You are on page 1of 120

‫وزارة التعميم العالي والبحث العممي‬

‫‪Ministry of High Education and Scientific Research‬‬


‫جامعة محمد البشير اإلبراهيمي – برج بوعريريج‪-‬‬
‫‪University of Mohamed el Bachir el Ibrahim‬‬
‫كمية الحقوق والعموم السياسية‬
‫‪Faculty of law and Political Sciences‬‬

‫مذكرة مقدمة الستكمال متطمبات شهادة ماستر مهني في الحقوق‬


‫تخصص‪ :‬قانون اإلعالم اآللي واإلنترنت‬
‫الموسومة بـ‪:‬‬

‫جريمة النصب في قانون األعمال‬

‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطمبة‪:‬‬


‫حمزة عثماني‬ ‫‪ ‬كحول ياسين‬
‫‪ ‬مداني نصير‬
‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫االسم والمقب‬
‫رئيسا‬ ‫أستاذ محاضر – أ ‪-‬‬ ‫د‪ /‬لخضر رفاف‬
‫مشرفا‬ ‫أستاذ محاضر – أ ‪-‬‬ ‫د‪ /‬عثماني حمزة‬
‫ممتحنا‬ ‫أستاذ محاضر – ب‪-‬‬ ‫د‪ /‬رفيق زاوي‬

‫السنة الجامعية ‪2022 /2021‬‬


‫شكر و عرف ان‬
‫قال هللا تعالى‪ ( :‬لئن شكرتم ألزيدنكم ) سورة ابراهيم االية ‪.7‬‬

‫الشكر األول و األخير هلل الواحد القهار‪ ،‬الذي يكور الليل على النه ار‪ ،‬تذك رة‬
‫لذوي الق لوب و األظف ار و الصالة و السالم على سيدنا المختار‪ ،‬ف الحمد هلل حمدا‬
‫تتم به الصالح ات على توفيقه لنا و إمدادنا بالعون و تيسير سبيل آراء هذا‬
‫العمل المتواضع‪ ،‬و وقوف ا عند قوله صلى اهلل عليه و سلم‪'' :‬من لم يشكر الناس‬
‫لم يشكر اهلل '' و إذا كان للمرء أن يذكر لكل ذي فضل فضله‪ ،‬ف إننا نتوجه‬
‫مقرة بالشكر و العرف ان و خالص التقدير و االحترام لل دكت ور ال ذي أش رف‬
‫على ه ذا العم ل "‬
‫" حمزة عثماني"‬
‫الذي لم يبخل علينا بالتوجيهات و الرأي السديد‪ ،‬فكان العماد و األساس لهذا‬
‫الجهد المتواضع‪.‬‬
‫إلى من ال ًمكن للكلمات أن ثىفي حقهما وال أرقام أن ثحص ى فضائلهما‬

‫أبي وأمي أطال هللا عمزهما في طاعحه‪.‬‬

‫إلى إخىجي وأخىاجي‬

‫حفظهم هللا‬

‫إلى رفقاء الدرب‬

‫ياسين‬
‫بعد بسم هللا والصالة والسالم على أفضل خلق هللا‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫وبعد الثناء والحمد هلل ‪,‬‬
‫أهدي ثمزة عملي هذا إلى من سهز على ثزبيتي‬
‫أبي وأمي‬
‫وإلى أخىاجي‬
‫وإلى عائلتي الصغيرة‬
‫سوجتي الغالية‬
‫وأبنائي األعشاء حفظهم هللا جعالى‬
‫أطال هللا في عمزهما‪.‬‬
‫وإلى أصدقاء دربي األعشاء‬

‫نصير‬
‫مقدمة‬
‫ممذمت‪.........................................................................................................‬‬
‫ممذمت ‪:‬‬

‫لقد لحؽ بجريمة النصب تطور كبير و ىائؿ مع تطور العصر و لـ تعد ترتكز عمى‬
‫اتباع الوسائؿ التقميدية الرتكابيا ‪ ,‬و تطورت مع مرور الزمف و اتخذت عدة صور و تنوعت‬
‫أساليب النصابيف و وسائميـ اإلحتيالية و تطورت مع التطور التكنولوجي و خاصة مع‬
‫ظيور االعالـ اآللي و الشبكات االعالمية و األنترنات التي عصرنت الوسائؿ التدليسية‬
‫المستعممة حيث أصبح مف الصعب عمي األشخاص العادييف اكتشافيا بسيولة و تفادي‬
‫الوقوع فييا خاصة في عمميات البنوؾ و البيع و الشراء عف طريؽ االنترنيت و اشتيرت في‬
‫اآلونة االخيرة ىده الظاىرة و تفشت في الدوؿ الغربية حيث سيمت الوسائؿ الحديثة عمى‬
‫المحتاليف ارتكاب جرائميـ بسيولة دوف ترؾ اي أثر أو دليؿ و ىنا ما يصعب مف العمؿ‬
‫القضائي آلنو مف الصعب العثور عمى ىوية الجناة‪.‬‬

‫إف ىذه التحوالت المرتبطة أساسا بالحوافز الفردية المتعطشة لتحقيؽ األرباح بكؿ‬
‫الوسائؿ المشروعة وغير المشروعة والمقترنة بالتطور التكنولوجي اليائؿ‪ ،‬كاف البد وأف يدفع‬
‫الجزائر إلى التكيؼ معيا وذلؾ بمراجعة نظاميا التشريعي خاصة القانوف التجاري والجنائي‪،‬‬
‫فاألوؿ غايتو تنظيـ ممارسة النشاط االقتصادي‪ ،‬والثاني ىدفو محاربة كؿ ما مف شأنو‬
‫المساس بمبادئ التعامؿ التجاري واالقتصادي كاستعماؿ الغش أو التدليس أو االحتياؿ أو‬
‫العبث بثقة المواطنيف باإلضافة إلى التحوالت التي يشيدىا العالـ عمى أكثر مف مستوى وما‬
‫ليا مف تأثير عمى اقتصاديات الدوؿ‪ ،‬دور الشركات المتعددة الجنسيات كأقطاب اقتصادية‬
‫وتجارية تنافسية وتداوليا لرؤوس أمواؿ ضخمة‪.‬‬

‫شرع الجزائر بتبني سياسة اقتصادية براغماتية وأكثر مقاربة بمحيطيا الدولي ولعؿ‬
‫أبرزىا سياسة الخوصصة وفتح مجاؿ االستثمار سواء أكاف وطنيا أو أجنبيا كؿ ذلؾ رافقو‬
‫نظاـ اقتصادي يتسـ بالمرونة والسرعة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ممذمت‪.........................................................................................................‬‬

‫في ظؿ ىذه التحوالت عمى المستوى الدولي والوطني بدأت الجزائر تعتنؽ سياسة‬
‫جنائية خاصة تضمف السير الحسف القطاعات النشاط المختمفة التجارية والصناعية والبنكية‪،‬‬
‫وفي ىذا اإلطار أعيد النظر في العديد مف النصوص الجنائية‪ ،‬كجرائـ االختالس والرشوة‬
‫والصفقات العمومية بموجب القانوف رقـ ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ 12006‬المتعمؽ‬
‫بالوقاية مف الفساد ومكافحتو‪ ،‬وكذا مسؤولية األشخاص االعتبارية بموجب القانوف رقـ ‪-06‬‬
‫‪ 23‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ ،20062‬خاصة وأف الجزائر دخمت عالـ المنافسة مف خالؿ‬
‫اعتماد نظاـ السوؽ المفتوحة‪.‬‬

‫إف انتياج ىذه السياسة سببو تنوع الجرائـ الماسة بالحقوؽ المالية والتي تيدد سالمة‬
‫اال قتصاد الوطني والتي يعود سببيا لتوسع المعامالت و تنوع المصالح لدى األشخاص‬
‫الطبيعية و المعنوية‪ ،‬والتي عرفت تطورات وتغيرات باتخاذىا أشكاال مختمفة‪.‬‬

‫ويعتبر القانوف الجنائي لألعماؿ فرع مستحدث مف العموـ الجنائية‪ ،‬وىو المصطمح‬
‫الذي يطمؽ عمى الجرائـ التي تمس اقتصاد الدولة بشكؿ مباشر أو غير مباشر‪ ،‬وىو ما‬
‫تضمنو قانوف العقوبات أو القوانيف الخاصة مثؿ قانوف المنافسة‪ ،‬قانوف الجمارؾ‪ ،‬والقانوف‬
‫التجاري ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫ومف بيف الجرائـ األكثر خطورة والتي تمس الحقوؽ المالية لممتعامؿ ىي جريمة‬
‫النصب‪ ،‬بما تحممو مف تغيير و تزييؼ لمحقيقة ألنيا تقوـ عمى الكذب والغش والخداع‪ ،‬شرط‬
‫قياميا استعماؿ الجاني الوسائؿ االحتيالية أقواؿ كانت أو أفعاؿ لحمؿ المجني عميو عمى‬
‫الغمط‪ ،‬ومف ثـ التصديؽ وتسميـ مالو لممحتاؿ‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 60-60‬ادلؤرخ يف ‪ 06‬فرباير ‪ 0660‬ادلتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحتو‪ ،‬اجلريدة الرمسية رقم ‪ 01‬ادلؤرخ يف ‪ 60‬مارس ‪.0660‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم ‪ 02-60‬ادلؤرخ يف ‪06‬ديسمرب ‪ 0600‬العدل وادلتمم لألمر رقم ‪ 050-00‬ادلتعلق قانون العقوبات اجلزائري‪ ،‬اجلريدة الرمسية رقم‬
‫‪ 01‬ادلؤرخة يف ‪ 01‬ديسمرب ‪.0660‬‬

‫‪2‬‬
‫ممذمت‪.........................................................................................................‬‬

‫لقد تطرؽ المشرع الجزائري لجريمة النصب في المادة ‪ 372‬وما بعدىا مف قانوف‬
‫العقوبات الجزائري‪ .‬وبالرجوع لنص المادة السالفة الذكر فإف المشرع الجزائري حصر الوسائؿ‬
‫االحتيالية التي يستعمميا الجاني لخداع المجني عميو‪ ،‬في اتخاد أسماء أو صفات كاذبة أو‬
‫استعماؿ سمطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي أو أحداث األمؿ بالفوز بأي شيء أو في وقوع‬
‫حادث أو أية واقعة أخرى وىمية أو الخشية مف وقوع شيء ‪."...‬‬

‫إف أىمية البحث تظير مف خالؿ دراسة أحد مواضيع القانوف الجنائي لألعماؿ‪ ،‬بتبياف‬
‫مدى جسامة أو جريمة النصب عمى االقتصاد الوطني واالستثمارات األجنبية‪ ،‬خاصة وأف‬
‫الجزائر بصدد االنفتاح اقتصادي مع األسواؽ الخارجية‪ ،‬وىو أمر ال مفر منو في ظؿ‬
‫سياسة العولمة وما تبعيا مف تحرير التجارة العالمية وبالتالي تدويؿ لالقتصاديات الوطنية‪.‬‬

‫مف ىنا ارتأينا معالجة موضوع النصب واالحتياؿ في ظؿ التشريع الجزائري ومدى‬
‫استيع ابو لما أفرزتو التغيرات االقتصادية مف سموكات وتصرفات احتيالية جديدة وتأثيراتيا‬
‫عمى المعامالت التجارية التي تقوـ عمى أساس مبدأي السرعة واالئتماف‪.‬‬

‫وعميو نطرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫هل وفق المشرع الجزائري في تكريس اآلليات الحمائية لمحد من جريمة النصب‬
‫ومتابعة مرتكبيها حماية لمحقوق وحفاضا عمى استقرار المعامالت؟‬

‫حيث تتفرع عف اإلشكاليات الرئيسية عديد اإلشكاالت الفرعية‪ ،‬نذكر منيا‪:‬‬

‫‪ -‬ما المقصود مف جريمة النصب ؟ و كيؼ تميز عف الجرائـ المشابية ليا ؟‬

‫‪ -‬ما ىي اركانيا ؟‬

‫‪ -‬ما ىي عقوباتيا و كيؼ تطبؽ ؟‬

‫‪ -‬ماىي االثار التي تنجـ عنيا ؟‬


‫‪3‬‬
‫ممذمت‪.........................................................................................................‬‬

‫‪ -‬ماىي اساليب و طرؽ مكافحتيا ؟‬

‫أهداف البحث ‪:‬‬

‫الغرض مف اختيار ىذا الموضوع ىو محاولة الوصوؿ الى االىداؼ التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬معرفة الجريمة و أركانيا ‪.‬‬

‫‪ -‬معرفة االثار التي تنجـ عف جريمة النصب وكيفية التخمص منيا ‪.‬‬

‫‪ -‬التحكـ في ىذه الظاىرة لتفادي وقوعيا في المستقبؿ ‪.‬‬

‫المنهج المتبع ‪:‬‬

‫حتي نتمكف مف االجابة عمى اسئمة البحث و دراسة االشكالية المطروحة و تحميؿ‬
‫ابعادىا و محاولة اثبات صحة الفرضيات المتبناة اخترنا المنيج الوصفي الذي يناسب نوع‬
‫الدراسة التي نقوـ بيا إذ ساعدنا في عرض جميع المعمومات ‪.‬‬

‫دواعي اختيار الموضوع ‪:‬‬

‫إف الدوافع التي أدت بنا الختيار موضوع البحث تنحصر فيما يمي ‪:‬‬

‫‪ -‬المعرفة الحقيقية لمجريمة بصفة عامة و جريمة النصب بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ -‬معرفة االثار و المخاطر التي تسببيا مف جميع النواحي ‪.‬‬

‫‪ -‬تحوؿ اقتصاد ككؿ الى اقتصاد الجريمة المبني عمي عنصر المخاطرة ‪.‬‬

‫‪ -‬رغبة م نا في تدعيـ معموماتنا عف ىذا القسـ باعتبار اننا بتخصص قانوف اعماؿ و‬
‫التعرؼ اكثر عمى خبايا و واقع العمؿ االجرامي ‪.‬‬

‫و عميو وضعنا الخطة التالية ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫ممذمت‪.........................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاىيمي لجريمة النصب‬

‫المبحث األول‪ :‬ماىية جريمة النصب وتمييزىا عف غيرىا مف الجرائـ الشبيية بيا‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركاف جريمة النصب‪.‬‬

‫الفصل الثاني جزاء جريمة النصب والتعويض عنيا‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الجزاءات المطبقة عمى جريمة النصب‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الظروؼ المشددة لجريمة النصب والتعويض عف ذلؾ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‬
‫اإلطار المفاهيمي لجريمة‬
‫النصب‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي لجر يمت ال نص ب‬

‫إن جرمية النصب واالحتيال عادة ما تساىم يف إرباك احلياة االقتصادية‪ ،‬كغريىا من جرائم األموال األخرى التهرب‬
‫الضرييب‪ ،‬السرقة‪ ،‬االختالس‪ ،‬التزوير والرشوة ‪ ...‬إخل‪ ،‬إن تأثريىا يكون بصورة مباشرة عندما تقع على البنوك‬
‫وشركات القطاعني العام واخلاص‪ ،‬وبصفة غري مباشرة إذا ما وقعت على الفرد باعتباره أحد مصادر الدخل‬
‫القومي‪.‬‬

‫مل يكن ذلذه اجلرمية أثر واضح وملموس يف ادلاضي‪ ،‬عندما كانت ال تتعدى حدوثها أفراد أو رؤوس أموال حماودة‬
‫إىل أثار ذات هتديد مؤثر لالقتصاد يف ظل سياسة االنفتاح‪ 1‬كما أهنا مل تكن جرمية معروفة يف التشريعات القدمية‪،‬‬
‫ذلك أهنا مل تكن ختتلف عن جرمية السرقة والتزوير إال يف القانون احلديث‪.‬‬

‫حيث سنتطرؽ في ىذا الفصؿ إلى مفيوـ جريمة النصب‪ ،‬وتطورىا التاريخي‪ ،‬كما‬
‫سنتعرؼ عمى أركاف ىذه الجريمة‪.‬‬

‫‪ -1‬أمحد بسيوين أبو الروس‪ ،‬جرائم النصب‪ ،‬دار ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬أمام كلية احلقوق‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،0800‬ص ‪.203‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية جريمة النصب وتمييزها عن غيرها من الجرائم الشبيهة‬


‫بها‬
‫تعتبر جريمة النصب مف الجرائـ الدولية المنظمة‪ ،‬حيث تقوـ ىذه الجريمة بارتكاب‬

‫أفعاليا في عدة دوؿ مستفيدة مف اإلنفتاح اإلقتصادى‪ ،‬اإلجتماعي‪ ،‬السياسي‪ ،‬مسخرة في‬

‫ذلؾ تطورات تكنولوجيا حديثة لخدمة مآربيا اإلجرامية‪ .‬وىذا ما سنتطرؽ إليو في ىذا الفصؿ‬

‫لمتعرؼ عمى الجريمة وأركانيا‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهىم جريمت النصب وتطىرها التاريخي‬


‫الفرع االول‪ :‬تؼريف جريمت النصب‬
‫بالرغـ مف اف جريمة النصب مف أىـ الجرائـ التي يعاقب عمييا القانوف الجزائي إال‬
‫اف جؿ التشريعات المقارنة لـ تعرفيا ‪ ،‬وىذا لـ يمنعيا مف تجريـ الكذب أو تغيير الحقيقة‬
‫التي تقوـ عمييما جريمة النصب ايف يمجأ فييا الجاني إلى أساليب ووسائؿ إحتيالية توقع‬
‫المجني عميو في غمط يدفعو إلى أف يسمـ ما يممكو لمجاني طواعية واختيا ار دوف مقاومة‪،‬‬
‫وغالبا ما يكوف لممجني عميو دور فييا كأف يكوف طمعو ىو الذي جعمو يقع ضحية لمجاني‪،‬‬
‫أو أف سذاجتو جعمتو فريسة سيمة أماـ الجاني األمر الذي يدفعو إلى عدـ اإلبالغ عنيا‪ .‬لـ‬
‫يعرؼ المشرع الجزائري شأنو شأف التشريعات المقارنة جريمة النصب تاركا المجاؿ لمفقو ‪.‬‬

‫يعرفيا بعض الفقياء ومنيـ االستاذ ابراىيـ حامد طنطاوي بأنيا " اإلستيالء عمى‬
‫ماؿ الغير بطريؽ الحيمة بنية التممؾ "‪ ،‬أو ىي اإلستيالء عمى ماؿ منقوؿ ممموؾ لمغير‪،‬‬
‫بناء عمى اإلحتياؿ بنية تممكو‪ ،‬والشخص الذي يمارس ذلؾ يسمى النصاب أو المحتاؿ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التطور التاريخي لجريمة النصب‪.‬‬


‫لـ تكف جريمة النصب معروفة في التشريعات القديمة ولقد كانت في القانوف الروماني‬

‫صورة مف صور جريمة سمب ماؿ الغير مف بينيا السرقة وخيانة األمانة‪.‬‬

‫لـ تبرز جريمة النصب بذاتيا إال بعد قياـ الثورة الفرنسية فكانت قبؿ ذلؾ في ظؿ‬

‫القانوف الروماني والقانوف اخ‪àà‬لفرنسي تكيؼ تارة عمى أنيا سرقة او خيانة امانة وتارة‬

‫أخرى عمى تزوير‪ ،‬فكاف يعاقب عمى استعماؿ أسماء أو صفات كاذبة عمى أساس جريمة‬

‫التزوير‪.‬‬

‫بعدىا أصبحت جريمة مستقمة بذاتيا عف غيرىا مف الجرائـ الشبيية بيا ووضع ليا‬

‫نص خاص في التشريع سنة ‪ 1791‬التي أتت بو الثورة الفرنسية ‪ ،‬ثـ في تشريع ‪1810‬‬

‫بموجب نص المادة ‪ 405‬منو تضمف العقاب عمييا بوصفيا جريمة قائمة بذاتيا ليا‬

‫خصائص ومميزات تميزىا عف جريمة السرقة والتزوير وخيانة األمانة‪.‬‬

‫واستعمؿ ألوؿ مرة مصطمح النصب في نص المادة ‪ 405‬مف قانوف العقوبات الفرنسي‬

‫تحت لفظ الطرؽ االحتيالية بدال مف لفظ التدليس وحدد ماىية األفعاؿ المكونة لمنصب‬

‫والمتمثمة في استعماؿ أسماء أو صفات كاذبة أو وسائؿ التدليس واالحتياؿ‪.‬‬

‫بتاريخ ‪ 08‬أوت ‪ 1935‬أضيفت فقرة إضافية لتمؾ المادة بموجب مرسوـ تشريعي نص‬

‫فييا عمى الظروؼ المشددة لجريمة النصب والمتمثمة في ارتكاب النصب في مواجية‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫الجميور وأضاؼ إلى جانب ذلؾ العقوبات التكميمية والمتمثمة في الحرماف مف الحقوؽ‬

‫الوطنية كميا أو بعضيا والمنع مف اإلقامة وىي عقوبات جوازية‪.‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬خصائص جريمت النصب‬


‫تعتبر جريمة النصب إعتداء عمى حرية اإلرادة أي تصيب إرادة المجنى عميو بعيب‬
‫الرضا أو حتى تعدمو في بعض االحياف ‪ ،‬وىي أيضا جريمة عمدية مقصودة تتطمب‬
‫قصدا جنائيا عاما يتمثؿ في العمـ بكافة عناصر الجريمة واتجاه إرادة الجاني لتحقيؽ‬
‫الجريمة‪ ،‬وقصدا جنائيا خاصا يتمثؿ في نية تممؾ الشيء محؿ الجريمة‪ ،‬وعميو يمكف‬
‫استخالص جريمة النصب في ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬جريمة النصب جريمة ذات سموك ايجابي‪.‬‬

‫النصب جريمة إيجابية تتضمف فعال إيجابيا صاد ار مف المحتاؿ مخالؼ لمقانوف الذي‬
‫يعاقب عميو و يتمثؿ في إستعماؿ طرؽ إحتيالية أو إتخاذ إسـ كاذب أو صفة كاذبة مف‬
‫أجؿ سمب ماؿ الضحية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة النصب جريمة مادية‪.‬‬

‫جريمة النصب مف الجرائـ المادية التي يتطمب المشرع فييا تحقؽ نتيجة معينة‬
‫والمتمثمة في سمب ماؿ الضحية وىو ما عبر عنو المشرع في نص المادة ‪ 372‬مف قانوف‬
‫العقوبات الجزائري"‪ ...‬أف يستولي الجاني عمى أمواؿ أو منقوالت أو سندات أو تصرفات أو‬
‫أوراؽ مالية أو وعود أو مخالصات أو إبراء مف التزامات أو يسعى إلى الحصوؿ عمى أي‬
‫منيا‪."...‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة النصب جريمة مركبة‪.‬‬

‫وىذا مف حيث النشاط االجرامي السيما اف الركف المادي ليا يمكف اف يتضمف مف‬
‫جية عدة عناصر ووسائؿ احتيالية يستعمميا الجاني ومف جية ثانية االستيالء عمى ماؿ‬
‫الضحية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬جريمة النصب جريمة وقتية من حيث الزمان‪.‬‬

‫أي تماـ تنفيذىا ال يمتد عبر الزمف فبمجرد تسمـ الجاني لماؿ الضحية وتحقؽ‬
‫النتيجة المرجوة مف الجاني تتـ الجريمة‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تمييز جريمة النصب عن الجرائم المشابهة بها‪.‬‬


‫تتشابو جريمة النصب واالحتياؿ مع عديد الجرائـ حيث سنحاوؿ التعرؼ والتفريؽ بيف كؿ‬
‫مف جرائـ النصب والجرائـ المشابية ليا‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تميز جريمت النصب ػن جريمت خيانت االمانت‪.‬‬


‫تشترؾ جريمة النصب مع جريمة خيانة األمانة في كونيما مف جرائـ االعتداء عمى‬

‫األمواؿ‪ ،‬واف الجاني يتسمـ الماؿ مف المجني عميو برضاه في كمييما ‪،‬إال أنيما يختمفاف مف‬

‫حيث سبب التسمـ وغايتو‪ ،‬فالتسميـ في جريمة خيانة األمانة يتـ بموجب عقد مف عقود‬

‫االئتماف المنصوص عمييا في نص المادة ‪ 376‬مف قانوف العقوبات وبناء عمى اإلرادة‬

‫الصحيحة والسميمة لممجني عميو والتي ال يشوبيا أي عيب مف عيوب الرضا‪ ،‬عمى عكس‬

‫ارادة المجني عميو في جريمة النصب التي تكوف مشوبة بعيب الغمط ‪.‬‬

‫إلى جانب ذلؾ فإف في جريمة خيانة األمانة فإف الجاني ينتيؾ الثقة التي وضعيا فيو‬

‫المجني عميو الذي نقؿ إليو حيازة الماؿ لمحفاظ عميو بمجرد تسممو لمماؿ‪ ،‬بالتالي فالتسميـ‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫في جريمة خيانة األمانة بنقؿ الحيازة دوف الممكية عمى خالؼ ما ىو عميو الشأف في‬

‫جريمة النصب فإف االعتداء يكوف عمى الممكية دوف الحيازة التي ينقميا المجني عميو لمجاني‬

‫بتسميمو لمماؿ‪.‬‬

‫كما اف التسميـ في جريمة النصب عنصر جوىري في الركف المادي المكوف ليا وال‬

‫تتـ الجريمة اال بو بتحقؽ النتيجة التي كاف يقصدىا الجاني ‪ ،‬عمى خالؼ التمسيـ في‬

‫جريمة خيانة االمانة التي تعتبر شرطا سابقا لقياميا ‪.‬‬

‫وسبب التسميـ في جريمة الن صب ىو وسائؿ االحتياؿ التي استعمميا الجاني ‪ ،‬اما‬

‫سبب التسميـ في جريمة خيانة االمانة ىي الثقة القائمة بيف الجاني والمجني عميو ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تميز جريمت النصب ػن جريمت الضرلت‬


‫طبقا لنص المادة ‪ 350‬مف قانوف العقوبات جريمة السرقة تتحقؽ بنزع الشيء مف‬

‫حيازة المجني عميو ونقمو إلى حيازة الجاني دوف عمـ ورضا المجني عميو وىذا بعد بذؿ‬

‫جيد جسماني عكس جريمة النصب فإف الفاعؿ يتمقى الشيء مف المجني عميو بإرادتو‬

‫المعيبة بعيب الغمط بعد بذؿ جيد معنوي إلقناع الضحية واإليقاع بو مف اجؿ تسميمو‬

‫لمماؿ‪.‬‬

‫كما اف السرقة ال تقع إال عمى ماؿ منقوؿ مادي ‪ ،‬بينما في جريمة النصب ال‬

‫يقتصر االمر عمى االشياء المادية فقط بؿ يشمؿ ايضا ابراـ التصرفات القانونية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أركان جريمة النصب‬


‫كغيرىا مف الجرائـ البد لقياـ جريمة النصب البد مف توافر أركاف الجريمة لقياـ‬
‫الجريمة‪ ،‬ممثمة ىذه األركاف في كؿ مف الركف المادي وكذا الركف المعنوي‪ ،‬ناىيؾ عف‬
‫الركف الشرعي‪ ،‬حيث سنتعرض ألركاف جريمة النصب‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الركن المادي لجريمت النصب‬


‫حدد المشرع الجزائري العناصر المكونة لجريمة النصب في نص المادة ‪ 372‬مف‬
‫قانوف العقوبات الجزائري التي نصت عمى مايمي‪ ":‬كؿ مف توصؿ إلى إستيالـ أو تمقي أمواال‬
‫أو منقوالت أو سندات أو تصرفات أو أوراؽ مالية أو وعود أو مخالصات أو إبراء مف‬
‫التزامات أو إلى الحصوؿ عمى أي منيا أو شرع في ذلؾ و كاف ذلؾ باإلحتياؿ لسمب كؿ‬
‫ثروة الغير أو بعضيا أو الشروع فيو إما باستعماؿ أسماء أو صفات كاذبة أو سمطة خيالية‬
‫او إعتماد مالي خيالي أو بإحداث األمؿ بالفوز بأي شيء‪ ،‬أو في وقوع حادث أو أية واقعة‬
‫أخرى وىمية أو الخشية مف وقوع أي شيء منيا يعاقب بالحبس مف سنة عمى األقؿ إلى‬
‫خمس سنوات عمى األكثر وبغرامة مف مف ‪20.0001‬ج إلى ‪100.000‬دج‪.‬‬

‫و إذا وقعت الجنحة مف شخص لجأ إلى الجميور بقصد إصدار أسيـ أو سندات أو‬
‫أذونات أو حصص أو أية سندات مالية سواء لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية‬
‫‪1‬‬
‫فيجوز أف تصؿ مدة الحبس إلى عشر سنوات والغ ارمة إلى ‪ 400.000‬دج "‬

‫لقد انتقد األستاذ أحسف بوسقيعة نص المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري بأنو‬
‫جاء مبتو ار وال يؤدي المعنى المتوخى حسب ما يتبيف مف نص صياغتو الفرنسية‪ ،‬فالنص‬
‫العربي تنقصو عبارة "المناورات االحتيالية " أما الصياغة السميمة فيي كاآلتي‪:‬‬

‫‪1‬ورد نص المادة ‪ 372‬الخاص بجريمة النصب في الباب الثاني ‪ ،‬الفصؿ الثالث ‪ ،‬القسـ الثاني مف قانوف العقوبات‬
‫الجزائري ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫" كؿ مف توصؿ إلى استالـ أو تمقي أمواال أو منقوالت أو سندات أو تصرفات أو‬
‫أوراؽ مالية أو وعود أو مخالصات أو إبراء مف التزامات أو إلى الحصوؿ عمى أي منيا أو‬
‫شرع في ذلؾ و كاف ذلؾ باالحتياؿ لسمب كؿ ثروة الغير أو بعضيا أو الشروع فيو إما‬
‫باستعماؿ أسماء أو صفات كاذبة واما باستعماؿ مناورات احتيالية إليياـ الغير بوجود سمطة‬
‫‪1‬‬
‫خيالية أو اعتماد مالي خيالي ‪" ...‬‬

‫بينما نجد المشرع الفرنسي قد تطرؽ لجريمة النصب في نص المادة ‪ 1-313‬مف‬


‫قانوف العقوبات الفرنسي الجديد بقولو‪" :‬النصب ىو الفعؿ الذي يتـ إما باتخاذ اسـ كاذب أو‬
‫صفة غير صحيحة أ و التعسؼ في استعماؿ صفة حقيقية أو باستعماؿ الطرؽ االحتيالية و‬
‫ذلؾ لخداع شخص طبيعي أو معنوي وحممو بناء عمى ذلؾ عمى تسميـ نقود أو قيـ أو أي‬
‫ماؿ أو تقديـ منفعة أو قبوؿ تصرؼ ينطوي عمى التزاـ أو مخالصة وذلؾ إض ار ار بالمجني‬
‫‪2‬‬
‫عميو أو غيره"‬

‫أما بالنسبة لممشرع المصري فقد عرؼ جريمة النصب في المادة ‪ 336‬مف قانوف‬
‫العقوبات بمايمي ‪ " :‬يعاقب بالحبس كؿ مف توصؿ إلى االستيالء عمى عروض أو سندات‬
‫ديف أو سندات مخالصة أو أي متاع منقوؿ وكاف ذلؾ باالحتياؿ لسمب كؿ ثروة الغير أو‬
‫بعضيا إما باستعماؿ طرؽ احتيالية مف شأنيا إيياـ الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة‬
‫مزورة أو إحداث األمؿ بحصوؿ ربح وىمي أو تسديد المبمغ الذي أخد بطريؽ االحتياؿ أو‬
‫إيياميـ بوجود سند ديف غير صحيح أو سند مخالصة مزور واما بالتصرؼ في ماؿ ثابت‬

‫‪1‬أحسف بوسقيعة ‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي الخاص ‪ ،‬الجزء االوؿ ‪ ، 2008‬ص ‪.316‬‬
‫‪2‬أحمد خميفة الممط‪ ،‬الجرائـ المعموماتية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة ‪، 2006‬ص ‪.355‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أو منقوؿ ليس ممكا لو وال لو حؽ التصرؼ فيو واما باتخاذ إسـ كاذب أو صفة غير‬
‫صحيحة ‪ ،‬أما مف شرع في النصب ولـ يتممو فيعاقب بالحبس مدة ال تتجاوز سنة‪.1"...‬‬

‫وقد عرؼ الفقو جريمة النصب عمى أنيا ‪ :‬مف الجرائـ المادية ومف جرائـ اإلعتداء‬
‫عمى األمواؿ ويتطمب لوقوعيا أف يكوف ثمة احتياؿ يقع مف الجاني عمى المجني عميو بيدؼ‬
‫اإلستيالء عمى مالو بنية تممكو بإستعماؿ أسماء كاذبة أو صفات كاذبة أو وسائؿ إحتيالية ‪.‬‬

‫كما أف القضاء الجزائري عرؼ جرـ النصب بأنو التوصؿ إلى نيؿ شيء مف الغير‬
‫بطرؽ ومناورات احتيالية وكاف التوصؿ إلى تمؾ الغاية غير ممكف بدونيا‪.‬‬

‫لكن التساؤل المطروح هو هل كل غش يهدف من ورائه المحتال اإلستيالء عمى‬


‫أموال الغير يشكل جريمة نصب ؟‬

‫ف االحتياؿ جريمة عمدية تتطمب لقياميا ركنا ماديا قوامو المناورات االحتيالية ‪ ،‬التي‬
‫تصدر مف الجاني وتتمثؿ في الوسائؿ المستعممة أو الماديات الممموسة والتي تبرز بيا‬
‫الجريمة إلى حيز الوجود‪.‬‬

‫لقد حدد القانوف السموؾ المادي المكوف لجريمة النصب بأنو الكذب البالغ درجة‬
‫االحتياؿ عمى المجني عميو والذي ينتج عنو تسميـ ىذا األخير ماال مف أموالو لمجاني‪،‬‬
‫وبالرجوع إلى مثاؿ ىذه الجريمة كما ورد في نص تجريميا يتبيف أنو يعطي نموذج تقريبي‬
‫لمجريمة الواحدة بمعنى أنو يحدد صور السموؾ اإلجرامي‪ ،‬كما ال يشترط تحقؽ كؿ الصور‬
‫كي تتحقؽ الجريمة‪ ،‬وانما يكفي أف تتوفر ولو صورة واحدة كي تقع الجريمة‪ ،‬واف توافرت‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 336‬مف قانوف العقوبات المصري رقـ ‪ 58‬لسنة ‪ ، 1939‬العدد ‪ ، 71‬المعدؿ بموجب القانوف رقـ ‪ 95‬لسنة‬
‫‪.2003‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫كميا أو واحدة أو أكثر فإف الجريمة واحدة والسموؾ واحد في الجريمة رغـ تعدد صوره لقياـ‬
‫‪1‬‬
‫جريمة االحتياؿ‪.‬‬

‫إف الركف المادي في جريمة النصب يعتبر جوىر الجريمة حسب نص المادة ‪ 372‬إلى‬
‫جانب العنصريف اآلخريف وتشترط جنحة النصب لقياميا توافر ثالثة عناصر أساسية وىي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬استعمال إحدى وسائل التدليس وهي األسماء أو الصفات الكاذبة أو المناورات‬
‫االحتيالية‪.‬‬

‫ب ‪ -‬االستيالء عمى مال الغير‪.‬‬

‫ج‪ -‬العالقة السببية بين وسيمة االحتيال المستعممة وسمب مال الغير‪.‬‬

‫إف القاسـ المشترؾ في الوسائؿ االحتيالية ىو الكذب المنمؽ ال الكذب العادي‪ ،‬ووجو‬
‫التنميؽ يكوف باستعماؿ المناورات االحتيالية أو األساليب التمثيمية بالقوؿ أو بالفعؿ أوبيما‬
‫معا‪ ،‬أما في استعماؿ اسـ كاذب يولد الكذب في ىذه الصورة لدى المجني عميو إحساسا‬
‫بالثقة‪ ،‬أما في صورة انتحاؿ صفة غير حقيقية مف شأف صحتيا أف تسيـ في إقناع المجني‬
‫عميو بما يطمبو الجاني‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أنو توجد عمميات نصب يتـ ارتكابيا بأكثر مف أسموب احتيالي‬
‫وليس أسموب واحد فقط كاستعماؿ اسـ كاذب واستعماؿ مناورات احتيالية‪ ،‬أو استعماؿ اسـ‬
‫كاذب وصفة كا ذبة معا و أف ىذا الجرـ ال يقتصر عمى الشخص الطبيعي فقد بؿ يتعداه‬
‫حتى الى الشخص المعنوي الممثؿ في الشركات التجارية كما سيتـ توضيحو ادناه‪.‬‬

‫‪1‬بنياـ رمسيس ‪ ،‬قانوف العقوبات ‪ ،‬جرائـ القسـ الخاص ‪ ،‬الجرائـ المضرة بالمصمحة العمومية ‪ ،‬دار المعارؼ ‪، 1966،‬‬
‫ص ‪.1230‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ومف المتفؽ عميو أنو ال يكفي لقياـ الطرؽ االحتيالية مجرد السكوت أو كتماف أمر مف‬
‫األمور فال نصب بالترؾ أو باالمتناع‪ ،‬فمف يخفي عف الدائف إعساره وعجزه عف رد مبمغ‬
‫الديف أو حتى عدـ رغبتو في رده ال يعد محتاال‪ ،‬كذلؾ السكوت عف غمط وقع فيو المجني‬
‫عميو مف تمقاء نفسو‪ ،‬أو نتيجة لنشاط شخص أخر ال تربطو بالجاني صمة و االستفادة مف‬
‫ىذا الغمط باتخاذ موقؼ سمبي بحت ال يعد نصبا‪.1‬‬

‫أما فيما يخص التشريع المصري فقد حصر الوسائؿ اإلحتيالية المتطمبة لقياـ جريمة‬
‫النصب زيادة عمى إستعماؿ إحدى وسائؿ التدليس وىي األسماء أو الصفات الكاذبة أو‬
‫المناورات اإلحتيالية أضاؼ فعؿ التصرؼ في ماؿ ممف ال يحؽ لو التصرؼ فيو ويقصد‬
‫بيذه الوسيمة التصرؼ في ماؿ ثابت أو منقوؿ ليس ممكا لممتصرؼ وليس لو حؽ التصرؼ‬
‫فيو‪ ،‬وىذه الوسيمة اإلحتيالية لـ يشر إلييا كؿ مف المشرع الفرنسي والمشرع الجزائري‪.‬‬

‫وال يقتصر فعؿ التصرؼ في ماؿ ثابت أو منقوؿ ليس ممكا لممتصرؼ وال حؽ لو في‬
‫التصرؼ فيو عمى فعؿ البيع‪ ،‬بؿ يشمؿ التصرفات األخرى غير البيع والتي تخرج عف عداد‬
‫أعماؿ اإلدارة ومف بينيا الرىف‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬وصائل التذليش في جريمت النصب‬


‫أف القانوف الجنائي ال يعتد بالكذب المجرد عف األفعاؿ المادية فالتدليس الجنائي‬
‫يتطمب أف يرافؽ الكذب مظاىر خارجية أو أفعاؿ مادية إلقناع المجني عميو وانصياعو لرغبة‬
‫الجاني فيس مـ لو األمواؿ أو السندات أو ‪ ...‬إلخ طواعية منو وعف طيب خاطر‪ ،‬ليس مثؿ‬

‫‪ 1‬أحمد بسيوني أبو الروس ‪ ،‬جرائـ النصب ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬أماـ كمية الحقوؽ ‪ ،‬االسكندرية ‪ ،‬سنة ‪، 1982‬‬
‫ص ‪.317‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫القانوف المدني الذي يرتب عمى التدليس المدني بطالف العقد معتب ار أف الكذب وحده كاؼ‬
‫‪1‬‬
‫لقياـ التدليس المدني ‪.‬‬

‫يشترؾ كؿ مف التدليس المدني والتدليس الجزائي في كونيـ يجعالف إرادة ورضا‬

‫المجني عميو مشوبة بعيب مف عيوب الرضا ‪ ،‬غير أنيما يختمفاف عف بعضيما كوف‬

‫التدليس المدني يتمثؿ في الكذب أو السكوت العمدي الذي يدفع بالمتعاقد اآلخر لموقوع في‬

‫الغمط ولو كاف يعمـ بو لما كاف ليبرـ العقد طبقا لنص المادة ‪ 86‬مف ؽ ـ بالتالي فإف‬

‫القانوف المدني يكتفي بالسكوت العمد عف واقعة أو مالبسة إلعطاء الطرؼ الذي تـ خداعو‬

‫الحؽ في المطالبة ببطالف العقد‪ ،‬غير أف التدليس الجزائي ال يكتفي المشرع لقيامو عمى‬

‫السكوت العمد عف واقعة بؿ حصر في نص المادة ‪ 273‬ق ع الطرؽ التدليسية وبالتالي‬

‫فكؿ استيالء عمى ماؿ الغير يتـ بغير الطرؽ التدليسية المحددة في نص تمؾ المادة فال يعد‬

‫نصبا ‪. 2‬إلى جانب ذلؾ فإف التدليس المدني يختمؼ عف التدليس الجزائي مف حيث الجزاء‬

‫فالقانوف المدني رتب عمى التدليس المدني جواز إبطاؿ العقد مف طرؼ المتعاقد المدلس أما‬

‫القانوف ا لجزائي فرتب عمى ذلؾ عقوبات جزائية تتمثؿ في الحبس والغرامات بالتالي فيو ال‬

‫يكتفي بإعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو قبؿ إبراـ العقد كما ىو في القانوف المدني ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل سميماف‪ ،‬دروس في شرح قانوف العقوبات الجزائري ‪،‬القسـ الخاص‪ ،‬الطبعة الثانية ديواف المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫سنة ‪ ،1989‬ص ‪.238‬‬
‫‪2‬أحمد بسيوني أبو روس "جريمة النصب" ص ‪.04‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أوال‪ :‬استعمال أسماء أو صفات كاذبة‬

‫يكمف الركف المادي لجريمة النصب في ىذه الحالة في اتخاذ الجاني أسماء أو صفة‬

‫كاذبة ولو لـ يصحب ذلؾ استعماؿ مناورات احتيالية بالتالي فادعاء الجاني السـ كاذب أو‬

‫صفة كاذبة كافية في حد ذاتو لقياـ جريمة النصب دوف الحاجة إلى أف تصحبو أفعاؿ أو‬

‫مظاىر خارجية ‪.1‬‬

‫ألنو مجرد اتخاذ الجاني السـ أو صفة كاذبة يحدث أث ار نفسيا لدى المجني عميو‬

‫فيدفعو لتصديقو ألنو مف الصعب التأكد مف صحة ذلؾ االدعاء كوف العادة جرت عمى عدـ‬

‫‪2‬‬
‫طمب األشخاص ممف يتخذ اسـ أو صفة أف يقوـ بتقديـ ما يثبت صحة ادعائو ‪.‬‬

‫مثاؿ عمى ذلؾ أف يدعي شخص أنو طبيب أو قاضي فال يمكف مطالبتو بشيادة تؤكد‬

‫أو تثبت صحة ادعائو وال ييـ إف كاف االدعاء شفاىي أو كتابي وفي الحالة األخيرة نكوف‬

‫أماـ جريمتيف ‪ :‬جريمة التزوير وجريمة النصب في نفس الوقت ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طعف رقـ ‪15‬سنة ‪ 14‬ؽ جمسة ‪( 1944/02/28‬نقض مصري) عف د أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابؽ ص‬

‫‪. 122‬ادعاء الصفة الكاذبة كاؼ وىذه لتوفير ركف االحتياؿ دوف الحاجة إلى أفعاؿ خارجية أو مظاىر احتياؿ أخرى تعزز‬

‫ىذا االدعاء " عف اتخاذ صفة غير صحيحة ىو مف ضروب االحتياؿ الذي تتكوف منو جريمة النصب ولو لـ يكف مقرونا‬

‫بطرؽ احتيالية أخرى فاتخاذ المتيـ صفة تاجر وحصولو بناء عمى ذلؾ عمى جيازات الراديو الذي نتطمب المادة ‪ 332‬ؽ ع‬

‫لف ذلؾ يعد اتخاذ لصفة غير صحيحة ىو انتحاؿ لقب أو وظيفة أو مينة أو قرابة أو مما شابو ذلؾ"‬

‫‪2‬‬
‫بيناـ رمسيس " قانوف العقوبات القسـ الخاص الجرائـ المضرة بالمصمحة العمومية " ص‪1896‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ويشترط في االدعاء باسـ كاذب أو صفة كاذبة أف ال يكوف واضح الكذب إلى درجة‬

‫يكوف فييا مف السيؿ عمى المجني عميو اكتشافيا وبالتالي لو سمـ ىذا األخير مالو فال تقوـ‬

‫جريمة النصب مثاؿ عمى ذلؾ أف يدعي شخص سيء الييئة أنو عوف مف إدارة الضرائب‬

‫‪1‬‬
‫ويطمب مف صاحب محؿ تجاري أداء مبمغ مالي عمى سبيؿ رسـ مستحؽ الدفع‬

‫ويشترط لقياـ جريمة النصب أف يقوـ الجاني بفعؿ إيجابي عند استعمالو السـ كاذب‬

‫أو صفة كاذبة فبمجرد االمتناع أو اتخاذ موقؼ سمبي يؤدي بالغير إلى االعتقاد أف شخص‬

‫ما فيو صفة أو اسـ ليس لو فسممو مبمغ مف الماؿ فال يعد في ىذه الحالة مرتكب لجريمة‬

‫النصب ‪ ,‬وسنتعرض بتمعف لشرح المقصود باالسـ والصفة الكاذبة‪ ،‬كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬اتخاذ اسم كاذب ‪usage d’un faux nom‬‬

‫تتـ جريمة النصب في ىذه الحالة بانتحاؿ الجاني اسـ غيره في تعاممو مع الغير حيث‬

‫ينخدع فيو ىؤالء فيصدقوف مزاعمو فيدخؿ االطمئناف في أنفسيـ وتحت تأثير تمؾ الشخصية‬

‫المفتعمة يسمموف لو أمواليـ و في ىذه الحالة مف الصعب اكتشاؼ حقيقتو ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس‪ ,‬المرجع السابؽ ‪,‬ص ‪50‬‬
‫‪2‬‬
‫طعف محكمة النقض المصرية رقـ ‪ 05‬سنة ‪ 6‬ؽ جمسة ‪ 1932/02/03‬عف أحمد بسيوني أبو الروس ‪،‬المرجع السابؽ‬
‫ص ‪ " 119‬توفر ركف االحتياؿ بتسمي الجاني باسـ كاذب دوف حاجة إلى االستعانة بأساليب احتياؿ أخرى ‪ ،‬يكفي لتكويف‬
‫جريمة النصب أف يتسمى الشخص الذي يريد سمب ماؿ الغير باسـ كاذب يتوصؿ بو إلى تحقيؽ غرضو دوف حاجة إلى‬
‫االستعانة عمى إتماـ جريمتو بأساليب احتيالية أخرى "‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ويتمثؿ استعماؿ االسـ في أف يت خذ شخص لنفسو اسـ أو لقب سواء كاف لمغير أو كاف‬

‫خياليا ال وجود لو أو كاف لشخص وىمي أو خيالي سواء كذب في االسـ كمو أو بعضو فقد‬

‫يغير لقبو ويبقي عمى اسمو أو يغير االثنيف معا‪.‬‬

‫لكف إف استعمؿ الشخص اسـ الشيرة ولـ يستعمؿ اسمو الحقيقي أو استعمؿ اسمو‬
‫الحقيقي ولـ يكف معروفا بو فال يعتبر مستعمال السـ أو لقب كاذب بالتالي فال تقوـ جريمة‬
‫النصب‪.‬‬

‫‪ -3‬اتخاذ صفة كاذبة ‪usage d’une fausses qualité‬‬

‫انقسـ الفقو حوؿ مفيوـ الصفة المقصود بيا في جريمة النصب إلى فريقيف فاألول‬

‫ذىب إلى القوؿ باف الصفة الكاذبة نقصد بيا ادعاء شخص مؤىالت أو وظيفة أو مينة‬

‫ليست لو وانتقد ىذا الرأي كونو ال يشمؿ عمى كؿ الحاالت ‪.‬‬

‫أما الثاني يرى أف الصفة الكاذبة ىي انتحاؿ وصؼ تنبع منو الثقة ويعطي معنى‬

‫االئتماف ويؤكد القدرة عمى الدفع وانتقد ىذا الرأي كونو يدخؿ في الصفة حاالت أخرى ال‬

‫تدخؿ في مفيوـ الصفة الكاذبة في القانوف الجنائي كاالدعاء بالدائنية أو الممكية فيي ال‬

‫‪.1‬‬
‫تدخؿ في الصفة الكاذبة بمفيوـ القانوف الجنائي المكونة لجريمة النصب‬

‫وتبعا لذلؾ فإف الرأي الراجح ىو القائؿ بأف الصفة ىي تمؾ التي تجعؿ المتيـ محؿ ثقة‬

‫وائتماف لدى المجني عميو سواء كانت ىذه الصفة وظيفة أو مينة أو قرابة عائمية أو مصاىرة‬

‫ولقد قضي في فرنسا عمى أف استعماؿ شخص لصفة لـ تعد موجودة لدى صاحبيا يعد‬

‫‪1‬‬
‫بيناـ رمسيس المرجع السابؽ ص‪2005‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪1‬‬
‫وىو ما ذىب إليو القرار الصادر بتاريخ ‪ 15‬أكتوبر ‪ 1968‬عف‬ ‫مرتكبا لجريمة النصب‬

‫الغرفة الجنائية في قضية ( أ م ) ضد النيابة العامة مجموعة األحكاـ الجزء الثاني صفحة‬

‫‪ 379‬فقد تتـ جريمة النصب باتخاذ صفة كاذبة و يقصد بيا الصفة التي ينسبيا المحتاؿ‬

‫لنفسو بحيث تجعمو يحظى باالئتماف و الثقة مف عامة الناس أما مجرد الكذب و ادعاء‬

‫الشخص بأنو مالؾ لثروة كبيرة فإنو ال يكوف في حد ذاتو الجريمة المنصوص عمييا في‬

‫المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات ما لـ يكف الكذب مصحوبا باستعماؿ طرؽ احتيالية أو‬

‫مظير خارجي ‪ 2‬وسنستعرض فيما يمي لبعض حاالت اتخاذ الصفة الكاذبة‪.‬‬

‫‪ 1-3‬االدعاء بالعمل في وظيفة معينة‬

‫كأف يدعي شخص أنو موظؼ ىاـ في إحدى الو ازرات وىو في الحقيقة ال يرقى سوى‬

‫أف يكوف موظؼ بسيط أو ادعاء شخص أنو محاـ أو طبيب أو ميندس أو قاضي كادعاء‬

‫الجاني أنو قاضي تحقيؽ ‪ 3‬أو أنو ضابط في الجيش أو عوف مف أعواف الضرائب لتحصيؿ‬

‫أمواؿ الضرائب أو أنو عوف مف أعواف الجمارؾ‪.‬‬

‫‪ 3-3‬االدعاء بوجود قرابة عائمية ‪:‬‬

‫‪-‬يقصد بو ادعاء شخص أنو قريب أو صير لشخصية معروفة أو ثرية فيكوف محؿ‬

‫ثقة مف طرؼ الغير فيسممو المجني عميو مالو معتقدا منو أف الجاني قادر عمى الوفاء بما‬
‫‪1‬‬
‫أحسف بوسقيعة المرجع السابؽ ص ‪315‬‬
‫‪2‬‬
‫جياللي بغدادي ‪ ،‬االجتياد القضائي في المواد الجزائية ‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬ص ‪.260‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار المحكمة العميا تاريخ ‪ 1984/01/10‬مج قضائية عدد ‪ 02‬سنة ‪ 1989‬ص ‪289‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫استممو مثاؿ ذلؾ أف يدعي الحاني أنو ابف أو زوج أحد األثرياء فيتوصؿ بذلؾ إلى الحصوؿ‬

‫عمى ماؿ المجني عميو واالستيالء عميو‪.‬‬

‫‪ 2-3‬االدعاء بالحصول عمى شهادة عممية أو شرفية ‪:‬‬

‫مثاؿ ذلؾ مف يدعي أنو متحصؿ عمى شيادة دكتوراه دولة أو وساـ شرفي لمحصوؿ‬

‫عمى ماؿ المجني عميو واالستيالء عميو بزرع الثقة في نفسية المجني عميو عف طريؽ‬

‫اتخاذه لصفة محترمة بيف الناس ‪.‬‬

‫‪ 4-3‬االدعاء بوجود عالقة قانونية ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ومف يدعي مثال‬ ‫كمف يدعي أنو وكيؿ عف شخص فيتحصؿ بذلؾ عمى كؿ مالو‬

‫صفة تجعمو يستفيد مف مساعدات اجتماعية كمف يدعي أنو عاطؿ عف العمؿ فيستفيد مف‬

‫المساعدات االجتماعية ‪ ،‬أو مف يدعي جنسية بمد ما لمحصوؿ عمى االمتيازات الممنوحة مف‬

‫ذلؾ البمد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طعف رقـ ‪ 40‬سنة ‪2‬ؽ جمسة ‪( 1931/12/28‬نقض مصري) عف أحمد بسيوني أبو الروس ص ‪ .118‬ادعاء الوكالة‬
‫كذبا عف شخص اتخاذ لصفة كاذبة " ادعاء الوكالة كذبا عف شخص يعد اتخاذ لصفة كاذبة ولو أف بعض األحكاـ جرت‬
‫عمى أف ادعاء حالة قانونية أو عالقة تكسب حقا قانونيا ال يكوف صفة كاذبة إال أف أغمب األحكاـ قد استثنت بالذات‬
‫ادعاء الوكالة وعينت عمى األخص حالة مف يذىب لزوجة آخر ويدعي كذبا أنو كمؼ بأخذ أشياء منيا لتوصيميا إليو فإذا‬
‫ذىب شخص إلى امرأة وادعى أنو موفد مف قبؿ زوجيا ألخذ شيء عينو ليا فصدقتو وأعطتو إياه ‪ ،‬أعتبر ىذا الشخص‬
‫متخذا لصفة غير صحيحة و حؽ عقابو بمقتضى المادة ‪293‬ع "‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪ -‬اعتبار التعسف في استعمال صفة حقيقية بمثابة مناورات احتيالية‪ :‬طرح في‬
‫فرنسا إشكاؿ التعسؼ باستعماؿ صفة حقيقة‪ ،‬ألف الصفة الحقيقية توحي بالثقة‪ ،‬وبطبيعة‬
‫الحاؿ ال إشكاؿ إذا لـ يحدث تعسؼ في استعماؿ ىذه الصفة"‪ ،‬لكف ىؿ مجرد التعسؼ في‬
‫استعماليا كاؼ لتكويف الركف المادي لجريمة النصب؟‬

‫وىذا ما أجاب عميو المشرع صراحة عاـ ‪ 1994‬بموجب نص المادة ‪ 1—313‬مف‬


‫قانوف العقوبات الفرنسي باعتماده عمى حموؿ االجتيادات القضائية عمى ضوء نص المادة‬
‫‪ 405‬مف قانوف العقوبات الفرنسي القديـ المتعمقة بجريمة النصب‪ ،‬فقد قضت الغرفة الجنائية‬
‫بوجود جريمة النصب بالتعسؼ باستعماؿ صفة حقيقة بقوليا أف ىذا التعسؼ يشكؿ مناورة‬
‫اح تيالية عندما يكوف استعمالو بغرض إضفاء مالمح الحقيقة عمى تصريحات أو تصرفات‬
‫كاذبة والتي يكوف مف شئنيا الحصوؿ عمى ثقة الضحية"‪.‬‬

‫فالقضاء الفرنسي أعتبر التعسؼ باستعماؿ صفة حقيقية بمثابة مظير مف المظاىر‬
‫الخارجية المرافقة لمكذب التي يتحقؽ بيا االحتياؿ والخداع متى أدت إلى حمؿ المجني عميو‬
‫إلى تسميـ مالو‪ ،‬أما بالنسبة لممشرع الجزائري فمـ يفصؿ في ىذه المسألة‪.‬‬

‫ويمكف تعريؼ جنحة النصب بالتعسؼ في استعماؿ صفة حقيقة عمى أنيا إساءة‬
‫استغالؿ المتيـ لصفة خاصة بو‪ ،‬أو إعتماد الجاني عمى صفة منبعثة مف شخصو أو‬
‫وظيفتو فيدلي بأكاذيب لمجني عميو فيصدقو ىذا األخير استنادا ليذه الصفة‪ ،‬أو بعبارة صفة‬
‫حقيقة واستعمميا لزرع الثقة في أقوالو فيحمؿ الناس عمى أحرى إذا كاف المتيـ لصدييو‬
‫ويستغميـ بيذه الصفة ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫ابراىيـ حامد طنطاوي ‪ ،‬المسؤولية الجنائية عف جرائـ النصب و االحتياؿ ‪ ،‬المكتبة القانونية ‪/1‬ش سامي البارودي –‬
‫باب الخمؽ ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة ‪ 1999‬ص ‪45‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫وبالتالي يعتبر التعسؼ باستعماؿ صفة حقيقية عنص ار مف عناصر الوسائؿ بغرض‬
‫إضفاء مالمح الحقيقة ع مى تصريحات أو االحتيالية‪ ،‬عندما يكوف التعسؼ تصرفات كاذبة‬
‫والتي يكوف مف شأنيا الحصوؿ عمى ثقة الضحية كأف يقوـ محضر قضائي مكمؼ بالحجز‬
‫عمى بعض منقوالت المديف بالحجز عمى أمواؿ منقولة أخرى زيادة عمى تمؾ المذكورة في‬
‫محضر الحجز موىما المديف أنو إذا لـ يقـ بأخذىا معو فإنو سوؼ يطبؽ عميو اإلكراه البدني‬
‫ثـ يتسمـ تمؾ المنقوالت ‪.‬‬

‫لقد قضي في فرنسا بجريمة النصب بالتعسؼ في استعماؿ صفة حقيقية في حؽ رئيس‬

‫البمدية الذي قدـ طمبا لمصمحة الضرائب لتخفيض الضريبة المفروضة عمى أرضو الزراعية‬

‫زاعما أف مزروعاتو أصيبت بمرض فصدر قرار بتخفيض الضريبة"‪.‬‬

‫وقد قضي في مصر بقياـ نفس الجريمة في حؽ شرطي استولى بعد تنفيذ حكـ شرعي‬

‫‪1‬‬
‫عمى مبمغ مف الماؿ مف شخص بعد إييامو بضرورة دفع رسـ تنفيذا ليذا الحكـ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬استعمال مناورات احتيالية و الغاية منها‬

‫يتمثؿ فعؿ النصب بشكؿ واضح في الطرؽ االحتيالية ‪ ،‬فيي طرؽ تتجاوز الكذب‬
‫المجرد بأف يكوف مصحوبا بوقائع خارجية وأفعاؿ مادية تسعى لتوليد االعتقاد لدى المجني‬
‫عميو بصدؽ ىذا الكذب مما يدفعو لتسميـ مالو لممحتاؿ‪.‬‬

‫وىي عبارة عف أساليب تتمثؿ في أقواؿ وأفعاؿ تبمغ مف الجسامة والقابمية لمتصديؽ حدا‬
‫يجعميا قابمة لكي تنطمي عمى الرجؿ العادي فينخدع بيا مصدقا محتواىا الكاذب ‪ ،‬فأساس‬

‫‪1‬‬
‫دأحسف بوسقيعة ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.321‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫الطرؽ االحتيالية ىو الكذب الذي تدعمو المظاىر الخارجية واألفعاؿ المادية‪ ،‬فالكذب وحده‬
‫ال يكفي لقياـ االحتياؿ ميما تكرر‪.‬‬

‫أما المشرع الجزائري لـ يضع تعريفا جامعا مانعا لمطرؽ االحتيالية ألنو عمميا ال يمكف‬
‫اإللماـ بيا جميعا‪ ،‬واف كاف قد بيف الغاية منيا غير أف بعض الفقياء يعرفيا بأنيا إدعاءات‬
‫كاذبة يدعميا الجاني بمظاىر خارجية مف شأنيا إيياـ الجاني بأمر مف األمور التي نص‬
‫عمييا القانوف عمى سبيؿ الحصر‪. 1‬‬

‫كما أنو مف المتفؽ عميو فقيا أف الطرؽ االحتيالية ال تستقيـ مع مجرد الكذب العادي‬
‫أو كتماف أمر مف األمور التي يجب التصريح بيا وترؾ الغير يقع في الخطأ‪ ،‬وانما يمزـ‬
‫لتوافر الطرؽ االحتيالية أف يدعـ الكذب بوقائع مادية أو مظاىر خارجية توحي بصدؽ إدعاء‬
‫أقواؿ الجاني ‪ ،‬أما القضاء فيرى أف الكذب ال يبمغ مبمغ الطرؽ االحتيالية إال إذا أصطحب‬
‫بأعماؿ مادية أو خارجية تحمؿ المجني عميو عمى االعتقاد بصحتو ثـ تسميـ الماؿ‬
‫لممحتاؿ‪.2‬‬

‫و ما تجدر اإلشارة إليو في ىذه النقطة أف استعماؿ المناورات االحتيالية ال يقتصر فقط‬
‫عمى األشخاص الطبيعية بؿ يتعداه إلى األشخاص المعنوية و ىو ما سوؼ نبينو بنوع مف‬
‫التفصيؿ فيما يمي ‪.‬‬

‫‪ - 1‬استعمال المناورات االحتيالية‬

‫المناورات االحتيالية وسيمة أخرى تشير إلييا المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري‪،‬‬
‫وفييا يتمثؿ فعؿ النصب بشكؿ واضح‪ ،‬فيي طرؽ تتجاوز الكذب المجرد بؿ يجب أف يكوف‬
‫مصحوبا بوقائع خارجية أو أفعاؿ مادية تسعى لتوليد اإلعتقاد لدى المجني عميو بصحة ىذا‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 307‬‬
‫‪2‬‬
‫أحمد خميفة الممط ‪ ،‬الجرائـ المعموماتية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة ‪ ، 2006‬ص ‪.302‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫الكذب مما يدفعو لتسميـ مالو طواعية واختيا ار منو ‪ ،1‬ويشترط في المناورات االحتيالية أف‬
‫تسبؽ استالـ الماؿ محؿ الجريمة وأف تكوف سببا مؤث ار في وقوعو‪ ،‬ويصعب تحديدىا ألف‬
‫الخياؿ واسع لمنصابيف‪.‬‬

‫ولتسييؿ ميمة القاضي حدد المشرع بوضوح األىداؼ المستيدفة مف المناورات‬


‫االحتيالية ‪ ،‬فيي تيدؼ حسب نص المادة السالفة الذكر إلى إقناع المجني عميو بوجود ‪:‬‬
‫"‪.....‬مشروعات كاذبة‪ ،‬أو سمطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي أو بإحداث األمؿ في الفوز‬
‫بأي شيء أو في وقوع حادث أو أية واقعة أخرى وىمية ‪"...‬‬

‫إف المالحظة الجديرة بالذكر ىي أف المشرع الجزائري أورد قائمة المناورات االحتيالية‬
‫عمى سبيؿ الحصر وعبر عنيا بعبارات مرنة مف شأنيا أف تتسع إلى كؿ أنواع وسائؿ‬
‫التدليس‪ ،‬فيبقى لمقضاء السمطة التقديرية ليطبقيا عمى مف يستغؿ سذاجة الناس‪.‬‬

‫ويجب التمييز بيف استعماؿ الجاني لصفة كاذبة وبيف حيازة الجاني لصفة خاصة‬
‫تحمؿ عمى الثقة فيو وتصديؽ أكاذيبو ولو كانت شفوية مجردة عف أي نشاط أخر ألف ىذه‬
‫الصفة الخاصة تعد في حد ذاتيا بمثابة المظير الخارجي الذي مف شأنو أف يعزز مزاعـ‬
‫الجاني ويخرجيا عف دائرة الكذب البسيط ‪ ،‬وتعد ىذه الوسيمة مف قبيؿ الطرؽ االحتيالية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لجريمة النصب في مجاؿ المعموماتية فمـ نجد أي موقؼ المشرع الجزائري‬
‫في ما يخص اعتبار النظاـ المعموماتي محال ليذه الجريمة ‪.‬‬

‫وفيما يخص المشرع الفرنسي فإنو لـ ينص لحد اآلف عمى أي نص قانوني خاص في‬
‫ما يخص اعتبار النظاـ المعموم اتي محال لجريمة النصب‪ ،‬بالرغـ مف قيامو بتقرير العقاب‬
‫عمى بعض الجرائـ المعموماتية‪ ،‬بؿ اكتفى بتجريـ فعؿ النصب بنص المادة ‪ 1—313‬مف‬
‫قانوف العقوبات الفرنسي الجديدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد اهلل سميماف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 239‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫بينما نجد الفقو الفرنسي قد اتجو إلى اعتبار الغش والخداع في مجاؿ األنظمة‬
‫المعموماتية لسمب الماؿ يتحقؽ بالطرؽ االحتيالية بمفيوميا المستقر الذي يتمثؿ في كذب‬
‫تدعمو أعماؿ مادية‪ ،‬ويتحقؽ باستخداـ الجاني لممستندات غير الصحيحة التي يخرجيا‬
‫النظاـ ألمعموماتي بناء عمى ما يقع في برامجو أو بياناتو المخزنة داخمو مف بيانات تالعب‬
‫كي يستولي الجاني عمى أمواؿ الغير"‪.‬‬

‫أما بالنسبة لقضاء الفرنسي فقد دعـ موقؼ الفقو مف تطبيؽ نص المادة ‪1—313‬‬
‫عمى جرائـ النصب ألمعموماتي في غالبية األحكاـ وعمى سبيؿ المثاؿ ‪ :‬النصب عمى ضريبة‬
‫المبيعات‪ ،‬وعمى عداد موقؼ انتظار السيارات والتميفوف‪ ،‬وكذلؾ عندما يصطنع التاجر لنفسو‬
‫تكاليؼ الضريبة بواسطة فواتير وىمية‪ ،‬ويستخدميا لخصميا مف الضرائب المستحقة عميو‬
‫مقابؿ مبيعاتو الحقيقية التي تمت فيما بعد ‪.‬‬

‫وكذلؾ تعتبر محاولة حصوؿ شخص عمى أمواؿ الغير باستخداـ بطاقة ائتماف منتيية‬
‫الصالحية أو ممغاة لدى التجار المعتمديف لدى البنؾ مصدر البطاقة مف قبيؿ الطرؽ مع‬
‫توافر باقي أركاف جريمة النصب‪ ،‬أي أنو إذا قاـ الجاني بتقديـ البطاقة االحتيالية لمتاجر‬
‫لموفاء بقيمة المشتريات مع عممو بانتياء مدة الصالحية أو إلغائيا غشا يعد مرتكبا لجريمة‬
‫النصب‪ ،‬ألف التاجر لـ يكف ليسمـ المشتريات لمحامؿ لوال الكذب والخداع‪ ،‬أو باستعماؿ‬
‫طرؽ احتيالية منصوص عمييا في المادة ‪ 372‬مف ؽ ‪.‬ع الجزائري‪ ،‬وكذلؾ يعد مرتكبا لجرـ‬
‫النصب مف يقوـ باستخداـ بطاقة ائتماف لسحب مبمغ أكثر مف رصيده‪.1‬‬

‫كما يسأؿ عف مجرد الشروع في الجريمة إذا ما قاـ الجاني بتقديـ بطاقة ائتماف ممغاة‬
‫أو منتيية الصالحية ولكف التاجر اكتشؼ ذلؾ ورفض الوفاء بيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد خميفة الممط ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ 352‬و ‪. 353‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪ -2‬غاية الطرق االحتيالية‬

‫ال يكفي استعماؿ مناورات احتيالية لمقوؿ بوجود جريمة النصب بؿ يجب أف يكوف‬
‫الغاية منيا أحد األمور التي حددتيا المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري عمى سبيؿ‬
‫الحصر‪ ،‬ولقد حدد المشرع الغاية مف الطرؽ االحتيالية التي تتوافر بيا جريمة النصب في‬
‫أنيا ترمي إلى "‪...‬إيياـ الناس بوجود مشروع كاذب‪ ،‬سمطة خيالية واعتماد مالي خيالي‪،‬‬
‫إحداث األمؿ في الفوز بأي شيء أو في وقوع حادث أو أية واقعة أخرى وىمية أو الخشية‬
‫مف وقوع أي شيء منيا‪. "...‬‬

‫كما يجب أف تكوف الطرؽ االحتيالية مف شأنيا إيياـ الشخص عادي الذكاء وىذا ما‬
‫يبرر في أف كؿ إنساف مكمؼ بالحذر في معامالتو مع الغير‪.‬‬

‫ولقد رأى األستاذ أحمد فتحي سرور أف المشرع المصري قد أورد الغايات مف الطرؽ‬
‫االحتيالية عمى سبيؿ الحصر مما ال يتصور معو قانونا االحتياؿ بدونيا‪ ،‬ذلؾ أف غاية‬
‫اإليياـ بوجود واقعة مزورة واسعة المدى بحيث يمكف أف تتسع لكافة الصور األخرى‬
‫وغيرىا‪.1‬‬

‫‪ 1-3‬اإليهام بمشروع كاذب‪:‬‬

‫إف المشروع مف األمور المستقبمية يقوـ عمى التخطيط والتنظيـ ويقتضي إنشاءه وتنفيذه‬
‫تضافر الجيود‪ ،‬ويمكف أف يمتد نفعو إلى أشخاص عديديف غير أف لممشروع في مجاؿ‬
‫األعماؿ مفيوـ واسع ال يمكف حصره حيث يمتد إلى المجاؿ التجاري‪ ،‬الصناعي والمالي ‪،‬‬
‫ويقصد بالمشاريع الكاذبة بأنيا كؿ استثمار تجاري أو صناعي خيالي أو مالي أو أي‬
‫مشاريع أخرى ميما كانت طبيعتيا والتي يزعـ صاحبيا كذبا أنيا حقيقية‪ ،‬وتبقى الجريمة‬
‫قائمة حتى و لو كاف في اإلدعاء جزء ضئيؿ مف الحقيقة‪ ،‬وميما كانت طبيعة الجاني‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.327‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫شخصا طبيعيا أو اعتباريا( مؤسسة ذات شخص واحد أو شركة متعددة األشخاص)‪ ،‬وغالبا‬
‫ما يتعمؽ األمر بالشركات الوىمية كأف يوضع في التداوؿ منشور يخبر بوجود شركة تأميف‬
‫‪1‬‬
‫في حيف أف الدولة رفضت اعتمادىا وأدى ذلؾ إلى اكتتاب األشخاص بأمواليـ‪.‬‬

‫كما يمكف القوؿ بأف المشروع الكاذب ىو المشروع الذي ال وجود لو في الحقيقة أو‬
‫كاف لو نصيب مف الحقيقة ولكف بعض عناصره الجوىرية خيالية ال وجود ليا‪ ،‬كما لو كانت‬
‫الشركة ال تحقؽ الربح المزعوـ أو كانت ال تتبع قواعد التعامؿ التجاري في عممياتيا وانما‬
‫تتبع وسائؿ احتيالية ‪ ،‬ويعد المشروع كاذبا إذا كاف لو وجود حقيقي ولكف نشاطو توقؼ‬
‫تماما‪ ،‬فإف اإليياـ بوجوده يعتبر إيياما بمشروع كاذب‪.2‬‬

‫كما يقصد بو أيضا أي عممية غير حقيقة تحتاج لوضعيا موضع التنفيذ إلى أكثر مف‬
‫شخص ‪ ،‬ويستوي أف تكوف تمؾ العممية ليا صفة الدواـ واالستمرار كإنشاء شركة أو‬
‫استصالح أرض أو إنشاء نقابة أو جمعية تعاونية ‪ ،‬أو تكوف وقتية كتنظيـ رحمة ‪ ،‬ويستوي‬
‫المشروع أف يكوف مف المشروعات التي يراعى فييا الربح أـ مف المشاريع التي ال تيدؼ‬
‫لتحقيؽ الربح كإنشاء جمعية تعاونية‪ ،‬وسواء كاف المشروع قانونيا أـ ال كاالتجار في اآلثار‬
‫أو المواد الممنوعة ‪.‬‬

‫إف استعماؿ ال مناورات االحتيالية الغرض منو إيياـ الجاني لمناس بمشروع كاذب ‪ ،‬كأف‬
‫ينشئ شركة خيالية ويمجأ إلى اإلشيار لدفع الجميور إلى اكتتاب حصص‪ ،‬إال أنو تجدر‬
‫المالحظة أف النص العربي في المادة ‪ 372‬مف ؽ‪.‬ع الجزائري ال يتضمف ىذا النوع مف‬
‫المناورات االحتيالية‪ ،‬إال أنو بالرجوع لنص المادة بالمغة الفرنسية نجد عبارة اإليياـ بوجود‬
‫مشروع كاذب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بف شيخ لحسيف ‪ ،‬مذكرات في القانوف الجزائي الخاص ‪ ،‬دار ىومة لمطباعة و النشر والتوزيع ‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،‬سنة‬
‫‪ ، 2006‬ص ‪.190‬‬
‫‪2‬‬
‫ابراىيـ حامد طنطاوي ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪... "pour persuader l’existence de fausses entreprises "...‬‬

‫وقد سبؽ وأف قمنا أنو غالبا ما يتعمؽ المشروع الوىمي بشركة تجارية وىمية ‪ ،‬وقد فرؽ‬
‫القضاء الفرنسي بيف نوعيف مف الشركات الوىمية‪ ،‬فيناؾ شركات وىمية بمجرد تأسيسيا‪،‬‬
‫وىناؾ شركات تصبح وىمية بعد تأسيسيا‪.‬‬

‫فاألولى ‪ :‬شركات وىمية منذ تأسيسيا وذلؾ باختيار الشركاء فييا المركز الرئيسي‬
‫فيفتحوف مكتب الستقباؿ الزبائف ويتمقوف منيـ الحصص األولى مف األمواؿ ثـ يختفوف بعد‬
‫ذلؾ بمجرد اإلحساس بأنيـ تفطنوا لنصبيـ‪ ،‬ومع ظيور االنفتاح ظير أسموب جديد لمنصب‬
‫باستعماؿ وسيمة تأسيس شركات استيراد وتصدير وىمية‪ ،‬ىنا يحدد الجاني ضحاياه ممف‬
‫يعمموف في مجاؿ المقاوالت ويرسـ طريقة الدخوؿ إلييـ باعتباره يقوـ باستيراد بضاعة مف‬
‫الخارج ويجيز أوراقا تؤكد ذلؾ‪ ،‬ثـ يختار شخصا ممف يعمموف في مجاؿ المقاوالت ويكسب‬
‫ثقتو ثـ يخبره بأنو بصدد استيراد صفقة كبيرة مف البضاعة مف الخارج وأنو يرغب في‬
‫تصريفيا مقابؿ عمولة مجزية لمف سيحضر لو مف يشترييا ‪ ،‬وتحت ىذا اإلغراء المادي يقوـ‬
‫الشخص حسف النية بإحضار العديد مف العمالء ممف ىو عمى صمة وثيقة بيـ ويعطييـ‬
‫األماف والثقة في الجاني‪ ،‬وبذلؾ تتـ الصفقات ويستولي الجاني عمى أمواؿ طائمة مف‬
‫‪1‬‬
‫الضحايا ثـ يختفي ‪.‬‬

‫كما أف ىناؾ شركات وىمية تتخذ أسموب استئجار شقة كمركز الشركة وتزوير سجؿ‬
‫تجاري وفتح حساب بنكي ويتصؿ أصحابيا بالضحايا مف الشركات والتجار لالتفاؽ معيـ‬
‫عمى شراء سمع أو أجيزة ويقوموف بالدفع بموجب شيكات ليس ليا رصيد أو شيكات مميورة‬
‫بخاتـ مقبوؿ الدفع مقمد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.489‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أما الثانية ‪ :‬شركات تقوـ بعمميات نصب بعد مرور مدة مف تأسيسيا‪ ،‬ىي شركات في‬
‫األصؿ لـ تكف لممؤسسيف نية القياـ بعمميات نصب لكف أثناء حياتيا قد يرغب المسيروف في‬
‫زيادة أرباح الشركة أو التخمص مف ديوف متراكمة فيقوـ المؤسسيف بالمجوء إلى طرؽ‬
‫احتيالية ‪ ،‬فيقوموف مثال بشراء سمع مقابؿ ديف مف أجؿ إعادة بيعيا في الحاؿ حتى و لو‬
‫بالخسارة ‪ ،‬أو القياـ بإعالنات خادعة لمحصوؿ عمى اكتتابات جديدة ‪ ،‬أو تقوـ بنشاطات‬
‫غير موجودة في قانونيا األساسي ‪ ،‬لكف ىذا النوع مف الشركات قميؿ بالمقارنة مع الشركات‬
‫التي تنشأ وىمية بالتأسيس‪.‬‬

‫كما أف ىناؾ نوع ثالث مف الشركات الوىمية وىو الشركات التي يكوف جزءا منيا‬
‫وىمي واألخر حقيقي‪ ،‬بعدما كاف ليا في األصؿ وجود حقيقي‪ ،‬وىذا النوع مف الشركات نجده‬
‫بكثرة في مجاؿ األعماؿ‪.‬‬

‫بالرجوع إلى أحكاـ القضاء وخاصة الفرنسية منيا فإنيا عادة ما تتوخى التفسير الواسع‬
‫لممشروع الكاذب فقد قضت المحاكـ الفرنسية بوجود مشروع كاذب في حالة قبطاف السفينة‬
‫الذي شحف عمييا أشياء عديمة القديمة بدال مف البضائع المؤمف عمييا عمى أساس أنو‬
‫‪1‬‬
‫سيقوـ بإتالفيا حتى يمكنو الحصوؿ عمى مبمغ التأميف‪.‬‬

‫ويمكف القوؿ أف تسرع المجني عميو وطمعو قد يكوف سببا في الوقوع في شباؾ الجاني‬
‫الذي يوىمو بربح غير حقيقي أو بمشروع كاذب فيقع الكثيروف ضحية مشاريع كاذبة ‪،‬‬
‫خاصة واف كانت قد أعمف عنيا في وسائؿ إعالـ معروفة كجريدة يثقوف فييا أو أي وسيمة‬
‫إعالمية أخرى تحوز ثقتيـ خاصة وأف وسائؿ اإلعالـ تفرض وجودىا ورأييا عمى الناس ‪،‬‬
‫فيسمـ الضحايا أمواليـ طواعية دوف أف يتحروا عف المشروع أو عف مركز الشركة الوىمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.328‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫إف األمثمة عف المشاريع الوىمية عديدة في مجاؿ األعماؿ ال يمكف حصرىا ‪ ،‬ألف‬
‫خياؿ النصابيف واسع ‪ ،‬نجد شركات استثمار وىمية تحصؿ عمى قروض مف بنوؾ مختمفة‬
‫لضماف مشروعيا اإلسثتماري ‪ ،‬حيث يكوف ىذا المشروع ظاىرة لإلنعاش االقتصادي وحؿ‬
‫أزمات المواطنيف‪ ،‬في حيف يترتب عميو عدـ إتماـ المشروع وضربة لالقتصاد القومي نتيجة‬
‫‪1‬‬
‫تيريب ىذه األمواؿ إلى الخارج ‪.‬‬

‫تعد أعماؿ البنوؾ مف أىـ األعماؿ التجارية ‪ ،‬تقوـ بدور الوسيط المالي بيف االدخار‬
‫واالستثمار بقصد تحقيؽ الربح فتتمقى الودائع النقدية مف المدخريف لقاء فائدة أو دوف فائدة ثـ‬
‫تقوـ بإقراض الودائع إلى عمالئيا لتمويؿ المشاريع االقتصادية والتجارية ‪ ،‬لقاء فوائد أعمى‬
‫مف الفوائد التي دفعتيا لممدخريف ‪ ،‬وىذه البنوؾ يمكنيا االحتياؿ عمى المتعامميف بإغرائيـ‬
‫بفوائد عالية بالمقارنة مع البنوؾ األخرى ‪ ،‬فيقوـ المتعامميف بإيداع أمواليـ لدييا فيما بعد‬
‫تكوف غير قادرة عمى سداد فوائد المودعيف الذيف كانوا ضحية إغراءات البنؾ و خير مثاؿ‬
‫عمى ىذا قضية القرف التي عرفتيا أروقة العدالة في الجزائر أو ما يعرؼ بقضية الخميفة‪.‬‬

‫ومف المشاريع الوىمية أيضا اإلعالف عف الحمالت الوىمية لمحج ‪ ،‬بإعداد مكاتب ليا‬
‫وادعائيا باستخراج التصاريح الخاصة بأداء مناسؾ الحج بغرض سمب أمواؿ الناس ‪ ،‬ولقد‬
‫شيدت الجزائر العديد مف قضايا النصب واالحتياؿ في عمميات تنظيـ العمرة‪ ،‬و ىو ما‬
‫كشفت عنو وسائؿ اإلعالـ الجزائرية عف مسؤولية و ازرة السياحة والصناعة التقميدية في‬
‫الفوضى التي تعرض ليا المعتمروف في المطار بجدة بعد تورط العديد مف الوكاالت‬
‫السياحية الغير مصرح ليا مف قبؿ الحكومة الجزائرية في قضية نصب واحتياؿ‪ ،‬فقد تسممت‬
‫وكاالت غير مرخص ليا بالمشاركة في عمميات تنظيـ العمرة التي انتيت بالنصب عمى‬
‫المعتمريف بإىماليـ وتشريد عشرات االالؼ منيـ لمدة قاربت األسبوع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.316‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪ 3 -3‬اإليهام بوجود سمطة خالية أو اعتماد مالي خيالي‪:‬‬

‫يعاقب المشرع الجزائري بموجب نص المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري تحت‬
‫ىذا الوصؼ عمى كؿ الوسائؿ التي يستعمميا الجاني ويكوف اليدؼ منيا أف ينسب لنفسو‬
‫سمطة ال يتمتع بيا في الحقيقة‪ ،‬أو أنو صاحب ماؿ أو نفوذ ليس لو في الواقع‪.1‬‬

‫فقد يستعمؿ المحتاؿ أوراقا تفيد أف لديو اعتمادا ماليا كبي ار مما يؤثر عمى المجني عميو‬
‫فيضع فيو ثقتو و يسممو األوراؽ النقدية أو األمواؿ أو غير ذلؾ مما نصت عميو المادة ‪372‬‬
‫مف قانوف العقوبات ‪ .2‬أو كأف يتحصؿ المحتاؿ مف بنؾ عمى قروض ويوىمو بأنو يستطيع‬
‫تسديدىا غير أنو بعد االستفادة مف القرض يرفض التسديد وىو ما يتـ في ممؼ التالعب‬
‫بقروض بنكية موجية القتناء السيارات بوثائؽ مزورة حيث يقوـ المحتاؿ الذي استفاد مف‬
‫القرض لشراء سيارة وتـ االتفاؽ عمى تسديد الديف لمدة معينة وبفائدة محددة ويقدـ ممؼ‬
‫يتضمف شيادة عمؿ وكشؼ الراتب وكشفا لحسابو البنكي غير أنو بعد االستفادة مف القرض‬
‫وشراء ا لسيارة يفض تسديد ما عميو مف ديف رغـ االعذارات الكثيرة الموجية إليو‪ ،‬وبعد‬
‫مراجعة ممفو يتبيف أف الوثائؽ المضمنة في الممؼ مزورة‪.‬‬

‫كما أف مجاؿ األعماؿ يبيف لنا عدة أمثمة معقدة في إدعاء الجاني كذبا أف لو اعتماد‬
‫مالي وىو في الواقع اعتماد خيالي ‪ ،‬ففي حالة زيادة رأسماؿ الشركة عمى عدة أقساط ‪،‬‬
‫يخفي المؤسسيف عمى المكتتبيف الجدد أف جزءا مف االكتتابات قد تمت إضافتو إلى رأسماؿ‬
‫الشركة وأف الجزء األخر قد وزع بيف الشركاء‪ ،‬فإذا حدث االلتباس عند‬

‫المكتتبيف عمدا باستعماؿ مناورات احتيالية فينا يمكف القوؿ أف ىناؾ اعتماد مالي‬
‫خيالي لمشركة ألف المكتتبيف حسب عمميـ أف كؿ الماؿ قد تمت إضافتو في رأسماؿ الشركة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بف شيخ لحسيف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪197‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد اهلل سميماف ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 240‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ومف قبيؿ األمثمة عف السمطة الخيالية مف يتمقى أمواال مف الناس مدعيا أنو قادر عمى‬
‫مساعدتيـ بالتوجو إلى القضاة واإلفراج عف المتيميف‪ ،‬وأيضا مف يتوصؿ الستالـ مبمغ مالي‬
‫‪1‬‬
‫مدعيا أنو يستطيع إعفاء الناس مف الخدمة الوطنية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنو مع التطور التكنولوجي وظيور االنترنيت استحدث طرؽ تقنية‬
‫دقيقة عبر شبكات اإلعالـ اآللي مف طرؼ النصابيف عمى الناس ‪ ،‬دوف أف يثار لدييـ أدنى‬
‫شؾ في نفوس ىؤالء نظ ار لمميارات والتقنيات المتطورة والذكية لمنصب عمى المواطنيف‬
‫والشركات والبنوؾ والبريد ‪ ،‬ويعد المستيمؾ المتعامؿ في ىذا النمط مف المعامالت‬
‫اإللكترونية معرضا أكثر مف غيره لموقوع فريسة لعمميات النصب و االحتياؿ‪.‬‬

‫عادة ما تبدأ عمميات النصب عبر االنترنيت عف طريؽ إغراء الضحية بإمكانية‬
‫الحصوؿ عمى أمواؿ سيمة كأف يقوؿ الراسؿ أف لديو أمواال في بمد ما وال يستطيع تحويميا‬
‫إلى الخارج ويطمب رقـ حساب الضحية في البنؾ وبعض البيانات الخاصة بو وتوقيعو لكي‬
‫يحوؿ الجاني أموالو عف طريؽ الضحية ‪ ،‬ويغريو بأنو سوؼ يحصؿ عمى أمواؿ مغرية‬
‫مقابؿ ىذه المساعدة ‪ ،‬وبمجرد أف يرسؿ الضحية البيانات يقوـ النصاب بسحب أمواؿ‬
‫الضحية‪.‬‬

‫والمالحظة الجديرة بالذكر ىي أف جريمة النصب الواقعة عمى المتعامميف في نطاؽ‬


‫التجارة اإللكترونية تحتاج لتركيز متعمؽ لحماية الطرؼ المستيمؾ فييا نظ ار لعدـ توافر‬
‫أطراؼ العقد الواحد وكذا محؿ العقد في مكاف واحد‪ ،‬وعدـ التعامؿ بالوثائؽ الكتابية‪.‬‬

‫ومف صور النصب واالحتياؿ الواقعة عمى المستيمكيف المتعامميف في مجاؿ التجارة‬
‫اإللكترونية ‪:‬‬

‫‪ -‬عدـ وفاء البائع المحتاؿ بالسمعة المتعاقد عمييا بالرغـ مف سداد المستيمؾ لثمنيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحسف بوسقيعة ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 324‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪ -‬انتحاؿ الجاني اسـ أحد مواقع التسويؽ الشييرة ‪.‬‬

‫‪ -‬ترويج المحتاؿ بسمعة مقمدة شبيية بمنتج أصمي عالي الثمف والجودة‪.‬‬

‫‪ -‬ترويج المحتاؿ لسمعة غير معروفة باستخداـ اإلعالف الكاذب أو المضمؿ"‪.‬‬

‫‪ 3 -2‬إحداث األمل في الفوز أو الخشية من الوقوع في حادث أو أي واقعة وهمية‪:‬‬

‫ويقصد بإحداث األمؿ بالفوز إيياـ المجني عميو باحتماؿ حصولو عمى فائدة مستقبال‬
‫سواء كانت فائدة مادية أو معنوية ‪ ،1‬وىذه الطريقة االحتيالية يعمد فييا الجاني إلى إيياـ‬
‫المجني عميو بالفوز الذي يجب أال يتحقؽ‪ ،‬ألنو إذا تحقؽ مستقبال فال يعد إحداث األمؿ‬
‫بالفوز مف قبيؿ الطرؽ االحتيالية ‪ ،‬وال يشترط في الربح بمعناه اإلقتصادي الفائدة المادية‪،‬‬
‫بؿ قد تكوف الفائدة مادية أو معنوية ‪.‬‬

‫حيث ييدؼ الجاني في ىذه الوسيمة إلى إثارة طمع وعاطفة الضحية ليحقؽ ىدفو مف‬
‫وراء ذلؾ‪ ،‬ففي ىذه الحالة يكوف المجني عميو متميفا لتحقيؽ نتيجة معينة‪ ،‬فيعمؿ الجاني‬
‫عمى إييامو بأنو قادر عمى تحقيؽ تمؾ النتيجة‪ ،‬وال يكفي ىنا مجرد إدعائو أف بإمكانو تحقيؽ‬
‫رغبة المجني عميو‪ ،‬بؿ يشترط أف يرافؽ ىذا اإلدعاء الكاذب أفعاؿ تصدر مف المحتاؿ ميما‬
‫كانت تدعـ أكاذيبو وتدفع بالمجني عميو إلى تصديؽ الجاني‪.‬‬

‫وقد جاءت ىذه الصورة عامة فقد يتميؼ المجني عميو لمفوز بواقعة معينة أو بوقوع‬
‫حادث يرجو أف يقع أو أية واقعة أخرى يريد أف تقع أو يخشى وقوعيا‪ ،‬فيأتي المحتاؿ‬
‫ويوىمو أنو بمقدوره أف يفعؿ ذلؾ بغية إيقاعو في فخ اإلحتياؿ‪.‬‬

‫ويراد بالواقعة كؿ تغيير يط أر عمى أحد المراكز أو األوضاع القائمة سواء كاف ىذا‬
‫المركز أو الوضع ماديا أو معنويا وسواء كاف ىذا التغيير مف صنع اإلنساف أو راجعا عمى‬

‫‪1‬‬
‫أحمد خميفة الممط‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪. 307‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫فعؿ الطبيعة‪ ،‬ويقصد بالواقعة المزورة الواقعة غير الصحيحة التي يحاوؿ الجاني إلباسيا‬
‫الوجو الصحيح لكي تنطمي عمى المجني عميو‪ ،‬سواء كاف ذلؾ عف واقعة مختمقة مف أساسيا‬
‫أو كاف ليا وجود ولكف عمى صورة مختمفة‪ ،‬وىناؾ فرؽ بيف وجود واقعة مزورة واإليياـ‬
‫بوجود مشروع كاذب‪ ،‬فالواقعة أمر تحقؽ بالفعؿ أو وقع أما المشروع فأمر مستقبمي لـ يقع‬
‫بعد" ‪.‬‬

‫وخالصة القوؿ أف استعماؿ الطرؽ اإلحتيالية ال يعد مف وسائؿ االحتياؿ التي تقوـ بيا‬
‫جريمة النصب إال إذا اتجيت إلحدى الغايات السابقة الذكر‪.‬‬

‫‪ -2‬الطرق االحتيالية لمشركات التجارية ‪:‬‬

‫ىناؾ العديد مف االعتبارات الميمة التي تدفع إلى ضرورة مسائمة الشركات التجارية‬
‫عف جنحة النصب باعتبارىا شخصا معنويا‪ ،‬فيي حقيقة اقتصادية مالية إجرامية ىائمة‪ ،‬وقد‬
‫تضاعفت قدراتيا ودورىا في شتى المجاالت دولية ووطنية ‪ ،‬وأثبت العمؿ أنيا يمكف أف‬
‫ترتكب جرائـ أكثر مف الشخص الطبيعي نظ ار لما تممكو مف قوة ووسائؿ تفوؽ كثي ار قدرات‬
‫الفرد‪ ،‬باإلضافة إلى ذلؾ احتكارىا لممجاؿ االقتصادي ‪ ،‬وبالتالي إحداث عدـ االستقرار‬
‫والثقة واضطراب النظاـ االقتصادي ‪. 1‬‬

‫تعتبر الجرائـ التي ترتكبيا الشركات التجارية مف الجرائـ االقتصادية التي تمس اقتصاد‬
‫الدولة بشكؿ مباشر‪ ،‬وىي عمى درجة عالية مف الخطورة‪ ،‬إذ نجد أف معظـ التشريعات‬
‫الجزائية في معظـ الدوؿ قد تدخمت لمحماية مف وقوع ىذه الجرائـ مف خالؿ النصوص‬
‫الجزائية التي تقرر عقوبات رادعة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد محمد قائد مقبؿ ‪،‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي دراسة مقارنة ‪،‬الناشر دار النيضة العربية ‪ ،‬الطبعة االولى‬
‫سنة ‪ ،2005‬ص ‪. 447‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫لقد تدخؿ المشرع الجزائري في سنة ‪ 1993‬ونص عمى أحكاـ جزائية خاصة في‬
‫القانوف التجاري بموجب المرسوـ التشريعي رقـ ‪ 08—93‬المؤرخ في ‪ 25‬أفريؿ‪ ،1993‬لقد‬
‫حصر المشرع بموجب ىذه األحكاـ األفعاؿ غير المشروعة التي ترتكبيا الشركات التجارية‬
‫والتي يعاقب عمييا بعقوبات جزائية تتمثؿ في الحبس زائد الغرامة المالية ‪ ،‬ومف بيف ىذه‬
‫األفعاؿ أو المخا لفات نجد األفعاؿ التي ترتكبيا الشركات التجارية خاصة شركة المساىمة أو‬
‫أحد أعضائيا فتشكؿ مناورات احتيالية يكوف الغرض منيا خداع الغير أو دائني الشركة أو‬
‫جميور المكتتبيف ‪.‬‬

‫وبما أف شركة المساىمة ىي مف أىـ الشركات التجارية التي تقوـ باستغالؿ المشاريع‬
‫االقتصادية الكبرى تجارية كانت أـ صناعية‪ ،‬وما ليا قدرة كبيرة عمى تجميع األمواؿ الالزمة‬
‫لمقياـ بيذه المشاريع ‪ ،‬فقد ىيمنت عمى الجانب الياـ مف النشاط االقتصادي فاستأثرت‬
‫بأعماؿ البنوؾ والتأميف والصناعات الثقيمة والنقؿ بأنواعو واستخراج البتروؿ والمعادف وغيرىا‬
‫مف المشاريع ا لتي تقوـ بيا عادة المؤسسات العامة بالنظر ألىمية ىذه المشاريع بالنسبة‬
‫لالقتصاد الوطني‪ ،‬فإننا سنركز عمييا في دراسة جريمة النصب في مجاؿ األعماؿ‪.‬‬

‫ينقسـ رأسماؿ شركة المساىمة إلى أسيـ ‪ ،‬وتتكوف مف شركاء ال يتحمموف الخسائر إال‬
‫بقدر حصصيـ‪ ،‬يختمؼ تأسيسيا فإما أف يكوف عف طريؽ المجوء لمجميور لالكتتاب في‬
‫رأس الماؿ‪ ،‬وىو ما يسمى بالتأسيس المتتابع أو المتعاقب أو أف يكوف عف طريؽ اقتصار‬
‫االكتتاب في رأس الماؿ عمى المؤسسيف فقط وىو ما يطمؽ عميو بالتأسيس الفوري ‪ ،‬وأخذ‬
‫المشرع الجزائري كغيره مف التشريعات العربية واألجنبية بيذه التفرقة بيف طرؽ التأسيس‬
‫وخص تأسيس شركة المساىمة عف طريؽ المجوء العمني لالكتتاب العاـ بإجراءات مطولة‬
‫الغاية منيا حماية جميور المساىميف والمكتتبيف مف التحايؿ واستعماؿ وسائؿ التدليس التي‬
‫قد يمجأ إلييا مؤسسو الشركة ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫إف أىـ ما تقوـ بو شركات المساىمة ىو تجميع االدخار العاـ عف طريؽ طرح أسيـ‬
‫لالكتتاب العاـ وما قد يصاحب ذلؾ مف معمومات واعالنات تغري الجميور وتجذب‬
‫لالكتتاب‪ ،‬وىو أمر خطير يحتاج إلى الحماية إذا ما صاحب ىذه البيانات والمعمومات‬
‫مغالطات وكذب‪ ،‬واألصؿ في مياف التجارة واألعماؿ ال يحبذ تدخؿ الدولة ووضع القيود‬

‫التشريعية ألف التجارة تزدىر بالمزيد مف الحرية والمرونة ‪.‬‬

‫ولضماف أكثر شفافية وحماية لجميور المساىميف أقر المشرع الجزائري بعقوبات جزائية‬
‫تضمنيا القانوف التجاري كالمخالفات المتعمقة بإصدار أسيـ مف شركة مؤسسة بصفة غير‬
‫نظامية وكذا حمؿ الناس عمى االكتتاب أو دفع الماؿ بالطرؽ االحتيالية ‪ ،‬والمخالفات‬
‫المتعمقة بتقييـ الحصص العينية ‪ ،‬كالزيادة التضميمية في قيمة األمواؿ العينية واليدؼ مف‬
‫ىذه الحماية الجزائية ىو حماية االئتماف في المعامالت التجارية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أف الكذب الذي يجب المسائمة عنو في مجاؿ الشركات التجارية ىو‬
‫الكذب المقترف بالكتابة كما لو وزعت الشركة أرباحا صورية قيدت في الميزانية أو ثبتت‬
‫ديوف معدومة في الميزانية ‪ ،‬وكذلؾ قد يكوف الكذب عمى شكؿ تصريحات في وسائؿ‬
‫اإلعالـ أو تقديـ معمومات أو مستند ضروري لتأسيس الشركة أو بإغفاؿ بيانات جوىرية‬
‫وكذا االكتتاب بأسيـ وىمية إليياـ الجميور بأنو يوجد إقباؿ كبير عمى االكتتاب وزيادة‬
‫الطمب عمى ىذه األسيـ كما أف ىناؾ حاالت يكوف فييا الكذب سموكا سمبيا و ذالؾ‬
‫باالمتناع عف التصريح بمعمومات في حيف أنيا ضرورية ‪ ،‬كما ىو الحاؿ في حالة اإلفصاح‬
‫عف الوضعية المالية الحقيقية لمشركة ‪ ،‬وقد يكوف الكذب غير منشور أو معمف مثؿ الكذب‬
‫في الميزانيات والبيانات المالية ‪.‬‬

‫وأخي ار يشترط في الكذب عمى المساىميف العالنية ‪ ،‬بحيث يكوف معدا لإلطالع عميو‬
‫مف طرؼ الجميور ولكي يعد ىذا النوع مف الكذب مف الوسائؿ االحتيالية التي يعاقب عمييا‬

‫‪39‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫قانوف العقوبات الجزائ ري في جريمة النصب يجب أف تكوف البيانات المصرح بيا أو‬
‫اإلعالنات المنشورة ىي ذاتيا الدافع إلى االكتتاب في األسيـ و السندات وىذا ما نصت‬
‫عميو صراحة المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري الفقرة الثانية "واذا وقعت الجنحة مف‬
‫شخص لجأ إلى الجميور بقصد إصدار أو أسيـ أو سندات مالية سواء لشركات أو‬
‫مشروعات تجارية أو صناعية ‪"...‬‬

‫‪ 1-2‬المناورات االحتيالية المتعمقة بتأسيس الشركات التجارية‬

‫أثناء فترة تأسيس رأسماؿ الشركة يكوف مف السيؿ ارتكاب مناورات احتيالية مكونة‬
‫لجريمة النصب في ىذه المرحمة مف حياتيا ‪ ،‬وليذا يجب أف يكوف قانونا العقوبات رادعا‬
‫لمثؿ ىذه األفعاؿ غير المشروعة ‪ ،‬ومف صور الكذب في بيانات الشركة تقديـ معمومات‬
‫كاذبة بنية الغش في عقد تأسيس الشركة أو نظاميا أو أي معمومة أو مستند ضروري‬
‫لتأسيس الشركة وكذلؾ يكوف االحتياؿ عمى شكؿ إغفاؿ بيانات جوىرية في المستندات‪.‬‬

‫أما بالنسبة لقيد الشركة في السجؿ التجاري فال يعد مجرد إجراء إداري‪ ،‬بؿ يكسبيا‬
‫الشخصية المعنوية‪ ،‬فإذا كانت التصريحات عند قيد الشركة كاذبة أو ناقصة مدعمة بمظاىر‬
‫خارجية أو أفعاؿ مادية منصوص عمييا في جريمة النصب فينا نكوف أماـ جريمة نصب مع‬
‫شرط توفر جميع األركاف األخرى المكونة لمجريمة‪.‬‬

‫‪ 1-1-2‬التقدير التدليسي لألموال العينية‬

‫عندما نرجع إلى تكويف رأسماؿ الشركات التجارية نجد بأف رأسماؿ الشركة يتكوف مف‬
‫مقدمات نقدية ومقدمات عينية فبالنسبة لممقدمات النقدية فال يوجد إشكاؿ أما بالنسبة‬
‫لممقدمات العينية فقد ضمنيا المشرع بإجراءات خاصة إذ تعتبر مصد ار لشتى أنواع الغش‬
‫والمبالغة في التقويـ‪ ،‬إذ تعتبر محال ألخطر أنواع الكذب لذلؾ اشترط المشرع أف تدفع كاممة‬
‫عند االكتتاب ويتـ تقديرىا مف قبؿ خبير مكمؼ بتقدير الحصص وتحت مسؤوليتو‪ ،‬ويجب‬

‫‪40‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أف يطابؽ تقديرىا قيمتيا الحقيقية وأي زيادة أو نقصاف في تقدير الحصص يشكؿ خطر‬
‫بالنسبة لممكتتبيف ولمنسبة لمغير خاصة في حالة الزيادة في تقدير األمواؿ العينية ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬مفهوم التقدير التدليسي لألموال العينية‬

‫تنص المادة ‪ 807‬مف القانوف التجاري الجزائري "عمى معاقبة األشخاص الذيف منحوا‬
‫غشا حصة عينية أعمى مف قيمتيا الحقيقة " أي عندما تتـ الزيادة في تقدير قيمة األمواؿ‬
‫العينية مف طرؼ المندوب المكمؼ بتقدير الحصص فيذه الزيادة ستشكؿ جزءا خياليا مف‬
‫رأسماؿ الشركة وصاحب األسيـ مقابؿ ىذه األمواؿ الزائدة ستكوف لو أسيـ مقابؿ مقدمات‬
‫حقيقة وأسيـ أخرى مقابؿ مقدمات خيالية وبالتالي سيكوف ىناؾ توزيع غير عادؿ لألرباح‬
‫والخسائر بيف المساىميف‪ ،‬أما بالنسبة لمغير أي الدائنيف فإف جزء مف رأسماؿ الشركة يعتبر‬
‫غير حقيقي مما يشكؿ خط ار عمييـ ‪.‬‬

‫إف المشرع الجزائري في المادة السالفة الذكر استعمؿ عبارة غش ويقصد بيا استعماؿ‬
‫وسائؿ ومناورات احتيالية إما بيدؼ خداع الخبير المكمؼ بتقدير الحصص أو باختيار خبير‬
‫بالمجاممة واالتفاؽ معو عمى تقدير األمواؿ العينية بأكثر مف قيمتيا الحقيقية وىذا لخداع‬
‫الغير‪ ،‬كما أنو ال يكفي مجرد التقدير التدليسي لألمواؿ العينية لقياـ جريمة النصب وانما‬
‫يجب أف تكوف الزيادة في تقدير قيمة األمواؿ العينية نتيجة استعماؿ مناورات احتيالية مدعمة‬
‫بمظاىر خارجية أو أفعاؿ مادية كاالستعانة بوثائؽ كاذبة أو بتدخؿ الغير مثال ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬أثار جريمة التقدير التدليسي لألموال العينية عمى المؤسسين و عمى الغير‬

‫أوال ‪ :‬بالنسبة لممساىميف فإف الشريؾ المساىـ الذي تحصؿ عمى أسيـ حقيقية وأخرى‬
‫وىمية سيستفيد مف أرباح يستحقيا وأرباح أخرى ال يستحقيا مقابؿ األسيـ الوىمية وىذا ما‬
‫يؤدي إلى خمؽ عدـ المساواة بيف الشركاء والذي يعتبر مبدأ أساسي في الشركات التجارية ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ثانيا ‪ :‬بالنسبة لمغير أي دائني الشركة والراغبيف في عممية االكتتاب‪ ،‬بما أف جزء مف‬
‫رأسماؿ الشركة غير حقيقي والدائنيف قد تعامموا مع ىذه الشركة عمى أساس رأسماليا الذي‬
‫يعد جزءا منو خيالي‪ ،‬ويمكف أنيـ لو كانوا يعمموف بمبمغ رأس الماؿ الحقيقي لمشركة لما‬
‫تعاقدوا معيا‪ ،‬أما بالنسبة المكتتبيف الذيف وقعوا في الغمط فقد انظموا ليذه الشركة عمى‬
‫أساس الغش وبالتالي فإف ىذه الجريمة تمس بشفافية المعامالت التجارية التي تكوف مبنية‬
‫عمى أساس رأسماؿ الشركة التجارية‪ ،‬وىذا ما ييدد االقتصاد الوطني واألجنبي خاصة و أف‬
‫شركة المساىمة تعد مف أكبر وأىـ الشركات التجارية ‪.‬‬

‫‪ 3 -2‬المناورات االحتيالية المتعمقة باالكتتابات و الدفوعات لمشركات التجارية‬

‫تنص المادة ‪ 807‬مف القانوف التجاري الجزائري عمى معاقبة مف يقوموف لمتأكيد‬
‫الكاذب عمدا عف بيانات تتعمؽ باالكتتابات و الدفوعات ‪ ،‬أو يقوموف بإخفاء اكتتابات أو‬
‫دفوعات حقيقية أو ينشروف اكتتابات أو أسماء وىمية ‪.‬‬

‫‪ 1-3-2‬الكذب في التصريحات المتعمقة باالكتتابات و الدفوعات‬

‫إف تأسيس رأسماؿ الشركة التجارية يجب أف يكوف حقيقيا‪ ،‬ألنو يعتبر بالنسبة لشركات‬
‫األمواؿ ضمانا ال يمكف االستغناء عنو في عالقاتيا مع الغير وفي المجاؿ االقتصادي ككؿ‪.‬‬

‫تقوـ شركة المساىمة بتجميع االدخار العاـ عف طريؽ طرح األسيـ لالكتتاب العاـ‪،‬‬
‫بتقديـ معمومات واعالنات تغري الجميور وتجذبيـ لالكتتاب‪ ،‬وىو أمر خطير يحتاج لمحماية‬
‫إذا ما صاحب ىذه البيانات والمعمومات مغالطات وكذب خاصة وأف التجارة تقوـ عمى‬
‫أساس مبدأ الحرية والسرعة في المعامالت ‪.‬‬

‫لقد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 807‬مف القانوف التجاري‪ ":‬يعاقب بالسجف مف‬
‫سنة إلى خمس سنوات وبغرامة مف ‪OOO. 20‬دج إلى ‪200 .000‬ج أو بإحدى ىاتيف‬
‫العقوبتيف فقط ‪:‬‬
‫‪42‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أ‪ .‬األشخاص الذيف أكدوا عمدا في تصريح توثيقي مثبت لالكتتابات و الدفوعات‬
‫صحة البي انات التي كانوا يعمموف أنيا صورية أو بمغوا بتسديدات مالية لـ توضع بعد تحت‬
‫تصرؼ الشركة قد سددت أو قدموا لمموثؽ قائمة لممساىميف تتضمف إكتتابات صورية أو‬
‫بمغوا بتسديدات مالية لـ توضع نيائيا تحت تصرؼ الشركة‪."...،‬‬

‫إف األشخاص المعنييف بيذه الجريمة ىـ ‪ :‬إما الموثؽ أو البنكي أو صاحب المؤسسة‬
‫المالية المؤىمة قانونا لتمقي أمواؿ الشركة الذي يؤكد في مضموف العقد ‪ ،‬بناء عمى تقديـ‬
‫بطاقات اكتتاب أف مبمغ الدفوعات المصرح بيا يطابؽ مقدار المبالغ المودعة إما بيف يديو‬
‫أو لدى مؤسسة مؤىمة قانونا لذلؾ‪ ،‬وال يمكف متابعة األشخاص المعنييف بيذه الجنحة إال إذا‬
‫كانوا عمى عمـ بالطابع الجنائي لالكتتابات‪.‬‬

‫والمالحظة الجديرة بالذكر ىي أف جريمة الكذب في التصريحات المتعمقة باإلكتتابات‬


‫أو الدفعات يمكف أف نجدىا أيضا في إطار زيادة شركة المساىمة لرأسماليا بإصدار أسيـ‬
‫جديدة أو بإضافة قيمة إسمية لألسيـ الموجودة‪.‬‬

‫ب‪ :‬اإلخفاء المتعمد لالكتتابات و الدفوعات و نشر اكتتابات صورية بغرض الحصول‬
‫عمى اكتتابات أو دفوعات أخرى‬

‫يعاقب المشرع الجزائري بنفس العقوبة المذكورة أعاله " األشخاص الذيف قاموا عمدا‬
‫عف طريؽ إخفاء اكتتابات أو دفوعات أو عف طريؽ نشر اكتتابات أو دفوعات غير موجودة‬
‫‪1‬‬
‫أو وقائع أخرى مزورة لمحصوؿ أو محاولة الحصوؿ عمى اكتتابات أو دفوعات "‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 807‬مف القانوف التجاري الجزائري ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ب‪ 1 -‬اإلخفاء المتعمد لالكتتابات و الدفوعات‪:‬‬

‫ويقصد باإلخفاء كؿ تصرؼ يرمي إلى جعؿ االكتتابات والدفوعات صحيحة بالرغـ مف‬
‫أنيا خيالية‪ ،‬والمالحظة ىي االختالؼ بيف اإلخفاء المتعمؽ باالكتتابات واإلخفاء المتعمؽ‬
‫بالدفعات‪ ،‬بما أف كؿ إخفاء قد يحصؿ مستقال عف األخر فقد يكوف اكتتاب حقيقي متبوعا‬
‫بدفوعات وىمية أو تكوف دفوعات حقيقية مسبوقة باكتتاب وىمي‪.‬‬

‫ويكوف النشر بكؿ الوسائؿ التي يكوف الغرض منيا الوصوؿ إلى الجميور عف طريؽ‬
‫الدعايات أو النشرات لجمب المدخريف ليكونوا عمى ثقة باالكتتابات والدفوعات‪.‬‬

‫ب‪ 3 -‬نشر اكتتابات صورية وأسماء وهمية ‪:‬‬

‫إف نشر وقائع غير صحيحة أو أسماء غير صحيحة يقصد بو استعماؿ كؿ وسيمة‬
‫يكوف الغرض منيا التوصؿ إلى الجميور كتوزيع نشرات أو دعايات أو نشر إعالنات‬
‫الغرض منيا ج مب الغير لالكتتاب‪ ،‬ويقصد بالوقائع غير الصحيحة الكذب بكؿ أنواعو‬
‫كالكذب فيما يخص وضعية الشركة الحقيقية كاإلعالف كذبا أف األسيـ المطروحة قد أوشكت‬
‫عمى النفاذ وىي في الحقيقة ليست كذلؾ‪ ،‬و قد يكوف المؤسسوف ىـ الذيف قاموا باالكتتاب‬
‫بيذه األسيـ بأسماء وىمية إلعطاء انطباع لدى الجميور بأف ىناؾ إقباال كبي ار مف الجميور‬
‫عمى االكتتاب وزيادة في الطمب عمى ىذه األسيـ وقد يكوف المديروف ىـ الذيف أعمنوا أف‬
‫االكتتاب قد تـ عمى رأس ماؿ الشركة بأكممو وىـ يعمموف بصورية ىذا االكتتاب بأي شكؿ‬
‫تكوف عميو ىذه الصورية ‪ ،‬ويجب أف يحدث اإلعالف المخالؼ لمحقيقة الذي يعاقب عميو‬
‫القانوف أثناء قياـ الشركة أو بعد تأسيسيا ويجب إثبات سوء النية لدى عضو مجمس اإلدارة‬
‫أما إذا كاف حسف النية فال عقاب عميو‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الفتاح مراد‪ ،‬شرح اإلفالس مف الناحيتيف التجارية والقانونية ‪،‬منشأة المعارؼ‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪.485‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫وقد ذىب المشرع الجزائري إلى تجريـ مثؿ ىذا السموؾ كونو ينطوي عمى أسموب‬
‫احتيالي ييدؼ إلى خداع جميور المتعامميف بإيياميـ بوجود شركة عمى أرض الواقع ليقوموا‬
‫باالكتتاب فييا ‪ ،1‬وىذا السموؾ معاقب عميو في قانوف العقوبات الجزائري طبقا لنص المادة‬
‫‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري والعقوبة مشددة بالمقارنة مع النص الخاص في القانوف‬
‫التجاري المادة ‪ 807‬منو‪.‬‬

‫ويتمثؿ الركف ا لمادي في ىذه الجريمة في سموؾ إيجابي أي قياـ الجاني بإجراء‬
‫اكتتابات صورية إليياـ الغير بوجود شركة دوف أف يكوف ليا وجود في الواقع لدفعيـ‬
‫لالكتتاب بأسيميا‪ ،‬كما قد يقع االكتتاب في شركات موجودة عمى أرض الواقع غير أف‬
‫اليدؼ مف االكتتاب ىو دفع الغير عمى االكتتاب أو رفع سعر أسيـ تمؾ الشركة"‪.‬‬

‫والمالحظة الجديرة بالذكر ىي أف المشرع الجزائري لـ يفرؽ بيف الشركات غير‬


‫الموجودة عمى أرض الواقع وبيف الشركات الموجودة‪.‬‬

‫‪ -4‬المناورات االحتيالية المتعمقة بإدارة الشركات التجارية‬

‫إف الشركة التجارية بعد أف تستوفي اإلجراءات القانونية الالزمة إلنشائيا تبدأ بمباشرة‬
‫أعماليا ونشاطاتيا لتحقيؽ الغايات واألىداؼ التي أنشئت مف أجميا ‪.2‬‬

‫كما أف الشركة التجارية بمجرد تأسيسيا البد مف ضماف السير الحسف ليا ‪ ،‬والقانوف‬
‫الجنائي ىنا أيضا البد لو مف التدخؿ لحماية كؿ مف يمحقو ضر ار جراء اإلدارة المغشوشة‬

‫‪1‬‬
‫جماؿ محمود الحموى و احمد عبد الرحيـ عودة ‪،‬المسؤولية الجنائية لمشركات التجارية دراسة تحميمية مقارنة ‪ ،‬دار وائؿ‬
‫لمنشر‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬السنة ‪ ، 2004‬ص ‪.101‬‬

‫‪2‬‬
‫جماؿ محمود الحموى و احمد عبد الرحيـ عودة‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪. 109‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫لمشركة ‪ ،‬فمف جية يسأؿ مف يدير الشركة ومف جية مف يراقبيا ‪ ،‬ومف جية أخرى مف يجب‬
‫عميو التدخؿ في اتخاذ الق اررات اليامة والخاصة بإدارة الشركة ‪.‬‬

‫‪ 1-4‬إخفاء الوضع الحقيقي لمشركة‬

‫أوجب المشرع الجزائري أف تكوف المعمومات والبيانات المتعمقة بالميزانية وباألرباح‬


‫والخسائر صحيحة ويعاقب عمى أي تالعب وذلؾ لألىمية البالغة ليذه البيانات والمعمومات‬
‫بالنسبة لمشركاء والغير‪.1‬‬

‫عادة ما يكوف إخفاء الوضعية الحقيقية لمشركة مف أجؿ الوصوؿ إلى أىداؼ معينة‬
‫كالحصوؿ عمى اعتماد مالي مف البنؾ مثال بإييامو أف الشركة تحقؽ أرباحا طائمة‪ ،‬أو‬
‫الحصوؿ عمى اكتتابات في األسيـ والسندات لمشركة‪ ،‬وتتعدد طرؽ إخفاء الوضعية الحقيقية‬
‫لمشركة مف خالؿ تنظيـ ميزانية الشركة وحسابات أرباحيا وخسائرىا بصورة غير مطابقة‬
‫لمواقع‪ ،‬أو توزيع أرباح صورية أو غير مطابقة لحالة الشركة الحقيقية‪ ،‬أو تضميف تقرير‬
‫مجمس اإلدارة أو تقرير محافظ الحسابات ببيانات غير صحيحة‪ ،‬أو كتـ معمومات‬
‫وايضاحات يوجب القانوف ذكرىا وذلؾ بقصد إخفاء حالة الشركة الحقيقية عف الغير أو عف‬
‫المساىميف‪.‬‬

‫ومف األساليب االحتيالية التي تستعمميا الشركات التجارية والتي تسبب ضر ار لمغير أف‬
‫يعمف مجمس اإلدارة عمى الجميور بيانات غير صحيحة عف مركز الشركة المالي وعف‬
‫ميزانيتيا ومشاريعيا المستقبمية وعقودىا االستثمارية‪ ،‬وذلؾ بقصد إيياـ الغير باف الشركة في‬
‫وضع مالي جيد وذلؾ مف أجؿ رفع قيمة أسيميا ودفع الغير لشرائيا ‪ ،2‬وفي ىذه الحالة‬

‫‪1‬‬
‫المرجع نفسو‪، ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد فوزي سامي ‪ ،‬شرح القانوف التجاري ‪ ،‬المجمد الرابع ‪ ،‬مكتبة الثقافة لمنشر و التوزيع دار مكتبة التربية بيروت ‪،‬‬
‫سنة ‪ ، 1997‬ص ‪.290‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫يكوف أعضاء مجمس اإلدارة لشركة المساىمة مسؤوليف اتجاه الشركة والمساىميف والغير عف‬
‫الوضعية الحقيقية لمشركة‪.1‬‬

‫‪ 1-1-4‬تنظيم ميزانية الشركة و حسابات أرباحها و خسائرها بصورة مخالفة لمواقع‬

‫أ‪ .‬تقديم أو نشر ميزانية غير صحيحة لممساهمين‪:‬‬

‫أوجب المشرع الجزائري عمى الشركات التجارية أف تقوـ بتنظيـ ميزانيتيا وبياف منتظمة‬
‫وىذا حتى يتسنى لمشركاء أو المساىميف اإلطالع أرباحيا وخسائرىا بصورة عمييا لمعرفة‬
‫الواقع المالي الحقيقي لمشركة‪.2‬‬

‫إف تقديـ أو نشر ميزاني غير صحيحة ال يعطي الصورة الحقيقة لمشركة عف حساب‬
‫نتائج العمميات السنوية والوضعية المالية والذمة المالية ‪ ،‬ومف قمي الكذب في الميزانية‬
‫احتساب الديوف المعدومة التي ال أمؿ في تحصيميا أو عدـ إضافة ديف حقيقي عمى الشركة‬
‫في بند الخصوـ إلظيار الشركة بمظير مالي أقوى‪ ،‬أو قياـ مجمس اإلدارة أو المفوض‬
‫باإلدارة بالزيادة أو التقميؿ مف قيمة العائدات‪ ،‬أو أف يظير بأف الشركة تحقؽ أرباحا في حيف‬
‫أنيا في حالة خسارة وغيرىا مف األفعاؿ التي ييدؼ مف ورائيا الجاني إلى إخفاء الوضعية‬
‫الحقيقية لمشركة‪.3‬‬

‫ويشترط لقياـ جريمة النصب أف يكوف اليدؼ مف وراء الكذب في الميزانية وجود دعوة‬
‫لالكتتاب مصاحبة لنشر بيانات الميزانية التي ظير فييا وضعا ماليا جيدا لمشركة عمى‬
‫خالؼ الواقع‪ ،‬والذي يؤدي إلى اكتتاب الجميور في األسيـ والسندات تحت تأثير ىذا‬

‫‪1‬‬
‫محمد فوزي سامي ‪ ،‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫‪2‬‬
‫جماؿ محمود الحمودي واحمد عبد الرحيـ عودة ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪115‬‬
‫‪3‬‬
‫جماؿ محمود الحمودي واحمد عبد الرحيـ عودة ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪116‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫الكذب‪ ،‬أما إذا لـ يكف ىناؾ دعوى لالكتتاب فإنو ال يشكؿ الكذب جريمة نصب وانما حالة‬
‫مف الكذب عمى المساىميف ‪.‬‬

‫التأكيد الكاذب عمدا عن الوضعية غير الحقيقية لمشركة من قبل محافظ‬ ‫ب‪.‬‬
‫الحسابات‪:‬‬

‫أوجب المشرع الجزائري أف يكوف لشركات المساىمة محافظ حسابات واحد أو أكثر‬
‫ليتولوا مراقبة أعماؿ الشركة وتدقيؽ حساباتيا ‪ ،1‬في حيف أعتبر تعييف محافظ حسابات في‬
‫الشركة ذات المسؤولية المحدودة جوازي يستعاف بو عند االقتضاء و ىو ما تضمنتو أحكاـ‬
‫المادة ‪ 584‬مف القانوف التجاري الجزائري ‪.‬‬

‫ونص المشرع الجزائري في المادة ‪ 830‬مف القانوف التجاري‪ :‬يعاقب بالسجف مف سنة‬
‫إلى خمس سنوات وبغرامة مف ‪220.000‬ج إلى ‪500.000‬دج أو بإحدى ىاتيف العقوبتيف‬
‫فقط ‪ ،‬كؿ مندوب لمحسابات يتعمد إعطاء معمومات كاذبة أو تأكيدىا عف حالة الشركة أو‬
‫الذي لـ يكشؼ إلى وكيؿ الدولة عف الوقائع اإلجرامية التي عمـ بيا ‪. "...‬‬

‫إف الميمة األساسية لمحافظ الحسابات تتمثؿ في المصادقة عمى انتظاـ وصحة‬
‫حسابات الشركة التجارية‪ ،‬والحسابات المدعمة عند االقتضاء بعد التدقيؽ في صحة‬
‫المعمومات المقدمة في تقرير التسيير‪ ،‬وفي الوثائؽ المرسمة لممساىميف حوؿ الوضعية المالية‬
‫لمشركة وحساباتيا‪ ،‬فيو بمثابة الحارس القانوني والصورة الصادقة لحسابات الشركة وحالتيا‬
‫المالية‪ ،‬فميامو تتركز في تزويد المساىميف والغير بصفة عامة وجميور المستثمريف‬
‫بمعمومات والتي عمى أساسيا يتخذ المتقدموف لالكتتاب في أسيـ الشركة ق ارراتيـ االستثمارية‬

‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 609‬مف القانوف التجاري الجزائري ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ليذا يتوجب عمى محافظ الحسابات التأكد مف صحتيا ومصداقيتيا‪ ،‬واف قدـ معمومات عميو‬
‫أف يحرص أف ال يقدـ إال تمؾ الصحيحة المطابقة لمحقيقة‪. 1‬‬

‫ويمكف لمندوب الحسابات أف يرتكب أفعاال مف شأنيا أف تكوف الركف المادي لجنحة‬
‫النصب عندما يقوـ ىذا األخير بالتصديؽ عمى ميزانية خاطئة وىو عمى عمـ بعدـ صحتيا‪،‬‬
‫أو يقوـ بتقديـ تقرير عف واقع الشركة مف الناحية المالية أو أي بيانات أخرى بصورة مخالفة‬
‫لمواقع‪ ،‬ومف ثـ يكوف قد خدع الشركة والغير وسبب أض ار ار ليـ‪.‬‬

‫أف جنحة تقديـ معمومات كاذبة أو المصادقة عمييا مف قبؿ مندوب الحسابات كثي ار ما‬
‫تمتزج مف الناحية التطبيقية بالجنح المتعمقة بالحسابات السنوية السيما جنحتي تقديـ ونشر‬
‫ميزانية كاذبة و جنحة توزيع أرباح صورية‪.2‬‬

‫ج‪ .‬توزيع أرباح صورية أو غير مطابقة لحالة الشركة الحقيقية‪:‬‬

‫يظير الربح في ميزانية الشركة‪ ،‬وىو يمثؿ فائض األصوؿ فييا عمى الخصوـ بعد أخد‬
‫المبمغ الالزـ لتكويف االحتياطي اإلجباري مف األرباح السنوية الصافية‪ ،‬وتبعا لذلؾ ال يقوـ‬
‫مديروا الشركات أو مجمس اإلدارة بتوزيع أرباح وىمية تعكس صورة مخالفة لواقع الشركة‬
‫الحقيقية‪ ،‬وقد جرـ المشرع توزيع األرباح الصورية لما في ذلؾ مف أخطار عمى االئتماف‬
‫العاـ ومصمحة المساىميف والشركاء والغير الذي يتعامؿ مع الشركة وىو يتوقع أنيا شركة‬
‫رابحة ومركزىا المالي قوي ‪.3‬‬

‫ويقصد لألرباح الصورية‪ ،‬األرباح الموزعة دوف مراعاة الشروط القانونية المتمثمة في‬
‫الموافقة عمى الحسابات والتأكد مف وجود مبالغ قابمة لمتوزيع‪ ،‬ومف أمثمتيا األرباح الناتجة‬

‫‪1‬‬
‫بوقرور سعيد ‪ ،‬المسؤولية المدنية و الجزائية لمحافظي حسابات شركة المساىمة سنة ‪ ، 2004-2003‬ص ‪.176‬‬
‫‪2‬‬
‫عراب مريـ ‪ ،‬جريمة النصب في قانوف االعماؿ ‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجيستير تخصص قانوف ىمقارف ‪ ،‬ص ‪77‬‬
‫‪3‬‬
‫جماؿ محمود الحمودي واحمد عبد الرحيـ عودة ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪119‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫عف تقدير خصوـ الشركة بأقؿ مف قيمتيا الحقيقية‪ ،‬أو عف المبالغة في تقدير أصوؿ الشركة‬
‫الناشئ بسبب عدـ خصـ النسبة المخصصة لإلستيالكات مما يجعؿ الميزانية غير منتظمة‪،‬‬
‫أو األرباح التي تـ توزيعيا قبؿ القياـ باالقتطاعات المحددة قانونا بموجب القانوف األساسي‪،‬‬
‫أو تمؾ ا لتي يتـ توزيعيا مف الماؿ االحتياطي القانوني باعتبار أف ىذا النوع مف االحتياطي‬
‫يأخذ حكـ رأس الماؿ مف حيث وجوب ثباتو وعدـ المساس غير أنو ال يعد مف قبمي األرباح‬
‫الصورية األرباح الموزعة مف االحتياطي االختياري‪ ،‬ومتى تبث مف الميزانية وجود مبالغ‬
‫زائدة بعد القياـ باالقتطاعات الضرورية وطرح الخسائر السابقة عف السنة المالية المقرر فييا‬
‫التوزيع‪ ،‬فقوـ الشركة بالدفع المسبؽ لألرباح ‪.‬‬

‫وتجب اإلشارة إلى أف توزيع األرباح الصورية يشكؿ ضر ار لمشركة كونو يمس بمبدأ‬
‫ثبات رأسماليا وضر ار لممساىميف ألنيـ يجبروف برد األرباح المقبوضة مف الربح الصوري‪،‬‬
‫عالوة عمى ذلؾ فإف توزيع مثؿ ىذه األرباح يشكؿ ضر ار لمغير مف دائني الشركة ألنو‬
‫يضعؼ مف ضمانيـ العاـ‪ ،‬ومنعا لذلؾ تقرر إخضاع بعض الييئات لممسؤولية المدنية‬
‫والجزائية في حالة مخالفتيـ لمتوزيع القانونية‪.‬‬

‫إف خطورة ىذا اإلجراء يكمف في أف ىذه األرباح الصورية تقتطع مف رأس ماؿ الشركة‬
‫وتنقص مف قيمة الضماف العاـ لمدائنيف ويجب أف توزع ىذه األرباح الصورية فعال‪ ،‬فإذا‬
‫شرع في توزيعيا ولـ تنفذ فال عقاب عمى ذلؾ ‪ ،‬ويحدث توزيع األرباح الوىمية بناء عمى‬
‫ميزانية ممفقة‪ ،‬وتستند عادة ىذه الميزانية إلى جرد لـ تراعى فيو األمانة في عممو‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الفتاح مراد ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.485‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ج‪ 1 -‬توزيع أرباح صورية دون تقديم قائمة لمجرد‬

‫الجرد غير الصحيح ال يعطي الصورة غير الحقيقة لمشركة فقط بؿ يوقع في الغمط وىو‬
‫وسيمة لتبرير توزيع أرباح صورية‪ ،‬كما أنو يغير في ق اررات الجمعية العامة العادية‪.1‬‬

‫واف عدـ التزاـ الييئة اإلدارية بإعداد الجرد أو تقديـ جرد مغشوش مف شأنو قياـ جنحة‬
‫توزيع أرباح صورية ألف الجرد يعتبر وثيقة ىامة إلعداد الميزانية‪ ،‬ففي حالة عدـ إعداده أو‬
‫الغش في محتوياتو فإف ذلؾ يؤدي إلى عدـ إمكاف وضع الميزانية أو إعدادىا بصورة غير‬
‫منتظمة وغير صادقة‪ ،‬حيث يعتقد المساىموف مف خالؿ اطالعيـ عمى ىذه الوثيقة أف‬
‫الشركة حققت أرباحا مع أف األمر خالؼ ذلؾ‪.‬‬

‫فقد يكوف توزيع األرباح الصورية نتيجة إعداد ميزانية الشركة ال تمثؿ بيانات صحيحة‬
‫في تقديرىا لممبالغ المقدرة لألصوؿ أو الخصوـ ألجؿ إظيار الشركة أماـ المساىميف والغير‬
‫بأنيا في وضع مالي جيد‪ ،‬وىذا لجعميـ يتوىموف بازدىار الشركة وسالمة وضعيا المالي‪،‬‬
‫واف مثؿ ىذا التصرؼ يضر بدائني الشركة ألف رأسماؿ الشركة ىو الضماف العاـ لديونيـ‬
‫وبالتالي اإلنقاص مف قيمتو يضعؼ الضمانات المقررة لمصمحتيـ ‪.2‬‬

‫ج‪ 3 -‬توزيع أرباح صورية بتقديم قوائم مغشوشة‬

‫بغض النظر عف عدـ إعداد ميزانية أو إعداد ميزانية غير منتظمة فإف جريمة توزيع‬
‫أرباح صورية تفترض الطابع الصوري لألرباح‪ ،‬ويتأكد ذلؾ إذا إ بعد القياـ بموازنة بيف‬
‫األصوؿ والخصوـ عدـ كفاية األرباح‪ ،‬أو أف الشركة لحقيا خسائر‪ ،‬وبالرغـ مف ىذا كمو‬
‫بمبؿ الييئة اإلدارية عمى تقسيـ األرباح مما يؤدي إلى المساس بمبدأ ثبات رأسماؿ الشركة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عراب مريـ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪2‬‬
‫سبع عائشة ‪ ،‬المراقبة الداخمية في شركة المساىمة ‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجيستير في قانوف االعماؿ ‪ ،‬ص ‪ 112‬و‬
‫‪. 113‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫كما أف توزيع أرباح صورية يعني أنو البد مف وجود إما زيادة في أصوؿ الشركة وقد‬
‫تكوف ىذه الزيادة ناتجة عف عدـ التقدير الصحيح ‪ ،‬أو التقميؿ مف خصوـ الشركة وقد يكوف‬
‫ذلؾ بتقدير الديوف بأقؿ مف قيمتيا الحقيقية أو بإخفائيا أو بعدـ احتسابيا أصال‪.‬‬

‫تبعا لذلؾ وحتى ال يقوـ مديرو الشركات أو مجمس اإلدارة بتوزيع أرباح وىمية و‬
‫تعكس الصورة المخالفة لواقع الشركة الحقيقية‪ ،‬فقد جرـ المشرع توزيع أرباح صورية لما لذلؾ‬
‫مف أخطار عمى االئتماف العاـ ومصمحة المساىميف والشركاء والغير الذي يتعامؿ مع‬
‫‪1‬‬
‫الشركة وىو يتوقع أنيا شركة رابحة وأف مركزىا المالي قوي‪.‬‬

‫‪ -5‬اإلفالس بالتدليس‬

‫جريمة اإلفالس بالتدليس‪ ،‬مف الجرائـ الخطيرة التي تيدد سالمة المجتمع و تمس بمبدأ‬
‫شفافية المعامالت التجارية‪ ،‬وفييا يكمف عنصر االحتياؿ ووسائؿ التدليس الجنائي بشكؿ‬
‫واضح ‪.‬‬

‫لـ يحدد المشرع الجزائري في قانوف العقوبات عناصر الركف المادي لجريمة اإلفالس‬
‫االحتيالي وانما أحاليا إلى أحكاـ القانوف التجاري‪ ،‬ومف خالؿ رجوعنا لممادة ‪ 374‬مف‬
‫القانوف التجاري الجزائري نجد أف التفميس بالتدليس ىو ارتكاب التاجر الذي توقؼ عف الدفع‬
‫عمدا فعال مف األفعاؿ المحددة في المادة السالفة الذكر‪ ،‬ويخاطب بأحكاـ ىذه المادة ‪:‬‬
‫التاجر الفرد أو القائميف باإلدارة والمديريف أو المصفيف في شركة مساىمة‪ ،‬والمسيريف أو‬
‫المصفيف لشركة ذات مسؤولية محدودة‪ ،‬وبوجو عاـ عمى كؿ المفوضيف مف قبؿ الشركة‬
‫حالة توقفيا عف الدفعة‪.‬‬

‫لكف ليس كؿ فعؿ يرتكبو المفمس بقصد الغش ويمحؽ ضرر لدائنيو يصمح ألف يكوف‬
‫أساسا لممسؤولية عف التفميس بالتدليس ‪ ،‬بؿ يجب أف يكوف ىذا الفعؿ مما نصت عميو‬

‫‪1‬‬
‫عراب مريـ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫المادة ‪ 374‬مف القانوف التجاري الجزائري ‪ ،‬والتي تنص عمى‪ ":‬يعد مرتكبا لمتفميس بالتدليس‬
‫كؿ تاجر في حالة توقؼ عف الدفع يكوف قد أخفى حساباتو أو بدد أو اختمس كؿ أو بعض‬
‫أصولو‪ ،‬أو يكوف بطريؽ التدليس قد أقر بمديونيتو بمبالغ ليست في ذمتو سواء كاف ىذا في‬
‫محرراتو بأوراؽ رسمية أو تعيدات عرفية أو في ميزانيتو"‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع الجزائري جريمة اإلفالس بالتدليس مف خالؿ حاالت نص عمييا عمى‬
‫سبيؿ الحصر في المادة المذكورة أعاله‪ ،‬ويفترض جرـ التفميس في جميع األحواؿ‪ ،‬أف يكوف‬
‫مرتكب الفعؿ المعاقب عميو جزائيا‪ ،‬تاج ار في حالة التوقؼ عف الدفع ‪ ،‬الصيغة تشمؿ‬
‫الشركاء في الشركات التجارية الذيف اكتسبوا صفة التاجر بانضماميـ لمشركة‪.1‬‬

‫‪ 1-5‬حاالت التفميس بالتدليس ‪:‬‬

‫يفترض التفميس بالتدليس اجتماع عنصريف‪ :‬عنصر مادي وعنصر معنوي‪ ،‬ومف حيث‬
‫العنصر المادي توجد ثالث حاالت‪ ،‬إخفاء ديوف وىمية‪ ،‬إنشاء ديوف وىمية إما في‬
‫المحررات الرسمية أو في الميزانية واما بمقتضى تعيدات مقدمة لمتواطئ مع المديف‪ ،‬أو‬
‫بتحويؿ أو تبذير كؿ أو بعض األصوؿ ‪:‬‬

‫‪ 1-1-5‬إخفاء الحسابات‪:‬‬

‫استخدـ المشرع الجزائري مصطمح "الحسابات " ونفس الشيء بالنسبة لممشرع الفرنسي‬
‫الذي أستعمؿ مصطمح "الوثائؽ الحسابية "‪ ،‬كما أننا نالحظ أف المشرع الجزائري اقتصر‬
‫عمى فعؿ اإلخفاء والتي يقصد بو كؿ فعؿ يأتيو المفمس ويحوؿ بو دوف وصوؿ الدائنيف إلى‬
‫وثائقو الحسابية أو دفاتره أي تبقى بعيدة عف متناوؿ الدائنيف ‪ ،‬كما يتحقؽ اإلخفاء بمجرد‬
‫االمتناع عف تقديميا حتى ولو لـ تنقؿ مف مكانيا ‪ ،‬وجريمة اإلفالس بالتدليس الناشئة عف‬

‫‪1‬‬
‫راشد راشد ‪ ،‬األوراؽ التجارية و االفالس و التسوية القضائية في القانوف الجزائري ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة‬
‫‪ 1999‬ص ‪.353‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫فعؿ اإلخفاء جريمة مستمرة فال تنتيي إال بانتياء أعماؿ التفميسة‪ ،‬ويصبح الدائنوف في غير‬
‫حاجة إلى ىذه الوثائؽ‪.‬‬

‫ويعد إخفاء الحسابات في حد ذاتو جريمة ولو لـ يقترف بعناصر أخرى كحرقيا أو‬
‫إتالفيا أو إجراء تغيير فييا ذكر بيانات كاذبة أو االمتناع عف قيد البيانات الصحيحة‪ ،‬ففعؿ‬
‫اإلخفاء يفسر تفسي ار واسعا ينسحب عمى كؿ األفعاؿ العمدية التي يرتكبيا الجاني ‪.‬‬

‫‪ 3-1-5‬إنشاء المفمس ديون وهمية إما في المحررات الرسمية أو في الميزانية و‬


‫أما بمقتضى تعهدات مقدمة لمتواطئ مع المدين ‪:‬‬

‫المقصود مف ىذه الصورة اعتراؼ المفمس أو جعؿ نفسو مدينا بطريؽ التدليس بمبالغ‬
‫ليست في ذمتو حقيقة بغية المبالغة في خصومو وتخفيض األنصبة التي يحصؿ عمييا‬
‫الدائنوف عند بيع األمواؿ وتوزيع الثمف ‪ ،‬ويالحظ أف الفعؿ المعاقب عميو ليس ىو مجرد‬
‫وجود ديوف صورية وانما ىو االعتراؼ بيا بفعؿ إيجابي كتحرير أوراؽ تجارية بالديوف‬
‫الوىمية أو إجراء قيدىا في الدفاتر التجارية‪.1‬‬

‫أما فيما يخص الوسيمة أو الشكؿ الذي يتحقؽ بو االعتراؼ ‪ ،‬فقد نصت المادة ‪374‬‬
‫مف القانوف التجاري الجزائري عمى أنو "‪ ...‬سواء كاف ىذا في محررات بأوراؽ رسمية أو‬
‫تعيدات عرفية أو في الميزانية "‪.‬‬

‫‪ 2-1-5‬تحويل أو تبذير المفمس كل أو بعض أصوله ‪:‬‬

‫ىو أف يتصرؼ المفمس في أموالو بصورة مخالفة لممعقوؿ‪ ،‬وذلؾ بالقياـ بعمؿ مادي أو‬
‫تصرؼ قانوني يترتب عميو عدـ إمكانية استعادة الماؿ‪ ،‬كالبيع بثمف زىيد أو اليبة أو‬
‫االستيالؾ المفرط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عراب مريـ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪ 3-5‬ارتكاب مديري الشركات التجارية و الغير لجريمة اإلفالس بالتدليس‪:‬‬

‫لقد حدد المشرع الجزائري األشخاص المتابعوف بجريمة التفميس بالتدليس بمقتضى‬
‫المادة ‪ 379‬والمادة ‪ 382‬مف القانوف التجاري الجزائري‪ ،‬ونص عمى فئتيف غير الشركات‬
‫التجارية تقوـ بارتكاب جريمة اإلفالس بالتدليس وىـ مديرو الشركات التجارية والمفوضيف‬
‫مف قبميا مف جية‪ ،‬والغير مف جية أخرى ‪.‬‬

‫‪ 1-3-5‬ارتكاب مديري الشركات التجارية و الغير لجريمة اإلفالس بالتدليس‪:‬‬

‫لقد حدد المشرع الجزائري األشخاص المتابعوف بجريمة التفميس بالتدليس بمقتضى‬
‫المادة ‪ 379‬والمادة ‪ 382‬مف القانوف التجاري الجزائري‪ ،‬ونص عمى فئتيف غير الشركات‬
‫التجارية تقوـ بارتكاب جريمة اإلفالس بالتدليس وىـ مديروا الشركات التجارية والمفوضيف‬
‫مف قبميا مف جية‪ ،‬والغير مف جية أخرى ‪.‬‬

‫لـ يقتصر المشرع الجزائري عمى عقاب أفعاؿ التدليس التي تقع مف المفمس ولكنو نص‬
‫عمى عقاب مديري الشركات التجارية وىذا بمقتضى المادة ‪ 379‬مف القانوف التجاري‬
‫الجزائري‪ "،‬إذا ما وقعت شركة في حالة التوقؼ عف الدفع‪ ،‬تطبؽ العقوبات الخاصة بالتفميس‬
‫بالتدليس عمى القائميف باإلدارة والمديريف أو المصفيف في شركة مساىمة أو المصفيف لشركة‬
‫ذات مسؤولية محدودة‪ ،‬وبوجو عاـ عمى كؿ المفوضيف مف قبؿ الشركة الذيف يكونوف قد‬
‫إختمسوا بطريؽ التدليس دفاتر الشركة أو بددوا أو أخفوا جزءا مف أصوليا أو الذيف أقروا‬
‫سواء في المحررات أو في األوراؽ الرسمية أو التعيدات العرفية أو في الميزانية بمديونية‬
‫الشركة بمبالغ ليست في ذمتيا "‬

‫‪ 2-5‬ارتكاب الغير لجريمة اإلفالس بالتدليس‬

‫مف خالؿ المادة ‪ 382‬مف القانوف التجاري ‪ ،‬نجد أف المشرع قد قرر تطبيؽ عقوبات‬
‫التفميس بالتدليس عمى‪:‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪ 1-3-5‬األشخاص الذيف يثبت بأنيـ قد اختمسوا لمصمحة المديف أو أخفوا أو كتموا‬


‫كؿ أو بعض أموالو المنقولة أو العقارية‪ ،‬ما عدا ذلؾ مف أحواؿ نصت عمييا المادتاف ‪,42‬‬
‫‪ 43‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬وىاتاف المادتاف مف بيف المواد المتعمقة باالشتراؾ في الجريمة‪ ،‬فإذا‬
‫وقع اتفاؽ عمى الغش مع المديف يتابع المديف نفسو‪ ،‬وتقوـ حالة عادية مف حاالت االشتراؾ‪،‬‬
‫لكف المشرع أراد تقرير جرـ مستقؿ‪ ،‬يمكف أف يتحقؽ دوف أف يكوف ىناؾ أي اشتراؾ بيف‬
‫المديف والشخص الجاني‪.‬‬

‫‪ 2-3-5‬األشخاص الذيف يثبت أنيـ قدموا في التفميسة أو التسوية القضائية‪ ،‬احتياليا‪،‬‬


‫ديونا وىم ية سواء بأسمائيـ أو بواسطة آخريف‪ ،‬و ليس ضروريا إثبات تواطئيـ عمى الغش‬
‫مع المديف وال أف يكوف الدائف المزعوـ قد قاـ بفعمو في مصمحة ىذا األخير ‪.‬‬

‫‪ 3-3-5‬األشخاص الذيف مارسوا التجارة باسـ الغير أو باسـ وىمي‪ ،‬وارتكبوا أحد‬
‫األفعاؿ المنصوص عمييا في المادة ‪ 374‬مف القانوف التجاري‪ ،‬وىذه األفعاؿ ىي ‪ :‬إخفاء‬
‫الحسابات‪ ،‬اختالس أو تبديد كؿ أو بعض األصوؿ وانشاء الديوف الوىمية‪.1‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أف الجزائر عرفت والزالت تعرؼ العديد مف عمميات النصب‬
‫واالحتياؿ وجرائـ اإلفالس بالتدليس التي تعد مف أشير دعاوي الشركات التجارية‪ ،‬فكثي ار ما‬
‫نسمع عف شركات قامت بجمع األمواؿ مف الناس عف طريؽ االحتياؿ ثـ أفمست ‪ ،‬و مف‬
‫أكبر قضايا النصب واالحتياؿ التي عرفتيا الجزائر قضية الخميفة بنؾ صاحبيا رجؿ‬
‫األعماؿ مديرىا العاـ ومؤسس مجموعة الخميفة ‪ ،‬تورط في أكبر قضية فساد شييرة في‬
‫الجزائر عاـ ‪ ، 2002‬وتعود وقائع القضية إلى عاـ ‪ 1990‬عندما تأسست مجموعة الخميفة‬
‫مف خالؿ شركة تصدير األدوية التي حققت منيا أمواؿ طائمة‪ ،‬وفي ‪ 1998‬تحصؿ عمى‬
‫رخصة إنشاء شركة طيراف الخميفة ‪ ،‬وفي سنة ‪ 1998‬تحصؿ عمى رخصة إنشاء بنؾ‬

‫‪1‬‬
‫عراب مريـ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪85‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫الخميفة واتسـ البنؾ بفائدتو المرتفعة بحيث تخطت نسبة ‪ 7.17‬مقارنة بفائدة البنوؾ الرسمية‬
‫التي تتراوح نسبة الفائدة حينيا بيف ‪ 7.6‬و‪ ، 7‬وىو ما شجع المتعامميف عمى إيداع أمواليـ‬
‫لديو ومع إقباؿ الغير أصبح غير قادر عمى سداد فوائد المودعيف ومع ذلؾ لـ تكتشؼ‬
‫الفضيحة ‪.‬‬

‫أبرـ البنؾ اتفاقا مع شركة الخطوط الجزائرية في ‪ 2002‬وأصبح لو أسطوؿ جوي‬


‫يضاىي أسطوؿ شركة الطيراف الحكومية‪ ،‬وأبرـ آنذاؾ صفقة مع شركة ( إرباص ) الفرنسية‬
‫كانت وراء ما وصؼ بأكبر عممية نصب و إحتياؿ ربما في العالـ العربي ‪ ،‬اذ قامت ىذه‬
‫األخيرة بالتحري عف مصادر األمواؿ المودعة في البنوؾ الغربية و اكتشؼ التحقيؽ أف‬
‫األمواؿ المودعة في حساب شركة ( إرباص) ىي أصال لمودعيف و ليست و في عاـ‬
‫‪ 2007‬عقدت في الجزائر محاكمة ‪ 104‬متيما في قضية نصب و احتياؿ تقدر بنحو مميار‬
‫دوالر أمريكي وعرفت بفضيحة بنؾ الخميفة ‪ ،‬وىي أكبر قضية فساد عرفيا الجزائر ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬االستيالء عمى مال الغير والتصرف فيه‬


‫االستيالء عمى ماؿ الغير ىو عبارة عف النتيجة الجرمية المنتظرة في جريمة النصب‪،‬‬
‫و بالتالي فإنو مجرد استعماؿ أسماء أو صفات كاذبة أو المجوء إلى مناورات احتيالية غير‬
‫كاؼ لوحده الكتماؿ كافة أركاف جريمة النصب فيجب أف يعمؿ الجاني مف خالؿ ذلؾ إلى‬
‫الحصوؿ عمى قيـ أو أعماؿ أو سندات‪....‬الخ ‪ .‬أي الماؿ محؿ الجريمة كما بينتو ذلؾ نص‬
‫المادة ‪ 273‬ق ع كالتالي " األمواؿ أو المنقوالت و السندات والتصرفات و األوراؽ المالية و‬
‫الوعود و المخالصات و االبراءات مف االلتزامات" وذلؾ قصد اإلضرار بالمجني عميو ‪ ، .‬و‬
‫عميو فإف االستالـ ىو النتيجة الجرمية لمنشاط اإليجابي الصادر عف الجاني و ىو العنصر‬
‫الثاني لمركف المادي لجريمة النصب‪ ،‬وتبعا لذلؾ نتساءؿ عف مفيوـ التسميـ و ما ىي‬
‫الشروط الواجب توفرىا فيو لقياـ جريمة النصب ؟‬

‫‪57‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أوال‪ :‬مفهوم التسميم‬

‫إف تسميـ األمواؿ أو القيـ أو المنقوالت فعال ال بد مف وجوده لقياـ جريمة النصب و‬
‫يجب أف ينصب التسميـ عمى أحد األشياء المذكورة في نص المادة ‪372‬ؽ ع واف لـ ييدؼ‬
‫ذلؾ إلى تسمـ ت مؾ القيـ فال يعد ذلؾ نصبا‪ ،‬و ىذا ما يميز جريمة النصب عف جريمة‬
‫السرقة‪ ،‬وال يقع النصب إال عمى منقوالت ذات قيمة مالية و ال يقع عمى العقارات مثمما ىو‬
‫األمر في السرقة‪.‬‬

‫ونقصد بالتسميـ في جريمة النصب قياـ المجني عميو أو مف يعمؿ لحسابو و الذي تـ‬

‫تدليسو بسبب استعما ؿ أسموب مف األساليب االحتيالية بتسميـ ماؿ إلى الجاني ‪ ،‬وال يشترط‬

‫أف يقوـ بالتسميـ المجني عميو شخصيا بؿ يمكف أف يقوـ بذلؾ شخص تمقى مف رئيسو‬

‫المباشر أي المجني عميو و سواء سمـ ذلؾ الماؿ لمجاني مباشرة أو ألحد يعمؿ لديو و ال‬

‫يكوف ىذا األخير مسؤوال إف كاف حسف النية فال يسأؿ جزائيا ألنو ال يعمـ بحقيقة األمر‬

‫بالتالي فالجريمة تتـ مجرد تسمـ الجاني لمماؿ و اتجاه نيتو إلى االستيالء عميو ‪ ،‬ويكفي نقؿ‬

‫شيء مادي مف يد المجني عميو إلى يد الجاني ووضعو تحت تصرؼ ىذا األخير‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬شروط التسميم‬

‫كي يكتمؿ العنصر الثاني لمركف المادي لجريمة النصب والمتمثؿ في تسميـ الماؿ مف‬

‫طرؼ المجني عميو واالستيالء عميو مف طرؼ الجاني البد مف توفر شروط و ىي ‪:‬‬

‫‪ -1‬يجب أف تكوف إرادة المجني عميو مشوب بعيب مف عيوب الرضا لحظة تسميمو‬
‫الماؿ لمجاني نتيجة الوسائؿ االحتيالية التي استعمميا الجاني قصد الحصوؿ عمى ماؿ‬
‫المجني عميو‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫‪ -3‬يجب أف يكوف الشخص الذي قاـ بالتسميـ ىو ذات الشخص الذي تـ النصب‬
‫عميو‪.‬‬

‫‪ -2‬يجب أف تتجو نية الجاني أثناء استالمو لماؿ المجني عميو إلى االستيالء عميو و‬
‫نقؿ حيازتو إليو‪.‬‬

‫‪ -4‬يجب أف تكوف إرادة المجني عميو قد اتجيت إلى تسميـ الماؿ لمجاني بطريقة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة بصفة فعمية أو حكمية ‪.‬‬

‫‪ -5‬يجب أف يقوـ الجاني باستخداـ الوسائؿ االحتيالية قبؿ تسممو لمماؿ أي يجب أف‬
‫‪1‬‬
‫يكوف التسميـ الحقا الستعماؿ الطرؽ االحتيالية‬

‫ونخمص مف كؿ ما بيناه سابقا أف جريمة النصب تتـ مجرد تسميـ المجني عميو لمماؿ‬

‫لمجاني ب ناء عمى استعماؿ ىذا األخير لموسائؿ التدلسية ويتحقؽ ذلؾ مجرد تسميـ الجاني‬

‫الماؿ حتى ولـ لـ يصب المجني عميو بضرر‪ ،‬بالتالي فإف الضرر ال يعد شرطا لقياـ جريمة‬

‫‪1‬‬
‫طعف رقـ ‪2081‬سنة ‪23‬ؽ جمسة ‪ 1964/3/23‬س ‪ 15‬ص ‪ 206‬عف د‪ .‬أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابؽ ص‬

‫‪ 139‬جريمة النصب توافرىا وجوب أف تكوف الطرؽ االحتيالية مف شأنيا تسميـ الماؿ الذي أراد الجاني الحصوؿ عميو مما‬

‫يقتضي أف يكوف التسميـ الحقا الستعماؿ الطرؽ االحتيالية مف شأنيا تسميـ الماؿ الذي أراد الجاني الحصوؿ عميو ‪ ،‬مما‬

‫يقتضي أف يكوف التسميـ الحقا الستعماؿ الطرؽ االحتيالية ولما كاف الحكـ قد استخمص مف أقواؿ المجني عميو أنو سمـ‬

‫الطاعف األوؿ مبمغ النقود عمى سبيؿ القرض قبؿ أف يعمد الطاعناف إلى استعماؿ الطرؽ االحتيالية بتزوير سند الديف و‬

‫كاف ما استخمصو الحكـ لو صداه مف أقواؿ المجني عميو بجمسة المحاكمة فإف قضاءه ببراءة الطاعنيف مف تيمة النصب ال‬

‫يتعارض مع إدانتيا عف جريمة التزوير"‬

‫‪59‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫النصب وتبعا لذلؾ يكفي أف يكوف الضرر محتمؿ الوقوع‪ ،1‬كما لو كنا بصد محاولة نصب‬

‫أو الشروع فيو‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عالقة السببية بين وسيمة التدليس واالستيالء عمى مال الغير‬
‫ال يكفي لقياـ جريمة النصب أف يقوـ الجاني باستخداـ الوسائؿ التدليسية واف يمي ذلؾ‬

‫استيالءه عمى ماؿ المجني عميو بؿ يشترط إلى جانب ذلؾ أف يكوف ذلؾ االستيالء نتيجة‬

‫مباشرة الستعماؿ الجاني لموسائؿ التدليسية أي البد أف تكوف ىناؾ عالقة سببية بيف‬

‫االستيالء واستعماؿ الوسائؿ التدليسية‪ ،‬فإتياف الجاني لنشاط إيجابي مذكورة في نص المادة‬

‫‪ 273‬من قانون العقوبات ال يعد كافيا لقياـ النصب بالتالي فيناؾ مجموعة مف الشروط‬

‫يجب توافرىا لقياـ العالقة السببية بيف عممية التسميـ واستعماؿ الوسائؿ التدليسية وىي ‪:‬‬

‫يجب أف يقوـ الجاني بنشاط إيجابي‬ ‫‪.1‬‬

‫يجب أف يكوف استخداـ الجاني لموسائؿ التدليسية سابقا عمى االستيالء عمى‬ ‫‪.2‬‬

‫ماؿ المجني عميو‪ ،‬فإف كاف التسميـ سابقا عمى الوسائؿ التدليسية فال تقوـ جريمة النصب‪.‬‬

‫يجب أف يؤثر الجاني باستخدامو لموسائؿ التدليسية عمى المجني عميو ليدفعو‬ ‫‪.3‬‬

‫ألف يسمـ لو مالو‪.‬‬

‫يجب أف يؤدي الغش أو االحتياؿ الذي استخدمو الجاني إلى إيقاع المجني‬ ‫‪.4‬‬

‫عميو في الغمط‪.‬‬

‫د محمد صبحي نجـ " شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص" ط‪ 1990‬ص ‪152‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪60‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫يجب أف يقوـ المجني عميو بتسميـ مالو لمجاني بسبب الغمط الذي وقع فيو‬ ‫‪.5‬‬

‫وتبعا لذلؾ فعالقة السببية تعني أف المجني عميو قد سمـ مالو لمجاني نتيجة انخداعو باحتياؿ‬

‫الجاني عف طريؽ استخدامو لموسائؿ التدليسية فيسمـ لو الماؿ برضاه نتيجة الغمط الذي وقع‬

‫‪1‬‬
‫فيو ولـ يكف ليسمـ لو ىذا الماؿ لو كاف يعمـ بحقيقة الجاني‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الركن المعنوي لجريمة النصب‬


‫جريمة النصب كباقي الجرائـ العمدية تتطمب توفر الركف المعنوي لقياميا ‪ ،‬فإف لـ‬

‫يثبت قياـ ىذا الركف المعنوي فال تتحقؽ جريمة النصب حتى لو تبيف أف الجاني قد استعمؿ‬

‫وسائؿ تدليسية مثال كأف يقوـ بذلؾ قصد استرجاع ماؿ ممموؾ لو بالتالي فإف جريمة النصب‬

‫ال تقع بالخطأ العمدي ميما كانت جسامة ىذا الخطأ وتبعا لذلؾ فإف لقياـ جريمة النصب‬

‫يجب أف يتوفر إلى جانب الركف المادي الركف المعنوي والمتمثؿ في القصد العاـ والمتكوف‬

‫مف عنصري العمـ واإلرادة والقصد الخاص والمتمثؿ في نية التممؾ وىذا ما سنوضحو مف‬

‫خالؿ المطمبيف التالييف ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القصد الجنائي العام في جريمة النصب‬


‫يتمثؿ القصد الجنائي العاـ في اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعؿ النصب قصد‬

‫إيقاع المجني عميو في الغمط مع عممو بكافة عناصر تمؾ الجريمة أي اتجاه إرادة الجاني‬

‫لالستيالء عمى ماؿ الغير مع عممو بعناصر الجريمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أ ‪ .‬بيناـ رمسيس ‪،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص‪2368‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أوال ‪ :‬عناصر القصد الجنائي العام‬

‫‪ -1‬العمم بعناصر الجريمة‬

‫يجب أف يكوف الجاني عالما وعمى إطالع بكافة أركاف جريمة النصب كما نصت‬

‫عمييا المادة ‪ 273‬مف قانوف العقوبات‪ ،‬والمتمثمة في عمـ الجاني وادراكو أنو يستعمؿ وسائؿ‬

‫‪1.‬‬
‫تدليسية لخداع المجني عميو واييامو بيا وحممو عمى أف يسمـ لو الماؿ‬

‫أي يجب أف يحاط الجاني عمما بعناصر الجريمة ويعمـ انو يقوـ بعمؿ تدليسي واف‬

‫الماؿ الذي يريد االستيالء عميو ممؾ لمغير‪ ،‬ويجب أف تكوف ادعاءات الجاني لالحتياؿ عمى‬

‫المجني عميو كاذبة ‪ ،‬فمو اعتقد أنيا صحيحة فال يقوـ القصد الجنائي ‪.‬‬

‫مثاؿ عمى ذلؾ مساعد الطبيب ال يسأؿ جزائيا إف كاف ال يعمـ أف الطبيب يستعمؿ‬

‫‪2‬‬
‫‪.‬وحالة تصرؼ الجاني في ماؿ ليس لو‬ ‫وسائؿ تدليسية لمنصب واالحتياؿ عمى زبائنو‬

‫معتقدا منو أف ذلؾ الماؿ ممؾ لو ولو الحؽ في التصرؼ فيو ‪،‬ففي ىذه الحالة ال يتوفر‬

‫القصد الجنائي وبالتالي ال تقوـ جريمة النصب‪.‬‬

‫كما ينتفي القصد الجنائي في حالة استعماؿ الجاني لموسائؿ التدليسية إلقناع الغير‬

‫بنجاح مشروع يعرضو عمييـ وأنو سيجني منو أرباحا طائمة فيقوـ بجمع األمواؿ مف‬

‫المساىميف ليقوـ بتنفيذ المشروع وىو متأكد مف نجاحو‪ ،‬لكف فشؿ المشروع لسوء تقدير منو‬

‫‪1‬‬
‫نائؿ عبد الرحماف صالح‪ " ،‬شرح قانون العقوبات" ‪ -‬القسـ الخاص‪ ،-‬ص ‪.188‬‬
‫‪2‬‬
‫بيناـ رمسيس‪ ،‬المرجع السابؽ ص‪. 2413‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫فتسبب ذلؾ في خسارة المساىميف ألمواليـ ففي ىذه الحالة ال تقوـ جريمة النصب النتفاء‬

‫عنصر العمـ في الركف المعنوي وبالتالي فال يسأؿ جزائيا‪.1‬‬

‫مسالة إثبات وجود العمـ مف عدمو مسألة موضوعية‪ ،‬فإقناع الغير مثال بنجاح مشاريع‬

‫خيالية ال يمكف أف يصدقو العقؿ‪ ،‬كتحويؿ الزجاج إلى كريستاؿ ‪،‬فيذا يدؿ عمى سوء نية‬

‫‪.2‬‬
‫الجاني وال يمكف ليذا األخير أف يدفع بأنو كاف متأكدا مف نجاح ذلؾ المشروع‬

‫كذلؾ الجاني الذي يقوـ بعالج المرضى المصابيف بأمراض مزمنة معتقدا انو قادر‬

‫عمى شفائيـ وىو ال عالقة لو بالطب‪ ،‬فيذا األخير ال يسأؿ عف جريمة النصب النتفاء‬

‫عنصر العمـ في القصد الجنائي‪.‬‬

‫إلى جانب ذلؾ يجب أف يكوف الجاني عمى عمـ أف الماؿ ممؾ لمغير وليس لو حؽ‬

‫التصرؼ فيو واف المجني عميو لـ يكف ليسمـ لو مالو لو عمـ أف الجاني استخدـ وسائؿ‬

‫‪3‬‬
‫تدليسية مف أجؿ النصب عميو واالستيالء عمى أموالو‬

‫‪ -3‬اإلرادة‬

‫يجب أف تنصرؼ إرادة الجاني إلى القياـ بنشاط إيجابي والمتمثؿ في استعماؿ وسائؿ‬

‫تدليسية لالستيالء عمى ماؿ الغير مع عممو أف تمؾ األفعاؿ مجرمة في القانوف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪ .‬نائؿ عبد الرحماف صالح المرجع السابؽ ص ‪189‬‬
‫‪2‬‬
‫أ ‪ .‬بيناـ رمسيس المرجع السابؽ ص‪2488‬‬
‫‪3‬‬
‫د‪ .‬نائؿ عبد الرحماف صالح المرجع السابؽ ص ‪189‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ويجب أف تكوف تمؾ اإلرادة مدركة ومميزة فإف تصرؼ الجاني تحت إكراه معنوي‬

‫كالتيديد مثال فقاـ بالنصب عمى الغير ىنا القصد الجنائي العاـ ال يتحقؽ بالتالي فجريمة‬

‫النصب ال تقوـ ‪،‬ويشترط في إرادة الجاني توفر عنصريف وىما ‪:‬‬

‫اتجاه إرادة الجاني إلى استعماؿ أحد الوسائؿ التدليسية المنصوص عمييا في‬ ‫‪.1‬‬

‫نص المادة ‪ 372‬ؽ ع ‪.‬‬

‫اتجاه إرادة الجاني إلى تحقيؽ النتيجة الجرمية مف وراء استعمالو لموسائؿ‬ ‫‪.3‬‬

‫التدليسية لخداع الغير والنصب عميو باالستيالء عمى مالو‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القصد الجنائي العام لمشركات التجارية باعتبارها شخصا معنويا‬

‫ال يعني بالضرورة أف تكوف اإلرادة واإلدراؾ مفيوماف لصيقاف باإلنساف كفرد‪ ،‬فاإلرادة‬
‫واإلدراؾ ذاتيما طاقات معنوية تحرؾ جسد اإلنساف كفرد أو كمجموعة منظمة لتحقيؽ‬
‫أىدافو‪. 1‬‬

‫‪ – 1‬أهمية الشخص المعنوي‪:‬‬

‫لقد كاف ىذا الموضوع وال يزاؿ موضوع جدؿ كبير‪ ،‬حوؿ مدى إمكانية مساءلة‬
‫الشخص المعنوي جزائيا باعتباره ال يتمتع باألىمية الجنائية كما يتمتع بيا الشخص الطبيعي‪،‬‬
‫و ىو ما سوؼ نتطرؽ لو مف خالؿ‪:‬‬

‫أحمد محمد قائد مقبؿ ‪،‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي دراسة مقارنة ‪،‬الناشر دار النيضة العربية ‪ ،‬الطبعة االولى –‬
‫‪1‬السنة‪ ، 2005‬ص ‪.449‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫أ – أهمية الوجوب ‪:‬‬

‫طالما أف الشخص االعتباري يتمتع بالشخصية القانونية كالشخص الطبيعي فإنو البد‬
‫أف يتمتع بأىمية الوجوب أي صالحيتو الكتساب الحقوؽ وتحمؿ التزامات‪ ،‬ونظ ار الختالؼ‬
‫الشخصية المعنوية عف الشخصية الطبيعية فحقوؽ والتزامات الشخص المعنوي تختمؼ‪ ،‬فال‬
‫يثبت لو الحقوؽ وااللتزامات المالزمة لطبيعة اإلنساف ‪.‬‬

‫ب‪ :‬أهمية األداء‪:‬‬

‫يقصد بأىمية أداء الشخص المعنوي صالحيتو لمباشرة األعماؿ والتصرفات القانونية‬
‫بنفسو‪ ،‬والشخص االعتباري ليس لو تمييز بحكـ طبيعتو إذ ليست لو إرادة‪ ،‬لكف ذىب الفقو‬
‫إلى القوؿ أنو ليس منعدـ األىمية‪ ،‬بؿ بتمتع بيا لكنو ال يستطيع العمؿ إال بواسطة ممثميو‪،‬‬
‫إذ أف القانوف يعتبر أف اإلرادة التي يعبر عنيا بممثؿ الشخص المعنوي واألعماؿ التي يوـ‬
‫بيا بمثابة إرادة وعمؿ الشخص المعنوي‪.‬‬

‫‪ – 3‬إدارة الشخص المعنوي ‪:‬‬

‫ليس صحيحا القوؿ بأف الشخص المعنوي ليسرت لو إرادة‪ ،‬فالجماعة ذات التركيب ىي‬
‫كائف حقيقي يعترؼ المشرع بوجودىا وتنظيـ نشاطيا وىذا النشاط ىو وليد إرادة حقيقية‬
‫منفصمة عف إرادة األعضاء والتي يمكف أف تسند إلييا أثار األفعاؿ المشروعة والغير‬
‫مشروعة طالما أنيا ارتكبت باسمو وبواسطة أعضائو‪ ،‬فإرادتو تتكوف مف التقاء إرادات‬
‫أعضائو المكونيف لو‪ ،‬وىذه اإلرادة الجماعية تعتبر حقيقة واقعية وقادرة عمى ارتكاب الجرائـ‪.‬‬

‫والقصد الخاص ىنا يتمثؿ في نية الشركة باالحتياؿ عمى دائنييا واإلضرار بيـ مف‬
‫خالؿ المناورات االحتيالية ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬القصد الجنائي الخاص‬


‫قد يتطمب القانوف في بعض الجرائـ أف يتوافر لدى الجاني إرادة تحقيؽ غاية معينة مف‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬لكف الغاية تختمؼ مف جريمة إلى أخرى ‪ ،‬ففي جريمة النصب حصر المشرع‬ ‫الجريمة‬
‫الجزائري في المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬غاية الجاني مف استعماؿ مناورات‬
‫احتيالية في الحصوؿ عمى أمواؿ أو منقوالت أو سندات أوتصرفات أو أوراقا مالية أو وعودا‬
‫أو مخالصات أو إبراء مف التزامات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تحديد القصد الجنائي الخاص في جنحة النصب‬

‫يمزـ في جريمة االحتياؿ توافر القصد الجنائي الخاص إلى جانب القصد العاـ أي نية‬
‫محددة ىي نية تممؾ الماؿ الذي تسممو الجاني مف المجني عميو ‪ ،2‬والقصد الخاص في‬
‫االحتياؿ يماثؿ تماما القصد الخاص في السرقة‪ ،‬ويتحقؽ بانصراؼ نية الجاني إلى تممؾ‬
‫الماؿ‪ ،‬أي نيتو في أف يباشر عمى الماؿ سمطة المالؾ و االستئثار بو أو تمميكو لمغير‬
‫مباشرة ‪ ،‬وحرماف المالؾ الحقيقي منو‪ ،‬ومتى توافر القصد اإلجرامي لدى الجاني فال عبرة‬
‫بعد ذلؾ لمبواعث التي دفعتو إلى االستيالء عمى ماؿ الغير‪ ،‬فإذا تخمفت ىذه النية لـ يقـ‬
‫القصد الخاص وبالتالي ال تتوافر ىذه النية السيئة إذا استولى الجاني عمى ماؿ مدينو‬
‫لالحتفاظ بو فترة مف الزمف كضماف لدينو‪ ،‬أو إذا قصد باالحتياؿ أف يتسمـ الشيء لالنتفاع‬
‫بو ثـ يرده بعد ذلؾ لصاحبو‪ ،‬كما ال يتوافر القصد الخاص إذا كاف االستيالء عمى الماؿ‬
‫بقصد الدعابة أو المزاح مع ثبوت انتفاء نية التممؾ‪.‬‬

‫ومتى توافر القصد الجرمي لدى الجاني ‪ ،‬فال عبرة بعد ذلؾ بالبواعث التي دفعتو إلى‬
‫االستيالء عمى ماؿ الغير وحرمانو منو نيائيا‪ ،‬ألف القصد الجنائي الخاص ال يتطمب اتجاه‬

‫‪1‬‬
‫عبد اهلل سميماف‪،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪2‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.360‬‬

‫‪66‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫إرادة الجاني إلى اإلضرار بالمجني عميو‪ ،‬وال يتطمب كذلؾ اتجاىو إلى اإلثراء‪ ،‬بؿ يكفي‬
‫مجرد اتجاه النية إلى التممؾ أيا كانت اآلثار المترتبة بالنسبة إلى ذمتي المتيـ والمجني عميو‬
‫‪ ،‬وبناء عميو فإف اتجاه الوسيط المالي المسحوب منو الترخيص نيائيا لمسعي وراء الحصوؿ‬
‫عمى أمواؿ ال حؽ لو في تحصيميا نظير توسطو لمعمالء في سوؽ البورصة مف شأنو أف‬
‫يدخمو في نطاؽ اتجاه النية إلى التممؾ أيا كانت اآلثار‪.1‬‬

‫أما في جرائـ النصب المعموماتي ‪ ،‬فممقصد الخاص يكوف متواف ار في حالة استخداـ‬
‫الجاني لمنظاـ المعموماتي لسمب ماؿ الغير‪ ،‬كأف يستخرج مف النظاـ المعموماتي فواتير مبالغ‬
‫غير مستحقة باسمو أو باسـ شركائو‪.2‬‬

‫‪ -1‬الجدل حول تطمب القصد الجنائي الخاص في جنحة النصب‬

‫لقد ثار جدؿ حوؿ مدى تطمب القصد الخاص في جريمة االحتياؿ وظير رأياف ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الرأي األول ‪ :‬ذىب ىذا الرأي إلى القوؿ أف القصد الجنائي في جريمة االحتياؿ‬
‫يتخذ صورة القصد ا لعاـ وال مكاف فيو لمقصد الخاص‪ ،‬وذلؾ عمى أساس أف فعؿ االحتياؿ‬
‫يتضمف في ذاتو نية التممؾ‪ ،‬فنية تممؾ الشيء الذي يستولي عميو الجاني ليست إال إرادة‬
‫إحداث النتيجة في جريمة االحتياؿ أي تسميـ المجني عميو الماؿ لمجاني والمراد بيذا التسميـ‬
‫نقؿ الحيازة الكاممة لمشيء ‪ ،‬أي نقؿ ممكيتو وعمى ذلؾ فإف مف يأتي فعؿ االحتياؿ مع عممو‬
‫بحقيقتو يكوف قد وجو إرادتو إلى إحداث النتيجة والمتضمنة لنية التممؾ‪ ،‬والنتيجة ىي أحد‬
‫عناصر الركف المادي في الجريمة‪. 3‬‬

‫‪ 52‬منير بوريشة ‪ ،‬المسؤولية الجنائية لموسطاء المالييف في عمميات البورصة‪ ،‬ماجيستير في القانوف الجنائي دار الجامعة‬
‫الجديدة لمنشر ‪ 38‬سوتير ‪ -‬األ ازريطة ‪ -‬اإلسكندرية سنة ‪، 2002‬ص ‪.38‬‬
‫‪2‬‬
‫أ‪ .‬أحمد خميفة الممط‪ ، ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.349‬‬
‫‪3‬‬
‫فخري عبد الرزاؽ الحديثي و حميدي الزعبي‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.188‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ب – الرأي الثاني ‪ :‬يذىب أنصار ىذا الرأي وىو السائد إلى اشتراط توافر القصد‬
‫الجنائي الخاص لدى الجاني في جريمة النصب والمتمثؿ في نية التممؾ ‪ ،‬أي نية االستيالء‬
‫أو اتجاه نية الجاني إلى مباشرة مظاىر السيطرة عمى الشيء الذي ينطوي عميو حؽ الممكية‪،‬‬
‫حيث تكوف ىذه النية العزـ عمى عدـ رد الشيء‪ ،‬مما يتبيف أف نية التممؾ في جريمة‬
‫االحتياؿ ىي نفسيا في جريمة السرقة واذا انتفت ىذه النية لدى المدعى عميو باالحتياؿ فإف‬
‫القصد الخاص ال يعد حينئذ متوف ار لديو مثؿ الذي يريد تسمـ الشيء لالنتفاع بو ثـ رده‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أف كال الرأييف ال ينفي ما لنية التممؾ مف دور لقياـ جريمة االحتياؿ‬
‫ولكف الخالؼ محصور في موضع نية التممؾ في جريمة النصب‪ ،‬فاالتجاه األوؿ يرى بأنيا‬
‫داخؿ الركف المادي لمجريمة إذ أف التسميـ الناقؿ لمحيازة الكاممة يتضمف بالضرورة نية‬
‫التممؾ‪ ،‬أما االتجاه الثاني فيرى أف موضع ىذه النية الطبيعي باعتبارىا أم ار نفسيا وىو الركف‬
‫المعنوي في الجريمة‪.1‬‬

‫‪ -3‬نية التممك‬

‫نية التممؾ عنصر نفسي لسموؾ االستيالء المترتب عمى الطرؽ االحتيالية المجرمة‬
‫بنص القانوف لذلؾ فإف انتفاءىا يترتب عميو عدـ توافر النموذج القانوني المتطمب في سموؾ‬
‫االحتياؿ‪ ،‬فنية التممؾ ما ىي إال إرادة إحداث النتيجة في جريمة النصب‪.2‬‬

‫فيمزـ إذف لقياـ جريمة االحتياؿ باإلضافة إلى القصد العاـ ‪ ،‬أف تنصرؼ نية الجاني‬
‫إلى تممؾ الماؿ المستولى عميو فبذلؾ يتحقؽ سمب كؿ ثروة الغير أو بعضيا‪ ،‬فإذا لـ تكف‬

‫‪ 1‬فخري عبد الرزاؽ الحديثي و حميدي الزعبي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪189‬‬
‫‪2‬‬
‫ابراىيـ حامد الطنطاوي ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.138‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫نية الجاني منصرفة إلى تممؾ الشيء الذي استولى عميو فال يتوافر القصد الجنائي‪ ،‬ولو أنو‬
‫استولى عميو بطريؽ االحتياؿ‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬إثبات القصد الجنائي‬

‫غالبا ما يكوف إثبات القصد الجنائي في جنحة النصب صعبا ألنيا تثبت مف خالؿ‬
‫المناورات المستعممة‪ ،‬فمف يؤسس شركة ويستعمؿ مناورات احتيالية ضد الغير‪ ،‬ال يعترؼ‬
‫بأنو كاف ينوي ارتكاب جنحة النصب‪ .‬وأحيانا يكوف مف الصعب التفرقة بيف النية المعاقب‬
‫عمييا وعدـ الحيطة غير المعاقب عمييا ‪ ،‬فمديرو الشركات عادة ما يعترفوف بأنيـ تصرفوا‬
‫بدوف حذر وينكروف كؿ نية سيئة‪ ،‬ولكف في كؿ األحواؿ فإف تقدير القصد الجنائي ىو مف‬
‫اختصاص قاضي الموضوع ‪.‬‬

‫إف مسألة إثبات الجريمة ىي مف أىـ المسائؿ التي يتعرض ليا القاضي الجنائي‪،‬‬
‫وذلؾ باالستناد إلى أدلة اإلثبات إذ يكوف مف الصعب إثبات الجريمة في القضايا الجزائية‬
‫دوف ثبوت وجود الجريمة واسناد ىذه األخيرة ماديا ومعنويا حيث أف المشرع لـ يحدد لمقاضي‬
‫طريقة يقتنع بيا وانما يكوف اإلثب ات بكؿ طرؽ اإلثبات ما عدا الحاالت التي ينص فييا‬
‫القانوف عمى خالؼ ذلؾ‪ ، 2‬وبالنسبة لمسالة إثبات القصد الجنائي في االحتياؿ يعاقب‬
‫الجاني عف جريمة النصب ويقع عبء اإلثبات عمى سمطة االتياـ ولمحكمة الموضوع‬
‫الفصؿ فيما يتعمؽ بثبوت الوقائع المكونة لالحتياؿ أو االستيالء عمى ماؿ الغير‪.3‬‬

‫وتجدر المالحظة أف المشرع يجب عميو أف يراعي الصعوبات البالغة في إثبات‬


‫األنشطة اإلجرامية لمشخص المعنوي ‪ ،‬حيث تتسـ أنشطتو بتعقيدات كبيرة يتعذر معيا في‬
‫كثير مف األحياف إثبات وقوع الجريمة نظ ار لطبيعة الشخص المعنوي الخاصة وأنشطتو‬

‫‪1‬‬
‫فخري عبد الرزاؽ الحديثي و حميدي الزعبي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪189‬‬
‫‪2‬‬
‫المادة ‪ 212‬مف قانوف اإلجراءات المدنية واإلدارية ‪.‬‬
‫‪3‬فخري عبد الرزاؽ الحديثي و حميدي الزعبي‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪192‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫اإلجرامية وأساليبو ووسائمو‪ ،‬خاصة وأف عقوبة الشخص المعنوي لف تكوف بجسامة عقوبة‬
‫الشخص الطبيعي‪.1‬‬

‫‪ -1‬بالنسبة لمشخص الطبيعي‬

‫لمتمييز بيف الفاعؿ األصمي والشريؾ في جريمة النصب‪ ،‬يستند المشرع الجزائري إلى‬
‫نية وارادة المساىميف في تحقيؽ الجريمة مف حيث مدى ما تتضمنو تمؾ اإلرادة مف خطورة‬
‫إجرامية‪.‬‬

‫كما يقع عبئ اإلثبات بالنسبة لمشخص الطبيعي طبقا ألحكاـ المادة ‪ 212‬وما يميا مف‬
‫قانوف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬عمى كؿ مف الطرؼ المدني والنيابة العامة‪.‬‬

‫أ ‪ :‬المساهمة الجنائية المباشرة‬

‫إف تنفيذ الجريمة يعني تحقيؽ الركف المادي فييا‪ ،‬ولمتمييز بيف تعدد الجناة‪ ،‬والشريؾ‬
‫فإف فعؿ الجناة يجب أف يتوافر فيو ما توافر في فعؿ الجاني إذا قاـ وحده بارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫أي أف يساىـ كؿ جاف في ارتكاب الفعؿ أو األفعاؿ التي يقوـ عمييا الركف المادي ‪.2‬‬

‫والقصد الجنائي الواجب توافره لدى كؿ جاف ىو عممو بماىية الفعؿ الذي يرتكبو وتوقع‬
‫نتيجتو المباشرة‪ ،‬وأف تتجو إرادتو إلى ارتكاب الفعؿ وتحقيؽ نتيجتو‪ ،‬باإلضافة لذلؾ يجب أف‬
‫يعمـ كؿ مساىـ في الجريمة بكؿ األفعاؿ التي يرتكبيا المساىموف معو في الجريمة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد محمد قائد مقبؿ ‪،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪450‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪450‬‬
‫‪3‬‬
‫رضا فرج ‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الشركة الوطنية لمنشر والتوزيع‪ ،‬سنة ‪ ، 1976‬ص ‪. 296‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫ب‪ :‬المساهمة الجنائية غير المباشرة‬

‫تعرؼ المادة ‪ 42‬مف قانوف العقوبات الجزائري الشريؾ بأنو "يعتبر شريكا في الجريمة‬
‫مف لـ يشترؾ اشتراكا مباشرا‪ ،‬ولكنو ساعد بكؿ الطرؽ أو عاوف الفاعؿ أو الفاعميف عمى‬
‫ارتكاب األفعاؿ التحضيرية أو المسيمة أو المنفذة ليا مع عممو بذلؾ "‪.‬‬

‫وتنص المادة ‪ 44‬فقرة أولى عمى‪" :‬يعاقب الشريؾ في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة‬
‫لمجناية أو الجنحة "‪.‬‬

‫تكتسب أفعاؿ الشريؾ صفتيا اإلجرامية باعتبارىا مساىمة غير مباشرة في تنفيذ‬
‫الجريمة‪ ،‬فالشريؾ يرغب في إحداث النتيجة التي تقع بناء عمى فعمو وفعؿ الفاعؿ األصمي‬
‫مجتمعيف‪ ،‬والقصد الجنائي لدى الشريؾ يتكوف مف عنصريف العمـ واإلرادة‪ ،‬عممو بماىية و‬
‫نشاطو باعتباره مساىمة غير مباشرة‪ ،‬وارادتو في القياـ بفعؿ المساىمة وارادتو في تحقيؽ‬
‫النتيجة‪.1‬‬

‫‪ -3‬بالنسبة لمشخص المعنوي‬

‫أ ‪ -‬إثبات القصد الجنائي الخاص في جريمة نصب الشركات التجارية‬

‫بما أف الجريمة العمدية تتطمب توفر القصد الجنائي‪ ،‬فالنية السيئة لمشركة باعتبارىا‬
‫شخص معنوي‪ ،‬ىي عمميا باألىداؼ التي تسعى لموصوؿ إلييا مف وراء استخداميا‬
‫لممناورات االحتيالية حتى ولو كانت الشركة في حالة إعسار‪ ،‬فمف يقوـ بالدعوة لالكتتاب‬
‫الصوري أو الوىمي وىو عال ـ سواء بأف تمؾ الشركة التي يدعي وجودىا غير حقيقية عمى‬
‫أرض الواقع ‪ ،‬أو شركة حقيقية وتتجو إرادة الجاني نحو تحقيؽ النتيجة وىو جمب اكتتابات‬
‫ودفعات جديدة فيعد مرتكبا لجريمة النصب‪ ،‬وكذا عمـ محافظ الحسابات بأف التقارير أو‬

‫‪1‬‬
‫رضا فرج ‪ ،‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪ 340‬و ‪. 341‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل األول‪.........................................................‬اإلطار المفاهيمي لجريمت النصب‬

‫البيانات غير صحيحة وتتجو إرادتو إلى المصادقة عمى انتظاـ وصحة حسابات الشركة‪،‬‬
‫فيعد فاعال أصميا أو شريكا في الجريمة ‪.‬‬

‫وكذلؾ األمر بالنسبة لممديريف وأعضاء مجمس اإلدارة الذيف يكونوف عمى عمـ بصورية‬
‫األرباح وعدـ مطابقتيا لمواقع ‪ ،‬ومع ذلؾ تتجو إرادتيـ لتوزيع تمؾ األرباح عمى المساىميف‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إثبات القصد الجنائي الخاص في جريمة اإلفالس بالتدليس‬

‫حتى يقوـ الركف المعنوي لجريمة اإلفالس بالتدليس‪ ،‬البد أف يتحقؽ القصد العاـ والذي‬
‫يقوـ عمى عنصري العمـ واإلرادة ‪ ،‬بمعنى أف يعمـ الفاعؿ بأنو يرتكب فعال ممنوعا والمتمثؿ‬
‫في إحدى صور الركف المادي الذي أشرنا إلييا وأف يوجو إرادتو إلى القياـ بذلؾ الفعؿ‪ ،‬كما‬
‫أنو البد مف توافر القصد الخاص ويتمثؿ ىذا القصد في نية االحتياؿ‪.‬‬

‫باتجاه نية المفمس إلى اإلضرار بالدائنيف بإنقاص أصولو بغير حؽ أو زيادة خصومو‬
‫بغير حؽ و النتيجة ىي حرماف كؿ دائف مف كؿ أو بعض النصيب الذي يستحقو مف أمواؿ‬
‫المفم س نظير دينو ‪ .‬وعمى النيابة العامة أف تتولى إثبات ىذا القصد بأي دليؿ تستظيره مف‬
‫المالبسات الخاصة بكؿ قضية ‪ ،‬وال يجوز إطالقا افتراض القصد الجنائي بمجرد وقوع الفعؿ‬
‫المادي‪ .‬فقد يتمؼ التاجر دفاتره أو يغيرىا بقصد التيرب مف الضرائب وليس بقصد اإلضرار‬
‫بالدائنيف ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫جزاء جريمة النصب‬
‫والتعويض عنها‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬
‫الفصل الثاني‪ :‬جزاء جريمت الن صب والتؼىيض ػنه ا‬

‫إف جريمة النصب واالحتياؿ أصبحت مف الجرائـ المألوفة والكثيرة االنتشار لما تحقؽ‬
‫المزيد مف الكسب دوف بذؿ جيد أو عناء‪ ،‬وىي بيذا تؤدي إلى فقداف الثقة واالئتماف بيف‬
‫المتعامميف وما ينجر عنو مف ركود اقتصادي‪ ،‬والحيمولة دوف تحقيؽ األىداؼ مف خطط‬
‫التنمية في البالد واإلخالؿ بأىـ ضوابط التبادؿ التجاري‪ ،‬ومف ثـ عدـ االستقرار في‬
‫التعامالت االقتصادي‪.‬‬

‫لقد تطرؽ المشرع الجزائري لجريمة النصب في المادة ‪ 372‬وما بعدىا مف قانوف‬
‫العقوبات الجزائري‪ .‬وبالرجوع لنص المادة السالفة الذكر فإف المشرع الجزائري حصر الوسائؿ‬
‫االحتيالية التي يستعمميا الجاني لخداع المجني عميو‪ ،‬في اتخاد أسماء أو صفات كاذبة أو‬
‫استعماؿ سمطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي أو أحداث األمؿ بالفوز بأي شيء أو في وقوع‬
‫حادث أو أية واقعة أخرى وىمية أو الخشية مف وقوع شيء ‪."...‬‬

‫إف جريمة النصب تختمؼ عف السرقة‪ ،‬فاألولى تفترض االستالـ‪ ،‬بينما الثانية تفترض‬
‫االنتزاع لشيء ممموؾ لمغير وقبضو دوف رضاه‪ ،‬وتختمؼ عف جريمة خيانة األمانة مف حيث‬
‫كونيا أف ركف االستالـ فييا يقع عف طريؽ االحتياؿ بينما في جريمة خيانة األمانة نجد بأف‬
‫تسميـ الشيء يكوف مف قبؿ الضحية وأف الرضا الصادر عنو صحيح ال عيب يشوبو وال‬
‫وجود ألي وسيمة احتيالية‪ ،‬ألف التسميـ كاف بيدؼ معيف وبمقتضی عقد محدد‪.‬‬

‫حيث سنحاوؿ في ىذا الفصؿ التعرؼ عمى العقوبات األصمية والعقوبات التكميمية‪،‬‬
‫المقررة بالنسبة لكؿ مف الشخص الطبيعي والشخص المعنوي ‪ ،‬وكذا التعويضات المكفولة‬
‫لضحايا جرائـ النصب واالحتياؿ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫المبحث األول‪ :‬الجزاءات المطبقة عمى جريمة النصب‬


‫قد نص المشرع الجزائري عمى عقوبات جريمة النصب األصمية والتكميمية كما نص‬

‫كذلؾ عمى الظروؼ المشددة والظروؼ المخففة ليا مف جية ‪ ،‬وتعويض الضرر الناتج‬

‫او القضاء‬ ‫عنيا مف جية اخرى بمباشرة الدعوى المدنية اما اماـ القضاء الجزائي‬

‫المدني‪.‬‬

‫حيث سنتطرؽ في ىذا المبحث الى العقوبات األصمية المقررة قانونا لجريمة النصب‬

‫بالنسبة لمشخص الطبيعي مف حبس وغرامة ‪ ،‬واثر ظروؼ التشديد والتخفيؼ عمى‬

‫العقوبة ‪ ،‬وعقوبة الشروع في جريمة النصب ‪.‬‬

‫المطمب األول ‪ :‬الجزاء المطبق عمى جريمة النصب بالنسبة لمشخص الطبيعي‪.‬‬
‫تختمؼ الجزاءات المطبقة عمى كؿ مف الشخص الطبيعي ‪ ،‬وكذا الشخص المعنوي‪،‬‬
‫حيث سنخصص ىذا المطمب الجزاءات المقررة عمى الشخص الطبيعي‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬العقوبات األصمية المقررة لجريمة النصب‬


‫يقصد بالعقوبة األصمية العقوبة التي ال تقترف ال بظروؼ مشددة وال بظروؼ مخففة‪ ،‬و‬
‫عميو فإذا لـ تقترف جريمة النصب بظروؼ قانونية تشدد العقوبة‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات عمى العقوبات األصمية لجريمة النصب كالتالي‬

‫‪ " :‬يعاقب بالحبس مف سنة عمى األقؿ إلى خمس سنوات عمى األكثر وبغرامة مف‬

‫‪ 20000.00‬إلى ‪ 100000.00‬دج ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫فيعاقب المحكوـ عميو الذي ارتكب جريمة النصب ضمف العناصر واألركاف التي‬

‫ذكرناىا سابقا مف ركف مادي وركف معنوي بالعقوبات التالية ‪:‬‬

‫‪.1‬الحبس مف سنة إلى خمس سنوات‬

‫‪.‬‬
‫‪.3‬الغرامة المالية المقدرة بػ ‪20000.00‬دج إلى ‪ 100.000.00‬دج‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أف المشرع أشار إلى أنو يجب الحكـ عمى المتيـ المداف بعقوبة‬
‫الحبس والغرامة معا‪ ،‬أي أنو يجب عمى القاضي الجمع بيف العقوبتيف في حكـ واحد‪.‬‬

‫كما يمكف لمقضاء افادة المحكوـ عميو غير المسبوؽ قضائيا مف نص المادة ‪53‬‬
‫مكرر ‪ 4‬مف قانوف العقوبات والتي نصت عمى أنو ‪ ":‬إذا كانت العقوبة المقررة قانونا في‬
‫مادة الجنح ىي الحبس و‪/‬أو الغرامة ‪ ،‬وتقرر إفادة الشخص الطبيعي غير المسبوؽ قضائيا‬
‫و الغرامة إلى‬ ‫بالظروؼ المخففة ‪ ،‬يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شيريف‬
‫‪20000.00‬دج ‪."..‬‬

‫كما يمكف الحكـ بإحدى العقوبتيف المقررة لجريمة النصب في حالة افادة المتيـ‬
‫المداف غير المسبوؽ قضائيا بظروؼ التخفيؼ عمى اف ال تقؿ عف الحد االدنى المقرر‬
‫قانونا لمجريمة المرتكبة وىو ما نصت عميو المادة ‪ 53‬مكرر ‪ 02/4‬مف قانوف العقوبات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات التكميمية المقررة لجريمة النصب‬


‫نص المشرع الجزائري في الفقرة الثالثة مف المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات عمى‬

‫العقوبات التكميمية لجريمة النصب كالتالي " وفي جميع الحاالت يجوز أف يحكـ عالوة عمى‬

‫ذلؾ الجاني بالحرماف مف جميع الحقوؽ الواردة في نص المادة ‪ 14‬أو مف بعضيا وبالمنع‬

‫مف اإلقامة وذلؾ لمدة سنة عمى األقؿ وخمس سنوات عمى األكثر "‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫إلى جانب العقوبة األصمية المنصوص عمييا في المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات‬
‫الجزائري‪ ،‬نص المشرع في الفقرة الثالثة مف نفس المادة عمى عقوبة أخرى وىي العقوبة‬
‫التكميمية‪.‬‬

‫و يستفاد مف ىذه الفقرة أف العقوبة التكميمية ىي عقوبة ذات طابع جوازي‪ ،‬أي يجوز‬
‫لمقاضي الحكـ بيا أو اإلستغناء عنيا تماما بغض النظر عف العقوبة االصمية المحكوـ بيا‬
‫حتى واف استفاد المحكوـ عميو مف ظروؼ التخفيؼ او اقتراف الجريمة بظروؼ مشددة‬
‫شددت العقوبة‪.‬‬

‫ولمعرفة ىذه الحقوؽ ‪ ،‬فقد أحالتنا المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري في فقرتيا‬

‫الثالثة إلى المادة ‪ 14‬مف قانوف العقوبات الجزائري التي نصت عمى " يجوز لممحكمة‬
‫عند‬

‫قضائيا في جنحة‪ ،‬وفي الحاالت التي يحددىا القانوف‪ ،‬أف تحظر عمى المحكوـ عميو‬
‫ممارسة حؽ أو أكثر مف الحقوؽ الوطنية المذكورة في المادة ‪ 9‬مكرر‪ ،1‬وذلؾ لمدة ال تزيد‬
‫عف خمس سنوات‪.‬‬

‫وتسري ىذه العقوبة مف يوـ انقضاء العقوبة السالبة لمحرية او االفراج عف المحكوـ‬
‫عميو "‬

‫وبالرجوع الى إلى المادة ‪ 9‬مكرر‪ 1‬مف قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬تتمثؿ العقوبات‬
‫التكميمية التي يمكف الحكـ بيا اضافة الى العقوبة االصمية في حالة ادانة المتيـ بجنحة‬
‫النصب بالحرماف مف ممارسة الحقوؽ الوطنية والمدنية والعائمية المحصورة في ‪:‬‬

‫‪-1‬العزؿ أو اإلقصاء مف جميع الوظائؼ والمناصب العمومية التي ليا عالقة‬


‫بالجريمة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫‪ - 2‬الحرماف مف حؽ اإلنتخاب والترشح و مف حمؿ أي وساـ ‪.‬‬

‫‪ - 3‬عدـ األىمية ألف يكوف مساعدا محمفا‪ ،‬أو خبيرا‪ ،‬أو شاىدا عمى أي عقد‪ ،‬أو‬
‫شاىدا أما القضاء إال عمى سبيؿ اإلستدالؿ ‪.‬‬

‫‪ - 4‬الحرماف مف الحؽ في حمؿ األسمحة‪ ،‬وفي التدريس‪ ،‬وفي إدارة مدرسة أو الخدمة‬
‫في مؤسسة لمتعميـ بوصفو أستاذا‪ ،‬أو مدرسا أو مراقبا‪.‬‬

‫‪ - 5‬عدـ األىمية ألف يكوف وصيا أو قيما‪.‬‬

‫‪ -6‬سقوط حقوؽ الوالية كميا أو بعضيا ‪.‬‬

‫و باإلضافة إلى الحكـ عمى الجاني الحرماف مف ىذه الحقوؽ الوطنية المنصوص‬
‫عمييا في المادة ‪ 09‬مكرر‪ ،‬يجوز لمقاضي بنص المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري‬
‫في الفقرة الثالثة الحكـ بعقوبة تكميمية اخرى تتمثؿ في المنع مف اإلقامة سنة عمى األقؿ‬
‫إلى خمس سنوات عمى األكثر‪.‬‬

‫ولقد نصت المادة ‪ 2‬مف األمر ‪ 80/75‬المؤرخ في ‪ 1975/12/15‬إلى كيفية تطبيؽ‬

‫القاضي لعقوبة المنع مف اإلقامة ونصت بالتحديد أف القرار الذي يحدد قائمة األماكف التي‬

‫تمنع عمى الجاني اإلقامة فييا يصدرىا وزير الداخمية ويبمغ بو المحكوـ عميو ويتضمف ىذا‬

‫القرار تدابير رقابة تفرض عمى المحكوـ عميو‪ ،‬كما تضيؼ المادة ‪ 3‬مف نفس األمر أف‬

‫لوزير الداخمية الحؽ في تعديؿ تمؾ التدابير الخاصة باإلقامة وكذا قائمة األماكف الممنوع‬

‫عميو اإلقامة فييا كما أف لو الحؽ في وقؼ تنفيذ المنع مف اإلقامة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫ويعاقب بالحبس مف ثالثة أشير إلى ثالث سنوات كؿ مف خالؼ أحد تدابير المنع مف‬

‫(‪)1‬‬
‫اإلقامة المنصوص عمييا في األمر المذكور سالفا أو تممص منيا‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عقوبة الشروع في جريمة النصب‬


‫نصت المادة ‪ 31‬مف قانوف العقوبات الجزائري عمى أف‪" :‬المحاولة في الجنحة ال‬

‫يعاقب عمييا إال بناء عمى نص صريح في القانوف " فعقوبة الشروع في النصب منصوص‬

‫عمييا بموجب المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري‪.‬‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الفقرة األولى التي تنص عمى " كؿ‬

‫مف توصؿ إلى استالـ‪...‬أو الحصوؿ عمى أي منيا أو شرع في ذلؾ وكاف ذلؾ باالحتياؿ‬

‫لسمب كؿ ثروة الغير ‪...‬يعاقب بالحبس مف سنة عمى األقؿ إلى ‪ 5‬سنوات عمى األكثر‬

‫وبغرامة مف ‪20000.00‬دج إلى ‪100.000‬دج "‬

‫يتضح لنا مف خالؿ استقرائنا لتمؾ المادة أف المشرع الجزائري يعاقب عمى الشروع بنفس‬

‫فالعقوبة المقررة لجريمة النصب ال يقتصر تطبيقيا عمى جريمة‬ ‫عقوبة الجريمة التامة‪،‬‬

‫النصب التامة فقط بؿ تطبؽ أيضا عمى الشروع فييا أي محاولة نصب ماؿ الغير‪ ،‬وبذلؾ‬

‫المشرع الجزائري جعؿ عقوبة الشروع في جريمة النصب ىي نفسيا عقوبة جريمة النصب‬

‫التامة‪.‬‬

‫(‪ )1‬احسف بوسقيعة‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي الخاص‪ ،‬الجزء االوؿ ‪،2008‬ص ‪. 277‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫والقوؿ بالعقاب عمى الشروع يقتضي تحديد االفعاؿ يتكوف منيا ‪ ،‬كوف نشاط المجرـ‬

‫يمر بعدة مراحؿ‪ ،‬مف مرحمة التفكير والتصميـ التي تراود الشخص الى غاية اتخاذ القرار‬

‫بارتكاب الجريمة ‪،‬وىي مرحمة ال عقاب فييا وال تعتبر شروعا في الجريمة ‪ ،‬الى مرحمة‬

‫ال تحضر بالقياـ بإعداد التجييزات الالزمة الرتكاب الجريمة واألصؿ في ذلؾ انو ال عقاب‬

‫عمييا ما لـ تشكؿ خط ار ييدد المصمحة العامة وبذلؾ تعد شروعا في الجريمة ‪ ،‬ثـ‬

‫مرحمة المحاولة او البدء في التنفيذ وىي معاقب عمييا في جريمة النصب ‪ ،‬وأخي ار مرحمة‬

‫التنفيذ الكامؿ لمجريمة والمعاقب عميو بطبيعة الحاؿ‪.‬‬

‫فقد يقؼ األمر عند حد الشروع في جريمة النصب وذلؾ إذا بدأ الجاني في تنفيذ‬

‫الجريمة ولـ يتمم يا ألسباب ال دخؿ إلرادتو فييا‪ ،‬فالشروع في اإلحتياؿ يتحقؽ إذا بدأ الجاني‬

‫في إستعماؿ وسائؿ التدليس ولكنو عجز عف إتماميا واذا أتـ أفعاؿ التدليس ولـ يترتب عمييا‬

‫خداع المجني عميو‪ ،‬واذا أتـ ىذه األفعاؿ وترتب عمييا وقوع المجني عميو في الغمط ولكنو لـ‬

‫يسممو الماؿ لسبب ما‪ ،‬و إذا أتـ ىذه األفعاؿ وترتب عمييا وقوع المجني عميو في الغمط‬

‫وسممو الماؿ ولكف ليس تحت تأثير الغمط وانما لسبب أخر‪.1‬‬

‫ولذلؾ جعؿ المشرع الجزائري عقوبة الشروع في اإلحتياؿ ىي نفسيا عقوبة اإلحتياؿ‬
‫التاـ ويفسر ذلؾ أف المحاولة تفترض اجتياز مرحمة عسيرة مف المشروع الجرمي‪ ،‬وىي سبؾ‬
‫أساليب الخداع واحكاميا‬

‫‪1‬‬
‫أحمد بسيوني ابو الروس ‪،‬جرائـ النصب‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اماـ كمية الحقوؽ‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬سنة ‪،1982‬‬
‫ص‪.366‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫وفي الغالب يكوف عدـ تماـ اإلحتياؿ راجعا إلى المصادفة البحتة التي جعمت المجني‬
‫عميو ين تبو في المحظة األخيرة إلى تضميؿ المحتاؿ لو‪ ،‬و ليس مف شأف ذلؾ اإلقالؿ مف‬
‫خطورة شخصيتو‪. 1‬‬

‫فكؿ المحاوالت او االفعاؿ التي تبتدأ بالتنفيذ او التي ال لبس فييا تؤدي مباشرة الى‬

‫ارتكاب جريمة النصب تعتبر كجريمة نصب تامة اذا لـ توقؼ او يخب اثرىا إال نتيجة‬

‫تدخؿ ظروؼ مستقمة عف ارادة مرتكبيا ويعاقب عمييا كأنيا جريمة نصب تامة ‪.‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬الجزاء المطبق عمى جريمة النصب بالنسبة لمشخص المعنوي ‪.‬‬
‫مف قانوف‬ ‫‪ 18‬مكرر و ‪ 18‬مكرر ‪01‬‬ ‫المشرع الجزائري في المادتيف‬ ‫نص‬
‫العقوبات عمى العقوبات المطبقة عمى الشخص المعنوي وقسميا الى عقوبات اصمية تتمثؿ‬
‫في الغرامة ‪،‬وعقوبات تكميمية‪.‬‬

‫و يمكف تقسيـ العقوبات المستحدثة لمشخص المعنوي وفقا لمنيج الذي سار عميو بعض‬
‫فقياء القانوف إلى عقوبات تمس الذمة المالية‪ ،‬وعقوبات ماسة بوجود الشخص المعنوي أو‬
‫حياتو و عقوبات ماسة بسمعتو‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬عقوبات ماسة بالذمة المالية‬


‫يعد الماؿ مف أىـ أىداؼ الشخص المعنوي‪ ،‬وأخطر وسائمو الرتكاب أنشطتو الجنائية‪،‬‬
‫فتحقيؽ أكبر فائدة‪ ،‬وفي أسرع وقت‪ ،‬وىو الغاية التي تدفعو لمخالفة القانوف‪ ،‬باستعماؿ‬
‫وسائؿ احتيالية وارتكاب الغش‪ ،‬ولذا حؽ أف يكوف الماؿ محال لمعقاب إلعتباره مكسب غير‬
‫مشروع ووسيمة غير شرعية‪،‬‬

‫‪1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬جرائـ االعتداء عمى االمواؿ في قانوف العقوبات البالني‪ ،‬المجمد االوؿ‪ ،‬طبعة ثالثة‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة‬
‫‪ 1998‬ص‪.399‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫ووصوال لردع فعاؿ ومؤثر‪ ،‬كما أف الجزاءات المالية مف أنسب الجزاءات لطبيعة‬
‫‪1‬‬
‫الشخص المعنوي‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الغرامة المالية‬

‫وىي عبارة عف مبمغ مف النقود محدد يمتزـ المحكوـ عميو بدفعو لفائدة خزينة الدولة ‪،‬‬
‫وىي مف أىـ العقوبات التي تطبؽ عمى الشخص المعنوي في كؿ الجرائـ‪.‬‬

‫نصت المادة ‪ 18‬مكرر مف قانوف العقوبات عمى الغرامات المالية التي يمكف الحكـ‬
‫بيا عمى الشخص المعنوي بالنسبة لمجنايات و الجنح بالغرامة التي تساوي مرة (‪ )1‬إلى‬
‫خمس (‪ )5‬مرات الحد األقصى لمغرامة المقررة لمشخص الطبيعي في القانوف الذي يعاقب‬
‫عمى الجريمة"‪.‬‬

‫ففي جريمة النصب قدرت الغرامة في الظروؼ العادية وبالنسبة لمشخص الطبيعي‬
‫بمبمغ يترواح بيف‪ 20000.00‬الى ‪ 100 . 000‬دج‪ ،‬وفي الظروؼ المشددة قد تصؿ‬
‫الغرامة إلى ‪ 40000.00‬دج‪.‬‬

‫الجزائري في المادة ‪ 18‬مكرر ‪ 01‬مف قانوف العقوبات عمى‬ ‫كما نص المشرع‬


‫ا لعقوبات المالية المطبقة عمى الشخص المعنوي في المخالفات بالغرامة التي تساوي مرة‬
‫(‪ )1‬إلى خمس (‪ )5‬مرات الحد األقصى لمغرامة المقررة لمشخص الطبيعي في القانوف الذي‬
‫يعاقب عمى الجريمة‪.‬‬

‫ويبدوا أف المشرع الجزائري قد وضع في اعتباره أف عقوبة الغرامة تطبؽ عادة عمى‬
‫الشخص الطبيعي مع عقوبة أخرى سالبة لمحرية‪ ،‬وبما أف ىذه األخيرة ال يمكف تطبيقيا عمى‬

‫‪1‬‬
‫احمد محمد قائد مقبؿ ‪ ،‬المسؤولية الجزائية لمشخص المعوي دراسة مقارنة ‪ ،‬الناشر دار النيضة العربية‪ ،‬الطبعة االولى‬
‫سنة ‪ ، 2005‬ص ‪.404‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫الشخص المعنوي فقد وجد أف المساواة تقتضي مضاعفة مبالغ الغرامة إلى خمس أمثاؿ‬
‫الشخص الطبيعي عف نفس الجريمة التي يحكـ بيا عميو‪.‬‬

‫ويري بعض الفقياء اف الغرامة المقررة قانونا لمشخص المعنوي غير رادعة بالمقارنة مع‬
‫ما ستكتسبو الشركة مف جراء ارتكابيا لجنحة النصب‪ ،‬وما ستجنيو مف أمواؿ أو فوائد‪ ،‬وما‬
‫ستحققو مف أرباح خيالية‪ ،‬وليذا ينادي بعض الفقياء مف الضرورة أف يتبنى المشرع الغرامة‬
‫التي تتالءـ مع جسامة الضرر مف جراء ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المصادرة‬

‫عرفت المادة ‪ 15‬مف قانوف العقوبات الجزائري المعدلة بموجب القانوف رقـ ‪23-06‬‬
‫المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2006‬المصادرة بأنيا ‪ ":‬األيمولة النيائية إلى الدولة لماؿ أو‬
‫مجموعة أمواؿ معينة ‪ ،‬أو ما يعادؿ قيمتيا عند االقتضاء ‪ ،"...‬كما يعرفيا بعض الفقياء‬
‫عمى أنيا " نزع ممكية ماؿ مف صاحبو جب ار عنو‪ ،‬واضافتو إلى ممؾ الدولة دوف مقابؿ" ‪،‬‬
‫وتتميز المصادرة بفعالية الردع حيث تصيب الشخص المعنوي بخسارة مالية كبيرة‪.‬‬

‫وتنصب المصادرة إما عمى مصادرة الشيء ذاتو الذي استعمؿ في الجريمة او نتج‬
‫عنيا‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عقوبات ماسة بوجود الشخص المعنوي وحياته‬


‫تتميز ىذه العقوبات بسيولة تطبيقيا واألكثر ذيوعا في التشريعات المقارنة ‪ ،‬وىي‬
‫عقوبات ترتبط بوجوده و نشاطو الميني و سمعتو‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫أوال ‪ :‬حل الشخص المعنوي‬

‫يقصد بحؿ الشخص المعنوي منعو مف اإلستمرار في ممارسة نشاطو ‪ ،‬حتى ولو كاف‬
‫تحت إسـ أخر أو مع مديريف أو أعضاء مجمس إدارة أو مسيريف أخريف ويترتب عمى ذلؾ‬
‫تصفية أموالو مع المحافظة عمى حقوؽ الغير حسف النية‪.‬‬

‫و يعد الحؿ يعد مف أكثر الجزاءات خطورة وأشدىا ألنيا تنيي حياة الشخص المعنوي‪،‬‬
‫لذا جعميا المشرع الجزائري جوازية لمعقوبات المطبقة عمى الشخص المعنوي كقاعدة عامة‪،‬‬
‫ويكوف النطؽ بيا في عدة وضعيات مثؿ ‪ :‬النصب‪ ،‬خيانة األمانة‪ ،‬المساس بنظاـ معالجة‬
‫‪1‬‬
‫المعمومات‪ ،‬اإلرىاب‪ ،‬تيريب المخدرات‪ ...‬وغيرىا مف الجرائـ الخطيرة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬غمق المؤسسة او فرع من فروعها لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‬

‫غمؽ المؤسسة جزاء عيني يتمثؿ في منع المؤسسة مف مزاولة نشاطيا في المكاف الذي‬
‫‪2‬‬
‫ارتكبت فيو أو بسببو جريمة متعمقة بيذا النشاط‪.‬‬

‫وعرؼ المشرع الفرنسي الغمؽ بموجب نص المادة ‪ 131/33‬مف قانوف العقوبات‬


‫الفرنسي بأنيا ‪ ":‬منع مف مزاولة المنشأة ‪ ،‬األنشطة التي بمناسبتيا ارتكبت الجريمة‪.‬‬

‫و نص المشرع الجزائري عمى ىذه العقوبة في الفقرة ‪ 04‬مف المادة ‪18‬مكرر مف قانوف‬
‫العقوبات غير أنو حدد مدة الغمؽ بخمس سنوات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صمودي سميـ‪ ،‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي‪ ،‬دراسة مقارنة بيف التشريع الجزائري والفرنسي‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬عيف‬
‫مميمة‪ ،‬الجزائر سنة ‪،2006‬ص ‪.63‬‬
‫‪2‬‬
‫احمد محمد قائد مقبؿ‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص‪.391‬‬

‫‪82‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫ثالثا‪ :‬المنع من ممارسة نشاط مهني او اجتماعي‬

‫يفضؿ الفقو اطالؽ مصطمح غمؽ المنشأة عمى ىذه العقوبة ‪،‬ألف الردع يحقؽ ىدفو‬
‫بحرماف المحكوـ عميو مف المكاسب لفترة معينة او بصفة نيائية مف استغالؿ منشأتو دوف‬
‫أف تمتد أثار العقوبة إلى الغير المتعامميف مع المنشأة‪.‬‬

‫و نص المشرع الجزائري عمى عقوبة المنع مف ممارسة نشاط ميني أو إجتماعي في‬
‫المادة ‪18‬مكرر الفقرة ‪ 6‬مف قانوف العقوبات في العقوبات المطبقة عمى األشخاص ‪ ،‬والتي‬
‫نصت‪ " :‬المنع مف مزاولة النشاط او عدة انشطة مينية او اجتماعية بشكؿ مباشر او غير‬
‫مباشر ‪،‬نيائيا او لمدة ال تتجاوز خمس(‪ ) 05‬سنوات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬االقصاء من الصفقات العمومية لمدة ال تتجاوز خمس سنوات‪:‬‬

‫اليدؼ مف ىذا اإلجراء ىو حرماف الشخص المعنوي مف التعامؿ في أية عممية يكوف‬
‫طرفيا أحد أشخاص القانوف العاـ‪ ،‬أي يمنع مف إبراـ الصفقات العمومية‪.‬‬

‫و لقد نص المشرع الجزائري عمى ىذه العقوبة في المادة ‪ 18‬مكرر فقرة ‪ 05‬مف قانوف‬
‫العقوبات وحددىا بمدة خمس سنوات‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة ال تتجاوز خمس سنوات ‪:‬‬

‫بموجب ىذا االجراء ووفقا لممادة ‪ 18‬مكرر فقرة ‪ 9‬مف قانوف العقوبات الجزائري يمكف‬
‫وضع الشخص المعنوي تحت حراسة القضاء‪ ،‬غير انو تـ تقييد ىذا االجراء بمدة ال تتجاوز‬
‫‪ 5‬سنوات ‪ ،‬تنصب فيو الحراسة القضائية عمى النشاط الذي أدى إلى إرتكاب الجريمة أو‬
‫الذي ارتكبت الجريمة بمناسبتو‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬الؼمىباث الماصت بضمؼت الشخص المؼنىي‪:‬‬


‫مف العقوبات التكميمية الماسة‬ ‫وتتعمؽ اساسا بنشر وتعميؽ حكـ االدانة ‪،‬وىي‬
‫بالسمعة‪ ،‬و لسمعة واعتبار الشخص المعنوي أثر كبير في مستقبمو ونشاطو‪ ،‬فيكوف محال‬
‫لمجزاء‪ ،‬مف خالؿ نشر حكـ اإلدانة الصادر ضده حتى يقي الجميور نفسو ومالو مف‬
‫مخاطره ‪.1‬‬

‫و يقصد بنشر وتعميؽ حكـ اإلدانة ‪ ،‬إعالف واذاعة حكـ اإلدانة‪ ،‬بحيث يصؿ إلى عدد‬
‫كاؼ مف الناس بأية وسيمة اتصاؿ سمعية أو مرئية‪ ،‬ميما كانت وسيمة النشر‪ ،‬ويشكؿ ىذا‬
‫الجزاء تيديدا فعميا لمشخص المعنوي يمس مكانتو والثقة فيو أماـ الجميور‪ ،‬وييدد نشاطو في‬
‫المستقبؿ ويتـ النشر إما بتعميقو عمى الجدراف في األماكف التي يحددىا الحكـ ذاتو أو في‬
‫الجريدة الرسمية أو في صحيفة أو مجمة أو إذاعة‪.‬‬

‫ويجب اف ال يستمر النشر لمدة غير محددة بؿ ال بد اف يتـ تحديد ميمو النشر و‬
‫التعميؽ ‪،‬‬

‫يتطرؽ اليو المشرع الجزائري في المادة ‪ 18‬مكرر مف قانوف العقوبات عمى خالؼ‬
‫بعض التشريعات المقارنة التي حدت مدة النشر او التعميؽ ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫احمد محمد قائد مقبؿ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪ 422‬و ‪.423‬‬

‫‪84‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الظروف المشذدة لجريمت النصب والتؼىيض ػن رلك‬


‫نص المشرع الجزائري في الفقرة الثانية مف المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات عمى‬
‫ظروؼ مشددة لجريمة النصب بقوليا " واذا وقعت الجنحة مف شخص لجأ إلى الجميور‬
‫بقصد إصدار أسيـ أو سندات أو أذونات أو حصص أو أية سندات مالية سواء لشركات أو‬
‫مشروعات تجارية أو صناعية فيجوز أف تصؿ مدة الحبس إلى عشر سنوات والغرامة إلى‬
‫‪ 400.000‬دج " ‪ ،‬كما نص المشرع عمى ظرؼ مشدد اخر في جريمة النصب طبقا ألحكاـ‬
‫المادة ‪ 382‬مكرر مف قانوف العقوبات اذا ما ارتكبت ضد الدولة او احد االشخاص‬
‫االعتبارية المنصوص عمييا في المادة ‪ 29‬مف القانوف ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري‬
‫‪ ، 2006‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو ‪ ،‬ويعاقب المحكوـ عميو في ىذه الحالة مف‬
‫سنتيف الى ‪ 10‬سنوات حبس‬

‫المطلب األول ‪ :‬الظروف المشذدة لجريمت النصب‪.‬‬


‫الفرع األول‪ :‬الظرف المشذد المتؼلك بالجاني‬
‫اعتبر المشرع الجزائري أف توجيو الطرؽ االحتيالية لخداع الجميور ظرفا مشددا لما‬
‫ينجـ عنو مف نتائج خطيرة وضارة تيدد المجتمع وتصيب اإلقتصاد الوطني ‪ ،‬وعمى ذلؾ‬
‫نصت المادة ‪ 372‬فقرة ‪ 2‬مف قانوف العقوبات الجزائري ‪" :‬واذا وقعت الجنحة مف شخص‬
‫لجأ إلى الجميور بقصد إصدار اسيـ أو سندات أو أذنات أو حصص أو اية سندات مالية‬
‫سواء لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية فيجوز أف تصؿ مدة الحبس إلى عشر‬
‫سنوات و الغرامة الى ‪ 400000.00‬دج ‪.‬‬

‫لقد اعتبر المشرع أف توجيو الطرؽ االحتيالية لخداع الجميور ظرفا مشددا ‪ ،‬والعمة‬
‫مف وراء التشديد تكمف في الخطورة اإلجرامية لشخصية الجاني وزعزعة ثقة الجميور مف‬
‫خالؿ إصدار أسيـ وسندات وما شابو ذلؾ مما يضر باإلقتصاد الو طني ‪ ،1‬كما اف‬

‫‪1‬‬
‫فخري عبد الرزاؽ الحديثي وحميدي الزعبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات ‪ ،‬القسـ العاـ‪،‬الموسوعة الجنائية ‪،‬دار الحافة لمنشر‬
‫والتوزيع‪،‬سنة ‪،2009‬ص ‪194‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫الجاني لـ يقتصر عمى ضحية واحدة فقط بؿ تعداه الى عدد كبير مف الضحايا ‪ ،‬وىي‬
‫قرينة قاطعة عمى خطورة شخصيتو االجرامية‪.‬‬

‫إف توجيو أساليب الخداع إلى جميور الناس‪ ،‬يفترض أف يكوف المحتاؿ قد استعمؿ‬
‫وسيمة العالنية أيا كانت يخاطب جميور الناس عف طريقيا داعيا أياىـ إلى اإلكتتاب في‬
‫االسيـ أو السندات التي أصدرىاو يراد بوسيمة العالنية كؿ اسموب يتجو الخطاب فيو إلى‬
‫عدد غير محدود مف الناس فقد يكوف النشر في صحيفة دورية أو توزيع منشورات في الطرؽ‬
‫العامة أو لصؽ إعالنات عمى الجدراف‪ ،‬أو الجير بالدعوى في مكاف عاـ عف طريؽ اإلذاعة‬
‫أو التمفزيوف‪ ،‬ومف تـ فإنو ال يرتكب ىذا اإلحتياؿ مف يتصؿ برجاؿ الماؿ الذيف يدعوىـ إلى‬
‫االكتتاب بوسائؿ خاصة‪ ،‬كالتحدث إلى كؿ منيـ عمى انفراد‪ ،‬أو إلى مجموعة منيـ محدودة‬
‫العدد‪ ،‬أو توجيو رسائؿ خاصة الى كؿ منيـ‪.1‬‬

‫ويقصد بإصدار أسيـ أو سندات التي تصدرىا شركة المساىمة والتي تستيدؼ بيا‬
‫جمب رأسماؿ جديد إلى الشركة سواء كانت في طور تأسيسيا أو كانت موجودة بالفعؿ‬
‫وتسعى إلى الزيادة في رأسماليا‪ ،‬و مف ثـ ال يعتبر اصدا ار بيع أسيـ أو سندات موجودة مف‬
‫قبؿ‪ ،‬إذ ليس مف شأف ذلؾ جمب رأسماؿ جديد‪ ،‬وعمى سبيؿ المثاؿ قفد تضمف زعما تأسيس‬
‫شركة وىمية أو تضمف مبالغة في تقدير أرباح شركة قائمة أو نشرت بيذا الطريؽ موازنة‬
‫مزورة‪ ،‬و بذلؾ فقد استيدؼ الفعؿ الذي تقدـ بو المناورات اإلحتيالية ايقاع المجني عمييـ‬
‫المحتمميف في الغمط و حمميـ عمى تسميـ ماؿ يكتتبوف بو في ىذه األسيـ‪.2‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الظرف المشذد المتؼلك بالمجني ػليه‬


‫نصت المادة ‪ 382‬ؽ ع مكرر أنو " عندما ترتكب الجرائـ المنصوص عمييا في‬

‫األقساـ األوؿ والثاني والثالث مف الفصؿ الثالث مف ىذا الباب ضد الدولة أو األشخاص‬

‫‪1‬‬
‫محمود نجيب حسني‪ ،‬المرجع السابؽ ص ‪. 404‬‬
‫‪2‬محمود نجيب حسني ص ‪405‬‬

‫‪86‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫االعتبارية المشار إلييا في المادة ‪ 29‬مف القانوف ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪،2006‬‬

‫المتعمؽ بالوقاية مف الفساد ومكافحتو‪ ،‬فإف الجاني يعاقب بػ‬

‫‪ .1‬بالحبس المؤبد في الحاالت الواردة في المواد ‪354 – 353 – 352‬‬

‫‪ .2‬بالحبس مف سنتيف إلى عشر سنوات إذا كاف األمر يتعمؽ بجنحة باستثناء‬

‫الحالة التي تنص عمييا المادة ‪ 370‬مف قانوف العقوبات "‪.‬‬

‫تبعا لذلؾ فإف كؿ مف ارتكب جريمة النصب إض ار ار بالدولة أو إحدى الجماعات‬

‫المحمية أو المؤسسات العمومية أو الييئات الخاضعة لمقانوف العاـ المنصوص عمييا في‬

‫المادة ‪ 29‬مف القانوف ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ 2006‬المتعمؽ بالوقاية مف الفساد‬

‫ومكافحتو ‪ ،‬فيعاقب المحكوـ عميو في ىذه الحالة مف سنتيف الى ‪ 10‬سنوات حبس ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى أنو قبؿ تعديؿ نص المادة ‪ 382‬مف قانوف العقوبات الجزائري‬
‫بموجب القانوف المؤرخ في ‪ 2001-06-26‬كانت العقوبة تصؿ إلى اإلعداـ عندما ترتكب‬
‫الجريمة إض ار ار بمصمحة األمة‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التؼىيض ػن جريمت النصب‬


‫يتولى القضاء النظر في طمبات ضحية جريمة النصب المتعمقة تعويضو عف الضرر‬

‫الالحؽ بو عف الجريمة ‪،‬فيحؽ لكؿ مضرور مف جريمة النصب اف يمجأ الى القضاء‬

‫لممطالبة بجبر الضرر الالحؽ بو وتعويضو عف ما اصابو مف ضرر مادي ومعنوي منو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫احسف بوسقيعة ‪،‬المرجع السابؽ‪،‬ص ‪.329‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫يتـ التعويض عف الضرر الالحؽ بالضحية عف جريمة النصب عف طريؽ مباشرتو‬

‫لمدعوى المدنية سواء اماـ القضاء المدني او القضاء الجزائي ‪ ،‬ويتـ تعويضو عينا او نقدا‪.‬‬

‫يقصد بالدعوى المدنية الوسيمة القانونية لممطالبة بالتعويض أماـ القاضي الجنائي أو‬
‫المدني‪ ،‬يتولى تحريكيا ورفعيا شخص يدعى بالمدعى المدني المتضرر مف الجريمة يطالب‬
‫‪1‬‬
‫فييا بتعويضو عما أصابو مف ضرر سببتو لو الجريمة‬

‫الفرع االول ‪ :‬طرق مباشرة الذػىي المذنيت الناتجت ػن جريمت النصب‬


‫اشار المشرع الجزائري في المادتيف ‪ 02‬و ‪ 04‬مف قانوف االجراءات الجزائية عمى‬

‫امكانية مباشرة الدعوى المدنية اما اماـ القضاء الجزائي واما اماـ القضاء المدني ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مباشرة الدعوى المدنية بالتبعية لمدعوى العمومية‬

‫وفقا لمقاعدة العامة في اإلختصاص ‪ ،‬تتولى المحاكـ المدنية النظر بالفصؿ في‬
‫الدعاوى المدنية وتتولى المحاكـ الجزائية النظر بالفصؿ في الدعوى العمومية‪ ،‬غير انو‬
‫استثناء عمى ىذه القاعدة يجوز مباشرة الدعوى المدنية مع الدعوى العمومية في نفس الوقت‬
‫أماـ نفس الجية القضائية المختصة أصال لمنظر في الدعاوى العمومية وىو ما يعرؼ‬
‫بالدعوى المدنية بالتبعية لمدعوى العمومية‪.‬‬

‫فنصت المادة ‪ 3‬فقرة ‪ I‬و‪ 2‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ج الجزائري ‪ ":‬يجوز مباشرة الدعوى المدنية مع‬
‫الدعوى العمومية في وقت واحد أماـ الجيات القضائية نفسيا‪.‬‬

‫وتكوف مقبولة أيا كاف الشخص المدني أو المعنوي المعتبر مسؤوال مدنيا عف الضرر"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة الدعوى الجزائية ذات العقوبة الجنحية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬دار ىومة‪ ،‬سنة ‪،2008‬ص‬
‫‪255‬‬

‫‪88‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫ويقصد بتبعية الدعوى المدنية لمدعوى العمومية بغرض الحصوؿ عمى تعويض عف‬
‫األضرار التي تسببت فييا الجريمة‪ ،‬تبعيا مف حيث اإلجراءات المتبعة بشأنيا ومف حيث‬
‫تخضع الدعوى المدنية التبعية لقانوف اإلجراءات الجزائية وليس لقانوف اإلجراءات المدنية‪.1‬‬

‫وما يشترط لمباشرة الدعوى المدنية بالتبعية لمدعوى العمومية اماـ القضاء الجزائي‬
‫طبقا ألحكاـ المادتيف ‪ 02‬و‪ 03‬مف قانوف االجراءات الجزائية ما يمي ‪:‬‬

‫ما يعرؼ بالخطأ الجزائي الذي يشكؿ جريمة النصب بجميع‬ ‫وجود‬ ‫‪-1‬‬
‫أركانيا‪ ،‬أي تكوف ىناؾ متابعة جزائية مرفوعة بشأف وقائع يعاقب القانوف عمى‬
‫اقترافيا اماـ القضاء الجزائي‪.‬‬
‫موضوع الدعوى المدنية يتعمؽ بالمطالبة بالتعويض عف الضرر‬ ‫‪-2‬‬
‫الناتج عف جريمة النصب‪.‬‬
‫العالقة السببية بيف جريمة النصب والضرر ‪ ،‬أي يكوف الضرر ناتج‬ ‫‪-3‬‬
‫مباشرة عف الجريمة‪ ،‬وبذلؾ وجود ارتباط بينيما ويتـ التعويض عف الضرر المباشر‬
‫عنيا فقط دوف يتعداه الى الضرر غير المباشر‪.‬‬
‫ويتـ مباشرة الدعوى المدنية بالتبعية لمدعوى العمومية اما عف طريؽ االدعاء المدني‬
‫اماـ قاضي التحقيؽ وفقا ألحكاـ المادة ‪ 72‬مف قانوف االجراءات الجزائية‪ ،‬او عف طريؽ‬
‫واما اثناء الجمسة بتقرير يثبتو الكاتب او‬ ‫تقرير لدى كتابة الضبط قبؿ جمسة المحاكمة‬
‫ابدائو في مذكرات قبؿ ابداء النيابة العامة لطمباتيا في الموضوع واال كاف غير مقبوؿ ‪،‬‬
‫ويعد تاركا الدعائو المدني كؿ مدعي مدني يتخمؼ عف الحضور او ال يحضر عنو مف‬
‫يمثمو في الجمسة رغـ تكميفو بالحضور تكميفا قانونيا ‪ ،‬وال يحوؿ ذلؾ دوف مباشرة الدعوى‬
‫المدنية اماـ الجية القضائية المختصة ‪ ،‬وىذا ما نصت عميو المواد‪ 239‬الى ‪ 247‬مف‬
‫قانوف االجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد اهلل اوىايبية ‪ ،‬شرح قانوف االجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬التحقيؽ والتحري‪ ،‬دار ىومة‪،‬ص‪142‬‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫ثانيا‪ :‬مباشرة الدعوى المدنية امام القضاء المدني‬

‫نصت المادة ‪ 4‬مف قانوف االجراءات الجزائية ‪ ":‬يجوز أيضا مباشرة الدعوى المدنية‬
‫منفصمة عف الدعوى العمومية‪.‬‬

‫غير أنو يتعيف أف ترجئ المحكمة المدنية الحكـ في تمؾ الدعوى المرفوعة أماميا لحيف‬
‫الفصؿ نيائيا في الدعوى العمومية إذا كانت قد حركت "‪.‬‬

‫وىو األ صؿ اف يتـ رفع الدعوى المدنية اماـ القضاء المدني وفقا لمقواعد العامة‬
‫ويتـ ذلؾ بعد الفصؿ في الدعوى العمومية تطبيقا لقاعدة‬ ‫لإلجراءا ت المدنية واإلدارية‬
‫الجنائي يوقؼ المدني اذا كانت المتابعة الجزائية قائمة‪ ،‬وىذا لتفادي صدور حكميف عف‬
‫جيتيف مختمفتيف متناقضيف مف حيث سبب الدعوى المشترؾ بينيما وىي الجريمة محؿ‬
‫المتابعة التي تشكؿ الخطأ الجزائي اساس المتابعة الجزائية واالدانة وفي نفس الوقت‬
‫تشكؿ الخطأ المدني اساس التعويض ‪ ،‬ولكوف الحكـ الجزائي حجة عمى القاضي المدني‬
‫فيما قضى بو وكاف قضاؤه ضروريا فييا ‪ ،‬بحيث يرتبط القاض المدني بالحكـ الجزائي‬
‫بالنسبة لموقائع التي فصؿ فييا ىذا الحكـ وكاف فصمو فييا ضروريا ‪ ،‬وىو ما نصت‬
‫عميو المادة ‪ 339‬مف القانوف المدني‪.‬‬

‫أي اف ارجاء البت في الدعوى المدنية مف شأنو اف يسمح لمقاضي المدني‬


‫‪1‬‬
‫االستعانة واالستنارة بنتائج التحقيؽ الجنائي‬

‫ويتـ ارجاء الفصؿ في الدعوى المدنية الى غاية الفصؿ في الدعوى العمومية اذا تـ‬
‫تحريكيا بموجب حكـ بات غير قابؿ ألي طرؽ مف طرؽ الطعف‪.‬‬

‫‪1‬عبد اهلل اوىايبية‪ ،‬المرجع السابؽ ‪،‬ص ‪.180‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موضوع الدعوى المدنية‬


‫إف موضوع الدعوى المدنية سواء تمت مباشرتيا بالتبعية لمدعوى العمومية في نطاؽ‬
‫القضاء المدني في نطاؽ قانوف االجراءات المدنية‬ ‫قانوف اإلجراءات الجزائية او اماـ‬
‫واإلدارية ىو التعويض عف الضرر الذي لحؽ المدعي المدني مف الجريمة‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 2‬فقرة ‪ I‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية ‪ ":‬يتعمؽ الحؽ في الدعوى‬
‫المدنية لممطالبة بتعويض الضرر الناجـ مف جناية أو جنحة أو مخالفة بكؿ مف أصابيـ‬
‫شخصيا ضرر مباشر تسبب عف الجريمة "‪.‬‬

‫ونصت المادة ‪3‬فقرة ‪ 2‬مف نفس القانوف ‪":‬وتكوف مقبولة أيا كاف الشخص المدني أو‬
‫المعنوي المعتبر مسؤوال مدنيا عف الضرر ‪."...‬‬

‫ونصت المادة ‪ 239‬فقرة ‪ 2‬منو‪" :‬ويمكف لممدعي المدني أف يطالب بتعويض الضرر‬
‫المسبب لو"‪.‬‬

‫ونصت المادة ‪ 3‬فقرة ‪ 4‬منو أيضا ‪ ":‬تقبؿ دعوى المسؤولية المدنية عف كافة أوجو‬
‫الضرر سواء كانت مادية أو جثمانية أو أدبية مادامت ناجمة عف الوقائع موضوع الدعوى‬
‫الجزائية‪.‬‬

‫ويكوف التعويض عف الضرر تعويضا نقديا او تعويض عيني ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التعويض النقدي‬


‫التعويض النقدي ىو المدلوؿ الخاص لمصطمح التعويض وىو األصؿ‪ ،‬حيث أف‬
‫تعويض المضرور مف الجريمة عادة ما يكوف عف طريؽ جبر الضرر الذي لحؽ المدعى‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثاني‪............................................‬جزاء جريمت النصب والتؼىيض ػنها‬

‫المدني بواسطة إصالح ما أحدثتو الجريمة مف أضرار بدفع مبمغ مالي أو نقدي لو عمى‬
‫سبيؿ التعويض عف تمؾ األضرار‪.1‬‬
‫إف تقدير التعويض النقدي يدخؿ ضمف السمطة التقديرية لمقاضي دوف أف يحكـ بأكثر‬
‫مما طمب منو مف المدعي المدني‪.‬‬

‫ولقد نصت المادة ‪ ، 357‬فقرة ‪ 2‬و‪ 3‬مف قانوف اإلجراءات الجزائية ‪" :‬وتحكـ عند‬
‫اإلقتضاء فى الدعوى المدنية وليا أف تأمر بأف يدفع مؤقتا كؿ أو جزء مف التعويضات‬
‫المدنية المقدرة‪.‬‬
‫كما ليا السمطة ‪ -‬إف لـ يكف ممكنا إصدار حكـ في طمب التعويض المدنى بحالتو ‪-‬‬
‫أف تقرر لممدعى المدني مبمغا احتياطيا قابال لمتنفيذ بو رغـ المعارضة واإلستئناؼ" ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعويض العيني‬

‫يقصد بالتعويض العيني أو الرد ‪ ،‬إعادة الحاؿ إلى ما كاف عميو قبؿ ارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫والرد بيذا المعنى يتحدد مجالو بالجرائـ التي يكوف محميا ماديا ماال منقوال أو عقارا‪ ،‬وال‬
‫يمكف القضاء بالرد إال إذا كاف الشيء موضوع الجريمة موجودا ويمكف رده لممدعي المدني‪.‬‬

‫ولقد نصت المادة ‪ 372‬فقرة ‪ ": 2‬يجوز لكؿ مف المتيـ والمدعي المدني والمسؤوؿ‬
‫عف الحقوؽ المدنية أف يطمب إلى المحكمة المطروحة أماميا الدعوى رد األشياء الموضوعة‬
‫تحت تصرؼ القضاء‪ ،‬ويجوز لممحكمة أف تأمر بيذا الرد مف تمقاء نفسيا "‪.‬‬

‫‪1‬عبد اهلل اوىايبية‪ ،‬المرجع السابؽ‪ ،‬ص ‪.151‬‬

‫‪92‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫الخاتمت ‪:‬‬

‫النصب جريمة تقوـ أساسا عمى تغيير الحقيقة‪ ،‬أي عمى الكذب والغش والخداع‪ ،‬فإذا‬
‫لـ يكف ىناؾ تغيير لمحقيقة فال احتياؿ‪ ،‬كما أف الجاني في مجاؿ األعماؿ يكوف ذا دراية‬
‫ومعرفة في األعماؿ التي يمارسيا‪ ،‬وصاحب مستوى في مختمؼ المجاالت مما يمكنو مف‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬بؿ وأكثر مف ذلؾ يستعمؿ الحيمة مف أجؿ أف تبقى الجريمة غير مكتشفة‪.‬‬

‫إف الوضعية االقتصادية واالجتماعية السائدة داخؿ كؿ مجتمع معرضة لتغيرات‬


‫عديدة‪ ،‬مخمفة أثا ار سمبية ناتجة عف السموكات اإلجرامية بطريقة مباشرة‪ ،‬كما أف تنوع‬
‫الم صالح لدى األشخاص الطبيعية والمعنوية‪ ،‬والتي تعرؼ تطورات وتغيرات باتخاذىا أشكاال‬
‫مختمفة تؤدي إلى المساس بالحقوؽ المالية‪ ،‬وىذا ما عرفو المجتمع الجزائري‪ ،‬مف تحوالت‬
‫في مياديف عدة‪ ،‬ظيرت معيا أشكاؿ جديدة مف الجرائـ تستعمؿ فييا وسائؿ حديثة يقوـ‬
‫بارتكابيا أشخاص يتم تعوف بمستوى مف الذكاء‪ ،‬مما يمكنيـ مف تجاوز كؿ وسائؿ مواجية‬
‫الجريمة العادية‪ ،‬ولقد أدى انتشار ىذه الجرائـ إلى المساس بأمف المجتمع واستقرار االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وىذه الجرائـ ال يمكف القضاء عمييا ولكف يمكف الحد منيا‪ ،‬ومف ىذه الجرائـ جنحة‬
‫النصب التي قمنا بدراستيا ىي ظاىرة اجتماعية أساسيا المكر والخديعة يجرميا قانوف‬
‫العقوبات وفي نفس الوقت قواعد األخالؽ لما تحدثو مف أضرار ومساس بمبدأ حسف النية‬
‫في المعامالت بيف الناس‪.‬‬

‫لقد كانت جريمة النصب في الماضي ترتكب بطريؽ وأسموب بدائي‪ ،‬غير أنو مع‬
‫التطور التكنولوجي وظيور األنترنيت ظيرت أساليب جديدة متنوعة‪ ،‬ولـ يكتؼ النصابيف‬
‫باالحتياؿ عمى األفراد بؿ تعدوا ذلؾ وأصبحت المؤسسات والشركات والبنوؾ ضحية ليـ‪،‬‬
‫وبالتالي أصبح مف الضروري تحقيؽ مكافحة فعالة ليذه الجريمة مف خالؿ تشديد العقوبة‬
‫المفروضة عمييا وكذا الزيادة في مقدار الغرامات‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫تعد جريم ة النصب مف أعقد المشكالت التي تواجو متعاممي التجارة ألنيا تمحؽ ضر ار‬
‫بالمراكز المالية لألفراد والشركات التجارية‪ .‬كما أف بروز الشخص االعتباري بصفة‬
‫ممحوظة‪ ،‬بعدما كاف في الماضي يمعب دو ار محدودا في مختمؼ المجاالت فإنو وبسيب‬
‫التطورات االقتصادية واالجتماعية والتكنولوجية في العصر الحديث أصبح يتسع في مختمؼ‬
‫المجاالت‪ ،‬ومف ثـ أصبح يحقؽ أضرار جسيمة تفوؽ كثي ار الضرر الذي يمحقو الشخص‬
‫الطبيعي نظ ار لما يتمتع بو الشخص المعنوي مف إمكانيات ووسائؿ ضخمة‪ ،‬كما أف‬
‫الصعوبات البالغة في إثبات جرائـ األشخاص المعنوية تعتبر عامال أساسيا نحو االنحراؼ‬
‫اإلجرامي‪ ،‬فتجعؿ أنشطة األشخاص المعنوية وتقنيتيا واتساعيا‪ ،‬اإلثبات بالغ التعقيد في‬
‫الجرائـ التي يرتكبيا ألف الشخص المعنوي يسيره ويمثمو عدة أشخاص طبيعية‪ ،‬فينتيي األمر‬
‫إلى عمـ إدانة ىذا الشخص المعنوي‪.‬‬

‫َّ‬
‫إف وجود جريمة النصب ىو بسبب وجود الضحايا الكثيريف داخؿ المجتمع‪ ،‬فيي‬
‫جريمة تتميز بأنيا سريعة التصديؽ‪ ،‬وأف الفرد فييا سريع االنقياد وراء أكاذيب الجاني‪ ،‬كما‬
‫أنيا تعد ذات طبيعة خاصة إذ أف المجني عميو في الكثير مف األحياف يخشى اإلبالغ عف‬
‫الواقعة واألسموب الذي وقع ضحيتو لشعوره باف لو دو ار كبي ار في وقوعيا و أف تسميمو لمماؿ‬
‫الذي انصبت عميو واقعة النصب كاف طواعية واختيا ار منو ولـ يكف مجب ار عمى تسميمو وأنو‬
‫كاف ييدؼ مف وراء تسميـ مالو تحقيؽ منفعة شخصية لو أو تحقيؽ ربح مادي‪.‬‬

‫وبما أف وسائؿ التدليس كثيرة لدرجة ال يمكف تحديدىا كميا‪ ،‬ألف مف يستغؿ سذاجة‬
‫الناس أو طم عيـ يتفنف في ابتكار أساليب الكذب واالحتياؿ لمتوصؿ لنيؿ ما يريد‪ ،‬لذلؾ فإف‬
‫المشرع الجزائري أورد قائمة المناورات االحتيالية التي يستعمميا المحتالوف عمى سبيؿ‬
‫الحصر لكنو عبر عنيا بعبارات مرنة مف شأنيا أف تتسع إلى كؿ أنواع وسائؿ التدليس‪،‬‬
‫فاستعماؿ صفة كاذبة تعبير يحمؿ العديد مف التأويالت ويمتد لمختمؼ المجاالت خاصة وأف‬
‫االدعاء بالصفة غير الصحيحة يعد أسموبا كافيا مف أساليب االحتياؿ ولو لـ يدعـ بأي‬

‫‪95‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫مظير خارجي أو فعؿ مادي لتعزي الكذب‪ ،‬ألف مجرد اتخاذ الجاني لصفة كاذبة يحدث أث ار‬
‫نفسيا لدى المجني عميو فيدفعو لتصديقو ومف ثـ تسميـ مالو لو‪.‬‬

‫وتجدر المالحظة أنو عمى غرار المشرع الجزائري‪ ،‬فالمشرع الفرنسي وبموجب نص‬
‫المادة ‪ 1-313‬مف قانوف العقوبات أعتبر التعسؼ باستعماؿ صفة حقيقية بشكؿ مناورة‬
‫احتيالية عندما يكوف استعمالو بغرض اضفاء مالمح الحقيقة عمى تصريحات أو تصرفات‬
‫كاذبة‪ ،‬فيو بمثابة مظير مف المظاىر الخارجية المرافقة لمكذب التي يتحقؽ بيا االحتياؿ‬
‫والخداع متي أدت إلى حمؿ المجني عميو إلى تسميـ مالو لمجاني‪.‬‬

‫أما فيما يخص المناورات االحتيالية ىي أكثر وسائؿ االحتياؿ التي يستخدميا‬
‫المحتالوف ومع ذلؾ فإف المشرع لـ يضع ليا تعريفا مكتفيا ببياف الغاية التي يسعى الجاني‬
‫لمتوصؿ إلييا مف خالؿ استعماليا‪ ،‬وىي تتمثؿ في "‪ ...‬إيياـ الناس بوجود مشروع كاذب‪،‬‬
‫سمطة خيالية‪ ،‬واعتماد مالي خيالي‪ ،‬إحداث األمؿ في الفوز بأي شيء أو في وقوع حادث أو‬
‫أية واقعة أخرى وىمية أو الخشية مف وقوع أي شيء منيا‪ ،"...‬كما أف الطرؽ االحتيالية تقوـ‬
‫بعنصريف ىما الكتب والمظاىر الخارجية المدعمة لو‪ ،‬وتستيدؼ غاية معينة في إيقاع‬
‫المجني عميو في غمط يحممو عمى االعتقاد فيما يدعيو الجاني‪.‬‬

‫واألىداؼ التي حددىا المشرع الجزائري ليا مدلوؿ واسع كاإليياـ بوجود مشروع كاذب‬
‫يمتد لمختمؼ المجاالت االقتصادية والتجارية والمالية‪ ،‬إال أف المشرع الجزائري لـ يعتبر‬
‫استعماؿ مناورات احتيالية مف أجؿ الحصوؿ عمى خدمة جريمة نصب‪ ،‬وىذا ما نص عميو‬
‫المشرع الفرنسي صراحة في المادة ‪ ، 1-313‬وبالتالي يعد الشخص الذي يسافر بدوف‬
‫مقابؿ باستعماؿ أساليب احتيالية مرتكبة لجنحة النصب‪.‬‬

‫كما أننا تناولنا مف خالؿ موضوع الدراسة بصفة عامة جنحة النصب واالحتياؿ وفقا‬
‫النص المادة ‪ 372‬مف القانوف الجنائي الجزائري‪ ،‬وبصفة خاصة جنحة النصب التي ترتكبيا‬

‫‪96‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫الشركات التجارية وعمى وجو التحديد شركات المساىمة سواء ما كاف منيا مرتكبا في طور‬
‫تأسيسيا أو أثناء مزاولتيا لنشاطيا أو أثناء انتيائيا‪ ،‬فيي تقوـ باستغالؿ المشاريع‬
‫االقتصادية الكبرى تجارية كانت أـ صناعية‪ ،‬فتقوـ بتجميع االدخار العاـ عف طريؽ طرح‬
‫أسيـ لالكتتاب العاـ وما يصاحبيا مف إغراءات واعالنات لدفع الجميور لالكتتاب عف‬
‫طريؽ الدعاية واإلشيار‪ ،‬فيذه الشركات عادة ما تمجأ لوضع بيانات ومعمومات كاذبة‪ ،‬والتي‬
‫تشكؿ مناورات احتيالية إذا ما استعممتيا الشركة مف أجؿ التوصؿ التحقيؽ األىداؼ التي‬
‫حددىا المشرع في المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري‪.‬‬

‫ومف بيف ىذه األكاذيب نجد الكذب في بيانات الشركة واظيارىا بمركز مالي أقوى مف‬
‫أجؿ خداع الغير أو دائني الشركة أو جميور المكتتبيف واالحتياؿ عمييـ بيدؼ الحصوؿ‬
‫عمى اكتتابات أو دفعات جديدة‪ ،‬ويعود سبب ارتكاب الجرائـ إلى عدة عوامؿ وأسباب تختمؼ‬
‫باختالؼ األىداؼ‪ ،‬فقد تكوف المنافسة عامال أساسيا مثال إلحداث ىذا النوع مف الجرائـ‬
‫وذلؾ قصد تضخيـ رؤوس أمواؿ الشركات‪ ،‬لمحصوؿ أو محاولة الحصوؿ عمى استثمارات‬
‫وطنية أو أجنبية‪ ،‬أو لمحصوؿ عمى مكانة ىامة في السوؽ عف طريؽ تقديـ تصريح كاذب‬
‫عف وضعية الشركة‪ ،‬لذلؾ يمكف القوؿ أف ليذه الجرائـ طابع اقتصادي‪ ،‬بالنظر إلى مدى‬
‫تأثيرىا عمى المؤسسيف و الغير و عمى االقتصاد الوطني واألجنبي ككؿ‪.‬‬

‫إف جريمة النصب بوصفيا جريمة عمدية تتطمب ابتداء توافر القصد العاـ أي انصراؼ‬
‫إرادة الجاني إلى تحقيؽ وقائع الجريمة مع العمـ بأركانيا كما يتطمبيا القانوف‪ ،‬ويمزـ أيضا أف‬
‫تتوافر لدى الجاني نية خاصة ىي غرضو مف الطرؽ االحتيالية تنصرؼ إلى تممؾ الماؿ‬
‫المستولى عميو ‪ ،‬فبذلؾ يتحقؽ سمب كؿ ثروة الغير أو بعضيا‪ ،‬واذا لـ تكف نية الجاني‬
‫منصرفة إلى تممؾ الشيء الذي استولى عميو ‪ ،‬فال يتوافر القصد الجنائي‪ ،‬ولو أف الجاني‬
‫استولى عمى الماؿ بطريؽ االحتياؿ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫ولقد اعتبر المشرع الجزائري الشروع في ارتكاب جنحة النصب بمثابة ارتكاب الجريمة‬
‫نفسيا‪ ،‬وىو موقؼ يساير االتجاه العاـ في قانوف العقوبات الجزائري الذي يساوي بيف عقوبة‬
‫الجريمة التامة والشروع فييا‪.‬‬

‫إف المالحظة الجديرة بالذكر‪ ،‬ىي أف المشرع الجزائري مف خالؿ معالجتو لجنحة‬
‫النصب كاف كالسيكيا‪ ،‬مقارنة مع ما عرفتو الجزائر مف تطور اقتصادي واالنفتاح نحو‬
‫االستثمار‪ ،‬ذلؾ مف شأنو أف يؤدي إلى خمؽ ثغرة و فراغ قانوني يتسمؿ منو المحتالوف‬
‫مستغميف ىذا التطور وىذا االنفتاح باستعماؿ وسائؿ احتيالية جديدة ضد المواطنيف‬
‫والمؤسسات والشركات والبنوؾ باالستيالء عمى مبالغ كبيرة‪ ،‬فالعقوبة التي فرضيا المشرع‬
‫عمى جريمة النصب تتمثؿ في الحبس مف سنة عمى األقؿ إلى خمس سنوات عمى األكثر و‬
‫بغرامة مف ‪500‬دج إلى ‪ 20.000‬دج في الظروؼ العادية‪ ،‬أما في حالة الظروؼ المشددة‬
‫فإنو جعؿ مدة الحبس تصؿ إلى عشر سنوات والغرامة إلى ‪ 400.000‬دج‪ ،‬وىذا في حالة‬
‫ما إذا وقعت الجنحة مف شخص لجأ إلى الجميور بقصد إصدار أسيـ أو سندات أو أذونات‬
‫أو حصص أو أية سندات مالية سواء لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية‪.‬‬

‫فالمشرع الجزائري حدد عقوبة جريمة النصب سواء في الحالة العادية أو في حالة‬
‫الظروؼ المشددة بعقوبة ال تتناسب مع طبيعة وحجـ الجريمة‪ ،‬حيث نجد أنو قد ركز عمى‬
‫عقوبة الحبس مع انخفاض قيمة الغرامة المالية‪ ،‬ألف ما قد يستفيد منو المحتاؿ جراء ارتكاب‬
‫جنحة النصب قد ال يقارف مع الغرامة المفروضة عميو‪ ،‬خاصة في حالة ارتكاب الجريمة في‬
‫حالة الظروؼ المشددة‪ ،‬فارتكاب شركة مساىمة الجريمة النصب مثال يجعميا تحصؿ عمى‬
‫أمواؿ طائمة‪ ،‬ولذلؾ يجب فرض عقوبة خاصة تتناسب و خطورة الجريمة كإجراء لمردع عف‬
‫الجريمة وتخويؼ األفراد والجماعات مف ارتكابيا‪ ،‬فمثال إذا قارنا بيف عقوبة جريمة النصب‬
‫وعقوبة جريمة السرقة في حالة اقترانيما بظروؼ مشددة‪ ،‬نالحظ أف عقوبة جريمة السرقة‬
‫تصؿ إلى ‪ 20‬سنة في حيف الحد األقصى لعقوبة جريمة النصب يصؿ إلى ‪ 10‬سنوات‬

‫‪98‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫فقط‪ .‬وىذا ما يدفعنا إلى القوؿ أف المشرع رغـ اعتباره أف لجوء الجاني إلى الجميور بقصد‬
‫إصدار أسيـ أو سندات أو أذونات أو حصص أو أية سندات مالية سواء الشركات أو‬
‫مشروعات تجارية أو صناعية‪ ،‬لسمب مالو ظرفا مشددا إال أنو لـ يبيف خطورة ىذا الفعؿ‬
‫التي تكمف في اإلضرار بالمجتمع واالقتصاد ككؿ‪ ،‬والمساس بمبدأ حسف النية في‬
‫المعامالت‪ ،‬وبالتالي فإف حد العقوبة في حالة اقتراف الجريمة بظرؼ مشدد يعتبر غير كافي‬
‫بالنظر لجسامة الضرر الذي يمحؽ المجتمع‪.‬‬

‫كما أف المشرع الجزائري اقتصر عمى طرؼ واحد مف ظروؼ تشديد عقوبة النصب‪ ،‬إذ‬
‫كاف بإمكانو اعتبار العود الرتكاب نفس الجريمة ظرفا مشددا كوف العائد الرتكاب الجريمة‬
‫يدؿ عمى وجود انحراؼ في سموكو‪ ،‬وخطورة إجرامية في شخصيتو‪ ،‬مما يتطمب تشديد‬
‫العقوبة في حقو‪ ،‬كما أف تدعيـ الجاني أكاذيبو بأفعاؿ مادية ومظاىر خارجية لتعزيز احتيالو‬
‫يعد ظروفا مشددة لجريمة النصب‪.‬‬

‫وخالصة القوؿ‪ ،‬أنو الزاؿ ىناؾ قصور في القانوف الجنائي الجزائري ألف المادة ‪372‬‬
‫منو بعد السالح الوحيد لمواجية السموكات االحتيالية التي تستعمميا الشركات مف أجؿ‬
‫الوصوؿ إلى أىدافيا غير المشروعة‪ ،‬واف ضعؼ العقوبة وشروط تطبيؽ الجريمة يقؼ حائال‬
‫دوف الردع الكافي لإلساءة واالنحراؼ‪ ،‬ولذلؾ يجب سد الفراغ القانوني الذي فرضتو التحوالت‬
‫والتطورات االقتصادية‪.‬‬

‫كما أف مجاؿ األعماؿ‪ ،‬يحكمو عالـ يتطمب المرونة والسرعة في المعامالت‪ ،‬األمر‬
‫الذي يستدعي الحاجة إلى نظاـ عقابي خاص بيذا المجاؿ لحمايتو مف خطر المحتاليف‬
‫واحداث األثر الرادع وضبط حركة المعامالت التجارية داخؿ المجتمع‪.‬‬

‫وبما أف جريمة النصب تعد مف الجرائـ الخطيرة التي يعاني منيا المجتمع‪ ،‬فيي تخمؼ‬
‫أثار سمبية عمى سموكات الفرد والمؤسسة فتجعمو يبحث عف الكسب السريع‪ ،‬ألنو يری باف‬

‫‪99‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫محترف ي جريمة النصب قد حققوا مكاسب وأرصدة مالية عالية‪ ،‬خاصة وأف ىـ الكثير مف‬
‫األفراد والمؤسسات ىو الحصوؿ عمى األمواؿ بكؿ الطرؽ المشروعة وغير المشروعة‪ ،‬كما‬
‫أف تحمى سذاجة الكثيريف مف الضحايا يشجع محترفي النصب واالحتياؿ‪.‬‬

‫وبذلؾ فعمى ضوء دراسة الموضوع نستنتج بعض المالحظات التي يمكف مف خالليا‬
‫أف نقدـ حموال ناجعة لجنحة النصب أو عمى األقؿ تقمؿ منيا‪.‬‬

‫بما أف الجزائر تعرؼ ظاىرة انطالؽ الحوافز الفردية والمؤسساتية المتعطشة لتحقيؽ‬
‫األرباح خاصة مع ظيور التطور التكنولوجي اليائؿ في ميداف اإلعالـ االلي‪ ،‬والشبكات‬
‫اإلعالمية التي عصر الوسائؿ التدليسية‪ ،‬كاف البد وأف يدفع الجزائر إلى التكيؼ معيا وذلؾ‬
‫بمراجعة نظاميا التشريعي لتنظيـ ممارسة النشاط االقتصادي مف جية‪ ،‬لمحاربة كؿ ما مف‬
‫شأنو المساس بمبادئ التعامؿ التجاري واالقتصادي كاستعماؿ الغش أو التدليس أو االحتياؿ‬
‫أو العبث بثقة المواطنيف مف جية أخرى‪ ،‬أي يجب استصدار قوانيف تتماشى والتطورات التي‬
‫عرفتيا الجزائر‪ ،‬سواء تعمؽ األمر بالجانب التنظيمي أو الردعي بما يكفؿ حماية االقتصاد‬
‫الوطني ويقيو شر محترفي المشاريع الوىمية والربح السريع‪.‬‬

‫كما أنو باإلمكاف مف نظاـ جديد خاص بجريمة النصب أسوة بنظاـ الرشوة والتزوير‬
‫واالختالس‪ ،‬فيحدد نوعية الجريمة وعقوبتيا‪ ،‬ويبيف الجية المختصة بالنظر فييا‪ ،‬ويشدد‬
‫العقوبات الجزائية عمى النصابيف لقمع أساليبيـ الماكرة‪.‬‬

‫وأيضا يجب استحداث جية رقابية تشرؼ عمى المشاريع االقتصادية الكبرى منيا‬
‫والصغرى لمتأكد مف مصداقيتيا ومصداقية أصحابيا قبؿ أف تخمؼ أثار سمبية عمى‬
‫االقتصاد الوطني واألجنبي‪.‬‬

‫كما يجب تدخؿ القانوف الجنائي لضبط سموؾ الشركات المسيء لالقتصاد الوطني‬
‫واألجنبي نظ ار ألىمية النشاط في كياف الدولة‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫مف جية أخرى يجب أف ال يتـ اإلعالف عمى أي مشروع في وسائؿ اإلعالـ ميما‬
‫كانت أىميتو إال بعد التأكد مف وجوده الحقيقي ومف قانونيتو‪ ،‬وىذا حتى يكوف األجيزة‬
‫اإلعالـ دور إيجابي في مكافحة جريمة النصب‪ ،‬وليس دور إيجابي في نشر الجريمة‪..‬‬

‫إف العقوبة جريمة النصب غرضا عاما يتمثؿ في محاربة الجريمة وحماية المجتمع مف‬
‫أضرارىا إضافة إلى تحقيؽ العدالة والردع العاـ والردع الخاص‪ ،‬وأيضا حماية أمواؿ‬
‫وممتمكات األفراد‪ ،‬وحماية مصمحة المجتمع في أف يسود حسف النية في المعامالت‪ ،‬وبما أف‬
‫الجزاء يجب أف يتناسب مع خطورة الجريمة بغض النظر عف توفر المسؤولية أو عدميا‪،‬‬
‫ألف الغاية المبتغاة ىي حماية المجتمع مف اإلجراـ‪ ،‬يجب رصد عقوبة شديدة خاصة في‬
‫حالة اقتراف جريمة النصب بالظروؼ المشددة‪ ،‬ألف معظـ البمداف التي اىتمت باألعماؿ‬
‫االقتصادية اعتمدت الشدة في التجريـ والعقاب كوسيمة لضماف سالمة التعامؿ االقتصادي‪.‬‬

‫ويجب عمى مؤسسي الشركات التجارية االبتعاد عف كؿ ما مف شأنو حمؿ األخريف‬


‫عمى المساىمة في االكتتاب نتيجة المناورات احتيالية بالكذب أو خمؽ ظروؼ معينة أو‬
‫استعماؿ أسماء مستعارة أو صفة كاذبة‪.‬‬

‫ونظ ار لكوف المجني عميو لو دور في الجريمة سواء مف حيث طمعو أو سذاجتو‪ ،‬فإف‬
‫عميو مكافحتيا بيقظتو وحيطتو وحذره حتى ال يجعؿ مف نفسو فريسة سيمة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لجرية النصب في مجاؿ المعموماتية فإننا لـ نجد أي موقؼ المشرع‬
‫الجزائري فيما يخص اعتبار النظاـ المعموماتي محال ليذه الجريمة‪ ،‬إال أنو تجدر اإلشارة إلى‬
‫أف المادة ‪ 372‬مف قانوف العقوبات الجزائري وردت عمى المنقوؿ ودوف تحديد لطبيعتو ودوف‬
‫أف يقيده المشرع بأف يكوف ماديا مما يسمح بتفسير ىذا النص عمى نحو يسمح بدخوؿ برامج‬
‫الحاسب ضمف األشياء التي تقع عمييا جريمة النصب‪ ،‬إال أنو حتى واف أخذنا بيذا التفسير‬
‫نصطدـ بعدـ وجود نشاط مادي ممموس يحصؿ بو التسميـ واالستالـ‪ ،‬وحتى و إف حصؿ‬

‫‪101‬‬
‫خاتمت‪....................................................................................................‬‬

‫التسميـ فإف المجني عميو ال يحرـ مف حيازة البرامج والبيانات التي تبقى تحت سيطرتو‬
‫التامة‪ ،‬وكذا بالنسبة الستعماؿ بطاقة االئتماف المغناطيسية مع عمـ حامميا أنيا ممغاة أو‬
‫منتيية الصالحية ومع ذلؾ يقوـ بخداع المجني عميو‪ ،‬وبذلؾ يجب ضبط سموكات المحتاليف‬
‫في ىذا المجاؿ نظ ار لمميارات والتقنيات المتطورة والذكية لمنصب‪ ،‬والبد مف مجاراة تشريعية‬
‫سريعة ومتطورة‪ ،‬ألف كثي ار مف دوؿ العالـ قد تنبيت لألمر ووضعت تشريعات اقتصادية ولـ‬
‫تكتفي بالقواعد العامة لقانوف العقوبات بؿ أفردت ليا قوانيف مستقمة‪.‬‬

‫كما يجب إتباع النموذج التشريعي الفرنسي ألنو أسموب لو دور كبير مف أجؿ سد‬
‫الثغرات التي تسود النصوص القانونية الجنائية القائمة في مجاؿ الشركات‪ ،‬وىذا مف أجؿ‬
‫الوصوؿ إلى تشديد العقاب في مجاؿ النصب في الشركات التجارية‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫لائمت المصادر والمراجغ‪.............................................................................‬‬

‫‪ ‬النصوص التشريعية‪:‬‬
‫‪ -‬القوانين‪:‬‬
‫قانون العقوبات الجزائري ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ -‬األمر رقم ‪ 055-00‬ادلؤرخ يف ‪ 60‬جوان ‪ 0800‬ادلتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬اجلريدة الرمسية‬ ‫‪.0‬‬
‫رقم ‪ 10‬ادلؤرخة يف ‪06‬جويلية ‪.0800‬‬
‫‪ -‬ادلرسوم التشريعي رقم ‪ 60-82‬ادلؤرخ يف ‪ 05‬أفريل ‪ ،0882‬اجلريدة الرمسية رقم ‪ 15‬أفريل ‪.0882‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 05-61‬ادلؤرخ يف ‪06‬نوفمرب ‪ 0661‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪ 055-00‬ادلؤرخ يف ‪60‬‬ ‫‪.1‬‬
‫جويلية ‪ 0800‬وادلتضمن قانون العقوبات‪ ،‬اجلريدة الرمسية رقم ‪.30‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 01-61‬ادلؤرخ يف ‪06‬نوفمرب ‪ 0661‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪ 055-00‬ادلؤرخ يف ‪65‬‬ ‫‪.5‬‬
‫جويلية ‪ 0800‬وادلتضمن قانون اإلجراءات اجلزائية‪ ،‬اجلريدة الرمسية رقم ‪.30‬‬

‫القانوف التجاري الجزائري‬ ‫‪.6‬‬


‫قانوف العقوبات المصري رقـ ‪ 58‬لسنة ‪ ، 1939‬العدد ‪ ، 71‬المعدؿ بموجب القانوف‬ ‫‪.7‬‬
‫رقـ ‪ 95‬لسنة ‪.2003‬‬
‫‪ -‬الق اررات القضائية‪:‬‬
‫قرار المحكمة العميا تاريخ ‪ 1984/01/10‬مج قضائية عدد ‪ 02‬سنة ‪.1989‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ ‬المؤلفات‪:‬‬
‫‪-‬الكتب‪:‬‬
‫ابراىيـ حامد طنطاوي‪ ،‬المسؤولية الجنائية عف جرائـ النصب و االحتياؿ ‪ ،‬المكتبة‬ ‫‪.1‬‬
‫القانونية ‪/1‬ش سامي البارودي – باب الخمؽ ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬
‫أحسف بوسقيعة ‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي الخاص ‪ ،‬الجزء االوؿ ‪.2008‬‬ ‫‪.2‬‬
‫احسف بوسقيعة ‪ ،‬الوجيز في القانوف الجزائي الخاص‪ ،‬الجزء االوؿ ‪.2008‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أحمد بسيوني أبو الروس ‪ ،‬جرائـ النصب ‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬أماـ كمية‬ ‫‪.4‬‬
‫الحقوؽ ‪ ،‬االسكندرية ‪ ،‬سنة ‪.1982‬‬
‫احمد بسيوني ابو الروس ‪،‬جرائـ النصب‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اماـ كمية‬ ‫‪.5‬‬
‫الحقوؽ‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1982‬‬
‫لائمت المصادر والمراجغ‪.............................................................................‬‬

‫أحمد خميفة الممط ‪ ،‬الجرائـ المعموماتية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة‬ ‫‪.6‬‬
‫‪.2006‬‬
‫أحمد خميفة الممط‪ ،‬الجرائـ المعموماتية ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة‬ ‫‪.7‬‬
‫‪.2006‬‬
‫احمد محمد قائد مقبؿ ‪ ،‬المسؤولية الجزائية لمشخص المعوي دراسة مقارنة ‪ ،‬الناشر‬ ‫‪.8‬‬
‫دار النيضة العربية‪ ،‬الطبعة االولى سنة ‪.2005‬‬
‫أحمد محمد قائد مقبؿ ‪،‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي دراسة مقارنة ‪،‬الناشر‬ ‫‪.9‬‬
‫دار النيضة العربية ‪ ،‬الطبعة االولى سنة ‪.2005‬‬
‫أحمد محمد قائد مقبؿ ‪،‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي دراسة مقارنة ‪،‬الناشر‬ ‫‪.10‬‬
‫دار النيضة العربية ‪ ،‬الطبعة االولى السنة‪.2005‬‬
‫بف شيخ لحسيف ‪ ،‬مذكرات في القانوف الجزائي الخاص ‪ ،‬دار ىومة لمطباعة والنشر‬ ‫‪.11‬‬
‫والتوزيع ‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬
‫بنياـ رمسيس ‪ ،‬قانوف ا لعقوبات ‪ ،‬جرائـ القسـ الخاص ‪ ،‬الجرائـ المضرة بالمصمحة‬ ‫‪.12‬‬
‫العمومية ‪ ،‬دار المعارؼ ‪.1966،‬‬
‫بيناـ رمسيس " قانوف العقوبات القسـ الخاص الجرائـ المضرة بالمصمحة العمومية "‪.‬‬ ‫‪.13‬‬
‫بوقرور سعيد ‪ ،‬المسؤولية المدنية والجزائية لمحافظي حسابات شركة المساىمة سنة‬ ‫‪.14‬‬
‫‪.2004-2003‬‬
‫جماؿ محمود الحموى و أحمد عبد الرحيـ عودة ‪،‬المسؤولية الجنائية لمشركات‬ ‫‪.15‬‬
‫التجارية دراسة تحميمية مقارنة ‪ ،‬دار وائؿ لمنشر‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬السنة ‪.2004‬‬

‫جياللي بغدادي ‪ ،‬االجتياد القضائي في المواد الجزائية ‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬ ‫‪.16‬‬


‫راشد راشد ‪ ،‬األوراؽ التجارية و االفالس و التسوية القضائية في القانوف الجزائري ‪،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬
‫رضا فرج ‪ ،‬شرح قانوف العقوبات الجزائري‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الشركة الوطنية لمنشر‬ ‫‪.18‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬سنة ‪. 1976‬‬
‫لائمت المصادر والمراجغ‪.............................................................................‬‬

‫صمودي سميـ‪ ،‬المسؤولية الجنائية لمشخص المعنوي‪ ،‬دراسة مقارنة بيف التشريع‬ ‫‪.19‬‬
‫الجزائري والفرنسي‪ ،‬دار اليدى‪ ،‬عيف مميمة‪ ،‬الجزائر سنة ‪.2006‬‬
‫عبد العزيز سعد‪ ،‬إجراءات ممارسة الدعوى الجزائية ذات العقوبة الجنحية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪.20‬‬
‫الثالثة‪ ،‬دار ىومة‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬
‫عبد الفتاح مراد‪ ،‬شرح اإلفالس مف الناحيتيف التجارية والقانونية ‪،‬منشأة المعارؼ‪،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫سنة ‪.1995‬‬
‫عبد اهلل أوىايبية‪ ،‬شرح قانوف االجراءات الجزائية الجزائري‪ ،‬التحقيؽ والتحري‪ ،‬دار‬ ‫‪.22‬‬
‫ىومة‪.‬‬
‫عبد اهلل سميماف‪ ،‬دروس في شرح قانوف العقوبات الجزائري ‪،‬القسـ الخاص‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪.23‬‬
‫الثانية ديواف المطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة ‪.1989‬‬
‫فخري عبد الرزاؽ الحديثي وحميدي الزعبي‪ ،‬شرح قانوف العقوبات ‪ ،‬القسـ العاـ‪،‬‬ ‫‪.24‬‬
‫الموسوعة الجنائية ‪،‬دار الحافة لمنشر والتوزيع‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬
‫محمد صبحي نجـ " شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص" ط‪. 1990‬‬ ‫‪.25‬‬
‫محمد فوزي سامي ‪ ،‬شرح القانوف التجاري ‪ ،‬المجمد الرابع ‪ ،‬مكتبة الثقافة لمنشر‬ ‫‪.26‬‬
‫والتوزيع دار مكتبة التربية بيروت ‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬
‫محمود نجيب حسني‪ ،‬جرائـ االعتداء عمى االمواؿ في قانوف العقوبات البالني‪،‬‬ ‫‪.27‬‬
‫المجمد االوؿ‪ ،‬طبعة ثالثة‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬
‫نائؿ عبد الرحماف صالح " شرح قانون العقوبات" القسـ الخاص ‪.‬‬ ‫‪.28‬‬

‫‪ -‬البحوث الجامعية‪:‬‬
‫منير بوريشة‪ ،‬المسؤولية الجنائية لموسطاء المالييف في عمميات البورصة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ماجيستير في القانوف الجنائي دار الجامعة الجديدة لمنشر ‪ 38‬سوتير ‪ -‬األ ازريطة‬
‫‪ -‬اإلسكندرية سنة ‪. 2002‬‬
‫عراب مريـ ‪ ،‬جريمة النصب في قانوف االعماؿ ‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجيستير‬ ‫‪.2‬‬
‫تخصص قانوف مقارف‪.‬‬
‫لائمت المصادر والمراجغ‪.............................................................................‬‬

‫سبع عائشة ‪ ،‬المراقبة الداخمية في شركة المساىمة ‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجيستير‬ ‫‪.3‬‬

‫في قانوف االعماؿ‪.‬‬


‫فهرس‬
‫المحتويات‬
‫فهرس المحتىياث‪.......................................................................................‬‬

‫شكر وعرفاف‬
‫إىداءات‬

‫مقدمة ‪1 ............................................................................... :‬‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬ماىية جريمة النصب وتمييزىا عف غيرىا مف الجرائـ الشبيية بيا‪5 ........‬‬

‫الفصؿ األوؿ‪ :‬اإلطار المفاىيمي لجريمة النصب‪7 ........................................‬‬

‫حيث سنتطرؽ في ىذا الفصؿ إلى مفيوـ جريمة النصب‪ ،‬وتطورىا التاريخي‪ ،‬كما سنتعرؼ‬
‫عمى أركاف ىذه الجريمة‪7 ...............................................................‬‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬ماىية جريمة النصب وتمييزىا عف غيرىا مف الجرائـ الشبيية بيا‪8 ........‬‬

‫المطمب األوؿ‪ :‬مفيوـ جريمة النصب وتطورىا التاريخي‪8 ...............................‬‬

‫الفرع االوؿ‪ :‬تعريؼ جريمة النصب ‪8 ................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التطور التاريخي لجريمة النصب‪9 ..................................... .‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬خصائص جريمة النصب ‪10 .........................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تمييز جريمة النصب عف الجرائـ المشابية بيا‪11 ...................... .‬‬

‫الفرع األوؿ‪ :‬تميز جريمة النصب عف جريمة خيانة االمانة‪11 ........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تميز جريمة النصب عف جريمة السرقة ‪12 ..............................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أركاف جريمة النصب ‪13 ..................................................‬‬

‫المطمب األوؿ ‪ :‬الركف المادي لجريمة النصب ‪13 ......................................‬‬

‫الفرع األوؿ ‪ :‬وسائؿ التدليس في جريمة النصب ‪17 ...................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬االستيالء عمى ماؿ الغير والتصرؼ فيو ‪57 .............................‬‬
‫فهرس المحتىياث‪.......................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عالقة السببية بيف وسيمة التدليس واالستيالء عمى ماؿ الغير ‪60 ..........‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الركف المعنوي لجريمة النصب ‪61 ......................................‬‬

‫الفرع األوؿ‪ :‬القصد الجنائي العاـ في جريمة النصب‪61 ...............................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬القصد الجنائي الخاص ‪66 .............................................‬‬

‫الفصؿ الثاني‪ :‬جزاء جريمة النصب والتعويض عنيا ‪72 ...................................‬‬

‫حيث سنحاوؿ في ىذا الفصؿ التعرؼ عمى العقوبات األصمية والعقوبات التكميمية‪ ،‬المقررة‬
‫بالنسبة لكؿ مف الشخص الطبيعي والشخص المعنوي ‪ ،‬وكذا التعويضات المكفولة لضحايا‬
‫جرائـ النصب واالحتياؿ‪72 .............................................................. .‬‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬الجزاءات المطبقة عمى جريمة النصب ‪73 .................................‬‬

‫المطمب األوؿ ‪ :‬الجزاء المطبؽ عمى جريمة النصب بالنسبة لمشخص الطبيعي‪73 ..... .‬‬

‫الفرع األوؿ ‪ :‬العقوبات األصمية المقررة لجريمة النصب ‪73 ...........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات التكميمية المقررة لجريمة النصب ‪74 ..........................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عقوبة الشروع في جريمة النصب ‪77 ....................................‬‬

‫المطمب الثاني ‪ :‬الجزاء المطبؽ عمى جريمة النصب بالنسبة لمشخص المعنوي ‪79 ......‬‬

‫الفرع االوؿ ‪ :‬عقوبات ماسة بالذمة المالية ‪79 ........................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬عقوبات ماسة بوجود الشخص المعنوي وحياتو ‪81 ......................‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬العقوبات الماسة بسمعة الشخص المعنوي‪84 ......................... :‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الظروؼ المشددة لجريمة النصب والتعويض عف ذلؾ ‪85 ..................‬‬

‫المطمب األوؿ ‪ :‬الظروؼ المشددة لجريمة النصب‪85 ................................. .‬‬

‫الفرع األوؿ‪ :‬الظرؼ المشدد المتعمؽ بالجاني ‪85 ......................................‬‬


‫فهرس المحتىياث‪.......................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الظرؼ المشدد المتعمؽ بالمجني عميو ‪86 ...............................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬التعويض عف جريمة النصب ‪87 ........................................‬‬

‫الفرع االوؿ ‪ :‬طرؽ مباشرة الدعوى المدنية الناتجة عف جريمة النصب ‪88 ..............‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موضوع الدعوى المدنية ‪91 .............................................‬‬

‫الخاتمة‪94 .............................................................................. :‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫فيرس المحتويات‬
:‫الممخص‬
‫إنو مف بيف اإلف ارزات األساسية لمعولمة تفاقـ نسب الجرائـ االقتصادية والمالية وتعد‬
‫ مف قانوف‬372 ‫جريمة النصب مف أىـ ىذه الجرائـ تطرؽ ليا المشرع الجزائري في المادة‬
‫العقوبات وحدد أنواع وسائؿ التعميـ في اتخاذ الجاني السـ كاذب أو صفة كاذبة أو مناورات‬
‫ نجد أف عقوبة االحتياؿ تشدد بمناسبة إصدار أسيـ أو سندات‬02 ‫ وبالرجوع لمفقرة‬،‫احتيالية‬
‫ وتشمؿ جميع الشركات والمشروعات والمؤسسات التجارية أو‬،‫أو أوراؽ مالية األخرى‬
.‫الصناعية‬
‫وأخي ار رأينا أنو مف الضروري التطرؽ لجريمة اإلفالس بالتدليس التي أصابت مجاؿ‬
.‫ وأصبحت أشير دعاوي الشركات التجارية‬،‫األعماؿ كمو‬
،‫ السندات‬،‫ األسيـ‬،‫ االحتياؿ‬،‫ المناورات‬،‫ العولمة؛ الجريمة‬:‫الكممات المفتاحية‬
.‫ االكتتاب؛ األنترنت‬،‫ اإلفالس‬،‫الشركات‬

Abstract :
One of the basic manifestations of globalization is the
aggravation of the proportions of economic and financial crimes, and
the crime of fraud is one of the most important of these crimes
addressed by the Algerian legislator in article 372 of the Penal Code
and specified the types of means of education in the perpetrator's false
name, false character or fraudulent manoeuvres, and by reference to
paragraph 02, the penalty for fraud is increased on the occasion of
the issuance of shares, bonds or other securities, including all
companies, projects, commercial or industrial institutions. Finally, we
felt that it was necessary to address the crime of bankruptcy by fraud
that had plagued the entire business area, and had become the most
famous commercial enterprise.
Keywords: Globalization; Crime, Maneuvers, Fraud, Stocks,
Bonds, Companies, Bankruptcy, Underwriting; Internet

You might also like