Professional Documents
Culture Documents
الناسخ والمنسوخ
الناسخ والمنسوخ
اْل َح ْم ُد ِل َّل ِه اَّل ِذ ي َأ ْن َز َل َع َل ى َع ْب ِد ِه اْل ِك َت اَب َت ْب َر ًة ُأِل و ي اَأْل ْل َب ا َو َأ ْو َد َع ُه ِم ْن ُف ُن و اْل ُع ُل و َو اْل ِح َك اْل َع َج َب
ِم ِم ِن ِب ِل ِص
َغ َط ْل َغ َل َأ ْظ َن َذ َأ ْل َأ ْغ ْل ُك َق َل َأ ْل
ا ُع َج اَب َو َج َع ُه َج َّل ا ُت ِب ْد ًر ا َو َز َر َه ا ِع ًم ا َو ْع َب َه ا ًم ا َو ْب َه ا ِف ي ا ِخ اِب ،قرآنا َع َر ِب ًّي ا ْي َر ِذ ي
اَل ُش َة اَل
ِع َو ٍج َو مخلوق ،ال ْبَه ِف يِه َو اْر ِت َي اَب .
َو َأ ْش َه ُد َأ ْن اَل َل َه اَّل الَّل ُه َو ْح َد ُه اَل َش يَك َل ُه َر ُّب األرباب ،الذي عنت لقيوميته الوجوه َو َخ َض َع ْت
ِر ِإ ِإ
َق َظ
ِل َع َم ِتِه الِّر اُب .
َّم َع َل َخ ْي ُأ َر َو َأ ْش َه ُد َأ َّن َس َد َن ُم َح َّم ًد َع ْب ُد ُه َو َر ُس ُل ُه َمْلْبُع ُث ْن َأ ْك َر ُّش ُع َو َأ ْش
ِر ٍة ى ا ال
ِف ِّش ِب ِإ ِم ال وِب و ا و ِم ا ِّي ا
َمْل َل اَل ًة اَل َأْل ْن َأ ْف
ِب َض ِل ِك َت اٍب ا َج اِب َص َو َس ًم ا َد اِئ َم ْي ِن ِإ ى َيْو ِم ا آِب َ .و َب ْع ُد .
فإن هذه مقالة في بيان الناسخ واملنسوخ في القرآن الكريم ،وهذه تتكلم عن سبعة أشياء وهي:
1
الناسخ واملنسوخ
2
نعلم أن الصحابة والتابعين قد عُّد وا في املنسوخ آيات كثيرة بحسب مفهومهم الواسع
َّن
ملعنى ال ْس ِخ .
وقال قتادة بن دماعة :أما النسخ في االصطالح فهو رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى -
متأخر 3.فالحكم املرفوع يسمى املنس وخ ،والدليل الرافع يسمى الناسخ ويسمى الرفع
4
النسخ.
قال أ.د محمد عبد املنعم في (األصالن في علوم القرآن :ص )80أصح تعريفات النسخ ما -
ذكره الحافظ ابن حجر :رفع تعلق حكم شرعي بدليل شرعي متأخر.
فعملية النسخ على هذا تقتضى منسوخا وهو الحكم الذى كان مقررا سابقا ،وتقتضى
ناسخا ،وهو الدليل الالحق.
ق ال محمد علي الحس ن في املنار "اختلف مؤلف و علوم الق رآن واألصول في تعري ف -
النسخ ،فمن قائل بأن النسخ هو إبطال الحكم املس تفاد من نص سابق بنص الحق.
ومن قائل :إنه خطاب الشارع املانع من استمرار ما ثبت من حكم شرعي سابق .ومن
قائل :هو رفع الحكم الشرعي لخطاب شرعي .وأولى األقوال وأقربها للصواب أن النسخ
ّش
5
هو رفع الحكم ال رعي بدليل شرعي متأخر".
من العرض الس ابق ،فاستخلص الباحث أن التعري ف بالنسخ ولو كان متعدد
ّش
األلفظ فاملعنى والغاية واحد وهو رفع الحكم ال رعي بدليل شرعي متأخر .وربما كان
تعدده لفظا فهو يرجع إلى إرادة العلماء في تسهيل مفهوم النسخ عند الناس.
قتادة بن دماعة ،الناسخ واملنسوخ ،مؤسسة الرسالة 1998 ،م ،ط ،3ص.6، 3
محمد بكر إسماعيل ،دراسات في علوم القرآن ،دار املنار1999 ،م ،ط،2ص .245-244 4
محمد علي الحسن ،املنار في علوم القلرآن ،بيروت :مؤسسة الرسالة2000 ،هـ ،ص.186 5
3
شروط الناسخ واملنسوخ ب.
بعدما قدمت التعريف بالنسخ ،فالنسخ ال يخلو من الشروط التي ال بد من توفرها.
وللنسخ في القرآن شروط منها:
أن يكون الحكم املنسوخ شرعًّي ا. .1
أن يكون الدليل على ارتفاع الحكم خطاًب ا شرعًّي ا متراخًي ا عن الخطاب املنسوخ حكمه. .2
وأال يكون الخطاب املرفوع حكمه مقيدا بوقت معين .وإال فالحكم ينتهي بانتهاء وقته وال .3
6
يعد هذا نسخا.
فقد وضع قيودا خمسة أ.د محمد عبد املنعم في (األصالن في علوم القرآن :ص )80وهي:
القيد األول :أن املنس وخ حكم ،فيخ رج ما ليس بحكم؛ كالوعد والوعيد؛ إذ املراد بالحكم
الحكم التكليفي.
القيد الث اني :أن يكون شرعًّي ا ،فال نسخ للبراءة األصلية؛ ألنها ليس ت بحكم شرعي .فإيجاب
الصالة على املسلم ال يقال :إنه نسخ براءة ذمته قبل وجوب الصالة عليه.
وكذلك ال نسخ لألحكام اللغوية أو العقلية؛ ألن النسخ يقع على الحكم الشرعي فقط.
القيد الثالث :أن يكون الناسخ خطاًب ا شرعًّي ا ،فال نسخ باملوت أو رفع التكليف بسبب الجنون؛
اًّل
ألن ك من املوت والجنون ليسا خطابين شرعيين.
القيد الرابع :صالحية الحكم املنسوخ للعمل به وقت التكليف به ،فيخرج بذلك العبث.
القيد الخامس :أن يتأخر الناسخ عن املنسوخ بمدة يمكن العمل فيها باملنسوخ ،وإال فإن الحكم
الذي لم يتمكن العمل به هو والعدم سواء.
4
األدلة التي تشير إلى وجود الناسخ واملنسوخ ج.
وهناك أدلة من القرآن والحديث النبوي تشير إلى وجود النسخ في القرآن ،وقبل ذكرها
فمن املهم أن أذكر أقسام الناس في النسخ ،وهم فيه على أربعة أقسام :اليهود والروافض وأبو
مس لم األصفهاني (محمد بن بحر ،املشهور بأبي مس لم املعتزلي) وجمهور العلماء .فاألدلة التي
سأوردها من قبل جمهور العلماء وهي كما يلي:
َأ َأ َأ
َو َذ َب َّد ْل َن َي ًة َم َك َن َي َو َّل ُه ْع َل ُم َم ُي َن ُل َق ُل َّن َم ْنَت ُم ْف َت َب ْل ْك َث ُر ُه ْم اَل
ٍر ِب ا ِّز ا وا ِإ ا ا آ ٍة ال .1قوله تعالىِ { :إ ا ا آ
َل
َي ْع ُم ون } [النحل.]101 :
قال الزمخشري :تبديل اآلية مكان اآلية هو النسخ ،وهللا تعالى ينسخ الشرائع بالشرائع ألنها
مصالح ،وهللا تعالى عالم باملصالح واملفاسد ،فيثبت ما يشاء وينسخ ما يشاء بحكمته ،وهذا
ُي َن ُل 7 َّل َأ َل
معنى قولهَ :و ال ُه ْع ُم ِب ما ِّز .
َأ ْث َأ ُن ْن َن ْأ َخ َنْن
وقوله تعالىَ{ :م ا َس ْخ ِم ْن آَي ٍة ْو ِس َه ا ِت ِب ْي ٍر ِم ْن َه ا ْو ِم ِل َه ا} [البقرة]106 : .2
َنْن
قال إمام املفسرين ابن جرير الطبري :ما َس ْخ ِم ْن آَي ٍة أي :ما نبّد ل من حكم آية فنغيره،
وذلك بأن يحّو ل الحالل حراما والحرام حالال ،واملباح محظورا ،واملحظور مباحا ،وال يكون
اّل
ذلك إ في األمر والنهي ،والحصر واإلطالق ،واملنع واإلباحة ..فأما األخبار فال يكون فيها
ناسخ وال منسوخ .أما قولهَ :أ ْو ُن ْن ها فمعناه نتركها فال نبّد لها .وأما قولهَ :ن ْأ َخ ْي ْن ها َأ ْو
ِت ِب ٍر ِم ِس
ْث
ِم ِل ها فمعناه :نأت بحكم خير لكم من حكم اآلية التي نسخناها ،وال شّك أن الخيرية تتحقق
ّف
بالنسبة للناس في الدنيا ،إذا كان الحكم الجديد أو الناسخ أخ من الحكم املنسوخ،
وتتحقق أيضا إذا كان فضال بالنسبة لآلخرة حيث إن الثواب أجزل.
ّل ّل
-أما السنة :فقد دل قوله ص ى هللا عليه وس م على جواز النسخ فقد صح الحديث« :كنت
اّل
نهيتكم عن زيارة القبور أال فزوروها» .8وليس معنى الحديث إ القول بجواز زيارتها بعد
النهي عن ذلك ،والنسخ ال يعني أكثر من ذلك ،أن يحّو ل الحرام حالال ،واملحظور مباحا على
9
حد قول ابن جرير الطبري.
7الزمخشري ،الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ،بيروت :دار الكتب العربي1407 ،هـ ،ط ،4ج ،2ص.634
8سنن ابن ماجة ،501 /1ح 1571
محمد علي الحسن ،املنار في علوم القلرآن ،بيروت :مؤسسة الرسالة2000 ،هـ ،ص.187 9
5
أنواع الناسخ واملنسوخ د.
والنسخ في القرآن ثالثة أنواع ،وهذا باتبار النسخ نفسه في القرآن:
النوع األول :نسخ التالوة والحكم معا، .1
ومثاله :ما رواه مسلم وغيره عن عائشة قالت" :كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات .2
يحرمن ،فنسخن بخمس معلومات ،فتوفي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهن فيما
يق رأ من الق رآن" ,10وقولها" :وهن فيما يق رأ من الق رآن" ظ اهره بق اء التالوة ،وليس
كذلك ،فإنه غير موجود في املصحف العثماني .وأجيب بأن املراد :قارب الوفاة .واألظهر
أن التالوة نسخت ولم يبلغ ذلك كل الناس إال بعد وفاة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فتوفي وبعض الناس يقرؤها.
وحكى القاضي أبو بكر في "االنتصار" عن قوم إنكار هذا القسم؛ ألن األخبار فيه أخبار
آحاد ،وال يجوز القطع على إنزال القرآن ونسخه بأخبار آحاد ال حجة فيها تفيد القطع،
ولكنها ظنية .ويجاب على ذلك بأن ثبوت النسخ شيء ،وثبوت نزول القرآن شيء آخر،
فثبوت النسخ يكفي فيه الدليل الظني بخبر اآلحاد ،أما ثبوت نزول القرآن فهو الذي
ُي شترط فيه الدليل القطعي بالخبر املتواتر ،والذي معنا ثبوت النسخ ال ثبوت القرآن
فيكفي فيه أخبار اآلحاد .ولو قيل إن هذه القراءة لم تثبت بالتواتر لصح ذلك.
النوع الثاني :نسخ الحكم وبقاء التالوة، .3
ومثاله :نسخ حكم آية العدة بالحول مع بق اء تالوتها (َو اَّل يَن ُي َت َو َّف ْو َن ْن ُك ْم َو َي َذ ُر وَن
ِم ِذ
َل ُك َف اَل َف َخ َغ ْخ َل ْل ًة َأِل َأ
ْز َو اًج ا َو ِص َّي ْز َو اِج ِه ْم َم َت اًع ا ِإ ى ا َح ْو ِل ْي َر ِإ َر اٍج ِإ ْن َر ْج َن ُج َن اَح َع ْي ْم ِف ي َم ا
َّل َأ َف ْل
َع َن ِف ي ْنُف ِس ِه َّن ِم ْن َم ْع ُر وٍف َو ال ُه َع ِز ي ٌز َح ِك يٌم ) (البق رة )240 :وهذا النوع هو الذي
ألفت فيه الكتب وذكر املؤلفون فيه اآليات املتعددة .والتحقيق أنها قليلة ،كما بين ذلك
القاضي أبو بكر ابن العربي.
النوع الثالث :نسخ التالوة مع بقاء الحكم، .4
وقد ذكروا له أمثلة كثيرة ،منها آية الرجم" :الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة
نكاال من هللا ،وهللا عزيز حكيم" ومنها ما رِو ي في الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب
6
بئر معونة الذين قتلوا وقنت الرسول يدعو على ق اتليهم ،ق ال أنس :ونزل فيهم ق رآن
قرأناه حتى رفع" :أن بِّل غوا عنا قومنا أَّن ا لقينا ربنا فرضي عنا وأرض انا" ثم نسخت
تالوته بقوله تعالى {َو اَل تحس بن اَّل ذين قتلوا ي َس يل ِهللا َأ ْم َو اًت ا َب ْل َأ ْح َي اٌء ِع ْن َد َر ْم
ِّب ِه ِف ِب
ُق
ُي ْر َز وَن } (آل عمَر ان .)169 :وبعض أهل العلم ينكر هذا النوع من النسخ .ألن األخبار
فيه أخبار آحاد ،وال يجوز القطع على إنزال ق رآن ونسخه بأخبار آحاد ،ق ال ابن
الحصار" :إنما ُي رجع في النسخ إلى نقل صريح عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أو عن
صحابي يقول :آية كذا نسخت كذا ،قال :وقد يحكم به عند وجود التعارض املقطوع به
مع علم التاريخ ليعرف املتق دم واملتأخر ،ق ال :وال يعتمد في النسخ على ق ول عوام
املفسرين ،بل وال اجتهاد املجتهدين من غير نقل صريح ،وال معارضة بينة ،ألن النسخ
يتضمن رفع حكم وإثبات حكم تقرر في عهده صلى هللا عليه وسلم واملعتمد فيه النقل
والتاريخ دون الرأي واالجتهاد ،قال :والناس في هذا بين طرفي نقيض ،فمن قائل :ال يقبل
في النسخ أخبار اآلحاد العدول ،ومن متس اهل يكتفي فيه بق ول مفس ر أو مجتهد،
والصواب خالف قولهما".
وق د يق ال :إن اآلية والحكم املس تفاد منها متالزمان؛ ألن اآلية دليل على الحكم .فإذا
نسخت اآلية نسخ حكمها .وإال وق ع الناس في لبس .ويجاب عن ذلك بأن هذا التالزم
يس لم لو لم ينصب الشارع دليال على نسخ التالوة ،وعلى إبق اء الحكم ،أما وق د نصب
الدليل على نسخ التالوة وحدها ،وعلى إبقاء الحكم واستمراره فإن التالزم يكون باطال،
11
وينتفي اللبس بهذا الدليل الشرعي الذي يدل على نسخ التالوة مع بقاء الحكم.
القس 11م األول :نسخ الق رآن بالقرآن :وهذا القس م متف ق على جوازه ووقوعه من الق ائلين
بالنسخ ،فآية االعتداد بالحول مثال نسخت بآية االعتداد بأربعة أشهر وعشر.
القسم الثاني :نسخ القرآن بالسنة :وتحت هذا نوعان:
7
أ -نسخ الق رآن بالس نة اآلحادية .والجمهور على عدم جوازه .ألن الق رآن متواتر يفيد
اليقين ،واآلحادي مظنون ،وال يصح رفع املعلوم باملظنون.
ب -ونسخ القرآن بالسنة املتواترة .وقد أجازه مالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية ،ألن الكل
اَّل ْل
وحي .قال تعالىَ{ :و َم ا َي ْن ِط ُق َع ِن ا َه َو ىِ ،إ ْن ُه َو ِإ َو ْح ٌي ُي وَح ى} (النجم)4-3 :
َّك َل َّل ُن َل ْك َأ ْن ْل َل
وقالَ{ :و َز َن ا ِإ ْي َك الِّذ َر ِل ُت َب ِّي َن ِل لَّن اِس َم ا ِّز َل ِإ ْي ِه ْم َو َع ُه ْم َي َتَف ُر ون} (النحل ,)44 :والنسخ
نوع من البيان ومنعه الشافعي وأهل الظاهر وأحمد في الرواية األخرى ،لقوله تعالىَ{ :م ا
َأ ْث َأ ُن ْن َن ْأ َخ َنْن
َس ْخ ِم ْن آَي ٍة ْو ِس َه ا ِت ِب ْي ٍر ِم ْن َه ا ْو ِم ِل َه ا} ,والسنة ليست خيرا من القرآن وال مثله.
القسم الثالث :نسخ السنة بالقرآن ,ويجيزه الجمهور ،فالتوجه إلى بيت املقدس كان ثابًت ا
بالس نة ،وليس في الق رآن ما يدل عليه ،وق د ُن ِس َخ بالقرآن في قولهَ{ :ف َو َو ْج َه َك َش ْط َر
ِّل
ْل َمْل
ا ْس ِج ِد ا َح َر اِم } (البقرة ,)144 :ووجوب صوم يوم عاشوراء كان ثابتا بالسنة ونسخ بقوله:
َف ْل ُك َف َش
{ َم ْن ِه َد ِم ْن ُم الَّش ْه َر َيُص ْم ُه } (البقرة.)185 :
القسم الرابع :نسخ السنة بالسنة ،وتحت هذا أربعة أنواع :نسخ متواترة بمتواترة ،ونسخ
آحاد بآحاد ،ونسخ آحاد بمتواترة ،ونسخ متواترة بآحاد.
والثالث ة األولى جائزة أما النوع الرابع ففيه الخالف الوارد في نسخ الق رآن بالس نة اآلحادية،
والجمهور على عدم جوازه .أما نسخ كل من اإلجماع والقياس والنسخ بهما فالصحيح عدم
جوازه.
ذكر السيوطي في اإلتقان إحدى وعشرين آية اعتبرها من قبيل النسخ 12،وهي:
من البقرة:
قوله تعالىُ{ :ك َب َع َل ْي ُك ْم َذ ا َح َض َر َأ َح َد ُك ُم اَمْلْو ُت ْن َت َر َك َخ ْي ًر ا اْل َو َّي ُة ْل َو ا َد ْي َو اَأْل ْق َر يَن
ِب ِص ِل ِل ِن ِإ ِإ ِت
َأ اَل اَل َمْلْع ُر َح ًّق َع َل َّتُمْل
ا ى ا ِق ين} (البق رة )180 :منس وخة قيل بآية املواريث وقيل :بحديث " ِب ا وِف
َة
َو ِص َّي ِل َو اِر ٍث " وقيل باإلجماع حكاه ابن العربي.
8
َف َت َط َخ َف َخ َل َأ َت ٌة َط َن َل َّل
قوله تعالىَ{ :و َع ى ا ِذ يَن ُي ِط يُق و ُه ِف ْد َي َع اُم ِم ْس ِك يٍن َم ْن َّو َع ْي ًر ا ُه َو ْي ٌر ُه َو ْن ُص وُم وا
َخ ْي ٌر َل ُك ْم ْن ُك ْنُت ْم َت ْع َل ُم وَن } (البق رة )184 :قيل :منس وخة بقولهَ{ :ف َم ْن َش َد ِم ْن ُك ُم الَّش ْه َر
ِه ِإ
َف ْل
َيُص ْم ُه } اآلية (البقرة.)185 :
َق ُك َل َّل َك ُك َف ُث َل ُك َل َل َة ُأ
وقولهِ { :ح َّل ْم ْي الِّص َي اِم الَّر } ناسخة لقولهَ { :م ا ِت َب َع ى ا ِذ يَن ِم ْن ْب ِل ْم } ألن
مقتضاها املوافقة فيما كانوا عليه من تحريم األكل والوطء بعد النوم ذكره ابن العربي وحكى
قوال آخر أنه نسخ ملا كان بالسنة.
َق ُل ْل َأ َن
قوله تعالىَ{ :ي ْس لو َك َع ِن الَّش ْه ِر ا َح َر اِم } اآلية (البق رة )117 :منس وخة بقولهَ{ :و اِت وا
َك َّف ًة ُمْلْش
ا ِر ِك يَن ا } اآلية (التوبة )36 :أخرجه ابن جرير عن عطاء بن ميسرة.
قوله تعالىَ{ :و اَّل ِذ يَن ُي َت َو َّف ْو َن ِم ْن ُك ْم } لى قولهَ{ :م َت اعًا َل ى اْل َح ْو } منس وخة بآية {َأ ْر َب َع َة َأ ْش ُه
ٍر ِل ِإ ِإ
ْش ًا
َو َع ر } والوصية منسوخة بامليراث والسكنى ثابتة عند قوم منسوخة عند آخرين بحديث "وال
ُك ُك َأ ُتْخ َأ ُت
سكنى "وقوله تعالىَ{ :و ِإ ْن ْب ُد وا َم ا ِف ي ْنُف ِس ْم و ُف وُه ُيَح اِس ْب ْم ِب ِه ُهللا } (البق رة)284 :
ًا َّال اَل َك ُف َّل
منسوخة بقوله بعده { ُي ِّل ال ُه َنْف س ِإ ُو ْس َع َه ا} (البقرة.)286 :
ومن آل عمران:
َط َّل َف ُتَق َّل
قوله تعالى{ :اَّتُق وا ال َه َح َّق اِت ِه } وقيل :إنه منسوخ بقوله { :اَّتُق وا ال َه َم ا اْس َت ْع ُت ْم } وقيل ال
بل هو محكم وليس فيها آية يصح فيها دعوى النسخ غير هذه اآلية
ومن النساء:
قوله تعالىَ{ :و اَّل ِذ يَن َع َق َد ْت َأ ْيَم اُن ُك ْم َف آُت وُه ْم َن يَبُه ْم } منسوخة بقولهَ{ :و ُأ وُل و اَأل ْر َح ا َب ْع ُض ُه ْم
ِم ِص
َة ْل َذ َّل َأ َل
ْو ى ِب َبْع ٍض ِف ي ِك َت اِب ال ِه } قوله تعالىَ{ :و ِإ ا َح َض َر ا ِق ْس َم } اآلية قيل :منسوخة وقيل :ال ولكن
اَّل ْأ ْل َش َة
تهاون الناس في العمل بها قوله تعالىَ{ :و ال ِت ي َي ِت يَن ا َف اِح } اآلية منسوخة بآية النور
ومن املائدة:
ْل
قوله تعالىَ{ :و ال الَّش ْه َر ا َح َر اَم } منسوخة بإباحة القتال فيه
ُك َأ َأ َأ َف ُك َف
قوله تعالىِ { :إ ْن َج اُء وَك اْح ْم َبْي َن ُه ْم ْو ْع ِر ْض َع ْن ُه ْم } منس وخة بقولهَ{ :و ِن اْح ْم َبْي َن ُه ْم ِب َم ا
َّل َأ ْن
َز َل ال ُه }
ُك َذ َأ ْش َغ ُك َأ َخ
وقوله تعالىْ { :و آ َر اِن ِم ْن ْي ِر ْم } منسوخ بقولهَ{ :و ِه ُد وا َو ْي َع ْد ٍل ِم ْن ْم }
ومن األنفال:
9
ُك ْش ُك
قوله تعالىِ{ :إ ْن َي ْن ِم ْن ْم ِع ُر وَن َص اِب ُر وَن } اآلية منسوخة باآلية بعدها
ومن براءة:
آْل َل َأل َل ًا َق ًال ْن
قوله تعالى{ :ا ِف ُر وا ِخ َف اف َو ِث ا } منسوخة بآيات العذر وهوقولهْ { :ي َس َع ى ا ْع َم ى َح َر ٌج } ا ية
َك َّف ًة َك ُمْل َل َل
وقوله تعالىْ { :ي َس َع ى الُّض َع َف اِء } اآليتين وبقولهَ{ :و َم ا اَن ا ْؤ ِم ُن وَن ِل َي ْن ِف ُر وا ا }
ومن النور:
َّال ًة اَل
قوله تعالى{ :الَّز اِن ي َي ْن ِك ُح ِإ َز اِن َي } اآلية منسوخة
ُك َأل َأ ْن
بقولهَ{ :و ِك ُح وا ا َي اَم ى ِم ْن ْم }
َلَك َأ ُن ُك ْأ ْن ُك َّل
قوله تعالىِ{ :ل َي ْس َت ِذ ُم ا ِذ يَن َم ْت ْيَم ا ْم } اآلية قيل منسوخة وقيل ال ولكن تهاون الناس في
العمل بها
ومن األحزاب:
َأ َلْل َل َأ َل اَل
قوله تعالىَ { :ي ِح ُّل َك الِّن َس اُء } اآلية منسوخة بقولهِ{ :إ َّن ا ْح َن ا َك ْز َو اَج َك } اآلية
املجادلة:
َف َق َذ َن
قوله تعالىِ{ :إ ا اَج ْي ُت ُم الَّر ُس وَل ِّد ُم وا} اآلية منسوخة باآلية بعدها
ومن املمتحنة:
َأ ْث َأ َذ َف ُت َّل
قوله تعالى { :آ وا ا ِذ يَن َه َب ْت ْز َو اُج ُه ْم ِم َل َم ا ْنَف ُق وا} قيل :منسوخ بآية السيف وقيل :بآية
الغنيمة وقيل :محكم
ومن املزمل:
ُق َّل َّال َق ًال
قولهِ { :م ال ْيَل ِإ ِل ي } قيل منسوخ بآخر السورة ثم نسخ اآلخر بالصلوات الخمس
فهذه إحدى وعشرون آية منس وخة على خالف في بعضها ال يصح دعوى النسخ في غيرها
َف َأ
واألصح في آية االستئذان والقسمة اإلحكام فصارت تسعة عشر ويضم إليها قوله تعالىْ { :ي َن َم ا
ُت َو ُّل وا َف َث َّم َو ْج ُه الَّل } على رأي ابن عباس أنها منس وخة بقولهَ{ :ف َو َو ْج َه َك َش ْط َمْلْس
َر ا ِج ِد ِّل ِه
ْل
ا َح َر اِم } اآلية فتمت عشرون.
وبسط الكالم في هذا الباب ابن حزم في ناسخه حيث إنه قال:
10
هي ثالث وأربعون سورة منها (أم الكتاب) ،و (يوسف) عليه الس الم و (يس) و (الحجرات) وسورة
(الرحمن) و (الحديد) والصف) و (الجمعة) و (والتحريم) و (امللك) و (الحاقة) ،و (نوح) عليه السالم و
(والجن) و (املرسالت) و (النبأ) و (النازعات) و (االنفطار) و (املطففين) و (االيشقاق) و (البروج) و
(الفجر) و (البلد) و (الشمس) و (الليل) و (الضحى) و (ألم نشرح) و (التين) و (القلم) و (الق در) و (لم
يكن) و (الزلزلة) و (العاديات) و (القارعة) والتكاثر) و (الهمزة) و (ق ريش) و (املاعون) و (الكوثر) و
(والنصر) و (تبت) و (واإلخالص) و (الفلق) و (الناس)
وعددها أربعون سورة (( )40األنعام) و (االعراف) و (يونس) و (وهود) و (الرعد) و (الحجر) و (النحل)
و (بنو إسرائيل) و (الكهف) و (ط ه) و (املؤمنون) و (النمل) و (القصص) و (العنكبوت) و (الروم) و
(لقمان) و (الضاجع) و (املالئكة) و (الصافات) و (ص) و (الزمر) و (فصلت) و (الزخرف) و (الدخان) و
(الجاثية) و (األحق اف) و (محمد) عليه الس الم ،و (ق) و (النجم) و (القمر) و (االمتحان) و (ن) و
(املعارج) و (القيامة) و (االنسان) و (عبس) و (الطارق) و (الغاشية) و (التين) و (الكافرون)
وعددها خمس وعشرون سورة ( )25أولها (البق رة) و (آل عمران) و (النساء) و (املائدة) و (األنفال) و
(التوبة) و (ابراهيم) عليه السالم) و (مريم) و (األنبياء) و (الحج) و (النور) و (الفرقان) و (الشعراء) و
(األحزاب) و (املؤمن) و (الشورى) و (الذاريات) و (الطور) و (الواقعة) و (املجادلة) و (املزمل) و (املدثر)
13
و (التكوير) و (العصر).
ابن حزم ،الناسخ واملنسوخ ،بيروت :دار الكتب العلمية ،ط ،1ص.12-10 13
11
فيه بالهوى والشهوة بل ال بد من دليل صحيح يق وم على أن أحدهما متأخر عن اآلخر وإذن
فيكون السابق هو املنسوخ والالحق هو الناسخ ولنا إلى هذا الدليل مسالك ثالثة:
أولها أن يكون في أحد النصين ما يدل على تعيين املتأخر منهما نحو قوله تعالىَ{ :أَأ ْش َف ْق ُت ْم َأ ْن
ُتَق ُم َبْي َن َي َد ْي َن ْج َو ُك ْم َص َد َق َف ْذ َل ْم َتْف َع ُل َو َت َب َّل ُه َع َل ْي ُك ْم َف َأ ُم َّص َة َو ُت َّز َك َة
ِق ي وا ال ال آ وا ال ا وا ا ال اٍت ِإ ا ِّد وا
َو َأ يُع وا الَّل َه َو َر ُس وَل ُه َو الَّل ُه َخ يٌر َم ا َت ْعَم ُل وَن } ونحو قوله{ :اآْل َن َخ َّف َف الَّل ُه َع ْن ُك ْم َو َع َم َأ َّن
ِل ِب ِب ِط
َأ َأ
َئ َت ْي َو ْن َي ُك ْن ْن ُك ْم ْل ٌف َي ْغ ُب ْل َف ْي ْذ ِف يُك ْم َض ْع فًا َف ْن َي ُك ْن ْن ُك ْم اَئ ٌة َص ا َر ٌة َي ْغ ُب
ِل وا ِن ِب ِإ ِن ِم ِل وا ِم ا ِن ِإ ِب ِم ِم ِإ
َّل َّل
ال ِه َو ال ُه َم َع الَّص اِبِر يَن } ونحو قوله صلى هللا عليه وسلم" :كنت نهيتكم عن زي ارة القبور أال
فزوروها وال تقولوا هجرا".
ثانيها أن ينعق د إجماع من األمة في أي عصر من عصورها على تعيين املتق دم من النصين
واملتأخر منهما.
ثالثها أن يرد من طريق صحيحة عن أحد من الصحابة ما يفيد تعيين أحد النصين املتعارضين
للسبق على اآلخر أو التراخي عنه كأن يقول نزلت هذه اآلية بعد تلك اآلية أو نزلت هذه اآلية
قبل تلك اآلية أو يقول نزلت هذه عام كذا وكان معروفا سبق نزول اآلية التي تعارضها أو كان
معروفا تأخرها عنها.
قال أ.د محمد عبد املنعم القيعي في األصالن في علوم القرآن الحكمة من وجود النسخ التيسير
على األمة؛ فإن أحكام هللا أدوية تتداوى بها ،وما ينفع املريض اليوم قد ال ينفعه غًد ا .وذكر مناع خليل
القطان في مناع القطان عددا من حكمة وجود النسخ في القرآن وهي:
12
إن الناسخ يأتي على الحكم املنسوخ فيزيله بالكلية ،وبعبارة أخرى يبطله ويلغيه ويخرجه عن .1
اعتباره دليال ،أما املخصص فال يلغي العاّم بالكلية ،بل يبقى حكم العام معموال به ،ولكنه ال
يستغرق جميع أفراده ،بل جزءا منهم ،ويبقى العام بعد تخصيصه دليال ثابتا للحكم فيما أبقاه
املخصص.
اّل
إن الناسخ ال يأتي إ متأخرا عن املنسوخ ،أما املخصص فيكون مقارنا للعاّم أو متأخرا عنه .2
وقد يكون مستقال أو غير مستقل .وبعبارة أخرى منفصال أو متصال ،بل قد يتقدم عليه في رأي.
النسخ ال يقع في مجال العقائد واألخبار والقصص القرآني ،بل يقع في مجال األحكام ،أما .3
التخصيص فمجاله جميع ما تقدم دون استثناء.
وفروق أخرى مختلف فيها فال نذكرها ،لنمضي إلى املفارقة بين النسخ والتقييد فنجملها بما
يلي:
إن العامل بالناسخ ال يكون عامال باملنسوخ قطعا ،بينما العامل باملقيد هو عامل باملطلق .1
حتما.
من شروط النسخ تأخر الناسخ عن املنسوخ ،وليس هذا بالزم في املطلق واملقيد إذ قد .2
يتأخر املقيد عن املطلق أو يالزمه أو يتقدم عليه ،وفروق أخرى لم نذكرها.
هذه الشروط التي نرى أن من الضرورة معرفتها ،وال يفوتنا أخيرا ذكر قاعدة صلبة في التفريق
بين التخصيص والتقييد ،وهي أن العامل باملقيد هو عامل باملطلق ،بينما العامل باملخصص ال
يكون عامال بالعاّم ،فمن صام شهرين متتابعين فق د صام شهرين قطعا ،كما بينا في األمثلة
الس ابقة ،أما فيما يتعلق بالعاّم والخاّص فال يكون من رجم الزاني املحصن ق د عمل بالعاّم
ّم 15
بوجه من الوجوه ،لعدم وروده أصال في النّص العا .
محمد علي الحسن ،املنار في علوم القلرآن ،بيروت :مؤسسة الرسالة2000 ،هـ ،ص.202 15
13
مؤلفات التفسير بالناسخ واملنسوخ ط.
وقد أحصى قتادة بن دماعة أسماء املؤلفين نحو واحد وسبعين مؤلفا في هذا الباب وذكرهم
حسب ترتيبهم الزمنى ،وهو أول إحصاء شامل 16.واستغنيت عن ذكر هؤالء إال قليال منهم ،وذلك
ألن ال يطول هذا البحث.
الناسخ واملنس وخ لقتادة بن دعامة بن قتادة بن عزي ز ،أبو الخطاب السدوسي .1
البصري (املتوفى117 :هـ)
الناسخ واملنس وخ في الق رآن العزي ز وما فيه من الف رائض والس نن "ألبي ُع بيد .2
ّال
القاسم بن س م بن عبد هللا الهروي البغدادي" (املتوفى224 :هـ)
الناسخ واملنس وخ ،لأبي جعف ر الَّن َّح اس أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس .3
املرادي النحوي (املتوفى338 :هـ)
الناسخ واملنس وخ في الق رآن الكريم "ألبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم .4
األندلسي القرطبي الظاهري" (املتوفى456 :هـ)
املصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ واملنسوخ "لجمال الدين أبي الفرج عبد .5
الرحمن بن علي بن محمد الجوزي" (املتوفى597 :هـ)
قالئد املرجان في بيان الناسخ واملنسوخ في القرآن "ملرعي بن يوسف بن أبى بكر بن .6
أحمد الكرمى املقدسي الحنبلى" (املتوفى1033 :هـ)
قتادة بن دعامة ،الناسخ واملنسوخ ،مؤسسة الرسالة1998 ،م ،ط ،3ص.10 16
14
املراجع
أبو محمد علي بن أحمد ،الناسخ واملنس وخ في الق رآن الكريم ،بيروت:دار الكتب العلمية،
1986ه.
محمد بكر إسماعيل ،دراسات في علوم القرآن ،دار املنار1999 :م ،ط2
محمد علي الحسن ،املنار في علوم القلرآن ،بيروت :مؤسسة الرسالة2000 ،هـ
الزمخشري ،الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ،بيروت :دار الكتب العربي1407 ،هـ ،ط،4
ج،2
سنن ابن ماجة
صحيح مسلم
15