You are on page 1of 5

‫المقطع األول ‪ :‬مفهوم اإللتزام‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ّ‬
‫إن قانون اإللتزامات مادة أساسية في تكوين طلبة الحقوق‪ ،‬كونها تشكل الجدع المشترك لكافة المواد القانونية‪ ،‬وبصفة عامة‬
‫تعتبر قواعد قانون االلتزامات و مرجعا أساسيًّا لباقي المواد‪ ،‬وهو جزء أساسي من القانون المدني‪ ،‬ويكون برنامج دراسة‬
‫السداسيين الثالث والرابع ليسانس في الحقوق‪.‬‬

‫فلقد نظم المشرع االلتزامات في الكتاب الثاني من القانون المدني تحت عنوان‪ ":‬االلتزامات والعقود"‪ ،‬والجدير بالمالحظة أنّه ال‬
‫يمكن أن ننكر القيمة العلمية والعملية لنظرية اإللتزامات‪ ،‬كونها أساس علم القانون ومناط دراسته وتطبيقه‪ ،‬حيث تستمد هذه النظرية‬
‫قوتها وأهميتها من أهمية وقوة القانون الذي تنتمي إليه وهو القانون المدني‪ ،‬إلعتباره الشريعة العامة التي يجب الرجوع إليها في كل‬
‫الحاالت التي يخلو حكم النزاع من نص خاص‪.‬‬

‫ونظرية اإللتزام تشمل العديد من المواضيع‪ ،‬منها ما يتعلق بقواعد عامة‪ ،‬ويندرج ضمنها خاصة مصادر اإللتزام وأحكام‬
‫اإللتزام‪ ،‬ومنها ما يتعلق بقواعد خاصة‪ ،‬تتعلق ببعض العقود المسماة واإللتزامات الخاصة سواء كانت متضمنة في القانون المدني‬
‫أو في قوانين خاصة‪.‬‬

‫وتعد مصادر اإللتزام من المواضيع المهة لما تحتويه من أحكام وقواعد ال يمكن في أي حال من األحوال أن يستغني عنها دارس‬
‫صا مدونة فحسب‪،‬‬‫القانون أو مطبقه أو شارحه‪ ،‬فالجهل بها هو جهل بأصل القانون وجهل بمقتضياته ومبادئه‪ ،‬فالقانون ليس نصو ً‬
‫بل هو أيضًا مبادئ عامة ال يمكن في غيابها الوصول إلى سليم القانون شر ًحا وتطبيقًا‪.‬‬

‫وتهتم نظرية االلتزام بعالقات الفرد بغيره من حيث المال‪ ،‬إذ تدخل في دائرة إختصاصها كل عالقات التبادل اإلقتصادي القائمة‬
‫بين أفراد المجتمع تلبية لحاجياتهم اليومية المختلفة والمتنوعة‪ ،‬كما تشمل هذه النظرية جبر األضرار التي قد تلحق بالغير في ذاته أو‬
‫ممتلكاته في إطار النشاطات االقتصادية واالجتماعية والثقافية وغيرها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم اإللتــزام‬


‫حتى نحدد تعريف اإللتزام يقتضي األمر إبراز المقصود بهذا المصطلح وفقا للمذهب الشخصي ثم المذهب المادي ثم موقف‬
‫التشريع الجزائري من هذه المفاهيم ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف االلتــــــــــزام‬

‫االلتزام هو عالقة قانونية ذات قيمة مالية وهو يتميز عن حقوق غير مالية والحقوق اللصيقة بالشخصية كحق اإلنسان في الحياة‬
‫وحقه في صورته واسمه وحقوق األسرة كحقوق الزوجة واألبناء وتسمى العالقة القانونية ذات القيمة المالية بااللتزام ‪.‬‬

‫أن االلتزام حالة قانونية يرتبط بمقتضاه شخص معين ينقل حق عيني أو بالقيام بعمل أو باالمتناع عن عمل‪.‬‬

‫الفرع االول‪ :‬االلتزام وفق المذهب الشخصي ‪.‬‬ ‫•‬

‫يرى الفقيه سافيني "أن االلتزام ليس إالّ رابطة شخصية ت ُخضع المدين للدائن" أي "سلطة للدائن على المدين"‪ ،‬فالدائن في‬
‫هذا التعريف يمنح سلطة على شخص المدين تشبه إلى حد كبير السلطة التي يخولها الحق العيني لصاحبه‪ ،‬فيستطيع الدائن وفقًا لهذه‬
‫السلطة واقتضاء للحصول على حقه من المدين في حالة إمتناعه عن التنفيذ أن ينفذ على جسم المدين‪ ،‬وذلك باسترقاقه أو إعدامه أو‬
‫بحبسه عنده لحين قيامه بالتنفيذ‪ ،‬وهذا ما كان عليه الحال إبان القانون الروماني القديم‪ ،‬لكن سرعان ما تلطفت هذه السلطة وأصبحت‬
‫مقصورة على إمكان الدائن حبس المدين حال تطور القانون الروماني‪.‬‬

‫ووفقًا لهذه النظرية فإن اإلرادة المنفردة ال تعد مصدر من مصادر االلتزام‪ ،‬ألن أحد الشخصين غير موجود وقت إنشاء االلتزام ‪،‬‬
‫وهو الدائن عادة‪.‬‬
‫الفرع الثانـي‪ :‬االلتزام وفق المذهب المادي‬ ‫•‬

‫هاجم كثير من الفقه االلماني النظرية الشخصية في االلتزام وعلى رأسهم الفقيه جيرك ‪ Gierke‬وعمال على تحرير قانونهم من‬
‫النظريات الرومانية ‪ ،‬واستند أنصار هذه النظرية في عنايتهم بمحل االلتزام كأداء يقوم به المدين والمنفعة التي يحصل عليها الدائن‬
‫تفسيرا للكثير من المسائل‬
‫ً‬ ‫‪ ،‬مما يساعد على رواج النشاط التجاري وتتداول الحقوق الشخصية كما وجدوا في النظرية المادية‬
‫القانونية التي ال تفسير للنظرية الشخصية لها كااللتزام بإرادة المدين المنفردة ودون تعيين شخص الدائن وقت نشوء االلتزام مثل‬
‫الوعد بالجائزة الموجه للجمهو‪.‬‬

‫عنصرا ماليًا أكثر م ّما هو رابطة شخصية بين الدائن والمدين‪،‬‬


‫ً‬ ‫وبالتالي فإن العنصر الجوهري في االلتزام هو محله بحيث أصبح‬
‫ويترتب على هذا التصور بعض النتائج أهمــــــها ‪:‬‬

‫‪ -‬االعتداد باإلرادة المنفردة كمصدر من مصادر االلتزام‪.‬‬


‫‪ -‬صحة االشتراط لمصلحة الغير وكذا حوالة الدين أو الحق‪.‬‬

‫الفرع الثالــث‪ :‬موقـــف المشـــرع الجزائـري‬ ‫•‬

‫نظرا لغياب تعريف قانوني بقي الرجوع لموقف المشرع من هذه المذاهب واآلراء المختلفة بعرض أسباب القانون المدني‬ ‫ً‬
‫وبعض أحكامه‪ ،‬حيث يتضح من عرض هذه األسباب أن قواعد القانون المدني مستمدة من القيم العربية اإلسالمية‪ ،‬ونستخلص من‬
‫عناصر التقدير هذه أن المشرع انحاز إلى النظرية الشخصية في تعريف االلتزام وهو ما تؤكده بعض أحكام القانون المدني التي أقر‬
‫المشرع صراحة من خاللها في الصياغة األولى للقانون لمدني في سنة ‪ 1975‬أربعة مصادر االلتزام وخصص كل واحد منها‬
‫بفصل مستقل في الباب األول من الكتاب الثاني للقانون المدني ‪ ،‬ولكن عند االطالع عن المضمون يظهر انه اعتمد في الحقيقة‬
‫مصدرا خامسا هو اإلرادة المنفردة كما يتجلى ذلك في المادة ‪ 150‬قانون مدني الملغاة و المتعلقة بالوعد بالجائزة‪.‬‬

‫المطلب الثانــي‪ :‬تقسيمات اإللتزامات‬

‫تختلف تقسيمات االلتزام حسب المعيار الذي ينظر من خالله له ‪ ،‬ومن أهم هذه المعايير نجد تقسيمه من حيث األثر ثم من حيث‬
‫المحل ثم من حيث المضمون ‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬تقسيم االلتزام من حيث األثـــــــــر‬ ‫•‬

‫أوالً‪ :‬االلتزام المدنـــي‬

‫االلتزام المدني هو الذي يجبر المدين على وفائه ‪ ،‬ذلك ان هذا االلتزام يجتمع فيه عنصر المديونية والمسئولية‪ ،‬ويستفيد هذا‬
‫االلتزام من الحماية القانونية الكاملة حيث يكون من حق الدائن عند اقتضاء األمر مطالبة المدين أمام المحاكم المختصة‪ ،‬وله أن‬
‫يكرهه بشتى الطرق القانونية لتنفيذ التزامه بالعالقة القانونية والعالقة القانونية هي تلك التي يعتد بها المجتمع ويحميها بالطرق‬
‫المقررة لذلك ‪.‬‬

‫ويالحظ أن االلتزامات المدنية في اغلب األحوال تقوم على واجبات أخالقية باعتبار أن األخالق من األسس التي يستند إليها‬
‫القانون‪ ،‬إال أنّ القانون لم يجعل كافة الواجبات الخلقية التزامات مدنية‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬االلتزام الطبيعـــــي‬

‫االلتزام الطبيعي هو االلتزام الذي ال يتقيد من الحماية القانونية الكاملة إذ ال يمكن إكراه المدني على تنفيذ إلتزامه وهذه الحالة‬
‫استثنائية ألنه من بين الوظائف الرئيسية للقانون إكراه المدنيين على تنفيذ التزاماتهم ويعتبر االلتزام الطبيعي من الحقوق والناقصة‬
‫أي الحقوق التي يعترف بها القانون‪ ،‬غير أنه ال يعطي لصاحبها وسائل إكراه المدين على تنفيذها بل هي أصل غير قابلة للتنفيذ‬
‫الجبري‪ ،‬فاللتزام الطبيعي هو التزام قانوني جعله المشرع الجزائري سبيالً للوفاء فال يستطيع المدين أن يسترد ما أداه تنفيذ االلتزام‬
‫الطبيعي‪ ،‬كما أن تنفيذ االلتزام الطبيعي يعد وفاء ال تبرعًا أو هبة غير أن تنفيذه يكون دائ ًما باختيار المدين وال يخضع إال لضميره‪،‬‬
‫وهناك من يرى في هذا الشأن أن االلتزام يكون من عنصرين المديونية الذي يتضمن الدين وعنصر المسؤولية الذي يسمح بإكراه‬
‫المدين على تنفيذ التزامه وإذا كان التزام المدين يشمل العنصرين فإن االلتزام الطبيعي يفتقر لعنصر المسؤولية م ّما يجعله قابالً‬
‫للتنفيذ االختياري دون التنفيذ الجبري‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقسيم االلتزام من حيث المحل‬ ‫•‬

‫نقصد بمحل االلتزام الشيء الذي التزم به المدين نحو الدائن‪ ،‬ولقد اعتمد المشرع الجزائري في هذا الشأن إلى تقسمين‪ ،‬يعود‬
‫األول للقانون الروماني وهو التقسيم التقليدي‪ ،‬بينما أخذ الثاني عن الفقه الفرنسي الذي استحدثه مع مطلع القرن الماضي والتقسيم‬
‫الحديث‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬التقسيــم التقليـدي‬

‫طبقًا للمادة ‪ 54‬من القانون المدني فااللتزام ثالثة أنواع ‪ :‬التزام بمنح أو إعطاء‪ ،‬وااللتزام بفعل‪ ،‬وااللتزام باالمتناع عن عدم فعل‬
‫شيء ما ‪.‬‬

‫‪ .1‬االلتزام بمنح أو إعطاء ‪:‬‬

‫إن المعنى القانوني لكلمة منح مختلف عن المعنى اللغوي ‪ ،‬وهذا المصطلح هو ترجمة لكلمة الفرنسية ‪ Donner‬المأخوذة من‬
‫الكلمة الالتينية ‪ Dane‬التي تفيد نقل حق الملكية أو حق عيني‪ ،‬فعقد البيع مثال يرتب على البائع االلتزام بمنح وعليه أن ينقل‬
‫للمشتري ملكية شيء أو حق ماليا أخر مقابل ثمن نقدي طبقا المادة ‪ 351‬قانون مدني‪ ،‬إن نقل ملكية شيء أو حق من شخص المدني‬
‫التي شخص الدائن هو معيار االلتزام بمنح بغض النظر عما إذا كان ذلك بمقابل أن بدون مقابل‪.‬‬

‫‪ .2‬االلتزام بفعل ‪:‬‬

‫يقوم المدين بمقتضى هذا االلتزام بعمل أو نشاط معين لفائدة الدائن كالبائع الذي يلتزم بتسليم المبيع إن مثل هذه االلتزامات‬
‫متعددة ومختلفة وقد ذكر المشرع في الباب التاسع تحت عنوان (العقود الواردة على العمل عقد المقاولة عقد الوكالة وعقد الوديعة‬
‫وعقد الحراسة‪.‬‬

‫‪ .3‬االلتزام باالمتناع عن عدم فعل شيء ما ‪:‬‬

‫بمقتضى هذا االلتزام بمنع المدين عن القيام بعمل معين فالمادة ‪ 691‬مدني تمنع المالك من التعسف في استعمال حقه إلى حد‬
‫يضر بملك الجار وتقضي المادة ‪ 361‬مدني المستأجر من يحدث بالعين المؤجرة تغييرا وقد يتعهد كذلك بعدم فتح محل تجاري نحو‬
‫المشتري بعدم تشغيل عامل سابقا له وقد يتعهد كذلك بعدم فتح محل تجاري مماثل في نفس لحي لمدة معينة‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬التقسيم الحديــث‬

‫أخذ المشرع بهذا التقسيم حيث أشار إليه في عدة مواد من القانون المدني منها ‪ 172‬و ‪ 576‬و‪ 607‬قانون مدني جزائري‪ ،‬وفي‬
‫سا بااللتزام بفعل ألن االلتزام بمنح وااللتزام بعدم فعل شيء ما يستلزمان دائما تحقيق نتيجة‬
‫الحقيقة أن هذا التقسيم يتعلق أسا ً‬
‫معينــــــــة ‪.‬‬

‫‪ .1‬االلتزام بتحقيق نتيجة‬

‫االلتزام بنتيجة أو االلتزام بتحقيق غاية محددة هو االلتزام يتعهد بمقتضاه المدين بتحقيق نتيجة محددة وما لم تتحقق هذه النتيجة‬
‫يكون مسؤوال أمام الدائن لكونه لم يقم بتنفيذ التزامه‪ ،‬فالشخص في مثل هذا االلتزام مدين بتحقيق نتيجة معينة بحيث يفترض خطأه‬
‫ومن ثم قد تقوم مسؤولية لمجرد أن الغاية المنتظرة ‪ -‬والتي هي محل التزامه ‪-‬لم تتحقق ‪.‬‬

‫‪ . 2‬االلتزام ببذل عنايــــــة‬

‫االلتزام ببدل عناية أو االلتزام بوسيلة لتحقيق غاية معينة‪ ،‬حيث يتعهد المدين ببدل جهد وعناية للوصول إلى الغرض سواء‬
‫تحقق هذا الغرض أو لم يتحقق‪ ،‬فالطبيب مثالً يلتزم بمعالجة المريض ودون أن يضمن الشفاء‪ ،‬ويتمثل محل االلتزام ببذل عناية في‬
‫الجهد أو العناية الت ي يبدلها المدين في تنفيذ التزامه‪ ،‬وأما النتيجة التي ترمي إلى تحقيقها هذه الجهود فهي خارجة على االلتزام في‬
‫حد ذاته‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تقسيم االلتزام من حيث المصدر‬ ‫•‬

‫أوالً‪ :‬المصادر اإلرادية‬

‫المصادر اإلرادية هي تلك التي تكون فيها اإلرادة هي السبب المنشئ سواء أكان ذلك بإرادة منفردة أو بإتفاق إرادتين فالعبرة في‬
‫هذا التصنيف هي بإرادة الشخص أو األشخاص التي ترمي إلى إنشاء االلتزام ‪ ،‬وبعبارة أخرى يكون المصدر إراديًا متى كان‬
‫الشخص يريد تحمل االلتزام بمحض إرادته نحو شخص ثاني وتسمى هذه المصادر أيضًا تسمية التصرفات القانونية والتي تنقسم‬
‫إلى نوعين‪:‬‬

‫‪ ü‬العمل أو التصرف القانوني من جانب واحد أو االلتزام بإرادة منفردة وهو االلتزام الذي ينشأ بإرادة المدين فقط كالوصية‬
‫والوعد بالجائزة ‪.‬‬

‫العقد وهو تصرف قانوني ينشأ عن إرادتين أو أكثر لألشخاص لهم على العموم مصالح متضاربة ‪.‬‬ ‫‪ü‬‬

‫ثانيًا‪ :‬المصادر غير اإلراديـة‬

‫تتمثل المصادر غير اإلرادية في األقوال أو األفعال اإلرادية وغير اإلرادية المنشئة لاللتزام والتي يرتب عليها القانون أثار ففي‬
‫حالة الفعل اإلرادي تنسب اآلثار للفعل إال اإلرادة‪ ،‬ألن الفاعل ال يرغب في إنشاء االلتزام‪ ،‬أما بالنسبة للقول فأنه يكون دائ ًما إراديًا‬
‫غير أن إرادة الشخص لم يتصرف إلى تحمل االلتزام بل انصرفت إلى التعدي على الشخص فقط كأن يقوم شخص بشتم أخر‬
‫فالغرض في هذا القول هو الشتم وليس تحمل االلتزام ‪.‬‬

‫وذلك يجبر الضرر الذي أصاب الصحة من جزاء والشتم بل كل ما كان يريده الفاعل هو التعدي على شخص الصحية وقد‬
‫تكون هذه المصادر غير اإلرادية أفعاال أو أقواالً غير مشروعة وقد تكون أفعاال نافعة كالفضالة‪ ،‬ويطلق على هذه األقوال واألفعال‬
‫آثارا)‪.‬‬
‫تسمية (الوقائع القانونية وتتميز عن الوقائع المادية التي يرتب عليها القانون ً‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مصــــادر االلتـــــــزام‬


‫نقصد بمصدر االلتزام السبب القانوني المنشئ له‪ ،‬ويرجع إلى القانون نشاة جميع االلتزامات‪ ،‬فال يقوم أي التزام إال إذا أقره‬
‫القانون واعترف به‪ ،‬حيث يعد مصدرا غير مباشر لها‪ ،‬ألنه يعلق نشوءها على حدوث وقائع محددة تعد بمثابة المصدر المباشر لها‪،‬‬
‫فااللتزامات الناشئة عن العقد وعن العمل غير المشروع ‪ ،‬مصدرها القانون لكون القانون هو الذي جعلها تنشأ من مصادرها فحدد‬
‫أركانها وبين أحكامها‪ ،‬فهذه االلتزامات لها مصدر مباشر تنشأ عنه مباشرة‪ ،‬وهو إ ّما العقد أو االرادة المنفردة ‪ ،‬أما مصدرها غير‬
‫المباشر فهو القانون‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العقـــــــــد‬

‫العقد لغة ‪ :‬كلمة تفيد الربط بين أطراف الشيء والعقد كمصطلح قانوني عرفه المشرع في المادة ‪ 54‬قانون مدني على النحو‬
‫التالي العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص نحو أشخاص آخرين بمنح أو فعل شيء ما العقد هو توافق إرادتين أو أكثر‬
‫على إحداث أثر قانوني معين يتمثل هذا األثر بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما‪ ،‬أي أن اإلرادتين تتجهان إلى إنشاء التزام أو نقله‬
‫وبهذا فالعقد أخص من االتفاق باعتبار العقد تتجه فيه اإلرادتان إلى إنشاء عالقة ُملزمة‪ ،‬فاالتفاق ال يكون عقدًا إال إذا كان منشئ‬
‫لاللتزام أو ناقالً له‪ ،‬وليس كل اتفاق يمكن أن يكون عقدًا في حين أن كل عقد يمكن أن يكون اتفاقًا‪.‬‬

‫والمثال على إنشاء التزام كعقد البيع الذي ينشئ التزام في جانب كل من البائع والمشتري‪.‬‬

‫المطلب الثانـي‪ :‬اإلرادة المنفـــردة‬

‫اإلرادة المنفردة هي تصرف قانوني يصدر عن شخص بهدف إحداث أثر قانوني‪ ،‬ومن دون حاجـة إلى إرادة ثانية تتوافق معها‪،‬‬
‫وال شك في أن اآلثار القانونية التي يمكن أن ترتبهـا اإلرادة المنفـردة متنوعة؛ فيمكن لإلرادة المنفردة أن تنقل حقا عينيا‪ ،‬كما في‬
‫الوصية‪ ،‬ويمكن أن تزيل هذا الحق‪ ،‬كما في التنازل عن حق عيني‪.‬‬

‫ويقضي هذا المبدأ بأن اإلرادة وحدها القادرة على إنشاء االلتزام دون اشتراط إجراء أو شكل خاص‪.‬‬
‫سا على اإلرادة ويعد ترجمة لمبدأ سلطان اإلرادة والتي تعني قدرتها على إنشاء العقد أو العمل القانوني وكذلك‬‫فالعقد يبنى أسا ً‬
‫حريتها في ترتيب اآلثار التي تترتب على هذا العقد‪.‬‬

‫هذا وقد شهد مبدأ سلطان اإلرادة في العصور الحديثة الكثير من االنتقادات في كثير من الحاالت السيما منذ أن ظهرت المبادئ‬
‫االشتراكية مما أدّى إلى انتكاسها وتراجعها في العديد من العقود‪.‬‬

‫المطلب الثالـث‪ :‬القانـــون‬

‫لقد اعتبر المشرع الجزائري القانون مدر من مصادر االلتزام وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 43‬من القانون المدني تسري عن‬
‫االلتزامات الناجمة مباشرة عن القانون دون غيرها النصوص القانونية التي قررتها‪.‬‬

‫المطلب الرابــع ‪ :‬أشباه العقـــود‬


‫ّ‬
‫إن أشباه العقود حسب ما نص عليها القانون المدني هي اإلثراء بال سبب الدفع غير المستحق و أعمال الفضالة ‪.‬‬

‫أوالً ‪ -‬اإلثراء بال سبب ‪ :‬يقصد به أنه من أثرى من عمل الغير وشيء لدى الغير وترتب عن ذلك افتقار في جانب الطرف الثاني ‪،‬‬
‫مصدرا مه ًما لاللتزام في القانون المدني‪ ،‬مما‬
‫ً‬ ‫فان المثرى يلتزم بتعويض ما أثري به دون وجه حق‪ ،‬ويعتبر اإلثراء بدون سبب‬
‫مميزا ‪ ،‬يحصل على مكسب على حساب شخص آخر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يعني أن أي شخص‪ ،‬حتى لو لم يكن‬

‫ثانيًــا ‪ -‬الدفع غير المستحق ‪ :‬ويقصد به أن يفي الشخص بااللتزام مكره عليه في حين أن وفاءه ذلك غير مستحق أصالً ‪ ،‬أو أن‬
‫يكون مستحق في زمن ما تم يصير غير ذلك ال حق‪ ،‬ففي هذه الحالة يلتزم من تسلم ما ليس مستحق له برد ما تسلمه‪.‬‬

‫ثالثـــًا ‪ -‬أعمال الفضالـــة‬

‫يقصد بها أن يتولى شخص القيام بشأن ضروري عاجل لحساب شخص آخر دون أن يكون ملزما بذلك‪ ،‬وأمثلتها كثيرة كأن يقوم‬
‫شخص ببناء جدار يوشك أن يسقط في بيت جاره الغائب أو كأن يبادر إلى إسعاف ابن الجار من إصابة مفاجئة ‪.‬‬

‫فالفضالة تتضمن في حقيقتها تدخال في شؤون الغير إال أنها ومع ذلك تقوم على واجب خلقي تجعل الشخص الفضولي متفضال ال‬
‫متطفالً ‪ ،‬ومن هنا كان قصد الفضولي إلى تحقيق منفعة الغير شرطا أساسيا لقيام الفضالة‪.‬‬

You might also like