You are on page 1of 3

‫المقطع السادس‪ :‬نظرية العقوبة ‪1‬‬

‫المطلب األول‬
‫ماهية العقـــــوبة‬
‫الفرع األول ‪ :‬التطورالتاريخي للعقوبة‬
‫الفقرة األولى‪ :‬العقوبة في املجتمعات القديمة ‪ :‬يربط الكثير من الباحثين نشأة العقوبة بوجود اإلنسان على‬
‫وجه األرض‪ ،‬باعتبارها رد فعل غريزي ينطوي على أذى يوقعه أي إنسان ردا على أي اعتداء يمسه أو يمس‬
‫غيره‪ ،‬وما لبث أن ظهر في املجتمعات املنظمة القديمة ما يسمى بعملية الثأر كأسلوب مقابل للجريمة‪ ،‬وكنمط‬
‫أقرب منه إلى النظام العقابي الهادف من رد الفعل الغرائزي الذي ساد اإلنسان البدائي‪ ،‬ال سيما في املرحلة‬
‫التي ظهر فيها الثأر العام كبديل عن الثأر الفردي املحظور‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬فلسفة العقوبة في اإلسالم ‪ :‬إن فكرة الثأر كأسلوب عقابي تطورت تدريجيا تبعا لتطور‬
‫السلطة السياسية في املجتمعات‪ ،‬فأصبح ما يعرف بالقصاص والدية والصفح من املجني عليه‪ ،‬خاصة مع‬
‫مجيء اإلسالم‪ ،‬حيث أبقى الدين اإلسالمي الحنيف على حق الفرد و كيانه مستقال عن الدولة‪ ،‬وجعل من‬
‫مقتضيات العدل أن يعاقب كل من ارتكب جرما‪ ،‬وفي هذا رحمة عامة باملجتمع كله‪ ،‬كما أبقى هامشا للرحمة‬
‫الخاصة‪ ،‬وذلك حين خير املجني عليه أو وليه بعقاب املجرم أو العفو عنه‪ ،‬وأخيرا يحقق العقاب في اإلسالم‬
‫الردع بنوعيه العام والخاص ويجبر ضرر الضحية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬العقوبة في ظل املدارس الفكرية املختلفة‬

‫أ‪ -/‬املدرسة التقليدية القديمة ‪ :‬يعتبر الفيلسوف اإليطالي الكبير تشيزاري بكاريا مؤسسا ورائدا لهذه‬
‫املدرسة‪ ،‬والذي صاغ أبرز أفكارها في كتابه الشهير 'الجرائم والعقوبات' الذي نشره سنة ‪ ،1764‬ومن أبرز‬
‫األفكار التي تناولها هذا الكتاب واملتعلقة بجانب العقوبات أنه انتقد بشدة العقوبات واستعمال التعذيب‬
‫وعارض عقوبة اإلعدام‪ ،‬وركز على فكرة العقوبة املرعبة االحتمالية في ذات الوقت‪ ،‬وعلى الغرض اإلصالحي‬
‫للعقوبة وضرورة أن تساهم في إدماج الجناة اجتماعيا‪.‬‬

‫ب‪ -/‬املدرسة التقليدية الحديثة ‪ :‬من أشهر روادها الفيلسوف األملاني كانت‪ ،‬وترى هذه املدرسة –التي‬
‫استمدت تأصيل أفكارها من املدرسة التقليدية القديمة‪ -‬بأن فكرة العمومية في العقوبة ترد عليها بعض‬
‫االستثناءات‪ ،‬والتي تقوم في حالة وجود مرض عقلي كالجنون مثال أو في حالة صغر سن أو عند توافر حالة‬
‫عدم السيطرة على اإلرادة مثل ظرف القوة القاهرة أو السكر‪.‬‬

‫ج‪ -/‬املدرسة الوضعية ‪ :‬نشأت هذه املدرسة في أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬من أبرز روادها الفقيهين‬
‫اإليطاليين سيزار لومبروزو وأنريكو فيري ‪ ،‬وعلى عكس املدرسة التقليدية تجرد املدرسة الوضعية اإلنسان‬
‫من الحرية واإلرادة في الفعل‪ ،‬وتنفي عنه املسؤولية في ارتكاب الجرائم وتضع هذا األساس منطلقا لفكرها‬

‫‪1‬‬
‫العقابي‪ ،‬ولذا انتهجت هذه املدرسة في مواجهة الجريمة أسلوب البحث الواقعي والتجريبي القائم على‬
‫املالحظة وا لتجربة باستخدام املبادئ و النتائج التي توصل إليها علماء االجتماع والنفس والطب‪ .‬ويرجع‬
‫لومبروزو سبب اإلجرام إلى شخصية اإلنسان املجرم الذي يختلف عن اإلنسان السوي من حيث تكوينه‬
‫العضوي والنفس ي‪ ،‬وهذا النقص الفطري يؤدي إلى ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫د‪ -/‬مدرسة الدفاع االجتماعي ‪ :‬ظهرت هذه املدرسة بعد الحرب العاملية الثانية‪ ،‬ومن أبرز أنصارها الفقيه‬
‫اإليطالي فيليبو قراماتيكا مؤسس املدرسة‪ ،‬والذي طالب بإلغاء كلمة العقوبة واستبدالها بكلمة الدفاع‬
‫االجتماعي‪ ،‬وإلغاء القانون الجنائي واستبداله بقانون الدفاع االجتماعي‪ ،‬واستبدال قانون العقوبات بتدابير‬
‫الدفاع االجتماعي‪ ،‬واقتراح تدابير تقوم على تفريد العقوبة بما يتالءم وشخصية املحكوم عليه‪ ،‬ومن جهته‬
‫َُ‬
‫نادى أنسل بنظام إصالحي موحد يشمل توحيد العقوبات والتدابير التي تك ِون نظاما واحد للتدابير‬
‫االجتماعية‪ ،‬ووضعها في متناول القاض ي الذي يستعين في عمله بدراسة الشخصية اإلجرامية باالعتماد على‬
‫تقارير األطباء وعلماء النفس واالجتماع وعلماء اإلجرام‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تعريف العقوبة وبيان خصائصها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف العقوبة ‪ :‬تعرف العقوبة بأنها جزاء جنائي يتضمن إيالما مقصودا يقرره القانون‬
‫ويوقعه القاض ي على من تثبت مسؤوليته عن الجريمة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬خصائص العقوبة ‪ :‬شرعية العقوبة ‪ -‬شخصية العقوبة ‪ -‬املساواة في العقوبة‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬أغراض العقوبة ‪ :‬اإليــالم ‪ -‬ال ــردع ‪ -‬تهذيب املحكوم عليه وإعادة إدماجه اجتماعيا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫تصنيف العقوبات‬
‫الفرع األول ‪ :‬عقوبات الجنايات والجنح واملخالفات‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬العقوبات الجنائية ‪ :‬أ) اإلعدام‪ :‬بتفحصنا لقانون العقوبات الجزائري يمكن أن نحص ي حوالي‬
‫‪ 14‬جريمة يعاقب فيها باإلعدام‪ ،‬املواد ‪ 87( ،)86( ،)84( ،)77( ،)64( ،)63 -61( :‬مكرر ‪ 87 – 1‬مكرر ‪،)7‬‬
‫(‪ 417( ،)403- 401 ( ،)4/272 ( ،)263( ،)261( ،)90‬مكرر)‪.‬‬

‫ب) السجن املؤبد ‪ :‬يتم تنفيذه في مؤسسات إعادة التأهيل التالية ‪ :‬باتنة‪ ،‬الشلف‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬البرواقية‪ ،‬حيث‬
‫يعزل فيه املحكوم عليهم (نظام الحبس االنفرادي) ليال ونهارا ملدة ال تتجاوز ‪ 03‬سنوات‪.‬‬

‫ج) السجن املؤقت ‪ :‬نص عليها البند الثالث من الفقرة األولى من املادة ‪ 05‬من قانون العقوبات‪ ،‬وهو السجن‬
‫من خمس (‪ )5‬إلى عشرين (‪ )20‬سنة ‪ ،‬ما عدا في الحاالت التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى قصوى‪ .‬وطبقا‬
‫للمادة ‪ 5‬مكرر فإن عقوبات السجن املؤقت ال تمنع الحكم بعقوبة الغرامة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬العقوبات الجنحية ‪ - :‬الحبس ملدة تتجاوز شهرين إلى خمس (‪ )5‬سنوات ما عدا الحاالت‬
‫التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى‪ – .‬الغرامة التي تتجاوز ‪ 20.000‬دج‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬عقوبات املخالفات ‪ - :‬الحبس من يوم واحد على األقل إلى شهرين على األكثر‪ - .‬الغرامة التي‬
‫تتراوح بين ‪ 2000‬إلى ‪ 20.000‬دج‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات البدنية والسالبة للحرية واملاسة باالعتبارواملالية ‪ :‬النوع األول من العقوبات يمس‬
‫حق اإلنسان في سالمة بدنه (الجلد‪ ،‬اإلعدام ‪ ،)...‬والنوع الثاني يمس حرية املحكوم عليه (السجن‪ ،‬الحبس)‪،‬‬
‫والنوع الثالث يمس بسمعه واعتبار املحكوم عليه (الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية أو املدنية ‪،)...‬‬
‫والنوع الرابع يمس حق امللكية (الذمة املالية) للمحكوم عليه (الغرامة املالية)‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬العقوبات املؤقتة والعقوبات املؤبدة ‪ :‬األولى السجن املؤقت‪ ،‬والثانية السجن املؤبد‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬العقوبات األصلية والعقوبات التبعية والعقوبات التكميلية ‪ - :‬العقوبات األصلية ‪ :‬هي‬
‫العقوبة الكافية بذاتها لتحقيق معنى الجزاء‪ ،‬ويحكم بها منفردة بدون أن يكون الحكم معلقا على الحكم‬
‫بعقوبة أخرى‪ ،‬وهي محددة في املادة ‪ 5‬من قانون العقوبات‪ - .‬العقوبات التبعية ‪ :‬تتبع الحكم بالعقوبة‬
‫األصلية في الجنايات‪ ،‬وكانت قد نصت عليها املواد ‪ 08 -07 -06‬من قانون العقوبات الجزائري امللغاة‪-.‬‬
‫ُ َ‬
‫العقوبات التكميلية ‪ :‬هي عقوبات مكملة للعقوبات األصلية أو مرتبطة بها‪ ،‬وال ت َّوقع إال أذا نطق القاض ي بها‬
‫في حكمه‪ ،‬أي هي جوازية من حيث األصل‪ ،‬غير أن املشرع نص على حاالت تكون فيها بعض العقوبات التكميلية‬
‫إلزامية (املادة ‪ 9‬مكرر)‪.‬‬

‫الفرع الخامس ‪ :‬العقوبات االستئصالية والعقوبات اإلصالحية ‪ :‬النوع األول من العقوبات يتم إنزالها‬
‫باملجرمين امليؤوس من إصالحهم كالسجن املؤبد واالعدام‪ ،‬أما النوع الثاني كعقوبة السجن املؤقت والحبس‪،‬‬
‫ُ ََ‬
‫ستغل في إصالح املحكوم عليه وإعادة تأهيله وإدماجه باملجتمع‪.‬‬ ‫فيمكن أن ت‬

‫الفرع السادس ‪ :‬عقوبات الشخص الطبيعي وعقوبات الشخص املعنوي ‪ :‬األولى وهي عقوبات اإلعدام –‬
‫ص َور توقيعها بغير الشخص الطبيعي‬ ‫السجن املؤبد ‪( ...‬املادة ‪ 5‬من ق‪ .‬ع)‪ ،‬وهي عقوبات ال يمكن أن ُي َت َ‬
‫(اإلنسان)‪ ،‬أما الثانية فقد تناولها قانون العقوبات في املواد من ‪ 18‬مكرر – ‪ 18‬مكرر ‪ ،3‬وهي عقوبات تتوافق‬
‫مع طبيعة هذا الشخص االعتباري مثل ‪ :‬الغرامة ‪ -‬حل الشخص املعنوي‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like