Professional Documents
Culture Documents
وزارة التربية
الكلية التربوية المفتوحة
2
اﻻهداء
ورفقائي.
إلى إخوتي وأهلي ُ
إلى مشرف البحث اﻷستاذ الدكتور مهند الذي لم يبخل علي ّبعلمه ومساعدته في اكمال هذا
البحث.
3
شكر وعرفان
4
المقدمة
بسم ﷲ الرحمن الرحيم والصﻼة والسﻼم على من ﻻ نبي بعده ،وأما بعد…
أسلوب النداء من اﻷساليب اﻹنشائية التي يستخدمها اﻷدباء والمبدعون في التعبير عن
أفكارهم ،قد تكون لهم دوافع فنية أو ﺟمالية ،إذ إنه يحمل سمة بارزة من سمات اللغة العربية؛
لهذا فﻼ عﺟب أن يستقطب أسلوب النداء هذه المكانة في النصوص اﻷدبية؛ ﻷنه يشكل ظاهرة
أسلوبية لغوية مشتملةً على المعاني والبﻼغية والنحوية والدﻻلية ،ويحمل عدة قيم تصويرية
تعبيرية .وعليه أعت َمدنا في هذه الدراسة موضوع )النداء في شعر السياب ديوان المعبد الغريق
أنموذﺟاً( فتتب َعنا النداء بأشكاله المختلفة في نصوص السياب في محاولة لتحليل دﻻﻻتها
النحوية والفنية لغرض الوقوف على معاني ودﻻﻻت النداء والهدف الذي أفاده التنوع بأدوات
النداء.
ومهما يكن من أمر ﱠ
فإن هذه الدراسة تسعى إلى تقصي أسلوب النداء في ديوان المعبد الغريق،
وذلك بالبحث في آليات عمل أدواته ،ورصد أهم أغراضه التي خرج إليها ،لذا فقد لﺟأنا -
توخيا ً للشمو ِل والتغطية -إلى اختيار نموذج تطبيقي واحد وهو ديوان المعبد الغريق الذي
يؤشر كما سيتبين -إلى هيمنة أداة من أدوات النداء وما قد ينتج عنها قصد الوقوف على
تأثير هذه اﻷدوات في توﺟيه إنتاج دﻻلة العنوان.
حيث تناولنا في هذه الدراسة أوﻻً التمهيد الذي عرضنا فيه تعريفا ً موﺟزا ً عن الشاعر السياب
وكذلك تعريفا ً بالنداء وأدواته وأنواعه ،ومن ثم انتقلنا إلى المبحث اﻷول الذي كان بعنوان
اﻻستعمال النحوي للنداء عند السياب فعرضنا إحصائيات لعدد اﻷدوات التي وردت في ديوان
المعبد الغريق وكذلك أنواع المنادى ،أما المبحث الثاني فكان بعنوان دﻻﻻت النداء واﻷغراض
التي خرج إليها ومن ثم اختتمنا هذه الدراسة بخاتمة تضمنت مﺟموعة من النتائج التي خلصت
إلى أن أسلوب النداء يعد وسيلة مهمة من وسائل التشكيل الفني ،وأداة من أدوات التخاطب
والتفاهم ،وأنه يكشف عن ﺟماليات اللغة العربية .
لقد أفادت هذه الدراسة من ﺟملة من المصادر الثرية بالمعاني اللغوية والنحوية واﻷدبية نذكر
منها شرح المفصل ،وشرح الزﺟاﺟي وغيرها من أمهات الكتب.
5
التمهيد
أوﻻً -تعريف موﺟز عن بدر شاكر السياب:
ولد بدر شاكر السياب في قرية ) ﺟيكور( من مدينة البصرة عام ) ، (١٩٢٦وكان أبوه
فﻼحا ً يعتاش على أشﺟار النخيل التي اشتهرت بها مدينة البصرة ،فعاش الشاعر السنوات
اﻷولى من عمره في مستوى مادي محترم إلى أن رحلت والدته سنة ) ،(١٩٣٢وهو في عمر
صغير ﺟدا ً ،وكان لهذا الرحيل أثرا ً مؤلما ً في وﺟدان السياب الذي أصبح يتيما ً فاقدا لحنان
اﻷم! ،وقد ترك هذا الحدث المفﺟع آثارا ً كبيرة في نفسيته وهو صغير ،وبقيت متأصلة في
وﺟدانه حتى وﺟد منفذاً لها في الشعر فحولها إلى صور حزينة باكية ،ومما زاد اﻷمر سوءا ً
في طفولة السياب وزيادة الشعور بالحرمان العاطفي هو بعد زواج أبيه بامرأة أخرى دخلت
إلى البيت ،واستحوذت على حياة اﻷسرة ،فكان ذلك الزواج بمثابة ضربة أخرى صدمت
الطفل الذي لم ير ﺟده ) من أمه( بدأ إبعاده عن موطنه الذي يشعره بالحزن والضياع ،فرحل
على مضض سنة ) (١٩٣٥وهو ابن التاسعة عن ﺟيكور -مربي طفولته إلى بيت ﺟده
أبي منه قد ﺟردتني النساء**وأمي طواها الردى المعﺟل ).(١
تعليمه
بدأ تعليمه اﻷولي بمدرسة ابتدائية في قرية باب سليمان وهي قرية قريبة من ﺟيكور،
وفي هذه المرحلة بدأ يستهويه الشعر واظب على قراءته ومن ثم بدأ بنظمه ،وهو اﻷمر الذي
ﺟعل ﺟده أن يلتزم الحرص على التعلم والقراءة وشﺟعه أن يذهب إلى مدينة البصرة ليكمل
دراسته الثانوية التي أنهاها عام ) ،(١٩٤٣و بعد ذلك كان عليه أن يكمل تعليمه العالي وهذا
اﻷمر يحتم عليه أن يهﺟر ﺟيكور والبصرة والﺟنوب )في عام ١٩٣٢م استقر بالعراق وأرسل
إلى مدرسة في قرية باب سليمان الواقعة غرب ﺟيكور( )(٢
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١بدر شاكر السياب اﻷعمال الشعرية الكاملة من قصيدة خيالك ص ١١٨المﺟلد اﻷول ،دار العودة بيروت لبنان.٢٠١٦ ،
) (٢هاني الخير ،أعﻼم الشعر العربي ،بدر شاكر السياب –ثورة الشعر ومرارة الموت -الطبعة اﻷولى ،دار أرسِﻼن
للطباعة والنشر والتوزيع ،سوريا ،دمشق ٢٠٠٦ص .٧
6
وفي أحد اﻷيام أواخر سنة ) ،(١٩٤٣التحق بدار المعلمين العالية التي تخرج منها نهاية سنة
) (١٩٤٩بشهادة بكالوريوس في اللغة اﻹنﺟليزية واﻷدب اﻹنﺟليزي وتعرف خﻼل سنوات
الدراسة بشخصيات أدبية مثل :الشاعر عبد الوهاب البياتي ،والكاتب ﺟبرا إبراهيم ﺟبرا،
والشاعر الكبير سليمان العيسى ،والشاعرة نازك المﻼئكة ،ولميعة عباس عمارة والروائي
محي الدين إسماعيل.
7
ثانيًا -التعريف بأسلوب النداء:
تعريف النداء لغةً
كلمـة نِداء بكسر النون وقـد تضم ممدودة ،فأصل الكلمة بالنون والدال والواو )نداو( ﻷن
اﻷصـل )ندوة( وهـي المﺟلس الـذي يضم عـددا ً من اﻷشخاص :ومنها كلمة )النادي( وهـو
المﺟلس الذي ينادي فيه النـاس بعضهم بعضاً ،كـ )دار الندوة( بمكـة حيث يﺟلس فيها القوم
للمشاورة ومداولة اﻵراء.
والنداء يكون بالصوت إذا ارتفع فهو لنداء البعيد وإذا انخفض فهو لمناﺟاة القريب ) .(١ونداء
القـوم ندوا أي اﺟتمعوا وتنادوا بوسيلة وهـي الصوت الـذي يعبر به القوم عـن أفكارهم لكي
يتم التفاهم والتشاور ).(٢
و"أندى :كثر عطاياه أو حسن صوته") .(٣ويرى الﺟوهري أن النداء بضم أيضاً :الدعاء
والرغاء ،وناداه أي صاح به ،والندي على فعيل :مﺟلس القوم ومكان حديثهم( ) .(٤والندى
أيضا ً يعد ذهاب .لقد وردت كلمة نداء ومشتقاتها بعدة معان نذكر منها قوله تعالى) :ونادى
نوح ابنه وكان في معزل يابني اركب معنا( ) (٥ووردت بمعنى الدعاء :قال تعالى) :ونُوحا ً
إذ نادى من قبل فاستﺟبنا له فنﺟيناه وأهله ) (٦وﺟاءت بمعنى الخطبة كما في قوله تعالى:
)فحشر فنادى ،فقال أنا ربكم اﻷعلى ) (٧أي أخذ يخطب في الناس.
وﺟاءت بمعنى المناﺟاة :قال تعالى) :إذ نادى ربه نداء خفيا( )(٨
وﺟاءت بمعنى اﻵذان :قال تعالى) :إذا نودي للصﻼة من يوم الﺟمعة فاسعوا إلى ذكر ﷲ(
) (٩أي :إذا سمعتم المؤذن ينادي لصﻼة الﺟمعة ويؤذن لها.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١ابن منظور ،أبو الفضل ﺟمال الدين بن مكرم لسان العرب ،ط ،١دار صادر بيروت ،لبنان٢٠٠٣،م ج ،٣ص.٥٤٧
) (٢المصدر نفسه ،الصفحة نفسها.
) (٣الفيروز آبادي ،مﺟد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب ،القاموس المحيط ،ط ،3مطبعة الرسالة ،تحقيق مكتب تحقيق
التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف محمد نعيم العرقسوسي ص .١٣٣٧
) (٤الﺟوهري أبو نصر محمد بن حماد ،تاج اللغة وصحاح العربية ،تحقيق :د .محمد محمد تامر ص ،١١٢٥ط١٩٧٩ ،٢
دار الحديث القاهرة.
) (٥سورة هود اﻵية٢
) (٦اﻷنبياء اﻵية ٧٦
) (٧النزاعات اﻵية ٢٤ ،٢٣
) (٨سورة مريم اﻵية ٣
) (٩سورة الﺟمعة اﻵية
8
النداء اصطﻼحاً:
النداء هـو طريقة تتبع ﻻستدعاء شخص أو تنبيهه ﻷمر يريد المتكلم أن يخبره به عـن
طريق اسـتعمال أدوات تسمى أدوات النداء فـي تراكيب مخصوصـة تتفق كل منها مع الغرض
الذي يريد المتكلم أن بلفت انتباه المخاطب إليه ).(١
والنداء هـو طلب اﻹقبال ب "يا " أو بإحدى أخواتها مثـل حروف النداء .وتعد "يا" أشهر
حروف النداء مثل :يا محمد (٢).وقيل هو توﺟيه الدعوة إلى المخاطب ،وتنبيه لﻺصغاء
وسماع ما يريده المتكلم () (٣وقد يأخذ تعريفه منحى آخر ومعنى آخر) إﻻ أن النداء بطبيعة
الحال ﻻ يتوقف عند هذا المعنى الوضعي فحسب ،بل إنه يتﺟاوزه إلى معان ودﻻﻻت تستشف
من سياق الكﻼم بحيث قد ﻻ يكون النداء لطلب اﻹقبال ،فقد ينادي حيوان ﻻ يعي ،أو ﺟما ّد
أصم ﻻ يحس ،وقد ﻻ يوﺟه إلى مخاطب أصﻼ وذلك في حالة مناﺟاة النفس ،وتأنيب الضمير
إذ يعد النداء نقلة إلى إظهار التحسر والندب وتسميع المخاطب ما يختلج في النفس من مشاعر
الشوق والحنين ،وهو أيضا إشراك للفكر في التﺟربة() (٤ومهما تعددت تعريفات النداء
اﻻصطﻼحية إﻻ إنه يبقى خاضعا ً لمفهوم يتفق عليه معظم الدارسين وهو طلب اﻹقبال من
قبل المنادى وله أدوات محددة يتم النداء بها
ثانيًا /أدوات النداء واستخداماتها الحقيقية والمﺟازية
حروف النداء هي :ياء – أيا – هيا -أي – الهمزة – وا .حيث تستعمل )الياء ،أيا ،هيا( لنداء
البعيد أو من هو بمنزلته من نائم أو ساهٍ ،فإذا نودي بها من عداهم فحرص المنادي على إقبال
المدعو عليه ومقاطعته لما يدعو له
وأي والهمزة لنداء القريب )وا( للندبة خاصة ).(٥
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١عباس حسن النحو الوافي ط ٣دار المعارف المصرية ج ،٤ص ١
) (٢المصدر نفسه الصفحة نفسها
) (٣المصدر نفسه الصفحة١
) (٤أسلوب النداء في مدحيات ابن حمديس مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه ،في مﺟلة اﻹحياء المﺟلد ٢٢العدد٣٠ص ص٧٥٣
) (٥ابن يعيش أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش شرح المفصل ص ١١٨ج ،٨إدارة المطبعة المنيرية ،صححه وعلق
عليه ﺟماعة من العلماء.
9
المنادى
تعريفه :لم يتفق العلماء على إعطاء تعريف واحد للمنادى إﻻ إن اﻷغلبية اتفقوا على أنه
نوع من أنواع المفعول به ومنهم عبده الراﺟحي الذي عرفه على أنه :نوع من المفعول به
وهو منصوب بفعل محذوف تقديره أنادي أو أدعو ،وهذا الفعل ﻻ يظهر مطلقاً(١) .
يعتبر ابن هشام المنادى نوعا ً من أنواع المفعول به ،بل هو عنده آخر هـذه اﻷنواع ولذلك
فهو يذكره في آخر أنواع المفعول »وذلك ﻷن قولك :يا عبد ﷲ:
أصله أدعو عبد ﷲ ،ف ُحذف الفعل وأُنيب "يا" عنه )(٢
وعرفه السيوطي على أنه :المطلوب اقباله بأحد أدوات النداء التي أنابت عن فعل واﺟب
اﻹضمار يُقدر أدعو أو أنادي(٣) .
وعرفه عزيز فوال بابتي :هو مفعول به منصوب بفعل محذوف دائما ً تقديره "أدعو" أو
"أنادي" يُسبق بأحد أدوات النداء التي تفيد نداء المخاطب القريب الذي يطلب منه أن يقبل
إقباﻻً حقيقيا ً مثل" :يا سمير" أو مﺟازيا ً مثل "يا ﷲ")(٤
وللمنادى أنواع منها العلم والنكرة المقصودة وغير المقصودة والمضاف والشبيه بالمضاف
يتنوع المنادى من ناحية المسافة ومن ناحية اﻹعراب والبناء.
فمن ناحية المسافة بين المنادي والمنادى ،يكون منادى قريب ومنادى بعيد "ومقياس القرب
والبعد قد يكون مقياسا ماديا ً في المكان والزمان ،وقد يكون مقياسا ً معنويا ً كاﻻبن والصديق
والعدو"):(٥
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١عبده الراﺟحي ،التطبيق النحوي ص ٣٢٠
) (٢عبده الراﺟحي ،التطبيق النحوي ،دار النهضة العربية بيروت لبنان ،ط ،١سنة ،٢٠٠٤ص ٣١٩
) (٣ينظر شرح قطر الندى وبل الصدى ،تصنيف أبي محمد عبد ﷲ ﺟمال الدين بن هشام اﻷنصاري ،ومعه كتاب سبيل
الهدى بتحقيق شرح قطر الندى ،تأليف محمد محي الدين عبد الحميد ،دار الخير ،مكتبة طيبة للنشر والتوزيع ،ص ٢٠١
) (٤ينظر ﺟﻼل الدين السيوطي ،المطالع السعيدة في شرح الفريدة ،تحقيق الدكتور نبهان ياسين حسين ،ج ،1دار الرسالة
للطباعة ،بغداد ،١٩٧٧ ،ص ٣٦٨
) (٥عزيز فول بابتي المعﺟم المفصل في النحو واﻹعراب ،دار الكتب العلمية بيروت لبنان ،سنة ،١٩٩٢ج ،٢ص
.١٠٦٤
10
المبحث اﻷول
أوﻻً -اﻻستعمال النحوي للنداء عند السياب مع اﻷدوات
برع السياب براعة مذهلة في استعمال أدوات النداء والذي كشف من خﻼله عن ﺟماليات
أسلوب النداء ،وذلك حين وظفه السياب بشك ٍل ﻻئق ،حيث أدى دورا ً دﻻليا ً على مستوى
التركيب والصيغة سوا ًء من الناحية النحوية أو البﻼغية ،إذ إننا نﻼحظ إن هذا التنوع يدل
على دﻻﻻت نفسية تتعلق بقرب المنادى من نفس الشاعر أو بعده عنه ولطالما ﻻحظنا هذا
اﻷمر في غير موضع من قصائد السياب ،إذ إن بعض اﻷدوات لم تلتزم بالغرض الذي وضعه
رف النفسي الذي كان يحيط به وأول هذه اﻷدواتفالسياب أنزلها منزلة مواكبة للظ ِ
ُ النحاة لها
التي نراه استعملت بكثرة في ديوان السياب هي :
أ -يا :وردت هذه اﻷداة كثيرا ً في ديوان المعبد الغريق وسنأخذ بعض النماذج على ذلك
النموذج اﻷول
قول السياب:
يـا موحـــــش المـنازل )(١ يا مهلك العباد بالرﺟوم والزﻻزل
نﻼحظ إن السياب استعمل اﻷداة "يا" في هذا المقطع من قصيدة "أمام ﷲ" وتعد أم الباب
وذهب النحاة إنها تستعمل للبعيد )هـي للبعيد حقيقة أو حكما ً كالنائم والساهي( ) (٢وقد أكد
هذا القول ابن هشام ) ):يا( حرف لنداء البعيد حقيقة أو حكمه ،وقد ينادى بها القريب توكيداً.
وقيل :هي أكثر أدوات النداء استعماﻻً ،ﻻ ينادى بها القريب أو المتوسط البعد( ) (٣لكن
السياب هنا أستعملها للدﻻلة على البعد النفسي الذي عاناه ﻷنه شعر إن اليأس قد اﺟتاح نفسه
لدرﺟة إن ذلك قد دفعه للصراخ ،فهو بدﻻً من أن ينام في حماه فضل الموت ﻷنه شعر إن
اﻹله لم يسمع نداءاته ولم يرى كيف آل به الحال.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١ديوان المعبد الغريق ص ٢٥
) (٢ابن هشام بن يوسف بن أحمد ،أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ومعه كتاب عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك،
تأليف محمد محي الدين عبد الحميد ،ج ،٤ص ٦منشورات المكتبة العصرية صيدا بيروت لبنان
) (٣الحسن بن قاسم المرادي ،الﺟنى الداني في الحروف المعاني ،تحقيق فخر الدين قباوة ،محمد نديم فاضل ،دار الكتب
العلمية ،بيروت لبنان ط ،١٩٩٢ ١ص ٢٣٢
11
النموذج الثاني
قوله:
يا دفء شتائي يا قبﻼً أتمناها )(١ يا فﺟر الصيف إذا بردا
نﻼحظ في هذا المقطع من قصيدة "حنين في روما" إن السياب استعمل اﻷداة يا للقريب
وذلك لشعوره بالقرب النفسي من المحبوب ،إذ إنه وصف المحبوب بالفﺟر الصيفي الذي
يبزغ وهو أقرب لعين الناظر من غيره ،وتابع الوصف ليناديه بدفء الشتاء وهو دليل على
شدة قرب المحبوب له ،وهذا يدل على إن "يا" تستعمل للقريب والبعيد وفق ما تقتضيه
الضرورة الشعرية.
النموذج الثالث
قوله:
سوى الموتى فمن ذا يرﺟع سوى الموتى )(٢ شمس ما يأتي مع الليل
ُ قفي ﻻ تغربي يا
في هذا المقطع نﺟد إن السياب استعمل اﻷداة "يا" مع المنادى الشمس فهو ﺟعلها بمنزلة
المتكلم الحاضر أمامه فكان الخطاب بصيغة اﻷمر وهو اﻷمر الذي يدل على أن السياب انزل
البعيد منزلة القريب.
النموذج الرابع
قوله:
منى روحي ابنتي عودي إلي في الملمات )(٣ يا مصباح قلبي ،وعزائي في الملمات
في هذا المقطع نﻼحظ السياب استعمل اﻷداة "يا" أيضا ً للقريب فالخطاب موﺟه ﻻبنته
وﻻ شيء أقرب لﻺنسان من بني ِه وبﻼ شك إن السياب في هذا المقطع حين استعمل "يا" فهو
ﻻ يقصد البعد بينه وبين المنادى إنما القرب النفسي نﺟده حاضراً.
--------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------
) (١المعبد الغريق ص ٣٤
) (٢المصدر نفسه ص ٣٧
) (٣المصدر نفسه ،الصفحة نفسها.
12
النموذج الخامس
قوله:
وهبتك الحياة والحنان والنﺟوم )(١ يـا بنــي ،يا غــﻼ ُم
نﺟده في هذه القصيدة يوﺟه الخطاب ﻻبنه مستعمﻼً أداة النداء "يا" والمنادى المضاف ،وهي
طريقة خطابية وبﻼغية ،وهي تحمل معنى الحزن واﻷسف ،ثم استعمل بعدها النكرة المقصودة
وهي كثيرا ً ما تتكرر في قصائد السياب إذ إن الﺟمع بين المضاف والنكرة المقصودة إنما يدل على
مهارة السياب الشعرية
النموذج السادس
قوله:
أري ُد أن أموت يا إله(٢) .
النداء هنا ورد بأداة النداء "يا" والمنادى “إله" وهو اسم علم مفرد ،كتب السياب هذا المقطع
من قصيدةٍ تتحدث عن نوع من البراءة من اﻻنتماء ﻷي حزب بعد سيل من المعاناة والمﻼحقة
نتيﺟة تهمة اﻻنتماء لذلك الحزب لدرﺟة إن تلك المعاناة قد دفعته لتمني الموت فهو يطلب من اﻹله
أن يرأف بروحه ويهبه الموت ﻷنه يرى الموت سبيﻼً للراحة اﻷبدية من هذا العذاب ،وربما توحي
هذه المناداة بتمني الموت للتبرير والبراءة من اﻻنتماء للشيوعية وهو أمر ينطوي على مزيج من
آن واحد.
البراعة الممزوﺟة بالحس الشعري واللغوي في ٍ
النموذج السابع
قوله:
فيا عوليس شاب فتاك ،مبسم زوﺟك الوهاج )(٣
السياب استعمل في هذا المقطع من قصيدة المعبد الغريق أداة النداء "يا" مع اسم علم مفرد وهو
"عوليس" وعوليس أو يوليسيس هو اسم للرواية التي كتبها الكاتب اﻷيرلندي ﺟيمس ﺟويس ،لكن
عوليس السياب ليس كـ عوليس ﺟيمس ﺟويس فهو هنا يوحي للرحيل باتﺟاه الموت بﻼ عودة ،وقد
مثل عوليس أيضا ً رمزا ً للحضارة التي يرى السياب إنها قد د ْ
ُنست بالرذيلة لذلك ﻻ أمل لها بالعودة
إلى سابق عهدها طاهرة ً نقيةً ،فهي ستبقى كـ "عوليس" تائهة ضائعة بﻼ قرار ﻻ دليل لها إﻻ الصبر
الذي ربما قد يعيدها إلى بر اﻷمان.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١المعبد الغريق ص ٣١
) (٢المعبد الغريق ص ٢٥
) (٣ديوان المعبد الغريق ص ٥٧
13
النموذج الثامن
قوله:
يا له شﻼل نور منطفئ! )(١ يا وفيقة والحمام اﻷسو ُد
استعمل الشاعر السياب اﻷداة "يا" وهو يوﺟه النداء في هذا المقطع من القصيدة إلى "وفيقة"
و"الحمام اﻷسود" و"وفيقة" هو اسم حبيبته التي فقدها فهو يناديها باسمها وقد قرن ندائه لها بالحمام
اﻷسود
وقد خص السياب الحمام اﻷسود دون غيره من اﻷلوان ليرمزَ به إلى شعر حبيبته وفيقة وربما
يقصد بالحمام اﻷسود أيام معاناته وحزنه التي قاساها طوال سنينة التي عاشها فهذا اللون هو دليل
على تشاؤمه وسواد أيامه التي غاب عنها الفرح بغياب حبيبته وفيقة.
ب -الهمزة ) :من أدوات النداء ينادى بها القريب ﻷنها ﻻ تقتضي رفع الصوت() (٢ووهي
لنداء القريب بإﺟماع النحويين) (٣وقد استعمل السياب هذه اﻷداة في ديوان المعبد الغريق ومن
النماذج على ذلك.
النموذج اﻷول
قوله:
سورا ً من الدم والرعود قصيدة الشهيد )(٤ أ بني كان أبوك نبعا ً من لهيب من حديد
ﺟاء أسلوب النداء في هذا المقطع مكونا ً من أداة النداء "الهمزة" و المنادى "بني" وهو مضاف
إلى ياء المتكلم وقد استعمل السياب هذه اﻷداة دون غيره إنما ﻹحساسه الشديد بقرب ابنه منه ،فهو
يخبر ولده عن نفسه واصفا ً نفسه بالنبع من اللهيب أو الحديد بل هو سورا ً من الدم والرعود ،فهو
يتحدث عن سنوات عمره المليئة باﻷسى إﻻ إن ذلك ﺟعله يواصل مسيرة تلك الحياة البائسة ولعل
غرض السياب من استعمال هذه اﻷدوات دون غيرها وذلك ليثير انتباه المتلقي) واستعمالها لنداء
القريب يعود إلى إثارة اﻻنتباه بانفﺟار صوتها القصير() (٥نحو قول امرئ القيس :أفاطم مهﻼً
ت صرمي فأﺟملي.
بعض هذا التدلل وإن كنتِ قد أزمع ِ
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١المعبد الغريق ص ١٦
) (٢مهدي المخزومي نقد وتوﺟيه دار الرائد العربي ،بيروت لبنان ،ط ٢سنة ،١٩٨٦ص .٣٠١
) .( ٣ينظر ابن عصفور ،شرح الزﺟاﺟي ،تحقيق إميل بديع يعقوب ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ،ج ،٢ط،١٩٩٨ ،٢
ص .١٧٧
) (٤المعبد الغريق ص ٧٢
) (٥حروف المعاني بين اﻷصالة والحداثة ،حسن عباس دراسة من منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق ،٢٠٠٠ ،ص:
.٧٩
14
ج -اﻷداة "وا" )مختص به الندبة ﻷن الندبة تفﺟع وحزن ،والمراد رفع الصوت ومد
ﻹسماع ﺟميع الحاضرين والمد الكائن في الواو واﻷلف أكثر من المد الكائن في الياء واﻷلف(
) (١وقد ورد النداء باﻷداة)وا( مرة واحدة في ديوان المعبد الغريق وذلك في قصيدة "فرار
عام ”١٩٥٣حين قال:
لكننا وا حسرتاه لن نعود
اواه لو سيﺟارة في فمي
لو ضمة لو عناق )(٢
وهي للندبة مبنية على السكون والمنادى “حسرة" وهو مضاف ،كتب هذه القصيدة
والحزن يمﻸه حيث يشعر باليأس من العودة كذلك يأسه من الحصول على أقل متطلبات
الحياة ،فهو يتمنى أبسط اﻷمور التي تشعره باﻻنتماء حتى لو كان هذا اﻷمر عناقاً ،أو ضمة
تعيده إليه شعور اﻷمان ولو لمرة واحدة.
وهي دليل لندبة السياب لشعوره بالكمد والحزن ،ولو كان شعوره أقل من تلك المرحلة من
الحزن لكان استعمل أداة ً أخرى أقل حزنا ً وأسى ولكنه آثر استعمال هذه اﻷداة لكونها أكثر
مﻼئمة للوضع الذي كان يعيشه ،فهو ﻻ يرغب بمناداة شخص ما ،إنما أراد أن يندب وضعه
وسوء حاله ،إذ رافقت هذه الندبة كلمات ساعدت على تقوية المعنى مثل كلمة)حسرة( وكذلك
الحرف "لو" وهو حرف امتناع لوﺟود ،خرج لغرض التمني وهذا دليل على صعوبة تحقيق
ما يرغب السياب بتحقيقه.
------------------------------------------------------------------------------------------ ----------------------
) (١ابن يعيش ،شرح المفصل ،ج ،٨ص ١٢٠
) (٢ديوان المعبد الغريق ص ٧٥
15
ثانيًا -النداء بحذف اﻷداة
النموذج اﻷول
قوله:
ﺟيكور لمي عظامي وانفضي كفني
من طينه ،واغسلي بالﺟدول الﺟاري
قلبي الذي كان شباكا ً على النار )(١
في هذا المقطع من قصيدة أفياء ﺟيكور نﺟد أداة النداء محذوفة و المنادى مذكور وهو
ﺟيكور نوعه اسم علم مفرد ،وقد دل الحذف هنا على قرب ﺟيكور من روح الشاعر لدرﺟة
إنه لم يستعمل أي من أدوات النداء رغم وﺟود بعض اﻷدوات التي تفيد نداء القريب ،وهذا
إن دل على شيء فإنما يدل على شعور السياب بإن ﺟيكور دواء لروحه المتعبة بل الغائبة
عن ﺟسده وﻻ سبيل لﺟمع هذا الشتات بين روحه وﺟسده المعذب سوى ﺟيكور فهو يناديها
بصيغة فعل اﻷمر ويطلب منها أن تلم عظامه وتنفض الكفن عنه وتغسل روحه بﺟداولها
العذبة ،علّه يستعيد شغف الحياة ".إن ﺟيكور هذه التي تحيره ليست هي التي يريدها ولذلك
طالبها بأن ترد إليه الماضي أي تعود كما كانت ،بل طالبها أن تعيده إلى الحياة ،ﻷن يرى
نفسه في مرآتها ميتا ً")) (٢فإن العﻼقة بﺟيكور كشفت عن ﺟوهره الشخصي إذ نقف في
قصائده الﺟيكورية على ضرب من التأثير المركب( ).(٣
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١المعبد الغريق ص ٦٣
) (٢إحسان عباس السياب دراسة في حياته وشعره ص ٢٨٧
) (٣ماﺟد صالح السامرائي ،بدر شاكر السياب شاعر عصر التﺟديد الشعري ،مركز دراسات الوحدة العربية ص ١٨
16
النموذج الثاني
قوله:
ايه ﺟيكور عندي سؤال أما تسمعينه
هل ترى أنت في ذكرياتي دفينه
أم ترى أنت قبر لها؟ فابع ِثيها )(١
يعود السياب مرة أخرى ليوﺟه النداء إلى ﺟيكور بصيغة أداة النداء المحذوفة وإن هذا
لدلي ٌل آخر على مكانة هذه القرية في نفس الشاعر فهو يوﺟه النداء إليها بصيغة المتعﺟب
والمتأمل الحيران على ما آل إليه الحال وهذا النوع من الشعر غير مألوف في قصائد السياب)
ومن ثم خﻼ شعر السياب من مواقف تأملية او كاد وﻻ نﺟد عنده من هذا القبيل إﻻ وقفتين
صغيرتين يتأمل فيها ما صارت إليه ﺟيكور() (٢لكن السياب استعمل مع ﺟيكور كل اﻷساليب
التي يمكن أن تعتمل في نفسية اﻹنسان من حزن وفرح وتأمل وتعﺟب ،ﻷن ﺟيكور قد عاشت
معه وتعايشت بﺟوارحه بل هي شريان صباه وتاريخ حياته ،ومن الطبيعي أن يشهد الشاعر
كل الحاﻻت الوﺟدانية مع قريته ،وهذا ما نﺟح السياب في توظيفه شعريا ً بأسلوب مميز مازﺟا ً
به كل العوامل النفسية التي رافقته في رحلته مع قريته "ﺟيكور"
النموذج الثالث
قوله:
بني إليك صدري فيه ،فادفن وﺟهك الطفﻼ )(٣
هذا المقطع قد تم فيه حذف أداة النداء وبقي المنادى وهي "بني" وقد أثار هذا الحذف
إحساسا ً بالقرب الشديد بين الشاعر وابنه ،حيث نﻼحظ إن هذا الحذف قد أضفى إثارة وﺟدانية
دلت على ارتباط الشاعر العميق بابنه ورغم إن هذه المشاعر اﻹنسانية تﺟاه اﻷبناء تشمل
ﺟميع البشر إﻻ إن السياب وظفها بطريقة ﺟعلت ارتباطه المصيري بابنه ﻻ ينفصل فهو
يتمنى لو يدفن وﺟه طفله في صدره ،إن الكﻼم بين المتكلم والمنادى قد وصل مرحلة من
اﻻنصهار ﻻ يتطلب الحديث معه استعمال أي من اﻷدوات مهما كانت دﻻﻻتها ،فهو حين
17
يخاطب المنادى "ابنه" أن يدفن وﺟهه في صدره ،فإنه من غير المحبب أن يأتي بأداة نداء
تكاد تكون فاصلة بين المتكلم والمنادى حتى لو كانت تلك الفاصلة هي لفظة واحدة ،إﻻ أن
الشاعر آثر أن ﻻ يكون بينه وبين المنادى أي فاصل ورغب أن يوﺟه النداء إليه دون استعمال
اﻷدوات وترك للقارئ مهمة اكتشاف ذلك واكتشاف الغرض من هذا الحذف.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١ديوان المعبد الغريق ص ٨١
) (٢السياب دراسة في حياته وشعره ص ٣٠٧
) (٣المعبد الغريق ص ٤٦
18
ثالثا ً -النداء بغير أسلوب النداء )استخدام العقل(
إن أحد مواهب السياب هو قدرته على النداء دون استعمال اﻷداة ،حيث يترك للقارئ
مهمة اكتشاف النداء من خﻼل العقل وهذا يدل على براعته وقدرته على محاكاة اﻷسلوب
الشعري الذي يتطلب المرونة في استعمال اللغة على عدة مستويات ،وقد ورد النداء العقلي
في القرآن الكريم )يوسف أعرض عن هذا( ) (١ومن النماذج التي ورد فيها النداء بغير
أسلوب النداء
النموذج اﻷول
قوله:
ﻷني غريب
ﻷن العراق الحبيب
بعيد وإني هنا في اشتياق
إليه إليها أنادي عراق )(١
السياب لم يقل في هذا المقطع "أنادي يا عراق" بل اكتفى بقوله" :أنادي عراق" ﻷن
الفعل أنادي قد ناب مناب اﻻداة "يا" والمتلقي يستطيع تمييز ذلك بوضوح دون صعوبة ،كما
إن النداء بهذه الطريقة يشير إلى إن الشاعر يشعر بالقرب الكبير بينه وبين المنادى وﻻ يمكن
فحذف اﻷداة قد يدل على أن الشاعر ﻻ
ُ ﻷي أداة أن تكون قادرة على وصف هذا القرب،
يحتاج إلى واسطة ينادي بها الوطن
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١سورة يوسف اﻵية ٢٩
) (٢المعبد الغريق ص ٦٩
19
النموذج الثاني
قوله:
النموذج الثالث
قوله:
حﺟار
حﺟار وما من ثمار
وحتى العيون
حﺟار وحتى الهواء الرطيب
حﺟار يندّيه بعض الدم
حﺟار ندائي وصخر فمي
ورﺟﻼي ريح تﺟوب القفار )(٢
لقد نادى السياب في هذا المقطع الحﺟر وتم ذلك النداء بالعقل ،إذ إنه لم يستعمل أدوات
النداء بل ترك للقارئ مهمة اكتشاف ذلك ،وهذا المقطع ﺟزء من قصيدة تضمنت عدة نداءات
للوطن حتى استحالت نداءاته إلى حﺟار بل حتى فمه لم يعد بإمكانه أن يعيد النداء فصار كأنه
صخر لشدة عﺟزه وقدماه تحولت إلى ريح تﺟوب صحاري الوطن.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١المعبد الغريق ص ٣٢
) (٢المصدر نفسه ص ٦٩
20
رابعا ً-الوقوف على أسلوب النداء في ديوان المعبد الغريق
بعد استخراج أساليب النداء وﺟدنا إنها قد وردت في خمسة وستين موضعا ً وقد صنفناهُ وفق
الﺟدول اﻵتي
21
منادى منصوب وعﻼمة مضاف صباي يا -٧و
نكرة مقصودة نصبه الفتحة. عظام بالغناء يا
نكرة مقصودة منادى مبني على الضم في صباي يا
محل نصب رميم عظام يا
رميم
منادى مبني على الضم في كسوتك
محل نصب الرواء
والضياء
منادى منصوب وعﻼمة مضاف فﺟر يا -٨يا
نصبه الفتحة مضاف دفء يا فﺟر
منادى منصوب وعﻼمة نكرة غير قبﻼً يا الصيف
نصبه الفتحة مقصودة إذا بردا
منادى مبني على الضم في يا دفء
محل نصب شتائي يا
قبﻼً
اتمناها
منادى منصوب وعﻼمة مضاف نور يا - ٩يا
نصبه الفتحة نور
المرفأ
يهدي
القلب إذا
تاها
منادى منصوب وعﻼمة مضاف قصة يا -١٠يا
نصبه الفتحة قصة
عنتر إذ
تروى
حول
التنور
فأحياها
نكرة مقصودة منادى مبني على الضم في شمس يا - ١٢
محل نصب قفي ﻻ
ف تغربي يا
شمس
مع ما
يأتي من
الليل
منادى منصوب وعﻼمة مضاف مصباح يا -١٣يا
نصبه الفتحة مضاف عزائي يا مصباح
منادى منصوب وعﻼمة قلبي يا
22
نصبه الفتحة عزائي
في
الملمات
منادى منصوب وعﻼمة مضاف أمي يا - ١٤
نصبه الفتحة ً
طعاما آه
عطشى
إنت يا
أمي؟
فعبي من
دمي ماء
وعودي
كلهم
عادوا
منادى منصوب وعﻼمة مضاف أفراس يا - ١٥يا
نصبه الفتحة أفراس
ﷲ
استبقي
منادى منصوب وعﻼمة نكرة غير خيﻼً يا - ١٦يا
نصبه الفتحة مقصودة خيﻼً من
نار
وسحاب
من وقع
سنابك
الرعد
منادى منصوب وعﻼمة مضاف قبضة - ١٧فيا يا
نصبه الفتحة قبضة ﷲ
نكرة مقصودة عاصفات يا يا
منادى مبني على الضم في عاصفات يا
نكرة مقصودة محل نصب ويا
قاصفات قاصفات
نكرة مقصودة ويا
منادى مبني على الضم في صاعقة
محل نصب صاعقة إﻻ
زلزلي
ما بناه
منادى مبني على الضم في الطغاة
محل نصب بنيرانك
الماحقة
منادى منصوب وعﻼمة مضاف ضﺟيعتي يا -١٨
23
نصبه الفتحة وأنت يا
ضﺟيعت
ي كأنك
الكواكب
البعيدة
كأن بيننا
من
الكرى
ﺟدار
منادى مبني على الضم في علم وفيقة يا - ١٩
محل نصب تقطع
العروق
في يدي
استغيث
آه يا
وفيقة
منادى مبني على الضم في علم وفيقة يا - ٢٠يا
محل نصب أقرب
الورى
إلي أنت
يا وفيقة
للدود
والظﻼم
منادى منصوب وعﻼمة نكرة غير ضﺟيعةً يا -٢١عشر سنين سرتها
نصبه الفتحة مقصودة إليك يا ضﺟيعةً تنام
منادى منصوب وعﻼمة مضاف مدينة يا - ٢٢إليك يا مدينة
نصبه الفتحة مضاف ردى يا السراب يا ردى حياتها
منادى منصوب وعﻼمة
نصبه الفتحة
منادى منصوب وعﻼمة مضاف ضﺟيعتي يا - ٢٣وأنت يا ضﺟيعتي
نصبه الفتحة مدينة نائية
مسدودة أبوابها وخلفها
وقفت في انتظار
منادى مبني على الضم في نكرة مقصودة أي يا - ٢٤نبوئتك الرهيبة
محل نصب والهاء حرف أيها العراف تبكيني
تنبيه ﻻمحل له من
اﻹعراب.
24
منادى منصوب وعﻼمة مضاف بني محذوفة -٢٥بني إليك صدري
نصبه الفتحة فادفن فيه وﺟهك الطفﻼ
منادى نكرة مقصودة مبنية نكرة مقصودة أيها - ٢٦يا أيها البركان من يا
على الضم في محل نصب ورود
على النداء والهاء حرف اواه لو أشد عينيك إلى
تنبيه ﻻ محل له من النهار.
اﻹعراب.
منادى منصوب وعﻼمة نكرة غير نظرةً يا - ٢٧يا نظرة ً يشد قلبي
نصبه الفتحة مقصودة بالسما وتر
يعزف مرها عليها غنوة
القمر
منادى مبني على الضم في نكرة مقصودة نهر يا - ٢٨يا نهر عاد إليك
محل نصب من أبد اللحود ومن خواء
الهالكين
راعيك في الزمن البعيد
يسرح البصر الحزين
منادى منصوب وعﻼمة مضاف ضفاف يا - ٢٩فيا ضفاف البحر
نصبه الفتحة البحر أمواﺟه ومحاره ماذا
تبقى منك من أمس
الهوى
منادى مبني على الضم في نكرة مقصودة نهر - ٣٠يا نهر إني وردتك يا
محل نصب هالة والربيع الطلق في
نيسانه
منادى مبني على الضم في نكرة مقصودة شموع يا -٣١هو البط فلتهنئي يا
محل نصب شموع
منادى مبني على الضم في علم عوليس يا -٣٢فيا عوليس شاب
محل نصب فتأكد ،مبسم زوﺟك
الوهاج
منادى منصوب وعﻼمة نكرة غير نهراً يا -٣٣يا نهرا ً من الحقد
نصبه الفتحة مقصودة تفﺟر بالخناﺟر والعصي
بأعين غضبى
منادى منصوب وعﻼمة نكرة غير حفﻼً يا -٣٤ﺟيكور ﺟيكور يا
نصبه الفتحة مقصودة حفﻼً من النور
منادى منصوب وعﻼمة نكرة غير ﺟدوﻻً يا -٣٥يا ﺟدوﻻً من
نصبه الفتحة مقصودة فراشات نطاردها
25
في الليل في عالم
اﻷحﻼم والقمر
منادى منصوب وعﻼمة مضاف باب يا -٣٦يا باب اﻷساطير
نصبه الفتحة اﻷساطير يا باب ميﻼدنا الموصول يا
مضاف باب ميﻼدنا بالرحم
منادى منصوب وعﻼمة
نصبه الفتحة
منادى مبني على الضم في علم ﺟيكور -٣٧ﺟيكور مسي ﺟبيني محذوفة
محل نصب فهو ملتهب
منادى مبني على الضم في علم ﺟيكور محذوفة -٣٨ﺟيكور ماذا؟ أ
محل نصب نمشي نحن في الزمن
أم إنه الماشي
ونحن وقوف
منادى مبني على الضم في علم ﺟيكور محذوفة -٣٩ﺟيكور لمي
محل نصب عظامي وانفضي كفني
منادى منصوب وعﻼمة مضاف وطني يا -٤٠قلبي الذي كان
نصبه الفتحة شباكا ً على النار
لوﻻك يا وطني
26
الفتحة ﺟيكور الذي ﻻ يميل عنه
الربيع اﻷخضر
منادى مبني على الضم في نكرة ريح يا -٤٧يا ريح يا ريح
محل نصب مقصودة توهﺟت فيك مصابيح
من ليل ﺟيكور أضاءت
ظلمة السفين
منادى منصوب وعﻼمة نصبه مضاف صباي يا -٤٨يا صباي الذي
الفتحة كان للكون عطراً
وزهواً وتيها
منادى مبني على الضم في علم ﺟيكور محذوفة -٥٠أيه ﺟيكور عندي
محل نصب سؤال أما تسمعينه
منادى منصوب وعﻼمة نصبه مضاف زوﺟتي يا -٥١إقبال يا زوﺟتي
الفتحة الحبيبة
ﻻ تعذليني ما المنايا
بيدي
منادى منصوب وعﻼمة نصبه مضاف بني الهمزة -٥٢أبني كان أبوك
الفتحة نبعا ً من لهيب من حديد
سورا ً من الدم والرعود
27
خامسا ً -دراسة إحصائية
من التصنيف والدراسة التطبيقية التي اﺟريناها في ديوان المعبد الغريق توصلنا إلى إن النداء
قد ورد في أغلب المواضع بالحرف "يا" ما عدا موضعا ً واحدا ً كان النداء بالهمزة ،أما بقية
اﻷدوات فلم ترد في الديوان ،في حين تم حذف اﻷداة في خمسة مواضع أما أنواع المنادى
فقد وردت أربعة أنواع وهي المضاف في واحد وثﻼثين موضعاً ،والنكرة المقصودة في اثني
عشر موضعاً ،والعلم في تسعة مواضع ،والمنادى النكرة غير المقصودة في ثمان مواضع،
ويمكن أن ندرج أنواع المنادى وفق الﺟدول التالي
28
المبحث الثاني
دﻻﻻت النداء
إن الغرض من النداء قد ﻻ يكون نحويا ً فقط بل قد يخرج ﻷغراض مﺟازية أخرى منها
للتنبيه أو لغرض الفخر أو التعﺟب ،أو اﻻستغاثة إلى غير ذلك.
فالندا ُء لدى الشاعر السياب يتداخل في ديوانه مع بنية القصيدة في مﺟموعة من الوشائج
مشكلة نسقا ً دﻻليا ً واضحاً ،وعملية التنوع في استعمال أدوات النداء والمنادى ليست وليدة
ضرورة لغوية أو دﻻلية نحوية بل هي عملية مقصودة وليست عبثية الغرض منها إيصال ما
يعتمل في و ﺟدان الشاعر من مشاعر وأحاسيس متداخلة ما بين القريب والبعيد لذلك رأيناه
أنزل البعيد منزلة القريب تارة وتارة أخرى عمد إلى عكس ذلك حسب ما اقتضاه الوضع
الذي عاشه )قد تستعمل صيغته في غير معناه المتعارف عليه :لينتج بعضا من الدﻻﻻت
اﻷدبية التي تتم على مستوى السياق أو على مستوى الصيغة التي تأتي عليها صورة النداء
ويعني ذلك عدول ِه أو انحراف عن أصله ،وفي انحراف هذا ينقسم قسمين اثنين :اﻷول وهو
مناداة ماﻻ يصح في ندائه مخاطبة ماﻻ يعقل والثاني عدم دﻻلة النداء على الطلب() .(١ﻷن
الشاعر هو الذي يوﺟه بنية النص في قص يدته باﻷسلوب الذي يرتئيه مناسباً ،فاﻷسلوب يمثل
سلطة الشاعر الواعية على اللغة حيث بإمكانه أن يتﻼعب بمفرداتها.
وهذا اﻷمر منطبق على النداء كونه ظاهرة أسلوبية وهو كأي أداة لغوية ﻻ بد أن يعكس
أحاسيس الشاعر ومشاعره بل هو أداة فاعلة ﻹثراء النص اﻷدبي من ﺟميع النواحي اللغوية
والبﻼغية وهو اﻷمر الذي بدا ﺟليا ً لدى شاعرنا الكبير بدر شاكر السياب.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١يوسف محمد الكوفحي ،اللغة اﻹبداعية ،عالم الكتب الحديث ،القاهرة ،ط ،٢٠١١، ١ص ٨٨
29
ومن الدﻻﻻت التي خرج إليها النداء في قصائد السياب هي:
الدﻻلة اﻷولى التنبيه
في قوله:
قبرا ً على إحدى روابيه )(١ يـا ليـت لـي فيه
خرج النداء في هذا المقطع للتنبيه وتخرج أداة النداء)الياء( للتنبيه وذلك إذا وقعت قبل "
ليت" كقوله تعالى ) ):يا ليت قومي يعلمون(( ) (٢وقبل "رب" نحو قول الشاعر:
يا رب مثلك في النساء**عزيزة بيضاء قد متعتها بطﻼق )(٣
وقبل حبذا نحو قول الشاعر:
يا حبذا ﺟبل الريان من ﺟبل وحبذا ساكن الريان من كانا )(٤
ولو عدنا إلى قصيدة السياب فإن الغرض من النداء في هذا المقطع قد خرج للتمني الممزوج
بالتنبيه وهو غرض مﺟازي غير حقيقي ﻷن الياء هنا أفادت التنبيه لوقوع ليت بعدها كقوله
تعالى ))يا ليتني متُ قبل هذا( ) (٥فالياء وقعت هنا للتنبيه وليس للنداء.
إذ إن الشاعر أراد التنبيه إلى استحالة حدوث ما يتمنى وهو الحصول على قبر في أرض
وطنه وهنا تبرز أعلى مراحل العﺟز عن الحصول على ما يرغب وذلك فإن أداة النداء هنا
لم تكن مخصصة لمناداة شيء ما ،وإنما كانت لغرض التنبيه على أمر أشد وأكثر صعوبة
في نظر الشاعر ،وهو تمني الحصول على قبر يضم ﺟسده بعد الموت.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
) (١المعبد الغريق قصيدة فرار عام ١٩٥٣ص ٧٥
) (٢سورة يس اﻵية 26
) (٣من شواهد ابن هشام ،أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ،ص .١٠
) (٤ديوان ﺟرير دار بيروت للطباعة والنشر بيروت لبنان ١٩٨٦ص ٤٩٠قصيدة يا حبذا ﺟبل الريان
) (٥سورة مريم اﻵية ٢٣
30
وقد خرج لغرض
كما في قوله:
يا ليتني ما زلت في لعبي
ريف ﺟيكور الذي ﻻ يميل
عنه الربيع اﻷبيض اﻷخضر )(١
وهنا أسلوب النداء في قصيدة فرار عام ١٩٥٣خرج لغرض إذ نﻼحظ إن الكﻼم يتكون من
أداة النداء "يا" والمنادى ريف الذي أُضيف إلى لفظة ﺟيكور ،وﺟيكور هذه قرية السياب التي
ولد فيها ،وقد تكررت بكثرة في كل دواوينه الشعرية ،وهنا ريف ﺟيكور يمثل شوق الشاعر
وحنينه إلى أيام طفولته ،كونها المكان الذي ولد وترعرع فيه ،فهو إذ يناديها إنما يبعث هذا
النداء إحساسا ً باﻷلم واﻷسى على اﻷيام التي خلت ولم تعد ،وقد استعمل اﻷداة "يا" التي تفيد
نداء البعيد ﻹحساسه ببعد ﺟيكور عنه
هذا المقطع مقتطف من قصيدة الشهيد للشاعر السياب واقد استعمل فيها أسلوب اﻻستغاثة
على لسان ابن الشهيد مبينا ً ما سيؤول إليه حاله وقد تكرر هذا اﻷسلوب بقصد التركيز وإظهار
فكرة اﻻستغاثة باﻹضافة إلى كون التكرار في هذا المقطع اضفى ميزة أخرى أعطت تأثيرا ً
31
الدﻻلة الثالثة التعجب
-١أسلوب النداء التعجبي
ومن النماذج على ذلك قوله:
32
وكذلك خرج النداء لغرض التعجب في قوله:
في هذا المقطع من قصيدة المعبد الغريق ورد أسلوب النداء التعﺟبي ،حيث يتعﺟب
الشاعر من ﺟرح اﻹنسان العربي الذي لم يسمع صرخاته أحدا ً سوى ﷲ ،فهذا الﺟرح لطخ
المكان وروى عطش اﻷرض وأعادها طينا ً نتيﺟة لما مر به اﻹنسان العربي على مر السنين
من قتل وتشريد واغتصاب لﻸرض.
استعمل الشاعر السياب اﻷداة "يا" والمنادى "راعي" وهو اسم فاعل منقوص وقد استعمل
هذه اﻷداة كوسيلة بﻼغية خطابية لغرض التبﺟيل والتعظيم وبما إن اﻷداة "يا" لها دﻻﻻت
عديدة إﻻ إن السياب أكثر من استعمالها ليقول من خﻼلها كل ما أراد أن يقوله.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
33
الدﻻلة الرابعة نداء الحجر
ومن النماذج على ذلك قوله:
خاطب السياب النهر بأسلوب النداء المﺟازي إذ يقول في إحدى قصائده
تدفق بالخناﺟر والعصي بأعين غضبى )(١ يا نهرا ً من الحقد
يوﺟه السياب النداء إلى النهر الذي كان يقصد به كمية الحقد ،حيث ﺟعل منه طرفا ً في
حديث كما لو إنه يعقل ويسمع ما يقوله ،إذ إن هذا المقطع يتحدث عن قابيل وقد استعمل
نهر
السياب فيها أداة النداء "يا" وﺟاء المنادى نكرة غير مقصودة للدﻻلة على عدم تخصيص ٍ
معين ﻷن اللفظة خرﺟت لغرض مﺟازي أراد به الرمز لكم الحقد الذي يحمله اﻹنسان تﺟاه
أخيه اﻹنسان لذا كانت اﻷداة والمنادى موظفة في السياق المناسب وأدت الغرض المﺟازي
المراد منها بالشكل الصحيح.
يا ﺟدوﻻً من فراشات نطاردها )(٢ ﺟيكور ﺟيكور يا حفﻼً من النور
النداء في هذا المقطع مﺟازي وهو موﺟه لغير العاقل وهي قريته ﺟيكور التي طالما ناداه
بكل أنواع النداء ،وهو حين وﺟه النداء إلى ﺟيكور خاطبها باسم) الحفل( وباسم) الﺟدول(
وهو أيضا ً نداء مﺟازي آخر ،لكن السياب لم يكن ينظر لﺟيكور على إنها حﺟراً بل يراها
روحا ً ولذلك استعمل اﻷداة "يا" ﻷنها عنده الحقيقة والواقع المأساوي وأحيانا ً يراها حفﻼً من
النور تضيء حياته المعتمة فهو يتمنى أن يراها كما لو أنها المدينة الفاضلة بل الحلم الذي
يتمنى الشاعر أن يﺟسده لتلك القرية الصغيرة التي اختصرت عالمه وﺟعلته يناديها على إنها
الشعلة التي لم يخفت ضياؤها بل استحالت إلى حف ٍل من النور يمد العالم أﺟمع بالضياء.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
34
قول السياب:
يا ري ُح يا ري ُح
فيك مصابيح
توهﺟت ِ
من ليل ﺟيكور أضاءت ظلمة السفين(١) ،
يوﺟه السياب نداءاته إلى ريح ﺟيكور مستعمﻼً أداة النداء "يا" وقد ورد المنادى نكرة
فﺟيكور
ُ ريح،
ٍ مقصودة ﻷنه يقصد بها ريح قريته ﺟيكور التي يرى إن ريحها ﻻ يشبه أي
مميزة بكل شيء حتى إن ريحها هي من تمنح النور للمصابيح ،وهي من تهب العتمة كل هذا
الضياء ،ومن ليل ﺟيكور يخرج كل الضياء ليمحو كل ظلمة اﺟتاحت العالم ،وهذا التكرار
بالنداء إنما يشير للتأكيد على إن ﺟيكور قادرة على أن تهب العالم ضيائها رغم ما تعانيه وما
عانته من البؤس.
---------------------------------------------------------------------------------- ---------------------------------------------------------------------------------------
35
الخاتمة
لقد خلصت هذه الدراسة إلى ﺟملة من النتائج ارتأينا أن نﺟملها هنا في هذه اﻷسطر
ومنها
أوﻻً :لقد استعمل السياب أسلوب النداء أربع وستين مرة في ديوان المعبد الغريق الغريق
رابعا ً :كان استعمال المنادى المضاف شائعا ً بقوة في ديوان المعبد الغريق وهو سمة بارزة
في أغلب القصائد.
كثير من المواضع بصورة ﻻ يمكن تﺟاهلهاسا :لقد ورد أسلوب النداء التعﺟبي في ٍ خام ً
سادسا ً :وردت أداة النداء المحذوفة في عدة مقاطع من قصائد السياب ﻻ سيما مع مفردتي
"ﺟيكور" و "بني" للدﻻلة على القرب الروحي بينه وبين ولده وقريته.
سابعا ً :النداء ظاهرة فنية يشكل أحد وسائل التواصل البشري والتفاهم اللغوي.
36
قائمة المصادر والمراﺟع
-١القرآن الكريم.
-٢بدر شاكر السياب اﻷعمال الشعرية الكاملة ،دار العودة بيروت لبنان.٢٠١٦ ،
-٣هاني الخير ،أعﻼم الشعر العربي ،بدر شاكر السياب –ثورة الشعر ومرارة الموت -الطبعة
أرسﻼن للطباعة والنشر والتوزيع ،سوريا ،دمشق .٢٠٠٧
اﻷولى ،دار ِ
-٤ديوان المعبد الغريق الشاعر السياب ،مؤسسة الهنداوي.
-٥عباس صادق ،أمراء الشعر العربي ،الطبعة الثالثة ،دار أسامة اﻷردن.٢٠٠٩ ،
-٦ابن منظور ،أبو الفضل ﺟمال الدين بن مكرم ،لسان العرب ،ط ،١دار صادر بيروت،
لبنان٢٠٠٣،م ج.٣
-٧الفيروزآبادي ،مﺟد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب ،القاموس المحيط ،ط ،3مطبعة
الرسالة ،تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف محمد نعيم العرقسوس.
-٨الﺟوهري ،أبو نصر محمد بن حماد ،تاج اللغة وصحاح العربية ،تحقيق :د .محمد محمد
تامر ط ١٩٧٩ ،٢دار الحديث القاهرة.
-٩عباس حسن النحو الوافي ط ٣دار المعارف المصرية ج.٤
-١٠أسلوب النداء في مدحيات ابن حمديس مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه ،في مﺟلة اﻹحياء
المﺟلد ٢٢العدد .٣٠
-١١ابن يعيش أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش شرح المفصل ج ،٨إدارة المطبعة المنيرية،
صححه وعلق عليه ﺟماعة من العلماء.
-١٢عبده الراﺟحي ،التطبيق النحوي ،دار النهضة العربية بيروت لبنان ،ط ،١سنة .٢٠٠٤
-١٣ينظر شرح قطر الندى وبل الصدى ،تصنيف أبي محمد عبد ﷲ ﺟمال الدين بن هشام
اﻷنصاري ،ومعه كتاب سبيل الهدى بتحقيق شرح قطر الندى ،تأليف محمد محي الدين عبد
الحميد ،دار الخير ،مكتبة طيبة للنشر والتوزيع.
-١٤ينظر ﺟﻼل الدين السيوطي ،المطالع السعيدة في شرح الفريدة ،تحقيق الدكتور نبهان
ياسين حسين ،ج ،1دار الرسالة للطباعة ،بغداد.١٩٧٧ ،
37
-١٥عزيز فول بابتي المعﺟم المفصل في النحو واﻹعراب ،دار الكتب العلمية بيروت لبنان،
سنة ،١٩٩٢ج ،٢ص .١٠٦٤
-١٦إبن هشام بن يوسف بن أحمد ،أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ومعه كتاب عدة
السالك إلى تحقيق أوضح المسالك ،تأليف محمد محي الدين عبد الحميد ،ج ،٤ص ٦
منشورات المكتبة العصرية صيدا بيروت لبنان.
-١٧الحسن بن قاسم المرادي ،الﺟنى الداني في الحروف المعاني ،تحقيق فخر الدين قباوة،
محمد نديم فاضل ،دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان ط.١٩٩٢ ١
-١٨مهدي المخزومي نقد وتوﺟيه دار الرائد العربي ،بيروت لبنان ،ط ٢سنة .١٩٨٦
-١٩ينظر ابن عصفور ،شرح الزﺟاﺟي ،تحقيق إميل بديع يعقوب ،دار الكتب العلمية،
بيروت لبنان ،ج ،٢ط.١٩٩٨ ،٢
-٢٠حسن عباس ،حروف المعاني بين اﻷصالة والحداثة ،دراسة من منشورات اتحاد الكتاب
العرب ،دمشق.٢٠٠٠ ،
-٢١إحسان عباس :السياب دراسة في حياته وشعره.
-٢٢ماﺟد صالح السامرائي ،بدر شاكر السياب شاعر عصر التﺟديد الشعري ،مركز
دراسات الوحدة العربيّة.
-٢٣يوسف محمد الكوفحي ،اللغة اﻹبداعية ،عالم الكتب الحديث ،القاهرة ،ط.٢٠١١، ١
-٢٤ديوان ﺟرير دار بيروت للطباعة والنشر بيروت لبنان ،١٩٨٦قصيدة يا حبذا ﺟبل
الريان.
38
الفهرست
الصفحة العنوان
-١المقدمه٥-----------------------------------------------------------------
-٢التمهيد٦------------------------------------------------------------------
-٣المبحث اﻷول١١----------------------------------------------------------
اوﻻً-اﻻستعمال النحوي للنداء عند السياب مع اﻷدوات ١١-------------------
ثانيا ً-النداء بحذف اﻷداة١٦-------------------------------------------------
ثالثا ً-النداء بغير أسلوب ١٩------------------------------------------------
رابعا ً-الوقوف على اسلوب النداء في ديوان المعبد الغريب ٢١----------------
خامسا ً-دراسة إحصائية٢٨-------------------------------------------------
-٤المبحث الثاني ٢٩--------------------------------------------------------
دﻻﻻت النداء ٢٩------------------------------------------------------
-٥الخاتمة ٣٦--------------------------------------------------------------
-٦قائمة المصادر والمراجع ٣٧---------------------------------------------
-٧الفهرست ٣٩------------------------------------------------------------
39