You are on page 1of 7

‫محمد أحمد المرّ‬

‫المر في دبي عام ‪ .1955‬أثناء سنوات دراسته كان يكثر من التر ّدد على‬‫ّ‬ ‫ُولد محمد أحمد‬
‫مكتبات دبي ‪ .‬ومنها استهواه األدب بشكل خاص‪ .‬ومع هذا فقد أكمل تعليمه الثانوي في‬
‫وتخرج من جامعة سيراكيوز في والية نيويورك‪ .‬صدرت له ع ّدة مجموعات‬ ‫ّ‬ ‫اإلمارات‬
‫حب من نوع آخر ‪ ،‬الصوت الناعم ‪ ،‬سحابة صيف ‪ ،‬مكان في القلب ‪،‬‬ ‫قصصيّة منها‪ّ :‬‬
‫قصة جنسيّة‪ .‬كذلك له مجموعات أخرى مثل‬ ‫الفرصة األخيرة وهي التي اخترنا منها ّ‬
‫ياسمين ‪ ،‬شيء من الحنين ‪ ،‬حول العالم ‪ ،‬آمال وطنيّة ‪ .‬كما صدر له العديد من المقاالت‬
‫واألعمدة الصحفيّة وبعض الكتب الثقافيّة والمسرحيّة‪ .‬حصل على جائزة اإلمارات التقديريّة‬
‫للعلوم والفنون واآلداب‪.‬‬

‫نشاط قبل القراءة‪:‬‬


‫‪ .1‬ابحثوا في الموسوعات األدبيّة أو في المنتديات والمواقع االجتماعية عن الكاتب‬
‫ّ‬
‫الصف‪.‬‬ ‫المر واكتبوا فقرة عن أدبه للتقديم في‬
‫ّ‬ ‫اإلماراتي محمد أحمد‬
‫حب األوطان مع بيان دور المهجر في ترسيخ عوائق العودة ‪.‬‬ ‫‪ .2‬اكتبوا فقرة عن ّ‬

‫الفرصة األخيرة‬
‫جنسيّة‬
‫(‪)1‬‬

‫لماذا ال تأخذالجنسيّة الكويتيّة يا سالم؟‬


‫ّ‬
‫الملفات عن مكتب السيّد أبو علي‪ ،‬أحد مسؤولي جمارك الكويت‪:‬‬ ‫يبتسم سالم وهو يجمع‬

‫– هللا يهديك يا أبو علي كم مرة سألتني هذا السؤال وأنت تعرف ردي جيداً‪.‬‬

‫– مازلت ال تريدنا‪.‬‬

‫يغﺺ بها سالم‬


‫ّ‬ ‫يتأثّر سالم ‪ :‬أفضالكم على رأسي يا أبو علي ولكن‪ .‬تلك الـ "لكن" التي‬
‫كلّما كلّمه أبو علي عن الجنسيّة الكويتيّة ‪ّ ،‬‬
‫تذكره دائماً بمدينته التي تركها قبل ربع قرن‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫محمد أحمد الم ّر‬

‫كان شاباً قويّا وذكيّا درس في مدرسة " األحمديّة " في ديره ‪ ،‬تف ّوق في دراسته وكان‬
‫فخطه كان أجمل من خطوط باقي التالميذ وكان حسن الخط في ذلك‬ ‫ّ‬ ‫ناظر المدرسة يحبّه ‪،‬‬
‫ً‬
‫الوقت يعطي صاحبه تميّزا على باقي زمالئه من التالميذ‪ .‬في نهاية األربعينات كانت‬
‫مدرجاً للطائرات في "ديره" فعمل كثير من المواطنين‬ ‫الحكومة البريطانيّة تريد أن تنشئ ّ‬
‫يسجلون‬
‫ّ‬ ‫في تسوية األرض بجهودهم العضليّة وبدون آالت ‪ ،‬وكان سالم وزميل معه‬
‫الشاق بسبب األزمة‬ ‫ّ‬ ‫اضطروا لهذا العمل‬
‫ّ‬ ‫ويوزعون الرواتب على الع ّمال الذين‬‫ّ‬ ‫الحضور‬
‫االقتصاديّة التي صاحبت انهيار اقتصاد اللؤلؤ وآثار الحرب العالميّة الثانية في المنطقة‪.‬‬
‫كره سالم الجنود اإلنجليز الذين كانوا يأتون أحياناً لمراقبة العمل بسراويلهم القصيرة وهم‬
‫ويتشكون من بطء العمل كما يقول المترجم اليمني الذي‬ ‫ّ‬ ‫ويدخنون السجائر‬‫ّ‬ ‫يبتسمون‬
‫يرافقهم‪ .‬العمل ليس بطيئاً ‪ ،‬ير ّد سالم ولكن تسوية تلك الكثبان الرمليّة العالية ليست باألمر‬
‫يستمر إذ يبدو‬‫ّ‬ ‫الهيّن أو البسيط وهم يعملون من الصباح إلى المغرب ‪ .‬ذلك المشروع لم‬
‫مرات‬ ‫أن الحكومة البريطانيّة قد صرفت النظر عنه‪ .‬لم يجد سالم ما يعمله ‪ ،‬ذهب ع ّدة ّ‬ ‫ّ‬
‫لصيد السمك مع بعض أقاربه ولكن ذلك العمل كان مملاّ وغير مربح‪ .‬أخبره أحد زمالئه‬
‫عن فرص العمل الجديدة في دول البترول الكويت ‪ ،‬البحرين ‪ ،‬السعودية‪ .‬في نهاية عام‬
‫‪ 1952‬حصل على بطاقة سفر بريطانيّة وتسلّق أحد األبوام المتّجهة إلى أعلى الخليج‪.‬‬
‫عامال في شركة النفط ث ّم انتقل للعمل‬ ‫ً‬ ‫اختار الكويت ‪ ،‬ال يدري لماذا ‪ ،‬عمل خمس سنين‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كفراش في جمارك الكويت ول ّما شاهد السيّد أبو علي حسن خطه عيّنه موظفا‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫ّ‬
‫موظفاً في الجمارك‪ .‬تز ّوج في الكويت فتاة من " الزبير " حمراء ممتلئة ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحين وهو يعمل‬
‫حب‬
‫بنت أحد جيرانه ‪ ،‬أحاطته بالحنان واالهتمام ‪ ،‬وأنجبت له ثالثة أوالد وبنتين‪ .‬بفضل ّ‬
‫كل االمتيازات التي كان يحصل عليها المواطن الكويتي نتيجة‬ ‫أبو علي له حصل على ّ‬
‫أن قلّة قليلة ج ّداً من أصحابه‬ ‫للوفرة النفطيّة وقد تأقلم سالم بالمحيط الكويتي إلى درجة ّ‬
‫التي كانت تعرف أنّه ليس كويتيّاً‪ .‬وطيلة تلك األعوام رفض أن يأخذ الجنسيّة الكويتيّة‬
‫الحاج مبارك الذي كان أحد مدراء دائرة الجنسيّة‬ ‫ّ‬ ‫بالرغم من إصرار أبي علي وأخيه‬
‫والجوازات في الكويت‪ .‬عندما أعطت السلطات البريطانيّة لمواطني دبي جوازات بريطانيّة‬
‫بحارة األبوام التي تنتقل بين الكويت ودبي لكي‬ ‫ب ّدل البطاقات ‪ ،‬أرسل بطاقته مع أحد ّ‬
‫يحصل بدلها على الجواز البريطاني وعندما استبدلت سلطات دبي المحليّة بذلك الجواز‬
‫جوازاً محلّيّاً لونه أحمر أرسل سالم جوازه البريطاني واستبدل به الجواز األحمر ‪ ،‬وعندما‬
‫أُ ّسس االتحاد ارسل جوازه األحمر واستبدل به جواز االتحاد األسود‪ .‬والشيء الغريب أنّه‬
‫كل تلك السنين لم يذهب إلى دبي ولكنّه كان دائماً يتح ّدث عنها إلى زوجته وأوالده‬ ‫في ّ‬
‫بشاعريّة وحنين وأحياناً بعاطفة تشبه التقديس " الكرم عند أهلنا في دبي شيء طبيعي‬
‫وشط العرب ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫وليس بكرم أخالق غير اعتيادي ‪ ..‬خور دبي أجمل من دجلة والفرات‬
‫محمد أحمد الم ّر‬ ‫‪75‬‬

‫ألذ األسماك وأجودها ‪ ..‬شواطئنا هادئة‬ ‫أهلنا من بني ياس أشجع العرب ‪ ..‬أسماك دبي ّ‬
‫جميلة آمنة تج ّملها طيور النورس بأسرابها وتختارها السالحف لكي تضع فيها بيضها ‪،‬‬
‫كررها زوجها ّ‬
‫تهز‬ ‫إلخ ‪ ".‬وكانت زوجته وهي تستمع لهذه المالحظات التي كثيراً ما ّ‬
‫رأسها في البداية باستغراب ث ّم بشيء من الملل بعد ذلك‪ .‬أ ّما أوالده وبناته لم يكونوا‬
‫يمت لهم بصلة‪ .‬في أحد أيام الجمعة من العام‬ ‫يطيقونها فهي تح ّدثهم عن مكان خرافي ال ّ‬
‫‪ 1976‬كان سالم يطالع إحدى الجرائد الكويتيّة شاهد فيها صورة لخور دبي ‪ّ .‬‬
‫تذكر طفولته ‪،‬‬
‫ووالدته التي ماتت عندما كان عمره عشر سنوات‪ ،‬وخالته التي ربّته مع أبنائها حتّى كبر‪.‬‬
‫أخذ الجريدة ودخل الح ّمام وأخذ يبكي ويبكي تحت أحاسيس الحنين والشوق‪ .‬نصف ساعة‬
‫مرات ‪ .‬بعد‬‫أن شيئاً خطيراً حدث له ‪ ،‬طرقت عليه الباب ع ّدة ّ‬ ‫وهو يبكي‪ ،‬وزوجته ظنّت ّ‬
‫لحظات خرج وهو يمسح دموعه وقال لها‪:‬‬ ‫ّ‬

‫– سنرجع إلى دبي ‪ .‬نظرت إليه وهي فاغرة فاها ‪ .‬ماذا ؟‬

‫ر ّد عليها بمزيج من الفرح والضيق‬

‫– سنرجع إلى دبي ‪ ،‬سنرجع إلى بلدي ‪.‬‬

‫كل محاوالتها إلقناعه بالعدول عن ذلك المشروع ذهبت هباء‪ :‬راتب التقاعد ؟ ليذهب إلى‬ ‫ّ‬
‫تحب جاسم ابن‬ ‫ّ‬ ‫الجحيم ‪ ،‬تعليم األوالد ‪ :‬سيواصلون تعليمهم في دبي ‪ ،‬البنت ليلى التي‬
‫الجيران والذي يمكن أن يتز ّوجها‪ .‬عندنا في دبي ما يكفي من الشباب الذين يمكن لها أن‬
‫إن جاسم هذا ولد رقيع ‪ .‬االبن حمد يلعب في فريق كرة قدم نادي القادسيّة‪ :‬يمكنه‬ ‫تحبّهم ث ّم ّ‬
‫أن يلعب في أحد األندية في دبي ‪ ..‬إلخ " ‪ .‬ردوده كانت عصبيّة ‪ ،‬لم يكن مستع ّداً ألي‬
‫أن سلوكه يمكن أن يكون بهذه‬ ‫مرة بالرغم من العشرة الطويلة تعرف زوجته ّ‬‫نقاش ‪ .‬أ ّول ّ‬
‫الح ّدة والصرامة‪ .‬ذهب إلى أبي علي وأخبره بقراره ‪ .‬بُهت هذا ‪ – :‬اآلن بعد كل تلك‬
‫السنين كيف يمكن أن ترجع ؟‬

‫– إنّها بلدي ‪.‬‬

‫– ولكن الدنيا تغيّرت‪.‬‬

‫– حبّي لبلدي وأهلي لم يتغيّر ‪.‬‬


‫صراً ولكن اعرف ّ‬
‫أن الكويت بلدك الثاني ‪.‬‬ ‫– على كيفك ‪ ،‬مادمت ُم ّ‬
‫– شكراً ‪.‬‬
‫‪76‬‬ ‫محمد أحمد الم ّر‬

‫(‪)2‬‬

‫حي الشندغة حيث ُولد ‪،‬‬ ‫عندما رجع بعائلته إلى دبي وجد كثيراً من التغيّرات ‪ .‬ذهب إلى ّ‬
‫الحي ‪ ،‬فلم يشاهد‬
‫ّ‬ ‫تمشى في ّ‬
‫أزقة وسكيك ذلك‬ ‫أن أهله قد هجروه إلى أحياء جديدة ‪ّ ،‬‬ ‫وجد ّ‬
‫أسراب األطفال بأثوابهم البيضاء ‪ ،‬بل وجد بدلهم هنود منطقة كيرال وغيرها من مناطق‬
‫الهند والباكستان‪ .‬عند أبواب البيوت كانوا يحلقون ذقونهم ويقرأون رسائل أهلهم وجرائدهم‪.‬‬
‫معظم البيوت أصبحت شبيهة بالخرائب ‪ ،‬مياه البواليع تمأل السكيك ‪ ،‬القطط والكالب تمأل‬
‫صدم‪ .‬لم يُشاهد‬
‫الحي إلى منطقة الشاطئ ‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أن الهنود ال يقتلونها ‪َ .‬ع َب َر‬ ‫ّ‬
‫األزقة‪ .‬بيدو ّ‬
‫الشاطئ ‪ ،‬أين ذهب ؟ شاهد رافعات الميناء ‪ ،‬إذن بنوا ميناء محل ذلك الشاطئ الجميل‪.‬‬
‫مكان تلك الرمال التي كان يدفن نفسه فيها ويطارد عليها النوارس وسرطان البحر ‪ ،‬وجد‬
‫مكتضاً بالسيّارات ‪ ،‬ومكان البحر الكبير الذي كان يسبح ويمرح فيه مع زمالئه وجد‬ ‫ّ‬ ‫شارعاً‬
‫حي الشندغة العريق ‪ .‬ذهب إلى ديره ‪،‬‬ ‫مخازن ومبان ورافعات ‪ .‬انقبضت نفسه ‪ ،‬إذن مات ّ‬
‫سأل عن شيخه الذي كان سالم وزمالؤه يقرأون في بيته األناشيد واألذكار الصوفيّة والذي‬
‫يحب سأل ويعطف عليه وجعله يحفظ اشعار ابن الفارض وعبد الرحيم البرعي‪ .‬قالوا‬ ‫ّ‬ ‫كان‬
‫ً‬
‫له إنّه مات ‪ .‬سال عن ابن الشيخ أجابوه بأنه ترك الذكر وأصبح مالكا إلحدى شركات‬
‫توفيت قبل سنة ‪ ،‬اعتصر الحزن فؤاده‬ ‫المقاوالت ‪ .‬خالجت الكآبة قلب سالم ‪ ،‬خالته الحبيبة ّ‬
‫مؤقتاً‬
‫تلك األم الحنون كيف ماتت ولم يو ّدعها ! معظم الناس ال يعرفهم وال يعرفونه ‪ .‬سكن ّ‬
‫فكر بالرجوع ولكن ماذا يقول لزوجته ‪،‬‬ ‫مع عائلة أحد أوالد خالته في منطقة "الشعبيّة"‪ّ .‬‬
‫وأن وجهة نظرها هي الصحيحة‪ :‬حاول أن يتأقلم مع الواقع‬ ‫ستظن أنّها انتصرت عليه ّ‬ ‫ّ‬
‫ان المسؤول عنها هو‬ ‫الجديد ‪ ،‬سمع عن البيوت الشعبيّة التي ّ‬
‫توزعها الحكومة ‪ ،‬أخبروه ّ‬
‫محمد علي ‪ ،‬ذهب إليه في متجره ‪ ،‬دخل وسلّم وجلس ‪ ،‬لم يعرفه أحد من الجالسين ‪ ،‬قال‬
‫لـمحمد علي ‪ :‬ألم تعرفني ؟‬

‫تذكر وقال معتذراً‪:‬‬


‫نظر محمد علي إليه بنظرة استغراب وعدم معرفة ومحاولة ّ‬

‫– ال ‪ ،‬اسمح لي ‪ ،‬لم أعرفك ‪.‬‬

‫وكنت شقيّاً وكثيراً ما‬


‫َ‬ ‫– هللا ‪ ،‬أال تذكر المدرسة " األحمديّة" ‪ ،‬كنّا على طاولة واحدة‬
‫وتوسخها لي ‪ ،‬أنا سالم ابن الحاج خليفة المهيري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تصب الحبر على أثوابي‬
‫ّ‬

‫يقول محمد فرحاً ويعانقه‪:‬‬

‫وسهال ‪ ،‬ظننّا أنّك سكنت نهائيّاً في الكويت‪ .‬بدأ حديث الذكريات والسؤال عن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أهال‬ ‫–‬
‫الصحة والعائلة واألوالد وعندما جاء ذكر المنزل الشعبي ‪ ،‬قال محمد علي ‪:‬‬‫ّ‬
‫محمد أحمد الم ّر‬ ‫‪77‬‬

‫– يجب أن تعرف يا سالم إنّني عبد مأمور والسلطات هي التي ّ‬


‫توزع تلك البيوت على من‬
‫تريد وأنا فقط أُ ّ‬
‫وزع المفاتيح على الذين يعطونهم ولكن سأبذل جهدي‪.‬‬

‫أن أحد أصدقاء دراسته في‬ ‫ومرت األيام ولم يثمر ذلك الجهد عن أيّة نتيجة ملم ‪ .‬سمع سالم ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫" األحمديّة" أصبح مسؤوال مه ّما ‪ .‬ذهب لزيارته ‪ ،‬أخذ السكرتير يراوغه ‪ ،‬في يوم‬
‫المسؤول في أبو ظبي ‪ ،‬ويوم سافر ‪ ،‬ويوم عنده اجتماع حتّى كاد ييأس من مقابلته وعندما‬
‫المرات من عند السكرتير شاهد صاحبه المسؤول يدخل سلّم عليه‬ ‫ّ‬ ‫كان خارجاً في إحدى‬
‫رحب‬
‫قليال وبدا على وجهه الضيق ‪ّ .‬‬ ‫ً‬ ‫ودخل معه إلى مكتبه‪ .‬لم يتغيّر كثيراً ماعدا أنّه َسمِنَ‬
‫ً‬
‫قائال‪:‬‬ ‫به في البداية عندما عرفه ولكن عرف أنّه يطلب وظيفة في وزارته تنحنح‬
‫– إنّنا ال ّ‬
‫نوظف إال أصحاب المؤهالت ‪ ،‬ما هي شهادتك ؟‬

‫ماذا يقول لهذا الوجه الزجاجي ؟ شهاداتي ‪ ،‬ماهي شهاداته هو ؟ عندما تركت دبي كان‬
‫الكرسي ‪ ،‬إذن ال توجد وظيفة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يصيد السمك في الخور ولوال الحظ لما جلس على هذا‬
‫يحي المسؤول ‪ ،‬امتعض المسؤول واتّصل بالسكرتير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خرج دون أن‬
‫ّ‬
‫الموظفين‪.‬‬ ‫مرة قلت لكم أن تح ّولوا طالب الوظائف إلى قسم شؤون‬
‫– ألف ّ‬
‫– حاولت يا سيّدي أن أمنعه من الدخول ولكنه دخل معك ‪.‬‬

‫ال بيت ‪ ،‬ال عمل ‪ ،‬ثالثة شهور وهو عالة على عائلة ابن خالته ‪ ،‬الولد لم ينض ّم ألي ناد ‪،‬‬
‫تعرف على شلّة هوايتها الرئيسيّة شرب البيرة في بار " الحمراء" في الجميرا‪ .‬ابنته‬‫بل إنّه ّ‬
‫تفكر في (جاسم) ‪ ،‬إدخال األوالد إلى المدارس‬ ‫الحي ومازالت ّ‬
‫ّ‬ ‫تحب أحداً من شباب‬
‫ّ‬ ‫لم‬
‫كانت مشكلة كبرى مع الوزارة ‪ .‬زوجته الزبيريّة صاحبة الدعابات والروح المرحة تح ّولت‬
‫إلى وجه صامت حزين ‪ .‬لم يعد في استطاعته االحتمال‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫قرع سالم الباب ودخل بحياء وقف السيّد أبو علي وقد انفرجت أساريره وأخذ سالم باألحضان‪:‬‬
‫ً‬
‫أهال يا بو حمد وهللا اشتقنا لك ‪.‬‬ ‫–‬

‫سالم بارتباك وخجل ‪ :‬أنا وهللا اشتقت لكم‪.‬‬

‫– يا حيّا هللا من جاء ‪ ،‬هل رجعت مع العائلة ؟‬

‫نعم وأضاف بهدوء يا أبا علي أرجو أن تكلّم أخاك الحاج مبارك إنّني أريد جنسيّة كويتيّة ‪.‬‬
‫‪78‬‬ ‫محمد أحمد الم ّر‬

‫تبسم السيّد أبو علي وهو يربّت على كتف سالم‪:‬‬


‫ّ‬
‫– حاضرين ‪ ،‬حاضرين ‪ ،‬اعتبر األمر منتهياً‪.‬‬
‫المر ‪ ،‬جنسيّة ‪ :‬في مجموعة قصﺺ‪ :‬الفرصة األخيرة ‪ ،‬دار العودة ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫} محمد‬
‫بيروت ‪ ، 1978 ،‬ص ‪{ 87–81‬‬

‫أسئلة الفهم‪:‬‬
‫بماذا تميّز سالم على زمالئه في مدرسة " األحمديّة " ؟‬ ‫‪.1‬‬
‫اضطر سالم وزميله للعمل مع الحكومة البريطانيّة ؟ وماذا كانت وظيفته ؟‬
‫ّ‬ ‫لماذا‬ ‫‪.2‬‬
‫متى حصل سالم على بطاقة سفر بريطانيّة ؟ ولماذا اختار الكويت ؟‬ ‫‪.3‬‬
‫ً‬
‫كل االمتيازات في الكويت برغم أنّه ليس كويتيّا ؟‬‫كيف حصل سالم على ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫عندما كان سالم يتح ّدث إلى زوجته وأبنائه بشاعريّة عن بلده ‪ ،‬كيف كان موقفهم ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫أكملوا العبارات في العمود (أ) مع ما يناسبها من العمود (ب)‬


‫الﻌمﻮﺩ )ﺏ(‬ ‫الﻌمﻮﺩ )أ(‬
‫شارعاً مكتضاً بالسيّارات‬ ‫في عام ‪ّ ،1976‬‬
‫تذكر سالم طفولته‬ ‫‪.1‬‬
‫عندما شاهد خور دبي‬
‫األناشيد واألذكار الصوفيّة‬ ‫ذهبت كل محاوالت زوجته هبا ًء‬ ‫‪.2‬‬
‫إلقناعه بالعدول عن العودة‬
‫أن يحفظ أشعار ابن الفارض وعبد‬ ‫وجد مكان تلك الرمال التي كان‬ ‫‪.3‬‬
‫الرحيم البرعي‬ ‫يطارد عليها النوارس‬
‫ً‬
‫إلى دبي ألنه كان عصبيّا في ردوده‬ ‫كان سالم يقرأ مع زمالئه في بيت‬ ‫‪.4‬‬
‫شيخ الشندغة‬
‫في جريدة كويتيّة وبدأ يبكي‬ ‫يحب سالم ويعطف‬
‫ّ‬ ‫كان الشيخ‬ ‫‪.5‬‬
‫عليه وهو الذي أوصاه‬
‫محمد أحمد الم ّر‬ ‫‪79‬‬

‫أكملوا الفراغات التالية بالكلمة المناسبة‪:‬‬

‫مدرجاً‬
‫ّ‬ ‫أسارير‬ ‫المؤهالت‬ ‫هيّناً‬ ‫يحلق‬ ‫خالجت‬

‫ّ‬
‫وألن ابن الشيخ ترك الذكر ‪.‬‬ ‫________ الكآبة قلب سالم ّ‬
‫ألن شيخه مات‬ ‫‪.1‬‬
‫________ الهنود والباكستانيّون ذقونهم أمام أبواب بيوتهم ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫طلب المسؤول من صديقه ________ لكي يستطيع االلتحاق بوظيفة ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫عندما رجع سالم مع عائلته إلى الكويت انفرجت ________ أبي علي‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫الحكومة البريطانيّة أنشأت ________ للطائرات في ديره في نهاية األربعينات ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫تسوية الكثبان الرمليّة العالية لم تكن أمراً ________ ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫(✗))‬
‫✗)‬
‫(✓) وأمام العبارة الخاطئة عالمة ((✗‬
‫✗‬ ‫ضعوا أمام العبارة الصحيحة عالمة (✓)‬
‫)‬ ‫(‬ ‫في البداية لم يرد سالم الجنسيّة الكويتيّة ألنّه كان يكره الكويت‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫اضطر سالم وزمالؤه للعمل مع الحكومة البريطانيّة بسبب األزمة االقتصاديّة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ممال وكان مريحاً ج ّداً ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عمال‬ ‫صيد األسماك لم يكن‬ ‫‪.3‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫ً‬
‫مرة حرصا منه على هويّته اإلماراتية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫كان سالم يغيّر جوازه كل ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫)‬ ‫(‬ ‫استسلم سالم للظروف القهريّة وعاد للكويت وطلب الجنسيّة أخيراً‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫أسئلة للمناقشة‪:‬‬
‫‪ .1‬ما هو مفهوم المواطنة ؟ إلى أيّ مدى يمكن أن يخلﺺ اإلنسان للتربة التي ُولد فيها ؟‬
‫‪ .2‬هل ّ‬
‫كل الكويتيين كرماء كـأبي علي ؟ ما هي أسباب الكرم ؟‬

‫الترجمة‪:‬‬
‫ﺗرﺟمﻮا الﻔﻘرﺓ الﺘﺎلﻴﺔ ﺇلﻰ الﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ّﻳﺔ‪:‬‬
‫تز ّوج في الكويت فتاة من " الزبير " حمراء ممتلئة ‪ ،‬بنت أحد جيرانه ‪ ،‬أحاطته بالحنان‬
‫حب أبي علي له حصل على ّ‬
‫كل‬ ‫واالهتمام ‪ ،‬وأنجبت له ثالثة أوالد وبنتين‪ .‬بفضل ّ‬

You might also like