You are on page 1of 97

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة أبي بكر بلقايد ‪ -‬تلمسان‪-‬‬

‫كلية العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية‬

‫محاضرات في‬
‫القانون التجاري‬

‫إعداد الدكتور‬
‫بــلـود عـثمـان‬

‫السنة الجامعية‪2023 -2022 :‬‬

‫‪1‬‬
‫يدرس مقياس القانون التجاري في السداس ي الثاني لطلبة السنة األولى جذع مشترك "علوم‬

‫اقتصادية والتسيير والعلوم التجارية" بمعدل ساعة ونصف (‪1‬ســا و ‪30‬د) أسبوعيا‪.‬‬

‫إن هذا الحجم الساعي ال يتماش ى ومحتوى البرنامج الذي يشمل محاور مهمة عديدة ذات عالقة بمناخ‬

‫التجارة بمختلف أوجهها‪ .‬وعليه قد وجدنا أنفسنا مجبرين على التركيز على املحاور األساس التي تيهئ‬
‫الطالب لحسن استيعاب املقاييس القانونية ّ‬
‫املقررة في أطوار الليسانس واملاستر ذات العالقة بمناخ‬

‫األعمال والتجارة‪.‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫إن القانون التجاري‪ ،‬قانون حديث النشأة‪ ،‬لم يستقل إال منذ وقت قريب‪ ،‬ذلك ألن القانون املدني‬

‫باعتباره الشريعة العامة كان يطبق على جميع األفراد دون تفرقة‪ ،‬مهما كانت صفاتهم أو األعمال القانونية‬

‫التي يقومون بها‪.‬‬

‫وإذا كانت نواة القانون التجاري‪ ،‬بدأت بأنظمة متفرقة دعت إليها ضرورة تيسير االئتمان بين التجار‬

‫وتبسيط اإلجراءات القانونية وسرعة تنفيذها بما يالءم طبيعة التجارة فإن صياغته في نصوص قانونية‬

‫مكتوبة لم يتم إال في عهد "نابليون" حيث صدر بتاريخ ‪ 15‬سبتمبر ‪ 1807‬قانون يحتوي على ‪ 648‬مادة‬

‫تشمل أربعة أقسام األول عن التجارة والثاني عن القانون البحري والثالث عن اإلفالس والرابع عن النظام‬

‫القضائي التجاري‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬تعريف القانون التجاري وخصائصه‬

‫املبحث األول ‪ :‬تعريف القانون التجاري‬

‫لقد اختلف الفقه في تعريف القانون التجاري الختالف االتجاهات والنظريات التي ينادي بها كل فقيه‪.‬‬

‫وعموما يعرف القانون التجاري بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تطبق على األعمال التجارية وتنظم‬

‫حرفة التجارة‪ .‬ومعنى ذلك أن القانون التجاري ينظم عالقات معينة فقط تنشأ نتيجة القيام بأعمال‬

‫معينة هي األعمال التجارية كما ينظم نشاط طائفة معينة هي طائفة التجار(‪.)1‬‬

‫غير أن التعريف الراجح للقانون التجاري والذي حض ي بإجماع غالبية الفقهاء هو كالتالي‪:‬‬

‫القانون التجاري ذلك الجزء من القانون الخاص الذي يحكم العمليات التي يقوم بها رجال الصناعة‬

‫املنتجين واملحولين لبضائع معينة والتجار الذين يقومون بالتوزيع ونقل هذه البضائع وبذلك يقومون‬

‫بتداول الثروات‪.‬‬

‫يستخلص من هذا التعريف بأن القانون التجاري هو قانون التجار و قانون األعمال التجارية بحيث‬

‫يشتمل العالقات القانونية الناشئة بين التجار من جهة‪ ،‬و ممتنهي التجارة و العمالء من جهة أخرى(‪.)2‬‬

‫كما عرف بعض الفقه القانون التجاري بأنه القانون الذي ينصب على عالم األعمال‪ ،‬في حين يعرف الفقه‬

‫الحديث القانون التجاري بأنه القانون الذي ينظم النشاطات التي تحقق أرباح‪.‬‬

‫*املدلول القانوني لكلمة التجارة‬

‫إن الشائعة لدى الناس أن كلمة التجارة تعني توزيع و تسويق البضائع وذلك بشرائها من املنتج لبيعها إلى‬

‫املستهلك‪ ،‬هذا دون الوقوف على النشاط التوسيطي لتاجر باملفهوم العام و الذي يقارب املفهوم‬

‫االقتصادي للتجارة إن كان هذا التاجر يمارس تجارة الجملة أو تجارة التجزئة أو تجارة التصدير‬

‫و االستيراد‪ .‬فإن التجارة بمفهومها القانوني أكثر اتساعا وشمولية بحيث تشمل تداول السلع باإلضافة إلى‬

‫استغالالت اإلنتاج والتحويل واإلصالح وغيرها من الخدمات نقال كانت أو وساطة أو عمليات مصرفية‪.‬‬
‫علي حسن يونس‪ :‬القانون التجاري‪ -‬مطبعة القاهرة ‪ -1977‬ص ‪ 05‬وما بعدها‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Ripert (J.) : Traité élémentaire de Droit Commercial- Tom 1- L.G.D.G. -15eme Ed. Paris 1993 p. 04‬‬

‫‪3‬‬
‫وكلمة تجارة رومانية األصل وهي »‪ «commercium‬بحيث كانت تستعمل للداللة على العالقات القانونية‬

‫التي يقوم بها الناس فيما بينهم بمناسبة استعمال األموال‪ .‬وكانت األشياء تقسم إلى‬

‫» ‪ « In commercio ou extra commercium‬فالتجارة إذن هي قانون املساهمة في العمليات القانونية(‪.)1‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬خصائص القانون التجاري‬

‫يمكن إيجاز أهم الخصائص التي تميز القانون التجاري فيما يلي‬

‫‪ -1‬تحقيق الربح‪ :‬إن القانون التجاري يستهدف كغاية رئيس ي تحقيق الربح األمر الذي يقتض ي توفير‬

‫اآلليات القانونية التي تسهل له السرعة في التعامل(‪.)2‬‬

‫‪ -2‬السرعة واملرونة في التعامل‪ :‬وهي من أهم خصائص القانون التجاري التي تحقق للتاجر األرباح باعتبار‬

‫أن التاجر يقوم بعدة صفقات من بيع وشراء ووفاء وقرض وإيجار واستئجار‪ ،‬وهذا ال يتأتى إال بتحرير‬

‫هذه العقود والعمليات التجارية من إجراءات الشكلية‪.‬‬

‫وقد ساعد على تأثير وتأثر القانون التجاري بدعامة السرعة‪ ،‬التطور الذي حدث في ميدان تكنولوجية‬

‫اإلعالم و االتصال كاإلعالم اآللي و االنترنت إلنجاز العمليات التجارية مهما كانت طبيعتها و مقرها(‪.)3‬‬

‫‪ -3‬الثقة و االئتمان‪ :‬ال يقوم القانون التجاري على دعامة السرعة فقط وإنما يقوم كذلك على دعامة‬

‫االئتمان‪ ،‬فعالم التجارة يقوم على الثقة السائدة فيه‪ ،‬حيث يقوم تاجر الجملة بشراء كمية كبيرة من‬

‫البضائع بمجرد مهاتفة أو إرسال فاكس إلى املنتج شخصا طبيعيا كان أو شركة و يقوم بنقلها بنفس‬

‫الطرق و بدون أن يقدم مقابل في الحين سواء للمنتج أو للبائع أو للناقل إلى حين استالمها(‪.)4‬‬

‫وقد أنشأ القانون التجاري أنظمة وآليات خاصة به تسهل وتدعم االئتمان‪ .‬فعلى سبيل املثال يمكن‬

‫للتاجر أن يح صل على ائتمان بمنح أجل له لتسديد الدين بتحرير السفتجة لصالح الدائن مانح االئتمان‬
‫‪1‬‬
‫‪Hune lin : Droit Commercial Romain-1992-P.09‬‬
‫إدوارد عيد‪ :‬األعمال التجارية و التجار‪ -‬بيروت ‪ -1977‬ص ‪112‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع نفسه‪ -‬ص ‪ 11‬و ما بعدها‬
‫مصطفى كمال طهى‪ :‬مبادئ القانون التجاري‪ -‬الدار الجامعية بيروت ‪ -1979‬ص ‪08‬‬
‫‪4‬‬

‫‪4‬‬
‫وكذلك الفواتير وسندات الشحن وسندات الخزن وغيرها من األوراق املالية القابلة للتداول عن طريق‬

‫التظهير أو بالتداول‪.‬‬

‫‪ -4‬شهر النشاط التجاري و التجار‪ :‬و من خصائص القانون التجاري و الدعائم التي يقوم عليها لجوؤه إلى‬

‫شهر النشاط التجاري و التجار وذلك على وجه الخصوص بالقيد في السجل التجاري حتى يتمكن الغير‬

‫من التعرف على هوية التاجر و طبيعة نشاطه و شكله القانوني و إقامته و غير ذلك من املعلومات‬

‫الواجب التصريح بها لدى الجهة اإلدارية املختصة وهو ما نصت عليه املادة ‪ 19‬من القانون التجاري‬

‫الجزائري(‪.)1‬‬

‫ومن الخصائص األخرى التي يتسم بها عالم التجارة و األعمال تغليب اإلرادة الظاهرة على اإلرادة البطانة‬

‫اعتبارا على أن حسن النية مفترض و أن الوقت ثمين ال يسمح بإجراء التحريات و البحث عن الحقيقة ألن‬

‫ذلك يتعارض مع السرعة التي تقوم عليها التجارة و يرتكز عليها القانون التجاري(‪.)2‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬عالقة القانون التجاري بالقانون املدني وبالقانون الدولي‬

‫املطلب األول‪ :‬عالقة القانون التجاري بالقانون املدني‬

‫القانون التجاري وفقا للتعريف السابق ليس إال فرعا من فروع القانون الخاص شأنه في ذلك شأن‬

‫القانون املدني إلى جوار الفروع األخرى كقانون العمل وقانون األسرة‪ .‬وإذا كان القانون املدني ينظم أساسا‬

‫كافة العالقات بين مختلف األفراد دون تميز بين نوع التصرف أو صفة القائم به أي قانونا عاما‪ ،‬فإن‬

‫القانون التجاري ينظم فقط عالقات معينة هي العالقات التجارية‪ .‬وقد أدى إلى ظهور هذا النوع من‬

‫القواعد القانونية الظروف االقتصادية والضرورات العملية التي استلزمت خضوع طائفة معينة من‬

‫األشخاص هم التجار ونوع معين من املعامالت هي األعمال التجارية لتنظيم قانوني يتميز عن ذلك الذي‬

‫يطبق على املعامالت املدنية حيث عجزت القواعد املدنية عن تنظيم املعامالت التجارية التي قوامها‬

‫أكمون عبد الحليم‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري‪ -‬قصر الكتاب‪ -‬البليدة‪ -‬الجزائر ‪ -2006‬ص ‪151‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسه‪ -‬ص ‪16 -15‬‬

‫‪5‬‬
‫السرعة من جهة والثقة واالئتمان من جهة أخرى‪ .‬فاملالحظ أن املعامالت املدنية تتسم دائما بالثبات‬

‫والتروي(‪.)1‬‬

‫وعلى عكس ذلك البيئة التجارية التي تتطلب السرعة والثقة في وقت واحد فطبيعة العقود التي تجرى في‬

‫مجال التجارة تختلف كل االختالف عن تلك التي تجرى في البيئة املدنية ذلك أن الصفقات التي يبرمها‬

‫التاجر ال تكون بقصد االستعمال الشخص ي أو بقصد االحتفاظ بها وإنما إلعادة بيعها لتحقيق ربح من‬

‫فروق األسعار‪ ،‬كما وأن مثل هذه الصفقات تعقد كل يوم مرات ومرات بالنسبة لكل تاجر وهو يبرمها‬

‫بأسلوب سريع‪ .‬وقد ظهرت فعال عادات وتقاليد معينة التزمت بها طائفة من التجار في معامالتهم التجارية‬

‫تختلف عن تلك القواعد التي تنظم املعامالت املدنية واضطر املشرع إلى تقنين هذه العادات التجارية في‬

‫مجموعات خاصة بالتجارة والتجار وظلت هذه القواعد الجديدة تزداد شيئا فشيئا حتى أصبح لها كيان‬

‫مستقل‪.‬‬

‫على أنه ملا كان القانون املدني هو الشريعة العامة لجميع األفراد وجميع التصرفات فإن أحكام وقواعد‬

‫القانون التجاري ليست إال استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة ال يحكمها نص خاص‪.‬‬

‫تظهر هذه الصلة الوثيقة بين القانون املدني والتجاري بوضوح في معظم التشريعات‪ .‬ففي القانون‬

‫الفرنس ي وكذلك الجزائري نجد املجموعة التجارية ال تتكلم عن البيع إال في مادة واحدة وتلجأ بالنسبة‬

‫لباقي األحكام إلى القواعد العامة بالقانون املدني‪.‬‬

‫على أننا نجد من جانب آخر أن القانون التجاري أثره في القانون املدني ويتمثل في عدة حاالت منها اعتبار‬

‫الشركات التي تأخذ الشكل التجاري شركات تجارية تخضع للقانون التجاري أيا كان موضوع نشاطها كما‬

‫قد يقرر املشرع اكتساب الشركة لصفة التاجر بصرف النظر عن طبيعة نشاطها سواء كان موضوع‬

‫نشاطها تجاريا أو مدنيا ومن األمثلة شركات األسهم تجارية دائما وذلك بحسب الشكل سواء كان موضوع‬

‫نشاطها تجاريا أو مدنيا والتشريع التجاري الجزائري الصادر سنة ‪ 1975‬والذي نصت املادة ‪ 544‬منه على‬

‫‪07 -P 06 -Vol 1 -: traité élémentaire de droit commercial Thaller 1‬‬

‫‪6‬‬
‫أن تعد شركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها شركات املساهمة والشركات ذات املسؤولية املحدودة‬

‫وشركات التضامن(‪.)1‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬عالقات القانون التجاري بالقانون الدولي(‪)2‬‬

‫للقانون التجاري صالت وثيقة بالقانون الدولي الخاص فهو يقوم بتنظيم العالقات التجارية الخارجية‬

‫إذ يحكم املعامالت التي تنشأ بين أفراد الدولة مع رعايا الدول األخرى في املعامالت الناشئة عن التصدير‬

‫واالستيراد والتبادل التجاري بين رعايا الدول املختلفة‪ .‬وللقانون التجاري أيضا صلة بالقانون الدولي تظهر‬

‫في حالة إبرام اتفاقيات تجارية دولية وتعتبر هذه الصلة بين القانون التجاري وكل من القانون الدولي‬

‫الخاص والعام سببا في اعتبار الحاجة ماسة إلى توحيد حكم هذا الفرع من القانون‪ ،‬فنظرا الزدياد‬

‫العالقات التجارية الدولية نتيجة سهولة وسائل النقل وانتشارها نشأت الحاجة إلى توحيد أهم قواعد‬

‫القانون التجاري نظرا الختالف القواعد الداخلية لكل دولة وذلك للقضاء على مشكلة تنازع القوانين‪.‬‬

‫وقد لجأت الدول والتجار إلى عدة وسائل لتوحيد أحكام القانون التجاري ومن األمثلة على ذلك ما يأتي‪:‬‬

‫أ‪ /‬ـ في مجال التوحيد االتفاقي ال التشريعي لجأ التجار أنفسهم إلى وضع قواعد اتفاقية موحدة للعالقات‬

‫الدولية يؤخذ بها إذا رغب أطراف التعاقد بمعنى أن توحيد األحكام يتم بطريق إصدار نماذج عقود دولية‬

‫يلتزم املتعاقدين بها في عقودهم الدولية ومن ذلك عقود البيع الدولية النموذجية املعدة لعقد التصدير‬

‫واالستيراد أو العقود التي تجريها الهيئات املهنية كالنقابات والغرف التجارية‪.‬‬

‫ب‪ /‬ـ في مجال املعاهدات لجأت الدول إلى توحيد بعض أحكام القانون التجاري عن طريق املعاهدات‬

‫الدولية التي تضع أحكام قانونية موحدة تقبلها الدول املوقعة عليها وتلتزم بها في العالقات الدولية فقط‪،‬‬

‫بمعنى أن العالقات الداخلية لهذه الدول املوقعة على االتفاقيات ال تخضع ألحكام هذه األخيرة‪ ،‬وإنما‬

‫تخضع ألحكام القانون الداخلي‪ .‬ومن األمثلة على ذلك اتفاقية برن ‪ 1953‬في حاالت النقل بالسكك‬

‫‪1‬‬
‫عزيز العكيلي‪ :‬الوسيط في شرح القانون التجاري‪ -‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ -‬عمان ‪ -2008‬ص ‪33‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحي حجازي‪ :‬المدخل لدراسة العلوم القانونية‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬الكويت ‪ -1994‬ص ‪ 263‬و ما بعدها‬

‫‪7‬‬
‫الحديدية إذ حددت هذه االتفاقية شروط وآثار عقد النقل في حالة ما إذا كان النقل يتعدى الحدود‬

‫السياسية للبالد املتعاقدة‪.‬‬

‫ج‪ /‬ـ كما لجأت الدول إلى عقد اتفاقيات دولية تؤدي إلى إنشاء قانون موحد لجميع الدول املتعاقدة‪ ،‬على‬

‫أن تتعهد هذه الدول بتعديل قانونها الداخلي بما يطابق أحكام هذه االتفاقيات بحيث تصبح هذه األخيرة‬

‫بمثابة قانون داخلي ومن األمثلة على هذه االتفاقيات اتفاقية جنيف بخصوص توحيد أحكام الكمبيالة‬

‫والسند األذني لسنة ‪ 1930‬وأحكام الشيك ‪.1931‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬عالقة القانون التجاري بعلم االقتصاد‬

‫يتصل القانون التجاري اتصاال وثيقا بعلم االقتصاد فهذا األخير يبحث إشباع الحاجات اإلنسانية عن‬

‫طريق موارد الثروة وعلم القانون ينظم وسائل الحصول على هذه الحاجات وتحقيقها فاألشياء أو األموال‬

‫التي يهتم رجل االقتصاد بعوامل إنتاجها وتداولها وتوزيعها واستهالكها هي ذاتها التي يهتم رجل القانون‬

‫ببيان نظامها من الناحية القانونية والقضائية واالتفاقية وهذه األشياء التي يتناولها رجل القانون ورجل‬

‫االقتصاد كل من ناحيته هي تلك التي يراد استخدامها وتسخيرها لخدمة اإلنسان في أجسادهم وأرواحهم‪.‬‬

‫والواقع أن هذه الصلة الوثيقة بين القانون التجاري وعلم االقتصاد أساسها ما يتركه كل منهما من أثر‬

‫على اآلخر فالنشاط االقتصادي واتساعه أدى إلى خلق قواعد قانونية جديدة في املجال التجاري والجوي‬

‫والصناعي واملالي مثل عقود النقل والتأمين والتشريعات الصناعية وعمليات البنوك كما وأن هذه الصلة‬

‫الوثيقة بينهما جعلت البعض يرى في القانون التجاري النشاط االقتصادي(‪.)1‬‬

‫نادية فضيل‪ :‬القانون التجاري الجزائري‪ -‬ط ‪ -08‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬ص ‪171‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬العالقة بين القانون التجاري والقانون املدني‬

‫إذا كانت الثقة واالئتمان والسرعة واملرونة من الخصائص الجوهرية للقانون التجاري ومن الدعائم التي‬

‫أدت إلى ظهوره‪ ،‬فإن بعض الفقه يرى بأنه من الناحية العملية والنظرية يجب البحث في مدى تبعية أو‬

‫استقالل القانون التجاري عن القانون املدني وذلك استندا للدوافع التالية‪:‬‬

‫إن قواعد القانون التجاري مهما نظمها املشرع فإنها ال تكفي وحدها للفصل في املناعات التجارية بحيث‬

‫يجد القاض ي نفسه ملزما بالرجوع إلى أحكام القانون املدني‪ ،‬األمر الذي اتضح منه أن القانون التجاري‬

‫يعتبر نظاما غير كامل‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬أنصارالدمج والوحدة بين القانون التجاري والقانون املدني‬

‫نظرا للصلة الوثيقة بين أحكام القانونين التجاري واملدني ظهر اتجاه في الفقه القانوني ينادي‬

‫بإدماجهما معا في قانون واحد يطبق على جميع األفراد وفي جميع املعامالت دون تفرقة بين عمل مدني أو‬

‫ويطالب‬ ‫تجاري أو بين تاجر وغير تاجر وذلك بفرض الوصول إلى ما يسمى بوحدة القانون الخاص‪.‬‬

‫أنصار هذا الرأي بسريان قواعد القانون التجاري من سرعة وبساطة‪ ،‬في اإلجراءات على قواعد القانون‬

‫املدني كلما اقتض ى األمر ذلك حتى يفيد من ذلك التاجر وغير التاجر كما أنه إذا كانت إجراءات القانون‬

‫املدني بها بعض القيود والشكليات في تصرفات معينة أو عقود خاصة نظرا ألهميتها فإنه يمكن فرض هذه‬

‫القيود والشكليات في تصرفات التجارية الهامة حتى تستقر بشأنها املنازعات‪ .‬ويرى أنصار هذا الرأي أن‬

‫القانون التجاري باعتباره قانون األعمال في عصرنا هذا إنما يتضمن في الواقع النظرية العامة في األموال‬

‫وااللتزامات التي تطبق على جميع التصرفات التي تجرى بين األفراد العاديين وبين من يساهمون في الحياة‬

‫االقتصادية بصفة عامة(‪.)1‬‬

‫قد أخذت فعال بعض البالد بهذا االتجاه كما هو الحال في الواليات املتحدة وإنجلترا وسويسرا وإيطاليا‬

‫حيث استطاعت معظم هذه البالد إدخال العناصر والصفات التجارية للقانون املدني ومثال ذلك‬

‫علي بن غانم‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري و قانون األعمال‪ -‬موفم للنشر و التوزيع‪ -‬الجزائر ‪ -2005‬ص ‪431‬‬

‫‪9‬‬
‫القانون املدني اإليطالي الصادر عام ‪ 1942‬الذي رد القانون التجاري إلى حظيرة القانون املدني فألغى‬

‫مجموعة القانون التجاري وأدمج موضوعاتها في مجموعة القانون املدني‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أنصاراستقالل القانون التجاري عن القانون املدني‬

‫إن فكرة املناداة بتوحيد أحكام القانون التجاري مع القانون املدني وإن كانت تعد منطقية في ظاهرها‪ ،‬إال‬

‫أنها تخالف في جوهرها حقيقة األوضاع والضرورات العملية‪ .‬فما من شك أن املعامالت التجارية لها ملا‬

‫يميزها عن املعامالت املدنية مما يستتبع وضع نظام خاص بها‪ ،‬فطبيعة املعامالت التجارية تقتض ي‬

‫السرعة وسهولة اإلجراءات‪.‬‬

‫وليس من املفيد أن تنتقل هذه التسهيالت إلى الحياة املدنية التي تتسم بطابع االستقرار والتروي وذلك أن‬

‫من شأن تعميم هذه السرعة في اإلجراءات زيادة املنازعات وعدم استقرار التعامل بين املدنيين وصعوبة‬

‫اإلثبات أمام القضاء‪ ،‬وخاصة أن مسك الدفاتر أمر ال يلتزم به سوى التجار‪ .‬كما وأن املناداة بنقل بعض‬

‫اإلجراءات الرسمية والشكلية املدنية إلى العقود التجارية أمر يؤدي في الواقع إلى عرقلة التجارة مهما بلغت‬

‫أهمية عقودها أو ضخامتها‪ .‬كما أن تشجيع املدنيون على التعامل باألوراق التجارية خاصة الكمبياالت منها‬

‫من شأنه أن يدفع بهذه الطائفة من األفراد في مجاالت ال شأن لها بها‪.‬‬

‫ويالحظ أن البالد التي أخذت بتوحيد كال القانونين لم تستطع إدماجها إدماجا كليا حيث ظلت فيها بعض‬

‫األحكام والقواعد املستقلة التي تنفرد بها املعامالت التجارية وطائفة التجار كما هو الحال في بالد‬

‫األنجلوسكونية‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك إنجلترا حيث أصبحت النظم التجارية منفصلة عن مجموع‬

‫القانون العام مثل قانون بيع البضائع وقانون اإلفالس والشركات‪ ،‬وكذلك الحال في كل من القانون‬

‫السويسري واإليطالي الذي وضع كل منها بعض النظم الخاصة بالتجارة والتجار مثل مسك الدفاتر‬

‫التجارية واإلفالس‪.‬‬

‫إن للقانون التجاري أصالته في عدة موضوعات ال نجد لها سندا إال باملجموعة التجارية مثل اإلفالس‬

‫‪10‬‬
‫وتصفية األموال وعمليات البنوك خاصة ما يتعلق منها بالحساب الجاري وخطابات الضمان والتحويل‬

‫املصرفي التي نشأت نتيجة املقتضيات العملية وأقرها القضاء التجاري‪.‬‬

‫والواقع أنه ما من شك في أن لكل من القانون املدني والتجاري مجاله وأن في إدماجهما في قانون واحد ال‬

‫يتناسب مع طبيعة معامالت كل منهما‪ ،‬بل أن فيه إنكار للواقع على أن استقالل القانون التجاري ال يعني‬

‫إنكار الصلة الوثيقة بينه وبين القانون املدني إذ قد يعتمد القانون التجاري على بعض أحكام القانون‬

‫املدني اعتمادا كليا ويكتفي باإلحالة عليها ويؤدي هذا إلى اعتبار القانون املدني األصل العام الذي يرجع‬

‫إليه كمصدر من مصادر القانون التجاري(‪.)1‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نطاق ومجال تطبيق القانون التجاري‬

‫املبحث األول‪ :‬نطاق القانون التجاري‬

‫لقد اختلف كثير من الفقهاء في تحديد نطاق القانون التجاري‪ ،‬وكان هذا االختالف عن عمد وذلك النتماء‬

‫كل فريق منهم إلى نظرية معينة دون غيرها‪ .‬وكان نتيجة هذا االختالف أن ثار التساؤل‪ ،‬هل القانون‬

‫التجاري هو قانون التجار؟ أم هو القانون الذي يحكم األعمال التجارية؟ ويمكن رد اآلراء التي قال بها‬

‫الفقهاء إلى نظريتين‪ ،‬األولى وهي النظرية املوضوعية ‪Théorie Objective‬والثانية هي النظرية الشخصية‬

‫‪ Théorie Subjective2‬وسنتنا ولهما فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ أوال ـ النظرية املوضوعية‪: 3‬‬

‫وفحوى هذه النظرية عند القائلين بها‪ ،‬أن القانون التجاري تحدد دائرته باألعمال التجارية ‪Actes de‬‬

‫‪Commerce‬وتطبق أحكامه على هذه األعمال دون ارتباط بشخص القائم بها سواء كان يحترف التجارة‬

‫أو ال يحترف ولكن العبرة بموضوع النشاط الذي يمارسه الشخص وحتى ولو قام به مرة واحدة‪ ،‬أما إذا‬

‫‪1‬‬
‫‪Lyon-Can : Livre du centenaire du code civil- T1-Paris 1904- p.205‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Hamel (J.) - Lagarde (G.) - Jauffret (A.) : droit commercial- 2 eme Ed. Tom 1- Dalloz-Paris 1998-p. 212‬‬
‫‪ 3‬وقد أخذ بهذه النظرية طوال القرن التاسع عشر فقهاء كثيرون مثل‪:‬‬
‫‪Pardessus - Delamaire et le Poitevin - Lyon Caen et Renault.‬‬

‫‪11‬‬
‫استمر الشخص في مزاولة النشاط على سبيل االحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر‪ ،‬وهي صفة ال يعترف‬

‫بها القانون طبقا ملفهوم هذه النظرية‪ ،‬إال إلخضاع التاجر اللتزامات معينة كالقيد في السجل التجاري‬

‫والخضوع للضرائب التجارية وإمساك الدفاتر التجارية وشهر اإلفالس)‪.(1‬‬

‫وكانت الدوافع التي أدت للقول بهذه النظرية لها جانبين في نظر القائلين بها‪ ،‬األول جانب فني يستند إلى‬

‫نص املادتين ‪ 631 - 637‬من القانون التجاري الفرنس ي‪ ،‬وتقض ي املادة ‪ 631‬من القانون املذكور على عقد‬

‫االختصاص باملحاكم التجارية بالنظر في املنازعات الخاصة باملعامالت التجارية دون أن تحدد هذه‬

‫املعامالت وأنواعها على سبيل الحصر‪ ،‬وكذلك ما قضت به املادة ‪ 638‬من ذات القانون على أن املحاكم‬

‫التجارية ال تختص بنظر املنازعات املرفوعة على التجار بسبب تعاقداتهم الخاصة أو شرائهم أشياء‬

‫الستعمالهم الخاص بعيدا عن نشاطهم التجاري‪.‬‬

‫ـ وكان تفسير هذه النصوص في نظر القائلين بالنظرية املوضوعية يوحي بأن العمل التجاري‪ ،‬دون سواه‪،‬‬

‫هو معيار تحديد نطاق القانون التجاري‪.‬‬

‫ـ أما عن الجانب الثاني فهو ذو صيغة سياسية‪ ،‬ملا تؤدي إليه النظرية املوضوعية من تدعيم ملبدأ الحرية‬

‫االقتصادية الذي يتميز بالقضاء على نظام الطوائف الذي كان سائدا في العصور السابقة‪ ،‬وطاملا كان‬

‫حائال يعوق ازدهار التجارة وتقدمها‪ ،‬بسبب منع هذا النظام لغير طائفة التجار مباشرة األعمال‬

‫التجارية)‪.(2‬‬

‫ـ ثانيا ـ النظرية الشخصية)‪: (3‬‬

‫ويرى القائلون بهذه النظرية‪ ،‬أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدا شخصيا‪ ،‬حيث أن أصله قانون‬

‫منهي‪ ،‬ينظم نشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم‪ ،‬ولذلك فإنه وفقا لهذه النظرية يجب تحديد‬

‫املهن التجارية على سبيل الحصر بحيث يعتبر القانون كل من احترف مهنة تجارية يعتبر تاجرا‪ ،‬يخضع في‬

‫أكتم أمين الخولي‪ :‬الموجز في القانون التجاري‪ -‬الجزء األول‪ -‬ص ‪07‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Hamel et Lagarde : Op.cit.- P.169‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jorges Ripert : Traité élémentaire de Droit Commercial- Tom 1- L.G.D.G- 15eme Ed- Paris 1993- P. 03‬‬

‫‪12‬‬
‫نشاطه للقانون التجاري‪ ،‬وعلى ذلك فإن عنصر االحتراف في مفهوم هذه النظرية يعتبر املعيار الذي يحدد‬

‫نطاق القانون التجاري‪.‬‬

‫وقد يكون عنصر االحتراف مطاطا في مفهومه وتحديده‪ ،‬لذلك لجأت بعض القوانين كالقانون األملاني‬

‫باشتراط القيد في السجل التجاري كشرط الزم والكتساب صفة التاجر‪.‬‬

‫ويبرر أنصار هذه النظرية رأيهم في أن القانون التجاري في أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعد والنظم‬

‫التي ابتدعها وطبقها أصحاب الحرف التجارية األمر الذي أصبح به القانون التجاري قانونا مهنيا‪ .‬وأنه على‬

‫الرغم من إلغاء نظام الطوائف‪ ،‬وانتشار مبدأ الحرية االقتصادية الذي يعني الحق لكل شخص في مزاولة‬

‫ما يشاء من النشاط إال أن القواعد التجارية ظلت مستقرة كما كانت عليه في مجتمع التجار الطائفي‬

‫وكذلك أبقت التشريعات الحديثة على املحاكم التجارية تزاول اختصاصها في الفصل في املنازعات‬

‫التجارية دون سواها‪.‬‬

‫* موقف املشرع الجزائري ‪:‬‬

‫إذا نظرنا إلى القانون الجزائري الصادر باألمر رقم ‪ 59‬لسنة ‪ 1975‬نجد أن املادة األولى منه تنص على أن "‬

‫يعد تاجرا كل من يباشر عمال تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له " وقض ى في املادة الرابعة بأن " يعد عمال‬

‫تجاريا بالتبعية‪ ،‬تلك األعمال التي يقوم بها التاجر واملتعلقة بممارسة التجارة أو حاجات متجرة‬

‫وااللتزامات بين التجار "‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن املشرع الجزائري أخذ في هذين النصين بالنظرية الشخصية إال أنه أخذ بالنظرية‬

‫املوضوعية كذلك حين عدد األعمال التجارية بحسب موضوعها في املادة الثانية‪ ،‬واألعمال التجارية‬

‫بحسب الشكل في املادة الثالثة‪.‬‬

‫وفضال عن أن املشروع الجزائري حدد في هذه املواد األربع مجال ونطاق تطبيق القانون التجاري‪ ،‬فإنه نظم‬

‫بنصوص واضحة األحكام التي تسري على التجار دون سواهم كمسك الدفاتر التجارية والقيد في سجل‬

‫التجاري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ولهذا فإننا نرى أن املشرع الجزائري أخذ بمذهب مزدوج‪ ،‬حيث ال نجد قواعده جميعا من طبيعة واحدة‪،‬‬

‫وإنما استلهمت بعض أحكامه النظرية الشخصية‪ ،‬والبعض اآلخر اعتنقت النظرية املوضوعية‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬مجال تطبيق القانون التجاري‬

‫إذا كان القانون التجاري هو مجموعة األحكام القانونية التي تحكم فئة من األشخاص يسمون بالتجار‪،‬‬

‫وطائفة من األعمال تسمى باألعمال التجارية‪ ،‬وأن هذه األحكام خاصة واستثنائية تعد جزءا من القانون‬

‫الخاص املتكامل مع الشريعة العامة‪ ،‬يثار التساؤل حول كيفية تمييز األعمال التجارية عن األعمال املدنية‬

‫وماهي أهميته؟‬

‫تختلف العالقات املدنية عن العالقات التجارية من حيث طبيعتها ومقتضياتها‪ ،‬كما تختلف من حيث‬

‫التنظيم القانوني‪ ،‬فاألعمال التجارية هي وحدها التي يحكمها القانون التجاري بخالف األعمال املدنية التي‬

‫تظل بحكم األصل العام خاضعة للقانون املدني‪.‬‬

‫ويختلف التنظيم القانوني لألعمال التجارية عن أحكام املعامالت املدنية في املوضوعات التالية‪:‬‬

‫‪1‬ـ حرية اإلثبات‪.‬‬

‫‪2‬ـ االختصاص القضائي‪.‬‬

‫‪3‬ـ تضامن املدينين‪.‬‬

‫‪4‬ـ اإلعفاء من اإلعذار‪.‬‬

‫‪5‬ـ مهلة الوفاء (نظرة امليسرة)‪.‬‬

‫‪6‬ـ اإلفالس‪.‬‬

‫‪7‬ـ صفة التاجر‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫)‪1‬ـ حرية اإلثبات ‪ :‬إذا كان اإلثبات في املسائل املدنية محدد ‪ ،‬ونذكر في هذا املجال مثال ‪:‬‬

‫* عدم جواز اإلثبات بالبينة ‪ ،‬إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمة على ‪100.000.00‬جزائري أو كان غير‬

‫محدد القيمة (املادة ‪ 333‬ق‪.‬ت‪.‬ج)‪.‬‬

‫* ال يجوز اإلثبات بالبنية ‪ ،‬ولو لم تزد القيمة على‪ 100.000.00‬جزائري فيما يخالف أو يجاوز ما أشمل‬

‫عليه مضمون عقد رسمي‪.‬‬

‫* إن املحررات العرفية ال تكون حصة على الغير في تاريخها إال منذ أن يكون لها تاريخ ثابت ثبوتا رسميا‪.‬‬

‫أما اإلثبات في املواد التجارية فال يعرف مثل هذه القيود‪ ،‬حيث أجاز املشرع اإلثبات بالبينة والقرائن مهما‬

‫كانت قيمة التصرف‪ .‬كما يجوز االحتجاج بتاريخ املحررات العرفية على غير أطرافها ولو لم يكن هذا‬

‫التاريخ ثابتا‪ .‬كما أنه وإن كان من املزيد أن ال يجوز للشخص أن ينش ئ دليال لنفسه‪ ،‬فقد أجاز املشرع‬

‫لخصم التاجر أي يحتج بتاريخ بما ورد بدفاتر خصمه إلثبات حقه(‪. )1‬‬

‫والسبب في الخروج عن القواعد العامة في املجال اإلثبات في املسائل التجارية مرجعه إلى رغبة املشرع في‬

‫تقوية االعتبارات التي أملتها الثقة واالئتمان والسرعة واملرونة التي تنطبع األعمال التجارية‪.‬‬

‫(‪2‬ـ االختصاص القضائي‪ :‬تخصص بعض الدول مثل فرنسا جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في‬

‫املنازعات التجارية‪ .‬هذا التخصيص تمليه االعتبارات املتعلقة بطبيعة املعامالت التجارية‪ ،‬التي تستلزم‬

‫الفصل فيما على وجه السرعة وبإتباع إجراءات غير تلك املتبعة أمام املحاكم العادية‪ .‬وتكون في هذه‬

‫الحالة أمام محاكم تجارية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للجزائر‪ ،‬فإن املشرع لم يأخذ بنظام القضاء املتخصص‪ ،‬وبذلك فإنه ال توجد جهات قضائية‬

‫تجارية‪ .‬وقد منح االختصاص في املواد التجارية للمحاكم العادية التي تتولى الفصل في املنازعات التجارية‬

‫عمال بمبدأ وحدة القضاء العادي‪ .‬فاملحاكم في النظام الجزائري هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون‬

‫العام‪ ،‬فهي تفصل في جميع القضايا املدنية والتجارية أو دعاوى الشركات التي تختص بها محليا‪.‬‬

‫بكوش يحي‪ :‬أدلة اإلثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه اإلسالمي‪ -‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ -‬الجزائر ‪ -1981‬ص ‪ 166‬و ‪2171‬‬

‫‪15‬‬
‫على أن االختصاص يعود للمحاكم االبتدائية الكائن مقرها باملجالس القضائية‪ ،‬دون سواها‪ ،‬في املسائل‬

‫التالية‪ :‬الحجز العقاري ـ تسوية قوائم التوزيع ـ حجز السفن ـ تنفيذ الحكم األجنبي ـ بيع املتاع‪ -‬معاشات‬

‫التقاعد الخاصة بالعجز ـ املنازعات املتعلقة بحوادث العمل ـ دعاوي اإلفالس والتسوية القضائية ـ طلبات‬

‫بيع املحالت التجارية املثقلة يقيد الرهن الحيازي‪.‬‬

‫هذا من حيث االختصاص املوضوعي‪ ،‬أما فيما يخص االختصاص اإلقليمي فإن االختصاص ينعقد على‬

‫النحو التالي‪:‬‬

‫ـ في الدعاوي العقارية أو األشغال املتعلقة بالعقار أو دعاء اإليجارات املتعلقة بالعقار‪ ،‬وإن كانت تجارية‬

‫أمام املحكمة التي يقع العقار في دائرة اختصاصها‪.‬‬

‫ـ في مواد اإلفالس أو التسوية القضائية أمام املحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح اإلفالس‬

‫أو التسوية القضائية‬

‫ـ في الدعاوي املتعلقة بالشركات‪ ،‬بالنسبة ملنازعات الشركات أمام املحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها‬

‫املركز الرئيس ي للشركة‪.‬‬

‫ـ في مواد الحجز‪ ،‬سواء كان بالنسبة لإلذن في الحجز أو باإلجراءات التالية له‪ ،‬أمام محكمة املكان الذي تم‬

‫فيه الحجز‪.‬‬

‫ونصت املادة ‪ 9‬من القانون املدني‪ ،‬على أنه يجوز أن توقع الدعوى إما أمام املحكمة التي يقع في دائرة‬

‫اختصاصه موطن املدعي عليه أو مسكنه وإما أمام الجهة أو الجهات القضائية التالية‪:‬‬

‫ـ في الدعاوي التجارية‪ ،‬غير اإلفالس والتسوية القضائية‪ ،‬أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة‬

‫اختصاصها الوعد بتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها‬

‫ـ في حالة اختيار املوطن‪ ،‬أمام الجهة القضائية للوطن املختار‪.‬‬

‫ـ في الدعاوي املرفوعة ضد شركة‪ ،‬أمام الجهة القضائية‪ ،‬التي تقع في دائرة اختصاصها إحدى مؤسساتها‪.‬‬

‫يتضح مما سبق أن املحاكم العادية هي التي يعود لها االختصاص بالنسبة للمنازعات التجارية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وفي الواقع العملي جرى العمل على تخصيص دوائر تجارية‪ ،‬على رأسها قضاء لهم خبرة في هذا املجال‪،‬‬

‫تتولى الفصل في املنازعات التجارية‪ .‬إال أن هذه املمارسة ال تجعلنا أمام قضاء تجاري مستقل‪ ،‬بحيث يفتح‬

‫لنا املجال بالدفع بعدم االختصاص بمعناه القانوني‪.‬‬

‫غير أنه في كنف تحقيق خصائص النشاط التجاري املتمثلة في الثقه واالئتمان والسرعة‪ ،‬وأمام اتساع‬

‫دائرة املعامالت التجارية واإللكترونية في ظل التوجه الجديد لالقتصاد الوطني الرامي إلى ترقية مناخ‬

‫األعمال والتجارة‪ ،‬بات من الضروري على املشرع الجزائري مسايرة هذا التطور في املعامالت باعتماد‬

‫قضاء تجاري مستقل عن القضاء العادي يرقى إلى نوع املحاكم التجارية للنظر في املسائل التجارية‬

‫تتشكل من قضاة ذات كفاءة وخبرة في املسائل التجارية ينفردون بتكوين قاعدي متخصص في قضايا‬

‫ونزاعات مناخ األعمال والتجارة‪.‬‬

‫وهو التنظيم القضائي الذي تتجه إليه السلطات في الجزائر بإنشاء قضاء تجاري مستقل عن القضاء‬

‫العادي الحتواء معظم النزاعات والقضايا ذات العالقة بعالم األعمال والتجارة‪.‬‬

‫)‪3‬ـ تضامن املدينين ‪ :‬تعد قاعدة التضامن بين املدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في‬

‫املسائل التجارية ‪ ،‬فاحترمها القضاء وطبقها وذلك تدعيما لعنصري الثقة واالئتمان في املعامالت التجارية‪.‬‬

‫أما في املعامالت املدنية فإن قاعدة التضامن ال توجد إال بناء على اتفاق أو نص قانوني‪ ،‬وهو ما تنص عليه‬

‫املادة ‪ 217‬ق‪.‬م‪.‬ج‪" :‬التضامن بين الدائنين أو املدينين ال يفترض‪ ،‬وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في‬

‫القانون"‪ .‬ويجوز في املسائل التجارية إبعاد قاعدة التضامن في أي تعامل‪ ،‬ما لم يكن هناك نص آمر‪،‬‬

‫يقض ي بوجوب قيام التضامن بين املدينين‪ .‬ومثال ذلك نص املادة ‪ 551‬من القانون التجاري الجزائري التي‬

‫تقض ي بأن الشركاء بالتضامن صفة التاجر‪ ،‬وهم مسؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة‪.‬‬

‫)‪ 4‬ـ اإلعفاء من اإلعذار ‪ :‬وهو تنبيه الدائن للمدين بحلول آجل الوفاء بالدين‪ ،‬مع تسجيل تأخره عن‬

‫الوفاء و يحمله ما يترتب عن هذا التأخير من ضرر ينشأ مستقبال‪.‬‬

‫واإلعذار في املعامالت املدنية البد أن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أعوان القضاء‪ .‬أما في املسائل‬

‫‪17‬‬
‫التجارية فقد جرى العرف على أنه يكفي أن يتم األعذار بخطاب عادي دون حاجة إلى أي ورقة من األوراق‬

‫القضائية‪ .‬كل ذلك من أجل تحقيق السرعة التي تتميز بها املعامالت التجارية‪.‬‬

‫)‪5‬ـ مهلة الوفاء ‪ :‬إذا عجز املدين يدين مدني عن الوفاء به في امليعاد ‪ ،‬جاز للقضاء أن ينظره إلى أجل‬

‫معقول أو آجال ينفذ فيها إلزامه‪ ،‬إذا استدعت حالته ذلك ‪ ،‬ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر‬

‫(املادة ‪ 210‬من القانون املدني)‪.‬‬

‫أما القانون التجاري فال يعطي مثل هذه السلطة للقاض ي نظرا ملا تتسم به املعامالت التجارية‪ ،‬وما تقدم‬

‫عليه من سرعة وثقة تقتض ي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في امليعاد وإال كان ذلك سببا في شهر إفالسه‪.‬‬

‫)‪6‬ـ اإلفالس ‪ :‬ال يجوز شهر اإلفالس التاجر إال إذا توقف عن دفع ديونه التجارية ‪ ،‬أما إذا توقف عن دفع‬

‫دين مدني ‪ ،‬فال يجوز شهر إفالسه ‪ ،‬وإذا أجاز القانون للدائن بدين مدني أي يطلب شهر إفالس التاجر ‪،‬‬

‫إال أنه يجب أن يثبت أن التاجر قد توقف عن دفع دين تجاري عليه ‪ ،‬فإذا صدر حكم يشهر اإلفالس ترفع‬

‫يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ‪ ،‬ويدخل جميع الدائنين في اإلجراءات ويعين وكيل عنهم تكون‬

‫مهمته تصفية أموال املفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب قيمة دينه ‪ ،‬وبذلك تتحقق‬

‫املساواة بينهم‪.‬‬

‫أما املدين بدين مدني فإنه يخضع ألحكام القانون املدني (املادة ‪ 177‬إلى ‪ )202‬التي ال تتصف بالشدة‬

‫والصرامة التي يتصف بها نظام اإلفالس‪ .‬فليس في املسائل املدينة حل يد املدين عن التصرف في أمواله‬

‫وتصفيتها تصفية جماعية وتوزيع ثمنها على الدائنين‪.‬‬

‫)‪7‬ـ صفة التاجر ‪ :‬التاجر هو الشخص الذي يباشر عمال تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له ‪ ،‬وذلك ما نصت‬

‫عليه املادة ‪ 1‬من القانون التجاري‪ ،‬ومن يصبح تاجرا يخضع إللتزامات التجار ‪ ،‬خاصة منها القيد في‬

‫السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية ‪ ،‬كما يخضع لنظام اإلفالس‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تطورالقانون التجاري ومصادره‬

‫املبحث األول‪ :‬تطورالقانون التجاري‬

‫عرفت التجارة قواعد وأحكام وأعراف خاصة بها منذ العصور األولى وكان القائمون بالتجارة يمثلون طائفة‬

‫خاصة في املجتمع لها عاداتها وتقاليدها‪ .‬وما من شك في أن التجارة كانت معروفة عند الكثير من الشعوب‬

‫القديمة خاصة تلك التي كانت تسكن سواحل البحر األبيض املتوسط حيث مكنها موقعها الجغرافي من‬

‫ممارسة التجارة(‪.)1‬‬

‫* في العصورالقديمة‪:‬‬

‫تمتد نشأت القانون التجاري إلى زمن بعيد فقد نشأت األعراف التجارية عند شعوب البحر األبيض‬

‫املتوسط وقدماء املصريين واآلشوريين والكلدانيين خاصة في مجال التعامل بالنقد واالقتراض والفائدة‬

‫واستخدام بعض الصكوك التي تشبه إلى حد ما السفتجة والسند لألمر‪ .‬ولعل أهم الدالئل على ذلك ظهور‬

‫عدة قواعد قانونية تجارية في مجموعة حمورابي في عهد البابليين ‪ 1000‬سنة قبل امليالد منها ما يتعلق‬

‫بعقد الشركة وعقد القرض‪ ،‬و الوديعة و الوكالة بالعمولة‪ ،‬فلم تكن هذه القواعد سوى تقنين لألعراف‬

‫التي كانت سائدة آنذاك(‪.)2‬‬

‫وعرف الفينيقيون واإلغريق التجارة خاصة البحرية منها إذ اهتموا بوضع القواعد الخاصة بالتجارة‬

‫البحرية وتركوا تراثا هاما في ذلك الفرع من القانون مثل األحكام الخاصة بمبدأ الخسارة املشترك (‪.)3‬‬

‫في عهد الرومان‪ ،‬ملا اتسعت رقعة اإلمبراطورية الرومانية وشملت معظم أوروبا وشمال إفريقيا وبعض‬

‫أجزاء آسيا ظهرت فيها حركة تقنينية واسعة لتنظيم املعامالت بين األفراد وتحديد الحقوق والواجبات‬

‫غير أن هذه التنظيمات الكبيرة لم تكن تحتوي على قواعد وأحكام تجارية رغم ظهور كثير من املعامالت‬

‫‪1‬‬
‫‪Joseph Escarra : Manuel de droit commercial-Paris 1948-P 02‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد السالم الترمانيني‪ :‬الوسيط في تاريخ القانون و النظم القانونية‪ -‬الكويت ‪ -1974‬ص ‪51‬‬
‫سميحة القيلوبي‪ :‬موجز في القانون التجاري‪ -‬األعمال التجارية‪ -‬التاجر‪ -‬الملكية الصناعية و التجارية‪ -‬دار الثقافة العربية للطبعة و النشر‪ -‬مكتية‬
‫‪3‬‬
‫القاهرة الحديثة‪ -‬ط‪ -1972 -1‬ص ‪10‬‬

‫‪19‬‬
‫التجارية مثل الشركات‪ ،‬كذلك ظهرت أعمال تجارية أخرى كاملصارف بسبب استخدام النقود املعدنية‬

‫وإمساك الدفاتر التجارية(‪ .)1‬ولعل السبب في عدم إشمال املجموعات املدنية الرومانية ملثل هذه‬

‫القواعد التي تنظم التجارة هو أن الرومان كانوا يتركون القيام بهذه األعمال للرقيق واألغراب اعتقادا منهم‬

‫أنها أعمال دنيا‪.‬‬

‫على أنه ملا اندمج القانون املدني وأصبح هذا األخير هو الشريعة العامة التي تطبق على جميع التصرفات‬

‫القانونية وعلى جميع األفراد أصبح القانون املدني الروماني يحتوي على جميع األحكام والقواعد الخاصة‬

‫بالتجارة سواء البحرية أو البرية إلى جوار األحكام املدنية وكانت أحكام هذا القانون تطبق على جميع‬

‫الرومان دون تفرقة بين تاجر وغير تاجر ذلك أن الرومان كانوا يؤمنون بفكرة قانون موحد يحكم جميع‬

‫التصرفات)‪.(2‬‬

‫‪ ‬كما يجب التنويه بدور العرب في مجال التجارة ابتداء من القرن السابع امليالدي إذ ظهرت أنظمة‬

‫جديدة في مجال التجارة كشركات األشخاص ونظام اإلفالس والكمبيالة (السفتجة) في عهد‬

‫الرومان‪.‬‬

‫‪ ‬غير أنه وفي الفترة ما بين القرن ‪ 11‬وحتى القرن ‪ 16‬جاء القانون التجاري أكثر وضوحا واستقالال‬

‫عن القانون املدني وذلك نتيجة زيادة التجارة البرية والبحرية بسبب الحروب الصليبية في القرن‬

‫الحادي عشر ويمكن القول أن قواعد القانون التجاري والبحري قد وصلت في تطورها في هذا‬

‫العصر إلى مرحلة يمكن اعتبارها أساسا للقانون التجاري الحالي ففي إيطاليا وجدت أسواق‬

‫عاملية لتبادل التجارة ومن ثم نشأت طائفة من األشخاص في ممارسة هذا النوع من النشاط‬

‫وخضعت في تنظيم أمورها إلى التقاليد والعادات التي استقرت بينهم وقامت هذه الطائفة‬

‫بانتخاب قناصل من كبار التجار يختصون في الفصل في املنازعات التي تنشأ بين التجار وذلك‬

‫‪1‬‬
‫عباس حلمي‪ :‬األعمال التجارية‪ -‬المحل التجاري‪ -‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪ -1983‬ص ‪11‬‬
‫ثروت علي عبد الرحيم‪ :‬الخسارات المشتركة‪ -‬الكويت ‪ -1974‬ص ‪642‬‬

‫‪20‬‬
‫وفقا للعرف والعادات والتقاليد التي استقرت بينهم(‪.)1‬‬

‫‪ ‬أما في الفترة ما بين القرن ‪ 17‬حتى نهاية القرن ‪ ،18‬أصبح القانون التجاري قانونا مهنيا أنش ئ في‬

‫الوسط التجاري ليطبق على التجار‪ ،‬كما تميز القانون التجاري بأنه قانون عرفي وأصبح أيضا‬

‫قانونا دوليا يطبق خالل هذه الفترة على دول أوروبا الغربية‪.‬‬

‫‪ ‬أما في العصر الحديث فقد بدأ انتشار التقاليد والعادات في بالد أوروبا وخاصة املدن الفرنسية‬

‫كان وباريس ومرسيليا وملا ظهرت الحاجة إلى تقنين هذه العادات والتقاليد في مجموعات قانونية‬

‫لتنظيم أعمال هذه الطائفة أصدر امللك لويس الرابع عشر أمرا ملكيا بتقنين العادات والتقاليد‬

‫الخاصة في مجموعة مستقلة فصدرت في مارس ‪1673‬ـ ‪ 1681‬وهي خاصة بالشركات واألوراق‬

‫التجارية واإلفالس ويطلق عليها مجموعة سافاري وتبعتها مجموعة خاصة بالتجارة البحرية وتعتبر‬

‫هذه األوامر امللكية مرجعا وافيا للقانون التجاري والبحري لكثرة ما تناولتها من موضوعات‪.‬‬

‫وكان القانون التجاري في أول أمره قانونا شخصيا فكان يعد تاجرا كل من هو مقيد في السجل التجاري‬

‫وبعد إلغاء نظام الطوائف عقب الثورة الفرنسية ‪ 1789‬وإعالن مبدأ حرية التجارة تكونت لجنة عام ‪1801‬‬

‫لوضع مشروع القانون التجاري على أساس هذه املبادئ الجديدة فأخد القانون التجاري طابعا موضوعيا‬

‫حيث وضعت فكرة العمل التجاري كأساس لتطبيق أحكام القانون التجاري وأصبح التاجر هو من يتخذ‬

‫األعمال التجارية حرفة معتادة له ولم يعد التاجر من هو مقيد بالسجل التجاري(‪.)2‬‬

‫*عرفت الجزائر تغييرات جذرية من حيث نظامها االقتصادي والسياس ي واالجتماعي والتي سايرتها‬

‫تغييرات على املنظومة القانونية التجارية واالقتصادية‪ .‬فقد صدر القانون التجاري الجزائري باألمر رقم‬

‫‪ 59-75‬بتاريخ ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬والذي عرف بدوره تعديالت متعاقبة نذكر منها‪ :‬تعديل ‪1990‬‬

‫‪1993،1996،‬‬

‫مصطفى كمال طه‪ :‬الوجيز في القانون التجاري‪ -‬ص ‪201‬‬


‫عزيز العكيلي‪ :‬الوسيط في شرح القانون التجاري‪ -‬األعمال التجارية‪ -‬التاجر‪ -‬المتجر‪ -‬العقود التجارية‪ -‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ -‬عمان ‪-2008‬‬
‫‪2‬‬
‫ص ‪41 -40‬‬

‫‪21‬‬
‫وتعديل ‪ .1 2015 ،2005 ،1997 ،1996‬وفي ظل الثورة املعلوماتية وتطور التكنولوجي لوسائل االعالم‬

‫واالتصال وولوج الجزائر نموذج اقتصاد املعرفة باعتماد نمط املؤسسات الناشئة وحاضنات األعمال‬

‫اضطر املشرع إلى مواكبة هذا التطور بإصدار قانون ‪ 09-22‬مؤرخ في ‪ 05‬ماي ‪ 2 2022‬املعدل واملتمم لألمر‬

‫رقم ‪ 59-76‬املؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1976‬املتضمن القانون التجاري الجزائري وذلك باستحداث نوع جديد‬

‫من الشركات التجارية سميت ب ـ ــ" شركة املساهمة البسيطة" خدمة للشباب حاملي املشاريع‪.‬‬

‫قانون ‪20-15‬مؤرخ في ‪ 2015/12/30‬يعدل و يتمم األمر رقم ‪ 59-75‬الصادر في ‪1975/09/26‬‬ ‫‪1‬‬

‫قانون ‪ 09-22‬الصادر في ‪ 2022/05/05‬المعدل و المتمم للقانون التجاري رقم ‪ 59-75‬الصادر في ‪1975/09/26‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مصادرالقانون التجاري‬

‫كلمة مصدر تعني املنبع بصفة عامة‪ .‬وللقانون عدة مصادر أو منابع استقى منها أساسه هو املصدر‬

‫املوضوعي أو املادي واملصدر التاريخي واملصدر الرسمي واملصدر التفسيري‪ .‬ويقصد باملصدر املادي أو‬

‫املوضوعي للقانون الظروف االجتماعية التي استمد منها نشأته على خالف املصدر التاريخي الذي يمثل‬

‫الظروف التاريخية التي تكون عبرها القانون‪ .‬ويقصد باملصدر الرسمي للقانون املصدر الذي تستمد منه‬

‫القاعدة قوتها امللزمة على خالف املصدر التفسيري الذي ال يلزم القاض ي بالرجوع إليه إنما يلجأ له من‬

‫قبيل االستئناس‪ .‬وللقانون التجاري بصفة عامة كبقية فروع القانون عدة مصادر نقتصر منها على‬

‫املصادر الرسمية واملصادر التفسيرية وهي الفقه والقضاء باعتبارهما مصدرين تفسيريين يلجأ إليها‬

‫القاض ي إذا أعوزه التشريع التجاري و التشريع املدني و أحكام الشريعة اإلسالمية و أعراف املهنة (‪.)1‬‬

‫غير أن للقانون التجاري مصادر دولية مثل املعاهدات واالتفاقيات الدولية‬

‫املطلب األول‪ :‬املصادرالرسمية للقانون التجاري‬

‫أوال ‪ :‬ال ـت ـش ـريع‬

‫يحتل التشريع املرتبة األولى بين مختلف املصادر‪ ،‬وعلى القاض ي أن يرجع إليه أوال وال يرجع إلى غيره من‬

‫املصادر إال إذا لم يجد نصا تشريعيا يطبق على الحالة املعروضة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أكمون عبد الحليم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪34‬‬

‫‪23‬‬
‫ويتمثل التشريع كمصدر من مصادر القانون التجاري فيما يلي‪:‬‬

‫أ) ـ املجموعة التجارية‪:‬‬

‫ويقصد بها قواعد وأحكام القانون التجاري الصادر عام ‪.)1(1975‬‬

‫ب) ـ املجموعة املدنية‪:‬‬

‫ويقصد بها قواعد وأحكام القانون املدني الصادر عام ‪.1975‬‬

‫فالقاعدة األساسية أن نصوص املجموعة التجارية هي التي تحكم أصال املواد التجارية على أنه إذا لم يرد‬

‫في هذه القوانين التجارية نصوص خاصة بعالقات معينة تعين الرجوع إلى أحكام القانون املدني باعتباره‬

‫الشريعة العامة التي تنظم جميع العالقات سواء كانت تجارية أو مدنية‪ .‬فكما سبق أن ذكرنا تعتبر أحكام‬

‫وقواعد القانون التجاري استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة ال يحكمها نص خاص‪ ،‬وإذا‬

‫وجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري مهما كان تاريخ نفاده وذلك تطبيقا‬

‫للقاعدة التفسيرية التي تقض ي بأن النص الخاص يغلب على النص العام بشرط أن يكون كال النصين على‬

‫درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آمرا واآلخر مفسرا وجب األخذ بالنص اآلمر ألنه نص ال يجوز االتفاق‬

‫على مخالفته(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشريعة اإلسالمية‬

‫اعتبر القانون املدني الجزائري في مادته األولى مبادئ الشريعة اإلسالمية املصدر الرسمي الثاني بعد‬

‫التشريع وقبل العرف‪ ،‬ومعنى ذلك أن القاض ي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في‬

‫النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية‪ .‬واملقصود بهذه املبادئ القواعد‬
‫املست ّ‬
‫مدة من القرآن الكريم والسنة واإلجماع واالجتهاد‪.‬‬

‫المعدل والمتم بالقانون رقم ‪ 87 - 20‬المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر المتضمن قانون المالية ‪ 1988‬والقانون رقم ‪ 88 - 04‬المؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪1988‬‬
‫المحدد للقواعد الخاصة المطبقة على المؤسسات العمومية االقتصادية والقانون رقم ‪ 90 - 22‬المؤرخ في ‪ 18‬أوت ‪ 1990‬المتعلق بالسجل التجاري‬
‫والمعدل بالقانون ‪ 91 - 14‬المؤرخ في ‪ 7‬ماي ‪ 1983‬المتعلق باستعمال السندات التجارية في المعامالت التجارية بين المتعاملين العموميين والمعدل‬
‫‪1‬‬
‫بالقانون رقم ‪ 27 -96‬المؤرخ في ‪ 09‬ديسمبر ‪.1996‬‬
‫‪2‬‬
‫نادية فضيل‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪.47‬‬

‫‪24‬‬
‫ـ ثالثا ـ العرف‪:‬‬

‫العرف التجاري هو ما درج عليه التجار من قواعد في تنظيم معامالتهم التجارية بحيث تصبح لهذه‬

‫القواعد قوة ملزمة فيما بينهم شأنها شأن النصوص القانونية‪ .‬وإذا كان التشريع دائما مكتوبا فإن العرف‬

‫غير مدون كما أن هذا األخير هو قانون تلقائي ال إرادي على عكس التشريع الذي يعتبر مصدر إراديا‬

‫ومقصودا‪ .‬ويبدأ العرف تكوينه عندما يتفق اثنان على تنظيم تصرف ما على وجه معين ثم يتبع باقي‬

‫األشخاص نفس هذا التنظيم فيما يتعلق بهذا التصرف فترة من الزمن لدرجة أنهم يشعرون بأنه أصبح‬

‫ملزما لهم دون النص عليه‪ .‬فهو في الواقع نوع من االتفاق الضمني على ضرورة إتباع قواعد معينة في‬

‫حاالت معينة‪ .‬على أن ذلك ال يعني أن العرف واجب التطبيق إذا ما انصرفت إرادة األفراد إليه فقط بل‬

‫إنه واجب التطبيق طاملا لم تتجه إرادة املتعاقدين إلى استبعاده حتى ولو ثبت عدم علم األطراف به ذلك‬

‫ألن العرف يستمد قوته امللزمة من إيمان الجميع به واعتباره حكما عاما كالتشريع تماما‪.‬‬

‫ويتمتع العرف في مجال القانون التجاري بمكانه كبيرة عن بقية فروع القانون اآلخر وذلك رغم ازدياد‬

‫النشاط التشريعي وازدياد أهميته ذلك أن هذا الفرع من القانون نشأ أصال نشأة عرفية ولم يدون إال في‬

‫فترة متأخرة عن بقية فروع القانون‪.‬‬

‫والعرف قد يكون عاما متبعا في الدولة بأسرها وقد يكون محليا ويقع على الخصوم عبء إثبات العرف وقد‬

‫جرى العمل على استخراج شهادات من الغرف التجارية بوجوده ومن األمثلة على العرف التجاري قاعدة‬

‫افتراض التضامن بين املدينين بديون تجارية إذا تعددوا خالفا للقاعدة العامة املنصوص عليها في القانون‬

‫املدني (‪ 7/2‬مدني جزائري) والتي تقض ي بأن التضامن ال يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في‬

‫القانون(‪.)1‬‬

‫يعتبر العرف التجاري ثالثا في املرتبة أي بعد الشريعة اإلسالمية بمعنى أنه للقاض ي األخذ به في حالة عدم‬

‫وجود نص تشريعي أو حكم من الشريعة اإلسالمية يحكم العالقة املعروضة إذا إخذنا بالترتيب الذي‬

‫‪ 1‬علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪85 -84‬‬

‫‪25‬‬
‫قضت به املادة األولى من القانون املدني و التي تحدد مصادر القانون في الجزائر‪1‬‬

‫*إشكالية التنازع بين أحكام الشريعة اإلسالمية و قواعد العرف كأول مصدر رسمي احتياطي للقانون‬

‫التجاري الجزائري‪.‬‬

‫إن املتفحص للقانونين املدني والتجاري الصادرين على التوالي تحت رقم ‪ 58-75‬و‪ 59-75‬بتاريخ ‪26‬‬

‫سبتمبر ‪1975‬يصعب عليه تحديد املصدر االحتياطي األول للقانون التجاري الجزائري بعد التشريع‪.‬‬
‫إن املادة األولى من القانون املدني الجزائري ّ‬
‫حددت مصادر القانون بالترتيب وهي التشريع ث ّم مبادئ‬
‫الشريعة اإلسالمية ّ‬
‫ثم العرف يليه مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة‪ ،‬في حين إن القانون التجاري‬

‫الصادر بنفس التاريخ الذي صدر فيه القانون املدني نجده خاليا من أي نص يحدد مصادر القانون‬

‫التجاري الجزائري بالترتيب‪.‬‬

‫وعمال بالقاعدة األساسية التي تعتبر القانون التجاري قانونا خاصا واستثنائيا ما لم يوجد نص خاص‪،‬‬

‫يطبق القانون املدني باعتباره الشريعة العامة‪.‬‬


‫ثم القانون املدني‪ّ ،‬‬
‫ثم مبادئ‬ ‫وتبعا لذلك ّ‬
‫تحدد مصادر القانون التجاري في التشريع أي القانون التجاري ّ‬

‫الشريعة اإلسالمية والعرف ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة‪ ،‬وبالتالي تعتبر مبادئ الشريعة‬

‫اإلسالمية املصدر االحتياطي األول للقانون التجاري الجزائري‪.‬‬

‫إال أنه بصدور قانون السجل التجاري رقم ‪ 22-90‬بتاريخ ‪ 18‬أوت ‪ 1990‬أعاد طرح هذا االشكال من خالل‬

‫نص املادة األولى منه التي تقض ي ما يلي‪« :‬ينظم القانون التجاري وأعراف املهنة وقرارات املحاكم‬

‫املختصة في املجال التجاري العالقات بين التجار‪"......‬‬

‫نخلص من استقراء نص هذه املادة أن العرف هو املصدر االحتياطي األول للقانون دون تضمين املشرع‬

‫القانون التجاري نص صريح على ذلك‪.‬‬

‫غير أنه بموجب األمر رقم ‪ 27-96‬الصادر بتاريخ ‪09‬ديسمبر ‪ 1996‬املتضمن القانون التجاري املعدل‬

‫انظر المادة األولى من القانون المدني الجزائري الصادر باألمر رقم‪ 58-75‬بتاريخ ‪1975/09/26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪26‬‬
‫واملتمم ‪ 1‬نصت املادة األولى مكرر منه على ما يلي‪ ":‬يسري القانون التجاري على العالقات بين التجار‪،‬‬

‫وفي حالة عدم وجود نص فيه يطبق القانون املدني وأعراف املهنة عند االقتضاء‪".‬‬

‫وبهذا يكون املشرع قد استدرك االشكال رفع هذا الغموض الذي يكتنف مصادر القانون التجاري ونص‬

‫صراحة على اعتبار العرف املصدر االحتياطي األول للقانون التجاري الجزائري‪.22‬‬

‫وبناء على ما سبق إذا ما عرض نزاع تجاري ‪،‬على القاض ي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في تطبيقه‬

‫لقواعد القانون‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ النصوص اآلمرة املوجودة باملجموعة التجارية‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ النصوص اآلمرة املوجودة بالقانون املدني‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ قواعد العرف التجاري‪.‬‬

‫‪4‬ـ العادات التجارية‪.‬‬

‫‪5‬ـ النصوص التجارية املفسرة‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ النصوص املدنية املفسرة‪.‬‬

‫أما ما يتفق عليه صراحة أطراف النزاع فيأتي قبل التشريع أو العرف إن لم يكن حكما آمرا‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬املصادرالتفسيرية للقانون التجاري‬

‫يقصد بمصادر القانون التفسيرية املصادر التي يتمتع القاض ي إزاءها بسلطة اختيارية إن شاء رجع إليها‬

‫للبحث عن حل النزاع املعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعها‪ .‬فاملصادر التفسيرية على خالف املصادر‬

‫الرسمية مصادر اختيارية إن شاء القاض ي رجع إليها للبحث عن حل النزاع أمامه دون إلزام عليه‬

‫بإتباعها(‪ .)3‬ويعتبر القضاء والفقه من املصادر التفسيرية‪.‬‬

‫‪ 1‬األمر رقم ‪ 27-96‬المعدل و المتمم لألمر رقم ‪ 59-75‬الصادر في ‪ 1975/09/26‬المتضمن القانون التجاري‪.‬‬
‫‪ 2‬علي بن غانم‪:‬مرجع سابق‪-‬ص ‪ 82‬و ما يليها‬
‫‪3‬‬
‫أنظر علي البارودي‪ :‬مبادئ القانون التجاري و البحري‪ -‬دار المطبوعات الجامعية‪ -‬القاهرة ‪ -1977‬ص ‪ 41‬و ما بعدها‬

‫‪27‬‬
‫‪1‬ـ القضاء ‪:‬‬

‫يقصد بالقضاء مجموعة األحكام الصادرة من مختلف املحاكم في املنازعات التي عرضت عليها‪ ،‬كما يقصد‬

‫بها مدة الحجية التي تتمتع بها هذه األحكام وهو ما يطلق عليه بالسابقة القضائية‪ ،‬وهذه األخيرة تمثل‬

‫األحكام التي تصدر في املسائل القانونية الجديدة ذات األهمية الخاصة والتي لم يرد حلها في القانون‪.‬‬

‫ويعتبر دور القضاء بالنسبة لهذه السوابق دور خالق يوسع بمقتضاها نطاق تطبيق القانون حيث تؤدي‬

‫إلى حلول ملوضوعات مماثلة ملا صدرت بشأنها في املستقبل‪.‬‬

‫ويالحظ أن دور القضاء في الجزائر كما هو الحال في التشريعات األوربية‪ ،‬حيث يسود فيها التشريع يقتصر‬

‫على تفسير القاعدة القانونية دون إنشائها ذلك أن القضاء ال يعتبر مصدرا للقانون باملقارنة إلى مصدر‬

‫التشريع‪ .‬فاختصاص القاض ي الجزائري هو تطبيق للقانون في الحاالت املعروضة عليه دون أن تكون‬

‫ألحكامه قيمة القاعدة امللزمة‪.‬‬

‫ويختلف موقف القضاء في القانون اإلنجليزي والبالد األنجلوسكونية بصفة عامة حيث تسود قاعدة‬

‫السابقة القضائية والتي بمقتضاها تلزم املحاكم في أحكامها بما سبق أن صدر من جهات قضائية أخرى‬

‫سواء كانت أعلى درجة منها أو مساوية لها ويترتب على ذلك اعتبار القضاء وفقا لهذا النظام مصدرا ملزما‬

‫للقانون‪ .‬ومن أمثلة النظم القانونية التي وضعها القضاء التجاري‪ ،‬الشركات الفعلية واإلفالس الفعلي‬
‫و الحساب الجاري‪ ،‬و كذلك اجتهاد القضاء في نظرية العمل التجاري(املادة ‪ 02‬و ‪ 04‬ق‪.‬ت‪.‬ج)‪1‬‬

‫‪2‬ـ الفقه ‪:‬‬

‫يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده‪ .‬فالفقهاء يقومون‬

‫باستنباط األحكام القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة هذا الفرع من‬

‫فروع القانون‪ .‬والرأي السائد أن الفقه ال يعتبر مصدرا للقانون حيث تقتصر وظيفته على مجرد شرح‬

‫القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صالت ثم استنتاج مبادئ عامة في‬

‫‪1‬‬
‫‪Yves Reinhard : droit commercial- 5eme Ed-P. 25‬‬

‫‪28‬‬
‫تطبيقات مماثلة وذلك دون أن يكون مصدرا ملزما للقاض ي‪.‬‬

‫وقد ساعد الفقه كثيرا في تطوير مواد القانون التجاري نتيجة نقد الحلول القانونية والقضائية وإبراز‬

‫مزاياها وعيوبها وما بها من تناقض‪ ،‬وأدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور في املواد القانونية‪.1‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬امل ـصــادرالدولية للقانون التجاري‬

‫تلعب املصادر الدولية دورا متزايد األهمية وذلك بازدياد ظاهرة الطابع الدولي للقانون التجاري‪ .‬فتارة تكون‬

‫هذه املصادر الدولية هي القانون الواجب التطبيق عندما تطرح إشكالية تنازع القوانين‪ ،‬وتارة أخرى تكون‬

‫هي القانون الواجب التطبيق باعتبارها قواعد دولية انصرفت نية األطراف إلى األخذ بها عندما ال تتعارض‬

‫مع النظام العام لقانون أحد األطراف‪ .‬كما تلعب املصادر الدولية دورا هام في توحيد القانون التجاري‬

‫عندما يتبناه املشرع الوطني في قوانينه الداخلية أو عندما ينضم بلد إلى إحدى املعاهدات الدولية املنظمة‬

‫ملسألة من مسائل القانون التجاري‪.‬‬

‫وتعرف املعاهدات أو االتفاقيات الدولية بأنها اتفاق أو تطابق أكثر من إرادة من أجل إنتاج آثر قانوني ما‪.‬‬

‫كما تعرف املعاهدات الدولية بأنها االتفاق املبرم بين الدول أو أعضاء املجتمع الدولي بغرض إنتاج آثار‬

‫قانونية في عالقاتهم التبادلية‪.‬‬

‫ومن املعاهدات واالتفاقيات الدولية كمصدر للقانون التجاري نذكر‪:‬‬

‫* قواعد يورك وانفارس الخاصة بنظام الخسائر املشتركة لعام ‪ 1864‬واملعدلة في ‪.1974‬‬

‫*اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬املنظمة ملجال النقل الدولي‪.‬‬

‫* معاهدة وارسو ببولونية لسنة ‪ 1928‬للبيوع البحرية (النقل البحري)‬


‫*اتفاقية وارسو ببولونيا لسنة ‪ 1929‬املنظمة ملجال النقل ّ‬
‫الجوي‬

‫* معاهدة برن بسويسرا لسنة ‪ 1890‬و‪ 1953‬حول النقل عن طريق السكة الحديدية‬

‫* اتفاقية جنيف لسنة ‪ 1830‬و‪ 1931‬الخاصة باألوراق التجارية (الشيك‪ -‬السفتجة‪ -‬السند ألمر)‬

‫من أجل االطالع على أهم المراجع الفقهية في القانون التجاري أنظر‪:‬‬
‫‪J.Ripert-R.Roblot : traité élémentaire du droit commercial-T1-15eme Ed. G.D.J- Paris 1993-P.47‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫* اتفاقية مراكش لـ ‪ 25‬أفريل ‪ 1994‬الخاصة باالتفاق العام حول التسعيرات الجمركية‬

‫والتجارة(‪ )GATT‬وغيرها‪...‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬األعمال التجارية في القانون التجاري الجزائري‬

‫لقد عدد املشرع الجزائري األعمال التجارية من املواد من الثانية إلى الرابعة من القانون التجاري‪ ،‬ومعنى‬

‫ذلك أن هذه األعمال هي التي حسم املشرع تحديد طبيعتها‪ .‬ولم يعد ثمة شك في صفتها التجارية‪ ،‬حيث‬

‫أصبغ عليها املشرع بنص صريح هذه الصفة وال يجوز لألفراد مخالفة هذا الوصف‪ .‬وباعتبار أن املشرع‬

‫أراد إخضاع العمل لنظام قانوني معين‪ ،‬هو القانون التجاري فال يجوز لهم إخضاعه لنظام قانوني آخر‪،‬‬

‫ولذلك فإن وصف العمل والفصل في تحديد طبيعته والنتائج املترتبة على ذلك تعتبر مسألة قانونية‬

‫تخضع لوقاية محكمة النقض‪.‬‬

‫إال أننا نالحظ أن املشرع الجزائري‪ ،‬في التعداد الذي وضعه لم يتبع معيارا ثابتا‪ .‬فأحيانا يعتبر العمل‬

‫تجاريا ولو وقع منفردا‪ ،‬وتارة أخرى يشترط مباشرة العمل على وجه املقاولة‪ ،‬بحيث أنه لو تم مباشرة نفس‬

‫العمل بصفة منفردة ملا اعتبر تجاريا‪.‬‬

‫على أنه يجب اعتبار األعمال التجارية التي نص عليها املشرع الجزائري واردة على سبيل املثال ال الحصر‪،‬‬

‫وذلك ما يفهم صراحة من نص املادة الثانية من قولها " يعد عمال تجاريا بحسب موضوعه ‪ "...‬ألن املشرع‬

‫لو أراد اعتبار األعمال التجارية التي عددها على سبيل الحصر‪ ،‬لكانت الصياغة كما يلي‪:‬‬

‫األعمال التجارية بحسب موضوعه هي ‪ ،...‬وعليه فإن الرأي الراجح في هذا املجال هو جواز االجتهاد في‬

‫القياس على هذه األعمال وإضافة غيرها إليها(‪.)1‬‬

‫هذا بالنسبة لألعمال التجارية حسب موضوعها‪ ،‬ثم تناول املشرع الجزائري فئة من األعمال اعتبرها‬

‫أعماال تجارية من حيث الشكل (املادة ‪ ،)3‬وطائفة ثالثة من األعمال اعتبرها تجارية بالتبعية (املادة ‪.)4‬‬

‫وعلى ذلك تقسم األعمال التجارية في التشريع الجزائري على النحو التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد محرز‪ :‬القانون التجاري الجزائري‪ -‬ج‪ -1‬الجزائر ‪ -1978‬ص ‪55‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ 1‬ـ األعمال التجارية بحسب موضوعها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ األعمال التجارية بحسب شكلها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ األعمال التجارية بالتبعية‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ األعمال املختلطة‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬األعمال التجارية بحسب موضوعها‬

‫وهي تلك األعمال التي تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها‪ ،‬ومعظم هذه األعمال تتعلق‬

‫بتداول املنقوالت‪ ،‬من مأكوالت وبضائع وأوراق مالية‪ ،‬وتصدر بقصد تحقيق الربح‪ ،‬والبعض منها اعتبره‬

‫القانون تجاري بالرغم من عدم تعلقه بتداول الثروات‪ .‬ثم إن من هذه األعمال ما يعتبر تجاريا‬

‫ولو وقع منفردا والبعض منها ال يكون تجاريا إال إذا صدر على وجه املقاولة‪.‬‬

‫واألعمال التجارية حسب موضوعها في نصوص القانون التجاري الجزائري‪ ،‬تنقسم إلى فئتين‪،‬‬

‫أعمال تقع منفردة وأعمال تتم ممارستها على سبيل املشروع أو املقاولة‪.‬‬

‫أ ـ األعمال التجارية املنفردة‪ ،‬وتشمل‪:‬‬

‫* شراء املنقوالت إلعادة بيعها بعينها أو بعد تحويلها وشغلها‪.‬‬

‫* شراء العقارات إلعادة بيعها‪.‬‬

‫* العمليات املصرفية وعمليات الصرف والسمرة‪.‬‬

‫* عمليات الوساطة لشراء وبيع العقارات واملحالت التجارية والقيم العقار (‪.)1‬‬

‫وعموما تعد عملية الشراء من أجل البيع من أهم مظاهر الحياة التجارية‪ ،‬حيث عن طريقها يتم التبادل‬

‫وتوزيع الثروات‪ .‬ولو أن املشرع الجزائري اعتبر حدوثها ولو مرة واحدة عمال تجاريا حتى ولو كان القائم بها‬

‫ال يكتسب صفة التاجر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 02‬من األمر رقم ‪ 59-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬المتضمن القانون التجاري الجزائري‬

‫‪31‬‬
‫وال يشترط أن يكون مقابل الشراء نقدا‪ ،‬بل يكفي أن يكون بمقابل‪ ،‬كما هو الحال في املقايضة‪ .‬أما إذا‬

‫انتفى املقابل فال يكون عنصر الشراء متحققا في هذه الحالة‪ ،‬كما لو اكتسب الشخص أمواال عن طريق‬

‫الهيبة أو الوصية أو امليراث‪ .‬ومنه فإن بيع املنتج األول ملنتجاته التي لم يسبقها شراء ال تعد عمليات تجارية‬

‫كما في حالة استغالل املوارد الطبيعية واملجهود الذهني والبدني‪ .‬غير أن كل من يقوم بالوساطة لبيع هذه‬
‫األعمال يعد عمال تجاريا كدور النشر و دور العرض ألنها تجني أرباحا(‪)1‬‬

‫ب ـ األعمال التجارية على وجه املقاولة‪:‬‬

‫وقد عددت املادة الثانية تجاري األعمال التي تكتسب الصفة التجارية إال إذا وقعت على سبيل املقاولة‬

‫وهي‪:‬‬

‫(‪ )1‬كل مقاولة لتأجير املنقوالت أو العقارات‪.‬‬

‫(‪ )2‬كل مقاولة لإلنتاج أو التحويل أو اإلصالح‪.‬‬

‫(‪ )3‬كل مقاولة للبناء الحفر أو لتمهيد األرض‪.‬‬

‫(‪ )4‬كل مقاولة للتوريد أو الخدمات‪.‬‬

‫(‪ )5‬كل مقاولة الستغالل املناجم أو املناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو منتوجات األرض األخرى‪.‬‬

‫(‪ )6‬كل مقاولة الستغالل النقل أو االنتقال‪.‬‬

‫(‪ )7‬كل مقاولة الستغالل املالهي العمومية أو اإلنتاج الفكري‪.‬‬

‫(‪ )8‬كل مقاولة للتأمينات‪.‬‬

‫(‪ )9‬كل مقاولة الستغالل املخازن العمومية‪.‬‬

‫(‪ )10‬كل مقاولة لبيع السلع الجديدة باملزاد العلني أو األشياء املستعملة بالتجزئة بالجملة‪.‬‬

‫(‪ )11‬كل عملية مصرفية أو عملية صرف أو سمسرة أو خاصة بالعمولة‪.‬‬

‫(‪ )12‬كل عملية توسط لشراء وبيع العقارات أو املحالت التجارية والقيم العقارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حسين النوري‪ :‬األعمال التجارية و التاجر‪ -‬مكتية عين شمس‪ -‬دار الجيل للطباعة‪ -‬اإلسكندرية ‪ -1976‬ص ‪16‬‬

‫‪32‬‬
‫(‪ )13‬كل مقاولة لصنع أو شراء أو بيع وإعادة بيع السفن للمالحة البحرية‪1.‬‬

‫(‪ )14‬كل شراء وبيع لعتاد أو مؤمن للسفن‪.‬‬

‫(‪ )15‬كل تأجير أو اقتراض أو قرض بحري باملغامرة‪.‬‬

‫(‪ )16‬كل عقود التأمين والعقود األخرى املتعلقة بالتجارة البحرية‪.‬‬

‫(‪ )17‬كل االتفاقيات واالتفاقات املتعلقة بأجور الطاقم وإيجارهم‪.‬‬

‫(‪ )18‬كل الرحالت البحرية‪.‬‬

‫واملقصود باملقاوالت تلك املشروعات التي تتطلب قدرا من التنظيم ملباشرة األنشطة االقتصادية سواء‬

‫كانت صناعية أو تجارية أو زراعية أو خدمات وذلك بتضافر عناصر مادية (رأس املال) وبشرية (العمل)‪.‬‬

‫ويقتض ي هذا التنظيم عنصرا االحتراف واملضاربة‪ ،‬ويعني االحتراف ممارسة النشاط على وجه التكرار‪ .‬كما‬

‫تكون املضاربة على عمل الغير بقصد تحقيق الربح‪ .‬فإذا لم يتحقق في النشاط عنصري االحتراف‬

‫واملضاربة ال يكتسب هذا النشاط شكل املشروع‪ ،‬و يعتبر القائم بالنشاط في هذه الحالة حرفيا وليس‬

‫تاجرا(‪ )2‬فإذا ثبت للنشاط صفة التجارية فإنه يخضع القانوني التجاري هذا و قد وردت املقاوالت‬

‫بالقانون التجاري على سبيل املثال ال الحصر لذلك فإنه يجوز أن يضيف القضاء غيرها بطريق القياس‬

‫أو االجتهاد كلما ظهرت الحاجة إلى ذلك بسبب متغيرات الظروف االجتماعية و االقتصادية‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬األعمال التجارية بحسب الشكل‬

‫تنص املادة ‪ 3‬من القانون التجاري الجزائري على أنه " يعد عمال تجاريا بحسب شكله‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ التعامل بالسفتجة بين كل األشخاص‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الشركات التجارية‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ وكاالت ومكاتب األعمال مهما كان هدفها‪.‬‬

‫‪ 1‬عدلت باألمر رقم ‪ 27-96‬المؤرخ في ‪1996/12/09‬‬


‫‪2‬‬
‫إلياس ناصف‪ :‬الكامل في قانون التجارة‪ -‬بيروت ‪ -1985‬ص ‪ 32‬و مابعدها‬

‫‪33‬‬
‫‪ 4‬ـ كل عقد تجاري يتعلق بالتجارة البحرية والجوية‪.‬‬

‫ويتضح من هذا النص أن املشرع الجزائري أصبغ الصفة التجارية ليس فقط على األعمال التجارية حسب‬

‫موضوعها‪ ،‬وهي التي تقدم عرضها‪ ،‬بل أيضا على بعض األعمال التي تتخذ شكال معينا‪.‬‬

‫وبذلك يكون القانون الجزائري قد أخذ باملعيارين الوضعي والشكلي‪.‬‬

‫ونتناول دراسة السفتجة والشركات التجارية لكثرة تداولهما في مطلبين اثنين‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬السفتجة‬

‫تعود تسمية السفتجة إلى أصل فارس ي‪ ،‬وكان يطلق عليها كلمة سفته أي الش يء املحكم‪ ،‬وقد نقلها العرب‬

‫و املسلمون عن الفرس و أعطوها تسمية سفتجة‪ ،‬وهي أقدم األوراق التجارية فضال عن أنها محور قانون‬

‫الصرف(‪.)1‬‬

‫وفقد شاعت كلمة كمبيالة في مصر تحريفا للعبارة اإليطالية ‪EFTTRA DI CAMBIO‬ومعناها في‬

‫اإليطالية ورقة الصرف والكمبيالة‪ .‬والسفتجة ورقة تجارية تتضمن أمرا من شخص يسمى الساحب إلى‬

‫شخص آخر يسمى املسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود في تاريخ معين إلذن شخص ثالث هو‬

‫املستفيد‪ .‬ويفهم مما تقدم أن السفتجة تتضمن ثالثة أطراف هم‪ :‬الساحب وهو الذي يصدر األمر بالدفع‬

‫و املسحوب عليه وهو الذي يتلقى األمر بالدفع و املستفيد و هو الذي يصدر األمر بالدفع لصالحه(‪. )2‬‬

‫والغالب أال يحتفظ املستفيد بالسفتجة حتى ميعاد االستحقاق بل يتنازل عنها للغير بطريق التظهير‬

‫ويسمى من ينتقل إليه الحق الثابت في السفتجة بالحامل‪ ،‬ولهذا األخير أن يتنازل بدوره عن الورقة حتى‬

‫تستقر في يد الحامل األخير الذي يقمها إلى املسحوب عليه للوفاء بقيمتها‪ ،‬والغالب كذلك أال ينتظر‬

‫املستفيد من السفتجة والحملة املتعاقبون من بعده حتى حلول ميعاد االستحقاق ثم يقدمها إلى‬

‫املسحوب عليه للوفاء‪ ،‬بل أن له تقديمها إليه قبل ميعاد االستحقاق لكي يوقع عليها بالقبول‪ .‬و يلتزم‬

‫راشد راشد‪ :‬األوراق التجارية‪ -‬اإلفالس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري‪ -‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ -‬ط ‪ 2‬الجزائر ‪-1994‬‬
‫‪1‬‬
‫ص ‪02‬‬
‫‪2‬‬
‫نادية فضيل‪ :‬األوراق التجارية في القانون الجزائري‪ -‬دار هومه‪ -‬ط ‪ -11‬الجزائر ‪ -2006‬ص ‪ 02‬و ‪.03‬‬

‫‪34‬‬
‫الساحب وكل من الحملة املتعاقبين للسفتجة تجاه الحامل األخير بضمان القبول من جهة و ضمان‬

‫الوفاء في ميعاد االستحقاق من جهة أخرى(‪.)1‬‬

‫وأشخاص السفتجة الثالثة (الساحب واملسحوب عليه واملستفيد) تجمع بينهم عالقات قانونية سابقة‪.‬‬

‫فالساحب يسحب السفتجة على املسحوب عليه ألنه دائن للمسحوب عليه بمبلغ مساوي لقيمة السفتجة‬

‫يمثل مثال بضاعة أو مبلغ قرض‪ ،‬وهذا الحق الذي للساحب على املسحوب عليه يسمى مقابل الوفاء‪.‬‬

‫وهناك عالقة أخرى بين الساحب واملستفيد يكون فيها األول مدينا للثاني كأن يشتري الساحب بضاعة من‬

‫املستفيد ويحرر له السفتجة وفاء بالثمن‪.‬‬

‫ويعتبر عمال تجاريا التزام كل من يوقع على السفتجة بصفته ساحبا أو مظهرا أو ضامنا أو مسحوبا عليه‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى تعتبر السفتجة ورقة تجارية بحسب الشكل في جميع األحوال أيا كانت صفة ذوي الشأن فيها‬
‫تجارا أو غير ّ‬
‫تجار ّ‬
‫وأيا كان الغرض الذي حررت من أجله لعمل تجاري أم مدني(م ‪ 389‬ق‪.‬ت‪.‬ج ) ‪.‬وقد‬ ‫ّ‬

‫أوجبت املادة ‪ 390‬تجاري أن تشتمل السفتجة على البيانات التالية(‪: )2‬‬

‫‪ 1‬ـ تسمية السفتجة في متن السند نفسه وباللغة املستعملة في تحريره‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أمر غير معلق على قيد أو شرط بدفع مبلغ معين‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ اسم من يجب عليه الدفع (املسحوب عليه)‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ تاريخ االستحقاق‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ املكان الذي يجب فيه الدفع‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ اسم من يجب له الدفع له أو ألمره‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ بيان تاريخ إنشاء السفتجة و مكانه‪.‬‬

‫المرجع نفسه‪ -‬ص ‪031‬‬


‫‪2‬‬
‫راشد راشد‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪18‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ 8‬ـ توقيع من أصدر السفتجة (الساحب)‪.‬‬

‫وقد نص املشرع في املادة ‪ 393‬ق‪.‬ت‪.‬ج على أن السفتجة التي توقع من القصر الذين ليسوا ّ‬
‫تجارا تكون‬

‫باطلة بالنسبة لهم‪ .‬وقصد املشرع من ذلك هو حماية القصر من قواعد القانون التجاري الصارمة‬

‫وبخاصة نظام اإلفالس لذي يترتب عليه جزاءات جنائية فضال عن اإلجراءات القانونية القاسية‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن السفتجة التي توقع من غير املأذون لهم بالتجارة وهم من لم يبلغوا ‪ 18‬عاما أو بلغوها دون‬

‫أن يؤذن لهم بمباشرة التجارة طبقا للقانون ال تكتسب الصفة التجارية وان كان يمكن اعتبارها سندا‬

‫عاديا تحكمه وسائل التنفيذ املدنية‪.‬‬

‫صورة السفتجة‬

‫تلمسان في ‪2008/05/11‬‬

‫إلى (اسم املسحوب عليه) التاجر بوهران ساحة املدينة الجديدة رقم ‪10‬‬

‫ادفعوا بموجب هذه السفتجة ألمر (اسم املستفيد) بوهران ‪.....‬‬

‫مبلغ مئة ألف دينار في ‪.2009/06/12‬‬

‫الساحب‬ ‫إمضاء‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الشركات التجارية‬

‫تعتبر الشركات التجارية طبقا لنص املادة ‪ 3‬تجاري أعماال تجارية بحسب الشكل‪ .‬كما نصت ال مادة‪544‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تجاري على أنه يحدد الطابع التجاري لشركة ّإما بشكلها أو موضوعها‪ .‬وتعد شركات بسبب شكلها مهما كان‬

‫موضوعها‪ ،‬شركات املساهمة والشركات ذات املسؤولية املحدودة وشركات التضامن‪ .‬فاملشرع بنصه على‬

‫تجارية تلك الشركات حسم الخالف حول طبيعة االكتتاب في أسهم شركة املساهمة‬

‫‪36‬‬
‫أو التصرفات التي يقوم بها الشريك أو املساهم بالنسبة لعقد الشركة التجارية خاصة في حالة عدم توافر‬

‫صفة التاجر فيه أو في األحوال التي تكون فيها مسؤولية الشريك محدودة‪ .‬وعلى ذلك فإن نص املادة ‪3‬‬

‫أوال‪ :‬شركات األشخاص‬

‫وهي الشركات التي يكون فيها االعتبار الشخص ي هو الغالب ويكون لشخص الشريك محل اعتبار‬

‫وأهمية في تكوين الشركة‪ ،‬واالعتبار الشخص ي يؤدي إلى إبرام عقد الشركة على أساس الثقة املتبادلة بين‬

‫الشركاء‪ .‬كما يؤدي إلى تعامل الغير مع الشركة على أساس الثقة بالشركاء ملا يتمتعون به من مؤهالت‬

‫شخصية‪ ،‬وينتج عن ذلك مسؤولية هؤالء الشركاء في أموالهم الشخصية عن ديون الشركة‪ ،‬باإلضافة إلى‬

‫ما قدموه في الشركة‪ .‬ولكن درجة الثقة بأشخاص الشركاء تختلف باختالف نوع الشركة‪ ،‬ووضع الشريك‬

‫فيها واستعداده لتحمل املسؤولية بأمواله الخاصة‪ ،‬باإلضافة إلى ما قدمه للشركة‪ ،‬ومن هنا تنشأ األنواع‬

‫املختلفة لشركات األشخاص‪.‬‬

‫و شركات األشخاص أخذ بها القانون التجاري الجزائري في املواد ( من ‪ 551‬إلى ‪ ) 563‬و هي شركة التضامن‬

‫ـ شركة التوصية البسيطة ـ شركة املحاصة‪.‬‬

‫وفيما يلي نتطرق لشركة التضامن كعينة من شركات األشخاص‬

‫* شرك ــة التضام ــن‪:‬‬

‫شركات التضامن هي أسبق شركات األشخاص ظهورا و أكثرها انتشارا في الواقع العملي بسبب مالءمتها‬

‫لالستغالل التجاري املحدود الذي يقوم به عدد قليل من الشركاء تضمهم روابط شخصية كالقرابة‬

‫أو الصداقة فاالعتبار الشخص ي في هذه الشركات ظاهر و جلي ‪ ،‬ولذلك يطلق عليها النموذج األمثل‬

‫لشركات األشخاص(‪.)1‬‬

‫أكمون عبد الحليم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪1561‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ /1‬خصائص شركة التضامن‪:‬‬

‫لم يضع القانون التجاري الجزائري تعريفا لشركة التضامن وإنما تضمنت نصوصه خصائص هذه‬

‫الشركة واملوجزة فيما يلي‪:‬‬

‫‪1‬ـ أن جميع الشركاء فيها يعتبرون تجارا‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أن مسؤولية الشركاء فيها مسؤولية شخصية تضامنية عن ديون الشركة‪.‬‬

‫و هاتين الخاصيتين تناولتهما (املادة ‪ 551‬ق‪ .‬ت‪.‬ج ) بقولها ‪ " :‬للشركاء بالتضامن صفة التاجر و هم‬

‫مسؤولون من غير تحديد و بالتضامن عن ديون الشركة‪"...‬‬

‫‪3‬ـ أن للشركة عنوان يضم اسم أحد الشركاء أو بعضهم أو كلهم‪ ،‬ويكون هذا العنوان بمثابة االسم‬

‫التجاري لها (املادة ‪ 552‬ق‪ .‬ت‪.‬ج)‪.‬‬

‫‪4‬ـ أن األنظمة فيها عبارة عن حصص غير قابلة للتداول وال يمكن إحالتها إال برضاء جميع الشركاء ‪ .‬إنها‬

‫إنها تقوم على االعتبار الشخص ي في جميع مراحل حياتها سواء في بداية حياتها أو أثناء ممارسة نشاطها‪ ،‬إذ‬

‫يؤثر فيها كقاعدة عامة ما يتأثر به شخص الشريك كموته أو شهر إفالسه ( املادتان ‪ 562‬ـ ‪ 563‬ق‬

‫ق‪.‬ت‪.‬ج)‪.‬‬

‫‪ /2‬تأسيس شركة التضامن‪:‬‬

‫شركة التضامن ال تختلف عن بقية الشركات األخرى من حيث أنها عقد يستلزم توافر األركان العامة‬

‫(الرضا‪-‬األهلية‪-‬املحل‪-‬السبب) واألركان الخاصة (تعدد الشركاء‪-‬تقديم الحصص‪ -‬نية املشاركة‪ -‬اقتسام‬

‫األرباح) باإلضافة إلى األركان الشكلية واملتمثلة في كتابة العقد وتوثيقه ثم شهره‪.‬‬

‫أ‪/‬شهرشركة التضامن‪:‬‬

‫لقد أوجب املشرع الجزائري على أن تثبت الشركة بعقد رسمي وإال كانت باطلة (املادة ‪ 545‬ق‪.‬ت‪.‬ج)‪ .‬كما‬

‫أوجب أيضا شهر عقد الشركة ليتسنى للغير العلم بوجودها‪ ،‬ويتعامل معها على أساس البيانات املشهرة‬

‫والتي يجب أن تتضمن حدا أدنى من املعلومات أهمها‪ :‬أسماء الشركاء وألقابهم‪ ،‬مقدار رأس مال الشركة‬

‫‪38‬‬
‫وعنوانها ومركزها الرئيس ي والغرض من تأسيسها ومدة الشركة‪...‬الخ‪ .‬ويجب كذلك شهر كل تعديل يطرأ‬

‫على العقد التأسيس ي كخروج شريك أو دخول آخر‪ ،‬أو تغيير في املديرين أو إطالة‬

‫أو تقصير مدة الشركة‪ .‬و إجراء شهر العقد التأسيس ي أو تعديالته ال تغني عن إجراءات تسجيلها إذ أوجب‬

‫القانون التجاري ضرورة اتخاذ إجراءات إيداعها لدى املركز الوطني للسجل التجاري و رتب عن عدم‬

‫اتخاذ هذه اإلجراءات البطالن ( ‪ 548‬ق‪ .‬ت‪.‬ج)‪.‬‬

‫ب‪ /‬عنوان شركة التضامن‪:‬‬

‫إن للشركة عنوان وهو عبارة عن تسمية مميزة للشركة عن سواها من الشركات‪ .‬ويتألف عنوان الشركة‬

‫من اسم أحد الشركاء أو بعضهم أو كلهم ويكون بمثابة االسم التجاري لها‪.‬‬

‫و لقد تناول املشرع الجزائري عنوان الشركة في نص ( املادة ‪ 552‬ق‪.‬ت ) بقوله‪ ‘' :‬يتألف عنوان الشركة من‬

‫أسماء جميع الشركاء أو من اسم أحدهم أو أكثر متبوع بكلمة شركاؤه"‪ .‬ويجب أن يعبر عنوان الشركة عن‬

‫حقيقة ائتمانها طوال حياتها‪ ،‬فإذا أدركت الوفاة أحد الشركاء وجب حذف اسمه من عنوانها وكذلك‬

‫الحال في حالة انفصاله منها ألي سبب من األسباب(‪.)1‬‬

‫ج‪ /‬إدارة شركة التضامن‪:‬‬

‫شركة التضامن شخص اعتباري ال يتمتع بوجود طبيعي في أرض الواقع‪ ،‬فهو ال يملك مثل ما يملكه‬

‫اإلنسان من وسيلة للتعبير عن إرادته‪ ،‬لذلك كان طبيعيا أن يوجد لهذا الشخص املعنوي جهاز يتولى‬

‫إدارته والقيام على شؤونه‪ ،‬وهذا الجهاز يتمثل في مدير أو أكثر يعهد إليه أو إليهم بمهمة إدارة الشركة‬

‫وتمثيلها في عالقتها مع الغير‪ .‬و فضال عن ذلك فإنه يلزم مراقبة سير إدارة الشركة حتى ال تنحرف عن‬

‫غرضها‪ ،‬و يلزم أيضا توزيع ثمار و إنتاج الشركة باقتسام أرباحها و خسائرها(‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫الطيب بلولة‪ :‬قانون الشركات‪ -‬بيرتي للنشر‪ -‬ط ‪ -2‬الجزائر ‪ -2013‬ص ‪.167‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحميد الشورابي‪ :‬موسوعة الشركات التجارية‪ -‬منشأة المعارف‪ -‬القاهرة ‪ -1991‬ص ‪ 238‬و ما بعدها‬

‫‪39‬‬
‫د‪ /‬تعيين املديروسلطاته وعزله‪:‬‬

‫*تعيين املدير‪ :‬تنص املادة ‪ 553‬ق‪ .‬ت‪.‬ج على أنه‪ " :‬تعود إدارة الشركة لكافة الشركاء ما لم يشترط في‬

‫القانون األساس ي خالف ذلك‪ ،‬و يجوز أن يعين في القانون املشار إليه مدير أو أكثر من الشركاء أو غير‬

‫الشركاء أو ينص على هذا التعيين بموجب عقد الحق"‪.‬‬

‫إذن األصل في اإلدارة أنها تنعقد لكافة الشركاء‪ ،‬إال أنه يجوز أن يكون املدير شريكا‪ ،‬كما يجوز أن يكون من‬

‫الغير‪ .‬وكذلك يمكن أن يتم تعيينه في القانون األساس ي للشركة أو يعين عن طريق اتفاق مستقل عن‬

‫القانون األساس ي للشركة‪.‬‬

‫ويختلف وضع املدير و سلطاته و عزله باختالف ما إذا كان تعيينه في القانون األساس ي للشركة و يسمى في‬

‫هذه الحالة باملدير االتفاقي ‪ ،‬أو كان تعيينه باتفاق عن القانون األساس ي للشركة ويسمى باملدير غير‬

‫االتفاقي‪.‬‬

‫*عزل املدير‪ :‬لقد حددت املادة ‪ 559‬ق‪ .‬ت‪.‬ج أحكام عزل املدير أو املديرين‪ ،‬و هذا ما سنوضحه في‬

‫الحاالت التالية‪:‬‬

‫حالة املديرالشريك االتفاقي‪:‬‬

‫وقد نصت عليه املادة ‪ 559‬ق‪ .‬ت‪.‬ج ‪":‬إذا كان جميع املديرين أو كان قد عين مدير واحد و عدة مديرين‬

‫مختارين من بين الشركاء في القانون األساس ي فإنه ال يجوز عزل أحدهم من مهامه إال بإجماع آراء الشركاء‬

‫اآلخرين ‪ .‬ويترتب على هذا العزل حل الشركة مالم ينص على استمرارها في القانون األساس ي أو أن يقرر‬

‫الشركاء اآلخرون حل الشركة باإلجماع ‪ ،‬و حينئذ يمكن للشريك املعزول االنسحاب من الشركة مع طلب‬

‫استفاء حقوقه في الشركة و املقدرة قيمتها يوم قرار العزل من طرف خبير معتمد‬

‫و معين إما من قبل األطراف و إما عند عدم اتفاقهم بأمر من املحكمة الناظرة في القضايا املستعجلة ‪،‬‬

‫و كل اشتراط مخالف ال يحتج به ضد الدائنين"‪.‬‬

‫وقد أجازت الفقرة (‪ )4‬من املادة السالفة الذكر لكل شريك الحق في طلب العزل القضائي لسبب قانوني‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫حالة املديرالغيراتفاقي‪:‬‬

‫إذا كان املدير شريكا ولكنه غير اتفاقي أي لم يتعين في القانون األساس ي تطبق أحكام الفقرة ‪ 2/‬من املادة‬

‫السالفة الذكر حيث تنص على أنه " يمكن عزل واحد أو عدة شركاء مديرين من مهامهم إذا كانوا غير‬

‫معينين بالقانون األساس ي‪ .‬حسب الشروط املنصوص عليها في القانون املذكور أو بقرار اإلجماع صادر عن‬

‫الشركاء اآلخرين سواء كانوا مديرين أم ال عند وجود"‪.‬‬

‫حالة املدير غيرالشريك‪:‬‬

‫أما إذا كان املدير غير شريك فيجوز عزله حسب الشروط املنصوص عليها في القانون األساس ي فإن لم‬

‫يكن ذلك فبقرار صادر من الشركاء بأغلبية األصوات ( املادة ‪ 559‬فقرة ‪)3/‬‬

‫و قد أشارت الفقرة األخيرة من املادة السابق ذكرها إلى أنه في حالي عزل املدير من دون سبب مشروع فإنه‬

‫قد يكون موجبا لتعويض الضرر الالحق‪.‬‬

‫* سلطات املدير‪:‬‬

‫األصل أن يحدد القانون األساس ي للشركة أو عقد تعيين املدير‪ ،‬سلطات املدير وحدودها‪ .‬أما إذا لم تعين‬

‫سلطة املدير على هذا النحو جاز له أن يقوم بجميع أعمال اإلدارة والتصرفات التي تدخل في غرض‬

‫الشركة‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 554‬ق‪.‬ت‪.‬ج بقولها‪ " :‬يجوز للمدير في العالقات بين الشركاء‬

‫وعند عدم تحديد سلطاته في القانون األساس ي أن يقوم بكافة أعمال اإلدارة لصالح الشركة "‪.‬‬

‫إال أنه ال يجوز له القيام بالتصرفات التي تخرج عن نطاق غرض الشركة أو تتنافى مع مصلحتها‪.‬‬

‫وقد نصت ( املادة ‪ 555‬فقرة ‪ )1 /‬على أن الشركة تكون ملتزمة بما يقوم به الدير من تصرفات تدخل في‬

‫موضوع الشركة و ذلك في عالقاتها مع الغير‪.‬‬

‫و تنص الفقرة األخيرة من نفس املادة على أنه ال يحتج على الغير بالشروط املحددة لسلطات املديرين‬

‫و ذلك فيما يتعلق بمسؤولية الشركة عن تصرفاتهم‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫من هذه النصوص نرى بأن الشركة باعتبارها شخصا معنويا تلتزم بكافة األعمال القانونية إلدارة الشركة‬

‫متى كانت في الحدود التي تدخل في غرضها‪ ،‬فإذا تجاوزها املدير ال تسأل الشركة عنها‪.‬‬

‫أما في حالة تعدد املديرين و حالة عدم تحديد سلطاتهم‪ ،‬فقد نصت ( املادة ‪ 554‬فقرة ‪ )2/‬على ما يلي ‪'' :‬‬

‫عند تعدد املديرين يتمتع كل واحد منهم منفردا بالسلطات املنصوص عليها في الفقرة املتقدمة و يحق لكل‬

‫واحد منهم أن يعارض في كل عملية قبل إبرامها"‪.‬‬

‫أما املادة ‪ 555‬فقرة ‪ )3/‬ق‪.‬ت‪.‬ج قضت بأنه‪ " :‬ال أثر ملعارضة أحد املديرين ألعمال مدير آخر بالنسبة للغير‬

‫مالم يثبت بأنه كان عاملا به"‪ .‬ونصت الفقرة األخيرة من املادة ‪ 555‬أيضا أنه يجوز االحتجاج على الغير‬

‫بالشروط املحددة لسلطات املديرين في اإلدارة‪ .‬وهذا الذي أقره املشرع الجزائري حماية للغير الذي يتعامل‬

‫مع شركات التضامن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شركة األموال‬

‫شركات األموال هي التي يكون فيها االعتبار املالي هو أساس تكوينها‪ ،‬وتقوم على جمع األموال وال تكون‬

‫مسؤولية الشريك فيها إال بقدر ما يملكه من أسهم ولذلك ال أهمية لالعتبار الشخص ي في هذه الشركات‪،‬‬

‫فال تنقض ي بوفاة احد الشركاء اآلخرين(‪.)1‬‬

‫وقد صنفت شركات األموال إلى أربعة أنواع‪:‬‬

‫ـ الشركة ذات املسؤولية املحدودة ومنشاة ذات الشخص الوحيد‬

‫ـ شركات املساهمة ـ شركات التوصية باألسهم‬

‫احمد محرز ‪ -‬الوسيط في الشركات التجارية – الطبعة الثالثة ‪ -2004‬منشاة المعارف اإلسكندرية –ص‪3971 -‬‬

‫‪42‬‬
‫*شرك ــة املساهمــة‪:‬‬

‫شركة املساهمة هي النموذج األمثل لشركات األموال‪ .‬وقد عرفتها املادة ‪ 592‬ق‪ .‬ت‪ .‬ج بأنها شركة ينقسم‬

‫رأسمالها إلى حصص وتتكون من شركاء ال يتحملون الخسائر إال بقدر حصتهم وال يمكن أن يقل عدد‬

‫الشركاء فيها عن سبعة‪ .‬وقد حددت املواد ‪ 594-593-592‬ق ت ج خصائص شركة املساهمة والتي نوجزها‬

‫فيما يلي‪:‬‬

‫ـ أنها تقوم على االعتبار املالي‪.‬‬

‫ـ مسؤولية الشريك فيها محدودة بقدر ما يملكه من أسهم فيها‪.‬‬

‫ـ ال يجوز أن يكون عدد الشركاء فيها اقل من سبعة‪.‬‬

‫ـ وجوب توفر حد أدنى لرأسمال الشركة واملقدر ب ‪ 05‬ماليين دينار في حالة علنية االدخار ومليون دينار في‬

‫الحالة املخالفة‪.‬‬

‫ـ يجب أن يكون لهده الشركة اسم يميزها عن غيرها ويكون مسبوقا أو متبوعا بذكر شكل الشركة ومبلغ‬

‫رأسمالها(‪.)1‬‬

‫‪ /1‬تأسيس شركة املساهمة(‪)2‬‬

‫أ‪ /‬التأسيس باللجوء لالدخارالعلني‬

‫*وضع مشروع القانون األساس ي‬

‫نص القانون التجاري الجزائري على إجراءات معينة يجب القيام بها من قبل املؤسسين‪ ،‬وبدأ بإعداد‬

‫مشروع القانون األساس ي للشركة الذي يحرر من طرف املوثق بطلب من مؤسس أو أكثر وتودع نسخة من‬

‫هذا العقد باملركز الوطني للسجل التجاري وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 595‬ق‪ .‬ت‪ .‬ج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسه‪ -‬ص ‪ 400‬وما بعدها‬
‫عباس مصطفى المصري – تنظيم الشركات التجارية – دار الجامعة الجديدة للنشر – اإلسكندرية – ‪ – 2002‬ص‪ -2 237‬نادية فوضيل ‪ .‬المرجع‬
‫‪ 2‬السابق – ص ‪164‬‬

‫‪43‬‬
‫يتضح من هذا النص أنه متى تكونت فكرة الشركة واستقر املؤسسين على مشروع تكوينها فإنهم يضعون‬

‫نظامها األساس ي هو بمثابة العقد االبتدائي‪.‬‬

‫*االكتتاب‪ :‬طريقته وشكله‬

‫يعرف االكتتاب بأنه إعالن عن رغبة املكتتب في االنضمام إلى الشركة مقابل اإلسهام في رأس مال الشركة‬

‫بعدد معين من األسهم املطروحة ويتم االكتتاب وفقا ملا تقض ي به املادة ‪ 596‬ق‪ .‬ت‪.‬ج برأس املال بكامله‪.‬‬

‫كما أوجب املشرع في املادة ‪ 597‬ق ت إثبات االكتتاب باألسهم النقدية بموجب بطاقة اكتتاب تعد حسب‬

‫الشروط املحددة بموجب مرسوم‪.‬‬

‫ويجب إيداع األموال الناتجة عن االكتتابات النقدية وقائمة بأسماء املكتتبين مع ذكر املبالغ املدفوعة من‬

‫كل واحد منهم لدى موثق أو مؤسسة مالية مؤهلة قانونا (‪ 598‬ق‪.‬ت‪.‬ج)‬

‫كما نصت املادة (‪ 599‬ق‪.‬ت‪.‬ج) على ما يلي‪ " :‬تكون االكتتابات واملبالغ املدفوعة مثبتة في تصريح املؤسس ي‬

‫بواسطة عقد موثق"‪.‬‬

‫ووضع املشرع الجزائري حدا أقص ى لفترة االكتتاب حيث نص في املادة (‪ 2/604‬ق‪.‬ت‪.‬ج) على ما يلي‪ " :‬إذا‬

‫لم تؤسس الشركة في أجل ‪ 6‬أشهر ابتداء من تاريخ إيداع مشروع القانون األساس ي باملركز الوطني التجاري‬

‫جاز لكل مكتتب أن يطالب أمام القضاء بتعيين وكيل يكلف بسحب األموال إلعادتها للمكتتبين بعد خصم‬

‫مصاريف التوزيع"‪.‬‬

‫*الوفاء بقيمة األسهم‪:‬‬

‫أشترط املشرع الجزائري في املادة ‪ 596‬ق‪.‬ت أن تكون األسهم املالية مسددة القيمة حين إصدارها وذلك‬

‫تأكيدا منه لجدية االكتتاب إذ أن األصل أن يقوم املكتتب بدفع قيمة األسهم التي أكتتب فيها‪.‬‬

‫وال يجوز أن يسحب وكيل الشركة األموال الناتجة عن االكتتابات النقدية قبل تسجيل الشركة في السجل‬

‫التجاري(املادة ‪604‬ق‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫واملقصود هو منع سحب املبالغ املدفوعة لحساب الشركة قبل التسجيل رغبة من املشرع في تأمين حق‬

‫املكتتبين ومنع املؤسسين من تبديد هذه األموال‪.‬‬

‫*دعوة الجمعية العامة‪:‬‬

‫بعد انتهاء عملية االكتتاب أوجب املشرع في املادة (‪600‬ق‪.‬ت‪ .‬ج) على املؤسسين القيام باستدعاء املكتتبين‬

‫إلى الجمعية العامة التأسيسية وتثبت هذه الجمعية أن رأس املال مكتتب به تماما‪ .‬وأن مبلغ األسهم‬

‫مستحق الدفع‪ ،‬وتبدي رأيها في املصادقة على القانون األساس ي الذي ال يقبل التعديل إال بإجماع آراء‬

‫جميع املكتتبين وتعيين القائمين باإلدارة األولين أو أعضاء مجلس املراقبة وتعيين واحد أو أكثر من مندوبي‬

‫الحسابات‪ .‬كما يجب أن يتضمن محضر الجلسة الخاص بالجمعية عند االقتضاء إثبات قبول القائمين‬

‫باإلدارة أو أعضاء مجلس املراقبة ومندوبي الحسابات ووظائفهم‪.‬‬

‫كما نصت املادة (‪603‬ق‪.‬ت‪ .‬ج) على أنه‪":‬لكل مكتتب عدد من األصوات يعادل عدد الحصص التي اكتتب‬

‫بها دون أن يتجاوز ذلك نسبة ‪ % 5‬من العدد اإلجمالي لألسهم‪ .‬ووكيل املكتتب عدد األصوات التي يملكها‬

‫موكله حسب نفس الشروط ونفس التحديد"‪.‬‬

‫ب‪/‬التأسيس دون اللجوء لالدخارالعلني‬

‫تقض ي املادة (‪ 606‬ق‪.‬ت) بأن يقوم مساهم واحد أو أكثر بإثبات املبالغ املدفوعة من املساهمين وذلك‬

‫بموجب عقد لدى موثق مختص‪ .‬على هذا املوثق أن يؤكد بناء على تقديم بطاقات االكتتاب في مضمون‬

‫العقد الذي يحرره أن مبلغ املدفوعات املصرح بها من املؤسسين يطابق مقدار املبالغ املودعة إما بين يديه‬

‫أو لدى املؤسسات املالية املؤهلة قانونا‪.‬‬

‫و يجب أن يكتتب برأس املال بكامله‪ ،‬و تكون األسهم املالية مدفوعة عند االكتتاب بنسبة الربع على األقل‬

‫من قيمتها االسمية و يتم وفاء الزيادة مرة واحدة أو عدة مرات بناء على قرار مجلس اإلدارة أو مجلس‬

‫‪45‬‬
‫املديرين حسب كل حالة في أجل ال يمكن أن يتجاوز ‪ 05‬سنوات ابتداء من تاريخ التسجيل الشركة في‬

‫السجل التجاري ‪ .‬تكون األسهم املالية مسددة القيمة بكاملها حين إصدارها (‪596‬ق‪.‬ت)‪.‬‬

‫يجب أن يشمل القانون األساس ي على تقرير الحصص العينية و يتم هذا التقرير بناء على تقرير ملحق‬

‫بالقانون األساس ي يعده مندوب الحصص تحت مسؤولية (‪607‬ق‪.‬ت‪ .‬ج)‪ .‬كما تنص املادة ‪608‬ق‪.‬ت‪ .‬ج على‬

‫أن املساهمين يوقعون القانون األساس ي إما بأنفسهم أو باسطة وكيل مزود بتفويض خاص بعد التصريح‬

‫املوثق بالدفعات بعد وضع التقدير املشار إليه في ال مادة‪607‬ق‪.‬ت‪ .‬ج تحت تصرف املساهمين حسب‬

‫الشروط واآلجال املحددة عن طريق التنظيم‪.‬‬

‫وفي األخير تشير املادة ‪609‬ق‪.‬ت‪ .‬ج إلى أن القائمين باإلدارة األولين وأعضاء مجلس املراقبة األولين‬

‫ومندوبي الحسابات األولين يعينون في القوانين األساسية‪.‬‬

‫ج‪/‬إدارة شركة املساهمة و تسييرها(‪)1‬‬

‫*مجلس اإلدارة‬

‫هو الجهاز التنفيذي الذي يقوم بتسيير أمور الشركة ويضع قرارات وتوصيات الجمعية العامة‬

‫للمساهمين موضع التنفيذ ويرأس مجلس اإلدارة أحد أعضائه الذي يعتلي إدارة الشركة‪.‬‬

‫تشكيل مجلس اإلدارة وعدد أعضائه‪:‬‬

‫تقض ي املادة (‪ 610‬ق‪.‬ت‪.‬ج) بأنه يتولى إدارة شركة املساهمة مجلس إدارة يتكون من ثالثة أعضاء و اثني‬

‫عشر عضوا على األكثر ‪.‬وفي حالة الدمج يجوز رفع العدد الكامل للقائمين باإلدارة املمارسين منذ أكثر من‬

‫ستة أشهر دون تجاوز ‪ 14‬عضوا‪.‬‬

‫وتنص املادة (‪611‬ق‪.‬ت‪ .‬ج) على أنه تنتخب الجمعية العامة التأسيسية أو الجمعية العامة العادية‬

‫القائمين باإلدارة وتحدد مدة عضويتهم في القانون األساس ي في القانون األساس ي دون أن يتجاوز ذلك ست‬

‫سنوات‪ .‬كما أنه ال يمكن لشخص طبيعي االنتماء في نفس الوقت إلى أكثر من خمس مجالس إدارة‬

‫عمار عمورة‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري‪ -‬دار المعرفة ‪ -2000‬ص ‪2901‬‬

‫‪46‬‬
‫لشركات مساهمة توجد مقراتها بالجزائر‪ .‬وفي نفس الوقت يجوز تعيين شخص معنوي قائما باإلدارة في‬

‫عدة شركات مع مراعاة ما جاء في املادة (‪612‬ق‪.‬ت‪ .‬ج)‪ .‬وفي حالة وفاة أو استقالة عضو أو أكثر فإنه يجوز‬

‫ملجلس اإلدارة وبين جلستين عامتين أن يسعى إلى تعيينات مؤقتة‪.‬‬

‫إذا أصبح عدد القائمين باإلدارة أقل من الحد األدنى القانوني وجب استدعاء الجمعية العامة العادية‬

‫لالنعقاد قصد إتمام عدد أعضاء املجلس‪ .‬يجب على مجلس اإلدارة في حالة ما إذا أصبح عدد القائمين‬

‫أقل من الحد األدنى القيام بتعيينات مؤقتة في ثالثة أشهر ( ‪617‬ق‪.‬ت‪ .‬ج)‪.‬‬

‫اختصاصات مجلس اإلدارة‪:‬‬

‫ملجلس اإلدارة سلطات واسعة من أجل القيام بمهامه في تنفيذ سياسة الشركة وتحقيق أغراضها‪ .‬وذلك‬

‫ما قضت به صراحة املادة (‪622‬ق‪.‬ت) بقولها‪" :‬يخول مجلس اإلدارة كل السلطات للتصرف في كل الظروف‬

‫باسم الشركة‪ .‬ويمارس هذه السلطات املسندة صراحة في القانون لجمعيات املساهمين "‪.‬‬

‫اختصاصات املجلس‪:‬‬

‫فقد أجاز القانون في املادة ‪ 624‬ق‪.‬ت ملجلس اإلدارة أن يأذن لرئيس املدير العام أو املدير العام بإعطاء‬

‫الكفاالت أو الضمانات االحتياطية باسم الشركة في حدود كامل املبلغ الذي يحدده إذا تجاوز االلتزام أحد‬

‫املبالغ املحددة فيجب الحصول على إذن مجلس اإلدارة في كل حالة‪ .‬وال يمكن أن تتجاوز مدة اإلذن سنة‬

‫واحدة مهما كانت االلتزامات املكفولة‪ .‬ويجوز لرئيس مجلس اإلدارة أو املدير العام إعطاء الكفاالت لإلدارة‬

‫الجبائية والجمركية دون تحديد مدته‪ .‬كما يجوز لهما أن يفوضا تحت مسؤوليتهما جزء من السلطات‬

‫املسندة إليهما‪ .‬ويختص مجلس اإلدارة بنقل مركز الشركة إلى مركز آخر في نفس املدينة (‪ 625‬ق‪.‬ت‪.‬ج)‪.‬‬

‫ويجب استئذان الجمعية العامة مسبقا في حالة اتفاقية بين الشركة وأحد القائمين بإدارتها (‪ 628‬ق‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫انعقاد مجلس اإلدارة و تعيين رئيسه(‪:)1‬‬

‫انعقاد مجلس اإلدارة‪:‬‬

‫ال يكون انعقاد مجلس اإلدارة صحيحا وال تصح مداوالته إال إذا أحضر نصف عدد أعضائه على األقل‪.‬‬

‫وتتخذ القرارات بأغلبية أصوات األعضاء الحاضرين ما لم ينص القانون األساس ي على أغلبية‪.‬‬

‫ويرجح صوت رئيس الجلسة عند تعادل األصوات ما لم ينص على خالف في القانون األساس ي‬

‫‪ 626‬ق‪.‬ت‪.‬ج‬

‫*رئيس مجلس اإلدارة‪:‬‬

‫لقد بينت املادة (‪635‬ق‪.‬ت‪ .‬ج) طريقة انتخاب مجلس اإلدارة حيث نصت على ما يلي‪« :‬ينتخب مجلس‬

‫اإلدارة من بين أعضائه رئيسا له شريطة أن يكون شخصا طبيعيا وذلك تحت طائلة بطالن التعيين"‪.‬‬

‫ويعين ملدة ال تتجاوز مدة نيابته كعضو في مجلس اإلدارة‪ .‬ويجوز إعادة انتخابه بعد انتهاء فترة رئاسته‬

‫األولى‪ .‬كما يجوز ملجلس اإلدارة أن يعزله في وقت (‪636‬ق‪.‬ت‪ .‬ج)‪ .‬وقد نصت املادة (‪638‬ق‪.‬ت‪ .‬ج) على أن‬

‫رئيس مجلس اإلدارة يتولى تحت مسؤوليته املديرية العامة للشركة يمثل الشركة في عالقاته مع الغير‪.‬‬

‫مجلس املديرين‪:‬‬

‫يدير شركة املساهمة مجلس مديرين يتكون من ‪5‬أعضاء على األكثر‪ ،‬ويمارس هذا املجلس وظائفه تحت‬

‫رقابة مجلس املراقبة (‪643‬ق‪.‬ت‪ .‬ج)‪ .‬كما حددت املواد من (‪ 643‬إلى‪ )653‬األحكام املتعلقة بمجلس‬

‫املديرين‪ .‬فنجد أن أعضاء مجلس املديرين يتم تعيينهم من طرف مجلس املراقبة ويسند الرئاسة إلى‬

‫أحدهم بشرط أن يكون أعضاء مجلس املديرين أشخاصا طبيعيين‪ .‬ويجوز للجمعية عزلهم بناء على‬

‫اقتراح من مجلس املراقبة‪ .‬يحدد القانون األساس ي مدة مهمة مجلس املديرين ضمن حدد تتراوح من‬

‫عامين إلى ‪ 6‬سنوات‪ .‬وعند عدم وجود أحكام قانونية أساسية تقدر مدة العضوية بأربع سنوات‪ .‬كما أن‬

‫‪1‬‬
‫األمر رقم ‪ 75-59‬بتاريخ ‪ 1975-09-26‬المتضمن القانون التجاري الجزائري‬

‫‪48‬‬
‫مجلس املديرين يتمتع بسلطات واسعة للتصرف باسم الشركة مع مراعاة السلطات املخولة قانونا ملجلس‬

‫املراقبة وجمعية املساهمين‪.‬‬

‫وأعمال هذا املجلس تكون ملزمة للشركة في عالقاتها مع الغير حتى ولو تجاوز هذا العمل موضوع الشركة‪.‬‬

‫ويمثل رئيس مجلس املديرين الشركة في عالقاتها مع الغير‪ ،‬و ال تمنح مهمة رئيس مجلس املديرين لصاحبها‬

‫سلطة إدارة أوسع من تلك التي منحت لألعضاء اآلخرين في مجلس املديرين‪.‬‬

‫مجلس املر اقبة‪:‬‬

‫تناولته املواد من ‪ 654‬إلى ‪ 673‬ق‪.‬ت‪.‬ج‪ .‬يتكون هذا املجلس من سبعة إلى اثنى عشر عضوا على األكثر‪.‬‬

‫ويمكن تجاوز عدد األعضاء املقدر ب ‪ 12‬عضوا حتى يعادل العدد اإلجمالي ألعضاء مجلس املراقبة‬

‫املمارسين منذ أكثر من أشهر‪ .‬كما ال يمكن ألي عضو من مجلس املراقبة االنتماء إلى مجلس املديرين‪.‬‬

‫وتحدد فترة وظائفهم بموجب هذا األخير دون أن تتجاوز ‪ 6‬سنوات في حالة التعيين من الجمعية العامة‬

‫ودون تجاوز‪ 3‬سنوات في حالة التعيين بموجب القانون األساس ي‪ .‬ويمكن أن تعزلهم الجمعية العامة‬

‫العادية في أي وقت‪ .‬يجوز للشخص املعنوي أن يعين في مجلس املراقبة مع مراعاة ما جاء في املادة‬

‫‪663‬ق‪.‬ت‪.‬ج‪ .‬ال يمكن للشخص الطبيعي االنتماء إلى ‪ 5‬مجالس مراقبة لشركات املساهمة التي يكن مقرها‬

‫في الجزائر‪ .‬ينتخب مجلس املراقبة على مستواه رئيسا يتولى الستدعاء املجلس إدارة املناقشات وتعادل‬

‫مدة مهمة الرئيس مدة مجلس املراقبة ال تحض مداولته إال بحضور نصف عدد أعضائه على األقل‪.‬‬

‫وتتخذ القرارات بأغلبية األعضاء الحاضرين أو املمثلين ويرجع صوت الرئيس عند تعادل األصوات‪.‬‬

‫ومن بين اختصاصات مجلس املراقبة أنه‪ :‬يمارس مهنة الرقابة الدائمة للشركة‪ ،‬يقوم بترخيص إبرام‬

‫العقود‪ .‬وكذا أعمال التصرف وتأسيس األمانات والكفاالت والضمانات االحتياطية‪.‬‬

‫‪ -‬يقوم في أي وقت من السنة بإجراء الرقابة التي يراها ضرورية ويمكنه أن يطلع على الوثائق التي يراها‬

‫مفيدة للقيام بمهمته‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬يقدم للجمعية العامة مالحظاته على تقرير مجلس املديرين وعلى حسابات السنة املالية‪.‬‬

‫‪ -‬يرخص كل اتفاقية تعقد بين شركة ما وأعضاء مجلس املدريين‪.‬‬

‫جمعية املساهمـين‪:‬‬

‫تنعقد جمعية املساهمين على هيئة جمعية عادية‪ ،‬كما قد تنعقد على هيئة جمعية غير عادية‪ .‬فقد‬

‫تناولت املواد من ‪674‬إلى‪ 685‬جمعية املساهمين على هيئة جمعية عادية‪ ،‬كما قد تنعقد على هيئة جمعية‬

‫غير عادية‪ .‬فقد تناولت املواد من ‪ 674‬إلى ‪ 685‬جمعية املساهمين‬

‫يجب أن يشمل القانون األساس ي على تقرير الحصص العينية‪ .‬و يتم هذا التقرير بناء ا على تقرير امللحق‬

‫بالقانون األساس ي يعده مندوب الحصص تحت مسؤولية (‪ 607‬ق‪.‬ت‪.‬ج )‪ .‬كما تنص املادة ‪ 608‬ق ت على‬

‫أن املساهمين يوقعون القانون األساس ي إما بأنفسهم أو بواسطة وكيل مزود بتفويض خاص‪.‬‬

‫ويجب التذكيربأن األحكام القانونية املنظمة للشركات التجارية عرفت مؤخرا تعديالت جوهرية هامة‬

‫بموجب القانون رقم ‪ 09-22‬املؤرخ في ‪ 05‬ماي ‪ 2022‬املعدل واملتمم لألمر رقم ‪ 75-59‬املؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر‬

‫‪ 1975‬املتضمن القانون التجاري الجزائري تماشيا ومتطلبات اإلصالحات االقتصادية وخدمة للشباب‬

‫حاملي املشاريع باستحداث نوع جديد من الشركات التجارية سميت ب «شركة املساهمة البسيطة" وهو‬

‫النموذج الذي اعتمده املشرع الفرنس ي في هذا املجال بمقتض ى قانون رقم ‪ 01-94‬املؤرخ في ‪ 03‬جوان‬

‫‪ 1994‬تحت اسم "شركة األسهم البسيطة"‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫*مضمون وأهداف قانون ‪ 09-22‬املؤرخ في ‪ 05‬ماي ‪2022‬املعدل واملتمم للقانون التجاري الصادرفي ‪26‬‬

‫سبتمبر‪:1975‬‬
‫جديد قانون ‪ 09-22‬الصادر في ‪ 05‬ماي ‪1 :2022‬‬ ‫‪-/1‬‬

‫يتعلق األمر بتعديل املادة ‪ 544‬من أحكام األمر رقم ‪ 59-75‬املؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬التي نصت على‬

‫الطابع التجاري للشركة في فقرتها األولى بالصياغة التالية‪" :‬يحدد الطابع التجاري للشركة إما بشكلها أو‬

‫موضوعها"‬

‫أما الفقرة الثانية من نفس املادة أي (ال مادة‪ )544/2‬تنص على ما يلي‪« :‬تعد شركة التضامن وشركات‬

‫التوصية وشركات ذات املسؤولية املحدودة وشركات املساهمة وشركات املساهمة البسيطة تجارية بحكم‬

‫شكلها ومهما يكن موضوعها"‪.‬‬

‫كما تضمنت املادة ‪ 544/2‬من نفس القانون استحداث نوع جديد من الشركات هي شركة املساهمة‬

‫البسيطة والتي تنفرد باملميزات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬شركة املساهمة البسيطة هي شركة أشخاص و رأسمال في أن واحد بمعنى أنها تدمج بين االعتبار‬

‫الشخص ي واالعتبار املالي‪.‬‬

‫‪ ‬يمكن تأسيس شركة املساهمة البسيطة من طرف شخص و احد أو عدة أشخاص طبيعيين أو‬

‫معنويين ال يتحملون الخسائر إال في حدود ما قدموه من حصص‪.‬‬

‫‪ ‬كما يمكن تأسيس هذه الشركة من قبل شخص واحد وتسمى حينئذ "شركة املساهمة البسيطة‬

‫ذات الشخص الوحيد"‬

‫‪ ‬تنشأ شركة املساهمة البسيطة حصريا من طرف الشركات الحاصلة على عالمة "مؤسسة ناشئة"‪.‬‬

‫‪ ‬لم يضع املشرع الحد األدنى لعدد للشركاء وال الحد األدنى للرأسمال عند تأسيس هذه الشركة‬

‫بهدف تبسيط إجراءات إنشائها خدمة للشباب حاملي املشاريع أصحاب املؤسسات الناشئة‪.‬‬

‫للمزيد ينظر القانون ‪ 09-22‬الصادر في ‪ 05‬ماي ‪ 2022‬المعدل و المتمم للقانون التجاري الصادر باألمر رقم ‪ 59-75‬بتاريخ ‪1975/09/26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫يحظر على شركة املساهمة البسيطة اللجوء العلني لالدخار أو طرح أسهمها في البورصة‪.‬‬

‫‪ -/2‬أهداف قانون ‪ 09/22‬لـ ‪05‬ماي ‪:2022‬‬

‫‪ ‬تدعيم املؤسسات الناشئة بإطار قانوني يناسب خصوصيتها وطبيعتها ووظيفتها وأهدافها‪.‬‬

‫‪ ‬مرونة أنشائها وتنظيمها وتمويلها وتسييرها‪.‬‬

‫‪ ‬تمكين الشركاء من صياغة قانونها األساس ي‪.‬‬

‫‪ ‬ترقية املؤسسات الناشئة إلى مصف الشركات التجارية الفاعلة في مناخ األعمال والتجارة‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬األعمال التجارية بالتبعية‪:‬‬

‫تنص املادة ‪ 4‬من القانون التجاري الجزائري على أنه‪" :‬يعد عمال تجاريا بالتبعية‪ :‬األعمال التي يقوم بها‬

‫التاجر واملتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره وااللتزامات بين التجار"‬

‫يتضح من هذا النص أن القانون التجاري الجزائري أضفى الصفة التجارية‪ ،‬ليس فقط على األعمال‬

‫التجارية بطبيعتها‪ ،‬أو األعمال التجارية بحسب الشكل‪ ،‬بل أيضا على األعمال التي يقوم بها التاجر‬

‫لحاجات تجاريه‪ ،‬واعتبر هذه األعمال تجارية بصرف النظر عن طبيعتها الذاتية‪ ،‬اعتدادا بمهنة الشخص‬

‫الذي يقوم بها‪ ،‬فأكتسبها الصفة التابعة بهذه املهنة‪ ،‬ولذلك أطلق املشرع التجاري على هذه األعمال‪،‬‬

‫األعمال التجارية بالتبعية(‪. )1‬‬

‫ويتضح من ذلك أن نظرية التبعية هي إحدى تطبيقات النظرية الشخصية حيث أن صفة القائم بالعمل‬

‫هي أساس اكتساب الصفة التجارية وخضوعه للقانون التجاري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عد الحليم الشورابي‪ :‬القانون التجاري و األعمال التجارية على ضوء الفقه و القضاء‪ -‬منشأة المعارف‪ -‬القاهرة ‪ -1992‬ص ‪164‬‬

‫‪52‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬األعمال املختلطة‬

‫األعمال املختلطة ليست طائفة رابعة من األعمال التجارية قائمة بذاتها‪ ،‬كاألعمال التجارية التي سبق‬

‫ذكرها في املواد ‪ 4-3-2‬ق‪.‬ت‪.‬ج‪ ،‬ولذلك لم ينص القانون التجاري عليها ألن األعمال التجارية املختلطة ال‬

‫تخرج عن نطاق األعمال التجارية بصفة عامة‪.‬‬

‫واملقصود بالعمل التجاري املختلط هو ذلك العمل الذي يعتبر تجاريا بالنسبة ألحد طرفيه ‪ ،‬ومدنيا‬

‫بالنسبة للطرف اآلخر كاملزارع الذي يبيع منتجات حيواناته من ألبان إلى تاجر املواد الغذائية ‪ ،‬واملوظف‬

‫الذي يشتري أجهزة منزلية أو مالبس من تاجر ‪ ،‬وعقد النقل الذي يربط مقاول النقل املسافرين(‪.)1‬‬

‫والحقيقة أن األعمال املختلطة كثيرة ومتعددة وتقع في الحياة اليومية‪.‬‬

‫والعبرة في تحديد العمل املختلط‪ ،‬بصفة العمل ذاته‪ .‬فال يشترط في العمل املختلط أن يكون أحد طرفيه‬

‫تاجرا‪ ،‬فمثال عقد البيع الذي يبرمه شخصين مدنيين‪ ،‬يبيع أحدهما شيئا ورثه ويشتري اآلخر بقصد بيعه‬

‫ليربح‪ ،‬فهو عمل تجاري مختلط‪ ،‬ولو أن الطرفين ليسا بتاجرين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إدوار عيد‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪162‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬التاجروالتزاماته‬
‫ً‬
‫تقوم التجارة عموما على الثقة واالئتمان بين التجار باإلضافة إلى السرعة في مختلف النشاطات‬

‫واملعامالت التجارية‪ ،‬وهو من بين األسباب التي أدت إلى وجود القانون التجاري‪ ،‬حيث أصبح التاجر‬

‫يخضع لبعض الشروط املنصوص عليها فيه‪ ،‬باإلضافة إلى وجود سبل وطرق أخرى يمكن له بموجبها‬

‫اكتساب صفة التاجر حتى يتمكن الغير الدائنون معرفة مركزه القانوني‪ ،‬واالحتجاج عليه في حالة عدم‬

‫وفائه بالتزاماته‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تاجروشروط ممارسة التجارة‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف التاجر‬

‫لقد حاولت املادة األولى ق‪.‬ت‪.‬ج تعريف التاجر وهو ما فعلته من قبل املادة األولى ق‪.‬ت‪ .‬فرنس ي وذلك‬

‫باالعتماد على الجمع بين شرطيي مباشرة األعمال التجارية من جهة‪ ،‬واتخاذ هذه املمارسة لألعمال‬

‫التجارية مهنة معتادة للتاجر مع نوع من االختالف الذي جاءت به املادة الجزائرية بعد تعديلها بمقتض ى‬

‫األمر رقم ‪ 27-96‬املعدل واملتمم للقانون التجاري حيث جاء في هذه املادة‪ ":‬يعد تاجرا كل شخص طبيعي‬

‫أو معنوي يباشر عمال تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له‪ ،‬ما لم يقض القانون بخالف ذلك‪".‬‬
‫من خالل نص هذه املادة الجزائرية نستخلص الشروط الواجب توفرها في التاجر(‪.)1‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬شروط اكتساب صفة التجار‬

‫إن الشروط الجوهرية والحقيقية الالزمة الكتساب صفة التاجر تتلخص في أمرين اثنين هما‪ ،‬احتراف‬

‫(امتهان) األعمال التجارية وتوافر األهلية التجارية‪.‬‬

‫علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪1451‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ /1‬احتراف (أو امتهان ق‪.‬ت‪.‬ج) األعمال التجارية‪:‬‬

‫يجب الكتساب صفة التاجر أن يقوم الشخص بممارسة األعمال التجارية و قد نصت املادة األولى من‬

‫القانون التجاري املعدل و املتمم على ذلك بحيث جاءت صياغة نص هذه املادة أشمل وأوسع من سابقه‪،‬‬

‫و في نفس الوقت أدق منه‪ ،‬إذ شمل الشخص الطبيعي و املعنوي‪ ،‬و لقد استبدل املشرع كلمة حرفة‬

‫بكلمة مهنة‪ ،‬و هذه األخيرة أوسع في معناها من الحرفة إذ املهنة تشمل املهن و الحرف‪ ،‬كما أن الحرفة‬

‫توحي إلى الذهن تلك الصناعات اليدوية التقليدية فحسب بينما امتهان التجارة يشمل جميع النشاطات‬

‫الحيوية في املجال التجاري و الصناعي(‪.)1‬و عليه‪ ،‬فإذا تكرر العمل بصفة مستمرة و دائمة بحيث يظهر‬

‫الشخص للغير بمظهر صاحب املهنة التجارية أو بمعنى آخر يجب أن يباشر الشخص األعمال التجارية‬

‫بشكل اعتيادي على وجه االمتهان‪.‬‬

‫أ‪ -‬االعتياد‪ :‬و هو عنصر مادي‪ ،‬مفاده التكرار القيام باألعمال التجارية بصفة منتظمة و مستمرة‪ ،‬و من‬

‫ثم فإن القيام بعمل تجاري عارض ال يكفي لتكوين عنصر االعتياد‪ ،‬و بالتالي اكتساب صفة التاجر‪ ،‬كما‬

‫أن العبرة ليست بعدد املرات التي يتكرر فيها القيام بالعمل التجاري‪ ،‬إذ قد يكفي القيام به و لو مرة واحدة‬

‫حتى يتوافر عنصر االعتياد‪ ،‬و يكتسب الشخص صفة التاجر و هذا في حالة ما إذا توافرت العناصر‬

‫األخرى للمهنة التجارية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لشراء املحل التجاري(‪.)2‬‬

‫ب‪ -‬القصد‪ :‬و هو العنصر املعنوي للمهنة‪ ،‬فيجب أن يكون االعتياد بقصد اتخاذ وضعية معينة‪ ،‬هي‬

‫الظهور بمظهر صاحب املهنة‪ ،‬كما ال يشترط الكتساب صفة التاجر أن يكون االعتياد بالقيام باألعمال‬
‫ً‬
‫التجارية مصدر الرزق الوحيد و الرئيس ي للشخص‪ ،‬فال مانع من اعتبار الشخص تاجرا‪ ،‬رغم تعدد املهن‬

‫التي يقوم بها سواء كانت املهنة التجارية هي مهنته الرئيسية‪ ،‬أو كانت ثانوية يزاولها إلى جانب املهنة‬

‫أحمد محرز‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪1161‬‬


‫‪2‬‬
‫علي يونس‪ :‬القانون التجاري الكويتي‪ -‬مطبعة روينو‪ -‬الكويت ‪ – 1971‬ص ‪141‬‬

‫‪55‬‬
‫الرئيسية‪ ،‬و كل مهنة يزاولها التاجر تخضع للقواعد الخاصة بها بمعنى أن املهنة التجارية تخضع للقواعد‬

‫التجارية و املهنة املدنية تخضع للقواعد املدنية(‪.)1‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى الفرق املوجود بين املادة الجزائرية واملادة الفرنسية‪ ،‬حيث أضفى املشرع الجزائري‬

‫الصفة التجارية بكل وضوح للشخص الجزائري التاجر شخصا طبيعيا أو معنويا‪ ،‬في حين اكتفى املشرع‬

‫الفرنس ي بذكر كلمة "الشخص" واعتبر مثل ذلك التوضيح من القواعد العامة ومن تحصيل حاصل‪.‬‬

‫كما استبدل املشرع الجزائري كلمة "حرفة" بكلمة "مهنة" وحسنا فعل‪ .‬فعبارة املهنة‪ ،‬بمعناها القانوني‬

‫الصحيح تعني اختيار الشخص لنشاط رئيس ي يقوم به و يعيش منه مهما كانت طبيعة هذا النشاط و‬

‫مستواه االجتماعي‪ ،‬على خالف كلمة حرفة التي قد بفهم البعض أن املقصود منها نشاط الحرفيين املتسم‬

‫بدرجة من التأهيل و اإلنجاز اليدوي(‪.)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهلية التجارية (أن يكون التاجر متمتعا باألهلية القانونية)‬

‫يجب الكتساب صفة التاجر أن تتوافر في الشخص أهلية االتجار‪ ،‬فإذا لم تتوافر لديه هذه األهلية فإنه‬
‫ً‬
‫ال يعتبر تاجرا حتى لو باشر أعماال تجارية واتخذها مهنة له‪.‬‬

‫لم يتضمن القانون التجاري الجزائري حكما خاصا بسن الرشد التجاري‪ ،‬ولذا يجب تطبيق القاعدة‬

‫العامة الواردة في املادة ‪ 40‬ق‪.‬م‪.‬ج التي تحدد سن الرشد بوجه عام بتسعة عشرة (‪ )19‬سنة كاملة‪.‬‬

‫ومادامت ممارسة باملفهوم القانوني من شأنها أن ترتب التزامات على صاحبها‪ ،‬ويقتض ي النشاط القيام‬

‫بتصرفات قانونية ألزم القانون توفر سن الرشد في القائم بها طبقا للمادة ‪ 40‬ق‪.‬م‪.‬ج التي تشترط بلوغا ‪19‬‬

‫سنة كاملة لبلوغ سن الرشد‪ ،‬وأن يكون الشخص متمتعا بقواه العقلية ولم يكن محجورا عليه أي غير‬

‫معاقب جزائيا حتى يكون أهال ملباشرة حقوقه املدنية كما هو الحال بالنسبة للممارسة التجارة‪.‬‬

‫نادية فضيل‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪1561‬‬


‫‪2‬‬
‫علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪ 146‬وما بعدها‬

‫‪56‬‬
‫بعبارة أخرى‪ ،‬إذا بلغ املواطن الجزائري ‪ 19‬عام ولكنه غير رشيد‪ ،‬أي أصابه عارض من عوارض األهلية‪،‬‬

‫امتنع عليه مباشرة التجارة فإن فعل لم يكسب وصف التاجر‪.‬‬

‫واملقصود بعوارض األهلية‪ ،‬الجنون‪ ،‬والعته‪ ،‬والسفه‪ ،‬والغفلة‪ .‬فقد نصت املادة ‪ 42‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنه‪:‬‬

‫" ال يكون أهال ملباشرة حقوقه املدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو جنون‪ ،‬ويعتبر غير مميز من‬

‫لم يبلغ ‪ 13‬سنة"‪.‬‬

‫وتنص املادة ‪ 44‬ق‪.‬م‪.‬ج على أن‪ ":‬يخضع فاقد األهلية وناقصوها بحسب األحوال ألحكام الوالية أو‬

‫الوصاية أو القوامة‪ ،‬ضمن الشروط‪ ،‬ووفقا للقواعد املقررة في القانون"‪.‬‬

‫وخالصة القول‪ ،‬البد من اكتمال سن الرشد و عدم إصابة الشخص بعارض من عوارض األهلية من أجل‬

‫ممارسة التجارة و امتهنها وبذلك يتمتع الشخص بصفة التاجر(‪.)1‬‬

‫‪ /1‬ترشيد التاجرالقاصرللممارسة التجارة‪:‬‬


‫ً‬
‫تنص املادة ‪ 05‬من القانون التجاري الجزائري على أنه‪ ":‬ال يجوز للقاصر املرشد ذكرا أم انثى البالغ من‬

‫العمر ‪ 18‬سنة كاملة‪ ،‬و الذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ في العمليات التجارية‪ ،‬كما ال يمكن اعتباره‬

‫راشدا بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال تجارية إذا لم يكن قد حصل مسبقا على إذن والده أو أمه‬
‫ً‬
‫أو على قرار من مجلس العائلة مصدق عليه في املحكمة‪ ،‬فيما إذا كان والده متوفيا أو غائبا أو سقطت‬

‫عنه سلطته األبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حال انعدام األب و األم"‪.‬‬

‫و يجب أن يقدم هذا اإلذن الكتابي دعما لطلب التسجيل في السجل التجاري‪ ،‬كما يجب أن يكون هذا‬

‫اإلذن بعقد رسمي حسب ما ورد في نص املادة ‪ 06‬من القانون رقم ‪ 22-90‬املتعلق بالسجل التجاري املعدل‬
‫ً‬
‫و املتمم‪ .‬فيشترط إذا‪ ،‬أن يكون القاصر قد بلغ ثمانية عشرة سنة كاملة و أن يتحصل على إذن من أبيه‪،‬‬
‫ً‬
‫فإن لم يوجد أبوه كأن يكون متوفيا أو غائبا أو تسقط عنه سلطته األبوية أو استحال عليه مباشرتها فأمه‬

‫فإن لم يوجد ال أب و ال األم فمجلس العائلة هو الذي يمنح اإلذن‪.‬‬

‫علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪1481‬‬

‫‪57‬‬
‫و يهدف املشرع من وضع هذه الشروط ذلك لحماية القاصر من املخاطر التي تنجم عن مباشرة األعمال‬

‫التجارية‪ ،‬و خشية على أموال القاصر برمتها(‪.)1‬‬

‫واإلذن للقاصر باالتجار قد يكون مطلقا ال تخصيص فيه بتجارة معينة‪ ،‬وقد يكون مقيدا بعمل تجاري‬

‫مفرد أو بفرع معين من فروع التجارة‪ ،‬وعلى أية حال يرجع الحكم للمحكمة في تقييد اإلذن باالتجار‪.‬‬

‫كما لها السلطة في تحديد املبلغ للمحكمة الذي يتجر فيه‪ ،‬وإذا أساء القاصر املأذون له بالتصرف في‬

‫األموال جاز للمحكمة أو بناء على طلب ذوي الشأن من سلب اإلذن من القاصر بعد سماع أقواله‪.‬‬

‫‪ /2‬املرآة والتجارة‪:‬‬
‫ً‬
‫تنص املادة ‪ 07‬من القانون التجاري الجزائري على انه‪ ":‬ال يعتبر زوج التاجر تاجرا إذا كان يمارس نشاطه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التجاري تابعا لنشاط زوجه‪ ،‬وال يعتبر تاجرا إال إذا كان يمارس نشاطا تجاريا منفصال‪.‬‬
‫ً‬
‫و نصت املادة ‪ 08‬على ما يلي‪ ":‬تلتزم املرأة التاجرة شخصيا باألعمال التي تقوم بها لحاجات تجارتها ‪.‬‬

‫و يكون للعقود بعوض التي تتصرف بمقتضاها في أموالها الشخصية لحاجات تجارتها كامل األثر بالنسبة‬

‫إلى الغير"‪ .‬نص املادة ‪ 07‬تم تعديلها سنة ‪ 1996‬باألمر ‪ ،27-96‬فكيف كانت املادة قبل التعديل‪ ":‬ال تعتبر‬

‫املرأة املتزوجة تاجرة إذا كان عملها ينحصر ببيعها بالتجزئة بالتجارة التابعة لتجارة زوجها"‪ .‬يتضح مما‬

‫سبق أنه ال يوجد أي مشكل بالنسبة للمرأة املتزوجة في القانون الجزائري ألنه من املفترض استقالل الذمة‬

‫املالية للرجل واملرأة وبالتالي كان من األجدر إلغاء املادتين السابعة والثامن(‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫نادية فضيل‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪ 159‬و ما بعدها‬
‫‪2‬‬
‫أكمون عبد الحليم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪ 81‬و ما بعدها‬

‫‪58‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ممارسة التاجرنشاطه باسمه‬

‫إن التجارة تقوم على الثقة وعمادها االئتمان الذي يقوم على تحمل املسؤولية وعلى ذلك فإنه يلزم على‬

‫املحترف (املمتهن) أن يقوم بالعمل باسمه الشخص ي ولحساب نفسه وعلى وجه االستقالل‪ .‬فال يجوز مثال‬

‫اللجوء إلى استعمال األسماء املستعارة وذلك بممارسة التجارة باسم غير‪ ،‬فإن قام شخص بإعمال التجارة‬

‫لغير حسابه فال يتحمل املخاطر ومن ثم ال يكتسب صفة التاجر‪.‬‬

‫و على ذلك فاملوظفون و العمال في املجال التجارية‪ ،‬و مديرو و أعضاء مجالس إدارات الشركات التجارية‬

‫و ربابنة السفن‪ ،‬ال يعتبرون تجارا ألنهم أجراء يقومونا باألعمال التجارية باسم و لحساب صاحب العمل و‬

‫ينقصهم ركن االستقالل في إدارة العمل وهي مميزات صفة التاجر(‪.)1‬‬

‫ولكن الشريك املتضامن يعتبر تاجرا سواء اشترك في اإلدارة أم لم يشترك وذلك ألنه يسأل عن التزامات‬

‫الشركة على وجه التضامن‪ .‬أما الشركاء في الشركات ذات املسؤولية املحدودة أو شركات املساهمة فال‬

‫يعتبرون تجار‪ ،‬إذ ال شأن لهم في األعمال التجارية التي تقوم بها الشركة و ال يسألون عن التزامات الشركة‬

‫إال بقدر الحصة التي قدموها(‪.)2‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬املمنوعون من ممارسة التجارة‬

‫هناك بعض الطوائف كاملوظفين العموميين واملحامين واألطباء تنظمهم قوانين خاصة العتبارات وطنية‬

‫تقتضيها املصلحة‪ .‬فعلى الرغم من بلوغ أفراد هذه الطوائف سن الرشد وليس بهم عارض من عوارض‬

‫األهلية‪ ،‬فيحظر القانون ممارستهم التجارة‪ ،‬وقد يكون الحظر مطلقا أي شامال كل أنواع التجارة‪ ،‬وقد‬

‫يكون الحظر مقيدا‪ .‬فما هو الحكم بالنسبة ألفراد هذه الطوائف إذا احترف أحدهم التجارة على الرغم‬

‫من الحظر الوارد في القانون؟‬

‫علي حسن يونس‪ :‬القانون التجاري‪ -‬القاهرة ‪ -1997‬ص ‪1661‬‬


‫علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪1552‬‬

‫‪59‬‬
‫يكتسب الشخص صفة التاجر متى احترف التجارة‪ ،‬وتظل أعماله التجارية صحيحة‪ ،‬ويلتزم بجميع‬

‫التزامات التجار‪ ،‬أما جزاء مخالفة هذا املنع فينحصر في فرض العقوبات التأديبية التي ينص عليها قانون‬

‫املهنة الذي يخضع له الشخص املخالف‪ .‬و السبب في صحة األعمال التجارية ألفراد هذه الطوائف إذا‬

‫احترفوها يرجع إلى حماية جمهور املتعامل معهم‪ ،‬فضال عن أن الحظر في هذه الحالة مقرر للمصلحة‬

‫العامة و ليس ملصلحة املوظف ذاته‪ ،‬و على ذلك فإنه يخضع لألحكام القانون التجاري وفي نفس الوقت‬

‫يخضع للعقوبات التأديبية التي تنص عليها القوانين واللوائح(‪.)1‬‬

‫الفرع الخامس التاجراألجنبي‪:‬‬

‫إذا أراد األجنبي ممارسة التجارة أو نشاطا من شأنه أن يضفي عليه صفة التاجر وفقا للقانون الجزائري‬

‫فيجب عليه أن تتوفر فيه الشروط املطلوبة في التاجر الجزائري الجنسية زيادة على الحصول على رخصة‬

‫من الجهة املختصة بتسليم البطاقة للتاجر األجنبي‪.‬‬

‫وعليه يكون األجنبي الذي بلغ ‪ 19‬سنة‪ ،‬عاقال رشيدا كامل األهلية للمباشرة التجارة في الجزائر ولو كان‬

‫طبقا للقانون دولته يعتبر ناقص األهلية‪ .‬والسبب في ذلك هو الرغبة في التسوية بين جميع األشخاص‬

‫البالغين وعدم تقرير حماية خاصة لألجانب الذين تقل أعمارهم عن ‪ 19‬سنة‪ ،‬وهذا ما تقض ي به قواعد‬

‫القانون املدني الجزائري حيث نصت املادة ‪ 6‬منه على‪ ":‬أن تسري القوانين املتعلقة باألهلية على جميع‬

‫األشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط املنصوص عليها"‪ ،‬أيضا ما نصت عليه املادة ‪ 9‬من نفس القانون‬

‫من أن القانون الجزائري هو املرجع في تكييف العالقات املطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين ملعرفة‬

‫الواجب التطبيق‪.‬‬

‫وعلى ذلك إذا أراد األجنبي أن يباشر التجارة على التراب الجزائري‪ ،‬فالبد أن يكون بالغا من العمر ‪ 19‬سنة‬

‫كاملة‪ .‬وأكثر من ذلك أراد املشرع الجزائري أن يوفر الحماية والطمأنينة والثقة في التعامل املواطنين‬

‫الجزائريين مع األجانب‪ ،‬فنص في املادة ‪ 2/10‬ق‪.‬م‪.‬ج على أنه‪ ":‬في التصرفات املالية التي تعقد في الجزائر‬

‫أكمون عبد الحليم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪801‬‬

‫‪60‬‬
‫وتنتج آثارها فيها‪ ،‬وإذا كان أحد الطرفين أجنبيا ناقص األهلية‪ ،‬وكان نقص األهلية يرجع إلى سبب فيه‬

‫خفاء ال يسهل تبينه‪ ،‬فإن هذا السبب ال يؤثر في أهليته وفي صحة التعامل‪".‬‬

‫فإذا تعامل جزائري مع أجنبي على التراب الجزائري‪ ،‬وكان هذا األخير معتوه ( والعته هو نقصان العقل و‬

‫اختالله‪ ،‬ال زواله كلية كالجنون‪ ،‬بحيث يشبه من يصاب به العقالء من ناحية و املجانين من ناحية‬

‫أخرى)‪ ،‬أمر الذي يصعب معه تبيان حالة العته هذه قبل التعامل‪ ،‬فإن التصرف و آثاره تكون‬

‫صحيحة(‪.)1‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬التزامات التاجر‬

‫إذا ما اكتسب الشخص طبيعيا كان أو معنويا صفة التاجر ترتبت عليه آثار قانونية من أهمها التزامه‬

‫بالقيد في السجل التجاري‪ ،‬والتزامه بمسك الدفاتر التجارية‬

‫املطلب األول‪ :‬القيد في السجل التجاري‬

‫تعود فكرة تنظيم التجار ووضع قائمة تدون فيها املعلومات املتعلقة بحالتهم‪ ،‬وطبيعة نشاطهم إلى النظام‬

‫الطائفي‪ ،‬أو الطوائف الذي كان يسود عالم التجارة والتجار قبل زوال‪ ،‬وإلغاء هذا النظام على إثر الثورة‬

‫الفرنسية بمقتض ى مرسوم ‪ 1791/06/17‬املدعى بقانون‬

‫‪ .‬وكان الهدف منه في تلك الفترة ‪Chapelier‬‬

‫التقليل من عدد التجار والوقوف في وجه املنافسة‪ ،‬وفي نفس الوقت معرفة التجار سواء الجانب‬

‫الشخص ي سلوك ونزاهة‪ ،‬وطبيعة النشاط وحجمها وقدرة التاجر على الوفاء بالتزاماته‪ ،‬وتمكين الغير من‬

‫املعرفة جيدة قبل التعامل من طرف هؤالء التجار‪ .‬وتتجلى فكرة تنظيم التجار ووضعهم في قائمة وفق‬

‫نظام حديث يطلق عليه بالسجل التجاري(‪.)2‬‬

‫‪1‬‬
‫علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪ 150‬وما بعدها‬
‫‪2‬‬
‫مرجع نفسه‪ -‬ص ‪ 155‬وما بعدها‬

‫‪61‬‬
‫الفرع األول‪ :‬نظام السجل التجاري في ظل القانون الجزائري‬

‫أوكل املشرع الجزائري مهمة السجل التجاري لجهة إدارية تتمثل في املركز الوطني للسجل التجاري‪ ،‬ولكن‬

‫القضاء يشرف عليها ويقوم بمراقبتها‪ -‬فضال عن قيامه بالنظر في املنازعات الخاصة بها‪ ،‬وبهذا النهج الذي‬

‫نهجه املشرع الجزائري‪ ،‬نجده يقف موقفا وسطا بين السجل التجاري األملاني الذي يرتب على عملية القيد‬

‫اإلشهار القانوني‪ ،‬ألن املشرع الجزائري رتب نفس األثر بدليل املادة ‪ 19‬من قانون السجل التجاري رقم‬

‫‪ 22 /90‬املؤرخ في ‪ 18‬أوت ‪1990‬م املتعلق بالسجل التجاري‪ ،‬املعدل واملتمم باألمر رقم ‪ 07 /96‬املؤرخ في‬

‫‪10‬يناير سنة ‪ ،1996‬والتي تنص على أن‪ ":‬التسجيل في السجل التجاري‪ ،‬عقد رسمي يثبت كامل األهلية‬

‫القانونية ملمارسة التجارة‪ ،‬ويترتب عليه اإلشهار القانوني اإلجباري‪ ".‬بينما بين القانون الفرنس ي الذي اعتبر‬

‫السجل التجاري كأداة إلحصاء االقتصادي في املجال التجاري‪ ،‬فأسند مهمته إلى جهاز إداري‪ ،‬ومثله فعل‬

‫املشرع الجزائري إذ أسند هذه املهمة املركز الوطني للسجل التجاري‪ ،‬وهو عبارة عن مرفق إداري(‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬امللزمون بالقيد التجاري‬

‫تناول القانون التجاري في املادتين ‪19‬و ‪ 20‬األشخاص امللزمون بالقيد في السجل التجاري‪ ،‬فنصت املادة‬

‫‪ 19‬على ما يلي‪ ":‬يلزم بالتسجيل في السجل التجاري كل شخص طبيعي له صفة التاجر في نظر القانون‬

‫الجزائري‪ ،‬ويمارس أعماله التجارية داخل القطر الجزائري‪ .‬كل شخص معنوي تاجر بالشكل‬

‫أو يكون موضوعه تجاريا ومقره في الجزائر‪ ،‬أو كان له مكتب أو فرع أو أي مؤسسة كانت"‪.‬‬

‫أما املادة ‪ 20‬فقد نصت على ما يلي" يطبق هذا اإللزام خاصة على‪:‬‬

‫‪ -‬كل تاجر شخصا طبيعيا كان أو معنوي‪.‬‬

‫‪ -‬كل مقاولة تجارية يكون مقرها في الخارج وتفتح في الجزائر وكالة أو فرعا أو أي مؤسسة أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬ككل ممثلية تجارية أجنبية تمارس على أن تحدد كيفيات التسجيل في السجل التجاري طبقا للتنظيم‬

‫املعمول به‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫نادية فضيل‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪ 184‬وما بعدها‬

‫‪62‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬آثارالقيد وعدم القيد في السجل التجاري‬

‫أوال ‪ :‬آثارالقيد في السجل التجاري‬

‫إذا توافرت الشروط املذكورة أعاله‪ ،‬وتم قيد التاجر في السجل التجاري الذي يرقمه ويؤشر عليه القاض ي‬

‫(املادة ‪ 2‬من القانون املتعلق بممارسة األنشطة التجارية الصادر في ‪ 14‬أوت ‪ .)2004‬كما أن مستخرج‬

‫السجل يعد سندا رسميا يؤهل كل شخص طبيعي معنوي ملمارسة التجارة‪ ،‬ومن ثم تترتب على ذلك آثارا‬

‫قانونية إذ نجد املادة ‪ 21‬من التقنين التجاري تنص على ما يلي‪ ":‬كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في‬

‫السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين الجاري بها العمل‪ ،‬إال إذا ثبت خالف ذلك‬

‫ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة‪ ".‬وتنص املادة ‪ 18‬من قانون السجل التجاري على ما يلي‪":‬‬

‫يثبت التسجيل في السجل التجاري الصفة القانونية للتاجر‪ ،‬وال تنظر في حالة اعتراض أو نزاع إال املحاكم‬

‫املختصة‪ ،‬ويخول هذا التسجيل الحق في حرية ممارسة النشاط التجاري(‪".)1‬‬

‫وتوضح هاتان املادتان أن القيد في السجل التجاري يعتبر قرينة على ثبوت الصفة التجارية للشخص‬

‫الطبيعي أو الشخص املعنوي بحيث يتمتع ممارسة النشاط التجاري على التراب الجزائري بكل حرية‪.‬‬

‫لكن هذه القرينة أصبحت قاطعة ال يمكن دحضها أمام املحاكم املختصة ألن املادة ‪ 21‬من القانون‬

‫التجاري قد عدلت بموجب أمر ‪ 27 -96‬الصادر في ‪ 1996/02/09‬فحذفت العبارة ما قبل األخيرة (إال إذا‬

‫ثبت خالف ذلك) وأصبح نص املادة ‪ 21‬كالتالي‪ ":‬كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري‬

‫يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين املعمول بها ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة‪".‬‬

‫وعلى هذا األساس هل اكتساب صفة التاجر تستمد من امتهان الشخص لألعمال التجارية أو من قيده في‬

‫السجل التجاري؟‬

‫‪ -‬يترتب القيد اإلشهار القانوني اإلجباري‪ ،‬بحيث يكون للغير االطالع على وضعية التاجر ومركز مؤسسته‪،‬‬

‫وملكية املحل ونوع النشاط الذي يستغله‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫مرجع نفسه‪ -‬ص ‪1911‬‬

‫‪63‬‬
‫أما بالنسبة للشركات التجارية فيتمثل الشهر اإلجباري في تمكين الغير من االطالع على محتوى العقود‬

‫التأسيسية والتحويالت أو التعديالت التي أجريت على رأس املال والتصرفات القانونية التي أجريت على‬

‫محلها من بيع ورهن الخ‪...‬‬

‫‪ -‬عند إجراء القيد يسلم التاجر سجال يحتوي على رقم التسجيل‪ ،‬فاملادة ‪ 16‬من قانون السجل التجاري‬

‫تنص على ما يلي‪ ":‬ال يسلم إال سجل تجاري واحد ألي شخص طبيعي تاجر في مفهوم هذا القانون‪ ،‬وال‬

‫يمكن اإلدارات أن تطلب من التاجر صورا أو نسخا من السجل التجاري إال في الحاالت التي ينص عليها‬

‫القانون صراحة"‪ .‬وإذا كانت هذه املادة تنص على ضرورة تسليم سجل التجاري واحد طيلة حياة التاجر‪،‬‬

‫فإن رقم التسجيل يجب أن يذكر في جميع املستندات الخاصة بالتاجر وبتجارته وهذا ما تقض ي به املادة‬

‫‪ 27‬من القانون التجاري بقولها‪ ":‬يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري أن‬

‫يذكر عنوان فواتره أو طلباته أو تعريفاته أو نشرات الدعاية أو على كل املراسالت الخاصة بمؤسسته‬

‫واملوقعة عليه منه باسمه‪ ،‬مقر املحكمة التي وقع فيها التسجيل بصفة أصلية ورقم التسجيل الذي حصل‬

‫عليه‪ ،‬وكل مخالفة لهذا األحكام يعاقب عنها بغرامة قدرها ‪ 180‬د ج‪".‬‬

‫‪ -‬يؤدي القيد في السجل التجاري إلى ميالد الشخصية املعنوية للشركة وتمتعها باألهلية القانونية هذا ما‬

‫تنص عليه املادة ‪ 549‬من القانون التجاري بقولها‪ ":‬ال تتمتع الشركة بالشخصية املعنوية إال من تاريخ‬

‫قيدها في السجل التجاري‪ ،‬وقبل إتمام هذا اإلجراء يكون األشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة ولحسابها‬

‫متضامنين من غير تحديد أموالهم‪ ،‬إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها‬

‫التعهدات املتخذة‪ ،‬فتعتبر التعهدات بمثابة تعهدات الشركة منذ تأسيسها‪".‬‬

‫‪ -‬ال تتوقف التزامات صاحب املحل ويبقى مسؤوال عنها في مواجهة الغير حتى يتم فيدها في السجل التجاري‬

‫هذا ما تقض ي به املادة ‪ 23‬من القانون التجاري بقولها‪ ":‬ال يمكن للتاجر املسجل الذي يتنازل عن متجره‬

‫أو يأجره‪ ،‬أن يحتج بإنهاء نشاطه التجاري للهرب من القيام باملسؤولية الواقعة على عاتقه من جراء‬

‫‪64‬‬
‫االلتزامات التي تعهد بها خلفه في استغالل املتجر‪ ،‬إال ابتداء من اليوم الذي وقع فيه إما الشطب وإما‬

‫اإلشارة املطالبة‪ ،‬وإما اإلشارة التي تتضمن وضع املتجر على وجه التأجير‪".1‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثارعدم القيد في السجل التجاري‬

‫تنص املادة ‪ 22‬من القانون التجاري على ما يلي‪ ":‬ال يمكن لألشخاص الطبيعيين أو املعنويين الخاضعين‬

‫للتسجيل في السجل التجاري‪ ،‬والذين لم يبادروا بتسجيل أنفسهم عند انقضاء مهلة شهرين أن يتمسكوا‬

‫بصفتهم كتجار‪ ،‬لدى الغير أو لدى اإلدارات العمومية إال بعد تسجيلهم‪ ،‬غير أنه ال يمكن لهم االستناد‬

‫لعدم تسجيلهم في السجل بقصد تهربهم من املسؤوليات والواجبات املالزمة لهذه الصفة‪" .‬‬

‫فحوى هذا النص‪ ،‬أن كل من يزاول النشاط التجاري‪ ،‬في خالل شهرين من تاريخ بدأ نشاطه‪ ،‬يلتزم بالقيد‪،‬‬

‫فإن لم يفعل خالل هذه املهلة يحظر عليه التمسك بصفته كتاجر في مواجهة الغير‪ ،‬أي تسقط عنه‬

‫الحقوق التي يتمتع بها باعتباره تاجرا‪ ،‬بينما املسؤوليات والواجبات املالزمة لهذه الصفة يتحملها التاجر‪،‬‬

‫وهذا جزاء إلخالله بااللتزام بالقيد في السجل التجاري‪ .‬كما ال يمكن للتاجر االحتجاج ببعض البيانات‬

‫الضرورية ملزاولة التجارة تجاه الغير إذا لم يقيدها في السجل التجاري إال إذا ثبت أن الغير كان على علم‬

‫بها‪ .‬هذا ما قضت به املادتان ‪ 24‬و ‪ 25‬من القانون التجاري‪ .‬فاملادة ‪ 24‬نصت على ما يلي‪ ":‬ال يمكن‬

‫لألشخاص الطبيعيين أو املعنويين‪ ،‬الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري‪ ،‬أن يحتجوا اتجاه الغير‬

‫املتعاقدين معهم بسبب نشاطهم التجاري أو لدى اإلدارات العامة‪ ،‬بالواقع موضوع اإلشارة املشار إليها في‬

‫املادة ‪ 25‬وما يليها‪ ،‬إال إذا كانت هذه الوقائع قد أصبحت علنية قبل تاريخ العقد بموجب إشارة مدرجة في‬

‫السجل ما لم يثبتوا بوسائل البينة املقبول في مادة تجارية أنه في وقت إبرام االتفاق‪ ،‬كان أشخاص الغير‬

‫من ذوي الشأن‪ ،‬مطلعين شخصيا على الوقائع املذكورة‪".‬‬

‫أما املادة ‪ 25‬فقد نصت على ما يلي‪ ":‬تسري أحكام املادة السابقة حتى فيما إذا كانت الوقائع موضوع نشر‬

‫قانوني آخر وذلك‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫مرجع نفسه‪ -‬ص ‪195‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬ف ي حالة الرجوع عن ترشيد التاجر القاصر تطبيقا ألحكام التشريع الخاص باألسرة‪ ،‬وعند إلغاء اإلذن‬

‫املسلم للقاصر الخاص بممارسة التجارة‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة صدور أحكام نهائية تقض ي بالحجز على تاجر وبتعيين إما وص ي قضائي‪ ،‬وإما متصرف على‬

‫أمواله‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة صدور أحكام نهائية تقض ي ببطالن شركة تجارية أو بحلها‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة إنهاء أو إلغاء سلطات كل شخص ذي صفة ملزمة ملسؤولية تاجر أو شركة أو مؤسسة اشتراكية‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة صدور قرار من جمعية عامة لشركة مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة يتضمن األمر باتخاذ‬

‫قرار من الجمعية العامة في حالة خسارة ‪ 3/4‬من مالية الشركة(‪".)1‬‬

‫أما املادة ‪ 29‬من القانون السجل التجاري فتنص على ما يلي‪:‬‬

‫"ال يحتج على الغير بالعقود املنصوص عليها في املواد من ‪ 19‬إلى ‪ 22‬من هذا القانون إذا لم تكن موضوع‬

‫إشهار قانوني إجباري‪ ،‬لكنها تلزم مع ذلك مسؤولية األشخاص املعنيين املدنية والجنائية‪".‬‬

‫إذن ال يجوز االحتجاج على الغير بصفة التاجر وال بالوضعية التجارية سواء كان التاجر شخصا طبيعيا‬

‫أو معنويا إال بعد القيد‪ ،‬فإذا لم يقم بالقيد في السجل التجاري سقط حقه في ذلك وقامت مسؤوليته‬

‫املدنية واملتعلقة في عدم االحتجاج اتجاه الغير بصفة كتاجر أو بالبيانات الالزمة لتجارته كما تقوم‬

‫مسؤوليته الجزائية واملتمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬جزاء عدم القيد في السجل التجاري‬

‫رتب القانون جزاءات جنائية على عدم القيد في السجل التجاري تتمثل في الحبس الذي ال يقل عن ‪ 10‬أيام‬

‫وال يزيد عن ‪ 3‬سنوات‪ ،‬وفي غرامة مالية ال تقل عن ‪ 5000‬د ج وال تزيد عن ‪ 30.000‬د ج هذا ما جاء في‬

‫أحكام قانون السجل التجاري‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 26‬على ما يلي‪ ":‬يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين ‪ 500‬د ج‬

‫و ‪ 20.000‬د ج على عدم التسجيل في السجل التجاري‪ ،‬وفي حالة العودة‪ ،‬تضاعف الغرامة املالية‬

‫‪1‬‬
‫مرجع نفسه‪ -‬ص ‪ 197‬و ما بعدها‬

‫‪66‬‬
‫املنصوص عليها في الفقرة األولى أعاله مع اقترانها بإجراء الحبس ملدة تتراوح بين عشرة أيام وستة أشهر‪،‬‬

‫ويمكن القاض ي أن يتخذ زيادة على ذلك إجراءات إضافية تمنع ممارسة التجارة‪".‬‬

‫‪ -‬واملادة ‪ 27‬نصت على ما يلي‪ ":‬يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين ‪ 5000‬د ج و‪ 20.000‬د ج بالحبس ملدة‬

‫تتراوح بين عشرة أيام وستة أشهر أو إحدى هاتين العقوبتين كل شخص تعمد بسوء نية تقديم تصريحات‬

‫غير صحيحة أو أعطى بيانات غير كاملة قصد التسجيل في السجل التجاري‪".‬‬

‫‪ -‬وفي حالة العودة تضاعف العقوبات السالفة الذكر‪ ،‬ويأمر القاض ي املكلف بالسجل التجاري تلقائيا‬

‫وعلى نفقة املخالف تسجيل هذه العقوبات في هامش السجل التجاري ونشرها في النشرة الرسمية‬

‫لإلعالنات القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬أما املادة ‪ 28‬فتنص على ما يلي‪ ":‬يعاقب بالحبس ملدة تتراوح بين ستة أشهر وثالث سنين وبغرامة مالية‬

‫تتراوح بين ‪10.000‬د ج و ‪30.000‬د ج كل من يزيف أو يزور شهادات التسجيل في السجل التجاري أو أية‬

‫وثيقة تتعلق به قصد اكتساب حق أو صفة‪".‬‬

‫أما أحكام القانون التجاري‪ ،‬فقد نصت هي األخرى على جزاءات جنائية تمثلت في الحبس والغرامة‪ ،‬فنجد‬

‫املادة ‪ 28‬منه قد نصت على ما يلي‪ ":‬كل شخص ملزم بأن يطلب تسجيل إشارة تكميلية أو تصحيحية‬

‫أو شطب في السجل التجاري‪ ،‬ولم يستكمل اإلجراءات املطلوبة منه في غضون ‪ 15‬يوما من ضبط املخالفة‬

‫دون عذر‪ ،‬يستدعي لدى املحكمة التي تنظر في املخالفة‪".‬‬

‫ويعاقب عن هذه األخيرة بغرامة مالية قدرها من ‪ 400‬د ج إلى ‪ 20000‬د ج وبالحبس من ‪ 10‬أيام إلى ‪6‬‬

‫أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ .‬وتأمر املحكمة التي تقض ي بالغرامة املالية بتسجيل اإلشارات‬

‫أو الشطب الواجب إدراجه في السجل التجاري خالل مهلة معينة وعلى نفقة املعني‪.‬‬

‫أما املادة ‪ 29‬فقد نصت على ما يلي‪ ":‬كل من يقدم‪ ،‬عن سوء نية معلومات غير صحيحة أو غير كاملة‬

‫بقصد الحصول على تسجيل أو شطب أو إشارة تكميلية أو تصحيحية في السجل التجاري‪ ،‬يعاقب بغرامة‬

‫قدرها من ‪ 500‬د ج إلى ‪ 20.000‬د ج وبالحبس من ‪ 10‬أيام إلى ‪ 6‬أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪".‬‬

‫‪67‬‬
‫إذن فإن مخالفة التاجر لاللتزام بالقيد في السجل التجاري تترتب عليها جزاءات صارمة‪ ،‬ويرجع هذا‬

‫ألهمية القيد الذي يرمي إلى إعالن الغير ودعم االئتمان في امليدان التجاري حتى ال يتعرض التاجر ملفاجآت‬

‫قد تهز مركزه املالي‪ ،‬إذ يستند للبيانات الواردة في السجل التجاري بقصد القيام ببعض العمليات‬

‫التجارية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مسك الدفاترالتجارية‬


‫تقض ي األحكام القانونية املنظمة للدفاتر التجارية أنه يتوجب على كل شخص ذي صفة التاجر القيد في‬

‫سجل رسمي هو السجل التجاري‪ .‬لكن زيادة على ذلك‪ ،‬يلزم بمسك دفاتر تجارية‪ .‬والدفاتر التجارية هي‬

‫سجالت يقيد فيها التاجر عملياته التجارية صادراته ووارداته حقوقه والتزاماته‪ .‬وتقوم هذه الدفاتر بدور‬

‫هام سواء على الصعيد االقتصادي أم القانوني سواء بالنسبة للتاجر أو الغير(‪.)1‬‬

‫وعموما يلتزم التاجر بمسك دفترين إجباريين‪ ،‬ويمكنه فضال عن ذلك‪ ،‬مسك دفاتر أخرى اختيارية‬

‫تختلف حسب طبيعة نشاطه وحاجاته التجارية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األشخاص امللزمون بمسك الدفاترالتجارية‬

‫يستفاد من نص املادة ‪ 9‬تجاري أن االلتزام بمسك الدفاتر التجارية واجب على كل من اكتسب صفة‬

‫التاجر‪ ،‬سواء كان شخص طبيعي أو معنوي كالشركات التجارية‪ ،‬بيد أنه ال يتوجب على الشركاء في شركة‬

‫التضامن‪ ،‬أو على الشركاء املتضامنين في شركة التوصية أو باألسهم‪ ،‬مسك دفاتر تجارية بالرغم من كونها‬

‫تجارا ( م ‪ 563 ،551‬مكرر‪ 1‬و ‪ 715‬ثالث تجاري )‪ ،‬فدفاتر الشركة كافية‪ .‬غير أن النصوص القانونية وإن‬

‫كانت ال تفرض عليهم مسك هذه الدفاتر فإنها في آن واحد ال تمنعهم من مسكها وذلك ألهمية البيانات‬

‫عند إفالس الشريك أو الشركة(‪ .)2‬أما الشخص املدني والشركات املدنية ال يلتزمون بمسك دفاتر تجارية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سميحة القيلوبي‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪132‬‬
‫‪2‬‬
‫أكثم أمين الخولي‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪283‬‬

‫‪68‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع الدفاترالتجارية‬

‫أوال‪ :‬الدفاتراإلجبارية‬

‫‪ -/1‬الدفاتراليومية‬

‫يجب على كل تاجر‪ ،‬سواء أكان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا‪ ،‬مسك دفتر اليومية الذي يقيد فيه‬

‫جميع عمليات املقاولة إما يوميا وإما شهريا‪ .‬وفي هذه الحالة يراجع نتائج هذه العمليات شريطة أن يحتفظ‬

‫بكافة الوثائق التي يمكن معها مراجعة تلك العمليات يوميا ( م ‪ 9‬تجاري )‪ ،‬والغرض من هذا االلتزام‬

‫مراقبة صحة األعمال اليومية‪ .‬وتعتبر الدفاتر اليومية أساس حسابات التاجر حيث يعطي ملن يطلع عليها‬

‫صورة صادقة لجميع العمليات التي يجريها التاجر سواء تعلقت هذه العمليات بتجارته أم بحياته‬

‫الشخصية‪.‬‬

‫ومن املتفق عليه بالنسبة للمصاريف الشخصية أن التاجر غير ملزم بذكر مفرداتها‪ ،‬إنما يكتفي بذكرها‬

‫إجماال حتى ال يطلع الغير على شؤونه الخاصة كأن يذكر مجمل املبالغ شهريا أو سنويا(‪.)1‬‬

‫‪ /2‬دفاتر الجرد و امليزانية‪:‬‬

‫يجب على كل تاجر أن يجري سنويا جردا لعناصر أصول وخصوم مقاولته‪ ،‬وهي ما للتاجر من أموال ثابتة‬

‫ومنقولة وحقوق لدى الغير‪ .‬وأن يقفل حساباته قصد إعادة امليزانية‪ ،‬وحساب النتائج‪ .‬هذه العمليات‬

‫يجب أن يدونها التجار في الدفتر اليومي و امليزانية ملشروعه التجاري(‪ ،)2‬وهي تعتبر الدليل القاطع والواضح‬

‫على املركز املالي اإليجابي أو السلبي وامليزانية تتكون من جانبين األصول والخصوم‪ .‬وفي األصول تشمل‬

‫األصول الثابتة واملنقولة والديون التي للتاجر قبل الغير‪ ،‬أما الخصوم فهي تمثل ديون املشروع التجاري‬

‫‪1‬‬
‫عزيز العكيلي‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪140‬‬
‫‪eme‬‬
‫‪Paris -ed. Librairie générale de droit et de jurisprudence‬‬ ‫‪3 -droit commercial : manuel de Alfred Jauffret 2‬‬
‫‪1970- P. 404.‬‬

‫‪69‬‬
‫أي الديون التي على التاجر للغير وكذلك رأس مال املشروع باعتباره دينا على املشروع‪ .‬وكذلك بيان حساب‬
‫األرباح والخسائر(‪)1‬‬

‫‪/3‬الجزاءات املترتبة على عدم مسك الدفاترالتجارية اإلجبارية‪:‬‬

‫يترتب على مخالفة األحكام القانونية املتعلقة بمسك الدفاتر التجارية إخضاع التاجر لعقوبات جزائية‬

‫ومدنية‪.‬‬

‫أ‪ ./‬العقوبات الجزائية‪:‬‬

‫لقد أقر املشرع الجزائري عقوبة التفليس بالتقصير أو التفليس بالتدليس على كل تاجر لم يقم بمسك‬

‫الدفاتر اإلجبارية أو قام مسكها بطريقة غير قانونية‪.‬‬

‫·عقوبة التفليس بالتقصير ‪ :‬لقد بينت املادة ‪ 370‬تجاري الحاالت التي يعد فيها التاجر مرتكبا لجريمة‬

‫اإلفالس بالتقصير‪ .‬حيث نصت املادة "يعد مرتكبا لتفليس بالتقصير كل تاجر في حالة توقف عن الدفع‬

‫يوجد في إحدى الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫ـ إذا ثبت أن مصاريفه الشخصية أو مصاريف تجارته مفرطة‪،‬‬

‫ـ إذا استهلكت مبالغ جسيمة في عمليات نصيبية محضة أو عمليات وهمية‪،‬‬

‫ـ إذا كان قد قام بمشتريات إلعادة البيع بأقل من سعر السوق بقصد تأخير إثبات توقفه عن الدفع‬

‫أو استعمل بنفس القصد وسائل مؤدية لإلفالس ليحصل على أموال‪،‬‬

‫ـ إذا قام التوقف عن الدفع بإيفاء أحد الدائنين إضرارا بجماعة الدائنين‪،‬‬

‫ـ إذا كان قد أشهر إفالسه مرتين وأوقف التفليستان بسبب عدم كفاية األصول‪،‬‬

‫ـ إذا لم يكن قد أمسك أية حسابات مطابقة لعرف املهنة نظرا ألهمية تجارته‪،‬‬

‫ـ إذا كان قد مارس مهنته مخالفا لحظر منصوص عليه في القانون‪".‬‬

‫أكثم أمين الخولي‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪2871‬‬

‫‪70‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 371‬تجاري أنه "يجوز أن يعتبر مرتكبا للتفليس بالتقصير كل تاجر في حالة توقف عن‬

‫الدفع يوجد في إحدى الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫ـ إذا كان قد عقد لحساب الغير تعهدات ثبت أنها بالغة الضخامة بالنسبة لوضعه عند التعاقد بغير أن‬

‫يتقاض ى مقابلها شيئا‪،‬‬

‫ـ إذا كان قد حكم بإفالسه دون أن يكون قد أوفى بالتزاماته عن صلح سابق‪،‬‬

‫ـ إذا كان لم يقم بالتصريح لدى كاتب ضبط املحكمة عن حالة التوقف عن الدفع في مهلة ‪ 15‬يوما‪ ،‬دون‬

‫مانع مشروع‪،‬‬

‫ـ إذا كان لم يحضر بشخصه لدى وكيل التفليسة في األحوال واملواعيد املحددة‪ ،‬دون مانع مشروع‪ ،‬إذا‬

‫كانت حساباته ناقصة أو غير ممسوكة بانتظام‪".‬‬

‫يستفاد من نص املادة ‪ 378‬تجاري أنه في حالة توقف شركة عن الدفع تطبق العقوبات الخاصة بالتفليس‬

‫بالتقصير على القائمين باإلدارة واملديرين أو املصفين في الشركة ذات املسؤولية املحدودة‪ ،‬وبوجه عام كل‬

‫املفوضين من قبل الشركة‪ .‬يكونون بهذه الصفة وبسوء نية‪:‬‬

‫ـ استهلكوا مبالغ جسيمة تخص الشركة في القيام بعمليات نصيبية محضة أو عمليات وهمية‪،‬‬

‫ـ أو قاموا بقصد تأخير إثبات توقف الشركة عن الدفع بمشتريات إلعادة البيع بأقل من سعر السوق‪،‬‬

‫أو استعملوا بنفس القصد وسائل مؤدية لإلفالس للحصول على أموال‪،‬‬

‫ـ أو قاموا بعد توقف الشركة عن الدفع بإيفاء أحد الدائنين أو جعله يستوفي حقه إضرارا بجماعة‬

‫الدائنين‪،‬‬

‫ـ أو جعلوا الشركة تعقد لحساب الغير تعهدات تثبت أنها بالغة الضخامة بالنسبة لوضعها عند التعاقد‬

‫وذلك بغير أن تتقاض ى الشركة مقابال‪،‬‬

‫ـ إذا أمسكوا أو أمروا بإمساك حسابات الشركة بغير انتظام‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫* عقوبة التفليس بالتدليس‪:‬‬

‫نصت املادة ‪ 374‬تجاري بأنه‪ ":‬يعد مرتكبا لجريمة اإلفالس بالتدليس كل تاجر في حالة التوقف عن‬

‫الدفع‪ ،‬ويكون قد أخفى حسابات أو بدد أو اختلس كل أو بعض أصوله أو يكون بطريقة التدليس قد أقر‬

‫بمديونيته بمبالغ ليست في ذمته سواء كان هذا في محرراته بأوراق رسمية أو تعهدات عرفية أو في‬

‫ميزانيته‪".‬‬

‫وفضال عن هذا‪ ،‬يجوز اتهام التاجر بتزوير خطي‪ .‬ويتضح من قانون العقوبات أن كل من ارتكب تزويرا ( م‬

‫‪ 216‬عقوبات ) في املحررات التجارية أو املصرفية أو شرع في ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس‬

‫سنوات وبغرامة من ‪ 500‬إلى ‪ 20000‬دج ( م ‪ 219‬وما بعدها عقوبات‪).‬‬

‫كما تعد أعمال تدليسية‪ ،‬وفقا لقانون الضرائب املباشرة والرسوم املماثلة‪ ،‬اإلغفال عن قصد لنقل أو‬

‫العمل على نقل كتابات أو تم النقل أو العمل على نقل كتابات غير صحيحة أو صورية في دفتر اليومية وفي‬

‫دفتر الجرد‪ ،‬أو في الوثائق التي تحل محلها‪ .‬وذلك عندما يكون عدم الصحة يهم سنوات مالية قد تم قفل‬

‫كتاباتها ( م ‪362‬ـ‪ 1‬من قانون الضرائب املباشرة والرسوم املماثلة‪).‬‬

‫ب‪ /‬العقوبات املدنية‪:‬‬

‫يالحظ من خالل األحكام القانونية السابقة أن التاجر الذي يمسك دفاتره التجارية بطريقة غير منتظمة‪،‬‬

‫ويتوقف عن دفع ديونه‪ ،‬ال يستفيد من األحكام املتعلقة بالتسوية القضائية‪ ،‬بل يلزم القاض ي بشهر‬

‫إفالسه‪ .‬والعبرة في ذلك عدم منح التاجر إمكانية لتسوية وضعيته املادية واملالية لكونه خالف القانون‪.‬‬

‫ومما ال ريب فيه أن التاجر يكون مسؤوال مدنيا عن كل األضرار الناجمة عن عدم مسك الدفاتر التجاري‬

‫أو مسكها بطريقة غير منتظمة‪ .‬فاملنطق يقض ي بضرورة تحمل التاجر نتائج خطئه‪ ،‬وال يجوز له طلب‬

‫االستفادة من بيانات دفاتره‪ .‬وعلى ذلك تنص املادة ‪ 14‬تجاري على أن الدفاتر التي يلتزم األفراد بمسكها‬

‫والتي ال تراعى فيها األوضاع املقررة أعاله‪ ،‬ال يمكن تقديمها للقضاء وال يكون لها قوة اإلثبات أمامه لصالح‬

‫‪72‬‬
‫من يمسكونها‪ .‬وبما أن القانون التجاري يرتكز على مبدأ حرية اإلثبات ( م ‪ 30‬تجاري )‪ ،‬يجوز للقاض ي‬

‫قبول هذه الدفاتر كقرينة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدفاتراالختيارية‬

‫إن التاجر يمسك‪ ،‬في حياته العملية‪ ،‬زيادة على الدفاتر التجارية اإلجبارية‪ ،‬دفاتر أخرى إختيارية لم‬

‫يتعرض لها املشرع بنص يحكمها‪ ،‬يكون امسكها إلزاميا أو اختياريا على التاجر‪ ،‬وهذا حسب طبيعة‬

‫التجارة التي يمارسها(‪ .)1‬و من أهم هذه الدفاتر‪:‬‬

‫‪ -‬دف تر األستاذ‪ :‬هو الذي تنقل إليه القيود التي سبق تدوينها في دفتر اليومية وترتب فيه حسب نوعها‬

‫أو بحسب أسماء العمالء لكل عميل أو لكل نوع من أنواع الحساب‪ ،‬حساب البضائع‪ ،‬حساب األوراق‬

‫التجارية للقرض أو األوراق التجارية للدفع إلى غير ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬دفتر الصندوق‪ :‬هو الذي تدون فيه جميع املبالغ النقدية التي تدخل الصندوق أو تخرج منه‪ ،‬ويبين‬

‫رصيده في آخر كل يوم مما يسهل الوقوف على موجودات الصندوق النقدية‪.‬‬

‫‪ -‬دفتر املسودة‪ :‬تقيد فيه العمليات التجارية فور وقوعها‪ ،‬فهو بمثابة مذكرات‪ ،‬ثم تنتقل بانتظام في نهاية‬

‫اليوم إلى دفتر اليومية‪.‬‬

‫‪ -‬دفتر املخزن‪ :‬تدون فيه البضائع التي تدخل إلى املخزن والتي تخرج منه‪.‬‬

‫‪ -‬دفتر األوراق التجارية‪ :‬تقيد فيه مواعيد استحقاق األوراق التجارية الواجب تحصيلها مع الغير وتلك‬

‫الواجب دفع قيمتها إلى الغير‪.‬‬

‫نادية فضيل‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪1701‬‬

‫‪73‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تنظيم الدفاترالتجارية‬

‫إن تنظيم الدفاتر التجارية يكتس ي أهمية خاصة في مجال اإلثبات‪ ،‬لذلك أوجب املشرع خضوعها لتنظيم‬

‫خاص لضمان صحة ما يرد فيها من معلومات أو بيانات‪ ،‬لذلك ألزم القانون قيد العمليات التجارية حسب‬

‫تواريخ وقوعها‪ ،‬وأن يكون دفتر اليومية والجرد خالية من أي فراغ أو كتابة في الهامش أو أي حشو بين‬

‫السطور‪ ،‬والغرض من ذلك هو سالمة البيانات الواردة بها وعدم تغيير البيانات األصلية أو كتابة أي‬

‫إضافة في الفراغ املتروك‪ .‬وإذا وقع خطأ في أحد القيود فيصحح عن طريق إجراء القيد العكس ي‪ ،‬كما‬

‫أوجب القانون أن ترقم صفحات دفتري الجرد واليومية قبل استعمالها ويوقع عليها من قبل املحكمة‬

‫املختصة التي يقع في دائرتها نشاط التاجر بغرض حفظ الدفاتر التجارية وبقائها على حالتها دون نزع‬

‫صفحات منها أو إضافة أو استبدال بعضها بغيرها أو إعدامه بكامله أو استبداله بغيره‪ ،‬إن هذه اإلجراءات‬

‫الشكلية إلزامية في الدفاتر اإلجبارية‪ ،‬أما األخذ بها في الدفاتر االختيارية يجعل لها حجة في اإلثبات أكثر(‪.)1‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مدة االحتفاظ بالدفاترالتجارية‬

‫يتضح من املادة ‪ 12‬تجاري أنه يجب االحتفاظ بالدفاتر واملستندات والوقائع ملدة ‪ 10‬سنوات من تاريخ‬

‫اقفالها وللتاجر الحق في أن يعدمها بعد انقضاء املدة حيث ال يلتزم بتقديمها أمام القضاء بعد انقضاء‬

‫هذه الفترة‪ ،‬لوجود قرينة على إعدامها غير أنه يمكن إثبات عكسها وبالتالي يلزم بتقديمها‪.‬‬

‫*حجية الدفاترالتجارية في اإلثبات‪:‬‬

‫جعل القانون الدفاتر التجارية حجة في اإلثبات سواء ضد التاجر في جميع األحوال أو ملصلحته عند توافر‬

‫شروط معينة‪ ،‬وفي ذلك خروج على القواعد العامة التي ال تلزم الشخص بتقديم دليل ضد نفسه‪ ،‬كما ال‬

‫تجيز للشخص أن يصطنع دليال لنفسه ضد الغير لذلك سوف نعالج حجية الدفاتر التجارية في الفروض‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪164‬‬

‫‪74‬‬
‫أ‪ /‬حجية الدفاترالتجارية ضد التاجر‪:‬‬

‫يظهر جليا من نص املادة ‪ 330‬مدني أن الدفاتر التجارية تكون حجة على التاجر‪ ،‬أي يجوز ملن يهمه األمر‬

‫استعمال هذه الدفاتر ضد التاجر الذي صدرت منه‪ ،‬أيا كان الخصم الذي يتمسك بها‪ ،‬سواء كان تاجرا‬

‫أم غير تاجر‪ ،‬وسواء كان الدين املراد إثباته بواسطتها دينا تجاريا أو مدنيا‪ .‬وال يشترط أن تكون الدفاتر‬

‫منتظمة‪ ،‬إذ ال يجوز أن يستند إلى خطئه وإهماله لكي يعفي نفسه من نتائج أعماله‪.‬‬

‫ب‪ /‬حجية الدفاترالتجارية ملصلحة التاجر‪:‬‬

‫خروجا عن املبدأ العام الذي ال يجيز للشخص أن يصطنع دليال لنفسه‪ ،‬فإن القانون سمح للتاجر أن‬

‫يمسك دفاتر تجارية يستطيع استعمالها كدليل إثبات لصالحه غير أن حجيتها تختلف حسبما إذا كان‬

‫خصمه تاجر أم غير تاجر‪.‬‬

‫ج‪ /‬حجية الدفاترالتجارية بين تاجرين‪:‬‬

‫أجاز املشرع للتاجر في املادة ‪ 13‬تجاري الحق بالتمسك بدفاتره التجارية كدليل إثبات كامل ملصلحته في‬

‫نزاعه مع تاجر آخر بشأن أعمال تجارية بشأنهما إذا توافرت الشروط التالية‪:‬‬

‫يجب أن يكون الطرف الخصم تاجرا‪.‬‬

‫يجب أن يكون النزاع متعلقا بعمل تجاري لكال الطرفين‪.‬‬

‫يجب أن تكون الدفاتر التجارية منتظمة‪ ،‬ألن انتظام الدفاتر التجارية يضفي على قيودها الجدية‪ ،‬ويكفلها‬

‫من خطر التالعب والغش‪ .‬أما الدفاتر التجارية غير املنتظمة فال تكون في األصل حجة في اإلثبات(‪.)1‬‬

‫ويمكن التذكير في هذا اإلطار باملادة ‪ 14‬تجاري التي تنص على "أن الدفاتر التي يلتزم األفراد بمسكها والتي‬

‫ال تراعى فيها األوضاع املقررة أعاله ال يمكن تقديهما للقضاء وال يكون لها قوة اإلثبات أمامه لصالح من‬

‫‪1‬‬
‫يحي بكوش‪ :‬أدلة اإلثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه اإلسالمي‪ -‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ -‬الجزائر ‪ -1981‬ص ‪ 170‬و ما بعدها‬

‫‪75‬‬
‫يمسكونها"‪ .‬غير أنه يمكن للقاض ي االستعانة بتلك الدفاتر ملجرد اعتبارها قرائن تكمل بعناصر إثبات‬

‫أخرى واردة في الدعوى كاملستندات الخطية وتقارير الخبراء والقرائن‪.‬‬

‫د‪ /‬حجية الدفاترالتجارية بين تاجروغيرتاجر‬

‫إن التاجر يقدم في هذه الحالة دفاتر إلثبات ش يء ضد شخص ال يتمتع بصفة التاجر‪ .‬ومن املالحظة أن‬

‫املادة ‪ 1/330‬مدني تنص على أنه ال تكون الدفاتر التجارية حجة على غير التاجر‪ ،‬وبالتالي ال يلتزم القاض ي‬

‫بالبيانات الواردة في الدفاتر التجارية كحجة لصالح التاجر‪ .‬والعبرة في ذلك حماية الطرف غير التاجر‬

‫لكونه ال يمسك دفاتر تجارية‪ ،‬ولهذا يستحيل عليه تقديم أية كتابة ضد دفاتر التاجر‬

‫غير أن هذه الدفاتر عندما تتضمن بيانات تتعلق بتوريدات قام بها التاجر‪ ،‬يجوز للقاض ي توجيه اليمين‬

‫املتممة إلى أحد الطرفين فيما يكون إثباته بالبينة ( م ‪ 30‬تجاري و ‪ 330‬مدني)‪ .‬ولكن يجب توافر الشروط‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬يجب أن يكون محل االلتزام عبارة عن توريدات‪ ،‬أي بضائع قام بتوريدها التاجر املدعي إلى غير التاجر‬

‫املدعي عليه كاملواد الغذائية(‪.)1‬‬

‫‪ -‬يجب أال تزيد قيمة هذه البضائع عن نصاب البينة أي أن ال تفوت قيمة التوريدات ‪ 000.100‬دج‬

‫( م ‪ 333‬مدني)‪.‬‬

‫‪ -‬االعتداد بالدفاتر التجارية في اإلثبات وتكملته بتوجيه اليمين وهو أمر جوازي للقاض ي ال للخصوم‪ ،‬فال‬

‫يجوز للخصم أن يوجه اليمين أو يطلب من القاض ي بتوجيهها‪.‬‬


‫‪ -‬ال يجوز للقاض ي أن يكمل الدليل املستخلص من دفاتر التاجر إال بطريقة واحدة هي توجيه اليمين املتممة‪ ،‬فال يجوز‬

‫له تكملة هذا الدليل عن طريق شهادة شهود أو القرائن‪.‬‬

‫مرجع نفسه‪ -‬ص ‪1731‬‬

‫‪76‬‬
‫الفرع الخامس‪ :‬تقديم الدفاترالتجارية‬

‫إن تقديم الدفاتر التجارية يتم بناء على أحكام املادتين ‪ 15‬و‪ 16‬تجاري حسب طريقتين متميزتين هما‬

‫اإلطالع واإلنابة‪.‬‬

‫‪ /1‬االطالع‬

‫هو وضع الدفاتر التجارية تحت تصرف الطرف الخصم حتى يطلع عليها‪ ،‬إال أن هذا اإلجراء يشكل خطرا‬

‫كبيرا على التاجر ألن الخصم يصبح مطلعا على جميع شؤون التاجر(‪ .)1‬فمن الثابت أن االطالع يؤدي إلى‬

‫الكشف عن أسرار التاجر‪ ،‬ولهذا تنص املادة ‪ 15‬تجاري على أنه‪ ":‬ال يجوز األمر بتقديم الدفاتر وقوائم‬

‫الجرد إال في قضايا اإلرث(للورثة) وقسمة الشركة(للشركاء) وفي حالة اإلفالس (لوكيل التفليسة)‪".‬‬

‫‪ /2‬التقديم أو االطالع الجزئي‪:‬‬

‫هي وضع الدفاتر التجارية تحت تصرف القاض ي أو الخبير الذي عين قضائيا للبحث عن معلومات متعلقة‬

‫بالنزاع‪ ،‬بينما في االطالع تقدم هذه الوثائق للطرف الخصم‪ ،‬لذا ليست هذه الطريقة خطيرة على التاجر‬

‫ألن القضاء والخبراء مجبرون على احترام سر املهنة‪ .‬وسميت باالطالع الجزئي ألن في كل األحوال‪ ،‬ال يتعلق‬

‫االطالع إال بالبيانات التي تخص النزاع دون غيرها‪ .‬ومن الثابت أن االطالع على الدفاتر يسمح للقاض ي أو‬

‫الخبير‪ ،‬باستخراج كافة البيانات التي تهم الدعوى والتي تكاد تؤثر على مجراها‪.‬‬

‫وإذا رفض الطرف الذي يعرض عليه اإلثبات بالدفاتر‪ ،‬تقديم هذه األخيرة‪ ،‬جاز للقاض ي توجيه اليمين إلى‬

‫الطرف اآلخر (م ‪ 18‬تجاري)‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬يجوز للقاض ي‪ ،‬بناء على املادة ‪ 17‬تجاري‪ ،‬أن يوجه إنابة‬

‫قضائية لدى املحكمة التي توجد بها الدفاتر أو يعين قاضيا لالطالع عليها وتحرير محضر بمحتواها‪،‬‬

‫وإرسال إلى املحكمة املختصة بالدعوى‪ ،‬إذا كانت هذه الدفاتر موجودة في أماكن بعيدة عن املحكمة‬

‫‪1‬‬
‫يجي بكوش‪ :‬مرجع نفسه‪ -‬ص ‪169‬‬

‫‪77‬‬
‫املختصة‪ .‬فإذا تحصلت املحكمة على البيانات املطلوبة‪ ،‬فلها أن تأخذ بها أو ال تأخذ بها‪ ،‬ولخصم التاجر‬

‫أن يناقشها‪ ،‬وله أن يحتج بعدم انتظامها أو عدم صحة ما ورد بها بتقديم الدليل على ذلك‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬املحل التجاري‬
‫ّان فكرة املحل التجاري حديثة النشأة؛ حيث لم تكن معروفه في مختلف التشريعات‪ .‬لقد ظهرت ألول مرة‬
‫في القانون الفرنس ي الذي اعترف بفكرة املحل التجاري ضمن قانون املالية الذي صدر في ‪ 28‬فبراير ‪1872‬‬
‫ّ‬
‫ثم تطورت هذه الفكرة في قانون ‪ 1898‬الذي مكن التجار رهن محالت التجارية كضمان اللتزاماتهم دون‬
‫ان تنتقل هذه املحالت من حيازتهم‪ ،‬وبصدور قانون ‪ 17‬مارس ‪ّ 1909‬‬
‫تم تنظيم بيع ورهن املحل التجاري ‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم املحل التجاري‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف وخصائص املحل التجاري‬
‫‪ -1‬تعريف املحل التجاري‬
‫ّان املشرع الجزائري على غرار معظم التشريعات لم يعرف املحل التجاري؛ بل اكتفى بالتعرض‬
‫للعناصر ّ‬
‫املكونة له‪ ،‬حيث نص في املادة ‪ 78‬من األمر رقم ‪ 59/75‬املؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1975‬املتضمن‬
‫القانون التجاري على ما يلي‪" :‬تعد جزءا من املحل التجاري األموال املنقولة املخصصة ملمارسة نشاط‬
‫تجاري ويشمل املحل التجاري إلزاميا عمالئه وشهرته "‪.‬‬
‫كما يشمل أيضا سائر األموال األخرى الالزمة الستغالل املحل التجاري كعنوان املحل و االسم التجاري‬
‫ّ‬
‫الصناعية و التجارية؛ كل ذلك ما لم ينص على‬ ‫والحق في االيجار و ّ‬
‫املعدات واآلالت والبضائع وحق امللكية‬
‫خالف ذلك"‪.‬‬
‫وفي غياب تعريف قانوني للمحل التجاري؛ تناول الفقه هذا املوضوع وعرف املحل التجاري على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫* التعريف الفقهي األول ‪:‬‬
‫ّ‬
‫تخصص ملمارسة مهنة تجارية؛ وتتضمن بصفة أصلية‬ ‫املحل التجاري هو كتلة من األموال املنقولة؛‬
‫بعض العناصر املعنوية؛ وقد تشتمل على عناصر أخرى مادية‪1.‬‬

‫* التعريف الفقهي الثاني‪:‬‬


‫ّ‬
‫مخصص الستغالل تجاري أو صناعة معينة؛ و قد يسمى‬ ‫ّإن املحل التجاري مال منقول معنوي‬
‫باملتجر أو املصنع؛ تبعا لنوع النشاط الذي يزاوله الشخص ‪2.‬‬

‫‪- 1‬علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪176‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪-J.Ripert et R.Roblot :traité de droit commercial-Tome 1-15‬‬ ‫‪ed.L.G.D.J-p.108‬‬

‫‪79‬‬
‫* التعريف الفقهي الثالث ‪:‬‬
‫ّإن املحل التجاري هو مجموعة األموال املادية واملعنوية التي يستخدمها التاجر في مباشرة حرفته؛ ويشمل‬
‫البضائع وأثاث املحل وسياراته وشهرة واسمه و ما يكون لديه من براءة اختراع وما الى ذلك‪ّ ،‬‬
‫مما يستعين‬
‫به التاجر في مباشرة التجارة ‪1.‬‬

‫* التعريف الفقهي ّ‬
‫الر ابع ‪:‬‬
‫يعتبر املحل التجاري مجموعة من األموال‪ ،‬املادية واملعنوية تألفت معا بقصد االستغالل التجاري وجذب‬
‫ّ‬
‫العمالء للمحل التجاري واالحتفاظ بهم؛ أي أنه مجموع األموال املادية واملعنوية املخصصة ملزاولة نشاط‬
‫تجاري معين)‪.‬‬
‫* من خالل هذه التعريفات نستخلص بأن املحل التجاري يضم مجموعة من العناصر الالزمة‬
‫ملمارسه النشاط التجاري؛ وتنقسم الى عناصر مادية كالبضائع واآلالت واألثاث ‪ ،‬وعناصر معنوية‬
‫كاالتصال بالعمالء‪ّ ،‬‬
‫والسمعة التجارية‪ ،‬واالسم التجاري والعنوان التجاري‪ ،‬الحق في االيجار ‪ ،‬حقوق‬
‫امللكية الصناعية والرخص واالجازات‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬خصائص املحل التجاري‪:‬‬
‫يتميز املحل التجاري بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -/ 1‬املحل التجاري مال منقول‪:‬‬
‫ّإن املحل التجاري مال منقول ألنه ّ‬
‫يتكون من أموال مادية كالبضائع؛ و أموال معنوية كحق االتصال‬
‫بالعمالء‬
‫يتمتع بصفتي االستقرار والثبات التي ّ‬
‫يتمتع بها‬ ‫و حقوق امللكية الصناعية‪ .‬كما ّان املحل التجاري ال ّ‬
‫ّ ّ‬
‫ثم فانه يخضع للنظام القانوني الخاص باألموال املنقولة ‪.2‬‬ ‫العقار ومن‬
‫‪ -/2‬املحل التجاري مال معنوي‪:‬‬
‫يعتبر املحل التجاري ماال معنويا رغم أنه يتكون من بعض العناصر املادية كالبضائع واملعدات ذلك ان‬
‫العناصر املعنوية املكونة له كاالسم التجاري والسمعة التجارية تعتبر أكثر فعالية في تكوينه‪ .‬فاملحل‬
‫التجاري كوحدة مستقلة عن العناصر املكونة له تمثل ماال معنويا ال تسري عليه القواعد الخاصة باملال‬

‫‪ 1‬علي بن غانم‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪184‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ -‬ص ‪184‬‬

‫‪80‬‬
‫املادي؛ فمثال إذا وقع بيع املحل التجاري لشخصين وتسلم أحدهما املحل فان حيازة املحل ال تصلح في‬
‫الحيازة لغيره‪1 .‬‬ ‫االحتجاج بنقل ملكيته وانما تكون األفضلية للمشتري األسبق في التاريخ حتى لو انتقلت‬
‫‪-/ 3‬املحل ذو طابع تجاري‪:‬‬
‫‪ .1‬يعتبر املحل ذو طابع تجاري الن املستغل له أي التاجر يقوم بممارسة نشاط تجاري‪ .‬ففي حالة ما‬
‫إذا تم مزاولة نشاط مدني في املحل؛ وحتى وان كان لهذا املحل عمالء الذين هم من العناصر‬
‫املعنوية للمحل التجاري؛ وكان له أيضا معدات التي هي من العناصر املادية للمحل التجاري؛ فال‬
‫يمكن اعتبار مثل هذا املحل انه محل تجاري؛ وكمثال على ذلك مكاتب املحامين واألطباء؛ وذلك‬
‫التي يتم ممارستها في هذه املحالت ال تعتبر من قبيل األعمال التجارية ‪2‬‬ ‫كون ان طبيعة االعمال‬
‫املبحث الثاني‪ :‬عناصراملحل التجاري‬
‫املطلب األول‪ :‬العناصراملادية‬
‫تتمثل العناصر املادية املكونة للمحل التجاري في كل من البضائع واملعدات او العتاد‬
‫‪ -/1‬البضائع‬
‫تتمثل البضائع في تلك املنقوالت املعدة للبيع سواء كانت مصنوعة أو مواد أولية معدة للتصنيع؛ فمثال‬
‫املواد الغذائية تعتبر من قبيل السلع او البضائع وكذلك الحال بالنسبة ملواد البناء التي يمكن اعتبارها من‬
‫قبيل السلع او البضائع‪ .‬فكل ما يكون قابال للعرض والتداول في املحل التجاري يعتبر بضاعة‬
‫‪ -/2‬املعدات‬
‫ان املعدات هي تلك املنقوالت التي يتم استعمالها في املحل التجاري؛ واملتمثلة في مجموع اآلالت‬
‫والتجهيزات التي تستعمل في تحقيق املشروع االستثماري مثل وسائل نقل البضائع؛ أجهزة االعالم االلي الى‬
‫غيرها من املعدات األخرى ‪.3‬‬

‫‪-‬كمران الصالحي‪ :‬بيع المحل التجاري‪ -‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ -‬القاهرة ‪-1998‬ص‪111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬محسن شفيق‪ :‬القانون التجاري المصري‪ -‬دار النشر و الثقافة –اإلسكندرية – مصر‪-2002‬ص‪751‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬المرجع نفسه‪ -‬ص ‪752‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪81‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬العناصراملعنوية‬
‫ّان العناصر املعنوية تعتبر من بين العناصر األساسية املكونة للمحل التجاري؛ فهي عناصر غير ملوسة و‬
‫غير مادية تضمنتها املادة ‪ 78‬من القانون التجاري الجزائري؛ و تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -/1‬االتصال بالعمالء‬
‫يقصد من عنصر االتصال بالعمالء او الزبائن مجموع األشخاص الذين يعتادون التعامل مع املؤسسة‬
‫التجارية‬
‫و يمثل كذلك جانبا من قيمتها؛ بعبارة أخرى عنصر االتصال بالعمالء يعتبر من بين أهم عناصر املحل‬
‫التجاري؛ فال يفترض وجوده بدون عمالء الذين يزيدون من القيمة املادية للمحل سواء في حالة البيع او‬
‫االيجار‪.‬‬
‫ونؤكد في هذا الصدد انه ليس للتاجر الحق على العمالء؛ و إنما هذا الحق يظهر في إمكانية رفع دعوى إزاء‬
‫الغير الهادف الى منع العمالء أو تحويلهم عن املحل بوسائل غير مشروعة ‪.1‬‬
‫إن عنصر االتصال بالعمالء يعتبر من أهم العناصر املكونة للمحل التجاري كونه يضفي قيمة اقتصادية‬
‫على املحل التجاري باعتباره وسيلة لجذب العمالء؛ وجعلهم يقبلون على املتجر بصفة اعتيادية‪.‬‬
‫إن عنصر االتصال بالعمالء مرتبط أكثر بشخص التاجر صاحب املحل الذي يتعين أن يمتاز باألمانة‬
‫واالتقان في العمل‪.‬‬
‫‪ -/2‬السمعة التجارية‬
‫تتمثل السمعة التجارية في قدرة املحل على اجتذاب العمالء بسبب املزايا التي يتمتع بها مثل‪ :‬جمال‬
‫طريقة العرض‬
‫والدقة في التنظيم وجودة السلع والى غيرها من الضوابط التجارية‪.‬‬
‫‪ .2‬ان السمعة التجارية ملتصقة أساسا باملحل التجاري وليس بشخص التاجر كما هو الحال في‬
‫عنصر االتصال بالعمالء ‪.2‬‬
‫‪ -/3 .3‬االسم التجاري‬
‫يقصد باالسم التجاري ذلك االسم الذي يطلقه صاحب املحل على املحل التجاري؛ فقد يكون اسمه‬
‫الشخص ي أو قد يكون اسما مبتكرا وذلك بهدف تمييز املحل التجاري عن بقية املحالت التجارية األخرى‪.‬‬

‫‪- 1‬سليمان بوذياب ‪:‬مبادئ القانون التجاري‪ -‬المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع‪-2003-‬ص ‪174‬‬
‫‪ - 2‬يمكن لكل دائن للمال السابق سواء كان او لم يكن دينه مستحق األداء في خالل ‪ 15‬يوما ابتداء من تاريخ اخر يوم تابع لإلعالن ان يعارض‬
‫في دفع الثمن بواسطة عقد قضائي‬

‫‪82‬‬
‫يتم استعمال االسم التجار ي للتوقيع به على معامالت التاجر أو على األوراق التجارية ذلك ألن االسم‬
‫التجاري عادة ما يتضمن االسم الشخص ي للتاجر‪.‬‬
‫إذا كان صاحب املحل قد استعمل اسمه الشخص ي واتخذه كاسم تجاري فانه ال يجوز ملشتري املحل‬
‫التجاري ان يستعمله اال في األغراض املتعلقة بتجارة املحل‪.1‬‬
‫‪ -/4‬العنوان التجاري‬
‫يقصد بالعنوان التجاري التسمية املبتكرة التي يختارها التاجر لتمييز محله عن املحالت التجارية األخرى‬
‫التي تمارس نفس النشاط؛ مثال في مجال نشاط الفندقة هناك فندق "الزيانيين" بتلمسان ؛و فندق‬
‫"الحماديين" ببجاية ؛ و فندق " األوراس ي" بالجزائر العاصمة و غيرها ‪.‬‬
‫* و االختالف بين العنوان التجاري و االسم التجاري يكمن في كون أن التاجر ملزم باتخاذ إسم تجاري في‬
‫حين انه غير ملزم باتخاذ عنوان تجاري ؛ باإلضافة الى ذلك فان العنوان التجاري ال يستمد من االسم‬
‫ي للتاجر‪3 2 .‬‬ ‫الشخص ي للتاجر في حين ان االسم التجاري عادة ما يتضمن االسم الشخص‬
‫‪ -/5‬الحق في االيجار‬
‫يقصد بالحق في اإليجار حق صاحب املحل باالنتفاع بالعقار كمستأجر؛ فال محل لحق االيجار اال إذا‬
‫كان التاجر مستأجرا للمكان الذي يمارس فيه تجارته‪.‬‬
‫وفقا ألحكام املادة ‪ 172‬من القانون التجاري الجزائري؛ فإنه يجوز للتاجر املستأجر التمسك بحق‬
‫التجديد إذا أثبت أنه يستغل املتجر منذ سنتين متتابعتين؛ أما املادة ‪ 176‬ق‪.‬ت‪.‬ج فإنها تقض ي بانه يجوز‬
‫للمؤجر أن يرفض تجديد االيجار غير أنه يكون ملزم بتسديد تعويض يسمى "تعويض االستحقاق "‬
‫الذي يجب ان يكون مساويا للضرر املسبب نتيجة عدم التجديد ؛ أي دفع القيمة التجارية للمحل‬
‫التجاري لفائدة التاجر املستأجر‪.‬‬
‫* و نشير إلى أنه بصدور القانون رقم ‪ 02/05‬املؤرخ في ‪ 2005/02/26‬املعدل و املتمم للقانون التجاري‬
‫قد تم التخلي عن حق التاجر في تعويض االستحقاق و ذلك بإرساء مبدا حرية التعاقد ؛ وبالتالي فمهما‬
‫كانت مدة عقد االيجار فان التاجر املستأجر ملزم بمغادرة األمكنة بمجرد نفاذ مدة العقد ؛ فال مجال ألي‬
‫تعويض من طرف املؤجر و ذلك وفقا لنص املادة ‪ 187‬مكرر من القانون السلف الذكر‪.‬‬

‫‪ -‬مصطفى كمال طه‪ -‬وائل أنوربندق‪ :‬أصول القانون التجاري دار الفكر الجامعي –اإلسكندرية ‪-2006‬ص‪660‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬محمد أنورحماده ‪ :‬التصرفات الواردة على المحل التجاري دار الفكر الجامعي – اإلسكندرية ‪ -2001‬ص ‪11‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Michel Germain : Droit commercial –Tome 1-16ème ed-Delta LGDI-P/430‬‬

‫‪83‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الطبيعة القانونية للمحل التجاري‪:‬‬
‫كان املحل التجاري منذ ظهوره موضع جدل فقهي؛ سواء فيما يتعلق بتعريفه أو تحديد طبيعته‬
‫القانونية فظهرت نظريات تناولت البحث في هذه اإلشكالية؛ وهي على النحو التالي‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬نظرية املجموع القانوني‬


‫تبنى معظم الفقه األملاني نظرية املجموع القانوني؛ التي تعتبر املحل التجاري مجموع قانوني؛ او‬
‫ذمة مالية مستقلة عن ذمة التاجر؛ وأنه ثروة تجارية متكونة من مجموع القيم املخصصة‬
‫لالستغالل التجاري‪.‬‬
‫وتطبيقا لهذه النظرية يرى الفقه األملاني أن للمحل التجاري ذمة مالية مخصصة له؛ ويترتب‬
‫على تخصيص الذمة استقاللها عن بقية عناصر الذمة بحيث تكون لها حقوقها وديونها‬
‫املنفصلة؛ وليس لدائنيها اال الرجوع دون باقي أموال الذمم األخرى‪.1‬‬
‫وعلى هذا؛ فإن التشريع األملاني أخذ بهذه النظرية و أجاز تعدد الذمم؛ و خصص لكل منها عمليات‬
‫معينة‪ .‬فقد يكون للشخص الواحد ذمة زراعية تخصص لالستغالل الزراعي بحيث تضمن عناصرها‬
‫اإليجابية كل ما ينشا من التزامات؛ و ذمة ثانية تجارية ترصد ملباشرة التجارة فتصير حقوقها ضامنة‬
‫لديونها‪2 .‬‬

‫و هكذا لكل ذمة كيان خاص؛ و وجود مستقل عن غيرها؛ فال تسأل إحداها إال عن ديونها؛ و ال شأن لها‬
‫بديون غيرها‪ .‬و تبعا لهذه النظرية ينفرد دائنو املحل بالتنفيذ عليه دون مزاحمة من الدائنين األخرين‬
‫للتاجر‪.‬‬
‫و وفقا ألصحاب هذه النظرية؛ فإنه ليس للدائن ضمان عام إال على أموال الذمة املالية التي لها عالقة‬
‫بدينه‪.‬‬
‫و تطبيقا لهذا الوضع؛ يعتبر املحل التجاري في التشريع األملاني ذمة قائمة بذاتها لها أصولها و خصومها؛‬
‫لذا يتضمن بيعها التنازل عن الحقوق و الديون التي تدخل في تركيبها؛ بمعنى اخر اعتبار املحل التجاري‬
‫شخصا قانونيا يتركب من األصول املتمثلة في العناصر املادية و املعنوية و الحقوق الناشئة من‬
‫االستغالل؛ و بهذا يكون املحل دائنا بما له من حقوق و مدينا بما لديه من ديون‪.‬‬

‫‪ - 1‬محسن شفيق ‪ :‬مرجع سابق – ص‪781‬‬


‫‪ - 2‬نور الدين الشاذلي‪ :‬مرجع سابق –ص ‪142‬‬

‫‪84‬‬
‫انطالقا من هذه النظرية؛ يعتبر املحل التجاري وحدة قانونية قائمة بذاتها؛ حيث تظهر مقومات‬
‫الشخصية املعنوية للمحل من خالل امتالكه اسم تجاري و عنوان تجاري و عالمة تجارية؛ و كونه محال‬
‫للتصرفات القانونية‪.‬‬
‫من الواضح أن التكييف القانوني للمحل التجاري ال ينسجم و األصول العامة التي تسود التشريع‬
‫الجزائري؛ و حتى الفرنس ي؛ إذ يقوم هذان التشريعان على مبدأ وحدة الذمة؛ و اعتبارها كتلة متراصة‬
‫تضمن حقوقها و جميع التزاماتها‪.‬‬
‫فإذا اقتطعنا املحل التجاري عن ذمة صاحبه؛ و اعتبرناه ذمة مستقلة؛ فمعنى ذلك أنه متى أفلست هذه‬
‫الذمة ال يكون لدائنيها إال ما تتضمنه من أموال و يلزم الحال كذلك إقصاؤهم عن األموال األخرى التي ال‬
‫تعتبر من عناصر املحل كالعقارات‪1 .‬‬

‫ّ‬
‫و وفقا لهذه النظرية؛ فإنه ال يكون للدائنين الذين تنشأ ديونهم عن عمليات مستقلة عن التجارة؛ حق‬
‫ّ‬
‫التنفيذ على املحل التجاري؛ ما دام أنه قد بتر من ذمة صاحبه؛ و أصبح بذاته ذمة مستقلة؛ إضافة إلى أ ّن‬
‫ّ‬
‫نتائج الشخصية املعنوية تبعد قواعد اإلفالس؛ و التي تقض ي بأنه متى توقف التاجر عن دفع ديونه في‬
‫اجاله املستحقة وجبت تصفية ذمته بإكمالها لسداد ديونه جميعا ‪.‬‬
‫وال فرق في ذلك بين الديون التجارية والديون املدنية؛ وذلك بنص املادة ‪ 216‬من القانون التجاري‬
‫ّ‬
‫الجزائري التي تقض ي بأنه‪ ":‬يمكن أن تفتح كذلك التسوية القضائية أو اإلفالس بناء على تكليف املدين‬
‫بالحضور كيفما كانت طبيعة دينه"‪.‬‬
‫ّ‬
‫* الخالصة ّأن املحل التجاري ال يمكن اعتباره مجموعا قانونيا من األموال؛ ذلك أنه ال توجد ذمه تجارية‬
‫متميزة عن ذمة التاجر العامة‪2‬؛ و يظهر ذلك جليا في نص املادة ‪ 1/188‬من القانون املدني الجزائري حيث‬
‫ّ‬
‫نصت على أن ‪ ":‬أموال املدينين جميعها ضامنة لوفاء ديونه"‬
‫ومما ال شك فيه ّأن أحكام القانون التجاري تؤكد هذا املبدأ العام إذ أجاز في حالة بيع املحل‬
‫التجاري؛ وفق نص املادة ‪ 84‬من القانون التجاري ‪3‬؛ الحق في رفع املعارضة في دفع الثمن من قبل مشتري‬
‫املحل؛ حق ممنوح لكافة دائني البائع؛ وليس مخصص للدائنين الحاملين ديون متعلقة باستغالل املحل‬
‫التجاري‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما أنه ال يمكن اعتبار املحل التجاري شخصا معنويا؛ حيث لم يرد ذكره ضمن القائمة الواردة في نص‬
‫املادة ‪ 49‬من القانون املدني الجزائري‪:‬‬

‫‪ - 1‬محمد أنور حمادة‪ :‬مرجع سابق – ص ‪28‬‬


‫‪ - 2‬نادية فضيل ‪:‬مرجع سابق – ص ‪246‬‬
‫‪ - 3‬الصادر باالمر رقم ‪ 58/75‬بتاريخ ‪ 1975/09/26‬المعدل و المتمم‬

‫‪85‬‬
‫" األشخاص االعتبارية‪ :‬الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية؛ املؤسسات والدواوين العامة ضمن الشروط التي يقررها‬
‫القانون "‬
‫إضافة إلى ّأن من أهم النتائج املترتبة على الشخصية املعنوية اكتساب ّ‬
‫ذمة مالية مستقلة؛ وهذا ما ال‬
‫يتماش ى‬
‫ومبدأ وحدة ّ‬
‫الذمة‪ ،‬الذي يقوم عليه القانون الوضعي في الجزائر وكذلك في مصر ولبنان وفرنسا ‪ 1‬وهو‬
‫املبدأ الذي يحول دون االعتراف بالشخصية املعنوية للمحل التجاري‪2 .‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬نظرية املجموع الو اقعي أو الفعلي‬


‫ظل الجدل قائما حيث ظهرت‬ ‫أمام االختالف الفقهي في تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫نظريه املجموع الواقعي أو الفعلي‪ ،‬حيث لم تنظر إلى املحل التجاري على أنه وحدة قانونية مستقلة بديونه‬
‫وحقوقه وانما هو وحدة عناصر فعلية‪ ،‬بوصفه كتلة من األموال تتجاذب عناصرها داخل‬
‫ذمة مالية خاصة داخل ّ‬
‫الذمة العامة‪.‬‬ ‫الكتلة‪ ،‬وتتعاون على غرض مشترك دون أن يؤدي ذلك إلى نشوء ّ‬
‫بمعنى ّأن القضاء ال ينظر الى املحل التجاري إال بوصفه كتلة من األموال لها وجود فعلي‬
‫ّ‬
‫فحسب؛ ورتب على هذا الوضع إقصاء الحقوق والديون عنها إال ما يقرره القانون أو يتفق عليه‬
‫املتعاقدان‪.‬‬
‫ّ‬
‫و إذا اعتبر املحل التجاري وفقا لهذا االتجاه كتلة فعلية فإنه ال يفهم من ذلك عدم تدخل القانون في‬
‫أمرها‪ ،‬وال االعتراف بوجودها‪ ،‬فقد اعتبر املحل التجاري كتلة لها كيانها الخاص وطابعها املتميز‪ ،‬بحيث‬
‫ذمة منفصلة عن ّ‬
‫ذمه‬ ‫وضع لها املشرع أحكام تتعلق ببيعها ورهنها مبرزا فكرة ّان املحل التجاري ال يعتبر ّ‬
‫صاحبها‪.‬‬
‫أو ما يمكن ذكره حول هذه النظرية‪ّ ،‬أنها فشلت في تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري‪ ،‬حيث يؤخذ‬
‫عليها ّأن اصطالح املجموع الواقعي ليس له أي مدلول قانوني محدد‪ ،‬مما يتعارض مع ما يتمتع به املحل من‬
‫نظام قانوني‪ ،‬خاضع لنظام الذمة املالية لصاحبه لجهة ضمان حقوق الدائنين‪3 .‬‬

‫إزاء هذه االنتقادات؛ لم تلق نظرية املجموع الواقعي قبوال لدى الرأي السائد‪ ،‬حيث ظهرت نظرية ثالثة‬
‫أخذ بها الفقه الحديث ومنه الفقه املصري واالردني والفرنس ي ورأي في الفقه االملاني‪.‬‬

‫‪ - 1‬مقدم مبروك ‪ :‬المحل التجاري – دار همة للطباعة و النشر – ط‪ – 4‬الجزائر ‪– 2009‬ص ‪89‬‬
‫‪ - 2‬انظر د‪ /‬زهرة جياللي عبدالقادر القيسي ‪ :‬تاجير المحل التجاري – دراسة مقارنة – ط‪ –1‬دار الراية للنشر والتوزيع – عمان ‪ – 2001‬ص‬
‫‪97‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه ‪ -‬ص‪98‬‬

‫‪86‬‬
‫وتقوم هذه النظرية على أساس التفرقة بين املحل التجاري كوحدة مستقلة قائمة بذاتها وبين مكوناته‬
‫املادية واملعنوية‪.‬‬

‫* نظرية امللكية املعنوية‬


‫يرجع الفقه املعاصر هذه النظرية إلى ّ‬
‫تكيف طبيعة املحل التجاري إلى الطبيعة املعنوية واملتمثلة في‬
‫حق االتصال بالعمالء والسمعة التجارية‪.‬‬
‫وقد تبنى الفقيه الفرنس ي "جورج ريبير" )‪ (Georges Ripert‬هذه النظرية؛ حيث أنها تقوم أساسا على‬
‫التمييز بين املحل التجاري باعتباره وحدة مستقلة قائمة وبين مكوناته املادية واملعنوية‪.‬‬
‫ذمة التاجر؛ حق له على املحل التجاري وهي حق ملكية معنوية‪ ،‬بحيث‬ ‫و وفقا لهذه النظرية ّ‬
‫فإن ّ‬
‫يخصص التاجر جزء من ذمته املالية؛ دون انفصال عن ذمته‪ ،‬لغرض معين هو استغاللها في عمل‬
‫تجاري ‪1.‬‬

‫و على هذا يكون للتاجر حق االنفراد في استغالل محله التجاري؛ و االحتجاج به ازاء الجميع إذ له أن‬
‫يدافع عن ّ‬
‫حقه في استمرار االتصال بالعمالء‪ ،‬غير أن ذلك ال يعني ّأن له حق احتكار العمالء و منعهم من‬
‫التردد على محل اخر‪ .‬بمعنى أن لصاحب املحل حق حماية محله في حالة االعتداء عليه‪ ،‬وذلك نتيجة‬
‫استعمال األساليب املنافسة غير املشروعة من منافس له؛ كتقليد عالمة تجارية أو اغتصاب اسمه‬
‫التجاري أو براءات االختراع؛ ففي مثل هذه الحاالت يملك التاجر الدفاع عن ّ‬
‫حقه بدعوى املنافسة غير‬
‫املشروعة‪.‬‬
‫اذن بمقتض ى هذه النظرية؛ ّ‬
‫فإن امللكية املعنوية للتاجر على املحل‪ ،‬نطلق عليها اسم امللكية التجارية‬
‫حيث تتضمن احتكارا لالستغالل يحتج به على الكافة وتحميه دعوى املنافسة الغير املشروعة‪ ،‬كامللكية‬
‫املادية التي تحميها دعوى االستحقاق‪.‬‬
‫وعلى هذا فإذا كانت امللكية املادية حقا دائما؛ ال يسقط بعدم االستعمال؛ ّ‬
‫فإن حق امللكية التجارية حق‬
‫ّ‬
‫مؤقت‪ ،‬تزول بتوقف التاجر عن استغالل املحل التجاري‪.‬‬
‫خالصة القول فإن املحل التجاري يعتبر كتلة من العناصر ذات طابع متميز وأحكام خاصة‪ ،‬كما ّأن‬
‫العناصر التي تتركب منها هذه الكتلة ال تذوب فيها‪ ،‬وال تتالش ى في محيطها‪ ،‬وال تتفاعل فيما بينها تفاعال‬
‫وانما يضل كل عنصر متحفظا بذاتيته‪ ،‬وطبيعته وخاضعا للقواعد‬ ‫يترتب عليه فقدان خصائصها‪ّ ،‬‬
‫القانونية الخاصة به‪.‬‬

‫‪ -‬محسن شفيق ‪ :‬مرجع سابق – ص‪781‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪87‬‬
‫أخذ الفقه الراجح (أي غالبية الفقهاء) بهذه النظرية؛ كونها نجحت في إيجاد تفسير منطقي للطبيعة‬
‫القانونية للمحل التجاري‪ ،‬حيث للتاجر حق على كل عنصر من عناصر املحل‪ ،‬يختلف عن ّ‬
‫حقه عليها‬
‫مجتمعة‪ ،‬وهذا الحق هو حق ملكية معنوية يرد على منقول معنوي‪ ،‬ينشأ من اجتماع هذه العناصر‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد تأثر املشرع الجزائري؛ أسوة باملشرع الفرنس ي بهذه النظرية‪ ،‬ويظهر ذلك جليا في نص املادة ‪ 78‬من‬
‫القانون التجاري الجزائري؛ إذ تعتبر االتصال بالعمالء والسمعة التجارية من العناصر املعنوية اإللزامية‬
‫للمحل التجاري‪.‬‬
‫ّ‬
‫و منه يجوز تعريف املحل التجاري بأنه‪" :‬حق االتصال بالعمالء الذي يتطلب حماية قانونيه‪ ،‬فهو مال‬
‫منقول ومعنوي وله صفة تجارية ‪1‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬الشروط القانونية لبيع املحل التجاري‪:‬‬


‫املطلب األول‪ :‬بيع املحل التجاري‬
‫ّإن البيع هو عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية ش يء أو حق مالي اخر في‬
‫مقابل ثمن نقدي‪ .‬وبيع املحل التجاري ينعقد بتوفر شروط معينة؛ ومتى توفرت هذه الشروط‬
‫كان للبيع كامل أثره‪.‬‬
‫‪-/1‬شروط انعقاد بيع املحل التجاري‬
‫تتمثل شروط انعقاد بيع املحل التجاري في توفر كل من الرضا؛ املحل؛ السبب؛ الكتابة‬
‫الرسمية واالشهار‪.‬‬
‫‪-/1‬الرضا‬
‫يقصد بالرضا توافق إرادتي كل من البائع واملشتري؛ كان يعرض البائع محله التجاري‬
‫على املشتري؛ وفي حلة قبول املشتري بالش يء املبيع وثمنه اتفقت‬ ‫بمواصفاته وثمنه‬
‫االرادتين‪.‬‬
‫ّإن صحة الرضا تشترط أن تكون اإلرادة خالية من العيوب التي يمكن أن تشوبها واملتمثلة‬
‫أساسا في االكراه والغلط والتدليس‪2 .‬‬

‫‪ - 1‬نور الين الشاذلي ‪ :‬مرجع سابق – ص ‪142‬‬


‫‪ - 2‬محمد أنور حمادة ‪ :‬مرجع سابق – ص ‪28‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -/2‬محل املبيع‬
‫يتمثل محل املبيع في الش يء املبيع أي املحل التجاري الذي يجب أن يكون معينا أو قابال‬
‫للتعيين؛ كما أنه يجب أن يتوفر على جميع العناصر املكونة له؛ إذ أن بيع العناصر املادية‬
‫للمحل التجاري وحدها ال يعدو بيعا للمحل التجاري؛ لذلك يتعين في عقد بيع ال ‪:‬محل‬
‫التجاري ذكر العنصر املعنوي الذي هو عنصر أساس ي في تكوين املحل التجاري؛ وفي حالة ما‬
‫إذا تم استبعاد هذا العنصر فال يكون ثمة بيع للمجل التجاري‪1 .‬‬

‫‪ -/3‬السبب‬
‫يقصد بالسبب ّأن يكون سبب انعقاد بيع املحل التجاري مشروعا؛ أي ّأن الدافع إلى إبرام عقد بيع املحل‬
‫التجاري ال يخالف النظام العام واآلداب العامة‪ .‬فإذا كان الدافع أو السبب في إبرام العقد مخالفا للنظام‬
‫العام واآلداب العامة ّ‬
‫فإن دلك العقد يعتبر باطال‪.‬‬
‫‪ -/4‬كتابة عقد بيع املحل التجاري في محرررسمي‬
‫ّإن صحة انعقاد عقد بيع املحل التجاري يتوقف على شرط تحريره في شكل رسمي؛ أي يجب أن يرد في‬
‫محرر رسمي وذلك وفقا لنص املادة ‪ 324‬مكرر ‪ 01‬من القانون املدني الجزائري التي تقض ي في فقرتها األولى‬
‫ّأنه يجب أن يتم تحرير العقود املتعلقة باملحالت التجارية في شكل رسمي وإال كانت باطلة‪2 .‬‬

‫‪ -/5‬اشهاربيع املحل التجاري‬


‫نص املشرع في املادة ‪ 83‬من القانون التجاري الجزائري على شرط وجوب إعالن عن البيع الذي يتم على‬
‫املحل التجاري خالل خمسة عشر (‪ )15‬يوم من تاريخ ابرام عقد البيع؛ حيث يتعين على املشتري القيان‬
‫بإعالن على شكل ملخص في النشرة الرسمية لإلعالنات القانونية؛ و فضال عن ذلك في جريدة مختصة‬
‫باإلعالنات القانونية في الدائرة أو الوالية التي يستغل فيها املحل التجاري‪ .‬أما بالنسبة للمحالت التجارية‬
‫فإن مكان االستغالل هو املكان الذي يكون البائع مسجال فيه بالسجل التجاري‪3.‬‬ ‫املتنقلة ّ‬

‫‪ - 1‬نادية فضيل‪ :‬مرجع سابق – ص ‪168‬‬


‫‪ -2‬الصادر باالمر رقم ‪ 58/75‬بتاريخ ‪ 1975/09/26‬المعدل و المتمم‬
‫‪ - 3‬مقدم مبروك مرجع سابق – ص‪89‬‬

‫‪89‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ايجارالتسييرالحرللمحل التجاري‬
‫‪ -/1‬تعريف عقد ايجارالتسيير الحر‬
‫نص املشرع الجزائري على هذا النوع من العمليات التي ترد على املحل التجاري في املواد من ‪ 203‬الى ‪214‬‬
‫من القانون التجاري الجزائري‪ .‬ويعرف عقد ايجار التسيير الحر على أنه ذلك العقد الذي بموجيه‬
‫يستأجر شخصا محال تجاريا ألجل مزاولة نشاط تجاري لحسابه الخاص؛ يتحمل كل أعباء تجارته؛ في حين‬
‫أن املؤجر ال يكون ملزما بتعهدات املستأجر ‪1‬‬

‫‪ -/2‬شروط عقد ايجارالتسيير‬


‫ّإن انعقاد عقد ايجار التسيير صحيحا يتوفق على توفر شروط لدى كل من املؤجر واملستأجر والعين‬
‫املؤجرة‪.‬‬
‫‪ -/1.2‬الشروط الخاصة باملؤجر ‪2‬‬

‫حددت املادة ‪ 205‬من القانون التجاري الجزائري شرطين إذا توفر إحداهما لدى املؤجر ّ‬
‫فإن عقد ايجار‬
‫التسيير ينعقد صحيحا؛ ويتمثل هذين الشرطين في ان يكون املؤجر قد اكتسب صفة التاجر ملدة خمس‬
‫(‪ )05‬سنوات على األقل؛ أو أن يكون قد مارس عمل مسير أو مدير تجاري أو تقني لنفس املدة أي خمس‬
‫سنوات؛ وهذا الشرط األخير يخص فقط األشخاص الطبيعيين دون األشخاص املعنوية؛ في حين أن هذ‬
‫الشرط األول يتعلق باألشخاص الطبيعية واملعنوية‪.‬‬
‫ّ‬
‫غير أنه وبالرجوع إلى احكام املادة ‪ 206‬من القانون التجاري الجزائري فان مدة خمس سنوات املشار‬
‫اليها في املادة ‪ 205‬يمكن أن تلغى أو تخفض بموجب أمر من رئيس املحكمة بناء على طلب من املؤجر الذي‬
‫يثبت أنه يتعذر عليه أن يستغل محله التجاري شخصيا‪.‬‬
‫اما املادة ‪ 207‬من نفس القانون تنص على أن مدة خمس سنوات التي تضمنتها املادة ‪ 205‬ال تسري‬
‫حينما يكون املؤجر هي الدولة؛ الواليات؛ البلديات؛ املؤسسات العمومية؛ املؤسسات املالية أو أحد‬
‫األشخاص املحجور عليهم والذين يملكون محل تجاري قبل فقدانهم األهلية؛ كما أن نفس املدة ال تسري‬
‫على الورثة واملوص ي لهم من تاجر متوفي‪.‬‬

‫‪ - 1‬زهرة جياللي عبدالقادر القيسي‪ :‬مرجع سابق – ص ‪07‬‬


‫‪- 2‬المرجع نفسه – ص ‪12‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ -/2.2‬الشروط الخاصة باملستأجر املسير‪1 .‬‬

‫يتعين أن تتوفر في الشخص املستأجر املسير صفة التاجر؛ أي أنه يمارس االعمال التجارية التي تضمنها‬
‫القانون التجاري الجزائري؛ أن يتمتع باألهلية التجارية؛ و أن يقيد نفسه في السجل التجاري‪.‬‬
‫وبمجرد انعقاد عقد ايجار التسيير الحر يتعين على املستأجر املسير طبقا لنص املادة ‪ 204‬من القانون‬
‫التجاري الجزائري أن يشير في جميع وثائقه التجارية كالفواتير؛ الرسائل؛ الطلبات؛ الوثائق البنكية على‬
‫رقم تسجيله في السجل التجاري ومقر املحكمة التي سجل لديها مع اإلشارة إلى صفته كمستأجر مسير‬
‫للمحل التجاري؛ باإلضافة الى االسم والصفة والعنوان ورقم التسجيل التجاري ملؤجر املحل التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬اكمون عبد الحليم ‪ :‬مرجع سابق –ص ‪208‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪91‬‬
‫املراجع و املصادر‬

‫‪ -1‬باللغة العربية ‪:‬‬

‫‪ .1‬حبيب إبراهيم الخليلي‪ :‬املدخل للعلوم القانونية ( النظرية العامة للقانون)‪ -‬ط ‪ -1983‬ديوان املطبوعات‬
‫الجامعية‪ -‬الجزائر‪.1983‬‬
‫‪ .2‬محمد سعيد جعفور‪ :‬مدخل إلى العلوم القانونية‪-‬ط‪-13‬دار هومة‪-‬الجزائر ‪.2006‬‬
‫‪ .3‬سمير عبد السيد تناغو‪ :‬النظرية العامة للقانون‪-‬ط‪-1986‬القاهرة‪.-‬‬
‫‪ .4‬سمير كامل‪ :‬املدخل للعلوم القانونية‪-‬نظرية القانون‪-‬ط‪-1986‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .5‬محمد سامي مدكور‪:‬مبادئ القانون‪-‬ط‪-1978‬اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ .6‬محمود إبراهيم الوالي‪ :‬أصول قانون الوضعي الجزائري‪-‬ط ‪.1984‬‬
‫‪ .7‬محمدي فريدة‪ :‬املدخل للعلوم القانونية‪-‬نظرية القانون‪-‬ط‪-1997‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ .8‬عبد املنعم البدراوي‪ :‬مبادئ القانون‪-‬ط‪-1972‬مطبعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ .9‬حسين كيرة‪ :‬املدخل إلى القانون‪-‬د‪.‬ت‪.‬ط‪.‬‬
‫‪ .10‬سليمان مرقص‪ :‬الوافي في شرح القانون املدني‪-‬الجزء األول‪-‬املدخل للعلوم القانونية وشرح الباب التمهيدي‬
‫للتقنين املدني‪-‬ط‪.1987 -6‬‬
‫‪.11‬علي حسين نجيدة‪ :‬املدخل لدارسة القانون‪-‬نظرية القانون‪-‬ط‪.1985‬‬
‫‪ .12‬توفيق العطار‪ :‬مدخل لدراسة القانون و تطبيق الشريعة اإلسالمية‪-‬د‪.‬ت‪.‬ط‪.‬‬
‫‪ .13‬عبد الحي حجازي‪ :‬املدخل لدراسة العلوم القانونية‪-‬ج‪-1‬ط‪.1972‬‬
‫‪- .14‬محمد حسام محمود لطفي‪ :‬النظرية العامة للقانون‪-‬ط‪1987‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .15‬الغوتي بن ملحة‪:‬القانون القضائي الجزائري‪-‬ط‪-2‬الديوان الوطني لألشغال التربوية‪-‬الجزائر‪.2000‬‬

‫‪ . .16‬علي صادق أبو هيف‪ :‬القانون الدولي العام‪-‬ط ‪ -4‬القاهرة ‪1959‬‬


‫‪.17‬إسحاق إبراهيم منصور‪ :‬نظريتا القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية‪-‬ط ‪-2‬ال الجزائر‪. 1990‬‬
‫‪ .18‬توفيق حسن فرج‪ :‬املدخل للعلوم القانونية‪-‬ط ‪1976‬‬
‫‪ .19‬علي علي سليمان‪ :‬مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري‪ -‬ط ‪-3‬‬
‫‪ .20‬محمود إبراهيم الوالي‪ :‬مرجع سابق‪ -‬ص ‪ 66‬وأنور سلطان‪ :‬املبادئ القانونية العامة‪-1981 -‬‬
‫‪ .21‬على الخفيف‪ :‬أحكام املعامالت الشرعية‪ -‬د‪ .‬ت‪ .‬ط‪-‬‬
‫‪ .22‬علي حسن يونس‪ :‬القانون التجاري‪ -‬مطبعة القاهرة ‪-1977‬‬
‫‪ .23‬إدوارد عيد‪ :‬األعمال التجارية والتجار‪ -‬بيروت ‪-1977‬‬
‫‪ .24‬مصطفى كمال طهى‪ :‬مبادئ القانون التجاري‪ -‬الدار الجامعية بيروت ‪-1979‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ .25‬أكمون عبد الحليم‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري‪ -‬قصر الكتاب‪ -‬البليدة‪ -‬الجزائر ‪-2006‬‬
‫‪ .26‬عزيز العكيلي‪ :‬الوسيط في شرح القانون التجاري‪ -‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ -‬عمان ‪-2008‬‬
‫‪ .27‬عبد الحي حجازي‪ :‬املدخل لدراسة العلوم القانونية‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬الكويت ‪-1994‬‬
‫‪ .28‬نادية فضيل‪ :‬القانون التجاري الجزائري‪ -‬ط ‪ -08‬ديوان املطبوعات الجامعية‪-‬‬
‫‪ .29‬علي بن غانم‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري و قانون األعمال‪ -‬موفم للنشر و التوزيع‪ -‬الجزائر ‪-2005‬‬
‫‪ .30‬أكتم أمين الخولي‪ :‬املوجز في القانون التجاري‪ -‬الجزء األول‪-‬‬
‫‪ .31‬بكوش يحي‪ :‬أدلة اإلثبات في القانون املدني الجزائري والفقه اإلسالمي‪ -‬الشركة الوطنية للنشر ولتوزيع‪ -‬الجزائر‬
‫‪-1981‬‬
‫‪ .32‬عبد السالم الترمانيني‪ :‬الوسيط في تاريخ القانون والنظم القانونية‪ -‬الكويت ‪-1974‬‬
‫‪ .33‬سميحة القيلوبي‪ :‬موجز في القانون التجاري‪ -‬األعمال التجارية‪ -‬التاجر‪ -‬امللكية الصناعية‬
‫و التجارية‪ -‬دار الثقافة العربية للطبعة و النشر‪ -‬مكتيه القاهرة الحديثة‪ -‬ط‪-1972 -1‬‬
‫‪ .34‬عباس حلمي‪ :‬األعمال التجارية‪ -‬املحل التجاري‪ -‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪1983‬‬
‫‪ .35‬ثروت علي عبد الرحيم‪ :‬الخسارات املشتركة‪ -‬الكويت ‪-1974‬‬
‫‪ .36‬مصطفى كمال طه‪ :‬الوجيز في القانون التجاري‪-‬‬
‫‪ .37‬عزيز العكيلي‪ :‬الوسيط في شرح القانون التجاري‪ -‬األعمال التجارية‪ -‬التاجر‪ -‬املتجر‪ -‬العقود التجارية‪ -‬دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ -‬عمان ‪-2008‬‬
‫‪ .38‬علي البارودي‪ :‬مبادئ القانون التجاري والبحري‪ -‬دار املطبوعات الجامعية‪ -‬القاهرة ‪-1977‬‬
‫‪ .39‬أحمد محرز‪ :‬القانون التجاري الجزائري‪ -‬ج‪ -1‬الجزائر ‪-1978‬‬
‫‪ .40‬حسين النوري‪ :‬األعمال التجارية والتاجر‪ -‬مكتية عين شمس‪ -‬دار الجيل للطباعة‪ -‬اإلسكندرية ‪-1976‬‬
‫‪ .41‬إلياس ناصف‪ :‬الكامل في قانون التجارة‪ -‬بيروت ‪-1985‬‬
‫‪ .42‬راشد راشد‪ :‬األوراق التجارية‪ -‬اإلفالس والتسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري‪ -‬ديوان املطبوعات‬
‫الجامعية‪ -‬ط ‪ 2‬الجزائر ‪-1994‬‬
‫‪ .43‬نادية فضيل‪ :‬األوراق التجارية في القانون الجزائري‪ -‬دار هومه‪ -‬ط ‪ -11‬الجزائر ‪-2006‬‬
‫‪ .44‬الطيب بلولة‪ :‬قانون الشركات‪ -‬بيرتي للنشر‪ -‬ط ‪ -2‬الجزائر ‪.-2013‬‬
‫‪ .45‬عبد الحميد الشورابي‪ :‬موسوعة الشركات التجارية‪ -‬منشأة املعارف‪ -‬القاهرة ‪-1991‬‬
‫‪ .46‬احمد محرز ‪ -‬الوسيط في الشركات التجارية – الطبعة الثالثة ‪ -2004‬منشاة املعارف اإلسكندرية‬
‫‪ .47‬عباس مصطفى املصري – تنظيم الشركات التجارية – دار الجامعة الجديدة للنشر – اإلسكندرية – ‪– 2002‬‬
‫‪ .48‬عمار عمورة‪ :‬الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري‪ -‬دار املعرفة ‪-2000‬‬
‫‪ .49‬عد الحليم الشورابي‪ :‬القانون التجاري واألعمال التجارية على ضوء الفقه والقضاء‪ -‬منشأة املعارف‪ -‬القاهرة‬
‫‪-1992‬‬
‫‪ .50‬علي يونس‪ :‬القانون التجاري الكويتي‪ -‬مطبعة روينو‪ -‬الكويت ‪– 1971‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ .51‬علي حسن يونس‪ :‬القانون التجاري‪ -‬القاهرة ‪-1997‬‬
‫‪ .52‬يحي بكوش‪ :‬أدلة اإلثبات في القانون املدني الجزائري والفقه اإلسالمي‪ -‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪-‬‬
‫الجزائر ‪-1981‬‬
‫‪ .53‬طلب حسن موس ى‪ :‬الوجيز في الشركات التجارية‪ -‬ط ‪ -1975‬بغداد‪ -‬العراق‬
‫‪ .54‬نعيم فايز رضوان‪ :‬الشركات التجارية‪ -‬ط ‪ -1994‬القاهرة‪ -‬مصر‬
‫‪ .55‬سميحة القليوبي‪ :‬الشركات التجارية‪ -‬دار النهضة العربية‪ -‬القاهرة‪1992 -‬‬
‫‪ .56‬سميحة القليوبي‪ :‬األوراق التجارية‪ -‬دار النهضة العربية‪ -‬القاهرة‪1990 -‬‬
‫‪ .57‬عبد الحميد فودة‪ :‬شركة األشخاص‪ -‬دار الفكر الجامعي‪ -‬د‪.‬س‬
‫‪ .58‬عباس حلمي‪ :‬القانون التجاري‪ -‬العقود واألوراق التجارية‪ -‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ -‬الجزائر ‪1993‬‬
‫‪ .59‬راشد راشد‪ :‬األوراق التجارية‪ -‬اإلفالس والتسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري‪ -‬ديوان املطبوعات‬
‫الجامعية‪ -‬الجزائر ‪1994‬‬
‫‪ .60‬نادية فضيل‪ :‬األوراق التجارية في القانون الجزائري‪ -‬ط ‪ -11‬دار هومة للطباعة النشر‬
‫والتوزيع‪ -‬الجزائر ‪2006‬‬
‫‪.61‬‬

‫‪-2‬باللغة األجنبية ‪:‬‬

‫‪1. DABIN : La théorie du droit- 2éme ed. Paris1953.‬‬


‫‪2. Weill. A : Droit civil-Introduction générale-2éme ed.1970.‬‬
‫‪3. MARTY et Raynaud : Introduction générale à l’étude de droit-Paris1961.‬‬
‫‪4. Aubert.J.L : Introduction au droit et thèmes fondamentaux du droit civil-2éme Ed. Paris 1984-.‬‬
‫‪5. SAVATIER : Du droit civil au droit public- 2éme ed.1950-‬‬
‫‪6. Burdeau (G) : Droit Constitutionnel et institutions politiques- 19eme Ed-Paris 1980.‬‬
‫‪7. Rivero (J) : Droit administratif-9eme Ed 1980.‬‬
‫‪8. Stéphanie (G.), Levasseur (G.) et Bouloc (B.) : Droit pénal général-11eme ed.1980‬‬
‫‪9. Videl et Delvolé : Droit administratif- 7eme Ed. 1980-‬‬
‫‪10. Chantebout (B.) : Droit constitutionnel et science politique- 3eme Ed 1980-‬‬
‫‪11. David (R.) et Jauffret-Spinosi (C.) : Les grands systèmes de droit contemporain-Ed. 1992-‬‬
‫‪12. Ripert (J.) : Traité élémentaire de Droit Commercial- Tom 1- L.G.D.G. -15eme Ed. Paris 1993‬‬

‫‪94‬‬
13. Hunelin : Droit Commercial Romain-1992-
14. Thaller : traité élémentaire de droit commercial- Vol 1-
15. Lyon-Can : Livre du centenaire du code civil- T1-Paris 1904-
16. Hamel (J.)- Lagarde (G.)- Jauffret (A.) : droit commercial- 2 eme Ed. Tom 1- Dalloz-Paris 1998-
17. Jorges Ripert : Traité élémentaire de Droit Commercial- Tom 1- L.G.D.G- 15eme Ed- Paris 1993-
18. Joseph Escarra : Manuel de droit commercial-Paris 1948-
19. Yves Reinhard : droit commercial- 5eme Ed-
20. J.Ripert-R.Roblot : traité élémentaire du droit commercial-T1-15eme Ed. G.D.J- Paris 1993
21. Alfred Jauffret : manuel de droit commercial- 3eme Ed. Librairie générale de droit et de
jurisprudence- Paris 1970-.
22. Jean Bernard Blaise : droit des affaires- commerçants- concurrence- distribution- 3eme Ed. L.G.D.J
2002- librairie générale de droit et de jurisprudence- F.J.A
23. Yves Reinhard : droit commercial- acte de commerce- commerçants- fonds de commerce- 5eme Ed.
Litec 1998

‫ القاو انين واملراسيم‬-3

1966 ‫ يونيو سنة‬8 ‫ مؤرخ في‬156-66 ‫ األمر رقم‬.1


‫ املتضمن القانون التجاري الجزائري‬1975-09-26 ‫ مؤرخ في‬75-59 ‫ األمر رقم‬.2
‫ املتضمن القانون املدني الجزائري‬1975-09-26 ‫ مؤرخ في‬75-58 ‫ األمر رقم‬.3
1991 ‫ قانون السجل التجاري الصادر في‬.4
1975 ‫ املتمم واملعدل للقانون التجاري لسنة‬1993 ‫ املرسوم التشريعي الصادر عام‬.5
1975 ‫ املتمم واملعدل للقانون التجاري لسنة‬1996 ‫ األمر الصادر سنة‬.6
‫ املتعلق بشروط القيد في السجل التجاري‬1997 ‫ املرسوم التنفيذي الصادر سنة‬.7
1975 ‫ املعدل واملتمم للقانون التجاري الصادر سنة‬2005 ‫ القانون الصادر في سنة‬.8
‫ باألمر‬1975 ‫ سبتمبر‬26 ‫ املعدل و املتمم للقانون التجاري الصادر في‬2022 ‫ ماي‬22 ‫ املؤرخ في‬09 -22 ‫ قانون رقم‬.9
.59-75 ‫رقم‬

95
‫الفهرس‬

‫املحتوى‪.......................................................................................................................‬الصفحة‬

‫تمهيد‪02 ...........................................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تعريف القانون التجاري و خصائصه‪03..........................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف القانون التجاري‪04-03............................................................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬خصائص القانون التجاري‪05-04.........................................................................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬عالقة القانون التجاري بالقانون املدني وبالقانون الدولي‪08-05.......................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬العالقة بين القانون التجاري والقانون املدني‪09.............................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬أنصار الدمج و الوحدة بين القانون التجاري و القانون املدني‪10-09..................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أنصار استقالل القانون التجاري عن القانون املدني‪11-10................................................‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نطاق ومجال تطبيق القانون التجاري‪11.......................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬نطاق القانون التجاري‪13-11................................................................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬مجال تطبيق القانون التجاري‪18-14...................................................................................‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬تطورالقانون التجاري ومصادره‪18...............................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تطور القانون التجاري‪21-19.................................................................................................‬‬

‫‪96‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مصادر القانون التجاري‪27-22............................................................................................‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬األعمال التجارية في القانون التجاري الجزائري‪28 ......................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬األعمال التجارية بحسب موضوعها‪31-29............................................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬األعمال التجارية بحسب الشكل‪48-31................................................................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬األعمال التجارية بالتبعية‪48.........................................................................................‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬األعمال التجارية املختلطة‪49..........................................................................................‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬التاجر و التزماته‪50..................................................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬التاجر و شروط ممارسة التجارة‪57-50.................................................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬التزامات التاجر‪74-57............................................................................................................‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬املحل التجاري‪75........................................................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مفهوم املحل التجاري‪77-75....................................................................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬عناصر املحل التجاري‪79-77..................................................................................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الطبيعة القانونية للمحل التجاري‪84-80............................................................................‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬الشروط القانونية لبيع املحل التجاري‪87-84.......................................................................‬‬

‫املصادرواملراجع‪91-88.............................................................................................................‬‬

‫‪97‬‬

You might also like