Professional Documents
Culture Documents
Document
Document
مقدمة
إن حماية المستهلك أصبحت مسألة ضرورية لما عرفته المعامالت اإلقتصادية والتكنولوجيات من تطور خاصة وأن المستهلك
يعتبر الحلقة األساسية في تحريك عجلة التنمية اإلقتصادية وذلك من خالل العقود التي يبرمها لسد حاجياته ،الشيء الذي لم
تعد الشريعة العامة قادرة على احتوائه ،لعلة أن فلسفة ق.ل.ع تقوم على مبدأ سلطان اإلرادة الذي يمنح لألطراف الحرية
الكاملة في التعاقد وتضمين عقودهم ما شاءوا من الشروط والبنود ،على اعتبار أنهم على نفس الدرجة من القوة والتجربة.
إذا كان المشرع قد وعى بأن فترة إصدار ق.ل.ع والظروف المحيطة به آنذاك لم يعد لها أساس متينا وحصن حصين لحماية
المستهلك فإنه سارع إلى إصدار قانون 31.08المتعلق بتدابير حماية المستهلك بدل االعتماد على نصوص متفرقة سواء في
القانون الجنائي ،القانون التجاري أو قانون االلتزامات والعقود ....
ومن هنا تتجلى أهمية الموضوع في المقاربة القانونية بين قواعد حماية المستهلك و المبادئ العامة لقانون االلتزامات
والعقود ،وذلك لظهور عقود جديدة ومستحدثة لم يكن لها وجود إبان إصدار قانون االلتزامات والعقود أسفرت عن وجود
طرفين أحدهما قوي له من اإلمكانيات ما يسمح بتطويع مفاصيل العقد لصالحه واآلخر ضعيف – المستهلك -ال حول وال قوة
له سوى قبول التعاقد أو العدول عن ذلك.
ومن هنا يمكن طرح إشكالية أساسية متجسدة في مدى تأثير قانون 08.31على قانون االلتزامات والعقود ؟
وهل النظريات العامة لق.ل.ع كفيلة بتحقيق التوازن العقدي بشكل من شأنه حماية المستهلك؟ أم أن هذه النظريات قاصرة عن
ذلك ؟
لمعالجة هذه اإلشكاليات وغيرها آثرنا أن نعتمد التقسيم التالي :
المبحث األول :تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة لإللتزامات والعقود
المبحث الثاني : :مدى حماية المستهلك من خالل احكام اإللتزامات على ضوء قانون 31.08وق .ل.ع
المبحث األول :تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة لإللتزامات والعقود
يتطلب الحديث عن حماية المستهلك في قانون االلتزامات والعقود البحث في نظرياته عن مدى استجابتها لحماية الطرف
الضعيف في العالقة التعاقدية وذلك ما سنعمل عليه من خالل التطرق في مطلب أول إلى -مبدأ سلطان اإلرادة بين ق ل ع
وحماية المستهلك -على أن نعرج في مطلب ثان للحديث عن تأثير قانون 31.08على عيوب اإلرادة.
إذا كان العقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني ،فهذا يعني أن أطرافه قد تفاوضت ،حول مضامينه مسبقا قبل
تضمينها فيه ،وهو ما يعني وجود نوع من التوازن العقدي بين أطرف العقد ،و هو ما نجد القضاء يسعى إلى تكريسه كلما
أتيحت له الفرصة فقد قررت محكمة االستئناف التجارية بفاس في قرار لها مايلي "العقد شريعة المتعاقدين و منه فإن كال
[]1
منهم ملزم ما تم االتفاق عليه في حدود التزام كال منهم تحت طائلة شروط العقد الجزائية" ،لكن التطورات االقتصادية و
التكنولوجية أبت إال أن تفرز لنا أطراف عالقة متفاوتة في المراكز القانونية ،طرف المستهلك غالبا ما يكون تحت رحمة
طرف القوي يملك السلطة و القدرة على تطويع مفاصيل العقود ،الشيء الذي يجعل الطرف الضعيف المقبل على التعاقد
مغلوب على أمره ،وهو ما يجعل من الحديث عن سموا مبدأ العقد شريعة المتعاقدين مجرد كلمات منقوشة على أوراق ال تجد
لها مكانا في الواقع العملي ،هذا كله جعل من ضرورة تدخل المشرع و لو على حساب مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
هذا التدخل جاء عبر عدة مقتضيات من خالل قانون حماية المستهلك حيث فرض مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها
العقد الشيء الذي جعل المبدأ األخير يتأثر وقد يصبح مستقبال يحمل تسمية العقد شريعة المتعاقدين تحت مراقبة المشرع.
إذا كان عموما مبدأ القوة الملزمة للعقد يعني العقد الذي أبرم بين طرفين يعتبر بمثابة قانون ينظم عالقتهما ،و بما أنه ال يجوز
التحلل من التزام يفرضه القانون فكذلك ال يجوز تحلل من التزام أنشأته إرادة حرة .
[]2
و هذه القوة الملزمة للعقد تمنع أي تدخل خارجي من أي شخص أخر غير األطراف ،بمن فيهم تدخل المشرع إلضافة التزام أو
إنقاصه ،واستنادا إلى ذلك فإن المستهلك متى أبرم عقدا للحصول على السلعة أو خدمة استهالكية معينة ،إنما يلتزم بذلك العقد
و بتنفيذه أيا كانت الظروف ،حتى ولو كانت السلعة أو الخدمة ال تفي بالغرض الذي يسعى إليه أو ال تفيده أصال.
و هو ما يجعنا نتساءل والوضعية هاته عن :كيف للمستهلك كفرد عادي غالبا ما ال يتوفر على القدرة الفنية والقانونية والوقت
الكافي للتفكير في جميع ما يبرمه من عقود وصفقات لالستهالك؟ أم يكن من االرحم به منحه حق العدول عن تنفيذ العقد في
حاالت معينة؟
هكذا ومن باب محاولة إعادة التوازن ألطراف العالقة العقدية تدخل المشرع عبر قانون حماية المستهلك مؤثرا على مبدأ القوة
و أقر له الحق في الرجوع كلما قدر أن الخدمة أو السلعة التي تعاقد من أجلها ال تفي بالغرض المطلوب.
[]3
الملزمة للعقد
بالرجوع إلى الفصل 228من ق ل ع نجده يقرر أن أثار العقد ال تنسحب إال على أطرافه بمعنى أن األطراف هم من ينتفعون أو
يضرون بآثار العقد و أن هذه اآلثار ال تضر وال تنفع الغير بشيء إال في الحاالت المذكورة في القانون ،وهو ما يجعل من العقد
يكون نسبي في تطبيق أثاره وال يمكن مواجهة األغيار بمقتضياته ،بيد أن طبيعة العملية االستهالكية عادة ما تحتمل وجود
أكثر من طرف مما يحول دون إمكانية تمديد أثر العقد إلى طرف أجنبي تطبيقا لمبدأ نسبية أثار العقد ،هذا القول أبان عن
خطورته وعجزه عن حماية بعض المتدخلين الذين لم يكونوا أطرافا في العقد المبرم .
فمثال لو اشترى زيد جهاز حاسوب من بائع (عمر) فقام أخ زيد باستعمال ذلك الحاسوب فتعرض هذا األخير لالنفجار بسبب
عيب فيه مما تسبب في أذى ألخ زيد و بالتالي لن يكون بمقدوره الرجوع على البائع على اعتبار أنه أجنبي عن العقد ،تطبيقا
للقواعد العامة .
كل هذا جعل المشرع يتدخل بمقتضيات أكثر حماية تجعلنا نقول أنها أثرت بالفعل على القواعد العامة ،لتجاوز عجزها هكذا نجد
المشرع عبر قانون 08-31يعرف في مادته الثانية المستهلك هو " كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل "...أي أن
المشرع وسع من نطاق حماية المستهلك سواء أكان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه تمردا على مبدأ نسبية أثار العقود.
و بناء عليه يعد هاجس توفير الحماية الضرورية للمستهلك هو ما دفع المشرع إلى سن مقتضيات تتكفل بتحقيق المبتغى ،إال
أنها أثرت بالملموس على المبادئ المقررة في القواعد العامة.
لما كان التراضي ركن من أركان العقد ،فقد خصه المشرع بتنظيم مفصل وذلك من خالل عيوب الرضا ،التي يجوز ألي متعاقد
شاب إرادته عيب من هذه العيوب أن يطالب بإبطال العقد ،وهذا ما يجعلنا نتساءل عن مدى تمسك المستهلك بعيوب الرضا
المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود لتحقيق التوازن العقدي؟
الفقرة األولى :مدى تأثير الغلط على حماية المستهلك
غني عن البيان أن الغلط هو وهم يصور للمتعاقد الواقع على غير حقيقته ،ويدفعه إلى التعاقد نتيجة لهذا التصور الخاطئ،
حيث أن المتعاقد ما كان ليتعاقد لو علم الحقيقة مسبقا أو أنه كان سيتعاقد وفق شروط أخرى غير التي تعاقد بها تحت تأثير
الغلط[.]4
فبالرجوع إلى ق.ل.ع نجده ينظم أحكام الغلط في الفصول 40إلى 45حيث أنه ال ينفذ العقد إذا وقع الغلط في ذات المتعاقد أو
في صفة من صفاته وكانت تلك الصفة السبب الوحيد أو الرئيسي في التعاقد[.]5
وأمام ظهور عقود حديثة شديدة التعقيد بل وصعبة على فهم ودراية الشخص العادي[ ،]6فإنه من السهل توقع ما يحصل بين
متعاقد مهني محترف وآخر عادي غير متخصص ،األول لديه من الخبرة ما يجعله قادر على تطويع مفاصيل العقد لصالحه،
والثاني الذي هو المستهلك ال يملك سوى القبول بشروط العقد أو العدول عن إبرامه .اإلشكال المطروح في هذا الصدد متجسد
في مدى إمكانية التمسك بالغلط لتحيق حماية المستهلك؟
في هذا اإلطار قرر القضاء الفرنسي موقفا متشددا في قبول الدفع بالغلط من قبل شخص محترف على أساس أنه يفترض فيه
قدر من الحرص لدى المحترف يدفعه إلى الحصول على المعلومات الضرورية التي تجنبه من الوقوع في الغلط ،أما إذا تعلق
األمر بالمستهلك غير المحترف فإن القضاء الفرنسي يبدي تساهال في القبول بالغلط خاصة في مجال عقود اإلذعان[.]7
وعليه يمكن القول أن الغلط كعيب من عيوب اإلرادة يبقى قاصرا عن حماية المستهلك ،وتأكيدا لذلك قضت محكمة التمييز
الفرنسية برفع إبطال عقد شراء جهاز تلفزيون وقع مشتريه في غلط متعلق بالدولة التي أنتج فيها الجهاز[.]8
وإذا كانت نظرية الغلط التي اعتد بها المشرع المغربي أبانت عن قصورها في حماية رضا المستهلك ،فإن قانون 31.08جاء
بمقتضى إيجابي يمكن القول معه أنه قادر على حماية المستهلك حيث نص الفصل 70منه على أنه "إذا أبرم في شأن الخدمة
بعد البيع عقد مستقل وجب على المورد أن يبين كتابة وبوضوح حقوق المستهلك" تجنبا لوقوعه في الغلط.
هكذا إذن يتبين أن نظرية الغط وفقا للقواعد العامة تظل محدودة وقاصرة على أن تكون وسيلة ناجعة في تحقيق حماية
المستهلك خاصة أنه يترتب على إعمال الغلط إبطال العقد في وقت يكون معه المستهلك محتاجا إلى التعاقد للحصول على السلع
والخدمات.
سنتعرض ألحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك والقواعد العامة (كمطلب أول) على أن نعالج في (مطلب ثان)
خصوصيات بعض االلتزامات في كل من قانون 31.08و ق .ل .ع .
سنقسم الحديث في هذا المطلب إلى فقرتين األولى سنخصصها لضمان العيوب الخفية و الثانية لضمان التعرض.
و ليكون العيب موجب لضمان وجب استجماعه لمجموعة من الضوابط التي تعد في مجملها :
-أن يكون خفي حسب الفصل 569من ق ل ع
-أن يكون مؤثرا حسب الفصل 549من ق ل ع سواء في القيمة أو المنفعة
-أن يكون قديما حسب الفصل 552من ق ل ع
هكذا و باستجماع العيب لشروط السالفة الذكر يحق لكل ذي مصلحة رفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بحقه وهذه الدعوى هي
التي ستأكد لنا تأثير مقتضيات قانون االستهالك على القواعد العامة ،فإذا كنا نعلم مسبقا أن البينة على المدعي هي قاعدة
أصلية في ق ل ع حسب الفصل 554من ق.ل.ع ،فإن قانون االستهالك جعل عبئ اإلثبات ملقى دائما على المورد سواء أكان
مدعي أو مدعى عليه وذلك إيمانا من المشرع أن القواعد العامة ال تشكل مالذا أمنا للمستهلك مما يؤكد بالملموس تأثير
مقتضيات قانون 08-31على القواعد العامة .
كما أننا نلمس تأثير أخر هذه المرة على مستوى أجال رفع الدعوى فإذا كانت القواعد العامة تحدد أجل 365يوم بالنسبة
للعقارات وأجل 30يوم للمنقوالت والحيوانات فإن المشرع تدخل عبر قانون االستهالك وقام برفع هذه اآلجال لتصبح سنتين
بالنسبة للعقار و سنة بالنسبة للمنقوالت الفصل 65من ق ح.م "ال يجوز االتفاق على تقصير اآلجال"...
و صفوة القول في هذه النقطة هو أن هاجس حماية مصلحة المستهلك كطرف ضعيف هي القاعدة التي جعلت المشرع ينص
على مثل هذه المقتضيات التي كان ثأتيرها بالغ األهمية على القواعد العامة .
إن ظهور عمليات التصنيع الحديثة وما ترتب عنها من بروز ونمو عقود اإلذعان ،أدت إلى جعل اختالل بارز بين أطراف
العقد ،فال يستطيع المستهلك أن يكون ندا للمهني ،وأمام قصور النظريات التقليدية لقانون االلتزامات والعقود عن توفير
الحماية الالزمة لهذا المستهلك تدخل المشرع عبر نصوص خاصة كقانون 31.08و 24.09ليقرر حقوقا للمشتري تعتبر من
صميم االلتزامات الملقاة على عاتق البائع ،كااللتزام باإلعالم (فقرة أولى) وااللتزام بالتحذير (فقرة ثانية).
بادئ ذي بدء يجب القول بأن االلتزام باإلعالم هو بيان وإباحة بأمور معينة حسب معاجم السلطة وهو في عقد البيع كشف
وإدالء بمعلومات تتعلق بالمبيع ،وتهم المتعاقد قبل إقدامه على التعاقد حتى يكون رضاه مستنيرا وواضحا[.]21
هكذا إذن فإن االلتزام باإلعالم مضمونه تنوير المستهلك حول المنتوج باعتباره شرطا ضروريا لتحقيق الشفافية في السوق
وما لذلك من أثر على السير العادي للمنافسة الحرة ،فااللتزام باإلعالم قد يكون سابق على إبرام العقد وهو ما يصطلح عليه
"بااللتزام قبل التعاقدي باإلعالم" كما قد يكون أثناء إبرام العقد.
وتجدر اإلشارة إلى أن هذا االلتزام تعرض له المشرع المدني من خالل أحكام البيع بشكل غير مباشر من خالل الفصل 556
ق.ل.ع الذي نص على أنه "إذا كان البائع يعلم عيوب المبيع أو يعلم خلوه من الصفات التي وعد بها ،أو لم يصرح بأنه يبيع
بغير ضمان ويفترض هذا العلم موجودا دائما إذا كان البائع تاجرا أو صانعا وباع منتجات الحرفة التي يباشرها".
وفي نفس المضمار ينص الفصل 82ق.ل.ع "من يعط عن حسن نية ....بيانات وهو يجهل عدم صحتها ال يتحمل أية مسؤولية
اتجاه الشخص الذي أعطيت له".
هكذا إذن يتبين أن المشرع المدني أشار إلى االلتزام باإلعالم بشكل غير مباشر بما ال يسعف من تحقيق الحماية الالزمة
للمستهلك ،إال أنه يمكن االستناد إلى الفصل 231ق.ل.ع من طرف القضاء واستخراجه منه وذلك بقراءة النص قراءة واسعة،
علما أن القضاء الفرنسي استند إلى الفصل 1135المقابل للفصل 231من ق.ل.ع وعمل على تفصيله واستخرج منه عدة
التزامات من بينها االلتزام باإلعالم وااللتزام بالتحذير.
ولئن كانت مقتضيات القانون المدني غير كفيلة بحماية المستهلك فإن المشرع المغربي جاء بقانون حرية األسعار والمنافسة
ونص من خالل الفصل 47و 52منه صراحة وبشكل مباشر على االلتزام بإعالم المستهلك.
ولم يقف المشرع عند هذا الحد وإنما قام بإلباس هذا اإلعالم ثوب اإلجبار من خالل قانون 31.08في القسم الثاني والثالث
منه[ ،] 22بحيث يلتزم بمقتضاه الطرف األكثر خبرة واألوفر علما بإمداد الطرف اآلخر قبل أو أثناء إبرام العقد بالمعلومات
والبيانات المتعلقة بهذا العقد.
وبعيدا عن تضارب اآلراء الفقهية حول طبيعة االلتزام باإلعالم فإنه يمكن القول أنه التزام فرضته حقائق واقعية ،أساسها
وعقيدتها وضعية المستهلك غير المتخصص الذي يكون في الغالب جاهال لمكونات المنتوج وخطورته أحيانا.
من خالل ما سبق يتضح أن االلتزام بإعالم المستهلك بكل ما يتعلق بالمنتوج المراد التعاقد بشأنه إنما جاء ليكون تكملة لعيوب
الرضا[ ]23وضمان المساواة في العلم بين المتعاقدين فضال عن تحقيق التوازن العقدي وذلك نتيجة ظهور عقود استهالكية
جديدة تنامت معها ظاهرة الشروط التعسفية.
هذا وإن كان االلتزام باإلعالم يجد أساسه في مبدأ حسن النية ( 231ق.ل.ع) وكذلك اعتباره من مستلزمات العقد ،فإن التشريع
المدني أشار إليه بطريقة محتشمة يبقى ضمنها المستهلك في وضعية ال تمكنه من الحماية الالزمة والتي ضمنتها له القوانين
الخاصة خاصة قانون 31.08و 24.09وغيرهما.
في هذا اإلطار نرى أن قواعد ق.ل.ع قاصرة في تقرير الحماية الالزمة للمستهلك مما جعل قانون حماية المستهلك يؤثر على
القواعد الشامخة لقانون االلتزامات والعقود رغم اعتباره الشريعة العامة وذلك عبر تعطيل النظريات الكالسيكية التي ال يمكنها
في ظل عالقة تعاقدية يتجاذبها طرفان ،أولها قوى قادر على تطويع مفاصيل العقد لصالحه واآلخر ال يملك سوى االنصياع
وقبول التعاقد بالشروط المفروضة عليه أو العدول عن ذلك مما سيؤثر ال محال على إشباع حاجياته الضرورية.
وهذا ما جعل المشرع المغربي يضيف التزاما آخر أكثر قوة من االلتزام باإلعالم على عاتق المهني اتجاه المستهلك ،يصطلح
عليه بااللتزام بالتحذير.
خاتمة
تأسيسا على ما تقدم ،يتضح بجالء أن المبادئ العامة لقانون االلتزامات والعقود يمكن الرجوع إليها كلما غاب نص قانوني
خاص باعتبارها شريعة عامة ،فإذا كانت عمومية مبدأ سلطان اإلرادة ،نظرية عيوب االرضا ،أحكام ضمان العيوب الخفية
والنظريات التقليدية األخرى تسمح بتوظيفها كأساس لحماية كل متعاقد ضعيف المركز القانوني أو االقتصادي أو الفني مثل
المستهلك ،فإن الجمود الذي يلفها يحول دون إمكانية مسايرة مقتضياتها للتطورات التعاقدية الجديدة ،مما حتم على المشرع
تجاوزها -ولو بشكل نسبي -من خالل صياغة مجموعة من النصوص القانونية التي عملت على التدرج في تعزيز حماية
المستهلك 1ليتوج هذا المسلسل التشريعي بمولود قانوني جديد خاص بالشريحة االستهالكية دون أن ننسى تدخل المشرع مرة
أخرى لتتميم قانون االلتزامات والعقود بالقانون 24.09المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات 2الهادف إلى تنظيم سالمة
المنتجات والخدمات المعروضة على المستهلكين في األسواق ،والذي بمقارنته مع فصول قانون االلتزامات والعقود يبدو غير
منسجم وإياها ،فكان من األحرى على المشرع إعادة النظر في قانون االلتزامات والعقود بجميع مقتضياته دون حشوه
بالتعديالت التي تجعل منه وحدة غير متناسقة مما قد يأثر على طبيعته كشريعة عامة.
ومع ذلك ،فإننا ال ننكر إسهام بعض مبادئ قانون االلتزامات والعقود في حماية المستهلك -ولو لم يقصد المشرع ذلك -مثل:
"اإلمهال القضائي" الذي قلص قانون 31.08من نطاقه بدل توسيعه ،وإمكانية مراجعة القاضي للتعويض االتفاقي إذا كان
مجحفا أو نتاج شرط تعسفي في حق المستهلك.
الئحة المراجع
قرار محكمة فاس التجارية ،عدد 26بتاريخ 6يناير 2005ملف عدد 04-548منشور في www.cacfes.maتاريخ
اإلطالع يوم 26/5/2015
[ ]1الفصل 230ق ل ع " التزاما التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقدم مقام القانون"....
[ ]1الفصل 49من ق ل ع " ...يجوز للمستهلك التراجع داخل أجل أقصاه 7أيام إبتداءا من تاريخ الطلبية أو االلتزام
بالشراء "....
[ - ]1عبد القادر العرعاري" ،مصادر االلتزامات – الكتاب األول – نظرية العقد" ،الطبعة الثالثة ،2013 ،دار األمان ،الرباط،
ص .139-138
[ - ]1الفصول 42 – 41 – 40ق.ل.ع.
[ - ]1منير قاسم صالح الحالني" ،حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة" ،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص،
.2013/2014
[ - ]1منير قاسم ،م س ،ص .34
[.Cass. Civ. 22 Nov 1977, RTD. Com 1979, P 310, obs hensrd - ]1
أورده منير قاسم ،ص .34
[ - ]1حكيمة بن مشيش" ،حماية المستهلك بالمغرب بين القواعد العامة والمستجدات" ،رسالة الماستر في القانون الخاص،
كلية الحقوق ،سال ،2011/2012 ،ص .59
[ - ]1نص الفصل 54ق.ل.ع على أنه" :أسباب اإلبطال المبنية على حالة المرض والحاالت األخرى المشابهة متروكة لتقدير
القضاة".
[ - ]1حكيمة بن مشيش ،م س ،ص .60
[ - ]1عبد الرزاق السنهوري" ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد" ،المجلد األول ،مصادر االلتزام ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،الجزء األول ،الطبعة ،3سنة ،1981ص .341
[- ]1
[- ]1
[ -]1محمد الشرقاني" ،النظرية العامة لاللتزامات (العقد)" ،مطبعة سجلماسة ،الزيتون ،2003 ،ص .120
[ -]1الفصل 52ق.ل.ع.
[ -]1الفصل 53ق.ل.ع.
[ -]1محمد الشرقاني ،م س ،ص .125
[]1محمد العروصي ،المختصر في بعض العقود المسماة عقد البيع و المقايضة و الكراء ،طبعة 2014مطبعة مرجان
الصفحة 200
[ ]1محمد العروصي :م س ص 187-186-185
[ - ]1محمد العروصي" ،االلتزام باإلعالم خالل مرحلة تكوين عقد البيع" ،الطبعة الثانية ،2012 ،مطبعة وراقة سجلماسة،
ص .21
[ -]1خصص قانون 31.08الباب األول من القسم الثاني لاللتزام العام باإلعالم من المادة 3إلى المادة ،11والباب الثاني من
المادة 12إلى 14خصصها لإلعالم بآجال التسليم ،ثم أفرد المواد 15إلى 20من القسم الثالث لحماية المستهلك من الشروط
التعسفية.
[ -]1الفحصي وفاء" ،إشكالية االلتزام باإلعالم في عقود االستهالك" ،رسالة الماستر في القانون الخاص،2008/2009 ،
ص
[ - ]1محمد العروصي ،م س ،ص .175
[ - ]1محمد العروصي ،م س ،ص .175
[ -]1المادة 3والمادة 21والمواد من 65إلى 70من قانون .31.08
[ -] 1زوبير أرزقى" ،حماية المستهلك في ظل المنافسة الحرة" ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،فرع المسؤولية
المهنية ،2011 ،ص .147
[ -]1محمد العروصي ،م س ،ص .175
الفهرس
مقدمة1...................................................................................
المبحث األول :تأثير قانون حماية المستهلك على القواعد العامة لإللتزامات
والعقود2.....................................................................................
المطلب األول :مبدأ سلطان اإلرادة بين ق ل ع وحماية المستهلك2...........
فقرة أولى:تأثير قانون 08-31على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين2...........
الفقرة الثانية :تأثير قانون 08-31على مبدأ القوة الملزمة للعقد3...........
الفقرة الثالثة :تأثير قانون 08-31على مبدأ النسبية أثار العقد4..............
المطلب الثاني :تأثير قانون 31.08على عيوب اإلرادة5............................
الفقرة األولى :الغلط وحماية المستهلك5...............................................
الفقرة الثانية :الغبن وحماية المستهلك6................................................
الفقرة الثالثة :مدى تأثير التدليس واإلكراه على حماية المستهلك8..................
المبحث الثاني :مدى حماية المستهلك من خالل أحكام اإللتزامات على مستوى قانون 3.108وق .ل.
ع10................................................
المطلب األول:أحكام الضمان بين قانون حماية المستهلك والقواعد العامة11..
الفقرة االولى :ضمان العيوب الخفية11.........................................
الفقرة الثانية :ضمان التعرض12................................................
المطلب الثاني :خصوصية االلتزامات وفق قانون 13....................31.08
الفقرة األولى :االلتزام باإلعالم14...................................................
الفقرة الثانية :االلتزام بالتحذير وحماية المستهلك16.............................
خاتمة 18............................................................................
[ ]1قرار محكمة فاس التجارية ،عدد 26بتاريخ 6يناير 2005ملف عدد 04-548منشور في www.cacfes.maتاريخ
اإلطالع يوم 26/5/2015
[ ]2الفصل 230ق ل ع " التزاما التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقدم مقام القانون"....
[ ]3الفصل 49من ق ل ع " ...يجوز للمستهلك التراجع داخل أجل أقصاه 7أيام إبتداءا من تاريخ الطلبية أو االلتزام
بالشراء "....
[ - ]4عبد القادر العرعاري" ،مصادر االلتزامات – الكتاب األول – نظرية العقد" ،الطبعة الثالثة ،2013 ،دار األمان ،الرباط،
ص .139-138
[ - ]5الفصول 42 – 41 – 40ق.ل.ع.
[ - ]6منير قاسم صالح الحالني" ،حماية المستهلك بين القوانين العامة والخاصة" ،أطروحة دكتوراه في القانون الخاص،
.2013/2014
[ - ]7منير قاسم ،م س ،ص .34
[.Cass. Civ. 22 Nov 1977, RTD. Com 1979, P 310, obs hensrd - ]8
أورده منير قاسم ،ص .34
[ - ]9حكيمة بن مشيش" ،حماية المستهلك بالمغرب بين القواعد العامة والمستجدات" ،رسالة الماستر في القانون الخاص،
كلية الحقوق ،سال ،2011/2012 ،ص .59
[ - ]10نص الفصل 54ق.ل.ع على أنه" :أسباب اإلبطال المبنية على حالة المرض والحاالت األخرى المشابهة متروكة
لتقدير القضاة".
[ - ]11حكيمة بن مشيش ،م س ،ص .60
[ - ]12عبد الرزاق السنهوري" ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد" ،المجلد األول ،مصادر االلتزام ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،الجزء األول ،الطبعة ،3سنة ،1981ص .341
[- ]13
[- ]14
[ -]15محمد الشرقاني" ،النظرية العامة لاللتزامات (العقد)" ،مطبعة سجلماسة ،الزيتون ،2003 ،ص .120
[ -]16الفصل 52ق.ل.ع.
[ -]17الفصل 53ق.ل.ع.
[ -]18محمد الشرقاني ،م س ،ص .125
[]19محمد العروصي ،المختصر في بعض العقود المسماة عقد البيع و المقايضة و الكراء ،طبعة 2014مطبعة مرجان
الصفحة 200
[ ]20محمد العروصي :م س ص 187-186-185
[ - ]21محمد العروصي" ،االلتزام باإلعالم خالل مرحلة تكوين عقد البيع" ،الطبعة الثانية ،2012 ،مطبعة وراقة سجلماسة،
ص .21
[ -]22خصص قانون 31.08الباب األول من القسم الثاني لاللتزام العام باإلعالم من المادة 3إلى المادة ،11والباب الثاني من
المادة 12إلى 14خصصها لإلعالم بآجال التسليم ،ثم أفرد المواد 15إلى 20من القسم الثالث لحماية المستهلك من الشروط
التعسفية.
[ -]23الفحصي وفاء" ،إشكالية االلتزام باإلعالم في عقود االستهالك" ،رسالة الماستر في القانون الخاص،2008/2009 ،
ص
[ - ]24محمد العروصي ،م س ،ص .175
[ - ]25محمد العروصي ،م س ،ص .175
[ -]26المادة 3والمادة 21والمواد من 65إلى 70من قانون .31.08
[ -] 27زوبير أرزقى" ،حماية المستهلك في ظل المنافسة الحرة" ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ،فرع المسؤولية
المهنية ،2011 ،ص .147
[ -]28محمد العروصي ،م س ،ص .175
Commentaires (0)
تعليق جديد
اشعاري عند وصول تعاليق جديدة
اقترح
Copyright © 2022
Marocdroit - Site Web Des Sciences Juridiques
Créer en Septembre 2009 par Dr Nabil Med Bouhmidi .. Date de Lancement: Avril 2010
الويب/ اصدار المحمول