You are on page 1of 142

‫اجلامعة اللبنانية‬

‫كلية الفنون اجلميلة والعمارة‬


‫الفرع الرابع – دير القمر‬

‫العامة‬
‫حقوق اإلنسان واحلرايت ّ‬

‫د‪ .‬رامي كمال عطاهللا‬

‫‪1‬‬
‫مدخل‬

‫إشكالية المادة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫اإلنسان كائن إجتماعي ال يستطيع العيش منفرداً‪ .‬واألفكار القائلة بالفردانية‬


‫تماعية‬
‫فلسفية ال تجد تطبيقات عملية لها‪ ،‬إذ ان التجارب االج ّ‬
‫ّ‬ ‫مجرد أفكار‬
‫‪ Individualisme‬تبقى ّ‬
‫أثبتت دوام انتماء اإلنسان إلى جماعة‪.‬‬

‫فالفرد والمجتمع مفهومان ال ينفصالن‪ ،‬وحياة الفرد ال تستوي – طبيعياً واجتماعياً وسياسياً‬
‫– إال ضمن مجتمع ينتمي إليه بالوالدة أو باإلختيار‪.‬‬

‫بأنه ال يمكن‬
‫إذاً نقطة االنطالق لمشكلة الحرية تكمن هنا‪ ،‬وهي تظهر بمجرد اإلقرار ّ‬
‫فرضية اإلنسان المنعزل‬
‫ّ‬ ‫ألنه ال يمكن طرح مشكلة الحرية في‬
‫تصور اإلنسان إال ككائن اجتماعي‪ّ .‬‬
‫يقية – بينما هي تطرح وبإلحاح عند الكالم عن اإلنسان ككائن إجتماعي‪،‬‬
‫– إالّ من وجهة نظر ميتافيز ّ‬
‫وذلك في مجال عالقاته مع اآلخرين من ناحية‪ ،‬وفي مجال عالقاته مع مجمل الوسط االجتماعي‬
‫اّلذي يعيش فيه من ناحية أخرى‪.‬‬

‫وكون اإلنسان جزءاً من جماعة يعني خضوعه لبعض القيود والواجبات إذ ال بد ّ‬


‫لكل مجتمع‬
‫ّأياً كان نوعه و ّأياً كانت درجة تطوره ( أسرة‪ ،‬قبيلة‪ ،‬عشيرة ‪ ،....‬دولة) من نظام يحكمه‪ ،‬ومن سلطة‬
‫ألن من لم يكن‬
‫تتوّلى قيادته‪ .‬فكيان اإلنسان ال يتحّقق‪ -‬كما يقول أرسطو – إال بمعيشته في دولة‪ّ ،‬‬
‫إما فوق الدولة‬ ‫عضواً في دولة وال صالحاً ألن يكون عضواً في دولة‪ ،‬فهو ّ‬
‫إما إله وا ّما حيوان‪ ،‬فهو ّ‬
‫فإن التناقض األساسي اّلذي واجه ويواجه اإلنسان هو أن يكون في آن معاً فرداً‬ ‫أو تحتها‪ .‬وبالتالي ّ‬
‫اجتماعياً‪ ،‬للجماعة سلطة عليه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الخاصة به‪ ،‬وكائناً‬
‫ّ‬ ‫ممي اًز له حرّيته‬
‫ّ‬

‫‪2‬‬
‫اإلنسانية وتاريخ المجتمع‬
‫ّ‬ ‫" فالسلطة ضرورّية في المجتمع والحرية ضرورّية للطبيعة‬
‫البشري هو تاريخ عالقة السلطة بالحرّية"‪.‬‬

‫المجرد اّلذي شغل بال‬


‫ّ‬ ‫إن الحرية موضوع بحثنا في هذه المادة ليست إذن هذا المفهوم‬
‫ّ‬
‫حد يمكن اعتبار اإلنسان‬
‫أي ّ‬ ‫اإلنسان منذ أن وجد في هذ الكون ّ‬
‫فتغنى به وتاق إليه‪ ،‬وال معرفة إلى ّ‬
‫حر اإلرادة ومتى يكون كذلك‪ّ .‬‬
‫أي ليست الحرية بمفهومها األخالقي‪ ،‬وال الديني وال الفلسفي‪،‬‬ ‫مخلوقاً ّ‬
‫أي‬
‫ظم سياسياً‪ ،‬الخاضع لسلطة‪ّ ،‬‬‫بل ما يهمنا دراسته هنا هو حرّية الفرد في اطار المجتمع المن ّ‬
‫قانونية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وسياسياً والخاضعة لضوابط وأطر‬
‫ّ‬ ‫اجتماعياً‬
‫ّ‬ ‫الحرّية المعاشة‬

‫العامة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تعريف الحريات‬ ‫‪.2‬‬

‫ليس هناك اتفاق على تسمية واحدة لهذه المادة‪ ،‬كما ّأنه ال يوجد حتّى اآلن تعريف م ْر ٍ‬
‫ض‬ ‫ُ‬
‫لها بصورة متكاملة‪.‬‬
‫متعددة‪ .‬فالبعض‬
‫أن التعابير المستعملة للداللة على المادة ّ‬
‫بالنسبة للنقطة األولى نجد ّ‬
‫الفردية‬
‫ّ‬ ‫األساسية للفرد" أو "الحريات‬
‫ّ‬ ‫العامة" والبعض يستعمل تعبير "الحقوق‬
‫يستعمل تعبير "الحريات ّ‬
‫األساسية" والبعض اآلخر يستعمل تعبير "حقوق اإلنسان"‪.‬‬
‫ّ‬

‫هذا الواقع يدفعنا أكثر فأكثر إلى البحث عن تعريف نعتمده بغض النظر عن التسمية‬
‫كل تعريف‪ ،‬يثير صعوبات فعلّية‪،‬‬
‫إن ّ‬
‫اّلتي يمكن أن يطلقها هذا المؤّلف أو ذاك‪ .‬لكن في الحقيقة ّ‬
‫خصوصاً عندما نحاول تجاوز المفهوم الشائع والمبهم للحريات العامة‪ ،‬ألسائد في أذهان الرأي العام‬
‫أساسيتين للوصول إلى‬
‫ّ‬ ‫ثمة وسيلتين‬
‫فإن ّ‬
‫الصحافية‪ .‬بالرغم من هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫السياسية و‬
‫ّ‬ ‫والمتداول في اللغة‬
‫العامة وغيرها من الحرّيات‪،‬‬
‫إما عن طريق البحث عن معيار ُنمّيز بموجبه بين الحرّيات ّ‬
‫تعريف‪ ،‬وذلك ّ‬
‫تعدد الحقوق والحرّيات اّلتي يشكل مجموعها ما ّ‬
‫يسمى بالحرّيات العامة‪.‬‬ ‫وا ّما عن طريق وضع الئحة ّ‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬التعريف بطريق البحث عن معيار‪:‬‬
‫صرفاته‬
‫مكانية السيطرة على الذات‪ ،‬بموجبها يختار اإلنسان بنفسه ت ّ‬
‫"الحرّية" هي سلطة وا ّ‬
‫العامة" فهي ذلك النوع من الحريات‬ ‫الشخصية ويمارس نشاطاته دون عوائق أو إكراه‪ّ .‬‬
‫أما "الحرّيات ّ‬ ‫ّ‬
‫اّلذي ال يظهر إلى الوجود القانوني إال بتفرعاته ووجوهه العملية‪ ،‬فإذا به مجموعة من الحقوق‬
‫االمكانيات المعطاة للفرد واذا األمر يتعّلق بحرّيات تظهر بالجمع وليس بالمفرد‪ ،‬واذا بهذه الحريات‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫العامة"‪ .‬فتعبير "العام" ‪ Public‬هو تعبير شائع في اللغة‬
‫ّ‬ ‫ألنها تفترض تدخل "السلطات‬ ‫عامة" ّ‬
‫" ّ‬
‫كل من‬‫القانونية‪ ،‬حيث يقال القانون العام والمرفق العام والقطاع العام للداللة على دور الدولة في ّ‬
‫ّ‬
‫العامة لإلقرار واالعتراف بحرّيات وحقوق‬
‫تتدخل فيها السلطات ّ‬ ‫مرة ّ‬‫كل ّ‬
‫أي ّأنه في ّ‬
‫هذه المجاالت‪ّ .‬‬
‫قانونية‪ ،‬فإ ّن هذه الحرّيات ترقى من مرتبة‬
‫ّ‬ ‫مكانيات لألفراد وتنظيمها وضمانها بموجب قواعد‬
‫وا ّ‬
‫العامة”‪ .‬لذلك يمكن اختصار هذا األمر بالقول‪" :‬الحريات‬
‫ّ‬ ‫المجردة" إلى مرتبة “الحرّية‬
‫ّ‬ ‫"الحرّية‬
‫التحكم بها‪ .‬العالقة‬
‫الوضعية‪ ،‬للسيطرة على الذات و ّ‬
‫ّ‬ ‫المكرسة بموجب القوانين‬‫ّ‬ ‫العامة" هي القدرة‪،‬‬
‫تصور‬
‫العامة وال ّ‬
‫فإنه ال يمكن الكالم على الحرّيات ّ‬
‫العامة والدولة‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫إذاً وثيقة بين الحرّيات ّ‬
‫محدد‪.‬‬
‫قانوني ّ‬ ‫وجودها ّإال في إطار نظام‬
‫ّ‬
‫العامة" من جهة و"حقوق اإلنسان"‬
‫األساسية بين "الحرّيات ّ‬
‫ّ‬ ‫هذه النقطة بالذات هي نقطة التمييز‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬

‫فحقوق اإلنسان هي مجموعة الحقوق الطبيعية اّلتي يمتلكها اإلنسان واللصيقة بطبيعته‪،‬‬
‫واّلتي تظل موجودة وان لم يتم االعتراف بها‪ ،‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬حتّى ولو انتهكت من قبل سلطة‬
‫ما‪.‬‬

‫فمفهوم "حقوق اإلنسان" يقع إذاً خارج وفوق أطر القانون الوضعي بعكس مفهوم "الحرّيات‬
‫العامة"‪.‬‬
‫ّ‬
‫أما من حيث المضمون والمحتوى‬ ‫هذا من حيث الموقع القانوني لكل من المفهومين‪ّ ،‬‬
‫محددة من الحرّيات اّلتي اعترف‬
‫يتضمن مجموعة ّ‬
‫ّ‬ ‫العامة"‬
‫فإنهما كذلك مختلفان‪ .‬فمفهوم "الحرّيات ّ‬
‫ّ‬

‫‪4‬‬
‫يتعدى كثي اًر هذا اإلطار الضيق‬ ‫ظمها وضمنها‪ .‬أما مفهوم "حقوق اإلنسان" ّ‬
‫فإنه ّ‬ ‫بها القانون ون ّ‬
‫أدنى من الحماية‬
‫المادي‪ ،‬حد ّ‬
‫ّ‬ ‫أدنى من األمن‬
‫اإلنسانية‪ :‬حد ّ‬
‫ّ‬ ‫كل ما تحتاجه الطبيعة‬
‫ليالمس ّ‬
‫إمكانية الوصول إلى العلم والثقافة‪ ...‬هو إذاً‬
‫ّ‬ ‫أدنى من‬
‫إمكانية إيجاد عمل مدفوع‪ ،‬حد ّ‬
‫ّ‬ ‫الصحية‪،‬‬
‫ّ‬
‫مفهوم قابل للتوسع بمقدار تطور الجنس البشري وازدياد حاجاته‪.‬‬

‫أخي اًر يختلف المفهومان من حيث ما يرتّبانه على عاتق السلطة‪ .‬فبينما تعتبر الحرّيات‬
‫إمكانيات اختيار مرتبطة باإلنسان الفرد ويمكن أن يستفاد منها بمعزل عن السلطة‬ ‫ّ‬ ‫العامة بمثابة‬
‫ّ‬
‫الفعلية منها‬
‫ّ‬ ‫أن حقوق اإلنسان ال يمكن تأمينها واإلستفادة‬
‫قانونياً)‪ ،‬نجد ّ‬
‫ّ‬ ‫(بعد أن تكون قد ن ّ‬
‫ظمتها‬
‫مؤسسات‬
‫اجتماعي‪ّ ،‬‬ ‫عامة لهذا الغرض‪ :‬ضمان‬
‫إال عن طريق السلطة وما تنشئه من مرافق ّ‬
‫ّ‬
‫تعليمية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫صحية‪،‬‬
‫ّ‬

‫العامة” غالباً ما يستعمل‬


‫التقنية لهذا التمييز‪ ،‬فتعبير “الحرّيات ّ‬
‫ّ‬ ‫نلفت النظر إلى الطبيعة‬
‫اإلمكانيات اّلتي يمتلكها المواطن سواء أكانت حرّيات أو‬
‫ّ‬ ‫في إطار الدولة للداللة على مجموعة‬
‫حقوقاً‪ ،‬بينما ُيحتفظ بتعبير "حقوق اإلنسان" للداللة على اهتمام المجتمع الدولي بهذا الموضوع‪.‬‬

‫العامة‪:‬‬
‫تعدد الحرّيات ّ‬
‫‪ -‬التعريف عن طريق وضع الئحة ّ‬
‫التعرف على مضمون هذا التعبير وبالتالي عن طريق‬
‫العامة عن طريق ّ‬
‫ّ‬ ‫يمكن تعريف الحرّيات‬
‫التعداد بواسطة االعتماد على‬
‫يتم هذا ّ‬‫تعداد الحرّيات والحقوق الّتي تدخل في إطاره‪ .‬ويمكن أن ّ‬
‫تصانيف مختلفة‪ .‬بحسب موضوع الحرّيات فنقول مثالً‪ :‬بد ّنية أو فكرّية‪ ...‬كما يمكن أن يت ّم بحسب‬
‫جماعياً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فردياً أو‬
‫طريقة ممارستها‪ّ :‬‬

‫فإننا لن ندخل في خضم هذا الموضوع بل نكتفي باإلشارة إلى أن‬


‫ومهما يكم من أمر ّ‬
‫أي تصنيف يمكن أن يكون صحيحاً إذا ما احترم المعيار اّلذي يستند إليه‪ .‬وحسبنا أن نقول ّأنه‬
‫ّ‬
‫العامة إلى الفئات التالية‪:‬‬
‫يمكن تقسيم الحرّيات ّ‬

‫‪5‬‬
‫البدنية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الحرّيات‬
‫‪ -‬الحرّيات الفكرّية‪.‬‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الحرّيات‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الحرّيات‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الحرّيات والحقوق‬

‫وتتضمن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫البدنية‬
‫ّ‬ ‫البدنية أو السالمة‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫‪.I‬‬

‫التعسفي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬حق اإلنسان بالبقاء بمعزل عن التوقيف‬
‫‪ -‬عدم جواز اتهام اإلنسان أو اعتقاله إال بموجب القانون‪.‬‬
‫عمليات التعذيب عليه‬
‫‪ -‬عدم جواز التعدي على بدن اإلنسان بإزهاق روحه أو استرقاقه أو ممارسة ّ‬
‫أو تشويهه‪.‬‬
‫‪ -‬تمتع المنزل بحرمة‪.‬‬
‫الهاتفية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يدية واالتصاالت‬
‫‪ -‬حرية المراسالت البر ّ‬
‫‪ -‬حرية التنّقل‪.‬‬

‫وتتضمن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ -‬الحرّية الدينية بمفهومها السلبي أي حرّية المعتقد وبمفهومها اإليجابي أي حرّية ممارسة‬
‫الدينية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشعائر‬
‫‪ -‬حرية الرأي والتعبير‪.‬‬
‫‪ -‬حرية التعليم وتنطوي على ثالثة حقوق‪ :‬الحق بالتعليم و ُّ‬
‫التعلم واختيار المعّلم‪.‬‬ ‫ّ‬

‫وتتضمن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫السياسية‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫‪.III‬‬
‫اطية وحق المواطن في المساهمة في الشؤون‬
‫السياسية عن طريق الممارسة الديمقر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬حرية المعارضة‬
‫العامة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الجمعيات واألحزاب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التجمع وتأليف‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬حرّية‬

‫‪6‬‬
‫وتتضمن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫‪.IV‬‬
‫الفردية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫حق‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬حرّية التجارة والصناعة‪.‬‬

‫وتتضمن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اإلجتماعية‬
‫ّ‬ ‫الحريات والحقوق‬
‫ّ‬ ‫‪.V‬‬
‫االقتصادي‪ :‬الحصول على عمل واختيار العمل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الحق باألمن‬
‫‪ -‬الحق باألمن اإلجتماعي‪ :‬تنظيم شروط التعاقد مع أرباب العمل ‪.‬‬
‫‪ -‬الحق بالحد األدنى لألجور – الحق بالضمان الصحي وضمان الشيخوخة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬الحق بالحصول على اجازات مدفوعة‪...‬‬
‫النقابية – حق اإلضراب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الحق باألمن السياسي‪ :‬الحرّية‬

‫‪7‬‬
‫العامة‬
‫ّ‬ ‫األول‪ :‬مصادر حقوق اإلنسان و ّ‬
‫الحريات‬ ‫القسم ّ‬

‫الروحية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يخية و‬
‫األول‪ :‬المصادر التار ّ‬
‫الفصل ّ‬
‫الفلسفية واّلتيارات الفكرّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬النظرّيات‬
‫القانونية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المصادر‬
‫األساسية لحقوق وحرّيات األفراد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬الضمانات‬

‫‪8‬‬
‫الروحية‬
‫ّ‬ ‫التاريخية و‬
‫ّ‬ ‫الفصل األول ‪ :‬المصادر‬

‫الحريات في الشرق القديم‬


‫ّ‬ ‫األول‪:‬‬
‫المبحث ّ‬
‫الدينية‪ ،‬فكان‬
‫ّ‬ ‫السياسية مع السلطة‬
‫ّ‬ ‫إتسمت الحضارات القديمة في الشرق بإتحاد السلطة‬
‫ّ‬
‫على المواطنين أن يخضعوا ال للتشريعات المدنية فحسب بل للشرائع اّلتي توحي بها اآللهة‪ ،‬لذا‬
‫تضاءلت حرّية الفرد لتنحصر ضمن هذه التعاليم‪.‬‬

‫وبالرغم من ذلك تحدث الملوك منذ القدم عن الحرّية‪ ،‬فمن األلف الثالث قبل الميالد وهب‬
‫الملك السومري أيرو كاجينا شعبه الحرّية‪ ،‬وحمورابي في بداية األلف الثاني قبل الميالد قد اعتمد‬
‫في تنظيمه للمجمتع على التشريع‪ ،‬فأمن السالم واإلستقرار لشعبه‪.‬‬

‫الجنائية والتنظيم القضائي غاية في‬


‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫أما في مصر القديمة فقد بلغت القوانين‬
‫ّ‬
‫الرقي والحضارة‪ ،‬والى هذا العهد ترقى أولى المرافعات المكتوبة‪ .‬وكان المتقاضون متساوون أمام‬
‫بأشد‬
‫اإلنسانية ّ‬
‫ّ‬ ‫للشخصية‬
‫ّ‬ ‫تتعرض‬
‫أن العقوبات كانت ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬إالّ ّ‬
‫ّ‬ ‫المحاكم إذا تساووا في الرتبة‬
‫االجتماعية الدنيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سيما إذا كان المحكوم عليهم من الطبقات‬
‫أنواع األذى‪ ،‬ال ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحضارة الهللينية ( اليونان وروما)‬

‫اليونانية‬
‫ّ‬ ‫إفتقدت هذه الحضارة إلى أهم عناصر الحرّية‪ ،‬وهو مبدأ المساواة‪ ،‬ففي المدن‬
‫أما الفئات‬
‫وفي األمبراطورّية لم يكن يتمتّع بالحرّية إالّ الذكور من طبقة األحرار المواطنين‪ّ .‬‬
‫المستثنات من حّقها في الحرية الكاملة فهي‪:‬‬
‫بأنها الديانة‬
‫اطنية كانت تفهم ّ‬
‫ألن المو ّ‬
‫بأي حق‪ّ ،‬‬
‫‪ -‬فئة األجانب‪ :‬اّلذين لم يعترف لهم ّ‬
‫المشتركة وممارسة العبادة المشتركة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ثم زوجها)‪ ،‬كذلك لم يكن للمرأة‬
‫‪ -‬فئة النساء‪ :‬فالمرأة كانت تخضع للوصاية ( أبيها ومن ّ‬
‫أي حق في المقاضاة أمام المحاكم‪ ،‬كما ّأنه لم يكن لها حق في اإلرث واّنما كانت‬ ‫ّ‬
‫تعوض بالبائنة ( الدوطة)‪.‬‬‫ّ‬
‫رب العائلة‬ ‫يتمتعون بحّقهم في الحرّية الكاملة‪ّ ،‬‬
‫ألن ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬فئة األوالد الذكور‪:‬هؤالء لم يكونوا‬
‫التصرف الكاملة بزوجته وأبنائه وعبيده‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خاصة كان يملك حرّية‬
‫لدى الرومان بصفة ّ‬

‫خص الحرّية فقد كانت تعني في اليونان منذ قوانين صولون التمتع بثالثة أنواع من المساواة‪:‬‬
‫وفيما َّ‬

‫‪ .1‬المساواة أمام القانون ‪. Isonomia‬‬


‫العامة ‪. Isogoria‬‬
‫‪ .2‬المساواة في الوظائف ّ‬
‫‪ .3‬المساواة في تولي السلطة ‪.Isocratia‬‬

‫ليونانية‬
‫ّ‬ ‫ّإال ّأننا وفي خضم هذه السيطرة المطلقة للمدينة على الفرد‪ ،‬وجدنا بذور الحرية في المدن ا‬
‫فالتمييز بين وجهي الحرية يعود إلى أرسطو اّلذي قال‪" :‬إ ّن الحرّية ذات وجهين‪ :‬الوجه األول أن نكون‬
‫التصرف كما يشاء"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بالتناوب حكاماً ومحكومين‪ ،‬والوجه الثاني أن يكون لكل فرد حرية‬

‫الفردية وبوجود قانون‬


‫ّ‬ ‫إستمر نمو الشعور بالحرّية‬
‫ّ‬ ‫وحين إنتقل مركز الحضارة الهللينية إلى روما‬
‫ثمة قانون حقيقي‪ ،‬العقل حق‪ ،‬المنسجم والطبيعة وهو‬ ‫طبيعي يحميها يؤّكده شيشرون ‪ Ciceron‬بقوله‪ّ " :‬‬
‫الفردية كان يرافقه تقليض لمبدأ المساواة‪ ،‬فكانت الحرّيات‬
‫ّ‬ ‫أن "نمو الحرّية‬
‫يتبدل وال يزول"‪ّ ،‬إال ّ‬
‫ال ّ‬
‫األساسية تتمتّع أو تضيق تبعاً للمركز االجتماعي للمواطن وهذا األمر مرده إلى أن الحكم في روما لم‬
‫ّ‬
‫األوليفارشية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اطية المباشرة بل على نوع من الحكم التمثيلي هو حكم‬
‫يكن قائماً على الديمقر ّ‬

‫‪10‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الفكر المسيحي‪:‬‬

‫المسيحية في‬
‫ّ‬ ‫المسيحية من أهم التطورات اّلتي عرفتها البشرّية‪ ،‬لقد ظهرت‬
‫ّ‬ ‫يعتبر ظهور‬
‫الرومانية‪ ،‬وأصبحت الدين الرسمي للدولة مع وصول اإلمبراطور‬
‫ّ‬ ‫أرض كانت جزءاً من األمبراطورّية‬
‫قوتها وانتشارها‪ ،‬وأصبحت في عهد تيودوسيوس عام ‪ 393‬م عقيدة‬
‫مما زاد في ّ‬
‫قسطنطين عام ‪ 313‬م ّ‬
‫الرسمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدولة‬

‫اجية السلطة‪.‬‬
‫الفردية وازدو ّ‬
‫ّ‬ ‫أساسيين‪ :‬فكرة‬
‫ّ‬ ‫المسيحية عن غيرها من اّلتيارات السابقة‪ ،‬بمبدأين‬
‫ّ‬ ‫تميزت‬
‫ّ‬

‫مجرد جز ّئية‬
‫المسيحية‪ .‬فالفرد ليس ّ‬
‫ّ‬ ‫الروحية اّلتي أتت بها‬
‫ّ‬ ‫الفردية بداية اإلنطالقة‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬تعتبر فكرة‬
‫تتعدى‬‫صغيرة في جسد الدولة‪ ،‬بل هو مخلوق سام يتمتّع بقيم مطلقة ويسعى إلى أهداف عليا ّ‬
‫الدنيوية للدولة‪ .‬فهو يملك إذن بروحه وكيانه قيمة أسمى من تلك‬
‫ّ‬ ‫في أبعادها ومراميها األهداف‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عضويته في الهيئة‬
‫ّ‬ ‫اّلتي تأتيه نتيجة‬
‫ب‪ .‬المفهوم الجديد الثاني الّتي أتت به المسيحية‪ ،‬واّلذي لم يعرف له العالم القديم مثيالً من قبل هو‬
‫الزمنية اّلتي تتوالها الدولة‪ .‬وذلك‬
‫ّ‬ ‫عمها الكنيسة والسلطة‬
‫الروحية اّلتي تتز ّ‬
‫ّ‬ ‫التفرقة بين السلطة‬
‫حرمت الكنيسة الخلط واإلندماج‬‫تأكيداً لقول السيد المسيح "أعط ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل"‪ ،‬لقد ّ‬
‫اّلذي كان قائماً بين الدين والدنيا‪ ،‬حيث كانت المدينة تجمع بينهما في إطار واحد‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬الدولة اإلسالمية‪:‬‬

‫يميل بعض الباحثين والمستشرقين األجانب إلى اعتبار اإلسالم مجرد دعوة دينية ال‬
‫أن اإلسالم نظام شامل وكامل‬
‫عالقة له بأمور الدنيا والسياسة‪ّ .‬إال ّانه يغيب عن بال هؤالء ّ‬
‫اهتم بتنظيم عالقة الدولة‬
‫الجماعي‪ .‬وقد ّ‬‫الفردي و‬
‫ّ‬ ‫للحياة‪ ،‬و ّأنه جاء ليحكم كاّفة السلوك اإلنساني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باألفراد والدول‪ ،‬وعالقة الحاكم السياسي والمسؤول اإلداري بالرعايا وغير ذلك من العالقات‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫والتنظيمات السياسية واإلدارية و‬
‫‪11‬‬
‫ونادى اإلسالم بالمساواة كمبدأ أساسي من المبادىء اّلتي قام عليها‪ ،‬وأقام دولة جديدة‬
‫يتساوى فيها الناس أمام أحكام الشريعة وفي ساحة القضاء‪ ،‬وفي ممارسة حقوقهم وحرّياتهم بال‬
‫تفرقة بسبب اللون أو الجنس أو اللغة‪.‬‬

‫ميز بين الرجل والمرأة فيما يتعّلق بناحية اإلرث والشهادة‪ ،‬إالّ ّأنه عمل‬
‫واذا كان اإلسالم قد ّ‬
‫المدنية الكاملة سواء قبل الزواج أو‬
‫ّ‬ ‫على رفع شأن المرأة حيث أصبحت مع اإلسالم تتمتع باألهلية‬
‫بعده ما دامت قد بلغت سن األهلية‪.‬‬

‫خص األرقاء وأهل الذمة‪.‬‬


‫أن مبدأ المساواة لم يلق التطبيق الكامل فيما ّ‬
‫ّإال ّ‬
‫أقرتها الدولة اإلسالمية‪ ،‬نرى ّأنها تنطلق من مبدأ‬
‫وفيما يتعّلق بالحريات العامة اّلتي ّ‬
‫أن بعض الحريات والحقوق‬‫وكل ما ليس محظو اًر فهو مباح‪ .‬غير ّ‬
‫أساسي أن األصل هو اإلباحة‪ّ ،‬‬
‫خاصة‪ ،‬كحق الحياة‪ ،‬والحق في األمن‪.‬‬
‫األساسية كانت موضع حماية ّ‬
‫ّ‬

‫أقر حق المشاركة في الحياة السياسية ( مبدأ الشورى)‪.‬‬


‫كما ّ‬
‫الملكية والعهود‪ ،‬وعلى حق العمل‪ ،‬العقيدة‪ ،‬وحرية الرأي والتعبير‪ ،‬وحمى‬
‫ّ‬ ‫أكد على حرمة‬
‫وّ‬
‫أقر حرمة المنزل‪.‬‬
‫اإلسالم حرية اإلنسان في التنقل واإلقامة‪ ،‬و ّ‬

‫‪12‬‬
‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫الفلسفية واّلتيارات‬
‫ّ‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬النظريات‬

‫لكي نصل إلى فهم واضح وشامل لواقع حرية الفرد وعالقته بالسلطة السياسية‪ ،‬يجب‬
‫دراسة مختلف النظريات الفلسفية والفكرية اّلتي هبت بها رياح الحضارات وألهبت بالحماس قادة‬
‫الثورات وحركات اإلصالح‪ ،‬بعد أن دفعت إلى األمام بفكرة اإلنسان وحقه في التمتع بالحرية‬
‫والمساواة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مدرسة القانون الطبيعي‪:‬‬

‫تعتبر فكرة القانون الطبيعي إحدى دعائم الفلسفة اليونانية واحدى النظريات القانونية من‬
‫بعد في أيام الرومان‪ ،‬عندما دعى لها دوافع عنها الفقيه والخطيب والروماني المعروف شيشرون‪.‬‬
‫ففي مؤلفه عن التشريع بين شيشرون نسبية القوانين البشرية وضرورة إيجاد مصدرها األصلي في‬
‫المتأصل في طبيعته بين الخير والشر‪ .‬وبحسب تعبيره فالقانون‬
‫ّ‬ ‫اإلنسان وفي شعوره بالعدل‪ ،‬وتمييزه‬
‫اإللهية‪ ،‬وهو أزلي‪ ،‬أبدي‪ ،‬خالد‪ ،‬ثابت‪ ،‬وعالمي وهو واحد‬
‫ّ‬ ‫الطبيعي هو قانون هللا ينبع من العناية‬
‫لكل زمان ومكان‪ ،‬ويلقي الضوء على إمكانية تحقيق دولة عالمية ودستور عالمي‪.‬‬

‫فإن كل الناس متساوون وهم ليسوا متساوين في المعرفة‬


‫وعلى ضوء هذا القانون‪ّ ،‬‬
‫الملكية‪ ،‬وعم متساوون في ّأنهم جميعاً يملكون‬
‫ّ‬ ‫وليس من مهام الدولة أن تجعلهم متساوين في‬
‫عقوالً‪ ،‬وهم متساوون كذلك في تركيبهم النفسي وفي نظرتهم المشتركة إلى ما يعتقدون ّأنه خير أو‬
‫شر‪.‬‬
‫وقد كانت لهذه األفكار اّلتي أوضحها شيشرون أثر كبير على النظرية السياسية في الفكر األوروبي‪،‬‬
‫ويعتبر غروسيوس وبفندروف أشهر ممثلي هذا المذهب‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ّأوالً‪ :‬هيجو غروسيوس ‪:)1468 – 1853( Hugo Grotius‬‬

‫يعتبر غروسيوس من أهم المفكرين اّلذين وضعوا أسس القانون الدولي العام‪ .‬وقد نشر‬
‫آرائه في كتابه الشهير عن "قانون الحرب والسلم" ‪ De jure belli ac pacis‬عام ‪.1221‬‬
‫إذ ّأنه دافع في كتابه هذا عن حق األمم الطبيعي في التجارة الحرة بين الجميع‪ ،‬معتب اًر أن‬
‫مبادىء القانون الدولي تنبثق عن القانون الطبيعي‪ ،‬وأن هذا القانون يشمل جميع األمم والشعوب‬
‫بدون إستثناء‪ .‬وقد حرص على التأكيد أيضاً على أن الحياة في المجتمع ضرورة ال غنى عنها‬

‫للفرد‪ ،‬فهذا األخير ال يعيش إالّ إذا ضمه المجتمع‪ ،‬وبأن القانون هو ما يعتبره العقل السليم متوافقاً‬
‫مع طبيعة اإلنسان االجتماعية‪.‬‬
‫بأن هللا هو خالق الكون والطبيعة‪ّ ،‬إال ّأنه رفض الخلط بين‬
‫وعلى الرغم من إيمان غروسيوس ّ‬
‫القانون الطبيعي والقانون اإللهي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬صمويل بوفندروف ‪:)1466 - 1432( Samuel Puffendrof‬‬

‫شرح فكره وآرائه عن القانون الطبيعي ومرتكزاته في كتابه "القانون الطبيعي والدولي"‬
‫"‪. "DE jure nature et gentium‬‬
‫فالقانون الطبيعي هو القانون الضروري اّلذي ال يتبدل واّلذي يمليه العقل وطبيعة األشياء‪ ،‬لذلك‬

‫يرى أن من واجب السلطة أن تسن القوانين الّتي تؤدي إلى التقيد بالقوانين الطبيعية‪ّ ،‬‬
‫ألن قوانين‬
‫ألنها غنية عن البيان‪.‬‬
‫الطبيعة لها كل السلطة إللزام الناس حتّى ولو لم تصرح بها كلمة هللا المعلنة ّ‬

‫‪14‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نظرية العقد االجتماعي‪:‬‬

‫تنسب نظرية العقد االجتماعي إلى الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو‬
‫عبر عن آرائه في كتابه الشهير "العقد اإلجتماعي" وكان له‬
‫(‪ )Jean Jacques Rousseau‬اّلذي ّ‬
‫التأثير البالغ على رجال الثورة الفرنسية حتى بلغ بهم الحد إلى وصفه بأنجيل الثورة‪.‬‬

‫مضمون هذه النظرية‪ ،‬أن أصل الدول يرجع إلى اإلرادة المشتركة ألفراد الجماعة‪ ،‬أي‬
‫أن األفراد اجتمعوا واتفقوا على إنشاء مجتمع سياسي يخضع لسلطة عليا‪ ،‬ومعنى ذلك ّأنهم إتفقوا‬
‫على إنشاء دولة‪ ،‬فالدولة وجدت نتيجة عقد أبرمته الجماعة‪.‬‬

‫ّأوالً‪ :‬نظرية العقد االجتماعي عند هوبز ‪:)1466-1855( Thomas Hobbes‬‬

‫إتسمت أفكار هوبز بخصوص نظريته في العقد اإلجتماعي بالظروف اّلتي عاش فيها‪،‬‬
‫وخاصة بالملك شارل الثاني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫قوية‬
‫فقد كانت عالقته باألسرة الحاكمة في بريطانيا ( آل سيتورات) ّ‬
‫فقام بوضع نظريته عن العقد االجتماعي ليدافع عن الملكية وتثبيت سلطانها‪.‬‬
‫واذا كان هوبز قد رأى أن أصل وجود الجماعة المنظمة يكمن في العقد اّلذي نقل األفراد من‬
‫حالتهم الطبيعية إلى مجتمع منظم يتكون من فئة حاكمة وأخرى محكومة‪ ،‬فقد كان له تصور خاص‬
‫بالنسبة لحالة األفراد األولى قبل دخولهم في الجماعة المنظمة‪ ،‬كما كان لو تصوره الخاص بالنسبة‬
‫ألطراف العقد ومضمون ذلك العقد وآثاره‪.‬‬

‫فالبنسبة إلى هوبز كان يعتقد أن حالة األفراد الطبيعية األولى قبل أي وجود للجماعة‬
‫المنظمة تسودها الفوضى وعدم اإلستقرار ‪ ،‬حيث أن الحق يتبع القوة ويخضع لها‪.‬‬
‫فكر هؤالء األفراد في وسيلة يتخلصون بها من واقعهم وتحقق لهم المحافظة‬
‫وعلى هذا األساس ّ‬
‫على أنفسهم وحماية مصالحهم‪ ،‬فهداهم تفكيرهم إلى اإلتفاق على تسليم أمورهم إلى شخص من‬
‫بينهم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ويرى هوبز ّ‬
‫أن هذا اإلتفاق أو العقد تم بين جميع األشخاص ماعدا واحداً منهم هو اّلذي‬

‫فإن هذا الرئيس لم يكن طرفاً‬ ‫إتفق المتعاقدون على تنصيبه عليهم ومنحوه ُ‬
‫السلطة اآلمرة‪ .‬وعليه ّ‬
‫تم بين األفراد فيما بينهم‪.‬‬
‫ألن العقد قد ّ‬
‫في العقد‪ّ ،‬‬

‫أما عن آثار هذا العقد فبمقتضاه‪ :‬الحاكم أو الملك لم يلتزم بشيء تجاه األفراد اّلذين تنازلوا له طوعاً‬
‫ّ‬
‫واختيا اًر عن سائر حقوقهم‪ ،‬وبالتالي إن سلطة الحاكم تكون سلطة مطلقة من كل قيد‪ ،‬وان األفراد‬
‫ال يملكون حقاً عليه‪ .‬وهكذا يكون العيش‪ -‬في نظر هوبز – في ظل اإلستبداد والحكم المطلق‪،‬‬
‫مهما كانت درجة تعسفه‪ ،‬افضل بكثير من حالة الفطرة اّلتي كان يعيشها األفراد قبل إبرام العقد‬
‫اإلجتماعي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نظرية لوك ‪:)1606 - 1432( John Locke‬‬

‫كان جون لوك من أنصار الملكية المقيدة ال المطلقة‪ .‬واذا كان لوك يتفق مع هوبز في‬
‫نقطة البداية أو اإلنطالق وهي وجود عقد إجتماعي إنتقل بمقتضاه األفراد من حالة الفطرة إلى‬
‫حياة الجماعة المنظمة‪ ،‬إال ّأنه اختلف عنه في تصوره لحالة األفراد في حياتهم البدائية األولى‬
‫وكذلك في تحديد أطراف العقد ومضمون هذا العقد وآثاره‪.‬‬
‫فبالنسبة إلى لوك كان اإلنسان يعيش حياة تغمرها العدالة والمساواة في ظل القانون الطبيعي‬
‫ونواميسه‪ ،‬ومع ذلك رغب األفراد في الخروج من هذه الحالة نظ اًر لتعدد مصالح األفراد وتشابكها‬
‫وتعارضها‪ ،‬وغموض أحكام القانون الطبيعي‪.‬‬

‫أما بالنسبة إلى أطراف العقد‪:‬‬


‫ّ‬

‫‪ -‬الفريق األول‪ :‬األفراد‪.‬‬


‫‪ -‬الفريق الثاني‪ :‬الحكام أو الملوك‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫فإن األفراد لم يتنازلوا للحاكم إال عن جزء فقط من حقوقهم‪ ،‬وفي‬
‫بالتالي وبموجب هذا العقد ّ‬
‫حدود القدر الالزم إلقامة السلطة‪ ،‬وعليه يكون العقد متبادالً يقضي بإحترام اإللتزامات اّلتي قبلها كل‬
‫من أطرافه‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬جان جاك روسو ‪:)1655-1612( Jean Jacques Rousseau‬‬

‫يرى روسو أن اإلنسان خير بالطبيعة‪ ،‬وهو يولد ح اًر فاضالً تسود حياته الحرية والمساواة‬
‫تقدم المدنية ونتيجة تعدد المصالح وتشابكها وتضاربها‪.‬‬
‫أن حياته ما تلبث أن تتغير نتيجة ّ‬
‫الطبيعية‪ ،‬إال ّ‬

‫وفي إبراز فكرة السيادة الشعبية وتأكيدها في مجال تأسيس السلطة ورفضه لفكرة القوة في هذا‬
‫الخصوص طرح روسو في كتابه العقد االجتماعي التساؤل اآلتي‪:‬‬

‫"لقد ولد اإلنسان ح اًر‪ ،‬بيد ّأنه أصبح مكبالً باألغالل‪ ،‬فكيف حدث هذا التغيير؟‬

‫بنظره إن اإللتزام االجتماعي والخضوع للسلطة ال يمكن أن يقوما إال على أساس اإلتفاق الحر‬
‫بين أفراد الجماعة‪ ،‬األمر المرتبط إذاً بوجود اإلرادة الحرة لألفراد‪.‬‬

‫أطراف العقد‪ :‬هذاالعقد (االجتماعي) قد أبرم بين األفراد على أساس أن لهم صفتين‪:‬‬

‫األولى باعتبارهم أفراد مستقلين ومنعزلين كل منهم عن اآلخر‪ ،‬والثانية باعتبارهم أعضاء متحدين يتبدى‬
‫من مجموعهم الشخص الجماعي المستقل‪.‬‬

‫أن العقد يمثل طرفه األول كل فرد من أفراد الجماعة‪ ،‬والطرف الثاني الشخص‬
‫وهكذا تصور روسو ّ‬
‫الجماعي المستقل اّلذي يمثل مجموع األفراد‪.‬‬

‫أما مضمون العقد‪ :‬فهو تنازل كلي عن الحقوق لصالح المجموع‪.‬‬


‫ّ‬

‫وآثار العقد‪ :‬سلطة الحاكم سلطة مقيدة فالحاكم وكيل عن المجموع‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬فلسفة عصر األنوار‪:‬‬

‫يميز فلسفة عصر األنوار في القرن الثامن عشر‪ ،‬هو تأثرها بالفلسفة اإلنكليزية‪،‬‬
‫لعل أبرز ما ّ‬
‫ّ‬
‫أما فرنسا كانت‬ ‫وخاصة أفكار جون لوك‪ .‬فإنكلت ار كانت تعيش الحرية ( ّ‬
‫خاصة الطبقات الميسورة)‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫تعيش نظام حكم ملكي مطلق مستبد (لويس الرابع عشر)‪ ،‬وبالتالي ضمن هذه األجواء والظروف‪،‬‬
‫ألنها‬
‫ظهرت في فرنسا طائفة من الكتاب والمفكرين الداعين إلى رفض نظام اإلمتيازات والحكم المطلق ّ‬
‫تناقض مبادىء األخاء اإلنساني والقواعد الّتي قامت عليها الحكومات‪ ،‬وهي ضمانة الحرية والمساواة‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مونتسكيو (‪:)1688 – 1456‬‬

‫أصدر مونتسكيو أولى محاوالته “ الرسائل الفارسية” حيث نجد من خاللها المعاني العميقة‬
‫لمفكر سياسي يرقب األحداث عن كثب وينفذ إلى أبعادها‪.‬‬

‫ثم أصدر كتاب "نظرات في أسباب عظمة الرومان وسقوطهم"‪ ،‬اّلذي اعتبر تمهيداً لكتابه الخالد‬
‫"روح القوانين" (‪ )L’Espirt des Lois‬عام ‪.1471‬‬

‫وتكن أهمية مونتسكيو السياسية في نظرية فصل السلطات اّلتي استلهمها من طبيعة النظام اإلنكليزي‬
‫وجعلها عقيدة جوهرية تنبع من الدساتير الحرة وبالتالي الحريات السياسية‪ ،‬فلكي ال يتمكن أحد من إساءة‬
‫السلطة وجب أن توقف السلطة السلطة‪:‬‬

‫)‪.(Il faut que le pouvoir arête le pouvoir‬‬

‫ثانياً‪ :‬فولتير (‪:)1665 – 1466‬‬

‫‪ ‬تأثر بنظام الحكم التمثيلي المطبق في إنكلترا‪.‬‬


‫‪ ‬تميز بعدائه للكنيسة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ ‬التمييز بين المعتقدات الدينية الصادرة عن الكنيسة وبين األخالق الصادرة عن الكائن‬
‫األسمى أي هللا‪.‬‬
‫‪ ‬تميز بمذهبه االجتماعي القائم على أسس الحرية والملكية والمساواة‪ ،‬على قاعدة أن‬
‫الحرية تعني خضوع المرء فقط للقوانين‪.‬‬
‫‪ ‬المساواة تعني ضمان التمتع بالحقوق الطبيعية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬المصادر القانونية‬

‫ارتقاء المبادىء المتعلقة بالحريات العامة إلى المرتبة القانونية‪:‬‬

‫درسنا في الفصل السابق الواقع الفعلي للحرية الفردية وتطوره تاريخياً‪ ،‬ثم بحثنا في اإلطار الفكري‬
‫والفلسفي اّلذي أحاط بهذا الواقع‪.‬‬
‫فيتلخص في السؤال عن مدى وجود نمط من القواعد اّلتي‬
‫ّ‬ ‫أما الموضوع اّلذي سنعالجه في هذا الفصل‬
‫وشكلت خالصة ذات طابع قانوني لمجمل اإلطار الفكري والفلسفي‬ ‫وتطورت معه ّ‬
‫ّ‬ ‫عايشت هذا الواقع‬
‫فإن هذا الفصل يبحث في انتقال المبادىء المتعّلقة بالحريات والحقوق‬
‫اّلذي تكلمنا عنه‪ .‬أو بتعبير آخر‪ّ ،‬‬
‫الفردية وارتقائها من إطار فكري فلسفي مبدئي بحت إلى إطار آخر قانوني‪ .‬وبذلك لم نعد امام مبادىء‬
‫فكرية ننادي بها وندّلل عليها لحماية الحريات واّنما أمام قواعد قانونية إلزامية تضمن الحريات وتصونها‪.‬‬
‫طبعاً هذا االرتقاء بالمبادىء الحامية للحريات من المجال النظري المثالي إلى المجال القانوني لم يتم‬
‫وتطور أدوات الضبط والتنظيم اّلتي‬ ‫ّ‬ ‫لتطور المجتمعات السياسية‬
‫بين ليلة وضحاها بل حصل نتيجة ّ‬
‫استخدمتها هذه المجتمعات‪ .‬هذه األداوت اتخذت في البداية شكل القاعدة العرفية‪ ،‬ثم القاعدة القانونية‬
‫وأخي اًر القاعدة الدستورية‪ .‬من هنا ضرورة التوّقف عند هذه األشكال من خالل دراستنا لكل من المرحلة‬
‫فية‪ ،‬المرحلة القانونية‪ ،‬المرحلة الدستورية‪.‬‬
‫العر ّ‬
‫ُ‬

‫فية وكانت العالقة بين‬


‫في العصور القديمة‪ ،‬كانت القواعد التنظيمية للمجتمع وشؤونه قواعد ُعر ّ‬
‫الفرد والسلطة خاضعة للعرف السائد‪ .‬والعرف هو قانون شعبي ينشأ من سلوك األفراد أنفسهم وحياتهم‬
‫تصرف معين‪ .‬هو عبارة عن عادات ملزمة تنشأ تدريجياً دون أن يكون باإلمكان‬
‫ّ‬ ‫ومن اعتيادهم على‬
‫تحديد الوقت اّلذي نشأت فيه وال معرفة واضعيها‪ ،‬تنبت في الوسط االجتماعي فيحترمها الجميع ويصبح‬
‫لها قوة القانون الملزمة دون أن تتدخل إرادة معينة لفرض الزامها على الناس‪ .‬في هذه األزمنة كانت‬
‫الحرية – كما رأينا‪ -‬تعاني الويالت وكان من جملة أسباب هذا الوضع خضوعها لنظام عرفي‪ .‬فالقاعدة‬
‫‪20‬‬
‫محصن للحرية‪ ،‬فهي غير مكتوبة‪ ،‬غير دقيقة ومطاطة‪ ،‬كما‬
‫ّ‬ ‫العرفية بطبيعتها ال تتوافق مع إقامة نظام‬
‫ّأنها عرضة للتأويل والتحايل والتهرب ومجال الحريات العامة كبير الحساسية يلزمه الوضوح والدقة‬
‫ض َمن ويحمى‪.‬‬
‫والصراحة ُلي ْ‬

‫وتركزت الدولة وأخذت على عاتقها التشريع المباشر بواسطة القوانين‬


‫تقدمت الحضارة ّ‬
‫وعندما ّ‬
‫طويت المرحلة العرفية وبدأت المرحلة القانونية‪ .‬هذه المرحلة بدأت متواضعة وسماها البعض‬
‫المكتوبة‪ُ ،‬‬
‫بـ ـ”مرحلة التشريع التصويري” على أساس أنها اكتفت بتدوين األعراف السائدة وصياغتها في أحكام‬
‫مركزة‬
‫تطورت مع الزمن ّ‬ ‫قانونية‪ :‬قانون حموراي‪ ،‬قوانين صولون‪ ،‬قانون األلواح االثني عشر‪ّ ...‬‬
‫لكنها ّ‬
‫على فكرة “الشرعية” في الدولة وما ينتج عنها من توضيح وتحديد للحقوق بصورة عامة‪ .‬فلم يعد مجال‬
‫العالقة بين الفرد والسلطة مجاالً سائباً خاضعاً للنزوات واألهواء‪ ،‬واّنما أصبح مجاالً محكوماً بقواعد‬
‫قانونية‪ .‬ولم يتوقف التطور عند هذا الحد ولم يكتف األفراد بتنظيم أمورهم تجاه السلطة بهذا القدر‪ ،‬بل‬
‫انتقل بهم المقام إلى مرحلة جديدة حيث أصبحت حماية الحريات العامة وحقوق األفراد محكومة بقواعد‬
‫مجرد قواعد تشريعية عادية يمكن تبديلها وتعديلها وفقاً لمشيئة السلطات‬
‫قانوينة دستورّية‪ ،‬ولم تعد ّ‬
‫التشريعية المتعاقبة واّنما قواعد أسمى مرتبة‪ ،‬لها القيمة الدستورية مما يعني‪:‬‬

‫‪ -‬احتاللها للمقام األول في التراتبية القانونية في الدولة‪،‬‬


‫‪ -‬ضرورة احترام جميع السلطات في الدولة لما ورد فيها‪،‬‬
‫‪ -‬ضرورة انسجام كل القوانين في الدولة مع نصوصها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم إمكانية تعديلها إال وفقاً ألصول وشكليات معينة‪.‬‬

‫من هنا تكمن األهمية المعطاة للثورة الفرنسية عام ‪ 1419‬وما نتج عنها سياسياً وقانونياً‪.‬‬
‫إذ أنه ابتداء من هذا التاريخ بدأت مالمح المرحلة الدستورية بالترسخ ودخلنا حقبة " َد ْستََرَة" الدولة مع ما‬
‫لكل ذلك من أثر إيجابي على الحريات والحقوق الفردية‪ .‬فاإلعالن الفرنسي لحقوق اإلنسان والمواطن‬
‫شكل مقدمة الدستور الفرنسي األول‬
‫اّلذي اعتُبر نقطة انطالق لصياغة نظرية عامة للحريات العامة ّ‬
‫‪21‬‬
‫اّلذي صدر عقب الثورة الفرنسية‪ .‬إال أن ما يجب أن نلفت االنتباه إليه هو أن الجذور القانونية لهذا‬
‫الفلسفية الّتي أنتجت‬
‫ّ‬ ‫اإلعالن لم تكن منفصلة عما سبقها‪ .‬بمعنى ّأنه إلى جانب التأثيرات الفكرّية و‬
‫نصوص ومبادىء هذا اإلعالن‪ .‬كانت هناك تأثيرات قانونية كذلك‪ ،‬تمثّلت خصوصاً‪ ،‬بمجموعة الشرع‬
‫والمواثيق اإلنكليزية‪ ،‬الّتي بدأ تعاقبها منذ العام ‪ ،1211‬وكذلك مجموعة إعالنات الحقوق األميركية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الشرعات اإلنكليزية‪:‬‬

‫إنها اإلتفاقات اّلتي أبرمها الملك إما مع البارونات اّلذين قاموا بالثروة ضده‪ ،‬واما مع البرلمان‪.‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬الشرعة العظمى "الماكنا كارثا" ‪.1211‬‬


‫‪ .2‬ملتمس (عريضة) الحقوق ‪.1221‬‬
‫الشخصية (الهابياس كوربوس) ‪.1249‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬قانون السالمة‬
‫‪ .7‬شرعة الحقوق ‪.1219‬‬
‫‪ .1‬قانون الخالفة الملكية ‪.1471‬‬

‫ّأوالً‪ :‬الشرعة العظمى أو الماكناكارتا ‪:)1218( Magna Carta‬‬


‫‪.4‬‬

‫هدد مصالحهم بطغيانه‪ .‬وهي تحتوي على أحكام‬


‫كانت من ثمار ثورة النبالء على الملك اّلذي ّ‬
‫أساسية فيما يتعّلق ب ـ ــ‪:‬‬
‫‪ -‬صيانة حقوق اإلقطاعيين‪.‬‬
‫‪ -‬تأمين حرية الكنيسة‪.‬‬
‫‪ -‬احترام حريات المرافىء والتجار‪.‬‬
‫‪ -‬الغاء الضرائب االستثنائية‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬التزام النزاهة والعدالة في اإلدارة والقضاء‪.‬‬
‫‪ -‬وخصوصاً ضمانة الحرية الشخصية لكل فرد من أفراد الرعية مهما اختلفت طبقته‬
‫وتباينت درجته في المجتمع‪ .‬وقد ورد ذلك في المادة ‪ 39‬الشهيرة‪" :‬ال يجوز إلقاء‬
‫القبض على أي شخص حر‪ ،‬أو اعتقاله أو نزع ملكيته‪ ،‬أو إبعاده او إنزال الضرر به‬
‫بأية طريقة كانت‪ ،‬كما أننا (أي الملك) لن نأمر باتخاذ اجراءات ضده‪ ،‬اال بواسطة‬
‫ّ‬
‫أحكام قانونية تصدر عمن هم من طبقة مماثلة لطبقته وبنقتضى قوانين البالد"‪.‬‬
‫وتصنيف المادة ‪" :77‬لن نمنع أحداً من الوصول إلى حقه بطريقة عادلة ولن نعرقل‬
‫ذلك أو نساوم عليه"‪.‬‬

‫أن ما ورد في الماكناكارتا ال يتعدى كونه مجموعة من المبادىء القانونية‬


‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫حيز التطبيق العملي وهذه الوسائل‬
‫اإلعالنية وهذا يعني ّأنه ال بد من وسائل قانونية تخرج المبادىء إلى ّ‬
‫كانت تلك المذكرات المختلفة المعروفة بكلمة "‪ "Writs‬عرائض‪ ،‬والّتي تعاقب صدورها بعد ذلك‪ .‬بالرغم‬
‫من هذا فقد كان للماكناكارتا أثرها البعيد في انكلت ار وسائر أنحاء أوروبا اإلقطاعية‪ ،‬فاعتبرها الملوك من‬
‫الالهوتية‪ .‬وقد‬
‫ّ‬ ‫هددة لسلطانهم واعتبرها البابا باطلة ومخالفة لتعاليم الدين والشرائع‬
‫الم ّ‬
‫البدع الخطرة ُ‬
‫أضحت مع ما أحاط بها من شرع أخرى موئال للحريات اإلنكليزية التقليدية ومصد اًر لعدد من القواعد‬
‫الضامنة لهذه الحريات وأساساً للقانون العام البريطاني‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬عريضة الحقوق‪:)1425( Petition of Rights‬‬


‫‪.1‬‬

‫تضمنت بياناً مفصالً لحقوق البرلمان التاريخية وتذكي اًر بحقوق المواطنين التقليدية اّلتي كفلتها‬
‫ّ‬
‫الشرع القديمة‪ .‬ومن بين الحقوق اّلتي ألحت عليها هذه العريضة برز حقان رئيسيان ما زال يعتبرهما‬
‫الفردية والحريات العامة في‬
‫ّ‬ ‫اإلنكليز ّأنهما يؤّلفان المبدأين الجوهريين اللذين ترتكز إليهما سائر الحقوق‬
‫يحرم القانون بموجبها التوقيف الكيفي بدون محاكمة على أساس‬
‫الشخصية اّلتي ّ‬
‫ّ‬ ‫انكلت ار وهما الحرية‬
‫القوانين المرعية من جهة‪ ،‬وتحريم إنشاء الضرائب بون موافقة البرلمان عليها من جهة ثانية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وكان باستطاعة القضاة تعطيل مفعول"عريضة الحقوق" عن طريق إضاعة الوقت الكثير في التدقيق‬
‫في أسباب التوقيف‪ ،‬كما كان بمقدور قائد السجن مثالً أال يستجيب لطلب القاضي‪ .‬وكان نقل السجين‬
‫من سجن إلى آخر لتعطيل مفعول إبالغ أمر القاضي إلى قائد السجن‪ ،‬حيلة مألوفة‪ ،‬ناهيك عن نفي‬
‫السجين إلى المستعمرات‪ ،‬مما يحول دون تنفيذ أمر القاضي‪ ،‬فضالً عن الصعوبات في تعيين القاضي‬
‫اّلذي يمكنه أن ينظر في أسباب التوقيف‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مذكرة الهابياس كوربوس ‪:)1466( Act of Habeas Corpus‬‬


‫‪.1‬‬

‫أوجد البريطانيون حلوالً لهذه الصعوبات على مراحل إلى أن صدر قانون الهابياس كوربوس‬
‫أن القانون البريطاني يعتني اعتناء‬
‫فكان الحل العملي لمشكلة احتجاز الحرية الفردية‪ .‬ونشير هنا إلى ّ‬
‫خاصاً باألصول والشكليات‪ ،‬من هنا كانت هذه المذكرة منسجمة مع هذه الروحية‪.‬‬

‫إن مذكرة الهابياس كوربوس هي أمر يوجهه أحد قضاة المحكمة العليا إلى الشخص اّلذي يحتجز‬
‫ّ‬
‫الفرد موضوع المذكرة واّلذي يمكن أن يكون مواطناً عادياً أو قائد السجن مثالً‪ ،‬يلزمه بموجبه بأن يحضر‬
‫أمامه جسد الشخص المعتقل‪ ،‬وأن يبين أسباب االعتقال‪ .‬وهكذا يتضح أن الشخص المعتقل ال يتدخل‬
‫في هذه المرحلة‪ ،‬وأن المتهم الحقيقي اّلذي يلزمه القاضي بأن يبرر فعله (أي االعتقال) هو قائد السجن‬
‫مثالً‪ .‬واليكم الخطوط الكبرى لمراحل بحث أسباب التوقيف انطالقاً من إصدار مذكرة الهابياس كوربوس‪:‬‬

‫لكل شخص فقد حريته أو ألي من أقاربه أو معارفه أن يطلب من القاضي إصدار مذكرة‬
‫‪ .1‬يحق ّ‬
‫قضية أخرى‪ ،‬ألن البريطانيين‬
‫الهابياس كوربوس‪ .‬يدقق القاضي بالطلب على الفور‪ ،‬ويهمل كل ّ‬
‫قضية الحرية‪ .‬إذ رأى القاضي أن الطلب جدي‬ ‫يعتبرون ّأنه ال توجد ّأية قضية تعلو ّ‬
‫وتتقدم على ّ‬
‫استناداً لوسائل اإلثبات المرفقة بالطلب أمر بإصدار مذكرة الهابياس كوربوس‪ .‬إصدار هذه‬

‫‪24‬‬
‫يقرر ما إذا كان عليه ان يأمر بإصدارها أو ال‪.‬‬
‫المذكرة إذاً ليس إلزامياً للقاضي‪ ،‬فله وحده أن ّ‬
‫قرر االستجابة للطلب‪ ،‬تصدر المذكرة باسم الملك‪.‬‬
‫فإذا ّ‬

‫يبرر التوقيف‪ ،‬فيرسل كتاباً يشرح فيه أسباب التوقيف‬


‫‪ .2‬عندما يتبّلغ المدعى عليه المذكرة‪ ،‬عليه أن ّ‬
‫ويحضر السجين أمام القاضي‪ .‬وهنا يكون القاضي أمام اتخاذ أحد ق اررين‪ّ ،‬‬
‫فإما أن يرى ّ‬
‫أن‬
‫اإلعتقال غير تعسفي فيأمر بإعادة توقيف السجين‪ ،‬وا ّما أن يأمر بإطالق سراحه وعلى المدعي‬
‫التعرض لهيئة‬
‫عليه أن ينصاع ألمر القاضي‪ ،‬واذا خالف ذلك األمر يعتبر ّأنه ارتكب جرم ّ‬
‫المحكمة وازدرائها‪ .‬ويعود عندئذ للقاضي أن يحكم على المدعي عليه (أي قائد السجن) بعقوبة‬
‫يحددها هو‪ ،‬أي القاضي‪ ،‬وسلطان القاضي عندئذ هو مطلق‪ .‬فالقانون لم يعين الحد األقصى‬
‫ّ‬
‫للعقوبة‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬شرعة الحقوق ‪:)1456( Bill of Rights‬‬


‫‪.1‬‬

‫حرمت على الملك تعليق مفعول القوانين وفرض ّأية ضريبة كانت‪ ،‬وانشاء المحاكم بدون موافقة‬
‫َّ‬
‫الشخصية وحق المواطنين بتقديم العرائض‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البرلمان‪ ،‬مع ضمان الحريات‬

‫الملكية (‪:)1601‬‬
‫ّ‬ ‫خامساً‪ :‬قانون الخالفة‬
‫‪.1‬‬

‫احتوى على بعض األحكام الدستورية ّ‬


‫المقيدة للسلطة الملكية‪.‬‬

‫تقدم ضمانات للحماية من مزاجية سلطة الملوك‪ ،‬وهي ال تستند إلى‬


‫هذه النصوص تعلن أساساً مبادىء ّ‬
‫قدموا الحريات‬ ‫ّأية عقيدة سياسية‪ .‬صحيح أن أفكار جون لوك كان لها أثرها ّ‬
‫وبأن مفكرين انكليز آخرين ّ‬
‫الفردية‪ .‬لكن نظرياتهم الفقهية هذه لم تأت إالّ متأخرة وهي‬
‫ّ‬ ‫اإلنكليزّية على أساس ّأنها موئل الحريات‬
‫أن هذه النصوص ال تمتلك إ ّال‬
‫تبقى غريبة عن أصول نشأة الشرع اإلنكليزّية المختلفة‪ .‬ينتج عن ذلك ّ‬

‫‪25‬‬
‫خاصة و ّأنها ال ترجع إلى أي مفهوم شامل لعالقات الفرد بالدولة‪ ،‬بل ّتدعي فقط حماية‬
‫قيمة بحد ذاتها‪ّ ،‬‬
‫ائية أكثر من كونها‬
‫حريات المواطنين اإلنكليز في العصر اّلذي عاشوا فيه‪ .‬فهي بمثابة وسائل إجر ّ‬
‫األميركية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إعالنات مبدئية‪ ،‬وهذا ما يعتبر ميزة بارزة لدى اإلنكليز لم تغب تماماً في اإلعالنات‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلعالنات األميركية‪:‬‬

‫ُيقصد بإعالنات الحقوق األميركية مجموعة من النصوص يمكن تصنيفها إلى فئات أربع‪:‬‬

‫أ‪ .‬إعالن االستقالل ( ‪ 6‬تموز ‪:)1664‬‬


‫اّلذي أعلن انفصال المستعمرات البريطانية ال ـ ـ‪ 13‬عن التاج البريطاني‪ :‬ويمكن تلخيص محتواه‬
‫من خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫طبيعيان من حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الحرية والمساواة حقان‬
‫‪ -‬تكوين المجتمع تم باإلتفاق بين األفراد للوصول إلى تأمين حريات األفراد‪.‬‬
‫القانونية لتطبيقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬ضرورة العمل بمبدأ السيادة للشعب وتأمين الوسائل‬

‫ب‪ .‬شرع الحقوق‪:‬‬


‫أن أولها من حيث‬
‫كمقدمة لدساتيرها وال شك ّ‬
‫كل من هذه المستعمرات الـ ـ ‪ّ 13‬‬
‫اّلتي اعتمدتها ّ‬
‫تاريخ النشأة وأهمها كان الشرعة األميركية لدولة فرجينيا ( ‪ 12‬حزيران ‪ .)1442‬وقد ورد في هذه‬
‫األمة وأن تسهر على حماية الفرد‬
‫تؤمن سالمة الشعب و ّ‬
‫اسية أن ّ‬
‫يتوجب على السلطة السي ّ‬
‫بأنه ّ‬
‫الشرعة ّ‬
‫أن البشر هم بطبيعتهم‬
‫ونصت المادة األولى منها على مبدأ أساسي وهو ّ‬
‫وتأمين المصلحة العامة‪ّ .‬‬
‫وبأنهم يتمتعون بحقوق تفرضها الطبيعة البشرّية‪ .‬ومن تلك الحقوق‬
‫متساوون في الحرية واالستقالل ّ‬
‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫اّلتي ال يمكن التنازل عنها حق التمتع بالحياة والحرية وحق التمتع بالوسائل الكفيلة بتأمين‬
‫والحصول على السعادة والسالمة‪.‬‬
‫أهمية اإلنتخاب ومبدأ فصل السلطات‪.‬‬
‫الوطنية و ّ‬
‫ّ‬ ‫أصرت الشرعة على مبدأ السيادة‬
‫وقد ّ‬
‫‪26‬‬
‫الدستورية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ج‪ .‬التعديالت‬
‫العشر األولى اّلتي أضيفت إلى الدستور األميركي (‪ )1414‬سنة ‪ 1419‬واّلتي تعتبر‬

‫بمثابة إعالن للحقوق – ويسميها البعض شرعة الحقوق األميركية – ّ‬


‫خاصة وأن الدستور الفدرالي‬
‫يتضمن شيئاً من هذا القبيل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لم‬
‫عملية‬
‫تتضمن مبادىء ّ‬ ‫ّ‬ ‫أبرز ميزة لهذه الشرعة – التعديالت – هي الحرص على أن‬
‫فلسفية ال تؤثر على الحياة العملية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تمكن الفرد من الحفاظ على حقوقه بدالً من إبراز مبادىء‬
‫ّ‬
‫أن هذه الشرعة جاءت على شكل تعديالت للدستور أي‬
‫وال غرابة في هذا المنحى إذا علمنا ّ‬
‫قانونية‬
‫ّ‬ ‫فإنها كانت بمثابة تلبية للحاجة إلى إيجاد مبادىء‬
‫كانت عبارة عن قواعد قانونية‪ .‬كذلك ّ‬
‫تفرض على القاضي واإلدارة ويستفيد منها الفرد لضمان حرياته بشكل عملي وليس نظرياً فقط‪.‬‬

‫لكن تجدر اإلشارة إلى ّأنه بالرغم من المنحى العملى المتأتي من التأثير البريطاني‪،‬‬
‫كونية‪ ،‬كما ّأنها عكست نظرة‬
‫فقد اصطبغت هذه النصوص بصبغة فقهية فلسفية‪ ،‬ذات أبعاد ّ‬
‫فلسفية إلى مكانة الفرد في المجتمع تنطلق من المناداة بضرورة إحترام حرياته وحقوقه‪.‬‬
‫ّ‬

‫د‪ .‬التعديل الرابع عشر‪:‬‬


‫ظر على الواليات إصدار قوانين‬
‫اّلذي اعتمد عام ‪ ،1121‬عقب حرب اإلنفصال واّلذي يح ّ‬
‫قانونية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحرم إنساناً‪ ،‬من حياته وحرياته‪ ،‬وأمالكه دون اللجوء إلى إجراءات وضمانات‬

‫‪27‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اإلعالن الفرنسي لحقوق إلنسان والمواطن‬

‫السياسية اّلتي تعاقبت ابتداء من العام ‪ 1419‬إال بالعودة إلى‬


‫ّ‬ ‫ال يمكن فهم األحداث‬
‫يخية طويلة ومستقرة‬
‫يسمى ب ـ ـ ـ "العهد القديم"‪ ،‬اّلذي كان عبارة عن فترة تار ّ‬
‫يخية أي إلى ما ّ‬
‫أصولها التار ّ‬
‫محددة السلطات‪ .‬وفي البداية‬ ‫دامت حوالي عشرة قرون‪ .‬خالل “العهد القديم” كانت الملكية ور ّ‬
‫اثية غير ّ‬
‫كانت السلطة المطلقة للملوك معرقلة بوجود األمراء اإلقطاعيين إذ كان الملك في فترة من الفت ار ت‬
‫يمارس سلطانه كغيره من األسياد واإلقطاعيين على قطعة معينة من األرض‪ ،‬تخضع له مباشرة‪ .‬بينما‬
‫كان اإلقطاعيون يمارسون نفس هذه السلطات على إقطاعاتهم دون أن يكون للملك أي تأثير عليهم‪.‬‬
‫طبعاً لم يستمر هذا الوضع إذ حاول الملوك تركيز سلطتهم‪ ،‬وأنشىء بالتالي نظام تسلسلي يتربع الملك‬
‫االقطاعية‬
‫ّ‬ ‫على قمته بوصفه سيد المملكة وسيد األمراء اإلقطاعيين‪ .‬وهكذا باشر الملك بمراقبة العدالة‬
‫االقطاعية وحاول‬
‫ّ‬ ‫فجعل من نفسه المرجع القضائي األعلى‪ .‬ثم أضاف خدماته العامة إلى الخدمات‬
‫تذويب هذه األخيرة ضمن مرِاف ِقه مبتدأ بالجيش والمالية ومن ثم بالخدمات األخرى‪.‬‬

‫الملكية‪ ،‬بإص ارره على فكرة‬


‫ّ‬ ‫وجاء انبعاث القانون الروماني في القرن الرابع عشر ليدعم السلطة‬
‫يجياً مكان الملكية اإلقطاعية‬
‫السيادة والسلطة غير المشروطة‪ .‬وهكذا أخذت الملكية المطلقة تحل تدر ّ‬
‫وذلك بمساعدة ودعم الشعب اّلذي كان يفضل الهروب من السيطرة اإلقطاعية الّتي كانت أقرب إليه‬
‫وأثقل عليه من سيطرة الملك‪.‬‬
‫نظرية الملكية المطلقة الّتي ترسخت نتيجة ما ذكرنا استندت إلى فكرتين‪:‬‬
‫‪ .1‬الملك يملك جميع السلطات‪.‬‬
‫‪ .2‬في ممارسته للسلطات ال يعرف الملك ّأية حدود‪.‬‬

‫الفكرة األولى تعني أن المبدأ اّلذي نادى به مونتسكيو بعد ذلك – فصل السلطات‪ -‬لم يكن معموالً‬
‫وقضائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتنفيذية‬
‫ّ‬ ‫يعية‬
‫به‪ .‬فالملك كان يقبض على جميع أنواع السلطات من تشر ّ‬

‫‪28‬‬
‫أما الفكرة الثانية فهي تعني أن سلطات الملك ال تتوقف عند حدود معينة يمتنع عليه تجاوزها‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبالتالي ليس هناك حقوق معينة لألفراد تخرج من ميدان سلطة الملك‪ .‬فالملك ما هو ّإال ممثل هللا على‬
‫األرض وبالتالي فهو يحاسب من ِق َبل هللا وليس من قبل األفراد‪ ،‬وطالما ّأنه على العرش فهو يطاع كما‬
‫يطاع هللا‪.‬‬

‫المؤسسات ذات الطابع‬


‫ّ‬ ‫بالرغم من هذه السمات اّلتي طبعت نظام الحكم آنئذ فقد قامت بعض‬
‫أهمها‪:‬‬
‫التمثيلي‪ّ ،‬‬

‫العامة‪.‬‬
‫‪ -‬الطبقات ّ‬
‫‪ -‬جمعيات الوجهاء‪.‬‬
‫القضائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬البرلمانات‬

‫العامة‪ .‬وقد كانت هذه‬


‫العامة" تم ّثلت الطبقات الثالث‪ :‬رجال الدين‪ ،‬النبالء و ّ‬
‫ّ‬ ‫داخل "الطبقات‬
‫ليشكل تعبي اًر عن‬
‫الجمعية في األصل بمثابة توسيع لديوان الملك‪ .‬وجاء إدخال الطبقة الثالثة فيها ّ‬
‫ّ‬
‫أي استشار ّي‪ ،‬ودرج الملوك على دعوتها‬
‫الجمعية لم يكن لها ّإال ر ّ‬
‫ّ‬ ‫األهمية اّلتي اكتسبتها البرجوازّية‪ .‬هذه‬
‫ّ‬
‫لالنعقاد كّلما كانوا بحاجة للمال‪ .‬انعقدت آخر جمعية عام ‪ 1217‬في عهد الملك هنري الرابع‪ ،‬ولم‬
‫السياسية اّلتي نشئت‬
‫ّ‬ ‫المالية و‬
‫ّ‬ ‫يلجأ الملك لويس السادس عشر إلى دعوتها عام ‪ّ 1419‬إال بسبب األزمة‬
‫آنئذ‪.‬‬

‫االجتماعية السائدة‪ :‬طبقة‬


‫ّ‬ ‫الجمعية كان يمكننا أن نالحظ انعاكساً للتيارات‬
‫ّ‬ ‫ضمن إطار هذه‬
‫اإلقطاعية القديمة‪ ،‬الطبقات المتوسطة اّلتي‬
‫ّ‬ ‫النبالء الغنية اّلتي كانت تعمل للحفاظ على امتيازاتها‬
‫الحرة وكان هاجسها إعالن الحريات الشخصّية على‬
‫الصناعيين وأصحاب المهن ّ‬
‫ّ‬ ‫التجار و‬
‫ينتمي إليها ّ‬
‫سيما حرية العمل والفكر والكالم‪ ،‬كما كانت تطالب بممارسة هذه الحرّيات ضمن‬‫مختلف أنواعها‪ ،‬وال ّ‬
‫إطار ديمقراطي يكون ضامناً لبقائها‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪29‬‬
‫وطنية"‪ .‬وفي‬
‫ّ‬ ‫جمعية‬
‫العامة المنعقدة في فرساي إلى " ّ‬
‫تحولت جمعية الطبقات ّ‬ ‫في ‪ 14‬حزيران ّ‬
‫فعلياً‬
‫مقيدة ّ‬
‫عينت لجنة من أعضائها لوضع دستور للبالد‪ .‬وهكذا بدت الملكية منذ ذلك الحين ّ‬
‫‪ 2‬تموز ّ‬
‫األهمية خصوصاً‬
‫الوطنية"‪ .‬هذا القرار كان بالفعل على درجة عظيمة من الخطورة و ّ‬‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬ ‫بوجود "‬
‫مدة قرون طويلة تتمتّع بسلطان مطلق غير مقيد ّإال بأحكام الدين والضمير‪.‬‬
‫الملكية بقيت ّ‬
‫ّ‬ ‫وان‬

‫وقد انطوى هذا اإلنقالب السياسي على انقالب في النظرّية اّلتي يستند إليها الحكم فبعد أن‬
‫ّ‬
‫الملكية المطلقة تستمد سلطانها من نظرية الحق اإللهي باتت السلطة تستند إلى النظرّية‬ ‫ّ‬ ‫كانت‬
‫اطية القائلة بأن الحكم ال يجد مصدر سلطاته إال في ارادة الشعب‪ ،‬وأصبح للفرد موقع جديد في‬
‫الديمقر ّ‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحياة‬

‫بأن اإلعالن يعد‪ ،‬دون مبالغة‪ ،‬بمثابة وثيقة ميالد "المواطن" الحديث‪ .‬وقد‬
‫من هنا اعتبار البعض ّ‬
‫كمقدمة للدستور‬
‫الوطنية" في ‪ 22‬آب ‪ ،1419‬واعتُمد فيما بعد ّ‬
‫ّ‬ ‫تم التصويت عليه من قبل " الجمعية‬
‫مقدمة وسبع عشرة مادة‪.‬‬
‫يتضمن ّ‬
‫ّ‬ ‫األول الصادر عام ‪ 1491‬وهو‬
‫الفرنسي ّ‬

‫أ‪ .‬التسمية ومدلوالتها‪:‬‬

‫نسية اسم "اإلعالن الفرنسي لحقوق اإلنسان والمواطن"‪ .‬فهي إذاً‪:‬‬


‫حملت الشرعة الفر ّ‬

‫‪ -‬إعالن‪.‬‬
‫طبيعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬إعالن لحقوق‬
‫‪ -‬إعالن لحقوق اإلنسان ولحقوق المواطن‪.‬‬

‫كل نقطة من هذه النقاط‪.‬‬


‫وسوف نتوقف لشرح ّ‬

‫‪30‬‬
‫‪ .1‬مدلول تعبير "إعالن"‪:‬‬
‫يذكرون" بالحقوق العائدة‬
‫تُبنىء مقدمة الشرعة بنوايا واضعيها‪ ،‬فهم "يعرضون"‪" ،‬يعلنون"‪ّ " ،‬‬
‫األساسية التالية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫مما يعني توفر النتائج‬
‫لإلنسان‪ّ .‬‬
‫‪ -‬الشرعة هي كناية عن عمل "إعترافي"‪" ،‬إعالني"‪ .‬فواضعوها لم ّيدعوا ّأنها عمل " خالّق"‬
‫والحقوق الواردة فيها ما هي إ ّال حقوق ملتصقة بطبيعة الكائن اإلنساني‪ ،‬يكفي لمعرفتها‬
‫ّ‬
‫كشف وجودها وأخذ هذا الوجود بعين اإلعتبار‪.‬‬
‫تعليمية"‪ .‬فالحقوق الواردة فيه ما هي حسب‬
‫ّ‬ ‫بوية" ‪" ،Pédagogique‬‬
‫‪ -‬لإلعالن سمة "تر ّ‬
‫واضعيه إال حقوق “ ّ‬
‫منسية”‪ُ " ،‬متَ َجاهلة"‪ ،‬ويكفي أن نذكر بها وأن نجعل منها من اآلن‬
‫وصاعداً حقوقاً ال جدل حولها‪.‬‬
‫تتعد هذا اإلطار‪ .‬وواضعوا اإلعالن يعرفون تماماً بأن مالحظة‬
‫‪ -‬الشرعة "أعلنت" حقوقاً ولم ّ‬
‫وجود الحقوق ال تكفي لتأمين احترامها‪ ،‬بل يجب أن يعقب ذلك توفير ضمانات‪ّ .‬إال ّ‬
‫أن‬
‫مميزتين ومرحلة البحث عن الضمانات هي مرحلة الحقة‪ .‬وال‬
‫تظالن ّ‬
‫هاتين العمليتين ّ‬
‫اإلنسانية ومنحاهم المسرف بالتفاؤل في هذا الميدان‬
‫ّ‬ ‫بأن ثقتهم الكبيرة بالطبيعة‬
‫شك ّ‬‫ّ‬
‫جعلهم ينتظرون الشيء الكثير من ّ‬
‫مجرد ذكر المبادىء الواردة في اإلعالن والمفتقدة‬
‫الفعلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للضمانات‬

‫طبيعية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬إعالن لحقوق‬
‫الطبيعية مما يعني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الشرعة هي إعالن لحقوق اإلنسان‬
‫التصرف بها‪ ،‬وال التنازل عنها حتّى‬
‫ّ‬ ‫أن هذه الحقوق " ّ‬
‫طبيعية" فال يمكن لإلنسان إذاً‬ ‫‪ -‬بما ّ‬
‫اإلنسانية‪ .‬ومن باب أولى أن ال يستطيع الغير‪ ،‬بالتالي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ادياً تحت طائلة فقدانه لصفته‬
‫إر ّ‬
‫التصرف بها‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فإن الحقوق الناتجة عنها موجودة‬
‫كل البشر‪ ،‬من هنا ّ‬
‫اإلنسانية هي واحدة لدى ّ‬
‫ّ‬ ‫إن الطبيعة‬
‫‪ّ -‬‬
‫كذلك لدى الجميع‪" .‬الناس يولدون‪ ...‬متساوين في الحقوق" (المادة ‪ّ ،)1‬‬
‫ألنهم جميعاً‬
‫الطبيعية للحقوق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يولدون كناس‪ .‬فالمساواة هي إذاً نتيجة مالزمة للصفة‬
‫الطبيعية" موجودة قبل نشوء المجتمعات‪ ،‬وبالتالي من غير الممكن‬
‫ّ‬ ‫إن هذه الحقوق "‬
‫‪ّ -‬‬
‫اعتبارها َديناً على عاتق المجتمع‪ ،‬وهي ال تسمح لألفراد أن يطلبوا من المجمتع تقديمات‬
‫إيجابية شبيهة بتلك اّلتي عرفناها حديثاً (الحق بالعمل‪ ،‬الحق بالراحة‪ ،‬الحق بالثقافة‪)...‬‬
‫ّ‬
‫الطبيعية"‪ .‬فالحقوق الواردة‬
‫ّ‬ ‫ألن هذا يتناقض مع المفهوم األساسي‪ ،‬األصلي ل ـ ـ "الحقوق‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بأي عمل‬‫سلبية‪ :‬عدم القيام ّ‬
‫في اإلعالن ال تَفرض على المجتمع ّإال إلتزماً واحداً له صفة ّ‬
‫إمكانيات‬ ‫إمكانية االستفادة منها‪ .‬هذه الحقوق هي إذن " ّ‬
‫إمكانيات عمل" وليست " ّ‬ ‫ّ‬ ‫يعيق‬
‫مطالبة"‪ .‬وهي حرّيات وليست ديوناً على عاتق المجتمع‪.‬‬
‫إن هذه الحقوق سابقة على نشأة المجتمع وبالتالي ال يستطيع المجتمع استعمالها لخذمة‬
‫‪ّ -‬‬
‫غاياته‪ .‬فهي وجدت لإلنسان وليس للمجتمع‪ .‬وهذا يعني ّأنه ال يمكن تخصيصها لغايات‬
‫واخضاع ممارستها إلحترام هذه الغايات‪ .‬ولإلنسان وحده أن يختار األهداف اّلتي يرغب‬
‫التوصل إليها من خالل ممارسته لهذه الحقوق‪ .‬من هذا المنظور تكتسي حقوق اإلنسان‬
‫اإلطالقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫طابع‬

‫‪ .3‬إعالن لحقوق اإلنسان ولحقوق المواطن‪:‬‬


‫اجية الظاهرة في تسمية اإلعالن تستوجب الشرح‪ .‬فحقوق اإلنسان كما رأينا‬
‫إن اإلزدو ّ‬
‫ّ‬
‫أما حقوق المواطن فهي تلك الحقوق اّلتي ال يمكن تصور‬
‫هي حقوق سابقة على نشأة المجتمع‪ّ .‬‬
‫ثمة اختالفاً في طبيعة كل من هذين النمطين‬
‫السياسية‪ .‬أي ّ‬
‫ّ‬ ‫وجودها إال بعد قيام المجتمعات‬
‫من الحقوق‪.‬‬
‫واذا كان اإلعالن ال يفصل بين هذين الحقين فالسبب يعود إلى أن حقوق المواطن –‬
‫الطبيعية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في ذهن واضعي اإلعالن‪ -‬ليست إال النتيجة‬

‫‪32‬‬
‫الخاصة بالشكل اّلذي يراه مناسباً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حقوق اإلنسان هي حرّيات تسمح لكل فرد أن يعيش حياته‬
‫يتدخل فيه‪ .‬من هنا الكالم عن الحرية‬
‫وهذه الحريات تخلق بالتالي ميداناً مستقالً ال يمكن للمجتمع أن ّ‬
‫الفردية ( المادة ‪ ،)4‬حرّية الرأي ( المواد ‪ 17‬و‪ ،)11‬حرّية التمّلك ( المادة ‪.)14‬‬
‫ّ‬

‫تؤمن مساهمة الجميع في المجتمع السياسي‪ .‬وهي تسمح بعدم‬ ‫حقوق المواطن هي سلطات ّ‬
‫إمكانية قمع من قبل هذا المجتمع‪ :‬حق المساهمة في تشكيل اإلرادة العامة (المادة ‪ ،)2‬الحق‬
‫ّ‬ ‫أي‬
‫قيام ّ‬
‫بقبول الضرائب المفروضة (المادة ‪.)17‬‬

‫السياسية أو الحرّية القديمة‬


‫ّ‬ ‫هذا التمييز يتطابق في الواقع مع مفهومين مختلفين للحرّية‪ :‬الحرّية‬
‫المدنية أو الحرّية الحديثة (حرّية الذاتّية‬
‫ّ‬ ‫اليونانية ( حرّية المساهمة)‪ ،‬والحرّية‬
‫ّ‬ ‫اّلتي عرفتها المدن‬
‫المستقّلة)‪.‬‬

‫إمكانية الفصل بينهما‪:‬‬


‫ّ‬ ‫هاتان الفئتان ال تتعارضان في اإلعالن واّنما تتكامالن إلى حد عدم‬
‫يؤمن الحفاظ على حقوق اإلنسان‪ .‬من هنا قيام‬ ‫السياسي ّ‬ ‫فقط االعتراف بحقوق المواطن في المجتمع‬
‫ّ‬
‫معين من أشكال تنظيم السلطة – الديمقراطّية – واحترام‬
‫الية بين شكل ّ‬
‫االرتباط في أصل األنظمة الليبر ّ‬
‫حرّيات وحقوق األفراد‪.‬‬

‫األساسية لإلعالن‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ .‬المرتكزات‬
‫إذا انكببنا على دراسة مضمون اإلعالن‪ ،‬يمكننا استخراج مجموعة من األفكار والمبادىء‬
‫العامة الغر ّبية للحرّيات‬
‫األساسية للنظرية ّ‬
‫ّ‬ ‫تشكل الدعائم‬
‫األساسية‪ ،‬كما ّأنها ّ‬
‫ّ‬ ‫تشكل مرتكزاته‬
‫اّلتي ّ‬
‫العامة‪:‬‬
‫ّ‬
‫األساسية في الطبيعة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫األساسية األولى في اإلعالن‪ ،‬تجد مرتكزاتها‬
‫ّ‬ ‫الحرية‪ :‬وهي الفكرة‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫يضر بالغير"‬
‫إمكانية عمل كل ما ال ّ‬
‫ّ‬ ‫"الناس يولدون أح ار اًر"‪ .‬وهي تعني حسب المادة الرابعة "‬

‫على أن يعود للقانون رسم الحدود اّلتي تفصل حرية ّ‬


‫كل فرد عن حرّية سواه‪ .‬هذه الصيغة‬

‫‪33‬‬
‫كل ما هو غير محظور بموجب‬
‫خاصة‪ ،‬إذا ما ربطناها بالمادة ‪ّ " :1‬‬
‫قد تبدو فضفاضة جداً‪ّ ،‬‬
‫القانون ال يمكن منعه"‪ .‬هكذا ّ‬
‫تركز المبدأ األساسي للحرية في المجتمعات الليبرالية‪ :‬لإلنسان‬
‫ّ‬
‫الخاصة وأن يعمل في كل الميادين ما دام ّأنه ال يصطدم بحظر‬ ‫ّ‬ ‫الحق أن يبتكر تصرفاته‬
‫مشروع‪ .‬فالحرّية هي األساس‪.‬‬

‫ركز اإلعالن على‬


‫اإلنساني‪ّ ،‬‬ ‫كل قطاعات النشاط‬‫انطالقاً من هذا المفهوم الواسع للحرّية واّلذي يغطي ّ‬
‫ّ‬
‫ليطبق بصددها المبدأ العام المعَلن عنه‪ .‬هكذا كنا أمام تعداد مقتضب – لم يأت على‬
‫بعض المجاالت ّ‬
‫سبيل الحصر – لبعض الحرّيات‪:‬‬

‫الفردية الّتي تختلط بفكرة "األمان" ( المواد ‪.)9 ،1 ،4‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬الحرّية‬
‫‪ -‬حرّية الرأي (المادة ‪,)17‬‬
‫‪ -‬حرّية التعبير عن الرأي (المادة ‪.)11‬‬
‫الفردية وهو الحق الوحيد اّلذي وصفته‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫الفردية‪ :‬لحظت المادة ‪ 14‬حق‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الملكية‬
‫مقدس ال يجوز انتهاكه‪ .‬وهذه الصفة تفسر القيود المفروضة على كل‬
‫بأنه حق ّ‬
‫الشرعة ّ‬
‫نص هذه المادة ما يلي‪:‬‬
‫الملكية‪ ،‬وقد جاء في ّ‬
‫ّ‬ ‫يؤدي إلى الحد من‬
‫عمل ّ‬
‫مقدس ال يجوز انتهاكه‪ ،‬لذا يجب عدم حرمان أحد من‬
‫الفردية هو حق ّ‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫أن حق‬
‫"حيث ّ‬
‫يقرها القانون‪ ،‬تفرض ذلك بصورة واضحة‪ ،‬وشرط أن‬
‫العامة‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫ملكه ّإال إذا كانت الضرورات‬
‫يعوض عن هذا الحرمان بصورة مسبقة وعادلة"‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ص على هذا النحو‪ ،‬وأورد‬


‫الن ّ‬
‫صيغ ّ‬
‫هذه المادة تنطلق من مبدأ ال يحتاج إلى إثبات وقد َ‬
‫العامة‬
‫الفردية إال إذا فرضت الضرورات ّ‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫الفردية‪ :‬فمن جهة أولى ال تنتهك‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫للحد من‬
‫قيوداً ّ‬
‫عامة‪.‬‬ ‫هذا العمل‪ ،‬في حين ّأننا اليوم نكتفي بأن يكون ّ‬
‫ثمة منفعة ّ‬

‫نص تشريعي‪ ،‬وهذا يجعل من المشترع‬


‫ومن جهة ثانية يجب أن يعترف بهذا الضرورات بموجب ّ‬
‫ّ‬
‫للملكية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األول‬
‫الحامي ّ‬

‫الملكية الفردّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العامة يجب أن تفرض "بصورة واضحة" إنتزاع‬
‫إن الضرورات ّ‬
‫ومن جهة ثالثة ّ‬
‫‪34‬‬
‫تقرر التعويض بصورة مسبقة وعادلة‪.‬‬
‫الملكية ّإال إذا ّ‬
‫ّ‬ ‫ومن جهة رابعة ال تنتزع‬

‫كرست المادة‬
‫البدنية هو نتيجة لمبدأ الحرّية وقد ّ‬
‫ّ‬ ‫إن الحفاظ على السالمة‬
‫البدنية‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬السالمة‬
‫السابعة هذا الحق وأعطته ضمانات واسعة ‪.‬‬
‫مجرداً من كل‬
‫‪ -‬حق مقاومة الطغيان‪ :‬اكتفت المادة الثانية باإلشارة إلى هذا الحق اّلذي بقي ّ‬
‫ويحدد مداه‪.‬‬
‫ظم هذا الحق ّ‬
‫نص آخر ين ّ‬
‫أي ّ‬
‫تتضمن الشرعة ّ‬
‫ّ‬ ‫تطبيق‪ .‬وال‬

‫‪ .2‬مبدأ المساواة‪:‬‬
‫اإلنسانية والحقوق المنبثقة عتها‪ .‬فما‬
‫ّ‬ ‫تظهر المساواة في اإلعالن كنتيجة لمفاهيم الطبيعة‬
‫تنص عليه المادة األولى‪" :‬يولد‬
‫هو من خواص اإلنسان ال يمكن حرمان الناس من التمتّع به‪ .‬هذا ما ّ‬
‫الناس أح ار اًر ومتساوين في الحقوق ويبقون كذلك"‪ .‬من هذا التأكيد األساسي نستخرج مجموعة من‬
‫ّ‬
‫بالتدرج‬
‫ّ‬ ‫القانونية المرتبطة بالوالدة سواء المتعّلق منها‬
‫ّ‬ ‫النتائج الملموسة‪ :‬يجب إلغاء عدم المساواة‬
‫العامة (المادة‬ ‫العامة ( المادة ‪ ،)2‬أو بالمساهمة باألعباء‬ ‫االجتماعي (المادة ‪ ،)1‬أو ُّ‬
‫بتقلد الوظائف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ .)13‬كذلك أُلغي مفهوم االمتيازات‪ ،‬أي وجود قانون موضوع لبعض األشخاص “يجب أن يكون القانون‬
‫فالكل متساوون في نظره (المادة ‪.)2‬‬
‫ّ‬ ‫واحداً للجميع”‪،‬‬

‫فإن هذا المفهوم موجود ضمن مجمل‬


‫المحددة لفكرة المساواة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫عدا عن هذه التطبيقات‬
‫كل المواطنين‬
‫المتساوية لجميع اآلخرين (المادة ‪ّ ،)7‬‬
‫ّ‬ ‫كل فرد حدودها في الحقوق‬‫النص‪ :‬تجد حرّية ّ‬
‫ّ‬
‫كل الحقوق المعترف بها‪ّ ،‬‬
‫مقررة لصالح الجميع‪.‬‬ ‫يساهمون في صياغة القانون (المادة ‪ّ ،)2‬‬

‫الفعلية ال تتطابق‬ ‫هذه المساواة محصورة بالحقوق وال تمتد إلى الواقع ِ‬
‫الحسي‪ .‬فالمساواة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عدة‪ :‬الطاقات‪ ،‬الفضائل‪ ،‬المواهب‪...‬‬ ‫تكرس عدم المساواة في مجاالت ّ‬‫عملياً مع الطبيعة‪ ،‬اّلتي ّ‬
‫ّ‬
‫الفعلية المعاشة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القانونية إلى المساواة‬
‫ّ‬ ‫ايديولوجية الثورة ال تسمح إذاً باالنتقال من المساواة‬
‫ّ‬

‫‪35‬‬
‫مستمدة من القانون العام‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬مبادىء‬
‫فإن مفهوم اإلعالن عنها‬
‫السياسي‪ ،‬وبالتالي ّ‬ ‫مدعوة ألن تُمارس في إطار المجتمع‬
‫ّ‬ ‫إن الحرّية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عملياً‬
‫وتمكن الفرد من التمتّع بحقوقه ّ‬
‫قانونية تضبط هذا المجتمع‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أساسية بتوفر وسائل‬
‫ّ‬ ‫محكوم بصورة‬
‫وليس نظرّياً فقط‪.‬‬

‫مستمد بأكثرّيته من القانون لعام وهو يتعّلق بتنظيم السلطات ّ‬


‫العامة‬ ‫ّ‬ ‫هذا النمط من المبادىء‬
‫في الدولة وبممارسة النشاط اإلداري‪.‬‬
‫كل فرد أو‬
‫ظر على ّ‬ ‫األمة ويح ّ‬
‫كل سيادة كامن في ّ‬
‫أن مبدأ ّ‬
‫نصت المادة الثالثة على ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫السياسية‬
‫ّ‬ ‫أن المجتمعات‬
‫األمة" على أساس ّ‬
‫مستمدة من ّ‬
‫ّ‬ ‫مجموعة أن يمارس سلطة غير‬
‫تكونت باالتفاق فيما بين األفراد وعندما أعطيت المجموعة الجديدة حقوقاً‪ ،‬منها الحكم‬
‫ّ‬
‫استمدته من إرادة المتعاقدين‪ ،‬وعندما يخضع المرء لمشيئة‬
‫ّ‬ ‫واعطاء األوامر‪ ،‬فهذا الح ّق‬
‫المجموع فهو في الواقع ال يخضع ّإال لنفسه‪.‬‬
‫اطية في النظام‬
‫‪ -‬المادة ‪ 12‬تكّلمت عن مبدأ فصل السلطات‪ ،‬واعتبرته معيار الديمقر ّ‬
‫أن ك ّل مجتمع ال تكون فيه ضمانة الحقوق ّ‬
‫مؤمنة‬ ‫السياسي‪ .‬وقد قالت المادة المذكورة " ّ‬
‫يؤمن فصل السلطات ال يكفي أن‬
‫يحدد فيه فصل السلطات‪،‬ليس له دستور"‪ .‬ولكي ّ‬
‫وال ّ‬

‫يختلف مضمون القرار الصادر عن ّ‬


‫كل سلطة‪ ،‬فالمعيار هو الفصل العضوي للسلطات‬
‫عضوياً‪ ،‬غير تلك اّلتي يصدر عنها القرار‬
‫ّ‬ ‫أي صدور القرار التشريعي عن سلطة هي‬
‫التنفيذي‪.‬‬
‫‪ -‬إلى جانب المبادىء الّتي أشرنا إليها والّتي تتعلّق بموضوع السلطة في الدولة لحظت‬
‫عملية من شأنها تأمين الحماية الكافية لحقوق اإلنسان على الصعيد العملي‬
‫الشرعة وسائل ّ‬
‫وهي تعود لنشاط اإلدارة‪ :‬وجود قوات مسّلحة تهدف لحماية حقوق اإلنسان (المادة ‪،)12‬‬
‫فرض ضرائب لخدمة حقوق اإلنسان (المادة ‪ ،)13‬محاسبة المو ّ‬
‫ظفين واّلذين ال تنسجم‬
‫أعمالهم مع غاية المجتمع (المادة ‪.)11‬‬

‫‪36‬‬
‫مستمدة من القانون الجزائي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .6‬مبادىء‬

‫معينة في الشكل واألساس‪ .‬فالمادة السابعة‬


‫الفردية مشروطة بوجود قواعد ّ‬
‫ّ‬ ‫إن حماية الحرّية‬
‫ّ‬
‫الفردية وهو ّأنه ال يجوز اتّهام الفرد أو توقيفه‬
‫ّ‬ ‫تنص على مبدأ أساسي تنتفي بانتفائه الحرّية‬
‫من الشرعة ّ‬
‫ّ‬
‫يحددها‪ .‬هذه القاعدة تتض ّمن إذاً‬‫أو سجنه ّإال في الحاالت اّلتي يلحظها القانون ووفقاً لألصول اّلتي ّ‬
‫شرطين أحدهما أن يكون القانون – والقانون وحده – قد ح ّدد الحاالت اّلتي يجوز فيها حجز الحرّية‬
‫وهذا الشرط يتعّلق كما قلنا باألساس‪ .‬أما الشرط الثاني فيعود للشكل‪ ،‬بمعنى ّأنه إذا وجد الفرد في‬
‫وشكليات‬
‫ّ‬ ‫فإن ذلك ال يجوز أن يحصل ّإال وفقاً ألصول‬
‫إحدى الحاالت اّلتي يجوز فيها حجز حرّيته ّ‬
‫يحددها القانون‪.‬‬
‫ّ‬
‫مستمدة من القانون الجزائي فهي تقول بأن المتّهم بريء‬
‫ّ‬ ‫وأشارت المادة التاسعة إلى قاعدة أخرى‬
‫ّ‬
‫حتّى تثبت إدانته‪ ،‬وتحظر اللجوء إلى القسوة في التوقيف ّإال إذا كانت ضرورّية‪.‬‬

‫‪ .8‬القانون‪:‬‬
‫يظهر القانون في االعالن بمثابة المفصل األساسي اّلذي تتمحور حوله العالقات بين الحرّية‬
‫كل‬
‫والمجتمع السياسي‪ .‬والموقع اّلذي يحتّله في النص يثير الدهشة في بعض جوانبه‪ .‬فنحن نجده في ّ‬
‫الطبيعية (المادة ‪ ،)7‬ووحده يمكنه أن يأمر ويمنع أو أن يقيم القمع‬
‫ّ‬ ‫يحدد أطر الحقوق‬
‫المواد تقريباً‪ :‬هو ّ‬
‫ويعرف ضرورات النظام العام (المواد ‪17‬‬
‫يؤمن المساواة (المادة ‪ّ ،)2‬‬‫واإلكراه (المواد ‪ ،)9 ،1 ،4‬وأن ّ‬
‫الفعلية لحقوق اإلنسان في المجتمع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫و‪ ،)11‬وبه ترتبط حصرياً الممارسة‬

‫عملياً إلى دكتاتورّية‬


‫ّ‬ ‫تؤدي‬
‫الية لواضعي اإلعالن ّ‬
‫بأن اإلرادة الليبر ّ‬
‫فهل يمكن القول تبعاً لذلك ّ‬
‫فإن القانون‬ ‫القانون؟ الجواب – المرتكز أساساً إلى تعاليم روسو‪ -‬هو بما ّأنه تعبير عن اإلرادة ّ‬
‫العامة‪ّ ،‬‬
‫بحسب تعريفه ال يمكن أن يكون جائ اًر‪ .‬وال يمكن لدكتاتورّية القانون أن تكون مناقضة للحرّية بل هي‬
‫ضمانتها الفضلى‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫هذا المفهوم للقانون هو مفهوم أساسي يرتكز عليه مجمل القانون الوضعي والثقة بالقانون‬
‫الية‪.‬‬
‫ما زالت قائمة حتّى اآلن وهي تعتبر بمثابة مسّلمة من مسّلمات النظرّية القانونية الليبر ّ‬

‫فإن ثقة اإلعالن بالقانون ليست مطلقة‪ .‬فالحذر تجاهه – وهذا مثير‬
‫وبالرغم من ذلك ّ‬
‫المضرة بالمجتمع (المادة ‪،)1‬‬
‫ّ‬ ‫ظر ّإال األعمال‬
‫عدة مواد‪" :‬فليس له الحق أن يح ّ‬
‫للدهشة‪ -‬يظهر في ّ‬
‫ثمة موقفين متناقضين في اإلعالن‪:‬‬
‫أن ّ‬‫أي ّ‬
‫و"عليه أن ال يقيم إال العقوبات الضرورّية حص اًر وبداهة"‪ّ .‬‬
‫تصور للحرّية تحت سلطة القانون‪ ،‬ونزعة لحماية الحرّية من تسّلط القانون‪ .‬الموقف ّ‬
‫األول مستقى من‬
‫أولوية القانون وهو ضارب جذوره في تقاليد القانون‬
‫ّ‬ ‫ويعبر عنه بمبدأ سيادة القانون أو‬
‫تعاليم روسو ّ‬
‫إمكانية إنحراف القانون عن حماية الحرّية وضرورة ّ‬
‫تصور نظام‬ ‫ّ‬ ‫العام الفرنسي‪ .‬والموقف الثاني يفترض‬

‫يخضع القانون من خالله لنوع من الرقابة ّ‬


‫للتأكد من مطابقته للنظام األساسي الحامي للحرّيات أي‬
‫نسية‪.‬‬
‫المؤسسات الدستورّية الفر ّ‬
‫ّ‬ ‫ظ هذا الموقف بصدى واسع في‬
‫للدستور‪ .‬ولم يح َ‬

‫مميزات اإلعالن‪:‬‬
‫ج‪ّ .‬‬
‫‪ .1‬الطابع الفردي‪:‬‬

‫األساسية‪ ،‬فوجود الدولة ونشاطها‬


‫ّ‬ ‫أن الفرد هو صاحب الحقوق‬
‫يتبين من دراسة الشرعة ّ‬
‫ّ‬
‫موجهان إلسعاد الفرد وتأمين حرياته ومفهوم الدستور مرتبط بشكل وثيق بالحرص على تأمين‬
‫ّ‬
‫تلك الحرّيات‪.‬‬

‫أن اإلعالن ال يعترف بغير الفرد صاحباً للحرّيات‪ ،‬فهو مثالً‬


‫‪ -‬هذا وال ّبد من اإلشارة إلى ّ‬
‫الدينية كما في الدستور اللبناني‪ ،‬أو كالعائلة‬
‫ّ‬ ‫لم ينص على حقوق للمجموعات كالطوائف‬
‫أن العائلة هي األساس‬
‫مادته الرابعة عشرة على ّ‬
‫ينص في ّ‬
‫كما في دستور السنغال اّلذي ّ‬
‫الطبيعي واألدبي للمجموعة البشرّية‪...‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -‬واذا تجاوزنا البحث في "صاحب الحرّيات" ودّققنا في طبيعة تلك الحرّيات الحظنا ّأنها‬
‫البدنية مثالً هو‬
‫ّ‬ ‫جماعية‪ .‬فالحق بالسالمة‬
‫ّ‬ ‫أحادية وليس‬
‫ّ‬ ‫حرّيات يمارسها الفرد بصورة‬
‫فردي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفردية هو حق‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫فردي‪ ،‬وحق‬
‫ّ‬ ‫حق‬
‫أن الفرد يتمتّع بمكانة سامية في شرعة حقوق اإلنسان يعود‬
‫‪ -‬والعنصر الثالث اّلذي يثبت ّ‬
‫أن‬
‫نسية اعتبرات ّ‬
‫لتكوين المجتمع اّلذي يتأّلف من أفراد ال من جماعات‪ .‬فالثورة الفر ّ‬
‫الجماعات اّلتي كانت تؤّلف المجتمع الفرنسي في العهد الملكي هي عدوة لإلنسان‬
‫الوطنية تلغي وبصورة‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫لينص على " ّ‬
‫ّ‬ ‫ولحقوقه فجاء دستور أيلول ‪1493‬‬
‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫المؤسسات اّلتي كانت تهدم الحرّية والمساواة في الحقوق"‪ .‬ومن تلك‬
‫ّ‬ ‫قاطعة‬
‫المهنية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المهنية منها وغير‬
‫ّ‬ ‫الجماعات‬

‫الفكرية للشرعة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬األبعاد‬
‫عبرت عنها شرعة حقوق اإلنسان والمواطن ال تجيز حصر الحقوق‬
‫الفلسفية اّلتي ّ‬
‫ّ‬ ‫إن اآلراء‬
‫ّ‬
‫طبيعية‬
‫ّ‬ ‫معينة‪ ،‬فما دامت حقوق اإلنسان هي حقوق‬
‫معين أو بيئة ّ‬
‫معينة أو عصر ّ‬
‫المعلن عنها في فئة ّ‬
‫مفر من أن تتوّلى الشرعة إعالن حقوق لإلنسان كوني األبعاد‬
‫وما دامت الطبيعة البشرّية واحدة‪ ،‬فال ّ‬
‫ّ‬
‫لكل زمان ومكان‪.‬‬
‫صالح ّ‬

‫‪ .3‬طابع الشرعة اإلعالني‪:‬‬


‫إنشائياً‪ ،‬فهي كشفت عن الحقوق الّتي ُخلِقت مع اإلنسان ولم‬
‫ّ‬ ‫إعالنياً وليس‬
‫ّ‬ ‫دور الشرعة كان‬
‫َّتد ِع إنشاء هذه الحقوق‪.‬‬

‫‪ .6‬الطابع البرجوازي لإلعالن‪:‬‬


‫معينة تم ّثلت بالتأكيد‬
‫الوطنية من الطبقة البرجوازّية اّلني كان لها مطالب ّ‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬ ‫كانت أكثرّية‬
‫تؤمن الطبقة‬
‫الفردية‪ .‬من هنا تأكيد المادة ‪ 1‬على الفكرة األولى كي ّ‬
‫ّ‬ ‫الملكية‬
‫ّ‬ ‫على المساواة وصيانة‬

‫‪39‬‬
‫الملكية ووضعه في‬
‫ّ‬ ‫العامة‪ .‬كذلك تأكيد المادة ‪ 2‬على حق‬
‫ّ‬ ‫إمكانية وصولها إلى الوظائف‬
‫ّ‬ ‫البرجوازّية‬
‫الحق بمقاومة الطغيان‪.‬‬
‫متقدماً على الحق باألمان و ّ‬
‫المرتبة الثانية بعد الحرّية ّ‬

‫اإلقليمية لحقوق اإلنسان‬


‫ّ‬ ‫العالمية و‬
‫ّ‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬اإلعالنات‬

‫ّأوالً‪ :‬إهتمام المجتمع الدولي بحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫أن مفهوم " حقوق اإلنسان" ّ‬


‫مر بعصور ثالثة‪ :‬عصر االعالنات‪ ،‬العصر‬ ‫يعتبر البعض ّ‬
‫األول والثاني ويبقى علينا دراسة العصر‬
‫طلعنا سابقاً على العصرين ّ‬ ‫االشتراكي‪ ،‬والعصر الدولي‪ .‬ا ّ‬
‫الدولية‪ .‬فقد‬
‫ّ‬ ‫الثالث اّلذي لم يكن سوى نتيجة لصعود موجة " الفكر اإلنساني" اّلتي طبعت العالقات‬
‫ّ‬
‫الوطنية إلى‬
‫ّ‬ ‫ّأدى هذا الحدث إلى نقل االهتمام بالفرد وموقعه وحقوقه وحرّياته من مجال المجتمعات‬
‫مجال المجتمع الدولي‪ .‬فالعالقة بين الدولة والفرد تدخل أساساً في إطار سلطات السيادة اّلتي تمتلكها‬
‫ألي طرف أن يدنو منه‪ .‬هذا الوضع جعل القانون‬
‫الدولة‪ ،‬وهي عبارة عن شأن داخلي بحت‪ ،‬ال يجوز ّ‬
‫حد كبير موضوع األفراد‪ ،‬على أساس ّأنه يقع خارج‬
‫الدولي العام التقليدي يبتعد ويتجاهل طويالً والى ّ‬
‫ٍ‬
‫مآس وموت ودمار‬ ‫كل ما جرته من‬
‫إطار موضوعاته‪ ،‬إلى أن نشبت الحرب العالمية الثانية مع ّ‬
‫وجوع‪ ...‬وانتهاكات صارخة ألبسط حقوق الكائن اإلنساني‪.‬‬
‫ّ‬

‫ّأدت الحرب العالمية الثانية إلى ترسيخ قناعة مفادها وجود نوع من الموازاة والتالزم بين احترام‬

‫حقوق اإلنسان في المجال الداخلي‪ ،‬الوطني وحماية األمن والسالم الدوليين‪ " .‬فقد ّ‬
‫تسببت ألمانيا‬
‫ِ‬
‫مدمرة‪."...‬‬ ‫الفاشية بانتهاكهما لحقوق اإلنسان وحرّيات الشعوب في إشعال حرب‬
‫عالمية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النازّية وايطاليا‬
‫اإلنسانية بين شعوب‬
‫ّ‬ ‫أن " ظهور وتعزيز قيم مشتركة في مجال حقوق اإلنسان والحرّيان‬
‫باإلضافة إلى ّ‬
‫الدولية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العالم أجمع لهو مما يساعد على تحقيق أواصر التضامن بينها لصالح األسرة‬
‫العالمية الثانية واتّباع هذا النمط من التحليل الفكري أديا إلى انتقال‬
‫ّ‬ ‫ولدتها الحرب‬
‫إن الصدمة الّتي ّ‬
‫ّ‬
‫االهتمام بموضوع حقوق اإلنسان من المجال الوطني إلى المجال الدولي‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫أ‪ .‬الظهور التدريجي لحقوق اإلنسان على الصعيد الدولي‪:‬‬
‫األساسيى بداية متواضعة‪ ،‬إذ اقتصرت‬
‫ّ‬ ‫بدأ اهتمام المجتمع الدولي بحقوق اإلنسان وحرّياته‬
‫معينة ومحدودة انصبت على مكافحة االنتهاكات الفاضحة لحقوق اإلنسان‬‫اهتماماته على حاالت ّ‬
‫إنسانية في بعض الحاالت‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المتمثلة بالرق واالتجار بالرقيق ّ‬
‫وتدرج من ذلك‪ ،‬إلى إقرار التدخل ألهداف‬
‫األقليات وبعض حقوق اإلنسان في األقاليم الخاضعة لالستعمار‪ .‬كما انتهى قبل قيام األمم‬
‫ّ‬ ‫والى حماية‬
‫العالمية األولى إلى اإلهتمام بشؤون الطبقة العاملة ومحاولة‬
‫ّ‬ ‫المتحدة وفي معاهدات الصلح عقب الحرب‬
‫االجتماعية ألفراد وأسر هذه الطبقة وقد تمثل ذلك بإنشاء‬
‫ّ‬ ‫اإلقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫الدولية للحقوق‬
‫ّ‬ ‫توفير الحماية‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫منظمة العمل‬

‫‪ .1‬مكافحة الرق واالتجار بالرقيق‪:‬‬


‫انتشرت ظاهرة الرق واالتجار به بصورة مفزعة‪ ،‬على الصعيد الدولي‪ ،‬بعد اكتشاف القارة‬
‫األميركية في أواخر القرن الخامس عشر‪ .‬وكان ال ّبد من إيجاد الحلول لهذه المشكلة‪ ،‬فبدأت الدول‬
‫ّ‬
‫داخلية تحرم االتجار بالرقيق وكي تؤتي هذه الجهود ثمارها‬
‫ّ‬ ‫منذ أواخر القرن الثامن عشر ّ‬
‫تسن تشريعات‬
‫الدولية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كان ال ّبد من تنسيقها في عمل دولي‪ .‬فعقدت خالل القرن التاسع عشر سلسلة من املعاهدات‬
‫سيما بين بريطانيا وفرنسا‪ ،‬أقوى دولتين بحريتين آنئذ‪ ،‬بهدف مكافحة االتجار بالرقيق بح اًر‪ .‬وبموجب‬
‫ال ّ‬
‫تم االتفاق على أن تتبادل الدول الموقعة على تلك المعاهدات حق الزيارة والتفتيش بح اًر‬
‫هذه المعاهدات ّ‬
‫عمليات نقل الرقيق من العالم القديم وسواحل أفريقيا‬
‫بواسطة أساطيلها‪ ،‬للسفن اّلتي يشتبه بتورطها في ّ‬
‫خاص إلى العالم الجديد‪ .‬وشهدت نهاية القرن التاسع عشر مؤتمرين عقدا خصيصاً لحل بعض‬
‫ّ‬ ‫بوجه‬
‫المشاكل اّلتي أثارها التنافس االستعمار ّي النشط في أفريقيا ( برلين ‪ 1111‬وبروكسل ‪ .)97/1119‬ولقد‬
‫اتفاقية جنيف‬
‫ّ‬ ‫(اتفاقية سان جرمان ‪،1919‬‬
‫ّ‬ ‫خاصة بالرق وتحريمه‬
‫اتفاقيات جديدة ّ‬
‫ّ‬ ‫عدة‬
‫وقعت بعد ذلك ّ‬
‫ظمة األمم المتحدة)‪.‬‬
‫اتفاقية ‪ 1912‬تحت إشراف من ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 1922‬تحت إشراف عصبة األمم –‬

‫‪41‬‬
‫‪ .2‬نظام االمتيازات‪:‬‬
‫الوطنية لدولة ما تجاه الرعايا األجانب‬
‫ّ‬ ‫وهو يتلخص بنوع من تضييق صالحيات السيادة‬
‫اّلذين يعيشون فيها‪ ،‬بحيث يستمرون بالخضوع للنظام القانوني لدولتهم‪ .‬وتكمن مبررات هذا النظام‬
‫بضرورة توفير ضمانات لألجانب – والتجار منهم على وجه الخصوص‪ -‬عند تواجدهم في دول أجنبّية‬
‫المؤسسات والنظم اّلتي تساعد‬
‫ّ‬ ‫اهية‪ ...‬من جهة‪ ،‬وتفتقد‬
‫التعصب أو الكر ّ‬
‫ّ‬ ‫تشعر تجاههم ببعض الحذر أو‬
‫الذاتية‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحد من اطالق العنان لهذه المعايير‬
‫على ّ‬

‫األوروبية ودول أخرى في الشرق‬


‫ّ‬ ‫كان هذا النظام يرتكز عادة على معاهدة تعقد بين الدول‬
‫وفي أفريقيا‪.‬‬

‫الدبلوماسية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬نظام الحماية‬

‫يفترض هذا النظام وقوع ضرر على فرد ما موجود خارج وطنه‪ ،‬وان هذا الفرد لم يستطع أن‬
‫العادية‪ ،‬فطلب من دولته أن‬
‫ّ‬ ‫يصل إلى حقوقه من الدولة المتواجد فيها عن طريق اللجوء إلى الوسائل‬
‫تتدخل لدى الدولة الموجودة فيها‪ ،‬لتطالبها باحترام شخص أو أموال مواطنها تطبيقاً لقواعد القانون‬
‫ّ‬
‫الدولي‪.‬‬

‫ثالث مالحظات تفرض نفسها في هذا المجال‪:‬‬

‫جنسيتها إلى المطالبة بحقوق مواطنها ّ‬


‫يؤدي إلى وضع الدولة األخرى‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬مبادرة الدولة اّلتي يحمل الفرد‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أمام مسؤولياتها‬
‫األجنبية من المستوى‬
‫ّ‬ ‫بالقضية العالقة بين الفرد والدولة‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬قبول الدولة بالمطالبة بحقوق مواطنها يرقى‬

‫الفردي إلى مستوى قضية ذات أبعاد ّ‬


‫دولية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫أن رفع الضرر عن شخص أو مال أحد الرعايا األجانب في دولة ما‪ ،‬وبالتالي احترام‬
‫‪ -‬هذا يعني ّ‬
‫طة هذا اإلطار ليصبح موضوع‬
‫داخلياً بحتاً وأن يتخ ّ‬
‫ّ‬ ‫حقوقه وحرياته يمكن أن ال يبقى موضوعاً‬
‫اهتمام المجتمع الدولي والقانون الدولي العام‪.‬‬

‫‪ .6‬حماية األق ّليات‪:‬‬


‫تقدمنت روسيا‬
‫تطبيقية مختلفة لهذا النظام‪ .‬فقد ّ‬
‫ّ‬ ‫العثمانية أمثلة‬
‫ّ‬ ‫عرفت فترة قيام االمبراطورّية‬
‫الدينية وذلك تطبيقاً لنص المادة السابعة‬
‫ّ‬ ‫األقليات‬
‫ّ‬ ‫العثمانية بشأن اضطهاد‬
‫ّ‬ ‫متعددة إلى الدولة‬
‫باحتجاجات ّ‬
‫األوروبية‪ ،‬لنفس لسبب‪ ،‬لدى تركيا بشأن اليونان عام ‪1129‬‬
‫ّ‬ ‫تدخلت الدول‬
‫من معاهدة ‪ .1447‬كذلك ّ‬
‫وبشأن منطقة الشرق العربي في تواريخ ّ‬
‫متعددة‪.‬‬

‫دينية‪ ،‬عنصرّية أو‬ ‫وتتلخص عالقة هذا النظام بموضوع حقوق اإلنسان بإفتراض وجود ّ‬
‫أقلية ما ّ‬
‫الحد األدنى لما يجب أن تتمتّع به من حقوق‬
‫الوطنية لها واهدار ّ‬
‫ّ‬ ‫لغوية‪ ،‬تعاني من اضطهاد السلطات‬
‫ّ‬
‫بل أن بعض‬ ‫األقلية‪ .‬ليس هذا فحسب‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بتدخل " إنساني" لحماية هذه‬
‫مما يدفع بعض الدول للقيام ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫األقليات‬
‫ّ‬ ‫الدولية قد اتجه إلى ما هو أكثر من ضمان الحقوق والحريات‪ّ ،‬‬
‫فنص على منح بعض‬ ‫ّ‬ ‫االتفاقات‬
‫الوطنية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫حق تكوين التنظيمات‬
‫الذاتي أو ّ‬ ‫نوعاً من االستقالل‬
‫ّ‬

‫العالمية األولى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .8‬فترة الحرب‬
‫العالمية األولى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حّقق اإلهتمام بحقوق الفرد على الصعيد الدولي قفزة ّ‬
‫نوعية في أعقاب الحرب‬
‫الدولية وتوقيع معاهدات ‪ 1927 – 1919‬شكّلت كّلها عناصر‬
‫ّ‬ ‫ظمة العمل‬
‫فإنشاء عصبة األمم ومن ّ‬
‫الدولية والقانون الدولي العام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إيجابية بإتجاه " ْأن َس َنة" العالقات‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫خااصة بعد رسم خارطة جديدة‬‫ّ‬ ‫األقليات‬


‫ّ‬ ‫دولياً لحماية‬
‫فقد لحظت معاهدات السالم نظاماً ّ‬
‫ألوروبا وكّلفت عصبة األمم مهمة رعاية هذا النظام‪ .‬كذلك أنشأت العصبة وكالة عليا لغوث الالجئين‪.‬‬
‫أن ال سالم دولي إذا لم يكن‬
‫وعملت منظمة العمل الدو ّلية (‪ )1919‬على حماية العمال على أساس " ّ‬
‫ّ‬
‫‪43‬‬
‫الحد األدنى للحماية‪ .‬فقد‬
‫تشكل ّ‬
‫الدولية اّلتي ّ‬
‫ّ‬ ‫هناك سالم اجتماعي‪ ،‬فاستطاعت أن تصيغ بعض القواعد‬
‫ّ‬
‫وصية تؤّلف مجموعها ما يعرف باسم "قانون‬
‫ّ‬ ‫اتفاقية و‪114‬‬
‫ّ‬ ‫تم‪ ،‬بين العام ‪ 1919‬و ‪ ،1922‬إقرار ‪111‬‬
‫ّ‬
‫عدة منها‪ :‬حظر السخرة أو العمل اإلجباري‪،‬‬
‫التوصيات تطال مواضيع ّ‬
‫ّ‬ ‫االتفاقيات و‬
‫ّ‬ ‫العمل الدولي"‪ .‬هذه‬
‫ّ‬
‫حرّية تكوين النقابات وحماية التنظيم النقابي‪ ،‬المساواة في األجر بين المرأة والرجل‪ ،‬حظر التفرقة‬
‫ّ‬
‫العنصرّية في مجال االستخدام‪...‬‬

‫ب‪ .‬األمم المتحدة وحقوق اإلنسان‪:‬‬


‫طلع على اهتمامات منظمة األمم المتحدة بموضوع حقوق اإلنسان من خالل دراستنا لـ ــ‪:‬‬
‫سن ّ‬
‫‪ -‬ميثاق المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫الثقافية والميثاق الدولي للحقوق‬
‫االجتماعية و ّ‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الميثاق الدولي للحقوق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬

‫‪ .1‬ميثاق األمم‪:‬‬

‫خاصة بحقوق اإلنسان ّ‬


‫تجسدت بما ورد‬ ‫ّأوالً‪ :‬النصوص – لقد عني ميثاق األمم المتحدة عناية ّ‬
‫في ديباجته‪" :‬نحن شعوب األمم المتحدة‪ ،‬وقد آلينا على أنفسنا‪:‬‬
‫أن ننقذ األجيال المقبلة من ويالت الحرب‪....‬‬
‫األساسية لإلنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء واألمم‬
‫ّ‬ ‫نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق‬
‫وأن ّ‬
‫متساوية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫كبيرها وصغيرها من حقوق‬
‫وأن ندفع بالرقى االجتماعي قدماً‪ ،‬وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح‪"...،‬‬
‫ّ‬
‫وقد وردت اإلشارة إلى تلك الحقوق في مواقع مختلفة من الميثاق وبنفس الصيغ واألسلوب فأشير إليها‬
‫ظمة من أجل‬
‫تشكل هدفاً من األهداف اّلتي أنشئت المن ّ‬
‫في المادة األولى من الميثاق باعتبار ّأنها ّ‬
‫تحقيقها‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫الماّدة األولى‪" :‬مقاصد األمم المتحدة هي‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫الثقافية‬
‫االجتماعية و ّ‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫الدولية ذات الصبغة‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل‬
‫األساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحرّيات‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫اطالقاُ بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق بين الرجال والنساء‪.‬‬

‫‪ -7‬جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال األمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة"‪.‬‬

‫العمومية إذ ذكرت‬
‫ّ‬ ‫بالجمعية‬
‫ّ‬ ‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫كما أشير إلى تلك الحقوق في الفصل الرابع من الميثاق‬
‫األساسية‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‪ ..." :‬إلعانة على تحقيق حقوق اإلنسان والحرّيات‬
‫ّ‬ ‫أن من بين وظائف هذه‬
‫المادة ‪ّ 13‬‬
‫للناس جميعاً بال تمييز‪."...‬‬

‫نصت المادة ‪:11‬‬


‫االجتماعي حيث ّ‬
‫االقتصادي و‬
‫ّ‬ ‫الخاص بالتعاون الدولي‬
‫ّ‬ ‫وفي الفصل التاسع‬
‫ّ‬
‫مؤسسة‬
‫ودية بين األمم ّ‬
‫فاهية الضروريين لقيام عالقات سليمة ّ‬
‫"رغبة في تهيئة دواعي االستقرار والر ّ‬
‫على احترام المبدأ اّلذي يقضي بالمساواة في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها‬
‫تعمل األمم المتحدة على ‪:‬‬
‫أ‪... -‬‬
‫ب‪... -‬‬
‫األساسية للجميع‪ ...‬ومراعاة تلك الحقوق فعالً‪".‬‬
‫ّ‬ ‫ج‪ -‬أن يشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان والحرّيات‬

‫المخصص لنظام الوصاية الدولي وفي إطار المادة ‪ " 42‬أن من‬
‫ّ‬ ‫وأخي اًر جاء في الفصل الثاني عشر‬
‫األساسية لنظام الوصاية‪:...‬‬
‫ّ‬ ‫األهداف‬

‫أ ‪... -‬‬

‫‪45‬‬
‫ب‪... -‬‬
‫األساسية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ج‪ -‬التشجيع على احترام حقوق اإلنسان والحرّيات‬
‫االقتصادية والتجارّية‪"...‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية و‬
‫ّ‬ ‫د – كفالة المساواة في المعاملة في األمور‬

‫الخاصة بحقوق اإلنسان بل أرفقت‬


‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬األجهزة – لم تقف األمم المتحدة جامدة أمام نصوص ميثاقها‬
‫مهمته تعزيز‬
‫ظمة ّ‬ ‫ئيسية الست للمن ّ‬
‫ذلك بإنشاء عدد من األجهزة‪ .‬فكان إنشاء جهاز من بين األجهزة الر ّ‬
‫االقتصادي واالجتماعي‬
‫ّ‬ ‫حقوق اإلنسان ودفع كل األطراف نحو المزيد من احترامها‪ .‬و"ينشىء المجلس‬
‫االجتماعية ولتعزيز حقوق اإلنسان‪( "...‬المادة ‪ .)21‬وقد اعتبرت المادة ‪22‬‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫لجاناً للشؤون‬
‫توصيات فيما يختص بإشاعة إحترام حقوق اإلنسان والحرّيات‬
‫ّ‬ ‫يقدم‬
‫أن من بين وظائف المجلس "أن ّ‬
‫ّ‬
‫دولية للمسائل اّلتي تدخل في دائرة‬
‫األساسية وله أن يعد مشاريع اتفاقات وأن يدعو إلى عقد مؤتمرات ّ‬
‫ّ‬
‫األساسية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اختصاصه ومن بينها الحقوق والحرّيات‬

‫خاص بحقوق اإلنسان ‪Division of Human‬‬


‫وقد سارعت المنظمة بعد ذلك إلى إنشاء قسم ّ‬
‫‪ Rights‬داخل األمانة العامة يرأسه موظف كبير بدرجة مدير‪ ،‬ويقوم هذا القسم بإعداد وتجميع الوثائق‬
‫اإلنسانية‪ ،‬كما يتابع‬
‫ّ‬ ‫المعنية بهذه الحقوق‬
‫ّ‬ ‫والبحوث والدراسات لالجهزة التابعة لألمم المتحدة ولجانها‬
‫مواصلة هذا الموضوع عن كثب على مستوى ارجاء العالم‪ .‬منا أنشأ المجلس االقتصادي واالجتماعي‬
‫ّ‬
‫عام ‪ 1972‬اللجنة المعروفة بلجنة األمم المنتحدة لحقوق اإلنسان ‪Commission of Human‬‬
‫كل ما يتعّلق بحقوق اإلنسان وحياته‬
‫‪ Rights‬ومنحها صالحيات واسعة في هذا الصدد وتشتمل على ّ‬
‫إما من تلقاء‬
‫اتفاقيات في هذا الشأن ّ‬
‫ّ‬ ‫بتوصيات ومشاريع‬
‫ّ‬ ‫تتقدم‬
‫األساسية‪ ،‬ومنها أن تقوم بدراسات‪ ،‬وأن ّ‬
‫ّ‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ .‬كما يحال إلى تلك‬
‫ّ‬ ‫العامة أو المجلس‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬ ‫نفسها أو بناء على طلب من‬
‫ّ‬
‫العامة عن انتهاكات حقوق اإلنسان في شتّى البلدان‬
‫ّ‬ ‫اللجنة للعلم الشكاوى العديدة اّلتي تتلقاها األمانة‬
‫وتنشر هذه الشكاوى ضمن مطبوعات األمم المتحدة ووثائقها بدون ذكر أسماء أصحاب هذه الشكاوى‪.‬‬

‫وتتكون اللجنة المذكورة من ‪ 32‬عضواً يمثلون ‪ 32‬دولة يختارون ّ‬


‫لمدة ‪ 3‬سنوات‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪46‬‬
‫جماعية توافقت فيها ارادة الدول األعضاء في المجتمع‬
‫ّ‬ ‫يعتبر ميثاق األمم المتحدة بمثابة معاهدة‬
‫الدولي‪ ،‬على تحديد قواعد القانون الدولي اّلتي تحكم العالقات بينها في مواضيع مختلفة من بينها‬
‫ّ‬
‫موضوع حقوق اإلنسان‪ .‬وهو من قبيل المعاهدات الشارعة اّلتي تفرض على األطراف المتعاقدين اإللتزام‬

‫تفوقها على قواعد القانون الوطني ّ‬


‫ألية دولة متعاقدة بما في ذلك القواعد الدستورّية‪.‬‬ ‫بنصوصها وتحتم ّ‬

‫الفعلية‬
‫ّ‬ ‫ّإال أن خارج هذا الموقع القانوني لم يصغ الميثاق تصو اًر بالوسائل الكفيلة بالحماية‬
‫ّ‬
‫القضائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لحقوق اإلنسان عن طريق توفير األدوات والوسائل اإلجر ّ‬
‫ائية و‬

‫ثانياً‪ :‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫نص ميثاق األمم المتحدة الصادر عام ‪ 1971‬على ضرورة تعزيز احترام حقوق اإلنسان‬
‫ّ‬
‫األساسية للناس جميعاً‪ ،‬واإللتزام بالعمل من أجل الحفاظ عليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والحرّيات‬

‫مقدمة‬
‫العالمي ّ‬ ‫ويتضمن اإلعالن‬
‫ّ‬ ‫فصدق في ‪/17‬ك‪،1971/1‬‬ ‫أقر اإلعالن وعض على األمم المتحدة ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫البدنية‪ .‬واذا ما أردنا تصنيف هذه الحقوق لجعلناها‬
‫ّ‬ ‫نكرس حقوق المساواة والحرّية والسالمة‬
‫مادة ّ‬
‫وثالثين ّ‬
‫ضمن أربع فئات‪:‬‬

‫الشخصية لألفراد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الفئة األولى‪ :‬الحقوق‬
‫‪ ‬الفئة الثانية‪ :‬حقوق األفراد في مواجهة الجماعة‪.‬‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الفئة الثالثة‪ :‬الحقوق اّلتي تتعّلق بالحرّيات ّ‬
‫العامة و‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫تتضمن اإلعالن عن الحقوق‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الفئة الرابعة‪:‬‬

‫السياسية‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫ثم دأب المجتمع الدولي على اصدار شرعين عام ‪ ،1922‬األولى تتعّلق بالحقوق‬
‫ومن ّ‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية و‬
‫ّ‬ ‫والثانية بالحقوق‬

‫‪47‬‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان عام ‪:1680‬‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية‬
‫ّ‬ ‫ثالثاً‪:‬‬

‫األوروبية لحقوق‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية عن اإلعالن العالمي هو وجود أجهزة حماية ( اللجنة‬
‫ّ‬ ‫يميز هذه‬
‫ما ّ‬
‫ّ‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬لجنة الوزراء مجلس أوروبا)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬المحكمة‬

‫رابعاً‪ :‬معاهدة هلسنكي لألمن والتعاون في أوروبا عام ‪:1668‬‬

‫االقتصادي‬
‫ّ‬ ‫االستشارية لدى المجلس‬
‫ّ‬ ‫حكومية ذات الصفة‬
‫ّ‬ ‫الدولية غير ال‬
‫ّ‬ ‫خامساً‪ :‬المنظمات‬
‫المعنية بحقوق اإلنسان‪:‬‬
‫االجتماعي و ّ‬ ‫و‬
‫ّ‬
‫االقتصادي واالجتماعي‬
‫ّ‬ ‫الحكومية ذات الصفة االستشارّية لدى المجلس‬
‫ّ‬ ‫الدولية غير‬
‫ّ‬ ‫النظمات‬
‫ّ‬
‫والمعنية بحقوق اإلنسان‪:‬‬

‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬منظمة العفو‬
‫الدولية للقوانين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬اللجنة‬

‫وحريات األفراد‪:‬‬
‫ّ‬ ‫األساسية لحقوق‬
‫ّ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬الضمانات‬

‫قانونية له مرتكزات‬
‫ّ‬ ‫إن النظام القانوني الهادف إلى تنظيم وحماية ميدان الحرّيات وضبطه بأدوات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫القانونية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السياسية و‬
‫ّ‬ ‫أساسية تتمثّل بالضمانات‬
‫ّ‬ ‫ومبادىء‬

‫السياسية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫األول ‪ :‬الضمانات‬
‫المبحث ّ‬
‫القانونية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأوالً‪ :‬الدولة‬
‫القانونية‪ .‬فقيام‬
‫ّ‬ ‫العامة ّإال في ظل الدولة‬
‫ّ‬ ‫ال يمكن الحديث عن ضمانات للحقوق والحرّيات‬

‫األول واألساسي لتأمين احترام الحقوق والحرّيا ّ‬


‫العامة‪.‬‬ ‫القانونية هو الشرط ّ‬
‫ّ‬ ‫القانونية‪ .‬فقيام الدولة‬
‫ّ‬ ‫الدولة‬

‫‪48‬‬
‫القانونية خضوع الدولة للقانون في جميع مظاهر نشاطها من حيث االدارة‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫ويعني نظام الدولة‬

‫التشريع‪ ،‬أو القضاء‪ .‬وعلى هذا النحو تخضع جميع سلطات الحكم في الدولة للقانون ّ‬
‫وتتقيد بأحكامه‪.‬‬

‫ويقصد بمبدأ خضوع الدولة للقانون تحقيق صالح األفراد وحماية حقوقهم ضد ّ‬
‫تعسف السلطة‬
‫تشكل‬
‫البوليسية ّ‬
‫ّ‬ ‫القانونية وال يخضعون ألحكامه‪ .‬والدولة‬
‫ّ‬ ‫تصور نظام الدولة‬
‫واستبدادها‪ .‬وال يمكن بالتالي ّ‬
‫الحق‬
‫ّ‬ ‫القوة بغير‬
‫"أن الحق بغير قوة ال حول له‪ ،‬ولكن ّ‬
‫النقيض للدولة يقول العميد دوغي ‪ّ :Duguit‬‬
‫يوجهها ويقيدها الحق"‪.‬‬
‫فالقوة يجب أن ّ‬
‫بربرّية‪ّ ،‬‬

‫اطية‪:‬‬
‫ثانياً‪ :‬الديمقر ّ‬

‫إذا كان مبدأ خضوع الدولة للقانون الشرط الضروري والالزم لضمان احترام الحرّيات ّ‬
‫العامة‪،‬‬
‫السياسية‬
‫ّ‬ ‫القانونية في جميع النظم‬
‫ّ‬ ‫تصور نظام الدولة‬
‫يشكل الشرط الكافي لتحقيقها‪ .‬إذ ّأنه يمكن ّ‬
‫فإنه ال ّ‬
‫ّ‬
‫الفاشية كالهما دولة قانون من حيث خضوعها لقاعدة قا ّ‬
‫نونية‬ ‫اطية كانت أم ديكتاتورّية‪ .‬فالنازّية و ّ‬
‫ديمقر ّ‬
‫بأي وجود مستقل عن كونه‬
‫األمة‪ّ ،‬إال ّأنهما ال يعترفان للفرد ّ‬
‫تسمو على ارادة الحكام وهي مصلحة ّ‬
‫إن حقوقه هذه تضمحل أمام مصلحة‬ ‫بأية حقوق ّ‬
‫فردية‪ ،‬إذ ّ‬ ‫فإنه ال يتمتّع ّ‬
‫عضواً في الجماعة وبالتالي ّ‬
‫كل ما يمكن أن يكون له من حقوق‪.‬‬
‫األمة وواجباته نحوها تطغى على ّ‬
‫ّ‬

‫العامة هو أن يكون الفرد ذاته‬


‫ّ‬ ‫فإن الشرط األساسي الثاني لضمان احترام الحرّيات‬‫من هنا ّ‬
‫ّ‬
‫موضع احترام في النظام السياسي القاتم‪ .‬وهذا االحترام ال يكون ّإال في ظل النظام الديمقراطي وكما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يقول موريس ديفرجيه ‪ Maurice Duverger‬النظام الديمقراطي هو " النظام اّلذي يختار فيه‬
‫ّ‬
‫الحرة بمعنى آخر االستناد إلى إرادة الشعب‬
‫المحكومين الحاكمين عن طريق االنتخابات الصحيحة ّ‬
‫"أن الشعب يجب أن يكون قاد اًر على اختيار حكامه‬
‫كأساس للحكم‪ ،‬أو كما يقول هارولد ال سكي هو ّ‬
‫محددة‪ ،‬بشكل فعلى ال نظر ّي وبغض النظر عن شكل النظام السياسي برلمانياً كان أم‬
‫في فترات دورّية ّ‬
‫ّ‬

‫‪49‬‬
‫مجلسياً‪ ،‬المهم دائماً أن يكون في وسع الشعب اختيار حكامه بحرّية كاملة وأن ال يخفي‬
‫ّ‬ ‫ئاسياً أو‬
‫ر ّ‬
‫االختيار الدور ّي الشكلي تمديداً دورّياً مستم اًر‪.‬‬
‫ّ‬

‫ثالثاً‪ :‬استقالل القضاء‪:‬‬

‫المادة ‪ /12/‬من إعالن حقوق اإلنسان‬


‫يرتبط هذا الشرط بمبدأ فصل السلطات الّذي تعتبره ّ‬
‫تؤمن فيه ضمانات للحقوق وال‬
‫"كل مجتمع ال ّ‬
‫نسي شرطاً لوجود الدستور ذاته حيث تقول ّ‬
‫والمواطن الفر‬
‫ّ‬
‫يسود فيه مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬هو مجتمع ليس له دستور‪.‬‬

‫وهذه الفكرة مستقاة من فكرة شهيرة لمونتسكيو يقول فيها‪" :‬ال تكون الحرّية مطلقة إذا ما‬
‫ألنه يخشى‬
‫التنفيذية في شخص واحد أو هيئة حاكمة واحدة‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫اعية والسلطة‬
‫اجتمعت السلطة االشتر ّ‬
‫أن يضع الملك نفسه‪ ...‬قوانين جائرة لينّفذها تنفيذاً جائ اًر‪ ...‬وكذلك ال تكون الحرّية إذا لم تفصل سلطة‬
‫التنفيذية‪ .‬واذا كانت متحدة بالسلطة القاضي يصير مشترعاً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اعية والسلطة‬
‫القضاء عن السلطة االشتر ّ‬
‫التنفيذية أمكن للقاضي أن يصبح صاحباً لقدرة الباغي‪ ..‬ولدى الترك‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬ ‫واذا كانت متحدة بالسلطة‬
‫السلطات الثالث في قبضة السلطان‪ ،‬يسود استبداد فظيع"‪.‬‬

‫فإن استقالل القضاء يبقى‬


‫التنفيذية ّ‬
‫ّ‬ ‫يعية و‬
‫ومهما يكن شكل العالقة بين السلطتين التشر ّ‬
‫ظل‬
‫شرطاً جوهرّياً لردع أي اعتداء على الحرّية وضمان عدم االعتداء على الحرّية ال يتحّقق ّإال في ّ‬
‫فإنه "ال يمكن أن يأمن المواطن‬
‫هيئة نزيهة مستقّلة وقادرة على قمع التعديالت اّلتي تقع هارولد السكي ّ‬
‫أي دولة أن تطمع بإستمرار في تحطيمها‬
‫معينة ال يمكن لحكومة ّ‬
‫على حرّيته ّإال إذا ضمن لنفسه حقوقاً ّ‬
‫التنفيذية تأميناً للمحافظة على تلك الحقوق"‪ .‬فإستقالل القضاء‬
‫ّ‬ ‫القضائية عن‬
‫ّ‬ ‫وا ّال إذا انفصلت السلطة‬
‫فإنه أكثر من ذلك شرط الزم لقيام الضمانة األولى الّتي أشرنا‬
‫وان أشارت إليه نظرّية فصل السلطات ّ‬
‫ألن الئسمة األولى لهذه الدولة هي خضوعها للقانون وبالتالي للقضاء اّلذي‬
‫القانونية ّ‬
‫ّ‬ ‫إليها وهي الدولة‬

‫‪50‬‬
‫يناط به فرض الجزاء على مخالفة القانون‪ .‬فهل من الممكن أن يكون القضاء قاد اًر على فرض الجزاء‬
‫التنفيذية وهو خاضع أو تابع إلرادتهما؟‬
‫ّ‬ ‫يعية أو‬
‫على إحدى السلطتين التشر ّ‬

‫بطولية‬
‫ّ‬ ‫القانونية‪ ،‬أثبتته مواقف‬
‫ّ‬ ‫واستقالل القضاء‪ ،‬قبل أن تكرسه النصوص الدستورّية و‬

‫لقضاة ذوي ضمائر ّ‬


‫حية أخذوا على عاتقهم بآمانة واخالص فريضة إقامة العدل بين الناس واحقاق‬
‫الحق‪ .‬ومن هؤالء القاضي أنطوان سيغويه ‪ Antoine Seguier‬رئيس محكمة استئناف باريس اّلذي‬
‫يتردد صداه حتّى يومنا هذا عندما حضر أمامه موفد الحكومة‬
‫اتخذ سنة ‪ 1127‬موقفاً مشرفاً ما وال ّ‬
‫تؤدي خدمة كبيرة للعرش إذا ما اتخذت ق ار اًر بتعطيل جريدة لوكوريه‬
‫أن المحكمة ّ‬
‫ليقول له ّ‬
‫تؤدي خدمات"‪.‬‬
‫أن المحكمة تصدر ق اررات وال ّ‬
‫(‪ )Le Courrier‬فأجابه الرئيس سيغويه بكلمة شهيرة " ّ‬

‫فإنه يعود إلى القرن الثالث‬


‫القانونية والدستورّية ّ‬
‫ّ‬ ‫أما تكريس استقالل القضاء بالنصوص‬ ‫ّ‬
‫عشر وبالتحديد إلى عام ‪ 1211‬تاريخ إعالن الشرعة األولى في إنكلت ار (الماكناكارتا) إذ تعهد الملك في‬
‫المادة السابعة عشرة منها بعدم إلحاق المحاكم بالعرش وترك الحرّية لها في أن تعقد جلساتها في المكان‬
‫ّ‬
‫ثم تالحقت النصوص واألعراف المتعّلقة بتأمين محاكمات عادلة ونزيهة للمواطنين‬
‫اّلذي تعينه‪ .‬ومن ّ‬
‫ألول‬
‫ضمن ّ‬ ‫تسوية وراثة العرش) اّلذي ّ‬
‫ّ‬ ‫(أي‬
‫التسوية ّ‬
‫ّ‬ ‫حتّى صدور قانون سنة ‪ 1471‬المعروف بقانون‬
‫فعلياً للقضاة بضمان توليهم الوظيفة مدى الحياة وعدم عزلهم ّإال في حالة‬
‫مرة في التاريخ استقالالً ّ‬
‫ّ‬
‫اتهامهم بسوء السيرة‪.‬‬

‫ولكننا إذا انتقلنا من بريطانيا اّلتي يعتمد استقالل القضاء فيها على األعراف والتقاليد أكثر‬
‫ّ‬
‫اطية المعاصرة اّلتي تحررص على استقالل القضاء تنقسم إلى‬
‫فإننا نجد األنظمة الديمقر ّ‬
‫من النصوص‪ّ .‬‬
‫التنفيذية كما هي‬
‫ّ‬ ‫يعية و‬
‫فئتين‪ :‬فئة تعتمد طريقة انتخاب القضاء لضمان استقلرالهم عن السلطتين التشر ّ‬
‫الحال في الواليات المتحدة واالتحاد السوفياتي‪ ،‬وهذه هي الوسيلة الّتي تخيلها مونتسكيو بقوله" ينبغي‬
‫أال توكل سلطة القضاء إلى هيئة دائمة‪ ،‬بل يمارسها أشخاص ينتقون من مجموع الشعب في أوقات‬
‫معين أو بهيئة‬
‫فإن سلطة القضاء ما دامت غير مناطة بمجلس ّ‬
‫معينة من السنة‪ ...‬وعلى هذا النحو ّ‬
‫‪51‬‬
‫خافية ومعدومة" غير أن انتخاب القضاء وان كان يؤمن استقالل القاضي‬
‫معينة تغدو إن صح التعبير ّ‬
‫ّ‬
‫تقل خط اًرعن رغبات الحاكمين‪،‬‬ ‫فإنه يخضعه لرغبات الناخبين اّلتي ال ّ‬‫خاصة‪ّ ،‬‬
‫التنفيذية ّ‬
‫ّ‬ ‫تجاه السلطة‬
‫يؤديها القاضي وهي إقامة العدل دون محاباة بين الحكومة‬ ‫المهمة اّلتي يجب أن ّ‬
‫ّ‬ ‫مما ال يتفق مع‬
‫ّ‬
‫والمواطنين أو بين طبقات المجتمع وفئاته فال يخضع ّإال للقانون ثم لضميره ووجدانه‪ّ .‬‬
‫أما الفئة الثانية‬
‫فإنها‪ ،‬مع إبقائها على تعيين القضاء من قبل السلطات‬
‫اطية ّ‬
‫الغالبية العظمى من الدول الديمقر ّ‬
‫ّ‬ ‫اّلتي تشمل‬
‫سيما‬
‫وتجرد ال ّ‬
‫ّ‬ ‫التنفيذية تسعى إلى إيجاد تنظيم قانوني أو إدار ّي ّ‬
‫يؤمن استقالل القضاء لمهامه بكفاءة‬ ‫ّ‬
‫تنص "‬
‫المادة ‪ /27/‬منه اّلتي ّ‬
‫بتكريس هذا االستقالل في صلب الدستور كما فعل الدستور اللبناني في ّ‬
‫أن القضاة مستقلون في إجراء وظيفتهم وتصدر الق اررات واألحكام من قبل المحاكم وتنّفذ بإسم الشعب‬
‫ّ‬
‫قيتهم ونقلهم وتأديبهم وعزلهم‪،‬‬
‫قضائية عليا تشرف على تعيين القضاة وتر ّ‬
‫ّ‬ ‫ثم بإنشاء هيئات‬
‫اللبناني"‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫كيفية‬
‫وهذه الهيئات تسمى عادة بمجلس القضاء األعلى كما هي الحال في فرنسا ولبنان مع تباين في ّ‬
‫حل‬
‫أن هذه الدول جميعها لم تصل بعد إلى ّ‬‫الصالحيات‪ّ ،‬إال ّأنه ال ّبد من اإلشارة إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫التأليف واتّساع‬

‫مثالييضمن استقالالً كامالً للقضاء‪ ،‬وما زلنا نجد احتجاجات ترتفع حتّى في أعرق الدول الديمقر ّ‬
‫اطية‬ ‫ّ‬
‫التنفيذية على القضاء ومداخالتها غي سير العمل القضائي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من هيمنة السلطة‬

‫عية‪:‬‬
‫رابعاً‪ :‬مبدأ الشر ّ‬

‫العامة في حمى القانون‪ ،‬ومنع وضع ّ‬


‫أي‬ ‫إن من اهم مدلوالت هذا المبدأ هو وضع الحرّيات ّ‬‫ّ‬
‫كرس هذا المبدأ إعالن حقوق اإلنسان والمواطن في مادته الرابعة‬
‫قانوني‪ ،‬وقد ّ‬ ‫نص‬
‫قيد عليها ّإال بموجب ّ‬
‫ّ‬
‫يضر عمله باآلخرين‪ .‬وبالتالي‬
‫كل مواطن من عمل ما يريد‪ ،‬على أال ّ‬ ‫بأنها "تمكين ّ‬
‫عندما عرف الحرّية ّ‬
‫حد ممارسة اآلخرين لنفس الحرّيات وال يجوز وضع هذه‬
‫يحدها إالّ ّ‬
‫لطبيعية ال ّ‬
‫ّ‬ ‫فإن ممارسة الحقوق ا‬
‫ّ‬
‫الشخصية‬
‫ّ‬ ‫المادة الثامنة منه بقوله‪ ":‬الحرّية‬
‫اللبناني في ّ‬
‫ّ‬ ‫الحدود ّإال من قبل القانون‪ .‬كما ّ‬
‫كرسه الدستور‬
‫مصونة وفي حمى القانون وال يمكن أن يقبض على أحد أو يحبس أو يوقف ّإال وفاقاً ألحكام الدستور‬
‫الملكية في حمى القانون (م‪ 13‬و‬
‫اللبناني سائر الحرّيلت كحرّية إبداء الرأي واالجتماع وحرمة المنزل و ّ‬
‫ّ‬
‫يعية فيما هو من‬
‫‪ 17‬و‪ .)11‬والدستور الفرنسي الصادر سنة ‪ 1911‬أوجد تفريقاً في األعمال التشر ّ‬

‫‪52‬‬
‫يعيةاّلتي بقي البرلمان‬
‫التنفيذية‪ ،‬فاألعمال التشر ّ‬
‫ّ‬ ‫اختصاص البرلمان وما هو من اختصاص السلطة‬
‫نصت المادة ‪ 37‬عليها‪ ،‬وفي هذه المواد‪ ،‬يمارس البرلمان‬ ‫محتفظاً بإختصاصه فيها‪ ،‬هي اّلتي ّ‬
‫المادة ‪ 37‬المذكورة تتعّلق بوجه‬
‫نصت عليها ّ‬ ‫اختصاصه‪ ،‬بشكل قانون يصدر عنه‪ ،‬وهذه األمور اّلتي ّ‬
‫نسية‪ ،‬كما للحقوق السياسّية‬
‫اطية الفر ّ‬
‫تصادي‪ ،‬للديمقر ّ‬
‫ّ‬ ‫عام‪ ،‬بما يؤّلف االطار السياسي واالجتماعي واالق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية‪ ،‬واإلجرام والعقوبات‪ ،‬واالنتخابات‪...‬‬
‫ّ‬ ‫الجنسية واألحوال‬
‫ّ‬ ‫األساسية للمواطنين‪ ،‬و‬
‫ّ‬ ‫والضمانات‬

‫أهمية هذا المبدأ تبرز من ناحيتين‪ :‬من حيث مضمون القانون في األصل‪ ،‬ومن حيث‬
‫و ّ‬
‫شخصية وال يعد‬
‫ّ‬ ‫مجردة وغير‬
‫عامة ّ‬‫صيغة إق ارره في الشكل‪ .‬فالقانون كما هو متعارف عليه له صبغة ّ‬
‫المادة‬
‫نسي في ّ‬ ‫أكد ذلك إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الفر‬
‫العامة‪ .‬وقد ّ‬
‫بالتالي أداة اعتداء على الحرّيات ّ‬
‫ّ‬
‫العامة"‪ .‬ولذلك يجب أن يكون مضمونه عاماً‬ ‫السادسة منه حيث عرف القانون ّ‬
‫بأنه " التعبير عن اإلرادة ّ‬
‫بأن‬
‫ومجرداً ال يتعّلق بأشخاص معنيين كما هي حال الق اررات اإلدارّية‪ ،‬ومع ّأنه من الصعب االدعاء ّ‬ ‫ّ‬
‫القانون دائماً يمثّل العدالة‪ّ .‬إال ّأنه يبقى أكثر عدالً وأكثر مالئمة لصالح المجتمع واألفراد‪ ،‬من القرار‬
‫أما صيغة إقرار القانون‬
‫معينة‪ّ .‬‬
‫معين أو حالة ّ‬
‫الفردي اّلذي يصدر آخذاً بعين االعتبار مصلحة شخص ّ‬ ‫ّ‬
‫مانية أثناء‬
‫علنية المناقشات البرل ّ‬
‫سيما ّ‬
‫العلنية وال ّ‬
‫ّ‬ ‫العلنية منذ إعداده حتّى إق ارره ونشره‪ ،‬وهذه‬
‫ّ‬ ‫فتعتمد على‬
‫تشكل ضمانة‬
‫إق ارره واّلتي يمكن للرأي العام أن يضطلع عليها من خالل وسائل اإلعالم المختلفة‪ ،‬فهي ّ‬
‫العامة‪.‬‬ ‫كافية لكي يبدي الرأي العام رأيه في القانون اّلذي يصدر عندئذ ّ‬
‫معب اًر عن اإلدارة ّ‬ ‫ّ‬

‫الحقيقية للقواعد‬
‫ّ‬ ‫عدة إشكاالت حول القيمة‬
‫عية آثار وما يزال ّ‬
‫أن مبدأ الشر ّ‬
‫ونشير هنا إلى ّ‬
‫العامة‪ ،‬سواء كانت تلك الّتي تسمو عليه كالدستور‬ ‫واألحكام األخرى غير القانون في ّ‬
‫تعرضها للحرّيات ّ‬
‫مقدمتها ‪ ،‬فما يرد في صلب الوثيقة الدستورّية ال جدال‬
‫أو اّلتي تدنو منه كالمراسيم الدستورّية أو في ّ‬
‫ومحددة‪ .‬ولكن االختالف‬
‫ّ‬ ‫حول قيمته الّتي تسمو على القانون عندما تكون هذه األحكام والقواعد واضحة‬
‫مقدمة الدستور‪ .‬كشرعة سنة ‪ 1419‬اّلتي‬
‫العامة في ّ‬
‫ّ‬ ‫يقع عندما ترد هذه األحكام المتعّلقة بالحرّيات‬
‫يتردد في القول‬
‫مقدمة دستور ‪ ،1972‬فالبعض لم ّ‬
‫مقدمة دستور ‪ 1491‬وما تالها حتّى ّ‬ ‫وضعت في ّ‬

‫‪53‬‬
‫بأن لها قيمة تساوي النصوص الدستورّية أو حتّى تعلوها‪ ،‬والبعض اآلخر اعتبرها ّ‬
‫مجرد عرض للمبادىء‬ ‫ّ‬
‫قانونية تعلو على‬
‫ّ‬ ‫قانونية‪ .‬فالعميد دوجي ‪ Duiguit‬جعل لهذه الشرعات قيمة‬
‫ّ‬ ‫بقوة نفاذ‬
‫الفلسفية ال تتمتّع ّ‬
‫ّ‬
‫جميع النصوص بما فيها الدستور‪ ،‬واالستاذان إيسمان‪ Esmein‬وكاره دي ماليرغ ‪Carré de Mabeg‬‬
‫قانونية‪ ،‬وهناك فريق آخر من الفقهاء يميل‬
‫ّ‬ ‫بقوة نفاذ‬
‫الفلسفية ال تتمتّع ّ‬
‫ّ‬ ‫مجرد عرض للمبادىء‬
‫يريان ّأنها ّ‬
‫متساوية للقانون العادي‪ّ .‬إال ّأنه منذ صدور‬
‫ّ‬ ‫بقوة‬
‫أن هذه الشرعات تتمتّع ّ‬ ‫حل وسط معتب اًر ّ‬
‫إلى اعتماد ّ‬
‫مقدمة دستور سنة ‪ 1972‬وشرعة سنة ‪ 1419‬لم يعد لهذا‬ ‫نسي لسنة ‪ 1911‬وتضمينه ّ‬ ‫الدستور الفر‬
‫ّ‬
‫مساوية لسائر األحكام الواردة في الوثيقة الدستورّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مقدمة الدستور‬
‫الجدال الفقهي ّأية قيمة وأصبحت ّ‬
‫النص في مشروع قانون الموازنة‬‫أن ّ‬ ‫نسي في ‪ّ 1943/11/24‬‬ ‫قرر المجلس الدستور ّي الفر‬
‫وبناء عليه ّ‬
‫ّ‬
‫تلقائياً‬
‫ّ‬ ‫لعام ‪ 1947‬على تحديد شرائح للضرائب ثن تخفيض هذه الضريبة على اّلذين يقومون بالتصريح‬
‫أي ‪ 242‬ألف فرنك‬
‫عن مداخيلهم شرط أال تتجاوز قيمتها عن ‪ % 1‬من الشريحة األخيرة للضريبة‪ّ .‬‬
‫العامة بنصه على الشرط األخير‪.‬‬
‫نسي سنوياً‪ ،‬يعتبر مخالفاً لمبدأ المساواة أمام األعباء ّ‬
‫فر‬
‫ّ‬

‫العامة‪ ،‬فأمر قديم يعود‬


‫التنظيمية للحرّيات ّ‬
‫ّ‬ ‫يعية و‬
‫تعرض المراسيم التشر ّ‬
‫أما الطعن في صحة ّ‬
‫ّ‬
‫الملكية في فرنسا عندما وقف أدولف تيير ‪ A. Thiers‬سنة ‪ 1137‬يقول "أن المنحة‬
‫ّ‬ ‫إلى عهد عودة‬
‫بالتقيد بالقوانين‪ ،‬ولم يقل األنظمة‬
‫ّ‬ ‫نسيين ملزمين‬
‫أن الفر ّ‬
‫مادتها الثامنة على ّ‬
‫تنص في ّ‬
‫الدستورّية ّ‬
‫اعية أم اًر مألوفاً طيلة عهد‬
‫العامة بمراسيم اشتر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ "Ordonnances‬ومع ذلك فقد كان تنظيم الحرّيات‬
‫سيما بعد‬ ‫ولكن االتجاه نحو االحتفاظ للقانون وحده بشؤون تنظيم الحرّيات ّ‬
‫العامة وال ّ‬ ‫الجمهورّية الثالثة‪ّ ،‬‬
‫ليؤكد‬
‫ثم جاء دستور سنة ‪ّ 1911‬‬ ‫الرأي االستشار ّي لمجلس الشورى في ‪ 1913/4/11‬بهذا الشأن‪ّ ،‬‬
‫األساسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العامة يعود للقانون وحده بما في ذلك الضمانات‬
‫أن شؤون تنظيم الحرّيات ّ‬
‫بوضوح على ّ‬

‫التنفيذية‬
‫ّ‬ ‫عادة تفويض التشريع إلى السلطة‬
‫أن االعتراض على ّ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫العامة لم يقتصر على العلماء والفقهاء الفرنسيين وحدهم‪،‬‬
‫اعية فيما يتعّلق بالحرّيات ّ‬
‫بموجب مراسيم اشتر ّ‬
‫العادة‪ .‬فاألستاذ هارولد‬
‫بل هناك العديد من العلماء العرب واألجانب اّلذين أعربوا عن معارضتهم لهذه ّ‬

‫‪54‬‬
‫العادة أصالً‪ ،‬والدكتور عبد الرزاق السنهوري يقول بهذا الصدد ّ‬
‫"أن‬ ‫السكي يعترض على دستورّية هذه ّ‬
‫إن المرسوم بقانون يقتضي قيام ضرورة‬
‫الدستور اشترط أن يكون إذن مشوباً بعيب عدم االختصاص‪ّ ...‬‬
‫منطوياً على انحراف في‬
‫ّ‬ ‫العامة‪ ،‬فالمرسوم بقانون يكون إذن‬
‫ّ‬ ‫عادة في صدد تنظيم الحرّيات‬
‫ال تقوم ّ‬
‫العامة عن‬
‫ّ‬ ‫يعية‪ ،‬فيجب في كال االعتبارين أن يكون تنظيم الحقوق والحرّيات‬‫استعمال السلطة التشر ّ‬
‫يقرها البرلمان"‪.‬‬
‫طريق قوانين ّ‬

‫أن القيود الّتي تفرضها الدولة على‬


‫يتردد في القول "في ّ‬
‫والدكتور عبد الحميد متولي ال ّ‬

‫حرّيات األفراد ونشاطهم ال يمكن تقديرها ّإال بواسطة قانون صادر عن هيئة منتخبة ممثّلة ّ‬
‫لألمة وليس‬

‫خاصة ّإال إذا كان المرسوم أو القرار مكمالً‬


‫تنفيذية في ظروف ّ‬‫ّ‬ ‫بتشريع استثنائي صادر عن سلطة‬
‫ّ‬
‫العامة على المراسيم‬
‫ّ‬ ‫التنفيذية في تنظيم الحرّيات‬
‫ّ‬ ‫تدخل السلطة‬
‫أما في لبنان فال يقتصر ّ‬ ‫للقانون"‪ّ .‬‬
‫المادة ‪ 11‬من الدستور‬
‫اعية وحدها بل ويضاف إليها ذلك الحق الشاذ عن المألوف اّلذي أولته ّ‬
‫االشتر ّ‬
‫لتنفيذ مشاريع القوانين المعجلة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬مبدأ المساواة‪:‬‬

‫يعتبر مبدأ المساواة المبدأ الدستوري األساسي اّلذي تستند إليه جميع الحقوق والحرّيات في‬
‫ّ‬
‫الدولية‪ .‬وقد جعل المفكرون‬
‫ّ‬ ‫العالمية والمواثيق‬
‫ّ‬ ‫يتصدر جميع إعالنات الحقوق‬
‫ّ‬ ‫الوقت الحاضر‪ ،‬واّلذي‬
‫أن المجتمع اّلذي‬‫الحقيقية وكفالة الحرّية‪ " .‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫اطية‬
‫األساسي للوصول إلى الديمقر ّ‬ ‫من المساواة المدخل‬
‫ّ‬
‫التام للحرّية"‪،‬‬
‫تنعدم فيه المساواة‪ ،‬وتسوده روح التمييز والتفريق يصل به األمر في النهابة إلى اإلنكار ّ‬
‫األول للثورات الكبرى في العالم‪ ،‬وكان انعدام المساواة هو الباعث على‬
‫ولهذا كانت المساواة هي الهدف ّ‬
‫نسية في القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫األميركية والفر ّ‬
‫ّ‬ ‫قيام الثورتين‬

‫‪55‬‬
‫المؤسسة على األصل أو الجنس‬
‫ّ‬ ‫وال يهدف مبدأ المساواة إلى إزالة مظاهر التمييز بين األفراد‬
‫أو الّلغة أو العقيدة أو اللّون‪ ،‬أو غير ذلك من األسباب فقط‪ ،‬واّنما يهدف كذلك إلى تحقيق العدالة‬
‫للجميع‪ ،‬وتمتعهم بالحقوق والحرّيات على قدم المساواة‪.‬‬

‫أن المساواة ال تتحّقق إ ّال‬


‫أي ّ‬ ‫أن المساواة ال يمكن أن تكون ّإال ّ‬
‫نسبية‪ّ ،‬‬ ‫ومن المسلم به " ّ‬
‫بالنسبة للمراكز المتماثلة"‪.‬‬

‫بأن المساواة تعني توحيد المعاملة بالنسبة للم اركز المتماثلة‪،‬‬


‫نسي ّ‬ ‫وقد حكم مجلس الدولة الفر‬
‫ّ‬
‫بأن قاعدة المساواة في‬ ‫أكد المجلس هذا المعنى‪ ،‬عندما حكم ّ‬ ‫واختالفها بشأن المراكز المختلفة‪ .‬وقد ّ‬
‫معاملة مختلف المنتفعين ال تمنع التفرقة بين فئات األشخاص اّلذين يوجدون في مراكز مختلفة‪.‬‬

‫وتتنوع الحقوق اّلتي يجب أن يتساوى جميع األفراد فيها‪ ،‬إذ تشمل المساواة أمام القانون اّلتي‬
‫ّ‬
‫السياسية بالنسبة‬
‫ّ‬ ‫ثم المساواة في ممارسة الحقوق‬
‫تعد نقطو البداية في التطبيقات المختلفة لمبدأ المساواة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫العامة‪ ،‬وأخي اًر المساواة أمام القضاء‪.‬‬
‫للمواطنين‪ ،‬والمساواة في توّلي الوظائف ّ‬
‫ويقصد بالمساواة أمام القانون عدم التمييز أو التفرقة بين المواطنين في تطبيق القانون‬
‫ألي سبب من األسباب‪ ،‬سواء بسبب الجنس أو األصل‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو اللّغة‪ ،‬أو الدين‪ ،‬أو العقيدة‬
‫عليهم‪ّ ،‬‬
‫أو المركز االجتماعي أو المالي‪.‬‬
‫َ‬
‫المادة الثانية من االعالن العالمي لحقوق اإلنيان الصادر في العاشر من‬
‫نصت ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫حق التمتّع بكافة الحقوق والحرّيات الواردة في‬
‫"لكل إنسان ّ‬
‫األول سنة ‪ 1971‬على المبدأ بقولها ّ‬‫كانون ّ‬
‫هذا اإلعالن دون أن تمييز‪ ،‬كالتمييز بسبب العنصر أو اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو اللغة‪ ،‬أو الرأي السياسي‪،‬‬
‫أي رأي آخر‪ ،‬أو األصل الوطني أو االجتماعي‪ ،‬أو الثروة أو الميالد‪ ،‬أو أي وضع آخر‪ ،‬دون ّأية‬ ‫أو ّ‬
‫ّ‬
‫تفرقة بين الرجال والنساء"‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫اسية أمام القانون ولهم الحق‬
‫"كل الناس سو ّ‬
‫أن ّ‬‫المادة السابعة من اإلعالن ّ‬
‫كما جاء في ّ‬
‫ضد أ ّي تمييز‬
‫تساوية ّ‬ ‫في التمتع بحماية متكافئة دون ّأية تفرقة‪ ،‬كما ّ‬
‫أن لهم جميعاً الحق في حماية م ّ‬
‫أي تحريض على تمييز كهذا"‪.‬‬
‫يخل هذا اإلعالن‪ ،‬وضد ّ‬
‫ّ‬

‫التطور التاريخي والسياسي للمساواة كمبدأ‪،‬‬


‫ّ‬ ‫وتعتبر هذه النصوص تتويجاً لمداخل طويلة من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفلسفية عظيمة‪ ،‬حيث نادى عدد من المفكرين‬
‫ّ‬ ‫إذ شهد القرنين السابع عشر والثامن عشر حركة فكرّية‬
‫والفالسفة بمبدأ المساواة وان اختلفوا حول األساس اّلي أرجعوه إليه‪.‬‬

‫عبر جون لوك في عام ‪ 1297‬عن المساواة بين الناس أمام القانون بقوله " ّأنهم يجب‬
‫وقد ّ‬
‫معينة‪ ،‬إذ يجب أن تكون هناك‬‫تتغير طبقاً لحالة ّ‬
‫مستقرة نشرت على الناس‪ ،‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫أن يحكموا طبقاً لقوانين‬
‫قاعدة واحدة تطبق على الجميع‪ ،‬ال فرق بين غني أو فقير‪ ،‬وذي حظوة عند األمير‪ ،‬وفالح وراء محراثه"‪.‬‬

‫نسية األثر األكبر في تدعيم المبدأ‪ ،‬واحتالله لماكن‬


‫األميركية والفر ّ‬
‫ّ‬ ‫وبعد ذلك كان للثورتان‬
‫األميركية في تدعيم المبدأ‬
‫ّ‬ ‫الفقانونية في العالم‪ .‬وقد برز دور الثورة‬
‫ّ‬ ‫الصدارة بين المبادىء الدستورّية و‬
‫التمسك بهذا المبدأ كإعالن االستقالل األميركي الصادر‬
‫ّ‬ ‫شددت على‬‫من خالل بعض النصوص اّلتي ّ‬
‫ّ‬
‫عية‬
‫االتحادي الصادر سنة ‪ ،1414‬وفي الدساتير الفر ّ‬
‫ّ‬ ‫في ‪ 7‬تموز سنة ‪ ،1442‬والدستور األميركي‬
‫تم إق ارره سنة ‪1121‬‬
‫األميركي الّذي ّ‬ ‫األول من التعديل الرابع عشر للدستور‬
‫للواليات‪ .‬فقد جاء في الجزء ّ‬
‫ّ‬
‫بجنسيتها ويخضعون لسلطانها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أن " جميع األشخاص اّلذين يولدون في الواليات المتحدة أو يتمتّعون‬
‫ّ‬

‫يعتبرون مواطنون للواليات المتحدة‪ ،‬وللواليات اّلتي ينتمون إليها‪ ،‬وال يجوز ّ‬
‫ألي والية أن تضع أو تنفذ‬
‫أ ّي قانون من شأنه أن ينتقص المزايا والحصانات اّلتي يتمتّع بها مواطنو الواليات المتحدة‪ ،‬كما ّأنه ال‬
‫أي شخص داخل نظاق سلطانها من المساواة في الحماية أمام القانون"‪.‬‬
‫تحرم ّ‬
‫ألي والية أن ّ‬
‫يحق ّ‬

‫المادة األولى من إعالنها الشهير لحقوق اإلنسان والمواطن الصادر‬


‫نسية في ّ‬
‫وأعانت الثورة الفر ّ‬
‫أن " األفراد يولدون ويعيشون أح ار اًر متساوين أمام القانون"‪.‬‬
‫سنة ‪ّ 1419‬‬

‫‪57‬‬
‫إن‬
‫الطبيعية‪ ،‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫وفي دستور سنة ‪ 1493‬وضعت المساواة في المرتبة األولى من حقوق اإلنسان‬
‫أن المساواة حقاً‪ ،‬وأرادت بذلك أن ترجحها على الحرّية‪.‬‬
‫نسية اعتبرت ّ‬
‫الوطنية الفر ّ‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬

‫نسية إلغاء إمتيازات األشراف والنبالء في‬


‫وفي التطبيق العملي‪ ،‬كان أبرز ما قامت به الثورة الفر ّ‬
‫الرابع من آب سنة ‪ ،1419‬وفي حزيران سنة ‪ 1497‬صدر قانون آخر ّ‬
‫يحد من امتيازات النبالء بكافة‬
‫أنواعهم‪.‬‬

‫اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون‬


‫ّ‬ ‫"كل‬
‫أن ّ‬‫اللبناني على ّ‬ ‫المادة السابعة من الدستور‬
‫ونصت ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫العامة دون ما فرق بينهم"‪ .‬وهذكا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السياسية ويتحملون الفرائض والواجبات‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫بالسواء بالحقوق‬
‫الفعلية في ظروف‬
‫ّ‬ ‫أن المقصود بالمساواة أمام القانون ليست المساواة‬
‫يتضح لنا من النصوص السابقة ّ‬
‫المادية‪ ،‬بل المقصود أن ينال الجميع حماية القانون على قدم المساواة‪ ،‬بدون تمييز في المعاملة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الحياة‬
‫العامة ويخضعون للتكاليف‬
‫ّ‬ ‫أو في تطبيق القانون عليهم‪ ،‬بحيث يتمتّع الجميع بنفس الحقوق والمنافع‬
‫واألعباء المشتركة‪.‬‬

‫فإن‬
‫اإلنساني‪ّ ،‬‬ ‫وبالرغم من تكريس مبدأ المساواة أمام القانون كما ّبينا‪ ،‬ورسوخه في الضمير‬
‫ّ‬
‫الواقه العملي قد أظهر الكثير من المخالفات الصارخة‪ ،‬كما حدث ويحدث في العديد من بلدان العالم‬
‫(جنوب أفريقيا) من تطبيق للتمييز العنصري‪.‬‬

‫السياسية محق التصويت‬


‫ّ‬ ‫ويقرر مبدأ المساواة حق جميع المواطنين في ممارسة الحقوق‬
‫هذا ّ‬
‫البلدية وحق االشتراك في‬
‫النيابية و ّ‬
‫ّ‬ ‫لعضوية المجالس‬
‫ّ‬ ‫العامة في الدولة‪ ،‬وحق الترشيح‬
‫ّ‬ ‫في االنتخابات‬
‫يحددها القانون‪،‬‬
‫عضويتها‪ .‬وذلك طبقاً للشروط اّلتي ّ‬
‫ّ‬ ‫السياسية أو الدخول في‬
‫ّ‬ ‫الجمعيات‬
‫ّ‬ ‫تكوين األحزاب و‬
‫معينة لمباشرة هذه الحقوق وعلى قاعدة عدم التمييز أو التفريق بينهم‪.‬‬
‫كتحديد سن ّ‬

‫‪58‬‬
‫السياسية لجميع المواطنين بدون تفرقة‬
‫ّ‬ ‫ولقد أعلنت الدساتير المختلفة مبدأ المساواة في الحقوق‬
‫أقرت حق االنتخاب للنساء في‬‫أن معظم دول العالم ّ‬ ‫بسبب الجنس أو اللون أو حالة رق ّ‬
‫معينة‪ .‬كما ّ‬
‫العالمية األولى سنة ‪.1917‬‬
‫ّ‬ ‫أعقاب الحرب‬

‫ونساء‪،‬‬ ‫السياسية لجميع المواطنين رجاالً‬


‫ّ‬ ‫تامة في ممارسة الحقوق‬
‫وهكذا أصبحت المساواة ّ‬
‫ً‬
‫العامة والمساواة أمام القضاء مع بعض التمايز بين الرجال‬
‫ّ‬ ‫أقرت المساواة في تقلد الوظائف‬
‫وكذلك ّ‬
‫معينة‪.‬‬
‫والنساء وضمن شروط ّ‬

‫العامة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫للحريات‬
‫ّ‬ ‫القانونية‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الضمانات‬
‫اإلدارية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأوالً‪ :‬المراجعات‬
‫‪ .1‬الطعن اإلداري‪:‬‬
‫التسلسلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلسترحامية والمراجعة‬
‫ّ‬ ‫يظهر الطعن اإلدار ّي في صورتين‪ :‬المراجعة‬

‫اإلسترحامية‪ :Rccours Gracieux‬وتتحّقق هذه الصورة بتقديم طلب‬


‫ّ‬ ‫أ‪ .‬المراجعة‬
‫تظلم من اّلذي وقع عليه الظلم إلى مصدر القرار طالباً إليه إعادة النظر به‪ .‬وهي تفترض‬
‫العامة كان سببه‬
‫ّ‬ ‫التصرف اّلذي أهدر الحقوق أو الحرّيات‬
‫ّ‬ ‫حسن ّنية اإلدارة‪ ،‬وا ّن القرار أو‬
‫المتضرر بمراجعة إلى ذات المرجع اإلداري‬
‫ّ‬ ‫بتقدم‬
‫حيثيات القضية ولذلك ّ‬
‫جهل اإلدارة ببعض ّ‬
‫الفردية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تعد على الحرّية‬
‫التصرف إليضاح ما ينجم عنه من ّ‬
‫ّ‬ ‫اّلذي صدر عنه القرار أو‬

‫التسلسلية ‪ :Rccours Hierachique‬فتحّقق هذه الصورة بتقديم طلب‬


‫ّ‬ ‫ب‪ .‬المراجعة‬
‫تظلم إلى رئيس من صدر عنه القرار‪ .‬وفي هذه الحالة يتوّلى الرئيس اإلدار ّي إعادة النظر‬
‫التصرف قد أساء به عن قصد إلى‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫تبين له ّ‬
‫في القرار اّلذي صدر عن المرؤوس إذا ّ‬
‫ئاسية الّتي يتمتّع بها‪.‬‬
‫الفردية‪ ،‬وذلك بناء لسلطته الر ّ‬
‫ّ‬ ‫إحدى الحرّيات‬

‫‪59‬‬
‫الخاصة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اإلدارية‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬المراجعات‬

‫كيفية حماية‬
‫مقدمتها ّ‬
‫اطية في العصر الحديث مشاكل عديدة يأتي في ّ‬
‫تواجه األنظمة الديمقر ّ‬
‫تعسف السلطة وتسّلط المسؤولين اإلدارّيين اّلذين يقومون بتفسير القوانين وتنفيذها‪ ،‬وعلى‬
‫المواطن من ّ‬
‫المرسسات لم تكن على‬
‫ّ‬ ‫أن هذه‬
‫المهمة‪ّ ،‬إال ّ‬
‫ّ‬ ‫قضائية وادارّية للقيام بهذه‬
‫ّ‬ ‫مؤسسات‬
‫الرغم من وجود ّ‬
‫المستوى المطلوب سواء في بالدنا أو في بلدان العالم‪ .‬ونظ اًر إلى اتساع دور اّلذي تقوم به الدولة في‬
‫ظف وتضاعفت سلطة األخير في تقرير مصير‬
‫العامة حيث تكاثرت العالقات بين المواطن والمو ّ‬
‫الحياة ّ‬
‫حقوق األفراد سلباً أو إيجاباً‪ ،‬إذ تقذف الخيرات على البعض وتحجب عن البعض اآلخر‪ّ ،‬‬
‫فإن هذا‬
‫فعالة تقوم بحماية المواطن‬
‫ظف استدعى البحث عن وسيلة ّ‬
‫التطور سواء في دور الدولة أو في دور المو ّ‬
‫ّ‬
‫وتصون حقوقه‪ .‬فقد كانت السويد إحدى الدول اّلتي ّ‬
‫تنبهت لهذا الموضوع واستحدثت نظاماً مركزّياً في‬

‫العام ‪ 1179‬هو نظام المراقب اإلدار ّي أو األمبيدشمن ‪ Ombudsman‬وأوجدت ّ‬


‫عدة دول صيغ‬
‫مشابهة مختلفة قليالً عنها‪.‬‬

‫أ‪ .‬األمبيدشمن‪:‬‬
‫خصوصية المهام المعطاة له‬
‫ّ‬ ‫من الصعب إعطاء تعريف واضح لهذا النوع من الرقابة بسبب‬
‫محدودية انتشار هذا الجهاز في بلدان العالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في بلد من البلدان‪ ،‬وكذلك بسبب‬

‫العادية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫استثنائية لمراقبة العمل اإلدار ّي توجد خارج إطار المراجعة‬
‫ّ‬ ‫بأنها أجهزة‬
‫ولكننا يمكننا القول ّ‬
‫ّ‬
‫وتسمح بالتالي بعرض النواعات اّلتي يتواجه فيها األفراد واإلدارة بطريقة أسرع من أجل الحصول على‬
‫نص الدستور السويدي لعام‬ ‫نتائج مقنعة‪ .‬وقد نشأ هذا النوع من األجهزة ّأول ما نشأ في السويد إذ ّ‬
‫األساسية مراقبة مدى احترام القوانين والق اررات‬
‫ّ‬ ‫ومهمته‬
‫ّ‬ ‫‪ 1179‬على إنشاء جهاز يعمل لحساب البرلمان‬
‫عدة دول كفنلندا بدستورها‬
‫المؤسسة عن السويد ّ‬
‫ّ‬ ‫من قبل القضاء والموظفين اإلدارّيين‪ .‬وفيما اقتبست هذه‬

‫‪60‬‬
‫األميركية‬
‫ّ‬ ‫سنة ‪ 1919‬والدانمارك بقانون سنة ‪ 1917‬وانكلت ار ونيوزلندا سنة ‪ 1922‬وانكلت ار ووالية هاواي‬
‫سنة ‪.1924‬‬

‫أن حق تعيين‬
‫تبنته‪ ،‬على ّ‬
‫المؤسسة في جميع بلدان العالم الّتي ّ‬
‫ّ‬ ‫القانونية لهذه‬
‫ّ‬ ‫وتتفق األحكام‬
‫األمبيدشمن يعود إلى البرلمان غير ّأنها تختلف فيما بينها حول قبول الشكاوى من األفراد‪ ،‬او حصر‬
‫تلقائياً على القضايا منا هي الحال في‬
‫ّ‬ ‫حق إحالتها بالبرلمان وحده أو منح األمبيدشمن حق وضع يده‬
‫بأنه لم‬
‫كل مواطن سويدي يشعر ّ‬ ‫تطور هذا الجهاز بشكل كبير فيما بعد وأصبح بإمكان ّ‬ ‫السويد‪ ،‬حيث ّ‬
‫يتقدم بشكوى أمام األمبيدشمن‪ ،‬واذا ما وجد هذا األخير‬
‫بأن ّ‬
‫موظفي اإلدارة ّ‬ ‫يلق المعاملة الالزمة من أحد‬
‫ّ‬
‫ظف أو حتّى مالحقته أمام القضاء‪.‬‬ ‫أن الشكوى محّقة ّ‬
‫فإنه يقوم بإحالة كتاب تأنيب إلى المو ّ‬ ‫ّ‬
‫كل‬ ‫أهمية هذا الجهاز الرقابي ال تتمثّل بعدد الشكاوى المرفوعة أمامه ّ‬
‫كل عام‪ ،‬بل يحق ّ‬ ‫و ّ‬
‫مواطن بتقديم الشكاوى وبأن هذا الحق موجود‪.‬‬

‫لمانية لإلدارة‪:‬‬
‫ب‪ .‬اللجنة البر ّ‬

‫معدلة لالمبيدشمن السويدي‪ ،‬وبما يتالئم مع‬


‫أنشات بريطانيا هذا الجهاز بشكل صيغة ّ‬
‫أن حق تعيينها يعود للعرش ولكن عزلها ال يتم ّإال بقرار من مجلسي‬
‫السياسية‪ ،‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫مؤسساتها‬
‫أوضاع ّ‬
‫أن حق إحالة الشكاوى إلى اللجنة محصور‬ ‫البرلمان (مجلس العموم ومجلس اللوردات) مجتمعين‪ .‬كما ّ‬
‫بالبرلمان وحده‪.‬‬

‫ج‪ .‬حامي المواطن‪:‬‬

‫أنشأ هذا الجهاز في مقاطعة كيبيك في كندا بموجب قانون صدر سنة ‪ ،1921‬وهو مقتبس‬
‫ولمدة‬ ‫وينص القانون على ّ‬
‫أن حق تعيين حامي المواطن يعود إلى البرلمان ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن األمبيدشمن السويدي‪،‬‬
‫باألغلبية ذاتها‪ ،‬ويمكنه تلقي الشكاوى‬
‫ّ‬ ‫األغلبية المطلوبة هي الثلثين وال يجوز عزله ّإال‬
‫ّ‬ ‫خمس سنوات و‬

‫‪61‬‬
‫تلقائياً على‬
‫ّ‬ ‫قضائية‪ ،‬كما ّأنه له الحق في وضع يده‬
‫ّ‬ ‫من األفراد شرط أن ال يكون بإمكانهم تقديم مراجعة‬
‫القضية‬
‫ّ‬ ‫يتقدم بتقرير حول‬
‫المتضرر أو خشي تقديم الشكوى‪ ،‬وبعد إجراء التحقيق ّ‬
‫ّ‬ ‫المخالفات إذا أهمل‬
‫أي إجراء تأديبي‪ّ ،‬إال ّأنه‬
‫ظف مع مقترحاته بشأن تصحيح الوضع ولكن ليس له اتخاذ ّ‬ ‫إلى رئيس المو ّ‬
‫ّ‬
‫خاص إلى البرلمان أو يضمن ذلك في تقريره السنوي‪.‬‬
‫عند عدم اإلستجابة لمقترحاته يمكنه تقديم تقرير ّ‬

‫د‪ .‬الوسيط‪:‬‬

‫إن فكرة إنشاء جهاز حقوق األفراد ويحمي حرّياتهم برزت في فرنسا مع بداية السبعينات حين‬
‫ّ‬
‫المفوض السامي الحامي لحقوق اإلنسان‬
‫تقدم سنة ‪ 1947‬عدد من النواب بإقتراح قانون إلنشاء وظيفة ّ‬
‫ّ‬
‫(‪ )Haute Commissaire Defenseur de Droits de L’homme‬كما وضع الحزب اإلشتراكي‬
‫المفوض البرلماني للحرّية ( ‪Delegué Parlementaire à la‬‬
‫في برنامجه سنة ‪ 1942‬إنشاء وظيفة ّ‬
‫تقدمت الحكومة بمشروعها إلنشاء‬
‫الوطنية ّ‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬ ‫‪ -)liberté‬وبعد أن تع ّذر إقرار هذه اإلقتراحات في‬
‫وظيفة الوسيط ‪ Le Médiateur‬وكان ذلك سنة ‪ 1943‬إذ صدر بقانون تاريخ ‪ 3‬كانون الثاني سنة‬

‫‪ 1943‬واّلذي تمم بقانون تاريخ ‪ 27‬كانون ّ‬


‫األول سنة ‪.1942‬‬

‫المادة الثانية من قانون ‪ 1943‬يعين الوسيط بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء ّ‬


‫ولمدة‬ ‫وبموجب ّ‬
‫ست سنوات غير قابلة للتجديد وال يمكن عزله من منصبه قبل انتهاء واليته ّإال بسبب عجزه اّلذي يثبته‬
‫يتقدموا بشكاويهم بواسطة أحد‬
‫رئيس محكمة التمييز في قبول المراجعات من النواب‪ ،‬وعلى األفراد أن ّ‬
‫النواب‪ ،‬ويتولّى الوسيط التحقيق في الوقائع وتقديم مقترحاته لتصحيح األوضاع وتحسين سير العمل‬
‫اإلداري ولكن ليس له سلطة إلغاء الق اررات أو إتّخاذ أي تدبير تأديبي بحق الموظفين أو غحالتهم إلى‬
‫ّ‬
‫وتعرض‬
‫قضية معروضة على القضاء‪ .‬هذا ّ‬ ‫التدخل في ّ‬
‫ّ‬ ‫أن الوسيط ال يمحكنه‬ ‫المحكم‪ .‬ونشير أيضاً إلى ّ‬
‫أن تعييم الوسيط هو عمل هذه‬
‫التنفيذية إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫هذا الجهاز للنقد من بعض األطراف بسبب ارتباطه بالسلطة‬
‫ظفيها‪.‬‬ ‫أن الشكاوى هي غالباً ما تكون من ّ‬
‫تصرفات مو ّ‬ ‫السلطة أضف إلى ذلك ّ‬

‫‪62‬‬
‫القضائية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬المراجعات‬

‫المبنية والواضحة كما يقول البعض ّأنه من أجل ضمان حرّيات األفراد وحقوقهم‬
‫ّ‬ ‫إن من األمور‬
‫ّ‬

‫كل ضمانات االستقالل والنزاهة والكفاءة‪ .‬وتكون ّ‬


‫مهمتها إلغاء‬ ‫قضائية تتوافر فيها ّ‬
‫ّ‬ ‫ال ّبد من وجود هيئة‬
‫معنوي الحق أن يرفع‬
‫ّ‬ ‫مادي أو‬
‫ّ‬ ‫الق اررات اإلدارّية المخالفة للقانون‪ ،‬وأن يكون لكل من أصابه ضرر‬
‫الدعوى للمطالبة بإلغائه وللحكم له على الدولة بالتعويض لما أصابه من ضرر‪.‬‬

‫قضائية‬
‫ّ‬ ‫العادي‪ ،‬أو لهيئة‬
‫ّ‬ ‫القضائية أن يكون لهيئة قضائية ( للقضاء‬
‫ّ‬ ‫يتصل بهذه الرقابة‬
‫ومما ّ‬
‫خاصة يطلق عليها المحكمة الدستورّية أو المجلس الدستوري) حق النظر فيما إذا القانون مخالفاً للدستور‬
‫ّ‬
‫فتقضي بعدم دستورّيته والغائه‪.‬‬

‫عية األعمال اإلدارّية؟ هذا ما‬


‫فما هي إذن الرقابة على دستورّية القوانين وما هي الرقابة على شر ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫سوف ندرسه في األسطر ّ‬

‫دستورية القوانين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬الرقابة على‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الرقابة‬
‫القضائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الرقابة‬
‫اإلدارية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫عية األعمال‬
‫‪ .2‬الرقابة على شر ّ‬
‫إن القضاء اإلدار ّي في النظم المزدوجة القضاء (كما هي الحال في فرنسا ولبنان) ال ينفرد‬
‫ّ‬
‫مهماً للقضاء‬
‫حي اًز ّ‬
‫عية األعمال اإلدارّية‪ ،‬بل تترك قواعد توزيع االختصاص ّ‬
‫في رقابته على شر ّ‬
‫العدلي الجزائي والمدني إلجراء هذه الرقابة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حد السلطة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلبطال لتجاوز ّ‬
‫‪ ‬التعويض‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫العامة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫للحريات‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬النظام القانوني‬
‫العادية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأوالً‪ :‬الحاالت‬
‫العامة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫للحريات‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬الطابع النسبي‬
‫إن الفرد والوسط اّلذي يعيش فيه متالزمان او باألحرى ال ينفصالن‪ .‬فاإلنسان ال يعيش ّإال في‬
‫ّ‬
‫مجتمع والمجتمع ال يستقيم أمره ّإال إذا ساده النظام والقانون‪.‬‬

‫متحضر بدون قانون يحكمه وينظمه‪ ،‬فالقانون ضرورة‬


‫ّ‬ ‫تصور مجمتع‬
‫في الحقيقة ال يمكن ّ‬
‫تتحد الالمصالح وتتضارب‬
‫فرضتها ظروف معيشة اإلنسان مع غيره من أفراد المجتمع حيث ّ‬
‫وتتعارض الحرّيات‪.‬‬

‫العامة ال تقع جميعها على ذات المستوى من التنظيم القانوني‪ ،‬واّنما ّ‬


‫يتطور تدخل‬ ‫إن الحرّيات ّ‬ ‫ّ‬
‫التميز بهذا الصدد بين مسنويين رئيسيين‪:‬‬
‫ألهميتها‪ .‬ويمكننا ّ‬
‫ّ‬ ‫السلطة في تنظيم الحرّيات تبعاً‬

‫أوال‪ :‬التنظيم العقابي‪ :‬حيث ال تتدخل السلطة مسبقاً لتنظيم ممارسة الحرّية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويتشعب بدوره إلى نوعين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬التنظيم الوقائي‪ :‬وتخضع له سائر الحرّيات ّ‬
‫العامة‬
‫‪ ‬نظام الترخيص المسبق‪.‬‬
‫‪ ‬نظام التصريح المسبق‪.‬‬

‫العامة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫األساسية لتدخل اإلدارة في ممارسة‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬المبادىء‬

‫عية اّلذي تخضع له اإلدارة في جميع ق ارراتها وأعمالها تحت رقابة القضاء‬
‫إضافة إلى مبدأ الشر ّ‬
‫فإن مجلس الشورى الفرنسي اّلذي مارس على حد تعبير ّ‬
‫مفوض‬ ‫وتحت طائلة البطالن أو التعويض‪ّ ،‬‬
‫أساسية تحكم تدخل اإلدارة في‬
‫ّ‬ ‫قضائية على أعمال اإلدارة وضع ثالث قواعد‬
‫ّ‬ ‫الحكومة روميو وصاية‬
‫العامة‪.‬‬
‫ممارسة الحرّيات ّ‬

‫‪64‬‬
‫حرية األفراد في اختيار الوسيلة المناسبة إلحترام النظام العام‪:‬‬
‫أ‪ .‬قاعدة ّ‬

‫فاإلدارة تملك تعييم الغاية الّتي تعتبرها جزءاً من النظام العام‪ ،‬وتحديد ماهية االضطراب اّلذي‬
‫محددة بالذات لتفادي هذا‬
‫يجب على األفراد تفادي وقوعه ولكن ليس لها ان تفرض عليهم وسيلة ّ‬
‫السيارات حيازة اجهزة ضد الحريق (كالطفايات) ولكن ليس‬
‫اإلضطراب‪ ،‬فيمكن لها مثالً أن تفرض على ّ‬
‫أن هذه القاعدة ليس لها صفة مطلقة بحيث‬
‫خاصة‪ّ ،‬إال ّ‬
‫معينة أو ذات عالقة تجارّية ّ‬
‫لها أن تفرض أجهزة ّ‬
‫المحددة‪ .‬مأن تفرض السلطات‬
‫ّ‬ ‫يكون لإلدارة أن ّ‬
‫تحدد هذه الوسيلة إذا كانت ضرورّية للوصول إلى الغاية‬
‫معينة دون أن تفرض ماركة بالذات‪.‬‬
‫البلدية وضع النفايات في مستوعبات ذات مواصفات وأحجام ّ‬
‫ّ‬

‫ب‪ .‬قاعدة ضرورة التدخل‪:‬‬

‫أساسية ومطلقة فيما يتعّلق بتدخل اإلدارة بواسطة البوليس‬


‫ّ‬ ‫وهذه القاعدة يعتبرها القضاء‬
‫العام بعناصره‬
‫تتدخل ّإال عندما تقضي الضرورة بذلك لحماية النظام ّ‬
‫فال يجوز للضابطة اإلدارّية أن ّ‬
‫العامة‪.‬‬
‫العامة والصحة ّ‬
‫العامة والسالمة ّ‬
‫الثالثة السكينة ّ‬

‫الشخصية‬
‫ّ‬ ‫بالحد من الحرّية‬
‫ّ‬ ‫سيما فيما يتعّلق‬
‫وللقضاء الفرنسي اجتهاذ غزير بهذا الشان وال ّ‬
‫سنتعرض له عند البحث في هذه الحرّيات ولكن ال ّبد من‬
‫ّ‬ ‫الدينية وحرّية التجمع‬
‫ّ‬ ‫وحرّية ممارسة الشعائر‬
‫اإلشارة منذ اآلن إلى الق اررين المبدئين سنة ‪ 1979‬بدعوى األب أوليفيه ‪C.E 15 Février 1909‬‬

‫‪ Ablé Olivier‬وسنة ‪ 1933‬بدعوى بنجامين ‪ Benjamin C.E 19 Mai 1933‬حيث ّ‬


‫قرر مجلس‬

‫الشورى الفرنسي ّأنه ما لم تقم ضرورة للحفاظ على النظام العام تقضي بتدخل سلطة البوليس ّ‬
‫للحد من‬
‫فإن هذا التدخل يعتبر تصرفاً غير مشروع يستوجب التعويض‪.‬‬
‫حرّيات المواطنين ّ‬

‫‪65‬‬
‫ج‪ .‬قاعدة التناسب‪:‬‬

‫يتهدد النظام العام‪ ،‬فإن كان‬


‫أي تناسب مقدار المساس بالحرّية مع جسامة الخطر اّلذي ّ‬
‫هذا الخطر تافهاً لم يكن للسلطة أن تضحي بالحرّية من أجل تالفيه‪ ،‬وكّلما كان الخطر جسيماً كان‬

‫التعرض وتبعاً‬
‫ألهمية الحرّية محل ّ‬
‫ّ‬ ‫تحد من الحرّية بقدر أكبر‪ ،‬وهذا التناسب يختلف تبعاً‬
‫للسلطة أن ّ‬
‫أساسية كالحرّية‬
‫ّ‬ ‫المتعرض لها‬
‫ّ‬ ‫للظروف اّلتي يتم في ضوئها تقدير جسامة الخطر‪ ،‬فإذا كانت الحرّية‬
‫العام‬
‫ّ‬ ‫يتهدد النظام‬
‫تعرض اإلدارة لها مشروعاً ما لم ّ‬
‫فإن القضاء ال يعتبر ّ‬
‫التجمع ّ‬
‫ّ‬ ‫الشخصية وحرّية‬
‫ّ‬
‫عادياً ومن واجب اإلدارة أن تحول دون وقوعه بوسائل أخرى‬
‫ّ‬ ‫إذا كان هذا الخطر‬ ‫أما‬
‫خطر جسيم‪ّ ،‬‬
‫التجمع يعتبر غير مشروع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فإن الخطر اّلذي تفرضه الغدارة على هذا‬ ‫دون ّ‬
‫التعرض لحرّية التجمع ّ‬

‫العامة‬
‫ّ‬ ‫الفردية المتسامح بها واّلتي ال تدخل في صميم الحرّيات‬
‫ّ‬ ‫للتصرفات‬
‫ّ‬ ‫تعرض اإلدارة‬
‫ولكن ّ‬
‫التعرض يعتبر مشروعاً حتّى ولو كان بالمنع المطلق كمنع التخييم في‬
‫ّ‬ ‫ليست متالزمة معها‪ ،‬هذا‬
‫العامة‪.‬‬
‫الساحات ّ‬

‫اإلستثنائية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬الظروف‬

‫اإلستثنائية يسمو أمن الدولة وسالمتها على جميع اإلعتبارات بما فيها إحترام‬
‫ّ‬ ‫في الظروف‬
‫العامة مجاالً تجب حمايته‬
‫الفردية‪ .‬وقد درج التقليد الليبرالي الكالسيكي على اعتبار الحرّيات ّ‬
‫ّ‬ ‫الحرّيات‬
‫أن‬
‫من السلطة ومن تدخلها بالدرجة األولى – ومن األفراد في عالقاتهم المتبادلة بدرجة أقل ‪ّ .-‬إال ّ‬
‫تبنيها نوع من الخلل‪ .‬فإذا كان هناك حماية واجبة‬
‫أن هذه النظرة جز ّئية ينشأ عن ّ‬
‫التطور الواقعي أثبت ّ‬
‫ّ‬
‫فإن هذه الحماية يجب أن تكون متوازنة بحيث تضمن‪ ،‬من جهة‪ ،‬حرّيات األفراد وحقوقهم‪ّ ،‬‬
‫وتؤمن من‬ ‫ّ‬
‫جهة ثانية الحفاظ على االستقرار والنظام في المجتمع‪ .‬فالحرّيات والحقوق املعترف بها لألفراد في‬
‫أي ّأنها محدودة بواقع ممارستها في مجتمع‬
‫نسبية وليست مطلقة‪ّ ،‬‬
‫الدولة الحديثة هي عبارة عن إمكانات ّ‬
‫األساسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫معين مع ما ينتج عن ذلك من ضرورة الحفاظ على استمرار هذا المجتمع وبنياته‬
‫ّ‬
‫‪66‬‬
‫العامة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫األول‪ :‬ضوابط ممارسة‬
‫المبحث ّ‬

‫أ‪ .‬الضوابط المطلقة‪:‬‬


‫مدعوة ألن تُمارس في محيط‬
‫ّ‬ ‫العامة‬ ‫االجتماعية‪ّ :‬‬
‫إن الحرّيات ّ‬ ‫ّ‬ ‫المادية للحياة‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬حماية مرتكزات‬
‫فإن كل تهديد لسالمة هذه المرتكزات‬
‫معينة وبالتالي ّ‬
‫مادية ّ‬
‫معين قائم على مرتكزات ّ‬
‫اجتماعي ّ‬
‫ّ‬
‫هو تهديد للمجتمع من جهة وللحرّيات اّلتي تمارس في غطاره من جهة ثانية‪ .‬لذلك كان من‬

‫الضروري أن ال تصل ممارسة حرّية إلى ما نقطة ّ‬


‫المس بما يسمى " النظام العام" للمجتمع مع‬
‫يتضمنه هذا المفهوم من معاني السالمة واألمن وعدم الفوضى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل ما‬
‫ّ‬

‫معنوية‬
‫ّ‬ ‫المادية للمجتمع هناك ُبنى‬
‫ّ‬ ‫األخالقية للمجتمع‪ :‬فإلى جانب ُ‬
‫البنى‬ ‫ّ‬ ‫‪ .2‬حماية المرتكزات‬
‫يقوم عليها‪ ،‬تتمثّل بمجموع العادات والتقاليد والمعتقدات المشتركة التّي تفرض احترامها على‬

‫متغير تبعاً‬
‫العامة" هو مفهوم ّ‬
‫ّ‬ ‫أن مفهوم " اآلداب‬
‫خداً لها‪ .‬مع اإلشارة إلى ّ‬
‫وتشكل ّ‬
‫ّ‬ ‫الحرّيات‬
‫لألمكنة واألزمنة‪.‬‬

‫‪ .3‬حماية الكيان السياسي للمجتمع (الدولة)‪ :‬ال يمكن أن يسمح لألفرالد‪ ،‬تحت ستار ممارستهم‬
‫ّ‬
‫السياسية ليبر ّلية كانت‬
‫ّ‬ ‫بمؤسساتها ‪ ،‬أو ِبق َي ِمها‬
‫حد تهديد وجود الدولة سواء ّ‬
‫لحرّياتهم‪ ،‬الوصول إلى ّ‬
‫ماركسية أم غير ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أم‬

‫النسبية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ .‬الضوابط‬
‫عامة ودائمة‪ ،‬واّنما تبقى محدودة على صعيد الزمان‬
‫تطبق بصورة ّ‬
‫وهي‪ ،‬بعكس الضوابط المطلقة‪ ،‬ال ّ‬
‫أو المكان أو األشخاص الّين تصيبهم‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫حريات بعض األفراد‪ :‬األجانب‪ ،‬الموظفين العامين‪ ،‬رجال القوى المسّلحة‪....‬‬
‫‪ .1‬الضوابط على ّ‬
‫استثنائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬الضوابط الناتجة بسبب ظروف‬

‫اإلستثنائية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫العامة في الظروف‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ضوابط ممارسة‬

‫معينة‪ ،‬ومروها بظروف‬


‫بأن مواجهة الدولة ألزمة ّ‬
‫ال شك ّأنه قد أصبح من البديهي القول ّ‬
‫العامة واإلكثار من الضوابط عليها‪ .‬ويتمثّل هذا األمر‬
‫تضييق ممارسة الحرّيات ّ‬
‫يؤديان إلى ّ‬ ‫استثنائية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫المنظمة للحرّيات‪ ،‬وبالتالي إيقاف ممارسة بعض هذه الحرّيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العادية‬
‫ّ‬ ‫بتعليق العمل بالقوانين‬

‫العادية المنظمة للحرّيات هي عبارة عن مجموعة من القوانين اّلتي وضعت على‬


‫ّ‬ ‫فالقوانين‬
‫أما إذا كان المجتمع مريضاً‪ ،‬فيجب أن نحيطه‬‫عادية تعيشها ال\ولة ومواطنيها‪ّ .‬‬‫أساس توّفر ظروف ّ‬
‫الحامية للحر ّي!ات‪ ،‬وتطبيق قوانين تتناسب وصعوبة‬
‫ّ‬ ‫العادية‬
‫ّ‬ ‫خاصة تتمثّل بتعليق العمل بالقوانين‬
‫برعاية ّ‬
‫المستعصية ال يطرح موضوع المفاضلة بين‬
‫ّ‬ ‫وخطورة المرحلة اّلتي تجتازها الدولة‪ .‬ففي حالة األزمات‬
‫ألن بوجوده توجد‬
‫يتقدم على ممارسة الحرّيات‪ّ ،‬‬
‫حماية الحرّيات ووجود المجتمع‪ ،‬فوجود المجتمع ّ‬
‫الحرّيات وبفنائه تفنى‪.‬‬
‫االستثنائية؟‬
‫ّ‬ ‫ما هي أنواع األنظمة‬
‫وما هي نتائجها على الحرّيات؟‬

‫اإلستثنائية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬حالة الظروف‬
‫نهائية لحالة الظرف االستثمائي‪ّ ،‬إال إن اطالعنا‬
‫ومحدد بصورة ّ‬‫ّ‬ ‫بالطبع ليس هناك تعريف واحد‬
‫ّ‬
‫المادة ‪ 12‬من الدستور الفرنسي الحالي يعطينا فكرة عن المقصود بهذا المفهوم‪ّ .‬إنها الحالة اّلتي‬
‫على ّ‬
‫مهددة‬
‫الدولية ّ‬
‫ّ‬ ‫مؤسسات الجمهورّية‪ ،‬استقالل الوطن‪ ،‬سالمة أراضيه‪ ،‬أو تنفيذ تعهداته‬‫تصبح فيها " ّ‬
‫بصورة خطيرة وفورّية"‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫صالحيات‬
‫ّ‬ ‫اإلستثنائية‪ ،‬تبعاً لمفهوم المادة ‪ 12‬المذكورة‪ ،‬توسيع‬
‫ّ‬ ‫وينتج عن إعالن حالة الظرف‬
‫كل مجاالت الحياة‬
‫كل اإلجراءات اّلتي تفرضها هذه الظروف" في ّ‬
‫رئيس الجمهورّية بحيث يتخذ " ّ‬
‫يعية‪،‬‬
‫العامة بحيث تُعّلق الضمانات التي يوّفرها تدخل السلطة التشر ّ‬
‫ّ‬ ‫الوطنية بما فيها مجال الحرّيات‬
‫ّ‬
‫التنظيمية وسلطات البوليس‪ ،‬وتباح اإلجراءات بحق األفراد المناقضة‬
‫ّ‬ ‫وتتوسع بشكل غير محدود السلطة‬
‫ّ‬
‫صالحيات القضاء العادي لصالح القضاء اإلستثنائي‪ .‬بإختصار ُيعّلق العمل بمجمل‬
‫ّ‬ ‫للقانون‪ ،‬وتضيق‬
‫العامة‪.‬‬
‫العام ‪ Droit Commun‬للحرّيات ّ‬
‫النظام ّ‬

‫ب‪ .‬حالة الحصار‪:‬‬


‫ويقصد بها‪ ،‬كما ُيفهم من التسمية‪ ،‬ما تستدعيه ضرورات الدفاع‬
‫اإلستثنائية‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وهي أقدم األنظمة‬
‫كل ما يستتبعه ذلك من الت ازمات على عاتق السكان ومن تطبيق‬
‫عن مدينة محاصرة من قبل العدو مع ّ‬
‫للنظام العسكري على مجمل اإلدارة‪.‬‬
‫ينتج عن إعالن حالة الحصار ما يلي‪:‬‬
‫المدنية في ممارسة أعمال الشرطة وحفظ األمن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحل السلطة العسكرّية محل السلطة‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫مدى أوسع من المدى المعروف‬
‫بتصرف السلطات العسكرّية‪ً ،‬‬‫ّ‬ ‫‪ -‬تأخذ سلطات البوليس‪ ،‬الموضوع‬
‫العادية‪ :‬التفتيش ليالً ونها اًر‪ ،‬مصادرة األسلحة والذخائر‪ ،‬منع المنشورات‬
‫ّ‬ ‫في الظروف‬
‫واالجتماعات‪...‬‬
‫الطبيعية إلى القضاء العسكري‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬إحالة الصالحيات اّلتي يمارسها القضاء الجزائي العادي في الظروف‬
‫ضد أمن الدولة‪.‬‬
‫في المواضيع المتعّلقة بالجرائم والجنح ّ‬

‫ج‪ .‬حالة الطوارىء‪:‬‬

‫تعتبر ظروف تطبيق حالة الطوراىء أوسع مدى وأقل ارتباطاً بالصراعات العسكرّية من سابقيها‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫المحدق الناتج عن مساس خطير بالنظام العام"‪ ،‬كذلك في‬
‫ّ‬ ‫تطبق "في حالة الخطر‬
‫فهي ُيمكن أن ّ‬
‫العامة" كالفيضانات والزالزل واالنفجارات‪...‬‬
‫حالة " األخطار ّ‬

‫المشددة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومن حيث اآلثار يمكن التمييز بين حالة الطوارىء البسيطة وحالة الطوارىء‬

‫‪ -‬ينتج عن حالة الطوارىء البسيطة توسيع سلطات أجهزة البوليس اّلتي تبقى عاملة – بعكس ما‬
‫الفردية تضييقات كبيرة‪ :‬منع التجول‪،‬‬
‫ّ‬ ‫رأيناه في حالة الحصار‪ -‬ويمحكنها أن تفرض على الحرّيات‬
‫الجماعية يمكن أن‬
‫ّ‬ ‫ضع اإلقامة فيها لشروط‪ ،‬اإلقامة الجبرّية‪ ...‬الحرّيات‬
‫إقامة " مناطق أمن" تُ ْخ َ‬
‫تطالعها التضييقات أيضاً‪ :‬إغالق صاالت السينما والمسرح‪ ،‬وأماكن اإلجتماع‪.‬‬
‫المشددة فيمكنها أن تضيف إلى هذه النتائج اثنتين‪ :‬التفتيش ليالً ونها اًر‪ ،‬م ارقبة‬
‫ّ‬ ‫أما حالة الطوارىء‬
‫‪ّ -‬‬
‫الصحافة والمنشورات بجميع أنواعها ووسائل اإلعالم األخرى‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫اللبنانية‬
‫ّ‬ ‫العامة في القوانين‬
‫ّ‬ ‫القسم الثاني ‪ :‬الحقوق و ّ‬
‫الحريات‬

‫إن لبنان كان‪ ،‬وال يزال‪" ،‬موطن‬


‫تردد على مسامعنا أو في مطالعاتنا تعبير يقول ّ‬
‫غالباً ما ّ‬
‫وبأن الحرّية هي سبب وجوده واشراقة تاريخه‪ .‬وبرأي الدكتور ادمون‬
‫وبأنه والحرّية توأمان‪ّ ،‬‬
‫الحرّيات"‪ّ ،‬‬
‫بأن أحداثه وانتفاضاته‪ ،‬كانت تدور على‬
‫أن من "التمعن بتاريخ لبنان وتطوره‪ ،‬يتضح للباحث ّ‬
‫رباط ّ‬
‫اللبنانيون في سبيل تحقيقها‪ ،‬أال وهي الحرّية في حياتهم ومعتقداتهم‬
‫ّ‬ ‫اثية‪ ،‬طالما جاهد‬
‫الدوام حول حاجة ور ّ‬
‫المتنوعة‪."...‬‬
‫ّ‬ ‫وتصرفاتهم‪ ،‬وهو الجهاد الطويل ذو األوجه‬

‫التاريخية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬المصادر‬
‫أساسية بالنظام الطائفي اّلذي‬
‫ّ‬ ‫جماعياً‪ ،‬مرتبطاً بصورة‬
‫ّ‬ ‫يخياً أخذت فكرت الحرّيات في لبنان شكالً‬
‫‪ -‬تار ّ‬
‫االجتماعية‪ .‬فحياة األفراد كانت ال تستقيم إال في نطاق الطائفة وبظلها‪ ،‬من هنا كان‬
‫ّ‬ ‫طبع الحياة‬
‫تؤمن الحرّية لألفراد‪ .‬فالفرد‬
‫الطائفية اّلتي إذا ما أصبحت كذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫االهتمام ّأوالً بحرّيات المجموعات‬
‫الذاتية ّإال عن طريق الطائفة اّلتي ينتمي إليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ال يتمتّع بحقوقه‬
‫أن مفهوم الحرّية تأثر بالوضع االجتماعي ونمط العالقات القائمة‪ ،‬فقد تأثّر كذلك بعادات‬
‫‪ -‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫يخية سابقة حيث " كان أهل الذمة يفيدون منها (حرّياتهم‬
‫وتقاليد ومبادىء موروثة عن حقبات تار ّ‬
‫الدينية‪ ،‬في تجارتهم وأموالهم‬
‫ّ‬ ‫األساسية) كما يفيد المسلمون في معتقداتهم وشعائرهم‬
‫ّ‬ ‫وحقوقهم‬
‫وتنقالتهم‪ ،‬كما تدل على ذلك شواهد التاريخ الوفيرة‪ ،‬بالرغم مما أصاب تلك الحرّيات‪ ،‬في بعض‬
‫العهود‪ ،‬من النكسات اّلتي تناولت المسلمين وأهل الذمة على السواء"‪.‬‬
‫العثمانية أحد المصادر لمفهوم الحرّيات في لبنان فقد انبثقت‬
‫ّ‬ ‫تشكل المبادىء الواردة في التشريعات‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬

‫عن "حركة التنظيمات" – القرن التاسع عشر – آثا اًر دستورّية ّ‬


‫تطرقت لموضوع الحرّياتالعا ّمة‬
‫والمساواة بين العثمانيين‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الوضعية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ .‬المصادر‬
‫شكلية بالمفهوم القانوني‪/‬‬
‫العامة في لبنان هي أصول ّ‬
‫إن المصادر المباشرة لمفاهيم الحرّيات ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -‬أحكام الدستور‪.‬‬
‫الوضعية المختلفة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬القوانين‬
‫العالمية وتفرعاتها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الشرعة‬

‫العامة في الدستور اللبناني‬


‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫األول ‪:‬‬
‫الفصل ّ‬
‫ّ‬
‫وموزعة على ستة أبواب‪ .‬الفصل الثاني من الباب‬
‫مادة ّ‬‫اللبناني وثيقة مؤّلفة من ‪ّ 172‬‬ ‫الدستور‬
‫ّ‬
‫يتضمن‬
‫ّ‬ ‫األساسية‪ ،‬يحمل عنوان " في اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم" وهو‬
‫ّ‬ ‫المخصص ألحكام‬
‫ّ‬ ‫األول‪،‬‬
‫ّ‬
‫المواد من ‪ 2‬إلى ‪.11‬‬
‫فإن‬
‫رسمية‪ .‬وفيما عدا ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫تتبنى المادة ‪ 11‬الّلغة العر ّبية كلغة‬
‫الجنسية‪ ،‬بينما ّ‬
‫ّ‬ ‫تعالج المادة ‪ 2‬مسألة‬
‫العامة‪.‬‬
‫باقي مواد هذا الفصل تعالج مباشرة مسألة الحرّيات ّ‬
‫األول‪ :‬مضمون الدستور اللبناني‪:‬‬
‫المبحث ّ‬
‫ّ‬
‫أ‪ .‬مبدأ المساواة‪:‬‬
‫أن مفهوم المساواة في الدستور اللبناني يأخذ‬
‫طف المادة ‪ 4‬على المادة ‪ 12‬يتّضح ّ‬ ‫من َع ْ‬
‫ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫األبعاد ّ‬
‫‪ .1‬البعد القانوني‪ :‬اللبنانيون جميعاً دون تمييز بسبب أصلهم‪ ،‬دينهم‪ ،‬جنسهم أو وضعهم‬
‫االجتماعي‪ ،‬متساوون في موقعهم تجاه القانون‪ .‬وبالتالي ال مكان المتيازات ألفراد أو‬
‫ّ‬
‫تشكل خرقاً لمبدأ المساواة‪.‬‬
‫لمجموعات ّ‬
‫اللبنانيون جميعاً يمكنهم المساهمة في إدارة الشأن السياسي للدولة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬البعد السياسي‪:‬‬
‫ّ‬
‫العامة‪ “ ،‬ال ميزة ألحد‬
‫ّ‬ ‫اللبنانيون جميعاً متساوون في تولي الوظائف‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬البعد اإلداري‪:‬‬
‫على اآلخر ّإال من حيث اإلستحقاق والجدارة‪”..‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ .7‬المساواة‪ :‬أمام الواجبات والفرائض ّ‬
‫العامة‪.‬‬

‫يمكن التعليق على ما ورد في الدستور اللبناني بشأن المساواة بما يلي‪:‬‬

‫وشخصيتهم‪ ،‬فهي ما زالت‬


‫ّ‬ ‫‪ .1‬إذا كانت المساواة أمام القانون ّ‬
‫تامة بين اللبنانيين من حيث جنسهم‬
‫الطائفية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ناقصة بتأثير انتماءاتهم‬
‫المدنية تتّخذ المساواة شكالً مطلقاً‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ففي القانون المدني‪ ،‬مع ما ّ‬
‫يتفرغ عنه من أصول المحاكمات‬
‫خاصة بكل طائفة على‬
‫الشخصية الّتي تخضع لتشريعات ّ‬
‫ّ‬ ‫ّإال ما كان له صلة بأمور األحوال‬
‫حدة‪.‬‬

‫موزعة بشكل ال عالقة له بمبدأ‬


‫النيابية ّ‬
‫ّ‬ ‫سياسياً تبقى الرئاسات في الدولة والو ازرات والمقاعد‬
‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫المساواة‪ .‬فهذه المناصب ال يستطيع الوصول إليها ّإال األفراد اّلذين ينتمون إلى الطوائف الكبرى‬

‫اّلتي تتقاسمها‪ ،‬وتبقى موصدة بوجه أبناء الطوائف الصغرة اّلتي ال تُمثّل في مجلس النواب مثالً‬
‫األقليات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إال بمقعد واحد موصوف بمقعد‬

‫‪ .3‬إدارّياً يتشابه الحال مع ما سبق‪ .‬فالوظائف اإلدارّية بمراتبها العليا كالمديرّيات العامة مثالً‬

‫معينة دون غيرها‪ّ ،‬‬


‫مما ينتج عنه استبعاد ما ورد في‬ ‫محفوظة لصالح أفراد ينتمون إلى طوائف ّ‬
‫المادة ‪" :12‬وال ّبد هنا من التنويه بوجود المادة ‪ 91‬اّلتي ُوضعت أساساً بصورة مؤقتة واّلتي‬
‫تعتبر بمثابة المرتكز القانوني للخلل المذكور"‪ .‬فقد ورد فيها‪" :‬بصورة مؤّقتة والتماساً للعدل‬
‫العامة وبتشكيل الو ازرة دون أن يؤول ذلك إلى‬
‫والوفاق تُمثّل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف ّ‬
‫اإلضرار بمصلحة الدولة"‪.‬‬

‫البدنية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ب‪ّ .‬‬
‫تهدف هذه الفئة من الحرّيات إلى تأمين ضمانات تحيط بالكيان المادي لإلنسان (تحريم‬
‫القتل والسجن والتعذيب‪ ،)..‬وبالمكان اّلذي يأويه (حرمة المنزل)‪ ،‬وبتأمين حرّية حركته (حرّية التنقل)‪...‬‬
‫تركز هذا النوع من الضمانات في الدستور اللبناني في المادتين ‪ 1‬و ‪.17‬‬
‫وقد ّ‬
‫‪73‬‬
‫الشخصية مصونة وفي حمى القانون وال يمكن أن‬
‫ّ‬ ‫نصت على أن “ الحرّية‬
‫‪ .1‬فالمادة ‪ّ 1‬‬
‫يقبض على أحد او يسجن أو يوقف إال وفاقاً ألحكام القانون‪ ،‬وال يمكن تحديد جرم أو‬
‫تعيين عقوبة إال بمقتضى القانون”‪.‬‬
‫‪SÛRETÉ‬‬ ‫المادة مفهوم األمن الشخصي‬‫ّ‬ ‫الفردية في هذه‬
‫ّ‬ ‫تأخذ الحرّية‬
‫ّ‬
‫‪ PERSONNELLE‬لإلنسان وحمايته ضد التوقيف االغتباطي وضد اساءات السلطة‬
‫وتجاوزاتها غير المشروعة‪ ،‬وذلك عن طريق توفير عدد من الضوابط‪:‬‬
‫‪ -‬القاعدة األولى‪ :‬أن تكون األعمال الحاجزة للحرّية ( سجن‪ ،‬توقيف‪ )...‬متفقة تماماً مع‬
‫القانون‪.‬‬
‫يحدد‬
‫يسمى "مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات"‪ ،‬أي ضرورة أن ّ‬
‫‪ -‬القاعدة الثانية‪ :‬تتمثّل بما ّ‬
‫القانون األعمال المعتبرة جرائم من جهة‪ ،‬وأن ّ‬
‫يحدد العقوبات المناسبة لكل منها من جهة‬
‫يشكل جرم ًا‬
‫بأنه ّ‬
‫بأنه ممنوع‪ ،‬أو ّ‬
‫ثانية‪ ،‬فالعمل اّلذي يقوم به إنسان ما ال يمكن وصفه ّ‬
‫فإن على القانون تقرير نوع وحجم‬
‫اجية‪ ،‬بل يجب أن يقوم القانون بذلك‪ .‬كذلك ّ‬
‫بصورة مز ّ‬
‫الجرمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العقوبات لقمع األعمال‬
‫يعية وأداتها المتم ّثلة بالقانون‪ ،‬فال يمكن لسلطة أخرى‬
‫إذن هذا األمر متروك للسلطة التشر ّ‬
‫بأنه ال يجوز‬
‫قضائية‪ .‬نستنتج من ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫تنفيذية كانت أم‬
‫ّ‬ ‫المهمة‬
‫ّ‬ ‫في الدولة أن تقوم بهذه‬
‫اللجوء إلى القياس في هذه األمور‪ .‬فال يمكن إنزال عقوبة اإلعدام بحق شخص ارتكب‬
‫جرماً ما‪ ،‬قياساً على ما ارتكبه شخص آخر حكمت عليه المحكمة باإلعدام‪.‬‬

‫نصت على أن "للمنزل حرمة وال يسوغ ألحد الدخول إليه ّإال في األحوال‬ ‫أما المادة ‪ 17‬فقد ّ‬‫‪ّ .2‬‬
‫المشرع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والطرق المبينة في القانون"‪ ،‬مما ّ‬
‫شكل تأكيداً لمبدأ تركت تفاصيله لمعرفة‬
‫بشخصية اإلنسان وهي حرمة‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬إلى جانب حرمة المنزل تبرز حرية أخرى متّصلة هي أيضاً‬
‫المراسالت على أنواعها والّتي وردت أحكام بشأنها خارج نصوص الدستور اللبناني‪ ،‬وذلك في‬

‫‪74‬‬
‫إطار قانون العقوبات (المادتان ‪ 149‬و ‪ ،)117‬قانون إدارة البريد والبرق‪ ،‬قانون أصول‬
‫المدنية ( المادة ‪.)127‬‬
‫ّ‬ ‫المحاكمتا‬
‫البدنية – فلم يرد ذكرها في الدستور‬
‫ّ‬ ‫أما حرّية التنقل – كإحدى الحرّيات الداخلة في فئة الحرّيات‬
‫‪ّ .7‬‬
‫اللبنانية بها‪ ،‬فأمر تنظيمها ُمحال إلى السلطات‬
‫ّ‬ ‫اللبناني‪ .‬ولكن هذا ال يعني عدم اعتراف القوانين‬
‫المعنية‪ :‬أنطمة السير‪ ،‬قوانين األمن العام‪...‬‬

‫الفكرية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫ج‪.‬‬

‫بمجرد‬
‫ّ‬ ‫معنوياً‪ ،‬وبالتالي ال يمكن الكالم عن توفر حرّيته‬
‫ّ‬ ‫مادياً وكياناً‬
‫يعتبر اإلنسان كياناً ّ‬
‫الدينية‪ ،‬بحرّية‬
‫ّ‬ ‫حماية جسده‪ ،‬بل يجب أن يرفق ذلك بحماية لفكره عن طريق االعتراف له بالحرّية‬
‫التعليم‪ ،‬وبحرّية التعبير ووسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪ .1‬ورد في المادة ‪ 9‬من الدستور اللبناني‪" :‬حرّية االعتقاد مطلقة‪ ،‬والدولة بتأديتها فروض‬
‫الدينية تحت‬
‫ّ‬ ‫اإلجالل هلل تعالى تحترم جميع األديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر‬
‫حمايتها‪ ،‬على أن ال يكون في ذلك إخالل في النظام العام‪ ،‬وهي تضمن أيضاً لألهلين‪،‬‬
‫الدينية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصية والمصالح‬
‫ّ‬ ‫على اختالف مللهم‪ ،‬احترام نظام األحوال‬
‫ص مما يلي‪:‬‬
‫الن ّ‬
‫يمكن التعليق على هذا ّ‬
‫أن للمواطنين الحق باالعتقاد أو عدم االعتقاد‪ .‬الحرّية‬
‫أي ّ‬
‫إن "حرّية االعتقاد مطلقة"‪ّ ،‬‬
‫ّأوالً – ّ‬
‫كل الحقوق الناتجة عن التعبير‬
‫باعتناق الدين اّلذي يختارون‪ .‬الحرّية بتغيير دينهم‪ .‬كذلك ّ‬
‫الدينية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عن الحرّية‬
‫إن الدولة "بتأديتها فروض اإلجالل هلل تعالى‪ "..‬تعترف رسمياً بوجود خالق ‪ ،‬وهي‬
‫ثانياً‪ّ -‬‬
‫نتيجة لذلك تعمل بوحي من هذا االعتراف مع احتفاظها بحياد مطلق تجاه الطوائف اّلتي‬
‫يتألّف منها الشعب اللبناني‪.‬‬
‫إن لبنان – بموجب الدستور – ليس لديه دين رسمي للدولة‪.‬‬
‫ثالثاً – ّ‬
‫ّ‬

‫‪75‬‬
‫الدينية‪ :‬حرية الضمير أو اإليمان وحرّية‬
‫ّ‬ ‫األساسيين للحرّية‬
‫ّ‬ ‫رابعاً – تُ ِ‬
‫برز المادة الوجهين‬
‫قيد‬
‫الدينية‪ .‬وتكفل األولى بصورة مطلقة كما ذكرنا سابقاً‪ ،‬بينما تُ ّ‬
‫ّ‬ ‫العبادة أو ممارسة الشعائر‬
‫الثانية بضرورات عدم اإلخالل بالنظام العام وهذا أمر طبيعي‪.‬‬
‫الدينية في لبنان بالنظام الطائفي بحيث "يفرض‬
‫ّ‬ ‫خامساً ‪ -‬تبرز المادة مدى ارتباط الحرّية‬
‫الرسمية‪ ،‬وهي وضعية تجعل حرّية‬
‫ّ‬ ‫بأن ينتمي إلى طائفة من طوائفه‬
‫كل لبناني ّ‬
‫على ّ‬
‫االجتماعية وممارسته‬
‫ّ‬ ‫أن اللبناني ال يستطيع أن يبقى طليقاً‪ ،‬في حياته‬‫مقيدة‪ ،‬إذ ّ‬
‫الضمير ّ‬
‫ّ‬
‫السياسية‪ ،‬من اإلطار الطائفي اّلذي ُولد فيه أو انتسب إليه"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حقوقه‬

‫يتعرض لكرامة‬
‫يخل بالنظام العام أو ينافي اآلداب أو ّ‬
‫‪ .2‬ورد في المادة ‪" 17‬التعليم حر ما لم ّ‬
‫الخاصة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أحد األديان أو المذاهب‪ ،‬وال يمكن أن تمس حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها‬
‫العمومية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العامة اّلتي تصدرها الدولة في شأن المعارف‬
‫على أن تسير في ذلك وفاقاً لألنظمة ّ‬

‫المادة نموذجاً من نماذج تكريس النظام الطائفي‪ .‬فقد ضمنت حرّية التعليم لصالح‬
‫تعتبر هذه ّ‬
‫أن حرّية‬
‫المذهبية‪ .‬كما تضمن للطوائف أيضاً ّ‬
‫ّ‬ ‫ضمنت لها حّقها بإنشاء المدارس‬
‫الدينية‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫الطوائف‬
‫التعرض لكرامة أحد األديان أو المذاهب‪.‬‬
‫مقيدة بضرورة عدم ّ‬ ‫التعليم‪ ،‬اّلتي قد يمارسها األفراد‪ّ ،‬‬

‫األول) حرّية التعبير عن الرأي‪" :‬حرّية إبداء الرأي قوالً وكتابة‬


‫‪ .3‬كفلت المادة ‪ ( 13‬في شّقها ّ‬
‫وحرية الطباعة‪ ...‬كلها مكفولة ضمن دائرة القانون"‪.‬‬

‫كنا ال نستطيع التعبير عنه والجهر به بمختلف الوسائل‪ :‬صحافة‪ ،‬سينما‪ ،‬مسرح‪،‬‬
‫أي إذا ّ‬
‫فما قيمة الر ّ‬
‫إذاعة‪ ،‬تلفزيون‪ ....‬وكّلها وسائل لها قوانينها وأنظمتها وهي خاضعة لمبدأ الحرّية اّلذي ال ينتج عنه‬
‫إساءة بحق الغير أفراداً أو مجموعات‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الجماعية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫د‪.‬‬
‫السياسية وقد ورد ذكرها في الشق الثاني من المادة ‪13‬‬
‫ّ‬ ‫ويسميها البعض أيضاً الحرّيات‬
‫الجمعيات كّلها مكفولة ضمن دائرة القانون"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المذكورة سابقاً‪ ..." :‬وحرّية االجتماع وحرّية تأليف‬

‫فإن الحرّيات اّلتي يحتاج إليها ليست فقط‬


‫يعيش اإلنسان دائماً ضمن إطار مجموعة‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫مادياً وفكرّياً‪ ،‬واّنما تلك اّلتي تسمح له االتصال باآلخرين وتنظيم عالقاته معهم‪ .‬من‬
‫تلك اّلتي تكفله ّ‬
‫هنا انخراط الفرد في جماعات مختلفة تشد أزره وتساعده على المطالبة بحقوقه في مختلف الميادين‪:‬‬
‫بأن تلك الجماعات بحاجة هي ذاتها إلى ضمانات تسمح‬
‫شك ّ‬‫المهنية‪ ...،‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫السياسية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‪،‬‬
‫ّ‬
‫الجمعيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يفسر المناداة بحرّية التجمع واالجتماع وتأليف‬
‫لها بالوالدة واالستمرار‪ ،‬األمر اّلذي ّ‬

‫اإلقتصادية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ه‪ّ .‬‬
‫يتطرق الدستور اللبناني إالّ لِ َح َق‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية لم‬
‫ّ‬ ‫سمى بفئة الحرّيات‬
‫‪ .1‬في إطار ما ُي ّ‬
‫ّ‬
‫الملكية في حمى القانون‪ ،‬فال يجوز أن ينزع عن أحد‬ ‫الملكية وذلك في المادة ‪ّ " :11‬‬
‫ّ‬
‫العامة وفي األحوال المنصوص عليها في القانون وبعد‬
‫ّ‬ ‫ملكه إالّ ألسباب المنفعة‬
‫تعويضه تعويضاً عادالً"‪.‬‬
‫سد هذا‬
‫الوضعية ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬لم يضمن الدستور اللبناني حرّية التجارة والصناعة فتوّلت القوانين‬
‫الفراغ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مميزات الدستور اللبناني في مجال الحريات العامة‬
‫الميزات‬ ‫‪‬‬
‫تميزت الشرعة الفرنسية لحقوق اإلنسان والمواطن بطابع فلسفي وأعلنت حقوقاً كونية ال‬
‫تعود لزمن معين وبلد معين‪ .‬اما الدستور اللبناني فقد كان اكثر تواضعاً‪ ،‬فحصر اهتمامه بتنظيم‬
‫حقوق وحريات اللبنانيين‪ .‬و لعل عنوان الفصل المخصص لهذه المسألة يعبر عن هذا االتجاه‪":‬في‬
‫اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم"‪.‬‬

‫لم ترد في الدستور إشارة صريحة الى مرتكزات فلسفية محددة استند اليها‪ .‬إال ان عدم‬
‫ظهور هذا األمر ال يعني انتفاءه‪ .‬فالقانون اياً كان نوعه هو تلبية لحاجة اجتماعية‪ ،‬و بالتالي لبيئة‬
‫اجتماعية معينة مع كل ما يحيط بها من مناخ فكري وفلسفي‪.‬‬

‫الى جانب اعتباره الفرد صاحب الحريات و هدف المجتمع‪َّ ،‬‬


‫ركز الدستور اللبناني على‬
‫حقوق معترف بها للمجموعات الطائفية وذلك تحت وطأة الواقع اإلجتماعي‪.‬‬

‫ضمن الدستور معظم الحريات التقليدية التي تشكل موجبات سلبية على عاتق الدولة‪ ،‬ولم يلحظ‬
‫الحقوق االجتماعية‪ .‬و يرد البعض ذلك الى ضعف امكانات الدولة غداة االستقالل و عدم قدرتها‬
‫على التورط في هذا الميدان‪.‬‬

‫وردت المواد التي عالجت موضوع الحريات العامة في صلب الدستور اللبناني‪ ،‬مما ألغى‬
‫امكانية الجدل حول القيمة القانونية لهذه النصوص كما حصل في المؤسسات الدستورية الفرنسية‬
‫فيما يتعلق باإلعالنات و المقدمات الدستورية‪.‬‬

‫تضمن الدستور مجموعة من الحريات دون غيرها من غير ان يعني ذلك ان الحريات‪،‬التي‬
‫ّ‬
‫لم تذكر في الدستور‪،‬غير معترف بها و غير موجودة‪ .‬فقد يبادر المشرع الى االقرار بها إما صراحة‬

‫‪78‬‬
‫و إما بسكوته‪ .‬فالحرية هي المبدأ العام و كل عمل لم يحظره القانون هو مبدئياً مشروع‪ .‬لكن هذه‬
‫القاعدة في غاية المرونة و يعود للقضاء في كل مرة ان يدّقق في توفر مبدأ الحرية او انتفائه‪.‬‬

‫تعتبر المبادئ الواردة في النصوص الدستورية بمثابة قواعد ملزمة للسلطة التنفيذية‪،‬‬
‫للمشرع نفسه الذي يبقى ح اًر بتعديلها زيادة أو نقصاناً أو إلغائها عن‬
‫ّ‬ ‫واإلدارة‪ ،‬و لكنها غير ملزمة‬
‫طريق قوانين جديدة‪ .‬فقد صيغت هذه النصوص وفق نمط واحد مرتكز على "مبدأ أولوية القانون"‪،‬‬
‫هذا المبدأ الذي يجعل من القانون األداة األساسية لتقييد وتنظيم الحريات‪ .‬إال ان السؤال الذي يطرح‬
‫في هذا المجال هو مدى جدية هذا األسلوب في تأمين عدم انتهاك الحريات العامة خصوصاً في‬
‫غياب الرقابة على دستورية القوانين في لبنان؟‬

‫‪ ‬مسألة الرقابة على دستورية القوانين في لبنان‪:‬‬


‫أ‪ .‬الرقابة الشائعة‪:‬‬

‫يتبين من االطالع على احكام الدستور اللبناني عدم اعتماده نظرية الرقابة الدستورية على‬
‫ّ‬
‫القوانين‪ ،‬مكتفياً بما يسميه فقهاء القانون الدستوري "الرقابة الشائعة" التي أقر بها لرئيس الجمهورية عن‬
‫طريق حلفه لليمين الدستورية عند ارتقائه سدة الرئاسة وذلك كما جاء في نص هذه اليمين في المادة‬
‫‪ 17‬من الدستور ‪":‬أحلف باهلل العظيم اني احترم دستور األمة اللبنانية وقوانينها واحفظ استقالل الوطن‬
‫اللبناني وسالمة اراضيه"‪.‬‬

‫فبأدائه هذا القسم‪ ،‬يلتزم رئيس الجمهورية‪ ،‬بالدرجة األولى‪ ،‬باحترام الدستور‪ ،‬بجانب احترامه القوانين‬
‫المرعية‪.‬‬

‫إن النتيجة القانونية المترتبة على هذا التعهد هي انه من واجب رئيس الجمهورية‪ ،‬عندما تحال‬
‫اليه القوانين‪ ،‬التي يكون البرلمان قد أقرها‪ ،‬التدقيق في سالمة هذه القوانين‪ ،‬حتى اذا وجد فيها ما يخالف‬
‫احكام الدستور او المبادئ الدستورية األساسية‪ ،‬وال سيما الحريات العامة والحقوق الفردية‪ ،‬عمد الى‬
‫‪79‬‬
‫استعمال السلطة‪ ،‬التي منحته اياها المادة ‪ 14‬من الدستور‪ ،‬بالطلب الى المجلس اعادة النظر في‬
‫القانون‪ ،‬ومناقشته ثانية‪ ،‬مع لفت انتباه المجلس الى األسباب التي دفعته الى استعمال هذه الصالحية‬
‫الدستورية‪.‬‬

‫واذا ما أصر المجلس على هذا القانون الذي يرى فيه رئيس الجمهورية تلك المخالفة الدستورية‪،‬‬
‫يصبح بوسعه عندئذ ان يلجأ الى حل المجلس‪ ،‬وفقاً للمادة ‪ 11‬من الدستور‪.‬‬

‫ب‪.‬الرقابة المختصة‪:‬‬

‫اذا كان الدستور قد أقر لرئيس الجمهورية بصالحية الرقابة الشائعة‪ ،‬فان النظام الدستوري‬
‫ينص على جهاز معين أوكلت اليه مهمة الرقابة الدستورية المختصة‪ ،‬كما ان الرأي قد استقر‬
‫اللبناني لم ّ‬
‫على عدم صالحية السلطة القضائية بان تمارس رقابة من قبلها على دستورية القوانين المطلوب اليها‬
‫تطبيقها‪ .‬و قد استند هذا الرأي على المادة الثانية من قانون اصول المحاكمات المدنية الصادر عام‬
‫‪ 1933‬التي جاء فيها‪" :‬ال يجوز للمحاكم النظر في صحة اعمال السلطة االشتراعية‪ ،‬سواء أكان من‬
‫جهة انطباق القوانين على الدستور ام من جهة انطباق القوانين على الدستور ام من جهة انطباق‬
‫المعاهدات السياسية على قواعد القانون الدولي العام‪."...‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التوجهات الجديدة للنظام الدستوري اللبناني في مجال الحريات‬


‫العامة‪.‬‬

‫لقد استمر الواقع الدستوري للحريات العامة في لبنان على ما هو عليه منذ عام ‪،1922‬‬
‫تاريخ وضع الدستور‪ .‬و كانت المحاولة األولى لتطوير هذا الواقع هو ما قامت به "لجنة اإلصالح‬
‫الدستوري" في إطار عملها لوضع مشروع لدستور جديد للبالد‪ .‬فقد توصلت هذه اللجنة بعد ‪12‬‬
‫المتضمن ‪ 24‬مادة بعنوان "احكام اساسية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اجتماعاً الى صياغة الباب األول من مشروع الدستور و‬

‫‪80‬‬
‫بالطبع ال يهمنا من هذا الباب كل ما ورد فيه‪ ،‬بل مجموعة المواد المتعلقة بموضوع الحريات العامة‬
‫( من المادة ‪ 13‬الى المادة ‪ ،)24‬و التي يمكن التعليق عليها بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬من حيث الشكل يبلغ عدد المواد التي تعاج مسألة الحريات العامة في الدستور الحالي ثمانية‬
‫يضاف اليها المادة ‪ 91‬الشهيرة‪ .‬بينما يبلغ عدد هذه المواد في المشروع الجديد ‪ 11‬مادة‪.‬‬
‫‪ .2‬من حيث المضمون تعكس هذه الزيادة في عدد الحريات و الحقوق و المنصوص عنها‪.‬‬
‫فباإلضافة الى مسائل‪ :‬المساواة‪ ،‬الحرية الشخصية‪ ،‬حرية االعتقاد‪ ،‬حرية التعليم‪ ،‬تولي‬
‫الوظائف العامة‪ ،‬حرمة المنزل‪ ،‬حق الملكية‪ ،‬التي وردت في الدستور الحالي‪ ،‬يتطرق‬
‫المشروع الجديد الى‪ :‬حرية االتصال‪ ،‬حرية االقامة‪ ،‬الحق بالعمل‪ ،‬حق االنتخاب‪ ،‬حق‬
‫االضراب‪ ،‬اللجوء السياسي‪.‬‬
‫‪ .3‬يعكس المشروع التركيز على اهتمامات معينة منها مثالً‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬دخوله بأمور تفصيلية ذات طابع اجرائي لحماية الحرية الشخصية‪.‬‬
‫تحدد اقامته‪ ،‬او ان تقيد حريته في‬
‫‪ -‬ال يجوز ان يقبض على احد‪ ،‬او ان يوقف‪ ،‬او ان ّ‬
‫التنقل‪ ،‬او ان يخضع إلجراءات امن و تحقيق او ان يحبس إال بقرار من السلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬يخضع القبض في حالة الجرم المشهود‪ ،‬و في الحاالت التي يحددها القانون لرقابة القضاء‬
‫وال يدوم اكثر من ثمانية وأربعين ساعة إال بقرار من السلطة القضائية‪ ،‬و يحظر ايذاء الشخص‬
‫جسدياً او معنوياً في اثناء التحقيق او التوقيف‪.‬‬
‫‪ -‬يضمن القانون ممارسة حق الدفاع‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬دخوله بأمور تفصيلية فيما يتعلق بحرية التعليم التي ارتقت معه لمرتبة الحق و الواجب‪:‬‬
‫‪ -‬التربية الوطنية و التعليم حق للمواطن و التعلم واجب عليه‪.‬‬
‫‪ -‬التعليم إلزامي بالتساوي بين جميع المواطنين حتى نهاية المرحلة التكميلية‪.‬‬
‫‪ -‬التعليم الرسمي‪،‬بما فيه رعاية النشئ بدنياً و عقلياً و ُخُلقياً‪ ،‬مجاني‪ ،‬و تقوم الدولة بإنشاء‬
‫المدارس و المعاهد الجامعية و المؤسسات التربوية الالزمة‪.‬‬
‫‪ -‬التعليم الخاص حر للجميع‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫ثالثاً‪ :‬دخوله بأمور تفصيلية فيما يتعلق بحرية االجتماع‪:‬‬

‫‪ -‬للمواطنين الحق في تأليف الجمعيات و األحزاب و االنضمام اليها‪.‬‬


‫‪ -‬يشترط في الجمعيات و األحزاب أن تقوم على أساس الوالء للبنان و ان ال تكون غاياتها‬
‫على األفراد بموجب القوانين الجزائية‪.‬‬
‫ظر إنشاء جمعيات أو تنظيمات تكون بتكوينها أو هدفها أو ممارستها مخالفة لمقتضيات‬
‫‪ُ -‬يح ّ‬
‫الوحدة الوطنية و ألحكام القوانين الجزائية‪.‬‬

‫بالرغم من أن هذه النصوص ال تتعدى كونها مشروعاً لدستور جديد إال أنها تكتسب اهمية باعتبار‬
‫انها تشكل اشارات لالتجاهات الحالية لمسألة الحريات العامة في لبنان‪ ،‬من هنا وجب االطالع عليها‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫اللبنانية‬
‫ّ‬ ‫العامة في التشريعات‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن االطالع على أحكام الدستور اللبناني ال يكفي لمعرفة كامل اإلطار القانوني لمسألة‬
‫ّ‬
‫أن فئة كبيرة من تلك الحرّيات والحقوق قد وردت مبادئها وضماناتها‬ ‫العامة في لبنان‪ ،‬إذ ّ‬
‫الحرّيات ّ‬
‫الوضعية المختلفة‪ :‬القانون الجزائي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬القانون المدني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مبعثرة في أحكام القوانين‬
‫ّ‬
‫جهة ما توّفره للحريات والحقوق من ضمانات شتّى‪ ،‬أم اًر‬ ‫مما يجعل "احصاؤها من ّ‬ ‫قانون العمل‪ّ ...‬‬
‫متع ّذ اًر‪."...‬‬

‫فإننا نجدها منتشرة في ثنايا القانون‬


‫الفردية وضماناتها‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فإذا أخذنا كمثال مسألة الحرّية‬
‫بكل تفرعاته من قانون العقوبات‪ ،‬وقانون أصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬وقانون القضاء‬‫ائي ّ‬ ‫الجز‬
‫ّ‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ائية‬
‫العسكري‪ ،‬والقوانين الجز ّ‬

‫عامة‬
‫هذا الواقع يدفعنا لتبني األسلوب االنتقائي‪ .‬بمعنى ّأنه‪ ،‬مع إستحالة إجراء جردة ّ‬
‫فإننا سنلجأ إلى‬
‫العامة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ونوعية معالجتها للحرّيات‬
‫ّ‬ ‫اللبنانية لإلطالع على كيفية‬
‫ّ‬ ‫لجميع القوانين‬
‫الوضعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العامة لندرسها في إطار القوانين‬
‫مقاربة بعض الحرّيات ّ‬

‫المبحث األول‪ :‬الحرية الفردية‬

‫الى جانب ما ورد في المادة ‪ 1‬من الدستور اللبناني حول الحرية الفردية ضمنت القوانين الوضعية‬
‫المختلفة هذه الحرية‪.‬‬

‫أ‪ .‬الحماية على الصعيد المبدئي‪:‬‬


‫‪ .1‬شرعية الجرائم‪ :‬ورد في المادة األولى من قانون العقوبات ‪" :‬ال تفرض عقوبة وال‬

‫تدبير احترازي او اصالحي من اجل جرم لم يكن القانون قد نص عليه حين اقترافه"‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫كذلك وردت في المادة ‪": 12‬ال ُيقضى باي تدبير احترازي او اي تدبير اصالحي إال في‬
‫الشروط و األحوال التي نص عليها القانون"‪.‬‬
‫هذه المواد هي تطبيق لمبدأ "ال جرم بدون نص" بحيث ال يجوز ان يالحق انسان بسبب‬
‫عمل لم يكن يوصف بالجرم عندما ارتكب‪ ،‬و اي عمل ال يمكن ان ينعت بانه جرم إال‬
‫بواسطة القانون‪.‬‬

‫‪-2‬شرعية العقوبات‪:‬‬

‫ورد في المادة ‪ 2‬من قانون العقوبات ‪" :‬ال ُيقضى باي عقوبة لم ينص القانون عليها حين‬
‫اقتراف الجرم"‪.‬‬

‫كما ورد في المادة ‪": 129‬من حرم آخر حريته الشخصية‪ ..‬عوقب األشغال الشاقة المؤقتة"‪.‬‬
‫كذلك ورد في المادة ‪":324‬كل موظف أوقف أو حبس شخصاً في غير الحاالت التي ينص عليها‬
‫القانون يعاقب باألشغال الشاقة المؤقتة"‬
‫اما قانون اصول المحاكمات الجزائية فقد ورد في المادة ‪ 724‬منه‪:‬‬
‫"كل من علم بتوقيف احد الناس في أمكنة غير التي اعدتها الحكومة للحبس و التوقيف يلزمه ان يخبر‬
‫بذلك المدعي العام او معاونه او قاضي التحقيق او قاضي الصلح"‪.‬‬
‫واذا أهمل هؤالء القيام بمبادرة لمعالجة ذلك "فيعدون شركاء في جريمة حجز الحرية الشخصية‬
‫وتجري التعقبات بحقهم بهذه الصفة" (المادة ‪ 721‬أصول جزائية)‪.‬‬
‫هذه المواد هي تطبيق لمبدأ "ال عقوبة بدون نص"‪ .‬فالقانون‪ ،‬بعد ان يحدد الفعل المعتبر جرماً‪،‬‬
‫يحدد العقوبة لكل جرم‪ ،‬و بالتالي يمتنع األفراد‪ ،‬كما يمتنع على الموظفين‪ ،‬التصرف بحرية الناس على‬
‫هواهم‪ .‬فعملية انزال العقاب تمتلكها سلطة بالدولة بصورة حصرية‪ ،‬وهي تمتلكها ضمن اطار ضوابط‬
‫يحددها القانون‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪-3‬عدم رجعية القانون‪:‬‬

‫ورد في المادة ‪ 3‬من قانون العقوبات ‪" :‬كل قانون يعدل شروط التجريم تعديالً ينفع المدى‬
‫عليه يطبق على األفعال المقترفة قبل نفاذه ما لم يكن قد صدر بشأنها حكم مبرم"‪.‬‬

‫كذلك ورد في المادة ‪" :1‬كل قانون جديد يلغي عقوبة او يقضي بعقوبة أخف يطبق على الجرائم‬
‫المقترفة قبل نفاذه ما لم يكن قد صدر بشأنها حكم مبرم"‪.‬‬

‫فأي عمل ال يعتبر جرماً إال بوجود نص يصفه بذلك‪ .‬اما اذا قام فرد ما بعمل بتاريخ معين ثم‬
‫صدر بعد هذا التاريخ نص قانوني يعتبر هذا العمل جرماً فان هذا النص ال يطبق على االفعال السابقة‬
‫على صدوره‪.‬‬

‫اكثر من ذلك فان قانون العقوبات (المواد ‪ 3‬و ‪ )1‬قد اعتبر ان مبدأ الرجعية يصبح واجب‬
‫التطبيق اذا كان المتهم يستفيد من خالله من قانون ارحم‪ .‬بمعنى انه بصدد الجرم الذي ارتكبه المتهم‪،‬‬
‫اذا تعاقب قانونان ثانيهما ارحم من النص الذي ارتُكب الجرم في ظله‪ ،‬طبق القانون الثاني وهذا يعني‬
‫ان القانون الثاني وهو األرحم يطبق على جرم ارتكبه المتهم في ظل قانون سابق‪ ،‬إال اذا كان قد صدر‬
‫حكم نهائي‪.‬‬

‫ُيستخرج من هذا العرض نتيجتان‪:‬‬

‫‪ -‬اذا صدر بتاريخ الحق للفعل الذي وصف بالجرم‪ ،‬قانون ارحم بحيث ينزع عن الفعل صفته‬
‫الجرمية‪ ،‬طبق القانون الثاني‪.‬‬

‫اذا صدر بعد ارتكاب الجرم قانون يخفف العقوبة يطبق القانون الثاني ألنه األرحم‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ب‪.‬الحماية على الصعيد التطبيقي‪:‬‬

‫المخولة‬
‫ّ‬ ‫اذا كان القانون هو األداة لتحديد الجرائم و العقوبات‪ ،‬و اذا كانت السلطة القضائية هي‬
‫تطبيق القانون‪ ،‬فان هناك اجهزة اخرى في الدولة يمكن بحكم عملها ان تتطاول على الحريات الفردية‪.‬‬
‫من هنا كان ال بد من تحديد هذه األجهزة و اخضاع عملها لضوابط‪ .‬هذا ما فعلته المراسيم االشتراعية‬
‫المختلفة المتعلقة بتنظيم قوى األمن الداخلي و تحديد حقوقها و واجباتها و نمط عالقتها مع المواطنين‪.‬‬

‫فقد ورد في المادة ‪ 274‬من المرسوم االشتراعي ‪ 1913\173‬ما يلي‪:‬‬

‫حدد حقوق رجال الشرطة في مجال اداء عملها بما يلي‪:‬‬


‫"تُ ً‬

‫‪-‬حق استجالء الهوية‪.‬‬

‫‪-‬حق تفتيش األشخاص‪.‬‬

‫‪-‬حق توقيف األشخاص‪.‬‬

‫‪-‬حق دخول المنازل‪.‬‬

‫‪-‬حق ضبط المواد الممنوعة‪.‬‬

‫‪-‬حق اقامة الحواجز‪.‬‬

‫‪-‬حق استعمال السالح"‪.‬‬

‫‪-1‬فاستجالء الهوية هو اذن حق معطى لرجال الشرطة و بالتالي ال يشكل تطاوالً على حريات‬
‫األفراد‪ ،‬اذا بقي في اطار الغاية التي وجد من اجلها أال وهي "التثبت من هوية األشخاص‬
‫وقانونية احوالهم الشخصية وشرعية وجود األجانب منهم على األراضي اللبنانية واكتشاف‬
‫المشبوهين والمطلوبين للعدالة‪ .‬وتتم عملية استجالء الهوية عن طريق الطلب الى اصحاب‬
‫العالقة ابراز المستند الرسمي الذي يثبت هويتهم والتدقيق في هذا المستند واستكمال العملية عن‬
‫طريق االستقصاء بما فيه التعريف عنهم من قبل اشخاص آخرين" (المادة ‪ 271‬من المرسوم‬
‫‪.) 13\173‬‬
‫‪86‬‬
‫‪-2‬اما تفتيش األشخاص فهي عملية تهدف الى "التثبت مما اذا كانوا ينقلون مواد يحظر‬

‫القانون نقلها"‪ .‬و"يمكن ان تتناول عملية التفتيش جسد الشخص والمالبس التي يرتديها دون‬
‫استثناء واألشياء التي ينتقل فيها"‪.‬‬

‫و"ال يجوز ان يفتش ان يفتش النساء واألشياء التي يرتدينها إال نساء"‪.‬‬

‫‪-3‬باإلضافة الى ما ذكرنا اعطي رجال الشرطة حق توقيف األشخاص مما قد ينتج عنه مس‬

‫كبير بحريتهم الفردية‪ ،‬لذلك كان ال بد من ضبطه‪ .‬فلكي يكون قانونياً يجب على رجال الشرطة‬
‫اللجوء الى هذه الوسيلة في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تنفيذاً لحكم قضائي‪.‬‬

‫‪ -‬تنفيذاً لمذكرة عدلية‪.‬‬

‫‪ -‬تنفيذاً لطلب من السلطة القضائية صاحبة الصالحية او من ضباط الضابطة العدلية‪.‬‬

‫‪ -‬تلقائياً في حالة الجناية المشهودة او الجنحة المشهودة التي تكون عقوبتها الحبس على ان‬
‫ُيعملوا في الحال المرجع القضائي المختص و يتقيدوا بتعليماته”‪.‬‬

‫باإلضافة الى حاالت التوقيف اآلنف ذكرها‪" :‬يمكن رجال الشرطة اللجوء الى التوقيف‬
‫الوقائي ذي الطابع اإلداري عندما يشكل ترك الشخص طليقاً خط اًر على نفسه او على الغير‪،‬‬
‫السكر الظاهر أو ما شابه‪ ،‬او في سبيل التثبت من وضع الشخص المشتبه‬
‫كمن كان في حالة ْ‬
‫به او المشكوك في صحة هويته"‪.‬‬

‫والتوقيف في كل الحاالت المذكورة ال يجوز أن يستمر أكثر من أربع و عشرين ساعة‪،‬‬


‫باستثناء التوقيف في حالة الجرم المشهود حيث "يعود للسلطة العدلية المختصة تحديد هذه المهلة‬
‫استثنائياً اذا كانت ضرورات التحقيق تستوجب ذلك على أال تتجاوز هذه المهلة في مطلق‬
‫األحوال الثالثة أيام"‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫وقد أتت المادتان ‪ 214‬و ‪ 211‬من المرسوم االشتراعي ‪ 13\173‬لتحددا الروحية التي‬
‫يجب ان تسيطر على عمل رجال األمن الداخلي حيث نصت األولى على ما يلي‪:‬‬

‫"ال يجوز لرجال الشرطة في غير الحاالت التي نص عنها القانون ان يزعجوا الناس في حريتهم‬
‫الشخصية"‪ .‬اما الثانية فقد ورد فيها ‪" :‬على رجال الشرطة عندما يمارسون صالحياتهم اإلك ارهية‬
‫تجنب كل عنف ال تقتضيه الضرورة"‪.‬‬

‫البدنية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫الحق في الحياة‪:‬‬
‫‪ّ .1‬‬
‫الطبيعية لإلنسان واللصيقة‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية وهو من الحقوق‬
‫ّ‬ ‫يأتي الحق في الحياة في طليعة الحقوق‬
‫الدولية‪ .‬وبذلك يكون لك ّل إنسان الحق الطبيعي‬
‫ّ‬ ‫المؤسسات‬
‫أكدت ذلك مختلف المواثيق و ّ‬ ‫بشخصه‪ ،‬ولقد ّ‬
‫ّ‬
‫أي فرد من حياته بشكل تعسفي‪.‬‬ ‫الحق وال يجوز حرمان ّ‬
‫ّ‬ ‫في الحياة ويحمي القانون هذا‬

‫الجماعية‪ ،‬ويتم ذلك‬


‫ّ‬ ‫وتعطي األمم المتحدة لحق الحياة امتدادات تتصل في مجال مادة السالمة‬
‫عبر‪:‬‬
‫كل دعاية من أجل الحرب‪.‬‬
‫‪ -‬منع ّ‬
‫النووية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬منع استعمال األسلحة‬
‫كل أشكال التمييز‪.‬‬
‫‪ -‬محاربة ّ‬
‫‪ -‬محاربة الفقر‪.‬‬
‫‪ -‬التشديد على الحق في التغذية‪.‬‬
‫‪ -‬الحق في الصحة‪.‬‬
‫‪ -‬الحق في البقاء‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫اإلنسانية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫للشخصية‬
‫ّ‬ ‫القانونية‬
‫ّ‬ ‫ّأوالً‪ :‬الحماية‬

‫اإلنسانية بحماية القانون وذلك لحقها في الحياة‪ ،‬وحّقها في السالمة ال ّ‬


‫جسدية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الشخصية‬
‫ّ‬ ‫تتمتّع‬
‫اإلنسانية تمتد طيلة حياة اإلنسان وحماية القانون تمتد منذ بدء الحمل وتستمر حتّى إندثار‬
‫ّ‬ ‫صية‬
‫فالشخ ّ‬
‫آخر معالم الدفن مرو اًر بمرحلتي العجز عند الطفولة وفي الشيخوخة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬حق اإلنسان على جسده‪:‬‬

‫ملكية‪ ،‬وبالتالي ال يمكنه التصرف بجسده بمطلق حرّيته‬


‫إن حق اإلنسان على جسده ليس حق ّ‬
‫ّ‬
‫فإن السؤال اّلذي ُيطرح ما هو مدى سلطة اإلنسان على‬
‫أو إتالفه كسائر األموال اّلتي يملكها‪ .‬من هنا ّ‬
‫جسده؟ وهل يحق له اإلنتحار؟ وهل اإلنتحار حق لإلنسان؟‬

‫واألسئلة المطروحة أيضاً في هذا السياق تتصل بمفاهيم القتل إشفاقاً وقتل المرحمة‪.‬‬

‫ياضية وألعاب‬
‫كما يمتد إلى أبعد من ذلك ليشمل تعريض حياة اإلنسان للخطر عبر الممارسات الر ّ‬
‫التشرد‪.‬‬
‫التسول و ّ‬
‫ّ‬ ‫اللهو‪ ،‬وفي هذا اإلطار أيضاً نسأل عن‬

‫الجسدية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحق في األمن الشخصي والسالمة‬
‫ّ‬
‫الجسدية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الحق في السالمة‬

‫لقد ازدادت في السنوات األخيرة أعمال التعذيب والعقويات والمعامالت القاسية وغير‬
‫العلمية دون الرضى الحر ألصحاب‬
‫الطبية و ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية أو المحطة بالكرامة‪ ،‬كما ازدادت أعمال التجارب‬
‫ّ‬
‫العالقة‪ .‬وبالتالي هناك نوعين من االنتهاكات اّلتي من الممكن أن تصيب األمن الشخصي والسالمة‬
‫ّ‬
‫الجسدية لإلنسان‪:‬‬
‫ّ‬

‫‪89‬‬
‫عية‪:‬‬
‫عية واإلنتهاكات غير الشر ّ‬
‫‪ ‬اإلنتهاكات الشر ّ‬
‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫يميز الدولة عن غيرها من‬
‫أن أهم ما ّ‬
‫عية نشير إلى ّ‬
‫ففيما يتعّلق باإلنتهاكات الشر ّ‬
‫المادي‪ ،‬وبالتالي ال تعتبر مشروعة إال اإلنتهاكات الّتي تبتغي‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية هو احتكارها لعامل اإلكراه‬
‫ّ‬
‫العامة‪( .‬االعدام واالجبار على تلقي العالج)‪.‬‬
‫العام والصحة ّ‬
‫جماعية‪ ،‬كالنظام ّ‬
‫ّ‬ ‫مصالح‬

‫يتأمن هذا الحق من خالل تأمين اإلجراءات الالزمة في التّحقيق وفي سير المحاكمة‬
‫كما ّ‬
‫والحماية من التعذيب ومنع الرق و‬
‫العبودية‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ ‬منع التعذيب‪:‬‬
‫اإلنسانية ازدادت بشكل‬
‫ّ‬ ‫القاسية وغير‬
‫ّ‬ ‫بأن أعمال التعذيب والمعامالت‬
‫لقد سبق وألمحنا ّ‬
‫أكدت على ذلك البيانات الصادرة عن‬
‫كبير في السنوات األخيرة‪ ،‬وفي مختلف بلدان العالم‪ .‬وقد ّ‬
‫اإلنسانية األخرى العاملة من أجل إلغاء‬
‫ّ‬ ‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫الدولية والتحقيقات الصادرة عن‬
‫ّ‬ ‫مؤسسة العفو‬
‫ّ‬
‫القاسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التعذيب والعقوبات‬
‫وبفاعلية‬
‫ّ‬ ‫الدولية لحقوق اإلنسان التابعة لألمم المتحدة على ضرورة العمل‬
‫ّ‬ ‫وقد أشارت اللجنة‬
‫اإلنسانية‪ .‬وذلك إنسجاماً مع المادة‬
‫ّ‬ ‫القاسية وغير‬
‫ّ‬ ‫ضد التعذيب والمعامالت‬
‫من أجل حماية األفراد ّ‬
‫الخاصة بالحقوق‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫الخامسة من االعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمادة السابعة من االتفا ّ‬
‫قية‬
‫القاسية‬
‫ّ‬ ‫تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة‬ ‫تنص على عدم جواز ّ‬ ‫السياسية‪ ،‬وكلتاهما ّ‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬
‫الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬هي اّلتي ألهمت أعضاء‬
‫ّ‬ ‫نسانية ‪ ،‬وهذه المطالبة الملحة من قبل اللجنة‬
‫أو الإل ّ‬
‫الخاصة بمنع التعذيب‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية‬
‫ّ‬ ‫العامة لألمم المتحدة إلعتماد النصوص الرادعة اّلتي احتوتها‬
‫الجمعية ّ‬
‫ّ‬
‫حيز التنفيذ في السادس والعشرين‬
‫العامة في العاشر من شباط ‪ 1917‬ودخلت ّ‬
‫الجمعية ّ‬
‫ّ‬ ‫أقرتها‬
‫واّلتي ّ‬
‫من حزيران سنة ‪.1914‬‬
‫الإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية المناهضة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية‬
‫ّ‬ ‫وتعرف المادة األولى من‬

‫عقلياً‪ ،‬يلحق عمداً‬


‫جسدياً كان أم ّ‬
‫ّ‬ ‫بأنه "أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد‪،‬‬
‫أو المهينة التعذيب ّ‬

‫‪90‬‬
‫بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص‪ ،‬أو من شخص ثالث‪ ،‬على معلومات أو على إعتراف‪،‬‬
‫أو معاقبته على عمل إرتكبه أو يثبته في ّأنه إرتكبه‪ ،‬هو أو شخص ثالث‪ ،‬أو تخويفه أو إرغامه هو‬
‫ألي سبب من األسباب يقوم على‬
‫أي شخص ثالث‪ ،‬أو عندما يلحق منل هذا األلم او العذاب ّ‬
‫أو ّ‬
‫أي شخص‬ ‫رسمي أو ّ‬ ‫ظف‬‫يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه مو ّ‬‫أي كان نوعه‪ ،‬أو ّ‬‫التمييز ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ونية أو‬
‫يتضمن ذلك األلم أو العذاب الناشيء فقط من عقوبات قان ّ‬
‫ّ‬ ‫الرسمية‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫يتصرف بصفته‬
‫آخر ّ‬
‫عرضية لها"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المالزم لهذه العقوبات أو اّلذي يكون نتسجة‬

‫القاسية وغير‬
‫ّ‬ ‫ومتعمدة من الصور‬
‫ّ‬ ‫يشكل صورة خطيرة‬
‫بأن التعذيب ّ‬
‫ويعترف اإلعالن ّ‬
‫كل دولة طرف‬
‫تتعهد ّ‬
‫اإلتفاقية " ّ‬
‫ّ‬ ‫المهنية لكرامة اإلنسان‪ .‬وبحسب المادة السادسة عشرة من‬
‫اإلنسانية و ّ‬
‫ّ‬
‫القضائية حدوث أي أعمال آخرى من أعمال المعاملة أو‬
‫ّ‬ ‫أي إقليم يخضع لواليتها‬
‫بأن تمنع‪ ،‬في ّ‬
‫المادة األولى عندما‬
‫حددته ّ‬
‫المهنية اّلتي ال تصل إلى حد التعذيب كما ّ‬
‫ّ‬ ‫الإلنسانية أو‬
‫ّ‬ ‫القاسية‬
‫ّ‬ ‫العقوبة‬
‫يحرض على ارتكابها‪،‬‬
‫رسمية هذه االمل أو ّ‬
‫ّ‬ ‫يتصرف بصفة‬
‫ّ‬ ‫يرتكب موظف عمومي أو شخص آخر‬
‫أو عندما تتسم بموافقته أو بسكوته وذلك باإلستعاضة عن اإلشارة إلى التعذيب باإلشارة إلى غيره من‬
‫الإلنسانية أو المهينة"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قاسية أو‬
‫ضروب المعاملة أو العقوبة ال ّ‬

‫اقية بأحكام‬
‫بأنه "ال تتدخل أحكام هذه اإلتف ّ‬
‫وتضيف الفقرة الثانية من المادة السادسة عشرة ّ‬
‫المهنية أو‬
‫ّ‬ ‫الإلنسانية أو‬
‫ّ‬ ‫القاسية أو‬
‫ّ‬ ‫أي صك دولي آخر أو قانون وطني يحظر المعالمة أو العقوبة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتصل بتسليم المجرمين أو طردهم"‪.‬‬

‫دولياً للمراقبة يرتكز حول لجنة لمناهضة التعذيب‬


‫اإلتفاقية نظاماً ّ‬
‫ّ‬ ‫وينشأ القسم الثاني من هذه‬
‫اإلتفاقية بتقديم تقارير‬
‫ّ‬ ‫كيفية تشكيلها‪ .‬وتقوم الدول األطراف في‬
‫اإلتفاقية ّ‬
‫ّ‬ ‫حددت المواد ‪ 14‬و ‪ 11‬من‬
‫ّ‬
‫لألمم المتحدة‪ .‬ويمكن للجنة بأن تقوم ببعض التحقيقات بناء على‬
‫دورّية إلى اللجنة عبر األمين العام ّ‬
‫أن هذه الزيارات ال‬
‫المعينة ّإال ّ‬
‫ّ‬ ‫تقارير سرّية موثوق بها وارسال مندوبين عنها لزيارة أراضي الدولة‬
‫المعنية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يمكن أن تتم ّإال بموافقة الدولة‬

‫‪91‬‬
‫الصالحيات اّلتي تمارسها اللجنة عير تقارير سرّية وموثوق بها ّ‬
‫تشكل تطو اًر هاماً‬ ‫ّ‬ ‫وهذه‬
‫اإلتفاقية تسمح للدول أن تتحّفظ على مضمون‬
‫ّ‬ ‫أن المادة ثماني وعشرون من‬
‫تتقبله الدول بصعوبة‪ّ .‬إال ّ‬
‫ّ‬
‫اإلتفاقية وذلك عند التوقيع أو التصديق أو عند اإلنضمام إليها‪ .‬ويمكن للجنة‬
‫ّ‬ ‫المادة عشرين من هذه‬
‫أن تضع يدها على قضية من قضايا بناء على بالغات أو بيانات تصل إليها من دول أطراف في‬

‫ويدعون ّ‬
‫بأنهم ضحايا‬ ‫القانونية ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية أو من األفراد أو نيابة عن أفردا يخضعون لواليتها‬
‫ّ‬ ‫هذه‬
‫اإلتفاقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلنتهاك دولة طرف أحكام‬

‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫تقدمت به دولة كوستاريكا إلى اللجنة‬
‫اإلتفاقية والمشروع اّلذي ّ‬
‫ّ‬ ‫وقد ألهمت هذه‬
‫األوروبية لمناهضة التعذيب والعقوبات أو‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية‬
‫ّ‬ ‫لحقوق اإلنسان المجلس األوروبي اّلذي وضع‬
‫ووضعت للتوقيع‬
‫المهنية ووافقت عليها لجنة الوزراء في المجلس األوروبي ُ‬
‫ّ‬ ‫الإلنسانية أو‬
‫ّ‬ ‫المعامالت‬
‫أمام الدول اإلعضاء في مجلس أوروبا في ‪ 22‬تشرين الثاني سنة ‪.1914‬‬

‫الطبية على اإلنسان وبشروط مخالفة‬


‫ّ‬ ‫العلمية‬
‫ّ‬ ‫أن التجارب‬
‫ونشير في هذا السياق إلى ّ‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬هي من بقايا النازية اّلتي طبقتها بشكل واسع‪ .‬فإذا كانت القواعد اّلتي وضعتها‬
‫ق اررات محمكة نورميرغ من أجل تبيان حدود وشروط التجارب لم تعد تفي بالغرض بعد أن ازدادت‬
‫فإن اإلتجاه يميل إلى المطالبة بحقوق اإلنسان المريض‬
‫اعمال التجارب بشكل فاضح في أيامنا هذه‪ّ ،‬‬
‫أو باألحرى إلى العمل على وضع شرعة حقوق اإلنسان المريض واّلتيت عتمدها بعض الدول‪.‬‬

‫اإلجبارية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬منع الرق و‬
‫العبودية واألشغال الشا ّقة‬
‫ّ‬

‫العبودية من األعمال‬
‫ّ‬ ‫الخاصة بحقوق اإلنسان على اعتبار الر ّق و‬
‫ّ‬ ‫تجمع مختلف المواثيق‬
‫اإلتفاقيات‬
‫ّ‬ ‫خاصة هذا الحظر‪ .‬ومن بين هذه‬‫وتعز اتفاقات ّ‬
‫كلياً وفي مختلف األمكنة واألزمنة‪ّ .‬‬
‫المحظورة ّ‬
‫تلك اّلتي تتعّلق بالرق واّلتي تم التوقيع عليها في جنيف في الخامس والعشرين من أيلول سنة ‪،1922‬‬
‫المتممة والمنعّلقة‬
‫اإلتفاقية ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية في السابع من مانون ّ‬
‫األول ‪ ،1913‬وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫المعدل لهذه‬
‫ّ‬ ‫والبروتوكول‬
‫بإلغاء الرق وبمعاملة األرقاء والممارسات الشبيهة بالرق في الرابع من تموز سنة ‪.1914‬‬
‫‪92‬‬
‫أي شخص‬‫بأنه حالة أو ضع ّ‬ ‫الخاصة بالرق تاريخ ‪ 21‬أيلول ‪ 1922‬الرق ّ‬‫ّ‬ ‫اإلتفاقية‬
‫ّ‬ ‫وتعرف‬
‫اتفاقية سنة ‪1922‬‬
‫ّ‬ ‫الملكية‪ ،‬كّلها أو بعضها" هذا وقد أضيفت إلى‬
‫ّ‬ ‫تمارس عليه السلطات الناجمة عن‬
‫تكميلية تهدف إلى تكثيف الجهود على الصعيدين الدولي والوطني على السواء‬
‫ّ‬ ‫إتفاقية‬
‫ّ‬ ‫الخاصة بالرق‬
‫ّ‬
‫بغية إبطال الرق وتجارة الرقيق واألعراف والممارسات الشبيهة بالرق‪ .‬وهي بذلك تلتقي مع ما جاء في‬
‫نصت على أّّنه "ال يجوز إسترقاق أحد أو‬‫المادة الرابعة من االعالن العالمي لحقوق اإلنسان اّلتي ّ‬
‫إستعباده‪ ،‬ويحظر الرق واإلتجار بالرقيق بجميع صورهما"‪ .‬والمادة الثامنة من العهد الدولي الخاص‬
‫للعبودية" كما ّانه "ال يجوز إكراه أحد على‬
‫ّ‬ ‫السياسية على ّأنه "ال يجوز إخضاع أحد‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫بالحقوق‬
‫السخرة أو العمل اإللزامي"‪.‬‬

‫الخاصة‬
‫ّ‬ ‫فإن معظم االتفاقات‬
‫ونشير في هذا اإلطار أي فيما يتعّلق باألعمال القسرّية واإلجبارّية ّ‬
‫بحقوق اإلنسان ّ‬
‫تؤكد ّأنه ال يجوز حمل شخص على عمل قسري أو إجباري ما عدا بعض الحاالت‬
‫المحددة حص اًر وهي‪:‬‬
‫ّ‬
‫مختصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬أعمال الموقوف عقوبة على جريمة من قبل محكمة‬
‫أي عمل أو خدمة يطالب بها الشخص عادة وهو تحت االعتقال‪ ،‬طبقاً لحكم قضائي‬
‫‪ّ -‬‬
‫تصدره إحدى المحاكم‪.‬‬
‫تهدد حياة المجتمع ومصالحه‪.‬‬
‫أي خدمة تفرض في حاالت الطوارىء أو الكوارث الّتي ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫العادية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المدنية‬
‫ّ‬ ‫يشكل جزءاً من االلتزامات‬
‫أي عمل أو خدمة ّ‬
‫‪ّ -‬‬

‫الدولية للعمل والصادرة عن‬


‫ّ‬ ‫ويتعزز حظر األعمال القسرّية واإلجبارّية ببعض االتفاقات‬
‫ّ‬
‫الدولية رقم ‪ 29‬سنة ‪ ،1937‬والمتعّلق باألعمال القسرّية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ظمة العمل‬
‫الدولية مإتفاق من ّ‬
‫ّ‬ ‫ظمة العمل‬
‫من ّ‬
‫اإلتفاقيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية رقم ‪ 171‬المتعّلقة بإزالة األعمال القسرّية بتاريخ ‪ 21‬حزيران سنة ‪ 1914‬وغيرها من‬
‫ّ‬ ‫و‬

‫‪93‬‬
‫الخاصة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬حماية الحياة‬

‫التقليدية التالية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الخاصة تتشتمل على المجاالت‬
‫ّ‬ ‫إن حماية الحياة‬
‫ّ‬
‫‪ -‬حرّية المنزل‪.‬‬
‫‪ -‬حرّية التنقل‪.‬‬
‫‪ -‬سرّية المراسالت‪.‬‬

‫حرية المنزل‪:‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫مقدمة وتعريف‪:‬‬
‫‪ّ o‬أوالً‪ّ :‬‬
‫أن للمنزل حرمة وال يسوغ ألحد الدخول إليه ّإال في األحوال والطرق‬
‫اللبناني على ّ‬ ‫يؤكد الدستور‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المبينة في القانون‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويقصد بالمنزل اّلذي يستفيد من حماية القانون‪ ،‬بيت السكن اّلذي يقيم فيه اإلنسان مع عائلته‬
‫أن الحماية تنصب على البيت وتوابعه القائمة‬
‫بصورة دائمة أو مؤقتة‪ ،‬مالكاً كان او مستأج اًر‪ ،‬علماً ّ‬
‫ضمن حرم المنزل‪.‬‬

‫حرية اختيار المنزل‪:‬‬


‫‪ o‬ثانياً‪ّ :‬‬

‫الحق في اختيار مكان سكنه وسكن عائلته وأن ينتقل بسكنه ساعة يشاء‪ ،‬وتمتد‬
‫لكل إنسان ّ‬
‫ّ‬
‫أي في عدم اختيار منزل ثابت على اإلطالق كالبدو الرحل‪.‬‬
‫هذه الحرّية حتّى نقيضها‪ّ ،‬‬
‫اإلستثنائية تتعّلق ببعض فئات من الناس يفرض‬
‫ّ‬ ‫أن هذا المبدأ يخضع كسائر مبادىء الحرّيات‬
‫على ّ‬
‫القانون تحديد إقامتهم‪ .‬وهذه الفئات هي التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أفراد األسرة الخاضعين لسلطة ّ‬


‫رب األرسرة‪.‬‬
‫‪ -‬المو ّ‬
‫ظفين‪.‬‬
‫جنائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬المحكوم عليهم بعقوبات‬
‫‪ -‬األجانب‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫حرية استعمال المنزل‪:‬‬
‫‪ o‬ثالثاً‪ّ :‬‬
‫لكل إنسان الحق في إستعمال منزله كيفما يشاء وبالشكل اّلذي يراه مناسباً‪ ،‬على أن يكون‬
‫األساسية‪ :‬األمن العام والسكينة‬
‫ّ‬ ‫ذلك محكوما بحدود إحترام الجيران وعدم اإلخالل بالنظام العام بعناصره‬
‫العامة‪.‬‬
‫العامة والصحة ّ‬
‫ّ‬

‫‪ o‬رابعاً‪ :‬حرمة المنزل‪:‬‬


‫أن هذا األمر يخضع‬ ‫اللبناني وقانون العقوبات‪ ،‬إالّ ّ‬
‫ّ‬
‫نص عليه الدستور‬
‫للمنزل حرمة هذا ما ّ‬
‫لإلستثناءات‪ ،‬فمن الممكن خرق هذه الحرمة أثناء أعمال التحقيق القضائي‪ ،‬وفي حالة الجرم المشهود‪.‬‬

‫حرية التنقل‪:‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫الطبيعية‪ ،‬وهو يعني حرّية المواطن في التقل داخل‬
‫ّ‬ ‫حق التنقل هو حق أساسي من فئة الحقوق‬
‫ّ‬
‫بلده من جهة‪ ،‬وحّقه في مغادرتها من جهة أخرى‪.‬‬

‫ولقد قام اإلنسان بهذه الخطوات منذ القدم‪ ،‬وبالتالي فإن تاريخ البشرّية قد إعترف بها إعترافاً‬
‫كل إنسان بصرف النظر عن جنسه أو عرقه‬
‫أن هذه الخطوات لم تصبح حقوقاً يتمتّع بها ّ‬
‫اقعياً‪ّ .‬إال ّ‬
‫و ّ‬
‫اإلقليمية‬
‫ّ‬ ‫دولية و‬
‫قانونياً بعض المواثيق ال ّ‬
‫ّ‬ ‫أو دينه ّإال في األزمنة المعاصرة‪ ،‬أي عندما اعترفت بها إعترافاُ‬
‫أقرتها بعض الدول في دساتيرها‪.‬‬
‫وّ‬

‫لكل فرد حرّية التنقل‬


‫أن ّ‬ ‫فالمادة الثالثة عشرة من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ّ‬
‫تؤكد على ّ‬
‫كل دولة‪ ،‬كما يحق له أن يغادر ّأية بالد بما في ذلك بلده كما يحق‬
‫واختيار محل إقامته داخل حدود ّ‬
‫له العودة إليه‪.‬‬

‫تؤكد هذا الحق‪ ،‬ولكن ليس‬


‫فإنها ّ‬
‫السياسية ّ‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫الخاصة بالحقوق‬
‫ّ‬ ‫باإلتفاقية‬
‫ّ‬ ‫أما فيما يتعّلق‬
‫ّ‬
‫لكل فرد‬
‫أن ّ‬‫اإلتفاقية تنص على ّ‬
‫ّ‬ ‫بالشكل العام والمطلق المذكور أعاله فالمادة الثانية عشرة من هذه‬
‫أي بلد بما في ذلك بلده‪ ،‬و ّأنه ال يجوز وضع قيود على هذا الحق ّإال تلك القيوم‬
‫الحرّية في أن يغادر ّ‬
‫‪95‬‬
‫العامة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ينص عليها القانون واّلتي هي ضرورّية لحماية األمن القومي‪ ،‬واإلنتظام العام‪ ،‬والصحة‬
‫اّلتي ّ‬
‫العامة وحقوق وحرّيات اآلخرين‪ ،‬و ّأنه ال يجوز حرمان ّ‬
‫أي إنسان من حّقه في الدخول إلى بلده‬ ‫واآلداب ّ‬
‫تعسفي‪.‬‬ ‫بشكل‬
‫ّ ّ‬

‫أن بعض القيود األخرى‪،‬‬


‫موضوعية‪ّ .‬إال ّ‬
‫ّ‬ ‫إن بعضاً من هذه القيود واضح ويمكن تطبيقه بصورة‬
‫ّ‬
‫كاألمن القومي واإلنتظام العام فهي غير واضحة وتحتمل أكثر من تفسير‪.‬‬

‫يتوسع‬
‫السياسي القائم في الدولة‪ .‬فقد ّ‬ ‫وقد يتسع تطبيق هذين القيدين أو يضيق بحسب النظام‬
‫ّ‬
‫نظام سياسي ما في تفسيره لتعبير األمن القومي كي يشمل ليس النشاط السياسي للمواطنين فحسب‪ ،‬بل‬
‫ّ‬
‫كل من هذه النشاطات ضرورّياً للمحافظة على‬
‫االجتماعي‪ ،‬فيصبح ّ‬ ‫االقتصادي والثقافي و‬
‫ّ‬ ‫أيضاً نشاطهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األمن القومي‪ ،‬والشيء نفسه ينطبق على تعبير اإلنتظام العام‪.‬‬

‫أن حرّية األفراد في التنقل ما زالت مضمونة؟ في‬


‫تقدم‪ ،‬أن تعتبر ّ‬
‫وهل يمكننا‪ ،‬استناداً إلى ما ّ‬
‫الدولية قد وضعت لتطبيقها في‬
‫ّ‬ ‫االتفاقية‬
‫ّ‬ ‫إن القيود المنصوص عليها في المادة الثانية عشرة من‬
‫الواقع ّ‬
‫الطبيعية‪ ،‬فحق‬
‫ّ‬ ‫العادية واألوضاع‬
‫ّ‬ ‫أما في الحاالت‬
‫عية‪ّ .‬‬‫اإلستثنائية واألوضاع غير الطبي ّ‬
‫ّ‬ ‫الحاالت‬
‫المواطن في الهجرة مضمون في هاتين الوثيقتين‪.‬‬

‫أي قيد يكون الدافع‬


‫الدولية عمدت إلى التشديد على عدم قبول ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫يضاف إلى ذلك ّ‬
‫اإلقتصادية للبلد" أو " ضرورات االزدهار االقتصادي"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلى إتّخاذه "المنفعة‬

‫كل مواطن‬ ‫حق ّ‬‫اإلقليمية ذهبت إلى أبعد من التأكيد على ّ‬


‫ّ‬ ‫اإلتفاقيات‬
‫ّ‬ ‫أن بعض‬ ‫ونشير إلى ّ‬
‫أقرت في أحد بنودها على ّأنه "ال‬
‫األميركية ّ‬
‫ّ‬ ‫فإتفاقية حقوق اإلنسان بين الدول‬
‫ّ‬ ‫بمغادرة بلده والعودة إليه‪.‬‬
‫تم‬
‫اإلتفاقية إال بحكم ّ‬
‫ّ‬ ‫عية إلى أراضي دولة موقعة على هذه‬
‫يجوز إخراج أي أجنبي دخل بطريقة شر ّ‬
‫التوصل إليه بموجب القانون"‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫فإن دوالً عديدة بغض‬
‫اإليجابي اّلذي أصاب حرّية التنقل ّ‬ ‫التطور‬
‫ّ‬ ‫ونؤكد على ّأنه بالرغم من هذا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مهمة على‬
‫الية أو في طور النمو) ما زالت تفرض قيوداً ّ‬
‫شيوعية أو ليبر ّ‬
‫ّ‬ ‫السياسية (‬
‫ّ‬ ‫النظر عن أنظمتها‬
‫مغادرة مواطنيها لبالدهم ألسباب تتعّلق بالدفاع الوطني كأداة للخدمة العسكرّية اإلجبارّية‪ ،‬واإلقتصاد‬
‫العامة للدولة‪ ،‬كمنع فئة من المواطنين من‬
‫الوطني كمكافحة هجرة األدمغة أو اليد العاملة‪ ،‬او بالسياسة ّ‬
‫الهجرة إلى بلد آخر‪ ،‬فضالً عن األسباب المألوفة للمنع من السفر‪ ،‬كمنع المتهمين أو المحكومين‬
‫بإرتكاب الجرائم‪ ،‬أو حماية حقوق اآلخرين وحرّياتهم‪ ،‬كمنع المفلسين والمحكوم عليهم بنفقة من السفر‪.‬‬

‫فإننا نعني بها حرّية التنقل في الداخل والخارج وفي الحاالت‬


‫وعندما نبحث في حرّية التنقل ّ‬
‫ثنائية وبمختلف الوسائل المتاحة من سير على األقدام أو بالسيارة أو الباخرة أو الطائرة‪.‬‬
‫العادية أو اإلست ّ‬
‫ّ‬
‫ومخصصة لطالب السنة الرابعة من‬ ‫ّ‬ ‫أن النقل البحري والجوي هما موضوع دراسة مستقّلة‬ ‫ولكن بما ّ‬
‫أي التنّقل سي اًر على األقدام أو بالسيارة‪.‬‬ ‫إجازة الحقوق ّ‬
‫فإننا سنعالج التنقل بالوسائل المألوفة ّ‬

‫حرية التنقل الداخلي‪:‬‬


‫‪ّ o‬أوال‪ّ :‬‬

‫الحق في التنقل داخل بالده‪ ،‬ويشمل هذا الحق الجميع وبدون استثناء طالما ّأنه لم‬
‫ّ‬ ‫لكل إنسان‬
‫ّ‬
‫ملكية ولم يكن ممنوعاً من التنقل بسبب شخصي (كالحكم الجزائي) أو لسبب موضوعي‬
‫يعتد على ّ‬
‫كإعالن حالة الطوارىء واّلتي تح ّدد في بعض األحيان عدد ساعات التجول ومداها والمناطق الخاضعة‬
‫األمنية كإعالن‬
‫لها‪ ،‬أو وجود منطقة يمنع التجول بمحاذاتها أو في داخلها بقرار من السلطة العسكرّية و ّ‬
‫منطقة من المناطق منطقة عسكرّية يحظر االقتراب منها أو التجول في داخلها‪ ،‬ولذلك اعتبرت المحاكم‬
‫معينة بشكل‬
‫الداخلية أو أحد المحافظين بمنع دخول أي مواطن إلى محافظة ّ‬
‫ّ‬ ‫نسية أن قرار وزير‬
‫الفر ّ‬
‫بالتعدي (‪ )Voie de fait‬استئناف باريس ‪ 1921/11/22‬وفي‬
‫ّ‬ ‫خرقاً فاضحاً لحرّية التنقل يوصف‬
‫الثبوتية أثناء تنقله‬
‫ّ‬ ‫كل إنسان أن يحمل أوراقه‬
‫لبنان يفرض المرسوم ‪ 1134‬تاريخ ‪ 1922/1/12‬على ّ‬
‫اللبنانية وأن يبرزها لرجال الضابطة عند كل طلب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫داخل األراضي‬

‫‪97‬‬
‫عامة تفرض على جميع المواطنين ّإال عند إعالن‬
‫وال تخضع هذه الحرّية كما ألمحنا لقيود ّ‬
‫المحددة في المرسوم االشتراعي رقم ‪ 21‬تاريخ‬
‫ّ‬ ‫حالة الطوارىء أو المنطقة العسكرّية ووفقاً لألصول‬
‫‪ 1924/1/1‬اّلذي تولي المادة الرابعة منه للسلطة العسكرّية هاتين الحاّلتين حق إبعاد المشبوهين وتحديد‬
‫تجول األشخاص والسّيارات‬
‫معين‪ ،‬ومنع ّ‬
‫دفاعية وأقاليم حيطة تصبح اإلقامة فيها خاضعة لنظام ّ‬
‫ّ‬ ‫أقاليم‬
‫تحدد بموجب قرار‪ ،‬وقد أعلنت حالة الطوارىء في جميع األراضي‬
‫في األماكن وفي األوقات اّلتي ّ‬
‫الجنوبية كما أعلن أقضية‬
‫ّ‬ ‫اللبنانية‬
‫ّ‬ ‫مرات منذ اإلستقالل وما تزال قائمة في منطقة الحدود‬
‫اللبنانية ست ّ‬
‫ّ‬
‫ثم ألغي هذا التدبير عنها‪.‬‬
‫عكار وزغرتا وبعلبك والهرمل مناطق عسكرّية ّ‬

‫‪ .1‬التنقل سي اًر على األقدام‪:‬‬

‫جدي سوى‬
‫ألي قيد ّ‬
‫يعتبر التنقل سي اًر على األقدام أوسع أشكال حرّية التنقل‪ ،‬إذ ّانه ال يخضع ّ‬
‫ذلك الناتج عن حكم قضائي أو حالة الطوارىء‪ ،‬ولذلك قضى مجلس الشورى الفرنسي بإبطال قرار‬
‫البلدية والتصريح‬
‫ّ‬ ‫البلديات يفرض على جميع الغرباء عن هذه القرية الحضور إلى مركز‬
‫ّ‬ ‫لرئيس إحدى‬
‫أما‬
‫عن إسم المنتزه ومحل إقامته واصطحاب دليل عند االقتضاء‪ّ )C.E. 13 Mai 927 Carrier( ،‬‬
‫الضوئية في‬
‫ّ‬ ‫التقيد باإلشارات‬
‫المخصصة لهم و ّ‬‫ّ‬ ‫البلدي اّلذي يفرض مرور المشاة ضمن األماكن‬
‫ّ‬ ‫القرار‬
‫قررت محكمة التمييز‬
‫الشوارع اّلذي كان أحد قضاة الصلح اعتبره غير قانوني إلخالله بحرّية التنقل فقد ّ‬
‫العامة (تمييز فرنسي ‪.)1921/11/2‬‬
‫نسية ّأنه قرار شرعي يهدف إلى المحافظة على السالمة ّ‬
‫الفر ّ‬

‫نصت عليه المادة ‪ 222‬وما يليها من قانون السير اللبناني الصادر في ‪1924/2/22‬‬
‫وهذا ما ّ‬
‫ّ‬
‫المخصصة لسير المشاة في حال وجودها‬
‫ّ‬ ‫اّلتي فرضت على المشاة كذلك أن يعتمدوا األرصفة واألروقة‬

‫المادة التاسعة من هذا القانون على ّ‬


‫أي كان‬ ‫المعبدة‪ ،‬كما منعت ّ‬
‫ّ‬ ‫وا ّال كان عليهم إلتزام أطراف الطريق‬
‫أن يقطع صفوف الفرق العسكرّية والمواكب على اختالف أنواعها وهي في حالة السير‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫مخيمات ‪ Camping‬اّلتي يمكن التمييز بين ثالثة‬
‫ويتّصل التنقل مشياً على األقدام إقامة ّ‬
‫ظمة أ ّي‬‫الجماعية المن ّ‬
‫ّ‬ ‫المخيمات‬
‫ّ‬ ‫ثم‬
‫الجماعية غير المنتظمة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫المخيمات‬
‫الفردية‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫المخيمات‬
‫ّ‬ ‫أنواع منها‪:‬‬
‫فالمخيمات‬
‫ّ‬ ‫جمعية أو أن تكون من ّ‬
‫ظمة من قبلها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اّلتي تستثمر تجارّياً أو اّلتي تكون تابعة ّ‬
‫لمؤسسة أو‬
‫مفوض الحكومة لدى مجلس الشورى الفرنسي‬
‫ظمة تعتبر كما يقول ّ‬
‫الجماعية غير المن ّ‬
‫ّ‬ ‫لفردية أو‬
‫ا ّ‬
‫الفردية اّلتي ال يمكن غخضاعها لحظر مطلق وال لترخيص مسبق واّنما‬
‫ّ‬ ‫‪ Rigaud‬جزءاً من الحرّية‬
‫سيما‬
‫يمكن لإلدارة‪ ،‬أن تأمر بإخالئها عندما تقضي بذلك ضرورة ملحة للمحافظة على النظام العام وال ّ‬
‫فوضوية‪ .‬وبناء عليه قضى مجلس الشورى الفرنسي‬
‫ّ‬ ‫جماعية‬
‫ّ‬ ‫مخيمات‬
‫العامة في حالة إقامة ّ‬
‫ّ‬ ‫الصحة‬
‫البلدية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المخيمات مطلقاً على أراضي‬
‫ّ‬ ‫بلدي يمنع إقامة‬
‫بإبطال قرار ّ‬

‫عدة أيام‬
‫مخيم لمدة ّ‬
‫البلدي اّلذي يمنع أحد هواة التخييم من إقامة ّ‬
‫ّ‬ ‫عية القرار‬
‫ولكنه قضى بشر ّ‬
‫ّ‬
‫العامة )‪.(C.E. 14 Fev. 58 Abisse‬‬
‫في إحدى الساحات ّ‬

‫حددت أصول إقامتها والترخيص بها في فرنسا بمرسوم صدر في‬


‫ظمة فقد ّ‬
‫المخيمات المن ّ‬
‫ّ‬ ‫أما‬
‫ّ‬
‫حددت بالملحق رقم ‪ 2‬من المرسوم رقم‬‫المخيمات فقد ّ‬
‫ّ‬ ‫فإن أصول إقامة‬
‫أما في لبنان ّ‬
‫‪ّ .1927/3/11‬‬
‫السياحية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫العامة إلنشاء واستثمار‬
‫ّ‬ ‫‪ 11191‬تاريخ ‪ 1947/9/21‬المتعلّق بتحديد الشروط‬
‫لمدة سنة صادرة عن وزير السياحة بعد استيفاء‬
‫مخيم ّ‬
‫اّلذي ينص على منح إجازة االستثمار إلقامة ّ‬
‫سنوياً ويمكن سحب هذه اإلجازة بقرار من الوزير‬
‫ّ‬ ‫يتجدد‬
‫المحددة على أن ّ‬
‫ّ‬ ‫القانونية‬
‫ّ‬ ‫الفنية و‬
‫الشروط ّ‬
‫الخاصة غير المجهزةفي ملك خاص‬
‫ّ‬ ‫المخيمات‬
‫ّ‬ ‫أما إقامة‬
‫المختصة بالمراقبة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫استناداً إلى إفادات اللجان‬
‫المخيم عن‬
‫ّ‬ ‫المقررة إلبقاء‬
‫المدة ّ‬
‫الضمنية إذا لم تزد ّ‬
‫ّ‬ ‫فال تستوجب سوى موافقة المالك وتعتبر الموافقة‬
‫مجهز لمدة تزيد عن عشرة ّأيام ولعدد من األشخاص‬
‫مخيم خاص غير ّ‬ ‫ثالثة ّأيام‪ ،‬وفي حالة إقامة ّ‬
‫يزيد عن خمسة وعشرين شخصاً يجب إعالم المحافظ أو القائمقام باألمر ويمكن منع الترخيض في‬
‫رسمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بناء لطلب معّلل من السلطات العسكرّية أو ّأية دائرة‬
‫بعض األماكن ً‬

‫‪99‬‬
‫سيارات واآلليات‪:‬‬
‫‪ .2‬التنقل بواسطة ال ّ‬

‫يميل معظم المفكرين ورجال االختصاص إلى اعتبار التنقل بالسيارة أكثر وسائل النقل الحديثة‬
‫شيوعاً واستعماالً بين الناس وأكثرها خط اًر على حياة البشر‪ .‬ويكاد عدد الوفيات الناتجة عن حوادث‬

‫سيارات يفوق أو يوازي عدد ّ‬


‫الوفيات في الحوادث الناتجة عن الوسائل األخرى مجتمعة‪ .‬من هنا فإ ّن‬ ‫ال ّ‬
‫تنظيم التنقل بالسيارة ووضع بعض القيود على هذه الحرّية يهدف إلى التخفيف من الحوادث ومن المآسى‬
‫اإلنسانية اّلتي تنتج عنها‪ .‬وأهم القيود اّلتي وضعت في هذا المجال القيود المفروضة على األشخاص‬
‫ّ‬
‫بكيفية التنقل فيها‪.‬‬
‫وبالسيارة ذاتها‪ ،‬ثم ّ‬
‫ّ‬ ‫اّلذين يقودون ّ‬
‫السيارة‪،‬‬

‫أ‪ -‬القيود المفروضة على األشخاص‪:‬‬

‫آلية من‬
‫سيارة أو ّ‬
‫كل شخص يرغب في قيادة ّ‬‫يفرض القانون في بالدنا أو في الخارج على ّ‬
‫المختصة بذلك‪ .‬ففي فرنسا يعود فرض‬
‫ّ‬ ‫أجل التنقل أن يكون حاصالً على إجازة سوق من السلطات‬
‫أما في‬
‫اآلليات إلى المرسوم الصادر في تاريخ ‪ّ .1199/3/17‬‬ ‫الحصول على رخصة سوق ّ‬
‫السيارات و ّ‬
‫كل من يسوق ّ‬
‫سيارة أو مركبة‬ ‫اللبناني الصادر في ‪ 1924/12/22‬على ّ‬ ‫ّ‬
‫لبنان فقد أوجب قانون السير‬
‫الداخلية بناء على إمتحان‬
‫ّ‬ ‫المختصة والتابعة لو ازرة‬
‫ّ‬ ‫آلية أن يكون حائ اًز على إجازة سوق تعطيها الدائرة‬
‫ّ‬
‫مهمتها التثبت من قدرة طالب رخصة السوق ومعرفته‬ ‫الداخلية وتكون ّ‬
‫ّ‬ ‫يعينها وزر‬
‫مختصة ّ‬
‫ّ‬ ‫تجريه لجنة‬
‫في إدارة السيارة واطالعه على قانون السير وأنظمته وعلى مقدرتهعلى السوق واستعمال المكابح واإلدارة‬
‫ويحدد القانون الحد‬
‫ّ‬ ‫واإلنارة‪ .‬وتقسم رخص السوق إلى ست فئات تبعاً لوزن ّ‬
‫السيارة أو المركبة ونوعها‪.‬‬
‫الخصوصية‬
‫ّ‬ ‫السياحية‬
‫ّ‬ ‫األدنى من العمر لطالبي رخص السوق بثماني عشرة سنة وذلك بالنسبة ّ‬
‫للسيارات‬
‫وسيارات الشحن اّلتي تزيد‬
‫العمومية ّ‬
‫ّ‬ ‫السياحية‬
‫ّ‬ ‫والدراجات اآللية‪ ،‬واحدى وعشرين سنة لسوق ّ‬
‫السيارات‬

‫وزنها عم ‪ 3177‬كلغ وخمس وعشرين سنة لسوق ّ‬


‫سيارات الشحن اّلتي يزيد وزنها عن ‪ 3177‬كلغ‬
‫وسيارات األوتوبيس‪ .‬وال تعطي رخص السوق لمن‬
‫وسيارات الشحن الّتي يزيد وزنها عن ‪ 3177‬كلغ ّ‬
‫ّ‬
‫للبنانيين غير‬
‫ّ‬ ‫العمومية ّإال‬
‫ّ‬ ‫مان مدمناً على المسكرات ويتعاطى المخدرات‪ .‬كما ال تعطي رخصة سوق‬
‫‪100‬‬
‫اللبنانيين اّلين حم عليهم بالسجن لفترة تزيد عن ثالثة أشهر فال يمكنهم‬
‫ّ‬ ‫أما‬
‫المحكومين بجرم شانن‪ّ .‬‬
‫الحصول على إجازة سوق ّإال بعد مرور سنتين على إنتهاء الحكم ورد إعتبارهم‪.‬‬

‫وفي فرنسا يمكن سحب إجازة السوق بحكم قضائي كتدبير إحترازي عند إرتكاب حوادث سوق‬

‫هامة‪ .‬ويمكن للقاضي أن يأمر بسحب إجازة السوق عندما تتجاوز نسبة الكحول في الدم ‪ 1,27‬غراماً‬
‫ّ‬
‫في الليتر وذلك بناء على القانون الصادر في‪ .1947/4/17‬كما يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بسحب‬
‫الفردية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلجارة كإجراء إحتياطي بدالً من التوقيف وفقاً لقانون ‪ 1947/4/14‬المتعلّق بحماية الحرّيات‬
‫هامة‬
‫لمدة أقصاها ثالث سنوات عند ارتكاب مخالفات ّ‬
‫كذلك يمكن للمحافظين تقرير سحب اإلجازة ّ‬
‫خاصة‪.‬‬ ‫حددها قانون السير‪ ،‬أو ّ‬
‫لمدة قصيرة ال تتجاوز الشهر أو الشهرين بعد استطالع رأي لجنة ّ‬ ‫ّ‬

‫أما في لبنان‪ ،‬فال يمكن سحب رخصة السوق ّإال بناء على حكم قضائي كتدبير إحترازي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫نهائية (م ‪ 292‬من قانون السير)‪ .‬ويمكن للقاضي الحكم‬
‫ّ‬ ‫ضية أو بصورة‬
‫يضاف حسب ظروف الق ّ‬
‫لمدة شهر على األقل عند تكرار المخالفة اّلتي اعتبرها القانون من الفئة األولى خالل‬
‫بسحب الرخصة ّ‬
‫للمرة الثالثة خالل ستة أشهر‪ .‬كما يرافق‬
‫سنة ويحكم وجوباً بسحب الرخصة عند تكرار هذه المخالفات ّ‬
‫القضائية تدابير حجز المركبة أو سحب رخصتي السوق والسير أو إحداهما عند سوق ّ‬
‫سيارة‬ ‫ّ‬ ‫العقوبة‬
‫عمومية‪ .‬وال يمكن سحب الرخصة من قبل السلطة‬
‫ّ‬ ‫خصوصية لقاء أجر دون حيازة رخصة سوق‬
‫ّ‬ ‫سيحاية‬
‫ّ‬
‫تشكل المخالفة عائقاً‬
‫ولمدة ال تتجاوز أربع وعشرين ساعة عندما ّ‬
‫الداخلية ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلدارّية ّإال بقرار من وزير‬
‫لحركة السير‪ ،‬هذا ويمكن سحب رخصة السوق عند الحصول عليها بطريقة اإلحتيال أو تقديم إفادات‬
‫كاذبة‪ ،‬أو عند إصابة صاحبها بعّلة دائمة أو مؤقتة تمنع القيادة‪.‬‬

‫اآلليات‪:‬‬
‫سيارات و ّ‬
‫ب‪ -‬القيود المفروضة على ال ّ‬

‫هناك نوعان من القيود البعض منعا يتعلق بسالمة السير والبعض اآلخر يتعلق بسالمة‬
‫يحدد القانون الشروط الواجب توافرها لضمان سالمة سائقي‬
‫الطرقات‪ .‬فيما يتعّلق بسالمة السير ّ‬
‫‪101‬‬
‫العامة والسكينة العامتين‪ .‬ومن أجل هذه‬
‫ّ‬ ‫السيارات وركابها وسالكي الطريق اآلخرين وسالمة الصحة‬
‫ّ‬
‫الميكانيكية‬
‫ّ‬ ‫فنية لدى تسجيلها وبصورة دورّية عند تسديد الرسوم‬
‫السيارة إلى معاينة ّ‬
‫الغاية تخضع ّ‬
‫األمنية المولجة بمراقبة حركة السير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وبصورة دائمة أثناء سيرها على الطرقات من قبل األجهزة‬

‫تفصيلية بهذا الصدد تتعّلق بتحديد الوزن اإلجمالي‬


‫ّ‬ ‫اللبناني نصوصاً‬ ‫ويتضمن قانون السير‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المرخص به لكل مركبة على نحو يتناسب مع عدد محاورها وعلى أال يتجاوز الوزن الخمسة أطنان‬
‫ّ‬
‫كل متر يفصل بين المحوريين األقصيين‪ .‬وقياسات العرض والطول وقياسات الحمولة طوالً‬
‫عن ّ‬
‫أي ضرر أو خطر‪ .‬هذا باإلضافة إلى‬
‫لتجنب ّ‬
‫وعرضاً وارتفاعاً مع وجوب إتّخاذ االحتياطات الالزمة ّ‬
‫التقنية األخرى الالزمة لضمان قيادتها بسالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بعض الشروط‬

‫سيارات األوتوبيس‬
‫الداخلية رقم ‪ 49‬تاريخ ‪ 1929/2/22‬تزويد ّ‬
‫ّ‬ ‫هذا وقد وجب قرار وزير‬
‫صيدلية تحتوي على لوازم‬
‫ّ‬ ‫المسجلة بإسم وكاالت السفر والسياحة بمطفأة للحريق وعليه‬
‫ّ‬ ‫السياحية‬
‫ّ‬
‫ومكبر للصوت‪ ،‬وفرض القرار رقم ‪ 11‬تاريخ ‪ 1929/2/22‬تزويد‬
‫ّ‬ ‫اإلسعاف وجهاز تدفئة وتبريد‬
‫سيارات األوتوبيس العاملة عبر القارات والصحاري إضافة إلى التجهيزات السالفة الذكر‪ ،‬بقطع التبديل‬
‫ّ‬
‫الميكانيكية الضرورّية اّلتي عددها القرار والّتي قد تحتاجها هذه المركبات أثناء السفر الطويل‪.‬‬
‫ّ‬

‫السيارة بمنفذ بحالة‬ ‫ويوجب القانون‪ ،‬حفاظاً على الصحة والسكينة العامتين‪ ،‬تزويد ّ‬
‫محرك ّ‬
‫العامة‪ ،‬ومن أجل هذه‬
‫بالصحة ّ‬
‫صالحة دائماً من أجل منع أحداث الضوضاء واخراج الدهان المضر ّ‬
‫الغاية صدر أيضاً القانون المنّفذ بالمرسوم ‪ 2117‬تاريخ ‪ 1921/2/17‬لمنع ّ‬
‫السيارات العاملة على‬
‫المحددة بالمادة الثانية من هذا القانون ومنها الشاحنات واألوتوبيسات‬
‫ّ‬ ‫المازوت مع بعض االستثناءات‬
‫المخصصة للنقل الخارجي واآلليات الّتي تستعمل ضمن ورش األشغال‪ ،‬كذلك فرض قانون السير‪،‬‬
‫ّ‬
‫المعدات‬
‫ّ‬ ‫نائية كنقل‬
‫النقليات اإلستث ّ‬
‫العامة‪ ،‬الحصول على ترخيص مسبق لبعض ّ‬ ‫حرصاً على السالمة ّ‬
‫المعدة لنقل قطع ال تتج أز وتزيد قياساتها أو أوزانها عن الحد المسموح به‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أو المركبات أو المقطورات‬
‫اآللية بإجراء‬ ‫أن المادة ‪ 247‬من قانون السير ألزمت أصحاب ّ‬
‫السيارات والمركبات ّ‬ ‫ونشير أيضاً إلى ّ‬
‫‪102‬‬
‫تحدد قواعد وشروط‬
‫المدنية تجاه الغير على أن ّ‬
‫ّ‬ ‫سؤولية‬
‫اآللية لقاء الم ّ‬
‫سياراتهم ومركباتهم ّ‬
‫ضمان على ّ‬
‫تطبيق أحكام هذا الضمان بقانون الحق ولكن هذا القانون لم يصدر حتّى اآلن على الرغم من ّ‬
‫أن‬
‫هناك مشروع قانون يتعّلق بهذا الشأن كان قد أرسل من قبل الحكومة إلى المجلس النيابي منذ سنة‬
‫‪.1942‬‬

‫يتعرض لها قانون السير اللبناني فيما عدا نص‬


‫أما القيود المتعّلقة بسالمة الطرقات فلم ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معدنية‬
‫ّ‬ ‫الفنية واّلذي يحظر تركيب أجزاء‬
‫ورد في قسم األوزان واإلطارات ضمن الفصل العائد للقواعد ّ‬
‫المعدة للسير على الطرقات المغطاة‬
‫ّ‬ ‫المعدنية‬
‫ّ‬ ‫تشكل ضر اًر في وجه اإلطارات بإستثناء السالسل‬
‫ّ‬
‫ولكنه أناط بالحكومة تنظيم استعمال الطرق داخل المناطق األهلة وخارجها بمراسيم ّ‬
‫تتخذ في‬ ‫بالثلوج‪ّ ،‬‬
‫البلديات‬
‫ّ‬ ‫تحد من سلطة وزيري األشغال والداخلية ورؤساء‬
‫مجلس الوزراء‪ .‬كما أثار إلى أن أحكامه ال ّ‬
‫أن هذه‬
‫صالحياتهم وحين تستدعي السالمة والنظام العام تدابير أخرى‪ .‬غير ّ‬
‫ّ‬ ‫من أن يفرضوا ضمن‬
‫العامة‬
‫ّ‬ ‫التدابير ما زالت هي أيضاً قليلة العدد وليس بين الق اررات المنشورة سوى قرار لوزير األشغال‬
‫كل جسر يزيد مداه عن ثالثة أمتار وال‬
‫رقم ‪ 17‬تاريخ ‪ 1929/2/22‬بوضع إشارات تحذيرّية عند ّ‬
‫يتحمل األوزان المسموح بها تشير إلى الحد األقصى للوزن اإلجمالي المسموح بمروره على الجسر‬
‫ّ‬
‫كل نفق أو جسر علوي ال يبلغ إرتفاعه أربعة أمتار تشير إلى اإلرتفاع األقصى المسموح به‪،‬‬
‫وعند ّ‬
‫جراء مخالفته هذه اإلشارات التحذيرّية‪.‬‬
‫بأي ضرر من ّ‬
‫يتسبب ّ‬
‫كل من ّ‬
‫ومالحقة ّ‬

‫السيارات ووقوفها‪:‬‬
‫ج‪ -‬القيود المفروضة على تنقل ّ‬

‫تنقسم هذه القيود إلى ثالثة أنواع ‪ :‬قسم ّأول يتعّلق بتأمين سالمة السير‪ ،‬وقسم ثاني وهو‬
‫السيارات‪.‬‬
‫اقتصادية وقسم ثالث يتعّلق بوقوف ّ‬
‫ّ‬ ‫السيارة لغاية‬
‫خاصة بإستعمال ّ‬ ‫عبارة عن قيود ّ‬

‫حدد هذه القيود‬


‫اللبناني ّ‬ ‫فإن قانون السير‬
‫أي بتأمين سالمة السير ّ‬‫األول ّ‬‫فيما يتعّلق بالقسم ّ‬
‫ّ‬
‫بوضوح وبالتفصيل من المادة الثالثة إلى المادة واحد وخمسون منه‪،‬ونورد هنا أهم هذه المواد وأكثرها‬

‫‪103‬‬
‫تنص على ضرورة التزام اليمين في حالة السير العادي وأقصاه عند‬
‫تحديداُ‪ .‬فالمادة الخامسة مثالً ّ‬
‫كافية أو تكون‬
‫التالفي أو عندما يريد منتفع آخر تجاوز السائق أو تكون رؤية الطريق إلى األمام غير ّ‬
‫السيارة دون السرعة المعمول بها على الطريق‪ .‬وتشير المادة السادسة إلى ضرورة التقيد بالسير‬
‫سرعة ّ‬
‫السيارة عن‬
‫محرك ّ‬
‫المحددة بنمط متقطع أو متواصل‪ ،‬وتحظر المادة التاسعة من توقيف ّ‬
‫ّ‬ ‫ضمن المسالك‬
‫بقوة اندفاعها‪ .‬كذلك يحظر التجاوز في المنعطفات ورؤوس‬
‫العمل بقصد تسييرها في المنحدرات ّ‬
‫التقيد بإشارات السير‬
‫كافية (م ‪ 13‬وما يليها) وضرورة ّ‬
‫المرتفعات وكّلما كانت الرؤية إلى األمام غير ّ‬
‫المنبهات‬
‫بائية عند وجودها أو بتعليمات رجال األمن المكلفين بتوجيه المرور (م ‪ )21‬عدم استعمال ّ‬
‫الكهر ّ‬
‫الصوتية (الزمور) ّإال في الحاالت الضرورّية مع عدم استعمالها داخل المناطق المأهولة ّإال في حاالت‬
‫ّ‬
‫الضرورة القصوى (م ‪ 34‬وما يليها)‪.‬‬

‫اقتصادية فقد عالجها قانون السير‬


‫ّ‬ ‫السيارات لغاية‬
‫الخاصة بإستعمال ّ‬‫ّ‬ ‫أما فيما يتعّلق بالقيود‬
‫ّ‬
‫اآلليات ومن المادة ‪ 112‬إلى المادة ‪ 172‬منه‪ ،‬حيث‬‫السيارات و ّ‬
‫اللبناني في القسم المتعّلق بتسجيل ّ‬
‫ّ‬
‫تتضمن اسم‬
‫ّ‬ ‫سيارة أو آلية تسجيلها لدى الدائرة المختصة اّلتي تسّلمه رخصة سير‬
‫كل مالك ّ‬ ‫فرض على ّ‬
‫سيارات السياحة‬
‫السيارات إلى خمس فئات‪ّ :‬‬
‫السيارة ومواصفاتها (م ‪ 112‬و ‪ .)114‬وقسم ّ‬
‫صاحب ّ‬
‫السيارات ذات اإلستعمال الخاص (‪)112‬‬
‫وسيارة السياحة والنقل و ّ‬
‫وسيارات الشحن ّ‬
‫وسيارات األوتوبيس ّ‬
‫ّ‬
‫السيارات‬
‫عمومية (م ‪ .)123‬وحظر استعمال ّ‬
‫ّ‬ ‫خصوصية أو‬
‫ّ‬ ‫كل من هذه الفئات‬
‫إمكانية تسجيل ّ‬
‫ّ‬ ‫مع‬
‫مسجلة للمدارس من أجل نقل الطالب أو‬
‫ّ‬ ‫اقتصادية ّإال إذا كانت‬
‫ّ‬ ‫الخصوصية ألغراض تجارّية أو‬
‫ّ‬
‫مسجلة بإسم شركات الطيران ووكاالت السفر من أجل نقل ركابها‬
‫المعّلمين العاملين لديها أو إذا كانت ّ‬
‫المؤسسات اّلتي يزيد عدد عمالها عن الخمسة وعشرين من أجل نقلهم (م‬
‫وأمتعتهم‪ ،‬أو بإسم المصانع و ّ‬
‫‪.)127‬‬

‫اقتصادية ّإال لتأمين حاجات‬


‫ّ‬ ‫الخصوصية ألغراض‬
‫ّ‬ ‫كما حظر إستعمال األوتوبيسات‬
‫المؤسسات‬
‫البلديات والمنظمات الدولية والمصانع و ّ‬
‫المؤسسات المسجلة بإسمها وهي مصالح الدولة و ّ‬
‫ّ‬
‫الخصوصية اّلتي يستفيد من‬
‫ّ‬ ‫سيارات الشحن‬
‫اّلتي يزيد عدد عمالها عن الخمسين (م ‪ )121‬كذلك ّ‬
‫‪104‬‬
‫التعاونيات‬
‫ّ‬ ‫اليدوية و‬
‫ّ‬ ‫ولية وأصحاب الصناعات والمشاغل‬
‫ظمات الد ّ‬
‫البلديات والمن ّ‬
‫تسجيلها مصالح الدولة و ّ‬
‫الدينية وشركات‬
‫العلمية والخيرّية و ّ‬
‫ّ‬ ‫اعية ومزارب الحيوانات والمتعهدون والمستشفيات و ّ‬
‫المؤسسات‬ ‫الزر ّ‬
‫توزع أصنافها على المنازل والمحالت‬
‫المبردة والمحالت التجارّية الّتي ّ‬
‫سيارات الشحن ّ‬
‫الطيران وأصحاب ّ‬
‫(م ‪.)124‬‬

‫االقتصادية‬
‫ّ‬ ‫العمومية يخضع للتحديد القانوني وللسياسة‬
‫ّ‬ ‫السيارات‬
‫أن عدد ّ‬
‫ونشير إلى ّ‬
‫العمومية‬
‫ّ‬ ‫السيارات‬
‫االجتماعية اّلتي تنتهجها الدولة‪ ،‬وهذا واضح من الزيادة اّلتي طرأت على عدد ّ‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫سياحية‬
‫ّ‬ ‫سيارة‬
‫مومية بثالثة آالف ّ‬
‫السيارات الع ّ‬
‫حدد ّ‬‫العاملة في لبنان‪ .‬منف قانون ‪ 2‬شباط ‪ 1913‬اّلذي ّ‬
‫عمومية‬
‫ّ‬ ‫سيارة شحن‪ ،‬إلى قانون رقم ‪ 317‬تاريخ ‪ 1997‬اّلذي أضاف إلى ‪ 17279‬لوحة‬
‫و ‪ّ 1177‬‬
‫المتكررة ‪ 17279‬لوحة بدون مقابل ألصحاب اللوحات السابقة وطرح‬
‫ّ‬ ‫سياحية موجود بفعل الزيادات‬
‫ّ‬
‫التداول ‪ 12777‬لوحة جديدة‪ ،‬كذلك أضاف ‪ 1777‬لوحة أتوبيس عمومي إلى ‪ 277‬لوحة اّلتي كانت‬
‫ّ‬
‫عمومية و ‪ 4777‬لوحة شاحنات‬
‫ّ‬ ‫موجودة سابقاً‪ ،‬كما وضع في التداول والبيع ‪ 7777‬لوحة ميني باص‬
‫عمومية‪.‬‬
‫ّ‬

‫تميز بين نوعين من‬


‫العامة فيجب أن ّ‬
‫ّ‬ ‫السيارات على الطرقات‬
‫الخاصة بوقوف ّ‬
‫ّ‬ ‫أما القيود‬
‫ّ‬
‫يؤدي إلى منع حرّية المرور وسالمته أو يعيقهما‪ ،‬وهو محظور إطالقاً تحت طائلة‬
‫األول ّ‬
‫الوقوف ّ‬
‫ائية المنصوص عنها في المادة ‪ 417‬عقوبات وفي ذات االتجاه تمنع المادة تسعة وسبعون‬
‫العقوبة الجز ّ‬
‫من قانون السير غسل المركبات على الطريق العام أو إصالحها فيها ّإال في الحاالت الضرورّية‪ ،‬وكذلك‬
‫يشكل إساءة استعمال الطريق العام وا ّال تم إتالفها‬
‫إيقاف أو ترك مركبة على الطريق العام إذا كان ذلك ّ‬
‫أو حجزها أو بيعها بالمزاد العلني‪.‬‬

‫والنوع الثاني هو الوقوف المؤقت بجانب الطريق اّلذي اعتبره القضاء اإلداري الفرنسي جزءاً‬
‫الملكية المجاورة واذا اضطرت اإلدارة إلى منع أصحاب هذه‬
‫ّ‬ ‫من التمتّع بالطرق ّ‬
‫العامة ‪ ،‬ومن توابع حق‬
‫مجانية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تؤمن لهم في المقابل مواقف‬
‫محالتهم وجب عليها أن ّ‬
‫الملكيات من الوقوف أمام منازلهم أو ّ‬
‫ّ‬
‫‪105‬‬
‫حدة هذا القرار دون أن يرجع عنه فاقر بحق اإلدارة في‬
‫ولكن االجتهاد الالحق خخف من ّ‬
‫ّ‬
‫مدة الوقوف في المناطق التجارّية (شورى فرنسي ‪.)1921/2/22‬‬
‫تنظيم وتحديد ّ‬

‫السيارات بجانب الطرق‬


‫وال يختلف قانون السير اللبناني مع هذا اإلجتهاد إذ ّإنه يسمح بوقوف ّ‬
‫ولكنه بفرض إيقافها في أقصى الطرف األيمن من الطريق بشكل ال ينتج عنه ّأية مضايقة لحركة السير‬
‫ّ‬
‫أو إعاقة للدخول إلى األمالك المجاورة‪ .‬هذا وال يحظر الوقوف ّإال في األماكن اّلتي تمنع السلطات‬
‫وممرات المشاة‬
‫ّ‬ ‫الوقوف فيها والمشار إليها بعالمة ممنوع الوقوف‪ .‬وكذلك يحظر الوقوف على الجسر‬
‫الحديدية ومداخل الطرقات‬
‫ّ‬ ‫وقمة الطريق أو ملتقى الطرقات وعلى األرصفة والخطوط‬
‫وعند المنعطفات ّ‬
‫عامة (م ‪ 31‬الفقرة ‪.)3‬‬
‫المؤدية إلى أبنية ّ‬
‫ّ‬

‫العادية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬حاالت التنقل غير‬

‫‪ .1‬الرحل والمتسولون والمتشردون‪:‬‬


‫لبنانيين‬
‫اللبناني هم النور والبدو ّ‬ ‫الرحل ‪ Nomades‬كما جاء في المادة ‪ 219‬من قانون العقوبات‬
‫ّ‬
‫كانوا أو غرباء في لبنان دون مقر ثابت ولو كانت لهم موارد ويزاولون إحدى الحرف هؤالء فرض عليهم‬
‫هوية مشتملة على األدّلة‬
‫المرسوم االشتراعي رقم ‪ 37‬تاريخ ‪ 1932/1/22‬الحصول على تذكرة ّ‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫ّ‬

‫يتجول منهم وال يكون حامالً هذه البطاقة وال يثبت ّأنه طلبها من السلطة يعاقب بالحبس‬
‫وكل من ّ‬
‫ّ‬
‫مالية ويمكن أن يوضع تحت المراقبة‪ ،‬واذا كان غريباً يمكن الحكم‬
‫من ثالثة أشهر إلى سنة وبغرامة ّ‬
‫بطرده من لبنان‪.‬‬

‫المتسولون والمتشردون فهم من كانت لهم موارد أو كان بإستطاعتهم الحصول موارد‬
‫ّ‬ ‫أما‬
‫ّ‬
‫بالعمل ويستجدون االحسان العام ‪ ،‬أو اإلصحاء اّلذين ال مسكن لهم وال وسيلة للعيش وال يمارسون‬

‫عمالًولم يثبت ّأنهم سعوا السعي الكافي للحصول على شغل ‪ ،‬فهؤالء يعاقبون بالحبس مع التشغيل ّ‬
‫لمدة‬
‫‪106‬‬
‫ال تتجاوز الستة أشهر ويمكن وضعهم في دار للتشغيل ويوضعون فيها وجوباً في حال التكرار كما‬
‫يمكن طردهم من البالد إذا كانوا غرباء‪.‬‬

‫‪ .2‬البغاء‪:‬‬
‫العبودية والرق وا ّن المومس‬
‫ّ‬ ‫المفكرين إلى اعتبار البغاء لون من ألوان‬
‫يميل بعض الكتّاب و ّ‬

‫سجينة قوى هائلة تجعل من الصعب جداً أن ّ‬


‫تتحرر من البغاء‪.‬‬
‫وقد عرفته المادة األولى من قانون ‪ 2‬شباط ‪ 1931‬اّلذي ن ّ‬
‫ظم مهنة البغاء في لبنان بقولها‬
‫بأنه "مهنة كل امرأة تشتهر باالستسالم عادة للرجال الرتكاب الفحشاء‪ ،‬مقابل أجر من المال‪ ،‬سواء كان‬
‫ّ‬
‫ذلك س اًر أو عالنية"‪.‬‬
‫أن هذا‬
‫الرسميةله‪ ،‬قيداً على حرّية التنقل بل ّ‬
‫ّ‬ ‫والبغاء أضحى في فرنسا‪ ،‬بعد إلغاء البيوت‬
‫تتصل بالصحة والسالمة‬
‫نسانية ّ‬
‫القية وا ّ‬
‫أن البغاء في األصل مشكلة أخ ّ‬
‫اإللغاء أضاف مشكلة تنقل إذ ّ‬
‫العامتين‪.‬‬

‫ظم البغاء في فرنسا بالمرسومين الملكيين الصادرين سنة ‪ 1217‬و ‪ 1413‬اللذين‬


‫هذا وقد ن ّ‬
‫العامة‬
‫الطبية حفاظاً على السالمة ّ‬
‫ّ‬ ‫العلنية الخاضعة لرقابة الشرطة والرقابة‬
‫ّ‬ ‫سمحا بإنشاء بيوت الدعارة‬
‫خاصة‬
‫ّ‬ ‫العامة من انتشار األمراض الزهرّية ولذلك كانت تحتفظ الشرطة ببطاقات‬
‫ّ‬ ‫وعلى الصحة‬
‫ثم جاء‬
‫تتضمن صورهن وكاّفة المعلومات المتعّلقة بسلوكهن‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بالمومسات اللواتي يمارسن هذه المهن‬
‫شخصية‬
‫ّ‬ ‫قانون ‪ 1972/7/13‬اّلذي ألغى جميع بيوت الدعارة وجميع األحكام المتعّلقة بتنظيم بطاقات‬
‫بحد ذاتها عمالً مشروعاً ما لم ترتكب في‬
‫ولكنه لم يحظر ممارسة مهنة البغاء الّتي ما تزال ّ‬
‫للمومسات ّ‬
‫خاصة اإلغواء‬
‫جرمية كجرح الحياء العام أو الحض على الفجور أو بصورة ّ‬
‫ّ‬ ‫معرض ممارستها أفعال‬
‫‪Racolage.‬‬

‫ادية تتراوح بين ‪ 277‬فرنك‬


‫ائية وغرامات م ّ‬
‫وتتعرض المومسات في هذه الحالة لعقوبات جز ّ‬
‫ّ‬
‫ويتبين من إحصاءات دوائر الشرطة في باريس للعام‬
‫و ‪ 1777‬فرنك وبالحبس من عشرة أيام إلى شهر‪ّ ،‬‬
‫‪107‬‬
‫أن هناك ‪ 79127‬حكم قضائي تتعّلق بتهمة اإلغواء من بينها ‪ 217‬أحكام قضت‬
‫‪ 1941‬لوحدها ّ‬
‫ئيسية‬
‫إن ممارسة البغاء على هذا النحو خلقت كما أسلفنا مشكلة تنقل ألن الشوارع الر ّ‬
‫بالحبس‪ّ .‬إال ّ‬
‫نسية‬
‫أضحت المكان الطبيعي لتواجد المومسات والستجالب الزبائن‪ .‬لذلك قضت محكمة التمييز الفر ّ‬
‫التجول المستمر أو الوقوف تعتبر غير مشروعة (تمييز فرنسي‬
‫بأن الق اررات اإلدارّية بمنع المومسات من ّ‬
‫ّ‬
‫معينة وفي‬
‫التجول ضمن مساحات ّ‬‫ّ‬ ‫منعهن من‬
‫ّ‬ ‫ولكنها اعتبرت ّأنه بإمكان اإلدارة‬
‫في ‪ّ )1912/2/1‬‬
‫معينة حول بعض المباني ذات الطابع الخاص كالمدارس والمعابد (تمييز فرنسي ‪.)1921/1/9‬‬
‫أوقات ّ‬

‫ظمت مهمة البغاء بقانون ‪ 2‬شباط ‪ 1931‬اّلذي أخضع فتح بيوت الدعارة‬
‫أما في لبنان فقد ن ّ‬
‫ّ‬
‫المحدد‬
‫ّ‬ ‫أي دوائر الشرطة على أن يكون ضمن النطاق‬
‫لترخيص مسبق من قبل المحافظ وبعد استطالع ر ّ‬
‫الصحية داخل هذه األماكن مع المواصفات‬
‫ّ‬ ‫من قبل السلطات اإلدارّية‪ .‬وأوجب القانون توافر الشروط‬
‫العامة كوجود مدخل خارجي واحد وعدم االتصال باألبنية‬
‫ّ‬ ‫األخرى والضرورّية للمحافظة على األخالق‬
‫المجاورة وستر النوافذ بالستائر الكثيفة وأجاز لرجال الشرطة دخول هذه البيوت في النهار أو الليل من‬
‫أجل مراقبة تنفيذ أحكام القانون‪ .‬وقد ألزمت المومسات العامالت في هذه األماكن بالخضوع للرقابة‬
‫التغيب‬
‫حدد حرّيتهم بالتنقل‪ ،‬فمغادرة البيت مشروطة بإعالم الشرطة قبل ‪ 11‬يوماً‪ ،‬و ّ‬
‫الطبية الدورّية‪ .‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫المتغيبة (المادة ‪ ،)11‬وحدد القانون‬
‫ّ‬ ‫تحل محل‬
‫ليالً ممنوع ّإال بعذر مشروع وبشرط تعيين مسؤولة ّ‬
‫ساعات خروج المومسات من الساعة التاسعة صباحاً حتّى الرابعة بعد الظهر‪ ،‬وحظر عليهم الخروج‬
‫العمومية‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫العامة والمقاهي والحدائق‬
‫ّ‬ ‫الرسمية كما حظر عليهم ارتياد المحالت‬
‫ّ‬ ‫أيام اآلحاد واألعياد‬
‫إن يسترن وجوههن بالحجاب (المادة‪.)19‬‬

‫امة بترك مهنة‬‫لكل مومس الحرّية التّ ّ‬


‫أن ّ‬‫المادة واحد وعشرون من القانون على ّ‬
‫وتنص ّ‬‫ّ‬ ‫هذا‬
‫ضدها وسائل اإلكراه والتغرير‬ ‫الدعارة في أي وقت تشاء وحظرت على صاحبة البيت أن تستعمل ّ‬
‫ذمتها دين مستوجب اآلداء‪.‬‬
‫الشخصية ولو كان لها في ّ‬
‫ّ‬ ‫إستبقائها أو أن تضبط ثيابها وحاجاتها‬

‫‪108‬‬
‫اللبنانية إنتهجت منذ أواخر الستينات سياسة جديدة تقضي إلى إنهاء‬
‫ّ‬ ‫أن الحكومة‬
‫ونشير إلى ّ‬
‫ملكية الرخص‬
‫مهنة البغاء في لبنان وذلك عن طريق عدم الترخيص بفتح بيوت جديدة للدعارة أو نقل ّ‬
‫يجياً‪ ،‬ولكن الحرب األليمة الّتي عصفت‬
‫العلنية تدر ّ‬
‫ّ‬ ‫الرسمية‬
‫ّ‬ ‫اّلتي كانت قائمة بحيث تنقرض الدعارة‬
‫تفشى الدعارة السرّية‬
‫المؤسسات عن القيام بدورها المطلوب في تلك الفترة ّأدى إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫بالوطن وغياب‬
‫الطبية يسمح‬
‫ّ‬ ‫أن غياب الرقابة‬
‫اجتماعية إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫يهدد بكارثة‬
‫بشكل مخيف في بعض األوساط وكاد أن ّ‬
‫األخالقية اّلتي تنادي بها وتعمل‬
‫ّ‬ ‫العامة وبالقيم‬
‫ويضر بالصحة ّ‬
‫ّ‬ ‫بإنتشار األمراض واألوبئة على أنواعها‬
‫من أجل صيانتها والدفاع عنها‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬التنقل الخارجي‪:‬‬

‫إما بقصد المرور‪ ،‬أو اإلقامة‬


‫وهو يعني حق اإلنسان في أن يغادر بلده إلى بلد آخر‪ ،‬وذلك ّ‬
‫القانونية للفرد إذ ّأنه ينتقل من وضع تطبق‬
‫ّ‬ ‫المؤقتة أو اإلقامة الدائمة‪ .‬هذا اإلنتقال تغيير في األوضاع‬
‫جنسيتها هالل‬
‫ّ‬ ‫جنسيتها إلى وضع جديد تطبق فيه قوانين دولة ال يحمل‬
‫ّ‬ ‫فيه قوانين الدولة اّلتي يحمل‬
‫إقامته على أرضها كأجنبي‪.‬‬

‫القانونية اّلتي سمحت للفرد‬


‫ّ‬ ‫تقدم ال ّبد من طرح السؤال التالي‪ :‬ما هي القواعد‬
‫واستناداً إلى ما ّ‬
‫بالدخول إلى بلد غير البلد اّلذي ينتمي إليه؟ فمغادرة بلد األصل تفرض وجود استعداد لدى الدول‬
‫المضيفة لقبول األجانب على أراضيها‪ ،‬فهل الدولة ملزمة بهذا القبول؟‬

‫قانونية تلزم الدول بقبول األجانب على‬


‫ّ‬ ‫في الحقيقة ليس في القانون الدولي العام قاعدة‬
‫أن هناك‬
‫الدولية والالجئين إليها بسبب الكوارث‪ .‬بيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أراضيها بإستثناء الدبلوماسيين وموظفي الهيئات‬
‫أن‬
‫الحجة في ذلك ّ‬
‫أخالقياً بقبول األجانب على أراضيها‪ ،‬و ّ‬
‫حقوقياً و ّ‬
‫ّ‬ ‫بأن الدول ملزمة‬
‫رأياً آخر يقول ّ‬
‫إن لجهة حفظ األمن والسالم الدوليين‪ ،‬أو لجهة عدم‬
‫المتمدنة كاّفة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫التعاون والتضامن ضرورّيان للدول‬

‫‪109‬‬
‫فإن االتصال مفروض على‬‫وثقافياً‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫ّ‬ ‫اجتماعياً‬
‫ّ‬ ‫اقتصادياً و‬
‫ّ‬ ‫قدرة ّأية دولة على االكتفاء الذاتي‬
‫ّ‬
‫تمدنة كاّفة‪ ،‬وما تنقل األشخاص سوى مظهر من مظاهر هذا اإلتّصال فيما بينها‪.‬‬ ‫الدول الم ّ‬

‫أن إلتزام الدول بقبول األجانب على أراضيها ليس إلتزاماً مطلقاً‪ ،‬بل ّإنه يقف عند‬
‫ونشير إلى ّ‬
‫كل دولة في أن تحافظ على بقائها من جهة‪ ،‬وواجبها في حماية األجنبي اّلذي يدخل أراضيها من‬
‫حق ّ‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫يهددون أمنها وسالمتها أو‬


‫فإن حق الدولة في أن تمنع دخول األشخاص اّلذين ّ‬
‫ولذلك ّ‬
‫األشخاص اّلذين يحملون أمراضاً سارّية‪ ،‬كما ّ‬
‫أن من حّقها أن تمنع دخول المعدومين والعجزة إذا كانت‬
‫أوضاعها ال تسمح بتحسين أحوالهم‪.‬‬

‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫ويتضح مما سبق ّأنه‪ ،‬بإستثناء مواطني الدولة وموظفي السلك الدبلوماسي والهيئات‬
‫ّ‬
‫حرة في قبول من تشاء على أراضيها ورفض الدخول‬ ‫والالجئين إلى الدولة بسبب الكوارث‪ ،‬تبقى الدولة ّ‬
‫لمن تشاء إليها‪.‬‬

‫ولكن ما هي الوسائل اّلتي تسمح بالتنقل من بلد إلى آخر وهل هناك من مواقع تحد من‬
‫كل مواطن يرغب في مغادرة بلده والدخول إلى بلد آخر أن‬ ‫حرّية اإلنسان في التنقل؟ في الحقيقة على ّ‬
‫يكون حاصالً على وثيقة تثبت ّ‬
‫هويته إزاء السلطات الجديدة اّلتي يرغب في اإلقامة المؤقتة والدائمة‬
‫لديها‪ ،‬ويخضع بالتالي لقوانينها وهذه الوثيقة هي جواز السفر‪.‬‬

‫‪ .1‬جواز السفر‪:‬‬
‫العامة لألمن العام‪.‬‬
‫تنظم جوازات السفر في لبنان بموجب القوانين وتمنح من قبل المديرّية ّ‬
‫وجواز السفر كما عرفته المادة األولى من قانون ‪ 1921/1/1‬المتعّلق يتنظيم جوازات السفر‬
‫اللبنانية أو العودة‬
‫ّ‬ ‫اللبنانية للرعايا الراغبين في مغادرة األراضي‬
‫ّ‬ ‫اللبنانية “هو وثيقة تعطيها السلطات‬
‫ّ‬

‫‪110‬‬
‫تنص عليها االتفاقات الدوليّة‬
‫المختصة بإستثناء حاالت اإلعفاء اّلتي ّ‬
‫ّ‬ ‫إليها إثباتاً لهويتهم إزاء السلطات‬
‫الخاصة”‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والقوانين‬
‫لهوية المواطن واذناً بمغادرة البالد صادرين‬
‫يتضمن إثباتاً ّ‬
‫ّ‬ ‫بأن جواز السفر‬
‫يتبين لنا ّ‬
‫وهكذا ّ‬
‫العامة لألمن العام‪.‬‬
‫عن السلطة االدارّية المختصة وهي في لبنان المديرّية ّ‬

‫فالمادة الثالثة من القانون المذكور أعاله تنص على أو يوقع جوازات السفر بإسم رئيس‬
‫اللبنانية في‬
‫ّ‬ ‫الجمهورّية المدير العام لألمن العام أو من ينتدبه‪ ،‬كما منحت المادة الخامسة منه البعثات‬
‫اللبنانيين المقيمين ضمن نطاق اختصاصها إذا‬
‫ّ‬ ‫صالحية إعطاء وتجديد جوازات السفر إلى‬
‫ّ‬ ‫الخارج‬
‫الدبلوماسية أو‬
‫ّ‬ ‫قانونية‪ .‬كما أعطت المادة الحادية عشرة لرئيس البعثة‬
‫ّ‬ ‫جنسيتهم بمستندات‬
‫ّ‬ ‫أثبتوا‬
‫الخارجية الحق في سحب جواز السفر أو عدم تجديده في حال قيام حامله‬
‫ّ‬ ‫القنصلية‪ ،‬وبعد موافقة و ازرة‬
‫ّ‬
‫بأعمال من شأنها تشويه سمعة لبنان أو إلحاق الضرر بأمنه أو القيام بنشاط سياسي يتنافى مع‬
‫ّ‬
‫اللبنانية في الخارج توجب إخراج فاعلها من البلد األجنبي الموجود فيه‪ ،‬واذا لم يسّلم الجواز‬
‫ّ‬ ‫المصلحة‬
‫تلقائياً اعتبر ملغى خالل أسبوع من تاريخ إبالغ صاحب العالقة قرار السحب ويبلغ ذلك إلى سلطات‬
‫ّ‬
‫الدولة الموجودة في أراضيها‪.‬‬

‫وخاص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وجواز السفر في لبنان ثالثة أنواع‪ :‬عادي‪ ،‬دبلوماسي‬
‫المختصة فيمكن أن يكون‬
‫ّ‬ ‫تحددها السلطات‬
‫لمدة ّ‬
‫فجواز السفر العادي يعطي لكل مواطن ّ‬
‫العامة لألمن العام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بناء لطلب المستدعي وبحسب تقديرات المديرّية‬
‫لسنة أو ثالث سنوات أو أكثر ً‬
‫ويمكن إعطاء جواز سفر عائلي للزوج والزوجة واألوالد القاصرين اّلذين هم دون الخامسة عشرة‪ ،‬كما‬
‫السياحية ووفود الطالب على أن يحمل جواز السفر‬
‫ّ‬ ‫يمكن إعطاء إذن سفر جماعي لسفرة واحدة للوفود‬
‫أسماء وصور جميع األشخاص المستفيدين من هذا الجواز‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ظم بالمرسوم ‪ 7417‬تاريخ ‪1927/4/22‬‬ ‫أما فيما يتعّلق بجواز السفر الدبلوماسي فقد ن ّ‬
‫ّ‬
‫المعدل بالمرسوم رقم ‪ 14122‬تاريخ ‪ .1927/9/11‬ويمنح الجواز الدبلوماسي في لبنان من قبل و ازرة‬
‫ّ‬
‫الدبلوماسية في الخارج‪ .‬ويستفيد منه رئيس الجمهورّية والروؤساء‬
‫ّ‬ ‫خارجية ومن قبل رؤساء البعثات‬
‫ّ‬ ‫ال‬
‫السابقين ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء والرؤساء السابقين والوزراء ورؤساء الطوائف‬
‫لدولية وكبار الموظفين‬
‫القنصلية ومندوبي لبنان إلى المؤتمرات ا ّ‬
‫ّ‬ ‫الهيئاتالدبلوماسية و‬
‫ّ‬ ‫الدينية وأعضاء‬
‫ّ‬
‫رسمية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫بمهمة‬
‫ّ‬
‫المهمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ويبطل هذا الجواز عند إنتهاء الصفة او‬

‫ظم أيضاً بالمرسومين المذكورين أعاله ويمنح من قبل وزير‬


‫الخاص ن ّ‬
‫ّ‬ ‫وجواز السفر‬
‫الدبلوماسية وهو يعطى للوزراء السابقين والنواب وموظفي الفئة األولى‬
‫ّ‬ ‫الخارجية ورؤساء البعثات‬
‫ّ‬
‫الروحيين من الرتبة األدنى الّتي تلي الرئيس الروحي األعلى والقناصل الفخريين‬
‫ّ‬ ‫والقضاة والرؤساء‬
‫ّ‬
‫المهمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بمهمة رسمية ‪ ....‬ويبطل هذا الجواز أيضاً عند إنتهاء الصفة أو‬
‫والموظفين المكلفين ّ‬

‫والحصول على جواز للسفر هو حق لكل مواطن يرغب في مغاردة وطنه إلى وطن آخر بقصد‬
‫المختصة تملك سلطة‬
‫ّ‬ ‫إن السلطات‬
‫أن هذا الحق ليس مطلقاً إذ ّ‬
‫اإلقامة فيه بشكل مؤّقت أو دائم‪ّ .‬إال ّ‬
‫العامة للدولة‪.‬‬
‫تخولها حق رفض إعطاء الجواز إذا كان سفر طالب الجواز يصر بالمصلحة ّ‬ ‫استثنائية ّ‬
‫ّ‬
‫المعدلة بالقانون‬
‫أكدت عليه المادة العاشرة من قانون تنظيم جوازات السفر الصادر سنة ‪ 1921‬و ّ‬
‫وهذا ما ّ‬
‫المنفذ بالمرسوم رقم ‪ 9499‬تاريخ ‪ 1921/1/7‬واّلتي تعطي لمدير عام األمن العام حق رفض إعطاء‬
‫أن سفر طالب الجواز يضر بأمن البالد‪ .‬كما يجوز له في هذه األحوال منعه‬
‫جواز السفر إذ اتضح له ّ‬
‫من السفر ولو كان حائ اًز على جواز سفر صالح ولكن ق ارره ال يصبح نافذاً ّإال بعد تصديقه باإلجماع‬
‫نهائية‪ ،‬على أن‬
‫ّ‬ ‫الداخلية للبت فيه بصورة‬
‫ّ‬ ‫من قبل قيادة األمن العام باألكثرّية فيرفع األمر إلى وزير‬
‫ق اررات الرفض هذه ينبغي أن تكون معّللة وتبقى خاضعة لرقابة القضاء كما هي الحال في فرنسا لجهة‬
‫شرعية األسباب وصحة الوقائع المستند إليها‪( .‬شورى لبناني ‪.)1922/11/1‬‬

‫‪112‬‬
‫حرية السفر‪:‬‬
‫‪ .2‬الحرمان من ّ‬
‫لكل فرد حرّية‬ ‫نص عليه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وهو ّ‬
‫أن “ ّ‬ ‫لقد سبق وألمحنا ما ّ‬
‫يحق له أن يغادر ّأية بالد بما في ذلك بلده‪ ،‬كما‬
‫كل دولة‪ ،‬كما ّ‬
‫التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود ّ‬
‫يحق له العودة إليه”‪.‬‬

‫السياسية على هذا الحق‪ ،‬ولكن ليس بالشكل‬


‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫الخاصة بالحقوق‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫االتفاقية‬
‫ّ‬ ‫وتؤكد‬
‫ّ‬
‫ينص عليها القانون وهي ضرورّية لحماية‬
‫أن هناك بعض القيود على هذا الحق ّ‬ ‫العام والمطلق معتبرة ّ‬
‫العامة وحقوق وحرّيات اآلخرين‪.‬‬
‫العامة واآلداب ّ‬
‫العام‪ ،‬ولصحة ّ‬
‫األمن القومي‪ ،‬واإلنتظام ّ‬

‫حددها القانون الحالي لتنظيم جوازات‬


‫معينة ّ‬
‫ويمنع اإلنسان من السفر بناء على حاالت ّ‬
‫السفر في المادة ‪ 12‬منه بقولها‪ “ :‬ال يعطى جواز سفر إلى طالبه إذا كان مالحقاً بصفة مدعى عليه‬
‫ائية‪.‬‬
‫وصدر بحّقة مذكرة توقيف أو مذكرة إحضار ال تزال نافذة أو بناء على أحكام جز ّ‬

‫نصت الفقرة الثانية من المادة الثانية عشر ذاتها على عدم إعطاء جواز سفر إلى‬ ‫وقد ّ‬
‫المحكوم عليه بحكم جزائي يقضي بالحرمان من الحرّية ال يزال نافذاً‪ ،‬كما قد تستمر آثار الحكم القضائي‬
‫مقيداً للحرّية‪ ،‬حيث يستمر في‬
‫مدة حرمانه من الحرّية‪ ،‬إذا كان محكوماً بتدبير احترازي‪ّ ،‬‬
‫إلى ما بعد ّ‬
‫القاضية‬
‫ّ‬ ‫المدنية‬
‫ّ‬ ‫الخضوع لرقابة الشرطة (‪ 11‬عقوبات)‪ .‬ويضاف إلى هذه األحكام‪ ،‬إتحاد العلة‪ ،‬األحكام‬
‫مدنية‪ ،‬فلئن كانت القوانين الحديثة‪ ،‬تمنع‬
‫بحبس المدين إكراهاً إستناداً إلى أحكام المادة ‪ 179‬أصول ّ‬
‫تنفيذ الدين على جسد المدين ّإال ّأنها تضع بعض االستثناءات على هذه القاعدة اّلتي حصرها القانون‬
‫اللبناني يبدل العطل والضرر عن جرم جزائي أو جرم مدني ارتكب قصداً‪ ،‬ودين النفقة أو مؤجل المهر‬
‫ّ‬
‫مدة الحبس ستّة أشهر‪ ،‬وقد أشارت الفقرة الثالثة من المادة‬
‫أو البائنة المحكوم به للزوجة على أال تتجاوز ّ‬
‫المدنية القابلة للتنفيذ بالحبس اإلكراهي‬
‫ّ‬ ‫ائية أو‬ ‫‪ 12‬من قانون تنظيم جوازات السفر إلى ّ‬
‫أن األحكام الجز ّ‬

‫‪113‬‬
‫تمنع من إعطاء جواز السفر ّإال في حالة تقديم كفالة تضمن تنفيذ هذا الحكم‪ ،‬فمن باب أولى أن يستمر‬
‫رفض إعطاء الجواز بعد صدور الحكم بالحبس اإلكراهي على المدين‪.‬‬

‫القضائية المانعة من السفر والّتي تصدر عن مرجعين‪ :‬قضائين‬


‫ّ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى األحكام‬
‫عية‪ .‬فقاضي األمور المستعجلة يمكن أن يصدر حكماً يمنعبموجبه من‬
‫األمور المستعجلة والمحاكم الشر ّ‬
‫السنية والجعفرّية اّلتي‬
‫ّ‬ ‫الدينية‬
‫ّ‬ ‫عية‬
‫السفر كتدبير احتياطي للحفاظ على مصالح األفراد‪ .‬أما المحاكم الشر ّ‬
‫تجيز لها المادة ‪ 21‬من قانون تنظيم القضاء الشرعي الصادر في ‪ 1922/4/12‬الحكم بمنع السفر‬
‫المذهبية الدرزّية اّلتي‬
‫ّ‬ ‫في الحاالت المستعجلة وعند المطالبة بتأمين نفقة لمن تجب له النفقة والمحاكم‬
‫ولكنه أحال‬
‫الصالحية ّ‬
‫ّ‬ ‫لم ينص قانون تنظيمهاالمنفذ بالمرسوم ‪ 3743‬تاريخ ‪ 1927/3/1‬على مثل هذه‬
‫النص‪.‬‬
‫عية عند عمد وجود ّ‬
‫الصالحيات وأصول المحاكمة لدى المحاكم الشر ّ‬
‫ّ‬ ‫في المادة التاسعة منه على‬
‫المذهبية الدرزّية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فإن أحكام المادة ‪ 21‬من هذا القانون تطبق أيضاً على المحاكم‬
‫ثم ّ‬‫ومن ّ‬

‫فإن المادة ‪ 21‬من قانون ‪ 2‬ميسان ‪ 1911‬أعطت‬ ‫المحمدية ّ‬


‫ّ‬ ‫أما فيما يتعّلق بالطوائف عير‬
‫ّ‬
‫الداخلية بمنع المدعى عليه من السفر في‬
‫ّ‬ ‫الروحية لدى هذه الطوائف حق الطلب إلى و ازرة‬
‫ّ‬ ‫للمحاكم‬
‫األحوال المستعجلة من المواد الداخلة ضمن اختصاصها مع بيان األسباب الموجبة لهذا الطلب ومراعاة‬
‫إن قرار المنع‬
‫العامة‪ ،‬وقد اعتبرت و ازرة العدل في استشارة لها بتاريخ ‪ّ 1911/4/17‬‬ ‫ّ‬ ‫أحكام القوانين‬

‫الداخلية ولكن مجلس الشورى اعتبر ّ‬


‫أن‬ ‫ّ‬ ‫من السفر يعتبر في هذه الحالة ق ار اًر إدارّياً صاد اًر عن و ازرة‬
‫المسؤولية بالتعويض‬
‫ّ‬ ‫المذهبية تحت طائلة‬
‫ّ‬ ‫اإلدارة ملزمة بتنفيذ األمر الصادر إليها من هذه المراجع‬
‫(شورى لبناني ‪.)1921/7/27‬‬

‫كيفية دخولهم إلى لبنان واإلقامة فيه؟‬


‫اللبنانية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ولكن ما هي حقوق األجانب وكيف تنظم القوانين‬

‫‪114‬‬
‫‪ .3‬األجانب‪:‬‬
‫أ‪ .‬دخول األجانب‪:‬‬
‫نصت المادة السادسة من قانون ‪ 17‬تموز ‪ 1922‬المتعلّق بالدخول إلى لبنان واإلقامة فيه‬ ‫ّ‬
‫اللبنانيين اإللتزام بالدخول إلى لبنان عن‬
‫ّ‬ ‫والخروج منه‪ ،‬على جميع الراغبين بالدخول إلى لبنان من غير‬
‫طريق مراكز األمن العام بعد حصولهم على سمة مرور أو إقامة من ممثّل لبنان في الخارج‪ .‬ويعفى‬
‫المحددة بمرسوم يتّخذ بناء‬
‫ّ‬ ‫من هذه السمات أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ورعايا بعض البلدان‬
‫أما األشخاص الراغبين‬ ‫جية القادمون للسياحة ّ‬
‫لمدة أقصاها ثالثة أشهر (م‪ 3‬و‪ّ )4‬‬ ‫على اقتراح وزير الخار ّ‬
‫في الدخول إلى لبنان من أجل العمل فيه فعليهم الحصول على موافقة مسبقة من و ازرة العمل والشؤون‬
‫االجتماعية (م‪ )2‬كذلك أوجب‬
‫ّ‬ ‫اإلجتماعية (م‪ )2‬كذلك أوجب هذا القانون مسبقة من و ازرة العمل والشؤون‬
‫ّ‬
‫هذا القانون والمرسوم ‪ 17224‬تاريخ ‪ 1922/1/2‬الصادر تطبيقاً للمادة ‪ 17‬منه على الفنانين والفنانات‬
‫روحية وتعرض المشاعد مع املوسيقى‬
‫ّ‬ ‫اّلذين يقومون بعرض فني في األماكن الّتي ّ‬
‫تقدم مشروبات‬
‫الحصول على موافقة األمن العام حتّى ولو كان قدومهم للسياحة‪ ،‬وفي حال قدومهم للعمل يجب أن يتم‬
‫مدة اإلقامة ستة أشهر متواصلة‪ ،‬وال‬
‫تتعدى ّ‬
‫ذلك بناء على طلب الملهى مع تقديم عقد العمل على أال ّ‬
‫مدة العمل في المهى ويستثني من هذا التدبير رعايا الدول‬
‫يجوز عودتهم إلى لبنان ّإال بعد غياب يعادل ّ‬
‫العالمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العر ّبية وأعضاء الفرق‬

‫السياسية تحمي من اإلبعاد األجنبي‬


‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫الدولية بشأن الحقوق‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقية‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫ونشير إلى ّ‬
‫تنص على ما يلي‪:‬‬
‫اإلتفاقية ّ‬
‫ّ‬ ‫المقيم على أراضي الدولة بشكل دائم‪ .‬فالمادة ‪ 13‬من‬

‫(اإلتفاقية)‬
‫ّ‬ ‫قانونية في إقليم دولة طرف في هذا العهد‬
‫ّ‬ ‫“ال يجوز إبعاد األجنبي المقيم بصفة‬
‫ّإال تنفيذاً لقرار اتّخذ وفقاً للقانون‪ ،‬وبعد تمكينه‪ ،‬ما لم تحتم دواعي األمن القومي خالف ذلك‪ ،‬من عرض‬
‫تعينهم‬
‫تعينه أو ّ‬
‫المختصة أو على من ّ‬
‫ّ‬ ‫قصيته على السلطة‬
‫ّ‬ ‫المؤيدة لعدم إبعاده ومن عرض‬
‫ّ‬ ‫األسباب‬
‫خصيصاً لذلك‪ ،‬ومن توكيل من يمثله أمامها أو أمامهم”‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫اإلقليمية لحقوق اإلنسان على عدم جواز اإلبعاد الجماعي لألجانب‪ .‬ويكتسب‬
‫ّ‬ ‫اإلتفاقيات‬
‫ّ‬ ‫وتشدد‬
‫ّ‬
‫ألنها تتعّلق بفئة من األفراد‬
‫شخصية ّ‬
‫ّ‬ ‫اتفاقيات تكفل حقوقاً‬
‫ّ‬ ‫ألنه يندرج ضمن‬
‫خاصة ّ‬
‫أهمية ّ‬
‫النص ّ‬
‫هذا ّ‬
‫الجنسية من‬
‫ّ‬ ‫ضد ّأية محاولة من قبل الدولة النتزاع‬
‫تقدم حماية ولو جز ّئية ّ‬
‫وليس بشخص بفرده‪ .‬وهي ّ‬
‫ثم إلى إبعادهم فيما بعد‪.‬‬
‫فئة من المواطنين وتحويل عناصرها إلى أجانب ‪ ،‬ومن ّ‬

‫مهددة حياتهم أو حرّيتهم‬


‫سياسي أو ّ‬ ‫السياسيون المالحقون في بالدهم بجرم‬
‫ّ‬ ‫أما الالجئون‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عضويتها مدير‬
‫ّ‬ ‫الداخلية وتضم في‬
‫ّ‬ ‫ألسباب فيمنحون حق اللجوء السياسي بقرار من لجنة يرئسها وزير‬
‫ّ‬
‫معين كما‬
‫تحددها اللجنة كاإلقامة في نطاق ّ‬‫السياسي بشروط ّ‬ ‫عام و ازرة العدل ومدير عام الالجىء‬
‫ّ‬
‫يمكن لها الرجوع عن قرارها بمنح اللجوء السياسي وطلب ترحيله من البالد شرط عدم ترحيله إلى أرض‬
‫ّ‬
‫دولة يخشى فيها على حياته أو حرّيته (المادة ‪ 22‬وما يليها)‪.‬‬

‫ب‪ .‬المرور واالقامة‪:‬‬

‫حدد قانون ‪ 17‬تموز سنة ‪ 1922‬ثالثة أنواع من‬


‫فيما يتعّلق بإقامة األجانب في لبنان ّ‬
‫السمات أو البطاقات اّلتي يلزم األجنبي بالحصول عليها لإلقامة في لبنان وهي‪:‬‬
‫مرة واحدة واإلقامة فيه‬
‫‪ -‬سمة المرور اّلتي تخول صاحبها أو حاملها الدخول إلى لبنان ّ‬
‫لمدة أقصاها خمسة عشرة يوماً‪.‬‬
‫ّ‬
‫لمدة أقصاها ستّة أشهر من‬
‫لعدة رحالت ّ‬
‫‪ -‬سمة اإلقامة اّلتي يمكن منحها لرحلة واحدة أو ّ‬
‫مرة‬
‫مرة بعد ّ‬ ‫تاريخ منحها‪ .‬على أن يكون للمديرّية ّ‬
‫العامة لألمن العام تجديد سمة اإلقامة ّ‬
‫لمدة أقصاها سنة من تاريخ الدخول إلى لبنان‪.‬‬
‫ّ‬
‫العامة لألمن العام لألجانب الراغبين في اإلقامة في لبنان‬
‫‪ -‬بطاقة اإلقامة تمنحها المديرّية ّ‬
‫لمدة ثالث سنوات قابلة للتجديد‪،‬‬ ‫مدة سنة وما فوق‪ ،‬وتعطى هذه البطاقة ّ‬
‫لمدة سنة أو ّ‬ ‫ّ‬
‫السنوية أو الدائمة لحاملها العودة إلى لبنان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتجيز بطاقات اإلقامة‬

‫‪116‬‬
‫وبالمقارنة مع القانون الفرنسي نجد أن هذا القانون يجيز لحامل سمو المرور اإلقامة في فرنسا‬
‫أما بطاقات إلقامة فهي ثالثة أنواع‪ :‬مؤقتّة ‪Carte de séjour Temporaire‬‬
‫م ّدة ثالثة أشهر‪ّ ،‬‬
‫عادية ‪Carte de Résident Ordinaire‬‬
‫لمدة سنة‪ ،‬وبطاقة إقامة ّ‬
‫تسمح لحاملها باإلقامة في فرنسا ّ‬
‫مدتها ثالث سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬بطاقة ممتازة ‪ Carte de Résident Privilégié‬تمنح ألزواج‬
‫ّ‬
‫يؤدون خدمة‬
‫نسيين أو األجانب اّلذين ّ‬
‫نسيات من األجانب‪ ،‬أو اآلباء أو أمهات أبناء الفر ّ‬
‫الفرنسين والفر ّ‬
‫مدة عشر سنوات تجدد حكماً‪.‬‬
‫نسية في جيشها أو الجيوش الحليفة‪ ،‬وتمنح حاملها حق اإلقامة ّ‬
‫للدولة الفر ّ‬

‫ج‪ .‬االخراج والطرد من البالد‪:‬‬

‫يميز القانون الفرنسي بين اإلخراج من البالد ‪ Refoulement‬وبين الطرد ‪.Expulsion‬‬


‫ّ‬
‫اإلخراج من البالد يتم بناء على قرار يتخذ من قبل السلطة اإلدارّية ويقضي بسحب بطاقة اإلقامة‬
‫المؤقتة من األجنبي وتطلب منه مغادرة البالد‪.‬‬
‫ّ‬

‫قانونية بموجب‬
‫ّ‬ ‫أما الطرد فهو قرار إداري يتّخذ بحق األجنبي المقيم في البالد بصورة‬
‫ّ‬
‫العامة‪.‬‬
‫المالية ّ‬
‫ّ‬ ‫يشكل وجوده خط اًر على النظام العام أو الثقة‬
‫عادية حين ّ‬
‫بطاقة إقامة ّ‬

‫العادية قبل مهلة ثمانية أيام على‬


‫ّ‬ ‫وهذا القرار يجب أن يبلغ إلى األجنبي في الحاالت‬
‫خاصة‬
‫األقل وذلك من أجل السماح له خاللها باإلغعتراض على القرار المتخذ بحّقه وذلك أمام لجنة ّ‬
‫( المادتان ‪ 21‬و ‪ 22‬من قانون ‪ )1977/17/2‬وقرار مجلس الشورى الفرنسي في ‪ 1917/2/7‬ولكن‬
‫تتقيد بهذه المهلة على أن يبقى قرار الطرد خاضعاً في جميع‬
‫اإلدارة يمكنها في حالة العجلة أن ال ّ‬
‫مشروعية القرار وصحة الوقائع المستند إليها ال من حيث استنساب‬
‫ّ‬ ‫األحوال لرقابة القضاء اإلداري لجهة‬
‫اتّخاذه‪.‬‬

‫العادية أو حالة‬
‫ّ‬ ‫يميز القانون بين اإلخراج من البالد والطرد في الحاالت‬
‫أما في لبنان فلم ّ‬
‫ّ‬
‫العجلة ولم ينص القانون على ّأية ضمانات إدارّية لألجنبي ّ‬
‫المقرر طرده‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫رية المراسالت‪:‬‬
‫سّ‬
‫تعتبر هذه الحرية من الحريات الحديثة‪ ،‬وهي تعني عدم جواز مصادرة أو إنتهاك سرّية المراسالت‬
‫وتتصل‬
‫ّ‬ ‫المتضمنة لهذه المرسالت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ملكية الخطابات‬
‫يتضمنه ذلك من اعتداء على حق ّ‬ ‫ّ‬ ‫بين األفراد لما‬
‫الخاصة هي اّلتي ّأدت إلى إقرارها‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية‪ .‬لكن صلتها الوثيقة بالحياة‬
‫ّ‬ ‫هذه بحرّية المعتقد والحرّيات‬
‫حديثاً‪.‬‬

‫الخاصة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫حق تكوين األسرة وحرمة الحياة‬

‫الحق في تكوين أسرة على أساس من الحرّية والمساواة ودون تمييزأو تفرقة‪ .‬وأن يكون‬
‫ّ‬ ‫لكل إنسان‬
‫ّ‬
‫لكل فرد الحق في اختيار شريك حياته بحرّية ودون قسر‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويفترض في إطار إحترام الحياة العائلية حماية العائلة في وحدتها سواء األهل أو بينهم وبين‬
‫األطفال‪.‬‬

‫ّأوالً‪ :‬حقوق الطفل‪:‬‬

‫لكل طفل الحق في إجراءات‬


‫السياسية على أن ّ‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫الخاصة بالحقوق‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫االتفاقية‬
‫ّ‬ ‫تؤكد‬
‫ّ‬
‫كل المجتمع والدولة‪ ،‬دون تمييز بسبب العنصر‬
‫الحماية الّتي يستوجبها مركزه كقاصر على أسرته وعلى ّ‬
‫أو االون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو األصل القومي أو االجتماعي أو الثروة أو النسب‪.‬‬

‫إتفاقية‬
‫ّ‬ ‫ومحمية في مختلف الوثائق الدولية‪ .‬ومع ذلك تمت صياغة‬‫ّ‬ ‫فإن حقوق الطفل مصونة‬ ‫بالتالي ّ‬
‫إعداد كامالً ليحيا حياة‬
‫ً‬ ‫ألنه يجب إعداد الطفل‬
‫خاصتين و ّ‬
‫ألن الطفل يحتاج إلى حماية ورعاية ّ‬ ‫خاصة ّ‬‫ّ‬
‫فردية في المجتمع ويترّبى بروح المثل المعلن عنها في ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬
‫ّ‬

‫ثم‬
‫مؤسسة رعاية الطفولة (اليونسيف)‪ ،‬من ّ‬
‫أن جهود األمم المتحدة أسفرت عن إنشاء ّ‬‫ونشير إلى ّ‬
‫تضمنت المبادىء التالية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الخاصة الّتي‬
‫ّ‬ ‫االتفاقية‬
‫ّ‬ ‫أبرمت‬

‫‪ -‬حق البقاء‪.‬‬
‫‪ -‬حق النمو‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫‪ -‬حق الحماية‪.‬‬
‫‪ -‬حق المشاركة‪.‬‬
‫لمانية والمجلس‬
‫اإلتفاقية ومن أجل حسن تنفيذها فقد أنشأ اللجنة البر ّ‬
‫ّ‬ ‫صدق على‬
‫أما بالنسبة إلى لبنان فقد ّ‬
‫ّ‬
‫األعلى للطفولة‪.‬‬

‫الخاصة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬حرمة الحياة‬

‫الخاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدولية على عدم جواز التدخالت القسرّية والالمشروعة في حياة اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫أكدت المواثيق‬
‫التعرض غير المشروع لشرفه وسمعته وكرامته‪.‬‬
‫كما ّأنها ترفض ّ‬

‫الفكرية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحريات‬
‫ّ‬ ‫المبحث الرابع‪:‬‬

‫حرية الرأي والتعبير‪:‬‬

‫تعتبر حرّية الرأي والتعبير من أقدس الحقوق اّلي تناضل البشرّية من أجلها واّلتي ّ‬
‫عينت بها‬
‫الدولية‪ .‬واذا أخذنا هذه الحرية بشكلها البسيط نجد ّأنها تعني حرية التعبير عن اآلراء والمعلومات‬
‫ّ‬ ‫المواثيق‬
‫بمختلف الوسائل‪ ،‬كما ّأنها تعني حرية البحث عن المعلومات وعن األفكار وحرّية الحصول على هذه‬
‫المعلومات‪.‬‬

‫سياسية واجتماعية كبيرة جداً وذلك لألسباب التالية‪:‬‬


‫ّ‬ ‫أهمية‬
‫ولهذه الحريات ّ‬
‫السياسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬اختالف النظرة إلى حرّية الرأي والتعبير باختالف النظم‬
‫‪ -‬القيود المفروضة بموجب القوانين‪.‬‬

‫الدينية ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫حرية العقيدة‬

‫ويقصد بهذه الحرّية أن يعتنق اإلنسان الدين أو المعتقد اّلذي يرغب أو بريد‪ ،‬وأن يكون ح ّاًر في‬
‫أي دين‪.‬‬
‫وحر في أن ال يعتقد في ّ‬
‫العالنية‪ّ ،‬اً‬
‫ّ‬ ‫ممارسة شعائر ذلك الدين في السر و‬

‫‪119‬‬
‫الدينية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأوالً‪ :‬الدولة وحرية العقيدة‬

‫الدينية‪ ،‬وترفض أي نوع من‬


‫ّ‬ ‫تؤكد معظم دساتير الدولل الحديثة على حماية كاملة لحرّية العقيدة‬
‫ّ‬
‫أكد الدستور‬
‫الدينية‪ .‬ولبنان من بين هذه الدول‪ ،‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫دينية أو ألسباب ترتبط بالعقيدة‬
‫أنواع التمييز ألسباب ّ‬
‫الدولةبتأديتها فروض اإلجالل هلل تعالى تحترم جميع األديان‬
‫ّ‬ ‫اللبناني على حرّية االعتقاد المطلقة و‬
‫الدينية تحت حمايتها على أن يكون في ذلك إخالل في النظام‬
‫ّ‬ ‫والمذاهب وتكفل حرّية إقامة الشعائر‬
‫الدينية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصية والمصالح‬
‫ّ‬ ‫العام وهي أيضاً لألهلين على إختالف مللهم إحترام األحول‬

‫لحرية المعتقد‪:‬‬
‫الدولية ّ‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬الضمانات‬

‫العالمية‬
‫ّ‬ ‫الدولية لحرّية المعتقد من حالة التسامح الديني مع إنتهاء الحرب‬
‫ّ‬ ‫تدرجت الضمانات‬
‫ّ‬
‫األولى إلى رفض التمييز القائم على الدين أو المعتقد في نهاية القرن العشرين واقرارها في مختلف‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المواثيق واالتفاقات‬

‫حرية التعليم‪:‬‬
‫ّ‬
‫األساسية‪ ،‬هي تعني حق األفراد في تعليم غيرهم ما يعرفونه أو يعتقدون ّأنهم‬
‫ّ‬ ‫تعتبر من الحقوق‬
‫يعرفونه‪ .‬وهذا الحق في تعليم الغير هو مظهر من مظاهر حق األفراد في نقل آ ارئهم للغير والتعبير‬
‫لشخصية اإلنسان وتقرير‬
‫ّ‬ ‫التنمية الكاملة‬
‫ّ‬ ‫ويؤكد اإلعالن العالمي على ّأنه يجب أن يستهدف التعليم‬
‫عنه‪ّ .‬‬
‫األساسية‪ .‬كما يجب أن يفرز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع األمم‬
‫ّ‬ ‫إحترام اإلنسان والحرّيات‬
‫يؤيد األنشطة اّلتي تضطلع بها األمم المتحدة لحفظ السالم‪.‬‬
‫الدينية‪ ،‬وأن ّ‬
‫ّ‬ ‫وجميع الفئات العنصرّية أو‬

‫لكل إنسان تخضع كغيرها من الحرّيات لتنظيم الدولة‬


‫أن حرّية التعليم اّلتي هي حق ّ‬
‫والجدير ذكره ّ‬
‫بهدف حماية حقوق اآلخرين وتحقيق الصالح العام‪.‬‬

‫حرية اإلعالم‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬تمهيد‪.‬‬
‫‪ ‬الصحافة‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫‪ ‬اإلذاعة والتلفزيون‪.‬‬
‫‪ ‬السينما والمسرح‪.‬‬

‫‪ ‬تمهيد‪:‬‬
‫أصبح اإلعالم في العصر الحديث علماً قائماً بذاته‪ ،‬واإلعالم يالزم اإلنسان منذ نشأته‪ ،‬فقد‬
‫مر العصور‪ ،‬وأخذت وسائل اإلعالم مظاهر عديدة‬ ‫عرفت اإلنسانية وسائل اإلعالم والدعاية على ّ‬
‫متماشية مع واقع الحياة في المجتمعات المتعاقبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتطورت هذه الوسائل‬
‫ّ‬ ‫مختلفة منذ فجر التاريخ‬

‫ويتميز‬
‫ّ‬ ‫فإن اإلعالم الصادق‪ ،‬اإلعالم الحقيقي يجب أن يكون في متناول الجماهير‬
‫وعليه ّ‬
‫بالصدق والوضوح‪ ،‬ويقوم بعرض الحقائق كاملة على الشعوب بأسلوب علمي عن طريق أجهزة اإلعالم‬
‫ّ‬
‫المختلفة‪.‬‬

‫‪ّ ‬أوالً‪ :‬الصحافة‪:‬‬


‫الصحافة المكتوبة هي أولى وسائل اإلعالم الجماهيري الحديث‪ .‬وقد أشار مارشال ماكلوهان‬
‫إن الكلمة المكتوبة من أفضل وسائل‬
‫أهمية الصحيفة في حياة اإلنسان المعاصر عندما قال‪ّ :‬‬
‫إلى ّ‬
‫للتقدم‪ ،‬فقد أعطت القدرة على فصل المشاهر‬ ‫التواصل الجماهيري ّ‬
‫ألنها تُعد رم اًز للحضارة ووسيلة ّ‬
‫أساسيين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫و ّأدت إلى تجزئة المعرفة‪ .‬وترتكز حرّية الصحافة على مبدأين‬
‫ليعبر عن آرائه‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة توفير الحرّية للصحفي ّ‬
‫‪ -‬ضرورة إيجاد الوسائل اّلتي تحول دون إستعمال الصحفي لحرّيته كوسيلة للنيل من حقوق األفراد‬
‫واالعتداء عليهم‪.‬‬

‫‪ ‬اإلذاعة والتلفزيون‪:‬‬
‫وحيوياً بين أجهزة اإلعالم المختلفة حيث تخاطب‬
‫ّ‬ ‫تحتل اإلذاعة منذ إختراع الراديو مكاناً هاماً‬
‫العقول بواسطة الكلمة المسموعة بسرعة فائقة‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫فن مخاطبة‬‫الذاعية بتطوير فن الكلمة المنطوقة اّلذي هو ّ‬
‫ّ‬ ‫إهتمت كافة الدراسات واألبحاث‬
‫لذلك ّ‬
‫الجماهير والتأثير في الرأي العام المحلي والعالمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتلفزيون وسيلة حديثة يضاهي الذاعة في هذا المجال بل يفوقها بحيث ّأنه يجمع بين الكلمة والصورة‪.‬‬

‫‪ ‬السينما والمسرح‪:‬‬
‫تعتبر السينما والمسرح من أجهزة الثقافة واإلعالم اّلتي تؤثّر بشكل كبير في الناس لقدرتها على‬
‫مخاطبة وجدانهم وعقولهم وصقل ملكاتهم الفكرّية‪ ،‬وتعد الموسيقى عامالً مساعداً لهذين الجهازين‪.‬‬
‫خاصة خالل القرن‬
‫أهميتها في تكوين الرأي الهام وحقوق اإلنسان ّ‬‫سوف نعرض لهذه الوسائل لمعرفة ّ‬
‫العشرين‪.‬‬
‫المتحركة البسيطة إلى صناعة األفالم‬
‫ّ‬ ‫تطورت السينما خالل القرن العشرين من الصور‬ ‫لقد ّ‬
‫الضخمة فأثبتت وجودها كجهاز ثقافي لما لها من تأثير في الرأي العام على مستوى العالم (االتحاد‬
‫ّ‬
‫أخالقية‬
‫ّ‬ ‫الشيوعية‪ .)...‬كذلك تساهم في مجال التربية بحيث تضيء على قيم‬
‫ّ‬ ‫السوفياتي والسينما لنشر‬
‫هاماً في تعريف الحضارات بعضها على‬ ‫االجتماعي تلعب دو اًر ّ‬ ‫ترشد عقول الشباب‪ ،‬وفي المجال‬
‫ّ‬
‫وثائقية‪ ،)...‬ودورها السياحي (أفالم‬
‫ّ‬ ‫احية‪ ،‬أفالم‬
‫العلمي (تصوير عمليات جر ّ‬ ‫بعض‪ ،‬إضاف ًة إلى دورها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دعائية) وأخي اًر دورها السياسي‪...‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫‪ ‬المسرح‪:‬‬
‫االجتماعية فيكون بذلك‬
‫ّ‬ ‫إن المسرح من أعرق الفنون وهو فن جماهيري يساير األحداث والمشاكل‬ ‫ّ‬
‫مسرحية مع‬
‫ّ‬ ‫وقوة ال يستهان بها في قيادة الجماهير وقد عرف لبننا نهضة‬
‫األمة ّ‬
‫تعبي اًر صادقاً عن روح ّ‬
‫يقدمه في الرقابة على‬
‫بداية الستينات (األخوان الرحباني ‪ ،‬نبيه أبو الحسن‪ .)...‬وله دور من خالل ما ّ‬
‫وكيفية تالفيها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فينبهها إلى اخطائها‬
‫أعمال الحكومات ّ‬

‫تقدم وبصدد حقوق اإلنسان فالمطلوب من وسائل اإلعالم تعميق الوعي بحقوق اإلنسان‬
‫مما ّ‬
‫ّ‬
‫وتكوين اإلدراك بهذه المبادىء والحقوق‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬القانون الدولي اإلنساني‬

‫‪ .1‬ما هو القانون الدولي اإلنساني؟‬


‫األساسية للقانون الدولي اإلنساني؟‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬ما هي القواعد‬
‫‪ .3‬ما هي أصول القانون الدولي اإلنساني؟‬
‫‪ .7‬ما هي الحاالت اّلتي ينطبق فيها القانون اإلنساني؟ من هم اّلذين يخاطبهم ومن هم اّلذين يحميهم؟‬
‫‪ .1‬ما هو الفارق بين القانون الدولي اإلنساني وقانون حقوق اإلنسان؟‬

‫‪123‬‬
‫‪ ‬ما هو القانون الدولي اإلنساني؟‬

‫يشكل القانون الدولي اإلنساني قسماً رئيسياً من القانون الدولي العام‪ ،‬ويضم القواعد اّلتي تهدف‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫في أوقات النزاع المسلح إلى حماية األشخاص غير المشاركين‪ ،‬أو الّذين كفوا عن المشاركة‪ ،‬في‬
‫األعمال العدائيّة وإلى تقييد أساليب ووسائل الحرب المستخدمة‪.‬‬

‫الدولية للصليب األحمر بمصطلح القانون الدولي اإلنساني‬


‫ّ‬ ‫وبتعبير أكثر دّقة‪ ،‬تعني اللجنة‬
‫فية اّلتي يقصد بها على وجه التحديد‬
‫التعاهدية أو العر ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫المنطبق في النزاعات المسلحة القواعد‬
‫دولية‪.‬‬
‫دولية كانت أم غير ّ‬
‫اإلنسانية الناشئة مباشرة من النزاعات المسلحة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫حل المشكالت‬

‫إنسانية‪ ،‬حق أطراف الن ازع في استخدام ما يحلو لها من أساليب ووسائل‬
‫ّ‬ ‫وتقيد تلك القواعد‪ ،‬ألسباب‬

‫الحرب‪ ،‬وتحمي األشخاص والممتلكات الّتي يلحق بها الضرر‪ ،‬أو تكون ّ‬
‫معرضة له‪ ،‬بسبب النزاع‪.‬‬

‫األساسية للقانون الدولي اإلنساني؟‬


‫ّ‬ ‫‪ ‬ما هي القواعد‬
‫السكان المدنيين والمقاتلين في سبيل‬
‫تميز في جميع األوقات بين ّ‬
‫يجب على أطراف النزاع أن ّ‬
‫المدنية‪ .‬ويجب عدم مهاجمة السكان المدنيين ككل أو األفراد المدنيين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صون السكان المدنيين والممتلكات‬
‫ويجب أن يقتصر توجيه الهجمات إلى األهداف العسكرّية‪ .‬واألشخاص اّلذين ال يشاركون أو لم يعودوا‬
‫العقلية‪ .‬وال ّبد من حماية هؤالء‬
‫البدنية و ّ‬
‫ّ‬ ‫العدائية مؤهلون إلحترام أرواحهم وسالمتهم‬
‫ّ‬ ‫يشاركون في األعمال‬

‫بإنسانية في جميع األحوال‪ ،‬دون ّ‬


‫أي تمييز مجحف مهما كان‪ .‬ويحظر قتل أو‬ ‫ّ‬ ‫األشخاص ومعاملتهم‬
‫إصابة عدو يستسلم أو يصبح عاج اًز عن المشاركة في القتال‪.‬‬

‫محدد في استخدام أساليب ووسائل الحرب‪.‬‬


‫وال يملك أطراف النزاع وأفراد قواتها المسلحة حقاً غير ّ‬
‫مبرر لها أو معاناة مفرطة‪.‬‬
‫ويحظر استخدام أسلحة أو أساليب حرب من شأنها أن تسبب خسائر ال ّ‬

‫ويجب جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم من قبل طرف النزاع اّلذي يوجدون تحت سلطته‪.‬‬
‫الطبية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الطبية والمنشآت ووسائط النقل والمعدات‬
‫ّ‬ ‫كما يجب صون أفراد الخدمات‬
‫‪124‬‬
‫ويكون المقاتلون المقبوض عليهم والمدنيون اّلذين يقعون تحت سلطة الطرف الخصم مؤهلين الحترام‬
‫الدينية ومعتقداتهم األخرى‪ .‬ويجب حمايتهم‬
‫السياسية و ّ‬
‫ّ‬ ‫الشخصية‪ ،‬ومعتقداتهم‬
‫ّ‬ ‫أرواحهم‪ ،‬وكرامتهم‪ ،‬وحقوقهم‬
‫ضد جميع أعمال العنف أو االنتقام‪ .‬وهم مؤهلون لتبادل األخبار مع أسرهم ولتلقى المعونة‪ .‬ويجب أن‬
‫األساسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القضائية‬
‫ّ‬ ‫يتمتّعوا بالضمانات‬

‫األساسية للقانون اإلنساني‪:‬‬


‫ّ‬ ‫‪ ‬المبادىء‬
‫إهتم فقهاء القانون والفالسفة شأنهم شأن غروتيوس‪ ،‬بوضع قواعد لتنظيم النزاعات المسلحة‪،‬‬
‫ّ‬
‫اتفاقية جنيف األولى لعام ‪ 1127‬بوقت طويل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وذلك قبل اعتماد وتطوير‬

‫ففي القرن الثامن عشر‪ّ ،‬‬


‫قدم " جان جاك روسو" إسهاماً رئيسياً بوضعه المبدأ التالي لتطوير‬
‫ولكنها عالقة بين دول‬
‫إن الحرب ليست على اإلطالق عالقة بين إنسان وآخر‪ّ ،‬‬
‫الحرب بين الدول‪ّ “ :‬‬
‫ال يصبح فيها األفراد أعداء ّإال على نحو عارض‪ ،‬ليس بحكم كونهم بش اًر أو مواطنين بل بحكم كونهم‬
‫ولما كانت الغاية من الحرب هي تدمير الدولة المعايدة‪ ،‬فمن المشروع قتل المدافعين عنها‬
‫جنوداً(‪ّ .)...‬‬
‫بمجرد إلقاء السالح واالستسالم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لكنهم ال يعودون أعداء أو عمالء للعدو‬
‫ما داموا يحملون السالح‪ّ .‬‬
‫مرة أخرى‪ ،‬وال يحق االعتداء على حياتهم"‪.‬‬ ‫ويصبحون ّ‬
‫مجرد بشر ّ‬
‫وفي عام ‪ ،1911‬وضع “فيودور مارتنز” المبدأ التالي للحاالت اّلتي ال يغطيها القانون‬
‫اإلنساني‪ )...(" :‬يظل المدنيون والمقاتلون تحت حماية وسلطان مبادىء القانون الدولي المشتقة من‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية وما يمليه الضمير العام"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تقرة ومبادىء‬
‫األعراف المس ّ‬

‫تقليدياً من القانون العرفي إلى‬


‫ّ‬ ‫وكان هذا المبدأ اّلذي يعرف باسم "شرط مارتنز" يعتبر جزءاً‬

‫أن جرى تضمينه في المادة األولى‪ ،‬الفقرة ‪ ،2‬من البروتوكول اإلضافي ّ‬


‫األول لعام ‪ .1944‬وعلى حين‬
‫أرسى "روسو" و "مارتنز" مبادىء اإلنسانية في الحرب‪ ،‬صاغ واضعوا إعالن سان بطرسبرغ ‪ ،‬صراحة‬
‫وضمنياً‪ ،‬مبادىء التمييز والضرورة العسكرّية‪ ،‬وحظر المعاناة غير الضرورّية على النحو التالي‪:‬‬

‫‪125‬‬
‫"لما كان الهدف المشروع الوحيد اّلذي ينبغي للدول أن تسعى إلى تحقيقه أثناء الحرب هو إضعاف‬
‫القوات العسكرّية للعدو‪ ،‬ولما كان يكفي لتحقيق هذا الغرض تعجيز أكبر عدد ممكن من الجنود عن‬
‫فإن إستخدام أسلحة من شأنها أن تزيد دون فائدة معاناة الجنود العاجزين عن‬
‫المشاركة في القتال‪ّ ،‬‬
‫حتمياً أمر يتجاوز هذا الهدف"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القتال أو تجعل موتهم‬

‫خاصة‬
‫ويطو ار هذه المبادىء‪ ،‬وبصفة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليؤكدوا‬
‫اإلضافيان لعام ‪ّ 1944‬‬
‫ّ‬ ‫وقد جاء البروتوكالن‬
‫تميز في جميع األوقات بي السكان المدنيين والمقاتلين‬
‫مبدأ التمييز‪ )...(“ :‬يجب على أطراف النزاع أن ّ‬
‫ضد األهداف العسكرّية دون غيرها”‪.‬‬
‫ثم توجه عملياتها ّ‬
‫المدنية واألهداف العسكرّية‪ ،‬ومن ّ‬
‫ّ‬ ‫وبين األعيان‬
‫األول؛ أنظر أيضاً المادة ‪ 13‬من البروتوكول الثاني)‪.‬‬
‫(المادة ‪ 71‬من البروتوكول ّ‬

‫وأخي اًر‪ ،‬يسعى مبدأ التناسب‪ ،‬وهو مبدأ ضمني‪ ،‬إلى إقامة توازن بين مصلحتين متعارضتين‬
‫تتمثّل ّأوالهما فيما تمليه اعتبارات الضرورة العسكرّية‪ ،‬على حين تتمثّل الثانية فيما تمليه مقتضيات‬
‫اإلنسانية حين ال تكون هناك حقوق أو محظورات مطلقة‪.‬‬‫ّ‬

‫‪ ‬ما هي أصول القانون الدولي اإلنساني؟‬

‫ظم النزاعات المسلحة قبل ظهور القانون اإلنساني المعاصر؟‬


‫ما هو القانون اّلذي كان ين ّ‬
‫في البداية كانت هناك قواعد غير مكتوبة قائمة على األعراف الّتي كانت تنظم النزاعات‬
‫المسلحة‪ .‬ثم ظهرت بالتدريج معاهدات ثنائية (لتبادل األسرى) بدرجات مختلفة من التفضيل‪ ،‬كما كانت‬
‫هناك أيضا لوائح تصدرها الدول لقواتها‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬كان القانون الساري حينذاك على النزاعات المسلحة محدوداً سواء من حيث الزمان أو المكان‪،‬‬
‫بمعنى انه كان يسري على معركة واحدة أو نزاع بعينه‪ .‬كذلك كانت هذه القواعد تختلف باختالف‬
‫الزمان والمكان والمعنويات والحضارة ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫كما أرست اتفاقية جنيف لعام ‪ 1127‬أسس القانون اإلنساني المعاصر‪ .‬وكان من أهم ما اتسمت‬
‫به‪:‬‬
‫‪ ‬قواعد مكتوبة دائمة ذات نطاق عالمي لحماية ضحايا النزاعات‪.‬‬
‫‪ ‬طابعها المتعدد األطراف‪ ،‬المفتوح أمام جميع الدول‪.‬‬
‫‪ ‬االلتزام بتقديم الرعاية دون تمييز للجرحي والمرضى العسكريين‪.‬‬
‫‪ ‬احترام أفراد الخدمات الطبية ووسائط النقل والمعدات الطبية ووسمها بشارة مميزة‬
‫(صليب أحمر على أرضية بيضاء)‪.‬‬

‫‪ ‬ما هي الحاالت اّلتي ينطبق فيها القانونن اإلنساني؟ من هم اّلذين يخاطبهم ومن‬
‫هم اّلذين يحميهم؟‬

‫ينطبق القانون الدولي اإلنساني في وضعين بمعنى ّأنه يوّفر نظامين للحماية‪:‬‬

‫الدولية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬النزاعات المسلحة‬
‫تنطبق هذه الحاالت اتفاقيات جنيف لعام ‪ 1979‬والبروتوكول األول‪.‬‬
‫ويخاطب القانون اإلنساني أساساً أطراف النزاع ويحمي جميع األشخاص أو فئات األشخاص اّلذين‬
‫ّ‬
‫العدائية‪ ،‬ويشمل هؤالء‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ال يشاركون مباشرة‪ ،‬أو يكفون عن االشتراك في األعمال‬
‫الطبية‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬أفراد القوات المسّلحة الجرحى أو المرضى في الحرب البرّية وكذلك أفراد الخدمات‬
‫في القوات البرّية‪.‬‬
‫‪ ‬أفراد القوات المسّلحة الجرحى أو المرضى أو الغرقى في الحرب البرّية وكذلك أفراد الخدمات‬
‫الطبية في القوات البرّية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬أسرى الحرب‪.‬‬
‫‪ ‬السكان المدنيين‪ ،‬ومنهم مثالً‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ o‬المدنيون األجانب في أراضي أطراف النزاع‪ ،‬بمن فيهم الالجئون؛‬
‫‪ o‬المدنيون في األراضي المحتّلة؛‬
‫‪ o‬المحتجزون والمعتقلون المدنيون؛‬
‫الدينية ووحدات الدفاع المدني‪.‬‬
‫الطبية و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ o‬أفراد الخدمات‬

‫األول‪ ،‬نزاعات‬
‫وتعتبر حروب التحرير الوطني‪ ،‬كما جاء تعريفها في المادة األولى من البروتوكول ّ‬
‫دولية‪.‬‬
‫مسّلحة ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ .‬النزاعات المسّلحة غير‬

‫تنطبق في النزاع غير الدولي المادة الثالثة المشتركة بين االتفاقيات األربع باإلضافة إلى‬
‫أشد صرامة من أحكام‬
‫أن شروط انطباق البروتوكول الثاني ّ‬
‫البروتوكول الثاني‪ .‬ويجدر أن نالحظ هنا ّ‬
‫المادة الثالثة‪ .‬ويخاطب القانون اإلنساني في هذه الحاالت أفراد القوات المسّلحة المشاركة في النزاع‪،‬‬
‫ّ‬
‫نظامية‪ ،‬ويحمي جميع األشخاص وفئات األشخاص اّلذين ال يشاركون‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫نظامية أو غير‬
‫ّ‬ ‫سواء كانت‬
‫العدائية‪ ،‬ويشمل هؤالء‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اّلذين يكفون عن المشاركة في األعمال‬

‫‪ ‬المقاتلين الجرحى أو المرضى‪.‬‬


‫‪ ‬األشخاص المحرومين من حريتهم بسبب النزاع‪.‬‬
‫‪ ‬السكان المدنيين‪.‬‬
‫الدينية‪.‬‬
‫الطبية و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬أفراد الخدمات‬

‫اتفاقية مصغرة‪ .‬والقواعد اّلتي‬


‫ّ‬ ‫تعتبر المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف األربع بمثابة‬
‫الداخلية‪ ،‬حتى مع إضافة أحكام البروتوكول الثاني إليها‪ ،‬هي أقل تفصيالً من القواعد‬
‫ّ‬ ‫تنظم النزاعات‬
‫الدولية‪ .‬وقد ثبتت صعوبة تعزيز نظام الحماية في النزاعات المسّلحة غير‬
‫ّ‬ ‫ظم النزاعات المسّلحة‬
‫اّلتي تن ّ‬
‫الدولية بسبب االصطدام بمبدأ سيادة الدولة‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪128‬‬
‫فياً‪ ،‬وتمثّل الحد األدنى اّلذي يجوز‬
‫وتعتبر األحكام اّلتي تتضمنها المادة الثالثة قانوناً عر ّ‬
‫لألطراف المحاربة اإلخالل به‪.‬‬

‫ال يسري القانون الدولي اإلنساني على حاالت العنف اّلذي ال يبلغ في كثافته ّ‬
‫حد النزاع المسّلح‪.‬‬
‫القانونية المنطبقة في هذه الحاالت هي أحكام قانون حقوق اإلنسان باإلضافة إلى تدابير‬
‫ّ‬ ‫والقواعد‬
‫التشريعات المحلية ذات الصلة‪.‬‬

‫‪ ‬ما هو الفارق بين القانون الدولي اإلنساني وقانون حقوق اإلنسان؟‬

‫هناك تكامل بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان (اّلذي يشار إليه‬
‫ّ‬
‫فيما بعد بحقوق اإلنسان)‪ .‬فكالهما يسعى إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم‪ ،‬وان كن ذلك من‬
‫زاوية مختلفة‪.‬‬

‫فالقانون اإلنساني ينطبق في أوضاع النزاع المسلح‪ .‬على حين يحمي حقوق اإلنسان‪ ،‬أو على‬
‫أن بعض معاهدات حقوق‬
‫األقل بعضها‪ ،‬الفرد في جميع األوقات‪ ،‬في الحرب والسلم على السواء‪ .‬بيد ّ‬
‫العامة‪ ،‬بينما ال يسمح القانون‬
‫اإلنسان تجيز للجكومات أن تنقض بعض الحقوق في حاالت الطوارىء ّ‬
‫ألنه صمم أصالً لينطبق في حاالت طوارىء وهي النزاعات المسلحة‪.‬‬
‫بأي نقض ّ‬
‫اإلنساني ّ‬ ‫الدولي‬
‫ّ‬

‫والقانون اإلنساني يهدف إلى حماية األشخاص اّلذين ال يشاركون أو يتوقفون عن المشاركة‬
‫أما حقوق اإلنسان‬
‫العدائية‪ .‬وتفرض القواعد الواردة في واجبات على جميع أطراف النزاع‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫في األعمال‬
‫صممت لوقت السلم من الدرجة األولى‪ ،‬فهي تنطبق على الجميع‪ ،‬وهدفها الرئيسي هو حماية‬ ‫اّلتي ّ‬
‫األفراد من السلوك التعسفي من جانب حكوماتهم‪ ،‬وال يتعامل قانون حقوق اإلنسان مع أسلوب تسيير‬
‫ّ‬
‫العدائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األعمال‬

‫‪129‬‬
‫كل شيء على الدول‪،‬‬ ‫اإلنساني وحقوق اإلنسان ّأوالً وقبل ّ‬
‫ّ‬
‫ويقع واجب تنفيذ القانون الدولي‬
‫ائية ونشر القانون‬
‫وقانونية‪ ،‬من قبيل سن تشريعات جز ّ‬
‫ّ‬ ‫عملية‬
‫اإنساني يلزم الدول باتّخاذ تدابير ّ‬ ‫فالقانون‬
‫ّ‬
‫الدولي اإلنساني‪ .‬وبالمثل‪ ،‬تلتزم الدول على بناء قانون حقوق اإلنسان بمواءمة قانونها الو\ني ليتوافق‬
‫ّ‬
‫محددة تساعد في تنفيذه‪ .‬والدول‬‫عدة آليات ّ‬ ‫اني ّ‬ ‫الدولية‪ .‬ويوفر القانون الدولي اإلنس‬
‫ّ‬ ‫مع االلتزامات‬
‫ّ‬
‫أن هناك أحكاماً‬‫مطالبة على وجه الخصوص بكفالة احترام الدول األخرى أيضاً للقانون اإلنساني‪ .‬كما ّ‬
‫الدولية لتقصي الحقائق‪ .‬وفضالً عن ذلك‪ ،‬يوكل‬
‫ّ‬ ‫الحامية‪ ،‬واللجنة‬
‫ّ‬ ‫وآلية الدولة‬
‫عن إجراءات للتحقيق‪ّ ،‬‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدولية للصليب األحمر دور أساسي في تأمين احترام القواعد‬
‫ّ‬ ‫إلى اللجنة‬
‫ّ‬

‫إقليمياً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتتضمن‪ ،‬على خالف القانون الدولي اإلنساني نظاماً‬
‫ّ‬ ‫وتتسم آليات تنفيذ حقوق اإلنسان بالتعقيد‬

‫افية‪ ،‬من قبيل لجنة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪ّ ،‬‬


‫إما على ميثاق األمم المتحدة أو أحكام‬ ‫وتقوم هيئاتإشر ّ‬
‫محددة (على سبيل المثال‪ ،‬لجنة حقوق اإلنسان المنصوص عليها في العهد الدولي‬
‫ترد في معاهدات ّ‬

‫السياسية لعام ‪ .)1922‬وقد أنشأت لجنة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان وهيئاتها الفر ّ‬
‫عية‬ ‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫للحقوق‬
‫المقررين الخاصين" واألفرقة العاملة‪ ،‬اّلذين تتمثّل مهمتهم في مراقبة أوضاع حقوق اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫آالية "‬
‫ّ‬
‫واإلبالغ عنها‪ ،‬سواء حسب البلدان أو المواضيع‪ .‬وتنص ست معاهدات لحقوق اإلنسان الر ّ‬
‫ئيسية أيضاً‬
‫على إنشاء لجان (مثل لجنة حقوق اإلنسان) تتألّف من خبراء مستقلين مكلفين بمراقبة تنفيذ تلك‬
‫يكية) محاكن لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫األوروبية واألمر ّ‬
‫ّ‬ ‫ليمية (‬
‫المعاهدات‪ .‬كما نتشىء بعض المعاهدات اإلق ّ‬
‫ئيسياً في حماية وتعزيز حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫السامية لحقوق اإلنسان دو اًر ر ّ‬
‫ّ‬ ‫مفوضية األمم المتحدة‬
‫ّ‬ ‫وتؤدي‬
‫ّ‬
‫فعالية أجهزة حقوق اإلنسان التابعة لألمم المتحدة‪ ،‬وزيادة القدرة‬
‫ويتمثّل دورها في تعزيز ّ‬
‫الدولية على تعزيز وحماية حقوق اإلنسان ونشر مواثيق حقوق اإلنسان‬
‫قليمية و ّ‬
‫الوطنية واإل ّ‬
‫ّ‬
‫والمعلومات المتعّلقة بها‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫صكوك حقوق اإلنسان‪:‬‬
‫تشمل الصكوك العديدة السارّية اآلن‪:‬‬

‫العالمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬الصكوك‬
‫العامة لألمم المتحدة في ‪.1971‬‬
‫الجمعية ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان اّلذي اعتمدته‬
‫اتفاقية ‪ 1971‬لمنع جريمة إبادة األجناس والمعاقبة عليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫السياسية لعام ‪.1922‬‬
‫ّ‬ ‫المدنية و‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬العهد الدولي للحقوق‬
‫االقتصادية لعام ‪.1922‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية و‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬العهد الدولي للحقوق‬
‫اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام ‪.1911‬‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫الالإنسانية أو‬
‫ّ‬ ‫القاسية أو‬
‫ّ‬ ‫اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫المهنية لعام ‪.1917‬‬
‫ّ‬
‫اتفاقية حقوق الطفل لعام ‪.1919‬‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬

‫اإلقليمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ .‬الصكوك‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان لعام ‪.1917‬‬
‫ّ‬ ‫االتفاقية‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫يكية لحقوق اإلنسان لعام ‪.1929‬‬
‫االتفاقية األمر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب لعام ‪.1911‬‬

‫"الجوهر الثابت"‪:‬‬

‫الدولية لحقوق اإلنسان بنوداً تبيح للدول لدى مواجهتها لخطر عام جسيم‬
‫ّ‬ ‫تتضمن الصكوك‬
‫ّ‬
‫كل معاهدة‪،‬‬
‫مبينة في ّ‬
‫معينة‪ّ ،‬‬
‫أساسية ّ‬
‫ّ‬ ‫أن توقف العمل بالحقوق الواردة في هذه الصكوك‪ ،‬باستثناء حقوق‬
‫يجب احترامها في جميع األحوال وال يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة‪ .‬وتشمل هذه‬
‫العبودية‬
‫ّ‬ ‫الالإنسانية‪ ،‬وخطر‬
‫ّ‬ ‫الحق في الحياة وحظر التعذيب والعقوبات والمعاملة‬ ‫الحقوق بصفة ّ‬
‫خاصة‪ّ ،‬‬

‫‪131‬‬
‫رجعية القانون‪ .‬ويطلق ايم " الجوهر الثابت" لحقوق اإلنسان على هذه‬
‫ّ‬ ‫عية وعدم‬
‫واالسترقاق‪ ،‬ومبدأ الشر ّ‬
‫األساسية‪ ،‬اّلتي تلتزم الدول باحترامها في جميع األحوال – حتّى في أوقات النزاع أو االضطرابات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحقوق‬

‫"نقاط االلتقاء"‬

‫االستثنائية الّتي تشكل‬


‫ّ‬ ‫لما كان القانون اإلنساني ينطبق على وجه التحديد في األوضاع‬
‫ّ‬
‫فإن مضمون حقوق اإلنسان الّتي ّ‬
‫يتعين على الدول االلتزام بها في جميعاألحوال‬ ‫النزاعات المسلحة‪ّ ،‬‬
‫القانونية اّلتي يكفلها القانون اإلنساني‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األساسية و‬
‫ّ‬ ‫حد بعيد مع الضمانات‬
‫_أي " جوهر الثابت") يتفق إلى ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومنها على سبيل المثال حظر التعذيب واإلعدام بدون محاكمة‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫دولية ذات عالقة‬
‫مؤسسات ّ‬ ‫القسم الرابع‪ّ :‬‬
‫بالقانون الدولي باإلنساني‬

‫ّأوالً‪ :‬محاكمة مجرمو الحرب بموجب القانون الدولي اإلنساني‪:‬‬

‫يعية الالزمة لمعاقبة‬


‫تلتزم الدول حين تصبح أطرافاً في اتفاقيات جنيف بأن تتخذ التدابير التشر ّ‬
‫أي شخص‬ ‫لالتفاقيات‪ .‬كما يقع على الدول واجب مالحقة ّ‬
‫ّ‬ ‫األشخاص اّلذين يرتكبون انتهاكات جسيمة‬
‫منهم بارتكاب انتهاك جسيم لالتفاقيات ومحاكمته أمام محاكمها أو تسليمه لدولة أخرى لمحاكمته فيها‪.‬‬
‫أي مجرمي الحرب‪ ،‬تعد أم اًر واجباً في جميع‬
‫فإن محاكمة مرتكبي االنتهاكات الجسيمة‪ّ ،‬‬
‫وبتعبير آخر‪ّ ،‬‬
‫أي مكان‪ ،‬وهذا الواجب يقع على عاتق الدول‪.‬‬
‫األوقات وفي ّ‬

‫الجنائية للدولة ّإال على الجرائم اّلتي ترتكب في إقليمها أو اّلتي‬


‫ّ‬ ‫وبوجه عام‪ ،‬ال تسري التشريعات‬
‫يرتكبها رعاياها‪ .‬لكن القانون الدولي اإلنساني يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك‪ ،‬إذ يفرض على الدول‬
‫ّ‬
‫جنسيته وعن‬
‫ّ‬ ‫أي شخص ارتكب انتهاكاً جسيماً وتوقيع العقاب عليه بصرف النظر عن‬ ‫واجب مالحقة ّ‬
‫أساسياً لضمان العقاب الرادع‬
‫ّ‬ ‫العالمية" مبدأ‬
‫ّ‬ ‫القضائية‬
‫ّ‬ ‫المكان اّلذي وقعت فيه الجريمة‪ .‬وتعد هذه "الوالية‬
‫على االنتهاكات الجسيمة‪.‬‬

‫الوطنية في مختلف الدول‪ ،‬كما يمكن أن تتوالها‬‫ّ‬ ‫ويمكن أن تتوّلى هذه المحاكمات المحاكم‬
‫الدوليتين أنشئتا بق اررات لمجلس‬
‫ّ‬ ‫الجنائيتين‬
‫ّ‬ ‫هيئة دولية‪ .‬وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى المحكمتين‬
‫األمن في ‪ 1993‬و ‪ ،1997‬لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب أثناء النزاعات اّلتي وقعت في‬
‫هذيت البلدين‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ ‬ما هي جريمة الحرب‪:‬‬

‫يقصد بجرائم الحرب االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني اّلي ترتكب أثناء النزاعات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدولية أو غير‬
‫ّ‬ ‫المسلحة‬

‫قانونية تعاريف لجرائم الحرب‪ ،‬هي النظام األساسي للمحكمة العسكرّية‬


‫ّ‬ ‫عدة صكوك‬
‫وتتضمن ّ‬
‫ّ‬
‫اإلضافيان‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تفاقيات جنيف وبروتوكوالها‬
‫العالمية الثانية في نورمبرغ‪ ،‬وا ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولية اّلتي أنشئت بعد الحرب‬
‫ّ‬
‫الدوليتين ليوغسالفيا السابقة ورواندا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائيتين‬
‫ّ‬ ‫القانونية للمحكمتين‬
‫ّ‬ ‫والنظام األساسي ونظام السوابق‬
‫الدولية‪ .‬وتوجد تعاريف لمفهوم جريمة الحرب أيضاً في التشريعات‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫والنظام األساسي للمحكمة‬
‫ونظام السوابق القانو ّنية في بلدان مختلفة‪ .‬ومن المهم أن نذكر أن فعالً واحداً منفرداً يمكن ان يشكل‬
‫جريمة حرب‪.‬‬

‫المتعمد لشخض‬
‫ّ‬ ‫التالية‪ ،‬ضمن أفعال أخرى‪ ،‬في تعريف جرائم الحرب‪ :‬القتل‬
‫وتدرج األفعال ّ‬
‫محمي (مثل المقاتل الجريح أو المريض‪ ،‬وأسير الحرب‪ ،‬والشخص المدني)‪:‬‬
‫إنسانية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬تعذيب شخص محمي أو معاملته بال‬
‫‪ ‬تعمد إحداث آالم شديدة أو أذىخطير لجسم أو صحة شخص محمي‪.‬‬
‫المدنيين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬مهاجمة السكان‬
‫‪ ‬الترحيل أو النقل القسري غير المشروع‪.‬‬
‫‪ ‬استخدام أسلحة أو وسائل حرب محظورة‪.‬‬
‫حمائية أخرى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬إساءة استخدام شارة الصليب األحمر أو الهالل األحمر المميزة أو أي عالمات‬
‫خاصة‪.‬‬
‫عامة أو ّ‬
‫‪ ‬سلب ممتلكات ّ‬
‫بأن مفهوم جريمة الحرب‬
‫الدولية ليوغسالفيا السابقة اعترفت ّ‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫وتجدر مالحظة أن المحكمة‬
‫بموجب القانون العرفي يشمل أيضاً االنتهاكات الجسيمة اّلتي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة غير‬
‫الداخلية أيضاً في قائمة جرائم الحرب اّلتي‬
‫ّ‬ ‫الدولية‪ .‬وترد الجرائم اّلتي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة‬
‫ّ‬

‫‪134‬‬
‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫الدولية لرواندا والنظام األساسي للمحكمة‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫كل من النظام األساسي للمحكمة‬
‫نص عليها ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬حقوق اإلنسان والمحكمة‬

‫للتطور اإلنساني‪ ،‬وبدأت العديد من الدول تهتم بالقوانين‬


‫ّ‬ ‫تطورت تبعاً‬
‫الدولية ّ‬
‫ّ‬ ‫إن العالقات‬
‫ّ‬
‫الثنائية أو المنعقدة بين مجموعة من الدول‪ ،‬لذلك‬
‫ّ‬ ‫ظم عالقاتها وتحكم معاهداتها واتفاقياتها‬‫الدولية اّلتي تن ّ‬
‫ّ‬
‫تطور العصر والعبور‬
‫جدي من أجل التوصل إلى قوانين وأعراف تتناسب مع ّ‬ ‫بدأت الدول تسعى بشكل ّ‬
‫التعسف‬
‫ّ‬ ‫كرمة الناس وحقوقها من‬
‫األلفية الثالثة‪ ،‬بما يضمن إستمرار الحياة البشرّية ويحميها ويحفظ ا‬
‫ّ‬ ‫إلى‬
‫الجرمية واإلرهاب وبما يضمن حماية حقوق اإلنسان ويحميها بشكل عام‪ ،‬وبغية إيجاد طرق‬
‫ّ‬ ‫واألفعال‬
‫قانونية متفق عليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للعمل وفق صيغ‬

‫لكل دولة ذات سيادة الحق في محاكمة مواطنيها بسبب جرائم الحرب‬
‫أن ّ‬‫وال ّبد من التأكيد على ّ‬
‫تعدت النطاق الوطني لتصيب‬
‫أن جرائم بعض األفراد والهيئات ّ‬
‫اإلنسانية‪ ،‬إالّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ضد‬
‫أو الجرائم المرتكبة ّ‬
‫دول أخرى ومجموعات بشرّية خارج نطاق عمل السلطات وسيادتها‪.‬‬

‫فكان ال ّبد من أن تتعاون الدول بعضها مع بعض على أساس ثنائي أو ّ‬


‫متعدد األطراف بغية‬
‫إيقاف الجرائم والحيلولة دون وقوعها‪ ،‬وأن تقوم بمؤازرة بعضها البعض وتتكاتف في تعّقب ومالحقة‬
‫بأنهم ارتكبوا مثل هذه الجرائم‪ ،‬ومعاقبتهم بعد إدانتهم بالفعل عن طريق‬
‫واعتقال ومحاكمة اّلذين يشتبه ّ‬
‫إنشاء قضاء دولي دائم قائم على أساس القانون ال ّ‬
‫سيما وأن محكمتي يوغسالفيا السابقة ورواندا لم تفيا‬
‫بالغرض اّلتي أنشأتا من أجله‪.‬‬

‫القضائية على‬
‫ّ‬ ‫الدولية هي اّلذي ّأدى إلى تنظيم الوظيفة‬
‫ّ‬ ‫أن وجود المنظمات‬
‫وال ّبد من التذكير ّ‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬فكانت محكمة العدل الدول ّية في إطار منظمة األمم المتحدة ّإال ّ‬
‫أن هذه األخيرة إختصت‬

‫‪135‬‬
‫تتعرض لمحاكمة األفراد ولم تعترف بالفرد كشخص من أشخاص القانون‬
‫بحل النزاعات بين الدول ولم ّ‬
‫الدولي يسأل عن انتهاك قواعده‪.‬‬

‫ظمة األمم المتحدة‬


‫الدولية الدائمة الحديثة العهد خارج من ّ‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫أهمية المحكمة‬
‫ومن هنا تظهر ّ‬
‫الوطنية غير القادرة أو غير الراغبة في مقاضاة األفراد‬
‫ّ‬ ‫دولية مكمّلة للمحاكم‬
‫اّلتي انبثقت من معاهدة ّ‬
‫اإلنسانية وهدفها األساسي محاكمة مجرمي الحرب‬
‫ّ‬ ‫الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد‬
‫ّ‬ ‫مرتكبي اإلبادة‬
‫ّ‬
‫وحماية حقوق اإلنسان وضمان عدم إفالت مجرمي الحرب من العقاب‪.‬‬

‫الدولية لحماية حقوق اإلنسان قيمة كبيرة‪ ،‬وتأتي‬


‫ّ‬ ‫اإلتفاقيات‬
‫ّ‬ ‫إضافة إلى ّأنها تعطي المعاهدات و‬
‫اإلتفاقيات أو إحجام محاكمها عن النظر في الجرائم‬
‫ّ‬ ‫رداً على عجز الدول األطراف عن إحترام هذه‬
‫فإنها‬
‫اإلتفاقيات اّلتي ارتكبها أفرادها ومؤسساتها العسكرّية‪ .‬وأكثر من ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫الخطرة المنصوص عليها في‬
‫يتضمن أخطر‬ ‫قضائياً دائماً‬ ‫قانونياً أو‬ ‫توفر للشعوب والدول اّلتي تتعرض للعدوان أو اإلحتالل حالًّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدولية اّلتي تنتهك حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الجرائم‬

‫الحد من‬
‫ائية على عاتق الدول من خالل ّ‬
‫مسؤولية المالحقة الجز ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولية‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫وتلقي المحكمة‬
‫تقدم الدولة المجرمين إلى القضاء‬
‫فإما أن ّ‬
‫الدولية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫الداخلية لصالح المحكمة‬
‫ّ‬ ‫سلطان السيادة‬
‫اإلنسانية إلى المحكمة‬
‫ّ‬ ‫الجماعية‪ ،‬وجرائم الحرب‪ ،‬والجرائم ضد‬
‫ّ‬ ‫تقدم المتّهمين بجرائم اإلبادة‬
‫الوطني أو ّ‬
‫كرست سيادة القانون الدولي‪ ،‬إذ تحال الجرائم إلى محكمة‬
‫دولية‪ :‬وبالتالي تكون األخيرة قد ّ‬
‫الجنائية ال ّ‬
‫ّ‬
‫للمرة األولى‪ ،‬من دون إشتراط موافقة الطرف المدعى عليه‪.‬‬
‫دولية‪ّ ،‬‬

‫الدولية هو الحفاظ على حقوق اإلنسان ومحاكمة‬


‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫ولما كان الهدف من إنشاء المحكمة‬
‫ّ‬
‫مجرمي الحرب فهل استطاعت هذه المحكمة تأدية المهام اّلتي أوكلت إليها بشكل فاعل وهل من السهل‬
‫إحالة المجرمين إليها؟‬

‫الوطنية وعدم التدخل بشؤون الدولة الداخلية ّ‬


‫يشكل حماية لمجرمي‬ ‫ّ‬ ‫التذرع بالسيادة‬
‫ولما كان ّ‬
‫ّ‬
‫الحرب فما هي الثغرات اّلتي استغلتها الدول لضمان إفالت مجرميها من العقاب؟‬

‫‪136‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫اإلشكالية ال ّبد من اإلجابة على األسئلة ّ‬
‫ّ‬ ‫ولإلجابة على هذه‬

‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫إمكانية صون حقوق اإلنسان في ّ‬
‫ظل المحكمة‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬مدى‬
‫الوطنية لعدم تسليم الدولة رعاياها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التذرع بالسيادة‬
‫مكانية ّ‬
‫فعالية المحكمة وا ّ‬
‫‪ -‬مدى ّ‬

‫الدولية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫ّأوالً‪ :‬حقوق اإلنسان في ّ‬
‫ظل المحكمة‬

‫لقد إتّسمت مفاوضات روما بالصعوبة والتعقيد‪ ،‬فقد كان ال ّبد للمفاوضين من دمج أنطمة‬
‫الدولية تحت ضغط كبير مارسه الوفد األميركي في تحديد‬
‫ّ‬ ‫قانونية مختلفة ورؤى مغايرة لدور العدالة‬
‫ّ‬
‫شكل المحكمة وصالحيتها ونظامها‪.‬‬

‫مؤسسة جديدة‪ ،‬فقد أجمع المجتمعون في روما على تبني‬


‫أي ّ‬‫ورغم المخاوف اّلتي تولدها ّ‬
‫الدولية في ‪ 14‬تموز ‪.1991‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫النظام األساسي للمحكمة‬
‫ّ‬
‫دولية دائمة‪ ،‬أنشئت بموجب معاهدة ملزمة فقط للدول‬
‫مؤسسة ّ‬
‫بأنها ّ‬
‫تم تعريف هذه المحكمة ّ‬
‫وقد ّ‬
‫األعضاء فيها لغرض التحقيق ومحاكمة األشخاص اّلذين يرتكبون “ أشد الجرائم خطورة موضع اإلهتمام‬
‫اإلنسانية (م‪ ،)4‬جرائم الحرب (م‪ .)1‬وهدف‬
‫ّ‬ ‫الجماعية (م‪ ،)2‬جرائم ضد‬
‫ّ‬ ‫الدولي” (م‪ )1‬وهي ‪ :‬اإلبادة‬
‫هذه المحكمة األساسي هو منع منتهكي حقوق اإلنسان من اإلفالت من العقاب ومحاكمتهم ومنحها‬
‫ّ‬
‫الجنائية الوطنيّة‬
‫ّ‬ ‫مكملة للمحاكم‬
‫الدولي‪ ،‬بإعتبارها ّ‬ ‫تهم المجتمع‬
‫إختصاصاً بشأن الجرائم الخطيرة اّلتي ّ‬
‫ّ‬
‫ظمة‬ ‫بإتفاقية وصل مع من ّ‬
‫ّ‬ ‫(م ‪ 1‬و‪ )14‬وليست بديالً عن القضاء الجنائي الوطني‪ ،‬إضافة إلى إرتباطها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومقرها في مدينة الهاي بهولندا‪.‬‬
‫األمم المتحدة (م‪ّ )2‬‬
‫ّ‬

‫“فالمحكمة ليست كياناً فوق الدول ّ‬


‫بل هي كيان مماثل لغيره من الكيانات القائمة‪ ،‬فهي ال تقوم‬
‫وبناء على ذلك‪،‬‬
‫ً‬ ‫كل دولة من دول المجتمع الدولي في إطار القانون الدولي القائم‪.‬‬
‫مما تقوم بع ّ‬
‫بأكثر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪137‬‬
‫طى نظم القضاء طالما كان األخير‬
‫الوطنية أو تتخ ّ‬
‫ّ‬ ‫تتعدى على السيادة‬
‫الدولية ال ّ‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫فالمحكمة‬
‫الدولية”‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القانونية‬
‫ّ‬ ‫قاد اًر أو راغباً في مباشرة إلتزاماته‬

‫الدولية فيمكن إيجازها بما يلي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫المميزة لنظام المحكمة‬
‫ّ‬ ‫أما الخصائص‬
‫ّ‬

‫دولية‪:‬‬
‫الدولية هي معاهدة ّ‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬فالمحكمة‬

‫الدولية لعامي‬
‫ّ‬ ‫دولية وفقاً إلتفاقيتي فيينا لقانون المعاهدات‬
‫ومن المعلوم أن اإلتفاق هو معاهدة ّ‬
‫عدة أمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫األساسي ّ‬ ‫التعاقدية للنظام‬
‫ّ‬ ‫‪ 1912 ،1929‬ويترتّب على هذه الطبيعة‬
‫ّ‬
‫إن الدول ليست ملزمة باإلرتباط به رغماً عنها‪.‬‬‫‪ّ“ -‬‬
‫إن النظام األساسي هو وليد مفاوضات جرت بشأنه إلى أن إتّخذ شكله ومضمونه‬
‫‪ّ -‬‬
‫ّ‬
‫الحاضر‪.‬‬
‫تطبق على المعاهدات‬ ‫األساسي للمحكمة تسري عليه تقريباً ّ‬
‫كل القواعد الّتي ّ‬ ‫ّ‬
‫إن النظام‬
‫‪ّ -‬‬
‫النص‬
‫ّ‬ ‫يتم‬
‫امي‪ ،‬وذلك ما لم ّ‬
‫الخاصة بالتفسير‪ ،‬والتطبيق المكاني واإللز‬
‫ّ‬ ‫الدولية‪ ،‬مثل تلك‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فيه على خالف ذلك”‪.‬‬

‫ظات عليه فالمادة ‪ 127‬من النظام‬ ‫المميزة لنظام المحكمة وهو عدم جواز وضع تحف ّ‬
‫ّ‬ ‫الخاصة‬
‫ب‪ .‬و ّ‬
‫أي تحّفظ عليه‪ .‬ويتّضح لنا‬
‫نصت على عدم جواز وضع ّ‬ ‫الدولية قد ّ‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫األساسي للمحكمة‬
‫ّ‬
‫يتجزأ‪ ،‬بمعنى ّأنه يجب أخذه كّله أو رفضه كّله‪.‬‬
‫أن نظام هذه المحكمة هو كال ال ّ‬ ‫ّ‬
‫الخاصة بتطبيقه أو تفسيره‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عدة طرق لحل المنازعات‬
‫األساسي في المادة ‪ 119‬على ّ‬ ‫نص النظام‬‫ج‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫دولية ال شك أن تثير بعض المنازعات بين أطرافها بخصوص تفسيرها أو‬
‫خاصة وا ّن ّأية معاهدة ّ‬
‫ّ‬
‫تطبيقها‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫الدولية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫ثانياً‪ :‬إختصاص المحكمة‬

‫قبل أن تمارس المحكمة إختصاصها بشأن جريمة ما يجب أن تكون الجريمة محل اإلتّهام قد‬
‫إرتكبت في إقليم دولة طرف أو بمعرفة أحد رعاياها (م‪ 12‬ف ‪ ،)2‬وباإلضافة إلى ذلك فللمحكمة‬
‫الدولية أن تمارس إختصاصها عندما توافق دولة ليست طرفاً على إختصاص المحكمة وتكون‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬
‫الجريمة قد ارتكبت في إقليم هذه الدولة أو يكون المتهم أحد رعاياها (م‪ 12‬ف ‪.)3‬‬

‫أ‪ .‬اإلختصاص الموضوعي‪:‬‬


‫محددة ‪ ،‬وهي جريمة‬
‫الجنائية من حيث الموضوع ثالث جرائم دولية ّ‬
‫ّ‬ ‫“يشمل إختصاص المحكمة‬
‫اإلنسانية‪ .‬وهي متوافقة مع القانون الجنائي الدولي‬
‫ّ‬ ‫ضد‬
‫الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلبادة‬
‫ّ‬
‫القائم ومع مفهوم قانون الشعوب‪ ،‬والملزم لجميع الدول وكقواعد تحمل إلتزامات بحيث ال يجوز‬
‫للدول التقليل من شأنها”‪.‬‬
‫الخاصة بمنع جريمة اإلبادة‬
‫ّ‬ ‫إتفاقية ‪1971‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬جريمة إبادة الجنس ‪ ،‬وتعرفها المادة ‪ 2‬من‬
‫الجنائية‪ ،‬وهي تتمثّل في إرتكاب ّأياً من‬
‫ّ‬ ‫الجماعية‪ ،‬والمادة ‪ 1‬من النظام األساسي للمحكمة‬
‫ّ‬
‫قية أو دي ّنية‬
‫وطنية أو عر ّ‬
‫ّ‬ ‫التالية المرتكبة عن قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة‬
‫األفعال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة عن طريق القتل‪ ،‬أو إحداث أذى جسماني أو عقلي جسيم ألعضاء الجماعة‪ ،‬أو إتّخاذ‬ ‫ّ‬
‫إجراءات تمنع تناسلها‪ ،‬أو نقل أطفال الجماعة إلى مجموعة أخرى‪.‬‬
‫ضد السكان المدنيين‬
‫اإلنسانية‪ :‬وتعني الجرائم اّلتي ترتكب على نطاق واسع ودائم ّ‬
‫ّ‬ ‫ضد‬
‫‪ -‬الجرائم ّ‬
‫مثل القتل‪ ،‬واإلبادة‪ ،‬والنقل اإلجباري للسكان‪ ،‬والتعذيب‪ ،‬واإلغتصاب‪ ،‬واإلختفاءات القسرّية‪،‬‬
‫واألبارتهيد ‪ ، Apartheid‬واإلختفاء الجبري لألشخاص”‪.‬‬
‫تضمنت‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬جرائم الحرب اّلتي أثارت خالفاً في مؤتمر روما إنتهى إلى إعتماد المادة ‪ 1‬واّلتي‬
‫إلتفاقيات جنيف لعام ‪ ،1979‬واإلنتهاكات‬
‫ّ‬ ‫طوائفاً أربع من الجرائم وهي‪ :‬اإلنتهاكات الجسيمة‬
‫الدولية‪ ،‬واإلنتهاكات‬
‫ّ‬ ‫الخطيرة للقوانين واألعراف الواجبة التطبيق في النزاعات المسّلحة‬

‫‪139‬‬
‫الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة من إتفاقيات جنيف لعام ‪ ،1979‬واإلنتهاكات الخطيرة للقوانين‬
‫الدولية”‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ولألعراف السارية على النزاعات المسّلحة غير‬
‫‪ -‬جريمة العدوان وتمارس المحكمة إختصاصها تجاه هذه الجريمة‪ ،‬حينما يتم إقرار تعريف لها‬
‫والشروط الالزمة لممارسة المحكمة لهذا اإلختصاص‪.‬‬

‫“ومن المستجدات اّلتي أتى بها نظام المحكمة إدراج الجرائم الّتي تقع خالل النزاعات المسّلحة غير‬
‫الداخلية) ضمن جرائم الحرب”‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(أي النزاعات‬
‫الدولية ّ‬
‫ّ‬

‫األساسية السالفة الذكر تناولت مسودة النظام األساسي جرائم‬


‫ّ‬ ‫هذا وباإلضافة إلى الجرائم األربع‬
‫ّ‬
‫ضد موظفي األمم المتحدة واألفراد المرتبطين بهم‪ ،‬والجرائم اّلتي تنطوي على‬ ‫اإلرهاب والجرائم المرتكبة ّ‬
‫ّ‬
‫العقلية والّتي لم يكن لدى اللجنة الوقت الكافي لدراستها”‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إتجار غير مشروع بالمخدرات والمؤثرات‬

‫ب‪ .‬اإلختصاص الزمني‪:‬‬

‫تمارس المحكمة وفقاً للمادة ‪ 11‬إختصاصها فقط بخصوص الجرائم اّلتي يتم إرتكابها بعد‬
‫إتفاقية فيينا ‪.)1929‬‬
‫ّ‬ ‫رجعية القانون الدولي وفق ما ورد في‬
‫ّ‬ ‫حيز النفاذ (مبدأ عدم‬
‫األساسي ّ‬ ‫دخول النظام‬
‫ّ‬
‫األول للشهر التالي لمرور ستين يوماً على‬‫حيز النفاذ في اليوم ّ‬
‫األساسي على دخوله ّ‬ ‫نص النظام‬‫وقد ّ‬
‫ّ‬
‫إيداع وثيقة التصديق (أو القبول أو الموافقة أو اإلنضمام) لدى السكرتير العام لألمم المتحدة‪ .‬وقد ت ّم‬
‫ذلك فعالً في العام ‪.2772‬‬

‫الدولية بمفعول رجعي‬


‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫فإن عدم مالحقة المجرمين أمام المحكمة‬
‫وفي مطلق األحوال ّ‬
‫الوطنية أن تتوّلى محاكمتهم‪ ،‬على أساس اإلختصاص‬ ‫ّ‬ ‫ال يمنحهم حصانة من التقاضي‪ ،‬إذ للمحاكم‬
‫الجنائي العالمي إذا لم تتحرك الدولة صاحبة اإلختصاص اإلقليمي أو الشخصي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪140‬‬
‫ج‪ .‬اإلختصاص الشخصي‪:‬‬
‫ّ‬

‫تمارس المحكمة إختصاصها فقط على األفراد اّلذين يرتكبون جرائم بعد دخول النظام‬
‫يتصرفون‬
‫ّ‬ ‫أن األفراد اّلذين يعملون لحساب الدولة أو‬
‫وتؤكد المادة ‪ّ )7( 21‬‬
‫حيز النفاذ (م‪ّ .)27.‬‬
‫األساسي ّ‬
‫ّ‬
‫بإسمها‪ ،‬وان لم يتمتّعوا بسلطاتها‪ ،‬يحاكمون على أساس شخصهم‪ ،‬من دون أن يعفي اإلختصاص‬
‫مسؤوليتها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصي هذه الدولة من‬
‫مبدئياً على رعايا الدول األطراف البالغين سن الـ ـ‪ 11‬عند‬
‫ّ‬ ‫ويقتصر اإلختصاص الشخصي‬
‫إرتكاب الجرم ويمتد ليشمل ّأوالً رعايا الدول الثالثة القابلة بإختصاص المحكمة المؤقت بموجب إعالن‬
‫صريح‪ ،‬ورعايا الدول الثالثة المتهمين بإرتكاب إحدى جرائم المادة ‪ 1‬على إقليم دولة طرف‪.‬‬

‫االميركية على هذه الحالة األخيرة اّلتي قد تخضع جنودها‬


‫ّ‬ ‫“وقد اعترضت الواليات المتحدة‬
‫الدولية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫الموكلين حفظ السالم على أراضي دول أطراف في معاهدة روما إختصاص المحكمة‬
‫التحالفية العسكرّية‪ ،‬ويحول دون مشاركتها في‬
‫ّ‬ ‫ألن ذلك يحول دون إتمام ّ‬
‫قوات حفظ السالم موجباتها‬ ‫ّ‬
‫الجنسية بما فيها التدخل اإلنساني إلنقاذ المدنيين”‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المتعددة‬
‫ّ‬ ‫العمليات‬
‫ّ‬

‫الوطنية ذات الصلة تعاقب مرتكبي الجرائم‬


‫ّ‬ ‫إشكالية قائمة في حال لم تكن القوانين‬
‫ّ‬ ‫ولكن هناك‬
‫“ ّ‬
‫مما سيعني إفالت الجاني من العقاب على المستويين الدولي والوطني”‪.‬‬
‫أي ‪ّ ،11‬‬
‫السن ّ‬
‫في هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬اإلختصاص اإلقليمي‪:‬‬

‫الدولية على مبدأ اإلختصاص الجنائي اإلقليمي وليس‬


‫ّ‬ ‫الجنائية‬
‫ّ‬ ‫يقوم إختصاص المحكمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عالمية اإلختصاص الجنائي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫على أساس نظرّية‬

‫الدولية هو سيادة الدولة‬


‫الداخلية و ّ‬
‫ّ‬ ‫ويرتكز اإلختصاص اإلقليمي على مبدأ راسخ في القوانين‬
‫على أراضيها‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫"ويبقى اإلختصاص اإلقليمي مستقالً نافذاً أمام اإلختصاص الشخصي‪ ،‬لتكون المحكمة‬
‫صالحة للنظر في قضايا جرائم المادة ‪ ،1‬عند وقوعها في إقليم إحدى الدول األطراف‪ ،‬سواء أكان‬

‫المعتدي تابعاً لدولة طرف أو لدولة ثالثة‪ ،‬مع فارق جوهري عند وجود المتهم في دولة ثالثة‪ ،‬إذ ّ‬
‫أن هذه‬
‫كإتفاقيات التسليم أو المعاهدات‬
‫ّ‬ ‫األخيرة غير ملزمة بالتعاون مع دولة اإلقليم ّإال بتوافر رابط دولي‬
‫المتعددة األطراف"‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪142‬‬

You might also like