Professional Documents
Culture Documents
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
تاريخ نشر المقال2022/05/12 : تاريخ قبول المقال2022/04/02 : تاريخ إرسال المقال2021/12/20 :
الملخص:
عمدت التحوالت اإلقتصادية الكبرى التي شهدها العالم إلى فرض العديد من التغيرات على المجتمع و
بالخصوص على النظام القانوني للعقود ،فالمبادئ القانونية التي تقوم على أساسها النظرية العامة للعقد و التي بقيت
جامدة ألمد بعيد و ثابتة و راسخة أصابها نحو من الفتور و الركود بحيث أصبحت قاصرة و عاجزة و على مواكبة
التطورات الراهنة التي مست الحياة القانونية ،فالقواعد التي تحتويها النظرية العامة للعقد قد أثبتت قصورها على مواكبة
الواقع المعاش ،مما جعل من المشرع يعمد إلى سن التشريعات الخاصة كقانون حماية المستهلك 03-09و قانون
المنافسة 03-03و التي أدت إلى التأثير المباشر على المبادئ الكالسيكية التي تحتويها النظرية العامة للعقد،فتطور
التشريعات الخاصة أدى بالضرورة إلى تراجع واضح للمبادئ العتيقة التي تحتويها النظرية العامة للعقد و التي كانت
تحكم مرحلة تكوين العقد و لم يتوقف األمر عند ذلك لينتقل إلى المبادئ التعاقدية التي تحكم مرحلة التنفيذ.
Abstract:
The major economic transformations that the world has witnessed have imposed many
changes on society, especially on the legal system of contracts. Unable to keep pace with the
current developments that have affected legal life, the rules contained in the general theory of the
contract have proven their inadequacy to keep pace with the lived reality, which made the
legislator enact special legislation such as Consumer Protection Law 09-03 and Competition
Law 03-03, which led to the direct impact On the classical principles contained in the general
theory of the contract, the development of private legislation necessarily led to a clear regression
of the outdated principles contained in the general theory of the contract that governed the stage
of contract formation, and the matter did not stop at that to move to the contractual principles
that govern the implementation stage.
* املؤلف املرسل
411
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
Key words: special legislation, general contract theory, traditional rules, development,
impact.
المقدمة:
تعتبر المبادئ التعاقدية التي قامت على أساسها النظرية العامة للعقد مبادئ كالسيكية ،و ذلك
بإعتبارها قائمة على أسس و نظريات فقهية تقليدية ،حيث أنها وضعت لضبط عالقات تعاقدية بسيطة
سادت في القرن الماضي ،الوقت الذي لم يكن التطور الصناعي و التكنولوجي قد بلغ القدر الذي يشهده
العالم في الوقت الراهن،مما جعل من هذه المبادئ تقليدية ال يمكنها في أغلب األحيان ضبط العالقات
التعاقدية التي تنتمي للوقت الحاضر.
بحيث أن التطورات اإلقتصادية الكبرى التي شهدها العالم في الوقت الحاضر أدت إلى فرض العديد
من التغيرات على المجتمع فلقد أفرزت العديد من التحوالت االجتماعية واالقتصادية والسياسية والتي أثرت
بشكل مباشر على مبادئ النظرية العامة للعقد ،و لعل أهم ما يترجم هذه التحوالت تأثيرها مباشرة على
األسس التقليدية و العتيقة التي تقوم على أساسها النظرية العامة للعقد منذ أمد بعيد ،مما خلق نوع من
التحديث الذي أضفي على األسس العتيقة في العقد بحيث قلصت نوعا ما من أعباء النظرية العامة للعقد
مما سبب ذلك نوعا من اإلرهاق و اإلرتباك في النصوص العامة ،وبذلك تم هجران التشبث المطلق
بالمذهب الفردي إلى المذهب الموضوعي كما تم التخلي عن اإلعتداد بالنزعة الذاتية و التي كانت مقدسة
في زمن مضى. 1
الرهنة أفرزت تطور هائل في مجال اإلقتصادي ،مما أدى بدوره إلى
بحيث أن التحوالت اإلقتصادية ا
إنتعاش المبادالت و تزايد حجم المعامالت ،و اإلقبال المتزايد على السلع و الخدمات و التي بدورها
تكون عن طريق التعاقد ،ولكن العقد تضبطه مبادئ تعاقدية كالسكية ترجع للقرن الماضي مما أدى بذلك
إلى عدم إستطاعة المبادئ التعاقدية مواكبة التعامالت الحديثة مما أفرز العديد من المشكالت العملية و
أدى إلى خلق طائفتين غير متكافئتين إقتصاديا ،مستهلك ضعيف و عون إقتصادي محترف ،و أظهرت
ل هذه المعامالت القصور الواضح و الجمود التي تعاني منه المبادئ التقليدية للنظرية العامة للعقد.
و لعل ذلك ما دفع بالمشرع الجزائري إلى تنظيم التشريعات الخاصة كقانون حماية المستهلك03-09
و قانون المنافسة 03-03لمعالجة التفاوت و عدم التكافؤ اإلقتصادي بين أطراف العالقة التعاقدية و
اإلنتقال بالعقد من نزعته الذاتية الفردية إلى نزعته الموضوعية الجماعية بإعتبارها األصلح لتجسيد فكرة
المساواة الفعلية و القضاء على المساواة المجردة.2
412
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
و مع ظهور التشريعات الخاصة أضحت تؤثر بشكل مباشر على النظرية العامة للعقد و أوضحت
القصور الذي تعاني منه المبادئ الكالسيكية في مواكبة الواقع المعاش ،مما جعل من التشريعات الخاصة
تظهر و تسد الفراغ التشريعي و الفجوات التي ظهرت في المبادئ الكالسيكية و الذي أصبحت تعاني منه
القواعد العامة عموما لكن على الرغم من اإليجابيات التي أتت بها التشريعات الخاصة فإنها بمفهوم المخالفة
أدت إلى إرهاق القواعد العامة في بعض األحيان و هجرانها في مواطن أخرى.
و تتجلى أهمية الموضوع في كونه يفرز مدى تأثر المبادئ العامة للنظرية العامة بالعقد بالتوجهات
التشريعية الحديثة و التي إختارت إنشاء تشريعات خاصة ،بما يوفر الحماية للمتعاقد أو المستهلك ،وذلك من
خالل قانون حماية المستهلك و قانون المنافسة،بحيث وسم المشرع جل التشريعات الخاصة و جعل منها
قواعد تشكل نظاما عاما إستهالكيا إلعادة التوازن العقدي للعالقة التعاقدية.
و في هذا السياق نطرح اإلشكالية اآلتية :إلى أي حد أثرت التشريعات الخاصة المتمثلة في قانون
حماية المستهلك 03-09و قانون المنافسة 03-03على مبادئ النظرية العامة للعقد؟و هل أدى ذلك
إلى الهجران المطلق للقواعد الكالسيكية و تقهقرها أمام التطور الرهيب الذي تشهده التشريعات الخاصة؟
و لإلجابة على هذه اإلشكالية سنقوم بإستدخدام المنهج التحليلي الوصفي و بذلك يتم تقسيم الخطة
كالتالي:
المبحث األول :مآل النظرية العامة للعقد في ظل تفاقم قانون حماية المستهلك 03-09
المبحث الثاني :تداعيات قانون المنافسة 03-03على المبادئ الكالسيكية للنظرية العامة للعقد
المبحث األول :مآل النظرية العامة للعقد في ظل تفاقم قانون حماية المستهلك 03-09
أصبح قانون 03-09يلعب دو ار بار از ومهما في تقوية و تعزيز مبدأ سلطان اإلرادة خاصة من خالل
توفيره الحماية الواسعة للطرف الضعيف في العالقة التعاقدية ،وذلك راجع لعدة اعتبارات لعل أسماه توفير
الحماية للطرف الضعيف و إلرساء إستقرار المعامالت تحت متطلبات تحقيق النظام العام اإلستهالكي .
و على الرغم من أن مبدأ سلطان اإلرادة مفهوم فلسفي إنتقل إلى التشريعات و تجدر فيها فإنه أصبح
مبدأ من المبادئ الكالسيكية الهامة في العقود و التي ال يجوز الخروج عنها و المساس بها بإعتباره جوهر
للعقود .3فمبدأ سلطان اإلرادة يفيد أن الفرد حر في أن يتعاقد أو ال يتعاقد ،واذا ما قيد نفسه بالموافقة على
العقد فهذا يكون عن اقتناع واختيار تام .
وانطالقا من تقرير هذه الحرية الشبه المطلقة ينتج عليها عدم التوازن في العالقة التعاقدية و إهتزاز
أوتار استقرار المعامالت ،و في نطاق هذا التباين و إختالل التوازن في العقود خاصة العقود اإلستهالكية و
التي يكون أحد أطرافها محترف و الطرف الثاني ضعيف األمر ال يستقيم والعملية االستهالكية التي تتميز
4
بالالتوازن بين أطرافها جعل من المشرع يتدخل تحت غطاء النظام العام اإلستهالكي و استقرار المعامالت
413
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
ليتجه نحو خلق قانون يعمد إلى حماية هذه الفئة الضعيفة مما يستدعي إعادة توجيهه بما يخدم مصلحة
المستهلك الطرف الضعيف مما خلق ذلك تداعيات قانون حماية المستهلك على مبدأ سلطان اإلرادة و الذي
يظهر من خالل تأثير قانون حماية المستهلك على مبدأ سلطان اإلرادة(المطلب األول) و التطرق إلى تأثير
النكول على العقد في مبدأ قوة الملزمة للعقد(المطلب الثاني)
المطلب األول :تأثير تطور قانون حماية المستهلك 03-09على مبدأ سلطان اإلرادة
لقد كان مبدأ سلطان اإلرادة أهم مبدأ يحكم العقود في الشريعة الالتينية و مع ذلك انتقل هذا الوالء
المطلق و اإلنصياع التام لهذا المبدأ في كافة القوانين العربية التي جعلت من قانون نابليون ّ
عرابا لها و من
هذه القوانين القانون المدني الجزائري ،فمبدأ سلطان اإلرادة مبدأ مقدس و ال يتخيل قيام العقود دونه.
و لكن هذا المبدأ في ظل طالقته ظهرت مبادئ كالسيكية ال تقل عنه أهمية و هي مبدأ الحرية العقدية
بحيث يكون لألطراف المتعاقدة كامل الحرية في إبرام العقد إختيار مشتمالته و لكن هذه الحرية المطلقة
جعلت من العقود في كثير من األحيان تصاب بنوع من الالتوازن و عدم المساواة بين أطرافها.5
فبسبب اختالل ميزان القوى في العالقة التي تقوم بين المورد من جهة والمستهلك من جهة أخرى ،فان
من غير الممكن آن يترك مجال واسع للتطبيق مبدأ سلطان اإلرادة وحريتها على اعتبار انه كاف لتحقيق
مصالح الطرفين .فال يمكن للمستهلك بأي حال أن يقف في مواجهة المورد الذي يتمتع بالخبرة والكفاءة التي
تؤهله للسيطرة على العقد ،ولم يعد لإلرادة دو ار محدد في إبرام العقود التي تبرم بين المستهلك و المحترف
وانما أصبح المحترف يفرض التزامات وشروط على عاتق المستهلك و ذلك ما جعل المشرع يتدخل للحد من
طالقة مبدأ سلطان اإلرادة و ذلك في سبيل تحقيق هدفين اثنين :إعالم المستهلك واعطائه صورة واضحة عن
(الفرع األول) و العقد المبرم و عن المنتوج المستهلك ,وهدا االلتزام يؤثر بدوره على مبدأ سلطان اإلرادة
تراجع الحرية اإلرادة (الفرع الثاني).
الفرع األول :تضخم اإللتزام باإلعالم و تأثيره على مبدأ سلطان اإلرادة
يعد مبدأ سلطان اإلرادة مبدأ فلسفي إنتقل إلى القوانين 6و أصبح مبدأ سائدا يهيمن على كافة طوائف
العقود ،و يقوم هذا المبدأ الكالسيكي على روابط أخالقية سامية و على أسس و مبادئ توجيهية قيمة أسماها
مبدأ حسن النية و الحرية التعاقدية .
فمبدأ حسن النية يعتبر ركيزة أساسية في العقود بحيث يضمن تنفيذ العقد و إستم ارره بحيث أن مبدأ
حسن النية يضمن تنفيذ العقد من طرف المتعاقدين بصدق و أمانة و صراحة في مواجهة بعضهم البعض
وفق ما يقتضيه حسن النية في التعامل .إال أن هذا المبدأ لم يعد كافيا لتوفير حماية خاصة للمستهلكين و
بقي قاص ار عن تحقيق الحماية و من تم فقد لجأ المشرع الجزائري إلى تدعيم مبدأ حسن النية بمبدأ حديث و
المتمثل في اإللتزام باإلعالم الذي يعمل على تنوير المستهلك و إعطائه المعلومات الضرورية و الكافية حول
المنتج أو السلع و ذلك ما خلق نوعا من الحماية الفائقة للمستهلك من جهة و من جهة أخرى ملئ للقصور
414
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
الذي أصبح يعاني منه مبدأ حسن النية فلقد أصبح قانون حماية المستهلك يؤثر على مبدأ سلطان اإلرادة و
ذلك من خالل تكميله لمبدأ حسن النية و الذي أتبث قصوره عن مواكبة الواقع و التحوالت الراهنة.
و لقد أقر المشرع الجزائري هذه الحماية في القانون 03-09في نص المادتين 17و 718بحيث ألزم
المشرع المتدخل بإعالم المستهلك بكل المعلومات الموجودة في المنتوج حيث تنص المادة 17على ":يجب
على كل متدخل أن يعلم المستهلك بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج الذي يضعه لإلستهالك بواسطة الوسم
ووضع العالمات أو بأية وسيلة أخرى مناسبة "..و استنادا لنص المادة 17السالفة الذكر يتبين لنا أن
المشرع عمد إلى إجبار المتدخل بضرورة إعالم المستهلك بكافة المعلومات المتعلقة بالمنتوج و لم يترك العقد
خاضعا فقط لمبدأ حسن النية و ذلك لقصوره في حماية المستهلك الضعيف في مواجهة المتدخل الذي يملك
صفة المحترف.
و بالرجوع إلى نص المادة 818يتبين أن المشرع قد وضع مجموعة من القواعد الالزمة التي تحمي و
المستهلك و تعمل على تنويره و إعالمه و ذلك عن طريق وضع بيانات و شروط الضمان و التي تعطي
للمستهلك فكرة كافية حول المنتوج و تحمي رضاه ،و باستقراء نص المادة نجد أن المشرع من خالله فرض
هذه البيانات لم يبقي العالقة االستهالكية خاضعة لمبدأ حسن النية فقط و انما قام بتدعيمها ببيانات و قواعد
تعمل على إعالم المستهلك و تعطيه فكرة حول المنتوج.
و من خالل إستقراء نص المادة يتبين أن المشرع الجزائري قد خلق نوعا من النظام العام اإلستهالكي
الذي ال يجوز مخالفته و الذي يعمل بشكل مباشر على إعالم المستهلك فإضافة البيانات اإللزامية و الضمان
حول المنتوج أصبح تشكل قيود إضافية على المتدخل تلزمه بإعالم المستهلك فلم يعد في إستطاعة المتدخل
إتخاذ موقف سلبي على أساس أن المستهلك ينبغي عليه أن يحمي نفسه ،ومما الشك فيه أن هذا من شأنه
أن يقلل من دور اإلرادة في العملية االستهالكية ,ويحد من سلطانها في العقود التي تبرم في عملية
االستهالك نفسها .وأن المستهلك لم يعد ح ار في خياره وفي تعاقده ,9فان المنتج أو المورد لن يكون كذلك
أيضا ,إذ أن إرادة األول لم تعد حرة بسبب التطور االقتصادي و التكنولوجي وارادة األخير لم تعد حرة بسبب
تدخل المشرع 5و هو ما يحقق التوازن اإلقتصادي و العدالة العقدية.
الفرع الثاني :تراجع مبدأ حرية اإل رادة في ظل قانون حماية المستهلك
لقد عمد المشرع الجزائري في قانون حماية المستهلك إلى توفير الحماية القانونية الالزمة للمستهلك و
الذي ظل يفتقد لها ألمد بعيد ،باعتبار أن مبدأ سلطان اإلرادة فرض على العقد مبدأ الحرية التعاقدية و الذي
بدوره يخلق في العقد في غالب األحيان طرف ضعيف و طرف قوي نتيجة لهيمنة الحرية العقدية على العقد
و لعل ذلك ما جعل طائفة من العقود تظهر و التي تتسم بعدم تكافئ بين أطرافها و المتمثلة في عقود
اإلذعان .فالغلو في تقديس مبدأ سلطان اإلرادة و الحرية التعاقدية خلقا نوعا من عدم التوازن بين أطراف
العالقة التعاقدية و عمل ذلك على إهتزاز العالقة التعاقدية و خلق طرف قوي و طرف ضعيف ،10مما
415
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
يجعل ذلك من المشرع يتدخل في قانون حماية المستهلك و يعمل عل إعادة التوازن للعالقة التعاقدية و
إعادة الحماية للطرف الضعيف و ذلك من خالل الحد من طالقة الحرية التعاقدية و محاربة الشروط التعسفية
التي تمليها إرادة الطرف القوي و حتى ال يبقى المستهلك دائما تحت رحمة المتدخل و المهني الذين ال
يترددون في إدراج شروط تعسفية تقوية لمركزهم التعاقدي.
فاستنادا لمبدأ الحرية التعاقدية يمكن لألطراف المتعاقدة التضمين من الشروط في العقد التي يرونها
مناسبة لكن هذه الشروط في أغلب األحيان تكون شروطا تعسفية تضر بمصالح الطرف الضعيف و تعمد
إلى اإلخالل بالتوازن العقدي ،و من أجل تحقيق التوازن في العالقة التعاقدية نجد أن المشرع قد عمد في
تشريعات اإلستهالك إلى إستحداث قواعد من شأنها محاربة الشروط التعسفية و توفير الحماية الالزمة
للمستهلك و إعادة التوازن للعالقة التعاقدية ،لكن هذه الحماية قلصت من الحرية العقدية و أثر بشكل مباشر
على مبدأ سلطان اإلرادة و عملت على تراجعه.
و على الرغم من الحماية القبلية التي أقرها المشرع في نص المادة 110ق م إالّ أن هذه الحماية
بقيت قاصرة في مواجهة طالقة الحرية العقدية مما جعل من المشرع يتدارك ذلك ،و يقوم على تدعيم تلك
الحماية في التشريعات الخاصة ،11عن طريق النص على مجموعة من المواد القانونية التي من شأنها دعم
القواعد العامة و العمل على تحقيق الحماية للمستهلك من الشروط التي قد يفرضها المحترف أو المتدخل
على المستهلك نتيجة تفوقه االقتصادي و المهني من أجل تحقيق مزايا فاحشة ومفرطة .فالقانون المدني في
نزعته التقليدية كان ال يسعى سوى لتحقيق التوازن القانوني بين أطراف العالقة العقدية ،بحيث كان يحمل
نزعة فردية أو شخصية و هو األمر قد سبب اختالال كبي ار على مستوى التوازن االقتصادي و إهتزاز
المعادلة اإلقتصادية في العقود و ذلك بفعل إستغالل المتعاقد القوة لمركزه االقتصادي المتفوق عن طريق
فرض شروط تعاقدية مجحفة في حق المتعاقد اآلخر الضعيف .ولمواجهة هذه الظاهرة عمد قانون حماية
المستهلك 03-09على وضع مقتضيات خاصة لحماية المستهلك من هذه الشروط و التي تأخذ بعين
االعتبار طبيعة هذه العالقة وصفة أطراف العقد وهو ما يعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق عدالة تعاقدية
ناجحة.12
المطلب الثاني :النكول عن العقد و تأثيره على مبدأ القوة الملزمة
لقد عملت اإلختيارات المتنوعة التي أتى بها قانون حماية المستهلك على التراجع المالحظ لمبدأ
سلطان اإلرادة و تقهقره نظ ار للخيارات الجديدة الممنوحة للمستهلك و التي تؤثر بصفة مباشرة على مبادئ
سلطان اإلرادة و المتمثلة في مبدأ القوة الملزمة للعقد و التي تعمل على الوصول بالعقد للتنفيذ.
13
بحيث فالقد أعطى المشرع للمستهلك الحق في التراجع عن العقد كإستثناء على مبدأ سلطان اإلرادة
يتراجع المتعاقد عن تنفيذ العقد و ينكل عن العقد و قد يكون الرجوع قبل الشروع في التنفيذ(أوال)أو يكون بعد
الشروع في التنفيذ (ثانيا)
416
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
417
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
ومن ثم ومن خالل خيار الرجوع عن العقد فان هؤالء المستهلكين يتمتعون بمهلة قانونية للتفكير بالعقد
الذي ابرموه على عجالة وتحت ضغط اإلغراءات الطرف الثاني فهذه المهلة تتناسب طرديا من حيث مدتها
مع طبيعة العقد .
الفرع الثاني :خيار الرجوع عن العقد بعد الشروع في تنفيذ العالقة التعاقدية
لم يكتف المشرع الجزائري بإقرار الحق للمستهلك في الرجوع عن العقد قبل تنفيذه ولكن تخط ذلك
و توسع إلى إقرار هذا الحق إلى ما بعد تنفيذ العقد وخالل المراحل النهائية ،إذ أن رجوع المستهلك عن
العقد قبل التنفيذ ال يمثل في حقيقته إال تفويتا لفرصة البائع أو المتدخل أو المحترف في تسويق سلعته ،بينما
تشكل ممارسة الحق في الرجوع عن العقد بعد الشروع في تنفيذ العقد خسارة حقيقية له إذ يكف المستهلك عن
تنفيذ بقية التزاماته التي بدأ في تنفيذها ويرى جانب من الفقه أن ممارسة هذا الخيار ال يمكن ان يمارس اال
في العقود المستمرة التنفيذ وعلى رأسها عقود البيع بالتقسيط ،حيث يمكن للمستهلك ان يتخلى عن البيع دون
ان يلتزم بتعويض األخير عما يلحقه من ضرر جراء ممارسة هذا الحق.18
و لكن يختلف الفقه في إعطاء الوصف لحق التراجع فيرى البعض على أنه عبارة عن جزاء يستخدمه
المستهلك في التراجع عن العقد الذي يحس فيه أنه تسرع في إبرامه أو أن المتدخل قد مارس عليه التحايل
اإلقتصادي للولوج إلى العقد،بينما يرى جانب أخر من الفقه إلى إعتبار الحق في التراجع عبارة عن حق و ال
بل هو حق ثابت للمستهلك وال يترتب عليه أي تعويض على خالف الفسخ الذي يعتبر جزاءا يعد جزاء
عن عدم تنفيذ األطراف اللتزاماتهم كما يترتب عليه التعويض لفائدة المتضرر.
فالمشرع الجزائري خول للمستهلك إمكانية حق الرجوع في نطاق العقود االستهالكية في الحالة التي
يرى فيها المستهلك أن ذلك العقد ال يحقق الغاية االقتصادية من التعاقد أو أنه سيؤثر على وضعيته
االقتصادية ويمكنه الرجوع عن العقود حتى لو لم تكن هناك مبررات يتمسك بها شريطة أن يمارسه داخل
األجل القانوني الذي حدده المشرع .
تتجلى اآلثار بالنسبة للعقد في كونه يبقى صحيحا إال انه ألغي ونقض بواسطة إرادة جديدة حلت
محل اإلرادة القديمة حيث أن المستهلك ال يتحمل آية مسؤولية نتيجة ممارسته لحقه في التراجع كما ال يلتزم
بأي تعويض باستثناء مصاريف إرجاع السلع التي قد تحملها المهني.19
فالتراجع عن العقد بعد تنفيذ العقد يشكل واجسا حقيقيا أصبح يواجه المتعاقدين و يؤثر ذلك بشكل
واضح على األمن التعاقدي و إستقرار المعامالت بحيث أن المتعاقد يبقى دائما متخوفا من الطرف الثاني
بأن يقوم بالتراجع عن العقد و ما يخلق ذلك من مشاكل عملية تواجه المتعاقد خصوصا لو تم صرف الثمن
أو إستهالك الشيء المبيع.20
418
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
المبحث الثاني :تداعيات قانون المنافسة 03-03على المبادئ الكالسيكية للنظرية العامة للعقد
لقد أثر قانون المنافسة بشكل كبيرو واضح على المبادئ الكالسيكية الراسخة للنظرية العامة للعقد و
يظهر ذلك التأثير من خالل فرض قانون المنافسة لقيود على مبدأ الحرية التعاقدية وذلك من خالل التقليص
من طالقتها(الفرع األول) و ظهور فكرة توجيه اإلرادة التعاقدية و تقييدها كما يظهر التأثير الواضح للقانون
المنافسة من خالل ضبطه للمضمون العقدي أو تقييده للمحتوى التعاقدي(المطلب الثاني) و الذي يتحقق من
خالل فرض الرقابة على األسعار و ممارسة رقابة المنع في األسعار فقانون المنافسة بشكل عام عمد إلى
ضبط كافة المبادئ التعاقدية الكالسيكية.
المطلب األول :تأثير قانون المنافسة على القواعد العامة في العقد
على رغم من أن قانون المنافسة يعتبر كشريعة خاصة أثرت على النظرية العامة للعقد إالّ أنه تكمن
صلة الت ّاربط واضحة بين قانون المنافسة والقواعد العامة للعقد ،بحيث أصبحت تشكل قواعد قانون المنافسة
نظاما عاما تنافسيا .14حيث تسمو قواعد المنافسة على القواعد العامة للعقد ،ألنها تهدف لحماية السوق
بإعتبار المصلحة العامة واجبة التحقيق و يجب تمجيدها قبل المصلحة الخاصة للمتعاقدين ،ولهذا ال يمكن
أن يخرج العقد عن تأثيرها .ويبدأ هذا التّأثير عند تكوين العقود ،ليضع قانون المنافسة بصمته على ّ
الحرية
التّعاقدية ،ثم من خالل ضبط المحتوى التعاقدي أو مضمون العقد ،إذن العالقة بين قانون المنافسة والقواعد
النظر في الكثير من العقود ،على الرغم من كونها صحيحة
تؤدي إلعادة ّ
العامة للعقد هي عالقة تنازع ،قد ّ
وفق القواعد العامة.
الفرع األول :التقييد من الحرية التعاقدية كمظهر لتراجع األسس العقدية
التعاقدية،
ّ الحرية يشكل قانون المنافسة ،قيدا مستحدثا على ّ
الحرية التّعاقدية .فله تأثير واضح على ّ
بحيث أصبح قانون المنافسة يضبط الحرية العقدية و يؤثر عليها و يظهر ذلك التأثير من خالل فرضه إبرام
بعض العقود و التي يستوجب الحرية عند إبرامها كما أنه منع في أحيان أخرى إبرام عقود أخرى تحت غطاء
التقييد مما يجعل ذلك خروج صارخ على الحرية التعاقدية و مبدأ سلطان اإلرادة على حد سواء .ومن جهة
حرية تحديد مضمونها وفق أخرى يمنع إتمام طائفة من العقود ،عندما يتعّلق األمر ّ
بحرية إبرامها وعلى ّ
مشيئة المتعاقدين و ذلك تحت غطاء عدم التأثير على النظام العام التنافسي و المحافظة عليه مما يظهر أن
المشرع أعطى األهمية للقانون المنافسة على حساب الحرية التعاقدية و المبادئ الكالسيكية.
فلقد أثر قانون المنافسة على الحرية التعاقدية بشكل مبالغ فيه بحيث فرض على الشخص في بعض
الحاالت ضرورة إبرام بعض العقود و منعه من ذلك في عقود أخرى و لعل ذلك ما يظهر جليا في األمر مر
المعدل وفي قانون ،02-04و الذي يالحظ فيه منع إبرام العقود خالفا لإلرادة التّعاقدية أو جبرها
ّ 03-03
على إبرام العقود باسم المصلحة العامة و هو األمر الذي طوق من مبدأ الحرية التعاقدية و أثر عليه بشدة.
419
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
فباإلطالع على األمر 03-03يظهر أنه لم يقم وزنا لإل اردة التعاقدية بحيث منع اإلتفاقات و
األعمال المدبرة و التعسفات و ذلك من خالل فرض الهيمنة على السوق و التي من شأنها محاربة كافة
التعسفات التي تخلقها الحرية التعاقدية ،فالحرية التعاقدية في نظر قانون المنافسة ليست مبدأ عقدي عريق و
إنما هي مصدر للتعسف و التطرف في العقد و الذي من شـأنه خلق تعسفات تعاقدية تؤثر على التوازن
العقدي.21
بحرية التّعاقد و تعد
تمس ّ
دبرة .وهي ّ الم ّ
كما أن المادة 6من أمر 03-03تمنع االتّفاقات واألعمال ُ
بكل االتّفاقات
خل بقواعد المنافسة .ويتعّلق المنع ّ
خرقا لها ،ألنها تمنع إبرام العقود أو االتّفاقات إذا كانت تُ ّ
الدخول في السوق أو في ممارسة النشاطات التجارية "الحد من ّ
ّ تؤدي – بحسب تعبير المادة -إلى: التي ّ
التطور التقني؛ اقتسام األسواق أو مصادر
ّ فيه؛ تقليص أو مراقبة اإلنتاج أو منافذ التّسويق أو االستثمارات أو
التّموين؛ عرقلة تحديد األسعار حسب قواعد السوق بالتّشجيع المصطنع الرتفاع األسعار أو انخفاضها؛
مما يحرمهم من منافع المنافسة؛ إخضاع
تطبيق شروط غير متكافئة لنفس الخدمات تجاه الشركاء التجاريينّ ،
إضافية ليس لها صلة بموضوع هذه العقود سواء بحكم طبيعتها أو
ّ إبرام العقود مع الشركاء لقبولهم خدمات
المقيدة" .22وبنفس
ّ السماح بمنح صفقة عمومية لفائدة أصحاب هذه الممارسات حسب األعراف التجارية؛ ّ
الصياغة ،أورد المشرع في المادة 7من ذات األمر ،منع التّعسف في وضعية الهيمنة على السوق.
ّ
المؤسس بموجب المواد 15وما بعدها من أمر 03-03الذي يمارسه مجلس ّ فلنظام رقابة التجميعات
الحرية التّعاقدية .وتكفي العودة للنصوص التي وضعها المشرع في
المنافسة ظهر فيها التأثير المباشر على ّ
بالحرية التّعاقدية و التأثير الواضح لقانون
ّ هذا المجال ،لتبيان المدى الذي قد تصل إليه درجة المساس
المنافسة على القواعد التقليدية للنظرية العامة للعقد.
تمس
عمليات أو مشاريع التّجميع ،أنها ّ ّ فإذا انتهى مجلس المنافسة وهو يمارس رقابته اإلجبارّية23على
24
المؤدية للتّجميع ،ألن
ّ مسبقا للعقود
بالمنافسة و قواعده ،أصدر ق ارره برفض إتمامها .وهو ما يعني منعا ّ
تتم قبل إنجازها وأن القيام بعملية التّجميع ،يتوّقف على قرار مجلس المنافسة .ويمتنع األطراف ،خالل
الرقابة ّ
18
بحرية
فترة الرقابة ،عن إتمام العملية ،كما يعتبر رفض ترخيص عملية التّجميع أقصى درجات المساس ّ
و هو األمر الذي يبين مدى تأثير قواعد قانون 25
تؤدي للتّكتّل
إبرام العقد ،ألنه يفترض منع إبرام العقود التي ّ
26
بالحرية التّعاقدية ،لكن
ّ يمس
أما ترخيص التّجميع وفق شروط ،فهو أيضا ّ المنافسة على الحرية التعاقديةّ .
بشكل مخّفف .إذ أنه ُيبقي على العقد ،لكنه ُيجري عليه بعض التعديالت .وفي هذا دائما اعتداء على إرادة
طط الذي رسمته اإلرادة التّعاقدية وهو ما قد يجعل التّجميع المعنيين بالعملية ،ألنه يقتضي تنازال رغم المخ ّ
ّ
غير مفيدا ،مثلما كانت تتوّقعه هذه اإلرادة فمجلس المنافسة يتدخل في الحرية التعاقدية من خالل منعها منعا
باتا أو من خالل تهذيبها.
420
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
يؤدي إلى
خل بالمنافسة ،عندما ّ
مبررا .والتّمييز ُي ّ
تعسف إذن ،كّلما كان االختالف في شروط البيع غير ّ
هناك ّ
عدم تعادل الفرص بين مختلف العمالء ،فإن لم يكن التّعامل معهم متساويا بصفة مطلقة ،وجب على األقل،
422
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
وباإلطالع على المادة 4من أمر 03-03يفهم منها بأن اإلرادة التعاقدية هي المسؤولة عن تحديد
تتعدى على قواعد المنافسة ألنها قواعد أسمى منها .حيث وان السعر في العقد ،لكن ال يمكن لهذه اإلرادة أن ّ
السابق 35يهتم بتنظيم األسعار في ذاتها ،إالّ أنه تراجع وترك المسألة لإلرادة التعاقدية .و
المشرع في ّ
ّ كان
بمهمة رقابة األسعار ،من
ّ الحرة والتّنافسية ،احتفظ
خوفا من تطرف اإلرادة و ابتعادها عن ممارسة األسعار ّ
المقيدة للمنافسة وتلك التي تمنع بعض الممارسات التجارية المتعّلقة
ّ خالل األحكام المتعّلقة بالممارسات
عد في القواعد العامة باألسعار في قانون ،02-04فأصبح إذن قانون المنافسة ّ
يتدخل في المسائل التي تُ ّ
تحكم قانون
مرة أخرى ّ ليتجسد ّ
ّ للحرية التعاقدية ومشيئة المتعاقدين،
للعقد ،من قبيل المسائل التي تعود ّ
المنافسة في مضمون العقد ،30ألنه ُيخرج مسألة تحديد األسعار من نطاق اإلرادة.
ويتالقى قانون المنافسة والقواعد العامة للعقد في اهتمامهما بمسألة األسعار ،لكن إذا كانت أحكام العقد
وينظمها بأحكام خاصة.
ّ ظمها تاركة ّإياها لإلرادة ،فعلى العكس يعطيها قانون المنافسة مكانا ًّ
مهما ال تن ّ
الخاصة ،نذكر قواعد أمر 03-03التي تهدف لعدم استعمال األسعار للقضاء علىّ من هذه األحكام
المستمرة لجلب العمالء،
ّ المنافسة والمتنافسون .فاألسعار ،مجال يمكن للمتنافسين استعماله في محاوالتهم
ظم
المشرع في هذا األمر لم ُين ّ
للنيل من المنافسة .و ّلذلك تحرص قواعد المنافسة على عدم استعماله كوسيلة ّ
يمس بقواعد المنافسة ،ألنها في نظره هي التي تضمن اعتدال
حد ذاته ،إالّ إذا كان ّ
يتدخل في السعر في ّولم ّ
األسعار وعدم استعمالها لإلضرار بالمستهلكين.
423
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
ظم األسعار ،حتى ال تُستعمل بهدف إقصاء المنافسة مما جعل تدخل قانون المنافسة ُلين ّ
يتضمن غبناّ ،
ّ أو
ذلك من قانون المنافسة يؤثر بشكل مبالغ فيه على القواعد العامة.
الفرع الثاني :ممارسة رقابة المنع في العقد
المشرع بعض الممارسات التي
ّ تضمن قانون 02-04قواعدا تسمح برقابة األسعار ،وهنا أيضا منع ّ
تؤدي الرتفاع األسعار أو انخفاضها أو اختالفها.
ّ
لقد جاء قانون المنافسة لضمان انخفاض األسعار ،غير أن المادة 19من القانون المذكور أوردت قيدا
تدخل
المشرع ّ
ّ وكأن
ّ وضيقت من ممارسة سعر المناداة.
ّ لما منعت البيع بالخسارة
على تخفيض األسعارّ ،
مباشر في
ا عد تدخال
حد البيع بالخسارة .وهو ما ُي ّ
قل عن ّ
ليضع السعر األدنى المسموح به والذي يجب أن ال ي ّ
تحديد السعر في العقود من جهة و هتك بالحرية التعاقدية من جهة أخرى.
أما في البيع بالخسارةُ 38يخّفض أيضا الموزع أسعار بعض السلع دون األخرى .ولقد اعتنت المادة 19
ّ
يقل عن سعر تكلفة السلعة الحقيقي بقولها ُ"يقصد بسعر التكلفة
حد البيع بالخسارة ،الذي ّ
بتعريف معيار أو ّ
الحقيقي ،سعر الشراء بالوحدة المكتوب على الفاتورة يضاف إليه الحقوق والرسوم ،وعند االقتضاء ،أعباء
تدخل أيضا حتى عندما تكون
النقل" .ولم يكتف قانون المنافسة بمحاربة األسعار المرتفعة أو المنخفضة ،بل ّ
يؤدي ذلك إلى خلل أو توتر اقتصادي بين الزبائن الخاضعين لشروط
األسعار مختلفة بين العمالء ،لما قد ّ
39
أحد الشروط التعاقدية غير شكل ممارسة األسعار التّمييزية
مختلفة وعدم تعادل الفرص بينهم .حيث تُ ّ
المقبولة عندما ال "تكون ّ
مبررة بمقابل حقيقي يتالءم مع ما تقتضيه المعامالت التجارية النزيهة والشريفة".
تم التّقييد من حرية تحديد األسعار عبر منع الممارسات التميزية.
وبهذا الشكل ّ
40
مبر ار –بمفهوم المخالفة للمادة -18هو
إن اشتراط المقابل الحقيقي لجعل التّمييز في األسعار ّ
ضمان لبقاء مجال لإلرادة التعاقدية ولحرية التفاوض حول مختلف العقود التي يبرمها األعوان االقتصاديون
مع مختلف عمالئهم .وأن تكييف السعر التمييزي يتحّقق عندما يكون االختالف في األسعار غير ّ
مبرر.
يؤدي لعدم تعادل الفرص بين مختلف العمالء.41 خل بالمنافسة ،عندما ّ
والتّمييز ُي ّ
ومادام المشرع يضع مبدأ منع الممارسات التّمييزية ،فإنه وعندما يتعّلق األمر باإلثبات ،فإنه يفترض
كل تمييز غير مشروع ويقع على الطرف اآلخر (القائم بالتّمييز أو المستفيد منه) ،عبء إثبات وجود المقابل ّ
أما الطرف الذي ّيدعي التّمييز ،فيكتفي بإثبات أن وضعيته تُماثل وضعية الذي ُي ّبرر المعاملة التّمييزيةّ .
المتعاملين اآلخرين الذين استفادوا من معاملة تفضيلية.42
يعوض االختالف ،السعر
تبرر اختالف األسعار ،إذ ّ
وبتطبيق مبدأ التناسب ،يمكن اعتبار أن الخدمات ّ
الحقيقي الذي كان سيدفع فيما لو لم توجد الخدمة.
424
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
425
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
أصبحت تظهر بأنها عاجزة نوعا ما عن تدارك األوضاع و التطورات التي خلقتها التحوالت التكنولوجية و
اإلقتصادية.
حماية المستهلك 03-09على مبدأ سلطان اإلرادة بحيث أظهر عدم مواكبتها للواقع و لقد أثر قانون
تراجع أحكامها بشكل مفرط و يظهر ذلك من خالل إعماله على تراجع أهم أسسها لعل أهمها مبدأ حسن النية
و ذلك من خالل تقليصه بفعل تزايد اإللتزام باإلعالم و الذي أدى بالضرورة إلى التقليص في مبدأ حسن
النية.
كما أن قانون حماية المستهلك أثر بشدة على مبدأ القوة الملزمة للعقد من خالل ظهور حق التراجع
عن العقد و الذي يمكن للمتعاقد ممارسته في أي فترة من التعاقد الذي يشكل هتك واضح لقواعد القوة الملزمة
و يضرب جوهر القوة الملزمة و مبدأ سلطان اإلرادة.
كما يظهر تراجع األسس التقليدية للنظرية العامة للعقد من خالل تداعيات قانون المنافسة 03-03على
النظرية العامة للعقد و الذي يظهر من خالل التقييد من الحرية التعاقدية من جهة و توجيه اإلرادة التعاقدية
من جهة أخرى.
كما أن تطور قانون المنافسة يظهر تقهقر النظرية العامة للعقد من خالل تدخل قانون المنافسة في
تقييد المضمون العقدي و محتوى العقد و ذلك من خالل الرقابة على األسعار و ممارسة رقابة المنع مما
جعل من القواعد التقليدية للنظرية العامة للعقد تظهر هزيلة في مواجهة تطور التشريعات الخاصة.
و من خالل ما سبق نقترح التوصيات التالية:
*على المشرع الجزائري تضمين األحكام المختلفة الـي جاءت في قانون حماية المستهلك و قانون
و تقييد المضمون و توجيه اإلرادة التعاقدية المنافسة ضمن قواعد القانون المدني كاإللتزام باإلعالم
التعاقدي ،بإضافة إلى تضمين األحكام المستحدثة التي تم وضعها في القانون المدني الفرنسي المعدل في
2016كاإللتزام بالتبصير و اإللتزام بالتنوير و التوازن المعرفي ،و ذلك بهدف حماية الطرف الضعيف من
جهة و من جهة أخرى إضفاء الحداثة على قىواعد القانون المدني و التي باتت جامدة و تقليدية.
*ضرورة إعادة النظر في األسس العتيقة التي قامت عليها النظرية العامة للعقد و جعلها أسس مرنة و
مطاطة تتماشى مع التحوالت التي فرضها التقدم اإلقتصادي و التكنولوجي و تدارك كافة الثغرات القانونية
التي تعاني منها النظرية العامة للعقد
*إلضفاء مبدأ الموازنة بين التشريعات الخاصة و القواعد العامة و جعلها قواعد متكاملة و مترابطة
عوض اإلبقاء عليها كقواعد متنافرة تأثر على بعضها البعض في كثير من األحيان و ذلك عن طريق إقحام
اإلستثناءات التي أوردتها التشريعات الخاصة على القانون المدني و جعلها كإستثناءات على القواعد العامة
ليسهل تطبيقها.
426
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
الهوامش:
.1شوقي بناسي،أثر تشريعات اإلستهالك على المبادئ الكالسيكية للعقد،أطروحة دكتوراه،جامعة الجزائر،1كلية
الحقوق،2016،ص.203
.2عبدالنور بن لعلى،منيرة جربوعة،التحوالت الراهنة للنظرية العامة للعقد:تجديد للعقد أم تخفيف من حدة القواعد
الكالسيكية،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و السياسية،المجلد ،58العدد،05السنة ،2021ص.205
الحقوق،جامعة دكتوراه،كلية للعقد،أطروحة العامة النظرية على التشريعي التوجيه بعجي،تأثير .3أحمد
الجزائر،1الجزائر،2019،ص.33
.4محمد عماد الدين عياض،تحوالت نظرية العد في ظل قانون اإلستهالك40 ،سنة على صدور القانون المدني،حوليات
الجزائر،2016،ص.255
.5يعتبر مبدأ سلطان اإلرادة مصطلح فلسفي ظهر من كتابات الفيلسوف إيمانويل كانط كمصطلح حديث في القرن الثامن
عشر
.6المادة 17و 18من القانون 03-09المؤرخ في 25فبراير 2009المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش،ج ر 15
مؤرخة في .2009-03-08
.7المادة 18من القانون السالف الذكر
.8لقد عرف المشرع الشرط التعسفي في نص المادة 03من القانون 02-04المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات
التجارية المعدل بالقانون 10المؤرخ في 15أوت 20210و التي تعرف الشرط التعسفي على كل بند أو شرط بمفرده أو
مشترك مع بند أخر،او عدة بنود أو شروط أخرى من شأنه اإلخالل الظاهر بالتوازن بين حقوق وواجبات أطراف العقد"
.9المؤرخ في 15أوت 20210و التي تعرف الشرط التعسفي على كل بند أو شرط بمفرده أو مشترك مع بند أخر،أو عدة
بنود أو شروط أخرى من شأنه اإلخالل الظاهر بالتوازن بين حقوق وواجبات أطراف العقد"
زين المستهلك،منشورات حماية قانون ظل في الملزمة الدين،القوة نصر حسين .10نسرين
الحقوقية،بيروت،لبنان،2018،ص.456
.11على عكس المشرع الفرنسي الذي توسع في حماية المستهلك بحيث نص على حق المستهلك في العدول عن العقد في
مواطن عديدة كما هو الحال في عقود التأمين و في بعض العقود ذات الصبغة المالية و قد توسع في فرض الحماية و
هو ما يمكن مالحظته أيضا في أمريكا و ألمانيا.
األول،العدد الجزائر،الجزء جامعة التعاقدي،بحوث المجال في اإلرادة دور تراجع بريح،مدى .12أمال
،14الجزائر،2020،ص.25
.13مصطفى أحمد عمرو،التنظيم القانوني لحق المستهلك في العدول،دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية،مصر،2016،ص10
14. Cf. Ph.Malaurie, La notion d’ordre public économique, préc., p.49 et s.
بالحرية
ّ الحرية ،فإن هذه األخيرة تجد أحد ضوابطها في القيام
" .15إذا كان الهدف والمبدأ األساسي في العالقات التّعاقدية هو ّ
الحرية التّعاقدية)
وعمليا فإن هذا الدور الذي تنهض به قواعد المنافسة (تحديد ّ
ّ بالحرية التنافسية... .
ّ األخرى ،تلك المتعّلقة
كيف على أساس أنها من النظام العام .إن فكرة النظام العام االقتصادي يمكن اعتبارها ال يجد أساسا له إالّ في قواعد تُ ّ
نقطة التقاء بين النظرية العامة للعقود وقواعد المنافسة" .محمد تيورسي ،فكرة النظام العام االقتصادي كنقطة التقاء بين
الحرية التجارية ،مجلة مخبر القانون الخاص األساسي ،جامعة تلمسان ،عدد ،2007/04ص.177.
قواعد المنافسة و ّ
.16المادة 06من األمر .03-03
427
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
ليرخصها .مع
المعنيين بعملية التّجميع أن يقوموا بتبليغها لمجلس المنافسة ّ
ّ المعدل
ّ ُ .17تلزم المادة 17من أمر 03-03
الحصة التي تتجاوز 40
ّ للرقابة .وتتمثّل في
يتعين أن تخضع ّ
المالحظة أنه يجب أن تتوّفر شروطا في التّجميعات التي ّ
بالمائة من المبيعات أو المشتريات المنجزة في السوق والمساس بالمنافسة.
كل أو
المعدل العقود من بين وسائل اكتساب الرقابة المباشرة أو غير المباشرة على ّ
ّ .18تذكر المادة 15من أمر 03-03
مؤسسة ما.
جزء من ّ
المعدل.
ّ .19راجع المادة 20من أمر 03-03
ار سلبيا بخصوص التّجميع ،بعد أخذ رأي الوزير
يتخذ قر ا
المعدل أن ّ
ّ .20لمجلس المنافسة حسب المادة 19من أمر 03-03
المكّلف بالتجارة والوزير المكّلف بالقطاع المعني بالتّجميع.
يرخص التّجميع وفق شروط من شأنها أن تخّفف آثاره المعدل لمجلس المنافسة أن ّ ّ .21تُجيز المادة 2/19من أمر 03-03
السيئة على المنافسة.
يتعهدوا باتّخاذ تدابير تُخّفف من آثار التّجميع ّ
للمعنيين أن ّ
ّ على المنافسة .كما يمكن
22. Cf. H., L. & J.Mazeaud, & F.Chabas, Leçons de droit civil, t.II, premier volume :
Obligations, Théorie générale, 9ème éd., DELTA, LGDJ, 2000, p.105, n°118 et s. ; J.Flour, J.-
L.Aubert & E.Savaux, op.cit., p.86, n°124 et s.
23. Cf. H., L. & J.Mazeaud, & F.Chabas, op.cit, p.108, n°121 ; M.Chagny, th., op.cit., p.293,
n°286 et s.
24. Cf. D.Ferrier & D.Ferré, La réforme des pratiques commerciales (loi n°2008-776 du 4 août
2008), D. 2008, chr., p.2234.
حدة التّنازع القائم بين القواعد العامة وقانون المنافسة ،حيث تتعارض ّ
الحرية التّعاقدية مع مساواة الفرص. .25وهذا ما ُيظهر ّ
.26نوال صاري،قانون المنافسة و القواعد العامة لإللتزامات،رسالة دكتوراه في القانون الخاص،جامعة جياللي اليابس ،كلية
الحقوق ،سيدي بلعباس،الجزائر ،2010،ص.50
الصدد ،للقرار الصادر عن الغرفة التجارية لمجلس قضاء الجزائر العاصمة بتاريخ 2001/03/12الذي .27نشير في هذا ّ
تمت متابعتها على أساس
تحتج بها المستأنفة (الشركة التي ّ
ّ حرية الممارسة التجارية التي
جاء فيه مايلي " :فضال عن ّ
قانون المنافسة) ليست مطلقة كما تراها هي وانما لها حدود ،ذلك أن المادة 7من أمر ( 06-95وهو الذي كان ُين ّ
ظم
المنافسة في فترة صدور هذا القرار) تمنع البيع التّمييزي وأن المادة 14من أمر 06-95تعاقب على القيام به" .منشور).
28. Cf. P.Arhel, préc., p.39, n°354-355.
29. Cf. J.Flour, J.-L.Aubert & E.Savaux, op.cit., p.86, n°124.
طرق التي اتّبعها المش ّرع في
.30هذا وتجدر اإلشارة أن أمر 03-03ليس سوى مرحلة من مراحل أخرى سابقة ،تُ ّبين إحدى ال ّ
تطور نظام األسعار في الجزائر ،أنظر مقدمة هذه الرسالة؛ م.بودالي ،رسالة الدكتوراه ،المرجع
تنظيم األسعار .وحول ّ
السابق ،ص 486.وما بعد.
تتدخل تدخال كليًّا في األسعار.
السائد ،كانت الدولة ّ
.31ونقصد هنا الفترة السابقة ألمر .06-95حيث تبعا للنظام االشتراكي ّ
الخاصة
ّ التدخل ،نشير ألمر 37-75المؤرخ في 1975/04/29المتعّلق باألسعار وقمع المخالفاتّ وللتدليل على هذا
تم تقسيمها إلى 4أنواع:
بتنظيم األسعار .وبموجبهّ ،
المتوسط؛ األسعار
ّ معينة لكونها ضرورية للمستهلك
المشرع بالنسبة لمنتجات ّ
ّ حددها
األسعار الثابتة :وهي أسعار ّ
المعوزة
ّ معينة وال يؤخذ في حسابها سعرها الحقيقي ،ألن الهدف منها ،تمكين الفئات
لمدة ّ
محددة ّ
الخاصة :وهي أسعار ّ
ّ
تخص بعض
ّ المستقرة:
ّ معينة ،وكأنها موضوعة لخدمة هذه األنشطة؛ األسعار
من الحصول عليها أو تطوير نشاطات ّ
المخصصة
ّ وكل ما يدخل في الصفقات العمومية ،والهدف منها أن ال يتم المساس بالغالفات
السلع ،كمواد البناء ّ
428
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
الممارسة على المدى الطويل الرتفاع األسعار ،بفعل القدرة في السوق التي ّ
تم اكتسابها أو الحفاظ عليها .فالسعر القناص
ال يرجع لمفهوم الخسارة ،ألن من يمارسه يتنازل عن ربح مباشر بهدف الزيادة في ربح مستقبلي .وأن التنازل عن ربح
يتعين التفرقة بين ما إذا كان انخفاض األسعار
مباشر ال يعني بالضرورة قبول خسارة ،ولكن قبول ربح ضعيف .وعليه ّ
مالحظا في سوق تنافسي أو بقصد إزاحة المنافسة الحقا.
36. Cf. L.Benzoni, Les enseignements de l’analyse économique, préc., pp. 8-9.
.37تضيف المادة 18من قانون 02-04وبنفس الشروط آجال الدفع ،شروط البيع أو كيفيات بيع أو شراء تمييزي.
.38باإلضافة لشرط عدم وجود المقابل الحقيقي ،تشترط المادة L.442-6-I-1°من القانون التجاري الفرنسي شرط إحداث
تمس بالقدرة التّنافسية للزبون ّ
وتؤدي إلقصائه. الممارسة التّمييزية لمنفعة أو خسارة في المنافسة ،أي أنها ّ
39. Cf. P.Arhel, op.cit., p.40, n°362 ; H.Narayan-Fourment, th., op.cit., p.253, n°405.
مجرد استثناءات .ومن خالله ال يتم تطبيق المنع،
مهم ،ألنه ال يجعل مبادئ حرية األسعار والتفاوض والتعاقد ّ
.40وهذا الشرط ٌّ
إالّ إذا كان هناك تأثير على المنافسة بخلق الموانع واقصاء المتنافسين ،دون أن يترتّب ذلك عن عدم ّ
تفوقهم وقدرتهم على
التنافس .أي ال يتم تقييد حرية تحديد مضمون العقد ،إالّ إذا كانت ّ
تمس فعال المساواة في المنافسة .حيث تنقطع هذه
يجسد التنازع القائم بين القواعد العامة لاللتزامات وقانون
كل هذا ّ
المساواة لمصلحة متعامل واإلضرار بمتعامل آخرّ .
المنافسة.
41. Cf. Y.Guyon, Droit des affaires, op.cit., p.928, n°869 ; D.Brault, Droit et politique de
concurrence, op.cit., p.165.
42. * Cf. M.Chagny, th., op.cit., p.350, n°348 ; H.Narayan-Fourment, th., op.cit., p.250, n°401.
429
( ص ص )430 ،411 : مجلة الفكر القانوني والسياسي ) (ISSN: 2588-1620المجلد السادس العدد األول ()2022
دور التشريعات الخاصة في إضعاف مبادئ النظرية العامة للعقد
430