You are on page 1of 7

‫‪RERJ –N°3‬‬ ‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2019‬العدد‪3‬‬

‫‪97‬‬

‫‪104‬‬
‫‪104‬‬

‫أيوب فالق‪ :‬طالب باحث بصف الدكتوراه‬

‫القاعدة‬

‫حيث يستفاد من أوراق امللف‪ ،‬ومن القرار املطعون فيه الصادر عن حمكمة االستئناف بطنجة بتاريخ‬
‫‪ 2010/5/20‬حتت عدد ‪ 424‬يف امللف رقم ‪ ،09/1607/611‬أن الطاعنة ندى (ب) قدمت بتاريخ‬
‫‪ 2009/4/30‬مقاال إىل احملكمة االبتدائية بطنجة التمست فيه احلكم بتطليقها من زوجها املطلوب حممد (ط‪.‬م)‬
‫للشقاق ألن العشرة ساءت بينهما‪ ،‬وأجاهبا املطلوب مبقال مضاد التمس فيه احلكم على الطاعنة بإرجاعها له نصف‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬القرار عدد‪ 49‬الصادر بتاريخ ‪ 17‬يناير ‪ ، 2012‬الملف الشرعي عدد ‪ ، 2010/1/2/502‬منشور بمجلة العلوم القانونية والقضائية‬
‫سنة ‪ ،2016‬عدد ‪ ،2‬ص ‪.267‬‬
‫ردمـد ‪ISSN: 7476-2605‬‬
‫‪RERJ –N°3‬‬ ‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2019‬العدد‪3‬‬

‫الصداق وهو عبارة عن ثالث لويزات ونصف لويزة وعقد من ذهب وثالثة أزواج من األقراص وخامتني وسلسلة من‬
‫ذهب وثالثة خوامت من األملاس وعقد من األملاس‪ ،‬وأدائها له تعويضا عن الفراق قدره ‪ 30.000‬درهم‪ .‬وبعد تعذر‬
‫اإلصالح بني الطرفني قضت احملكمة االبتدائية بتاريخ ‪ 2009/6/15‬يف الطلب األصلي بتطليق الطاعنة من عصمة‬
‫زوجها املطلوب طلقة واحدة بائنة للشقاق وبتحديد مستحقاهتا يف ‪ 3000‬درهم عن املتعة و ‪ 1500‬درهم عن‬
‫واجب السكىن خالل العدة‪ ،‬ويف الدعوى املقابلة برفضها فاستأنفه املطلوب‪ .‬وبعد جواب الطاعنة وانتهاء الردود‬
‫قضت حمكمة االستئناف بإلغاء احلكم املستأنف جزئيا فيما قضى به من رفض التعويض يف الدعوى املقابلة وتصديا‬
‫احلكم على الطاعنة بأدائها للمطلوب تعويضا قدره ‪ 10.000‬درهم وتأييده يف الباقي وهو القرار املطعون فيه من‬
‫‪105‬‬
‫‪105‬‬ ‫طرف الطاعنة بواسطة نائبها مبقال تضمن وسيلة وحيدة وجه إىل املطلوب الذي أفيد بأن عنوانه ناقص‪.‬‬
‫الطاعنة القرار املطعون فيه بانعدام األساس القانوين أو انعدام التعليل‪ ،‬ذلك أن احلكم‬
‫االبتدائي حينما قضى برفض التعويض الذي تقدم به املطلوب مل يفعل ذلك عبثا وإمنا قضى بذلك بعدما ثبت له من‬
‫جلسة البحث أنه مل يصدر عنها أي تصرف يضر باملطلوب الذي مل حيضر جلسة البحث ليعرب عن رغبته يف اإلصالح‬
‫من عدمه‪ ،‬وحمكمة االستئناف ملا ألغت احلكم االبتدائي وقضت بأدائها للمطلوب تعويضا حددته يف مبلغ ‪10.000‬‬
‫درهم بعلة أهنا هي املسؤولة عن الفراق ألهنا مل تبذل جمهودا للحفاظ على وحدة األسرة تكون قد عللت قرارها تعليال‬
‫ناقصا وهو مبثابة انعدامه مما يعرضه للنقض‪.‬‬
‫مقتضيات املادة ‪ 97‬من مدونة األسرة خولت للمحكمة حق مراعاة مسؤولية كل من‬
‫الزوجني عن سبب الفراق يف تقديرها ما ميكن أن حتكم به على املسؤول لفائدة الزوج اآلخر‪ ،‬و احملكمة ملا ثبت هلا‬
‫من أوراق امللف ومن البحث الذي أجرته يف القضية يف املرحلة االبتدائية أن الطاعنة هي املسؤولة عن الفراق وأن‬
‫حقها يف طلب التطليق للشقاق اتصف بالتعسف يف استعمال هذا احلق‪ ،‬وأهنا مل تثبت بأن املطلوب قد ساهم بدوره‬
‫يف هذا الفراق وقضت تبعا لذلك بأدائها له تعويضا حسب منطوق القرار يف إطار سلطتها التقديرية تكون قد طبقت‬
‫مقتضيات املادة املذكورة أعاله التطبيق السليم ويبقى ما أثري بدون أساس‪.‬‬

‫قضت حمكمة النقض برفض الطلب‪.‬‬

‫–‬ ‫–‬

‫ردمـد ‪ISSN: 7476-2605‬‬


‫‪RERJ –N°3‬‬ ‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2019‬العدد‪3‬‬

‫التعليق على القرار املدين‬


‫مقدمة‬

‫يف كون الطاعنة ندى (ب)‬ ‫يناقش القرار املدين الصادر عن حمكمة النقض قضية شرعية‬
‫قدمت بتاريخ ‪ 2009/4/30‬مقاال إىل احملكمة االبتدائية بطنجة التمست فيه الكم بتطليقها من زوجها املطلوب‬
‫حممد (ط‪.‬م) للشقاق ألن العشرة ساءت بينهما‪ ،‬وأجاهبا املطلوب مبقال مضاد التمس فيه احلكم على الطاعنة‬
‫‪106‬‬
‫‪106‬‬ ‫بإرجاعها له نصف الصداق ‪،‬وأدائها له تعويضا عن الفراق قدره ‪ 30.000‬درهم‪ .‬وبعد تعذر اإلصالح بني الطرفني‬
‫قضت احملكمة االبتدائية بتاريخ ‪ 2009/6/15‬يف الطلب األصلي بتطليق الطاعنة من عصمة زوجها املطلوب طلقة‬
‫واحدة بائنة للشقاق وبتحديد مستحقاهتا يف ‪ 3000‬درهم عن املتعة و ‪ 1500‬درهم عن واجب السكىن خالل‬
‫العدة‪ ،‬ويف الدعوى املقابلة برفضها ‪.‬فاستأنفه املطلوب فقضت حمكمة االستئناف بإلغاء احلكم املستأنف جزئيا فيما‬
‫قضى به من رفض التعويض يف الدعوى املقابلة وتصديا احلكم على الطاعنة بأدائها للمطلوب تعويضا قدره ‪10.000‬‬
‫درهم وتأييده يف الباقي ‪ .‬و نقضت الطاعنة القرار االستئنايف أمام حمكمة النقض على أساس أن القرار جاء مشوبا‬
‫بانعدام األساس القانوين أو انعدام التعليل‪ .‬فلم تستجب حمكمة النقض للطلب الطاعنة معللة قرارها مقتضيات أن‬
‫املادة ‪ 97‬من مدونة األسرة خولت للمحكمة السلطة التامة يف تقدير مسؤولية كل من الزوجني عن سبب الفراق‪،‬‬
‫وما ميكن أن حتكم به على املسؤول لفائدة الزوج اآلخر‪ ،‬وأن احملكمة ملا ثبت هلا أن الطاعنة هي املسؤولة عن الفراق‬
‫وأن حقها يف طلب التطليق للشقاق اتصف بالتعسف يف استعمال هذا احلق‪ ،‬وأهنا مل تثبت بأن الزوج قد ساهم‬
‫بدوره يف هذا الفراق ‪ ،‬تكون قد عللت قرارها تعليال سليما‪.‬‬
‫من قرار حمكمة النقض أن املشكل القانوين املطروح يتمحور حول ماذا أحقية الزوج يف التعويض‬
‫عن الضرر الذي أصابه جراء تعسف الزوجة يف استعمال حقها يف تقدمي طلب التطليق للشقاق استنادا ملقتضيات‬
‫ـاق ؟‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ـق الشق‬
‫ـ‬
‫ـن التطلي‬
‫ـ‬
‫ـض ع‬
‫ـ‬
‫ـزوج يف املطالبة بالتعوي‬
‫ـق ال‬
‫ـ‬
‫ـي حل‬
‫ـاس القانون‬
‫املادة ‪ 97‬من مدونة األسرة ؟ وما هو األس‬
‫لإلجابة عن ذلك سوف نتناول يف النقطة األوىل أحقية الزوج يف تعويض عن الفراق ‪ ،‬على أن نعاجل يف النقطة الثانية‬
‫ـاق‪.‬‬
‫ـق الشقـ‬
‫ـ‬
‫ـن التطلي‬
‫ـ‬
‫ـض ع‬
‫ـ‬
‫ـزوج يف املطالبة بالتعوي‬
‫ـق ال‬
‫ـ‬
‫ـي حل‬
‫ـاس القانون‬
‫األس‬
‫أوال ‪ :‬مدى أحقية الزوج في تعويض عن الفراق بسبب تعسف الزوجة‬
‫ثانيا ‪ :‬األسـاس القانونـي لحــق الـزوج في المطالبة بالتعويــض عــن التطليــق‬
‫للشقــــاق‬

‫ردمـد ‪ISSN: 7476-2605‬‬


‫‪RERJ –N°3‬‬ ‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2019‬العدد‪3‬‬

‫أوال ‪ :‬مدى أحقية الزوج في تعويض عن الفراق بسبب تعسف الزوجة‬


‫لقد ذهبت حمكمة النقض يف هذا القرار إىل حتميل الزوجة طالبة التطليق للشقاق مسؤولية الفراق‪ ،‬وأن الزوج‬
‫مل يساهم يف هذا الفراق‪ ،‬وبالتايل فإن التعويض الذي قضت به حمكمة االستئناف له ما يربره‪ ،‬وجاء طبقا للمادة‬
‫‪ 97‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫واملشرع املغريب على غرار باقي التشريعات املقارنة‪ 1‬أعطى للزوجني امكانية التعويض عن الضرر الذي قد‬
‫يصبهما من جراء تعسف أحد الزوجني يف اهناء الرابطة الزوجية‪ .‬حيث نصت املادة‪97‬من مدونة األسرة على أنه‪107 ":‬‬
‫‪107‬‬
‫يف حالة تعذر اإلصالح واستمرار الشقاق‪ ،‬تثبت احملكمة ذلك يف حمضر‪ ،‬وحتكم بالتطليق وباملستحقات طبقا للمواد‬
‫‪ 83‬و‪ 84‬و‪ 85‬أعاله‪ ،‬مراعية مسؤولية كل من الزوجني عن سبب الفراق يف تقدير ما ميكن أن حتكم به على املسؤول‬
‫لفائدة الزوج اآلخر‪.‬‬
‫يفصل يف دعوى الشقاق يف أجل ال يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تقدمي الطلب "‪.‬‬
‫واألكيد أن احلكم بالتعويض لفائدة الزوج عن الضرر الذي حلقه من جراء التطليق للشقاق الذي تسببت فيه‬
‫ـا‬
‫ـة ‪ ،2‬كما جيسد توجه‬‫ـالل عالقتهما الزوجي‬
‫زوجته‪ ،‬يشكل مظهرا بارزا من مظاهر املوازنة بني حقوق الزوجني بعد احن‬
‫ـا وقضائيا جديدا يرمي من خالله املشرع إىل جتاوز التصور التقليدي الذي حيصر مسؤولية تفكك األسرة يف‬ ‫قانوني‬
‫الزوج و حده دون الزوجة‪.3‬‬
‫فالتطليق للشقاق وإن كان حقا مشرتكا للزوجني معا‪ ،‬فإنه باعتباره حال استثنائيا تلجأ إليه احملكمة عند الضرورة‬
‫ـن عدم‬ ‫ـف الضررين‪ ،‬يتعي‬ ‫ـدة أخ‬ ‫القصوى ‪ -‬بعد تعذر اإلصالح و استمرار الشقاق بينهما ‪ -‬يف حدود األخذ بقاع‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬وهو نفس الشيء الذي قرره المشرع التونسي في المادة ‪ 31‬من مجلة األحوال الشخصية التي نصت على أنه ‪:‬‬
‫يحكم بالطالق ‪:‬‬
‫‪ )1‬بتراضي الزوجين‪.‬‬
‫‪ )2‬بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر‪.‬‬
‫‪ ) 3‬بناء علي رغبة الزوج إنشاء الطالق أو مطالبة الزوجة به‪،‬‬
‫ويقضى لمن تضرر من الزوجين بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجم عن الطالق في الحالتين المبينتين‬
‫بالفقرتين الثانية والثالثة أعاله‪.‬‬
‫و كذا القانون المصري رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1929‬المعدل بقانون ‪ 100‬لسنة ‪ ،1985‬حيث جاء في مادته العاشرة ما يلي‪ » :‬إذا عجز‬
‫الحكمان عن اإلصالح ‪:‬‬
‫أ – فإذا كانت اإلساءة كلها من جانب الزوج اقترح الحكمان التطليق بطلقة بائنة دون مساس بشيء من حقوق الزوجة المترتبة‬
‫عن الزواج و الطالق‪.‬‬
‫ب‪ -‬إ ذا كانت اإلساءة كلها من جانب الزوجة اقترحا التطليق نظير بدل مناسب يقدر أنه تلتزم به الزوجة‪.‬‬
‫ج‪ -‬إ ذا كانت اإلساءة مشتركة اقترحا التطليق دون بدل أو ببدل يتناسب مع نسبة اإلساءة‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن إقرار المشرع المغربي التعويض في التطليق الشقاق من شأنه أن يخفف من اللجوء الى هذا النوع من التطليق ‪ ،‬خصوصا أمام‬
‫األرقام الصادمة التي صادرت عن وزارة العدل بمناسبة حصيلة عشر سنوات من تطبيق مدونة األسرة ‪ ،‬حيث بلغت نسبة التطليق‬
‫للشقاق سنة ‪ 2013‬الى ‪ 79.5‬في المئة من مجموع أحكام التطليق ‪ .‬أنظر ‪ :‬القضاء األسري ‪ ،‬الواقع و االفاق‪ -‬عشر سنوات من‬
‫تطبيق مدونة األسرة ‪ ،‬ماي ‪ ، 2014‬ص ‪.61‬‬
‫‪ - 3‬عبد الواحد الرحماني ‪ ،‬مسطرة الشقاق في ضوء مدونة األسرة و العمل القضائي ‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون الخاص ‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس ‪ ،‬السنة الجامعية ‪/ 2005‬‬
‫‪ ، 2006‬ص‪.100‬‬
‫ردمـد ‪ISSN: 7476-2605‬‬
‫‪RERJ –N°3‬‬ ‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2019‬العدد‪3‬‬

‫ـة باخلصوص إال يف حدوده املوضوعية والغائية وإال اعترب تعسفا يستوجب‬ ‫ـة به من طرف الزوج‬ ‫اإلضرار على املطالب‬
‫تعويض الزوج املتضرر من جراء ذلك‪.1‬‬
‫وهو األمر الذي أكدته حماكم اململكة مبختلف درجاهتا ‪ ،‬حيث قضت حمكمة االستئناف بوجدة الغرفة‬
‫الشرعية قرار صادر بتاريخ ‪ 2011/11/02‬رقم‪ 621 :‬ملف عدد‪" : 2011/1622/312 :‬وحيث إنه أمام‬
‫عدم إثبات املستأنف عليها لألسباب اليت اعتمدهتا يف طلب التطليق للشقاق وأمام إدالء املستأنف على املرحلة‬
‫االبتدائية بشهادة طبية مؤرخة يف ‪ 2011/01/31‬تفيد سالمته وقدرته على املمارسة اجلنسية؛ فإهنا تتحمل مسؤولية‬
‫احنالل العالقة الزوجية وأنه طبقا للمادة ‪ 97‬من مدونة األسرة ويف حالة تعذر اإلصالح واستمرار الشقاق تثبت‬
‫‪108‬‬
‫للمحكمة ذلك وتراعي بعد احلكم بالتطليق يف حتديد املستحقات مسؤولية كل من الزوجني عن سبب الفراق يف ‪108‬‬

‫تقدير ما يكمن أن حيكم به على املسؤول لفائدة الزوج اآلخر ومادام أنه تبث للمحكمة مسؤولية الزوجة يف انفصال‬
‫العالقة الزوجية فإن التعويض عن الضرر احملكوم به لفائدة املستأنف واحملدد يف مبلغ ‪ 5000‬درهم فقد روعي يف‬
‫حتديده مقتضيات املادة ‪ 97‬من مدونة األسرة مما يتعني تأييد احلكم املستأنف يف هذا الشق "‪ .2‬نفس الشيء بالنسبة‬
‫حلكم صادر عن احملكمة االبتدائية خبنيفرة بتاريخ ‪ 17/09/2009‬يف امللف رقم ‪ ": 623/09‬حيث قضت بتطليق‬
‫الزوجة طلقة أوىل بائنة للشقاق‪ ،‬وبأدائه هلا مستحقاهتا حبساب ‪ 8000‬درهم عن املتعة وواجب السكىن أثناء العدة‬
‫يف مبلغ ‪ 1800‬درهم‪ ،‬ويف الطلب املضاد بأداء الزوجة تعويضا للزوج قدره ‪ 8000‬درهم"‪ .3‬وهو نفس التوجه الذي‬
‫أكدته حمكمة النقض يف قرار عدد ‪ 178‬صادر بتاريخ ‪ 15/03/2006‬يف امللف الشرعي عدد‬
‫‪ ":519/2/1/2005‬إن حتقق مسؤولية الزوجة طالبة التطليق للشقاق عن سبب الفراق‪ ،‬يربر حق الزوج يف احلصول‬
‫على التعويض من جراء الفراق يف حد ذاته‪ ،‬فضال عما تكبده من مصاريف إجراءات تنفيذ احلكم القضائي بالرجوع‬
‫اىل بيت الزوجية "‪.4‬‬
‫و هكذا‪ ،‬فان احملكمة ومن خالل وثائق امللف والبحث وجلسات الصلح ميكن هلا أن تقف على أسباب‬
‫الفراق‪ ،‬ومن هنا تكون هلا السلطة التامة يف حتديد من املسؤول عن الفراق وال رقابة عليها‪ ،‬إال من حيث التعليل‬
‫ومدى إبرازها يف قرارها ملا اعتمدته من وقائع ودالئل حىت حتكم مبا قدرته من تعويض لفائدة الزوج اآلخر‪ .‬ويف هذا‬
‫السياق جاء القرار عدد‪ 315‬الصادر عن حمكمة النقض بتاريخ‪24‬أبريل‪ 2012‬يف امللف عدد ‪2010/1/2/1472‬‬
‫والذي جاء فيه‪ " :‬حملكمة املوضوع السلطة التامة يف تقدير من املسؤول عن سبب الفراق‪ ،‬وما ميكن أن حتكم به عليه‬
‫لفائدة الزوج اآلخر‪ ،‬إال أنه يتعني عليها أن تربز يف قرارها ما اعتمدته من وقائع ودالئل‪ ،‬وكيفية استخالصها ما انتهت‬
‫إليه حىت تتمكن حمكمة النقض من بسط رقابتها على تعليل قرارها"‪ .5‬ومما ال شك فيه أن هذه األحكام و القرارات‬
‫تدل على استقرار القضاء املغريب على تعويض الزوج يف حالة تعسفت الزوجة يف طلب تطليق للشقاق‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬عبد الواحد الرحماني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ - 2‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بوجدة رقم‪ 621 :‬ملف عدد‪، 2011/1622/312 :‬بتاريخ ‪( 2011/11/02‬غير منشور)‬
‫‪ - 3‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بخنيفرة في الملف رقم ‪ 623 /09‬بتاريخ ‪( 17/09/2009‬غير منشور)‬
‫‪ - 4‬قرار عدد ‪ 178‬صادر بتاريخ ‪ 15/03/2006‬في الملف الشرعي عدد ‪ 519/2/1/ 2005‬أورده األستاذ المحجوب بنطالب‪ :‬العمل‬
‫القضائي بالمغرب في ضوء تطبيق مدونة األسرة‪ ،‬مجلة قضاء األسرة‪ ،‬العدد الرابع والخامس‪ ،‬فبراير ;‪، 2009‬ص ‪.165‬‬
‫‪ - 5‬قرار عدد ‪ 315‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 24‬أبريل ‪ 2012‬في الملف عدد ‪ ، 2010/1/2/1472‬منشورات مجلة العلوم‬
‫القانونية و القضائية ‪ ،‬عدد ‪ ، 2‬سنة ‪ ، 2016‬ص ‪.270‬‬
‫ردمـد ‪ISSN: 7476-2605‬‬
‫‪RERJ –N°3‬‬ ‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2019‬العدد‪3‬‬

‫وهكذا فإن حمكمة النقض ملا أقرت مبسؤولية الزوجة عن الفراق طبقا للمادة ‪ 97‬من مدونة األسرة قد‬
‫صادفت الصواب‪ ،‬و سايرت بذلك فلسفة املشرع املغريب من خالل مقتضيات هذه املادة ‪ ،‬وكذلك توجهات الفقه‬
‫يف هذا الصدد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األسـاس القانونـي لحــق الـزوج في المطالبة بالتعويــض عــن‬
‫التطليــق الشقــــاق‬
‫بعدما تبني لنا مما سبق أن هناك امجاع من طرف الفقه و القضاء و حىت التشريع على أحقية الزوج يف املطالبة‬
‫بالتعويض عن الضرر الذي حلقه شخصيا من جراء االهناء التعسفي للرابطة الزوجية‪ ،‬حيق التساؤل عن األساس القانوين‬
‫‪109‬‬
‫‪109‬‬
‫ـة عن خطأ الشخصي؟ أم على أساس نظرية‬ ‫الذي ميكن على ضوئه احلكم له به؟ هل على أساس املسؤولية التقصريي‬
‫التعسف يف استعمال احلق؟‬
‫بالرجوع اىل القرار حمل تعليق جند أنه اختذ من نظرية التعسف يف استعمال احلق كأساس للمطالبة بالتعويض‬
‫‪1‬‬

‫من جراء مطالبة الزوجة بالتطليق الشقاق‪ ،‬حيث اعتربت أن الزوجة قد استعملت حقها يف طلب التطليق للشقاق‬
‫بشكل تعسفي وأن إقدامه على إهناء الرابطة الزوجية كان بدون مربر معقول مما يوجب عليها التعويض الزوج وفق‬
‫نظرية التعسف يف استعمال احلق‪.‬‬
‫هذا وقد تعددت االراء اليت قيل هبا لتربير هذه املسؤولية من حيث األساس الذي تستند اليه‪ ،‬حيث قيل أن‬
‫أساس املطالبة بالتعويض عن االهناء التعسفي للعالقة الزوجية جيد أساسه يف املسؤولية التقصريية عن اخلطأ الشخصي‬
‫املنصوص عليها يف الفصل ‪2 77‬و ‪3 78‬من ق ل ع املغريب‪ .4‬أما معظم االراء‪ 5‬فقد ذهبت اىل أن األساس الذي‬
‫يستند اليه طالب التعويض من جراء اإلهناء التعسفي للرابطة الزوجية يكون مبين على نظرية التعسف يف استعمال‬
‫احلق ‪.6‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ - 1‬عرف مبدأ التعسف في استعمال الحق توسعا كبيرا في ظل مدونة األسرة ‪ ،‬حيث نص عليه المشرع المغربي في مجموعة من‬
‫المقتضيات‪ .‬هكذا نجد المادة ‪ 84‬تنص على أنه ‪ " :‬تشمل مستحقات الزوجة‪ :‬الصداق المؤخر إن وجد‪ ،‬ونفقة العدة‪ ،‬والمتعة التي‬
‫يراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج‪ ،‬وأسباب الطالق‪ ،‬ومدى تعسف الزوج في توقيعه"‪.‬‬
‫‪ - 2‬ينص الفصل ‪ 77‬على أنه ‪ " :‬كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بينة واختيار‪ ،‬ومن غير أن يسمح له به القانون‪ ،‬فأحدث ضررا ماديا‬
‫أو معنويا للغير‪ ،‬ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر‪ ،‬إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر‪.‬‬
‫‪ - 3‬ينص الفصل ‪ 78‬على أنه ‪ " :‬كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه‪ ،‬ال بفعله فقط ولكن بخطإه أيضا‪،‬‬
‫وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر‪.‬‬
‫وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم األثر‪.‬‬
‫والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله‪ ،‬أو فعل ما كان يجب اإلمساك عنه‪ ،‬وذلك من غير قصد إلحداث الضرر‪.‬‬
‫‪ - 4‬حسن فتوخ ‪ ،‬األساس القانون ي للمطالبة بالتعويض عن التطليق للشقاق‪ ،‬مقال منشور على موقع ‪:‬‬
‫‪https://www.bibliotdroit.com/2017/10/blog-post_21.html‬‬
‫‪ - 5‬محمد الكشبور‪ :‬الوسيط في شرح مدونة األسرة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية ‪، 2009،‬ص‪.146‬‬
‫الحسٌين بلحسانًي‪ :‬مبدأ التعوٌيض عن الطالق التعسفًي فًي الفقه اإلسالمي ومدونة األحوال الشخصية‪ ،‬مقال منشور بمجلة الميادين‪،‬‬
‫العدد ‪، 3،1988‬ص ‪231‬وما بعدها ‪ .‬ينظر عبد القادر قرموش ‪ ،‬الدور القضائي الجديد في قانون األسرة المغربي ‪،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة ‪ ، 2013،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -‬إدريس الفاخوري ‪ ،‬تعويض المضرور في العالقات األسرية بين نصوص قانون االلتزامات والعقود ومدونة األسرة ‪ ،‬مقال منشور‬
‫على موقع ‪http://cieersjo.com/2017/07/06 :‬‬
‫‪ - 6‬ينص الفصل ‪ 94‬من ق ل ع على أنه ‪ :‬ال محل للمسؤولية المدنية‪ ،‬إذا فعل شخص بغير قصد اإلضرار ما كان له الحق في فعله‪.‬‬
‫ردمـد ‪ISSN: 7476-2605‬‬
‫‪RERJ –N°3‬‬ ‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ‪ 2019‬العدد‪3‬‬

‫وهو نفس التوجه الذي تأخذ به جل أقسام قضاء األسرة باململكة‪ ،‬للحكم بالتعويض لفائدة الزوج خاصة‬
‫عندما تكون الزوجة هي املبادرة إىل رفع دعوى التطليق للشقاق ‪ ،‬فمما جاء يف احلكم القضائي الصادر عن قسم‬
‫ـل‪ :‬حيث يهدف املدعى إىل احلكم على‬ ‫قضاء األسرة التابع البتدائية احلسيمة ما يلي‪ - 2 ... » :‬يف الطلب املقاب‬
‫ـق به للتعسف الذي حلقه من زوجته طالبة‬ ‫املدعى عليها بإبدائها له ‪ 40.000‬درهم كتعويض عن الضرر الالح‬
‫ـق‪ ،‬و حيث إن احملكمة استنتجت من خالل ظروف النازلة و مالبساهتا أن الزوجة كانت متعسفة يف طلب‬ ‫التطلي‬
‫التطليق‪ ،‬خصوصا و أهنا مل تثبت ادعائها بأية وسيلة إثبات‪ ،‬وحيث أن احملكمة ومبا هلا من سلطة تقديرية ترى حتديد‬
‫التعويض يف مبلغ ‪ 20.000‬درهم ‪.)1( « ...‬‬
‫‪110‬‬
‫‪110‬‬
‫و يبقى هذا الرأي األخري األقرب للحقيقة خصوصا وأن صياغة املادة ‪ 97‬من مدونة األسرة توحي هبذه‬
‫النظرية‪ ،‬والذي ميكن أن ندرج ضمن تطبيقاهتا املعاصرة تعسف الزوجة يف طلب التطليق للشقاق‪ ،‬حيث ميكن‬
‫للمحكمة يف إطار السلطة التقديرية املخولة هلا أن حتكم عليها بالتعويض لفائدة زوجها املتضرر من جراء ذلك‪ ،‬وألن‬
‫االستناد إىل نظرية التعسف يف استعمال احلق لتأسيس حق الزواج يف التعويض عن الضرر الذي حلقه من جراء طلب‬
‫زوجته للتطليق يعد أكثر انسجاما مع قواعد العدل واإلنصاف اليت تعترب أحد الركائز األساسية اليت تقوم عليها املدونة‬
‫اجلديدة لألسرة‪.2‬‬
‫و هبذا تكون حمكمة النقض من خالل القرار حمل التعليق قد صادف الصواب‪ ،‬و سايرت أغلب اآلراء الفقهية‬
‫يف املغرب ‪ 3‬يف اعتبار مبدأ التعسف يف استعمال احلق كأساس ملطالبة بالتعويض عن االهناء التعسفي للرابطة الزوجية‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫غير أنه إذا كان من شأن مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح بالغير‪ ،‬وكان من الممكن تجنب هذا الضرر أو إزالته‬
‫من غير أذى جسيم لصاحب الحق‪ ،‬فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه أو إليقافه‪.‬‬
‫‪ - 1‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية رقم ‪ 622‬ملف رقم ‪ 04/452‬بتاريخ ‪ ( 05/09/15‬غير منشور ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد الواحد الرحماني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪ - 3‬محمد الكشبور‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص‪ .146‬والحسٌين بلحسانًي‪ :‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪231‬وما بعدها‪ ،‬وعبد القادر قرموش ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫ردمـد ‪ISSN: 7476-2605‬‬

You might also like