You are on page 1of 6

‫خـــطـــة الـــبـــحـــث‬

‫المقدمة‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية المنهج االستدالل‪:‬‬

‫‪ o‬المطلب األول‪ :‬تعريف المنهج االستداللي وخصائصه‬

‫‪ o‬المطلب الثاني‪ :‬مبادئ االستدالل‬

‫‪ o‬المطلب الثالث‪ :‬أدوات المنهج االستداللي وتطبيقها في مجال العلوم القانونية‬

‫‪ o‬المطلب الرابع‪ :‬تقدير المنهج االستداللي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية المنهج التجريبي‪:‬‬

‫‪ o‬المطلب األول‪ :‬تعريف المنهج التجريبي وخصائصه‬

‫‪ o‬المطلب الثاني‪ :‬خطوات المنهج التجريبي‬

‫‪ o‬المطلب الثالث‪ :‬أسس وعناصر المنهج التجريبي‪.‬‬

‫‪ o‬المطلب الرابع‪ :‬المنهج التجريبي في مجال العلوم القانونية واإلدارية‬

‫الخاتمة‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫إن دارسة أي علم من العلوم ال يمكن أن تكتمل إال بدارسة مناهج البحث فيه‪ ،‬ولهذا قال العلماء‪:‬‬
‫"إن مناهج البحث في أي علم من العلوم هي جزء ال يتجزأ من ذلك العلم"‪ .1‬هذا وتخضع كتابة أي بحث قانوني إلى مقاييس‬
‫منهجية‪ .‬فأساس قيام البحث والهدف منه هو حل مشكلة محددة يذكرها الباحث في المقدمة‪ ،‬ويضع منذ البداية الفرضيات التي‬
‫اقترحها لحل هذه اإلشكالية‪ ،‬بحيث يصل في نهاية بحثه إلى اإلجابة عن استفسار أساسي‪ :‬هل حلت مشكلة البحث؟ وهل‬
‫تحقق إثبات فرضية البحث والبرهنة عليها؟‬

‫لذا فإن المعرفة الواعية بمناهج البحث القانوني تمكن الباحث من إتقان البحث وتالفي الكثير من الخطوات المتعثرة‬
‫التي ال تفيد شيئا‪ .‬وال تعد المناهج القانونية هدفا في حد ذاته‪ ،‬وإنما هي وسيلة للتفكير السليم توصل الباحث في النهاية إلى‬
‫حلول قابلة للتطبيق قصد حل المشكالت والقضايا التي يبحثها‪.‬‬

‫والبحث العلمي في مجال القانون يحتل أهمية قصوى‪ ،‬حيث أن تحقيق العدالة التي ينشدها القانون ال يمكن تحقيقها‬
‫إال بالوصول إلى الحقيقة التي هي جوهر العدالة‪ .‬وال سبيل للوصول إلى الحقيقة إال عن طريق البحث العلمي الذي عن طريقه‬
‫يمكن الكشف عن حقيقة األسباب الكامنة وراء المشكالت القانونية فيسهل حينئذ التوصل إلى الحل القانوني المناسب لها وبهذا‬
‫الصدد سنتطرق إلى أحد منهجيات البحث العلمي القانوني والتي تتمثل في ماهية االستدالل التجريبي؟‬
‫وبشكل مفصل ومنفصل سنتطرق إلى كل من المنهج االستدالل والتجريبي كل على حدا‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية المنهج االستدالل‬
‫صنف المنهج االستداللي ضمن المناهج العلمية األساسية‪ ،‬وهو منهج قديم النشأة‪ ،‬فأول من استخدمه هم اليونان‪،‬‬
‫ليبلوره "ديكارت"‪ ،‬وكمنهج علمي قائم استخدم في البداية في مجال الرياضيات‪ ،‬ليتم تعميمه على بعض للوم األخرى ومنها‬
‫العلوم القانونية‪.‬‬
‫فكيف يمكن االستفادة من المنهج االستداللي في مجال العلوم القانونية؟‬

‫قبل اإلجابة عن هذا التساؤل‪ ،‬ينبغي الوقوف عند تعريفه وخصائصه‪ ،‬تم االنتقال بعدها إلى تبيان مبادئه وأدواته‪،‬‬
‫ليتسنى فهم تطبيقاته في مجال العلوم القانونية‪ ،‬ونختم بتقديره‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المنهج االستداللي وخصائصه‬


‫يعرف االستدالل على أنه‪" :‬عملية عقلية يتم االنتقال فيها من قضية‪ ،‬أو من عدة قضايا أخرى تنتج وتستخلص منها بالضرورة‬
‫دون اللجوء إلى التجربة"‪.‬‬
‫فيتميز المنهج االستداللي بكونه‪:‬‬

‫منهجا عقليا‪ ،‬منطقيا‪ ،‬صارما‪ .‬لكونه يقوم على أساس ثبات األشياء والحقائق والظواهر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وهو منهج تحليلي تفسيري‪ ،‬يعتمد على المنطق والعقل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومنهجا استنباطيا ينتقل من العام إلى الخاص حيث أن الباحث يحاول من خالله إثبات أن ما يصدق على الكل يصدق‬ ‫‪-‬‬
‫على الجزء أيضا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبادئ االستدالل‬
‫هي قضايا وتصورات أولية‪ ،‬تقسم إلى ثالث مبادئ‪:‬‬

‫‪ -1‬البديهية‪ :‬قضية بينة بذاتها‪ ،‬ال يمكن البرهنة عليها‪ ،‬فهي صادقة ال تحتاج إلى إثبات‪ .‬مثالها‪:‬‬
‫"من يملك األكثر يملك األقل"‪" ،‬الكل أكبر من كل جزء من أجزائه"‪.‬‬
‫‪ -2‬المسلمة أو المصادرة‪ :‬قضية تركيبية يضعها العقل‪ ،‬ويسلم بها‪ ،‬دون برهان‪ ،‬فهي ليست بينة بنفسها‪ ،‬وأقل يقينية‬
‫من البديهية‪ ،‬ومع ذلك يطالب بالتسليم بصحتها‪ ،‬وصحتها تتبين من نتائجها‪ .‬فيسلم بها نظرا لفائدتها المتمثلة في إمكانية أن‬
‫ت ستنتج منها العديد من النتائج دون الوقوع في التناقض‪ ،‬مثالها‪" :‬اإلنسان يفعل وفقا لما يرى فيه األنفع"‪" .‬كل إنسان يطلب‬
‫السعادة"‪.‬‬

‫‪ -3‬التعريفات‪ :‬مجموع الصفات التي يتكون منها مفهوم الشيء مميزا عما عداه‪ .‬ويشترط أن يعبر عن ماهية الشيء‪،‬‬
‫وأن يكون جامعا مانعا‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أدوات المنهج االستداللي وتطبيقها في مجال العلوم القانونية‪:‬‬
‫وهي مجموع الوسائل واألدوات التي يستعين بها الباحث لالنتقال من قضية وصوال إلى أخرى تعد بمثابة نتيجة‪ .‬وهي‪:‬‬

‫القياس‪ :‬هو قول مسلم من قضايا إذا سلمت لزم عنها قول آخر‪ .‬ويطلق عليه بـ‪" :‬تحصيل حاصل"‪ ،‬لكونه ال يأتي‬ ‫‪-1‬‬
‫بالجديد‪.‬‬
‫التجريب العقلي‪ :‬قيام الباحث‪ ،‬في داخل عقله‪ ،‬بمناقشة الفروض والتحقيقات‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التركيب‪ :‬عملية عقلية تبدأ من قضية صحيحة معلومة بقصد استخراج النتائج‪ ،‬ومعرفة مدى صحتها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تطبيقات المنهج االستداللي في مجال العلوم القانونية‬
‫نظرا للخصائص التي يتميز ا المنهج االستداللي‪ ،‬طبق في مجال القانون تطبيقا واسعا‪ ،‬وذلك لتحليل وتأصيل‬
‫الظواهر االجتماعية والقانونية والسياسية الستنباط القواعد والقوانين‪ .‬فاستخدم في فلسفة القانون‪ ،‬وفي تفسير أصل وغاية‬
‫الدولة‪ ،‬والقانون‪ ،‬والسلطة‪ ،‬واألمة‪ ،‬والحرب والسلم وغيرها‪.‬‬

‫وعلى صعيد الدراسات األكاديمية‪ ،‬يستخدم المنهج االستداللي من قبل الباحث إلنجاز أبحاثه العلمية وفي إعداد‬
‫مذكرات التخرج‪ ،‬لما تحتاج إليه من تحليل وتفسير وتركيب وكذا تكييف للقضايا القانونية‪.‬‬

‫وأيضا يطبق المنهج االستداللي من قبل الفقه القانوني‪ ،‬لكون هذا األخير يختص بتفسير وتحليل وشرح النصوص‬
‫القانونية‪ ،‬للوقوف على إيجابيا ا وتسليط الضوء على ثغرا ا‪ ،‬وهذا األمر يتطلب إعمال العقل والمنطق‪ ،‬وفي بعض الحاالت‬
‫اللجوء إلى القياس‪.‬‬

‫وأما على صعيد التشريع‪ ،‬فإن المشرع ولسن قواعد قانونية يحتاج كذلك إلى إعمال المنطق والعقل‪ ،‬ومحاولة فهم‬
‫الواقع واإللمام بمختلف جوانبه‪ ،‬لتتناسب القاعدة القانونية مع بيئة ا تمع ونظامه العام وآدابه العامة وشريعته‪ .‬وكذا لتخاطب‬
‫أفراده بصورة عامة ومجردة‪.‬‬

‫هذا وينشط المنهج االستداللي في مجال القضاء‪ ،‬كون أن عمل القاضي عبارة عن عملية عقلية منطقية قياسية‪.‬‬
‫فللوصول إلى حل للنزاع المعروض أمامه‪ ،‬يقوم بوضع مقدمة صغرى تتمثل في الواقعة القانونية‪ ،‬ثم الكشف عن المقدمة‬
‫الكبرى المتمثلة في النص القانوني‪ ،‬وبواسطة التجريب العقلي والقياس والتركيب يسقط النص القانوني على الواقعة‪ ،‬فإن‬
‫تماشى معها وانطبق عليها فذاك هو الحل أو الحكم‪ .‬ويساعد هذا المنهج في التدقيق في كالم الشهود والوثائق لمعرفة مدى‬
‫صحتها‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تقدير المنهج االستداللي‬


‫للمنهج االستداللي دورا وأهمية بالغين‪ ،‬ورغم تطبيقاته‪ ،‬إال أن هناك عوامل أدت إلى تسليط الضوء على قصوره‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬مع بروز مناهج علمية أكثر واقعية وموضوعية وخاصة "المنهج التجريبي"‪ ،‬ظهرت جوانب قصور المنهج‬
‫االستداللي‪.‬‬
‫‪ -‬ألن مبادئ المنهج االستداللي هي قضايا غير قابلة للبرهنة‪ ،‬فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى افتقار هذا المنهج إلى‬
‫مقومات وخصائص مناهج البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬وقف المنهج االستداللي ‪-‬لكونه منهج جامد‪ ،‬مطلقا في نظرته لألشياء ‪-‬عاجزا عن دراسة بعض الظواهر الحركية‬
‫والمتطورة‪ ،‬والشديدة التعقيد‪.‬‬
‫ورغم هذه االنتقادات‪ ،‬ال يمكن إنكار الدور الفعال الذي يؤذيه في مجال العلوم القانونية كما هو موضح أعاله‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ماهية المنهج التجريبي‪:‬‬


‫عجز المنهج االستداللي عن دراسة الظواهر السلوكية الديناميكية‪ ،‬مما دفع بالمطالبة بظهور أنواع أخرى من المناهج‬
‫العلمية التي تتميز بالواقعية والحركة‪ .‬فظهر على إثر االنتقادات الموجهة للمنهج االستداللي نوع آخر سمي بالمنهج التجريبي‬
‫على يد "فرنسيس بيكون"‪ ،‬هذا المنهج ع رف تطور ورواجا كبيرا خالل القرن ‪ 19‬دفع إلى القول بأن‪" :‬العلم الذي ال يقوم‬
‫على التجربة ليس بعلم"‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المنهج التجريبي وخصائصه‬


‫يعرف المنهج التجريبي على أنه‪" :‬المنهج المستخدم حينما نبدأ من وقائع خارجة عن العقل سواء كانت خارجة عن‬
‫النفس إطالقا أو باطنة فيها لتفسيرها بالتجربة دون اللجوء إلى قواعد المنطق الصورية"‪.‬‬
‫من خالل هذا التعريف يتضح أن المنهج التجريبي يتميز بجملة من الخصائص أهمها‪:‬‬
‫‪ )1‬هو أقرب المناهج إلى الطريقة العلمية‪ ،‬كونه يضفي الثقة والمصداقية على النتائج المتوصل إليها‪.‬‬
‫‪ )2‬يعتمد على التجربة الخارجة عن العقل‪.‬‬
‫‪ )3‬منهج موضوعي كون أن النتائج المتحصل عليها عن طريق التجربة تفرض نفسها على العقل حتى وإن تعارضت‬
‫مع رغبة الباحث‪.‬‬
‫‪ )4‬منهج استقرائي يبحث في الجزء وينتقل إلى الكل‪.‬‬
‫‪ )5‬يعتمد على وجود متغيرات مستقلة وأخرى تابعة ومدى تأثيرها عليها‪.‬‬
‫‪ )6‬يقوم على اختبار الفروض وتجربتها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خطوات المنهج التجريبي‬
‫يمر المنهج التجريبي بثالث خطوات أو مراحل هي‪:‬‬
‫‪ .1‬مرحلة التعريف والتوصيف والتصنيف‬
‫وهي مرحلة نظر ومشاهدة األشياء والظواهر والوقائع الخارجية‪ ،‬والقيام بعمليات ووصفها وتعريفها وتصنيفها‬
‫في قوالب وأصناف أو قوائم من أجل معرفة حالة الشيء أو الظاهرة أو الواقعة‪ ،‬دون محاولة التجريب والتفسير لهذه‬
‫األشياء والظواهر والوقائع‪.‬‬
‫‪ -‬تعتمد على عنصر المالحظة‪-‬‬
‫‪ .2‬مرحلة التحليل‬
‫وهي مرحلة التي تلي مرحلة التعريف والتوصيف والتصنيف‪ ،‬وهدف وظيفة هذه المرحلة هو كشف وبيان‬
‫العالقات والروابط وذلك بواسطة عملية التحليل المعتمدة على تفسير الظواهر والوقائع واألشياء على أساس المالحظة‬
‫ووضع الفروض العلمية الستخراج القوانين العلمية الجزئية والمتعلقة ذه الظواهر واألشياء والوقائع المشمولة بالتجربة‪.‬‬

‫‪ -‬تعتمد على عنصر الفرضية‪-‬‬


‫‪ .3‬مرحلة التركيب‬
‫وهي مرحلة تركيب وتنظيم القوانين الجزئية الخاصة بالظواهر واألشياء والوقائع الجزئية الستخراج منها قوانين‬
‫كلية وعامة‪ ،‬مثل الحركة والجاذبية لنيوتن‪ ،‬وقوانين سقوط األجسام لجاليليو وكيلر‪ ،‬وقوانين الصوت والضوء والحرارة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أسس وعناصر المنهج التجريبي‪.‬‬


‫يقوم المنهج التجريبي على ثالثة عناصر‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬المشاهدة أو المالحظة العلمية‬
‫هي الخطوة األولى في البحث العلمي وهي من أهم عناصر المنهج التجريبي وأكثرها خطورة وحيوية‪ ،‬ألنها محرك أولي‬
‫وأساسي لبقية عناصر المنهج التجريبي‪.‬‬

‫والمالحظة أو المشاهدة في معناها العام الواسع هي‪" :‬االنتباه العفوي إلى حادثة أو واقعة أو ظاهرة أو شيء ما دون قصد أو‬
‫سبق إصرار وتعمد أو إرادة"‪.‬‬

‫أما المالحظة العلمية فهي‪" :‬المشاهدة الحسية المقصودة والمنظمة والدقيقة للحوادث واألمور واألشياء والظواهر والوقائع‪،‬‬
‫بغية اكتشاف أسبابها وقوانينها ونظرياتها‪.‬‬

‫وتنقسم المالحظة على أساس آدائها‪ ،‬أي من حيث عفويتها وعدم عفويتها ومن حيث بساطتها وعدم بساطتها إلى نوعين‬
‫أساسيين هما‪:‬‬

‫• المالحظة البسيطة ‪ :‬وهي المشاهدة أو االنتباه العفوي العرضي دون قصد أو تركيز أو دوافع محددة أو استعداد‬
‫مسبق‪ .‬فهي تعتمد على الحواس مباشرة وأساسا‪.‬‬
‫ورغم ذلك إال أن لها قيمتها العلمية‪ ،‬ألن كثيرا من االكتشافات والقوانين والنظريات العلمية‪ ،‬وخاصة في مجال العلوم‬
‫الطبيعية‪ ،‬قد تم تحقيقها بناء على المالحظة العفوية والبسيطة‪ ،‬مثل قوانين ونظريات سقوط األجسام‪ ،‬ودوران األرض‬
‫والجاذبية‪.‬‬

‫• المالحظة العلمية المسلحة‪ :‬وهي المشاهدة المقصودة والمنظمة والدقيقة لألشياء والوقائع والظواهر واألمور‪ ،‬بغية‬
‫معرفة أحوالها وأوصافها وأصنافها وفصائلها‪ ،‬من أجل وضع فرضيات بشأنها وإجراء عملية التجريب عليها‪ ،‬الستنباط‬
‫القوانين والنظريات الالزمة‪.‬‬
‫وال تعتمد المالحظة العلمية المسلحة على مجرد الحواس مباشرة بل هي تستخدم أدوات ووسائل تكنولوجية لمساعدة‬
‫وتقوية الحواس‪ ،‬واكتشافها الظواهر والوقائع واألشياء واألمور بفاعلية ودقة أكثر‪ .‬ولهذا يطلق كلود برنارد عليها بالمالحظة‬
‫المسلحة ألنها تعتمد على وسائل وأدوات تكنولوجية مقوية ومدعمة للنظر والحس‪.‬‬
‫وفي مجال العلوم االجتماعية عامة والعلوم القانونية خاصة‪ ،‬يمكن تقسيمها إلى نوعين آخرين هما‪:‬‬

‫• المالحظة بالمشاركة‪ :‬نكون أمامها حينما يشارك الباحث المبحثين في األنشطة التي يقومون بها‪ ،‬فيكون له دورين‪:‬‬
‫دور الباحث ودور العضو المشارك في الجماعة‪.‬‬
‫والمالحظة بالمشاركة‪ ،‬إما أن تكون صريحة‪ ،‬يعلن من خاللها الباحث للمبحثين عن هويته وأهدافه من المشاركة‪ .‬أو أن‬
‫تكون مستترة‪ ،‬فيخفي الباحث هويته وأهدافه عن المبحثين ويتعامل معهم على أنه واحد منهم‪ .‬وهذه األخيرة أنسب لحفاظها‬
‫على أمن الباحث‪ ،‬ولعدم تأثر الدراسة بتغيير المبحثين لطباعهم وسلوكهم‪.‬‬

‫• المالحظة دون المشاركة‪ :‬من خاللها يراقب الباحث المبحثين دون مشاركتهم في يومياتهم وأنشطتهم‪ ،‬بحيث يكتفي‬
‫بتسجيل المالحظات من خالل المعلومات التي تحصل عليها بوسائل وسيطة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬المنهج التجريبي في مجال العلوم القانونية واإلدارية‬
‫بدأت عملية ازدهار ونضوج النزعة العلمية الموضوعية مع بداية القرن ‪ ،18‬فأصبحت العلوم االجتماعية والعلوم‬
‫القانونية ميدانا أصيال إلعمال وتطبيق المنهج التجريبي في البحوث والدراسات االجتماعية بصفة عامة‪ ،‬والعلوم والقانونية‬
‫واإلدارية بصفة خاصة‪ .‬لتسود النزعة التجريبية الموضوعية على حساب النزعة العقلية التأملية والميتافيزيقية التي أصبحت‬
‫تتناقض مع الروح والنزعة العلمية الناشئة‪.‬‬
‫وهكذا طبق المنهج التجريبي كمنهج بحث علمي في بحوث ودراسة العديد من الظواهر االجتماعية والقانونية‬
‫واإلدارية‪ ،‬مثل‪ :‬البحوث والدراسات المتعلقة بظاهرة عالقة القانون بالحياة االجتماعية‪ .‬وكذا عالقة القانون بمبدأ تقسيم‬
‫العمل‪ ،‬والبحوث والدراسات المتعلقة بعالقة ظاهرة القانون بالبيئة االجتماعية والثقافية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬والدراسات‬
‫المرتبطة بعالقة الدولة والسلطة والقانون‪ ،‬وتلك المتعلقة باتخاذ القرارات اإلدارية والرقابة اإلدارية‪.‬‬
‫مثال‪ :‬استخدم "إميل دوركايم" المنهج التجريبي في دراسة واكتشاف وتفسير العالقة بين القانون والروابط والعالقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬ومدى التأثير المتبادل بينهما‪ ،‬وذلك في كتابه المعروف "تفسير العمل االجتماعي" المنشور عام ‪ 1839‬وفي‬
‫مقاله المعنون بـ"قانون التطور الجنائي المنشور بحولية علم االجتماع"‪ .‬واستخدمه "مونتيسكيو في بحوثه ودراساته‬
‫االجتماعية‪ ،‬السياسية والقانونية التي تضمنها كتابه "روح القوانين" الصادر عام ‪ .1748‬كما طبق "ماركس فيبد" المنهج‬
‫التجريبي في دراسة وبحث العالقة بين المجتمع الصناعي والنمط البيروقراطي والقانون‪ .‬وأيضا الدراسة التي قام بها األستاذ‬
‫"مورو بيروجو" حول ظاهرة البيروقراطية والمجتمع في مصر الحديثة عامي ‪ .1954 -1953‬ومن أشهر تطبيقاته‪ ،‬الدراسة‬
‫التي قامت بها بولندا عام ‪ 1960‬إلصالح نظامها القضائي وقانون اإلجراءات والمرافعات‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫إن التطبيق السليم للمنهج المقارن واالستفادة منه بطريقة إيجابية من شأنه أن يساهم في تطوير النظام القانوني‬
‫وتحسين المستوى الحضاري للدول والشعوب‪.‬‬

You might also like