Professional Documents
Culture Documents
الجامعة اللبنانية - حقوق الإنسان
الجامعة اللبنانية - حقوق الإنسان
العامة
حقوق اإلنسان واحلرايت ّ
1
مدخل
فالفرد والمجتمع مفهومان ال ينفصالن ،وحياة الفرد ال تستوي – طبيعياً واجتماعياً وسياسياً
– إال ضمن مجتمع ينتمي إليه بالوالدة أو باإلختيار.
بأنه ال يمكن
إذاً نقطة االنطالق لمشكلة الحرية تكمن هنا ،وهي تظهر بمجرد اإلقرار ّ
فرضية اإلنسان المنعزل
ّ ألنه ال يمكن طرح مشكلة الحرية في
تصور اإلنسان إال ككائن اجتماعيّ .
يقية – بينما هي تطرح وبإلحاح عند الكالم عن اإلنسان ككائن إجتماعي،
– إالّ من وجهة نظر ميتافيز ّ
وذلك في مجال عالقاته مع اآلخرين من ناحية ،وفي مجال عالقاته مع مجمل الوسط االجتماعي
اّلذي يعيش فيه من ناحية أخرى.
2
اإلنسانية وتاريخ المجتمع
ّ " فالسلطة ضرورّية في المجتمع والحرية ضرورّية للطبيعة
البشري هو تاريخ عالقة السلطة بالحرّية".
العامة:
ّ تعريف الحريات .2
ليس هناك اتفاق على تسمية واحدة لهذه المادة ،كما ّأنه ال يوجد حتّى اآلن تعريف م ْر ٍ
ض ُ
لها بصورة متكاملة.
متعددة .فالبعض
أن التعابير المستعملة للداللة على المادة ّ
بالنسبة للنقطة األولى نجد ّ
الفردية
ّ األساسية للفرد" أو "الحريات
ّ العامة" والبعض يستعمل تعبير "الحقوق
يستعمل تعبير "الحريات ّ
األساسية" والبعض اآلخر يستعمل تعبير "حقوق اإلنسان".
ّ
هذا الواقع يدفعنا أكثر فأكثر إلى البحث عن تعريف نعتمده بغض النظر عن التسمية
كل تعريف ،يثير صعوبات فعلّية،
إن ّ
اّلتي يمكن أن يطلقها هذا المؤّلف أو ذاك .لكن في الحقيقة ّ
خصوصاً عندما نحاول تجاوز المفهوم الشائع والمبهم للحريات العامة ،ألسائد في أذهان الرأي العام
أساسيتين للوصول إلى
ّ ثمة وسيلتين
فإن ّ
الصحافية .بالرغم من هذا ّ
ّ السياسية و
ّ والمتداول في اللغة
العامة وغيرها من الحرّيات،
إما عن طريق البحث عن معيار ُنمّيز بموجبه بين الحرّيات ّ
تعريف ،وذلك ّ
تعدد الحقوق والحرّيات اّلتي يشكل مجموعها ما ّ
يسمى بالحرّيات العامة. وا ّما عن طريق وضع الئحة ّ
3
-التعريف بطريق البحث عن معيار:
صرفاته
مكانية السيطرة على الذات ،بموجبها يختار اإلنسان بنفسه ت ّ
"الحرّية" هي سلطة وا ّ
العامة" فهي ذلك النوع من الحريات الشخصية ويمارس نشاطاته دون عوائق أو إكراهّ .
أما "الحرّيات ّ ّ
اّلذي ال يظهر إلى الوجود القانوني إال بتفرعاته ووجوهه العملية ،فإذا به مجموعة من الحقوق
االمكانيات المعطاة للفرد واذا األمر يتعّلق بحرّيات تظهر بالجمع وليس بالمفرد ،واذا بهذه الحريات
ّ و
العامة" .فتعبير "العام" Publicهو تعبير شائع في اللغة
ّ ألنها تفترض تدخل "السلطات عامة" ّ
" ّ
كل منالقانونية ،حيث يقال القانون العام والمرفق العام والقطاع العام للداللة على دور الدولة في ّ
ّ
العامة لإلقرار واالعتراف بحرّيات وحقوق
تتدخل فيها السلطات ّ مرة ّكل ّ
أي ّأنه في ّ
هذه المجاالتّ .
قانونية ،فإ ّن هذه الحرّيات ترقى من مرتبة
ّ مكانيات لألفراد وتنظيمها وضمانها بموجب قواعد
وا ّ
العامة” .لذلك يمكن اختصار هذا األمر بالقول" :الحريات
ّ المجردة" إلى مرتبة “الحرّية
ّ "الحرّية
التحكم بها .العالقة
الوضعية ،للسيطرة على الذات و ّ
ّ المكرسة بموجب القوانينّ العامة" هي القدرة،
تصور
العامة وال ّ
فإنه ال يمكن الكالم على الحرّيات ّ
العامة والدولة ،وبالتالي ّ
إذاً وثيقة بين الحرّيات ّ
محدد.
قانوني ّ وجودها ّإال في إطار نظام
ّ
العامة" من جهة و"حقوق اإلنسان"
األساسية بين "الحرّيات ّ
ّ هذه النقطة بالذات هي نقطة التمييز
من جهة أخرى.
فحقوق اإلنسان هي مجموعة الحقوق الطبيعية اّلتي يمتلكها اإلنسان واللصيقة بطبيعته،
واّلتي تظل موجودة وان لم يتم االعتراف بها ،بل أكثر من ذلك ،حتّى ولو انتهكت من قبل سلطة
ما.
فمفهوم "حقوق اإلنسان" يقع إذاً خارج وفوق أطر القانون الوضعي بعكس مفهوم "الحرّيات
العامة".
ّ
أما من حيث المضمون والمحتوى هذا من حيث الموقع القانوني لكل من المفهومينّ ،
محددة من الحرّيات اّلتي اعترف
يتضمن مجموعة ّ
ّ العامة"
فإنهما كذلك مختلفان .فمفهوم "الحرّيات ّ
ّ
4
يتعدى كثي اًر هذا اإلطار الضيق ظمها وضمنها .أما مفهوم "حقوق اإلنسان" ّ
فإنه ّ بها القانون ون ّ
أدنى من الحماية
المادي ،حد ّ
ّ أدنى من األمن
اإلنسانية :حد ّ
ّ كل ما تحتاجه الطبيعة
ليالمس ّ
إمكانية الوصول إلى العلم والثقافة ...هو إذاً
ّ أدنى من
إمكانية إيجاد عمل مدفوع ،حد ّ
ّ الصحية،
ّ
مفهوم قابل للتوسع بمقدار تطور الجنس البشري وازدياد حاجاته.
أخي اًر يختلف المفهومان من حيث ما يرتّبانه على عاتق السلطة .فبينما تعتبر الحرّيات
إمكانيات اختيار مرتبطة باإلنسان الفرد ويمكن أن يستفاد منها بمعزل عن السلطة ّ العامة بمثابة
ّ
الفعلية منها
ّ أن حقوق اإلنسان ال يمكن تأمينها واإلستفادة
قانونياً) ،نجد ّ
ّ (بعد أن تكون قد ن ّ
ظمتها
مؤسسات
اجتماعيّ ، عامة لهذا الغرض :ضمان
إال عن طريق السلطة وما تنشئه من مرافق ّ
ّ
تعليمية...
ّ صحية،
ّ
العامة:
تعدد الحرّيات ّ
-التعريف عن طريق وضع الئحة ّ
التعرف على مضمون هذا التعبير وبالتالي عن طريق
العامة عن طريق ّ
ّ يمكن تعريف الحرّيات
التعداد بواسطة االعتماد على
يتم هذا ّتعداد الحرّيات والحقوق الّتي تدخل في إطاره .ويمكن أن ّ
تصانيف مختلفة .بحسب موضوع الحرّيات فنقول مثالً :بد ّنية أو فكرّية ...كما يمكن أن يت ّم بحسب
جماعياً.
ّ فردياً أو
طريقة ممارستهاّ :
5
البدنية.
ّ -الحرّيات
-الحرّيات الفكرّية.
السياسية.
ّ -الحرّيات
االقتصادية.
ّ -الحرّيات
االجتماعية.
ّ -الحرّيات والحقوق
وتتضمن:
ّ البدنية
ّ البدنية أو السالمة
ّ الحريات
ّ .I
التعسفي.
ّ -حق اإلنسان بالبقاء بمعزل عن التوقيف
-عدم جواز اتهام اإلنسان أو اعتقاله إال بموجب القانون.
عمليات التعذيب عليه
-عدم جواز التعدي على بدن اإلنسان بإزهاق روحه أو استرقاقه أو ممارسة ّ
أو تشويهه.
-تمتع المنزل بحرمة.
الهاتفية.
ّ يدية واالتصاالت
-حرية المراسالت البر ّ
-حرية التنّقل.
وتتضمن:
ّ الفكرية
ّ الحريات
ّ .II
-الحرّية الدينية بمفهومها السلبي أي حرّية المعتقد وبمفهومها اإليجابي أي حرّية ممارسة
الدينية.
ّ الشعائر
-حرية الرأي والتعبير.
-حرية التعليم وتنطوي على ثالثة حقوق :الحق بالتعليم و ُّ
التعلم واختيار المعّلم. ّ
وتتضمن:
ّ السياسية
ّ الحريات
ّ .III
اطية وحق المواطن في المساهمة في الشؤون
السياسية عن طريق الممارسة الديمقر ّ
ّ -حرية المعارضة
العامة.
ّ
الجمعيات واألحزاب.
ّ التجمع وتأليف
ّ -حرّية
6
وتتضمن:
ّ االقتصادية
ّ الحريات
ّ .IV
الفردية.
ّ الملكية
ّ حق
ّ -
-حرّية التجارة والصناعة.
وتتضمن:
ّ اإلجتماعية
ّ الحريات والحقوق
ّ .V
االقتصادي :الحصول على عمل واختيار العمل.
ّ -الحق باألمن
-الحق باألمن اإلجتماعي :تنظيم شروط التعاقد مع أرباب العمل .
-الحق بالحد األدنى لألجور – الحق بالضمان الصحي وضمان الشيخوخة.
ّ
-الحق بالحصول على اجازات مدفوعة...
النقابية – حق اإلضراب.
ّ -الحق باألمن السياسي :الحرّية
7
العامة
ّ األول :مصادر حقوق اإلنسان و ّ
الحريات القسم ّ
الروحية.
ّ يخية و
األول :المصادر التار ّ
الفصل ّ
الفلسفية واّلتيارات الفكرّية.
ّ الفصل الثاني :النظرّيات
القانونية.
ّ الفصل الثالث :المصادر
األساسية لحقوق وحرّيات األفراد.
ّ الفصل الرابع :الضمانات
8
الروحية
ّ التاريخية و
ّ الفصل األول :المصادر
وبالرغم من ذلك تحدث الملوك منذ القدم عن الحرّية ،فمن األلف الثالث قبل الميالد وهب
الملك السومري أيرو كاجينا شعبه الحرّية ،وحمورابي في بداية األلف الثاني قبل الميالد قد اعتمد
في تنظيمه للمجمتع على التشريع ،فأمن السالم واإلستقرار لشعبه.
اليونانية
ّ إفتقدت هذه الحضارة إلى أهم عناصر الحرّية ،وهو مبدأ المساواة ،ففي المدن
أما الفئات
وفي األمبراطورّية لم يكن يتمتّع بالحرّية إالّ الذكور من طبقة األحرار المواطنينّ .
المستثنات من حّقها في الحرية الكاملة فهي:
بأنها الديانة
اطنية كانت تفهم ّ
ألن المو ّ
بأي حقّ ،
-فئة األجانب :اّلذين لم يعترف لهم ّ
المشتركة وممارسة العبادة المشتركة.
9
ثم زوجها) ،كذلك لم يكن للمرأة
-فئة النساء :فالمرأة كانت تخضع للوصاية ( أبيها ومن ّ
أي حق في المقاضاة أمام المحاكم ،كما ّأنه لم يكن لها حق في اإلرث واّنما كانت ّ
تعوض بالبائنة ( الدوطة).ّ
رب العائلة يتمتعون بحّقهم في الحرّية الكاملةّ ،
ألن ّ ّ -فئة األوالد الذكور:هؤالء لم يكونوا
التصرف الكاملة بزوجته وأبنائه وعبيده.
ّ خاصة كان يملك حرّية
لدى الرومان بصفة ّ
خص الحرّية فقد كانت تعني في اليونان منذ قوانين صولون التمتع بثالثة أنواع من المساواة:
وفيما َّ
ليونانية
ّ ّإال ّأننا وفي خضم هذه السيطرة المطلقة للمدينة على الفرد ،وجدنا بذور الحرية في المدن ا
فالتمييز بين وجهي الحرية يعود إلى أرسطو اّلذي قال" :إ ّن الحرّية ذات وجهين :الوجه األول أن نكون
التصرف كما يشاء".
ّ بالتناوب حكاماً ومحكومين ،والوجه الثاني أن يكون لكل فرد حرية
10
المبحث الثالث :الفكر المسيحي:
المسيحية في
ّ المسيحية من أهم التطورات اّلتي عرفتها البشرّية ،لقد ظهرت
ّ يعتبر ظهور
الرومانية ،وأصبحت الدين الرسمي للدولة مع وصول اإلمبراطور
ّ أرض كانت جزءاً من األمبراطورّية
قوتها وانتشارها ،وأصبحت في عهد تيودوسيوس عام 393م عقيدة
مما زاد في ّ
قسطنطين عام 313م ّ
الرسمية.
ّ الدولة
اجية السلطة.
الفردية وازدو ّ
ّ أساسيين :فكرة
ّ المسيحية عن غيرها من اّلتيارات السابقة ،بمبدأين
ّ تميزت
ّ
مجرد جز ّئية
المسيحية .فالفرد ليس ّ
ّ الروحية اّلتي أتت بها
ّ الفردية بداية اإلنطالقة
ّ أ .تعتبر فكرة
تتعدىصغيرة في جسد الدولة ،بل هو مخلوق سام يتمتّع بقيم مطلقة ويسعى إلى أهداف عليا ّ
الدنيوية للدولة .فهو يملك إذن بروحه وكيانه قيمة أسمى من تلك
ّ في أبعادها ومراميها األهداف
االجتماعية.
ّ عضويته في الهيئة
ّ اّلتي تأتيه نتيجة
ب .المفهوم الجديد الثاني الّتي أتت به المسيحية ،واّلذي لم يعرف له العالم القديم مثيالً من قبل هو
الزمنية اّلتي تتوالها الدولة .وذلك
ّ عمها الكنيسة والسلطة
الروحية اّلتي تتز ّ
ّ التفرقة بين السلطة
حرمت الكنيسة الخلط واإلندماجتأكيداً لقول السيد المسيح "أعط ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل" ،لقد ّ
اّلذي كان قائماً بين الدين والدنيا ،حيث كانت المدينة تجمع بينهما في إطار واحد.
يميل بعض الباحثين والمستشرقين األجانب إلى اعتبار اإلسالم مجرد دعوة دينية ال
أن اإلسالم نظام شامل وكامل
عالقة له بأمور الدنيا والسياسةّ .إال ّانه يغيب عن بال هؤالء ّ
اهتم بتنظيم عالقة الدولة
الجماعي .وقد ّالفردي و
ّ للحياة ،و ّأنه جاء ليحكم كاّفة السلوك اإلنساني
ّ ّ
باألفراد والدول ،وعالقة الحاكم السياسي والمسؤول اإلداري بالرعايا وغير ذلك من العالقات
ّ
االجتماعية.
ّ االقتصادية و
ّ والتنظيمات السياسية واإلدارية و
11
ونادى اإلسالم بالمساواة كمبدأ أساسي من المبادىء اّلتي قام عليها ،وأقام دولة جديدة
يتساوى فيها الناس أمام أحكام الشريعة وفي ساحة القضاء ،وفي ممارسة حقوقهم وحرّياتهم بال
تفرقة بسبب اللون أو الجنس أو اللغة.
ميز بين الرجل والمرأة فيما يتعّلق بناحية اإلرث والشهادة ،إالّ ّأنه عمل
واذا كان اإلسالم قد ّ
المدنية الكاملة سواء قبل الزواج أو
ّ على رفع شأن المرأة حيث أصبحت مع اإلسالم تتمتع باألهلية
بعده ما دامت قد بلغت سن األهلية.
12
الفكرية
ّ الفلسفية واّلتيارات
ّ الفصل الثاني :النظريات
لكي نصل إلى فهم واضح وشامل لواقع حرية الفرد وعالقته بالسلطة السياسية ،يجب
دراسة مختلف النظريات الفلسفية والفكرية اّلتي هبت بها رياح الحضارات وألهبت بالحماس قادة
الثورات وحركات اإلصالح ،بعد أن دفعت إلى األمام بفكرة اإلنسان وحقه في التمتع بالحرية
والمساواة.
تعتبر فكرة القانون الطبيعي إحدى دعائم الفلسفة اليونانية واحدى النظريات القانونية من
بعد في أيام الرومان ،عندما دعى لها دوافع عنها الفقيه والخطيب والروماني المعروف شيشرون.
ففي مؤلفه عن التشريع بين شيشرون نسبية القوانين البشرية وضرورة إيجاد مصدرها األصلي في
المتأصل في طبيعته بين الخير والشر .وبحسب تعبيره فالقانون
ّ اإلنسان وفي شعوره بالعدل ،وتمييزه
اإللهية ،وهو أزلي ،أبدي ،خالد ،ثابت ،وعالمي وهو واحد
ّ الطبيعي هو قانون هللا ينبع من العناية
لكل زمان ومكان ،ويلقي الضوء على إمكانية تحقيق دولة عالمية ودستور عالمي.
13
ّأوالً :هيجو غروسيوس :)1468 – 1853( Hugo Grotius
يعتبر غروسيوس من أهم المفكرين اّلذين وضعوا أسس القانون الدولي العام .وقد نشر
آرائه في كتابه الشهير عن "قانون الحرب والسلم" De jure belli ac pacisعام .1221
إذ ّأنه دافع في كتابه هذا عن حق األمم الطبيعي في التجارة الحرة بين الجميع ،معتب اًر أن
مبادىء القانون الدولي تنبثق عن القانون الطبيعي ،وأن هذا القانون يشمل جميع األمم والشعوب
بدون إستثناء .وقد حرص على التأكيد أيضاً على أن الحياة في المجتمع ضرورة ال غنى عنها
للفرد ،فهذا األخير ال يعيش إالّ إذا ضمه المجتمع ،وبأن القانون هو ما يعتبره العقل السليم متوافقاً
مع طبيعة اإلنسان االجتماعية.
بأن هللا هو خالق الكون والطبيعةّ ،إال ّأنه رفض الخلط بين
وعلى الرغم من إيمان غروسيوس ّ
القانون الطبيعي والقانون اإللهي.
شرح فكره وآرائه عن القانون الطبيعي ومرتكزاته في كتابه "القانون الطبيعي والدولي"
". "DE jure nature et gentium
فالقانون الطبيعي هو القانون الضروري اّلذي ال يتبدل واّلذي يمليه العقل وطبيعة األشياء ،لذلك
يرى أن من واجب السلطة أن تسن القوانين الّتي تؤدي إلى التقيد بالقوانين الطبيعيةّ ،
ألن قوانين
ألنها غنية عن البيان.
الطبيعة لها كل السلطة إللزام الناس حتّى ولو لم تصرح بها كلمة هللا المعلنة ّ
14
المبحث الثاني :نظرية العقد االجتماعي:
تنسب نظرية العقد االجتماعي إلى الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو
عبر عن آرائه في كتابه الشهير "العقد اإلجتماعي" وكان له
( )Jean Jacques Rousseauاّلذي ّ
التأثير البالغ على رجال الثورة الفرنسية حتى بلغ بهم الحد إلى وصفه بأنجيل الثورة.
مضمون هذه النظرية ،أن أصل الدول يرجع إلى اإلرادة المشتركة ألفراد الجماعة ،أي
أن األفراد اجتمعوا واتفقوا على إنشاء مجتمع سياسي يخضع لسلطة عليا ،ومعنى ذلك ّأنهم إتفقوا
على إنشاء دولة ،فالدولة وجدت نتيجة عقد أبرمته الجماعة.
إتسمت أفكار هوبز بخصوص نظريته في العقد اإلجتماعي بالظروف اّلتي عاش فيها،
وخاصة بالملك شارل الثاني،
ّ قوية
فقد كانت عالقته باألسرة الحاكمة في بريطانيا ( آل سيتورات) ّ
فقام بوضع نظريته عن العقد االجتماعي ليدافع عن الملكية وتثبيت سلطانها.
واذا كان هوبز قد رأى أن أصل وجود الجماعة المنظمة يكمن في العقد اّلذي نقل األفراد من
حالتهم الطبيعية إلى مجتمع منظم يتكون من فئة حاكمة وأخرى محكومة ،فقد كان له تصور خاص
بالنسبة لحالة األفراد األولى قبل دخولهم في الجماعة المنظمة ،كما كان لو تصوره الخاص بالنسبة
ألطراف العقد ومضمون ذلك العقد وآثاره.
فالبنسبة إلى هوبز كان يعتقد أن حالة األفراد الطبيعية األولى قبل أي وجود للجماعة
المنظمة تسودها الفوضى وعدم اإلستقرار ،حيث أن الحق يتبع القوة ويخضع لها.
فكر هؤالء األفراد في وسيلة يتخلصون بها من واقعهم وتحقق لهم المحافظة
وعلى هذا األساس ّ
على أنفسهم وحماية مصالحهم ،فهداهم تفكيرهم إلى اإلتفاق على تسليم أمورهم إلى شخص من
بينهم.
15
ويرى هوبز ّ
أن هذا اإلتفاق أو العقد تم بين جميع األشخاص ماعدا واحداً منهم هو اّلذي
فإن هذا الرئيس لم يكن طرفاً إتفق المتعاقدون على تنصيبه عليهم ومنحوه ُ
السلطة اآلمرة .وعليه ّ
تم بين األفراد فيما بينهم.
ألن العقد قد ّ
في العقدّ ،
أما عن آثار هذا العقد فبمقتضاه :الحاكم أو الملك لم يلتزم بشيء تجاه األفراد اّلذين تنازلوا له طوعاً
ّ
واختيا اًر عن سائر حقوقهم ،وبالتالي إن سلطة الحاكم تكون سلطة مطلقة من كل قيد ،وان األفراد
ال يملكون حقاً عليه .وهكذا يكون العيش -في نظر هوبز – في ظل اإلستبداد والحكم المطلق،
مهما كانت درجة تعسفه ،افضل بكثير من حالة الفطرة اّلتي كان يعيشها األفراد قبل إبرام العقد
اإلجتماعي.
كان جون لوك من أنصار الملكية المقيدة ال المطلقة .واذا كان لوك يتفق مع هوبز في
نقطة البداية أو اإلنطالق وهي وجود عقد إجتماعي إنتقل بمقتضاه األفراد من حالة الفطرة إلى
حياة الجماعة المنظمة ،إال ّأنه اختلف عنه في تصوره لحالة األفراد في حياتهم البدائية األولى
وكذلك في تحديد أطراف العقد ومضمون هذا العقد وآثاره.
فبالنسبة إلى لوك كان اإلنسان يعيش حياة تغمرها العدالة والمساواة في ظل القانون الطبيعي
ونواميسه ،ومع ذلك رغب األفراد في الخروج من هذه الحالة نظ اًر لتعدد مصالح األفراد وتشابكها
وتعارضها ،وغموض أحكام القانون الطبيعي.
16
فإن األفراد لم يتنازلوا للحاكم إال عن جزء فقط من حقوقهم ،وفي
بالتالي وبموجب هذا العقد ّ
حدود القدر الالزم إلقامة السلطة ،وعليه يكون العقد متبادالً يقضي بإحترام اإللتزامات اّلتي قبلها كل
من أطرافه.
يرى روسو أن اإلنسان خير بالطبيعة ،وهو يولد ح اًر فاضالً تسود حياته الحرية والمساواة
تقدم المدنية ونتيجة تعدد المصالح وتشابكها وتضاربها.
أن حياته ما تلبث أن تتغير نتيجة ّ
الطبيعية ،إال ّ
وفي إبراز فكرة السيادة الشعبية وتأكيدها في مجال تأسيس السلطة ورفضه لفكرة القوة في هذا
الخصوص طرح روسو في كتابه العقد االجتماعي التساؤل اآلتي:
"لقد ولد اإلنسان ح اًر ،بيد ّأنه أصبح مكبالً باألغالل ،فكيف حدث هذا التغيير؟
بنظره إن اإللتزام االجتماعي والخضوع للسلطة ال يمكن أن يقوما إال على أساس اإلتفاق الحر
بين أفراد الجماعة ،األمر المرتبط إذاً بوجود اإلرادة الحرة لألفراد.
أطراف العقد :هذاالعقد (االجتماعي) قد أبرم بين األفراد على أساس أن لهم صفتين:
األولى باعتبارهم أفراد مستقلين ومنعزلين كل منهم عن اآلخر ،والثانية باعتبارهم أعضاء متحدين يتبدى
من مجموعهم الشخص الجماعي المستقل.
أن العقد يمثل طرفه األول كل فرد من أفراد الجماعة ،والطرف الثاني الشخص
وهكذا تصور روسو ّ
الجماعي المستقل اّلذي يمثل مجموع األفراد.
17
المبحث الثالث :فلسفة عصر األنوار:
يميز فلسفة عصر األنوار في القرن الثامن عشر ،هو تأثرها بالفلسفة اإلنكليزية،
لعل أبرز ما ّ
ّ
أما فرنسا كانت وخاصة أفكار جون لوك .فإنكلت ار كانت تعيش الحرية ( ّ
خاصة الطبقات الميسورة)ّ . ّ
تعيش نظام حكم ملكي مطلق مستبد (لويس الرابع عشر) ،وبالتالي ضمن هذه األجواء والظروف،
ألنها
ظهرت في فرنسا طائفة من الكتاب والمفكرين الداعين إلى رفض نظام اإلمتيازات والحكم المطلق ّ
تناقض مبادىء األخاء اإلنساني والقواعد الّتي قامت عليها الحكومات ،وهي ضمانة الحرية والمساواة.
أصدر مونتسكيو أولى محاوالته “ الرسائل الفارسية” حيث نجد من خاللها المعاني العميقة
لمفكر سياسي يرقب األحداث عن كثب وينفذ إلى أبعادها.
ثم أصدر كتاب "نظرات في أسباب عظمة الرومان وسقوطهم" ،اّلذي اعتبر تمهيداً لكتابه الخالد
"روح القوانين" ( )L’Espirt des Loisعام .1471
وتكن أهمية مونتسكيو السياسية في نظرية فصل السلطات اّلتي استلهمها من طبيعة النظام اإلنكليزي
وجعلها عقيدة جوهرية تنبع من الدساتير الحرة وبالتالي الحريات السياسية ،فلكي ال يتمكن أحد من إساءة
السلطة وجب أن توقف السلطة السلطة:
18
التمييز بين المعتقدات الدينية الصادرة عن الكنيسة وبين األخالق الصادرة عن الكائن
األسمى أي هللا.
تميز بمذهبه االجتماعي القائم على أسس الحرية والملكية والمساواة ،على قاعدة أن
الحرية تعني خضوع المرء فقط للقوانين.
المساواة تعني ضمان التمتع بالحقوق الطبيعية.
19
الفصل الثالث :المصادر القانونية
درسنا في الفصل السابق الواقع الفعلي للحرية الفردية وتطوره تاريخياً ،ثم بحثنا في اإلطار الفكري
والفلسفي اّلذي أحاط بهذا الواقع.
فيتلخص في السؤال عن مدى وجود نمط من القواعد اّلتي
ّ أما الموضوع اّلذي سنعالجه في هذا الفصل
وشكلت خالصة ذات طابع قانوني لمجمل اإلطار الفكري والفلسفي وتطورت معه ّ
ّ عايشت هذا الواقع
فإن هذا الفصل يبحث في انتقال المبادىء المتعّلقة بالحريات والحقوق
اّلذي تكلمنا عنه .أو بتعبير آخرّ ،
الفردية وارتقائها من إطار فكري فلسفي مبدئي بحت إلى إطار آخر قانوني .وبذلك لم نعد امام مبادىء
فكرية ننادي بها وندّلل عليها لحماية الحريات واّنما أمام قواعد قانونية إلزامية تضمن الحريات وتصونها.
طبعاً هذا االرتقاء بالمبادىء الحامية للحريات من المجال النظري المثالي إلى المجال القانوني لم يتم
وتطور أدوات الضبط والتنظيم اّلتي ّ لتطور المجتمعات السياسية
بين ليلة وضحاها بل حصل نتيجة ّ
استخدمتها هذه المجتمعات .هذه األداوت اتخذت في البداية شكل القاعدة العرفية ،ثم القاعدة القانونية
وأخي اًر القاعدة الدستورية .من هنا ضرورة التوّقف عند هذه األشكال من خالل دراستنا لكل من المرحلة
فية ،المرحلة القانونية ،المرحلة الدستورية.
العر ّ
ُ
من هنا تكمن األهمية المعطاة للثورة الفرنسية عام 1419وما نتج عنها سياسياً وقانونياً.
إذ أنه ابتداء من هذا التاريخ بدأت مالمح المرحلة الدستورية بالترسخ ودخلنا حقبة " َد ْستََرَة" الدولة مع ما
لكل ذلك من أثر إيجابي على الحريات والحقوق الفردية .فاإلعالن الفرنسي لحقوق اإلنسان والمواطن
شكل مقدمة الدستور الفرنسي األول
اّلذي اعتُبر نقطة انطالق لصياغة نظرية عامة للحريات العامة ّ
21
اّلذي صدر عقب الثورة الفرنسية .إال أن ما يجب أن نلفت االنتباه إليه هو أن الجذور القانونية لهذا
الفلسفية الّتي أنتجت
ّ اإلعالن لم تكن منفصلة عما سبقها .بمعنى ّأنه إلى جانب التأثيرات الفكرّية و
نصوص ومبادىء هذا اإلعالن .كانت هناك تأثيرات قانونية كذلك ،تمثّلت خصوصاً ،بمجموعة الشرع
والمواثيق اإلنكليزية ،الّتي بدأ تعاقبها منذ العام ،1211وكذلك مجموعة إعالنات الحقوق األميركية.
إنها اإلتفاقات اّلتي أبرمها الملك إما مع البارونات اّلذين قاموا بالثروة ضده ،واما مع البرلمان.
وهي:
22
-التزام النزاهة والعدالة في اإلدارة والقضاء.
-وخصوصاً ضمانة الحرية الشخصية لكل فرد من أفراد الرعية مهما اختلفت طبقته
وتباينت درجته في المجتمع .وقد ورد ذلك في المادة 39الشهيرة" :ال يجوز إلقاء
القبض على أي شخص حر ،أو اعتقاله أو نزع ملكيته ،أو إبعاده او إنزال الضرر به
بأية طريقة كانت ،كما أننا (أي الملك) لن نأمر باتخاذ اجراءات ضده ،اال بواسطة
ّ
أحكام قانونية تصدر عمن هم من طبقة مماثلة لطبقته وبنقتضى قوانين البالد".
وتصنيف المادة " :77لن نمنع أحداً من الوصول إلى حقه بطريقة عادلة ولن نعرقل
ذلك أو نساوم عليه".
تضمنت بياناً مفصالً لحقوق البرلمان التاريخية وتذكي اًر بحقوق المواطنين التقليدية اّلتي كفلتها
ّ
الشرع القديمة .ومن بين الحقوق اّلتي ألحت عليها هذه العريضة برز حقان رئيسيان ما زال يعتبرهما
الفردية والحريات العامة في
ّ اإلنكليز ّأنهما يؤّلفان المبدأين الجوهريين اللذين ترتكز إليهما سائر الحقوق
يحرم القانون بموجبها التوقيف الكيفي بدون محاكمة على أساس
الشخصية اّلتي ّ
ّ انكلت ار وهما الحرية
القوانين المرعية من جهة ،وتحريم إنشاء الضرائب بون موافقة البرلمان عليها من جهة ثانية.
23
وكان باستطاعة القضاة تعطيل مفعول"عريضة الحقوق" عن طريق إضاعة الوقت الكثير في التدقيق
في أسباب التوقيف ،كما كان بمقدور قائد السجن مثالً أال يستجيب لطلب القاضي .وكان نقل السجين
من سجن إلى آخر لتعطيل مفعول إبالغ أمر القاضي إلى قائد السجن ،حيلة مألوفة ،ناهيك عن نفي
السجين إلى المستعمرات ،مما يحول دون تنفيذ أمر القاضي ،فضالً عن الصعوبات في تعيين القاضي
اّلذي يمكنه أن ينظر في أسباب التوقيف.
أوجد البريطانيون حلوالً لهذه الصعوبات على مراحل إلى أن صدر قانون الهابياس كوربوس
أن القانون البريطاني يعتني اعتناء
فكان الحل العملي لمشكلة احتجاز الحرية الفردية .ونشير هنا إلى ّ
خاصاً باألصول والشكليات ،من هنا كانت هذه المذكرة منسجمة مع هذه الروحية.
إن مذكرة الهابياس كوربوس هي أمر يوجهه أحد قضاة المحكمة العليا إلى الشخص اّلذي يحتجز
ّ
الفرد موضوع المذكرة واّلذي يمكن أن يكون مواطناً عادياً أو قائد السجن مثالً ،يلزمه بموجبه بأن يحضر
أمامه جسد الشخص المعتقل ،وأن يبين أسباب االعتقال .وهكذا يتضح أن الشخص المعتقل ال يتدخل
في هذه المرحلة ،وأن المتهم الحقيقي اّلذي يلزمه القاضي بأن يبرر فعله (أي االعتقال) هو قائد السجن
مثالً .واليكم الخطوط الكبرى لمراحل بحث أسباب التوقيف انطالقاً من إصدار مذكرة الهابياس كوربوس:
لكل شخص فقد حريته أو ألي من أقاربه أو معارفه أن يطلب من القاضي إصدار مذكرة
.1يحق ّ
قضية أخرى ،ألن البريطانيين
الهابياس كوربوس .يدقق القاضي بالطلب على الفور ،ويهمل كل ّ
قضية الحرية .إذ رأى القاضي أن الطلب جدي يعتبرون ّأنه ال توجد ّأية قضية تعلو ّ
وتتقدم على ّ
استناداً لوسائل اإلثبات المرفقة بالطلب أمر بإصدار مذكرة الهابياس كوربوس .إصدار هذه
24
يقرر ما إذا كان عليه ان يأمر بإصدارها أو ال.
المذكرة إذاً ليس إلزامياً للقاضي ،فله وحده أن ّ
قرر االستجابة للطلب ،تصدر المذكرة باسم الملك.
فإذا ّ
حرمت على الملك تعليق مفعول القوانين وفرض ّأية ضريبة كانت ،وانشاء المحاكم بدون موافقة
َّ
الشخصية وحق المواطنين بتقديم العرائض.
ّ البرلمان ،مع ضمان الحريات
الملكية (:)1601
ّ خامساً :قانون الخالفة
.1
25
خاصة و ّأنها ال ترجع إلى أي مفهوم شامل لعالقات الفرد بالدولة ،بل ّتدعي فقط حماية
قيمة بحد ذاتهاّ ،
ائية أكثر من كونها
حريات المواطنين اإلنكليز في العصر اّلذي عاشوا فيه .فهي بمثابة وسائل إجر ّ
األميركية.
ّ إعالنات مبدئية ،وهذا ما يعتبر ميزة بارزة لدى اإلنكليز لم تغب تماماً في اإلعالنات
ُيقصد بإعالنات الحقوق األميركية مجموعة من النصوص يمكن تصنيفها إلى فئات أربع:
لكن تجدر اإلشارة إلى ّأنه بالرغم من المنحى العملى المتأتي من التأثير البريطاني،
كونية ،كما ّأنها عكست نظرة
فقد اصطبغت هذه النصوص بصبغة فقهية فلسفية ،ذات أبعاد ّ
فلسفية إلى مكانة الفرد في المجتمع تنطلق من المناداة بضرورة إحترام حرياته وحقوقه.
ّ
27
المبحث الثالث :اإلعالن الفرنسي لحقوق إلنسان والمواطن
الفكرة األولى تعني أن المبدأ اّلذي نادى به مونتسكيو بعد ذلك – فصل السلطات -لم يكن معموالً
وقضائية.
ّ وتنفيذية
ّ يعية
به .فالملك كان يقبض على جميع أنواع السلطات من تشر ّ
28
أما الفكرة الثانية فهي تعني أن سلطات الملك ال تتوقف عند حدود معينة يمتنع عليه تجاوزها،
ّ
وبالتالي ليس هناك حقوق معينة لألفراد تخرج من ميدان سلطة الملك .فالملك ما هو ّإال ممثل هللا على
األرض وبالتالي فهو يحاسب من ِق َبل هللا وليس من قبل األفراد ،وطالما ّأنه على العرش فهو يطاع كما
يطاع هللا.
العامة.
-الطبقات ّ
-جمعيات الوجهاء.
القضائية.
ّ -البرلمانات
29
وطنية" .وفي
ّ جمعية
العامة المنعقدة في فرساي إلى " ّ
تحولت جمعية الطبقات ّ في 14حزيران ّ
فعلياً
مقيدة ّ
عينت لجنة من أعضائها لوضع دستور للبالد .وهكذا بدت الملكية منذ ذلك الحين ّ
2تموز ّ
األهمية خصوصاً
الوطنية" .هذا القرار كان بالفعل على درجة عظيمة من الخطورة و ّّ الجمعية
ّ بوجود "
مدة قرون طويلة تتمتّع بسلطان مطلق غير مقيد ّإال بأحكام الدين والضمير.
الملكية بقيت ّ
ّ وان
وقد انطوى هذا اإلنقالب السياسي على انقالب في النظرّية اّلتي يستند إليها الحكم فبعد أن
ّ
الملكية المطلقة تستمد سلطانها من نظرية الحق اإللهي باتت السلطة تستند إلى النظرّية ّ كانت
اطية القائلة بأن الحكم ال يجد مصدر سلطاته إال في ارادة الشعب ،وأصبح للفرد موقع جديد في
الديمقر ّ
السياسية.
ّ الحياة
بأن اإلعالن يعد ،دون مبالغة ،بمثابة وثيقة ميالد "المواطن" الحديث .وقد
من هنا اعتبار البعض ّ
كمقدمة للدستور
الوطنية" في 22آب ،1419واعتُمد فيما بعد ّ
ّ تم التصويت عليه من قبل " الجمعية
مقدمة وسبع عشرة مادة.
يتضمن ّ
ّ األول الصادر عام 1491وهو
الفرنسي ّ
-إعالن.
طبيعية.
ّ -إعالن لحقوق
-إعالن لحقوق اإلنسان ولحقوق المواطن.
30
.1مدلول تعبير "إعالن":
يذكرون" بالحقوق العائدة
تُبنىء مقدمة الشرعة بنوايا واضعيها ،فهم "يعرضون"" ،يعلنون"ّ " ،
األساسية التالية:
ّ مما يعني توفر النتائج
لإلنسانّ .
-الشرعة هي كناية عن عمل "إعترافي"" ،إعالني" .فواضعوها لم ّيدعوا ّأنها عمل " خالّق"
والحقوق الواردة فيها ما هي إ ّال حقوق ملتصقة بطبيعة الكائن اإلنساني ،يكفي لمعرفتها
ّ
كشف وجودها وأخذ هذا الوجود بعين اإلعتبار.
تعليمية" .فالحقوق الواردة فيه ما هي حسب
ّ بوية" " ،Pédagogique
-لإلعالن سمة "تر ّ
واضعيه إال حقوق “ ّ
منسية”ُ " ،متَ َجاهلة" ،ويكفي أن نذكر بها وأن نجعل منها من اآلن
وصاعداً حقوقاً ال جدل حولها.
تتعد هذا اإلطار .وواضعوا اإلعالن يعرفون تماماً بأن مالحظة
-الشرعة "أعلنت" حقوقاً ولم ّ
وجود الحقوق ال تكفي لتأمين احترامها ،بل يجب أن يعقب ذلك توفير ضماناتّ .إال ّ
أن
مميزتين ومرحلة البحث عن الضمانات هي مرحلة الحقة .وال
تظالن ّ
هاتين العمليتين ّ
اإلنسانية ومنحاهم المسرف بالتفاؤل في هذا الميدان
ّ بأن ثقتهم الكبيرة بالطبيعة
شك ّّ
جعلهم ينتظرون الشيء الكثير من ّ
مجرد ذكر المبادىء الواردة في اإلعالن والمفتقدة
الفعلية.
ّ للضمانات
طبيعية:
ّ .2إعالن لحقوق
الطبيعية مما يعني:
ّ الشرعة هي إعالن لحقوق اإلنسان
التصرف بها ،وال التنازل عنها حتّى
ّ أن هذه الحقوق " ّ
طبيعية" فال يمكن لإلنسان إذاً -بما ّ
اإلنسانية .ومن باب أولى أن ال يستطيع الغير ،بالتالي،
ّ ادياً تحت طائلة فقدانه لصفته
إر ّ
التصرف بها.
31
فإن الحقوق الناتجة عنها موجودة
كل البشر ،من هنا ّ
اإلنسانية هي واحدة لدى ّ
ّ إن الطبيعة
ّ -
كذلك لدى الجميع" .الناس يولدون ...متساوين في الحقوق" (المادة ّ ،)1
ألنهم جميعاً
الطبيعية للحقوق.
ّ يولدون كناس .فالمساواة هي إذاً نتيجة مالزمة للصفة
الطبيعية" موجودة قبل نشوء المجتمعات ،وبالتالي من غير الممكن
ّ إن هذه الحقوق "
ّ -
اعتبارها َديناً على عاتق المجتمع ،وهي ال تسمح لألفراد أن يطلبوا من المجمتع تقديمات
إيجابية شبيهة بتلك اّلتي عرفناها حديثاً (الحق بالعمل ،الحق بالراحة ،الحق بالثقافة)...
ّ
الطبيعية" .فالحقوق الواردة
ّ ألن هذا يتناقض مع المفهوم األساسي ،األصلي ل ـ ـ "الحقوق
ّ
ّ ّ
بأي عملسلبية :عدم القيام ّ
في اإلعالن ال تَفرض على المجتمع ّإال إلتزماً واحداً له صفة ّ
إمكانيات إمكانية االستفادة منها .هذه الحقوق هي إذن " ّ
إمكانيات عمل" وليست " ّ ّ يعيق
مطالبة" .وهي حرّيات وليست ديوناً على عاتق المجتمع.
إن هذه الحقوق سابقة على نشأة المجتمع وبالتالي ال يستطيع المجتمع استعمالها لخذمة
ّ -
غاياته .فهي وجدت لإلنسان وليس للمجتمع .وهذا يعني ّأنه ال يمكن تخصيصها لغايات
واخضاع ممارستها إلحترام هذه الغايات .ولإلنسان وحده أن يختار األهداف اّلتي يرغب
التوصل إليها من خالل ممارسته لهذه الحقوق .من هذا المنظور تكتسي حقوق اإلنسان
اإلطالقية.
ّ طابع
32
الخاصة بالشكل اّلذي يراه مناسباً.
ّ حقوق اإلنسان هي حرّيات تسمح لكل فرد أن يعيش حياته
يتدخل فيه .من هنا الكالم عن الحرية
وهذه الحريات تخلق بالتالي ميداناً مستقالً ال يمكن للمجتمع أن ّ
الفردية ( المادة ،)4حرّية الرأي ( المواد 17و ،)11حرّية التمّلك ( المادة .)14
ّ
تؤمن مساهمة الجميع في المجتمع السياسي .وهي تسمح بعدم حقوق المواطن هي سلطات ّ
إمكانية قمع من قبل هذا المجتمع :حق المساهمة في تشكيل اإلرادة العامة (المادة ،)2الحق
ّ أي
قيام ّ
بقبول الضرائب المفروضة (المادة .)17
األساسية لإلعالن:
ّ ب .المرتكزات
إذا انكببنا على دراسة مضمون اإلعالن ،يمكننا استخراج مجموعة من األفكار والمبادىء
العامة الغر ّبية للحرّيات
األساسية للنظرية ّ
ّ تشكل الدعائم
األساسية ،كما ّأنها ّ
ّ تشكل مرتكزاته
اّلتي ّ
العامة:
ّ
األساسية في الطبيعة:
ّ األساسية األولى في اإلعالن ،تجد مرتكزاتها
ّ الحرية :وهي الفكرة
ّ .1
يضر بالغير"
إمكانية عمل كل ما ال ّ
ّ "الناس يولدون أح ار اًر" .وهي تعني حسب المادة الرابعة "
33
كل ما هو غير محظور بموجب
خاصة ،إذا ما ربطناها بالمادة ّ " :1
قد تبدو فضفاضة جداًّ ،
القانون ال يمكن منعه" .هكذا ّ
تركز المبدأ األساسي للحرية في المجتمعات الليبرالية :لإلنسان
ّ
الخاصة وأن يعمل في كل الميادين ما دام ّأنه ال يصطدم بحظر ّ الحق أن يبتكر تصرفاته
مشروع .فالحرّية هي األساس.
الملكية الفردّية.
ّ العامة يجب أن تفرض "بصورة واضحة" إنتزاع
إن الضرورات ّ
ومن جهة ثالثة ّ
34
تقرر التعويض بصورة مسبقة وعادلة.
الملكية ّإال إذا ّ
ّ ومن جهة رابعة ال تنتزع
كرست المادة
البدنية هو نتيجة لمبدأ الحرّية وقد ّ
ّ إن الحفاظ على السالمة
البدنيةّ :
ّ -السالمة
السابعة هذا الحق وأعطته ضمانات واسعة .
مجرداً من كل
-حق مقاومة الطغيان :اكتفت المادة الثانية باإلشارة إلى هذا الحق اّلذي بقي ّ
ويحدد مداه.
ظم هذا الحق ّ
نص آخر ين ّ
أي ّ
تتضمن الشرعة ّ
ّ تطبيق .وال
.2مبدأ المساواة:
اإلنسانية والحقوق المنبثقة عتها .فما
ّ تظهر المساواة في اإلعالن كنتيجة لمفاهيم الطبيعة
تنص عليه المادة األولى" :يولد
هو من خواص اإلنسان ال يمكن حرمان الناس من التمتّع به .هذا ما ّ
الناس أح ار اًر ومتساوين في الحقوق ويبقون كذلك" .من هذا التأكيد األساسي نستخرج مجموعة من
ّ
بالتدرج
ّ القانونية المرتبطة بالوالدة سواء المتعّلق منها
ّ النتائج الملموسة :يجب إلغاء عدم المساواة
العامة (المادة العامة ( المادة ،)2أو بالمساهمة باألعباء االجتماعي (المادة ،)1أو ُّ
بتقلد الوظائف
ّ ّ
.)13كذلك أُلغي مفهوم االمتيازات ،أي وجود قانون موضوع لبعض األشخاص “يجب أن يكون القانون
فالكل متساوون في نظره (المادة .)2
ّ واحداً للجميع”،
الفعلية ال تتطابق هذه المساواة محصورة بالحقوق وال تمتد إلى الواقع ِ
الحسي .فالمساواة
ّ ّ
عدة :الطاقات ،الفضائل ،المواهب... تكرس عدم المساواة في مجاالت ّعملياً مع الطبيعة ،اّلتي ّ
ّ
الفعلية المعاشة.
ّ القانونية إلى المساواة
ّ ايديولوجية الثورة ال تسمح إذاً باالنتقال من المساواة
ّ
35
مستمدة من القانون العام:
ّ .3مبادىء
فإن مفهوم اإلعالن عنها
السياسي ،وبالتالي ّ مدعوة ألن تُمارس في إطار المجتمع
ّ إن الحرّية
ّ
ّ
عملياً
وتمكن الفرد من التمتّع بحقوقه ّ
قانونية تضبط هذا المجتمعّ ،
ّ أساسية بتوفر وسائل
ّ محكوم بصورة
وليس نظرّياً فقط.
36
مستمدة من القانون الجزائي:
ّ .6مبادىء
.8القانون:
يظهر القانون في االعالن بمثابة المفصل األساسي اّلذي تتمحور حوله العالقات بين الحرّية
كل
والمجتمع السياسي .والموقع اّلذي يحتّله في النص يثير الدهشة في بعض جوانبه .فنحن نجده في ّ
الطبيعية (المادة ،)7ووحده يمكنه أن يأمر ويمنع أو أن يقيم القمع
ّ يحدد أطر الحقوق
المواد تقريباً :هو ّ
ويعرف ضرورات النظام العام (المواد 17
يؤمن المساواة (المادة ّ ،)2واإلكراه (المواد ،)9 ،1 ،4وأن ّ
الفعلية لحقوق اإلنسان في المجتمع.
ّ و ،)11وبه ترتبط حصرياً الممارسة
فإن ثقة اإلعالن بالقانون ليست مطلقة .فالحذر تجاهه – وهذا مثير
وبالرغم من ذلك ّ
المضرة بالمجتمع (المادة ،)1
ّ ظر ّإال األعمال
عدة مواد" :فليس له الحق أن يح ّ
للدهشة -يظهر في ّ
ثمة موقفين متناقضين في اإلعالن:
أن ّأي ّ
و"عليه أن ال يقيم إال العقوبات الضرورّية حص اًر وبداهة"ّ .
تصور للحرّية تحت سلطة القانون ،ونزعة لحماية الحرّية من تسّلط القانون .الموقف ّ
األول مستقى من
أولوية القانون وهو ضارب جذوره في تقاليد القانون
ّ ويعبر عنه بمبدأ سيادة القانون أو
تعاليم روسو ّ
إمكانية إنحراف القانون عن حماية الحرّية وضرورة ّ
تصور نظام ّ العام الفرنسي .والموقف الثاني يفترض
مميزات اإلعالن:
جّ .
.1الطابع الفردي:
38
-واذا تجاوزنا البحث في "صاحب الحرّيات" ودّققنا في طبيعة تلك الحرّيات الحظنا ّأنها
البدنية مثالً هو
ّ جماعية .فالحق بالسالمة
ّ أحادية وليس
ّ حرّيات يمارسها الفرد بصورة
فردي.
ّ الفردية هو حق
ّ الملكية
ّ فردي ،وحق
ّ حق
أن الفرد يتمتّع بمكانة سامية في شرعة حقوق اإلنسان يعود
-والعنصر الثالث اّلذي يثبت ّ
أن
نسية اعتبرات ّ
لتكوين المجتمع اّلذي يتأّلف من أفراد ال من جماعات .فالثورة الفر ّ
الجماعات اّلتي كانت تؤّلف المجتمع الفرنسي في العهد الملكي هي عدوة لإلنسان
الوطنية تلغي وبصورة
ّ الجمعية
ّ أن
لينص على " ّ
ّ ولحقوقه فجاء دستور أيلول 1493
المؤسسات
ّ المؤسسات اّلتي كانت تهدم الحرّية والمساواة في الحقوق" .ومن تلك
ّ قاطعة
المهنية.
ّ المهنية منها وغير
ّ الجماعات
الفكرية للشرعة:
ّ .2األبعاد
عبرت عنها شرعة حقوق اإلنسان والمواطن ال تجيز حصر الحقوق
الفلسفية اّلتي ّ
ّ إن اآلراء
ّ
طبيعية
ّ معينة ،فما دامت حقوق اإلنسان هي حقوق
معين أو بيئة ّ
معينة أو عصر ّ
المعلن عنها في فئة ّ
مفر من أن تتوّلى الشرعة إعالن حقوق لإلنسان كوني األبعاد
وما دامت الطبيعة البشرّية واحدة ،فال ّ
ّ
لكل زمان ومكان.
صالح ّ
39
الملكية ووضعه في
ّ العامة .كذلك تأكيد المادة 2على حق
ّ إمكانية وصولها إلى الوظائف
ّ البرجوازّية
الحق بمقاومة الطغيان.
متقدماً على الحق باألمان و ّ
المرتبة الثانية بعد الحرّية ّ
ّأدت الحرب العالمية الثانية إلى ترسيخ قناعة مفادها وجود نوع من الموازاة والتالزم بين احترام
حقوق اإلنسان في المجال الداخلي ،الوطني وحماية األمن والسالم الدوليين " .فقد ّ
تسببت ألمانيا
ِ
مدمرة."... الفاشية بانتهاكهما لحقوق اإلنسان وحرّيات الشعوب في إشعال حرب
عالمية ّ
ّ ّ النازّية وايطاليا
اإلنسانية بين شعوب
ّ أن " ظهور وتعزيز قيم مشتركة في مجال حقوق اإلنسان والحرّيان
باإلضافة إلى ّ
الدولية".
ّ العالم أجمع لهو مما يساعد على تحقيق أواصر التضامن بينها لصالح األسرة
العالمية الثانية واتّباع هذا النمط من التحليل الفكري أديا إلى انتقال
ّ ولدتها الحرب
إن الصدمة الّتي ّ
ّ
االهتمام بموضوع حقوق اإلنسان من المجال الوطني إلى المجال الدولي.
40
أ .الظهور التدريجي لحقوق اإلنسان على الصعيد الدولي:
األساسيى بداية متواضعة ،إذ اقتصرت
ّ بدأ اهتمام المجتمع الدولي بحقوق اإلنسان وحرّياته
معينة ومحدودة انصبت على مكافحة االنتهاكات الفاضحة لحقوق اإلنساناهتماماته على حاالت ّ
إنسانية في بعض الحاالت،
ّ المتمثلة بالرق واالتجار بالرقيق ّ
وتدرج من ذلك ،إلى إقرار التدخل ألهداف
األقليات وبعض حقوق اإلنسان في األقاليم الخاضعة لالستعمار .كما انتهى قبل قيام األمم
ّ والى حماية
العالمية األولى إلى اإلهتمام بشؤون الطبقة العاملة ومحاولة
ّ المتحدة وفي معاهدات الصلح عقب الحرب
االجتماعية ألفراد وأسر هذه الطبقة وقد تمثل ذلك بإنشاء
ّ اإلقتصادية و
ّ الدولية للحقوق
ّ توفير الحماية
الدولية.
ّ منظمة العمل
41
.2نظام االمتيازات:
الوطنية لدولة ما تجاه الرعايا األجانب
ّ وهو يتلخص بنوع من تضييق صالحيات السيادة
اّلذين يعيشون فيها ،بحيث يستمرون بالخضوع للنظام القانوني لدولتهم .وتكمن مبررات هذا النظام
بضرورة توفير ضمانات لألجانب – والتجار منهم على وجه الخصوص -عند تواجدهم في دول أجنبّية
المؤسسات والنظم اّلتي تساعد
ّ اهية ...من جهة ،وتفتقد
التعصب أو الكر ّ
ّ تشعر تجاههم ببعض الحذر أو
الذاتية ،من جهة أخرى.
ّ الحد من اطالق العنان لهذه المعايير
على ّ
الدبلوماسية:
ّ .3نظام الحماية
يفترض هذا النظام وقوع ضرر على فرد ما موجود خارج وطنه ،وان هذا الفرد لم يستطع أن
العادية ،فطلب من دولته أن
ّ يصل إلى حقوقه من الدولة المتواجد فيها عن طريق اللجوء إلى الوسائل
تتدخل لدى الدولة الموجودة فيها ،لتطالبها باحترام شخص أو أموال مواطنها تطبيقاً لقواعد القانون
ّ
الدولي.
42
أن رفع الضرر عن شخص أو مال أحد الرعايا األجانب في دولة ما ،وبالتالي احترام
-هذا يعني ّ
طة هذا اإلطار ليصبح موضوع
داخلياً بحتاً وأن يتخ ّ
ّ حقوقه وحرياته يمكن أن ال يبقى موضوعاً
اهتمام المجتمع الدولي والقانون الدولي العام.
دينية ،عنصرّية أو وتتلخص عالقة هذا النظام بموضوع حقوق اإلنسان بإفتراض وجود ّ
أقلية ما ّ
الحد األدنى لما يجب أن تتمتّع به من حقوق
الوطنية لها واهدار ّ
ّ لغوية ،تعاني من اضطهاد السلطات
ّ
بل أن بعض األقلية .ليس هذا فحسبّ ،
ّ بتدخل " إنساني" لحماية هذه
مما يدفع بعض الدول للقيام ّ ّ
ّ
األقليات
ّ الدولية قد اتجه إلى ما هو أكثر من ضمان الحقوق والحرياتّ ،
فنص على منح بعض ّ االتفاقات
الوطنية...
ّ حق تكوين التنظيمات
الذاتي أو ّ نوعاً من االستقالل
ّ
العالمية األولى:
ّ .8فترة الحرب
العالمية األولى.
ّ حّقق اإلهتمام بحقوق الفرد على الصعيد الدولي قفزة ّ
نوعية في أعقاب الحرب
الدولية وتوقيع معاهدات 1927 – 1919شكّلت كّلها عناصر
ّ ظمة العمل
فإنشاء عصبة األمم ومن ّ
الدولية والقانون الدولي العام.
ّ إيجابية بإتجاه " ْأن َس َنة" العالقات
ّ
ّ
.1ميثاق األمم:
44
الماّدة األولى" :مقاصد األمم المتحدة هي:
...
الثقافية
االجتماعية و ّ
ّ االقتصادية و
ّ الدولية ذات الصبغة
ّ -3تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل
األساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك
ّ اإلنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحرّيات
ّ و
اطالقاُ بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق بين الرجال والنساء.
-7جعل هذه الهيئة مرجعاً لتنسيق أعمال األمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة".
العمومية إذ ذكرت
ّ بالجمعية
ّ الخاص
ّ كما أشير إلى تلك الحقوق في الفصل الرابع من الميثاق
األساسية
ّ الجمعية ..." :إلعانة على تحقيق حقوق اإلنسان والحرّيات
ّ أن من بين وظائف هذه
المادة ّ 13
للناس جميعاً بال تمييز."...
المخصص لنظام الوصاية الدولي وفي إطار المادة " 42أن من
ّ وأخي اًر جاء في الفصل الثاني عشر
األساسية لنظام الوصاية:...
ّ األهداف
أ ... -
45
ب... -
األساسية...
ّ ج -التشجيع على احترام حقوق اإلنسان والحرّيات
االقتصادية والتجارّية"...
ّ االجتماعية و
ّ د – كفالة المساواة في المعاملة في األمور
46
جماعية توافقت فيها ارادة الدول األعضاء في المجتمع
ّ يعتبر ميثاق األمم المتحدة بمثابة معاهدة
الدولي ،على تحديد قواعد القانون الدولي اّلتي تحكم العالقات بينها في مواضيع مختلفة من بينها
ّ
موضوع حقوق اإلنسان .وهو من قبيل المعاهدات الشارعة اّلتي تفرض على األطراف المتعاقدين اإللتزام
الفعلية
ّ ّإال أن خارج هذا الموقع القانوني لم يصغ الميثاق تصو اًر بالوسائل الكفيلة بالحماية
ّ
القضائية.
ّ لحقوق اإلنسان عن طريق توفير األدوات والوسائل اإلجر ّ
ائية و
نص ميثاق األمم المتحدة الصادر عام 1971على ضرورة تعزيز احترام حقوق اإلنسان
ّ
األساسية للناس جميعاً ،واإللتزام بالعمل من أجل الحفاظ عليها.
ّ والحرّيات
مقدمة
العالمي ّ ويتضمن اإلعالن
ّ فصدق في /17ك،1971/1 أقر اإلعالن وعض على األمم المتحدة ّ ّ
ّ
البدنية .واذا ما أردنا تصنيف هذه الحقوق لجعلناها
ّ نكرس حقوق المساواة والحرّية والسالمة
مادة ّ
وثالثين ّ
ضمن أربع فئات:
الشخصية لألفراد.
ّ الفئة األولى :الحقوق
الفئة الثانية :حقوق األفراد في مواجهة الجماعة.
السياسية.
ّ الفئة الثالثة :الحقوق اّلتي تتعّلق بالحرّيات ّ
العامة و
االجتماعية.
ّ االقتصادية و
ّ تتضمن اإلعالن عن الحقوق
ّ الفئة الرابعة:
السياسية
ّ المدنية و
ّ ثم دأب المجتمع الدولي على اصدار شرعين عام ،1922األولى تتعّلق بالحقوق
ومن ّ
االجتماعية.
ّ االقتصادية و
ّ والثانية بالحقوق
47
األوروبية لحقوق اإلنسان عام :1680
ّ اإلتفاقية
ّ ثالثاً:
األوروبية لحقوق
ّ اإلتفاقية عن اإلعالن العالمي هو وجود أجهزة حماية ( اللجنة
ّ يميز هذه
ما ّ
ّ
األوروبية لحقوق اإلنسان ،لجنة الوزراء مجلس أوروبا).
ّ اإلنسان ،المحكمة
االقتصادي
ّ االستشارية لدى المجلس
ّ حكومية ذات الصفة
ّ الدولية غير ال
ّ خامساً :المنظمات
المعنية بحقوق اإلنسان:
االجتماعي و ّ و
ّ
االقتصادي واالجتماعي
ّ الحكومية ذات الصفة االستشارّية لدى المجلس
ّ الدولية غير
ّ النظمات
ّ
والمعنية بحقوق اإلنسان:
الدولية.
ّ منظمة العفو
الدولية للقوانين.
ّ اللجنة
وحريات األفراد:
ّ األساسية لحقوق
ّ الفصل الرابع :الضمانات
قانونية له مرتكزات
ّ إن النظام القانوني الهادف إلى تنظيم وحماية ميدان الحرّيات وضبطه بأدوات
ّ
ّ
القانونية.
ّ السياسية و
ّ أساسية تتمثّل بالضمانات
ّ ومبادىء
السياسية:
ّ األول :الضمانات
المبحث ّ
القانونية:
ّ ّأوالً :الدولة
القانونية .فقيام
ّ العامة ّإال في ظل الدولة
ّ ال يمكن الحديث عن ضمانات للحقوق والحرّيات
48
القانونية خضوع الدولة للقانون في جميع مظاهر نشاطها من حيث االدارة ،أو
ّ ويعني نظام الدولة
التشريع ،أو القضاء .وعلى هذا النحو تخضع جميع سلطات الحكم في الدولة للقانون ّ
وتتقيد بأحكامه.
ويقصد بمبدأ خضوع الدولة للقانون تحقيق صالح األفراد وحماية حقوقهم ضد ّ
تعسف السلطة
تشكل
البوليسية ّ
ّ القانونية وال يخضعون ألحكامه .والدولة
ّ تصور نظام الدولة
واستبدادها .وال يمكن بالتالي ّ
الحق
ّ القوة بغير
"أن الحق بغير قوة ال حول له ،ولكن ّ
النقيض للدولة يقول العميد دوغي ّ :Duguit
يوجهها ويقيدها الحق".
فالقوة يجب أن ّ
بربرّيةّ ،
اطية:
ثانياً :الديمقر ّ
إذا كان مبدأ خضوع الدولة للقانون الشرط الضروري والالزم لضمان احترام الحرّيات ّ
العامة،
السياسية
ّ القانونية في جميع النظم
ّ تصور نظام الدولة
يشكل الشرط الكافي لتحقيقها .إذ ّأنه يمكن ّ
فإنه ال ّ
ّ
الفاشية كالهما دولة قانون من حيث خضوعها لقاعدة قا ّ
نونية اطية كانت أم ديكتاتورّية .فالنازّية و ّ
ديمقر ّ
بأي وجود مستقل عن كونه
األمةّ ،إال ّأنهما ال يعترفان للفرد ّ
تسمو على ارادة الحكام وهي مصلحة ّ
إن حقوقه هذه تضمحل أمام مصلحة بأية حقوق ّ
فردية ،إذ ّ فإنه ال يتمتّع ّ
عضواً في الجماعة وبالتالي ّ
كل ما يمكن أن يكون له من حقوق.
األمة وواجباته نحوها تطغى على ّ
ّ
49
مجلسياً ،المهم دائماً أن يكون في وسع الشعب اختيار حكامه بحرّية كاملة وأن ال يخفي
ّ ئاسياً أو
ر ّ
االختيار الدور ّي الشكلي تمديداً دورّياً مستم اًر.
ّ
وهذه الفكرة مستقاة من فكرة شهيرة لمونتسكيو يقول فيها" :ال تكون الحرّية مطلقة إذا ما
ألنه يخشى
التنفيذية في شخص واحد أو هيئة حاكمة واحدة ،وذلك ّ
ّ اعية والسلطة
اجتمعت السلطة االشتر ّ
أن يضع الملك نفسه ...قوانين جائرة لينّفذها تنفيذاً جائ اًر ...وكذلك ال تكون الحرّية إذا لم تفصل سلطة
التنفيذية .واذا كانت متحدة بالسلطة القاضي يصير مشترعاً.
ّ اعية والسلطة
القضاء عن السلطة االشتر ّ
التنفيذية أمكن للقاضي أن يصبح صاحباً لقدرة الباغي ..ولدى الترك ،حيث
ّ واذا كانت متحدة بالسلطة
السلطات الثالث في قبضة السلطان ،يسود استبداد فظيع".
50
يناط به فرض الجزاء على مخالفة القانون .فهل من الممكن أن يكون القضاء قاد اًر على فرض الجزاء
التنفيذية وهو خاضع أو تابع إلرادتهما؟
ّ يعية أو
على إحدى السلطتين التشر ّ
بطولية
ّ القانونية ،أثبتته مواقف
ّ واستقالل القضاء ،قبل أن تكرسه النصوص الدستورّية و
ولكننا إذا انتقلنا من بريطانيا اّلتي يعتمد استقالل القضاء فيها على األعراف والتقاليد أكثر
ّ
اطية المعاصرة اّلتي تحررص على استقالل القضاء تنقسم إلى
فإننا نجد األنظمة الديمقر ّ
من النصوصّ .
التنفيذية كما هي
ّ يعية و
فئتين :فئة تعتمد طريقة انتخاب القضاء لضمان استقلرالهم عن السلطتين التشر ّ
الحال في الواليات المتحدة واالتحاد السوفياتي ،وهذه هي الوسيلة الّتي تخيلها مونتسكيو بقوله" ينبغي
أال توكل سلطة القضاء إلى هيئة دائمة ،بل يمارسها أشخاص ينتقون من مجموع الشعب في أوقات
معين أو بهيئة
فإن سلطة القضاء ما دامت غير مناطة بمجلس ّ
معينة من السنة ...وعلى هذا النحو ّ
51
خافية ومعدومة" غير أن انتخاب القضاء وان كان يؤمن استقالل القاضي
معينة تغدو إن صح التعبير ّ
ّ
تقل خط اًرعن رغبات الحاكمين، فإنه يخضعه لرغبات الناخبين اّلتي ال ّخاصةّ ،
التنفيذية ّ
ّ تجاه السلطة
يؤديها القاضي وهي إقامة العدل دون محاباة بين الحكومة المهمة اّلتي يجب أن ّ
ّ مما ال يتفق مع
ّ
والمواطنين أو بين طبقات المجتمع وفئاته فال يخضع ّإال للقانون ثم لضميره ووجدانهّ .
أما الفئة الثانية
فإنها ،مع إبقائها على تعيين القضاء من قبل السلطات
اطية ّ
الغالبية العظمى من الدول الديمقر ّ
ّ اّلتي تشمل
سيما
وتجرد ال ّ
ّ التنفيذية تسعى إلى إيجاد تنظيم قانوني أو إدار ّي ّ
يؤمن استقالل القضاء لمهامه بكفاءة ّ
تنص "
المادة /27/منه اّلتي ّ
بتكريس هذا االستقالل في صلب الدستور كما فعل الدستور اللبناني في ّ
أن القضاة مستقلون في إجراء وظيفتهم وتصدر الق اررات واألحكام من قبل المحاكم وتنّفذ بإسم الشعب
ّ
قيتهم ونقلهم وتأديبهم وعزلهم،
قضائية عليا تشرف على تعيين القضاة وتر ّ
ّ ثم بإنشاء هيئات
اللبناني"ّ ،
ّ
كيفية
وهذه الهيئات تسمى عادة بمجلس القضاء األعلى كما هي الحال في فرنسا ولبنان مع تباين في ّ
حل
أن هذه الدول جميعها لم تصل بعد إلى ّالصالحياتّ ،إال ّأنه ال ّبد من اإلشارة إلى ّ
ّ التأليف واتّساع
مثالييضمن استقالالً كامالً للقضاء ،وما زلنا نجد احتجاجات ترتفع حتّى في أعرق الدول الديمقر ّ
اطية ّ
التنفيذية على القضاء ومداخالتها غي سير العمل القضائي.
ّ من هيمنة السلطة
عية:
رابعاً :مبدأ الشر ّ
52
يعيةاّلتي بقي البرلمان
التنفيذية ،فاألعمال التشر ّ
ّ اختصاص البرلمان وما هو من اختصاص السلطة
نصت المادة 37عليها ،وفي هذه المواد ،يمارس البرلمان محتفظاً بإختصاصه فيها ،هي اّلتي ّ
المادة 37المذكورة تتعّلق بوجه
نصت عليها ّ اختصاصه ،بشكل قانون يصدر عنه ،وهذه األمور اّلتي ّ
نسية ،كما للحقوق السياسّية
اطية الفر ّ
تصادي ،للديمقر ّ
ّ عام ،بما يؤّلف االطار السياسي واالجتماعي واالق
ّ ّ
الشخصية ،واإلجرام والعقوبات ،واالنتخابات...
ّ الجنسية واألحوال
ّ األساسية للمواطنين ،و
ّ والضمانات
أهمية هذا المبدأ تبرز من ناحيتين :من حيث مضمون القانون في األصل ،ومن حيث
و ّ
شخصية وال يعد
ّ مجردة وغير
عامة ّصيغة إق ارره في الشكل .فالقانون كما هو متعارف عليه له صبغة ّ
المادة
نسي في ّ أكد ذلك إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الفر
العامة .وقد ّ
بالتالي أداة اعتداء على الحرّيات ّ
ّ
العامة" .ولذلك يجب أن يكون مضمونه عاماً السادسة منه حيث عرف القانون ّ
بأنه " التعبير عن اإلرادة ّ
بأن
ومجرداً ال يتعّلق بأشخاص معنيين كما هي حال الق اررات اإلدارّية ،ومع ّأنه من الصعب االدعاء ّ ّ
القانون دائماً يمثّل العدالةّ .إال ّأنه يبقى أكثر عدالً وأكثر مالئمة لصالح المجتمع واألفراد ،من القرار
أما صيغة إقرار القانون
معينةّ .
معين أو حالة ّ
الفردي اّلذي يصدر آخذاً بعين االعتبار مصلحة شخص ّ ّ
مانية أثناء
علنية المناقشات البرل ّ
سيما ّ
العلنية وال ّ
ّ العلنية منذ إعداده حتّى إق ارره ونشره ،وهذه
ّ فتعتمد على
تشكل ضمانة
إق ارره واّلتي يمكن للرأي العام أن يضطلع عليها من خالل وسائل اإلعالم المختلفة ،فهي ّ
العامة. كافية لكي يبدي الرأي العام رأيه في القانون اّلذي يصدر عندئذ ّ
معب اًر عن اإلدارة ّ ّ
الحقيقية للقواعد
ّ عدة إشكاالت حول القيمة
عية آثار وما يزال ّ
أن مبدأ الشر ّ
ونشير هنا إلى ّ
العامة ،سواء كانت تلك الّتي تسمو عليه كالدستور واألحكام األخرى غير القانون في ّ
تعرضها للحرّيات ّ
مقدمتها ،فما يرد في صلب الوثيقة الدستورّية ال جدال
أو اّلتي تدنو منه كالمراسيم الدستورّية أو في ّ
ومحددة .ولكن االختالف
ّ حول قيمته الّتي تسمو على القانون عندما تكون هذه األحكام والقواعد واضحة
مقدمة الدستور .كشرعة سنة 1419اّلتي
العامة في ّ
ّ يقع عندما ترد هذه األحكام المتعّلقة بالحرّيات
يتردد في القول
مقدمة دستور ،1972فالبعض لم ّ
مقدمة دستور 1491وما تالها حتّى ّ وضعت في ّ
53
بأن لها قيمة تساوي النصوص الدستورّية أو حتّى تعلوها ،والبعض اآلخر اعتبرها ّ
مجرد عرض للمبادىء ّ
قانونية تعلو على
ّ قانونية .فالعميد دوجي Duiguitجعل لهذه الشرعات قيمة
ّ بقوة نفاذ
الفلسفية ال تتمتّع ّ
ّ
جميع النصوص بما فيها الدستور ،واالستاذان إيسمان Esmeinوكاره دي ماليرغ Carré de Mabeg
قانونية ،وهناك فريق آخر من الفقهاء يميل
ّ بقوة نفاذ
الفلسفية ال تتمتّع ّ
ّ مجرد عرض للمبادىء
يريان ّأنها ّ
متساوية للقانون العاديّ .إال ّأنه منذ صدور
ّ بقوة
أن هذه الشرعات تتمتّع ّ حل وسط معتب اًر ّ
إلى اعتماد ّ
مقدمة دستور سنة 1972وشرعة سنة 1419لم يعد لهذا نسي لسنة 1911وتضمينه ّ الدستور الفر
ّ
مساوية لسائر األحكام الواردة في الوثيقة الدستورّية.
ّ مقدمة الدستور
الجدال الفقهي ّأية قيمة وأصبحت ّ
النص في مشروع قانون الموازنةأن ّ نسي في ّ 1943/11/24 قرر المجلس الدستور ّي الفر
وبناء عليه ّ
ّ
تلقائياً
ّ لعام 1947على تحديد شرائح للضرائب ثن تخفيض هذه الضريبة على اّلذين يقومون بالتصريح
أي 242ألف فرنك
عن مداخيلهم شرط أال تتجاوز قيمتها عن % 1من الشريحة األخيرة للضريبةّ .
العامة بنصه على الشرط األخير.
نسي سنوياً ،يعتبر مخالفاً لمبدأ المساواة أمام األعباء ّ
فر
ّ
التنفيذية
ّ عادة تفويض التشريع إلى السلطة
أن االعتراض على ّ
وتجدر اإلشارة إلى ّ
العامة لم يقتصر على العلماء والفقهاء الفرنسيين وحدهم،
اعية فيما يتعّلق بالحرّيات ّ
بموجب مراسيم اشتر ّ
العادة .فاألستاذ هارولد
بل هناك العديد من العلماء العرب واألجانب اّلذين أعربوا عن معارضتهم لهذه ّ
54
العادة أصالً ،والدكتور عبد الرزاق السنهوري يقول بهذا الصدد ّ
"أن السكي يعترض على دستورّية هذه ّ
إن المرسوم بقانون يقتضي قيام ضرورة
الدستور اشترط أن يكون إذن مشوباً بعيب عدم االختصاصّ ...
منطوياً على انحراف في
ّ العامة ،فالمرسوم بقانون يكون إذن
ّ عادة في صدد تنظيم الحرّيات
ال تقوم ّ
العامة عن
ّ يعية ،فيجب في كال االعتبارين أن يكون تنظيم الحقوق والحرّياتاستعمال السلطة التشر ّ
يقرها البرلمان".
طريق قوانين ّ
حرّيات األفراد ونشاطهم ال يمكن تقديرها ّإال بواسطة قانون صادر عن هيئة منتخبة ممثّلة ّ
لألمة وليس
يعتبر مبدأ المساواة المبدأ الدستوري األساسي اّلذي تستند إليه جميع الحقوق والحرّيات في
ّ
الدولية .وقد جعل المفكرون
ّ العالمية والمواثيق
ّ يتصدر جميع إعالنات الحقوق
ّ الوقت الحاضر ،واّلذي
أن المجتمع اّلذيالحقيقية وكفالة الحرّية " .إذ ّ
ّ اطية
األساسي للوصول إلى الديمقر ّ من المساواة المدخل
ّ
التام للحرّية"،
تنعدم فيه المساواة ،وتسوده روح التمييز والتفريق يصل به األمر في النهابة إلى اإلنكار ّ
األول للثورات الكبرى في العالم ،وكان انعدام المساواة هو الباعث على
ولهذا كانت المساواة هي الهدف ّ
نسية في القرن الثامن عشر.
األميركية والفر ّ
ّ قيام الثورتين
55
المؤسسة على األصل أو الجنس
ّ وال يهدف مبدأ المساواة إلى إزالة مظاهر التمييز بين األفراد
أو الّلغة أو العقيدة أو اللّون ،أو غير ذلك من األسباب فقط ،واّنما يهدف كذلك إلى تحقيق العدالة
للجميع ،وتمتعهم بالحقوق والحرّيات على قدم المساواة.
وتتنوع الحقوق اّلتي يجب أن يتساوى جميع األفراد فيها ،إذ تشمل المساواة أمام القانون اّلتي
ّ
السياسية بالنسبة
ّ ثم المساواة في ممارسة الحقوق
تعد نقطو البداية في التطبيقات المختلفة لمبدأ المساواةّ ،
ّ
العامة ،وأخي اًر المساواة أمام القضاء.
للمواطنين ،والمساواة في توّلي الوظائف ّ
ويقصد بالمساواة أمام القانون عدم التمييز أو التفرقة بين المواطنين في تطبيق القانون
ألي سبب من األسباب ،سواء بسبب الجنس أو األصل ،أو اللون ،أو اللّغة ،أو الدين ،أو العقيدة
عليهمّ ،
أو المركز االجتماعي أو المالي.
َ
المادة الثانية من االعالن العالمي لحقوق اإلنيان الصادر في العاشر من
نصت ّ وقد ّ
حق التمتّع بكافة الحقوق والحرّيات الواردة في
"لكل إنسان ّ
األول سنة 1971على المبدأ بقولها ّكانون ّ
هذا اإلعالن دون أن تمييز ،كالتمييز بسبب العنصر أو اللون ،أو الجنس ،أو اللغة ،أو الرأي السياسي،
أي رأي آخر ،أو األصل الوطني أو االجتماعي ،أو الثروة أو الميالد ،أو أي وضع آخر ،دون ّأية أو ّ
ّ
تفرقة بين الرجال والنساء".
56
اسية أمام القانون ولهم الحق
"كل الناس سو ّ
أن ّالمادة السابعة من اإلعالن ّ
كما جاء في ّ
ضد أ ّي تمييز
تساوية ّ في التمتع بحماية متكافئة دون ّأية تفرقة ،كما ّ
أن لهم جميعاً الحق في حماية م ّ
أي تحريض على تمييز كهذا".
يخل هذا اإلعالن ،وضد ّ
ّ
عبر جون لوك في عام 1297عن المساواة بين الناس أمام القانون بقوله " ّأنهم يجب
وقد ّ
معينة ،إذ يجب أن تكون هناكتتغير طبقاً لحالة ّ
مستقرة نشرت على الناس ،ال ّ
ّ أن يحكموا طبقاً لقوانين
قاعدة واحدة تطبق على الجميع ،ال فرق بين غني أو فقير ،وذي حظوة عند األمير ،وفالح وراء محراثه".
يعتبرون مواطنون للواليات المتحدة ،وللواليات اّلتي ينتمون إليها ،وال يجوز ّ
ألي والية أن تضع أو تنفذ
أ ّي قانون من شأنه أن ينتقص المزايا والحصانات اّلتي يتمتّع بها مواطنو الواليات المتحدة ،كما ّأنه ال
أي شخص داخل نظاق سلطانها من المساواة في الحماية أمام القانون".
تحرم ّ
ألي والية أن ّ
يحق ّ
57
إن
الطبيعية ،إذ ّ
ّ وفي دستور سنة 1493وضعت المساواة في المرتبة األولى من حقوق اإلنسان
أن المساواة حقاً ،وأرادت بذلك أن ترجحها على الحرّية.
نسية اعتبرت ّ
الوطنية الفر ّ
ّ الجمعية
ّ
فإن
اإلنسانيّ ، وبالرغم من تكريس مبدأ المساواة أمام القانون كما ّبينا ،ورسوخه في الضمير
ّ
الواقه العملي قد أظهر الكثير من المخالفات الصارخة ،كما حدث ويحدث في العديد من بلدان العالم
(جنوب أفريقيا) من تطبيق للتمييز العنصري.
58
السياسية لجميع المواطنين بدون تفرقة
ّ ولقد أعلنت الدساتير المختلفة مبدأ المساواة في الحقوق
أقرت حق االنتخاب للنساء فيأن معظم دول العالم ّ بسبب الجنس أو اللون أو حالة رق ّ
معينة .كما ّ
العالمية األولى سنة .1917
ّ أعقاب الحرب
العامة:
ّ للحريات
ّ القانونية
ّ المبحث الثاني :الضمانات
اإلدارية:
ّ ّأوالً :المراجعات
.1الطعن اإلداري:
التسلسلية.
ّ اإلسترحامية والمراجعة
ّ يظهر الطعن اإلدار ّي في صورتين :المراجعة
59
الخاصة:
ّ اإلدارية
ّ .2المراجعات
كيفية حماية
مقدمتها ّ
اطية في العصر الحديث مشاكل عديدة يأتي في ّ
تواجه األنظمة الديمقر ّ
تعسف السلطة وتسّلط المسؤولين اإلدارّيين اّلذين يقومون بتفسير القوانين وتنفيذها ،وعلى
المواطن من ّ
المرسسات لم تكن على
ّ أن هذه
المهمةّ ،إال ّ
ّ قضائية وادارّية للقيام بهذه
ّ مؤسسات
الرغم من وجود ّ
المستوى المطلوب سواء في بالدنا أو في بلدان العالم .ونظ اًر إلى اتساع دور اّلذي تقوم به الدولة في
ظف وتضاعفت سلطة األخير في تقرير مصير
العامة حيث تكاثرت العالقات بين المواطن والمو ّ
الحياة ّ
حقوق األفراد سلباً أو إيجاباً ،إذ تقذف الخيرات على البعض وتحجب عن البعض اآلخرّ ،
فإن هذا
فعالة تقوم بحماية المواطن
ظف استدعى البحث عن وسيلة ّ
التطور سواء في دور الدولة أو في دور المو ّ
ّ
وتصون حقوقه .فقد كانت السويد إحدى الدول اّلتي ّ
تنبهت لهذا الموضوع واستحدثت نظاماً مركزّياً في
أ .األمبيدشمن:
خصوصية المهام المعطاة له
ّ من الصعب إعطاء تعريف واضح لهذا النوع من الرقابة بسبب
محدودية انتشار هذا الجهاز في بلدان العالم.
ّ في بلد من البلدان ،وكذلك بسبب
العادية،
ّ استثنائية لمراقبة العمل اإلدار ّي توجد خارج إطار المراجعة
ّ بأنها أجهزة
ولكننا يمكننا القول ّ
ّ
وتسمح بالتالي بعرض النواعات اّلتي يتواجه فيها األفراد واإلدارة بطريقة أسرع من أجل الحصول على
نص الدستور السويدي لعام نتائج مقنعة .وقد نشأ هذا النوع من األجهزة ّأول ما نشأ في السويد إذ ّ
األساسية مراقبة مدى احترام القوانين والق اررات
ّ ومهمته
ّ 1179على إنشاء جهاز يعمل لحساب البرلمان
عدة دول كفنلندا بدستورها
المؤسسة عن السويد ّ
ّ من قبل القضاء والموظفين اإلدارّيين .وفيما اقتبست هذه
60
األميركية
ّ سنة 1919والدانمارك بقانون سنة 1917وانكلت ار ونيوزلندا سنة 1922وانكلت ار ووالية هاواي
سنة .1924
أن حق تعيين
تبنته ،على ّ
المؤسسة في جميع بلدان العالم الّتي ّ
ّ القانونية لهذه
ّ وتتفق األحكام
األمبيدشمن يعود إلى البرلمان غير ّأنها تختلف فيما بينها حول قبول الشكاوى من األفراد ،او حصر
تلقائياً على القضايا منا هي الحال في
ّ حق إحالتها بالبرلمان وحده أو منح األمبيدشمن حق وضع يده
بأنه لم
كل مواطن سويدي يشعر ّ تطور هذا الجهاز بشكل كبير فيما بعد وأصبح بإمكان ّ السويد ،حيث ّ
يتقدم بشكوى أمام األمبيدشمن ،واذا ما وجد هذا األخير
بأن ّ
موظفي اإلدارة ّ يلق المعاملة الالزمة من أحد
ّ
ظف أو حتّى مالحقته أمام القضاء. أن الشكوى محّقة ّ
فإنه يقوم بإحالة كتاب تأنيب إلى المو ّ ّ
كل أهمية هذا الجهاز الرقابي ال تتمثّل بعدد الشكاوى المرفوعة أمامه ّ
كل عام ،بل يحق ّ و ّ
مواطن بتقديم الشكاوى وبأن هذا الحق موجود.
لمانية لإلدارة:
ب .اللجنة البر ّ
أنشأ هذا الجهاز في مقاطعة كيبيك في كندا بموجب قانون صدر سنة ،1921وهو مقتبس
ولمدة وينص القانون على ّ
أن حق تعيين حامي المواطن يعود إلى البرلمان ّ ّ عن األمبيدشمن السويدي،
باألغلبية ذاتها ،ويمكنه تلقي الشكاوى
ّ األغلبية المطلوبة هي الثلثين وال يجوز عزله ّإال
ّ خمس سنوات و
61
تلقائياً على
ّ قضائية ،كما ّأنه له الحق في وضع يده
ّ من األفراد شرط أن ال يكون بإمكانهم تقديم مراجعة
القضية
ّ يتقدم بتقرير حول
المتضرر أو خشي تقديم الشكوى ،وبعد إجراء التحقيق ّ
ّ المخالفات إذا أهمل
أي إجراء تأديبيّ ،إال ّأنه
ظف مع مقترحاته بشأن تصحيح الوضع ولكن ليس له اتخاذ ّ إلى رئيس المو ّ
ّ
خاص إلى البرلمان أو يضمن ذلك في تقريره السنوي.
عند عدم اإلستجابة لمقترحاته يمكنه تقديم تقرير ّ
د .الوسيط:
إن فكرة إنشاء جهاز حقوق األفراد ويحمي حرّياتهم برزت في فرنسا مع بداية السبعينات حين
ّ
المفوض السامي الحامي لحقوق اإلنسان
تقدم سنة 1947عدد من النواب بإقتراح قانون إلنشاء وظيفة ّ
ّ
( )Haute Commissaire Defenseur de Droits de L’hommeكما وضع الحزب اإلشتراكي
المفوض البرلماني للحرّية ( Delegué Parlementaire à la
في برنامجه سنة 1942إنشاء وظيفة ّ
تقدمت الحكومة بمشروعها إلنشاء
الوطنية ّ
ّ الجمعية
ّ -)libertéوبعد أن تع ّذر إقرار هذه اإلقتراحات في
وظيفة الوسيط Le Médiateurوكان ذلك سنة 1943إذ صدر بقانون تاريخ 3كانون الثاني سنة
62
القضائية:
ّ ثانياً :المراجعات
المبنية والواضحة كما يقول البعض ّأنه من أجل ضمان حرّيات األفراد وحقوقهم
ّ إن من األمور
ّ
قضائية
ّ العادي ،أو لهيئة
ّ القضائية أن يكون لهيئة قضائية ( للقضاء
ّ يتصل بهذه الرقابة
ومما ّ
خاصة يطلق عليها المحكمة الدستورّية أو المجلس الدستوري) حق النظر فيما إذا القانون مخالفاً للدستور
ّ
فتقضي بعدم دستورّيته والغائه.
دستورية القوانين:
ّ .1الرقابة على
السياسية.
ّ الرقابة
القضائية.
ّ الرقابة
اإلدارية:
ّ عية األعمال
.2الرقابة على شر ّ
إن القضاء اإلدار ّي في النظم المزدوجة القضاء (كما هي الحال في فرنسا ولبنان) ال ينفرد
ّ
مهماً للقضاء
حي اًز ّ
عية األعمال اإلدارّية ،بل تترك قواعد توزيع االختصاص ّ
في رقابته على شر ّ
العدلي الجزائي والمدني إلجراء هذه الرقابة.
ّ ّ
حد السلطة.
اإلبطال لتجاوز ّ
التعويض.
63
العامة:
ّ للحريات
ّ المبحث الثالث :النظام القانوني
العادية:
ّ ّأوالً :الحاالت
العامة:
ّ للحريات
ّ .1الطابع النسبي
إن الفرد والوسط اّلذي يعيش فيه متالزمان او باألحرى ال ينفصالن .فاإلنسان ال يعيش ّإال في
ّ
مجتمع والمجتمع ال يستقيم أمره ّإال إذا ساده النظام والقانون.
أوال :التنظيم العقابي :حيث ال تتدخل السلطة مسبقاً لتنظيم ممارسة الحرّية.
ّ
ويتشعب بدوره إلى نوعين:
ّ ثانياً :التنظيم الوقائي :وتخضع له سائر الحرّيات ّ
العامة
نظام الترخيص المسبق.
نظام التصريح المسبق.
العامة:
ّ الحريات
ّ األساسية لتدخل اإلدارة في ممارسة
ّ .2المبادىء
عية اّلذي تخضع له اإلدارة في جميع ق ارراتها وأعمالها تحت رقابة القضاء
إضافة إلى مبدأ الشر ّ
فإن مجلس الشورى الفرنسي اّلذي مارس على حد تعبير ّ
مفوض وتحت طائلة البطالن أو التعويضّ ،
أساسية تحكم تدخل اإلدارة في
ّ قضائية على أعمال اإلدارة وضع ثالث قواعد
ّ الحكومة روميو وصاية
العامة.
ممارسة الحرّيات ّ
64
حرية األفراد في اختيار الوسيلة المناسبة إلحترام النظام العام:
أ .قاعدة ّ
فاإلدارة تملك تعييم الغاية الّتي تعتبرها جزءاً من النظام العام ،وتحديد ماهية االضطراب اّلذي
محددة بالذات لتفادي هذا
يجب على األفراد تفادي وقوعه ولكن ليس لها ان تفرض عليهم وسيلة ّ
السيارات حيازة اجهزة ضد الحريق (كالطفايات) ولكن ليس
اإلضطراب ،فيمكن لها مثالً أن تفرض على ّ
أن هذه القاعدة ليس لها صفة مطلقة بحيث
خاصةّ ،إال ّ
معينة أو ذات عالقة تجارّية ّ
لها أن تفرض أجهزة ّ
المحددة .مأن تفرض السلطات
ّ يكون لإلدارة أن ّ
تحدد هذه الوسيلة إذا كانت ضرورّية للوصول إلى الغاية
معينة دون أن تفرض ماركة بالذات.
البلدية وضع النفايات في مستوعبات ذات مواصفات وأحجام ّ
ّ
الشخصية
ّ بالحد من الحرّية
ّ سيما فيما يتعّلق
وللقضاء الفرنسي اجتهاذ غزير بهذا الشان وال ّ
سنتعرض له عند البحث في هذه الحرّيات ولكن ال ّبد من
ّ الدينية وحرّية التجمع
ّ وحرّية ممارسة الشعائر
اإلشارة منذ اآلن إلى الق اررين المبدئين سنة 1979بدعوى األب أوليفيه C.E 15 Février 1909
الشورى الفرنسي ّأنه ما لم تقم ضرورة للحفاظ على النظام العام تقضي بتدخل سلطة البوليس ّ
للحد من
فإن هذا التدخل يعتبر تصرفاً غير مشروع يستوجب التعويض.
حرّيات المواطنين ّ
65
ج .قاعدة التناسب:
التعرض وتبعاً
ألهمية الحرّية محل ّ
ّ تحد من الحرّية بقدر أكبر ،وهذا التناسب يختلف تبعاً
للسلطة أن ّ
أساسية كالحرّية
ّ المتعرض لها
ّ للظروف اّلتي يتم في ضوئها تقدير جسامة الخطر ،فإذا كانت الحرّية
العام
ّ يتهدد النظام
تعرض اإلدارة لها مشروعاً ما لم ّ
فإن القضاء ال يعتبر ّ
التجمع ّ
ّ الشخصية وحرّية
ّ
عادياً ومن واجب اإلدارة أن تحول دون وقوعه بوسائل أخرى
ّ إذا كان هذا الخطر أما
خطر جسيمّ ،
التجمع يعتبر غير مشروع.
ّ فإن الخطر اّلذي تفرضه الغدارة على هذا دون ّ
التعرض لحرّية التجمع ّ
العامة
ّ الفردية المتسامح بها واّلتي ال تدخل في صميم الحرّيات
ّ للتصرفات
ّ تعرض اإلدارة
ولكن ّ
التعرض يعتبر مشروعاً حتّى ولو كان بالمنع المطلق كمنع التخييم في
ّ ليست متالزمة معها ،هذا
العامة.
الساحات ّ
اإلستثنائية:
ّ ثانياً :الظروف
اإلستثنائية يسمو أمن الدولة وسالمتها على جميع اإلعتبارات بما فيها إحترام
ّ في الظروف
العامة مجاالً تجب حمايته
الفردية .وقد درج التقليد الليبرالي الكالسيكي على اعتبار الحرّيات ّ
ّ الحرّيات
أن
من السلطة ومن تدخلها بالدرجة األولى – ومن األفراد في عالقاتهم المتبادلة بدرجة أقل ّ .-إال ّ
تبنيها نوع من الخلل .فإذا كان هناك حماية واجبة
أن هذه النظرة جز ّئية ينشأ عن ّ
التطور الواقعي أثبت ّ
ّ
فإن هذه الحماية يجب أن تكون متوازنة بحيث تضمن ،من جهة ،حرّيات األفراد وحقوقهمّ ،
وتؤمن من ّ
جهة ثانية الحفاظ على االستقرار والنظام في المجتمع .فالحرّيات والحقوق املعترف بها لألفراد في
أي ّأنها محدودة بواقع ممارستها في مجتمع
نسبية وليست مطلقةّ ،
الدولة الحديثة هي عبارة عن إمكانات ّ
األساسية.
ّ معين مع ما ينتج عن ذلك من ضرورة الحفاظ على استمرار هذا المجتمع وبنياته
ّ
66
العامة:
ّ الحريات
ّ األول :ضوابط ممارسة
المبحث ّ
معنوية
ّ المادية للمجتمع هناك ُبنى
ّ األخالقية للمجتمع :فإلى جانب ُ
البنى ّ .2حماية المرتكزات
يقوم عليها ،تتمثّل بمجموع العادات والتقاليد والمعتقدات المشتركة التّي تفرض احترامها على
متغير تبعاً
العامة" هو مفهوم ّ
ّ أن مفهوم " اآلداب
خداً لها .مع اإلشارة إلى ّ
وتشكل ّ
ّ الحرّيات
لألمكنة واألزمنة.
.3حماية الكيان السياسي للمجتمع (الدولة) :ال يمكن أن يسمح لألفرالد ،تحت ستار ممارستهم
ّ
السياسية ليبر ّلية كانت
ّ بمؤسساتها ،أو ِبق َي ِمها
حد تهديد وجود الدولة سواء ّ
لحرّياتهم ،الوصول إلى ّ
ماركسية أم غير ذلك.
ّ أم
النسبية:
ّ ب .الضوابط
عامة ودائمة ،واّنما تبقى محدودة على صعيد الزمان
تطبق بصورة ّ
وهي ،بعكس الضوابط المطلقة ،ال ّ
أو المكان أو األشخاص الّين تصيبهم.
67
حريات بعض األفراد :األجانب ،الموظفين العامين ،رجال القوى المسّلحة....
.1الضوابط على ّ
استثنائية.
ّ .2الضوابط الناتجة بسبب ظروف
اإلستثنائية:
ّ العامة في الظروف
ّ الحريات
ّ المبحث الثاني :ضوابط ممارسة
اإلستثنائية:
ّ أ .حالة الظروف
نهائية لحالة الظرف االستثمائيّ ،إال إن اطالعنا
ومحدد بصورة ّّ بالطبع ليس هناك تعريف واحد
ّ
المادة 12من الدستور الفرنسي الحالي يعطينا فكرة عن المقصود بهذا المفهومّ .إنها الحالة اّلتي
على ّ
مهددة
الدولية ّ
ّ مؤسسات الجمهورّية ،استقالل الوطن ،سالمة أراضيه ،أو تنفيذ تعهداتهتصبح فيها " ّ
بصورة خطيرة وفورّية".
68
صالحيات
ّ اإلستثنائية ،تبعاً لمفهوم المادة 12المذكورة ،توسيع
ّ وينتج عن إعالن حالة الظرف
كل مجاالت الحياة
كل اإلجراءات اّلتي تفرضها هذه الظروف" في ّ
رئيس الجمهورّية بحيث يتخذ " ّ
يعية،
العامة بحيث تُعّلق الضمانات التي يوّفرها تدخل السلطة التشر ّ
ّ الوطنية بما فيها مجال الحرّيات
ّ
التنظيمية وسلطات البوليس ،وتباح اإلجراءات بحق األفراد المناقضة
ّ وتتوسع بشكل غير محدود السلطة
ّ
صالحيات القضاء العادي لصالح القضاء اإلستثنائي .بإختصار ُيعّلق العمل بمجمل
ّ للقانون ،وتضيق
العامة.
العام Droit Communللحرّيات ّ
النظام ّ
تعتبر ظروف تطبيق حالة الطوراىء أوسع مدى وأقل ارتباطاً بالصراعات العسكرّية من سابقيها.
69
المحدق الناتج عن مساس خطير بالنظام العام" ،كذلك في
ّ تطبق "في حالة الخطر
فهي ُيمكن أن ّ
العامة" كالفيضانات والزالزل واالنفجارات...
حالة " األخطار ّ
المشددة.
ّ ومن حيث اآلثار يمكن التمييز بين حالة الطوارىء البسيطة وحالة الطوارىء
-ينتج عن حالة الطوارىء البسيطة توسيع سلطات أجهزة البوليس اّلتي تبقى عاملة – بعكس ما
الفردية تضييقات كبيرة :منع التجول،
ّ رأيناه في حالة الحصار -ويمحكنها أن تفرض على الحرّيات
الجماعية يمكن أن
ّ ضع اإلقامة فيها لشروط ،اإلقامة الجبرّية ...الحرّيات
إقامة " مناطق أمن" تُ ْخ َ
تطالعها التضييقات أيضاً :إغالق صاالت السينما والمسرح ،وأماكن اإلجتماع.
المشددة فيمكنها أن تضيف إلى هذه النتائج اثنتين :التفتيش ليالً ونها اًر ،م ارقبة
ّ أما حالة الطوارىء
ّ -
الصحافة والمنشورات بجميع أنواعها ووسائل اإلعالم األخرى.
70
اللبنانية
ّ العامة في القوانين
ّ القسم الثاني :الحقوق و ّ
الحريات
التاريخية:
ّ أ .المصادر
أساسية بالنظام الطائفي اّلذي
ّ جماعياً ،مرتبطاً بصورة
ّ يخياً أخذت فكرت الحرّيات في لبنان شكالً
-تار ّ
االجتماعية .فحياة األفراد كانت ال تستقيم إال في نطاق الطائفة وبظلها ،من هنا كان
ّ طبع الحياة
تؤمن الحرّية لألفراد .فالفرد
الطائفية اّلتي إذا ما أصبحت كذلك ّ
ّ االهتمام ّأوالً بحرّيات المجموعات
الذاتية ّإال عن طريق الطائفة اّلتي ينتمي إليها.
ّ ال يتمتّع بحقوقه
أن مفهوم الحرّية تأثر بالوضع االجتماعي ونمط العالقات القائمة ،فقد تأثّر كذلك بعادات
-كما ّ
ّ
يخية سابقة حيث " كان أهل الذمة يفيدون منها (حرّياتهم
وتقاليد ومبادىء موروثة عن حقبات تار ّ
الدينية ،في تجارتهم وأموالهم
ّ األساسية) كما يفيد المسلمون في معتقداتهم وشعائرهم
ّ وحقوقهم
وتنقالتهم ،كما تدل على ذلك شواهد التاريخ الوفيرة ،بالرغم مما أصاب تلك الحرّيات ،في بعض
العهود ،من النكسات اّلتي تناولت المسلمين وأهل الذمة على السواء".
العثمانية أحد المصادر لمفهوم الحرّيات في لبنان فقد انبثقت
ّ تشكل المبادىء الواردة في التشريعات
ّ -
71
الوضعية:
ّ ب .المصادر
شكلية بالمفهوم القانوني/
العامة في لبنان هي أصول ّ
إن المصادر المباشرة لمفاهيم الحرّيات ّ
ّ
-أحكام الدستور.
الوضعية المختلفة.
ّ -القوانين
العالمية وتفرعاتها.
ّ -الشرعة
72
.7المساواة :أمام الواجبات والفرائض ّ
العامة.
يمكن التعليق على ما ورد في الدستور اللبناني بشأن المساواة بما يلي:
اّلتي تتقاسمها ،وتبقى موصدة بوجه أبناء الطوائف الصغرة اّلتي ال تُمثّل في مجلس النواب مثالً
األقليات.
ّ إال بمقعد واحد موصوف بمقعد
.3إدارّياً يتشابه الحال مع ما سبق .فالوظائف اإلدارّية بمراتبها العليا كالمديرّيات العامة مثالً
البدنية:
ّ الحريات
بّ .
تهدف هذه الفئة من الحرّيات إلى تأمين ضمانات تحيط بالكيان المادي لإلنسان (تحريم
القتل والسجن والتعذيب ،)..وبالمكان اّلذي يأويه (حرمة المنزل) ،وبتأمين حرّية حركته (حرّية التنقل)...
تركز هذا النوع من الضمانات في الدستور اللبناني في المادتين 1و .17
وقد ّ
73
الشخصية مصونة وفي حمى القانون وال يمكن أن
ّ نصت على أن “ الحرّية
.1فالمادة ّ 1
يقبض على أحد او يسجن أو يوقف إال وفاقاً ألحكام القانون ،وال يمكن تحديد جرم أو
تعيين عقوبة إال بمقتضى القانون”.
SÛRETÉ المادة مفهوم األمن الشخصيّ الفردية في هذه
ّ تأخذ الحرّية
ّ
PERSONNELLEلإلنسان وحمايته ضد التوقيف االغتباطي وضد اساءات السلطة
وتجاوزاتها غير المشروعة ،وذلك عن طريق توفير عدد من الضوابط:
-القاعدة األولى :أن تكون األعمال الحاجزة للحرّية ( سجن ،توقيف )...متفقة تماماً مع
القانون.
يحدد
يسمى "مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات" ،أي ضرورة أن ّ
-القاعدة الثانية :تتمثّل بما ّ
القانون األعمال المعتبرة جرائم من جهة ،وأن ّ
يحدد العقوبات المناسبة لكل منها من جهة
يشكل جرم ًا
بأنه ّ
بأنه ممنوع ،أو ّ
ثانية ،فالعمل اّلذي يقوم به إنسان ما ال يمكن وصفه ّ
فإن على القانون تقرير نوع وحجم
اجية ،بل يجب أن يقوم القانون بذلك .كذلك ّ
بصورة مز ّ
الجرمية.
ّ العقوبات لقمع األعمال
يعية وأداتها المتم ّثلة بالقانون ،فال يمكن لسلطة أخرى
إذن هذا األمر متروك للسلطة التشر ّ
بأنه ال يجوز
قضائية .نستنتج من ذلك ّ
ّ تنفيذية كانت أم
ّ المهمة
ّ في الدولة أن تقوم بهذه
اللجوء إلى القياس في هذه األمور .فال يمكن إنزال عقوبة اإلعدام بحق شخص ارتكب
جرماً ما ،قياساً على ما ارتكبه شخص آخر حكمت عليه المحكمة باإلعدام.
نصت على أن "للمنزل حرمة وال يسوغ ألحد الدخول إليه ّإال في األحوال أما المادة 17فقد ّّ .2
المشرع.
ّ والطرق المبينة في القانون" ،مما ّ
شكل تأكيداً لمبدأ تركت تفاصيله لمعرفة
بشخصية اإلنسان وهي حرمة
ّ .3إلى جانب حرمة المنزل تبرز حرية أخرى متّصلة هي أيضاً
المراسالت على أنواعها والّتي وردت أحكام بشأنها خارج نصوص الدستور اللبناني ،وذلك في
74
إطار قانون العقوبات (المادتان 149و ،)117قانون إدارة البريد والبرق ،قانون أصول
المدنية ( المادة .)127
ّ المحاكمتا
البدنية – فلم يرد ذكرها في الدستور
ّ أما حرّية التنقل – كإحدى الحرّيات الداخلة في فئة الحرّيات
ّ .7
اللبنانية بها ،فأمر تنظيمها ُمحال إلى السلطات
ّ اللبناني .ولكن هذا ال يعني عدم اعتراف القوانين
المعنية :أنطمة السير ،قوانين األمن العام...
الفكرية:
ّ الحريات
ّ ج.
بمجرد
ّ معنوياً ،وبالتالي ال يمكن الكالم عن توفر حرّيته
ّ مادياً وكياناً
يعتبر اإلنسان كياناً ّ
الدينية ،بحرّية
ّ حماية جسده ،بل يجب أن يرفق ذلك بحماية لفكره عن طريق االعتراف له بالحرّية
التعليم ،وبحرّية التعبير ووسائل اإلعالم.
.1ورد في المادة 9من الدستور اللبناني" :حرّية االعتقاد مطلقة ،والدولة بتأديتها فروض
الدينية تحت
ّ اإلجالل هلل تعالى تحترم جميع األديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر
حمايتها ،على أن ال يكون في ذلك إخالل في النظام العام ،وهي تضمن أيضاً لألهلين،
الدينية".
ّ الشخصية والمصالح
ّ على اختالف مللهم ،احترام نظام األحوال
ص مما يلي:
الن ّ
يمكن التعليق على هذا ّ
أن للمواطنين الحق باالعتقاد أو عدم االعتقاد .الحرّية
أي ّ
إن "حرّية االعتقاد مطلقة"ّ ،
ّأوالً – ّ
كل الحقوق الناتجة عن التعبير
باعتناق الدين اّلذي يختارون .الحرّية بتغيير دينهم .كذلك ّ
الدينية.
ّ عن الحرّية
إن الدولة "بتأديتها فروض اإلجالل هلل تعالى "..تعترف رسمياً بوجود خالق ،وهي
ثانياًّ -
نتيجة لذلك تعمل بوحي من هذا االعتراف مع احتفاظها بحياد مطلق تجاه الطوائف اّلتي
يتألّف منها الشعب اللبناني.
إن لبنان – بموجب الدستور – ليس لديه دين رسمي للدولة.
ثالثاً – ّ
ّ
75
الدينية :حرية الضمير أو اإليمان وحرّية
ّ األساسيين للحرّية
ّ رابعاً – تُ ِ
برز المادة الوجهين
قيد
الدينية .وتكفل األولى بصورة مطلقة كما ذكرنا سابقاً ،بينما تُ ّ
ّ العبادة أو ممارسة الشعائر
الثانية بضرورات عدم اإلخالل بالنظام العام وهذا أمر طبيعي.
الدينية في لبنان بالنظام الطائفي بحيث "يفرض
ّ خامساً -تبرز المادة مدى ارتباط الحرّية
الرسمية ،وهي وضعية تجعل حرّية
ّ بأن ينتمي إلى طائفة من طوائفه
كل لبناني ّ
على ّ
االجتماعية وممارسته
ّ أن اللبناني ال يستطيع أن يبقى طليقاً ،في حياتهمقيدة ،إذ ّ
الضمير ّ
ّ
السياسية ،من اإلطار الطائفي اّلذي ُولد فيه أو انتسب إليه".
ّ حقوقه
يتعرض لكرامة
يخل بالنظام العام أو ينافي اآلداب أو ّ
.2ورد في المادة " 17التعليم حر ما لم ّ
الخاصة،
ّ أحد األديان أو المذاهب ،وال يمكن أن تمس حقوق الطوائف من جهة إنشاء مدارسها
العمومية".
ّ العامة اّلتي تصدرها الدولة في شأن المعارف
على أن تسير في ذلك وفاقاً لألنظمة ّ
المادة نموذجاً من نماذج تكريس النظام الطائفي .فقد ضمنت حرّية التعليم لصالح
تعتبر هذه ّ
أن حرّية
المذهبية .كما تضمن للطوائف أيضاً ّ
ّ ضمنت لها حّقها بإنشاء المدارس
الدينية ،كما ّ
ّ الطوائف
التعرض لكرامة أحد األديان أو المذاهب.
مقيدة بضرورة عدم ّ التعليم ،اّلتي قد يمارسها األفرادّ ،
كنا ال نستطيع التعبير عنه والجهر به بمختلف الوسائل :صحافة ،سينما ،مسرح،
أي إذا ّ
فما قيمة الر ّ
إذاعة ،تلفزيون ....وكّلها وسائل لها قوانينها وأنظمتها وهي خاضعة لمبدأ الحرّية اّلذي ال ينتج عنه
إساءة بحق الغير أفراداً أو مجموعات.
76
الجماعية:
ّ الحريات
ّ د.
السياسية وقد ورد ذكرها في الشق الثاني من المادة 13
ّ ويسميها البعض أيضاً الحرّيات
الجمعيات كّلها مكفولة ضمن دائرة القانون".
ّ المذكورة سابقاً ..." :وحرّية االجتماع وحرّية تأليف
اإلقتصادية:
ّ الحريات
هّ .
يتطرق الدستور اللبناني إالّ لِ َح َق
ّ االقتصادية لم
ّ سمى بفئة الحرّيات
.1في إطار ما ُي ّ
ّ
الملكية في حمى القانون ،فال يجوز أن ينزع عن أحد الملكية وذلك في المادة ّ " :11
ّ
العامة وفي األحوال المنصوص عليها في القانون وبعد
ّ ملكه إالّ ألسباب المنفعة
تعويضه تعويضاً عادالً".
سد هذا
الوضعية ّ
ّ .2لم يضمن الدستور اللبناني حرّية التجارة والصناعة فتوّلت القوانين
الفراغ.
77
المبحث الثاني :مميزات الدستور اللبناني في مجال الحريات العامة
الميزات
تميزت الشرعة الفرنسية لحقوق اإلنسان والمواطن بطابع فلسفي وأعلنت حقوقاً كونية ال
تعود لزمن معين وبلد معين .اما الدستور اللبناني فقد كان اكثر تواضعاً ،فحصر اهتمامه بتنظيم
حقوق وحريات اللبنانيين .و لعل عنوان الفصل المخصص لهذه المسألة يعبر عن هذا االتجاه":في
اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم".
لم ترد في الدستور إشارة صريحة الى مرتكزات فلسفية محددة استند اليها .إال ان عدم
ظهور هذا األمر ال يعني انتفاءه .فالقانون اياً كان نوعه هو تلبية لحاجة اجتماعية ،و بالتالي لبيئة
اجتماعية معينة مع كل ما يحيط بها من مناخ فكري وفلسفي.
ضمن الدستور معظم الحريات التقليدية التي تشكل موجبات سلبية على عاتق الدولة ،ولم يلحظ
الحقوق االجتماعية .و يرد البعض ذلك الى ضعف امكانات الدولة غداة االستقالل و عدم قدرتها
على التورط في هذا الميدان.
وردت المواد التي عالجت موضوع الحريات العامة في صلب الدستور اللبناني ،مما ألغى
امكانية الجدل حول القيمة القانونية لهذه النصوص كما حصل في المؤسسات الدستورية الفرنسية
فيما يتعلق باإلعالنات و المقدمات الدستورية.
تضمن الدستور مجموعة من الحريات دون غيرها من غير ان يعني ذلك ان الحريات،التي
ّ
لم تذكر في الدستور،غير معترف بها و غير موجودة .فقد يبادر المشرع الى االقرار بها إما صراحة
78
و إما بسكوته .فالحرية هي المبدأ العام و كل عمل لم يحظره القانون هو مبدئياً مشروع .لكن هذه
القاعدة في غاية المرونة و يعود للقضاء في كل مرة ان يدّقق في توفر مبدأ الحرية او انتفائه.
تعتبر المبادئ الواردة في النصوص الدستورية بمثابة قواعد ملزمة للسلطة التنفيذية،
للمشرع نفسه الذي يبقى ح اًر بتعديلها زيادة أو نقصاناً أو إلغائها عن
ّ واإلدارة ،و لكنها غير ملزمة
طريق قوانين جديدة .فقد صيغت هذه النصوص وفق نمط واحد مرتكز على "مبدأ أولوية القانون"،
هذا المبدأ الذي يجعل من القانون األداة األساسية لتقييد وتنظيم الحريات .إال ان السؤال الذي يطرح
في هذا المجال هو مدى جدية هذا األسلوب في تأمين عدم انتهاك الحريات العامة خصوصاً في
غياب الرقابة على دستورية القوانين في لبنان؟
يتبين من االطالع على احكام الدستور اللبناني عدم اعتماده نظرية الرقابة الدستورية على
ّ
القوانين ،مكتفياً بما يسميه فقهاء القانون الدستوري "الرقابة الشائعة" التي أقر بها لرئيس الجمهورية عن
طريق حلفه لليمين الدستورية عند ارتقائه سدة الرئاسة وذلك كما جاء في نص هذه اليمين في المادة
17من الدستور ":أحلف باهلل العظيم اني احترم دستور األمة اللبنانية وقوانينها واحفظ استقالل الوطن
اللبناني وسالمة اراضيه".
فبأدائه هذا القسم ،يلتزم رئيس الجمهورية ،بالدرجة األولى ،باحترام الدستور ،بجانب احترامه القوانين
المرعية.
إن النتيجة القانونية المترتبة على هذا التعهد هي انه من واجب رئيس الجمهورية ،عندما تحال
اليه القوانين ،التي يكون البرلمان قد أقرها ،التدقيق في سالمة هذه القوانين ،حتى اذا وجد فيها ما يخالف
احكام الدستور او المبادئ الدستورية األساسية ،وال سيما الحريات العامة والحقوق الفردية ،عمد الى
79
استعمال السلطة ،التي منحته اياها المادة 14من الدستور ،بالطلب الى المجلس اعادة النظر في
القانون ،ومناقشته ثانية ،مع لفت انتباه المجلس الى األسباب التي دفعته الى استعمال هذه الصالحية
الدستورية.
واذا ما أصر المجلس على هذا القانون الذي يرى فيه رئيس الجمهورية تلك المخالفة الدستورية،
يصبح بوسعه عندئذ ان يلجأ الى حل المجلس ،وفقاً للمادة 11من الدستور.
ب.الرقابة المختصة:
اذا كان الدستور قد أقر لرئيس الجمهورية بصالحية الرقابة الشائعة ،فان النظام الدستوري
ينص على جهاز معين أوكلت اليه مهمة الرقابة الدستورية المختصة ،كما ان الرأي قد استقر
اللبناني لم ّ
على عدم صالحية السلطة القضائية بان تمارس رقابة من قبلها على دستورية القوانين المطلوب اليها
تطبيقها .و قد استند هذا الرأي على المادة الثانية من قانون اصول المحاكمات المدنية الصادر عام
1933التي جاء فيها" :ال يجوز للمحاكم النظر في صحة اعمال السلطة االشتراعية ،سواء أكان من
جهة انطباق القوانين على الدستور ام من جهة انطباق القوانين على الدستور ام من جهة انطباق
المعاهدات السياسية على قواعد القانون الدولي العام."...
لقد استمر الواقع الدستوري للحريات العامة في لبنان على ما هو عليه منذ عام ،1922
تاريخ وضع الدستور .و كانت المحاولة األولى لتطوير هذا الواقع هو ما قامت به "لجنة اإلصالح
الدستوري" في إطار عملها لوضع مشروع لدستور جديد للبالد .فقد توصلت هذه اللجنة بعد 12
المتضمن 24مادة بعنوان "احكام اساسية".
ّ اجتماعاً الى صياغة الباب األول من مشروع الدستور و
80
بالطبع ال يهمنا من هذا الباب كل ما ورد فيه ،بل مجموعة المواد المتعلقة بموضوع الحريات العامة
( من المادة 13الى المادة ،)24و التي يمكن التعليق عليها بما يلي:
.1من حيث الشكل يبلغ عدد المواد التي تعاج مسألة الحريات العامة في الدستور الحالي ثمانية
يضاف اليها المادة 91الشهيرة .بينما يبلغ عدد هذه المواد في المشروع الجديد 11مادة.
.2من حيث المضمون تعكس هذه الزيادة في عدد الحريات و الحقوق و المنصوص عنها.
فباإلضافة الى مسائل :المساواة ،الحرية الشخصية ،حرية االعتقاد ،حرية التعليم ،تولي
الوظائف العامة ،حرمة المنزل ،حق الملكية ،التي وردت في الدستور الحالي ،يتطرق
المشروع الجديد الى :حرية االتصال ،حرية االقامة ،الحق بالعمل ،حق االنتخاب ،حق
االضراب ،اللجوء السياسي.
.3يعكس المشروع التركيز على اهتمامات معينة منها مثالً:
أوالً -دخوله بأمور تفصيلية ذات طابع اجرائي لحماية الحرية الشخصية.
تحدد اقامته ،او ان تقيد حريته في
-ال يجوز ان يقبض على احد ،او ان يوقف ،او ان ّ
التنقل ،او ان يخضع إلجراءات امن و تحقيق او ان يحبس إال بقرار من السلطة القضائية.
-يخضع القبض في حالة الجرم المشهود ،و في الحاالت التي يحددها القانون لرقابة القضاء
وال يدوم اكثر من ثمانية وأربعين ساعة إال بقرار من السلطة القضائية ،و يحظر ايذاء الشخص
جسدياً او معنوياً في اثناء التحقيق او التوقيف.
-يضمن القانون ممارسة حق الدفاع.
ثانياً :دخوله بأمور تفصيلية فيما يتعلق بحرية التعليم التي ارتقت معه لمرتبة الحق و الواجب:
-التربية الوطنية و التعليم حق للمواطن و التعلم واجب عليه.
-التعليم إلزامي بالتساوي بين جميع المواطنين حتى نهاية المرحلة التكميلية.
-التعليم الرسمي،بما فيه رعاية النشئ بدنياً و عقلياً و ُخُلقياً ،مجاني ،و تقوم الدولة بإنشاء
المدارس و المعاهد الجامعية و المؤسسات التربوية الالزمة.
-التعليم الخاص حر للجميع.
81
ثالثاً :دخوله بأمور تفصيلية فيما يتعلق بحرية االجتماع:
بالرغم من أن هذه النصوص ال تتعدى كونها مشروعاً لدستور جديد إال أنها تكتسب اهمية باعتبار
انها تشكل اشارات لالتجاهات الحالية لمسألة الحريات العامة في لبنان ،من هنا وجب االطالع عليها.
82
اللبنانية
ّ العامة في التشريعات
ّ الحريات
ّ الفصل الثاني:
إن االطالع على أحكام الدستور اللبناني ال يكفي لمعرفة كامل اإلطار القانوني لمسألة
ّ
أن فئة كبيرة من تلك الحرّيات والحقوق قد وردت مبادئها وضماناتها العامة في لبنان ،إذ ّ
الحرّيات ّ
الوضعية المختلفة :القانون الجزائي ،القانون اإلداري ،القانون المدني،
ّ مبعثرة في أحكام القوانين
ّ
جهة ما توّفره للحريات والحقوق من ضمانات شتّى ،أم اًر مما يجعل "احصاؤها من ّ قانون العملّ ...
متع ّذ اًر."...
عامة
هذا الواقع يدفعنا لتبني األسلوب االنتقائي .بمعنى ّأنه ،مع إستحالة إجراء جردة ّ
فإننا سنلجأ إلى
العامةّ ،
ّ ونوعية معالجتها للحرّيات
ّ اللبنانية لإلطالع على كيفية
ّ لجميع القوانين
الوضعية.
ّ العامة لندرسها في إطار القوانين
مقاربة بعض الحرّيات ّ
الى جانب ما ورد في المادة 1من الدستور اللبناني حول الحرية الفردية ضمنت القوانين الوضعية
المختلفة هذه الحرية.
تدبير احترازي او اصالحي من اجل جرم لم يكن القانون قد نص عليه حين اقترافه".
83
كذلك وردت في المادة ": 12ال ُيقضى باي تدبير احترازي او اي تدبير اصالحي إال في
الشروط و األحوال التي نص عليها القانون".
هذه المواد هي تطبيق لمبدأ "ال جرم بدون نص" بحيث ال يجوز ان يالحق انسان بسبب
عمل لم يكن يوصف بالجرم عندما ارتكب ،و اي عمل ال يمكن ان ينعت بانه جرم إال
بواسطة القانون.
-2شرعية العقوبات:
ورد في المادة 2من قانون العقوبات " :ال ُيقضى باي عقوبة لم ينص القانون عليها حين
اقتراف الجرم".
كما ورد في المادة ": 129من حرم آخر حريته الشخصية ..عوقب األشغال الشاقة المؤقتة".
كذلك ورد في المادة ":324كل موظف أوقف أو حبس شخصاً في غير الحاالت التي ينص عليها
القانون يعاقب باألشغال الشاقة المؤقتة"
اما قانون اصول المحاكمات الجزائية فقد ورد في المادة 724منه:
"كل من علم بتوقيف احد الناس في أمكنة غير التي اعدتها الحكومة للحبس و التوقيف يلزمه ان يخبر
بذلك المدعي العام او معاونه او قاضي التحقيق او قاضي الصلح".
واذا أهمل هؤالء القيام بمبادرة لمعالجة ذلك "فيعدون شركاء في جريمة حجز الحرية الشخصية
وتجري التعقبات بحقهم بهذه الصفة" (المادة 721أصول جزائية).
هذه المواد هي تطبيق لمبدأ "ال عقوبة بدون نص" .فالقانون ،بعد ان يحدد الفعل المعتبر جرماً،
يحدد العقوبة لكل جرم ،و بالتالي يمتنع األفراد ،كما يمتنع على الموظفين ،التصرف بحرية الناس على
هواهم .فعملية انزال العقاب تمتلكها سلطة بالدولة بصورة حصرية ،وهي تمتلكها ضمن اطار ضوابط
يحددها القانون.
84
-3عدم رجعية القانون:
ورد في المادة 3من قانون العقوبات " :كل قانون يعدل شروط التجريم تعديالً ينفع المدى
عليه يطبق على األفعال المقترفة قبل نفاذه ما لم يكن قد صدر بشأنها حكم مبرم".
كذلك ورد في المادة " :1كل قانون جديد يلغي عقوبة او يقضي بعقوبة أخف يطبق على الجرائم
المقترفة قبل نفاذه ما لم يكن قد صدر بشأنها حكم مبرم".
فأي عمل ال يعتبر جرماً إال بوجود نص يصفه بذلك .اما اذا قام فرد ما بعمل بتاريخ معين ثم
صدر بعد هذا التاريخ نص قانوني يعتبر هذا العمل جرماً فان هذا النص ال يطبق على االفعال السابقة
على صدوره.
اكثر من ذلك فان قانون العقوبات (المواد 3و )1قد اعتبر ان مبدأ الرجعية يصبح واجب
التطبيق اذا كان المتهم يستفيد من خالله من قانون ارحم .بمعنى انه بصدد الجرم الذي ارتكبه المتهم،
اذا تعاقب قانونان ثانيهما ارحم من النص الذي ارتُكب الجرم في ظله ،طبق القانون الثاني وهذا يعني
ان القانون الثاني وهو األرحم يطبق على جرم ارتكبه المتهم في ظل قانون سابق ،إال اذا كان قد صدر
حكم نهائي.
-اذا صدر بتاريخ الحق للفعل الذي وصف بالجرم ،قانون ارحم بحيث ينزع عن الفعل صفته
الجرمية ،طبق القانون الثاني.
اذا صدر بعد ارتكاب الجرم قانون يخفف العقوبة يطبق القانون الثاني ألنه األرحم.
85
ب.الحماية على الصعيد التطبيقي:
المخولة
ّ اذا كان القانون هو األداة لتحديد الجرائم و العقوبات ،و اذا كانت السلطة القضائية هي
تطبيق القانون ،فان هناك اجهزة اخرى في الدولة يمكن بحكم عملها ان تتطاول على الحريات الفردية.
من هنا كان ال بد من تحديد هذه األجهزة و اخضاع عملها لضوابط .هذا ما فعلته المراسيم االشتراعية
المختلفة المتعلقة بتنظيم قوى األمن الداخلي و تحديد حقوقها و واجباتها و نمط عالقتها مع المواطنين.
-1فاستجالء الهوية هو اذن حق معطى لرجال الشرطة و بالتالي ال يشكل تطاوالً على حريات
األفراد ،اذا بقي في اطار الغاية التي وجد من اجلها أال وهي "التثبت من هوية األشخاص
وقانونية احوالهم الشخصية وشرعية وجود األجانب منهم على األراضي اللبنانية واكتشاف
المشبوهين والمطلوبين للعدالة .وتتم عملية استجالء الهوية عن طريق الطلب الى اصحاب
العالقة ابراز المستند الرسمي الذي يثبت هويتهم والتدقيق في هذا المستند واستكمال العملية عن
طريق االستقصاء بما فيه التعريف عنهم من قبل اشخاص آخرين" (المادة 271من المرسوم
.) 13\173
86
-2اما تفتيش األشخاص فهي عملية تهدف الى "التثبت مما اذا كانوا ينقلون مواد يحظر
القانون نقلها" .و"يمكن ان تتناول عملية التفتيش جسد الشخص والمالبس التي يرتديها دون
استثناء واألشياء التي ينتقل فيها".
و"ال يجوز ان يفتش ان يفتش النساء واألشياء التي يرتدينها إال نساء".
-3باإلضافة الى ما ذكرنا اعطي رجال الشرطة حق توقيف األشخاص مما قد ينتج عنه مس
كبير بحريتهم الفردية ،لذلك كان ال بد من ضبطه .فلكي يكون قانونياً يجب على رجال الشرطة
اللجوء الى هذه الوسيلة في الحاالت التالية:
-تلقائياً في حالة الجناية المشهودة او الجنحة المشهودة التي تكون عقوبتها الحبس على ان
ُيعملوا في الحال المرجع القضائي المختص و يتقيدوا بتعليماته”.
باإلضافة الى حاالت التوقيف اآلنف ذكرها" :يمكن رجال الشرطة اللجوء الى التوقيف
الوقائي ذي الطابع اإلداري عندما يشكل ترك الشخص طليقاً خط اًر على نفسه او على الغير،
السكر الظاهر أو ما شابه ،او في سبيل التثبت من وضع الشخص المشتبه
كمن كان في حالة ْ
به او المشكوك في صحة هويته".
87
وقد أتت المادتان 214و 211من المرسوم االشتراعي 13\173لتحددا الروحية التي
يجب ان تسيطر على عمل رجال األمن الداخلي حيث نصت األولى على ما يلي:
"ال يجوز لرجال الشرطة في غير الحاالت التي نص عنها القانون ان يزعجوا الناس في حريتهم
الشخصية" .اما الثانية فقد ورد فيها " :على رجال الشرطة عندما يمارسون صالحياتهم اإلك ارهية
تجنب كل عنف ال تقتضيه الضرورة".
البدنية:
ّ الحريات
ّ المبحث الثاني:
الحق في الحياة:
ّ .1
الطبيعية لإلنسان واللصيقة
ّ اإلنسانية وهو من الحقوق
ّ يأتي الحق في الحياة في طليعة الحقوق
الدولية .وبذلك يكون لك ّل إنسان الحق الطبيعي
ّ المؤسسات
أكدت ذلك مختلف المواثيق و ّ بشخصه ،ولقد ّ
ّ
أي فرد من حياته بشكل تعسفي. الحق وال يجوز حرمان ّ
ّ في الحياة ويحمي القانون هذا
88
اإلنسانية:
ّ للشخصية
ّ القانونية
ّ ّأوالً :الحماية
واألسئلة المطروحة أيضاً في هذا السياق تتصل بمفاهيم القتل إشفاقاً وقتل المرحمة.
ياضية وألعاب
كما يمتد إلى أبعد من ذلك ليشمل تعريض حياة اإلنسان للخطر عبر الممارسات الر ّ
التشرد.
التسول و ّ
ّ اللهو ،وفي هذا اإلطار أيضاً نسأل عن
الجسدية:
ّ الحق في األمن الشخصي والسالمة
ّ
الجسدية:
ّ الحق في السالمة
لقد ازدادت في السنوات األخيرة أعمال التعذيب والعقويات والمعامالت القاسية وغير
العلمية دون الرضى الحر ألصحاب
الطبية و ّ
ّ اإلنسانية أو المحطة بالكرامة ،كما ازدادت أعمال التجارب
ّ
العالقة .وبالتالي هناك نوعين من االنتهاكات اّلتي من الممكن أن تصيب األمن الشخصي والسالمة
ّ
الجسدية لإلنسان:
ّ
89
عية:
عية واإلنتهاكات غير الشر ّ
اإلنتهاكات الشر ّ
المؤسسات
ّ يميز الدولة عن غيرها من
أن أهم ما ّ
عية نشير إلى ّ
ففيما يتعّلق باإلنتهاكات الشر ّ
المادي ،وبالتالي ال تعتبر مشروعة إال اإلنتهاكات الّتي تبتغي
ّ االجتماعية هو احتكارها لعامل اإلكراه
ّ
العامة( .االعدام واالجبار على تلقي العالج).
العام والصحة ّ
جماعية ،كالنظام ّ
ّ مصالح
يتأمن هذا الحق من خالل تأمين اإلجراءات الالزمة في التّحقيق وفي سير المحاكمة
كما ّ
والحماية من التعذيب ومنع الرق و
العبودية.
ّ
منع التعذيب:
اإلنسانية ازدادت بشكل
ّ القاسية وغير
ّ بأن أعمال التعذيب والمعامالت
لقد سبق وألمحنا ّ
أكدت على ذلك البيانات الصادرة عن
كبير في السنوات األخيرة ،وفي مختلف بلدان العالم .وقد ّ
اإلنسانية األخرى العاملة من أجل إلغاء
ّ المؤسسات
ّ الدولية والتحقيقات الصادرة عن
ّ مؤسسة العفو
ّ
القاسية.
ّ التعذيب والعقوبات
وبفاعلية
ّ الدولية لحقوق اإلنسان التابعة لألمم المتحدة على ضرورة العمل
ّ وقد أشارت اللجنة
اإلنسانية .وذلك إنسجاماً مع المادة
ّ القاسية وغير
ّ ضد التعذيب والمعامالت
من أجل حماية األفراد ّ
الخاصة بالحقوق
ّ الدولية
ّ الخامسة من االعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمادة السابعة من االتفا ّ
قية
القاسية
ّ تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة تنص على عدم جواز ّ السياسية ،وكلتاهما ّ
ّ المدنية و
ّ
الدولية لحقوق اإلنسان ،هي اّلتي ألهمت أعضاء
ّ نسانية ،وهذه المطالبة الملحة من قبل اللجنة
أو الإل ّ
الخاصة بمنع التعذيب
ّ اإلتفاقية
ّ العامة لألمم المتحدة إلعتماد النصوص الرادعة اّلتي احتوتها
الجمعية ّ
ّ
حيز التنفيذ في السادس والعشرين
العامة في العاشر من شباط 1917ودخلت ّ
الجمعية ّ
ّ أقرتها
واّلتي ّ
من حزيران سنة .1914
الإلنسانية
ّ اإلتفاقية المناهضة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية
ّ وتعرف المادة األولى من
90
بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص ،أو من شخص ثالث ،على معلومات أو على إعتراف،
أو معاقبته على عمل إرتكبه أو يثبته في ّأنه إرتكبه ،هو أو شخص ثالث ،أو تخويفه أو إرغامه هو
ألي سبب من األسباب يقوم على
أي شخص ثالث ،أو عندما يلحق منل هذا األلم او العذاب ّ
أو ّ
أي شخص رسمي أو ّ ظفيحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه مو ّأي كان نوعه ،أو ّالتمييز ّ
ّ
ّ
ونية أو
يتضمن ذلك األلم أو العذاب الناشيء فقط من عقوبات قان ّ
ّ الرسمية ،وال
ّ يتصرف بصفته
آخر ّ
عرضية لها".
ّ المالزم لهذه العقوبات أو اّلذي يكون نتسجة
القاسية وغير
ّ ومتعمدة من الصور
ّ يشكل صورة خطيرة
بأن التعذيب ّ
ويعترف اإلعالن ّ
كل دولة طرف
تتعهد ّ
اإلتفاقية " ّ
ّ المهنية لكرامة اإلنسان .وبحسب المادة السادسة عشرة من
اإلنسانية و ّ
ّ
القضائية حدوث أي أعمال آخرى من أعمال المعاملة أو
ّ أي إقليم يخضع لواليتها
بأن تمنع ،في ّ
المادة األولى عندما
حددته ّ
المهنية اّلتي ال تصل إلى حد التعذيب كما ّ
ّ الإلنسانية أو
ّ القاسية
ّ العقوبة
يحرض على ارتكابها،
رسمية هذه االمل أو ّ
ّ يتصرف بصفة
ّ يرتكب موظف عمومي أو شخص آخر
أو عندما تتسم بموافقته أو بسكوته وذلك باإلستعاضة عن اإلشارة إلى التعذيب باإلشارة إلى غيره من
الإلنسانية أو المهينة".
ّ قاسية أو
ضروب المعاملة أو العقوبة ال ّ
اقية بأحكام
بأنه "ال تتدخل أحكام هذه اإلتف ّ
وتضيف الفقرة الثانية من المادة السادسة عشرة ّ
المهنية أو
ّ الإلنسانية أو
ّ القاسية أو
ّ أي صك دولي آخر أو قانون وطني يحظر المعالمة أو العقوبة ّ
ّ
يتصل بتسليم المجرمين أو طردهم".
91
الصالحيات اّلتي تمارسها اللجنة عير تقارير سرّية وموثوق بها ّ
تشكل تطو اًر هاماً ّ وهذه
اإلتفاقية تسمح للدول أن تتحّفظ على مضمون
ّ أن المادة ثماني وعشرون من
تتقبله الدول بصعوبةّ .إال ّ
ّ
اإلتفاقية وذلك عند التوقيع أو التصديق أو عند اإلنضمام إليها .ويمكن للجنة
ّ المادة عشرين من هذه
أن تضع يدها على قضية من قضايا بناء على بالغات أو بيانات تصل إليها من دول أطراف في
ويدعون ّ
بأنهم ضحايا القانونية ّ
ّ اإلتفاقية أو من األفراد أو نيابة عن أفردا يخضعون لواليتها
ّ هذه
اإلتفاقية.
ّ إلنتهاك دولة طرف أحكام
الدولية
ّ تقدمت به دولة كوستاريكا إلى اللجنة
اإلتفاقية والمشروع اّلذي ّ
ّ وقد ألهمت هذه
األوروبية لمناهضة التعذيب والعقوبات أو
ّ اإلتفاقية
ّ لحقوق اإلنسان المجلس األوروبي اّلذي وضع
ووضعت للتوقيع
المهنية ووافقت عليها لجنة الوزراء في المجلس األوروبي ُ
ّ الإلنسانية أو
ّ المعامالت
أمام الدول اإلعضاء في مجلس أوروبا في 22تشرين الثاني سنة .1914
اإلجبارية:
ّ منع الرق و
العبودية واألشغال الشا ّقة
ّ
العبودية من األعمال
ّ الخاصة بحقوق اإلنسان على اعتبار الر ّق و
ّ تجمع مختلف المواثيق
اإلتفاقيات
ّ خاصة هذا الحظر .ومن بين هذهوتعز اتفاقات ّ
كلياً وفي مختلف األمكنة واألزمنةّ .
المحظورة ّ
تلك اّلتي تتعّلق بالرق واّلتي تم التوقيع عليها في جنيف في الخامس والعشرين من أيلول سنة ،1922
المتممة والمنعّلقة
اإلتفاقية ّ
ّ اإلتفاقية في السابع من مانون ّ
األول ،1913وكذلك ّ المعدل لهذه
ّ والبروتوكول
بإلغاء الرق وبمعاملة األرقاء والممارسات الشبيهة بالرق في الرابع من تموز سنة .1914
92
أي شخصبأنه حالة أو ضع ّ الخاصة بالرق تاريخ 21أيلول 1922الرق ّّ اإلتفاقية
ّ وتعرف
اتفاقية سنة 1922
ّ الملكية ،كّلها أو بعضها" هذا وقد أضيفت إلى
ّ تمارس عليه السلطات الناجمة عن
تكميلية تهدف إلى تكثيف الجهود على الصعيدين الدولي والوطني على السواء
ّ إتفاقية
ّ الخاصة بالرق
ّ
بغية إبطال الرق وتجارة الرقيق واألعراف والممارسات الشبيهة بالرق .وهي بذلك تلتقي مع ما جاء في
نصت على أّّنه "ال يجوز إسترقاق أحد أوالمادة الرابعة من االعالن العالمي لحقوق اإلنسان اّلتي ّ
إستعباده ،ويحظر الرق واإلتجار بالرقيق بجميع صورهما" .والمادة الثامنة من العهد الدولي الخاص
للعبودية" كما ّانه "ال يجوز إكراه أحد على
ّ السياسية على ّأنه "ال يجوز إخضاع أحد
ّ المدنية و
ّ بالحقوق
السخرة أو العمل اإللزامي".
الخاصة
ّ فإن معظم االتفاقات
ونشير في هذا اإلطار أي فيما يتعّلق باألعمال القسرّية واإلجبارّية ّ
بحقوق اإلنسان ّ
تؤكد ّأنه ال يجوز حمل شخص على عمل قسري أو إجباري ما عدا بعض الحاالت
المحددة حص اًر وهي:
ّ
مختصة.
ّ -أعمال الموقوف عقوبة على جريمة من قبل محكمة
أي عمل أو خدمة يطالب بها الشخص عادة وهو تحت االعتقال ،طبقاً لحكم قضائي
ّ -
تصدره إحدى المحاكم.
تهدد حياة المجتمع ومصالحه.
أي خدمة تفرض في حاالت الطوارىء أو الكوارث الّتي ّ ّ -
العادية.
ّ المدنية
ّ يشكل جزءاً من االلتزامات
أي عمل أو خدمة ّ
ّ -
93
الخاصة:
ّ المبحث الثالث :حماية الحياة
التقليدية التالية:
ّ الخاصة تتشتمل على المجاالت
ّ إن حماية الحياة
ّ
-حرّية المنزل.
-حرّية التنقل.
-سرّية المراسالت.
حرية المنزل:
ّ
مقدمة وتعريف:
ّ oأوالًّ :
أن للمنزل حرمة وال يسوغ ألحد الدخول إليه ّإال في األحوال والطرق
اللبناني على ّ يؤكد الدستور
ّ
ّ
المبينة في القانون.
ّ
ويقصد بالمنزل اّلذي يستفيد من حماية القانون ،بيت السكن اّلذي يقيم فيه اإلنسان مع عائلته
أن الحماية تنصب على البيت وتوابعه القائمة
بصورة دائمة أو مؤقتة ،مالكاً كان او مستأج اًر ،علماً ّ
ضمن حرم المنزل.
الحق في اختيار مكان سكنه وسكن عائلته وأن ينتقل بسكنه ساعة يشاء ،وتمتد
لكل إنسان ّ
ّ
أي في عدم اختيار منزل ثابت على اإلطالق كالبدو الرحل.
هذه الحرّية حتّى نقيضهاّ ،
اإلستثنائية تتعّلق ببعض فئات من الناس يفرض
ّ أن هذا المبدأ يخضع كسائر مبادىء الحرّيات
على ّ
القانون تحديد إقامتهم .وهذه الفئات هي التالية:
حرية التنقل:
ّ
الطبيعية ،وهو يعني حرّية المواطن في التقل داخل
ّ حق التنقل هو حق أساسي من فئة الحقوق
ّ
بلده من جهة ،وحّقه في مغادرتها من جهة أخرى.
ولقد قام اإلنسان بهذه الخطوات منذ القدم ،وبالتالي فإن تاريخ البشرّية قد إعترف بها إعترافاً
كل إنسان بصرف النظر عن جنسه أو عرقه
أن هذه الخطوات لم تصبح حقوقاً يتمتّع بها ّ
اقعياًّ .إال ّ
و ّ
اإلقليمية
ّ دولية و
قانونياً بعض المواثيق ال ّ
ّ أو دينه ّإال في األزمنة المعاصرة ،أي عندما اعترفت بها إعترافاُ
أقرتها بعض الدول في دساتيرها.
وّ
يتوسع
السياسي القائم في الدولة .فقد ّ وقد يتسع تطبيق هذين القيدين أو يضيق بحسب النظام
ّ
نظام سياسي ما في تفسيره لتعبير األمن القومي كي يشمل ليس النشاط السياسي للمواطنين فحسب ،بل
ّ
كل من هذه النشاطات ضرورّياً للمحافظة على
االجتماعي ،فيصبح ّ االقتصادي والثقافي و
ّ أيضاً نشاطهم
ّ ّ
األمن القومي ،والشيء نفسه ينطبق على تعبير اإلنتظام العام.
96
فإن دوالً عديدة بغض
اإليجابي اّلذي أصاب حرّية التنقل ّ التطور
ّ ونؤكد على ّأنه بالرغم من هذا
ّ
ّ
مهمة على
الية أو في طور النمو) ما زالت تفرض قيوداً ّ
شيوعية أو ليبر ّ
ّ السياسية (
ّ النظر عن أنظمتها
مغادرة مواطنيها لبالدهم ألسباب تتعّلق بالدفاع الوطني كأداة للخدمة العسكرّية اإلجبارّية ،واإلقتصاد
العامة للدولة ،كمنع فئة من المواطنين من
الوطني كمكافحة هجرة األدمغة أو اليد العاملة ،او بالسياسة ّ
الهجرة إلى بلد آخر ،فضالً عن األسباب المألوفة للمنع من السفر ،كمنع المتهمين أو المحكومين
بإرتكاب الجرائم ،أو حماية حقوق اآلخرين وحرّياتهم ،كمنع المفلسين والمحكوم عليهم بنفقة من السفر.
الحق في التنقل داخل بالده ،ويشمل هذا الحق الجميع وبدون استثناء طالما ّأنه لم
ّ لكل إنسان
ّ
ملكية ولم يكن ممنوعاً من التنقل بسبب شخصي (كالحكم الجزائي) أو لسبب موضوعي
يعتد على ّ
كإعالن حالة الطوارىء واّلتي تح ّدد في بعض األحيان عدد ساعات التجول ومداها والمناطق الخاضعة
األمنية كإعالن
لها ،أو وجود منطقة يمنع التجول بمحاذاتها أو في داخلها بقرار من السلطة العسكرّية و ّ
منطقة من المناطق منطقة عسكرّية يحظر االقتراب منها أو التجول في داخلها ،ولذلك اعتبرت المحاكم
معينة بشكل
الداخلية أو أحد المحافظين بمنع دخول أي مواطن إلى محافظة ّ
ّ نسية أن قرار وزير
الفر ّ
بالتعدي ( )Voie de faitاستئناف باريس 1921/11/22وفي
ّ خرقاً فاضحاً لحرّية التنقل يوصف
الثبوتية أثناء تنقله
ّ كل إنسان أن يحمل أوراقه
لبنان يفرض المرسوم 1134تاريخ 1922/1/12على ّ
اللبنانية وأن يبرزها لرجال الضابطة عند كل طلب.
ّ داخل األراضي
97
عامة تفرض على جميع المواطنين ّإال عند إعالن
وال تخضع هذه الحرّية كما ألمحنا لقيود ّ
المحددة في المرسوم االشتراعي رقم 21تاريخ
ّ حالة الطوارىء أو المنطقة العسكرّية ووفقاً لألصول
1924/1/1اّلذي تولي المادة الرابعة منه للسلطة العسكرّية هاتين الحاّلتين حق إبعاد المشبوهين وتحديد
تجول األشخاص والسّيارات
معين ،ومنع ّ
دفاعية وأقاليم حيطة تصبح اإلقامة فيها خاضعة لنظام ّ
ّ أقاليم
تحدد بموجب قرار ،وقد أعلنت حالة الطوارىء في جميع األراضي
في األماكن وفي األوقات اّلتي ّ
الجنوبية كما أعلن أقضية
ّ اللبنانية
ّ مرات منذ اإلستقالل وما تزال قائمة في منطقة الحدود
اللبنانية ست ّ
ّ
ثم ألغي هذا التدبير عنها.
عكار وزغرتا وبعلبك والهرمل مناطق عسكرّية ّ
جدي سوى
ألي قيد ّ
يعتبر التنقل سي اًر على األقدام أوسع أشكال حرّية التنقل ،إذ ّانه ال يخضع ّ
ذلك الناتج عن حكم قضائي أو حالة الطوارىء ،ولذلك قضى مجلس الشورى الفرنسي بإبطال قرار
البلدية والتصريح
ّ البلديات يفرض على جميع الغرباء عن هذه القرية الحضور إلى مركز
ّ لرئيس إحدى
أما
عن إسم المنتزه ومحل إقامته واصطحاب دليل عند االقتضاءّ )C.E. 13 Mai 927 Carrier( ،
الضوئية في
ّ التقيد باإلشارات
المخصصة لهم و ّّ البلدي اّلذي يفرض مرور المشاة ضمن األماكن
ّ القرار
قررت محكمة التمييز
الشوارع اّلذي كان أحد قضاة الصلح اعتبره غير قانوني إلخالله بحرّية التنقل فقد ّ
العامة (تمييز فرنسي .)1921/11/2
نسية ّأنه قرار شرعي يهدف إلى المحافظة على السالمة ّ
الفر ّ
نصت عليه المادة 222وما يليها من قانون السير اللبناني الصادر في 1924/2/22
وهذا ما ّ
ّ
المخصصة لسير المشاة في حال وجودها
ّ اّلتي فرضت على المشاة كذلك أن يعتمدوا األرصفة واألروقة
98
مخيمات Campingاّلتي يمكن التمييز بين ثالثة
ويتّصل التنقل مشياً على األقدام إقامة ّ
ظمة أ ّيالجماعية المن ّ
ّ المخيمات
ّ ثم
الجماعية غير المنتظمةّ ،
ّ المخيمات
الفردية ،و ّ
ّ المخيمات
ّ أنواع منها:
فالمخيمات
ّ جمعية أو أن تكون من ّ
ظمة من قبلها. ّ اّلتي تستثمر تجارّياً أو اّلتي تكون تابعة ّ
لمؤسسة أو
مفوض الحكومة لدى مجلس الشورى الفرنسي
ظمة تعتبر كما يقول ّ
الجماعية غير المن ّ
ّ لفردية أو
ا ّ
الفردية اّلتي ال يمكن غخضاعها لحظر مطلق وال لترخيص مسبق واّنما
ّ Rigaudجزءاً من الحرّية
سيما
يمكن لإلدارة ،أن تأمر بإخالئها عندما تقضي بذلك ضرورة ملحة للمحافظة على النظام العام وال ّ
فوضوية .وبناء عليه قضى مجلس الشورى الفرنسي
ّ جماعية
ّ مخيمات
العامة في حالة إقامة ّ
ّ الصحة
البلدية.
ّ المخيمات مطلقاً على أراضي
ّ بلدي يمنع إقامة
بإبطال قرار ّ
عدة أيام
مخيم لمدة ّ
البلدي اّلذي يمنع أحد هواة التخييم من إقامة ّ
ّ عية القرار
ولكنه قضى بشر ّ
ّ
العامة ).(C.E. 14 Fev. 58 Abisse
في إحدى الساحات ّ
99
سيارات واآلليات:
.2التنقل بواسطة ال ّ
يميل معظم المفكرين ورجال االختصاص إلى اعتبار التنقل بالسيارة أكثر وسائل النقل الحديثة
شيوعاً واستعماالً بين الناس وأكثرها خط اًر على حياة البشر .ويكاد عدد الوفيات الناتجة عن حوادث
آلية من
سيارة أو ّ
كل شخص يرغب في قيادة ّيفرض القانون في بالدنا أو في الخارج على ّ
المختصة بذلك .ففي فرنسا يعود فرض
ّ أجل التنقل أن يكون حاصالً على إجازة سوق من السلطات
أما في
اآلليات إلى المرسوم الصادر في تاريخ ّ .1199/3/17 الحصول على رخصة سوق ّ
السيارات و ّ
كل من يسوق ّ
سيارة أو مركبة اللبناني الصادر في 1924/12/22على ّ ّ
لبنان فقد أوجب قانون السير
الداخلية بناء على إمتحان
ّ المختصة والتابعة لو ازرة
ّ آلية أن يكون حائ اًز على إجازة سوق تعطيها الدائرة
ّ
مهمتها التثبت من قدرة طالب رخصة السوق ومعرفته الداخلية وتكون ّ
ّ يعينها وزر
مختصة ّ
ّ تجريه لجنة
في إدارة السيارة واطالعه على قانون السير وأنظمته وعلى مقدرتهعلى السوق واستعمال المكابح واإلدارة
ويحدد القانون الحد
ّ واإلنارة .وتقسم رخص السوق إلى ست فئات تبعاً لوزن ّ
السيارة أو المركبة ونوعها.
الخصوصية
ّ السياحية
ّ األدنى من العمر لطالبي رخص السوق بثماني عشرة سنة وذلك بالنسبة ّ
للسيارات
وسيارات الشحن اّلتي تزيد
العمومية ّ
ّ السياحية
ّ والدراجات اآللية ،واحدى وعشرين سنة لسوق ّ
السيارات
وفي فرنسا يمكن سحب إجازة السوق بحكم قضائي كتدبير إحترازي عند إرتكاب حوادث سوق
هامة .ويمكن للقاضي أن يأمر بسحب إجازة السوق عندما تتجاوز نسبة الكحول في الدم 1,27غراماً
ّ
في الليتر وذلك بناء على القانون الصادر في .1947/4/17كما يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بسحب
الفردية.
ّ اإلجارة كإجراء إحتياطي بدالً من التوقيف وفقاً لقانون 1947/4/14المتعلّق بحماية الحرّيات
هامة
لمدة أقصاها ثالث سنوات عند ارتكاب مخالفات ّ
كذلك يمكن للمحافظين تقرير سحب اإلجازة ّ
خاصة. حددها قانون السير ،أو ّ
لمدة قصيرة ال تتجاوز الشهر أو الشهرين بعد استطالع رأي لجنة ّ ّ
أما في لبنان ،فال يمكن سحب رخصة السوق ّإال بناء على حكم قضائي كتدبير إحترازي
ّ
ّ
نهائية (م 292من قانون السير) .ويمكن للقاضي الحكم
ّ ضية أو بصورة
يضاف حسب ظروف الق ّ
لمدة شهر على األقل عند تكرار المخالفة اّلتي اعتبرها القانون من الفئة األولى خالل
بسحب الرخصة ّ
للمرة الثالثة خالل ستة أشهر .كما يرافق
سنة ويحكم وجوباً بسحب الرخصة عند تكرار هذه المخالفات ّ
القضائية تدابير حجز المركبة أو سحب رخصتي السوق والسير أو إحداهما عند سوق ّ
سيارة ّ العقوبة
عمومية .وال يمكن سحب الرخصة من قبل السلطة
ّ خصوصية لقاء أجر دون حيازة رخصة سوق
ّ سيحاية
ّ
تشكل المخالفة عائقاً
ولمدة ال تتجاوز أربع وعشرين ساعة عندما ّ
الداخلية ّ
ّ اإلدارّية ّإال بقرار من وزير
لحركة السير ،هذا ويمكن سحب رخصة السوق عند الحصول عليها بطريقة اإلحتيال أو تقديم إفادات
كاذبة ،أو عند إصابة صاحبها بعّلة دائمة أو مؤقتة تمنع القيادة.
اآلليات:
سيارات و ّ
ب -القيود المفروضة على ال ّ
هناك نوعان من القيود البعض منعا يتعلق بسالمة السير والبعض اآلخر يتعلق بسالمة
يحدد القانون الشروط الواجب توافرها لضمان سالمة سائقي
الطرقات .فيما يتعّلق بسالمة السير ّ
101
العامة والسكينة العامتين .ومن أجل هذه
ّ السيارات وركابها وسالكي الطريق اآلخرين وسالمة الصحة
ّ
الميكانيكية
ّ فنية لدى تسجيلها وبصورة دورّية عند تسديد الرسوم
السيارة إلى معاينة ّ
الغاية تخضع ّ
األمنية المولجة بمراقبة حركة السير.
ّ وبصورة دائمة أثناء سيرها على الطرقات من قبل األجهزة
سيارات األوتوبيس
الداخلية رقم 49تاريخ 1929/2/22تزويد ّ
ّ هذا وقد وجب قرار وزير
صيدلية تحتوي على لوازم
ّ المسجلة بإسم وكاالت السفر والسياحة بمطفأة للحريق وعليه
ّ السياحية
ّ
ومكبر للصوت ،وفرض القرار رقم 11تاريخ 1929/2/22تزويد
ّ اإلسعاف وجهاز تدفئة وتبريد
سيارات األوتوبيس العاملة عبر القارات والصحاري إضافة إلى التجهيزات السالفة الذكر ،بقطع التبديل
ّ
الميكانيكية الضرورّية اّلتي عددها القرار والّتي قد تحتاجها هذه المركبات أثناء السفر الطويل.
ّ
السيارة بمنفذ بحالة ويوجب القانون ،حفاظاً على الصحة والسكينة العامتين ،تزويد ّ
محرك ّ
العامة ،ومن أجل هذه
بالصحة ّ
صالحة دائماً من أجل منع أحداث الضوضاء واخراج الدهان المضر ّ
الغاية صدر أيضاً القانون المنّفذ بالمرسوم 2117تاريخ 1921/2/17لمنع ّ
السيارات العاملة على
المحددة بالمادة الثانية من هذا القانون ومنها الشاحنات واألوتوبيسات
ّ المازوت مع بعض االستثناءات
المخصصة للنقل الخارجي واآلليات الّتي تستعمل ضمن ورش األشغال ،كذلك فرض قانون السير،
ّ
المعدات
ّ نائية كنقل
النقليات اإلستث ّ
العامة ،الحصول على ترخيص مسبق لبعض ّ حرصاً على السالمة ّ
المعدة لنقل قطع ال تتج أز وتزيد قياساتها أو أوزانها عن الحد المسموح به.
ّ أو المركبات أو المقطورات
اآللية بإجراء أن المادة 247من قانون السير ألزمت أصحاب ّ
السيارات والمركبات ّ ونشير أيضاً إلى ّ
102
تحدد قواعد وشروط
المدنية تجاه الغير على أن ّ
ّ سؤولية
اآللية لقاء الم ّ
سياراتهم ومركباتهم ّ
ضمان على ّ
تطبيق أحكام هذا الضمان بقانون الحق ولكن هذا القانون لم يصدر حتّى اآلن على الرغم من ّ
أن
هناك مشروع قانون يتعّلق بهذا الشأن كان قد أرسل من قبل الحكومة إلى المجلس النيابي منذ سنة
.1942
السيارات ووقوفها:
ج -القيود المفروضة على تنقل ّ
تنقسم هذه القيود إلى ثالثة أنواع :قسم ّأول يتعّلق بتأمين سالمة السير ،وقسم ثاني وهو
السيارات.
اقتصادية وقسم ثالث يتعّلق بوقوف ّ
ّ السيارة لغاية
خاصة بإستعمال ّ عبارة عن قيود ّ
103
تنص على ضرورة التزام اليمين في حالة السير العادي وأقصاه عند
تحديداُ .فالمادة الخامسة مثالً ّ
كافية أو تكون
التالفي أو عندما يريد منتفع آخر تجاوز السائق أو تكون رؤية الطريق إلى األمام غير ّ
السيارة دون السرعة المعمول بها على الطريق .وتشير المادة السادسة إلى ضرورة التقيد بالسير
سرعة ّ
السيارة عن
محرك ّ
المحددة بنمط متقطع أو متواصل ،وتحظر المادة التاسعة من توقيف ّ
ّ ضمن المسالك
بقوة اندفاعها .كذلك يحظر التجاوز في المنعطفات ورؤوس
العمل بقصد تسييرها في المنحدرات ّ
التقيد بإشارات السير
كافية (م 13وما يليها) وضرورة ّ
المرتفعات وكّلما كانت الرؤية إلى األمام غير ّ
المنبهات
بائية عند وجودها أو بتعليمات رجال األمن المكلفين بتوجيه المرور (م )21عدم استعمال ّ
الكهر ّ
الصوتية (الزمور) ّإال في الحاالت الضرورّية مع عدم استعمالها داخل المناطق المأهولة ّإال في حاالت
ّ
الضرورة القصوى (م 34وما يليها).
االقتصادية
ّ العمومية يخضع للتحديد القانوني وللسياسة
ّ السيارات
أن عدد ّ
ونشير إلى ّ
العمومية
ّ السيارات
االجتماعية اّلتي تنتهجها الدولة ،وهذا واضح من الزيادة اّلتي طرأت على عدد ّ
ّ و
سياحية
ّ سيارة
مومية بثالثة آالف ّ
السيارات الع ّ
حدد ّالعاملة في لبنان .منف قانون 2شباط 1913اّلذي ّ
عمومية
ّ سيارة شحن ،إلى قانون رقم 317تاريخ 1997اّلذي أضاف إلى 17279لوحة
و ّ 1177
المتكررة 17279لوحة بدون مقابل ألصحاب اللوحات السابقة وطرح
ّ سياحية موجود بفعل الزيادات
ّ
التداول 12777لوحة جديدة ،كذلك أضاف 1777لوحة أتوبيس عمومي إلى 277لوحة اّلتي كانت
ّ
عمومية و 4777لوحة شاحنات
ّ موجودة سابقاً ،كما وضع في التداول والبيع 7777لوحة ميني باص
عمومية.
ّ
والنوع الثاني هو الوقوف المؤقت بجانب الطريق اّلذي اعتبره القضاء اإلداري الفرنسي جزءاً
الملكية المجاورة واذا اضطرت اإلدارة إلى منع أصحاب هذه
ّ من التمتّع بالطرق ّ
العامة ،ومن توابع حق
مجانية.
ّ تؤمن لهم في المقابل مواقف
محالتهم وجب عليها أن ّ
الملكيات من الوقوف أمام منازلهم أو ّ
ّ
105
حدة هذا القرار دون أن يرجع عنه فاقر بحق اإلدارة في
ولكن االجتهاد الالحق خخف من ّ
ّ
مدة الوقوف في المناطق التجارّية (شورى فرنسي .)1921/2/22
تنظيم وتحديد ّ
العادية:
ّ ثانياً :حاالت التنقل غير
يتجول منهم وال يكون حامالً هذه البطاقة وال يثبت ّأنه طلبها من السلطة يعاقب بالحبس
وكل من ّ
ّ
مالية ويمكن أن يوضع تحت المراقبة ،واذا كان غريباً يمكن الحكم
من ثالثة أشهر إلى سنة وبغرامة ّ
بطرده من لبنان.
المتسولون والمتشردون فهم من كانت لهم موارد أو كان بإستطاعتهم الحصول موارد
ّ أما
ّ
بالعمل ويستجدون االحسان العام ،أو اإلصحاء اّلذين ال مسكن لهم وال وسيلة للعيش وال يمارسون
عمالًولم يثبت ّأنهم سعوا السعي الكافي للحصول على شغل ،فهؤالء يعاقبون بالحبس مع التشغيل ّ
لمدة
106
ال تتجاوز الستة أشهر ويمكن وضعهم في دار للتشغيل ويوضعون فيها وجوباً في حال التكرار كما
يمكن طردهم من البالد إذا كانوا غرباء.
.2البغاء:
العبودية والرق وا ّن المومس
ّ المفكرين إلى اعتبار البغاء لون من ألوان
يميل بعض الكتّاب و ّ
ظمت مهمة البغاء بقانون 2شباط 1931اّلذي أخضع فتح بيوت الدعارة
أما في لبنان فقد ن ّ
ّ
المحدد
ّ أي دوائر الشرطة على أن يكون ضمن النطاق
لترخيص مسبق من قبل المحافظ وبعد استطالع ر ّ
الصحية داخل هذه األماكن مع المواصفات
ّ من قبل السلطات اإلدارّية .وأوجب القانون توافر الشروط
العامة كوجود مدخل خارجي واحد وعدم االتصال باألبنية
ّ األخرى والضرورّية للمحافظة على األخالق
المجاورة وستر النوافذ بالستائر الكثيفة وأجاز لرجال الشرطة دخول هذه البيوت في النهار أو الليل من
أجل مراقبة تنفيذ أحكام القانون .وقد ألزمت المومسات العامالت في هذه األماكن بالخضوع للرقابة
التغيب
حدد حرّيتهم بالتنقل ،فمغادرة البيت مشروطة بإعالم الشرطة قبل 11يوماً ،و ّ
الطبية الدورّية .كما ّ
ّ
المتغيبة (المادة ،)11وحدد القانون
ّ تحل محل
ليالً ممنوع ّإال بعذر مشروع وبشرط تعيين مسؤولة ّ
ساعات خروج المومسات من الساعة التاسعة صباحاً حتّى الرابعة بعد الظهر ،وحظر عليهم الخروج
العمومية ،أو
ّ العامة والمقاهي والحدائق
ّ الرسمية كما حظر عليهم ارتياد المحالت
ّ أيام اآلحاد واألعياد
إن يسترن وجوههن بالحجاب (المادة.)19
108
اللبنانية إنتهجت منذ أواخر الستينات سياسة جديدة تقضي إلى إنهاء
ّ أن الحكومة
ونشير إلى ّ
ملكية الرخص
مهنة البغاء في لبنان وذلك عن طريق عدم الترخيص بفتح بيوت جديدة للدعارة أو نقل ّ
يجياً ،ولكن الحرب األليمة الّتي عصفت
العلنية تدر ّ
ّ الرسمية
ّ اّلتي كانت قائمة بحيث تنقرض الدعارة
تفشى الدعارة السرّية
المؤسسات عن القيام بدورها المطلوب في تلك الفترة ّأدى إلى ّ
ّ بالوطن وغياب
الطبية يسمح
ّ أن غياب الرقابة
اجتماعية إذ ّ
ّ يهدد بكارثة
بشكل مخيف في بعض األوساط وكاد أن ّ
األخالقية اّلتي تنادي بها وتعمل
ّ العامة وبالقيم
ويضر بالصحة ّ
ّ بإنتشار األمراض واألوبئة على أنواعها
من أجل صيانتها والدفاع عنها.
109
فإن االتصال مفروض علىوثقافياً ،وبالتالي ّ
ّ اجتماعياً
ّ اقتصادياً و
ّ قدرة ّأية دولة على االكتفاء الذاتي
ّ
تمدنة كاّفة ،وما تنقل األشخاص سوى مظهر من مظاهر هذا اإلتّصال فيما بينها. الدول الم ّ
أن إلتزام الدول بقبول األجانب على أراضيها ليس إلتزاماً مطلقاً ،بل ّإنه يقف عند
ونشير إلى ّ
كل دولة في أن تحافظ على بقائها من جهة ،وواجبها في حماية األجنبي اّلذي يدخل أراضيها من
حق ّ
جهة أخرى.
الدولية
ّ ويتضح مما سبق ّأنه ،بإستثناء مواطني الدولة وموظفي السلك الدبلوماسي والهيئات
ّ
حرة في قبول من تشاء على أراضيها ورفض الدخول والالجئين إلى الدولة بسبب الكوارث ،تبقى الدولة ّ
لمن تشاء إليها.
ولكن ما هي الوسائل اّلتي تسمح بالتنقل من بلد إلى آخر وهل هناك من مواقع تحد من
كل مواطن يرغب في مغادرة بلده والدخول إلى بلد آخر أن حرّية اإلنسان في التنقل؟ في الحقيقة على ّ
يكون حاصالً على وثيقة تثبت ّ
هويته إزاء السلطات الجديدة اّلتي يرغب في اإلقامة المؤقتة والدائمة
لديها ،ويخضع بالتالي لقوانينها وهذه الوثيقة هي جواز السفر.
.1جواز السفر:
العامة لألمن العام.
تنظم جوازات السفر في لبنان بموجب القوانين وتمنح من قبل المديرّية ّ
وجواز السفر كما عرفته المادة األولى من قانون 1921/1/1المتعّلق يتنظيم جوازات السفر
اللبنانية أو العودة
ّ اللبنانية للرعايا الراغبين في مغادرة األراضي
ّ اللبنانية “هو وثيقة تعطيها السلطات
ّ
110
تنص عليها االتفاقات الدوليّة
المختصة بإستثناء حاالت اإلعفاء اّلتي ّ
ّ إليها إثباتاً لهويتهم إزاء السلطات
الخاصة”.
ّ والقوانين
لهوية المواطن واذناً بمغادرة البالد صادرين
يتضمن إثباتاً ّ
ّ بأن جواز السفر
يتبين لنا ّ
وهكذا ّ
العامة لألمن العام.
عن السلطة االدارّية المختصة وهي في لبنان المديرّية ّ
فالمادة الثالثة من القانون المذكور أعاله تنص على أو يوقع جوازات السفر بإسم رئيس
اللبنانية في
ّ الجمهورّية المدير العام لألمن العام أو من ينتدبه ،كما منحت المادة الخامسة منه البعثات
اللبنانيين المقيمين ضمن نطاق اختصاصها إذا
ّ صالحية إعطاء وتجديد جوازات السفر إلى
ّ الخارج
الدبلوماسية أو
ّ قانونية .كما أعطت المادة الحادية عشرة لرئيس البعثة
ّ جنسيتهم بمستندات
ّ أثبتوا
الخارجية الحق في سحب جواز السفر أو عدم تجديده في حال قيام حامله
ّ القنصلية ،وبعد موافقة و ازرة
ّ
بأعمال من شأنها تشويه سمعة لبنان أو إلحاق الضرر بأمنه أو القيام بنشاط سياسي يتنافى مع
ّ
اللبنانية في الخارج توجب إخراج فاعلها من البلد األجنبي الموجود فيه ،واذا لم يسّلم الجواز
ّ المصلحة
تلقائياً اعتبر ملغى خالل أسبوع من تاريخ إبالغ صاحب العالقة قرار السحب ويبلغ ذلك إلى سلطات
ّ
الدولة الموجودة في أراضيها.
وخاص.
ّ وجواز السفر في لبنان ثالثة أنواع :عادي ،دبلوماسي
المختصة فيمكن أن يكون
ّ تحددها السلطات
لمدة ّ
فجواز السفر العادي يعطي لكل مواطن ّ
العامة لألمن العام.
ّ بناء لطلب المستدعي وبحسب تقديرات المديرّية
لسنة أو ثالث سنوات أو أكثر ً
ويمكن إعطاء جواز سفر عائلي للزوج والزوجة واألوالد القاصرين اّلذين هم دون الخامسة عشرة ،كما
السياحية ووفود الطالب على أن يحمل جواز السفر
ّ يمكن إعطاء إذن سفر جماعي لسفرة واحدة للوفود
أسماء وصور جميع األشخاص المستفيدين من هذا الجواز.
111
ظم بالمرسوم 7417تاريخ 1927/4/22 أما فيما يتعّلق بجواز السفر الدبلوماسي فقد ن ّ
ّ
المعدل بالمرسوم رقم 14122تاريخ .1927/9/11ويمنح الجواز الدبلوماسي في لبنان من قبل و ازرة
ّ
الدبلوماسية في الخارج .ويستفيد منه رئيس الجمهورّية والروؤساء
ّ خارجية ومن قبل رؤساء البعثات
ّ ال
السابقين ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء والرؤساء السابقين والوزراء ورؤساء الطوائف
لدولية وكبار الموظفين
القنصلية ومندوبي لبنان إلى المؤتمرات ا ّ
ّ الهيئاتالدبلوماسية و
ّ الدينية وأعضاء
ّ
رسمية...
ّ بمهمة
ّ
المهمة.
ّ ويبطل هذا الجواز عند إنتهاء الصفة او
والحصول على جواز للسفر هو حق لكل مواطن يرغب في مغاردة وطنه إلى وطن آخر بقصد
المختصة تملك سلطة
ّ إن السلطات
أن هذا الحق ليس مطلقاً إذ ّ
اإلقامة فيه بشكل مؤّقت أو دائمّ .إال ّ
العامة للدولة.
تخولها حق رفض إعطاء الجواز إذا كان سفر طالب الجواز يصر بالمصلحة ّ استثنائية ّ
ّ
المعدلة بالقانون
أكدت عليه المادة العاشرة من قانون تنظيم جوازات السفر الصادر سنة 1921و ّ
وهذا ما ّ
المنفذ بالمرسوم رقم 9499تاريخ 1921/1/7واّلتي تعطي لمدير عام األمن العام حق رفض إعطاء
أن سفر طالب الجواز يضر بأمن البالد .كما يجوز له في هذه األحوال منعه
جواز السفر إذ اتضح له ّ
من السفر ولو كان حائ اًز على جواز سفر صالح ولكن ق ارره ال يصبح نافذاً ّإال بعد تصديقه باإلجماع
نهائية ،على أن
ّ الداخلية للبت فيه بصورة
ّ من قبل قيادة األمن العام باألكثرّية فيرفع األمر إلى وزير
ق اررات الرفض هذه ينبغي أن تكون معّللة وتبقى خاضعة لرقابة القضاء كما هي الحال في فرنسا لجهة
شرعية األسباب وصحة الوقائع المستند إليها( .شورى لبناني .)1922/11/1
112
حرية السفر:
.2الحرمان من ّ
لكل فرد حرّية نص عليه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وهو ّ
أن “ ّ لقد سبق وألمحنا ما ّ
يحق له أن يغادر ّأية بالد بما في ذلك بلده ،كما
كل دولة ،كما ّ
التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود ّ
يحق له العودة إليه”.
نصت الفقرة الثانية من المادة الثانية عشر ذاتها على عدم إعطاء جواز سفر إلى وقد ّ
المحكوم عليه بحكم جزائي يقضي بالحرمان من الحرّية ال يزال نافذاً ،كما قد تستمر آثار الحكم القضائي
مقيداً للحرّية ،حيث يستمر في
مدة حرمانه من الحرّية ،إذا كان محكوماً بتدبير احترازيّ ،
إلى ما بعد ّ
القاضية
ّ المدنية
ّ الخضوع لرقابة الشرطة ( 11عقوبات) .ويضاف إلى هذه األحكام ،إتحاد العلة ،األحكام
مدنية ،فلئن كانت القوانين الحديثة ،تمنع
بحبس المدين إكراهاً إستناداً إلى أحكام المادة 179أصول ّ
تنفيذ الدين على جسد المدين ّإال ّأنها تضع بعض االستثناءات على هذه القاعدة اّلتي حصرها القانون
اللبناني يبدل العطل والضرر عن جرم جزائي أو جرم مدني ارتكب قصداً ،ودين النفقة أو مؤجل المهر
ّ
مدة الحبس ستّة أشهر ،وقد أشارت الفقرة الثالثة من المادة
أو البائنة المحكوم به للزوجة على أال تتجاوز ّ
المدنية القابلة للتنفيذ بالحبس اإلكراهي
ّ ائية أو 12من قانون تنظيم جوازات السفر إلى ّ
أن األحكام الجز ّ
113
تمنع من إعطاء جواز السفر ّإال في حالة تقديم كفالة تضمن تنفيذ هذا الحكم ،فمن باب أولى أن يستمر
رفض إعطاء الجواز بعد صدور الحكم بالحبس اإلكراهي على المدين.
114
.3األجانب:
أ .دخول األجانب:
نصت المادة السادسة من قانون 17تموز 1922المتعلّق بالدخول إلى لبنان واإلقامة فيه ّ
اللبنانيين اإللتزام بالدخول إلى لبنان عن
ّ والخروج منه ،على جميع الراغبين بالدخول إلى لبنان من غير
طريق مراكز األمن العام بعد حصولهم على سمة مرور أو إقامة من ممثّل لبنان في الخارج .ويعفى
المحددة بمرسوم يتّخذ بناء
ّ من هذه السمات أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ورعايا بعض البلدان
أما األشخاص الراغبين جية القادمون للسياحة ّ
لمدة أقصاها ثالثة أشهر (م 3وّ )4 على اقتراح وزير الخار ّ
في الدخول إلى لبنان من أجل العمل فيه فعليهم الحصول على موافقة مسبقة من و ازرة العمل والشؤون
االجتماعية (م )2كذلك أوجب
ّ اإلجتماعية (م )2كذلك أوجب هذا القانون مسبقة من و ازرة العمل والشؤون
ّ
هذا القانون والمرسوم 17224تاريخ 1922/1/2الصادر تطبيقاً للمادة 17منه على الفنانين والفنانات
روحية وتعرض المشاعد مع املوسيقى
ّ اّلذين يقومون بعرض فني في األماكن الّتي ّ
تقدم مشروبات
الحصول على موافقة األمن العام حتّى ولو كان قدومهم للسياحة ،وفي حال قدومهم للعمل يجب أن يتم
مدة اإلقامة ستة أشهر متواصلة ،وال
تتعدى ّ
ذلك بناء على طلب الملهى مع تقديم عقد العمل على أال ّ
مدة العمل في المهى ويستثني من هذا التدبير رعايا الدول
يجوز عودتهم إلى لبنان ّإال بعد غياب يعادل ّ
العالمية.
ّ العر ّبية وأعضاء الفرق
(اإلتفاقية)
ّ قانونية في إقليم دولة طرف في هذا العهد
ّ “ال يجوز إبعاد األجنبي المقيم بصفة
ّإال تنفيذاً لقرار اتّخذ وفقاً للقانون ،وبعد تمكينه ،ما لم تحتم دواعي األمن القومي خالف ذلك ،من عرض
تعينهم
تعينه أو ّ
المختصة أو على من ّ
ّ قصيته على السلطة
ّ المؤيدة لعدم إبعاده ومن عرض
ّ األسباب
خصيصاً لذلك ،ومن توكيل من يمثله أمامها أو أمامهم”.
115
اإلقليمية لحقوق اإلنسان على عدم جواز اإلبعاد الجماعي لألجانب .ويكتسب
ّ اإلتفاقيات
ّ وتشدد
ّ
ألنها تتعّلق بفئة من األفراد
شخصية ّ
ّ اتفاقيات تكفل حقوقاً
ّ ألنه يندرج ضمن
خاصة ّ
أهمية ّ
النص ّ
هذا ّ
الجنسية من
ّ ضد ّأية محاولة من قبل الدولة النتزاع
تقدم حماية ولو جز ّئية ّ
وليس بشخص بفرده .وهي ّ
ثم إلى إبعادهم فيما بعد.
فئة من المواطنين وتحويل عناصرها إلى أجانب ،ومن ّ
116
وبالمقارنة مع القانون الفرنسي نجد أن هذا القانون يجيز لحامل سمو المرور اإلقامة في فرنسا
أما بطاقات إلقامة فهي ثالثة أنواع :مؤقتّة Carte de séjour Temporaire
م ّدة ثالثة أشهرّ ،
عادية Carte de Résident Ordinaire
لمدة سنة ،وبطاقة إقامة ّ
تسمح لحاملها باإلقامة في فرنسا ّ
مدتها ثالث سنوات قابلة للتجديد ،بطاقة ممتازة Carte de Résident Privilégiéتمنح ألزواج
ّ
يؤدون خدمة
نسيين أو األجانب اّلذين ّ
نسيات من األجانب ،أو اآلباء أو أمهات أبناء الفر ّ
الفرنسين والفر ّ
مدة عشر سنوات تجدد حكماً.
نسية في جيشها أو الجيوش الحليفة ،وتمنح حاملها حق اإلقامة ّ
للدولة الفر ّ
قانونية بموجب
ّ أما الطرد فهو قرار إداري يتّخذ بحق األجنبي المقيم في البالد بصورة
ّ
العامة.
المالية ّ
ّ يشكل وجوده خط اًر على النظام العام أو الثقة
عادية حين ّ
بطاقة إقامة ّ
العادية أو حالة
ّ يميز القانون بين اإلخراج من البالد والطرد في الحاالت
أما في لبنان فلم ّ
ّ
العجلة ولم ينص القانون على ّأية ضمانات إدارّية لألجنبي ّ
المقرر طرده.
117
رية المراسالت:
سّ
تعتبر هذه الحرية من الحريات الحديثة ،وهي تعني عدم جواز مصادرة أو إنتهاك سرّية المراسالت
وتتصل
ّ المتضمنة لهذه المرسالت.
ّ ملكية الخطابات
يتضمنه ذلك من اعتداء على حق ّ ّ بين األفراد لما
الخاصة هي اّلتي ّأدت إلى إقرارها
ّ االقتصادية .لكن صلتها الوثيقة بالحياة
ّ هذه بحرّية المعتقد والحرّيات
حديثاً.
الخاصة:
ّ حق تكوين األسرة وحرمة الحياة
الحق في تكوين أسرة على أساس من الحرّية والمساواة ودون تمييزأو تفرقة .وأن يكون
ّ لكل إنسان
ّ
لكل فرد الحق في اختيار شريك حياته بحرّية ودون قسر.
ّ
ويفترض في إطار إحترام الحياة العائلية حماية العائلة في وحدتها سواء األهل أو بينهم وبين
األطفال.
إتفاقية
ّ ومحمية في مختلف الوثائق الدولية .ومع ذلك تمت صياغةّ فإن حقوق الطفل مصونة بالتالي ّ
إعداد كامالً ليحيا حياة
ً ألنه يجب إعداد الطفل
خاصتين و ّ
ألن الطفل يحتاج إلى حماية ورعاية ّ خاصة ّّ
فردية في المجتمع ويترّبى بروح المثل المعلن عنها في ميثاق األمم المتحدة.
ّ
ثم
مؤسسة رعاية الطفولة (اليونسيف) ،من ّ
أن جهود األمم المتحدة أسفرت عن إنشاء ّونشير إلى ّ
تضمنت المبادىء التالية:
ّ الخاصة الّتي
ّ االتفاقية
ّ أبرمت
-حق البقاء.
-حق النمو.
118
-حق الحماية.
-حق المشاركة.
لمانية والمجلس
اإلتفاقية ومن أجل حسن تنفيذها فقد أنشأ اللجنة البر ّ
ّ صدق على
أما بالنسبة إلى لبنان فقد ّ
ّ
األعلى للطفولة.
الخاصة:
ّ ثانياً :حرمة الحياة
الخاصة.
ّ الدولية على عدم جواز التدخالت القسرّية والالمشروعة في حياة اإلنسان
ّ أكدت المواثيق
التعرض غير المشروع لشرفه وسمعته وكرامته.
كما ّأنها ترفض ّ
الفكرية:
ّ الحريات
ّ المبحث الرابع:
تعتبر حرّية الرأي والتعبير من أقدس الحقوق اّلي تناضل البشرّية من أجلها واّلتي ّ
عينت بها
الدولية .واذا أخذنا هذه الحرية بشكلها البسيط نجد ّأنها تعني حرية التعبير عن اآلراء والمعلومات
ّ المواثيق
بمختلف الوسائل ،كما ّأنها تعني حرية البحث عن المعلومات وعن األفكار وحرّية الحصول على هذه
المعلومات.
الدينية :
ّ حرية العقيدة
ويقصد بهذه الحرّية أن يعتنق اإلنسان الدين أو المعتقد اّلذي يرغب أو بريد ،وأن يكون ح ّاًر في
أي دين.
وحر في أن ال يعتقد في ّ
العالنيةّ ،اً
ّ ممارسة شعائر ذلك الدين في السر و
119
الدينية:
ّ ّأوالً :الدولة وحرية العقيدة
لحرية المعتقد:
الدولية ّ
ّ ثانياً :الضمانات
العالمية
ّ الدولية لحرّية المعتقد من حالة التسامح الديني مع إنتهاء الحرب
ّ تدرجت الضمانات
ّ
األولى إلى رفض التمييز القائم على الدين أو المعتقد في نهاية القرن العشرين واقرارها في مختلف
الدولية.
ّ المواثيق واالتفاقات
حرية التعليم:
ّ
األساسية ،هي تعني حق األفراد في تعليم غيرهم ما يعرفونه أو يعتقدون ّأنهم
ّ تعتبر من الحقوق
يعرفونه .وهذا الحق في تعليم الغير هو مظهر من مظاهر حق األفراد في نقل آ ارئهم للغير والتعبير
لشخصية اإلنسان وتقرير
ّ التنمية الكاملة
ّ ويؤكد اإلعالن العالمي على ّأنه يجب أن يستهدف التعليم
عنهّ .
األساسية .كما يجب أن يفرز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع األمم
ّ إحترام اإلنسان والحرّيات
يؤيد األنشطة اّلتي تضطلع بها األمم المتحدة لحفظ السالم.
الدينية ،وأن ّ
ّ وجميع الفئات العنصرّية أو
حرية اإلعالم:
ّ
تمهيد.
الصحافة.
120
اإلذاعة والتلفزيون.
السينما والمسرح.
تمهيد:
أصبح اإلعالم في العصر الحديث علماً قائماً بذاته ،واإلعالم يالزم اإلنسان منذ نشأته ،فقد
مر العصور ،وأخذت وسائل اإلعالم مظاهر عديدة عرفت اإلنسانية وسائل اإلعالم والدعاية على ّ
متماشية مع واقع الحياة في المجتمعات المتعاقبة.
ّ وتطورت هذه الوسائل
ّ مختلفة منذ فجر التاريخ
ويتميز
ّ فإن اإلعالم الصادق ،اإلعالم الحقيقي يجب أن يكون في متناول الجماهير
وعليه ّ
بالصدق والوضوح ،ويقوم بعرض الحقائق كاملة على الشعوب بأسلوب علمي عن طريق أجهزة اإلعالم
ّ
المختلفة.
اإلذاعة والتلفزيون:
وحيوياً بين أجهزة اإلعالم المختلفة حيث تخاطب
ّ تحتل اإلذاعة منذ إختراع الراديو مكاناً هاماً
العقول بواسطة الكلمة المسموعة بسرعة فائقة.
121
فن مخاطبةالذاعية بتطوير فن الكلمة المنطوقة اّلذي هو ّ
ّ إهتمت كافة الدراسات واألبحاث
لذلك ّ
الجماهير والتأثير في الرأي العام المحلي والعالمي.
ّ ّ
والتلفزيون وسيلة حديثة يضاهي الذاعة في هذا المجال بل يفوقها بحيث ّأنه يجمع بين الكلمة والصورة.
السينما والمسرح:
تعتبر السينما والمسرح من أجهزة الثقافة واإلعالم اّلتي تؤثّر بشكل كبير في الناس لقدرتها على
مخاطبة وجدانهم وعقولهم وصقل ملكاتهم الفكرّية ،وتعد الموسيقى عامالً مساعداً لهذين الجهازين.
خاصة خالل القرن
أهميتها في تكوين الرأي الهام وحقوق اإلنسان ّسوف نعرض لهذه الوسائل لمعرفة ّ
العشرين.
المتحركة البسيطة إلى صناعة األفالم
ّ تطورت السينما خالل القرن العشرين من الصور لقد ّ
الضخمة فأثبتت وجودها كجهاز ثقافي لما لها من تأثير في الرأي العام على مستوى العالم (االتحاد
ّ
أخالقية
ّ الشيوعية .)...كذلك تساهم في مجال التربية بحيث تضيء على قيم
ّ السوفياتي والسينما لنشر
هاماً في تعريف الحضارات بعضها على االجتماعي تلعب دو اًر ّ ترشد عقول الشباب ،وفي المجال
ّ
وثائقية ،)...ودورها السياحي (أفالم
ّ احية ،أفالم
العلمي (تصوير عمليات جر ّ بعض ،إضاف ًة إلى دورها
ّ ّ
دعائية) وأخي اًر دورها السياسي...
ّ
ّ
المسرح:
االجتماعية فيكون بذلك
ّ إن المسرح من أعرق الفنون وهو فن جماهيري يساير األحداث والمشاكل ّ
مسرحية مع
ّ وقوة ال يستهان بها في قيادة الجماهير وقد عرف لبننا نهضة
األمة ّ
تعبي اًر صادقاً عن روح ّ
يقدمه في الرقابة على
بداية الستينات (األخوان الرحباني ،نبيه أبو الحسن .)...وله دور من خالل ما ّ
وكيفية تالفيها.
ّ فينبهها إلى اخطائها
أعمال الحكومات ّ
تقدم وبصدد حقوق اإلنسان فالمطلوب من وسائل اإلعالم تعميق الوعي بحقوق اإلنسان
مما ّ
ّ
وتكوين اإلدراك بهذه المبادىء والحقوق.
122
القسم الثالث :القانون الدولي اإلنساني
123
ما هو القانون الدولي اإلنساني؟
يشكل القانون الدولي اإلنساني قسماً رئيسياً من القانون الدولي العام ،ويضم القواعد اّلتي تهدف
ّ
ّ
في أوقات النزاع المسلح إلى حماية األشخاص غير المشاركين ،أو الّذين كفوا عن المشاركة ،في
األعمال العدائيّة وإلى تقييد أساليب ووسائل الحرب المستخدمة.
إنسانية ،حق أطراف الن ازع في استخدام ما يحلو لها من أساليب ووسائل
ّ وتقيد تلك القواعد ،ألسباب
الحرب ،وتحمي األشخاص والممتلكات الّتي يلحق بها الضرر ،أو تكون ّ
معرضة له ،بسبب النزاع.
ويجب جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم من قبل طرف النزاع اّلذي يوجدون تحت سلطته.
الطبية.
ّ الطبية والمنشآت ووسائط النقل والمعدات
ّ كما يجب صون أفراد الخدمات
124
ويكون المقاتلون المقبوض عليهم والمدنيون اّلذين يقعون تحت سلطة الطرف الخصم مؤهلين الحترام
الدينية ومعتقداتهم األخرى .ويجب حمايتهم
السياسية و ّ
ّ الشخصية ،ومعتقداتهم
ّ أرواحهم ،وكرامتهم ،وحقوقهم
ضد جميع أعمال العنف أو االنتقام .وهم مؤهلون لتبادل األخبار مع أسرهم ولتلقى المعونة .ويجب أن
األساسية.
ّ القضائية
ّ يتمتّعوا بالضمانات
125
"لما كان الهدف المشروع الوحيد اّلذي ينبغي للدول أن تسعى إلى تحقيقه أثناء الحرب هو إضعاف
القوات العسكرّية للعدو ،ولما كان يكفي لتحقيق هذا الغرض تعجيز أكبر عدد ممكن من الجنود عن
فإن إستخدام أسلحة من شأنها أن تزيد دون فائدة معاناة الجنود العاجزين عن
المشاركة في القتالّ ،
حتمياً أمر يتجاوز هذا الهدف".
ّ القتال أو تجعل موتهم
خاصة
ويطو ار هذه المبادىء ،وبصفة ّ ّ ليؤكدوا
اإلضافيان لعام ّ 1944
ّ وقد جاء البروتوكالن
تميز في جميع األوقات بي السكان المدنيين والمقاتلين
مبدأ التمييز )...(“ :يجب على أطراف النزاع أن ّ
ضد األهداف العسكرّية دون غيرها”.
ثم توجه عملياتها ّ
المدنية واألهداف العسكرّية ،ومن ّ
ّ وبين األعيان
األول؛ أنظر أيضاً المادة 13من البروتوكول الثاني).
(المادة 71من البروتوكول ّ
وأخي اًر ،يسعى مبدأ التناسب ،وهو مبدأ ضمني ،إلى إقامة توازن بين مصلحتين متعارضتين
تتمثّل ّأوالهما فيما تمليه اعتبارات الضرورة العسكرّية ،على حين تتمثّل الثانية فيما تمليه مقتضيات
اإلنسانية حين ال تكون هناك حقوق أو محظورات مطلقة.ّ
126
كما أرست اتفاقية جنيف لعام 1127أسس القانون اإلنساني المعاصر .وكان من أهم ما اتسمت
به:
قواعد مكتوبة دائمة ذات نطاق عالمي لحماية ضحايا النزاعات.
طابعها المتعدد األطراف ،المفتوح أمام جميع الدول.
االلتزام بتقديم الرعاية دون تمييز للجرحي والمرضى العسكريين.
احترام أفراد الخدمات الطبية ووسائط النقل والمعدات الطبية ووسمها بشارة مميزة
(صليب أحمر على أرضية بيضاء).
ما هي الحاالت اّلتي ينطبق فيها القانونن اإلنساني؟ من هم اّلذين يخاطبهم ومن
هم اّلذين يحميهم؟
ينطبق القانون الدولي اإلنساني في وضعين بمعنى ّأنه يوّفر نظامين للحماية:
الدولية:
ّ أ .النزاعات المسلحة
تنطبق هذه الحاالت اتفاقيات جنيف لعام 1979والبروتوكول األول.
ويخاطب القانون اإلنساني أساساً أطراف النزاع ويحمي جميع األشخاص أو فئات األشخاص اّلذين
ّ
العدائية ،ويشمل هؤالء:
ّ ال يشاركون مباشرة ،أو يكفون عن االشتراك في األعمال
الطبية
ّ أفراد القوات المسّلحة الجرحى أو المرضى في الحرب البرّية وكذلك أفراد الخدمات
في القوات البرّية.
أفراد القوات المسّلحة الجرحى أو المرضى أو الغرقى في الحرب البرّية وكذلك أفراد الخدمات
الطبية في القوات البرّية.
ّ
أسرى الحرب.
السكان المدنيين ،ومنهم مثالً:
127
oالمدنيون األجانب في أراضي أطراف النزاع ،بمن فيهم الالجئون؛
oالمدنيون في األراضي المحتّلة؛
oالمحتجزون والمعتقلون المدنيون؛
الدينية ووحدات الدفاع المدني.
الطبية و ّ
ّ oأفراد الخدمات
األول ،نزاعات
وتعتبر حروب التحرير الوطني ،كما جاء تعريفها في المادة األولى من البروتوكول ّ
دولية.
مسّلحة ّ
الدولية:
ّ ب .النزاعات المسّلحة غير
تنطبق في النزاع غير الدولي المادة الثالثة المشتركة بين االتفاقيات األربع باإلضافة إلى
أشد صرامة من أحكام
أن شروط انطباق البروتوكول الثاني ّ
البروتوكول الثاني .ويجدر أن نالحظ هنا ّ
المادة الثالثة .ويخاطب القانون اإلنساني في هذه الحاالت أفراد القوات المسّلحة المشاركة في النزاع،
ّ
نظامية ،ويحمي جميع األشخاص وفئات األشخاص اّلذين ال يشاركون ،أو ّ نظامية أو غير
ّ سواء كانت
العدائية ،ويشمل هؤالء:
ّ اّلذين يكفون عن المشاركة في األعمال
128
فياً ،وتمثّل الحد األدنى اّلذي يجوز
وتعتبر األحكام اّلتي تتضمنها المادة الثالثة قانوناً عر ّ
لألطراف المحاربة اإلخالل به.
ال يسري القانون الدولي اإلنساني على حاالت العنف اّلذي ال يبلغ في كثافته ّ
حد النزاع المسّلح.
القانونية المنطبقة في هذه الحاالت هي أحكام قانون حقوق اإلنسان باإلضافة إلى تدابير
ّ والقواعد
التشريعات المحلية ذات الصلة.
هناك تكامل بين القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي لحقوق اإلنسان (اّلذي يشار إليه
ّ
فيما بعد بحقوق اإلنسان) .فكالهما يسعى إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم ،وان كن ذلك من
زاوية مختلفة.
فالقانون اإلنساني ينطبق في أوضاع النزاع المسلح .على حين يحمي حقوق اإلنسان ،أو على
أن بعض معاهدات حقوق
األقل بعضها ،الفرد في جميع األوقات ،في الحرب والسلم على السواء .بيد ّ
العامة ،بينما ال يسمح القانون
اإلنسان تجيز للجكومات أن تنقض بعض الحقوق في حاالت الطوارىء ّ
ألنه صمم أصالً لينطبق في حاالت طوارىء وهي النزاعات المسلحة.
بأي نقض ّ
اإلنساني ّ الدولي
ّ
والقانون اإلنساني يهدف إلى حماية األشخاص اّلذين ال يشاركون أو يتوقفون عن المشاركة
أما حقوق اإلنسان
العدائية .وتفرض القواعد الواردة في واجبات على جميع أطراف النزاعّ .
ّ في األعمال
صممت لوقت السلم من الدرجة األولى ،فهي تنطبق على الجميع ،وهدفها الرئيسي هو حماية اّلتي ّ
األفراد من السلوك التعسفي من جانب حكوماتهم ،وال يتعامل قانون حقوق اإلنسان مع أسلوب تسيير
ّ
العدائية.
ّ األعمال
129
كل شيء على الدول، اإلنساني وحقوق اإلنسان ّأوالً وقبل ّ
ّ
ويقع واجب تنفيذ القانون الدولي
ائية ونشر القانون
وقانونية ،من قبيل سن تشريعات جز ّ
ّ عملية
اإنساني يلزم الدول باتّخاذ تدابير ّ فالقانون
ّ
الدولي اإلنساني .وبالمثل ،تلتزم الدول على بناء قانون حقوق اإلنسان بمواءمة قانونها الو\ني ليتوافق
ّ
محددة تساعد في تنفيذه .والدولعدة آليات ّ اني ّ الدولية .ويوفر القانون الدولي اإلنس
ّ مع االلتزامات
ّ
أن هناك أحكاماًمطالبة على وجه الخصوص بكفالة احترام الدول األخرى أيضاً للقانون اإلنساني .كما ّ
الدولية لتقصي الحقائق .وفضالً عن ذلك ،يوكل
ّ الحامية ،واللجنة
ّ وآلية الدولة
عن إجراءات للتحقيقّ ،
اإلنسانية.
ّ الدولية للصليب األحمر دور أساسي في تأمين احترام القواعد
ّ إلى اللجنة
ّ
إقليمياً.
ّ وتتضمن ،على خالف القانون الدولي اإلنساني نظاماً
ّ وتتسم آليات تنفيذ حقوق اإلنسان بالتعقيد
السياسية لعام .)1922وقد أنشأت لجنة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان وهيئاتها الفر ّ
عية ّ المدنية و
ّ للحقوق
المقررين الخاصين" واألفرقة العاملة ،اّلذين تتمثّل مهمتهم في مراقبة أوضاع حقوق اإلنسان
ّ آالية "
ّ
واإلبالغ عنها ،سواء حسب البلدان أو المواضيع .وتنص ست معاهدات لحقوق اإلنسان الر ّ
ئيسية أيضاً
على إنشاء لجان (مثل لجنة حقوق اإلنسان) تتألّف من خبراء مستقلين مكلفين بمراقبة تنفيذ تلك
يكية) محاكن لحقوق اإلنسان.
األوروبية واألمر ّ
ّ ليمية (
المعاهدات .كما نتشىء بعض المعاهدات اإلق ّ
ئيسياً في حماية وتعزيز حقوق اإلنسان.
السامية لحقوق اإلنسان دو اًر ر ّ
ّ مفوضية األمم المتحدة
ّ وتؤدي
ّ
فعالية أجهزة حقوق اإلنسان التابعة لألمم المتحدة ،وزيادة القدرة
ويتمثّل دورها في تعزيز ّ
الدولية على تعزيز وحماية حقوق اإلنسان ونشر مواثيق حقوق اإلنسان
قليمية و ّ
الوطنية واإل ّ
ّ
والمعلومات المتعّلقة بها.
130
صكوك حقوق اإلنسان:
تشمل الصكوك العديدة السارّية اآلن:
العالمية:
ّ أ .الصكوك
العامة لألمم المتحدة في .1971
الجمعية ّ
ّ اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان اّلذي اعتمدته
اتفاقية 1971لمنع جريمة إبادة األجناس والمعاقبة عليها.
ّ
السياسية لعام .1922
ّ المدنية و
ّ العهد الدولي للحقوق
االقتصادية لعام .1922
ّ االجتماعية و
ّ العهد الدولي للحقوق
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام .1911
ّ
الالإنسانية أو
ّ القاسية أو
ّ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة
ّ
المهنية لعام .1917
ّ
اتفاقية حقوق الطفل لعام .1919
ّ
اإلقليمية:
ّ ب .الصكوك
األوروبية لحقوق اإلنسان لعام .1917
ّ االتفاقية
ّ
يكية لحقوق اإلنسان لعام .1929
االتفاقية األمر ّ
ّ
الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب لعام .1911
"الجوهر الثابت":
الدولية لحقوق اإلنسان بنوداً تبيح للدول لدى مواجهتها لخطر عام جسيم
ّ تتضمن الصكوك
ّ
كل معاهدة،
مبينة في ّ
معينةّ ،
أساسية ّ
ّ أن توقف العمل بالحقوق الواردة في هذه الصكوك ،باستثناء حقوق
يجب احترامها في جميع األحوال وال يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة .وتشمل هذه
العبودية
ّ الالإنسانية ،وخطر
ّ الحق في الحياة وحظر التعذيب والعقوبات والمعاملة الحقوق بصفة ّ
خاصةّ ،
131
رجعية القانون .ويطلق ايم " الجوهر الثابت" لحقوق اإلنسان على هذه
ّ عية وعدم
واالسترقاق ،ومبدأ الشر ّ
األساسية ،اّلتي تلتزم الدول باحترامها في جميع األحوال – حتّى في أوقات النزاع أو االضطرابات.
ّ الحقوق
"نقاط االلتقاء"
132
دولية ذات عالقة
مؤسسات ّ القسم الرابعّ :
بالقانون الدولي باإلنساني
الوطنية في مختلف الدول ،كما يمكن أن تتوالهاّ ويمكن أن تتوّلى هذه المحاكمات المحاكم
الدوليتين أنشئتا بق اررات لمجلس
ّ الجنائيتين
ّ هيئة دولية .وتجدر اإلشارة في هذا الصدد إلى المحكمتين
األمن في 1993و ،1997لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب أثناء النزاعات اّلتي وقعت في
هذيت البلدين.
133
ما هي جريمة الحرب:
يقصد بجرائم الحرب االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني اّلي ترتكب أثناء النزاعات
الدولية.
ّ الدولية أو غير
ّ المسلحة
المتعمد لشخض
ّ التالية ،ضمن أفعال أخرى ،في تعريف جرائم الحرب :القتل
وتدرج األفعال ّ
محمي (مثل المقاتل الجريح أو المريض ،وأسير الحرب ،والشخص المدني):
إنسانية.
ّ تعذيب شخص محمي أو معاملته بال
تعمد إحداث آالم شديدة أو أذىخطير لجسم أو صحة شخص محمي.
المدنيين.
ّ مهاجمة السكان
الترحيل أو النقل القسري غير المشروع.
استخدام أسلحة أو وسائل حرب محظورة.
حمائية أخرى.
ّ إساءة استخدام شارة الصليب األحمر أو الهالل األحمر المميزة أو أي عالمات
خاصة.
عامة أو ّ
سلب ممتلكات ّ
بأن مفهوم جريمة الحرب
الدولية ليوغسالفيا السابقة اعترفت ّ
ّ الجنائية
ّ وتجدر مالحظة أن المحكمة
بموجب القانون العرفي يشمل أيضاً االنتهاكات الجسيمة اّلتي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة غير
الداخلية أيضاً في قائمة جرائم الحرب اّلتي
ّ الدولية .وترد الجرائم اّلتي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة
ّ
134
الجنائية
ّ الدولية لرواندا والنظام األساسي للمحكمة
ّ الجنائية
ّ كل من النظام األساسي للمحكمة
نص عليها ّ ّ
ّ ّ
الدولية.
ّ
الدولية:
ّ الجنائية
ّ ثانياً :حقوق اإلنسان والمحكمة
لكل دولة ذات سيادة الحق في محاكمة مواطنيها بسبب جرائم الحرب
أن ّوال ّبد من التأكيد على ّ
تعدت النطاق الوطني لتصيب
أن جرائم بعض األفراد والهيئات ّ
اإلنسانية ،إالّ ّ
ّ ضد
أو الجرائم المرتكبة ّ
دول أخرى ومجموعات بشرّية خارج نطاق عمل السلطات وسيادتها.
القضائية على
ّ الدولية هي اّلذي ّأدى إلى تنظيم الوظيفة
ّ أن وجود المنظمات
وال ّبد من التذكير ّ
المستوى الدولي ،فكانت محكمة العدل الدول ّية في إطار منظمة األمم المتحدة ّإال ّ
أن هذه األخيرة إختصت
135
تتعرض لمحاكمة األفراد ولم تعترف بالفرد كشخص من أشخاص القانون
بحل النزاعات بين الدول ولم ّ
الدولي يسأل عن انتهاك قواعده.
الحد من
ائية على عاتق الدول من خالل ّ
مسؤولية المالحقة الجز ّ
ّ الدولية
ّ الجنائية
ّ وتلقي المحكمة
تقدم الدولة المجرمين إلى القضاء
فإما أن ّ
الدوليةّ .
ّ الجنائية
ّ الداخلية لصالح المحكمة
ّ سلطان السيادة
اإلنسانية إلى المحكمة
ّ الجماعية ،وجرائم الحرب ،والجرائم ضد
ّ تقدم المتّهمين بجرائم اإلبادة
الوطني أو ّ
كرست سيادة القانون الدولي ،إذ تحال الجرائم إلى محكمة
دولية :وبالتالي تكون األخيرة قد ّ
الجنائية ال ّ
ّ
للمرة األولى ،من دون إشتراط موافقة الطرف المدعى عليه.
دوليةّ ،
136
التالية:
اإلشكالية ال ّبد من اإلجابة على األسئلة ّ
ّ ولإلجابة على هذه
الدولية.
ّ الجنائية
ّ إمكانية صون حقوق اإلنسان في ّ
ظل المحكمة ّ -مدى
الوطنية لعدم تسليم الدولة رعاياها.
ّ التذرع بالسيادة
مكانية ّ
فعالية المحكمة وا ّ
-مدى ّ
الدولية:
ّ الجنائية
ّ ّأوالً :حقوق اإلنسان في ّ
ظل المحكمة
لقد إتّسمت مفاوضات روما بالصعوبة والتعقيد ،فقد كان ال ّبد للمفاوضين من دمج أنطمة
الدولية تحت ضغط كبير مارسه الوفد األميركي في تحديد
ّ قانونية مختلفة ورؤى مغايرة لدور العدالة
ّ
شكل المحكمة وصالحيتها ونظامها.
137
طى نظم القضاء طالما كان األخير
الوطنية أو تتخ ّ
ّ تتعدى على السيادة
الدولية ال ّ
ّ الجنائية
ّ فالمحكمة
الدولية”.
ّ القانونية
ّ قاد اًر أو راغباً في مباشرة إلتزاماته
دولية:
الدولية هي معاهدة ّ
ّ الجنائية
ّ أ .فالمحكمة
الدولية لعامي
ّ دولية وفقاً إلتفاقيتي فيينا لقانون المعاهدات
ومن المعلوم أن اإلتفاق هو معاهدة ّ
عدة أمور ،منها:
األساسي ّ التعاقدية للنظام
ّ 1912 ،1929ويترتّب على هذه الطبيعة
ّ
إن الدول ليست ملزمة باإلرتباط به رغماً عنها.ّ“ -
إن النظام األساسي هو وليد مفاوضات جرت بشأنه إلى أن إتّخذ شكله ومضمونه
ّ -
ّ
الحاضر.
تطبق على المعاهدات األساسي للمحكمة تسري عليه تقريباً ّ
كل القواعد الّتي ّ ّ
إن النظام
ّ -
النص
ّ يتم
امي ،وذلك ما لم ّ
الخاصة بالتفسير ،والتطبيق المكاني واإللز
ّ الدولية ،مثل تلك
ّ
ّ ّ
فيه على خالف ذلك”.
ظات عليه فالمادة 127من النظام المميزة لنظام المحكمة وهو عدم جواز وضع تحف ّ
ّ الخاصة
ب .و ّ
أي تحّفظ عليه .ويتّضح لنا
نصت على عدم جواز وضع ّ الدولية قد ّ
ّ الجنائية
ّ األساسي للمحكمة
ّ
يتجزأ ،بمعنى ّأنه يجب أخذه كّله أو رفضه كّله.
أن نظام هذه المحكمة هو كال ال ّ ّ
الخاصة بتطبيقه أو تفسيره،
ّ عدة طرق لحل المنازعات
األساسي في المادة 119على ّ نص النظامجّ .
ّ
دولية ال شك أن تثير بعض المنازعات بين أطرافها بخصوص تفسيرها أو
خاصة وا ّن ّأية معاهدة ّ
ّ
تطبيقها.
138
الدولية:
ّ الجنائية
ّ ثانياً :إختصاص المحكمة
قبل أن تمارس المحكمة إختصاصها بشأن جريمة ما يجب أن تكون الجريمة محل اإلتّهام قد
إرتكبت في إقليم دولة طرف أو بمعرفة أحد رعاياها (م 12ف ،)2وباإلضافة إلى ذلك فللمحكمة
الدولية أن تمارس إختصاصها عندما توافق دولة ليست طرفاً على إختصاص المحكمة وتكون
ّ الجنائية
ّ
الجريمة قد ارتكبت في إقليم هذه الدولة أو يكون المتهم أحد رعاياها (م 12ف .)3
139
الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة من إتفاقيات جنيف لعام ،1979واإلنتهاكات الخطيرة للقوانين
الدولية”.
ّ ولألعراف السارية على النزاعات المسّلحة غير
-جريمة العدوان وتمارس المحكمة إختصاصها تجاه هذه الجريمة ،حينما يتم إقرار تعريف لها
والشروط الالزمة لممارسة المحكمة لهذا اإلختصاص.
“ومن المستجدات اّلتي أتى بها نظام المحكمة إدراج الجرائم الّتي تقع خالل النزاعات المسّلحة غير
الداخلية) ضمن جرائم الحرب”.
ّ (أي النزاعات
الدولية ّ
ّ
تمارس المحكمة وفقاً للمادة 11إختصاصها فقط بخصوص الجرائم اّلتي يتم إرتكابها بعد
إتفاقية فيينا .)1929
ّ رجعية القانون الدولي وفق ما ورد في
ّ حيز النفاذ (مبدأ عدم
األساسي ّ دخول النظام
ّ
األول للشهر التالي لمرور ستين يوماً علىحيز النفاذ في اليوم ّ
األساسي على دخوله ّ نص النظاموقد ّ
ّ
إيداع وثيقة التصديق (أو القبول أو الموافقة أو اإلنضمام) لدى السكرتير العام لألمم المتحدة .وقد ت ّم
ذلك فعالً في العام .2772
140
ج .اإلختصاص الشخصي:
ّ
تمارس المحكمة إختصاصها فقط على األفراد اّلذين يرتكبون جرائم بعد دخول النظام
يتصرفون
ّ أن األفراد اّلذين يعملون لحساب الدولة أو
وتؤكد المادة ّ )7( 21
حيز النفاذ (مّ .)27.
األساسي ّ
ّ
بإسمها ،وان لم يتمتّعوا بسلطاتها ،يحاكمون على أساس شخصهم ،من دون أن يعفي اإلختصاص
مسؤوليتها.
ّ الشخصي هذه الدولة من
مبدئياً على رعايا الدول األطراف البالغين سن الـ ـ 11عند
ّ ويقتصر اإلختصاص الشخصي
إرتكاب الجرم ويمتد ليشمل ّأوالً رعايا الدول الثالثة القابلة بإختصاص المحكمة المؤقت بموجب إعالن
صريح ،ورعايا الدول الثالثة المتهمين بإرتكاب إحدى جرائم المادة 1على إقليم دولة طرف.
141
"ويبقى اإلختصاص اإلقليمي مستقالً نافذاً أمام اإلختصاص الشخصي ،لتكون المحكمة
صالحة للنظر في قضايا جرائم المادة ،1عند وقوعها في إقليم إحدى الدول األطراف ،سواء أكان
المعتدي تابعاً لدولة طرف أو لدولة ثالثة ،مع فارق جوهري عند وجود المتهم في دولة ثالثة ،إذ ّ
أن هذه
كإتفاقيات التسليم أو المعاهدات
ّ األخيرة غير ملزمة بالتعاون مع دولة اإلقليم ّإال بتوافر رابط دولي
المتعددة األطراف".
ّ
142