You are on page 1of 19

‫مجمة جامعة تشرين لمبحوث والدراسات العممية _ سمسمة اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪2017)2‬‬

‫‪Tishreen University Journal for Research and Scientific Studies - Arts and Humanities Series Vol. (39) No. (2) 2017‬‬

‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتها التحميمية‬


‫"من التحميل الديموغرافي إلى التحميل االجتماعي"‬

‫*‬
‫الدكتورة مدى شريقي‬

‫(تاريخ اإليداع ‪ .2016 / 11 / 22‬قبل لمنشر في ‪)2017 / 3 / 30‬‬

‫‪฀‬‬ ‫‪ ฀‬مم ّخص‬

‫خاصة في‬
‫ّ‬ ‫طور طرائق وأدوات بحثية‬
‫لكنو سرعان ما ّ‬
‫كمي نشأ عمى أسس عمم اإلحصاء‪ّ ،‬‬ ‫الديموغرافيا عمم ّّ‬
‫يقدمو اإلحصاء‬
‫استجابة لخصوصية الظواىر الديموغرافية ولحقيقة احتياجيا إلى أدوات قياس وتحميل تتجاوز ما ّ‬
‫عدة فإن لو خصوصية تكمن في طبيعة تأثير عامل الزمن في ظواىره من جية‪،‬‬
‫التطبيقي‪ .‬وىو وان تقاطع مع عموم ّ‬
‫بد من أخذه في االعتبار عند االنتقال من تحميل ديموغرافي‬ ‫اتبي ال ّ‬
‫وفي حقيقة خضوع الوقائع الديموغرافية لتسمسل تر ّ‬
‫إلى تحميل اجتماعي لممعطيات والبيانات من جية أخرى‪.‬‬
‫محورين‪ ،‬يتناول أوليما الزمن كمفيوم‬ ‫ّْ‬
‫يسمط البحث الضوء عمى خصوصية تراتبية الوقائع الديموغرافية ىذه عبر َ‬
‫افية‪ ،‬ويتناول ثانييما أثر ىذه التراتبية في التحميل االجتماعي لموقائع‬
‫ديموغرافي وطبيعة ارتباطو بتراتبية الوقائع الديموغر ّ‬
‫كل من الديموغرافيا وعمم االجتماع في السعي إلى تحميميا؛ ُّ‬
‫كل ذلك بغرض تبيان أىمية الربط بين‬ ‫التي يشترك ّّ‬
‫التحميمين الديموغرافي واالجتماعي في معالجة مختمف الوقائع الديموغرافية‪-‬االجتماعية‪ ،‬وايضاح النواقص التي يمكن‬
‫أن تعتري بعض نماذج التحميل االجتماعي ما لم يسبقيا تحميل ديموغرافي لمواقعة قيد الدراسة‪.‬‬

‫الكممات المفتاحية‪ :‬تحميل ديموغرافي‪ ،‬تحميل اجتماعي‪ ،‬مخطط لكسيس‪ ،‬تحميل طوالني‪ ،‬تحميل مقطعي‪ ،‬تراتبية‬
‫الوقائع‪.‬‬

‫مدرسة – قسم عمم االجتماع – كمية اآلداب‪ -‬جامعة تشرين – الالذقية – سورية‪.‬‬
‫*‬

‫‪89‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

2017)2( ‫) العدد‬39( ‫مجمة جامعة تشرين لمبحوث والدراسات العممية _ سمسمة اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد‬
Tishreen University Journal for Research and Scientific Studies - Arts and Humanities Series Vol. (39) No. (2) 2017

Necessary Order in Demographic Events and its Analytic Effects


"From Demographic Analysis to Social Analysis"
Dr. Mada Shuraiki*

(Received 22 / 11 / 2016. Accepted 30 / 3 / 2017)

฀ ABSTRACT ฀
The demography is a quantitative science that was established on a statistical base,
but it has quickly developed its own methods and research elements in response to the
particularity of demographic phenomenon and to its real need of specific elements of
measuring and analysis that exceed what applied statistics propose. And even if
demography meets with many other sciences, yet it has a particularity that results firstly
from the effect of time on its events, and secondly from the fact that the demographic
events are submitted to a necessary order that must be taken in consideration when we pass
from demographic to social analysis of elements and data.
This research illuminates this particularity of the necessary order in demographic
events, through two access: the first treats time as a demographic concept and how it is
related to the necessary order of demographic events; and the second treats the effect of
this necessary order in the social analysis of the events that both demography and
sociology are interested in, in order to show the importance of gathering demographic and
social analysis when treating different demographic-social events, and to illustrate the
shortfalls that may affect some models of social analysis if it's not preceded by a
demographic analysis of the studied event.

Key words: Demographic analysis, social analysis, Lexis diagram, longitudinal analysis,
transversal analysis, necessary order of the events.

*
Assistant Professor, Department of Sociology, Faculty of Arts and Humanities, Tishreen University,
Lattakia, Syria.

90
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ّ‬
‫أي ظاىرة اجتماعية‪ ،‬وال‬
‫ألن األعداد المطمقة والمشاىدات الرقمية المباشرة ال تخبرنا عن الظاىرة االجتماعية – ّ‬
‫تبنت العموم االجتماعية شقّاً إحصائياً في عمميا‪.‬‬
‫تسمح برسم صورة عن الواقع شديد التعقيد في حقيقتو‪ّ ،‬‬
‫مجرد القيام بجولة سريعة عمى ما تنتجو أدبيات العموم االجتماعية يسمح القول بوجود إجماع عام‬
‫ولعل ّ‬
‫عمى إدخال المنحى الكمي في جانب أو جوانب منيا‪ .‬فنجد تطبيقاً لإلحصاء عمى طائفة متنوعة من الدراسات في‬
‫مختمف مجاالت ىذه العموم‪ ،‬وكذا يحضر اإلحصاء في الدراسات الديموغرافية أيضاً‪ .‬ومثمما تأطّر استخدام اإلحصاء‬
‫في العموم االجتماعية بخصوصية كل عمم‪ ،‬كذلك كانت لمديموغرافيا في ىذا الصدد خصوصيتيا التي تتطمّب وقفة‪.‬‬
‫طور أدواتو البحثية الخاصة تمبيةً لخصوصية الظواىر الديموغرافية‬ ‫ِ‬
‫فالعمم الذي ولد ونشأ من رحم اإلحصاء سرعان ما ّ‬
‫‪1‬‬

‫لكن‬
‫من جية‪ ،‬ولخصوصية ىذا العمم الذي يقع عمى مفترق طرق مجموعة كبيرة من العموم االجتماعية من جية أخرى‪ّ .‬‬
‫عرف الديموغرافيا بأنيا‪« :‬عمم‬
‫المتعدد المغات ُي ّْ‬
‫ّ‬ ‫ىذا ال يعني انفصال الديموغرافيا عن اإلحصاء‪ ،‬فالمعجم الديموغرافي‬
‫سيما من النواحي‬‫وبناىم وتطورىم وخصائصيم العامة‪ ،‬وال َ‬ ‫يدرس سكان المجتمعات البشرية من حيث حجوميم ُ‬
‫جمياً في ىذا التعريف حضور الجانب الكمي‪ ،‬وبالتالي اإلحصائي‪ ،‬في البحث الديموغرافي؛ وانما يعني‬‫الكمية» ‪ ،‬ويبدو ّ‬
‫‪2‬‬

‫أن الطرائق اإلحصائية لم تكن كافية وحدىا لتمبية متطمبات البحث الديموغرافي‪.‬‬
‫تستخدم الديموغرافيا إذاً طرائق إحصائية (عند حساب النسب والمعدالت واالحتماالت‪ )...‬إال أن تطبيق‬
‫اإلحصاء ال يكفي بحد ذاتو لموصول إلى فيم الظواىر الديموغرافية في حالتيا الصرف‪ ،‬كما في تداخالتيا مع العموم‬
‫االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫ٍ‬
‫استجابة لخصوصية تمظير الظواىر الديموغرافية‬ ‫تطورت الطرائق التحميمية الخاصة بالديموغرافيا في‬
‫لقد ّ‬
‫في وقائع ‪ 3‬تتّسم باتباعيا تسمسالً تراتبياً أساسياً )‪ ،(Ordre nécessaire‬أي تكون الواقعة قيد الدراسة مسبوقة عمى‬
‫الدوام بواقعة أخرى‪ .‬وال يمكن لمبحث الديموغرافي أن يتجاىل تراتبية الوقائع ىذه‪ ،‬فيي التي تفرض طريقة التحميل من‬
‫ّْ‬
‫وتحدد إطار الدراسة من جية أخرى‪ .‬كما أن فيم الوقائع في سياق تراتبيتيا ىذه يترك أث اًر ميماًيتعدى حدود‬ ‫جية‪،‬‬
‫تحميل الحق‪ ،‬اجتماعي عمى األخص‪ ،‬لمظاىرة المدروسة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بحد ذاتو ليمتد إلى ّْ‬
‫كل‬ ‫التحميل الديموغرافي ّ‬

‫أهمية البحث وأهدافه‪:‬‬


‫مفتاح لفيم حجم التداخل الكبير بين التحميمَينالديموغرافي‬
‫ٌ‬ ‫إن فيم تراتبية الوقائع الديموغرافية إنما ىو‬
‫واالجتماعي‪ ،‬وإليضاح اآلليات التي تجعل من الميم المجوء إلى قراءة ديموغرافية لمظاىرة المدروسة‪ ،‬قبل أن يبدأ فريق‬
‫التحميل االجتماعي عممو‪ .‬ومن ىنا كان التأكيد عمى ضرورة تضافر ما يقدمو العممان معاً‪ .‬وتتمثّل خالصة ىدف ىذه‬

‫أولمناستخدممصطلحالدٌموغرافٌا ‪Démographie‬هوعالماإلحصاءالفرنسً ‪،AchilleGuillard‬إذ‬


‫‪1‬‬

‫بعنوان‬ ‫‪1855‬‬ ‫أرادتطبٌقاإلحصاءعلىدراسةسكانالمجتمعاتالبشرٌة‪،‬فؤوجدالمصطلحوالعلمفٌمإلّفهالذٌ ُنشرعام‬


‫مبادئاإلحصاءالبشرٌؤوالدٌموغرافٌاالمقارنة "‪ .‬انظرفٌنشؤةالعلمعلىسبٌاللمثال ‪:‬‬
‫َ‬ ‫"‬
‫‪- Rollet, Catherine. Introduction à la démographie. NATHAN Université, 1995, p. 9.‬‬
‫انظرمثالًال‪:‬‬
‫‪2‬‬

‫‪- Henry, Louis. Démographie: analyse et modèles. INED, 1984, p. 15.‬‬


‫انظرأٌضاًالموقعالمعجمالدٌموغرافٌالمتعدداللغاتعلىاإلنترنت ‪:‬‬
‫‪- Multilingual Demographic Dictionary. IUSSP, United Nations – Department of Economic and Social‬‬
‫>‪Affairs, Population Division. On the Web: <http://ar-ii.demopaedia.org/wiki/10‬‬
‫سنؤتٌالحقاًالعلىإٌضاحالمقصودبكلٍّمنمفهو َمً "الواقعة" و"الظاهرة"‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪91‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫ئيسين يقوم أوليما عمى شرح مفيوم الزمن في الديموغرافيا في ارتباطو‬


‫محورين ر َ‬
‫َ‬ ‫الورقة في تبيان ىذه الضرورة‪ ،‬عبر‬
‫ئيسين (المقطعي والطوالني)‪ ،‬ويقوم ثانييما عمى إيضاح الدور المحوري لمتحميل‬
‫الر َ‬
‫المصيق بشكمَي التحميل الديموغرافي ّ‬
‫الديموغرافي لتراتبية الوقائع في الوصول إلى تفسيرات اجتماعية سميمة لمظواىر قيد الدراسة‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬
‫ّ‬
‫مفيومين‬
‫َ‬ ‫مفيومي الزمن وتراتبية الوقائع من حيث كونيما‬
‫ً‬ ‫يوصف‬
‫يعتمد البحث المنيج الوصفي التحميمي‪ ،‬إذ ّْ‬
‫يندرجان في المجال الديموغرافي الصرف‪ ،‬وفي مجال الديموغرافيا االجتماعية‪ ،‬في ٍ‬
‫آن واحد؛ ثم يمجأ إلى أدوات التحميل‬
‫ٍ‬
‫تحميل أساس في‬ ‫يقدميا مخطط لكسيس كأداة‬
‫الديموغرافي – بشقّيو المقطعي والطوالني وباالستناد إلى القراءة التي ّ‬
‫الديموغرافيا ‪ -‬لتحميل العالقة بين تراتبية الوقائع والفيم االجتماعي ليا بغرض الوصول إلى ر ٍ‬
‫بط بين القراءة‬
‫الديموغرافية والقراءة التحميمية االجتماعية لمرقم اإلحصائي ولموقائع الديموغرافية‪-‬االجتماعية عمى تنوعيا‪ ،‬مستنداً في‬
‫المرجو‪ .‬مع مالحظة أن الغرض من ىذه األمثمة‬
‫ّ‬ ‫اقعية أو افتراضية‪ ،‬تبعاً لميدف‬
‫ذلك إلى أمثمة عددية توضيحية‪ ،‬و ّ‬
‫العددية ىو إيضاح الرابط ما بين شكمَي التحميل وتبيان كيف يؤثر غياب التحميل الديموغرافي في قراءة المعطى الرقمي‬
‫النص) ال عمى‬
‫ّ‬ ‫اجتماعياً‪ .‬نحن ال نيدف إذاً إلى إجراء تحميل لظاىرة الخصوبة السورية (تبعاً للمثمة التي سترد ضمن‬
‫ّ‬
‫المستوى الديموغرافي‪-‬اإلحصائي وال عمى المستوى االجتماعي‪ ،‬بل نيدف إلى تقديم مثال عام يبين كيف يمكن لقراءة‬
‫الشق الديموغرافي أن تقود إلى نتائج منقوصة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سوسيولوجية يغيب عنيا‬
‫أواًلال‪ .‬مفهوم الزمن وتراتبية الوقائع في الديموغرافيا‬
‫أي ظاىرة ديموغرافية عمى اإلطالق‪،‬‬ ‫ّْ‬
‫من المفيد التذكير بادئ ذي بدء بأن الزمان والمكان يؤطران معاً دراسة ّ‬
‫حاسمين في جميع الدراسات السكانية‪ ،‬وتتمثّل أىميتيما في أنيما يتيحان لممحاوالت البحثية‬ ‫َ‬ ‫فيما يشكالن «عنصرين‬
‫‪ .4‬إال أننا‬ ‫فيم السكان في الوقت الحاضر‪ ،‬وانجاز إسقاطات مستقبمية‪ ،‬ويساعدان كذلك األبحاث الميتمة بالماضي»‬
‫البعد المكاني جانباً ىنا‪ ،‬مكتفين باإلشارة إلى أن تحديد أي مجموعة سكانية يتم أوالً وقبل كل شيء عبر تأطيرىا‬
‫سنترك ُ‬
‫البعد‪ ،‬بل‬
‫وسنوجو األذىان نحو ُ‬
‫ّ‬ ‫مكانياً‪ ،‬ثم تأطيرىا – ضمن الحدود المكانية – بخصائص معينة تبعاً لموضوع الدراسة‪،‬‬
‫كل من‬‫مفاىيمي لمعنى ٍّ‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫بتحديد‬ ‫قُل األبعاد المتعددة‪ ،‬لمزمان في إطار التحميل الديموغرافي‪ .‬ولتحقيق ذلك سنبدأ أوالً‬
‫الواقعة )‪(Fait‬والظاىرة )‪.(Phénomène‬‬
‫الوقائع والظواهرالديموغرافية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تشير كممة الواقعة إلى مجمل الحوادث "المعتادة" من والدة ووفاة وزواج وطالق التي نعيشيا في حياتنا اليومية‬
‫وتشكل موضوعاً لمتسجيل في سجالت األحوال المدنية‪ ،‬فيي إذاً وقائع "حياتية" تصبح عند تسجيميا في السجالت‬ ‫ّْ‬
‫المدنية وقائع "حيوية" وتدخل حينيا في إطار اىتمام الديموغرافيا ‪ .5‬ما تيتم بو الديموغرافيا إذاً ىو ك ّل ٍ‬
‫حدث يعيشو الفرد‬
‫افية انطالقاً من كونيا‬
‫في دورة حياتو المعتادة‪ ،‬فالوقائع الديموغرافية «ىي حوادث عادية شائعة‪ ،‬اكتسبت صفةً ديموغر ّ‬
‫تؤدي إلى دخول فرد في مجموعة سكانية ما أو خروجو منيا‪ .)...( .‬أي تعمل الواقعة الديموغرافية عمى تعديل عدد‬

‫‪4‬‬
‫‪Gutmann, Myron P (et al.). Navigating Time and Space in Population Studies. International Studies in‬‬
‫‪Population, IUSSP, Springer, 2011. P. 8. On the Web:<http://thebookmark.xyz/files/navigating-time-and-‬‬
‫>‪space-in-population-studies.pdf‬‬
‫انظر‪.Henry, 1984, p. 16 :‬‬
‫‪5‬‬

‫‪92‬‬
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫السكان»‪ .6‬إن ىذا التعديل الذي يط أر عمى عدد السكان بحدوث واقعة ما إذاً ىو الذي يجعل منيا موضوعاً لمتحميل‬
‫يعمد العمم إلى استخدام اصطالحات أكثر تجريداً‪ :‬المولودية)‪ (Natalité‬والخصوبة‬ ‫الديموغرافي‪ ،‬وإلعالن ىذا االنتقال َ‬
‫)‪(Fécondité‬لموالدات‪،‬والزواجية )‪(Nuptialité‬لمزواج‪،‬ويبقى تعبير الوفيات أو الوفاة )‪ُ (Mortalité‬معتمداً لمتعبير عن‬
‫تشكل موضوعو‬ ‫الوفاة‪ .7‬وبيذايوضّْحالعممعمميةاالنتقالمنالــوقائعالتي يستطيعالجميع مالحظتيا ببساطةإلىالــظواىر التي ّْ‬
‫درس من خالليا‪ ،‬وكذا ظاىرة المولودية‬
‫كعمم ‪ .‬ومن ىذا المنطمق نقول إن ظاىرة الزواجية تتمظير في واقعة الزواج وتُ َ‬
‫‪8‬‬

‫تتمظير في الوالدات منسوبةً إلى مجمل السكان والخصوبة في الوالدات منسوبةً إلى النساء في سن الحمل واإلنجاب‪...‬‬
‫وىكذا‪.‬‬
‫يبقى من الضروري اإلشارة في ىذا السياق إلى أن التقسيم المفاىيمي السابق ال يعني بطبيعة الحال انفصاالً‬
‫بين الوقائع الديموغرافية المختمفة‪ ،‬فيذه الوقائع تتداخل في ما بينيا فتَ ُحول واقعة مثالً دون حدوث أخرى (تحول الوفاة‬
‫قبل سن الخامسة عشرة مثالً دون حدوث واقعة الزواج‪ ،‬ويحول زواج المرء دون وفاتو عازباً‪ ،‬وتحول وفاة سيدة متزوجة‬
‫حديثاً دون إنجابيا الطفل األول‪ ،‬إلخ‪ .).‬إن أىمية فيم تراتبية الوقائع إنما تكمن بشكل رئيس في ىذا التداخل في ما‬
‫بينيا‪ ،‬فالتقسيم التراتبي ىو وحده الذي يضمن عمى الدوام إنجاز التحميل في المجموعة المعنية بدقة‪ ،‬أي في إطار‬
‫المجموعة التي عاشت في ٍ‬
‫زمن واحد الواقعة التي تسبق مباشرة الواقعة قيد الدراسة‪ .‬يقودنا ىذا التحديد نحو مفيوم‬
‫زمنياً‪.‬‬
‫اتبيتيا ّ‬ ‫ِ‬
‫عرض الوقائع الديموغرافية وتر ّ‬ ‫الزمن‪ ،‬وآليات‬
‫الزمن وتطور شكل وآليات عرض وتحميل الوقائع‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫«تتّسم الديموغرافيا بأنيا غنية بشكل خاص بالمفاىيم والمصطمحات والمؤ ّشرات التي تحيل عمى الحقل الزماني‪.‬‬
‫تطور ىذا المجال المعرفي‪ ،‬وفي جوىر مجموعة المفاىيم ىذه‬‫(‪ .)...‬تش ّكمت ىذه الترسانة المفاىيمية والمنيجية مع ّ‬
‫)‪ ،(Transversale‬والمقاربة الطوالنية ضمن األجيال‬ ‫يكمن التمييز بين المقاربة المقطعية أو المحظية‬
‫)‪.9»(Longitudinale‬‬
‫زمنياً من جية‪ ،‬وبين شكمَي‬
‫موضعة الوقائع الديموغرافية ّ‬
‫َ‬ ‫يوجد إذاً ارتباط لصيق بين مفيوم الزمن وكيفية‬
‫ئيسين في الديموغرافيا‪ ،‬المقطعي والطوالني‪ ،‬من جية أخرى‪.‬‬
‫التحميل الر َ‬
‫بالعودة تاريخياً إلى الوراء‪ ،‬نجد أن تحميل الظواىر الديموغرافية بقي ولعقوٍد طويمة محدوداً في إطار ما‬
‫سمى بالتحميل المقطعي‪ ،‬أي كان قائماً عمى تتبُّع وقائع الظاىرة المدروسة عاماً بعد عام‪،‬أو عبر مجموعات األعوام‪.‬‬
‫ُي ّ‬
‫جمع فيو البيانات – سنوياً في األغمب – وىو ما أعطى‬
‫فظمّت بذلك دراسة ىذه الظواىر محدودة في اإلطار ذاتو الذي تُ َ‬
‫ىذا الشكل التحميمي أحد أىم امتيازاتو التي تتمثل في قدرتو عمى تتبُّع الوقائع حسب تسجيميا أوالً بأول ومن دون‬
‫تأخير‪ .10‬لكن وفي المقابل‪ ،‬قاد ىذا الشكل من التحميل إلى عزل الظواىر الديموغرافية عن بعضيا البعض عند الدراسة‬

‫‪6‬‬
‫‪Blayo, Chantal. La condition d'Homogénéité en analysedémographique et en analysestatistique‬‬
‫‪desbiographies. Population, nº6, 1995, p. 1501-1502.‬‬
‫ُتستخدَمكلمة)‪(Décès‬بالفرنسٌةو)‪(Death‬باإلنكلٌزٌةللتعبٌرعنواقعةالوفاةفٌمقابلمصطلحً )‪(Mortalité‬و)‪(Mortality‬لإلشارةإلىالوفٌاتك‬
‫‪7‬‬

‫وفاة"‬ ‫للظاهرةبالعربٌة‪،‬خصوصاًالأنكلمة "‬ ‫للواقعةو "وفاة"‬ ‫موت"‬ ‫لمنجدضرورةالستخدامكلمة "‬ ‫ظاهرةدٌموغرافٌة ‪.‬‬
‫شائعةاالستخدامفٌالحٌاةالٌومٌةبالعربٌةوالٌقتصراستخدامهاعلىاالصطالحالعلمً ‪.‬‬
‫انظر‪.Henry, 1984, p. 16 :‬‬
‫‪8‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Samuel, Olivia. Les démographes et le temps. Les temporalités dans les sciences sociales, nº8, 2008, p.2.‬‬
‫>‪On the Web: <http://temporalites.revues.org/113‬‬
‫فٌتارٌخٌةالتحلٌاللمقطعٌومفهومه‪،‬انظرعلىاألخص ‪:‬‬
‫‪10‬‬

‫‪- Pressat, Roland. Dictionnaire de démographie. PUF, 1979, p. 279-280.‬‬


‫‪- Henry, 1984, p. 22.‬‬

‫‪93‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫محددة‪ ،‬إذ لم‬


‫ظر إلييا «كنتاج لتتابع وقائع سابقة ضمن شروط تاريخية ّ‬ ‫– وىي الوثيقة االتصال في الواقع‪ .‬فمم يكن ُين َ‬
‫الكمي العام‪ .‬أما عمى المستوى األكثر‬
‫ّ‬ ‫ت ُكن تؤخذ في االعتبار سوى الشروط التاريخية المحظية» ‪ ،11‬ىذا عمى المستوى‬
‫ٍ‬
‫غياب شبو تام لدراسة األفواج‬ ‫خصوصية المتعمّق بكل واقعة عمى حدة‪ ،‬فقد قاد شيوع استخدام التحميل المقطعي إلى‬
‫واألجيال‪ ،12‬فـ«لم تيتم إال القمّة القميمة من الدراسات بمسألة تتابع الوقائع – كالوالدات والزيجات والوفيات – عمى امتداد‬
‫درك إال من خالل دراسة الوقائع‬ ‫ٍ‬
‫حياة جيل ما » ‪ ،‬وىذا الغياب يقود إلى غياب آخر‪ ،‬فتراتبية الوقائع الديموغرافية ال تُ َ‬
‫‪13‬‬

‫في األفواج واألجيال‪ ،‬وعميو فغياب المنظور الطوالني يعني خسارة التحميل التراتبي لموقائع‪ ،‬مع كل ما تستتبعو ىذه‬
‫الخسارة من آثار تظير خصوصاً عمى مستوى التطبيق العممي لمنتائج التحميمية في مجاالت العموم االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫بالرغم من كل ما سبق‪ ،‬فإن لمحات من حضور البعد الطوالني في التحميل كانت قد بدأت تظير منذ نياية‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬حين اىتمت بعض الدراسات بالوفيات حسب تاريخ ميالد األفراد (وىو تحميل طوالني في األجيال‬
‫يسرت منذ ذلك الوقت‬ ‫ِ‬ ‫وان لم َّ‬
‫يقدم كذلك حينيا)‪ .‬كما أن مخطط لكسيس )‪ (Lexis‬الذي وضع عام ‪ 1880‬كان أداةً ّ‬
‫منظورين زمنيين لموضعة الوقائع الديموغرافية‪:‬‬
‫َ‬ ‫المنظورين المقطعي والطوالني‪ ،‬حيث جمع المخطط‬‫َ‬ ‫عممية الربط بين‬
‫اءة حالية لحظية وبقر ٍ‬
‫اءة في األجيال واألفواج‪،‬‬ ‫المنظور الفردي (العمر والزمن التاريخي)‪ ،‬واألعوام؛ بما يسمح القيام بقر ٍ‬
‫لفت‬
‫لموقائع المدروسة‪ .‬لكن استخدامو‪ ،‬وكذلك انتشار التحميل الطوالني لم يبدآ إال بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬حين َ‬
‫عدد من الديموغرافيين األمريكيين والبريطانيين إلى عيوب االكتفاء بالدراسات التي تُجرى عبر المراحل الزمنية‪ ،‬والى‬
‫بالتوسع تدريجاً ‪ .14‬ثم وبحمول منتصف القرن‬
‫ّ‬ ‫ضرورة البدء بدراسات عبر األجيال‪ ،‬وسرعان ما أخذت وجية نظرىم ىذه‬
‫العشرين‪ ،‬بات التحميل الطوالني منظو اًر رئيسياً ال يق ّل أىمية عن التحميل المقطعي في الدراسات الديموغرافية عمى‬
‫اختالفيا‪ ،‬وفي تحميل الزواجية والخصوبة عمى األخص‪.‬‬
‫ُي ّْ‬
‫قدم التحميل الطوالني لموقائع‪ ،‬وباالستعانة أداتياً بمخطط لكسيس‪ ،‬إمكان عرض وفيم تراتبية الوقائع في‬
‫الديموغرافيا‪ .‬ولمتمييد ليذا الفيم‪ ،‬سنبدأ أوالً بإيجاز آليات عرض الوقائع عمى مخطط لكسيس‪ ،‬وتمايزىا ما بين وقائع‬
‫مقطعية وطوالنية‪ ،‬وصوالً إلى إيضاح كيف يقود العرض الطوالني إلى فيم وتنظيم تراتبية الوقائع ىذه‪.‬‬
‫أ‪ .‬الزمن عمى مخطط لكسيس‪.‬‬
‫شاىدة‪ ،‬والعمر‪ ،‬وجيل أو فوج األفراد‬
‫الم َ‬
‫إن مخطط لكسيس ىو «إجراء بياني يسمح بتصنيف الوقائع تبعاً لسنة ُ‬
‫العينات‪،‬‬
‫نسجل أعوام التقويم عمى محور السينات‪ ،‬واألعمار عمى محور َ‬‫متعامدين‪ّْ ،‬‬
‫َ‬ ‫محوري إحداثيات‬
‫َ‬ ‫المعنيين‪ .‬عمى‬
‫المحورين»‪.15‬‬
‫َ‬ ‫مع االنتباه إلى تكافؤ التقسيمات عمى كال‬

‫‪11‬‬
‫‪Samuel, p.3.‬‬
‫الفوج)‪(Cohorte‬هومجموعةمناألفرادالذٌنعاشواالواقعةالدٌموغرافٌةنفسهافٌفترةواحدةمحدّدة‬
‫‪12‬‬

‫ىالفوجالمكونمنؤفرادولِدوافٌعامواحدبـ "الجٌل" )‪ .(Génération‬انظرعلىسبٌاللمثال‪:‬‬


‫ّ‬ ‫(بعامواحدغالبا ًال)‪،‬و ٌُس ّم‬
‫‪Pressat, 1979, p. 26.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Henry, 1984, p. 22.‬‬
‫فً شؤن تارٌخٌة التحلٌل الطوالنً‪ ،‬انظر خصوصا ًال‪:‬‬
‫‪14‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪Pressat, 1979, p. 106.‬‬


‫‪-‬‬ ‫‪Henry, 1984, p. 22.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Samuel, p.3-4.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Tapinos, George. Eléments de démographie: Analyse, déterminants socio-économiques et histoire des‬‬
‫‪populations. Armand Colin – collection (U), 1985, p. 32.‬‬

‫‪94‬‬
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫بتممس مالمح االنتقال من التحميل المقطعي‪ ،‬حيث ال‬


‫المبسط لمخطط لكسيس (الشكل رقم ‪ُّ )1‬‬ ‫ّ‬ ‫يسمح العرض‬
‫حضور عمى اإلطالق ألي منظور تراتبي لموقائع‪ ،‬إلى التحميل الطوالني الذي يتيح‪ ،‬عمى العكس‪ ،‬حضو اًر صريحاً ليذا‬
‫المنظور‪:‬‬

‫الجٌل ‪( n‬الموالٌد بٌن‬


‫األعمار‬ ‫‪ 1/1/n‬و‪1/1/n+1‬‬
‫وقائع العام ‪n+3‬‬ ‫تحلٌل طوالنً)‬
‫(تحلٌل مقطعً)‬
‫‪...‬‬

‫‪x+4‬‬

‫‪x+3‬‬ ‫‪a‬‬ ‫‪b‬‬

‫‪x+2‬‬
‫‪c‬‬ ‫‪d‬‬

‫‪x+1‬‬
‫‪x‬‬
‫‪...‬‬
‫‪1/1/n‬‬ ‫‪1/1/n+1‬‬ ‫‪1/1/n+2‬‬ ‫‪1/1/n+3‬‬ ‫‪1/1/n+4‬‬ ‫‪1/1/n+5‬‬ ‫أعوام التقوٌم‬

‫‪16‬‬
‫الشكل (‪ :)1‬العرض المقطعي والطوالني لموقائع عمى مخطط لكسيس‬

‫العمودين‬
‫َ‬ ‫‪ 𝑛 + 3‬تقع بين‬ ‫لنتوقف أوالً عند التحميل المقطعي لوقائع ٍ‬
‫عام ما (مثالً عمى الشكل‪ ،‬وقائع العام‬
‫أي ظاىرة ديموغرافية تتموضع وقائعيا في‬‫يخي التقويم ‪ 1 1 𝑛 + 3‬و ‪ .) 1 1 𝑛 + 4‬إن دراسة ّ‬ ‫المحدودين بتار َ‬
‫َ‬
‫مجال مقطعي تعني دراسة أفراد ينتمون – بأعمارىم المختمفة المتباينة – إلى أفواج أو أجيال متعددة‪ .‬وبالتالي فإن‬
‫التاريخ الذي عاشتو كل مجموعة من ىؤالء األفراد‪ ،‬بعمر معين أو ضمن مجموعة أعمار‪ ،‬يختمف عن تاريخ ما عاشتو‬
‫عدة ُينظَر إلييا في لحظة زمنية واحدة‬
‫المجموعات األخرى‪ .‬نحن إذاً في إطار التحميل المقطعي أمام خميط من أجيال ّ‬
‫‪ 𝑥 + 2‬و‪ 𝑥 + 3‬في العام ‪( 𝑛 + 3‬الواقعين في‬ ‫كالً‪ .‬وىكذا فإن األفراد البالغين من العمر ما بين‬
‫عمى اعتبارىا ّ‬
‫المربع𝑑 𝑐 𝑏 𝑎) ينتمون إلى جيمَين‪ :‬مواليد العام 𝑛 في المثمث 𝑐 𝑏 𝑎 ومواليد العام ‪ 𝑛 + 1‬في المثمث 𝑑 𝑐 𝑏 ‪.‬‬
‫وكذلك حال جميع األفراد في جميع األعمار أو المجموعات العمرية المقطعية‪ .‬وبالتالي فكمّما تفاوتت الفئات العمرية‬
‫مسجمة‬
‫وتباعدت كمما بتنا نتعامل مع أجيال أو افواج متباينة أكثر فأكثر‪ .‬بكممات أخرى‪ ،‬إذا ما تناولنا بالدراسة وقائع ّ‬
‫في عام ‪ 2000‬عمى سبيل المثال‪ ،‬فإن األفراد البالغين من العمر ‪ 70‬عاماً في ىذا العام ىم من مواليد عام ‪.1930‬‬
‫وغني عن الذكر حجم‬
‫ّّ‬ ‫بالمقابل‪ ،‬فإن أولئك البالغين من العمر ‪ 30‬عاماً في السنة ذاتيا ىم من مواليد عام ‪.1970‬‬

‫لننتوقفعندجمٌعتفصٌالتآلٌاتوعناصرالعرضعلىمخططلكسٌسوهٌكثٌرةمتعددةتتجاوزمانسعىإلىتقدٌمههنا ‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫للمزٌدمنالتوسعنشٌرإلىؤنمعظمالمصادروالمراجعالرئٌسةالتٌ ُتعنىبالتقدٌمللدٌموغرافٌاعموماًالوبالتحلٌاللدٌموغرافٌخصوصاًالتخصصمساحةلشرحم‬
‫خططلكسٌسوكٌفٌةعرضالوقائعزمنٌاًالعلٌه ‪ .‬منبٌنؤهمهابالفرنسٌةنذكر‪:‬‬
‫‪- Pressat, Roland. L'analyse démographique. PUF, 1983, p. 64-67.‬‬
‫‪- Henry, 1984, p. 72-73.‬‬

‫‪95‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫تباين الواقع الذي حكم ميالد أفراد ٍّ‬


‫كل من المجموعتَين ومسار حياتيم‪ ،‬باإلضافة إلى عامل الوفاة الذي سيكون وال بد‬
‫قد ترك أث اًر أكبر في الفئات العمرية األعمى منو في الفئات األدنى‪.‬‬
‫تسمى المؤشرات الرئيسية الناتجة من التحميل المقطعي لمظواىر بالمؤشرات المحظية‪ ،‬ومن أىميا المعدالت‪،‬‬‫ّ‬
‫نسب الوقائع إلى جميع‬
‫لعدة أعوام‪ ،‬فتَ ُ‬
‫حسب لعام أو ّ‬
‫كمثل معدالت المواليد والوفيات والزواجية الخام مثالً ‪ ،‬والتي تُ َ‬
‫‪17‬‬

‫‪(Indices‬‬ ‫السكان في الفترة الزمنية المدروسة بصرف النظر عن تاريخ أجياليم‪ .‬وكذلك المؤشرات التركيبية‬
‫)‪ synthétiques‬كمثل "المؤشر التركيبي لمخصوبة" وىو مجموع معدالت الخصوبة العمرية لمنساء في سن الحمل‬
‫نساء ينتمين إلى أجيال‬
‫معين إلى َ‬
‫محددة ‪ ،‬وىو مؤ ّشر ينسب المواليد في عام ّ‬
‫‪18‬‬
‫عاما) خالل فترة ّ‬
‫واإلنجاب ( ‪ً 49-15‬‬
‫أو دفعات زواج‪ 19‬متباينة جداً‪.‬‬
‫نسب الوقائع إلى أفراد ذوي تاريخ غير متجانس؟ إنو يعني بشكل أساسي – وسنكتفي‬ ‫ولكن‪ ،‬ما الذي يعنيو ُ‬
‫بما يعنينا في إطار ىدف بحثنا– أن ىؤالء األفراد لم يعيشوا الواقعة السابقة عمى الواقعة المدروسة في فترة زمنية‬
‫واحدة‪ ،‬ويعني كذلك أن التاريخ‪ ،‬والشرط االجتماعي واالقتصادي والسياسي والثقافي الذي حكم ىؤالء األفراد عمى امتداد‬
‫وبناء عمى كل ما سبق‪ ،‬أن حضور كل‬
‫ً‬ ‫السنوات السابقة عمى الواقعة المدروسة ليس واحداً‪ ،‬ويعني فوق ىذا وذاك‬
‫المعدل ليس متجانساً أو متكافئاً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مجموعة من ىؤالء األفراد في القيمة الكمية لممؤشر أو‬
‫بطبيعة الحال‪ ،‬ال تنزع ىذه المشكالت عن التحميل المقطعي أىميتو المتمثّمة خصوصاً في قدرتو عمى تقديم‬
‫تتبع زمني مستمر ومنتظم لمظواىر الديموغرافية‪ ،‬حتى في البمدان التي تعاني من محدودية في البيانات تعوق بناء‬ ‫ّ‬
‫مؤ ّشرات أكثر تعقيداً‪ .‬إن تأكيدنا ىنا عمى أىمية االلتفات إلى التحميل الطوالني إنما ينبع من ضرورة أن تتكامل نتائجو‬
‫كمية عن الظواىر المدروسة من جية‪ ،‬ومن حقيقة أن التحميل الطوالني ىو‬
‫مع نتائج التحميل المقطعي لرسم صورة ّ‬
‫الوحيد الذي يسمح بقراءة الوقائع من منظور تراتبي‪ ،‬من جية اخرى‪.‬‬
‫لكن االنتقال إلى مفيوم التراتبية يتطمّب أوالً إيضاح المقصود بإنجاز تحميل طوالني‪ :‬لقد ّبينا سابقاً في‬
‫ّ‬
‫معرفة بدقّة‪ ،‬أو‬
‫عامة ما يمكن تكثيفو ىنا بالقول إنو «عندما ندرس تتابع الحوادث عبر الزمن ضمن مجموعة ّ‬ ‫خطوط ّ‬
‫سمى أيضاً "التحميل في األفواج"‪ .‬يحدث الدخول إلى الفوج في تاريخ‬
‫في فوج ما‪ ،‬فإننا نقوم بـالتحميل الطوالني الذي ُي ّ‬
‫عدة‬
‫عرف دائماً تبعاً لمفترة الزمنية لدخول أعضائو فيو – والتي قد تتألّف من عام واحد أو من ّ‬
‫محدد‪ ،‬لذلك فإن الفوج ُي َّ‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫أعوام‪ُ .‬يطمَق عمى الفوج تسمية الجيل إذا ما تكون من مجموعة من األفراد الذي ولدوا خالل ٍ‬
‫عام تقويمي واحد»‬ ‫ّ‬
‫فكيف ترتسم ىذه الرؤية المفاىيمية عمى مخطط لكسيس؟ وكيف تندرج زمنياً فينبثق منيا المنظور التراتبي؟‬

‫المعدالت الخام هً المعدالت التً تنسب الظاهرة فً فترة زمنٌة محددة (بعام غالبا ًال أو بعدّة أعوام تقوٌمٌة معا ًال) إلى متوسط عدد السكان‬
‫‪17‬‬

‫سجلة خالل العام ‪= = x‬‬ ‫فً الفترة الزمنٌة ذاتها‪ .‬مثالًال‪ٌ ،‬كون معدل الموالٌد الخام للعام ‪ x‬مساوٌا ًال لمجموع الوالدات (ذكور وإناث) ال ُم ّ‬
‫وٌضرب الناتج بؤلف‪ .‬تس ّمى هذه المعدالت بالمعدالت الخام ألنها تنسب الظاهرة إلى‬ ‫َ‬ ‫منسوبة إلى متوسط عدد السكان فً العام ‪ x‬ذاته‪،‬‬
‫أعمار أو خصائص‪ ،‬فهً معدالت عا ّمة وغٌر متجانسة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مجموع السكان دون تمٌٌز حسب‬
‫اخترنا ترجمة المصطلح "‪ "Indicesynthétique de fécondité‬بـ"المإشر التركٌبً للخصوبة" عوضا ًال عن الترجمة الشائعة "معدل‬
‫‪18‬‬

‫‪"Descendance‬‬ ‫شر الطوالنً المس ّمى بالفرنسٌة‬ ‫ًال‬


‫مالءمة للتعبٌر عن المإ ّ‬ ‫الخصوبة الكلٌة للمرأة الواحدة"‪ ،‬إذ إن هذه األخٌرة أكثر‬
‫"‪ finale‬الذي ٌشٌر بالفعل إلى الخصوبة الكلٌة للمرأة الواحدة فً جٌل من النساء فٌتت ّبع مسار الجٌل عبر السنوات‪ ،‬لٌصل بمجموعة‬
‫شر التركٌبً‬ ‫وٌسجل خصوبتها‪ ،‬وٌع ِّببر عنها بد ّقة إذ ٌعكك شدّة الظاهرة تماما ًال‪ .‬أما المإ ّ‬
‫ّ‬ ‫النساء المدروسة إلى نهاٌة حٌاتها اإلنجابٌة‬
‫شر مقطعً ٌقوم على "تركٌب نظري" ٌجمع بٌن معدالت الخصوبة العمرٌة لمجموعات من النساء فً سنة تقوٌمٌة‬ ‫للخصوبة فهو مإ ّ‬
‫واحدة‪ ،‬هإالء النساء ٌنتمٌن إلى أجٌال مختلفة بشدّة وذات سلوك خصوبً متباٌن‪ ،‬وتصبح نتٌجة المإشر إذاًال انعكاسا ًال لشدّة الظاهرة‬
‫وتقوٌمها الزمنً معاًال‪ ،‬األمر الذي ٌجعله بعٌداًال عن أن ٌع ّبر بالفعل عن الخصوبة الكلٌة للمرأة الواحدة‪.‬‬
‫دفعة الزواج تشٌر إلى مجموعة من األفراد الذٌن عاشوا واقعة الزواج فً فترة زمنٌة واحدة محدّدة (بعام تقوٌمً غالبا ًال)‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫‪20‬‬
‫‪Henry, 1984, p.71.‬‬

‫‪96‬‬
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫محورين مائمين متوازيين‪ .‬فالتحميل الطوالني لمظواىر المتعمقة‬


‫َ‬ ‫تقع الوقائع الطوالنية عمى مخطط لكسيس بين‬
‫يخي التقويم ( 𝑛 ‪1 1‬‬‫المحد َدين بتار َ‬
‫ّ‬ ‫المحورين المائمَين‬
‫َ‬ ‫يخص الوقائع التي تقع بين‬
‫ّ‬ ‫بالجيل 𝑛 عمى الشكل (‪ )1‬السابق‬
‫تدرجاً عمرّياً للفراد‪،‬‬
‫يضمان ضمن حدودىما ّ‬
‫طين المائمين ّ‬
‫و ‪ .) 1 1 𝑛 + 1‬من الواضح عمى الرسم أن ىذين الخ ّ‬
‫عمر ٍ‬
‫تال‪.‬‬ ‫فمع ك ّل انتقال عمى محور السينات من ٍ‬
‫عام إلى التالي تنتقل المجموعة المدروسة (الجيل أو الفوج) إلى ٍ‬
‫𝑛‪11‬‬ ‫𝑥 من السنوات باألعمار المضبوطة ما بين‬ ‫وىكذا فإن أفراد المجموعة المدروسة كانوا يبمغون من العمر‬
‫يضم خطّا‬
‫و ‪ ، 1 1 𝑛 + 1‬وأصبحوا بعمر ‪ 𝑥 + 1‬ما بين ‪ 1 1 𝑛 + 1‬و ‪ 1 1 𝑛 + 2‬وىكذا عمى التوالي‪ .‬ال ّ‬
‫يضمان تتبُّعاً حسب العمر والزمن‬
‫ّ‬ ‫الجيل أو الفوج أفراداً بأعمار متغايرة كما ىو الحال في التحميل المقطعي‪ ،‬بل‬
‫إنجاب طفل أو االلتحاق بخدمة‬
‫َ‬ ‫لمجموعة واحدة من األفراد الذين عاشوا الواقعة المؤسّْسة (وقد تكون والدةً أو زواجاً أو‬
‫عدة أعوام معاً‪.‬‬
‫تضم ّ‬
‫حددناىا عمى الشكل السابق بعام‪ ،‬لكنيا قد ّ‬ ‫عسكرية أو مينية‪ ...‬الخ‪ ).‬في فترة زمنية واحدة ّ‬
‫استرجاعيااًل)‪ (Rétrospective‬يقوم عمى دراسة فوج في‬ ‫ىذا وتجدر اإلشارة إلى أن ىذا التحميل قد يكون‬
‫معين مالئم‪ ،‬وىذا النموذج شائع في دراسة الخصوبة بعامة‪ ،‬وخصوبة النساء‬
‫بعمر ّ‬‫حدد نيايتو ٍ‬
‫نيايتو عمى أن تُ ّ‬
‫عما أنجبنو من مواليد‪ .‬وقد يكون‬
‫المتزوجات بخاصة‪ ،‬حيث تُسأل النساء في نياية حياتين اإلنجابية (‪ 45‬أو ‪ 50‬عاماً) ّ‬
‫بأول وكمّما اقتضى األمر وفق أىداف‬
‫تتبعيااًل)‪ (Suivie‬يقوم عمى تتبُّع مجموعة من األفراد وتسجيل معمومات عنيم أوالً ّ‬
‫ّ‬
‫محددة بدقّة تبعاً لموضوع الدراسة‪ ،‬وىو تحميل ذائع االنتشار في الدراسات المتعمّقة خصوصاً بالقضايا الصحية واألوبئة‬
‫ّ‬
‫ّْ‬
‫إسقاطيااًل)‪ (Prospective‬يوظف البيانات المتاحة في الحاضر عن‬ ‫واألمراض ‪ .‬وأخي اًر‪ ،‬قد يكون التحميل الطوالني‬
‫‪21‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫المحددة بدقّة‬ ‫تصوٍر مستقبمي ّ‬
‫لتطوره‪ ،‬عبر تطبيق مجموعة من العالقات الرياضية المنتقاة و ّ‬ ‫جيل أو فوج ما في بناء ّ‬
‫تبعاً لموضوع الدراسة‪.22‬‬
‫ىذه النماذج الثالثة لمتحميل الطوالني‪ ،‬والتي تفرضيا طبيعة الدراسة وأىدافيا من جانب‪ ،‬ومدى توفّر البيانات‬
‫المالئمة من جانب آخر‪ ،‬تقود في مجمميا وعمى اختالف المنظور المعتمد في ٍّ‬
‫كل منيا إلى تجاوز التحميل المقطعي‬ ‫َ‬
‫زمنية ما‪ ،‬إلى دراسة أفراد‬
‫تجمعات غير متجانسة من أفراد تجمعيم لحظة ّ‬ ‫السنوي التركيبي‪ ،‬والى االنتقال من دراسة ّ‬
‫ينتمون إلى جيل أو فوج واحد‪ ،‬وليم بذلك تاريخ واحد‪ .‬وىذا التاريخ المشترك ىو الذي يولّْد التراتبية في التحميل‬
‫الطوالني‪.‬‬
‫تراتبية الوقائع وبناء التحميل‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫استعصاء عمى المعالجة ىي حقيقة عدم‬
‫ً‬ ‫افية‬
‫لع ّل من بين أكثر الخصائص التي تتّسم بيا الظواىر الديموغر ّ‬
‫تجانس األفراد المدروسين الذين يعيشون‪ ،‬فوق ىذا وذاك‪ ،‬مجموعة من الوقائع المتداخمة في ما بينيا والتي يصعب‬
‫عزل إحداىا عن األخرى‪ .‬ولقد ّبينا في ما سبق أن التحميل الطوالني يسعى إلى تجاوز ما تفرزه ىذه الخصائص من‬
‫مشكالت تطبيقية عبر دراسة الظواىر الديموغرافية في مجموعات متجانسة إلى أكبر ٍّ‬
‫حد ممكن‪ ،‬ىي مجموعات األجيال‬
‫مجرد‪ ،‬خصائص مشتركة ناتجة من تجارب‬
‫أو األفواج‪ ،‬أي مجموعات األفراد «الذين لدييم ضمنياً‪ ،‬وبشكل ّ‬
‫مشتركة»‪.23‬‬

‫تش ّكل سجالت الحوال المدنٌة بدورها إحدى أنماط التسجٌل التتبعً‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫لكلّشكلمنؤشكااللتحلٌاللطوالنٌالثالثةهذهاستخداماتوتطبٌقاتؤكثرا ّتساعاًالبكثٌرم ّما ُذكِرولسنانهدفهناإلىؤكثرمنوضعِالقارئفٌصورةتعددإمكاناتقراءةا‬


‫‪22‬‬

‫لظواهرطوالن ٌّاًاللتٌسٌرفهممبدأالتراتبٌةااتٌالحقا ًال‪.‬‬


‫‪23‬‬
‫‪Mason, W.M.; Fienberg, S.E. (Ed.). Cohort Analysis in Social Research: Beyond the Identification‬‬
‫‪Problem. Springer-Verlag, 1985, p. 25.‬‬

‫‪97‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫يكون ىؤالء األفراد‪ ،‬المنتمون إلى فوج أو جيل واحد‪ ،‬عرضةً لمجموعة من عدة وقائع تش ّكل في مجمميا‬
‫مجموعة حوادث ديموغرافية )‪ ،(Evénement‬وذلك منذ لحظة دخوليم إلى الفوج‪ .‬فاألفراد الذين ولِدوا في ٍ‬
‫عام واحد‬
‫سن صغيرة والبعض اآلخر في ٍّ‬
‫سن كبيرة‬ ‫يتزوج في ٍّ‬
‫المتزوجين في سنة واحدة‪ ،‬فبعضيم قد ّ‬ ‫ّ‬ ‫مثالً لن يدخموا إلى دفعة‬
‫وآخرون لن يتزوجوا مطمقاً‪ ،‬ولن يدخموا جميعاً في فو ٍج من المطمِّقين معاً‪ ...‬وىكذا‪ .‬ومن ىنا فإن دراسةً طو ّ‬
‫النيةً لظاىرة‬
‫خاص نحو بعض الحوادث دون غيرىا من بين جممة الحوادث التي يكون‬
‫ّ‬ ‫ديموغرافية سوف تقود إلى «توجيو اىتمام‬
‫أفراد الفوج ُعرضةً ليا‪ ،‬نطمق عمييا تسمية الحوادث المدروسة )‪.24»(Evénements étudiés‬‬
‫يبقى السؤال ىنا‪ :‬لنفترض أننا حقّقنا الشروط الالزمة لتحميل ديموغرافي طوالني بالفعل‪ ،‬أي أننا اخترنا جيالً أو‬
‫ٍ‬
‫تجانس في المجموعة المختارة‪ ،‬وكيف ستظير وتنبني تراتبية‬ ‫وحددنا بدقّة الواقعة المدروسة‪ ،‬فكيف نصل إلى‬
‫فوجا ّ‬ ‫ً‬
‫الوقائع؟‬
‫إن العامل األول الذي يجعل المجموعة المدروسة من األفراد الذين نقيس تكرار حدوث الواقعة المدروسة لدييم‬
‫الواقعة التي تسبق بالضرورة الواقعة المدروسة ‪ .‬إذ إن‬ ‫معا‬
‫متجانسةً ىو أن يكون أفراد ىذه المجموعة قد عاشوا ً‬
‫الوقائع المتتالية التي يمكن لفرٍد ما أن يعيشيا (زواج‪ ،‬طالق‪ ،‬ىجرة‪ ،‬عودة‪ ،‬والدة طفل أول‪ ،‬والدة ٍ‬
‫طفل ٍ‬
‫ثان‪ )...‬تُغيّْر‬
‫نحول اىتمامنا وتركيزنا قميالً – من دون أن نبعده تماماً ‪-‬‬
‫سيمر بيا خالل وجوده ‪ .‬إننا إذاً ّ‬
‫‪25‬‬
‫ّ‬ ‫وتحدد المراحل التي‬
‫ّ‬ ‫حالتو‬
‫عن الواقعة المدروسة‪ ،‬منتبيين إلى الواقعة السابقة بالضرورة عمييا‪ .‬إن تجانس األفراد الذين يعيشون الواقعة المدروسة‬
‫جيل واحد أو فوج واحد فحسب‪ ،‬بل يرتبط‬ ‫ال يرتبط في الحقيقة بكونيم يعيشون ىذه الواقعة معاً‪ ،‬وال بكونيم ينتمون إلى ٍ‬
‫فوق ىذا وذاك بحقيقة كونيم قد عاشوا معاً الواقعة السابقة عمى الواقعة المدروسة‪ ،‬وىو األمر الذي يجعل من تاريخيم‬
‫الجمعي تاريخاً مشتركاً‪.‬‬
‫محدد‪ ،‬ودراسة إنجاب‬ ‫جيل من مواليد ٍ‬
‫عام ّ‬ ‫باستطاعتنا‪ ،‬ومن الشائع عمى المستوى التطبيقي‪ ،‬دراسة الزواج في ٍ‬
‫تزوجن في سنة معيَّنة‪ ،‬عمى سبيل المثال‪ .‬وىي دراسة ممكنة وصحيحة‬
‫المولود األول في دفعة من النساء المواتي ّ‬
‫طالما نحن أمام تحميل ديموغرافي مباشر لمرقم الناتج منيا‪ ،‬لكنيا تتطمّب تمعُّناً أكبر حين ننطمق منيا نحو إطالق‬
‫تفسيرات اجتماعية لمرقم اإلحصائي‪ .‬وىكذا‪ ،‬لفيم إنجاب الطفل الثاني وتفسيره بدقّة‪ ،‬سيكون من المفيد – إلى جانب‬
‫إنجاز دراسة كالسيكية إلنجاب الطفل الثاني في جيل أو دفعة زواج محددة – أن نبحث في إنجاب الطفل الثاني لدى‬
‫ىو واقعة سابقة عمى إنجاب‬ ‫‪26‬‬
‫النساء أو األزواج المنتمين إلى فوج واحد والذين سبق وأنجبوا الطفل األول‪ .‬فالزواج‬
‫بالضرورة ىو إنجاب الطفل‬ ‫الطفل الثاني‪ ،‬لكنيا ليست الواقعة السابقة بالضرورة‪ ،‬إن ما يسبق إنجاب الطفل الثاني‬
‫األول‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن الواقعة السابقة بالضرورة عمى العودة إلى الوطن األم ىي واقعة مغادرتو‪ ،‬والواقعة السابقة‬
‫التخرج من الجامعة ىي الوصول إلى السنة الجامعية األخيرة‪ ...‬إلى ما‬
‫ُّ‬ ‫بالضرورة عمى الطالق ىي الزواج‪ ،‬وعمى‬
‫ىنالك من أمثمة‪.‬‬
‫يحيل مفيوم التراتبية إذاً عمى أسموب أكثر دقّة في إنشاء األفواج‪ ،‬فيحدد أساس إنشاء الفوج بالواقعة السابقة‬
‫الحد األدنى من التجانس الذي تسمح بو دراسة الظاىرة ضمن‬ ‫بالضرورة عمى الواقعة قيد الدراسة‪ ،‬ويسمح بذلك بتجاوز ّ‬

‫‪24‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪Henry, Louis. D'un problème fondamental de l'analyse démographique. Population, 14‬‬ ‫‪année, nº1,‬‬
‫‪1959, p. 10.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪Blayo, Chantal. Une mesure indirecte de l'émigration et des retours au pays d'origine. In: Les migrations‬‬
‫‪internationales: problème de mesure, évolutions récentes et efficacité des politiques. Séminaire des‬‬
‫‪Calabre (8-10 Septembre 1986), nº3, AIDELF, 1988, p. 103.‬‬
‫أو الدخول فً عالقة ارتباط أٌا ًال ٌكن نموذجها‪ ،‬فً المجتمعات التً تراجعت فٌها مإسسة الزواج‪.‬‬
‫‪26‬‬

‫‪98‬‬
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫اقعة ما سابقةً عمى الواقعة المدروسة في ٍ‬


‫وقت واحد فشكموا بذلك فوجاً‪ ،‬نحو تجانس‬ ‫مجموعة من األفراد الذين عاشوا و اًل‬
‫الواقعة السابقة‬ ‫أكبر وأدق عبر دراسة الظاىرة ضمن مجموعة من األفراد المنتمين إلى فوج واحد والذين عاشوا معاً‬
‫بالضرورة عمى الواقعة المدروسة فشكموا بذلك المجموعة األكثر مواءمة لمتحميل والتفسير‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬انعكاس التحميل الديموغرافي في التحميل االجتماعي‪ :‬أمثمة توضيحية‪.‬‬
‫اًل‬
‫شدة الظاهرة وتقويمها الزمني‪ :‬تجميع تراتبي ّأول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫)‪(Intenstié‬‬ ‫شدة الظاىرة‬
‫تتوقّف المؤشرات المقطعية (المحظية) لمظواىر الديموغرافية عمى معطيين ىما ّ‬
‫الشدة إلى تكرار حدوث الواقعة المدروسة لدى المجموعة السكانية‬
‫وتقويميا الزمني )‪ .(Calendrier‬حيث تشير ّ‬
‫يعبر التقويم الزمني عن توزعات األعمار عند حدوثيا‪ .‬وىكذا يكون المؤ ّشر التركيبي‬
‫المعنية‪ ،‬في حين ّ‬
‫لكل من شدة ظاىرة الخصوبة (أي تكرار‬‫لمخصوبة)‪ (Indice synthétique de fécondité‬عمى سبيل المثال‪ ،‬نتاجاً ٍّ‬
‫حدوث اإلنجاب لدى النساء في سن الحمل واإلنجاب في سنة معينة) ولتقويميا الزمني (أي متوسط أعمارىن عند‬
‫‪ 20‬و ‪ 35‬عاماً– ذوات ثقل عددي في المجموعة‬ ‫اإلنجاب)‪ .‬فإذا كانت النساء األكثر إنجاباً– وليكن ما بين سن‬
‫المدروسة‪ ،‬مقارنةً بالنساء دون العشرين والنساء ما فوق ‪ 35‬أو ‪ 40‬عاماً‪ ،‬وكان متوسط العمر عند اإلنجاب في حدود‬
‫‪ 30‬عاماً مثالً‪ ،‬فإننا سنشيد ارتفاعاً في قيمة المؤشر المقطعي‪ ،‬ناتجاً من أثر تركيب عمري‪ ،‬وعمر عند اإلنجاب‪،‬‬
‫يصبان في صالح ىذا االرتفاع‪.‬‬
‫ّ‬
‫من جانب آخر‪ ،‬نعرف أن الخصوبة كمؤشر لحظي تتوقف – إلى جانب توقفيا عمى التركيب العمري لمنساء‬
‫حد ذاتو‪ .‬فإذا ما أخذنا مثالً حالة‬ ‫في المجتمع‪ -‬عمى ٍّ‬
‫كل من الخصوبة الزواجية‪ ،‬والخصوبة الالزواجية ‪ ،‬والزواج في ّ‬
‫‪27‬‬

‫مجتمع يتّسم بترّكز الوالدات فيو ضمن مؤسسة الزواج‪ ،‬ووجدنا أن الناس ينجبون كثي اًر ضمن الزواج لكن بالمقابل قمّة‬
‫الحد الذي قد‬
‫من الناس يتزوجون‪ ،‬عندئذ لن تكون األعداد المتوسطة لممواليد لمنساء في سن الحمل واإلنجاب كبيرة إلى ّ‬
‫نتوقعو ألول وىمة‪.‬‬
‫عدة لكل منيا تأثير في قيمة‬
‫وعميو فإن المؤشرات المقطعية لمخصوبة ىي في حقيقتيا نتاج تداخل عناصر ّ‬
‫وشدة‬
‫شدة الخصوبة الزواجية وتقويميا الزمني‪ّ ،‬‬
‫شدتو وفي أىميتو‪ ،‬ىذه العناصر في مثالنا ىنا ىي ّ‬
‫المؤ ّشر يتفاوت في ّ‬
‫حد ذاتيا وتقويميا الزمني‪.‬‬
‫وشدة ظاىرة الزواجية في ّ‬
‫الخصوبة الالزواجية وتقويميا الزمني‪ّ ،‬‬
‫إن ما يسمح بتجاوز ىذه اإلشكالية في بناء المؤشرات ويتيح في خطوة أولى فصل أثر الشدة عن أثر‬
‫التقويم الزمني إنما ىو المجوء إلى دراسة خصوبة األجيال‪ .‬فعمى مستوى األجيال‪ ،‬ال يترك التركيب العمري أو العمر‬
‫شدة الظاىرة في حالتيا‬
‫نتوصل إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫المتوسط عند اإلنجاب أث اًر (بما أننا نتتبع جيالً من بدايتو وحتى نيايتو) وبالتالي‬
‫الصرف‪ :‬الشكالن رقم (‪ -2‬أ)‪ 28‬و (‪ -2‬ب)‪:29‬‬ ‫ّ‬

‫أو الخصوبة الالشرعٌة‪ ،‬أي الوالدات التً تحدث خارج مإسسة الزواج‪ ،‬وتكون نسبتها ضئٌلة جداًال تكاد تنعدم فً بعض المجتمعات‪ ،‬فً‬
‫‪27‬‬

‫تخص أكثر من نصف الوالدات فً مجتمعات أخرى‪ .‬وهً قابلة لإلغفال فً المجتمعات التً ما زالت تتبنى الزواج طرٌقا ًال رئٌسا ًال‬‫ّ‬ ‫حٌن‬
‫ووحٌداًال إلنشاء أسرة وإنجاب أطفال‪.‬‬
‫مصدر معدالت الخصوبة العمرٌة السنوٌة للنساء السورٌات عام ‪ :2009‬الجمهورٌة العربٌة السورٌة‪ ،‬المكتب المركزي لإلحصاء‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫المجموعة اإلحصائٌة السنوٌة ( ‪ ،)2011‬وفقا ًال للمسح الصحً األسري ‪ ،2009‬على الرابط‪:‬‬
‫‪http://www.cbssyr.sy/yearbook/2011/Data-Chapter2/TAB-8-2-2011.htm‬‬
‫بٌانات افتراضٌة‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫‪99‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫األ اعر‬

‫‪ 50‬عاع ًا‬

‫الشكل (‪ -2‬أ)‪ :‬مثال عن المؤشرات المقطعية‪ ،‬المؤشر التركيبي لمخصوبة‬


‫‪4.9‬‬

‫ٌوضح هذه الشكل آلٌة بنعء الاؤشر التركٌبً للخصوبة‬


‫‪ 45‬عاع ًا‬ ‫بعالستنعد إلى اعدالت الخصوبة العارٌة للنسعء السورٌعت عم‬
‫‪33.6‬‬
‫‪ .2009‬بجاع هذه القٌم وضرب الاجاوع بخاسة نحصل لى‬
‫‪ 40‬عاع ًا‬ ‫الاؤشر التركٌبً للخصوبة لععم ‪ 2009‬والبعلغ ‪ 3.5‬ان‬
‫‪98.7‬‬
‫األطفعل للارأة الواحدة‪.‬‬
‫‪ 35‬عاع ًا‬
‫‪159.1‬‬
‫‪ 30‬عاع ًا‬ ‫ُتبٌِّن آلٌة بنعء الاؤشر أنه ٌجاع خصوبة نسعء ٌتبعٌنّ فً‬
‫األجٌعل التً ٌنتاٌن إلٌهع‪ .‬فعلنسعء فً األ اعر ‪ 34-30‬عاع ًا‬
‫‪187.1‬‬
‫‪ 25‬عاع ًا‬ ‫اثًل هنّ ان اوالٌد الفترة ‪ 1979-1975‬فً حٌن تنتاً النسعء‬ ‫ًا‬
‫‪156.4‬‬
‫البعلغعت ان العار ‪ 49-45‬عاع ًا إلى األجٌعل ‪1964-1960‬‬
‫‪ 20‬عاع ًا‬ ‫والنسعء فً األ اعر ‪ 19-15‬عاع ًا إلى األجٌعل ‪.1994-1990‬‬
‫‪54.0‬‬
‫وجلًّ حجم التبعٌن فً الشرط االجتاع ً والثقعفً وحتى‬
‫‪ 15‬عاع ًا‬ ‫‪2009‬‬ ‫االقتصعدي والسٌعسً الذي رافق نشأة هؤالء النسعء وحكم األ وام‬
‫‪ 50‬عاع ًا‬
‫المإشرات‬
‫عن اإلنجعبً‪.‬‬ ‫الشكل (‪ -2‬ب)‪ :‬مثال‬
‫شرطهنّ‬
‫‪17‬‬ ‫انتهعء‬ ‫الطوالنٌة‪ ،‬الخصوبة الكلٌة‬
‫الحٌعة‬
‫‪ 45‬عاع ًا‬ ‫اإلنجعبٌة‬ ‫ٌوضح هذه الشكل آلٌة التوصل إلى اعدل‬
‫‪49‬‬ ‫للنسعء‬
‫الادرو‬
‫الخصوبة الكلٌة لاجاو ة ان النسعء‬
‫‪ 40‬عاع ًا‬
‫‪146‬‬ ‫سعت‬ ‫اللواتً بدأ تتبعهنّ فً الفترة ‪1975-1970‬‬
‫البعلغعت‬ ‫وهن ان اوالٌد الفترة ‪.1960-1950‬‬
‫‪ 35‬عاع ًا‬ ‫ان‬
‫‪243‬‬ ‫تنتهً الاشعهدة بحلول عم ‪ 2010‬حٌن‬
‫العار‬
‫‪ 30‬عاع ًا‬ ‫‪20-15‬‬ ‫تبلغ أصغر نسعء األجٌعل الادروسة (اوالٌد‬
‫‪ 25‬عاع ًا‬ ‫‪314‬‬ ‫عاع ًا فً‬ ‫عم ‪ )1960‬سنّ ‪ 50‬عاع ًا (أكبر النسعء‬
‫الفترة‬ ‫ٌصلن إلى هذه السن انذ عم ‪.)2000‬‬
‫‪-1970‬‬
‫‪ 20‬عاع ًا‬ ‫‪313‬‬ ‫بجاع هذه القٌم وضرب الاجاوع بخاسة‬
‫‪1975‬أ‬
‫‪ 15‬عاع ًا‬ ‫ي‬ ‫نحصل لى الخصوبة الكلٌة لهذه األجٌعل‬
‫‪83‬‬
‫الاولودا‬ ‫والبعلغة ‪ 5.83‬ان األطفعل للارأة الواحدة‪.‬‬
‫‪1970‬‬ ‫‪1975‬‬ ‫ت بٌن‬
‫عاًَ‬ ‫ال أثر فً بنعء هذا الاؤشر للتركٌب‬
‫‪1950‬‬
‫العاري‪ ،‬وهو ٌعبِّر ن الشدة الحقٌقٌة‬
‫و‪1960‬‬
‫‪ ،‬بحلول‬ ‫لظعهرة الخصوبة لدى األجٌعل الاعنٌة‪،‬‬
‫‪-‬‬ ‫والتً تم التوصل إلٌهع بتتبعهع بر‬
‫‪.‬‬ ‫السنوات وتتعبع األ اعر‪.‬‬

‫حد‬
‫يوضح المثال السابق عممية التقسيم األولي التي تقوم عمى دراسة الخصوبة ضمن مجموعة متجانسة إلى ّ‬
‫عدة أعوام تراوح ما بين خمسة وعشرة وسطياً تبعاً‬
‫كبير ىي مجموعة النساء المولودات خالل عام واحد‪ ،‬أو خالل ّ‬
‫المشوش لمتركيب العمري والتقويم الزمني لإلنجاب في‬
‫ّ‬ ‫لتوافر البيانات‪ .‬تبدأ التراتبية ىنا إذاً‪ ،‬منذ بدأ التخمّص من األثر‬

‫‪100‬‬
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫متوسط ما أنجبنو‬
‫ّ‬ ‫البناء المقطعي لممؤ ّشر (الشكل ‪-2‬أ أعاله)‪ .‬وىكذا فإننا نتتبع المجموعة ذاتيا من النساء‪ ،‬فنحسب‬
‫من أبناء في الفئة العمرية األولى ( ‪ 19-15‬عاماً في مثالنا)‪ ،‬ثم نتبعين عند انتقالين إلى الفئة العمرية التالية ( ‪-20‬‬
‫شدة الظاىرة‬
‫حياتين اإلنجابية جميعاً‪ ،‬فنحصل عمى ّ‬
‫ّ‬ ‫متوسط ما أنجبن‪ ،‬وىكذا وصوالً إلى انتياء‬
‫ّ‬ ‫‪ 24‬عاماً) فنحسب‬
‫بالفعل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫تحميل اجتماعي لمزواجية‬ ‫جو لمتعمق في‬
‫لكن ومع ذلك‪ ،‬تبقى مجموعة النساء ىذه غير متجانسة بالقدر المر ّ‬
‫يتزوجن جميعاً في عام واحد‪ ،‬وعمى امتداد أعوام تتبع األجيال‬
‫والخصوبة‪ .‬فالنساء المنتميات إلى األجيال قيد الدراسة لم ّ‬
‫ىن‬
‫تزوجن منذ أعوام طويمة؛ ففي خصوبة من ّ‬ ‫ِ‬
‫جداً وأخريات ّ‬
‫مدة قصيرة ّ‬
‫يمض عمى زواجين سوى ّ‬ ‫سنكون أمام نساء لم‬
‫في الفئة العمرية ‪ 34-30‬عاماً مثالً‪ ،‬توجد نساء متزوجات منذ ‪ 15‬عاماً مثالً‪ ،‬ويكدن يصمن إلى نياية إسيامين في‬
‫يتزوجن سوى منذ عامين أو ثالثة‪ ،‬وحضور خصوبتين في الفئة العمرية ىذه يبقى محدوداً‪.‬‬ ‫إنجابية المجموع‪ ،‬ونساء لم ّ‬
‫سن ‪ 15‬عاماً سيكون بإمكانيا أن‬ ‫لمدة الزواج أث اًر في مستويات الخصوبة‪ ،‬فالمرأة المتزوجة في ّ‬
‫وغني عن القول إن ّ‬
‫ّ‬
‫تزوجت بسن ‪ 35‬عاماً لن‬ ‫تسيم في خصوبة الجيل – نظرّياً– طوال ‪ 35‬عاماً ىي حياتيا اإلنجابية‪ ،‬في حين أن امرأة ّ‬
‫المدة‬
‫تسيم بأكثر من ‪ 15‬عاماً‪ ،‬ىي كل ما تبقى من حياتيا اإلنجابية‪ ،‬في خصوبة الجيل ‪ .‬األمر الذي يجعل من ّ‬
‫‪30‬‬

‫سنتوصل إلييا‪ .‬بكممات أخرى‪ ،‬كمما كانت كتمة نساء الجيل‬


‫ّ‬ ‫المنقضية من الزواج عامالً مؤثّ اًر في النتائج التي‬
‫جداً كبيرة‪ ،‬كمما كنا أمام احتمال أكبر الرتفاع الخصوبة الكمية‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬فإن بإمكان تأخر سن‬
‫المتزوجات مب ّك اًر ّ‬
‫الزواج عمى نطاق واسع في الجيل المدروس أن يخفّض خصوبة الجيل بشكل صريح‪.‬‬
‫انطالقاً مما سبق يصبح عمينا‪ ،‬عندما نمحظ انخفاضاً في خصوبة ٍ‬
‫جيل ما أو مجموعة أجيال‪ ،‬أن نتساءل‬
‫يخص الجيل المدروس – وبالمقارنة مع‬
‫ّ‬ ‫تغيرت في المجتمع المعني في ما‬
‫أوالً أىي عادات الخصوبة واتجاىاتيا التي ّ‬
‫مست الزواج وتقويمو الزمني من دون أن تكون االتجاىات نحو الخصوبة لدى‬
‫أجيال سابقة عميو – أم أن التغيرات ّ‬
‫تبدلت بالفعل بما يكفي لتسمح لمتحميل االجتماعي بالحديث عن "تغير جذري لدى السكان في مسألة‬
‫السكان المعنيين قد ّ‬
‫الخصوبة"‪ .‬إذ قد يحدث تأخر الزواج ألسباب وعوامل خارجية (حروب‪ ،‬أزمة سكن أو بطالة وغيرىا من األزمات‬
‫المدة اإلنجابية المتاحة لممرأة‪،‬‬
‫ناتج من انخفاض ّ‬
‫سن الزواج إلى تراجع في الخصوبة ٍ‬
‫االقتصادية‪ ...‬الخ‪ ).‬فيؤدي تأخر ّ‬
‫لتغير في االتجاىات السكانية نحو الخصوبة‪.‬‬
‫أكثر منو انعكاساً ّ‬
‫يأتي ىنا دور التجميع الطوالني األكثر تخصيصاً‪ ،‬وتقوم فكرتو في مثالنا السابق عمى تجميع األفراد الذين‬
‫عاشوا في وقت زمني واحد واقعةَ الزواج (ونطمق عمييم تسمية دفعة الزواج ‪ ،(Promotion de mariage‬حيث يكون‬
‫ِقدم التعرض الحتمال الزواج‪ ،‬والذي لو تأثير حاسم في احتمال حدوث واقعة ما ٍ‬
‫تالية عمى الزواج (كاإلنجاب مثالً)‪،‬‬ ‫ّ‬
‫األول" ىو خطوة بالغة األىمية في اتجاه قراءة أكثر دقّة‬
‫متساوياً لدى الجميع عمى امتداد السنوات ‪ .‬ىذا التجميع " ّ‬
‫‪31‬‬

‫كن قد‬ ‫ٍ‬


‫لموقائع االجتماعية التي يطرحيا عمينا الرقم الديموغرافي‪ .‬فالخصوبة الناتجة من دفعة زواج ىي خصوبة نساء ّ‬
‫عميين في المجمل صبغة تجانس بالغة‬
‫ّ‬ ‫عشن الواقعة المؤسّْسة في عام أو فترٍة (من ّ‬
‫عدة اعوام) معاً‪ ،‬مما يضفي‬
‫المدة المنقضية منذ الزواج أو العمر عند الزواج‪.‬‬
‫ويحرر الرقم النيائي من أثر تشويش ّ‬
‫األىمية‪ّ ،‬‬

‫ٌزداد أثر كل ٍّ من العمر عند الزواج و"مدّة التعرض الحتمال الحمل" بتناقص استخدام وسائل منع الحمل‪ .‬فوجود انتشار مع ّمم لوسائل‬
‫‪30‬‬

‫منع الحمل ٌقود إلى تراجع كبٌر فً أثر هذٌن العاملٌن ولكن من دون ان ٌإدي إلى إلغائه تماما ًال‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Blayo, Chantal. De l'application des principes de l'analyse démographique a l'étude de l'évolution des‬‬
‫‪familles, Population, nº1, 1990, p 65.‬‬

‫‪101‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫إن ىذا التجميع األول يقوم عمى إجراء التحميل ضمن مجموعة من األفراد الذين عاشوا في وقت واحد (ىو‬
‫عدة أعوام) واقعة ما سابقة عمى الواقعة المدروسة‪ ،‬فتحميل خصوبة ٍ‬
‫نساء في مجتمع واحد ُك ّن قد عشن واقعة‬ ‫عام أو ّ‬
‫شرطين اإلنجابي‬
‫ّ‬ ‫عدة أعوام متقاربة)‪ ،‬يعني تحميل خصوبة مجموعة من النساء حكمت‬
‫الزواج في عام واحد (أو ّ‬
‫ظروف اجتماعية واقتصادية‪ ،‬وأحياناً أمنية وسياسية‪ ،‬متقاربة‪ .‬مما يجعل من تفسير النتيجة الكمية لخصوبتين الزواجية‬
‫وخصوبتين في ٍ‬
‫آن واحد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حياتين الزوجية‬
‫ّ‬ ‫أكثر تجانساً وأكثر تعبي اًر عن الواقع والبنى االجتماعية التي رافقت سير‬
‫ّإال أن مزيداً من التخصيص في عممية التجميع ما زال ممكناً‪ ،‬فاإلنجاب ضمن الزواج – في مثالنا ىذا –‬
‫حد ذاتو خاضعٌ لتراتبية تؤدي بدورىا إلى إعادة تجميع أخرى في مجموعات جديدة أكثر فأكثر تجانساً‪ ،‬تقوم‬‫ىو في ّ‬
‫عمى دراسة الظواىر ضمن مجموعة من األفراد المنتمين إلى فوج واحد والذين عاشوا معاً الواقعة السابقة بالضرورة عمى‬
‫بدال من تجميع افرٍاد عاشوا واقعةً ما سابقة عمى الواقعة المدروسة (كما في مثالنا السابق)‪.‬‬
‫الواقعة المدروسة– ً‬
‫تجميع تراتبي ثاني‪ :‬الواقعة السابقة بالضرورة عمى الواقعة المدروسة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تعد من بين الظواىر األكثر مالءمة لتبيان‬
‫سنتابع في سياق الخصوبة الزواجية وبنية األسرة الناتجة منيا‪ ،‬والتي ّ‬
‫أثر تراتبية الوقائع في التحميل‪.‬‬
‫كنا قد أوضحنا في ما سبق ضرورة تجميع النساء المواتي عشن في وقت زمني واحد واقعة الزواج (ضمن ما‬
‫ّ‬
‫التعرض الحتمال الحمل من جية‪ ،‬ولتحقيق أكبر قدر من تجانس‬
‫مدة ّ‬ ‫أسميناه بدفعة الزواج)‪ ،‬وذلك بغرض توحيد ّ‬
‫الظروف االجتماعية واالقتصادية والثقافية التي حكمت شرطين اإلنجابي من جية اخرى‪.‬‬
‫لكن أي مجموعة سكانية إنما تشتمل في الواقع «عمى عدد من المجموعات الجزئية يكافئ ما يمكن أن‬ ‫ّ‬
‫ولعل بإمكاننا االستنتاج اآلن بأن ىذه االحتماالت‬
‫نحصيو من احتماالت متنوعة لموقوع تحت أثر الواقعة المدروسة» ‪ّ ،‬‬
‫‪32‬‬

‫المتنوعة ىي التي تش ّكل مجموعة الوقائع السابقة بالضرورة عمى الواقعة المدروسة‪ ،‬والتي تقود إلى التزام مسار تراتبية‬
‫أشد في ما‬
‫يقوم عمى تجميع األفراد ضمن مجموعات جزئية تتّسم بمزيد من التجانس‪ ،‬وتقود بالتالي إلى انضباط ّ‬
‫نتوصل إليو من نتائج اجتماعية منبثقة من التحميل الديموغرافي‪.‬‬
‫ّ‬
‫لنأخذ مثالً دراسة الخصوبة الزواجية لممرأة الواحدة‪ ،‬سيكون عمينا أوالً أن نحدد ما إذا كان المقصود ىو‬
‫الخصوبة لممرأة وحدىا‪ ،‬أم لمزوجين معاً ضمن الزواج الحالي‪ .‬وحتى إذا سمّمنا بأن من األيسر تناول اإلنجاب لدى‬
‫المرأة وحدىا‪ ،‬فإن معايير التحميل ستختمف في ما إذا أحصينا وحمّمنا أعداد المواليد الذين ىم نتاج زواج أول‪ ،‬أم نتاج‬
‫ترمل‪ ،‬عمى سبيل المثال‪ .‬وىكذا فإن مجموعة المواليد‬ ‫تال )‪ (remariage‬وقع بعد طالق‪ ،‬أو زو ٍ ٍ‬ ‫زوا ٍج ٍ‬
‫اج تال وقع بعد ّ‬
‫تزوجن في عام أو مجموعة أعوام واحدة) ىي في‬ ‫التي ستنتج من دفعة زواج واحدة (أي من مجموعة من النساء المواتي ّ‬
‫لممرة‬
‫تبعا ألن انتماءىم إلى دفعة الزواج ىذه ىو بفعل زواجيم ّ‬ ‫الحقيقة نتاج أفراد يتّسمون بخصائص متباينة جداً ً‬
‫اج ٍ‬
‫تال‪ .‬وكمّما تم ّكنا من نسب المواليد إلى فئة أكثر فأكثر تجانساً‪ ،‬كمما قادنا األمر إلى مزيد من‬ ‫األولى‪ ،‬أم بفعل زو ٍ‬
‫الدقة في التحميل االجتماعي الناتج‪ ،‬وأمكن بالتالي وضع ظاىرة الخصوبة – وىي ظاىرة ديموغرافية صرف – ضمن‬
‫سياقاتيا االجتماعية والثقافية واالقتصادية‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫‪Blayo, 1990, p. 64.‬‬

‫‪102‬‬
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫اارأة عزبة‬
‫زواج‬

‫الخصوبة‬
‫الزواجٌة‬
‫اطلَّقة‬ ‫أرالة‬ ‫للارأة‬
‫زواج تعلً‬
‫)‪(Remariage‬‬

‫‪33‬‬
‫الشكل (‪ :)3‬الخصوبة الزواجية تبعااًل لمواقعة "السابقة بالضرورة" في مجموعات األمهات‬

‫معينة – ثم إعادة التجميع ضمن مجموعات أكثر تجانساً ىو مفتاح‬


‫ىذا الشكل من التقسيم – تبعاً لخصائص ّ‬
‫التوصل إلى إحصاء ثم تحميل تكرار حدوث واقعة ما في مجموعة من األفراد الذين يتسمون بخاصة واحدة رئيسة ىي‬
‫أنيم عاشوا معاً الواقعة السابقة بالضرورة عمى الواقعة المدروسة‪ .‬فعوضاً عن دمج جميع مواليد النساء المتزوجات معاً‪،‬‬
‫ترمل‪ .‬وسنفتح‬
‫سنفصل ىنا المواليد الذين ىم نتاج زواج أول‪ ،‬عن أولئك الذين نتجوا من زوا ٍج جاء تالياً عمى طالق أو ّ‬
‫بذلك آفاقاً أوسع أمام التحميل االجتماعي لفيم أثر "الحالة السابقة" لممرأة في حصيمة إنجابيا الزواجي من جية‪ ،‬ولتبيان‬
‫تال في كتمة اإلنجاب الزواجي ككل من جية ثانية‪ .‬ىذه النقطة األخيرة تعكس‬ ‫حجم ما يسيم بو اإلنجاب من زوا ٍج ٍ‬
‫تبايناً كبي اًر بين المجتمعات البشرية تبعاً لممعايير االجتماعية والثقافية السائدة‪ ،‬فتختمف كتمة الطالق عمى سبيل المثال‬
‫بين مجتمع وآخر‪ ،‬وكذا تختمف كتمة الوالدات الناتجة من "زوا ٍج ٍ‬
‫تال" تبعاً لمدى انفتاح قيم المجتمع وعاداتو عمى حق‬
‫المرأة في الزواج من جديد‪ ،‬وفي متابعة حياتيا اإلنجابية بعد انفصام عرى زواجيا األول لسبب أو آلخر‪.‬‬
‫يعزز – في مثالنا السابق – فرص الوصول‬
‫ىذا ويذىب تأثير التقسيم التراتبي إلى أبعد من ذلك‪ ،‬فيو إذ ّ‬
‫إلى تحميل اجتماعي أكثر دقّة وارتباطاً بالمعطى االجتماعي والثقافي‪ ،‬فإنو يسيم – في سياقات أخرى – في تجاوز‬
‫فعمية في التحميل‪.‬‬
‫نواقص ّ‬
‫يقدم تسمسل وترتيب الوالدات مثاالً رئيساً في ىذا الخصوص‪ .‬فعندما تنخفض الخصوبة الكمية ألجيال ِ‬
‫نساء‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫مجتمع ما إلى ما دون أربعة من األطفال لممرأة الواحدة مثالً‪ ،‬فإننا سنستنتج أن األسر عموماً باتت تكتفي بإنجاب‬
‫وسطي ىو أدنى من أربعة من األطفال لممرأة الواحدة‪ .‬نحن باستنتاجنا ىذا ننسب المواليد إلى جميع نساء الجيل‪ .‬وحتى‬
‫ّ‬
‫في حال حساب الخصوبة في دفعات الزواج‪ ،‬فإننا سننسب المواليد كذلك إلى جميع نساء الدفعة الزواجية‪.‬‬
‫لكن استنتاجاتنا ىذه ىي في الواقع منقوصة‪ ،‬إذ ال تأخذ في االعتبار تراتبية اإلنجاب وتسمسمو‪ .‬إن واقعة‬
‫إنجاب طفل رابع لدى نساء جيل أو مجموعة زواجية ىي بالفعل واقعة الحقة عمى والدة المرأة ذاتيا (في حالة الجيل)‪،‬‬
‫وأقرب زمنياً وتراتبياً إلى زواج المرأة (في حال دراسة دفعة زواجية)؛ إال أن إنجاب ىذا الطفل الرابع يستمزم حتماً‬
‫السيدة المعنية قد أنجبت طفالً من المرتبة الثالثة قبمو‪ .‬وعميو فإن الواقعة السابقة بالضرورة عمى‬
‫وبالضرورة أن تكون ّ‬
‫قدر من التجانس في التحميل‪ ،‬عمى‬ ‫طفل ثالث‪ .‬والوصول إلى أكبر ٍ‬ ‫واقعة إنجاب الطفل الرابع ىي واقعة إنجاب ٍ‬

‫ٌتناول هذا المثال الوالدات مؤخوذ ًالة لدى مجموعات النساء – ولٌك لدى الزوجٌن معاًال‪ ،‬إذ تبقى مسؤلة دراسة الوالدات مؤخوذة للزوجٌن‬
‫‪33‬‬

‫معا ًال أكثر تعقٌداًال على المستوى التطبٌقً للتحلٌل‪ ،‬وتفصٌالتها تخرج من سٌاق أهداف ورقتنا البحثٌة هذه‪ .‬كما ونستثنً للغرض نفسه‬
‫والدات النساء العازبات (الوالدات خارج مإسسة الزواج)‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫الصعيدين الديموغرافي واالجتماعي‪ ،‬سيتطمّب دراسة واقعة إنجاب طفل رابع ضمن جيل أو مجموعة زواجية أوالً (أي‬
‫َ‬
‫ضمن مجموعة من األفراد الذين عاشوا واقعة سابقة عمى الواقعة المدروسة في وقت واحد)‪ ،‬ثم متابعة المجموعة في‬
‫تراتبية إنجابيا بحيث ندرس إنجاب الطفل الرابع ضمن مجموعة من االميات المنتميات إلى دفعة الزواج ذاتيا والمواتي‬
‫سبق وأنجبن مولودىن الثالث ( أي ضمن مجموعة من األفراد الذين عاشوا الواقعة السابقة بالضرورة عمى الواقعة‬
‫المدروسة – وىي ىنا إنجاب المولود الثالث)‪.‬‬
‫جمي ليذه الفكرة في حساب ما يصطمح عمى تسميتو بـ"نسب تتابع‬ ‫في مجال التحميل الديموغرافي تطبيق ّ‬
‫لمزوجين معاً) وان أمكن‬
‫َ‬ ‫حسب عادة للسرة الواحدة (أي‬
‫مراتب األمومة )‪ "(Probabilités d'agrandissement‬وتُ َ‬
‫حسابيا أيضاً لمواليد المرأة الواحدة؛ حيث «نطمق تسمية "نسبة تتابع مرتبة األمومة لمجموعة األسر التي لدييا العدد 𝑛‬
‫من األطفال" عمى نسبة األسر من بين ىذه المجموعة التي‪ ،‬بإنجابيا الطفل ‪ ،𝑛 + 1‬تكون قد انتقمت إلى مرتبة أمومة‬
‫جديدة وازدادت وحدة واحدة عمى األقل‪ .‬وعادةً ما نعبّْر عنيا بالرمز 𝑛𝑎»‪.34‬‬
‫إن حساب نسب تتابع مراتب األمومة‪ ،‬ومعرفة آليات االنتقال التراتبي من مرتبة والدة إلى التالية سيم ّكننا‬
‫وسيحدد كيفية تراجع إنجاب الطفل – الرابع عمى سبيل المثال‪ ،‬األمر‬
‫ّ‬ ‫من معرفة أين حدث انخفاض الخصوبة بالضبط‪،‬‬
‫الذي من شأنو أن يمقي الضوء بتفصيل أكبر عمى مسار انخفاض الخصوبة بما يسمح بتحميل أكثر دقّة لعناصر‬
‫وعوامل ىذا االنخفاض‪:‬‬

‫زٌجعت‬ ‫طفل أول‬ ‫طفل ثعنً‬ ‫طفل ثعلث‬ ‫طفل رابع‬

‫واقعة سابقة بالضرورة‪ :‬نسبة من أنجبن‬


‫الطفل الرابع من بٌن من أنجبن ثالثا ًال‪.‬‬

‫الفوج (دفعة زواج)‪ :‬أفراد عاشوا واقعة ما‬


‫سابقة على الواقعة المدروسة فً وقت واحد‪.‬‬

‫الشكل (‪ :)4‬دراسة المواليد تبعااًل لمواقعة السابقة بالضرورة عمى الواقعة المدروسة – مراتب األمومة ( ‪ 4‬أطفال فما دون)‬

‫يتضمن قيماً عدديةً تبسيطية إليضاح الفكرة‪:‬‬


‫ّ‬ ‫باالستناد إلى فكرة المخطط التوضيحي السابق‪ّْ ،‬‬
‫سنقدم مثاالً‬
‫مدة زمنية تبمغ عشرة أعوام مثالً (دفعة زواج لمعام‬
‫دفعتي زواج في مجتمع واحد تفصميما ّ‬
‫لنفترض أننا نتناول بالدراسة َ‬
‫𝑥 تضم ‪ 5000‬من الزيجات‪ ،‬ودفعة زواج لمعام ‪ 𝑥 + 10‬تضم كذلك ‪ 5000‬من الزيجات)‪ ،‬وأننا نتتبع اإلنجاب‬
‫المشاىدة ألي شكل من أشكال انفصام‬
‫َ‬ ‫فييما حتى الطفل الرابع‪ ،‬ولنفترض كذلك أن زيجاتنا ىذه ليست عرضة في فترة‬
‫الرابطة‪ُ .‬ن ّْ‬
‫سجل القيم اآلتية لإلنجاب تبعاً لمراتب األمومة‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫‪Henry, 1984, p. 117.‬‬

‫‪104‬‬
‫مجمة جامعة تشرين ‪ ‬اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد (‪ )39‬العدد (‪Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2‬‬

‫دفعتي زواج (مثال افتراضي توضيحي)‬


‫الجدول (‪ :)1‬المواليد حسب مرتبة األمومة في َ‬
‫دفعة زواج العام ‪ 5000( 𝑥 + 10‬زيجة)‬ ‫دفعة زواج العام 𝑥 (‪ 5000‬زيجة)‬
‫النسبة حسب‬ ‫النسبة من بين‬ ‫قيم‬ ‫النسبة حسب‬ ‫النسبة من بين‬ ‫قيم‬ ‫مرتبة‬
‫مرتبة األمومة ‪‰‬‬ ‫مجموع الزيجات ‪‰‬‬ ‫مطمقة‬ ‫مرتبة األمومة ‪‰‬‬ ‫مجموع الزيجات ‪‰‬‬ ‫مطمقة‬ ‫الوالدة‬
‫‪980‬‬ ‫‪980‬‬ ‫‪4900‬‬ ‫‪980‬‬ ‫‪980‬‬ ‫‪4900‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪900‬‬ ‫‪882‬‬ ‫‪4410‬‬ ‫‪900‬‬ ‫‪882‬‬ ‫‪4410‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪100‬‬ ‫‪88.2‬‬ ‫‪441‬‬ ‫‪794‬‬ ‫‪700‬‬ ‫‪3500‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪1000‬‬ ‫‪88.2‬‬ ‫‪441‬‬ ‫‪571‬‬ ‫‪400‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪4‬‬

‫إذا ما اكتفينا أول األمر بحساب نسبة الزيجات التي انتيت إلى إنجاب طفل رابع (من بين مجموع الزيجات)‪،‬‬
‫سنحصل عمى ما قيمتو ‪ 400‬في األلف من بين زيجات العام 𝑥 وما نسبتو ‪ 88.2‬في األلف فقط من بين زيجات العام‬
‫‪ .𝑥 + 10‬ألول وىمة‪ ،‬سنق أر ىذه األرقام مستنتجين انخفاضاً كبي اًر في نسب األسر التي تنجب طفالً رابعاً‪ ،‬واذا ما‬
‫اكتفينا بياتين القيمتَين النيائيتين ( ‪ 400‬في األلف و ‪ 88.2‬في األلف) وبدأنا تحميالً اجتماعياً لمبيانات التي بين أيدينا‪،‬‬
‫شجع عمى إنجابو‪ ،‬أو‬ ‫تعد تُ ِ‬
‫نجب الطفل الرابع ألن السياسات السكانية لم تعد تُ ّْ‬ ‫سنقول مثالً إن دفعات الزواج األحدث لم ُ‬
‫مييأة لمساعدة األم عمى إنجاب أكثر من ثالثة أطفال‪ ،‬أو ألن أزمة السكن أدت إلى االستقرار‬
‫ألن القوانين باتت غير ّ‬
‫في بيوت أصغر مساحة وبات من الصعب استقبال أكثر من ثالثة أطفال فييا‪ ...‬إلى آخر ما ىنالك من تحميالت‪،‬‬
‫مؤسساتياً‬
‫ّ‬ ‫تختمف باختالف البنية المجتمعية والثقافية التي نتناوليا‪ ،‬وتدور في مجمميا حول أنو لم يعد لدينا متّسع (‬
‫ومجتمعياً وأسرّياً) لطفل رابع‪.‬‬
‫ّ‬
‫حد بعيد إذا ما تركنا المجال لتحميل ديموغرافي أكثر‬
‫ومتسرعة إلى ّ‬
‫ّْ‬ ‫لكن كل ىذه التفسيرات تصبح استباقية‬
‫تعمقاً ليسبق قراءة الرقم اإلحصائي النيائي‪ ،‬أي إذا ما تجاوزنا الشكل العمومي القائم عمى دراسة إنجاب المولود الرابع‬
‫ّ‬
‫في دفعة زواج‪ ،‬ورّكزنا اىتمامنا عمى دراسة إنجاب المولود الرابع في مجموعة من األفراد الذين عاشوا معاً الواقعة‬
‫السابقة بالضرورة عمى الواقعة المدروسة‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة إلى دراسة إنجاب الطفل الثالث لدى مجموع من أنجبن‬
‫لمقيمتين ( ‪ 400‬في األلف‬
‫سنتوصل إلى قراءة مغايرة َ‬
‫ّ‬ ‫الثاني‪ ،‬وانجاب الطفل الثاني لدى مجموع من أنجبن األول‪ ،‬فإننا‬
‫و‪ 88.2‬في األلف السابقَتين)‪.‬‬
‫إن الواقعة السابقة بالضرورة عمى واقعة إنجاب طفل رابع ىي إنجاب طفل ثالث‪ .‬وبالعودة إلى مثالنا السابق‬
‫المدروستَين‪ ،‬ما ىي نسبة الزيجات التي أنجبت طفالً رابعاً من بين الزيجات‬
‫َ‬ ‫فعتي الزواج‬
‫سيصبح سؤالنا كالتالي‪ :‬في ُد َ‬
‫التي كانت قد أنجبت الطفل الثالث‪ .‬تبمغ ىذه النسبة في مثالنا ‪ 571‬في األلف في دفعة الزواج 𝑥وتبمغ ‪ 1000‬في‬
‫األلف في دفعة الزواج ‪ .𝑥 + 10‬مما يعني أن الفارق في حصيمة إنجاب الطفل الرابع ضمن زيجات الدفعتَين لم يكن‬
‫اجع في إنجاب الطفل الرابع‪ ،‬ففي دفعة الزواج ‪ ،𝑥 + 10‬كل الزيجات التي أنجبت مولوداً ثالثاً أتبعتو‬
‫في الواقع نتاج تر ٍ‬
‫تتعد ىذه النسبة الـ ‪ 57‬في المئة في الدفعة الزواجية 𝑥)‪ .‬ما الذي حدث إذاً؟ وأين وقع التغيير؟ إن ما حدث‬
‫برابع (لم ّ‬
‫جداً في نسبة إنجاب الطفل الثالث مأخوذةً ضمن مجموع الزيجات وكذلك ضمن‬ ‫حاد ّ‬
‫في الواقع إنما ىو انخفاض ّ‬
‫مس إنجاب الطفل‬
‫تغير ّ‬
‫الصدد ىو ّ‬
‫سجل في ىذا ّ‬
‫الم ّ‬
‫وبناء عميو يصبح التغيُّر االجتماعي ُ‬
‫ً‬ ‫مجموع من أنجبوا طفالً ثانياً‪.‬‬
‫الثالث في الواقع – وليس الطفل الرابع مثمما استنتجنا في البدء‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫شريقي‬ ‫تراتبية الوقائع الديموغرافية وانعكاساتيا التحميمية‬

‫إن االكتفاء بالقيمة النيائية لنسب إنجاب الطفل الرابع ما كانت لتوصمنا وحدىا إلى استنتاجات دقيقة حول‬
‫ٍ‬
‫تحميل‬ ‫المتاح‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫معمق لمرقم اإلحصائي ُ‬ ‫افي ّ‬‫طبيعة التغيرات الحادثة في المجتمع‪ ،‬ومن ىنا يكون البدء بتحميل ديموغر ّ‬
‫خاصية التراتبية في الوقائع الديموغرافية ويموضع الواقعة المدروسة تبعاً لمواقعة السابقة بالضرورة‬
‫ّ‬ ‫يأخذ في االعتبار‬
‫عمييا؛ مفتاحاً لموصول إلى استنتاجات أكثر دقّة وموضوعية‪ .‬في مثالنا السابق‪ ،‬سيخبرنا التحميل الديموغرافي أن عدم‬
‫غيب إنجاب‬
‫إنجاب الطفل الرابع يرجع في الحقيقة إلى عدم إنجاب الطفل الثالث‪ .‬فتراجع إنجاب الطفل الثالث ىو الذي ّ‬
‫ٍ‬
‫بطفل رابع‪ .‬وىكذا فقد‬ ‫الطفل الرابع عن الحصيمة النيائية لإلنجاب‪ ،‬أما جميع الزيجات التي أنجبت الثالث فقد أتبعتو‬
‫التسرع القفز إلى نتيجة أن عدم إنجاب الطفل الرابع حدث لغياب ُمتّسع لو في المجتمع عمى اختالف مؤسساتو‬
‫ّ‬ ‫كان من‬
‫وبناه‪.‬‬
‫ُ‬
‫التوصل إلى تفسيرات‬
‫ّ‬ ‫االجتماعي بغرض‬
‫ّ‬ ‫ىذه المقاربة تندرج وال شك في مجال يجمع التحميمَين الديموغرافي و‬
‫مجزأة‬
‫مبني عمى مقاربات طوالنية تتناول الوقائع ّ‬
‫معمق ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫افي ّ‬ ‫اجتماعية مستندة ّأوالً وقبل ك ّل شيء إلى تحميل ديموغر ّ‬
‫ضمن األفواج‪ ،‬وتأخذ في االعتبار التقسيم التراتبي ٍّ‬
‫لكل منيا‪ .‬والواقع أن «ىذا التحميل االجتماعي باالعتماد عمى مقاربة‬
‫زمانياً‪ ،‬ويتّسم‬
‫ّ‬ ‫محدد‬
‫يستمد مصداقية كبيرة من حقيقة كون حياة الفرد مسألة تتّسم باالستم اررية‪ ،‬عبر منظور ّ‬
‫ّ‬ ‫األفواج إنما‬
‫يخياً»‪.35‬‬
‫بالتالي بكونو تأر ّ‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫بقي التحميل الديموغرافي‪ ،‬ولعقود طويمة‪ ،‬مستنداً إلى أسس التحميل المقطعي الذي يتناول الوقائع المدروسة‬
‫تقدم العمم‬
‫لكن ّ‬
‫فيتتبعيا عاماً بعد عام‪ ،‬من دون أن يأخذ في االعتبار عدم تجانس خصائص المجموعات التي تعيشيا‪ّ .‬‬
‫وتطور أدواتو التحميمية الخاصة‪ ،‬وكذلك إدراك الباحثين لمركزية عامل الزمن – ليس في ّْ‬
‫حد ذاتو كما كان شائعاً في‬
‫التحميل المقطعي‪ ،‬وانما في كونو أساس تقسيم المجموعات البشرية في أفواج وتتبعيا ضمن سياق تراتبية ما تعيشو من‬
‫وقائع – ما لبث أن فتح المجال أمام أشكال جديدة لمتحميل‪ ،‬في مقدمتيا التحميل الطوالني‪ .‬يقوم ىذا التحميل عمى‬
‫تجميع األفراد الذين عاشوا معاً واقعة سابقة مؤسّْسة‪ ،‬ويسمح بذلك بتتبعيم عبر الزمن‪ ،‬منطمقاً من مبدأ تراتبية ما‬
‫يعيشونو من وقائع‪ ،‬وجاىداً لتحقيق أكبر قدر ممكن من التجانس بين أفراد المجموعات المدروسة‪ .‬وكان ليذا الشكل من‬
‫قوي بين الدراسات‬
‫التحميل دور بارز في إيجاد محور جديد لمتحميل الديموغرافي من جية‪ ،‬وفي التأسيس الرتباط ّ‬
‫الديموغرافية واالجتماعية من جية أخرى‪.‬‬
‫أىميتو من كونو مصدر‬ ‫إن التأكيد عمى عامل الزمن وتراتبية الوقائع في مجال التحميل الديموغرافي ال يستمد ّ‬
‫نمطَي التحميل الديموغرافي (المقطعي والطوالني) فحسب‪ ،‬بل يتعداه ليمعب دو اًر بار اًز في الربط بين‬
‫تمييز أساسي بين َ‬
‫التحميمَين الديموغرافي واالجتماعي‪.‬‬
‫تتعدد الموضوعات التي ّْ‬
‫تشكل مجاالت بحث مشتركة بين الديموغرافيا وعمم االجتماع‪ ،‬ولقد ّبينا في ورقتنا‬ ‫ّ‬
‫البحثية ىذه أىمية عدم إغفال ىذه التشاركية عند إجراء التحميالت االجتماعية عمى اختالفيا‪ .‬فالتحميل الديموغرافي ىو‬
‫وحده القادر‪ ،‬في خطوة أولى وذات أسبقية‪ ،‬عمى تنظيم المجموعات االجتماعية المدروسة وفق أسس تجانس تقود إلى‬
‫تحميالت ديموغرافية أوالً‪ ،‬واجتماعية ثانياً ىي األقرب إلى الدقة والموضوعية‪ .‬ويمعب التحميل الديموغرافي الطوالني؛ بما‬
‫يتيحو من ضبط لتراتبية الوقائع زمنياً‪ ،‬وبما يسمح بو من تجميع للفراد المدروسين تبعاً لواقعة ما مؤسّْسة أوالً‪ ،‬ثم تبعاً‬

‫‪35‬‬
‫‪Mason, W.M.; Fienberg, S.E. (Ed.), p.31.‬‬

‫‪106‬‬
Tishreen University Journal. Arts and Humanities Series 2017 )2( ‫) العدد‬39( ‫ اآلداب والعموم اإلنسانية المجمد‬ ‫مجمة جامعة تشرين‬

‫لمواقعة السابقة بالضرورة عمى الواقعة المدروسة ثانياً؛ الدور األىم في وضع األساس األولي لفيم الظواىر‬
.‫ قبل االنتقال إلى االستنتاجات االجتماعية في شأنيا‬،‫االجتماعية في سياق مجموعات متجانسة‬-‫الديموغرافية‬
ٍ
‫بتحميل ديموغرافي‬ ‫إن إدراك عنصر التراتبية الذي يحكم زمنياً مسار الوقائع الديموغرافية ىو إذاً مفتاح البدء‬
‫ وىو بذلك يضع التحميل االجتماعي عمى طريق سميم لطرح‬،‫قادر عمى أن يوصمنا إلى تفسيرات ذات طابع سوسيولوجي‬
.ً‫تعمقا‬
ِّ ‫استنتاجاتو األكثر‬

:‫المراجع‬
،)2011 ( ‫المجموعة اإلحصائية السنوية‬ .‫ المكتب المركزي لإلحصاء‬،‫الجميورية العربية السورية‬ .1
:‫ عمى الرابط‬.2009 ‫وفقًا لممسح الصحي األسري‬
http://www.cbssyr.sy/yearbook/2011/Data-Chapter2/TAB-8-2-2011.htm
2. Blayo, Chantal. Une mesure indirecte de l'émigration et des retours au pays
d'origine. In: Les migrations internationales: problème de mesure, évolutions récentes et
efficacité des politiques. Séminaire des Calabre (8-10 Septembre 1986), nº3, AIDELF,
1988.
3. Blayo, Chantal. De l'application des principes de l'analyse démographique a
l'étude de l'évolution des familles, Population, nº1, 1990, 63-86.
4. Blayo, Chantal. La condition d'Homogénéité en analyse démographique et en
analyse statistique desbiographies. Population, nº6, 1995, 1501-1518.
5. Gutmann, Myron P (et al.). Navigating Time and Space in Population Studies.
International Studies in Population, IUSSP, Springer, 2011. Online:
<http://thebookmark.xyz/files/navigating-time-and-space-in-population-studies.pdf>
6. Henry, Louis. D'un problème fondamental de l'analyse démographique.
Population, 14ème année, nº1, 1959, 9-32.
7. Henry, Louis. Démographie: analyse et modèles, INED, 1984.
8. Multilingual Demographic Dictionary. IUSSP, United Nations – Department of
Economic and Social Affairs, Population Division. <http://ar-ii.demopaedia.org/wiki/10>
9. Mason, W.M.; Fienberg, S.E. (Ed.). Cohort Analysis in Social Research: Beyond
the Identification Problem. Springer-Verlag, 1985.
10. Pressat, Roland. L'analyse démographique. PUF, 1983.
11. Pressat, Roland. Dictionnaire de démographie. PUF,1979.
12. Rollet, Catherine. Introduction à la démographie. NATHAN Université,
1995.
13. Samuel, Olivia. Les démographes et le temps. Les temporalités dans les
sciences sociales, nº8, 2008. URL: <http://temporalites.revues.org/113>
14. Tapinos, George. Eléments de démographie: Analyse, déterminants socio-
économiques et histoire des populations. Armand Colin – collection (U), 1985.

107

You might also like