You are on page 1of 29

‫وزارة التع ـ ـ ـ ـ ـليم العـ ـ ـايل والب ـ ـ ـ ـحث العـ ـ ـ ـ ـلمي‬

‫جامعة حممد الشريف مسا عدية ‪ -‬سوق أهراس ‪-‬‬

‫كلّية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‬

‫قس ـ ــم العلوم االقتصادية‬

‫حبث مقدم يف مقياس منهجية البحث العلمي‬

‫ختصص اقتصاد وتسيري املؤسسات‬

‫موضوع البحث ‪:‬‬

‫مناهج البحث العلمي‬

‫أستاذ املقياس ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب‪:‬‬


‫لعكروت ايسر‬

‫السنة اجلامعية ‪2019/2020‬‬


‫مقدمة‬
‫يعترب البحث العلمي اهم ما مييز كافة بلدان العامل على اجملال الفكري والثقايف‪ ,‬فهو البوابة اليت من خالهلا‬
‫تستطيع الشعوب التقدم واالزدهار يف شىت اجملاالت‪ ,‬و للمنهجية السليمة جمال واسع يتضمن عدة فضاءات‬
‫معرفية يستطيع الباحث اتباعها ‪ ,‬للمناهج اليت ميكن اتباعها مكانة ايضا علمية مرموقة فهي تساهم يف بناء حبث‬
‫علمي متكامل و متناسق االجزاء ‪,‬وتوفر للباحث الطريقة املثلى للباحث ‪.‬‬

‫االشكالية الرئيسية ‪:‬‬


‫ما مناهج البحث العلمي ؟‬
‫اشكاليات فرعية‬
‫ماهو تعريف البحث العلمي ؟‬
‫ماهي مواصفات البحث العلمي اجليد ؟‬
‫ماهي اخلطوات اليت يتم اتباعها الجناز حبث علمي ؟‬
‫ماهو املنهج ؟‬
‫ما هو االستقراء ؟و ما انواعه ؟‬
‫ماهو االستنباط ؟ وما امثلته ؟‬
‫كيف نشأ منهج حتليل النظم ؟و ما تعريفه ؟وفيما يستخدم ؟‬
‫ما الذي ادى اىل بروز املنهج االجرائي؟ و ما تعريفه ؟ ومباذا ميتاز عن ابقي املناهج ؟ وماهي خطواته ؟‬
‫كيف قسم كل من هويتين و ماركيز و جود و سكاتس مناهج البحث العلمي ؟‬
‫فرضيات البحث‬
‫_البحث العلمي ماهو اال اداة جلمع املعلومات‬
‫_الميكننا اتباع املنهج الوصفي لوصف ظاهرة فقط‪ ,‬بل اتباعه لبلورهتا وتفسريها بشكل اكثر وضوحا‬
‫_املنهج االستقرائي هو انتقال الباجث من الكل اىل اجلزء‬
‫_املنهج االستداليل هو انتقال الباحث من اجلزأ اىل الكل‬
‫أهداف البحث‬
‫اعطاء املعلومات منسقة وخمتصرة حول البحث العلمي و مناهجه‬
‫وصف بشكل جميز البحث العلمي ومناهجه يف العلوم االقتصادية‬

‫‪2‬‬
‫امهية البحث‬
‫تعد مناهج البحث العلمي الوسيلة الوحيدة والطريقة املثلى لوضع جمموعة من املعلومات بشكل متناسق ومتكامل‬
‫احليثيات و اجلزئيات من كل اجلوانب‪ ,‬وهلا ايضا خاصية التطوير والتقدم فمن خالهلا متكن الباحث من التطور‬
‫واكتشاف احلقائق اجملهولة ‪.‬‬
‫دوافع اختيار البحث‬
‫_دافع موضوعي‬
‫حبث علمي مقدم لسلسة حماضرات منهجية البحث العلمي‬
‫دافع شخصي‬
‫التعمق يف الدراسة وزايدة املكتسبات العلمية‬
‫املناهج املتبعة‬
‫منهج االستقراء ‪ :‬فقد مت اتباع هذا املنهج مبالحظة اجلزئيات الصغرية للظاهرة مث التعميم ‪.‬‬
‫و يف هذا البحث اجلزئيات الصغرية هي‪:‬‬
‫_البحث العلمي و ميكن وضع البحث كجزأ و العلم كجزأ اخر‬
‫_ انواع املناهج املتبعة لكتابة حبث علمي‪ ,‬وهي منقسمة اىل عدة مناهج كاملنهج الوصفي و االستنباط واالستقراء‬
‫و التجريب وغريها ‪....‬‬
‫و الظاهرة املدروسةككل هي مناهج البحث العلمي‬
‫منهج االستنباط‪ :‬يف اسستنتاج النتائج ووضعها يف اخر البحث‬
‫منهج حتليل النظم ‪:‬يف وضع النظام للبحث العلمي مدخالته هي بياانت و معلومات مقتبسة من عدة كتب‪,‬‬
‫متت معاجلتها و اقتباسها من طريف اان ‪,‬و املخرجات حبث موضوعي متكامل و خمتصر‬

‫خمرجات البحث وهي معلومات عن‬ ‫مدخالت البحث‬


‫معاجلتها عن طريق املنهجية‬
‫مناهج البحث العلمي‬ ‫معلومات وبياانت‬
‫املنهجية‬

‫التغذية العكسية‬

‫نظام البحث العلمي‬

‫‪3‬‬
‫املنهج التارخيي‪:‬مت اتباع هذا املنهج يف التعرف على الظاهرة املبحوثة و على كيفية و مراحل و على الصعوابت اليت‬
‫واجهت االنسان لتوضيح سبل مواجتها‬
‫ويف هذا البحث مت اتباعه بوضع نشأة الظاهرة و اترخيها (نشأة البحث العلمي)‬
‫املناهج الوصفية‬
‫املنهج الوصفي‪ :‬يف وصف وتفسري الظاهرة ‪,‬و حملاولة معرفة ومجع املعلومات عن الظاهرة املدروسة‬
‫املنهج التطوري ‪:‬لفحص وحتليل مع تسلسل الظاهرة بداية من نشأهتا مث تغريها و منوها‬
‫أبسلوب تتبعي موضوعي و زمين يف ان واحد‬
‫متغريات البحث‬
‫البحث العلمي ‪,‬مناهج البحث العلمي يف العلوم االقتصادية‬

‫خطة البحث‬
‫مقدمة‬
‫املبحث االول ‪:‬البحث العلمي‬
‫املطلب االول ‪:‬تعريف اهداف البحث العلمي‬
‫املطلب الثاين ‪:‬انواع البحث العلمي‬
‫املطلب الثالث ‪:‬خصائص البحث العلمي‬
‫املبحث الثاين ‪:‬مناهج البحث العلمي‬
‫املطلب االول ‪ :‬املنهج وعلم املناهج‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬التصنيفات التقليدية ملناهج البحث العلمي‬
‫املطلب الثالث‪ :‬التصنيفات احلديثة ملناهج البحث‬
‫خامتة‬

‫‪4‬‬
‫املبحث االول ‪ :‬البحث العلمي‬
‫املطلب االول ‪:‬تعريف البحث العلمي‬
‫من خالل استعراض املراجع اليت تناولت البحث العلمي‪ ،‬جند أنه ليس هناك اتفاق على تعريف واحد له؛ فقد‬
‫عرفه البعض أبنه‪“ :‬عرض تفصيلي دقيق وعميق لظاهرة معينة‪ ،‬من أجل الكشف عن حقيقة أو مشكلة موجودة‬ ‫ّ‬
‫حل هذه املشكلة بطرق وأساليب علميّة‪ ،‬من خالل العديد من‬
‫وإضافة معلومات جديدة عليها‪ ،‬والعمل على ّ‬
‫الوسائل البحثية املتبعة يف ذلك”‪ .‬فيما ذهب فريق آخر إىل أن البحث العلمي هو‪“ :‬اكتشاف املعارف واحلقائق‬
‫وعرضها يف إطار ممنهج لتحقيق التطور والتقدم”‪ .‬ويعتقد آخرون أبن البحث العلمي هو‪“ :‬األسلوب املنظم يف‬
‫مجع وترتيب وتصنيف وحتليل البياانت‪ ،‬وف ًقا لقواعد حمددة اصطلح عليها اخلرباء”‪ .‬وأخ ًريا‪ ،‬ميكن تعريف البحث‬
‫العلمي أبنه “دراسة اإلشكاليات اليت تواجه البشر‪ ،‬والعمل على حلها أبسلوب علمي‪”.‬‬

‫املطلب الثاين ‪:‬أنواع البحث العلمي‬


‫هنالك العديد من أنواع البحث العلمي واليت ميكن تصنيفها إىل عدة فئات بناء على أسس خمتلفة‪.‬‬
‫‪. ١‬حسب الغرض أو الغاية‬
‫حبوث نظرية‬
‫يؤدي إىل إضافة مسامهة‬
‫يهدف هذا النوع للوصول إىل احلقائق والنظرايت العلمية اليت متّ التحقق من صحتها‪ ،‬مما ّ‬
‫علمية تعمل على تنمية املعرفة وتوضيح املفاهيم النظرية وجعلها أكثر مشولية واتساعاً‪ ،‬دون النظر إىل التطبيقات‬
‫العملية ذات العالقة مبوضوع معني‪ .‬وبعبارة أخرى هتدف البحوث النظرية إىل إضافة معلومات أو معارف جديدة‬
‫جملال معني‪ ،‬وال ختتربها من الناحية العملية‪.‬‬
‫حبوث تطبيقية‬
‫يهدف هذا النوع من البحوث إىل اختبار صحة بعض النظرايت أو الفرضيات عن طريق التطبيق املباشر للمعارف‬
‫العلمية املتوفرة والتثبت من صحتها على أرض الواقع‪ .‬وتعمل البحوث التطبيقية على البحث عن حلول جديدة‬
‫ملشكالت ميدانية واقعية‪ ،‬كما أهنا تعمل على إضافة أساليب جديدة للتعامل مع املشكالت احلالية‪ ،‬أو تطوير‬
‫األساليب واملمارسات املتبعة يف العديد من اجملاالت كالصحة والتعليم واإلنتاج والتسويق وغريها‪.‬‬
‫‪. ٢‬حسب املنهج املتبع‬
‫حبوث استكشافية)‪(Exploratory Research‬‬
‫وهي تعرب عن البحوث اليت هتدف إىل تكوين رؤية أولية حول مشكلة حمددة تواجه الباحث؛ حبيث ميكن حتديد‬
‫مدى احلاجة إىل حبوث إضافية‪ .‬وميكن القول إن اهلدف من البحث االستكشايف هو حتديد املشكلة وتكوين‬
‫الفروض‪ .‬وميثل البحث االستكشايف اخلطوة األوىل من خطوات البحث العلمي؛ إذ أن الباحث يسعى إىل حتديد‬

‫‪5‬‬
‫املشكلة حتديدا دقيقا عن طريق مجع البياانت ذات العالقة‪ .‬تتميز البحوث االستكشافية ابملرونة واالعتماد على‬
‫قدرة الباحث وخربته يف اكتشاف وتفسري العالقات بني املتغريات املتعلقة ابلظاهرة موضوع البحث‪ .‬ويف املقابل‪،‬‬
‫تعاين البحوث االستكشافية من عدم قدرهتا على إعطاء إجاابت حمددة عن األسئلة اليت تثور لدى الباحث‪،‬‬
‫ويعزى ذلك إىل صغر حجم العينات املدروسة؛ مما جيعل تعميم النتائج أمرا غري ممكن‪.‬‬
‫حبوث وصفية)‪(Descriptive Research‬‬
‫وهي تشري إىل تلك البحوث الرامية إىل مجع بياانت‪ ،‬ومن ممثَّ حتليلها بدقة وموضوعية حلل مشكلة حمددة‪ .‬وت َعد‬
‫البحوث الوصفية ذات فائدة كبرية لصنَّاع القرار‪ ،‬حينما يكون أمام عدد من البدائل‪ ،‬وهو حباجة إىل معلومات‬
‫تعينه يف تقييمها واختيار البديل األفضل‪.‬‬
‫وتتميز البحوث الوصفية عن البحوث االستكشافية أبهنا أكثر عمقا من حيث طريقة إعدادها وتصميم إجراءاهتا‪.‬‬
‫ومن انحية أخرى‪ ،‬ت ِّ‬
‫زود البحوث الوصفية صنَّاع القرار والباحثني برؤاي أعمق وأكثر وضوحاً من البحوث‬
‫االستكشافية؛ وذلك ألهنا توفر بياانت وصفية عن خصائص وهيكل جمتمع البحث‪.‬‬
‫وأتخذ البحوث الوصفية أحد شكلني رئيسني‪ :‬األول‪ ،‬دراسة احلاالت؛ اليت ترتكز على اختيار عدد حمدود من‬
‫عمقة‪ .‬أما الشكل الثاين‪ ،‬فهو يعتمد على الطرق‬ ‫ِّ‬
‫وم ّ‬
‫العينات املُممثّلة جملتمع البحث ودراستها بصورة شاملة ُ‬
‫واألساليب اإلحصائية؛ إذ خيتار الباحث عينة ممَثِّلة جملتمع البحث ويركز على دراسة عدد حمدود من املتغريات اليت‬
‫تؤثر على عدد كبري من املفردات‪ .‬ويتم االعتماد على املقاييس اإلحصائية مثل النسب املئوية واملتوسطات احلسابية‬
‫وغريها يف تفسري سلوك مفردات البحث‪.‬‬
‫حبوث جتريبية)‪(Experimental Research‬‬
‫وهي البحوث اليت تعتمد على إجراء التجارب العلمية‪ .‬وتعرب التجربة عن تدبري حم َكم يتدخل الابحث فيه – عن‬
‫قصد – يف الظروف احمليطة بظاهرة معينة‪ ،‬هبدف الوصول إىل نتائج تفسر العالقة بني املتغريات املؤثرة يف الظاهرة‬
‫موضوع البحث‪ .‬وتستَخدم البحوث التجريبية يف اختبار صحة الفروض ودراسة العالقات بني متغريات‪ ،‬بعضها‬
‫سبب (متغري مستقل) واآلخر نتيجة (متغري اتبع)‪ .‬ويتحكم الباحث يف املتغريات؛ حيث يثبِّتها مجيعها ابستثناء‬
‫واحد منها يف كل مرة‪ ،‬لكي يقيس أثره على سلوك الظاهرة حمل البحث‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬خصائص البحث العلمي‬


‫يتميز البحث العلمي مبجموعة من اخلصائص‪ ،‬واليت من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫املوضوعية ‪:‬ويُ م‬
‫قصد هبا البعد عن التحيز الشخصي أو التدخل يف النتائج وتفسريها حسب هوى الباحث أو ميوله‬
‫ومعتقداته الشخصية‪ .‬ولعل هذه اخلاصية هي األهم من بني خصائص البحث العلمي؛ إذ أهنا تعطيه متانة وقوة‬
‫وجتعله مفيدا للمعرفة اإلنسانية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫املنهجية ‪:‬جيب أن يتصف البحث العلمي ابملنهجية؛ واليت تشري إىل العمل املنظم بناء على أسلوب أو طريقة‬
‫علمية وخطوات مدروسة‪ ،‬وصوال إىل نتائج حمددة وعرضها بصورة تضمن حتقيق الغرض من البحث العلمي‪.‬‬
‫السببية ‪:‬ويعرب ذلك عن حتمية وجود علة أو تفسري علمي لسلوك ظاهرة معينة‪ ،‬حىت لو مل يكن ابإلمكان‬
‫إدراكها يف وقت من األوقات‪ ،‬وميكن الكشف عن تلك العلة من خالل إجراء حبث علمي‪.‬‬
‫ثبات النتائج ‪:‬ويعين ذلك أن البحث العلمي يتصف ابلقدرة على الوصول إىل نفس النتائج عند تكرار نفس‬
‫اإلجراءات‪ ،‬بغض النظر عن املكان والزمان‪.‬‬
‫الرتاكم املعريف ‪:‬ميكن تشبيه البحث العلمي بعملية البناء؛ حيث يضيف كل ابحث لبنة جديدة إىل الصرح‬
‫العلمي يف جمال معني‪ ،‬منطلقاً أو معتمداً على من سبقوه من الباحثني وحبيث يؤدي ذلك إىل تراكم املعرفة حول‬
‫جمال معني‪.‬‬
‫التفكري املُنظَّم ‪:‬ال ميكن اعتبار البحث علمياً إال إذا كان قائماً على التفكري املنظم يف الظاهرة حمل البحث‪.‬‬
‫وينطلق الباحث يف العادة من مؤهالته وخربته يف جمال البحث‪ ،‬مث يضع الفرضيات اليت يرى أهنا ميكن أن تكون‬
‫سبباً يف وجود مشكلة حمددة‪ ،‬مث يقوم جبمع البياانت وحتليلها وتفسريها‪ ،‬وخيترب صحة الفرضيات اليت وضعها يف‬
‫بداية البحث‪.‬‬
‫االعتماد على األدلة العلمية ‪:‬ال يعتمد البحث العلمي على الظن أو التكهن‪ ،‬بل على النتائج اليت يتوصل إليها‬
‫دعمة ابألرقام واإلحصاءات واألدلة‬
‫الباحث عن طريق مجع البياانت وحتليلها وتفسريها‪ ،‬مث تقدمي النتائج امل َّ‬
‫ُ‬
‫والقرائن‪.‬‬
‫الدقة ‪:‬البحث العلمي ليس جمرد تدوينة أو خاطرة حتتمل اخلطأ أو الصواب‪ ،‬ولذا فإن من أهم خصائصه توخي‬
‫الدقة يف حتليل البياانت وتفسريها ودعمها ابألدلة الواقعية املبنية على الدراسة والتفكري املنطقي‪ ،‬والبعيدة متاماً عن‬
‫احلدس أو الشك‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪https://educad.me/‬‬

‫‪7‬‬
‫املبحث الثاين ‪:‬مناهج البحث العلمي‬
‫املطلب االول ‪:‬املنهج وعلم املناهج‬
‫مفهوم املنهج يف اللغة‪:‬‬
‫املناهج مجع منهج‪ ،‬واملنهج (‪ )Methode‬يف اللغة يعين الطريق الواضح‪ ،‬وهنج الطريق‪ ،‬مبعىن أابنه وأوضحه‪ ،‬وهنجه‬
‫مبعىن سـلكه بوضوح واستبانة‪.‬‬
‫فاملنهج هو الطريق الواضح املستقيم والبني واملستمر‪ ،‬للوصول إىل الغرض املطلوب أو حتقيق اهلدف املنشود‪.‬‬
‫كما يعين كيفية أو طريقة فعل أو تعليم شيء معـني‪ ،‬وفقـا لـبعض املبادئ بصورة مرتبة ومنسقة ومنظمة‪.‬‬
‫مفهوم املنهج العلمي كمصطلح‪:‬‬
‫واملنهج مبعناه الفين العلمي واالصطالحي الدقيق يقصد به‪" :‬الطريق األقصر واألسلم للوصول إىل اهلدف‬
‫املنشود‪".‬كما عرف أنه‪ " :‬فن التنظيم الصحيح لسلسلة من األفكار العديدة‪ ،‬إمـا من أجل الكشف عن احلقيقة‬
‫حني نكون جاهلني هبا‪ ،‬إمـا مـن أجـل الربهنة عليها لآلخرين حني نكون عارفني هبا‪ ".‬أو أنه‪ " :‬الطريق املؤدي إىل‬
‫الكشف عن احلقيقة يف العلوم‪ ،‬بواسطة طائفة من القواعد العامة اليت هتيمن على سري العقل وحتدد عملياتـه‪،‬‬
‫حىت يصل إىل نتيجة معلومة‪ .".‬أو هو‪ " :‬جمموعة اإلجراءات الذهنية اليت يتمثلهـا الباحـث مقـدما لعميلة املعرفة‬
‫اليت سيقبل عليها‪ ،‬من أجل التوصل إىل حقيقة املـادة اليت يستهدفها‪ ".‬فاملنهج عملية فكرية منظمة‪ ،‬أو أسـلوب‬
‫أو طريـق مـنظم دقيـق وهادف‪ ،‬يسلكه الباحث املتميز ابملوهبة واملعرفـة والقـدرة علـى اإلبداع‪ ،‬مستهدفا إجياد حلول‬
‫ملشاكل أو ظاهرة حبثية معينة‪ .‬ويلتزم الباحث مبجموعة من القواعد والـضوابط الختـاذ القـرارات وإتباع اإلجراءات‬
‫املقيدة ملسريته البحثية‪ ،‬يف إطار املنهاج وإجـراء التجارب الضرورية الالزمة‪ ،‬مستعينا ابألدوات البحثية األكثر‬
‫مالئمة لبحثه‪ ،‬وإيضاح العالقات والعلل السببية يف إطار حتليل املـشاهدات واملالحظات‪ ،‬وإجراء املقارانت‬
‫املنطقية للوصول إىل نتائج واختبار مدى صحتها‪ ،‬مث بلورة هذه النتائج فـي إطـار التسلـسل والتـأطري النظري‬
‫املنسق‪ ،‬يف صورة قواعد مربهن على صـحتها‪ ،‬كحقـائق علمية تقود إىل حل الظاهرة حمل البحث‪ .‬واملنهج العلمي‬
‫‪1‬‬
‫وفق املفهوم السابق‪ ،‬يصح تطبيقه فـي كـل العلـوم الطبيعية واالجتماعية بكل تفريعاهتا‪.‬‬
‫النشأة والتطور‪:‬‬
‫حبث اإلنسان منذ بداية اخلليقة عن أسـاليب أو طـرق حيـل هبـا املعضالت اليت يواجهها‪ ،‬خاصة عن طريق املعـارف‬
‫واملـدركات العقلية‪ ،‬وبصفة أساسية العلم‪ ،‬وسجلت بعض األفكار املتنـاثرة مـن احلضارات القدمية كمالمح منهجية‪،‬‬
‫خاصـة مـا خلفتـه احلـضارة اليواننية من فكر فلسفي يف القرن الثالث ق م‪ ،‬ولكن مل ترتسخ هـذه األفكار وترتفع‬
‫إىل مستوى منهج علمي متميز‪ ،‬حىت جاءت احلضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬فأرست دعائم مناهج راسخة وحمددة فـي‬
‫شـىت املعارف اإلنسانية‪ ،‬وبرزت املنـاهج العلميـة فـي مئـات الكتـب منهجية البحث العلمى‬

‫‪ 1‬ماثيو جيدير ‪,‬ترمجة ملكة لبيض ‪,‬منهجية البحث ‪,‬دليل الباحث املبتدئ يف موضوعات البحث ورسائل املاجيسرت و الدكتوراة‪,‬ص‪71‬‬

‫‪8‬‬
‫واملخطوطات العربية‪ ،‬واليت عرفت أوج نشاطها بداية من منتـصف القرن السابع امليالدي حىت منتصف القرن‬
‫اخلامس عشر‪ .‬وجاءت النهضة األوربية احلديثة لتضيف إىل هذه الثروة املوجـودة الشيء اجلديد‪ ،‬فكان أول من‬
‫كتب عن املناهج العلميـة فـي أوربـا‬
‫املعاصرة ( فرنسيس بيكون ) سـنة ‪ ،1620‬حيـث كتـب " قواعـد املنهج"‪ ،‬تبعه الفيلسوف الفرنسي ( ديكارت )‬
‫سـنة ‪ ،1637‬وركـز كالمها على املنهج االستداليل‪ ،‬مث كتب ( جون لـوك ) كتابـه فـي املناهج سنة ‪ ،1690‬مث‬
‫‪1‬‬
‫توالت البحوث والكتب يف هذا امليدان‪.‬‬
‫علم املناهج ‪Méthodologie‬‬
‫عرف علم املناهج تطورا كبيـرا نتيجـة لتطـور أنـواع املنـاهج واستعماالهتا املتزايدة‪ ،‬وبتزايد حركة البحث العلمي وتنوع‬
‫جماالتـه‪ ،‬ازدادت أمهية هذا العلم‪ ،‬تعـددت املنـاهج وتنـوع االختـصاصات العلمية‪ ،‬بل إننا جند العلم الواحد يستعني‬
‫مبناهج خمتلفة حبـسب مـا يقتضيه موضوع البحث‪ .‬إن أول من استعمل كلمة "علم املناهج " أو " املنهجية " هو‬
‫الفيلسوف األملاين " كانط "‪ ،‬وذلك عندما قسم املنطق إىل قسمني‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مذهب املبادئ‪ ،‬وهو الـذي يبحـث فـي الـشروط والطـرق الصحيحة للحصول على املعرفة‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬علم املناهج الذي يهتم بتحديد الشكل العام لكل علـم وبتحديـد‬
‫الطريقة اليت يتشكل هبا أي علم من العلوم‪.‬‬
‫فعلم املناهج هو الذي يبحث يف مناهج البحث العلمي والطرق العلمية اليت يكتشفها ويستخدمها العلماء‬
‫والباحثون من أجل الوصـول إلـى احلقيقة‪ .‬فإذا كانت مناهج البحث العلمي هي الطـرق املؤديـة إلـى معرفـة‬
‫احلقائق والكشف عنها يف خمتلف العلوم ـ وذلك بواسطة جمموعـة‬
‫من القواعد والقوانني العامة اليت تنظم سري العقل حىت يـصل إلـى نتائج معلومة ـ‪ ،‬فإن علم املناهج هو العلم‬
‫‪2‬‬
‫الباحث والـدارس هلـذه املناهج العلمية‬
‫نشأة علم املناهج‬
‫نشأ علم املناهج وازدهر بعد عصر النهضة يف أوراب‪ ،‬وحتديدا فـي القرن السابع عشر امليالدي‪ ،‬على يد مجاعـة‬
‫كبيـرة مـن العلمـاء والفالسفة أمثال‪:‬‬
‫فرنسيس بيكون ( ‪ 1561‬ـ ‪ ،) 1626‬وهو أول مفكري عصر النهضة الـذين أكدوا أمهية استخدام املنهج‬
‫االستقرائي بغية الوصول إىل القوانني‪.‬‬
‫رينيه ديكارت ( ‪ 1596‬ـ ‪) 1650‬‬
‫ووضع قواعد املنهج االستداليل‪ ،‬فالنتائج تستنبط من مقـدمات واضحة متاما للعقل‪ ،‬مما جيعله على يقني أهنا‬
‫تـصلح أساسـا لكـلمعرفة انجتة عنها‪ ،‬وقد تضمن كتابه " مقال يف املنهج " إسهاماته يف هذا اجملال‪.‬‬

‫‪ 1‬ماثيو جيدير ‪,‬ص ‪74 ,73‬‬


‫‪ 2‬ماثيو جيدير‪,‬ص ‪77,78‬‬

‫‪9‬‬
‫اميانويل كانط ( ‪ 1724‬ـ ‪ ،) 1804‬فيختـه ( ‪ 1762‬ـ ‪،) 1814‬‬
‫وليم جيمس ( ‪ 1842‬ـ ‪ ....) 1910‬وغريهم من العلماء والفالسفة‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪:‬التصنيفات التقليدية ملناهج البحث العلمي‬
‫‪ 1‬ـ املنهج التحليلي واملنهج الرتكييب‪:‬‬
‫املنهج التحليلي االكتشايف أو منهج االخرتاع‪ ،‬وهو يستهدف الكـشفعن احلقيقة‪ ،‬أما املنهج الرتكييب أو التأليفي‬
‫فهو يـستهدف تركيـب وأتليف احلقائق اليت مت اكتشافها عن طريق املـنهج التحليلـي‪ .‬وذلك هبدف تعميمها‬
‫ونشرها لآلخرين‪.‬‬
‫ويعاب على هذا التقسيم أنه انقص‪ ،‬ألنه يتحدث عن األفكار فقط‪ ،‬واليشمل القوانني والظواهر‪ ،‬كما أنه ال‬
‫يصح لكافة فروع املعرفة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ املنهج التلقائي واملنهج العقلي‪:‬‬
‫املنهج التلقائي هو الذي يسري فيه العقل سريا طبيعيا حنو املعرفـة أو احلقيقة‪ ،‬دون حتديد سابق ألساليب وأصول‬
‫وقواعد منظمة ومقصودة‪،‬‬
‫أما املنهج العقلي التأملي فهو ذلك املنهج الذي يسري فيه العقـل فـي منهجية البحث العلمى نطاق أصول وقواعد‬
‫منظمة ومرتبة ومقصودة‪ ،‬من أجـل اكتـشاف احلقيقة أو احلصول على املعرفة‪.‬‬
‫وانتقد هذا التقسيم الكالسيكي من حيث أته يتحدث عن طرق ووسـائل احلصول على املعرفة‪ ،‬وليس على مناهج‬
‫‪1‬‬
‫البحث العلمـي‪ ،‬كمنـاهج علمية هلا أصوهلا وقوانينها‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪:‬التصنيفات احلديثة ملناهج البحث‬
‫توجد عدة تصنيفات حديثة ألنواع املناهج العلمية‪ ،‬لعل من أشهرها‪:‬‬

‫وميكن تصنيفها كالتايل ‪:‬‬

‫املنهج االستداليل‬

‫يعرف االستدالل أبنه‪ " :‬هو الربهان الذي يبدأ من قضااي مسلم هبا‪ ،‬ويسري إىل قضااي أخرى تنتج عنها ابلضرورة‪,‬‬
‫ودون االلتجاء إىل التجربة‪ ,‬وهذا السري يكون بواسطة القول أو احلساب‪ ".‬وذلك مثل العمليات احلسابية اليت‬
‫يقوم هبا الرايضي دون إجراء جتارب‪ ,‬واالستدالالت اليت يستعملها القاضي اعتمادا على ما لديه من قضااي‬
‫ومبادئ قانونية‪.‬‬

‫واالستدالل قد يكون عملية عقلية منطقية أولية‪ ,‬وهو كل برهان دقيق مثل احلساب والقياس‪.‬‬

‫‪ 1‬ماثيو جيدير ‪,‬ص ‪74,75‬‬

‫‪10‬‬
‫وقد يكون عبارة عن عملية سلوكية منهجية لتحصيل احلقيقة‪ ,‬وهو السلوك العام املستخدم يف العلوم والرايضة وهو‬
‫التسلسل املنطقي املنتقل من مبادئ وقضااي أولية إىل قضااي أخرى تستخلص وتستنج منها ابلضرورة‪ ,‬دون‬
‫استعمال التجربة‪ ,‬عكس املنهج التجرييب أو االستقرائي القائم على أساس التجربة‪.‬‬

‫مبادئ االستدالل‪:‬‬

‫يتكون النظام االستداليل من املبادئ والنظرايت‪ ,‬وذلك أن النظام االستداليل يشتمل على ميكانيزم يتسلسل من‬
‫قضااي ومبادئ يستنتج منها مبادئ وقضااي مستنتجة كنتائج للعملية االستداللية األوىل‪ ,‬مث تصبح هذه بدورها‬
‫مبادئ وقضااي أولية ابلنسبة للنتائج األخرى‪ ...‬وهكذا إىل النهاية‪.‬‬

‫والنتائج املستخرجة من القضااي واملبادئ تسمى " النظرايت " ولذا كان االستدالل يف صورة نظام متكون من‬
‫ميكانيزم‪ :‬املبادئ والنظرايت‪.‬‬

‫ـ مبادئ االستدالل هي‪ :‬جمموع القضااي والتصورات األولية غري املستخرجة من غريها يف نظام استداليل معني‪.‬‬
‫وقد قسم رجال املنطق القدماء مبادئ االستدالل إىل‪ :‬البديهيات ـ املصادرات ـ التعريفات‪.‬‬

‫أ ـ البديهيات‪:‬‬

‫البديهية هي قضية بينة بنفسها‪ ,‬وليس من املمكن الربهنة عليها‪ ,‬فهي صادقة بال برهان‪ .‬وتتميز بثالثة خصائص‪:‬‬

‫ـ أهنا بينة نفسية‪ :‬حيث تتبني للنفس تلقائيا وبدون واسطة برهان‪.‬‬

‫ـ أهنا أولية منطقية‪ :‬أي أهنا مبدأ أوليا غري مستخلص من غريه من املبادئ والقضااي األخرى‪.‬‬

‫ـ أهنا قاعدة صورية عامة‪ :‬أو قضية مشرتكة ألنه مسلم هبا من كافة العقول على السواء‪ ,‬وألهنا شاملة ألكثر من‬
‫علم واحد‪.‬‬

‫ب ـ املصادرات‪:‬‬

‫املصادرات قضااي تركيبية‪ ,‬أقل يقينية من البديهيات‪ ,‬فهي ليست بينة وغري عامة ومشرتكة‪ ,‬ولكن يصادر على‬
‫صحتها ويسلم هبا تسليما‪ ,‬ابلرغم من عدم بياهنا بوضوح للعقل‪ ,‬ولكن نظرا لفائدهتا املتمثلة يف إمكانية استنتاج‬
‫منها العديد من النتائج دون الوقوع يف تناقض‪.‬‬

‫وصحة املصادرات تظهر من نتائجها املتعددة وغري املتناقضة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وتوجد املصادرات يف الرايضيات والعلوم الطبيعية ويف العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ,‬مثل املصادرة القائلة‪ :‬أن‬
‫اإلنسان يفعل أوال طبقا ملا يراه أنفع‪ ,‬واملصادرة األخالقية القائلة‪ :‬أن كل إنسان يطلب السعادة‪.‬‬

‫ج ـ التعريفات‪:‬‬

‫التعريفات هي قضااي وتصورات جزئية وخاصة بكل علم‪ ,‬والتعريف هو التعبري عن ماهية املعرف عنه وحده‪ ,‬وعنه‬
‫كله‪ ,‬أي تعريفا جامعا مانعا‪ ,‬ويرتكب التعريف من شيئني مها‪:‬‬

‫املعرف به وهو الشيء املراد تعريفه‪ ,‬واملعرف وهو القول الذي حيدد خواص وعناصر الشيء املعرف‪.‬‬

‫والتعريف قد يكون تعريفا رايضيا‪ ,‬أي تعريفا اثبتا وقبليا وضروراي هنائيا وكليا‪ ,‬ألنه من عمل العقل الثابت يف‬
‫جوهره‪.‬‬

‫وقد يكون التعريف تعريفا جتريبيا‪ ,‬كما هو احلال يف العلوم الطبيعية واإلنسانية واالجتماعية والقانونية‪ ,‬حيث يكون‬
‫التعريف تعريفا متحركا ومتطورا ومتدرج يف تكوينه‪ ,‬حيث يتكون شيئا فشيئا يف ميدان التجربة‪ ,‬حيث تضيف إليه‬
‫التجارب امليدانية عناصر وخواص جديدة ومتحركة ومتغرية‪.‬‬

‫هذه مبادئ االستدالل الثالثة‪ ,‬وقد ثبت لرجال املنطق والفلسفة وعلم املنهجية على اخلصوص‪ ,‬أن هذه املبادئ‬
‫الثالثة متداخلة يف ما بينها‪ ,‬ومتعاونة ومتكاملة يف حتقيق العملية االستداللية من أجل استخراج النتائج والنظرايت‬
‫والربهنة على صحتها‪.‬‬

‫أدوات االستدالل‪:‬‬

‫أ ـ القياس‪:‬‬

‫وهو عملية أو قضية عقلية منطقية‪ ،‬تنطلق من مقدمات مسلم هبا‪ ,‬أو مسلمات إىل نتائج افرتاضية غري مضمون‬
‫صحتها‪ .‬فالقياس هو حتصيل حاصل مستمر‪ ,‬عكس الربهان الرايضي الذي أييت دائما حبقيقة جديدة‪ ,‬مل تكن‬
‫موجودة يف املبادئ األولية ال ضمنيا وال صراحة‪ ,‬فالربهان الرايضي عكس القياس مبدع وخالق للجديد األصيل‪.‬‬

‫ب ـ التجريب العقلي‪:‬‬

‫التجريب العقلي خيتلف اختالفا جذراي واتما عن املنهج التجرييب‪ ,‬والتجريب العقلي هو يف معناه الواسع والعام‪:‬‬
‫قيام اإلنسان يف داخل عقله بكل الفروض والتحقيقات اليت يعجز عن القيام هبا يف اخلارج‪ ,‬وقد يكون التجريب‬

‫‪12‬‬
‫العقلي جتريبيا عقليا خياليا‪ ,‬كما هو يف حاالت مجوع العباقرة والفنانني والشعراء‪ ,‬وهذا النوع من التجريب العقلي‬
‫ليست له قيمة علمية‪ ,‬ولكن له قيم فنية مجالية خالقة‪.‬‬

‫وقد يكون التجريب العقلي جتريبا عقليا علميا‪ ,‬ألنه يقوم على وقائع جيرب عليها اإلنسان األوضاع والفروض‬
‫العقلية الداخلية العديدة‪ ,‬الستخالص النتائج اليت تؤدي إليها هذه الفروض داخل الذهن اإلنساين‪.‬‬

‫ج ـ الرتكيب‪:‬‬

‫الرتكيب هو عملية عقلية عكسية‪ ,‬تبدأ من القضية الصحيحة املعلومة الصحة‪ ,‬إىل استخراج كل النتائج ومعرفة‬
‫كل هذه النتائج املراد استخالصها من هذه القضية الصحيحة واملعلومة‪.‬‬

‫املنهج التجرييب‬

‫يعد املنهج التجرييب من أقرب املناهج إىل الطريقة العلمية الصحيحة واملوضوعية واليقينية يف البحث عن احلقيقة‬
‫واكتشافها وتفسريها والتنبؤ هبا والتحكم فيها‪.‬‬

‫ـ معىن املنهج التجرييب‪:‬‬

‫هناك عدة حماوالت لتحديد ماهية ومعىن املنهج التجرييب‪ ,‬منها اليت تسعى إىل تعريف املنهج التجرييب أبنه‪" :‬‬
‫املنهج املستخدم حني نبدأ من وقائع خارجة عن العقل‪ ,‬سواء أكانت خارجة عن النفس إطالقا‪ ,‬أو ابطنة فيها‬
‫كذلك كما يف حالة االستبطان‪ ,‬لكي نصف هذه الظاهرة اخلارجة عن العقل ونفسرها‪ .‬ولتفسريها هنيب دائما‬
‫ابلتجربة‪ ,‬وال نعتمد على مبادئ الفكر وقواعد املنطق وحدها‪".‬‬

‫كما حاول البحث أن حيدد معناه من خالل حتديد معىن التجربة أو التجريب‪ ,‬اليت هي إحدى مراحل وعناصر‬
‫املنهج التجرييب‪ ,‬ومنها‪:‬‬

‫" إن التجريب ما هو إال مالحظة حتت ظروف حمكومة عن طريق اختيار بعض احلاالت أو عن طريق تطويع‬
‫بعض العوامل‪".‬‬

‫ومنها‪ " :‬التجربة ‪ ...‬هي مالحظة مقصودة حتت ظروف حمكومة‪ ,‬يقوم هبا الباحث الختبار الفرض للحصول‬
‫على العالقات السببية‪".‬‬

‫‪13‬‬
‫فمضمون املنهج التجرييب‪ ,‬يتمثل يف االعتماد على املالحظة والتجربة‪ ,‬وهو لذلك استقرائي اختباري مع تدخل‬
‫العقل بسلسلة من عملية االستنباط املنطقي تنتهي ابالرتقاء بنتائج عدد حمدد من احلاالت إىل قانون مفسر لشىت‬
‫حاالت الواقع‪ ,‬وذلك إىل ما الهناية‪.‬‬

‫يتكون املنهج التجرييب من عناصر ومراحل‪:‬‬

‫ـ املشاهدة أو املالحظة العلمية ـ الفروض ـ التجربة‪.‬‬

‫وخيتلف املنهج التجرييب عن بقية املناهج العلمية األخرى‪ ,‬خاصة املنهج االستداليل‪ ,‬من حيث كون املنهج‬
‫التجرييب سلوك علمي وموضوعي وعملي خارجي‪.‬‬

‫واملنهج التجرييب موضوعه الظواهر والوقائع اخلارجية‪ ,‬بينما موضوع املنهج االستداليل هو املخلوقات العقلية‬
‫الداخلية‪.‬‬

‫مقومات وعناصر املنهج التجرييب‪:‬‬

‫يتألف املنهج التجرييب من ثالثة مقومات وعناصر أساسية هي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ املالحظـة‪:‬‬

‫وهي اخلطوة األوىل يف البحث العلمي وهي من أهم عناصر البحث التجرييب‪ ,‬وأكثرها أمهية وحيوية‪ ,‬ألهنا احملرك‬
‫األساسي لبقية عناصر املنهج التجرييب‪ ,‬حيث أن املالحظة هي اليت تقود إىل وضع الفرضيات وحتمية إجراء‬
‫عملية التجريب على الفرضيات‪ ,‬الستخراج القوانني والنظرايت العلمية اليت تفسر الظواهر والوقائع‪.‬‬

‫واملالحظة أو املشاهدة يف معناها العام والواسع‪ :‬هي االنتباه العفوي إىل حادثة أو واقعة أو ظاهرة أو أمر ما‪ ,‬دون‬
‫قصد أو سابق إصرار وتعمد‪.‬‬

‫أما املالحظة العلمية فهي‪ :‬املشاهدة احلسية املقصودة واملنظمة والدقيقة للحوادث واألمور والظواهر‪ ,‬بغية اكتشاف‬
‫أسباهبا وقوانينها ونظرايهتا‪ ,‬عن طريق القيام بعملية النظر يف هذه األشياء واألمور والوقائع‪ ,‬وتعريفها وتوصيفها‬
‫وتصنيفها يف أسر وفصائل‪ ,‬وذلك قبل حتريك عملييت وضع الفرضيات والتجريب ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫شروط املالحظة العلمية‪:‬‬

‫ـ جيب أن تكون املالحظة كاملة‪ ,‬فيجب أن يالحظ الباحث كافة العوامل واألسباب والوقائع والظواهر واألشياء‬
‫املؤثرة يف وجود الظاهرة‪ ,‬أو املتصلة هبا‪ .‬وأن إغفال أي عامل من العوامل له صلة ابلواقعة أو الظاهرة‪ ,‬يؤدي إىل‬
‫عدم املعرفة الكاملة والشاملة للظاهرة‪ ,‬ويؤدي إىل وقوع أخطاء يف بقية مراحل املنهج التجرييب‪.‬‬

‫ـ جيب أن تكون املالحظة العلمية نزيهة وموضوعية وجمردة‪ ,‬أي جيب أال تتأثر أبشياء وأحاسيس وفرضيات سابقة‬
‫على عملية املالحظة‪.‬‬

‫ـ جيب أن تكون منظمة ومضبوطة ودقيقة‪ ,‬أي جيب على العامل الباحث أن يستخدم الذكاء والدقة العلمية‪ ,‬وأن‬
‫يستعمل وسائل القياس والتسجيل والوزن واملالحظة العلمية التكنولوجية يف مالحظته‪.‬‬

‫ـ جيب أن يكون العامل الباحث مؤهال وقادرا على املالحظة‪ ,‬أن يكون ذكيا متخصصا‪ ,‬عاملا يف ميدانه‪ ,‬سليم‬
‫احلواس‪ ,‬هادئ الطبع سليم األعصاب‪ ,‬مراتح النفس قادرا على الرتكيز واالنتباه‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الفرضيات العلمية‪Hypotheses:‬‬

‫تعترب الفرضية العنصر الثاين والالحق لعنصر املالحظة العلمية يف املنهج التجرييب‪ ,‬وهي عنصر حتليل‪.‬‬

‫والفرضية يف اللغة تعين التخمني أو االستنتاج‪ ,‬أو افرتاض ذكي يف إمكانية حتقق واقعة أو شيء ما أو عدم حتققه‬
‫وصحته‪.‬‬

‫أما مفهومها يف االصطالح فهو‪ " :‬تفسري مؤقت لوقائع وظواهر معينة‪ ,‬ال يزال مبعزل عن امتحان الوقائع‪ ,‬حىت‬
‫إذا ما امتحن يف الوقائع‪ ,‬أصبحت بعد ذلك فرضيات زائفة جيب العدول عنها إىل غريها من الفرضيات األخرى‪,‬‬
‫أو صارت قانوان يفسر جمرى الظواهر‪".‬‬

‫أو أن الفرضية هي‪ " :‬ختمني ذكي أو استنتاج ذكي‪ ,‬يصوغه الباحث ويتبناه مؤقتا‪ ,‬لشرح بعض ما يالحظه من‬
‫الظواهر احلقائق‪ ,‬وليكون هذا الفرض كمرشد له يف البحث والدراسة اليت يقوم هبا‪".‬‬

‫وتتميز الفرضية بذلك عن غريها من املصطلحات العلمية األخرى مثل‪ :‬النظرية‪ ,‬القانون‪ ,‬املفهوم‪ ,‬اإليديولوجية‪.‬‬

‫ـ ونستطيع تعريف النظرية أبهنا‪ :‬كل جمموعة من فروض منسجمة فيما بينها‪ ,‬ثبتت صحتها عن طريق التدليل‬
‫العقلي فهي لذلك" نظرية فلسفية "‪ ,‬أو عن طريق التجريب فهي" نظرية علمية "‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫فتختلف بذلك الفرضية عن النظرية‪ ,‬يف الدرجة وليس يف النوع‪.‬‬

‫الفرضية تفسري وختمني مؤقت وغري هنائي‪.‬‬

‫والنظرية تفسري وتفسري اثبت وهنائي نسبيا‪.‬‬

‫وأصل النظرية أهنا فرضية أجريت عليها اختبارات وجتارب فأصبحت نظرية‪.‬‬

‫ـ أما القانون فهو النظام أو العالقة الثابتة وغري املتحولة بني ظاهرتني أو أكثر‪.‬‬

‫ـ أما املفهوم فهو‪ :‬جمموعة من الرموز والدالالت اليت يستعني هبا الفرد لتوصيل ما يريده من معاين إىل غريه من‬
‫الناس‪ ,‬ويشرتط يف املفهوم ربطه ابلتعريفات األخرى املتصلة به‪ ,‬كما يشرتط فيه الدقة والوضوح والعمومية‪.‬‬

‫أو نستطيع القول أنه‪ :‬التمثل العقلي لطائفة من احملسوسات من ثنااي خواصها الرئيسة املشرتكة‪ ,‬فنقول " إنسان"‬
‫مثال ونعين به كمفهوم التعبري العام املطلق عن كل حاالت أو أفراد احليوان املفكر الناطق‪ ,‬فهو انتقال من احملسوس‬
‫إىل التجريد‪.‬‬

‫أما اإليديولوجية‪ :‬يف جمموعة النظرايت والقيم واملفاهيم الدينية واالجتماعية واالقتصادية والقانونية العامة املتناسقة‪,‬‬
‫املرتابطة‪ ,‬املتكاملة واملتداخلة يف تركيب وتكوين كيان عقائدي كلي وعام‪ .‬وتستند إىل أسس ومفاهيم السمو‬
‫والقداسة يف سيادهتا على اجملتمع‪.‬‬

‫قيمة الفرضية وأمهيتها العلمية‪:‬‬

‫تؤدي الفرضيات دورا هاما وحيواي يف استخراج النظرايت والقوانني والتفسريات العلمية للظواهر‪ ,‬وهي تنبئ عن‬
‫عقل خالق وخيال مبدع وبعد نظر‪ .‬كما تظهر أمهيتها أيضا يف تسلسل وربط عملية سري املنهج التجرييب من‬
‫مرحلة املالحظة العلمية‪ ,‬إىل مرحلة التجريب واستخراج القوانني‪ ,‬واستنباط النظرايت العلمية‪.‬‬

‫وقيمة الفرضيات مل يعرتف هبا إال يف بداية القرن التاسع عشر‪ ,‬حيث عارض العلماء قبل ذلك وضع الفرضيات‬
‫وحذروا منها‪ ,‬وهو ما فعله كل من كلود برانرد وبيكون‪.‬‬

‫شروط صحة الفرضيات العلمية‪:‬‬

‫ـ جيب أن تبدأ الفرضيات من مالحظات علمية‪ ,‬أي تبدأ من وقائع حمسوسة مشاهدة‪ ,‬وليس من أتثري اخليال‬
‫اجلامح‪ ,‬وهذا حىت تكون الفرضيات أكثر واقعية‪,‬‬

‫‪16‬‬
‫ـ جيب أن تكون الفرضيات قابلة للتجريب واالختبار والتحقق‪.‬‬

‫ـ جيب أن تكون خالية من التناقض للوقائع والظواهر املعروفة‪.‬‬

‫ـ جيب أن تكون شاملة ومرتابطة‪ ,‬أي جيب أن تكون معتمدة على كل اجلزئيات واخلصوصيات املتوفرة‪ ,‬وعلى‬
‫التناسق مع النظرايت السابقة‪.‬‬

‫ـ جيب أن تكون الفرضيات متعددة ومتنوعة للواقعة الواحدة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ عملية التجريب‪:‬‬

‫بعد عملية إنشاء الفرضيات العلمية‪ ,‬أتيت عملية التجريب على الفرضيات‪ ,‬إلثبات مدى سالمتها وصحتها‪ ,‬عن‬
‫طريق استبعاد الفرضيات اليت يثبت يقينا عدم صحتها وعدم صالحيتها لتفسري الظواهر والوقائع علميا‪ ,‬واثبات‬
‫صحة الفرضيات العلمية بواسطة إجراء عملية التجريب يف أحوال وظروف وأوضاع متغايرة وخمتلفة‪ ,‬واإلطالة‬
‫والتنوع يف التجريب على ذات الفرضيات‪.‬‬

‫وإذا ما ثبتت صحة الفرضيات علميا ويقينيا‪ ,‬تتحول إىل قواعد اثبتة وعامة‪ ,‬ونظرايت علمية تكشف وتفسر‬
‫وتتنبأ ابلوقائع والظواهر‪.‬‬

‫املنهج الدايلكتيكي‪:‬‬

‫يقوم املنهج الدايليكتيكي على أساس احلقيقة القائلة‪ " :‬أن كل األشياء والظواهر والعمليات واحلقائق الطبيعية‬
‫واإلنسانية واالقتصادية والسياسية يف العامل هي دائما يف حاالت ترابط وتشابك وتداخل مستمر‪ ,‬وهي دائما يف‬
‫حاالت تناقض وصراع وتفاعل داخلي قوي حمرك ودافع وابعث على احلركة والتغري والتطور واالرتقاء والتقدم من‬
‫شكل إىل شكل‪ ,‬ومن حالة إىل حالة‪ ,‬ومن صورة إىل صورة جديدة أخرى‪ ...‬وهكذا‪ .‬ونتيجة للتناقض والتضاد‬
‫والصراع الداخلي بني عناصر األشياء الداخلية‪ ,‬توجد الظواهر واحلقائق‪.‬‬

‫وحيتوي املنهج الدايلكتيكي على العديد من القوانني والقواعد واملفاهيم العلمية املرتابطة واملتكاملة يف بناء هيكل‬
‫الدايليكتيك كمنهج حبث علمي‪ .‬ومن أهم قوانني املنهج‪:‬‬

‫قانون التغري والتحول‪ ,‬والتغريات الكمية إىل تغريات نوعية يف طبيعة الشيء أو احلقيقة أو الظاهرة‪ ,‬وقانون وحدة‬
‫وصراع املتناقضات واألضداد‪ ,‬وقانون نفي النفي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫هذه القوانني الثالثة اليت تعد أبرز وأهم قوانني الدايلكتيك‪.‬‬

‫نشأته‪:‬‬

‫يعترب منهج الدايلكتيك منهجا قدميا يف فلسفته وأساسه وفرضياته‪ ,‬وحديثا يف اكتمال وإمتام صياغته وبنائه‪ ,‬فلقد‬
‫ظهرت نظرية الدايلكتيك قدميا عند اإلغريق على يد الفيلسوف اليوانين هريقليدس (‪ 470 / 530‬ق م ) الذي‬
‫صاغ أساس نظرية الدايلكتيك عندما اكتشف وأعلن أن كل شيء يتحرك‪ ,‬كل شيء يتغري‪ ,‬كل شيء جيري‪ .‬ودلل‬
‫على قوله هذا مبثال من الطبيعة بقوله أنين عندما أدخل مرة اثنية للنهر وأضع قدمي يف نفس املوضع األول‪,‬‬
‫سأتلمس ماء جديدا ومغايرا للماء الذي تلمسته يف املرة السابقة‪ ,‬ألن التيار قد جرفه وأبعده إىل األمام‪.‬‬

‫ولقد تطورت الدايلكتيك تطورا جديدا على يـد الفيلسوف " هيجل " الذي بلور وجسد هذه النظرية وصاغها‬
‫صياغة علمية شاملة وكاملة واضحة وواعية‪ ,‬كمنهج علمي لدراسة وحتليل األشياء واحلقائق والظواهر‪ ,‬حيث أن‬
‫هيجل هو الذي اكتشف أهم القوانني والقواعد األساسية اليت يتضمنها املنهج الدايلكتيك‪ .‬فقد أكد هيجل‬
‫حقيقة أن كل األشياء والظواهر والعمليات هي يف حالة تغري وحركة وتطور ارتقائي مستمر ومتدرج‪ ,‬وأن املنهج‬
‫العلمي الصحيح لدراسة وتفسري الظواهر واألشياء هو الدايلكتيك‪ ,‬الذي يعد قانون تفسري التطور‪.‬‬

‫أهم قوانني الدايلكتيك‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ قانون حتول التبدالت الكمية إىل تبدالت نوعية‪ :‬ويقوم هذا القانون ببيان كيفية تعرض األشياء والظواهر‬
‫للتحوالت والتبدالت الكمية بصورة تدرجيية ومنسجمة إىل أن تبلغ معيارا واحدا معينا‪ ,‬لتحدث نتيجة ذلك‬
‫تبدالت وحتوالت نوعية يف طبيعة األشياء والظواهر‪ ,‬من صورة وشكل قدمي إىل طبيعة جديدة متضمنة يف ذات‬
‫الوقت عناصر من الشيء أو الظاهرة أو العملية القدمية املتغرية‪.‬‬

‫فمضمون هذا القانون أن‪ :‬كل تطور وحتول وتبدل لألشياء والظواهر والعمليات‪ ,‬يتم نتيجة حدوث تبدالت‬
‫وتغريات مستمرة ومطردة ومتدرجة ومتسلسلة يف حالة وكمية الشيء أو الظاهرة‪ ,‬أي يف حاالت وخصائص الشيء‬
‫مثل حجمه ومقداره‪ ,‬النطاق العدد السرعة القوة اللون‪...‬اخل‪ ,‬حىت يبلغ حدا معينا ومعيارا فاصال‪ ,‬فيتحول ويتغري‬
‫ويتطور‪ ,‬فتقدم بذلك النوعية والطبيعة القدمية الفانية وحتل حملها الطبيعة والنوعية اجلديدة للشيء أو الظاهرة‪ .‬مثال‬
‫ذلك يف الطبيعة‪ :‬أن عملية تسخني املاء املستمرة‪ ,‬جتعل املاء املعرض لعملية التسخني يف حالة تطور وحتول كمي‬
‫مستمر مع بقاء النوعية والرتكيبة الطبيعية والكيمائية للماء موجودة‪ ,‬ولكن عندما تبلغ عملية التسخني معيار‬
‫وحد الغليان‪ ,‬فإن املاء املسخن واملغلى يتغري ويتبدل يف نوعيته وطبيعته اجلوهرية حيث يفقد نوعيته وطبيعته‬
‫السابقة القدمية‪ ,‬إذ يتحول إىل خبار‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ 2‬ـ قانون وحدة وصراع األضداد واملتناقضات‪ :‬الذي يقوم بعملية الكشف عن مصادر وأسباب كل حركة وتطور‬
‫وتغري داخلي‪ ,‬والكشف عن أسباب ومصادر القوة الداخلية الدافعة واحملركة للتطور‪ ,‬نتيجة الصراع الدائم والذايت‬
‫داخل األشياء والظواهر والعمليات بني عناصرها وأجزائها املتضادة واملتناقضة نتيجة حلركيتها وديناميكيتها‪.‬‬

‫ومضمون هذا القانون أن كل األشياء والظواهر والعمليات هي دائما يف حالة حركة وتغري وتطور سرمدي‪ ,‬وأن‬
‫سبب هذا التحول القوة الدافعة واحملركة حلالة التغري واحلركة يف األشياء والظواهر‪.‬‬

‫ذلك أن كل شيء أو ظاهرة‪ ,‬هي عبارة عن كتلة أو وحدة مرتابطة من العناصر واخلصائص والصفات املختلفة‬
‫واملتناقضة واملتضادة واملتفاعلة بطريقة تنابذ وجتاذب‪ .‬وأن هذا الصراع والتنازع والتوازن بني األضداد واملتناقضات‬
‫املكونة لرتكيب وصفات األشياء‪ ,‬يولد طاقة وقوة داخلية دافعة حلركة التغري والتطور‪.‬‬

‫وقد يكون صراع األضداد داخليا بني عناصر الشيء الواحد‪ ,‬وقد يكون خارجيا بني األشياء والظواهر والعمليات‬
‫بسبب التفاعل والتأثر والتأثري‪ ,‬فهناك ترابط وتكامل بني املتناقضات واألضداد الداخلية‪ ,‬وصراع األضداد‬
‫واملتناقضات اخلارجية‪.‬‬

‫وصراع األضداد واملتناقضات الداخلية‪ ,‬هي الطاقة والقوة األصلية واألساسية حلركة التغري‪ ,‬أما صراع األضداد‬
‫واملتناقضات اخلارجية‪ ,‬فهي تلعب دورا اثنواي وتكميليا يف حركة التغري والتطور‪.‬‬

‫ويؤدي الصراع والتنازع إىل إجياد التوازانت يف األشياء والظواهر‪ ,‬ويعمل على تبدل وتطور هذه التوازانت بني‬
‫األشياء‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ قانون نفي النفي‪ :‬الذي يقوم بعكس وتفسري العالقة بني خمتلف مراحل التطور والتبدل واالرتقاء والنتيجة‬
‫النامجة عن ذلك‪.‬‬

‫فيقوم هذا القانون ببيان وتفسري نتائج مراحل دايلكتيك تطور األشياء والظواهر والعمليات واألفكار‪ ,‬من أفكار‬
‫وحقائق ( ‪ ) These‬إىل حالة وجود أفكار وحقائق متعارضة متقابلة ومتناقضة داخل الشيء الواحد أو العملية‬
‫الواحدة (م مَ مَ ‪ , ) Antithese‬مث ما ينتج عن ذلك من الظواهر واحلقائق والعمليات واألفكار السابقة الفانية(‬
‫‪) Synthese‬‬

‫وهكذا يظل نفي النفي يعمل ابنتظام واطراد وبصورة مثمرة وبناءة وتركيبية وبطريقة متواصلة ومتسلسلة ومتجددة‪,‬‬
‫فنفي النفي هو شرط التطور والبناء التصاعدي إىل األمام‪ ،‬وهلذا يسمى بـ " قانون التطور والتقدم يف األشياء"‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وقد استخدم هيجل منهج الدايلكتيك يف تفسري بعض الظواهر االجتماعية والسياسية‪ ,‬مثل ظاهريت‪ :‬األمة‬
‫والدولة‪.‬‬

‫ويتسم منهج الدايلكتيك عند هيجل أبنه دايلكتيك مثايل معنوي‪ ,‬ألنه استخدمه يف جمال الفكر واملعرفة‪ ,‬فالتغري‬
‫والتطور عند هيجل هو يف الفكر والعقل والوعي‪ ,‬ومن مث مسيت نظرية الدايلكتيك عند هيجل بـ " النظرية‬
‫الدايلكتيكية املثالية "‪.‬‬

‫واكتسب الدايليكتيك تطورا وتغريا جديدا على يد الفيلسوف األملاين فيورابخ ( ‪ 1804‬ـ ‪ ) 1872‬الذي انتقد‬
‫النزعة املثالية عند هيجل‪ ,‬واندى عام بضرورة اتصاف الدايلكتيك ابلنزعة املادية حىت يصبح منهجا موضوعيا‬
‫وواقعيا وعمليا‪ ,‬وحىت يكون أكثر واقعية ومنطقية يف دراسة األشياء والظواهر وحتليلها‪ ,‬لكنه ذهب يف انتقاده إىل‬
‫حد إنكار ورفض املنهج الدايلكتيكي برمته‪.‬‬

‫فقام الفيلسوف كارل ماركس ـ وهو من أنصار الدايلكتيك اهليجلي ـ إبعادة صياغة النظرية صياغة مادية عملية‬
‫على ضوء النقد الذي وجهه هلا فيورابخ‪.‬‬

‫أبقى ماركس على أسس النظرية الدايلكتيكية‪ ,‬لكنه نزع عنها الصبغة املثالية البحتة‪ ,‬وأعاد صياغتها صياغة مادية‬
‫وواقعية‪ ,‬وجعلها نظرية كاملة وشاملة وطبقها على كل األشياء واحلقائق والظواهر‪ ,‬ويف كافة اجملاالت والعلوم‬
‫الطبيعية‪ ,‬االجتماعية‪ ,‬االقتصادية‪ ,‬السياسية‪ ,‬اإلدارية‪.....‬‬

‫ويف جمال العلوم القانونية‪ ,‬قام املنهج الدايلكتيكي بقسط كبري يف اكتشاف وتفسري النظرايت والقوانني العلمية‪,‬‬
‫والتنبؤ هبا‪.‬‬

‫مثل تفسري أصل وغاية الدولة‪ ,‬نشأة وتطور القانون‪ ,‬وأصل وغاية القانون يف اجملتمع‪ ,‬فكرة السلطة وعالقتها‬
‫ابلقانون واحلرية‪ ,‬تفسري ظاهرة الثورة وعالقتها ابلقانون ومبدأ الشرعية القانونية‪ ,‬تفسري ظاهرة التغري االجتماعي‬
‫وأثرها على النظام القانوين يف الدولة واجملتمع‪.‬‬

‫كما يؤدي املنهج اجلديل دورا كبريا يف تفسري وتطبيق القانون يف واقع احلياة‪ ,‬حيث ميكن للباحث والقاضي‬
‫واملشرع يف جمال العلوم القانونية واإلدارية‪ ,‬أن يستخدم املنهج اجلديل يف تفسري بعض النظرايت والفرضيات‬
‫القانونية والتنظيمية واخلروج ابلنتائج واحللول العلمية لبعض اإلشكاالت واملسائل القانونية‪.‬‬

‫والذي خنلص إليه أن املنهج اجلديل بقوانينه وخصائصه الذاتية من أكثر مناهج البحث صالحية ومالئمة‬
‫للدراسات العلمية االجتماعية واالقتصادية والقانونية والسياسية‪ ,‬فهو املنهج الوحيد القادر على الكشف والتفسري‬

‫‪20‬‬
‫للعالقات والروابط والتفاعالت الداخلية للظواهر االجتماعية واالقتصادية والقانونية والسياسية‪ ,‬وطبيعة القوى‬
‫الدافعة هلذه الظواهر‪ ,‬وكيفية التحكم يف توجيه وقيادة مسار تقدم هذه الظواهر‪ ,‬وكيفية التنبؤ ابلنتائج والنهاايت‬
‫اجلدية‪.‬‬

‫هذا فضال عن القيمة الفكرية هلذا املنهج واملنبثقة من الفلسفة القائمة على االختالف والتضاد والتصارع بني‬
‫األفكار واحلقائق واألشياء‪ ,‬واملؤدي يف األخري إىل ظهور احلقيقة‪.‬‬

‫املنهج الوصفي‪:‬‬

‫إن املتتبع لتطور العلوم يستطيع أن يلمس األمهية اليت احتلها املنهج الوصفي يف هذا التطور‪ ,‬ويرجع ذلك إىل‬
‫مالئمته لدراسة الظواهر االجتماعية‪ ,‬ألن هذا املنهج‪ :‬يصف الظواهر وصفا موضوعيا من خالل البياانت اليت‬
‫يتحصل عليها ابستخدام أدوات وتقنيات البحث العلمي‪.‬‬

‫وقد ارتبطت نشأة هذا املنهج ابملسوح االجتماعية وابلدراسات املبكرة يف فرنسا وانكلرتا‪ ,‬وكذا ابلدراسات‬
‫األنثربولوجية يف الوالايت املتحدة‪.‬‬

‫ويقوم املنهج الوصفي على مجع احلقائق واملعلومات ومقارنتها وحتليلها وتفسريها للوصول إىل تعميمات مقبولة‪ ,‬أو‬
‫هو دراسة وحتليل وتفسري الظاهرة من خالل حتديد خصائصها وأبعادها وتوصيف العالقات بينها‪ ,‬هبدف الوصول‬
‫إىل وصف علمي متكامل هلا‪.‬‬

‫لذلك فهو يشتمل على عدد من املناهج الفرعية واألساليب املساعدة‪ ,‬كأن يعتمد مثال على دراسة احلالة أو‬
‫الدراسات امليدانية أو التارخيية أو املسوح االجتماعية ‪.‬‬

‫وال يقتصر املنهج الوصفي على التعرف على معامل الظاهرة وحتديد أسباب وجودها‪ ,‬وإمنا يشمل حتليل البياانت‬
‫وقياسها وتفسريها والتوصل إىل وصف دقيق للظاهرة ونتائجها‪.‬‬

‫ومن البحوث اليت يستخدمها املنهج الوصفي‪:‬‬

‫أ ـ دراسة احلالة‪ :‬تعترب أحد أساليب البحث والتحليل الوصفي املطبقة يف جماالت علمية خمتلفة‪ ,‬وقد تكون احلالة‬
‫املدروسة‪ :‬شخصا‪ ,‬مجاعة‪ ,‬مؤسسة‪ ,‬مدينة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فعامل النفس‪ :‬يستخدم الفرد كحالة للدراسة يف حتليل النفسي‪ ,‬وقد تكون املؤسسة كحالة للدراسة يف جماالت‬
‫علمية خمتلفة‪ ,‬فقد ندرسها من الناحية البشرية أو املالية أو اإلنتاجية‪ ,‬وذلك حسب جمال اختصاص الباحث‬
‫وطبيعة وأهداف البحث‪.‬‬

‫ب ـ املسح االجتماعي‪ :‬ساهم هذا النوع من البحوث يف بناء وتطور الدراسات العلمية يف جمال العلوم‬
‫االجتماعية‪ ,‬مبا قدمه من مناهج وطوره من أدوات جلمع البياانت‪ ,‬وتعترب هذه الدراسة مسامهة يف وضع األسس‬
‫والقواعد املنهجية للبحث العلمي‪ ,‬والتعبري عن الظواهر واملوضوعات االجتماعية تعبريا كميا‪ ,‬ابستعمال األدوات‬
‫املنهجية اليت متكن الباحث من مجع بياانت دقيقة والوصول إىل نتائج موضوعية‪.‬‬

‫ج ـ دراسة الرأي العام‪ :‬للرأي العام أتثري كبري على سياسة أية دولة‪ ,‬لذلك هتتم به السلطات السياسية ورجال‬
‫األعمال والشركات وغريها‪.‬‬

‫فاالستفتاء من أهم وسائل قياس الرأي العام وخاصة يف الدول اليت تتمتع حبرية التعبري وممارسة الدميقراطية‪ .‬وهتدف‬
‫الدراسات يف هذا اجملال إىل استطالع الرأي العام حول قضية أو مسألة ذات طابع عام‪ ,‬وقد اختذت البحوث يف‬
‫هذا اجملال عدة اجتاهات منها‪:‬‬

‫اجملال السياسي‪ ,‬اجملال االقتصادي‪ ,‬اجملال االقتصادي االجتماعي‪.‬‬

‫املنهج املقارن‪:‬‬

‫يستخدم املنهج املقارن استخداما واسعا يف الدراسات القانونية واالجتماعية‪ ,‬كمقارنة ظاهرة اجتماعية بنفس‬
‫الظاهرة يف جمتمع آخر‪ ,‬أو مقارنتهما يف بعض اجملاالت االقتصادية والسياسية والقانونية‪.‬‬

‫ويتيح استخدام هذا املنهج املقارن‪ ,‬التعمق والدقة يف الدراسة والتحكم يف موضوع البحث والتعمق يف جانب من‬
‫جوانبه‪ ,‬فعلى سبيل املثال ميكن أن ندرس جانبا واحدا من جوانب املؤسسة االقتصادية‪ :‬األداء أو املواد البشرية‪...‬‬

‫وميكن أن تكون املقارنة إلبراز خصائص ومميزات كل موضوع من موضوعات املقارنة‪ ,‬وإظهار أوجه الشبه‬
‫واالختالف بينهما‪.‬‬

‫وتطور علم السياسة مثال مدين إ ىل حد بعيد للمنهج املقارن‪ ،‬فلقد استخدمه اليوانن الذين مثلت لديهم الدول‬
‫اليواننية ( املدن اليواننية ) جماال لدراسة أنظمتها السياسية عن طريق املقارنة‪ ,‬وقد قام أرسطو مبقارنة ‪ 158‬دستورا‬
‫من دساتري هذه الدول‪ ,‬ويعترب ذلك ثورة منهجية يف علم السياسة ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫واجلدير ابلذكر أن الدراسات املقارنة للنظم االجتماعية وعمليات التغيري من بني االهتمامات الرئيسة يف العديد‬
‫من الدراسات التارخيية والقانونية والسياسية وغريها‪ ,‬وقد استعمل رواد الفكر الغريب من أمثال‪ :‬كومت‪ ,‬سبنسر‪,‬‬
‫هوبنز‪ ,‬وغريهم التحليالت املقارنة للظواهر والنظم االجتماعية هبدف الكشف عن أمناط التطور واجتاهاته‪ ,‬كما‬
‫جند مناذج أخرى من الدراسة املقارنة لدى الكثري من رواد العلوم االجتماعية يف أعمال دوركامي وخاصة يف مناقشته‬
‫لقواعد املنهج‪.‬‬

‫وطورت املدرسة الغربية وخباصة بعد إسهامات " دايف " و" موريه " يف الدراسات املقارنة للنظرية السياسية‬
‫والقانونية‪.‬‬

‫كما القت الدراسة املقارنة اهتماما معتربا لدى رجال القانون واملؤرخني واالقتصاديني‪ ,‬رغم أن املقارنة ابملفهوم‬
‫احلديث كمنهج قائم بذاته‪ ,‬حديثة النشأة‪ ,‬فإن عملية املقارنة قدمية قدم الفكر اإلنساين‪ ,‬فقد استخدم كل من‬
‫أرسطو وأفالطون املقارنة كوسيلة للحوار يف املناقشة‪ ,‬قصد قبول أو رفض القضااي واألفكار املطروحة للنقاش‪.‬‬

‫املنهج التارخيي‬

‫يتكون التاريخ من الوقائع واألحداث واحلقائق التارخيية‪ ,‬اليت حدثت وظهرت يف املاضي ومرة واحدة‪ ,‬ولن تتكرر‬
‫أبدا‪ ,‬على أساس أن التاريخ يستند إىل عنصر الزمن املتجه دوما إىل األمام‪ ,‬دون تكرار أو رجوع إىل الوراء ‪.‬‬

‫ولدراسة الوقائع واألحداث أمهية كربى يف فهم ماضي األفكار واحلقائق والظواهر واحلركات واملؤسسات والنظم‪,‬‬
‫ويف حماولة فهم حاضرها والتنبؤ أبحكام وأحوال مستقبلها‪.‬‬

‫لذلك ظهرت أمهية وحتمية الدراسات التارخيية والبحوث العلمية التارخيية‪ ,‬اليت حتاول بواسطة علم التاريخ ـ واملنهج‬
‫التارخيي ـ أن تستعيد وتركب أحداث ووقائع املاضي بطريقة علمية يف صورة حقائق علمية اترخيية‪ ,‬لفكرة من‬
‫األفكار‪ ,‬أو نظرية من النظرايت‪ ,‬أو مدرسة من املدارس‪ ,‬أو مؤسسة من املؤسسات االجتماعية واإلنسانية‬
‫والسياسية واالقتصادية‪.‬‬

‫ولدراسة الوقائع واحلوادث والظواهر التارخيية‪ ,‬دراسة علمية تعتمد على العقل واملنطق‪ ,‬البد من استخدام املنهج‬
‫العلمي التارخيي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مفهومـه‪:‬‬

‫عرف املنهج التارخيي عدة تعريفات عامة وخاصة‪ ,‬منها التعريف العام الذي يقرر صاحبه أنه‪ " :‬الطريقة التارخيية‬
‫اليت تعمل على حتليل وتفسري احلوادث التارخيية‪ ,‬كأساس لفهم املشاكل املعاصرة‪ ,‬والتنبؤ مبا سيكون عليه‬
‫املستقبل‪".‬‬

‫ومنها التعريف التايل الذي يتميز بنوع من الدقة‪ " :‬هو وضع األدلة املأخوذة من الواثئق واملسجالت مع بعضها‬
‫بطريقة منطقية‪ ,‬واالعتماد على هذه األدلة يف تكوين النتائج اليت تؤدي إىل حقائق جديدة‪ ,‬وتقدم تعميمات‬
‫سليمة عن األحداث املاضية أو احلاضرة أو على الدوافع والصفات اإلنسانية‪.".‬‬

‫ومن التعريفات اليت تتميز ابلدقة أيضا أنه‪ " :‬جمموعة الطرائق والتقنيات اليت يتبعها الباحث التارخيي واملؤرخ‪,‬‬
‫للوصول إىل احلقيقة التارخيية وإعادة بناء املاضي بكل دقائقه وزواايه‪ ,‬وكما كان عليه يف زمانه ومكانه‪ ,‬وجبميع‬
‫تفاعالت احلياة فيه‪ ,‬وهذه الطرائق قابلة دوما للتطور والتكامل‪ ,‬مع جمموع املعرفة اإلنسانية وتكاملها‪,‬وهنج‬
‫اكتساهبا‪".‬‬

‫وميكننا القول أن املنهج التارخيي هو منهج حبث علمي‪ ,‬يقوم ابلبحث والكشف عن احلقائق التارخيية‪ ,‬من خالل‬
‫حتليل وتركيب األحداث والوقائع املاضية املسجلة يف الواثئق واألدلة التارخيية‪ ,‬وإعطاء تفسريات وتنبؤات علمية‬
‫عامة يف صورة نظرايت وقوانني عامة واثبتة نسبيا‪.‬‬

‫عناصر ومراحل املنهج التارخيي‪:‬‬

‫يتألف املنهج التارخيي من عناصر ومراحل متشابكة ومتداخلة ومرتابطة ومتكاملة‪ ,‬يف تكوين بناء املنهج التارخيي‬
‫ومضمونه‪ ,‬وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ حتديد املشكلة العلمية التارخيية‪:‬‬

‫أي حتديد املشكلة أو الفكرة العلمية التارخيية اليت تقوم حوهلا التساؤالت واالستفسارات التارخيية‪ ,‬األمر الذي‬
‫يؤدي إىل حتريك عملية البحث التارخيي‪ ,‬الستخراج فرضيات علمية ت ّكون اإلجابة الصحيحة والثابتة هلذه‬
‫التساؤالت‪.‬‬

‫وتعترب عملية حتديد املشكلة حتديدا واضحا ودقيقا‪ ,‬من أول وسائل جناح البحث التارخيي‪ ،‬يف الوصول إىل احلقيقة‬
‫التارخيية‪ .‬لذا يشرتط يف عملية حتديد املشكلة الشروط التالية‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫ـ جيب أن تكون املشكلة معربة عن العالقة بني متحولني أو أكثر‪.‬‬

‫ـ جيب أن تصاغ املشكلة صياغة جيدة وواضحة وكاملة جامعة مانعة‪.‬‬

‫ـ جيب أن تصاغ بطريقة جيدة مالئمة للبحث العلمي التجرييب واخلربي‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مجع وحصر الواثئق التارخيية‪:‬‬

‫بعد عملية حتديد املشكلة‪ ,‬أتيت مرحلة مجع كافة احلقائق والوقائع املتعلقة ابملشكلة‪ ,‬وذلك عن طريق حصر ومجع‬
‫كافة املصادر والواثئق واآلاثر التسجيالت املتصلة بعناصر املشكلة‪ ,‬ودراسة وحتليل هذه الواثئق بطريقة علمية‬
‫للتأكد من صحتها وسالمة مضموهنا ‪.‬‬

‫ونظرا ألمهية وحيوية هذه املرحلة أطلق البعض على املنهج التارخيي اسم " منهج الواثئق"‪ ,‬فالواثئق التارخيية هي‬
‫جوهر املنهج التارخيي‪.‬‬

‫والوثيقة يف اللغة األداة والبينة املكتوبة الصحيحة والقاطعة يف اإلثبات‪.‬‬

‫وهي مأخوذة من وثق يثق ثقة أي ائتمنه‪ ,‬الشيء الوثيق الشيء احملكم‪.‬‬

‫أما يف االصطالح فهي‪" :‬مجيع اآلاثر اليت خلفتها أفكار البشر القدماء‪".‬‬

‫والواثئق أوسع من النص املكتوب‪ ,‬حيث تشمل كافة الواثئق واملصادر واألدلة والشواهد التارخيية‪ ,‬أصيلة وأولية‪,‬‬
‫أو اثنوية وتكميلية‪ ,‬مكتوبة أو غري مكتوبة‪ ,‬رمسية أو غري رمسية‪ ,‬مادية أو غري مادية‪ ,‬واليت تتضمن تسجيال‬
‫حلوادث ووقائع اترخيية‪ ,‬أو لبعض أجزائها وعناصرها‪ ,‬يعتمد عليها يف البحث والتجريب للوصول إىل احلقيقة‬
‫‪1‬‬
‫التارخيية املتعلقة ابملشكلة حمل الدراسة والبحث ‪.‬‬

‫املنهج االستقرائي‬

‫وهي كلمة يواننية تعين يقود ‪ ،‬وتعين حسب التعريف اليوانين أن العقل هو الذي يقود إىل اإلنسان للقيام‬
‫ابلتجارب واالختبارات اليت تؤدي إىل اكتشاف القوانني ويهدف املنهج االستقرائي إىل مجع البياانت والعالقات‬

‫حممود أمحد درويش‪ ,‬مناهج البحث يف العلوم اإلنسانية‪,‬مؤسسة االمة العربية للنشر والتوزيع ‪ 2018,‬الطبعة االوىل ‪,‬ص‪ 66‬اىل‪88‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪25‬‬
‫املرتابطة بطريقة دقيقة من أجل الربط بينها مبجموعة من العالقات الكلية العامة ‪ .‬ومن خالل املنهج‬
‫االستقرائي يقوم الباحث بتعميم الدراسة اخلاصة اليت قام هبا على الدراسة العامة املتعلقة ابملوضوع ‪.‬‬
‫ويتميز هذا املنهج ابنتقال الباحث فيه من اجلزء حنو الكل ‪ ،‬أو من اخلاص إىل العامل ‪ ،‬حيث ينتقل الباحث يف‬
‫حبثه من اجلزء إىل الكل أو من اخلاص إىل العام ‪ ،‬فيقوم الباحث يف بداية األمر بتعميم النتائج على اجلزء وبعد أن‬
‫يتأكد من صحتها يقوم بتعميمها على الكل ‪.‬‬
‫ويعد املنهج االستقرائي هو املنهج الذي يعاكس املنهج االستداليل‪ ،‬حيث أن املنهج االستقرائي يقوم إبنتاج‬
‫تعليمات واسعة من جمموعة حمددة من املالحظات‪ ،‬بينما األمر يكون معاكسا ابلنسبة للمنهج االستداليل أو‬
‫االستنباطي‪.‬‬
‫ومن خالل املنهج االستقرائي يقوم الباحث بتحويل العديد من املالحظات إىل قواعد عامة‪ ،‬بينما يف املنهج‬
‫االستنباطي يكون األمر معكوسا متاما حيث تتجزأ القاعدة الكيلة إىل جمموعة من املالحظة‪ ،‬واجتماع هذه‬
‫املالحظات مرة أخرى سيؤدي إىل إعادة تشكيل القاعدة الكلية‪.‬‬
‫ولقد عرب واسرتيل مسولر عن العالقة بني املنهج االستقرائي واملنهج االستباطي فقال‪ :‬يف العلم يوجد هناك تفاعل‬
‫يستمر بشكل دائم بني املنهج االستقرائي والذي يستند إىل املالحظات‪ ،‬وبني االستدالل االستنتاجي والذي‬
‫يعتمد على أساس النظرية‪ ،‬ومن خالهلما نستطيع االقرتاب من احلقيقة‪.‬‬
‫وللمنهج االستقرائي مكانة كبرية لدى العلماء‪ ،‬ولدى املنهج العلمي‪ ،‬حيث أن العلماء يعتمدون عليه بشكل‬
‫رئيسي من أجل أن يقوموا بتشكيل الفرضيات والنظرايت‪ ،‬بينما يلجؤون إىل املنهج االستداليل أو االستنباطي من‬
‫أجل أن يقوموا بتطبيق هذه النظرايت والفرضيات‪ ،‬ويتأكدوا من صحتها‪ ،‬لكن على نظرايت وحاالت حمددة‬
‫فقط‪.‬‬
‫ولقد مت توجيه العديد من اإلشكاليات للمنهج االستقرائي‪ ،‬وكانت هذه اإلشكاليات منطقية فلسفية ‪ ،‬ومن أبرز‬
‫هذه اإلشكاليات نذكر ‪:‬‬
‫أ‪ -‬كيف يقوم الباحث بتعميم نتيجة حبثه على كافة أفراد جمتمع الدراسة يف حني أنه مل يقوم بدراسة إال جزء حمدد‬
‫منهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬وكيف يقوم الباحث بتعميم نتائج دراسته على الزمن املستقبل مع أنه قام بفحص األفراد يف الفرتة احلالية أو‬
‫يف فرتة سابقة؟‪.‬‬
‫أنواع املنهج االستقرائي‬

‫‪26‬‬
‫‪ -1‬االستقراء الكامل ‪ :‬وهو عبارة عن استقراء يقيين يقوم الباحث من خالله مبراقبة مجيع مفردات الظاهرة اليت‬
‫يقوم بدراستها ‪ ،‬إلصدار احلكم النهائي على هذه املفردات ‪ ،‬ويعد هذا النوع من االستقراء بطيئا وذلك ألن‬
‫حيتاج إىل وقت طويل حيث يتوجب على الباحث مراقبة الظاهرة بدقة كبرية وحرص شديد ‪.‬‬
‫وقد وضع تعريف آخر لالستقراء الكامل‪ ،‬وهو انتقال الذهن من احلكم على مجيع اجلزئيات إىل احلكم على كلية‪،‬‬
‫وذلك من خالل أتكد الباحث من أن هذا األثر هو أمر شامل ومستمر على مجيع أفراد عينة الدراسة اليت يقوم‬
‫بدراستها‪.‬‬
‫ومن خالل هذا النوع من االستقراء يتأكد الباحث من صحة النتيجة ويقوم بتعميمها‪ ،‬ومن مث يقوم ببناء قاعدة‬
‫كلية ذات أساس علمي واضح واثبت عليها‪.‬‬
‫ولكن لن يستطيع الباحث تعميم نتيجة االستقراء الكامل إال بعد أن تتوفر ثالثة من الشروط وهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬جيب أن تكون نتيجة االستقراء مت تكرار تقريرها يف النصوص أو املالحظات‪ ،‬أو يف القواعد اليت تتصل بتلك‬
‫الظاهرة أو املشكلة املبحوثة‪.‬‬
‫ب‪ -‬التأكيد أبن نتيجة االستقراء قد مت أتكيد مضموهنا يف مواضع كثرية‪ ،‬حبيث جيب أن يكون املضمون صحيحا‬
‫وغري خمتل‪ ،‬كما جيب أن ال يتغري املضمون‪ ،‬وال يظهر بنفس النتيجة اليت ظهر فيها يف مواضع اثنية سابقة‪.‬‬
‫ت‪ -‬االنتشاروهذا يعين أن ينتشر املعىن يف اجملاالت اليت تتعلق ابملشكلة أو الظاهرة اليت يتم دراستها‪ ،‬بشرط أال‬
‫يقتصر االنتشار على ابب واحد من أبواب هذه املشكلة‪.‬‬
‫إما يف حال كان اجلزئيات اليت مت استقراؤها يف قضية واحدة أو مشكلة واحدة فإن مسألة انتظام االستقراء‬
‫وتعميمه وانتشاره ومشوله قد ال يكون قطعيا‪ ،‬وذلك ألن نتيجة االستقراء قد تكون ظنية وغري مقطوع هبا‪.‬‬
‫‪ -2‬االستقراء الناقص ‪ :‬ويطلق عليه االستقراء غري اليقيين ‪ ،‬وهو انتقال الذهن من احلكم على اجلزئيات إىل‬
‫احلكم على الكليات‪ ،‬أي أن الباحث ينتقل فيه من اجلزء إىل الكل‪ ،‬ومن خالله يقوم الباحث بدراسة جزء من‬
‫مفردات الظاهرة ‪ ،‬حبيث يتناول هذا اجلزء من كافة جوانبه فيحدد طبيعته ‪ ،‬ويقوم بوضع األمثلة عليه ‪ ،‬وبعد أن‬
‫يصل إىل النتيجة يقوم بتعميمها على الكل ‪ ،‬وعلى الرغم من شيوع استخدامه إال أنه ال يقدم معلومات كافية ‪،‬‬
‫فقد يتنسى الباحث دراسة معلومات مهمة فيه ‪.‬‬
‫ومن أهم مساته أن االستدالل به استدالل معرض لالختالل والحتمال سقوطه وذلك ألن الباحث لن يقوم‬
‫ابستقراء كافة اجلزئيات‪ ،‬حيث أن االستقراء الناقص لن يتيح للباحث املرور على كافة اجلزئيات ليقوم ابلتأكد من‬
‫األثر هو عينة يف كافة اجلزئيات‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫خطوات املنهج االستقرائي‬
‫‪ -1‬املالحظات ‪ :‬وهي عبارة عن بياانت يقوم الباحث جبمعها حتليلها وتصنيفها ‪،‬و من مث يلخصها لكي يساهم‬
‫يف إدراك املنهج االستقرائي ‪ ،‬وللمالحظات نوعني ‪:‬‬
‫أ‪ -‬املالحظة املقصودة ‪ :‬وفيها يقوم الباحث بتحديد نص أو معلومة يتوقع الباحث أبهنا ستساعده يف الوصول إىل‬
‫وصف مناسب ملنهج البحث ‪.‬‬
‫ب‪ -‬املالحظة البسيطة ‪ :‬هي املالحظة اليت أتيت يف ابل املالحظة بشكل مفاجئ ودون تفكري مسبق ‪ ،‬ويطلق‬
‫على هذه املالحظة اسم االكتشاف ‪.‬‬
‫‪ -2‬الفرضيات ‪ :‬وهي األفكار اليت يقوم الباحث بطرحها وافرتضها معتقدا أهنا ستقوم بوضع تفسري مناسب‬
‫للمنهج االستقرائي ‪ ،‬ويف العادة يقوم الباحث بوضع أكثر من فرضية لكي يقارن بينها وخيتار من بينها الفرضية‬
‫اليت تناسب حبثه ‪.‬‬
‫‪ -3‬التجارب ‪ :‬وهي عبارة عن االختبارات اليت يقوم الباحث إبجرائها حىت يعرف مدى نسبة جناح املنهج الذي‬
‫يطبقه ضمن اإلطار املخصص له ‪1.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪https://www.bts-academy.com/‬‬

‫‪28‬‬
‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬

‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮﻩ ﻧﺴﺘﻨﺘﺞ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻪ ﻭﻃﺮﻗﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﻨﻈﻢ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ‬
‫ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺑﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻴﻪ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻣﻨﻬﺞ‬
‫ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﻣﻨﺬ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬ﻭﺇﻥ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻫﻮ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻻﻋﺘﻨﺎﺀ ﺑﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﺇﺫ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺟﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻳﺘﻢ ﺗﺪﻭﻳﻨﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺍﺿﺢ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺗﻪ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‬
‫ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ‪.‬‬

‫ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ‬

‫‪_ https://educad.me/27/12/2019‬‬

‫‪_ https://www.bts-academy.com27/12/2019‬‬

‫_ﻣﺎﺛﻴﻮ ﺟﻴﺪﻳﺮ ‪,‬ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﻠﻜﺔ ﻟﺒﻴﺾ ‪,‬ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ‪,‬ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﺉ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺭﺳﺎﺋﻞ‬
‫‪PDF‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺎﺟﻴﺴﺘﺮ ﻭ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﺓ‬

‫_ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺃﺣﻤﺪ ﺩﺭﻭﻳﺶ‪ ,‬ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪,‬ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻻﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ‪ ,‬ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ‬
‫ﺍﻻﻭﻟﻰ‪www .GOOGLE BOOKS.COM 2018 ,‬‬

You might also like