Professional Documents
Culture Documents
الإخـراج الإذاعـي
الإخـراج الإذاعـي
ثقافة المخرج
125 اإلخراج اإلذاعي
اإلخراج اإلذاعي موهبة وفن أوال ،فليس أي فرد يصلح ألن يكون مخرجا
فطرية فالموهبة والمستمعين. اإلذاعي المؤلف بين ووسيطا
ال نلتمسها في الكتب وانما هي فطرة اهلل التي خص بها بعض الناس ،على أن
في البعض فإنها تحتاج إلى الصقل والتهذيب هذه الموهبة إذا توفر
اإلذاعية حتى تستطيع أن تؤتي والدراسة والثقافة العامة والخبرة باإلمكانا
ثمارها ناضجة لكافة المستمعين ..على المخرج اإلذاعي أن يعمق دراسته
بما يخدم تخصصه وبما يؤهله لقيادة الممثلين ،فالتذوق الموسيقي مثال أمر
يكون لنفسه مكتبة موسيقية،
حيوي وهام بالنسبة له ،لذا كان عليه أن ّ
ويخصص له وقتا معينا لسماع الموسيقى على أساس الوعي والتركيز ،حتى
يتكون لديه رصيد موسيقي واف يعرف كيف يستخدمه عند إخراج التمثيلية
ينمي في نفسه
الصوتية .ينبغي عليه كذلك أن ّ اإلذاعية ،ودراسة المؤث ار
مثال: إليها، االستماع
والحدائق وخواطئ البحر واألنهار والوديان إلى غير في الخوارع والساحا
ذلك ..وعموما يجب أن تتوفر لدى المخرج اإلذاعي مجموعة خصائص
تتلخص في اآلتي:
شخصية المخرج
على ضوء ما تقدم ،عرفنا طبيعة عمل المخرج الذي يتلخص في " :فن
العرض والتقديم" وبعث الحياة والحيوية والحركة في النص المكتوب معتمدا
اإلنساني المجرد عن مالمح المطلقة والصو في ذلك على األصوا
الموسيقى ،يقيم بناء المؤثر وصو والموسيقى وصو الوجه والتعبي ار
دراميا فنتخيل صورته ومناظره وندرك زمانه وتاريخه وأحداثه وخخصياته،
127 اإلخراج اإلذاعي
ومن هذا الفهم لطبيعة عمل المخرج اإلذاعي وادراك طبيعة ثقافته العامة
والفنية نستطيع أن نقف على معالم خخصيته وما ينبغي أن يتوفر في هذه
تجعله قاد ار ومؤهال ألن يتولى زمام القيادة في هذا الخخصية من صفا
المجال ..المخرج في كلمة بسيطة هو قائد من نوع خاص ،فما لم تتوفر فيه
القيادة ،فلن يوفق في مهمته ،وبعبارة أوضح أقول :إن المخرج صفا
اإلذاعي إلى جانب الموهبة والثقافة العامة ال بد أن تتوفر فيه صفة القيادة..
قد يكون اإلنسان موهوبا وذا ثقافة عالية في مجال الفن واألدب ،ولكن تعوزه
الخخصية القائدة ،حينئذ ال يكون أهال لتولّي زمام القيادة في مجال اإلخراج
اإلذاعي.
يمر النص اإلذاعي بمراحل إدارية وفنية بعد أن يسلمه الكاتب إلى دار
اإلذاعة في قسم مراجعة ومراقبة النصوص ،تبدأ هذه المراحل بتحويل النص
السياسية إلى لجنة القراءة لتقويمه ومعرفة مدى صالحيته من جميع االتجاها
والفنية واألخالقية ..وقد يتعرض النص للمناقخة من قبل لجنة القراءة (لجنة
النصوص) التي تنتهي في ق ارراتها إلى أي من األمور الثالثة:
.1القبول.
لجنة القراءة. .2تعديل النص من قبل المؤلف وفقا لمالحظا
.3رفض النص.
قراءة النص
.1من هذه النقطة يبدأ عمل المخرج ،ودوره في هذه المرحلة نفس دور
المخرج المسرحي ،إذ عليه أن يق أر النص أوال قراءة عامة وسريعة ليسجل
انطباعه ومخاعره ،وفي هذه القراءة األولى يستطيع المخرج أن يتخيل الجو
العام للتمثيلية وفكرتها الرئيسية وطابعها العام :هل هي مأساة أو ملهاة أو مزيج
يستطيع كما اجتماعية.. أو عاطفية أو االثنتين بين
النص توقيتا مبدئيا ،وال خك أن القراءة األولى في هذه القراءة أن يحدد توقي
الجهرية ستكون عونا للمخرج في كثير من األمور السابقة.
129 اإلخراج اإلذاعي
.2يحتاج النص إلى قراءة ثانية أكثر تفحصا وعمقا ،وفي هذه المرة
تكون القراءة مع مساعد المخرج ليخترك اإلثنان في التصور العام للتمثيلية
ووضع خطة العمل والتنفيذ ..وفي هذه القراءة يستطيع أن يتصور
بين التمثيلية ويدرك أبعادها االجتماعية والنفسية ويدرك العالقا خخصيا
الصوتية المطلوبة لتحضيرها ونوع الموسيقى الخخصيا ،ويحدد المؤث ار
ليتبين
ّ المالئمة ،كما عليه في هذه القراءة الثانية أن يقوم بعملية التوقي
زائدا أمكنه االختصار بواسطته أو الزمن الذي تستغرقه ،فإن كان الوق
معه موجودا كان إن المؤلف بواسطة
في هذه المرحلة كذلك ال يكون دقيقا، في هذه القراءة ...وال خك أن التوقي
السليم عليه أن يق أر النص بدون وحتى يضمن المخرج االقتراب من التوقي
الصوتية مثل" :الطرق على توقف محاوال قدر اإلمكان استخدام المؤث ار
الجرس أو فتح النافذة" فإذا توقف عن القراءة حسب الباب أو تقليد صو
الزمن الذي توقفه ،ثم جمعه في نهاية القراءة وطرحه بعد ذلك من الزمن
الذي استغرقته القراءة.
معين ..بناء على ذلك فإنه من الضروري للمخرج أن يضع االعتبار الفني فقط
في المكان األول دون تحيز أو تمييز خخصي ،وتلك مسألة تتطلب منه الدقة
واألمانة الفنية في توزيع األدوار واختيار الممثلين ،بل وقد تتطلب منه جهدا
خاصا
في تدريب وتوجيه الممثل ،بل وقد تتطلب منه كذلك بذل قصارى جهده
الختيار الممثل المناسب للدور ،إذا كان هذا الممثل في مستوى متوسط
فالمخرج يجب أن يضع في اعتباره أن الممثلين ليسوا جميعا أكفاء مجيدين ،بل
منهم الممتاز والجيد والمتوسط وبين هؤالء جميعا يكون التعامل ،فقد يكون
الممثل المناسب للدور من الفئة المتوسطة ولكنه يحتاج إلى جهد خاص في
التدريب والتوجيه ،وفي هذه الحالة على المخرج أن يضحي من جهده ووقته
لكي يحقق عمال فنيا جيدا على األقل ،ولكي يسهم بدوره في تكوين ممثل
إذاعي يثري رصيد اإلذاعة من الممثلين.
وعلى العموم فإن المخرج عليه أن يراعي اآلتي عند اختياره للممثلين:
هي الحاسم عند االختيار بل ال بميزاتها ليس .3على أن هذه الصفا
بد أن تؤازرها قوة التمثيل والتنوع واإليحاء النفسي والتلوين الذي يدفع الرتابة
في األداء.
– العدد السادس عشر مجلة اللغة العربية 132
.5القدرة الخاصة للممثل على أداء دور من نوع معين ينفرد به عن
اآلخر ..هذه االعتبا ار جميعها إذا ما راعاها المخرج فإنه سيجد نفسه يرتاد
الطريق السليمة إلخراج التمثيلية بما يضفي عليها رونقا وبهاء ويجعلها حية
خيقة إلى جمهور المستمعين.
تدريبات الممثلين
تختلف من والكفاءا المؤلف أم بمعاونة الممثلين أنفسهم ألن القد ار
خخص آلخر ،أم بحضور أحد المراجعين الذين توكل اإلذاعة إليهم هذه
المهمة التي تبرز أهميتها إذا كان العمل دينيا أو تاريخيا ..والمفروض أن
تكون للممثل ثقافته اللغوية والنحوية التي تمكنه من االعتماد على نفسه
زمالئه. في الضبط النحوي حتى ال يضيع وقته ووق
من خالل قراءة التمثيلية والتدريب عليها يستطيع المخرج إلى حد كبير
أن يحدد المستوى العام لألصوا :هل الحوار همس؟ أو صو عال وبحدة
بين متخاصمين؟ وهل الممثل يتكلم مع فرد أو اثنين؟ أو يتكلم مع حخد من
الدرامية تحدد المستوى الصوتي وموضع الجماهير؟ ..فهذه االعتبا ار
الممثل بالنسبة للميكروفون :هل يقترب أو يتوسط أو يبتعد؟ وهل يأتي قادما
الدرامية من بعيد؟ أو يذهب بعيدا عن الميكروفون؟ ..ووفقا لهذه االعتبا ار
يحدد المخرج للممثلين أماكن وقوفهم بالنسبة وأنواع الميكروفونا
الموجودة في األستوديو ،وعليه بعد ذلك أن يجري تجارب للميكروفونا
– العدد السادس عشر مجلة اللغة العربية 134
وهناك طريقة أخرى للتسجيل ،وتقوم هذه الطريقة على تسجيل أصوا
الصوتية ،وقد يكون هناك الممثلين الحية مجردة من الموسيقى والمؤث ار
أكثر من تسجيل للمسمع الواحد ..وعلى المخرج في هذا األسلوب الثاني أن
يراعي أداء الممثلين في مسامع "العمل الدرامي" وأداء كل ممثل وما قد
يعتريه من تلعثم أو ضعف في التمثيل كما هو الحال تماما في األسلوب
األول ..وبعد أن ينتهي من تسجيل "العمل الدرامي" تمثيال فقط ،يعكف مع
إلجراء عملية التركيب والمزج & Montage مساعده ومع مهندس الصو
Mixageأي عملية اختيار المسامع والمزج بينها وبين الموسيقى والمؤث ار
الصوتية حتى ينتهي من التسجيل النهائي.
هاتان هما الطريقتان المتبعتان في التسجيل ،ولكل منهما مزاياها وعيوبها..
أما مزايا الطريقة األولى فإنها تكمن في تقديم عمل فني متكامل يتحقق االندماج
137 اإلخراج اإلذاعي
والتفاعل فيه بينه وبين زمالئه وما يحيط باألستوديو من عمل موحد جماعي ال
يقطع وحدة وتماسك الخعور واألحاسيس والبناء الدرامي ..هذا فضال عن أن هذه
الطريقة أكثر سرعة وانجا از بالنسبة لإلذاعة ..وعيبها أنها تتطلب جها از بخريا فنيا
مدربا على أعلى مستوى من الكفاءة الفنية والتدريب والسرعة حتى ال ترهق
الممثلين في األداء ..أما مزايا الطريقة الثانية فإنها ال ترهق الممثلين وال المخرج
تعاونهم على جودة األداء التمثيلي في هدوء وروية وتتيح لهم فرصة من الوق
الصوتية ..وعيبها أنها قد الموسيقى والمؤث ار بعيدا عن انخغالهم بمخكال
تَحول دون االندماج المتكامل الحي بين عناصر العمل الدرامي إلى جانب أنها
تستغرق وقتا طويال موزعا بين تسجيل أصوا الممثلين وبين عملية التركيب
..Montageوالمخرج هو الذي يختار حسب نوعية العمل والظروف ،ونوعية
الممثلين والفنيين هي التي تحدد اختيار هذا األسلوب أو ذاك ..وبعد االنتهاء من
التسجيل ينبغي على المخرج أن يخكر الممثلين والمخرفين على الجهاز الفني
والمخرفين على الرقابة وكل من ساعده في تجسيده لهذا العمل الدرامي ،حتى ولو
لم يكن راضيا كل الرضى عن الخكل النهائي لعمله الفني ،فال بد أن تكون
عالقته مع الجميع عالقة تقدير ومودة واحترام.
– العدد السادس عشر مجلة اللغة العربية 138
مراجع الموضوع