Professional Documents
Culture Documents
الميزانية الاقتصادية التوقعية
الميزانية الاقتصادية التوقعية
.1تقديم
تصدر المندوبية السامية للتخطيط متم كل سنة ميالدية ميزانية اقتصادية توقعية تسطر فيها تطورات األداء
االقتصادي الكلي للمغرب للسنة الموالية انطالقا مما تم تحقيقه ،أخذا بعين االعتبار الظروف الدولية
والوطنية التي قد تؤثر سلبا أو إيجابا في تغيرات المؤشرات الماكرو اقتصادية.
والظاهر منذ بضع سنين ،أن هذه المؤسسة من خالل كل دراساتها ،بما فيها المتعلقة بالميزانية االقتصادية
التوقعية ،ما فتأت تذكر بأن محركات التنمية بالمغرب معطلة ،وأنه ال بد من مجهودات استثنائية للتعافي
االقتصادي وتحقيق أهداف "النمو المستدام والشمولي والمرن".
وقد صدرت عن المندوبية بتاريخ 31يناير 0201الميزانية االقتصادية التوقعية لسنة 0201والتي تم
تحيينها يوم 12من نفس الشهر .نعرض فيما يلي أهم الخالصات الواردة في هذه الميزانية مع إبداء بعض
المالحظات.
عزت المندوبية السامية للتخطيط تراجع نمو االقتصاد الوطني سنة 0200لتأثير الجفاف والتضخم
المستورد الناتج عن تصاعد النزعة الحمائية لما بعد األزمة الصحية وتزايد حدة التوترات الجيوسياسية.
والظاهر أن الوثيقة الصادرة خصصت حيزا هاما لتقلبات المحيط الدولي ،من قبيل مشاكل التزود ،معتبرة
إياها السبب الرئيس لإلخفاقات االقتصادية الداخلية ومن بينها تدني القدرة الشرائية متجاهلة بذلك الطبيعة
الريعية لالقتصاد المغربي وقصور السياسات االقتصادية للدولة لدعم الطلب والمنحى التصاعدي لسعر
الفائدة الرئيس تبعا لقرارات المجلس اإلداري لبنك المغرب.
حسب الوثيقة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط ،فإن كل المؤشرات الماكرواقتصادية كانت في
األحمر متم سنة .0200فمعدل نمو الناتج الداخلي الخام لم يتجاوز %3,1سنة 0200مقابل %9,7
سنة من قبل ،فيما استقر معدل التضخم في حدود %5بعدما قدر سنة 0203ب .%1,0أما األداء القطاعي
غير الفالحي ،فلم يترجم المجهود المبذول لسنين في إطار استراتيجيات كبرى ومنها التسريع الصناعي،
وهكذا استقر معدل نمو القيمة المضافة لألنشطة غير الفالحية في %1,3مقابل %6,6سنة .0203ولم
يكن القطاع الفالحي أحسن حاال خاصة مع الجفاف حيث سجلت نسبة -15,6%في القيمة المضافة للقطاع
عوض 17,6%سنة من قبل.
2
أما على مستوى الطلب الداخلي ،فقد "عرف هذا األخير انخفاضًا في معدل نموه ليصل إلى %0,1+سنة
،0200بدالً من %7,3+سنة .0203وأن القدرة الشرائية لألسر قد عرفت من جهتها هبوطا بنسبة
."%7,3في الوقت الذي " انخفضت الودائع ألجل في البنوك بنسبة %9,9في نهاية نونبر ،0200بدالً
من زيادة بنسبة %3,6في العام السابق ،وزادت قروض االستهالك بنسبة %1,8خالل نفس الفترة".
ويبقى األمر الالفت للنظر هو الحديث عن انخفاض معدل البطالة على المستوى الوطني بشكل طفيف
ليصل إلى %33,6سنة ،0200وكذا التحكم في عجز الميزانية والذي لم يتجاوز %1,7-عوض -
%5,5سنة ،0203لكن ذلك يخفي االعتماد المفرط على المديونية العمومية التي استقر معدلها في حدود
%80,5من الناتج الداخلي الخام وكذا المداخيل الضريبية االستثنائية خاصة من القيمة المضافة والرسم
الداخلي على االستهالك.
حسب واضعي الميزانية االقتصادية التوقعية ،سيظهر االقتصاد الوطني ارتفاعا بنسبة %1,1سنة ،0201
فيما القيمة المضافة للقطاع األولي سترتفع بنسبة %7مستفيدة من عودة التساقطات .إال أن هذا األداء
المتوقع سيبقى رهينا بضرورة "إعادة صياغة االستراتيجية التنموية للقطاع الفالحي من أجل تعزيز السيادة
الغذائية والحفاظ على البيئة وتحسين دخل المزارعين المتأثرين بشدة بتوالي سنوات الجفاف" .أما باقي
القطاعات ،فلن تسجل سوى زيادة محدودة بنسبة %0.9+سنة 0201خاصة بسبب تباطؤ الطلب األجنبي
على الصناعات التصديرية وإلى سياسة نقدية قليلة المرونة .وهنا نطرح السؤال حول الخيارات
االستراتيجية للدولة في مجال اإلنتاج ،والتي فضلت سياسة التصدير على حساب السيادة االقتصادية وتأمين
الحاجيات الداخلية.
ستبدو جل المؤشرات الكلية سنة 0201خضراء ،بشكل عام ،مقارنة بسنة التراجعات .ومع ذلك ،فإن
عدم اليقين سيؤثر على هذا النمو ،المرتبط بشكل خاص بتطور الحرب في أوكرانيا ،وتطور أسعار الفائدة،
والمخاطر الوبائية والمناخية .وسيظل الطلب الداخلي هو المحرك الرئيسي لهذا النمو ،بزيادة قدرها
.%1,0في حين سيواصل الطلب الخارجي الصافي الموجه نحو المغرب مساهمته السلبية في النمو
االقتصادي عند 2,0-نقطة ،أي أنه سينخفض ليصل %1,0من الناتج الداخلي الخام عوض %9,6سنة
من قبل.
أما المؤشرات البرتقالية إلى حمراء ،فتتعلق بمعدل الدين العمومي اإلجمالي الذي من المتوقع أن يتزايد
ليشكل %81,0من الناتج الداخلي الخام .ومن المتوقع أيضا "أن ينكمش االدخار الداخلي ليبلغ %02,7
3
من الناتج الداخلي اإلجمالي عوض %00,1في المتوسط خالل الفترة ."0203-0239أي أننا نبتعد عن
االستقاللية التمويلية للبلد.
"في سنة ،0200قاربت الخسائر حوالي 00ألف وظيفة في أعقاب األزمة الصحية لكوفيد ،37-واستقرت
في 3,1-نقطة من حيث دينامية نمو مخزون رأس المال .ستنتهي سنة 0201بعودة النمو إلى مسار
تطور أقل استدامة مقارنة بفترة ما قبل األزمة ،مع مكاسب صغيرة على مستوى اختالالت االقتصاد الكلي
ومخاطر غالء كلفة التمويل ".إذا كانت هذه إحدى خالصات واضعي الميزانية االقتصادية التوقعية لسنة
،0201فإن األنظار يلزم أن تتوجه صوب اللجنة الخاصة للنموذج التنموي ،والتي منذ أبريل 0203
وضعت تقريرها مختتمة إياه بضرورة التحول على صعيد المجاالت وبوضع ميثاق وطني وآلية للتنزيل.
نموذج التزمت كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الحكومة أن تنزله لكن الظاهر هو االفتقاد للنظرة الشمولية
وسلك طريق ذر الرماد في العيون بما سمي "الدولة االجتماعية".
4
5