Professional Documents
Culture Documents
محاضرات في
القانون التجاري
إعداد الدكتور
بــلـود عـثمـان
1
يدرس مقياس القانون التجاري في السداس ي الثاني لطلبة السنة األولى جذع مشترك "علوم
اقتصادية والتسيير والعلوم التجارية" بمعدل ساعة ونصف (1ســا و 30د) أسبوعيا.
إن هذا الحجم الساعي ال يتماش ى ومحتوى البرنامج الذي يشمل محاور مهمة عديدة ذات عالقة بمناخ
التجارة بمختلف أوجهها .وعليه قد وجدنا أنفسنا مجبرين على التركيز على املحاور األساس التي تيهئ
الطالب لحسن استيعاب املقاييس القانونية ّ
املقررة في أطوار الليسانس واملاستر ذات العالقة بمناخ
األعمال والتجارة.
تمهيد:
إن القانون التجاري ،قانون حديث النشأة ،لم يستقل إال منذ وقت قريب ،ذلك ألن القانون املدني
باعتباره الشريعة العامة كان يطبق على جميع األفراد دون تفرقة ،مهما كانت صفاتهم أو األعمال القانونية
وإذا كانت نواة القانون التجاري ،بدأت بأنظمة متفرقة دعت إليها ضرورة تيسير االئتمان بين التجار
وتبسيط اإلجراءات القانونية وسرعة تنفيذها بما يالءم طبيعة التجارة فإن صياغته في نصوص قانونية
مكتوبة لم يتم إال في عهد "نابليون" حيث صدر بتاريخ 15سبتمبر 1807قانون يحتوي على 648مادة
تشمل أربعة أقسام األول عن التجارة والثاني عن القانون البحري والثالث عن اإلفالس والرابع عن النظام
القضائي التجاري.
2
الفصل األول :تعريف القانون التجاري وخصائصه
لقد اختلف الفقه في تعريف القانون التجاري الختالف االتجاهات والنظريات التي ينادي بها كل فقيه.
وعموما يعرف القانون التجاري بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تطبق على األعمال التجارية وتنظم
حرفة التجارة .ومعنى ذلك أن القانون التجاري ينظم عالقات معينة فقط تنشأ نتيجة القيام بأعمال
معينة هي األعمال التجارية كما ينظم نشاط طائفة معينة هي طائفة التجار(.)1
غير أن التعريف الراجح للقانون التجاري والذي حض ي بإجماع غالبية الفقهاء هو كالتالي:
القانون التجاري ذلك الجزء من القانون الخاص الذي يحكم العمليات التي يقوم بها رجال الصناعة
املنتجين واملحولين لبضائع معينة والتجار الذين يقومون بالتوزيع ونقل هذه البضائع وبذلك يقومون
بتداول الثروات.
يستخلص من هذا التعريف بأن القانون التجاري هو قانون التجار و قانون األعمال التجارية بحيث
يشتمل العالقات القانونية الناشئة بين التجار من جهة ،و ممتنهي التجارة و العمالء من جهة أخرى(.)2
كما عرف بعض الفقه القانون التجاري بأنه القانون الذي ينصب على عالم األعمال ،في حين يعرف الفقه
الحديث القانون التجاري بأنه القانون الذي ينظم النشاطات التي تحقق أرباح.
إن الشائعة لدى الناس أن كلمة التجارة تعني توزيع و تسويق البضائع وذلك بشرائها من املنتج لبيعها إلى
املستهلك ،هذا دون الوقوف على النشاط التوسيطي لتاجر باملفهوم العام و الذي يقارب املفهوم
االقتصادي للتجارة إن كان هذا التاجر يمارس تجارة الجملة أو تجارة التجزئة أو تجارة التصدير
و االستيراد .فإن التجارة بمفهومها القانوني أكثر اتساعا وشمولية بحيث تشمل تداول السلع باإلضافة إلى
استغالالت اإلنتاج والتحويل واإلصالح وغيرها من الخدمات نقال كانت أو وساطة أو عمليات مصرفية.
علي حسن يونس :القانون التجاري -مطبعة القاهرة -1977ص 05وما بعدها
1
2
Ripert (J.) : Traité élémentaire de Droit Commercial- Tom 1- L.G.D.G. -15eme Ed. Paris 1993 p. 04
3
وكلمة تجارة رومانية األصل وهي » «commerciumبحيث كانت تستعمل للداللة على العالقات القانونية
التي يقوم بها الناس فيما بينهم بمناسبة استعمال األموال .وكانت األشياء تقسم إلى
يمكن إيجاز أهم الخصائص التي تميز القانون التجاري فيما يلي
-1تحقيق الربح :إن القانون التجاري يستهدف كغاية رئيس ي تحقيق الربح األمر الذي يقتض ي توفير
-2السرعة واملرونة في التعامل :وهي من أهم خصائص القانون التجاري التي تحقق للتاجر األرباح باعتبار
أن التاجر يقوم بعدة صفقات من بيع وشراء ووفاء وقرض وإيجار واستئجار ،وهذا ال يتأتى إال بتحرير
وقد ساعد على تأثير وتأثر القانون التجاري بدعامة السرعة ،التطور الذي حدث في ميدان تكنولوجية
اإلعالم و االتصال كاإلعالم اآللي و االنترنت إلنجاز العمليات التجارية مهما كانت طبيعتها و مقرها(.)3
-3الثقة و االئتمان :ال يقوم القانون التجاري على دعامة السرعة فقط وإنما يقوم كذلك على دعامة
االئتمان ،فعالم التجارة يقوم على الثقة السائدة فيه ،حيث يقوم تاجر الجملة بشراء كمية كبيرة من
البضائع بمجرد مهاتفة أو إرسال فاكس إلى املنتج شخصا طبيعيا كان أو شركة و يقوم بنقلها بنفس
الطرق و بدون أن يقدم مقابل في الحين سواء للمنتج أو للبائع أو للناقل إلى حين استالمها(.)4
وقد أنشأ القانون التجاري أنظمة وآليات خاصة به تسهل وتدعم االئتمان .فعلى سبيل املثال يمكن
للتاجر أن يح صل على ائتمان بمنح أجل له لتسديد الدين بتحرير السفتجة لصالح الدائن مانح االئتمان
1
Hune lin : Droit Commercial Romain-1992-P.09
إدوارد عيد :األعمال التجارية و التجار -بيروت -1977ص 112
3
المرجع نفسه -ص 11و ما بعدها
مصطفى كمال طهى :مبادئ القانون التجاري -الدار الجامعية بيروت -1979ص 08
4
4
وكذلك الفواتير وسندات الشحن وسندات الخزن وغيرها من األوراق املالية القابلة للتداول عن طريق
التظهير أو بالتداول.
-4شهر النشاط التجاري و التجار :و من خصائص القانون التجاري و الدعائم التي يقوم عليها لجوؤه إلى
شهر النشاط التجاري و التجار وذلك على وجه الخصوص بالقيد في السجل التجاري حتى يتمكن الغير
من التعرف على هوية التاجر و طبيعة نشاطه و شكله القانوني و إقامته و غير ذلك من املعلومات
الواجب التصريح بها لدى الجهة اإلدارية املختصة وهو ما نصت عليه املادة 19من القانون التجاري
الجزائري(.)1
ومن الخصائص األخرى التي يتسم بها عالم التجارة و األعمال تغليب اإلرادة الظاهرة على اإلرادة البطانة
اعتبارا على أن حسن النية مفترض و أن الوقت ثمين ال يسمح بإجراء التحريات و البحث عن الحقيقة ألن
ذلك يتعارض مع السرعة التي تقوم عليها التجارة و يرتكز عليها القانون التجاري(.)2
القانون التجاري وفقا للتعريف السابق ليس إال فرعا من فروع القانون الخاص شأنه في ذلك شأن
القانون املدني إلى جوار الفروع األخرى كقانون العمل وقانون األسرة .وإذا كان القانون املدني ينظم أساسا
كافة العالقات بين مختلف األفراد دون تميز بين نوع التصرف أو صفة القائم به أي قانونا عاما ،فإن
القانون التجاري ينظم فقط عالقات معينة هي العالقات التجارية .وقد أدى إلى ظهور هذا النوع من
القواعد القانونية الظروف االقتصادية والضرورات العملية التي استلزمت خضوع طائفة معينة من
األشخاص هم التجار ونوع معين من املعامالت هي األعمال التجارية لتنظيم قانوني يتميز عن ذلك الذي
يطبق على املعامالت املدنية حيث عجزت القواعد املدنية عن تنظيم املعامالت التجارية التي قوامها
أكمون عبد الحليم :الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري -قصر الكتاب -البليدة -الجزائر -2006ص 151
2
المرجع نفسه -ص 16 -15
5
السرعة من جهة والثقة واالئتمان من جهة أخرى .فاملالحظ أن املعامالت املدنية تتسم دائما بالثبات
والتروي(.)1
وعلى عكس ذلك البيئة التجارية التي تتطلب السرعة والثقة في وقت واحد فطبيعة العقود التي تجرى في
مجال التجارة تختلف كل االختالف عن تلك التي تجرى في البيئة املدنية ذلك أن الصفقات التي يبرمها
التاجر ال تكون بقصد االستعمال الشخص ي أو بقصد االحتفاظ بها وإنما إلعادة بيعها لتحقيق ربح من
فروق األسعار ،كما وأن مثل هذه الصفقات تعقد كل يوم مرات ومرات بالنسبة لكل تاجر وهو يبرمها
بأسلوب سريع .وقد ظهرت فعال عادات وتقاليد معينة التزمت بها طائفة من التجار في معامالتهم التجارية
تختلف عن تلك القواعد التي تنظم املعامالت املدنية واضطر املشرع إلى تقنين هذه العادات التجارية في
مجموعات خاصة بالتجارة والتجار وظلت هذه القواعد الجديدة تزداد شيئا فشيئا حتى أصبح لها كيان
مستقل.
على أنه ملا كان القانون املدني هو الشريعة العامة لجميع األفراد وجميع التصرفات فإن أحكام وقواعد
القانون التجاري ليست إال استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة ال يحكمها نص خاص.
تظهر هذه الصلة الوثيقة بين القانون املدني والتجاري بوضوح في معظم التشريعات .ففي القانون
الفرنس ي وكذلك الجزائري نجد املجموعة التجارية ال تتكلم عن البيع إال في مادة واحدة وتلجأ بالنسبة
على أننا نجد من جانب آخر أن القانون التجاري أثره في القانون املدني ويتمثل في عدة حاالت منها اعتبار
الشركات التي تأخذ الشكل التجاري شركات تجارية تخضع للقانون التجاري أيا كان موضوع نشاطها كما
قد يقرر املشرع اكتساب الشركة لصفة التاجر بصرف النظر عن طبيعة نشاطها سواء كان موضوع
نشاطها تجاريا أو مدنيا ومن األمثلة شركات األسهم تجارية دائما وذلك بحسب الشكل سواء كان موضوع
نشاطها تجاريا أو مدنيا والتشريع التجاري الجزائري الصادر سنة 1975والذي نصت املادة 544منه على
6
أن تعد شركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها شركات املساهمة والشركات ذات املسؤولية املحدودة
وشركات التضامن(.)1
للقانون التجاري صالت وثيقة بالقانون الدولي الخاص فهو يقوم بتنظيم العالقات التجارية الخارجية
إذ يحكم املعامالت التي تنشأ بين أفراد الدولة مع رعايا الدول األخرى في املعامالت الناشئة عن التصدير
واالستيراد والتبادل التجاري بين رعايا الدول املختلفة .وللقانون التجاري أيضا صلة بالقانون الدولي تظهر
في حالة إبرام اتفاقيات تجارية دولية وتعتبر هذه الصلة بين القانون التجاري وكل من القانون الدولي
الخاص والعام سببا في اعتبار الحاجة ماسة إلى توحيد حكم هذا الفرع من القانون ،فنظرا الزدياد
العالقات التجارية الدولية نتيجة سهولة وسائل النقل وانتشارها نشأت الحاجة إلى توحيد أهم قواعد
القانون التجاري نظرا الختالف القواعد الداخلية لكل دولة وذلك للقضاء على مشكلة تنازع القوانين.
وقد لجأت الدول والتجار إلى عدة وسائل لتوحيد أحكام القانون التجاري ومن األمثلة على ذلك ما يأتي:
أ /ـ في مجال التوحيد االتفاقي ال التشريعي لجأ التجار أنفسهم إلى وضع قواعد اتفاقية موحدة للعالقات
الدولية يؤخذ بها إذا رغب أطراف التعاقد بمعنى أن توحيد األحكام يتم بطريق إصدار نماذج عقود دولية
يلتزم املتعاقدين بها في عقودهم الدولية ومن ذلك عقود البيع الدولية النموذجية املعدة لعقد التصدير
ب /ـ في مجال املعاهدات لجأت الدول إلى توحيد بعض أحكام القانون التجاري عن طريق املعاهدات
الدولية التي تضع أحكام قانونية موحدة تقبلها الدول املوقعة عليها وتلتزم بها في العالقات الدولية فقط،
بمعنى أن العالقات الداخلية لهذه الدول املوقعة على االتفاقيات ال تخضع ألحكام هذه األخيرة ،وإنما
تخضع ألحكام القانون الداخلي .ومن األمثلة على ذلك اتفاقية برن 1953في حاالت النقل بالسكك
1
عزيز العكيلي :الوسيط في شرح القانون التجاري -دار الثقافة للنشر و التوزيع -عمان -2008ص 33
2
عبد الحي حجازي :المدخل لدراسة العلوم القانونية -دراسة مقارنة -الكويت -1994ص 263و ما بعدها
7
الحديدية إذ حددت هذه االتفاقية شروط وآثار عقد النقل في حالة ما إذا كان النقل يتعدى الحدود
ج /ـ كما لجأت الدول إلى عقد اتفاقيات دولية تؤدي إلى إنشاء قانون موحد لجميع الدول املتعاقدة ،على
أن تتعهد هذه الدول بتعديل قانونها الداخلي بما يطابق أحكام هذه االتفاقيات بحيث تصبح هذه األخيرة
بمثابة قانون داخلي ومن األمثلة على هذه االتفاقيات اتفاقية جنيف بخصوص توحيد أحكام الكمبيالة
يتصل القانون التجاري اتصاال وثيقا بعلم االقتصاد فهذا األخير يبحث إشباع الحاجات اإلنسانية عن
طريق موارد الثروة وعلم القانون ينظم وسائل الحصول على هذه الحاجات وتحقيقها فاألشياء أو األموال
التي يهتم رجل االقتصاد بعوامل إنتاجها وتداولها وتوزيعها واستهالكها هي ذاتها التي يهتم رجل القانون
ببيان نظامها من الناحية القانونية والقضائية واالتفاقية وهذه األشياء التي يتناولها رجل القانون ورجل
االقتصاد كل من ناحيته هي تلك التي يراد استخدامها وتسخيرها لخدمة اإلنسان في أجسادهم وأرواحهم.
والواقع أن هذه الصلة الوثيقة بين القانون التجاري وعلم االقتصاد أساسها ما يتركه كل منهما من أثر
على اآلخر فالنشاط االقتصادي واتساعه أدى إلى خلق قواعد قانونية جديدة في املجال التجاري والجوي
والصناعي واملالي مثل عقود النقل والتأمين والتشريعات الصناعية وعمليات البنوك كما وأن هذه الصلة
نادية فضيل :القانون التجاري الجزائري -ط -08ديوان المطبوعات الجامعية -ص 171
8
الفصل الثاني :العالقة بين القانون التجاري والقانون املدني
إذا كانت الثقة واالئتمان والسرعة واملرونة من الخصائص الجوهرية للقانون التجاري ومن الدعائم التي
أدت إلى ظهوره ،فإن بعض الفقه يرى بأنه من الناحية العملية والنظرية يجب البحث في مدى تبعية أو
إن قواعد القانون التجاري مهما نظمها املشرع فإنها ال تكفي وحدها للفصل في املناعات التجارية بحيث
يجد القاض ي نفسه ملزما بالرجوع إلى أحكام القانون املدني ،األمر الذي اتضح منه أن القانون التجاري
نظرا للصلة الوثيقة بين أحكام القانونين التجاري واملدني ظهر اتجاه في الفقه القانوني ينادي
بإدماجهما معا في قانون واحد يطبق على جميع األفراد وفي جميع املعامالت دون تفرقة بين عمل مدني أو
ويطالب تجاري أو بين تاجر وغير تاجر وذلك بفرض الوصول إلى ما يسمى بوحدة القانون الخاص.
أنصار هذا الرأي بسريان قواعد القانون التجاري من سرعة وبساطة ،في اإلجراءات على قواعد القانون
املدني كلما اقتض ى األمر ذلك حتى يفيد من ذلك التاجر وغير التاجر كما أنه إذا كانت إجراءات القانون
املدني بها بعض القيود والشكليات في تصرفات معينة أو عقود خاصة نظرا ألهميتها فإنه يمكن فرض هذه
القيود والشكليات في تصرفات التجارية الهامة حتى تستقر بشأنها املنازعات .ويرى أنصار هذا الرأي أن
القانون التجاري باعتباره قانون األعمال في عصرنا هذا إنما يتضمن في الواقع النظرية العامة في األموال
وااللتزامات التي تطبق على جميع التصرفات التي تجرى بين األفراد العاديين وبين من يساهمون في الحياة
قد أخذت فعال بعض البالد بهذا االتجاه كما هو الحال في الواليات املتحدة وإنجلترا وسويسرا وإيطاليا
حيث استطاعت معظم هذه البالد إدخال العناصر والصفات التجارية للقانون املدني ومثال ذلك
علي بن غانم :الوجيز في شرح القانون التجاري و قانون األعمال -موفم للنشر و التوزيع -الجزائر -2005ص 431
9
القانون املدني اإليطالي الصادر عام 1942الذي رد القانون التجاري إلى حظيرة القانون املدني فألغى
إن فكرة املناداة بتوحيد أحكام القانون التجاري مع القانون املدني وإن كانت تعد منطقية في ظاهرها ،إال
أنها تخالف في جوهرها حقيقة األوضاع والضرورات العملية .فما من شك أن املعامالت التجارية لها ملا
يميزها عن املعامالت املدنية مما يستتبع وضع نظام خاص بها ،فطبيعة املعامالت التجارية تقتض ي
وليس من املفيد أن تنتقل هذه التسهيالت إلى الحياة املدنية التي تتسم بطابع االستقرار والتروي وذلك أن
من شأن تعميم هذه السرعة في اإلجراءات زيادة املنازعات وعدم استقرار التعامل بين املدنيين وصعوبة
اإلثبات أمام القضاء ،وخاصة أن مسك الدفاتر أمر ال يلتزم به سوى التجار .كما وأن املناداة بنقل بعض
اإلجراءات الرسمية والشكلية املدنية إلى العقود التجارية أمر يؤدي في الواقع إلى عرقلة التجارة مهما بلغت
أهمية عقودها أو ضخامتها .كما أن تشجيع املدنيون على التعامل باألوراق التجارية خاصة الكمبياالت منها
من شأنه أن يدفع بهذه الطائفة من األفراد في مجاالت ال شأن لها بها.
ويالحظ أن البالد التي أخذت بتوحيد كال القانونين لم تستطع إدماجها إدماجا كليا حيث ظلت فيها بعض
األحكام والقواعد املستقلة التي تنفرد بها املعامالت التجارية وطائفة التجار كما هو الحال في بالد
األنجلوسكونية ،ومن األمثلة على ذلك إنجلترا حيث أصبحت النظم التجارية منفصلة عن مجموع
القانون العام مثل قانون بيع البضائع وقانون اإلفالس والشركات ،وكذلك الحال في كل من القانون
السويسري واإليطالي الذي وضع كل منها بعض النظم الخاصة بالتجارة والتجار مثل مسك الدفاتر
التجارية واإلفالس.
إن للقانون التجاري أصالته في عدة موضوعات ال نجد لها سندا إال باملجموعة التجارية مثل اإلفالس
10
وتصفية األموال وعمليات البنوك خاصة ما يتعلق منها بالحساب الجاري وخطابات الضمان والتحويل
والواقع أنه ما من شك في أن لكل من القانون املدني والتجاري مجاله وأن في إدماجهما في قانون واحد ال
يتناسب مع طبيعة معامالت كل منهما ،بل أن فيه إنكار للواقع على أن استقالل القانون التجاري ال يعني
إنكار الصلة الوثيقة بينه وبين القانون املدني إذ قد يعتمد القانون التجاري على بعض أحكام القانون
املدني اعتمادا كليا ويكتفي باإلحالة عليها ويؤدي هذا إلى اعتبار القانون املدني األصل العام الذي يرجع
لقد اختلف كثير من الفقهاء في تحديد نطاق القانون التجاري ،وكان هذا االختالف عن عمد وذلك النتماء
كل فريق منهم إلى نظرية معينة دون غيرها .وكان نتيجة هذا االختالف أن ثار التساؤل ،هل القانون
التجاري هو قانون التجار؟ أم هو القانون الذي يحكم األعمال التجارية؟ ويمكن رد اآلراء التي قال بها
الفقهاء إلى نظريتين ،األولى وهي النظرية املوضوعية Théorie Objectiveوالثانية هي النظرية الشخصية
وفحوى هذه النظرية عند القائلين بها ،أن القانون التجاري تحدد دائرته باألعمال التجارية Actes de
Commerceوتطبق أحكامه على هذه األعمال دون ارتباط بشخص القائم بها سواء كان يحترف التجارة
أو ال يحترف ولكن العبرة بموضوع النشاط الذي يمارسه الشخص وحتى ولو قام به مرة واحدة ،أما إذا
1
Lyon-Can : Livre du centenaire du code civil- T1-Paris 1904- p.205
2
Hamel (J.) - Lagarde (G.) - Jauffret (A.) : droit commercial- 2 eme Ed. Tom 1- Dalloz-Paris 1998-p. 212
3وقد أخذ بهذه النظرية طوال القرن التاسع عشر فقهاء كثيرون مثل:
Pardessus - Delamaire et le Poitevin - Lyon Caen et Renault.
11
استمر الشخص في مزاولة النشاط على سبيل االحتراف فإنه يكتسب صفة التاجر ،وهي صفة ال يعترف
بها القانون طبقا ملفهوم هذه النظرية ،إال إلخضاع التاجر اللتزامات معينة كالقيد في السجل التجاري
وكانت الدوافع التي أدت للقول بهذه النظرية لها جانبين في نظر القائلين بها ،األول جانب فني يستند إلى
نص املادتين 631 - 637من القانون التجاري الفرنس ي ،وتقض ي املادة 631من القانون املذكور على عقد
االختصاص باملحاكم التجارية بالنظر في املنازعات الخاصة باملعامالت التجارية دون أن تحدد هذه
املعامالت وأنواعها على سبيل الحصر ،وكذلك ما قضت به املادة 638من ذات القانون على أن املحاكم
التجارية ال تختص بنظر املنازعات املرفوعة على التجار بسبب تعاقداتهم الخاصة أو شرائهم أشياء
ـ وكان تفسير هذه النصوص في نظر القائلين بالنظرية املوضوعية يوحي بأن العمل التجاري ،دون سواه،
ـ أما عن الجانب الثاني فهو ذو صيغة سياسية ،ملا تؤدي إليه النظرية املوضوعية من تدعيم ملبدأ الحرية
االقتصادية الذي يتميز بالقضاء على نظام الطوائف الذي كان سائدا في العصور السابقة ،وطاملا كان
حائال يعوق ازدهار التجارة وتقدمها ،بسبب منع هذا النظام لغير طائفة التجار مباشرة األعمال
التجارية).(2
ويرى القائلون بهذه النظرية ،أن نطاق القانون التجاري يتحدد تحديدا شخصيا ،حيث أن أصله قانون
منهي ،ينظم نشاط من يحترفون مهنة التجارة دون سواهم ،ولذلك فإنه وفقا لهذه النظرية يجب تحديد
املهن التجارية على سبيل الحصر بحيث يعتبر القانون كل من احترف مهنة تجارية يعتبر تاجرا ،يخضع في
أكتم أمين الخولي :الموجز في القانون التجاري -الجزء األول -ص 07
1
2
Hamel et Lagarde : Op.cit.- P.169
3
Jorges Ripert : Traité élémentaire de Droit Commercial- Tom 1- L.G.D.G- 15eme Ed- Paris 1993- P. 03
12
نشاطه للقانون التجاري ،وعلى ذلك فإن عنصر االحتراف في مفهوم هذه النظرية يعتبر املعيار الذي يحدد
وقد يكون عنصر االحتراف مطاطا في مفهومه وتحديده ،لذلك لجأت بعض القوانين كالقانون األملاني
ويبرر أنصار هذه النظرية رأيهم في أن القانون التجاري في أصل نشأته يرجع إلى العادات والقواعد والنظم
التي ابتدعها وطبقها أصحاب الحرف التجارية األمر الذي أصبح به القانون التجاري قانونا مهنيا .وأنه على
الرغم من إلغاء نظام الطوائف ،وانتشار مبدأ الحرية االقتصادية الذي يعني الحق لكل شخص في مزاولة
ما يشاء من النشاط إال أن القواعد التجارية ظلت مستقرة كما كانت عليه في مجتمع التجار الطائفي
وكذلك أبقت التشريعات الحديثة على املحاكم التجارية تزاول اختصاصها في الفصل في املنازعات
إذا نظرنا إلى القانون الجزائري الصادر باألمر رقم 59لسنة 1975نجد أن املادة األولى منه تنص على أن "
يعد تاجرا كل من يباشر عمال تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له " وقض ى في املادة الرابعة بأن " يعد عمال
تجاريا بالتبعية ،تلك األعمال التي يقوم بها التاجر واملتعلقة بممارسة التجارة أو حاجات متجرة
وعلى الرغم من أن املشرع الجزائري أخذ في هذين النصين بالنظرية الشخصية إال أنه أخذ بالنظرية
املوضوعية كذلك حين عدد األعمال التجارية بحسب موضوعها في املادة الثانية ،واألعمال التجارية
وفضال عن أن املشروع الجزائري حدد في هذه املواد األربع مجال ونطاق تطبيق القانون التجاري ،فإنه نظم
بنصوص واضحة األحكام التي تسري على التجار دون سواهم كمسك الدفاتر التجارية والقيد في سجل
التجاري.
13
ولهذا فإننا نرى أن املشرع الجزائري أخذ بمذهب مزدوج ،حيث ال نجد قواعده جميعا من طبيعة واحدة،
وإنما استلهمت بعض أحكامه النظرية الشخصية ،والبعض اآلخر اعتنقت النظرية املوضوعية.
إذا كان القانون التجاري هو مجموعة األحكام القانونية التي تحكم فئة من األشخاص يسمون بالتجار،
وطائفة من األعمال تسمى باألعمال التجارية ،وأن هذه األحكام خاصة واستثنائية تعد جزءا من القانون
الخاص املتكامل مع الشريعة العامة ،يثار التساؤل حول كيفية تمييز األعمال التجارية عن األعمال املدنية
وماهي أهميته؟
تختلف العالقات املدنية عن العالقات التجارية من حيث طبيعتها ومقتضياتها ،كما تختلف من حيث
التنظيم القانوني ،فاألعمال التجارية هي وحدها التي يحكمها القانون التجاري بخالف األعمال املدنية التي
ويختلف التنظيم القانوني لألعمال التجارية عن أحكام املعامالت املدنية في املوضوعات التالية:
6ـ اإلفالس.
14
)1ـ حرية اإلثبات :إذا كان اإلثبات في املسائل املدنية محدد ،ونذكر في هذا املجال مثال :
* عدم جواز اإلثبات بالبينة ،إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمة على 100.000.00جزائري أو كان غير
* ال يجوز اإلثبات بالبنية ،ولو لم تزد القيمة على 100.000.00جزائري فيما يخالف أو يجاوز ما أشمل
* إن املحررات العرفية ال تكون حصة على الغير في تاريخها إال منذ أن يكون لها تاريخ ثابت ثبوتا رسميا.
أما اإلثبات في املواد التجارية فال يعرف مثل هذه القيود ،حيث أجاز املشرع اإلثبات بالبينة والقرائن مهما
كانت قيمة التصرف .كما يجوز االحتجاج بتاريخ املحررات العرفية على غير أطرافها ولو لم يكن هذا
التاريخ ثابتا .كما أنه وإن كان من املزيد أن ال يجوز للشخص أن ينش ئ دليال لنفسه ،فقد أجاز املشرع
لخصم التاجر أي يحتج بتاريخ بما ورد بدفاتر خصمه إلثبات حقه(. )1
والسبب في الخروج عن القواعد العامة في املجال اإلثبات في املسائل التجارية مرجعه إلى رغبة املشرع في
تقوية االعتبارات التي أملتها الثقة واالئتمان والسرعة واملرونة التي تنطبع األعمال التجارية.
(2ـ االختصاص القضائي :تخصص بعض الدول مثل فرنسا جهات قضائية خاصة تتكفل بالفصل في
املنازعات التجارية .هذا التخصيص تمليه االعتبارات املتعلقة بطبيعة املعامالت التجارية ،التي تستلزم
الفصل فيما على وجه السرعة وبإتباع إجراءات غير تلك املتبعة أمام املحاكم العادية .وتكون في هذه
أما بالنسبة للجزائر ،فإن املشرع لم يأخذ بنظام القضاء املتخصص ،وبذلك فإنه ال توجد جهات قضائية
تجارية .وقد منح االختصاص في املواد التجارية للمحاكم العادية التي تتولى الفصل في املنازعات التجارية
عمال بمبدأ وحدة القضاء العادي .فاملحاكم في النظام الجزائري هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون
العام ،فهي تفصل في جميع القضايا املدنية والتجارية أو دعاوى الشركات التي تختص بها محليا.
بكوش يحي :أدلة اإلثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه اإلسالمي -الشركة الوطنية للنشر و التوزيع -الجزائر -1981ص 166و 2171
15
على أن االختصاص يعود للمحاكم االبتدائية الكائن مقرها باملجالس القضائية ،دون سواها ،في املسائل
التالية :الحجز العقاري ـ تسوية قوائم التوزيع ـ حجز السفن ـ تنفيذ الحكم األجنبي ـ بيع املتاع -معاشات
التقاعد الخاصة بالعجز ـ املنازعات املتعلقة بحوادث العمل ـ دعاوي اإلفالس والتسوية القضائية ـ طلبات
هذا من حيث االختصاص املوضوعي ،أما فيما يخص االختصاص اإلقليمي فإن االختصاص ينعقد على
النحو التالي:
ـ في الدعاوي العقارية أو األشغال املتعلقة بالعقار أو دعاء اإليجارات املتعلقة بالعقار ،وإن كانت تجارية
ـ في مواد اإلفالس أو التسوية القضائية أمام املحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح اإلفالس
ـ في الدعاوي املتعلقة بالشركات ،بالنسبة ملنازعات الشركات أمام املحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها
ـ في مواد الحجز ،سواء كان بالنسبة لإلذن في الحجز أو باإلجراءات التالية له ،أمام محكمة املكان الذي تم
فيه الحجز.
ونصت املادة 9من القانون املدني ،على أنه يجوز أن توقع الدعوى إما أمام املحكمة التي يقع في دائرة
اختصاصه موطن املدعي عليه أو مسكنه وإما أمام الجهة أو الجهات القضائية التالية:
ـ في الدعاوي التجارية ،غير اإلفالس والتسوية القضائية ،أمام الجهة القضائية التي وقع في دائرة
اختصاصها الوعد بتسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها
ـ في الدعاوي املرفوعة ضد شركة ،أمام الجهة القضائية ،التي تقع في دائرة اختصاصها إحدى مؤسساتها.
يتضح مما سبق أن املحاكم العادية هي التي يعود لها االختصاص بالنسبة للمنازعات التجارية.
16
وفي الواقع العملي جرى العمل على تخصيص دوائر تجارية ،على رأسها قضاء لهم خبرة في هذا املجال،
تتولى الفصل في املنازعات التجارية .إال أن هذه املمارسة ال تجعلنا أمام قضاء تجاري مستقل ،بحيث يفتح
غير أنه في كنف تحقيق خصائص النشاط التجاري املتمثلة في الثقه واالئتمان والسرعة ،وأمام اتساع
دائرة املعامالت التجارية واإللكترونية في ظل التوجه الجديد لالقتصاد الوطني الرامي إلى ترقية مناخ
األعمال والتجارة ،بات من الضروري على املشرع الجزائري مسايرة هذا التطور في املعامالت باعتماد
قضاء تجاري مستقل عن القضاء العادي يرقى إلى نوع املحاكم التجارية للنظر في املسائل التجارية
تتشكل من قضاة ذات كفاءة وخبرة في املسائل التجارية ينفردون بتكوين قاعدي متخصص في قضايا
وهو التنظيم القضائي الذي تتجه إليه السلطات في الجزائر بإنشاء قضاء تجاري مستقل عن القضاء
العادي الحتواء معظم النزاعات والقضايا ذات العالقة بعالم األعمال والتجارة.
)3ـ تضامن املدينين :تعد قاعدة التضامن بين املدينين في حالة تعددهم من القواعد التي استقرت في
املسائل التجارية ،فاحترمها القضاء وطبقها وذلك تدعيما لعنصري الثقة واالئتمان في املعامالت التجارية.
أما في املعامالت املدنية فإن قاعدة التضامن ال توجد إال بناء على اتفاق أو نص قانوني ،وهو ما تنص عليه
املادة 217ق.م.ج" :التضامن بين الدائنين أو املدينين ال يفترض ،وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في
القانون" .ويجوز في املسائل التجارية إبعاد قاعدة التضامن في أي تعامل ،ما لم يكن هناك نص آمر،
يقض ي بوجوب قيام التضامن بين املدينين .ومثال ذلك نص املادة 551من القانون التجاري الجزائري التي
تقض ي بأن الشركاء بالتضامن صفة التاجر ،وهم مسؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة.
) 4ـ اإلعفاء من اإلعذار :وهو تنبيه الدائن للمدين بحلول آجل الوفاء بالدين ،مع تسجيل تأخره عن
واإلعذار في املعامالت املدنية البد أن يتم بورقة رسمية تعلن بواسطة أعوان القضاء .أما في املسائل
17
التجارية فقد جرى العرف على أنه يكفي أن يتم األعذار بخطاب عادي دون حاجة إلى أي ورقة من األوراق
القضائية .كل ذلك من أجل تحقيق السرعة التي تتميز بها املعامالت التجارية.
)5ـ مهلة الوفاء :إذا عجز املدين يدين مدني عن الوفاء به في امليعاد ،جاز للقضاء أن ينظره إلى أجل
معقول أو آجال ينفذ فيها إلزامه ،إذا استدعت حالته ذلك ،ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر
أما القانون التجاري فال يعطي مثل هذه السلطة للقاض ي نظرا ملا تتسم به املعامالت التجارية ،وما تقدم
عليه من سرعة وثقة تقتض ي من التاجر ضرورة الوفاء بدينه في امليعاد وإال كان ذلك سببا في شهر إفالسه.
)6ـ اإلفالس :ال يجوز شهر اإلفالس التاجر إال إذا توقف عن دفع ديونه التجارية ،أما إذا توقف عن دفع
دين مدني ،فال يجوز شهر إفالسه ،وإذا أجاز القانون للدائن بدين مدني أي يطلب شهر إفالس التاجر ،
إال أنه يجب أن يثبت أن التاجر قد توقف عن دفع دين تجاري عليه ،فإذا صدر حكم يشهر اإلفالس ترفع
يد التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها ،ويدخل جميع الدائنين في اإلجراءات ويعين وكيل عنهم تكون
مهمته تصفية أموال املفلس وتوزيع الناتج منها بين الدائنين كل بحسب قيمة دينه ،وبذلك تتحقق
املساواة بينهم.
أما املدين بدين مدني فإنه يخضع ألحكام القانون املدني (املادة 177إلى )202التي ال تتصف بالشدة
والصرامة التي يتصف بها نظام اإلفالس .فليس في املسائل املدينة حل يد املدين عن التصرف في أمواله
)7ـ صفة التاجر :التاجر هو الشخص الذي يباشر عمال تجاريا ويتخذه حرفة معتادة له ،وذلك ما نصت
عليه املادة 1من القانون التجاري ،ومن يصبح تاجرا يخضع إللتزامات التجار ،خاصة منها القيد في
18
الفصل الرابع :تطورالقانون التجاري ومصادره
عرفت التجارة قواعد وأحكام وأعراف خاصة بها منذ العصور األولى وكان القائمون بالتجارة يمثلون طائفة
خاصة في املجتمع لها عاداتها وتقاليدها .وما من شك في أن التجارة كانت معروفة عند الكثير من الشعوب
القديمة خاصة تلك التي كانت تسكن سواحل البحر األبيض املتوسط حيث مكنها موقعها الجغرافي من
ممارسة التجارة(.)1
* في العصورالقديمة:
تمتد نشأت القانون التجاري إلى زمن بعيد فقد نشأت األعراف التجارية عند شعوب البحر األبيض
املتوسط وقدماء املصريين واآلشوريين والكلدانيين خاصة في مجال التعامل بالنقد واالقتراض والفائدة
واستخدام بعض الصكوك التي تشبه إلى حد ما السفتجة والسند لألمر .ولعل أهم الدالئل على ذلك ظهور
عدة قواعد قانونية تجارية في مجموعة حمورابي في عهد البابليين 1000سنة قبل امليالد منها ما يتعلق
بعقد الشركة وعقد القرض ،و الوديعة و الوكالة بالعمولة ،فلم تكن هذه القواعد سوى تقنين لألعراف
وعرف الفينيقيون واإلغريق التجارة خاصة البحرية منها إذ اهتموا بوضع القواعد الخاصة بالتجارة
البحرية وتركوا تراثا هاما في ذلك الفرع من القانون مثل األحكام الخاصة بمبدأ الخسارة املشترك (.)3
في عهد الرومان ،ملا اتسعت رقعة اإلمبراطورية الرومانية وشملت معظم أوروبا وشمال إفريقيا وبعض
أجزاء آسيا ظهرت فيها حركة تقنينية واسعة لتنظيم املعامالت بين األفراد وتحديد الحقوق والواجبات
غير أن هذه التنظيمات الكبيرة لم تكن تحتوي على قواعد وأحكام تجارية رغم ظهور كثير من املعامالت
1
Joseph Escarra : Manuel de droit commercial-Paris 1948-P 02
2
عبد السالم الترمانيني :الوسيط في تاريخ القانون و النظم القانونية -الكويت -1974ص 51
سميحة القيلوبي :موجز في القانون التجاري -األعمال التجارية -التاجر -الملكية الصناعية و التجارية -دار الثقافة العربية للطبعة و النشر -مكتية
3
القاهرة الحديثة -ط -1972 -1ص 10
19
التجارية مثل الشركات ،كذلك ظهرت أعمال تجارية أخرى كاملصارف بسبب استخدام النقود املعدنية
وإمساك الدفاتر التجارية( .)1ولعل السبب في عدم إشمال املجموعات املدنية الرومانية ملثل هذه
القواعد التي تنظم التجارة هو أن الرومان كانوا يتركون القيام بهذه األعمال للرقيق واألغراب اعتقادا منهم
على أنه ملا اندمج القانون املدني وأصبح هذا األخير هو الشريعة العامة التي تطبق على جميع التصرفات
القانونية وعلى جميع األفراد أصبح القانون املدني الروماني يحتوي على جميع األحكام والقواعد الخاصة
بالتجارة سواء البحرية أو البرية إلى جوار األحكام املدنية وكانت أحكام هذا القانون تطبق على جميع
الرومان دون تفرقة بين تاجر وغير تاجر ذلك أن الرومان كانوا يؤمنون بفكرة قانون موحد يحكم جميع
التصرفات).(2
كما يجب التنويه بدور العرب في مجال التجارة ابتداء من القرن السابع امليالدي إذ ظهرت أنظمة
جديدة في مجال التجارة كشركات األشخاص ونظام اإلفالس والكمبيالة (السفتجة) في عهد
الرومان.
غير أنه وفي الفترة ما بين القرن 11وحتى القرن 16جاء القانون التجاري أكثر وضوحا واستقالال
عن القانون املدني وذلك نتيجة زيادة التجارة البرية والبحرية بسبب الحروب الصليبية في القرن
الحادي عشر ويمكن القول أن قواعد القانون التجاري والبحري قد وصلت في تطورها في هذا
العصر إلى مرحلة يمكن اعتبارها أساسا للقانون التجاري الحالي ففي إيطاليا وجدت أسواق
عاملية لتبادل التجارة ومن ثم نشأت طائفة من األشخاص في ممارسة هذا النوع من النشاط
وخضعت في تنظيم أمورها إلى التقاليد والعادات التي استقرت بينهم وقامت هذه الطائفة
بانتخاب قناصل من كبار التجار يختصون في الفصل في املنازعات التي تنشأ بين التجار وذلك
1
عباس حلمي :األعمال التجارية -المحل التجاري -ديوان المطبوعات الجامعية -الجزائر -1983ص 11
ثروت علي عبد الرحيم :الخسارات المشتركة -الكويت -1974ص 642
20
وفقا للعرف والعادات والتقاليد التي استقرت بينهم(.)1
أما في الفترة ما بين القرن 17حتى نهاية القرن ،18أصبح القانون التجاري قانونا مهنيا أنش ئ في
الوسط التجاري ليطبق على التجار ،كما تميز القانون التجاري بأنه قانون عرفي وأصبح أيضا
قانونا دوليا يطبق خالل هذه الفترة على دول أوروبا الغربية.
أما في العصر الحديث فقد بدأ انتشار التقاليد والعادات في بالد أوروبا وخاصة املدن الفرنسية
كان وباريس ومرسيليا وملا ظهرت الحاجة إلى تقنين هذه العادات والتقاليد في مجموعات قانونية
لتنظيم أعمال هذه الطائفة أصدر امللك لويس الرابع عشر أمرا ملكيا بتقنين العادات والتقاليد
الخاصة في مجموعة مستقلة فصدرت في مارس 1673ـ 1681وهي خاصة بالشركات واألوراق
التجارية واإلفالس ويطلق عليها مجموعة سافاري وتبعتها مجموعة خاصة بالتجارة البحرية وتعتبر
هذه األوامر امللكية مرجعا وافيا للقانون التجاري والبحري لكثرة ما تناولتها من موضوعات.
وكان القانون التجاري في أول أمره قانونا شخصيا فكان يعد تاجرا كل من هو مقيد في السجل التجاري
وبعد إلغاء نظام الطوائف عقب الثورة الفرنسية 1789وإعالن مبدأ حرية التجارة تكونت لجنة عام 1801
لوضع مشروع القانون التجاري على أساس هذه املبادئ الجديدة فأخد القانون التجاري طابعا موضوعيا
حيث وضعت فكرة العمل التجاري كأساس لتطبيق أحكام القانون التجاري وأصبح التاجر هو من يتخذ
األعمال التجارية حرفة معتادة له ولم يعد التاجر من هو مقيد بالسجل التجاري(.)2
*عرفت الجزائر تغييرات جذرية من حيث نظامها االقتصادي والسياس ي واالجتماعي والتي سايرتها
تغييرات على املنظومة القانونية التجارية واالقتصادية .فقد صدر القانون التجاري الجزائري باألمر رقم
59-75بتاريخ 26سبتمبر 1975والذي عرف بدوره تعديالت متعاقبة نذكر منها :تعديل 1990
1993،1996،
21
وتعديل .1 2015 ،2005 ،1997 ،1996وفي ظل الثورة املعلوماتية وتطور التكنولوجي لوسائل االعالم
واالتصال وولوج الجزائر نموذج اقتصاد املعرفة باعتماد نمط املؤسسات الناشئة وحاضنات األعمال
اضطر املشرع إلى مواكبة هذا التطور بإصدار قانون 09-22مؤرخ في 05ماي 2 2022املعدل واملتمم لألمر
رقم 59-76املؤرخ في 26سبتمبر 1976املتضمن القانون التجاري الجزائري وذلك باستحداث نوع جديد
من الشركات التجارية سميت ب ـ ــ" شركة املساهمة البسيطة" خدمة للشباب حاملي املشاريع.
قانون 09-22الصادر في 2022/05/05المعدل و المتمم للقانون التجاري رقم 59-75الصادر في 1975/09/26 2
22
املبحث الثاني :مصادرالقانون التجاري
كلمة مصدر تعني املنبع بصفة عامة .وللقانون عدة مصادر أو منابع استقى منها أساسه هو املصدر
املوضوعي أو املادي واملصدر التاريخي واملصدر الرسمي واملصدر التفسيري .ويقصد باملصدر املادي أو
املوضوعي للقانون الظروف االجتماعية التي استمد منها نشأته على خالف املصدر التاريخي الذي يمثل
الظروف التاريخية التي تكون عبرها القانون .ويقصد باملصدر الرسمي للقانون املصدر الذي تستمد منه
القاعدة قوتها امللزمة على خالف املصدر التفسيري الذي ال يلزم القاض ي بالرجوع إليه إنما يلجأ له من
قبيل االستئناس .وللقانون التجاري بصفة عامة كبقية فروع القانون عدة مصادر نقتصر منها على
املصادر الرسمية واملصادر التفسيرية وهي الفقه والقضاء باعتبارهما مصدرين تفسيريين يلجأ إليها
القاض ي إذا أعوزه التشريع التجاري و التشريع املدني و أحكام الشريعة اإلسالمية و أعراف املهنة (.)1
يحتل التشريع املرتبة األولى بين مختلف املصادر ،وعلى القاض ي أن يرجع إليه أوال وال يرجع إلى غيره من
املصادر إال إذا لم يجد نصا تشريعيا يطبق على الحالة املعروضة.
1
أكمون عبد الحليم :مرجع سابق -ص 34
23
ويتمثل التشريع كمصدر من مصادر القانون التجاري فيما يلي:
فالقاعدة األساسية أن نصوص املجموعة التجارية هي التي تحكم أصال املواد التجارية على أنه إذا لم يرد
في هذه القوانين التجارية نصوص خاصة بعالقات معينة تعين الرجوع إلى أحكام القانون املدني باعتباره
الشريعة العامة التي تنظم جميع العالقات سواء كانت تجارية أو مدنية .فكما سبق أن ذكرنا تعتبر أحكام
وقواعد القانون التجاري استثناء من أصل عام يجب الرجوع إليه في كل حالة ال يحكمها نص خاص ،وإذا
وجد تعارض بين نص تجاري ونص مدني وجب أن يغلب النص التجاري مهما كان تاريخ نفاده وذلك تطبيقا
للقاعدة التفسيرية التي تقض ي بأن النص الخاص يغلب على النص العام بشرط أن يكون كال النصين على
درجة واحدة فإذا كان أحدهما نصا آمرا واآلخر مفسرا وجب األخذ بالنص اآلمر ألنه نص ال يجوز االتفاق
على مخالفته(.)2
اعتبر القانون املدني الجزائري في مادته األولى مبادئ الشريعة اإلسالمية املصدر الرسمي الثاني بعد
التشريع وقبل العرف ،ومعنى ذلك أن القاض ي وهو يفصل في منازعة تجارية إذا لم يجد حكمها في
النصوص التشريعية فعليه الرجوع إلى مبادئ الشريعة اإلسالمية .واملقصود بهذه املبادئ القواعد
املست ّ
مدة من القرآن الكريم والسنة واإلجماع واالجتهاد.
المعدل والمتم بالقانون رقم 87 - 20المؤرخ في 23ديسمبر المتضمن قانون المالية 1988والقانون رقم 88 - 04المؤرخ في 12يناير 1988
المحدد للقواعد الخاصة المطبقة على المؤسسات العمومية االقتصادية والقانون رقم 90 - 22المؤرخ في 18أوت 1990المتعلق بالسجل التجاري
والمعدل بالقانون 91 - 14المؤرخ في 7ماي 1983المتعلق باستعمال السندات التجارية في المعامالت التجارية بين المتعاملين العموميين والمعدل
1
بالقانون رقم 27 -96المؤرخ في 09ديسمبر .1996
2
نادية فضيل :مرجع سابق -ص .47
24
ـ ثالثا ـ العرف:
العرف التجاري هو ما درج عليه التجار من قواعد في تنظيم معامالتهم التجارية بحيث تصبح لهذه
القواعد قوة ملزمة فيما بينهم شأنها شأن النصوص القانونية .وإذا كان التشريع دائما مكتوبا فإن العرف
غير مدون كما أن هذا األخير هو قانون تلقائي ال إرادي على عكس التشريع الذي يعتبر مصدر إراديا
ومقصودا .ويبدأ العرف تكوينه عندما يتفق اثنان على تنظيم تصرف ما على وجه معين ثم يتبع باقي
األشخاص نفس هذا التنظيم فيما يتعلق بهذا التصرف فترة من الزمن لدرجة أنهم يشعرون بأنه أصبح
ملزما لهم دون النص عليه .فهو في الواقع نوع من االتفاق الضمني على ضرورة إتباع قواعد معينة في
حاالت معينة .على أن ذلك ال يعني أن العرف واجب التطبيق إذا ما انصرفت إرادة األفراد إليه فقط بل
إنه واجب التطبيق طاملا لم تتجه إرادة املتعاقدين إلى استبعاده حتى ولو ثبت عدم علم األطراف به ذلك
ألن العرف يستمد قوته امللزمة من إيمان الجميع به واعتباره حكما عاما كالتشريع تماما.
ويتمتع العرف في مجال القانون التجاري بمكانه كبيرة عن بقية فروع القانون اآلخر وذلك رغم ازدياد
النشاط التشريعي وازدياد أهميته ذلك أن هذا الفرع من القانون نشأ أصال نشأة عرفية ولم يدون إال في
والعرف قد يكون عاما متبعا في الدولة بأسرها وقد يكون محليا ويقع على الخصوم عبء إثبات العرف وقد
جرى العمل على استخراج شهادات من الغرف التجارية بوجوده ومن األمثلة على العرف التجاري قاعدة
افتراض التضامن بين املدينين بديون تجارية إذا تعددوا خالفا للقاعدة العامة املنصوص عليها في القانون
املدني ( 7/2مدني جزائري) والتي تقض ي بأن التضامن ال يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في
القانون(.)1
يعتبر العرف التجاري ثالثا في املرتبة أي بعد الشريعة اإلسالمية بمعنى أنه للقاض ي األخذ به في حالة عدم
وجود نص تشريعي أو حكم من الشريعة اإلسالمية يحكم العالقة املعروضة إذا إخذنا بالترتيب الذي
25
قضت به املادة األولى من القانون املدني و التي تحدد مصادر القانون في الجزائر1
*إشكالية التنازع بين أحكام الشريعة اإلسالمية و قواعد العرف كأول مصدر رسمي احتياطي للقانون
التجاري الجزائري.
إن املتفحص للقانونين املدني والتجاري الصادرين على التوالي تحت رقم 58-75و 59-75بتاريخ 26
سبتمبر 1975يصعب عليه تحديد املصدر االحتياطي األول للقانون التجاري الجزائري بعد التشريع.
إن املادة األولى من القانون املدني الجزائري ّ
حددت مصادر القانون بالترتيب وهي التشريع ث ّم مبادئ
الشريعة اإلسالمية ّ
ثم العرف يليه مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ،في حين إن القانون التجاري
الصادر بنفس التاريخ الذي صدر فيه القانون املدني نجده خاليا من أي نص يحدد مصادر القانون
وعمال بالقاعدة األساسية التي تعتبر القانون التجاري قانونا خاصا واستثنائيا ما لم يوجد نص خاص،
الشريعة اإلسالمية والعرف ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ،وبالتالي تعتبر مبادئ الشريعة
إال أنه بصدور قانون السجل التجاري رقم 22-90بتاريخ 18أوت 1990أعاد طرح هذا االشكال من خالل
نص املادة األولى منه التي تقض ي ما يلي« :ينظم القانون التجاري وأعراف املهنة وقرارات املحاكم
نخلص من استقراء نص هذه املادة أن العرف هو املصدر االحتياطي األول للقانون دون تضمين املشرع
غير أنه بموجب األمر رقم 27-96الصادر بتاريخ 09ديسمبر 1996املتضمن القانون التجاري املعدل
انظر المادة األولى من القانون المدني الجزائري الصادر باألمر رقم 58-75بتاريخ 1975/09/26 1
26
واملتمم 1نصت املادة األولى مكرر منه على ما يلي ":يسري القانون التجاري على العالقات بين التجار،
وفي حالة عدم وجود نص فيه يطبق القانون املدني وأعراف املهنة عند االقتضاء".
وبهذا يكون املشرع قد استدرك االشكال رفع هذا الغموض الذي يكتنف مصادر القانون التجاري ونص
صراحة على اعتبار العرف املصدر االحتياطي األول للقانون التجاري الجزائري.22
وبناء على ما سبق إذا ما عرض نزاع تجاري ،على القاض ي الجزائري أن يتبع الترتيب التالي في تطبيقه
لقواعد القانون.
أما ما يتفق عليه صراحة أطراف النزاع فيأتي قبل التشريع أو العرف إن لم يكن حكما آمرا.
يقصد بمصادر القانون التفسيرية املصادر التي يتمتع القاض ي إزاءها بسلطة اختيارية إن شاء رجع إليها
للبحث عن حل النزاع املعروض أمامه دون إلزام عليه بإتباعها .فاملصادر التفسيرية على خالف املصادر
الرسمية مصادر اختيارية إن شاء القاض ي رجع إليها للبحث عن حل النزاع أمامه دون إلزام عليه
1األمر رقم 27-96المعدل و المتمم لألمر رقم 59-75الصادر في 1975/09/26المتضمن القانون التجاري.
2علي بن غانم:مرجع سابق-ص 82و ما يليها
3
أنظر علي البارودي :مبادئ القانون التجاري و البحري -دار المطبوعات الجامعية -القاهرة -1977ص 41و ما بعدها
27
1ـ القضاء :
يقصد بالقضاء مجموعة األحكام الصادرة من مختلف املحاكم في املنازعات التي عرضت عليها ،كما يقصد
بها مدة الحجية التي تتمتع بها هذه األحكام وهو ما يطلق عليه بالسابقة القضائية ،وهذه األخيرة تمثل
األحكام التي تصدر في املسائل القانونية الجديدة ذات األهمية الخاصة والتي لم يرد حلها في القانون.
ويعتبر دور القضاء بالنسبة لهذه السوابق دور خالق يوسع بمقتضاها نطاق تطبيق القانون حيث تؤدي
ويالحظ أن دور القضاء في الجزائر كما هو الحال في التشريعات األوربية ،حيث يسود فيها التشريع يقتصر
على تفسير القاعدة القانونية دون إنشائها ذلك أن القضاء ال يعتبر مصدرا للقانون باملقارنة إلى مصدر
التشريع .فاختصاص القاض ي الجزائري هو تطبيق للقانون في الحاالت املعروضة عليه دون أن تكون
ويختلف موقف القضاء في القانون اإلنجليزي والبالد األنجلوسكونية بصفة عامة حيث تسود قاعدة
السابقة القضائية والتي بمقتضاها تلزم املحاكم في أحكامها بما سبق أن صدر من جهات قضائية أخرى
سواء كانت أعلى درجة منها أو مساوية لها ويترتب على ذلك اعتبار القضاء وفقا لهذا النظام مصدرا ملزما
للقانون .ومن أمثلة النظم القانونية التي وضعها القضاء التجاري ،الشركات الفعلية واإلفالس الفعلي
و الحساب الجاري ،و كذلك اجتهاد القضاء في نظرية العمل التجاري(املادة 02و 04ق.ت.ج)1
يقصد بالفقه مجموعة آراء الفقهاء في هذا الفرع من القانون بشأن تفسير مواده .فالفقهاء يقومون
باستنباط األحكام القانونية من مصادرها بالطرق العلمية نتيجة تكريس جهودهم لدراسة هذا الفرع من
فروع القانون .والرأي السائد أن الفقه ال يعتبر مصدرا للقانون حيث تقتصر وظيفته على مجرد شرح
القانون شرحا علميا بدراسة النصوص القانونية وما يربطها من صالت ثم استنتاج مبادئ عامة في
1
Yves Reinhard : droit commercial- 5eme Ed-P. 25
28
تطبيقات مماثلة وذلك دون أن يكون مصدرا ملزما للقاض ي.
وقد ساعد الفقه كثيرا في تطوير مواد القانون التجاري نتيجة نقد الحلول القانونية والقضائية وإبراز
مزاياها وعيوبها وما بها من تناقض ،وأدى ذلك إلى سرعة مسايرة مواد القانون للتطور في املواد القانونية.1
تلعب املصادر الدولية دورا متزايد األهمية وذلك بازدياد ظاهرة الطابع الدولي للقانون التجاري .فتارة تكون
هذه املصادر الدولية هي القانون الواجب التطبيق عندما تطرح إشكالية تنازع القوانين ،وتارة أخرى تكون
هي القانون الواجب التطبيق باعتبارها قواعد دولية انصرفت نية األطراف إلى األخذ بها عندما ال تتعارض
مع النظام العام لقانون أحد األطراف .كما تلعب املصادر الدولية دورا هام في توحيد القانون التجاري
عندما يتبناه املشرع الوطني في قوانينه الداخلية أو عندما ينضم بلد إلى إحدى املعاهدات الدولية املنظمة
وتعرف املعاهدات أو االتفاقيات الدولية بأنها اتفاق أو تطابق أكثر من إرادة من أجل إنتاج آثر قانوني ما.
كما تعرف املعاهدات الدولية بأنها االتفاق املبرم بين الدول أو أعضاء املجتمع الدولي بغرض إنتاج آثار
* قواعد يورك وانفارس الخاصة بنظام الخسائر املشتركة لعام 1864واملعدلة في .1974
* معاهدة برن بسويسرا لسنة 1890و 1953حول النقل عن طريق السكة الحديدية
* اتفاقية جنيف لسنة 1830و 1931الخاصة باألوراق التجارية (الشيك -السفتجة -السند ألمر)
من أجل االطالع على أهم المراجع الفقهية في القانون التجاري أنظر:
J.Ripert-R.Roblot : traité élémentaire du droit commercial-T1-15eme Ed. G.D.J- Paris 1993-P.47 1
29
* اتفاقية مراكش لـ 25أفريل 1994الخاصة باالتفاق العام حول التسعيرات الجمركية
والتجارة( )GATTوغيرها...
لقد عدد املشرع الجزائري األعمال التجارية من املواد من الثانية إلى الرابعة من القانون التجاري ،ومعنى
ذلك أن هذه األعمال هي التي حسم املشرع تحديد طبيعتها .ولم يعد ثمة شك في صفتها التجارية ،حيث
أصبغ عليها املشرع بنص صريح هذه الصفة وال يجوز لألفراد مخالفة هذا الوصف .وباعتبار أن املشرع
أراد إخضاع العمل لنظام قانوني معين ،هو القانون التجاري فال يجوز لهم إخضاعه لنظام قانوني آخر،
ولذلك فإن وصف العمل والفصل في تحديد طبيعته والنتائج املترتبة على ذلك تعتبر مسألة قانونية
إال أننا نالحظ أن املشرع الجزائري ،في التعداد الذي وضعه لم يتبع معيارا ثابتا .فأحيانا يعتبر العمل
تجاريا ولو وقع منفردا ،وتارة أخرى يشترط مباشرة العمل على وجه املقاولة ،بحيث أنه لو تم مباشرة نفس
على أنه يجب اعتبار األعمال التجارية التي نص عليها املشرع الجزائري واردة على سبيل املثال ال الحصر،
وذلك ما يفهم صراحة من نص املادة الثانية من قولها " يعد عمال تجاريا بحسب موضوعه "...ألن املشرع
لو أراد اعتبار األعمال التجارية التي عددها على سبيل الحصر ،لكانت الصياغة كما يلي:
األعمال التجارية بحسب موضوعه هي ،...وعليه فإن الرأي الراجح في هذا املجال هو جواز االجتهاد في
هذا بالنسبة لألعمال التجارية حسب موضوعها ،ثم تناول املشرع الجزائري فئة من األعمال اعتبرها
أعماال تجارية من حيث الشكل (املادة ،)3وطائفة ثالثة من األعمال اعتبرها تجارية بالتبعية (املادة .)4
وعلى ذلك تقسم األعمال التجارية في التشريع الجزائري على النحو التالي:
1
أحمد محرز :القانون التجاري الجزائري -ج -1الجزائر -1978ص 55
30
1ـ األعمال التجارية بحسب موضوعها.
وهي تلك األعمال التي تعتبر تجارية بصرف النظر عن الشخص القائم بها ،ومعظم هذه األعمال تتعلق
بتداول املنقوالت ،من مأكوالت وبضائع وأوراق مالية ،وتصدر بقصد تحقيق الربح ،والبعض منها اعتبره
القانون تجاري بالرغم من عدم تعلقه بتداول الثروات .ثم إن من هذه األعمال ما يعتبر تجاريا
ولو وقع منفردا والبعض منها ال يكون تجاريا إال إذا صدر على وجه املقاولة.
واألعمال التجارية حسب موضوعها في نصوص القانون التجاري الجزائري ،تنقسم إلى فئتين،
أعمال تقع منفردة وأعمال تتم ممارستها على سبيل املشروع أو املقاولة.
* عمليات الوساطة لشراء وبيع العقارات واملحالت التجارية والقيم العقار (.)1
وعموما تعد عملية الشراء من أجل البيع من أهم مظاهر الحياة التجارية ،حيث عن طريقها يتم التبادل
وتوزيع الثروات .ولو أن املشرع الجزائري اعتبر حدوثها ولو مرة واحدة عمال تجاريا حتى ولو كان القائم بها
1
المادة 02من األمر رقم 59-75المؤرخ في 26سبتمبر 1975المتضمن القانون التجاري الجزائري
31
وال يشترط أن يكون مقابل الشراء نقدا ،بل يكفي أن يكون بمقابل ،كما هو الحال في املقايضة .أما إذا
انتفى املقابل فال يكون عنصر الشراء متحققا في هذه الحالة ،كما لو اكتسب الشخص أمواال عن طريق
الهيبة أو الوصية أو امليراث .ومنه فإن بيع املنتج األول ملنتجاته التي لم يسبقها شراء ال تعد عمليات تجارية
كما في حالة استغالل املوارد الطبيعية واملجهود الذهني والبدني .غير أن كل من يقوم بالوساطة لبيع هذه
األعمال يعد عمال تجاريا كدور النشر و دور العرض ألنها تجني أرباحا()1
وقد عددت املادة الثانية تجاري األعمال التي تكتسب الصفة التجارية إال إذا وقعت على سبيل املقاولة
وهي:
( )5كل مقاولة الستغالل املناجم أو املناجم السطحية أو مقالع الحجارة أو منتوجات األرض األخرى.
( )10كل مقاولة لبيع السلع الجديدة باملزاد العلني أو األشياء املستعملة بالتجزئة بالجملة.
( )12كل عملية توسط لشراء وبيع العقارات أو املحالت التجارية والقيم العقارية.
1
حسين النوري :األعمال التجارية و التاجر -مكتية عين شمس -دار الجيل للطباعة -اإلسكندرية -1976ص 16
32
( )13كل مقاولة لصنع أو شراء أو بيع وإعادة بيع السفن للمالحة البحرية1.
واملقصود باملقاوالت تلك املشروعات التي تتطلب قدرا من التنظيم ملباشرة األنشطة االقتصادية سواء
كانت صناعية أو تجارية أو زراعية أو خدمات وذلك بتضافر عناصر مادية (رأس املال) وبشرية (العمل).
ويقتض ي هذا التنظيم عنصرا االحتراف واملضاربة ،ويعني االحتراف ممارسة النشاط على وجه التكرار .كما
تكون املضاربة على عمل الغير بقصد تحقيق الربح .فإذا لم يتحقق في النشاط عنصري االحتراف
واملضاربة ال يكتسب هذا النشاط شكل املشروع ،و يعتبر القائم بالنشاط في هذه الحالة حرفيا وليس
تاجرا( )2فإذا ثبت للنشاط صفة التجارية فإنه يخضع القانوني التجاري هذا و قد وردت املقاوالت
بالقانون التجاري على سبيل املثال ال الحصر لذلك فإنه يجوز أن يضيف القضاء غيرها بطريق القياس
أو االجتهاد كلما ظهرت الحاجة إلى ذلك بسبب متغيرات الظروف االجتماعية و االقتصادية.
تنص املادة 3من القانون التجاري الجزائري على أنه " يعد عمال تجاريا بحسب شكله:
33
4ـ كل عقد تجاري يتعلق بالتجارة البحرية والجوية.
ويتضح من هذا النص أن املشرع الجزائري أصبغ الصفة التجارية ليس فقط على األعمال التجارية حسب
موضوعها ،وهي التي تقدم عرضها ،بل أيضا على بعض األعمال التي تتخذ شكال معينا.
تعود تسمية السفتجة إلى أصل فارس ي ،وكان يطلق عليها كلمة سفته أي الش يء املحكم ،وقد نقلها العرب
و املسلمون عن الفرس و أعطوها تسمية سفتجة ،وهي أقدم األوراق التجارية فضال عن أنها محور قانون
الصرف(.)1
وفقد شاعت كلمة كمبيالة في مصر تحريفا للعبارة اإليطالية EFTTRA DI CAMBIOومعناها في
اإليطالية ورقة الصرف والكمبيالة .والسفتجة ورقة تجارية تتضمن أمرا من شخص يسمى الساحب إلى
شخص آخر يسمى املسحوب عليه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود في تاريخ معين إلذن شخص ثالث هو
املستفيد .ويفهم مما تقدم أن السفتجة تتضمن ثالثة أطراف هم :الساحب وهو الذي يصدر األمر بالدفع
و املسحوب عليه وهو الذي يتلقى األمر بالدفع و املستفيد و هو الذي يصدر األمر بالدفع لصالحه(. )2
والغالب أال يحتفظ املستفيد بالسفتجة حتى ميعاد االستحقاق بل يتنازل عنها للغير بطريق التظهير
ويسمى من ينتقل إليه الحق الثابت في السفتجة بالحامل ،ولهذا األخير أن يتنازل بدوره عن الورقة حتى
تستقر في يد الحامل األخير الذي يقمها إلى املسحوب عليه للوفاء بقيمتها ،والغالب كذلك أال ينتظر
املستفيد من السفتجة والحملة املتعاقبون من بعده حتى حلول ميعاد االستحقاق ثم يقدمها إلى
املسحوب عليه للوفاء ،بل أن له تقديمها إليه قبل ميعاد االستحقاق لكي يوقع عليها بالقبول .و يلتزم
راشد راشد :األوراق التجارية -اإلفالس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري -ديوان المطبوعات الجامعية -ط 2الجزائر -1994
1
ص 02
2
نادية فضيل :األوراق التجارية في القانون الجزائري -دار هومه -ط -11الجزائر -2006ص 02و .03
34
الساحب وكل من الحملة املتعاقبين للسفتجة تجاه الحامل األخير بضمان القبول من جهة و ضمان
وأشخاص السفتجة الثالثة (الساحب واملسحوب عليه واملستفيد) تجمع بينهم عالقات قانونية سابقة.
فالساحب يسحب السفتجة على املسحوب عليه ألنه دائن للمسحوب عليه بمبلغ مساوي لقيمة السفتجة
يمثل مثال بضاعة أو مبلغ قرض ،وهذا الحق الذي للساحب على املسحوب عليه يسمى مقابل الوفاء.
وهناك عالقة أخرى بين الساحب واملستفيد يكون فيها األول مدينا للثاني كأن يشتري الساحب بضاعة من
ويعتبر عمال تجاريا التزام كل من يوقع على السفتجة بصفته ساحبا أو مظهرا أو ضامنا أو مسحوبا عليه.
وبعبارة أخرى تعتبر السفتجة ورقة تجارية بحسب الشكل في جميع األحوال أيا كانت صفة ذوي الشأن فيها
تجارا أو غير ّ
تجار ّ
وأيا كان الغرض الذي حررت من أجله لعمل تجاري أم مدني(م 389ق.ت.ج ) .وقد ّ
2ـ أمر غير معلق على قيد أو شرط بدفع مبلغ معين.
35
8ـ توقيع من أصدر السفتجة (الساحب).
وقد نص املشرع في املادة 393ق.ت.ج على أن السفتجة التي توقع من القصر الذين ليسوا ّ
تجارا تكون
باطلة بالنسبة لهم .وقصد املشرع من ذلك هو حماية القصر من قواعد القانون التجاري الصارمة
وبخاصة نظام اإلفالس لذي يترتب عليه جزاءات جنائية فضال عن اإلجراءات القانونية القاسية.
وعلى ذلك فإن السفتجة التي توقع من غير املأذون لهم بالتجارة وهم من لم يبلغوا 18عاما أو بلغوها دون
أن يؤذن لهم بمباشرة التجارة طبقا للقانون ال تكتسب الصفة التجارية وان كان يمكن اعتبارها سندا
صورة السفتجة
تلمسان في 2008/05/11
إلى (اسم املسحوب عليه) التاجر بوهران ساحة املدينة الجديدة رقم 10
الساحب إمضاء
تعتبر الشركات التجارية طبقا لنص املادة 3تجاري أعماال تجارية بحسب الشكل .كما نصت ال مادة544
ّ ّ
تجاري على أنه يحدد الطابع التجاري لشركة ّإما بشكلها أو موضوعها .وتعد شركات بسبب شكلها مهما كان
موضوعها ،شركات املساهمة والشركات ذات املسؤولية املحدودة وشركات التضامن .فاملشرع بنصه على
تجارية تلك الشركات حسم الخالف حول طبيعة االكتتاب في أسهم شركة املساهمة
36
أو التصرفات التي يقوم بها الشريك أو املساهم بالنسبة لعقد الشركة التجارية خاصة في حالة عدم توافر
صفة التاجر فيه أو في األحوال التي تكون فيها مسؤولية الشريك محدودة .وعلى ذلك فإن نص املادة 3
وهي الشركات التي يكون فيها االعتبار الشخص ي هو الغالب ويكون لشخص الشريك محل اعتبار
وأهمية في تكوين الشركة ،واالعتبار الشخص ي يؤدي إلى إبرام عقد الشركة على أساس الثقة املتبادلة بين
الشركاء .كما يؤدي إلى تعامل الغير مع الشركة على أساس الثقة بالشركاء ملا يتمتعون به من مؤهالت
شخصية ،وينتج عن ذلك مسؤولية هؤالء الشركاء في أموالهم الشخصية عن ديون الشركة ،باإلضافة إلى
ما قدموه في الشركة .ولكن درجة الثقة بأشخاص الشركاء تختلف باختالف نوع الشركة ،ووضع الشريك
فيها واستعداده لتحمل املسؤولية بأمواله الخاصة ،باإلضافة إلى ما قدمه للشركة ،ومن هنا تنشأ األنواع
و شركات األشخاص أخذ بها القانون التجاري الجزائري في املواد ( من 551إلى ) 563و هي شركة التضامن
شركات التضامن هي أسبق شركات األشخاص ظهورا و أكثرها انتشارا في الواقع العملي بسبب مالءمتها
لالستغالل التجاري املحدود الذي يقوم به عدد قليل من الشركاء تضمهم روابط شخصية كالقرابة
أو الصداقة فاالعتبار الشخص ي في هذه الشركات ظاهر و جلي ،ولذلك يطلق عليها النموذج األمثل
لشركات األشخاص(.)1
37
/1خصائص شركة التضامن:
لم يضع القانون التجاري الجزائري تعريفا لشركة التضامن وإنما تضمنت نصوصه خصائص هذه
و هاتين الخاصيتين تناولتهما (املادة 551ق .ت.ج ) بقولها " :للشركاء بالتضامن صفة التاجر و هم
3ـ أن للشركة عنوان يضم اسم أحد الشركاء أو بعضهم أو كلهم ،ويكون هذا العنوان بمثابة االسم
4ـ أن األنظمة فيها عبارة عن حصص غير قابلة للتداول وال يمكن إحالتها إال برضاء جميع الشركاء .إنها
إنها تقوم على االعتبار الشخص ي في جميع مراحل حياتها سواء في بداية حياتها أو أثناء ممارسة نشاطها ،إذ
يؤثر فيها كقاعدة عامة ما يتأثر به شخص الشريك كموته أو شهر إفالسه ( املادتان 562ـ 563ق
ق.ت.ج).
شركة التضامن ال تختلف عن بقية الشركات األخرى من حيث أنها عقد يستلزم توافر األركان العامة
األرباح) باإلضافة إلى األركان الشكلية واملتمثلة في كتابة العقد وتوثيقه ثم شهره.
أ/شهرشركة التضامن:
لقد أوجب املشرع الجزائري على أن تثبت الشركة بعقد رسمي وإال كانت باطلة (املادة 545ق.ت.ج) .كما
أوجب أيضا شهر عقد الشركة ليتسنى للغير العلم بوجودها ،ويتعامل معها على أساس البيانات املشهرة
والتي يجب أن تتضمن حدا أدنى من املعلومات أهمها :أسماء الشركاء وألقابهم ،مقدار رأس مال الشركة
38
وعنوانها ومركزها الرئيس ي والغرض من تأسيسها ومدة الشركة...الخ .ويجب كذلك شهر كل تعديل يطرأ
على العقد التأسيس ي كخروج شريك أو دخول آخر ،أو تغيير في املديرين أو إطالة
أو تقصير مدة الشركة .و إجراء شهر العقد التأسيس ي أو تعديالته ال تغني عن إجراءات تسجيلها إذ أوجب
القانون التجاري ضرورة اتخاذ إجراءات إيداعها لدى املركز الوطني للسجل التجاري و رتب عن عدم
إن للشركة عنوان وهو عبارة عن تسمية مميزة للشركة عن سواها من الشركات .ويتألف عنوان الشركة
من اسم أحد الشركاء أو بعضهم أو كلهم ويكون بمثابة االسم التجاري لها.
و لقد تناول املشرع الجزائري عنوان الشركة في نص ( املادة 552ق.ت ) بقوله ‘' :يتألف عنوان الشركة من
أسماء جميع الشركاء أو من اسم أحدهم أو أكثر متبوع بكلمة شركاؤه" .ويجب أن يعبر عنوان الشركة عن
حقيقة ائتمانها طوال حياتها ،فإذا أدركت الوفاة أحد الشركاء وجب حذف اسمه من عنوانها وكذلك
شركة التضامن شخص اعتباري ال يتمتع بوجود طبيعي في أرض الواقع ،فهو ال يملك مثل ما يملكه
اإلنسان من وسيلة للتعبير عن إرادته ،لذلك كان طبيعيا أن يوجد لهذا الشخص املعنوي جهاز يتولى
إدارته والقيام على شؤونه ،وهذا الجهاز يتمثل في مدير أو أكثر يعهد إليه أو إليهم بمهمة إدارة الشركة
وتمثيلها في عالقتها مع الغير .و فضال عن ذلك فإنه يلزم مراقبة سير إدارة الشركة حتى ال تنحرف عن
غرضها ،و يلزم أيضا توزيع ثمار و إنتاج الشركة باقتسام أرباحها و خسائرها(.)2
1
الطيب بلولة :قانون الشركات -بيرتي للنشر -ط -2الجزائر -2013ص .167
2
عبد الحميد الشورابي :موسوعة الشركات التجارية -منشأة المعارف -القاهرة -1991ص 238و ما بعدها
39
د /تعيين املديروسلطاته وعزله:
*تعيين املدير :تنص املادة 553ق .ت.ج على أنه " :تعود إدارة الشركة لكافة الشركاء ما لم يشترط في
القانون األساس ي خالف ذلك ،و يجوز أن يعين في القانون املشار إليه مدير أو أكثر من الشركاء أو غير
إذن األصل في اإلدارة أنها تنعقد لكافة الشركاء ،إال أنه يجوز أن يكون املدير شريكا ،كما يجوز أن يكون من
الغير .وكذلك يمكن أن يتم تعيينه في القانون األساس ي للشركة أو يعين عن طريق اتفاق مستقل عن
ويختلف وضع املدير و سلطاته و عزله باختالف ما إذا كان تعيينه في القانون األساس ي للشركة و يسمى في
هذه الحالة باملدير االتفاقي ،أو كان تعيينه باتفاق عن القانون األساس ي للشركة ويسمى باملدير غير
االتفاقي.
*عزل املدير :لقد حددت املادة 559ق .ت.ج أحكام عزل املدير أو املديرين ،و هذا ما سنوضحه في
الحاالت التالية:
وقد نصت عليه املادة 559ق .ت.ج ":إذا كان جميع املديرين أو كان قد عين مدير واحد و عدة مديرين
مختارين من بين الشركاء في القانون األساس ي فإنه ال يجوز عزل أحدهم من مهامه إال بإجماع آراء الشركاء
اآلخرين .ويترتب على هذا العزل حل الشركة مالم ينص على استمرارها في القانون األساس ي أو أن يقرر
الشركاء اآلخرون حل الشركة باإلجماع ،و حينئذ يمكن للشريك املعزول االنسحاب من الشركة مع طلب
استفاء حقوقه في الشركة و املقدرة قيمتها يوم قرار العزل من طرف خبير معتمد
و معين إما من قبل األطراف و إما عند عدم اتفاقهم بأمر من املحكمة الناظرة في القضايا املستعجلة ،
وقد أجازت الفقرة ( )4من املادة السالفة الذكر لكل شريك الحق في طلب العزل القضائي لسبب قانوني.
40
حالة املديرالغيراتفاقي:
إذا كان املدير شريكا ولكنه غير اتفاقي أي لم يتعين في القانون األساس ي تطبق أحكام الفقرة 2/من املادة
السالفة الذكر حيث تنص على أنه " يمكن عزل واحد أو عدة شركاء مديرين من مهامهم إذا كانوا غير
معينين بالقانون األساس ي .حسب الشروط املنصوص عليها في القانون املذكور أو بقرار اإلجماع صادر عن
أما إذا كان املدير غير شريك فيجوز عزله حسب الشروط املنصوص عليها في القانون األساس ي فإن لم
يكن ذلك فبقرار صادر من الشركاء بأغلبية األصوات ( املادة 559فقرة )3/
و قد أشارت الفقرة األخيرة من املادة السابق ذكرها إلى أنه في حالي عزل املدير من دون سبب مشروع فإنه
* سلطات املدير:
األصل أن يحدد القانون األساس ي للشركة أو عقد تعيين املدير ،سلطات املدير وحدودها .أما إذا لم تعين
سلطة املدير على هذا النحو جاز له أن يقوم بجميع أعمال اإلدارة والتصرفات التي تدخل في غرض
الشركة ،وهذا ما نصت عليه املادة 554ق.ت.ج بقولها " :يجوز للمدير في العالقات بين الشركاء
وعند عدم تحديد سلطاته في القانون األساس ي أن يقوم بكافة أعمال اإلدارة لصالح الشركة ".
إال أنه ال يجوز له القيام بالتصرفات التي تخرج عن نطاق غرض الشركة أو تتنافى مع مصلحتها.
وقد نصت ( املادة 555فقرة )1 /على أن الشركة تكون ملتزمة بما يقوم به الدير من تصرفات تدخل في
و تنص الفقرة األخيرة من نفس املادة على أنه ال يحتج على الغير بالشروط املحددة لسلطات املديرين
41
من هذه النصوص نرى بأن الشركة باعتبارها شخصا معنويا تلتزم بكافة األعمال القانونية إلدارة الشركة
متى كانت في الحدود التي تدخل في غرضها ،فإذا تجاوزها املدير ال تسأل الشركة عنها.
أما في حالة تعدد املديرين و حالة عدم تحديد سلطاتهم ،فقد نصت ( املادة 554فقرة )2/على ما يلي '' :
عند تعدد املديرين يتمتع كل واحد منهم منفردا بالسلطات املنصوص عليها في الفقرة املتقدمة و يحق لكل
أما املادة 555فقرة )3/ق.ت.ج قضت بأنه " :ال أثر ملعارضة أحد املديرين ألعمال مدير آخر بالنسبة للغير
مالم يثبت بأنه كان عاملا به" .ونصت الفقرة األخيرة من املادة 555أيضا أنه يجوز االحتجاج على الغير
بالشروط املحددة لسلطات املديرين في اإلدارة .وهذا الذي أقره املشرع الجزائري حماية للغير الذي يتعامل
شركات األموال هي التي يكون فيها االعتبار املالي هو أساس تكوينها ،وتقوم على جمع األموال وال تكون
مسؤولية الشريك فيها إال بقدر ما يملكه من أسهم ولذلك ال أهمية لالعتبار الشخص ي في هذه الشركات،
احمد محرز -الوسيط في الشركات التجارية – الطبعة الثالثة -2004منشاة المعارف اإلسكندرية –ص3971 -
42
*شرك ــة املساهمــة:
شركة املساهمة هي النموذج األمثل لشركات األموال .وقد عرفتها املادة 592ق .ت .ج بأنها شركة ينقسم
رأسمالها إلى حصص وتتكون من شركاء ال يتحملون الخسائر إال بقدر حصتهم وال يمكن أن يقل عدد
الشركاء فيها عن سبعة .وقد حددت املواد 594-593-592ق ت ج خصائص شركة املساهمة والتي نوجزها
فيما يلي:
ـ وجوب توفر حد أدنى لرأسمال الشركة واملقدر ب 05ماليين دينار في حالة علنية االدخار ومليون دينار في
الحالة املخالفة.
ـ يجب أن يكون لهده الشركة اسم يميزها عن غيرها ويكون مسبوقا أو متبوعا بذكر شكل الشركة ومبلغ
رأسمالها(.)1
نص القانون التجاري الجزائري على إجراءات معينة يجب القيام بها من قبل املؤسسين ،وبدأ بإعداد
مشروع القانون األساس ي للشركة الذي يحرر من طرف املوثق بطلب من مؤسس أو أكثر وتودع نسخة من
هذا العقد باملركز الوطني للسجل التجاري وهذا ما نصت عليه املادة 595ق .ت .ج.
1
المرجع نفسه -ص 400وما بعدها
عباس مصطفى المصري – تنظيم الشركات التجارية – دار الجامعة الجديدة للنشر – اإلسكندرية – – 2002ص -2 237نادية فوضيل .المرجع
2السابق – ص 164
43
يتضح من هذا النص أنه متى تكونت فكرة الشركة واستقر املؤسسين على مشروع تكوينها فإنهم يضعون
يعرف االكتتاب بأنه إعالن عن رغبة املكتتب في االنضمام إلى الشركة مقابل اإلسهام في رأس مال الشركة
بعدد معين من األسهم املطروحة ويتم االكتتاب وفقا ملا تقض ي به املادة 596ق .ت.ج برأس املال بكامله.
كما أوجب املشرع في املادة 597ق ت إثبات االكتتاب باألسهم النقدية بموجب بطاقة اكتتاب تعد حسب
ويجب إيداع األموال الناتجة عن االكتتابات النقدية وقائمة بأسماء املكتتبين مع ذكر املبالغ املدفوعة من
كل واحد منهم لدى موثق أو مؤسسة مالية مؤهلة قانونا ( 598ق.ت.ج)
كما نصت املادة ( 599ق.ت.ج) على ما يلي " :تكون االكتتابات واملبالغ املدفوعة مثبتة في تصريح املؤسس ي
ووضع املشرع الجزائري حدا أقص ى لفترة االكتتاب حيث نص في املادة ( 2/604ق.ت.ج) على ما يلي " :إذا
لم تؤسس الشركة في أجل 6أشهر ابتداء من تاريخ إيداع مشروع القانون األساس ي باملركز الوطني التجاري
جاز لكل مكتتب أن يطالب أمام القضاء بتعيين وكيل يكلف بسحب األموال إلعادتها للمكتتبين بعد خصم
مصاريف التوزيع".
أشترط املشرع الجزائري في املادة 596ق.ت أن تكون األسهم املالية مسددة القيمة حين إصدارها وذلك
تأكيدا منه لجدية االكتتاب إذ أن األصل أن يقوم املكتتب بدفع قيمة األسهم التي أكتتب فيها.
وال يجوز أن يسحب وكيل الشركة األموال الناتجة عن االكتتابات النقدية قبل تسجيل الشركة في السجل
التجاري(املادة 604ق.ت).
44
واملقصود هو منع سحب املبالغ املدفوعة لحساب الشركة قبل التسجيل رغبة من املشرع في تأمين حق
بعد انتهاء عملية االكتتاب أوجب املشرع في املادة (600ق.ت .ج) على املؤسسين القيام باستدعاء املكتتبين
إلى الجمعية العامة التأسيسية وتثبت هذه الجمعية أن رأس املال مكتتب به تماما .وأن مبلغ األسهم
مستحق الدفع ،وتبدي رأيها في املصادقة على القانون األساس ي الذي ال يقبل التعديل إال بإجماع آراء
جميع املكتتبين وتعيين القائمين باإلدارة األولين أو أعضاء مجلس املراقبة وتعيين واحد أو أكثر من مندوبي
الحسابات .كما يجب أن يتضمن محضر الجلسة الخاص بالجمعية عند االقتضاء إثبات قبول القائمين
كما نصت املادة (603ق.ت .ج) على أنه":لكل مكتتب عدد من األصوات يعادل عدد الحصص التي اكتتب
بها دون أن يتجاوز ذلك نسبة % 5من العدد اإلجمالي لألسهم .ووكيل املكتتب عدد األصوات التي يملكها
تقض ي املادة ( 606ق.ت) بأن يقوم مساهم واحد أو أكثر بإثبات املبالغ املدفوعة من املساهمين وذلك
بموجب عقد لدى موثق مختص .على هذا املوثق أن يؤكد بناء على تقديم بطاقات االكتتاب في مضمون
العقد الذي يحرره أن مبلغ املدفوعات املصرح بها من املؤسسين يطابق مقدار املبالغ املودعة إما بين يديه
و يجب أن يكتتب برأس املال بكامله ،و تكون األسهم املالية مدفوعة عند االكتتاب بنسبة الربع على األقل
من قيمتها االسمية و يتم وفاء الزيادة مرة واحدة أو عدة مرات بناء على قرار مجلس اإلدارة أو مجلس
45
املديرين حسب كل حالة في أجل ال يمكن أن يتجاوز 05سنوات ابتداء من تاريخ التسجيل الشركة في
السجل التجاري .تكون األسهم املالية مسددة القيمة بكاملها حين إصدارها (596ق.ت).
يجب أن يشمل القانون األساس ي على تقرير الحصص العينية و يتم هذا التقرير بناء على تقرير ملحق
بالقانون األساس ي يعده مندوب الحصص تحت مسؤولية (607ق.ت .ج) .كما تنص املادة 608ق.ت .ج على
أن املساهمين يوقعون القانون األساس ي إما بأنفسهم أو باسطة وكيل مزود بتفويض خاص بعد التصريح
املوثق بالدفعات بعد وضع التقدير املشار إليه في ال مادة607ق.ت .ج تحت تصرف املساهمين حسب
وفي األخير تشير املادة 609ق.ت .ج إلى أن القائمين باإلدارة األولين وأعضاء مجلس املراقبة األولين
*مجلس اإلدارة
هو الجهاز التنفيذي الذي يقوم بتسيير أمور الشركة ويضع قرارات وتوصيات الجمعية العامة
للمساهمين موضع التنفيذ ويرأس مجلس اإلدارة أحد أعضائه الذي يعتلي إدارة الشركة.
تقض ي املادة ( 610ق.ت.ج) بأنه يتولى إدارة شركة املساهمة مجلس إدارة يتكون من ثالثة أعضاء و اثني
عشر عضوا على األكثر .وفي حالة الدمج يجوز رفع العدد الكامل للقائمين باإلدارة املمارسين منذ أكثر من
وتنص املادة (611ق.ت .ج) على أنه تنتخب الجمعية العامة التأسيسية أو الجمعية العامة العادية
القائمين باإلدارة وتحدد مدة عضويتهم في القانون األساس ي في القانون األساس ي دون أن يتجاوز ذلك ست
سنوات .كما أنه ال يمكن لشخص طبيعي االنتماء في نفس الوقت إلى أكثر من خمس مجالس إدارة
عمار عمورة :الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري -دار المعرفة -2000ص 2901
46
لشركات مساهمة توجد مقراتها بالجزائر .وفي نفس الوقت يجوز تعيين شخص معنوي قائما باإلدارة في
عدة شركات مع مراعاة ما جاء في املادة (612ق.ت .ج) .وفي حالة وفاة أو استقالة عضو أو أكثر فإنه يجوز
إذا أصبح عدد القائمين باإلدارة أقل من الحد األدنى القانوني وجب استدعاء الجمعية العامة العادية
لالنعقاد قصد إتمام عدد أعضاء املجلس .يجب على مجلس اإلدارة في حالة ما إذا أصبح عدد القائمين
أقل من الحد األدنى القيام بتعيينات مؤقتة في ثالثة أشهر ( 617ق.ت .ج).
ملجلس اإلدارة سلطات واسعة من أجل القيام بمهامه في تنفيذ سياسة الشركة وتحقيق أغراضها .وذلك
ما قضت به صراحة املادة (622ق.ت) بقولها" :يخول مجلس اإلدارة كل السلطات للتصرف في كل الظروف
باسم الشركة .ويمارس هذه السلطات املسندة صراحة في القانون لجمعيات املساهمين ".
اختصاصات املجلس:
فقد أجاز القانون في املادة 624ق.ت ملجلس اإلدارة أن يأذن لرئيس املدير العام أو املدير العام بإعطاء
الكفاالت أو الضمانات االحتياطية باسم الشركة في حدود كامل املبلغ الذي يحدده إذا تجاوز االلتزام أحد
املبالغ املحددة فيجب الحصول على إذن مجلس اإلدارة في كل حالة .وال يمكن أن تتجاوز مدة اإلذن سنة
واحدة مهما كانت االلتزامات املكفولة .ويجوز لرئيس مجلس اإلدارة أو املدير العام إعطاء الكفاالت لإلدارة
الجبائية والجمركية دون تحديد مدته .كما يجوز لهما أن يفوضا تحت مسؤوليتهما جزء من السلطات
املسندة إليهما .ويختص مجلس اإلدارة بنقل مركز الشركة إلى مركز آخر في نفس املدينة ( 625ق.ت.ج).
ويجب استئذان الجمعية العامة مسبقا في حالة اتفاقية بين الشركة وأحد القائمين بإدارتها ( 628ق.ت).
47
انعقاد مجلس اإلدارة و تعيين رئيسه(:)1
ال يكون انعقاد مجلس اإلدارة صحيحا وال تصح مداوالته إال إذا أحضر نصف عدد أعضائه على األقل.
وتتخذ القرارات بأغلبية أصوات األعضاء الحاضرين ما لم ينص القانون األساس ي على أغلبية.
ويرجح صوت رئيس الجلسة عند تعادل األصوات ما لم ينص على خالف في القانون األساس ي
626ق.ت.ج
لقد بينت املادة (635ق.ت .ج) طريقة انتخاب مجلس اإلدارة حيث نصت على ما يلي« :ينتخب مجلس
اإلدارة من بين أعضائه رئيسا له شريطة أن يكون شخصا طبيعيا وذلك تحت طائلة بطالن التعيين".
ويعين ملدة ال تتجاوز مدة نيابته كعضو في مجلس اإلدارة .ويجوز إعادة انتخابه بعد انتهاء فترة رئاسته
األولى .كما يجوز ملجلس اإلدارة أن يعزله في وقت (636ق.ت .ج) .وقد نصت املادة (638ق.ت .ج) على أن
رئيس مجلس اإلدارة يتولى تحت مسؤوليته املديرية العامة للشركة يمثل الشركة في عالقاته مع الغير.
مجلس املديرين:
يدير شركة املساهمة مجلس مديرين يتكون من 5أعضاء على األكثر ،ويمارس هذا املجلس وظائفه تحت
رقابة مجلس املراقبة (643ق.ت .ج) .كما حددت املواد من ( 643إلى )653األحكام املتعلقة بمجلس
املديرين .فنجد أن أعضاء مجلس املديرين يتم تعيينهم من طرف مجلس املراقبة ويسند الرئاسة إلى
أحدهم بشرط أن يكون أعضاء مجلس املديرين أشخاصا طبيعيين .ويجوز للجمعية عزلهم بناء على
اقتراح من مجلس املراقبة .يحدد القانون األساس ي مدة مهمة مجلس املديرين ضمن حدد تتراوح من
عامين إلى 6سنوات .وعند عدم وجود أحكام قانونية أساسية تقدر مدة العضوية بأربع سنوات .كما أن
1
األمر رقم 75-59بتاريخ 1975-09-26المتضمن القانون التجاري الجزائري
48
مجلس املديرين يتمتع بسلطات واسعة للتصرف باسم الشركة مع مراعاة السلطات املخولة قانونا ملجلس
وأعمال هذا املجلس تكون ملزمة للشركة في عالقاتها مع الغير حتى ولو تجاوز هذا العمل موضوع الشركة.
ويمثل رئيس مجلس املديرين الشركة في عالقاتها مع الغير ،و ال تمنح مهمة رئيس مجلس املديرين لصاحبها
سلطة إدارة أوسع من تلك التي منحت لألعضاء اآلخرين في مجلس املديرين.
تناولته املواد من 654إلى 673ق.ت.ج .يتكون هذا املجلس من سبعة إلى اثنى عشر عضوا على األكثر.
ويمكن تجاوز عدد األعضاء املقدر ب 12عضوا حتى يعادل العدد اإلجمالي ألعضاء مجلس املراقبة
املمارسين منذ أكثر من أشهر .كما ال يمكن ألي عضو من مجلس املراقبة االنتماء إلى مجلس املديرين.
وتحدد فترة وظائفهم بموجب هذا األخير دون أن تتجاوز 6سنوات في حالة التعيين من الجمعية العامة
ودون تجاوز 3سنوات في حالة التعيين بموجب القانون األساس ي .ويمكن أن تعزلهم الجمعية العامة
العادية في أي وقت .يجوز للشخص املعنوي أن يعين في مجلس املراقبة مع مراعاة ما جاء في املادة
663ق.ت.ج .ال يمكن للشخص الطبيعي االنتماء إلى 5مجالس مراقبة لشركات املساهمة التي يكن مقرها
في الجزائر .ينتخب مجلس املراقبة على مستواه رئيسا يتولى الستدعاء املجلس إدارة املناقشات وتعادل
مدة مهمة الرئيس مدة مجلس املراقبة ال تحض مداولته إال بحضور نصف عدد أعضائه على األقل.
وتتخذ القرارات بأغلبية األعضاء الحاضرين أو املمثلين ويرجع صوت الرئيس عند تعادل األصوات.
ومن بين اختصاصات مجلس املراقبة أنه :يمارس مهنة الرقابة الدائمة للشركة ،يقوم بترخيص إبرام
-يقوم في أي وقت من السنة بإجراء الرقابة التي يراها ضرورية ويمكنه أن يطلع على الوثائق التي يراها
49
-يقدم للجمعية العامة مالحظاته على تقرير مجلس املديرين وعلى حسابات السنة املالية.
جمعية املساهمـين:
تنعقد جمعية املساهمين على هيئة جمعية عادية ،كما قد تنعقد على هيئة جمعية غير عادية .فقد
تناولت املواد من 674إلى 685جمعية املساهمين على هيئة جمعية عادية ،كما قد تنعقد على هيئة جمعية
يجب أن يشمل القانون األساس ي على تقرير الحصص العينية .و يتم هذا التقرير بناء ا على تقرير امللحق
بالقانون األساس ي يعده مندوب الحصص تحت مسؤولية ( 607ق.ت.ج ) .كما تنص املادة 608ق ت على
أن املساهمين يوقعون القانون األساس ي إما بأنفسهم أو بواسطة وكيل مزود بتفويض خاص.
ويجب التذكيربأن األحكام القانونية املنظمة للشركات التجارية عرفت مؤخرا تعديالت جوهرية هامة
بموجب القانون رقم 09-22املؤرخ في 05ماي 2022املعدل واملتمم لألمر رقم 75-59املؤرخ في 26سبتمبر
1975املتضمن القانون التجاري الجزائري تماشيا ومتطلبات اإلصالحات االقتصادية وخدمة للشباب
حاملي املشاريع باستحداث نوع جديد من الشركات التجارية سميت ب «شركة املساهمة البسيطة" وهو
النموذج الذي اعتمده املشرع الفرنس ي في هذا املجال بمقتض ى قانون رقم 01-94املؤرخ في 03جوان
50
*مضمون وأهداف قانون 09-22املؤرخ في 05ماي 2022املعدل واملتمم للقانون التجاري الصادرفي 26
سبتمبر:1975
جديد قانون 09-22الصادر في 05ماي 1 :2022 -/1
يتعلق األمر بتعديل املادة 544من أحكام األمر رقم 59-75املؤرخ في 26سبتمبر 1975التي نصت على
الطابع التجاري للشركة في فقرتها األولى بالصياغة التالية" :يحدد الطابع التجاري للشركة إما بشكلها أو
موضوعها"
أما الفقرة الثانية من نفس املادة أي (ال مادة )544/2تنص على ما يلي« :تعد شركة التضامن وشركات
التوصية وشركات ذات املسؤولية املحدودة وشركات املساهمة وشركات املساهمة البسيطة تجارية بحكم
كما تضمنت املادة 544/2من نفس القانون استحداث نوع جديد من الشركات هي شركة املساهمة
شركة املساهمة البسيطة هي شركة أشخاص و رأسمال في أن واحد بمعنى أنها تدمج بين االعتبار
يمكن تأسيس شركة املساهمة البسيطة من طرف شخص و احد أو عدة أشخاص طبيعيين أو
كما يمكن تأسيس هذه الشركة من قبل شخص واحد وتسمى حينئذ "شركة املساهمة البسيطة
تنشأ شركة املساهمة البسيطة حصريا من طرف الشركات الحاصلة على عالمة "مؤسسة ناشئة".
لم يضع املشرع الحد األدنى لعدد للشركاء وال الحد األدنى للرأسمال عند تأسيس هذه الشركة
بهدف تبسيط إجراءات إنشائها خدمة للشباب حاملي املشاريع أصحاب املؤسسات الناشئة.
للمزيد ينظر القانون 09-22الصادر في 05ماي 2022المعدل و المتمم للقانون التجاري الصادر باألمر رقم 59-75بتاريخ 1975/09/26 1
51
يحظر على شركة املساهمة البسيطة اللجوء العلني لالدخار أو طرح أسهمها في البورصة.
تدعيم املؤسسات الناشئة بإطار قانوني يناسب خصوصيتها وطبيعتها ووظيفتها وأهدافها.
ترقية املؤسسات الناشئة إلى مصف الشركات التجارية الفاعلة في مناخ األعمال والتجارة.
تنص املادة 4من القانون التجاري الجزائري على أنه" :يعد عمال تجاريا بالتبعية :األعمال التي يقوم بها
يتضح من هذا النص أن القانون التجاري الجزائري أضفى الصفة التجارية ،ليس فقط على األعمال
التجارية بطبيعتها ،أو األعمال التجارية بحسب الشكل ،بل أيضا على األعمال التي يقوم بها التاجر
لحاجات تجاريه ،واعتبر هذه األعمال تجارية بصرف النظر عن طبيعتها الذاتية ،اعتدادا بمهنة الشخص
الذي يقوم بها ،فأكتسبها الصفة التابعة بهذه املهنة ،ولذلك أطلق املشرع التجاري على هذه األعمال،
ويتضح من ذلك أن نظرية التبعية هي إحدى تطبيقات النظرية الشخصية حيث أن صفة القائم بالعمل
1
عد الحليم الشورابي :القانون التجاري و األعمال التجارية على ضوء الفقه و القضاء -منشأة المعارف -القاهرة -1992ص 164
52
املبحث الرابع :األعمال املختلطة
األعمال املختلطة ليست طائفة رابعة من األعمال التجارية قائمة بذاتها ،كاألعمال التجارية التي سبق
ذكرها في املواد 4-3-2ق.ت.ج ،ولذلك لم ينص القانون التجاري عليها ألن األعمال التجارية املختلطة ال
واملقصود بالعمل التجاري املختلط هو ذلك العمل الذي يعتبر تجاريا بالنسبة ألحد طرفيه ،ومدنيا
بالنسبة للطرف اآلخر كاملزارع الذي يبيع منتجات حيواناته من ألبان إلى تاجر املواد الغذائية ،واملوظف
الذي يشتري أجهزة منزلية أو مالبس من تاجر ،وعقد النقل الذي يربط مقاول النقل املسافرين(.)1
والعبرة في تحديد العمل املختلط ،بصفة العمل ذاته .فال يشترط في العمل املختلط أن يكون أحد طرفيه
تاجرا ،فمثال عقد البيع الذي يبرمه شخصين مدنيين ،يبيع أحدهما شيئا ورثه ويشتري اآلخر بقصد بيعه
1
إدوار عيد :مرجع سابق -ص 162
53
الفصل السادس :التاجروالتزاماته
ً
تقوم التجارة عموما على الثقة واالئتمان بين التجار باإلضافة إلى السرعة في مختلف النشاطات
واملعامالت التجارية ،وهو من بين األسباب التي أدت إلى وجود القانون التجاري ،حيث أصبح التاجر
يخضع لبعض الشروط املنصوص عليها فيه ،باإلضافة إلى وجود سبل وطرق أخرى يمكن له بموجبها
اكتساب صفة التاجر حتى يتمكن الغير الدائنون معرفة مركزه القانوني ،واالحتجاج عليه في حالة عدم
وفائه بالتزاماته.
لقد حاولت املادة األولى ق.ت.ج تعريف التاجر وهو ما فعلته من قبل املادة األولى ق.ت .فرنس ي وذلك
باالعتماد على الجمع بين شرطيي مباشرة األعمال التجارية من جهة ،واتخاذ هذه املمارسة لألعمال
التجارية مهنة معتادة للتاجر مع نوع من االختالف الذي جاءت به املادة الجزائرية بعد تعديلها بمقتض ى
األمر رقم 27-96املعدل واملتمم للقانون التجاري حيث جاء في هذه املادة ":يعد تاجرا كل شخص طبيعي
أو معنوي يباشر عمال تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له ،ما لم يقض القانون بخالف ذلك".
من خالل نص هذه املادة الجزائرية نستخلص الشروط الواجب توفرها في التاجر(.)1
إن الشروط الجوهرية والحقيقية الالزمة الكتساب صفة التاجر تتلخص في أمرين اثنين هما ،احتراف
54
/1احتراف (أو امتهان ق.ت.ج) األعمال التجارية:
يجب الكتساب صفة التاجر أن يقوم الشخص بممارسة األعمال التجارية و قد نصت املادة األولى من
القانون التجاري املعدل و املتمم على ذلك بحيث جاءت صياغة نص هذه املادة أشمل وأوسع من سابقه،
و في نفس الوقت أدق منه ،إذ شمل الشخص الطبيعي و املعنوي ،و لقد استبدل املشرع كلمة حرفة
بكلمة مهنة ،و هذه األخيرة أوسع في معناها من الحرفة إذ املهنة تشمل املهن و الحرف ،كما أن الحرفة
توحي إلى الذهن تلك الصناعات اليدوية التقليدية فحسب بينما امتهان التجارة يشمل جميع النشاطات
الحيوية في املجال التجاري و الصناعي(.)1و عليه ،فإذا تكرر العمل بصفة مستمرة و دائمة بحيث يظهر
الشخص للغير بمظهر صاحب املهنة التجارية أو بمعنى آخر يجب أن يباشر الشخص األعمال التجارية
أ -االعتياد :و هو عنصر مادي ،مفاده التكرار القيام باألعمال التجارية بصفة منتظمة و مستمرة ،و من
ثم فإن القيام بعمل تجاري عارض ال يكفي لتكوين عنصر االعتياد ،و بالتالي اكتساب صفة التاجر ،كما
أن العبرة ليست بعدد املرات التي يتكرر فيها القيام بالعمل التجاري ،إذ قد يكفي القيام به و لو مرة واحدة
حتى يتوافر عنصر االعتياد ،و يكتسب الشخص صفة التاجر و هذا في حالة ما إذا توافرت العناصر
ب -القصد :و هو العنصر املعنوي للمهنة ،فيجب أن يكون االعتياد بقصد اتخاذ وضعية معينة ،هي
الظهور بمظهر صاحب املهنة ،كما ال يشترط الكتساب صفة التاجر أن يكون االعتياد بالقيام باألعمال
ً
التجارية مصدر الرزق الوحيد و الرئيس ي للشخص ،فال مانع من اعتبار الشخص تاجرا ،رغم تعدد املهن
التي يقوم بها سواء كانت املهنة التجارية هي مهنته الرئيسية ،أو كانت ثانوية يزاولها إلى جانب املهنة
55
الرئيسية ،و كل مهنة يزاولها التاجر تخضع للقواعد الخاصة بها بمعنى أن املهنة التجارية تخضع للقواعد
وتجدر اإلشارة إلى الفرق املوجود بين املادة الجزائرية واملادة الفرنسية ،حيث أضفى املشرع الجزائري
الصفة التجارية بكل وضوح للشخص الجزائري التاجر شخصا طبيعيا أو معنويا ،في حين اكتفى املشرع
الفرنس ي بذكر كلمة "الشخص" واعتبر مثل ذلك التوضيح من القواعد العامة ومن تحصيل حاصل.
كما استبدل املشرع الجزائري كلمة "حرفة" بكلمة "مهنة" وحسنا فعل .فعبارة املهنة ،بمعناها القانوني
الصحيح تعني اختيار الشخص لنشاط رئيس ي يقوم به و يعيش منه مهما كانت طبيعة هذا النشاط و
مستواه االجتماعي ،على خالف كلمة حرفة التي قد بفهم البعض أن املقصود منها نشاط الحرفيين املتسم
يجب الكتساب صفة التاجر أن تتوافر في الشخص أهلية االتجار ،فإذا لم تتوافر لديه هذه األهلية فإنه
ً
ال يعتبر تاجرا حتى لو باشر أعماال تجارية واتخذها مهنة له.
لم يتضمن القانون التجاري الجزائري حكما خاصا بسن الرشد التجاري ،ولذا يجب تطبيق القاعدة
العامة الواردة في املادة 40ق.م.ج التي تحدد سن الرشد بوجه عام بتسعة عشرة ( )19سنة كاملة.
ومادامت ممارسة باملفهوم القانوني من شأنها أن ترتب التزامات على صاحبها ،ويقتض ي النشاط القيام
بتصرفات قانونية ألزم القانون توفر سن الرشد في القائم بها طبقا للمادة 40ق.م.ج التي تشترط بلوغا 19
سنة كاملة لبلوغ سن الرشد ،وأن يكون الشخص متمتعا بقواه العقلية ولم يكن محجورا عليه أي غير
معاقب جزائيا حتى يكون أهال ملباشرة حقوقه املدنية كما هو الحال بالنسبة للممارسة التجارة.
56
بعبارة أخرى ،إذا بلغ املواطن الجزائري 19عام ولكنه غير رشيد ،أي أصابه عارض من عوارض األهلية،
واملقصود بعوارض األهلية ،الجنون ،والعته ،والسفه ،والغفلة .فقد نصت املادة 42ق.م.ج على أنه:
" ال يكون أهال ملباشرة حقوقه املدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو جنون ،ويعتبر غير مميز من
وتنص املادة 44ق.م.ج على أن ":يخضع فاقد األهلية وناقصوها بحسب األحوال ألحكام الوالية أو
وخالصة القول ،البد من اكتمال سن الرشد و عدم إصابة الشخص بعارض من عوارض األهلية من أجل
العمر 18سنة كاملة ،و الذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ في العمليات التجارية ،كما ال يمكن اعتباره
راشدا بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال تجارية إذا لم يكن قد حصل مسبقا على إذن والده أو أمه
ً
أو على قرار من مجلس العائلة مصدق عليه في املحكمة ،فيما إذا كان والده متوفيا أو غائبا أو سقطت
عنه سلطته األبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حال انعدام األب و األم".
و يجب أن يقدم هذا اإلذن الكتابي دعما لطلب التسجيل في السجل التجاري ،كما يجب أن يكون هذا
اإلذن بعقد رسمي حسب ما ورد في نص املادة 06من القانون رقم 22-90املتعلق بالسجل التجاري املعدل
ً
و املتمم .فيشترط إذا ،أن يكون القاصر قد بلغ ثمانية عشرة سنة كاملة و أن يتحصل على إذن من أبيه،
ً
فإن لم يوجد أبوه كأن يكون متوفيا أو غائبا أو تسقط عنه سلطته األبوية أو استحال عليه مباشرتها فأمه
57
و يهدف املشرع من وضع هذه الشروط ذلك لحماية القاصر من املخاطر التي تنجم عن مباشرة األعمال
واإلذن للقاصر باالتجار قد يكون مطلقا ال تخصيص فيه بتجارة معينة ،وقد يكون مقيدا بعمل تجاري
مفرد أو بفرع معين من فروع التجارة ،وعلى أية حال يرجع الحكم للمحكمة في تقييد اإلذن باالتجار.
كما لها السلطة في تحديد املبلغ للمحكمة الذي يتجر فيه ،وإذا أساء القاصر املأذون له بالتصرف في
األموال جاز للمحكمة أو بناء على طلب ذوي الشأن من سلب اإلذن من القاصر بعد سماع أقواله.
/2املرآة والتجارة:
ً
تنص املادة 07من القانون التجاري الجزائري على انه ":ال يعتبر زوج التاجر تاجرا إذا كان يمارس نشاطه
ً ً ً ً ً
التجاري تابعا لنشاط زوجه ،وال يعتبر تاجرا إال إذا كان يمارس نشاطا تجاريا منفصال.
ً
و نصت املادة 08على ما يلي ":تلتزم املرأة التاجرة شخصيا باألعمال التي تقوم بها لحاجات تجارتها .
و يكون للعقود بعوض التي تتصرف بمقتضاها في أموالها الشخصية لحاجات تجارتها كامل األثر بالنسبة
إلى الغير" .نص املادة 07تم تعديلها سنة 1996باألمر ،27-96فكيف كانت املادة قبل التعديل ":ال تعتبر
املرأة املتزوجة تاجرة إذا كان عملها ينحصر ببيعها بالتجزئة بالتجارة التابعة لتجارة زوجها" .يتضح مما
سبق أنه ال يوجد أي مشكل بالنسبة للمرأة املتزوجة في القانون الجزائري ألنه من املفترض استقالل الذمة
املالية للرجل واملرأة وبالتالي كان من األجدر إلغاء املادتين السابعة والثامن(.)2
1
نادية فضيل :مرجع سابق -ص 159و ما بعدها
2
أكمون عبد الحليم :مرجع سابق -ص 81و ما بعدها
58
الفرع الثالث :ممارسة التاجرنشاطه باسمه
إن التجارة تقوم على الثقة وعمادها االئتمان الذي يقوم على تحمل املسؤولية وعلى ذلك فإنه يلزم على
املحترف (املمتهن) أن يقوم بالعمل باسمه الشخص ي ولحساب نفسه وعلى وجه االستقالل .فال يجوز مثال
اللجوء إلى استعمال األسماء املستعارة وذلك بممارسة التجارة باسم غير ،فإن قام شخص بإعمال التجارة
و على ذلك فاملوظفون و العمال في املجال التجارية ،و مديرو و أعضاء مجالس إدارات الشركات التجارية
و ربابنة السفن ،ال يعتبرون تجارا ألنهم أجراء يقومونا باألعمال التجارية باسم و لحساب صاحب العمل و
ولكن الشريك املتضامن يعتبر تاجرا سواء اشترك في اإلدارة أم لم يشترك وذلك ألنه يسأل عن التزامات
الشركة على وجه التضامن .أما الشركاء في الشركات ذات املسؤولية املحدودة أو شركات املساهمة فال
يعتبرون تجار ،إذ ال شأن لهم في األعمال التجارية التي تقوم بها الشركة و ال يسألون عن التزامات الشركة
هناك بعض الطوائف كاملوظفين العموميين واملحامين واألطباء تنظمهم قوانين خاصة العتبارات وطنية
تقتضيها املصلحة .فعلى الرغم من بلوغ أفراد هذه الطوائف سن الرشد وليس بهم عارض من عوارض
األهلية ،فيحظر القانون ممارستهم التجارة ،وقد يكون الحظر مطلقا أي شامال كل أنواع التجارة ،وقد
يكون الحظر مقيدا .فما هو الحكم بالنسبة ألفراد هذه الطوائف إذا احترف أحدهم التجارة على الرغم
59
يكتسب الشخص صفة التاجر متى احترف التجارة ،وتظل أعماله التجارية صحيحة ،ويلتزم بجميع
التزامات التجار ،أما جزاء مخالفة هذا املنع فينحصر في فرض العقوبات التأديبية التي ينص عليها قانون
املهنة الذي يخضع له الشخص املخالف .و السبب في صحة األعمال التجارية ألفراد هذه الطوائف إذا
احترفوها يرجع إلى حماية جمهور املتعامل معهم ،فضال عن أن الحظر في هذه الحالة مقرر للمصلحة
العامة و ليس ملصلحة املوظف ذاته ،و على ذلك فإنه يخضع لألحكام القانون التجاري وفي نفس الوقت
إذا أراد األجنبي ممارسة التجارة أو نشاطا من شأنه أن يضفي عليه صفة التاجر وفقا للقانون الجزائري
فيجب عليه أن تتوفر فيه الشروط املطلوبة في التاجر الجزائري الجنسية زيادة على الحصول على رخصة
وعليه يكون األجنبي الذي بلغ 19سنة ،عاقال رشيدا كامل األهلية للمباشرة التجارة في الجزائر ولو كان
طبقا للقانون دولته يعتبر ناقص األهلية .والسبب في ذلك هو الرغبة في التسوية بين جميع األشخاص
البالغين وعدم تقرير حماية خاصة لألجانب الذين تقل أعمارهم عن 19سنة ،وهذا ما تقض ي به قواعد
القانون املدني الجزائري حيث نصت املادة 6منه على ":أن تسري القوانين املتعلقة باألهلية على جميع
األشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط املنصوص عليها" ،أيضا ما نصت عليه املادة 9من نفس القانون
من أن القانون الجزائري هو املرجع في تكييف العالقات املطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين ملعرفة
الواجب التطبيق.
وعلى ذلك إذا أراد األجنبي أن يباشر التجارة على التراب الجزائري ،فالبد أن يكون بالغا من العمر 19سنة
كاملة .وأكثر من ذلك أراد املشرع الجزائري أن يوفر الحماية والطمأنينة والثقة في التعامل املواطنين
الجزائريين مع األجانب ،فنص في املادة 2/10ق.م.ج على أنه ":في التصرفات املالية التي تعقد في الجزائر
60
وتنتج آثارها فيها ،وإذا كان أحد الطرفين أجنبيا ناقص األهلية ،وكان نقص األهلية يرجع إلى سبب فيه
خفاء ال يسهل تبينه ،فإن هذا السبب ال يؤثر في أهليته وفي صحة التعامل".
فإذا تعامل جزائري مع أجنبي على التراب الجزائري ،وكان هذا األخير معتوه ( والعته هو نقصان العقل و
اختالله ،ال زواله كلية كالجنون ،بحيث يشبه من يصاب به العقالء من ناحية و املجانين من ناحية
أخرى) ،أمر الذي يصعب معه تبيان حالة العته هذه قبل التعامل ،فإن التصرف و آثاره تكون
صحيحة(.)1
إذا ما اكتسب الشخص طبيعيا كان أو معنويا صفة التاجر ترتبت عليه آثار قانونية من أهمها التزامه
تعود فكرة تنظيم التجار ووضع قائمة تدون فيها املعلومات املتعلقة بحالتهم ،وطبيعة نشاطهم إلى النظام
الطائفي ،أو الطوائف الذي كان يسود عالم التجارة والتجار قبل زوال ،وإلغاء هذا النظام على إثر الثورة
التقليل من عدد التجار والوقوف في وجه املنافسة ،وفي نفس الوقت معرفة التجار سواء الجانب
الشخص ي سلوك ونزاهة ،وطبيعة النشاط وحجمها وقدرة التاجر على الوفاء بالتزاماته ،وتمكين الغير من
املعرفة جيدة قبل التعامل من طرف هؤالء التجار .وتتجلى فكرة تنظيم التجار ووضعهم في قائمة وفق
1
علي بن غانم :مرجع سابق -ص 150وما بعدها
2
مرجع نفسه -ص 155وما بعدها
61
الفرع األول :نظام السجل التجاري في ظل القانون الجزائري
أوكل املشرع الجزائري مهمة السجل التجاري لجهة إدارية تتمثل في املركز الوطني للسجل التجاري ،ولكن
القضاء يشرف عليها ويقوم بمراقبتها -فضال عن قيامه بالنظر في املنازعات الخاصة بها ،وبهذا النهج الذي
نهجه املشرع الجزائري ،نجده يقف موقفا وسطا بين السجل التجاري األملاني الذي يرتب على عملية القيد
اإلشهار القانوني ،ألن املشرع الجزائري رتب نفس األثر بدليل املادة 19من قانون السجل التجاري رقم
22 /90املؤرخ في 18أوت 1990م املتعلق بالسجل التجاري ،املعدل واملتمم باألمر رقم 07 /96املؤرخ في
10يناير سنة ،1996والتي تنص على أن ":التسجيل في السجل التجاري ،عقد رسمي يثبت كامل األهلية
القانونية ملمارسة التجارة ،ويترتب عليه اإلشهار القانوني اإلجباري ".بينما بين القانون الفرنس ي الذي اعتبر
السجل التجاري كأداة إلحصاء االقتصادي في املجال التجاري ،فأسند مهمته إلى جهاز إداري ،ومثله فعل
املشرع الجزائري إذ أسند هذه املهمة املركز الوطني للسجل التجاري ،وهو عبارة عن مرفق إداري(.)1
تناول القانون التجاري في املادتين 19و 20األشخاص امللزمون بالقيد في السجل التجاري ،فنصت املادة
19على ما يلي ":يلزم بالتسجيل في السجل التجاري كل شخص طبيعي له صفة التاجر في نظر القانون
الجزائري ،ويمارس أعماله التجارية داخل القطر الجزائري .كل شخص معنوي تاجر بالشكل
أو يكون موضوعه تجاريا ومقره في الجزائر ،أو كان له مكتب أو فرع أو أي مؤسسة كانت".
أما املادة 20فقد نصت على ما يلي" يطبق هذا اإللزام خاصة على:
-كل مقاولة تجارية يكون مقرها في الخارج وتفتح في الجزائر وكالة أو فرعا أو أي مؤسسة أخرى.
-ككل ممثلية تجارية أجنبية تمارس على أن تحدد كيفيات التسجيل في السجل التجاري طبقا للتنظيم
املعمول به".
1
نادية فضيل :مرجع سابق -ص 184وما بعدها
62
الفرع الثالث :آثارالقيد وعدم القيد في السجل التجاري
إذا توافرت الشروط املذكورة أعاله ،وتم قيد التاجر في السجل التجاري الذي يرقمه ويؤشر عليه القاض ي
(املادة 2من القانون املتعلق بممارسة األنشطة التجارية الصادر في 14أوت .)2004كما أن مستخرج
السجل يعد سندا رسميا يؤهل كل شخص طبيعي معنوي ملمارسة التجارة ،ومن ثم تترتب على ذلك آثارا
قانونية إذ نجد املادة 21من التقنين التجاري تنص على ما يلي ":كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في
السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين الجاري بها العمل ،إال إذا ثبت خالف ذلك
ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة ".وتنص املادة 18من قانون السجل التجاري على ما يلي":
يثبت التسجيل في السجل التجاري الصفة القانونية للتاجر ،وال تنظر في حالة اعتراض أو نزاع إال املحاكم
وتوضح هاتان املادتان أن القيد في السجل التجاري يعتبر قرينة على ثبوت الصفة التجارية للشخص
الطبيعي أو الشخص املعنوي بحيث يتمتع ممارسة النشاط التجاري على التراب الجزائري بكل حرية.
لكن هذه القرينة أصبحت قاطعة ال يمكن دحضها أمام املحاكم املختصة ألن املادة 21من القانون
التجاري قد عدلت بموجب أمر 27 -96الصادر في 1996/02/09فحذفت العبارة ما قبل األخيرة (إال إذا
ثبت خالف ذلك) وأصبح نص املادة 21كالتالي ":كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري
يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين املعمول بها ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة".
وعلى هذا األساس هل اكتساب صفة التاجر تستمد من امتهان الشخص لألعمال التجارية أو من قيده في
السجل التجاري؟
-يترتب القيد اإلشهار القانوني اإلجباري ،بحيث يكون للغير االطالع على وضعية التاجر ومركز مؤسسته،
63
أما بالنسبة للشركات التجارية فيتمثل الشهر اإلجباري في تمكين الغير من االطالع على محتوى العقود
التأسيسية والتحويالت أو التعديالت التي أجريت على رأس املال والتصرفات القانونية التي أجريت على
-عند إجراء القيد يسلم التاجر سجال يحتوي على رقم التسجيل ،فاملادة 16من قانون السجل التجاري
تنص على ما يلي ":ال يسلم إال سجل تجاري واحد ألي شخص طبيعي تاجر في مفهوم هذا القانون ،وال
يمكن اإلدارات أن تطلب من التاجر صورا أو نسخا من السجل التجاري إال في الحاالت التي ينص عليها
القانون صراحة" .وإذا كانت هذه املادة تنص على ضرورة تسليم سجل التجاري واحد طيلة حياة التاجر،
فإن رقم التسجيل يجب أن يذكر في جميع املستندات الخاصة بالتاجر وبتجارته وهذا ما تقض ي به املادة
27من القانون التجاري بقولها ":يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري أن
يذكر عنوان فواتره أو طلباته أو تعريفاته أو نشرات الدعاية أو على كل املراسالت الخاصة بمؤسسته
واملوقعة عليه منه باسمه ،مقر املحكمة التي وقع فيها التسجيل بصفة أصلية ورقم التسجيل الذي حصل
عليه ،وكل مخالفة لهذا األحكام يعاقب عنها بغرامة قدرها 180د ج".
-يؤدي القيد في السجل التجاري إلى ميالد الشخصية املعنوية للشركة وتمتعها باألهلية القانونية هذا ما
تنص عليه املادة 549من القانون التجاري بقولها ":ال تتمتع الشركة بالشخصية املعنوية إال من تاريخ
قيدها في السجل التجاري ،وقبل إتمام هذا اإلجراء يكون األشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة ولحسابها
متضامنين من غير تحديد أموالهم ،إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها
-ال تتوقف التزامات صاحب املحل ويبقى مسؤوال عنها في مواجهة الغير حتى يتم فيدها في السجل التجاري
هذا ما تقض ي به املادة 23من القانون التجاري بقولها ":ال يمكن للتاجر املسجل الذي يتنازل عن متجره
أو يأجره ،أن يحتج بإنهاء نشاطه التجاري للهرب من القيام باملسؤولية الواقعة على عاتقه من جراء
64
االلتزامات التي تعهد بها خلفه في استغالل املتجر ،إال ابتداء من اليوم الذي وقع فيه إما الشطب وإما
اإلشارة املطالبة ،وإما اإلشارة التي تتضمن وضع املتجر على وجه التأجير".1
تنص املادة 22من القانون التجاري على ما يلي ":ال يمكن لألشخاص الطبيعيين أو املعنويين الخاضعين
للتسجيل في السجل التجاري ،والذين لم يبادروا بتسجيل أنفسهم عند انقضاء مهلة شهرين أن يتمسكوا
بصفتهم كتجار ،لدى الغير أو لدى اإلدارات العمومية إال بعد تسجيلهم ،غير أنه ال يمكن لهم االستناد
لعدم تسجيلهم في السجل بقصد تهربهم من املسؤوليات والواجبات املالزمة لهذه الصفة" .
فحوى هذا النص ،أن كل من يزاول النشاط التجاري ،في خالل شهرين من تاريخ بدأ نشاطه ،يلتزم بالقيد،
فإن لم يفعل خالل هذه املهلة يحظر عليه التمسك بصفته كتاجر في مواجهة الغير ،أي تسقط عنه
الحقوق التي يتمتع بها باعتباره تاجرا ،بينما املسؤوليات والواجبات املالزمة لهذه الصفة يتحملها التاجر،
وهذا جزاء إلخالله بااللتزام بالقيد في السجل التجاري .كما ال يمكن للتاجر االحتجاج ببعض البيانات
الضرورية ملزاولة التجارة تجاه الغير إذا لم يقيدها في السجل التجاري إال إذا ثبت أن الغير كان على علم
بها .هذا ما قضت به املادتان 24و 25من القانون التجاري .فاملادة 24نصت على ما يلي ":ال يمكن
لألشخاص الطبيعيين أو املعنويين ،الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري ،أن يحتجوا اتجاه الغير
املتعاقدين معهم بسبب نشاطهم التجاري أو لدى اإلدارات العامة ،بالواقع موضوع اإلشارة املشار إليها في
املادة 25وما يليها ،إال إذا كانت هذه الوقائع قد أصبحت علنية قبل تاريخ العقد بموجب إشارة مدرجة في
السجل ما لم يثبتوا بوسائل البينة املقبول في مادة تجارية أنه في وقت إبرام االتفاق ،كان أشخاص الغير
أما املادة 25فقد نصت على ما يلي ":تسري أحكام املادة السابقة حتى فيما إذا كانت الوقائع موضوع نشر
1
مرجع نفسه -ص 195
65
-ف ي حالة الرجوع عن ترشيد التاجر القاصر تطبيقا ألحكام التشريع الخاص باألسرة ،وعند إلغاء اإلذن
-في حالة صدور أحكام نهائية تقض ي بالحجز على تاجر وبتعيين إما وص ي قضائي ،وإما متصرف على
أمواله.
-في حالة صدور أحكام نهائية تقض ي ببطالن شركة تجارية أو بحلها.
-في حالة إنهاء أو إلغاء سلطات كل شخص ذي صفة ملزمة ملسؤولية تاجر أو شركة أو مؤسسة اشتراكية.
-في حالة صدور قرار من جمعية عامة لشركة مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة يتضمن األمر باتخاذ
"ال يحتج على الغير بالعقود املنصوص عليها في املواد من 19إلى 22من هذا القانون إذا لم تكن موضوع
إشهار قانوني إجباري ،لكنها تلزم مع ذلك مسؤولية األشخاص املعنيين املدنية والجنائية".
إذن ال يجوز االحتجاج على الغير بصفة التاجر وال بالوضعية التجارية سواء كان التاجر شخصا طبيعيا
أو معنويا إال بعد القيد ،فإذا لم يقم بالقيد في السجل التجاري سقط حقه في ذلك وقامت مسؤوليته
املدنية واملتعلقة في عدم االحتجاج اتجاه الغير بصفة كتاجر أو بالبيانات الالزمة لتجارته كما تقوم
رتب القانون جزاءات جنائية على عدم القيد في السجل التجاري تتمثل في الحبس الذي ال يقل عن 10أيام
وال يزيد عن 3سنوات ،وفي غرامة مالية ال تقل عن 5000د ج وال تزيد عن 30.000د ج هذا ما جاء في
أحكام قانون السجل التجاري ،حيث نصت املادة 26على ما يلي ":يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 500د ج
و 20.000د ج على عدم التسجيل في السجل التجاري ،وفي حالة العودة ،تضاعف الغرامة املالية
1
مرجع نفسه -ص 197و ما بعدها
66
املنصوص عليها في الفقرة األولى أعاله مع اقترانها بإجراء الحبس ملدة تتراوح بين عشرة أيام وستة أشهر،
ويمكن القاض ي أن يتخذ زيادة على ذلك إجراءات إضافية تمنع ممارسة التجارة".
-واملادة 27نصت على ما يلي ":يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 5000د ج و 20.000د ج بالحبس ملدة
تتراوح بين عشرة أيام وستة أشهر أو إحدى هاتين العقوبتين كل شخص تعمد بسوء نية تقديم تصريحات
غير صحيحة أو أعطى بيانات غير كاملة قصد التسجيل في السجل التجاري".
-وفي حالة العودة تضاعف العقوبات السالفة الذكر ،ويأمر القاض ي املكلف بالسجل التجاري تلقائيا
وعلى نفقة املخالف تسجيل هذه العقوبات في هامش السجل التجاري ونشرها في النشرة الرسمية
لإلعالنات القانونية.
-أما املادة 28فتنص على ما يلي ":يعاقب بالحبس ملدة تتراوح بين ستة أشهر وثالث سنين وبغرامة مالية
تتراوح بين 10.000د ج و 30.000د ج كل من يزيف أو يزور شهادات التسجيل في السجل التجاري أو أية
أما أحكام القانون التجاري ،فقد نصت هي األخرى على جزاءات جنائية تمثلت في الحبس والغرامة ،فنجد
املادة 28منه قد نصت على ما يلي ":كل شخص ملزم بأن يطلب تسجيل إشارة تكميلية أو تصحيحية
أو شطب في السجل التجاري ،ولم يستكمل اإلجراءات املطلوبة منه في غضون 15يوما من ضبط املخالفة
ويعاقب عن هذه األخيرة بغرامة مالية قدرها من 400د ج إلى 20000د ج وبالحبس من 10أيام إلى 6
أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .وتأمر املحكمة التي تقض ي بالغرامة املالية بتسجيل اإلشارات
أو الشطب الواجب إدراجه في السجل التجاري خالل مهلة معينة وعلى نفقة املعني.
أما املادة 29فقد نصت على ما يلي ":كل من يقدم ،عن سوء نية معلومات غير صحيحة أو غير كاملة
بقصد الحصول على تسجيل أو شطب أو إشارة تكميلية أو تصحيحية في السجل التجاري ،يعاقب بغرامة
قدرها من 500د ج إلى 20.000د ج وبالحبس من 10أيام إلى 6أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".
67
إذن فإن مخالفة التاجر لاللتزام بالقيد في السجل التجاري تترتب عليها جزاءات صارمة ،ويرجع هذا
ألهمية القيد الذي يرمي إلى إعالن الغير ودعم االئتمان في امليدان التجاري حتى ال يتعرض التاجر ملفاجآت
قد تهز مركزه املالي ،إذ يستند للبيانات الواردة في السجل التجاري بقصد القيام ببعض العمليات
التجارية.
سجل رسمي هو السجل التجاري .لكن زيادة على ذلك ،يلزم بمسك دفاتر تجارية .والدفاتر التجارية هي
سجالت يقيد فيها التاجر عملياته التجارية صادراته ووارداته حقوقه والتزاماته .وتقوم هذه الدفاتر بدور
هام سواء على الصعيد االقتصادي أم القانوني سواء بالنسبة للتاجر أو الغير(.)1
وعموما يلتزم التاجر بمسك دفترين إجباريين ،ويمكنه فضال عن ذلك ،مسك دفاتر أخرى اختيارية
يستفاد من نص املادة 9تجاري أن االلتزام بمسك الدفاتر التجارية واجب على كل من اكتسب صفة
التاجر ،سواء كان شخص طبيعي أو معنوي كالشركات التجارية ،بيد أنه ال يتوجب على الشركاء في شركة
التضامن ،أو على الشركاء املتضامنين في شركة التوصية أو باألسهم ،مسك دفاتر تجارية بالرغم من كونها
تجارا ( م 563 ،551مكرر 1و 715ثالث تجاري ) ،فدفاتر الشركة كافية .غير أن النصوص القانونية وإن
كانت ال تفرض عليهم مسك هذه الدفاتر فإنها في آن واحد ال تمنعهم من مسكها وذلك ألهمية البيانات
عند إفالس الشريك أو الشركة( .)2أما الشخص املدني والشركات املدنية ال يلتزمون بمسك دفاتر تجارية.
1
سميحة القيلوبي :مرجع سابق -ص 132
2
أكثم أمين الخولي :مرجع سابق -ص 283
68
الفرع الثاني :أنواع الدفاترالتجارية
أوال :الدفاتراإلجبارية
-/1الدفاتراليومية
يجب على كل تاجر ،سواء أكان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا ،مسك دفتر اليومية الذي يقيد فيه
جميع عمليات املقاولة إما يوميا وإما شهريا .وفي هذه الحالة يراجع نتائج هذه العمليات شريطة أن يحتفظ
بكافة الوثائق التي يمكن معها مراجعة تلك العمليات يوميا ( م 9تجاري ) ،والغرض من هذا االلتزام
مراقبة صحة األعمال اليومية .وتعتبر الدفاتر اليومية أساس حسابات التاجر حيث يعطي ملن يطلع عليها
صورة صادقة لجميع العمليات التي يجريها التاجر سواء تعلقت هذه العمليات بتجارته أم بحياته
الشخصية.
ومن املتفق عليه بالنسبة للمصاريف الشخصية أن التاجر غير ملزم بذكر مفرداتها ،إنما يكتفي بذكرها
إجماال حتى ال يطلع الغير على شؤونه الخاصة كأن يذكر مجمل املبالغ شهريا أو سنويا(.)1
يجب على كل تاجر أن يجري سنويا جردا لعناصر أصول وخصوم مقاولته ،وهي ما للتاجر من أموال ثابتة
ومنقولة وحقوق لدى الغير .وأن يقفل حساباته قصد إعادة امليزانية ،وحساب النتائج .هذه العمليات
يجب أن يدونها التجار في الدفتر اليومي و امليزانية ملشروعه التجاري( ،)2وهي تعتبر الدليل القاطع والواضح
على املركز املالي اإليجابي أو السلبي وامليزانية تتكون من جانبين األصول والخصوم .وفي األصول تشمل
األصول الثابتة واملنقولة والديون التي للتاجر قبل الغير ،أما الخصوم فهي تمثل ديون املشروع التجاري
1
عزيز العكيلي :مرجع سابق -ص 140
eme
Paris -ed. Librairie générale de droit et de jurisprudence 3 -droit commercial : manuel de Alfred Jauffret 2
1970- P. 404.
69
أي الديون التي على التاجر للغير وكذلك رأس مال املشروع باعتباره دينا على املشروع .وكذلك بيان حساب
األرباح والخسائر()1
يترتب على مخالفة األحكام القانونية املتعلقة بمسك الدفاتر التجارية إخضاع التاجر لعقوبات جزائية
ومدنية.
لقد أقر املشرع الجزائري عقوبة التفليس بالتقصير أو التفليس بالتدليس على كل تاجر لم يقم بمسك
·عقوبة التفليس بالتقصير :لقد بينت املادة 370تجاري الحاالت التي يعد فيها التاجر مرتكبا لجريمة
اإلفالس بالتقصير .حيث نصت املادة "يعد مرتكبا لتفليس بالتقصير كل تاجر في حالة توقف عن الدفع
ـ إذا كان قد قام بمشتريات إلعادة البيع بأقل من سعر السوق بقصد تأخير إثبات توقفه عن الدفع
أو استعمل بنفس القصد وسائل مؤدية لإلفالس ليحصل على أموال،
ـ إذا قام التوقف عن الدفع بإيفاء أحد الدائنين إضرارا بجماعة الدائنين،
ـ إذا كان قد أشهر إفالسه مرتين وأوقف التفليستان بسبب عدم كفاية األصول،
ـ إذا لم يكن قد أمسك أية حسابات مطابقة لعرف املهنة نظرا ألهمية تجارته،
70
كما نصت املادة 371تجاري أنه "يجوز أن يعتبر مرتكبا للتفليس بالتقصير كل تاجر في حالة توقف عن
ـ إذا كان قد عقد لحساب الغير تعهدات ثبت أنها بالغة الضخامة بالنسبة لوضعه عند التعاقد بغير أن
ـ إذا كان قد حكم بإفالسه دون أن يكون قد أوفى بالتزاماته عن صلح سابق،
ـ إذا كان لم يقم بالتصريح لدى كاتب ضبط املحكمة عن حالة التوقف عن الدفع في مهلة 15يوما ،دون
مانع مشروع،
ـ إذا كان لم يحضر بشخصه لدى وكيل التفليسة في األحوال واملواعيد املحددة ،دون مانع مشروع ،إذا
يستفاد من نص املادة 378تجاري أنه في حالة توقف شركة عن الدفع تطبق العقوبات الخاصة بالتفليس
بالتقصير على القائمين باإلدارة واملديرين أو املصفين في الشركة ذات املسؤولية املحدودة ،وبوجه عام كل
ـ استهلكوا مبالغ جسيمة تخص الشركة في القيام بعمليات نصيبية محضة أو عمليات وهمية،
ـ أو قاموا بقصد تأخير إثبات توقف الشركة عن الدفع بمشتريات إلعادة البيع بأقل من سعر السوق،
أو استعملوا بنفس القصد وسائل مؤدية لإلفالس للحصول على أموال،
ـ أو قاموا بعد توقف الشركة عن الدفع بإيفاء أحد الدائنين أو جعله يستوفي حقه إضرارا بجماعة
الدائنين،
ـ أو جعلوا الشركة تعقد لحساب الغير تعهدات تثبت أنها بالغة الضخامة بالنسبة لوضعها عند التعاقد
71
* عقوبة التفليس بالتدليس:
نصت املادة 374تجاري بأنه ":يعد مرتكبا لجريمة اإلفالس بالتدليس كل تاجر في حالة التوقف عن
الدفع ،ويكون قد أخفى حسابات أو بدد أو اختلس كل أو بعض أصوله أو يكون بطريقة التدليس قد أقر
بمديونيته بمبالغ ليست في ذمته سواء كان هذا في محرراته بأوراق رسمية أو تعهدات عرفية أو في
ميزانيته".
وفضال عن هذا ،يجوز اتهام التاجر بتزوير خطي .ويتضح من قانون العقوبات أن كل من ارتكب تزويرا ( م
216عقوبات ) في املحررات التجارية أو املصرفية أو شرع في ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس
كما تعد أعمال تدليسية ،وفقا لقانون الضرائب املباشرة والرسوم املماثلة ،اإلغفال عن قصد لنقل أو
العمل على نقل كتابات أو تم النقل أو العمل على نقل كتابات غير صحيحة أو صورية في دفتر اليومية وفي
دفتر الجرد ،أو في الوثائق التي تحل محلها .وذلك عندما يكون عدم الصحة يهم سنوات مالية قد تم قفل
يالحظ من خالل األحكام القانونية السابقة أن التاجر الذي يمسك دفاتره التجارية بطريقة غير منتظمة،
ويتوقف عن دفع ديونه ،ال يستفيد من األحكام املتعلقة بالتسوية القضائية ،بل يلزم القاض ي بشهر
إفالسه .والعبرة في ذلك عدم منح التاجر إمكانية لتسوية وضعيته املادية واملالية لكونه خالف القانون.
ومما ال ريب فيه أن التاجر يكون مسؤوال مدنيا عن كل األضرار الناجمة عن عدم مسك الدفاتر التجاري
أو مسكها بطريقة غير منتظمة .فاملنطق يقض ي بضرورة تحمل التاجر نتائج خطئه ،وال يجوز له طلب
االستفادة من بيانات دفاتره .وعلى ذلك تنص املادة 14تجاري على أن الدفاتر التي يلتزم األفراد بمسكها
والتي ال تراعى فيها األوضاع املقررة أعاله ،ال يمكن تقديمها للقضاء وال يكون لها قوة اإلثبات أمامه لصالح
72
من يمسكونها .وبما أن القانون التجاري يرتكز على مبدأ حرية اإلثبات ( م 30تجاري ) ،يجوز للقاض ي
ثانيا :الدفاتراالختيارية
إن التاجر يمسك ،في حياته العملية ،زيادة على الدفاتر التجارية اإلجبارية ،دفاتر أخرى إختيارية لم
يتعرض لها املشرع بنص يحكمها ،يكون امسكها إلزاميا أو اختياريا على التاجر ،وهذا حسب طبيعة
-دف تر األستاذ :هو الذي تنقل إليه القيود التي سبق تدوينها في دفتر اليومية وترتب فيه حسب نوعها
أو بحسب أسماء العمالء لكل عميل أو لكل نوع من أنواع الحساب ،حساب البضائع ،حساب األوراق
-دفتر الصندوق :هو الذي تدون فيه جميع املبالغ النقدية التي تدخل الصندوق أو تخرج منه ،ويبين
رصيده في آخر كل يوم مما يسهل الوقوف على موجودات الصندوق النقدية.
-دفتر املسودة :تقيد فيه العمليات التجارية فور وقوعها ،فهو بمثابة مذكرات ،ثم تنتقل بانتظام في نهاية
-دفتر املخزن :تدون فيه البضائع التي تدخل إلى املخزن والتي تخرج منه.
-دفتر األوراق التجارية :تقيد فيه مواعيد استحقاق األوراق التجارية الواجب تحصيلها مع الغير وتلك
73
الفرع الثالث :تنظيم الدفاترالتجارية
إن تنظيم الدفاتر التجارية يكتس ي أهمية خاصة في مجال اإلثبات ،لذلك أوجب املشرع خضوعها لتنظيم
خاص لضمان صحة ما يرد فيها من معلومات أو بيانات ،لذلك ألزم القانون قيد العمليات التجارية حسب
تواريخ وقوعها ،وأن يكون دفتر اليومية والجرد خالية من أي فراغ أو كتابة في الهامش أو أي حشو بين
السطور ،والغرض من ذلك هو سالمة البيانات الواردة بها وعدم تغيير البيانات األصلية أو كتابة أي
إضافة في الفراغ املتروك .وإذا وقع خطأ في أحد القيود فيصحح عن طريق إجراء القيد العكس ي ،كما
أوجب القانون أن ترقم صفحات دفتري الجرد واليومية قبل استعمالها ويوقع عليها من قبل املحكمة
املختصة التي يقع في دائرتها نشاط التاجر بغرض حفظ الدفاتر التجارية وبقائها على حالتها دون نزع
صفحات منها أو إضافة أو استبدال بعضها بغيرها أو إعدامه بكامله أو استبداله بغيره ،إن هذه اإلجراءات
الشكلية إلزامية في الدفاتر اإلجبارية ،أما األخذ بها في الدفاتر االختيارية يجعل لها حجة في اإلثبات أكثر(.)1
يتضح من املادة 12تجاري أنه يجب االحتفاظ بالدفاتر واملستندات والوقائع ملدة 10سنوات من تاريخ
اقفالها وللتاجر الحق في أن يعدمها بعد انقضاء املدة حيث ال يلتزم بتقديمها أمام القضاء بعد انقضاء
هذه الفترة ،لوجود قرينة على إعدامها غير أنه يمكن إثبات عكسها وبالتالي يلزم بتقديمها.
جعل القانون الدفاتر التجارية حجة في اإلثبات سواء ضد التاجر في جميع األحوال أو ملصلحته عند توافر
شروط معينة ،وفي ذلك خروج على القواعد العامة التي ال تلزم الشخص بتقديم دليل ضد نفسه ،كما ال
تجيز للشخص أن يصطنع دليال لنفسه ضد الغير لذلك سوف نعالج حجية الدفاتر التجارية في الفروض
التالية:
1
علي بن غانم :مرجع سابق -ص 164
74
أ /حجية الدفاترالتجارية ضد التاجر:
يظهر جليا من نص املادة 330مدني أن الدفاتر التجارية تكون حجة على التاجر ،أي يجوز ملن يهمه األمر
استعمال هذه الدفاتر ضد التاجر الذي صدرت منه ،أيا كان الخصم الذي يتمسك بها ،سواء كان تاجرا
أم غير تاجر ،وسواء كان الدين املراد إثباته بواسطتها دينا تجاريا أو مدنيا .وال يشترط أن تكون الدفاتر
منتظمة ،إذ ال يجوز أن يستند إلى خطئه وإهماله لكي يعفي نفسه من نتائج أعماله.
خروجا عن املبدأ العام الذي ال يجيز للشخص أن يصطنع دليال لنفسه ،فإن القانون سمح للتاجر أن
يمسك دفاتر تجارية يستطيع استعمالها كدليل إثبات لصالحه غير أن حجيتها تختلف حسبما إذا كان
أجاز املشرع للتاجر في املادة 13تجاري الحق بالتمسك بدفاتره التجارية كدليل إثبات كامل ملصلحته في
نزاعه مع تاجر آخر بشأن أعمال تجارية بشأنهما إذا توافرت الشروط التالية:
يجب أن تكون الدفاتر التجارية منتظمة ،ألن انتظام الدفاتر التجارية يضفي على قيودها الجدية ،ويكفلها
من خطر التالعب والغش .أما الدفاتر التجارية غير املنتظمة فال تكون في األصل حجة في اإلثبات(.)1
ويمكن التذكير في هذا اإلطار باملادة 14تجاري التي تنص على "أن الدفاتر التي يلتزم األفراد بمسكها والتي
ال تراعى فيها األوضاع املقررة أعاله ال يمكن تقديهما للقضاء وال يكون لها قوة اإلثبات أمامه لصالح من
1
يحي بكوش :أدلة اإلثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه اإلسالمي -الشركة الوطنية للنشر و التوزيع -الجزائر -1981ص 170و ما بعدها
75
يمسكونها" .غير أنه يمكن للقاض ي االستعانة بتلك الدفاتر ملجرد اعتبارها قرائن تكمل بعناصر إثبات
إن التاجر يقدم في هذه الحالة دفاتر إلثبات ش يء ضد شخص ال يتمتع بصفة التاجر .ومن املالحظة أن
املادة 1/330مدني تنص على أنه ال تكون الدفاتر التجارية حجة على غير التاجر ،وبالتالي ال يلتزم القاض ي
بالبيانات الواردة في الدفاتر التجارية كحجة لصالح التاجر .والعبرة في ذلك حماية الطرف غير التاجر
لكونه ال يمسك دفاتر تجارية ،ولهذا يستحيل عليه تقديم أية كتابة ضد دفاتر التاجر
غير أن هذه الدفاتر عندما تتضمن بيانات تتعلق بتوريدات قام بها التاجر ،يجوز للقاض ي توجيه اليمين
املتممة إلى أحد الطرفين فيما يكون إثباته بالبينة ( م 30تجاري و 330مدني) .ولكن يجب توافر الشروط
التالية:
-يجب أن يكون محل االلتزام عبارة عن توريدات ،أي بضائع قام بتوريدها التاجر املدعي إلى غير التاجر
-يجب أال تزيد قيمة هذه البضائع عن نصاب البينة أي أن ال تفوت قيمة التوريدات 000.100دج
( م 333مدني).
-االعتداد بالدفاتر التجارية في اإلثبات وتكملته بتوجيه اليمين وهو أمر جوازي للقاض ي ال للخصوم ،فال
76
الفرع الخامس :تقديم الدفاترالتجارية
إن تقديم الدفاتر التجارية يتم بناء على أحكام املادتين 15و 16تجاري حسب طريقتين متميزتين هما
اإلطالع واإلنابة.
/1االطالع
هو وضع الدفاتر التجارية تحت تصرف الطرف الخصم حتى يطلع عليها ،إال أن هذا اإلجراء يشكل خطرا
كبيرا على التاجر ألن الخصم يصبح مطلعا على جميع شؤون التاجر( .)1فمن الثابت أن االطالع يؤدي إلى
الكشف عن أسرار التاجر ،ولهذا تنص املادة 15تجاري على أنه ":ال يجوز األمر بتقديم الدفاتر وقوائم
الجرد إال في قضايا اإلرث(للورثة) وقسمة الشركة(للشركاء) وفي حالة اإلفالس (لوكيل التفليسة)".
هي وضع الدفاتر التجارية تحت تصرف القاض ي أو الخبير الذي عين قضائيا للبحث عن معلومات متعلقة
بالنزاع ،بينما في االطالع تقدم هذه الوثائق للطرف الخصم ،لذا ليست هذه الطريقة خطيرة على التاجر
ألن القضاء والخبراء مجبرون على احترام سر املهنة .وسميت باالطالع الجزئي ألن في كل األحوال ،ال يتعلق
االطالع إال بالبيانات التي تخص النزاع دون غيرها .ومن الثابت أن االطالع على الدفاتر يسمح للقاض ي أو
الخبير ،باستخراج كافة البيانات التي تهم الدعوى والتي تكاد تؤثر على مجراها.
وإذا رفض الطرف الذي يعرض عليه اإلثبات بالدفاتر ،تقديم هذه األخيرة ،جاز للقاض ي توجيه اليمين إلى
الطرف اآلخر (م 18تجاري) .فضال عن ذلك ،يجوز للقاض ي ،بناء على املادة 17تجاري ،أن يوجه إنابة
قضائية لدى املحكمة التي توجد بها الدفاتر أو يعين قاضيا لالطالع عليها وتحرير محضر بمحتواها،
وإرسال إلى املحكمة املختصة بالدعوى ،إذا كانت هذه الدفاتر موجودة في أماكن بعيدة عن املحكمة
1
يجي بكوش :مرجع نفسه -ص 169
77
املختصة .فإذا تحصلت املحكمة على البيانات املطلوبة ،فلها أن تأخذ بها أو ال تأخذ بها ،ولخصم التاجر
أن يناقشها ،وله أن يحتج بعدم انتظامها أو عدم صحة ما ورد بها بتقديم الدليل على ذلك.
78
الفصل السابع :املحل التجاري
ّان فكرة املحل التجاري حديثة النشأة؛ حيث لم تكن معروفه في مختلف التشريعات .لقد ظهرت ألول مرة
في القانون الفرنس ي الذي اعترف بفكرة املحل التجاري ضمن قانون املالية الذي صدر في 28فبراير 1872
ّ
ثم تطورت هذه الفكرة في قانون 1898الذي مكن التجار رهن محالت التجارية كضمان اللتزاماتهم دون
ان تنتقل هذه املحالت من حيازتهم ،وبصدور قانون 17مارس ّ 1909
تم تنظيم بيع ورهن املحل التجاري .
املبحث األول :مفهوم املحل التجاري
املطلب األول :تعريف وخصائص املحل التجاري
-1تعريف املحل التجاري
ّان املشرع الجزائري على غرار معظم التشريعات لم يعرف املحل التجاري؛ بل اكتفى بالتعرض
للعناصر ّ
املكونة له ،حيث نص في املادة 78من األمر رقم 59/75املؤرخ في 26سبتمبر 1975املتضمن
القانون التجاري على ما يلي" :تعد جزءا من املحل التجاري األموال املنقولة املخصصة ملمارسة نشاط
تجاري ويشمل املحل التجاري إلزاميا عمالئه وشهرته ".
كما يشمل أيضا سائر األموال األخرى الالزمة الستغالل املحل التجاري كعنوان املحل و االسم التجاري
ّ
الصناعية و التجارية؛ كل ذلك ما لم ينص على والحق في االيجار و ّ
املعدات واآلالت والبضائع وحق امللكية
خالف ذلك".
وفي غياب تعريف قانوني للمحل التجاري؛ تناول الفقه هذا املوضوع وعرف املحل التجاري على النحو
التالي:
* التعريف الفقهي األول :
ّ
تخصص ملمارسة مهنة تجارية؛ وتتضمن بصفة أصلية املحل التجاري هو كتلة من األموال املنقولة؛
بعض العناصر املعنوية؛ وقد تشتمل على عناصر أخرى مادية1.
79
* التعريف الفقهي الثالث :
ّإن املحل التجاري هو مجموعة األموال املادية واملعنوية التي يستخدمها التاجر في مباشرة حرفته؛ ويشمل
البضائع وأثاث املحل وسياراته وشهرة واسمه و ما يكون لديه من براءة اختراع وما الى ذلكّ ،
مما يستعين
به التاجر في مباشرة التجارة 1.
* التعريف الفقهي ّ
الر ابع :
يعتبر املحل التجاري مجموعة من األموال ،املادية واملعنوية تألفت معا بقصد االستغالل التجاري وجذب
ّ
العمالء للمحل التجاري واالحتفاظ بهم؛ أي أنه مجموع األموال املادية واملعنوية املخصصة ملزاولة نشاط
تجاري معين).
* من خالل هذه التعريفات نستخلص بأن املحل التجاري يضم مجموعة من العناصر الالزمة
ملمارسه النشاط التجاري؛ وتنقسم الى عناصر مادية كالبضائع واآلالت واألثاث ،وعناصر معنوية
كاالتصال بالعمالءّ ،
والسمعة التجارية ،واالسم التجاري والعنوان التجاري ،الحق في االيجار ،حقوق
امللكية الصناعية والرخص واالجازات.
املطلب الثاني :خصائص املحل التجاري:
يتميز املحل التجاري بالخصائص التالية:
-/ 1املحل التجاري مال منقول:
ّإن املحل التجاري مال منقول ألنه ّ
يتكون من أموال مادية كالبضائع؛ و أموال معنوية كحق االتصال
بالعمالء
يتمتع بصفتي االستقرار والثبات التي ّ
يتمتع بها و حقوق امللكية الصناعية .كما ّان املحل التجاري ال ّ
ّ ّ
ثم فانه يخضع للنظام القانوني الخاص باألموال املنقولة .2 العقار ومن
-/2املحل التجاري مال معنوي:
يعتبر املحل التجاري ماال معنويا رغم أنه يتكون من بعض العناصر املادية كالبضائع واملعدات ذلك ان
العناصر املعنوية املكونة له كاالسم التجاري والسمعة التجارية تعتبر أكثر فعالية في تكوينه .فاملحل
التجاري كوحدة مستقلة عن العناصر املكونة له تمثل ماال معنويا ال تسري عليه القواعد الخاصة باملال
80
املادي؛ فمثال إذا وقع بيع املحل التجاري لشخصين وتسلم أحدهما املحل فان حيازة املحل ال تصلح في
الحيازة لغيره1 . االحتجاج بنقل ملكيته وانما تكون األفضلية للمشتري األسبق في التاريخ حتى لو انتقلت
-/ 3املحل ذو طابع تجاري:
.1يعتبر املحل ذو طابع تجاري الن املستغل له أي التاجر يقوم بممارسة نشاط تجاري .ففي حالة ما
إذا تم مزاولة نشاط مدني في املحل؛ وحتى وان كان لهذا املحل عمالء الذين هم من العناصر
املعنوية للمحل التجاري؛ وكان له أيضا معدات التي هي من العناصر املادية للمحل التجاري؛ فال
يمكن اعتبار مثل هذا املحل انه محل تجاري؛ وكمثال على ذلك مكاتب املحامين واألطباء؛ وذلك
التي يتم ممارستها في هذه املحالت ال تعتبر من قبيل األعمال التجارية 2 كون ان طبيعة االعمال
املبحث الثاني :عناصراملحل التجاري
املطلب األول :العناصراملادية
تتمثل العناصر املادية املكونة للمحل التجاري في كل من البضائع واملعدات او العتاد
-/1البضائع
تتمثل البضائع في تلك املنقوالت املعدة للبيع سواء كانت مصنوعة أو مواد أولية معدة للتصنيع؛ فمثال
املواد الغذائية تعتبر من قبيل السلع او البضائع وكذلك الحال بالنسبة ملواد البناء التي يمكن اعتبارها من
قبيل السلع او البضائع .فكل ما يكون قابال للعرض والتداول في املحل التجاري يعتبر بضاعة
-/2املعدات
ان املعدات هي تلك املنقوالت التي يتم استعمالها في املحل التجاري؛ واملتمثلة في مجموع اآلالت
والتجهيزات التي تستعمل في تحقيق املشروع االستثماري مثل وسائل نقل البضائع؛ أجهزة االعالم االلي الى
غيرها من املعدات األخرى .3
-كمران الصالحي :بيع المحل التجاري -مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع -القاهرة -1998ص111 1
-محسن شفيق :القانون التجاري المصري -دار النشر و الثقافة –اإلسكندرية – مصر-2002ص751 2
81
املطلب الثاني :العناصراملعنوية
ّان العناصر املعنوية تعتبر من بين العناصر األساسية املكونة للمحل التجاري؛ فهي عناصر غير ملوسة و
غير مادية تضمنتها املادة 78من القانون التجاري الجزائري؛ و تتمثل في:
-/1االتصال بالعمالء
يقصد من عنصر االتصال بالعمالء او الزبائن مجموع األشخاص الذين يعتادون التعامل مع املؤسسة
التجارية
و يمثل كذلك جانبا من قيمتها؛ بعبارة أخرى عنصر االتصال بالعمالء يعتبر من بين أهم عناصر املحل
التجاري؛ فال يفترض وجوده بدون عمالء الذين يزيدون من القيمة املادية للمحل سواء في حالة البيع او
االيجار.
ونؤكد في هذا الصدد انه ليس للتاجر الحق على العمالء؛ و إنما هذا الحق يظهر في إمكانية رفع دعوى إزاء
الغير الهادف الى منع العمالء أو تحويلهم عن املحل بوسائل غير مشروعة .1
إن عنصر االتصال بالعمالء يعتبر من أهم العناصر املكونة للمحل التجاري كونه يضفي قيمة اقتصادية
على املحل التجاري باعتباره وسيلة لجذب العمالء؛ وجعلهم يقبلون على املتجر بصفة اعتيادية.
إن عنصر االتصال بالعمالء مرتبط أكثر بشخص التاجر صاحب املحل الذي يتعين أن يمتاز باألمانة
واالتقان في العمل.
-/2السمعة التجارية
تتمثل السمعة التجارية في قدرة املحل على اجتذاب العمالء بسبب املزايا التي يتمتع بها مثل :جمال
طريقة العرض
والدقة في التنظيم وجودة السلع والى غيرها من الضوابط التجارية.
.2ان السمعة التجارية ملتصقة أساسا باملحل التجاري وليس بشخص التاجر كما هو الحال في
عنصر االتصال بالعمالء .2
-/3 .3االسم التجاري
يقصد باالسم التجاري ذلك االسم الذي يطلقه صاحب املحل على املحل التجاري؛ فقد يكون اسمه
الشخص ي أو قد يكون اسما مبتكرا وذلك بهدف تمييز املحل التجاري عن بقية املحالت التجارية األخرى.
- 1سليمان بوذياب :مبادئ القانون التجاري -المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع-2003-ص 174
- 2يمكن لكل دائن للمال السابق سواء كان او لم يكن دينه مستحق األداء في خالل 15يوما ابتداء من تاريخ اخر يوم تابع لإلعالن ان يعارض
في دفع الثمن بواسطة عقد قضائي
82
يتم استعمال االسم التجار ي للتوقيع به على معامالت التاجر أو على األوراق التجارية ذلك ألن االسم
التجاري عادة ما يتضمن االسم الشخص ي للتاجر.
إذا كان صاحب املحل قد استعمل اسمه الشخص ي واتخذه كاسم تجاري فانه ال يجوز ملشتري املحل
التجاري ان يستعمله اال في األغراض املتعلقة بتجارة املحل.1
-/4العنوان التجاري
يقصد بالعنوان التجاري التسمية املبتكرة التي يختارها التاجر لتمييز محله عن املحالت التجارية األخرى
التي تمارس نفس النشاط؛ مثال في مجال نشاط الفندقة هناك فندق "الزيانيين" بتلمسان ؛و فندق
"الحماديين" ببجاية ؛ و فندق " األوراس ي" بالجزائر العاصمة و غيرها .
* و االختالف بين العنوان التجاري و االسم التجاري يكمن في كون أن التاجر ملزم باتخاذ إسم تجاري في
حين انه غير ملزم باتخاذ عنوان تجاري ؛ باإلضافة الى ذلك فان العنوان التجاري ال يستمد من االسم
ي للتاجر3 2 . الشخص ي للتاجر في حين ان االسم التجاري عادة ما يتضمن االسم الشخص
-/5الحق في االيجار
يقصد بالحق في اإليجار حق صاحب املحل باالنتفاع بالعقار كمستأجر؛ فال محل لحق االيجار اال إذا
كان التاجر مستأجرا للمكان الذي يمارس فيه تجارته.
وفقا ألحكام املادة 172من القانون التجاري الجزائري؛ فإنه يجوز للتاجر املستأجر التمسك بحق
التجديد إذا أثبت أنه يستغل املتجر منذ سنتين متتابعتين؛ أما املادة 176ق.ت.ج فإنها تقض ي بانه يجوز
للمؤجر أن يرفض تجديد االيجار غير أنه يكون ملزم بتسديد تعويض يسمى "تعويض االستحقاق "
الذي يجب ان يكون مساويا للضرر املسبب نتيجة عدم التجديد ؛ أي دفع القيمة التجارية للمحل
التجاري لفائدة التاجر املستأجر.
* و نشير إلى أنه بصدور القانون رقم 02/05املؤرخ في 2005/02/26املعدل و املتمم للقانون التجاري
قد تم التخلي عن حق التاجر في تعويض االستحقاق و ذلك بإرساء مبدا حرية التعاقد ؛ وبالتالي فمهما
كانت مدة عقد االيجار فان التاجر املستأجر ملزم بمغادرة األمكنة بمجرد نفاذ مدة العقد ؛ فال مجال ألي
تعويض من طرف املؤجر و ذلك وفقا لنص املادة 187مكرر من القانون السلف الذكر.
-مصطفى كمال طه -وائل أنوربندق :أصول القانون التجاري دار الفكر الجامعي –اإلسكندرية -2006ص660 1
-محمد أنورحماده :التصرفات الواردة على المحل التجاري دار الفكر الجامعي – اإلسكندرية -2001ص 11 2
3
- Michel Germain : Droit commercial –Tome 1-16ème ed-Delta LGDI-P/430
83
املبحث الثالث :الطبيعة القانونية للمحل التجاري:
كان املحل التجاري منذ ظهوره موضع جدل فقهي؛ سواء فيما يتعلق بتعريفه أو تحديد طبيعته
القانونية فظهرت نظريات تناولت البحث في هذه اإلشكالية؛ وهي على النحو التالي:
و هكذا لكل ذمة كيان خاص؛ و وجود مستقل عن غيرها؛ فال تسأل إحداها إال عن ديونها؛ و ال شأن لها
بديون غيرها .و تبعا لهذه النظرية ينفرد دائنو املحل بالتنفيذ عليه دون مزاحمة من الدائنين األخرين
للتاجر.
و وفقا ألصحاب هذه النظرية؛ فإنه ليس للدائن ضمان عام إال على أموال الذمة املالية التي لها عالقة
بدينه.
و تطبيقا لهذا الوضع؛ يعتبر املحل التجاري في التشريع األملاني ذمة قائمة بذاتها لها أصولها و خصومها؛
لذا يتضمن بيعها التنازل عن الحقوق و الديون التي تدخل في تركيبها؛ بمعنى اخر اعتبار املحل التجاري
شخصا قانونيا يتركب من األصول املتمثلة في العناصر املادية و املعنوية و الحقوق الناشئة من
االستغالل؛ و بهذا يكون املحل دائنا بما له من حقوق و مدينا بما لديه من ديون.
84
انطالقا من هذه النظرية؛ يعتبر املحل التجاري وحدة قانونية قائمة بذاتها؛ حيث تظهر مقومات
الشخصية املعنوية للمحل من خالل امتالكه اسم تجاري و عنوان تجاري و عالمة تجارية؛ و كونه محال
للتصرفات القانونية.
من الواضح أن التكييف القانوني للمحل التجاري ال ينسجم و األصول العامة التي تسود التشريع
الجزائري؛ و حتى الفرنس ي؛ إذ يقوم هذان التشريعان على مبدأ وحدة الذمة؛ و اعتبارها كتلة متراصة
تضمن حقوقها و جميع التزاماتها.
فإذا اقتطعنا املحل التجاري عن ذمة صاحبه؛ و اعتبرناه ذمة مستقلة؛ فمعنى ذلك أنه متى أفلست هذه
الذمة ال يكون لدائنيها إال ما تتضمنه من أموال و يلزم الحال كذلك إقصاؤهم عن األموال األخرى التي ال
تعتبر من عناصر املحل كالعقارات1 .
ّ
و وفقا لهذه النظرية؛ فإنه ال يكون للدائنين الذين تنشأ ديونهم عن عمليات مستقلة عن التجارة؛ حق
ّ
التنفيذ على املحل التجاري؛ ما دام أنه قد بتر من ذمة صاحبه؛ و أصبح بذاته ذمة مستقلة؛ إضافة إلى أ ّن
ّ
نتائج الشخصية املعنوية تبعد قواعد اإلفالس؛ و التي تقض ي بأنه متى توقف التاجر عن دفع ديونه في
اجاله املستحقة وجبت تصفية ذمته بإكمالها لسداد ديونه جميعا .
وال فرق في ذلك بين الديون التجارية والديون املدنية؛ وذلك بنص املادة 216من القانون التجاري
ّ
الجزائري التي تقض ي بأنه ":يمكن أن تفتح كذلك التسوية القضائية أو اإلفالس بناء على تكليف املدين
بالحضور كيفما كانت طبيعة دينه".
ّ
* الخالصة ّأن املحل التجاري ال يمكن اعتباره مجموعا قانونيا من األموال؛ ذلك أنه ال توجد ذمه تجارية
متميزة عن ذمة التاجر العامة2؛ و يظهر ذلك جليا في نص املادة 1/188من القانون املدني الجزائري حيث
ّ
نصت على أن ":أموال املدينين جميعها ضامنة لوفاء ديونه"
ومما ال شك فيه ّأن أحكام القانون التجاري تؤكد هذا املبدأ العام إذ أجاز في حالة بيع املحل
التجاري؛ وفق نص املادة 84من القانون التجاري 3؛ الحق في رفع املعارضة في دفع الثمن من قبل مشتري
املحل؛ حق ممنوح لكافة دائني البائع؛ وليس مخصص للدائنين الحاملين ديون متعلقة باستغالل املحل
التجاري.
ّ
كما أنه ال يمكن اعتبار املحل التجاري شخصا معنويا؛ حيث لم يرد ذكره ضمن القائمة الواردة في نص
املادة 49من القانون املدني الجزائري:
85
" األشخاص االعتبارية :الدولة ،الوالية ،البلدية؛ املؤسسات والدواوين العامة ضمن الشروط التي يقررها
القانون "
إضافة إلى ّأن من أهم النتائج املترتبة على الشخصية املعنوية اكتساب ّ
ذمة مالية مستقلة؛ وهذا ما ال
يتماش ى
ومبدأ وحدة ّ
الذمة ،الذي يقوم عليه القانون الوضعي في الجزائر وكذلك في مصر ولبنان وفرنسا 1وهو
املبدأ الذي يحول دون االعتراف بالشخصية املعنوية للمحل التجاري2 .
إزاء هذه االنتقادات؛ لم تلق نظرية املجموع الواقعي قبوال لدى الرأي السائد ،حيث ظهرت نظرية ثالثة
أخذ بها الفقه الحديث ومنه الفقه املصري واالردني والفرنس ي ورأي في الفقه االملاني.
- 1مقدم مبروك :المحل التجاري – دار همة للطباعة و النشر – ط – 4الجزائر – 2009ص 89
- 2انظر د /زهرة جياللي عبدالقادر القيسي :تاجير المحل التجاري – دراسة مقارنة – ط –1دار الراية للنشر والتوزيع – عمان – 2001ص
97
- 3المرجع نفسه -ص98
86
وتقوم هذه النظرية على أساس التفرقة بين املحل التجاري كوحدة مستقلة قائمة بذاتها وبين مكوناته
املادية واملعنوية.
و على هذا يكون للتاجر حق االنفراد في استغالل محله التجاري؛ و االحتجاج به ازاء الجميع إذ له أن
يدافع عن ّ
حقه في استمرار االتصال بالعمالء ،غير أن ذلك ال يعني ّأن له حق احتكار العمالء و منعهم من
التردد على محل اخر .بمعنى أن لصاحب املحل حق حماية محله في حالة االعتداء عليه ،وذلك نتيجة
استعمال األساليب املنافسة غير املشروعة من منافس له؛ كتقليد عالمة تجارية أو اغتصاب اسمه
التجاري أو براءات االختراع؛ ففي مثل هذه الحاالت يملك التاجر الدفاع عن ّ
حقه بدعوى املنافسة غير
املشروعة.
اذن بمقتض ى هذه النظرية؛ ّ
فإن امللكية املعنوية للتاجر على املحل ،نطلق عليها اسم امللكية التجارية
حيث تتضمن احتكارا لالستغالل يحتج به على الكافة وتحميه دعوى املنافسة الغير املشروعة ،كامللكية
املادية التي تحميها دعوى االستحقاق.
وعلى هذا فإذا كانت امللكية املادية حقا دائما؛ ال يسقط بعدم االستعمال؛ ّ
فإن حق امللكية التجارية حق
ّ
مؤقت ،تزول بتوقف التاجر عن استغالل املحل التجاري.
خالصة القول فإن املحل التجاري يعتبر كتلة من العناصر ذات طابع متميز وأحكام خاصة ،كما ّأن
العناصر التي تتركب منها هذه الكتلة ال تذوب فيها ،وال تتالش ى في محيطها ،وال تتفاعل فيما بينها تفاعال
وانما يضل كل عنصر متحفظا بذاتيته ،وطبيعته وخاضعا للقواعد يترتب عليه فقدان خصائصهاّ ،
القانونية الخاصة به.
87
أخذ الفقه الراجح (أي غالبية الفقهاء) بهذه النظرية؛ كونها نجحت في إيجاد تفسير منطقي للطبيعة
القانونية للمحل التجاري ،حيث للتاجر حق على كل عنصر من عناصر املحل ،يختلف عن ّ
حقه عليها
مجتمعة ،وهذا الحق هو حق ملكية معنوية يرد على منقول معنوي ،ينشأ من اجتماع هذه العناصر.
ّ
وقد تأثر املشرع الجزائري؛ أسوة باملشرع الفرنس ي بهذه النظرية ،ويظهر ذلك جليا في نص املادة 78من
القانون التجاري الجزائري؛ إذ تعتبر االتصال بالعمالء والسمعة التجارية من العناصر املعنوية اإللزامية
للمحل التجاري.
ّ
و منه يجوز تعريف املحل التجاري بأنه" :حق االتصال بالعمالء الذي يتطلب حماية قانونيه ،فهو مال
منقول ومعنوي وله صفة تجارية 1
88
-/2محل املبيع
يتمثل محل املبيع في الش يء املبيع أي املحل التجاري الذي يجب أن يكون معينا أو قابال
للتعيين؛ كما أنه يجب أن يتوفر على جميع العناصر املكونة له؛ إذ أن بيع العناصر املادية
للمحل التجاري وحدها ال يعدو بيعا للمحل التجاري؛ لذلك يتعين في عقد بيع ال :محل
التجاري ذكر العنصر املعنوي الذي هو عنصر أساس ي في تكوين املحل التجاري؛ وفي حالة ما
إذا تم استبعاد هذا العنصر فال يكون ثمة بيع للمجل التجاري1 .
-/3السبب
يقصد بالسبب ّأن يكون سبب انعقاد بيع املحل التجاري مشروعا؛ أي ّأن الدافع إلى إبرام عقد بيع املحل
التجاري ال يخالف النظام العام واآلداب العامة .فإذا كان الدافع أو السبب في إبرام العقد مخالفا للنظام
العام واآلداب العامة ّ
فإن دلك العقد يعتبر باطال.
-/4كتابة عقد بيع املحل التجاري في محرررسمي
ّإن صحة انعقاد عقد بيع املحل التجاري يتوقف على شرط تحريره في شكل رسمي؛ أي يجب أن يرد في
محرر رسمي وذلك وفقا لنص املادة 324مكرر 01من القانون املدني الجزائري التي تقض ي في فقرتها األولى
ّأنه يجب أن يتم تحرير العقود املتعلقة باملحالت التجارية في شكل رسمي وإال كانت باطلة2 .
89
املطلب الثاني :ايجارالتسييرالحرللمحل التجاري
-/1تعريف عقد ايجارالتسيير الحر
نص املشرع الجزائري على هذا النوع من العمليات التي ترد على املحل التجاري في املواد من 203الى 214
من القانون التجاري الجزائري .ويعرف عقد ايجار التسيير الحر على أنه ذلك العقد الذي بموجيه
يستأجر شخصا محال تجاريا ألجل مزاولة نشاط تجاري لحسابه الخاص؛ يتحمل كل أعباء تجارته؛ في حين
أن املؤجر ال يكون ملزما بتعهدات املستأجر 1
حددت املادة 205من القانون التجاري الجزائري شرطين إذا توفر إحداهما لدى املؤجر ّ
فإن عقد ايجار
التسيير ينعقد صحيحا؛ ويتمثل هذين الشرطين في ان يكون املؤجر قد اكتسب صفة التاجر ملدة خمس
( )05سنوات على األقل؛ أو أن يكون قد مارس عمل مسير أو مدير تجاري أو تقني لنفس املدة أي خمس
سنوات؛ وهذا الشرط األخير يخص فقط األشخاص الطبيعيين دون األشخاص املعنوية؛ في حين أن هذ
الشرط األول يتعلق باألشخاص الطبيعية واملعنوية.
ّ
غير أنه وبالرجوع إلى احكام املادة 206من القانون التجاري الجزائري فان مدة خمس سنوات املشار
اليها في املادة 205يمكن أن تلغى أو تخفض بموجب أمر من رئيس املحكمة بناء على طلب من املؤجر الذي
يثبت أنه يتعذر عليه أن يستغل محله التجاري شخصيا.
اما املادة 207من نفس القانون تنص على أن مدة خمس سنوات التي تضمنتها املادة 205ال تسري
حينما يكون املؤجر هي الدولة؛ الواليات؛ البلديات؛ املؤسسات العمومية؛ املؤسسات املالية أو أحد
األشخاص املحجور عليهم والذين يملكون محل تجاري قبل فقدانهم األهلية؛ كما أن نفس املدة ال تسري
على الورثة واملوص ي لهم من تاجر متوفي.
90
-/2.2الشروط الخاصة باملستأجر املسير1 .
يتعين أن تتوفر في الشخص املستأجر املسير صفة التاجر؛ أي أنه يمارس االعمال التجارية التي تضمنها
القانون التجاري الجزائري؛ أن يتمتع باألهلية التجارية؛ و أن يقيد نفسه في السجل التجاري.
وبمجرد انعقاد عقد ايجار التسيير الحر يتعين على املستأجر املسير طبقا لنص املادة 204من القانون
التجاري الجزائري أن يشير في جميع وثائقه التجارية كالفواتير؛ الرسائل؛ الطلبات؛ الوثائق البنكية على
رقم تسجيله في السجل التجاري ومقر املحكمة التي سجل لديها مع اإلشارة إلى صفته كمستأجر مسير
للمحل التجاري؛ باإلضافة الى االسم والصفة والعنوان ورقم التسجيل التجاري ملؤجر املحل التجاري.
91
املراجع و املصادر
.1حبيب إبراهيم الخليلي :املدخل للعلوم القانونية ( النظرية العامة للقانون) -ط -1983ديوان املطبوعات
الجامعية -الجزائر.1983
.2محمد سعيد جعفور :مدخل إلى العلوم القانونية-ط-13دار هومة-الجزائر .2006
.3سمير عبد السيد تناغو :النظرية العامة للقانون-ط-1986القاهرة.-
.4سمير كامل :املدخل للعلوم القانونية-نظرية القانون-ط-1986القاهرة.
.5محمد سامي مدكور:مبادئ القانون-ط-1978اإلسكندرية.
.6محمود إبراهيم الوالي :أصول قانون الوضعي الجزائري-ط .1984
.7محمدي فريدة :املدخل للعلوم القانونية-نظرية القانون-ط-1997الجزائر.
.8عبد املنعم البدراوي :مبادئ القانون-ط-1972مطبعة القاهرة.
.9حسين كيرة :املدخل إلى القانون-د.ت.ط.
.10سليمان مرقص :الوافي في شرح القانون املدني-الجزء األول-املدخل للعلوم القانونية وشرح الباب التمهيدي
للتقنين املدني-ط.1987 -6
.11علي حسين نجيدة :املدخل لدارسة القانون-نظرية القانون-ط.1985
.12توفيق العطار :مدخل لدراسة القانون و تطبيق الشريعة اإلسالمية-د.ت.ط.
.13عبد الحي حجازي :املدخل لدراسة العلوم القانونية-ج-1ط.1972
- .14محمد حسام محمود لطفي :النظرية العامة للقانون-ط1987القاهرة.
.15الغوتي بن ملحة:القانون القضائي الجزائري-ط-2الديوان الوطني لألشغال التربوية-الجزائر.2000
92
.25أكمون عبد الحليم :الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري -قصر الكتاب -البليدة -الجزائر -2006
.26عزيز العكيلي :الوسيط في شرح القانون التجاري -دار الثقافة للنشر و التوزيع -عمان -2008
.27عبد الحي حجازي :املدخل لدراسة العلوم القانونية -دراسة مقارنة -الكويت -1994
.28نادية فضيل :القانون التجاري الجزائري -ط -08ديوان املطبوعات الجامعية-
.29علي بن غانم :الوجيز في شرح القانون التجاري و قانون األعمال -موفم للنشر و التوزيع -الجزائر -2005
.30أكتم أمين الخولي :املوجز في القانون التجاري -الجزء األول-
.31بكوش يحي :أدلة اإلثبات في القانون املدني الجزائري والفقه اإلسالمي -الشركة الوطنية للنشر ولتوزيع -الجزائر
-1981
.32عبد السالم الترمانيني :الوسيط في تاريخ القانون والنظم القانونية -الكويت -1974
.33سميحة القيلوبي :موجز في القانون التجاري -األعمال التجارية -التاجر -امللكية الصناعية
و التجارية -دار الثقافة العربية للطبعة و النشر -مكتيه القاهرة الحديثة -ط-1972 -1
.34عباس حلمي :األعمال التجارية -املحل التجاري -ديوان املطبوعات الجامعية -الجزائر 1983
.35ثروت علي عبد الرحيم :الخسارات املشتركة -الكويت -1974
.36مصطفى كمال طه :الوجيز في القانون التجاري-
.37عزيز العكيلي :الوسيط في شرح القانون التجاري -األعمال التجارية -التاجر -املتجر -العقود التجارية -دار
الثقافة للنشر والتوزيع -عمان -2008
.38علي البارودي :مبادئ القانون التجاري والبحري -دار املطبوعات الجامعية -القاهرة -1977
.39أحمد محرز :القانون التجاري الجزائري -ج -1الجزائر -1978
.40حسين النوري :األعمال التجارية والتاجر -مكتية عين شمس -دار الجيل للطباعة -اإلسكندرية -1976
.41إلياس ناصف :الكامل في قانون التجارة -بيروت -1985
.42راشد راشد :األوراق التجارية -اإلفالس والتسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري -ديوان املطبوعات
الجامعية -ط 2الجزائر -1994
.43نادية فضيل :األوراق التجارية في القانون الجزائري -دار هومه -ط -11الجزائر -2006
.44الطيب بلولة :قانون الشركات -بيرتي للنشر -ط -2الجزائر .-2013
.45عبد الحميد الشورابي :موسوعة الشركات التجارية -منشأة املعارف -القاهرة -1991
.46احمد محرز -الوسيط في الشركات التجارية – الطبعة الثالثة -2004منشاة املعارف اإلسكندرية
.47عباس مصطفى املصري – تنظيم الشركات التجارية – دار الجامعة الجديدة للنشر – اإلسكندرية – – 2002
.48عمار عمورة :الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري -دار املعرفة -2000
.49عد الحليم الشورابي :القانون التجاري واألعمال التجارية على ضوء الفقه والقضاء -منشأة املعارف -القاهرة
-1992
.50علي يونس :القانون التجاري الكويتي -مطبعة روينو -الكويت – 1971
93
.51علي حسن يونس :القانون التجاري -القاهرة -1997
.52يحي بكوش :أدلة اإلثبات في القانون املدني الجزائري والفقه اإلسالمي -الشركة الوطنية للنشر والتوزيع-
الجزائر -1981
.53طلب حسن موس ى :الوجيز في الشركات التجارية -ط -1975بغداد -العراق
.54نعيم فايز رضوان :الشركات التجارية -ط -1994القاهرة -مصر
.55سميحة القليوبي :الشركات التجارية -دار النهضة العربية -القاهرة1992 -
.56سميحة القليوبي :األوراق التجارية -دار النهضة العربية -القاهرة1990 -
.57عبد الحميد فودة :شركة األشخاص -دار الفكر الجامعي -د.س
.58عباس حلمي :القانون التجاري -العقود واألوراق التجارية -ديوان املطبوعات الجامعية -الجزائر 1993
.59راشد راشد :األوراق التجارية -اإلفالس والتسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري -ديوان املطبوعات
الجامعية -الجزائر 1994
.60نادية فضيل :األوراق التجارية في القانون الجزائري -ط -11دار هومة للطباعة النشر
والتوزيع -الجزائر 2006
.61
94
13. Hunelin : Droit Commercial Romain-1992-
14. Thaller : traité élémentaire de droit commercial- Vol 1-
15. Lyon-Can : Livre du centenaire du code civil- T1-Paris 1904-
16. Hamel (J.)- Lagarde (G.)- Jauffret (A.) : droit commercial- 2 eme Ed. Tom 1- Dalloz-Paris 1998-
17. Jorges Ripert : Traité élémentaire de Droit Commercial- Tom 1- L.G.D.G- 15eme Ed- Paris 1993-
18. Joseph Escarra : Manuel de droit commercial-Paris 1948-
19. Yves Reinhard : droit commercial- 5eme Ed-
20. J.Ripert-R.Roblot : traité élémentaire du droit commercial-T1-15eme Ed. G.D.J- Paris 1993
21. Alfred Jauffret : manuel de droit commercial- 3eme Ed. Librairie générale de droit et de
jurisprudence- Paris 1970-.
22. Jean Bernard Blaise : droit des affaires- commerçants- concurrence- distribution- 3eme Ed. L.G.D.J
2002- librairie générale de droit et de jurisprudence- F.J.A
23. Yves Reinhard : droit commercial- acte de commerce- commerçants- fonds de commerce- 5eme Ed.
Litec 1998
95
الفهرس
املحتوى.......................................................................................................................الصفحة
تمهيد02 ...........................................................................................................................
املبحث األول :أنصار الدمج و الوحدة بين القانون التجاري و القانون املدني10-09..................................
96
املبحث الثاني :مصادر القانون التجاري27-22............................................................................................
املصادرواملراجع91-88.............................................................................................................
97