You are on page 1of 4

‫مقياس الفرد والثقافة ( محاضرة ) أ‪ .

‬شلوف فريدة‬
‫سنة أولى (جدع مشترك)‬

‫المحاضرة األولى‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫تعتبر الثقافة من الموضوعات ذات األهمية القصوى في ميدان علم االجتماع واألنثربولوجيا على وجه‬

‫الخصوص‪ ،‬وميادين العلوم اإلنسانية على وجه العموم وذلك ألن الثقافة تمثل روح المجتمع وحقيقته‪ ،‬وهي‬

‫مدخل ضروري لفهم اإلنسان والحياة االجتماعية‪ ،‬فعن طريق الثقافة يكتسب اإلنسان جانبا هاما من‬

‫شخصيته‪ ،‬وعن طريق الثقافة نميز بين المجتمعات‪.‬‬

‫وألن اإلنسان هو المخلوق الوحيد الذي يملك ثقافة‪ ،‬فقد زوده اهلل بعقل وجملة من الملكات واإلستعددات‬

‫ألن ينشىء نماذج معيشية ويرسم لنفسه أهدافا‪ ،‬هذه النماذج قد تتمثل في التفكير أو العادات أو التقاليد‬

‫أو األعراف أو الفنون أو التشريعات أو األخالق أو المعتقدات أو األساطير‪ ،‬كما أنه قد يكشف اآلالت‬

‫والمعدات وأساليب العمل اليدوي واآللي‪.‬‬

‫مدخل عام لدراسة الفرد والثقافة‬

‫‪ -‬تحديد مصطلح الفرد‪:‬‬

‫لغة‪ :‬تعني مفردة الفرد المشتقة من الالتينية ‪ Individum‬الشيء الذي ال ينقسم فهو جزء أحادي‪ ،‬بمعنى‬

‫أنه يمكن أن يحقق وجوده من ذاته دون الحاجة إلى مساعدة اآلخرين أو إلى االرتباط بهم‪.‬‬

‫وفي اللغة العربية مفردة الفرد تعنى الوتر والجمع أفرادا وفرادى‪ ،‬والفرد نصف الزوج وال نظير له‪ ،‬وتأتي‬

‫كلمة تفرد بمعنى أنعزل وتميز عن غيره‪.‬‬

‫إصطالحا‪ :‬الفرد تعني الكائن الذي يعيش بذاته ويتسم بمثل هذا التمركز وهذا التناسق الوظيفي بحيث ال‬

‫يمكن تقسيمه دون تحطيمه‪.‬‬


‫أما الفردية أو الفردانية أو الفرادة ‪ Individualisme‬كمفهوم جديد فهي تشير إلى ما يميز األفراد ويفرزهم‬

‫عن اآلخرين‪ ،‬من خالل إنجازاتهم العقلية واألخالقية الفريدة ونوع الشخص الذي صاغوا به أنفسهم‪.‬‬

‫والفردية تتحدد ببداية وجود اإلنسان كفرد حين ينفصل جسميا عن أمه ولكنه يظل معتمدا عليها ثم يزداد‬

‫شعوره بالفرق بين (األنا واألنت) أي بين الذات النامية وبين اآلخرين‪ ،‬وبالتدرج تتوحد وتتبلور مظاهر‬

‫شخصيت ه الجسمية والعقلية واالنفعالية واالجتماعية‪ ،‬وينشأ عن ذلك تركيب منظم موحد مع الذات‪ ،‬ثم تنشأ‬

‫في الشخص بواعث للتخلص من فرديته وذاته المستقلة فينغمس في الوسط االجتماعي لتقوية شخصيته‬

‫ومساندة شعوره بفرديته وامداده بالشعور باالنتماء االجتماعي لتقوية شخصيته ومساندة شعوره بفرديته‬

‫وامداده بالشعور باالنتماء االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬تحديد مصطلح الثقافة‪ :‬أستعمل لفظ الثقافة كمصطلح علمي في علم األنثربولوجيا وعلم االجتماع في‬

‫منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬أما قبل ذلك فكان يستعمل عند المفكرين االجتماعيين ومؤرخي الفكر‬

‫بمدلوله اللغوي‪ ،‬فقد أستعمل العرب الثقافة للداللة على معاني متعددة كسرعة الفهم والتهذيب‪ ،‬وتقويم‬

‫المعوج‪.‬‬

‫وألن مفهوم الثقافة غير محدد بفرع واحد من فروع المعرفة‪ ،‬لم يتفق العلماء على تعريف موحد‪ ،‬ما جعله‬

‫يمتاز بعدد هائل من التعاريف التي زادته غموضا وتعقيدا ومن بينها‪:‬‬

‫تعريف إدوارد تايلور‪":‬الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعارف‪ ،‬والمعتقدات‪ ،‬والفن‪،‬‬

‫والقانون واألخالق‪ ،‬والتقاليد‪ ،‬وكل القابليات ( الممكنات)التي يكتسبها الفرد باعتباره عضوا في المجتمع"‬

‫وتعريف روبرت لوي‪" :‬أنها مجموع ما يحصل عليه الفرد من مجتمعه‪ ،‬أي المعتقدات والتقاليد والنماذج‬

‫الفنية والعادات المتعلقة بالغداء والحرف التي تصل إليه ال عن طريق فعاليته اإلبداعية‪ ،‬بل كميراث من‬

‫الماضي ينقل إليه بالتعليم العفوي أو المنظم"‪.‬‬


‫كما تعنى الثقافة في نظر علماء االجتماع جوانب الحياة اإلنسانية التي يكتسبها اإلنسان بالتعلم ال‬

‫بالوراثة‪ ،‬ويشترك أعضاء المجتمع بعناصر الثقافة تلك التي تتيح لهم مجاالت التعاون والتواصل‪ ،‬وتمثل‬

‫هذه العناصر السياق الذي يعيش فيه أفراد المجتمع‪ ،‬وتتألف ثقافة المجتمع من جوانب مضمرة غير‬

‫عيانية مثل‪ ،‬المعتقدات واآلراء‪ ،‬والقيم التي تشكل المضمون الجوهري للثقافة‪ ،‬ومن جوانب عيانية ملموسة‬

‫مثل‪ :‬األشياء والرموز‪.‬‬

‫‪ -‬نشأة الثقافة‪:‬‬
‫الثقافة ينشئها المجتمع وهي تبدأ مند لحظة ميالده‪ ،‬فهي ال تنفصل عن المجتمع وال ينفصل عنها‪ ،‬ومن‬

‫هنا تكسب الثقافة خاصيتها اإلنسانية‪ ،‬فهي من إنتاج اإلنسان ولمصلحة اإلنسان‪.‬‬

‫يبدأ مولد الثقافة في أي مجتمع بمولد ذلك اإلنسان نفسه وهو مولد ال يقتصر على الوجود العضوين وانما‬

‫الوجود المتكامل لمكونات اإلنسان‪ ،‬والذي يرفقه وعي بالذات ومعرفة باألهداف وتطلع لتحقيقها واصرار‬

‫على المضي قدما للوصول إليها‪.‬‬

‫‪ -‬مكونات الثقافة‪ :‬تتكون الثقافة من مقومات ثالثة هي‪:‬‬

‫‪ -1‬العموميات‪ :‬وتشمل جميع األفكار والمشاعر المشتركة بين األفراد الراشدين بأحد المجتمعات‪،‬‬

‫وتتضمن اللغة‪ ،‬الدين‪ ،‬عالقات القرابة‪ ،‬المعتقدات‪ ،‬القيم االجتماعية‪ ،‬وهي من أكثر جوانب الثقافة مقاومة‬

‫للتغيير‪.‬‬

‫‪ -2‬الخصوصيات‪ :‬وهي تلك الظواهر التي ال يشارك فيها سوى أفراد من مجموعات اجتماعية متميزة‬

‫معينة مثل الصناعات والمهن ذات المهارة كاألطباء والمحامين والمعلمين وهي أقل مقاومة للتغيير من‬

‫العموميات‪.‬‬

‫‪ -3‬البديالت‪ :‬وهي تلك الظواهر التي ال تندرج تحت العموميات أو الخصوصيات‪ ،‬وتتمثل في‬

‫االهتمامات واألذواق التي تتغير باستمرار‪ ،‬كالموضات وتعد بديالت الثقافة أكثر جوانبها للتغيير‪.‬‬
‫العودة إلي المراجع التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عامر ناصر شطارة‪ ،‬الفردانية في الفلسفة الحديثة كير كيرجارد (نموذجا)‪ ،‬مجلة دراسات‪ ،‬المجلد ‪ ،14‬ملحق ‪،14‬‬

‫الجامعة األردنية‪ ،‬األردن‪.4141 ،‬‬

‫‪ -‬حامد عبد السالم زهران‪ ،‬الصحة النفسية والعالج النفسي‪ ،‬ط‪ ،1‬عالم الكتاب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬

‫‪.4110‬‬

‫‪ -‬مراد زعيمي‪ ،‬علم االجتماع رؤية نقدية‪ ،‬مؤسسة الزهراء للفنون المطبعية‪ ،‬مخبر علم إجتماع االتصال‪ ،‬جامعة منتوري‬

‫قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.4111 ،‬‬

‫‪ -‬فهمي سليم الغزوري وآخرون‪ ،‬المدخل إلى علم االجتماع‪ ،‬الطبعة العربية األولى‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬

‫اإلصدار الثالث ‪.4112‬‬

‫‪ -‬أنتوني غدنز‪ ،‬ترجمة فايز الصياع‪ ،‬علم اإلجتماع‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬بيروت‪.4110 ،‬‬

‫الهدف من هذه المحاضرة‪:‬‬

‫‪ -‬تزويد الطالب بالمعارف المتعلقة بمفهوم الفرد والثقافة ودورها وتأثيرها على المجتمع‪.‬‬

You might also like