحيى مطر ،المرجع السابق،
ص.760
( )2انظر ابن خلدون :المقدمة تاريخ العالمة ابن خلدون ،المجلد األول ،ط ،9مكتبة المدرسة ودار الكتب اللبناني،
بيروت 7961 ،م ،ص 993وما بعدها.
726
(فال وربك ال ()1
شئونه المختلفة ،وهو لجوء يعد شرطا أساسيا إليمان أفراد المجتمع اإلسالمي:
يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)
سورة النساء .60
وعلى وفق هذه المعطيات فقد جعل المشرع اليمني الشريعة اإلسالمية مصدر جميع
التشريعات المادة " " 9دستور ،وبذلك ينفرد الدستور اليمني عن كافة دساتير الدول العربية التي
تجعل من الشريعة اإلسالمية مصد ار رئيسيا أو المصدر الرئيسي للتشريع كما كان الوضع في
الدستور اليمني قبل تعديله.
لقد وضعت المادة " "9دستور على عاتق المشرع عند سنه القوانين التزاما مفاده أن الشريعة
اإلسالمية هي المصدر المادي أو الموضوعي لكافة القواعد القانونية ،وعليه بالتالي أال يخالف
االلتزام الدستوري واال اعتبرت التشريعات باطلة لعد دستوريتها الستنادها إلى مصادر أخرى غير
الشريعة اإلسالمية والقانون المدني أيضا يلزم القاضي عند تطبيقه القانون بأن يرجع أوال ومباشرة
إلى التشريع للبحث عن نص يحكم النزاع .واذا لم يعثر فيه على أي نص يرجع إلى مبادئ الشريعة
اإلسالمية المأخوذ منها القانون المادة األولى من القانون المدني .ويقصد بالشريعة اإلسالمية هنا
ما شرعه الله سبحانه وتعالى من أحكام لعباده بنصوص القرآن وما خرج عن الرسول الكريم "ص"
من سنة قولية أو فعلية أو تقريرية.
وال بد أن يفهم من اإلحالة إلى الشريعة اإلسالمية أنها دعوى للرجوع إلى المبادئ العامة
وتختلف مرتبة التشريع اإلسالمي كمصدر واألصول التي ال يختلف جوهرها باختالف المذاهب
( )2
احتياطي باختالف األنظمة القانونية فبعض الدول تضعها في المرتبة الثانية بعد التشريع كالقانون
المدني اليمني ،المدني السوري المادة ( )7والمدني الليبي مادة ( )7وبعض الدول تضعها في
المرتبة الثالثة بعد التشريع والعرف كالقانون المدني المصري مادة ( )7والعراقي مدني مادة ()7
والكويتي مادة ( )7أما قانون الموجبات والعقود اللبناني فلم ينص على اعتبار الشريعة اإلسالمية
من مصادر القاعدة القانونية.
ويذهب بعض الفقهاء إلى أن تقديم العرف على الشريعة في ترتيب المصادر ال يؤثر على
قيمة العرف ومكانته كمصدر من حيث النتيجة ألن مبادئ الشريعة أصبحت من أعراف البالد،
( ) 1أرزقي نسيب ،الظاهرة الدستورية في المجتمع اإلسالمي ،مجلة بحوث تصدرها جامعة الجزائر ،العدد الثاني،
7994م ،ص.797-792
( )2انظر د .رمضان أبو السعود ،الجزء األول ،ص ،034د .همام محمد محمود ،د .محمد حسن منصور،
ص.32
721
كذلك، ولكن الواضح ما في هذا التخريج ،رغم مهارته من خروج على النص وعلى قصد المشرع
()1
أليس من الممكن أن توجد أعراف مخالفة للشريعة اإلسالمية كأن تحرم المرأة من حقها الشرعي في
اإلرث كما هو الحال في بعض مناطق بالدنا ،فكيف سيكون الحال مثال لو أن القانون اليمني
أعطى األولوية للعرف بعد التشريع في ترتيبه للمصادر علما بأن المشرع قد اشترط أن يكون العرف
وهكذا فأن الشريعة اإلسالمية تعد مصد ار احتياطيا على وفق المادة األولى من () 2
جائز شرعا
القانون اليمني ،ومصد ار ماديا أيضا موضوعيا وفقا للنص الدستوري" .الشريعة اإلسالمية مصدر
جميع التشريعات" ويتضح أيضا من النص أنها هي المصدر الوحيد وليس هناك أي مصدر آخر
يزاحمها ،والشريعة اإلسالمية على درجة من الوفرة والخصوبة ،وفيها اكتفاء عن االلتجاء إلى
سواها.
()3
المبحث الثاني
العرف
– 06يعد العرف أقدم مصادر القانون في تاريخ المجتمعات البشرية بوصفه قانونا غير
مكتوب وينشأ عن تواتر الناس في إتباع سلوك معين مع شعورهم بالتزامه وبجود جزاء قهري يكفل
احترام هذا السلوك ،وبعبارة أخرى "العرف" عادة تواضع الناس على إتباعها معتقدين في قوتها
الملزمة أي أن العرف كان هو الطريق الطبيعي التي تخرج منه القواعد القانونية التي يحتاج إليها
المجتمع.
ولما تعقدت الروابط االجتماعية بين األفراد ،وتقدمت الجماعات ظهر عجز العرف عن
مسايرة األوضاع الجديدة ،لذا أصبح التشريع اآلن هو الذي يحتل مكان الصدارة بين مصادر
القانون في المجتمعات الحديثة لمقدرته على تلبية حاجات هذه المجتمعات .ولم يفقد العرف مكانته
بل بقي العرف مصد ار من المصادر االحتياطية يلجأ إليه إذا كان التشريع كمصدر رسمي ومبادئ
الشريعة كمصدر احتياطي لم يرد فيها ما يحكم مسألة من المسائل.
وفي بالدنا يحتل العرف مكانة كبيرة في تنظيم العالقات بين الناس والزال إلى اللحظة ينافس
القانون بقوة ،إذ أننا نالحظ أن كثير من الخصومات تحل وفقا لألعراف المتجسدة في ضمير
الشعب ووجد أنه بغض النظر عن األسباب الكامنة وراء ذلك ،ناهيك عن أن العرف يجد قبوال
ينبغي اإلشارة في هذا السياق إلى أن المشرع اليمني يعتد بالعرف مصد ار من مصادر
القانون الرسمية إذا كان جائ از شرعا وموقف المشرع هذا ،ينسجم تماما مع منطوق المادة الثالثة من
الدستور والتي تنص بأن الشريعة اإلسالمية مصدر جميع التشريعات باعتبار أن العرف قانون غير
مكتوب ،وبالتالي فأن مخالفة العرف للشريعة اإلسالمية يؤدي إلى بطالنه لعدم دستوريته .وتقتضي
دراسة العرف بيان أركانه وأنواعه ،ومزاياه وعيوبه مقارنة بالتشريع ،وأسا قوته اإللزامية ،وأخي ار دور
العرف بين مصادر القانون ،لهذا نخصص لدراسة هذا المبحث المطالب التالية:
المطلب األول :أركان العرف وأنواعه
المطلب الثاني :العرف ،مزاياه وعيوبه
المطلب الثالث :أساس القوة اإللزامية للعرف
المطلب الرابع :دور العرف في التشريع اليمني
المطلب األول
أركان العرف وأنواعه
– 01العرف هو المصدر الرسمي الثالث للقاعدة القانونية في القانون اليمني بعد التشريع
ومبادئ الشريعة اإلسالمية كما رتبتها المادة األولى من القانون اليمني المدني السابق ذكرها
والعرف ك ما سبق القول ،عادة تواضع الناس على إتباعها معتقدين في قوتها الملزمة ،ويتضح من
التعريف أن للعرف ركنين :اعتياد الناس على سلوك معين وهو الركن المادي :واعتقادهم بأن هذا
السلوك ملزم وهو الركن المعنوي.
"االطراد على إتباع سلوك معين أي االعتياد ،ومعنى هذا أن يكون قد تكرر من الناس إتباع
هذه القاعدة ،بحيث يستنتج معه استقرار الجماعة على االلتزام بها .ويلزم أن يتوافر في االعتياد
()1
شروط معينة:
-7أن يكون عاما مجردا ال يتناول حكمه أشخاص معيين بالذات .وقد يكون محليا خاصا
بمجموعة من الناس وال يفقد صفته العمومية كالقانون التجاري .وقد ينشأ العرف من تعود
( )1د .حسن كيرة ،ص ،314المحامي محمود نعمان ،ص ،31د .محمد السعيد رشدي ،ص ،63د .سعيد جبر،
ص ،743-741د .خالد الزعبي ،ود .منذر الفضل ،ص.33
729
شخص واحد غير معين بالذات على مس لك معين ،كما لو تعود رئيس الجمهورية على
إصدار ق اررات من نوع خاص إذ قد يترتب على هذا أن تتكون قاعدة عرفية تخول رئيس
()1
الجمهورية إصدار مثل هذه الق اررات.
-3أن يكون ثابتا :أي أن يتبعه الناس بانتظام دون انقطاع فإذا تكرر من الناس إتباع مسلك
معين فترة من الزمن ثم تحولوا عن هذا المسلك إلى غيره فترة أخرى ثم عاودا على إتباع
التكرر ال يكون ثابتا وال يتوفر عندئذ ركن االعتياد .وبديهي أن الثبات ال
ا المسلك األول فأن
يتقرر لعرف إال أنه إذا كان قديما أي ال يعرف أوله كما قال األسالف ،وباتصاف السلوك
أو العادة بالثبات والقدم تغدو قاعدة عرفية مستقرة.
-9أن يكون مطابقا للنظام العام واآلداب العامة في المجتمع فالعرف الذي يتنافى مع األسس
السياسية واالقتصادية واالجتماعية واألخالقية التي تقوم عليها المصالح العليا للجماعة ال
ترتقي إلى مرتبة العرف ،مهما طال األمر .كعادة األخذ بالثأر فانه ال تنشئ عرف ملزم
قانونا الن النظام العام يقضي بأن تتولى الدولة القصاص من األفراد الذين يعتدون على
الناس ،ناهيك عن أن األخذ بالثأر ال يجوز شرعا.
( )1انظر د .عصام أنور سليم ،و د .محمد حسن قاسم ،ص.93
الصدة ،ص ،741د .عبد القادر الفأر ،ص.03
ّ ( )2انظر د .عبد المنعم فرج
772
وجدير بالذكر أن العادة () 1
واتفاقهم بينما مصدر إلزام القاعدة العرفية هو أنها قاعدة قانونية.
االتفاقية ال تختلف فقط عن العرف ،وانما أيضا تفترق عن القواعد القانونية المكملة .فالقواعد
األخيرة هي قواعد ملزمة وواجبة التطبيق بمجرد عدم االتفاق على ما يخالفها ،فليس شرطا لتطبيق
القاعدة القانونية المكملة إثبات اتجاه اإلرادة إليها أو إثبات علم المتعاقدين بها .ويستوي تطبيقها أن
يعلم بها المتعاقدان أو ال يعلمان .وهذا بعكس العادة االتفاقية فشرط ثبوت اتجاه اإلرادة الصريحة
()2
أو الضمنية لألخذ بها بالفعل.
ويبدو مما ذكر سلفا أن العرف يختلف عن العادة في األمور التالية:
من ناحية التكوين حيث أن العرف يتوفر له ركنان مادي ومعنوي ،بينما العادة يتوفر لها أ-
الركن المادي فقط.
ب -من حيث األثر ،إذا توافرت للعرف أركانه وشروطه نتجت عنه قاعدة قانونية ملزمة أما
العادة فال تعتبر قانونا وال تلزم الناس بها إال إذا اتفق األفراد على إتباعها صراحة أو ضمنا.
– 58أنواع العرف
يمكن تقسيم العرف من حيث النشاط الذي يحكمه إلى عرف عام وعرف خاص ،ويمكن
()3
تقسيمه أيضا من ناحية نطاق تطبيقه إلى عرف شامل وعرف طائفي وعرف مهني.
– 6العرف العام
هو قانون عرفي عام من صنع السلطات المكونة للدولة في مباشرتها لوظائفها المختلفة ،وفي
تسييرها للمرافق العامة وفي عالقتها مع األفراد ومن هذا القبيل العرف الدستوري والعرف اإلداري.
– 2العرف الخاص:
وهو قانون عرفي خاص من صنع األفراد أنفسهم في مباشرتهم لمعامالتهم المدنية والتجارية.
– 3العرف الشامل:
هو العرف الذي يحكم عالقات األفراد في الدولة كلها بغض النظر عن اإلقليم أو الطائفة أو
المهنة الذي ينتمي إليها الفرد .وقد كان العرف في الماضي عرفا شامال بهذا المعنى.
– 4في الدولة الحديثة ،من الصعوبة تصور نشأة عرف شامل بحكم سلوك المواطنين
جميعا ،إال أنه ممكن أن ينشأ عرف شامل في إطار المجتمعات الصغيرة كالطوائف والمهن
واألقاليم ،والعرف الذي ينشأ داخل هذه المجتمعات يسمى باسمها فقد يكون عرف طائفي خاص
( )1انظر د .عصام أنور سليم ،و د .محمد حين قاسم ،ص .69
( )2انظر د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص ،793د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،ص.12-69
( )3د .سمير تناغو ،ص.430
777
بطائفة معينة كالتجارة ،أو عرف مهني خاص بمهنة معينة كالمحاماة ،أو عرف إقليمي والعرف في
()1
الشريعة اإلسالمية كما في القانون ينقسم لعرف عام ،وعرف خاص.
المطلب الثاني
مزايا العرف وعيوبه
– 59من مزايا العرف أنه:
-7يتولد تلقائيا في ضمير الجماعة ،فهو يتماشى مع رغبات األمة وحاجاتها ،ولذلك عده الفقيه
"سافيني" أكمل المصادر القانونية وقال عنه "هوالند" أنه بالنظر إلى طريقة تكوينه يكون أكثر
تالؤما مع الشعور القومي من القانون المصنوع بطريقة أخرى.
العرف يتمشى مع الظروف االجتماعية وحاجات المجتمع الذي تطبق فيه كونه انبثق -3
()2
عنه.
عيوب العرف:
-7أنه أداة بطيئة إلنتاج القواعد القانونية وهو يحتاج إلى وقت طويل حتى يتكون وينشئ
القاعدة ،األمر الذي لم يعد يالئم المجتمعات والتطورات السريعة الجارية فيها.
-3العرف يكتنفه الغموض واإلبهام ،بعكس التشريع فأن صياغته في نصوص مكتوبة محكمة
تضفي عليه الكثير من الوضوح.
-9العرف يؤدي إلى تباين النظم القانونية في الدولة الواحدة ،فهو بطبيعته متجزئ ويختلف
باختالف الجهات ،مما يعني اختالف القواعد المنظمة للموضوع الواحد من إقليم إلى آخر
في الدولة الواحدة وهو ما يتنافى مع ما تسعي إليه من وحدة القانون في كافة أنحاء إقليمها،
()3
وهذا بخالف التشريع الذي عن طريقه تفرض الدولة نظاما قانونيا واحدا على كل إقليمها.
المطلب الثالث
أساس القوة اإللزامية للعرف
– 62أن البحث في أساس القوة الملزمة للعرف ،لم يثر إال حديثا وذلك بقيام الدولة وانفرادها
بوضع القواعد التشريعية ،وقد كثرت اآلراء حول أساس القوة الملزمة للعرف فمنها ما يرد القوة
( )1ارجع د .عبد العزيز عامر ،المدخل لدراسة القانون المقارن بالفقه اإلسالم القسم األول ،نظرية القانون "طبعة
خاصة" ،المطبعة العالمية ،القاهرة7969 ،م ،ص.369
( )2ارجع عبد الكريم فارس المالكي ،جبار صابر ،طه ،ص ،372د .سعيد عبد الكريم مبارك ،ص ،733د .غاب
علي الداودي ،ص.712
( )3د .محمد محمود عبد الله ،ص ،736-730د .سعيد جبر ،ص.741-746
773
الملزمة للعرف إلى إرادة المشرع وذلك الن المشرع يرضى بقيام العرف ويحيل إليه في كثير من
القواعد القانونية.
ومن هذه اآلراء ما يرد في القوة الملزمة للعرف إلى الضمير الشعبي ألن القانون ينشأ
ويتطور في ضمير الجماعة وقد عرف أصحاب هذا االتجاه "بالمدرسة التاريخية" وعلى رأسهم
الفقيه "سافينيي" ومن هذه اآلراء ما يرد القوة الملزمة للعرف إلى القضاء على أساس تطبيق المحاكم
له وقد عرض هذه النظرية "نظرية العرف القضائي" ،الفقيه الفرنسي "المبير" في مؤلف ضخم نشره
سنة 7929م ردا على النظرية التقليدية عن العرف التي شرحها "جيني" في فرنسا ألول مرة سنة
7399م ،وتقوم هذه النظرية على أساس أن تبني القضاء للعرف وتطبيقه من قبله وهو الذي يسبع
عليه قوته اإللزامية .ويذهب رأي آخر في الفقه الحديث إلى أن العرف يستمد قوته الملزمة من
وبصرف النظر عن ما وجه إلى الضرورة االجتماعية التي تفرضه وتحتم وجوده لتنظيم المجتمع،
()1
هذه النظريات من انتقادات ،فأننا نميل إلى الرأي الذي يذهب إلى أن العرف يستمد قوته الملزمة
من إرادة المجتمع ألن القواعد العرفية تنشأ من ضمير الجماعة بسبب عوامل مختلفة ،ذلك أن
الثابت في دراسة ،تاريخ العرف ،أنه هو القانون غير المكتوب وهو الذي ينظم المجتمع قبل ظهور
الدولة إلى جانب القواعد الدينية ،وأن دور العرف لم يلغ حتى بعد ظهور الدولة والتشريعات
()2
المختلفة.
المطلب الرابع
دور العرف في القانون اليمني
– 67ليس جديدا القول بأن العرف يعتبر مصد ار رسميا للقانون ،ولو أنه قد ترك مكان
الصدارة للتشريع في جميع الدول ،وفيما سبق أوضحنا مزايا التشريع التي جعلته يتفوق على
العرف .وتتضح هذه المكانة من منطوق المادة األولى من القانون المدني والتي اعتبرت العرف
المصدر االحتياطي الثالث للقانون في النظام القانوني اليمني ،فحث ال يجد القاضي نصا تشريعيا
يمكن تطبيقه على ما يعرض عليه من نزاع ،عليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية ،فأن لم
يجد حكم بمقتضى العرف الجائز شرعا"....
من الزمن معزولة عن تنظيم شئون الحياة إال بالقدر اليسير أضف إلى ذلك أن باب االجتهاد
أوصد وقيد لعدة قرون .هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فأن اإلحالة إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية
تتضمن اإلحالة إلى العرف ،فالفقهاء المسلمين يعتبرون العرف أحد المصادر أو األدلة الشرعية
والدليل على ذلك أن من بين القواعد الكلية في الشريعة ( )2
بغض النظر عن اختالفهم في ذلك
اإلسالمية القاعدة التالية" :العادة محكمة" ،استعمال الناس حجة يجب العمل بها ،الممتنع عادة
كالممتنع حقيقة" الحقيقة تترك بداللة العادة" ،المعروف عرفا كالمشروط شرطا ،والمعروف بين
()3
التجار كالمشروط بينهم" التعيين بالعرف كالتعيين بالنص".
ولقد سبق التقنين المدني السوري تقنينا المدني في ترتيب العرف بعد التشريع ومبادئ
الشريعة اإلسالمية ،وينبغي أال يفهم بأن المشرع اليمني ينكر الدور المهم الذي يؤديه العرف في
حيث تبرز الدور المهم الذي يؤديه ()4
القانون اليمني ،والدليل على ذلك النصوص القانونية ذاتها
العرف في القانون اليمني ،فهو قد يكمل ما في التشريع من نقص كما قد يكون معاونا له ،كما أن
القانون سمح للعرف أحيانا بمخالفة التشريع ،وذلك على النحو التالي:
( )1انظر حديث الرئيس القائد المنشور بالمذكرة اإليضاحية لقانون المدني للجمهورية اليمني ،الكتاب األول والثاني،
ص.0
( )2ارجع د .سهيل الفتالوي ،ص ، 713د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،ص 309وما
بعدها.
( )3انظر د .محمود عبد الحميد المغربي ،القواعد الكلية في الشريعة اإلسالمية ،المكتبة الحديثة ،الطبعة األولى،
7933م ،ص ، 34مجلة األحكام العدلية الصادرة عن الدولة العثمانية7390 ،ه ،المواد ،99 ،93 ،91 ،96
.40 ،44 ،49 ،42
( )4القانون المدني اليمني المواد ،936 ،931 ،334 ،370 ،113 ،112 ،196 ،123 ،692 ،461 ،303
.7912 ،7796القانون التجاري المواد .97 ،929 ،796 ،727
774
إليها الناس في أمورهم ومعامالتهم ،وكذلك ظل هذا المصدر وسيظل إلى جانب التشريع مصد ار
تكميليا خصبا.
والعرف يقوم بهذه الوظيفة فيما عدى القانون الجنائي وذلك تطبيقا لمبدأ دستوري مفاده ،أنه
ال جريمة وال عقوبة إال بنص" "و "46دستور.
أما بالنسبة للقانون الدولي العام ،فالعرف يلعب الدور الرئيسي إذ أن العالقات بين الدول
تسير في معظم األحيان على القواعد العرفية ،ويسمى هنا العرف الدولي كما يلعب دو ار هاما في
القانون اإلداري( 1نظ ار ألن قواعد هذا الفرع غير مقننة ،وكثي ار ما تلجأ إليه المحاكم وتطبقه.
إما في القانون المدني ،ونظ ار لعناية المشرع بتنظيم وتفصيل أحكامه ،نالحظ أن دور العرف
ضئيل ،وذلك على العكس في القانون التجاري ،فأن العرف يؤدي دو ار مهما نظ ار لقصور
النصوص التشريعية عن مواجهة متطلبات الحياة التجارية المتجددة والمتنوعة بتنوع التجارة.
ذكرنا فيما سبق أن العرف احتياطي للقانون بمعنى أنه ال يطبق إال إذا لم يوجد في المسألة
المعروضة نص في التشريع ،ويترتب على ذلك انه ال يجوز للعرف مخالفة التشريع ،بالرغم من
ذلك ففي حاالت معينة يضع التشريع حكما لمسألة معينة ولكن يقرر أن إذا وجد عرف في هذه
المسالة فأنه يجب العمل به دون العمل بما يضعه المشرع من قواعد تشريعية .والمشرع يقدر في
ذلك أن ما يعتاد الناس في إتباعه من أحكام في مسألة من المسائل الفرعية ،يعد أفضل مما يضعه
مخالفة القواعد الشريعة المكملة ،فهي كما سبق بيانه ،قواعد يجوز لألفراد االتفاق على مخالفتها
ومن أمثلة ذلك ما تنص عليه المادة "فمن باب أولى يجوز نشوء عرف مخالف لها في الجماعة
()2
196من القانون المدني على أنه "ال يجوز للمستأجر أن يستعمل العين المؤجرة إال فيما أعدت له
وعلى النحو المتفق عليه أو المتعارف عليه" ،ما لم يكن هناك اتفاق أو عرف يقضي بذلك .أيضا
ما نصت عليه المادة " "370والتي تنص على أن "ال يلزم رب العمل إطعام الخادم وكسوته إال إذا
اشترط عليه أو جرى العرف به. ".
ويالحظ أن دور العرف في حلول حكمه محل التشريع إذا كان مخالفا له ،ومقصور على
القواعد التشريعية المكملة ،وال يتصور قيامه بالنسبة للقواعد اآلمرة ،فحكم هذه القواعد مفروض
فرضا ال يسمح مخالفته في آية حال .ذلك أنها تنظم مسائل تتعلق بالمصلحة العامة ،وال يجوز أن
()3
يفلت زمام السيطرة على تنظيمها من قبضة السلطة القائمة على التشريع في الدولة.
ومع ذلك بعض من الفقه يجيز للعرف التجاري أن يخالف القواعد اآلمرة في القانون المدني وذلك
على أساس أن مثل هذا القول ال يؤثر على مبدأ تدرج مصادر القانون ،بل يقتصر على تحديد
نطاق تطبيق كل من القانون التجاري والقانون المدني ،كما أن قواعد القالون المدني تعتبر الشريعة
العامة بالنسبة للمعامالت الخاصة ،في حين يعتبر القانون التجاري هو القانون الخاص بالنسبة
للمعامالت التجارية ،وبالتالي فان القانون المدني يكمل القانون التجاري في حالة غياب النص فإذا
ثار نزاع تجاري معين وجب البحث عن قاعدة خاصة في نطاق القواعد التجارية التشريعية أو
العرفية ،وبالتالي ال مجال للتنازع بين العرف التجاري وبين نصوص القانون المدني.
()4
المبحث الرابع
مبادئ العدالة
– 63إذا لم يجد القاضي نصا تشريعيا يرجع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية وان لم يجد
رجع إلى العرف فإذا لم تسعفه هذه المصادر بالحكم الواجب اإلتباع يستعين بمبادئ العدالة الموافق
ألصول الشريعة اإلسالمية جملة ذلك ما تقضي به المادة األولى من القانون المدني.
( )1ارجع جميل الشرقاوي ،ص ،746د .محمد السعيد رشدي ،ص.63
( )2د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،ص.10
( )3انظر د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص ، 749د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،ص
.303
( )4انظر د .حمدي عبد الرحمن ،ص ،372سمير تناغو ،ص.410
776
فالقانون يرجع إلى قواعد العدالة في النهاية إذا لم يجد الحكم محل النزاع المعروض عليه في
التشريع ومبادئ الشريعة اإلسالمية والعرف .أما إذا وجد الحكم الالزم في أحد هذه المصادر لحسم
النزاع المعروض عليه ،فال يجوز له عندئذ أن يبحث عن حكم آخر للنزاع المعروض في مبادئ
وفي الواقع ال يمكن إعطاء ()1
العدالة ولو كان الحكم الذي تلزمه به تلك المصادر منافيا لقناعته
تعريف محدد لهذه المبادئ باعتبار أنها غير واضحة وغير محددة ،كما أنها ال ترد القاضي إلى
وفكرة مبادئ ضابط يقيني إنما تلزمه أن يجتهد برأيه حتى تقطع عليه سبيل النكول عن القضاء
()2
العدالة ترتبط بفكرة القانون – الطبيعي بل وتتفرع منه ،والقانون الطبيعي لم يكن في يوم من األيام
سوى مجموعة من األفكار العامة والمبهمة التي لم تستقر لها مضمون معين وكل ما أمكن ذكره
عن جوهرها يدور حول أنها "المبادئ األبدية والمثالية التي يتوصل إليها اإلنسان بتفكيره وعقله
وتأمله ،وكال الفكرتان تنطويان على مضمون مثالي ،ويشوبها ذات العيب وهو عدم التحديد وعدم
الوضوح وبالتالي يمكن اعتبارها "اقرب إلى الشعور منها إلى األفكار الثابتة المحددة".
وقد عبر أرسطو بوضوح عن أن القانون الطبيعي هو القانون العقلي ،وأن إدراك العمل يكون
بواسطة العقل السليم ،كما لقيت هذه الفكرة بعض التغيير في أوروبا على يد الفالسفة المسيحيين.
فمع أخذهم بنظرية القانون الطبيعي ،إال أن هذا القانون لم يعد في نظرهم قانونا عقليا يدركه
اإلنسان بما يشع في عقله من ضوء ،ولكنه أصبح قانونا مقدسا مصدره الوحيد الله ودليل وجوده
هو الكتب المقدسة.
( )3
وخالص القول ارتبطت فكرة العدالة في الفكر اإلغريقي والروماني ثم في األوربي باتجاهات
فلسفية -والخوض فيما يتجاوز نطاق هذه الدراسة – ولكن نؤكد أن المشرع المصري في القانون
المدني النافذ تبنى مذهب القانون الطبيعي وبمبادئ العدالة مصد ار رسميا راجعا في المادة األولى
منه ودخل الموقف المصري إلى التقنينات المدنية العربية األخرى ومنها القانون المدني اليمني
()4
كآخر تقنين مدني عربي يصدر وكان هذا الصنيع تقليدا اعمي للقانون المصري.
أوال :تنص المادة الثالثة من الدستور بأن الشريعة اإلسالمية مصدر جميع التشريعات
وبالتالي ليس أمام المشرع اليمني أي مصادر أخرى إذ أن الشريعة اإلسالمية تستغرق مصادر
التشريع.
ثانيا :أن المادة األولى من القانون المدين والذي هو اآلخر ليس إال تقنينا للشريعة اإلسالمية
"ويسري هذا القانون المأخوذ من أحكام الشريعة اإلسالمية جعلت " الشريعة اإلسالمية المصدر
الثاني بعد التشريع".
واذا كان البعض يرى أن اإلحالة إلى قواعد العدالة في القانون المصري ليس لها من فائدة
أمام قيام اإلحالة إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية وسبقها عليها( 1فأننا نتمنى لو أن المشرع اليمني
يعيد النظر في المادة األولى من القانون المدني ويعيد صياغتها متخلصا من اإلحالة إلى مبادئ
العدالة ،والمفيد الذكر أيضا أن المشرع حتى عند اإلحالة إلى مبادئ العدالة وضع قيد وهو موافقتها
ألصول الشريعة اإلسالمية.
أن بقاء الحال كما هو عليه في المادة األولى ربما يوحي لدى البعض بان هناك شأنا من
شئون الحياة ال حكم للشريعة فيه أو مصادر الشريعة اإلسالمية وهي الكتاب والسنة النبوية الشريفة
واإلجماع والقياس وغيرها من المصادر وكذلك المبادئ واألصول والقواعد الكلية ال تنطوي على
مبادئ العدالة ،ومثل هذا القول أو الطرح ال يمكن مطلقا التسليم به.
( )1انظر د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،ص 360وما بعدها.
773
أن الشريعة اإلسالمية في تقدير جمهور الفقهاء نظام قانوني تتسع أحكامه لكل جوانب
الحياة ،وانها ال تقتصر على كليات الحياة فحسب ،بل تناول جزئياتها أيضا( 1ولن نسمح ألنفسنا
بأن ننساق خلف الذين يوردون بعض اآليات من كتاب الله أو بعض األحاديث النبوية ليؤكدوا على
العدل في الشريعة اإلسالمية إذ يكفي أن صانعها هو الله .وتتمثل فيها قدرة الخالق وكماله وعظمته
وقد جعل المولى عز وجل العدل أسما له تمجيدا للعدل كأصل ()2
واحاطته بما كان وبما هو كائن
من أصول الشريعة السمحاء.
المبحث الخامس
المصادر التفسيرية
والمصدر التفسيري يراد ()3
– 69ذهب الباحثون مذاهب شتى في تسمية المصادر التفسيرية،
به المرجع الذي يساعد على تجلية ما في القاعدة القانونية من غموض وتوضيح ما فيها من إبهام.
فهو مصدر لالستئناس واالسترشاد ،يسترشد به القاضي للتعرف على حقيقة القواعد التي استمدها
من مصادرها الرسمية دون أن يكون لها قوة ملزمة( 4وقد جرت العادة عند الباحثين في النظرية
العامة للقانون على اعتبار االجتهاد القضائي وآراء الفقهاء ،مصدرين تفسيريين أو مصدرين غير
رسميين .أي أن المشرع عند تعداده لمصادر القاعدة القانونية ،عادة ما ينص على المصادر
الرسمية كما هو الحال في القانون المدني اليمني في المادة األولى منه ،والقانون المدني المصري
المادة األولى والمدني السوري المادة األولى والقانون المدني الليبي المادة األولى ،والقانون المدني
العراقي المادة األولى.
وباستقراء النصوص أعاله ال نجد ذك ار للمصادر التفسيرية أو غير الرسمية باستثناء القانون
المدني األردني في الفقرة الرابعة المادة الثانية والتي تنص على أن "يسترشد في ذلك كله بما أقره
القضاء والفقه على أن ال يتعارض مع ما ذكر" .الجدير بالذكر هو أن القانون المدني اليمني في
المادة ( )79ينص على أن المرجع في تفسير نصوص القوانين وتطبيقها هو الفقه اإلسالمي
والمذكرات اإليضاحية والكتب الشارحة الصادرة عن الهيئة التشريعية.
( ) 1لنظر د .محمد عوض محمد ،مهمة المشرع العربي في ضوء النصوص الدستورية التي تجعل الشريعة
اإلسالمية مصدر للتشريع ،دراسات قانونية ،منشورات – الجامعة الليبية ،كلية الحقوق ،الجلد الثالث ،السنة
الثالثة7919 ،م ،ص.73
( )2انظر عبد القادر عودة ،مرجع سابق ،ص.73
( )3حيث يطلق أيضا المصادر المساعدة ،المصادر االستثنائية ،وغير التشريعية أو غير الرسمية.
( )4لنظر د .سعيد عبد الكريم مبارك ،المرجع السابق ،ص.79
الصدة ،المرجع السابق ،ص.711
ّ د .عبد المنعم فرج
779
ونقتصر في هذا المقام على تناول القضاء والفقه كمصدرين تفسيريين يجمع عليهما الفقه
إجماعا مانعا ،أما ما ورد في المادة ( )79مدني يمني فنتناوله عند تفسير القانون في فصل
مستقل.
المطلب األول
القضاء
األول مجموعة المحاكم الموجودة في الدولة والتي تقوم بتطبيق القانون على المنازعات
المعروضة عليها،والثاني :األحكام التي تصدر من هذه المحاكم ،الثالث :يفيد استقرار المحاكم
باتجاه معين بصدد مسألة معينة واطراد قضاءها طبقا لهذا االتجاه والمعنى اآلخر هو الذي يعنينا
في هذا المبحث.
وقد كان القضاء مصد ار رسميا في الشرائع القديمة وتحول اآلن إلى مصدر تفسيري له في
معظم قوانين العالم ،وعلى األخص القوانين الالتينية والقوانين التي سارت علي منهجها ،أما
القوانين اإلنجلوسكسونية ،فالقضاء هو المنبع الجوهري للقواعد والحلول القانونية.
وفي هنا يقوم الفقيه اإلنجليزي " "Lawsonأن الخصوصية التي يتميز بها القانون اإلنجليزي
تنبع إلى درجة كبير من كون الطريقة أو المبدأ الذي يكون في اللب أو الجوهر الحقيق للنظام ال
نجد أكثره في أي إعالن أو بيان مكتوب وملزم ،ولكن يجب أن تجمع من عدد كبير من الق اررات أو
األحكام القضائية ويضم ما جمع.
ومن ذلك يتضح أن المبادئ المقررة في القوانين () 3
على هذا النحو بعضه على بعض
اإلنجلوسكسونية أن أحكام المحاكم العليا تكون سوابق قضائية ملزمة للمحكمة التي أصدرتها
والمحاكم التي تلتها في الدرجة.
( )1راجع في ذلك القرآن الكريم ،سورة اإلسراء آية ( ،)39النساء ( ،)729البقر ( ،)372طه ( ،)13زخرف (،)11
الحجر ( ،)66فصلت ( ،)73الزمر ( .)69وانظر أيضا لسان العرب البن منظور ،جزء ،79الدار المصرية
للتأليف والترجمة مادة "قضى" ،ص.41
( )2تهذيب األسماء واللغات للندوي.
( )3انظر د .المجيد الحكيم ،االعتبار كركن في العقد في القانون اإلنجلو أمريكي7997 ،م ،ص.34
732
ويقول أحد الفقهاء اإلنجليز "عندما أقول القانون فإنما أعني القانون كما يعلنه قضاء صاحبة
()1
الجاللة "ال القانون الذي تعلنه الدائر الحكومية".
أن إضفاء اللزوم والحجية إلىا لسوابق القضائية يعزوه "قيليب جميس" إلى سببين نفسي
وعقلي ،ناهيك عن المكانة التي يحتلها القضاة في إنجلت ار وما يحضون به من إقدام وتقدير وليس
هناك أدلة على هذه المكانة مما قاله رئيس وزراء بريطانيا السير ونستون تشرشل واصفا القضاة
()2
أنهم أناس ال شبيه لهم أبدا في جزيرتنا".
أن الوضع في البالد العربية ومنها الجمهورية اليمنية مغاير لما هو عليه في النظام اإلنجلو
سكسوني فالمادة األولى من القانون المدني اليمني والنصوص المماثلة في البالد العربية استبعدت
اعتبار القضاء مصد ار رسميا من المصادر الرسمية األخرى بل من المصادر التفسيرية .ومعنى
ذلك أن األحكام ا لقضائية التي تصدر عن المحاكم ال تعتبر بمثابة قواعد قانونية عامة كقواعد
التشريع أو العرف مثال ،وانما هي عبارة عن تطبيق عملي للقواعد القانونية الموجودة وليس لها أي
()3
صفة بالنسبة للقضايا التي تفصل فيها.
ومما ينبغي لفت االنتباه إليه هو أن القضاء ليس سلطة لسن القوانين ،وذلك أن القضاء
عندما ال يجد قاعدة في المصادر الرسمية ،فأنه مضطر إلى االجتهاد للوصول إلى حل يطبق على
النزاع ثم تتواتر األحكام وتستقر على األخذ بهذا الحل في الحاالت المماثلة وهذا القول ينصرف
بالذات على أحكام المحكمة العليا ،إذا تواترت ،اعتبر القضاء هذه األحكام وكأنها مبادئ كلية
يطبقها كلما عرض أمامه وقائع مماثلة ،غير أن التزام المحاكم بأحكام المحكمة العليا ،ال نجد سنده
في القانون ،إنما في المكانة التي يحتلها في سلم القضاء بوصفها أعلى سلطة قضائية ،فاإللزام ال
وعلى العموم فالقاضي غير ملزم بالرجوع إلى األقضية السابقة، يخرج عن االعتبارات األدبية،
()4
كما أن التطبيق اآللي للقواعد القانونية يجردها من نبض الحياة ويحد من إنماء القانون وتطوره .أن
اعتبار االجتهاد القضائي من المصادر التفسيرية هو من نتائج مبدأ الفصل بين السلطات وبصورة
خاصة بين السلطتين التشريعية والقضائية .كم ا أن السلطة التشريعية ال تستطيع أن تتولى الفصل
مباشرة في الدعاوى ،كذلك ال تستطيع السلطة القضائية أن تتولى مهمة التشريع ووضع وقواعد
قانونية عامة.
يقصد بالفقه مجموعة من الشروح واآلراء التي يصدرها علماء القانون سواء كان ذلك في
مؤلفاتهم القانونية أو في أبحاثهم أو في فتاواهم أو في تعليقاتهم على أحكام القضاء ،وقد كان للفقه
في أيام الرومان دور بارز في وضع األحكام ،حيث كانت المحاكم تستعين بآراء الفقهاء وقد خلد
التاريخ أسماء فقهاء أمثال جايوس ،وايلييان وبول ومورستان وبابنيان حيث تكون القانون الروماني
وقد احتل الفقه دو ار مهما في تفسير المصدرين الرئيسيين للشريعة اإلسالمية "القرآن من آرائهم
()1
والسنة" وقد درج كثير من الفقهاء على تقسيم الفقه اإلسالمي إلى قسمين "عبادات ومعامالت" والفقه
اإلسالمي فقه يناسب اإلنسانية وي حل مشاكلها في كل زمان ومكان ،ألنه من معين صاف طيب
أساسه كتاب الله الذي (ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه ولسنة نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم الذي أرسله رحمة بعباده).
( )1جميل الشرقاوي ،نفس المجرع ،ص ،709د .محمد السعيد رشدي ،المرجع السابق،ص.13
733
الفصل الثاني
تطبيق القانون
– 64عندما تتوافر للقاعدة القانونية عناصر الوجود والنفاذ ،فأنه تسري على المخاطبين
بأحكامها ،ويجب على السلطتين التنفيذية والقضائية أن تطبق كل حدود اختصاصه.
ومن نافل القول أن تطبيق القانون يقتضي أوال تحديد المكان الذي تسري فيه قواعده في
المكان والزمان.
ولذلك ف أننا نخصص هذا الفصل في تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان والزمان وذلك
على النحو التالي:
739
المبحث األول
تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان
– 60األصل أن قوانين الدولة توجد بقصد تطبيقها على مواطنها داخل حدود إقليمها ،غير
أن نشاط األفراد ال يقتصر على ما يقومون به داخل حدود دولتهم ،بل يمتد نشاطهم إلى ما وراء
هذه الحدود ،فمن النادر أن يكون إقليم الدولة مقصو ار على مواطنيها ،إنما الغالب أن يوجد على
إقليم كل دولة رعايا دول أخرى .كما أن سهولة وسائل المواصالت وتقدم وسائلها وازدهار التجارة
الدولية أدى إلى نشوء كثير من العالقات بين أفراد يقيمون في دول مختلفة .ولذلك برز السؤال
الخاص بتحديد نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث المكان .ومع معرفة ما إذا كان القانون
تطبق على كل من يوجد على إقليم الدولة بصرف النظر عن انتماؤه إليها أو عدم انتماؤه ،وال يمتد
حكمه إلى رعاياها أن تجاو از حدود إقليمها .وهذا هو مبدأ إقليمية القانون .أم أن تطبيق القانون
على رعايا الدولة دون غيرهم سواء في إقليم الدولة أو خارجه وهذا ما يعرف لمبدأ شخصية
القوانين.
()1
يستمد مبدأ إقليمية القوانين من فكرة سيادة الدولة على إقليمها فتخضع لحكم قوانينها األجنبي
خضوع الوطني له .ويستمد مبدأ شخصية القوانين فكرة سيادة الدولة على رعاياها فينصرف إليهم –
دون األجانب – حكم قوانينها أينما وجدوا ولهذا قيل "بأن من يغترب يحمل على نعليه جزء من
أرض وطنه".
والراجح في الوقت الحاضر أن المبدأ األساسي إقليمية القوانين وأن االستثناء هو السماح
لمبدأ شخصية القوانين في حدد معينة .ومن الطبيعي أن ينتصر مبدأ إقليمية القوانين على مبدأ
شخ صية القوانين ،ألن الدولة ال تملك سلطة حقيقية فعلية إال على إقليمها ،وهي تستطيع مباشرة
هذه السلطة حتى على األجانب المقيمين على إقليمها .وهذا بعكس الحال بالنسبة لألشخاص الذين
يحملون جنسيتها ويوجدون على إقليم دولة أجنبية حيث ال تملك حسب األصل سلطة فعلية عليهم.
()2
ومن هنا كان انتصار مبدأ إقليمية القوانين.
– 11المبدأ المعمول به في اليمن
( ) 1ارجع د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،ص ،36عبد الحي حجازي ،ص ،613د .حمدي عبد
الرحمن ،ص.749
( )2انظر د .سمير تناغو ،ص.696
734
الواقع أن القانون اليمني يأخذ مبدأ إقليمية القوانين بمعنى أن يطبق في إقليم الجمهورية اليمنية على
المواطنين واألجانب على السواء ،غير أن هذا المبدأ ترد عليه عدة استثناءات أهمها اآلتي:
-7يتمتع اليمنيون وحدهم دون األجانب بالحقوق السياسية كحق االنتخاب والترشيح وتولي
الوظائف العامة ،وبالتالي ال تسري القوانين المنظمة لهذه الحقوق على كل األشخاص في
إقليم اليمن.
-3كذلك ينص قانون الجرائم والعقوبات في المادة الثالثة على أن تسري هذه القوانين على
الجرائم التي تقع خارج إقليم الدولة وتختص المحاكم اليمنية بها وفقا لقانون اإلجراءات
الجزائية ,وعلى أساس ذلك نصت المادة " "341إجراءات جزائية على أن المحاكم اليمنية هي
المختصة بمحاكمة كل من ارتكب خارج إقليم الدولة جريمة مخلة بأمن اليمن مما نص عليه
في الباب األول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات أو جريمة تقليد أو تزييف أختام الدولة
أو إحدى الهيئات العامة أو تزوير عملة وطنية متداولة قانونيا أو إخراجها أو ترويجها أو
حيازتها بقصد الترويج أو التعامل بها .والسبب في ذلك ألن هذه القاعدة القانونية تمس
النظام العام ومصلحة الدولة العليا وسيادتها.
وهنا نجد أنه رقم ارتكاب هذه الجرائم خارج اليمن إال أن القانون اليمني يطبق عليها.
( )1
-9ويتصل هذا االستثناء بالحصانة القضائية التي يقررها القانون الدولي العام لبعض األجانب
كرؤساء الدول األجنبية والممثلين الدبلوماسيين ،وفي حدود هذه الحصانة ال يخضعون لوالية
القضاء الوطني ،وال تطبق عليهم بالتالي قانون الدولة الذي يزاولون عملهم فيها.
-4وهذا االستثناء مرده األخذ بقواعد اإلسناد في القانون الدولي الخاص ،إذ قد يؤدي إعمال هذه
القواعد إلى تطبيق قانون أجنبي داخل الدولة،وفي هذا خروج على مبدأ اإلقليمية ،أو يؤدي
إلى تطبيق القانون اليمني خارج حدود اإلقليم اليمني ،وبهذا يكون مبدأ شخصية القوانين هو
المطبق ..وذلك ما تنص عليه المادة ( )30من القانون المدني "يرجع في الحالة المدنية
()2
لألشخاص وأهليتهم إلى قانون جنسيتهم.
وعد هذا االستثناء أهم استثناء يرد على مبدأ إقليمية القوانين.
المبحث الثاني
تطبيق القانون من حيث الزمان
( )1انظر د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ،ص ،723سعيد جبر ،ص ،731أنور سلطان ،ص.763
( )2انظر المواد 96-34من القانون المدني اليمني.
730
– 61ال يمكن أن تكون القوانين أزلية ،إنما تتبدل تبعا لتبدل الظروف السياسة واالقتصادية
واالجتماعية ،والقانون يطبق من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية على النحو الذي سبق أن أوردناه.
ومعنى ذلك أن األصل سريان القانون على المستقبل ،أي على العالقات التي تنشأ في ظل القانون
الجديد ،دون أن يتعدى ذلك إلى حكم وقائع حدثت في الماضي.
أن تطبيق القواعد القانونية يبدو سهال وميسو ار إذا تعلق بواقع تصرفات تمت وترتبت آثارها
في ظل القاعدة القانونية القديمة ،إذ ال مجال للشك في سريان هذه القاعدة ،كعقوبات رتب كافة
آثاره قبل نفاذ القاعدة الجديدة ،إذ ال مجال للحديث عن سريان القاعدة الجديدة عليه.
()1
إال أن تطبيق القاعدة القانونية ال يعرض دائما مثل هذه السهولة والبساطة إذ أن العالقة
القانونية قد تبدأ في التكوين في ظل قانون معين ثم تكتمل لها عناصر التكوين أو تنتح آثارها" في
ظل قانون جديد .فيقوم تنازع بين قاعدتين قانونيتين على حكم هذه العالقة فهل ترجح تطبيق
القانون القديم بسبب تكوين عناصر العالقة كلها أو بعضها في ظله ،أم نرجح تطبيق القانون
الجديد بسبب تحقق اآلثار بعد نفاذه؟ هذه المشكلة تعرف بمشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان.
()2
ولحل مشكلة التنازع هذه وجد مبدأ قانوني قديم ،وهو مبدأ عدم رجعية القوانين ،كما وجد مبدأ
ثاني هو مبدأ األثر الفوري المباشر للقانون الجديد ،كما وجدت بعض الحلول الوضعية لحل مشاكل
التنازع الزماني .ونعرض لذلك في مطلبين:
المطلب األول :الحلول النظرية لحل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان.
المطلب الثاني :الحلول الوضعية لحل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان.
المطلب األول
الحلول النظرية لحل مشكلة التنازع
(مبدأ عدم رجعية القوانين ومبدأ األثر الفوري للقانون)
– 18أوال :مبدأ رجعية القوانين
ينص الدستور في المادة ( )729على أنه ال تسري أحكام القوانين إال على ما قع من تاريخ
العمل بها وال يترتب أثر على ما وقع قبل إصدارها ،ومع ذلك يجوز في غير المواد الضريبية
والجزائية النص في القانون على خالف ذلك ،وبموافقة ثلثي أعضاء المجلس.
ومبدأ عدم رجعية القانون من المبادئ األساسية في القانون ،وتنص عليه معظم الدساتير
منها الدستور المصري المادة ( )731والدستور السوري م( )92والدستور العرقي م( )64الفقرة
(ب) ،الدستور الكويتي م( ،)719كما أن مبدأ وجيعة القانون يعمل به حتى لو لم يكن هناك نصا
عليه ويبرر هذا المبدأ باعتبارات كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي:
()2
-7يقضي المنطق أال يطبق القانون على الماضي،وهو ما نجده في معنى القانون ذاته باعتباره
خطابا لألشخاص ليوجهوا سلوكهم على مقتضاه ،فال بد أن يكون هذا الخطاب سابقا في
وجوده على السلوك المطلوب ليمكن الحكم على السلوك بأنه مطابق أو مخالف للقانون.
وهذا يعني أن ما يتضمن القانون من "أمر ال يتصور توجيهه إلى ما وقع في الماضي وانما
في المستقبل.
( )1انظر د .أنطوان قسيس ،النظرية الحديثة في تنازع القوانين في الزمان ،مجلة "المحامون" سوريا ،العددان األول
والثاني لسنة 7912م ،دمشق ،ص.7
-انظر أيضا د .حسن كيرة ،مشكلة التنازع بين القوانين في الزمان ،مجلة الحقوق ،السنة السابعة ،العددان،9 ،
،4ص 30وما بعدها.
( )2ارجع جميل الشرقاوي ،ص ،733د .عبد الحي حجازي ،ص ،672د .محمد السعيد رشدي ،ص ،33د .عبد
المنعم فرج الصّدة ،ص.332
731
أن تطبيق القانون على الماضي ،يعني إلزام األفراد بقانون لم يكن بوسعهم العمل به ألنه لم
يكن موجودا .فضال عن ذلك ،فأن القاضي إنما يرجع إلى قانون ساري وقت نشوء العالقة القانونية
()1
وعند إنتاجها ألثارها ،وال يعقل أن يطبق عليها قانونا آخر.
-3االعتبارات القائمة على العدالة ليس من العدل في شيء مفاجأة الناس بقانون جديد يعاقب
على أعمال أباحها القانون القديم ،بمحاسبتهم على ما أتوا من هذه األعمال في ظل القانون
القديم.
-9تقضي المصلحة العامة بعدم سريان القانون على الماضي ،حتى ال تضطرب المعامالت
ويسود القلق بين الناس ،إذا أمكن القانون الجديد أن يعدل بأثر رجعي األوضاع واآلثار
القانونية التي تمت قبل صدوره .فضال عن ذلك فأن هذا المبدأ يعد أساس مهم من أسس
الحريات العامة.
واجه الفقه الفرنسي (مشكلة تنازع القوانين) في القرن ( )79فوضع نظريات عامة في هذا
الشأن يستعان بها في حل هذه المشكلة ،وتسمى بالنظرية التقليدية ،وكذلك نظرية (ديجي) التي
تفرق بين المراكز القانونية أو الموضوعية ،والمراكز القانونية الشخصية ،ونظرية "بونكاز" التي
تفرق بين المراكز القانونية المجردة ،والمراكز القانونية المحددة ،وأخي ار النظرية الحديثة التي يرجع
الفضل فيها إلى الفقيه الفرنسي "بول روبيه".
()2
ونكتفي هنا بعرض النظرية التقليدية والنظرية الحديثة.
- 71النظرية التقليدية
تقوم هذه النظرية على أساس التفرقة بين الحق المكتسب ومجرد األمل فالقانون الجديد ال
يجوز له أن يمس حقا مكتسب واال كان ذلك تطبيقا رجعيا للقانون الجديد .وبالتالي يمتنع تطبيقه
ويظل القانون القديم مطبقا.
أما إذا لم يترتب على القانون الجديد سوى اإلخالل بمجرد األمل ،فأنه يطبق وال يعد ذلك
سريانا على الماضي.
أما إذا صدر هذا القانون وصار نافذا بعد وفاة الموصي فأته يمس حقا مكتسبا للموصى له
()1
في نصف التركة لو أن الوصية كانت بالنصف .ولذلك ال يسري على الوصية.
نستخلص مما تقدم بأن القاعدة هي عدم رجعية القانون ،بمعنى عدم المساس بالحقوق التي
اكتسبت في ظل القانون القديم ،لكن هذه القاعدة ليست مطلقة في ظل النظرية التقليدية فمن المسلم
به في هذه النظرية إمكان تطبيق القانون بأثر رجعي في بعض الحاالت.
ال ريب في أن اإلجماع قانونا وفقها منعقد بعدم سريان القانون بأثر رجعي .غير أن هذا
المبدأ ال يطبق بشكل مطلق إذ ترد على بعض االستثناءات وهي كالتالي:
بما أن مبدأ عدم رجعية القانون ال يقيد إرادة المشرع ،فيما عدى القوانين الضريبة والجزائية.
كما تنص ( )729دستور يمني ،ووفقا لذلك فأنه من الجائز أن يقرر المشرع انسحاب القانون بأثر
رجعي متى ما دعت المصلحة العامة لذلك .ويجب أن يكون النص على األثر الرجعي للقانون
صريحا ،فال يؤخذ باألثر الرجعي ألي قانون عن طريق االستنتاج الذي يصل حد اليقين.
فال تكفي اإلرادة الضمنية ،فليس ثمة رجعية ضمنية ،تدل على ذلك أن الدستور اشترط
إلصدار القوانين التي تكون ذات أثر رجعي أن يوافق على ذلك ثلثي أعضاء مجلس النواب.
الصدة ,ص ،330د .غالب الداودي ،ص ،736د .حمد عبد الرحمن ،ص ،749د.
ّ ( )1د ,عبد المنعم فرج
مصطفى مجمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،ص.779
739
على أنه ينبغي مالحظة أن مبدأ عدم الرجعية ،وان كان ال يقيد المشرع فأنه يقيد السلطة
التنفيذية ،فال يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدر الئحة تنفيذية ذات أثر رجعي ،واال كانت الالئحة
()1
غير شرعية أو غير دستورية في آن واحد.
ثانيا :القوانين الجنائية األصلح للمتهم
األصل أن القوانين الجنائية ال تنسحب إلى الماضي ،وقد عني الدستور اليمني كما رأينا
بالتنويه بذلك ،لما في هذا من ضمان للحرية الشخصية ،كما قرر أيضا على أنه "ال جريمة وال
عقوبة إال بنص شرعي أو قانوني ،وال يجوز سن قانون يعاقب على أي أفعال بأثر رجعي على
صدوره" وخروجا على هذا األصل فأن القوانين الجنائية تطبق بأثر رجعي إذا كانت أصلح للمتهم،
بأن كانت تخفف من العقوبة أو تبيح الفعل ،ألنه ليس في ذلك مساس بالحرية الشخصية بل
العكس .في هذه الحال يطبق على المتهم ،الذي لم يصدر الحكم عليه نهائيا ،بعد القانون الجديد
فتمتنع معاقبته أو تطبيق عليه العقوبة الجديدة األخف بالرغم من ارتكابه الفعل في ظل التشريع
أن استفادة المتهم مما يصدر بعد ارتكاب الجرم من قوانين جنائية أصلح وان كان قد قرره القديم.
()2
ال يصح التمسك بحقوق مكتسبة في مواجهة القانون الجديد إذا تعلق األمر بالنظام العام
واآلداب .حتى ولو لم ينص القانون الجديد على سريانه على الماضي.
مثال على ذلك القانون الذي ينظم سن الرشد فإذا بلغ شخص سن الرشد في ظل قانون قديم
ونفرض أنه 70سنة ثم جاء قانون جديد ورفع سن الرشد إلى ،73فأن القانون الجديد يطبق ويعود
الشخص قاصرا ،إذا لم يكن قد بلغ شن 73عند تطبيق القانون الجديد وتجب اإلشارة إلى أن
التصرفات القانونية التي عقدها هذا الشخص قبل صدور القانون الجديد نظل صحيحة ومرتبة
ألثارها القانونية .ألنها صدرت من شخص اعتبره القانون كامل األهلية وقت انعقادها.
()3
رابعا :االستثناء األخير يتصل بالقوانين المفسرة ألن الغرض من هذه القوانين هو إزالة
غموض شاب نصوص قانونية نافذة أدى إلى االختالف في تفسيرها وتطبيقها والقانون المفسر يعد
( )1انظر د .عبد الحي حجازي ،ص ،673د .سمير جبر ،ص ،324عبد الكاظم فارس المالي وجبار صابر طه،
ص.332
( )2انظر د .هشام القاسم ،المدخل في علم القانون ،ص ،766د .محمد محمود عبد الله ،ص ،799جميل
الشرقاوي ،ص.713
( )3انظر د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص.737
792
جزءا من القانون السابق الذي صدر لتفسيره ،وعلى هذا األساس فأنه يطبق اعتبا ار من تاريخ
القانون الذي جاء لتفسيره وليس من تاريخ صدوره فقط ،باعتباره جزءا متمما للقانون السابق ،أنه
()1
كاشف ال منشئ فال يأتي بأحكام موضوعية جديدة ،بل يتضمن أحكاما مفسرة للقانون السائد.
ومما تجدر اإلشارة إليه أن البعض ال يعتبر هذه الحالة من حاالت سريان التشريع الجديد
على الماضي ألن التشريع الجديد ليس هو الذي يطبق وانما يطبق التشريع القديم ،وأن يكون من
مفعول رجعي ،إذ يعتبر الظاهر عمليا أن التفسير الذي جاء به التشريع الجديد سيبدو وكأنه ذو
( )2
-7أن النظرية التقليدية تمتاز بغموض األساس الذي قامت عليه وعدم دقته .فمعيار الحق
المكتسب معيار مبهم كل اإلبهام ال يفصح في جالء عن معنى الرجعية ،ولذلك تضاربت
آراء أنصارها حول تعريفه.
حتى انتهى األمر إلى أن تغدو فكرة "الحق المكتسب" مجرد حيلة لمنع سريان القانون الجديد
()4
على ما يراد سلفا عدم المساس به.
-3تخلط النظرية التقليدية بين األثر الرجعي للقانون ،واألثر الفوري للقانون وهذا ما دفع النظرية
التقليدية إلى عد القوانين المتعلقة بالنظام العام قوانين رجعية استثناء من مبدأ عدم الرجعية.
والصحيح أن القانون يطبق على الوقائع التالية لصدوره أي بأثر فوري أو مباشر .ففي المثال
السابق عن سن الرشد المحدد في القانون القديم 70سنة ،وصدور القانون الجديد بـ 73سنة
أي جعل البالغ قاصرا .فهنا ال يوجد أثر رجعي .ألنه كما أوضحنا يترك تصرفات القاصر
في الفترة بين بلوغه سن الرشد وفقا للقانون القديم وعودته إلى القصر وفقا للقانون الجديد،
يتركها صحيحة ،وكل ما يحدث هو أن القانون يطبق بأثر مباشر ،ومن ثم فأن عودة الرشد
– 72النظرية الحديثة:
إزاء النقد الشديد الذي تعرضت له النظرية التقليدية ،نادى الفقه بنظرية جديدة أطلق عليها
وتقوم تلك النظرية على أساس التفرقة بين مبدأين مبدأ عدم رجعية القانون () 3
النظرية الحديثة
الجديد ،ومبدأ سريانه سريانا مباش ار من جهة أخرى .وعلى أساس هذه التفرقة يكون حل مشكلة
تنازع القواعد القانونية في الزمان.
ويقصد بمبدأ عدم الرجعية أن القانون الجديد ال يمس ما تم في ظل القانون القديم من
المراكز القانونية التي تكونت أو انقضت ،كما أنه ال يمس ما توفر من عناصر خاصة بتكوين أو
انقضاء تلك الماركز ،وما رتبته المراكز القانونية المذكورة من آثار.
وتفيد اإلشارة إلى أن بعض المراكز القانونية تنشأ وتنتهي في لحظة واحدة كمركز الوارث إذا
نشأ حقه في اإلرث فور وفاة المورث ،ومركز المضرور ،إذا نشأ حقه في التعويض فور وقوع
الحادث ،فمثل هذه المراكز تخضع للقانون الساري وقت نشوئها ،وال يثير أمر هذه مشكلة تنازع
القوانين في الزمان .ولكن بعض هذه المراكز تستغرق في نشوءه فترة من الزمن فإذا وضع شخص
( ) 1د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص ،769د .محمد السعيد رشدي ،ص.30
( )2د .رمضان أبو السعود ،ج7ن ص ،904د .سعيد جبر ،ص.321
( ) 3يعد مؤلف الفقيه روبير "تنازع القوانين في الزمان" أعظم ما كتب في هذا الموضوع ،ومن أنصارها بالينول
وكرالت وكابيتان ،عبد الكاظم فراس ،جبار صابر طه ،المرجع السابق ،ص.391
793
يده على مال مملوك للغير بقصد تملكه ،وانقضت المدة الالزمة لذلك وأصبح هذا الشخص مالكا
تكون مركز الشخص القانوني كمالك بوضع اليد في يوضع اليد ،فإن أي قانون جديد يصدر بعد ّ
()1
ظل القانون القديم ،ويطيل التقادم ،مثال ال يطبق على ما تم في ظل القانون القديم.
كذلك إذا انقضى مركز قانوني في ظل قانون قديم فال يسري عليه القانون الجديد مثال ذلك
أن تنقضي عالقة زوجية بالطالق ثم يصدر قانون جديد يستلزم إتمام الطالق أمام المحكمة ،فهذا
القانون ال يسري على رابطة الزوجية التي انقضت في ظل القانون القديم ،فالقانون الجديد ال يسري
على المراكز القانونية التي انقضت في ظل قانون سابق لم يكن يشترط إتمام الطالق أمام
()2
المحكمة.
واذا توافرت بعض عناصر تكوين أو انقضاء المراكز القانونية دون البعض اآلخر فأن
القانون الجديد ال يمس ما تم منها فعال .فالمركز القانوني الناشئ عن الوصية مثال ال يتكون إال
باجتماع عنصرين فال بد أوال من إبرام الوصية وال بد ثانيا من وفاة الموصي بتمامها .وعلى ذلك
فأن القانون الجديد الذي يصدر بعد إبرام الوصية وقبل وفاة الموصي ،فال يمس ما تم من إبرام
الوصية ،وانما يرجع في ذلك إلى القانون القديم .أما بالنسبة إلتمام الوصية فيرجع فيه للقانون
الجديد تطبيقا لألثر المباشر للقانون المذكور .وبذلك ال تكون الوصية نافذة في حق الورثة إال في
أما بالنسبة لآلثار المترتبة على المراكز القانونية ،فأن الحدود التي يسمح بها القانون الجديد.
() 3
مقتضى عدم الرجعية أال يمس القانون الجديد ،ما ترتب فعال من آثار في ظل القانون القديم ،فإذا
أبرم عقد بيع في ظل قانون يرتب على انعقاد البيع وانتقال الملكية بمجرد إبرام العقد ثم صدر
قانون يعلق انتقال الملكية على تسجيل العقد ،فهذا القانون ال يسري على العقد الذي أبرمت قبل
نفاذه.
أما اآلثار التي تستمر وقتا طويال ،فما تم منها في ظل القانون القديم ال تأثير للقانون الجديد
عليه ألنه ال يملك الرجوع فيما يتم ،وما لم يتم منها في ظل القانون القديم يخضعه القانون الجديد
ألثره المباشر فال يعد ذلك رجعية منه بل تطبيقا لألثر المباشر للقانون .فإذا اقرض شخص شخصا
آخر بفائدة %3ثم صدر قانون جديد يجعل الفائدة %1فقط فال يسري القانون الجديد على الفوائد
الني استحقت في ظل القانون القديم ،على الرغم من سريانه على ما يستحق منها منذ تطبيقه.
( ) 1انظر مصطفى محمد الجمال ،ود .عبد الحميد محمد الجمال ،ص ،776د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن
قاسم ،ص.723
الصدة ،ص.399
ّ ( )2انظر د .سعيد جبر ،ص ،373عبد المنعم فرج
( )3انظر هشام القاسم ،المدخل إلى علم الحقوق ،ص.739
799
كذلك الطالق تترتب عليه بعض آثار تستمر وقتا وطويال ،كالنفقة وحضانة األوالد .فإذا صدر
قانون جديد يعدل في هذه اآلثار ،فال تأثير له على ما استحق فعال في نفقة المطلقة وال على ما تم
فعال من حضانة األوالد في ظل القانون القديم.
()1
القاعدة أنه ليس القانون الجديد أثر رجعي ،أي ليس له أثر على ما تم في ظل القانون القديم
تكون أو انقضاء مركز قانوني ،وما اجتمع من عناصر هذا التكوين أو االنقضاء ،وال على ما من ّ
ترتب في ظل القانون القديم من آثار متولدة من مركز قانوني .وال يرد استثناء على هذه القاعدة إال
حيث ينص المشرع صارحة على الرجعية ،وحيث يكون القانون الجديد تفسيريا ،وفي هذين
االستثناءين تتفق النظرية الحديثة مع النظرية التقليدية.
غير أن النظرية الحديثة ال تسلم باالستثناءين اآلخرين اللذين توردهما النظرية التقليدية على
مبدأ عدم الرجعية .فهي ال تقرر رجعية القوانين المتعلقة بالنظام العام واآلداب ،وبالتالي ال تسري
()2
هذه القوانين بأثر رجعي وفقا لما ذهبوا إليه إال إذا نص المشرع صراحة على ذلك.
أما القوانين الجنائية األصلح للمتهم فهذه تسري بأثر رجعي على ما لم يتم الفصل فيه نهائيا
في الدعوى الجنائية أن هذه الدعاوى تمثل أوضاعا لم يتم تكوينها بعد ،وعلى ذلك فأن منطق
النظرية الحديثة ال يحتاج إلى استثناء هذه القوانين من األثر الرجعي كما تفعل النظرية التقليدية
طالما لم يصدر حكم نهائي في الدعوى.
والخالصة أن منطق النظرية الحديثة ،ال يعد تطبيق للقانون الجنائي الجديد األصلح
للمتهم ،استثناء من مبدأ عدم الرجعية ،بل يعد تطبيقا لمبدأ األثر المباشرة للقانون الجديد .فهذا
القانون يسري بأثر مباشر على جميع األفعال التي ارتكبت من قبل والتي لم يصدر فيها حكم
() 3
نهائي.
– 74ثانيا :األ ثر الفوري أو المباشر للقانون الجديد
( )1انظر د .حسن كيرة ،مشكلة التنازع ،ص ،773د .سعيد عبد الكريم مبارك ،ص ،744د .محمد السعيد رشدي،
ص ،36د .سعيد جبر ،ص ،374د .محمد محمود عبد الله ،ص.793
( )2د .حسن كيرة ،مشكلة التنازع ،ص ،773د.نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص.717
( )3انظر د .حمدي عبد الرحمن ،ص ،700د .عباس الصراف ،د .جورج حزبون ،ص ،777د .سمير تناغو،
ص.636
794
يقصد به أن القانون الجديد يسري على كل ما يتلو نفاذه من مراكز قانونية سواء في نشوئها
ويترتب على ذلك: أو في أثارها ومعنى ذلك استبعاد امتداد سلطان القانون القديم بعد إلغاءه.
() 1
-7تطبيق القانون الجديد على المراكز القانونية التي تنشأ بعد بدء سريانه.
-3تطبيق القانون الجديد على اآلثار المستقبلية للمراكز التي سبق أن نشأت في ظل القانون
القديم.
-9تطبيق القانون الجديد على المراكز القانونية التي في طور التكوين ،ومن قبيل ذلك القواعد
المتعلقة باكتساب الملكية بالتقادم.
-4تطبيق القانون الجديد على اآلثار المستقبلية للمراكز القائمة وقت صدروه فإذا أبرم عقد زواج
في ظل القانون القديم ثم صدر قانون جديد يعدل من آثاره أو من طرق انحالله ،فأن من
مقتضى األثر المباشر سريان هذا القانون بالنسبة لآلثار المستقبلية.
بيد أنه إذا كان للقانون الجديد أن يطبق بأثر مباشر على هذا النحو بالنسبة لكل ما ينشأ أو
يتكون أو ينقضي في ظله ،وكذلك بالنسبة لما ترتبه المراكز القانونية من آثار فأن ذلك يؤدي إلى
تحقيق ما يقتضيه النظام في الدولة من وحدة قانونية المطبق على المراكز القانونية ذات الطبيعة
الواحدة ،ويتفادى ما يؤدي إليه من المبدأ العكسي – وهو مبدأ األثر المستمر للقانون القديم – من
()2
ازدواج أو تعدد األنظمة القانونية في حكم مراكز مماثلة.
ويرد على هذا المبدأ استثناء وحيد خاص بالعقود ،إذ تظل المراكز القانونية الجارية –حتى
بعد صدور قانون جديد – محكومة بالقانون التي تكونت في ظله ،دون أن يخضع لألثر المباشر
لهذا القانون الجديد والعلة في هذا االستثناء هو احترام إرادة المتعاقدين حيث ال يكون هناك مبرر
إلهدارها ،وذلك أن المتعاقدين إنما تعاقدوا على أساس القانون القديم وقت إبرام العقد ،فإذا ما طبقنا
عليهما قانون جديد غير الذي كان في ذهنهما عند التعاقد ألدى إلى اإلخالل بالتوازن العقدي.
أن امتداد القانون القديم "مبدأ األثر المستمر للقانون القديم" – مشروط بأن يكون هناك
"مركز تعاقدي " "ال" مركز قانوني تنظيمي .ومن أمثلة المراكز القانونية المنظمة ،الزواج والملكية
وعالقة الموظف بالدولة ،أما المراكز التعاقدية فهي عالقة البائع بالمشتري وعالقة المؤجر
لقد أدت التفرقة بين "المركز التعاقدي" و"المركز القانوني ()3
بالمستأجر وعالقة المقرض بالمقترض،
التنظيمي" إلى فتح الباب واسعا لخالفات كثيرة ،إذ يرى البعض بأن تطبيق القانون الجديد بأثر
كثير من األحيان إذ يصعب معرفته ،فيما إذا كان بصدد نظام قانوني أو
تفرقة غير محكمة ،وتدق ا
رابطة تعاقدية .ويقصد النظام القانوني المركز القانوني الذي يستقل المشرع بتنظيمه وتحديد آثاره.
ومثال ذلك نظام الزواج في القانون الخاص ،ونظام الوظيفة العامة وفي القانون العام ،وتسمى هذه
المراكز أيضا مراكز قانونية أو الئحية أو تنظيمية أما المركز العقدي فيقصد به المركز القانوني
الذي يترك المشرع تنظيمه وتحديد آثاره إلرادة الفرد ،وخير مثال لذلك المراكز التي تنشئها العقود
()2
سواء في مجال القانون العام أو الخاص.
كما أن النظرية الحديثة تجنبت التفرقة التي أخذت بها النظرية التقليدية بين الحق المكتسب
ومجرد األمل وهي كما سبق ذكره تفرقة غامضة.
وتركز النظرية الحديثة على أساس مفاده "سريان القانون الجديد في الحال" وهذا المبدأ يتفق
مع نية المشرع وما ينبغي أن يتوفر للروابط القانونية من توحيد في نظامها القانوني.
وأخي ار فأن النظرية الحديثة لم تهمل مبدأ سلطان اإلرادة في الروابط العقدية واحترام إرادة
أألفراد في هذا المجال ،وذلك من خالل االستثناء الذي أوردته بشأن الروابط العقدية المتكون في
ولكن بالرغم مما ذكر من المزايا ،فأنها لم تسلم من النقد ،فقد قيل بأن التفرقة ظل القانون القديم
( )3
التي أخذت بها في سبيل تحديد نطاق األثر المستمر للقانون القديم والمتمثلة في التفرقة بين المركز
العقدي والنظام القانوني تعد غير محكمة أو منظمة.
( ) 1انظر مصطفى محمد الجمال ،ود .عبد الحميد محمد الجمال ،ص ،732د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون،
ص ،719د .حسن كيرة ،مشكلة التنازع ،ص ،793عبد الكاظم ،المالكي ،جبار صابر طه ،ص.9.6
( )2ارجع د ,محمود حافظ ،القرار اإلداري دراسة مقارنة ،ج ،7دار النهضة العربية ،القاهرة ،بدون تاريخ ،ص.76
عمان799 ،م ،ص.34 د .خالد سمارة الزعبي ،القرار اإلداري بين النظرية والتطبيق ،طّ ،
( )3ارجع د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،ص ،721عب د الكاظم فراس المالكي ،جبار صابر طه،
ص ،921د .رمشان أبو السعود ،ج ،7ص ،966-960د .سعيد جبر ،ص 334وما بعدها.
796
المطلب الثاني
الحلول الوضعية لحل مشكلة تنازع القوانين في الزمان
– 16حسم المشرع اليمني مشكلة تنازع القوانين ،ولم يترك القضاء للخالفات الفقيه حول
قواعد حل التنازع بين القوانين في الزمان ،وذلك بوضعه قواعد لحل تنازع القوانين من حيث الزمان.
وقد أورد المشرع اليمني في المادة ( )37مدني المبادئ العامة في تطبيق القوانين من حيث
الزمان حيث ينص على "ال تسري القوان ين على الوقائع السابقة على الوقت المحدد لتنفيذها إال في
الحاالت اآلتية:
إذا كانت نصوصها آمرة أو متعلقة بالنظام العام ،أو اآلداب العامة بشرط أن ال تمس ما تم -7
أو استقر من قبل.
-3إذا تعلق األمر بتفسير تشريع سابق.
-9إذا نص القانون صراحة على سريانه على الوقائع السابقة على تنفيذه.
ونحن من جانبنا نرى أن المبادئ العامة للقانون ملزمة وواجبة التطبيق حتى في ظل غياب
النصوص القانونية المكتوبة غير أن المشرع اليمني وقد وضع أساسا تشريعيا للمبادئ العامة
للقانون وذلك ما يستفاد من المادة ( )37مدني ،االستثناءات الثالثة الواردة في النص المذكور وقد
أوجبتها المصلحة العامة التي تتحقق من ورائها ،والقوانين منوطة بالمصلحة ربما قصد المشرع من
وسبق القول بأن المشرع ذلك حسم الخالف حول القيمة القانونية التي تتمتع بها هذه المبادئ.
()1
اليمني وضع قواعد لحل تنازع القوانين من حيث الزمان ،وقد توزعت هذه القواعد في تقنينات
مختلفة بحسب طبيعة القوانين الذي يقوم التنازع بينها .فمنها ما ورد في التقنين المدني ،ومنها وما
ورد في قانون المرافعات ،ومنها ما جاء في قانون الجرائم والعقوبات .ونعرض فيما يلي الحلول
التي قررها المشرع في هذه القوانين..
أن تطبيق القانون في الزمان يثير مسألتين بشأن األهلية ،األولى مرتبطة بتحددي مركز
الشخص نفسه من حيث األهلية والثانية بمصير التصرفات التي صدرت منه في ظل القانون
( )1راجع د .علي خطار شطناوي ،مبادئ القانون اإلداري األردني ،مرجع سابق ،ص.749
791
وبالنسبة للقانون المدني اليمني فقد ترك المسألة القديم ،بعد أن تغير وضعه وفقا للقانون الجديد
()1
األولى للمبادئ العامة واقتصر األمر في المادة ( )39على معالجة تصرفات الشخص التي أبرمها
في ظل القانون القديم.
– 6أهلية الشخص
ترك المشرع اليمني مسألة حل تنازع القوانين فيما يتعلق باألهلية للمبادئ العامة ،والحال
الذي تنهض به المبادئ العامة في هذا الصدد يقوم على أساس أن القانون الجديد يسري بمقتضى
أثره المباشر وذلك في الحالتين أي في حالة رفع القانون الجديد سن الرشد أو العكس .ففي حالة
رفع سن الرشد يسري القانون الجديد بأثر مباشر على الشخص وبوصفه رشيدا ،فيعده قاص ار إذا لم
يكن قد بلغ السن المقررة فيه وقت نفاذه ،إذ أنه يملك إعادة النظر في المراكز القانونية القائمة وقت
نفاذه ،بما له من أثر مباشر بالنسبة إلى المستقبل .وفي حالة تخفيض سن الرشد يسري القانون
الجديد بأثر مباشر على مركز الشخص باعتباره قاصرا ،إذا أن هذا المركز لم يكن قد انقضى في
ظل القانون القديم ،فيسري عليه القانون الجديد بما له من أثر مباشر حيث تقرر انقضاءه من وقت
() 2
نفاذه.
– 2تصرفات الشخص
تنص المادة ( )39مدني على أنه "إذا عاد شخص توافرت فيه األهلية ،بحسب نصوص
قديمة ناقص األهلية بحسب نصوص جديدة فأن ذلك ال يؤثر في تصرفاته السابقة.
أن الحكم الوارد في المادة أعاله واضح ،فتصرفات الشخص التي أبرمت في ظل القانون
القديم ،فالقاعدة في شأنها أنها تظل محكومة به .فالتصرفات التي عقدها الشخص الراشد في ظل
القانون القديم تظل صحيحة حتى لو أصبح هذا الشخص قاص ار في ظل القانون الجديد .وأيضا
فأن التصرفات التي عقدها شخص قاصر في ظل القانون القديم تظل باطلة أو قابلة لإلبطال حتى
لو أصبح هذا الشخص رشيدا في ظل القانون الجديد.
( )1انظر م( )6مدني مصري ،م( 779مدني عراق ،م( )1مدني سوري ،م( )6مدني أردني ،م( )6مدني ليبي ،وقد
وردت كافة النصوص مطابقة تماما للنص المصري باعتباره أول تقنين مدني عربي.
الصدة ،د .سمير جبر ،ص.391
ّ ( )2ارجع في ذلك د .عبد المنعم فرج
793
عد الشخص راشدا إلكماله ( )70عاما وهو سن الرشد المطلوب بالقانون القديم ،فإذا قام هذا
ّ
الشخص بإبرام بعض التصرفات ،ومن ثم صدر القانون الجديد معدال سن الرشد برفعها إلى (73
سنة) ،فأن تصرفات الشخص تبقى صحيحة ،ولو أنه لم يكمل 73سنة من عمره ،وهو قاصر تبعا
لذلك.
والمثال أآلخر ،لنفرض أن سن الرشد وفقا للقانون القديم كان 73سنة ،وتصرف شخص
وهو في سنة 71سنة ،فيعتبر تصرفه باطال ابتدأ فإذا جاء القانون الجديد وخفض سن الرشد إلى
70سنة ،فيظل ذلك التصرف باطال ،وال أثر للقانون الجديد عليه ،رغم تقريره الرشد لهذا الشخص،
حال نفاذه .وبهذا نرى أن الحكم الذي تقرره المادة ( 39مدني يمني) يتفق مع مضمون كل من
النظريتين التقليدية والحديثة.
فنالحظ أن فكرة احترام الحق المكتسب بالنسبة للنظرية التقليدية ،هي التي تبرر إبقاء
التصرفات التي تتم في ظل القانون القديم صحيحة.
-7يسري التشريع الجديد المتعلق بالتقادم من وقت العمل به على كل تقادم لم يكتمل.
-3فإذا قرر التشريع الجديد مدة تقادم أطول مما قرره التشريع القديم امتدت المدة القديمة طبقا
للتشريع الجديد.
-9واذا كانت المدة الجديدة اقصر مم ا قرره التشريع القديم سرت المدة الجديدة من وقت العمل
بالتشريع الجديد ولو كانت المدة القديمة قد بدأت قبل ذلك.
أما إذا كان الباقي من المدة طبقا للتشريع القديم اقصر من المدة المقررة في التشريع الجديد -4
فأن التقادم يتم بانقضاء هذا الباقي.
-0وفي كل حال يسري التشريع القديم على المسائل الخاصة ببدء التقادم ووقفه وانقطاعه وذلك
على المدة السابقة على العمل بالتشريع الجديد.
والتقادم هو طريقة الكتساب الملكية وبعض الحقوق العينية "كاالرتفاق واالنتفاع" عن طريق
حيازتها مدة يحددها القانون ،وبشروط يحددها القانون ،وهذا هو المسمى بالتقادم المكسب .أما
التقادم المسقط ،فهو وسيلة النقضاء الحقوق الشخصية "االلتزامات وبعض الحقوق العينية
799
كاالرتفاق واالنتفاع إذا مضى على استحقاقها أو عدم استعمالها مدة يحددها القانون في كل حالة
()1
أي أن التقادم يعد طريقة النقضاء االلتزام "التعهد" دون الوفاء به .وهذا ما تأخذ به غالبية
وهذا ما يصادم الشريعة اإلسالمية التي ال التشريعات الوضعية وهو سقوط الحقوق بمضي المدة
( )2
تقر مبدأ سقوط الحق بمضي المدة ،كما ال تعرف الشريعة اإلسالمية من جهة أخرى اكتساب
الحقوق بمرور الزمن ،فمن ال حق له في شيء ال يكتسبه بوضع اليد عليه زمانا طال أو قصر ،إذ
الكتساب الحقوق وانتقالها بين الناس طرق مشروعة أباحتها الشريعة اإلسالمية كالعقود والتصرفات
والمواريث .وبذلك ،فاته من كان عليه حق يلتزم بوفائه شرعا مهما تقادم العقد به وال يحله من
ولكن مبادئ الشريعة اإلسالمية تقر فكرة منع ()3
الوفاء مرور الزمان ألن حقه ثابت في ذمة مدينه
القاضي من سماع الدعوى التي تمر عليها مدة طويلة .ويبني الفقهاء المنع من سماع الدعوى على
قاعدة تخصيص القضاء بالمكان تخصيص القضاء بالمكان والزمان "النازلة" علما بأن هذه القاعدة
تخصيص القضاء بالمكان والزمان ال يعمل بها عند اإلقرار بالحق من المدين مهما طال الزمن
على الدين المدعى به.
ونخلص مما سلف ،بأن التقادم في الشريعة اإلسالمية وهو تقادم الدعوى التي تحمي الحق
دون تقادم الحق ذاته ،بمعنى أنه يجرد حق الحماية إذا أهمله صاحبه بالترك ،ولكن دون أن يؤدي
وفي الحديث الشريف "ال يبطل حق امرئ مسلم وان قدم". ذلك إلى سقوط الحق في حد ذاته،
( )4
وتجنبا للمفاهيم التي تنسجم مع الشريعة اإلسالمية فقد وردت النصوص المتعلقة بالتقادم في
القانون المدني اليمني منسجمة مع موقف الشريعة اإلسالمية من فكرة التقادم وكذا الحال في
القانون المدني األردني والمدني الليبي بعد تعديله بالقانونين ( 36لسنة 7913م) و( 93لسنة
7911م).
( )1انظر المحامي عبد القادر الفار ،ص ،733د .عصام أور سليم ،،د .محمد حسن قاسم ،ص ،723عبد الكاظم
فارس المالكي وآخرون ،ص.79
( )2انظر القانون المدني المصري مواد ( 133 ،693 ،)913-914فقرة ،3وغيرها.
( )3انظر المذكرة اإليضاحية للقانون رقم 36لعام 7913م بشأن تحريم بعض عقود الضروع في القانون المدني
الليبي وتعديل بعض أحكامه المواد ( )910-967نقال عن عبد السالم علي المزوغي ،ص.993
( )4انظر محمد عبد اللطيف ،التقادم المكسب والمسقط ،ط ،3دار النشر للجامعات المصرية ،القاهرة7966 ،م،
ص.36-32
742
لقد بينت المادة 33مدني الحل في حال التنازع الزماني بين القوانين المتعلقة بالتقادم
ويتضح لنا من نص المادة السابقة من القانون المدني أنها تعرض لمبدأ األثر المباشر للقانون ،كما
تعرض لمبدأ عدم رجعية القانون الجديد في شأن بعض العناصر المتعلقة بالتقادم.
عدم الرجعية :يفرق القانون بين المادة السابقة على العمل بالقانون الجديد ،وهذه تخضع (أ)
ألحكام القانون القديم بالنسبة للمسائل الخاصة ببدء التقادم ووقفه وانقطاعه وبذلك ال يكون
للقانون الجديد أثر رجعي بالنسبة لهذه المسائل ،وبين المدة التالية على العمل بالقانون
الجديد ،وهذه يسري عليها القانون الجديد بأثر مباشر ويتفق النص في ذلك مع النظرية
()1
الحديثة.
(ب) األثر المباشر:
تقضي الفقرة األولى من( )33بأنه "يسري التشريع الجديد المتعلق بالتقادم من وقت العمل به
على كل تقادم لم يكتمل" .وبما أن التقادم ال يتم إال بانقضاء مدة من الزمن لذا فأنه من الجائز أن
يصدر قانون جديد خالل هذه الفترة يعدل في أحكامه .وهذا التعديل قد ينصب على مدة التقادم
بإطالتها أو تقصيرها ،كما قد ينصب على شروط التقادم األخرى .وأكثر ما تبرز من مشاكل
تحتاج للحل في هذا الشأن هو التغيير في مدة التقادم سواء بإطالتها أو تقصيرها.
-7التقادم الذي يبدأ في السريان في ظل القانون الجديد ،فالقانون الجديد هو الذي يطبق عليه
من جميع الوجوه وال يثير ذلك أي مشكلة.
-3التقادم الذي اكتملت مدته قبل نفاذ القانون الجديد ،يعتبر مكتسبا في ظل القانون القديم وال
شأن للقانون الجديد به.
-9في حالة إطالة القانون الجديد لمدة التقادم ،فأن القانون الجديد يسري بأثر فوري بحيث يعتد
بالمدة الطويلة الجديدة للتقادم ولكن تحتسب مدة هذا التقادم من وقت بدئها في ظل القانون
القديم وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة 33مدني.
قصر القانون الجديد مدة التقادم ،فأنه طبقا للفقرة الثانية من المادة ذاتها ،تسري المدة
-4إذا ّ
التي ينص عليها القانون الجديد من وقت العمل به وذلك بالنسبة لكل تقادم لم يكتمل دون
اعتداد بالمدة التي انقضت في ظل القانون القديم.
( )1ارجع د .مصطفة محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،المرجع السابق ،ص ،730عبد الكاظم فارس
المالكي ،جبار ثابر طه ،المرجع السابق ،ص.974
747
-0وفي الحالة التي يكون فيها الباقي من المدة القديمة أقصر من المدة التي تقررت في التشريع
الجديد كما لو كانت المدة القديمة عشر سنوات ولم يبق إلكمالها سوى ثالث سنوات ثم جعل
التشريع الجديد المدة خمس سنوات .ففي هذه الحالة يعتد بالمدة القديمة وما سري منها ويتم
التقادم بانقضاء باقيها "ثالث سنوات" وتكون والية التشريع القديم قد امتدت بعد زواله تحقيقا
للعدالة ألنه بغير هذا االستثناء تطول مدة التقادم على عكس ما أراد المشرع .وقد آثر
القانون اليمني هذا الحل اقتداء بالتقنين المدني المصري.
والتقنينات العربية األخرى التي حذت حذوه( 1والحكمة واضحة في هذا الحل الذي تتبناه الفقرة
الرابعة م( )33مدني يمني فلو أخذنا بالمدة الجديدة وهي أطول بحسب المثل السابق عن المدة
الباقية ألدى هذا إلى إطالة التقادم مع أن القانون الجديد جاء بقصد تقصيرها.
عالج قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم ( )33لسنة 7993م المسائل الخاصة بتنازع
ق وانين المرافعات من حيث الزمان في المادتين األولى والثانية ،وقد أخذ المشرع اليمني بهذا الشأن
لمبدأ األثر المباشر لقوانين المرافعات ،ومبدأ انعدام األثر الرجعي للقانون الجديد .ونعرض ذلك
على النحو التالي:
تطبيقا لمبدأ عدم رجعية قانون المرافعات ،فقد نصت المادة الثانية منه على أن كل إجراء تم
صحيحا في ظل قانون معمول به يبقى صحيحا ما لم ينص على غير ذلك أن كل إجراء من
إجراءات المرافعة يخضع للقانون الذي تم تحت سلطانه.
فاإلجراء الذي تم صحيحا في ظل القانون القديم ،يظل كذلك في ظل القانون الجديد وان
وكذلك اإلجراء الذي يقع باطال في ظل استلزم القانون الجديد أوضاعا أخرى بصحة هذا اإلجراء
()2
( )1ارجع المذكرة اإليضاحية لقانون المدني الكويتي ،مجلس الوزراء ،إدارة الفتوى والتشريع ،لجان تطوير التشريع،
مطابع القبس التجاريةـ بجون تاريخ ،ص.70-74
الصدة ،ص.361 ّ ( )2انظر د .عبد المنعم فرج
( )3أجمد أبو الوفاء ،التنازع الزمني لقوانين المرافعات ،كلية الحقوق ،السنة (7912 ،)70م ،العدد األول ،صادر
7917م ،ص 66-64نقال عن عبد الكاظم فارس المالكي وآخرون ،ص ،979د .سمير تناغو.176 ،
743
المتعلقة بإجراءات التقاضي واجراءات اإلثبات ،والتنفيذ والتي ال تمس أصل الحق بطريق مباشر.
وخالصة القول بأن المادة أعاله تقرر بأن قوانين المرافعات ال تسري على الماضي ،أي ليس لها
اثر رجعي.
تسري قانون المرافعات على ما لم يكن قد ُفصل فيه من الدعاوى وما لم يكن قد تم من
اإلجراءات قبل تاريخ العمل بها ويستثنى من ذلك:
-7القوانين المعدلة لالختصاص إذا كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
-3القوانين المنشئة أو الملغية آو المعدلة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من األحكام قبل تاريخ
العمل بها.
-9القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها.
يتبين من هذا النص أن المشرع أخذ بمبدأ األثر المباشر لقوانين المرافعات بالنسبة للدعاوى
التي لم يكن قد فصل فيها أو بالنسبة لإلجراءات ا لتي لم تكن قد تمت حتى تاريخ العمل بتلك
القوانين.
وتطبيقا لذلك ،فإذا صدر قانون جديد ينقل االختصاص بنظر دعاوى معينة من محكمة إلى
محكمة أخرى داخل الجهة القضائية الواحدة ،أو نقل هذا االختصاص من جهة قضائية إلى جهة
أخرى ،فأن مثل هذا القانون يسري بأثر مباشر على كل الدعاوى التي ترفع في ظله ،وكذلك على
تلك التي رفعت قبل نفاذه ولكن لم يفصل فيها بعد.
وانسجاما مع نص هذه المادة ،فان الدعاوى التي كانت منظورة أمام المحاكم أو الجهات
القضائية التي لم تعد مختصة بنظرها ،تحال فو ار بحالتها إلى المحاكم أو الجهات القضائية التي
أصبحت مختصة بنظرها طبقا للقانون الجديد( 1وان كان هذا هو األصل ،إال أن المشرع قد أورد
استثناءات ثالثة على هذا المبدأ أخذ فيها مبدأ األثر المستمر للقانون القديم بالرغم من نفاذ القانون
الجديد ،واالستثناءات هي:
( ) 1انظر د .رمضان أبو السعد ،الجزء األول ،المرجع السابق ،ص ،911د .سمير تناغو ،المرجع السابق،
ص ،171د .هشام قاسم ،المدخل إلى علم القانون ،المرجع السابق ،ص.730
749
-7ال تنطبق القوانين المعدلة لالختصاص على الدعاوى التي أعلن فيها إقفال باب المرافعة قبل
نفاذها .فمثل هذه الدعاوى تظل محكومة بنصوص القانون الذي رفعت تلك الدعاوى وقفل
باب المرافعة في ظل القانون القديم.
ويبرز هذا االستثناء ما تقتضيه المصلحة العامة ومصلحة الخصوم أنفسهم من عدم نقل
الدعوى إلى محكمة أخرى واعادة النظر فيها وقد وصلت مرحلة حاسمة حيث لم يبق فيها إال
إصدار الحكم.
()1
-3القوانين التي تنظم طرق الطعن بالنسبة لما صدر من أحكام قبل تاريخ العمل بها ،متى
كانت هذه القوانين منشئة أو ملغية أو معدلة لطريق من تلك الطرق .ومعنى ذلك أنه إذا
صدر حكم في ظل القانون القديم الذي يبيح الطعن فيه باالستئناف ،ثم صدر قانون جديد
وجعل هذا الحكم غير قابل للطعن فيه باالستئناف فال يسري القانون الجديد ،ويستمر سريان
القانون القديم ،ويكون الحكم قابال للطعن فيه باالستئناف .وكذلك العكس أي أن الحكم غير
قابل للطعن باالستئناف مثال في القانون القديم الذي صدر الحكم في ظله ،ال يصبح قابل
للطعن باالستئناف في حالة صدور قانون جديد ينشئ طريقا للطعن باالستئناف في مثل هذا
النوع من األحكام .غير أن هناك من يرى خالف ذلك ،باعتبار أن غلق باب الطعن أمام
أطراف النزاع من شأنه غلق الباب أمام البحث عن معرفة الحقيقة وكشف الحق وبالتالي فان
االستفاد ة من القاعدة الجديدة التي تبيح الطعن يتفق والعدالة طالما كان األمر ممكنا أي
()2
طالما كان الحكم لم يمضي على صدوره مدة طويل.
ونحن بدورنا ال نجد في هذا الطرح أي وجاهة ،إذ أن المبررات التي يستند عليها هي في
األصل التي أرغمت المشرع على إعادة النظر واصدار قانون جديد الذي فتح باب الطعن بعد أن
كان موصدا في القانون القديم ،ناهيك عن أن المبادئ العامة في المرافعات ال تجيز تطبيق القانون
()3
الجدي على الدعاوى التي صدرت فيها أحكام في ظل القانون القديم.
-9القوانين المعدلة للمواعيد ،مثل المواعيد التي ينبغي أن ترفع فيها المعارضة أو االستئناف أو
النقض ،يطبق بشأنها القانون القديم ،متى ما كان القانون الجديد قد عجل به بعد أن بدأت
المواعيد فعال في ظل القانون القديم ،والحكمة في هذا األمر أنه متى بدأ الميعاد في ظل
قانون معين ،فمن العدل وحسن التصرف أن ينتهي طبقا لهذا القانون نفسه ،كي ال يتج أز
( )1عبد الكاظم فارس المالكي ،جبار صابر طه ،المرجع السابق ،ص.932
( )2راجع د .عبد السالم علي المزوغي ،ص.943-941
( )3انظر عبد الكاظم فارس المالكي ،جبار صابر طه ،ص.933-937
744
ويالحظ أن هذا االستثناء ال يسري إال الميعاد أو يضطرب حساب بدايته ونهايته ومداه،
()1
على القواعد المعدلة للمواعيد فقط ،فال يسري على استحداث القانون الجديد لميعاد من
مواعيد السقوط بل يخضع ذلك للمادة الثالثة مرافعات التي تنص "ال يسري ما يستحدث من
مواعيد السقوط إال من تاريخ العمل بالقانون التي استحدثها.
أن الحكمة من عدم رجعية القانون الجنائي اقتضتها عدة اعتبارات منها:
احترام الحقوق والحريات الفردية ،ناهيك عن مصلحة المجتمع والمحافظة على الثقة
واالستقرار القانوني وغيرها من األسباب واالعتبارات التي تجعل من مبدأ الحرية هي األصل العام،
وتجريم األفعال والمعاقبة على ارتكابها هو االستثناء فقط في حالة الضرورة القصوى لحماية
وبالرغم من الحكمة القوية التي تدعم تقرير مبدأ عدم رجعية () 4
المجتمع من ظاهر االنحراف.
( ) 1د .توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،الطبعة الثانية ،مؤسسة الثقافة الجامعية7937 ،م ،ص.917
( )2انظر في قاعدة عدم رجعية القانون الجزائي د .عبود السراج ،قانون المرافعات القسم العام ،الطبعة السادسة،
منشورات جامعة دمشق799-93 ،م ،ص ،93-36كامل السعيد ،11-01وحسني الجندي ،ص،746-777
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،المادة ،77فقرة .3
( )3انظر د .توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،ص.916
( )4د .عبد السالم علي المزوعي ،ص.907
740
القوانين الجنائية ،إال أن المشرع أورد استثناءا هاما عليه وهذا االستثناء خاص بقوانين العقوبات
()1
األصلح للمتهم.
والحكمة في هذا واضحة ،ذلك أن المشرع إذا رأى أن العقوبة شديدة فخفف منها ،أو أن
الفعل لم يعد من األهمية والخطورة على الجماعة حتى يستحق أن يعتبر جريمة ،فمن العدل أن
()3
يعمل بماء جاء به المشرع الجديد ويمتد إلى األفعال التي وقعت قبل سريانه.
على أنه يشترط لكي تطبق القوانين األصلح للمتهم على األفعال التي وقعت قبل سريانه
الشروط التالية:
-7أن ال يكون المتهم قد حوكم من أجلها وصار الحكم عليه باتا أي استنفدت فيه كل وسائل
الطعن في الحكم .فإذا صار الحكم نهائيا فأن المتهم ال يستفيد من أي قانون يصدر بهد
ذلك ولو كان في صالحه.
( )1تنص على هذا االستثناء معظم القوانين الجنائية (م 0عقوبات مصري)( ،م 0عقوبات عراقي)( ،م 0عقوبات
أردني) والمواد ( ،72 ،3 ،0 ،4 ،9 ،3عقوبات سوري)(( ،م 76 ،70عقوبات كويتي)( ،م 7عقوبات قطري)،
(م 74 ،79عقوبات إماراتي)( ،م 3فقرة 3عقوبات ليبي).
( )2قانون العقوبات السوري المواد 77 ،72 ،3 ،0 ،4 ،9 ،3والعقوبات اللبناني المواد ( ... )72 ،4من مفهوم
القانون األصلح للمتهم.
الصدة ،المرجع السابق ،ص.312
ّ ( )3انظر د .توفيق حسن فرج ،المرجع السابق ،ص ،913د .عبد المنعم فرج
746
-3أن يمحو القانون الجديد الجريمة ،أي أن يصبح الفعل الذي حوكم عليه المجرم من أجله
غير معاقب عليه ،ففي هذه الحالة يسري القانون بأثر رجعي فيستفيد منه المتهم ،حتى وان
أصبح الحكم باتا فصدور مثل هذا الحكم ال يحول دون استفادة المحكوم عليه من القانون
الجديد ،فيوقف تنفيذ الحكمة وتنتهي كل آثاره الجنائية .ويالحظ في هذا الشأن اختالف هذه
الحالة التي سبقتها وترجع ذلك إلى تخفيف العقاب يقتضي حكما جديدا ،وهذا األمر قد امتنع
بعد صدوره الحكم باتا ،بينما الحالة الثانية ال تقتضي اإلفادة منها صدور حكم جديد ،وانما
يكتفي فقط بوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها.
()1
ويالحظ أن المادة ( )4انتهت بالقول "ومع ذلك أن صدور قانون بتجريم فعل أو االمتناع أو
التشديد بالعقوبة المقررة له وكان ذلك في فترة محددة فأن انتهاء هذه الفترة ال يحول دون تطبيقه
على ما وقع خاللها".
ووفقا لذلك فأن تطبيق األصلح للمتهم ليس مطلقا وذلك أن هذا االستثناء ال ينصرف إلى
الحالة التي لم يتركب فيها جريمة في ظل قانون مؤقت أي في ظل قانون يعاقب على الفعل في
فترة محددة ،والقوانين المؤقتة نوعان :قوانين مؤقتة بحكم النص أي قوانين يحدد الشارع صراحة فيها
تاريخ انتهاء العمل بها كالقانون الذي ينحصر على سكان منطقة مغادرتها لمدة ستة أشهر النتشار
الوباء.
والنوع الثاني في القوانين المؤقتة بحكم طبيعتها ،أي قوانين سنت لواجهة ظروف طارئة ال
يعرف على وجه التحديد زمن زوالها ،كالحرب والدمار أو األزمة االقتصادية ،التي تتطلب إصدار
ومثال على ذلك أن يصدر قانون من قوانين التسعيرة ()2
قوانين تعلق بالتموين أو التسعيرة...إلخ
الجبرية تحدد للعمل به مدة سنة مثال .وأرتكب أحد التجار خالل تلك السنة مخالفات لألسعار
الجبرية وانقضت مدة اللسنة وأصبح الفعل بذلك مباحا قبل أن تتم محاكمته ،فليس معنى ذلك
إفالت هذا التاجر من العقاب ألن الفعل صار مباحا بانقضاء السنة ..بل تتم محاكمته طبقا لذلك
() 3
القانون ،على ما ارتكبه من مخالفات أثناء قيامه.
الفصل الثالث
تفسير القانون
( )1ارجع د .رمضان أبو السعود ،ج ،المرجع السابق ،ص ،933د .نبيل إب ارهيم سعد وآخرون ،المرجع السابق،
ص.732
( )2ارجع في ذلك د .عبود السراج ،المرجع السابق ،ص.96-90
الصدة ،المرجع السابق ،ص.313
ّ ( )3انظر د .سعيد جبر ،المرجع السابق ،ص .306و د .عبد المنعم فرج
741
– 32سبق القول ،بأن الغاية من سن القانون هي تنظيم الروابط والعالقات التي تنشأ بين
األفراد من جهة وبينهم وبين السلطة من جهة أخرى ،وأن وظيفة المشرع تنتهي بتشريعه القوانين
حيث تبدأ وظيفة القاضي بتطبيقها على القضايا التي ترفع إليه بغية الفصل فيها .غير أن عمل
القاضي ال يكون عادة على مثل هذا القدر من السهولة ،فالقواعد القانونية تتصف بالعموم والتجريد،
كما يكتنفها الغموض واإلبهام ألنها تأتي في عبارات وجيزة مركزة ،مما يؤدي في كثير من الحاالت
التي صعوبة الوقوف على معناها ،سواء من حيث ما تتضمنه من شروط إلعمال حكمها ،أو من
حيث تحديد مضمون هذا الحكم ،والطريق الذي يسلكه رجال القانون الستخالص حكم القانون من
خالل نصوصه يسمى تفسير القانون ،والغاية من تفسير القانون هو تحديد معناه ومقصوده ،ولذا
فالقاعدة الشرعية المطابقة لنص المادة السادسة مدني يمني تنص على "األمور بمقاصدها والعبرة
بالمقاصد والمعاني ال باأللفاظ والمباني" .كما نصت المادة األولى مدني يمني على أن يسري هذا
القانون المأخوذ من أحكام الشريعة اإلسالمية على جميع المعامالت والمسائل التي تتناولها
نصوصه لفظا ومعنى "...ويتضح من هذه المادة بأنه يلزم عدم التقيد بألفاظ النص وانما يجب أن
يستخلص معنى النص من مجموعة عبارته وعلى هدى قصد المشرع ونيته الحقيقية.
أما في مجال التفسير فقد اختلف الباحثون ،فهناك من ير بأن التفسير مقصور بالنسبة لكل
القواعد القانونية أيا كان مصدرها ،وفريق آخر يرى بأن التفسير ال يتناول إال القواعد التشريعية
المكتوبة والصادرة في صورة رسمية من السلطات التنفيذية ،أما القواعد العرفية ،فأنها ليست بحاجة
إلى التفسير ألنه إذا أريد تطبيق القواعد العرفية وجب التحري عن وجودها والتحري عن وجودها
يؤدي بطبيعة الحال إلى الوقوف على معناها أو التعرف على حقيقة الحكم الذي تتضمنه ،ولذلك ال
( )1
تبقى حاجة للتفسير.
ولهذا جرى الفقه على بحث التفسير بمناسبة الكالم عن التشريع فقط نظ ار ألنه يعد في
الوقت الحاضر المصدر األساسي للقواعد القانونية؛ وتأسيسا لما سبق فأن دراستنا لتفسير القاعدة
المبحث األول
أنواع التفسير
– 37ينقسم التفسير بالنظر إلى الهيئة التي تقوم بها إلى ثالثة أنواع:
فإذا صدر التفسير عن المشرع نفسيه ،سمي تفسير تشريعي إما إذا صدر عن القضاة الذين
يتولون تطبيقه سمى تفسير قضائي ،وقد يصدر عن الفقهاء الذين يعكفون على دراسته ،عندها
يكون التفسير فقهيا .والغالب أن يصدر التفسير عن القاضي بمناسبة ما يعرض عليه من أقضية،
لذلك يعتبر التفسير القضائي أكثر صور التفسير من الناحية العملية.
المطلب األول
التفسير التشريعي
التفسير التشريعي هو التفسير الذي يقوم به المشرع نفسه ،فإذا ما وجد الشارع نفسه أمام
نص غامض ،أو أن القضاء قد نهج في تفسيره منهجا يخالف قصده ،عمد إلى إصدار نص
()1
تشريعي آخر إليضاحه وازالة الغموض عنه.
وقد ال يتولى المشرع مباشرة مهمة إصدار التفسير التشريعي بل ينيب عنه غيره في ذلك،
ويتميز التفسير التشريعي بكونه يلزم الكافة .وهو يستمد هذا اإللزام العام من كون السلطة التي تقوم
به هي السلطة المخولة حق التشريع في البالد.
واألصل أنه ال يجوز للتشريع المفسر أن يتضمن تعديال أو إضافة للتشريع المراد تفسيره
()2
( )1ارجع د .توفيق حسن فرج ،د .محمد يحيى مطر ،األصول العامة للقانون ،الدار الجامعية7933 ،م ،ص،713
د .مصطفى الجمال ،د .حمدي عبد الرحمن ،دروس في القانون ،الدار المصرية للطباعة والنشر ،بيروت،
7917م ،ص.734
( ) 2يذهب البعض إلى أن بإمكان المشرع الخروج عن هذا األصل ،أي أن يتجاوز النص المفسر ويجري تعديالت
واضافات جديدة .إال أننا ت=نرى أن ذلك غير صحيح باعتبار أن مهمة التشريع التفسيري مقتصرة على تفسير
749
وتستند التفسير التشريعي إلى مبدأ فصل السلطات ،فالقضاة عليهم فقط واجب تطبيق
القانون ،فإذا وجدوا غموضا فيه ،فعليهم أن يلجئوا إلى المشرع الذي وضعه ليفسر لهم ،ال أن
يقوموا هم بتفسيره ،فينحرفوا بمعناه على المعنى الذي قصده المشرع نفسه.
المطلب الثاني
التفسير القضائي
هو التفسير الذي يقوم به القضاة أثناء نظر الدعوى التي ترفع غليهم ،والقاضي يقوم
بالتفسير من تلقاء نفسه دون أن يطلب منه ذلك ،ألن مهمته هي معرفة حكم القانون فيما يعرض
عليه من دعاوى ،فالتفسير عن د القضاء ليس غاية في ذاته ،بل هو وسيلة يستخدمها بقصد الفصل
في المنازعات ،وبناء على هذا فال يمكن أن يطلب من القاضي تفسير نص قانوني استقالال عن
وجود نزاع معروض عليه .والقاضي ال يستطيع أن يمتنع عن تطبيق النص القانوني بحجة عدم
وضوحه أو نقصه واال عد منك ار للعدالة ،بل ينبغي عليه تفسيره وأن يستشف من مضمون النص
والمعاني الوارد التي أرد المشرع أإلفصاح عنها ولم تسعفه جهوده لتوضيح ذلك النص عن
الصياغة.
واألصل في التفسير القضائي ،أنه غير ملزم إال في حدود النزاع الذي يستلزم هذا التفسير،
فهو غير ملزم لنفس القاضي في نزاع مستقل مماثل .وهو غير ملزم من باب أولى لقاضي آخر،
حتى وان كان هذا التفسير صاد ار من أعلى سلطة قضائية وهي المحكمة العليا ولكن يستثنى من
ذلك الحالة التي نص عليها قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني م( )337وهي الحالة التي
تنقض فيها محكمة النقض الحكم المطعون فيه وكان نقضها مبنيا على سبب آخر غير مخالفة
قواعد االختصاص فأنها تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها
من جديد بناء على طلب الخصوم في هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن
تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة .هذا ويتميز التفسير
القضائي بالطابع العملي والواقعي ألنه يصدر عن جهة تعد أكثر الجهات التصاقا بالواقع ،ولهذا
فأنه يتأثر بالظروف المحيطة بالمنازعات التي تعرض على القضاء للفصل فيها.
()1
قانون معين ،وان رأي المشرع غير ذلك ،فهو صاحب الحق في إلغاء القانون إصدار آخر متضمن ال يرد
إضافته من نصوص موضوعية جديدة .انظر د .محمد الجمال ،وعبد الحميد الجمال ،ص.371
( )1ارجع د .نبيل سعد وآخرون ،المرجع السابق ،ص.734
د .محمد السعيد رشدي ،المرجع السابق ،ص.99
د .عبد السالم علي المزوعي ،المرجع السابق ،ص.969
702
المطلب الثالث
التفسيري الفقهي
والعلم ،واصطالحا في القانون هو مجموع آراء وأبحاث ودراسات األساتذة الفقه لغة الفهم
( )1
ويتكون من حصيلة هذا الجهد مجموعة الذين يكرسون أوقاتهم وجهودهم في شرح أحكام القانون
()2
من االتجاهات واآلراء تكون خير معين للمشرع في تعديل القوانين أو تطويرها ،وخير معين
للقاضي في تأكيد آرائه أو مراجعتها.
ويتميز التفسير الفقهي بالطابع النظري كما ليس لهذا التفسير صفة اإللزام بالنسبة للمحاكم،
فهي ليس ملزمة باألخذ به.
وقد لعب الفقه في بعض مراحل التاريخ دوار أهم من مجرد تفسير القانون كما هو الحال في
القانون الروماني حيث يعتبر الفقه مصد ار من مصادر القانون ،كذلك في الشريعة اإلسالمية يعتبر
والجدير بالذكر بأن ()3
إجماع الفقهاء ،هو المصدر الثالث للتشريع اإلسالمي بعد الكتاب والسنة.
البعض يضيف التفسير اإلداري كنوع رابع للتفسير أي التفسير الذي تقوم به السلطات اإلدارية
()4
عند قيامها بتنفيذ قانون معين من خالل منشورات أو تعليمات ....إلخ.
المبحث الثاني
مدارس التفسير
– 33تعددت وجهات النظر حول أصل القانون وأساسه ،كما سبق وأوضحنا وتبعا لهذا
الخالف تنوعت االتجاهات واختلفت أيضا فيما يجب البحث عنه عند التفسير لتحديد المعنى
المقصود من النص ،وبرزت في الفقه عدة مدارس هي مدرسة الشرح على المتون ،والمدرسة
التاريخية أو االجتماعية ،المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي الحر.
المطلب األول
ظهرت هذه المدرسة في فرنسا أثر التقنينات الفرنسية في القرن التاسع عشر والتي سميت
بمجموعة نابليون .وقد نظر الفقهاء إلى هذه التقنينات نظرة تقديس واحترام .لذلك فأن دور الفقه في
تفسير هذه النصوص يتلخص في البحث عن أرادة المشرع الحقيقية متى عبر عنها بالنص
التشريعي عند وضعه ويستدل على هذه النية الحقيقية من معاني ألفاظ النصوص نفسها ،أما إذا لم
تعين البحث عن اإلرادة المفترضة للمشرع وقت وضع النص فالعبرة إذن،
يجد نص لحالة معينة ّ
لدى أصحاب هذه المدرسة بنية المشرع عن د وضع النص سواء كانت هذه النية حقيقة أم
وهي تنظر دائما إلى نية المشرع عند وضع النص حتى ولو تغيرت ظروف الجماعة ()1
مفترضة
عند تفسير القانون عنها عند وضعه ،واذا كانت لهذه النظرية مزايا في أنها تمنع تحكم القضاة ،كما
تحقق للنصوص القانونية الثبات واالستق ارر ،فان عيوبها أنها تعتبر التشريع هو المصدر الوحيد
فأن نظرتها للتفسير يؤدي إلى جمود القانون وتحول دون تطوره لكي ()2
للقانون ومن جانب آخر،
يتالئم مع تغير الظروف في المجت مع .وقد عرف الفقه اإلسالمي مدرسة مماثلة لهذه المدرسة هي
المدرسة الظاهرية والسبب في هذه التسمية أنهم كانوا يأخذون بظاهر النص "الكتاب والسنة".
()3
المطلب الثاني
المدرسة التاريخية أو االجتماعية
أنشأ "سافيني" و "بوشتا" هذه النظرية في ألمانيا ولم تجد لها في فرنسا إال نصا ار قليلين ويرى
أنصارها أن تفسير التشريع يجب أن يكون على حسب الظروف االجتماعية واالقتصادية في الوقت
الذي تفسر فيه النصوص .وال عبره بإرادة المشرع الحقيقية المفترضة عند وضع النص ،كما يقول
أنصار المدرسة السابقة ومن ثم فأن تفسير التشريع ال ينبغي أن يكون تفسي ار إلرادة المشرع ،بل
يجب أن يستقل التشريع عن المشرع ويعيش حباته المستقلة في الجماعة ذاتها ،ويخضع في تفسيره
وبالتالي فاإلرادة المعتبرة في هذا الشأن هي اإلرادة ()4
لكل التطو ارت التي تحدث داخل هذه الجماعة
المحتملة أي اإلرادة التي كان يريدها المشرع لو أنه وجد في الظروف الحالية التي تحيط بالفقيه أو
القاضي عند تفسيرهما للقانون .ونرى أن ما تذهب إليه هذه المدرسة يقترب من القاعدة الفقهية في
( )1انظر د .نبيل إبراهيم سعد وآخرون ،ص ،736د .توفيق حسن فرج ،الدخل للعلوم القانونية ،ص.999
( )2انظر د .سمير تناغو ،ص ،103د .رمضان أبو السعد ،الجزء األول ،ص ،473د .سعيد جبر ،ص.361
( )3ارجع إلى د .محمود محمد طنطاوي ،المرجع السابق ،ص.391
( ) 4انظر د .توفيق حسن فرج ،د .محمد يحيى مطر ،ص ،711د .سمير تناغو ،ص ،109د .عصام أنور سليم،
ود .محمد حسن قاسم ،ص.773
703
ومن المفيد اإلشارة إلى أن الشريعة اإلسالمية التي تقول "ال ينكر تغير األحكام بتغير األزمان"
()1
المدرسة التاريخية هي أكثر مرونة من المدرسة السابقة كونها تهدف إلى تطويع النصوص لمواجهة
الظروف المتجددة ،أال أنها تفتح المجال للتحكم ،وتخرج بالتفسير عن معناه ووظيفته ،من خالل
تعديل النصوص التشريعية تحت ستار التفسير ،وبحجة أن ما يقول به المفسر هو اإلرادة التي كان
من المحتمل أن يقول بها المشرع لو أنه وضع النص في الظروف الجديدة التي يتم فيها التفسير،
وبذلك ال يكون للتشريع أي قيمة في ذاته.
()2
المطلب الثالث
المدرسة العلمية
ظهرت هذه المدرسة في فرنسا على يد الفقيه "جيني" " "Genyوجاءت المدرسة العلمية
كاتجاه وسط بين المدرستين السابقتين فنظرة هذه المدرسة في التفسير تقوم على أساس البحث عن
إرادة المشرع مع عدم إغفال العوامل المختلفة التي تساهم في تكوين القاعدة القانونية .وتتفق
المدرسة العلمية مع مدرسة الشرح على المتون عل أنه ينبغي أن يتم تفسير التشريع طبقا إلرادة
المشرع الحقيقية إال أنها تختلف عنها بالنسبة للبحث عن النية المفترضة إذا لم يوجد نص في
التشريع في الحالة المعروضة فال يجوز أن تفترض أم ار وتنسبه إلى المشرع ،بل ينبغي التسليم بأن
التشريع ال يتضمن القاعدة التي تطبق ولهذا يتعين البحث في المصادر الرسمية األخرى ،فإذا لم
توجد قاعدة في المصادر الرسمية األخرى فال ينبغي إال إتباع "البحث العلمي الحر" أي الرجوع إلى
جوهر القانون والحقائق التي تتكون منها مادته األولية وهي حقائق طبيعة وتاريخية وعقلية
وفقا لما رآه جيني مؤسس هذه المدرسة. ومثالية
()3
المبحث الثالث
طرق التفسير
– 39طرق التفسير هي الوسائل التي يهتدي إليها المفسر في سبيل استخالص المعاني
التي يدل عليها النص التشريعي بما يطابق القصد الحقيق للمشرع ،وهذه الوسائل أما أن تكون
()4
داخلية أو خارجية.
وهي الطريق التي يهتدي إليها المفسر بالتشريع نفسه دون االستعانة بعنصر خارجي أي أنه
يتقيد ضمن نطاق النصوص التشريعية والطرق المتبعة في التفسير الداخلي هي:
– 6القياس
القياس لغة هو التسوية بين شيئين وقيل هو التقدير كقولك قست الثوب بالذرع أي قدرته،
والقياس بمعناه الفني ،هو استنباط حكم غير منصوص عليه من حكم منصوص عليه التحاد العلة
بين حكمين وفي اصطالح األصوليين هو إلحاق واقعة ال نص على حكمها بواقعة ورد نص
ونضرب على ()1
بحكمها ،في الحكم الذي ورد به النص .لتساوي الواقعتين في علة هذا الحكم
القياس المثال الذي نستمده من أحكام الشريعة اإلسالمية:
جاء في أحد األحاديث النبوية الشريفة أن قاتل مورثه ال يرث فالحكم هنا هو حرمان الوارث
الذي يقتل مورثه من نصيبه في اإلرث ،والسبب هو قتله لهذا المورث وقد قيس على هذه الحالة
حالة تتعلق بالموصى له الذي يقتل من أوصى إليه وطبق عليه نفس الحكم وهو حرمان الموصى
له من حقه في الوصية ،ألن السبب واحد في الحالتين وهو قتل الموصي أو المورث.
()2
هو أن تكون هناك حالة منصوص على حكمها وتكون علة الحكم أكثر تواف ار في حالة أخرى
غير منصوص على الحكم فيها فينسب الحكم في الحالة المنصوص عليها على الحالة غير
المنصوص عليها من باب أولى ومثال على ذلك اآلية الكريمة التي تأمر اإلنسان بحسن معاملة
أبويه بقولها "وال تقل لهما ٍ
أف وال تنهرهما" نستطيع أن نستنتج من باب أولى مثال أن من واجبه أن
ال يضربهما.
( )1انظر عبد الوهاب خالف ،ص ،03د .محمود محمد طنطاوي ،ص ،306د .وهبة الزحيلي ،ص ،06عبد
اقالدر عودة ،التشريع الجنائي اإلسالمي ،ج ،7ص.733
( )2انظر قانون األحوال الشخصية رقم 32لعام 7993م ،المادة .324 ،3/399
704
ومثال على ذلك ما تنص عليه المادة ( )043مدني يمني على أنه إذا هلك المبيع قبل األخرى.
()1
التسليم انفسخ البيع واسترد المشتري الثمن فالمفهوم المخالف لهذا الحكم هو أن هالك المبيع بعد
التسليم ال يؤدي إلى فسخ البيع واسترداد الثمن ،ومثال آخر ما تقضي به المادة ( )006مدني يمني
حيث تنص إذا أخطر المشتري بالبائع بالعيب في الوقت المالئم طبقت أحكام خيار العيب
المنصوص عليها في القانون .ومن هذا النص يمكن االستنتاج بمفهوم المخالفة أنه لم يقم المشتري
بإخطار البائع بالعيب في الوقت المالئم فال تطبق أحكام خيار العيب وما هذه األمثلة إال غيض
من فيض.
– 4تقريب النصوص المتعلقة بموضوع واحد بعضها مع البعض
تقتضي هذه الطريقة أن يكون هناك تقريبا بين الجزئيات النص الواحد والنصوص المبعثرة
وأن يكون النص المراد تفسيره وثيق الصلة بنصوص القانون األخرى باعتباره جزءا منه لكي تظهر
هذه الطريقة أثرها في تحديد معنى النص القانوني المزمع تفسيره.
أن تقريب النصوص بعضها مع البعض ،يؤدي إلى تدارك ما بها من نقص ،فقد يكمل
بعضها البعض أو يفسر المجمل فيها أو يقيد المطلق ،فالمفسر يجد النصوص الخاصة بموضوع
()2
واحد كال ال يتج أز يكمل بعضها البعض اآلخر وبذلك يسهل عليه التعرف على األحكام القانونية
وأخي ار ينبغي التأكيد على أن استخدام هذه الطرق في االستنتاج يجب أن يتم بحذر كي ال نصل
إلى أحكام مخالفة لروح النص وقواعد الشريعة اإلسالمية باعتبارها مصدر تشريعاتنا كما يجب أن
نالحظ أن األحكام الواردة على سبيل الحصر واالستثناء ال يقاس عليها وال يتوسع في تفسيرها ألنها
تبنى على ضرورة والضرورة تقدر بقدرها ،فمثال هذه النصوص يحب أن تفسر تفسي ار ضيقا وأن
( )3
يقتصر حكمها على ما ورد بشأنه.
المطلب الثاني
طرق التفسير الخارجية
وهي التي يهتدي إلهيا المفسر مستعينا بعناصر ووسائل خارجة عن نطاق النصوص
التشريعية ومن الطرق المتبعة في طريقة التفسير الخارجية.
– 6األعمال التحضيرية
والرجوع إلى هذه المسائل يساعد في معرفة األسباب الموجبة للتشريع والنية الحقيقة للمشرع.
واألعمال التحضيرية كإحدى طرق التفسير الخارجية ،نصت عليها المادة 79مدني يمني ،ويجب
أن نالحظ أن المذكرات اإليضاحية ليست جزء من التشريع ،بل خارج النص وليس لها أي صفة
رسمية كما أن المذكرات اإليضاحية تعبر عن رأي واضعها وتصوره الشخصي والتي قد ال تتفق
()1
ونية المشرع الحقيقة.
– 2الكتب الشارحة
() 2
تقضي المادة ( )79مدني يمني بأن" :الكتب الشارحة الصادرة من الهيئة التشريعية"
كمرجع من مراجع تفسير القوانين .وأول ما يتبادر إلى الذهن بعد قراءة النص أعاله هو أن المشرع
اليمني عازم على إصدار كتب تشرح القوانين ،حتى يسهل للمشتغلين بالقانون تطبيقها على نحو ما
قصد وذهبت إليه إرادته.
ونرى من جانبنا ،بأن هذه الكتب الشارحة ليست لها صفة اإللزام ،وانما يرجع إليها مطبق
القانون لالستئناس ،اعتبار أن الكتب الشارحة ليست تشريعا.
– 3المصدر التاريخي
هو المصدر الذي يستمد منه المشرع نصوص التشريع وباستطاعة المفسر االستفادة من
وتعتبر الشريعة اإلسالمية "الكتاب والسنة" المصدر ()3
األصل الذي اقتبس منه التشريع في تفسيره
التاريخي للتشريع اليمني وعلى أساس ذلك نصت م( )79مدني بأن الفقه اإلسالمي هو المصدر
عند تفسير القوانين وتطبيقها ويعتبر القانون المدني الفرنسي المصدر التاريخي للقانون المدني
المصري وكلك قانون العقوبات اإليطالي المصدر التاريخي لقانون العقوبات الليبي .ومجلة األحكام
العدلية والقانون المدني المصري والقانون المدني الفرنسي تعتبر مصادر تاريخية للقانون المدني
هناك مبادئ عليها يخضع لها كل تشريع ،هذه المبادئ يجب أن يتوخاها القاضي وهو يفسر
نصا غامضا.
ويقصد بالمبادئ العليا المبادئ المستقرة في كل نظام قانوني يسير بموجبة ويتبعه ذلك البلد،
والمبادئ العليا المستقرة في النظام القانوني اليمني هي مبادئ الشريعة اإلسالمية وهي التي ال تقبل
فيجب على المفسر القانوني االستئناس بهذه المبادئ التغيير أو التبديل "ال تبديل لكلمات الله"
()2
وأخير نود اإلشارة إلى أن التفسير من قبل القاضي المدني يختلف عندما يكون المفسر
قاضيا جنائيا ،فالقاضي المدني يطبق قواعد التفسير بتوسع بينما العكس في حالة القضايا للجنائي
فهو مقيد بأن يحصر اجتهاده في تفسير النص وتطبيقه على الواقعة المروضة فليس له أن يخلف
جريمة أو عقوبة من طريق القياس مثال.
المبحث الرابع
إلغاء القانون
– 34أن حركة المجتمع متدفقة ودائمة التجدد ،ولما كان األمر كذلك ،فالقانون باعتباره توأم
المجتمع ،فهو األخير متجدد ومتغير بتغير وتجدد المجتمع ذاته .فالقاعدة القانونية والموافقة
والمواكبة لشروط المجتمع اليوم ،ال يكون كذلك غدا ولذا لزم األمر إلغاء القاعدة القانونية بأخرى
مواكبة للحياة في صيرورتها.
والمقصود بإلغاء القانون وقف العمل به وتجريد قوته الملزمة واإللغاء بهذا المعني قد يكون
بقصد إحالل قانون آخر محل القانون السابق وقد يكون بغرض االستغناء عن القانون دون إحالل
قانون آخر محله .واإللغاء يرد على القواعد القانونية أيا كان مصدرها الرسمي أي أكانت مستمدة
ويكون اإللغاء من التشريع أو من مصدر آخر غير التشريع فالعرف مثال يلغى بعرف مخالف له
()3
( )1المذكرة اإليضاحية للقانون المدني العراقي ،ص 7وما بعدها ،د .عبد السالم علي المزوغي ،ص.999
( )2سورة يونس .64
( )3د .توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،ص 996وما بعدها.
701
-7المطلب األول :إلغاء القواعد القانونية وغير التشريعية
-3المطلب الثاني :اإللغاء الصريح اإللغاء الضمني
-9المطلب الثالث :التفرقة بين إلغاء التشريع وابطاله
المطلب األول
إلغاء القواعد القانونية وغير التشريعية
– 30تنص المادة الثانية من القانون المدني اليمني على أنه ال يجوز إلغاء نص تشريعي
إال بتشريع الحق ينص صراحة على هذا اإللغاء أو يشتمل أو يشتمل على نص يتعارض مع نص
التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعد ذلك التشريع.
ووفقا لألصل أعاله ،فأن السلطة المختصة في إلغاء التشريع هي نفس السلطة التي أصدرته
أو من جهة أعلى منها ،ويترتب على هذا أن التشريع ال يلغى إال بتشريع الحق .فالدستور هو أعلى
القوانين ال يلغى إال من السلطة المختصة قانونا وال يجرى تعديله إال حسب األسس المنصوص
وبناء على ما تقدم يجب رفض ما يذهب إليه البعض من أن التشريع يصبح عليها في الدستور
()1
ملغيا إذا أهمل تطبيقه أي جرى العرف عدم إعماله مدة طويلة فعدم تطبيق التشريع مهما طالت
()2
المدة ال يترتب عليها سوى نشوء "عرف سلبي" كما يقال عادة.
والعرف أيا كان ال يلغي التشريع كما هو واضح من منطوق م( )3مدني يمني .فالنص
القانوني يمكن االحتجاج به وطلب تطبيقه في كل وقت مادام المشرع لم يعمد إلى إلغائه ،ألنه يظل
وعدم جواز إلغاء التشريع إال بتشريع الحق مرجعه أن قائما وساري المفعول ولو أهمل استعماله
()3
التشريع هو أعلى مصادر القانون واذا كان العرف ال ينفي التشريع ألنه أعلى منه مرتبة فأن مبادئ
الشريعة اإلسالمية تتميز بالثبات والتالي ال يمكن الحديث عن إلغائها.
المطلب الثاني
اإللغاء الصريح واإللغاء الضمني
يكون اإللغاء صريحا إذا صدرت قاعدة قانونية جديدة تقضي صراحة بهذا اإللغاء وال يكون
ذلك إال بواسطة قاعدة تشريعية ينص فيها صراحة على إلغاء القاعدة السابقة مثل ذلك ما نصت
عليه المادة الثانية من القرار الجمهوري رقم 79لسنة 7993م الخاص بإصدار القانون المدني
حيث نصت على أن "يلغي القوانين 31 ،77 ،72لسنة 7919م و 76،1لسنة 7939م بشأن
القانون المدني الصادر في صنعاء ،كما يلغي القانون رقم 3لسنة 7939م بشأن القانون المدني
الصادر في عدن.
هذه صورة من صور اإللغاء الصريح ،والصورة األخرى تتمثل في حالة ما إذا كان سريان
القاعدة القانونية موقوتا بمدة معينة بحيث تعتبر القاعدة ملغية بانقضاء هذه المدة ،كأن يصدر
قانون لمواجهة ظروف معينة كحالة حرب ،أو أزمة اقتصادية وبنص فيها على العمل بها أثناء مدة
الحرب ،أو األزمة االقتصادية فقط ،وبانتهاء الحرب وزوال األزمة االقتصادية ينتهي العمل بهذا
القانون.
أما إذا أمكن التوفيق بين القواعد القديمة والجديدة ،ال يعتبر القانون الالحق ألغى السابق
وانما يطبقان معا كل منهما بالنسبة للحاالت التي تتناولها أحكامه كأن يكون يحتوي القانون نصا
ويالحظ من النادر أن يعيد المشرع تنظيم موضوع كان ينظمه تشريع سابق دون أن ينص
التشريع الجديد ،على إلغاء التشريع السابق صراحة لذلك فأن الفقه ال يجد أمثلة يضربها على
()3
اإللغاء الضمني بهذه الطريقة.
المطلب الثالث
التفرقة بين إلغاء التشريع وابطاله
– 31سبق القول بان إلغاء القانون هو وقف العمل به وتجريده من قوته الملزمة ،واإللغاء
حدث عادي في حياة القانون فهو يضع نهاية لهذه الحياة واإللغاء يجرد القانون من قوته الملزمة
بالنسبة للمستقبل فقط وليس بالنسبة للماضي.
أما اإلبطال فهو صورة خاصة من صور إعدام وجود القانون عن حاالت اإللغاء السابق .أي
أن اإلبطال حدث غير عادي في حياة التشريع ،ومن النادر أن يتعرض تشريع لإلبطال واإلبطال
التي ويحدث ذلك بالنسبة للتشريعات السلطة الفعلية
()5 ()4
ال يرد إال على تشريع معيب في تكوينه
تنشأ عقب ثورة أو انقالب.
ومن أمثلة هذه التشريعات التي أصدرتها حكومة "فيشي" التي حكمت فرنسا في ظل
االحتالل الهتلري فحين تم تحرير فرنسا أصدرت الحكومة الفرنسية المؤقتة ق اررات إبطال بعض
التشريعات بأثر رجعي.
ودرج الباحثون على دراسة "النظرية العامة للحق" في أعقاب دراسة النظرية العامة للقانون.
763
الباب األول
التعرف بالحق
الفصل األول :التعريف بالحق
769
الفصل األول
التعريف بالحق
من بين الموضوعات التي احتدم الخالف حولها ،موضوع الحق ،ووضع تعريف له ،ووصل
الخالف إلى إنكار الفقيه الفرنسي "ديجي" وجود فكرة الحق بحد ذاتها ،مستندا إلى صعوبة وضع
كما حاول البعض إنكار فكرة تعريف للحق ونادي بنظريته عن المركز القانوني بدال عن الحق
()1
الحق من الوجهة التاريخية ،زاعمين بأنها فكرة حديثة مصطنعة لم تعرف في الشرائع القديمة
والسيما القانون الروماني ،ومن المنكرين أيضا لفكرة الحق األستاذ "كلسين".
والشريعة اإلسالمية تعرف اصطالح الحق ،وقد استعمل فقهائها كلمة الحق استعماال عاما
في بعض األحيان ،واستعماال خاصا في بعض األحيان األخرى .وقد عرف الشيخ علي الخفيف
الحق بأنه "مصلحة مستحقة شرعا" وعرفه األستاذ مصطفي الزرقاء بأنه "اختصاص يقرر به الشرع
سلطة أو تكليفا" وعرفه األستاذ أحمد فهمي أبو سنة بأنه :ما ثبت في الشرع لإلنسان ،أو لله تعالى
– على الغير.
()2
أما فقهاء القانون المؤيدون لوجود الحق ،فقد تجاذبتهم أربعة اتجاهات .فاالتجاه األول نظر
إلى الحق من ناحية صاحبه وهذا هو االتجاه الشخصي ومضمونه "أن الحق فكرة أو سلطة إرادية
مخولة لشخص" واالتجاه الثاني نظر إلى الحق من ناحية موضوعه ،وهذا هو المذهب الموضوعي
ومضمونه ،أن الحق مصلحة يحميها القانون ،واالتجاه الثالث كان وسيطا بين المذهب الشخصي
والموضوعي ،ويسمى بالمذهب المختلط ومضمونه أن الحق سلطة إرادية تثبت للشخص تحقيقا
لمصلحة يحميها القانون.
()3
أما االتجاه الحديث فقد أبرز عناصر الحق وخصائصه المميزة وصاحب االتجاه الحديث في
تعريف الحق هو الفقيه البلجيكي "دابان"
( )1انظر د .رمضان أبو السعد ،لوسيط في شرح مقدمة القانون المدنيـ النظرية العامة للحق ،الدار الجامعية،
7930م ،ص.1
د .توفيق حسن فرج ،المدخل لعلوم القانونية ،ص.493
د .حسن كيرة ،المدخل لعلوم القانونية ،ص.439
( )2ارجع في ذلك د .محمود محمد طنطاوي ،ص.393
( )3انظر د .همام محمد محمود ،د .محمد حسين منصور ،مبادئ القانون ،منشأة المعارف ،أإلسكندرية ،بدون
تاريخ ،ص.737
764
واذا كان المقام هنا ال يتسع لعرض واف لهذه المذاهب في تعريف الحق ،فال بأس من
الحديث عنها بإيجاز غير مخل.
المبحث األول
المذاهب المختلفة في تعريف الحق
أوال :المذهب الشخصي
وسمي هذا المذهب أيضا بمذهب اإلرادة ومن أبرز أنصاره الفقيه اإليطالي سافيني ،وفينر
شايد ،وجيرك.
وقد تعرضت النظرية التقليدية" المذهب الشخصي" إلى انتقادات أبرزها يتمثل في إنكار
الحقوق لمعدومي األهلية "المجنون والصغير وغير المميز" ،باعتبارهم معدومي اإلرادة في حين
يقرر الواقع لهم حقوقا ال يمكن نكرانها ،كما أن ربط الحق باإلرادة ال يفسر الحقوق التي لألشخاص
االعتبارية ،كما أن الحق قد ثبت للشخص دون علمه أو دون تدخل أرادته كما هو الشأن بالنسبة
للغائب ،أو بالنسبة للوارث ،الذي ثبت له حقوق في تركة مورثه دون تدخل إرادته بمجرد وفاة
المورث.
كما عيب على هذا المذهب أيضا أنه قد خلط بين وجود الحق وبين استعماله أو مباشرته،
()2
فالحق كما رأيناه يوجد ولو دون تدخل من اإلرادة أما مباشرته فال تكون إال عن طريق اإلرادة
وقد تزعم هذه االنتقادات الفقيه "اهرنج".
والشرف.
وبالرغم من إنكار هذه النظرية قيام الحق على اإلرادة ،إال إنها هي األخرى كانت هدفا
لالنتقادات وأول نقد وجه لها اعتبارها المصلحة معيار لوجود الحق بينما هي ليست كذلك دائما.
والنقد اآلخر أنها تجعل من الحماية القانونية أو الدعوى عنص ار من عناصر الحق رغم أن الحماية
تالية لوجود الحق ونشأته .وأخير أخذ على تعريفها للحق بأن هناك مصالح ال ترتفع إلى مرتبة
الحقوق ومن ناحية أخرى يمكن أن يكون الحق ثابتا لشخص من األشخاص ،في الوقت الذي تكون
فيه اإلفادة مما يمثله من مصلحة لشخص آخر غيره مما يدل على أن الحق ليس هو المصلحة
()2
واال ثبت الحق لهذا الشخص األخير دون الشخص األول.
فالذين يغلبون دور اإلرادة على دور المصلحة عرفوا الحق بأنه "هو القدرة اإلرادية المعطاة
لشخص من األشخاص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون" .أما الذين غلبوا دور المصلحة
على دور اإلرادة عرفوا الحق بأنه "المصلحة التي يحميها القانون وتقوم على تحقيقها والدفاع عنها
– 4الحماية القانونية
أن الفقه الحديث يتجه إلى مسايرة نظرية "دابان" بل لقد تأثر الشراح العرب المعاصرين ممن
كتبوا في المدخل إلى علم القانون بتعريف دايان ومن جانبنا نرى أن تعريف دابان اقرب التعريفات
داللة على جوهر الحق وقد أخذت به عمليا الكثير من القوانين الحديثة.
المبحث الثاني
تعريف الحق في القانون اليمني
عرفت المادة ( ) 739مدني يمني الحق بقولها "الحق هو مصلحة ثابتة للفرد أو للمجتمع
ولهما معا مادية أو معنية ويقرها الشرع واذا تعلق الحق بمال فهو سلطة يكون للشخص بمقتضاها
التصرف في هذا المال واالنتفاع به واستعماله واستغالله طبقا للقانون وكل حق يقابله واجب يلتزم
بأدائه من عليه الحق:
والمصلحة التي تثبت للمجتمع ككل احتكار الدولة وحدها حق التنقيب عن المعادن المادة
" "7396مدني يمني ،أما المصلحة التي تثبت للفرد والمجتمع في آن واحد كحق القصاص من
القاتل عمدا وفي ذلك يقول الله تعالي" :ولكم في القصاص حياة يا أولي األلباب لعلكم تتقون".
-3المصلحة قد تكون مادية كحق الملكية ،أو مصلحة معنوية كحق المؤلف في نشر عمله أو
حق إبداء الرأي.
ليست كل مصلحة مادية أو معنوية تعد حقا ،ولكن المصلحة التي تعتبر حقا هي المصلحة -9
فإذا أقر الشرع مصلحة ما اعتبرت حقا وبالتالي يكفل لها المصلحة ()1
التي يقرها الشرع
المقررة.
( )1انظر د .سعيد جبر ،المدخل لدراسة القانون اليمني ،الجزء الثاني ،نظرية الحق ،،7992 ،ص.3
763
-4إذا تعلق الحق بمال معين ،فأن هذا الحق يمنح صاحبه سلطة معينة في االستفادة في هذا
المال ،وه ذه السلطات تختلف اتساعا وضيقا حسب نوع الحق وطبيعته ،فحق الملكية أوسع
من حق االنتفاع ،فاألخير ال يخول صاحبه إال سلطتي االستعمال واالستغالل دون
التصرف ،بينما حق الملكية يخوله إضافة إلى سلطتي االستغالل واالستعمال سلطة
التصرف بالمال.
-0أن الشرع حينما يقرر حقا إلنسان ينشئ في نفس الوقت واجبا مقر ار على غيره من الناس
نحو هذا الحق .وهذا الواجب هو احترام هذا الحق في نطاق الحدود المرسومة له.
الفصل الثاني
أنواع الحقوق
تمهيد
تنقسم الحقوق بعامة إلى حقوق سياسة وحقوق مدنية .وتنقسم الحقوق المدنية إلى حقوق
عامة وحقوق خاصة .وتنقسم الحقوق الخاص إلى حقوق أسرة وحقوق مالية وتنقسم الحقوق المالية
()2
إلى حقوق عينية وحقوق شخصية وحقوق معنوية.
( )1تختلف نظرة الشريعة اإلسالمية إلى الحق عن نظرة القانون الوضعي ،فشريعة الله سبحانه وتعالى هي المصدر
لكل حق ،أما القوانين الوضعي فمصدر الحقوق عندها هو القانون .ونالحظ أن المشرع اليمني استخدم لفظ
"الشرع" بدال من لفظ القانون ،وربما كان مرد ذلك إلى أن القانون المدني اليمني ما هو إال تقنين ألحكام الشريعة
اإلسالمية ،وبالتالي فالحقوق التي يقرها الشرع هي ذاتها التي اقرها القانون المدني المأخوذة عن الشريعة
اإلسالمية.
( )2هناك من يقسم الحقوق إلى حقوق مالية وحقوق مؤجلة أو مستقبلية ،وحقوق شرطية وحقوق احتمالية أيضا
وحقوق مقيدة وحقوق مطلقة ،وحقوق دولية وداخلية ،انظر حسن كيرة ،المرجع السابق ،ص.440
( )3انظر المحامي د .صبحي المحمصاني ،أركام حقوق اإلنسان ،الطبعة األولى ،دار المعلم للماليين ،بيروت،
7919م ،ص.19
769
وظيفة اجتماعية تتمثل في حماية المصالح السياسية للجماعة ولممارسة الحقوق السياسية شروط
()1
خاصة يقررها الدستور والقوانين.
فيهدف إلى تمكين الشخص من مزاولة نشاطه وهذه هي الحريات الشخصية ،كحرية العمل وحرية
التملك وحرية السكن وحرية المراسالت.
()5
وتتميز الحقوق العامة بالخصائص التالية:
ال يجوز التصرف فيها بأي وجه من وجوه التصرف ،سواء كان بمقابل أو بدونه فهذه -7
األنواع من الحقوق لصيقة بشخصية صاحبها .ولهذا نص القانون المدني اليمني في المادة
د .توفيق حسن فرج ،د .محمد يحيى مطر ،ص ،327د .غالب علي الداودي ،ص.330
( )1انظر المادة 69دستور الجمهورية اليمنية ،والمواد 6 ،0 ،4 ،9في القانون رقم 47لسنة 7993م بشأن
االنتخابات العامة.
( )2انظر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة " 3322ألف" المؤرخ في
76ديسمبر 7966م.
( )3ارجع في ذلك موريس كرنستون ،حقوق اإلنسان ما هي ،بيروت7919 ،م ،ص.9
الصدة.979 ،
ّ ( )4انظر د .أنور سليم ،ص ،731د .عبد المنعم فرج
( )5انظر د .سعيد جبر ،الجزء الثاني ،المرجع السابق ،ص.97
د .غالب علي الداودي ،المرجع السابق ،ص.333
د .سعيد عبد الكريم مبارك ،المرجع السابق ،ص.932
د .توفيق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية ،المرجع السابق ،ص.437
712
" "41على أنه "ليس ألحد التنازل علن أهليته وال التعديل من إحكامها كما أنه ليس ألحد
التنازل عن حريته الشخصية".
-3الحقوق الشخصية ال تنتقل بالميراث أو الوصية ،بل تنقضي بمجرد وفاة صاحبها ،كونها
مرتبطة بشخص اإلنسان.
-9الحقوق الشخصية ال يرد عليها التقادم ،فعدم استخ دام شخص لحقه في العمل أو في إبداء
الرأي ال يؤدي إلى سقوط هذا الحق مهما طالت مدة عدم ممارسته له.
-4االعتداء على الحقوق العامة ينشئ لصاحبها الحق في التعويض فعلى الرغم من عدم ثبوت
الصفة المالية للحقوق العامة ،فأن ذلك ال يحول دون ثبوت الحق في التعويض عن كل
اعتداء يقع على حق من الحقوق اللصيقة بالشخصية .وقد نصت المادة ( )49أيضا على
أنه لكل من نازعه غيره في استعمال أسمه بال مبرر أو انتحال الغير اسمه دون حق أن
يطلب وقف هذا االعتداء مع التعويض عما لحقه من ضرر".
ب – الحقوق الخاصة
هذه الحقوق تقررها فروع القانون الخاص المختلفة وبالذات القانون المدني وهي تنقسم إلى
قسمين :حقوق األسرة والحقوق المالية.
()1
– 6حقوق األسرة
وهي الحقوق التي تثبت للشخص بوصفه عضوا في أسرة معينة ،وتعطي له السلطات في
مواجهة عضو آخر فيها تربطه به رابطة قرابة أو زواج ،ومثالها حقوق األب على أبنائه ،وحقوق
اإلباء على األبناء ،وحقوق الزوج على زوجته ،وحقوق الزوجة على زوجها.
واذا كانت أغلب الحقوق التي تنبثق عن الزواج والقرابة هي حقوق أدبية فالشك أن بعض
تلك الحقوق هي حقوق مالية كحق الزوجة في النفقة ،الحق في اإلرث إال أن الصفة العامة لحقوق
األسرة أنها حقوق غير مالية ولهذا فأنها تخرج عن دائرة التعامل ،فال يصح نقلها إلى الغير بالتنازل
أو التصرف فيها .كما أن هذه القوانين تخضع لقوانين األحوال الشخصية التي تستمد أحكامها من
الشريعة اإلسالمية كما هو الحال في قانون األحوال الشخصية في الجمهورية اليمنية رقم 32لسنة
7993م.
واضافة لهذين النوعين من الحقوق ،يوجد نوع ثالث من الحقوق يكفلها القانون وهي الحقوق
الفكرية كحق المؤلف أو المخترع والمكتشف المادة 731في القانون المدني اليمني ،وتنظيم هذا
النوع من الحقوق قانون خاص بها هو القانون رقم 72لسنة 7994م بشأن الحق الفكري .وهذه هي
الحقوق التي تكون مناط بحثنا على النحو التالي:
المبحث األول
الحقوق الشخصية
بأنه السلطة الناجمة عن العالقة القانونية والمقررة لشخص تجاه يعرف الحق الشخصي
( )2
آخر ،تخول األول وهو – الدائن – أن يجبر الثاني وهو – المدين – أن يعطيه شيئا ،أو أن يقوم
له بعمل ،أو أن يمتنع عن عمل أو أداء خدمة ،كحقوق المشتري تجاه البائع ،وهو حق شخصي
والحقوق الشخصية ال يمكن حضرها ،فهي تتنوع بحسب نوع األداء الذي يلتزم به المدين.
ولكن مهما تعددت صور الحق الشخصي فهي لن تخرج عن األنواع الثالثة التي ذكرناها .وهي
إعطاء شيء أو القيام بعمل ،أما الحقوق العينية فقد وردت في القانون على سبيل الحصر.
وقد حدد المشرع اليمني في القانون المدني مصادر الحقوق حيث ردت المادة 7733
المصادر األساسية إلى ثالث أسباب ،هي التصرف اإل اردي ،والفعل المجرد ،والواقعة.
والتصرف اإلرادي أو العمل القانوني يتفرع منه العقد واإلرادة المنفردة ،المادة 739والفعل
المجرد ،ويتفرع عنه العمل الضار والفعل النافع وااللتصاق المادة .792
وأخي ار الواقعة (وهي أمر حاصل بالفعل سواء أراده اإلنسان أم لم يرده ولكن القانون يرتب
عليه حقوقا لإلنسان أو عليه ،وذلك كميالد اإلنسان وموته ونسبه وشيوع الملك والجوار فيه وكون
اإلنسان موظفا في الحكومة أو عامال لدى آخر وغير ذلك من العالقات العامة أو الخاصة
(المادةة.)797
واذا كان كل من االلتزام والحق الشخصي ،كما رأينا وجه لشيء واحد هو الرابطة القانونية،
إال أننا نالحظ أن االلتزام شاع استخدامه بوصفه مصطلحا ،فيقال نظرية االلتزام وال يقال (نظرية
الحق الشخصي) ومعظم القوانين تستخدم المصطلح األول باستثناء المشرعين اليمني واألردني
اللذين استخدما اصطالح مصادر الحقوق كما أن العالمة السنهوري سمى كتابه عن الفقه
()3
اإلسالمي (مصادر الحق) ولم يسميه مصادر االلتزام.
المبحث الثاني
( )1يرى د .عباس الصراف ،و د .جورج حزبون أن هناك فارق كبير بين اصطالح الحق الشخصي واصطالح
االلتزام وأن كثير من الفقهاء يغفل عن هذا الفارق ،المرجع السابق ،ص
( )2د .رمضان أبو السعود ،النظرية العامة للحق ،المرجع السابق ،ص.000
( )3انظر د .عبد المجيد الحكيم ، .02/المرجع السابق ،ص
719
الحقوق العينية
()1
يعرف الحق العيني بأنه اختصاص الشخص بمال معين اختصاصا مباش ار يقره القانون
ويتميز الحق العيني بأنه يرد على شيء مادي معين بالذات ،لذا كان على صاحبه أن يستعمل
حقه دون حاجة إلى وساطة شخص آخر.
فصاحب حق الملكية يمارس سلطة مطلقة على الشيء الذي يملكه ويتمتع بامتياز فردي
مطلق عليه يخول له استعمال الشيء الذي يملكه واستغالله والتصرف به بالطريقة التي يجد فيها
( )2
أنها تحقق له أكبر قدر ممكن من االستفادة واالنتفاع من مميزات هذا الشيء المتاحة فيه.
ونصت المادة ( )734مدني يمني على أن الحقوق العينية هي ما كان لإلنسان من حقوق
في مال بعينه ويتضح من النص أن محل الحق العيني شيء من األشياء وليس عمال يقوم به
شخص كما هو الحال بالنسبة للحق الشخصي.
ووفقا لنص المادة ( )730مدني يمكن تنقسم للحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق
عينية تبعية.
والحقوق العينين األصلية هي الحقوق التي تنشأ لذاتها غير تابعة لحق آخر وتزول
بالتصرف فيها تبعا لزوال حق آخر.
أما الحقوق العينية التبعية هي الحقول التي تنشأ لضمان حق تعلق بالذمة وتزول بزوال
الحق الذي تضمنته وقد تزول بنفسها.
المطلب األول
وهي الحقوق التي تنشأ لذاتها غير تابعة لحق آخر ،وقد حدد المشرع اليمني هذه الحقوق في
المادة ( )730من القانون المدني وهي "حق الملكية وما يتفرع عنها من حقوق وفي حق تملك
الرقبة وحق االنتفاع وحق االستعمال وحق االستغالل وحقوق االرتفاق كحق المرور وحق الشرب
وحق صرف المياه.
يعد حق الملكية أوسع الحقوق من حيث السلطات التي يمنحها للمالك ،إذ أنه يخول له كل
وهذه السلطات الثالث التي ()1
السلطات على الشيء من حيث استعماله واستغالله والتصرف فيه
يمنحها القانون للمالك هي التي تتكون منها عناصر الملكية .وقد نصت المادة ( )7767مدني
يمني بأن لمالك الشيء وحده وفي حدود القانون الشرعي حق االنتفاع به واستعماله واستغالله
()2
والتصرف فيه.
سلطة االستعمال :يقصد بها استعمال الشيء فيما أعد له وبما يتفق مع طبيعة الشيء ،فإذا -7
كان الشيء منزال كان استعماله بسكناه ،واستعمال األرض يكون بزراعتها.
-3سلطة االستغالل :ويقصد بها الحصول على ما يتولد عنه من ثماره كالحاصالت الزراعية أو
أجرة المباني أو إنتاج الماشية ،أو فوائد السندات أو أرباح أسهم.
-9سلطة التصرف :والتصرف أما أن يكون ماديا وافناءه والقضاء على مادته أو تغييره تغيي ار
جوهريا بقلب وظيفته والغرض منه .وأما أن يكون قانونيا بنقل السلطة الواردة على الشيء أو
بعضها إلى الغير بعوض أو بدون عوض مثل البيع والهبة.
وعنصر التصرف هو الذي يميز حق الملكية عن سائر الحقوق العينية عموما وعن باقي
الحقوق العينية األصلية بصفة خاصة ألن الحقوق العينية األخرى تنصب على عنصري االستعمال
واالستغالل أو أحدهما أو حتى بعض مظاهر االستعمال وال تعطي هذه الحقوق لصاحبها أي
سلطة تصرف في الشيء ذاته.
وحق الملكية في الفقه اإلسالمي ،حق محترم معصوم ،فال يجوز ألحد غير صاحبه أن
يتصرف فيه إال بإذن األخير وعصمة الملكية قاعدة مطلقة سوا في مواجهة سائر األفراد أو في
مواجهة الدولة.
( )1راجع في حق الملكية بالتفصيل د .محمد حسين منصور ،الحقوق العينية والكفالة في القانون اليمني ،مطبعة
التوفيق ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ ،ص .73د .محمد وحيد الدين سوار ،المرجع السابق ،ص.330
( ) 2يجمع الفقه إجماعا مانعا بأن للمالك سلطات ثالث هي سلطة االستعمال واالستغالل والتصرف وبتوافر هذه
السلطات الثالث لشخص واحد تكون له الملكية الكاملة على الشيء .لفظ المنفعة الوارد في النص يعني
االستعمال وهو اللفظ الشائع في القوانين العربية األخرى .وقد ورد لفظ المنفعة في المادة ( )77من مرشد
الحيران "المل ك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفا مطلقا فيما يملكه عينا ومنفعة واستغالال وهو ذات
النص الوارد في المادة 93/77مصري قديم التي تنص على أن الملكية هي حق للمالك في االنتفاع بما
يملكه ..والمشرع المصري أخذه من القانون المدني الفرنسي م(" )044الملكية هي حق المالك في االنتفاع" نقال
عن د .محمد وحيد الدين سوار ،الرجع السابق ،ص.331-336
710
والملكية أو الملك في تعريف القرافي "حكم شرعي مقرر في العين أو في المنفعة يقتضي
تمكين من يضاف إليه من أي ينتفع بالشيء وأن يأخذ العوض عنه.
()1
– 2حق االنتفاع
هو الحق الذي يثبت لشخص على شيء مملوك للغير ،ويكون له بمقتضاه أن يستعمل
الشيء ويستغله دون التصرف فيه المادة ( )7931مدني يمني وحق االنتفاع يرد على ملك الغير
أي أنه ليس حقا عينيا مستقال ولذا يوصف بأنه حق عيني متفرع عن حق الملكية.
()2
العين المنتفع بها أو تنازل المنتفع عن حقه ،أو بحكم المحكمة بإنهائه لسوء االستعمال ،أو اتحاد
صفتي المالك والمنتفع أو صفة المنتفع المادة 7994مدني يمني.
حق االستعمال هو حق عيني يخول لصاحبه استعمال الشيء بمقدار ما يحتاج إليه هو
وأسرته فقط.
أما حق السكن ،فيخول لصاحبه حق سكن الدار فقط ،أي ليس له االنتفاع بها لغير السكن
كاستخدامها ألي غرض آخر ،المادة 7991مدني يمني.
واالستعمال قد يرد على عقار أو على منقول ،أما حق السكن فأنه ال يرد إال على عقار
واكتساب حق االستعمال وحق السكن وانقضائهما يكون بذات الطرق ( )4
وبالذات على دار سكن
التي يكسب بها أو ينقضي حق االنتفاع المادة 7999مدني يمني.
– 4حق القرار
وهو حق عيني عقاري متفرع عن حق الملكية ويعطي () 1
ويسمى أيضا حق المساطحة،
صاحبه الحق في إقامة بناء أو غرس أرض الغير ،ويكتسب باالتفاق (العقد) وينتقل بالميراث أو
وقد بينت المادة ( )7944مدني يمني األحوال التي ينتهي فيها حق القرار وهي:
-7انتهاء المدة المتفق عليها.
-3إذا صار ملك العين لصاحب القرار أو العكس.
تخلف صاحب الحق عن أداء األجرة المتفق عليها مدة سنتين متتاليتين في الغراس أو لم -9
يتفق على غير ذلك.
كما نصت المادة ( )7940ع لى أنه (ال ينتهي حق القرار إذا زال البناء أو الغراس قبل المدة
المتفق عليها بل يبقى لحين انتهاء مدته).
وعند انتهاء حق القرار تطبق على المباني والمنشآت والغ ارس األحكام الخاصة بذلك في باب
اإلجازة في الفصل الخاص بالزراعة المادة (.)7946
– 5حق االرتفاق
تعرف المادة ( )7941مدني يمني حق االرتفاق بقولها (االرتفاق منفعة مقررة على عقار
تحد من انتفاع مالكه به لمصلحة عامة أو خاصة).
أن ويكتب االرتفاق بإذن المالك أو بالتصرف الشرعي أو بالميراث أو بالعرف ،كما يجوز
()2
يرتب على مال عام إن كان ال يتعارض مع االستعمال المخصص لهذا المال المادة 7943ومن
أمثلة حق االرتفاق حق المرور وحق الطريق وحق الشرب وحق المجرى وحق المسيل.
وحق االرتفاق يختلف عن حق االنتفاع في أنه يرد دائما على عقار بينما حق االنتفاع قد
يرد على منقول أو عقار .كما أن االرتفاق وحيث أنه مقر ار لصالح عقار ال لصالح شخص معين
فأنه ال ينقضي بتغير المالك.
والعقار الذي يصلح أن يكون محال لحق االرتفاق هو العقار بطبيعته أما العقار بالتخصيص
المادة ( )771مدني يمني فال يصلح أن يكون محال لحق االرتفاق مستقال عن العقار بطبيعته.
( )1المادة 7940مدني يمني ،المادة 7330مدني أردني ،المادة 7336مدني عراقي والتي استثنت الغراس كمحل
للعقد المنشئ لحق المساطحة وال وجود لهذا الحق في القانون المدني المصري،
( )2تقابل المادة 7270مدني مصري.
711
ويطلق على العقار المثقل باالرتفاق أي العقار المرفق به اصطالح (العقار الخادم) ويطلق
()1
على العقار المقرر لفائدته اصطالح (العقار المخدوم).
وهناك عدة تقسيمات لحقوق االرتفاق :ارتفاقات مستمرة ،وارتفاقات غير مستمرة ،وارتفاقات
وقد ينتهي حق االرتفاق بصفة جزئية في ()2
ظاهرة وأخرى غير ظاهرة ،ارتفاق إيجابي وارتفاق سلبي
حالة تجزئة العقار المرفق أو المرفق به ،كما ينتهي كذلك بانتهاء أجله أو بزوال محله أو باتحاد
الذمة أو بتعذر استعماله ،أو بتنازل صاحبه أو بزوال الفائدة منه المادة ( )7906مدني يمني.
المطلب الثاني
الحقوق العينية التبعية
الحقوق العينية هي الحقوق التي ال توجد مستقلة بذاتها ،وانما تكون تابعة لحق شخص
تضمن الوفاء به .ولهذا سميت بالتأمينات العينية وذلك لتمييزها عن التأمينات الشخصية ،ويتمثل
التأمين الشخصي في ضم ذمة أو أكثر إلى ذمة المدين األصلي لضمان الوفاء بحق المدين ،إذ
يلتزم شخص آخر بالدين مع المدين ،فيصبح أمام الدائن مدينان أو أكثر بدال من دائن واحد،
بحيث يستطيع أن يرجع عليهم مجتمعين أو على أحدهم الستيفاء كامل حقه والكفالة هي أهم أنواع
التأمينات الشخصية وينظم المشرع اليمني الكفالة في الكتاب الثالث الخاص بالعقود المسماة،
وخصص لها الباب الثاني من القسم الثالث والخامس بعقود الضمان "الوثيقة" المواد 7299إلى
ودراسة التأمينات الشخصية تخرج عن دراستنا، 7260أي أنه وصفها كذلك من العقود المسماة
()3
سبق القول بأن الحقوق العينية التبعية ال يمكن أن توجد بصورة مستقلة ،وانما هي حقوق
متعلقة بحق أصلي آخر ترتكز عليه ،وقد سميت عينية ألنها تخول الدائن سلطة مباشرة على مال
معين من أموال المدين وسميت تبعية ألنها ال تقوم مستقلة بنفسها ،إنما تقوم مستندة أو تابعة لحق
شخصي لضمان الوفاء به.
-7ينشأ الرهن الحيازي العقد العرفي أي بمجرد التراضي دون اشتراط أي شكل رسمي ،وذلك
بخالف الحال بالنسبة للرهن الرسمي الذي يشترط فيه أن يكون العقد رسميا .وذلك ما نصت
عليه المادة 7292مدني مصري والمادة 7939مدني أردني والمادة 7336مدني عراقي.
-3الرهن الحيازي ممكن أن يكون محله منقوال أو عقارا ،في حين أن الرهن الرسمي ال يقع إال
على العقار.
-9الرهن الحيازي يؤدي إلى انتقال حيازة المال المرهون إلى الدائن أو إلى شخص ثالث يتفق
عليه وهو ما يطلق عليه العدل ،أما في الرهن الرسمي فيبقى العقار المرهون في حيازة
الراهن.
-4يخول الرهن الحيازي للدائن ،فوق ميزتي التقدم واألولوية والتتبع المترتبين على الرهن
الرسمي حق حبس الشيء لحين استيفاء دينه.
أورد القانون المدني اليمني في الكتاب الرابع نوعين من الحقوق العينية والتبعية هي:
رهن المنقول ،والتأمين العقاري ،أما الحقوق العينية التبعية األخرى فقد أحال "إلى أحكام
السبب في تقريرها" المادة .7999
رهن المنقول:
عرفت المادة 7936مدني يمني رهن المنقول بأنه "عقد يخصص بمقتضاه شيء منقول
مادي أو غير مادي لضمان الوفاء بالتزام معين ،وسبق أن وضحنا أن حق الرهن الحيازي يرد على
العقارات والمنقوالت على السواء ،وذلك ما تقضي به المادة ( )992التي عرفت الرهن بأنه عقد
يقدم به المدين أو غيره بإذنه عينا...إلخ".
فلفظ "عين" تشمل العقار والمنقول .إال أن المادة ( )7936قصرت الرهن على المنقول سواء
أكان ماديا أو غير مادي.
جميل الشرقاوي ،المرجع السابق ،د .حسين النوري ،دروس في القانون ،مكتبة عين شمس ،القاهرة ،بدون تاريخ،
ص.36
732
يبدو أن المشرع نص على إلغاء الرهن الحيازي على األموال غير المنقولة لكفاية التأمين
العقاري .وينص القانون اليمني على أن تسري األحكام بالرهن المواد ( )7293-992على أن رهن
المنقول بالقدر الذي ال يتعارض فيه مع أحكام القانون التجاري والقوانين المتعلقة بحاالت خاصة
في الرهن والقوانين المتعلقة بالمؤسسات المرخص لها بالتسليف على رهن المنقول ،المادة
(.)7931
التأمين العقاري:
ويطلق عليه في مصر بالرهن الرسمي وفي العراق الرهن التأميني وفي لبنان التأمين
( )1
الرضائي وفي ليبيا الرهن االتفاقي.
والتأمين العقار هو حق عيني تبعي يترتب للدائن على عقار معين بمقتضى عقد رسمي،
ويخول له الحق في أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه
في ثمن ذلك العقار في أي يد يكون.
والتأمين العقاري ال يؤدي إلى انتقال العقار المرهون الحيازة الدائن المرتهن.
ويالحظ أن التأمين العقاري ال ينعقد إال إذا سجل في السجل العقاري المادة 7939ويشترط
القانون في من يعقد التأمين العقاري أن يكون متمتعا بأهلية التصرف بالعقار ،وال يؤثر التأمين
العقاري علي سلطات المالك أو الغير للعقار المؤمن به ،ولكن ينبغي عليه مراعاة القواعد
المنصوص عليها في القانون المواد ( )7994إلى ( )7991وبانقضاء االلتزام الذي يكون ضامنا له
أو بتنازل الدائن عن حقه ينقضي التأمين العقاري.
حق االمتياز:
عرفت المادة ( )933حق االمتياز بقولها (االمتياز أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة
لصفته وال يكون امتياز إال بمقتضى نص القانون".
من هذا النص يتبين أن حق االمتياز ال يتقرر إال بنص في القانون والقانون حينما يقرر
امتيا از لحق شخصي يرى أن هذا الحق جدير بالرعاية فيقرر له أولوية على الحقوق الشخصية
األخرى.
الطلب الثالث
التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي
التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي ،تفرقة جوهرية يترتب عليها عدة نتائج ،والجدير
بذلوا عدة محاوالت إلزالة هذه التفرقة ،غير أن تلك الجهود لم تفلح في بالتنويه ،هو أن الفقهاء
()1
هدم التمييز بينهما .أن المعيار األساسي للتفرقة يتحدد بالنظر إلى محل الحق فإذا كان الحق عمال
أو امتناعا عن عمل ،كان الحق من الحقوق الشخصية.
أما إذا كان هذا الحق شيئا يرد الحق مباشرة على هذا الشيء ،فيستطيع صاحبه أن يستفيد
من الشيء دون وساطة أو عمل شخص آخر ،فأن الحق يكون من الحقوق العينية.
ومن حيث األطراف فأن الحق الشخصي يوجد به طرفان أحدهما دائن واآلخر مدين .أما
الحق العيني فال يوجد به إال شخص واحد هو صاحب الحق.
()2
ويمكن إبراز الفوارق األساسية بين الحق العيني والحق الشخصي فيما يلي:
-7أن الحقوق العينية واردة في القانون على سبيل الحصر ،أما الحقوق الشخصية ال تقع تحت
حصر فهي غير محدودة بعدد معين وذلك ألن محلها عمل أو امتناع عن عمل ولذلك
تتحدد الحقوق الشخصية ،بتعدد حدود النشاط اإلنساني ،مادام األمر ال يخالف أحكام
الشريعة اإلسالمية واآلداب العامة.
-3الحق العيني سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات ،وذلك على خالف الحق
الشخصي فمحله عمل المدين ،ولذلك يتصور أن ينشأ هذا الحق متعلقا بشيء غير معين
بالذات.
( )1راجع في ذلك بالتفصيل د .عباس الصراف ،و د .جورج حزبون ،المرجع السابق.796 ،799 ،
الصدة ،ص ،904د .رمضان أبو السعد ،النظرية العامة للحق ،ص.009
ّ د .عبد المنعم فرج
د .سعيد جبر ،الجزء الثاني ،المرجع السابق ،ص.09
د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ، ،المرجع السابق ،ص.733
( )2انظر د .حسين النوري ،المرجع السابق ،ص.90-94
د .همام محمد محمود ،د .محمد حسين منصور ،مبادئ القانون ، ،المرجع السابق ،ص.799
د .محمد السعيد رشدي ،المرجع السابق ،ص.770
733
-9الحق العيني حق مطلق بمعنى أنه تحتج به في مواجهة الكافة ،بينما الحق الشخصي نسبي
ال يحتج به إال في مواجهة شخص أو أشخاص معينين.
-4يخول الحق العيني لصاحبه ميزة األفضلية وكذلك ميزة التتبع ،وهذا بخالف الحق الشخصي.
-0يمارس صاحب الحق العيني سلطته على الشيء مباشرة دون وساطة من أحد أما الحق
الشخصي ال تتم ممارسته إال عن طريق تدخل المدين.
-6التنازل عن الحق العيني يتم باإلرادة المنفردة ،أما التنازل عن الحق الشخصي فال بد على
()1
األقل من تبليغه إلى المدين ليعتبر ساريا بحقه.
-1التقادم يؤدي إلى اكتساب الحق العيني ولكن ال يؤدي من حيث المبدأ إلى زواله وانقضائه،
بعكس الحق الشخصي الذي ال يكتسب بالتقادم ولكن من الممكن أن يسقط به.
المبحث الثالث
الحقوق المعنوية "الحق الفكري"
الحقوق المعنوية هي الحقوق التي تنصب على أشياء غير مادية "معنوية" ،والى هذا أشارت
المادة 739من التقنين المدني اليمني بقولها "الحق هو مصلحة ثابتة للفرد أو المجتمع أو لهما
معا مادية أو معنوية...إلخ والشيء غير المادي هو الذي ال يمكن أن يدرك بالحس بل بدرك
بالفكر المجرد.
والحقوق الفكرية هي الملكية المعنوية التي ترد على أشياء غير مادية أي غير محسوسة
ألنها نتاج وخلق الجهد الذهني كحق المؤلف في مؤلفه وحق المخترع في اختراعه وحق الفنان في
قد عرفت الدول العربية قوانين البراءة وحماية الملكية ()2
مبتكراته الفنية فهذه الحقوق لها قيمة مالية.
الفكرية والملكية الصناعية منذ أن كانت واليات خاضعة للدولة العثمانية وبعض هذه القوانين ظل
وقد أحال القانون المدني اليمني في المادة ( )731منه على ساريا في بعض الدول حتى اليوم
()3
( )1راجع في ذلك د .هشام قاسم ،المدخل إلى علم القانون ،ص ،339د .سعيد جبر ،الجزء الثاني ،ص.12
( )2انظر أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص.327
( )3راجع في ذلك بالتفصيل د .صالح الدين عبد اللطيف الناهي ،الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية ،الطبعة
األولى ،دار الفرقان ،7939-33 ،ص 79و.39
يشير د .محمد السعيد رشدي ،المرجع السابق ،ص ،771إلى سريان ،قانون "حق التأليف العثماني" في األردن
حتى اليوم ،والقانون قد صدر بتاريخ 73جمادي األول سنة 7933ه.
739
القوانين الخاصة لتنظيم الحقوق التي ترد على شيء غير مادي "معنوي" فقرر بأنه "الحقوق الفكرية
يكفلها القانون وتنظيمها القوانين الخاصة كحق المؤلف والمخترع والمكتشف.
ويختلف الفقه حول الطبيعة القانونية لحق المؤلف إذ يدرجه البعض في محيط الحقوق
العينية ويعده حق ملكية ويرى آخرون فيه حقا من حقوق الشخصية .ورغم اختالف اآل ارء فأن هذه
( )1
الحقوق لم تدرجه تحت الحقوق المالية التقليدية ،ولكنها اتخذت كيانا مستقال يتالئم ووظيفتها
وتشمل الحقوق المعنوية حقول الملكية الصناعية والتجارية وحقوق الملكية األدبية والفنية وحق
المؤلف.
المطلب األول
المقصود بحق المؤلف
يقصد بحق المؤلف ذلك الحق الذي يخول لشخص ما على كل إنتاج ذهني مبتكر سواء ذلك
في مجال اآلداب أم الفنون أم العلوم وينظم حقوق المؤلف في الجمهورية اليمنية القانون 79لسنة
7994م بشأن الحق الفكري.
ويكون موضوعا لحق المؤلف كل إنتاج للفكر أيا كانت الصورة التي يظهر فيها .وقد ذكرت
المادة الثالثة من القانون السابق ذكره عددا كبي ار من األعمال الفكرية التي يعترف القانون لمؤلفيها
بحق المؤلف منها المصنفات المكتوبة واألعمال الداخلة في فنون الرسم والتصوير بالخطوط
واأللوان أو الحفر أو النحت أو العمارة ،واألعمال التي تبقى شفهيا كالخطب والمحاضرات والمواعظ
وما يمثلها ،واألعمال المسرحية والمسرحيات الموسيقية سواء اقترنت باأللفاظ أو لم تقترن بها أو
األعمال الفوتوغرافية والسينمائية وغيرها.
وواضح مما سبق أن لفظ مؤلف ينصرف إلى الكاتب والرسام والمثال والنحات والملحن بل
والى المترجم الذي يقوم بترجمة المصنف إلى لغة أخرى أو قام بتحويله من لونه األصلي إلى لون
آخر أو من قام بتلخيصه أو تحويره أو شرحه أو التعليق عليه المادة الثالث الفقرة الرابعة .كما
( )1راجع في ذلك د .محمد إبراهيم الوالي ،حقوق الملكية الفكرية في التشريع الجزائري ،ديوان المطبوعات الجزائري،
7939م ،ص .79د .مصطفى محمد الجمال ،عبد الحميد الجمال ،المرجع السابق ،ص 479عبد الحي
حجازي ،المدخل إلى العلوم القانونية ،3 ،الحق ،وفقا للقانون الكويتي ،مطبوعات جامعة الكويت7912 ،م،
ص.330
د .عبد المنعم سعيد جبر ،الجزء الثاني ،مرجع سابق ،ص.17
د .خالد الزعبي ،د .منذ الفضل ،مرجع سابق ،ص.799
734
يشمل حق المؤلف أيضا المترجم عمل سبق ترجمته أو أي من حقق أعمال تراثية "المخطوطات"
المادة الخامسة.
وقد حددت المادة الثامنة المؤلف بأنه "الشخص الذي نشر العمل منسوبا إليه سواء كان
شخصا طبيعيا أو اعتباريا وذلك بذكر اسمه على العمل أو بأية طريقة أخرى ،ما لم يقم دليل على
عكس ذلك.
ويجوز نشر العمل بدون اسم بناء على طلب المؤلف .وللمؤلف في أي وقت الكشف عن
شخصيته أو نشر العمل باسم مستعار أو بدون اسم ولو سبق له االتفاق على خالف ذلك المادتين
.77 ،72
أنواع المصنف:
يقصد بالمصنف أي إبداع فكري مبتكر اتخذ مظهر الكتابة أو الصوت أو الرسم...إلخ وليس
معنى االبتكار هنا اإلتيان بأفكار جديدة لم يسبق معرفتها ،وانما يقصد باالبتكار أن يأخذ اإلنتاج
الفكري طابعا متمي از باألصالة يبرز شخصية صاحبه سواء كان ذلك في جوهر الموضوع أو في
طريقة عرضه أو التعبير عنه وعلى العموم فأن أي قدر من االبتكار يكفي في هذا الصدد ،فقد
( )1
يكون االبتكار مجرد ترجمة المصنف إلى لغة أخرى.
والمصنف فد يكون من عمل مؤلف واحد وهذه هي الصورة البسيطة للتأليف ،وقد يكون
مصنفا مشتركا ،وقد يكون مصنفا جماعيا.
المصنف المشترك :هو الذي يشترك في عمله أكثر من شخص كأن تشترك مجموعة
مؤرخين في إعداد كتاب تاريخي ،أو يشترك أديبان في تأليف مسرحية وقد كفل القانون لكل مؤلف
()2
حقه على عمله منفردا في العمل المشترك.
أما المصنف الجماعي كما تنص المادة 94هو العمل اإلبداعي الذي يقوم بوضعه جماعة
تحت إشراف هيئة أو مؤسسة تتكفل بنشره تحت إدارتها واسمها ،ويندمج عمل المساهمين فيه في
غاية مقصودة ،وتكون حقوق المؤلف على العمل بمجمله للهيئة أو المؤسسة التي تصدره ،ويكون
لكل محرر أو كاتب حقوق المؤلف على ما يكتبه من أبحاث أو مقاالت .ومثاله أن تعهد جامعة
( )1د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،نفس المرجع ،ص.999
( )2يقابلها المادة السابعة من قانون حماية حق المؤلف في العراق رقم 9لسنة 7947م ،والمادة الخامسة من قانون
حقوق المؤلف في مصر رقم 940لسنة 7904م،
يراجع فيما يتعلق بالتطور التشريعي والدولي لحماية حق المؤلف كال من د .محمود إبراهيم الوالي ،د .عبد المنعم
الصدة ،المرجع السابق ،ص.790
ّ فرج
الصدة ،ص.969
ّ د .عبد المنعم فرج
د .رمضان أبو السعد ،النظرية العامة للحق ،مرجع سابق ،ص.017
736
ويعد الحق األدبي من الحقوق اللصيقة بالشخصية التي تميز فردية كل شخص وال يمكن
ويترتب على ذلك أن هذا ()1
بالتالي فصلها عن هذا الشخص ونزعها منه ونقلها إلى شخص آخر.
الحق ال يسري عليه التقادم وال يجوز التصرف فيه أو الحجز عليه.
ويتميز هذا الحق عن غيره من حقوق الشخصية بأنه ينتقل بالوفاة إلى الورثة المادة 737
من القانون وجدير باإلشارة بأن الحق األدبي يبقى مؤبدا على الدوام للورثة وذلك عكس الحق
المالي .ولكن انتقال الحق األدبي للمؤلف إلى ورثته ال يعني أن نسبة المصنف إلى المؤلف تنتقل
إلى ورثته ،فهي تظل له وحده والى األبد.
وكل ما في األمر أن بعض السلطات التي يخولها الحق األدبي هي التي تنتقل إلى الورثة
بغية تمكينهم من المحافظة على سمعة المؤلف األدبية والفنية على الوجه الذي ارتضاه المؤلف
لنفسه قبل وفاته.
ثانيا الحق المالي:
يعبر الحق المالي عن الصلة المادية القائمة بين المؤلف صاحب الحق الفكري وبين مصنفه
أو عمله اإلبداعي األدبي أو العملي أو الفني ،ويخول هذا الحق لصاحبه االستئثار بنشر جهده.
وقد أعطى القانون للمؤلف وحده استغالل مصنفه ماليا بأي طريقة من طرق االستغالل وقد
أوضحت المادة 79من القانون أهم طرق هذا االستغالل بقولها للمؤلف حق استغالل إنتاجه
بالطرق المناسبة وعلى األخص:
أ -طبع العمل بعدد غير محدد من النسخ وبأية وسيلة كانت كالنسخ اليدوي أو على آالت الطباعة
..إلخ.
ب – أألداء العلني للعمل اإلبداعي في الندوات أو العرض في القاعات الموسيقية أو المسرح أو
السينما أو معارض اللوحات أو التصور.
ج – طرح العمل للتداول في األسواق والمعارض الوطنية والدولية.
د – نقل العمل إلى لغة أو لغات أخرى.
خ – إعادة طبع العمل.
( )1انظر ماليين ،القانون المدني وحماية حقوق الشخصية في االتحاد السوفيتي ،ترجمة دار التقدم ،موسكو،
7933م ،ص.32
د .رمضان أبو السعد ،نفس المرجع ،ص.092
731
هذا يالحظ أن حق المؤلف في االستغالل المالي لمصنفه ال يختلف كثي ار في خصائصه عن
الحقوق المالية األخرى.
فحق االستغالل المالي يجوز التصرف فيه كبقية الحقوق المالية ،فللمؤلف أن ينزل عنه
للغير بمقابل أو بدون مقابل ويشترط إلتمام هذا التصرف أن يكون مكتوبا (المادة .)4
واذا كان من الثابت أن الحق القابل للتصرف فيه يكون قابال للحجز عليه فالمادة ( )33قد
نصت على أنه "ال يجوز الحجز على أعمال المؤلف للوفاء بديونه".
وينتقل حق المؤلف المالي إلى ورثته بعد وفاته إذ يكون لورثته وحدهم الحق في مباشرة
حقوق المؤلف في االستغالل التجاري ،لمدة 92سنة تحتسب من أول يناير من سنة وفاة المؤلف.
وقد أورد المشرع على هذه القاعدة استثناءات .ففي حالة األفالم السينمائية والتلفزيونية ينقضي حق
االستغالل المالي بمضي 30سنة من تاريخ اإلنتاج تحتسب من أول يناير من سنة اإلنتاج وغير
ذلك من االستثناءات المواد .31 ،36 ،30
واذا كان الحق المالي ليس مؤبدا شأن الحق األدبي ،أي أنه ينقضي بمضي المدة المقررة
قانونا وهي 92سنة كما سبق القول .ففي هذه الحالة ال يصح استغالل المصنف ماليا قاص ار على
احد ،ألنه بفوات هذه المدة يعد المصنف جزءا من التراث اإلنساني.
() 1
والجدير بالذكر أن القانون اليمني قد اعترف بحق المؤلف لغير اليمني إذا كان قانون بلده
يعامل اليمني بالمثل أو بناء على التفاقيات الدولية التي تكون اليمن طرفا فيها.
المطلب الثالث
حماية حق المؤلف
اعتبر المشرع أن االعتداء على حق من حقوق المؤلف جريمة جنائية إضافة إلى النسبة إلى
النفس بالنشر أو اإلعالن مؤلفا وضعه الغير كذلك التحريض واالشتراك في فعل من األفعال
المحظورة في القانون "قانون الحق الفكري" 79لعام 7994م وعقوبة هذه الجرائم هي الحبس مدة
ال تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة التي ال تقل عن عشرة آالف ريال.
واال جانب الجزاء الجنائي قرر المشرع الجزاء المدني المتمثل في الحق في التعويض وازالة
اآلثار التي تلحق بالمؤلف .ليس هذا فحسب بل أن المشرع لم يجز االتفاق على مخالفة أحكام
القانون ما لم تكن في صالح المؤلف المادة ""730
اختلف الباحثون في تحديد أركان الحق ،فبينما يرى البعض أن الحق يقوم على ركنين
أساسين هما:
– 7أشخاص الحق – 3 ،محل الحق .ويضيف آخرون ركنا ثالثا هو الحماية القانونية
( )1
للحق ،كما يذهب فريق ثالث إلى إضافة سبب الحق ومضمون الحق ومؤيد الحق وجزاءه.
وقد أوضحنا عن د تعريف الحق ،أن النظرية الموضوعية عدت الحماية القانونية عنص ار من
عناصر الحق بالرغم من أن الحماية تالية لوجود الحق ونشأته ،بمعنى أن القانون ال يمكن أن
يحمي شيئا لم يوجد بعد .وخلصنا فيما سبق إلى أن الحق انتماء شيء إلى شخص انتماء يحميه
القانون .ويتبين من ذلك أن للحق ركنين هما:
بصرف النظر عن الصراع المحتدم حتى اليوم بين الباحثين بشأن عد عنصر الحماية
القانونية من العناصر المكونة للحق أو عدم عده من بين العناصر المكونة للحق ،فأن الذي ال شك
فيه أن الحق الذي ال يوفر له القانون وسائل حمايته يكون موجودا ولكن صاحبه ال يستطيع
( )2
الحصول عليه.
وتأسيسا لما سبق سنقسم هذا الباب إلى ثالثة فصول هي:
الفصل األول
أشخاص الحق
( )1راجع في ذلك د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص ،321د .سعيد جبر ،الجزء الثاني ،ص.349
د .رمضان أبو السعد ،مرجع سابق ،ص ،349د .عباس الصراف ،د .جورج حزبون ،،المرجع السابق ،ص.749
د .عدنان جاموس ،المرجع السابق ،ص ،731د .محمد محمود عبد الله ،المرجع السابق ،ص.349
د .هشام قاسم ،المدخل إلى علم القانون ،المرجع السابق ،ص.330
( )2للتفصيل راجع د .عباس الصراف ،د .جورج حزبون ،المرجع السابق ،ص.799
739
الشخص في نظر القانون هو كل من يصلح الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات والشخصية
القانونية هي الصالحية الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات.
وتثبت الشخصية القانونية لإلنسان أساسا ،فإلنسان شخص في نظر القانون ألنه يصلح
الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات .إال أن الشخصية القانونية ال تقتصر على اإلنسان كفرد ،فقد
دعت ضرورات التقديم الحضاري الذي أصاب مختلف جوانب الحياة االجتماعية واالقتصادية إلى
التسليم بصالحية اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات لبعض جماعات من األفراد ولبعض
مجموعات من األموال.
ولتمييز الشخصية القانونية التي تثبت لإلنسان عن الشخصية القانونية التي تثبت لغيره جرى
االصطالح على تسمية اإلنسان بالشخص الطبيعي ،وعلى تسمية غيره بالشخص المعنوي أو
وقد اختلف فقهاء الشريعة اإلسالمية حول فكرة الشخص () 1
االعتباري أو الحكمي أو المجازي
المعنوي ففي حين يذهب البعض إلى أن الشريعة اإلسالمية لم تعرف فكرة الشخصية المعنوية يرى
وعلى هذا األساس سنتكلم أوال عن الشخص المطبيعي ،وثانيا عن () 2
فريق آخر عكس ذلك
الشخص االعتباري.
المبحث األول
الشخص الطبيعي
تعترف القوانين الحديثة ،على عكس الحال بالنسبة للقوانين القديمة لكل إنسان بالشخصية
القانونية.
( )1انظر محمود سليمان موسى ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في القانونين الليبي واألجنبي ،ط ،7الدار
الجماهيرية للنشر والتوزيع واإلعالن7930 ،م ،ص.90
د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،ص.437
( )2انظر محمود سليمان ،موسى ،نفس المرجع ،ص.40-44
792
وقد عرفت اإلنسانية حاالت لم يعترف فيها اإلنسان بالشخصية القانونية كالحالة التي في
القانون المدني الفرنسي "الموت المدني" حيث كان يعتبر المحكوم بهذه العقوبة بمثابة الميت فتسلخ
()1
عنه شخصيته القانونية.
وتثبت الشخصية لالبسان بصرف النظر عما يمكن أن يكسبه من حقوق أو يلتزم به من
واجبات كما ال يشترط لثبوت الشخصية أن توفر لإلنسان القدرة اإلرادية لكسب حق أو لتحمل
بواجب فهي تثبت للطفل غير المميز والمجنون رغم كوهنهما فاقدي اإلرادة النعدام التمييز.
ونتناول في هذا المبحث بدء الشخصية ونهايتها ،ثم مميزات الشخصية ،وأخي ار أهلية األداء.
المطلب األول
بدء الشخصية ونهايتها
أوال :بدء الشخصية
تنص المادة 93من القانون المدني اليمني على أنه "تبدأ شخصية أإلنسان وقت والدته حيا
وتنتهي بموته ومع ذلك فأن للحمل المستكن حقوقا اعتبرها القانون".
وواضح من النص بأن شخصية اإلنسان تبدأ بوالدته حيا ،فيشترط لثبوت الشخصية أن
وتنتهي هذه الشخصية بالوفاة. ينفصل الجنين انفصاال تاما عن أمه وأن يولد الجنين حيا
()2
واثبات الوالدة والوفاة قد ال تكون عن طريق السجالت الرسمية المعدة لذلك ،فإذا لم توجد
سجالت أو لم تبين عدم صحة ما أدرج في السجالت المذكورة جاز اإلثبات بكافة الطرق المادة
99من القانون المدني اليمني.
وتوجب المادة 32من قانون األحوال المدنية والسجل المدني رقم 39لسنة 7997م بأن
يكون التبليغ عن المواليد خالل ستين يوما من تاريخ الوالدة ،وقد أعفى القانون شهادة الميالد من
الرسوم المادة 39قانون السجل المدني.
ولكن يشترط الكتساب هذه الحقوق نهائيا أن يولد الجنين حيا ،فهو إذا ولد ميتا ،ال يستحق
()2
هذه الحقوق وتعتبر بالنسبة له كأنها لم تكن.
إال أن هذه الشخصية قد تنقضي في وقت سابق على الوفاة إذا حكم بموت المفقود وهو ما
يعرف بالموت الحكمي ونعرض فيما يلي حالة الموت الحكمي أو المفقود.
المفقود:
المفقود هو الشخص الذي غاب عن موطنه أو محل إقامته غيبة منقطعة ،وانقطعت أخباره،
وقد نصت المادة 779من قانون األحوال الشخصية على أن بحيث ال يعرف حياته من مماته
( )3
"المفقود هو الغائب التي ال تعرف حياته وال وفاته" وقد فرقت المادة ذاتها بين المفقود والغائب
بقولها في الفقرة األولى "الغائب هو الشخص الذي ال يعرف موطنه وال محل إقامته" .والغائب هو
الشخص الذي يغيب عن موطنه وقد يكون له محل إقامة معروف خارج موطنه أو ال يكون ولكن
الثابت يقينا أن الغائب حي وحياته معلومة .ولذلك ال يعد الغائب مفقودا وال يؤثر غيابه على
شخصيته القانونية وكل ما في األمر إذا ترتب على غياب الغائب أن تعطلت مصالحة أو مصالح
الغير اعتمد له القاضي مقدما إلدارة أمواله كما يحق لزوجة الغائب حق فسح نكاحها بعد انقضاء
سنة واحدة لغير المنفق وبعد سنتين للمنفق .المواد ( )774 ،03قانون األحوال الشخصية.
( )1انظر قانون األحوال الشخصية المواد 713 ،717 ،399 ،794 ،737والمادة 337قانون مدني يمني.
( )2انظر د .محمد محمود عبد الله ،المرجع السابق ،ص.369
( )3د .توفيق حسن فرج ،د .محمد يحيى مطر ،ص.301
793
ب – إذا مرت مدة كافية من إعالن فقده في ظروف ال يغلب فيها الهالك على أن ال تقل المدة
عن أربع سنوات.
ج – إذا فقد في ظروف يغلب فيها الهالك ومضت سنتان على إعالن فقده ،يتضح من النص
أعاله أنه يفرق بين حالتين:
-7حالة المفقود في ظروف ال يغلب فيها الهالك ،كمن سافر إلى الخارج للسياحة أو التجارة أو
طلبا للعمل أو انقطعت أخباره وال تعرف حياته من مماته ففي هذه الحالة يفوض القانون
للقاضي تحديد المدة التي بعدها يمكنه الحكم باعتبار المفقود ميتا .وبالطبع فأن هذه المدة ال
ينبغي أن تقل عن أربع سنين.
-3حالة المفقود في ظروف يغلب فيها الهالك ،كما إذا كان قد فقد في زلزال أو فيضان .ففي
هذه الحالة يحكم بموت المفقود بمضي سنتين على إعالن فقده .وفي جميع األحوال ينبغي
على القاضي أن يتحرى بجميع الطرق الممكنة الموصلة إلى معرفة الحقيقة أي معرفة ما إذا
كان حيا أو ميتا قبل أن يحكم بوفاته.
ويذهب البعض إلى القول إذا كان حكم القاضي بموت المفقود قائما على أدلة قوية تصلح
إلثبات الوفاة وفاة حقيقة ولبست حكمية وكان الحكم بالوفاة حكما مقر ار ال منشأ ،فتكون الوفاة من
وقت ثبوتها ال من وقت الحكم ،بخالف ما إذا كان حكم القاضي بموت المفقود قائما على مجرد
أمارات ال تصلح ألن تكون حجة في إثبات الوفاة فأن الموت يكون حكميا ويكون الحكم الذي
()1
قضي به حكما منشأ.
إذا ظهر المفقود بعد حكم موته من قبل القضاء ،يكون له أن يسترد ما بقي من ماله من
ورثته ،وكذلك يسترد ما يوجد من استحقاقه في إرث مورثه ،في أيدي ورثة مورثه .أما ما استهلك
في تلك األحوال ،أو تم التصرف فيه إلى الغير ،فهم غير مسئولين منه ،أي أنهم ال يسألون عن
مواجهة العائد من أي تعويض عن قيمة ما هلك بفعلهم ،ذلك أن يدهم كانت يد شرعية تستند إلى
حكم قضائي سليم .أما عن زوجته والتي اعتدت هده الوفاة تعود إلى عصمته ما لم تتزوج" ويقع
الدخول بها المادة ( )792أحوال شخصية .هذا إذا لم يكن زواجها األخر قد حدث بعد فسخ زواجها
من المفقود بحكم قضائي بسبب غيبة المفقود المادة ( )03من القانون.
المطلب الثاني
مميزات الشخصية
يتميز الشخص عن غيره بعدة مميزات أو خصائص ،ويحدد الفقهاء هذه المميزات بأمور
ثالثة هي :االسم ،والموطن ،والحالة التي تحدد مركزه بالنسبة إلى الدولة والى األسرة وفي بعض
األحيان بالنسبة إلى المدن ،ويضيف البعض األهلية والذمة المالية.
() 3
أوال :االسم
ُيعرف الشخص باسمه ويتميز عن غيره من األشخاص ،وتنص المادة ( )06من القانون
المدين اليمني على أنه "يعرف اإلنسان في التعامل باسمه واسم أبيه واسم جده ولقب يتميز به
والى جانب أن االسم واجب يقرره القانون ،فهو كذلك حق للشخص ،وهو ليس حقا ماليا
وانما هو حق من الحقوق العامة اللصيقة بالشخصية كما تقدم القول ،لذلك يظل اإلنسان محتفظا
باسمه ما بقيت شخصيته ،وكل اعتداء على االسم عن طريق استعماله بال مبرر أو انتحاله يجيز
لصاحبه طلب وقفه أي وقف االعتداء على اسمه مع التعويض عما لحقه من ضرر "المادة 49
مدني يمني.
ويطلق على االسم الوارد في المادة 46مدني يمني "االسم المدني" ألنه قد يوجد للشخص
اسم تجاري غير االسم المدني ومن خصائص االسم التجاري أنه مرتبط بالمحل ،فال يوجد اسم
تجاري مستقال بحيث يمكن التصرف فيه ،وقد نصت المادة 03من القانون التجاري اليمني بـأنه
"ال يجوز التصرف في العنوان التجاري تصرفا مستقال عن التصرف في المتجر ولكن إذا تصرف
( )1وهناك صور أخرى لالسم ،كاسم الشهرة ،وهو ما يخلقه الجمهوري من اسم على الشخص بحيث يستوعب كامل
نشاطه ويعرف به .كذلك قد يختار الشخص لنفسه اسم يتميز به كالفنانين والرياضيين وهو ما يعرف باالسم
المستعار.
( )2انظر د .محمود محمد عبد الله ،المرجع السابق ،ص ،313د .سعيد جبر ،الجزء الثاني ،مرجع سابق،
ص ،729د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص.379
790
صاحب المتجر في متجره لم يشمل التصرف العنوان التجاري ما لم ينص على ذلك صراحة
وضمنا.
ثانيا :الموطن
ُيعرف الموطن المحل الرئيس ي الذي يستقر فيه الشخص ،أي أن الموطن عبارة عن المكان
الذي يفضل أن يعيش فيه اإلنسان ويستقر ويرتب أموره فيه واذا أراد أن يبتعد عنه فليس إال لكي
()1
يعود فيما بعد.
وقد عرف المادة( )39من قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم 33لعام 799م الموطن
بقولها (الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة ويباشر فيه أعمال الحياة العادية ويستوفي
ماله ويؤدي ما عليه ،ويكون المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة أو مهنة أو وظيفة،
موطنا له إلدارة هذه األعمال).
وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع اليمني أجاز أن يكون للشخص الواحد في وقت واحد أكثر من
موطن كما أجاز له موطن المادة ( )34قانون المرافعات والتنفيذ المدني.
والمذهب اآلخر هو المذهب الحكمي والذي يحدد الموطن ال بالمكان الذي يقيم فيه الشخص
عادة بل للمكان الذي يوجد فيه المركز الرئيسي ألعمال الشخص ومصالحه .وقد أخذ بهذا المذهب
القانون المدني الفرنسي المادة ( )723والقانون المدني اإليطالي المادة ( )47مني إيطالي.
والجدير بالذكر أن المذهب الواقعي في تحديد فكرة الموطن يتفق مع الشريعة اإلسالمية
()3
والتي تأخذ بمكان اإلقامة المعتاد ،وتسمح بتعدد الموطن للشخص الواحد ناهيك عن السماح بأن ال
يكون للشخص موطن ما ،كما هو الحال عند البدو الرحل ،ويتأكد ذلك بنصوص القوانين سالفة
( )1راجع في ذلك د .عباس الصراف ،د .جورج حزبون ،المرجع السابق ،ص.769
( )2يراجع في ذلك بالتفصيل د .عبد الحي حجازي ،المرجع السابق ،ص.417
( )3راجع د .محمد محمود عبد الله ،المرجع السابق ،ص ،970د .رمضان أبو السعد ،المرجع السابق ،ص.331
796
ويترتب على األخذ بالمذهب الذكر ،والتي جاءت متوافقة مع تنص المادة 94من مرافعات يمني
()1
الواقعي لتحديد فكرة الموطن نتيجتان :األولى هي إمكان تعدد الموطن ،حيث يكون الشخص مقيما
فعال في أكثر من مكان ،كأن يكون متزوجا بزوجة مقيمة في مكان معين وأخرى في مكان آخر.
ومفيد اإلشارة في هذا السياق إلى أن القانون الروماني لم يكن يفصل بين الموطن واإلقامة،
فكان الموطن حيث يقيم الشخص أما القانون اليمني فيفرق بين الموطن ومحل اإلقامة حيث نصت
المادة 33مرافعات يمني على أن محل اإلقامة هو "المكان الذي يقيم فيه الشخص بصفة مؤقتة
لعمل عارض أو ظرف خاص".
أهمية تحديد الموطن :لتحديد موطن الشخص أهمية تبرز في نواحي متعددة أهمها:
-7يتحدد االختصاص للمحاكم على أساس موطن المدعى عليه أو محل إقامته المادة ()71
مرافعات يمني.
-3األوراق المطلوب إعالنها كصيغة الدعوى واإلنذارات يجب أن توجه للشخص في موطنه
المادة ( )93المرافعات يمني.
-9الوفاء بااللتزامات التي ليس محلها شيئا معينا بالذات يكون في المكان الذي يوجد فيه موطن
المدين وقت الوفاء...إلخ المادة ( )439مدني يمني.
-4الحجز على المدين المفلس يكون بحكم من المحكمة التي يقع في دائرتها موطن هذا المدين
المادة 13مدني يمني.
أنواع الموطن:
( )1انظر المادة ( )42فقرة 3مدني مصري ،والمادة 4ة فقرة 3مدني ليبي ،والمادة 99فقرة 923مدني أردني ،أما
المشرع العراقي في المادة 43مدني لم ينص على إمكان عدم وجود موطن للشخص وهو محق بذلك إذ ال فائدة
من ذلك ،دون إيجاد الحل ،أي كيف سيكون األمر في حالة عدم وجود موطن للشخص ،مثال كيف يستطيع
الدائنون الوصول إلى مدينهم الذي ال موطن له .وينبغي أال يفهم أن الحل متعذر ،وذلك ما ورده المشرع
البرتغالي حيث ينص على أنه إذا لم يكن للشخص إقامة دائمة كان موطنه حيث يوجد المادة 40وكذلك
القانون البرازيلي الذي نص على أن من ليس له موطن وكان يمضي حياته متنقال في البالد كان موطنه حيث
يوجد المادة 99أيضا القانون الياباني إذ يقول "من ليس له موطن في اليابان ،سواء أكان يابانيا أو أجنبيا يكون
مونه حيث يوجد المادة .99
791
هو المكان الذي يقيم فيه الشخص وعادة في األصل يترك تحديد هذا المكان الختيار
الشخص وارداته ويسمى الموطن الذي يختار على األساس بالموطن االختياري أو اإلرادي.
ولكن هذا ال يكون إال بالنسبة لكاملي األهلية ،وهم البالغون سن الرشد دون أن يحجز عليهم
لصغرهم أو لجنونهم أو لسفه .وعلى ذلك ففي الحال التي ال يكون فيها الشخص غير كامل األهلية
فأن القانون هو الذي يحدد موطن الشخص لذلك سمى بالموطن القانوني أو اإللزامي .ووفقا لنص
المادة 30مرافعات "موطن القاصر ومن في حكمه هو موطن النائب عنه قانونا ،وليا أو وصيا،
وموطن التركة هو آخر موطن للمتوفى عنها".
()1
ثانيا :الموطن الخاص
هو الموطن الذي يتعلق ببعض أعمال معينة ال يعول فيها على الموطن العام فيعتد بهذا
الموطن الخاص بالنسبة لهذه األعمال والعالقات فقط .ويعتد بالوطن العام بالنسبة لجميع أعمال
الشخص وعالقاته األخرى.
وموطن األعمال ،هو المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة أو مهنة أو وظيفة
وذلك ما نصت عليه المادة 39مرافعات بقولها "ويكون المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو
حرفة أو مهنة أو وظيفة ،موطنا له إلدارة هذه األعمال".
أما الموطن المختار ،فهو المكان الذي يختاره الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين باالتفاق مع
األطراف األخرى كتابة أو بإعالن به بوجه رسمي ...المادة 310مرافعات .هذا وال يجوز إثبات
وجود الموطن المختار إال بالكتابة أو بإعالنه رسميا .وذلك لكون الموطن المختار خروجا عن
األصل الذي يجعل موطن الشخص محل إقامته المعتادة.
() 2
ثالثا :الحالة
يرجع األصل التاريخي لفكرة الحالة إلى القانون الروماني ،ويقصد بحالة الشخص مجموع
الصفات التي تلحق به ويترتب على توافرها آثار قانونية .وهذه الصفات منها ما يحدد مركز
الشخص بالنسبة إلى دولة معينة وذلك بانتمائه إلى جنسية هذه الدولة وهذه هي الحالة السياسية،
ومنها ما يحدد مركزه بالنظر إلى انتسابه إلى أسرة معينة وهذه هي الحالة العائلية ،ويدخل فيها
الصدة ،المرجع السابق ص 496وما بعدها ،د ,توفيق حسن فرج ،د.
ّ ( )1راجع في ذلك مفصال د .عبد المنعم فرج
محمد يحيى مطر ،المرجع السابق ،ص.319
( )2انظر د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،المرجع السابق ،ص.711
793
( )2
وقد عرفت محكمة النقض المصرية ( )1
أخي ار ما يحدد مركزه من حيث انتمائه إلى دين معين
الحالة بأنه مجموعة ما يتميز به اإلنسان عن غيره من الصفات التي يرتب القانون عليها أث ار في
حياته االجتماعية وهذه الصفات قد تكون طبيعية مثل كون اإلنسان ذك ار أو أنثى ،وقد تكون عائلية
ككونه زوجا أو أرمال أو أبا أو ابنا .وقد تكون مدنية ككونه تام األهلية أو ناقصها أو مقيدها بسبب
من األسباب القانونية ،وقد تكون دينية ككونه مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو غير ذلك ،وقد تكون
سياسية ككونه متجنسا بجنسية الدولة ومستوطنا فيها أو قد تكون حرفية ككونه محاميا أو موظفا أو
عامال ومما يجدر ذكره في هذا السياق هو أن الحالة في القانون الروماني كانت تشمل مركز الفرد
()3
من الحرية بانتمائه إلى مجموعة األحرار واألرقاء.
( )1راجع د .حسن كيرة ،المدخل إلى القانون ،مرجع سابق ،ص 091وما بعدها ،د .محمد السعيد رشدي ،المرجع
السابق ،ص ،792د .رمضان أبو السعد ،النظرية العامة للحق ،مرجع سابق ،ص.770
( )2نقال عن رمضان أبو السعد ،المرجع نفسه ،ص.776
( ) 3يراجع في ذلك د .عباس العبودي ،تاريخ القانون ،المرجع السابق ،ص.799
( )4انظر قانون 47لعام 7993م بشأن االنتخابات المادة ( ،)9أيضا قانون 0لعام 7990م "قانون العمل" المواد
79ـ .36 ،30 ،34 ،39 ،33 ،37 ،32
799
وتنص المادة ( )43من القانون المدني على أن الجنسية اليمنية ينظمها قانون الجنسية وهو
()1
القانون رقم 6لعام 7992م .والجنسية نوعان هي الجنسية األصلية والجنسية الطارئة المكتسبة.
الجنسية األصلية :وهي تلك التي تثبت للشخص عند الميالد على أساس رابطة الدم "حق أ-
الدم" أو على أساس رابطة اإلقليم "حق أإلقليم" وقد درجت الدول على األخذ بكال الرابطتين
رابطة الدم ورابطة أإلقليم ،فتكون إحدى الرابطتين هي الرابطة األصلية واألخرى تأخذ الصفة
التكميلية ،أي أنها ال تأخذ بإحدى الرابطتين دون األخرى انظر المادتين 9 ،3من قانون
الجنسية حيث أخذ المشرع اليمني برابطة الدم كأساس الكتساب الجنسية اليمنية فكل من ولد
ألب يتمتع بالجنسية اليمنية يكتسب هذه الجنسية سيان ولد في اليمن أو خارجها .واذا كانت
رابطة الدم هي األساس إال أن المشرع اليمني أخذ ب اربطة اإلقليم في حاالت معينة كحالة
الذي يولد في اليمن من أم يمنية وأب مجهول الجنسية أو ال جنسية له ،وكذلك حالة الطفل
الذي ولد في اليمن من أم يمنية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا...إلخ.
ب -ب – الجنسية الطارئة :وهي التي تكتسب بعد الميالد ولسبب آخر غيره ،وهي تكتسب عادة
بطريق الزواج أو بطريق التجنس( .)2وقد حدد المشرع اليمني شروط اكتساب الجنسية اليمنية
وذلك في المواد 77 ،9 ،6 ،0 ،4من القانون .والغالب بالنسبة إلى من اكتسب الجنسية
بسبب الزواج أو بالتجنس أال يتمتع فور كسبه للجنسية بكل الحقوق التي تثبت للوطنيين
"الجنسية األصلية" فحرم لمدة بعد اكتسابه الجنسية من التمتع ببعض الحقوق وخاصة
الحقوق السياسية ،وذلك ما تقضي به المادة 39من قانون الجنسية اليمنية بقولها "األجنبي
المسلم الذي اكتسب الجنسية اليمنية عمل بأحكام المواد ( )77 ،9 ،6 ،0 ،4من هذا
القانون ال يكون له حق مباشرة الحقوق السياسية المقررة لليمنيين قبل انقضاء خمس عشر
سنة من تاريخ كسبة للجنسية المذكورة كما ال يجوز انتخابه أو تعيينه في أية هيئة نيابية قبل
مضي المدة المذكورة من التاريخ المذكور" ويوجد في قانون الجنسية األردني رقم 6لعام
7904م المعدل نصا مماثل للنص اليمني وهي المادة ( )74من قانون الجنسية األردني
وكذلك الحال في غيره من قوانين الجنسية كالكويتي الصادر في 7909م والمصري الصادر
في 7903م...إلخ.
()3
وقد اعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر سنة 7943م الجنسية من المبادئ
األساسية التي تقوم عليها حقوق اإلنسيان ،حيث نصت المادة ( )70من اإلعالن على أن لكل فرد
– 2الحالة العائلية:
يقصد بالحالة العائلية أو المدنية ،مركز الشخص في أسرة معينة بوصفه عضوا فيها تربطه
بباقي أعضائها رابطة وثيقة من قرابة النسب ووحدة األصل ،وقد تربطه بأعضاء أسرة أخرى رابطة
من قرابة المصاهرة.
أ – قرابة النسب :يقصد بقرابة النسبة أو الدم ،الصلة التي تقوم بين األشخاص يجمعهم
أصل مشترك ،وهو ما عبر عنه القانون المدني بقوله "أقارب الشخص هم الذين يجمعهم معه أصل
مشترك ...المادة ( )49وتنقسم قرابة النسب إلى قسمين هي القرابة المباشرة والقرابة غير المباشرة
أو قرابة الحواشي والقرابة المباشرة هي بحسب المادة ( )44من القانون المدني" ،الصلة بين األصل
والفروع" أي هي قرابة اآلباء واألمهات واألجداد والجدات مهما علو واألبناء والبنات واألحفاد
والحفيدات مهما نزلوا ألنهم إنما ينحدرون بعضهم من بعض بصورة مباشرة وعلى خط مستقيم.
فقرابة الشخص بجدة مثال هي قرابة مباشرة ألنه ينحدر منه انحدا ار مباش ار ويجمعهما عمود نسب
واحد هو العمود الذي يربط بين الشخص وأبيه ثم جده.
أما القرابة غير المباشرة أو قرابة الحواشي فهي بحسب المادة ( )44المشار إليها "هي الصلة
بين شخصين يجمعهما أصل مشترك دون أن يكون أحدهما فرعا لآلخر "كالقرابة بين األخ وأخيه
والولد وعمه وخاله".
وتحسب درجة الحواشي بحسب الدرجات صعودا من الفرع لألصل ثم نزوال إلى الفرع اآلخر،
وكل فرع يعتبر درجة دون أن يحسب األصل المشترك فاألخ يعتبر من الدرجة الثانية بالنسبة
ألخيه ألن األصل المشترك بينما هو األب وكل منهما يعد درجة بالنسبة إلى األصل المشترك الذي
هو األب فالمجموع درجتان وهكذا "المادة "40من القانون المدني .وقد سميت هذه القرابة بالقرابة
غير المباشرة أو قرابة الحواشي ألن األقارب فيها ال ينحدرون بعضهم عن بعض على خط مستقيم،
وانما هو يوزعون على عمودين مستقلين للنسب يلتقيان معا عند األصل المشترك.
وقرابة النسب سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة إنما تكون على نوعين وهما :قرابة
العصبات أو القرابة العصبية ،وقرابة األرحام أو القرابة الرحمية.
327
أما القرابة العصبية فهي التي تكون عن طريق األب كقرابة الشخص لجده ألبيه مثال أو
لعمه .وأما القرابة الرحمية فهي التي تكون عن طريق األم كقرابته لجده ألمه أو لخاله مثال.
( )1
ب – قرابة المصاهرة :المصاهرة صلة قانونية تنشأ بسبب الزواج بين أحد الزوجين وأقارب
الزوج اآلخر ،والمصاهرة صلة شخصية بحث .ولم ينظم المشرع اليمني قرابة المصاهرة كما فعلت
وصلة المصاهرة ال تكون إال بين أحد الزوجين ,أقارب الزوج اآلخر والصلة ( )2
التقنينات العربية
التي تربط بين الزوجين هي صلة ذات طبيعة خاصة ،فهي ليست صلة مصاهرة ولو أنها هي التي
تنشأ صلة المصاهرة.
أن المشرع اليمني وان لم يورد نص بشأن قرابة المصاهرة كما سلف القول ،إال أنه رتب على
قرابة المصاهرة آثارها القانونية ،كما هو الحال عليه في قانون المرافعات والتنفيذ المدني.
المادة 93 ،47فقرة 4 ،9 ،7والمادة 722فقرة .3كذلك المادة 61من قانون اإلثبات
والمادة 93فقرة 4من قانون األحوال الشخصية.
آثار القرابة :يترتب على القرابة آثار قانونية مهمة من حيث تحديد ما لشخص من حقوق وما
عليه من التزامات عائلية ،أي تحديد حقوق األسرة ،كالحق في اإلرث والنفقة والحق في الحضانة
وواجب الطاعة ،وكذلك من حيث تحديد المحرمات من النساء سواء حسب قرابة النسب أو قرابة
المصاهرة .وتؤثر القرابة أيضا على النشاط القانوني للشخص ،فمثال يعتبر القاضي غير صالح
لنظر الدعوى إذا كانت له صلة قرابة بأحد أطرافها المادة 317فقرة ب إجراءات جزائية.
– 3الحالة الدينية:
ينص الدستور اليمني على أنه "المواطنين جميعهم مساوون في الحقوق والواجبات العامة"
ومعنى ذ لك أن الحالة الدينية ال تؤثر على صالحية الشخص في اكتساب الحقوق والتحمل
بالواجبات غير أن هذا األصل قد يرد عليه استثناءات مثال المادة 7349مدني يمني والتي نصت
بأنه يجوز للمسلم إحياء أو تحجر األرض الموات المباحة للكافة وهي التي لم يملكها أحد وال
تحجرها أحد وال تعلق بها حق عام أو خاص طبقا لما هو منصوص عليه ...وهذا االستثناء يعود
إلى تطبيق الشريعة اإلسالمية باعتبارها مصدر جميع التشريعات كذلك الحال فيما يتعلق بتطبيق
قانون األحوال الشخصية فالحقوق والواجبات التي تثبت للشخص تختلف باختالف الدين الذي
رابعا :األهلية
األهلية لغة هي الصالحية :يقال فالن أهل لعمل كذا إذا كان صالحا للقيام به .في اصطالح
األصوليين صالحية الشخص لإللزام وااللتزام بمعنى أن يكون الشخص صالحا ألن تلزمه حقوق
()2
لغيره ،وتثبت له حقوق قبل غيره وصالحا ألن يلتزم بهذه الحقوق على وجه يعتد به شرعا.
واألهلية عند فقهاء القانون الوضعي هي صالحية الشخص الكتساب الحقوق وتحمل
االلتزامات وينصرف اصطالح األهلية تارة إلى ما يسمى بأهلية الوجوب وتارة أخرى إلى ما يسمى
بأهلية األداء وان كان الغالب أن يقصد بكلمة األهلية أو انعدامها أو نقصها أهلية األداء ال أهلية
الوجوب ،ألنه إذا انعدمت أهلية الوجوب فال يتصور البحث في أهلية األداء.
()3
( )1للتفاصيل ارجع د .محمد عبد الكريم عكاشة ،يهود اليمن والهجرة إلى فلسطين ،الطبعة األولى7999 ،م.
( ) 2ارجع في ذلك د .حسن محمد مقبول األهدل ،أصول الفقه اإلسالمي ،الطبعة األولى ،مكتبة الجيل الجديد،
صنعاء7992 ،م ،ص 371وما بعدها.
د .محمد سعود المعيبي ،اإلكراه وأثره في التصرفات الشرعية "بحث مقارن بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي،
ط ،7منشورات مكتبة سام7930 ،م ،ص 77وما بعدها.
( )3انظر د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص.331
( )4انظر مفصال د .عبد الحي حجازي ،المرجع السابق ،ص 423وما بعدها.
329
ب – األصل في أهلية الوجوب تبدأ كاملة بمجرد الوالدة .وتبقى مالزمة للشخص طوال حياته ،ال
تتأثر بصغر أو مرض أو آفة عقلية .أما أهلية األداء فتتدرج مع السن ،فال تبلغ درجة
الكمال إال في سن معينة .وقد تنعكس بعد ذلك لعارض الحق.
ج – عديم أهلية الوجوب ال عالج له ،فال يستطاع إصالحه بإحالل شخص محل شخص آخر.
بخالف عدم أهلية األداء ما ال يستطيع عديم األهلية أن يباشره بنفسه ،يجوز أن يباشره عنه
نائب قانوني.
أن صالحية الشخص إلجراء األعمال والتصرفات ذات النتائج القانونية ومباشرتها بنفسه ال
تتعلق بصفته اإلنسانية وحدها بل بتوجب لثبوتها أن يكون هذا الشخص على قدر كاف من العقل
واإلدراك يسمح له بمعرفة نتائج أعماله والتبصر فيها ،أي أن مناط أهلية األداء هو التمييز ولذلك
جعل القانون السن معيار تحديد درجة التمييز لدى الشخص كما أن التمييز يتأثر أيضا بعوارض
أخرى قد تصيب الشخص بعد بلوغه سن الرشد كالجنون والعته والسفه والغفلة كما هو الحال في
()1
القوانين المدنية العربية.
– 3تدرج األهلية بحسب السن
قسم القانون حياة اإلنسان إلى ثالث مراحل:
المرحلة األولى :مرحلة الصبي غير المميز
يبدأ هذه المرحلة منذ والدة الشخص وتنتهي عند بلوغه سنا يستطيع معها أن يعرف معاني
األلفاظ ويقدر على التمييز كأن يميز بين الغبن الفاحش والغبن اليسير كما تورد المادة 949من
مجلة األحكام العدلية .وقد حدد القانون المدني اليمني سن التمييز في المادة 03حيث نص على
أن "سن التمييز هي عشر سنين كاملة" وال يملك هذا الصبي أي أهلية إلبرام التصرفات القانونية،
لكونه عديم التمييز وبالتالي عديم األهلية ،واذا أقدم على تصرف من التصرفات كان باطال بطالنا
مطلقا.
هو الصبي الذي أكمال السنة العاشرة من عمره ولم يبلغ الخامسة عشرة ،ويكون للصبي
الميز أهلية أداء ناقصة ،إذا يفترض في هذه المرحلة أنه لم يتوافر له أسباب التمييز كاملة ويظل
الشخص ناقص األهلية إلى أن يبلغ سن الرشد وهي 70ىسنة كاملة.
( )1القانون المدني ال يعتر الغفلة من بين عوارض األهلية ،انظر المادة 46مجني مصري 739مدني أردني
،772وفي ليبيا قانون 71لعام 7993م بشأن تنظيم األحوال للقاصرين ومن في حكمهم المادة 77فقرة ج،
وفي سوريا المادة 322من قانون األحوال الشخصية.
324
أن تمتع الصبي المميز بأهلية أداء ناقصة ،مؤداها السماح له ببعض التصرفات وعدم
السماح له بغيرها .وتصرفات الشخص عادة تتحدد بثالث أشكال من حيث نفعها أو ضررها كما
وهذه التصرفات أما أن تكون نافعة له نفعا محضا ،وهذه صحيحة يعترف بها ()1
قسمها الحنفية
القانون إذا مارسها الشخص ،كقبول الهبة ،كون الهبة نافعة للموهوب له نفعا خالصا لدخول أموال
إلى ذمته بال مقابل.
أما النوع الثاني من التصرفات ،فهي الضارة له ضر ار محضا ومثالها أن يوهب هو أمواله
وهذه باطلة بطالنا مطلقا .أما النوع الثالث من التصرفات فهي الدائرة بين النفع والضرر ،كالبيع
واإليجار ،فأنها تكون صحيحة من جانب الصبي المميز ،على اعتبار أنه يتمتع بأهلية األداء إال
أنها موقوفة على إجازة الولي أو الوصي نظ ار لنقصان أهلية األداء من الصبي المميز ،فإذا أجاز
وقد فصلت ()2
الولي تصرفه فقد سد النقص بإجازته ،فيصير التصرف صالحا لترتب آثاره عليه،
المادة ( )67مدين يمني.
على أن المشرع اليمني قد راعى من ناحية أخرى أن ناقص األهلية يتجه رشده إلى االكتمال
امى َحتى ِإ َذا َبَل ُغوا
كلما اقترب من السنة المحددة لكمال الرشد والمذكور في قوله تعالي " َو ْابَتُلوا اْلَي َت َ
َمَواَل ُه ْم"( )3وتطبيقا لذلك قضت المادة 63من القانون ِ ِ ِ ِّ
الن َك َ ِ
اح َفإ ْن َآن ْستُ ْم م ْن ُه ْم ُرْش ًدا َف ْادَف ُعوا إَل ْيه ْم أ ْ
المدني اليمني بأن "الصبي المميز يختبر في رشده قبل بلوغه بأن يأذن له وليه أو وصيه بإدارة
شيء من ماله ،ويختلف باختالف األحوال فولد التاجر بالبيع والشراء والمحترف بما يتعلق بحرفته
وولد المزارع بالمزرعة والصبية بتدبير شؤون بيتها وذلك لمعرفة الغاية المقصودة من االختبار".
ولما كان الغرض هو اختبار مدى نباهة الصبي المميز وقدرته على حسن التصرف ووزن األمور
بالشكل السليم الذي يحقق مصالحه إذ كان لزاما على المشرع أن يعتد اآلثار القانونية لتلك
التصرفات المأذون بها ولذا قضت المادة 69مدين يمني بقولها "يقع صحيحا منتجا لجميع آثاره
تصرف الصبي المميز فيما أذن له به على النحو المبين في المادة ( )63ويستثنى من ذلك الغبن
الفاحش...إلخ.
واشترط القانون أن يكون اإلذن في الوالي أو الوصي ،كما اشترط إشهار هذا اإلذن وال يعتد
باإلذن قبل إشهاره المادتين 17 ،63مدين يمني.
وقد فعل خيرا ،حيث أن اكتمال النضج العقلي ال يتوافر عند جميع األشخاص في سن واحدة ،بل
يختلفان باختالف األشخاص ،فقد يتوافر النضوج والنباهة عند شخص قبل توافرها عند شخصا
آخر ،لذا كان تحديد السن التي يجوز فيهما اإلذن باإلدارة فيه تحكم غير قليل ،أتبع فيه المشرع
طريقة الكم بدال من طريقة الكيف ،والتي جعلها المشرع اليمني سلطة تقديرية بيد الولي أو الوصي.
ناهيك عن أن تحديد السنة جائز فيها اإلذن للقاصر بإدارة شيء من ماله هي حالة خاصة عكس
تحديد سن الرشد بسن محدد والذي يقوم على أساس قرينة معينة هي أن شخص في هذا السن
تكتمل إرادته ويتم نضجه العقلي مع أن هذه القرينة ليست صحيحة دائما إنما اقتضتها الضرورة
العملية ،ثم أن التشريع يكون للغالب في الحاالت ،والغالب أن يكتمل النضج العقلي في سن معينة
قدرها معظم الفقهاء بتمام الخامسة عشرة وهذه السن هي التي تظهر فيها عالمات البلوغ المعروفة.
ناهيك عن أن تطور العلم والمعرفة واالتصال وغيرها من وسائل المدنية وانتشار التعليم...إلخ.
عامل أثر النضوج العقلي وهذا االتجاه الغالب اليوم ،عكس ما يذهب إليه البعض من أن سن
الرشد في القانون المدني اليمني متدني مقارنة بمعظم التشريعات العربية( 3والجدير بالتنويه أن لفظ
اإلدارة في المادة ( )63مدني يمني ليس المقصود منه حرفيته ،علما أن لفظ "إدارة" ليس له جذر
وانما المقصود اصطالح الحديث لمعني اإلدارة ،بدليل األمثلة اللي يوردها لغوي في اللغة العربية
( )4
النص لمعرفة الغاية المقصودة من االختبار ناهيك عن الدليل الشرعي للنص ذاته وهي اآلية
السالفة الذكر من سورة النساء ،والتي ابتدأت بكلمة "ابتلوا" أي اختبروا.
( )1المادة 779فقرة 7مدني أردني حددتها بـ 70سنة ،المادة 773مدني مصري حددتها بـ 73سنة ،المادة 779
مدني سوري 774أحوال شخصية سوري بت 70سنة ،أما المادة 776أحوال شخصية سوري فأوردت حكم
خاص يتعلق بإدارة أمواله التي كسبها بعمله الخاص وحددت السنة بـ 79سنة.
( ) 2قبيل تصغير قبل .يقال جاء فالن قبيل الهصر "أي قبله بزمن يسير ،انظر المنجد في اللغة واإلعالم ،الطبعة
،33منشورات دار المشرق ،بيروت7936 ،م /ص.621
( )3انظر د .سعد محمد سعد ،أحكام األهلية في القانون المدني اليمني ،مجلة القانون ،العدد الثامن ،والتاسع،
تصدرها كلية الحقوق ،جامعة عدن ،السنة 7990-94م ،ص.39
( ) 4انظر تاج العروس ،لسان العرب ،القاموس المحيط ،المعجم الوسيط ،معجم متن اللغة ،مختار الصحاح.
326
قال تعالى في كتابه ()1
الرشد لغة االستقامة على طريق الحق ،وهو ضد الضالل والغي
الكريم "ال إكراه في الدين ،قد تبين الرشد من الغي" القرة .306
والرشد عن الفقهاء الصالح في المال ،وذلك عند األئمة الثالثة :أبي حنيفة ومالك وأحمد،
وهو الصالح في الدين والمال معا عند الشافعي أما المشرع اليمني فيعرف الرشد بأنه حسن
التصرف في المال المادة 72مدني والرشد ال يعرف إال باختبار فإذا بلغ رشيدا صار أهال لكل
التصرفات ،وأصبح وليا على نفسه ،وزالت عنه والية غيره ،وسلمت إليه أمواله باتفاق الفقهاء .أما
إذا بلغ غير رشيد فأنه ال يسلم إليه ماله باتفاق الفقهاء وقد عبرت عن ذلك المادة ( )0مدني يمني
بقولها "سن الرشد 70سنة كاملة إذا بلغها الشخص متمتعا بقواه العقلية رشيدا في تصرفاته يكون
كامل األهلية لمباشرة حقوقه المدنية والتصرف فيها" والرشد ال يحتاج إلى حكم إال عند الخالف
عليه بين الصغير مدعي الرشد وبين وليه أو وصيه ،المادة 62مدني يمني .ويجب كي تكتمل
األهلية أن يبلغ الصبي سن الرشد متمتعا بكامل قواه العقلية ،وكل من يبلغ سن الرشد وكان سفيها
يكون ناقص األهلية في حكم الصبي المميز ومن لم يبلغ سن التمييز أو بلغها مجنونا أو معتوها
يكون فاقد األهلية "المادة 03مدني يمني" غير أن الشخص قد يعترض أهليته عارض يفقده التمييز
واإلدراك.
– 4عوارض األهلية
العوارض جمع عارض :وهو ما يط أر على أألهلية بعد كمالها ،فقد يط أر على األهلية بعد
وجودها ما يزيلها أو ينقصها.
()2
وعوارض األهلية في القانون اليمني هي :الجنون والعته والسفه.
– 6الجنون والعته
والجنون هو اختالل العقل بما يفقد الشخص اإلدراك والتمييز كلية .أما العته فهو نقصان
ويختلف () 3
العقل أو احتالله ،يجعل الشخص قليل الفهم مضطرب القول والفعل فاسد التدبير
احدهما عن اآلخر من حيث أن العته ال يرافقه اضطراب الجنون ،فهو أشبه ما يكون من الجنون
ومن المسلم به أن التصرفات التي يقوم بها من أصيب بالجنون بعد بلوغه سن الرشد تكون
باطلة إذا صدرت منه بعد الحجر عليه بحكم المحكمة ،أما تصرفاته الصادر عنه قبل الحكم
بالحجر عليه ،فال شك في صحتها باعتبار أن الحكم بالحجر ال تنتج أثره إال من لحظة صدوره،
ناهيك عن اشتراط القانون إشهاره في ذات اليوم إلي يصدر فيه وذلك بإثباته في السجل المعد
لذلك...إلخ المادة ( )12مدني.
ويفرق فقهاء الشريعة اإلسالمية بين الجنون الذي ال يفيق الشخص منه ،والجنون المتقطع
تصرفات الذي تتخلله فترات إفاقة ،فيصححون تصرفات المجنون إذا ما أجريت في فرات اإلفاقة
()2
المجنون غير المطبق في حالة إفاقته كتصرفات العاقل ،المادة ( )932من مجلة األحكام العدلية
تنص على أنه يرتفع الحجر عن المجنون ( )3
وقد أخذ المشرع اليمني بذلك فالمادة ( )63مدني
باإلفاقة من الجنون وتصح التصرفات التي تصدر عنه في حالة اإلفاقة ويجوز لمن أفاق من جنون
أن يطلب من محكمة موطنه رفع الحجر عنه وتسليم أمواله إليه .كما يجوز لوليه أو الوصي
المنصوب عنه ذلك وال تصح ق اررات من رفع الحجز عنه لجنون عن تصرفاته حال الجنون وال
إجازته لتلك التصرفات".
( )1انظر د .هشام القاسم ،المدخل إلى علم القانون ،مرجع سابق ،ص.909
( ) 2د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد احمدي محمد الجمال ،المرجع السابق ،ص ،406د .محمود محمد
طنطاوي ،المرجع السابق ،ص ،964د .حسن محمد مقبول األهدل ،المرجع السابق.936-930 ،
( )3انظر مجلة األحكام العدية المواد 944ـ .932 ،919والمادة 723مدني عراقي والمادة 733فقرة 3مدني
أردني.
323
ويتضح من النص السابق اآلتي:
-7األصل في الحجر يرفع عن المجنون عند اإلفاقة من الجنون ،أي دون حاجة إلى إصدار
حكم يرفعه.
-3التصرفات التي تصدر عن المجنون في حالة إفاقته صحيحة أي كتصرفات العاقل ،أما حالة
عدم اإلفاقة فحكمه كحكم الجنون المطبق "حكم الصغير غير المميز".
-9المجنون الذي يف يق من جنونه أي الذي عاد له عقله ،كما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم "رفع القلم عن ثالثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون
حتى يعقل" .فقد أجاز له القانون أن يطلب من المحكمة رفع الحجر عنه وتسليم أمواله إليه
وذلك في حالة ما إذا نازع الوصي تسليمه أمواله إلدارتها والصرف فيها فينازعه الوصي في
ذلك عندما يلجأ المجنون الذي أفاق إلى المحكمة لتصدره حكما برفع الحجر والحكم هنا
()1
تقريري "كاشف" وليس منشئ.
-4أجاز القانون للولي أو الوصي التقدم إلى المحكمة وطلب إصدار حكم برفع الحجر عن
المجنون وذلك أما حماية له المجنون" أما لغير الذي ينازعه في اإلفاقة ،وأما لكي يستوثق
من إفاقة المجنون بصدور الحكم برفع الحجر وبسلم األموال التي بحوزته ويخلي
( )2
مسئوليته.
ب – السفه
السفه في اللغة :الخفة وفي االصطالح عبارة عن التصرف في المال ،على خالف مقتضى
ولم يعد القانون المدني السفيه محجو ار لذاته ،بل أوجب صدور () 3
الشرع والعقل ،مع قيام العقل.
حكم بالحجر عليه .واذا حجر عليه أصبح حكمه حكم الضبي المميز "ناقص األهلية" المادة .64
( )1انظر د .إبراهيم نجيب سعد ،القانون القضائي الخاص ،ج ،3منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ،
ص 794وما بعدها.
( )2د .سعيد جبر ،المرجع السابق ،ص.720
( )3انظر د .محمد سعود المعيني ،المرجع السابق ،ص.37
329
وتطبيق حكم الصبي المميز على السفيه يقتضي بطالن تصرفاته الصادرة ضر ار محضا،
وصحة تصرفاته النافعة نفعا محضا ،وقابلية تصرفات الدائرة بين النفع والضرر لإلبطال ،وهذه
التصرفات موقوفة على إجازة الولي والوصي.
وفضال عن ذلك فقد قرر القانون عدم صحة إق ارر السفيه المحجور عليه بدين مطلقا أما إذا
كان إق ارره متعلقا بشيء غير المال فيعد صحيحا وبذلك تنص المادة ( )60مدني يمني على أنه ال
يصح إقرار السفيه المبذر المحجور عليه بدين مطلقا ويصح إق ارره بما ال يتعلق به مال".
والسفه يخالف الجنون والعته ،ألن السفيه عاقل بخالف المجنون والمعتوه ،لكن معه وجود
عقله يعد غير رشيد بالنسبة لتصرفاته المالية ،باستثناء الوصية ،ألنها تصرف مضافا لما بعد
الموت المادة 66مدني يمني .أما طالق السفيه فهو صحيح ألن الحجر عليه في التصرفات
()1
المالية وهذا رأي جمهور الفقهاء.
والحجر على السفيه ال يرفع إال بصدور حكم عكس الحجر على المجنون كما تقدم ،ويصدر
الحكم برفع احجر على السفيه ويسلم إليه ماله وتكون تصرفاته بعد رفع الحجر صحيحة بما في
ذلك إجازته لتصرفاته السابقة على رفع الحجر واق ارراته .المادة 61مدني يمني.
موانع األهلية :قد يكون الشخص كامل األهلية أي أن ه بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية
غير محجو از عليه ،إال أن هناك ظروف معينة مادية أو طبيعية أو قانونية ،يترتب على وجدودها
في هذه الحاالت ()2
أال يتمكن من مباشرة التصرفات القانونية أو أال يتمكن من مباشرتها منفردا
يقرر لها القانون تعيين شخص آخر يباشر عنه هذه التصرفات أو يقوم إلى جانبه عند مباشرتها.
– 6الغيبة
الغيبة مانع قانون يتحول بين الشخص وبين مباشرة التصرفات القانونية بنفسه رغم اكتمال
أهليته .وقد نص القانون المدني اليمني على زوجة الغائب وأوالده البالغون وكالء عنه في ماله
إلدارته ،وذلك إذ خفي مكانه وانقطعت أخباره ومضت سنة على غيابه ولم يكن له وكيل أو ولي أو
وصي .وان لم يكن له زوجة أو أوالد أو ثبت تفريطهم وخشي ضياع المال تعين المحكمة منصوبا
عنه ،على أن تكون األقدمية في ذلك للرشيد األمين من أقاربه تسلم إليه أموال الغائب للمحافظة
عليها .ويتمتع المنصوب عن الغائب بسلطات الوصي وعليه واجباته تحت إشراف المحكمة .المادة
.04
– 2العاهة البدنية
العاهات البدنية كالعمى والصمم ال تؤثر في أهلية اإلنسان ،لكنها تقيم مانعا ماديا يمنع
الشخص المصاب بهذه العاهات من القيام بتصرفات معينة لعدم استطاعته توفير الشروط الالزمة
لسالمة هذه التصرفات ،فاألعمى ال يمكنه أن يعمل وصية سرية بسبب عدم استطاعته قراءة
وما الوصية التي يكتبها غيره ،واألصم األبكم األمي ال يستطيع أن عمل وصية أيا كان شكلها
()1
تقدم ليس إال استحالة مادية وليس عدم أهلية يحول دون إبرام تصرفات قانونية .ولقد نصا المادة
( )00من القانون المدني اليمين على انه "يجوز لمحكمة موطن األخرس أو من كان ذا عاهة
تعوقه عن مباشرة حقوقه بطريقة طبيعية أن تعين له بناء على طلب مساعد يعاونه في ذلك ويوقع
معه ما يصدر منه وال يجوز للمساعد أن يباشر بمفرده شيئا خاصا بمن يساعده.
ونالحظ أن القانون اليمني يكتفي بعاهة واحدة لجواز الحكم بتعيين مساعد قضائي ،بخالف
القانون المصري الذي اشترط عاهتين كذلك القانون السوري والليبي واألردني والعراقي والذي يجيز
للمحكمة أن تنصب على ذي العاهتين وصيا بدال من مساعد قضائي وبذلك يكون القانون اليمني
( )2
أقل تشددا من التقنينات العربية.
أن تعيين المساعد القضائي أمر متروك لذي العاهة نفسه وال يعتد به إذا قدم الطلب من غيره.
ولم يبين القانون الم دني اليمني مصير التصرفات التي يبرمها ذو العاهة بغير معاونة
المساعد وقد جارى في ذلك القانون المدني العراقي وذلك بخالف القوانين المدنية العربية األخرى
والتي نصت على أنه "يكون قابال إلبطال كل تصرف من التصرفات التي تقررت المساعدة
القضائية فيها ،متى صدرت من الشخص الذي تقررت المساعدة قضائيا ،بغير معاونة المساعد إذا
()3
صدر التصرف بعد تسجيل المساعدة.
ومن الصعوبة القول أنه يمكن الوصول إلى نفس النتيجة في القانون اليمني بغير نص ،إذا
أن البطالن أو القابلية لإلبطال ال تكون إال بنص.
وهذا يؤكد مسألة أخرى ،وهي أن المساعد القضائي ليس نائبا لذي العاهة.
يرعى مصالحه ،ولذلك تنص قوانين العقوبات على أن كل حكم بعقوبة جنائية تستلزم حتما حرمان
المحكوم عليه مدة اعتقاله من مباشرة أعمال اإلدارة الخاصة بأمواله وأمالكه ،المادة ( /30اربعا) من
وال نظير لمثل هذا النص في قانون العقوبات اليمني أو األردني أو ( )3
قانون العقوبات المصري
الكويتي.
أن الحرمان من أهلية األداء هنا تعد عقوبة تبعية يوقعها القانون على كل من يحكم القضاء
عليه بعقوبة جناية والمحكوم عليه بعقوبة جنائية يعد محجو ار بقوة القانون دون حاجة إلى أن ينص
()4
الحكم عليه ،فهو نتيجة للحكم باإلدانة.
()1
عليه من التزامات مالية في الحاضر والمستقبل.
( )1انظر د .عباس الصراف ،د .جورج حزبون ،المرجع السابق ،ص.709
() 2انظر د .عبد الرحمن الصابوني ،المخل لدراسة التشريع اإلسالمي ،الجزء الثاني ،الطبعة التعاونية ،مديرية الكتب
المجتمعية7910-7914 ،م ،المرجع السابق ،ص.433
()3انظر قانون العقوبات اللبناني المادة ( )0والعقوبات السوري ( )02والعقوبات العراقي المادة .93/91
( )4للتفصيل ارجع د .عبد احي حجازي ،المرجع السابق ،ص.440
( )5انظر د .عبد الرحمن الصابوني ،المرجع السابق ،ص.447
373
ويتضح من التعريف السابق أن الذمة المالية تتكون من عنصرين إيجابي يشتمل على
الحقوق ،وعنصر سلبيي يشمل على االلت ازمات.
والذمة المالية تشمل جانب فقط في الحقوق وااللتزامات التي تعود للشخص ،وهي الحقوق
وااللتزامات ذات القيمة المالية .أما الحقوق وااللتزامات غير المالية ،كحق االنتخاب أو الترشح أو
حق األب في تربية أبنائه إلخ فال تعد من عناصر الذمة المالية.
كما أن الذمة المالية ليس عبارة عن الرصيد بين عنصري الحقوق وااللتزامات .وانما هي
عبارة عن مجموعهما معا ،والذمة المالية ال تقتصر على الحقوق وااللتزامات المالية العائدة
واضافة لما ()2
للشخص في وقت من األوقات فقط ،بل تتضمن أيضا الحقوق وااللتزامات المقبلة.
()3
سبق يمكن إيجاز خصائص الذمة المالية النقاط اآلتية:
-7أن لكل شخص ذمة مالية حتى الجنين ،وتثبت بمجرد ثبوت صالحية الشخص ألن تكون له
وعليه حقوق والتزامات مالية ولو لم يكن فيها مال في الحال.
-3أن الذمة المالية ال تثبت إال لألشخاص فال تثبت للحيوان والجماد.
-9أن الذمة المالية مالزمة للشخصية وهي واحدة غير قابلة للتعدد والتجزئة والتنازل عنها وال
تنتهي الذمة المالية للشخص إال بوفاته وانقضاء شخصيته.
وتمكن فائدة الذمة المالية في أنها الضمان العام لحقوق الدائنين وذلك ما أشارت إليه المادة
( )960مدني يمني بقولها "أموال المدين جميعها ضمانة للوفاء بدينه وجميع الدائنين متساوون في
هذا الضمان "...وبناء على هذا الضامن العام يستطيع أي دائن التنفيذ على أي مال من أموال
المدين ،إذ لو وقع االلتزام على مال معين من أموال المدين يصعب على المدين التصرف فيه ،ألن
الناس ال ترغب في التعامل على مال حمل بحصة للغير ،أما مع وجود فكرة الذمة المالية ،فإن
االلتزام يقع على مجموع أموال المدين ،وال يستقر على أحدهما ولذا يكون للمدين حرية التصرف
في أمواله حتى ولو كان مدينا.
() 4
المبحث الثاني
أن الشخصية القانونية هي صفة في اإلنسان ،تجعله صالحا للوجوب له أو عليه ،وهي تثبت
لإلنسان بمجرد والدته حيا ،فشخصية اإلنسان من هذه الوجهة شخصية طبيعية .غير أن تطور
المجتمع اقتضي ضرورة ثبوت الشخصية القانونية لغير بني اإلنسان ،كالشركات والمجمعيات وذلك
بغية تمكينها من أداء دورها االقتصادي واالجتماعي والشخصية القانونية التي تثبت لغير بني
اإلنسان ،ال تستند في ثبوتها إلى عناصر طبيعية بل إلى عناصر معنوية ،أهمها رغبة القانون في
تقريرها إليها ،ولها تسمى الشخصية هنا بالشخصية المعنوية ألنها شخصية ال تدركها الحواس ،أو
()1
بالشخصية القانونية أو االعتبارية ألنها تقوم على اعتبار القانون إليها.
وقد اعترف القانون لمجموعات األشخاص أو األموال بالشخصية القانونية حتى تتمكن من
تحقيق األهداف التي ال يمكن لإلنسان بمفرده تحقيقها.
هذا ويمكن تعريف الشخص االعتباري بأنه "مجموعة من األشخاص أو األموال ،تقدم تحقيق
والحديث عن الشخص االعتباري غرض معين ،ويمنحها القانون الشخصية القانونية لتحقيق ذلك"
()2
يقتضي التطرق إلى طبيعية الشخص االعتباري وبدء الشخص االعتباري وخصائصه وأنواعه.
المطلب األول :طبيعة الشخص االعتباري
المطلب األول
طبيعة الشخص االعتباري
( )1انظر د .محمود سليمان موسى ،المرجع السابق ،ص 00وما بعدها.
( )2انظر د .أنور سلطان ،المرجع السابق ،ص.347
374
انصرف قرن ،والخالف على أشده حول طبيعة الشخص االعتباري ،حتى لقد ذهب البعض
ولقد انقسم الفقه بشأن ()1
إلى القول بأن تطور القانون المقارن يدور حول فكرة الشخص االعتباري
طبيعة الشخص االعتباري إلى ثالثة اتجاهات رئيسية هي:
االتجاه األول :وهو ما يطلق عليه نظرية ,مذهب االفتراض أو المجاز ،ويقوم على أساس أن
الشخص الطبيعي هو وحده الشخص الحقيقي أما الشخص االعتباري فليس إال خرافة أو حيلة
افترضها المشرع.
االتجاه الثاني :وهو ما يطلق عليه نظرية ,مذهب الحقيقة ويقوم على أساس أن الشخص
االعتباري هو حقيقة كائنة وليس بدعة أو خرافة.
االتجاه الثالث :وهو ما يطلق عليه مذهب نفي الشخصية االعتبارية ،ويقوم على أساس
رفض فكرة الشخص االعتباري ،ويدعو إلى أفكار بديلة.
ويرجع أصلها إلى الكنسية ،وانتشرت في ألمانيا على يد العالمة سافيني وتبناها رجال
القانون من أنصار المذهب الفردي خالل القرن الثامن عشر .ويرى أصحاب هذه النظرية بأن
الشخص االعتباري هو مجرد افتراض قانوني خالف الحقيقة فهو كائن خيالي خلقته إدارة المشرع
وأسبغت عليها الشخصية القانونية .فعند هؤالء أن الشخص الحقيقي هو الشخص اآلدمي فحسب،
ألن الحقوق ليست سوى سلطة إرادية ،واإلرادة ال تكون لإلنسان فإذا خلع القانون الشخصية على
وقد أوضح "ميرالن" ()2
كائن غير اإلنسان كان ذلك عن طريق االفتراض ال على أساس الحقيقة
نظرية االفتراض بقوله" :أن الكائنات اآلدمية هي األشخاص فقط ،بمفهومها القانوني ،ولها دون
()3
سواها تقرير الحقوق".
ووفقا لهذه النظرية فالشخصية االعتبارية منحة من الدولة وهذا يؤدي إلى إطالق يدها في
هذا المحال .فهذه النظرية تؤدي إلى التسليم للدولة بالسلطان لمطلق على الجماعات فتمنحها
( )1للتفصيل بشأن طبيعة الشخص االعتباري انظر د .محمود سلمان موسى ،المرجع السابق ،ص.06
د .سعيد جبر ،المرجع السابق ،ص.711
د .عبد الحي حجازي ،المرجع السابق ،ص.043
جميل الشرقاوي ،المرجع السابق ،ص.939
الصدة ،المرجع السابق ،ص.410
ّ ( )2د .عبد المنعم فرج
( )3انظر د .محمود سليمان موسى ،المرجع السابق ،ص.09
370
الشخصية القانونية أو تمنعها عنها حسب ما تمليه االعتبارات السياسية كأن يكون لها سحب
()1
الشخصية القانونية من الشخص االعتباري وتقييد األعمال القانونية التي يجوز له القيام بها.
وبصرف النظر عن المذاهب األربعة السالفة الذكر ،فأن النتيجة الرئيسية التي تسعى النظرة
الحقيقة للوصول إليها هي االعتراف بوجود الشخصية االعتبارية توافر عناصرها دون أن يتوقف
ذلك على إرادة المشرع ،أي يريدون التأكيد على أن المشرع ال يخلق الشخصية االعتبارية من العدم
()4
وانما يكشف وجودها.
ال يؤمن أصحاب هذه النظرية وفي مقدمتهم الفقيه األلماني "برنز" بفكرة الشخص االعتباري
على أساس اعتبار اإلنسان هو وحدة الشخص الحقيقي في نظر القانون ،وأن الشخص االعتباري
مع هو إال محض افتراض يخالف الواقع .ولذلك يرى هؤالء وجوب االستغناء عن فكرة الشخص
االعتباري ،واالستعاضة عنها بفكرة المال الذي ال مالك له ،وعلى وفق رأي "برنز" تكون األموال
التي يقال أنها لشخص معنوي هي أموال أو ذمة مالية مخصصة لغرض معين وليس من
النظرية "لم تفعل أكثر من إرجاء المجاز وذلك ألنه وجود حق دون صاحب هو تناقض في حد
()2
ذاته ،ولهذا فأنها إذ أردت أن تتخلص من المجاز أو االفتراض ،وقعت في فيه.
المطلب الثاني
بداية الشخصية االعتبارية ونهايتها
يتوقف اكتساب الشخصية االعتبارية على اعتراف القانون بها لجماعة من األشخاص أو
مجموعة من األموال ،وبديهي أنه يسبق هذا االعتراف أن يتم تكوين الشخصي االعتباري وفقا
للشروط التي يتطلبها القانون.
واالعتراف بالشخصي االعتباري أما أني كون عاما أو خاصا .ومقتضى االعتراف العام أن
ي ضع المشرع مسبقا شروطا عامة ،إذا توافرت في جماعة من األشخاص أو مجموعة من األموال
اكتسبت هذه المجموعة الشخصية االعتبارية بقوة القانون دون حاجة إلى إذن خاص من جانب
المشرع بصدد كل جماعة أو مجموعة منها على حدة أما االعتراف الخاص فيتطلب اكتساب
الشخصية االعتبارية صدور إذن أو ترخيص خاص بذلك لكل جماعة من األشخاص أو مجموعة
من األموال على حدة.
ويتضح من نص المادة 39من القانون المدني اليمني أن المشرع اليمني قد جعل من
االعتراف العام األصل ،واالعتراف الخاص هو االستثناء .وقد ورد نص المادة المذكورة على النحو
التالي :األشخاص االعتباريون هم:
-7الدولة والمحافظات والمدن والمديريات بالشروط التي يحددها القانون ،والو ازرات والمصالح
وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون الشخصية االعتبارية.
-3الهيئات التي تعترف لها الدولة بالشخصية االعتبارية.
-9األوقاف.
-4الشركات التجارية والمدنية.
-0الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفق أحكام الجمعيات والمؤسسات المبينة في هذا القانون.
ينتهي الشخص االعتباري بانتهاء األجل المحدد له ،فقد يحدد للشخص االعتباري ،أجل
معين في السند المنشئ له .كما تنهي الشخصية االعتبارية بتحقيق الغرض الذي أنشئ من أدجله،
أو إذا أصبح من المستحيل تحقيق هذا الغرض.
وقد ينتهي الشخص االعتباري بموت كل من األفراد أعضاء الشخص االعتباري إذا كان
جماعة من األشخاص أ و بانقراض كل المنتفعين بالغرض منه إذا كان مجموعة من األموال .ومن
األمثلة على ذلك ما تنص عليه المادة ( )602من القانون المدني اليمني بقولها" :تنتهي الشركة
بانتهاء الميعاد المعين لها أو بانتهاء العمل الذي قامت من أجله" كذلك المادة ( )603والتي تنص
على أن" :تنتهي الشركة بهالك جميع مالها أو جزء كبير منه بحيث ال تبق فائدة من استمرارها".
وقد تنتهي الشخصية االعتبارية بالحل ،والحل قد يكون اختياريا ،باتفاق األشخاص المكونين
للشخص االعتباري كما لو اتفق أعضاء الجمعية على حلها طبقا للشروط والواردة في نظام
تأسيسها أو في القانون.
وقد يكون الحل إجباريا ،بحكم القضاء إذا خالف الشخص االعتباري القانون ،أو عند هالك
جزء كبير من رأس المال الشخص االعتباري ،بحيث يصبح عاج از عن االستمرار في نشاطه
وتحقيق األهداف المنوطة به وغيرها من األسباب انظر مثال المادتين ( )603/602من القانون
المدني اليمني.
المطلب الثالث
خصائص الشخص االعتباري
للشخص االعتباري خصائص يتميز بها .إذ أنه يتمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها
الشخص الطبيعي إال ما كان منها متصال بصفة اإلنسان الطبيعية "المادة "92من القانون المدني
اليمني فالشخص االعتباري له اسم وموطن وحالة وأهلية وذمة مالية.
– 6االسم
379
لكل شخص اسم اعتباري اسم يميزه عن غيره من األشخاص ويجب أن ينص هذا االسم في
سند إنشائه .وهو يستمد عادة من الغرض الذي يسعى الشخص االعتباري إلى تحقيقه أو من
المجال الذي يمارس فيه نشاطه أو من أسماء مؤسسية وألقابهم وما إلى ذلك من اعتبارات.
وقد يكون اسم الشخص االعتباري اسما تجاريا ،وفي هذه الحالة يجوز له التصرف فيه
()1
باعتباره أحد عناصر المحل التجاري.
ويحمي القانون اسم الشخص االعتباري أسوة بالحماية القانونية التي لالسم الطبيعي.
– 2الموطن
يكون للشخص االعتباري موطن خاص به مستقل عن موطن أعضائه أو منشئيه .وقد
نصت المادة " "92من القانون المدني اليمني على ذلك أيضا قانون المرافعات ينفي على أن
"موطن الشركات والجمعيات والمؤسسات القائمة أو التي في دور التصفية هو مركز إدارتها
الرئيسي ،وتعد مقر فرعها موطنا لها في المسائل المتعلقة به".
– 3الحالة
بديهي أنه ليس للشخص االعتباري حالة مدنية الستحالة أن يكون له أسرة .كما أنه ليس
م=له دين .لذلك فأن حالة الشخص االعتباري مقصورة على حالته من ناحية الجنسية ،أي انتسابه
إلى دولة معينة.
والقانون المدني اليمني لم يشر كما تبين لنا من نص المادة " "92إلى الجنسية.
أحد الخصائص التي يتمتع بها الشخص االعتباري ونعزو ذلك إلى أن حقوق وخصائص
الشخص االعتباري التي حددتها المادة " "92وردت على سبيل المثال ال الحصر ،باعتبار أن
األصل هو تمتع الشخص االعتباري بحقوق الشخص الطبيعي كافة إال ما كان منها متصال بصفة
اإلنسان.
واالتجاه الغالب في معظم التشريعات هو إعطاء الشخص االعتباري جنسية الدولة التي يوجد
وهذا ما يستخلص من نص المادة " "30مدني يمني والتي تقضي بأن ()2
فيها مركز إدارته الرئيسي
"يرجع في نظام األشخاص االعتباري األجنبية من شركات وجمعيات وغيرها إلى قانون الدولة التي
للشخص االعتباري أهلية كاملة بالنسبة للحقوق والواجبات التي يقتضيها الغرض من إنشائه
وهو ما يسمى بمبدأ التخصيص" ,قد تضمن ذلك البند الثاني من المادة" "92من القانون المدين
اليمين ،والتي ورد فيها بأن للشخص االعتباري "أهلية ،في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي
يقرها القانون" .ولما كان مناط أهلية األداء هو التمييز واإلرادة وأن الشخص االعتباري ليس شخص
حقيقي بل شخص معنوي ،لذلك يصبح من الضروري أن يكون لكل شخص االعتباري ممثل يعبر
عن إرادته ويباشر نشاطه القانوني ويعمل لحسابه وهذا ما نصت عليه المادة " "92في البند
الخامس بقولها" :يكون للشخص االعتباري نائب يعبر عن إرادته ويمثله في التقاضي وغيره".
– 5الذمة المالية
للشخص االعتباري ذمة مالية .وهذه الذمة مستقلة عن ذمة األشخاص المكونين له .ويترتب
على ذلك أنه ال يجوز لدائني هؤالء األشخاص الرجوع بديونهم على الشخص االعتباري .كما أنه
ليس لدائني هؤالء األشخاص الرجوع على األموال الخاصة لهؤالء األشخاص ،مع مراعاة أنه ليس
بالنسبة للشركات المدينة وشركات التضامن والتوصية يكون كل الشركاء فيها أو بعضهم مسئولين
عن ديون الشركة فلي أموالهم الخاصة .وهذا ال يعني اختالط ذمة الشخص االعتباري مع ذمم
الشركاء ،وانا كل ما هنالك أن الشركاء يضعون ذممهم المستقلة لضمان الوفاء بديون الشركة وذلك
كضمان إضافي لدائني الشركة.
ويترتب على الذمة المالية للشخص االعتباري اآلثار والنتائج التي تنجم عن الذمة المالية
للشخص الطبيعي .كما أن هذه الذمة المالية تالزم الشخص االعتباري طوال وجوده ،ثم تنقضي
بانقضائه وزواله.
المطلب الرابع
أنوع الشخص االعتباري
حدد القانون المدني اليمني في المادة " "39منه األشخاص االعتبارية بأنها أما أن تكون
أشخاص اعتبارية عامة كالدولة والمحفظات والمدن والمديريات ،وأما أن تكون أشخاص االعتبارية
خاصة كالشركات والجمعيات واألوقاف والمؤسسات.
أن تقسيم األشخاص االعتبارية إلى أشخاص اعتبارية وأخرى خاصة له أهمية من حيث
القواعد التي تحكم كل نوع ،فاألشخاص االعتبارية العامة تخضع ألحكام القانون العام ،أن الدولة
337
هي تلك التي تقوم بإنشائها ،بينما تخضع األشخاص االعتبارية الخاصة ألحكام القانون الخاص،
ألن األشخاص هم الذين يقومون بإنشائها ،ويترتب على ذلك تمتع األشخاص االعتبارية العامة
()1
بحقوق وسلطان ال يتمتع بها األشخاص االعتبارية الخاصة.
األشخاص االعتبارية العامة "هي تلك التي تناط بها تولي السلطة العامة كلها أو قسط منها،
أو مباشرة أحد المرافق العامة" والدولة هي أقدم األشخاص االعتبارية العامة ،وتكتسب شخصيتها
في اعتراف الدول بها ،والدولة هي الهيئة الرئيسية التي لها السلطة العامة على كل اإلقليم.
وبجانب الدولة توجد سلطات محلية "تنازلت لها الدولة عن قسط من سلطتها أخذا بسياسة
وتناط بالمسلطات المحلية "أمور المرافق العامة على اختالف أنواعها في بقعة معينة الالمركزية
()2
األشخاص االعتبارية ،األشخاص اإلقليمية .وتوجد باإلضافة إلى األشخاص االعتبارية السابقة
الو ازرات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون الشخصية االعتبارية ،كذلك
ذكرت المادة 9 ،39الهيئات التي تعترف لها الدولة بالشخصية االعتبارية ،وهي تندرج في عداد
األشخاص االعتبارية العامة.
-7جماعات األشخاص.
-3مجموعات
وتتألف من جماعة من األشخاص تسعى لتحقيق غرض معين ،وهي تشمل الشركات
والجمعيات.
أ – الشركات
وقد حددت المادة " "630من القانون المدني صور الشركة المدنية وهي شركة المفاوضة
وشركة العنان وشركة األبدان وشركة الوجوه.
أما الشركة التجارية فهي التي تباشر أي عمل من األعمال التي اعتبرها القانون التجاري
أعماال تجارية وذلك في المواد 9إلى .73
ووفقا لقانون الشركات التجارية رقم ( )94لسنة 7997م تقسم الشركات التجارية إلى شركة
األشخاص وشركة األموال.
وتضم شركة األشخاص شركة التضامن شركة التوصية البسيطة وشركة المحاصة.
أما شركات األموال فتتمثل في شركة المساهمة وشركة التوصية باالسم والشركة ذات
المسئولية المحدودة.
وتكتسب الشخصية القانونية بمجرد تكوينها ،ويجب أن يتم هذا التكوين بعقد مكتوب واذا
كانت الشخصية القانونية تثبت للشركة بمجرد التكوين كما سبق القول ،فأنه ال يحتج بهذه
الشخصية على الغير إال بعد استيفاء إجراءات النشر وفقا لما تنص عليه القوانين النافذة واذا لم تقم
الشركة بإجراءات النشر المقررة فإن ذلك ال يمنع الغير من التمسك بشخصيتها "المادة "633
مدني.
هذا وتنتهي شخصية الشركة بانتهاء الميعاد لها أو انتهاء العمل الذي قامت من أجله" :مادة
602مدني" كما تنتهي الشركة بهالك جميع مالها أو جزء كبير منه بحيث ال تبق فائدة من
استمرارها "مادة 609مدني" وتنتهي أيضا بموت أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بانسحابه ...
"مادة 604مدني" ،وبإجماع الشركاء على حلها "مادة 600مدني" وتنتهي كذلك الشركة إذا
حكمت المحكمة بحلها بناء على ط لب أحد الشركاء لعدم وفاء أحدهم بما تعهد به أو ألي سبب
آخر يسوغ الحل "مادة 606مدني".
وبانتهاء الشكة تتعين تصفية أموالها وقسمتها وذلك وفقا للطريقة المبينة في عقد إنشائها فإذا
لم يوجد في العقد نص على ذلك تتبع أحكام القانون المادة " 609مدني" .ونص القانون على أن
339
تنتهي عند فسخ الشركة سلطة المديرين أما شخصية الشركة فتبقى بالقدر الالزم للتصفية والى أن
تنتهي هذه التصفية"" .مادة 662مدني".
عرف الماجة " 97مدني" الجمعية بأنها "جماعة تتخذ لها صفة دائمة وتكون من عدة
أشخاص طبيعية أو اعتبارية لغرض غير الحصول على ربح مادي.
-7تتكون من عدة من األشخاص سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين .ولم يضع القانون
حدا أدنى أو أقصى لهذا العدد.
()1
كما هو الحال في بعض القوانين العربية.
-3تتصف الجمعية بصفة الدوام في تنظيمها ،أي أن الجمعية ال تنشأ ألمر عارض ،غير أن
ذلك ال يعني أن يكون الجمعية مؤبدة فقد تكون لمدة معينة كما قد تكون لمدة غر معينة.
-9تتميز الجمعية بأنها ال تهدف إلى تحقيق ربح ،وهذا أهم ما يميزها عن الشركة .وقد يكون
غرض الجمعية علمي أو ثقافي أو خيري أو رياضي أو غير ذلك.
وتنشأ الجمعية عن طريق وضع نظام خاص لها مكتوب وموقع من المؤسسين "مادة 93
مدني" وتثبت الشخصية االعتبارية للجمعية بمجرد إنشائها ولكنه ال يحتج بها قبل الغير إال قبل أن
يتم ِإشهار نظامها بقيد البيانات التي يتضمنها النظام األساسي في سجالت الجهة الرسمية
المختصة وتسليمها صورة من نظامها المكتوب وال يمنع إهمال اإلشهار الغير من التمسك ضد
الجمعية باآلثار المترتبة على الشخصية االعتبارية وكل جميعه ُمشهرة أو منشأة بطريقة صحيحة
أو بطريقة سرية تلتزم بما تعهد به مديرها أو العاملون لحسابها من أموالها وسواء كانت عن
اشتراكات أو أي مورد "مادة 30مدني"
وتنقضي شخصية الجمعية بالحل .والحل قد يكون اختياريا بقرار من الجمعية العمومية
بأغلبية ثلثي أألعضاء ما لم يرد في نظام الجمعية نص يشترط أغلبية أكثر من ذلك "مادة 93
مدني".
( )1اشترط القانون في مصر بأن ال يقل عدد األشخاص المكونين للجمعية عشرة أشخاص في حالة األشخاص
الطبيعيين "المادة األولى من القانون رقم ( )93لسنة7994م بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة.
334
وقد يكون الحل إجباريا وذلك بحكم من المحكمة يصدر بناء على طلب من أحد أعضاء
الجمعية أو من شخص له مصلحة أو من النيابة العامة ويشترط القانون بأن يكون طلب الحل مبنيا
على سبب من السباب التالية:
– 6المؤسسات
المؤسسة شخص اعتباري ينشأ بتخصيص مال مدة غير معينة لعمل ذي منفعة إنسانية أو
أدبية أو رياضية أو ألي عمل آخر من أعمال البر أو النفع العام وال يكون الغرض منه الربح
المادة" .مادة 724مدني".
فالمؤسسة تتفق مع الجمعية في أنها ال تهدف إلى الربح المالي وهي بذلك تختلف عن
الشركة .غير أنها تختلف عن الجمعية في أن المؤسسة تهدف دائما إلى تحقيق غرض من أغراض
النفع العام ،مثل بناء مستشفى أو مدرسة واإلنفاق عليها .أما الجمعية فقد تقوم لتحقيق مثل هذا
الغرض أو لتحقيق مصلحة خاصة بأعضائها .إضافة إلى أن المؤسسة تقوم على مال أو مجموعة
من األموال أما الجمعية فتقوم على جماعة من األشخاص.
وتنشأ المؤسسة بمستند أو وصية شرعيين ويكون السند أو الوصية دستو ار للمؤسسة ولذلك
يجب أن يشمل على البيانات األساسية المتعلقة بها وهي :اسم المؤسسة ومركزها على أن يكون
هذا المركز في الجمهورية اليمنية ،والغرض من إنشائها ،وبيان دقيق باألموال المخصصة له،
ونظام إدارة المؤسسة "مادة 720مدني".
الفصل الثاني
محل الحق
سبق القول بأن الحق يخول صاحبه سلطات وامكانات معينة يباشرها على محله ،وهذه
السلطات هي التي تكون مضمون الحق .أما محل الحق فهو ما يرد أو يقع عليه هذا الحق ،سواء
كان شيئا أو عمال.
330
أن مضمون حق الملكية هو ما يثبت للمالك من سلطات االستعمال واالستغالل والصرف
بينما يعتبر الشيء الذي تنصب عليه هذه السلطات هو محل الحق.
فالحق العيني يرد على شيء مادي ،ألنه سلطة لشخص معين على شيء معين كالملكية
والحق الشخصي يرد على عمل أو امتناع عن عمل ألن هذا الحق رابطة بين شخصين يلتزم
بمقتضاها أحدهما بالقيام بعمل أو باالمتناع عن عمل .وسبق أن تناولنا الحق الفكري "حق المؤلف"
والذي يرد على شيء معنوي.
ولذا يقتصر حديثن ا في هذا الفصل على محل الحق الشخصي وهو العمل ومحل الحق
العيني وهو الشيء.
المبحث األول
األعمال
محل الحق الشخصي أو االلتزام وهو العمل الذي يلتزم المدين القيام به .وهذا العمل يكون
إيجابيا كالتزام مقاول ببناء حديقة أو التزام المؤجر بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة.
وفي جميع األحوال يشترط في العمل كي يصلح محال للحق الشخصي أن يكوم ممكنا ،وأن يكون
معينا أو قابال للتعيين وأن يكون مشروعا.
– 6اإلمكان
يجب أن يكون العمل محل الحق الشخصي ممكنا ،ويقصد بشرط اإلمكان أال يكون المحل
وفي هذه نصت المادة () 1
مستحيال في ذاته أي مستحيال استحالة مطلقة بالنسبة لكافة األشخاص.
790من القانون المدني على أنه" :إذا كان محل العقد مستحيالت استحالة مطلقة كان العقد غير
صحيح" .أما االستحالة النسبية أي التي تقوم بالنسبة إلى المدين ذاته دون غيره فال تمنع من قيام
االلتزام ،وهذا ما نصت عليه المادة (" 790مدني ..."،أما إذا كان مستحيالت "محل العقد" على
الملتزم دون أن تكون االستحالة في ذاتها مطلقة صح العقد ويكون للطرف اآلخر الخيار".
يجب في محل الحق أن يكون معينا أو على األقل قابال للتعيين ،واال فأنه ال يكون هناك
الت ازم النعدام المحل أو لجهالته ،فإذا تعهد مقاول بإقامة منزل مثال يجب أن يكون هذا البناء معينا
أو أن يكون على األقل قابال للتعيين ،بحيث يمكن استخالص ذلك من ظروف التعاقد واذا كان
المحل إعطاء شيء يجب أن يكون هذا الشيء معينا أو قابال للتعيين .وتختلف تعيين الشيء
أما إذا كان مما يتعين بنوعه فقط لزم أن يتضمن العقد ما يستطاع به تعيين جنسه ونوعه
مقداره ،واذا لم يتفق المتعاقدان على درجة الشيء من حيث جودته ولم يمكن استخالص ذلك من
العرف أو من أي طرف البس ال تعاقد وقع العقد على شيء متوسط الجودة من ذلك الصنف" .مادة
799مدني".
– 9المشروعية يجب أن يكون محل الشخص مشروعا .والعمل غير المشروع هو العمل
الذي يكون مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة .وقد نصت المادة 733مدني بأنه "ال يصح
التعاقد على عين محرمة شرعا وال فعل محرم شرعا أو مخالف للنظام العام أو اآلداب العامة اللذين
يخالفان أصول الشريعة اإلسالمية .ومن أمثلة العمل غير المشروع المبطل للتعهد به :االلت ازم
بارتكاب حريمه معينة ،أو بيع كمية من المخدرات ،أو بدفع مبلغ من المال إلى ام أرة مقابل إنشاء
()1
أو استمرار عالقة جنسية غير مشروعة معها.
المبحث الثاني
األموال واألشياء
خالف للقانون المدني اليمني ،وقد سار على تُميز التقنيات العربية بني األشياء واألموال،
()2
ذلك أكثر شراح القانون حيث فرقوا بين الشيء والمال( )3علما أن التمييز بين األشياء واألموال لم
يكن قاص ار في القانون الروماني وال في قانون نابليون الصادر 7324م.
وأن "المال" في نظر القوانين المدينة العربية هو الحق المالي أي الحق الذي يمكن تقدير
محله بالنقود أم الشيء فهو محل الحق المالي .والفرق بين المال والشيء كالفرق بين الحق ومحل
الحق .فالشخص الذي له حق ملكية على منزل يكون له مال هو حق الملكية وهذا الحق يمكن
()4
تقدير محله بالنقود ،أما المنزل ذاته فهو الشيء الذي يرد عليه الحق.
( )1د .حسن كيرة ،المدخل إلى القانون ، ،مرجع سابق ،ص.139
()2انظر القانون المدني المصري م ،7/34والمدني السوري ،7/39والمدني الليبي م ،39واألردني م ،04والعراقي
م ،7/67والجزائري م.633
()3انظر د .عبد الحي حجاي ،المرجع السابق ،ص.034
د .عبد الرحمن الصابوني ،المرجع السابق ،ص.407
د .حسن كيرة ،المدخل إلى القانون ،المرجع السابق ،ص.120
( )4انظر د .سعيد عبد الكريم مبارك ،المرجع السابق ،ص.924
331
وقد عرفت مجلة األحكام العدلية في المادة 736بقولها "المال ما يميل إليه طبع اإلنسان
ويمكن ادخاره إلى وقت الحاجة منقوال كان أو غير منقول" .ويعرف محمد قدري باشا المال في
المادة األولى من كتابه مرشد الحيران "المال ما يمكن ادخاره لوقت الحاجة".
وخالصة ما ذهب إليه فقهاء الشريعة اإلسالمية في تعريف المال :أن المال هو كل ما أمكن
إح ارزه واالنتفاع به ويتضح من ذلك أن الشريعة اإلسالمية ال تعرف التفرقة بين األموال واألشياء
كما هو الحال في القوانين الوضعية ،علما بأن التفرقة بين المال والشيء وان كانت لها أهمية فأنها
()1
تقتصر على الناحية النظرية.
ولما كان القانون المدني اليمني مأخوذا من أحكام الشريعة اإلسالمية باعتبارها مصدر جميع
التشريعات وفقا للمادة الثالثة من الدستور .فقد جاء في المادة 774مدني" :المال هو كل شيء
يتمول به ويمكن ادخاره لوقت الحاجة إذا كان التعامل فيه مباحا شرعا وكان غير خارج عن
التعامل بطبيعته".
ووفقا لذلك فأن المال في نظر القانوني اليمني هو الشيء الذي يمكن أن ينصب عليه الحق.
وبالتالي فان تقسيمات األموال في الشريعة اإلسالمية والقانون اليمني تعتبر تقسيمات لألشياء في
التقنينات المدنية والعربية ،ولذا ليس ثمة ما يمنع من استعمال إحدى العبارتين مكان األخرى.
المطلب األول
أشياء الداخلة في التعامل واألشياء الخارجة عنه
تناولت المادة 770مدني األشياء التي ال يجوز التعامل فيها فنصت على أن "األشياء التي
ال يباح التعامل فيها شرعا هي التي حرم الشرع التعامل فيها ،واألشياء التي تخرج عن التعامل
( )1انظر بشكل مفصل د .عبد الحي حجاي ،المرجع السابق ،ص.030-032
( ) 2للوقوف على التقسيمات الفقهية لألشياء ارجع د .عبد الحي حجاي ،المرجع السابق ،ص.693
333
بطبيعتها أو بحكم القانون تكون قابلة للتعامل ،أي تصلح أن تكون محال للحق .واألشياء الخارجة
عن التعامل كما حددتها المادة 770مدني هي:
وهذه األشياء التي ال يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها ،كأشعة الشمس والهواء وماء البحر
ألن حيازتها مسألة مستحيلة ،ولكن إذا أمكن االستئثار بجزء منها عن طريق حيازته وفصله صار
هذا الجزء مملوكا ملكية فردية ،وينشأ عليه لحائزه حق ،ويمكن التعامل فيه فالهواء إذا ما ضغط في
أنبوبة صار مملوكا لحائزه ،وكذلك أشعة الشمس بعد تحويلها إلى طاقة شمسية وكذلك مياه البحر
يمكن أن يكون محال للحق المالي بعد حصرها وتحويلها إلى مجرى خاص.
األشياء التي تخرج عن دارة التعامل بحكم القانون هي أشياء تقبل بطبيعتها االستئثار بها
وحيازتها ولكن الشرع يخرجها من دائرة التعامل مراعاة لبعض االعتبارات المتعلقة بمصلحة
الجماعة .ومثال هذه األشياء المواد المخدرة ،كذلك األشياء العامة.
المطلب الثاني
األموال القابلة لالستهالك واألموال غير القابلة الستهالك
تنص المادة 773مدني على أن المال ينقسم إلى قابل لالستهالك ومال غير قابل
لالستهالك .ويكون المال قابال لالستهالك إذا كان استعماله فيما أعد له سنحصر في استهالكه أو
إنفاقه ويعتبر كل ما اعد فلي المتاجر قابال لالستهالك أما غير قابل لالستهالك فهو المال الذي
أعد لالنتفاع به واستغالله مع بقاء عينة كاألرض الزراعية والدور والحوانيت.
ويتضح لنا من هذه التفرقة أن األشياء القابل لالستهالك هي تلك التي بمجرد استعمالها مرة
وحدة .أي أن استعمالها ينحصر بحسب ما عدت له ،في استهالكها.
أما األشياء غير القابلة لالستهالك فهي األشياء المعدة بطبيعتها لالستعمال المتكرر ال تهلك
منذ أو استعماال ,استخدام بل يمكن أن نستخدم أكثر من مرة كالمالبس والمفروشات والكتب.
وأساس تقسيم األشياء إلى قابلة لالستهالك وغير قابلة لالستهالك هي طبيعتها ،غير أن
أراد ة الفرد قد تتدخل في تعديل وصف الشيء إذا خصص الستعمل يختلف عن االستعمال الذي
أعد له بحسب كبيعته .فالنقود والثمار من األشياء القابلة لالستهالك بطبيعتها ،ولكنها تصبح غير
قابلة لالستهالك إذا أعدت للعرض في معرض لمدة معينة ،والكتب مثال ،فهي من األشياء غير
القابلة لالستهالك إذا أعدت لالستعمال الشخصي ،ولكنها تكون قابلة لالستهالك إذا أعجت للبيع.
339
وينبغي التأكيد بأن االستهالك قد يكون ماديا أو قانونيا .ومن أمثلة األشياء التي تستهلك
ماديا بمجرد استعمالها األنواع المختلفة للطعام .أما االستهالك القانوني فتنتقل به ملكية الشيء
كإنفاق النقود أو بيع البضاعة المعروضة في المتاجر.
وأهمية التفرقة بين األشياء القابلة لالستهالك وغير القابلة لالستهالك ينحصر في ناحيتين:
-7أن بعض الحقوق ال تعطي لصاحبها حق التصرف وانما تعطيه فقط حق االستعمال ال
يمكن أن ترد على األشياء القابلة لالستهالك ،وذك مثل حق االنتفاع واالستعمال والسكن
واالرتفاق.
-3بعض النقود ال ترد إال على أشياء غير قابلة لالستهالك ،وهي النقود التي تلزم أحد
المتعاقدين برد الشيء الذي تسلمه بعد استعماله ،كاإليجار ،فالمستأجر يلتزم برد الشيء
المؤجر بعد انتهاء مدة اإليجار.
المطلب الثالث
األموال العقارية واألموال المنقولة
وقد نصت على هذا التقسيم المادة 776مدني بقولها "ينقسم المال إلى نوعين:
أما المادة 771مدني فقد عرفت العقار والمنقول حيث تنص على أن المال الثابت غير
المنقول " العقار" هو كل شيء له أصل ثابت ال يمكن نقله أو تحويله دون تلف فهو مستقر بحيز
ثابت ويلحق به كل منقول يضعه مالك المال فيه لخدمته أو الستغالله وكل ما عدا ذلك من المال
فهو منقول".
ويتضح من هذا النص أن معيار هذا التقسيم معيا ار ماديا يعتمد على طبيعة األشياء وهو
معيار الثبات والحركة .فالعقار هو الشيء الثابت الذي ال يمكن نقله من مكانه دون تلف وهو
( )1العالمة األستاذ عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،حق الملكية ،الجزء الثامن ،القاهرة،
7961م ،ص.72
( )2د .عبد الحي حجاي ،المرجع السابق ،ص.031-036
392
يشمل األرض والمباني واألشجار وغيرها وهذه هي العقارات بطبيعتها .ولم يعرف القانون المدني
المنقول تعريفا مباش ار كما فعل في تعريف العقار ،بل اقتصر على أن يقول "وكل ما عدا ذلك من
المال فهو منقول" م 771منه .فالمنقول إذن بمفهوم المخالفة ،هو كل شيء يمكن نقله من مكان
إلى آخر دون تلف كالنقود والحيوانات والمحاصيل الزراعية والسيارة وغيرها.
والى جانب العقارات بطبيعتها يالحظ أن المشرع قد مد وصف العقار إلى بعض المنقوالت
إذا توافرت فيها شروط معينة ،وتسمى في هذه الحالة عقارات بالتخصيص .فالمادة 771مدني بعد
أن عرفت العقار بطبيعته أضافت "ويلحق به كل منقول يضعه مالك المال فيه لخدمته أو
استغالله" .فالعقار بالتخصيص هو شيء منقول بطبيعته ،ولكن مالكه الحق بعقار له بأن خصصه
( )1
لخدمة العقار أو استغالله.
-7وحدة المالك ،يشترط العتبار المنقول عقا ار بالتخصيص أن يكون مالكه ومالك العقار الذي
ارصد المنقول لخدمته شخصا واحدا.
أما إذا كان العقار للشخص والمنقول لغيره ،فال يكون عقار بالتخصيص حتى لو أرصد
لخدمة العقار ،كما لو كان المنقول مملوكا للمستأجر ،أو أن مالك العقار استأجر المنقول لخدمة
العقار.
-3أن يخصص هذا المنقول أو استغالله ،ويجب أن يكون هذا التخصيص عينيا ال شخصيا،
بمعنى أن يكون مقر ار لخدمة العقار أو استغالله وليس لخدمة شخص مالكه ،فالخيل التي
يركبها صاحب المزرعة مثال ال تعد عقار بالتخصيص ،أما الخيل التي تستخدم نقل منتجات
المزرعة فتعد عقا ار بالتخصيص.
فإذا توافر هذا الشرطان ،أصبح المال رغم كونه من المنقوالت بطبيعته ،عقا ار بالتخصيص،
أي بسبب تخصيصه لخدمة العقار .وتسري عليه األحكام الخاصة بالعقار ،فال يجوز الحجز عليه
حجز منقول مستقال عن العقار الذي خصص لخدمته أو استغالله ،كما أن التنفيذ على العقار
يشمله ولو لم يذكر في تنبيه نزع الملكية ،كذلك فأن التصرف في العقار بالطبيعة يشمل العقار
بالتخصيص .ويكون في حالة القسمة من نصيب من حصل على العقار األصلي ،حتى ولو كانت
()2
القسمة بسبب وفاة المالك ،ألن التخصيص ال يزول بالوفاة.
ويترتب على اعتبار العقار منقوالت بحسب المآل أنه إذا بيعت هذه األشياء بأن بيعها يعتبر
بيع منقول يخضع ألحكام بيع المنقول ال بيع العقار ،والحكمة من ذلك التخفف من قيود التصرف
()2
في العقار.
الملكية ال تنتقل في العقار إال بالتسجيل بينما في المنقول فأنها تنتقل بمجرد العقد إذا كان
معين بالذات ،واذا كان المنقول من المثليات معين بالنزع تنتقل الملكية باإلفراز.
من الحقوق ما ال يرد إال على عقار ،كحق االرتفاق والسكن والقرار.
– 9دعاوى الحيازة التي شرعت من أجل حماية الحيازة ،ال تحمي إال حائز العقار فهي غير مقررة
بالنسبة للمنقول.
– 4ال يقع االستمالك للمنفعة العامة إال على العقارات".قانون االستمالك للمنفعة العامة رقم 30
لسنة 7993م.
– 0يفرق قانون المرافعات بين إجراءات الحجز على المنقول واجراءات التنفيذ على العقار.
األصل أن ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المدعى عليه ويستثنى
من ذلك الدعاوى المتعلقة بحق عقاري ،فترفع أمام المحكمة التي يقع العقار في دائرتها .م61
مرافعات.
– 1القيود التي تحد من تملك األجانب تقتصر عادة على العقارات دون المنقوالت.
تنص المادة 779من القانون المدني على أن األشياء المثلية تتماثل آحادها ويقوم بعضها
مقام بعض عند الوفاء وتقدر في التعامل بين الناس عادة بالعد أو الفرع أو الوزن وما عدا ذلك من
المال مما يكثر التفاوت فيه فهو قيمي "غير مثلي".
فاألشياء المثلية ،أو المعينة بالنوع ،هي األشياء التي يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء فهي
في الغالب أشياء ال تتفاوت آحادها تفاوتا يعتد به ،وتجري العادة على تعيين هذه األشياء بالعدد
كالنقود أو بالمقياس كالمنسوجات أو بالكيل كالحبوب أو بالوزن كالزيوت.
أما األشياء القيمية فهي التي يقدم بها وصف خاص بحيث ال يمكن أن يحل غيرها محلها
في لوفاء كعقار معين أو سيارة معينة...إلخ.
وهذه األشياء يطلق عليها أيضا أشياء معينة بالذات ألن تحديدها ينصب على ذاتيتها وليس
على نوعها فقط.
ولعله من المفيد اإلشارة إلى أن أصل هذه التفرقة تعود للقانون الروماني فقد وردت هذه
ثم إلى القوانين العربية التقسيمات لألموال في مدونة جستنيان ومنها انتقلت إلى القوانين الالتينية
()1
()2
ومنها اليمني واألردني والمصري والسوري والليبي والعراقي.
هذا وترتب على تقسيم األشياء إلى أشياء مثلية وقيمية عدة نتائج أهمها:
األشياء القيمية "المعينة بالذات" تنتقل ملكيته بمجرد العقد ،أما األشياء المثلية "المعينة بالنوع" -7
فال تنتقل ملكيتها إال باإلفراز.
-3هناك مقولة مفادها أن "األموال المثلية ال تهلك" ومعنى ذلك لو أن شخصا التزم بتقديم شيء
مماثل لكمية والنوعية المتعاقد عليها ،في حين لو باع شيئا قيميا ،معينا بذاته ،كبقرة مثال،
وهلكت بقوة قاهرة فأن ذمة المدين تب أر وال يطالب بتسليم بقرة أخرى ،لعدم وجود ما يماثلها
تماما.
-9من حيث المقاصة" فأنها ال تقع إال بين دينين موضوع كل منهما شيء مثني متحد في النوع
والجودة...إلخ م 493مدني.
( )1د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ،المرجع السابق ،ص.334
( )2انظر القانون المدني األردني م ،06والمصري م ،30والليبي م ،30والعراقي م.64
399
المطلب الخامس
األموال العامة واألموال الخاصة
تنقسم األموال من حيث تخصيص منفعتها إلى أموال عامة وأموال خاصة ،وقد نصت المادة
732مدني على أن "المال العام هو كل مال تملكه الدولة أو األشخاص االعتبارية العامة ويكون
مخصصا للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار وهذا المال ال يجوز التصرف فيه
والحجز عليه وال تملك األشخاص له بأي وسيلة مهما بقي عاما ويجوز لألشخاص االنتفاع به فيما
أعد له طبقا للقانون وما عدا ذلك من المال فهو مال خاص سواء تملكه الدولة أو أألشخاص
االعتبارية العامة أو تملكه آحاد الناس".
ووفقا للنص أعاله يجب العتبار المال عاما أن يتوافر شرطان .أولهما أن يكون المال
مملوكا للدولة أو أحد أشخاص القانون العام كالمدن والمديريات ..إلخ وثانيهما أن يكون المال
مخصصا للمنفعة العامة.
وكما أن للدول أمواال عاما بصفتها صاحبة السيادة لها كذلك أموال خاصة تكون في انتفاعها
بها كاألفراد في انتفاعهم بما يملكون .ومن هنا انقسمت أموال الدولة قسمين .أموال عامة وأموال
خاصة .والمقصود بأموال الدولة الخاصة تلك التي تملكها الدولة بوصفها فردا كسائر األفراد لكي
تحصل منها على دخل كاألراضي والمناجم والمحاجر وتخضع لنظام القانون الخاص ،بحيث يجوز
التصرف بها بجميع أوجه التصرف المبينة في القانون م 733مدني.
وقد وردت عبارة األموال العامة في الدستور اليمني ،إذ تنص المادة 79منه "لألموال
والممتلكات العامة حرمة وعلى الدولة وجميع أفراد المجتمع صيانتها وحمايتها.
أما المال الخاص فهو المملوك ملكية خاصة لألفراد أو لألشخاص االعتبارية الخاصة
كالشركات والجمعيات.
وتكمن أهمية تقسيم األموال إلى أموال عامة وأموال خاصة في النواحي التالية:
-7األموال العام غير القابلة للتصرف فيها ،بمعنى أنه ال يجوز نقل ملكيتها إلى أشخاص
آخرين .والتصرف الممنوع بالنسبة لألموال العامة هو التصرف الذي يتنافى مع تخصيص
المال للنفع العام.
-3ال يجوز الحجز على األموال العامة وذلك عكس األموال الخاصة.
394
الفصل الثالث
حماية الحق
سبق القول بأن فقهاء القانون لم يتفقوا عند تعريفهم للحق حيال عد الحماية القانونية عنص ار
من عناصر الحق .وقد عرضنا للنقد الموجه للمذهب الموضوعي الذي اعتبر الحماية القانونية
عنص ار من عناصر الحق .وبصرف النظر عن هذا الجدل بشأن عد الحماية القانونية من عناصر
فأن الذي ال يدخل إليه الشك أن الحق الذي ال يوفر له القانون وسائل ()1
الحق أو عدم عده كذلك
ومن هنا يمكن القول بأن الوضع ()2
حمايته يكون موجودا ولكن صاحبه ال يستطيع الحصول عليه
()3
الطبيعي أنه ما دام القانون قد أقر بالحق واعترف به يجب أن يوفر له أسباب الحماية القانونية.
هذا ويجمع فقهاء القانون على أن الحماية القانونية ال تتحرك إال عندما يحدث نزاع بين
األشخاص بشأن هذا الحق ،وفي ذلك تأكيد على أن الحق ينفصل عن وسيلة حمايته.
وقد وضع القانون لصاحب الحق من الوسائل ما يمكنه من الوصول إلى حماية حقه إذا ما
اكره الغير أو اعتدى عليه ،ولذلك تقرر المادة 779مدني على أن كل حق يقابله واجب يلتزم
بأدائه من عليه الحق" .كما تنص المادة 921مدني على أن كل فعل أو ترك غير مشروع سواء
كان ناشئا عن عند أو شبه عمد أو خطأ إذا سبب للغير ضر ار يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن
الضرر الذي أصابه وال يخل ذلك بالعقوبات المقررة للجرائم طبقا للقوانين النافذة.
أن إضفاء الحماية القانونية على الحق تقتضي من صاحب الحق إثبات وجود الحق بإقامة
الدليل أمام القضاء ،وانه استعمل حقه دون تعسف ،أي أنه استعمل حقه استعماال مشروعا.
المبحث األول
وسائل حماية الحق
أن إقرار القانون للحق ،ومنحه وسائل الحماية ،يؤكد بأن الحق دون حماية ال قيمه له.
والوسيلة األساسية لحماية الحق هي الدعوى ،وهذا ما يؤكده المادة 02من قانون المرافعات حيث
تنص بأن "الدعوى هي الوسيلة التي يخولها القانون للشخص في سبيل االلتجاء إلى القضاء
( )1انظر د .خالد الزعبي ،د .منذر الفضل ،المرجع السابق ،ص.330
()2د .عباس الصراف ،وجورج حزبون ،المرجع السابق ،ص.799
( )3المحامي د .عبد القادر الفأر ،المرجع السابق ،ص.371
390
للحصول على حق أو ضمانه أو إثباته" .وتتفق التشريعات الحديثة في كون الدعوى سلطة قانونية،
وتختلف في تغليب بعض األوصاف عليها.
فيعرف البعض الدعوى بكونها سلطة قانونية يكلف الشخص باالستناد إليها السلطة القضائية
بحماية حق يدعيه بالمؤيدة المقررة ،ويرى آخرون بأن الدعوى "سلطة مقررة لألفراد في االرتفاع
للقضاء اللتماس توفير الحرمة لحقوقهم ومصالحهم المشروعة .وقسم أخر يعرفها بكونها "سلطة من
أخل بحق من حقوقه في مطالبة القضاء بتوفير الحماية لحقه.
وقد عرفها األستاذ أحمد أبو الوفاء تعريفا موج از مستمدا مما سلف بقوله" :أنها سلطة
االلتجاء إلى القضاء للحصول على تقرير حق أو حمايته".
ويعرفها األستاذ صال ح الدين الناهي بالقول" :أن الدعوى هي تقاضي حماية حق أو
مصلحة أخل بهما أو أصبحا عرضة لإلخالل أو الضياع".
أن حماية الحق باللجوء إلى القضاء حق دستوري ،فالمادة 02من الدستور تنص يحق
للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة وله الحق في تقديم الشكاوى
واالنتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ويتضح من النص الدستوري السابق أن وسائل حماية الحق ال تقتصر على الدعوى فقط بل
تتعداها إلى الحق في تقديم الشكاوى واالنتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها إلخ.
( )1د .أمينة مصطفى النمر ،الدعوى واجراءاتها ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ ،ص.90
396
المبحث الثاني
إثبات الحق
اإلثبات لغة ،ثبت األمر ثباتا وثبوتا فهو ثابت ،وثبت األمر تحقق وتأكد وأثبته جعله ثابتا،
() 1
واإلثبات ،اإليجاب ،ضد السلب والنفي.
أما من الناحية الفلسفية ،فيعرف اإلثبات بأنه العملية التي تسوق بصفة مقنعة قاطعة إلى
التسليم بصحة قصة مشكوك فيها بداءة.
ويعرف الفقه اإلسالمي اإلثبات بمعناه العام بأنه إقامة الدليل على حق أو واقعة من الوقائع.
وبمعناه الخاص بأنه أقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددتها الشريعة على حق أو على
()2
واقعة معينة تترتب عليها آثار.
أما اإلثبات قانونا فتعرفه المادة األول من قانون اإلثبات رقم 3لسنة 7993بأنه إقامة
الدليل بالطرق القانونية إلثبات الحق المتنازع عليه أو نفيه".
ولإلثبات أهمية عملية بالغة ،فصاحب الحق لكلي يستطيع الوصول إلى حماية حقه يتعين
عليه إقامة الدليل على وجوده ،فإن لم يتمكن من ذلك مجرد الحق من كل قيمة عملية وأصبح هو
وصدق من قال "يستوي حق ال وجود له مع حق ال دليل عليه". ()3
والعدم سواء.
المطلب األول
محل اإلثبات وعبء اإلثبات
محل اإلثبات:
واضح من تعريف اإلثبات ،بأن اإلثبات ينصب على الواقعة القانونية مصدر الحق أو
المنشئة له .فنحل اإلثبات ليس هو الحق المتنازع فيه ولكن محل اإلثبات ينصب على المصدر
القانوني الذي ينشئ الحق ،والحق ينشأ أما عن واقعة أو فعل مجرد أو تصرف إرادي ،فمن يدعي
أن له دينا في ذمة آخر ،عليه أن يثبت مصدر هذا الدين ،كعقد بيع مثال ومن يدعى بأن شخصا
( )1المنجد في اللغة واإلعالم كلمة ثبت ،ط ،33دار الشروق ،بيروت7939 ،م ،المعجم الوسيط ،حرف الثاء،
ص.99
( )2ارجع د .آدم وهيب النداوي ،شرح قانون اإلثبات ،ط ،3بغداد7936 ،م ،ص.70-74
( )3انظر د .عبد الودود يحيى ،دروس في قانون اإلثبات ،دار النهضة العربية ،بدون تاريخ ،ص.4
391
ملتزم تجاهه بالتعويض عليه إثبات الواقعة المنشئة للحق في التعريض بإثبات أن المدعى عليه قد
ارتكب خطأ سبب له ضر ار معينا كإصابة في حادث ،ومن يريد أن يثبت أن له حقا في الميراث،
فعليه أن يثبت أوال واقعة الوفاة للمورث وواقعة القرابة.
عبء اإلثبات:
وبقصد بتحديد عبء اإلثبات تعيين أي من المتنازعين يحمل واجب أقامة الدليل على ما
يدعيه ،ولتحديد عبء اإلثبات أهمية بالغة من الناحية العملية ذلك أن تكليف أحد الخصوم
باإلثبات يجعل الخصم اآلخر في مركز أفضل ،أن موقفه سيكون سلبيا وسيكسب الدعوى دون
مجهود إذا عجز المكلف باإلثبات عن إقامة الدليل على ما يدعيه ،فعلى سبيل المثال أنه عندما
يكلف المدعى بإثبات خطأ المدعى عليه في المسئولية ،ال شك أن المدعى عليه سيكون في مركز
()1
أفضل من مركز المدعي الذي ينوء بذلك العبء.
والقاعدة العامة في شأن اإلثبات هي أن اإلثبات على المدعي ،وهذا ما تقتضي به المادة
الثانية من قانون اإلثبات والتي تنص بأن الدليل إثبات الحق وعلى المدائن إثبات الحق وعلى
المدين إثبات التخلص منه ،وتكون البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
سواء وال يقصد بالمعني رفع الدعوى ،بل يقصد به كل من يدعي أم ار على خالف الظاهر
( )2
كان هو رافع الدعوى أو من رفعت عليه ،فإذا رفع شخص دعوى على آخر يطالبه فيها بمبلغ
معين اقترضه منه ،كان رافع الدعوى أن يثبت حقه في ذمة المدين المدعى عليه .فإذا ما جاء
المدين أمام القاضي وادعى أنه قام بالوفاء بهذا الدين فأنه يكون عليه أن يثبت ذلك أي يقع عليه
عبء اإلثبات.
المطلب الثاني
طرق اإلثبات
طرق اإلثبات أو أدلة اإلثبات هي الوسائل المقبولة قانونا التي يلجأ إليها أطراف النزاع إلقناع
وقد بين قانون اإلثبات "رقم 37لسنة "7993هذه () 3
القاضي بصحة الوقائع التي يدعونها.
– 6شهادة الشهود
عرفت المادة ( )36من قانون اإلثبات بقل=ولها "الشهادة أخبار في مجلس القضاء من
شخص بلفظ الشهادة إلثبات حق لغيره على غيره .أما المادة ( )31من القانون نفسه فذكرت ما
يشترط في الشاهدة وهي:
أ – أن يكون بالغا عاقالت مختا ار عدال.
ب – أن يكون قد عاين المشهود به بنفسه إال فيما يثبت بالسمع واللمس ويستثنى أبضا النسب
والموت والدخول بالزوجة وأصل الوقف فأنه يجوز إثابتها بالشهرة.
ج – أن ال يكون مجلودا في حد أو مجروحا في عدالة ،والعدالة هي الصالح الظاهر في الشاهد.
د – أن ال يجر لنفسه نفعا أو يدفع ضررا.
ه – أن ال يكون خصما للمشهود عليه.
و – أن ال يشهد على فعل نفسه.
ز – أن يكون عاما بالمشهود به ذاك ار له وقت األداء.
وتشترط المادة ( )47في الشهادة ما يلي:
-7أن تكون في مجلس القضاء في حضور المشهود عليه أو وكيله و المنصوب عنه.
-3أن يؤدي بلفظ الشهادة.
-9أن يتقدمها دعوة شاملة لها.
-4أن ال يكون بالنفي الصرف وأن ال يكذبها الواقع.
وبالنسبة لنصاب الشهادة فقد حددتها المادة ( )40كما يلي:
-7في الزنا أربعة رجال.
-3في بقية الحدود رجالن أو رجل وامرأتان.
-9في جنايات النفس واألطراف رجالن أصالن أو رجل وامرأتان.
-4في األموال والحقوق ونحوها رجالن أو رجل وامرأتان ،ويجوز أن يقبل غير ذلك يما استثنى
بنص كشهادة امرأة فيما ال يطلع عليه الرجال وشهادة الصبيان بعضهم على بعض .انظر
المادتين 93 ،92من قانون اإلثبات.
– 2اإلقرار
ورد اليمين هو طلب الخصم الذي وجهت إليه بردها إلى خصمه ليحلفها هو بالصفة التي
تقرها المحكمة .المادة 792إثبات.
والنكول هو امتناع الخصم الذي وجهت إليه اليمين عن حلفها الواجب عليه دون أن يردها
على خصمه في األحوال التي ال يجوز فيها الرد .المادة 797إثبات.
واليمين كأحد طرق اإلثبات ،يؤخذ بها في ظل ضمانه من الذمة والعقيدة الدينية ،واليمين
()1
نظاما من أنظمة العدالة أراد به المشرع أن يخفف من مساوئ تقييد الدليل.
ب – اليمين المتممة
هي يمين توجهها المحكمة للمدعي الذي قدم ّبينه ناقصة الستكمال البينة القانونية عن الحق
المدعى به بشرط أال تكون الدعوى خالية من أية بينه وأن ال تكون فيها بينة كاملة وتلك في
األحوال التي يجوز فها ذلك وهي الحقوق واألموال ،وال يجوز للمدعي أن يرد اليمين المتممة إلى
المدعى عليه المادة 740إثبات.
واليمني المتممة ال تحسم النزاع كاليمين الحاسمة ،وانما هي إجراء يلجأ إليه القاضي ،عند
نقص األدلة.
– 5القرائن القاطعة
وهي على نوعين :القرائن القانونية () 2
القرينة هي استنباط أمر غير ثابت من أمر ثابت
()3
والقرائن القضائية.
والقرينة القانونية قد تكون قرينة بسيطة أي يمكن إثبات عكسها ،وقد تكون القرينة القانونية
قاطعة أي ال يمكن إثبات عكسها ،ومن أهم أمثلتها حجة األمر المقضي به ويقصد بها أن الحكم
النهائي الذي يصدر في قصية معينة يكون حجة على ما فصل به فال تقبل العودة إلى مناقشة ما
فصل فيه هذا الحكم كما ال يجوز التشكيك في صحة ما قضي به ( )709إثبات .وعلى ذلك تنص
المادة 704إثبات "القرينة القاطعة هي ما علم من األمارات والدالئل الحال المصاحبة للواقعة
المراد إثباتها فتدل بطريقة القطع الذي ال يقبل االحتمال أصال على ثبوتها .كما تنص المادة 706
إثبات على أن كل قرينة قاطعة قانونية ال يجوز نقضها.
واذا كان انتقال المحكمة لمعاينة محل النزاع من األمور الجوازية فلها أن تقرر االنتقال
بنفسها أو أن تنتسب أحد قضاتها أو من قضاة المحاكم األخرى .المادة 762إثبات.
وهناك خالف حول سلطة قاضي الموضوع في تقدير الدليل الناتج عن المعاينة .ففي حين
يذهب األستاذ السنهوري إلى القول "وغني عن البيان أن المعاينة والخبرة دليالن حجيتها غير
يذهب آخرون إلى القول بأن "كل ما يثبت للمحكمة بالمعاينة يعد دليال قائما على () 1
ملزمة"
()3
وهذا هو حكم محكمة النقض المصرية. الدعاوى يتحتم عليها أن تقول كلمتها فيه"
()2
أما األستاذ آم وهيب النداوي فيرى "أن بإمكان القاضي أال يأخذ بنتيجة المعاينة إذا شعر أن
ثمة تغييرات قد أدخلت على ما عاينه بحيث لم يعد يطابق الحقيقة أو أن المعاينة لم تؤدي إلى
تكوين قناعة بصدد النزاع" ويخلص إلى القول بأن (القاضي حر في عدم األخذ بما حصل عليه من
علم نتيجة المعاينة ولكنه ملزم في حالة عدم األخذ به بتسبيب قرار الرفض كما هو الحال في أي
ونحن نشاطره هذا الرأي لما فيه من منطق يتفق ومهم اإلثبات. ()4
دليل مقنع غير ملزم
– 7الخبرة "العدول"
نعتد بالخبرة نوع من المعاينة الفنية تتم بواسطة أشخاص من أهل الخبرة تتوافر لديهم الكفاءة
في النواحي التي ال تتوافر لدى القضاة .فقد يقتضي الفصل في النزاع الوقوف على بعض النواحي
الفنية التي ال يلم بها القاضي ،كالهندسة والطب وغيرها من فروع المعرفة ،لذا أجاز القانون
للمحكمة أن تعين خبي ار "عدال أو أكثر لالستعانة بهم .المادة 760إثبات.
هذا وتعد النتيجة التي توصل إليها الخبير أو الخبراء وتطمئن أليها المحكمة دليال كامال في
المسائل التي يعينون فيها .المادة 710إثبات.
( )1العالمة السنهوري ،الوسيط ،الجزء الثاني ،ص ،727نقال عن د .آدم وهيب النداوي ،المرجع السابق ،ص.366
( )2د .عبد الودود يحيى ،المرجع السابق ،ص.733
د .رمضان أبو السعد ،المرجع السابق ،ص.664
( )3نقض مدني ،في 7940/3/3م نقال عن د .عبد الودود يحيى ،المرجع السابق ،ص.739
()4د .آدم وهيب النداوي ،المرجع السابق ،ص.366
343
– 8استجواب الخصوم
نصت المادة 716إثبات بأنه "يجوز للمحكمة من تلقاء نسها أو بناء على طلب الخصم
استجواب خصمه لإلحاطة بجوانب المسألة المتنازع عليها ويكون توجيه األسئلة للخصم عن طريق
المحكمة أو من تنتدبه لذلك من قضائها أو قضاة لمحاكم األخرى ويبدأ بتوجيه األسئلة التي ترى
المحكمة أو القاضي المنتدب توجيهها ثم أسئلة الخصم وسببه أن وجد وال يخل ذلك بما تستنبطه
المحكمة من قرائن تفيد في إثبات أو نفي الحق المتنازع عليه.
349
المراجع
مراجع الكتاب
-7القرآن الكريم
-3ابن خلدون ،المقدمة تاريخ العالمة ابن خلدون ،المجلد األول ،ط ،9مكتبة المدرسة ودار
الكتب اللبنانية ،بيروت .7961
-9د .إبراهيم محمد العاني ،القانون الدولي العام ،دار الفكر العربي.
د .أنور سلطان ،المبادئ القانونية العامة "لطلبة كلية التجارة" ،دار النهضة العربية ،ط،4 -4
. .7939
-0د .إبراهيم أبو الليل ،د .محمد األلفي ،المدخل إلى نظرية الحق ،مطابع مقهوري ،الكويت
.7914
-6د .أحمد سالمة ،المدخل إلى لدراسة القانون ،الكتاب األول ،نظرية القاعدة القانونية ،دار
النهضة العربية .7914
-1د .أـحمد فتحي سرور ،الجرائم الضريبية ،دار النهضة العربية ،.القاهرة .7992
-3د .ـأحمد فتحي سرور ،الشرعية واإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية ،.القاهرة .7911
-9د .ـأحمد عبد الرحمن شرف الدين ،د .محمد رفعت عبد الوهاب ،القانون اإلداري اليمني
.7997
-72د .أمينة مصطفى النمر ،الدعوى واجراءاتها ،منشاة المعارف اإلسكندرية.
-77د .إبراهيم نجيب سعد ،القانون القضائي الخاص ،ج ،3منشأة المعارف اإلسكندرية.
-73آدم وهيب النداوين شرح قانون اإلثبات ،ط ،3بغداد 7936م.
-79د.بطرس بطري غالي ،د .محمود خيري عيسى ،المدخل في علم السياسة ،ط ،3مكتبة
اإلنجلو المصرية 7939م.
-74د .توفيق حسن فرج ،الدخل للعلوم القانونية ،ط ،3مؤسسة الثقافة الجامعية 7937م.
-70د .توفيق حسن فرج ،د .محمد يحيى مطر ،األصول العامة للقانون ،الدار الجامعية
7933م.
-76جميل الشرقاوي ،دروس في أصول القانون ،دار النهضة العربية ،بدون سنة نشر.
344
-71د .جعفر الفضلي ،د .منذر عبد الحسين الفضل ،المدجل للعلوم القانونية "النظرية العامة
للقانون والنظرية العام للحق ،ط791 ،7م.
-73د .حسن كيرة ،المدخل إلى القانون7914 ،م.
-79د .حسن الهنداوي ،الجنسية ومركز األجانب وأحكامها في القانون الكويتي ،وكالة
المطبوعات 7919م.
-32د .حمدي عبد الرحمن ،فكرة القانون ،دار الفرك العربي 7919م.
-37د .حسين عبد علي عيسى ،شرح قانون العقوبات القسم الخاص "الجرائم الواقعة على
األشخاص" ،عدن 7994م.
-33د .حسني الجندي ،شرح قانون العقوبات اليمني ،القسم العام 7997م.
-39د .حسن الجوداري ،شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ،ط ،7مكتبة دار الثقافة ،عدن
7993م.
-34د .حسن الجوداري ،قانون األحدث الجانحين ،مكتبة دار الثقافة ،ط ،7عمان 7993م.
-30د .حسين سلوم ،المالية العامة "القانون المالي الضريبي" ،دار الفكر العربي ،بيروت
7992م.
-36د .محمد مقبول األهدل ،أصول الفقه اإلسالمي ،ط ،7مكتبة الجيل ،صنعاء 7992م.
-31د .حسين النوري ،دروس في القانون ،مكتبة عين شمس ،القاهرة بدون سنة نشر.
-33د .خالد سمارة الزعبي ،القرار اإلداري ،ط ،7المركز العربي للخدمات الطالبية ،عمان
7990م.
-39د .خالد عمر باجبيد ،القانون اإلداري اليمني ،إصدار جامعة عدن ،عدن 7993م.
-92دونالد ر .ددلي ،حضارة الرومان ،ترجمة يواقيم الذهبي ،دار نهضة مصر ،القاهرة ،بدون
سنة نشر.
-97رز هز بارو ،الرومان ،ترجمة عبد الرزاق يسري ،مراجعة د .سمير القلماوي ،دار نهضة
مصر ،القاهرة 7963م.
-93د .رشاد السيد ،مبادئ القانون الدولي 7997م.
-99د .رمضان أبو السعد ،الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني ،ج ،7الدار الجامعية 7939م
-94د .رمضان أبو السعد ،الوسيط في شرح مقدمة القانون المدني ،النظرية العامة للحق ،الدار
الجامعية 7930م.
-90د .سعيد جبر ،المدخل لدراسة القانون اليمني ،ج ،7نظرية القانون 7992م
-96د .سعيد جبر ،المدخل لدراسة القانون اليمني ،ج ،3نظرية الحق 7992م.
340
-91د .سمير عبد اليد تناغو ،النظر العامة للقانون ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية 7936م.
-93د .سهيل الفتالوي ،نظرية القانون ،ط7999 ،7م.
-99د .سامية محمد جابر ،علم االجتماع المعاصر ،دار المعرفة الجامعية 7992م.
-42د .شمس الدين الوكيل ،الموجز في المدخل لدراسة القانون،ط ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية،
بدون سنة نشر.
-47د .شاب توما منصور ،شرح قانون العمل العراقي ،بغداد 7913م.
-43د .صالح الدين عبد اللطيف الناهي ،الوجيز في الملكية الصناعة والتجارية ،دار الفرقان
7939-33م.
-49د .صالح الناهي ،د .محمد صبحي نجم ،د .نائل عبد الرحمن صالح ،القانون في حياتنا،
الجامعة األردنية 7934-39م.
-44د .صالح الدين عبد اللطيف الناهي ،النظرية العامة في الدعوى في المرافعات واألصول
المدنية ،ط ،7دار الجيل ،بيروت ،دار عمار ،عما7933 ،م.
-40د .طعيمة الجرف ،القانون اإلداري 7919م.
-46د .عبد العزيز سرحان ،القانون الدولي العام ،القاهرة 7969م.
-41د .عبد المجيد راضي الحكيم ،الكافي في شرح القانون المدني أألردني والعراقي واليمني،
ج ،7الشركة الجديدة للطباع ،عان 7999م.
-43د .عبد الغني بسيوني عبد الله ،النظم السياسية والقانونية الدستورية ،منشأة المعارف،
اإلسكندرية 7994م.
-49السنهوري ،الوسيط في القانون المجني ،ج ،3القاهرة 7961م.
-02المحامي د .عبد القادر الفأر ،المدجل لدراسة العلوم القانونية ،ط ،7دار الثقافة ،عمان
7994م.
-07د .صادق أبو هيف ،القانون الدولي العام ،ط ،77منشاة المعارف ،بدون سنة نشر.
-03د .عمر بامحسون ،التطور الدستوري في اليمن الديمقراطية ،مكتبة مصر ،القاهرة ،بدون
سنة نشر.
-09د .عبد العزيز السقاف ،نظرية المالية العامة والنظام المالي في الجمهورية العربية
اليمنية،المعهد القوني لإلدارة ،صنعاء.
-04د .عبد الودود يحيى ،دروش في قانون اإلثبات ،دار النهضة العربية ،بدون سنة نشر.
-00د .علي خطار شطناوي ،مبادئ القانون اإلداري األردني ،عمان 7994م.
-06د .علي خطار شطناوي ،القضاء اإلداري ،ط ،7مطبعة كنعان 7990م.
346
-01د .عبد الرحمن عيسوي ،علم النفس القانوني ،دار النهضة العربية ،بدون سنة نشر.
-03د ,عبد الواحد عزيز الزنداني ،السير والقانون الدول العام ،ط7992 7م.
-09د .عبد القادر الالمي ،معجم المصطلحات القانونية ،بغداد 7992م.
-62د .عبد العزيز عامر ،المدخل لدراسة القانون المقارن بالفقه اإلسالمي ،القسم األول ،نظرية
القانون ،طبعة خاصة ،المطبعة العالمية ،القاهرة7969 ،م.
-67د .عبد المجيد الحفناوي ،تاريخ القانون المصري ،مؤسسة الثقافة الجامعية .19-13
-63د .عباس الصراف ،د .جوج حزبون ،المدخل إلى علم القانون ،ط ،9دار الثقافة ،عمان
7994م.
-69د .عدنان طه الدوري ،د .لطيف جبر كوماني ،المبادئ للقانونية العامة" ،لطلبة التجارة"،
ط ،7الجامعة المفتوحة 7994م.
-64د .عصام أنور سليم ،د .محمد حسن قاسم ،مبادئ القانون ،مدخل الى القانون ،مدخل الى
االلتزامات ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية 7999م.
-60عبد الكاظم فارس المالكين ،جبار صابر طه ،المدخل لدراسة القانون ،مؤسسة المعاهد
التقنية ،بغداد 7936م.
-66عبد القادر عودة ،التشريع الجنائي اإلسالمي ،في جزئين ،ط ،73مؤسسة الرسالة 7999م.
-61عبد الوهاب خلفن علم أصول الفقه ،دار القلم7936 ،م.
-63د .عبود المسراج ،قانون العقوبات "القسم العام" ،ط ،6مطبوعات جامعة دمشق-93 ،
7999م.
-69د .عبد المنعم البدراوي ،مبادئ القانون 7930م.
-12د .عدنان جاموس ،المدخل إلى علم القانون ،ط ،3منشورات جامعة دمشق7993-97 ،م.
-17د .عبد الحي الحجازي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية "7" ،القانون ،وفقا للقانون الكويتي،
"دراسة مقارنة" ،مطبوعات جامعة الكويت ،المكتبة العصرية ،الكوبت 7913م.
-13د .عبد الحي الحجازي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية "3" ،الحق ،وفقا للقانون الكويتي،
"دراسة مقارنة" ،مطبوعات جامعة الكويت ،المكتبة العصرية ،الكوبت 7912م.
-19د .عبد الرحمن الصابوني ،المدخل لدراسة التشريع اإلسالمي ،ج ،3الطبعة التعاوني ،مديرية
الكتب الجامعية7914-14 ،م.
-14د .عبد السالم علي المزوغي ،النظرية العامة لعلم القانون ،ج ،7نظرية القانون ،ط ،3الدار
الجامعية للنشر والتوزيع واإلعالن 7933م.
الصدة ،أصول القانون ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية7994 ،م.
ّ -10د .عبد المنعم فرج
341
-16د .عبد الباقي البكري ،د .غلي محمد بدير ،،زهير البشير ،المدخل لدراسة القانون ،بغداد
7933م.
-11د .عبد القادر الشيخلي ،النظام القانون للجزاء التأديبي ،دار الفكر ،عمان 7939م.
-13علي خليل إبراهيم ،جريمة الموظف العام الخاطفة للتأديب في القانون العراقي ،الدار العربية،
بغداد ،بدون سنة نشر.
-19د .عبد الفتاح عبد الباقي ،نظرية القانون ،القاهرة 7904م.
-32د .عصام العطية ،القانون الدولي العام7931 ،م ،ص .93-39
-37د .علي محمد جعفر ،العقوبات والتدابير واألساليب تنفيذها ،ط ،7المؤسسة الجامعية
للدراسات 7933م.
-33د .عبد الغني محمود ،التدخل في الدعوى أمام محكمة العدل الدولية ،ط ،7دار النهضة
العربية 7933م.
-39د .عبد العال الصكبان ،مقدمة في علم المالية العامة في العراق ،ج ،7دار الكتب لطباعة
والشتر ،جامعة الموصل 7936م
-34د .غسان الجندي ،القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،مطبعة التوفيق ،عمان 7939م.
-30د .غالب علي الداودي ،المدخل إلى عالم القانون وخاصة األردني ،ط7996 ،4م.
-36د .فؤاد شباط ،د .محمد عزيز شكري ،القضاء الدولي ،المطبعة الجديدة ،دمشق 7966م.
-31د .كمال أبو سريع ،القانون البحري اليمني ،منشورات جامعة صنعاء 7997م.
-33د .كمال السعيد ،شرح األحكام العامة في قانون العقوبات األردني ،دار الفكر ،عمان
7939م.
مناع القطاع ،التشريع والفقه اإلسالمي" ،تاريخا ومنهجا" ط ،72مؤسسة الرسالة7939 ،م.
ّ -39
-92د .مصطفى كمال أبو طه ،القانون التجاري ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية 7933م.
-97المحامي محمود نعمان ،موجز المدخل للقانون ،دار النهضة العربية ،بيروت 7910م.
-93د .ماجد راغب الحلو ،القانون اإلداري ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية 7934م.
-99د .ماهر صالح عالو الجبوري ،القانون اإلداري ،جامعة الموصل 7939م.
-94د .محمد السعيد رشيدي ،موجز المدخل لدراسة القانون األردني ،دار الفرقانّ ،
عمان
7997م.
-90د .ملحم قربان ،قضايا الفكر السياسي "القانون الطبيعي" ،ط ،7المؤسسة الجامعية للدراسات
والنشر ،بيروت 7933م.
-96د .محمد عبد الكريم عكاشة ،يهود اليمن والهجرة إلى فلسطين ،الطبعة األولى7999 ،م.
343
-91د .ماهر صالح عالو الجبوري ،القرار اإلداري ،كلية صدام للحقوق ،دار الحكمة للطبعة
والنشر ،بغداد 7997م.
-93د .محمد محمود ربيع /مناهج البحث في العلوم السياسية ،ط ،3مكتبة الفالح ،الكويت
7931م.
-99د .محمد لبيب شنب ،الدخل لدراسة القانون ،القاهرة 7936-30م.
-722د .محمد مصطفى شلبي ،المدخل في الفقه اإلسالمي ،ط ،72الدار الجامعية7930 ،م.
-727د .محمد فاروق النبهان ،المدخل للتشريع اإلسالمي ،وكالة المطبوعات ،الكويت ،دار
القلم ،بيروت ،بدون سنة نشر.
-723د .منذر الشاوي ،المدخل لدراسة القانون الوضعي ،ط ،7دار الشئون الثقافية ،بغداد
7966م.
-729د .مصطفى محمد الجمال ،د .عبد الحميد محمد الجمال ،النظريات العامة للقانون ،الدار
الجامعية 7931م.
-724د .محمد خلف ،مبادئ علم اإلجرام ،ط7911 ،7م.
"لطلبة كلية -720د .مصطفى محمد الجمال ،د .حمدي عبد الرحمن’،دروس في القانون
التجارة" ،الدار المصرية للطباعة والنشر 7917م.
-726د .محمد محمود عبد الله ،المدخل إلى علم القانون ،ط ،6منشورات جامعة دمشق
7994م.
-721د .محمد حسن منصور ،الحقوق العينية والكفالة في القانون اليمني ،مطبعة تونس،
اإلسكندرية ،بدون سنة نشر.
-723محمود سليمان عيسى ،المسئولية الجنائية للشخص المعنوي في القانون الليبي واألجنبي،
ط ،7الدار الجامعية للنشر والتوزيع اإلعالن 7930م.
-729محمد عبد اللطيف ،التقادم المكسب والمسقط ،ط ،3د ار النشر للجامعات المصرية،
7966م.
-772د.محمد إبراهيم الوالي ،حقوق الملكية الفكرية في التشريع ،ديوان المطبوعات ،الجزائر
7939م.
-777د .محمد عمر الحبشي ،اليمن الجنوبي ،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ،دار الطليعة ،بيروت
7963م.
-773د .محمد سليم محمد غزوي ،الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكة األردنية
الهاشمية ،ط ،9مكتبة دار الثقافة 7994م.
349
-779د .محمد قائد طربوش ،نظام الحكم في الجمهورية العربية اليمنية ،ط ،7مكتبة مدبولي
7992م.
-774د .محمد عبد القادر الحاج ،شرح القانون التجاري اليمني ،مكتبة الجيل الجديد -93
7999م.
-770د .مصطفى أحمد فؤاد ،الطعن في األحكام "دراسة في النظام القضائي الدولي" ،منشأة
المعارف اإلسكندرية ،بدون سنة نشر.
-776د .سيعد وحيد الدين سوار ،االتجاهات العام في القانون المدني األردني،ط ،7مكتبة دار
عمان 7996م.
الثقافةّ ،
-771د .مطهر محمد إسماعيل العزي ،التطور الدستوري في الجمهورية العربية اليمنية 7930م.
-773د .مطهر محمد إسماعيل العزي ،المبادئ الدستورية والنظام الدستوري في الجمهورية
اليمنية ،ط7994 ،7م
-779ماليين ،القانون المدني وحماية حقوق الشخصية في االتحاد السوفيتي ،ترجمة دار التقديم،
موسكو 7933م.
-732د .محمد سعود المعيني ،أإلكراه وأثره ،في التصرفات الشرعية" ،بحث مقارن بين الفقه
اإلسالمي والقانون الوضعي ،ط ،7منشورات مكتبة بسام 7930م.
-737د .محمود الطنطاوي ،المدخل إلى الفقه اإلسالمي "تاريخ التشريع ومناهجه ومصادره
والنظريات الفقهية" ،ط ،3مطبعة البيان التجارية ،دبي 7933م.
-733موريس كرنستون ،حقوق اإلنسان ما هي ،دار النهار ،بيروت7919 ،م.
-739د .محمود حافظ ،القرار اإلداري "دراسة مقارنة" ،ط ،7دار النهضة العربية ،القاهرة ،بدون
سنة نشر.
-734د .محمود عبد المجيد المغربي ،القواعد األهلية في الشريعة اإلسالمية ،ط ،7المكتبة
الحديثة 7933م.
-730د .محمود حافظ ،القضاء اإلداري في األردن ،ط ،7منشورات الجامعة األردنيةّ ،
عمان
7931م.
-736د .نبيل إبراهيم سعد ،د .محمد السيد عمران ،د .محمد يحيى مطر ،المدخل إلى العلوم
القانونية ،الدار الجامعية 7993م.
-731نيكوالس بوالنتزاس ،نظرية الدولة ،ترجمة ميشيل كيلو ،ط ،7دار التنوير 7931م.
عمان بدون سنة نشر.
-733د .هشام القاسم ،المدخل إلى علم النفس ،دار الثقافةّ ،
-739د .هشام القاسم ،المدخل إلى علم الحقوق ،المطبعة العلمية،دمشق 7917م.
302
-792هانس كلسن ،النظرية المحضة في القانون،ترجمة د .أكرم الوتري ،مركز البحوث القانونية،
بغداد 7936م.
-797د .همام محمد محمود ،د .محمد حسين منصور ،مبادئ القانون ،منشأة المعارف،
اإلسكندرية.
-793د .وهبة الزحيلي ،الوجيز في أصول الفقه ،ط ،3دار الفكر المعاصر ،بيروت ،دار الفكر ،
دمشق 7990م.
الوثائق القانونية
-707الدستور اليمني.
-703الدستور المصري.
-709الدستور األردني.
-704القانون المدني اليمني
-700القانون المدني العراقي.
-706القانون المدني المصري.
-701القانون المدني األردني.
-703القانون المدني الليبي.
-709القانون المدني السوري.
-762قانون بشأن العقوبات والجرائم رقم 73لسنة .94
-767قانون بشأن األحوال الشخصية رقم 32لسنة .93
-763قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم 33لسنة .93
303
-769قانون اإلثبات 37لسنة .93
-764قانون الوقف الشرعي 39لسنة .93
-760قانون بشأن الحق الفكري 79لعام .94
-766قانون اإلجراءات الجزائية 79لعام .94
309
المحتويات
تمهيد
– 7القانون ظاهرة اجتماعية
– 3وظيفة القانون
– 9التعريف بالقانون
– 4القانون والحق
300
729 المطلب الثالث :أساس القوة اإللزامية للعرف
772 المطب الرابع :دور العرف في القانون اليمني
779 المبحث الرابع :مبادئ العدالة
770 المبحث الخامس :المصادر التفسيرية
776 المطلب األول :القضاء
773 المطلب الثاني :الفقه
779 الفصل الثاني :تطبيق القانون
732 المبحث األول :تطبيق القانون من حيث المكان
737 المبحث الثاني :تطبيق القانون من حيث الزمان
739 المطلب األول :الحلول النظرية لحل مشكلة التنازع
793 المطلب الثاني :الحلول الوضعية لحل مشكلة تنازع القوانين في الزمان
749 الفصل الثالث :تفسير القانون
744 المبحث األول :أنواع التفسير
744 المطلب األول :التفسير التشريعي
740 المطلب الثاني :التفسير القضائي
746 المطلب الثالث :التفسير الفقهي
741 المبحث الثاني :مدراس التفسير
741 المطلب األول :مدرسة الشرح على المتون
741 المطلب الثاني :المدرسة التاريخية واالجتماعية
743 المطلب الثالث :المدرسة العلمية
749 المبحث الثالث :طرق التفسير
749 المطلب األول :طرق التفسير الداخلية
707 المطلب الثاني :طرق التفسير الخارجية
703 المبحث الرابع :إلغاء القانون
709 المطلب األول :إلغاء القواعد التشريعية وغير التشريعية
704 المطلب الثاني :اإللغاء الصريح واإللغاء الضمني
700 المطلب الثالث :التفرقة بين إلغاء التشريع وابطاله
701 القسم الثاني :النظرية العام للحق
703 الباب األول :تعريف بالحق
306
709 الفصل األول :التعريف بالحق
762 المبحث األول :المذاهب المختلفة في تعريف الحق
769 المبحث الثاني :تعريف الحق في القانون اليمني
764 الفصل األول :أنواع الحقوق
761 المبحث األول :الحقوق الشخصية
763 المبحث الثاني :الحقوق العينية
769 المطلب األول :الحقوق العينية األصلية
719 المطلب الثاني :الحقوق العينية التبعية
716 المطلب الثالث :التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي
713 المبحث الثالث :الحقوق المعنوية "الحق الفكري"
719 المطلب األول :المقصود بحق المؤلف
732 المطلب الثاني :مضمون حق المؤلف
739 المطلب الثالث :حماية حق المؤلف
739 الباب الثاني :أركان الحق
734 الفصل األول :أشخاص الحق
730 المبحث األول :الشخص الطبيعي
730 المطلب األول :بدء الشخصية ونهايتها
739 المطلب الثاني :مميزات الشخصية
323 المبحث الثاني :الشخص االعتباري
329 المطلب األول :طبيعة الشخص االعتباري
373 المطلب الثاني :بداية الشخصية االعتبارية ونهايتها
379 المطلب الثالث :خصائص الشخص االعتباري
370 المطلب الرابع :أنواع الشخص االعتباري
379 الفصل الثاني :محل الحق
332 المبحث األول :األعمال
337 المبحث الثاني :األموال واألشياء
333 المطلب األول :األشياء الداخلة في التعامل واألشياء الخارجة عنه
339 المطلب الثاني :األموال القابلة لالستهالك واألموال غير القابلة لالستهالك
334 المطلب الثالث :األموال العقارية واألموال المنقولة
301
331 المطلب الرابع :األشياء المثلية واألشياء القيمية
333 المطلب الخامس :األموال العامة واألموال الخاصة
339 الفصل الثالث :حماية الحق
339 المبحث األول :وسائل حماية الحق
397 المبحث الثاني :إثبات الحق
397 المطلب األول :محل إثبات الحق
393 المطلب الثاني :طرق اإلثبات
393 المراجع
343 المحتويات
303