Professional Documents
Culture Documents
مجلة الباحث القانونية - العدد 49 دجنبر 2022 - المدير المسؤول ذ. محمد القاسمي
مجلة الباحث القانونية - العدد 49 دجنبر 2022 - المدير المسؤول ذ. محمد القاسمي
م2022 من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر دجنبــــــــــر49 العدد
Researcher's journal
of Legal and Judicial Researches and Studies
– –
Le régime de l’action en comblement de l’insuffisance d’actif en droit des procédures collectives ....... Docteure Fadoua MASSOUDI
La dynamique de la gouvernance de l’action publique sous l’effet de la territorialisation au Maroc …Docteure HATERBOUCH Atmen
Intitulé de l’article : La gouvernance de la société anonyme face à la loi 27-20.……………….………..………… En-nminej Ilyas
Les traités internationaux en droit comparés et en droit marocain.…....................................................… Docteure. Chlihi Mouhssin
ن أُوتُوا اْلعِلْمَ
َالذِي َ
كمْ و َ (يَ ْرفَعِ اللَ ُه الَذِي َ
ن آ َمنُوا مِن ُ
خبِيرٌ)
َاللهُ بِمَا َتعْمَلُونَ َ
درَجَاتٍ و َ
َ
صدق الله العظيم
مجلة الباحث
للدراسات واألبحاث القانونية والقضائية
مسؤولا المجلة:
اللجنة العلمية:
.401
لجنة النشروالتعريف:
فهرسة العدد:
مقاالت وأحباث قانونية وقضائية باللغة العربية
11
27
44
65
85
99
115
130
165
182
230
251
271
301
316
329
341
357
083
098
750
767
786
535
En-nminej Ilyas
635 Les traités internationaux en droit comparés et en droit
marocain ……………………… ……………….........................................................……
فالعدد التاسع والأربعون ( ) 49من هذا الصرح غني بمقالات وأبحاث في
مجال القانون والعدالة ،ألفها أساتذة التعليم العالي ودكاترة وممارسين
وباحثين في أسلاك الدكتوراه من المغرب وبعض الدول العربية الشقيقة،
ستشكل بلا شك أو أدنى ريب إضافة للخزانة القانونية الرقمية ،ومادة علمية
يعتمدها الفقيه والمتخصص والباحث وكل مهتم بالتأليف في الشأن القانوني
والقضائي المغربي والمقارن سواء في القانون العام أو الخاص على حد سواء...
العقد و في هذا الصدد ،قام المشرع المغربي بإصدار القانون 113-80القاض ي بتحديد تدابير
حماية المستهلك ،و القانون 201-80المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،و
القانون 3 80-80الخاص بحماية األفراد فيما يتعلق بمعالجة البيانات الشخصية .
إن النقاش الذي يثيره موضوع هذا المقال يدفعنا إلى طرح اإلشكالية التالية :إلى أي
حد توفق المشرع المغربي تكريس حماية ناجعة وفعالة للمستهلك اإللكتروني في ضوء
المستجدات التشريعية؟.
و تعتبرالتجارة االلكترونية " 4نظاما إلكترونيا يتيح التعامل في تبادل السلع و الخدمات
بطريقة رقمية ،وفرضت نفسها على الو اقع وعلى المشرع المغربي نتيجة للتطورات
التكنولوجية واالنتشار السريع الستعمال وسائل التواصل الحديثة ،الش يء الذي أدى إلى بروز
فئة من األشخاص يفضلون التعامل وفق التجارة االلكترونية إما لتصريف منتجاتهم أو لشراء
البضائع والمنتجات دون الحاجة للتنقل لألسواق واملحالت .وبالتالي ،فان مختلف التشريعات
والدول سنت قوانين لحماية المستهلك باعتباره الطرف الضعيف واألقل دراية في التعاقد
المبرم بطريقة الكترونية .من خالل كل ما سبق ارتأينا في هذا المبحث للحديث عن أطراف
العقد االلكتروني ( المطلب األول ) ،على أن نتطرق فيما بعد لدواعي حماية المستهلك
االلكتروني ( المطلب الثاني ).
1ـ القانون رقم 13-80الصادر بتنفيذ ظهير شريف رقم 3 1 3318الصادر في 31ربيع األول 30 ( 3111
فبراير , ) 1833بالجريدة الرسمية عدد 2311بتاريخ 1جمادى األولى 7 ( 3111أبريل ) 1833ص
13871
2ـ القانون رقم 21-82الصادر بتنفيذ ظهير شريف رقم 31 871313الصادر في 33من ذي القعدة ( 3110
18نونبر , ) 1887بالجريدة الرسمية عدد 2201بتاريخ 12ذو القعدة 6 ( 3110ديسمبر ) 1887ص
1 1073
3ـ القانون رقم 83-80الصادر بتنفيذ ظهير شريف رقم 3183132الصادر في 11صفر 30 ( 3118فبراير
, ) 1883بالجريدة الرسمية عدد 2733بتاريخ 17صفر 11 ( 3118فبراير 1 ) 1883
4ـ عرفتها منظمة التعاون االقتصادي و التنمية OCEDبانها " المعامالت التجارية التي تتم من قبل األفراد و
الهيئات والتي تعتمد على معالجة و نقل البيانات الرقمية بما فيها الصوت والصورة من خالل شبكات مفتوحة مثل
اإلنترنيت أو معلقة مثل Minte / AOLو التي تسمح بدخول إلى شبكات مفتوحة1
تؤدي ممارسة التجارة االلكترونية إلى إقامة العالقات المتواصلة بين كل من المورد و
المستهلك .وعليه سنقوم بتعريف الطرف األول وهو المستهلك ( الفقرة األولى ) ،ثم الطرف
الثاني أي المورد ( الفقرة الثانية ) .
لم يكن هذا المفهوم محل تحديد قبل صدور القانون ، 13-80مما أدى إلى اختالف
الفقهاء في تعريف المستهلك االلكتروني ،فمنهم من يأخذ بالمفهوم الضيق ،وآخر يأخذ
بالمفهوم الواسع .فالمستهلك حسب المفهوم الضيق ،هوذلك الشخص الذي يبرم التصرفات
القانونية إلشباع حاجاته الشخصية و العائلية غير المرتبطة بنشاطه المنهي ،األمر الذي يفهم
منه أنه ال يعتبر مستهلكا الشخص الذي يتعاقد من أجل إشباع حاجات تجارية أو مهنية .5أما
المستهلك حسب المفهوم الواسع ،هو كل شخص يشتري ماال سواء كان لحاجاته الخاصة أو
لحاجات نشاطه المنهي في مجال ال يعود إلى اختصاصه. 6
فاالتجاه الواسع ،توسع في هذا المفهوم حتى أصبح بإمكان أي شخص أن يتمتع بصفة
المستهلك سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا مهنيا ،أو غير منهي .و أخد المشرع المغربي
بالمفهوم الضيق ،حيث نص في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 80-13على " :
يقصد بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية
منتجات أو سلعا أو خدمات معدة الستعماله الشخص ي أو العائلي ".
قام المشرع بتعريف المورد بصفة عامة في الفقرة الثانية من المادة الثانية من
القانون " : 13-80يقصد بالمورد كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط منهي أو
5ـ جامع مليكة 1حماية المستهلك المعلوماتي ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية -القانون الخاص-
جامعة الجياللي اليابس سيدي بلعباس ,الجزائر كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الحقوق 1830-1837ص
138
6ـ کوثر سعيد عدنان حماية المستهلك اإللكتروني ،الطبعة األولى دار الجامعة الجديدة األزاريطة ,اإلسكندرية
1837ص 118
تجاري ' " ثم عاد المشرع المغربي في الباب الثاني من القسم الرابع المتعلق بالعقود المبرمة
عن بعد ليعرف التاجر السيبراني في الفقرة الثالثة من المادة 50من القانون " : 13-80كل
شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطارنشاط منهي أو تجاري باستعمال شبكة اإلنترنت " .
من خالل ما سبق ،نخلص أن المورد أو المنهي هو كل شخص طبيعي أو معنو رهن إشارة
العموم بغية بيعها عبرالطريق اإللكتروني .
بعد اتساع مستخدمي االنترنت في العالم ،بدأ يتبلور مفهوم الحماية اإللكترونية
للمستهلك ،والذي يعني الحفاظ على حقوقه وحمايته من الغش و االحتيال أو شراء بضائع
مغشوشة باستخدام شبكة اإلنترنت التي تستطيع الوصل إلى كل مكان وتمارس تأثيرا يتجاوز
ً
أحيانا األدوات التقليدية في الو اقع. 7
يعتبر المستهلك الطرف الضعيف في المرحلة التعاقدية ،فهو يتعاقد مع المورد الذي
له دراية في هذا املجال ،فهو ملم بكل ما هو معلوماتي وتقني ،ومتخصص في مجاله .وبالتالي
فالمستهلك اإللكتروني غالبا ما يكون قليل المعرفة والعلم ،و يحتاج للتنوير وإعالمه بكل ما
يخص طبيعة العقد ،وإخباره كذلك عن السلعة أو الخدمة موضوع التعاقد.
ونميزهنا في ما يتعلق بالضعف المعرفي لدى المستهلك ،بين المعرفة والعلم في املجال
التقني و المعلوماتي ،وبين العلم بالسلعة أو الخدمة موضوع التعاقد .
إن المنهي الذي يتعامل وفق التجارة اإللكترونية ،التي تقوم على بيع السلع والخدمات
بطريقة إلكترونية ،فهو ملم بكل ما يتعلق بمجال اختصاصه ،عكس المستهلك الذي يفتقرإلى
المعلومات والتقنيات اإللكترونية ،مما يجعله عاجزا عن التفاعل مع المو اقع التجارية عبر
7ـ حماية المستهلك في معامالت التجارة االلكترونية في ضوء التشريع المغربي ،بدون ذكر المؤلف مقال منشور
في الموقع االتي www farirdrait.com 17أبريل ، 1813تم اإلطالع عليه في 18أبريل 1811الساعة
العاشرة صباحا
شبكة اإلنترنت .الش يء الذي يحرمه من اختيار األفضل ،بسبب عجزه عن الوصول إلى كافة
المعلومات عن السلع والخدمات المقدمة . 8
يجهل المستهلك لبعض أو أغلب المعلومات المتعلقة بالسلعة أو الخدمة التي يتعاقد
حولها ،عكس المورد الذي يكون أكثر دراية حول السلع أو الخدمة محل العقد .فالمشرع
المغربي ألزم هذا األخيرمن خالل قانون حماية المستهلك ،بمده بالمعلومات الضرورية للتعاقد
،وكل ما يتعلق بالسلعة أو الخدمة ،وهو ما يطلق عليه االلتزام باإلعالم من طرف المنهي .
الفقرة الثانية :التجارة اإللكترونية بين رهان حماية المعطيات الشخصية وحماية
المتعاقد
يتسم مجال التجارة اإللكترونية بعدة ،تواجه المستهلك اإللكتروني ،ومن بين هذه
املخاطرسوء استعمال المعطيات الشخصية وكذلك اختراق الحساب ،وغيرها من املخاطرالتي
تتعلق بعملية التعاقد ككل .وسنفصل في هذه املخاطرالتي يكون المستهلك عرضة لها .
إن التعاقد اإللكتروني يتم في فضاء افتراض ي و هو اإلنترنت ،الذي يكون محفوفا
باملخاطر ،فالمستهلك يقوم بتقديم المعطيات الشخصية للمورد قصد إبرام العقد ،كاالسم
الشخص ي و العائلي ،العنوان ،البريد اإللكتروني ،رقم الحساب ،رقم الضمان الموجود في
خلفية البطاقة البنكية ،و في حالت معينة نسخة من البطاقة الوطنية أو جواز السفر .فهذه
المعطيات تكون عرضة لالستغالل و النصب و االحتيال .
فالقانون ، 80-80نص في مادته األولى ،على أن المعلوميات في خدمة المواطن ،و يجب
أال تمس بالهوية و الحقوق و الحريات الجماعية أو الفردية لإلنسان ،و ينبغي أال تكون أداة
إلفشاء أسرارو معطيات المستهلك .
كما منح القانون 80-80الشخص المعني بالمعطيات المعالجة ،حماية كبيرة من خالل
تمتيعه بمجموعة من الحقوق كإجبارية الحصول على مو افقته قبل اإلقدام على المعالجة ،
8ـ عبداني شمس الدين ،آية حماية للمستهلك اإللكتروني في المغرب ,مجلة القانون و األعمال العدد الثاني
ديسمبر 1833ص 132-31
وحقه في اإلخبار أثناء تجميع المعطيات ،و حقه في الولوج و حقه في التصحيح ،و حقه في
التعرض.9
فيحق للمستهلك الذي أدلى بمعلوماته الشخصية أن يحصل من لدن المسؤول عن
المعالجة على تصحيح أو مسح أو إغالق الولوج إلى المعطيات ذات الطابع الشخص ي .
تتميز التجارة اإللكترونية ،بعدم رؤية المستهلك للسلعة أو الخدمة موضوع التعاقد
بشكل مادي ،فالمستهلك يبرم العقد اإللكتروني مع المورد بمجرد رؤيته للسلعة في الصور أو
حتى بدون صور ،و بالتالي فالمستهلك يكون مهددا باختالف السلعة أو الخدمة موضوع التعاقد
التي تم عرضها عليه في الموقع اإللكتروني .
إن التطور التقني والثورة التكنولوجية أدت إلى بروز التجارة اإللكترونية بشكل كبير ،
الش يء الذي يستدعي توفير الحماية للمستهلك ،عبر مجموعة من القوانين والتشريعات التي
أصدرها المشرع المغربي ،نجد على رأسها القانون 13-80المتعلق بحماية المستهلك ،
والقانون 01-80المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات اإللكترونية ،والقانون 80-80المتعلق
بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي .
فظهور التجارة اإللكترونية وسهولة الولوج إلى الخدمات والسلع عن طريق اإلشهار
اإللكتروني ،أثرت في العقود التقليدية ،والوسيلة المفضلة لدى العديد من المستهلكين ،
لكونها تتم بشكل غير مباشر أي بدون لقاء مباشر بين المستهلك و المورد ،مما يوقع المستهلك
تحت وطأة الشروط التعسفية .
في هذا الصدد ،منح المشرع المغربي وسائل حمائية للمستهلك في عقود التجارة
اإللكترونية ،أهمها حق الرجوع عن االختيار ،وكذا حمايته من الشروط التعسفية .
9ـ عبد الحكيم زروق ،تنظيم التبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية عبر اإلنترنت الطبعة األولى مطبعة الكرامة
1836الرباط ص 1133
يختلف التعاقد التقليدي عن التعاقد اإللكتروني ،في كون هذا األخير ال يمكن
المستهلك من معاينة الش يء المتعاقد عليه معاينة حقيقية قبل إبرام العقد ،الش يء الذي أدى
إلى زيادة التزام المورد بتبصيرالمستهلك في التعاقد اإللكتروني .
تتميز األعمال التجارية اإللكترونية بشكل من أشكال الدعاية واإلعالن عبر شبكة
اإلنترنت ،أو عبر الوسائل اإللكترونية األخرى ،ولقد أصبح اإلعالن من أهم آليات النشاط
التجاري في المنافسة وتحقيق الربح عبرالشبكات اإللكترونية " .
يعرف اإلعالن بأنه " :كل وسيلة تهدف إلى التأثير نفسيا على الجمهور تحقيقا لغايات
تجارية " 10وكما يعرفه بعض الفقه يتجلى اإلعالن كوسيلة لإلعالم في تقديم معلومات أو أخبار
إلى الناس عامة حول السلع والخدمات للتعريف بها أو إبرازمحاسنها والترويج بها وتوسيع دائرة
السوق من أجل تحفيزالمستهلك على اإلقبال عليها.11
ونجد المشرع المغربي أعطى تعريف لإلعالن اإللكتروني في المادة 5من القانون 00.81
المتعلق باالتصال السمعي والبصري أنه " :يعتبر إشهارا أي شكل من أشكال الخطابات
المذاعة أو المتلفزة والسيما بواسطة صور أو رسوم أو أشكال من الخطابات المكتوبة أو
الصوتية التي يتم بها بمقابل مالي أو بغيره ،الموجهة إلخبارالجمهورأو إلجداب اهتمامه . " ...
أما القانون 13-80المتعلق بحماية المستهلك لم يعطي تعريفا لإلعالن اإللكتروني ،و
اكتفي فقط بالحديث عن اإلعالنات الكاذبة ومنعها في المادة 53من هذا القانون ،التي جاء
فيها ... " :يمنع كل إشهاريتضمن ،بأي شكل من األشكال ،إدعاءا أو بيانا أو عرضا كاذبا".12
10ـ إبراهيم خالد ممدوح ،حماية المستهلك في المعامالت اإللكترونية ،دراسة مقارنة -الطبعة األولى ،مصر ،
الدار الجامعية 1887 ،ص 1 73
11ـ ـ بوعبيد عباسي ،اال لتزام في العقود دراسة في حماية المتعاقد و المستهلك ،الطبعة األولى ،المطبعة و
الوراقة الوطنية ،مراکش ، 1880 ،ص 1173
12ـ جاء في الفقرة الثانية من نفس المادة " 111كما يمنع كل إشهار من شأنه أن يوقع في الغلط بأي وجه من الوجوه
1إذا كان ذلك يتعلق بواحد أو أكثر من العناصر التالية :حقيقة وجود السلع أو المنتجات أو الخدمات محل اإلشهار
وطبيعتها وتركيبها و مميزاتها األساسية و محتواها من العناصر المفيدة و نوعها و منشاها و كميتها وطريقة و
تاريخ صنعها و خصائصها و سعرها أو تعريفتها و شروط بيعها و كذا شروط او نتائج استخدامها و أسباب أو
ولقد أوجب على المورد في المادة 52من نفس القانون ،تقديم معلومات واضحة
ومفهومة حول حق التعرض ،وكذا منع استعمال العنوان اإللكتروني للغير أو هويته ،عند
إرسال كل إشهارعن طريق البريد اإللكتروني .
تعتبر اإلعالنات اإللكترونية مجرد دعوة للتفاوض ،إذا لم يتضمن اإلعالن الشروط
الجوهرية للتعاقد ،أما إذا تضمن اإلعالن أحد الشروط األساسية فيعتبرإيجابا.
فاعتباراإلعالن اإللكتروني الموجه إلى المستهلك دعوة للتفاوض أو للتعاقد ،يكون من
خالل عدم احتواء اإلعالن على الشروط األساسية للتعاقد ،حيث أن بيان أسعار السلع عبر
ً
اإلنترنت يعتبرإيجابا ،ألن بيان األسعارهو من المعلومات الجوهرية في التعاقد " .13
إن االلتزام بإعالم وتبصير المستهلك يعتبر من أهم الضمانات الحمائية ،التي توفر
الحماية الالزمة للمستهلك ،عند تكوين عقود التجارة اإللكترونية ،يعرف االلتزام باإلعالم قبل
التعاقد أنه " :التزام سابق على التعاقد يتعلق بالتزام أحد المتعاقدين ،بأن يقدم للمتعاقد
اآلخرعند تكوين العقد ،البيانات الالزمة إليجاد رضاء سليم كامل ،بحيث يكون المتعاقد اآلخر
على علم بكافة تفصيالت هذا العقد. 14
كما يعرف االلتزام " :التزام قانوني سابق على إبرام العقد اإللكتروني ،يلتزم بموجبه
أحد الطرفين الذي يملك معلومات جوهرية فيما يخص العقد المزمع إبرامه ،بتقديمها
أساليب البيع أو تقديم الخدمات و نطاق التزامات المعلن و هوية الصناع و الباعة و المنعشين و مقدمي الخدمات
أو صفتهم أو مؤهالتهم "
13ـ عبد الله ذيب عبدالله محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني -دراسة مقارنة -أطروحة لنيل الدكتوراه
في القانون الخاص جامعة النجاح الوطنية ،كلية الدراسات العليا ،نابلس ,فلسطين ,السنة الجامعية ، 1883ص
1 10
14ـ -المهدي نزيه ,محمد الصادق االلتزام قبل التعادي باإلدالء بالبيانات المتعلقة بالعقد 1أنواع العقود – دراسة
فقهية قصائية مقارنة -الطبعة األولى مصر -دار النهضة العربية ، 3301من 132
بوسائط الكترونية في الوقت المناسب و بكل شفافية و أمانة للطرف اآلخر الذي يمكنه العلم
بها بوسائله الخاصة . 15
فقد نظمه المشرع المغربي في القانون ، 13-80ونص عليه في ديباجته ،وجعل له قسما
خاصا في نصوصه القانونية ،ورغم هذا أغفل المشرع التطرق لتعريف اإلعالم .وهذا واجب
يقع على عاتق المنهي تجاه الطرف اآلخرقليل أو عديم الخبرة .
ال تقتصر الحماية القانونية التي أرساها المشرع المغربي للمتعاقد اإللكتروني ،فقط
على مرحلة ما قبل إبرام العقد ،بل تمتد لتشمل أيضا مرحلة إبرام العقد ،وذلك من خالل
توفيرمجموعة من الضمانات الحمائية للمستهلك . 16
ومن أهم الضمانات التي سنها المشرع في القانون 13-80في مرحلة إبرام العقد التي من
شأنها حماية المستهلك ،وحمايته من الشروط التعسفية ،كما منحه المشرع الحق في الرجوع
أو العدول عن السلعة أو الخدمة موضوع التعاقد .
يعتبر المستهلك الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية مقارنة مع المنهي ،مما يجعل
عقد االستهالك مجاال خصبا للشروط التعسفية ،من خالل إدراجها ضمن عقود اإلذعان،
فالعقد اإللكتروني المبرم بين المستهلك و المورد ،ينفرد فيه هذا األخير بوضع شروط العقد ،
وال يقبل المناقشة فيها ،وتحرر مسبقا وبشكل فردي من طرف المورد ،و ما على المستهلك إال
القبول بهذه الشروط إذ أراد أتمام العقد .
15ـ -السيد محمد السيد عمران ،االلتزام باإلعالم اإللكتروني قبل التعاقد عبر شبكة اإلنترنت 1دار الجامعية ,
القاهرة 1881ص 113
16ـ ـ حفيظة بيرنكاص ،الحماية القانونية للمتعاقد اإللكتروني ،مقال منشور في الموقع االلكتروني:
، www.droitentreprise.comثم اإلطالع عليه 18أبريل 1811على الساعة العاشرة صباحا1
على شرط أو عدة شروط تتسم بالطابع التعسفي ،كل هذا يستدعي منا تعريف الشرط
التعسفي والتطرق للحماية القانونية والقضائية من الشروط التعسفية.
يعرف هذا الشرط " :ذلك الشرط الذي يترتب عليه عدم توازن تعاقدي لصالح املحترف
والذي يفرضه على الطرف اآلخرالذي ال خبرة له ،أو المتعاقد الذي وجد في مركزعدم المساواة
الفنية و االقتصادية و القانونية في مواجهة الطرف اآلخر .17
وعرفه البعض اآلخر " :كل شرط محرر مسبقا وبشكل منفرد من طرف المنهي في عقد
إذعان مبرم بينه وبين المستهلك ،ويسبب لفائدة المنهي عدم توازن مفرط بين حقوق و التزامات
الطرفين ". 18
أما المشرع المغربي فقد نص في المادة 30من القانون 80-13على أنه " :يعتبر شرطا
تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك ،كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه
اختالل كبيربين حقوق ووجبات طرفي العقد على حساب المستهلك ".
إن المنهي الذي يفرض شروطا تعسفية ،غالبا ما يكون في موقع قوة ،تجعل منه طرفا
قويا بحكم وضعه االقتصادي ،و يكون أيضا ذو معرفة قانونية يفرض بها شروطا ال يستطيع
المستهلك فهم آثارها عند التعاقد ،فالمنهي يعرف خبايا األمورالمرتبطة بمهنته خالف المتعاقد
اآلخر أي المستهلك ،هذا األخير يحتاج إلى الحماية القانونية المنصوص عليها في القانون -80
، 13و أيضا حماية من جانب القضاء.
17ـ احمد الله محمد حمد الله ،حماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية في عقود االستهالك -دراسة مقارنة
دار الفكر العربي القاهرة مصر 3337ص 127
18ـ نزهة الخلدي ،الحماية المدنية للمستهلك ضد شروط التعسفية -عقد البيع نموذجا -أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس أكدال السنة الجامعية 1882- 1881 :ص 121
الشروط التعسفية " .لينص في المواد من 30إلى 58على مجموعة من المقتضيات تهدف إلى
تجسيد هذه الحماية ،حيث نصت المادة 30على أن إلغاء أو عرقلة حق المستهلك في إقامة
دعاوى قضائية يعتبرتعسفا ،ونصت على العديد من الحاالت التي تعتبرشروطا تعسفية.19
19ـ نصت المادة 30مع مراعاة تطبيق النصوص التشريعية الخاصة أو تقدير المحاكم أو هما معا ،وعلى سبيل
المثال ال الحصر ،تعتبر الشروط تعسفية إذا كانت تتوفر فيها شروط المادة ، 32ويكون الغرض منها أو يترتب
عليها ما يلي :
- 3إلغاء أو انتقاص حق المستهلك في االستفادة من التعويض في حالة إخالل المورد باحد التزاماته1
- 1احتفاظ المورد بالحق في أن يغير من جانب واحد خصائص المنتوج أو السلعة المزمع تسليمها أو الخدمة
المزمع تقديمها ؛ أنه يمكن التنصيص على أنه يجوز للمورد إدخال تغييرات مرتبطة بالتطور التقني شريطة أال
تترتب عليها زيادة في األسعار أو مساس بالجودة وأن يحفظ هذا الشرط للمستهلك إمكانية بيان الخصائص التي
يتوقف عليها التزامه - 1 1إعفاء المورد من المسؤولية القانونية أو الحد منها في حالة وفاة المستهلك أو إصابته
باضرار جسمانية نتيجة تصرف أو إغفال من المورد1
-1إلغاء حقوق المستهلك القانونية أو الحد منها بشكل غير مالئم إزاء المورد أو طرف آخر في حالة عدم التنفيد
الكلي أو الجربي أو التنفيذ المعيب ن لدن المورد ألي االلتزامات التعاقدية ،بما في ذلك إمكانية مقاصة دين للمورد
على المستهلك بدين قد يستحقه هذا األخير على المورد 1
- 2التنصيص على االلتزام النهائي للمستهلك في حين أن تنفيذ التزام المورد خاضع لشرط يكون تحقيقه رهينا
بإرادته وحده1
- 6فرض تعويض مبالغ ه أو الجمع بين عدة تعويضات أو جزاءات عند عدم وفاء المستهلك بالتزاماته1
- 7تخويل المورد الحق في أن يقرر فسخ العقد إذا لم تمنح نفس اإلمكانية للمستهلك ،والسماح للمورد باالحتفاظ
بالمبالغ المدفوعة برسم خدمات لم ينجزها بعد عندما يقوم المورد نفسه بفسخ العقد 1
- 0اإلذن للمورد في إنهاء العقد غير محدد المدة دون إعالم سابق داخل أجل معقول ،ما عدا في حالة وجود سبب
خطير 1
- 3تمديد العقد محدد المدة بصفة تلقائية في حالة عدم اعتراض المستهلك ،عندما يحدد أجل يبعد كثيرا عن انتهاء
مدة العقد باعتباره أخر أجل ليعبر المستهلك عن رغبته في عدم التمديد1
- 38التأكيد على قبول المستهلك بصورة ال رجعة فيها لشروط لم تتح له بالفعل فرصة االطالع عليها قبل إبرام
العقد 1
- 33اإلذن للمورد في أن يغير من جانب واحد بنود العقد دون سبب مقبول ومنصوص عليه في العقد ودون
إخبار المستهلك بذلك1
- 31التنصيص على أن سعر أو تعريفة المنتوجات والسلع والخدمات يحدد وقت التسليم أو عند بداية تنفيذ الخدمة
،أو تحويل المورد حق الزيادة في أسعارها أو تعريفتها دون أن يكون للمستهلك ،في كلتي الحالتين ،حق مماثل
يمكنه من فسخ العقد عندما يكون السعر أو التعريفة النهائية مرتفعة جدا مقارنة مع السعر أو التعريفة المتفق عليها
وقت إبرام العقد 1
31ـ تخويل المورد وحده الحق في تحديد ما إذا كان المنتوج أو السلعة المسلمة أو الخدمة المقدمة مطابقة لما هو
منصوص عليه في العقد أو في تأويل أي شرط من شروط العقد 1
- 31تقييد التزام المورد بالوفاء بااللتزامات التي تعهد بها وكالؤه أو تقييد التزاماته باحترام إجراء خاص1
- 32إلزام المستهلك بالوفاء بالتزاماته ولو لم يف المورد بالتزاماته1
أما في المادة 30من القانون 13-80التي جاء فيها " :يعتبرباطال والغيا الشرط التعسفي
الوارد في العقد المبرم بين المورد و المستهلك .تطبيق باقي مقتضيات العقد األخرى إذا أمكن
أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور"
.كما نص في المادة 58من نفس القانون االتفاق على مخالفتها القسم الثالث تعتبرمن
النظام العام وال يجوزاالتفاق على مخالفتها.
يتمتع القاض ي بسلطته في تفسير شروط العقد الغامضة ،ويتحقق هذا الغموض في
العقد عندما تكون العبارات المستعملة غير معبرة عن النية المشتركة للمتعاقدين أو عندما
يكون لها أكثر من معنى "20كما ينشأ هذا الغموض عند عدم وصعوبة التوفيق بين بنود العقد
وأجزائه المكونة له فمتى كانت شروط العقد واضحة في داللتها ،التزم القاض ي بالمعنى الظاهر
لها دون أن ينحرف عنها ،طبقا للمادة 203من قانون االلتزامات و العقود .
و هذا ما أكده املجلس األعلى في القرار الصادر عنه إذ جاء فيه . . " :وحيث إن محكمة
االستئناف قد أبعدت تطبيق الشرط لعلة أنه أضيف إلى العقد تعسفيا و دون مو افقة الطرف
اآلخردون أن تبين األسباب و المستندات التي اعتمدتها لتكوين قناعتها ،هذا األمرالذي يجعل
قرارها غيرمعلال تعليال كافيا .21
- 36التنصيص على إمكانية تقويت العقد لمورد آخر إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى تقليص الضمانات بالنسبة
إلى المستهلك دون موافقة منه1
- 37إلغاء أو عرقلة حق المستهلك في إقامة دعاوى قضائية أو اللجوء إلى طرق الطعن ،وذلك بالحد بوجه غير
قانوني من وسائل اإلثبات المتوفرة لديه أو إلزامه بعبء اإلثبات الذي يقع عادة على طرف آخر في العقد ،طبقا
للقانون المعمول به في حالة وقوع نزاع حول عقد يتضمن شرطا تعسفيا ،يجب على المورد اإلدالء بما يثبت
الطابع غير التعسفي للشرط موضوع النزاع 1
20ـ جميل الصبحي برسوم ،تأويل العقود بين القانون و القضاء و الفقه في المغرب و مصر ،مجلة القضاء و
القانون ، 3301العدد ، 311ص1313
21ـ قرار رقم 183الصادر عن المجلس األعلى في الملف المدني عدد 13670ماي 18بتاريخ , 3377
مجلة قضاء المجلس األعلى العدد 12السنة الخامسة ماي 3308ص 1311
يعرف مفهوم حق التراجع ،بعدة تسميات ،فهناك من يطلق عليه اسم حق الخيار، 22
حق الندم ،حق العدول ،والشائع هو حق التراجع ،أو مهلة التروي ،وبالرغم من إدراج المشرع
لهذا الحق في ديباجته وإعطائه أهمية ،إال أنه لم يحدد مفهومه ،وترك األمرللفقهاء والباحثين.
و ف يعرف هذا الحق أنه " :سلطة ممنوحة ألحد المتعاقدين باالنفراد بنقض العقد و
التحلل منه دون توقف ذلك على إرادة الطرف اآلخر ،23كما عرفه البعض " :إعادة المتعاقدين
إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ،ويكون بأن يرد المستهلك المنتج الذي تم تسليمه إليه
مادام أن ثمة مبررا مقبوال ، 24وفي تعريف آخر " :تمكين المستهلك من حقه في الرجوع عن العقد
إلرادته المنفردة ،و التحلل من آثاره ،فيتم رد المبيع و استرداد الثمن . 25
منح المشرع المغربي للمستهلك حق الرجوع ،وذلك بإرادته المنفردة ،حيث يمكنه هذا
الحق من إنهاء العقد المبرم و إعادة السلعة إلى البائع إن تم التوصل بها ،دون تحمله أي
مسؤولية في ذلك ،و نجد المشرع المغربي نظم هذا الحق في مجموعة من المواد ،على رأسها
المادة 13التي نصت على أنه " :للمستهلك أجل سبعة أيام كاملة لممارسة حقه في التراجع ،
ثالثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة لم يف المورد بالتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات
المنصوص عليها في المادتين 50و . 15ذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء
مصاريف اإلرجاع .
22ـ نص المشرع على هذا الحق في الفصل 683من قانون االلتزامات و العقود " :يسوغ أن يشترط في عقد
البيع ثبوت الحق للمشتري أو البائع في نقضه خالل مدة محددة ,ويلزم أن يكون هذا الشرط صحيحا و يجوز
االتفاق عليه إما عند العقد و إما بعده في فصل إضافي"1
23ـ عالء حصاونة و أيمن مساعد ،خيار المستهلك في البيوع المنزلية و بيوع المسافة ،مقال منشور في محلة
حماية المستهلك ،منشورات مجلة القضاء المدني ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط الطبعة األولى ، 1831 ،
ص 1 31
24ـ أسامة أحمد بدر ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،طبعة
، 1882ص 1138
25ـ حسن أساكتي ،صباح كوتو ،حق المستهلك في التراجع عن العقد ،مقال منشور في مجلة القانون و
األعمال ،العدد ، 33تونبر ، 1836ص 33
إن اقتض ى الحال ذلك ،تسري اآلجال المشار إليها في الفقرة السابقة ابتدءا من تاريخ
تسلم السلعة أوقبول العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات ،تطبق أحكام هذه المادة مع مراعاة
أحكام المادتين 10و ." 25
ويبتدئ سريان أجل الرجوع ،المنصوص عليه قانونيا و هو 0أيام ،يكون ابتدءا من
تاريخ الطلبية أو االلتزام بالشراء عن طريق إرسال االستمارة القابلة لالقتطاع من العقد
بواسطة وسيلة تثبت التوصل ويعتبر حق التراجع من النظام العام ،الش يء الذي يمنع المورد
أن يشترط على المستهلك التنازل أو التخلي عنه ،كما نصت المادة 10من القانون 13-80على
أنه ،ال يمكن أن يمارس حق التراجع ،إال إذا اتفق الطرفان على خالف ذلك ،في حاالت معينة
على الحصرص المادة 10على أنه " :ال يمكن أن يمارس حق التراجع ،إال إذا اتفق الطرفان على
خالف ذلك ،في العقود المتعلقة بما يلي :
- 3الخدمات التي شرع في تنفيذها بمو افقة المستهلك قبل انتهاء أجل السبعة أيام
كاملة.
- 5التزويد بالمنتجات أو السلع أو الخدمات التي يكون ثمنها أو تعريفتها رهينا بتقلبات
أسعارالسوق المالية.
وللمستهلك حق التراجع دون اللجوء إلى القضاء أو الحصول على مو افقة الطرف
اآلخر ،فالمورد يكون ملزما برد المبلغ المدفوع كامال ر على أبعد تقدير داخل 30يوما الموالية
للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة هذا الحق ،وفي حالة عدم احترام هذا األجل تترتب على المبلغ
المستحق فوائد بالسعر القانوني .وفي حالة رفض المورد رد المبالغ المدفوعة فإنه يعاقب
بغرامة 3588إلى ،08888وفي حالة العود ترفع الغرامة إلى الضعف طبقا للمادة 26300من
القانون . 13-80
خاتمة :
وفي الختام فإن المشرع سعى من خالل مقتضيات القانون 13-80المتعلق بحماية
المستهلك لضمان حماية فعالة وناجعة ،إال أنه بالرجوع لهذه النصوص تبقى في إطارها عامة
تنطبق على المستهلك العام ،مثلما تنطبق على المستهلك اإللكتروني ،مع بعض الخصوصيات
املحدودة خصوصا في ظل تطور وارتفاع مخاطر التجارة اإللكترونية،إذ يالحظ عدم كفاية و
محدودية التدابير التي جاء بها القانون 13-80المتعلق بحماية المستهلك ،و عدم توازن
مصلحة المستهلك والمورد في عقود التجارة اإللكترونية ،ومن جهة أخرى عدم التزام مو اقع
التجارة اإللكترونية بالمقتضيات القانونية ،التي توفر الحماية للمستهلك اإللكتروني ،مما
يؤدي إلى انعدام الثقة في التجارة اإللكترونية ،إضافة لعدم حصر المشرع ملجال ونطاق
الشروط التعسفية في عقود اإلذعان ،باعتبارها مجاال خصبا النتشار مثل هذه الشروط ،ومن
هذا المنطلق فالمشرع والقضاء مدعوان لتكثيف الضمانات الحمائية للمستهلك االلكتروني
خصوصا في ظل التوجه الجديد الذي تعرفه التجارة االلكترونية سواء على الصعيد الوطني أو
على الصعيد الدولي.
الئحة المراجع:
القانون رقم 13-80الصادر بتنفيذ ظهير شريف رقم 3 . 33.8الصادر في 32ربيع األول
30 ( 3215فبراير , ) 5833بالجريدة الرسمية عدد 0015بتاريخ 1جمادى األولى 0 ( 3215أبريل
) 5833ص .3805
القانون رقم 01-80الصادر بتنفيذ ظهير شريف رقم 3. 80.350الصادر في 30من ذي
القعدة 18 ( 3250نونبر , ) 5880بالجريدة الرسمية عدد 0002بتاريخ 50ذو القعدة 3 ( 3250
ديسمبر ) 5880ص . 1000
26ـ يعاقب بغرامة من 3188إلى 281888درهم المورد الذي يرفض إرجاع المبالغ إلى المستهلك ،وفق الشروط
المنصوص عليها في المادتين 17و 18في حالة العود ترفع الغرامة إلى الضعف يعتبر في حالة العودة من يرتكب
مخالفة داخل أجل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم حائز على قوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة1
جامع مليكة .حماية المستهلك المعلوماتي ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم
القانونية -القانون الخاص -جامعة الجياللي اليابس سيدي بلعباس ,الجزائر كلية الحقوق و
العلوم السياسية قسم الحقوق . 5830-5830
کوثر سعيد عدنان حماية المستهلك اإللكتروني ،الطبعة األولى دار الجامعة الجديدة
األزاريطة ,اإلسكندرية . 5830
حماية المستهلك في معامالت التجارة االلكترونية في ضوء التشريع المغربي ،بدون ذكر
المؤلف مقال منشورفي الموقع االتي www farirdrait.com 17أبريل ، 5853تم اإلطالع عليه
في 58أبريل 5855الساعة العاشرة صباحا.
عبداني شمس الدين ،آية حماية للمستهلك اإللكتروني في المغرب ,مجلة القانون و
األعمال العدد الثاني ديسمبر. 5833
عبد الحكيم زروق ،تنظيم التبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية عبراإلنترنت الطبعة
األولى مطبعة الكرامة 5833الرباط.
إبراهيم خالد ممدوح ،حماية المستهلك في المعامالت اإللكترونية ،دراسة مقارنة -
الطبعة األولى ،مصر ،الدارالجامعية . 5880 ،
بناء على ذلك ،يمكننا ان نتساءل حول إمكانية التوفيق والمالءمة بين خصوصيات
وأهداف المادة الوقفية كعمل يندرج في إطار أعمال التبرعات وبين القواعد العامة لنظام
التحفيظ العقاري.
هذا ما سنحاول اإلجابة عنه من خالل الحديث عن مميزات الوقف في مسطرة التحفيظ
العقاري (المبحث األول) ،ثم لخصوصيات الوقف المنصب على العقارات في طورالتحفيظ في
(المبحث الثاني).
إن حماية الوقف تتم بإيداع مطلب التحفيظ وما يقتضيه من عمليات اإلشهار
الواسعة ،وتثبيت حدود العقار ( المطلب األول) ،وكذا عن طريق سلوك مسطرة التعرض في
مواجهة مطالب التحفيظ المقدمة من الغير و الشاملة لبعض العقارات الموقوفة ( المطلب
الثاني).
وعدم القابلية للتفويت أو التقادم وإجبارية التحفيظ عند معاوضة العقارات املحبسة تحبيسا
عموميا.28
وهكذا متى كان العقار املحبس أو المقايض به غير محفظ ،فإنه يلزم وقبل إتمام
المقايضة تحفيظ هذا العقاربطلب من وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية أوبطلب من صاحب
العقار المقايض به ،29وذلك بهدف تعميم نظام التحفيظ العقاري للعقارات الموقوفة وكذا
- 27وكذلك فاإلدارة المكلفة باألوقاف سواء كانت مدعية أو مدعى عليها فهي تبقى معفية من أداء المصاريف القضائية ما تعلق منها
برفع الدعوى أمام املحكمة أو مصاريف الدفاع أو التحقيق أو المعاينة ...وكذألك كما هو منصوص عليه في قانون املحاماة أن
أتعاب املحامي المنتصب للدفاع عن حقوق المتقاض ي ال يمكن إقامة دعوى للبت في النزاعات المتعلقة بتحديدها ،سواء في القواعد
العامة أو في األوقاف .إال أنه مع صدور مدونة األوقاف فإنه أصبح بإمكان إدارة األوقاف إقامة دعوى للبت في النزاعات المتعلقة
بتحديد أتعاب املحامي المنتصب للدفاع عن حقوق األوقاف ،وذلك استثناء من مقتضيات القانون رقم 0..2.المتعلق بتنظيم
مهنة املحاماة.
- 28تنص المادة 20من مدونة األوقاف على أنه" :يشترط إلجراء أي معاوضة عينية لألوقاف العامة ان تكون العين المعاوضة بها
محفظة وأن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة ".
للتوسع أكثر ،ينظر:
-محمد عرظاوي" ،التحفيظ اإلجباري في التشريع المغربي -بين اإلكراهات القانونية والتحديات المستقبلية" رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية
0202ـ 0200ص.02 :
29ـ إدريس الفاخوري" ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون رقم "00.22منشورات مجلة الحقوق ،سلسلة المعارف
القانونية والقضائية ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،الطبعة ،0202ص.0. :
تتبع جميع ما يطال هذا الرصيد العقاري المهم من عمليات نزع الملكية من أجل المنفعة
العامة أو التحديدات اإلدارية أو التحفيظ الجماعي أو ضم األراض ي الفالحية بعضها إلى بعض
أو االعتداءات المادية من طرف الغير.
وقد اختلف الفقه القانوني حول تحديد من له الصفة في تقديم مطلب التحفيظ في
اسمه ،حيث ذهب جانب منهم 30إلى تأييد إمكانية تقديم مطلب التحفيظ من طرف ناظراألوقاف
مستندا إلى مقتضيات المرسوم الذي تم بموجبه تعميم نظام التحفيظ العقاري على جميع
العقارات الحبسية ،31حيث نص في فصله األول على أن المقتضيات التشريعية و التنظيمية
المتعلقة بنظام التحفيظ العقاري والسيما ظهير 35غشت 3031تطبق على العقارات الحبسية
الكائنة في أنحاء البالد الجاري عليها هذا النظام أي نظام التحفيظ العقاري.
وهذا التوجه يبقى محل نظر ،على اعتبار أن ناظر األوقاف ال يملك أي حق عيني على
العقار الموقوف ,كل ما في األمر أن القانون أناط به سلطة إدارة وتسيير المال الموقوف
واملحافظة عليه بأمرمن وزارة األوقاف و الشؤون اإلسالمية.
في المقابل ،يذهب جانب آخر 32إلى تأييد إمكانية تقديم مطلب التحفيظ من طرف
الو اقف سواء أكان شخصا طبيعيا أومعنويا مستندا في ذلك على موقف المذهب المالكي الذي
يقول بعدم زوال ملكية الو اقف للعقار الموقوف بل تظل ملكيته له .غير أن هذا الرأي يبقى
منتقدا السيما أن املحبس ال يمكنه التصرف فيه خالل حياته بعد وقفه .لذلك ذهب جانب آخر
إلى ضرورة تقديم مطلب التحفيظ من طرف المستفيد من الوقف.
وبناء على ذلك ،فإن مطلب تحفيظ العقارات الموقوفة يتم تقديمه بإيعاز من وزارة
األوقاف والشؤون اإلسالمية أو من طرف ناظراألوقاف الذي خول له المشرع صالحية ذلك.33
- 30عبد الرزاق الصبيحي" ،الحماية المدنية لألوقاف العامة" منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية في المغرب ،مطبعة
األمنية الرباط ،سنة ،0222ص.01 :
- 31المرسوم رقم 01022.الصادر بتاريخ 02رمضان 02.0هـ الموافق لـ 0فبراير ،0210المنشور بالجريدة الرسمية عدد . 020.
- 32عمر السكتاتي" ،دور التحفيظ العقاري في حماية العقارات الموقوفة" مساهمة ضمن أعمال الندوة العلمية التي نظمتها مجلة
المنبر القانونية بشراكة مع القضاء المدني يوم 20مايو 0200بتيزنيت ،تحت عنوان قانون التحفيظ العقاري بين روح ظهير 0202
ومستجدات قانون ،00.22سلسلة ندوات وأبحاث ،العدد األول ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،سنة ،0200ص..0 :
- 33عبد الرزاق حباني" ،الحماية القانونية للعقارات املحبسة -دراسة في الوسائل وفي اآلثار "-أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية عين الشق الدار البيضاء ،السنة الجامعية0220 :
– ،0221ص0.2. :
وهذا الغموض انعكس سلبا على مستوى عمل مصالح املحافظة العقارية ،حيث أدى
هذا الخلط في التأويل إلى تحفيظ بعض العقارات الموقوفة في اسم وزارة األوقاف والشؤون
اإلسالمية في حين أن هذا األخيرما هو إال قطاع حكومي مكلف بتدبيرو إدارة هذه األوقاف .كما
تم تحفيظ عدد من العقارات في اسم ناظر األوقاف بصفته ممثال للنظارة التي يترأسها وأحيانا
بصفته المالك باسمه الشخص ي بالرغم من أنه ليس له أي حق عيني على العقار المطلوب
تحفيظه ،بل إن بعضها تم تحفيظه في اسم أحباس مدينة من المدن (كأحباس مدينة مكناس
وأحباس مدينة فاس واألحباس الكبرى لمدينة وجدة).
الرأي فيما أعتقد أن الرأي األول حري بالتأييد ،ألن ناظر األوقاف بالرغم من أنه ال
يملك أي حق عيني على العقارالموقوف ،إال أن القانون أناط به سلطة اإلشراف وتسييرهذه
العقارات ،وبالتالي فهو ملزم باملحافظة عليها وحمايتها من كل اعتداء ،وذلك تحت مسؤوليته،34
فهو بمثابة الولي أو الوص ي أو المقدم على محجوره.
وإذا كان الوقف ملكا ممنوعا من التملك واإلرث والهبة ونحوهما طالما أنه خصص
للغرض الذي حبس من أجله ،35فهو بذلك يكتسب الحقوق ويتحمل االلتزامات حيث يتمتع
بشخصية معنوية مستقلة بصريح المادة 08من مدونة األوقاف .36ولعل ذلك ما جعل المشرع
يخول وزارة األوقاف ممثلة في نظارة األوقاف الصفة في تقديم مطالب التحفيظ وإن كان معقبا
أو مشتركا .والتعرض على تحفيظه كملك خاص ،وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في أحد
قراراتها الذي جاء فيه على أنه " :37حيث تبين صحة ما عابته الطاعنة على القرار فطالبو
التحفيظ اعتمدوا في مطلب تحفيظ العقار محل النزاع على عقد الحبس ،وهم بذلك يقرون
بأن هذا العقارمحبس ألنه من أدلى بحجة فهو قائل بما فيها .كما أن ناظراألوقاف له الصفة في
املحافظة على األموال املحبسة ،والتعرض على العقارات المراد تحفيظها كأمالك خاصة ،وأن
- 34حسن بوخرص ى" ،النظام القانوني للمسؤولية في مدونة األوقاف" مجلة قراءات في القوانين العقارية الجديدة ،منشورات مجلة
الحقوق مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،الطبعة األولى ،0202ص 01. :وما بعدها.
- 35محمد بن صالح الصوفي" ،الحقوق العينية العرفية اإلسالمية -دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون المغربي" دار القلم
للطباعة والنشر ،الطبعة األولى ،0220ص.20. :
- 36تنص المادة 02من مدونة األوقاف في فقرتها الثالثة على أنه .... " :يتمتع الوقف العام بالشخصية االعتبارية منذ إنشائه وتتولى
إدارة األوقاف تدبير شؤونه وفقا ألحكام هذه المدونة".
- 37تغير تسمية املجلس األعلى باسم محكمة النقض بمقتض ى الظهير الشريف الصادر بتنفيذ القانون رقم .000المتعلق بمحكمة
النقض المغير بموجبه الظهير الشريف رقم .0.02.002الصادر بتاريخ 02أكتوبر 0202بشأن املجلس األعلى الجريدة الرسمية عدد
02.2المنشورة بتاريخ 01أكتوبر .0200
القرار المطعون فيه لما اعتبر ...ناظر األحباس ال صفة له في التعرض على المطالب فقد جاء
غير مرتكز على أساس 38. "...
فاالعتراف للوقف بالشخصية المعنوية تترتب عنه ذمة مالية مستقلة عن ناظر
األوقاف أو متوليه وعن ذمة الو اقف و الموقوف عليهم .فمال الوقف وجميع حقوقه التزاما
خاصا به ،وأن ذمته ال تشتغل بذمة غيره مهما كان وتكون هي المالكة اعتبارا لجميع حقوقه
وأمواله وأ ن دائني الو اقف أو الناظر أو الموقوف عليه ليس لهم حق على ذمة الوقف .كما أن
ديونه ال يطالب بها غير الو اقف نفسه كما أنه ال تقع المقاصة بين ديون الوقف وديون هؤالء.
كما له كذلك حق رفع الدعوى وحق التقاض ي بواسطة ممثله القانوني و هو ناظراألوقاف.
لم يستطع استيعاب مضمون الوقف الحقيقي الغربي39 إال أن بعض الفقه
بخصوصياته وأهدافه فاعتبره :إخراجا للش يء ليس فقط من الملكية ،بل من نظام األموال
الدنيوي ليدخلها ضمن نظام يسمو على العالقات واإلرادات البشرية " وهو بهذا القول إنما
يخرج الوقف نفسه من دائرة التعامل اإلنساني .كما هو في أصله لينقله إلى عالم نظري مجرد ال
تترتب عنه أي آثارقانونية.
المطلب الثاني :مسطرة التعرض كآلية لتحقيق حماية مالئمة للعقارات الموقوفة
- 38قرار رقم 0002الصادر بتاريخ 0222/21/02ملف مدني رقم 22ـ0ـ 0100منشور بمجلة قضاء املجلس األعلى ،العدد المزدوج
،12/02يناير ـ يوليوز ،السنة 0220ص.00 :
39 - M.Messini . Luccioni Joseph. « les fondations pieuses : Habous au Maroc depuis les Origines
كما عرفه فقه آخر 41بأنه ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ ينازع
بمقتضاه المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في الحدود
فقط ،أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقد وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر
إليه في مطلب التحفيظ.
وبناء على ذلك ،وحتى ال تضيع حقوق األحباس ،يجب على السلطة الحكومية المكلفة
باألوقاف التعرض على مطالب التحفيظ التي يتقدم بها األغياروالتي تمس بحقوقها ،ويقدم هذا
التعرض طبق الفصل 52من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بمقتض ى القانون رقم
4232.80داخل أجل شهرين يبتدئ من يوم نشراإلعالن عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية
. 43
غيرأنه استثناء للمحافظ على األمالك العقارية قبول التعرضات المقدمة خارج اآلجال
من طرف السادة نظاراألوقاف وهم من لهم صالحية تقديم التعرضات ،44حتى ولو لم يكن قد
قدم أي تعرض من قبل طبقا لمقتضيات الفصل 50من ظهير التحفيظ العقاري الذي عوض
وتمم بالقانون رقم ،4532.80بحيث تبقى له سلطة قبول التعرض أو رفضه .وفي حالة الرفض،
- 41مأمون الكزبري" ،التحفيظ العقاري الحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي" الجزء األول ،التحفيظ
العقاري ،شركة الهالل العربية للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة الثانية ،02.2 ،ص.0. :
- 42ينص الفصل 41من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بقانون 41.01على أنه " :يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار
تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خالل أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر اإلعالن عن
انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:
- 4في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛
-4في حالة االدعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛
-3في حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن عنه طبقا للفصل 41من هذا القانون"1
يتنافى مع دولة المؤسسات التي تنبني على المشروعية والرقابة القضائية على القرارات اإلدارية،
واعتبرت أن هذا الفصل مثله في ذلك مثل فصول أخرى جاءت لحماية مصالح املحافظين
العقاريين.
إال أن ظهير التحفيظ العقاري حاول إيجاد مجموعة من الحلول الممكنة ملختلف
الثغرات التي كانت موجودة في الفصل 50قبل نسخه وتعويضه .كما خول للمحافظ صالحيات
واسعة في قبول التعرض من عدمه دون أن تشاركه في ذلك أية جهة أخرى ،خالفا للفصل
السابق الذي كان يخول لوكيل الملك إمكانية قبول التعرضات خارج اآلجال وما نتج عنها من
آثار سلبية من خالل تداخل صالحيات كل من وكيل الملك واملحافظ على األمالك العقارية،
األمر الذي ينعكس سلبا على مسطرة التحفيظ العقاري .كما أن صالحيات محكمة الموضوع
تقتصر على البت في موضوع التعرض ،نوعه ومحتواه ومداه .كما أحاله املحافظ على كتابة
الضبط سواء من حيث الحقوق المطالب بها أو من حيث المستندات المدلى بها دون أن تناقش
شكليات التعرض ،حسب الفصل 10من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بقانون
،4732.80وهو ما ذهبت إليه محكمة االستئناف بطنجة في قرارلها جاء في حيثياته ما يلي....." :48
حيث إنه بخصوص مخالفة الحكم المستأنف لكون التعرض قد خارج أجله القانوني ,هوسبب
يبقى غير مؤسس ،ألن محكمة التحفيظ ال تنظر في شكليات التعرض من حيث تقديمه داخل
األجل أو خارجه ،ألن أمرذلك يدخل في اختصاصات املحافظ على األمالك العقارية ،وأن نظرها
يقتصرعلى البت في موضوع التعرض من حيث صحته وعدمه فقط ".
وقد صدرتوجه آخر ملحكمة النقض يخفف من حدة الموقف المعلن عنه أعاله مفاده
أن " :الفصل 10من ظهير التحفيظ العقاري ال يمنع قضاة الموضوع من فحص الرسوم
- 46عدي وردة" ،قراء أولية لمستجدات قانون التحفيظ العقاري" مساهمة ضمن أشغال الندوة المنظمة من طرف جمعية املحامين
الشباب بنادي املحامين ب الناظور يوم 02أكتوبر ،0200تحت عنوان قراءة في القانون رقم ،00.22ص. :و. 2
- 47ينص الفصل 22في فقرته الثانية من قانون 00.22على أنه" :تبت املحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته
ومشتمالته ونطاقه ،وتحيل األطراف للعمل بقرارها ،بعد اكتساب الحكم قوة الش يء المقض ي به ،على املحافظ على األمالك العقارية
الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كال أو بعضا مع االحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 22مكرر
." ...
48ـ قرار صادر عن محكمة االستئناف بطنجة رقم 0.0بتاريخ 022.ـ20ـ 00ملف شرعي عدد .ـ22ـ21ـ ،أشار إليه عمر السكتاتي،
مرجع سابق ،ص..2 :
المستدل بها من لدن األطراف ليقارنوا بين قوة إثبات كل رسم وذلك بما يملكون من كامل
السلطة في هذا الشأن 49
كما ذهبت ابتدائية الناظورفي حكم لها إلى أنه " :50من الثابت قانونا في ميدان التحفيظ
العقاري أن املحكمة المعروض عليها التعرض على مطلب التحفيظ يجب أن تبت في حدود ما
هو منصوص عليه في الفصل 10من ظهيرالتحفيظ العقاري بأن تتأكد من وجود الحق المدعى
عليه من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ويبقى عبئ إثبات ذلك على األخير بحجة مقبولة شرعا
في ميدان االستحقاق ،وحيث إن املحكمة بعد دراستها لوثائق الملف اتضح لها أن المتعرضين
استندوا في تعرضهم في مواجهة طالب التحفيظ (أحباس السعديين النائب عنها ناظر األوقاف
ب الناظور) على رسم وصية بالثلث ...وحيث إن رسم الوصية المذكورغيرجديرباالعتبارألن ما
تضمنه مجرد تصريحات أمام العدلين ،وغيرمؤسس على أي حجة تثبت الملك المذكورأعاله،
مما يتعين معه التصريح بعدم قبول تعرض المتعرضين".
وبناء على ذلك ،يمكن للمستفيد من الوقف أو الجهة المكلفة باألوقاف حماية عقاراتها
عن طريق التدخل في مسطرة التحفيظ العقاري بواسطة التعرض داخل اآلجال القانونية،
خاصة أمام عمليات اإلشهارالواسعة التي يمرمنها مطلب التحفيظ المنصوص عليها في الفصل
30و الفصل 30من القانون 32.80سواء تعلق األمربالجريدة الرسمية أو عن طريق اإلشهارات
الواسعة التي تتم بمصالح املحافظة العقارية و املحاكم االبتدائية ومكاتب السلطة املحلية
والجماعات املحلية ،وكذا من وقوف في عين المكان ،رغم أن الوقف العام ال يطاله األثر
التطهيري.
ومع ذلك ،والرأي فيما أعتقد أنه يجب إدخال بعض المقتضيات القانونية عن طريق
اتفاقيات شراكة مثال تسمح إلدارة املحافظة العقارية بإخبار نظارة األوقاف بحبسية العقارات
التي يتقدم األغيار بمطالب تحفيظها في اسمهم وهي إمكانية يمكن أن تساهم في حماية الوقف
من االعتداء والغبن لكونه يعتبرأهم ثروة وطنية في بالدنا لما تقوم به من أهداف وأدوارأساسية
في التنمية االقتصادية واالجتماعية والدينية ،...وهو التوجه الذي بدأت تسير فيه الوكالة
49ـ قرار صادر عن محكمة النقض رقم 000الصادر بتاريخ 13/05/1970في ملف عدد 18149/1965أوردته :عدي وردة ،مرجع
سابق ،ص.02 :
50ـ حكم صادر عن املحكمة االبتدائية بالناظور رقم 22. 0012الصادر بتاريخ 0222ـ20ـ 00في الملف رقم 02ـ 2.أورده :إدريس
الفاخوري ،مرجع سابق ،ص.02 :
الوطنية للمحافظة العقارية بخلقها لتطبيقات ذكية تستعمل فيها البرامج المعلوماتية
والتكنلوجيا الحديثة السهلة الولوج واالطالع لتدعيم األمن العقاري وللحد من ظاهرة االستيالء
على عقارات األغيار (سواء كانت عقارات عامة أو خاصة).
وقد أثبت الو اقع العملي بأن غالبا ما يقوم الو اقف بتحبيس عقاره (خاصة العقار
غيراملحفظ) ،دون إخبارالسلطة الحكومية المكلفة باألوقاف وبعد وفاته يعمد ورثته إلى إخفاء
رسم التحبيس والقيام بإيداع رسم اإلراثة وترتيب مجموعة من التصرفات القانونية الناقلة
للملكية والمضرة بالوقف واألهداف التي يروم إلى تحقيقها داخل املجتمع ،وهذه الوضعية تثير
كثيرا من الخطورة على هذا الموروث اإلسالمي الذي يعتبر وبحق دعامة أساسية وسندا قويا
للنظام االقتصادي لكونه ساهم في تخفيف النفقات على الدولة في بعض املجاالت الدينية و
الثقافية و التعليمية و االجتماعية .51
من المعلوم أن نظام التحفيظ العقاري يقوم على مبدأ اإلشهار والعالنية ،ذلك أن
الوقف قد ينصب على عقارات في طور التحفيظ .لذلك أوجد المشرع بعض األسس القانونية
التي يمكن سلوكها لضمان الحماية القانونية لألوقاف ،بحيث يمكن إلدارة األوقاف ،إما أن
تودع رسم التحبيس مشفوعا بطلب تصحيح مطلب التحفيظ األصلي ومتابعة المسطرة في
اسمها وطلب النشرفي الجريدة الرسمية بواسطة خالصة إصالحية (المطلب األول) ،أو بإيداع
رسم التحبيس لدى املحافظة على األمالك العقارية طبقا للفصل 02من قانون التحفيظ
العقاري رقم 32.80في (المطلب الثاني).
بالنسبة لمسطرة الخالصة اإلصالحية يمكن للجهة المكلفة باإلشراف على األوقاف أو
للمستفيدين من الوقف بناء على مقتضيات الفصل 01من ظهير التحفيظ العقاري ،52وكذا
- 52ينص الفصل 43من ظهير التحفيظ العقاري على أنه" :بغض النظر عن المسطرة المقررة في الفصل 41من هذا
القانون ،يمكن لصاحب حق وقع إنشاؤه أو تغييره أو اإلقرار به أثناء مسطرة التحفيظ أن يطلب نشره بالجريدة الرسمية بعد
إيداع الوثائق المثبتة للحق بالمحافظة العقارية1
تتابع مسطرة التحفيظ بصفة قانونية مع أخذ الحق المنشأ أو المغير أو المقر به بعين االعتبار1
يكتسب صاحب الحق المنشأ أو المغير أو المقر به صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف له به1
بناء على مقتضيات الفصل 1من المقرر الوزاري المؤرخ في 81يونيو 3030المتعلق بتفاصيل
تطبيق نظام التحفيظ العقاري ،53أن يطلب من املحافظ على األمالك العقارية أن يعمل على
أن تتابع مسطرة التحفيظ في اسم من يخوله القانون ذلك ،حيث يكتسب صفة طالب التحفيظ
في حدود الحق المنشأ أو المعدل بعد إيداع الوثائق المثبتة له باملحافظة العقارية عن طريق
نشر خالصة إصالحية الهدف منها أن يعالج التصرف في إطار الفصلين المذكورين ،بعبارة
أخرى ،أخذ طريقه لإلشهاربمفهومه العلني من جهة ونقل مجريات مسطرة التحفيظ من طالب
التحفيظ إلى المالك الجديد وهو المستفيد من الوقف من جهة أخرى بعد أدائه للرسوم
الخاصة بنشر الخالصة اإلصالحية وكذا رسوم اإلعالن الجديد عن انتهاء التحديد ،فمن يوم
اإليداع تصبح الجهة المكلفة باألوقاف هي المعنية باألمر حيث تراسل من طرف املحافظة
العقارية وتعلم بأي إجراء يهمها كيوم وتاريخ التحديد مثال ،ومن ثم فاألجل الجديد للتعرض ال
يفتح إال إذا كان األجل األصلي قد انصرم ،54وهو يبدأ من تاريخ نشراإلعالن عن انتهاء التحديد
بالجريدة الرسمية والذي يكون داخل أربع أشهر الموالية للتحديد الفعلي للعقار والذي ينشر
بنفس الطريقة التي نشرت بها خالصة مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية والتعليق لدى
الجهات المعنية.55
إذا كان اإلعالن عن انتهاء التحديد قد تم نشره بالجريدة الرسمية فيجب أن يعاد نشره من جديد ليفتح أجل شهرين للتعرض،
يبتدئ من تاريخ اإلعالن عن الحق المنشأ أو المغير أو المقر به 1وفي هذه الحالة لن تقبل إال التعرضات المنصبة مباشرة
على الحق المذكور1
يؤخذ بعين االعتبار عند التحفيظ الحق المنشأ أو المغير أو المقر به خالل المسطرة "1
- 53ينص على أنه" :بصرف النظر عن المسطرة المقررة بالفصل .0من ظهير التحفيظ العقاري 00غشت 0202يجوز لصاحب
الحق المنشأ أو المعدل أثناء جريان مسطرة التحفيظ أن يطلب نشر هذا الحق في أقرب عدد من الجريدة الرسمية مدليا لدى
املحافظة العقارية بالوثائق المثبتة للحق المذكور .
وتجري مسطرة التحفيظ مجراها القانوني ,ولكن مع مراعاة ما جد من إنشاء أو تعديل للحق و إذا كان اإلعالن عن انتهاء التحديد
قد تقدم نشره بالجريدة الرسمية فإنه يجب نشره من جديد ليأتي دائما التعرض في أجل شهرين اثنين على األقل ابتداء من اإلعالن
عن الحق المنشأ أو المعدل ,
غير أنه ال تقبل في هذه الحالة إال التعرضات التي تتعلق مباشرة بالحق المنشأ أو المعدل أثناء جريان المسطرة ".
- 54رشيد بالشو" ،التصرفات التي تجري على العقار في طور التحفيظ ,رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية،0222 – 0220 :
ص.00 :
- 55سليم قلة" ،المرحلة اإلدارية في مسطرة التحفيظ " مقال منشور بالموقع اإللكتروني www.Marocdroit.comتاريخ الولوج إلى
إليه 0200/20/00على الساعة .17h00
هذا ويتم نشر الخالصة اإلصالحية والقيام بالتحديد التكميلي وضرورات المسطرة
ويطلب من المتدخل فيها وهو المستفيد من الوقف ،وذلك إما لتدارك إغفال جوهري في
البيانات المنشورة من قبل ,أو اإلعالن عن كل تغيير في النطاق المادي للحق المطلوب
تحفيظه.56
يعتبر العقار موضوع مسطرة التحفيظ العقاري من الحقوق القابلة للتفويت ،وقد
تؤدي مسطرة التحفيظ إلى تأسيس الرسم العقاري وما يترتب عنه من األثرالتطهيري من جميع
الحقوق التي لم يقع االحتجاج بها أثناء مسطرة التحفيظ.
ولتفادي قاعدة التطهير 58قررالمشرع ألصحاب الحقوق التي نشأت على العقارفي طور
التحفيظ الخيار بين مسطرة النشرفي الجريدة الرسمية أو مسطرة اإليداع المنصوص عليها في
- 56محمد فلجي" ،قرار التحفيظ بين صحة السندات وسالمة اإلجراءات" مجلة جمعية املحافظين والمراقبين على األمالك العقارية،
العدد ،1ص.00 :
- 57ينص الفصل 22من ظهير التحفيظ العقاري على أنه " :خالل الثالث أشهر الموالية النصرام أجل التعرض يقوم املحافظ على
األمالك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع اإلجراءات المقررة في هذا الفانون ,ومن شرعية الطلب و كفاية
الحجج المدلى بها ,و عدم وقوع أي تعرض ".
- 58نخص بالذكر هنا المستفيدون من الوقف المعقب .أما الوقف العام ال تسري عليه قاعدة التطهير.
الفصل 02من ظهير التحفيظ العقاري رقم ،5932.80بحيث يقوم المستفيد بإيداع السند
المنش ئ للحق لدى مصلحة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية وبعد التأكد من جدية الطلب
وأداء الرسوم المستحقة فإنه يتم تقييد هذا الحق بسجل التعرضات ليحتل مرتبته بالنسبة
لباقي الحقوق األخرى المقيدة.
إذن فهناك فرق بين اإليداع والتقييد .فالتقييد ينشأ الحق فور القيام به وال يتم
التشطيب عليه إال بمقتض ى عقد أو حكم مكتسب لقوة الش يء المقض ي به طبقا لمقتضيات
الفصل 03من ظهيرالتحفيظ العقاري القانون رقم .6032.80
بينما اإليداع هو مجرد تضمين لحفظ رتبة الحق إلى حين اتخاذ قرار التحفيظ ،فإذا
اعتمدته املحافظ عند قراره فإنه يقيده بالرسم العقاري ،وإذا لم يأخذه بعين االعتبار يشطب
عليه ،مما يطرح التساؤل حول القيمة الثبوتية لإليداعات طبقا للفصل 02من ظهيرالتحفيظ
العقاري قانون رقم 32.80؟ وهل تتمتع بحجية مطلقة أم لها حجية نسبية مثلها في ذلك مثل
باقي التقييدات؟.
إذن هذا الموضوع أدى إلى تضارب آراء الفقه وكذلك القضاء ،حيث ذهب جانب من
الفقه 61إلى نقل األثرالتطهيري إلى سائرالحقوق سواء تلك التي تم تقييدها عند تأسيس الرسم
العقاري أوالتي قيدت بعد تأسيسه .فالتقييدات الالحقة إن كانت تتمتع بقوة وحجية في اإلثبات
فإنها ومع ذلك تظل نسبية كونه متعلقة بصحة السند الذي أقيمت عليه سواء بين طرفي العقد
أو باتجاه الغيرباستثناء الغيرحسن النية ،بخالف إذا تعلق األمربالتقييدات المالزمة فهي تتمتع
بقوة ثبوتية قاطعة وال يمكن بأي حال من األحوال التشطيب عليها سواء بمقتض ى عقد أو حكم
قضائي نهائي.62
- 59ينص الفصل .0من ظهير التحفيظ العقاري على أنه " :إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع لإلشهار أمكن لصاحبه
من أجل ترتيبه و التمسك به في مواجهة الغير أن يودع باملحافظة العقارية الوثائق الالزمة لذلك ،ويقيد هذا اإليداع بسجل
التعرضات.
يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك".
- 60ينص الفصل 20من من ظهير التحفيظ العقاري على أنه" :مع مراعات أحكام الفصل .1أعاله يمكن أن يشطب على كل ما
ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتض ى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الش يء المقض ي به يثبت انعدام
أو انقضاء الحق موضوع التضمين في مواجهة األشخاص الذين يعنيهم الحق".
- 61مأمون الكزبري ،مرجع سابق ص. 20 :
- 62وفي هذا اإلطار يقول األستاذ محمد مهدي الجم " :إن الرسم العقاري الذي أنش ئ للملكية نتيجة التحفيظ مع الحقوق العينة
التي كانت مقارنة لها concomitantsوتم تحفيظها معها والتي اكتسبت جميعا قوة ثبوتية مطلقة ال يمكن إثبات خالفها و إبطالها،
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى إذا كان هذا الموقف ال يدع مجاال للشك بأن القيود
المالزمة لها نفس آثارالتحفيظ ،فإن هذا التوجه يبقى محل نظرلدى بعض الفقه 63على اعتبار
أن األثرالتطهيري ال ينبغي أن يشمل الحقوق الناشئة بعد تقديم مطلب التحفيظ وقبل تأسيس
الرسم العقاري ،إذ ال بد من حصر نطاق األثرالتطهيري من حيث الحقوق المشمولة ،ذاك أن
هذه التقييدات لم تخضع لشكليات اإلشهار الكافي فليس هناك أي مبرر قانوني صحيح لتقاس
وتقارن بالتحفيظ ،ثم إن المقتضيات المضمنة بالفصلين 3و 35من ظهير التحفيظ العقاري
هي مقتضيات ظالمة ،و إنه كان وراء إقرارها السياسة اإلستطانية للفرنسيين بالمغرب .وعليه
فالبد من إعادة النظرفيها بكيفية تكفل مبادئ العدل و اإلنصاف ،إذ ال يعقل أن مجرد تضمين
الحق بالرسم العقاري يضفي عليه نوع من القداسة والحجية المطلقة ولم يمض ي عليه سوى
يوم أو بضعة أيام على تقييده فعلى أي إشهاراعتمد؟ وعلى أي آجال قد سطر؟.64
الرأي فيما أعتقد أن هذا الرأي األخير حري بالتأييد ألنه ليس من العدالة في ش يء أن
يتعلق األمرهنا بجميع الحقوق الواردة على الرسم العقاري على إطالقها ،بل فقط تلك السابقة
على تقديم مطلب التحفيظ على اعتبارأن هذه األخيرة وحدها هي التي خضعت لإلشهاربمرحلته
اإلدارية والقضائية ،وكذلك الحقوق المعلن عنها بواسطة الخالصة اإلصالحية أما الحقوق
المقيدة طبقا للفصل 02فليس هناك من العدل تحصينها ضد الطعن .
أما على مستوى العمل القضائي ،فإنه يكاد يتفق في مجموع اجتهاداته إن على مستوى
قضاء الموضوع أو على مستوى محكمة النقض على أن تقييد العقارفي الرسم العقاري في اسم
من آل إليه بعد انتهاء مختلف اإلجراءات يجب أن يضع حدا لجميع النزاعات المتعلقة به،
ً ً
بحيث يطهر من كل مطالبة أو ادعاء باستحقاقه كال أو بعضا استنادا للفصل 3و 35من ظهير
هذه الحقوق جميعها ال يمكن بعد ذلك نقلها وال تعديلها وال إنهاؤها ،وال إنشاء حق عيني جديد عليها أو إقراره إال بالتسجيل ،بغير
التسجيل تعتبر غير موجودة ،وما يترتب عن وجود الحق من عدمه من آثار ،ذلك مبدأ مطلق من مبادئ السجل العقاري".
-محمد مهدي الجم" ،التحفيظ العقاري في المغرب " دار الثقافة للنشر البيضاء ،الطبعة الثالثة ،سنة ،02.1ص.020 :
- 63محمد شنان "،عبثية اإلبقاء على األثر المطلق للتحفيظ بعد االستقالل " الندوة المشتركة حول نظام التحفيظ العقاري
بالمغرب ,جامعة محمد الخامس و مديرية املحافظة العقارية و األشغال الطبوغرافية ,بالرباط يومي 0و 0ماي 0222ص.20 :
وفي هذا اإلطار يقول محمد شنان ":إن طالب التحفيظ يمكنه أن يتصرف في عقاره موضوع مطلب التحفيظ يوم قبل تحفيظه .أما
في اليوم الثاني الموالي يحفظ العقار إذا كان الملف جاهزا ،وفي هذه الحالة كيف يحافظ المستفيد من هذا التفويت على حقه إذا
اعتبرنا أن التطهير يمس الحقوق المنشأة في طور التحفيظ؟ ذلك ما يعد خرقا واضحا للفصل .0المذكور ".
- 64محمد شنان ،مرجع سابق ،ص.20 :
التحفيظ العقاري ،حيث ذهبت محكمة النقض في قرارلها إلى أنه " :65لكن ردا على السبب فإن
الدعوى إنما تهدف في النهاية إلى تسجيل حقوق عينية في الصك العقاري عن طريق إقامة عقد
ملحق ،وهذه الحقوق المراد تسجيلها كانت موجودة قبل التحفيظ ولم تسجل في إطار الفصل
02من ظهير التحفيظ العقاري ولم يقع التعرض على المطلب و إنه بمقتض ى الفصل 5من
الظهير المشار إليه يترتب عن التحفيظ تطهير الملك من جميع الحقوق السالفة الغير مضمنة
بالكناش العقاري وبمقتض ى الفصل 35من نفس الظهير فإن رسم الملك يكشف نقطة
االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار وقت تحفيظه دون
ما عداه من الحقوق الغيرالمسجلة .وبذلك فإن القراربتعليله بما أشيرإليه بالسبب أعاله يكون
معلال بما يكفي و السبب غيرجديرباالعتبار".
إال أن محكمة النقض تراجعت عن هذا الموقف على اعتبارأن األثرالتطهيري ال يطال
عقود التفويت باعتباره حقا شخصيا يقع على البائع حيث ذهبت في قرار لها جاء فيه ":حيث
صح ما عابه الطاعن عن القرار ،ذلك أنه علل ما قض ي به بأن مبدأ التطهيرموضوع الفصلين
5و 35من ظهير التحفيظ العقاري ال يطال عقود التفويت بنقل الملكية إلى المشتري باعتباره
حقا شخصيا يقع على البائع ولوحفظ العقارأو كانت هذه الحقوق كما في النازلة قد نشأت قبل
التحفيظ".
هذا ويقبل اإليداع على اإليداع متى تخلى المودع لفائدة خلفه عن حق وقع إيداعه وقد
يأخذ اإليداع صورة الحجزالتحفظي أو التنفيذي على حقوق المودع ال طالب التحفيظ . 66
وقد طرح النقاش حول اإليداعات المتعارضة كما لو بادر شخص إلى طلب إيداع لحق
سبق أن كان موضوع إيداع سابق من طرف السلطة الحكومية المكلفة باألوقاف ،ثم تلقى
الطرفان الحق نفسه من طلب التحفيظ .فعلى مستوى عمل املحافظة العقارية درج السادة
املحافظين على رفض طلب اإليداع الذي يتعارض مع اإليداع األول لكون إجراءات المسطرة ال
تسمح بذلك وأمام تعذرهذه اإلمكانية ،قررالمشرع مسطرة جديدة يعبرعنها بمسطرة التعرض
- 65قرار صادر عن محكمة النقض عدد 2000الصادر بتاريخ 0222ـ00ـ 22ملف مدني عدد 2222ـ0ـ0ـ ،0220أشار إليه:
-عمرأزوكار " ،التعرض على مسطرة اإليداع طبق الفصل 02من قانون التحفيظ العقاري " منشورات المنبرالقانوني ،العدد
،30ص. 15 :
- 66عمر أزوكار ،مرجع سابق ،ص. 20 :
على اإليداع .ولهذا أصبح لكل من ينازع في اإليداع بإمكانه أن يمارس التعرض ضده طبقا
لمقتضيات الفصل 52من ظهيرالتحفيظ العقاري قانون .6732.80
ويثيرالتعرض على اإليداع عدة إشكاالت خاصة في طبيعته فهل هومختلف عن التعرض
على مطلب التحفيظ السيما أن المشرع خص الثاني بتنظيم خاص دون األول وسوى بينهما في
أجل ممارسته دون الجهة التي يقدم إليها.
والتعرض على اإليداع نص ولد ميتا كما ذهب إلى ذلك األستاذ عمر أزوكار 68وهو في
اعتقادنا رأي حري بالتأييد .ذلك أن أجل ممارسته حدده الفصل 52من ظهيرالتحفيظ العقاري
في شهرين من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية عن انتهاء التحديد والحال أن التصرفات على
العقار في طور التحفيظ تباشر بعد انقضاء أجل التعرضات .لذلك فإن مسطرة التعرض على
اإليداع ال تجب مكنة إيداع دعوى المنازعة في اإليداع أمام القضاء حيث أن هذه المكنة تبقى
مفتوحة وإال فلى معنى لعمل املحافظ على األمالك العقارية.
خاتمة:
ختاما ،لقد حاول المشرع المغربي إيجاد مجموعة من الحلول التشريعية لحماية
الوقف عن طريق مدونة األوقاف ،وضمان أداء وظائفه وأهدافه الدينية واالجتماعية
واالقتصادية انسجاما مع الخصوصيات التي ينفرد بها بالمقارنة مع باقي األنظمة العقارية،
حيث يعتبرالوقف من المؤسسات التي ساهمت بشكل كبيرفي بناء الحضارة اإلسالمية وتمويل
العديد من المر افق االجتماعية واالقتصادية والثقافية بالمغرب .لذلك خصه المشرع
بمجموعة من االمتيازات في مجال التحفيظ العقاري سواء أثناء سريان مسطرة التحفيظ
العقاري ،أو بعد تأسيس الرسم العقاري تفاديا للترامي واالعتداء على األمالك الوقفية.
الئحة المراجع:
-67ينص الفصل 41من ظهير التحفيظ العقاري على أنه ":يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن
يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خالل أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر اإلعالن عن انتهاء التحديد في
الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:
-4في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛
-4في حالة االدعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛
- 2في حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن عنه طبقا للفصل .0من هذا القانون ".
- 68عمر أزوكار ،مرجع سابق ،ص.01 :
إدريس الفاخوري" ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون رقم "32.80
منشورات مجلة الحقوق ،سلسلة المعارف القانونية والقضائية ،مطبعة المعارف الجديدة
الرباط ،الطبعة .5831
عبد الرزاق الصبيحي" ،الحماية المدنية لألوقاف العامة" منشورات وزارة األوقاف
والشؤون اإلسالمية في المغرب ،مطبعة األمنية الرباط ،سنة .5880
عبد الرزاق حباني" ،الحماية القانونية للعقارات املحبسة -دراسة في الوسائل وفي اآلثار
"-أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية عين الشق الدارالبيضاء ،السنة الجامعية.5883 – 5880 :
حسن بوخرص ى" ،النظام القانوني للمسؤولية في مدونة األوقاف" مجلة قراءات في
القوانين العقارية الجديدة ،منشورات مجلة الحقوق مطبعة المعارف الجديدة الرباط،
الطبعة األولى .5831
محمد بن صالح الصوفي" ،الحقوق العينية العرفية اإلسالمية -دراسة مقارنة بين
الفقه اإلسالمي والقانون المغربي" دارالقلم للطباعة والنشر ،الطبعة األولى .5885
محمد خيري" ،التعرضات اثناء التحفيظ العقاري في التشريع المغربي" دار الثقافة
العربية الدارالبيضاء ،الطبعة األولى ،سنة .3001
عدي وردة" ،قراء أولية لمستجدات قانون التحفيظ العقاري" مساهمة ضمن أشغال
الندوة المنظمة من طرف جمعية املحامين الشباب بنادي املحامين ب الناظور يوم 31أكتوبر
،5832تحت عنوان قراءة في القانون رقم .32.80
رشيد بالشو" ،التصرفات التي تجري على العقار في طور التحفيظ ,رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية.5881 – 5885 :
ويكتس ي موضوع بيع العقار في إطار المعامالت االلكترونية أهمية بالغة ،ذلك أن بيع
العقارهو عقد شكلي تشترط الرسمية لصحته و إبرامه على دعامة الكترونية يستوجب تحريره
في عقد توثيقي الكتروني عن طريق الكتابة والتوقيع االكترونيين وإستكمال إجراءات تسجيله
وشهره التي أصبحت هي االخرى تتم عن بعد بالوسائط االلكترونية.
وعليه يمكن طرح اإشكالية التالية :الى أي مدى تأثرت قواعد إبرام عقد بيع العقار
بالتقنيات المعلوماتية؟ وهل أن إبرامه يخضع ألحكام إبرام العقد االلكتروني أم أنه يخضع
ألحكام خاصة تتماش ى وخصوصية وطبيعة العقار؟
ولإلجابة على هذه االشكالية تم إستخدام المنهج الوصفي التحليلي والمقارن السيما
القانون الفرنس ي باعتبارة السباق في تقنين المعامالت االلكترونية ،وذلك وفق خطة ثنائية:
عرف عقد البيع العقاري تطورا على مراحل متعددة من عقد عرفي الى عقد شكلي الى
بيع عقاري بالوسائل االلكترونية نتيجة الستخدام الوسائل االتصال الحديثة ،حيث حلت
العقود االلكترونية محل العقود التقليدية وسائل االتصال الحديثة بدال عن التواصل المادي
والمباشربين المتعاقدين.
يعد عقد البيع أهم التصرفات القانونية الناقلة للملكية العقارية ،يلتزم بمقتضاه
البائع بنقل ملكية ش يء أو حق مالي آخر الى المشتري مقابل ثمن نقدي ،69محله العقار70الذي
خصه المشرع بإجراءات خاصة تميزه عن باقي العقود حيث أخضعه لإلجراءات دقيقة تستوجب
قواعد وشروط قانونية محددة ،فينعقد عقد البيع العقاري شأنه شأن العقود االخرى متى
توفرت أركانه العامة من تراض ي بأن يتبادل طرفا العقد التعبير عن إرادتهما ،71أين ومحل
69المادة 354من األمر رقم 05-01المتعلق بالقانون المدني األمر 05-01المؤرخ في 43ماي ،4001المعدل
والمتمم لألمر 54-15المؤرخ في 42سبتمبر 4215المتضمن القانون المدني الجزائري ،ج ر عدد . 34
70عرفته المادة 243من القانون المدني الجزائري على أنه "كل شيء ثابت مستقر بحيزه وثابت فيه واليمكن نقله
منه دون تلف فهوعقار ،وكل ما عدا ذلك فهو منقول".
71المادة 52من القانون المدني الجزائري.
وسبب ،باإلضافة الى إلزامية إفراغ هذا العقد في محرر رسمي باعتبار أنه من العقود التي
أخضعها المشرع الى شكلية معينة.
اال أن التطورالتكنولوجي وظهورالتقنية أثرعلى أحكام التشريعية بما فيها قواعد إبرام
العقود التي تحولت من الطرق التقليدية وفق األحكام العامة الى التعاقد عن بعد بواسطة
وسائل االتصال االلكترونية ،فعملت مختلف التشريعات الى وضع أسس وأحكام إلبرام العقود
االلكترونية التي تتميزبخصوصية معينة بالنظرالى وسائل االتصال التي تبرم بواسطتها.
ما يميزالعقد االلكتروني عن العقد التقليدي هو وسائل االتصال الحديثة التي تربط
بين أطر افهالمتباعدة ،72والذي يبرم عن طريق رسائل البيانات73وهيعبارة عن مجموع
المعلومات التي يتم انتاجها أو إرسالها أو إستالمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو بصرية أو
بوسائل مماثلة ،كتبادل البيانات االلكترونية أو البريد االلكتروني أو البرق أو التلكس ،74وذلك
بنقل المعلومات االلكترونية من حاسوب الى آخر ،75األمر الذي ذهب اليه المشرع الفرنس ي
عند إقراره بأنه العقد الذي يتضمن بيع السلع أو الخدمات دون الوجود الفعلي لألطراف
المتعاقدة76على أن يكون في وقت واحد وبالوسائل االتصال الحديثة.
لزهر سعيد ،النظام القانوني لعقود التجارة الدولية ،دار هومة ،الجزائر ،الطبعة الثانية ،4041 ،ص .10 72
.20 73بن ساسي الياس ،التعاقد االلكترونيوالوسائل المتعلقة به ،مجلة الباحث ،العدد ،4003 ،04ص
74المادة 04ف "أ" من قانون األنسيترال النموذجي المتعلق بالتوقيعات االلكترونية ،مع دليل التشريع ،4004المعتمد
لدى لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولي ،بمقتضى قرار الجمعية العامة رقم ،40/52منشورات األمم المتحدة،
.4004 نيويورك،
75قرار رقم ،54/424المتضمن قانون األنسيترال النموذجي بشأن التجارة اإللكترونية لألمم المتحدة ،نفس المرجع.
76
Article L221-1du l’ordonnance n° 301-2016 du 14-03-2016 relative a la partie législative du
code de la consommation, jonf n° 64 du 16-03-2016.
77المادة 02ف 04من القانون رقم 05-44المؤرخ في 40ماي 4044المتعلق بالتجارة االلكترونية ،جريدة رسمية
عدد ، 44الصادرة بتاريخ 42ماي .4044
لقد تنوعت الوسائل االفتراضية للتعبير عن إرادة األطراف المتعاقدة التي يجمهم
مجلسا حكميا 78يتطابق فيه إرادتي طرفيه ،79الذي يختلف التعبيرعنها عماهو عليه في القواعد
العامة،والذي يتم بالوسائط االلكترونية بتبادل البيانات االلكترونية عن البريد االلكتروني
والموقع االلكتروني وخدمة املحادثة أو المشاهدة.
يكون التعبير عن االدارة بواسطة البريد االلكتروني عن طريق تلقي أو إرسال رسالة
بيانات مكتوبة يقوم من خاللها الشخص الراغب في التعاقد بإرسال رسالة من بريده االلكتروني
الى البريد االلكتروني للشخصالمرسل اليه الذي يرغب في التعاقد معه ،80تتضمن الرسالة
البيانات المتعلقة بالمرسل وكذا الشروط األساسية التعاقد وبنوده ،81ليتم الرد عليها بنفس
طريقة االرسال سواء بالقبول أو الرفض ،82مع إمكانية اقترانها بتوقيع الكتروني لتفادي أي
تعديل في مضمون الرد.83
أما التعبيرعن االرادة عن طريق الموقع االلكتروني يكون إما بالكتابة أو بالنقرعلى زر
المو افقة على لوحة المفاتيح في الخانة املخصصة في صفحة الويب ،كما يكون كذلك
باستخدام اإلشارات والرموز المستعملة على شبكة االنترنت ( االموجي) ،حيث يلتزم المورد
بعرض السلعة أو الخدمة عبرالشبكة وفق المادة 38من القانون ،80-30على أن يكون مشتمل
على مجموعة من البيانات84السيما تحديد العقارو أبعاده وكذا ثمنه ،ولتأكيد صحة القبول يلى
78خالد ممدوح إبراهيم ،إبرام العقد االلكتروني ،دار الفكر الجامعي ،مصر ،4044 ،ص .324
79خالد ممدوح إبراهيم ،نفس المرجع ،ص .344
80
Nathalie moreau, la formation du contrat électronique, disposition du protection
cyberconsommateur et modes altératifs de règlement des conflits, mémoires de D.E.A, droit des
contrats, université de Lille, 2002, p 36.
81عجالي بخالد ،النظام القانوني للعقد االلكتروني في التشريع الجزائري دراسة مقارنة ،أطروحة دكتوراه ،جامعة
تيزي وزو ،الجزائر ،4041 ،ص .440
82خالد محمود إبراهيم ،المرجع السابق ،ص .430
83عالء محمد الفواعير ،العقود االلكترونية ،التراضي ،التعبير عن االرادة ،دراسة مقارنة ،دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،األردن.24-20 ،4041 ،
84المادة 44من القانون ،05-44سبق التعريف به.
الضغط على أيقونة المو افقة ظهور صفحة أخرى تتضمن العقد النموذجي 85الذي يتضمن
شروط العقد وبنوده.
الحقيقي إال أن هذا االخير يكون إفتراض ي من خالل سماع ورأية كل طرف لآلخر وفي
نفس الوقت.87
ال يبرم عقد بيع العقار وال تنتقل ملكيته بمجرد تطابق االيجاب والقبول ،بل الزم
المشرع إخضاعه لشكلية معينة وفق إجراءات وأوضاع حددها القانون ،وذلك بإفراغ
المتعاقدان إرادتهما في محرررسمي أمام الموثق88باعتباره عقد شكلي يخضع ألحكام المادة 152
من القانون المدني ،وأن كل التصرفات التي تقع على العقار يجب توثيقها تحت طائلة البطالن
85رامي علوان ،التعبير عن االرادة عن طريق االنترنت واثبات التعاقد االلكتروني ،مجلة الحقوق ،العدد ،01
الكويت ،4004 ،ص .423
86بقاسم حامدي ،إبرام العقد االلكتروني ،أطروحة دكتوراه ،جامعة باتنة ،الجزائر ،4045 ،ص .22
87مخلوفي عبد الوهاب ،التجارة االلكترونية عبر االنترنت ،أطروحة دكتوراه ،جامعة باتنة ،الجزائر ،4044 ،ص
.441
88المرسوم التنفيذي قم 23-12المؤرخ في 4212-03-45المتعلق بتأسيس السجل العقاري ،ج.ر عدد ،30
المؤرخة في ،4212-01-43المعدل والمتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم ،443-23المؤرخ في 42ماي ،4223
ج.ر عدد ،31الصادرة بتاريخ .4223-05-43
وفق المادة 35من قانون التوثيق الجزائري رقم ،8908-03وتقررت الرسمية كركن أساس ي
إلبرام هذا العقد حماية لحقوق البائع والمشتري.
يقوم الموثق بتحريرعقد بيع العقاروفق األشكال 90التي يحددها القانون91استنادا الى
الوثائق التي تثبت أصل ملكية العقار الى البائع ،وذلك بناءا على ما تم االتفاق عليه بين هذا
األخيروالمشتري بعد تحديد العقارتحديدا دقيقا ومواصفاته التقنية و أبعاده وحدوده.
89األمر رقم 10-24المؤرخ في ،4210-44-45المتعلق بتنظيم التوثيق ،ج.ر عدد ،401الصادرة بتاريخ -45
.4210-44
90يقصد باألشكال التي يحددها القانون هي القالب الشكلي الذي يجب أن يحرر العقد وفقه ليكتسب صفة الرسمية
بأن يحرر العقد باللغة العربية وفي نص واحد بدون اختصار أو بياض أو نص أو كتابة بين األسطر ،وأن تكتب
المبالغ والسنة واألشهر ويوم تحرير وتوقيع العقد من ذوي الشأن بالحروف ،على أن يتم االتصديق على االحاالت
في الهامش أو أسفل الصفحات كذلك االمر بالنسبة للكلمات المشطوبة وفق المادة 42وما بعدها من القانون رقم
04-02المؤرخ في 40فيفري 4002المتضمن تنظيم مهنة الموثق ،ج.ر عدد 41المؤرخة في .4002-03-04
91يحي بكوش ،أدلة االثبات في القانون المدني الجزائري والفقه االسالمي ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر،4224 ،
ص 400وما بعدها.
المادة 341مكرر ،04من القانون المدني. 92
التأكد من أن العقار غير مثقل عن طريق طلب شهادة السلبية التي تثبت عدم وجود حقوق
عينية على العقار.
يجب تحديد العقار المبيع في عقد البيع املحرر تحديدا كافيا نافيا للجهالة من حيث
طبيعته وموقعه ومساحته وحدوده ومشتمالته 97ليكون المشتري عالما به علما كافيا وفق
المادة 105من القانون المدني ،كما يجب أن يكون هذا العقد مؤرخا ومحد مكان االبرام وفق
أحكام المادة 53من قانون التوثيق الجزائري
يجبذكرالثمن الحقيقي المتفق عليه في العقد ،وكذا تاريخ استحقاقه المكانية تحديد
الرسوم والضرا ئب املحصلة عن عملة البيع ،باالضافة الى ذكر كل االلتزامات التي يرتبها هذا
العقد على طرفيه ،وكذا االثار المترتبة عن االخالل بهذه االلتزامات ،98خاصة التزام المشتري
بدفع 0/3ثمن العقار أمام الموثق أو لدى الخزينة العمومية مقابل وصل يسلمه الى الموثق.
بعد ذكرجميع البيانات والتأكد من هوية األطراف المتعاقدة يقوم الموثق بتحريرعقد
بيع العقار وفق األشكال القانونية وذلك بعد بتالوة مضمون العقد واألحكام التي ينظمها
والنصوص التشريعية الجبائية والضريبية ،كما يقوم باعالمهم بمدى حقوقهم والتزاماتهم وما
يترتب عنها من آثار قانونية ،كما يبين لهم االحتياطات والوسائل التي يتطلبها أو يمنحها القانون
لضمان نفاذ إرادتهم وفق المادة 35ف 85من القانون .85-83
فإذا كان مضمون العقد يتطابق وما تم االتفاق عليه يتم التوقيع من قبل الموثق
واالطراف والشهود والمترجم إن وجد ،ويمكن االكتفاء بالبصمة 99إذا تعذر التوقيع من أحد
االطر افوفق المادة 152مكرر 85من القانون المدني.
اشترط المشرع أن يكون عقد البيع محدد التاريخ نظرا لألهمية التي يحض ى بها ،حيث
يعتبر بداية سريان مضمونهبين األطراف فهو بمثابة دليل على إرادة طرفيه في إحداث آثار
قانونية.
.24 97مجيد مخلوفي ،نظام الشهر العقاري في التشريع الجزائري ،ديوان المطبوعات الجامعية ،4004 ،ص
98المادة 341مكرر 01من القانون المدني الجزائري.
99عمر بوحالسة ،تقنيات تحرير العقد الرسمي ،مجلة الموثق ،الجزائر ،العدد ،4005 ،44ص .32
بعد تحرير العقد والتوقيع عليه يلتزم الموثق بفهرسته ويحتفظ بالنسخة األصلية
لعقد البيع الذي قام بتحريره على مستوى مكتبه ،ويسلم نسخة تنفيذية منه100أو نسخة عادية
أو مستخرج منها بناءا على طلب البائع أو المشتري أو للغير بعد الحصول على إذن القاض ي وفق
ما يقرره القانون.101
إن إعمتاد التكنولوجيا والتقنية في المعامالت بين األفراد إنعكس على ابرام العقود
مما جعلها تبرم عن بعد وتحررفي دعامة الكترونية ،أدى ذلك الى تطور شكلية إبرامها بالنسبة
للعقود التي تشترط ذلك ال سيما التصرفات الو اقعة على العقارات ،102مما دعى األمر الى
االنتقال من الشكلية التقليدية الى الشكلية االلكترونيةعن طريق التبادل االلكتروني للبيانات
وتوثيقها ،حيث أقر المشرع الفرنس ي في المادة 3302من القانون المدني الفرنس ي بامكانية
إعداد العقد وحفظه على دعامة الكترونية متى تطلب شكلية معينة103
يمكن أن يحرر املحرر الرسمي في دعامة الكترونية ويكتسب صفة الرسمية شريطة أن
يتم إعداده بواسطة الكتابة والتوقيع االلكترونيين 104خاصة أن المشرع الجزائري إعترف بهما
في القانون المدني إعداده في المواد 151مكررو 151مكرر ،3على أن يتم تحريره من قبل موظف
أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة ،105على أن يقوم بتحريره في حدود سلطته
2000 : dispose que : « L'acte authentique est celui qui a été reçu par officiers publics ayant le
droit d'instrumenter dans le lieu où l'acte a été rédigé, et avec les solennités requises.
Il peut être dressé sur support électronique s'il est établi et conservé dans des conditions fixées
» par décret en Conseil d'Etat.
105
PhilippeMalinvaud, Droit des obligations, 07 iéme édition Litec, paris, 2001, p 36.
واختصاصه 106مع مراعاة األوضاع واألشكال التي يقررها القانون في إطار تحرير املحرر الرسمي
التقليدي.
يحرر العقد التوثيقي االلكتروني إما بالحضور المادي لألطراف أمام الموثق أو يتم
إعداده عن طريق التوقيع االلكتروني عن بعد ،ففي الحالتين يلتزم الموثق التأكد من هوية
األطراف وأهليتهم والتحقق من رضاهم وفق ما ورد في مضمون العقد ،وذلك من خالل شهادة
التصديق 107التي استحدثها المشرع الجزائري بموجب القانون 10882-30المتعلق بالتصديق
والتوقيع االلكترونيين التي تعمل على خلق بيئة الكترونية آمنة للتعامل عبر شبكة االنترنت
لحماية المعامالت االلكترونية عن طريق توثيقها وضمان سريتها السيما ما يتعلق بهوية األطراف
المتعاقدة.109
يتم إعداد املحررالرسمي عن بعد من قبل الموثق وفق المادة 58من المرسوم الفرنس ي
رقم 973-5880المتضمن املحررات المنشأة من طرف الموثق ،110إذا تعذرحضورأحد أطراف
العقد أو كليهما أمام الموثق يقوم بالتعبير عن إرادته في التعاقد أو التصريح بذلك أمام موثق
آخر يشارك في تحرير هذا العقد بشرط أن يقض ي مضمون العقد بذلك ،بأن أن يتم إرسال
106محمد محمد سادات ،حجية المحررات الموقعة الكترونيا في االثبات ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ،4045 ،ص
.414
107شهادة التصديق يصدرها شخص يسمى مؤدى خدمات عن طريق جمع البيانات الشخصية لمن يريد إنشاء توقيع
الكتروني على أن يلتزم بعدم استعمالها لغرض آخر ،حيث تكون بياناته موجودة ومحفوظة مع الدعامة التي تخزن
فيها ،ثم يقوم بالتحقق من تطابق المفتاح الخاص بالشخص مع المفتاح العام ،جغدم بن ذهيبة ،فنينخ عبد القادر،القيمة
القانونية للتوقيع االلكتروني ،مجلة الدراسات القانونية المقارنة ،المجلد ،02العدد ،4040 ،04ص .140
108القانون رقم 01-45المؤرخ في 4045-04-04المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالتوقيع والتصديق االلكترونيين،
ج.ر عدد ،02الصادذرة بتاريخ .4045-04-40
109حليتيم سراح ،أثر التطور التكنولوجي على شكلية عقد البيع العقاري ،دراسة مقارنة ،أطروحة دكتوراه ،جامعة
مستغانم ،الجزائر ،4044 ،ص .12
110
Art.20 duDécret n°2005-973 du 10 août 2005 modifiant le décret n°71-941 du 26 novembre
1971 relatif aux actes établis par les notaires, JORF n°186 du 11 août 2005 , texte n°3 dispose
que: « Lorsqu’une partie ou toute autre personne concourant à un acte n’est ni présente
ni représentée devant le notaire instrumentaire, son consentement ou sa déclaration est recueilli
par un autre notaire devant lequel elle comparaît et qui participe à l’établissement de l’acte Cet
acte porte la mention de ce qu’il a été ainsi établi. L’échange des informations à l’établissement
de l’acte s’effectue au moyen du système de transmission de l’information mentionné à l’article
16.Chacun des notaires recueille le consentement et la signature de la partie ou de la personne
concourant à l’acte puis y appose sa propre signature. L’acte est parfait lorsque le notaire
instrumentaire y appose sa signature électronique sécurisée».
المعلومات عن طريق نظام تبادل المعلومات بين الموثقينالذي يجب أن يكون معتمدا لدى
املجلس األعلى للموثقين بما يضمن سالمة وسرية محتوى املحررات المنقولة من خالله مع
ضرورة ربطه بالنظم واالليات المستخدمة بين الموثقين التي تسهل تبادل المعلومات بينهم وفق
المادة 33من المرسوم رقم 001-5880المشاراليه.
يقوم الموثق بتحديد جلسة بين األطراف تتم عن طريق تقنية املحادثات المرئية عن
بعدليتم إبرام هذا العقد عن طريق تبادل المعلومات من أجل االطالع على مضمون العقد
باستخدام البائع لمفتاحه العام الذي يكون بحوزة المشتري كذلك ،فيقوم األول بتشفير هذا
العقد وبعد ذلك ارساله الى المشتريفي الجهة المقابلة الذي يقوم بفك التشفير والتحقق من
مضمون املحررمن خالل مفتاحه العام ليقوم بارساله مرة ثانية الى البائع من أجل التوقيع عليه
عن طريق المفتاح الخاص به أمام الموثق ،ليرسله البائع مرة ثانية الى المشتري من أجل
التوقيع عليه بشرط أن االتصال يكون مفتوحا بين البائع والمشتري طيلة فترة تبادل المراسالت
بين الموثقين املجتمعين في مجلس إفتراض ي.111
وتجب اإلشارة الى أنه وفي ظل جائحة كورونا الغى المشرع الفرنس ي الحضور المادي
لألطر افبصفة مؤقتة الذي كان معموال به بموجب المادة 83من المرسوم رقم 112100-5858
الصادر بتاريخ 5858-82-81الذي أجاز إنشاء العقود التوثيقية عن بعد من طرف الموثقين
وذلك إستجابة للظرف الصحي االستثنائي ،كما أضافت المادة 58ف 83من المرسوم رقم
1133255-5858الصادر بتاريخ 5858-33-58وفي ظل هذه الظروف إمكانية االستعانة بموثقآخر
في إطار وكالة الكترونيةفي حالة غياب أحد أو كل أطراف العقد لتلقي تصريحاتهم والتعبير عن
إرادتهم بأن يقوم الموثق بنفس إجراءات تلقي وتبادل البيانات بين االطراف المتعاقدة في ظل
الظروف العادية.
بعد إعداد املحررااللكتروني وفق الضوابط الفنية والتقنية من قبل أطراف العقد بما
فيهم الموثق مما يضفي عليها طابع الرسمية ،114والذي يتحقق بالتوقيع االلكترونيالموصوف
111أحمد عزمي الحروب ،السندات الرسمية االلكترونية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،4040 ،ص .45
112Décret n° 2020-395 du 3 avril 2020 autorisant l'acte notarié à distance pendant la période d'ur
gence sanitaire,JORF n°0082 du 4 avril 2020.
113Décret n°2020-1422 du 20 novembre 2020 relative à instaurant la procuration notariée a
الذي ينشأ على أساس شهادة التصديق االلكتروني الموصوفة وفق آلية مؤمنة إلحداثه تتوفر
فيها الشروط المنصوص عليها في المادة 38من القانون 82-30وأن تكون تحت سيطرة
الشخص الموقع وحده وأن يعمل على إمكانية تحديد هوية الموقع وفق المادة 80من نفس
القانون ،ويتم منح شهادة التصديق االلكتروني الموصوفة للموثق من قبل مؤدي خدمات
التصديق االلكتروني إعماال للمادة 85ف 33من نفس القانون.
أقرت المادة 82من القانون رقم 82-30بأن يلتزم الموثق بأن يضمن حفظ العقود التي
يحررها ويوقعهاالكترونيا في شكلها األصلي باتباع مجموعة التدابير التقنية التي تسمح بتخزين
l’identification électronique et les services de confiance pour les transactions électroniques au
sein du marché intérieur et abrogeant la directive 1999/93/CE ,Journal officiel de l’Union
européenne ,28/08/2014.
Art 17 alinéa 3 du Décret n°2017-1416 du 28 septembre 2017: « ……. Pour leur
117
signature, les parties et les témoins doivent utiliser un procédé permettant l’apposition
sur l’acte notarié, visible à l’écran, de l’image de leur signature manuscrite. Lorsque
l’acte doit contenir une mention manuscrite émanant d’une personne qui y concourt, le
notaire énonce que la mention a été apposée dans le respect des conditions prévues au
» second alinéa de l’article 1174 du code civil.
الوثيقة الموقعة الكترونيا في دعامة للحفظ 118تمكن من إسترجاعها في شكلها األصلي فيما بعد
للتحقق من التوقيعات االلكترونية المتصلة بها أو المرفقة لها.
إن املحرر االلكتروني يفقد صفة الرسمية ويصبح محررا عرفيا بسبب عدم كفاءة أو
أهلية الضابط العمومي أو انعدام الشكل ،كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل األطراف وفق
المادة 153مكرر 85مما يفقدها حجيتها في االثبات دون قيمتها القانونية التي تبقى قائمة
ومنتجة آلثارها القانونية ،األمر الذي ذهب اليه المشرع الجزائري عندما ساوى بين الكتابة
التقليدية والكتابة االلكترونية في المادة 152من القانون المدني عندما اشترط الحضور
المادي لألطراف والشهود أمام الموثق شرط لصحة العقد ،فالمشرع أخرج العقود المدنية
ا لتي تخضع للرسمية من نطاق المعامالت االلكترونية من خالل نص المادة 81ف 80من
القانون رقم 11980-30المتعلق بالتجارة االلكترونية التي تمنع كل معاملة عن طريق االتصاالت
االلكترونية تتعلق بكل سلعة أو خدمة إعداد عقد رسمي.
في المقابل واستثناءا أجاز المشرع التعامل بوسائل الدفع االلكتروني التي يكون فيها
االلتزام بدفع الثمن منصب على عقد رسمي وفق ما جاءت به التعليمة رقم 120231-58الصادرة
عن وزير العدل المؤرخة في 5858 /80/33بناءا على إرسالية من قبل وزير التجارة رقم 025
المؤرخة في 5858/80/83والتي ألزم فيها وزير العدل الموثقين التقرب من مصالح البريد أو
البنوك والمؤسسات المصرفية لطلب تجهيز فضاءات مهنية خاصة بهم بالوسائل الالزمة من
أجل تسهيل وضمان عملية الدفع االلكتروني عن بعد.
يترتب على إيرام عقد البيع االلكتروني للعقار التزامات على كال طرفيه والتي تخضع
لألحكام العامة للبيع التقليدي للعقاراال ما يتعلق بدفع ثمن العقارالذي يعتبرااللتزام االساس ي
الذي يقع على المشتري ،هذا االلتزام يتميز بخصوصية في عقد البيع المبرم عن بعد من حيث
118المرسوم التنفيذي رقم 414-42المؤرخ في 05ماي 4042المحدد لكيفيات حفظ الوثيقة الموقعة الكترونيا ،ج.ر
عدد ،44الصادرة بتاريخ 04ماي .4042
119القانون رقم ،05-44سبق التعريف به.
الصادرة عن وزير العدل ،متعلقة بتعميم إستعمال وسائل 120تعليمة رقم 213-40المؤرخة في 4040-02-42
الدفع االلكتروني بناءا على ارسالية وزير التجارة رقم 414المؤرخة في 4040-02-04
طريقة الوفاء به الذي يكون أيضا عن طريق وسائل الدفع االلكتروني121من خالل الوسائط
االلكترنية .
يتم الدفع االلكتروني من خالل تبادل المعلومات من أجل إعطاء أمر بالدفع بما
يتو افق والمعطيات االلكترونية الي تفرضها شبكة االنترنت التي تسمح باالتصال المباشر بين
طرفي العقد ،ويكون باستخدام النقود التي تكون محملة على بطاقة يحتوي على ذاكرة رقمية
أو الذاكرة الرسمية ل لمؤسسة المصرفية ،حيث يتم خصم الثمن مباشرة من هذه النقود التي
تكون مخصصة سلفا لهذا الغرض ،أو أن يتم سحب المبلغ مباشرة من الحساب دون أن يكون
مخصصا لدفع ثمن العقار المبيع عن طريق الكرت البنكي ،122كما يمكن أن يتم عن طريق
المقاصة االلكترونية المصرفية.
تشمل وسائ ل الدفع االلكتروني كل األدوات التي تمكن من تحويل األموال مهما كان
السند أو األسلوب المستعمل في ذلك ،123بأن يتم تحويل األموال عن طريق جميع وسائل الدفع
الكتابية وااللكترونية وفق المادة 23من قانون التجارة االلكترونية كبطاقة االئتمان والشيكات
االلكترونية كبطاقة الدفع وبطلقة السحب االلي ،حيث يساهم الدفع االلكتروني في إثبات
االلتزام بالوفاء بالتزام دفع الثمن.
بعد إتمام إجراءات توثيق املحررالرسمي لبيع العقارسواء كان بيع تقليدي أوالكترونيال
تنتقل ملكيته الى المشتري اال بعد استكمال االجراءات الشكلية الالحقة لنقل الملكية وفق ما
نصت عليه المادة 001من القانون المدني الجزائري ،يتعلق األمر بالتسجيل أمام هيئات
جبائية متخصصة ،باالضافة الى الشهرالذيتتوقف عليه عملية نقل الملكية .
ص1414 121يمينة حوحو ،عقد البيع االلكتروني في القانون الجزائري ،دار بلقيس ،الجزائ،4042 ،
122بلقاسم حمادي ،المرجع السابق ،ص .421
123المادة 22االمر رقم 44-03المؤرخ في 4003-04-42يتضمن قانون النقد والقرض ،ج1ر عدد ،54الصادرة
بتاريخ 1400-04-41
تسعى الدولة الى رقمنة مختلف قطاعاتها من أجل مسايرة التطور التكنولوحي
واستعمال التقنية العالية في مختلف نشاطاتها الى جانب االعتراف بحجية املحررات االلكترونية
في االثبات األمرالذي يسمح بتقديم العقود املحررة في دعامة الكترونية للتسجيل أمام مصلحة
الضرائب ،126األمر الذي نستشفه في قانون المالية لسنة 5830الذي أعفى األوراق التجارية
املحررة في شكل الكتروني التي تعالجها البنوك والمؤسسات المالية من الرسم على الطابع
الحجمي ،127مما يشير الى إمكانية تقديم املحررات التوثيقية االلكترونية للتسجيل خاصة وأن
المادة 30من قانون المالية لسنة 1285880والتي استحدثت المادة 30مكررمن قانون التسجيل
لم تشترط شكل املحررات التوثيقية المقدمة للتسجيل بل اشترط فقط مجموعة البيانات
يجب أن يتضمنها العقد للتأكد من مدى صحتهاعن طريق تقديم نسخة الكترونية على دعامة
الكترونية محفوظة.
124دوة أسيا ،رمول خالد ،االطار القانوني والتنظيمي لتسجيل العقارات في التشريع الجزائري ،دار هومة ،الجزائر،
،4004ص .40
. 125المادة 323من القانون المدني الجزائري
1404 126حليتم سراح ،المرجع السابق ،ص
127المادة 44من األمر رقم 41-42المؤرخ في 44ديسمبر ،4042ج.ر عدد ،11الصادرة بتاريخ 42ديسمبر
4042المتعلق بقانون المالية لسنة .4041
128القانون رقم 44-01المؤرخ في 42ديسمبر ،4001ج.ر عدد ،45الصادرة بتاريخ ،4001-44/30
المتضمن قانون المالية لسنة .4005
129األمر رقم 405-12االمؤرخ في ،4212-44-02المتضمن قانون التسجيل ،ج.ر عدد ،44الصادرة بتاريخ
14212-44-42
130المادة 434من القانون رقم ،405-12سبق التعريف به.
يتعلق بهوية أطراف العقد وبياناتهم ،وكذا تعيين العقار تعيينا حقيقا في العقد التوثيقي
باالضافة الى تحديد الثمن 131الذي من خالله يتم احتساب الرسوم والحقوق الجبائية ،كما
اشترط المشرع تسجيل املحررات الرسمية 132دون العرفية ،عكس المشرع الفرنس ي الذي أجاز
تسجيل عقود بيع العقاراملحررة عرفيا وفق األشكال والمواعيد املحددة قانونا.133
131يتم دفع جزء منه أمام الموثق أثناء تحرير العقد الذي يعتبر كضمان تسديد الحقوق الجبائية.
132المادة 354من قانون التسجيل
الجزائري1
133Article 652 du code général des impôts ; dispose que : « L'enregistrement des actes
sous seings privés, qui doivent être présentés à cette formalité dans un délai fixé par la
loi, a lieu, pour ceux d'entre eux portant transmission de propriété, d'usufruit ou de
jouissance de biens immeubles, de fonds de commerce ou de clientèle, ou cession d'un
droit à un bail ou du bénéfice d'une promesse de bail concernant tout ou partie d'un
immeuble, au service des impôts de la situation des biens, et, pour tous les autres, à celui
du domicile de l'une des parties contractante ».
Ordonnance n° 08-02 du 24 juillet 2008 portant loi de finance complémentaire pour 2008, jorf
134
n° 42 du 2707/2008.
135عالء عبد الرزاق السالمي ،االدارة االلكترونية ،دار وائل للنشر والتوزيع ،االردن ،د.س.ط ،ص .10
136ابتداءا من 6102وضعت مديرية العامة للضريبة موقع الكتروني يتم الولوج اليه من أجل الحصول على رقم
بالتسجيل الخاصة االجراءات وإتمام بالمتعاملين الخاص الجبائي التعريف
الجبائيhttps://nifenligne.mfdj.gov.dz
137حميدة بوزيدة ،حباية المؤسسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،4001 ،ص .22
لدى حساب الموثق على مستوى المديرية ،بعد ذلك يتم إجراء الفحص الضريبي 138الذي يتم
عن طريق المراسلة مع إدارة الضرائب بناءا على مدخالتها ومخرجاتها المعلوماتية ،لتجيب إما
باالقرارأوالرفض بعد إنهاء الفحص ،وقد مكن المشرع الفرنس ي وبموجب المرسوم رقم -5888
المتعلق بمهنة التوثيق من تحصيل الرسوم الجبائية 140المترتبة عن بيع العقار 1393303
الكترونيا قبل إبرام العقد التي يقوم بايداعها واالحتفاظ بها لدى مصلحة صندوق الودائع ،كما
يعمل الموثق بالتعاون مع المديرية العامة للمالية التي تساهم الى جانب الموثق في عملية
التسجيل والتحصيل الجبائي.141
يعتبر الشهر العقاري إجراءا تقنيا تنتقل من خالله ملكية العقار وفق المادة 001من
القانون المدني ،ومن ثم فإن تحرير العقار في شكل رسمي أمام الموثق سواء أبرم على دعامة
ورقية أو الكترونية وتم تسجيله لدى مصلحة الضرائب ال يترتب عنه أي أثر أو حق عيني بين
المتعاقدين وكذا في مواجهة الغير.142
إن ابرام عقود بيع العقار الكترونيا واكتسابها صفة الرسمية التي تكون لها حجية في
االثبات دفع مختلف التشريعات تبنى نظام الشهر العقاري االلكتروني واستبدال السجل
العقاري التقليدي بااللكتروني لنقل ملكية العقار،بإرسال املحررات والوثائق المرفقة لها الى
مصالح الشهر العقاري من أجل شهرها ،و إنشاء بطاقات عقارية رقمية تغني عن الورقية يمكن
للعامة االطالع عليها من أجل معرفة الوضع القانوني للعقارالمشهر .
138الحمزة عبد الحليم ،الفحص الضريبي االلكتروني كأداة لتفعيل عمل االدارة الضريبية ،مجلة دراسات جبائية ،العدد
،4044 ،44ص .22
Décret n°2000-1156 du 30 novembre 2000 modifiant le décret n° 45-0117 du 19
139
تنصب عملية شهر العقارات في إطار عقود البيع التقليدية على املحررات الرسمية
إعماال للمادة 33من المرسوم رقم 14331-03التي تنص على أن" :كل عقد يكون موضوع إشهار
عقاري في املحافظة العقارية يجب أن يقدم على الشكل الرسمي" ،األمريختلف بالنسبة للعقود
املحررة في شكل سندات توثيقية الكترونية حيث يتوقف شهرها الكترونيا على مدى االعتراف
التشريعي برسميتها وحجيتها في اإلثبات ،ويشترط في املحررات محل عملية الشهر أن تتضمن
مجموعة من البيانات االلزامية ال سيما ما يتعلق بطبيعة التعاقد وهوية األطراف 144وأن يكون
مصادق عليها من قبل الموثق ،وأن تكون هذه السندات موقعة توقيعا موصوفا 145عن طريق
شهادة تصديق موصوفة أو موقعة من قبل الموثق.
يتم الشهر االلكتروني من خالل اتباع مجموعة من االجراءات التقنية الحديثة تستند
إلى التقنيات المعلوماتية التي تربط التواصل بين الموثقين ومصالح الشهر عن طريق انشاء
حساب في البوابة االلكترونية لمصالح الشهر العقاري ،حيث يتم التأكد أوال من صحة
المعلومات المتعلقة بالعقار من خالل البطاقة العقارية وذلك بعد المرور على مصلحة مسح
األراض ي لألكد من املخططات المتعلقة بالعقار محل الشهر ،ليتم بعد ذلك إيداع العقد
االلكتروني للعقار من أجل طلب شهره ،وكمرحلة أخيرة يتم التحقق من إتمام إجراءات
الشهر.146
كما يمكن أن يتم الشهر االلكتروني باستعمال تطبيقات وبرامج الكترونية معتمدة
ومشتركة بين الموثقين وهته المصالح ،147يتم من خاللها ارسال العقود محل الشهر عبر
الخوادم االلكترونية املخصصة لالرسال كتطبيق Télé@ctesالمعمول به في فرنسا الذي يربط
بين مصالح الشهر العقاري والموثقين ،يتوفر هذا التطبيق على قاعدة بيانات موحدة بينهما
يعمل على تحديد ومعالجة بيانات العقد المرسلةمن قبل الموثق ،148كما يتم من خالله الدفع
االلكتروني للمستحقات التي يلزم دفعها عن طريق الوسائط االلكترونية.
حيث يلتزم الموثق بايداع الوثائق الكترونيا أمام مصالح الشهر العقاري149التي تقوم
بالمعالجة
Décret n° 2017-770 du 4 mai 2017 portant obligation pour les notaires d'effectuer par voie
148
électronique leurs dépôts de documents auprès des services chargés de la publicité foncière, jorf
n° 107 du 06-06-2017.
Arrêté du 02-06-2017Arrêté du 2 juin 2017 définissant le champ d'application de l'obligation
149
faite aux notaires d'effectuer par voie électronique leurs dépôts de documents auprès des services
chargés de la publicité foncière, jorf n° 137 du 13-06-2017.
150Arrêté du 28 décembre 2001 relatif à la gestion automatisée de la documentation civile, des
actes et des déclarations déposés dans les services chargés de la publicité foncière et de
l'enregistrement.https://www.legifrance.gouv.fr.
151
Arrêté du 11-04-2005 relatif a la mise en service par la direction générale des finances
publiques d’un traitement automatisé d’informations nominatives dénommé « Base nationale
des données patrimoniales » jorf n° 104 de 05-05-20105.
152
Art 02. Arrêté du 11-04-2005, modifier par Arrêté du 15-02-2017, jorf n°53 du 03-03-2017
153التعليمة رقم 5154المؤرخة في 01جوان 4045المتعلقة بمشروع تألية السجل العقاري الممسوك من طرف
المحافظات العقارية ،الصادرة عن المديرية العامة لألمالك الوطنية.
المعلومات المتعلقة ببائع العقار ويتم إدخال بيانات كل من المشتري ،العقار ،الموثق ،وكذا
تاريخ تحريرالعقد ورقمه ،ويت بعد ذلك التنقل الى الواجهة والكشف عن قائمة االشخاص قيد
االنتضار واختيار أحدهم التمام العملية أو الضغط على أيقونة الرفض ،بعد االنتهاء من إجراء
االشهار العقاري االلكتروني يجب التأكد من إنتقال الملكية العقارية الى المشتري من خالل
معاينة البطاقات العقارية التي تحين بصفة تلقائية154
خاتمة :
سعت مختلف التشريعات الى خلق االنسجام بين قوانينها وتشريعاتها ومقتضيات
التكنولوجيا المتطورة واستعمال الوسائل االلكترونية عن طريق تنظيم معامالتها االلكترونية
مما يوفر الحماية القانونية ألطراف عقد البيع المبرم عن بعد من خالل إضفاء الصبغة
الرسمية على هذه املحررات عن طريق الكتابة والتوقيع االلكترونيين ورقمنة األجهزة واإلدارات
التي تساهم في استكمال االجراءات الالحقة كأساس لنقل الملكية العقارية .
-3العقد االلكتروني ال يشكل نوعا جديدا من العقود ال يختلف عنها اال من حيث
الوسيلة المتطورة والحديثة في التعبيرعن االرادة الذي يكون بالتبادل االلكتروني للبيانات الذي
يعتبروسيلة إلبرام هذا النوع من العقود.
-5التعبير عن االرادة بواسطة البريد االلكتروني يكون عن طريق الكتابة التي ال تختلف
عن الكتابة التقليدية اال من حيث الوسائل االلكترونية الحديثة المستعملة ،كما يمكن التعبير
عن االرادة كذلك بواسطة الموقع االلكتروني أو عن طريق املحادثة والمشاهدة المباشرة.
-1العقود املحررة الكترونيا تكتسب صفة الرسمية وتكون لها حجية في اإلثبات عن
طريق التوقيع والتصديق االلكترونيين باالجوء الى جهات التصديق االكتروني المعتمدة
للحصول على شهادة تصديق التي يشترط أن تكون موصوفة ،وأن عدم حصول املحرر على
الصبغة الرسمية ال يفقده قيمته القانونية في اإلثبات بل يمكن إعتباره محررا عرفيا يمكن
إثباته بالوسائل األخرى .
-2يشترط أن يتم تقديم املحررات التوثيقية الكترونيا أمام مصلحة الضرائب لتحصيل
الجباية عن طريق البوابة االلكترونية الخاصة بالمصلحة كما تم إستحداث تطبيقات تتم من
خاللها عملية التحصيل التي تكون باستعمال وسائل الدفع االلكتروني.
-0تتم عملية الشهر العقاري االلكتروني عن طريق االتصال المباشر بين الموثقين
ومصالح الشهر من خالل إنشاء قاعدة بيانات معلوماتية تتضمن البطاقات العقارية
االلكترونية تمكن من االطالع على الوضع القانوني للعقارالمشهر.
الئحة المراجع:
لزهر سعيد ،النظام القانوني لعقود التجارة الدولية ،دار هومة ،الجزائر ،الطبعة
الثانية.5832 ،
بن ساس ي الياس ،التعاقد االلكترونيوالوسائل المتعلقة به ،مجلة الباحث ،العدد ،85
.5881
عجالي بخالد ،النظام القانوني للعقد االلكتروني في التشريع الجزائري دراسة مقارنة،
أطروحة دكتوراه ،جامعة تيزي وزو ،الجزائر.5832 ،
عالء محمد الفواعير ،العقود االلكترونية ،التراض ي ،التعبير عن االرادة ،دراسة مقارنة،
دارالثقافة للنشروالتوزيع ،األردن.5832 ،
رامي علوان ،التعبير عن االرادة عن طريق االنترنت و اثبات التعاقد االلكتروني ،مجلة
الحقوق ،العدد ،82الكويت.5885 ،
بقاسم حامدي ،إبرام العقد االلكتروني ،أطروحة دكتوراه ،جامعة باتنة ،الجزائر،
.5830
مخلوفي عبد الوهاب ،التجارة االلكترونية عبر االنترنت ،أطروحة دكتوراه ،جامعة باتنة،
الجزائر.5835 ،
حمدي باشا عمر ،دراسات قانونية مختلفة ،دار هومة للنشر والتوزيع ،الطبعة ،82
الجزائر.5883 ،
فالح سفيان ،فرقاق معمر ،المشاكل العملية في نقل الملكية العقارية بطريق البيع في
التشريع الجزائري ،مجلة الدراسات القانونية المقارنة ،العدد .85
عمربوحالسة ،تقنيات تحريرالعقد الرسمي ،مجلة الموثق ،الجزائر ،العدد .5880 ،35
وتعتبر هذه الحماية اإلجرائية حماية قضائية إضافية فرضها الو اقع العملي وكشف
عنها الفقه الجنائي المتخصص ،وتنضوي في ظلها مجموعة من القواعد القانونية التي تسعى
إلى حفظ النظام القانوني أثناء إعماله ،كيف ال ودور القواعد القانونية اإلجرائية في األساس
هو تنظيم وضبط الطرق التي يتم بمقتضاها حماية هذا الحق ،حيث بمقتض ى هذه النصوص
اإلجرائية أعطيت صالحيات والسعة لجهازالنيابة العامة للتدخل في هذا اإلطار.
وتأسيسا على ذلك ،يمكننا أن نتساءل عن الصالحيات املخولة لجهاز النيابة العامة
بشأن مساطر حماية الحيازة العقارية؟ والشروط الالزم توفرها لتدخلها؟ وكذا مختلف
المساطرالمتبعة بشأن هذه الحماية؟ وكذا اإلشكاالت التي تعترض تدخل النيابة العامة؟.
- 155ظهير شريف رقم 0.20.000صادر في 00من رجب 2( 0002أكتوبر )0220بتنفيذ القانون رقم 00.20المتعلق بالمسطرة
الجنائية ،الجريدة الرسمية عدد 022.بتاريخ 02ذي القعدة 22( 0000يناير .)0222
انطالقا من ذلك ،سأحاول مالمسة هذه اإلشكاالت وغيرها من خالل الحديث عن دور
النيابة العامة في حماية الملكية العقارية (المبحث األول) ،ثم لإلشكاالت التي تعترض تدخلها
(المبحث الثاني).
المبحث األول :دورالنيابة العامة في حماية العقارفي ضوء قانون المسطرة الجنائية
من المقتضيات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ،منح النيابة العامة156
صالحيات تتجاوز اختصاصها التقليدي في تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها ،وذلك في
محاولة لتأهيل هذا الجهاز حتى يؤدي دوره كامال في الرفع من مستوى العدالة الجنائية في
المغرب.
وقد انصب اهتمام قانون المسطرة الجنائية على ضحايا الجريمة عموما ،وضحايا
اعتداء على الحيازة العقارية بصفة خاصة ،ال سيما أمام عدم تضمين القانون الجنائي
إجراءات أولية للحفاظ على الوضع الظاهر إلى أن يبث القضاء في االعتداء على الحيازة،
خصوصا وأنها تظل بيد المعتدي لمدة قد يطول أمدها في انتظارنهاية المسطرة.
لمالمسة دور النيابة العامة في حماية العقار ،سنعمل على الحديث عن شروط تدخل
النيابة العامة في حماية العقار (المطلب األول) ،في حين سنخصص (المطلب الثاني) للحديث
عن مجال تدخل النيابة العامة في حماية حيازة العقار.
-156نقصد بالنيابة العامة على امتداد هذا الفصل كل من وكيل الملك باملحكمة االبتدائية ونوابه ،والوكيل العام للملك لدى
محكمة االستئناف ونوابه وذلك نظرا للتشابه الحاصل في اختصاصاتهما مع في العقار.
نصت المادة 28من ق.م.ج بالنسبة لوكيل الملك على أنه " ...يجوز له ،إذا تعلق األمر
بانتزاع حيازة أن يأمر باتخاذ أي إجراء تحفظي يراه مالئما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما
كانت عليه ."...
كما نصت المادة 20من ق.م.ج أنه للوكيل العام للملك " يجوزله ،إذا تعلق األمربانتزاع
حيازة بعد تنفيذ حكم أن يأمرباتخاذ أي إجراء تحفظي يراه مالئما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة
إلى ما كانت على أن يعرض هذا األمر على املحكمة أو هيأة التحقيق التي رفعت إليها القضية أو
التي سترفع إليها ،خالل ثالثة أيام على األكثرلتأييده أو تعديله أو إلغائه" .
وعلى هذا األساس ،يتجلى دور النيابة العامة في قانون المسطرة الجنائية في إمكانية
التدخل مباشرة لحماية الحيازة العقارية ،بأن تأمر باتخاذ أي إجراء تحفظي تراه مالئما لها
وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل االعتداء.157
ال يكفي لتدخل النيابة العامة في منازعات الحيازة ،أن يتحقق اعتداء على حيازة الغير
للعقار بمفهوم الفصل 008من ق ج ،158و إنما يتعين أن يتحقق هذا االعتداء بعد تنفيذ حكم
سواء كان هذا الحكم قد صدر في إطار دعوى جنائية أو في دعوى مدنية وثم تنفيذه ،كدعوى
استرداد الحيازة م ثال ،وسواء أكان هذا الحكم المنفذ قد صدر عن قضاء عادي أو استثنائي أو
عن القضاء استعجالي ،وحصول المنفذ له على محضرالتسليم من طرف العون القضائي مثال،
والحكمة من ذلك ،أن االعتداء على حيازة الغير للعقاربعد تنفيذ حكم ينهض في الحقيقة ،قرينة
قوية على سند المنفذ له في أحقيته في الحيازة.159
- 157عبد العزيز حضري" ،القانون القضائي الخاص " مطبعة الجسور ،الطبعة الثالثة ،0222 – 0220 ،ص.0.2 :
- 158ينص الفصل 022من القانون الجنائي على ما يلي " :يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائتين إلى خمسمائة
درهم من انتزع عقارا من حيازة غيره خلسة أو باستعمال التدليس.
فإذا وقع انتزاع الحيازة ليال أو باستعمال العنف أو التهديد أو التسلق أو الكسر أو بواسطة أشخاص متعددين أو كان الجاني أو أحد
الجناة يحمل سالحا ظاهرا أو مخبأ فإن الحبس يكون من ثالثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مائتين إلى سبعمائة درهم".
- 159لحسن بيهي " ،أي دور للنيابة العامة في أفق قانون المسطرة الجنائية الجديد " مجلة أنفاس حقوقية ،عدد ،2 – 0دجنبر
،0222ص.10 :
ولذلك ،لم يتوان القضاء المغربي في إدانة المعتدي بعد التنفيذ ،فقد جاء قرار صادر
عن محكمة النقض أن رجوع المتهم إلى األرض بعد صدور الحكم عليه بشأنه وبعد تنفيذ هذا
الحكم في حقه ،يعد تعديا على ملك الغيربمفهوم الفصل 008من القانون الجنائي.160
ويستنتج فيما سبق أن تدخل النيابة العامة في قضايا االعتداء على الحيازة قاصر على
حاالت االنتهاك التي تحصل بعد تنفيذ الحكم ،فيكفي أن يكون مصحوبا بما يدل على التنفيذ
بموجب محضر التسليم ،ألن ضابط تدخل النيابة العامة في هذه المرحلة أمر تعرضه ضرورة
استثبات األمن واملحافظة على املجتمع من االضطراب.161
كذلك ،فإن كثيرا من محاضرالتسليم كانت تشوبها الصورية رغم صحة الحكم المنفذ
به وكانت غالبية املحاكم بمجرد تقديم هذا املحضرلم تستند إليه كالدليل على الحيازة الفعلية
وال تعتبر التفافا لدفع الحائز الحقيقي بصوريته ،رغم تقديمه الدليل في غالب األحيان ،لذلك
فإن الرأي عند هذا الفقه أنه كلما أثير أمام النيابة العامة صورية محضر التسليم الذي حرر
تنفيذا للحكم سواء كان الحكم صوريا أو حقيقيا يتعين عليها أن تتحقق من الموضوع سواء
بنفسها أو بواسطة الشرطة وأن تقدرقرارها على ما تبين لها في أمره صوريته أو صحته.162
تنص المادة 28و 20من قانون المسطرة الجنائية على أنه" :يجوز للنيابة العامة." ...
ومفاد ذلك أن إصداراألمربإجراء تحفظي لحماية الحيازة من عدمه أمرجوازي تقوم به النيابة
العامة أو ال تقوم به حتى مع قيام الجريمة التي تعرضها أمام املحكمة املختصة أو الهيئة
التحقيق ،163كما لها أن تقدم في حالة اعتقال لحالة التلبس أو عدم التوفر على الضمانات
الكافية للحضورتقييدا بأحكام المادة 02من قانون المسطرة الجنائية ،164ولها أيضا أال تقدمه
في حالة سراح أو أال تقدم الملف للجهة املختصة دون أن تتدخل لحماية الحيازة .غيرأن إرجاع
- 160قرار صادر محكمة النقض عدد 020الصادر بتاريخ 02.0/0/00ملف جنائي رقم 02.20و ،02.22أورده :حسن البكري" ،
الحماية القانونية لحيازة العقارات في التشريع المغربي " مكتبة الرشاد سطات ،الطبعة األولى ،0220ص.1 :
- 161حسن البكري ،مرجع سابق ،ص.50 :
- 162لحسن بيهي" ،أي دور للنيابة العامة في أفق قانون المسطرة الجنائية الجديد " مرجع سابق ،ص.12 :
- 163حليمة بنت المحجوب بن حفو" ،نظرية االستحقاق في القانون المغربي – دراسة مقارنة مدعمة بآراء الفقه واجتهادات القضاء
" ،مطبعة األمنية ،الطبعة األولى دجنبر ،0202الرباط ،ص.000 :
- 164تنص المادة 11من قانون المسطرة الجنائية على أنه " :يجوز لألطراف استدعاء شهودهم مباشرة برسالة مضمونة
أو عن طريق كتابة الضبط وفق الشروط المنصوص عليها في الفصول 31و 34و1"32
الحالة أو اتخاذ إجراء تحفظي يبقى إجراء مؤقتا إلى حين النظرفيه من طرف املحكمة التي تبت
في الموضوع أو هيئة التحقيق .فالنيابة العامة عليها أن تعمل على إحالة اإلجراءات المتخذة
داخل ثالثة أيام إلى املحكمة التي ستبت في الموضوع أو إلى هيئة التحقيق.
لكن أجل الثالثة أيام المنصوص عليه في المادتين السابقتين ال يقيدهما في ش يء إال
عندما تتخذ اإلجراء التحفظي لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في شكل أمرلتنظر
فيها املحكمة التي تبث في الدعوى العمومية أو هيئة التحقيق التي سيتولى التحقيق فيها لتقرر
بشأن تأييده أو إلغائه أو تعديله .ويتعلق األمر في الحقيقة بإجراء مؤقت تقوم به النيابة العامة
لحماية الحيازة في حاالت يكون فيها االعتداء على تلك الحيازة واضحا .ولكن النيابة العامة
مطالبة بعرض مقررها على الجهة القضائية املختصة بالنظرفي القضية ،فقد تكون هذه الجهة
هي املحكمة ،إذا قررت املحكمة .وفي هذه الحالة فإن إحالة الشق المتعلق بإرجاع الحالة إلى ما
كانت عليه ال ينبغي أن ينتظر بث املحكمة في جوهر النزاع ،ال سيما إذا كانت النيابة العامة قد
عينت جلسة بعيدة التاريخ ،بل ينبغي أن تلتمس النيابة العامة من املحكمة البث في هذا الشق،
وقد تكون اإلحالة تمت في إطار المسطرة الفورية المنصوص عليها في المادة 02من قانون
المسطرة الجنائية ،وهنا يتعين على املحكمة أن تبت في هذا الشق ،حتى ولو قررت تأخير النظر
في الملف.165
طبقا للمادتين 28و 20من قانون المسطرة الجنائية ،فإنه بتحقق انتزاع حيازة الغير
لعقار بعد تنفيذ حكم قضائي قض ى بها ،تخول للنيابة العامة التدخل قصد تعزيز حماية
الحائز ،ومن ثم حماية األمن العام ،بمجرد االعتداء على الحيازة العقارية .وبذلك لم يكتفي
المشرع بحماية السلطة اإلدارية ،وخاصة أجهزة األمن بوقف أي عدوان حال على الحيازة،
واالقتصار على هذه الحماية ذات الطابع الوقائي ،و إنما دعمها قانون المسطرة الجنائية عن
طريق الحماية القضائية لمركز الحائز سواء في صورة وقائية ،ترمي إلى وقف العدوان الحال أو
المستقبل ،أو في صورة عالجية ترمي إلى محو االعتداء الو اقع عليه ورد الحيازة المسلوبة إلى
- 165يوسف بن طامة " ،الحماية الجنائية لحيازة العقار في القانون المغربي " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة
محمد األول ،كلية اللوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية ،0202 – 0201 :ص.02 :
الحائز ،ولو عن طريق اتخاذ تدابير قسرية ،بتسخير القوة العمومية إلرجاع الحالة إلى ما كانت
عليه.
وإذا كان االعتداء على الحيازة العقارية يؤدي من غيرشك إلى وضع الجاني واملجني عليه
في مركزين مغايرين لما كان عليه قبل الجريمة ،فإن هذا الوضع يقتض ي عن حق إسعافا آنيا
ومستعجال إلبقاء ما كان على ما كان ،ولهذه الغاية خول المشرع المغربي صالحية جديدة للنيابة
العامة مؤداها إرجاع الح الة إلى ما كانت عليه بالنظر لسهولة تحرك النيابة العامة في مثل هذه
الظروف ،وهوما ال يتحقق في أغلب األحوال لقضاء الموضوع ،بالنظرللبطء الشديد الذي تسير
به عدالته ،وذلك لمنع استخدام القوة لتغيير الوضع القائم وتجنبا لكل ما من شأنه أن يلحق
ضررا فادحا بالحائزمما ال يمكن تداركه.166
وفضال عن إمكانية إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ،فإنه يجوزللنيابة العامة أن تأمربأي
إجراء تحفظي لحماية الحيازة ،غير أن المادتين 28و 20من ق.م.ج لم تشرا إلى نوع اإلجراء
التحفظي الممكن اتخاذه من طرف النيابة العامة ،ولو على سبيل المثال ،مما خلق غموضا في
النصين ينعكس أثره سلبا على العمل القضائي عند التطبيق .لذلك كان على المشرع االقتصار
على تخويل النيابة العامة حق اتخاذ ما تراه مناسبا من اإلجراءات والتدابير لحماية الحيازة من
غيرحاجة إلى وصف اإلجراء المذكوربكونه تحفظيا.167
ألن المعنى يستقيم بدون هذا الوصف ،ال سيما أن هذه اإلجراءات تستهدف املحافظة
على وضع قائم وتتسم بالسرعة واالستعجال وال تغيرمن المركزالقانوني لألطراف.
والمشرع المغربي لم يحدد بشكل واضح طبيعة أمر النيابة العامة بإجراء تحفظي هل
هو قرارإداري يخضع لرقابة القضاء اإلداري ،أم هو قرارقضائي؟.
يبدو أن قرار النيابة بالقيام بإجراء تحفظي يبقى ذا طابع قضائي ،ألن النيابة العامة
تستمد ذلك من القانون وخضوع أعمالها لرقابة جهة قضائية مختصة وأن اإلجراء المتخذ
يكون في نطاق ضيق ووقتي.
- 166عبد السالم بنزروع " ،إثبات دعوى استحقاق العقار غير املحفظ " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالرباط ،السنة الجامعية ،0202 – 0200 :ص.002 :
- 167شكير الفتوح " ،انتزاع عقار من حيازة الغير في العمل القضائي المغربي " مجلة اإلشعاع ،العدد ،2. – 22دجنبر ،0202ص:
.020
كما أن المشرع المغربي في المادتين 20و 28من قانون المسطرة الجنائية لم ينص
بشكل واضح وصريح على و اقعة تعليل األمر الصادر عنها شأنه في ذلك شأن التشريع الجنائي
المصري في المادة 101مكررمن قانون العقوبات مع اختالف بسيط بالنسبة لهذا القانون الذي
ألزم فيه القاض ي الجزائي املختص أن يصدر قرارا مسببا خالل ثالثة أيام على األكثر بتأييده أو
بتعديله أو بإلغائه.168
ولقد أجمع الفقه 169على أن تسبيب أمر النيابة العامة أمرا واجبا ،وإن لم يكن من
القيود التشريعية المستخدمة صراحة على نحو ما فعل المشرع بالنسبة للقاض ي الجنائي .إال
أنه لم يعد من القيود المستفادة صراحة من المادة بدون نص.
وتجدر اإلشارة إلى أن المادتين 28و 20كذلك لم تتحدثا عن طريقة عرض النزاع على
النيابة العامة ،وإذا كان األمركذلك ،فإنه ينبغي أال يغيب عن األذهان الحكمة من وراء المادتين
التي تكمن أساسا في رغبة المشرع حسم هذه المنازعات على وجه السرعة ،ومتى كان األمر
كذلك ،فمن الطبيعي أن يكون طرح النزاع أمام النيابة العامة بإجراءات ميسرة تختلف عن
اإلجراءات المتبعة أمام املحكمة أو القضاء المستعجل .ولذلك ،فقد استقر الفقه على أن
عرض النزاع أمام النيابة العامة يتحقق في أي شكل من أشكال اإلبالغ ،سواء اتخذ صورة شكوى
أو بالغ أو محضرشرطة أو درك ،...وقد يتحقق بحضورالخصوم أنفسهم.
تعددت اآلراء حول تحديد طبيعة األمرالصادرمن النيابة العامة باتخاذ إجراء تحفظي،
فقد اتجه جانب من الفقه إلى التمييزبين نوعين من أوامرالنيابة العامة في منازعات الحيازة:
-النوع األول :هي تلك األوامرالتي تصدرفي إطارالمادة 101من قانون العقوبات المصري
المقابلة للمادة 28و 20من قانون المسطرة الجنائية المغربي ،ويجب اعتبارها أعمال
قضائية ،شأنها شأن سائر أعمال النيابة األخرى في التحقيق واالتهام ،وذلك متى
تو افرت الدالئل الكافية على جدية االتهام في أية جريمة.
- 168حسن حمداوي" ،الحماية الجنائية للعقار على ضوء العمل القضائي – طنجة نموذجا – بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي
للقضاء ،سنة التخرج ،0202 – 0200 :ص..1 :
-169محمد المنجي" ،في دراسة تأصيلية من الناحيتين المدنية والجنائية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة الثانية
،0220ص. 222 :
-النوع الثاني :هي تلك األوامر التي تصدر خارج نطاق هذا النص الجديد إذ يجب القول
بأنها ما تزال محتفظة بصفتها التقليدية باعتبارها مجرد أعمال والئية تخضع لرقابة
القضاء اإلداري.
واإلجراء التحفظي الذي تأمربه النيابة العامة هوإجراء وقتي الغرض منه حماية الحيازة
الفعلية مؤقتا دون البحث في الملكية أو فحص العالقة بين المتنازعين ،سواء كانت الحيازة
شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن ،وسواء كان الحائز مالكا للعقار أو غير ذلك ،وهذا
اإلجراء ال يمس أصل الحق.
واإلجراء التحفظي ينبغي أن ال يمتد إلى أعمال شديدة المساس بمراكزالمتنازعين ،فال
يجوزللنيابة العامة عند إصدارهذا األمرالفصل في المنازعة من الناحية الموضوعية االستناد
في األمرإلى مجرد تو افرالحق في الحيازة لدى أحد المتنازعين و إنما يجب أن يكون أساس األمر
مجرد إقراراألمن العام.171
والمشرع المغربي لم يحدد بشكل واضح طبيعة أمرالنيابة العامة بإجراء تحفظي أو هو
قرارإداري يخضع لرقابة القضاء اإلداري؟ أم هو قار قضائي؟.
وفي نظرنا ،أن األمر بإجراء تحفظي الذي تتخذه النيابة العامة لحماية الحيازة وإرجاع
الحالة إلى ما كانت عليه يبقى ذا طابع قضائي ،ألن النيابة العامة تستمد ذلك من القانون
وخضوع أعمالها لرقابة جهة قضائية مختصة وأن اإلجراء المتخذ يكون في نطاق ضيق ووقتي.
من المعلوم أن مقتضيات الفصل 008من القانون الجنائي قد شرعت لحماية الحائز
المادي والفعلي للعقار ،ومعاقبة كل من تدخل بفعله لالعتداء على هذه الحيازة ،وأدى هذا
المبدأ أن تطبيق نص الفصل 008من القانون الجنائي يؤدي ال محالة إلى إرجاع األمور إلى
نصابها وذلك بطرد المعتدي من العقار التي انتزعت حيازته ،وتمكين المتضرر من إعادة وضع
اليد عليه ،وهو ما اصطلح عليه " بإرجاع الوضع إلى حاله أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ".
وحسب هذا المقتض ى ،فإن إرجاع الحالة إلى حالها في جريمة انتزاع عقار نتيجة حتمية لحكم
اإلدانة من أجل هذه الجريمة.
وإذا كان هذا المبدأ هوالسائد وال جدال فيه ،فإن النقاش يثورحول عدة نقاط تفرعت
عنه أهمها :التكييف القانوني السليم بحكم إرجاع الوضع إلى حاله.172
لقد ثار جدل كبير حول تحديد الطبيعة القانونية إلرجاع الحالة إلى ما كانت عليه،
فهناك رأي يذهب إلى اعتبار إرجاع الوضع إلى حاله من ضمن التعويضات المدنية التي يحكم
بها لفائدة المتضرر من فعل الحيازة ،وهو في هذا الصدد يقسم التعويض المستحق للضحية
في جريمة االعتداء على الحيازة العقارية إلى نوعين:
تعويض نقدي وتعويض عيني ،فأما التعويض النقدي ،فيتجلى في المبلغ المالي الذي
يستحقه المتضرر لما حل به من جراء حرمانه من الحيازة .أما التعويض العيني ،فهو الذي
يتجلى في تمكينه من حيازة العقار المعتدى عليه ،وإعادة وضع يده عليه بصورة مادية
وفعلية.173
-أن يتم تقديم طلب إرجاع الوضع إلى حالة في إطار الدعوى المدنية التابعة طبقا
للقواعد المنظمة لهذه األخيرة ،شكال وموضوعا ،أو في إطارالدعوى المدنية المستقلة
بعد ثبوت نهائية الحكم القاض ي باإلدانة ،وذلك طبقا لما تقتضيه قواعد المسؤولية
التقصيرية.174
- 172محسن الصويب " ،جريمة االعتداء على األمالك العقارية في القانون المغربي " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،
جامعة القاض ي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمراكش ،السنة الجامعية ،0200 – 0200 :ص.020 :
- 173امحمد أقبلي " ،الحماية الجنائية للعقار بين النص والقانون " مساهمة ضمن أشغال ندوة " :ظاهرة االستيالء على عقارات الغير
-األسباب والحلول " قراءة في مضامين الرسالة الملكية الموجهة لوزير العدل والحريات بتاريخ 22دجنبر ،0201التي نظمت بتاريخ
.يوليوز 0202بمدينة خنيفرة ،منشورة بمجلة المنازعات والنظم اإلجرائية ،مطبعة األحمدية ،العدد الثالث ،يونيو ،0202ص:
.00
- 174حسن البكري ،مرجع سابق ،ص.55 :
-أن يتم تقديم طلب إرجاع الوضع إلى حاله من طرف المتضرر صاحب المصلحة أو من
ينوب عنه.
-ال يمكن للمحكمة أن تقض ي بإرجاع الوضع إلى حاله من تلقاء نفسها ذلك أنه ال يعتبر
والحالة هذه من النظام العام.175
يتبين من مما سبق ،أن المشرع المغربي لم ينص صراحة في الفصل 008من القانون
الجنائي على" إرجاع الوضع إلى حاله ال كجزاء زجري وال كتعويض مدني ،لكن المواد 28و " 20
يجوز له – وكيل الملك – إذا تعلق األمر بانتزاع حيازة بعد تنفيذ حكم أن يأمر باتخاذ أي إجراء
تحفظي يراه مالئما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه."...
وال شك أن تطبيق الفصل 008من القانون الجنائي وكذا المقتضيات العامة لقاعدة
الرد حسب نص الفصل 380وما بعده من نفس القانون والمواد 28و 20من قانون المسطرة
الجنائية من شأنها أن تحدد مسار القضاء ورأيه في الموضوع ،لذلك ،فإن القضاء يعتبر إرجاع
الوضع إلى حاله من مكمالت العقوبة في جريمة انتزاع عقارمن حيازة الغير.176
يعد تنفيذ األحكام القضائية أهم المراحل التي تمكن صاحب الحق من اقتضاء حقه،
فهو النقطة األساسية في المراحل التي يقطعها بدءا من رفع الدعوى ومرورا بإجراءاتها ووصوال
إلى الحكم فيها ،وبالتالي فإن الحماية القضائية للحقوق ال تكتمل بمجرد صدورهذا الحكم ،بل
ال بد من تنفيذه والعمل على ترجمة منطوق الحكم إلى الو اقع الخارجي ليصبح مو افقا له،177
بحيث يمكن املحكوم له من الحصول على حقه كامال بمساعدة السلطة العامة ،وذلك وفق
إجراءات فعالة وبنفقات يسيرة ،وفي وقت قصير.
- 175أحمد الخمليش ي " ،القانون الجنائي الخاص " الجزء الثاني ،مكتبة المعارف ،الطبعة الثانية ،02.1ص.0.2 :
- 176محسن الصويب ،مرجع سابق ،ص.103 :
- 177عبد العزيز حضري ،مرجع سابق ،ص.0.2 :
غير أن تنفيذ األحكام قد تعتريه صعوبات ،لذلك تم إقرار نظام اإلشكال في التنفيذ
ليكون الوسيلة القانونية التي يلجأ إليها من تعرض للخطأ في التنفيذ أو التعسف فيه لرد هذا
التنفيذ إلى ما يتفق وحكم القانون.
ولمقاربة مدى جواز اإلشكال في تنفيذ األحكام الزجرية الصادرة في دعاوى العقار،
سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين :سنخصص (المطلب األول) إلشكاالت تنفيذ األحكام الزجرية
في الدعاوى العقارية ،في حين سنخصص (المطلب الثاني) للحديث عن اإلشكاليات الناجمة
عن تنفيذ حكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
المطلب األول :إشكالية تنفيذ األحكام الزجرية في الدعاوى العقارية والجهة املختصة
بعد تكوين املحكمة قناعتها بوقوع االعتداء ،فإنها تصدرعقوبة في حق الفاعل ويبت في
المطالب المدنية 178التي تقدم بها الطرف المتضرر ،تبعا للمطالب التي تقدم بها المطالب
بالحق المدني ،وهذا الشق األخير في الحكم يدخل في نطاق ما يسمى بالدعوى المدنية التابعة
التي تسيربسيرالدعوى العمومية وتالزمها وجودا وعدما.
لكن تنفيذ األحكام الصادرة في إطار الدعاوى العقارية ،قد تنجم عنه صعوبات في
التنفيذ .لذلك ارتأيت تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين حتى يتسنى لي دراسة إشكاليات التنفيذ
من جهة ،والجهة املختصة للبت في ذلك ،من جهة أخرى.
إذا كان القانون يضع قواعد يتعين احترامها حتى يصدر الحكم صحيحا ،ويصير قابال
للتنفيذ ،فإنه يضع أيضا قواعد يتعين التنفيذ وفقا لها .ومما الشك فيه ،أن مخالفة إحدى
- 178كنزة غنام " ،األحكام الصادرة عن القضاء الزجرية في الدعاوى العقارية " مجلة الحقوق المغربية تحت عنوان " :القواعد
الموضوعية والشكلية في مساطر المنازعات العقارية " طبعة ،0200مطبعة األمنية الرباط ،ص 000 :و .000
القواعد تستوجب منح صاحب المصلحة الوسيلة القانونية لتصحيح هذه املخالفة ،فهذا ما
يقتضيه تطبيق مبدأ الشرعية في نطاق اإلجراءات الجنائية وفي نطاق التنفيذ أيضا.179
وتتمثل هذه الوسيلة في منازعة التنفيذ لوجود صعوبات مادية أو قانونية تمنع السير
العادي إلجراءاته ،ولذلك ،فإن دعوى اإلشكال في التنفيذ تنحصرغايتها في البت بعبارة صريحة
في طلب إيقاف التنفيذ المتنازع فيه ،ومن ثم ،فهذا اإلشكال ليس طريقا من طرق الطعن في
األحكام ،ألن هذه األخيرة محددة في القانون على سبيل الحصر ،وليست دعوى اإلشكاالت من
بينها ،و إنما هي تظلم من إجراءات تنفيذها.180
وال يخفى ما إلشكاالت التنفيذ في األحكام الجنائية من أهمية تبدو في عدة مظاهرأبرزها:
أن التنفيذ هو األثر القانوني للحكم ،ويمثل الهدف النهائي لإلجراءات الجنائية ،واإلشكال إذ
يستهدف إعاقة التنفيذ ،فهو يستهدف بطريق اللزوم إعاقة آثر الحكم .وكأي حكم قضائي ،فإن
إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من طرف املحكمة الزجرية قد ال يخلو من صعوبات في تنفيذه،
سواء في هوية املحكوم عليه أو في أجزاء الحكم أو أسبابه أو غيرذلك من الحاالت التي يستوجب
عرضها على الجهة املختصة بتدليل هذه الصعوبة.
وإذا كانت الجهات املخول لها إثارة الصعوبات في التنفيذ واضحة ،فإن الغموض يحوم
حول الجهة القضائية املختصة بالبت في هذه الصعوبة إذا تعلق األمر بالحكم القاض ي بإرجاع
الحالة إلى ما كانت عليه ،ذلك أن هذا األخير ال يتعلق اإلشكال في تنفيذه فقط ،و إنما يزيد عن
ذلك بتحديد السلطة املخولة لها قانونا البت في صعوبة هذا التنفيذ.181
والو اقع أن هذا اإلشكال لم يكن ليطرح لوال غموض الطبيعة القانونية للحكم القاض ي
بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه .وتبعا لذلك انقسم الفقه على نفسه في تحديد الجهة املختصة
بالبت في النزاعات العارضة المتعلقة بتنفيذه ،بحسب تكييفه القانوني له ،فالبعض أسند
االختصاص لقاض ي المستعجالت سواء تعلق األمر برئيس املحكمة االبتدائية أو الرئيس األول
ملحكمة االستئناف ،مستندا في ذلك على الفصل 000من ق.م.ج التي تحيل على قانون المسطرة
المدنية في تنفيذ التعويضات المدنية للمحكوم له وطبقا للفصلين 320و 213من ق.م.م.
بينما ذهب البعض إلى أن الصعوبات الناتجة عن تنفيذ األحكام الزجرية عموما ولو
تضمنت مطالب مدنية ،ينعقد االختصاص فيه إلى املحكمة الجنحية أو الجنائية التي أصدرت
الحكم ،استنادا إلى المادة 000من ق م ج التي تنص على أنه " :يرجع النظرفي النزاعات العارضة
المتعلقة بالتنفيذ إلى املحكمة التي أصدرت المقررالمراد تنفيذه " .
وهذا الرأي تبناه أغلب الباحثين إذن ،فاملحكمة الزجرية مصدرة الحكم تكون هي
صاحبة االختصاص بالبت في الصعوبة من عدمها وكذا تذليلها ما دام أن هذه الصعوبة تهدف
دائما إلى إيقاف تنفيذ لمصلحة مثيرها بطبيعة الحال ،وما دام أن الفصل 320بعد ما حدد
طريقة البت في األمرأجازملحكمة حق إيقاف التنفيذ.182
ويقع البت فيها في غرفة المشورة بناء على ملتمسات للنيابة العامة أو بناء على طلب
يرفعه الطرف الذي يهمه األمر ،ويستمع إلى ممثل النيابة العامة وإلى محامي الطرف إذا طلب
ذلك وإلى الطرف شخصيا إن اقتض ى الحال ،ويمكن للمحكمة أن تأمربتوقيف التنفيذ المتنازع
فيه ،وال يقبل المقرر الفاصل في هذا النزاع أي طعن ما عدا الطعن بالنقض ،كما تنص على
ذلك الفقرة األولى من الفصل 388من نفس القانون ،وعلى هذا األساس تختص املحكمة
الزجرية المصدرة للحكم للبت في الصعوبات التي تعتري تنفيذ الحكم الصادر من القاض ي
الجنائي بشأن العقار ،ذلك ألن هذا الحكم صدر في شأن منازعة عقارية يحميها القانون
الجنائي ،لذا فهي المرجع املختص للنظر في إشكال تنفيذه وهي املحكمة ذات االختصاص العام
بنظراإلشكال في تنفيذ األحكام الجنائية.185
وإذا قلنا أن الحكم القضائي يضم قرارات القاض ي الجنائي بشأن الحيازة ،فتلك
القرارات هي أحكام حقيقية تصلح كسند للتنفيذ ويجوز االستشكال في تنفيذها فكان لزاما
القول كذلك بأن الجهة املختصة لرفع هذا اإلشكال هي الجهة المصدرة للقرار ،سواء رفع
اإلشكال في التنفيذ من أطراف النزاع على الحيازة أو من الغير.
المطلب الثاني :اإلشكالية الناجمة عن تنفيذ حكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه
إن تنفيذ األحكام الصادرة في الدعاوى العقارية بإرجاع الوضع إلى حاله كأي حكم
يخضع لمسطرة التنفيذ التي تنتهي بوضع المتضرريده من جديد على العقارالذي انتزعت منه
حيازته ،لكن بتتبع هذه المسطرة من الناحية العملية يتضح أن األمرال يخلومن صعوبات ،هذه
الصعوبات تبتدئ من الجهة المكلفة بالتنفيذ وتمتد إلى المرجع املختص للبت في هذه
الصعوبة ،وتنتهي عند وضع اللمسات األخيرة لمسألة إرجاع الموضع إلى حالة في حيز الو اقع،
وواضح أن ما يثورحول هذه المسألة من إشكاالت مصدره الخالف السابق ذكره حول الطبيعة
القانونية إلرجاع الوضع إلى حالة ،فإن اعتبر تعويضا مدنيا فإنه انطالقا من هذا التحديد
يخضع في تنفيذه للقواعد المنظمة لتنفيذ التعويضات املحكوم بها في إطار الدعوى المدنية
التابعة ،ويبقى المرجع في البت في كل صعوبة ناشئة عن التنفيذ هو رئيس املحكمة االبتدائية
باعتباره المؤهل قانونا لمر اقبة عملية تنفيذ األحكام في شقها المدني.186
أما إذا اعتبر إرجاع الوضع إلى حاله تدبيرا يدخل ضمن العقوبة الزجرية ،فإن النيابة
العامة هي وحدها المكلفة بالتنفيذ ومر اقبته على النحو الذي تمارسه في تنفيذ العقوبات
الحبسية والمالية ،ويظل المرجع المؤهل قانونا للبث في الصعوبات الطارئة بشأن ذلك هو
املحكمة الجنحية أو املحكمة الجنائية كلما كانت إحداهما هي مصدرة القرار القاض ي بإرجاع
الوضع إلى حاله.
نظريا ال يبدو في تنفيذ إرجاع الوضع إلى حاله أي إشكال ،لكن بتتبع الو اقع العملي
يتضح أن األمر ال يخلو من إشكاالت تطرح أثناء تنفيذ األمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه
والناجمة عن اختالف اآلراء حول عدة نقاط ترتبط بطبيعة األمر.
وتتجلى هذه اإلشكاالت في اصطدام إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بمقتضيات الفصل
333من قانون المسطرة المدنية وما بعده والمتعلق باسترداد الحيازة وما نتج عن ذلك من
صعوبة تحديد مرجع رفع اإلشكال في تنفيذ إرجاع الوضع إلى حاله.
بناء على ما سبق ،سنعمل من خالل هذا المطلب مقاربة هذه الصعوبة في (الفقرة
األولى) ،ثم التطرق للجهة املختصة في (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :اصطدام إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بمقتضيات الفصل 333من
قانون المسطرة المدنية
يتبين من خالل فصول المسطرة الجنائية وكذا ما سار عليه القضائي أن الطعن
بالنقض يوقف تنفيذ األمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ما دامت أنها تدخل في إطار دعاوى
الرد ،وما دام أن رد ما يلزم رده ال يتم إال بعد إدالء صاحب المصلحة بما يفيد الطعن بالنقض
في الحكم االستئنافي أو مما يفيد فوات ميعاد الطعن حسب الفصل 201من قانون المسطرة
الجنائية ،وإن كان األمر في الفصل المذكور يقتصر على املحاكم الجنائية فإن العمل القضائي
عمم ذلك على املحاكم الجنحية.
ولما كان األمر كذلك فهل يحق للمتهم أن يحتج على الطرف المتضرر فيما لو طلب
استرداد الحيازة في إطارالقواعد المدنية أي الفصل 333وما بعده من قانون المسطرة المدنية
عمال بقاعدة عقل الجنائي للمدني بالنظرإلى السلطة التي أعطيت للمحكمة الزجرية بإثارتها في
كل وقت وحين ولو لم يطلبها صاحب المصلحة؟.
إضافة إلى أن النص أعطى بصفة صريحة املحكمة مصدرة الحكم فيها لو أغفلت البت
في طلب الرد الصالحية واالختصاص لتدارك ما ذكرحتى بعد صدورالحكم في الموضوع (الفصل
201من قانون المسطرة الجنائية) ،وبمعنى أوضح هل أن تحريك الدعوى العمومية بشأن
جنحة انتزاع حيازة عقاريحذرعلى الطرف المشتكي الحق في طلب استرداد الحيازة أمام القضاء
المدني بدعوى أن املحكمة الزجرية يمكن لها أن تثيرذلك تلقائيا كما أن إغفالها لذلك ال يسلب
منها سلطة االختصاص لتدارك األمر؟.
كما ينبغي اإلشارة إلى صعوبات تنفيذية ناجمة عن تقنية للحكم بإرجاع الوضع إلى حاله
بصورة عامة وغير مفصلة ومحددة وهو السر في الوقوع في صعوبة التنفيذ ،فالمالحظ أن
االكتفاء بالحكم بإرجاع الوضع دون تحديد مدى وحدود هذا الوضع اسما وموقعا ومساحة من
شأنه أن يترك الباب مفتوحا لعدد من االحتجاجات من لدن طرفي النزاع وقت التنفيذ.
وهكذا نالحظ لدى الجهاز التنفيذي لدى املحكمة قيام صعوبة عملية في تنفيذ قرار
إرجاع الوضع إلى حالة يضطر معه مأمور اإلجراءات في أغلب األحيان االستعانة بخبير لتحديد
الجزء المراد إرجاع حيازته للمتضرر ،وهكذا يتعطل التنفيذ ويثور بشأنه مجموعة من الدفوع
واالحتجاجات والتي قد يتخذ منها املحكوم عليه وسيلة للمماطلة ،وعلى هذا األساس فإن أصل
المشكل يأتي من القرار موضوع التنفيذ الذي لم يحدد الهوية المادية والقانونية العقارية
المراد إرجاع حيازته لصاحبها ،وعليه ال بد ألن يتم تحديد املجال التنفيذي إلرجاع الوضع درءا
لكل اختالف حول ذلك وقت التنفيذ.187
الفقرة الثانية :مرجع رفع الصعوبات الناجمة عن تنفيذ إرجاع الوضع إلى حاله
إن االختالف الحاصل في تحديد الطبيعة القانونية إلرجاع الوضع إلى حاله في األحكام
الصادرة باإلدانة من أجل جنحة انتزاع عقار من حيازة الغير امتد إلى تحديد الجهة المؤهلة
قانونا للبث في الصعوبات الناجمة أثناء تنفيذ حكم إرجاع الوضع إلى حاله.
يبدو أن هذه اإلشكالية قد طرحت على القضاء في الميدان العملي في صورتها التي يعهد
فيها إلى قسم التنفيذ باملحكمة تنفيذها ،وفي ذلك اختلفت اآلراء وتشعبت المشارب.188
الرأي األول :يرى بأن قاض ي المستعجالت سواء رئيس املحكمة االبتدائية أو الرئيس
األول ملحكم االستئناف هو املختص للبت في صعوبة التنفيذ الناجمة عن إرجاع الحالة إلى ما
كانت عليه ،عندما يكون النزاع معروضا على أنظار محكمة االستئناف وهو اختصاص مستمد
من الفصل 320من قانون المسطرة المدنية ،والكل في إطارالفصل 21من نفس القانون الذي
ينص صراحة على إحالة الصعوبات الناجمة عن تنفيذ األحكام الصادرة في إطار الدعوى
المدنية التابعة عن السيد رئيس املحكمة لتقدير وجود الصعوبة التي تعترض التنفيذ ،وسند
الفريق يرى هذا الرأي هو اإلحالة المنصوص عليها في المادة 000من قانون المسطرة الجنائية
الذي يحيل على أن الصعوبات الناجمة عن التنفيذ يرجع البت فيها إلى قاض ي المستعجالت.190
الرأي الثاني :يذهب إلى القول بأن الجهة املختصة للبت في الصعوبات الناجمة عن
تنفيذ إرجاع الحالة إلى حالها هي املحكمة أصدرت الحكم القاض ي بذلك ،تطبيقا للمادة 000
كمن قانون المسطرة الجنائية الذي ينص على أن المسائل النزاعية العارضة المتعلقة
بالتنفيذ يرجع النظرفيها إلى املحكمة التي أصدرت الحكم المقصود تنفيذه.191
إال أننا نعتبر أن المادة 000من قانون المسطرة الجنائية الذي استشهد به أصحاب
هذا الرأي يفوق في مضمونه ومعناه بين نوعين من الصعوبة :الصعوبة الوقتية والصعوبة
الموضوعية ،وتبين ما إذا كانت هذه الصعوبة بنوعيها تنصب على الجانب المدني من الحكم أو
على الجانب الزجري ،فإذا كانت الصعوبة في التنفيذ هي من نوع الصعوبة الموضوعية التي من
شأنها المس بحجية الحكم في حد ذاته ،فإن االختصاص هنا للبت في هذه الصعوبة ينعقد
لنفس املحكمة التي أصدرت الحكم وهي املحكمة الجنحية طبقا للمادة 000من قانون
المسطرة الجنائية سواء تعلق اإلشكال في التنفيذ بالحكم الصادر في الدعوى العمومية أو
الدعوى المدنية التابعة .أما إذا كانت الصعوبة في التنفيذ هي من نوع الصعوبة الوقتية
وتنصب على الحكم الصادرفي الدعوى المدنية التابعة ،فإن االختصاص في نظرنا ينعقد حتما
لقاض ي المستعجالت للبت فيها (وهو هنا إما رئيس املحكمة االبتدائية أو الرئيس األول ملحكمة
االستئناف حسب األحوال).
- 190نور الدين الشرقاوي الغزواني " ،الصعوبة في تنفيذ األحكام المدنية والزجرية "مجلة اإلشعاع ،العدد ،02يونيو ،0220ص:
.22
- 191حسن البكري ،مرجع سابق ،ص.02. :
وإذا كان ال بد من إبداء الرأي الراجح من خالل هذين الرأيين ،فإنه يمكن القول بأن
االتجاه القائل باختصاص املحكمة الجنحية أو الجنائية حسب األحوال للنظر في صعوبات
تنفيذ إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه هواألقرب إلى الصواب في نظرنا ،وذلك لالعتبارات التالية:
– 3أن املحكمة التي قضت بإرجاع الوضع إلى حاله لها سابق دراية ومعرفة لكل
الجوانب المتعلقة بالقضية التي صدر فيها قرار إرجاع الوضع ،ذلك أنها قبل أن تقرر إرجاع
الوضع ناقشت موضوعه واستمعت لطرفيه وحددت مراميه وعالجت كل إشكال محتمل قيامه
بشأنه.
– 5أن صعوبة تنفيذ إرجاع الوضع إلى حالة قد تنجم عن إغفال أو ثغرة أو خطأ في
منطوق قرارإرجاع الوضع ،كما قد تنجم عن اختالف في تأويل هذا القرارفيما بين طرفيه ،ففي
هذه الحالة أال تبدو مراجعة قاض بالمستعجالت لرفع اإلشكال أو الصعوبة من قبيل الخطأ في
الطريق السليم.
– 1إن قانون المسطرة المدنية باعتباره القانون األصل ينص في فصله 53على كل
محكمة تختص بالنظر في الصعوبات المتعلقة بتأويل او تنفيذ أحكامها أو قراراتها وخاصة في
الصعوبات المتعلقة بالمصاريف المؤداة أمامها مع مراعاة مقتضيات الفصل 320من قانون
المسطرة المدنية.
انطالقا من هذا الفصل فإنه ما دام قرار إرجاع الوضع إلى حاله يصدر عن املحكمة
الزجرية ،فإن هذه األخيرة هي املختصة بالنظرفي كل الصعوبات الناتجة عن تنفيذ قراراإلرجاع.
– 2ال شك أن مسألة إرجاع الوضع إلى حاله كتدبيرمرتبط بالعقوبة الزجرية مثلها مثل
مسألة المصاريف كجزء من قراراإلدانة ،وهذه األخيرة استقراملجلس األعلى في أكثرمن قرار،192
على مراجعة املحكمة مصدرة القرار في رفع كل صعوبة طرأت به في تنفيذها عمال بالمادة 000
من قانون المسطرة الجنائية.
خاتمة:
- 192قرار صادر عن املجلس األعلى عدد 022الصادر بتاريخ 02دجنبر 0222المنشور بمجلة قضاء املجلس األعلى عدد 00 :ص:
22والذي جاء فيه" :إن مسألة تحديد المصاريف وتصنيفها أمر يتعلق بالتنفيذ ،فعلى من استشكل عليه األمر من الطرفين أن يرفع
ذلك إلى املحكمة املختصة التي أصدرت الحكم المطعون فيه تطبيقا لمقتضيات الفصل 101من ق.م.ج (المادة 022من ق.م.ج).
ختاما ،يتضح أن المشرع المغربي قد أناط الحيازة العقارية بعناية وحماية تستمد
وجودها من مبدأ املحافظة على النظام العام واستقراراملجتمع ،وذلك بواسطة إقرارحماية من
نوع خاص تمثلت في الحماية الجنائية.
إن الحديث عن دور املحكمة الجنائية في حماية الحيازة العقارية هو الحديث عن دور
النيابة العامة وقاض ي التحقيق في ذلك ،وما يترتب عن تلك الحماية من استصدارأوامرقضائية
تتضمن إدانة المتهم أو تبرئته .والهدف من ذلك هو ضمان الحقوق وترسيخ مبدأ األمن القانوني.
ومن تم تكريس مبدأ األمن العقاري.
الئحة المراجع:
عبد العزيز حضري" ،القانون القضائي الخاص " مطبعة الجسور ،الطبعة الثالثة،
.5881 – 5885
لحسن بيهي " ،أي دور للنيابة العامة في أفق قانون المسطرة الجنائية الجديد " مجلة
أنفاس حقوقية ،عدد ،1 – 5دجنبر.5881
حسن البكري " ،الحماية القانونية لحيازة العقارات في التشريع المغربي " مكتبة الرشاد
سطات ،الطبعة األولى .5883
يوسف بن طامة " ،الحماية الجنائية لحيازة العقار في القانون المغربي " رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة محمد األول ،كلية اللوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية.5830 – 5833 :
عبد السالم بنزروع " ،إثبات دعوى استحقاق العقار غير املحفظ " أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بالرباط ،السنة الجامعية.5831 – 5835 :
شكيرالفتوح " ،انتزاع عقارمن حيازة الغيرفي العمل القضائي المغربي " مجلة اإلشعاع،
العدد ،10 – 10دجنبر.5838
حسن حمداوي" ،الحماية الجنائية للعقارعلى ضوء العمل القضائي – طنجة نموذجا
– بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ،سنة التخرج.5830 – 5830 :
محمد المنجي" ،في دراسة تأصيلية من الناحيتين المدنية والجنائية ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدارالبيضاء ،الطبعة الثانية .3000
محسن الصويب " ،جريمة االعتداء على األمالك العقارية في القانون المغربي " أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة القاض ي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية بمراكش ،السنة الجامعية.5830 – 5832 :
امحمد أقبلي " ،الحماية الجنائية للعقار بين النص والقانون " مساهمة ضمن أشغال
ندوة " :ظاهرة االستيالء على عقارات الغير -األسباب والحلول " قراءة في مضامين الرسالة
الملكية الموجهة لوزير العدل والحريات بتاريخ 18دجنبر ،5833التي نظمت بتاريخ 0يوليوز
.5830بمدينة خنيفرة ،منشورة بمجلة المنازعات والنظم اإلجرائية ،مطبعة األحمدية ،العدد
الثالث ،يونيو .5830
أحمد الخمليش ي " ،القانون الجنائي الخاص " الجزء الثاني ،مكتبة المعارف ،الطبعة
الثانية .3003
كنزة غنام " ،األحكام الصادرة عن القضاء الزجرية في الدعاوى العقارية " مجلة الحقوق
المغربية تحت عنوان " :القواعد الموضوعية والشكلية في مساطرالمنازعات العقارية " طبعة
،5833مطبعة األمنية الرباط.
Abstract:
The concept of public policies was closely linked to the institution of the
state. However, this connection quickly declined at the beginning of the eighties
of the last century, after the emergence of concepts such as decentralization,
which prompted the participation of institutions other than the state, such as
territorial authorities, in the production of public policies within their territorial
limits. After that, the concept of public policies knew a development related to a
field other than the field of management science, which is the dirt field
represented in the emergence of a key actor, the dirt actor, by exercising different
roles represented in participating in the preparation of public policies.
مقدمة :
اشكالية الدراسة :إن تبني المغرب لنظام الالمركزية كخيار سياس ي لتجاوز المشاكل
واالختالالت الناتجة عن المقاربة العمودية النازلة من المركز نحو الهامش ،فرض عليه تبني
مقاربة جديدة تقوم على ما يسمى بالتنمية المعتمدة على الذات أوالتنمية المنبثقة من األسفل
في مرحلة أولى والتنمية املحلية في مرحلة ثانية والتنمية الترابية كمرحلة أخيرة.
و هو ما جعله يبحث عن مقاربة جديدة يستوجب تطبيقها تفويض أو نقل مجموعة من
االختصاصات إلى الفاعلين بشكل يجعلهم قادرين على اتخاذ مبادرات تنموية داخل املجال
الترابي ،وهؤالء الفاعلين يختلفون حسب مستوى التدخل.
ولقد ظهرت السياسات العمومية والتنمية الترابية كمقاربة جديدة تحاول أن تعيد
التوازن التنموي انطالقا من مجاالت متعددة كالجهات واألقاليم والجماعات الترابية ،أو من
خالل مجاالت جغر افية كاألحواض المائية أو الدو ائر المسقية أو من خالل مجاالت التعبئة
االجتماعية عن الجمعيات والتعاونيات ...على هذا األساس فهذه املجاالت املختلفة تكون
مسرحا ملجموعة من التدخالت والتفاعالت التي يبديها مختلف الفاعلين قصد تحقيق تنمية
ترابية مبنية على اساس سياسة عمومية دقيقة تأخذ بعين االعتبارمختلف التحوالت املجالية.
و من هنا نتساءل عن األهمية والدور الذي قد يلعبه الفاعل الترابي في تحقيق التنمية التر ابية
انطالقا من سياسة عمومية تستند في المقام األول للتخطيط.
-مفاهيم الدراسة
-السياسة العمومية
تتعدد التعاريف التي تطرقت لهذا المفهوم في االدبيات السياسية .فكل من أسهم في
إعطاء تعريف حاول أن يكون أدق من غيره ,فضال عن اختالف زوايا النظر في تناولته ,يعرف
المعهد العالي للدراسات العمومية في فرنسا السياسة العمومية على أنها "هي مجموع القرارات
واألعمال والتدخالت المتخذة من قبل الفاعلين المؤسساتيين واالجتماعيين ألجل إيجاد
الحلول لمشكل جماعي ما " بينما يذهب الباحثين الفرنسيين193ـ مينه و جون كلود ـ في كتابهما
السياسة العمومية ويعرفانها على أن السياسة العمومية برنامج عمل حكومي في قطاع اجتماعي
أو مجال جغرافي معين.
السياسة العمومية ال تتعلق بالدولة في حد ذاتها ،بل بما تفعله وتنتجه وتقوم به عبر
مؤسساتها الدستورية في املجاالت التشريعية والتنفيذية والقضائية ،لذلك عادة ما يقال أن
السياسات العمومية هي محاولة النظر إلى الدولة في حالة فعل بهذا المعنى فان السياسات
العمومية 194هي:
-حصيلة عمل الدولة ،أي الفعل أو العمل المؤسساتي الذي يتم في إطار قانوني
ومؤسساتي .إنها حصيلة عمل مجموعة من الفاعلين ،الي ترتبط بمجموعة من املحددات مثل
طبيعة دور الدور ،الثقافة السياسية السائدة ،توزيع األدوار بن المؤسسات والهيئات
االجتماعية واالقتصادية.
دليل تحليل السياسات العمومية ،دعم أعمال البرلمان المغربي ،منجز من طرف مركز جامعة نيويورك للتنمية الدولية
ص -701
194-دليل تحليل السياسات العامة ،دليل منجز في إطار مشروع دعم أعمال البرلمان المغربي ،بدعم من الوكالة األمريكية للتنمية
الدولية.
-سلسلة طويلة من النشاطات المترابطة .إنها أكبر من مجرد قرار واحد ،فعملية صنع
السياسات يجب أن تفهم بصورة تشمل اإلعداد والتنفيذ والتقييم والتغذية العكسية ،وهنا
بالرغم من الحياد الظاهر للكلمات والذي يعطي صورة ثابتة لهذه العملية ،فإن السياسات
ً ً
العمومية ليست مسلسا بعيدا عن رهانات السلطة والمصالح والقيم والصراعات.
إن السياسات العمومية هي كذلك بالتعبير الشهير لمنظر المدرسة النسقية ديفيد
إيستون :دراسة التوزيع السلطوي للقيم.
على الرغم من صعوبة تحديد تعريف دقيق وموحد للسياسة العمومية ،فقد تم
الوقوف على عدة تعريفات للسياسة العمومية ،وذلك باللجوء ملختلف الكتابات األكاديمية
المهتمة بتحليل السياسات العمومية.
-الفاعل
ان استعمال مفهوم الفاعل جاء كرغبة إلعالء قيمة الفرد داخل املجتمع ،ومحاولة
لتجاوز التصورات السابقة القائمة على العمل الكلي والعمل الجماعي .وقد كان كل من بول
كالفال من خالل إصدار كتابه "مبادئ في الجغر افيا االجتماعية" سنة ،3001وأرمون فريمان
بإصداره لمؤلف "الجهة :املجال المعاش" سنة ،3000وكلود ر افستان من خالل نشره لكتاب
"جغر افية السلطان" سنة 3003من الجغر افيين الرواد الذين كانت لهم الجرأة في إدخال هذا
النوع من المفاهيم .
195
Lemieux, V. (2002). L’étude des Politiques Publiques. (2e édition). Québec: Les Presse de l’Université Laval. .
الفاعل هو بكل تأكيد الذي يفعل في الو اقع المادي أو الو اقع المعنوي أو هما معا عن
قصد وروية ووعي تام بما يقوم به من أجل الوصول إلى مراميه .إنه دوما في حالة بناء
استراتيجيات مستقلة أوشبه مستقلة ،بعد أن يكون قد قام بتحديد اختيارات خاصة به ،تحتم
احتساب المغانم واملخاطر ،واألرباح والخسائر ،واضع في حسبانه السيناريوهات املحتملة
والسبل الكفيلة بإنجاز خططه ،مسخرا في ذلك كل الوسائل والتكتيكات المناسبة
و196الممكنة .مفهوم الفاعل ال يتحدد في الفاعل السياس ي فقط و إنما يشمل كل من له القدرة
على التدخل في تراب معين.
-الفاعل الترابي
الفاعل الترابي هوالذي يفعل في التراب اوعلى األقل القادرعلى الفعل في التراب ،بشرط
ان يكون تأثيرذلك الفعل دائم السريان أو تكون له تداعيات مسترسلة على املجال لمدة طويلة.
ال يهم ان يكون الفعل الترابي فعال مباشرا او غير مباشر ،دو أصل داخلي او خارجي ،فردي او
جماعي ،اقتصادي او سياس ي او اجتماعي ،بوعي او بدون وعي ،ولكن المهم ان يكون مهيكال
للمجال ومؤثرا على المشهد و إن كان االمرليس بنفس الدرجة واالهمية من فاعل ألخر.
يكون الفاعل الترابي مرتبطا طبعا من جهة بسلطاته التي يخولها له املجتمع أو الدولة،
ولكن أيضا بديناميكيته وقدرته على قراءة الو اقع ومضطرا لمعرفة االمكانيات والمؤهالت
واالكراهات واملخاطر التي يعرفها التراب ،وسيكون من جهة أخرى قادرا على القيام بالدور وفق
ما تسمح له به حدود اللعبة وهوامش التحرك.
-التنمية
يعرفها مصطفى محسن في كتابه” التعريب والتنمية“ بأنها "ذلك االستنهاض الواعي
والمتكامل لكل المقومات المادية والروحية للمجتمع وتوظيفها ملجابهة التحديات التي تفرضها
الحطة لتحقيق الحاجيات والمتطلبات ،وتوفيرالشروط الضرورية التي تجعل املجتمع المعني
متملكا بنوع من الجدارة واالستحقاق للقدرة على اختراع أزمنة الحداثة واالنتماء إليها والتواصل
محاضرات في التنمية الترابة والفاعلون لألستاذ حسن المباركي ،الفصل األول ماستر دينامية المجاالت الجغرافية االعداد والتنمية
التربية ،السنة الجامعية .4041-4042
والتبادل المتكافئ معها ،والتأثيرفيها كفاعل مبدع ،وليس كتابع هامش ي مستقبل ومنفعل فقط.
"197
تطور مفهوم التنمية بحيث انتقل من التركيز على الجوانب االقتصادية إلى إعطاء
أهمية للجوانب االجتماعية واالنسانية واعتبر االنسان أداة التنمية الترابية وغاية التنمية
االجتماعية.
هي عملية وحركة ديناميكية يجب األخذ بناصيتها وتوجيهها نحو خدمة -
المتطلبات االجتماعية واإلنسانية العاجلة ،فهناك التنمية املحلية الداخلية املحددة
انطالقا من الخصوصيات والموارد والطاقات املحلية ،والتنمية املحلية القائمة على مبدأ
االعتماد المتبادل أي أن جماعة محلية ال يمكن لها أن تنمو دون أن تأخذ بعين االعتبار
الجماعات املحلية املجاورة لها ،وكذلك املحيط السوسيوسياس ي والجهوي الذي تنتمي إليه
فهذا النوع من التنمية يفرض التكامل والتشارك واالندماج الشامل.
والتنمية الترابية تهدف لتحسين ظروف عيش السكان (المر افق – التجهيزات) وتحول
نوعي وهيكلي للمجتمع وللذهنية والسلوكيات التي تتمثل في تقدمه مما يضمن االستدامة
ويستوجب تدبيرشؤونه بنفسه بشكل يمكن من تراكم ثرواته (النموالمادي في شكل مداخيل).
تندرج في إطار ترابي معين بهدف تنميته والرفع من قدرته التنافسية .وعلى هذا األساس ،تعتبر
التنمية الترابية أو املجالية اليوم كإطار مرجعي لتأهيل برامج االستثمارات العمومية
واستراتيجيات الفاعلين املحليين.
التنمية الترابية هي عملية تحويل مجال ترابي إلى وضعية أفضل عبر خلق مشروع
تنموي ترابي يراعي الخصوصية املحلية و الرؤية االستراتيجية املحكمة.
يمكن أن نعرف الفاعلين ورهاناتهم و العمليات التي يقومون بها والوسائل التي يتوفرون
عليها ومنطق تدخلهم.
فالفريق األول يرى أن الفاعلين المشاركين في الفعل الترابي ينقسمون إلى ثالثة أصناف:
الجماعات اإلقليمية الحضرية (السلطات السياسية واإلدارات) السكان يجب أن تجد
تطلعاتهم سبيال للتعبير عنها ،والتي تستدعي الضرورات إيجاد الحلول لها بصفة دائمة وليست
بصفة ظرفية أو مصلحية -,الوسطاء من املختصين والهيئات والجمعيات االجتماعية والذين
يعملون على ربط الصلة بين االستراتيجيات الفردية وطموحات السلطات العمومية أما الفريق
الثاني فيصنف الفاعلين إلي صنفين هما المرسلين ( )destinationsوالمستقبلين
،destinatairesوذلك كما جاء على النحو التالي :
َ
المنتجة :إنهم المنتجون -المستقبلون هم الذين يأتون في جهة استعمال املجاالت
للممارسات والمهيئين بمهارات الستعمال هذه املجاالت ،وهم السكان ،المستعملون،
َ
المواطنون ،فإليهم يتوجه املجال المنتج في حالة املجاالت الحضرية. .
َ
-أما المرسلون فهم الذين يأتون في جهة من يعرضون ويصنعون املجال المنتج :هم
يتحكمون في القواعد والقوانين ،وعلى هذا النحو تكون لهم الشرعية والقدرة على تصميم
مجاالت اآلخرين ،ونعرفهم عموما بالثالثي :المنتخبون ،موظفو الجماعات اإلقليمية
والمصممون ".بينما يرى الفريق الثالث من الباحثين ،أن تصنيف الفاعلين يتم وفقا
للخصوصيات المتعددة للظاهرة الحضرية المعاصرة ،وبالنسبة للمجاالت العمومية فإنهم
يعددون الفاعلين في أربعة أنماط :
198محاضرات الفاعلون لألستاذ حسن المباركي الفصل األول ماستر دينامية المجاالت الجغرافية اإلعداد والتنمية الترابية /4042
14041
الوالية •
-5مراحل تنزيل السياسات العمومية
• المنسقية الجهوية
ال يمكن ألية دولة او حكومة مهما كانت امكاناتها المادية والبشرية ،ومواردها
ً
االقتصادية من تلبية المطالب التي يتقدم بها مواطنوها ،اومعالجة جميع مشاكلهم مرة واحدة،
انما يتطلب ذلك العمل بنظام الصفوف او الطوابير ،أي تقديم االهم على المهم من المشاكل
ً
والقضايا ،وفقا لجدول االسبقيات السياسية ،الذي يعد بهدف تلبية هذه المطالب ،وحل
المشكالت الواحدة بعد االخرى بحسب اهميتها اودرجة الحاحها ،أو قوة الفئة او املجموعة التي
تتأثربها او بنتائجها.
كل سياسة عمومية يتم تنزيلها تبعا لسلسلة من المراحل والتي تسمح بتتبع تطورات
سياسة عمومية معينة 199.مراحل تنزيل السياسة العمومية
199مـحاضرة حول تـحليل السياسات العمومية لألستاذ عبد الصمد عفيفي كلية األدب والعلوم اإلنسانية مراكش 4041-4042
ويرتبط تنزيل السياسة العمومية بمجموعة من األشكال والتي تختلف بناءا على
مجموعة من المعاييرأهمها حسب المقياس والزمن الى جانب الخصوصية املحلية واالشكاالت
المرتبطة بها ,وحسب طبيعة الفاعل ونوعيتها أيضا بحيث قد تكون شمولية أو قطاعية ،كما
تختلف أيضا الوسائل واألدوات المستعملة .أما تنفيذ هذه السياسة برسم خطة أوأكثرتحتوى
على عدد كبير من البرامج ومجموعة من المشروعات المترابطة والمتكاملة بحيث يوجد نوعا
متكامل من التنسيق الفكري والتقارب الزمني بين مختلف القطاعات واألجهزة والمهن املختلفة
العاملة في مجاالت الرعاية والتنمية الترابية .كما بدأت ثقافة المقاربة التشاركية في صنع
السياسة العمومية تظهر في بالدنا ،و أصبح بإمكان املجتمع المدني أن يكون طرفا في صياغة و
اقتراح السياسة العمومية ،بل إن دستور 5833أعطى للمجتمع المدني القدرة على تقييمها و
تتبعها قد أثبتت التجارب السياسية حتى اآلن أن إدراج قضية مجتمعية في األجندة السياسية
للسلطات العمومية كانت وطنية أو محلية ،وفي هذه المرحلة تحديد المشكل الذي ستعالجه
السياسة العمومية المعنية .وتبين هذه المرحلة الظروف التي تؤدي إلى ظهور الفعل العمومي
والذي يتخذ عدة مسارات ممكنة تبعا لطبيعة المدخالت (كوارث طبيعية ،انتشارأوبئة ،تفاقم
الفقر ،ارتفاع معدالت البطالة .)...يكون إما نتيجة مبادرة الفاعلين السياسيين ،عندما يتعلق
األمربقضايا قد يؤدي رفض تحمل أعبائها في لحظة معينة إلى اإلضراربشرعيتهم السياسية ،فال
يمكن لحكومة مثال أن تتجاهل بشكل مستمر حركة إضراب على الصعيد الوطني ،وإما نتيجة
وجود مطالب جماعية انتقلت إلى مستوى المطلب السياس ي المنظم ،بفعل وجود دعم منظم
ومتنام من طرف الفاعلين االجتماعيين ،كالجمعيات والنقابات أو غيرها من الحركات
االجتماعية المنظمة ،حين ذاك يمكن للسلطة أن تأخذ هذه المطالب في الحسبان ما لم يكن
هناك إجماع سلبي لدى األجهزة التقريرية بهدف منع وصول قضية خطيرة أو حساسة إلى
األجندة السياسية .غير أن المرحلة األهم في السياسات العمومية تبقى هي مرحلة التدخل،
ويتعلق األمر بسيرورة اإلعداد والتنفيذ والتقويم ،حيث يتأثر االستخدام الملموس للسياسات
العامة بعدد من المعطيات ،كالتحديد الدقيق للقضايا التي يراد التدخل فيها أو تدبيرها،
والموارد المتوفرة بشكل طاقة بشرية ومادية وسيناريوهات الحلول التي يمكن تصورها ،وفرص
النجاح التي توفرها الظروف أثناء لحظة التدخل ،وكذلك بمدى القبول أو الدعم االجتماعي لها
أجمع جميع الفاعلون في ميدان التنمية الترابية ،أن نموذج الالتوازن في العالقة بين
اإلنسان واملجال هو نتيجة وترجمة فعلية لمقاربة التدبير الكالسيكي ،التي تقوم وتتأسس على
اعتبار عمليات التنمية مجرد فعل وقرار سياس ي يتخذه الفاعلون في ميدان التدبير للتحكم في
حالة الخلل بهدف تحقيق التوازن بين مدخالت التنمية االجتماعية ،دون مراعاة لخصوصية
المستهدف من هذه العلميات والذي يعرب في قاموسها التدبيري كمفعول به فاقد لألهلية ،ال
مجال له للمشاركة والتشارك في السيرورة التنموية .مما أنتج لنا التراكم في األزمات والمصاعب
االجتماعية الممثلة في الفقربجميع متغيراته التابعة ،التهميش واإلقصاء 200والهشاشة.
في بالدنا ،كانت عملية صنع السياسات العمومية تتسم باالنفرادية و المزاجية ،فبعد
إجهاض تجربة التخطيط االقتصادي ،عاش المغرب نوعا من التخبط في صنع املخططات
االقتصادية .فبعد فشل الرهان الكلي على القطاع الفالحي ،تم التفكيرفي إقامة قاعدة صناعية
وطنية صلبة .واصطدم هذا الحلم بنقص في التمويل و بعزوف الرأسمال الوطني عن االستثمار
في القطاع الصناعي .كما تميزصنع السياسة العمومية بالتفكيرفي القطاعات االقتصادية دونما
ربطها بالقطاعات االجتماعية وهو ما جعل الفاعل السياس ي يخلط بين النمو االقتصادي
والتنمية االقتصادية المنشودة ،فكل هم الفاعل السياس ي انصب حول كيفية رفع المؤشرات
اإلنتاجية في مختلف القطاعات االقتصادية دونما االلتفات إلى البيئة الغريبة التي أنبتت فيها
هذه الوحدات اإلنتاجية والتي تشكو الفقرواألمية و انعدام البنيات التحتية ومحدودية الطلب
الداخلي وهو ما يؤدي بالمشروع التنموي برمته إلى الفشل .201
200رضا الهمادي رئيس المرصد المغربي للسياسات العمومية " السياسات العمومية بالمغرب ،مميزاتها ،و طرق صياغتها "
201دليل تحليل السياسات العامة ،دليل منجز في إطار مشروع دعم أعمال البرلمان المغربي ،بدعم من الوكالة األمريكية للتنمية الدولية.
إن دينامية من هذا القبيل ،كفيلة بأن تيهئ األرضية المالئمة للقيام بمجموعة من
اإلصالحات السياسية ،من شأنها أن تساهم في تعزيز الالمركزية ،وتوسيع مشاركة السكان ،من
خالل تعزيزمبادئ المشاركة والتشارك والعدالة والشفافية واإلدماج بين مختلف الفاعلين.
هذه المبادئ العامة للمنهج الحديث في التدبير ،جاءت كعناصر أساسية لموضوعة
التنمية التي تعتبر غاية لتحقيق التوازن للموارد المكونة للمجال .ويتأسس ذلك على مجموعة
من المتطلبات ،أهمها اإلشراك والمشاركة بين الفاعلين ،من خالل مجموعة من القنوات
المؤسساتية والقانونية ،التي تمنح الفاعل والفرد الكفايات المناسبة للتو افق على أرضية
مشتركة لعملية اإلعداد يكون فيها للرأي والرأي األخرحضورفعلي دون عمليات الحجرعلى رأي
أي جهة.
يختلف ترتيب االولويات حسب برامج الفاعلون كما كذلك تساهم عدة عوامل أخرى
في التأثير على أولويات السياسات العمومية ،كاملحيط الجهوي والتحديات اإلقليمية والتي
تواجهها الدول.
ولقد تميزالتحول الذى عرفه المغرب في بروز اشكال جديدة من التدبير منح الصالحية
للعديد من الفاعلين في تبني سياسة عمومية قادرة على مواكبة مختلف التحوالت املجالية،
ومنه أصبح الفاعل الترابي يعتمد على مخططات لصنع السياسات العمومية ،ويعتمد على
البرامج المندمجة التي تصبو التأثير في املجال االقتصادي واالجتماعي .كما تشبع الفاعلين
بآليات جديدة لصنع السياسات العمومية او للتأثيرفي صياغتها كالمناظرات القطاعية و البرامج
القطاعية التي تنتج عنها.
لكن مستوى الفاعل لم يواكب هذه التحوالت الماكرو سياسية التي تعرفها بالدنا ،و
ظلت األحزاب شاردة عن النص ،ال هي واكبت تطور الترسانة القانونية ،وال هي أجابت عن
مختلف األسئلة المطروحة حول السياسات العمومية والتي تهم االرتقاء بالسياسات القطاعية
التي تعرف قصورا كبيرا في المرورمن التصوروترجمته على أرض الو اقع ،أوتنزيل دور المؤسسة
التشريعية التي أصبحت مطالبة بتقييم هذه السياسات العامة .ثم كذلك وضع و صياغة
سياسات أكثر إقناعا و أكثر و اقعية و احتر افية من تلك البرامج التي ال ترقى لدرجة السياسات
العمومية المندمجة و التي بإمكانها رفع تحديات بالدنا في العشرية القادمة.
إعداد التراب هو تلك العملية التقنية والسياسية واالدارية التي تتولى تحقيق تنمية
شمولية و متوازنة لجميع المناطق بالقدر الذي يخدم مصالح الساكنة عن طريق توزيع عادل
للثروات ولألنشطة .كما تهدف سياسة إعداد التراب إلى محاربة االختالالت السوسيومجالية بين
كافة المناطق أينما وجدت بيد أن المواطن في أية بقعة يبقى من حقه االستفادة من ثروات هذا
البلد و 202من نصيبه في التنمية ،هكذا فمبادئ إعداد التراب الوطني تعتبر بمثابة املحرك
الموجه آلليات هذه التنمية؛ فمبدأ المواطنة كأحد المبادئ التي يقوم عليها إعداد التراب
الوطني تتجاذبه السياسات العامة للدولة عبرالقطاعات الكبرى للمجتمع .و يتم التمييزهنا بين
حاجيات أساسية تكون الدولة ملزمة باإلجابة للمواطنين عنها من قبيل المواصالت حيث تلتزم
الدولة بتوفير شبكة طرقية تغطي مجموع التراب الوطني و تفك العزلة عن المناطق النائية و
القروية.
أصبحت التنمية الترابية تشكل حجر الزاوية ملختلف الممارسات املحلية حيث أن كل
تنمية اجتماعية تدعمها ديناميات ترابية محلية لتسيير الموارد البشرية و الشراكة و لسوق
الشغل و للعطاء المضاد و لخلق عالقات الثقة و ذلك باعتبار التراب املحلي الفضاء األكثر
اندماجيه للمستويات الموضوعية و االنسانية و االجتماعية ويعد اإلطاراألكثرإجرائية لتنفيذ
السياسات العمومية و متابعتها في املجال االجتماعي كما يمثل أيضا المرجعية األكثر تجديدية
لتطوير منظومة الحكامة نفسها في ارتباطها بالخصوصيات املجتمعية املحلية في ضوء مبدأ
المقاربة الترابية ،و يجعلها ترتكزأكثرعلى مفهوم تدبيرالشأن الحضري.
و تبرز أهمية التكوين أكثر فأكثر من خالل نهج الدولة لمقاربة شمولية تروم تعميم
التعليم األساس ي لألطفال دون 30سنة حسب منطوق الميثاق الوطني للتربية و التكوين ،كما
تحاول سن إجراءات تحفيزية لشغيلة القطاع التي تعمل في ظروف صعبة.
ونفس المقاربة نجدها في قطاع الصحة حيث يبقى الهدف توفيرتغطية شاملة للتراب
الوطني بالخدمات الصحية الضرورية ،وببنية استشفائية تستوعب حجم طلب السكان بجل
المناطق .أما الحاجيات العادية كالسكن أو الخدمات اليومية فهي غالبا ما تناط للقطاع
الخاص وتخرج بالتالي عن االلتزامات المباشرة للدولة ،غيرأن هذا ال ينفي دورالدولة في توجيه
وتشجيع نمو المراكزالترابية الخاصة القادرة على استقبال مختلف الطلبات.
أما فعالية االقتصاد الوطني والسياسات العمومية التي تنهجها الدولة ،وهي تشمل
الفعالية الترابية الشاملة للخدمات العمومية الكبرى وللشبكات الوطنية للنقل واالتصال
وتحويل الطاقة ،والفعالية االقتصادية للمجاالت الحضرية والقروية .بيد أن النجاعة التنموية
تستوجب التسريع من وثيرة النمو والرفع من األداءات اإلجمالية لالقتصاد الوطني بهدف
التأسيس لتنمية محورها االنسان و محيطه.
خاتمة :
تعد التنمية الترابية هدفا ملختلف الفاعلين ويتجلى ذلك في تنزيل وتفعيل السياسات
العمومية ،حيث أن كل تراب يخضع ملجموعة من التدخالت ،التي تختلف باختالف الفاعلين
وباختالف رهاناتهم واستراتيجياتهم ،فنتيجة تفاقم األوضاع االجتماعية على المستوى املحلي،
وتراجع التماسك االجتماعي ،وتزايد حدة اإلقصاء وتهميش شرائح واسعة من السكان
وتعرضهم للهشاشة االجتماعية ،بفعل عجز املجتمعات الحديثة عن المزاوجة بين إنتاج
الخيرات والثروات والنمو االقتصادي من جهة ،وبين خلق مناصب الشغل وتعميم نمط العيش
الكريم وما يستلزمانه من عدالة اجتماعية من جهة أخرى ،كان البد للفاعلين االجتماعيين
املحليين وخصوصا املجتمع المدني من التدخل لتجاوز هذه األوضاع الهشة ،فأصبح الفاعل
الترابي قوة تنموية و اقتراحية واجتماعية ملحوظة ،فرضت على الدولة االعتراف بها وإشراكها
في الشأن العام واملحلي ،وتبعا لذلك أصبحت تطفوعلى الساحة السياسية والشأن املحلي جملة
من المفاهيم كالديمقراطية املحلية – الفاعل الجمعوي – الالمركزية – التنمية املحلية .لقد
انتقلت الدولة نتيجة هذه األوضاع من الحضورالمركزي والتدخل الضروري إلى سياسة جديدة
تقوم على تعدد واختالف الفاعلين ،واعتبار التنمية الترابية محطة أساسية في إعادة هيكلة
السياسة العمومية ،فأضحت التنمية الترابية تقوم على قرارات يتخذها الفاعلون الترابيون
من أجل تحسين نمط عيشهم وتحقيق وجود أفضل وبناء مستقبل يستجيب لطموحاتهم
وأمالهم ،أي أن استراتيجية التنمية الترابية تنفذ من طرف الساكنة المعنية ومن أجلها،
فالتنمية الترابية تربط بين فاعلين مختلفين وتوحد بين إرادتهم حول مختلف المشاريع
التنموية.
الئحة المصادروالمراجع
الحوار الوطني لإلعداد التراب " 5888املجال المغربي و اقع الحال" وزارة اعداد التراب
الوطني و التنمية الترابية.
بوجروف سعيد : 5835 ،الجهة والجهوية بالمغرب :أي مشروع ألي تراب؟ الطبعة األولى.
المطبعة والور اقة الوطنية ،مراكش.
ذ.حسن قرنفل "املجتمع المدني والنخبة السياسة ،إقصاء أم تكامل" .إفريقيا الشرق
المغرب 5888م.
دليل تحليل السياسات العامة ،دليل منجز في إطار مشروع دعم أعمال البرلمان
المغربي ،بدعم من الوكالة األمريكية للتنمية الدولية.
رشيد لبكر ،إعداد التراب الوطني ورهان التنمية الجهوية ،منشورات عكاظ ،الرباط،
.5885
مهتدي بوزكري :النخب القروية ،اإلدارة الترابية وسياسة التنمية القروية مساهمة في
دراسة الرهانات السوسيوسياسية للفاعلين.
عبد المالك ورد :الفاعل املحلي وسياسة المدينة بالمغرب ،سلسلة دراسات و ابحاث
رقم 58منشورات جامعة موالي اسماعيل كلية االداب والعلوم االنسانية مكناس الطبعة 5883/3
الصفحة .32
عبد الصمد عفيفي مـحاضرة حول تـحليل السياسات العمومية كلية األدب والعلوم
اإلنسانية.
Suzanne SAVEY, Espace, Territoire et Développement local. Université de
)Montpellier III (France
Saïd BOUJROUF, Innovation et recomposition territoriale au Maroc. Une
mise perspective géo-histoire. Rencontres de l’innovation territoriale.
)R). PASSET et (J). THEYS : ''Héritiers du futur : Aménagement de Territoire.
Environnement et développement durable'' Edition de l’Aube, Paris, 1995.
نجد على المستوى الدولي لجنة األمم المتحدة للقانون التجارة الدولي (األونسترال)
كرست هذه اللجنة جهودها طيلة الدورات بإصدار القانون النموذجي في مجال التجارة
اإللكترونية والذي سمي بشكل نهائي بقانون األونسترال 204بشأن التجارة اإللكترونية.
كما اهتمت منظمة العالمية بالتجارة اإللكترونية فأصدرت دراسة في عام 3000تحت
عنوان " التجارة اإللكترونية ودور منظمة التجارة العالمية " .أما على المستوى اإلقليمي نجد
املجلس األوربي من أولى الهيئات التي بحثت في مسألة قبول المستندات المأخوذة من
الحواسيب اآللية في اإلثبات.205
- 203محمد أحمد سيف بني غازي" ،التنظيم القانوني للعقود التجارة المبرمة عبر االنترنيت -دراسة مقارنة " -أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الدراسية 0202 :ـ
0200ص.0 :
- 204قانون األونسترال بشأن التجارة اإللكترونية تم اعتماده في 0221/00/01وذلك بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم
( )010/00في .0221/00/01قد تضمن هذا القانون جزأين من األحكام موزعة على 02مادة فضال عن الدليل التشريعي لهذا القانون
الذي عدته األمانة العامة للجنة األونسترال.
- 205هادي مسلم البشكاني" ،التنظيم القانوني للتجارة القانونية " دراسة مقارنة ،دار الكتب القانونية ،دار شتات للنشر
والبرمجيات ،مصر ،سنة ،0221ص.002 :
كما نجد المشرع المغربي مواكبة منه للتطورات الدولية في هذا املجال ،فقد أصدر
القانون رقم 80ـ 01المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات اإللكترونية ،206والذي يعتبر كأول
قانون ينظم مجال المعامالت اإللكترونية ،إذ عمل المشرع من خالله على تجريم ومعاقبة
مجموعة األفعال ،منها مقدم خدمات المصادقة اإللكترونية بدون التوفرعلى االعتماد للقيام
بذلك ،أو أنه يتوفر على االعتماد إال أنه سحب منه ومع ذلك استمر في مزاولة نشاطه ،أو أصدر
أو سلم أو دبرشهادات إلكترونية خالفا للقانون.207
ومن أجل ضمان سالمة تبادل المعطيات القانونية بطريقة إلكترونية وضمان سريتها،
فرض المشرع حماية مدنية وجنائية .األمر الذي يطرح إشكاال جوهريا مفاده :ماهية وحدود
الحماية المقررة في القانون 01.80لجميع المتدخلين في التجارة اإللكترونية؟.
إن الحماية المدنية لكل عقد كيفما كان نوعه وخاصة التجاري منه ،تتجلى في الوسائل
الكفيلة بهذه الحماية .بحيث أن الحماية المدنية تنقسم إلى أساليب الحماية ألطراف التعاقد
من حيث الحق في اإلعالم والدعاية عبر االنترنت والمصادقة اإللكترونية كآلية لتأمين التوقيع
بجميع أشكاله .ومن جهة ثانية ،المسؤولية المدنية ألطراف التعاقد.
لذا سنعمل من خالل هذا المبحث الحديث عن أساليب الحماية المدنية ألطراف
التعاقد في (المطلب األول) ،ثم ألوجه الحماية المدنية للتجارة اإللكترونية في (المطلب الثاني).
أساليب الحماية المدنية كثيرة ومتعددة سوف نقتصر منها على مسألتين مهمتين:
األولى ،وهي حماية المتعاقد المستهلك عبر االنترنت والمتعلقة بتقديم معلومات التي تكون
- 206ظهير شريف رقم 0.22.002الصادر بتاريخ 02ذو القعدة 22( 000.نونبر ،)0222بتنفيذ القانون رقم 02.20المتعلقة بالتبادل
اإللكتروني للمعطيات اإللكترونية ،الجريدة الرسمية عدد 00.0الصادر بتاريخ 00ذو القعدة 1( 000.دجنبر ،)0222ص.2.22 :
- 207سليمان المقداد" ،محاربة الجرائم المعلوماتية في القانون الجنائي المغربي" املجلة الدولية لألبحاث الجنائية والحكامة االمنية
العدد الثالث ،المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،سنة ،0202ص.022 :
سابقة على التعاقد حتى يكون هذا األخير على بينة من أمره وهذا اإلعالم يقع على المنهي أو
باألصح طالب التعاقد .ثم الدعاية والوثائق المتقدمة بشأنها.208
نشأ االلتزام باإلعالم قضائيا قبل أن تقرره بعض التشريعات والتي كانت سباقة
لتقنيه .ونقصد بذلك المشرع الفرنس ي الغرض منه حماية المستهلك المتعاقد عبراالنترنت مع
ً
المنهي ،فالمستهلك اإللكتروني ،قد يكون جاهال للتعامل مع السلع والخدمات الجديدة عبر
شبكة االنترنت الش يء الذي قد يجعل إرادته غيرواعية بحقيقة التصرف الذي سيقدم عليه.
ولعل االختالف يظهر جليا بين االلتزام بتقديم المعلومات في العقود التجارية وبين
العقود اإللكترونية ألن هذا األخيريكون بين غائبين من حيث المكان .فالعقود التقليدية تتم بين
شخصين حاضرين وااللتقاء المباشر فيما بينها ،حيث يتم االتفاق على كل جوانب العقد وهو
ً
ما جعل الرضا صحيحا رغبة كل طرف في الحفاظ على مصالحه والدفاع عنها بقدرممكن.3
الحق في اإلعالم يعني التزام المنهي بوضع المستهلك في مأمن ضد مخاطرالمنتج ،الش يء
الذي يستدعي تبيان املخاطرالتي قد تضربمصلحته .فاملحتوى الحقيقي لاللتزام باإلعالم يكمن
ً
في التزام المدين بتقديم معلومات معينة إلى الدائن فهذا االلتزام يعد التزاما بتحقيق نتيجة وال
يعفى منه المدين إال بثبوت حالة القوة القاهرة بمجرد ما يثبت الدائن وجود االلتزام باإلعالم.
ً
فإن المدين يكون مسئوال إذا لم يثبت أنه أدلى بالبيانات الالزمة إلى المتعاقد معه .209ويبررهذا
االلتزام باإلعالم أنه يجعل هذا االلتزام ذا جدوى ألنه يهدف في النهاية إلى تحقيق سالمة
المستهلك ووصوله إلى مبتغاه.
إذا كان المتعاقد بالطريقة التقليدية يتم عن طريق تبادل الوثائق والمستندات ،فإن
التعاقد اإللكتروني يتم عن طريق الشبكة اإللكترونية أي وسائط إلكترونية على شبكة االنترنت.
أي عن طريق الدعاية واإلعالن.
- 208محمد أحمد أبو سيد أحمد " ،حماية المستهلك في الفقه اإلسالمي " دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة األولى ،0222ص:
.0..
- 209محمد إبراهيم أبو الهيجاء " ،عقود التجارة اإللكترونية ـ العقد اإللكتروني ـ إثبات العقد اإللكتروني ـ الكومة اإللكترونية ـ القانون
الواجب التطبيق " دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى سنة ،0200/ 0020ص.2. :
وقد عرف أحد الفقه 210اإلعالن بأنه نشاط يعمل على عرض منتج أو خدمة ما للعامة
ً
بأي وسيلة من وسائل اإلعالن بطريقة مغرية ومثيرة بهدف جدب انتباههم إليه تحفيزا لهم على
التعاقد من أجل تحقيق ربح مادي.
أما المشرع المغربي ،فقد قام بالتطرق لإلعالن من خالل المادة 5من قانون 81ـ00
المتعلق باالتصال السمعي البصري ،211وكذلك بالرجوع إلى المرسوم رقم 5/35/081الصادر
في 33سبتمبر 5831بتطبيق بعض أحكام قانون 80ـ 13القاض ي بتحديد تدابيرحماية المستهلك
في المادة األولى ،يالحظ أن اإلعالن التقليدي ال يختلف عن اإلعالن اإللكتروني إال في الوسيلة
المستعملة وهي كونه في الثاني يتم من خالل شبكة االنترنت.212
كما أكد المشرع المغربي في القانون رقم 80ـ 13المتعلق بتحديد تدابيرحماية المستهلك
ً
في المادة 51وكذلك في المادة 52من نفس القانون على ضرورة أن يكون اإلعالن واضحا ألن في
ذلك أهمية بالغة بالنسبة لكافة أطراف العالقة التعاقد به االستهالكية.
العالمة التجارية هي كل ما يميز منتجا سلعة كان أو خدمة عن غيره وتشمل األسماء
ذات الشكل المميز واإلمضاءات والكلمات والحروف واألرقام والرسوم والرموز والدمغات
ً ً
واألختام والنقوش البارزة ومجموعة األلوان التي تميز شكال خاصا ومميزا وكذلك أي خليط من
هذه العناصرإذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييزعمل صناعي أو فالحي وإما تأدية
خدمة من الخدمات.3
- 210بوعبيد عباس ي " ،االلتزام باإلعالم في العقود " المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ،سنة ،022.ص... :
- 211إدريس النوازلي" ،حماية عقود التجارة اإللكترونية في القانون المغربي دراسة مقارنة " المطبعة والورقة الوطنية ،الطبعة األولى
0202مراكش ،ص. 2. :
- 212العربي محمد مياد" ،الوسيط في عقد اإلذعان " دراسة مقارنة مكتبة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط ،0200ص:
.002
وقد عرف المشرع المغربي العالمة التجارية التقليدية من خالل قانون 00ـ 30المتعلق
بحماية الملكية الصناعية المادة 311منه .وإذا كانت العالمة التجارية تعتمد على التداول
للسلع والخدمات بشكل مادي ملموس فإن األمريختلف في التجارة اإللكترونية بحيث يتم تداول
ً
السلع والخدمات إلكترونيا من خالل نظام معلوماتي يتم عرض السلعة على الشاشة مع تبيان
مزاياها وبعد االتفاق بعد التفاوض تصل السلعة إلى يد المستهلك أو يحصل على الخدمة ذاتها
من خالل الشبكة .فالفرق إذن في الطريقة والوسيلة ليس إال لكونها يؤديان نفس الوظيفة فهي
لها حماية قانونية ومدنية.
لعل أبرز أوجه الحماية التي يمكن أن يستفيد منها كل متعامل بأي وسيلة إلكترونية
ً ً ً ً
سواء كان هذا األخير شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا في إطار نشاطه التجاري االقتصادي أو
مدني هي تلك المسؤولية المدنية التي قد تطال كل من أخل بأحد أو بعض االلتزامات الملقاة
على عاتقه فهي التزامات قد تكون عقدية أي ناشئة عقب إبرام عقد بشكل إلكتروني وبالتالي
ً
فإن كل مخل لها يكون مسئوال مسؤولية عقدية .كما قد تكون التزامات قانونية ملقاة على جهة
معينة بمقتض ى القانون وبالتالي فإن اإلخالل بها سيعرض الملتزم بها إلى جزاء مدني جزاء
مسؤولية تقصيرية.213
كما أنه كلما حدث نزاع إال ويثار مشكل االختصاص القضائي والقانون الواجب
التطبيق ،خاصة أن المعامالت التجارة اإللكترونية تتم عن بعد وبشكل افتراض ي.214
- 213عبد الحميد أخريف " ،عقود االستهالك ـ البيع في الموطن ـ التعاقد عن بعد ـ العقد اإللكتروني " مطبعة أميمة فاس ،الطبعة
األولى ،0221ص.22 :
- 214محمود طالب البغدادي" ،االستخدام غير المشروع لبطاقة االئتمان المسؤولية الجزائية والمدنية " دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،طبعة ،022.ص.21 :
والمدين في إطار المسؤولية العقدية ال يسأل إال عن الضرر المباشر المتوقع إما
الضررغيرالمتوقع فال يثيرمسؤوليته.215
إن صور الضرر اإللكتروني تتعدد وتختلف طبيعته بحسب مجاله ونوعيته إال أن
ً ً
السمة الغالبة هو اتصاله بعالم التكنولوجيا الحديثة حيث يمثل طابعا معنويا في صوره
المعلوماتية التي لها طابع مادي.216
إن المسؤولية التقصيرية ترتبط دوما بشخص الفاعل بوجه عام والمسؤولية
التقصيرية عن فعل الغير مسؤولية استثنائية أساس تو افر ركن الضرر الذي أساسه أيضا
ً
يتحدد التعويض سواء أكان الضرر الذي نجم عن عمل غير مشروع متوقعا أو غير متوقع مادام
الضررمباشر .حيث يقع عبء إثبات الضررعلى عاتق المتعاقد في المعاملة اإللكترونية ألن هو
الذي يدعي الضرر وال تقوم المسؤولية ملجرد اإلخالل بااللتزام بل يتعين إصابة المتعاقد بضرر
نتيجة عدم التنفيذ المعيب أو الناقص أو التأخير فيه.217
إن تعقد املجال اإللكتروني نظرا لعدم وضوح األسباب المؤدية إلى الضرر ومصدرها
نتيجة تداخل المعلومات واألدوار في عالم افتراض ي بسبب خلل واحد قد يرتكبه عدة أشخاص
وفي زمن واحد وال تعرف أيهما أسبق إلثبات الفعل الضار اإللكتروني يصعب إثباته ألن معظم
األفعال الضارة ترتكب عن بعد.218
- 215محمود طالب البغدادي " ،الخدمات البنكية عبر االنترنت " دار الثقافة للنشر والتوزيع ،طبعة ،0222ص.0. :
- 216عبد الحميد أخريف ،مرجع سابق ،ص.20 :
- 217عبد الحميد أخريف ،مرجع سابق ،ص.22 :
- 218إدريس النوازلي ،مرجع سابق ،ص. 22 :
مما الشك فيه أن المنازعات الخاصة بالمعامالت الدولية في املجال اإللكتروني تخضع
للمبادئ والقواعد العامة في االختصاص الدولي للمحاكم حيث يمكن رفع الدعوى أمام محكمة
ً
موطن أو محل إقامة المدعي عليه ،وقد يتفق األطراف خروجا عن القاعدة العامة على تحديد
مكان االختصاص ملحكمة أخرى.
المشرع المغربي حدد محكمة المدعي عليه كمحكمة ينعقد لها االختصاص المكاني
قصد بذلك تنظيم العالقات الداخلية الش يء الذي لم يفعله بالنسبة لالختصاص الدولي .وترك
لألفراد حرية االختيار .لإلشارة فإن االختصاص بدعوى المسؤولية التقصيرية اإللكترونية
تخضع المنازعات بشأنها للضابط العام لالختصاص المتجلي في موطن أو محل إقامة المدعي
ً
عليه فضال عن أن تقدير االختصاص يرجع أيضا ملحكمة محل وقوع الفعل المنش ئ لاللتزام
بالتعويض أي محكمة التي وقع في إقليمها الخطأ أو الضرر.
ويعد االختيار الصريح للقانون الواجب التطبيق من قبل األطراف من أهم الوسائل
ً
لحل أشكال تنازع القوانين وفي حالة عدم االتفاق أو التنصيص عليه في العقد يكون الزما
البحث عن إرادة األطراف من أجل استخالص القانون الواجب التطبيق.
بحث المشرع الجزاءات المقررة لحماية العقد اإللكتروني وأطر افه والغير في المواد
من 50إلى 23من القانون رقم 80ـ 01المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية.
ً
ونظرا ألهمية التدخل الجنائي في مجال تبادل المعطيات اإللكترونية سوف نتطرق
إلى صور بعض الجرائم والعقوبات المالية والسالبة للحرية وفق مقتضيات قانون رقم 80ـ01
وكذلك للحماية الجنائية وفق بعض القوانين الخاصة.219
المطلب األول :الحماية الجنائية وفق قانون 80ـ 01المتعلق بالتبادل اإللكتروني
للمعطيات القانونية
- 219املختار بن أحمد عطار " ،العقد اإللكتروني " المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة األولى ، 0202ص.22 :
من أجل ضمان سالمة تبادل المعطيات القانونية بطريقة إلكترونية وضمان سريتها،
فرض المشرع حماية جنائية خاصة لوسائل التشفير من خالل المادة 15التي تجرم استيراد أو
توريد أو استغالل أو استعمال إحدى الوسائل أو خدمة من خدمات التشفير دون اإلدالء
بالتصريح أو الحصول على الترخيص المنصوص عليهما في المادتين 31220و 32من القانون رقم
.01.80
ولتحقيق حماية جنائية للتوقيع اإللكتروني ،عاقبت المادة 10كل استعمال غيرقانوني
للعناصر الشخصية إلنشاء التوقيع المتعلقة بتوقيع الغير ،وحماية لحجية الشهادة
اإللكترونية ،جرمت المادة 10االستمرار في استعمال الشهادة المذكورة بعد انتهاء مدة
صالحيتها أو بعد إلغائها.221
- 220تنص الفقرة األخيرة من المادة 02من القانون رقم 02.20على ما يلي ..." :يجوز للمحكمة أن تقرر نظاما مبسطا للتصريح أو
الترخيص أو اإلعفاء من التصريح أو من الترخيص بالنسبة لبعض أنواع وسائل أو خدمات التشفير أو بالنسبة لبعض فئات
المستعملين ".
وتنص المادة 02من نفس القانون على أنه" :يختص مقدمو خدمات المصادقة اإللكترونية المعتمدون لهذا الغرض وفقا ألحكام
المادة 00من هذا القانون ،بتوريد وسائل او خدمات التشفير الخاضعة للترخيص .وإذا تعذر ذلك ،تعين ان يكون األشخاص
الراغبون في تقديم خدمات التشفير الخاضعة للترخيص معتمدين لهذا الغرض من لدن اإلدارة".
- 221خالد عثماني" ،مكافحة الجريمة المعلوماتية في ضوء التشريع المغربي" مجلة العلوم الجنائية ،العدد األول ،مطبعة األمنية
الرباط ،سنة ،0200ص.00 :
- 222تنص المادة 02من قانون 20ـ 02على أنه" :يعاقب بغرامة من 02.222إلى 022.222درهم وبالحبس من ثالثة أشهر إلى سنة
ً
كل من قدم خدمات للمصادقة اإللكترونية المؤمنة دون أن يكون معتمدا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 00أعاله أو
ً
واصل نشاطه رغم سحب اعتماده أو أصدر أو سلم أو دبر شهادات إلكترونية مؤمنة خالفا ألحكام المادة ." 02
كما يعتبر فعال جرميا حسب نفس المادة مواصال نشاط مقدم خدمة المصادقة اإللكترونية
رغم سحب اعتماده أو إصدار أو تسليم أو تدبير شهادات إلكترونية مؤمنة خاللها ألحكام المادة
.58
ومن جهة فإن المادة )5(51تلزم مقدم خدمات المصادقة اإللكترونية الذي يصدر أو
يسلم أو يدبر الشهادات اإللكترونية بأن يخبر اإلدارة سلفا برغبته في إنهاء نشاطه داخل أجل
أقصاه شهران .وإخالل مقدمي خدمة المصادقة بواجب اإلخبار المذكور يدخل في دائرة
التجريم بنص المادة .13
المالحظ أن كال الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 50و 13من الجرائم الشكلية
التي ال يشترط فيها تحقق النتيجة اإلجرامية إذ يكفي تحقق أحد األفعال التي حددتها المادتان
المذكورتان ،وذلك بغض النظر عن النتائج التي يمكن أن تترتب عن إصدار أو تسليم شهادة
إلكترونية مؤقتة من طرف خدمة مصادقة غير معتمد مثال .وبهذا يتأكد أن إرادة المشرع تتجه
إلى ضمان احترام الضوابط التي تنظم المؤسسات املخولة حق تقديم خدمة المصادقة.223
لقد شدد المشرع على اعتماد التشفير كوسيلة لضمان سالمة تبادل المعطيات
ً
القانونية بطريقة إلكترونية أو تخزينها أو هما معا بكيفية توصل إلى ضمان سريتها ومصداقيتها
ومر اقبةتماميتها .وللحيلولة دون استخدام التشفير ألغراض غير مشروعة عاقب المشرع على
استيراد وسائل التشفيرأو تصديرها أو استغاللها أو تقديم خدمات متعلقة بها إذ تمت باملخالفة
ألحكام القانون.224
فقد استعان المشرع باألداة الجنائية وجرم أفعال االستيراد والتوريد واستغالل
إحدى الوسائل أو خدمة من خدمات التشفيردون اإلدالء بالتصريح أو الحصول على الترخيص
المنصوص عليه في المادتين 31و 225 32من قانون رقم 80ـ 01وذلك بمقتض ى المادة 22615من
نفس القانون.
المشرع المغربي ال يشترط تحقق نتيجة معينة لقيام هذه الجنحة إذ ال يكفي إثبات
ارتكاب أحد األفعال التي حددها المشرع على سبيل الحصروهي :االستيراد والتصدير ،التوريد
ّ
منصبة على وسائل أو خدمة من خدمات التشفيردون إدالء واالستغالل وإن تكون هذه األفعال
ً
الفاعل بتصحيح أو حصوله على الترخيص المنصوص عليه قانونا.
كما يالحظ أن المشرع لم يشترط توفر القصد الجنائي وبالتالي يمكن القول بأنه
حافظ على الطبيعة المادية والشكلية للجنحة المنصوص عليها في المادة 15من قانون 80ـ.01
كما اتجه المشرع نحو توسيع دائرة التجريم المتعلقة باستعمال واستخدام وسيلة
التشفيرما دام الفعل الجرمي يتحقق بمجرد تسهيل ،تمهيد ارتكاب جنحة أو جناية كيفما كانت.
حسب نص المادة 11من قانون 80ـ 01الذي ينطبق على حاالت جد متعددة.227
لقد عاقب المشرع المغربي على صور التجريم تطرقنا لها في الفقرة األولى بعقوبات
سالبة للحرية وأخرى مالية.
تتمثل العقوبات السالبة للحرية التي نص عليها المشرع المغربي بمقتض ى القانون
رقم 80ـ 01في عقوبات حبسية وعقوبة السجن .فالعقوبة الحبسية نصت عليها المواد 18 ، 50
10 13 ، 10 ، 15 ،13 ،من قانون 80ـ.01
ً
- 225تنص المادة 00من قانون رقم 20ـ 02على أنه " :يختص مقدمو خدمات المصادقة اإللكترونية المعتمدون لهذا الغرض وفقا
ألحكام المادة 00من هذا القانون بتوريد وسائل أو خدمات التشفير الخاضعة للترخيص .وإذا تعذر ذلك تعين أن يكون لألشخاص
الراغبين في تقديم خدمات التشفير الخاضعة للترخيص معتمدين لهذا الغرض من لدن اإلدارة ".
- 226تنص المادة 20من نفس القانون على أنه " :يعاقب بالحبس لمدة سنة وبغرامة مبلغها 022.222درهم كل من استورد أو صدر
أو ورد أو استغل أو استعمل إحدى الوسائل أو خدمة التشفير دون اإلدالء بالتصريح والحصول على الترخيص المنصوص عليهما في
المادتين 02و 00أعاله.
ً
يجوز للمحكمة أيضا أن تحكم بمصادرة وسائل التشفير المعنية.
- 227تنص المادة 22من قانون 20ـ 02على أنه " :عندما يتم استعمال وسيلة تشفير حسب مدلول المادة 00أعاله لتمهيد أو ارتكاب
جناية أو جنحة أو لتسهيل تمهيدها أو ارتكابها برفع الحد األقص ى للعقوبة السالبة للحرية المتعرض لها على النحو التالي:
ً
-السجن المؤبد إذا كان معاقبا على الجريمة بثالثين سنة من السجن ."...
وتختلف العقوبات الحبسية المنصوص عليها باختالف الفعل الجرمي المرتكب .إذ
يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى سنة كل من قدم خدمات للمصادقة اإللكترونية المؤمنة
ً
دون أن يكون معتمدا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 53ويعاقب من شهر إلى سنة
من أفش ى المعلومات المعهود بها إليه في إطار ممارسة نشاطاته أو وظيفته على نشرها حسب
المادة 18من قانون 80ـ.01
وبالنسبة لعقوبة السجن فقد نصت المادة 11حيث يرفع الحد األقص ى للعقوبة
السالبة للحرية التي يتعرض لها من استعمل وسيلة التشفيرلتمهيد أو ارتكاب جناية أو جنحة أو
لتسهيل تمهيدها أو ارتكابها.
أما فيما العقوبات المالية يبدوا أن المشرع نص على عقوبات مالية بقيمة مرتفعة
مقارنة مع الغرامات المنصوص عليها في القانون الجنائي العام يحكم بها بالموازاة مع العقوبات
الحبسية يعكس إرادته في تضييق الخناق على الخروقات التي يمكن أن ترتكب في ميدان
المعامالت التجارية اإللكترونية. 228
باإلضافة إلى المواد المشارإليها في العقوبة السالبة للحرية المادة 10من قانون 80ـ01
التي تنص على العقاب بالغرامة من 08.888إللى 088.888درهم دون تحديد العقوبة الحبسية
التي اكتفى المشرع بخصوصها باإلحالة على المقتضيات الجنائية األكثر صرامة والغرامة
المنصوص عليها في القانون رقم 80ـ 01تتراوح ما بين 388.888درهم كحد أدنى و 088.888درهم
كحد أقص ى في مجملها .حسب المادة 15من نفس القانون.229
ً
والمالحظ أن المشرع حافظ على سلطة القاض ي الجنائي في تفريد العقوبة طبقا
لمقتضيات الفصول 00ـ323ـ 323من املجموعة الجنائية ،وذلك في إطار الحكم بالعقوبة
المالية المالئمة للفعل الجرمي المرتكب وفي المقابل يبقى القاض ي الجنائي ملزما بالعقوبة
المالية والعقوبة الحبسية دون االقتصار على إحداهما ألن المشرع استعمل واو العطف في
جميع المواد التي تنص على العقوبة الحبسية والغرامة.230
لقد جاء قانون 80ـ 01بمقتض ى المادة 10ببعض التدابير الوقائية التي تعكس
ً
توجهات السياسة الجنائية الحديثة .التي أضحت تعطي حيزا حيزا هاما للسياسة الوقائية إذ
خول المشرع السلطة الوطنية صالحية ممارسة الرقابة والتتبع ً
بناء على تقارير أعوانها أو
خبراءها .و أيضا التدخل في حالة معاينة .باإلضافة إلى ذلك فإن السلطة الوطنية مؤهلة التخاذ
جميع التدابير التحفظية الضرورية لوضع حد للنشاط املخالف للقانون والذي من شأنه أن
يمس بمتطلبات الدفاع الوطني أو أمن الدولة الداخلي أو الخارجي .وبخصوص العقوبات
الخاصة بالشخص المعنوي فقد نص عليها المشرع بمقتض ى المادة 23128إذ رفع الغرامة التي
يحكم بها على األشخاص المعنوية .والحكم على الشخص المعنوي بالغرامة المالية ال يكفي
من إمكانية معاقبة المسيرين الذين يثبت ارتكابهم لفعل جرمي منصوص عليه في نفس المادة.
كما أن الشخص المعنوي يتعرض لبعض العقوبات اإلضافية .ويمكن القول بأن المشرع
المغربي ومن خالل النص على عقوبات األشخاص المعنوية بشكل مستقل يكون قد أقر
مسؤوليتها الجنائية.
عالوة على ذلك يمكن أن يتعرض الشخص المعنوي إلحدى العقوبات التالية:
باإلضافة إلى القانون رقم 80ـ 01هناك بعض المقتضيات الزجرية المنصوص عليها في
بعض القوانين الخاصة التي تتناول موضوع الحماية الجنائية المتعلق بالتعاقد اإللكتروني
- 231تنص المادة 02من قانون 20ـ 02على أنه " :إذا كان مرتكب الجريمة شخصا معنويا ،رفعت الغرامات المنصوص عليها في هذا
الباب إلى الضعف دون إخالل بالعقوبات التي يمكن تطبيقها على مسيريه المرتكبين إلحدى الجرائم المنصوص عليها أعاله.
خاصة قانون 88ـ 5المتعلق بالملكية األدبية والفنية 232وكذلك قانون 00ـ 30المتعلق بحماية
الملكية الصناعية.233
الفقرة األولى :الحماية الجنائية وفق قانون 88ـ 5المتعلق بالملكية األدبية والفنية
لقد اختار المشرع المغربي حماية برامج الحاسوب باالستثناء إلى القانون المنظم
ً
لحقوق المؤلف متأثرا باالتفاقية الدولية المتعلقة بعناصرالملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة
خاصة في مادتها العاشرة التي تنص على حماية الحاسوب .234إذ تنص المادة 235 32من قانون
88ـ 5على تجريم أفعال االعتداء على الحقوق املحمية بمقتض ى هذا القانون ومن بينها بالطبع
االعتداءات التي تستهدف برامج الحاسوب ،محيلة على العقوبات المنصوص عليها في القانون
الجنائي .واإلحالة على القانون الجنائي تفسح املجال لحماية برامج الحاسوب من أفعال
االعتداء سواء باللجوء إلى الفصول المنظمة لجريمة التزوير من الفصل 103إلى الفصل 130
أو تلك التي تجرم أفعال االعتداءات على الملكية األدبية والفنية بصفة عامة .من الفصل 000
إلى الفصل 000من القانون الجنائي .أن هذا التنوع في قواعد الزجر باإلحالة على القانون
ً
الجنائي بصفة عامة يتالءم مع الطبيعة الخاصة لفعل االعتداء على البرامج التي تتخذ صورا
متعددة ومتنوعة تختلف باختالف الحالة التي تكون الوثيقة المعلوماتية باعتبارها مجاال
للجريمة واالعتداء والتي يتدخل فيها ما هو مادي كالشرائط الممغنطة بما هو معنوي أي
املحتوى الفكري.236
الفقرة الثانية :الحماية الجنائية وفق قانون 00ـ 30المتعلق بحماية الملكية الصناعية
- 232القانون رقم 0.22المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق املجاورة ،الجريدة الرسمية عدد 0221الصادر بتاريخ 00 0.صفر
0000الموافق ل ( 0.مايو ،.)0222ص.0000 :
- 233القانون رقم 22ـ 02المتعلق بالملكية الصناعية ،الصادر بتنفيذه الظهير رقم 0.22.02بتاريخ ذي القعدة 0002الموافق 00
فبراير ،0222الجريدة الرسمية عدد 0221بتاريخ 2مارس .0222
- 234االتفاقية األوربية الخاصة باإلجرام اإللكتروني التي تم اعتمادها ببودابست بتاريخ .00/00/0220
- 235تنص ـالمادة 10من قانون 0.22على أنه" :يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة مالية تتراوح بين عشرة آالف
02.222ومائة آالف 022.222درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من قام بطريقة غير مشروعة وبأي وسيلة كانت بقصد
االستغالل التجاري بخرق معتمد ."...
- 236عبد الرحيم بن بوعبيدة وضياء علي أحمد نعمان " ،موسوعة التشريعات اإللكترونية المدنية والجنائية " المطبعة والوراقة
الوطنية مراكش ،الجزء الثاني ،طبعة ،0202ص.2.0 :
أعاد المشرع المغربي النظرفي قانون حماية الملكية الصناعية بمقتض ى قانون 00ـ30
لسنة 5888الذي تم تعديله وتتميمه بدوره بمقتض ى القانون رقم 13ـ 80لسنة 5883الذي جاء
ليوسع الحماية القانونية للصورالجديدة للملكية الصناعية والتجارية فنظم ألول مرة تصاميم
تشكيل الدو ائرالمدمجة باعتبارها مخترعات تتعلق بالميدان اإللكتروني وكذلك صورالحماية
الجنائية للرسوم والنماذج الصناعية وهي كذلك مبتكرات جديدة تتعلق بشكل المنتجات والتي
يمكن عرضها للتعاقد اإللكتروني.237
لقد نظم المشرع المغربي ألول مرة حماية تصاميم تشكل الدو ائر المدمجة من
المواد 08إلى 381من قانون رقم 00ـ .30وهذه التصاميم باعتبارها اختراعات كذلك تخضع
ً لنفس نظام براءات االختراع .وكل ّ
تعد على ذلك عن عمد يعتبر تزييفا يعاقب عليه بالحبس من
ٍّ
شهرين إلى ستة أشهروبغرامة مالية من 08.888إلى 088.888أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
أما الحماية التي يوفرها القانون للرسوم والنماذج تقتصرعلى تلك التي يمكن تجسيدها
ً
في شكل منتج صناعي أو حرفي .أما إذا كانت رسوما أو نماذج مجردة غيرقابلة لتنفيذها ماديا من
خالل منتج يجسدها عمليا فهي غير قابلة للتسجيل والحماية وهو ما قصده المشرع من خالل
ً
العبارة الواردة في المادة '' .382وأن يتأتى استخدامه نموذجا لصنع منتج صناعي أو حرفي "ولكي
تستفيد الرسوم والنماذج من الحماية القانونية يجب إيداعها وتسجيلها بمكتب الملكية
الصناعية وفق المسطرة التي حددها المشرع وبمقتض ى هذه الحماية القانونية ال يجوزألي كان
بما في ذلك أصحاب المو اقع اإللكترونية الذين يقدمون عروضا للتعاقد اإللكتروني أن
يستعملوا الرسوم والنماذج إال بإذن صاحبها.238
إن المقتضيات الزجرية المشارإليها في القانون 00ـ 30وإن كانت تبدو في الوهلة األولى
ً
ال تتصل بالنظام الحمائي للعقد اإللكتروني فهي تعتبر في الو اقع مصدرا مكمال للنصوص
الجنائية التي يمكن اللجوء إليها لتكريس الثقة في المعامالت التعاقدية.239
- 237فؤاد معالل " :شرح القانون التجاري المغربي الجديد " الطبعة الثالثة ،سنة 0222ص.220 :
- 238فؤاد معالل ،مرجع سابق ،ص. 221 :
- 239إدريس النوازلي ،مرجع سابق ،ص. 010 :
من خالل ما سبق ،يمكن القول أن الحماية القانونية سواء الحماية الجنائية أوالحماية
المدنية جاءت لتكريس العالقة التعاقدية في املجال اإللكتروني وحفظ الحقوق خاصة وإن
الوسيلة التي يتم بها العقد اإللكتروني عبراالنترنت معرضة للمخاطرمن طرف المتطفلين.
الئحة المراجع:
محمد أحمد سيف بني غازي" ،التنظيم القانوني للعقود التجارة المبرمة عبر االنترنيت
-دراسة مقارنة " -أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد األول ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الدراسية.5838 :
هادي مسلم البشكاني" ،التنظيم القانوني للتجارة القانونية " دراسة مقارنة ،دارالكتب
القانونية ،دارشتات للنشروالبرمجيات ،مصر ،سنة .5883
محمد أحمد أبوسيد أحمد " ،حماية المستهلك في الفقه اإلسالمي " دارالكتب العلمية،
بيروت ،الطبعة األولى .5881
محمد إبراهيم أبو الهيجاء " ،عقود التجارة اإللكترونية ـ العقد اإللكتروني ـ إثبات العقد
اإللكتروني ـ الكومة اإللكترونية ـ القانون الواجب التطبيق " دارالثقافة للنشروالتوزيع ،الطبعة
األولى سنة .5833/ 3215
إدريس النوازلي" ،حماية عقود التجارة اإللكترونية في القانون المغربي دراسة مقارنة "
المطبعة والورقة الوطنية ،الطبعة األولى 5838مراكش.
العربي محمد مياد" ،الوسيط في عقد اإلذعان " دراسة مقارنة مكتبة دار السالم
للطباعة والنشروالتوزيع بالرباط .5835
عبد الحميد أخريف " ،عقود االستهالك ـ البيع في الموطن ـ التعاقد عن بعد ـ العقد
اإللكتروني " مطبعة أميمة فاس ،الطبعة األولى .5883
محمود طالب البغدادي " ،الخدمات البنكية عبراالنترنت " دارالثقافة للنشروالتوزيع،
طبعة .5880
كما للنصوص القانونية أهمية كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة ،لذا يجب إعادة
النظرفي هذه النصوص حتى تخلق التوازن بين متطلبات التنمية المستدامة وحتمية املحافظة
على املجال البيئي.
و أيضا إذا كنا نتحدث عن إخراج نصوص قانونية تنادي بضرورة تحديثها في بعض
األحيان ،فإن هذا األمر لن يؤتي أكله إال بتطبيق هذه النصوص ،الش يء الذي يؤكد على ضرورة
إصالح الترسانة القضائية كذلك.
ولصبر أغوار هذا الموضوع بالدراسة والتحليل يحتم ذلك طرح إشكالية محورية
مفادها ،مدى مساهمة كل من الترسانة التشريعية والقضائية في حماية البعد اإليكوتنموية
بالمغرب؟
إن من الشروط الضرورية لنجاعة وفعالية العمل الجهوي ،وكذا القرار الجهوي هو
توضيح االختصاصات وتعزيزها بصورة دقيقة ،حتى تخلق التكامل واالنسجام والفعالية.
وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة المراد بلوغها والمراعية للبعد البيئي.
إن الصيغ العامة والفضفاضة التي وردت بها االختصاصات الموكلة إلى الجهة ،من
خالل القانون المنظم للجهات ال تسمح بكسب رهان التنمية ،ألن الجانب التنموي يحتم توفير
أدوات قانونية كافية واضحة وفعلية ،ال تعد أن تكون شكلية أو مبهمة وتفتقد طابع الدقة
والتحديد.
ولذلك ،فأول مسألة تستدعي الدراسة والتفكير والحسم فيها مستقبال هي توضيح
وتحديد االختصاصات بين الدولة والجهة ،وبين هذه األخيرة والجماعات الترابية األخرى.240
فالجهة ال يمكنها أن تقوم بوظيفتها على أحسن وجه ،أن لم يكن هناك توزيع جيد
لالختصاصات بين مختلف مستويات اإلدارة لالمركزية ،وتكون اختصاصاتها واضحة ومحددة،
بحيث تدرك الجهة المهام الموكلة إليها من أين تبدأ و أين تنتهي حدودها ،وتوضيح
االختصاصات وتدقيقها ،من شأنه تفادي التدبير ويساعد على تحقيق التنمية المنشودة
المنسجمة والمنسقة ،واالبتعاد عن التشابك واختالف األدوار وازدواجية التدخالت في إنجاز
المشاريع والعمليات واألشغال.
إذن ،فالتحدي الذي يجب إزالته يتعلق بوضع توازن جديد بين مختلف المستويات التي
تشكل الهرم الترابي ،بطريقة تسمح بتفادي خلق مجال للتعارض أو العداء.241
كما أن عملية نقل أو تفويت االختصاصات من الدولة إلى الجهة يتم بدون إعادة النظر
في اإلمكانيات والموارد المتوفرة ،و أيضا نقل االختصاصات يكون صوري وليس فعلي ،وهو ما
240ياسين طالع :صناعة التنمية بجهة الشاوية – ورديغة"رسالة لنيل دبلوم المستر في القانون العام كلية الحقوق بسطات
،1070/1077ص .781
241ياسين طالع" :صناعة التنمية بجهة الشاوية – ورديغة" ،مرجع سابق ،ص 788
ينتج عنه تكريس مسألة تداخل اختصاصات وتعميق حدة اإلبهام والغموض ،مثال كأن تقوم
الدولة بنقل اختصاص معين في مجال محدد بدون تمتيع الجهة بالوسائل التي كانت توظفها
لممارسة هذا االختصاص المنقول ،ألن تحديد االختصاصات الجهة بشكل واضح ودقيق من
شأنه أن يساعد المنتخبين الجهويين في رسم سياسة تنموية تنسجم وقادرة على رفع الزيادة من
الفعالية والمردودية ومن أجل تحقيق هذا الهدف القائم على تكامل األدواربين الدولة والجهة،
نرى من الضروري إعادة توزيع االختصاصات بين الطرفين بشكل منهجي يوظف مضامين
االنسجام والتالحم عن طريق األخذ بمقاربات شمولية قائمة على مبادئ حكماتية وواضحة
التدقيق.242
وعليه فال بد من إعادة النظر في توزيع االختصاصات بين الدولة والجهة وذلك على
أساس متوازن وعادل وهو ما يمكن تسميته ب " حكامة االختصاص" أو " حكامة توزيع
االختصاص" والتي يمكن أن تنبني على عدة أسس:
دقة التوزيع :أي معرفة حدود التدخل سواء تعلق األمر بالدولة في عالقتها بالجهة أو
بعالقة هذه األخيرة وباقي الجماعات الترابية ،إذ أن تحديد كل طرف لمهامه
واختصاصاته بشكل دقيق يسمح بتفعيل نظام املحاسبة ويسد الطريق أمام إتكال كل
جماعة على أخرى أو جهة على أخرى ،فضال عن أنه يساهم في الحد من التمويالت
املختلطة243
242محمد الرادة " :الجهة والتنمية الجهوية المندمجة بالمغرب"،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام كلية الحقوق بسطات
،1070/1077ص .756
243باني سمية :اإلصالح الجهوي في المغرب بين مطلب التنمية ورهان الديمقراطية" ،أطروحة لنيل شهادة الكتوراه في
القانون العام كلية الحقوق بسطات ،1075/1072ص .165
244إذا كان مفهوم التفريع قد عرف بعض النجاح ،خاصة في إطار بناء االتحاد األوربي ،فإن هذا المبدأ الزال يلفه بعض
الغموض ،ومن مفارقاته أنه ال يتم للجوء إليه بطريقة صريحة ،مع العلم أن الكثير من النماذج تعتمده إطارا مرجعيا بطريقة
ضمنية أو أغلب الدول تطبقه دون إدراكه ،كما أن تعريف هذا المبدأ يبقى جد صعب لكونه غامض فبالنسبة " لجون أيف نوضي
" JEAN – YVESNAUDETالظاهر أن مفهوم التفريع هو مصطلح فكري ديني ،وحديث ،ومحدود وحتى غير ليبرالي
لكن الحقيقة عكس ذلك ،كما أن جدور هذا المصطلح وأصوله تستمد من القانون الكنيسي خاصة الكاتوليكية االجتماعية ومن
األعراف السياسية والفلسفة القديمة والمتنوعة للفكر األوربي.
والفكرة األساسية التي يوحي بها مبدأ التفريع هي أن السلطة السياسية ال يجب أن تتدخل إال إذا عجز المجتمع بمختلف خالياه،،
من الفرد إلى العائلة ،إلى الحي وإلى المجموعات المتنوعة ،عن تلبية حاجياته ،فالمبدأ يتجاوز المفهوم البسيط للتنظيم
المؤسساتي ،إذ بنطبق على العالقات بين الفرد والمجتمع ،والعالقات بين المجتمع والمؤسسات قبل أن يساهم في أي توزيع
االختصاصات بين القاعدة والقمة.
وهو نوع من التوزيع الشريف لالختصاصات والموارد عمال بالمبدأ األصيل في " االلتزام
على حسم قانوني واضح أو تعاون وتفاهم شريف" أي ما يستطيع األدنى القيام به يترفع
عنه األعلى وما يعجزعنه األدنى يتواله األعلى.
وهذا يعني ،أن الدولة يجب أن تتخلى للجهات عن كل االختصاصات التي تستطيع
االضطالع بها ،فهو مبدأ ينصرف إلى وضع نظام في تسيير الشؤون العامة يفض ي إلى مالئمته
بحيث أن تطبيقه يسمح بإعطاء البنية اإلدارية مرونة أكثر ومالئمة أكبر وذلك راجع إلى قدرته
بتنظيم اتخاذ القرارات بشكل فوري وسليم ،وتظهر أهمية هذا المبدأ في كونه يخول للجهة أن
تدبر نفسها بنفسها ،وال يكون تدخل الدولة إال في حالة عجز الجهة ،وهذا ما يجعل من هذا
المبدأ له القدرة على تأطير االختالالت الو اقعية بين الجهة والجهات األخرى وما بين الدولة
والجهة.
وأمام االختالالت التي تعرفها معظم جهات المملكة المغربية ،فالسؤال الذي يمكن
طرحه أنيا ومستقبال هو :كيف للدولة أن تكون قوية بجهاتها وكيف للجهات ان تكون قوية
بمركزها؟ إذ في حالة ما وقع اختالل أو عجزكيف يمكن للدولة أن تتدخل وعلى أي أساس؟
لإلجابة عن هذه األسئلة يجب تطبيق ثالثة معايير وضبطها وهي :معيار الضرورة /
التناسب /والفعالية.245
العمل بالتدبير الجهوي :ويعني ذلك إسناد الدور األول في التدبير للمجلس الجهوي
بإعتباره القائد أو هكذا يفترض أن يكون املخطط والبناء اإلستراتيجي للتنمية الجهوية
الذي يمكنه من صالحيات المساهمة في وضع البرامج القطاعية وكذا مر اقبة وتنفيذ
المشاريع المبرمجة على مستوى التراب الجهوي مما يجعل الجهة مجلسا للتدبير.246
خاصة إذا تم توسيع صالحيات الوالة مع ضبطها وتقنينها فيما يتعلق بالعمل والتنسيق
وفي نفس االتجاه نجد عند أرسطو في قوله " إن السياسة هي فن حكم الرجال األحرار " وسان طوماس داكان SAINT
"THOMAS D’AQUINإن دور الحكومة يكمن في ضمان وتنمية والمحافظة على استقامة وإصالح األشخاص الخاضعين
لها" وجون لوك "J. LOKإن شكل السلطة يبقى أقل أهمية مقارنة مع تحديد دورها " وأدي طوك فيل ADE TOCQUE
"VILLEإن كل شخص يمكن أن يدير أمره والمجموعات المجتمعية تعرف تدبير شؤونها وهنا تكمن حيوية المجتمع المدني"
وهناك فقهاء آخرون ذوي الفكر الذي بجعل من التنظيم المجتمعي برتكز على سمو الفرد وكرامته.أورده :محمد الرادة ،مرجع
سابق ،ص .765
245محمد الرادة " :الجهة والتنمية الجهوية المندمجة بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص .768 / 761
246آمال بلشقر " :تدبير الجماعات الترابية لمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع ومتطلبات التنمية الجهوية المندمجة"،
ماطروحة في القانون العام كلية الحقوق اكدال الرباط ،1072/1075ص .122
بين القطاعات لآلممركزة في إطار برامج جهوية مندمجة يصبح خاللها الوالي أمرا
بالصرف نيابة عن الوزيرفي تنفيذ هذه البرامج.
إن جعل الجهة مجلسا للتدبير ،إنما يندرج في إطار النظرة الجديدة التي لم تعد تعتبر
التراب املحلي جزءا من املجال الطبيعي بقدر ما أصبح نظاما مفتوحا للعالقات والتفاعالت
واالنتاج ،وهذا يجعل منه حجر الزاوية في حل المشاكل االقتصادية واالجتماعية التي تدعمها
دينامية الجهات كأقطاب للتنمية وطرح حلول وأجوبة مندمجة لها.247
العمل بمبدأ القرب أو الحوار :بحيث تسند للجهات القضايا اللصيقة بسكانها والتي
تكون مؤهلة لالضطالع بها بفعالية أكثر.248
وبناء على ما تقدم ذكره يتبين أن توضيح العالقة بين الدولة والجهات يرتكزعلى ضرورة
إعادة النظرفي توزيع وتحديد االختصاصات بينهما ،حتى يتحقق التكامل في األدواربدل التداخل
واالزدواجية التي تؤدي إلى تشتيت جهود التنمية.
إن االرتقاء بالعالقة بين الدولة والجهة إلى مستوى تعاقدي وتشاركي في صياغة القرار
يفرض تنسيقا محكما في إنجازالمشاريع التنموية من خالل التنسيق بدل الوصاية كنقطة أولى،
وترشيدا فاعال للتدخالت الدولة والجماعات الترابية كافة في تدبير القطاعات املختلفة من
خالل اعتماد التخطيط االستراتيجي كنقطة ثانية ،مثل هذا العمل يقتض ي تضافر الجهود
والطاقات داخل الجهة في إطار توزيع واضح لالختصاصات بين مختلف المتدخلين وإشراك
المواطنين في تخطيط شؤونهم وفق مقاربة تشاركية كنقطة ثالثة.249
إن الهدف الرئيس ي الذي يسعى إليه المغرب من إصالح قانون البيئة هو إيجاد إطار
قانوني يضمن التوازن بين أمرين يظهران أحيانا متكاملين :املحافظة على البيئة بالنسبة لألجيال
247المصطفى بلقزبور ":توزيع االختصاصات بين الدولة والجهات" ،مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة األولى ،1077ص
.751
248باني سمية " :االصالح الجهوي في المغرب بين مطلب التنمية ورهان الديمقراطية" ،مرجع سابق ،ص .165
249شعيب الهاشمي ":الجهوية المتقدمة ورهان الحكامة الترابية بالمغرب " رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،كلية
الحقوق بسطات 1071 /1077ص .758
الحالية والمستقبلية ومتابعة التنمية االقتصادية ،إن إستراتيجية إصالح إدارة البيئة وحدها
يمكنها من خالل االختيارات المنسقة التي تتضمنها ضمان تنمية مستديمة.
وتبعا لذلك يجب تحقيق التماسك القانوني ملجموع النصوص البيئية الموجودة أوالتي
سيتم خلقها وكذلك تحقيق تالؤمها مع تطور التكنولوجيا وحالة األوساط المستقبلية،ويجب
على اإلصالحات أن تسمح للمغرب لمواجهة التزاماته الدولية بواسطة مقتضيات قانونه
الداخلي بطريقة تجعله يحترم تعهداته ،وباإلضافة إلى ذلك يتطلب األمرإشراك كل القوى الحية
لحماية البيئة ،ومما ال شك فيه أن اإلدارة هي الوسيلة األساسية لذلك ،لكن إشراك الجماعات
العمومية األخرى على المستوى املحلي وجمعيات الفاعلين االقتصاديين يبقى له أهمية.250
كما تشكل قضايا البيئة والمشاكل المرتبطة بها أحد الميادين التي أخذت تسائل
القانون منذ مدة ،بصورة تقتض ي إمعان النظر في روح النصوص التشريعية والتنظيمية ،في
سياق تفاعلها مع األوضاع والظروف البيئية الخاصة بتلك المشاكل ،فلترجمة متطلبات
التنمية المستدامة وضرورة التوفيق بين النمو واالنشغاالت البيئية ،ينبغي تجاوز المقاربة
التقليدية – التحليلية والبسيطة -واعتماد مقاربة نسقية وشمولية ،systémique et global
بحيث ال يمكن فصل هذا القانون عن السياسة البيئية المعتمدة في هذا املجال ،والتي ال ينبغي
عزلها هي كذلك عن السياسات األخرى ،في مجاالت إعدادا التراب الوطني والتعمير والفالحة
والطاقة والصحة والسياحة والتربية والتعليم.
ويهدف قانون حماية البيئة إلى استكمال التشريعات البيئة القائمة وإضفاء التماسك
عليها ،لتحويلها إلى أداة دعم فعالة لسياسة إعداد التراب ،كما يشكل إطار مرجعيا لمالئمة
المشاريع ذات المنفعة االقتصادية واالجتماعية والتي تنجزها مختلف القطاعات مع توجهات
سياسة إعداد التراب في ميدان املحافظة على الموارد واألوساط الطبيعية ،فهو ينبغي عليه
مراعات االرتباطات الوظيفية بين مكونات املحيط البيئي ،ويعمل على ضمان تمفصل وتناسق
وتآزرالتشريعات المتعلقة ب ( قانون الغابة – قانون الماء – قانون حماية األوساط الطبيعية
والمناطق الهشة.251)...
250نجيم مزيان ":إشكالية الحكامة القضائية والتنمية المستدامة" ،أطروحة الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق بسطات
،1071/1079ص .181
251حسنة كجي ":الجماعات الترابية وتدبير البيئة بين إمكانيات الحماية وعوائق التطبيق" ،مجلة العلوم القانونية الطبعة األولى
،1078ص .711
كما ينبغي العمل على مالئمة النصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها ،بما يضمن
إصالح ما ثم إفساده والوقاية من األضرارالتي قد تقع الحقا ،وحيث إن التراكمات كثيرة ومعقدة
في هذا املجال ،فإنه ينبغي إدراج هذا العمل ضمن مسلسل للتدوين والتطوير المطرد ،في إطار
ورشة وطنية تستوجب مدة معقولة من العمل المكتف ،يشترك فيها كل الفاعلين في هذا
املجال ،بغية التوصل إلى إقرارقانون بيئي يستجيب لمتطلبات القرن الواحد والعشرين ،فاألمر
يتعلق إذن بإقرار مسلسل قانوني مبني على المتطلبات الو اقعية وطبيعة المؤسسات واألجهزة
المعنية ،لكي تتمكن النصوص المعتمدة من االستجابة بصورة مالئمة لألوضاع الخاصة بهذا
املجال ،ويمكن بذلك ضمان قبولها واحترامها على نطاق واسع.
وتطوير اإلطار القانوني ،أو القوانين البيئية ،يقتض ي األخذ بعين االعتبار توفر العديد
من الجهات على مكونات مجالية مختلفة ومتنوعة ( الجبل – السهل – الغابة – الساحل –
المدن العتيقة )...وهذا ما أصبح بفرض التعامل مع الجانب القانوني والتنظيمي مع كل مكون
على حدة على أساس خصوصياته ،انطالقا من أن القوانين واألنظمة إذا كانت غير مالئمة
لخصوصيات املجال ،قد تصبح ال محال أداة عرقلة للتنمية بدل أن تكون وسيلة للدفع بها.252
وعليه يجب سد الفراغ التشريعي في مجال املحافظة على البيئة ،ومالئمة هذا التشريع
لمتطلبات التقدم العلمي والعالمي ،وإن كان المشرع قد خطا خطوات هامة من خالل القانون
رقم 33 .81المتعلق بحماية واستصالح البيئة ،والقانون رقم 35 .81المتعلق بدراسة التأثير
على البيئة ،والقانون رقم 31 .81المتعلق بمكافحة تلوث الهواء .253إذ وسع المشرع بشكل كبير
دائرة المتدخلين والمؤهلين إلثبات املخالفات البيئية ،وأعطى للمخاطر التي يحررونها حجية
قانونية معتبرة ،كما جاء في المادة 33من القانون رقم 31.81المتعلق بمكافحة تلوث الهواء،
والمادة 30من القانون رقم 50.88المتعلق بتدبيرالنفايات والتخلص منها.
252حسنة كجي " :الجماعات الترابية وتدبير البيئة بين إمكانيات الحماية وعوائق التطبيق" ،مرجع سابق ،ص .712
253يرجى اإلطالع على:
ظهير شريف رقم 7.01.56صادر في ربيع األول ( 71 / 7212ماي )1001بتنفيذ القانون رقم 77.01المتعلق
بحماية واستصالح البيئة.
ظهير شريف رقم 7.01.97صادر في ربيع األول ( 71 / 7212ماي )1001بتنفيذ القانون رقم 77.01المتعلق
بتنفيذ القانون رقم 71.01المتعلق بدراسة التأثير على البيئة.
ظهير شريف رقم 7.01.97صادر في ربيع األول ( 71 / 7212ماي )1001بتنفيذ القانون رقم 77.01المتعلق
بمكافحة التلوث الهواء.
وإذا كانت هذه اإلصالحات التي عرفها المغرب في شقها القانوني مهمة ،فإن دخلوها حيز
التنفيذ يتوقف على صدورنصوص تنظيمية وتطبيقية ،هو األمرالذي ال يزال لم يقم لحد اآلن،
ولذلك تبقى – أي اإلصالحات القانونية مجرد حبرعلى ورق.
كما رأينا سابقا بأنه تم اعتماد عددا من النصوص الهامة حول البيئة ،هذه النصوص
لها بالتأكيد مكانتها في إطار اإلصالح القانوني الذي يجب القيام به ،ولكن يجب إدماجها في إطار
قانوني متماسك ،هذا اإلطار يمكن أن يأخذ شكل مدونة حقيقية للبيئة ،وهو ما يبقي مطلبا
ملحا.
وال يمكن أن تكون لهذه المدونة داللتها الحقيقية إال تم العمل على:
و اتخاذ بعض المبادئ الموجهة للترسانة التشريعية والتنظيمية وتعطي لهذه األخيرة
تماسكها.
وبدون شك فإن الغاية األساسية لهذه المدونة تكمن في تجنب التناقضات وتسهيل
التكامل بين مختلف النصوص المشتتة التي لها تأثيرعلى البيئة.
254نجيم مزيان ":إشكالية الحكامة القضائية والتنمية المستدامة" ،مرجع سابق ،ص .165
وارتباطا بالتغيرات التي طالت املجتمع /وما لحق الدولة من تراجع واضح في وظائفها
ناهيك عن التغيرات اإلقليمية ،والتحوالت الدولية املحكومة بالعولمة وترابط العالقات
وتداخل المصالح في الوقت الراهن ،ازدادت أهمية القضاء كما ازدادت الحاجة إليه ،ولم يعد
دوره يقتصرعلى فض النزاعات بين الناس ،وتطبيق النصوص القانونية فحسب ،بل أنه يتجاوز
ذلك بكثير فبظل القضاء العادل والنزيه ،يستقر وتعتدل األحوال ،في أرضية مالئمة للعمل
واالستمارة.
غير أنه فيما يخص منظومة الالمركزية عموما ،وإشكالية غموض اختصاصات
الجماعات التراب ية على الخصوص ،ظل القضاء المغربي دائما في موقع الحياد ،ولم يتدخل في
فصل في ما يثار من نزاعات ناشئة عن التداخل في االختصاصات مما جعله موضوع انتقاد
شديد في مجموعة من التقاريرالرسمية وغيرالرسمية والداعية إلى ضرورة انخراطه ومساهمته
في التحوالت المهمة التي يعرفها المغرب على عدة مستويات بالشكل الذي يجعل منه ضامنا
ومحفزا حقيقيا في التنمية.256
255إن دور القضاء مهما كان أساسيا ومهما ،فإنه مشروط باالستقاللية مؤسسة القضاء كمبدأ ديمقراطي واجب التحقيق ،وفي
غياب هذه األخيرة ،نعتقد أنه من غير الممكن الحديث مساهمته ودوره في تكريس الجهوية المتقدمة.
=> أورده :المصطفى بلقزبور ":مبدأ التفريع واختصاصات الجهة بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص .176
256المصطفى بلقزبور " :مبدأ التفريع واختصاصات الجهة بالمغرب" ،أطروحة الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق
بسطات ،1072/1075ص .110
خاصة على مستوى توفير الشروط االقتصادية الضرورية لإلستثمار .257وهو ما يجعل
الفكر القضائي ككل ملزما بالتطور والخلق واإلبداع من أجل مواكبة التغيرات المتصارعة
والمتالحقة املحيطة به ،باعتباردوره البارزواملحوري كقاطرة للرقي واالزدهار.
ولضمان السيرالمنضبط لعمل واختصاصات الجهة وفق النهج المسطر له ،كان ال بد
من إحاطتها بحدود وضوابط تفاديا لريع واالنحراف،وألجل ذلك أحاطت السلطات المركزية
السلطة الالمركزية برقابة إدارية ومالية ضمانا لفعاليتها وتجنبا لالنحراف عن الوجه الصحيح
إال أنه أمام تمادي السلطة المركزية وتجاورها غيرالمبررأحيانا ،أصبح من الضروري قيام جهاز
قضائي محايد لتحقيق الديمقراطية الترابية ،على اعتبارأنه من غيرالمعمول أن تكون السلطة
المركزية طرفا وحكما في نفس الوقت ،وألن الرقابة القضائية تحتل المرتبة األولى من حيث
الفعالية المباشرة في الحفاظ على مبدأ الشرعية ،عن طريق احترام القانون من قبل اإلدارة،
وحتى تقوم الجهات وباقي الجماعات الترابية بدورها التنموي على النحو السليم ،يقتض ي األمر
تفعيل المر اقبة القضائية إن على مستوى اإلداري أوالمالي ،وذلك لتقويم عمل هذه الوحدات،
وثنيها عما يمكن أن يشوب أعمالها من إنحراف أو خروج عن النهج السليم.
واعتبارا للدور المهم واألساس ي الذي يمكن أن يلعبه القضاء في تطوير سياسة
الالمركزية الترابية ،وحماية االختصاصات من كل تطاول أو انحراف ،وبحكم موقعه المتميز
كمؤسسة دستورية ،فهو مطالب بالحرص على احترام مبدأ سيادة القانون في حدوده القصوى
دون تأثير بالتداعيات السلبية للتقشف السياس ي مما يقوي االختصاصات املحلية للجماعات
الترابية ويطورها .وما التنصيص األول مرة في روح الدستورعلى سلطة القضاء ،إال مؤشرواضح
على الدورالمهم الذي يلعبه القاض ي بشكل عام ،والقاض ي اإلداري بشكل خاص في بلورة وتفعيل
جهوية متقدمة وهادفة تروم الحرص الشديد على احترام وتطبيق القانون.258
لتعزيز وظيفة املجالس الجهوية للحسابات كهيأة للرقابة في تدعم التنظيم الالمركزي
وتزكي ثقافة املحاسبة والشفافية ،يفرض ذلك اإلسراع بتبني جملة من التدابير التي من شأنها
257نظرا لألهمية البالغة والدور األساسي للقضاء في تحقيق االستقرار االجتماعي وتوفير مناخ التقة في االقتصاد ،وتشجيع
االستثمار ،اعتمدت الدولة في السنوات العشر األخيرة مقاربة شمولية تهدف إلى إصالح قطاع العدالة والنهوض بالقضاء
باعتباره من أهم األوراش الكبرى في المجتمع.
258المصطفى بلقزبور ":مبدأ التفريع واختصاصات الجهة بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص .111
الرفع من أداء هذه املجالس وممارسة صالحيتها ومهامها على الوجه المطلوب ،لذلك البد بداية
من ضمان وتقوية استقاللية هذه األجهزة لتمكينها من االضطالع بمهامها بكل موضوعية
وفعالية ،وبمنأى عن أي تأثير خارجي كيفما كان مصدره ،كما يتعين كذلك التدقيق في مهامها
وتوجيه أشكالها نحو تقويم جودة المشاريع والخطط اإلنمائية وفق ما توص ي به المنظمات
الدولة للرقابة العليا وعلى غرارما سارت عليه األجهزة العليا للرقابة في كل من الواليات المتحدة
ودول االتحاد األوربي .259ومن المستحب أيضا أن تناط بهذه املحاكم اختصاصات استشارية
مشابهة لتك التي يمارسها املجلس األعلى للحسابات "بمقتض ى الفصل 320من الدستور" الذي
ينص على أن هذه األخيرة تبدل مساعدته للبرلمان في املجاالت المتعلقة بمر اقبة المالية
العامة ،وفي نفس السياق وبما أن فعالية الدور الذي تضطلع به املجالس الجهوية للحسابات
ترتبط بالمنهجية التي تعتمدها في عمليات المر اقبة ،فالمفروض أن يتم تجاوز المفهوم
التقليدي للرقابة المرتكز على احترام الشكليات والتركيز على قياس األداء وفعالية اإلنجازات
انطالقا من التحقق من تكلفة عوامل االنتاج وتقدير مساطر التدبير اإلداري المعقدة ،ثم
التأكيد من أن ما يتم اقتناؤه يساعد على جعل اآللة اإلدارية تتحرك في االتجاه وبالسرعة
المقريين ،أي االهتمام بقياس النتائج املحققة ومدى تطابقها مع األهداف املحددة سلفا وكلفة
اإلنجاز.
ومن جهة األخرى يتعين على املجالس العليا للحسابات أن تسهرعلى إرساء قواعد الفقه
واإلجتهاد القضائي المالي املحلي ،وتحدو في هذا الشأن حدو التجربة الفرنسية ،260لذلك يمكن
أن يتم تأسيس ،داخل هذه املحاكم لجنة تختص في المناهج بهدف تحقيق التنافس في
المالحظات التي تبديها وإعداد المراجعة النافعة للمر اقبة جودة التسييراملحلي.261
وعلى غرار بعض تجارب الدول المتقدمة في هذا املجال ،ينبغي تبني مقاربة جديدة في
إدماج املجالس الجهوية في محيطها العام ،تأخذ بعين االعتبار مختلف األبعاد الثقافية
واإلنسانية واالستراتيجية التدبيرية للرقابة فعل حضاري بامتياز.
259محمد اليعكوب " :المحاكم الجهوية للحسابات والديمقراطية المحلية بالمغرب" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
عدد ،707نونبر /دجنبر ،1077ص .711
260آمال بلشقر " :تدبير الجماعات الترابية للمشاريع التنموية بين إكراهات الواقع ومتطلبات التنمية الجهوية المندمجة" ،مرجع
سابق ،ص .181
261محمد اليعكوبي " :المحاكم الجهوية للحسابات والديمقراطية المحلية بالمغرب" ،مرجع سابق ،ص .715
وعموما ،يتعين التأكد على ضرورة دعم منظومة الرقابة المالية برمتها وإعادة إصالحها
بحكم ارتباط كل أعضاء العائلة الرقابية ببعضها البعض في سبيل تطوير المناهج
والمقاربات،الرامية إلى تطوير أداء العمل الرقابي بفعل العالقة الوطيدة بين الرقابة الداخلية
والرقابة الخارجية ثم العمل على التنسيق بين كل األجهزة الرقابية.
يساهم قضاء النيابة العامة في الحفاظ على البيئة عبرالسهرعلى القيام بدوره في ضوء
التشريعات المتوفرة ،وبالتالي يتعين حين تقييم دوره األخذ بعين االعتباراالطارالقانوني المتوفر
ومن هذا المنطلق يجب التأكيد على أن هذا الجهاز ال يمكن أن يقوم لوحده بدور فعال ،وتوفير
الحماية والحلول لقطاع عرف ومازال يعرف مشاكل متعددة ،بالنظر إلى حجم االعتداءات
والتدهور المتنامي للمجال البيئي ،دون تكاتف جهود كل المتدخلين من أجل الوصول إلى تبني
رؤية متكاملة تمكن من الحفاظ على املجال البيئي.
فاعتماد النصوص القانونية التي تعود إلى عهد الحماية من جهة والنقص التشريعي
الذي تعرفه النصوص المنظمة للبيئة من جهة أخرى وعدم مالئمة العقوبات التي تتضمنها
النصوص التشريعية حيث أنها ال تتمتع بقوة الردع الموازية لحجم املخالفات المتعلقة بالبيئة
وعدم تناول النصوص لكثير من المستجدات الهامة المتصلة بالبيئة وغياب االستقاللية في
عمل المؤسسات المسؤولة عن شؤون البيئة ،فعلى المستوى الزجري يالحظ أن المسطرة
القضائية بدءا من حيث تحريك الدعوى العمومية وممارستها الموكلة إلى قضاء النيابة العامة
ليست إال مسطرة تكميلية إن صح التعبيرالهدف منها توقيع عقوبات مخففة بعدما لحق املجال
البيئي الضرر الفادح ،بحيث يمتد إلى اآلخرين سواء كانوا أفراد أو مجتمعا أو دوال أو العالم
بأسره.
وإذا كان الدوراألساس ي في مجال حماية البيئة يقع على عاتق الجهاز الحكومي المكلف
بالبيئة فإنه يجب كذلك التسليم بأن قضية البيئة قضية مشركة تقتض ي التنسيق والتعاون
بين مختلف اإلدارات والوزارات والمنظمات غير الحكومية فعاليات املجتمع المدني
والمؤسسات العلمية والتربوية والهيئات الدولية المعنية.262
262محمد بغدود " :دور النيابة العامة في حماية المجال البيئي" ،المجلة المغربية في الفقه والقضاء ،مطبعة األمنية ،الرباط،
طبعة .1075
يجب أن يدرك القضاء مميزات قانون البيئة وبعض الحلول الجديدة نسبيا سواء تعلق
األمر باملحاكم الجنائية أو المدنية أو اإلدارية ،ويمثل وضع مسؤولية من نوع موضوعي حيز
التنفيذ مظهرا لهذا التجديد القانوني ،263نفس الش يء يخص التوسع الممكن للعقوبات
اإلدارية في القانون المغربي ،وقد رينأ سابقا بأن هذه الحركة يجب أن تصاحب بمر اقبة
قضائية .األمر الذي يقتض ي الرفع من خبرة األطر القضائية في مجال البيئة حتى تتمكن من
التقديرالسليم لخطورة أنشطة المنشآة المصنفة على البيئة ،خاصة وأن المادة 31من قانون
حماية واستصالح البيئة تنص على أن ":تصدراملحكمة املختصة التي رفعت إليها الدعوى أمرها
بمنبع استغالل المنشأة املخالفة للقانون إلى حين القيام باألشغال واإلصالحات الالزمة ،كما
يمكنها أن تأمر بإنجاز هذه األشغال واالصالحات بمعية اإلدارة وعلى نفقة مالك أو مستعمل
المنشأة".
وإلى جانب التكوين القانوني الصرف ،يجب تحسيس القضاة بأهمية الدفاع عن البيئة
حتى يتمكنوا من تقديرالعقوبات المراد تطبيقها على املخالفين ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى
يجب تكوين األعوان الذين يمارسون اختصاصات في مجال البيئة ،ويجب أن يمس هذا التكوين
بالدرجة األولى رؤساء أعوان األقسام المكلفة مباشرة بالبيئة ،وأعوان األقسام واألجهزة األخرى
التي تمارس بصفة مباشرة أو غيرمباشرة اختصاصات بيئية.
إن قانون البيئة قانون متميزوقادرعلى أن يشكل فرعا خاصا من القانون يستلزم تكوينا
متخصصا مكمال للتكوين القانوني العام ،وهذا التكوين بدون شك يعتبر ضروريا بالنسبة
للقانونيين في هذه األقسام ،ولكن يظهرأنه جد مهم بالنسبة للتقنيين مثال فيما يخص المفتش
المكلف بالمنشأة المصنفة والمكلفين بالتعميرواملختصين في إعداد التراب.264
خ ـاتمة :
263تنص المادة 91من قانون 77.01المتعلق بحماية واستصالح البيئة على أنه " :يعتبر مسؤوال دون الحاجة إلى إثبات خطأ
ما ،كل شخص مادي أو معنوي يخزن أو ينقل أو يستعمل محروقات أو مواد مضرة وخطيرة ،وكذا كل مشغل لمنشاة مصنفة
كما يحددها النص التطبيقي لهذا القانون ،تسبب في الحاق ضرر جسدي أو مادي له عالقة مباشرة أو غير مباشرة ممارسة
األنشطة المشار إليها أعاله"
أورده :نجيم مزيان " :إشكالية الحكامة القضائية والتنمية المستدامة" ،مرجع سابق ،ص .109
264نجيم مزيان " :إشكالية الحكامة القضائية والتنمية المستدامة" ،مرجغ سابق ،ص .101
بناءا على ما سبق ذكره إن الهدف الرئيس ي الذي يسعى إليه المغرب من إصالح قانون
البيئة هو إيجاد إطار قانوني يضمن التوازن بين أمرين يظهران أحيانا متكاملين :املحافظة على
البيئة بالنسبة لألجيال الحالية والمستقبلية ومتابعة التنمية االقتصادية ،إن إستراتيجية
إصالح إدارة البيئة وحدها يمكنها من خالل االختيارات المنسقة التي تتضمنها ضمان تنمية
مستديمة.
وتبعا لذلك يجب تحقيق التماسك القانوني ملجموع النصوص البيئية الموجودة أوالتي
سيتم خلقها وكذلك تحقيق تالؤمها مع تطور التكنولوجيا وحالة األوساط المستقبلية،ويجب
على اإلصالحات أن تسمح للمغرب لمواجهة التزاماته الدولية بواسطة مقتضيات قانونه
الداخلي بطريقة تجعله يحترم تعهداته ،وباإلضافة إلى ذلك يتطلب األمرإشراك كل القوى الحية
لحماية البيئة ،ومما ال شك فيه أن اإلدارة هي الوسيلة األساسية لذلك ،لكن إشراك الجماعات
العمومية األخرى على المستوى املحلي وجمعيات الفاعلين االقتصاديين يبقى له أهمية
،فاعتماد النصوص القانونية التي تعود إلى عهد الحماية من جهة والنقص التشريعي الذي
تعرفه النصوص المنظمة للبيئة من جهة أخرى وعدم مالئمة العقوبات التي تتضمنها النصوص
التشريعية حيث أنها ال تتمتع بقوة الردع الموازية لحجم املخالفات المتعلقة بالبيئة وعدم
تناول النصوص لكثير من المستجدات الهامة المتصلة بالبيئة وغياب االستقاللية في عمل
المؤسسات المسؤولة عن شؤون البيئة ،فعلى المستوى الزجري يالحظ أن المسطرة
القضائية بدءا من حيث تحريك الدعوى العمومية وممارستها الموكلة إلى قضاء النيابة العامة
ليست إال مسطرة تكميلية إن صح التعبيرالهدف منها توقيع عقوبات مخففة بعدما لحق املجال
البيئي الضرر الفادح ،بحيث يمتد إلى اآلخرين سواء كانوا أفراد أو مجتمعا أو دوال أو العالم
بأسره.
وإذا كان الدور األساس ي في مجال حماية البيئة يقع على عاتق الجهاز الحكومي
المكلف بالبيئة فإنه يجب كذلك التسليم بأن قضية البيئة قضية مشركة تقتض ي التنسيق
والتعاون بين مختلف اإلدارات والوزارات والمنظمات غير الحكومية فعاليات املجتمع المدني
والمؤسسات العلمية والتربوية والهيئات الدولية المعنية .
الئحة المراجع:
ياسين طالع :صناعة التنمية بجهة الشاوية – ورديغة"رسالة لنيل دبلوم المستر في
القانون العام كلية الحقوق بسطات .5838/5833
محمد الرادة " :الجهة والتنمية الجهوية المندمجة بالمغرب"،رسالة لنيل دبلوم
الماسترفي القانون العام كلية الحقوق بسطات .5838/5833
باني سمية :اإلصالح الجهوي في المغرب بين مطلب التنمية ورهان الديمقراطية"،
أطروحة لنيل شهادة الكتوراه في القانون العام كلية الحقوق بسطات .5830/5832
آمال بلشقر " :تدبير الجماعات الترابية لمشاريع التنموية بين إكراهات الو اقع
ومتطلبات التنمية الجهوية المندمجة" ،ماطروحة في القانون العام كلية الحقوق اكدال الرباط
.5832/5830
المصطفى بلقزبور ":توزيع االختصاصات بين الدولة والجهات" ،مطبعة طوب بريس
الرباط الطبعة األولى .5833
شعيب الهاشمي ":الجهوية المتقدمة ورهان الحكامة الترابية بالمغرب " رسالة لنيل
دبلوم الماسترفي القانون العام ،كلية الحقوق بسطات .5835 /5833
نجيم مزيان ":إشكالية الحكامة القضائية والتنمية المستدامة" ،أطروحة الدكتوراه في
القانون العام كلية الحقوق بسطات .5830/5833
حسنة كجي ":الجماعات الترابية وتدبير البيئة بين إمكانيات الحماية وعوائق
التطبيق" ،مجلة العلوم القانونية الطبعة األولى .5830
المصطفى بلقزبور " :مبدأ التفريع واختصاصات الجهة بالمغرب" ،أطروحة الدكتوراه
في القانون العام كلية الحقوق بسطات .5832/5830
محمد اليعكوب " :املحاكم الجهوية للحسابات والديمقراطية املحلية بالمغرب" ،املجلة
المغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد ،383نونبر/دجنبر.5833
محمد بغدود " :دور النيابة العامة في حماية املجال البيئي" ،املجلة المغربية في الفقه
والقضاء ،مطبعة األمنية ،الرباط ،طبعة .5830
–
و لما كان الهدف األسمى الذي تصبو إليه التشريعات الجنائية هو أن يصيب القاض ي
الحقيقة في حكمه سواء أكان باإلدانة أم بالبراءة ،فقد تفاوتت المساعي اإلنسانية عبر العصور
في البحث عن وسائل إثبات الجريمة ونسبتها إلى فاعلها؛ إذ اختلفت وسائل وكيفيات الوصول
إليها من مجتمع إلى آخر .ولم تتوقف أساليب مقاومة الجريمة في العصر الحديث ،بل تطورت
مع التطور العلمي؛ فظهرت الشرطة العلمية والتقنية نتيجة تطور العلوم التطبيقية وترسيخا
للنتائج الباهرة التي توصلت إليها أبحاث العلماء والتـي ساهمت في تأسيس علم االستدالل
الجنائي .وهو ما جعل هذا الجهاز يحتل مكانة معتبرة في البحث الجنائي العلمـي.
وفي هذا اإلطار ،يعد مسرح الجريمة أحد التطبيقات العلمية في علم التحقيق الجنائي،
حيث تلعب الشرطة التقنية والعلمية دوراملختص في استغالله واالستفادة منه لما يحتوي عليه
من آثار وأدلة جنائية مادية ومعنوية وقرائن ودالئل .وهذا يتطلب استعمال تقنيات وأساليب
علمية حديثة تسعى إلى أدلة اإلدانة أو البراءة بهدف كشف الغموض ومعرفة الحقيقة.
ما نوعية الوسائل والتقنيات التي تستعملها الشرطة التقنية والعلمية في مسرح
الجريمة؟
عرف اإلثبات الجنائي تطورات مذهلة بفعل التطور العلمي ،فأصبح القاض ي الجنائي
يشتغل باألدلة العلمية ألنها ذات حجية معتبرة يؤسس عليها حكمه باإلدانة أو البراءة .وتتكلف
بهذا النوع من األدلة مصالح الشرطة التقنية والعلمية باعتبارها الجهازاملختص في استكشاف
ومعالجة اآلثار المرتبطة بالجريمة .وتقع على عاتق هذا الجهاز مسؤولية التكفل بالبحث و
التحري عن الجناة باالعتماد على أحدث التقنيات العلمية في مجال البحث و اإلثبات انطالقا
من مسرح الجريمة إلى غاية عملية فحص اآلثار المادية المستكشفة داخل أحد المعاهد
العلمية الجنائية التابعة للقيادة العامة للدرك الملكي أو اإلدارة العامة لألمن الوطني.
وتطلع الشرطة التقنية و العلمية بحكم اختصاصها على تفاصيل كل و اقعة ،وهو ما
يجعلها مواكبة لجميع مراحل وقوع الجريمة و مالبساتها ،األمرالذي يساعد القاض ي في تقديره
لحكمه ألن كل حيثيات و ظروف الجريمة تم نقلها إليه بشكل أكثر مصداقية وبأدلة علمية تم
التوصل إليها بوسائل متطورة.
انطالقا مما سبق ،ستشمل دراسة الموضوع تحديد مفهوم ومهام الشرطة التقنية
والعلمية (المطلب األول) ثم تبيان األسس العلمية ألعمالها (المطلب الثاني).
تضم مؤسسة الدرك الملكي واإلدارة العامة لألمن الوطني في المغرب شرطة تقنية
وعلمية مكونة من خبراء وتقنيين وإداريين ،مهمتهم جمع وحفظ كل العناصر واآلثار المادية
للحادث اإلجرامي واستغاللها بتطبيق مختلف التقنيات العلمية التي تمكن من كشف هوية
مرتكبـي الجريمة ومعرفة أسلوبهم اإلجرامي .وهناك مفاهيم متعددة للشرطة العلمية والتقنية
منها :
مجموعة العلوم واألساليب التي ترمي إلى إقامة الدليل على اإلدانة من خالل الكشف
واستغالل اآلثار265.
مجموعة المبادئ العلمية واألساليب التقنية في البحث الجنائي إلثبات وقوع الجريمة
ومساعدة العدالة على تحديد هوية مرتكبيها وأسلوبه اإلجرامي.2
265.
Sciences Forensiques, Cours de la gendarmerie Royale. 2014, p.16.
2.
LERICHE (Anne), La criminalistique du mythe à la réalité quotidienne, éd. Kluwer, 2002. p 3.
3. DIAZ (charles), Police technique et scientifique, Presse Universitaire, France (PUF),2000.p 3.
بعد سرد هذه المفاهيم العامة المتعلقة بالشرطة التقنية والعلمية ،وجب تحديد
اختصاصات كال المكونين لهذا الجهاز(الفقرة األولى) ثم األساس العلمي الختصاصهما (الفقرة
الثانية).
برغم اعتبار الشرطة التقنية والعلمية جهازا واحدا ومتكامال ،إال أنه وجب التمييز بين
الشرطة العلمية من جهة والشرطة التقنية من جهة أخرى ،بحكم اختصاصات كل منهما .ذلك
أن عمل الشرطة التقنية (أوال) هو البحث عن اآلثارالماديةالظاهرة والخفية في مسرح الجريمة
وإرسالها إلى الشرطة العلمية .وبالمقابل ،فنطاق اختصاص الشرطة العلمية (ثانيا) هو
المعاهد واملختبرات العلمية للقيام بتحليل ودراسة ومقارنة اآلثار المادية التي استكشفتها
الشرطة التقنية.
اعتبارا ألهمية اآلثار المادية في اإلثبات الجنائي ،برزت الشرطة التقنية بصفتها جهازا
مختصا في البحث والتحري عن الجرائم ،يقوم في مسرح الجريمة بإجراء المعاينات المفيدة
واستكشاف اآلثارالمادية التي يطلق عليها البعض " الشاهد الصامت" .وتتجلى هذه المعاينات
في:
تنظيم عملية رفع وحفظ األدلة والعينات وكل وسائل اإلثبات بطريقة علمية وتقنية
َ
تكفل االستفادة منها بعد فحصها وتحليلها.
الشرطة العلمية جهاز مكون من خبراء أمنيين ومدنيين متخصصين في علوم األدلة
الملكي1 الجنائية ،يعملون بالمعاهد الجنائية التابعة على التوالي للضابطة القضائية للدرك
واإلدارة العامة لألمن الوطني .2وتتوفر على الوسائل العلمية واللوجستيكية المناسبة التـي
تمكنها من :
توصل الباحثون في علوم الجريمة إلى استثمار النظريات العلمية في مجال البحث عن
آثارالجريمة والكشف عنها .ومن أهم هذه النظريات :نظرية تبادل المواد .3وهي نظرية ساعدت
الشرطة التقنية والعلمية بصفة خاصة ثم املختصين في البحث والتحقيق الجنائيين على كشف
غموض الجرائم .لهذا ،سوف تتطرق هذه الفقرة الموالية لصاحب النظرية (أوال) ثم مضمون
النظرية (ثانيا) وأهميتها (ثالثا).
العالم الفرنس ي إدمون لوكارد Edmond Locardأستاذ الطب الشرعي ورجل القانون
ومؤسس أول مختبر للشرطة العلمية في العالم بمدينة ليون عام .3038كان معاصرا للباحث
الفرنس ي الكبير الفونس برتيون ،Alphonse Bertillon1واعتبـر أحد مؤسس ي علم االستدالل
.1أنش ـئ معهد األدلة الجنائية التابع للدرك الملكي ICGRعام 0222بتمارة تحت إسم مختبر األبحاث والتحليالت التقنية والعلمية
LARATESويعتبر من أهم المعاهد الجنائية في إفريقيا.
2في عام ،02.2تم إحداث أول مديرية للشرطة التقنية والعلمية .وفي عام ،0220تم تأسيس أول مختبر للشرطة العلمية بالدار
البيضاء .وفي عام 020.انطلق مشروع إحداث معهد العلوم واألدلة الجنائية.
3.
Principe de l’Echange d’Edmond Locard. Voir :
-MORUZZI (Jean-François), profession, Police scientifique, les compacts d’info, éd. Casterman 1998, p.36.
-Revue de la Gendarmerie Royale numéro 56, éd. Avril-Juin 2018. p.24 à 47.
1يعتبر الفونس برتيون من مؤسس ي علم التحقيق الجنائي الفني في أواخر القرن 02باعتماده أسلوب القياس الجسماني Anthropométrieإذ
عكف على أخد قياس أعضاء جسم كل مقبوض عليه ،وتمكن من تبويب نتائج القياس وحفظها في سجالت البوليس إلمكانية الرجوع إليها عند
الحاجة لكشف هوية مرتكبي الجرائم ،واستقر العمل بهذا األسلوب العلمي للتعرف على املجرمين المتنكرين ،غير أنه وأمام صعوبات تطبيقه في
الجنائي .2كما كان من المدافعين عن التعاون الدولي في ميدان محاربة الجريمة ،وهي الفكرة
التي تجسدت فيما بعد بإنشاء الشرطة الدولية ( .)Interpol
وقد نادى لوكارد بضرورة اعتماد المعطيات العلمية في كشف غموض الجرائم
بحيث ال ينبغي االكتفاء فقط بعلم الطب الشرعي ،بل يجب فتح املجال للعلوم الطبيعية
األخرى .فقام بوضع حيز لتطبيق هذا المبدأ العلمي الذي يقض ي بأن " كل فرد بمناسبة القيام
بأفعاله اإلجرامية في مكان معين يترك ويأخذ معه آثارا تتعلق بالدم ،العرق ،الغبار ،األنسجة،
الشعر ،التربة ...وغيرها ،هذه اآلثار تختلف في طبيعتها ،قد تكون فيزيائية ،كيميائية أو
بيولوجية؛ ولما توضع قيد الفحص والتحليل ،ستبوح بسر الجريمة وتكشفها1.
إن كل مجرم مهما حرص على ترك مسرح الجريمة خاليا من آثاره ،فسوف يترك فيه آثارا
ويأخذ منه أخرى ،سواء على جسمه أم مالبسه أو األدوات المستعملة في ارتكاب الجريمة .وهذه
اآلثارهي التي تدل على وجوده بمكان الحادث2.وبعبارة أخرى ،فالجريمة هي احتكاك وتالمس بين
عنصرين هما املجرم وما يحمله من وسائل الرتكاب جريمته ثم مسرح الجريمة وما به من
محتويات .وتطبيقا لهدا المبدأ العلمي ،فإن كل عنصرمن هذين العنصرين ال بد أن يترك آثاره
على العنصر الثاني3.
الواقع لجأ برتيون إلى التركيز على المالمح الخاصة بالرأس ألن الوجه وهو العضو القابل لالستكشاف البصري Portrait Parléوبذلك انتشرت
طريقة برتيون Bertillonnageفي دول العالم .أنظر:
-بهلول مليكة ،دور الشرطة العلمية والتقنية على الكشف عن الجريمة ،رسالة دكتوراه في الحقوق ،جامعة الجزائر ،0سنة 0202ص20
.1عبد الفتاح مراد ،شرح التحقيق الجنائي والبحث الفني ،دار الكتب والوثائق المصرية ،0222 ،ص .02
ال وجود لجريمة كاملة ،لذلك ساهمت نظرية تبادل المواد واآلثار مساهمة فعلية في
الكشف عن الجرائم .فالحقيقة العلمية أثبتت أن التالمس واالحتكاك واملجهود الذي يقوم به
املجرم ،مهما حرص على تفادي ترك آثاره على مسرح الجريمة معتمدا في ذلك على كفاءته
ومهارته اإلجرامية ،سوف يترك أثرا أيا كان حجمه و أيا كانت طبيعته من شأنه أن يربط الصلة
بينه وبين الجريمة .فمجرد رائحة العرق التي يخلفها املجرم بمسرح الجريمة تكفي لتحديد
شخصيته .ومن هنا تتجلى أهمية هذه النظرية العلمية التي تشكل أساسا للتحقيق الجنائي
الغنـي إلى يومنا هذا4.
ونظرا ألدوارها المهمة في البحث الجنائي ،سنتناول الطب الشرعي في (الفقرة األولى) ثم
دورمعاهد ومختبرات الشرطة التقنية والعلمية في البحث ضمن (الفقرة الثانية).
4 JALBY (Christian), la police technique et scientifique, P.U.F, 1er ed, 2009, p 10
1للخبرة أهمية في مسألة االثباث الجنائي .ولهذا خضض لها المشرع المغربي الباب الحادي عشر من القسم الثالث من الكتاب األول
من قانون المسطرة الجنائية (المواد من 020إلى )022وكذلك مواد الفرع الرابع من الباب األول من القسم الثالث من الكتاب الثاني
من نفس القانون المتعلقة باالستماع للشهود والخبراء ( المواد .)202 – 200
و بالرجوع إلى الفقرة األولى من المادة 020نجد أنها تنص على أن "يمكن لكل هيئة من هيئات التحقيق أو الحكم كلما عرضت مسالة
تقنية أن تأمر بإجراء خبرة إما تلقائيا وإما بطلب من النيابة العامة أو األطراف" .ويتضح من خالل هذه الفقرة أن مسالة إجراء الخبرة
خاضعة باألساس للسلطة التقديرية للمحكمة ،حيث يمكن أن تثيرها من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة العامة أو األطراف
ويكون للمحكمة إما أن توافق عليه أو أن ترفضه .ومما يثار في مسألة الموافقة أو الرفض هذه ،أنه إذا كانت الموافقة ال تثير أي
إشكال فإن رفض الطلب يطرح التساؤل حول هل تكون املحكمة مطالبة بتعليل ذلك الرفض أم ال؟ ومع سكوت المشرع في الحكم
عن هذه المسالة ،أجاب الفقه انطالقا من مضمون الفقرة الثالثة المادة 020من ق.م.ج المتعلقة بوجوب تعليل قاض ي التحقيق
أمره برفض الخبرة وجواز تطبيق مقتضيات هذه الفقرة حتى بالنسبة لقضاء الموضوع .لكن هذا الرأي الفقهي يخالف قرار املجلس
األعلى عدد 0012الصادر بتاريخ 02ماي 02.0ملف جنائي .0/22.0المنشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى الذي جاء فيه
"الخبرة وسيلة إثبات تملك معها املحكمة سلط تقديرية ال تخضع فيها لرقابة املجلس وإن عدم االستجابة لطلب إجراء الخبرة ال يؤثر
في قرار املحكمة وأن السكوت عنه يعد جوابا ضمنيا برفضه" .راجع بهذا الخصوص :
-العلمي عبد الواحد ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،الجزء الثاني في "التحقيق واملحاكمة" ،دار النشر النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،ط ،0222 ،0 .ص .002
تتكامل في مسرح الجريمة األدوار ما بين الشرطة التقنية والعلمية من جهة والطبيب
الشرعي في حالة استدعائه من جهة ثانية .وتترتب عن هذا التكامل االلتزامات التالية:
يجب على ضابط الشرطة القضائية ورجال الشرطة التقنية والعلمية أن يطلعوا
الطبيب الشرعي على كل المعلومات التي توصلوا إليها حتى يستطيع تكوين رأي في
القضية.
ال يجب تحريك الجثة أو جسد املجنـي عليه قبل فحص من طرف الطبيب الشرعي إال في
حاالت التدخل الطبـي المستعجل إلنقاذ حياة املجنـي عليه ،مع وجوب إبالغه بنوعية
التدخل.
ال يبدأ الطبيب الشرعي في فحص الجثمان قبل التأكد من االنتهاء من تصوير مسرح
الجريمة ورفع البصمات الالزمة.
لإلجابة على هذا التساؤل ،سنتطرق لهذه الوظيفة من خالل تحديد زمن الوفاة (أوال)
ثم تحديد سبب ونوع الوفاة (ثانيا).
من أهم واجبات الطبيب الشرعي في مسرح الجريمة ،خاصة الوفيات التي ال يوجد لها
شهود .فتحديد وقت حدوث الجريمة قد يدين المتهم أو ينقض ادعاءه بأنه كان في مكان آخر أو
يبرئ مشتبها فيه .ونظرا لتعدد العوامل التي تتدخل في تحديد زمن الوفاة ،1لم يتم التوصل إلى
طريقة واحدة مقبولة جازمة تحدد بدقة وقت حدوث الوفاة .ولذلك يفضل دائما أن يذكر
الطبيب الشرعي أن الوفاة في حدود ساعة من الساعات .ويتم تحديد زمن الوفاة من خالل
1نظرا للتقدم العلمي وما أتاحه من وسائل اإلنعاش كالتنفس االصطناعي ،جعل الطب الحديث عنصر الوفاة مرتبطا بتوقف الدماغ
عن العمل حتى وإن استمرت األجهزة األخرى في وظيفتها طبيعيا أو بدعم الوسائل الطبية .لإلطالع على الموضوع ،راجع
- Jean pierre Compana, Principes de la médecine légale, salgim, canal, 2005, p15.
المعاينات والمالحظات ومنها شهادة الشهود ،وقت آخر اتصال هاتفي أجراه أو استقبله
الضحية ،تاريخ الجريدة أو المشتريات وكذلك حالة الطعام ،وكذا التغييـرات المشاهدة بالجثة:
عند حدوث الوفاة ،تنخفض درجة حرارة الجسم الطبيعية تدريجيا حتى تتساوى مع
درجة حرارة الجو املحيط بالجثمان .وطبقا لقانون نيوتن ،تفقد الجثة الحرارة في الجو البارد
أسرع من الجو الحار .كذلك تبرد جثة الشخص النحيف بسرعة نظرا لصغر حجم طبقة
الدهون الموجودة تحت الجلد والتي تقلل فقد الحرارة .واألمرنفسه بالنسبة لألطفال .كما تبرد
بشكل أسرع الجثة المفرودة والعارية أو المغمورة في الماء أو التي عليها مالبس مبللة أو قطنية
عوض الصوفية ،كما تفقد الجثة الحرارة في الجو الرطب أسرع منها في الجو الجاف وكلما زادت
سرعة الرياح وحركة الهواء1.
تقاس درجة حرارة الجثة بميزان حرارة كيميائي يتم إدخاله لمسافة 0إلى 38سنتمترات
بفتحة الشرج ،ويترك لمدة 1دقائق .وتفقد الجثة عادة في المتوسط درجة مئوية واحدة من
حرارتها في الساعة ،وذلك بعد مض ي حوالي 1ساعات من الوفاة .لذلك تقاس حرارة الجثة ثم
خصم من ( 10درجة الحرارة الطبيعية) ثم يضاف لها 1فتعطي زمن الوفاة مثال إذا كانت حرارة
الجثة 50درجة مئوية ،فزمن الوفـ ـ ـ ـ ــاة 30 = 1 + 50 -10 :ساعة2.
-5الرسوب الدموي:
تتوقف الدورة الدموية مباشرة بعد توقف القلب ويهبط دم الجسد لألجزاء الشمالية
بحسب موضع الجثة ،مكونا الرسوب الدموي الذي يبدأ من الظهور بعد حوالي 5-3ساعة من
حدوث الوفاة ويكتمل تكوينه بعد ما بين 0 - 3ساعات.
-1تيبس الجثة:
و هو تصلب عضالت الجسم .ويبدأ تدريجيا مع حدوث الوفاة .وتتضح معالمه بعد فترة
ساعتين منها ويكتمل حدوثه ما بين 35-0ساعة ثم يبدأ في الزوال تدريجيا في حدود 35ساعة في
1هشام عبد الحميد فرح ،معاينة مسرح الجريمة ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،القاهرة ،0222 ،ص ..2
2هشام عبد الحميد فرح ،م.س ،ص ..2
الجو المعتدل .يبدأ التيبس الرمي في الظهور بالعضالت الصغيرة بالوجه قبل أن ينتشر إلى باقي
عضالت الجسد1.
ترتبط مدة التعفن بعدة عوامل أهمها درجة حرارة الجو؛ فالجثة التي توجد بمكان بارد
تقل حرارته عن 38درجات أو ساخن تفوق حرارته 08درجة ،يظهربها التعفن بعد فترات طويلة
ألن درجات الحرارة هذه غير مناسبة لظهوره بسرعة .كما ترتبط درجة التعفن بعمر المتوفي؛
فاألطفال الصغار مثال تتعفن جثثهم ببطء لقلة وجود الميكروبات بأجسادهم .كما يتأخر ظهور
التعفن الرمي في الجثث المدفونة في توابيت أو في التربة بخالف الجثث المدفونة سطحيا والتي
تتعفن أسرع بفعل التهوية والحرارة2.
-0التحول الموميائي:
أوما يسمى كذلك بالتحنيط الطبيعي وهوجفاف الجلد مع دكانة لون الجثة نتيجة تبخر
سوائل الجثة بفعل وجودها في جو شديد الحرارة (أكثرمن 08درجة مئوية) مما يؤدي إلى توقف
بكتيريا التعفن وعدم حدوثه بالجثة .يمكن من خالل مشاهدة التحول الموميائي بالجثة تحديد
الزمن التقريبي للوفاة ،حيث يبدأ التحول الموميائي في الظهور بالجثة بعد حوالي 1أسابيع
ويكتمل بعد حوالي 35 - 3شهرا3.
أثناء التشريح ،يسمح نوع الطعام ومستوى هضمه للطبيب الشرعي أن يأخذ فكرة
تقريبية عن الزمن المنقض ي بين آخر وجبة تناولها الشخص المتوفى ووقت حدوث الوفاة.
فالمعدة تفرغ محتوياتها في االثني عشر بعد حوالي ساعتين في الوجبات الخفيفة ،وبعد حوالي
2 -1ساعات في الوجبات المتوسطة وبعد حوالي 3 -2ساعات في الوجبات الدسمة الثقيلة.
لكن يصعب في حاالت كثيرة تحديد الزمن بدقة بفعل عوامل خارجية مرتبطة بصحة الضحية
ونوعية الطعام .كما أن وجود المعدة خالية أثناء التشريح يشيرإلى مض ي فترة 3- 2ساعات على
األقل بعد تناول آخر وجبة .ويشيرخلو المعدة واألمعاء الدقيقة من الطعام إلى مرور 35ساعة
على األقل يعد تناول آخر وجبة1.
في حاالت الموت المشتبه فيه ،يطلب من الطبيب الشرعي أن يحدد سبب ونوع الوفاة.
ويعرف سبب الوفاة بأنه المرض أو اإلصابة التي تحدث الخلل أو التعطيل للوظائف الحيوية في
الجسد مما يؤدي إلى حدوث الوفاة .ويتم تحديد سبب الوفاة من قبل الطبيب المعالج على
أساس تشخيص حالة المتوفى أثناء حياته ويعرف هذا باسم سبب الوفاة السريري أو من قبل
الطبيب الشرعي بعد إجراء الصفة التشريحية للجثة ويعرف هذا باسم سبب الوفاة االصابي.
وقد يكون تحديد سبب الوفاة واضحا ظاهريا مثل إصابة طعنية أو إصابة نارية وقد يكون غير
واضح ويستلزم إجراء تشريح على الجثة لتحديده.
أما عن أسباب الوفاة ،فيمكن تصنيفها إلى وفيات طبيعية ،وأخرى غيرطبيعية (انتحار،
تسمم ،قتل) ،ووفيات غيرمحددة الكيفية وذلك في حالة عدم توفرمعلومات كافية لتشخيصها
كوفاة طبيعية أو غير طبيعية2.
تختص المعاهد واملختبرات الجنائية التابعة للدرك الملكي واإلدارة العامة لألمن
الوطني في مقارنة األدلة التي تم رفعها من مسرح الجريمة مع تلك التي وجدت على المشتبه فيه
أو الضحية ،فبحسب نظرية ادمون لوكارد من الحتمي أن يترك الجاني آثارا أو بقايا في مسرح
الجريمة أثناء اقتر افه للفعل املجرم .وبالمقابل ،يحمل ال محالة معه آثارا من نفس المكان .ومن
أهم التخصصات بهذه ال معاهد هي شعبة البيولوجيا (أوال) شعبة الكيمياء والحرائق
والمتفجرات (ثانيا) شعبة السموم واملخدرات (ثالثا) شعبة الخبرة على المستندات والوثائق
(رابعا) شعبة التشخيص البالستي (خامسا) شعبة النظام اآللي للتعرف على البصمات
(سادسا) ثم شعبة اآلثارالرقمية والدعامات اإللكترونية (سابعا):
تجميع العينات البيولوجية ( دم ،مني ،خاليا جلدية ،أنسجة ،أسنان ،عظام ،بول) ...
ثم تخزينها بالشكل الذي ال يعرضها للتلف.
1لم تعرف البصمة الوراثية إال في عام 02.0حين نشر د .إليك جيفريز ،عالم الوراثة بجامعة ليسترا بانجلترا ،بحثا أوضح فيه أن
المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات وتعيد نفسها في تتابعات عشوائية غير مفهومة وواصل أبحاثه حتى توصل بعد عام واحد إلى أن
هذه التتابعا ت مميزة لكل فرد ،وال يمكن أن تتشابه بين اثنين إال في حاالت التوأم المتماثلة فقط ،بل إن احتمال تشابه بصمتين
وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في التريليون مما يجعل التشابه مستحيال .وسجل الدكتور أليك براءة اكتشافه عام 02.0وأطلق
على هذه التتابعات اسم :البصمة الوراثية لإلنسان the DNA finger printأو الطبعة الوراثية . DNA typingوتتجلى األهمية
العلمية للبصمة الوراثية في الميدان الجنائي في إمكانية الحصول عليها من نسيج الجسم أو إفرازاته أو سوائله ( مثل الشعر ،الدم،
اللعاب ،العرق) .ويكفي الختبار البصمة الوراثية نقطة دم صغيرة؛ بل إن شعرة واحدة إذا سقطت من جسم الشخص أو لعاب سال
من فمه كان هذا كفيأل بأن يوضح اختبار البصمة بوضوح .كما تبرز األهمية الجنائية للبصمة الجينية بكونها يستحيل مسحها على
عكس بصمة األصابع وال تتغير من مكان آلخر على جسم اإلنسان؛ فهي ثابتة بغض النظر عن نوع النسيج ،فالبصمة الوراثية التي في
العين تجد مثيالتها في الكبد والقلب والشعر.
-يتم اللجوء إلى خبرة البصمة الوراثية إلثبات النسب وذلك وفق ما هو وارد في آخر نص المادة 001من مدونة األسرة التي نصت على
ما يلي "....إذا أنكر الخاطب أن ذلك الحمل منه أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب".
-في ميدان االثباث الجنائي ،تكمن أهمية البصمة الجينية في كونها دليل مادي ال تقبل إثبات العكس إذ تعتبر وسيلة إثبات أو نفي
بنسبة .%022وتساهم في القضايا اإلجرامية في تحديد شخصية صاحب األثر والتعرف على املجرمين والتحقق من هوية الضحايا
والجثث المشبوهة واألشالء .أنظر :
-ويكييبيديا ،الموسوعة الحرة على الموقع االلكتروني ar.m.wikipédia.org.تاريخ الدخول 0202/2./22على الساعة السادسة
مساء.
1 La PCR, réaction de polymérisation en chaîne (Polymérase Chain Réaction), est une technique permettant d’obtenir
à partir d’un échantillon d’ADN d’importantes quantités d’une séquence d’ADN spécifique. Voir :
www.gris-pedagogie.org, consulté le 31/08/2019 à 22h40.
2طارق مهدي ،إجراءات البحث في مسرح الجريمة ،رسالة لنيل شهادة الماسترفي القانون الخاص ،ماستر العلوم الجنائية ،كلية
العلوم القانونية اإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة القاض ي عياض بمراكش ،عام 0202 -0200ص .02.
تشكل أهم تطبيق للكيمياء الجنائية ألنها تعمل على استخدام مختلف التحاليل
الكيميائية التـي يمكن تقسيمها إلى شقين أساسين:
وتعهد إلى خبراء هده الشعبة مهام تحليل المواد السامة من خالل تحديد نوعها 3وتقدير
كمية الجرعات التي تناولها األشخاص فيما يتعلق بالمشروبات الكحولية ،وكذا تحليل كافة
اإلفرازات الجسمية الحيوية وغيرالحيوية لتحديد مكوناتها والتي في الغالب ما يرجى منها تحديد
مكوناتها من مواد سامة تتيح العمل على مقارنتها بما يتم حجزه من مواد سامة لدى المشتبه
فيهم أو في مسرح الجريمة ،ثم تحليل محتويات المعدة واألمعاء والدم والبول وكذا األنسجة
البيولوجية لتحديد ما إذا كانت تحتوي على مواد سامة أيضا مع تحديد نسبة تركيزها في الدم
بالخصوص حينما يتعلق موضوع الخبرة بالوفيات المشبوهة والتسميم.
تطبق الكيمياء الجنائية أيضا في تحليل المواد المتفجرة التي يتم العثورعليها في مسرح
الجريمة سواء كان سيارة أو منزل أو مكان عام ،بحيث ال تخرج عن مكونات القنبلة أو العبوة
الناسفة من قبيل مفاتيح التشغيل أو البطارية المولدة للطاقة ،أو الحشوة المتفجرة ،أو
الجسم الحاوي للعبوة المتفجرة؛ وبالتالي فمجمل عمل خبراء هذه الشعبة يتمحورباألساس في
التعرف على مكونات القنبلة قبل انفجارها أو حتى تلك التي لم يتمكن الجناة من تفجيرها.1
يتمحورعمل هذه الشعبة على تشخيص وتحليل املخدرات المحجوزة من طرف مصالح
الشرطة القضائية أو القضاء ،أو تلك التي تم رفع بقاياها من مسرح الجريمة ،وهي عموما تكون
3تتوفر المعاهد الجنائية على عينات لجميع أنواع السموم والتي تشكل مرجعا أساسيا في التعرف على المواد السامة المستعملة في
الجرائم.
1في هذا املجال ،تجدر اإلشارة إلى تعاون المعاهد الجنائية المغربية مع معهد BKAاأللماني بحكم أن األلمان يتمتعون بالريادة
العالمية في هذا اإلختصاص.
في شكل مادة خام (مسحوق ،حبوب ،سوائل) وقد تكون عبارة عن عقاقير طبية ( منشطة،
مهدئة ،مهلوسة ،منومة.)..
تناط بهذه الشعبة مهام إنجازخبرات على الوثائق المزورة عن طريق مضاهاة الخطوط
ودراستها فيزيائيا وكيمائيا انطالقا من األحبار التي كتبت بها والورق الذي تضمنها ،ثم مطابقة
اإلمضاءات والتعرف على صحتها وأصليتها من جهة ،وكذا التعرف على النقود المزورة أوالمزيفة
من جهة أخرى ،وذلك عبر استخدام أجهزة فحص التزوير باألشعة فوق البنفسجية وتحت
الحمراء والعدسات المكبرة.
المالحظ أن أخطرالجرائم هي التي يتم تنفيذها باستعمال سالح ناري يستوجب البحث
َ
في شأنه تحديد نوعيته وحجزه .ويتم ذلك بمعرفة نوع العيارالناري المطلق انطالقا من الظرف
الفارغ إن عثر عليه في مسرح الجريمة أو من الرصاصة العالقة بجسد الضحية .بعدها يتم
تحديد هل الطلقة أطلقت عمدا أم عن طريق الخطأ انطالقا من وضعية الضحية و السالح إذا
تم العثور عليه بمسرح الجريمة .يتم أيضا فحص الظرف أو كبسولة الطلقة la douille
والمقذوف la balleمع تحديد مسافة الرمي والبحث عن البارود ،وفي األخيرالتعرف على الرقم
التسلسلي للسالح .ويعتمد في الفحص والخبرة الباليستية في هذا النوع من الجرائم على النظام
المتخصص والمعروف بنظام 1IBIS .يتميز هذا النظام بقدرته الفائقة على تحليل ومقارنة
الرصاصة وظرفها الفارغ في وقت وجيزبالمقارنة مع العمل الذي يمكن أن يقوم به الخبيرالتقني
المتخصص في األسلحة النارية ،باإلضافة إلى تحديد تاريخ الطلق الناري اعتمادا على الغازات
العالقة بالماسورة2.
تنبع األهمية القصوى للبصمات بمسرح الجريمة من كونها أثرا يتميزعن غيره من اآلثار
األخرى سواء كانت بيولوجية أم غيربيولوجية؛ ذلك أنه يخول السلطات المكلفة بالبحث تحديد
هوية المشتبه فيهم انطالقا من قاعدة بيانات البصمات المتوفرة لديها حول جميع األشخاص
باستثناء ما لم يبلغوا السن القانوني إلنجاز بطاقة تعريف وطنية أو أولئك الذين ال يتوفرون
عليها أصال .وتتم عملية تحديد البصمات من خالل تقنية النظام اآللي الذي يعتمد على قاعدة
بيانات رقمية بخصوص البصمات والمعروف بالنظام اآللي للتعرف على البصمات ( 2.)AFISكما
يعمل هذا النظام على مقارنة البصمات المرفوعة من مسرح الجريمة سواء كانت منطبقة على
األشياء واألماكن أم كانت متعلقة بجثث الضحايا 3أو من أشخاص مشتبه فيهم مع البصمات
المتوفرة بقاعدة البيانات املخزنة في النظام اآللي بدقة عالية ،أما الثانية فهي إضافة بصمات
املجرمين إلى قاعدة البيانات.
يعهد إلى هذه الشعبة معالجة اآلثارالرقمية والدعامات اإللكترونية؛ فاإلثبات الجنائي
باستخدام الوسائل الرقمية أخذ مكانة متميزة في كافة التشريعات الوطنية .ويتخذ الدليل
المستخلص من الوسائل اإللكترونية عدة أشكال :فقد يكون ممثال على شاكلة مستخرجات غير
ورقية يتم إنتاجها عن طريق الطابعات كالصور مثال ،وإما على شكل مستخرجات غير ورقية أو
إلكترونية كاألشرطة الصوتية واألقراص الممغنطة أو أسطوانات الفيديو ،أو ممثلة على شكل
أحرف وأرقام كعناوين العمالء وأرصدتهم في البنوك ،كما يمكنها التمثل في شكل بيانات معالجة
بواسطة الحاسوب أو األنترنت وغيرها من األشكال اإللكترونية غير التقليدية والتي يمكن
تقديمها كدليل مادي يصلح لالعتماد عليه أمام القضاء ،وذلك من أجل الربط بين الجريمة
واملجرم واملجني عليه.
و بالرغم من االنتقادات التي تعرضت لها هذه الوسائل عند توظيفها في مجال اإلثبات
الجنائي العتدائها على حرمة الحياة الخاصة لإلنسان والتي كرستها المواثيق الدولية واإلقليمية
ذات الصلة بحماية حقوق اإلنسان وكذلك الدساتير والقوانين الوطنية ،إال أن هذه التقنية
شقت طريقها إلى عالم اإلثبات الجنائي عن طريق إخضاعها للعديد من القيود والشكليات
3يتيح نظام AFISللتعرف اآللي على البصمات تحديد هوية الضحايا سواء كانوا من المغرب ،وحتى إن تعلق األمر بضحايا أجانب
وذلك عن طريق إرسالها إلكترونيا إلى سلطات بلدانهم األصلية.
املحددة بنص القانون ووفق ما تقتضيه المصلحة العامة .وعليه ،تتلخص أهمية هذه التقنيات
في مجال الكشف عن الجريمة والتعرف على الجاني في العناصرالتالية:
يوثق بنتائج أجهزة المر اقبة اإللكترونية في إثبات الجريمة وزجر املجرم ،شريطة
احترامها للقيود القانونية املحددة في النص التشريعي ،وذلك راجع إلى هيمنة العنصر
الرقمي في تقنيات عملها ،كما أن نسبة الخطأ تعتبر ضعيفة جدا مقارنة مع تقنيات
أخرى يتدخل فيها العنصرالبشري.
يعد التصوير بكاميرات المر اقبة عنصرا مساعدا لألجهزة األمنية في الكشف عن
مالبسات الجريمة وذلك بإعطاء صورة شاملة عن مسرح الجريمة ،ما يساعد على
تدارك بعض األخطاء البشرية مثل إغفال املحقق لبعض المالحظات أو البيانات ذات
األهمية في التحقيق الجنائي.
يلعب العنوان IPدورا فاعال في تحديد هوية مرتكبي الجرائم عبر االنترنت ونوعية
النشاط اإلجرامي الممارس وخاصة الجرائم اإلرهابية وجرائم االتجار في البشر
والنصب وجرائم التهديد والشرف...
كما أدى استخدام هذه التقنية إلى زيادة الردع الخاص من خالل ما تقدمه أجهزة
التصوير من صور مسجلة للحوادث اإلجرامية ،والتي تكون بمثابة دليل مادي على
ارتكاب الجريمة ،مما ينعكس بدوره على انخفاض معدل الجريمة واملحافظة على األمن
العمومي والنظام العام.
-266الباب الخامس من قانون المسطرة الجنائية المغربي المتعلق بالتقاط المكالمات واالتصاالت المنجزة بوسائل االتصال عن
بعد.
1سلماني عالء الدين ،دور الشرطة العلمية في إثبات الجريمة ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،جامعة محمد خيضر
بسكرة ،الجزائر ،0200-0202 ،ص .022
يعتري الجرائم وكشف الفاعلين .ويعد مسرح الجريمة النطاق المكاني الذي تباشرفيه الشرطة
التقنية والعلمية أعمالها بهدف كشف الحقيقة عن طريق عمليات المسح الدقيق والتوثيق
والبحث عن اآلثار المادية للجريمة ،ومن ثم القيام برفعها ثم فحصها ومضاهاتها في المعهد
الجنائي للتعرف على هوية الجاني.
وتتجلى أهمية مسرح الجريمة في كونه المكان الذي يحفظ أسرارالجريمة؛ فاملجرم مهما
كان حريصا ،ال بد أن يترك أثرا يدل عليه ،وهو أساس نظرية المبادلة 2التي تطرق إليها المبحث
األول من هدا الفصل و التي تعتبرأساس عمل الشرطة التقنية و العلمية الذي يتم وفق قواعد
محددة و مضبوطة.
وإلبراز أهمية الدور المنوط بالشرطة التقنية والعلمية بمسرح الجريمة ،سنتناول في
هذا المبحث تعريف مسرح الجريمة في (المطلب األول) قبل أن نتطرق في (المطلب الثاني) إلى
قواعد وإجراءات المعاينات الفنية.
يمكن الحديث عن مسرح الجريمة انطالقا من ظروف ووضعيات مختلفة :جثة تم
العثورعليها ،منزل تمت سرقته ،سيارة تعرضت للتخريب ،...ففي كل هذه الحاالت وغيرها هناك
جريمة تم اقتر افها تستدعي التعرف على الجاني انطالقا مما يبوح به مسرح الجريمة من أسرار.
فما مسرح الجريمة؟ و أين تتجلى أهميته؟ (الفقرة األولى) وما هي الطرق المتبعة في البحث عن
اآلثارورفعها في مسرح الجريمة؟ (الفقرة الثانية).
يالحظ في التشريع المغربي أن قانون المسطرة الجنائية لم يضع حدودا مكانية ووصفا
أو تعريفا لمسرح الجريمة واكتفى فقط بإعطائها صفة مكان وقوع الجريمة :المادة 00توجب
على ضباط الشرطة القضائية االنتقال فورا إلى عين مكان وقوع الجريمة إلجراء المعاينات
En 1920, Edmond LOCARD énonce que "Nul ne peut agir avec l’intensité que suppose l’action criminelle, sans laisser des
marques multiples sur son passage…" « On ne peut aller et revenir d’un endroit, entrer et sortir d’une pièce, sans apporter ou
prendre quelque chose qui se trouvait auparavant dans l’endroit ou la pièce. Immanquablement, nous laissons des traces,
»comme un escargot qui marque son chemin de sa bave
المفيدة؛ والمادة 20تمنع على كل شخص غير مؤهل قانونا أن يغير حالة مكان وقوع الجريمة؛
كما أن المادة 30تتيح لضابط الشرطة القضائية منع أي شخص مفيد في التحريات من االبتعاد
عن مكان وقوع الجريمة إلى أن تنتهي تحرياته .تبعا لذلك سوف نتطرق في هذه الفقرة الى ماهية
مسرح الجريمة (أوال) وأهميته (ثانيا).
لإللمام بهذه النقطة ،سنتطرق لمفهوم مسرح الجريمة ثم ألصنافه تباعا على الشكل
التالي:
في غياب اهتمام التشريعات بتعريف مسرح الجريمة ،تعددت آراء الفقهاء والباحثين في
تحديد مفهومه .ويمكن تعريفه كما يلي :
مسرح الجريمة هو "كل مكان ارتكبت فيه جريمة 1أو الرقعة المكانية التي تحدث فوقها
الجريمة بكل جزئياتها خاصة السلوك اإلجرامي والنتيجة".2
كما تم تعريفه بأنه" :نقطة انطالق سلطات البحث والتحقيق في مجال كشف الجريمة
وإزالة الغموض عنها؛ فهو يشكل مستودع أسرار الجريمة الذي يزود املختصين بكافة
األدلة التي تؤدي إلى الكشف عن الحقيقة".3
و يمكن تعريفه بأنه المكان الذي جرت فيه أطوار النشاط اإلجرامي للجاني أو وجدت
فيه آثارالجريمة ،ويبدأ منه عمل الضابطة القضائية والشرطة التقنية والعلمية قصد
البحث عن و اقع اآلثار التي خلفها الجاني في مسرح الجريمة ،والتي تعد بمثابة الشاهد
الصامت الذي يفيد البحث بمعلومات مؤكدة ال يخونها التعبير وال تؤثر فيها المؤثرات
االجتماعية وتتصف بالتبات والدوام.
1احمد ضياء الدين محمد خليل ،مشروعية الدليل في المواد الجنائية ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة عين شمس،02.0 ،
ص . 2.0
2طه احمد متولي ،التحقيق الجنائي وفن استنطاق مسرح الجريمة ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،0222 ،ص .01
3 Martin (jean claude), Investigations de scène de crime , Presse polytechniques et Universitaires Rommande,
انطالقا مما سبق ،يمكن تصنيف مسرح الجريمة وفق ظروف ومكان ارتكاب الو اقعة
اإلجرامية إلى أنواع متعددة ،منها:
َ
أ -مسرح الجريمة األولي :هو المكان الذي يعثـر فيه على جسم الجريمة أو الذي يرتكب
فيه الفاعل جرمه.
ب -مسرح الجريمة الثانوي أو الفرعي :هو المكان الذي يعثرفيه على أدلة مادية إضافية
حول الجريمة أو المكان الذي لجأ إليه الفاعل بقصد إخفاء معالم الجريمة أو تضليل العدالة
كنقل الجثة لمكان أخر.
ج -مسرح الجريمة المغلق :هو المكان الذي يتميز بوجود مداخل ومخارج حيث يمكن
فتحه أو غلقه والسيطرة عليه من قبل أصحابه والمسئولين عنه كالبنايات المشيدة (مساكن،
متاجر ،مخازن)...
د -مسرح الجريمة المفتوح :هو كل مكان مكشوف وغيرمغلق كالحقول أو المساحات أو
الطرقات العمومية .وبمجرد وقوع الجريمة ووصول املحققين ،تصبح هذه األماكن ،سواء كانت
مملوكة أم غير مملوكة ،في يد السلطات المكلفة بالبحث إلى حين إنتهاء عملياتها1.
و -مسرح الجريمة االلكتروني :ويتعلق األمر بالوسائل المعلوماتية التي تستعمل في
ارتكاب الفعل املجرم كالحاسب اآللي أو األنظمة اإلكترونية .وفي الغالب يكون مكان ارتكاب
الجريمة المعلوماتية مثل مكان ارتكاب الجرائم األخرى عندما يكون الهدف منها التخريب أو
إتالف البرامج أو تزوير المستندات والوثائق أو تفجيرالمباني والمنشآت1.
1عمر المعايطة (منصور) ،األدلة الجنائية والتحقيق الجنائي لرجال القضاء واإلدعاء العام واملحامين و أفراد الضابطة
العدلية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،األردن،0222 ،ص .1.
1ضياء علي نعمان ،م.س ،ص .212
الحقيقة .انطالقا من هذا المعطى ،يمكن إيجاز الدور الفعال لمسرح الجريمة ضمن األبحاث
الجنائية في مايلي:
يعتبرمسرح الجريمة هو نقطة انطالق البحث ونظرا ألهميته فان بعض الدول كبريطانيا
تخصص ضابطا خاصا بمسرح الجريمة.2
كما أن مسرح الجريمة هو أساس البحث الجنائي والتخطيط لعملياته انطالقا من
معرفة ظروف ومالبسات ودو افع الجريمة ،األسلوب المتبع وغيرها من المعطيات
المرتبطة سواء بالجريمة أو بمرتكبيها أو ضحاياها.
كما تعتبر األدلة والمعلومات المستنبطة من مسرح الجريمة على درجة عالية من
الصدق والدقة ألنها تتعلق بآثار ال تعرف الكذب 1.فهو شاهد صامت وخزان لآلثار
المادية التي تتوقف عليها إدانة المتهم أو تبرئته .2كذلك الفحص التقني لمسرح الجريمة
يسمح
يتم فحص مسرح الجريمة للبحث عن اآلثار المادية والكشف عنها ورفعها وتحريزها
وحجزها؛ ثم إرسالها للمعهد الجنائي 3لمضاهاتها مع العينة المشتبه فيها ،بعد تصويرها
2سعد احمد محمود سالمة ،مسرح الجريمة ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،ط ،0222 ،0.ص .202
1. LERICHE (Anne), op.cit, p 3.
وتحديد موقعها بالرسم .Croquisوتبعا لذلك ،سوف نتطرق في هذه الفقرة إلى طرق البحث
عن اآلثارورفعها (أوال) ثم حجزها (ثانيا).
يتبع القائمون بالفحص النمط الذي يتناسب مع ظروف كل و اقعة وبحسب اإلمكانات
البشرية والمادية المتاحة وطبيعة المكان وطبيعة اآلثار المادية المراد البحث عنها ورفuها،
ظاهرة أم غيرظاهرة ،حجمها (كبيرأم ضئيل) .ومن الطرق األكثرإتباعا في البحث والرفع :
أ -طرق البحث عن اآلثار :يمكن القيام بجرد أهم طرق البحث عن اآلثاركما يلي:
-3الطريقة الطولية :تعتبـر أسهل طرق البحث التي تستخدم بكفاءة في مسرح
الجريمة ولها أركان محددة ويمكن أن تتم بمحقق واحد إذا كانت الرقعة المكانية صغيرة ،حيث
يبدأ التحرك من أحد أركان المكان طوليا وعند وصوله للجدارالمواجه يأخذ خطوة جانبية تم
يعود عكس االتجاه موازيا لطريق الذهاب .ويكرر ذلك في المكان حتى االنتهاء من فحصه
بالكامل .وتستعمل هذه الطريقة كذلك في المساحات الكبيرة كالغابات والحقول ،حيث يتم
تقسيم مسرح الجريمة إلى مجموعة من المستطيالت يتم توزيع البحث فيها بنفس الطريقة
المتبعة على المستوى الطولي والعرضـي.
-5طريقة الشبكة :وتسمى كذلك طريقة الشريط المزدوج .وتستخدم في مسرح الجريمة
المهيكل هندسيا إلى مربع أو مستطيل ،1وتقض ي بوجوب إتباع القائمين بالمعاينة عند دخولهم
مكان الجريمة ،مسارين أو اتجاهين أحدهما يكون موازيا للضلعين الشرقي والغربي واآلخرموازي
للضلعين الشمالي والجنوبي.
-1طريقة التقسيم إلى المناطق :تستخدم هذه الطريقة بكفاءة في المو اقع
الداخلية؛ حيث يتم تقسيم مسرح الجريمة إلى مربعات أوقطاعات ويتم فحص كل مربع أوقطاع
عن طريق محقق واحد.
1محمد عنب (محمد) ،معاينة مسرح الجريمة ،ج ،0 .المركز العربي للدراسات األمنية و التدريب ،الرياض ،0220 ،صص .00 00
المكان؛ ثم يأخذ خطوة جانبية ويبدأ الدوران مرة أخرى ويكرر ذلك في المكان حتى االنتهاء من
فحصه بالكامل.
-5المسحة :تستخدم المسحات الجافة على جميع اآلثار الصغيرة حيث إن
الط بيعة الليفية لنهاية المسحة يمكنها بكفاءة جمع آثار معينة .تستخدم المسحات المبللة
بالماء المقطرفي جمع آثارسوائل الجسم الجاف .3
-1الشريط الالصق :وهو شريط الصق شفاف يوضع على الش يء المراد رفع
األثرعليه ثم ينزع ويوضع على قطعة زجاج نظيفة ثم يحرزفي وعاء أوحقيبة مدون عليها البيانات.
يستخدم الشريط الالصق في جميع اآلثار صغيرة الحجم وغير الظاهرة على األسطح أو األفرشة
وغيرهما.
يتمخض عن عمليات المعاينة والتفتيش التي يجريها ضابط الشرطة القضائية في
مسرح الجريمة ضبط األسلحة واألدوات التي استعملت في ارتكاب الجريمة ،لغاية إثباتها
ومواجهة المشتبه فيه خالل كافة أطوار الخصومة الجنائية .وصالحية الحجز وما يعقبه من
إجراءات ممنوحة لضابط الشرطة القضائية تجد أساسها في الفقرة الثانية وما بعدها من
المادة 00من قانون المسطرة الجنائية والتي جاء فيها ما يلي "...و عليه أن يحافظ على األدلة
القابلة لالندثار وعلى كل ما يمكن أن يساعد على إظهار الحقيقة وأن يحجز األسلحة واألدوات
التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو التي كانت معدة الرتكابها وكذا جميع ما قد يكون ناتجا عن
هذه الجريمة ،وتعرض األشياء المحجوزة على األشخاص المشتبه في مشاركتهم في الجناية أو
الجنحة قصد التعرف عليها".
كما تضمنت المادة 00من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها السادسة ما يلي:
ً
"تحص ى األشياء والوثائق المحجوزة فورا وتلف أو توضع في غالف أو وعاء أو كيس ويختم عليها
ضابط الشرطة القضائية .تتم هذه اإلجراءات بحضور األشخاص الذين حضروا التفتيش،
ويحرر ضابط الشرطة القضائية محضرا بما قام به من عمليات" .وضبط األشياء المتعلقة
بالجريمة إجراء ال ينحصردائما في إجراءات التفتيش ،بل يجد محله أيضا خالل إجراء المعاينة.
وعموما ،فاألشياء التي يمكن أن تكون محال للحجز 1من طرف ضابط الشرطة القضائية سواء
نتج هذا الحجزعن المعاينة أم التفتيش ،يحدد معيارها في كل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب
الجريمة أو نتج عنها .وكل ما يفيد في كشف الحقيقة ،وبالتالي ،فالمعيار هو الصلة بين الش يء
والجريمة 2.بعد الحجز ،يتم إجراء عملية الختم حيث يتم تشميع المحجوز أو وضع لصاق
الختم مع وضع طابع الختم بصفة تضمن سالمته ضد كل تغيير أو انتهاك مع اإلشارة إلى أن
الفتح غيرالقانوني لألختام يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
تكتس ي المعاينات أهمية بالغة في تحديد طريقة ارتكاب الجريمة ومعرفة مرتكبها .1فهي
تعتبر من أهم اإلجراءات والعمليات الخاصة بالبحث والتحري التي يقوم بها ضباط الشرطة
القضائية والشرطة التقنية والعلمية بمسرح الجريمة وفق ضوابط محددة ومتعارف عليها
1هناك أشياء ال يمكن تطبيق الحجز عليها وإن كانت تتوفر على ما يربطها بوقوع الجريمة وهو ما عليه المادة 020من ق.م.س ،التي تنص على
ما يلي "ال يمكن ان ينتج الدليل الكتابي عن الرسائل المتبادلة بين المتهم ومحاميه".
2. Serge Guinchard- Jacques Buisson, procédure pénale , lexis Nexis, Paris, 10ème édition, 2014. p. 333.
.1نظرا لعدم دراية ض.ش ق بأهمية قواعد الشرطة التقنية ،فقد أصبح لزاما على تقنيي مسرح الجريمة الحصول على دبلوم الشرطة
القضائية .كما تجب اإلشارة إلى حضور خبراء الشرطة العلمية بمكان الجريمة عند وقوع الجرائم الكبرى أو الغامضة.
دوليا 2.إذ فور علمهم بالجريمة ،ينتقلون الى عين المكان بعد إعالم النيابة العامة وأخذ إذنها
وإخبار السلطات الرئاسية 3.وبالنظر ألهمية هذا اإلجراء ،سنتطرق لمفهومه وأهميته (الفقرة
األولى) ثم التدابيرالمتخذة أثناء المعاينات بمسرح الجريمة (الفقرة الثانية).
المالحظ أن المعاينة هي إثبات حالة وو اقعة من خالل التدوين الشامل والدقيق لكل
التفاصيل المرتبطة بمكان وقوع الجريمة كما تركه الجاني :أبواب مفتوحة أم مغلقة ،نوعية
وشكل اإلضاءة ،رائحة السجائر أو العطر ،عالمات أنشطة كاألكل ،مؤشرات التاريخ كالرسائل
والجرائد ...فالمعاينة بصفة عامة تعني إثبات ومشاهدة حالة سواء تعلق األمر بحالة األماكن
أو حالة األشخاص أو األشياء وكل ما يتعلق بماديات الجريمة .كذلك يقصد بالمعاينة بمسرح
الجريمة مجموعة من العمليات التي يقوم بها المعاين وفق األساليب العلمية والتقنية الهادفة
إلى تجميع العناصر التي من شانها بيان كيفية وقوع الجريمة من جهة والوصول إلى مرتكبها من
جهة أخرى1.
َ
وأس َبغ المشرع على المعاينات صفة المفيدة ،ألن دور املحقق يتمثل في البحث عن
الحقيقة من خالل القيام بكل ما هو مفيد ليجري البحث وفق طبيعة كل جريمة وما تقتضيه
2.
La gestion de la scène d’investigation a été consolidée par des protocoles et des standards de qualité:
3واجب إخبار السلطات الرئاسية نصت عليه المادة 01من ق .م.ج ،وكذا ما يقض ي به الفصل 00من الظهير الشريف رقم
0.02.0.2بشأن مصلحة الدرك الملكي ضمن الباب الثالث منه والمتعلق باتصاالت الدرك بالسلطة اإلدارية ،وأخيرا ما يستفاد من
نص المادة 02من النظام األساس ي لموظفي األمن الوطنـي.
1رمسيس بهنام ،البوليس العلمي أو فن التحقيق ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،0221 ،ص ..2
خصوصيتها .كما أن هذه المعاينات ال يمكن أن تكون مفيدة إال إذا أتت على وجه السرعة ألن
كل تغييرفي حالة األمكنة سيفسد املجهود المبذول إلنجاح البحث والتحقيق.2
ولم يشترط المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية إجراء المعاينات في وقت
معين ،و إنما اشترط الفورية في االنتقال لمسرح الجريمة للمحافظة عليه ومنع العبث باآلثار
المتخلفة عن الجريمة واملجرم .كما أن المعاينة وعلى خالف إجراء التفتيش ،ال تشكل مساسا
بحقوق األفراد وحرمتهم ولم يحطها المشرع بقيود قانونية ،كما أنها ال تتطلب حضور المتهم أو
صاحب المكان الذي ستجري المعاينة فيه.3
في مسرح الجريمة تكون األولوية إلغاثة وإسعاف المصابين؛ فحياة اإلنسان أولى
بالحماية .وقد أثارت المادة 20من قانون المسطرة الجنائية هذا الواجب في الفقرة الثانية التي
جاء فيها "على أنه يسمح بصفة استثنائية بهذه المتغيرات أو هذه اإلزاالت إذا كانت تفرضها
2تنص المادة 02من ق.م.ج على ما يلي" :يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي أشعر بحالة تلبس بجنحة أو جناية أن يخبر
النيابة العامة فورا وينتقل في الحال إلى مكان ارتكابها إلجراء المعاينات المفيدة"...
3إذا كانت غاية التفتيش الجنائي ضبط اآلثار المتخلفة عن ارتكاب الجريمة واألشياء التي استخدمت فيها والتي تكون بتفتيش
المسكن طبقا لإلجراءات المنصوص عليها في المواد 12 – 10 – 10 – 12 – 02من قانون المسطرة الجنائية ،فالمالحظ من خالل
الصياغة التي جاء بها المشرع في المادتين 02و 12أن مباشرة التفتيش تتم ألجل إثبات الجريمة وليس اكتشافها ،ويراد به ضبط
األشياء املحتمل وجودها إما لدى المشارك في تنفيذ الجريمة أو لدى الغير املحتمل حيازته ألشياء ومستندات لها عالقة باألفعال
اإلجرامية.
ضرورة املحافظة على السالمة والصحة العمومية واإلسعافات للضحايا" .في هذا األمر ،يقوم
تقنيو مسرح الجريمة بتوجيه رجال اإلغاثة واألطقم الطبية ورجال الوقاية المدنية عبر ممرات
خاصة مع اتخاذ التدابير األمنية المتعلقة باملحافظة على مسرح الجريمة وعدم فرار األضناء
منه .كما يقومون بتدوين كل المالحظات والتفاصيل حول وضعية األمكنة وكل تغيير أو تشويه
لحق بها .في حالة وجود ضحية متوفاة ،ال يتم لمس الجثة قبل إجراء فحص دقيق من طرف
الطبيب الشرعي1.
من الطبيعي أن يكون للجريمة وقع على الجمهور؛ فالتجمهرواحتمال ردة فعل ثأرية أو
غاضبة أو نشوب اشتباك بين عائالت الضحايا والجناة ،كلها أحداث تشكل تهديدا لسالمة
األشخاص والممتلكات ،خصوصا إذا تعلق األمربمسرح الجريمة المفتوح .لذلك تتخذ األجهزة
األمنية التدابيرواالحتياطات الوقائية الالزمة كما تعمد إلى تنظيم حركة السيروالجوالن وتفريق
الجمهوربسالسة وحماية األضناء من عمليات االنتقام.
مسؤولية املحافظة على مسرح الجريمة تجد سندها في كون اآلثار المادية املحتمل
وجودها فيه ،هي قوام اإلثبات الجنائي في القضية محل البحث ،لذلك ،فاملحافظة عليه هي
الضامن األساس ي لنجاح عملية البحث .وهو ما نصت عليه المادة 00من قانون المسطرة
الجنائية التي جاء فيها ما يلي" :يمنع على كل شخص غيرمؤهل قانونا أن يغيرحالة المكان الذي
وقعت فيه الجريمة ،أو أن يقوم بإزالة أي ش يء قبل القيام بالعمليات األولية للبحث القضائي،
وذلك تحت طائلة غرامة تتراوح بين 3.588و38.888درهم .وإذا كان القصد من محواألثرأوإزالة
أشياء هو عرقلة سيرالعدالة ،تكون العقوبة هي الحبس من ثالثة أشهرإلى ثالث سنوات وغرامة
من 1.888درهم إلى 35.888درهم".
مقابلة مع فرحان (عماد) ،تقني مسرح الجريمة بالقيادة الجهوية للدرك الملكي بمراكش .بتاريخ .0202/22/02 1
اإلخفاء العمد لألثر من طرف الجاني أو أحد شركائه أو أقربائه .كما تسجل مجموعة من
اإلختالالت التي تؤثر سلبا على عمل تقني مسرح الجريمة وعلى مجريات ونتائج األبحاث التي
يباشرها ضباط الشرطة القضائية بفعل عدم احترام بعض مسؤولي وممثلي السلطة والقضاء
للبرتوكول والمساطرالملزمة لكل المتدخلين في مسرح الجريمة على غرارما هومعمول في الدول
المتقدمة.
بالرغم من هشاشة الشهادة بفعل تفش ي ظاهرة شهادة الزور ،إال أن االستماع ألقوال
وشهادات الموجودين في مكان الحادث يمكنها أن تفيد املحققين بمعطيات هامة .فاملحقق يتأكد
من كل تغيير بمعالم الجريمة من خالل مجموعة من المعطيات كعدم تناسق وضعية جسد
الضحية ومكان وجود اآلثار المادية ،كوجود بقع الدم في المالبس أو على األرض ،تغيير حالة
الجثة ،لونها والعالمات الظاهرة عليها ....كل هذه التغييرات التي وقف عليها تقنيو مسرح
الجريمة يتم تدوينها من طرف ضابط الشرطة القضائية المكلف بالبحث في محضرالمعاينات1.
تحديد مسرح الجريمة بواسطة شريط عازل على كامل حدودها مع تأمين الحراسة .هذه
الحدود يتم رسمها قبال بناء على المعطيات الخاصة بنوع الحادث ضمانا ألمن
المتدخلين من جهة و حفاظا على ما يفيد البحث من جهة ثانية2.
إقفال جمي ع المنافذ والمداخل المؤدية إلى مسرح الجريمة وإذا اقتض ى األمر،
باستعمال الحواجز.
تنظيم حركة السير في محيط الجريمة وتامين المسلك لإلغاثة واإلطفاء ودخول
املحققين ورجال القضاء وكذلك بعض المسئولين.
منع دخول أي شخص إلى مسرح الجريمة وتسجيل أسماء الحاضرين وساعة دخولهم
وخروجهم.
ينبغي االنتباه إلى عوامل الخطروالسالمة الشخصية على سبيل المثال :احتمال وجود
المتفجرات ،مواد سامة ،انبعاث غازات مضرة ،حدوث انهيارات ،وجود أمراض معدية
أو احتمال وجود الجاني بالمكان.
بالمقابل ،يجب على الشرطة التقنية والعلمية القيام باإلجراءات التالية داخل مسرح
الجريمة:
القيام بعملية مسح كاملة لمسرح الجريمة مع التركيز أكثر على األماكن التـي يبدو أن
الجاني قد لمسها.
توجيه العالمات الترقيمية في اتجاه واحد حتى تكون واضحة أثناء التصويرالفوتوغرافي.
والمالحظ أن تطبيق اإلجراءات السابقة يتوقف على نوع كل قضية وظروفها ،لكن يبقى
الهدف األساس هو املحافظة على األدلة مهما كان نوع الجريمة ،ألن أي عبث باألدلة أو تغيير
َّ
ألمكنتها أو تلوثها يضلل التحقيق ويؤدي إلى فقدان العناصر األساس في الكشف عن حقيقة
الجريمة.
لتوثيق حالة األمكنة وعمليات البحث بمسرح الجريمة ،باإلضافة إلى التوثيق الكتابي
(أوال) المتمثل في محضرالبحث أو محضرالتنقل والمعاينة ،...يتم اللجوء إلى تقنيات التصوير
الفوتوغرافي 1والتصويربواسطة الفيديو والرسم الهندسـي (ثانيا).
-3التوثيق الكتابي :من القواعد الراسخة في قانون المسطرة الجنائية أن ت َوثق كل
العمليات التي يباشرها ضباط الشرطة القضائية بإنجاز محاضر 2تنطبق عليها عناصر الدقة
والوضوح من حيث المصطلحات المستعملة فيها وكذلك الموضوعية في المعاينات .ويجب أن
تتضمن هذه املحاضر وصفا تفصيليا ودقيقا لمسرح الجريمة ولآلثار الموجودة فيه ،من حيث
حالتها التي تم كشفها عليها وأماكن العثور عليها بالتحديد .بالنسبة لجثة الضحية أو الشخص
المصاب ،يتم وصف حالتهم (الشكل ،مجرد من اللباس أو بمالبسه )...ومكان تواجدهم،
اإلصابات ودرجة خطورتها وأماكن تواجدها ونوعها باإلضافة إلى اآلثارالتـي وجدت عليهم أو التي
يعثرعليها بالقرب منهم.
أ -التصويرالجنائي:
.1أصبح العمل بأخذ الصور الفوتوغرافية شامال لجميع الحوادث الجنائية وغيـر الجنائية؛ ففي الجرائم وحوادث السير ،أصبح
ضباط الشرطة القضائية ملزمين بتضمين محاضرهم الصور الفوتوغرافية التـي تبين حالة األمكنة ،حالة الطريق ،األشخاص...
.2أنظر المادة 52من ق .م .ج.
3. kaluszynski (martine), « Alphonse Bertillon et l’anthropométrie judiciaire. L’identification au cœur de l’ordre
républicain », publié dans « aux origines de la police scientifique: Alphone Bertillon, Précurseur de la science du
crime, Paris, Karthala, 2011, p 8.
4طارق مهدي ،م .س ،ص .020
شكل التصوير الجنائي أو التصوير الخاص بعلم االستدالل الجنائي ،1منذ ظهور
الشرطة التقنية والعلمية ،وسيلة مهمة في التحقيق الجنائي والتعرف على املجرمين؛ فالصورة
أحسن وسيلة لتقديم الدليل المادي .وفي مسرح الجريمة ،يتكلف بعملية التصوير الجنائي
عناصر مختصة من الشرطة التقنية والعلمية أو تقنيو التصوير حيث يقومون بالتقاط صور
تغطي مسرح الجريمة بكامله إلى أدق التفاصيل .فالمنظور الفوتوغرافي يجب أن يشمل
التفاصيل العامة ثم الخاصة .وتؤخذ صورمن مختلف الزوايا تلتقط الوضع الخارجي 2ومحيط
مسرح الجريمة ثم موضع ارتكاب الجريمة أو مكان وجود الضحية ووجه الضحية واإلصابات
التي يوجد عليها والعالمات واآلثارالموجودة بالمكان كآثاراألقدام ،العجالت ،الدم ،البصمات.
وتتم عملية تصويراآلثارالمادية مباشرة بعد الكشف عنها وتحديدها برقمها أو بعالمة تشيرإلى
مكان تواجدها ،ذلك أنه من املحتمل أن تتعرض للتغييروالتلف.
يتم التصوير الشمولي بمسرح الجريمة بتطبيق مبدأ التصوير الثالثي االتجاه 3وذلك
بتصوير األمكنة في االتجاهات الثالثة المتقابلة مكونة بينها زوايا بحوالي .°358أما التصوير
الدقيق لآلثار والعالمات المستكشفة ،فيتم باستخدام تقنية العدسة المكبرة .و يمكن إيجاز
أنواع عمليات التصويربمسرح الجريمة كما يلي:
الصور الفوتوغر افية المقربة :تبيان كل اآلثار التي يتم كشفها ووضعها ومكان
كل منها و مسافته بالنسبة لآلثاراألخرى و تكون لهذه الصورأهمية كونها تساعد
على تحديد أصل ومكان كل آثرعثرعليه بمسرح الجريمة.
الصور الفوتوغر افية التفصيلية :إظهار حجم اآلثار .لذلك يجب أخدها مع
قياس يمكن استخدامه كمرجع.
1. Les Sciences forensique ou la criminalistique: est une science distincte de la criminologie. Tandis que la seconde
se pratique surtout dans des cabinets d’étude, la première s’exerce en laboratoire. Elle regroupe plusieurs disciplines
scientifiques telles que la médecine légale, la toxicologie, la police scientifique et technique et l’anthropologie ; elle
étudie par des voies scientifiques les indices et les traces des infractions des crimes .
.0في بعض الجرائم ،يتم تصوير الجمهور والفضوليين مما يسمح بإمكانية تحديد مالمح بعض األشخاص التي تكون غير
عادية ،فالجاني يمكن أن يكون بينهم ،كما أنها تفيد في تحديد هوياتهم عند وقوع اضطراب أو أفعال مجرمة كسرقة مسرح
الجريمة.
3. Principe de la Triangulation.
ج -الرسم التخطيطي :هو إخراج بياني لمسرح الجريمة من حيث مكوناته وأجزؤه
والمنافذ المؤدية إليه ،أماكن الدخول والخروج منه ،منحنى سيرالمشتبه فيه وموضع الضحية
والشهود لتحديد إمكانية سماعهم أو رؤيتهم لوقائع الحادث ،باإلضافة إلى إظهار مو اقع اآلثار
المادية به .و يرتبط التصميم المكاني أو رسم الكروكي Croquisباألخص باألماكن السكنية
واملحالت التجارية والصناعية أو طرق المواصالت .وفي حاالت استثنائية ،عندما يتعلق األمر
بمساحات شاسعة ،فالتصميم المكاني يتكلف به مختص في الرفع الطبوغرافي .وتقنية رفع
الرسم المكاني هي تلك المستعملة في رسم البنايات مع استعمال الرموزالطبوغر افية2.ويكون
التصميم المكاني من ناحية الشكل موجها بحسب اإلتجاهات الجغر افية ،وعلى سلم متري
وليس رقمـيا مع اعتماد مقياس مناسب حتى يسهل رسمه على الورقه (مثال 3متر من مسرح
الجريمة يساوي 3سنتمترعلى الورق) ،مع إدراج عنوان ومفتاح فوق أوأسفل الورقة المتضمنة
له لقراءة الرموز التي يحتويها .أما من ناحية المضمون ،فيجب أن يكون واضحا وال يتضمن إال
المعلومات المفيدة للتحقيق.
ختاما ،لقد حاول هذا المقال أن يسلط الضوء على موضوع ذي أهمية بالغة في
الميدان الجنائي ،أال وهو الدور الذي تضطلع به الشرطة التقنية والعلمية في مادة اإلثبات
الجنائي؛ فإجراءات البحث والتحري في مسرح الجريمة والتعرف على الجناة بوسائل تقنية
علمية هي من العمليات التقنية الدقيقة ،لذلك يبقى هذا الموضوع المتشعب المشارب يثير
اهتمام املختصين والباحثين األكاديميين .ذلك أن الشرطة التقنية والعلمية كجهاز مختص في
الدليل العلمي تعتمد على األصول والحقائق العلمية التي لم تكن معروفة في السابق ،إذ أن
األدلة بالوسائل الحديثة بدأت تحتل مركزها المناسب في مجال اإلثبات الجنائي ،وذلك بما
تمثله من عناصر القوة وبما تتميز به من أصول الثبات واالستقرار والثقة في مصادرها العلمية.
وعليه ،ال يزال دور الشرطة التقنية والعلمية في اإلثبات الجنائي في حاجة إلى الكثير من عميق
الدراسة والتحليل والمقاربة.
قائمة المراجع:
محمود مصطفى ،اإلثبات في المواد الجنائية في القانون المقارن ،ج ،3ط ،3القاهرة،
.3000
ضياء علي أحمد نعمان ،الغش المعلوماتي الظاهرة والتطبيقات ،سلسلة الدراسات
القانونية في املجال المعلوماتي ،العدد األول.5833 ،
العلمي عبد الواحد ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،دارالنشرالنجاح الجديدة ،الدار
البيضاء ،الجزء الثاني في "التحقيق واملحاكمة" دار النشر النجاح الجديدة ،الدار البيضاء دار
النشرالنجاح الجديدة ،الدارالبيضاء الطبعة األولى.5888 ،
حسين محمود إبراهيم ،الوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات ،دار النهضة العربية
للنشر ،القاهرة.3003 ،
عبد الفتاح مراد ،شرح التحقيق الجنائي والبحث الفني ،دارالكتب والوثائق المصرية،
.3008
قدري عبد الفتاح الشهاوي ،أساليب البحث العلمي الجنائي والتقنية المتقدمة،
منشأة المعارف ،اإلسكندرية.3000 ،
هشام عبد الحميد فرح ،معاينة مسرح الجريمة ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،القاهرة،
.5880
طه أحمد متولي ،التحقيق الجنائي وفن استنطاق مسرح الجريمة ،منشأة المعارف،
اإلسكندرية.5888 ،
سعد أحمد محمود سالمة ،مسرح الجريمة ،منشأة المعارف اإلسكندرية ،الطبعة ،3
.5880
بيطام سميرة ،حجية الدليل البيولوجي أمام القاض ي الجنائي ،مؤسسة الوراق للنشر،
الجزائر ،الطبعة .5830 ،3
محمد عنب ،معاينة مسرح الجريمة ،الجزء .الثاني ،المركز العربي للدراسات األمنية
والتدريب ،الرياض ،المملكة العربية السعودية.3003 ،
منصور عمر المعايطة ،األدلة الجنائية والتحقيق الجنائي لرجال القضاء واإلدعاء
العام واملحامين و أفراد الضابطة العدلية ،دارالثقافة للنشروالتوزيع ،عمان ،األردن.5880 ،
أحمد ضياء الدين محمد خليل ،مشروعية الدليل في المواد الجنائية ،رسالة دكتوراه،
كلية الحقوق ،جامعة عين شمس ،جمهورية مصرالعربية.3005 ،
بهلول مليكة ،دور الشرطة العلمية والتقنية على الكشف عن الجريمة ،رسالة دكتوراه
في الحقوق ،جامعة الجزائر ،3الجزائر.5831 ،
ياسراألميرفاروق ،مر اقبة األحاديث الخاصة في اإلجراءات الجنائية ،رسالة دكتوراه في
القانون الجنائي ،كلية الحقوق ،جامعة القاهرة:.5880 ،
طارق مهدي ،إجراءات البحث في مسرح الجريمة ،رسالة لنيل شهادة الماسترفي القانون
الخاص ،ماسترالعلوم الجنائية و األمنية ،جامعة القاض ي عياض ،مراكش ،سنة .5831 -5835
سلماني عالء الدين ،دورالشرطة العلمية في إثبات الجريمة ،مذكرة لنيل شهادة الماستر
في الحقوق ،جامعة محمد خيضربسكرالجزائر.5832-5831 ،
خالدي شهيناز وداد ،أثر األدلة الجنائية على االقتناع الشخص ي للقاض ي الجزائري،
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،الجزائر.5832/ 5831 ،
سليم المسعودي ،اإلثبات الجنائي بالطرق العلمية الحديثة ،بحيث لنيل شهادة
الماستر ،جامعة العربي بن مهيدي ،الجزائر ،سنة .5830-5832
رحموني صونيه ،األدلة العلمية ودورها في مجال إثبات الجريمة ،مذكرة لنيل شهادة
الماستر في الحقوق شعبة القانون الخاص ،جامعة عبد الرحمن ميره ،بجاية ،الجزائر ،س.ج
.5830-5833
أمل المرشدي" ،التطور التاريخي ألساليب التحقيق عبر العصور" ،مقال منشور بتاريخ
5833/80/50بالموقع اإللكتروني https ://www.mohamah.net/law،تاريخ الولوج
5830/80/33على الساعة 51و 10دقيقة
الموقع اإللكتروني لجامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،المملكة العربية السعودية
nauss.edu.saتاريخ الدخول 5830/80/30على الساعة 33و 18دقيقة.
–
ولما كانت المسؤولية الجنائية تعني االلتزام بتحمل المتهم للنتائج المترتبة على فعله إذا
تو افرت أركان الجريمة من ركن مادي ومعنوي ،وأن موضوع هذا االلتزام هو العقوبة أو التدبير
الوقائي الذي يقرره القانون للجريمة.
267عبد الناصر عبدالعزيز علي السن ،المسؤولية الجنائية للقائمين بأعمال البناء – دراسة مقارنة ،-دار الفكر
والقانون للنشر والتوزيع مصر ،الطبعة األولى ،السنة ،0200ص 01 :وما بعدها.
268ظهير شريف رقم 0.01.0.صادر في 02من رجب 02( 0022أبريل )0201بتنفيذ القانون رقم 20.00المتعلق
بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري ،عدد 2 – 1010شعبان 01( 0022ماي ،)0201ص:
.2220
ويرجع التدخل العقابي في مجال البناء وتقرير المسؤولية الجنائية للقائمين بأعمال
البناء الى عدم كفاية الحماية التي تحققها قواعد المسؤولية المدنية سواء كانت مسؤولية
عقدية أو مسؤولية تقصيرية أو قواعد خاصة للمسؤولية كالضمان العشري.269
ونظرا ألن الصورالتقليدية للتجريم والعقاب في مجموعة القانون الجنائي المغربي مثل
النصب وخيانة األمانة ،والتي من الصعب تو افرأركان كل منهما غيركافي للحد من جرائم البناء.
في ضوء ما سبق يتضح أن هذا الموضوع يبين إحدى صورالمسؤولية الجنائية للقائمين
بأعمال البناء -مالك البناء ،المهندس المعماري ،المقاول -سند مشروعية عملهم المنهي الذي
يحميهم من المسؤولية حال مراعاتهم شروط هذه المسؤولية وذلك انطالقا من أن المسؤولية
الجنائية للقائمين بأعمال البناء ترتبط بااللتزامات القانونية التي تقض ي بتحميل مشيدي البناء
الجزاء أو ال عقاب نتيجة إتيانهم أفعاال أو امتناعهم عن إتيانها بشكل يمثل مخالفة لهذه
االلتزامات ويعد خروجا عن القواعد واألحكام الواردة في مجموعة القانون الجنائي المغربي
والقانون رقم .02.35
وبالتالي فإن قيام المسؤولية الجنائية لمالك البناء منوط بعدم مراعاته للمقتضيات
السابقة من عدمه.
وإضافة إلى ذلك فقانون التعمير رقم 27008.35لم يتعرض لهذا الموضوع بالرغم مما
تشكله هذه البنايات من خطورة على السالمة والمصلحة العامة ،الش يء الذي يشكل ثغرة كبيرة
في قانون التعمير ،لكن ليس هناك مكان مناسب لها أفضل من القانون رقم 02.35والمتعلق
بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عملية التجديد الحضري والذي حاول ضبطها وتأطيرها.
فهذا القانون أعطى تعريفا لهذه الظاهرة في مادته الثانية ،يعتبر " :مبنى آيل للسقوط
هو كل بناية أو منشأة كيفما كان نوعها يمكن النهيارها الكلي أو الجزئي ،أن يترتب عنه مساس
بسالمة شاغليها أو مستغليها أو المارة أو البنايات املجاورة وإن كانت غيرمتصلة بها.
269يحقق هذا الضمان حماية المالك مدنيا في حالة انهيار المبنى أو حدوث عيب جسيم في البناء كتشققه خالل
عشر سنوات من تاريخ التسليم .أنظر مقتضيات الفصل 212من ظهير قانون االلتزامات والعقود.
270ظهير شريف رقم 0-20-20الصادر في 00من ذي الحجة 02( 0000يونيو )0220بتنفيذ القانون رقم 00.22
المتعلق بالتعمير ،الجريدة الرسمية عدد 000والصادر بتاريخ 00يوليوز ،0220ص ...2
ويراد به كذلك ،كل بناية أو منشأة لم تعد تتوفر فيها ضمانات المتانة الضرورية بسبب
ظهوراختالالت بأحد مكوناتها األساسية الداخلية أو الخارجية أو بسبب تشييدها على أرض غير
آمنة من التعرض للمخاطر".
ولمقاربة هذا الموضوع ومالمسة جوانبه التقنية المهمة في مجال المباني اآليلة
للسقوط ،ارتأينا طرح التساؤالت التالية:
وسيرا منا لإللمام بتفاصيل األسئلة المطروحة ،ومحاولة إعطاء جواب عنها سنعمد إلى
تبني التصميم المبين بعده :المطلب األول :االلتزامات المترتبة على مالك البناء اآليلة للسقوط.
المطلب الثاني :العقوبات الجنائية المترتبة على اإلخالل بالتزامات مالك البناء اآليل للسقوط.
ومن خالل هذا القانون فإن المشرع المغربي ألزم مالك المبنى اآليل للسقوط
بمجموعة من االلتزامات والتي سنتطرق إليها بالتفصيل في الفقرتين التاليتين :الفقرة األولى:
االلتزامات في المسطرة العادية .الفقرة الثانية :االلتزامات في المسطرة االستعجالية.
فبدخول القانون رقم 02.35المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط حيزالتنفيذ ،فقد أجاب
عن كل هاته اإلشكاالت القانونية فهو ينص بصريح العبارة في الفصل األول من بابه الثاني في
مادته الثالثة على تحديد المسؤولية بشكل واضح لمالك المباني اآليلة للسقوط حيث جاء فيها
"تقع مسؤولية صيانة المباني على مالكها سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين ،عموميين أو
خواص ،كما يسألون عن الضرر الذي يحدثه انهيارها أو تهدمها الجزئي ،إذا وقع ذلك بسبب
عيب في البناء أو عدم الصيانة أو التالش ي ،مع مراعاة مقتضيات الفصل 030من الظهير
الشريف الصادرفي 80رمضان 35( 3113أغسطس )3031بمثابة قانون االلتزامات والعقود.
ولقد نص في هذا الفصل المشار إليه أعاله على أن" المهندس المعماري أو المهندس
والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل يتحمالن المسؤولية إذا حدث خالل العشر سنوات
التالية إلتمام البناء أو غيره من األعمال التي نفذاها أو أشرفا على تنفيذها إن انهارالبناء كليا أو
جزئيا ،أو هدده خطر واضح باالنهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في
األرض.
المهندس المعماري الذي أجرى تصميم البناء ولم يشرف على تنفيذ عملياته ،ال يضمن
إال عيوب تصميمه.
تبدأ مدة العشرسنوات من يوم تسلم المصنوع .ويلزم رفع الدعوى خالل الثالثين يوما
التالية ليوم ظهورالو اقعة الموجبة للضمان ،وإال كانت غيرمقبولة".
ومن خالل ما ذكر ،فإن مالك األبنية اآليلة للسقوط ملزم بصيانتها وترميمها سواء كان
هذا المالك شخصا طبيعيا أو اعتباريا كالمؤسسات العمومية والشركات الخاصة.
و أيضا يساءلون عن األضرار التي يحدثها العاملون الذين يكونون تحت رقابتهم
المباشرة أثناء قيامهم بأعمال الصيانة والترميم.
وفقا للقواعد العامة فإن المالك مسؤولين بالقيام بالترميمات الضرورية للمبنى" ،فإذا
أهمل في صيانته حتى سقط على من فيه ،فال ينفى مسؤوليته عن ذلك بأن يكون الخلل راجعا
إلى عيب في الطابق األرض ي غير المملوك له ،لكن كان يتعين عليه حين أعلن بوجود خلل في
ملكه ،أن يعمل على إبعاد الخطرعمن كانوا يقيمون فيه ،سواء بإصالحه أو بتكليفهم باإلخالء،
ومادام هو لم يفعل فإن الحادث يكون قد وقع نتيجة عدم احتياطه وتلزمه تبعته.271
كما قضت محكمة النقض المصرية بأن "من المقرر أن المالك مطالب بتعهد ملكه
وموالته بأعمال الصيانة والترميم فإذا هو قصر في ذلك كان مسئوال عن الضرر الذي يصيب
الغير عن هذا التقصير ،وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ،بما أثبته في حق الطاعن من أنه
271طعن جنائي رقم 1.لسنة 00ق جلسة 02فبراير سنة ،0200مجموعة القواعد القانونية جنائية المصرية،
رقم 022ص.002
أهمل في التزامه بمداومة منزله القديم من وقت آلخر مع حاجته إلى التنكيس الشامل وقت
الحادث ،ومن أنه ال يدرأ عنه التزامه هذا سبق قيامه بإجراء تنكيس من قبل"272.
فحالة المبنى السيئة ال تخلي المالك من كل المسؤولية ،إذا نسب إليه خطأ معين،
حيث يتحقق الخطأ المشترك في هذه الحالة وتطبيقا لذلك قض ى بأن "عدم إذعان املجني عليهم
لطلب اإلخالء الموجه إليهم أو تراخي باقی مالك العقار في إجراء الترميم ،ال ينفي عن الطاعن
الخطأ المستوجب المسؤولية ،إذ يصح في القانون أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث
مشتركا بين المتهم وغيره ،فال ينفي خطأ أحدهما مسؤولية اآلخر".273
إن دوررئيس املجلس الجماعي في ظل معالجة المباني اآليلة للسقوط في الحاالت العادية
يستوجب عليه أن يخبربواسطة قرار ،مالك المبنى أومستغليه أوشاغليه أووكيل اتحاد المالك
المشتركين بذلك وبكل وسائل التبليغ القانونية 274يعلن فيه أن المبنى مهدد بالسقوط ويحدد
اسم العمليات التي يتوجب عليه القيام بها لدرء الخطر وذلك داخل أجل محدد ،غير أن قرار
رئيس مجلس الجماعة ال يكون نهائيا ،حيث يكون بإمكان الشخص المعني باألمر أن يقدم
فحصا يعده مهندس مختص ،وفي هذه الحالة يبقى لرئيس املجلس الجماعي اإلبقاء على قراره
أو تغييره بقرارمعلل.275
فاذا لم يقبل رئيس مجلس الجماعة تغيير قراره يمكن للمالك الطعن في قرار رئيس
مجلس الجماعة أمام رئيس املحكمة اإلدارية التي يوجد بدائرتها المبنى بصفته قاضيا لألمور
المستعجلة ،داخل أجل عشرة أيام ويبت في الطلب داخل األجل ثالثة أيام.276
وعندما تنتهي األشغال المتعلقة بتدعيم أو صيانة أو ترميم مبنى آيل للسقوط أو إعادة
بنائه يتحقق رئيس مجلس الجماعة من إنجاز األشغال المطلوبة و انتهائها بناء على شهادات
المهندس المعماري وفقا للمادة 00من القانون رقم 08.35المتعلق بالتعميرويتخذ قراره بإنهاء
حالة الخطر ،ويمكن لألشخاص المعنيين إعادة استغاللها في ما كانت مخصصة له سابقا.
272نقض 02أبريل لسنة 0222مجموعة أحكام النقض المصرية ،س 0.رقم 22ص .021
273نقض 00مايو سنة ،0212مجموعة أحكام النقض المصرية ،س 02رقم 002ص .121
274المادة 2من القانون رقم ،20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
275المادة 00من القانون رقم ،20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
276المادة 00من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
من خالل هذه المادة تتضح بصورة واضحة المسؤولية التي يتحملها مالك المباني عن
مبانيهم لذلك يستوجب على المالك أو المستغل أن يقوم بالتدابير الضرورية واالستعجالية
لدفع الخطر في هذا الشأن كما يتعين عليه أن يقوم بتجديدها وصيانة تلك المباني وإعادة
تأهيلها بما يضمن متانتها وكذا سالمة الجوار.
والمشرع المغربي حين خاطب مالك المباني أو المستغلين لها لم ينس ى وضعية المباني
في حالة وجود مكتري للمبنى اآليل للسقوط والذي يستوجب الهدم بناء على طلب من طرف
رئيس املجلس الجماعي ،حيث أتاح لمالك المبنى أن يطلب من املحكمة االبتدائية الموجود في
نفوذها الترابي المبنى المذكور فسخ عقد الكراء و إفراغ المكتري أو من يقوم مقامه بدون
تعويض.
ولقد أعطى للمكتري حق الرجوع إلى المبنى بعد إصالحه أو ترميمه أو إعادة بنائه.277
وقد جعل على عاتق كل مكتري أو شاغل أو مستغل لمبنى آيل للسقوط أن يشعر مالك
المبنى أو رئيس املجلس الجماعي والسلطات املحلية ،بكل وسائل التبليغ المعتمدة قانونا
بالخطرالذي يهدد المبنى.278
وإذا كان القانون حمل المسؤولية لمالك المبنى فإنه لم يغفل الحالة التي يكون فيها
المبنى خاضعا للملكية المشتركة ،حيث حمل المسؤولية هنا التحاد المالك المشتركين.279
وحدد المبلغ التحصيلي في الحالة التي يتمتع فيها اتحاد المالك المشتركين في تنفيذ
األشغال حسب الحصة التي يملكها كل مالك مشترك.280
يتوقف انعقاد إختصاص القضاء االستعجالي على توفر شرطين وهما :عنصر
االستعجال ،وعدم المساس بالجوهر حسب ما ينص عليه الفصلين 320و 305من قانون
277المادة 0من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
278المادة 0من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
279المادة 02من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
280المادة 00من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
المسطرة المدنية ،لذلك تأتي التدابير المتخذة في هذا اإلطار ذات طابع وقتي تنقض ي بصدور
حكم بات في الموضوع.
والمقصود باالستعجال الحالة التي يكون فيها الحق معرضا للخطر املحقق ،بحيث
يكون كل تأخيرفي اتخاذ إجراء وقائي عاجل يعرضه لخطريصعب تداركه بعد ذلك.
فهو إذن الضرورة الملحة لوضع حل مؤقت للنزاع دون أن يتغير المركز القانوني
للخصوم ،لرغبة المتقاضين في البت في قضاياهم بالسرعة التي يرغبون فيها والحصول على
حكم سريع؛ أما عدم المساس بأصل الحق فالمقصود به أن قاض ي المستعجالت يخرج عن
اختصاصه النظر في السبب القانوني الذي يحدد حقوق والتزامات األطراف ،كما يخرج عن
ا ختصاصه تقييم الحجج والوثائق المقدمة إليه من حيث الصحة والبطالن ،وكذا اتخاذ
إجراءات التحقيق الهادفة إلى إثبات حق أحد األطراف .وإذا تبين له أن طلبات المدعي ترمي إلى
المساس بالموضوع أصدر أمره بعدم االختصاص ال برفض الطلب ،ألن الرفض يقتض ي عدم
أحقية المدعي في دعواه ،وهو األمر الذي ال يستنتج إال من خالل دراسة وفحص المستندات
ي المستعجالت281. والحجج ،وهو ما ال يستوعبه اختصاص قاض
عند وجود خطرحال يهدد سالمة شاغلي مبنى آيل للسقوط أو المارة أو المباني املجاورة
له طبقا للتعريف المشار إليه في المادة الثانية من هذا القانون ،يأمر رئيس مجلس الجماعة،
بعد توصله بتقرير من اللجنة اإلقليمية المشار إليها في المادة 50بعده 282أو من المر اقبين
المنصوص عليهم في المادة 20بعده ،باتخاذ اإلجراءات االستعجالية الالزمة لدرء الخطر وال
سيما:
إعالم وتحسيس المالكين والقاطنين والمارة حول املخاطر املحتملة المتعلقة بالمباني
اآليلة للسقوط ،املجاورة أو املحاذية لهم ،وذلك باستعمال كل وسائل التشوير ولوحات
اإلعالنات وكل وسيلة أخرى من شأنها أن تساعد على درء الخطرعنهم؛
281عبد الحميد أخريف :محاضرات في القانون القضائي الخاص "دراسة في ضوء قانون القضاء المدني والتجاري
لتيهيء االجازة في القانون الخاص ومباريات التأهيل المهنية ،طبعة 2002ص 91وما بعدها.
282محمد بهضوض :تحديات المدينة في المغرب سال نموذجا ،منشورات دار األمان ،الرباط ،0200ص.020:
ونالحظ في هذا اإلطار أن المشرع قد استعمل عبارة" أو" التي تفيد التخيير ،غير أنه في
تقدرينا المتواضع فالتبليغ يجب أن يراعى فيه الترتيب المذكور أعاله في الحاالت الثالث األولى،
حيث يجب مخاطبة المالك بالدرجة األولى ،وفي حالة تعذر ذلك لسبب من األسباب ،يمكن
تبليغ الشخص الذي يشغل المبنى أو يستغله بأي وجه من أوجه االستغالل .وفي حالة البنايات
الخاضعة لنظام الملكية المشتركة فالتبليغ بطبيعة الحال يتم لوكيل اتحاد المالكين ،غير أنه
283المادة 02من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
إذا تعذر ذلك بسبب عدم تواجد هذا الوكيل مثال ،فيمكن التبليغ للمالكين فرادى أو
المستغلين.284
وبالتالي فإنه من الالزم على مالك المبنى اآليل للسقوط أن يقوم بانضباط لإلجراءات
التي يقوم بها رئيس املجلس الجماعي في حالة االستعجال من أجل الحفاظ على سالمته وسالمة
مستغليه.
بحيث ال يجوز أن يكون القرار المشار إليه في المادة 30أعاله ،محل أي طعن يمكن أن
يترتب عنه وقف تنفيذ مقتضيات هذا القرار ،حسب ما تنص عليه المادة 30من القانون رقم
.02.35
وهذا النهج ينسجم مع مقتضيات القانون الفرنس ي الذي يجيز لرئيس البلدية التدخل
في حالة االستعجال للقيام بإصالح أو هدم األبنية اآليلة للسقوط التي تشكل خطرا على سالمة
المواطنين في إطارممارسته للشرطة اإلدارية العامة.285
أما إذا تعذرعلى شاغلي المبنى اآليل للسقوط موضوع األمرباإلخالء أو عدم االستعمال
المؤقت أو النهائي لهذا المبنى ،ولوج سكن الئق اعتمادا على إمكانيتهم الذاتية ،تتخذ السلطة
اإلدارية املحلية املختصة اإلجراءات الضرورية إليوائهم مؤقتا بتنسيق مع الوكالة الوطنية
للتجديد الحضري وتأهيل المباني اآليلة للسقوط.
يراعى في عملية اإليواء الشروط الصحية والبيئية الضرورية286.
ومن خالل هذا المقتض ى يتضح لنا أن القانون رقم 02.35قد أحاط مستغلي ومالكي
المباني اآليلة للسقوط في حالة االستعجال بضمانات قانونية مؤقتة للحصول على سكن الئق
يأويهم ريثما يتم بناء أو تجديد المبنى اآليل للسقوط وذلك تماشيا مع ما ينص عليه الدستور
المغربي في الفصل 13منه على أنه" :تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية،
284سعيد الوردي :معالجة المباني اآليلة للسقوط دراسة في ضوء أحكام القانون رقم 20/00المتعلق بالمباني
اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،0.-01-0بتاريخ 02
من رجب 02 ( 0022أبريل ،(0201ص.02 :
285 L 2212 – 2 Code General des collectivité territorials
286المادة 02من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
على تعبئة كل الوسائل المتاحة ،لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين ،على قدم
المساواة ،من الحق في ...:السكن الالئق"...
ولإلشارة فإن القانون الفرنس ي قد جعل مسألة إيواء قاطني المباني اآليلة للسقوط
على عاتق المالكين ،وفي حالة تعذر ذلك فلرئيس البلدية أن يتخذ اإلجراءات الضرورية إليوائهم
أو إعادة إسكانهم ،على أن يعود على المالكين السترجاع مصاريف هذا االيواء .وفي حالة عوزهم
يتم اللجوء لمسطرة استخالص الديون العمومية287.
وفي حالة إذا ما تقرر إخالء المبنى مؤقتا من شاغليه يحرر محضر إداري بأسماء
الشاغلين الفعليين دون سواهم ويقوم رئيس املجلس الجماعي بإخطارهم باإلخالء في المدة التي
يحددها ،فإذا لم يتم اإلخالء بعد انقضائها جازتنفيذه بالطريق اإلداري.
ولشاغلي البناء الحق في العودة إلى العين بعد ترميمها أو تدعيمها فور صدور شهادة
إتمام تنفيذ أعمال الترميم أو التدعيم أو الهدم الجزئي -بحسب األحوال۔ دون الحاجة إلى
مو افقة المالك ويتم ذلك بالطريق اإلداري في حالة امتناع المالك.
المطلب الثاني :العقوبات الجنائية المترتبة على اإلخالل بالتزامات مالك البناء اآليل
للسقوط
يعرف النسيج الحضري بالمدينة القديمة تالحما وتماسكا بين المباني ،هذا التالحم
والترابط يمكن الدورمن االحتفاظ بمتانتها وتماسكها وصالبتها ،الش يء الذي جعلها تعمرلوقت
طويل .لكن هذا الترابط الذي كان يطبع املجال في السابق ،تعرض للخلل نتيجة ظهور العديد
من التحوالت ،ونظرا لهجرة السكان األصليين والميسورين وتعويضهم بأسر قروية من الفئات
الضعيفة الدخل ،التي ر افقها استغالل مكثف للمنازل وملختلف مر افقها ،مما جعل اإلطار
المبني للمدينة القديمة يتخبط في العديدة من االختالالت التي أثرت سلبا على صيرورته.288
288فاطمة الزهراء بوجدي وغزالن الصنهاجي واليزيد علمي حمدوني" :المدن العتيقة بالمغرب ،أية استراتيجية
للتأهيل؟ نموذج المدينة العتيقة لفاس" ،منشورات الملتقى الثقافي لمدينة صفرو ،الدورة السادسة والعشرون،
00-02مارس ،0200فاس ،ص.002 :
فالمباني التي تكون معرضة لخطر االنهيار ،قد تمس بسالمة الساكنة والجوار ،األمر
الذي يستدعي اتخاذ اإلجراءات والتدابيرالالزمة ،من أجل درء ذلك الخطروضمان أمن وسالمة
الساكنة ،وبالتالي تمكينهم من عيش كريم مع حماية أرواحهم .كما أن إعادة تأهيل المدن
بالمدينة العتيقة بكيفية وازنة وفاعلة يضمن استمراريتها ويحافظ على مواردها االقتصادية
والسياحية ،كمدخل للتنمية المستدامة والقضاء على مواطن الضعف والقصور التي تعرقل
التنمية الشاملة.
الفقرة الثانية :أركان الجريمة والعقوبات المقررة لمالك البناء اآليل للسقوط
يتميز التدخل في المباني اآليلة للسقوط بتنوع الفاعلين المعنيين بهذا النوع من
العمليات ،نذكر من بينهم على الخصوص:
289كمال غفتاني "،دليل الممارسة الجيدة ،التدخل في البنايات اآليلة للسقوط داخل المدن العتيقة ،المديرية
العامة للجماعات املحلية ،السنة ،0201ص.02:
رئي س مجلس الجماعة القرار إما بإصالح المبنى وترميمه أو هدمه جزئيا أو كليا وذلك من أجل
الحفاظ على السكينة والصحة العامة.
فالقرار الذي يتخذه رئيس املجلس الجماعي في هذا الصدد يجب أن يتضمن ما يلي:
وتجدر اإلشارة إلى حرص المشرع في المادة 58من القانون رقم 02.35بالنص على أنه
"وفي جميع األحوال يعتبرالقرارنافذا بمرورأجل شهرمن تاريخ اتخاذ إجراءات التبليغ ،وفي هذه
الحالة ،يجوزلإلدارة أو الوكالة مباشرة تنفيذه على نفقة المالك".
290سعيد الوردي "،معالجة المباني اآليلة للسقوط" ،مرجع سابق ،ص .02
291مرسوم رقم 0.02.0.1صادر في 02من محرم 02( 0022أكتوبر ،)0202بتطبيق القانون رقم 20.00المتعلق
بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري ،الجريدة الرسمية عدد – 110.بتاريخ 02صفر
0( 0022نوفمبر ،)0202ص.12.2 :
3ـ أن يلتزم المالك أو الشاغلين عند تنفيذ قراررئيس مجلس الجماعة النهائي باستخراج
ترخيص ألعمال التدعيم والترميم طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 28من القانون رقم
35.08المتعلق بالتعمير.
5ـ ضرورة وضع الفتة في مكان ظاهر من موقع البناء عند البدء في الترميم أو التدعيم
بالبيانات والمواصفات التي تحدده الالئحة التنفيذية.
1ـ أن يعهد المالك أو وكيل اتحاد المالك إلى مهندس أو مكتب هندس ي بإعداد
الرسومات والمستندات الالزمة لتنفيذ قرار رئيس مجلس الجماعة النهائي الصادر بالتدعيم أو
الترميم واستخراج الترخيص الالزم لذلك.
2ـ التزام المهندس المشرف على التنفيذ والمقاول باتخاذ اإلجراءات واالحتياطات
الالزمة والضرورية.
وكل هذا بعد أن تعد اللجنة اإلقليمية أو المر اقبين المعهود إليهم هذه المهمة تقريرا
كتابيا يقدم إلى رئيس مجلس الجماعة ليصدر قراره في هذا الشأن ويعد هذا التقرير وفق ما
نصت عليه المادة 18من القانون رقم ،02.35الذي يجب أن يتضمن التقريرما يأتي :
"إعداد تقارير حول وضعية المباني اآليلة للسقوط وتحديد التدابير الخاصة بمر اقبة
استقرارومتانة المباني وطبيعة األشغال التي ينبغي القيام بها حسب الحالة؛"ومنه وجب:
3ـ تحديد وصف األجزاء المعيبة بالمبنى وما يقرره رئيس مجلس الجماعة للمحافظة
على المبنى وشاغليه سواء بالصيانة أو الترميم أو التدعيم لجعل المبنى صالحا للغرض
املخصص من أجله أو بالهدم الجزئي أو الكلي292.
5ـ تحديد المدة الالزمة لتنفيذ األعمال التي قررها رئيس مجلس الجماعة.
1ـ بيان ما إذا كانت األعمال التي قررها رئيس مجلس الجماعة تستوجب إخالء المبنى
كليا أو جزئيا ومدة اإلخالء.
292سعيد الوردي "،معالجة المباني اآليلة للسقوط" ،مرجع سابق ،ص .02
ويالحظ أن التقرير المذكور ال يعد قرار واجب النفاذ أو قابال للطعن ،بل يعد عمال
تحضيريا لعرض األمرعلى الجهة اإلدارية املختصة التي تصدرقرارها في هذا الشأن.
.0الفقرة الثانية :أركان تحقق المسؤولية الجنائية لمالك البناء اآليل للسقوط
تقوم هذه الجريمة على ركنين :مادي ومعنوي وسنعرض لكل منها باإليضاح الالزم.
يتمثل الركن المادي في امتناع المالك أو الشاغلين أو وكيل اتحاد المالك في المنشآت
اآليلة للسقوط ،من الترميم والصيانة المتخذ من طرف قرار رئيس مجلس الجماعة النهائي
وبالتالي فإن هذا الركن يتكون من ثالثة عناصروهي:
يجب أن يصدر قرار نهائي لرئيس مجلس الجماعة حتى يكون واجب النفاذ ،بحيث "ال
يجوز أن يكون القرار المشار إليه في المادة 30أعاله ،محل أي طعن يمكن أن يترتب عنه وقف
تنفيذ مقتضيات هذا القرار293".
ومفاد ذلك أنه إذا طعن في القرارالصادرمن رئيس مجلس الجماعة أمام رئيس املحكمة
اإلدارية املختصة طبقا لنص المادة 30من القانون رقم 02.35فإن ذلك الطعن يوقف تنفيذ
القرارالى حين البت في الطعن.294
:5مدة التنفيذ
يجب أن يعين القرار الصادر بالهدم مدة معينة لشاغلي العقار؛ ليبادروا خاللها بتنفيذ
اإلخالء.
إذا لم يقم املخاطبين بالمادة 1من القانون رقم 02.35بتنفيذ قرار رئيس مجلس
الجماعة عند انتهاء المدة املحددة املخولة لهم للطعن في القرار داخل أجل عشرة أيام بحيث
293المادة 0.من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
294المادة 00من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
يبث فيها هذا األخير داخل أجل ثالثة أيام ،أو االمتناع عن تنفيذ األشغال داخل األجل المقرر
لها 295،فإن الجريمة تقوم في حقهم ويتعرضون للعقوبة المنصوص عليه في المواد 03و 05من
القانون رقم .02.35
هو انصراف إرادة املخالف إلى االمتناع عن تنفيذ قرار رئيس مجلس الجماعة النهائي في
المدة املحددة ويقوم على تو افرالقصد الجنائي بعنصريه العلم واإلرادة.
تنص مقتضيات المادة 03من القانون رقم 02.35على أنه " :يعاقب بالحبس من شهر
واحد ( )3إلى ثالثة ( )1أشهر وبغرامة مالية من 18.888إلى 08.888درهم أو بإحدى هاتين
العقوبتين فقط :
كل مالك لمبنى آيل للسقوط ،ثبت رفضه عمدا وبدون سبب مشروع ،بعد إنذاره، -
تنفيذ األشغال التي قررتها اإلدارة؛
كل شاغل لمبنى آيل للسقوط ثبت رفضه عمدا وبدون سبب مشروع ،بعد إنذاره، -
إخالء المبنى إلنجازاألشغال المطلوبة؛
كل من قام بوضع مبنى رهن إشارة أشخاص بأي صفة كانت ،تم تصنيفه من قبل رئيس -
مجلس الجماعة المعني ،أنه آيل للسقوط؛
295المادة 02من القانون رقم 20.00المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري.
كل من قام بعمل ترتب عنه إتالف وتدهوروتخريب المباني أو جعلها غيرصالحة للسكن -
أو لالستعمال بأي شكل من األشكال ،بهدف االستفادة بشكل غير مشروع من اإلعانات
والمساعدات املحتملة ،أو بغرض إفراغ شاغلي هذه المباني".
وبالتالي فإن المشرع المغربي هنا قام بالتشديد على كل من سولت له نفسه تخريب
المباني بهدف الحصول على االعانات المالية أو وضع المبنى تحت تصرف شخص أو عدة
أشخاص رغم علمه بأن المبنى آيل للسقوط.
وجذير بالمالحظة ،فإن القانون المشار إليه أعاله ونظرا ألهمية وضمان حماية أرواح
وممتلكات المواطنين ،تصدى لهذه الظاهرة بالتنصيص على المتابعة القانونية لكل من يعرض
حياة المواطنين للخطر بإسكانهم في مباني مهددة بالسقوط ،سيما وأن القانون ينص على
عقوبات حبسية وغرامة في حق كل من رفض عمدا وبدون سبب مشروع ،بعد إنذاره تنفيذ
األشغال التي قررتها اإلدارة أو إخالء المبنى إلنجازاألشغال المطلوبة ،كما ينص على معاقبة كل
من قام بوضع مبنى رهن إشارة أشخاص بأي صفة كانت تم تصنيفه أنه آيل للسقوط.
.3خــاتمة:
وخالصة القول ،على الرغم من قيام المشرع المغربي بالنص على العديد من االلتزامات
والتي يترتب على مخالفتها المسؤولية الجنائية لمالك البناء نتيجة قيامه بإتيان أفعال أو
امتناعه عن إتيانها بشكل يمثل مخالفة لهذه االلتزامات ويعد خروجا عن القواعد المنصوص
عليها في القانون رقم 02.35المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد
الحضري ،مع تقرير المسؤولية الجنائية بمجرد وقوع املخالفة دون االنتظار لوقوع الضرر،
باإلضافة الى قيام المشرع بالنص على عقوبات حبسية في حالة حدوث الضرروذلك برفع الحد
األدنى واألقص ى لعقوبات الحبس مع زيادة قيمة الغرامة األمر الذي يعبر على فلسفة المشرع
وحرصه على زيادة مدى وحدود المسؤولية الجنائية للقائمين بأعمال البناء من أجل تحقيق
الحماية القانونية للبيئة العمرانية وشاغلي العقارات المبنية.
.0الئحة المراجع:
عبد الناصر عبد العزيز علي السن ،المسؤولية الجنائية للقائمين بأعمال البناء –
دراسة مقارنة ،-دارالفكروالقانون للنشروالتوزيع مصر ،الطبعة األولى ،السنة .5832
محمد بهضوض :تحديات المدينة في المغرب سال نموذجا ،منشورات داراألمان ،الرباط
.5835
سعيد الوردي :معالجة المباني اآليلة للسقوط دراسة في ضوء أحكام القانون رقم
02/35المتعلق بالمباني اآليلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري ،الصادر بتنفيذه
الظهيرالشريف رقم ،20-33-3بتاريخ 30من رجب 50 ( 3210أبريل .(5833
فاطمة الزهراء بوجدي وغزالن الصنهاجي واليزيد علمي حمدوني" :المدن العتيقة
بالمغرب ،أية استراتيجية للتأهيل؟ نموذج المدينة العتيقة لفاس" ،منشورات الملتقى الثقافي
لمدينة صفرو ،الدورة السادسة والعشرون 53-58 ،مارس ،5830فاس.
عبد الحميد أخريف :محاضرات في القانون القضائي الخاص "دراسة في ضوء قانون
القضاء المدني والتجاري لتيهيء االجازة في القانون الخاص ومباريات التأهيل المهنية ،طبعة
.2002
كمال غفتاني "،دليل الممارسة الجيدة ،التدخل في البنايات اآليلة للسقوط داخل
المدن العتيقة ،المديرية العامة للجماعات املحلية ،السنة .5833
طعن جنائي رقم 30لسنة 30ق جلسة 30فبراير سنة ،3020مجموعة القواعد
القانونية جنائية المصرية ،رقم 080ص.508
–
كلم ـ ـ ــات مفاح ـ ـ ـ ـ ــية :جريمة الغش ،المنتجات الغذائية ،المنتجات النباتية ،السالمة
الصحية...،
Résumé
( )296تحدث مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي تحمل اسم "المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية" ويشار إليها
بالمكتب.يخضع المكتب لوصاية الدولة ،ويكون الغرض من هذه الوصاية العمل على احترام أجهزته املختصة ألحكام هذا القانون ،وخاصة ما يتعلق منها
بالمهام المنوطة به ،وبصفة عامة الحرص على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات العامة ،يخضع المكتب كذلك للمراقبة المالية
للدولة المطبقة على المنشآت العامة وهيئات أخرى طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل ،راجع المادة 20قانون رقم 25.08يقض ي بإحداث المكتب
الوطن للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية ،مع مراعاة االختصاصات املخولة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل للقطاعات الوزارية
أو الهيئات األخرى ،يمارس المكتب لحساب الدولة االختصاصات المتعلقة بحماية صحة المستهلك ،تطبيقا للقانون رقم 20.2.القاض ي بتحديد تدابير لحماية
المستهلك الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.00.22بتاريخ 00من ربيع األول 0.( 0020فبراير ،)0200الجريدة الرسمية عدد 0220بتاريخ 2جمادى
األولى 2 ( 0020أبريل ،)0200ص .0220والحفاظ على صحة الحيوانات والنباتات ،حسب القانون رقم 00.22المتعلق بحماية واستصالح البيئة الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.22.02بتاريخ 02ربيع األول 00( 0000ماي ،)0222الجريدة الرسمية عدد 000.بتاريخ 0.ربيع اآلخر 02(0000يونيو ،)0222
ص .0222
مقدمة:
لقد اختار المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية منذ بداية عمله ،نهج
عملية التحسين المستمر ،بغية التمكن من القيام بمهمته وفق الجودة المطلوبة ،باعتباره
ضامن لسالمة األغذية بشكل عام ،حيث أضحى منظمة فعالة ،ذات مصداقية معترف بها من
قبل العديد من الشركاء ،وذلك سواء على الصعيد الوطني وحتى الدولي.
( )297يدير المكتب ،مجلس إدارة ويسيره ،مدير عام ،تبعا للمادة 20من قانون رقم ،25.08ويتكون مجلس اإلدارة من ممثلين عن الدولة ،يمكن للمجلس
استدعاء أي شخص ينتمي إلى القطاع العام أو الخاص يرى فائدة في مشاركته لحضور اجتماعاته بصفة استشارية ،كما جاء في المادة 20من قانون رقم،25.08
ويتمتع مجلس اإلدارة بجميع السلط واالختصاصات الالزمة إلدارة المكتب ،وضع السياسة العامة للمكتب في إطار التوجهات املحددة من لدن الحكومة،
ويحديد مشروع ميزانية المكتب والبيانات التوقعية متعددة السنوات ،والمصادقة على الحسابات السنوية ،المصادقة على التقرير السنوي عن التسيير المعد
من طرف المدير العام للمكتب ،تحديد أسعار الخدمات المقدمة للغير ،وضع النظام األساس ي للمستخدمين الذي تحدد فيه بوجه خاص الشروط المتعلقة
بالتوظيف واألجور والمسار المنهي لمستخدمي المكتب .حسب المادة 21من قانون رقم.25.08
والمصداقية في الخدمات المقدمة من طرف المكتب ،وبالتالي تحسين صورة المكتب بشكل
مستمر لدى المواطنين والشركاء ،هو األمر الذي لن يتحقق دون العمل على تحسين التنظيم
الداخلي واألداء الوظيفي للمكتب.
ولتحقيق هذه األهداف ،اختار المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية
العمل على إنشاء نظام متكامل لتدبيرالجودة ،يتضمن ثالثة معاييرمرجعية منها معيار(ISO )298
9001ومعيار(ISO 17020 )299ومعيار ، ISO 17025يتم تطبيق كل معيارداخل وحدات معينة،
بحيث يتم تطبيق معيار ISO 9001داخل المديرية المركزية ،ومعظم المديريات الجهوية ،ويتم
تطبيق معيار ISO 17020على مستوى مصالح التفتيش( ،)300التابعة للمكتب الوطني للسالمة
الصحية للمنتجات الغذائية( ،)301بينما يتم تطبيق معيار ISO 17025في جميع املختبرات.
( )298يتم تحديد عمليات تدبير الجودة على أساس أهميتها وتأثيرها على الزبناء كما هو موضح في مخطط العمليات.
( )299هي طرق مكتوبة من قبل وحدات التفتيش التابعة للمكتب لتوحيد ترتيبات التفتيش المستعملة على المستوى الوطني.
( )300هي طرق مكتوبة لتقليل مخاطر األخطاء املحتملة في إطار أنشطة التسيير المزاولة من طرف مختلف المصالح.
( )301إلى جانب حصر املخطط التنظيمي الذي تحدد فيه البنيات التنظيمية المركزية والخارجية وكذا اختصاصاتها ،وضع النظام الذي يحدد قواعد وطريقة
إبرام الصفقات ،تحديد الشروط التي يفوض على أساسها إنجاز بعض مهام المكتب لفائدة بعض الهيآت العمومية أو األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون
الخاص .يمكن ملجلس اإلدارة أن يمنح تفويضا إلى المدير العام من أجل تسوية قضايا معينة ،كما يمكن ملجلس اإلدارة أن يقرر إحداث أي لجنة استشارية،
راجع المادة 22من قانون رقم .25.08ويجتمع مجلس اإلدارة باستدعاء من رئيسه كلما دعت حاجة إلى ذلك وعلى األقل مرتين في السنة ،تطبيقا لمقتضيات
المادة 2.من قانون رقم.25.08.
ويشترط لصحة مداوالت مجلس اإلدارة أن يحضرها أو يمثل فيها نصف أعضائه على األقل ويتخذ قراراته بأغلبية األصوات .فإن تعادلت ،يرجح الجانب الذي
يكون فيه الرئيس مع مراعاة أحكام المادة ،2يتمتع المدير العام بجميع السلط والصالحيات الالزمة لتسيير جميع مصالح المكتب ويتصرف باسمه .وينفذ
قرارات مجلس اإلدارة ،وعند االقتضاء ،قرارات اللجنة أو اللجن املحدثة من طرف هذا األخير .ويباشر أو يأذن بمباشرة جميع األعمال أو العمليات المتعلقة
بغرض المكتب ويمثله إزاء الدولة وجميع الهيئات العمومية والخاصة وجميع األغيار ويقوم بجميع اإلجراءات التحفظية .ويمثل المكتب أمام املحاكم ويجوز
له أن يقيم جميع الدعاوى القضائية للدفاع عن مصالح المكتب على أن يقوم بإخطار رئيس مجلس اإلدارة بذلك على الفور.ويحضر بصفة استشارية
اجتماعات مجلس اإلدارة واللجنة أو اللجن التي تحدث من طرف املجلس عند االقتضاء.ويمكنه أن يفوض تحت مسؤوليته بعض سلطه واختصاصاته إلى
المستخدمين العاملين تحت إمرته .المادة 22من قانون رقم.25.08
الجودة ISO17020لمصلحة التسجيل والتفتيش التابعة لإلدارة المركزية ،ومن المرتقب أن
يتم منح االعتماد أيضا لثالث أقسام تتعلق بالمر اقبة والجودة.
ومن أجل مواصلة هذا الزخم ،وتعزيزهذه اإلنجازات املختلفة ،التي حققها المكتب ،تم
وضع نظام تدبير الجودة ضمن أولويات المكتب ،وذلك بفضل التزام اإلدارة العامة ،وتضافر
الجهود المبذولة من قبل كل المتدخلين في هذه العملية ،والتي أبانت عن كفاءتها العالية،
وجعلت من المكتب يكون ذو مصداقية ،وبالتالي يمكن االعتماد عليه.
ومن هذا المنطلق ،يثارتساؤل مهم وهو كيف ساهم المكتب الوطني للسالمة الصحية
للمنتجات الغذائية في حماية المستهلك منذ إنشائه؟
ولإلجابة على هذا التساؤل المهم ينبغي نهج خطة مناسبة للموضوع وهي على الشكل
التالي :الفقرة األولى :حماية المستهلك من الغش في المنتجات الغذائية النباتية .الفقرة الثانية:
حماية المستهلك من الغش في المنتجات الغذائية الحيوانية.
يعد االستهالك املحطة األخيرة من املحطات المتطورللحلقة الغذائية والتي يحصل فيها
المستهلك على منتج النهائي قابل االستهالك أخدا بعين االعتبار األنواع هدا المنتج من جهة
وطرق عرضه من جهة ثانية( . )302وسوف نتطرق خالل هذه الفقرة إلى أركان و أنواع جريمة
الغش الغذائي.
( )302تطبيق سياسة الحكومة في مجال السالمة الصحية للنباتات والحيوانات والمنتجات الغذائية بدءا من المواد األولية وصوال إلى المستهلك النهائي ،بما في
ذلك المواد المعدة لتغذية الحيوانات مع إمكانية إبداء الرأي عند وضع هذه السياسة ،يولي الحماية الصحية للرصيد النباتي والحيواني الوطني ومراقبة
المنتجات النباتية والحيوانية أو ذات األصل النباتي أو الحيواني ،بما في ذلك منتجات الصيد ،سواء عند استيرادها أو في السوق الداخلي أو عند تصديرها.
إبداء الرأي فيما يخص المطابقة الصحية لمؤسسات الصيد البحري المشار إليها في الفقرة السالفة قبل اعتمادها ،مراقبة المضافات الغذائية ومعدات
التلفيف والمنتجات والمواد التي يمكن أن تالمس المنتجات الغذائية وكذا األسمدة ومياه السقي ،اإلذن الستغالليات تربية المواش ي و /أو تسجيلها ،مراقبة
مبيدات اآلفات الزراعية والمصادقة عليها واعتماد المؤسسات التي تنتجها أو تستوردها أو تصدرها ،مراقبة واعتماد البذور واألغراس واإلشهاد على مطابقتها
واعتماد المؤسسات التي تنتجها أو تستوردها أو تصدرها ،راجع أكثر المرسوم رقم 0.00.2.0بتاريخ 22من رجب 02( 0021ماي )0200يتعلق بتنظيم
وبكيفيات سير الشرطة البيئية ،الجريدة الرسمية عدد 1211بتاريخ 01شعبان 0( 0021يونيو ،)0200ص .00.0
إن الزجر الغش يعتمد على المبادئ العامة في القانون الجنائي( ،)303ومن ثم فان أي
جريمة الغش لقيامها ،ال بد من تو افر أركان الجريمة المعروفة ،وعليه فان أركان جريمة زجر
الغش في البضائع تتمثل في الركن القانوني والركن المادي ثم الركن المعنوي.
في ما يخص الركن القانوني لجريمة الغش الغذائي يعبر عن هذا الركن بمبدأ ال جريمة
وال عقوبة إال بنص ،وهو مبدأ دستوري استقر في جميع القوانين الزجرية بجميع األنظمة
الديمقراطية ،فالقانون هو الذي يحدد األفعال التي تعد جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب
اجتماعي ويوجب زجر مرتكبيها ،الش يء الذي يمنع مؤاخذة احد على فعل ال يعتبر جريمة
بصريح القانون وال بمعاقبته بعقوبات لم يقررها القانون باعتبار شرعية الجريمة والعقوبة
تضمن الحماية القانونية للفرد من تعسف السلطة المكلفة بتطبيق القانون وتنفيذه.
ومن ثم ،فإنه يتوجب تفسير القانون الجنائي بشكل ضيق ،وعدم استعمال القياس
لتجريم أفعال ال ينص القانون صراحة على تجريمها والمعاقبة عليها ،الن ذلك من شانه أن
يخلق جرائم وعقوبات ال سند لها .وقانون الزجر عن الغش في البضائع ينص في الفقرة األولى
من الفصل األول على انه "يعد مرتكبا الغش عن طريق الخداع أو التزييف كل من غالط
المتعاقد بوسيلة ما في جوهر أو كمية الش يء المصرح به ،أو قام خرقا ألحكام هذا القانون أو
النصوص المتخذة لتطبيقه أو خالفا لألعراف المهنية والتجارية ،بعملية تهدف عن طريق
التدليس إلى تغييرهما وعليه فان الركن القانوني لجريمة الغش يتمثل في الزجر عن الغش في
البضائع( .)304النصوص المتخذة لتطبيقه .األعراف التجارية والمهنية.
ومن العلوم أن الركن المادي ألية جريمة هو القيام بفعل منعه القانون أو االمتناع عن
فعل أمربه ،فهو إذن نشاط مدرك للقيام بتزييف البضاعة ،فهو فعل ايجابي أو سلبي .باألفعال
سواء كانت ايجابية أو سلبية ،إما أن تكون جريمة نتيجة وإما أن تكون جريمة شكلية ،فاألولى
يتحقق ركنها المادي بتحقيق النتيجة ،بحيث أن النتيجة شرط لقيامه ،وإال بقيت مجرد محاولة
إذا ما تو افرت أركانها ،أما الثانية فان تجريمها مبني فقط على إتيان السلوك الممنوع ولو لم
تترتب عليه أية نتيجة أو ضرر ،باعتبارأن الضررمتوفربشكل تجريدي و انطالقا من نص الفقرة
()303انظر :هشومة غازي ،الحماية الجنائية للمستهلك على ضوء القانون المغربي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية الرباط.022.-0222،
()304للتوسع أكثر راجع جميلة جالم ،الحماية الجنائية للمستهلك من الغش التجاري ،رسالة لنيل دبلوم ماستر،جامعة القاض ي عياض ،كلية الحقوق
بمراكش.0202-0200،
األولى من الفصل األول من قانون الزجرعن الغش ،فان الركن المادي يتحقق كلما وقع الفعل
الممنوع قانونا بشكل تتحقق معه عناصره ،مما يتوجب تحديد تلك العناصر بالنسبة لكل
جريمة بشكل واضح حتى يمكن تطبيقها بشكل متناسب مع األفعال المرتكبة للقول بوجود
الركن المادي للجريمة من عدمه ،دون قياس أو توسع في التفسير ،وبالتالي فانه يتعين الرجوع
إلى قانون الزجرعن الغش والنصوص التنظيمية المتخذة واألعراف المهنية والتجارية ،للقول
بان الفعل المرتكب يشكل جريمة غش معاقب عليها وإعطائها الوصف المناسب مع إبراز
العناصر بكل وضوح ،دون االكتفاء بالقول بان الفعل هو جريمة غش دون وصف محدد ،وهو
ما يدخل في تعليل األحكام و اقعيا وقانونيا.
وفي األخير يمكن التطرق إلى الركن المعنوي لجريمة الغش الغدائي ،على أن جريمة
الغش في البضائع هي جريمة عمدية ،يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي الذي يتحقق بعلم
الجاني بان ما يعرضه للبيع يعد مغشوشا ،وان يعلم بطبيعة المواد التي تستعمل في الغش ،وان
من شأن ذلك خداع المشتري وإدخال الغش عليه وعلى السلعة ،وكذا اتجاه إرادته نحو أفعال
من شأنها أن تغير من طبيعة وخصائص المواد التي أدخلت عليها وعليه ،فان الركن المعنوي
لجريمة الغش ال بد لتأسيسه من تو افرالعلم بالفعل اإلجرامي ،والوعي بالركن المادي للجريمة
المعاقب عليها.
خالل هذا الشق من الفقرة الثانية نتطرق إلى أنواع جريمة الغش الغذائي ،وبالرجوع
إلى ما جاء في الفقرة األولى من الفصل األول من القانون رقم 31.01على انه ،يعد مرتكبا لجريمة
الغش عن طريق الخداع أو التزييف ،و انطالقا من مقتضيات هذا الفصل نستنتج بان جريمة
الغش قد تتحقق ،إما عن طريق الخداع ،إما عن طريق التزييف.
المشتري وتستهدف البضاعة ،والمشرع المغربي في القانون 31.01لم يحصر صور الخداع في
نطاق معين بل جعله على إطالقه ،وذلك اعتبارا التساع مجال ما يلجا إليه الغشاشون من
وسائل كيدية في معامالتهم التجارية ،إذ بمجرد أن يثبت أن البائع أو المنهي التجأ إلى وسيلة
خادعة في سبيل تحقيق غرضه ،وبالتالي وجب في حقه العقاب ولقد حدد المشرع بعض األفعال
التي تشكل جريمة الغش في البضائع عن طريق الخداع وتتمثل في:
جريمة الخداع أومحاولته في خصائص البضاعة :كل بضاعة تتميزعن غيرها بخصائص
جوهرية تنفرد بها ،وبتخلفها تفقد البضاعة صفتها ،مع العلم أن الخصائص التي تتميز بها
البضاعة هي التي قد تؤدي إلى التعاقد أصال ،كعمرالسمن المملح ،بحيث أن العرف بشكل عام
يعتبر قدم السمن خاصية جوهرية فيه ،إذ كلما كان قديما كانت جودته مرتفعة ويرتفع معها
الثمن ،وعليه فإذا بيع سمن عمره سنه مكان سمن عمره 0سنوات ،فإن الغش عن طريق
الخداع يكون محققا .
الخداع أو محاولته في البضاعة :وهو الغش الذي يقع على المادة بكل عناصرها
ومكوناتها ،كتصريف النحاس مكان الذهب الخداع أو محاولته في نوع البضاعة:اشترط المشرع
لقيام هذا النوع من الغش أن يعتبر تعيين النوع المنسوب زوروا للبضاعة هو السبب األساس ي
اللتزام المتعاقد بناء على اتفاق األطراف أو األعراف ،أما إذا كان سببا ثانويا ،أو لم يقع تعيينه
باالتفاق أو العرف فان الجريمة تنعدم.
الخداع أو محاولته في منشأ البضاعة :والمنشأ يحدد جغر افيا بمكان إنتاج البضاعة،
ذلك أن بعض المناطق في المغرب تشتهر بإنتاج مواد معينة ،وارتباط البضاعة بمكان
اإلنتاج يعني غالبا نوعا من الجودة ،مثال الزريبة الرباطية والفاسية وغيرها ،والمشرع اشترط
لقيام الجريمة في هذه الحالة ،أن يعتبر المنشأ المنسوب زورا للبضاعة هو السبب األساس ي
للتعاقد.الخداع أو محاولته في كمية األشياء :كأن يتعلق األمر باتفاق البائع والمشتري الذي
يحدد الكمية المطلوبة من القمح ويؤدي ثمنه ،لكم بعد حصوله على الكمية يكتشف أنها
ناقصة.
الخداع أو محاولته في محتوى البضاعة من العناصر المفيدة :كل بضاعة تحتوي على
عناصرمفيدة تقتنى من اجلها ،فالحليب الطري يقتنى لمنافعه كمادة مغذية لألطفال خاصة،
دون حاجة إلى ذكر هذه العناصر ال من طرف البائع أو من المشتري ألنها محددة بالرغم عنهما،
في حين نجد موادا مبتكرة كمعجون أسنان معين ينسب إليه زورا عنصر مفيد يقي اللثة من
األمراض واألسنان والتسوس ،والو اقع أن هذا المنتوج ال يتوفرعلى العناصرالمذكور.
وفي قرارملحكمة النقض قضت إبطال الخبرة المقتضيات القانونية اآلمرة المنصوص
عليها في الفصلين 50و 11من ظهير 3002/38/0المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع توجب
إحالة العينات على املختبرالرسمي للتحليل و إنجازه داخل أجل محدد ،ويكون القرارالمطعون
فيه سليما حينما رتب على عدم احترام األجل القانوني النجاز التحليل إبطال الخبرة المنجزة
على مادة الدقيق وقض ى بالبراءة(.)306
أما جريمة الغش عن طريق التزييف فتتحقق عبر تغيير الحقيقة ،وفي قانون الزجر عن
الغش في البضائع( )307ال يخرج به عن كونه تغيير حقيقة البضاعة تغييرا من شأنه أن يخلق
إقتناعا معاكسا لحقيقية الش يء المزيف لدى المتعاقد بمعنى انه يستهدف البضاعة نفسها في
ماهيتها وخصائصها الجوهرية وتركيبها ومحتواها من العناصر المفيدة بتغيير مادية البضاعة
بآية وسيلة كانت مخالفة لقانون الزجر عن الغش في البضائع والنصوص المتخذة لتطبيقه
واألعراف المهنية والتجارية وعليه فإن الجرائم المرتبطة بالغش عن طريق التزييف ال تخضع
فقط ألحكام القانون المتعلق بالزجرعن الغش في البضائع،
بل تتعداه إلى االحتكام لقواعد النصوص المتخذة لتطبيقه وكذا األعراف المهنية
والتجارية والغش عن طريق التزييف يتخذ عدة صوريمكن إجمالها في التزييف عن طريق الخلط
بمعنى خلط منتوج مع بعض المواد األقل جودة منه ،أو مع مواد غيرمأذون في استعمالها بحيث
يقوم الغشاشون بخلط البضائع بمواد غريبة عنها( ،)308أو بخلط بضائع من جودة عالية
بأخرى أقل جودة منها غايتهم باألساس هو ربح فارق الثمن ،كخلط الذهب بالنحاس
بنسبة مرتفعة .والتزييف عن طريق النزع وهونوع من الغش يؤدي إلى إيجاد مادة ناقصة الجودة،
ال تتوفر فيها خصائص المادة األصلية الجوهرية وتركيبتها ومحتواها من العناصر المفيدة،
وغالبا ما ينصب النزاع على الجزء األكثر قيمة ،كنزع المادة الذهنية من الحليب ،فيفقد بذلك
خصائصه الجوهرية وتركيبته ومحتواه من عنصرمفيد.
( )306قـرار محكمة النقض ،عـدد 000/.المؤرخ في ،02/20/0220الملف الجنحي عدد ،.022/1/./0222منشور.
()307القانون رقم 02..2المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0..2.02.صادر في 2محرم 0( 0020أكتوبر )02.0
()308قرار وزيري مؤرخ في 00مارس 0202يتعلق بزجر مرتكبي الغش والتدليس في المأكوالت والمشروب
نجد ظاهرة الغش الغذائي في المنتجات النباتية أو ذات األصل النباتي والتي تشكل ما
يسمى بالمنتجات األولية الموجهة لالستهالك البشري( ،)310ونجدها كذلك في المنتجات
الحيوانية أو ذات األصل الحيواني وبصفة عامة جميع المنتجات الغذائية التي يقتنيها
المستهلك لتلبية حاجياته من البروتينات والفيتامينات الضرورية لنمو جسمه( ،)311وذلك
واضح من خالل إسناد الدولة المغربية للمكتب الوطني السالمة الصحية للمنتجات الغذائية
االختصاصات والمهام(،)312المتعلقة بممارسة حماية صحة المستهلك والحفاظ على صحة
الحيوانات( )313والنباتات ،وبصفة خاصة تطبيق سياسة الدولة في مجال السالمة الصحية
للنباتات والحيوانات والمنتجات الغذائية بدءا من المواد المعدة لتغذية الحيوانات(.)314
()309ظهير شريف مؤرخ في 02ذي القعدة 0220الموافق ( 00أكتوبر )0200المتعلق بالزجر عن الغش في بيع البضائع وتدليس السلع والمأكوالت واملحصوالت
الفالحية والمعدة لتموين العساكر
()310يعرف القانون رقم 0..22المتعلق بالسالمة الصحية للمنتجات الغذائية المنتوج األولى كاألتي:كل منتوج زراعي موجه لالستهالك البشري تمت زراعته أو
قطعه أو جنيه وكذا كل منع استخلص من الحيوانات كالحليب أو العسل أو البيض ومواد القنص والصيد أو قطف األصناف البرية أو المعروضة في السوق
على حالتها دون استعمال وسائل خاصة للتيهئ من أجل حفظها غير التبريد.
()311وفقا للمادة 2من القانون السالف ذكره يراد بالمنتوج كل منتوج نباتي أو حيوان خام أو معالج كليا أو جزئيا موجه لالستهالك البشري بما في دلك
المشروبات والعلك وكل المواد المستعملة في إنتاج وتيهئ أو معالجة األغنية...
()312راجع المادة 0قانون رقم 00 2.القاض ي بإحداث المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات العدائية السالفة الذكر.
( )313القيام بتحليل املخاطر الصحية التي يمكن أن تتسبب فيها المنتجات الغذائية والمواد المعدة لتغذية الحيوانات على صحة المستهلكين وكذا العوامل
المرضية بالنسبة لص حة النباتات والحيوانات ،مراقبة أمراض النباتات والحيوانات والمنتجات المتأتية من النباتات والحيوانات والمنتجات الغذائية والمواد
المعدة لتغذية الحيوانات واألدوية البيطرية وكل المنتجات األخرى الموجهة لالستعمال الطبي البيطري أو للجراحة البيطرية ،تسليم األذون أو االعتمادات
الصحية حسب الحالة للمؤسسات التي تنتج فيها المنتجات الغذائية والمواد المعدة لتغذية الحيوانات أو تصنع أو تعالج أو تناول أو تنقل أو تودع أو يحتفظ
بها أو تباع فيها باستثناء أسواق السمك بالجملة وبواخر الصيد والنقاالت المائية ووحدات معالجة وإنتاج وتحويل وتوضيب وحفظ منتجات الصيد البحري
والمواد الثانوية لها ،يولي المراقبة الصحية للحيوانات ومراقبة ترقيمها وتنقالتها ،تطبيق النصوص التنظيمية الجاري بها العمل في مجال الشرطة الصحية
البيطرية والنباتية ،مراقبة األدوية البيطرية والمؤسسات الصيدلية البيطرية والقيام بتسجيلها ،راجع أكثر المرسوم رقم 0.00.2.0بتاريخ 22من رجب 0021
( 02ماي )0200يتعلق بتنظيم وبكيفيات سير الشرطة البيئية ،الجريدة الرسمية عدد 1211بتاريخ 01شعبان 0( 0021يونيو ،)0200ص .00.0
()314راجع المادة 0قانون رقم 00 2.القاض ي بإحداث المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات العدائية السالفة الذكر.
تعد المر اقبة االعتيادية من ضمن المر اقبات التي يقوم بها المكتب الوطني السالمة
الذبائح()317 الصحية للمنتجات الغذائية ،وتشمل هذه المر اقبة ،املجازر والتأكد من سالمة
التي يتم عرضها لالستهالك العمومي( ،)318وبعد التحقق من مطابقة المنتجات الحيوانية
لقواعد السالمة والجودة المنصوص عليها قانونا يقوم الطبيب المكلف بوضـع خـاتم عليها
بمثابة إذن أو ترخيص ببيع وتسويق هذه المنتجات للمستهلك( ،)319وبالمقابل يمنع عرض أو
ترويج المواد الحيوانية والمواد ذات األصل الحيواني الغير المطابقة للمواصفات المعترف
بها(.)320
وفي نفس المنوال ،تطرق المرسوم التطبيقي إلى كيفية إجراء التفتيش على
الحيوانات الحية والمواد الحيوانية من حيث السالمة والجودة( ،)321بحيث يشمل على تفتيش
األماكن العامة والخاصة وملحقاتهـا األصطبالت ،أسواق البهائم املجازر ،األسواق ،والمعارض
()315يتولى األطباء والتقنيون القيام بمهام التفتيش حيث السالمة والجودة بالنسبة للحيوانات والمواد الحيوانية املحددة في الفصل 0من الشهر الشريف
رقم 0-20-020المؤرخ في ( .أكتوبر ) 0222يتعلق بتدبير التفتيش من حيث السالمة والجودة بالنسبة للحيوانات الحية والمواد الحيوانية أو ذات األصل
الحيواني ،ونذكر منها الحيوانات المسلم لحمها العموم ألالستهالك ،حيوانات الجزارة الطيور الدواجن ،منتجات البحر)...
()316يتوفر المكتب ( )ONSSAعلى 02مصلحة بيطرية موزعة على 02مديريات جهوية.
()317راجع الفصلين 2و 0من الظهير بمثابة القانون السالف الذكر.
()318ينص الفصل من الظهير بمثابة قانون رقم 0- 20- 020الصادر في ( .أكتوبر ) 0222التفتيش إجباريا بالنسبة للحيوانات الحية واللحوم والمواد
الحيوانية والمواد ذات األصل الحيواني المعدة لالستهالك العمومي ،وإجباريا كذلك بالنسبة للحيوانات واللحوم الحيوانية المعدة لتغذية الحيوانات وصناعة
المنتجات الحيوانية الثانوية.
()319الفصل 2من الظهير بمثابة القانون المشار إليه
()320الفصل .من نفس الظهير.
()321المرسوم رقم 0 2..102صادر في 02من رمضان 0 ( 0002يناير )0222لتطبيق الظهير الشريف رقم 0.20 020ج.ر عدد 02 - 0110شوال 0( 0002
فبراير )0222ص.022 :
والعربات والسفن ومؤسسات تقطيع الحيوانات ونقط البيع ،مع إجراء الفحصين السابق
والالحق للذبح ،منع الحيوانات التي تعاني من أعراض مرضية وكذا الهائجة المتعبة(،)322
التخلص من الحيوانات المصابة غير الصالحة لحومها لالستهالك عن طريق إحر اقها تحت
إشراف الطبيب المكلف بالتفتيش ،حجز كل مادة حيوانية أو ذات أصل حيواني يمكن أن
تحتوي على عناصر جرثومية أو سامة بالنسبة لإلنسان أو الحيوان ،تحديد شروط النظافة
المفروضة على مؤسسات الذبح و تحضيرالمواد الحيوانية أو من أصل حيواني.
والجدير بالذكر أن عمليات المر اقبة والتفتيش الصحي االعتيادية ال تنحصر فقط في
األسواق ونقط البيع ،بل تمتد كذلك لتشمل تدخالت المصالح البيطرية العاملة على مستوى
الموانئ ،وهي إجراءات من األهمية بمكان على اعتبار أنها تحمي المستهلك داخل التراب الوطني
من أي منتوج يمكن أن يشكل خطرا على صحته يتم استيراده من األسواق األجنبية .لهذا الغرض
تفرض المصالح املختصة في الحدود تدابيرصحية عند استيراد بعض الحيوانات والمواد ذات
األصل الحيواني ومن أهم هذه التدابير اإلجراءات إخضاع الحيوانات والمنتجات للمر اقبة
بهدف التحقق من جودتها وتوفرها على الشروط الصحية ،حظر دخول الحيوانات والمواد
والمنتجات التي نصت عليها المادة 3من القانون رقم ،.25.08.إال إذا كانت خالية من األمراض
المعدية ومصحوبة بوثائق صحية صادرة عن بلد المنشأ ،مع إمكانية إخضاع الحيوانات
لنظام الحجر الصحي( )323قصد التحقق من حالتها الصحية أو بهدف إجراء اختبارات أو بحوث
تكميلية ،إقصاء جميع الحيوانات التي يشتبه في كونها مصابة بأمراض معدية أو بعدوى خالل
إجراء المر اقبة الصحية ،من الدخول إلى التراب الوطني كما يجوز إتالف المواد ذات األصل
الحيواني أو إحر اقها.
()322الفصل 0من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 0.20.020بتاريخ 0شوال 02 ( 0222شتنبر )0222يتعلق باتخاذ التدابير الكفيلة بحماية الحيوانات
الداجنة من األمراض المعدية ،الئحة األمراض التي يستوجب التصريح بها لدى المصالح البيطرية املختصة قصد اتخاذ التدابير المستعجلة لعزل الحيوانات
المصابة أو المشكوك فيها .
تمت مراجعة الظهير بمقتض ى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 0.21.254صادر في رمضان 00 - 0002يناير 0222بتغير وتتميم الظهير الشريف المعتبر
بمثابة قانون رقم 020.20.0المشار إليه أعاله -ج.ر عدد . 00.0محرم 00( 000.ماي )0222ص0012 :
()323يكون الحجز في المحجر التابع لمنفذ الحدود التي تدخل منه الحيوانات أو في المكان الذي تعينه لذلك الجهة الصحية البيطرية المركزية عند عدم وجود
محجر في النفوذ الترابي.
وفي إطار إعمال مبدأ اليقظة وبهدف ضمان االكتفاء الذاتي من اللحوم
والمنتجات الحيوانية()324من جهة ،ومن جهة أخرى توفير حماية صحية للمستهلك(.)325
أعطى المشرع المغربي للمكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية ،حق القيام
بالمر اقبة الموسمية للمصالح البيطرية في بعض المناسبات ،كفصل الصيف حيث يكثر
اإلقبال على استهالك المنتجات الغذائية ،وما يترتب على ذلك إمكانية تعرض المستهلك للتسمم
ما يشكل خطرا كبيرا على سالمته( ،)326وال يقتصر التفتيش على المنتجات الحيوانية أو ذات
األصل الحيواني ،بل شمل کذلك حتى الحيوانات بوصفها مصـدـرا لتلك المنتجات( .)327بحيث
تخضع المؤسسات العاملة في هذا املجال للترخيص يسلم من طرف المصالح املختصة بعد
إجراء تفتيش صحي لهذه المنشآت والتأكد من توفرها على الضوابط المنصوص عليها في
المرسوم التطبيقي(.)328
وباإلضافة إلى الشروط الصحية التي يشترطها القانون في مؤسسات تربية الطيور
الداجنة ،هناك شروط أخرى منصوص عليها في المرسوم التطبيقي للقانون ،20-00ويتعلق
األمربمراعاة واحترام المسافات الدنيا التي تفصل بين ضيعة وأخرى أو ضيعة ومحضن أو بين،
محضنين( ،)329بحيث نظمت هذه المسألة بقرار الوزير المكلف بالفالحة الذي يحدد مسألة
قياس المسافة الواجب احترامها ،الذي نص على وجوب توفر الضيعة الجديدة على مسافة 1
كيلومترات فاصلة مع وحدة أخرى لتربية و إنتاج الدواجن( ،)330وهذا ما دفع رئيس المصلحة
البيطرية اإلقليمية للمديرية الجهوية للمكتب إلى إصدارقراربرفض طلب الترخيص لطالبه على
أساس عدم توفر ضيعته على الشروط المتعلقة بالمسافة القانونية كما يشترطها قرار السيد
وزير الفالحة والمسموح بها بين ضيعة لتربية و إنتاج الدواجن وأخرى مماثلة ،باإلضافة إعمال
()324المادة 0من القانون رقم ،00..2يراد بالحيوانات :البقر والحصان والماعز واإلبل والخنازير والخيل والحمير والدواجن والحيوانات المتوحشة والحيوانات
المصطادة والنحل والحيوانات المتخذة للمرافقة والحيوانات المستخدمة في املختبرات.
()325قرار الوزير الفالحة والتنمية القروية والصيد البحري رقم 00 -0002.2يوليو 0222بتغير القرار رقم 221 22صادر في .يونيو 0222بحضر در دخول
بعض الحيوانات والمنتجات الحيوانية أو ذات األصل الحيواني المعدة ألالستهالك البشري أو الحيواني إلى التراب الوطني ج.ر عدد 2 -020.جمادي األولى
0 ( 0002أغض ى )0222ص.0020 :
()326بالرغم من كون حمالت العراقية التي يقودها العراقيون سواء منهم أعوان زجر الغش أو المفتشون أو التقنيون ،تكون في بعض األوقات بصورة موسمیه
فإنها تبقى مقيدة للمستهلكين الدين قد يتعرضون خالل المناسبات المذكورة أعالم الحاالت عديدة من التسمم الغذائية الخطيرة التي تهدد صحته وسالمته
()327القانون رقم 02-22المتعلق بالوقاية الصحية لتربية الطيور الداجنة وبمراقبة إنتاج وتسويق منتوجاتها على مجموعة من التدابير الهادفة إلى تحديد
الشروط الصحية والتقنية الضرورية لمزاولة أنشطة تربية الدواجن
()328راجع الفصول من 0إلى 00من القانون رقم 02.22وكذلك مرسومه التطبيقي رقم 0.20.1.0صادر في 00من ذي القعدة 02 ( 0000سبتمبر ) 0220ج.ر
عدد 1 ( 00.2يناير .) 0220
()329المادة 1من المرسوم التطبيقي رقم 0-20 1.0صادر بتاريخ ( 02ديسمبر .)0220
( )330المادة 20من قرار وزير الفالحة والصيد البحري رقم 0002/20الصادر بتاريخ .0220-00-00
مبدأ األسبقية بين الطلبات المقدمة لدى المصلحة البيطرية المعنية ،وبذلك كان مصيرطلب
إلغاء القراراإلداري رفض طلب المعني باألمر(.)331
والجديربالذكرانه فيما يتعلق بتطبيق النصوص القانونية المنظمة لعمل المكتب أن
القاض ي المقررقد يلجأ إلى إجراء مقابلة أو بحث بين أطراف النزاع سواء كانوا أشخاصا ذاتيين
أو معنويين للتعرف عن قرب عن مضامين تلك النصوص التشريعية والتنظيمية التي تتميز
بالتعدد والتشعب.
ومن تدخالت األطراف من مدعي ومدعى عليه باإلضافة إلى ممثلي اإلدارة،
تتشكل وتتضح لدى القضاء غايـة أو فلسفة المشرع من وضع شروط ومواصفات محددة
إلصدار ترخيص بممارسة أنشطة تدخل في اختصاص المكتب .كما أن املحكمة تعتمد على
الوثائق المرفقة بالقضية التي يمكن أن تتضمن محاضر المر اقبة والتفتيش الصادرة عن
المصلحة المعنية بإصدار قرار القبول أو رفض ،باإلضافة إلى نسـخ مـن المراسالت التي يتم
إرسالها إلى املحامي المعني باألمرحول بارات بخصوص القرارالمتخذ وكذا النصوص القانونية
والمبررات المعتمدة التخاذ القرارالمناسب.
وبذلك فإن المكتب حريص على تطبيق المقتضيات القانونية ،ألن العمل في مجال
الشرطة الصحية البيطرية والنباتية ،يدخل في صميم االختصاصات المسندة إليه(.)332
ثم المر اقبة المبرمجة حيت انه ال تقل هذه المرحلة من مراحل المر اقبة أهمية عن
سابقاتها ،بحيث إن ما يميزها كونها تتم في إطار لجن مشتركة بين ممثلي عدة قطاعات وزارية
(الفالحة ،الداخلية ،الصحة ،التجارة والصناعة) ،وتقوم هذه اللجان بإجراء زيارات تفتيش
مفاجئة لنقط البيع ووحدات اإلنتاج وغيرها وفي حالة إثبات مخالفة يتم تحرير محاضر بهذا
الشأن تكون مذيلة بتوقيعات ممثلي القطاعات المعنية ،كما يمكن لها أخذ عينات من المنتوج
المشكوك فيه وإرساله للمختبر املختص إلجراء التحاليل املخبرية الضرورية ،وقد مكنت
عمليات المر اقبة والتفتيش على مستوى اللجان اإلقليمية برسم سنة 5833من القيام ب
()332يمكن أن يفوض مجلس إدارة المكتب ،تحت مراقبته ،إنجاز كل أو جزء من بعض المهام إلى هيئات عامة أو أشخاص معنوية خاضعة للقانون الخاص
يعتمدها المكتب لهذا الغرض ،وتحدد هذه المهام بقرار وزاري للسلطة الحكومية المكلفة بالفالحة ،المادة 20من قانون رقم ،25.08تظل اختصاصات
ومسؤولية موظفي وأعوان زجر الغش املحلفين ومفتش ي وقاية النباتات والبياطرة المفتشين وتقنيي تربية المواش ي املحلفين التابعين للمكتب خاضعة لألحكام
التشريعية والتنظيمية المطبقة عليهم ،وفقا للمادة 22من قانون رقم25.08القاض ي بإحداث المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية.
مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،مطابع
دارالقلم ،بيروت ،الطبعة الثانية سنة .3005
عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي القسم الخاص ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الطبعة العاشرة .5830
عابد العمراني الميلودي ،أمحمد اقبلي ،القانون الجنائي الخاص المعمق في شروح،
مطبعة الرشاد السطات ،الطبعة األولى .5858
جميلة جالم ،الحماية الجنائية للمستهلك من الغش التجاري ،رسالة لنيل دبلوم
ماستر،جامعة القاض ي عياض ،كلية الحقوق بمراكش.5831-5835،
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 5830.30
صادر في 51من ذي القعدة 33( 3210أغسطس )5830يتعلق بالمهام التي يفوضها المكتب
الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية إلى هيئات عمومية أو إلى أشخاص اعتباريين
خاضعين للقانون الخاص)
قرار وزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقـم 3383.58
صـادرفي 50من شوال 58( 3223يونيو )5858المتعلق بتفويض المكتب الوطني للسالمة الصحية
للمنتجات الغذائية ترقيم وتسجيل تحركات الحيوانات إلى هيئات عمومية أو إلى أشخاص
اعتباريين خاضعين للقانون الخاص)
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري رقم 522.31صادر في 2ربيع األول 33( 3212يناير
)5831يتعلق بالترخيص واالعتماد على المستوى الصحي للمؤسسات والمقاوالت في قطاع تغذية
الحيوانات وفي القطاع الغذائي ،باستثناء البيع بالتقسيط والمطاعم الجماعية)
(قرار مشترك لوزير الفالحة والصيد البحري ووزير الصحة رقم 001.31في 0جمادى
األولى 53( 3212مارس )5831بتحديد أشكال وكيفيات المر اقبة الطبية لمستخدمي المؤسسات
والمقاوالت في القطاع الغذائي وكذا قائمة األمراض والتعفنات التي من شأنها أن تلوث المنتجات
الغذائية)
(قرار مشترك لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزير
الصحة رقم 5188.30صادر في 33من محرم 53( 3228سبتمبر )5830بتحديد خصائص فعالية
مواد التنظيف والتطهير وصفات تسممها ونقائها وكذا ظروف استعمالها في المؤسسات
والمقاوالت في القطاع الغذائي وفي قطاع تغذية الحيوانات)
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري رقم 130.30صادر في 30من ربيع األخر 0( 3213
فبراير )5830يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت الصحية الجيدة للمطاحن الصناعية).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 3882.58
بتاريخ 3شعبان 53( 3223مارس )5858يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت الصحية
الجيدة لقطاع زيوت الزيتون البكر).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 3852.58
صادرفي 35من شعبان 3( 3223أبريل )5858يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت الصحية
الجيدة لقطاع النباتات العطرية ومشتقاتها).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 3850.58
صادرفي 35من شعبان 3( 3223أبريل )5858يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت الصحية
الجيدة لقطاع التوابل).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 3002.58
صادر في 55من ذي القعدة 32( 3223يوليو )5858يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت
الصحية الجيدة لقطاع الفواكه الحمراء املجمدة).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 1853.58
صادر في 53من ربيع اآلخر 0( 3225ديسمبر )5858يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت
الصحية الجيدة لقطاع الفواكه الحمراء الطازجة).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 1855.58
صادر في 53من ربيع اآلخر 0( 3225ديسمبر )5858يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت
الصحية الجيدة لقطاع اللحوم المستحضرة).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 5000.53
بتاريخ 30ربيع األول 50( 3221أكتوبر )5853يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت الصحية
الجيدة لقطاع الفواكه الطرية).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 5000.53
بتاريخ 30ربيع األول 53( 3221أكتوبر )5853يتعلق بالمصادقة على دليل االستعماالت الصحية
الجيدة لقطاع الخضروات).
(قرار مشترك لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزير
الصحة رقم 5202.30صادرفي 1جمادى اآلخرة 58( 3210فبراير )5830بتحديد الحدود القصوى
المسموح بها من بقايا المنتجات الصيدلية في المنتجات األولية والمنتجات الغذائية)
(قرار مشترك لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزير
الصحة رقم 501.30صادر في 0جمادى االخرة 30(3228فبراير )5830بتحديد قائمة المعايير
الميكروبيولوجية وحدودها المسموح بها ضمن المنتجات األولية والمنتجات الغذائية)
العنونة
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري رقم 3100.38صادر في 50من شعبان 33( 3213
أغسطس )5838يتعلق بالمنتجات المعفاة من بعض البيانات الضرورية في عنونتها).
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري رقم 1003.30صادر في 0صفر 58( 3210نوفمبر
)5830بتحديد كيفيات اإلشارة إلى الكمية الصافية والوزن الصافي المقطر لبعض المنتجات و
اإلشارة إلى حصة اإلنتاج أو التصنيع أو التوضيب التي ينتمي إليها المنتوج الملفف)
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري رقم 5810.33صادر في 0شوال 35( 3210يوليو
)5833بتحديد الكيفيات التقنية لإلشارة إلى المكونات في عنونة المنتجات الغذائية)
(قرار مشترك لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ووزير
الصحة والحماية االجتماعية رقم 3500.55صادرفي 0شوال 38( 3221ماي )5855بتحديد الئحة
المنتجات السريعة التلف من الناحية الميكروبيولوجية والتاريخ األقص ى الستهالكها وكذا درجة
حرارة حفظها)
(قرار مشترك لوزير الفالحة والصيد البحري ولوزير االقتصاد والمالية رقم 508.33
صادر في 53من ربيع اآلخر ( 3210فاتح فبراير )5833يحدد مبلغ وكيفيات منح التعويض المالي
لألشخاص المستفيدين من انتداب التفتيش البيطري)
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري رقم 208.33صادر في 58من جمادى األولى 3210
( 50فبراير )5833بتحديد نموذج انتداب التفتيش البيطري وكيفيات منحه وتجديده وسحبه)
(قرار لوزير الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 3003.58
صادرفي 50من شوال 58( 3223يونيو )5858بتحديد أشكال وكيفيات إعداد املحاضراملحررة من
طرف األعوان المؤهلين التابعين للمكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية)
-
لهذا يأتي هذا المقال ليعالج إشكالية مفادها" :ما هي الضوابط التي يجب على
القاض ي الجنائي التقيد بها وهو بصدد تفسيره للنصوص القانونية الجنائية؟" ،وتتفرع عن هذه
اإلشكالية جملة من األسئلة الفرعية ،وهي:
-ما هي المبادئ الدستورية والقانونية التي قد يفض ي إلى خرقها التوسع في تفسير
النصوص القانونية الجنائية؟
هل مبدأ التفسير الضيق للنصوص القانونية الجنائية مبدأ مطلق أم ترد عليه بعض-
االستثناءات؟
:الكلمات المفتاح
- In order to address this key problem, and the questions that have been
raised about it, we will divide our article bodies of research tow chapters:
Key words
:مقدمة
يلعب تفس ير النصوص القانونية دورا جوهريا في درء ما يشوب بعض مقتضياتها من
ذلك أن بعض ألفاظ ومتون النصوص القانونية قد تحتمل أكثر من معنى أو.غموض أو لبس
ما قد يؤدي إلى تضارب وتباين األحكام والقرارات الناجمة عن تعدد هذه المعاني أو،تأويل
وبالتالي، وهو ما يستوجب تدخل القضاء من أجل تحديد وتوحيد معناها وتأويلها،التأويالت
. وتعزيزثقتهم وأمنهم في القانون وفي القضاء أيضا،الرفع من منسوب اطمئنان املخاطبين بها
وإذا كان ألهل التأويل والتفسير ،في المادة المدنية ،صالحيات أوسع و مجال أرحب،
خصوصا في تفسيرما قد يشوب النصوص القانونية المدنية ،من لبس وغموض ،أوحتى نقص،
فإنهم ،وفي المادة الجنائية ،ملزمون بضوابط أدق ،تجعل تفسيرهم مقيدا بقاعدة عدم
التوسع ،بالنظر لما قد يتأتى ،من خالل عدم احترامهم لهذه القاعدة ،من اختالق لجرائم لم
ينصص عليها القانون ،أو ابتداع لعقوبات وتدابير وقائية لم يقرها المشرع ،وهو ما قد يمس
بأهم قاعدة يجمع حولها رجاالت وفقهاء القانون ،أال وهي قاعدة شرعية التجريم والعقاب.
ولعل بعض التشريعات كانت أكثر وضوحا وصرامة في التنصيص على هذا المبدأ ،كالقانون
الجنائي الفرنس ي ،والذي نص على هذا األمرمن خالل المادة .3332-332
فالتوسع في تفسير النصوص الجنائية خصوصا من طرف القضاء ،قد يشكل خطرا
محدقا باألمن القضائي الجنائي ،حيث يضحي املخاطبون بالقواعد القانونية الجنائية مهددون،
بفعل التفسير القضائي الواسع للنصوص ،بجرائم وعقوبات وتدابير وقائية لم ينصص عليها
المشرع بشكل مباشر ،ولم يضمنها داخل تشريعاته ،وذلك بدعوى اختزان قاعدة قانونية
جنائية لمعنى ال يستطيع املخاطب بها إدراكه .وبالتالي ،فالقاض ي الجنائي ،وهو بصدد أجرأة
النصوص الجنائية وتنزيلها ،للبت في ما يعرض عليه من قضايا ونوازل ،ملزم بأن يتقيد
بمجموعة من الضوابط التي تجعل تفسيره لما استشكل من قواعد تفسيرا ال يخرق مبدأ عدم
التوسع في تفسيرالقاعدة الجنائية ،وخصوصا القاعدة الجنائية الموضوعية ،وبالتالي ال يخرق
مبدأ األمن القضائي الجنائي.
وإذا كانت ترد على مبدأ عدم التوسع في تفسير النصوص القانونية الجنائية بعض
االستثناءات ،فهي تبقي مؤكدة للقاعدة ،وال يمكنها بأي حال أن تفض ي لخلق قواعد جنائية
جديدة ،سواء تعلق األمربالجرائم أو بالعقوبات ،وحتى بالتدابيرالوقائية ،ألن ما يرد على األصل
من استثناء هو على سبيل الحصروعليه أن ال يخرق مبدأ دستوريا واضحا.
333
L’article 114-4 du code pénal français : « la loi pénal est d’interprétation stricte ». sur le lien :
http://www.legifrance.gouv.fr/codes/texte_lc/LEGITEXT000006070719/ ( le 16/10/2022 à
)10 :20
عموما ،مع تحديد أنواعه وبواعثه وطرقه ،على أن نخصص المبحث الثاني لضوابط ومرتكزات
التفسيرالقضائي للقواعد الجنائية ،واالستثناءات الواردة عليه.
إن الغموض الذي قد يشوب بعض النصوص القانونية ومقتضياتها أحيانا ،يفض ى
بالضرورة إلى محاولة تفسيرها ودرء هذا الغموض واإلبهام عنها ،ألنه ال يمكن االحتكام إلى قاعدة
قانونية تحمل تأويالت عدة ،بحكم أن هذا األمريؤدي إلى تضارب وتباين آثارها في حالة تطبيقها
على نوازل متماثلة من حيث حيثياتها ومالبساتها ،وهو ما قد يمس بثقة املجتمع في القانون ،وفي
معياريته كذلك.
غير أن التعدد ال يشمل معاني وتأويالت النص القانوني فقط ،بل هو يمتد كذلك إلى
التفسير نفسه ،سواء من حيث مصادره ،أو من حيث مذاهبه ومدارسه ،بل وحتى من حيث
بواعثه وطرقه .حيث نميز في التفسير ،من حيث المصدر ،ما بين التفسير التشريعي ،والفقهي،
ثم القضائي .بينما نميز في التفسير ،من حيث مذاهبه ،ما بين التفسير الحرفي ،والمنطقي ،ثم
التاريخي .أما فيما يتعلق ببواعثه ،فإننا نميز ما بين حالة غموض النص القانوني أو وجود خطأ
مادي أو مادي في متنه ،أو وجود تناقض وتعارض بين أجزائه ،أو في الحالة التي يكون فيها مشوبا
بنقص أو سكوت .كما يتم تقسيم طرق التفسيرإلى طرق داخلية وأخرى خارجية.
لقد تعددت أشكال تفسير النصوص القانونية ،تبعا للجهة المصدرة لهذا التفسير،
وتبعا للمذهب المعتمد في التفسيروالتأويل .حيث يتم التمييزما بين كل من التفسيرالتشريعي،
والفقهي ثم التفسير القضائي .كما يتم التمييز كذلك ما بين التفسير القائم على شرح المتون،
والتفسيرالتاريخي ،ثم التفسيراالجتماعي والعلمي.
يشتق مصدر التفسير لغة من فعل فسر( بتضعيف حرف السين) ،ونقول فسر األمر
إذ وضحه وشرحه و أبانه ،ووضعه في صورة أبسط ،و"فسرالشعر/القانون /الحلم – فسرآيات
القرآن الكريم :شرحها ووضح ما تنطوي عليه من معان وأسرار وأحكام" 334.كما يحيل التفسير
على الشرح والبيان 335،بل إن التفسيرقد يعني التأويل الذي هوكشف الغطاء ،أي كشف المراد
عن اللفظ المشكل ،والتأويل رد أحد املحتملين إلى ما يطابق الظاهر336.
أما اصطالحا ،فيحيل تفسير النصوص القانونية على توضيح ما أبهم من ألفاظه،
وتكميل ما اقتضب من نصوصه ،وتخريج ما نقص من أحكامه ،والتوفيق بين أجزائه
المتناقضة 337.أي أن تفسير النصوص القانونية إما أن يأتي إلزالة غموض وإبهام عن ألفاظ
نص قانوني ،أو أن يكمل نصا مقتضبا ومختصرا ،كما قد يأتي الستقراء أحكام من نص لم
يفصح عنها واضعوه بشكل مباشر ،أو للتوفيق بين أجزاء نص متسمة بالتناقض والتضارب ،أو
بين نصوص متضاربة حول نفس النازلة.
يتم التمييز في أنواع التفسير ،من حيث الجهة المصدرة له ،ما بين التفسير التشريعي
الصادر عن السلطة التشريعية ،والتفسير الفقهي الناجم عن شرح األساتذة والباحثين ،ثم
التفسيرالقضائي الذي يصدرعن القضاة وهم بصدد البت في ما يرفع إليهم من قضايا.
-1التفسيرالتشريعي:
334أحمد مختار عمر ،معجم اللغة العربية المعاصر ،المجلد الثالث ،الطبعة األولى ،القاهرة ،عالم الكتب ،1008 ،ص .7101
335إبراهيم أنيس وآخرون ،المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية -مكتبة الشروق الدولية ،1002 ،ص .988
336محمد ابن منظور ،لسان العرب ،دار صادر ،بيروت ،بدون سنة النشر ،ص . 1271- 1271
337األهواني ،المدخل للعلوم القانونية الجزء األول ،ص ( 121محمد كمال خميس الحولي ،تفسير النصوص القانونية في
التشريع الفلسطيني ،رسالة لنيل ديبلوم الماجيستير في القانون العام ،فلسطين ،الجامعة اإلسالمية – غزة ،الموسم الجامعي
.)1071
يراد بالتفسيرالتشريعي ،ذلك التفسيرالذي أناط به المشرع نفسه وحمل عبأه ،حتى
يضع حدا لما قد يثار من خالف قد يهم مضمون نص أو نصوص محل تفسير .ويتم في العادة
إصدار تشريع جديد من قبل المشرع يوضح فيه ما غمض من نصوص ويفك هذا الغموض.
وبالتالي يصبح هذا التفسير التشريعي نافذا من تاريخ صدور القانون المتعلق به ،ويضحي هذا
التفسير ملزما للقاض ي وهو بصدد بته في وقائع مشمولة بهذه النصوص القانونية ،وال يحق له
مخالفتها ،وبذلك يكون أثره رجعيا على الماض ي ليشمل جميع األحكام التي لم تكتسب بعد
الدرجة القطعية عند نفاذه338.
والتفسير التشريعي قد يكون أحيانا بمثابة تعريف لجريمة معينة أو لفعل معين،
ويكون متضمنا داخل المدونة القانونية نفسها ،حيث نجد مثال المشرع المغربي قد عرف
العنف ضد المرأة في القانون 381.31حينما اعتبره " كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه
التمييزبسبب الجنس ،يترتب عليه ضررجسدي أو نفس ي أو جنس ي أو اقتصادي للمرأة" ،كما أنه
عمد إلى تفسير مختلف أنواع هذا العنف ،سواء الجسدي أو النفس ي أو االقتصادي ،مغلقا
الباب أمام أي تفسيرآخر.
ومن أمثلة التفسير التشريعي كذلك تعريف مفهوم" الموظف" داخل القانون
الجنائي ،حتى ال يقع الخلط مع داللته داخل قانون الوظيفة العمومية .حيث اعتبر المشرع
الجنائي أن الموظف هو كل شخص ،كيفما كانت صفته ،يعهد إليه ،في حدود معينة بمباشرة
وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة ،أو المصالح
العمومية أو الهيئات البلدية ،أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام 339.وكذا عرف
المشرع مفهوم السالح داخل القانون الجنائي ،باعتباره شامال لجميع األسلحة النارية
والمتفجرات ،وجميع األجهزة واألدوات أو األشياء الواخزة أو الراضة أو القاطعة أو الخانقة340.
-2التفسيرالفقهي:
338علي حسين الخلف ،سلطان عبد القادر الشاوي ،المبادئ العامة في قواعد العقوبات ،بغداد ،دار السنهوري القانونية والعلوم
السياسية ،1072 ،ص .18
339الفصل ،112مجموعة القانون الجنائي المغربي ،ظهير شريف رقم 7.56.271صادر في 18جمادى الثانية19 ( 7181
نونبر )7691بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي.
340مجموعة القانون الجنائي المغربي ،الفصل .101
العلمية .فهو يضم مجموع اآلراء والدراسات واألبحاث التي يقوم بها األساتذة والباحثون،
والمتعلقة بشرح أحكام القانون.
وإذا كان هذا النوع من التفسيرغيرملزم للقضاء ،وال يتعدى إبداء الرأي بخصوص هذا
النص أو ذاك من نصوص القانون ،فإن هذا ال يمنع أن فائدته بالغة في إعانة القضاة على
تطبيق القانون ،وفي توجيه المشرع الستكمال ما في التشريع من نقص ،ولذلك كثيرا ما تستأنس
املحاكم بما يكتبه فقهاء القانون ،بل أحيانا ترجع عن مسلكها لتتبع ما قالوا به من رأي ،وكذلك
األمربالنسبة للمشرع حيث قد يتدخل إلصالح ما في التشريع من نقص أو عيب أو غموض يظهره
الفقهاء في كتاباتهم وشروحهم.
ولعل ما يعكس أهمية وقيمة التفسيرالفقهي هوأن الفقه ،ولمدة طويلة ،اعتبرمصدرا
من مصادرالتشريع ،خصوصا في القانون الروماني ،ولو أن مكانته هذه تراجعت ،بحكم أن هذا
النوع من التفسير يتسم بطابعه النظري ،وال يحمل صفة أو طابع اإللزام بالنسبة للمحاكم341.
-3التفسيرالقضائي:
فالتفسير القضائي للنص القانوني بهذا المعنى هو تحصيل حاصل ،أي أنه وسيلة
وليس هدفا في حد ذاته ،بمعنى أنه ال يتم الرجوع إليه بحثا عن تفسير لنص قانوني غامض ،بل
هو ينجم عن النظرفي قضية معروضة ال يمكن إال البت فيها وإال أصبح األمربمثابة إنكارللعدالة.
كما أنه تفسير ال يحمل صفة اإللزام بالنسبة لباقي القضاة إذا ما كانت قضايا مماثلة محط
أنظارهم 342،إال إذا كان هذا التفسير صادرا عن محكمة النقض ،مما يجعله ،والحالة هذه،
اجتهادا قضائيا في مجال التفسير وجب اعتماده .ولعل ما يميز التفسير القضائي عن التفسير
341يحي قاسم علي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،نظرية القانون ،نظرية الحق ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،القاهرة:
دار كوميت للتوزيع ،،7661 ،ص .757
342يحي قاسم علي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،نظرية القانون ،نظرية الحق ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص .750
الفقهي هو أنه تفسير عملي وو اقعي وليس نظري ،ألنه يعطي حالل لنزاع قائم وجب البت فيه،
وداخل أجل معقول.
وإلى جانب أنواع التفسير السابقة ،فإن ثمة من أضاف تفسيرا آخر ،وهو ذلك الصادر
عن السلطة التنفيذية وعن اإلدارات التابعة لها ،وهو التفسيراإلداري ،والذي يهدف إلى توحيد
تفسير مجموعة من القواعد أو النصوص القانونية داخل اإلدارة ،ويكون من خالل بالغات
وتعليمات صادرة عن اإلدارات العامة ،وهو ملزم فقط للموظفين الذين صدرإليهم.
يستند تفسير النصوص القانونية في الوقت نفسه إلى مذاهب وإلى بواعث .فبالنسبة
للمذاهب التفسيرية فهي مذاهب ال تهم فقط تفسيرالنصوص القانونية ،بل تهم تفسيرمختلف
النصوص الغامضة .ولعل من أهمها مذهب الشرح على المتون ،والمذهب التاريخي ،ثم
المذهب االجتماعي ،فالمذهب العلمي .وأما فيما يتعلق ببواعث تفسير النص القانوني ،فهي ال
تعود إلى غموض النصوص القانونية ولبسها فقط ،بل قد تعود للنقص والسكوت ،وكذا للخطأ
المادي أو المعنوي ،كما قد يكون مبعثها التناقض والتعارض ما بين أجزاء النص القانوني
الواحد.
يعود مذهب/مدرسة الشرح على المتون للقرن التاسع عشر في فرنسا ،وقد ارتبط
هذا المذهب بظاهرة تجميع أحكام القانون المدني في مجموعات قانونية -أي المدونات -مع
إلزام رجال القانون وهم بصدد محاولة تفسير النص القانوني التقيد بإرادة المشرع الحقيقية
أو المفترضة 343.وهو األمر الذي يجعل من النص القانوني نصا مقدسا ،ال يمكن االستعانة في
تفسيره بأي رأي أو عرف أو اجتهاد ،بل التشريع هو المصدرالوحيد واألوحد للقانون.
فمدرسة الشرح على المتون سميت بهذا االسم ألن فقهاءها يفسرون النصوص
القانونية متنا متنا كما يفعل المفسرون في الكتب المقدسة ،وهم يعتبرون أن النصوص
343عاصم جاسر خليل ،منهجية البحث القانوني وأصوله :تطبيقات من النظام القانوني الفلسطيني ،دار الشروق للنشر
والتوزيع ،األردن ،1071 ،ص .701
التشريعية قد ضمت واحتوت كل القواعد القانونية ،ولم تفرط فيها من ش يء ،مما ال يجعل من
باب أمام الفقيه إال باب استعراض هذه النصوص وتفسيرها نصا نصا .أي ضرورة التقيد
بالنصوص ،أي النصوص قبل كل ش يء ،ثم العبرة بنية المشرع الحقيقية أو المفروضة وقت
وضع التشريع ،وليس باللفظ344.
غيرأن األخذ بهذا المذهب في تفسيرالنص القانوني يجعل من هذا األخير نصا جامدا،
بحكم أنه ال يستحضرالتغيرات املجتمعية ،كما ال يستحضرأهم خاصية من خصائص القاعدة
القانونية ،والممثلة في صفة التطور ،ألنها متعلقة باملجتمع ،واملجتمع في حركية وتغير دائمين،
ولعل هذه أهم االنتقادات التي وجهت لهذا المذهب التفسيري.
تؤمن المدرسة التاريخية للتفسير بفكرة التطور ،حيث تذهب إلى أن القانون يشرع
تبعا للوقت الذي شرع فيه ،فالقواعد القانونية التي قد تصلح لفترة معينة قد ال تصلح لفترة
أخرى ،فإرادة المشرع تتماش ى والظرفية االجتماعية واالقتصادية التي عاشها .ولعل هذا األمر
هو ما جعل هذه المدرسة توجهها سهام نقدها للقانون الطبيعي ،واعتبرته قانونا ال يستحضر
التغيرات التي يعرفها الزمان والمكان.
فالمدرسة التاريخية للتفسير ،أو مذهب التطور التاريخي يعتبر أنه ليس ثمة قانون
طبيعي عام ثابت ال يتغير ،بل القانون في تغير دائم ،وفقا لحاجيات كل مجتمع وظروفه ،كما أن
القانون يخضع للتطور ،ألنه ليس له غاية يحققها ،وليس هناك إرادة عاقلة تسيره وتكيفه345.
لهذا فاألساس الذي يستند إليه في تفسير النصوص القانونية حسب المدرسة
التاريخية ليس هو إرادة المشرع ،والتي هي إرادة رهينة زمان ومكان صدورالنص القانوني ،و إنما
الو اقع والمستجدات التي يعرفها زمن ومكان الوقائع والنصوص القانونية المشمولة
بالتفسير.
344عبد الرزاق أحمد السنهوري ،علم أصول القانون ،مطبعة فتح الله إلياس نوري ،7615 ،ص 78-71
345عبد الرزاق أحمد السنهوري ،علم أصول القانون ،مرجع سابق ،ص .11
يرجع هذا المذهب أساس تفسيرالنصوص الغامضة إلى الغاية االجتماعية التي وجد
من أجلها النص القانوني أساسا ،وليس إلى السبب الذي جاءت نتاجا له ،ما يستلزم العودة إلى
جوهرالقانون ودراسة مصادره الحقيقية من عرف وقواعد العدالة ومبادئ القانون الطبيعي،
بغية تفسيرما قد يكتنف النص القانوني من غموض أو إبهام.
وبالرغم مما قد يبدو عليه هذا المذهب من ليونة في التفسيرإال أن ما يؤاخذ عليه هو
أنه ينظر إلى القانون كما لو أنه عملية آلية ،مما يجعلها تعتبر غاية القانون هي فقط حفظ
املجتمع وليست إقامته ،األمر الذي يجعل القانون وجها من أوجه القوة وليست وجها للحق،
وبالتالي ربطه بالكفاح والنزاع من أجل تحقيق المصالح الخاصة346.
346عاصم جاسر خليل ،منهجية البحث القانوني وأصوله :تطبيقات من النظام القانوني الفلسطيني ،دار الشروق للنشر
والتوزيع ،األردن ،.1071 ،ص .706
347عاصم جاسر خليل ،منهجية البحث القانوني وأصوله :تطبيقات من النظام القانوني الفلسطيني ،مرجع سابق ،ص .701
المشرع وهو بصدد تشريعه ،أو حتى إصالح خطأ مادي أو معنوي قد يتضمنه النص القانوني،
ناهيك عن حل إشكال التناقض والتعارض الذي قد يطال هذا األخير.
-3بواعث التفسير
إن أولى بواعث التفسير هي عدم وضوح نص قانوني ولبسه ،ذلك أن غموض نص ما
يستوجب التفسيروإظهارمعناه وإال أصبحت إمكانية تنزيله وتطبيقه أمرا مستعصيا إن لم يكن
مستحيال .فكل لفظ غامض أو اعتراه اللبس ال بد له من داللة ومعنى ،ألنه مناط النص القانوني
ومقتضياته هو التنزيل والتطبيق حتى يتم حل النزاعات والبت في القضايا المعروضة ،بل إن
القاض ي ملزم بالتفسير حتى يستطيع الحكم وال يحق له أن يرفض البت من خالل التحجج
بغموض نص ما ،وإال أصبح في حكم المتهم بإنكار العدالة348.
إذ كان ثمة خالف حول امتداد التفسير إلى إكمال النص القانوني المشوب بالنقص،
حيث تذهب المدرسة العلمية للتفسير إلى أن إكمال النقص ال يدخل في معنى التفسير بل هو
اجتهاد خارج دائرة النص ويدخل في إطار البحث العلمي الحر ،349فإن معظم المدارس
والمذاهب التفسيرية األخرى قد أجمعت على أن إكمال النقص الذي يشوب النصوص
القانونية هو من مشتمالت التفسير.
يتعلق الخطأ المادي أو المعنوي الذي قد يشوب النص القانوني بالصياغة اللغوية،
سواء من حيث ركاكة األسلوب أو من حيث اإلفراط في األساليب البالغية ،كاستعمال أسلوب
الحذف أحيانا في بعض النصوص القانونية الفترض بيان ما تم حذفه تفاديا لإلطناب 350،وهو
348حيث ينص الفصل 120من مجموعة القانون الجنائي المغربي على أن "كل قاض أو موظف عمومي ،له اختصاصات
قضائية ،امتنع عن الفصل بين الخصوم ألي سبب كان ،ولو تعلل بسكوت القانون أو غموضه...يمكن ن يتابع ويحكم عليه
بغرامة من مائتين وخمسين درهما إلى ألفين وخمسمائة درهم على األكثر ،وبالحرمان من تولي الوظائف العمومية من سنة
إلى عشر سنوات".
349عبد المهدي أحمد العجلوني ،قواعد تفسير النصوص وتطبيقاتها في االجتهاد القضائي األردني دراسة أصولية مقارنة،
أطروحة دكتوراه ،كلية الدراسات العليا ،الجامعة األردنية ،1005 ،ص .721
350كما هو األمر في المادة 181من مدونة األسرة التي اعتبرت أن من شروط الموصى له "عدم قتله للموصى عمدا إال إذا
أوصى له من جديد" ،والتي افترضت عدم وفاة الموصي ونجاته رغم محاولة القتل التي تعرض لها من طرف الموصى له.
ما يستلزم التدخل من أجل إصالح هذا الخطأ المادي ،حتى يضحي النص القانوني ومقتضياته
قابلة للتنزيل والتطبيق خصوصا بالنسبة للقاض ي المنوط به تنزيل هذه النصوص.
قد تعرف النصوص القانونية أحيانا تعارضا فيما بينها ،كما قد يعرف النص
القانوني الواحد تعارضا وتناقضا ما بين أجزائه ،وهو ما يتطلب حال لهذا التضارب أو توفيقا ما
بين هذه األجزاء المتضاربة ،حتى ال تتضارب األحكام والقرارات القضائية التي استندت
لمقتضيات هذه النصوص .وإذا كانت قاعدة أن القانون الخاص يقيد القانون العام ،كما هو
الشأن مثال في تقييد مدونة التجارة المغربية ،كقانون خاص ،للقانون الجنائي ،كقانون عام،
لجريمة الشيك بدون مؤونة ،351فإنه أحيانا يتعلق األمربنصين لهما نفس القوة ،بحيث نجد أن
الحكم الدال عليه النص األول يخالف الحكم الذي قد يستنتج من النص الثاني دونما إمكانية
للتوفيق بينهما وتطبيقهما معا 352،وهو ما يجعل من حل هذا التضارب نوعا من التفسير الذي
ال محيد عنه للبت في القضايا أو النزاعات الماثلة أمام القضاء.
-5طرق التفسير:
يستند مفسرو النصوص القانونية وهم بصدد التفسير ملجموعة من الطرق من أجل
استجالء الغموض الذي يشوبها ،أو النقص الذي قد يطالها .ويتم التمييز عموما ما بين الطرق
التفسيرية الداخلية ،والطرق التفسيرية الخارجية.
351حيث يخضع هذا الفعل لتنظيم كل من مدونة التجارة من خالل المادة 179وللقانون الجنائي من خالل الفصل .521
352محمد عبد الكريم يوسف ،التفسير القانوني للنصوص ،على الرابط ( http://elsada.net/107960/.بتاريخ
1011/06/02على الساعة )79:11
353محمد صبري سعدي ،تفسير النصوص في القانون والشريعة ،دار النهضة العربية ،الطبعة األولى ، 1979 ،ص21
3-5طرق التفسيرالداخلية
-فأما القياس فيتم من خالل إلحاق و اقعة ال نص على حكمها بو اقعة ورد نص بحكمها،
في الحكم الذي ورد به النص ،لتساوي الو اقعتين في علة هذا الحكم ،354وهذه الطريقة
وإن كان قد يؤخذ بها في المادة المدنية ،فإن النصوص الجنائية غالبا ما ال تأخذ
بالقياس إال في حاالت استثنائية ،احتراما لمبدأ شرعية التجريم.
-وفيما يتعلق باالستنتاج من باب أولى فهو أن تكون ثمة حالة تم التنصيص على حكمها
وتكون علة الحكم أكثر تو افرا وحضورا في حالة أخرى غير منصوص على الحكم فيها،
فينسب في الحالة المنصوص عليها على الحالة غير المنصوص عليها من باب أولى،355
كما هو الحال في حالة إهانة موظف عمومي ،حيث إنه إذا كان مجرد التلفظ بما يدل
على إهانة ومساس بشرف الموظف العمومي يستوجب العقاب ،فإنه االعتداء أو
اإليذاء المادي هو أولى بالعقاب وبالتشديد.
-أما عن االستنتاج بالخلف أو املخالفة فإنه يتم إعطاء حالة لم ينصص عليها حكما
يعاكس الحكم في حالة نصص عليها الختالف العلتين ،ولترابط الحالتين من حيث أن
إحداها من جزئيات األخرى ،والمثال على ذلك هو تحمل المشتري تبعة هالك المبيع
بمجرد تمام العقد حسب الفصل 201من ظهير االلتزامات والعقود المغربي،
فاالستنتاج باملخالفة هنا يكون بعدم تحمل المشتري تبعة هالك المبيع قبل تمام
العقد.
5-5طرق التفسيرالخارجية
354يحي قاسم علي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،نظرية القانون ،نظرية الحق ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص 751
355يحي قاسم علي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،نظرية القانون ،نظرية الحق ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص 755
-األعمال التحضيرية تهم كل ما سبق تشريع قانون ما ،كما هو األمر بالندوات التي تعقد
من طرف القضاء ورجاالت التشريع حول بعض القضايا التي تشكل إشكاالت مجتمعية
تستوجب حلها ،أو جرائم تستوجب الحد منها ،كالندوات التي عقدت حول السياسة
الجنائية بالمغرب في بداية األلفية الثانية.356
-ما يصدره المشرع من تفسيرات الحقة فهي تكون ملزمة باعتبارها نصوصا تشريعية
تضع حال لما يثار من غموض بعض النصوص ،كتحديد معنى السالح ومعنى العنف
وغيرها من المفاهيم التي قد يفض ي تأويلها لتضارب األحكام والقرارات التي استند إليها
القضاء في بته.
-المرجع الملزم أو المبادئ العليا الملزمة ،فإن المشرع يضع مرجعا تتم العودة إليه في
حالة وجود فراغ تشريعي ،وال أدل على ذلك من المادة 288من مدونة األسرة ،والتي
نصت على أن " كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة ،يرجع فيه إلى المذهب المالكي
واالجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم اإلسالم في العدل والمساواة والمعاشرة
بالمعروف".
إذا كان القاض ي ملزم بتطبيق النص القانوني الواضح دون تغييرأو تحريف لمضمونه
أو لما يترتب عنه من أحكام 357،أي بعيدا عن أي تأويل بحكم وضوحه ،فإن النص الغامض
يستلزم تدخله حتى تتم إزالة هذا الغموض واللبس ويكون التعليل مؤسسا ومرتكزا .غيرأن هذا
التفسير ،وخصوصا في المادة الجنائية ،يجب أن يتسم بمجموعة من الضوابط المؤطرة
والناظمة له ،وإال وجد القاض ي نفسه أمام خرق ملجموعة من المبادئ والقواعد ،ما قد يؤدي
إلى نقض أحكامه أو قراراته.
356أنظر :ندوة ""السياسة الجنائية بالمغرب :واقع وآفاق" ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية ،العدد .1002 ،1
357فرج القصير ،القانون الجنائي العام ،تونس ،مركز النشر الجامعي ،1009 ،ص .27
تقوم ضوابط التفسير القضائي للنصوص القانونية الجنائية على مجموعة من
المبادئ ،والتي من أهمها مبدأ الفصل بين السلط ،ومبدأ سمو القواعد الدستورية ،ثم مبدأ
شرعية التجريم والعقاب .ويتفرع عن هذا المبدأ األخيرمبدأين فرعيين يتمثالن في كل من مبدأ
منع الحكم عن طريق القياس ،ومبدأ اعتماد المعنى المالئم لمقصد المشرع.358
يعد كل من مبدأ الفصل ما بين السلط وسمو القواعد القانونية من أهم الضوابط
التي يجب على القاض ي استحضارها وهو بصدد تفسير ما قد يرد عليه من نصوص قانونية
جنائية غامضة ،ألن المبدأين يكرسان على التوالي ،انفراد السلطة التشريعية بالتشريع وعدم
جوازأن يرتدي القاض ي جبة المشرع ،وهرمية القواعد القانونية وتربع القواعد الدستورية على
قمتها.
يقصد بمبدأ فصل السلطات ،توزيع وظائف للدولة على هيئات منفصلة تستقل كل
منها عن األخرى في مباشرة وظيفتها ،بحيث يتحقق داخل الدولة سلطة تشريعية تتمثل وظيفتها
ف ي وضع القوانين ،وسلطة تنفيذية مهمتها تنفيذ القوانين ،ثم سلطة قضائية دورها األساس ي
هو الفصل في النزاعات والخصومات .فهو بمثابة كفالة قدر معين لكل هيئة من الهيئات
التشريعية والتنفيذية والقضائية لمباشرة اختصاصاتها بعيدا عن الوصاية التي تمارسها
إحدى الهيئات على األخرى.359
وفصل السلط من المبادئ العريقة التي دعا إليها الفيلسوف الفرنس ي مونتسكيو في
كتابه الشهير"روح القوانين" ،حيث أن تجميع السلطات وتداخلها يهدد األمن بمختلف أنواعه،
قانونيا كان أو قضائيا ،ويكون التهديد أخطر حينما تتدخل السلطة التنفيذية أو التشريعية في
القضاء ،حيث تصبح الحقوق في مهب األهواء والتعليمات ،وهو ما يعصف بمبدأ األمن
القضائي.
358فرج القصير ،القانون الجنائي العام ،مركز النشر الجامعي ،تونس ،1009 ،ص 21-21
359حاحة عبد العالي وأمال يعيش ،تطبيقات مبدأ الفصل بين السلطات في ظل دستور ،1996مجلة االجتهاد القضائي
الجزائري ،العدد الرابع ،2008 ،ص.255 :
فهو مبدأ يروم عدم تركيزسلطات الدولة وتجميعها في يد هيئة واحدة بل توزيعها على
هيئات منفصلة ومتساوية ،دون أن يمنع هذا األمرالتوزيع واالنفصال من تعاون ورقابة كل هيئة
مع أخرى.
-ضرورة وجود ثالث سلط أساسية في النظام السياس ي ،وهي السلطة التنفيذية والسلطة
التشريعية والسلطة القضائية ،مع ضرورة تمتع كل سلطة منها بصالحيات
واختصاصات أصيلة ومحددة في القانون األساس ي ،360في ظل استقالل نسبي لكل
واحدة منها عن األخرى في عملها وفي آليات اتخاذ القرارات ،وبما يسند لها من صالحيات.
-وجود رقابة متبادلة وفعالة بين السلطات الثالث ،بحيث تمارس كل منها صالحياتها تحت
رقابة السلطات األخرى ،ولضمان التزام كل سلطة بحدودها.
ففصل السلطات عموما ،واستقاللية السلطة القضائية تحديدا ،هو أحد الضمانات
واالشتراطات األساسية التي تزرع بذور الثقة داخل المرفق القضائي ،مما يسهم في إشاعة
الضامن األمن القضائي .فاستقالل السلطة القضائية عن السلطة التشريعية تجعل القضاء
ال يخضع في أحكامه إال للقانون وال يلزم إال بتطبيقه ،كما أن األحكام والقرارات القضائية ال
تصدرإال على أساس التطبيق العادل والسليم للقانون.361
يلتزم القاض ي وهو بصدد تفسيرالنصوص القانونية الجنائية بضرورة مطابقة تفسيره
هذا للقواعد الدستورية ،بالنظر إلى أن القاعدة الدستورية تتسم بسموها على باقي القواعد
األخرى ،وهوما يجعل هذا المبدأ يتقاطع ومبدأ تراتبية أوهرمية القوانين .لهذا فالقاض ي ملزم
بتفسير النصوص الجنائية على ضوء الدستور ،حتى في حالة خضوع هذا القانون للرقابة
360
Thomas weigend : la notion de tribunal impartial et indépendant en républilique fédérale
d’Allemagne, revue de science criminelle ; année 1990 ; p : 742
361وهذا ما أكد عليه الفصل 10من الدستور المغربي الذي تم تعديله سنة .2011
السابقة ،بل إن خلو نص قانوني من التنصيص على ضمان أورده الدستور ،فإن هذا الخلو ال
يمكن تفسيره إال في ظل النص الدستوري نفسه ،كما يجب تطبيق المقتضيات الدستورية
مباشرة لتوفيرهذا الضمان.362
وهكذا فإن القاض ي وهو بصدد تفسيره نص قانوني جنائي أن يتوخى عدم المساس
بأحد المبادئ الدستورية ،أو قد يجتزئ من حق أساس ي نص عليه الدستور ،ألن هذا األمريمس
بجودة األحكام والقرارات القضائية القائمة على التعليل والتسبيب الجيدين ،وبالتالي يعرضها،
والحالة هذه ،للنقض.
أوال :مبدأ شرعية التجريم والعقاب ،أصوله ،مفهومه واالنتقادات الموجهة إليه
يعد مبدأ شرعية الجريمة والعقاب من المبادئ التي تعود للفيلسوف ورجل القانون
اإليطالي "سيزاري بيكاريا" ،363والذي رفض تملك القضاة لسلطة التشريع والقضاء في نفس
الوقت .حيث يحيل هذا المبدأ على أنه ال جريمة وال عقوبة إال بنص قانوني ،وبالتالي فإنه ال
يحق للقاض ي أن يجرم فعال أباحه القانون ،وال أن يطبق عقوبة لم يتم التنصيص عليها المشرع
الجنائي ،أو يتصرف فيها من حيث الحد األدنى أو الحد األقص ى ،أو من حيث ظروف التشديد أو
التخفيف ،وال أن يبت بتدبيروقائي لم يقره القانون.
وعموما ،يرتكزمبدأ شرعية التجريم والعقاب ،أو مبدأ الشرعية الجنائية ،على أساس
التوفيق ما بين حماية الحرية الشخصية أوال ،عبر تبصير املخاطبين بالقانون بالحدود التي ال
يجب تجاوزها عبر تحديد األفعال المشمولة بالتجريم والعقوبات التي تجب في حالة اقتر افها،
ما يجعلهم في مأمن من أي تحكم من طرف القاض ي الذي ال يحق له إدانة أحد إال وفق ما نص
عليه القانون تجريما وعقوبة ،وبين حماية مصلحة املجتمع أو المصلحة العامة ثانيا ،من خالل
362فتحي سرور ،القانون الجنائي الدستوري ،الشرعية الدستورية في قانون العقوبات ،الشرعية الدستورية في قانون
اإلجراءات الجنائية ،الطبعة الثانية ،القاهرة ،دار الشروق.1001 ،ص .61
363محمد المدني بوساق ،اتجاهات السياسة الجنائية المعاصرة والشريعة اإلسالمية ،الرياض ،مركز الدراسات والبحوث،
،1001ص .16
جعل مهمة التشريع بيد المشرع وحده ،364ألن هذا األخيرهومن يمثل الشعب عبرممثليهم داخل
الجهازالتشريعي.
وقد نصت مجموعة من الدساتير على هذا المبدأ ،كالدستور الفرنس ي لسنة 3000
الذي أكد على أن القانون هو من يحدد لجنايات والجنح والعقوبات المقررة لها واإلجراءات،
وكذا لدستورالمصري من خالل المادة .36523وهو ما أكد عليه الدستورالمغربي هو اآلخر ،من
خالل الفصل 51من دستور ،5833وكرسته مجموعة القانون الجنائي من خالل من خالل
الفصل ،1حينما اعتبرت أنه ال يسوغ مؤاخذة أحد على فعل ال يعد جريمة بصريح القانون وال
معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون ،بل إن األمرامتد حتى للتدابيرالوقائية ،حيث أكد الفصل
0من القانون السالف الذكر على أنه ال يجوز الحكم بأي تدبير وقائي ،إال في األحوال وطبق
الشروط المقررة في القانون.
وعموما ،فإن هذه االنتقادات لم تقلل من أهمية هذا المبدأ ،ألنه من غيرالمعقول أن
يتم معاقبة أشخاص لم يقترفوا أي جريمة فقط ألن حالتهم النفسية تعكس خطورتهم ،كما أنه
ال يمكن أن يتم اعتماد القياس على إطالقيته ،وإال أضحى املخاطب بالقانون ال يعرف حدود
أفعاله ،ومدى شرعيتها.
يتفرع عن مبدأ شرعية الجريمة والعقاب مبدأين أساسيين وهما :مبدأ منع الحكم عن
طريق القياس في القضايا الجنائية ،ومبدأ اعتماد المعنى المالئم لمقصد المشرع.
يعتبرالقياس بمثابة إعطاء حالة غيرمنصوص عليها في القانون حكم حالة منصوص
عليها التفاق الحالتين في العلة 367.وإذا كان اعتماده في بعض القضايا المدنية يعد مقبوال ،فإن
األخذ به في القضايا الجنائية يفض ي إلى توسيع تفسير النص الجنائي ،وبالتالي إلى توسيع دائرة
تجريم مجموعة من األفعال التي لم يشملها التشريع بالمنع صراحة ،368وبالتالي المساس بمبدأ
شرعية التجريم والعقاب ،وباألمن القضائي.
فالقياس ال يمكن األخذ به كآلية تفسيرية للقواعد الجنائية الموضوعية ما دام أنه
سيفض ي إلى خلق جرائم جديدة أو عقوبات وتدابير جديدة أو ظروف مشددة .وهو ما يجعل
املخاطب بالقانون في حالة من الالثقة واالرتياب في عالقته بالنصوص القانونية ،وبالتالي يفقد
القانون أمنه المفترض فيه.
وقد كان للقضاء األعلى كلمته في الحكم عن طريق القياس من خالل منع إلحاقه
العقارات بالمبالغ المتحصل عليها من ارتكاب جريمة ،وهو ما أكده القرار عدد 5020الصادر
عن املجلس األعلى والذي اعتبر أن عبارة " جميع المبالغ المالية المتحصل عليها من ارتكاب
الجريمة" المنصوص عليها في لفصل 33من ظهير ،3002/80/53إنما يقصد بها النقود أو القيم
المالية المنقولة وليس العقارات ،369وهو ما عرض الحكم للنقض ،بالنظر إلى أن املحكمة
المصدرة للقرار قاست العقارات على المبالغ المالية ،وهو م يعتبر توسع في تفسير نص قانوني
جنائي ،دونما البحث في كون هذه العقارات متحصل عليها بشكل مباشرمن الجريمة المقترفة.
367علي حسين الخلف ،سلطان عبدالقادر الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،المكتبة الجامعية ،بغداد،1009 ،
ص25
368فرج القصير ،القانون الجنائي العام ،مركز النشر الجامعي ،تونس ،1009 ،ص 21
369القرار عدد ،1625صادر بتاريخ 16دجنبر ،1070في الملف الجنحي عدد ، 1009/1/9/5067منشور بمجلة قضاء
محكمة النقض ،العدد ، 12مركز نشر والتوثيق القضائي ،1071 ،ص .17
يتطلب الغموض الذي يكتنف نصا قانونيا ،حتى وإن كان جنائيا ،ضرورة تدخل
القاض ي من أجل تفسيره وتأويله .إال أن هذا التفسير يجب أن يستحضر الغاية التي وضع من
أجلها نص قانوني ما ،وهو ما يتطلب عودة القاض ي إلى األعمال التحضيرية لهذا القانون لتعرف
األسباب المنشئة له ،وإلى اإلرادة الحقيقية للمشرع وهو بصدد تشريعه هذا ،عوض اكتفائه
بالداللة اللغوية أو اللفظية للنص المشوب بالغموض.
ومبررالعودة إلى الغاية األولى التي وضع من أجلها نص قانوني جنائي ما يعود لضرورة
تكريس التفسير الضيق للنص الجنائي في لحظة أو تاريخ صدوره ،ألن البحث عن التفسير الذي
يتالءم مع روح عصر وما يعرفه من مستجدات ،قد يفض ي إلى إغفال واستبعاد إرادة المشرع
وبالتالي توسيع نطاق التجريم ،وهو ما يعارض قاعدة التفسير الضيق والدقيق للنص
القانوني.370
فتفسيرالنص القانوني الغامض إذن يجب أن يتم في حدود ما أراده المشرع في الوقت
الذي وضع فيه النص ،وهذا ألنه لو قام القاض ي بالبحث عن الحكم الذي يتالءم مع العصر أو
الظروف متناسيا بذلك حدود ما أراده المشرع من تجريم وعقاب في التاريخ الذي صدر فيه
النص التجريمي ،يمكن أن يؤدي به ذلك األمر إلى توسيع نطاق التجريم الذي يقتضيه النص،
وبالتالي إلى مخالفة مبدأ التفسير الضيق للقانون الجنائي بصفة مباشرة ،ومبدأ شرعية
الجرائم والعقوبات بصفة غيرمباشرة.371
وقد ذهبت محكمة النقض في قرارها عدد ": 520إلى أن املحكمة لما أدانت الطاعن
من أجل جنحة إهانة موظف عمومي أثناء قيامه بعمله ،بسبب قيامه بسب المشتكية التي
تشتغل معه كممرضة بالمستشفى بعبارة نابية ،رغم أن الفعل الصادر عنه ال تنطبق عليه
مقتضيات الفصل 531من القانون الجنائي المتابع به ،ودون تمحيص الو اقعة المعروضة
أمامها وتطبيق الوصف القانوني الصحيح ،يجعل القرار المطعون فيه مشوبا بعيب نقصان
التعليل الموازي النعدامه" ،372وهو ما يبين أن القاض ي لم يستحضر المعنى المالئم لمقصد
370فرج القصير ،القانون الجنائي العام ،مركز النشر الجامعي ،تونس ،1009 ،ص .22
371فرج القصير ،القانون الجنائي العام ،مرجع سابق ،ص .22
372القرار عدد 248الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 08فبراير 2017في الملف الجنائي عدد ،1079/1/9/ 9584التقرير
السنوي لمحكمة النقض لسنة ، 1071مطبعة األمنية ،الرباط ،1078 ،ص .710
المشرع ،والذي كان يهدف من خالل هذا الفصل حماية الموظف العمومي من أي اعتداء صادر
في حقه من طرف المرتفقين.
وعموما فإن القاض ي الجنائي ،وهو بصدد تفسيره للقواعد المشوبة بغموض أو نقص
أو تناقض أو حتى بخطأ مادي أو معنوي ،يجب أن يستحضرمختلف الضوابط التي تم التطرق
إليها ،ألنه والحالة هذه ملزم بالتعليل إذا ما خرق قاعدة عدم التوسع ،وإال تعرض حكمه أوقراره
للنقض.
غير أن مبدأ دقة تفسير النصوص القانونية الجنائية وعدم التوسع فيه وإن كان هو
القاعدة ،فإنه ليس على إطالقيته ،حيث قد ترد عليه أحيانا بعض االستثناءات ،سوء تعلق
األمربالنصوص القانونية الجنائية الموضوعية أو اإلجرائية.
إذا كان التوسع في تفسير القواعد القانونية الجنائية الموضوعية يشكل مساسا
بالشرعية الجنائية كقاعدة عامة ،فإن إمكانية األخذ به يبقى أمرا ممكنا ما دام ال يحد من حرية
المتهم وال يؤدي إلى اإلضرار به .فاالستثناءات التي ترد على مبدأ عدم اعتماد القياس في تفسير
هذا النوع من النصوص تتعلق أساسا بتطبيقها لفائدة المتهم ،حيث يضحي التوسع ولو عن
طريق القياس مقبوال ما دام يروم تطبيق نصوص كتلك التي تقررأسباب إباحة فعل ما أو موانع
المسؤولية أو أعذارا قانونية مخففة.373
كما يدخل في هذا األمر تفسير الشك لفائدة المتهم .بل إن النص الذي قد يشوبه
غموض شديد ،يستعص ي معه التفسير ،حيث ننتقل من مجرد الشك في تحديد إرادة المشرع
إلى تعذرتحديد هذه اإلرادة ،يستلزم تفسيره لفائدة المتهم ،حيث ال يمكن نسب التهمة إلى المتهم
أو الحكم عليه بعقوبة ما ،ألنه ال جريمة وال عقوبة إال بنص.375
يقصد باإللحاق هنا أن يلحق القاض ي أسباب التخفيف على جريمة أخرى ،أوأن يلحق
موجبا مبررا بموجب آخر يشترك معه في أهميته أو قيمته.
ولعل من أهم األمثلة على إمكانية القياس كاستثناء في القواعد الجنائية ما ذهبت إليه
محكمة النقض الفرنسية ،حيث عمدت إلى إلحاق جرائم النصب وخيانة األمانة بين األصول
كليهما376. والفروع وبين األزواج بجريمة السرقة ،وجعل عقوبة التعويض المدني تسري على
حيث والحالة هذه أن املحكمة قامت بإلحاق جريمتي النصب وخيانة األمانة بالسرقة استنادا
إلى القرابة التي هي من أسباب التخفيف ،سواء تعلق األمرباألزواج بعضهم البعض أو باألصول
والفروع.
كما قد يمتد القياس في حالة الدفاع الشرعي لكافة الجرائم التي ترتكب في هذه الحالة
مثل التخريب واإلتالف و انتهاك حرمة ملك الغير وحبس شخص أو حجزه 377.حيث نجد أن
374إدريس الكريني ،السلطة التقديرية للقاضي الجنائي ،مطبعة التلمساني ،الطبعة األولى ،1002 ،ص .196
375فتحي سرور ،مرجع سابق ،ص .700
376فتحي سرور ،مرجع سابق ،ص .701
377عبد األحد جمال الدين ،تفسير النصوص الجنائية ،على الرابط ( http://urlz.fr/j9Hh :تاريخ االطالع 1011/06/06
على الساعة .) 76:76
الفصل 328من القانون الجنائي الفرنس ي المتعلق بالدفاع الشرعي لم ينص صراحة إال على
حالة الدفاع عن األشخاص ،فقد وسع القضاء مجال تطبيقه عن طريق القياس وجعله يشمل
كذلك الدفاع عن األموال .بمعنى أنه تم إلحاق كل من الدفاع على األموال بالدفاع على النفس.
إن ضرروة مواكبة القانون للتقدم العلمي ،خصوصا في مجال اإلثبات الجنائي ،قد
تجعل القاض ي يستحضرالمستجدات التي قد يعرفها البحث العلمي الجنائي مثال ،وهوما أقرته
محكمة النقص المغربية في ظل القرار رقم 3830/1حول اعتماد الدليل العلمي المتمثل في
الخبرة الجينية إلثبات جرائم الفساد والخيانة الزوجية .378حيث أقرت اعتماد الدليل العلمي
المتمثل في الخبرة الجينية إلثبات الجرائم المعاقب عليها في الفصلين 208و 203من القانون
ً
الجنائي (الفساد والخيانة الزوجية) ،وذلك زيادة على وسائل اإلثبات املحددة حصرا بمقتض ى
الفصل 201من القانون الجنائي.
و قد اعتبرت محكمة النقض في هذا الصدد أن الخبرة الجينية هي دليل وحجة علمية
ال يتسرب الشك إلى مدى قوتها الثبوتية ،وقرينة قوية وكافية على وجود عالقة جنسية بين
الطاعن والضحية ،نتجت عنها والدة ،يمكن من خاللها نسبة و اقعة العالقة الجنسية إلى
الطاعن .ولذلك ،فإن محكمة الموضوع باعتمادها تقرير الخبرة الجينية ،تكون قد مارست
ً
السلطة املخولة لها قانونا في تفسير وتأويل النص القانوني في ضوء المستجدات واالكتشافات
العلمية الحديثة ،التي أصبح معها الدليل العلمي وسيلة إثبات قطعية ،وآلية من آليات تفسير
ً
وتأويل النص القانوني ،ال يمكن للمنطق السليم أن يتغاض ى عنه متى كان حاسما.
ومن المعلوم أن هذا التوسع في وسائل اإلثبات ونقلها من "على سبيل الحصر" إلى "
على سبيل المثال" كان محل رفض من طرف محكمة النقض سابقا ،حيث اعتبرت هذه األخيرة
في قرار لها أن جريمة الخيانة الزوجية ال تثبت إال بإحدى وسائل اإلثبات املحددة حصرا في
الفصل 201من القانون الجنائي ،وبالتالي ال تكون املحكمة الزجرية قناعتها في ثبوت الجريمة
بالنظر على وسيلة إثبات أخرى غيرها حتى ولو كانت خبرة جينية قاطعة في موضوع النسب379.
إلى أن هذا األمر هو استثناء يرد على القاعدة العامة التي تكرسها الفقرة األولى من المادة 503
من قانون المسطرة الجنائية ،والمتعلقة بحرية اإلثبات الجنائي ،والتي نصت على أنه "يمكن
إثبات الجرائم بأية وسيلة من وسائل اإلثبات" ،وهو ما جعل املحكمة تقض ي ببراءة المطلوبة
واستبعاد الخبرة الجينية.
خاتمة:
يتبين إذن ،أن مبدأ عدم التوسع في تفسير النصوص القانونية الجنائية يستند
ملجموعة من الضوابط التي تبرره وتعلله ،بل وتفرضه كذلك ،ولعل أهمها مبدأ فصل السلط
الذي يجعل من القاض ي الجنائي يلتزم بدوره القضائي دونما اجتراء على االختصاصات
التشريعية ،وكذا مبدأ مطابقة التفسير للقواعد الدستورية ،تكريسا لسمو هذه القواعد على
باقي القواعد القانونية األخرى ،ثم مبدأ شرعية التجريم والعقاب الذي يجعل من النصوص
القانونية الجنا ئية اختصاصا خالصا للسلطة التشريعية ،ما يجعل القاض ي الجنائي يستبعد
القياس تفاديا لخلق قواعد لم يتم التنصيص عليها ،مع بحثه ومحاولة استنباطه لمقصد
المشرع ،وهو األمر الذي يجعل املخاطبين بالقانون يدركون جيدا ما جرمه القانون وما أباحه،
وعو اقب إتيان ما لم يسمح به المشرع.
كما يتبين أيضا أن مبدأ عدم التوسع في تفسير القواعد الجنائية قد ترد عليه بعض
االستثناءات ،خصوصا عندما يتعلق األمر بتفسير قد يروم المصلحة القانونية للمتهم ،وعدم
اإلضراربه أو الحد من حريته .وكذلك حينما يتعلق األمرببعض النصوص القانونية اإلجرائية،
كاعتماد أدلة علمية قد تسهم في إثبات فعل جرمي أو نفيه.
وعموما ،فإن القاض ي الجنائي ،وهو بصدد تفسير ما استشكل من نصوص ،ملزم
باستحضار جملة من الضوابط التي تجعل تفسيره هذا متسما بالدقة وعدم التوسع ،حتى ال
يكون مآل أحكامه أو قراراته هو النقض حينما تعرض على القضاء األعلى ،وحتى يتم كذلك
تكريس نوع من الثقة في القضاء ،خصوصا القضاء الجنائي ،بالنظر إلى أن التوسع الكبير في
تفسير النصوص القانونية الجنائية قد يجعل المتقاض ي أمام أفعال لم تكن مجرمة ،أو أمام
عقوبات لم ينصص عليها القانون.
المراجع:
باللغة العربية:
إبراهيم أنيس وآخرون ،المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية -مكتبة الشروق
الدولية.5882 ،
الرزاق أحمد السنهوري ،علم أصول القانون ،القاهرة .مطبعة فتح الله إلياس نوري،
3010
عاصم جاسر خلي ل ،منهجية البحث القانوني وأصوله :تطبيقات من النظام القانوني
الفلسطيني ،دارالشروق للنشروالتوزيع ،األردن.5835 ،
علي حسين الخلف ،سلطان عبد القادرالشاوي ،المبادئ العامة في قواعد العقوبات،
بغداد ،دارالسنهوري القانونية والعلوم السياسية.5832 ،
عمر،أحمد مختار .معجم اللغة العربية المعاصر .املجلد الثالث .الطبعة األولى.
القاهرة .عالم الكتب.5880 .
محمد ابن منظور ،لسان العرب ،دارصادر ،بيروت ،بدون سنة النشر.
محمد صبري سعدي ،تفسير النصوص في القانون والشريعة ،دار النهضة العربية،
الطبعة األولى. 1979 ،
يحي قاسم علي ،المدخل لدراسة العلوم القانونية ،نظرية القانون ،نظرية الحق،
دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،القاهرة :داركوميت للتوزيع.3000.
املجالت والتقارير:
حاحة عبد العالي وأمال يعيش ،تطبيقات مبدأ الفصل بين السلطات في ظل دستور
،1996مجلة االجتهاد القضائي الجزائري ،العدد الرابع.2008 ،
الرسائل واألطاريح:
محمد كمال خميس الحولي ،تفسير النصوص القانونية في التشريع الفلسطيني ،رسالة
لنيل ديبلوم الماجيسترفي القانون العام ،فلسطين ،الجامعة اإلسالمية – غزة ،الموسم الجامعي
5830
المقاالت:
القانون 08.81بمثابة مدونة األسرة ،الجريد الرسمية عدد 0302بتاريخ 32ذو الحجة
0( 3252فبراير ،)5882ص .230
قانون المسطرة الجنائية المغربي ،ظهير شريف رقم 3.85.500في 50رجب 1( 3251
:توبر )5885بتنفيذ القانون 55.83المتعلق بالمسطرة الجنائية.
القرار عدد 248الصادرعن محكمة النقض بتاريخ 08فبراير 2017في الملف الجنائي
عدد ،5833/1/3/ 9584التقرير السنوي ملحكمة النقض لسنة ، 5830مطبعة األمنية ،الرباط،
،5830ص .358
وتبعا لذلك وعلى غرار توفير الحماية القانونية الالزمة لألجراء بصفة عامة،
ولألجراء الذين هم في حالة أقل من األجراء العاديين ،مثل المرأة العاملة ،واألجيرالحدث ،وأجراء
ذوي االحتياجات الخاصة هذه األخيرة قد حظيت قضايا باهتمام واسع من قبل العديد من
الدول والمنظمات الدولية ،بحيث أصبحت إحدى أهم مرتكزات الساحة الحقوقية العالمية،
ـ فاطمة ازبوري :الحماية القانونية لألجراء ذوي االعاقة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في المقاولة والقانون ،كلية 380
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن زهر ،اكادير ،السنة الجامعية ،4102/4102ص .01
إذ أن مقدارالرعاية والتأهيل المقدم لهذه الفئات لم يعد يمثل فقط تحديا أمام الدول لتوفير
الرعاية لشريحة من سكانها ،و إنما أصبح يمثل أيضا أحد المعاييراألساسية لقياس مدى تحضر
وتقدم املجتمعات ومكانتها داخل املجتمع الدولي مع التأكيد على أن االهتمام بهذه الفئة يجب
أال يرتكزعلى فكرة اإلحسان والشفقة و إنما على أساس ما يجب أن تتمتع به من حقوق والتي تم
التنصيص عليها في دستورالمملكة المغربية لسنة .3815833
وقد أكد المغرب بتوقيعه على االتفاقية الدولية لحقوق األشخاص ذوي اإلعاقة في 18
مارس 5880على وضع تنظيم شامل وكامل لحقوق ذوي االحتياجات الخاصة ،وااللتزام التام
بترسيخ مسلسل المشاركة االجتماعية لألشخاص في وضعية إعاقة.
كما حاول المغرب خالل العقود األخيرة تضمينه نصوص قانونية الغاية منها استهداف
حماية ذوي االحتياجات الخاصة أوما يسمي "بذوي اإلرادة الصلبة" من خالل تعزيزالديناميكية
الحقوقية التي يشهدها المغرب والتي تجسدت في اإلصالحات الكبرى التي عرفتها مجموعة من
الملفات الحقوقية المهمة ،ضمن مسلسل إرساء دعائم دولة الحق والقانون بدءا بملف حقوق
اإلنسان عامة ،مرورا بملف المرأة والطفل ،وترسيخ سلم اجتماعي عبرمدونة الشغل التي نصت
على أحكام خاصة بحماية األجراء ذوي االحتياجات الخاصة دون أن تعطي تعريفا لمفهوم
اإلعاقة.
إن موضوع األجراء ذوي االحتياجات الخاصة يكتس ي أهمية بالغة سواء على المستوى
القانوني وعلى المستوى االقتصادي.
ـ ظهير شريف رقم 0.00..0صادر في 40من شعبان 4.( 0244يوليوز )4100بتنفيذ نص الدستور، 381
الجريدة الرسمية عدد 2.92مكرر ،بتاريخ 42شعبان 41( 0244يوليو ،)4100ص .4911.4940
أما من الناحية االقتصادية فتتجلى هذه األهمية فيما يمكن أن تساهم به هذه الفئة في
تحقيق اإلقالع االقتصادي من خالل توفيرهامش من الحماية لهم من أجل الرفع من المردودية
اإلنتاجية وإعطائهم حافزا للعطاء أكثر ،مما سينعكس على القدرة اإلنتاجية للمقاولة.
أما بالنسبة للناحية القانونية فإن المشرع المغربي لم يعط حيزا كافيا ضمن القانون
االجتماعي بصفة عامة وفي مدونة الشغل بصفة خاصة ،بمقتضيات تهم الفئات الخاصة من
األجراء ذوي االحتياجات الخاصة ،وذلك بالنظر لألهمية يوليها املجتمع الدولي لهذه الفئة من
خالل حمايتها والعمل على ادماجها داخل املجتمع لكي ال تحس بالنقص.
إن هذا الموضوع يطرح إشكالية غاية في األهمية تتعلق أساسا ب ـ :
كيف نظم المشرع المغربي األحكام الخاصة باألجراء ذوي االحتياجات الخاصة ؟
وماهي االتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي من شأنها تحقيق الحماية
لصالح هذه الفئة ؟
سيتم االعتماد المنهج التحليلي الوصفي من أجل وصف وضعية هذه الفئة
ضمن مقتضيات االتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب للوقوف على أهم جوانب
الحماية التي أولتها هذه األخيرة ولتحليل النصوص القانونية المتعلقة بهذه الفئة والمضمنة في
مدونة الشغل.
على ضوء ما سبق ،سيبتم معالجة هذا موضوع وفق خطة البحث التالية :المبحث
األول :األحكام الخاصة باألجراء ذوي االحتياجات الخاصة من خالل االتفاقيات الدولية.
المبحث الثاني :األحكام الخاصة باألجراء ذوي االحتياجات الخاصة على ضوء مدونة الشغل
من المعلوم أن المغرب كباقي التشريعات المقارنة يعمل على تدويل القانون الوطني من
خالل مالئمته لالتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدوليةـ ،على اعتبار أن االتفاقيات
الدولية تسمو على القوانين الوطنية فور نشرها في الجريدة الرسمية ،وذلك بمقتض ى تصدير
دستور المملكة المغربية لسنة ،5833والمغرب كغيره من التشريعات المقارنة يعد عضوا
ضمن منظمة العمل الدولية ،هذه األخيرة التي أسست سنة ،3030حيث صدرت عنها مجموعة
من االتفاقيات لعل من بين أبرزها ،اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة والبروتوكول
االختياري وهو ما سيتم تناوله في (المطلب األول) ،كما ال يغيب عن البال االتفاقية رقم 333
بشأن التمييزفي االستخدام والمهنة( ،المطلب الثاني).
بمناسبة الذكرى الستين لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،كذلك نجد المغرب صادق
على االتفاقية 333المتعلق بشأن التمييز في االستخدام والمهنة (الفقرة الثانية) بتاريخ
3038/83/30والتي جاءت بعدة مقتضيات حمائية على مستوى الحماية من التمييزبين األجراء
بسبب اإلعاقة.
ـ اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة األمم المتحدة والبروتوكول االختياري ثم اعتمادها في دجنبر ،4119 382
قبل التطرق ألهم ما جاءت به هذه االتفاقية على مستوى حماية األشخاص المعاقين
بصفة عامة واألجراء بصفة خاصة البد أن نشير إلى أنها عرفت لنا مفهوم اإلعاقة من خالل
الفقرة الثالثة من المادة 1حيث جاء فيها "وينطلق مفهوم اإلعاقة املحدد سنة 3005من النظر
إلى الكائن البشري نظرة كلية بحيث هي شكل من أشكال املختلفة للحياة البشرية ،وباعتبارها
كذلك يجب أن تحظى بالقبول وال يجوز أن تكون سببا لتهميش األشخاص المتأثرين وال
الستبعادهم من املجتمع على أي نحو".
الفقرة الثانية :األحكام الخاصة باألجراء ذوي االحتياجات الخاصة من خالل هذه
االتفاقية
إن المادة 50من هذه االتفاقية تنص على ضمان استفادة األشخاص المعاقين من
أوضاع مناسبة في مجال العمل وجعلت جميع العروض المدرجة في السياسات المتعلقة بسوق
العمل وفي عمليات النهوض بفرص العمل الحر ،مفتوحة أمام األشخاص ذوي اإلعاقة وحددت
العديد من التدابير التي تم وضعها من أجل الدمج المنهي لألشخاص ذوي اإلعاقة كالتمويل
الفردي ودعم المشاريع الخاصة بهم.
ومما تجدر اإلشارة إليه أن هذه االتفاقية عملت على توفير الحماية القانونية
لألجراء ذوي االحتياجات الخاصة أثناء مزاولة شغلهم ،حيث نصت المادة 50من هذه االتفاقية
383ـ حيث نصت اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة في الفقرة 42.على "وإذا قامت الشركات بتوظيف أشخاص
ذوي إعاقة فإنها تستطيع الحصول على إعانات إدماج أو إعانات أجور ،أو إعانات للحفاظ على الوظائف ،أو منح
بشأن تكليف األجور /تدريب أو إعانات لتكليف المنشأة بجعلها أكثر خلو من العوائق.
في فقرتها التاسعة الموضوعة تحت رقم 501على ضرورة مناهضة كل أشكال التمييزفيما يتعلق
باألشخاص ذوي اإلعاقة حيث اعتبرت الحماية من التمييزوالمضايقة في مكان العمل جزءا هاما
في تشريعات مناهضة التمييزضد األشخاص في وضعية إعاقة ،وأكدت على أنه ال يجوزبأي حال
من األحوال التمييز ضد أحد بصورة مباشرة أو غير مباشرة في مجال التوظيف بسبب وجود
إعاقة ما ،وتمتد هذه الحماية من عملية تقديم الطلبات الحصول على الوظائف إلى غاية إنهاء
الوظيفة وتشمل كذلك معدالت األجور والتدريب الولي والالحق وإعادة التدريب والقضايا
المتعلقة بالمهن ،وأكدت على ضرورة مسطرة الصلح في النزاعات بين المشغلين ،واألجراء
المعاقين قبل الوصول للمسطرة القضائية هذا من جهة.
إن المصادقة على االتفاقيات في مجال المساواة وعدم التمييز بمنظمة العمل الدولية
وتنفيذها تكتس ي أهمية خاصة لتحسين وضعية كل من فئات األجراء الذين يعانون من عدم
تطبيق هذا الحق كالمرأة واألجيرالحدث واألجراء ذوي االحتياجات الخاصة ،هذه األهمية تظهر
بجالء في كونها تسمو وتطيق باألولوية على كل التشريعات الوطنية بمجرد نشرها بالجريدة
الرسمية.385
ـ نصت نفس االتفاقية السابقة الذكر في فقرتها 4.2على أنه "توجد فيما يتعلق باألشخاص المعوقين المسجلين 384
حماية من الفصل من العمل تسمح بحمايتهم من الفصل غير جائزة اجتماعيا ،فمسألة ما إذا كان يمكن الفصل من
عدمه ،هي أمر تقرره اللجنة اإلقليمية معينة باإلعاقة تظم منظمات المجتمع المدني ،ويستند القرار المعني إلى عملية
موازنة المصالح.
ـ جاء في ديباجة دستور المملكة المغربية :جعل االتفاقية الدولية كما صادق عليها المغرب في نطاق أحكام 385
الدستور ،وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة ،تسمو فور نشرها ،على التشريعات الوطنية ،والعمل على مالئمة
هذه التشريعات ،مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
هذه االتفاقية جاءت مقتضبة في 32مادة تناولت موضوع التمييز في أماكن الشغل بين
ألجراء لسبب معين ،حيث جاء في ديباجتها "وإذا يرى أن إعالن فيالدلفيا يؤكد أن لجميع البشر
أيا كان عرقهم أومعتقدهم أوجنسهم الحق في العمل من أجل رفاهيتهم المادية وتقدمهم الروحي
كليهما ،وأن التمييزيمثل انتهاكا للحقوق الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان".
سيتم التطرق في هذه الفقرة إلى بيان مفهوم التمييز (أوال) وإلى مفهوم االستخدام أو
المهنة (ثانيا).
إن هذه االتفاقية عرفت لنا مصطلح التمييز من خالل مقتضيات المادة األولى منها،
حيث عرفته بكل تفريق مبني على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي السياس ي أو
األصل الوطني أو األصل االجتماعي ويكون سببا في انعدام مبدأ تكافئ الفرص ،واستثنت هذه
االتفاقية من ذلك التفضيل على أساس المؤهالت التي تفتضيها بعد الوظائف الخاصة.
تم تعريف مفهوم االستخدام أو المهنة ضمن مقتضيات الفقرة األخيرة من المادة
األولى ،حيث جاء فيها "في مفهوم هذه االتفاقية يشمل تعبير [االستخدام] و [المهنة] إمكانية
الوصول إلى التدريب المنهي والوصول إلى مهن معينة وكذلك شروط االستخدام ،وظروفه.
إن المادة الثانية من هذه االتفاقية تنص على ضرورة التزام كل دولة عضو تسري عليها
بصياغة وتطبيق سياسة وطنية ترمي إلى تشجيع تكافؤالفرص والمساواة في المعاملة وفي العمل
درء لكل حيف ضد بعض الفئات من األجراء خاصة من أجل القضاء على كل تمييز في هذا
املجال.
كذلك من أهم المقتضيات التي جاءت بها هذه االتفاقية عدم اعتبار التدابير
الخاصة لحماية أو مساعدة بعض الفئات المعينة من قبيل التمييز ،وإعطائها الضوء األخضر
لكل دولة عضو أن تنضم مجاالت بعض الفئات الخاصة كالنساء واألجراء المعاقين بنصوص
خاصة بهم دون أن يعتبر ذلك تمييزا في حق العموم ،إنما مراعاة لالحتياجات خاصة قد تكون
على مستوى الجنس او السن أو العجزأو المسؤوليات العائلية.
المبحث الثاني :األحكام الخاصة باألجراء ذوي االحتياجات الخاصة على ضوء مدونة
الشغل
لما كانت غاية وفلسفة قانون الشغل تقوم على تحقيق جانب من السلم والعدالة
االجتماعية بشكل يوفر حماية لألجراء دون استثناء ،ويضمن لهم حقوقا أساسية تسمح لهم
بأداء عملهم في جو ومناخ مالئمين ،مما يكرس حد أدنى من الحقوق واالمتيازات ،فإنه في بعض
األحيان يستوجب األمرتمتيع بعض الفئات بحماية خاصة والعتبارات معينة ،كفئة األجراء ذوي
االحتياجات الخاصة.386
ومن أهم ما جاءت به مدونة الشغل 387بخصوص هذه الشريحة من األجراء ،هو إيراد
أحكام خاصة تتعلق بتشغيلهم وحمايتهم ،هذه األحكام التي تشبه إلى حد ما تلك الخاصة
باألجراء األحداث ،ومنها ما ينطبق عليهما معا ،فإن هناك أحكاما خاصة تراعي خصوصية
وضعهم الصحي ،وتترجم إرادة المشرع في االلتفات إلى هذه الفئة من األجراء ،388والتي سنحاول
الوقوف عند شروط تشغيلها كما جاء بمدونة الشغل (المطلب األول) وكذا عن جوانب تخص
تنظيم شغل األجراء ذوي االحتياجات الخاصة (المطلب الثاني).
سنتطرق في هذا المطلب إلى شروط تشغيل األجراء ذوي االحتياجات الخاصة ،كالمنع
من كل تمييز في تشغيلهم بسبب اإلعاقة (الفقرة األولى) ،وبضرورة التصريح بهم لدى مفتش
ـ ظهير شريف رقم 0.14.0.2صادر في 02من رجب 00( 0242سبتمبر )4114بتنفيذ القانون رقم 387
ص 014و .014
الشغل من طرف المقاولة المشغلة (الفقرة الثانية) ،باإلضافة إلى خضوعهم للفحص الطبي
المسبق وللمر اقبة الطبية الدورية (الفقرة الثالثة).
يعرف الشخص في وضعية إعاقة بأنه الشخص الذي انخفضت إمكانية حصوله على
عمل مناسب بدرجة كبيرة ،مما يحول دون احتفاظ به نتيجة لقصور بدني أو عقلي ،كما يعرف
كذلك بأنه الشخص الذي يختلف عن المستوى الشائع في املجتمع في صفة أو قدرة شخصية
سواء كانت ظاهرة كالشلل ،وبتر األطراف ،وفقد البصر أو غير ظاهرة مثل التخلف العقلي
والصمم واإلعاقات السلوكية والعاطفية.389
وعلى هذا األساس ينص المشرع المغربي 390على منع كل تمييزبين األجراء بسبب
اإلعاقة يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص ،أو عدم المعاملة بالمثل في مجال
التشغيل أو تعاطي مهنة ،السيما فيما يتعلق باالستخدام ،وإدارة الشغل وتوزيعه ،والتكوين
المنهي ،واألجر والترقية ،واالستفادة من االمتيازات االجتماعية ،والتدابير التأديبية ،والفصل،
من الشغل ،وكل مشغل خالف هذه المقتضيات يتعرض لعقوبة زجرية تتمثل في الغرامة من
30.888إلى 18.888درهم .وفي حالة العود تضاعف هذه الغرامة.391
ـ رشيدة احفوض :اإلدماج االجتماعي والمهني لألشخاص في وضعية إعاقة ،منشور بالموقع اإللكتروني : 389
وفق القوانين واألنظمة الجاري بها العمل ،كما يمنع كل مس بحرية العمل بالنسبة للمشغل واألجراء المنتمين للمقاولة،
كما يمنع كل تمييز بين األجراء من حيث الساللة او اللون أو الجنس أو اإلعاقة ،أو الحالة الزوجية ،أو العقيدة ،أو
الرأي السياسي ،أو االنتماء النقابي ،أو األصل الوطني ،أو األصل االجتماعي ،يكون من شأنه خرق أو تحريف
مبدأ تكافؤ الفرص ،أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل ،أو تعاطي مهنة السيما فيما يتعلق باالستخدام بإدارة
كما أنه في حالة ما إذا أصبح األجير معاقا لسبب من األسباب ،فإنه يحتفظ
بمنصب شغله ،ويسند إليه شغل يالئم نوع إعاقته ،وذلك بعد تأهيله ،إال إذا تعذر ذلك لحدة
اإلعاقة أو لطبيعة الشغل ،وهذا كله بعد أخذ رأي طبيب الشغل أو لجنة السالمة وحفظ
الصحة.392
وفي حالة مخالفة هذه المقتضيات األخيرة ،يتعرض المشغل للتدابير الزجرية
المنصوص عليها في المادة 303من مدونة الشغل والمتمثلة في معاقبته بغرامة من 5888إلى
0888درهم.
يصطلح مفتش الشغل بصالحيات متعددة ومسؤوليات هامة تروم أساسا إلى
السهرعلى تطبيق مقتضيات قانون الشغل ،حيث بإمكانه مر اقبة مدى توفيرالحماية الالزمة،
التي خولها المشرع لفائدة األجير من ذوي االحتياجات الخاصة خصوصا ،وغيره من األجراء
عموما ،وهذه الحماية تعتبرمن بين االلتزامات الملقاة على عاتق المشغل لصالح األجير.393
وإذا كان يستوجب على كل شخص طبيعي أو اعتباري يخضع لمقتضيات مدونة
الشغل ،يرغب في فتح مقاولة أو مؤسسة أو ورش لكي يشغل فيه أجراء ،أن يقدم تصريحا بذلك
إلى العون المكلف بالشغل ،وفق الشكليات والشروط املحددة ينص تنظيمي.394
فإن نفس المدونة ألزمته بأن يقدم تصريحا مماثال ،في حالة ما إذا قرر تشغيل
أجراء من ذوي االحتياجات الخاصة ،وذلك حتى يكون التفتيش الذي توجد المؤسسة أو
الشغل وتوزيعه ،والتكوين المهني واألجر والترقية ،واالستفادة من االمتيازات االجتماعية والتدابير التأديبية ،والفصل
من الشغل ،يترتب عن ذلك بصفة خاصة مايلي :
0ـ حق المرأة في إبرام عقد الشغل
4ـ منع كل إجراء تميزي يقوم على االنتماء أو النشاط النقابي لألجراء
4ـ حق المرأة متزوجة كانت أو غير متزوجة االنضمام إلى نقابة مهنية ،والمشاركة في إدارتها وتسيرها.
ـ المادة 04من مدونة الشغل. 392
.393تنص المادة 099من مدونة الشغل :يحتفظ كل أجير أصبح معاقا بسبب من األسباب بمنصب شغله ،ويسند
إليه شغل يالئم نوعية إعاقته بعد إعادة تأهيله ،إال إذا تعذر ذلك لحدة اإلعاقة أو لطبيعة الشغل ،وذلك بعد أخذ رأي
طبيب الشغل ،أو لجنة السالمة ،وحفظ الصحة.
ـ فاطمة ازبوري ،م.س ،ص .44.42 394
المقاولة أو الورش ،الذي يشغل األجراء المعاقين على علم بهذا التشغيل ،وبالتالي القيام
بواجبه في مر اقبة شروط وظروف تشغيلهم.395
وفي حالة عدم احترام المشغل هذه المقتضيات ،يعاقب طبقا للمادة 310من
ذات المدونة بغرامة من 5888إلى 0888درهم.
إذا كان المشرع المغربي ،أكد على حق األجير من ذوي االحتياجات الخاصة في
الشغل ،فإنه ألزم أي مشغل يريد أن يشغلهم بضرورة عرضهم على الفحص الطبي ،والذي يبقى
بعد ذلك يجرى بصفة دورية كل سنة من الشغل ،من طرف طبيب الشغل.396
زيادة على ذلك يحق للعون المكلف بتفتيش الشغل في أي وقت وحين عرض
جميع األجراء الذين هم من ذوي االحتياجات الخاصة على طبيب بمستشفى تابع لوزارة المكلفة
بالصحة العمومية ،وذلك بهدف التحقق من أن الشغل الذي يعهد به إليهم ،ال يفوق طاقتهم
أوال يتناسب مع إعاقتهم ،بحيث أنه يحق لمفتش الشغل األمربإعفاء أي أجيرمعاق من الشغل
بدون أي إخطار ،إذا أبدى الطبيب رأي مطابقا لرأيه ،وأجرى عليه فحصا مضادا بطلب من
ذويه.397
والشك أنه بمجرد اكتشاف أي انعكاس سلبي على صحة األجير فإن المشغل
يتعين عليه تغييرنوع الشغل إلى شغل يتناسب مع وضعه الصحي وفق التفصيل الوارد في المادة
333التي سبق الحديث عنها.398
ـ المادة 042من مدونة الشغل :يجب على كل شخص طبيعي كان أو اعتباريا يخضع لمقتضيات هذا القانون 395
يريد فتح المقاولة أو مؤسسة ،أو ورش يشغل فيه أجراء ،أن يقدم تصريحا بذلك ،إلى العون المكلف بتفتيش الشغل،
وفق الشروط والشكليات المحددة بنص تنظيمي.
ـ محمد بهير ،م.س ،ص .012.012 396
ـ تنص المادة 092من مدونة الشغل :يجب على المشغل أن يعرض على الفحص الطبي األجراء المعاقين 397
األجراء واألحداث الذين تقل سنهم عن 02سنة ،وجميع األجراء المعاقين ،على طبيب بمستشفى تابع للو ازرة المكلفة
بالصحة العمومية ،قصد التحقق من أن الشغل الذي يعهد به إليهم ،ال يفوق طاقتهم ،أو ال يتناسب مع إعاقتهم.
لذا يجب على كل مشغل يشغل أجيرا ينتمي إلى هذه الفئة ،أن يحرص على توفير
كل شروط الوقاية الصحية ،والسالمة المهنية لهؤالء األجراء ،399ويسهل شغلهم ،خاصة من
حيث تجهيز أماكن الشغل بالولوجيات ،400الالزمة لتسهيل قيامهم بشغلهم ،تحت طائلة
التعرض لغرامة مالية تتراوح ما بين 5888إلى 0888درهم.
ال تقف حماية المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل األجير المعاق عند
تحديد شروط تشغيل تضمن له عدم التمييز بسبب اإلعاقة ،والتصريح الخاص بتشغيله
وخضوعه للفحص الطبي قبل التشغيل ،و إنما تمتد إلى الظروف التي ينفذ فيها الشغل ،سواء
من حيث نوعية وطبيعة األعمال التي قد تناط به (الفقرة األولى) أو من حيث حمايته من العمل
الليلي وتمت يعه بالراحة األسبوعية (الفقرة الثانية) أو من الفصل بسبب إعاقته (الفقرة
الثالثة).
على غرار األجراء األحداث والنساء تدخل المشرع المغربي لحماية فئة األجراء
ذوي االحتياجات الخاصة ،ومنع عليهم جملة من األعمال التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم
إعاقتهم أو تتشكل خطورة عليهم.
وهكذا يمنع تشغيل األجراء المعاقين في أشغال قد تعرضهم إلضرار أو تزيد من
حدة إعاقتهم401ـ كما يمنع تشغيلهم في المقالع ،وفي األشغال الجوفية التي تؤدي في أغوار
المناجم 402وفي جميع األعمال التي قد تعيق نموهم ،أو تساهم في تفاقم إعاقتهم ،وهذا سواء
ـ محمد سعد جراندي :الدليل العملي لمدونة الشغل ،الجزء األول ،الطبعة الثانية ،مطبعة صناعة الكتاب الدار 399
كانت هذه األعمال تؤدي على سطح األرض أو في جوفها ،403وبصفة عامة يمنع تشغيل األجراء
المعاقين في كل عمل من شأنه أن يشكل مخاطر بالغة عليهم أو يفوق طاقتهم ،أو قد يترتب عنها
ما قد يخل باآلداب العامة ،والتي أحالت مدونة الشغل تحديد الئحتها على نص تنظيمي.404
ونظرا للطبيعة الخاصة لهؤالء األشخاص ،فرض المشرع قواعد على تشغيلهم
قصد توفيرالحماية الالزمة التي تستدعيها وضعيتهم ،405وفي هذا اإلطاريالحظ أن المشرع ّأوجب
على المشغل الذي يقرر تشغيل أجراء من ذوي االحتياجات الخاصة تقديم تصريح بذلك إلى
العون المكلف بتفتيش الشغل.406
كما أوجب على كل مشغل يرغب في تشغيلهم أن يعرضهم على الفحص الطبي،
مع خضوعهم لهذا الفحص بصفة دورية بعد كل سنة من الشغل.407
إلى جانب ذلك يحق لمفتش الشغل أن يطلب عرض جميع هؤالء األجراء على
طبيب بمستشفى تابع لوزارة الصحة قصد التأكيد من أن الشغل المسند إليهم ال يتناسب مع
إعاقتهم ،مع حقه في إعفائهم دون إخطار إذا أبدى الطبيب رأيا مطابقا لرأيه وأجرى عليهم
ـ تنص المادة 021من مدونة الشغل " :يمنع تشغيل األحداث دون 02سنة في األشغال قد تعيق نموهم ،أو 403
تساهم في تفاقم إعاقتهم ،إذا كانوا معاقين ،سواء إذا كانت هذه األشغال على سطح األرض ،أو في جوفها".
ـ تنص المادة 020من مدونة الشغل " :يمنع تشغيل األحداث دون 02والنساء األجراء المعاقين ،في األشغال 404
التي تشكل مخاطر بالغة عليهم ،أو تفوق طاقتهم ،أو قد يترتب عنها ما قد يخل باآلداب العامة.
ـ محمد بنحساين ،عالقة الشغل الفردية والجماعية ،الجزء األول ،مطبعة طوب بريس ،الطبعة ،4109ص 405
.90
ـ تنص المادة 049من مدونة الشغل " :يجب على المشغل أن يقدم أيضا تصريحا مماثال للتصريح الوارد ذكره 406
الذين ينوي تشغيلهم ،يجري طبيب الشغل هذا الفحص بصفة دورية بعد كل سنة من الشغل.
فحص مضاد بطلب من ذويهم ،408وقد تم تحديد هذه األشغال بداية ،كما هو الشأن بالنسبة
لألحداث والنساء ،بواسطة مرسوم رقم 5.82.305بتاريخ 50ديسمبر 5882بتحديد الئحة
األشغال الممنوعة على األحداث دون الثامنة عشرة والنساء واألجراء المعاقين ،409غير أن
مرسوما آخر صدر بتاريخ 33نونبر ،4105838نسخ المرسوم السابق ومدد الئحة األشغال
الممنوعة عليهم والتي أضحت على الشكل التالي :
3ـ أشغال التشحيم والتنظيف أثناء عملية فحص وإصالح األجهزة الميكانيكية عندما
تكون في حالة اشتغال ؛
5ـ استخدام اآلالت التي تشغل باليد أو بواسطة محرك ميكانيكي ،وال تتوفر األجزاء
الخطيرة منها على ما يلزم من وسائل الوقاية ؛
نصب هياكل خشبية أو معدنية ثابتة تستعمل في صناعة البناء واألشغال العمومية ؛
0ـ استخدام اآلالت بمعامل الزجاج ،حيث يتم صنع القنينات بالطرق الميكانيكية ؛
ـ تنص المادة 022من مدونة الشغل " :يمنع على أي شخص أن يكلف أحداثا دون 02سنة بأداء ألعاب 408
خطيرة ،أو القيام بحركات بهلوانية أو التوائية ،أو أن يعهد إليهم بأشغال تشكل خط ار على حياتهم أو صحتهم أو
أخالقهم.
ـ المنشور بالجريدة الرسمية عدد 22..بتاريخ 14يناير ،4112ص .00 409
410ـ مرسوم رقم 4.01.024صادر في 09نوفمبر 4101بتحديد الئحة األشغال التي يمنع أن يشغل فيها بعض
الفئات األشخاص ،الجريدة الرسمية ،عدد 22..بتاريخ 04ديسمبر ،4101ص .2422
32ـ أشغال إنتاج الكهرباء وتحويلها وإرسالهم وكل قوة محركة كيفما كان نوعها ؛
58ـ أشغال الصباغة التي تستعمل فيها مواد كيماوية خطيرة تحتوي على الرصاص
واألكزان؛
53ـ األشغال التي تستعمل فيها مواد الحريرالصخري أو تحتوي على مادة البنزين ؛
51ـ تصنيع واستخدام وبيع كتابات أو مطبوعات أو ملصقات أو رسوم أو نقوش أو
لوحات أو شعارات أو صور أو أشياء أخرى يعاقب على بيعها أو تقديمها أو عرضها أو إلصاقها أو
توزيعها بموجب القانون الجنائي لتعارض مع اآلداب العامة ،لكونها مضرة بطبيعتها بأخالق
األطفال ولو لم تكن موضوع تجريم بموجب القانون المذكور؛
50ـ األشغال التي تنجز بمقصات ميكانيكية حادة وكل ينجز بآالت ضاغطة كيفما كانت
طبيعتها ،غيرتلك التي تحرك باليد ؛
15ـ جميع األشغال التي قد تتسبب في أمراض مهنية كما هي محددة بموجب قرار وزير
التنمية االجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المنهي رقم 330.00الصادر في 32من
رمضان 51( 3258ديسمبر )3000؛
وإذا كان يسمح استثناء للمشغل تشغيل األحداث دون 33سنة ليال ،فإن هذا
االستثناء ال يطبق إذا تعلق األمربأجيرمن ذوي االحتياجات الخاصة.
ونظرا لكون األجراء معرضين بسبب عملهم أو لسبب آخر إلى اإلصابة بإعاقة،
فإن المشرع قد تنبه للحالة التي تؤثر فها إعاقتهم على مستقبل شغلهم411ـ وألزم المشغل
باالحتفاظ باألجير الذي أصبح معاقا وأن يسند إليه شغل يالئم نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله،
وال يعفى من هذا االلتزام إال إذا استحال ذلك لحدة اإلعاقة أو لطبيعة الشغل بعد أخذ رأي
طبيب الشغل أو لجنة السالمة وحفظ الصحة.412
كما تجدراإلشارة إلى أن كل مشغل خالف هذه األحكام المتعلق بتشغيل األجراء
ذوي ا الحتياجات الخاصة بأعمال ممنوعة عليهم إلى عقوبة تتجلى في غرامة من 188إلى 088
درهم.
412ـ تنص المادة 099من مدونة الشغل " :يحتفظ كل أجير أصبح معاقا بسبب من األسباب بمنصب شغله ،ويسند
إليه شغل يالءم نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله ،إال إذا تعذر ذلك لحد اإلعاقة أو لطبيعة الشغل وذلك بعد أخذ رأي
طبيب الشغل أو لجنة السالمة وحفظ الصحة".
وبجانب هذا المنع فقد أوجب المشرع تسهيال لعمل المعاقين وحرصا منه
لتوفير كل شروط الوقاية الصحية والسالمة المهنية للمعاقين ،على المشغل أن يجهز أماكن
الشغل بالولوجيات الالزمة لتسهيل قيام األجراء المعاقين بشغلهم ،وأن تكون هذه األماكن
مجهزة تجهيزا يضمن سالمة األجراء ،ويسهل شغل األجراء والمعاقين المشغلين بها.
بخصوص العمل الليلي يالحظ أنه وإذا كانت مقتضيات الفقرة الثالثة من
المادة 305من مدونة الشغل ،تمنع على األجراء األحداث دون من السادسة عشراألشغال ليال،
فإن الفقرة األولى من المادة 303منها ،تخول المشغل استثناء إمكانية مخالفة حكم المادة
،305وبالتالي تشغيل األجراء ليال ولو كان سنهم دون السادسة عشر ،إذا اقتض ى األمر اتقاء
حوادث وشبكة الوقوع ،أو تنظيم عمليات نجدة أو إصالح خسائر لم تكن متوقعة ،وهذا
االستثناء ال يمكن مطلقا العمل به إذا كان األجيرمعاقا. 413
ونفس األمر بالنسبة للراحة األسبوعية ،فإذا كان يمكن وقفها في الحاالت التي
تبررها طبيعة نشاط المؤسسة ،او المواد المستعملة ،أو إنجازأشغال استعجالية ،أو زيادة غير
عادية في حجم الشغل ،414فإن نظام وقفها ال يطبق وقفها ال يطبق على األجراء المعاقين ،وذلك
في األحوال التي يحددها نص تنظيمي ،415كما أن مرسوم رقم 4165.82.031الخاص بتنظيم
الراحة األسبوعية لفائدة بعض فئات األجراء وفق متطلبات طبيعة شغلهم داخل المؤسسة أو
المقاولة مع مراعاة جملة من التدابير من ضمنها األخذ بعين االعتبار حالة األجراء في وضعية
إعاقة.
ـ تنص الفقرة األخيرة من المادة 009من مدونة الشغل "ال يمكن للمشغل أن يعمل بهذا االستثناء إال إذا كان 413
األجير معاقا.
ـ تنص المادة 404من مدونة الشغل " :على أنه يمكن وقف ال ارحة األسبوعية في حاالت التي تبررها طبيعة 414
نشاط المؤسسة ،أو المواد المستعملة ،أو إنجاز أشغال استعجالية ،أو زيادة غير عادية في حجم الشغل".
ـ تنص المادة 402من مدونة الشغل " :ال يطبق نظام وقت الراحة األسبوعية على األحداث دون سن 02وال 415
على النساء دون 41وال على األجراء المعاقين ،وذلك في األحوال المحددة بنص تنظيمي".
416ـ مرسوم رقم 4.12.204صادر في 09من ذي القعدة 0242ـ 4.ديسمبر 4112بتنظيم الراحة األسبوعية،
الجريدة الرسمية ،عدد ،240.بتاريخ .14/10/4112
إمعانا في حماية األجير المعاق ،وفي حماية حقه في االستقرار في شغله ،ينص
المشرع المغربي ،417صراحة على أن اإلعاقة ال تعد من المبررات المقبولة التخاذ عقوبة
الفصل من الشغل ،اللهم إال إذا كانت تحول دون أداء األجير المعلق لشغل يناسبه داخل
المقاولة المشغلة ،418وهو الحكم الذي تكرسه أيضا المادة 333من المدونة ،التي تنص على
احتفاظ كل أجير أصبح معاقا لسبب من األسباب بمنصب شغله ،حيث يسند إليه شغل يالئم
نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله ،اللهم إال إذا تعذرذلك لحدة اإلعاقة أو لطبيعة الشغل وذلك بعد
أخذ رأي طبيب الشغل ،أو لجنة السالمة وحفظ الصحة.
ولقد تعرضت هذه المادة لألجير الذي يكون سليما صحيا أثناء التحاقه بعمله ثم
يتعرض إلع اقة معينة مهما كان نوعها بعد ذلك ،وبمناسبة عمله أو بسبب حادثة سير أو غيرها
ولو لم يكن لها ارتباط بعمله ،حيث ألزمت المشغل في هذه الحالة باالحتفاظ له بمنصب
شغله.419
غيرأن هذا الحق ال يعتبرمطلقا بمعنى االحتفاظ له بنفس المنصب يتوقف على طبيعة
اإلعاقة ،ذلك أنه إذا كان من المعتذر أو من المستحيل عليه ،ذلك فيتعين تعويضه بمنصب
آخر يتالءم مع وضعه الصحي وبعد خضوعه لتأهيل أو تدريب خاص أو ترويض إذا كان ذلك
المنصب الجديد يتطلب شيئا من هذا القبيل.
ـ تنص المادة 49من مدونة الشغل " :على أنه ال تعد األمور التالية :من المبررات المقبولة التخاذ العقوبات 417
وفي هذا الصدد جاء قرار ملحكمة النقض 420يتعلق بفصل أجيرة بعد تعرضها لإلعاقة :
" لكن حيث إن الثابت من وثائق الملف أن المطلوبة في النقض أصيبت بنقص حاد في سمعها
وتمت إحالتها على طبيب الشغل إلبداء رأيه في وضعيته الصحية ،هذا األخير الذي خلص في
تقريره إلى كون اإلصابة بالصمم ليست مطلقة ،وأن المطلوبة في النقض يمكنها االشتغال في
عمل يتالءم وقدراتها البدنية ،وهوما تم إذ تم تشغيلها بمصلحة البريد اإللكتروني ليتم االستغناء
بعد ذلك بدعوى أن المصلحة المذكورة لم يعد لها وجود ،وهو خالل الو اقع أمام إثبات
المطلوبة في النقض وجود عمال آخرين يمارسون نفس العمل الذي حرمت منه ،وأن تمسك
الطالبة بعدم قدرة األجيرة على االستمرار في مزاولة عملها يعتبر مردودا مادام هي نفسها قد
أسندت لها مهام إلى مصلحة البريد اإللكتروني ،وأن إنهاء العالقة بناءا على المقتضيات أعاله
يشكل خرقا للمادة 0من مدونة الشغل في فقرتها الثانية".
أما فيما يخص تعويض وتوفير عمل يتالءم مع الوضعية الصحية لألجير المعاق بعد
تأهيله فيعتبرمن أهم حقوقه ،وفي هذا السياق ذهبت محكمة النقض 421إلى اعتبارمنع األجيرة
من العمل بسبب عدم توفير عمل يتناسب مع الحالة الصحية لألجيرة المعاقة يعتبر طردا
تعسفيا " :والطاعنة لما لم تقم بإلحاق المطلوبة في النقض بعملها ومصاحبتها للمفوض
القضائي ولما لم تقم بتهيئتها للمطلوبة عمال في وضعية الجلوس يتماش ى وحالتها الصحية حسب
البين من الشهادتين الطبيتين المنجزتين من طرف طبيب المشغلة واللتين تؤكدان أن الوضعية
الصحية للمطلوبة ال تسمح لها بالعمل وقوفا تكون هي من أقدمت على فصلها وبإرادة منفردة
عالقة الشغل التي كانت تربطها مع المطلوبة".
إال أن إذا كانت هذه اإلعاقة بلغت من الحدة بحيث أصبح من المستحيل عليه القيام
بأي عمل كما هو الحال حينما يصبح عجزه مطلقا كأن تصل نسبته إلى 08أو 388في المائة من
قدرته البدنية ،أو أن اإلعاقة تحول دون قيامه بعمله األصلي أو عمل آخركإعاقة العمى أو غيرها
ـ قرار محكمة النقض ،عدد 22/0الصادر بتاريخ 42/10/4100في الملف االجتماعي عدد 420
،0240/2/0/4102منشور بكتاب الدليل العملي لمدونة الشغل ،لمؤلفه ،محمد جرندي ،ص .024
ـ قرار محكمة النقض عدد 420/4الصادر بتاريخ 12/12/4100في الملف االجتماعي عدد 421
.2.0/2/0/4109
فإن المشغل يكون معفيا من االحتفاظ له بهذا المنصب ويكون إنهاء عقد الشغل من قبله له
ما يبرره قانونا.
غير أن تمكين المشغل من هذا اإلعفاء يجب أن يعزز برأي طبيب مختص في الشغل أو
برأي لجنة السالمة وحفظ الصحة ،وذلك تفاديا ألي تعسف من قبل المشغل وذلك من أجل
الحسم في أي اعتراض على ذلك من قبل األجير.422
يتضح من خالل ما سبق أن المشرع حاول وضع إطار قانوني لحماية األجراء ذوي
االحتياجات الخاصة ،بالتنصيص على حقوق هذه الفئة في مدونة الشغل ،وكذا في القانون
اإلطار رقم 00.31المتعلق بحماية حقوق األشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ،باإلضافة
إلى االتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب والتي يكون ملزما بعد ذلك بتنزيلها على أرش
الو اقع ،إسهاما من جانبه لضمان أرضية صلبة كفيلة بتحقيق الحماية لهذه الشريحة من
األجراء ،وكذلك بتجاوزمرحلة اإلحسان إلى مرحلة حقوقية بامتياز.
وعلى الرغم من هذه الترسانة القانونية التي جاء بها المشرع المغربي لصالح
األجراء ذوي االحتياجات الخاصة ،فإنه يمكن تسجيل بعض المالحظات بخصوص مدى كفاية
وجدوى هذه الحماية في تحقيق إدماج فعلي لهم في سوق الشغل أمم التحديات ،واإلكراهات
التي تقف أمامهم ،من بينها غياب نصوص قانونية تفرض تشغليهم في القطاع الخاص ،عالوة
على أن المشغلين يرفضون تشغيل هذه الفئة االجتماعية تحت ذريعة أنها ليست لها مردودية.
وتأسيسا على هذا كله نقترح بعض التدابير والخطوات التي تهم انخراط هذه
الفئة إيجابا دخل سوق الشغل :
إنه مادامت الوقاية تعد خيرمن العالج فإنه يتعين التأكيد على الو اقية من اإلعاقة،
سواء داخل األسرة أو في المؤسسات التعليمية في أماكن الشغل ؛
مضاعفة الغرامات المالية ،نظرا ألن الخيارات قد تعددت أمام أصحاب األعمال،
ومنها التشغيل مع التمتع باإلعفاءات،ـ وأداء المقابل المالي لألحجام عن تشغيل المعاقين فإن
تقاعس صاحب العمل فال يمكن إال أن يكون هذا التقاعس ناتجا عن سوء نية ،والبد من انزال
العقاب المناسب.
الحاج الكوري :مدونة الشغل الجديدة القانون 00.00طبعة األولى ،مطبعة األمنية
الرباط
محمد بنحساين :عالقات الشغل الفردية والجماعية ،الجزء األول ،مطبعة طوب
بريس ،طبعة مراكش 5833
محمد بهير :الحماية الزجرية لألجير في التشريع المغربي ،دون ذكر الطبعة ،مطبعة
األمنية ،الرباط 5830
عبد اللطيف خالفي :الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء األول ،عالقات الشغل
الفردية ،الطبعة األولى ،المطبعة والور اقة الوطنية مراكش 5882
محمد سعد جرندي :الدليل العملي لمدونة الشغل ،الجزء األول ،الطبعة الثانية،
مطبعة صناعة الكتاب ،الدارالبيضاء 5833
فاطمة ازبوري :الحماية القانونية لألجراء ذوي اإلعاقة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
في القاولة والقانون ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة ابن زهر اكادير،
السنة الجامعية 5830/5832
رشيد احفوض :االدماج االجتماعي والمنهي لألشخاص في وضعية إعاقة ،في الموقع
اإللكتروني www.alkanounia.comمنشور
وبعد :فإن العدل اسم من أسماء الله تعالى وصفة من صفاته ،أقام على أساسها
االرض والسماوات ،و أنزل من أجلها الكتب وأرسل الرساالت ،وبعث الرسل وشرع األحكام
والتشريعات.
وبه يقض ي سبحانه يوم القيامة بين الخالئق ،ويظل العادل من شدة الحروينجيه من
كل ضائق؛ ولتحقيقه بين الناس ردا للمظالم ودفعا للشبه والتهم ،شرع الله سبحانه تقديم
البرهان والبينات تعزيزا للدعوى والمر افعات.
وإذا تعذرتقديم الحجج والبينات لسبب ظاهرأو خفي فيلجأ القاض ي بين الخصوم إلى
اعتماد القرائن واألمارات ،فدورها هام وقوي في االستئناس والترجيح ،وتعيين الجانب األقوى
في الدعوى.
كما أنها تلعب دورا في تشكيل قناعة القاض ي عند وزن البينات ،وتساعد على حماية
الحقوق و إيصالها إلى أصحابها عند حدوث التنازع والجحود ،وتفتح املجال أمام القضاء إلقامة
وتحدد مصيرالدعاوى والمر افعات.العدل وصيانة املجتمع من الظلمّ ،
فلهذه المزايا وغيرها ارتأيت أن أكتب نبذة عن القرائن وأهميتها في إثبات الدعاوى،
وقبل معالجتها والخوض في مجالها البد من طرح السؤال المتعدد الجوانب في أمرها:
فماهي القرائن لغة واصطالحا؟ وهل اعتبارها واعتمادها يستند على أدلة شرعية؟
وما هي أهمية األخذ بها ،وهل هي معتبرة في مجال محدد أم شاملة لكل القضايا
املختلفة؟ وهذه اإلشكاالت تكون اإلجابة عنها في املحاور اآلتية :املحور األول :تعريف القر ائن
ّ
الثالث:حجيةالقرائن .املحور الرابع :أنواع واإلثبات .املحور الثاني :أقسام القرينة .املحور
القرائن .املحور الخامس :أهمية القرائن .املحور السادس :نماذج من القضايا اعتبرت فيها
القرائن.
تمهيد:
لقد كتب العلماء قديما وحديثا في موضوع القرائن ،فمنهم من ذكرها في التفسيرعند
اآليات الدالة عليها ،ومنهم من ساقها عند شرحه لألحاديث النبوية ،ومنهم من ذكرها في أبواب
الفقه كالقضاء والشهادات .ومنهم من خصها بالذكرفي باب مستقل ،ومنهم من أوفرها بالتأليف.
ما سبق ذكره من الدراسات التي تطرقت لموضوع القرائن ،فقد عالجت الموضوع من
خصصكل جوانبه ،إال أن بعضها اقتصرعلى الجانب القانوني تأصيال وتمثيال ،والبعض اآلخر ّ
الدراسة في مجال واحد كاألسرة مثال .وقد حاولت في هذا الجهد المتواضع أن أجمع بين الجانب
الشرعي والقانوني،كما أنني نوعت األمثلة قدر المستطاع ،وأشرت كما نبنهي اإلخوان إلى ذكر
بصمة العين واعتمادها في ضبط المسافرين وأحوالهم في دولة اإلمارات العربية المتحدة.
القرينة لغة :قال الجوهري ":القرينة في اللغة فعيلة بمعنى المفاعلة مأخوذة من
المقارنة 423أي ما يدل على الش يء مشتقة من المقارنة بمعنى المصاحبة .
و اصطالحا:بمعنى األمارة والعالمة؛ إذ يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول ،وهي كل
أمارة ظاهرة تقارن شيئا خفيا فتدل عليه .424وذلك ألنها مقارنة للحق أي مصاحبة له في أغلب
423التعريفات لعلي بن محمد الجرجاني ج .222/1/نشر :دار الكتاب العربي بيروت .ط 1041/1:هـ.
424الفقه اإلسالمي وأدلته للدكتور محمد وهبة الزحيلي.ج .141/1/نشر دار الفكر دمشق سوريا.
األحوال.425وهي بذلك تشكل سندا قويا في معرفة الحق وتمييزه عن الباطل ،ولذا قال فيها ابن
القيم ":مسألة كبيرة عظيمة النفع ،جليلة القدر ،إن أهملها الحاكم أو الولي أضاع حقا كبيرا،
و أقام باطال كبيرا.426
اإلثبات لغة :قال صاحب المصباح ":ثبت الش يء يثبت ثبوتا دام واستقر..وثبت األمر
صح".427
وفي اللسان ":و أثبت حجته أقامها وأوضها ،وقول ثابت :صحيح،وفي التنزيل
العزيز:
(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) 428وكله من الثبات429
القرينة قد تكون دال لتها قوية أو ضعيفة على حسب قوة المصاحبة وضعفها ،وقد
ترتقي إلى درجة القطع ،أو تهبط إلى درجة االحتمال البعيد جدا ،بحيث تصبح اليعبأ بها فهي في
حيز التردد ،والمرجع في ضبطها واصطيادها إلى قوة الذهن والفطنة واليقظة وما يفيضه الله
تعالى على عباده من المواهب 431كما قال ابن الرومي:
425مسائل فقهية معاصرة لعارف علي عارف القره داغي ص. 11:نشرIIUM PRESS.INTNATER :
ATIONAL.ISLAMIC.MALAISYA.الطبعة األول:سنة.2411:
426ا لطرق الحكمية البن القيم الجوزية ت111:هـ بعناية هيثم خليفة الطعيمي .ص.12:نشر:المكتبة العصرية ط/1:
سنة242/1021:
427المصباح المنير في غريب الشرح الكبير.تأليف أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي نشر المكتبة العلمية بيروت .بدون تاريخ
.ج 1/ص.14:
428سورة :
429لسان العرب ألبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور اإلفريقي المصري .نشر أدب الحوزة قم .إيران سنة 1041هـ.
ج.12/ص.22:
430اإلثبات بالقرائن في الفقه الفقه اإلسالمي إلبراهيم بن محمد الفائز ص .01:نشر :مكتبة أسامة .الرياض ط 2:سنة1042:هـ/
1812م.
431طرق اإلثبات الشرعية للشيخ أحمد إبراهيم بك وواصل عالء الدين ص.218/نشر:المكتبة األزهرية للتراث ط.2442 .0:
وقد قسم أغلب الفقهاء القرائن إلى قسمين ؛ قرائن قوية ،وقرائن ضعيفة ،لكن أحد
الباحثين رجح أن تقسم إلى ثالثة أقسام.434
3القرينة القاطعة :وهي األمارة البالغة حد اليقين أو األمارة الواضحة التي تصير األمر
في حيزالمقطوع به.435
ومثالها من الحديث الشريف :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرالزبيرأن يقرر ّ
عم
حيي بن أخطب بالعذاب على إخراج المال الذي غيبه وادعى نفاده فقال له ":العهد قريب والمال
أكثر من ذلك".436فهاتان قرينتان في غاية القوة ،كثرة المال وقصر المدة التي اليحتمل إنفاق
المال كله فيها.437
5القرينة الضعيفة :وهي التي تنزل داللتها إلى مجرد االحتمال فتكون ضعيفة فال يصح
االعتماد عليها وحدها في ترتيب الحكم عليه ا بل البد من ضميمتها إلى الدليل أو اجتماعها مع
قرائن أخرى لتكتسب الحجية.
مثالها :إذا وجد رجل مع امرأته غريبة عنه في مكان مظلم ،ولم ير أحد ممن شاهدهما
حدوث ما بستوجب إقامة الحد عليهما ،فإن مجرد وجودهما في موضع ريبة اليكفي إلثبات الحد
عليهما ،و إنما التعزيربما يناسب .وهذه القرينة لم يعتمد عليها عمربن الخطاب رض ي الله عنه
وحدها في ترتيب الحكم عليها ،فقد ثبت أنه عزررجال وجد مع امرأته بعد العتمة في ريبة بضربه
432محا ضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء للحسين بن محمد المعروف بالراغب األصفهاني ت 142:هـ ج .114/1/نشر:
شركة دار األرقم بن أبي األرقم بيروت لبنان ط /1:سنة1024:هـ.
433موسوعة األخالق والزهد والرقائق لياسر عبد الرحمان ج.22/2/نشر:مؤسسة اقرأ .ط.1/سنة .2441/1021:القاهرة.
دون المائة جلدة .فوجود الرجل مع امأة ليس من محارمها سبيل للخلوة،ويعتبرذلك دليال على
ارتكابه أمرا محرما يستحق التعزير ،وهذا من القرائن القوية،لكن داللتها على ارتكاب جريمة
الزنا تعتبر قرينة ضعيفة438
1القرينة الكاذبة :وهي القرينة المتوهمة التي التفيد شيئا من العلم وال من الظن ،وال
يترتب عليها حكم ،فهي ليست لها داللة .
مثالها :ما فعله إخوة يوسف عليه السالم ،فقد خانوا وظلموا وكذبوا ،وجاءوا أباهم
عشاء يبكون ،فأظهروا البكاء لفقد يوسف ليبرئوا أنفسهم من الخيانة ،وأوهموا أنهم مشاركون
في المصيبة ،ويثبتوا ما كان أظهره يعقوب عليه السالم لهم من خوفه على يوسف أن ياكله
الذيب ،فقالوا (:إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذيب وما أنت بمومن لنا
ولو كنا صادقين)439
فوجود الدم على القميص قرينة على القتل في حد ذاتها ،لكن لما عارضتها قرينة أخرى
أقوى منها تدل على عدم القتل وهي عدم تخريق القميص ،دل ذلك على أن القرينة األولى قرينة
كاذبة ،ال داللة لها على القتل .440ولذلك قال يعقوب عليه السالملما رأى القميص صحيحا
قال ":يا بني والله ما عهدت الذئب حليما"441.
ذهب فريق من الفقهاء إلى جوازاالعتماد على القرائن واعتبارها طريقا من طرق اإلثبات
الشرعية ،وبذلك قال ابن العربي ،والقرطبي ،و ابن فرحون 442،و ابن رشد 443،و ابن رجب
الحنبلي 444والكساني 445
وغيرهم ،واعتمدوا في ذلك على أدلة من الكتاب والسنة ،فمن السنة قوله سبحانه:
( وجاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا ياأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا
فأكله الذيب وما أنت بمومن لنا ولو كنا صادقين وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت
لكم أنفسكم أمرا فصبرجميل والله المستعان على ما تصفون) 446قال اإلمام القرطبي ":استدل
الفقهاء بهذه اآلية في إعمال األمارات في مسائل من الفقه كالقسامة وغيرها ،وأجمعوا على أن
يعقوب عليه السالم استدل على كذبهم بصحة القميص " 447وهكذا يجب على الناظرأن يلحظ
األمارات والعالمات إذا تعارضت فما ترجح منها قض ى بجانب الترجيح وهي قوة التهمة لوجوه
تضمنها القرآن.448
فنبي الله يعقوب عليه السالم الحظ القميص فوجده غير ممزق ،فاستدل على ذلك
بكذب دعواهم ،ألنهم لما أرادوا جعل الدم على القميص عالمة على صدقهم فيما يدعون ،قرن
الله بها عالمة تعارضها وتدفعها وهي سالمة القميص من التخريق والتمزيق ،فإنه اليتصور أن
يأكل الذيب يوسف وهو البس قميصه ثم يسلم القميص من التمزيق ،فكانت هذه العالمة
والقرينة مكذبة لهم داحضة لحجتهم ،فهاهنا استدالل بالقرينة واألمارة على الحكم ،وهو دليل
على اعتبارالقرينة وحجيتها.449
442تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام إلبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون ت 188:هـ /ج 1ص.028/ 211:
وج 2/ص121/118:نشر :مكبة الكليات األزهرية .ط /1:سنة1042:هـ1812/م.
443بداية المجتهد ونهاية المقتصد كتاب الشفعة نشر دار الكتب العلمية سنة .2441:ص.212:
444القواعد الفقهية نشر دار ابن عفان المملكة العربية السعودية ط1018/1:هـ/ص..014/28/21:
445بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نشر المكتبة الحبيبية باكستان ط 1048/1:هـ/ج..111/2/
446سور ة يوسف اآلية.11:
447الجامع ألحكام القرآن ألبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي األنصاري ت 211:هـ تحقيق سمير هشام البخاري.ج.100/8/
نشر:دار عالم الكتب الرياض المملكة العربية السعودية.ط.2442/1022:
448أحكام القرآن البن العربي ج22/2/
449مسائل فقهية معاصرة ص.12:
وكذلك استدلوا بقوله سبحانه( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء) .450فالله
سبحانه جعل القروء عالمة وأمارة على عدم وجود حمل لدى المطلقة ،وال ريب في أن هذا إعمال
للقرينة فيجوزالعمل به.451
ومن السنة ما رواه عبد الرحمان بن عوف عن أبيه عن جده أن غالمين من األنصارقتال
أبا جهل ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال ":أيكما قتله"؟ قال كل
واحد منهما أنا قتلته فقال (:هل مسحتما سيفكما)؟ قاال :ال فنظر في السيفين فقال ":كالكما
قتله سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح 452.فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في السيفين إنما هو
ليرجح القاتل بما يراه من أثر الطعان وصبغ الدم ،و إنما خص أحدهما بسلبه ألنه ترجح عنده
من نظره إلى السيفين أنه هو الذي أنفذ مقتله ،وقوله عليه السالم" كالكما قتله"تطييبا لنفس
اآلخر من حيث إن له بعض المشاركة .453قال ابن القيم :وهذا من أحسن األحكام وأحقها
باالتباع ،فالدم في النصل شاهد عجيب.454
املحورالرابع:أنواع القرائن:
3قرائن نصية شرعية :وهي ما نص عليها الشرع أواستنبطها أئمة الشريعة باجتهاداتهم
وصارت شرعا اجتهاديا يفتي به المفتون ،ويحكم به القضاة والمقلدون لذلك املجتهد.455
ومثالها من القرآن الكريم قوله سبحانه":إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من
الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبرفكذبت وهو من الصاد قين" .456
قال ابن العربي في مسائل هذه اآلية ":قال علماؤنا :في هذا دليل على العمل بالعرف
والعادة لماذكر من أخذ القميص مقبال ومدبرا ،وما دل عليه اإلقبال من دعواها ،واإلدبار من
صدق يوسف ،وهذا أمر تفرد به المالكية كما بيناه في كتبنا ..وقد استدل يعقوب بالعالمة،
فروى العلماء أن اإلخوة لما ادعوا أكل الذيب له قال :لقد كان هذا الذيب حليما ،وهكذا
فاطردت العادة والعالمة ،وليس هذا بمناقض لقوله عليه السالم" البينة على المدعي واليمين
على من أنكر" .457والبينة إنما هي البيان ،ودرجات البيان تختلف بعالمة تارة ،وبأمارة أخرى،
وبشاهد أيضا وبشاهدين ثم بأربع.458
وأما مثالها من السنة ،فقد جعل الشرع الفراش أمارة وقرينة على نسبة الولد إلى
الزوج ،ومثله الشبه في القافة ،واللوث في القسامة ،والصمات في زواج البكرللداللة على رضائها
ومو افقتها ،ووضع العالمات التي تدل على المومن أو تميز المنافق والكافر عن غيرهما ،كما
وخلوه من الحمل ورتب عليه أحكاما تتعلقّ جعل الشارع دم الحيض أمارة على براءة الرحم
بانتهاء العدة ومنع الرجعة وجواز العقد عليها من اآلخر ،ومنها إثبات الشعر قرينة على البلوغ459
وهذه القرائن النصية يجب الحكم بموجبها وتطبيق الحكم الشرعي الثابت بها دون النظر إلى
أساس الحكم أو باعث تشريعه ،وكذلك اليجوز إثبات عكسه إال بالطرق التي حددها الشرع ،
فقرينة الولد للفراش مثال ال يمكن إثبات عكسها إال عن طريق المالعنة قال ابن أصرم "460:
الولد للفراش حتى يالعن".461
5قرائن فقهية :وهي القرائن التي استنبطها الفقهاء وجعلوها أدلة على أمور أخرى
ودونوها في كتب الفقه .ومثالها :بطالن بيع المريض في مرض الموت لوارثه إال بإجازة الورثة ،
0رواه الترمذي.في كتاب األحكام بلفظ ":واليمين على المدعى عليه" .السنن ألبي عيسى محمد الترمذي تحقيق أحمد محمد شاكر
.نشر :دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان.
1أحكام القرآن للحافظ ابن العربي ت 102:ج 04/2/بتصرف.نشر :المكتبة العصرية بيروت .سنة.2412:
459مسائل فقهية معاصرة لعارف علي عارف القره داغي ص. 21:نشرIIUM PRESS.INTNATER :
ATIONAL.ISLAMIC.MALAISYA.الطبعة األول:سنة.2411:
460هو أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله بن مغفل المزني سمع عبد األعلى بن حماد وأحمد بن حنبل ويحيى بن
معين.أنظر تاريخ بغداد للحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي .
461الفروع ألبي عبد الله شمس الدين المقديسي ت 122:هـ /تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي ج .211/8/نشر مؤسسة
الرسالة ط 1020/1:هـ.2442/
وكذلك بيعه لغير الوارث فإنه يبطل فيما زاد على الثلث ؛ ألن هذه التصرفات قرينة على إرادة
اإلضرار لباقي الورثة أو جميعهم .462
ومن ذلك ما يجري بين الناس اآلن من إبرام العقود عبر آالت االتصال الحديثة فقال
الفقهاء ":يعتبروصول القبول إلى علم الموجب قرينة على العلم به ما لم يقم الدليل على عكس
ذلك463
1قرائن قضائية :وهي القرائن التي يستنبطها القضاة بحكم ممارسة القضاء ومعرفة
األحكام الشرعية التي تجعل عندهم ملكة يستطيعون بها االستدالل و إقامة القرائن في
القضايا ومواضع الخالف ويالحظون العالمات ويستخرجون األمارات من ظروف كل دعوى عن
طريق الفراسة والفطنة والذكاءويصلون إلى معرفة الحق.464فالقاض ي قد يستخلص الحجة
من قرائن يأخذها من ظروف الدعوى بعد أن يقتنع بأن لها دالالت معينة ،ووسيلته إلى ذلك أن
يختار بعض الوقائع الثابتة أمامه في الدعوى ،وهذه الوقائع إما أن تكون موضع منا قشة بين
األطراف ،وإما أن تؤخذ من ملف الدعوى ،وربما تكون في أوراق خارج الدعوى،كتحقيق إداري
،وعليه أن يستخلص من هذه الو اقعة الثابتة الحجة على الو اقعة التي يراد إثباتها ،فيتخذ
من الو اقعة المعلومة قرينة على الو اقعة املجهولة.465
فالمالحظ أن القرائن تفتح أمام القاض ي بابا واسعا لفهم مالبسات القضية وما
يكتنفها من الدالالت ،وذلك من خالل فهمه وبعد نظره الخارج عن التقيد بنصوص القانون
وحرفيتها،فقد ذكر ابن القيم أن رجال قال إلياس بن معاوية :علمني القضاء.فقال :إن القضاء
اليعلم،إنما القضاء فهم ،ولكن قل علمني العلم ،وهذا هو سر المسألة ،فإن الله سبحانه
وتعالى يقول ":وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم
462طرق اإل ثبات الشرعية مع بيان اختالف المذاهب الفقهيةللشيخ أحمد إبراهيم بك.ص.281:نشر المكتبة األزهرية للتراث ط0:
سنة.2444:
463مجلة مجمع الفقه اإلسالمي ج.121/2/
464وسائل اإل ثبات في الشريعة اإلسالمية في المعامالت المدنية واألحوال الشخصية للشيخ محمد مصطفى الزحيلي.ج .081/2/نشر
مكتبة دار البيان.ط.1812/1042/1:
465مجلة الملحق القضائي لرشيد العراقي ص/22:العدد.1881/24:نشر :المعهد الوطني للدراسات القضائية المغرب.
شاهدين ففهمناها سليمان وكال آتينا حكما وعلما" .466فخص سليمان بفهم القضية وعمهما
بالعلم467
ومثالها:إذا شهد شاهدان في الصحو وصفاء الجو في البلد الكبير على ثبوت هالل
رمضان ولم يره غيرهما ،فال تقبل شهادتهما قال اإلمام مالك رحمه الله ":هما شاهدا سوء".468
ألن ذلك قرينة ظاهرة على كذبهما .
ّ
ومن أمثلتها :انعقاد التبايع بالمعاطاة من غير لفظ اكتفاء بالقرائن واألمارات الدالة
على الرضا.469
وهذا النوع من القرائن تجب فيه الحيطة والحذر وعدم التعويل عليها إال ضمن
القواعد والضوابط المقبولة ،وربما تتغير القرائن القضائية بتغير الظروف املحيطة بها.470
ومنها أيضا وجود سند الدين تحت يد المدين فهو قرينة قضائية ظاهرة على إيفاء الدين ،وعلى
القاض ي أن يستوثق من وجود هذا السند في يد المدين ،وأن يستخلص من ذلك الوجود قرينة
على الوفاء.471
قد يظن كثير من الناس أنه ال حاجة إلى القرائن ما دام يمكن أن تقوم مقامها وسائل
اإلثبات األخرى كاليمين مثال ،فإذا لم يستطع المدعي اإلتيان بالبينة ولم يقرالمدعى عليه بالحق
نوجه إليه اليمين ،وتحسم القضية ،ولكن نقول يمكن أن نتصور أن المدعي عجز عن إقامة
البينة على المدعى عليه ،ولم يقرالمدعى عليه بالحق الذي عليه ،والمدعي و اثق من حقه تمام
الثقة ،والمدعى عليه مصرعلى باطله وجحود الحق ،ويتيه طربا ونشوة ويحلف األيمان الكاذبة
وال يخش ى الله تعالى ،فهل نتركه كذلك مع أننا نرى أن كل الدالئل واألمارات والقرائن واضحة
466سورة األنبياء.18/11:
467الطرق الحكمية ص.01:
468جامع األمهات البن الحاجب ت 202:ه/ج /114/1/نشر دار اليمامة للطباعة والنشر ط.1:سنة1021:هـ.2444/
469طرق اإلثبات الشرعية ص.281:
470دور القرائن في االثبات في الشريعة اإلسالمية لألستاذ زياد عبد الحميد محمد أبو الحاج ص24:غزة فلسطين.
471مجلة مجمع الفقه اإلسالمي ص811/12/
تمام الوضوح في داللتها على صدق المدعي في دعواه ،وكذب جاحد الحق فيما جحده ،فهل
نقره على ظلمه وجحوده ونترك الحق يضيع هدرا؟.
الحقيقة الأظن عاقال آتاه الله الفهم واإلدراك يسكت عن مثل هذه القضية ،فضال
عن أن يكون قاضيا وكل الله إليه الفصل بين الناس في الخصومات ورد الحقوق إلى أصحابها
..إضافة إلى ذلك فإننا لو تصفحنا تاريخ القضاة سواء كانوا من الطبقة األولى في الذكاء
والفطنة ،كعلي وعمر وشريح و إياس،أو كانوا من الطبقة الثانية ،رأينا أنهم ال يمكن أن يتركوا
مثل هذه القضية تمر دون أن يتلمسوا أما رات الحق والعدل ،فمتى ظهرت في جانب معين
حكموا بها ،ولم يلتفتوا إلى ما عداها ولو كانت شهادة شهود أو إقرار فال يدعون هؤالء على
باطلهم بل يلجأون إلى شتى الطرق والوسائل لإليقاع بهم والوصول إلى الحقيقة ،إما عن طريق
االتهام أو التهديد أو الترغيب حتى يرد الحق إلى صاحبه ،وهذا المنحى منهم رض ي الله عنهم يؤكد
أن اليمين حتى الشهادة أو اإلقرار ال تغني أحيانا في الوصول إلى الحقيقة ،لكثرة ما يبادر إلى
األيمان الباطلة وأكل أموال الناس بالباطل وهضم حقوقهم ،وما يرد على الشهادة من تزوير ،
وعلى اإلقرارمن تدليس أو مالبسات.
فالقرائن إذا ضرورية في القضاء ومفيدة في اإلثبات،كما أنه مما ينبغي التنبيه إليه أن
القرائن المستخلصة من ظاهر الحال ال تعارض األدلة األخرى ألنها استنتاج من القاض ي
يستخلصها لتبرير حكم قد يعوزه الدليل إلثبات الحق472
إن وفرة وسائل التواصل وطفرة التكنولوجيا الحديثة قذفت للحياة المعاصرة مئات
المسائل والق ضايا والمشكالت ،وهي حوادث ومستجدات تحتاج إلى إبداء الرأي اإلسالمي فيها
،ومن تلك المستجدات المعاصرة:
: 3اإلثبات بقرائن الصوت والصورة إن هذا النوع من وسائل اإلثبات لم يكن يعرفه
الفقهاء األقدمون ،والباحث المدقق في هذه المسائل يرى أنه ليس في الشريعة نصوص تمنع
من تنظيم هذه الوسائل العلمية الحديثة
472اإلثبات بالقرائن في الفقه اإلسالمي دراسة مقارنة إلبراهيم بن محمد الفائز .ص .122/121:بتصرف نشر:مكتبة أسامة الرياض.سنة
1042:هـ1812/م.
إذا ما حققت العدالة .473وإن كان بعض العلماء يرى أنه اليجوز اعتبارها وسيلة من
وسائل اإلثبا ت الشرعي بحجة التنصت والتجسس وكشف األسرار واستراق السمع ،وهي أمور
منهي عنها في الشرع.
و الذي يبدو أن هذه األمور منهي عنها في األحوال االعتيادية ،فال يجوز تتبع الناس
والتقاط صورهم ،وتسجيل أصواتهم خلسة ودون علمهم.
لكن إذا دعت الضرورة إلى ذلك وكان صاحب الحق البينة له إال بواسطة هذه الوسائل،
فيجوز في مثل هذه الحاالت التجسس حذرا من فوات ما اليستدرك من انتهاك املحارم وارتكاب
املحظورات . 474وهذا االستثناء أشار إليه العلماء منهم اإلمام الغزالي في اإلحياء قال ":فال ينبغي
أن يسترق السمع على دار غيره ليسمع صوت األوتار ،والأن يستنشق ليدرك رائحة الخمر ،وال
أن يمس ما في ثوبه ليعرف شكل المزمار ،والأن يستخبر من جيرانه ليخبروه بما يجري في داره،
نعم لوأخبره عدالن ابتداء من غيراستخباربأن فالنا يشرب الخمرفي داره ..فله إذ ذاك أن يدخل
داره ،وال يلزم االستئذان ويكون تخطي ملكه بالدخول للتوصل إلى دفع المنكر."475
وقال محمد بن سالم الشنقيطي ":فإن كان ذلك أي التجسس في انتباهات يفوت
استدراكها ،كأن يخبره بمن يثق بصدقه أن رجال خال بامرأة ليزني بها جازالتجسس والبحث".476
فبناء على هذا فإنه ليس في الشريعة ما يمنع على العدالة االستعانة بثمرات التطور
العلمي ،واالستفادة من قرائن التسجيل الصوتي والتصوير في بيان الحقيقة وتتبع الجناة
وإدانتهم ،وليس فيه من انتهاك للحقوق والحريات أكثر مما في القبض والتفتيش ،وال يعد هذا
اإلجراء والتقييد لحرية المتهم نفيا للبراءة األصلية ،ولكنه إجراء وقتي تمليه الضرورة.477
5اإلثبات بقرائن البصمات :أشارالقرآن الكريم إلى معجزة الله تعالى في خلق اإلنسان
وحسن تصويره له ،و أيضا معجزة تسويته لبنانه ،قال سبحانه(:أيحسب االنسان ألن نجمع
473مسائل فقهية معاصرة لعارف علي عارف القره داغي ص. 21:نشرIIUM PRESS.INTNATER :
ATIONAL.ISLAMIC.MALAISYA.الطبعة األول:سنة .2411:ص 111/111:بتصرف.
474مسائل فقهية معاصرة للدكتور علي القره داغي ص.111:
475إحياء علوم الدين للغزالي ت 141:هـ ج .228/2/نشر دار المعرفة بيروت لبنان بدون تاريخ.
476لوامع الدرر في هتك أستار المختصر لمحمد بن محمد بن سالم الشنقيطي ت 1242:هـ/ج.01/2/مراجعة وتصحيح األحاديث
اليدالي بن الحاج أحمد.نشر :دار الرضوان نواكشوط موريطانيا.سنة1222:هـ.
477مسائل فقهية معاصرة لعارف علي عارف القره داغي ص.184:
عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه) .478وقد تعرض بعض المفسرين المعاصرين لعلم
البصمات ودورها في اإلثبات عند تفسيره لهذ اآلية .قال الشيخ محمد علي الصابوني ":وأما ذكره
تعالى البنان وهي رؤوس األصابع لما فيها من غرابة الوضع ودقة الصنع ،ألن الخطوط
والتجاويف الدقيقة التي في أطراف أصابع إنسان التماثلها خطوط أخرى في أصابع شخص آخر،
ولذلك يعتمدون على بصمات األصابع في تحقيق شخصية اإلنسان في هذا العصر ،وثبت علميا
أن بشرة األصابع مغطاة بخطوط دقيقة متناهية منها ما هو على شكل أقواس ،أو عراو أو
دوامات ،وهذه الخطوط اليمكن أن يشابه إنسان فيها آخر ،ولهذا اعتمدتها الدول رسميا
وأصبحت تميزاإلنسان ببصمة اإلبهام فتبارك الله أحسن الخالقين".479
وقال الشيخ عبد الرحمان بن يحيى المعلمي ":اآلية فيها إشارة إلى ما عرف اآلن من أن
ّ
أسرة البنان أي خطوطها متمايزة لها في كل شخص هيئة خاصة ال يشبهه فيها أحد من الناس ،
ولذلك الطبع بها بدال عن اإلمضاء ،ويتوصلون بها إلى معرفة أصحابها من اللصوص واملجرمين
الذين التعلم أشخاصهم ،ولكن يوجد أثرأصابعهم في موضع الجريمة".480
وتتكون بصمات أصابع وراحتا اليدين والقدمين من خطوط بارزة تسمى الخطوط
الحلمية ويفصلها عن بعضها البعض فراغات أخرى منخفضة ،وحين أخذ انطباع البصمة
بالحبراألسود على ورقة بيضاء تنطبع الخطوط بارزة ويبقى الفراغ األبيض ؛ ذلك أن الخطوط
البارزة هي التي تالمس الحبر بينما تبقى الخطوط البيضاء منخفضة وتكون هذه الخطوط
متفاوتة في العدد حسب عمر اإلنسان ،فهي في األطفال حديثي الوالدة حتى سن ثمان سنوات
من ثالثين إلى ست وثالثين خطا ،وفي تسع سنوات إلى اثنتي عشرة سنة تبلغ أربعا وعشرين خطا
وفي سن واحد وعشرين إلى أربعين سنة تبلغ من ست إلى تسع خطوط ثم تأخذ في االنكماش مع
تقدم السن ،ومن هنا نستطيع أن نعرف البصمة لطفل أم لشاب أم لشيخ؟ مما يساعد على
حصرحلقة البحث في نطاق معين.481
والبد من إجراءات الزمة للتعرف على صاحب البصمة وأول هذه اإلجراءات كيفية رفع
البصمات فعندما تقع الجريمة في مكان ما فإن هذا المكان هو الذي يسميه أهل علم البحث
الجنائي " مسرح الجريمة".
كما أن البصمة تحمل الكثير من الصفات المميزة ألصحابها والتي تعتبر مدخال علميا
وفنيا يسهل التعرف على المعني حتى يستطيع الخبير أن يحدد أن هناك جرحا بأحد األصابع أو
إصبعا مبتورا أو زائدا خلقيا ،كما يمكن العثورعلى جنس صاحب البصمة ذكرأو أنثى صغيرأو
كبير ،فوجود هذا األثر في المكان ال يستطيع صاحبه أن ينكره ،فمثال إذا وجدت بصمة الخادم
في المطبخ ،أوالحارس في الباب على خزانة المال فإن هذا األثريعتبرقرينة على مال مسة الخادم
للخزانة.482
إذن فوجود بصمات للمتهم في مكان الجريمة قرينة قضائية على ارتكابه إياها وعلى
القاض ي عند االستدالل بها أن يتحقق من صحتها ومطابقتها لبصمات المتهم ،ومن عدم وجود
مبرر مقبول يشفع لوجودها في مكان العثور عليها ،ثم عليه أن يستشف ما يقوده إلى استنباط
ثبوت جريمة السرقة مثال من هذه الو اقعة الظاهرة أو عدم ثبوتها.483
وهي تجربة ناجحة من خالل عملية مر اقبة وفحص للمسافرين القادمين إلى دولة
اإلمارات ،حيث يقوم موظفو الهجرة بدولة اإلمارات داخل المطارات بإجراء بصمة العين ،
وذلك بأخذ صورة لقزحية العين وعمل مسح لها عبر IRisscon:ثم تسجيلها في أنظمة الحاسوب
وبيان الهجرة في اإلمارات العربية المتحدة.
وقد بدأ العمل بهذا النظام في دولة اإلمارات سنة 5885:وبذلك تعتبر اإلمارات الدولة
السباقة للعمل بنظام بصمات العين والقزحية.
وتعتبر أبو ظبي أول من بدأت العمل بنظام مسح قزحية العين لمر اقبة المسافرين
والو افدين لإلمارات ،عبر إجراء روتيني يتمثل في مسح صورة لقزحية العين بواسطة كاميرات
جدا ومخصصة لهذا الغرض ،تتميزبالدقة والشفافية. متطورة ّ
ويهدف هذا العمل إلى تسجيل كل بيانات المسافرين وإدراجها في نظام الحاسوب حتى
يتسنى لدائرة الهجرة والجوازات في اإلمارات التعرف على هوية الو افد الجديد ،وهل كان
مخالفا لقوانين اإلقامة والتأشيرة ،والتحقق من السجل الجنائي له.
وقد سهل هذا اإلجراء كثيرا من عمل موظفي الهجرة ،حيث أصبح من السهل جدا
التعرف على هوية كل مسافر وسجلة الجنائي ،كما تم بواسطة بصمة العين التحقق من
صاحب التأشيرة في حالة سفره مرة أخرى لدولة اإلمارات.
كما استطاعت الدولة تطوير بياناتها اإللكترونية بخصوص تنظيم الهجرة إليها،
فأصبح من السهل إكشاف المزورين ومن صدر ضدهم قرار الطرد أو الترحيل من داخل
اإلمارات ،أو تعرضوا لعقوبات خاصة باإلقامة الشرعية.484
ومن ذلك ما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:الولد
للفراش" 485قال اإلمام النووي ":أن معنى كون الولد للفراش أنه إذا كان للرجل زوجة أومملوكة
يتسرى بها صارت فرا شا له ،فإن أتت بولد لمدة اإلمكان ـ أي ستة أشهر فأكثر ـ لحقه وصار ولدا
له يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الوالدة سواء أكان مو افقا له في الشبه أم مخالفا.486
وهذه القرينة الشرعية قدمها بعض الباحثين على القرائن العلمية المعاصرة فقال":
اليجوز األخذ بنتيجة الحمض النووي في مجال إثبات النسب المتو افر فيه الفراش ،لوجود
نص شرعي قطعي في مجال الزوجية الصحيحة ،أن الولد للفراش فهو نص في إثبات نسبة الولد
ألبويه ،وال يجوزترك النص والعدول عنه إلى أمرآخرمهما بلغ من القوة اإلثباتية.487
تعتبر فحوصات الدم من أهم الفحوصات التي يعتمد عليه الخبراء في محاوالتهم
للكشف عن غموض القضايا ،فيمكن للطبيب الشرعي االستدالل على سبب الوفاة من خالل
فحوصات الدم ،وتشخيص األمراض مثل نقصان المناعة ،أو فقرالدم ،أو سرطان الدم ،كما
يقوم األطباء من خالل مشاهدات شكل الترسبات ودرجة تعفنها إلى تقديروقت وقوع الجريمة.
وكذلك يمكن لخبراء السموم من خالل تحليل الدم االستدالل على وجود مواد
كحولية ،أو مواد مخدرة ،أو مواد سامة ،فيستدلون بذلك على كيفية وقوع الحادث.488
من خالل هذه المعلومات تتضح أهمية الدم في علم الطب الشرعي والبحث الجنائي ،
وال يوجد في الفقه اإلسالمي ـ والله أعلم ـ ما يمنع من اعتبار التحليالت المعملية للدم أو غيره
قرينة على استجواب المتهم ،ومن هنا يمكن التحقيق معه هل هو الجاني أم ال؟ ولكن اليعول
على التحليالت إليقاع العقاب على المتهم .489فلو ثبت من التحليل المعملي أن الولد ليس ابنا
للزوج فإننا النستطيع أن نقيم على المرأة حد الزنا؛ ألنها ربما أن تكون وطئت بشبهة أو كانت
نائمة مثال ،وكذلك النستطيع أن نقيم حد الخمر على رجل وجد في دمه مواد مسكرة ألنه ربما
شربها مكرها أو مضطرا ،أو جاهال أنها خمر ،وكلها احتماالت واردة ،واالحتمال يورد الشبهة
والحدود تدرأ بالشبهات.490
فالشريعة اإلسالمية لم تبن القضاء على الحجة القطعية والخبر القطعي فقط ؛ ألن
ذلك يؤدي إلى تعطيل مصالح الناس ،وألن القطعية واليقين قلما يتحققان ،لذلك قررت
الشريعة الحكيمة مراعاة لمصالح الناس أن يبنى القضاء على الحجة الظنية بعد أخذت
الحيطة والحذرلذلك بأقص ى ما يستطاع إلى جانب القضاء بالحجة القطعية اليقينية.491
خاتمة.
بناء على ما تقدم يتضح أن القرائن واألمارات ذكرها القرآن الكريم في إثبات التهم أو
نفيها ،واعتمدها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله للفصل بين المتنازعين ،كما اعتمدها
الفقهاء على مختلف مذاهبهم ،وهي وسائل تعين القاض ي على فهم مالبسات القضية ،وقد تكون
ظاهرة وقد تكون خفية ،وال تدرك من خالل اإلحاطة بنصوص القانون ،و إنما تكتسب
بالممارسة والدربة ،والذكاء وحدة الفطنة،وأهميتها بالغة في الوصول إلى الحق ومعرفة الجاني
واملجني عليه،خاصة في عصرنا هذا الذي تطورت فيه وسائل العلم كما تطورت فيه طرق
الجرائم .فكم من جناية ضبط فاعلها من خالل كامرات المنازل أو المتاجر ،وكم من سارق
للسلع كشفته أيضا كامرات األسواق الكبرى.
ومن هنا الينبغي إهمالها ،بل يجب اعتبارها واالستعانة بها ،كما يجب االستئناس
بأحكام القضاة المتقدمين الذين برعوا في القرائن ومعرفة خبايا القضايا من خالل سبرأحوال
الناس وعاداتهم ،فالقاض ي هو طبيب املجتمع والعدل ليس صفة كمالية أو ترفا حضاريا و إنما
هو فريضة ربانية ومطلب بشري عام يتوصل إلى تحقيقه بكل ما يبين الحق من الباطل والجر
والله سبحانه أعلى وأعلم وأعدل وأحكم.
المصادروالمراجع
القرآن الكريم برواية اإلمام ورش عن اإلمام نافع نسخة مؤسسة محمد السادس لنشر
المصحف الشريف بمدينة املحمدية المملكة المغربية ط5835./5:
3التعريفات لعلي بن محمد الجرجاني .نشر :دارالكتاب العربي بيروت .ط 3280/3:هـ..
آثار الشيخ عبد الرحمان بن يحي المعلمي .نشر:دار عالم الفوائد ط /3:سنة3212: 5
هـ..
اإلثبات بالقرائن في الفقه اإلسالمي دراسة مقارنة إلبراهيم بن محمد الفائز 1
2الجامع ألحكام القرآن ألبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي األنصاري ت 303:هـ
المملكة الرياض الكتب نشر:دار عالم البخاري.. سمير هشام تحقيق
العربيةالسعودية.ط.5881/3251:
0أحكام القرآن للحافظ ابن العربي ت.021:نشر :المكتبة العصرية بيروت .سنة5835.:
3أحكام القرآن ألحمد بن علي أبي بكر الرازي الجصاص ت .10:تحقيق عبد السالم
محمد علي شاهين .نشر:دارالكتب العلمية بيروت لبنان ط 3230/3:هـ 3002/م.
إحياء علوم الدين للغزالي ت 080:هـ .نشردارالمعرفة بيروت لبنان بدون تاريخ. 0
الطرق الحكمية البن القيم الجوزية ت003:هـ بعناية هيثم خليفة الطعيمي . 0
0الفروع ألبي عبد الله شمس الدين المقدس ي ت 031:هـ /تحقيق عبد الله بن عبد
املحسن التركي .نشرمؤسسة الرسالة ط 3252/3:هـ.5881/
33السنن ألبي عيس ى محمد الترمذي تحقيق أحمد محمد شاكر.نشر:دارإحياء التراث
العربي بيروت لبنان.
32بداية املجتهد ونهاية المقتصد كتاب الشفعة نشر دارالكتب العلمية سنة5880.:
30تاريخ بغداد للحافظ أبي بكر الخطيب البغدادي ت 231:ه.دراسة وتحقيق عبد
القادرعطا نشردارالكتب العلمية.
33تبصرة الحكام في أصول األقضية ومناهج األحكام إلبراهيم بن علي بن محمد بن
فرحون ت 000:هـ /نشر :مكبة الكليات األزهرية .ط /3:سنة3283:هـ3003/م.
30جامع األمهات البن الحاجب ت 323:ه .نشر دار اليمامة للطباعة والنشر
ط.3:سنة3253:هـ.5888/
30دور القرائن في اإلثبات في الشريعة اإلسالمة لألستاذ زياد عبد الحميد محمد أبو
الحاج غزة فلسطين.
30طرق اإلثبات الشرعية للشيخ أحمد إبراهيم بك وواصل عالء الدين .نشر:المكتبة
األزهرية للتراث ط5881. .2:
لسان العرب ألبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور اإلفريقي المصري
.نشرأدب الحوزة قم .إيران سنة 3280هـ.
محا ضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء للحسين بن محمد المعروف بالراغب
األصفهاني ت 085:هـ .نشر :شركة داراألرقم بن أبي األرقم بيروت لبنان ط/3:سنة3258:هـ.
52مسائل فقهية معاصرة لعارف علي عارف القره داغي .نشرIIUM :
PRESS.INTNATER ATIONAL.ISLAMIC.MALAISYA.الطبعة األول:سنة.5833:
50صفوة التفاسيرللشيخ محمد علي الصابوني .نشر :دار الصابوني للطباعة والنشر
القاهرة مصر.ط /3:سنة3000./3230:
50السنن الكبرى ألبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي نشر :مجلس دائرة المعارف
النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدرآبادالطبعة :الطبعة :األولى ـ 3122هـ .تحقيق عالء الدين
علي بن عثمان المارديني الشهيربابن التركماني..
18شرح صحيح مسلم ألبي زكرياء يحي بن شرف النووي.نشر :دار إحياء التراث
العربي.ط 3105/5:هـ.
13فتح الباري شرح صحيح البخاري ألحمد بن علي بن حجر العسقالني ت005:
هـ..نشر :دارالمعرفة بيروت سنة 3100:هـ. .
لذلك يفضل األستاذ عبد القادر باينة مفهوم الضبط اإلداري الذي يستعمله الفقهاء
في الوطن العربي ويعتبره أقوم على تعبير الشرطة اإلدارية ،التي ال تقتصر على مفهوم السلطة
أو الردع ،بل تؤكد أيضا على التنظيم وضبط النشاط اإلداري والحياة العامة بالبالد وتوجيه
نشاط المواطنين في نطاق الصالح العام يعني في إطار الحفاظ على النظام العام493.
ففي الوقت الذي كانت أغراض سلطة الضبط اإلداري مقتصرة على إشاعة األمن
العام والصحة العامة والحفاظ على السكينة العامة وراحة عموم الناس ،شهدت نظم الحياة
االجتماعية واالقتصادية والسياسية تطورات كبيرة مما استوجب تدخل الدولة الفاعل،
لتنظيم حريات األفراد التي بدورها تعددت مناحي نشاطاتها وتنوعت أشكالها ،لهذا فإن تدخل
-492عدنان الزنكة ،سلطة الضبط اإلداري في المحافظة على جمال المدن وروائها منشورات الحلبي الحقوقية بيروت
لبنان ،طبعة أولى 2011،ص.21
-493عبد القادر باينة ،أشكال النشاط اإلداري منشورات زاوية للفن والثقافة ،طبعة ، 2006ص. 57
سلطة الضبط اإلداري لتحقيق مصالح املجتمع العليا والمتمثلة في الحفاظ على النظام العام
أصبح ضرورة ال مناص منها .
إن الضبط اإلداري والشرطة اإلدارية أو البوليس اإلداري هو نشاط ومظهر من مظاهر
عمل اإلدارة تهدف من خالله الحفاظ على النظام العام أو إعادته لنصابه عند اختالله من
خالل الوسائل واألساليب المقررة لها قانونا ،ويقتض ي ذلك منحها اإلدارة العديد من
االمتيازات الالزمة لتحقيق الغاية المذكورة ،إال أن تلك االمتيازات ال يمكن أن تكون غاية بحد
ذاتها ،بقدر ما هي وسائل يمكن لسلطة الضبط اإلداري من خاللها أن تقوم بأداء مهامها
بفاعلية ونشاط .
غير أنه وبسبب االرتباط المباشر النشاط الضبط اإلداري بحقوق األفراد وحرياتهم
العامة ،فإن ذلك يمكن أن يرتب أثره تجاه سلطة الضبط اإلداري بحيث ال يمكن أن تكون لها
حرية مطلقة عند أداء مهامها ،دون حدود و قيود بل يجب عليها التقيد بإجراء الموازنة بين
متطلبات املحافظة على النظام العام كونه يمثل غاية الضبط اإلداري من جهة واحترام حقوق
األفراد وحرياتهم العامة من جهة أخرى حتى وان تطلب ذلك تنظيمها لممارسة األفراد لتلك
الحريات تفاديا للتهديد الحاصل بالنظام العام .
وحيث أن فكرة النظام العام ،فكرة مرنة ونسبية ومتغيرة من زمان ألخر ومن مكان
اآلخر ،بحيث ال يمكن تحديد ماهيتها ضمن مفهوم محدد سلفا في النصوص القانونية أو
األحكام القضائية ،فإنه قد يفسح املجال أمام سلطة الضبط اإلداري في التعسف بالسلطة
الممنوحة لها لفرض املحافظة على النظام العام ،بشكل قد يرتب آثاره السلبية تجاه حقوق
األفراد وحرياتهم العامة ،من خالل المساس بها أو تقييدها دون مبرر قانوني خاصة وان عناصر
النظام العام لم تعد قاصرة على العناصر التقليدية لها والمتمثلة باألمن العام والصحة العامة
والسكينة العامة بل أصبحت شاملة في الوقت الحاضر لعناصر أخرى ،كالنظام العام
المعنوي (األخالق العامة) والنظام العام البيئي (جمال الرونق والرواء) والنظام
العام االقتصادي494 .
-494حبيب إبراهيم حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،دراسة مقارنة ،م م ،ص9
وفي هذا الصدد ،فإننا سنتطرق في هذا المقال لتأصيل فكرة الضبط اإلداري من خالل
التطرق لطبيعة الضبط اإلداري في المطلب األول و انواعه وعالقته ببعض األنظمة المشابهة
له في المطلب الثاني ثم اهدافه في المطلب الثالث.
إن الضبط اإلداري إحدى الدعامات الرئيسية التي تقوم عليها وظيفة اإلدارة العامة
التي تعمل على إشباع حاجات األفراد بتقديم أفضل الخدمات لهم.
والسلطات العمومية هي المكلفة بالحفاظ على النظام العام وكل دولة ال تستطيع
الحفاظ عليه فال يمكن أن تعتبر دولة قادرة على القيام بمسؤولياتها من اجل حماية مواطنيها
وسالمة الدولة نفسها .
لما كانت سلطة الضبط اإلداري تطال مجاالت شتى ،فقد تباينت آراء فقهاء القانون في
تناولهم لطبيعتها ،إذ رأى قسم منهم أنها سلطة قانونية محايدة (الفقرة االولى) في حين عدها
آخرون سلطة ذات طبيعة سياسية (الفقرة الثانية) بينما أكد رأي آخر على الطبيعة المزدوجة
لسلطة الضبط اإلداري (الفقرة الثالثة).
يری جانب من الفقه بان سلطة الضبط هي سلطة قانونية محايدة ،تمارس في حدود
القانون وتخضع لرقابة القضاء للتأكد من مشروعية عمل الضبط ،ويقصد بالحيادية في هذا
الخصوص" أن تـنصرف وظيفة الضبط اإلداري إلى غاية األوضاع الرتيبة لحياة املجتمع من أي
ى"495. خلل ضمن إطار يباشر فيه األفراد حرياتهم حتى إلرساء استخدامها وتسود الفوض
ويمثل هذا االتجاه في الفقه الفرنس ي الفقيه) ، (ber nardوالذي ينكر وجود نظام عام
سياس ي مستقل يكون مبررا لوجود سلطة ضبط سياسية ،على اعتبار أن هناك فروقا جوهرية
بين السلطتين اإلدارية والسياسية ،وأن السلطة اإلدارية كقاعدة عامة البد من أن تكون بمنأى
عن المؤثرات السياسية داخل الدولة األمر الذي يترتب عليه عدم ارتباط النظام العام بالنظام
السياس ي ،ومتى حصل ذلك فإنه يؤدي إلى انتفاء الصفة القانونية عن فكرة النظام العام التي
-495حبيب إبراهيم حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،دراسة مقارنة ،م م ،ص9
تمثل غاية الضبط اإلداري ،ومن أنصار هذا االتجاه الفقيه ) (ULmanوالذي أكد على الطبيعة
القانونية املحايدة للضبط اإلداري ،إال أنها ،حسب هذا الرأي ،قد تتحول إلى طبيعة سياسية
متى ما حصل انحراف باستعمالها من قبل األشخاص القائمين بها.
أما في الفقه العربي فقد ذهب ذ .محمود سعد الدين الشريف إلى إيضاح الطبيعة
القانونية املحايدة للضبط اإلداري من خالل تمديد الخصائص المميزة لهذه الفكرة ،كونها
ضرورية ،كما تصنف بكونها حيادية ،إضافة إلى خضوع وظيفة الضبط اإلداري لسيادة
القانون ورقابة القضاء اإلداري ،كونها تمثل نشاطا إداريا يستمد شرعيته من النصوص
الدستورية والتشريعية ،وأخيرا ما تتميز به هذه الوظيفة هو اعتمادها على وسيلة السلطة
العامة في املحافظة على النظام العام .
اتجه جانب من الفقه اإلداري إلى المناداة بالطبيعة السياسية للضبط اإلداري ويمثل
هذا االتجاه الفقيه باسكو ) (pascoفي الفقه الفرنس ي و د .محمد عصفور في الفقه العربي،
حيث يؤكد أصحابه بأن طبيعة الضبط اإلداري في الجوهر ما هو إال فكرة سياسية بحتة
ويتمثل بمظهرين في وقت واحد ،هما المظهر الخارجي الظاهر للعيان ويتجلى بتحقيق األمن في
الشوارع ،والمظهر الداخلي المتمثل باألمن الذي يمكن أن تشعر به سلطة الحكم .
لذلك فإنه إذا كان هنالك حدا ال يختلف من مجتمع ألخر ضمن نطاق النظام
العام والمتمثل في تحقيق األمن العام والصحة العامة والسكينة العامة ،فإن هناك حدا آخر
يختلف بين املجتمعات ويتعلق بحماية النظام السياس ي في الدولة ،ويبرز ذلك بصورة واضحة
في الرقابة القضائية على سلطات اإلدارة في مجال الضبط اإلداري والقيود التي تفرض على
الحريات العامة بإدعاء حماية النظام العام ،رغم أنها تفرض حماية السلطة الحاكمة في الدولة .
ولغرض تأكيد الطبيعة السياسية للضبط اإلداري فقد ذهب الفقيه باسكو إلى أن
الضبط اإلداري ما هو إال سلطة سياسية لها حق الرقابة والدفاع عن كيان الدولة ،وتملك هذه
السلطة في سبيل تحقيق غايتها ،الحق في إجبار األفراد على احترام نظام الدولة ولو بالقوة .
و انتقد أصحاب هذا االتجاه الرأي القائل بالطبيعة القانونية املحايدة للضبط
اإلداري ،على اعتبار أن ذلك يعد ضربا من الخيال ،وال يمكن أن يوجد إال في املجتمعات
المثالية ،ومن الناحية النظرية حيث أن الو اقع العملي يشيرإلى خالف ذلك ،باعتبار أن الطبقة
الحاكمة هي التي تفرض النظام الذي يمكن لها من خالله البقاء في السلطة ألطول فترة ممكنة،
وقد تعرض هذا الرأي العديد من االنتقادات :
اوال :إغفاله جانبا هاما من النشاط الضبطي وهو الضبط اإلداري بالمعنى الضيق.
ثانيا :يترتب عليه التوسع في نظرية أعمال السيادة وهو أمر غير مستحب ،ألنه يؤدي
إلى عدم خضوع أعمال الضبط لرقابة القضاء اإلداري.
ثالثا:إنه يضفي على السلطة التنفيذية نوعين من الوالية ،إحداهما تنفيذ القوانين
واألخرى ذات طابع سياس ي وهذا غير متصور عقال .
لغرض التوفيق بين االتجاهين السابقين ،فقد تبنى بعض الفقه اتجاها وسطا يقوم
على االعتداد بالطبيعة المزدوجة للضبط اإلداري كونها ذي طبيعة قانونية محايدة في
الوظائف التقليدية للضبط اإلداري وذي طبيعة سياسية في الوظائف ذات الطابع السياس ي.
ويربط أصحاب هذا الرأي بين طبيعة الضبط اإلداري من جهة وغايتها من جهة أخرى،
حيث أن وظيفة الضبط اإلداري في كافة الدول ،ديمقراطة كانت أو ديكتاتورية ،إنما تهدف إلى
ممارسة األفراد لحرياتهم العامة ،والحيلولة دون إساءة استعمالها بشكل ال تكون معه مضرة
بحريات اآلخرين ،األمر الذي يتطلب اتخاذ اإلجراءات المانعة الرتكاب الجرائم الجنائية،
والعمل على حماية النظام العام بعناصره التقليدية من امن عام وصحة عامة وسكينة عامة .
وتكتنف هذه الوظيفة طبيعة قانونية حيادية وفق مبادئ الحياد الوظيفي دون أية
شبهة سياسية ،وهذا بخالف ما هو عليه الحال عندما يكون الغرض من ممارسة الضبط
اإلداري الوظيفة سياسية أو لغرض منع ارتكاب جرائم سياسة ،وهي التي تنصب عادة على أمن
الدولة أو تتعلق بنظامها السياس ي إذ يعمد النظام السياس ي عادة على إصدار العديد من
القوانين التي تحقق له الطمأنينة السياسية وعندها فال يمكن القول بغير الطبيعة السياسية
الضبط اإلداري .
وبالعودة إلى سلطات الدولة التقليدية نجد تو افر هذه المقومات فيها ،فقد اعترف بها
الدستور ،ولها من الهيئات ما تستطيع تنفيذ ما يلقى على كاهلها من مهام وواجبات ،بال تدخل
سلطة أخرى والسيما في األنظمة الديمقراطية .
وإذا اتفقت سلطات الدولة التقليدية في هذه األمور المشتركة فإنها تختلف فيما تنفرد
به كل منها الختالف طبيعة النشاط الذي تمارسه .
وحسب رأي الدكتور عدنان الزنكة ،فإن سلطة الضبط اإلداري ال تتو افر فيها
المقومات لكي تعد سلطة مستقلة في الدولة أسوة بالسلطات الثالث األخرى ،زد على ذلك ال
يمكن إضافتها إلى السلطات التقليدية (التشريعية والتنفيذية والقضائية) كسلطة رابعة وما
تصدر عنها من إجراءات أو قرارات تهدف إلى حماية النظام العام ،إن هي إال استثناء على مواد
الدستور أو مخالفتها له لدى ممارسة اختصاصاتها ،لذا ال يمكن عدها سلطة مستقلة من
سلطات الدولة بل هي جزء من السلطة التنفيذية496.
إذا كان تعريف الضبط اإلداري لم يلق اتفاقا حاسما بين أقطاب الفقه اإلداري ،وكذلك
طبيعته القانونية لم تكن أفضل حاال ،حيث احتدم الخالف فقهيا بصدد تحديدها ،كذلك
يتداخل مفهوم الضبط اإلداري ببعض المفاهيم األخرى ،سيما إذا كانت أهدافها متقاربة أو
يكمل بعضها البعض اآلخر أو تصب كلها في اتجاه واحد ،حيث يخش ى أن يؤدي ذلك التداخل،
إلى سوء فهم أو تفسير لمضمونها أو حمله على غير محمله.
لذلك سنتطرق لتمييز الضبط اإلداري عن بعض األنظمة المشابهة له ،من خالل
التمييز بين الضبط اإلداري والضبط التشريعي في الفقرة االولى ،والتمييز بين الضبط اإلداري
والضبط القضائي في الفقرة الثانية ،والتمييز بين الشرطة اإلدارية والمرفق العام في الفقرة
الثالثة .
-496عدنان الزنكة ،سلطة الضبط اإلداري في المحافظة على جمال المدن وروائها ،م .س ،ص. 35 - 36.،
سنتناول في هذه الفقرة الفرق بين الضبط اإلداري والضبط التشريعي وذلك
وفقا للمعيار الشكلي اوال ثم المعيار الموضوعي ثانيا.
يمارس الضبط اإلداري من طرف السلطة اإلدارية التي تنتمي إلى السلطة التنفيذية
وذلك من خالل وضع القيود والضوابط على ممارسة الحريات الفردية ألجل حماية النظام
العام ،أما الضبط التشريعي فتمارسه السلطة التشريعية وذلك بإصدار القوانين التي تنظم
الحريات الفردية التي كفلها الدستور لألفراد فهو يشمل القوانين والتشريعات التي تحدد نطاق
مباشرة الحريات الفردية التي نص عليها الدستور ،لكن األصل العام ال يحرم السلطة التنفيذية
من استخدام سلطتها المستقلة في فرض قيود أخرى على حريات األفراد طالما أنها ضرورية
لحماية النظام العام في املجتمع وهو ما أدى إلى إدخال لوائح الضبط في إصدار اللوائح
المستقلة497.
إن الضبط اإلداري يقصد به مختلف التدابير واألعمال اإلدارية التي ترمي للحفاظ على
النظام العام ،وبهذا فإن المهمة الوقائية للضبط اإلداري تتمثل في الحفاظ على النظام العام
وذلك بالوقاية من حدوث الجرائم وغيرها من األفعال التي تهدد األمن العام أو السكينة العامة
أو الصحة العامة في املجتمع .
أما الضبط التشريعي يشمل القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية والتي تحدد
وتضبط وتبين كيفيات ممارسة الحريات الواردة في الدستور ذلك أن معظم تلك الحريات
تقتض ي سن قوانين متعلقة بها.
يقصد بالضبط القضائي اإلجراءات التي تتخذها السلطة الضبطية في التحري عن
الجرائم بعد حدوثها في سبيل القبض على مرتكبي هذه الجرائم وجمع األدلة الالزمة للتحقيق
-497بن ساسي بن الزين ،عناصر الضبط اإلداري ،مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات شهادة ليسانس أكاديمي،
مرباح،الجزائر،السنة قاصدي العام،جامعة قانون التخصص السياسية والعلوم الحقوق كلية
الجامعية 2014/2013 ،ص .16
و إقامة الدعوى ملحاكمة المتهمين و إنزال العقوبة على من تثبت إدانته ،498ونوضح فيما يلي
أهمية التمييزبين الضبط االداري و الضبط القضائي اوال ،ومعايير التمييزبينهما ثانيا .
إن التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي يظهر في مجالين األول
مجال االختصاص والثاني في مجال المسؤولية .
إن نشاط الضبط اإلداري يتصل بالسلطة التنفيذية أما الضبط القضائي فيتعلق
بممارسة والية السلطة القضائية ،وعليه فإن أعمال الضبط القضائي أعمال قضائية وتدخل
المنازعات المتعلقة بها في اختصاص القضاء العادي وال يقبل الطعن باإللغاء أو إيقاف
التنفيذ ،أما أعمال الضبط العادي فتعتبر قرارات إدارية يدخل الطعن فيها باإللغاء
وبالتعويض و هي من اختصاص القضاء اإلداري.
إن أعمال الضبط اإلداري تعتبر قرارات إدارية وتسأل فيها الدولة أسوة بالقرارات
اإلدارية عموما ،أما بالنسبة ألعمال الضبط القضائي فقد اختلف الوضع بشأنها ،ففي فرنسا
ظل القضاء الفرنس ي فترة طويلة متمسكا بمبدأ عدم مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط
القضائي باعتبارها داخلة ضمن أعمال السلطة القضائية ،إال أن التعديل الذي أدخله المشرع
الفرنس ي على قانون المر افعات بموجب قانون 5يوليو 1972أشار في مادته 11إلى مسؤولية
الدولة عن األخطاء التي يقع فيها مرفق القضاء في حالتين هما ،حالة الخطأ الجسيم وحالة إنكار
العدالة .
في مصر ،فإن القضاء المصري بالرغم من إضفاء صفة األعمال القضائية على أعمال
الضبطية القضائية ،إال أنه قد اتجه منذ البداية إلى تقرير مسؤولية الدولة عنها 499وفي المغرب
وحسب المادة 122من الدستور فهي تنص على حق" كل متضرر عن خطأ قضائي الحصول
-498دايم عبد السالم ،النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه دولة في القانون
العام ،جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان كلية الحقوق الجزائر السنة 2004/2003ص52 ،
-499دايم بلقاسم ،النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة م .س ،ص54،
على تعويض تتحمله الدولة " فإن األعمال القضائية أصبحت شأنها شأن األعمال اإلدارية من
حيث إمكانية انعقاد مسؤولية الدولة عن وقوع خطأ من المرفق الصادر عن العمل".500
إن إيجاد معيار للتمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي أمر بالغ الدقة
والصعوبة ،نظرا للتداخل الموجود بينهما والذي بيناه من قبل لذلك نجد الفقه في هذا
املجال ما يقدم عدة معايير للتمييز بينهما.
-3المعيار الشكلي
يقوم هذا المعيار على أساس الفصل بين السلطات حيث ينظر للعمل من حيث
الجهة التي أصدرته ،فيكون عمال إداريا إذا صدر عن السلطة اإلدارية ويكون قضائيا إذا صدر
عن السلطة القضائية ،إذ أن الضبط اإلداري يتصل في عملياته وإجراءاته بالسلطة التنفيذية
أو اإلدارية ومن ثم تخضع إجراءاته للقضاء اإلداري أما إجراءات الضبط القضائي فيختص بها
القضاء العادي أو العدلي.501
غير أن التمييز بين الضبط اإلداري والضبط القضائي على النحو المذكور ال ينفي
وجود تداخل بينهما خصوصا عندما يتم إسناد هما لنفس الشخص ،فالعمال والباشوات
والقواد مثال يقومون في نفس الوقت بمهام الضبط اإلداري بصفتهم ممثلين للسلطة اإلدارية
المركزية ،ويسهرون على تطبيق القوانين والحفاظ على النظام العام ويمارسون مهام الضبط
القضائي استنادا على مقتضيات قانون المسطرة الجنائية ،نفس الش يء بالنسبة لرجال األمن
والدرك والسير على الطرقات ،كما يمارسون مهام الضبط القضائي عندما يقومون بالتحقيق
والبحث والقبض على الجناة .502
-500حسن صحيب ،تطور دعوى التعويض اإلدارية في القضاء اإلداري المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة في القضاء
اإلداري المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية REMARD ،ص 30 ،و 31
-501حسام مرسي ،سلطة اإلدارة في مجال الضبط اإلداري ،دراسة مقارنة في القانون الوضعي و الفقه اإلسالمي،
توزيع منشأة المعرف باإلسكندرية مصر ، 2010ص. 129 ،
-502أحمد أجعون ،النشاط اإلداري وظائف اإلدارة وسائل اإلدارة .مطبعة سجلماسة مكناس طبعة، 2016/2015 ،
ص. 6،
تتميز الشرطة اإلدارية عن الشرطة القضائية بطابعها الوقائي حيث تهدف إلى منع
االضطرابات في النظام العام ،سواء من خالل األفعال المادية ،مثل هدم مبنى غير صحي أو
نشر قوات الشرطة في شوارع التجمعات السكنية أو عن طريق تنفيذ أحكام األنظمة القانونية،
أو بسن تدبير فردي ،مثل منح تصريح إقامة لمواطن أجنبي بخالف الشرطة القضائية فتتميز
بكونها نشاط قمعي تهدف إلى التعرف على مرتكبي الجرائم والبحث عنهم والقبض عليهم.503
حسب المعيار المادي ،يعتبر العمل ضبطا قضائيا إذا كان العمل الذي يقوم به
الموظف املختص يدخل في نطاق البحث والتحري واالستدالل عن جريمة معينة بقصد
القبض على مرتكبيها وتقديمهم للعدالة وتوقيع العقوبات عليهم ،ويعتبر العمل ضبطا إداريا إذا
كان العمل الذي يقوم به الموظف املختص يدخل في نطاق المر اقبة واإلشراف العام بغية
املحافظة على النظام العام .
وقد اعتمد مجلس الدولة الفرنس ي في هذا الخصوص على المعيار الموضوعي ،وذلك
بالنظر إلى طبيعة وموضوع اإلجراء الضبطي ومن ثم إذا كـان اإلجراء الضبطي ،قد اتخذ بصدد
جريمة محددة بقصد جمع االستدالالت أو البحث عن املجرمين والقبض عليهم لتقديمهم إلى
العدالة ،فإن اإلجراء في هذه الحالة يعد من قبيل إجراءات الضبط القضائي ،أما إذا كان
اإلجراء الضبطي ال يواجه جريمة معينة و إنما اتخذه رجل الضبط بقصد حماية النظام العام،
فإن اإلجراء في هذه الحالة يعتبر من إجراءات الضبط اإلداري .
ومن أحكام مجلس الدولة الفرنس ي التي أخذت بهذا المعيار حكمه الصادر في 11
مايو 1951في قضية » « BAUDثم الحكم الصادر ف ـ ـي 24يونيو 1960في
قضية .504 FRAMPAR
رغم هذه المعايير السابق ذكرها ،لم تزدد محاولة التمييز بين الشرطتين إال تشعبا كما
تعددت اآلراء واالتجاهات بخصوصها ،وفي هذا السياق حاول البعض البحث ع ـ ـن عناصر
503
--la police administrative, par Eric Guér. www.wiriterritorial.cnfpt.fr/xwiki/bin Vu a
10/3/2018, 22:14h .
-504دايم بلقاسم ،النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة ،م .س ،ص. 334.،
التمييز بينهما من خالل اعتماد عنصر من العناصر التي تبدو في نظره وجيهة .من بين هذه
العناصرنجد :
يستعمل اصطالح المرفق العام للداللة على معنيين :أحدهما عضوي واآلخر مادي،
فالمعنى العضوي يطلق على الهيئة العامة التي تمارس النشاط ذو النفع العام ،ومن أمثلة ذلك
الجامعات والمستشفيات والوزارات بمختلف أنواعها بصفة عامة أما المعنى المادي فيطلق
على النشاط أو العمل الذي يمارسه المرفق تحقيقا للمصلحة العامة ،ومن أمثلة المر افق
العامة المادية حماية الصحة وصيانة األمن وتحقيق العدالة ..الخ ،وكافة الخدمات التي
تقدمها الحكومة للجمهور505 .
أجمع معظم الباحثين على ضرورة التمييز بين الشرطة اإلدارية والمرفق العمومي داخل
الوظيفة اإلدارية ،حيث اعتبر مارسيل واكين بان الشرطة اإلدارية و المرفق العمومي مختلفين
للتدخل مختلفين ومتناقضين فيما بينهما ،ومن جهته اعتبر العميد فيديل بأن التعارض يتجلى
-505مليكة الصروخ ،القانون اإلداري دراسة مقارنة التنظيم اإلداري ،النشاط اإلداري أسلوب اإلدارة وامتيازاتها رقابة
القضاء على أعمال اإلدارة ،مطبعة النجاح الجديدة -الدار البيضاء ،الطبعة السابعة ، 1431-2010ص334 ،
في كون أن النمط العادي للشرطة هو إصدار األوامر بينما النمط العادي للمرفق العمومي هو
إرساء الخدمات معترفا بأن هذا التعارض يبقى نسبيا.506
إن األخذ بفكرة المرفق العام يتعارض مع النشاط الفردي ،فحيث ما يوجد مرفق
عام يصبح هذا النشاط محكوما بصفة جزئية أو كلية بالقانون العام القانون اإلداري
وبالعكس فإن تدخل الشرطة اإلدارية ينصب على النشاط الذي يمارسه األفراد والذي يعتبر
بطبيعة الحال نشاطا خاصا ،وهذا يبرز الخالف ما بين الشرطة اإلدارية من جهة والمرفق العام
من جهة ثانية على اعتبار أن كال منهما يتجه إلى أسلوب يختلف عن األسلوب األخر .
فعندما تتدخل اإلدارة عن طريق اتخاذ تدابير شرطية تفرض قيودا على حريات األفراد
ونشاطهم بهدف حماية النظام العام ،فهذا أسلوب الشرطة اإلدارية أما عندما تتدخل مباشرة
إلشباع حاجيات المواطنين إما بنفسها أو عن طريق الغير وتقديم خدمات لهم سواء كانت
مجانا أو بمقابل نظرا لعجز األفراد عن إشباعها بأنفسهم أو لعدم توفرهم على اإلمكانيات
المالية أو الفنية أو لعزوفهم عن القيام بها ألنها ال تدر ربحا أو غير ذلك من األسباب فإن هذا
هو أسلوب المرفق العمومي .507
بناء على هذا التمييز يتضح أن الفرق بين الشرطة اإلدارية والمرفق العمومي يكمن في
أن األولى تدخلها سلبي ،وأداتها األساسية هي وضع التنظيمات التي هي عبارة عن أوامر أو نواهي
بينما الثاني وهو المرفق العام تدخله يتميز باإليجابية أي تقديم خدمات معينة للمواطنين .
وهنا يثور التساؤل عن خطوط التماس بين الشرطة اإلدارية والمرفق العام؟
والجواب عن ذلك هو أنه يوجد بهذا الصدد مذهبان في تكييف العالقة بينهما يختلف
كل منهما عن األخر وهما مذهب الوحدة ،ومذهب االزدواجية .
فمذهب الوحدة ،يعتبر أنصاره أن فكرة المرفق العمومي ،هي أساس القانون اإلداري
ومعيار تطبيقه ،لذا يقول العميد دوكي ،أن نشاط الضبط اإلداري هو في جوهره مرفق عمومي،
وقد برر توجهه هذا بكون السعي نحو تحقيق المصلحة العامة هو الهدف الذي ينبغي الوصول
506
-Mohamed Amine BN Abdallah, la police administrative dans le système juridique
marocain, Publications APREJ collection de droit public, 1987, p : 75.
-507عبد العزيز أشرقي ،الشرطة اإلدارية الممارسون له ،والنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بها ،توزيع الشركة
المغربية لتوزيع الكتاب الدار البيضاء الطبعة األولى ، : 2006/1427ص48 ،
إليه ،وبرأيه فإن كال من الشرطة اإلدارية والمرفق العمومي يسعيان إلى تحقيق المصلحة
العامة ،إذ هما ش يء واحد.
أما مذهب االزدواجية فإن أنصاره يضعون التمييز بين الشرطة اإلدارية والمرفق
العمومي من ناحية وجود تعارض نسبي بين ما اإلجراءات التي يمارس بها كل منهما نشاطه.
إن التمييز بين المرفق العام والشرطة اإلدارية من الصعوبة بمكان في نظر بعض
الباحثين ،وكل اآلراء التي قيلت حول موضوع العالقة بينهما رغم جديتها وعمقها لم تحسم في
الموضوع ،وكل ما وصلت إليه هو تقديم محاولة للتذليل على تحديد مهمة الشرطة اإلدارية
تجاه المرفق العامة ،508وبناء عليه فإنه من الصعوبة بمكان الجزم بأن هنالك حدا فاصال بين
المرفق العام والشرطة اإلدارية يمكن الركون إليها وأن التمييز بينهما على كل ما هنالك آراء
أطلقها بعض الفقهاء القانون اإلداري محاولين إيجاد صيغة مقبولة تختلف باختالف النظر
إلى كل من المرفق العام والشرطة اإلدارية يمكن الركون إليها لتقريب وجهات النظر بخصوص
التمييز بين المدلولين .ويمكن تلخيص وجهات النظر تلك فيما يلي :
الشرطة اإلدارية تشكل في نظر البعض مرفقا عاما في مدلول إطالق المصالح اإلدارية
للدولة ،والتي تعتبر كل ـها مؤسسات تابعة لها ،كيف ـ ـما كانت المسميات التي تطلق
عليها كمصلحة األشغال البلدية ،المكتب الصحي البلدي ،مصلحة النظافة 509وجمع النفايات،
مصلحة الرقابة المدنية ..الخ ،من هذا المنظور فإن الدولة تتكون من عدد من المصالح كل
واحدة تعمل في ميدان معين ومنها جميعها تتفرع المر افق العمومية .
انطالقا من هذا التوجه ،فإن الشرطة اإلدارية مثلها مثل المرفق العام تتحول إلى
النظام العام ،وهي بهذا تلتقي مع المرفق العام الذي يتمظهر أيضا كمؤسسة من مؤسسات
الدولة يقدم خدماته للمواطنين ،وبناء عليه فإن الشرطة اإلدارية حسب هذا المفهوم مشابهة
للمرفق العام من الوجهة التنظيمية المؤسساتية .
-508عبد العزيز أشرقي ،الشرطة اإلدارية ،الممارسون لها ،والنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بها ،م .س،
ص.51. ،
-509عبد العزيز أشرقي ،الشرطة اإلدارية والممارسون لها والنصوص القانونية و التنظيمية المتعلقة بها ،م .س،
ص.52
الشرطة اإلدارية تؤدي نفس الغرض الذي يؤديه المرفق العام ،بمعنى المصلحة
العامة إذ ال ننس ى أن تعريف المرفق العام بصفة عامة ،هو نشاط يرمي لخدمة الصالح العام
دون الخوض في تحديد أسلوب إرضاء تلك الحاجيات.
من جهة أخرى يعتقد البعض أنه من غير الممكن بناء على هذا التصور القول أن
الشرطة اإلدارية مرفق عام إذا ما اعتبرنا تعريف هذا األخير والذي يوصف بالخدماتي أي أنه
عمل إيجابي ،بينما يمتاز نشاط الشرطة اإلدارية بالتقنين وهو بطبيعة الحال عمل سلبي أو
بعبارة أخرى إن تدخلها بطبيعته تدبير .يحد من نشاط األفراد .
وهذا العمل السلبي الذي تقوم به الشرطة اإلدارية والمقيد لنشاط األفراد هو نفسه
الفضاء الطبيعي الذي يمارس في إطاره المرفق العام نشاطه حسب التنظيمات المعمول بها
المقننة لمزاولة أي نشاط خاص.510
إال أنه ورغم ما ذكر فإن الفرق ما بين المرفق العمومي والشرطة اإلدارية يمكن التوصل
إليه حسب رأي األستاذ محمد األعرج استنادا إلى القاعدة التي تؤكد بأن المرفق العام يمكنه
اللجوء إلى تقنية العقود ،في حين أن الشرطة اإلدارية ال يمكن تفويتها إلى األشخاص الخاصة.511
وأخيرا وفي إطار هذه الفقرة ،وجب التمييز بين الشرطة اإلدارية والسلطة التنظيمية
فهذه األخيرة وسيلة قانونية يرتكز عليها عمل الشرطة في حين أن الشرطة اإلدارية عمل من
أعمال اإلدارة.512
تضع السلطات المكلفة بمهام الشرطة اإلدارية قيودا على حريات األفراد وحتى ال يترك
املجال لهذه السلطات لتعصف بهذه الحريات تحت ستار املحافظة على النظام العام ،كان
لزاما تحديد أهدافها وغاياتها .
-510محمد األعرج ،المنازعات اإلدارية والدستورية في تطبيقات القضاء المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،العدد 83سنة ، 2013ص86،
-511محمد األعرج ،المنازعات اإلدارية والدستورية في تطبيقات القضاء المغربي ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،العدد 83سنة ، 2013ص. 86،
-512أمل المرشدي ،تفاصيل قانونية حول سلطات الشرطة اإلدارية الجماعية مقال منشور على الموقع االلكتروني
2022-10-06تاريخ المشاهدة www.Mohamad.net/law:
وعليه فإن سلطات الضبط اإلداري ليست سلطات مطلقة بل مقيدة من جهة ما ورد في
الدستور والنصوص التشريعية والتنظيمية ،ومن جهة أخرى مقيدة بهدف املحافظة على
النظام العام ،وإذا انحرفت سلطات الضبط اإلداري عن تحقيق هذا الهدف اعتبر تصرفها
مشوبا بعيب التجاوز في استعمال السلطة.
وهكذا تخضع سلطات الشرطة اإلدارية لرقابة القضاء اإلداري إلغاء وتعويضا.513
وتعتبر حماية النظام العام بمدلوالته المتعارف عليها ،الهدف األساس ي من وظيفة
الشرطة/اإلدارية فليس لهيئات الشرطة اإلدارية استخدام سلطاتها من أجل تحقيق أهداف
أخرى غير ذلك ،وان تعلق األمر بالمصلحة العامة ألن أهداف الضبط اإلداري هي أهداف
مخصصة ليس لإلدارة أن تخرج عليها ،وذلك باعتبار أن فكرة النظام العام فكرة لصيقة
باملجتمع مما يجعلها تشكل ضرورة حيوية لتدخل سلطة الضبط اإلداري بهدف وقاية املجتمع
وتحقيق أمنه وسكينته ،وبذلك تمثل السند األساس ي والشرعي لتلبية حاجيات املجتمع من
استقرار وسالم كما يخولها سلطة تنظيم نشاط األفراد في املجتمع بما يسمح للجميع من
ممارسة حقوقهم وحرياتهم من جهة والحفاظ على النظام العام من جهة أخرى.514
وقد وجد الفقهاء صعوبة في وضع تعریف جامع ومانع للنظام العام ،ذلك ألن مفهومه
ال يتصف بالثبات ولكونه يتغير بتغير الزمان والمكان بحسب طبيعة النظام السياس ي السائد،
كون فكرة النظام العام فكرة مرنة ومتطورة ،وكل ما يستطيع المشرع أن يفعله هو أن يعرفها
من خالل مضمونها فحسب تاركا املجال للقضاء والفقه لتحديد التصرفات التي تعد مناهضة
للنظام العام .515
وعلى هذا األساس فإن النظام العام ينصرف في مدلوله التقليدي إلى املحافظة على
األمن العام والسكينة العامة والصحة العامة ،ويالحظ على هذا المضمون الضيق لفكرة
-513نجاة خلدون ،العمل اإلداري ،الطبعة األولى ، 2015،الطبع ،دعاية Diaayaحي أشماعو ،ص.042
-514محمد البعدوي ،الشرطة اإلدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ،منشورات
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعة ،العدد ، 102الطبعة الثانية ، 2014ص،
.41
-515أمل المرشدي ،تفاصيل قانونية حول سلطات الشرطة اإلدارية الجماعية مقال منشور على الموقع االلكتروني
2022-10-06تاريخ المشاهدة www.Mohamad.net/law:
النظام العام التقاؤه مع الفكر الليبرالي التقليدي الذي ال يقبل تدخل الدولة إال في أضيق
الحدود .
ولقد ظل القضاء اإلداري الفرنس ي متمسكا بهذا المضمون الضيق لفكرة النظام العام
لمدة طويلة ،إال أنه عدل عن ذلك جراء التغييرات االجتماعية واالقتصادية التي سادت العالم
و أثرت على مفاهيم المذهب الليبرالي نفسه ،فخول اإلدارة التدخل بإجراءات الضبط في
مجاالت أوسع لم يكن يتيحها قصر مضمون النظام العام على العناصر التقليدية الثالثة
المتعارف عليها ،516كحماية األخالق الحميدة واآلداب العامة وجمالية المدينة والكرامة
اإلنسانية .هكذا سنتناول أهداف الضبط اإلداري من خالل التعريف بمدلول فكرة النظام
العام وعناصره في (الفقرة االولى) واألهداف الحديثة المعتبرة من مدلوالت النظام العام
في (الفقرة الثانية).
يهدف الضبط اإلداري أساسا إلى صيانة النظام العام وإعادته إلى نصابه إذا اختل،
وللنظام العام مدلول محدد في هذا املجال يختلف عن مفهومه في مجال القوانين
األخرى سواء كانت تلك القوانين من فروع القانون العام أو القانون الخاص ،517وكما سبق
الذكر اختلف الفقهاء في تحديد مفهوم النظام العام حيث اختلفوا في ماهيته وطبيعته ويرجع
اختالفهم في ذلك لمرونة ونسبية فكرة النظام العام ،حيث يتغير مفهومة باختالف الزمان
والمكان ،اختالفه من دولة ألخرى بل حتى داخل الدولة الواحدة وكذلك باختالف التوجه
االديولوجي والجانب الديني للمجتمع .
النظام العام فكرة قانونية يتجاوز بكثير نطاق الضبط اإلداري وتتغلغل في ثنايا النظرية
العامة للقانون ،فهو من ناحية يعد حالة يسود فيها الترتيب المتناسق للعالقات االجتماعية،
-516محمد البعدوي ،الشرطة اإلدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام ،وضمان الحريات ،مرجع
سابق ،ص. 41،
-517مليكة الصروخ ،القانون اإلداري ،دراسة مقارنة ،التنظيم اإلداري ،النشاط اإلداري أسلوب اإلدارة وامتيازاتها،
رقابة القضاء على أعمال اإلدارة ،م س ص421
ومن ناحية أخرى يعني التعبير عن بعض القواعد القانونية الملزمة التي ال يمكن االتفاق على
مخالفتها أو نقضها ،ويجب على القاض ي ترجيحها إذا ساد الصمت أطراف العالقة القانونية
.518
ولهذا ال يملك المشرع أن يحدد لها مضمونها وال يعرفها على وجه محدد،
فيشوه طبيعتها ويمنعها من أن تؤدي وظيفتها بحيث ترك للفقه والقضاء أمر تحديد التصرفات
التي تعد مناهضة للنظام العام .519
وقد ظهرت فكرة النظام العام في صورتها القانونية من خالل إعالن الثورة الفرنسية
الذي قض ى بمبدأ المساواة ،واعتبرت أن كل اتفاق يهدف إلى المساس بالمبادئ الكبرى ال يعتبر
مخالفا للنظام العام.520
للنظام العام مفاهيم متعددة وفقا لالتجاهات الفقهية واألحكام القضائية .521في
املجال الفقهي برزت عدة تعريفات النظام العام ،وذلك من خالل التركيز على انعكاس سلطة
الضبط على النشاط والحرية ،ومن خالل التقيد أو من خالل ربط التعريف بالعوامل المؤثرة
في املجتمع.522
في هذا الصدد وفي الفقه الفرنس ي ،يعرفه األستاذ هوريو بأنه "النظام المادي
املحسوس والذي يعتبر بمثابة حالة مناقضة للفوض ى "أما الفقيه فالين Walinفعرفه بأنه "
مجموعة الشروط الالزمة لألمن واآلداب العامة التي ال غنى عنها لقيام عالقات سليمة بين
األفراد ،وعلى ذلك فإن النظام العام يتسع ليشمل الجانب األدبي أو المعنوي إضافة
للجانب المادي.523
-518جلطي أعمر ،األهداف الحديثة للضبط اإلداري ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة أبي بكر
بلقايد ،تلمسان كلية الحقوق والعلوم السياسية الجزائر ،السنة الجامعية ، 2016/2015 ،ص13،
-519جلطي أعمر ،األهداف الحديثة للضبط اإلداري ،م س ،ص13. ،
-520حبيب إبراهيم حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص85
-521جلطي أعمر ،األهداف الحديثة للضبط اإلداري ،م س ص14. ،
-522حبيب إبراهيم ،حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق89،
-523حبيب إبراهيم ،حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق89،
وفي الفقه اإلداري العربي عرف خالد خليل الظاهر النظام العام بأنه" المفاهيم
والعقائد التي يقوم عليها املجتمع سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية السائدة في
الدولة مع حركات تطور ظروف الزمان والمكان ،524ويعرفه الدكتور زين العابدين بركان بقوله
"النظام العام بمعنى املحافظة على األمن العام والراحة العامة والسالمة العامة ،وعلى ذلك
يدخل ضمن أغراض الضابطة اإلدارية كلما دعت الضرورة للمحافظة على النظام العام " .525
وفي املجال القضائي وفي فرنسا فقد كتب مفوض الدولة" le tour neurفي تقرير له
يقول فيه " بأن النظام العام فكرة مبهمة إن غموض غائية النظام العام و الطابع الظرفي له
يأتيان من تعدد المقتضيات التي تهدده ،بل عليه أيضا أن يحمي الفرد من األخطار التي ال يمكنه
هو نفسه استبعادها سواء كان مصدرها أفرادا آخرون ،أم كان مصدرها حيوانات أم ظواهر
اجتهادية ،لذلك ليس من الممكن حصر تلك المقتضيات ذات المضمون المتغير داخل صيغة
محددة ،إن تلك الحقبة قد أدركها القضاء تماما .526ال بد من إعادة النظر في هذه الفقرة غير
المفهومة.
اتجه القضاء اإلداري الفرنس ي أول األمر إلى تبني االتجاه القائم على التضييق من فكرة
النظام العام بأن قصرها على الجانب المادي فقط بدون جوانبه األدبية أو المعنوية ،إال أن
نقطة التحول في قضاء هذا املجلس يتمثل في حكمه الصادر بتاريخ و 18ديسمبر 1959في قضية
لوتيسيا ) .527(LUTETIAحيث تواترت أحكام املجلس المذكور على اإلقرار بالنظام العام
المعنوي أو األدبي ،بشكل مستقل عن النظام العام المادي ،بل توسع إلى أبعد الحدود في
تفسير فكرة اآلداب العامة نفسها حيث قض ى في قراره المؤرخ في 1995/10/27إلى أن كرامة
وشرف اإلنسان .األدبي تشكل إحدى عناصر النظام العام528.
-524سليماني هندون سلطات الضبط في اإلدارة الجزائرية ،مرجع سابق ،ص. 54،
-525جلطي أعمر ،األهداف الحديثة للضبط اإلداري ،مرجع سابق ،ص 18 ،و. 19
-526حيث أقر مجلس الدولة الفرنسي لسلطة الضبط اإلداري أن تتدخل لمنع عرض الفيلم المذكور ،رغم وجود إجازة
سابقة بعرضه صادرة عن هيئة الرقابة ،وذلك متى ترتب على عرض الفيلم المذكور إخالل بالنظام العام بسبب صفته
الالخالقية والمقترنة مع الظروف المحلية بموقفها .
-527حبيب إبراهيم الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،دراسة مقارنة مرجع سابق ،ص 96 ،و
97
-528ظهير 01مارس 1963بمثابة قانون خاص بمتصرف و ازرة الداخلية ،المادة 31منه .
هذا وتجدر اإلشارة وبالعودة إلى بعض النصوص القانونية المتعلقة بالنظام العام في
القانون المغربي منذ سنة 1960التي نظمت مهام الشرطة اإلدارية ،استعملت تعابير مختلفة
عند الحديث عن العناصر المكونة للنظام العام من نص ألخر كتعبير الهدوء 529النظام العام
والصحة وذلك إلثارة نوع من الغموض بهدف ترك هامش واسع لإلدارة وحرية أكبر التخاذ القرار
المناسب وهي في ظرف يسمح لها بسلطة تقديرية هامة .530
اتفق الفقه على العناصر التقليدية للنظام العام ،غيران اتساع تدخل الدولة في
ميادين متعددة داخل املجتمع جعل الفقه اإلداري ينادي بعناصر أخرى بغية الحفاظ على
النظام العام وهو ما أكده القضاء اإلداري في عدة دول كفرنسا ومصر.
على الرغم من اختالف الفقه في تحديد مفهوم النظام العام إال أن هذا لم يحل دون
تحديد عناصره ،فقد اتفق الفقه على أن العناصر التقليدية للنظام العام ال يخرج عن
ثالثة عناصر وهي املحافظة على األمن العام ،والصحة العام ،والسكينة العامة ،بغض النظر
عن النصوص القانونية.531
األمن يقابله الخوف ،ويقصد باألمن العام أو السالمة العامة ،حماية المواطنين ضد
الجرائم واملخاطر والحوادث والكوارث التي يمكن أن تقع عليهم أو تهددهم في أنفسهم أو
أموالهم أو أعراضهم سواء كانت من فعل اإلنسان أو الحيوان أو من الطبيعة ،من خالل هذا
التعريف نجد أن األمن العام يلقي على سلطات الضبط اإلداري واجب القيام ببعض المهام
من أجل تحقيق هدف الحفاظ على األمن العام منها :منع المظاهرات والتجمعات التي تخل
باألمن ،اتخاذ كافة اإلجراءات الالزمة لمنع وقوع الجرائم ،تنظيم المرور في الشوارع .532
تحيل الصحة العامة على حماية المواطنين ضد األخطار التي تهدد صحتهم من األوبئة
وأخطار العدوى ،واألخطار الناجمة عن غياب عام للصحة ،والصحة العامة هي عنصر النظام
العام الذي يتميز بانعدام األمراض وتهديدها والذي يتطلب حالة صحية مرضية ،ويتمخض عن
إجراءات تتعلق بصحة األشخاص والحيوانات وبمكافحة والوقاية من األوبئة والجائحات
الحيوانية ومر اقبة األطعمة المعروضة للبيع ،ولحفظ الصحة العامة ووقايتها ،يجب على
سلطات الشرطة اإلدارية أو الضبط اإلداري أن تقوم بوضع الشروط الصحية الالزمة لحماية
الجماعة كرعاية نظافة األماكن العامة ،والطرق العامة والتزويد بالمياه النقية....الخ 533 .
ويقصد بها املحافظة على حالة الهدوء والسكون ومنع الضوضاء التي تقلق الراحة
والناتجة عن إنسان أو أشياء أو حيوان أو عن أبواق السيارات ،أو مضايقة الباعة المتجولين
في الشوارع وغيرها.534
ولهذا السبب تتدخل الهيئات اإلدارية التي تملك سلطات الشرطة اإلدارية لمنع أي
نشاط يضر أو يؤثر على السكينة العامة ،أو منع أي نشاط من شأنه إلحاق األذى بالسكينة
العامة للمجتمع .535
-532بشر صالح العاوور ،سلطات الضبط اإلداري في الظروف االستثنائية في التشريع الفلسطيني ،م س ،ص.35 ،
-533كريم ل حرش ،القانون اإلداري المغربي ،الجزء الثاني نشاط اإلدارة وامتيازاتها ،الطبعة الثالثة مزيدة ومنقحة مطبعة
األمنية 2014الرباط ص 50
-534عبد المجيد غنيم عقشان المطيري ،سلطة الضبط اإلداري وتطبيقاتها في دولة الكويت ،قدمت هذه الدراسة
استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير ،قسم القانون العام ،كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط، 2011،
ص. 37،
-535كريم لحرش ،القانون اإلداري المغربي ،الجزء الثاني ،نشاط اإلدارة وامتيازاتها ،هم س ،ص. 405 ،
كون فكرة النظام العام هي فكرة مرنة وال تقتصر على عناصر محددة ،إضافة إلى
اتساع تدخل الدولة في ميادين متعددة داخل املجتمع ،اتسعت فكرة النظام العام لتشمل
عناصر أخرى إضافية إذ لم تعد العناصر التقليدية كافية للحفاظ على النظام العام وحمايته،
بحيث أصبح لسلطة الضبط اإلداري أن تتدخل لحماية عناصر أخرى نادى بها الفقه اإلداري
وأكدتها أحكام القضاء اإلداري في عدة دول منها فرنسا ومصر.536
اتجه القضاء الفرنس ي حديثا إلى إدخال في وظائف الشرطة اإلدارية مقتضيات تهم
مجال األخالق الحميدة واآلداب العامة ،بحيث أصبحت سلطات الضبط اإلداري تتدخل في
حالة انتهاك اآلداب العامة ،غير أن القضاء الفرنس ي كان يرفض تدخل سلطة الضبط
لحماية األخالق العامة ما لم يكن لألخالق بها مظهر خارجي يهدد النظام المادي ،أي أنه ال ينبغي
األخذ بعين االعتبار انتهاك اآلداب العامة إال إذا كان ذلك أن يؤدي إلى إحداث
اضطرابات مادية ،وأن النظام المعنوي ال يكون محل التدخل الضبطي إال إذا كان مرتبطا
ارتباطا وثيقا بالنظام العام المادي.537
غير أن القضاء الفرنس ي قد أجاز في فترة الحقة لسلطات الضبط التدخل لحماية
القواعد األخالقية األساسية ولو لم يترتب على اإلخالل بهـ ـا تهديد باالضـ ـطراب المادي ،وكان
ذلك في حكمه الشهير في قضية » «LUTETIAسنة 1959حيث اعترف مجلس الدولة في هذا
الحكم بسلطة العمدة في أن يحظر عرض أفالم سبق أن أجازتها هيئة الرقابة على األفالم ،إذ
كان من شأن عرضها ،بسبب طابعها الالاخالقي والظروف املحلية ،أن يضر ذلك بالنظام العام،
وبعبارة أخرى ،أن ال أخالقية الفيلم شكل دافعا صحيحا للمنع ،ولكن يشترط أن تكون
مصحوبة بظروف محلية.538
-536حبيب إبراهيم حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،دراسة مقارنة ،م م ،ص. 132،
-537محمد البعدوي ،الشرطة اإلدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ،م س ص،
49و 50
-538د .محمد البعدوي ،الشرطة اإلدارية .وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ،م س،
ص. 50-51،
وقد سار على خطاه القضاء المغربي إذ ذهب في نفس االتجاه وأخذ بمبدأ التوسع في :
مفهوم النظام العام وأصدر بعض األحكام المؤيدة لهذا الموقف ،حيث قرن بين األخالق
الحميدة والنظام العام منها على سبيل المثال ،الحكم الصادر بتاريخ 22يونيو 1964في قضية
المدعو أحمد واكريم والحكم الصادر بتاريخ 19يونيو 1962في قضية حمو دافيدو أيضا
الحكم الصادر بتاريخ 17أكتوبر 1985والذي جاء فيه ما يلي" :إن اإلدارة وان كان لها الحق في
منع بيع أي منشور إال أن ذلك يجب أن يكون مبررا قانونيا بمعنى أن يكون الهدف من ذلك
استعمال حق الرقابة للحفاظ على األخالق والنظام العام.539
يقصد بالنظام العام الجمالي للبيئة بأنه"االهتمام بجماليات الشوارع ومر افقها
وبهائها ،بحيث تبعث الهدوء والراحة النفسية سواء بتجميل الشوارع أو وضع مواصفات معينة
في الميادين بحيث يأتي منظر المدينة والشوارع منسقا"540.
أو النظام الذي يهدف إلى حماية جمال الرونق والرواء للبيئة حفاظا على السكينة
النفسية لألفراد المقيمين في هذه البيئة.541
تعد المدينة تجمعا حضريا لعدد كبير من السكان على ارض واسعة نوعا ما لذا كان
البد من االهتمام بتنظيم المدينة والعمل على تجميلها مما يتو افق مع آراء فقهاء القانون ،إذ
وضعوها ضمن األغراض غير التقليدية لسلطة الضبط اإلداري مما استدعى ضرورة اتخاذ
سلطات الضبط اإلداري إجراءات وتدابير بغية اإلبقاء على جمال المدينة المتمثل في تنسيق
أحيائها وشوارعها وأزقتها باستحضار مواصفات معينة للمباني السكنية والعمارات ،والعمل
على زراعة الميادين وتقاطعات الطرق وحماية الميادين األثرية والتراثية وإشاعة أجواء من
النظافة والتنسيق مما تولد المتعة بجمال المدينة وبهائها ،ألن هذا الجمال بدون االستفادة
من التطورالمعماري وتوفير السكينة واالرتياح النفس ي ال يكفي في حد ذاته .
فهنا تبرز المسؤولية المباشرة لإلدارة التي تناط بها واجبات حماية المواطن
الذي يتذوق جمال مدينة ويعمل جاهدا على سالمتها واملحافظة عليها بكل غال ونفيس.542
لقد كان مجلس الدولة الفرنس ي في أول األمر ال يعترف بحق سلطات الضبط اإلداري في
حماية الرونق والرواء و أيد هذا االتجاه بعد ذلك ،في حكمه الصادر بتاريخ 1946عندما اقر
بمشروعية قرار يحذر توزيع منشورات على المارة في الشوارع العمومية خشية إلقائها في
الطرقات بعد قراءتها مما يشوب رونقها ويخل بجمال منظرها ،543إذ أشار الحكم صراحة إلى
حق سلطة الشرطة اإلدارية في اتخاذ اإلجراءات التي تتطلبها ضرورة املحافظة على النظام
والصحة العامة والسكينة وجمال الرونق على انه اشترط لذلك أن يصل مستوى المساس
بجمال الرونق درجة من الخطورة وأن يكون من شأنه إثارة اضطرابات داخلية.
إذا كانت الدولة في عصرنا وجدت نفسها مضطرة تحت الظروف االقتصادية
واالجتماعية إلى التدخل في أوجه النشاط االقتصادي من أجل تحقيق الصالح العام لألفراد
فإن اتساع فكرة النظام العام تكون في حدود وضوابط معينة ،أي أن النظام العام االقتصادي
ال يقوم إال على أساس النصوص التشريعية أو التنظيمية ،لكون سلطة الشرطة اإلدارية أو
الضبط اإلداري ال تملك سلطة التدخل في حرية التجارة والصناعة إال لتحقيق بعض المصالح
-542عدنان الزنكة ،سلطة الضبط اإلداري في المحافظة على جمال المدن وروائها ،م .س ،ص57،
-543د .عبد العزيز أشرقية الشرطة اإلدارية الممارسون لها والنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بها ،م .س ،ص،
.24
االقتصادية األساسية التي تهم النظام العام كما في مجال المواد األساسية ومنع االرتفاع
الوهمي لألسعار وخاصة في أوقات األزمات .544
وقد استقرت أحكام القضاء اإلداري على االعتراف لسلطة الضبط اإلداري وضمن
حدود معينة من التدخل لحماية النظام العام االقتصادي إذ قض ى مجلس الدولة الفرنس ي
بقراره المؤرخ 22ديسمبر 1949بأن املحافظ يستطيع أن ينظم فتح مخازن الخبز وأن يحضر
نقله إلى المنازل في نطاق السياسية العامة للتغذية وأن العمدة يملك لحماية مصالح
المستهلكين أن يفرض التدابير المالئمة لمنع نقص المواد األولية وكذا االرتفاع الوهمي
لألسعار.545
يعتبر النظام العام من أهم المكونات األساسية المعبرة عن النظام القانوني لدولة ما،
فهو ال يقتصر على ميادين خاصة من ميادين التنظيم القانوني و إنما يمتد إلى جميع املجاالت
التي تتطلب استتباب األمن والنظام في املجتمع ،وبذلك فإن فكرة النظام العام تشمل نطاق كل
من القانون العام والخاص وتشكل فكرة مشتركة لجميع فروع القانون ،فهي واحدة في كافة
النظم القانونية لما تتميز به من خصائص مهمة يمكن توضيحها فيما يلي:
يشمل النظام العام مجموعة من القواعد والنظم التي لها من األهمية االجتماعية ما
ال يمكن تجنب تطبيقها ،نظرا ألنها تستهدف املحافظة على القيم التي ال غنى عنها للنظام
االجتماعي ،فذهب البعض إلى أن" النظام العام بوصفه انعكاسا للجو القانوني للدولة يقوم
على أسس نظم معينة وقواعد معينة متأصلة في السلوك التقليدي للمواطنين بحيث أن أي
مساس بما يمكن أن يمثل إخالال بالنظام العام ،لذلك نجد أن هذا األخير يتجه إلى ضبط نشاط
األفراد وتصرفاتهم اجتماعيا ،546من خالل رسم ضوابط السلوك االجتماعي التي ال يجوز لهم
انتهاكها وذلك ما يؤكد حتما أن ثمة قيما وأوضاعا تسمو على القيم أو القواعد التي تنظم
-544حبيب إبراهيم حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق،
ص413
-545كريم لحرش ،القانون اإلداري المغربي ،الجزء الثاني نشاط اإلدارة وامتيازاتها مرجع سابق ،ص408. ،
-546سليماني هندون ،سلطات الضبط في اإلدارة الجزائرية ،مرجع سابق ،ص56-57،
العالقات الفردية وبالتالي يجب املحافظة عليها واحترامها ، 547وترتيبا على ما تقدم نجد أن ما
يضفي على فكرة النظام العام صفتها اآلمرة هو أنها تصنع حلوال للمنازعات في اتجاه الحفاظ
على كيان املجتمع ،وذلك عن طريق المالئمة بين اإلرادة الفردية والمصلحة االجتماعية.
يقوم المشرع بدور هام في التعبير عن النظام العام وتطوره ورغم ذلك فإنه ال يستطيع
أن يفرض النظام العام الذي يريده بالقوة ،ذلك أن النظام العام ليس نتاج النصوص
بضفة مطلقة و إنما هو التعبير عن فكرة اجتماعية فالوسيط االجتماعي والسياس ي الفلسفي
وحالة اآلداب السائدة في لحظة معينة هي التي تكون المصدر المباشر للنظام العام ،لذلك
كانت للتقاليد واألعراف املحلية قيمتها الكبرى في تكوين النظام العام .
النظام العام فكرة مرنة ومتطورة تبعا لتطور القانون ذاته مع مقتضيات التطور
االجتماعي.548
وهذا ما يبرر استبعاد حصر النظام العام في النصوص القانونية ،فكل ما يستطيع
المشرع فعله هو تركه للقضاء والفقه أمر تحديد التصرفات التي تعد مناهضة للنظام العام
لهذا فإنه من الصعوبة حصر عناصر النظام العام بشكل محدد ألن التحديد وإن كان صحيحا
بالنسبة لفترة معينة ،إال أنه يخضع لتطور مستمر.549
إن القاض ي بحكم وظيفته القضائية هو الجهة التي تستطيع أن تحدد مضمون النظام
العام بمناسبة نظره في المنازعات المعروضة عليه ،وذلك بناء على ما يستلهمه من
مضمون تصوري يستمده من و اقع الخصومة ،فهو هنا يحس أو يتصور المضمون وال يضمن
في حكمه تعريفا مجردا لهذه الفكرة بقدر ما يتصور مضمونها بمناسبة الخصومة التي يتطلب
-547محمد البدوي ،الشرطة اإلدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ،مرجع سابق،
ص57-58. ،
-548سليماني هندون ،سلطات الضبط اإلداري في اإلدارة الجزائرية ،مرجع سابق ،ص58،
-549جلطي أعمر ،األهداف الحديثة للضبط اإلداري ،مرجع سابق ،ص39،
ال منه الحسم بالفصل فيها وفق التفسير المالئم لروح عصره ففي هذا اإلطار المرن
يكون القاض ي بمثابة مشرع يتقيد بآداب عصره ونظم مجتمعه ومصالحة العامة. 550
الضبط اإلداري قد يكون عاما وقد يكون خاصا ،فالشرطة اإلدارية العامة هي
مجموعة األنشطة اإلدارية التي يكون موضوعها سن قواعد عامة و اتخاذ التدابير الفردية
الضرورية والحفاظ على النظام العام بمفهومه الواسع.
والضبط اإلداري العام من حيث األشخاص المعهود إليهم بمزاولته ينقسم إلى ضبط
وطني ،والمقصود به السلطات الممارسة للشرطة اإلدارية على التراب الوطني برمته ويمارسه
بكيفية أساسية الوزير األول (رئيس الحكومة حاليا) ،والضبط اإلداري املحلي أي مجموعة
السلطات املحلية الممارسة للشرطة على جزء محدود ومعين من إقليم الدولة كالجهة واإلقليم
والعمالة والجماعة وتدخل في اختصاص عامل الجهة بالنسبة 551للجهات وعامل اإلقليم
وبالنسبة لألقاليم ويتقاسمه القائد والباشا ورئيس الجماعة الحضرية أو القروية بالنسبة
للجماعة .
+الوسائل المستعملة من قبل الشرطة اإلدارية محددة على سبيل الحصر ،تتميز
بالتدقيق والصرامة.
+العقوبات المطبقة في حالة الضبط اإلداري الخاص منصوص عليه على سبيل
الحصر وال يمكن إخضاعها لتفسيرات واسعة .
-550محمد البعدوي ،الشرطة اإلدارية و إشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ،م ،ص59 ،
و.20
-551محمد البعدوي ،الشرطة اإلدارية و إشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ،م ،ص59 ،
و20
ورغم أن هدف الشرطة اإلدارية بصفة عامة واضحا وهو الحفاظ على النظام العام
في مفهومه الواسع ،وفي إطار التمييز بينهما اجتهد الفقه في تقديم عدة معايير إال أنه ال يوجد
ثمة اتفاق على معيار معين ،لكن يمكن إجمال المعايير التي تم االتفاق عليها فيما يلي :
ويتزعم هذا الرأي األستاذ العميد VEDELحيث يرى أن معيارالتمييز يكون على أساس
الشخص القائم بسلطة الضبط اإلداري والذي إما أن يمنح سلطة ضبط إداري عام أو سلطة
ضبط إداري خاص.552
غير أن هذا المعيار يبدو أنه غير مقنع وذلك لما ينطوي عليه من عامل ازدواجية
ممارسة الشرطة اإلدارية مما ال يضفي على معيار العضو بأي صفة مميزة بين الشرطتين. 553
يعتمد هذا المعيار على منطقة ترابية ،أو جغر افية كأساس لتطبيق أو اتخاذ تدبير
من تدابير الشرطة من طرف إدارة معينة ،إال أن هذا المعيار القائم على االعتبار الترابي قد ال
يفيد هو األخر للتمييز بين الشرطتين وذلك نظرا لتداخل االختصاصات بعضها ببعض فإذا كان
يؤخذ به في مجال ممارسة الشرطة اإلدارية العامة وتحديدا تلك التي تمارس من طرف السلطة
المركزية على الصعيد الوطني وعلى مستوى التراب الوطني فإنها تمارس كذلك على الصعيد
املحلي من قبل رئيس املجلس الجماعي أو السلطة املحلية في نطاق وحدة ترابية محددة554 .
ويتزعم هذا الرأي العميد AUBYحيث يميز بين الضبط اإلداري العام عن طريق الهدف
الذي يسعى إليه نشاط الضبط فإذا كان النشاط يهدف إلى حماية النظام العام فإن الجزاء
المتخذ هو إجراء ضبط إداري عام ،أما إذا كان النشاط محدد يهدف معين وتشريع سابق كان
الضبط خاصا مثل الضبط الخاص بأماكن الصيد والضبط الخاص بالسكك الحديدية555 .
إزاء هذه التشتت ،الفقهي ذهب رأي إلى األخذ بمعيار توفيقي أو مختلط يتكون من
مزيج من معايير مختلفة ،ويتم على أساسه تعريف الضبط اإلداري الخاص وتمييزه بالتالي عن
الضبط اإلداري العام ،خاصة عند حدوث ازدواج أو تداخل في االختصاص بين كل من هيئات
الضبط اإلداري العام والضبط اإلداري الخاص ويثور التساؤل عن كيفية معالجة هذا األمر،
ويمكن القول بأنه يجب التمييز في هذا الصدد بين حالتين :
الحالة األولى :أن يمنح المشرع صراحة سلطات الضبط اإلداري العام من التدخل في
اختصاص الضبط اإلداري الخاص ،ومثال ذلك تنظيم المشرع الفرنس ي لضبط السكك
الحديدية بنصوص مفصلة تواجه كل ما يعرض النظام العام في مناطق السكك الحديدية
للخطر وتعهد بها إلى هيئات الضبط اإلداري الخاص .
الحالة الثانية :أن يرد كل من الضبط العام والضبط الخاص على أوجه من النشاط ال
يهتم بها األخر أو الن ما يعالجه الضبط الخاص ال يغطي كافة النواحي التي يستهدفها الضبط
العام ،وهنا يمكن للضبط اإلداري العام أن يتدخل ليكمل الضبط اإلداري الخاص ،غير أن
هذا التداخل يجب أن يكون له ما يبرره من ظروف الزمان والمكان ،مثال ذلك أن تحظر سلطة
الضبط اإلداري العام في بلدة ما عرض فيلم سينمائي أجازته سلطة الضبط الخاص بالرقابة
على المصنفات الفنية التي يمتد اختصاصها ليشمل كل إقليم الدولة ،وذلك الحتواء الفيلم
على السخرية من أبناء البلدة لكونها مقرا الماكن عبادة.
الئحة المراجع:
عدنان الزنكة ،سلطة الضبط اإلداري في املحافظة على جمال المدن وروائها منشورات
الحلبي الحقوقية بيروت لبنان ،طبعة أولى. 2011،
عبد القادر باينة ،أشكال النشاط اإلداري منشورات زاوية للفن والثقافة ،طبعة . 2006
حبيب إبراهيم حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،
دراسة مقارنة.
حبيب إبراهيم حمادة الدليمي ،حدود سلطة الضبط اإلداري في الظروف العادية ،
دراسة مقارنة.
بن ساس ي بن الزين ،عناصر الضبط اإلداري ،مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات
شهادة ليسانس أكاديمي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية التخصص قانون العام،جامعة
قاصدي مرباح،الجزائر،السنة الجامعية. 2014/2013 ،
دايم عبد السالم ،النظام العام الوضعي والشرعي وحماية البيئة ،أطروحة لنيل شهادة
دكتوراه دولة في القانون العام ،جامعة أبي بكر بلقايد ،تلمسان كلية الحقوق الجزائر
السنة. 2004/2003
حسن صحيب ،تطور دعوى التعويض اإلدارية في القضاء اإلداري المغربي ،املجلة
المغربية لإلدارة في القضاء اإلداري المغربي ،املجلة المغربية لإلدارة املحلية والتنمية،
REMARD
حسام مرس ي ،سلطة اإلدارة في مجال الضبط اإلداري ،دراسة مقارنة في القانون
الوضعي و الفقه اإلسالمي ،توزيع منشأة المعرف باإلسكندرية مصر. 2010
أحمد أجعون ،النشاط اإلداري وظائف اإلدارة وسائل اإلدارة .مطبعة سجلماسة
مكناس طبعة. 2016/2015 ،
مليكة الصروخ ،القانون اإلداري دراسة مقارنة التنظيم اإلداري ،النشاط اإلداري
أسلوب اإلدارة وامتيازاتها رقابة القضاء على أعمال اإلدارة ،مطبعة النجاح الجديدة -الدار
البيضاء ،الطبعة السابعة. 1431-2010
عبد العزيز أشرقي ،الشرطة اإلدارية الممارسون له ،والنصوص القانونية والتنظيمية
المتعلقة بها ،توزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب الدار البيضاء الطبعة األولى: 2006/1427
أمل المرشدي ،تفاصيل قانونية حول سلطات الشرطة اإلدارية الجماعية مقال
منشور على الموقع االلكتروني 2022-10-06تاريخ المشاهدةwww.Mohamad.net/law: .
–
يعد املجال ذلك االطار الجغرافي الدي يجسد عالقة الدولة بمحيطها ،ومختبرفلسفتها
في تدبير أقاليمها ووحداتها الترابية عبر آلية التخطيط كمفهوم سياس ي و اقتصادي واجتماعي
وبيئي منبني على فلسفة شمولية وطنية ،بهدف رصد اإلمكانات الراهنة والحاجيات المستقبلية
على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
فاإلعتناء باملجال سواء كان عفويا أوموجها هوالذي دفع بالسلطات العمومية من أجل
مواجهة مشاكله واكراهاته الى تأسيس وسائل عمل منهجية عبر اعتماد مخططات ووثائق
توقعية ،هدفها التخطيط القبلي لتنمية املجال والبحث عن سبل تحقيق التوازن بين مختلف
أجزاءه وتنظيم المد الحضري556.
وال شك ان تدهور االطار البيئي كان نتيجة التحوالت المتسارعة التي تشهدها األوساط
الحضرية بفعل ارتفاع وثيرة النزوح القروي وتفش ي مظاهر التهميش الحضري وبروز حركة
صناعية غير منظمة557.
- 556المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :اعداد التراب الوطني والتعمير" ،الطبعة االولى ،المجموعة البيداغوجية لوحدة تدبير المجال،
مكناس ،سنة 4044-4040الصفحة 14
- 557أحمد مالكي ،سعيد البولماني " :ادارة التعمير واكراهات الواقع" ،المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية ،شتنبر-دجنبر ،عدد
،11-12سنة ،4001الصفحة 152-55
وفي هذا الصدد فان التنمية بمختلف تجلياتها و أبعادها االقتصادية واالجتماعية
والثقافية لم تعد تقاس بمدى خلق الرفاه المادي واشباع الحاجيات الضرورية للمواطنين
فقط ،بل صارت تدمج البعد البيئي كمكون هام لتحقيق تنمية مستديمة قوامها بيئة سليمة
لالفراد باعتبارها الجيل الثالث من حقوق االنسان.
وتشكل وثائق التعمير أدوات اساسية لتجسيد االنشغال البيئي في السياسة العمرانية
من خالل رصد التصورالعمراني الحالي و التصدي ملختلف املخاطرالبيئية المطروحة.
من هذا المنطلق تتمحور اشكالية هذه الورقة حول المكانة التي تحتلها البيئة ضمن
مخططات التعميربالمغرب؟
فالمغرب على غرار باقي دول العالم أصبح يهتدي الى ضرورة بذل الجهود
التنموية باملجال الترابي سواء املجال القروي أو الحضري ،وذلك من خالل التفكير في اليات
قادرة على ضبط و تنمية الحواضرببالدنا.
وتعتبر أدوات التعمير أحد الوسائل األساسية التي تعمل على الموازنة بين متطلبات
التطور الذي يشهده املجال والتصدي للمخاطر التي تلحق بالبيئة كموروث وحق من حقوق
اإلنسان.
وقد تم اإلعتماد على قوانين التعميركالية من اليات تدخل الدولة لتنظيم املجال وذلك
بالتخطيط القبلي غايته رصد الو اقع واستشراف المستقبل بهدف ضبط املجال من جهة
واملحافظة على البيئة من جهة أخرى.
وباالطالع على قوانين التعمير خاصة قانون 08.35و النصوص الخاصة المرتبطة
بالماء والهواء والتطهير وتدبير النفايات ودراسة التأثير على البيئة وغيرها يتبين أن الجوانب
البيئية غالبا ما يلتفت اليها في مجال التخطيط الحضري.
وسنتاول في هذا الصدد نقتطتين نبرز فيهما أهمية البيئة في وثائق التعميرذات الطابع
التوجيهي (أوال) في حين سنتطرق لوثائق التعميرذات الطابع النافذ (ثانيا).
حدد قانون 08.35وثيقة التعمير التقديري في وثيقة وحيدة وهي مخطط توجيه التهيئة
العمرانية ،التي تعد وثيقة توقعية توجيهية غايتها إقامة التوجيهات األساسية في مجال تنظيم
التجمعات العمرانية ،وتحديد متطلبات التوسع العمراني وما تستلزمه ممارسة األنشطة
االقتصادية واملحافظة على تجانس المنظر العام داخل هذه التجمعات558.
فاملخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يتمييز بتعليمات وقرارات عامة على المدى
المتوسط والبعيد ،تجعله أداة لتشجيع التنمية والحفاظ على المكون البيئي كحق أساس ي
يضمن العيش الكريم للجميع.
وبالرجوع الى المادة 5من القانون رقم 08.35نجدها أغفلت التنصيص بشكل صريح
على المكون البيئي في عملية التنظيم املجالي عندما نص المشرع على أن املخطط يتولى دراسة
الرقعة األرضية المراد تنميتها بسبب الترابط القائم بين مكوناتها في املجاالت االقتصادية
والتجارية واالجتماعية مهمال بذلك مكونا هاما في هذا الترابط هو المكون البيئي.
وبالرغم من أن قانون 08.35أشار في المادة 2إشارة بسيطة الى البيئة ضمن أهداف
املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ،فان الو اقع العملي ينم عن غياب ان لم نقل انعدام ارادة
سياسية في تفعيل هذه االهداف على الو اقع المعاش.
ولتأكيد ذلك فالتخطيط بوجه عام له أبعاد متعددة يتصدرها البعد البيئي من حيث
األهمية ضمن أبعاد التخطيط الحضري نظرا التسامه بمجموعة من الخصائص الطبيعية
للموقع والتي تلعب دورا أساسيا في تخطيط وتصميم األبنية و اتخاذ التدابير الالزمة لتوفير بيئة
سليمة لسكن اإلنسان ،وذلك عبر مراعاة مجموعة من العوامل :كعامل األرض من الناحية
الطبوغر افية وكذا العمليات الجيومورفولوجية السائدة في المنطقة المقترحة لتوسيع
- 558المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،الطبعة األولى ،المجموعة البيداغوجية لوحدة
تدبير المجال ،مكناس ،سنة ،2011-2010ص .145 :
المدينة والمتوقعة الحدوث مستقبال و أثارها على العمران ونوعية التربة في المنطقة وتحديد
مدى صالحيتها للعمران ،ومعرفة قوة تحملها وتركيبها الكيميائي ،وطبيعة المناخ السائد559....
وللوقوف أكثر على الوضعية البيئية ببالدنا من خالل التقارير الرسمية خصوصا تقرير
املجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي لسنة 5830بعنوان "انجاح العبور نحو المدن
المستدامة " نجد أرقام مقلقة للوضعية االنية التي نعيشها فعلى سبيل المثال بالنسبة لمدينة
الدارالبيضاء:
تتجاوز نسبة الميكوغرام تجاوز القيمة تجاوز لحماية تجاوزت قيمتها معيار تجاوز القيمة لم
القيمة 18الحماية الصحية 08القصوى النباتات القصوى في المترمكعب
القصوى في ميكوغرام في المتر المتعلقة لحماية النظم ميكوغرام
بحماية الصحة للحماية مكعب االيكولوجية 58المترمكعب
338ميكوغرام الصحية 38 في ميكوغرام
ميكوغرام في في المترمكعب مكعب المتر
المترمكعب بالنسبة لمدينة
الدارالبيضاء
تركيب شخص ي بناء على معلومات مستقاة من مديرية االرصاد الجوية الوطنية
(مكتب شبكة مر اقبة نوعية الهواء لسنة 5831أشاراليه تقريراملجلس االقتصادي
واالجتماعي والبيئي لسنة 5830بعنوان انجاح العبور نحو المدن المستدامة
الصفحة .)331
-نبيل الريمي " :البعد البيئي في ميدان التعمير بالمغرب " أطروحة لنيل الدكتوراه ،مركز دراس ا ااات الدكتوراه الاانون الماارن ، 559
االقتص ا ا اااد الت طبياي والتنمية المس ا ا ااتدامة ،لدويو الدكتوراه :الاانون العاو والعيوو الس ا ا ااياس ا ا ااية ،يامعة مومد ال ام ،كيية العيوو
الاانونية واالقتصادية وااليتماعية بسال ،السنة .2316-2315ص .76
هذا باالضافة لمعدل طرح النفايات الخاضعة للمر اقبة فبالنسبة للحموالت المنزلية
الناتجة عن النفايات السائلة نجد 288.888طن من المواد القابلة للتأكسد أما بالنسبة للمياه
العادمة المنتشرة في الوسط الطبيعي نجد 032مليون مترمكعب 08متر فقط يتم تصريفها في
املجال المائي العمومي زد على ذلك نسبة المعالجة للمياه العادمة في الوسط الحضري التتجاوز
%18و نسبة معالجة النفايات السائلة التتجاوز 203مليون متر مكعب في السنة أي أنها تقل
بكثير عن %08ناهيك عن نسبة معالجة النفايات الصلبة التي التتجاوز 58بالمائة وذلك راجع
لعدم توفر خدمات تجميع النفايات بالمقارنة مع حجم النفايات وحجم الساكنة المتزايدة
بالمدن.
وعلى غرارالتجارب المقارنة نجد التجربة االلمانية في مجال معالجة النفايات نهجت ما
يسمى باالقتصاد الدائري ،560وهو نظام يعتمد على إدارة النفايات و الحفاظ على الموارد
الطبيعية و حماية األفراد و البيئة أثناء اإلنتاج.
كلها عوامل ساهمت في الرقي بالتخطيط العمراني الناجع للحد من التدهور البيئي
وتعزيزاألمن االستدامي الجسدي والصحي للبالد.
- 560اعتمدت ألمانيا هذا المفهوم " االقتصاد الدائري" krieslaufwirtschaftمنذ سنة 0891وتم تطويره وحضي بأولوية
قصوى إلدارة النفايات وإعادة تدويريها من خالل ترتيب مسؤولية المواطنين في فرز النفايات وتوسيع قدراتهم في ذلك.
- 561منذ سنة 5112عملت الدولة األلمانية على معالجة هذا النوع من النفايات وذلك بإنشاء 89محطة حرق النفايات سنة 5102
وكذلك خلق مصانع بطاقة حوالي 51مليون طن ،باإلضافة إلى أن هناك قدرات احتراق تصل إلى حوالي 25محطة وقود بديلة لمعالجة
النفايات الميكانيكية والبيولوجية وقد وصلت الدولة األلمانية إلى معالجة 5.2مليون طن من النفايات سنة 5102موزعة على 52محطة
بسعة 2ماليين طن تم أخد هذه المعطيات من تقرير :
Bundesministerium fur umwelt, Naturschutz und nukleare sicherheit « Abfallwirtschaft in deutschland
2020 », BMU, Referat WR 2 1 Proforma GMbh und CO. KG, Marz 2020, Berlin, seite : 13.
فالمغرب بدوره وضع أسس ومعايير وآليات التخطيط الحضري ،وحدد أهداف كل
آلية على حدة ،خصوصا استحضار العنصر البيئي ضمن مخططات التعمير ،وهو ما سنقوم
بتفصيله في النقطة الموالية.
تشكل وثائق التعمير التنظيمي ابرز االدوات التي تحدد كيفية استعمال االراض ي
المفتوحة في وجه العمران ،وتصبح قابلة للتطبيق على ارض الو اقع بمجرد اكتسابها للقوة
التنفيذية بعد استنفاذ المسطرة القانونية الخاصة باإلعداد والمصادقة والنشر .562
وتروم هذه الوثائق تنظيم وتأطير املجال عمرانيا من جهة وحمايته بيئيا من جهة ثانية
من خالل الوقوف على دور وثائق التعمير ذات الطابع التنفيذي (تصميم التنطيق ،تصميم
التهيئة ،قرارات تخطيط حدود الطرق العامة) التي تجسد أحكام املخطط التوجيهي للتهيئة
والتعميربالوسط الحضري.
فبمجرد اكتساب هذه الوثائق قوتها اإللزامية فيما يتعلق باستعمال األراض ي ،تصير
قابلة للتطبيق على األفراد مما يفيد بأن "لكل شخص الحق ولو لم تكن له مصلحة مباشرة إلزام
المصالح المعنية باحترام توقعات التصاميم وبإمكانه كذلك الطعن أمام القضاء في مقررات
منح الرخص التي تتضمن خرقا لنظام هذه التصاميم".
وسنبرزدوروثائق التعميرالنافذة التي يتناولها قانون 91.12في عالقتها بالبعد البيئي بدءا
بتصميم التنطيق ،ثم تصميم التهيئة ،فقرارات التخطيط .
لقد خصص قانون 91.12فصال واحدا مكون من خمس مواد من الباب األول لتصميم
التنطيق الذي يهدف إلى تمكين اإلدارة والجماعات الترابية من اتخاذ التدابير التحفظية
الالزمة إلعداد تصميم التهيئة والحفاظ على توجهات مخطط توجيه التهيئة العمرانية؛ وهو
بذلك يعد أداة قانونية انتقالية بين وثائق التعمير التقديري ووثائق التعمير التنظيمي ،563الذي
562
;- M’hmmed DRYF : “ Urbanisme Et Droit d’urbanisation Au Maroc “ CNRS Edition. dé. La Porte
1993, P152.
- 563أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير "،ألقيت على طلبة ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية الفوج
الثالث ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية .2013-2012
يسري على نفوذ الجماعات الحضرية والمراكز املحددة والمراكز المستقلة والمناطق املجاورة
للمدن ،والذي له دوروقائي لمدة سنتان إلى حين تطبيق تصميم التهيئة ،ويقوم بتحديد األغراض
العامة لألراض ي والمناطق التي يمنع فيها البناء وكذا المناطق املخصصة إلنجاز التجهيزات
األساسية واالجتماعية وحصرتلك المناطق التي يجوزفيها لرئيس املجلس الجماعي تأجيل البث
في طلبات اإلذن بإنجاز تجزئات أو مجموعات سكنية أو تراخيص بالبناء.
وللوقوف أكثر على دور تصميم التنطيق في حماية البيئة سنحاول توضيح مسطرة
إعداده كنقطة أولى على أساس إبرازأثاره على المكون البيئي في المناطق التي يطبق فيها كنقطة
ثانية.
حسب المرسوم التطبيقي لقانون ،56491-12فان تصميم التنطيق يتم وضعه بمبادرة
من اإلدارة المكلفة بالتعمير وبمساهمة الجماعات الترابية المعنية مع مراعاة الصالحيات
المسندة بموجب التشريع الجاري به العمل في هذا الميدان إلى الوكاالت الحضرية .ثم تقوم
بعرض المشروع على نظرلجنة محلية تتألف من :العامل المعني ،رئيسا؛ أعضاء اللجنة التقنية
التابعة للعمالة أو اإلقليم المعني؛ رؤساء املجالس الجماعية المعنية؛ رؤساء الغرف المهنية
المعنية.
وتوجه اللجنة املحلية موجزا ألعمالها مدعوما بمحضر عن هذه األعمال إلى اإلدارة
المكلفة بالتعمير أو إلى مديرالوكالة الحضرية بحسب الحالة ،قصد اتخاذ القرار ،وذلك داخل
أجل خمسة عشر يوما على األكثر بعد انتهاء األعمال المذكورة.
بعد ذلك تحيل السلطة المكلفة بالتعمير أو مدير الوكالة الحضرية بحسب الحالة
مشروع تصميم التنطيق إلى املجالس الجماعية المعنية لدراسته ،ويمكن لهذه املجالس أن
تبدي ،داخل أجل شهرين يبتدئ من تاريخ توصلها بالتصميم ،ما تراه في شأنه من اقتراحات ،و
مباشرة بعد ذلك ،تتم دراسة تصميم التنطيق بصفة نهائية من طرف السلطة المركزية
المشرفة على إعداده و تو افق عليه بقرارمن الوزيرالمكلف بالتعميرو ينشربالجريدة الرسمية.
- 564من المادة 71إلى المادة 17من المرسوم التطبيقي لقانون 90.12المتعلق بالتعمير.
بمجرد المصادقة على تصميم التنطيق ونشرة بالجريدة الرسمية ،فانه يصبح ساري
المفعول على املجال املخصص له في مدة سنتين كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ،وتصبح األغراض
املخصص لها ملزمة بالنسبة لإلدارات العمومية التي يجب أن تحترم التخصيص الذي قام به
التصميم فيما يتعلق بالمنشآت وكذا المناطق المسموح بها البناء والتجزئ إما بمنح الرخصة
أو رفضها أو تقييدها ،وبذلك فهو يلزم األفراد واإلدارات في نفس الوقت.
بحيث يقوم تصور تصميم التنطيق على معيار تقسيم المناطق حسب وظيفة حسن
استعمال السطح وتنظيم حركة النمو العشوائي ومواجهة التصنيع المتوحش بغية الحفاظ
على توازن المكون البيئي واستمرارية التخطيط العمراني المنظم.
والجدير بالذكر أن الكثير من هذه التصاميم –تصاميم التنطيق -انتهت مدة سريانها
القانونية بمرور سنتين بعد المصادقة عليها وبالرغم من ذلك نجد السلطات الجماعية تستمر
في تطبيق مقتضياتها إزاء المواطنين واإلدارات العمومية والسبب في ذلك يرجع إلى الفراغ الذي
يسببه عدم االنتهاء من مسطرة اإلعداد والمصادقة على تصميم التهيئة مما أدى إلى نمو السكن
العشوائي وهو ما يؤثر بشكل كبير في تدهور البيئة و انتشار النفايات الضارة بالصحة العامة
للسكان .
ويبقى للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية الدوراألساس ي في ملء ذلك الفراغ باعتباره
يهتم على األقل باالستعماالت األساسية لألراض ي 565.على اعتبار أن الحاالت التي يطبق فيها
تصميم التنطيق تظل ضئيلة لتوفر اإلدارة على سلطة تقديرية في اتخاذ إجراءات وضع تصميم
التنطيق أو االستغناء عنه ،ألنه غيرإلزامي.
مما يستدعي إعادة النظر في مدة إعداد تصميم التهيئة الذي سنتطرق إليه في النقطة
الموالية باعتباره احد أهم وثائق التعميراألساس ي لتنظيم املجال.
- 565عبد الرحمان البكريوي " :التعمير بين المركزية والالمركزية" ،الشركة المغربية للطباعة والنشر ،الطبعة األولى ،الرباط ،سنة ،0882
ص.18-18:
يعتبر تصميم التهيئة بمثابة وثيقة تعميرية تنظيمية هدفها تخطيط املجال الحضري
بشكل خاص ،والتحكم في التوسع العمراني للجماعات الحضرية والقروية بشكل عام،566
وتتضمن مجموعة من المعطيات البيانية والقانونية إضافة إلى الخرائط ،كما تشكل أداة
لترجمة توجهات املخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية عن طريق مبادئ قانونية يمكن
االحتجاج بها عند االقتضاء أمام اإلدارة أو املجالس الجماعية.
وتجدر اإلشارة أن تصميم التهيئة هو أول وثيقة تعميرية نص عليها التشريع المغربي في
مجال التخطيط الحضري ،ضمن أول قانون تنظيمي ألعمال التعمير صدر سنة ، 1911وقد
كانت هذه الوثيقة أول مخطط تنظيمي اعتمدت عليه سلطات االستعمارلتهيئة المدن ،وتنظيم
االستعماالت العقارية وإحداث المناطق و انجازالتجهيزات والمر افق األساسية567.
لذا فقد أولى المشرع المغربي عناية بالغة لتصميم التهيئة وأدخل عليه الكثير من
التعديالت ،وذلك لمواكبة التطورات التي عرفها التعمير ،والتمكن من تجاوزالثغرات التي أبانت
عنها ،وذلك في ظهير 01يوليوز 1952بست مواد ،ثم ظهير 10يونيو 1992الذي خصص له أربعة
عشرمادة من المادة 18إلى المادة .56801
وألجل اإلحاطة بمضمون هذه الوثيقة ودورها في حماية البيئة .سنعمل على إبراز نطاق
تطبيقها مع توضيح دوراملجالس الجماعية في إنتاج هذه الوثيقة (اوال) على أساس دراسة اثآثار
المترتبة عن هذه الوثيقة على البيئة(ثانيا).
حسب المادة 18من قانون ،91.12فان تصميم التهيئة يشمل فضاء الجماعات
الحضرية والمراكز املحددة ،إضافة إلى المناطق املحيطة بالمدن والمراكز املحددة
ي صبغة خاصة569. واملجموعات العمرانية والمناطق التي تكتس
- 566محمد الكنوني " :الوكاالت الحضرية وتدبير ميدان التعمير -حالة الوكالة الحضرية لسطات ،" -رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون العام ،وحدة التكوين و البحث تدبير اإلدارة المحلية ،جامعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
سطات ،2008-2007،ص .23 :
- 567أحالم محراث " :وثيقة تصميم التهيئة -حالة مدينة سطات –" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ،وحدة التكوين و البحث
تدبير اإلدارة المحلية ،جامعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سطات ،2011-2010،ص .28 :
- 568أحيدار سمير":قرار نزع الملكية في القانون العام المغربي" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام –وحدة التكوين والبحث :
اإلدارة العامة ،جامعة محمد األول،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ، 2002-2004ص .167:
- 569المادة 18من قانون 90-12المتعلق بالتعمير.
ومن بين أهداف تصميم التهيئة هي تنظيم املجال وتحسين الطابع الحضري وكذا
القروي وتدعيمه بالتجهيزات الضرورية التي يحتاجها املجال في تنميته اقتصاديا واجتماعيا،
لذا فان قانون التعميرخلق نوعا من المرونة واالنسجام لهذه الوثيقة وذلك بإمكانية إخضاعها
ى الحال570. لبعض التعديالت والتغييرات إن اقتض
أما فيما يتعلق بمسطرة إعداد تصميم التهيئة فقبل وضعه ،يجوز اتخاذ قرار يقض ي
بالقيام بدراسته ويعين حدود الرقعة األرضية التي يشملها تصميم التهيئة المزمع دراسته من
أجل الوقوف على الوضعية التي توجد عليها التجهيزات والبنايات التحتية الموجودة بالمنطقة
ثم بعد ذلك يصدر رئيس مجلس الجماعة بطلب من اإلدارة أو بمبادرة منه قرار القيام بدراسة
تصميم التهيئة بعد تداوله باملجلس ويستمر مفعول القرار المشار إليه حسب المادة 21من
قانون 91.12مدة ستة أشهرمن تاريخ نشره بالجريدة الرسمية ،ويجوزتجديده مرة واحدة لمدة
مساوية للمدة األولى ،وبذلك يؤجل رئيس مجلس الجماعة البت في جميع الطلبات الرامية إلى
إحداث تجزئة أومجموعة سكنية أوإقامة بناء في الرقعة األرضية المعنية ،فقط يمكنه أن يأذن
في إحداث تجزئة أومجموعة سكنية أو إقامة بناء بعد مو افقة اإلدارة إذا كان المشروع المتعلق
بذلك يتالءم مع األحكام الواردة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية أو مع ما يصلح له فعال
القطاع المعني في حالة عدم وجود املخطط اثآنف الذكر؛ وقد وضح المرسوم التطبيقي لقانون
91.12بأن تصميم التهيئة يتم وضعه بمبادرة من اإلدارة التي تتمثل في السلطة الحكومية
المكلفة بالتعمير مع مراعاة الصالحيات المسندة للوكاالت الحضرية بموجب التشريع
وبمساهمة الجماعات املحلية ،بعد ذلك يحال مشروع تصميم التهيئة قبل مو افقة اإلدارة عليه
إلى مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية لدراسته وللمجالس المشار إليها في الفقرة
أعاله أن تبدي داخل أجل شهرين من تاريخ إحالة مشروع التصميم إليها من اقتراحات تتولى
اإلدارة دراستها بمشاركة الجماعات املحلية التي يعنيها األمر ،وإذا لم تبد املجالس اثآنفة الذكر
أي رأي داخل األجل المنصوص عليه أعاله فإن سكوتها يحمل على أن ليس لها أي اقتراح في
موضوع التصميم املحال إليها ،ويكون مشروع تصميم التهيئة محل بحث علني يستمر شهرا
ويجري خالل المدة التي يكون فيها مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية بصدد
دراسته الذي يهدف إلى إطالع العموم على المشروع وتمكينه من إبداء ما قد يكون لديه من
مالحظات عليه بعد أن يوفررئيس مجلس الجماعة وسائل النشرواإلشهارقبل تاريخ بدء البحث
ثم يتولى مجلس الجماعة عند دراسته لمشروع تصميم التهيئة ،دراسة المالحظات المعبر عنها
خالل إجراء البحث قبل عرضها على اإلدارة571.
بمجرد إتمام مسطرة اإلعداد والمصادقة على تصميم التهيئة تجعله مصدرا لاللتزام به،
إال أن المستجد في قانون 91.12هو إمكانية التطبيق القبلي من خالل المادة 20من القانون
المذكور .وعليه فبمجرد اختتام مرحلة البحث العلني الذي يتم فيه عرض مشروع التصميم
على أنظار المواطنين إلبداء مالحظاتهم حوله والى غاية صدور النص الذي يقض ي بالمصادقة
عليه يمنع حسب مقتضيات نفس المادة أعاله لمدة محددة في اثني عشر شهرا ،572منح اإلذن
بانجاز مختلف األعمال المتعلقة بالبناء والغرس و إقامة التجزئات واملجموعات السكنية إذا
ما تضمنت هذه األعمال ما يخالف أحكام مشروع تصميم التهيئة الجديد573.
ونشير في هذا الصدد إلى أن المشرع المغربي لم يوضح بشكل صريح اثآثار المترتبة عن
تصميم التهيئة على عكس المشرع الفرنس ي الذي ألزم كل شخص عمومي أو خاص بالنسبة
لتنفيذ أي عمل من أعمال التعميرمما يحمل على كل أشخاص القانون العام أو الخاص االلتزام
بارتفاقات التعميرالتي يحدثها وفرض طلب الرخصة فيها574.
وتتم المصادقة على تصميم التهيئة بقرار تنظيمي ينشر بالجريدة الرسمية وتصبح
مقتضياته من المنفعة العامة التي حدد المشرع المغربي اجلها في عشر سنوات من تاريخ
المصادقة عليه والذي يقض ي بالقيام بكل ما يلزم من أجل انجازالتجهيزات الضرورية كتحديد
الطرق بما فيها المسالك والساحات ومو اقف السيارات الواجب الحفاظ عليها أو إحداثها،
و إقامة حدود المساحات الخضراء العامة بما تشتمل عليه من أماكن مشجرة وبساتين و إقامة
- 571أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير " ،مرجع سابق.
- 572غرض المشرع من تحديد المدة في اثني عشر شهرا هو التعجيل بصدور نص المصادقة على مشروع تصميم التهيئة.
- 573المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،مرجع سابق ،ص.189 :
- 574انظر عبد الرحمان البكريوي " :التعمير بين المركزية والالمركزية" ،مرجع سابق ،ص.120 :
حدود ميادين األلعاب والمساحات المعدة للتظاهرات الثقافية والفلكلورية الواجب الحفاظ
عليها أو تغييرها أو إحداثها ،ثم إقامة كل المساحات املخصصة للتجهيزات العامة بما فيها
السكك الحديدية والتجهيزات الصحية والثقافية والتعليمية والمباني اإلدارية والمساجد
والمقابر ،إضافة إلى تحديد دو ائرالقطاعات الواجب إعادة هيكلتها أوتجديدها .مما يؤثربشكل
ايجابي في الحفاظ على البيئة.
يمكن القول أن أحكام تصميم التهيئة تلزم كل الهيئات المعنوية المعنية بتطبيقه في
نطاق اختصاصاتها وداخل دائرة نفوذها هذا من جهة ،أما من جهة ثانية فتصميم التهيئة يلزم
كذلك الفاعلين الذين يتعين عليهم احترام قواعده والتقيد بضوابطه خصوصا فيما يتعلق
بمسطرة الحصول على الرخص في انجاز المشاريع المتعلقة بالتجزئات والتجهيز واألبنية575،
تشكل قرارات تخطيط الطرق العامة ابرز وثائق التعمير التي تكتس ي طابع االولوية من
حيث ظهورها والعمل بها بالمغرب وهو تصميم خاص بتهيئة الطرقات والساحات العامة
ومو اقف السيارات كما يعد اداة من ادوات التعميروتخطيط المدن.
و انطالقا من التصميم الوطني إلعداد التراب ووثائق التعمير تتضح معالم السياسة
الوطنية إلعداد التراب الوطني في عالقتها مع البيئة ،حيث نجد ان كل املخططات والتصاميم
تعمل على املحافظة على البيئة ،اما في اطارمحاربة البناء العشوائي او اقامة مدن جديدة ،او
فيما يتعلق بتصميم وتهيئة المناطق الخضراء .وهذا ما تمت مناقشته اثناء اعداد الميثاق
الوطني إلعداد التراب الوطني.576
فبالرجوع الى المادة 02من قانون 91.12نجد انه سواء تعلق االمر بتخطيط حدود
الطرق العامة أم بقرارات تخطيط الطرق العامة المعينة فيها األراض ي المراد نزع ملكيتها لما
تستوجبه العملية ،فان صالحية إصدارهما -عكس باقي وثائق التعمير -تعود لرئيس املجلس
الجماعي و التي توضح هدفها إما بإحداث طرق جماعية وساحات ومو اقف عامة للسيارات أو
- 575المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :إعداد التراب الوطني والتعمير"،مرجع سابق ،ص.191-190 :
- 576عباس دنيال :اشكالية التوازن بين التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة ،بحث لنيل الدبلوم الجامعي في االستشارة القانونية
،جامعة محمد الخامس السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال ،السنة الجامعية ، 8182-8188ص .81
تغيير تخطيطها أو عرضها أو حذفها كال أو بعضا وتكون هذه القرارات مصحوبة بخريطة تبين
حدود الطرق والساحات ومو اقف السيارات المزمع إحداثها وإدخال تغيير عليها أو حذفها577.
فالغاية من احداث مثل هاته الطرقات هو تنظيم المدن والقرى جماليا وبيئيا من خالل
صالحية احداث الطرق العامة والساحات العمومية بالجماعات الترابية او تغييرها او عرضها
او حذفها كال او بعضا وهنا نستنتج ان قرار تخطيط الطرق العامة والساحات العمومية يخول
لإلدارة حق اتخاذ تدابير ترمي الى تعيين الملك العمومي الجماعي وتعيين الحدود الفاصلة بينه
وبين اراض ي الخواص.
كلها امورمن شـأنها تنظيم المدن جماليا وتنظيميا ما سيؤثرالمحالة بشكل ايجابي على
المكون البيئي واستدامتها.
خاتمة:
لطالما اعتمد نهج التعمير منذ نشاته في القرن التاسع عشر على مبدأ املحافظة على
الصحة العامة والحفاظ على المكون البيئي ،لكن التطورالسريع للمدن والعمران بصفة عامة
جعل القضايا الصحية لإلنسان من ضمن الثانويات وبذلك اصبح المكون البيئي يواجه
تحديات اجتماعية وتربوية و اقتصادية وقانونية.
واالكثر من ذلك أن قانون التعمير بالمغرب الزال يواجه فكرة استهالك املجال ،مما
يجعل سياسة التخطيط العمراني يرتكز على رؤية جامدة ومتشددة تتأسس على مبدأ الكل
لالسمنت في اطارمقاربة كمية يهيمن عليها منطق االسكان بدل التعميروهوما يؤثرعلى الموروث
البيئي بشكل مباشر مايستدعي انقاد هذا الموروث عبر اصدار مدونة شاملة تجمع شتات
القوانين والدوريات المتعلقة بالتعميروالبيئة.
المصطفى معمر ،أحمد أجعون " :اعداد التراب الوطني والتعمير" ،الطبعة االولى ،
املجموعة البيداغوجية لوحدة تدبيراملجال ،مكناس ،سنة . 5833-5838
- 577أحمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب".،طروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،وحدة التكوين والبحث،
اإلدارة العامة ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية 4004-4001ص . 18 :
أحمد مالكي ،سعيد البولماني " :ادارة التعمير و اكراهات الو اقع" ،املجلة المغربية
لالدارة املحلية والتنمية ،شتنبر-دجنبر ،عدد ،00-03سنة ،5880الصفحة .
نبيل الريمي " :البعد البيئي في ميدان التعميربالمغرب " أطروحة لنيل الدكتوراه ،مركز
دراسات الدكتوراه القانون المقارن ،االقتصاد التطبيقي والتنمية المستدامة ،تكوين
الدكتوراه :القانون العام والعلوم السياسية ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية بسال ،السنة .5833-5830
أحمد مالكي " :محاضرات في مادة قانون التعمير "،ألقيت على طلبة ماستر القانون
العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية الفوج الثالث ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية .2110-2112
عبد الرحمان البكريوي " :التعميربين المركزية والالمركزية" ،مرجع سابق ،ص.82-81:
-محمد الكنوني " :الوكاالت الحضرية وتدبير ميدان التعمير -حالة الوكالة الحضرية
لسطات ،" -رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،وحدة التكوين و
البحث تدبير اإلدارة املحلية ،جامعة الحسن األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،سطات ،2118-2110،
أحالم محراث " :وثيقة تصميم التهيئة -حالة مدينة سطات –" ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون العام ،وحدة التكوين و البحث تدبير اإلدارة املحلية ،جامعة الحسن األول
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سطات .2111-2111،
أحيدار سمير":قرار نزع الملكية في القانون العام المغربي" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام –وحدة التكوين والبحث :اإلدارة العامة ،جامعة محمد األول،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ، 2115-2111
أحمد مالكي " :التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب ،طروحة لنيل الدكتوراه في
الحقوق ،وحدة التكوين والبحث ،اإلدارة العامة ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية .5880-5880
–
ولما لهذا املجال من أهمية ودوربارزفي تقدم األمة وازدهارها ،فقد اخترته ليكون عنوانا
لسلسة مقاالت تغوص في الموضوع عساها تنير الدرب للمهتمين ،حتى يتبين للغير شمولية
االقتصاد اإلسالمي و أنه ليس بمنأى عن مستجدات العصر ،وأن اإلسالم صالح لكل زمان
ومكان.
مقدمة:
ال يخفى على أحد أن اإلسالم رسالة جاءت لجميع العالمين وخاتما لما قبله .و انطالقا
من ذلك جاء متناوال لحياة البشر على جميع األصعدة ،سواء روحية كانت أو مادية .فهذا الدين
لم يكن أبدا مجرد عقيدة بل هو شامل لجميع الحياة سياسية ـاقتصادية ـاجتماعية في تنظيم
لنواحي حياة البشر .وتجسد األمر في أفعاله صلى الله عليه وسلم و أقواله ،فهو الله صلى الله
عليه وسلم لم يكن واعظا فقط بل حاكما على دولة تنفذ في دولة أسسها هو وأصحابه .
و تعبير باصطالح جاء بلفظ (اإلسالم عقيدة وشريعة دين ودنيا) وذلك ما جعلني أجزم
أن الفكراالقتصادي اإلسالمي قديم بقدم رسالته ،ألن اإلسالم محيط بشتى أنواع الحياة .لذا
من الطبيعي أن يساهم أصحاب المفكري اإلسالمي في إثراء دراسات اقتصادية ،وخاصة
اإلنمائية منها 578بإفراد مؤلفات تخص التنمية.579
وبالنظر لما سبق فبإمكاني القول بأن فكر اإلقتصاد اإلسالمي كان استجابة ضرورية
لفهم اإلسالم ،والوقوف عند هديه في كل املجاالت والتي بال شك منها مجال اإلنماء في االقتصاد.
وقد نشأت هذه الفكرة بداية في حضن الفقه والتفسير ،فعندما نجد علماء من أهل
التفسيريبينون جوانبا متعلقة بالتنمية وهم بمعرض تفسيربعض اآليات القرءانية يتضح لنا،
نوع االهتمام عندهم بهذا الجانب ،إن ما يهمني هنا في هذا المقال هو إبراز اهتمام المتقدمين
من العلماء بالقضية ،لكنها كانت بعبارة عمارة األرض لقوله تعالى <هو أنشأكم من األرض
واستعمركم فيها> .580أي بمعنى كلفكم بعمارتها 581
ولفظ عمارة األرض اصطالح مشتمل على مضمون التنمية االقتصادية وزيادة ،فنرى
عليا كرم الله وجهه يقول في كتابه إلى أحد والته بمصر (واليكن نظرك في عمارة األرض أبلغ من
نظرك في استجالب الخراج ألن ذلك ال يدرك إال بالعمارة ومن طلب الخراج من غيرعمارة أخرب
البالد ).
وقد جعل عمررض ي الله عنه مهمة ولي األمرفي عبارته المعروفة (إن الله قد استخلفنا
على عباده لنسد جوعهم ونوفرلهم حريتهم فإن لم نفعل فال طاعة لنا عليهم ).
مما شك فيه أن تأمين معاش الناس هو أساس الحكم وهو ما يعرف باصطالح القدامى
بضمان حد الكفاية .582
578محمد شوقي الفنجري :المذهب االقتصادي في االسالم ـالهيئة المصرية للكتاب ـ4242ـص142
580سورة هود اآلية 124
581أحكام القرءان للقرطبي :دار المصحف بيروت ـالجزءالرابع ـص ـ1314
582محمد شوقي الفنجري مرجع سابق ـص ـ1433
وبالنظر إلى هذا المنطق جاء القرءان العظيم في البداية واضعا حكام المسلمين
وعلمائهم واألمة جمعاء على الطريق الصحيح ألجل تحقيق ذاتهم كي يكونوا كما أراد الله لهم
خلفاء األرض.
ومن هنا تحقق للمسلمين التقدم واالنطالق ماداموا ملتزمين بذلك ،و انتكسوا يوم
تخليهم عنه 583.
ومع انتشاراإلسالم و اتساع الفتوحات وكثرت النشاط االقتصادي وتعدد أشكاله أنجز
المسلمون انجازات عظيمة للحضارة في جميع املجاالت االقتصادية ..
فعلى سبيل المثال ،ال حصر ،وبإرادة بال نطير كان باستطاعتهم في العهد األول لظهور
بداية اإلسالم أن طوروا نظامهم المالي ،عندما أوجدوا الميزانية والضرائب ومؤسسة بيت
المال ،كذلك استخدموا الدواوين وسكوا النقود ،وجعلوا المعامالت بالصكوك وبالسندات
وظهر أهل املحاسبة ،وما رسوا نوعي الصناعة تعدينا وتحويال فكان استخراج أنواع المعادن
واألمالح والذهب والفضة والجواهروالرصاص والنحاس واللؤلؤ والزئبق والفحم .
كذلك كانت صناعة أجهزة علمية للرصد الفلكي والكيمياء والجراحة ،وصناعة أنواع
السالح والعتاد والسفن ،أما فيما يخص املجال الزراعي فقد اشتهروا بأنظمة الري بأنواعها من
قنوات ونحوها .
باإلضافة إلى ما سبق فقد تبوأت التجارة عند المسلمين المكان األول في التجارة
العالمية ،وكانت األسكندرية وبغداد هما اللتان تحددان األسعارللعالم .584
وبتتبع هذا النشاط االقتصادي الفريد كانت األفكارتتدفق اقتصادا وتنمية انطالقا من
الشريعة اإلسالمية .
وكانت مؤلفات الفقهاء تتزايد على مدى الدهر ،فلم ينقطع عطاء األمة اإلسالمية في
هذا النوع إلى يوم الناس هذا ،فقد بدأت المؤلفات من اإلمام أبي حنيفة المتوفى عام
(308ه)ومالك المتوفى عام ( )300الشافعي المتوفى عام (،582و ابن حنبل المتوفى عام
532ه.585
كما أن ابن حزم المتوفى 200ألف كتابه املحلى ،وكان عالج فيه التزام الدولة بضمان
حد الكفاية لكل أفرادها ،فتجاوز به كل األفكار اقتصادية المتقدمة586 .
واستمرالعطاء حتى وصل نهضة الفقه اإلسالمي الحديث ،يتمل ذلك في مؤلفات اإلمام
أبي زهرة والشيخ يوسف القرضاوي في مؤلفاته ،587وغيرهما..
وهذا المسلك نجد عليه النظريات االقتصادية التي لها العمق الرصين ،كما عند
أصحاب التفاسير مثل الطبري ،وكذا الجصاص ،والقرطبي ،و ابن كثير..
ومع تناثرأغلب الدراسات التي لها عالقة باالقتصاد اإلسالمي في كتب الفقه والتفسير،
إال أنها توجد بعض المؤلفات االقتصادية المستقلة بل أبعد من ذلك ،حيث أن أول دراسات
اقتصادية موجودة في العالم ،ظهرت في ظل اإلسالم كانت على يد كتاب مسلمين منذ القرن
السابع الميالدي ،589وهذه المؤلفات بدأت بكتاب الخراج ألبي يوسف ،ثم كتاب يحيى ابن ءادم
القرش ي ،كتابه الذي سماه الخراج ،وهذان المؤلفان ظهرا في القرن الثاني للهجرة ،وهما
يشتمالن على فكر إنمائي متقدم ،وهما ما يجعالن الفكر اإلسالمي أولى محاوالت للبشر إلفراد
الفكراإلقتصادي بتأليف مستقل ،ألنه ال يعرف العالم كتابا اقتصاديا سابق لهذين المؤلفين،
وخصوصا كتاب أبي يوسف .590
اإلمام أبي يوسف هو يعقوب بن إبراهيم قاض ي القضاة ،في عصر الدولة العباسية في
فترتها الذهبية ،وهو من أكبرتالميذة اإلمام أبي حنيفة ،ولد عام ()331وتوفي عام (.)305
واإلمام أبي يوسف هذا انفرد بش يء ما شاركه فيه أحد من المسلمين ،وكان ذلك يتمثل
في تقديم دراسة اقتصادية مستقلة عن الفقه االقتصادي ،إذ أفرد كتابا خاصا عن االقتصاد
هو *كتاب الخراج*.
ومن هنا فعلى يديه ظهرت أولى الدراسات االقتصادية المستقلة في العالم .591وهذا
الكتاب رآه الدكتور صالح نامق أشبه ما يكون بمؤلف *دلتون * أستاذ المالية العامة في
الضرائب في القرن العشرين 592.والو اقع في كتاب الخراج أنه مهتم بشؤون الجباية والخراج
كما يظهرمن اسمه ،
في حين يتضح من جوهره أنه خطة لإلصالح المالي واالقتصادي ،ألجل رفع من مستوى
إنتاج األمة اإلسالمية ،ويحقق تنميتها االقتصادية بشكل كامل ،وقد حمل في ذلك المسؤولية
للكل من دولة وفرد ،مبينا أن العمل هو كل ش يء وأساسه وبه يكون العمران والقوة .593
و كتاب الخراج متضمن مجموعة أسس رأى أبو يوسف أنها ال بد منها ألجل إقامة تنمية
اقتصادية.
وقد لخصت في محاور ثالثة 594.
قال أبويوسف <إن العدل و إنصاف المظلوم وتجنب الظلم مع ما في ذلك من األجريزيد
به الخراج وتكثر به عمارة األرض والبركة مع العدل تكون ،وهي تفقد مع الجور ،والخراج
المأخوذ مع الجورتنقص البالد به وتخرب .595
<ومن هنا فإن أبي يوسف عندما يتحدث عن أسس العمارة "التنمية" وأصولها وبناؤها
يستخدم تعبير"عمارة البالد" الذي يشمل عمارات كل القطاعات فيقول <إن تجنب الظلم تكثر
به عمارة البالد > أي عمارات جميع القطاعات ،كذلك يستخدم أبي يوسف مرادفا ءاخر
للرفاهية وهو ‘البركة ‘ والبركة في الفكر اإلسالمي تعني الوفرة والشعور عند اإلنسان بتحقيق
رغباته وإشباع حاجاته ،فهي ضامن لجانب من اإلحساس الروحي إلى جانب اإلحساس المادي،
والبركة عند أبي يوسف مالزمة للعدل وتنتفي عندما يوجد الظلم .596
و انطالقا مما ذكرت فإن وجود العدل عند أبي يوسف يعتبر شرطا من شروط تحقيق
التنمية ،ويشعرالبشربالرضا ،وتلك مزية تدفعهم أن يعملوا ،فيحصل اإلنتاج ويحصل الرفاه .
إن لإلسالم أهمية معتبرة يوليها للملكية الخاصة ،ويعتبرأنها حق مصان لصاحبه ،وأن
املحافظة على الملكية الخاصة ودعمها هو شرط أساس ي للتنمية ،ولذلك يدفع اإلنسان ليبذل
جهدا يوسع به ملكيته ويعمل على تنميتها ،ما يجعل موارد املجتمع تساهم في التنمية ،وهذا
موقف أبي يوسف الذي بينه بقوله " ليس لإلمام أن يخرج من يد أحد إال بحق ثابت معروف"597.
ـ ـ يحمل الدولة مسؤولية تدعيم الملكية الخاصة ونشر نطاقها ،بأن يتم إقطاع األرض
الموات لمن يقدرعلى تعميرها .
فيقول :
"ال يترك اإلمام ‘الدولة‘ أرضا ال ملك ألحد فيها وال عمارة حتى يقطعها اإلمام فذلك أعمر
للبالد ".598
فتعمراألرض بالملكية الخاصة ،وبها تحصل التنمية عند اإلمام أبي يوسف .
يرى أبو يوسف أن تدخل الدولة عامل أساس ي تحصل به التنمية وبه يزدهر اإلقتصاد
ويستمر.
يقول "يا أميرالمؤمنين إن الله قلدك أمرهذه األمة فأصبحت وأمسيت تبني لخلق كثير
قد استرعاكم الله و ائتمنك عليهم وليس يثبت البنيان إذا أسس على غير التقوى أن يأتيه الله
من القواعد فيهدمه على من بناه فيه فال تضيعن ما قلدك الله من أمر هذه األمة والرعية فإن
القوة في العمل ..و إنما يدعم البنيان قبل أن يهدم ".599
يقول األستاذ الدكتوريوسف إبراهيم يوسف معلقا على هذا النص " فمهمة الدولة في
بناء املجتمع يعني تحقيق التنمية االقتصادية "600.
اإلمام أبو يوسف العمل عنده مربوط بالتقوى وهذه سمة من سمات االقتصاد
اإلسالمي الذي أساسه على األخالق ومر اقبة رب العالمين .
نرى كذلك اإلمام محمد ابن الحسن الشيباني المتوفى عام (512هـ)يؤلف في الثلث األول
من القرن الثالث الهجري كتابه الذي يساهم في فكرة اإلنماء وهو يحمل عنوان *االكتساب في
الرزق المستطاب *.
و في نفس الفترة الزمنية جاء اإلمام أبو عبيد القاسم ابن سالم المتوفى عام (522هـ)،
أوسع كتاب وأكثر جمعا فيما يتعلق باألموال في الدولة ،كما توالت مؤلفات في الموضوع تحت
عناوين مختلفة،
واإلشارة إلى محاسن التجارة لجعفرالدمشقي ،والذي وجد اهتماما كبيرا لم يقتصرعلى
المسلمين الذين اشتغلوا باإلقتصاد اإلسالمي فقط ،و إنما من بعض المستشرقين الذين
حرصوا عليه بشكل كبير وملح 602.
وبما أن الدمشقي في كتابه هذا تعرض ألفكار عدة لها صلة بالتنمية سنتعرض لبعض
منها بنوع من اإليجاز ،فمن الموضوعات ذات الطابع اإلقتصادي التي كتب الدمشقي عنها ،هي
المال وتقسيماته ـ قيمة المال ـ الحاجات وتعددها ـ الثمن ـ النقود ـ العرض والطلب ـ الملكية ـ
وسائل حفظ المال 603.
يعرف المال بأنه كل ما يقتنى ،ويرى أن األموال كلها نافعة إذا حسن تدبيرها .
وحين يتكلم عن المال يثني على الغنى الموروث وكذلك المكتسب فبالنسبة لألول ينبؤ
عن نعمة قديمة بينما الثاني ينبؤ عن همة عالية وعقل و افر ورأي كامل 604.
كما أنه تحدث عن األموال و أنواع الصنائع وقسمها إلى نوعين :
602صالح عبدالله كامل لإلقتصاد اإلسالمي جامعة األزهر ـ 4224ـ ص ـ143رفعت السيد العوضي :تراث المسلمين العلمي اإلقتصادي:
مركز1
603المرجع السابق ـ ص ـ 141
604رفعت السيد المرجع السابق ـ ص ـ 145
605نفس المرجع السابق ـ ص ـ 145
"تتضمن اآلراء التي عرفها الدمشقي نوع ريادة في تاريخ الفكراالقتصادي ،فالمعنى الذي
فهم به مصطلح الصناعة فيه نوع ريادة إنه يعتبرالعلوم صناعة وهذا ما تعتبره اآلن الدراسات
االقتصادية ،والدمشقي بهذا الفهم كان سابقا على عصره"606.
تكلم الدمشقي في كتابه عن اإلنفاق في مواضيع كثيرة ،وكانت كتاباته عن هذا النوع على
محورين :
وفي تقديمه في العرض الذي ذكرنالحظ أن املحورين متداخلين بشكل واضح ،ويمكن أن
نلخص ءاراءه حسب اآلتي :
أ ـ ـ أال ينفق الشخص شيئا زائدا على ما يكتسب ،وكذلك أن ال يتساوى اإلنفاق مع
الدخل ،بل يكون دونه ،وكان كالمه هذا حثا على االدخار .
ب ـ أن يقتصر اإلنسان في اإلنفاق على حاجته ،غير متعد في ذلك أهل طبقته ،أي أنه
يربط اإلنفاق االستهالكي بالحاجة ،وكذلك ربط الحاجة بمستواه الطبقي .
الدمشقي يربط إيجابيا اإلنفاق مع بعض القيم كاألخالق والقناعة وطاعة الله تعالى .
كما أنه ربط بين اإلنفاق والمعصية واللؤم فربطه االقتصاد واألخالق سلبا كان كان
أو إيجابا هي من خصوصيات تراث اإلسالم التي تتعلق باالقتصاد .
أال يمد يده إلى ما يعجزعن القيام به كأن يشغل ما عنده في مدينة ال يقدرعلى عمارتها .
وأن ال يشغله بش يء يتأخر خروجه ،إنه يربط اإلنفاق االستثماري بطبيعة وسرعة دوران رأس
المال وبالقدرة على العمل .
*فإنه يمكن القول أن مساهمة الدمشقي تمثل أقوى مساهمة من نوعها في تراث
المسلمين العلمي في االقتصاد ،وذلك حتى عصرالدمشقي أي التفوق الذي نقصده لمساهمته
موضوع تحت تحفظ أن ذلك مربوط بعصره والعصورالسابقة عليه 607.
وهذا اإلسم قد أخذ مكانه من الشهرة واألهمية ال غبارعليه في تراثنا اإلسالمي وشهرته
هذه لم تقتصر على املجال االقتصادي فحسب و إنما غطت مساحات كثيرة وواسعة في مجال
العلوم اإلجتماعية .
وال يخفى على أحد ما لقيه ابن خلدون من كثير عناية من لدن الباحثين المتخصصين
في عدة فروع معرفية وعنه عقدت مؤتمرات ،ولم يقتصر هذا على اللغة العربية فقط و إنما
مساهمات جاءت في كتابات وبلغات كثيرة .
وتتضح لنا أهمية أفكار ابن خلدون إذا ما رأينا أن كتابه المقدمة ترجم إلى عدة لغات
مثل اللغات األوروبية وكذلك التركية واليابانية 608
إن مقدمة ابن خلدون التي جاءت سنة 000هـ في القرن الرابع عشر ميالدي هي صورة
مماثلة لكتاب ثروة األمم الذي كتبه أب االقتصاد الحديث ءادم سميث 3003م
ورغم أن ابن خلدون سبق ءادم سميث بخمسة قرون فقد بحث في مقدمته مقومات
الحضارة ونشوئها و إنتاج الثروة وصور النشاط اإلقتصادي ونظريات القيمة وتوزيع السكان
و أنه ال يختلف الكتابان إال اختالفا بيئيا 609
لقد قدم ابن خلدون دراسة مستفيضة عن نموالثروة بلغ فيها مستوى لم يسبق له مثيل
أو بعبارة ابن خلدون ‘العمران؛ وهو يمثل الموضوع الرئيس ي في كتاب المقدمة يتأكد هذا من
عنوان الكتاب مقدمة في طبيعة العمران ،كما يتأكد من موضوعاته التي تتناول العمران
بطريقة مباشرة أو غير مباشرة 610
وال بأس أن نورد بعض الدراسات التي تناولت نظرية النمو في مقدمة ابن خلدون
فقد قدم دراسة تحت عنوان ‘نظرية النمو االقتصادي؛ويعتقد أنها أول دراسة بلغة
أجنبية تخصص مساحة مميزة لنظرية اقتصادية من نظريات ابن خلدون لقد تضمنت فقرة
بعنوان ‘تفسيرمعاصرلنظرية ابن خلدون ؛عمل المؤلف على تقديم نظرية ابن خلدون في النمو
االقتصادي في صياغة حديثة مستخدما نموذجا رياضيا وبيانيا متقدما استغرق عرض هذه
النظرية الصفحات من 23إلى الصفحة 61100
ويرى األستاذ اكراند فيل أن نظرية ابن خلدون تقوم على أن النمو االقتصادي ناتج عن
تفاعل خمسة عوامل هي :
يقول الدكتور السيد رفعت العوض ي ،لقد استنتج اكراند فيل أن ابن خلدون قدم
نظرية للنمو االقتصادي ذات تفوق في فن التحليل قد سبق ‘سلو؛في أفكاره ومعروف أن
‘سلو؛هو اقتصادي ءامريكي أعطى مساهمات لها اعتبارها في نظرية النمو وذلك في النصف
الثاني من القرن العشرين 612
ثانيا :
وفي دراسته التي قدمها الدكتور دنيا ،الفكر االقتصادي في مقدمة ابن خلدون كان قد
استخدم مصطلح النمو االقتصادي للتعبيرعن نظرية ابن خلدون في العمران.
ويتوصل الدكتوردنيا في الدراسة التي أعدها إلى عاملين وهما األساسيين الذين يؤثران
في النمو وهما العامل السياس ي والديني :
وخالل نقاشه أبرزبوضوح بنودا أساسية لهذا التعامل جمعها في يلي :
أ ـ ضرورة العمل على إيجاد وضع أمثل للتعاون وتوزيع المهام في املجتمع.
د ـ اإلستقرارالسياس ي .
وقد أشارالباحث إلى العامل الديني و أنه يؤثرعلى النمو بحيث اعتبرأن العامل العقدي
هو أهم عوامل التقدم وأن السياسة الشرعية اإلسالمية هي شرط لتحقيق النمو على على نحو
مستقروأن التخلي عن شريعة اإلسالم سبب به يقع خراب العمران
واستنتج شوقي أحمد دنيا ،أن ابن خلدون يرى أن الدين هوالعامل األساس ي القادرعلى
تحقيق الشروط التمهيدية للتقدم.614613
الخاتمة:
مما ذكر سابقا يتضح لنا أن لفظ العمارة جاء بمعنى التنمية االقتصادية ولذلك يرى
بعض الكتاب اإلسالميين إن لم نقل كلهم أن الحضارة اإلسالمية كان لها السبق إلى معرفة
التنمية ألن لفظ العمارة يعني التنمية والنهوض باملجتمع على مختلف األصعدة وهذا جوهر ما
تطمح إليه جميع النظريات التنموية ولذلك لفظ العمارة أكثرشموال من التنمية كما يرى أهل
االختصاص المعاصرون ..
ولـأن عمارة األرض *التنمية بالمعنى الحديث*لم تكن عمال دنيويا فحسب بل كذلك
جهد يعبد الله تعالى به وكل خطى اإلنسان إذا كانت طاعة للعي القدير ولو كانت ألجل الدنيا
وطلب الرزق تكون عبادة يرجى بها رض ى الله تعالى وحسن ثوابه.
الئحة المصادر
محمد شوقي الفنجري :المذهب االقتصادي في االسالم ـالهيئة المصرية للكتاب ـ.3003
سعيد سعيد مرطان ـ مدخل للفكر االقتصادي في اإلسالم ـ مؤسسة الرسالة ـط ـ5ـ
.3003
صالح عبد الله كامل لإلقتصاد اإلسالمي جامعة األزهر ـ 3000ـ ص ـ.51رفعت السيد
العوض ي :تراث المسلمين العلمي االقتصادي.
وتوصلت الدراسة إلى نتائج من أبرزها أن الخالف في أصل الشروط في البيع من الخالف
العالي مبناه على جملة من األحاديث الواردة فيه وأن الفقهاء اتفقوا على جواز الشروط التي ال
تنافي العقد وال تصادم نصا شرعيا وعلى حرمة عكسها واختلفوا فيما سوى ذلك ،وأن المالكية
تفردوا بمحاولة الجمع بين األحاديث فكان لهم تقسيم خاص وتمييز بين تلك الشروط على نحو
ما سيأتي تفصيله.
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين ،وصلى الله على أشرف األنبياء والمرسلين ،وعلى آله وصحبه
والتابعين ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد فإن المعامالت المالية ،ومكانة تنظيمها ومركزيته في نظام حياة الناس ،من
أمهات المهمات في التشريع اإلسالمي لمسيس الحاجة العامة إليها ،وأوسطية شأنها في الشريعة
اإلسالمية ،ول قد كانت عناية الشارع بتنظيمها ،وبيان كافة اإلجراءات ،والمناهج الصحيحة،
الموضحة لها ،والتي يجب على المكلف اتخاذها كافية في الداللة على ما تحتله من منصب بالغ
األهمية في التشريع ،وقد عدها بعض أولي النظرمن املحققين مما يجب على كل مكلف معرفته؛
إذ ال يخلو المكلف عادة من معاطاة هذه المعامالت؛ لحاجته للوصول إلى ما بيد األخر برضاه
بطريق شرعي ،حسما لباب المنازعات ،واالعتداء ،واللجوء إلى الخداع ،والحيل املحرمة شرعا.
كل ذلك من أجل االبتعاد عن أسباب تحريهما وفسادها ،والتنبيه على الصراط
المستقيم في ذلك والنهج القويم حتى يتبين الصحيح من الفاسد ،والحق من الباطل،
والمتشابه من الواضح؛ فيكون المسلم المتعاطي لهذه المعامالت على بينة من أمره ،وبصيرة
من ربه.
و انطالقا من ذلك و إيضاحا لما قد يلتبس على الكثير من دقائق األحكام المتعلقة
بمجال المعامالت المالية جاءت هذه الدراسة المقتضبة في موضوع من أهم مواضيع هذا
الباب الذي هو :الشروط في البيع تعريفا وتقسيما ،وتمييزا للصحيح منها والفاسد على مذهب
السادة المالكية.
إشكالية الدراسة :ال بد للمتبايعين أو أحدهما في الغالب من شرط في عقد البيع إما
لمصلحة العقد أو ألحد المتعاقدين وقليل من العامة بل ومن بعض المتفقهة من يميز بين
الجائزمن تلك الشروط والممتنع منها فكانت هذه الدراسة محاولة موجزة لعالج تلك اإلشكالية
بالتمييزبين أقسام تلك الشروط ،وبيان أحكامها في منهج يقرب المنشود للطلبة والباحثين.
منهج الدراسة
المنهج الذي قامت عليه الدراسة هو المنهج االستقرائي التحليلي ألهم ما ورد من
النصوص من حيث الصحة والشمول في مضوع الشروط في البيع؛ الستنتاج خالصته ،وقطف
يانع ثمرته ،وجعلها في ثوب منهجي قشيب.
أهميتها:
تكتسب هذه الدراسة أهميتها من أهمية مضوع البحث ومركزيته في المعامالت المالية
وكثرة وقوعه وحاجة متع اطيه إلى بيان حكمه إذ يجب على المسلم الذي يحتاج للبيع والشراء
أن يتعلم أحكامهما وما يتعلق بها من شروط وغيرها تفاديا للوقوع فيما ال يجوز وقطعا
للخصومات.
أهداف الدراسة:
إيضاح مذهب اإلمام مالك في أصل الشروط في البيع ،وكيف تعامل مع مختلف
األحاديث الواردة في ذلك.
اإلسهام في تقريب أحكام الشروط في البيع لمن يحتاجها من العاملين في البيع والشراء،
والطلبة والباحثين.
سبب اختيار المضوع :يعود اختيار مسألة الشروط في البيع ليكون موضوع الدراسة
أساسا إلى كثرة ما يقع فيه من الخلط عند بعض الدارسين لتشعبه وتفرق مادته واختالف
أقسامه ،وأحكامها.
خطة البحث:
انتظم عقد هذه الدراسة في مقدمة ومبحثين وخاتمة وفق ما يلي :المبحث األول :مفهوم
الشروط في البيع وتأصيلها .المبحث الثاني :أقسام الشروط في البيع عند المالكية.
مما تقررعند العلماء أن الحكم على الش يء فرع عن تصوره والتزاما بهذا النهج المعرفي
الترتيبي نتناول مفهوم الشروط في البيع في المطلب األول من هذا المبحث ثم نحقق األصل في
الشروط في البيع في المطلب الثاني.
الشرط بتسكين الراء في اللغة :إلزام الش يء والتزامه في البيع ونحوه ،كالشريطة ،جمعه:
شروط وشرائط.615
الشرط في اصطالح األصوليين :ما يلزم من عدمه العدم وال يلزم من وجوده وجود وال
عدم لذاته616
والمراد به في اصطالح الفقهاء هنا :إلزام أحد المتعاقدين اآلخربسبب العقد ما له فيه
منفعة.617
تجدراإلشارة إلى أن هناك فروقا بين ما يعرف بالشروط في البيع وهي المقصودة بالبحث
هنا وشروط البيع.
الفرق األول :أن شروط البيع هي التي وضعت من قبل الشارع والشروط في البيع هي التي
يشترطها أحد المتعاقدين على اآلخر.
الفرق الثاني :أن شروط البيع تتوقف عليها صحته والشروط في البيع يتوقف عليها لزوم
البيع إن كانت صحيحة وفساده إن كانت فاسدة على ما يأتي من التفصيل في مبحث أنواع
الشروط.
الفرق الثالث :أن شروط البيع ليس ألحد من المتعاقدين أن يسقطها بخالف الشروط
في البيع.
الرابع :الشروط في البيع منقسمة إلى ما هو صحيح وفاسد بخالف شروط البيع.618
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في األصل في الشروط في البيع وإن اتفقوا في الجملة
على جواز ما ال ينافي المقصود من العقد وال يصادم نصا شرعيا فذهب طائفة إلى أن األصل في
كالحنفية619 الشروط المنع وإذا وقع البيع مقترنا بالشرط فالبيع باطل والشرط باطل
والشافعية620وذهبت طائفة إلى أن البيع جائز والشرط باطل وهو قول ابن أبي ليلى والحسن
البصري والشعبي والنخعي ،621وقالت طائفة بجوازالبيع والشرط معا كالحنابلة.622
وفصل مالك رحمه الله تعالى في ذلك فقصرالنهي الوارد في الحديث على وجهين:
وأما ما ال يناقض المقصود من العقد وال يؤدي إلى خلل في الثمن فجائز.623
واختالفهم في ذلك يعود إلى األحاديث المروية في مسألة البيع والشرط فمن أبطل البيع،
والشرط أخذ بعموم النهي عن بيع وشرط الوارد في حديث عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده
«أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط» ،624،وعموم النهي عن الثنيا; في حديث جابر
قال« :نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عن املحاقلة ،والمزابنة ،واملخابرة ،والمعاومة،
والثنيا ،ورخص في العرايا»625
ومن أجازهما جميعا أخذ بحديث جابر«أنه باع لرسول الله صلى الله عليه وسلم جمال
واستثنى حمالنه إلى أهله».626
ومن أجاز البيع و أبطل الشرط أخذ بعموم حديث بريرة فقد جاءت عائشة رض ي الله
عنها تستعينها في كتابتها فقالت لها عائشة« :ارجعي إلى أهلك ،فإن أحبوا أن أقض ي عنك كتابتك
ويكون والؤك لي فعلت ،فأبوا ،وقالوا :إن شاءت أن تحتسب عليك ،فلتفعل ويكون لنا والؤك،
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال لها« :ابتاعي ،فأعتقي ،فإنما الوالء لمن
أعتق»627
ومن لم يجزالشرطين وأجازالواحد احتج بحديث عمرو بن العاص خرجه أبو داود قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم « :-ال يحل سلف وبيع ،وال يجوزشرطان في بيع ،وال ربح ما
لم تضمن ،وال بيع ما ليس هو عندك».628
تنقسم الشروط في البيع إلى قسمين كبيرين القسم األول الشروط الصحيحة وسيتم
تناولها في المطلب األول من هذا المبحث والقسم الثاني الشروط الفاسدة وهي موضوع
المطلب الثاني.
النوع األول :الشروط التي يقتضيها العقد يعني :أن العقد بطبيعته يستلزم تلك
الشروط.
مثاله :أن يشترط المشتري على البائع تسليم المبيع أو أن يشترط عليه ضمان ما يظهر
فيه من العيوب وما أشبه ذلك مما هو من صميم مقتضات العقد.
627صحيح البخاري كتاب الشروط باب الشروط في البيع ح رقم1442/3 4141 :
628المستدرك ح رقم 44/4 ،4445 :سنن الترمذي أبواب البيوع باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك،
541/3سنن أبي داوود أبواب اإلجارة باب في الرجل يبيع ما ليس عنده ،ح قم 443/3501،3 :سنن النسائي
كتاب البيوع ح رقم 425/1 ،1242 :السنن الكبرى للبيهقي كتاب البيوع باب من قال ال يجوز بيع العين الغائبة،
ح رقم1134/5 ،40142 :
629المقدمات الممهدات ،21/4بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،412-414/3شرح مختصر خليل للخرشي
140/5
النوع الثاني :الشروط التي ال يقتضيها عقد البيع ولكنها ال تنافيه لكونها ال تناقض
المقصود من البيع وال تؤدي إلى غرر أو فساد في الثمن أو المثمن ،وال إلى إخالل بشرط من
الشروط المشترطة في صحة البيع.
مثاله:
)3شرط توثيقي كأن يشترط البائع على المشتري رهنا حتى يعطيه الثمن أو يشترط عليه
حميال يضمنه.
)5شرط نفع يسيرمعلوم للبائع أو للمشتري ال يعود بمنع التصرف في أصل المبيع ،مثل أن
يبيع الدار ويشترط سكناها مدة يسيرة أو يبيع مركبة ويستثني ركوبها ثالثة أيام أو إلى
مكان قريب.
)1شرط صفة معينة يكون عليها المبيع أو شرط سالمة المبيع من العيوب
)2شرط تقييدي جزئي مثل أن يشترط عليه أال يبيع لزيد مثال
القسم األول :الشروط التي تؤدي إلى اإلخالل بشرط من شروط صحة البيع ،كالغرر
والجهالة في الثمن أو في المثمن أو تجرإلى ربا فضل أو نساء.
مثاله :أن يشترط أحد المتعاقدين الخيار إلى مدة مجهولة أو تأجيل الثمن إلى أجل
مجهول.631
ومن ذلك البيع بشرط السلف ألنه إذا كان السلف من المشتري فاالنتفاع به من جملة
الثمن وهو مجهول ،فقد أوجب شرطه الجهل بقدر الثمن ،وإن كان من البائع فاالنتفاع به من
المثمن وهو مجهول فقد أوجب شرطه الجهل به وهو ثمن أيضا ،ويمكن أن يقال إنه إن كان
السلف من المشتري فاالنتفاع به يقابله بعض المثمن وبعضه اآلخر يقابل الثمن وهو مجهول
630بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،414/3مواهب الجليل ،312-315/1 ،شرح مختصر خليل للخرشي ،40/5
منح الجليل 152/5
631مواهب الجليل ،313/1الدسوقي ،404-404/3منح الجليل1 54/5
فقد أدى إلى جهل في المثمن وإن كان السلف من البائع قابل االنتفاع به بعض الثمن وقابل
باقيه وهو مجهول المثمن فقد أدى إلى جهل الثمن.632
حكمه :الشرط الذي يترتب عليه إخالل بشرط من شروط صحة البيع يوجب فسخ
البيع فاتت السلعة أو لم تفت وليس للمتبايعين إمضاؤه ،فإن لم تفت السلعة ردت بعينها وإن
فاتت ردت قيمتها بالغة ما بلغت إال البيع بشرط السلف فلمشترطه تصحيحه بإسقاط شرطه
قبل فوات المبيع بيد المشتري ما لم يغب غيبة يمكن معها االنتفاع وأال ففيه قوالن بالصحة
وعدمها ولكل من القولين مرجح633
القسم الثاني :الشروط التي تنافي مقتض ى البيع أي :المقصود منه وهي التي ال يتم معها
االنتفاع بالمبيع.
مثاله :أن يشترط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع ببيع أو هبة أو نحو
ذلك.634
حكمه :كل شرط يناقض المقصود من البيع فإنه يؤدي إلى فسخ العقد ما دام البائع
متمسكا بشرطه ،فإن تركه صح البيع
ويستثنى من هذه القاعدة شروط ال يصح البيع معها ولو أسقطها مشترطها وهي:
أوال :أن يشترط أحدهما أكثرمن أمد الخيار فيفسخ على كل حال ،ولو ترك الشرط ألنه
يعد اختيارا ال تركا له.
ثالثا :أن يشترط المشتري بثمن مؤجل على البائع أنه إن مات فالثمن صدقة عليه أو
على وارثه.
632المقدمات المهدات ،21/4مواهب الجليل ،315/1شرح مختصر خليل للخرشي ،44/5منح الجليل 155/5
633بداية المجتهد 414/3شرح مختصر خليل للخرشي ،44/5حاشية الدسوقي ،21/3منح الجليل 155/5
634شرح مختصر خليل للخرشي مع محشيه ،40/5منح الجليل 154-54/5
رابعا :شرط الثنيا وهي أن يشترط البائع على المشتري أنه متى أراد بيع ما اشتراه منه
فهو أحق به بالثمن الذي باعه به ،أو أنه متى أتاه بالثمن فالسلعة له.635
القسم الثالث :شرط غير صحيح إال أنه خفيف ال يخل بالثمن فيصح معه البيع ويلغى
الشرط كأن يشترط عليه زكاة ما لم يطب من الثمرة ونحو ذلك.636
الخاتمة:
في ختام هذه الدراسة بعد حمد الله سبحانه ،وتعالى ،الذي بنعمته تتم الصالحات،
والثناء عليه بما هو أهل له ،لما من به من إتمام هذه الورقات ،وما ذلل في طريق إنجازها من
العقبات؛ فضال منه ،ونعمة ،وقبل طي هذه الصفحات أود تلخيص بعض أهم الثمرات ،و أبرز
األمور ،الواردة في ثنايا هذه السطور.
)3أن العماء مجمعون على منع ما يصادم نصا شرعيا من الشروط ،وما يناقض ويتنافى مع
المقصود من العقد.
)5أن العلماء متفقون على جواز ما يقتضيه العقد من الشروط وما ال يتعارض مع نص
شرعي منها.
)1أن مالكا رحمه الله تعالى نحى منحى خاصا في الشروط في البيع جامعا بذلك بين األحاديث
الواردة فيها فقصرالنهي على قسمين من الشروط هما:
-الشروط التي تؤدي إلى اإلخالل بشرط من شروط الصحة فتفسد العقد ولو أسقطها
مشترطها إال ما يتعلق منها باإلخالل بالثمن زيادة ونقصا كبيع وشرط سلف فيصح العقد إن
أسقط الشرط.
وما سوى ذلك من الشروط فجائز فإن كان مما يقتضيه العقد فالزم على كل حال
واشتراطه توكيد له ،وإن كان مما ال يقتضيه العقد وال يتنافى معه فإن اشترط لزم وإال لم يلزم.
635المقدمات الممهدات ،21/4بداية المجتهد ،414/3مواهب الجليل ،315/1شرح مختصر خليل للخرشي
،44/5الدسوقي 25/3منح الجليل 152/5
636المقدمات الممهدات ،21/4بداية المجتهد ونهاية المقتصد 414/3منح الجليل 152/5
المصادروالمراجع
إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح ،أبو إسحاق ،برهان الدين المبدع
في شرح المقنع دارالكتب العلمية ،بيروت لبنان الطبعة :األولى 3230 ،هـ 3000 -م.
ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك شرح ابن بطال على صحيح البخاري
مكتبة الرشد -السعودية ،الرياض الطبعة :الثانية3251 ،هـ 5881 -م.
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي ،الشهير بالماوردي
الحاوي الكبيردارالكتب العلمية ،بيروت – لبنان الطبعة :األولى 3230 ،هـ 3000-م .
أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهيربالقرافي أنوار
البروق في أنواء الفروق :عالم الكتب.
أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهيربالقرافي شرح
تنقيح الفصول شركة الطباعة الفنية المتحدة الطبعة :األولى 3101 :هـ 3001 -م.
أبو القاسم الطبراني سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطيراللخمي ،المعجم األوسط دار
الحرمين -القاهرة.
أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد
الحفيد بداية املجتهد ونهاية المقتصد دارالحديث – القاهرة تاريخ النشر3250 :هـ 5882 -م.
أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موس ى البيهقي السنن الكبرى دار الكتب العلمية،
بيروت – لبنات الطبعة :الثالثة 3252 ،هـ 5881 -م.
أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق األزدي ّ
السجستاني سنن أبي داوود المكتبة
العصرية ،صيدا -بيروت
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي روضة الطالبين المكتب اإلسالمي ،بيروت-
دمشق -عمان الطبعة :الثالثة3235 ،هـ 3003 /م .
أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني ،النسائ سنن النسائي مكتب
المطبوعات اإلسالمية حلب الطبعة :الثانية. 3003 - 3283 ،
أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه المستدرك على
الصحيحين دارالكتب العلمية – بيروت الطبعة :األولى.3008 – 3233 ،
أبو عيس ى محمد بن عيس ى بن َسورة بن موس ى بن الضحاك ،الترمذي ،سنن الترمذي
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر الطبعة :الثانية 3100 ،هـ 3000 -م.
أبو محمد جالل الدين عبد الله بن نجم بن شاس عقد الجواهرالثمينة في مذهب عالم
المدينة دارالغرب اإلسالمي ،بيروت لبنان الطبعة :األولى 3251 ،هـ 5881 -م.
تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي الشهيربابن النجارمنتهى اإلرادات مؤسسة
الرسالة الطبعة :األولى3230 ،هـ 3000 -م .
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلس ي المغربي،
المعروف بالحطاب ُّ
الرعيني المالكي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل دار الفكر الطبعة:
الثالثة3235 ،هـ 3005 -م .
عالء الدين ،أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي بدائع الصنائع دار الكتب
العلمية الطبعة :الثانية3283 ،هـ 3003 -م .
مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى القاموس املحيط مؤسسة
الرسالة للطباعة والنشروالتوزيع ،بيروت لبنان ط :الثامنة 3253 ،هـ 5880 -م.
محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير دار
الفكر.
محمد بن أحمد بن محمد عليش ،أبو عبد الله المالكي منح الجليل شرح مختصرخليل
دارالفكر– بيروت تاريخ النشر3280 :هـ3000/م .
محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي صحيح البخاري دار طوق النجاة
الطبعة :األولى3255 ،هـ .
محمد بن صالح بن محمد العثيمين الشرح الممتع دار ابن الجوزي الطبعة :األولى،
3250 - 3255هـ..
محمد بن عبد الله الخرش ي المالكي أبو عبد الله شرح مختصرخليل للخرش ي دارالفكر
للطباعة -بيروت .
مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري صحيح مسلم دار إحياء التراث
العربي – بيروت.
مسند اإلمام أبي حنيفة رواية أبي نعيم أحمد بن عبد الله األصبهاني مكتبة الكوثر
الرياض الطبعة :األولى 3230 ،هـ.
منصور بن يونس بن صالح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتى الحنبلى كشاف القناع
دارالكتب العلمية.
ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي الغيث الهامع شرح جمع الجوامع دار
الكتب العلمية الطبعة :األولى3250 ،هـ 5882 -م .
وقد اهتم الفقه اإلسالمي ،قبل القوانين الوضعية ،بموضوع الحضانة كذلك ،وأوالها
عناية وأهمية بالغة من خالل التنظيم املحكم ملختلف الجوانب المرتبطة والمتعلقة بها.
هذا ،وقد اهتمت مدونة األسرة ،وقبلها مدونة األحوال الشخصية الملغاة بالحضانة
من خالل تخصيص 32فصال للحضانة (من الفصل 00إلى الفصل ،)333حيث إن مدونة
األسرة أولت بدورها للحضانة أهمية بالغة من خالل وضع نصوص قانونية تكون أكثراستجابة
للو اقع .ومن أجل توفير حماية أفضل للمحضون مع إسناد السلطة التقريرية للمحكمة في
غالب األحيان ،شريطة توفير مصلحة املحضون بالدرجة األولى ،وهكذا خصصت المدونة
القسم الثاني من الكتاب الثالث للحضانة ابتداء من المادة 331إلى غاية المادة 303منها .وهذا
يدل على العناية التامة التي أوالها المشرع المغربي للحضانة ،كما تم تقرير حق الزيارة الذي
بموجبه يحافظ على صلة الرحم والتعرف على أحواله الشخصية ،سواء ألبوي املحضون أو
أقاربهم ،وغيرها من الموضوعات التي ترتبط بها.لكن ورغم ذلك فإن المتصفح ملختلف هذه
المواد و انطالقا من التجربة العملية يتضح أن هناك العديد من االشكاليات التي ال زالت
تطرحها تطبيق هذه النصوص.
وبناء على ما سبق يمكن أن نقسم دراسة هذا الموضوع إلى مطلبين على الشكل التالي:
المطلب األول :التنظيم القانوني لزيارة املحضون .المطلب الثاني :االشكاالت العملية و
القانونية المرتبطة بتنظيم زيارة املحضون.
أفردت مدونة األسرة لزيارة املحضون المواد من 308إلى 303نظرا ألهميتها البالغة،
حيث تعد الحضانة حق للمحضون قبل أن تكون حقا لغير الحاضن من األبوين ،ونظرا لذلك
فقد تدخل المشرع المغربي من خالل مدونة األسرة ووضع شروط للحضانة وبين طريقة زيارة
املحضون التي منح لألبوين حرية تنظيمها كأصل واستثناء يمكن للمحكمة تنظيمها (الفقرة
الثانية) ،ولكن قبل ذلك ال بد أن نتطرق إلى تعريف الحضانة (الفقرة األولى).
لنحيط بمفهوم الحضانة بشكل شامل ،ارتأينا أن نتحدث (أوال) عن تعريف الحضانة
وسندها الشرعي ،بعد ذلك نتناول ترتيب الحاضنين وفق ما جاءت به مدونة األسرة ونحدد نطاق
الحضانة (ثانيا).
الحضانة في اللغة من الحضن و هو الجنب ،نقول تحتضن المرأة ولدها إذا جعلته في
حصنها أي أحد جنبيها ،مما يفيد أن الحضانة هي ضم الولد أو الش يء إلى الجنب قصد حمايته.
أما الحضانة في الفقه فهي حفظ الولد في مبيته ومؤونته طعامه و ملبسه ،ومضجعه و
تنظيف جسمه ،ويمكن تعريفها أيضا في نظر البعض 637بأنها" :حفظ الولد مما قد يضره
والقيام بتربيته ومصالحه ،فهي تكون لألبوين معا وتعتبرمن واجباتهما ما دامت العالقة الزوجية
قائمة بينهما ،فالقاصر يعتبر ساكنا مع أبيه الذي يتحمل مسؤولية ما أحدثه من أضرار
-637محمد الشاافعي ،الزواج وانحالله في مدونة األسارة ،الطبعة الخامسة ،المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،1011ص:
.755
للغير" ،وقد عرفها أيضا عمر عبد الله بأنها" :تربية الطفل ورعايته والقيام بجميع شؤونه في
سن معينة ،ممن له الحق في ذلك من أقاربه املحارم" .638وهو ما عبر عنه المشرع المغربي في
مدونة األسرة من خالل المادة 331التي تنص على أن" :الحضانة حفظ الولد مما قد يضره و
القيام بتربيته و مصالحه ،و على الحاضن أن يقوم قدرالمستطاع بكل اإلجراءات الالزمة لحفظ
املحضون وسالمته في جسمه ونفسه ،والقيام بمصالحه في حالة غيبة النائب الشرعي وفي حالة
الضرورة إذا خيف ضياع مصالح املحضون".
والحضانة بهذا المفهوم هي حفظ الولد القاصرالذي لم يبلغ بعد سن الرشد القانوني
مما قد يضره عموم ا ،و القيام بكل ما يتعلق بحماية ذاته و حاجياته و مصالحه المادية و
المعنوية و رعايته إلى حين بلوغه كامال في عقله و جسمه.
تقتض ي منا الدراسة أن نتطرق لترتيب الحاضنين في نقط أوى ،ثم بعد ذلك نتناول نطاق
الحضانة في نقطة ثانية.
تخول الحضانة لألم ،ثم لألب ،ثم ألم األم .فإن تعذر ذلك ،فللمحكمة أن تقرر بناء على
ما لديها من قرائن لصالح رعاية املحضون ،وإسناد الحضانة ألحد األقارب األكثر أهلية ،مع
جعل توفيرسكن الئق للمحضون من واجبات النفقة.639
وفي هذا اإلطار فللمحكمة االستعانة بمساعدة اجتماعية في إنجاز تقرير عن سكن
الحاضن ،وما يوفره للمحضون من الحاجيات الضرورية المادية والمعنوية.640
وبما أن الحضانة هي حفظ الولد مما قد يضره ،والقيام بتربيته ومصالحه .وعلى
الحاضن أن يقوم ،قدرالمستطاع ،بكل اإلجراءات الالزمة لحفظ املحضون وسالمته في جسمه
ونفسه ،والقيام بمصالحه في حالة غيبة النائب الشرعي ،وفي حالة الضرورة إذا خيف ضياع
مصالح املحضون .وفي حالة عدم وجود األبوين ،يمكن للقاصر اختيار أحد أقاربه المنصوص
-638أشار إليه محمد الكشبور ،الواضح في شرح مدونة األسرة ،انحالل ميثاق الزوجية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة
الثالثة ،سنة ،1075ص.267 :
-639المادة 717من مدونة األسرة.
-640المادة 711من مدونة األسرة.
عليهم في مدونة األسرة ،شريطة أال يتعارض ذلك مع مصلحته ،وأن يو افق نائبه الشرعي .وفي
حالة عدم المو افقة ،يرفع األمرإلى القاض ي ليبت وفق مصلحة املحضون .ويمكن للمحكمة أن
تعيد النظرفي الحضانة إذا كان ذلك في مصلحة املحضون.
من خالل هذه النقطة تقتض ي منا ضرورة دراستها أن نبين أوال نطاق الحضانة ،بعد
ذلك سنوضح مدتها.
-نطاق الحضانة
بالرجوع لمقتضيات المادة 331من مدونة األسرة نجدها تقرر أن الحضانة هي حفظ
الولد مما قد يضره قدر المستطاع والقيام بتربيته ومصالحه ،لكن ،السؤال الذي يتبادر إلى
الذهن هو هل تقتصرالحضانة على الولد الصغيرفقط أم تمتد إلى أشخاص آخرين كالمصاب
بمرض عقلي كاملجنون والمعتوه في أي سن هما فيه؟
لإلجابة على هذا السؤال فقد تعددت آراء الفقه ،فاألحناف والمشهور عند المالكية،
أن الجنون والعته ال يعتبرسببا للحضانة ولذلك فاملجنون والمعتوه ال يبق بعد بلوغه في حضانة
أمه و إنما يضم إلى أبيه ليقوم برعايته .أما الشافعية والحنابلة ،فالجنون والعته عندهم من
أسباب الحضانة وهكذا فمتى بلغ الصغيرمجنونا أو معتوها فإن حضانته تستمر .وإذا بلغ عاقال
ثم أصيب بجنون أو بعته ،فإنه يخضع للحضانة من جديد.641
-مدة الحضانة
تنص المادة 333من مدونة األسرة على أن الحضانة تستمرإلى بلوغ سن الرشد القانوني
للذكرواألنثى على حد سواء .وبعد انتهاء العالقة الزوجية ،يحق للمحضون ،الذي أتم الخامسة
عشرة سنة ،أن يختارمن يحضنه من أبيه أو أمه.
في حالة عدم وجودهما ،يمكنه اختيار أحد أقاربه المنصوص عليهم في المادة 303
بعده ،شريطة أن ال يتعارض ذلك مع مصلحته ،وأن يو افق نائبه الشرعي.
وفي حالة عدم المو افقة ،يرفع األمرإلى القاض ي ليبت وفق مصلحة القاصر.
سبق وأن بينا مفهوم الحضانة بأنها حفظ الولد القاصر الذي لم يبلغ بعد سن الرشد
القانوني مما قد يضره عموما ،والقيام بكل ما يتعلق بحماية ذاته و حاجياته و مصالحه المادية
و المعنوية و رعايته إلى حين بلوغه كامال في عقله و جسمه .وقد أوجب المشرع المغربي في
الحاضن أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط (أوال) ،وبين أيضا كيفية زيارة املحضون من قبل
غيرالحاضن من األبوين (ثانيا).
نظرا ألهمية الحضانة و أثرها على تربية الطفل و رعايته ،فقد قيدها المشرع بشروط ال
بد من تو افرها في شخص الحاضن ،و هي المنصوص عليها في المادة 301من مدونة األسرة.642
و لعل المشرع لم يشترط هذا الشرط في األبوين ،اعتبارا و مراعاة لمقتضيات المواد
األخرى من مدونة األسرة التي تسمح بزواج من لم يبلغ سن الرشد ،و انسجاما مع المادة 55التي
تنص على أن " المتزوجان يكتسبان طبقا للمادة 58أعاله ،األهلية المدنية في ممارسة حق
التقاض ي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق و التزامات " ...ولعل من الحقوق التي
يمكن التقاض ي بشأنها ما يرتبط بالحضانة.
– 5االستقامة و األمانة
-642تنص المادة 711من مدونة األسرة على ما يلي " :شروط الحاضن:
-7الرشد القانوني،
-1االستقامة واألمانة،
-1القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه،
-2عدم زواج طالبة الحضانة إال في الحاالت المنصوص عليها في المادتين 712و 715بعده.
إذا وقع تغيير في وضعية الحاضن خيف منه إلحاق الضرر بالمحضون ،سقطت حضانته وانتقلت إلى من يليه".
و يعني ذلك أن يكون الحاضن مستقيما في دينه و أخالقه ،حتى ال يؤذي املحضون و يؤثر
فيه بسوء أخالقه أو بفسقه ،كما يجب أن يكون أمينا عليه في نفسه و عقله و ماله.
-1القدرة على تربية املحضون و صيانته و رعايته دينا و صحة و خلقا وعلى مر اقبة
تمدرسه
ويعيني ذلك ان يكون الحاضن قادرا على القيام بجميع مستلزمات املحضون ،بأن يكون
صحيح الجسم و سالما من األمراض المعدية ،و له من االمكانيات المادية والمعنوية وما يجعله
يتكفل برعاية املحضون دينا و صحة و خلقا و تمدرسا.
رابعا – عدم زواج طالبة الحضانة إال في الحاالت المنصوص عليها في المادتين 302و
300من مدونة األسرة
عدم زواج الحاضنة يختلف حسب ما اذا كانت هذه األخيرة أما أم غيرها ،و ذلك حسب
التفصيل المبين في المادتين 302و 300من مدونة األسرة.
و تجدر اإلشارة ،إلى أن القضاء يتحمل مسؤولية كبرى في التأكد والتحقق من توفر
الشروط المذكورة أعاله ،في طالبة الحضانة ،و ذلك عبر القيام بمجموعة من التحريات و
البحوث التي من شأنها االطمئنان على مصلحة املحضون وسالمته ،و هو ما تم تأكيده من خالل
الفقرة األخيرة من المادة 301أعاله ،التي تنص على أنه" :إذا وقع تغييرفي وضعية الحاضن خيف
منه إلحاق الضررباملحضون ،سقطت حضانته و انتقلت إلى من يليه"
الزيارة واالستزارة حق يضمنه القانون لغير الحاضن من األبوين باتفاق بينهما ،643وإذا
تعذرذلك ،تحدده املحكمة في قرارإسناد الحضانة.
وقد تعرض المشرع ألحكام زيارة املحضون في المواد 308الى ،303فتطرق إلى امكانية
اتفاق األبوين على تنظيم هذه الزيارة حسبما يناسبهما معا ،644و إال فإن على املحكمة التدخل
من أجل تحديدها وضبطها زمانا ومكانا بالشكل الذي يضمن تنفيذها وعدم التحايل في ذلك،
مراعية ظروف األطراف و مالبسات كل قضية على حدة ،645مع امكانية المتضرر من ذلك طلب
المراجعة والتعديل حسبما يتالءم وما استجد من ظروف.646
و قد أكدت المادة 303على ضرورة مراعاة مصلحة املحضون في تطبيق مواد هذا الباب
المتعلق بتنظيم الزيارة ،و جعلها فوق كل اعتبار ،مما يسمح للمحكمة تبعا لسلطتها التقديرية،
باتخاذ جميع اإلجراءات المناسبة و الالزمة لضمان مالءمة االتفاق المنظم للزيارة أو المقرر
املحدد لها لمصلحة املحضون.
و لعل أبرز اإلشكاليات المثارة بخصوص تطبيق أحكام المواد أعاله نجد اشكاليات
تتعلق بزيارة املحضون ( الفقرة االولى ) و أخرى تتعلق بإسقاط الحضانة ( الفقرة الثانية )
هناك عدة اشكاالت مرتبطة بزيارة املحضون وهو ما سنتطرق إليه اتباعا.
أوال :الحالة التي يكون فيها محل اقامة األب غيرمحل اقامة الحاضن
فعندما تكون املحكمة قد حددت تنظيم الزيارة في كل يوم أحد من األسبوع ،و يصادف
أن األب لم يعد يقيم في نفس المدينة التي تقيم بها الحاضنة ،فإن هذا األخير يتقدم بطلب من
أجل تعديل المقرر املحدد للزيارة ،بجعلها أربعة أيام متتالية كل شهر بدال من يوم األحد كل
أسبوع ،على أساس أنه ال يستطيع التنقل أسبوعيا إلى مقرإقامة املحضون قصد استالمه.
و ال يخف أن االستجابة لهذا الطلب ال يكون في مصلحة املحضون خاصة عندما يكون
هذا األخيرمازال في سن الرضاعة ويكون محتاجا إلى رعاية األم باستمراركما أنه حتى على فرض
أنه تجاوز سن الرضاعة ،فإن متابعته للدراسة ال تسمح بانتقاله من محل سكناه ما عدا أيام
اآلحاد والعطل .وعليه فإنه يلزم في كل األحوال مراعاة المصلحة الفضلى للمحضون وذلك عند
تعديل أو تقرير أي مقتضيات خاصة باملحضون من قبيل تجميع أيام الزيارة في فترة متوالية
خاصة إذا كان املحضون الزال صغيرالسن أو يتابع دراسته أو به عاهة تجعل انتقاله عبء على
صحته وسلوكه
ثانيا :الحالة التي تمنع فيها الحاضن من تسليم املحضون لألب قصد زيارته على أساس
أنه مازال صغيرأو في سن الرضاعة:
و تبرز هذه االشكاليات عندما يكون املحضون في سن الرضاعة ،فتمتنع األم الحاضن
من تسليمه لألب تنفيذا للمقرر املحدد لتنظيم الزيارة ،بعلة أنه يحتاج إلى الرضاعة و مزيد من
العناية والرعاية ،فيعمد األب إلى تقديم طلب يرمي من خالله إلى اسقاط الحضانة ،على اعتبار
أنه الحاضنة أخلت بواجبها في تنفيذ االتفاق أو المقرر المنظم للزيارة ،استنادا إلى المادة 302
من مدونة األسرة.647
ففي هذه الحالة ،يظهر أنه يجب ترجيح مصلحة املحضون ،التي تقتض ي بقاءه مع األم
قصد ارضاعه في ظروف تضمن نموه في ظروف طبيعية ،خاصة إذا كان األب ال يتوفر على من
يقوم بذلك مع مراعاة مالبسات كل قضية على حدة .وفي هذا االطارذهبت محكمة الناظورإلى
أنه" وحيث إن البنت موضوع الدعوى لم يتجاوز سنها أربع سنوات وبالتالي فإنه بالرغم من أن
المدعى عليها الحاضنة امتنعت عن تنفيذ الحكم القاض ي بمنح األب حق الزيارة فإنه من شأن
إسقاط حضانتها أن يشكل ضرركبيرا باملحضونة التي ال زالت صغيرة السن وتحتاج لرعاية أمها
ويبقى من حق األب اتباع المساطر القانونية إلجبار الحاضنة على منحه حق زيارة ابنته ،مما
ارتأت معه املحكمة التصريح برفض الطلب" .648وذهبت أيضا استئنافية وجدة في قرار صادر
بتاريخ 55مارس 5883جاء في إحدى حيثياته " حيث إن هذه املحكمة بعد اطالعها على وثائق
الملف ومحتوياته على الصعيد االبتدائي و االستئنافي ودراستها لعلل الحكم المستأنف ،تبين
لها أن ما نعته الجهة المستأنفة مبدئيا في محله ،ذلك أن حق زيارة املحضون وفق مقتضيات
الفصل 308و ما يليه من مدونة األسرة تراعي فيه املحكمة مصلحة املحضون دائما وهي األولى
بالحماية من غيرها .وعليه فإن المستأنف عليهما وإن كانا يعتبران جدودا للمحضون ومن
حقهما زيارته وفق الفصول المشار اليها أعالها ،فإن ذلك يجب أن يراعي مصلحة املحضون
و أنه بالنظر لحداثة سن املحضون فإنه من الصعوبة بمكان نقله من مكان إلى مكان أو تسليمه
مدة من الزمن بعيدا عن والدته األم حتى ال ينعكس ذلك على نفسه وصحته البدنية ،بل
-647تنص المادة 782من مدونة األساااااارة على أنه " :تتخذ المحكمة ما تراه مناساااااابا من إجراءات ،بما في ذلك تعديل نظام
الزيارة ،وإسقاط حق الحضانة في حالة اإلخالل أو التحايل في تنفيذ االتفاق أو المقرر المنظم للزيارة".
648حكم صادر ابتدائية الناظور بتاريخ 1008-01-12في ملف رقم , 7921-1009أورد :سعيد الوردي في مؤلفه :
الحضانة و إشكاالتها العملية على ضوء أحكام مدونة االسرة و العمل القضائي المغربي " ،الطبعة االولى ،مطبعة االمنية
الرباط 1076ص .88
باإلمكان زيارته بمقرالحاضنة مرة كل أسبوع واالطالع على أحواله لذا وجب تعديل الحكم وفق
منطوق القرار" .649وهو نفس االتجاه الذي ذهبت إليه استئنافية فاس في قرارلها حيث اعتبرت
أن " ثبوت امتناع األم الحاضنة عن تسليم املحضونة ألبيها قصد الزيارة بسبب خوفها من نيته
االستحواذ عليها ال يسقط الحضانة طالما أن عمراملحضونة ال يتجاوز خمس سنوات ومن شأنه
فر اقها عن أمها أن يلحق إضراربها وبمصلحتها الفضلى .650
لكن إذا ما تبث أن األم الحاضنة امتنعت عن تنفيذ مقررالزيارة وذلك بتسليم املحضون
لوالده قصد زيارته دون سبب مشروع فإن املحكمة هنا تقض ي بإسقاط حضانتها ، 651ويمكن
أيضا أن تحكم عليها بالحبس أو بتعويض تؤديه إلى من له الحق في الزيارة أو بهما معا نظرا
الرتكابها جريمة عدم تقديم طفل لمن له الحق فيه .652
نصت المادة 332من مدونة األسرة على أن الحضانة من واجبات األبوين ،ما دامت
عالقة الزوجية قائمة ،إال أن االشكال المطروح هوعندما ينتقل أحد الزوجين لالستقرارفي مكان
آخر ،بعيدا عن بيت الزوجية ،و يقوم باصطحاب األبناء معه ،فيعمد الزوج اآلخر إلى المطالبة
بإسناد حضانة األبناء إليه ،بعلة ان الطرف المدعى عليه ترك بيت الزوجية و اخل بالواجبات
الملقاة على عاتقه بمقتض ى عقد الزواج.
649قرار صادر عن استئنافية وجدة بتاريخ 11مارس 1009ملف عدد 1005-501منشور ب " المنتقى من عمل القضاء
في مدونة االسرة " الجزء االول مطبعة اليت سال 1006ص .112
650قرار صادر عن محكمة االستئناف بفاس بتاريخ 10072-01-7عدد 1072-901ملف رقم 1071-7906-7150غير
منشور.
651وهذا ما جاء في قرار للمجلس االعلى (محكمة النقض) حيث قضى باسقاط حضانة االم إلمتناعها عن تنفيذ مقرر الزيارة
حيث جاء فيه :لكن؛ حيث إنه تطبيقا لمقتضيات المادة 782من مدونة األسرة فإن المحكمة تتخذ ما تراه مناسبا من إجراءات
بما في ذلك تعديل نظام الزيارة وإسقاط حق الحاضنة في حالة اإلخالل أو التحايل في تنفيذ االتفاق أو المقرر المنظم للزيارة.
والبين من أوراق الملف أن المطلوب عزز طلبه بمحضر امتناع مؤرخ في 1009-01-11صرحت فيه الطاعنة بأنها تصر
على امتناعها عن تنفيذ مقتضيات األمر الصادر بتاريخ 1001-07-72تحت عدد 02-71في الملف رقم 1001-8-905
والقاضي بأن تمكن المطلوب من صلة الرحم مع ابنه مرة كل أسبوع؛ والمحكمة لما قضت بإسقاط حضانتها عن الطفل المذكور
تكون قد طبقت مقتضيات المادة 782من مدونة األسرة تطبيقا سليما ويبقى ادعاء الطاعنة بكون هذا القرار ليس في مصلحة
المحضون و سوف يلحق به ضررا سابقا ألوانه وغير ثابت مما يجعل ما أثير غير مؤسس.
-القرار 552الصادر بتاريخ 1006-77-02في الملف رقم 1008-7-1-250منشور على الموقع االلكتروني
https://www.mahkamaty.com/blog/2016:
652حيث ذهبت المحكمة االبتدائية بسال الى الحكم على المدعى عليها بشهرين حبسا موقوفة التنفيذ وتعويض مدني قدره
70000درهم كتعويض عن الضرر المادي و المعنوي الذي لحق المطالب بالحق المدني .
-حكم صادر عن ابتدائية سال بتاريخ 8ابريل 1017حكم رقم 7950ملف عدد - 1017-1709-117غير منشور.
إذن فمدونة األسرة لم تتطرق إلى انفراد األم بالحضانة أثناء قيام الزوجية ،بل اكتفت
بالقول إن الحضانة تكون لألبوين معا ما دامت الزوجية قائمة مع اعتباراألسرة تحت رعاية كل
من الزوجين.654
هذا وتجدر اإلشارة في هذا الصدد انه يمكن ألحد األبوين وذلك خالل قيام العالقة
الزوجية وحدوث خالف او شقاق بين الزوجين أن يطلب من املحكمة اإلذن له بزيارة املحضون ،
و في هذه الحالة فإن املحكمة تستجيب لطلبه إذا تبين لها أن ذلك يصب في مصلح املحضون ،
وفي هذا االتجاه قضت املحكمة االبتدائية بتنغير -رغم قيام العالقة الزوجية -بتمكين المدعي
من صلة الرحم بأبنائه وذلك كل يوم احد من كل أسبوع من التاسعة صباحا إلى غاية السادسة
مساء وفي النصف األول من أيام األعياد الدينية و الوطنية و العطل المدرسية .655
رابعا :الحالة التي يرفض فيها املحضون مر افقة صاحب الحق في الزيارة
وتجد هذه الحالة موضوعا لها عندما يرفض املحضون مر افقة من له الحق في الزيارة،
أو بعبارة اخرى عندما يمتنع املحضون عن مر افقة أبيه أو جده أو أحد األقارب الذين لهم الحق
في الزيارة ،ففي هذه الحالة ال تمتنع الحاضنة أو الحاضن عن تسليم املحضون الى من له الحق
في استزارته ،و إنما املحضون هو من يأبى ذلك ،فهنا يطرح االشكال ذلك أن الحاضنة ال تمتنع
عن تنفيذ مقررالزيارة و إنما املحضون هو من يمتنع ،وتزداد حدة هذه الوضعية عندما يتشبث
من له الحق في الزيارة بضرورة تنفيذ مقرر الزيارة ،ويكون املحضون في حالة نفسية سيئة أو في
حالة بكاء هيستيرية مما قد ينعكس على صحته النفسية و الجسدية ،ففي هذه الحالة يقوم
-653القرار رقم 597الصااااااادر بتااريخ 7666-09-11ملف ح.ش ،61/255منشااااااور بمجلة قضاااااااء المجلس األعلى في
األحوال الشخصية والعقار عدد .71
-654محمد الشافعي ،م س ،ص.755 :
655حكم عدد 760صادر عن المحكمة االبتدائية بتنغير في ملف رقم 1078_7910-752بتاريخ 1076—06-11غير
منشور.
الشخص المكلف بالتنفيذ بتحريرمحضريضمنه ما راج في تلك الو اقعة وال يقوم بتحريرمحضر
امتناع في حق الحاضن أو الحاضنة.
ولعل من بين األسباب التي تساهم في هذه الحالة هو شد الجبل بين األبوين ،هذا األخير
الذي ينعكس سلبا على املحضون ،فيعمد الحاضن في كثير من األحيان إلى اعتماد أسلوب
التخويف و الترهيب ،وذلك ببث هذا األخير في نفسية املحضون ،حيث يعمد إلى غرس أفكار
سلبية عن والدته أو أبيه مثل أنه سوف يقوم باختطافه أو ضربه أو كيه إذا هو ر افق من له
الحق في الزيارة.
وتثيرهذه الحالة اشكالية تتعلق حول امكانية اعتماد الوكالة في زيارة محضون ،بحيث
يمكن للمستفيد من حق الزيارة أن يوكل عنه شخص آخر في استزارة املحضون سواء كان من
األقارب أو شخص آخر ؟
فمن الناحية القانونية وباالطالع على مختلف النصوص المنظمة للحضانة لم يتم
اإلشارة الى هذه النقطة ،و بالرجوع إلى القواعد العامة المنظمة للوكالة فإننا ال نجد أي إستثناء
بهذا الخصوص مما يمكن معه القول بجوازاعتماد الوكالة في زيارة محضون .غيرأنه في نظرنا ال
يمكن اعتماد الوكالة في زيارة املحضون ،ذلك أن حق االستزارة هو حق شخص ي معنوي يتعلق
بالشعورو العاطفة الذي يوجد بين املحضون ومن له الحق في الزيارة .
وتجدر االشارة هنا إلى أنه يمكن لألشخاص الذين لهم عالقة قرابة باملحضون أن
يلتجؤوا إلى املحكمة قصد اصدار أمر أو حكم يمكنهم من استزارة املحضون ،فاملحكمة هنا
تستجيب للطلب إذا رأت أن ذلك يصب في مصلحة املحضون
يرتبط موضوع سقوط الحضانة أشد االرتباط بتوفر شروطها ،و بإثبات تلك الشروط،
وألن الحاضن ،في حالة اختالل شروط الحضانة في جانبه ،ال يتصور منه أن يتخلى عنها بكيفية
تلقائية ،فإن األمريحتاج إلى رفع دعوى قضائية ،متى تبين أن هناك مساس بمصلحة املحضون,
و اتحاد جميع االجراءات الكفيلة بذلك.
من خالل هذا فسنتحدث عن حاالت سقوط الحضانة و االشكاالت المرتبطة وهي
كالتالي:
كما تم تبيانه سابقا في الشروط الخاصة التي يجب توفرها في الحاضنة من خالل
المادتين 302و 300من المدونة .فإن القاعدة أن الحضانة تسقط بسبب الزواج بغير قريب
محرم ،و الواضح من المادتين اتتنا باستثناءات للقاعدة المذكورة جاءت رعاية لمصلحة
املحضون ،ترمي إلى غرض وهوإبقاء الطفل مع أمه أقص ى مدة ممكنة ،لكون األم ال أحد يعوض
حنانها ،و غريزة األمومة أقوى من أي عطف يمكن أن تقدمه حاضنة أخرى.
فالقاعدة هنا صارمة و جامدة ،ال كنها تلين إذا تعلق األمر بالحاضنة األم ،وعليه فإن
القاض ي في هذه الحالة يتعين عليه أن يسير في االتجاه الذي يحقق مصلحة فضلى للمحضون،
ويتوجب لالستفادة من االستثناء المنصوص عليه في المادة 302من مدونة األسرة أن يكون
زواج الحاضنة بشخص تجمعه قرابة مباشرة باملحضون.
فيما يتعلق بانتقال املحضون ،أي السفربه داخل أو خارج المغرب ،فقد نظمه المشرع
في المادتين 300و 300من مدونة األسرة.
ويتضح من خالل المادة 300من المدونة أن انتقال الحاضنة أوالنائب الشرعي اإلقامة
من مكان آلخر داخل المغرب ال يسقط الحضانة ،إال في حالة ثبوت ما يوجب السقوط و بذلك
يكون المشرع قد استبعد األحكام الخاصة بالمذهب المالكي بحيث أن سفر الحاضنة
باملحضون بعيدا عن المكان الذي يوجد به الولي يسقط حضانتها .فبمجرد انتقال الحاضنة إلى
مدينة الدارالبيضاء مثال و األب في مدينة كلميم يبررسقوط الحضانة ألن في ذلك إرهاق لألب في
ممارسة حقه في الزيارة و المر اقبة و التوجيه .حيث قال األستاذ محمد الكشبور 656أن ما قرره
المشرع في آخر المادة 300يتناقض في طره مع ما جاء في مقدمتها ،إذ إن االنتقال ال يسقط
الحضانة داخل المغرب ثم عاد وقرر ثانيا أنه يجب مراعاة الظروف الخاصة باألب و النائب
الشرعي و المسافة الفاصلة بين املحضون و أبيه أي مراعاة األحكام اإلمام مالك" :االنتقال
باملحضون داخل المغرب ال يسقط الحضانة إال استثناء.657
وتجدر االشارة هنا الى أنه يلزم الحاضنة وذلك عند تغيير سكناها أو محل إقامتها أن
تشعر 658من له الحق في الزيارة وذلك بعنوانها الجديد ،كما يلزمها أيضا أن تضع املحضون
رهن اشارة من له الحق في استزارته وذلك طيلة االوقات املخصصة للزيارة وإال اعتبرت متحايلة
في تنفيذ مقررالزيارة مما يبررمعه إمكانية اسقاط حضانتها عند تنفيذ مقررالزيارة.
أما انتقال املحضون خارج المغرب فيشكل عائقا أمام أبيه أو نائبه الشرعي في اإلشراف
و التوجيه و ممارسة حق الزيارة لهذا نجد أن المشرع نص في المادة 300من مدونة األسرة على
أحكام هذا السفر ،فهناك حالة السفرالمؤقت و حالة االستقرار.
ففي حالة السفر المؤقت باملحضون إلى الخارج ال بد من مو افقة نائبه الشرعي ،و كذا
للنيابة العامة أن ترفع دعوى تلتمس فيها منع السفر باملحضون .،و يمكن اللجوء إلى القضاء
االستعجالي لمنع السفر املحضون في حالة االستعجال القصوى طبقا للمادة 659 320قانون
المسطرة المدنية ،لكن قد تكون هناك ضرورة تستدعي سفر املحضون خارج التراب الوطني
فيرفض النائب الشرعي منح المو افقة على ذلك ،فهنا يمكن للحاضنة اللجوء بدورها إلى قاض ي
المستعجالت الستصدارإذن بذلك بعد أن يتأكد هذا األخيرمن الصفة العرضية للسفروبالتالي
العودة باملحضون إلى أرض الوطن في المستقبل القريب ،كالسفرمن أجل العطلة الصيفية ،أو
السفرمن أجل العالج.
أما حالة الثانية كون هذا السفر يهدف من ورائه الحاضنة االستقرار بصفة نهائية
باملحضون خارج الوطن ،مما يصعب على األب مر اقبة ولده ،فإن هذا الطلب ال يستجاب له من
طرف القضاء األسري .وعليه فانتقال املحضون إلى خارج أرض الوطن ومكوثه هناك لمدة
طويلة كانت أم قصيرة يجعل زيارته من طرف من له الحق له من الصعوبة بمكان ،زيادة على
ذلك أنه ال يمكن ان نتصور قيام الولي الشرعي بمر اقبة احوال املحضون في الوقت الذي ال
يستطيع السفر إليه من أجل زيارته .وفي هذا االتجاه ذهب القضاء المغربي إلى رفض السفر
باملحضون إلى خارج أرض الوطن بعلة عدم تمكن النائب الشرعي من مر اقبة أحوال املحضون
وذلك من خالل القرار الصادر عن محكمة النقض الصادر في ' 2يناير 5883حيث قض ى بتأييد
الحكم المستأنف القاض ي بإسقاط حضانة االم بعد انتقالها باملحضونين الى السودان وذلك
بعلة انه من الصعب على والدهم مر اقبة احوالهم نظرا للمسافة الفاصلة بين دولة السودان و
المغرب 660وهو ما ذهبت اليه أيضا محكمة تاوريرت في حكم حيث اعتبرت ان تواجد الحاضنة
رفقة ابنها خارج المغرب يتعذر معه ممارسة األب لحقه في مر اقبة ابنه وتوجهه ألنه بمفهوم
املخالة للمادة 300من م أ أن إقامة الحاضنة خارج المغرب يسقط حضانتها وسقوط حضانة
االم يخول للمحكمة التصريح بإسنادها لألب باعتباره األحق بها طبقا للمادة 303من م أ.661
كم تبيانه سابقا فإنه إلسناد الحضانة الى الحاضن يجب أن تتوفر فيه مجموعة من
الشروط كتلك التي تتعلق باالستقامة و المروءة ،مستقيما في دينه و أخالقه ،حتى ال يؤذي
املحضون و يؤثر فيه بسوء أخالقه أو بفسقه ،كما يجب أن يكون أمينا عليه في نفسه و عقله و
ماله .وعليه فإذا اختلت إحدى هذه الشروط فإنه يمكن للطرف المتضررأو النيابة العامة من
تلقاء نفسها أن تطالب بإسقاط الحضانة ،وفي هذا اإلطارقضت محكمة النقض بنقض القرار
الصادرعن محكمة االستئناف ،حيث اعتبرت أنه ال يشترط إلسقاط الحضانة إدانة الحاضنة
بالخيانة الزوجية بل يكفي املحكمة تلمس عدم استقامتها من خالل ما يعرض عليها من أدلة
مادية كالصور الفوتوغر افية والمراسالت االلكترونية غير المنازع فيها أو تقارير مؤسسات
رسمية تشهد عدم اهلية الحاضنة للحضانة . 662وفي عمل قضائي اخر جاء فيه" وحيث إن
الطلب يهدف إلى الحكم بإسقاط حضانة المدعى عليها لالبن و اسنادها إلى والده المدعي لعدم
استقامة الحاضنة ،وحفاظا على مصلحة املحضون الذي اصبح شبه مهمل ويعاني نقص
التغذية ،وحيث ادلى المدعي بقرار استئنافي يفيد أن المدعى عليها ادينت من اجل الخيانة
الزوجية ،وحيث إنه من شروط استحقاق الحضانة االستقامة و االمانة طبقا للفصل 301من
م أ ،وحيث إن ثبوت جريمة الخيانة الزوجية بقرار نهائي في حق األم الحاضنة يعدم استقامتها
وامانتها وأهليتها للحضانة ،وحيث إنه تبعا لذلك وحفاظا على مصلحة االبن املحضون الفضلى
ارتأت املحكمة االستجابة لطلب المدعي والقول بإسقاط حضانة المدعى عليها لإلبن وإسنادها
إلى والده المدعي"663
هذا ،وتعود الحضانة لألم إذا زال السبب الذي منعها منها .فباستقرائنا للمادة 308
من مدونة األسرة نجدها تأكد على أن الحضانة تعود لمستحقها في الحالة التي يتم فيها انتفاء
السبب الذي أدى إلى سقوط الحضانة من مستحقها ،هذا ويمكن للمحكمة أن تعيد النظر في
الحضانة إذا كان ذلك في مصلحة املحضون.664
يوفره للمحضون من الحاجات الضرورية المادية والمعنوية .غيرأن زواج األم الحاضنة
يعفي األب من تكاليف سكن املحضون.665
خاتمة:
وعلى سبيل الختم فإنه يتضح أن زيارة محضون يطرح العديد من االشكاليات سواء على
مستوى القانوني أو العملي مما يحتم ضرورة تدخل المشرع بنصوص جديدة يمكن معها
التقليل من هذه االشكاليات.
زيادة على ذلك فإنه يلزم الحسم في العديد من االشكاليات بنصوص واضحة ،مثل
اعتماد الوكالة في زيارة املحضون وضرورة توفرالسند التنفيذي من عدمه في تنفيذ مقررالزيارة.
663حكم صادر عن ابتدائية ابي الجعد بتاريخ 1001-09-10ملف رقم 1001-799غير منشور.
-664تنص المادة 710من مدونة األسرة على أنه" :تعود الحضانة لمستحقها إذا ارتفع عنه العذر الذي منعه منها.
يمكن للمحكمة أن تعيد النظر في الحضانة إذا كان ذلك في مصلحة المحضون".
-665المواد 717و 711و 715من مدونة األسرة.
الئحة المراجع:
محمد الكشبور ،الواضح في شرح مدونة األسرة ،انحالل ميثاق الزوجية ،مطبعة
النجاح الجديدة ،الطبعة الثالثة ،سنة .5830
سعيد الوردي في مؤلفه :الحضانة و إشكاالتها العملية على ضوء أحكام مدونة االسرة
و العمل القضائي المغربي " ،الطبعة االولى ،مطبعة االمنية الرباط .5830
–
وإذا كانت الجريمة خطرا يمس كيان املجتمع ومقوماته األساسية ،ويهدد أمنه
واستقراره ،فإن العقوبة تعد وسيلة املجتمع في مكافحة تلك الظاهرة ،التي ارتبط تطور وظيفتها
بتطوير املجتمع ،فبدل الفالسفة والفقهاء على مر الزمن جهودا كبيرة في تطوير مفاهيم
وأغراض وظيفة العقوبة ،باعتبارها الوسيلة المثلى للوقاية من الجريمة فقد انصبت الجهود
قديما على وظيفة العقوبة ،أن تكون رادعة ومانعة للغير من اإلقدام على ما اقترفه الجاني
واالنزالق في السلوك اإلجرامي ،فكانت العقوبة تمثل الشر الذي تواجه به الجريمة ،ويفترض
فيها لتكون منتجة وفعالة للحد منها ،أن تكون قاسية ومؤلمة ومؤذية بشكل كبير ،لتحقيق
أهدافها ،وبما أن الخطر هو الشخص المنحرف ،فكان من الطبيعي أن يكون الهدف األساس ي
لهذه المواجهة ،وإما بقتله وبالتالي إزالة هذا الخطر اإلجرامي وليس املجرم الذي يعتبر فرد
عادي في املجتمع دفعته عوامل متعددة إلى ارتكاب السلوك اإلجرامي ،وأن مصلحة املجتمع في
حماية مصالحه ،تقتض ي عالج هذا الشخص ،ومساعدته على تخطي والقضاء على عوامل
اإلجرام لديه.
هذا التطور للعقوبة وأهدافها كان تبعا للتطور الفكري والحضاري ،وبالتالي أضحى لها
وظيفتان ،األولى ذات طبيعة أخالقية تتمثل في تكفير الجاني عن ذنبه الذي اقترفه ،و إيقاظ
الشعور بالمسؤولية لديه وغرض إرضاء الشعور بالعدالة المتأصل في النفس البشرية ،حيث
يتحقق معنى القصاص الذي يمنع الجاني ويمنع الجماعة نفسها من ممارسة هذا االنتقام
الجماعي ضد مرتكبي الجريمة أو ضد ذويه ،والوظيفة الثانية نفعية بمعنى تحقيق الردع العام
عن طريق تهديد الناس كافة بتوقيع العقاب على من يخالف أوامرالمشرع ونواهيه ،فضال عن
تحقيق الردع الخاص بإصالح حال الجاني ،وعالج الخطورة اإلجرامية الكامنة في شخصه.
إن التطور في الفكر العقابي جعل مطلب اإلصالح العقابي متقدما على وظيفة العقوبة
ويتبين في الردع العام وتحقيق العدالة ،بل جعلت من هذا اإلصالح هدفا وحيدا للجزاء الجنائي،
فبمقتض ى هذا المطلب أن تحولت وظيفة العقوبة من كونها وسيلة إيالم إلى وسيلة للعالج
والتقويم.
ومن هذا المنطلق ،أرى أن أي محاولة لإلجابة على اإلشكاليات السالفة تقتض ي منا أن
نمهد أوال بإلقاء نظرة على مختلف المدارس الجنائية التي حاولت كل منها حسب فلسفتها
الخاصة التطرق إلى موضوع تفريد الجزاء الجنائي الذي أحدث ثورة في الفقه الجنائي قلبت
مفاهيمه وحولت تركيزه من الجريمة إلى املجرم كما سنرى ،ثم سنتطرق إلى تطبيقات مبدأ تفريد
الجزاء الجنائي على ضوء التجربة المغربية وذلك وفق التقسيم التالي المبحث األول :اإلطار
النظري لمبدأ تفريد الجزاء الجنائي .المبحث الثاني :صور تفريد الجزاء الجنائي على ضوء
التجربة المغربية.
يعتبرمبدأ تفريد الجزاء الجنائي من أهم المبادئ األساسية التي تقوم عليها التشريعات
الحديثة والمعاصرة في ظل سياستها الجنائية ،بعدما كانت في الحضارات القديمة تطبق أبشع
العقوبات وحشية في تنفيذها ،وتروم وظيفة العقوبة زجر مرتكبيها ،فكلما كانت مؤلمة فهي
منتجة ،لكن مع ظهور بعض الفالسفة وبعض النظريات ،تغيرت مفاهيم العقوبة من وسيلة
لتحقيق ردع وزجرإلى وسيلة لتأهيل الجاني ،وعالجه وإعادة تأهيله.
وهذه المدارس منها من ركزت اهتمامها على الجانب المتعلق بإصالح الجاني ،أي منح
الصالحية للسلطات اإلدارية لتفريد الجزاء وفق الخطورة اإلجرامية للجاني ،ويتعلق األمر
بالمدرسة الوضعية.
وباإلضافة إلى المدرسة التقليدية والوضعية هناك مدارس حاولت التوفيق في التفريد
الجنائي بين الجانب القانوني والقضائي واإلداري ويتعلق األمر بالمدرسة التقليدية الحديثة
ومدرسة الدفاع االجتماعي ،ولعل هذا ما سأعمل على التحدث عليه كالتالي:
بحيث ظهرت هذه األخيرة في إطار المطالبة بالقطيعة مع النظام الجنائي الذي كان
سائدا في أوروبا في تلك المرحلة والذي تميز بالتعسف وقد تمثلت أهداف هذه المدرسة حول
ضرورة إعادة النظر في العقوبات وفرض إصالحات عليها ،وذلك انطالقا منه فكرتين
أساسيتين:666
الفكرة األولى :وتنطلق من سلطة الدولة في العقاب وتأسيسها على العقد االجتماعي
وضرورة تنفيذها بشكل يحقق المساوات بين المواطنين وهذا ال يتحقق إال بإخضاع العقوبات
للقانون .وتحديدها بطريقة موضوعية دون االهتمام بالحاالت الخاصة لكل نازلة أو بالظروف
الذاتية للجاني.667
-666محيي الدين أمزازي ،العقوبة ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ،طبعة ،1999ص.275
-667عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء الثالث ،ص.2.
أما الفكرة الثانية :فتتمثل في افتراض الحرية المطلقة لدى اإلنسان شريطة أن يكون
كامل اإلدراك والتمييز واعتبار هذه الحرية واحدة بالنسبة لجميع األشخاص وبالنسبة لجميع
التصرفات واألفعال.668
نستنتج إذن أن هذه المدرسة ،تفترض وجود الحرية عند كل مواطن وبنفس القدر
وبتأسيس المسؤولية الجنائية على هذه الحرية المفترضة وال يتحقق ذلك حسب هذه المدرسة
إال إذا قام المشرع بتحديد مختلف الجرائم وتقدير مختلف العقوبات المقدرة مسبقا والتي
ال ينبغي أن تتفاوت عن الحد األدنى واألقص ى.669
إذن تطبيق العقوبة حسب هذه المدرسة يهدف أساسا عند مؤيديها تقوية الثقة
بالنظام الجنائي حيث ال تأخذ بعين االعتبار مصلحة الجاني وأحاسيسه ومشاعره كما ال تأخذ
بعين االعتبار ظروف وعوامل ارتكابه للجريمة.
وفي هذا اإلطار يقول "بيكاريا" أحد رواد هذه المدرسة أن هدف العقوبة ،يتجلى في منع
الجاني من اإلساءة مجددا للمجتمع ،فاألمر عنده كما يبدو يتعلق بوسائل العقوبة دون
االهتمام بغاياتها ،ومن هنا يتبين لنا بأن هذه المدرسة جاءت لمناهضة وسائل التعذيب التي
كانت قائمة في السابق ،حيث قامت بوضع قاعدة التجريم والعقاب ،لكنها ركزت فقط على
الجريمة دون املجرم ،ولعل هذا ما تبناه المشرع الفرنس ي في مدونة 1791الفرنسية التي عملت
بنظام العقوبات املحددة .670لكن عوض هذا القانون بالذي صدر من بعده سنة 1810الذي
يضعف671 تنازل عن العقوبات املحددة ،لكن رغم ذلك فتأثير المدرسة التقليدية عليه لم
ففكرة المسؤولية ظلت على ما كانت عليه في المدرسة األولى ولم يعتبر الجاني إال كو اقع مجرد
والجريمة شر يستوجب مواجهته بالشكل الذي يحدده القانون دون مراعاة األلم الفعلي الذي
سيعانيه الجاني .والمالحظ أن هذه النظرة املجردة تعرضت للنقد لسببين:
السبب األول :الو اقع أن هذه النظرة املجردة التي يتوخى القانون تحقيقها تقتض ي عند
التطبيق إلى عدم المساواة ،حيث يتم إخضاع الجناة الذين ارتكبوا نفس الفعل إلى نفس
العقوبة وهذا فيه مساس باإلحساس العام للعدل بدل تحقيق المساواة.672
أما السبب الثاني :فيكمن في تصور هؤالء للحرية ،حيث أن افتراض الحرية واعتبارها
متساوية عند كل األشخاص وعند نفس الشخص بالنسبة لجميع تصرفاته ،وهو تصور
مرفوض ألن الو اقع أثبت وجود حاالت تنعدم فيها حرية االختيار ،كما تنعدم فيها حرية
التقدير ،673وبالتالي فمن غير المنطقي ومن غير العدل أن تطبق نفس العقوبة على شخص
يرتكب جريمة قتل ضد زوجته نتيجة اندفاعاته العاطفية والنفسية جراء مفاجئته لزوجته وهي
متلبسة بجريمة الخيانة الزوجية وآخر يرتكب جريمة القتل من أجل السرقة .فالجريمة األولى
وقعت نتيجة خطأ الضحية وليس خطأ الجاني وعليه يجب تمتيعه بظروف التخفيف وعدم
مساو اته بالشخص الذي يقتل بدافع السرقة ،ولعل هذا ما مهد لظهور المدرسة الوضعية.
تميزت هذه المدرسة الوضعية بمعارضتها المطلقة للمدرسة التقليدية وال سيما
ألفكارها المتعلقة بالمسؤولية الجنائية وأسسها ،حيث طرحت فكرة الحرية والمسؤولية التي
تترتب عليها جانبا واستعاضت عنها بفكرة الجبرية.674
وقد انطلقت هذه المدرسة من إيطاليا بزعامة اإليطالي المشهور "المبورزو" الذي
انتقل بفلسفته من االهتمام بالجريمة إلى التركيز على املجرم ،أي البحث عن أسباب الجريمة
في ذات املجرم أي في ظروفه البيولوجية ،الوراثية ،والنفسية وكذلك ظروفه االجتماعية.
ً
انطالقا مما سبق ،يتبين لنا بوضوح ،أن المدرسة الوضعية اعتبرت الجريمة ظاهرة
ثانوية ،ما دامت ترتكب تحت تأثير عناصر ذاتية وموضوعية يستحيل مقاومتها ومر اقبتها من
طرف الجاني ،وقد أسست هذا االقتراح انطالقا من فكرتين أساسيتين :
-الفكرة األولى :نفي الحرية عن الجاني حيث إذا كانت المدرسة التقليدية اعتبرت حرية
الفرد مطلقة ،فإن هاته األخيرة ،تنفي هذه الحرية ،ومع غياب هذه الحرية ال يمكن عقاب الجاني
بل ينبغي خلق تدبير إصالحي يتوخى منه عدم تكرار الجريمة مستقبال.
-الفكرة الثانية :اعتبار املجرم أهم من الجريمة ألنه يهدد املجتمع ويملك بداخله قوة
وغرائز تدفعه إلى ارتكاب الجريمة ،675وال يمكن إذن للمجتمع أن يواجه الجريمة ويقض ي على
آثارها إال إذا نظر إلى األسباب الذاتية والشخصية التي تحتم على الفرد ارتكاب الجريمة.
وكلما تعذر القضاء على هذه األسباب وجب القضاء على الجاني نفسه حتى يتحقق
الهدف المتوخی ،فعند أنصار هذه المدرسة ،فالجريمة هي نتيجة عوامل متنوعة تختلف
باختالف الظروف املحيطة بالجاني وال عالقة لها بحرية االختيار و إنما هي نتيجة عوامل متنوعة
تختلف باختالف الظروف املحيطة بالجاني وال عالقة لها بحرية االختيار لدى الجاني.
إذا كانت المدرسة التقليدية اهتمت بالظروف المادية املحيطة بالجريمة والمدرسة
الوضعية ركزت اهتماماتها على املجرم ،فإن المدرسة الحديثة حاولت التوفيق بين المدرستين
وجاءت بنظرية متكاملة ومتزنة ،حيث حضت أفكارها باهتمام كبير من طرف مختلف
التشريعات ومنها المشرع المغربي الذي أخذ بمبادئ المدرسة فيما يخص المسؤولية الجنائية
وتفريد الجزاء الجنائي.
ويعتبر "سالي" المؤسس الفعلي للمدرسة التقليدية الحديثة وأحد مجددي المدرسة
التقليدية حيث أصدر كتاب تفريد العقاب 6761898وفي وقت عرفت فيه الدراسات القانونية
تطورا بالغ األهمية .ومن أهم ما جاءت به هذه المدرسة هو إقامة نوع من التوازن بين الحرية
والجبرية 677حيث قالت أن حرية االختيار هي أساس هذه المسؤولية إال أن هذه الحرية ليست
مطلقة حسبها وليست متساوية عند جميع األفراد ولعل هذا ما أدى بأنصارها إلى ضرورة تقدير
حدين للعقوبة ،حد أدنى وحد أقص ى ،والدفاع عن مبدأ تفريد الجزاء لتمكين القاض ي من
تمتيع الجاني بظروف التخفيف حسب ما يراه من تفاوت في حرية االختيار بين الجناة في ظروف
كل نازلة.
مدرسة الدفاع االجتماعي أقامها "مارك أنسل" والذي جاء بتقنيات جديدة لتفريد
الجزاء الجنائي ،كما جاء بمجموعة من المبادئ األساسية كالشرعية في التجريم والحرية في
االختيار كأساس للمسؤولية الجنائية وضرورة إبقاء الجزاء بنوعيه العقوبة والتدبير الوقائي،
وكذلك ضرورة تناسب الجزاء مع الخطأ.
ومن هنا يتبين لنا أن هناك نوع من االتفاق بين "سالي ومارك أنسل" حول وضعية
العقوبة والقانون الجنائي وحول ضرورة التفريد الذي ال ينبغي أن يضحي بمبدأ الشرعية
الجنائية والوسائل والتقنيات التي يطالب بها عند اللجوء إلى تفريد الجزاء منطلقا في ذلك من
االهتمام بالو اقع واالرتباط به حيث ال يعتبر الجريمة خرق للقواعد القانونية فقط ولكنها
نتيجة للظروف االجتماعية والنفسية للجاني كذلك وبالتالي ،ال يجب التعامل مع الجاني على
أساس الجزاء بل وعلى أساس الحماية أيضا.678
انطالقا مما سبق يمكن القول أن أهم ما جاءت به المدارس المتزنة األخيرة ،فيما يتعلق
بتفريد الجزاء يتمحور حول ما يلي :
أن تحديد العقوبة وتفریدها يقوم على توزيع االختصاصات بين المشرع والقاض ي
وإدارة السجون.
أن التفريد يتناقض مع العقوبة الثابتة ويتطلب قابلية تخطيطها كلما ظهرت
الحاجة لذلك.
المبحث الثاني :صور تفريد الجزاء الجنائي على ضوء التجربة المغربية
كشفت التطورات الحديثة التي لحقت بالسياسة الجنائية عن مبدأ التناسب ،ويتوجه
مضمون هذا المبدأ إلى أن المشرع نبه إلى ضرورة مراعاة التناسب بين مقدار العقوبة الجنائية
والجريمة التي تقررت لها هذه العقوبة وظهر بموازاته مبدأ المساواة في العقاب کرد فعل عن
نظام عدم المساواة الذي اتسمت به اإلدارة الجنائية في النظام القديم ،680لكن المساواة في
القانون الجنائي أدت إلى عدم المساواة بين أناس مختلفين ،ألن العقاب وإن كان واحدا فإنه
يختلف في الحقيقة باختالف النوع والسن والظروف وغير ذلك من األحوال ،فالشكلية التي
اتسم بها االتجاه املحافظ كادت تقض ي على المبررات التي من أجلها نودي بمبدأ الشرعية،
وذلك بالهبوط بالقضاة إلى مستوى اآللة في تطبيقهم للقانون بحرمانه من أي سلطة تقديرية
ولعل هذا ما يضر بطبيعة الحال بمبدأ المساواة أمام القانون الذي يتطلب بالضرورة أن يؤخذ
بعين االعتبار التغييرات التي أحاطت بارتكاب الجريمة ،ومن ثم فإن المساواة الحقيقية هي
المساواة بين الجناة في األلم.
ومن هنا ظهر التفريد للتعبير عن هذا المنطق الذي هو في الحقيقة عصب السياسة
الجنائية فالمعنى الحقيقي للمساواة هو تماثل العقوبة كلما تماثلت الظروف واألوضاع ومن ثم
فال تعارض بين مبدأ المساواة في العقوبة ومبدأ تفريدها ،ولما كان تفريد العقوبة يحقق
العدالة والمساواة فقد أخدت به النظم الجنائية الحديثة على ثالث مستويات ابتداءا من
المرحلة التشريعية إلى المرحلة القضائية تم إلى مرحلة تنفيذ العقوبة.
رغم جهل المشرع للمجرم قبل ارتكابه الجريمة فإنه ينطلق من معطيات عامة من أجل
تحديد العقوبة ،حيث وضع التقسيم الثالثي للجرائم والجنايات والجنح واملخالفات كما أنه
ميز بين املجرم العادي واملجرم السيالي وبين املجرم المتعود على الجريمة واملجرم المبتدئ ،كما
أنه نص على مجموعة من التدابير القضائية ،ومن أجل تمييزه عن املجرم الحدث وضع سياسة
جنائية خاصة باألحداث هدفها إصالح الجاني بدل الزج به داخل السجن ،وفضال عما سبق
فإنه نص على بعض األعذار القانونية المعنية واملخففة من العقاب ،فضال عن الظروف التي
ترفع العقوبة كما نص المشرع على العقوبات التخييرية.
إذن أن التفريد القانوني هو ذلك الذي يراعيه المشرع عند تحديده التدرج في العقوبة
حسب ظروف املجرم والجريمة ،فيفرض على القاض ي تطبيق عقوبة أخف أو أشد الختالف
الظروف المتعلقة بالجريمة والجناة ويتمثل التفريد القانوني أو التشريعي في تفريد شخصية
املجرم أو حسب طبيعة الجريمة.
نجد أن المشرع أورد الظروف التي تخفف العقوبة وكذلك الظروف التي تؤدي إلى
تشديدها نظرا لعودته إلى ارتكابها.
ً
أوال :أعذار تخفيف العقوبة
لقد أورد المشرع أسباب حددها وأوجب تخفيف العقوبة عند توفرها وكان السن من
العوامل الرئيسية التي ساهمت بقسط وفير في شخصية القانون الجنائي وإكسائه الصيغة
الذاتية ،ومن ثم تكريس مبدأ التدرج في العقوبة ومقادريها وهو نفسه ما کرسه المشرع المغربي
نفسه.
وقد سميت باألعذار املخففة العامة ألنها تنطبق على السن /التمييز أو ما يسمى
باألهلية الجنائية.
ولقد سميت باألعذار املخففة الخاصة ،ألنها وردت بمناسبة مجموعة من الجرائم
املحددة على سبيل الحصر وال ينتج أثرها إال عليها.
وإذا رجعنا إلى القانون الجنائي المغربي ،نجد أن األعذار القانونية املخففة للعقوبة
تمتثل في:
-حالة القتل ،الضرب والجرح المرتكب نهارا بقصد دفع تسلق أو كسر سور أو حائط
أو مدخل منزل أو بيت مسكون أو أحد ملحقاته.682
-حالة القتل ،الضرب أو الجرح الذي يرتكبه أحد الزوجين ضد الزوج اآلخر وشريكه
عند مفاجئتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية.683
-حالة الضرب أو الجرح حتى ولو أدى إلى الموت دون نية إحداثه بسبب مفاجئة رب
األسرة ألشخاص في منزله وهم في حالة اتصال جنس ي غير مشروع.684
ً
ثانيا :الظروف المشددة في العقاب
يمكن تعريف الظروف المشددة بأنها تلك الظروف املحددة في القانون والتي توجب
تشديد العقوبة المقررة للجريمة .وهذا ما نستنتجه من خالل الفصل 152ق.ج الذي نص:
"تشديد العقوبة المقررة في القانون بالنسبة لبعض الجرائم ينتج عن ظروف متعلقة بارتكاب
الجريمة أو بإجرام المتهم ،وهذه الظروف محددة في القانون على سبيل الحصر ،وبالنسبة
لجرائم معينة من جنايات وجنح حيث نص المشرع في الفصل 153يحدد القانون ظروف
التشديد المتعلقة بجنايات أو جنح معينة" وهي ظروف متعددة ومتنوعة وردت بصورة متفرقة
في الكتاب الثالث ،وهي نوعان:
وهي مجموعة من الظروف المادية أو العينية التي تتعلق بالمالبسات العائدة للجانب
المادي أو العيني في الجريمة ،حيث ال يمكن أن يساوي المشرع بين مرتكب جريمة السرقة
بالنشل وهي جريمة بسيطة مع من يرتكب هذه الجريمة ،باستعمال السالح أو بالكسر أو
بالتسلق أو أن يتم ارتكابها ليال حيث يعتبر حمل السالح والكسر والتسلق ظرف مشدد في جريمة
السرقة ويتعلق بكيفية ارتكاب الجريمة ،كما يعتبر الليل ظرف مشدد يتعلق بزمن ارتكاب هذه
الجريمة ومثال ذلك ،فقد عاقب المشرع المغربي على جريمة السرقة في الفصل 505من ق.ج
بالحبس من سنة إلى 5سنوات وغرامة من 200إلى 500درهم إال أنه في حالة تو افر أحد ظروف
التشديد کارتكابها ليال أو باستعمال مفاتيح مزورة أو بواسطة الكسر أو التسلق ،فإن العقوبة
تكون السجن من 5سنوات إلى .68538
والمالحظ أن هذه الظروف المشددة العينية تسري على الفاعل األصلي والمساهمين
والمشاركين معه في الجريمة ،حتى ولو كانوا يجهلون تماما تو افرها في النازلة.
وهي ظروف شخصية منها ما يتعلق بالخطورة اإلجرامية للمجرم کسبق اإلصرار
والترصد حيث شدد المشرع جريمة القتل العمد من السجن المؤبد إلى اإلعدام وهذا ما
نص عليه الفصل 686293والمشرع شدد هذه العقوبة وعيا منه بالخطورة التي يحملها الجاني
والمتمثلة في تصميمه وعزمه المسبق على ارتكاب فعله اإلجرامي.
ومنها ما يتعلق بمالبسات تعود إلى الصفة المتوفرة في الجاني أو نوع العالقة التي تربطه
باملجني عليه ومثال ذلك حالة الفصل 547من ق.ج الذي يعاقب جريمة خيانة األمانة بالحبس
من 6أشهر إلى 3سنوات وغرامة من 200درهم إلى 2000درهم لكن هذه العقوبة تشدد فتصبح
حبسا من سنة إلى 5سنوات وغرامة إذا ارتكبها عدل أو حارس قضائي... 687
والفصل 486من ق.ج الذي عاقب على جريمة اإلغتصاب 688لكنه تشدد في العقوبة في
الفصل 689487إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو له سلطة عليها.
من خالل ما سبق يتبين لنا أهمية ظروف التشديد ،لذلك نجد المشرع أعطاها اهتماما
خاصا حيث يالحظ أنه أناط بالقانون وحده ،تحديد هذه الظروف وتقديرها.
ً
ثالثا :العقوبات التخييرية
لقد أقر "سالي" أن نظرية العقوبات التخييرية أو المتوازية ،تتلخص في وضع المشرع
اثنين من العقوبات األولى مشينة والثانية غير مشينة ،حيث يترك القاض ي سلطة اختيار
العقوبة المناسبة لكل مجرم على حدة ،690هذا ما جعل معظم التشريعات الحديثة ،تأخذ
بنظام العقوبات التخييرية إال أن معظم هذه العقوبات تتمحور حول الحبس أو الغرامة وهذا
هو النهج الذي سلكه المشرع المغربي ،حيث أننا إذا تفحصنا نصوص القانون الجنائي يالحظ
أنه اقتصر على عقوبتين فقط هما الحبس أو الغرامة.691
وفضال عما نص عليه القانون الجنائي نجد أن المشرع المغربي ينص على العقوبات
التخييرية في قانون الصحافة وكذلك القانون المنظم لالنتخابات الصادر ،1959وفي المدونة
المتعلقة بحوادث السير حيث أن معظم نصوصها تنص على عقوبات تخييرية باستثناء حوادث
السير القاتلة حيث تكون العقوبة الحبس والغرامة ،وتطبيق هذا النظام قاصر على الجنح
واملخالفات دون الجنايات لخطورتها.
بهذا يكون المشرع المغربي قد انضم إلى التشريعات التي أخذت بنظام العقوبات
التخييرية وإن كان ذلك في نطاق جد محدود ،إال أن ظروف التخفيف المنصوص عليها في
الفصل 174من ق.ج 692كفيل بنقل القاض ي إلى العقوبات التخييرية لما يتمتع به من سلطة
تقديرية في تفريد الجزاء وهذا ما سأتناوله في المطلب الثاني.
يتمثل التفريد القضائي في منح القاض ي الجنائي سلطة تقديرية واسعة االختيار
العقوبة المناسبة في نوعها ومقدارها للحالة الجرمية التي ينظرها وهي سلطة يمنحها له
المشرع ،إذ أن هذا األخير يقرر للجريمة عقوبة بحد أدنى وحد أقص ى للعقاب ثم يترك للقاض ي
الجنائي أن يختار بين هذين الحدين أو دون الحد األدنى حسب جسامة الجريمة وظروفها
وخطورة املجرم.
وهكذا تكون قضية تقدير العقوبة قضائيا عنصرا أساسيا من عناصر التقنية
الجديدة لتوزيع العقوبة ،واحتلت مركزالصدارة في تقيد حق الدولة في العقاب ذلك أن المشرع
عند تحديده للعقوبة على الجريمة ،فإن القاض ي يركز أكثر على املجرم ،ومن هنا يعمل القاض ي
على استخراج التحديد الو اقعي للجريمة ،انطالقا من التحديد التشريعي للمجرم .ولعل هذا
ما سأتطرق إليه في الفقرات التالية:
لبيان مفهوم سلطة القاض ي التقديرية ال بد من التطرق لتصور هذه السلطة وكما هو
معروف عبر التاريخ أن السلطة كانت دائما مطلقة بيد رئيس القبيلة أو الجماعة في املجتمعات
البدائية ،وقد كان يمارس رئيس القبيلة سلطة القضاء فيحكم على الجناة بما يشاء من األحكام
دون أي ضابط أو قاعدة يلتزم بها ،كما باشر أغلب الملوك القدماء سلطة القضاء بأنفسهم ثم
عهدوا بسلطاتهم القضائية الحقا ألفراد من الطبقة الخاصة فمارسوا القضاء بصورته المطلقة
وقد أدى كل هذا إلى االستبداد القضائي واستعمال السلطة وبالتالي اإلساءة إلى استعمال
سلطات القضاء.
ونتيجة للعيوب التي ظهرت يستند هذا النظام إلى تعاون كل من المشرع والقاض ي
بحيث يقوم األول بتحديد العقوبة المالئمة للجاني ،ويتولى الثاني توقيع العقوبة المالئمة
للمجرم ضمن تحديد المشرع للجرائم والعقوبات فيقدر القاض ي العقوبة المناسبة بين
الحدين األعلى واألدنى المقررين للجريمة مراعيا فيه ظروف املجرم وظروف ارتكاب الجريمة
وهو ما يعرف بالتفريد القضائي للعقاب.
لقد ظهرت سلطة القاض ي التقديرية كردة فعل للقاعدة القانونية "بأن ال جريمة وال
عقوبة إال بنص" وخولت هذه السلطة القاض ي الجنائي سلطة في تقدير العقوبة واختيار
العقوبة التي تتناسب والظروف التي أحاطت بوقوع الجريمة واملجرم ،خاصة وأن املجرم دائما
يبقى غير معروف للمشرع وأن هذا األخير يكتفي بوضع العقوبة للشخص العادي وفي الظروف
العادية.
ويستلزم إعمال القاض ي لسلطته التقديرية االستعانة بالمنطق والمقتض ى القانوني في
تحليل الوقائع واالستدالل والنطق بالحكم ،ألن القانون ما هو إال علم من العلوم اإلنسانية
التي تتفق والو اقع االجتماعي وو اقع الحياة وأسلوبها ومن ثم يقوم القاض ي بتقدير الوقائع ثم
يبحث عن القاعدة القانونية الواجبة التطبيق والتي تحقق أقص ى درجات العدالة في إصدار
الحكم.693
ومن ثم فإن القاض ي الجنائي لن يستطيع تقدير العقوبة إال بعد تكييف للوقائع
المطروحة أمامه وبعد أن يطابق وقائع الفعل للنص الذي حدده المشرع ومن ثم كان التكييف
لبيان العوامل التي تؤدي إلى تحقيق المطابقة بين الو اقعة والنص.
لكن ما هو التكييف؟
التكييف معناه رد و اقعة الدعوى على النص القانوني الذي يؤثمها 694وهو أيضا ،يعني
ثبوت الوقائع وصحة نسبتها إلى المتهم فهو العالقة بين الوقائع والقانون وينتهي بمنح الوقائع
إسما قانونيا ينطوي في القانون الجنائي على نتيجة مالزمة هي تطبيق العقوبة المنصوص عليها
بهذا االسم ،ويتوقف لصحة االسم القانوني الممنوح للوقائع على اإلمساك المنضبط للعالقة
التي تربط هذه الوقائع بقواعد القانون الجنائي.695
-693صايش عبد المالك ،مدى نجاعة العقوبات السالبة للحرية في مكافحة الجريمة ،المؤسسة الحديثة للكتاب ،لبنان،
طبعة ، 2015ص.00
Ste Fami, Le Vasseur, Criminologie, p : 275.-694
-695فوزية عبد الستار ،مرجع سابق ،ص.002
ولصحة التكييف يجب تحديد النموذج القانوني للجريمة الذي يضم كل العناصر
الالزمة لقيام الجريمة والتي لو تخلف أحدها المتنع قيامها أي تحديد أركان الجريمة الركن
المادي والمعنوي والنية اإلجرامية.
ويكون القاض ي اقتناعه في حسم النزاع من خالل االعتماد على وسائل اإلثبات
القانونية والمنطقية كالمعاينة والفحص واإلطالع واالنتقال إلى مكان الجريمة واالستدالل
والقرائن واالعتراف والشهود واالستجواب والو اقع أن تقدير القاض ي الجنائي هو تقدير
شخص ي بالدرجة األولى يعتد بشخصية الجاني ومدى مسؤوليته الجنائية عن الفعل المرتكب
وبالتالي ،فإن السلطة الممنوحة للقاض ي في تقدير العقوبة ومالئمته بين الو اقع والظروف
وأحوال املجرم والجريمة يخرج النص التشريعي من قالب نص التجريم إلى ساحة التطبيق.
إن القضاء الجنائي هو قبل كل ش يء مؤسسة اجتماعية ذات صبغة أوجدتها المدنية
المتحضرة لتكون قيمة على حرية المواطنين في أنفسهم ورأيهم ،ولتكون درعا يحميهم من
التسلط واالعتداء ناشدة بينهم العدالة والطمأنينة إلى حاضرهم ومستقبلهم.
لذلك فإن مهمة القاض ي الجنائي في غاية التعقيد ،فالنظريات املختلفة حول أهداف
العقاب ومعاملة المدنيين تتضمن عدة اعتبارات متناقضة من الصعب التمييز بينهما وكذلك
التوفيق بينها ،حيث يلزم القاض ي اليوم باالهتمام باالعتبارات أوسع كثيرا من مجرد التطبيق
القانوني في قضية معينة ،هذه االعتبارات التي تشتمل احتياجات املجتمع ،مما يتطلب
المشاركة إلى حد كبير في الحوار مع اآلخرين ،حول أنواع القيم واالتجاهات التي يجب
تطويرها وحمايتها عن طريق جهاز العدالة الجنائية ،والو اقع أن مسألة التقدير هذه ال يجب
أن تترك لمطلق السلطة التقديرية للقاض ي ولو في إطار مبدأ الشرعية وفي الحدود المرسومة
من قبل الشارع ألن المدى المتروك بين الحدين األدنى واألقصر قد يصل في بعض األحيان إلى
حد غير معقول لذلك فمن واجب محكمة النقض أن تمارس رقابة خاصة في هذا الصدد حتى
يتم توحيد اتجاهات القضاء لتحقيق سياسة جنائية قوامها العدالة.
وعليه ،هناك مجموعة من الضوابط التي ينبغي التقيد بها ،ثم سأتطرق إلى الرقابة
القضائية على سلطة القاض ي تقديرية.
يعد مبدأ الشرعية الجنائية ضمانة أساسية في كافة التشريعات الحديثة ،التي عملت
على تكريسه والنص عليه في صلب دساتيرها ونذكر منها على سبيل المثال الدساتير المغربية
لسنة ،1992 ،1972 ،1970 ،1962وكذا دستور 1996كما نص عليه الفصل 1من القانون
الجنائي المغربي.696
يقتض ي هذا المبدأ تحديد نصوص التجريم والعقاب ،تحديدا دقيقا ومحكما لكي ال
يبقى الباب مفتوحا للتأويل أو الخروج عنه ،فالقاض ي الذي ال يجد عقوبة في القانون يجب
عليه أن يخلي ساحة المتهم ،كما أنه يلتزم بتطبيق الجزاء المفروض قانونا على جريمة معينة،
يسوغ له أن يتوسع في تفسير النص القانوني إلى درجة القياس ،بل يجب عليه التحري عن
اإلرادة الحقيقة للمشرع وأن ال يتجاوز هدفه من إصدار القاعدة القانونية.
كما أن النصوص الجنائية ،ال تكتس ي صبغة الشرعية إال إذا كانت صادرة عن المشرع
وحده ممثال في الهيئات أو الجهات املختصة بإصدار هذه القوانين ،ألن العدل يقتض ي أن يقوم
المشرع ببيان الجرائم وعقوباتها ،لكي يكون الفاعل على بينة بعو اقب ما هو بصدد اإلقدام
عليه.
-)5الخطورة اإلجرامية:
إن مفهوم الخطورة اإلجرامية له أهمية بالغة في النظام القانوني المعاصر بوصفه
مفترض للجزاء ،ذلك أن الخطورة هي الضابط الذي يستند إليه القاض ي لتحديد نوع ومقدار
هذا الجزاء ،أكثر من ذلك فالمشرع يجيز للقاض ي عند انتفاء الخطورة اإلجرامية بالنسبة
للجاني والعدول عن تطبيق العقوبة وهو ما يسمى بوقف التنفيذ.
والخطورة اإلجرامية ال تنحصر أهميتها فقط في طور النطق بالحكم بل تتعداه إلى طور
التنفيذ أيضا إذ أنها تعتبر مناطا للعديد من األنظمة العقابية في المؤسسات السجنية ،كنظام
اإلفراج الشرطي ونظام االختبار القضائي ،لذلك اعتبرها الفقه أداة التقييم في كافة مراحل
الدعوى ولعل هذا ما سار عليه المشرع المغربي في الفصل 141من ق.ج.697
-)1شخصية املجرم:
إن دراسة مفهوم شخصية املجرم يهدف إلى عدة جوانب خاصة تلك التي ساهمت في
سلوك املجرم سبيل الجريمة وتتظافر عدة عوامل في تكوين هذه الشخصية ،وهذه العوامل
عديدة ومتنوعة ،698يرجع بعضها إلى التكوين النفس ي للمجرم والبعض اآلخر إلى الوسط أو
املحيط العائلي ،وطريقة التعايش في هذا الوسط ويرجع الباقي إلى الوسط االجتماعي ككل.699
فالقاض ي الجنائي أثناء اختياره للجزاء الجنائي المناسب لشخصية املجرم بواسطة
منحه سلطة تقديرية تتيح له الكشف عن سائر الجوانب والعوامل النفسية واالجتماعية
الكامنة منذ زمن بعيد ،لكن هذا ال يعني أن القاض ي ال يمكن له أن يخطأ في تقدير هذا الجزاء،
خاصة إذا كان المشرع لم يضع بين يديه معايير دقيقة إلرشاده في مهمته؟
تجاوزا لكل ما يمكن أن يقع فيه القاض ي من خطأ أثناء ممارسته لسلطته التقديرية
فقد أوجدت أغلب الدول حاليا محكمة عليا تعرف بمحكمة النقض أو اإلجراء أو محكمة
التمييز أو التعقيب تتولى الرقابة على األحكام الصادرة عن املحاكم االبتدائية واالستئنافية
وتتجلى هذه الرقابة في عدة جوانب يمكن حصرها في السهر على مراعاة القانون من لدن
املحاكم الزجرية ،ويمثلها في المغرب املجلس األعلى محكمة النقض حاليا ،الذي أصبح يعطي
الضمان القوي لسير العدالة فضال عن مجموعة من اإلجراءات القضائية والوقائية 700التي
تهدف إلى الوقاية من السقوط في الخطأ.
لم يعد السجن في الزمن المعاصر ،مجرد مكان مخصص لعزل املحكوم عليهم طيلة
فترة العقوبة املحكوم بها بل تحول في ظل السياسة العقابية الحديثة إلى مرفق اجتماعي غايته
تقويم وإصالح النزالء 701وقد استفادت اإلدارة العقابية من النتائج التي توصلت إليها الدراسات
اإلجرامية فيما يتعلق بشخصية املحكوم عليه ،وما يطراأعليها من تغيير بفعل الجزاء الجنائي
فقد يتاح للقائمين على التنفيذ العقابي بالتعديل من طبيعة العقوبة أو من مدتها أو من طريقة
تنفيذها ،حسب ما يضمن أعلى شخصية املجرم ومدى استجابته للتأهيل واإلصالح.
ومن بين صور التفريد التنفيذي ما يسمح له لجهة التنفيذ من نقل املحكوم عليه بعد
فترة إلى أحد السجون العامة ،إذا رأت أن التطور اإليجابي الذي طرأ على شخصيته لم يعد
يناسب ظروف المؤسسة التي هو فيها .ومثال هذا النوع من التفريد إمكانية إسقاط الجزء
المتبقي من العقوبة بعد فترة من البدأ فيها أو في تنفيذها وفقا لنظام اإلفراج الشرطي أو العفو
عن العقوبة كلها أو بعضها أو إبدالها بأخف منها متى كان سلوك املحكوم عليه ينبئ عن عدم
العودة إلى طريق الجريمة في المستقبل.
تعني المعاملة العقابية مجموعة أساليب التنفيذ العقابي التي تحقق األغراض
المبتغاة من العقوبة وهي تأهيل املحكوم عليه عن طريق تهذيبه أو عالجه أو أنها مجموعة
المبادئ واألسس التي تحدد أقل األوضاع والمعايير المقبولة لمعاملة مختلف طوائف
المسجونين البالغين ،وتنظيم لهم العقاب الحديث وسأتحدث من الفحص األول ثم التصنيف
ثانيا.702
ً
أوال :الفحص
يمكن القول أن الفحص هو نوع الدراسة الفنية التي يقوم بها أخصائيون في مجاالت
مختلفة إلجراء الدراسة على املحكوم عليه لتحديد شخصية وبيان العوامل اإلجرامية التي
دفعته إلى ارتكاب الجريمة ،حتى يمكن المالئمة بين ظروفه اإلجرامية وبين األساليب العقابية
التي تجعل الجزاء الجنائي املحكوم به يحقق تأهيله.
-)3الفحص السابق للحكم :وهو بالفحص القانوني الذي يهدف أساسا إلى تحديد نوع
ومقدار التدبير الجنائي الالزم للمتهم ،وقد نصت تشريعات عديدة على هذا النوع من الفحص
استجابة لما تم إقراره من مفاهيم حديثة في مجال السياسة العقابية.
-)5الفحص الالحق للحكم :وهو الذي يمهد السبيل إلى تصنيف املحكوم عليه ،لتقرير
المعاملة العقابية لكل طائفة حتى يحقق الجزاء غرضه التأهيلي ،ويجب أن يكون هذا النوع
من الفحص امتداد للنوع األول ،والسبيل إلى ذلك يكون بنقل ملفه الشخص ي إلى مركز
الفحص.703
-)1الفحص التجريبي :وهو الذي يجري بعد دخول املحكوم عليه المؤسسات العقابية
يقوم به القائمون على المؤسسة من إداريين وحراس ،فيالحظون سلوك املحكوم عليه أثناء
إقامته بالمؤسسة ومدى تجاوبه معهم ،والعالقة بينه وبين زمالئه وذلك من شأنه أن يعين في
تحديد طريق معاملته.
-702أحمد شوقي أبو خطوة ،المساواة في القانون الجنائي ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 1991،ص 0.وما بعدها.
-703عثمانية لخميس ي ،مرجع سابق ،ص.020
وأهم الجوانب الشخصية التي تكون موضوعا للفحص ،هي الجانب العضوي
البيولوجي والجانب العقلي والجانب النفس ي وكذلك يمتد إلى دراسة حياة املحكوم عليه
االجتماعية.704
ً
ثانيا :التصنيف
إن مبدأ تصنيف السجناء قد أس يء فهمه في أغلب أنحاء العالم وقد أشار إلى هذه
الحقيقة العالم الجنائي الشهير" 705بول باتان" في كتابه "سبيل اإلصالح المعاصر" ويقول أن
سبب سوء الفهم نابع من عدم فهم الوظيفة األساسية للتصنيف بأنها وضع كل صنف من
المسجونين عن جرائم القتل في محل والسرقة في محل آخر وأن هذا الفصل هو موضوع
انتقاد كبير وهو بدوره ليس له صلة بموضوع تصنيف السجناء الذي نحن بصدده.
-)3المدلول األمريكي:
أن التصنيف في المعنى العقابي هو في المقام األول أسلوب يحقق التنسيق بين
التشخيص والتوجيه والمعاملة في كل حالة على حدة في صور فعالة وهو يكاد يشمل كل نظام
التنفيذ العقابي.
-)5المدلول األوروبي:
يقسم املحكوم عليهم طبقا للمدلول األوروبي إلى فئات مختلفة في المؤسسات املختلفة
المتخصصة باإلستناد إلى السن ،الجنس وغيرها وبعدها يتم تقسيمهم إلى مجموعات مختلفة
داخل كل مؤسسة.
يعد اإلفراج المقيد بشروط من بين أهم اإلجراءات التي تتحكم في مواكبة المعتقلين
حيث يرمي إلى منح السجين فرصة لمواجهة الذات وتشجيعه على االنضباط داخل السجن،
كما يمنح له الفرصة من أجل التشبث بحسن السلوك ألن عدم احترام ذلك سيكون سببا
لعودته إلى السجن من جديد.
ولقد عرف المشرع المغربي اإلفراج المقيد بشروط في المادة 59من ق.ج حيث نصت
على ما يلي" :اإلفراج المقيد بشروط هو إطالق سراح املحكوم عليه قبل األوان لتحسن حالته
وسلوكه داخل السجن على أن يظل مستقيم السيرة في المستقبل ،أما إذا تبين عليه سوء
السلوك أو إذا أخل بالشروط التي حددها القرار باإلفراج المقيد فإنه يعاد إلى السجن لتتميم
ما تبقى عليه من عقوبة.
ولقد حددت المواد من 622إلى 632من قانون المسطرة الجنائية المغربي ،اإلجراءات
التشكيلية المرتبطة بهذا الموضوع ،وبالرجوع إلى هذه المواد نجد المشرع قد وضع مجموعة
من الشروط لالستفادة من هذا اإلجراء حيث يجب أن يقض ي املحكوم عليه نصف العقوبة إذا
كان األمر يتعلق بجنحة وثلثي العقوبة بالنسبة للجنايات أو بعقوبة جنحية من أجل وقائع
وصفت بجناية وإذا تعلق األمر بمحكوم عليه باإلقصاء.
ً
ثانيا :التخفيف التلقائي للعقوبة أو العفو منها
التخفيف التلقائي للعقوبة يتيح إمكانية استفادة كل معتقل محكوم عليه ،أبان عن
حسن سلوكه من تخفيض قد يصل إلى 3أشهر كحد أقص ى عن كل سنة أو بتخفيض مدته
سبعة أيام في الشهر إذا كان محكوم عليه بعقوبة أقل من سنة.
المالحظ أن هذا اإلجراء ال يشكل وسيلة للتقليل من عدد المعتقلين فحسب ولكنه
وسيلة لنشر السكينة واالطمئنان داخل صفوف املحكومين.
أما بالنسبة للعفو الملكي السامي فهو بدوره يهدف إلى تحقيق أهداف نبيلة ويخلف
ارتياحا في نفوس المعتقلين كما يجدد لديهم األمل في مستقبل أفضل وفي اندماج سليم داخل
النسيج االجتماعي بعد اإلفراج ،وهذا هو الهدف من العقوبة شريطة أن يتم اختيار الئحة
ولقد706 المستفيدين منه بطرق سليمة من طرف اإلدارة المشرفة على المؤسسة السجنية
نص عليه المشرع في المادة 53من ق.ج وهو منظم بظهير رقم 387.57.1الصادر 6فبراير
.1958
ً
ثالثا :التدخل القضائي في مرحلة تطبيق الجزاء الجنائي
لقد ظهر مبدأ التدخل القضائي في مرحلة تنفيذ الجزاء الجنائي نتيجة املجهودات
فقهية منفردة أو مجتمعة ثم التعبير عنها في إطار المؤتمرات الدولية وقد تم تأسيس فكرة هذا
التدخل على أسانيد وأسس تشريعية متنوعة مرتبطة أساسا بالهدف من الجزاء الجنائي
وبالجاني محل توقيع هذا الجزاء بحيث يكون الهدف في النهاية هو إعادة تأهيل الجاني
اجتماعيا أوال تطبيق العقوبة.
خ ــات ـم ــة:
نستخلص من خالل الدراسة أن تفريد الجزاء الجنائي ،يعتمد على ما يتمتع به القاض ي
الجزائي من سلطة تقديرية في اختيار العقاب المناسب لكل و اقعة تعرض عليه على حدة
وبالتالي فهو أدق أنواع التفريد الجنائي ،وأن وسائل القاض ي الجنائي عند استعماله لسلطته
التقديرية في تحديد العقوبة محددة بنصوص قانونية ،متمثلة في التدرج الكمي مع اختيار نوع
العقوبة ،تمكن القاض ي من اختيار العقوبة لكنه مقيد بالحدود القانونية التي رسمها له
المشرع وبالتالي فإن سلطته في هذا املجال ليست مطلقة بل مقيدة.
وفي األخير نؤكد على أن تفريد الجزاء الجنائي ليس باألمر السهل كما أن استعمال
القاض ي لسلطته التقديرية ،تعتمد في جانب كبير على فطنة القاض ي وتمرسه ،األمر الذي
يستوجب ضرورة تخصص القاض ي الجنائي والحفاظ على استقراره الوظيفي ،ولعل هذا ما
ً
سينعكس حتما على اكتسابه مزيد من الخبرة والتمرس وبناء سلطته التقديرية في اختيارالعقاب
على أسس سليمة ومدروسة.
الئحة المراجع:
محيي الدين أمزازي ،العقوبة ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية،
طبعة .1999
عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء الثالث.
لطيفة مهداتي ،حدود سلطة القاض ي التقديرية في تفريد الجزاء ،طبعة .2007
صايش عبد المالك ،مدى نجاعة العقوبات السالبة للحرية في مكافحة الجريمة،
المؤسسة الحديثة للكتاب ،لبنان ،طبعة . 2015
محمد عياد الحلبي ،شرح قانون العقوبات األردني ،طبعة .1993 ،1
سليمان عبد المنعم ،النظرية العامة للقانون الجنائي األردني ،طبعة .1993
عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء الثالث.
يسود األدبيات االقتصادية تعريفات متعددة لمفهوم التنمية الزراعية ،تعكس آراء
المفكرين واملختصين في علم التنمية الزراعية ،وتباين نظرتهم إلى تلك المفاهيم ومقاصدهم
منها ،فالتنمية الزراعية في نظر البعض هي زيادة أو النمو اإلداري املخطط له ،حيث يمكن
التوصل إلى هذا الحد من النمو بواسطة اإلجراءات والتدابير التي تتخذها السلطة ،ويعبر عتها
في الوقت الحاضربالخطط والسياسات التي تهدف إلى تحقيق معدالت معينة من النمو .707
ومن هنا ينظر االقتصاديون للتنمية الزراعية باعتبارها عملية تغيير تركيبة الهيكل
االقتصادي في املجتمع ،الذي تتم بموجبه تحقيق زيادة حقيقية في الناتج الزراعي ،أو زيادة
الدخل الحقيقي للفرد الريفي خالل فترة طويلة ومستمرة من الزمن ،أي أن التنمية الزراعية
تشمل كافة اإلجراءات التي من شأنها تطوير القوى المنتجة ،لتحقيق زيادة في اإلنتاج الزراعي
- 707وزارة الزراعة ،)0202( ،استراتيجية القطاع الزراعي في فلسطين ،تاريخ االطالع ،0202/0/02 :الموقع:
(.)www.moa.gov.ps
المتاح لعملية التنمية االقتصادية ،وزيادة دخل المزارع وتحسين مستوى الخدمات الزراعية
لسكان الريف ،وتحسين ظروف ومستوى معيشتهم .708
كما تم تعريف التنمية الزراعية بأنها مجموعة من اإلجراءات واألساليب التي يكون لها
دوركبيروفعال في التأثيرعلى هيكل االقتصاد الوطني ككل وباألخص في الدول النامية .709
وعلى الرغم من أهمية التنمية الزراعية فإنه لم يعد من الممكن أن تهتم السياسات
الزراعية بأهداف اإلنتاج فقط ،إذ وجدت رؤية جديدة للتنمية في القطاع الزراعي ذات أبعاد أكبر
ً ً
من اإلنتاج واالستهالك ،تولي الجانب البيئي اهتماما واسعا ،وتلبي احتياجات الجيل الحاضر
وأجيال المستقبل ،وعلى ضوء تلك الرؤية تم تعريفها بالتنمية الزراعية المستدامة .فقد عرفت
منظمة األغذية والزراعة التابعة لألمم المتحدة ( )FAOالتنمية الزراعية المستدامة بأنها إدارة
وصيانة الموارد الطبيعية األساسية ،بحيث تضمن المؤسسات ،والتقنيات ،والمتطلبات
اإلنسانية الحالية والمستقبلية. 710
من خالل ما تقدم يتضح أن التعاريف املختلفة للتنمية الزراعية تؤكد على أهمية
القطاع الزراعي في تلبية الحاجات األساسية للسكان ،و تساعدهم في تلبية تطلعاتهم االقتصادية
واالجتماعية ،وتقض ي على مشكالت الجوع والمرض والفقر ،كما أنها تحمي الموارد الطبيعية
وتحافظ عليها من خالل االستخدام األمثل لهذه الموارد ،فالتنمية الزراعية كما فهمنا هي
ً ً
عملية تحسين اإلنتاج الزراعي كما ونوعا من خالل تطوير وسائل اإلنتاج ،وتنظيم اإلنتاج بما
ينسجم مع خطة التنمية االقتصادية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها.
ويتم تقييم أوضاع التنمية الزراعية من خالل الخصائص والمؤشرات التالية: 711
- 708أبو حلوب ،فادي مصطفى عبد الجواد ،)0201( ،محددات نمو القطاع الزراعي في فلسطين ،دراسة قياسية خالل
فترة ( ،)0200-0220الجامعة اإلسالمية ،شؤون البحث العلمي والدراسات العليا ،كلية التجارة ،ماجستير اقتصاديات
التنمية ،غزة -فلسطين.
- 709السالم ،أحمد جبر ،)0202( ،واقع التنمية الزراعية المستدامة ومتطلباتها في العراق ،رسالة ماجستير في االقتصاد،
جامعة البصرة ،العراق ،ص.2
- 710المرجع السابق ،ص.02 :
- 711عفانة ،لميس محمد ممدوح عبد الرؤوف ،)0202( ،استراتيجيات التنمية المستدامة لألراض ي الزراعية في الضفة
الغربية محافظة طوباس كحالة دراسية ،جامعة النجاح ،كلية الدراسات العليا ،نابلس -فلسطين ،ص.00 :
تعتبر المياه "املحدد األهم" لإلنتاج الزراعي ،حيث أن "األمن المائي" في وقتنا الحالي
مقدم على "األمن الغذائي" ولذلك فإن الحفاظ على "املخزون االستراتيجي" من " المياه
الجوفية " يعتبرالهدف االستراتيجي األول في الخطة التنفيذية ،بل ويتعدى ذلك ليكون " الهدف
االستراتيجي األول" في االستراتيجية العامة للتنمية.
تتعرض األراض ي الزراعية لهجمة شرسة من عدة اتجاهات ،كلها تعمل على تآكل
ا لمساحة ،وأهمها :التجريفات الصهيونية المستمرة التي أدت إلى تآكل عشرات اآلالف من
الدونمات .وتفتت الملكية الزراعية نتيجة لقسمتها بين اإلخوة واألبناء وتآكل جزء هام منها
وتحويله إلى شوارع أو مباني أوالبيع لمشاريع مختلفة .باإلضافة إلى االلتهام العمراني لمساحات
ً ً
واسعة خصوصا املحاذية للتجمعات السكانية خصوصا في مراكزالمدن والقرى وذلك الرتفاع
سعرها.
.1توفيرمستلزمات اإلنتاج
تفرض سياسة االقتصاد الزراعي المقاوم االعتماد على المستلزمات الزراعية املحلية
مثل (األسمدة –األعالف -البذور– المبيدات -الدوبال... -الخ ) ،واالبتعاد قدر المستطاع عن
استيرادها من الخارج .فزراعة األنسجة توفر األشتال النوعية ذات المواصفات الجيدة
والخالية من األمراض ،كما يمكن الحصول على األسمدة من خالل تدوير املخلفات الزراعية
والمنزلية ،واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ومياه االستزراع السمكي .و إنتاج بذور
ً
األسماك وتوفير أمهات الدجاج البياض والالحم محليا .وتستمد األعالف من مخلفات النخيل
والزيتون ومخلفات التصنيع الغذائي والفطر والطحالب وغيرها ،وتعتبر اإلدارة األمثل
لمستلزمات اإلنتاج هي التقليل من محاصيل الفائض وزراعة محاصيل العجز وتقليل الفاقد
.712
- 712الزعبي ،أحمد محمد ،)0222( ،األدوار المرتقبة لإلرشاد الزراعي في ظل سياسات وبرامج � اإلصالح االقتصادي،
الندوة القومية حول تعزيز دور اإلرشاد الزراعي في التنمية الزراعية المستدامة المنعقدة بالجزائر ،المنظمة العربية
للتنمية الزراعية ،الخرطوم ،ص.02 :
يعتبر تحقيق األمن الغذائي من أهم األهداف االستراتيجية ،ويعني توفير الغذاء في كل
ً
وقت بسعر مناسب وجودة مقبولة محتويا على العناصر والمركبات الغذائية األساسية ،ولقد
ً ً
أولت االستراتيجية هذا الهدف اهتماما كبيرا حيث أدخلت العديد من المنتجات االستراتيجية
الضرورية لتحقيق األمن الغذائي ،بل وتحقيق "مخزون غذائي استراتيجي" منها ،حيث يمكن
ً
إجراء عملية التخزين بطريقة غير مكلفة وال تحتاج إلى عملية تصنيع معقدة تكنولوجيا أو
مصانع متقدمة ،إذ تستطيع "ربة البيت" القيام بذلك حيث أن "ربة البيت" معيار أساس ي في
معاييراالقتصاد الزراعي المقاوم .713
.0ترشيد االستهالك
تهدف هذه الخاصية إلى ترشيد االستهالك في العديد من املحاصيل االستراتيجية ذات
األولوية العالية أوالثانوية ،وهواألمرالذي يؤدي إلى توسيع دائرة االدخارللمواطن والمزارع معا
.714
.3تقليل الفائض
تعمل هذه الخاصية على تقليل "الفائض التسويقي" للعديد من املحاصيل مثل
البندورة والخيار و أنواع أخرى من الخضار ،وذلك من خالل سياسة "التنويع املحصولي"،
وإدخال محاصيل جديدة مثل الطبية والعطرية وغيرها ،حيث يتم إحالل مساحات معينة من
الخضار بأنواع أخري كالشمام والبطيخ والبصل وغيرها ،ويؤدي الفائض في كثير من األحيان،
ً
خصوصا أوقات الذروة ،إلى حدوث "اختناقات تسويقية" ،إضافة إلى األثر األكبر وهو
"التشوهات" الناشئة عن ذلك سواء في االقتصاد العام أوالزراعي علي وجه الخصوص ،يضاف
إلى ذلك تقليل خسائرالمزارع نتيجة النخفاض األسعارفي وقت الذروة ،وهو األمرالذي يؤدي إلى
زيادة المدخرات وإمكانية استثمارها في مجاالت أخرى سواء زراعية أو غيرها .715
- 713الزهراني ،خضران حمدان ،والحاج أحمد الحاج0002( ،ه ــ) ،التنمية الزراعية في المملكة العربية السعودية ،النشر
العلمي والمطابع ،جامعة الملك سعود ،الرياض ،بدون صفحة.
- 714السبيعي ،صعيبان بن سلطان ،)0221( ،اتجاهات المزارعين نحو الزراعة المستدامة في محافظة الخرج بالمملكة
العربية السعودية ،املجلة العلمية ،كلية الزراعة ،جامعة القاهرة ،مجلد ،02العدد ( ،)0القاهرة ،ص.22 :
- 715عفانة ،)0202( ،مرجع سابق ،ص.20 :
بدأت السلطة الوطنية الفلسطينية عند قدومها عام 3002م بإعادة االعتبار للقطاع
ً
الزراعي ،فقد كان من واجبها حماية هذا القطاع وتطويره ،والحفاظ على ما تبقي منه سليما،
وزيادة اإلنتاج ووقف الزحف االستيطاني ،واملحافظة على األرض والمياه ومصادرها ،وزيادة
اإلنتاجية ،حيث قامت بإنشاء وزارة الزراعة الفلسطينية ومديرياتها في محافظات الوطن .كما
وقامت بإعادة تأهيل املحطات الزراعية ومراكز البحث العلمي ،واستصالح األراض ي وشق
الطرق الزراعية ،وقامت الوزارة بإرسال الكوادر الفنية للخارج في دورات تدريبية والبعض
الستكمال دراساتهم العليا .عملت وزارة الزراعة الفلسطينية علي وضع البرامج الزراعية والتي
تضمنت برامج في شتي الحقول الزراعية .حيث تضمنت تلك المشاريع (مشاريع لحفر اآلبار
االرتوازية ،و آبارالتجميع لمياه األمطار ،إعادة تأهيل بعض اآلبارالمدمرة) ،وكان هناك مشاريع
إلنتاج املحاصيل الزراعية(خضار ،فاكهة ،رعوية) ،ومشاريع أخرى لتسويق المنتوجات
الزراعية الفلسطينية إلي الدول الصديقة واملجاورة وتم ذلك من خالل توقيع مذكرات التفاهم
والروزنمات الزراعية واالتفاقيات وغيرها .
كما شجعت وزارة الزراعة المزارع الفلسطيني على التمسك بأرضه ،والعمل على
زراعتها ،وعملت بكل جهد وتفاني وفي ظل ظروف صعبة ،حيث النقص في الكوادر الزراعية
المدربة ،ونقص في الموارد الطبيعية والمالية الضرورية .ولقد أخذت وزارة الزراعة وجهات
رسمية أخري أن تأخذ على عاتقها مهمة تنمية وتطويرالقطاع الزراعي ،وبالتعاون مع المنظمات
غير الحكومية ،واالتحادات واللجان الزراعية ومن خالل استغالل كل اإلمكانات المتاحة من
األرض والمياه والطاقات الزراعية .وبالتعاون مع الفعاليات الزراعية المذكورة ،تم وضع خطة
للتنمية الزراعية ،وشجعت القطاع الخاص ليأخذ دوره في العملية الزراعية ودعمته وشجعته
علي شق طريقه في هذا املجال ،مستندة الى سياسات واستراتيجيات وأهداف وأولويات خطة
التنمية الزراعية الوطنية والتي تم وضعها من قبل وزارة الزراعة الفلسطينية .716
إلى عدم الوصول إلى تنمية حقيقية .فبينما كان العالم يناقش سبل التنمية المستدامة في
العالم حتى عام 5830في جوهانسبرغ ،كان الفلسطينيون يعانون من اجتياحات إسرائيلية
متكررة ألراضيهم ،هدفت إلى تدمير البنية التحتية الفلسطينية وتجويع وتركيع الشعب
الفلسطيني واالستيالء على أكبرقدرمن األراض ي الفلسطينية. 717
وبالرغم من صغر مساحة األراض ي الفلسطينية إال أنها تمتاز بالتنوع الطبوغرافي وما
يتبعه من تنوع في المناخ ،مما يتيح الفرصة النتشارالعديد من األنماط الزراعية ،فبينما ترتفع
جبال القدس والخليل أكثر من 3888م فوق سطح البحر ،تنخفض في منطقة األغوار ما يقارب
108م تحت سطح البحر (وزارة الزراعة الفلسطينية (. 5883 ،وتمتاز الحيازة في فلسطين
ً
بصغرها ،مما يشكل عائقا أمام تطوير إنتاجية األرض ،وإدخال التكنولوجيات الحديثة في
الزراعة .،كما يؤثر على تطبيق بعض البرامج التنموية كاستصالح األراض ي ،وتعتمد الزراعة في
المناطق الريفية الفلسطينية العمل عائلي ،وتقوم على مبدأ االستغالل الفردي لألرض .
أضف إلى ذلك تأثر استخدامات األراض ي بالعديد من العوامل البيئية والطبيعية
والسياسية واالجتماعية والجيولوجية والمناخ و أنواع التربة والنشاطات اإلنسانية املختلفة.
ويمكن القول إن العامل املحدد ألسلوب و أنواع الزراعات هو توفر المياه ،وبشكل و اقعي فان
كميات األمطار ونسبة السيطرة على الموارد المائية هي العامل املحدد والرئيس ي في الزراعة،
نظرا لتعدد القوانين الزراعية والمتعلقة باستخدام األراض ي الفلسطينية خالل المائة عام
- 717خليل ،محمد ،)022.( ،توجه التنمية في فلسطين ،معهد األبحاث التطبيقية -القدس (أريج) ،بيت لحم ،ص.00 :
السابقة ،لم تغفل السلطة الفلسطينية القانون الزراعي ،وتنبهت إلى ضرورة إيجاد وسيلة
لحماية األراض ي الزراعية للمحافظة على هذا المورد املحدود للشعب الفلسطيني ،فأصدرت
قانون الزراعة الفلسطيني عام 5881م ،ولقد احتوى القانون الزراعي على حماية الطبيعة
واألراض ي الزراعية وحفظ التربة ،وفرض حظرا على تجريف األراض ي الزراعية والبور ،وحظر
إنشاء أية مبان عامة أو خاصة أو منشآت صناعية أو تجارية أو حرفية في األراض ي الزراعية أو
اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم األراض ي إلقامة مبان عليها إال في حاالت محددة نص عليها
ً
القانون ،كما ال يجوز اتخاذ أية إجراءات بشان تقسيم األراض ي الزراعية هيكليا في المناطق
اإلقليمية لمساحات تقل عن خمسة دونمات بالرغم ممن تؤول إليه ملكية هذه األرض. 718
ولقد ركزالفصل الثاني من قانون الزراعة الفلسطيني على حماية األراض ي الزراعية ،إذ
تقوم الوزارة بالتعاون مع الجهات املختصة األخرى بوضع خطة إدارة املحميات الطبيعية
واملحافظة على جميع النباتات والكائنات الحية التي تعيش فيها ،كما تحظر المادة العاشرة من
القانون تجريف األراض ي الزراعية والبور أو نقل األتربة منها أو إليها ،ما لم يكن ذلك ألغراض
ً ً
تحسينها زراعيا أو املحافظة على خصوبتها وتحدد الوزارة ذلك وفقا للقانون .719
نستخلص مما سبق أن القطاع الزراعي يعتبرأحد القطاعات االقتصادي ــة الـرئيسـة التي
تس ــهم فـي االقتصـاد الـوطني ،ويرتبـط األمـن الغـذائي باألمن الوطنـي ،وتحقيق األمـن الغـذائي
يعتمـد بالدرجـة األسـاس على توفير الغذاء من اإلنتاج الزراعي املحلي ،ويسهم نهوض القطاع
الزراعي بتنويع االقتصاد وتخفيف وطأة الفقروتحسين الميزان التجاري وتحقيق حركة لمعظم
القطاعات المرتبطة به بصورة مباشرة وغيرمباشرة.
بعبارة أخرى ،يساهم تطور القطاع الزراعي في مكافحة البطالة ،وتقليص حجم
ً
فضال عن أن المنتج املحلي يكون االستيراد ،وتطور ونهوض املجتمع وتعزيز االقتصاد الوطني،
ً
أكثر أمانا على السالمة الصحية للمستهلك مقارنة بالمستورد ،الذي يؤدي إلى االهتمام بصحة
الفرد ،ألن أغلب أمراض العصر مرتبطة بالغذاء واالستهالك الغذائي ،كما وأن تطور القطاع
ً
الزراعي ينعكس إيجابيا على تحسين الو اقع البيئي.
- 718الجهاز المركزي لإلحصاء الفلسطيني ،)0222( ،التعداد العام للسكان والمنشآت والمساكن عام ،0222منشورات
الجهاز المركزي لإلحصاء الفلسطيني.0222 ،
- 719وزارة الزراعة الفلسطينية ،)0220( ،استراتيجية الزراعة المستدامة.
هذه اإلشكاليات الحقيقية التي تواجهها الحكومة الفلسطينية ناتجة عن عدم سيطرتها
على المناطق (ج) ،و اتباعها سياسات نابعة من الممولين منذ البداية ،باإلضافة إلى سياسات
االحتالل ،وهذه األسباب مجتمعة أدت إلى تحول كامل في الوعي الفلسطيني من جهة ،وإلى فشل
السياسات التنموية على األرض لعدم مالمستها الو اقع الفلسطيني من جهة أخرى .721
- 720شبيطة ،ريما )020.( ،نح و سياسات لتعزيز التنمية في مناطق (ج) ،المركز الفلسطيني ألبحاث السياسات
والدراسات االستراتيجية -مسار ،ص.02 :
- 721عرفة ،نور ،البطمة ،سامية ،فرسخ ،ليلى ،) 0200( ،المستوطنات اإلسرائيلية تخنق االقتصاد الفلسطيني ،شبكة
السياسات الفلسطينية )https://al-shabaka.org/ar/( ،تاريخ الزيارة.0202/1/0 :
االحتالل بتضييق الخناق على الفلسطينيين عن طريق إغالق جميع المعابر بشكل منظم
ومستمرلفترات طويلة تحت مزاعم أمنية باطلة. 722
ً
لقد كان االحتالل دائما بالمرصاد للمزارع الفلسطيني ،حيث يتبين لنا من خالل
اإلحصائيات كافة أن الناتج املحلي من القطاع الزراعي في تراجع مستمر نتيجة السيطرة
اإلسرائيلية الكاملة على المعابر ،حيث أن اإلنتاج الزراعي قل ،فهناك أراض زراعية صودرت
وأحاطتها المستوطنات ،وهناك سياسات إسرائيلية قمعية فتتت األراض ي الفلسطينية،
ً
وساهمت في عزلتها والصعوبة في وصول المزارع لها ،حيث أصبحت الطرق صعبة جدا على
المزارع ومكلفة في نقل المعدات ولوازم األرض والزراعة ،كما أن هناك قوانين تدعم إسرائيل،
مثل القانون العثماني الذي يسمح بتملك األرض إذا تركت من 1إلى 0سنوات بال زراعة،
وإسرائيل فعليا تستغل كل القوانين لكسر صمود المزارع الفلسطيني ودفعه لترك أرضه .كما
أن هناك معيقات عدة تتمثل في منع السماد الكيماوي ألسباب أمنية إسرائيلية ،حيث يضطر
المزارع إلى استخدام السماد البلدي ،وهو مكلف ويحتاج الجهد الكبير. 723
ً
أوال :السيطرة اإلسرائيلية على المعابرو أثرها على الصادرات الزراعية
تكمن أهميــة الصــادرات في أنها ر افد أساســي من رو افــد االقتصاد الوطني ،فالصادرات
ً
تشــكل مصدرا من مصــادر الدخــل القومي ،كونها تعود بالفوائد الجمة للدولة ولقطاعاتها ،غير
أنها تســاهم في توفير العمالت الصعبة ،وتزيد من ربحية الشركات العاملة وقدرتها في مجال
التصدير ،وذلك من خالل تبادل المعرفة والخبرات بين الشــركات المصدرة والشــركات
المســتوردة.
ً ً
كما تلعب الصادرات دورا مهما في خفض نســبة البطالة والفقر ،مــن خالل زيــادة حجم
التوظيف والتشــغيل لــدى الشــركات المصدرة ،وزيــادة األيدي العاملة لتلبيــة احتياجات
األسواق الخارجية .والدولــة التــي تســعى إلــى زيادة وتطويرصادراتهــا ،وزيادة دخلها القومــي تصل
في نهاية المطــاف إلى تنمية مســتدامة لصادراتها .ومن أجل الوصول إلى االستدامة ال بد من بذل
الكثير من الجهد والعمل على مســتوى الدولــة والشــركات الخاصــة والمؤسســات املحلية ،وذلك
ً
لتســهيل األعمال وتوفير بيئة عمــل مواتية .وعلى مدار تســعة عشــر عاما ركز مركز التجارة
- 722أبو الخير ،السيد مصطفى ،)022.( ،المعابر الفلسطينية رؤية قانونية .مؤسسة النور للثقافة واإلعالم.
- 723مجلة حياة وسوق ،الزراعة في فلسطين حراثة في حقل األلغام ،)0200( ،السنة الرابعة ،العدد (.)0.0
الفلســطيني على أن المنافسة العالمية تحتاج إلى عمليات تطويرية مســتمرة للمنتجات
والخدمات المصدرة .ولضمان اســتدامة الشــركات وبقاءها بشــكل منافس في سوق حر يتطلب
األمر عمليات بحث مســتمرة عن توجهات ورغبات السوق املحلي ،تتميز فيه المنافســة
ً
بالشراســة ،و أيضا األسواق الخارجية والمنافسين ومستويات وحدود المنافسة في هذه
األسواق.
وتتوقــف تطويــر العمليــات وحدهــا لتأديــة المهــام علــى أكمل وجــه لضمان اســتدامة
الصادرات واســتدامة الشــركات ،فال بد مــن توفــرعنصــرمهم وفعــال ومكمــل لها ويتمثــل بتوفيــر
كادرمؤهــل قادرعلــى العمل .724
أما بخصوص تشخيص وضع الصادرات في فلسطين ،فإن آثاراألزمة االقتصادية تتفاقم
كلما استمر الحصار على االقتصاد الفلسطيني على المدى الطويـل ،حيـث لـم يعـد بمقدور
االقتصاد استعادة وضعه الطبيعي حتى مع رفع الحصارواإلغـالق .حيث شددت إسرائيل حدة
الحصار على األراض ي الفلسطينية بشكل ملحوظ ،وحولتها لمناطق شبه معزولة عن العالم
الخارجي (حتى عن بعضها البعض) .حيث منعت الصادرات الفلسطينية من الوصول لألسواق
اإلسرائيلية أو عبر موانئها والمعابـر الحدودية التي تسيطر عليها للعالم الخارجي ، ،كما أعاقت
ً
تدفق الواردات الفلسطينية (وخصوصا مدخالت اإلنتاج) القادمة من – أو عبر– إسرائيل مما
أثر على بعض القطاعات االقتصـادية الـريادية مـثل القطاع الصناعي ، ،حيث انعكس التراجع
في الصادرات بأضـرار فادحـة على القطاع الزراعي والفروع التي تعتمد على إسـرائيل في تسويق
إنتاجها ،وتضررت كذلك المؤسسات والمنشآت العاملة فـي الـتجارة الخارجـية نتيجة انخفاض
حجم التبادل التجاري بفعل العوائق اإلسرائيلية أمام حـركة الصـادرات وبدرجة أقل أمام
حركة الواردات مما يؤثر على طبيعة اإلنتاج والعرض الكلي الفلسطيني ،النخفاض الطلب على
السلع املحلية المستوردة .725
كما أن االنخفاض الكبير للصادرات يعود إلى المعوقات اإلسرائيلية املخططة إلدماج
الزراعة الفلسطينية ،باعتبارها منتجات وسيطة للصناعات اإلسرائيلية ،وإلغاء فرص
- 724مركز التجارة الفلسطيني ،بال تراد ،)0202( ،التقرير السنوي لحجم الصادرات والواردات في األراض ي الفلسطينية
والتجارة الخارجية ،ص..00 :
- 725نصر الله ،عبد الفتاح ،)0220( ،التجارة الخارجية الفلسطينية – تحليل ورؤية نقدية ،إدارة الدراسات والتخطيط،
ص.00 :
تصديرها للخارج ،وفرض المزيد من اعتماد االقتصاد الفلسطيني على إسرائيل .وتمثلت أبرز
المعوقات في تقييد المدخالت اإلنتاجية للزراعة الفلسطينية من بذور ،وأسمدة ،ومبيدات،
ومعدات ،وآالت ،باإلضافة إلى التحكم اإلسرائيلي في المياه الفلسطينية ،وبنسبة تزيد على 08
، %واستنز افها عن طريق مستعمراتها ،باإلضافة إلى منع صيد األسماك ،واإلضرار بالمنتجات
الحيوانية ،والدواجن ،لترسيخ االعتماد المطلق على المنتجات اإلسرائيلية ،إضافة إلى ذلك
استولت إسرائيل على حوالي %00من أراض ي الضفة الغربية لبناء المستوطنات ،و إقامة
الجدارالعنصري العازل. 726
ً
وتشكل المستعمرات اإلسرائيلية عائقا في وجه استغالل 35000حيازة زراعية في
ً
الضفة الغربية ،بينما شكل جدار الضم والتوسع عائقا أمام استغالل 0010حيازة زراعية،
و 0505حيازة زراعية تعيق الحواجز العسكرية استغاللها .وبلغ عدد الحيازات التي تعيق
المناطق العسكرية المغلقة استغاللها في األراض ي الفلسطينية 0003حيازة زراعية. 727
وتشير إحصاءات وزارة االقتصاد الوطني الفلسطينية ،ومعهد البحوث التطبيقية إلى
ارتفاع كبير في تكاليف النقل التي يتحملها المنتجون الفلسطينيون نتيجة القيود اإلسرائيلية
المفروضة على ولوج األسواق العالمية ،إذ تعادل تكاليف التصدير التي يتكبدها الوكالء
الفلسطينيون ضعف التكاليف التي يتحملها نظراؤهم اإلسرائيليون ،بينما تتطلب إجراءات
التصديرأربعة أمثال الوقت الذي يمضيه اإلسرائيليون على أنشطة مشابهة .
ً
إجماال تتمثل أهم العوائق في وجه صادرات المنتجات الزراعية في النقاط التالية:
- 726النجار ،أحمد سيد ،)0220( ،االتجاهات االقتصادية االستراتيجية ،مركز الدراسات والسياسات االستراتيجية،
األهرام ،القاهرة ،ص.002 :
- 727الديراوي ،سلمان محمد ،)0200( ،العالقـات االقتصاديـة الفلسطينيـة والعوامل المؤثـرة في تطويرهـا في ظل المتغيرات
اإلقليميـة والدوليـة -آفــاق مستقبليــة ،-جامعة القدس المفتوحة فلسطين – غزة ،ص.220 :
األسواق المســتخدمة من شــأنه أن ينعكس على النشاط التصديري لهذه المنتجات ويخفف
العبء عن الشركات الفلسطينية.
-5تعتبر اإلجراءات اإلسرائيلية على المعابر وعملية النقل back to backمن أهم
ً
المشاكل التي تواجه تســويق المنتجات نظرا الرتفاع تكلفة النقل إضافة إلى ذلك فإن هذه اآللية
تؤدي إلى خســائروأضراروتلف في البضاعة بسبب عملية التحميل والتنزيل.
-1إن التصدير مرهون بالحصول على رخصة استيراد تصدر من وزارة الزراعة األردنية
ً
والتي تكون أحيانا غيرواضحة لمن يريد الحصول عليها.
ً
-2المتطلبات الفنية تكون أحيانا بدون سابق معرفة مما تخلق أزمة لدى قطاع
المصدرين.
-0عدد ساعات العمل على معبراألردن غيرمنتظم بآلية محددة ومعروفة. 728
كما وضعت سلطات االحتالل اإلسرائيلي مجموعة من العر اقيل املختلفة من أجل
تعطيل وصول اإلنتاج الوطني للخارج ،على الرغم من وجود العديد من االتفاقيات مع أطراف
خارجية كاالتحاد األوروبي .وعمدت على تأخير إصدار أذونات التصدير للمزارعين الفلسطينيين
في الوقت المناسب ،وربطت ذلك بمواسم اإلنتاج اإلسرائيلي حتى تنفرد بالسوق الفلسطينية،
مما أدى إلى ضياع نسبة كبيرة من املحصول بين تالف وغير مباع .كما منعت تصدير المنتجات
الزراعية الفلسطينية إلى األسواق اإلسرائيلية إال بتصاريح من الحاكم العسكري ،حيث تمنح
هذه التصاريح للمزارعين الفلسطينيين عادة عندما تكون المصانع اإلسرائيلية بحاجة ماسة
لهذه المنتجات .و اتبعت سياسة إغراق األسواق الفلسطينية بالمنتجات الزراعية
اإلسرائيلية ،مما أدى إلى تدهورأسعارالمنتجات الزراعية الفلسطينية المماثلة وبالتالي خسارة
المزارعين بشكل كبير و إفالس الكثيرمنهم .كما عمدت سلطات االحتالل اإلسرائيلي إلى تعطيل
تنقل الشاحنات الفلسطينية بين املحافظات بفعل اإلغالقات المتكررة والحواجز المنتشرة،
مما عرض المنتجين الزراعيين إلى خسائرفادحة بسبب عدم تسويق منتجاتهم احيانا وتعرضها
للتلف في احيان اخرى .وكذلك تحكمت بمدخالت اإلنتاج الزراعي األساسية في الضفة والقطاع،
- 728مركز التجارة الفلسطيني ،بال تراد ،)0202( ،التقرير السنوي لحجم الصادرات والواردات في األراض ي الفلسطينية
والتجارة الخارجية ،ص.21 :
استخدمت سلطات االحتالل طيلة العقود الماضية سياسة سحق المنتجات الزراعية
الفلسطينية التقليدية ،من خالل إغراق السوق الفلسطيني بالمنتجات الزراعية اإلسرائيلية،
ومنع حماية المنتجات الزراعية الفلسطينية من المنافسة اإلسرائيلية واألجنبية ،وتشجيع
المزارعين الفلسطينيين على الزراعة الكمالية واألحادية و أنواع أخرى من الزراعة ذات رأس
المال الكبير ،والموجهة لألسواق اإلسرائيلية أو الخارجية ،والتي يتم زراعتها باالعتماد على
ً
القروض ،والتي ال يستفيد محليا من أرباحها سوى نفرقليل من المالكين والتجارالكبار. 730
وقد تمثلت تلك اآلليات في اإلجراءات التي شكلت مجتمعة ما يشار إليه باسم شبه
االتحاد الجمركي ،والتي من خاللها كانت إسرائيل تسمح بحركة السلع واليد العاملة بين
االقتصادين الفلسطيني واإلسرائيلي في إطار من القيود غير المتبادلة ،حيث كانت الصادرات
- 729عبد الرحمن ،محمد ،)0222( ،االقتصاد الزراعي ،جامعة القدس المفتوحة ،عمان -األردن ،ص.02. :
- 730أحمد ،عوض الله محمد ،)0202( ،ضعف القطاعات اإلنتاجية الفلسطينية وأثره على الصادرات ،جامعة األزهر،
غزة -فلسطين ،ص.01 :
- 731العجلة ،مازن ،)0202( ،االقتصاد السياس ي للدولة الفلسطينية ،قراءات استراتيجية ،مركز التخطيط الفلسطيني،
غزة ،ص.21 :
والواردات الفلسطينية تخضع إلجراءات وقيود معقدة ،كما أن شهادات االستيراد والتصدير
تمنح من خالل األوامر العسكرية ،باإلضافة إلى فرض حدود على أنواع وكميات المواد الخام
المسموح بدخولها إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
ً
هذه اإلجراءات والتدابير مقترنة بمصادرة الموارد الطبيعية الفلسطينية أدت فعليا إلى
فرض حدود على آفاق تنمية االقتصاد وإلى حدوث تشوهات واختالالت هيكلية في اإلنتاج وسوق
العمل والعرض والطلب ،إضافة إلى نشوء عالقات تجارية غير متكافئة عززت عالقة التبعية
المفروضة على االقتصاد الفلسطيني .ومع إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام ،3002
وبالرغم من االتفاقيات المتعددة وخاصة اتفاق باريس االقتصادي ،إال أن الممارسات
اإلسرائيلية التي تمثلت في مصادرة األراض ي وتجريف المساحات الزراعية ،وتدمير المنشآت،
والحصار واإلغالق ،ظلت تشكل السمات البارزة للحياة اليومية في األراض ي الفلسطينية منذ
العام 3002وحتى اآلن. 732
وقد بذلت السلطة الفلسطينية محاوالت جادة لتشجيع االستيراد والتصدير المباشر
مع األسواق العالمية ،إال أن إسرائيل ما زالت المصدر الرئيس .فنجد أن متوسط معدل
الواردات السلعية المرصودة من السوق اإلسرائيلي لألراض ي الفلسطينية خالل األعوام
( )5858 -5838بلغ ( )% 05.3من إجمالي الواردات ،كما حاولت السلطة الفلسطينية منذ
نشوئها تنمية االقتصاد الفلسطيني الذي عانى على مدار سنوات االحتالل ،وما زال ،من
السيطرة اإلسرائيلية على موارده ومقدراته .فكان على السلطة الفلسطينية أن تنهض باقتصاد
محدود الموارد ،ومعدوم السيادة على حدوده الجغر افية واالقتصادية ،باإلضافة إلى
التشوهات الهيكلية في االقتصاد الفلسطيني الناشئة عن سياسات االحتالل وإجراءاته؛ فقد
عملت إسرائيل على تعزيز تبعية االقتصاد الفلسطيني لالقتصاد اإلسرائيلي من خالل العديد
من السياسات ،منها نفاذ المنتجات اإلسرائيلية بحرية كاملة لألسواق الفلسطينية ،ووضع
القيود على انتقال البضائع الفلسطينية إلى األسواق اإلسرائيلية ،وعدم السماح للفلسطينيين
باالستيراد من دول ال تقيم عالقات دبلوماسية مع الجانب اإلسرائيلي؛ مما أدى إلى تقييد تطور
- 732شعبان ،عبد الحميد ،) 0200( ،فاعلية السياسات االقتصادية في تعزيز تنافسية المنتج الفلسطيني ،ورقة بحثية
مقدمة إلى المؤتمر االقتصادي لجامعة القدس المفتوحة :نحو تعزيز تنافسية المنتجات الفلسطينية ،المنعقد في رام
الله -فلسطين.
اإلنتاج الفلسطيني وعدم تنوعه ،والعمل بما يلبي احتياجات السوق اإلسرائيلي ،ما نتج عنه
عجزدائم في الميزان التجاري الفلسطيني .733
أضف إلى ذلك اإلجراءات المتبعة في موانئ حيفـا وأسدود ،يجـب تفريــغ الشـحنات
الفلسـطينية ،بمـا فيهـا المــواد المـبردة والقابلــة للتلـف ،ثم إعــادة تحميلها عند نقاط العبور
التجارية في الضفة الغربية بغية تفتيشـها باسـتخدام نظـام تتـابع عمليـات التفريـغ وإعـادة
التحميـل .ونتيجة لهذه العملية ،يقض ي الشاحنون الفلسطينيون أوقات طويلة في مناولة
البضـائع واالنتظـار ،كمـا تتعـرض البضـائع للمناولـة السـيئة ،وهـووضـع يمكـن أن يـؤدي إلى ارتفـاع
تكـاليف الصـفقات والنقـل وإلحـاق أضـراربالبضـائع .وقـد خلصت دراسـة أجرتها في اآلونـة األخـيرة
مؤسسـة التعـاون االقتصـادية لنقطـة ترقوميـا للعبـورالتجـاري إلى أن وقـت االنتظـارالذي تقضيه
الشاحنات الفلسطينية في معبر ترقوميـا يصـل إلى سـاعة ونصـف في المتوسـط ،ممـا يزيـد تكلفـة
الشـحن بنسـبة %30علـى األقـل حسـب تقـديرات مؤسسـة التعـاون االقتصـادي (،) ECF ،5830
ً ً
وقـد أجـري هـذا التقـديرفي الوقـت الـذي كـان فيـه معـبرترقوميـا التجـاري يسيرجزءا ضئيال فقط
ً ً
من مرحلة العبور ويعني ذلك أن التكلفة سوف ترتفع ارتفاعا شديدا عندما تعمل نقطة العبور
بكامل طاقتها .
ً ً
كما أن القيود المفروضة على المدخالت المستوردة تشكل عبئا كبيرا على المزارع
ً ً ً
الفلسطيني ،إذ أن عمليات التفتيش األمني اإلسرائيلي يمكن أن تستغرق وقتا طويال .ونظرا
الرتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف في غوراألردن فقد يكون من الصعب استيراد السلع
الزراعية عبر جسر الملك حسين في هذا الفصل ،وفي بعض األحيان ال تتمكن سوى شاحنات
قليلة محملة بجزء من الشحنة من عبورالحدود قبل إغالقها في الساعة الثانية من بعد الظهر،
عندئذ في بعض األحيان أن ترفض إدارة المعابر
ٍّ ويذكر الشاحنون الفلسطينيون أنه يحدث
الحدودية اإلسرائيلية معالجة النصف الثاني من الشحنة في اليوم التالي ،بذريعة أنها ال تستوفي
شروط شهادات المنشأ وتطلب اإلدارة تقديم مستندات جديدة وتفرض غرامات في بعض
ً
األحيان ،وفضال عن ذلك يؤثر الحظر األمني الذي تفرضه إسرائيل على األسمدة المستوردة
ً ً
تأثيرا سلبيا في الزراعة الفلسطينية ويدفع المزارعين إلى استخدام البدائل الغيرالمناسبة والتي
- 733النتشة ،أمنة ،)0202( ،سبل زيادة حجم وتنويع مصادر الواردات الفلسطينية المباشرة وتقليص االعتماد على
الواردات المعاد تصديرها من إسرائيل ،جامعة بير زيت ،معهد إبراهيم أبو الغد للدراسات الدولية ،برنامج الماجستير في
الدراسات الدولية -تركيز الهجرة القسرية والالجئين ،رام الله -فلسطين ،ص.00 :
تقلل من جودة التربة وتخفض اإلنتاجية والربحية في ٍّآن واحد ،ولذلك تشير التقديرات إلى أن
فرض هذا الحظر على استيراد األسمدة أدى إلى تدهور اإلنتاجية الزراعية بنسبة تتراوح ما بين
%18-58من اإلنتاج الزراعي.734
يتضح انه من الصعوبة بمكان وجود تنمية في ظل االحتالل اإلسرائيلي الذي يسيطر
على كل تفاصيل حياة المواطن الفلسطيني الن التنمية المستقلة بحاجه إلى سيطرة كاملة على
الموارد الطبيعية وأهمها األرض والمياه وإعاقة الوصول إليها وتطويرها فاالحتالل يسيطر على
مفاتيح االقتصاد الفلسطيني بطرق مختلفة (مباشره أو غير مباشره ) فكيف باإلمكان التنمية
في ظل االحتالل الذي يسيطر على مقدرات الشعب الفلسطيني من خالل ممارساته على األرض
ومن خالل المستوطنات التي تنتشر وتتفش ى مثل السرطان والتي تتخذ األماكن الحيوية
واالستراتيجية موقعا لها ضاربة بعرض الحائط كل القرارات والمواثيق الدولية أهمها اتفاقية
الهاي 3080المادة ( ،)20ومعاهدة جينيف الرابعة 3020المادة ( )01التي تدين وفي أكثر من
58قرارسياسة إسرائيل في االستيطان وتستنكرعدم التزامها.
وحقيقة األمر أن االحتالل اإلسرائيلي يستمر بفرض و اقع تهويدي بامتياز يصعب
االنفكاك عنه ،من خالل منع الفلسطينيين الوصول إلى عمقهم العربي و انسياب التجارة بينهم،
ً
وقد سلكت سلطات االحتالل اإلسرائيلي طرقا خبيثة لضرب االقتصاد الفلسطيني ،وضرب
قطاع الزراعة ،وخلق أجواء المنافسة غير الشريفة ،كتخفيض األسعار ،والسيطرة على
المصادر المائية ،والقضاء على األصناف البلدية من اإلنتاج الحيواني بكافة أنواعه ،والنباتي
من األشجار والخضروات والحبوب ،وعمل االحتالل على تدمير البنية التحتية للزراعة عبر شق
الشوارع بين المستوطنات ،بما تبعه من اقتالع األشجار ،وعبر إلقاء نفايات المستوطنات في
األرض الزراعية الفلسطينية ،مما أدى إلى تدميرهائل هدد القطاع الزراعي برمته.
ً
وتسعى الحكومة الفلسطينية الحالية (الثامنة عشر) جاهدة لالنفكاك التدريجي من
العالقة الكولونيالية مع االحتالل اإلسرائيلي ،من خالل خطة التنمية بالعناقيد (زراعية.
سياحية .صناعية) في كافة أرجاء الوطن حسب طبيعة املحافظة ،للوصول إلى االكتفاء الذاتي
في بعض املحاصيل والمنتجات ،كما يأمل الفلسطينيون الوصول إلى تنمية قائمة على الحد من
- 734مؤتمر التجارة لألمم المتحدة ،األونكتاد ،)0200( ،تيسير التجارة في األراض ي الفلسطينية املحتلة ،القيود والعائق،
ص.01 :
الئحة المراجع:
أبو حلوب ،فادي مصطفى عبد الجواد ،)5833( ،محددات نمو القطاع الزراعي في
فلسطين ،دراسة قياسية خالل فترة ( ،)5832-3000الجامعة اإلسالمية ،شؤون البحث العلمي
والدراسات العليا ،كلية التجارة ،ماجستيراقتصاديات التنمية ،غزة -فلسطين.
السالم ،أحمد جبر ،)5838( ،و اقع التنمية الزراعية المستدامة ومتطلباتها في العراق،
رسالة ماجستيرفي االقتصاد ،جامعة البصرة ،العراق.
عفانة ،لميس محمد ممدوح عبد الرؤوف ،)5838( ،استراتيجيات التنمية المستدامة
لألراض ي الزراعية في الضفة الغربية محافظة طوباس كحالة دراسية ،جامعة النجاح ،كلية
الدراسات العليا ،نابلس -فلسطين.
الزهراني ،خضران حمدان ،والحاج أحمد الحاج3251( ،ه ــ) ،التنمية الزراعية في
المملكة العربية السعودية ،النشرالعلمي والمطابع ،جامعة الملك سعود ،الرياض.
خليل ،محمد ،)5880( ،توجه التنمية في فلسطين ،معهد األبحاث التطبيقية -القدس
(أريج) ،بيت لحم.
شبيطة ،ريما )5830( ،نحو سياسات لتعزيزالتنمية في مناطق (ج) ،المركز الفلسطيني
ألبحاث السياسات والدراسات االستراتيجية -مسار.
عرفة ،نور ،البطمة ،سامية ،فرسخ ،ليلى ،)5830( ،المستوطنات اإلسرائيلية تخنق
االقتصاد الفلسطيني ،شبكة السياسات الفلسطينية )https://al-shabaka.org/ar/( ،تاريخ
الزيارة.5858/3/2 :
ويبقى الهدف من وراء تنصيص المشرع على ضرورة أداء المصاريف القضائية في
الميدان الجنائي هو الحد نمن اللجوء إلى القضاء بدون أي سبب(.)737
-735ينص الفصل 45من القانون رقم 23-86المتعلق بتنظيم الصوائر القضائية في الميدان الجنائي على أنه
يجب على الم دعي بالحقوق المدنية غير المتمتع بالمساعدة القضائية أن يودع بكتابة ضبط المحكمة وإال كانت
دعواه غير مقبولة المبلغ المفترض أنه ضروري لتسديد جميع مصاريف اإلجراءات إذا رفع قضيته مباشرة إلى
قاضي التحقيق ،أو إلى المحكمة وفقا لقانون اإلجراءات الجنائية ،ويشمل مبلغ اإليداع المذكور القسط الجزافي
المنصوص عليه في المادة 50أعاله مضافا إليه إن اقتضى الحال المبلغ المعد لتسديد مصاريف الخبرة إذا تقرر
القيام بهذا اإلجراء.
للمزيد من التفاصيل حول المساعدة القضائية ،أنظر ،محمد القدوري" ،المساعدة القضائية" ،مجلة المحاماة عدد
2فبراير ،1985ص.37 :
-736القانون رقم 23-86المتعلق بتنظيم الصوائر القضائية في الميدان الجنائي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 1-86-238الصادر في 28ربيع الثاني ( 1407الموافق لـ 31دجنبر ،)1986منشور بالجريدة الرسمية
عدد 3877بتاريخ 19جمادى الثانية 18( 1407فبراير )1987الذي ألغى الظهير الشريف رقم ،1-59-300
بتاريخ 29جمادى 17( 1380يناير .)1961
-737محمد كاسم "بعض اإلشكاليات الناجمة عن تطبيق االستثناءات الواردة على قاعدة لزومية أداء الرسم
القضائي" مجلة المحامي ،العدد ،91المطبعة الوطنية ،مراكش ،ماي ،2001ص.136 :
وتتمثال هذه المصاريف القضائية أساسا في أداء القسط الجزافي (أوال) ،ومبلغ اإليداع
أو الوديعة (ثانيا) وأداء الرسم القضائي (ثالثا).
وقد حددت المادة 08أعاله في فقرتها الثانية أن هذه المبالغ قد تضاف في حالة الطعن
باالستئناف أو التعرض وذلك كما يلي:
-عند استئناف حكم صادرعن محكمة ابتدائية في قضايا املخالفات :مبلغ 388درهم.
-عند استئناف حكم صادرعن محكمة ابتدائية في قضايا جنحية :مبلغ 388درهما.
-عند التعرض على حكم غيابي صادر عن حكومة ابتدائية في قضايا املخالفات :مبلغ
58درهما.
-عند التعرض على حكم غيابي صادرعن محكمة االستئناف :مبلغ 388درهم.
وتضيف الفقرة الثالثة من المادة نفسها ،أنه زيادة على القسط الجزافي املحدد يجب
وضع قائمة لتصفية المصاريف إذا استلزمت اإلجراءات القيام بخبرة تتطلب مصاريف تتجاوز
-738تنص المادة 530من قانون المسطرة الجنائية على أنه" :يجب على الطرف الذي يطلب النقض ما عدا
النيابة العامة أو اإلدارات العمومية ،أن يودع مع مذكرة النقض ،أو داخل األجل المقرر إليداعها في الحاالت التي
ال تكون فيها المذكرة إجبارية ،مبلغ ألف درهم ( )1000بكتابة الضبط للمحكمة التي أصدرت القرار المطعون
فيه."...
القسط الجزافي أمام أي محكمة من املحاكم ،يعلى أن يتم إصدارها في شأن أمر بتنفيذ إضافي
يضاف مبلغه على مبلغ مجموع القسط الجزافي في الحكم القاض ي بأداء المصاريف ،ولتسهيل
التصفية المذكورة يتعين على هيئة التحقيق أن تضيف المستندات المتعلقة باإلجراءات مبينة
فيها مصاريف عمليات الخبرة التي أصرت بإنجازها.
وقد سار القضاء على منوال المشرع ورتب على عدم أداء القسط الجزافي عدم قبول
الشكاية المباشرة ،وهكذا جاء في حكم ابتدائية وزان رقم 3113الصادرفي 82-38-30في الملف
الجنحي رقم 81/3530بأن :إدارة الجمارك غيرمعفية من أداء الرسوم القضائية ،تكون شكايتها
المباشرة غيرمقبولة لعدم أداء القسط الجزافي(.)739
وأكد املجلس األعلى ما سبق ،حيث قض ى في إحدى قراراته" :يلزم المطالب بالحق
المدني بإيداع المبلغ الجزافي املحدد قانونا ،وإال اعتبر طلبه غير مقبول"( ،)740وفي قرار آخر له
جاء فيه" :عندما يكون المشتكي مطالب بالحق المدني أمام قاض ي التحقيق فالبد من مراعاة
الفصل 112من قانون المسطرة الجنائية [الفصل 120من قانون المسطرة الجنائية] لقبول
طلباته المدنية أمام املحاكم الزجرية"(.)741
و هدا ما أكده أيضا قرار صادر عن محكمة االستئناف بالجديدة و الذي جاء فيه ما
يلي"حيث قض ى القرارالمستأنف بعدم قبول هده الدعوى لعدم اإلدالء بالرسم الجزافي واعتبر
عن حق أن الطلب خرق مقتضيات الفصل 120من قانون المسطرة الجنائية ،وحيث أن القرار
المستأنف مرتكز على أساس قانوني في هدا الشق "( .)742وتجدر اإلشارة إلى انه في حالة ما إذا
صدر قاض ي التحقيق أمرا بعدم المتابعة في موضوع الشكاية المباشرة ،فإن هذا األمر يبقى
خاضعا للطعن باالستئناف من طرف المطالب بالحق المدني أمام الغرفة الجنحية(.)743
ويتعين في هده الحالة على المطالب بالحق المدني لقبول طعنه أداء الرسم الجزافي وهذا ما
أكده قرار صادر عن الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف بالجديدة والدي جاء فيه "حيث أن
االستئناف المرفوع من قبل الطرف المدني لم يؤد عنه الرسم الجزافي الالزم قانونا أداؤه
للمطالبة بالحق المدني ،ولذلك يبقى الطعن غيرمقبول من الناحية الشكلية ،ويتعين التصريح
بدلك وتحميل ر افعه الصائر"(.)744
ويطرح التساؤل حول ما ادا كان المشرع المغربي حدد أجال ألداء القسط الجزافي أمام
هيئة الحكم ؟ وما ادا تم أداؤه بعد انتهاء اجل االستئناف هل يؤدي دلك إلى عدم قبوله.
إن مقتضيات النص المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية في الميدان الجنائي لم
تحدد أي اجل ألداء القسط الجزافي إلى حين النطق بالحكم،كما أن أداء دلك القسط بعد انتهاء
اجل االستئناف ال يؤدي إلى عدم قبوله ،وهواالتجاه الذي أكده املجلس األعلى في قرارات عديدة
له(.)745
واإلشكال الثاني يتعلق بما ادا كانت املحكمة ملزمة باندار األطراف المدنية بأداء
القسط الجزافي ؟ اإلجابة هي أن المشرع المغربي لم يتطرق لهدا اإلشكال وفي ضل سكوته عن
هدا األمركان ال بد للقضاء أن يتصدى لهدا اإلشكال ،إال أن العمل القضائي انقسم إلى اتجاهين
،األول دهب إلى انه يجب على املحكمة تشعر المطالب بالحق المدني لإلدالء بما يفيد أداء
القسط الجزافي قبل أن تصرح بعدم قبول استئنافه ،وإال اعتبر قضاؤها مسا بحقوق الدفاع
ويبررالنقض(.)746
بينما االتجاه الثاني اعتبر أن األطراف المدنية حسب الفصل 03من القانون المتعلق
بالمصاريف القضائية في الميدان الجنائي ملزمة بأداء الرسم الجزافي واملحكمة تكن بحاجة إلى
اندار العارض بما ألزم به قانونا ،وبدلك فهي عندما قضت يعدم قبول استئنافه بعدم أداء
القسط الجزافي تكون قد طبقت القانون تطبيقا سليما(.)747
-744قرار الغرفة الجنحية لمحكمة االستئناف بالجديدة رقم 111ملف عدد 2010-10-74صادر بتاريخ 5ماي
،2010قرار غير منشور.
-745قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 97-3-11تحت عدد 313منشور بمجموعة قرارات المجلس
األعلى المادة الجنائية الجزء 2ص 247وما يليها .وقرار آخر صادر عن المجلس األعلى بتاريخ -03-27
1997تحت عدد ،6469منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى المادة الجنائية الجزء الثاني ص 411وما
يليها.
-746قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2007-7-18تحت عدد 31892في الملف عدد 06/20405
منشور بمجلة الملف عدد 13ص 270وما يليها.
-747قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2002-2-20تحت عدد 11183في الملف عدد 01/12698
منشور بالتقرير السنوي للمجلس األعلى لسنة 2002ص .125
وتماشيا مع ما سبق ،فان االتجاه الثاني حسب نظرنا صادف الصواب،على اعتبار أنه
ال يوجد في نصوص المسطرة الجنائية ما يلزم املحكمة بإنذار الطرف المدني بأداء القسط
الجزافي ،دلك انه ملوم قانونا بأدائه تحت طائلة عدم قبول الطلبات المدنية أو عدم قبول
االستئناف ،وهو ما أكده املجلس األعلى آخر له حيث دهب فيه "إلى أن عدم اندار المستأنف
المطالب بالحق المدني بوضع المصاريف القضائية-القسط الجزافي-ال يترتب عنه
البطالن"(.)748
واإلشكال الثالث يتعلق بحالة تعدد األطراف المدنية مما يفترض علينا التساؤل هل
يتعين على كل واحد منهم أن يؤدي القسط الجزافي حتى تكون مطالبه المدنية مقبولة ؟
وحيث أنه بعد إلقائنا نضرة على فصول ظهير 3003-35-13ثبت لنا انه ال يوجد فيها ما
يستوجب األداء على كل فرد منه ،أي على كل طرف مدني ،ذلك أن المقصود بالمطالب بالحق
المدني الذي يتدخل في الدعوى الجنائية التي أثارتها النيابة العامة الفريق المتضرر المطالب
أمام القضاء الجنائي بالتعويض عن الجريمة ،و انه ادا تعدد أفراد هدا الفريق وتدخل أمام
القضاء بما له من مصلحة مشتركة وبمقتض ى طلب واحد فانه يتعين أداء قسط جزافي واحد.
وهو ما سارعليه قضاء محكمة النقض حاليا واملجلس األعلى سابقا ،حيث أكد أن "المطالبون
بالحق المدني الدين يؤدون قسطا جز افيا واحدا تكون مطالبهم مقبولة ادا كانت تربطهم
مصلحة مشتركة في الدعوى وتقدموا بمطالبهم ضد نفس المسئول المدني معتمدين نفس
السبل(.)749
إضافة إلى القسط الجزافي ،نجد أنه على المطالب بالحق المدني أداء مبلغ اإليداع أو
ما يسمى بالوديعة.
-748قرار صادر عن المدلس األعلى بتاريخ 01-5-30تحت عدد 1/1385في الملف الجنحي عدد 01//8153
منشور بمجلة المرافعة عدد 14و 15ص 192وما يليها.
-749قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2007-04-04تحت عدد 07124في الملف عدد ،05-4375
منشور بمجلة الملف عدد ،12ص 282وما يليها.
غير مقبولة ،المبلغ المفترض أنه ضروري لتسديد جميع مصاريف اإلجراءات إذا رفع قضيته
مباشرة إلى قاض ي التحقيق أو إلى املحكمة وفقا لقانون اإلجراءات الجنائية.
ويشمل مبلغ اإليداع المذكور القسط الجزافي المنصوص عليه في المادة 08أعاله
مضاف إليه إن اقتض ى الحال المبلغ املحدد لتسديد مصاريف الخبرة إذا تقدر القيام بهذا
اإلجراء ،ويقوم بتحديد مبلغ اإليداع:
-5املحكمة خالل الجلسة األولى المعروضة فيها القضية في حالة تكليف مباشر
بالحضور.
إذ تبين أنه من الضروري القيام بخبرة جازت المطالبة بإيداع تكميلي خالل المتابعة إما
حين إجراء التحقيق وإما أمام هيئة الحكم.
ويستنتج مما سبق أن المشرع المغربي استعمل صيغة الوجوب في استيفاء مبلغ
اإليداع ،وعليه فقد رتب على عدم أدائه عدم قبول الشكاية المباشرة ،كما أنه جعل القسط
الجزافي داخل ضمن مبلغ اإليداع.
وقد أعفى الفصل 00من الظهير السالف الذكر مجموعة من األشخاص من أداء مبلغ
اإليداع وحددهم على سبيل الحصركما يلي:
-مكتب التبغ.
-المطالب بالحق المدني الذي يفصل أثناء نظر القضاء الزجري في الدعوى العمومية
المثارة من قبل النيابة العامة ،وهذا اإلعفاء يتضمن مبلغ اإليداع فقط دون القسط الجزافي
الذي يلزم أداؤه.
وقد أشارت الفقرة الثالثة من المادة 02إلى أن تحديد اإليداع يتم عن طريق تحديد
الصوائر القضائية من طرف املحكمة في جلستها األولى ،وذلك إذا خلصت املحكمة إلى ضرورة
هذا اإليداع ،أو من طرف قاض ي التحقيق بمجرد ما ترفع إليه الشكاية.
غير أنه إذا تبين لهيئة الحكم أو قاض ي التحقيق أن مبلغ اإليداع غير كاف ،وال يعطي
مصاريف الخبرة التي اتضح أنها ضرورية ومنتجة في النازلة جاز لهما المطالبة بإيداع تكميلي
(الفقرة األخيرة من المادة .)02
وإذا كان لقاض ي التحقيق إمكانية إصدار أمر باإليداع التكميلي ،فإن اإلشكال يثور هنا
بالنسبة للمحكمة ،ألن الفقرة األخيرة من المادة 02لم تحدد الكيفية التي يتم من خاللها تكليف
المطالب بالحق المدني إيداع المبلغ اإلضافي ،وعليه يطرح السؤال عن إمكانية إصداراملحكمة
لحكم تمهيدي تأمربموجبه المطالب بالحق المدني باإليداع التكميلي؟
ويرى عبد الرحيم زكارأنه يجب إصدارحكم تمهيدي يقض ي بضرورة إيداع المعني باألمر
المبالغ المالية التي تراها املحكمة الزمة لصائرالخبرة(.)750
ونعتقد أن هذا االتجاه صادف الصواب على اعتبار أنه إذا اتضح للمحكمة بأن مبلغ
اإليداع غيركاف لتغطية مصاريف الخبرة فإنها في إطارالمادة 302من قانون المسطرة الجنائية
يمكن لها إما تلقائيا أو بطلب من األطراف أن تصدر حكما تمهيديا يقض ي بإجراء خبرة بغض
النضر عن نوعها ،ومن ضمن ما تحدد فيه هو إيداع المتضرر أو المطالب بالحق المدني
لمصاريف أو صائر الخبرة داخل اجل معين( .)751ألنه في حالة عدم إيداع هذا المبلغ التكميلي
املحدد من قبل املحكمة إلجراء خبرة داخل األجل املحدد سيؤدي إلى صرف النظر عن الخبرة
ويبقى الخيار للمحكمة في أن تستجيب للطلب أو ترفضه حسبما تستنتجه من دراستها للقضية
في إطارسلطتها التقديرية ،وهو ما أكده املجلس األعلى في العديد من قراراته القضائية(.)752
ويبقى السؤال المطروح ،هل يمكن استئناف الحكم التمهيدي الذي يحدد مصاريف
الخبرة؟
وقد أجابت عن هذا التساؤل المادة 283من قانون المسطرة الجنائية ،حيث نصت
على أن األحكام التمهيدية ال تقبل االستئناف إال بعد صدورالحكم في جوهر الدعوى ،وفي نفس
-750عبد الرحيم زكار ،اإلدعاء المباشر والشكاية المباشرة في التشريع المغربي ،دراسة تحليلية عملية الطبعة
األولى ،مطبعة إيديكا ،2001 ،ص.67 :
-751قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1992-11-16تحت عدد 2725في الملف الجنحي عدد
90/20656منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 46ص 293وما يليها.
-752قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1989-12-19تحت عدد 9672في الملف الجنحي عدد 87/126
منشور بمجلة المحامي عدد 19و 20ص 164وما يليها.
الوقت الذي يطلب فيه استئناف هدا الحكم ،وهدا ما أكده املجلس األعلى سابقا في
قراراته(.)753
وبهذا يكون مصيرالشكاية المباشرة عدم القبول في حالة عدم اإليداع المالي بصندوق
املحكمة ،لذا عليه إيداع هذا المبلغ حتى يتسنى له ممارسة الطعن باستئناف الحكم التمهيدي
مع الحكم الصادرفي الجوهر( .)754فمن شان إيداع المتضررلصائرالخبرة أن يضمن على األقل
يغض النضر عن نتيجة الخبرة الحق في ممارسة الطعن باستئناف الحكم التمهيدي مع الحكم
الصادرفي الجوهر.
قد ساراالجتهاد القضائي على هدا المنوال و قض ى بعدم قبول الشكاية المباشرة جاء
في حيثيات الحكم" وحيث أنه بناء على القرار بتحديد مبلغ اإليداع المالي بتاريخ 33-38-5838
وحيث تخلف المطالب بالحق المدني عن أداء هذا المبلغ بواسطة دفاعه رغم اإلعالم ،وبناء
على ملتمس النيابة العامة ،المؤرخ في ’50-3-5838وحيث انه تطبيقا للمادة 00من ق.م.ج يتعين
التصريح بعدم قبول الشكاية المباشرة"(.)755
وقد اختلف القضاء الفرنس ي بخصوص الجزاء القانوني المترتب عن عدم أداء
المصاريف القضائية التكميلية ،فتارة يذهب إلى بطالن الشكاية المباشرة لعدم أداء المطالب
بالحق المدني للمصاريف القضائية ،وتارة أخرى يقض ي بعدم قبول اإلدعاء ،وقد قضت
محكمة النقض الفرنسية إلى اعتبار الدعوى قائمة ،لكن يتعين على املحكمة تأجيل البث في
شأنها إلى جلسة الحقة في انتظار إيداع المطالب بالحق المدني للمصاريف التي تراها ضرورية
لصائر الدعوى ،وقد حسم المشرع الفرنس ي في هذا الخالف وقض ى على عدم قبول االدعاء
المباشرإذا لم يؤدي المعني باألمرالمصاريف القضائية(.)756
وعلى غرار المشرع الفرنس ي ،نجد أن المشرع المغربي من خالل المادتين 02و 03من
قانون رقم 51 – 03المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية في الميدان الجنائي ،استعمل صيغة
-753قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1970-12-10تحت عدد 111منشور بمجموعة قرارات المجلس
األعلى المادة الجنائية الجزء األول ص 50وما يليها .وفي قرار آخر صادر عنه بتاريخ 1973-11-08تحت
عدد 287في الملف الجنحي عدد 24123منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 26ص 80وما يلبها.
-754عبد الوهاب بنسعيد" ،دراسة حول الشكاية المباشرة" ،مجلة المحاماة ،العدد ،2فبراير ،1985ص.101 :
-755قرار المحكمة االبتدائية بمكناس في ملف تحقيق عدد 216-2010بتاريخ .30-6-2010قرار غير منشور.
-756للمزيد من التفاصيل أنظر عبد المجيد مربوح ،الشكاية المباشرة أمام القضاء الزجري ،رسالة نهاية التدريب
بالمعهد العالي للقضاء فوج ،2004 – 2002 ،32ص.22 :
الوجوب في أداء المطالب بالحق المدني سواء لمبلغ اإليداع أوالرسم القضائي ،ورتب جزاء عدم
قبول الشكاية المباشرة في حالة اإلخالل بهذا األداء.
ويطرح السؤال حول محل هذا الجزاء ،هل يسري على الشكاية المباشرة بشقيها
الجنائي والمدني ككل؟ أم يقتصرعلى الشق المدني فقط؟.
وجوابا على هذا التساؤل قض ى املجلس األعلى في إحدى قراراته جاء فيه" :بمقتض ى
نص الفصل 02من ظهيرالمصاريف القضائية ،أن يودع بكتابة الضبط ،وإال كانت الدعوى غير
مقبولة المبلغ المفترض أنه ضروري لتغطية جميع مصاريف اإلجراءات.
وإذا تعلق األمر بالخبرة ،فإن األمر القضائي هو الذي يحدد مصاريفها ،ولهذا فإن ال
مجال لإلنذار بوضع المصاريف المذكورة بناء على ما استدل به الطاعن ،والذي ال اعتبار له
أمام النص القانوني المذكور"(.)757
وأعتقد أن قرار املجلس األعلى جانب الصواب حيث قض ى بعدم قبول الشكاية
المباشرة في حالة عدم أداء الرسوم القضائية ،باعتبار أن الشكاية المباشرة تتميز بطبيعة
قانونية مزدوجة الرتباط شقيها ببعضهما كما أن المطالب بالحق المدني لم ينظم للنيابة العامة
بعد إثارتها للدعوى العمومية ،و إنما أثارها بصفة شخصية ،وبالتالي يتوجب عليه احترام
الشكليات التي يقتضيها القانون.
وتأسيسا على ما سبق ،فإنه وبموجب الفصل 03من قانون المصاريف القضائية في
الميدان الجنائي فإنه يجب على المدعي بالتعويض المدني غير المتمتع بالمساعدة القضائية
أن يودع بكتابة الضبط المبلغ المفترض أنه ضروري لتغطية جميع مصاريف اإلجراءات ،تحت
طائلة عدم قبول دعواه ،أما ادا كانت هده المصاريف ال تغطي الخبرة فال ضيرفي ذلك ألنه يمكن
للمحكمة بعد دلك وفي إطارإصدارها لحكم تمهيدي بإجراء خبرة معينة أن تحدد مصاريفها.
و يمكن أن نسوق في هذا الشأن مثاالن عن أوامر صادرة عن قاض ي التحقيق صرحت
بعدم قبول الشكاية المباشرة المقدمة أمامه نظرا لعدم أداء المطالب بالحق المدني للوديعة
-757قرار عدد 2725بتاريخ 1992-04-16في الملف الجنحي عدد ،90/2065658منشور بمجلة قضاء
المجلس األعلى عدد ،41دجنبر ،2000ص.279-278 :
القضائية داخل األجل املحدد لذلك ،وهكذا جاء في أمر قاض ي التحقيق بمحكمة االستئناف
بالجديدة في ملف تحقيق عدد :0/02
" ...وحيث حددت هذه الغرفة بمقتض ى قرار مؤرخ في 5880/33/38الوديعة في مبلغ
2888.88درهم ،وبلغ نائب المطالب بالحق المدني بهذا القراربتاريخ 5880/82/0حسب شهادة
التسليم المؤرخة في 5880/82/0إال أنه لم يؤد المبلغ المذكور داخل االجل املحدد في أسبوع،
وحيث أوجبت المادة 00من قانون المسطرة الجنائية على الطرف المدني أن يودع المبلغ
المذكور أعاله داخل األجل املحدد من طرف قاض ي التحقيق تحت طائلة عدم قبول شكايته،
ألجل نصرح بعدم قبول الشكاية المباشرة مع تحميل الطرف المشتكي صائردعواه" ،ونص أمر
آخرصادرعن قاض ي التحقيق بمحكمة االستئناف بالجديدة في ملف تحقيق عدد 80/510على
ما يأتي" :وحيث حددت هذه الغرفة بمقتض ى قرارها المؤرخ في 5880/38/31الوديعة في المبلغ
3888.88درهم وتم تحديد أجل أسبوع من أجل أداء هذه الوديعة وبلغ الطرف المشتكي بهذا
القراربتاريخ 5880/38/31حسب شهادة التسليم المؤرخة في ،5880/38/31إال أنه ليم يتم أداء
مبلغ الوديعة داخل األجل ،وحيث أوجبت المادة 00من قانون المسطرة الجنائية على الطرف
المدني أن يودع المبلغ المذكورأعالء داخل األجل املحدد من طرف قاض ي التحقيق تحت طائلة
عدم قبول شكايته ،من أجله :نصرح بعدم قبول الشكاية المباشرة مع تحميل الطرف المشتكي
صائردعواه".
إضافة إلى ذلك يطرح تساؤل ينصب على محل جزاء عدم قبول الشكاية المباشرة ،فهل
يسري ذلك على الشق الجنحي والمدني معا أم ينحصر عدم قبول فقط على الشق المدني؟
وكجواب على هذا التساؤل يمكن القول أنه بالنظر إلى الطبيعة المزدوجة لالدعاء المباشر أو
الشكاية المباشرة الرتباط شقيها المدني والجنحي يترتب عدم أداء مبلغ الوديعة القضائية جزاء
عدم قبول االدعاء المباشرككل ،ما دام أن المطالب بالحق المدني لم ينضم إلى النيابة العامة
بعد إثارتها للدعوة الزجرية ،و إنما حركها بصفة شخصية فكان عليه تبعا لذلك أن يحرص على
احترام مراعاة الشكليات المتطلبة قانونا بما في ذلك تنصيصات الظهير المتعلق بتنظيم
المصاريف القضائية في الميدان الجنائي(.)758
والحديث عن الودي عة القضائية يدفعنا إلى الحديث عن كيفية تصفيتها واإلعفاء من
أدائها.
يحق للمطالب بالحق المدني إذا ما صدر حكم لصالحه في إطار الشكاية المباشرة أن
يسترجع المبالغ التي أودعها لدى كتابة الضبط السيما المتعلقة بصوائر المسطرة ،إال أن
الوديعة القضائية إليه بعد انتهاء القضية يقتضيه حكم يكتسب قوة الش يء المقض ي به(،)759
ولذلك تكون كتابة الضبط ملزمة حسب الفصل 000من ظهيرتنظيم المصاريف القضائية في
الميدان الجنائي بأن ترد إلى المطالب بالحق المدني المبالغ الباقية بحساب املحكمة مقابل
إيصال ألن كتابة الضبط يتعين عليها مسك سجل رقم وموقع من طرف رئيس املحكمة تفتح فيه
حسابات خصوصية تتعلق بالمبالغ المودعة من طرف المطالب بالحق المدني لمواجهة
مصاريف الدعوى ،لكن استرجاع المطالب بالحق المدني للمبالغ المودعة يستلزم أن يطالب
بذلك داخل السنتين المواليتين لتاريخ صدورالحكم النهائي وإال تسلم إلى الخزينة العامة وتصير
ملكا لها بصفة نهائية(.)760
أما المبالغ المستعلمة من طرف كتاب الضبط قصد تسديد مصاريف المسطرة
فتردها الخزينة العامة إلى المطالب بالحق المدني بعد تأشيرة النيابة العامة وذلك خالل أجل
سنتين ابتداء من صيرورة الحكم غير قابل للطعن كما ينص على ذلك الفصل 00من ظهير
3003/35/13المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية في الميدان الجنائي ،أما فيما يخص
المبالغ المودعة من طرف المطالب بالحق المدني والتي صرفت لتغطية مصاريف الدعوى
فإن الطرف الخاسر هو الذي يتحملها سواء كان المطالب بالحق المدني أو المتهم ،فإذا كان
المتهم هو الذي خسر الدعوى يحق حينئذ للمطالب بالحق المدني استرجاعها منه تنفيذا
للمقررأو الحكم الصادر(.)761
- 759عبد الوهاب بن سعيد" ،دراسة حول الشكاية المباشرة" مقال منشور بمجلة رسالة المحاماة ،عدد /2
فبراير 1985ص.115 :
- 760بن جلون عبد العزيز ،الشكاية المباشرة ،تقرير نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات القضائية ،الرباط،
الفوج ،15ص.15 :
- 761عبد الوهاب بن سعيد ،مرجع سابق ،ص.115 :
أنش ئ نظام المساعدة القضائية بالمغرب تطبيقا لمبدأ مجانية القضاء للمعوزين
الذين يعجزون عن تحمل نفقات التقاض ي أمام املحاكم للدفاع عن حقوقهم ،ويخضع حاليا
هذا النظام للمرسوم الملكي رقم 032-30الصادر بتاريخ 30رجب 3103هـ المو افق (لـ 3نونبر
،)762()3033لذلك فإن نظام المساعدة القضائية يستفيد منه أيضا المطالب بالحق المدني
الذي حرك الدعوى ال عمومية عن طريق الشكاية المباشرة شريطة أن يتقدم بطلب إلى مكتب
المساعدة القضائية املختص الذي يختلف تأليفه حسب املحاكم ،فبالنسبة للمكتب القائم
بمحكمة االستئناف فيتكون من ممثل الحق العام وآخر لوزارة المالية ومحام ويصدر قراراته
بحضور جميع األعضاء وترفع الطلبات إلى مباشرة أو عن طريق املحكمة االبتدائية مصدرة
الحكم غيرأن قراراته ال تتوفرعلى أثر و اقف وبالنسبة للمكتب المتواجد باملحكمة االبتدائية
فإن تركيبة وسير عمله ال يختلفان عن نظيره بمحكمة االستئناف( ،)763لكن يتعين على طالب
المساعدة القضائية استنادا إلى الفصل السابع من المرسوم الملكي المذكور أعاله أن يدعم
طلبه بشهادة إدارية يسلمها الباشا أو القائد تتضمن وسائل عيشه ،إال أن العمل جرى على
مطالبة صاحب الطلب زيادة على الشهادة المذكورة بشهادة بعدم فرض أي ضريبة عليه(،)764
إضافة إلى ذلك يتأكد من خالل المادة 00من قانون المسطرة الجنائية المغربي والمادة 02من
ظهير 3003/83/50المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية في الميدان الجنائي أنه من حق
المطالب بالحق المدني المثير للدعوى العمومية أن يحصل على اإلعفاء من مكتب المساعدة
القضائية املختص( ،)765هذا اإلعفاء الذي ينصب على مبلغ الوديعة القضائية فإذا صدر قرار
المساعدة القضائية لصالح المطالب بالحق المدني يمكنه حينئذ تقديم شكايته المباشرة دون
أداء هذه الوديعة ،مع العلم أن المقررالممنوحة بموجبه المساعدة القضائية يحدد عادة نوع
اإلجراء والغرض الذي من أجله واإلجراءات التي يشملها( .)766إذن فاإلعفاء من أداء الوديعة
- 762محمد محبوبي ،أساسيات في التنظيم القضائي المغربي ،الطبعة األولى ،2007 ،دار أبي رقراق للطباعة
والنشر ،الرباط ،ص.62 :
- 763محمد لمريني" ،مؤسسة المساعدة القضائية" ،مجلة الحدث القانوني ،عدد /18شتنبر ،1999ص.13 :
- 764محمد القدوري"،المساعدة القضائية" ،مجلة رسالة المحاماة ،إصدار هيئة المحامين بالرباط ،العدد /2
فبراير ،1985مطبعة الرسالة بالرباط ،ص.44 :
- 765محمد بلهاشمي التسولي ،المصاريف القضائية في الميدان الجنائي ،الطبعة األولى1423 ،هـ 2001/م،
المطبعة الوراقة الوطنية ،مراكش ،ص.52 :
- 766محمد القدوري ،مرجع سابق ،ص.46 :
يعد قرار المساعدة القضائية قرار لكونه يتركز على الحالة المادية للطالب وهي حالة تقبل التغيير في أي وقت،
من هنا يمكن القول أنه إذا زال سبب منح المساعدة القضائية فإن طالب المساعدة القضائية في هذه الحالة يكون
ملزما بأداء المصاريف القضائية ،وبالرجوع إلى الفصل 14من المرسوم الملكي المنظم للمساعدة القضائية نجد
القضائية بموجب قرار المساعدة القضائية الذي يخول للمطالب بالحق المدني تحريك
الدعوى العمومية بناء على الشكاية المباشرة دون أن يؤدي هذا المصروف القضائي ،وهويمثل
وسيلة قانونية تحمي المتضررغيرملئ الذمة المالية وتمكنه من اقتضاء حقوقه.
إضافة إلى مبلغ اإليداع الذي يتضمن القسط الجزافي يتوجب على المطالب بالحق
المدني أن يؤدي الرسم القضائي.
لقد ألزمت المادة 03من قانون 51-03المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية في
الميدان الجنائي المطالب بالحق المدني أداء الرسم القضائي سواء أمام قاض ي التحقيق ،أو
هيئة الحكم ،حتى تقبل شكايته المباشرة(.)767
وبهذا الخصوص صدر قرار عن املجلس األعلى عدد 1352صادر بتاريخ 3000-82-50
جاء فيه" :بمقتض ى قانون تصفية المصاريف القضائية في الميدان الزجري الذي أصبح معموال
به ابتداء من فبراير ،3000فإن المطالب بالحق المدني إنما يؤدي مبلغا عن طلباته أمام
املحكمة الجنائية"(.)768
يتضح مما سبق أن المشرع المغربي ألزم المتضرر من أداء مبلغ الرسم القضائي ،وإال
نتج عن عدم أداءه عدم قبول شكايته المباشرة ،األمر نفسه ينتج في حالة عدم أداء القسط
الجزافي أو مبلغ اإليداع.
ويجب اإلشارة إلى أن المادة ،)769(00من قانون المسطرة الجنائية تثيرثالث إشكاليات
تتمثل األولى في وجود نوع من التعارض بينها وبين قانون المصاريف القضائية في الميدان
أنه يحدد األسباب التي يمكن أن تسحب فيها المساعدة من الطالب ومنها حصوله على مبالغ مالية نتيجة تنفيذ
الحكم الصادر لفائدته.
-767تنص المادة 56على أنه" :يجب على المطالب بالحقوق المدنية التي ترفع دعواه مباشرة إلى المحكمة أن
يدفع زيادة على مبلغ اإليداع ،مبلغ الرسم الذي كان يتعين عليه أداؤه ،لو رفع الدعوى إلى المحكمة المدنية،
وإال اعتبر طلبه غير مقبول ،يجب كذلك دفع هذا الرسم على المدعي بالحقوق المدنية الذي رفع قضيته مباشرة
إلى قاضي التحقيق وفق الشروط المقررة في قانون اإلجراءات الجنائية".
-768قرار منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى ،عدد ،43-42دجنبر ،2000ص.202-201 :
-769ينص الفصل 95من قانون المسطرة الجنائية على أنه" :يجب على الطرف المدني عند إقامته للدعوى
العمومية ،ما لم يكن محمال على المساعدة القضائية ،أن يودع بكتابة الضبط المبلغ الذي يفترض أنه ضروري=
= لمصا ريف الدعوى ،ويحدد له أجل اإليداع ،وذلك تحت طائلة عدم قبول شكايته ،ويحدد هذا المبلغ بأمر من
قاضي التحقيق الذي عليه أن يراعي اإلمكانيات المالية للمشتكي".
الجنائي ،حيث أن هذا األخير ألزم المطالب بالحق المدني املحرك للدعوى العمومية بإيداع
جميع مصاريف اإلجراءات ،و أيضا أداء الرسم القضائي ،تحت طائلة عدم قبول الشكاية
المباشرة ،في حين نجد المادة 00من قانون المسطرة الجنائية أوجبت إيداع مصاريف
اإلجراءات فقط ،التي يضاف إليها القسط الجزافي الذي يحدد قانون المصاريف
القضائية(.)770
وإذا اعتمد قاض ي التحقيق على المادة 00من قانون المسطرة الجنائية فقط في تحديد
صوائرالشكاية المباشرة ،فإنها تعتبرغيرمقبولة والغية بالنظرإلى قانون ،51-03الذي إضافة
إلى إلزامه أداء المصاريف القضائية أضاف ضرورة أداء الرسم القضائي تحت طائلة عدم
القبول.
ولهذا ولتجنب هذا التناقض يتعين على قاض ي التحقيق دائما الرجوع إلى قانون -03
،51وإلى قانون المسطرة الجنائية ،لتحديد مبلغ الصوائرالقضائية حتى ال يترتب على ذلك عدم
قبول الشكاية.
مع أنه كان عليه التنصيص صراحة في قانون المسطرة الجنائية على إلزامية أداء الرسم
القضائي إلى جانب مصاريف إجراءات الدعوى وبالتالي تجاوزالخالف بين القانونين.
ونحن نعتقد بخصوص اإلشكالية األولى أنه ليس هناك تعارض بين المادة 00من قانون
المسطرة الجنائية وقانون 03-51المتعلق بالمصاريف القضائية في الميدان الجنائي على
اعتبار أن هدا القانون األخر هو في األصل قانون خاص وهو يقيد النص العام ،أي انه األولى
بالتطبيق في حالة تواجد تعارض .مع العلم أنه ليس هناك تعارض لكون عبارة مصاريف
الدعوى في المادة 00من قانون المسطرة الجنائية جاءت عامة وشاملة ولم تخصص أو تحدد
مصروف بعينه ،مما يستنتج القول على أن الرسم القضائي يدخل في نطاق مصاريف الدعوى،
بل هناك تجانس وتكامل ذلك أن قاض ي التحقيق يقوم بإعمال المادة 00من قانون المسطرة
الجنائية عندما يتعلق األمر بمصاريف تنفق على إجراءات الدعوى العمومية املحركة من قبل
المتضرر ،وتشمل هذه المصاريف على سبيل المثال ) أجور الخبراء والتراجمة ومصاريف
استدعاء الشهود...الخ( .وهو يراعي في تقديره اإلمكانيات المالية للمشتكي ،أما عندما يتعلق
-770عمر األبيض" ،الشكاية المصحوبة باإلدعاء بالحق المدني أمام قاضي التحقيق" ،نشرة محكمة االستئناف،
العدد ،1الرباط ،2004ص:
األمربالرسم القضائي باألجرالضريبية القضائية التي تفرضها الدولة على المتضرر أو المشتكي
لقاء قبول شكايته والتحقيق فيها .وبعبارة أخرى أن أداء المشتكي للرسم القضائي يكون نضير
توفيرالدولة ممثلة في مرفق املحكمة لخدمة التحقيق والمتابعة و إيقاع العقاب في حق المتهم.
واإلشكالية الثانية تتجلى في جزاء عدم قبول الشكاية الذي أشار إليه الفصل 03عند
عدم أداء صوائرالدعوى ،فهل هذا الجزاء يجب أن يصدرفي إطارأمر قضائي من طرف قاض ي
التحقيق ،أم يقتصراألمرفقط على موقف سلبي ،يتمثل في عدم إنجازأي إجراء بشأن الشكاية؟.
إنه من الواجب أن يتم التنصيص على هذا األمر حتى يتم تنظيم العمل القضائي ،غير
أن النصوص القانونية المنظمة للشكوى في قانون المسطرة الجنائية لم تشرإلى هذا اإلشكال،
وبالتالي لم يتم تحديد كيفية صدور هذا الجزاء ،هل يتعين إصدار أمر من قاض ي التحقيق ،أم
يكتفي فقط باتخاذ موقف سلبي عن طريق عدم القيام بأي إجراء بخصوص الشكاية المباشرة،
وهذا اإلشكال وجد أيضا في فرنسا ،لكن تم تجاوزه ،حيث عمدت مديرية الشؤون الجنائية
والعفو إلى إصدارمنشورمؤرخ في يناير 3001يحث قضاة التحقيق على إصدارأمربعدم القبول
في حالة عدم إيداع الصائر(.)771
وندعوالمشرع المغربي أن يحدوا ما ذهب إليه المشرع الفرنس ي ،وينص على ضرورة أن
يصدرقاض ي التحقيق أمر بعدم قبول الشكاية في حالة عدم أداء صوائرالدعوى.
وبتحليل قانوني فإنه إذا كان تحديد مبلغ مصاريف الدعوى يتم بمقتض ى أمر قضائي
صادرعن قاض ي التحقيق حسب المادة 00من قانون المسطرة الجنائية فإن نفس األمرأيضا
ينطبق على عدم أداء مصاريف الدعوى حيث يصدرأمرقضائي بعدم قبول الشكاية.
-771عمر األبيض" ،الشكاية المصحوبة باإلدعاء بالحق المدني أمام قاضي التحقيق" ،مجلة القضاء والقانون،
عدد ،2006 ،146ص.92 :
-772ونشير هنا أنه في حالة كون المشتكي حاصال على المساعدة القضائية ،فإنه ال يكون الزما في هذه الحالة
تحديد صائر الدعوى ،ألنه معفي من اإليداع ،وتتكلف الخزينة العامة بأداء مصاريف الدعوى.
والسؤال المطروح أيضا هل يمكن االستناد إلى المادة 502من قانون المسطرة
الجنائية التي تمنح الحق للمطالب بالحق المدني استئناف أوامر قاض ي التحقيق التي تمس
مصالحه المدنية ،وهو تحديد عام وشامل يستند إلى معيارالمس بالمصالح المدنية؟
هنا يرى عمر األبيض( ،)773أنه يصعب الجزم بإمكانية ذلك ألنه توجد المادة 00من
قانون المسطرة الجنائية التي تقروبصريح العبارة أن عدم إيداع صائرالدعوى يترتب عليه عدم
قبول الشكاية المباشرة ،وما دام األمر كذلك فهي منعدمة ،ومن هنا ال يمكن القيام بأي إجراء
سواء تعلق بالدعوى المدنية أو الدعوى العمومية.
ويضيف عمر األبيض أن الطعن ما هو إال فرع من أصل و انعدام الحق في األصل يترتب
عليه ال محالة انعدام الحق في الفرع.
وأعتقد أن ما ذهب إليه األستاذ عمراألبيض يجانب الصواب ،ألنه ما دام أنه يترتب عن
عدم أداء صائر الدعوى عدم قبول الشكاية و انعدامها من الناحية القانونية ،فإنه ال يمكن
الطعن في أمرقضائي أصال غيرموجود ومنعدم.
وبالنسبة لمعايير تحديد صائر الدعوى ،فنجد أن المادة 00من قانون المسطرة
الجنائية قد اعتمدت على معيار اإلمكانيات المالية للمشتكي ،وهو المعيار الوحيد المعتمد
عليه ،حيث جاء في المادة السالفة الذكر ما يلي..." :ويحدد له أجل اإليداع وذلك تحت طائلة
عدم قبول شكايته ،ويحدد هذا المبلغ بأمرمن قاض ي التحقيق الذي عليه أن يراعي اإلمكانيات
المالية للمشتكي."...
وما يالحظ هو أن عبارة "اإلمكانيات المالية" جاءت عامة ،وهذا يثير إشكال يتمثل في
اختالف مبلغ اإليداع من متضرر إلى آخر ،وكذا لنفس الجريمة وغاية المشرع من وراء هذا
المعيار لتحديد مبلغ اإليداع ،هو الحد من الشكايات الكيدية التي قد يلجأ إليها البعض ،والتي
تؤدي إلى إطالة المساطروتعطيل تنفيذ أحكام وقرارات التي يمكن أن تكون قد قطعت أشواطا
مهمة في مرحلة التقاض ي ،والتي قد تتوقف نتيجة تقديم هذه الشكاية(.)774
وقد أشارت المادة 00من قانون المسطرة الجنائية الفرنسية على المعيارنفسه ،حيث
خولت لقاض ي التحقيق أن يقوم بتحديد المبلغ اعتمادا على موارد عيش المشتكي ،وبالتالي
يمكن إعفاؤه في حالة عدم توفره على موارد عيش كافية(.)775
ويكمن الخالف بين المشرع المغربي ونظيره الفرنس ي في كون هذا األخير استعمل عبارة
"موارد العيش" في مقابل المشرع المغربي الذي استعمل عبارة "اإلمكانيات المالية" ،وقد أعطى
المشرع الفرنس ي لقاض ي التحقيق الحق في إعطاء المشتكي من أداء صائرالدعوى ،في حالة ما
إذا تبين له عدم كفاية موارد عيشه ،وهذا على خالف المشرع المغربي الذي لم ينص على هذا
المقتض ي ،و إنما أشار فقط إلى إمكانية حصوله على المساعدة القضائية من خالل تقديمه
طلب مدعم بشهادة إدارية يسلمها الباشا أو القائد ،تتضمن وسائل عيشه(.)776
وبمجرد إيداع صائر الدعوى يصبح المشتكي حامال صفة مطالب بالحق المدني وما
يترتب عن ذلك من وضع قانوني تعترف به مقتضيات قانون المسطرة الجنائية ،المنظمة لذلك.
ونشير هنا إلى أنه وبحكم التجربة التي يتوفر عليها قاض ي التحقيق ،يستطيع تنبؤ أو
افتراض مختلف إجراءات البحث التي تفترضها الشكاية من استماع إلى الشهود وإجراء خبرة
خاصة في الشكايات المتعلقة بالزور ،وغيرها من اإلجراءات ،من خالل ذلك يحدد صائر لكل
إجراء ليصل إلى املجموع ونشير أيضا إلى أنه وطبقا للفصل 00من قانون 51-03المتعلق
بالصوائرالقضائية في الميدان الجنائي ترد مبالغ المودعة خصوصا صوائرالمسطرة ترد إليه
في حالة ما إذا صدر حكم لصالحه ،ولكن ال ترد إال بعد صدور حكم نهائي مكتسب لقوة الش يء
المقض ي به.
ويضيف الفصل 00أنه يتعين على المطالب بالحق المدني والذي صدر في حقه حكم
حائزلقوة الش يء المقض ي به ،أن يطالب بإرجاع هذه المبالغ في حدود أجل ال يتعدى سنتين من
تاريخ صدورالحكم وإال فإن المبالغ ستصبح ملكا للخزينة العامة بعد تسليمها إليها.
وتسترجع أيضا المبالغ التي لم يتم استعمالها ،والتي بقيت بحوزة كتابة الضبط في
حساب خاص كما ينص على ذلك الفصل 00من قانون 51-03أما بخصوص المبالغ التي لم
775-Gillbert Azibert، Code De Procédure Pénale، Lite، 20éme édition، Paris، 2009، P :
112.
-776محمد القدوري ،مرجع سابق ،ص.44 :
يتم صرفها ،فإن الطرف الذي خسر الدعوى هو الذي يتحملها ،ويحق للمطالب بالحق المدني
حينها أن يسترجعها منه تنفيذا للحكم الصادر.
الئحة المراجع:
محمد كاسم "بعض اإلشكاليات الناجمة عن تطبيق االستثناءات الواردة على قاعدة
لزومية أداء الرسم القضائي" مجلة املحامي ،العدد ،03المطبعة الوطنية ،مراكش ،ماي
.5883
قرار صادرعن املجلس األعلى بتاريخ 00-1-33تحت عدد 131منشور بمجموعة قرارات
املجلس األعلى المادة الجنائية الجزء 5ص 520وما يليها .وقرار آخر صادر عن املجلس األعلى
بتاريخ 3000-81-50تحت عدد ،3230منشوربمجموعة قرارات املجلس األعلى المادة الجنائية
الجزء الثاني ص 233وما يليها.
قرار صادر عن املجلس األعلى بتاريخ 5880-0-30تحت عدد 13005في الملف عدد
83/58280منشوربمجلة الملف عدد 31ص 508وما يليها.
قرار صادر عن املجلس األعلى بتاريخ 5885-5-58تحت عدد 33301في الملف عدد
83/35300منشوربالتقريرالسنوي للمجلس األعلى لسنة . 5885
قرار صادر عن المدلس األعلى بتاريخ 83-0-18تحت عدد 3/3100في الملف الجنحي
عدد 83//0301منشوربمجلة المر افعة عدد 32و. 30
قرار صادر عن املجلس األعلى بتاريخ 5880-82-82تحت عدد 80352في الملف عدد
،80-2100منشوربمجلة الملف عدد .35
عبد الرحيم زكار ،اإلدعاء المباشر والشكاية المباشرة في التشريع المغربي ،دراسة
تحليلية عملية الطبعة األولى ،مطبعة إيديكا.5883 ،
قرار صادر عن املجلس األعلى بتاريخ 3000-35-30تحت عدد 0305في الملف الجنحي
عدد 00/353منشوربمجلة املحامي عدد 30و. 58
عبد الوهاب بنسعيد" ،دراسة حول الشكاية المباشرة" ،مجلة املحاماة ،العدد ،5
فبراير.3000
عبد الوهاب بن سعيد" ،دراسة حول الشكاية المباشرة" مقال منشور بمجلة رسالة
املحاماة ،عدد /5فبر اير. 3000
–
فالحق في الحياة الخاصة ومعها حماية المعطيات الشخصية للفرد تعتبرحقا عاما يمتد
نطاقه لحماية الشخص الفرد من كافة أوجه االعتداءات على حياته الخاصة أيا كان مظهرها أو
طبيعتها ،إذ بات حق األفراد في السيطرة على المعلومات والبيانات الخاصة في مواجهة تحديات
العصرالرقمي ضرورة ملحة تفرض ذاتها بقوة.
فالثورة التكنولوجية بالرغم مما تقدمه من خدمات كبرى للمجتمع اإلنساني في هذا
العصر من تسهيل التواصل وتبادل المعلومات ،إلى نشر المعرفة وتحقيق التنمية بمختلف
-777يونس عرب ،موسوعة القانون وتقنية المعلومات ،دليل أمن المعلومات والخصوصية ،الجزء الثاني :الخصوصية
وحماية البيانات في العصر الرقمي ،اتحاد المصارف العربية ،الطبعة األولى ،1881 ،ص .08
مجاالتها ،غيرأنها في المقابل تحمل في طياتها عدة مخاطرتهدد الحياة الخاصة لألفراد وحقوقهم
المرتبطة بمعطياتهم الشخصية.778
الش يء الذي يطرح عالمة استفهام حول الحياة الخاصة في العصر الرقمي الذي أدى إلى
إفرازمستجدات تقنية لم تكن في الحسبان من بينها الحاسب اآللي الذي دعم استخدامه بوالدة
الشبكة اإللكترونية للمعلومات المسماة االنترنيت ،إذ بات من الصعب جدا على الفرد أن
يسيطر على خصوصيته في ظل التطور التكنولوجي والرقمي الهائل ،خاصة مع ما أصبح ينتشر
اليوم من فضائح وأسرار جعلت عامة الناس قبل المهتمين والمتخصصين بمجال القانون
وحقوق اإلنسان والسياسة وعالم االقتصاد ينتبهون إلى ما يمكن أن تفعله التقنية المعلوماتية
بمعطياتهم وبياناتهم الشخصية ،ومدى قدرتها على انتهاك حياتهم الشخصية وأسرارهم
وميوالتهم التي ال طالما فكروا في سترها عن املجتمع واالحتفاظ بها ألنفسهم ،ولعل آخرها
وأشهرها فضيحة شركة "كامبردج أناليتيكا" التي تم خاللها تسريب بيانات شخصية لنحو00
مليونا من مستخدمي "فيسبوك" لصالح هذه الشركة ،التي من المفترض أنها استخدمت تلك
المعلومات خالل حملة االنتخابات الرئاسية في 5833واالستفتاء على انسحاب بريطانيا من
اإلتحاد األوروبي ،لتتوالى بعد ذلك اعتذارات مؤسس فيسبوك ، 779إضافة للدراسة التي نشرت
في عام 5830في الواليات المتحدة األمريكية ،حول األمريكيين واألمن المعلوماتي ،إذ عبرالعديد
منهم عن عدم ثقتهم بالمؤسسات الحديثة من ناحية حماية بياناتهم الشخصية ،780ويدعم هذا
األمر عدد االعتداءات على األنظمة المعلوماتية ،وحاالت تسرب البيانات الشخصية سواء عبر
-778فهد وزاني الشاهدي ،الحق في حماية الحياة الخاصة أية حماية؟ ،مجلة المعيار ،العدد ،1831 ،21ص
.368
-779الخبر منشور في الموقع الرسمي لقناة الجزيرة تحت عنوان فضيحة "كامبردج-فيسبوك" تعصف بمصداقية
شبكات التواصل االجتماعي على الرابط التالي:
االطالع تاريخ http://www.aljazeera.net/programs/newsreports/2018/3/12
.1811/82/32
780 - Americans and Cybersecurity Many Americans do not trust modern
institutions to protect their personal data _even as they frequently neglect
cybersecurity best practices in their own personal lives.
http://www.pewinternet.org/2017/01/26/americans-and -cybersecurity
اختر اقات البريد اإللكتروني ،أو سرقة بيانات شركات تقدم خدمات عبر اإلنترنيت ،أو التالعب
بحسابات على مو اقع التواصل االجتماعي.781
وقد جاء اهتمام المغرب بهذا املجال من خالل سنه للقانون 80.80ألجل مسايرة التوجه
الدولي في مجال حماية المعطيات ذات الطابع الشخص ي ،وتحقيقا لألمن المعلوماتي من أجل
في الحياة الخاصة لألفراد ،وكسب ثقة الدستوري782 ضمان االستقرار وتكريسا للحق
المستثمرين األجانب والوطنيين ،خاصة في عالقته االقتصادية والتجارية مع أوروبا ،و انتشار
التجارة اإل لكترونية التي تعتمد في تعامالتها على التبادل المستمر للمعطيات والبيانات
الشخصية.
فالمعطيات الشخصية أو ذات الطابع الشخص ي ،هي كل معلومة كيفما كان نوعها والتي
تمكن من التعرف على الشخص الذاتي وتحديد هويته ،وفي هذا الصدد عرفها القانون السالف
الذكر في المادة األولى 783منه بأنها "كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن دعامتها ،بما
في ذلك الصوت والصورة ،والمتعلقة بشخص ذاتي معرف أو قابل للتعرف عليه والمسمى بعده
"بالشخص المعني".
وفي ظل األهمية الكبرى للمعطيات ذات الطابع الشخص ي باعتبارها أحد عناصرالحق في
الحياة الخاصة التي تجسد ضرورة إنسانية وقيمة اجتماعية مهمة ،وعلى ضوء التهديدات التي
أصبحت تواجه المعطيات الشخصية المتعلقة باألفراد جراء المعالجة التي تخضع لها هذه
المعطيات ،والتحديات المطروحة من أجل خلق التوازن بين تطورالتقنية المعلوماتية والشق
القانوني والحقوقي والشق االقتصادي في مجال حماية المعطيات ذات الطابع الشخص ي ،فإن
اإلشكالية املحورية التي يطرحها البحث تتمثل في :ما مدى توفق المشرع المغربي من خالل
قانون 80.80في إيجاد حماية جنائية فعالة للمعطيات ذات الطابع الشخص ي ،وبالتالي تحقيق
الحماية الالزمة للحقوق والحريات األساسية؟
-781منى األشقر جبور و محمود جبور ،البيانات الشخصية و القوانين العربية الهم األمني و حقوق األفراد ،المركز
العربي للبحوث القانونية و القضائية ،الطبعة األولى ،بيروت-لبنان ،ص .33
-782ينص الفصل 11من الدستور المغربي لسنة 1833على":لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة ".
-783ظهير شريف رقم 3183132صادر في 11من صفر 30( 3118فبراير )1883بتنفيذ القانون رقم
83-80المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
فرض المشرع المغربي حماية جنائية لمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي حيث
جرم القانون 80.80مجموعة من األفعال التي تشكل خرقا للقواعد الموضوعية التي يلزم
مراعاتها عند القيام بكل معالجة للمعطيات ذات الطابع الشخص ي.
-784تنص المادة 21من قانون 83180على " :يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 181888
الى 1881888درهم ،أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،كل من قام بخرق أحكام أ) وب) و ج) من المادة 1من
هذا القانون بجمع معطيات ذات طابع شخصي بطريقة تدليسيه أو غير نزيهة أو غير مشروعة ،أو أنجز معالجة
ألغراض أخرى غير تلك المصرح بها أو المرخص لها ،أو أخضع المعطيات المذكورة لمعالجة الحقة متعارضة مع
األغراض المصرح بها أو المرخص لها".
-785تنص المادة 22من نفس القانون على " :يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 181888
الى 1881888درهم ،أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط:
-كل من احتفظ بمعطيات ذات طابع شخصي لمدة تزيد عن المدة المنصوص عليها في النصوص التشريعية
الجاري بها العمل أو المنصوص عليها في التصريح أو اإلذن؛
-كل من احتفظ بالمعطيات المذكورة خرقا ألحكام ه) من المادة 1من هذا القانون".
يتحقق ذلك من خالل إتيان أحد األفعال المنصوص عليها في المادة 02والمتمثلة في:
جمع المعطيات الشخصية بطريقة تدليسيه أو غير نزيهة أو غير مشروعة كالتدليس أو
الغش أوالتنصت على الهاتف أواعتراض وتفريغ الرسائل المتبادلة عن طريق البريد اإللكتروني،
وغيرها من الوسائل غيرالمشروعة ،786وما يالحظ على هذا المقتض ى أنه يطرح صعوبات كبيرة
أمام عدم دقة المصطلحات المستعملة ،787إذ أن محكمة النقض الفرنسية قد اعتبرت في قرار
لها صادر عن الغرفة الجنائية بتاريخ 1نونبر 3000بأنه ال يكفي لقيام هذه الجريمة جمع
المعطيات بطريقة تدليسيه أو غير نزيهة أو غير مشروعة ،ولكن يلزم كذلك أن يتم تسجيل أو
حفظ هذه المعطيات في ملف سواء كان آليا أو يدويا ،788وفي قرار حديث آخر صادر عن نفس
املحكمة بتاريخ 32مارس 5883اعتبرت 789الجمع غيرالنزيه للمعطيات اإلسمية متحققا في:
كل اطالع على العناوين اإللكترونية واستعمالها ،ولو دون تسجيلها في ملف من أجل
إرسال رسائل إلكترونية ألصحاب هذه العناوين.
-786بولين أنطونيوس أيوب ،الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية ،منشورات الحلبي الحقوقية،
ط األولى ،بيروت1883 ،ص .132
-787يونس تلمساني ،الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،السنة الجامعية
،1883/1880ص .33
788 - André LUCAS, Jean DEVEZE et Jean FRAYSSINET, op.cit., p 673.
Voir aussi les arrêts suivants :
- Cass crim , 23 mai 1991, n 90-87. 555, Bull crim 1991, n 218.
Téléchargeable sur le site suivant http://www.legalis.net
- Cass crim, 8 sept 2015, n 587-85-13, Bull crim 2015, n191.
Téléchargeable sur le site suivant http://www.legalis.net
-789قرار الغرفة الجنائية بمحكمة النقض الفرنسية رقم 821011111بتاريخ 31مارس 1886وتتلخص وقائع
النازلة في قيام شركة معينة سنتي 1881و 1881بإرسال رسائل إشهارية إلى مجموعة من األفراد كانت قد
تحصلت على عناوينهم اإللكترونية من الفضاء العام لشبكة اإلنترنيت ،وذلك عن طريق القيام في مرحلة أولى
بواسطة «برنامج الحاسوب" ) (logicielبتسجيل المعلومات المتعلقة بهم في ملف بغية استعمالها الحقا ،ثم القيام
في مرحلة ثانية بواسطة برنامج آخر بتوجيه رسائل إشهارية إلى العناوين المجمعة بدون تسجيلها في ملف.
وقد أدانت غرفة الجنح االستئنافية بمحكمة القنيطرة في القضية عدد ،1831/1683/112شخصا من أجل
التحريض على الفساد والقذف بواسطة وسيلة إعالم إلكترونية ومعالجة المعطيات الشخصية بطريقة غير مشروعة
بعشرة أشهر حبسا نافدا وغرامة نافذة قدرها 288درهم.
كل تجميع للعناوين اإللكترونية الشخصية لألشخاص الطبيعيين دون علمهم بالفضاء
العام لإلنترنيت باعتبارهذه الطريقة تشكل عائقا أمام ممارسة حقه في التعرض.
إنجاز المعالجة ألغراض أخرى غير تلك المصرح بها أو المرخص لها :تتحقق هذه
الجريمة من خالل إجراء معالجة للمعطيات الشخصية متنافية مع الغايات املحددة والمعلنة
والمشروعة التي ثم ذكرها في التصريح المقدم إلى اللجنة الوطنية أوثم إيرادها في اإلذن الممنوح
من قبل هذه األخيرة بناء على طلب المسؤول عن المعالجة ،790ويدخل في ذلك أيضا إنجاز
معالجة غيرمالئمة وغيرمناسبة ومفرطة بالنسبة للغايات السالفة الذكر.
وفي هذا السياق قضت محكمة ألمانية بوقف إحصاء للسكان سنة 3002بعدما ثبت لها
أن وزارة الداخلية استطاعت من خالل استمارات اإلحصاء الحصول على عناوين مجموعة
متطرفة إرهابية ،حيث اعتبرت املحكمة ذلك من قبيل اإلساءة الستخدام البيانات التي جمعت
من أجل غ اية معينة ،وهي اإلحصاء السكاني ،مما يشكل اعتداء على الحياة الخاصة لألفراد
و انتهاكا لسرية البيانات الشخصية.791
نصت عليها المادة 00من قانون 80.80ويقابلها في ذلك الفصل 553-58الفقرة األولى
من العقوبات الفرنس ي 792ويتحقق هذا العنصربالقيام بأحد األفعال التالية:
-790رضوان لمخيار ،الحماية الجنائية للمعطيات الشخصية المعالجة بطرق الكترونية-على ضوء القانون المغربي
والقانون المقارن -رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،السنة الجامعية ،1831-1831ص .30
-791أسامة عبد الله قايد ،الحماية الجنائية للحياة الخاصة وبنوك المعلومات -دراسة مقارنة ،-ط الثالثة ،دار
النهضة العربية ،القاهرة ،3331 ،ص .21
792
- article 226-20 :
« Le fait de conserver des données à caractère personnel au-delà de la durée prévue
par la loi ou le règlement, par la demande d’autorisation ou d’avis, ou par la déclaration
préalable adressée à la commission nationale de l’informatique et des libertés, est puni
de cinq ans d’emprisonnement et de 300000 euros d’amende, sauf si cette conservation
est effectuée à des fins historiques, statistiques ou scientifiques dans les conditions
prévues par la loi.
=Est puni des mêmes peines le fait, hors les cas prévus par la loi, des données à
caractère personnel conservées ou de la durée mentionnée ou premier alinéa».
إضافة إلى أن كل حفظ لمعطيات شخصية لغايات أخرى غير الغايات التاريخية أو
االحصائية أو العلمية -كما تطرقنا لذلك سابقا -يعد حفظا غير مشروع وبالتالي عنصرا مكونا
لجريمة المعالجة غيرالمشروعة لهذه المعطيات ،وقد أدانت محكمة النقض الفرنسية مسؤوال
عن المعالجة ،قام بحفظ معطيات إسمية خارج المدة المصرح بها.793
وتعد جريمة المعالجة غير المشروعة للمعطيات ذات الطابع الشخص ي جريمة
تقوم على علم الجاني بأن األفعال التي يأتيها تشكل جمعا وتخزينا غير مشروع عمدية794
793- Cass crim, 3 mars 2015, N du pourvoi : 13.88-079. Téléchargeable sur le
site suivant http://www.legalis.net
-794يتضح ذلك من خالل المادتين 21و 22من قانون 83180رغم غياب التنصيص الصريح على الركن
المعنوي.
والقصد الجرمي المتطلب في هذه الجريمة هو قصد عام ،وال تتطلب قصدا خاصا وال
البحث في أسباب وبواعث ارتكابها من طرف الجاني.795
وقد حدد المشرع عقوبة واحدة لألفعال السالفة الذكر المكونة لجريمة المعالجة غير
المشروعة بعقوبة الحبس من 1أشهرإلى سنة وبغرامة من 58.888درهم إلى 588.888درهم أو
بإحدى هاتين العقوبتين فقط.796
والمالحظ أنها عقوبة مخفضة بالمقارنة مع المشرع الفرنس ي الذي عاقب على هذه
الجريمة في المادة 30/553من قانون العقوبات الفرنس ي بعقوبة الحبس لمدة 0سنوات وغرامة
تبلغ 188.888أورو ،797حيث يلزم الحكم بهما معا.
أن ترتكب هذه الجريمة من قبل أشخاص معينين وهم :المسؤول عن المعالجة وكل
معالج من الباطن وكل شخص 799مكلف بحكم مهامه بمعالجة معطيات ذات طابع شخص ي.
-795أسامة عبد الله قايد ،الحماية الجنائية للحياة الخاصة وبنوك المعلومات -دراسة مقارنة ،-م س ،ص .362
-796انظر المادتين 21و 22من قانون 83180.
3-Yves MAYAUD, code pénal, 14 eme éd, Dalloz, 2009, p 674.
-798تنص المادة 63من قانون 83180على" :يعاقب بالحبس من 6أشهر إلى سنة وبغرامة من 18888درهم
إلى 188888درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،كل مسؤول عن معالجة وكل معالج من الباطن وكل شخص،
بالنظر إلى مهامه مكلف بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي ،يتسبب أو يسهل ،ولو بفعل اإلهمال ،االستعمال
التعسفي أو التدليسي للمعطيات المعالجة أو المستلمة ،أو يوصلها ألغيار غير مؤهلين.
زيادة على ذلك يمكن للمحكمة أن تقضي بحجز المعدات المستعملة في ارتكاب هذه المخالفة ،وكذا بمسح كل
المعطيات ذات الطابع الشخصي موضوع المعالجة التي أدت إلى ارتكاب المخالفة ،أو جزء منها".
-799كل شخص يتدخل في عملية المعالجة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ،مثل موظفي المصالح التي تقوم
بمعالجة المعطيات الشخصية ،والذين يكونوا خاضعين للسلطة المباشرة للمسؤول عن المعالجة أو المعالج من
الباطن.
ومن بين القضايا الشهيرة في هذا اإلطارقضية "شركات التأمين الفرنسية" باالشتراك مع
بعض العاملين في شركة كهرباء فرنسا » « EDFوالتي تتلخص وقائعها في توصل مجموعة من
األشخاص فور انتقالهم من منازلهم للسكن في منازل جديدة ،بخطابات من إحدى شركات
التأمين تعرض عليهم إجراء التأمين الخاص بمنازلهم الجديدة ،وبعد تقص ي هؤالء عن المصدر
الذي أخدت منه شركة التأمين بياناتهم الشخصية ،وجدوا أن األمريتعلق بشركة الكهرباء ،مما
جعلهم يتقدموا بشكاوى إلى اللجنة الوطنية للمعلوميات والحريات ،وبعد قيام هذه األخيرة
بالتحريات التي يخولها لها قانون 3يناير 3000اكتشفت أن شركة التأمين حصلت على
المعلومات بطريقة غير مشروعة بمساعدة بعض عمال شركة كهرباء بفرنسا مقابل مبالغ
مالية ،وقد أسفركل ذلك عن متابعة مسؤولي شركة التأمين وعمال شركة الكهرباء أمام محكمة
باريس االبتدائية التي أدانت في حكمها الصادر بتاريخ 33دجنبر 3002عمال شركة الكهرباء
بإفشاء بيانات شخصية ،إضافة إلدانة مسؤولي شركة التأمين بجرائم أخرى.800
-800نائلة عادل محمد فريد قورة ،جرائم الحاسب اآللي االقتصادية ،دراسة نظرية وتطبيقية ،ط ،3دار النهضة
العربية ،سنة ،1881ص .113
801- Yves MAYAUD, op.cit., p 678.
وفي كلتا الحالتين فقد حدد المشرع نفس العقوبة لهذه الجريمة سواء كانت عن قصد أو
عن طريق الخطأ ،من خالل عقوبة أصلية وأخرى إضافية ،حيث عاقب المشرع على جريمة
االستعمال غيرالمشروع للمعطيات الشخصية بعقوبة الحبس من 3أشهرإلى سنة ،وغرامة من
58.888إلى 188.888درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،وهو نهج في نظرنا غير سليم نظرا
الختالف الخطورة اإلجرامية لدى مرتكب الفعل في الحالتين ،وما يعزز هذا الطرح هو أن المادة
553/55من قانون العقوبات الفرنس ي جعلت عقوبة هذه الجريمة هي الحبس لخمس سنوات
وغرامة 188.888أورو عندما يرتكب االستعمال بشكل عمدي ،أما إذا ارتكب االستعمال عن
طريق الخطأ فإن العقوبة تكون هي الحبس لثالث سنوات وغرامة 388.888أورو.
كما خول المشرع للمحكمة أن تقض ي بعقوبة إضافية تتمثل في حجز المعدات
المستعملة في ارتكاب الجريمة ،وفضال عن ذلك يمكن للمحكمة أن تحكم بمسح المعطيات
ذات الطابع الشخص ي ال تي كانت محال للمعالجة المكونة للجريمة ،إما بشكل كلي أو جزئي
وتكمن أهمية هذه العقوبة في أنها تساهم في محو أثارالجريمة أو على األقل التقليل منها.802
يتطلب القيام بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي ضرورة احترام مجموعة من
القواعد الشكلية التي نص عليها المشرع بهدف حماية األشخاص الذاتيين في مواجهة هذه
المعالجة ،حيث يلزم المسؤول عن المعالجة قبل إجراء المعالجة ضرورة القيام ببعض
الشكليات المسبقة باعتبارها حماية احترازية واستباقية من املخاطر الناتجة عن معالجة
المعطيات الشخصية.
حددت المادة 05من ق 80.80أركان هذه الجريمة وعقوبتها ،803حيث يلزم لتحقق الركن
المادي لجريمة المعالجة بدون تصريح أو بدون إذن مسبق إنجاز ملف معطيات ذات طابع
-802يونس تلمساني ،الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي ،م.س ،ص .387
-803تنص المادة 21من ق 83180على " :دون المساس بالمسؤولية المدنية تجاه األشخاص الذين تعرضوا
ألضرار نتيجة هذه المخالفة ،يعاقب بغرامة من 381888درهم إلى 3881888درهم كل من أنجز ملف معطيات
ذات طابع شخصي دون التصريح بذلك أو الحصول على اإلذن المنصوص عليه في المادة 31أعاله ،أو واصل
نشاط معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي رغم سحب وصل التصريح أو اإلذن".
شخص ي ويعرف هذا األخير طبقا للمادة 3/2من ق 80.80بأنه" :كل مجموعة مهيكلة من
المعطيات ذات الطابع الشخص ي يمكن الولوج إليها وفق معايير معينة سواء كانت هذه
املجموعة ممركزة أوغيرممركزة أوموزعة بطريقة وظيفية أوجغر افية مثل املحفوظات أوبنوك
المعطيات وملفات اإلحصاء" .وبالتالي فإن إنجاز ملف معطيات ذات طابع شخص ي بدون
تصريح أو إذن المنصوص عليه في المادة 35وما يليها من نفس القانون يؤدي لقيام هذه
الجريمة.
وقد قضت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها بتاريخ 18أكتوبر ،5883بأن محكمة
االستئناف كانت على صواب حينما قضت بتو افر جميع أركان الجريمة المنصوص عليها في
المادة 33/553من قانون العقوبات ،فيما يخص غياب التصريح وذلك بعدما استخلصت من
نتائج تحقيقها بأن المتهمين استعملوا نظاما للمعالجة اآللية للمعلومات اإلسمية بدون إجراء
أي تصريح مسبق إلى اللجنة الوطنية للمعلوميات والحريات كما هو منصوص عليه في المادة
33من قانون 3يناير .8043000
كما تتحقق هذه الجريمة بمواصلة المعالجة بعد سحب التصريح أو اإلذن حيث نجد
المادة 05من ق 80.80سوت بين إنجازملف معطيات ذات طابع شخص ي دون تصريح أو إذن،
ومواصلة نشاط معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي رغم سحب وصل التصريح أو اإلذن
من طرف اللجنة الوطنية وفقا ألحكام المواد ( 50البند 805)30و 80603من نفس القانون.
أما بخصوص ركنها المعنوي فال يوجد في النص ما يدل على طبيعتها من حيث كونها
جريمة عمدية أم ال ،وهذا اإلشكال يطرح على مستوى أغلب الجرائم المنصوص عليها في قانون
،80.80فهل يمكن القول في ظل خلوالمادة 05من قانون 80.80من عبارات صريحة بأن جريمة
المعالجة بدون تصريح أو إدن جريمة عمدية؟ أم أنها تتحقق بمجرد الخطأ؟ أم يمكن تصور
وقوعها في الحالتين معا كما هو الشأن بالنسبة للتشريع الفرنس ي؟
بالرجوع إلى المادة 05السالفة الذكر ومن خالل االستعانة بالمصطلحات المكونة
للركن المادي للجريمة يتضح من طبيعتها أنها تقتض ي سلوكا إيجابيا ال يمكن تصوره إال في ظل
علم وإرادة الجاني ،مما يستتبع استبعاد إمكانية ارتكاب هذه األفعال عن طريق مجرد الخطأ.
وهكذا فإن جريمة المعالجة بدون تصريح أو إذن تعد من الجرائم العمدية ،حيث يلزم
أن يكون الجاني على علم بكون األفعال التي يأتيها تشكل إنجازا لملف معطيات ذات طابع
شخص ي و أنه ال يتوفرعلى تصريح أوإذن بذلك ،وأن يكون عالما بأن األفعال التي يقوم بها تشكل
مواصلة لنشاط معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي بعدما سحب منه وصل التصريح أو
اإلذن ،كما يستلزم أن تكون لدى الجاني إرادة الرتكاب هذه األفعال.
وإذا كانت جريمة المعالجة بدون تصريح أو إذن في ظل قانون 80.80من الجرائم
العمدية ،فإن المشرع الفرنس ي اعتبر في المادة 33/533من قانون العقوبات الفرنس ي
وبمصطلحات صريحة بأن هذه الجريمة يعاقب عليها ولو قام بها الفاعل عن طريق اإلهمال.807
أما من حيث العقوبة فبالرغم من الخطورة التي تحملها هذه الجريمة على حقوق وحريات
األشخاص من جراء معالجة معطياتهم الشخصية دون إدن بشأن ذلك ،فقد أفرد لها المشرع
عقوبة مخففة تتمثل في الغرامة فقط المتراوحة قيمتها بين 38.888درهم و 388.888درهم أما
المشرع الفرنس ي عاقب عنها بالحبس لمدة 0سنوات وغرامة 188.888أورو.
فقد قضت محكمة الدرجة الكبرى لمدينة Créteilالفرنسية في قرار لها بتاريخ 38يونيو
،3000مسؤولي شركة » « SKFبجريمة جمع وتخزين المعلومات الشخصية دون الحصول عن
إدن مسبق من قبل اللجنة الوطنية للمعلوميات والحريات ،وتتلخص وقائع هذه النازلة في قيام
الشركة المذكورة بتخزين معلومات تتعلق بالحياة الخاصة واالتجاهات السياسية وعضوية
االتحادات والنقابات العمالية لموظفيها ،كانت قد تحصلت عليها من االستمارات المقدمة من
قبل هؤالء الموظفين أثناء الترشح للعمل بالشركة ،وذلك دون أن تحصل الشركة السالفة
الذكرعلى إدن مسبق من اللجنة الوطنية كما ينص على ذلك القانون.808
الفقرة الثانية :جريمة مخالفة قواعد نقل المعطيات الشخصية إلى بلد أجنبي
تؤدي مخالفة المسؤول عن المعالجة ألحكام المواد 21و 22من قانون 80.80عند نقل
معطيات شخصية إلى بلد أجنبي إلى قيام الركن المادي لجريمة "مخالفة قواعد نقل المعطيات
الشخصية إلى بلد أجنبي" سواء بشكل عمدي أو عن طريق الخطأ ،فالمشرع لم يحدد الطبيعة
العمدية لهذه الجريمة ،وهو ما نصت عليه المادة 38التي جاء فيها" يعاقب بالحبس من ثالثة
أشهر إلى سنة وبغرامة من 58.888درهم إلى 588.888درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط
كل من نقل معطيات ذات طابع شخص ي نحو دولة أجنبية خرقا ألحكام المادتين 21و 22من
هذا القانون".
نصت المواد 80935و 81031من قانون 80.80على أن جريمة االمتناع عن التعاون مع
اللجنة الوطنية تتحقق كلما تمت عرقلة ممارستها لمهامها أو رفض التعاون معها ورفض تطبيق
قراراتها.
حيث يقوم االمتناع عن التعاون مع اللجنة الوطنية بقيام الجاني بأحد األفعال التالية:
عرقلة ممارسة اللجنة الوطنية لمهامها :لم تحدد المادة 35األشخاص الذين يمكن
أن يرتكبوا هذا الفعل املجرم ،إذ يمكن أن يتعلق األمر بالمسؤول عن المعالجة أو ممثله ،أو
-808نائلة عادل محمد فريد قورة ،جرائم الحاسب اآللي االقتصادية ،م س ،ص .110
-809تنص المادة 61من ق 83180على" :يعاقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 381888
درهم إلى 281888درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من=:
= -عرقل ممارسة اللجنة الوطنية لمهامها في المراقبة؛
-رفض استقبال المراقبين ولم يسمح لهم بإنجاز تفويضهم؛
-رفض إرسال الوثائق أو المعلومات المطلوبة؛
-رفض نقل الوثائق التي ينص عليها القانون".
-810تنص المادة 61من نفس القانون على" :يعاقب كل مسؤول يرفض تطبيق ق اررات اللجنة الوطنية بالحبس من
1أشهر إلى سنة وبغرامة من 381888إلى 3881888درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط".
بالمعالج من الباطن ،أو أي شخص أخر غيرهؤالء كما أن عدم التحديد ينصرف أيضا لألفعال
التي يمكن أن ترتكب بها العرقلة ،حيث يمكن أن تتم بأي فعل يحول دون قيام اللجنة بمهامها،
سواء عن طريق القيام بأفعال ايجابية أو عن طريق مجرد االمتناع عن القيام بعمل معين.
وبالتالي فالعرقلة تنصب على مجموعة مهام المر اقبة التي تختص بها اللجنة الوطنية
بناء على مقتضيات قانون 80.80وكذا مقتضيات المرسوم التطبيقي.
رفض استقبال المر اقبين وعدم السماح لهم بإنجاز تفويضهم وينطوي هذا السلوك
على عدم االستجابة لاللتزام القانوني الذي يفرض توفير الظروف المناسبة للمر اقبين
المفوضين التابعين للجنة الوطنية من أجل إنجاز مهامهم ،يتحقق هذا السلوك املجرم سواء
اتخذ الرفض شكال صريحا أو ضمنيا ،وتتجلى الصورة التي يتحقق بها هذا العنصر برفض
القبول بالولوج إلى المعطيات الخاضعة للمعالجة من قبل أعوان اللجنة الوطنية المفوضين
من قبلها للقيام بمهام التحري والبحث التي تتوفرعليها اللجنة ،كما يتحقق هذا السلوك بعدم
االستجابة لمطالبة األعوان المفوضين بالولوج المباشرللمحال التي تجري فيها المعالجة وكذا
برفض تمكينهم من تجميع جميع المعلومات والوثائق الضرورية للقيام بمهام المر اقبة وفق ما
يقتضيه التفويض الذي يتوفرون عليه.811
رفض إرسال الوثائق أو المعلومات المطلوبة :يتمثل هذا السلوك في عدم االستجابة
لاللتزام القانوني بضرورة تمكين اللجنة الوطنية من جميع الوثائق أو المعلومات التي تطلبها
هذه األخيرة ،ويتجسد هذا الرفض في عدم القيام بإرسال هذه الوثائق أو المعلومات مهما كانت
طبيعتها وكيفما كانت دعامتها وذلك داخل اآلجال وطبقا للكيفيات املحددة من قبلها ،ويتعلق
األمر بشكل عام بمختلف الوثائق أو المعلومات التي تمكن اللجنة من دراسة وقائع الشكايات
املحالة عليها 812ويمكن أن يتخذ هذا الرفض عدة أشكال كإرسال وثائق ناقصة أو تحتوي على
أخطاء عمدية أو إرسالها بعد انتهاء اآلجال املحددة من قبل اللجنة.
رفض نقل الوثائق التي ينص عليها القانون :يشترك هذا العنصر مع سابقه في
كونهما يتعلقان معا بوثائق ،إال أن هذه الوثائق بالنسبة للعنصرالسابق تكون مطلوبة من قبل
اللجنة في حين أنها في إطارهذا العنصريكون منصوص عليها قانونا ،وإذا كان المشرع في العنصر
-811يونس تلمساني ،الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي ،م.س ،ص .311
-812المادة 18الفقرة 1من قانون .83180
السابق قد استخدم لفظ "إرسال" واستعمل بالنسبة لهذا العنصر لفظ "نقل" ،فإن ذلك ال
يعكس أي اختالف جوهري على اعتبار أننا نكون في كافة األحوال أمام التزام بتزويد اللجنة
الوطنية ببعض الوثائق ،ومن بين الوثائق التي يلزم نقلها إلى اللجنة الوطنية تلك المتعلقة
بإحاطة اللجنة الوطنية علما بأي تغييرأوحذف يطال المعلومات المضمنة في التصريح المقدم
إلى اللجنة الوطنية كما أشارت إلى ذلك المادة 35من ق 80.80وتلك المتعلقة بتعيين مسؤول
عن معالجة المعطيات بالنسبة للمعالجات التي يكون الغرض منها فقط مسك سجل يعد إلخبار
العموم ويكون مفتوحا أمام هؤالء لالطالع عليه ،وأمام كل شخص يثبت أن له مصلحة مشروعة
في ذلك حسب ما تنص عيه المادة 30من نفس القانون ،إضافة إلى الوثائق المتعلقة بالتبليغ
عن هوية الممثل الذي يقطن في المغرب ،والذي يحل محل المسؤول عن المعالجة القاطن
خارج المغرب.813
رفض تطبيق قرارات اللجنة الوطنية :تم تجريم هذا الفعل ضمن مادة مستقلة عن
األفعال األخرى في المادة 31من ق 80.80ويتوجه مضموم هذه المادة إلى كل مسؤول عن
المعالجة أو ممثله بالمغرب ،أو المعالج من الباطن ،دون غيره من األشخاص المؤهلين من
الناحية الو اقعية لمعالجة المعطيات والخاضعين للسلطة المباشر للمسؤول عن المعالجة
أو للمعالج من الباطن ،الذين يرفضون تطبيق القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية سواء
تعلق األمربالقرارات التي تتضمن حقوق األشخاص المعنيين كقرارإجراء التصحيحات الالزمة
بعد رفض المسؤول القيام بها ،814أو تلك الصادرة عنها في إطار السلطات الممنوحة لها من
خالل قانون 80.80ومرسومه التطبيقي.
أما فيما يخص الركن المعنوي لجريمة االمتناع عن التعاون مع اللجنة الوطنية يتضح
من خالل المادتين 35و 31أنه ال يتحقق إال عن طريق القصد ويظهر ذلك من طبيعة األفعال
المعاقب عليها والتي ال يمكن تصور ارتكابها عن طريق الخطأ ،حيث يلزم أن يكون لدى الجاني
القصد الرتكابها ،وذلك من خالل علمه بكون األفعال التي يرتكبها تعد عرقلة لممارسة اللجنة
الوطنية لمهامها في المر اقبة أو رفضا الستقبال المر اقبين وعدم السماح لهم بإنجاز
تفويضهم ،أو رفضا إلرسال الوثائق أو المعلومات المطلوبة أو رفضا لنقل الوثائق المنصوص
عليها قانونا ،أو رفضا لتطبيق قرارات اللجنة الوطنية .باإلضافة إلى ذلك يلزم أن تتجه إرادة
الجاني إلى القيام بهذه األفعال ،وتتحقق هذه الجريمة بمجرد تو افرالقصد الجنائي العام ،دون
القصد الجنائي الخاص.815
وقد أوجد المشرع المغربي لجريمة االمتناع عن التعاون مع اللجنة الوطنية عقوبتين
مختلفتين بمقتض ى المادتين 35و ،31حيث عاقب في المادة 35بعقوبة الحبس من 1أشهرإلى
3أشهروبغرامة من 38.888درهم إلى 08.888درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط على عرقلة
ممارسة اللجنة الوطنية لمهامها في المر اقبة ،أو رفض استقبال المر اقبين وعدم السماح لهم
بإنجاز تفويضهم أو رفض إرسال الوثائق أو المعلومات المطلوبة ،أو رفض نقل الوثائق التي
ينص عليها القانون.
أما بخصوص المادة 31عاقب المشرع فيها بالحبس من 1أشهر إلى سنة وبغرامة من
38.888درهم إلى 388.888درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط على رفض تطبيق قرارات
اللجنة الوطنية.
وحري بالبيان أن الشخص المسؤول عن المعالجة يمكن أن يكون شخصا طبيعيا كما
يمكنه أن يكون شخصا معنويا 816وبالتالي فالنصوص التي تضم الجرائم الماسة بمعالجة
المعطيات الشخصية تطبق أيضا على األشخاص المعنوية إال أنها تختلف من حيث العقوبة
وذلك راجع إلى طبيعتها وهو ما سنتطرق له ضمن تحديد قواعد المسؤولية الجنائية في المطلب
الموالي.
-815رضوان لمخيار ،الحماية الجنائية للمعطيات الشخصية المعالجة بطرق إلكترونية ،م.س ،ص .380
يسأل جنائيا عن الجرائم الماسة بالعطيات ذات الطابع الشخص ي ،الشخص المسؤول
عن معالجة هذه المعطيات ،وقد حددت المادة 3في فقرتها الخامسة من قانون 80.80هذا
المسؤول بكونه " :الشخص الذاتي أوالمعنوي أوالسلطة العامة أوالمصلحة أوأي هيئة تقوم،
سواء بمفردها أو باشتراك مع آخرين ،بتحديد الغايات من معالجة المعطيات ذات الطابع
الشخص ي ووسائلها ،إذا كانت الغايات من المعالجة ووسائلها محددة بموجب نصوص تشريعية
أو تنظيمية ،تجب اإلشارة إلى المسؤول عن المعالجة في قانون التنظيم والتسيير أو في النظام
األساس ي للهيئة املختصة بموجب القانون أوالنظام األساس ي في معالجة المعطيات ذات الطابع
الشخص ي المعنية".
يعتبر مسؤوال جنائيا على الجرائم المنصوص عليها في قانون 80.80كل شخص طبيعي
يكتسب صفة فاعل سواء أكان فاعال أصليا أو مساهما أو مشاركا في هذه الجرائم ،ويمكن أن
يكتسب هذه الصفة كل شخص ذاتي مسؤول عن المعالجة وهو الشخص الذي يقوم بمفردة
أو باشتراك مع آخرين ،بتحديد الغايات من معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي
ووسائلها ،817وتشمل الغايات هنا مجموع األهداف التي تقف وراء القيام بهذه المعالجة،
ويشترط فيها لقيام المسؤولية الجنائية أن تكون غير مشروعة وغير محددة بشكل مسبق ،أما
الوسائل فهي تلك األدوات والمعدات التي تخصص إلنجاز المعالجة مثل الحواسيب اآللية
واألجهزة اإللكترونية ،كما يمكن أن يكتسب صفة فاعل كل شخص ذاتي يقوم بمعالجة من
الباطن ،وقد حددته المادة 3/3من قانون 80.80بأنه كل شخص يعالج معطيات ذات طابع
شخص ي لحساب المسؤول عن المعالجة ،وفضال عن ذلك فإن صفة الفاعل يمكن أن يكتسبها
كل شخص مؤهل لمعالجة معطيات ذات طابع شخص ي خاضع للسلطة المباشرة للمسؤول
عن المعالجة أو للمعالج من الباطن ،بحيث يمكن أن يكون شريكا أو مساهما في الجريمة مع
هؤالء ،كما يمكن أن يكون فاعال أصليا.
ويكون مسؤوال جنائيا كذلك عن الجرائم الماسة بمعالجة المعطيات ذات الطابع
الشخص ي كل شخص ذاتي ترسل إليه المعطيات ذات الطابع الشخص ي ،كما لو احتفظ بهذه
المعطيات لمدة تزيد عن المدة املحددة بموجب النصوص التشريعية المعمول بها أو املحددة
في التصريح أو اإلذن ،أو احتفظ بها خرقا ألحكام المادة /1الفقرة هـ من قانون .80.80
غير أنه يشترط لقيام المسؤولية الجنائية للشخص الطبيعي عن الجرائم الماسة
بالمعطيات ذات الطابع الشخص ي أن يكون المسؤول عن المعالجة مقيما على التراب المغربي،
ويعد هذا الشخص مقيما على التراب المغربي متى كان يمارس نشاطه فوق التراب المغربي في
إطار منشأة كيفما كان شكلها القانوني ،ويدخل في ذلك الشركات التجارية أو المدنية وغيرها،
أما المسؤول عن المعالجة غيرالمقيم على التراب المغربي ،فإنه يلزم أن يلجأ ألغراض معالجة
المعطيات ذات الطابع الشخص ي إلى وسائل آلية أو غير آلية توجد فوق التراب المغربي ،ما لم
يتعلق األمر بالمعالجات التي ال تستعمل إال ألغراض العبور فوق التراب المغربي أو فوق تراب
دولة أخرى تتوفر على قانون معترف بمعادلته للتشريع المغربي في مجال حماية المعطيات
الشخصية ،818ويبقى أمرتحديد الئحة الدول التي تتوفرعلى تشريعات مالئمة للتشريع المغربي
في مجال حماية األشخاص الذاتيين في مواجهة معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي وفق
ما نصت عليه المادة 50من قانون .80.80
ويلزم في الحالة التي يكون فيها المسؤول عن المعالجة غير مقيم على التراب المغربي،
ولكن يلجأ ألغراض المعالجة إلى وسائل آلية أو غير آلية توجد فوق التراب المغربي ،أن يبلغ
اللجنة الوطنية بهوية ممثل له مقيم بالمغرب.819
إذن ما هو نطاق المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في ظل قانون 80.80؟ وما هي
مختلف الجزاءات المتعلقة به؟
يتعلق األمر بكل شخص معنوي ينتمي للقانون الخاص ،باعتباره مسؤوال عن المعالجة،
وذلك متى قام بمفرده أوباشتراك مع آخرين بتحديد الغايات من معالجة المعطيات ذات الطابع
الشخص ي ووسائلها ،كما يمكن أن يكون محال للمساءلة الجنائية الشخص المعنوي الخاص
باعتباره معالجا من الباطن ،وذلك متى قام بمعالجة معطيات ذات طابع شخص ي لحساب
المسؤول عن المعالجة ،ويشمل الشخص المعنوي الخاص هنا جميع األشخاص المعنوية
التي تنتمي للقانون الخاص والمكتسبة للشخصية المعنوية كالشركات مهما كان شكلها وكيفما
كان غرضها ،كما يشمل كذلك الجمعيات والتعاونيات واألحزاب ،وتقوم المسؤولية الجنائية
للشخص المعنوي الخاص ،سواء كان مقيما أو غير مقيم فوق التراب المغربي في إطار منشأة
بغض النظرعن شكلها القانوني.
أما بالنسبة للشخص المعنوي غير المقيم فوق التراب المغربي فيلزم لقيام مسؤوليته
الجنائية أن يلجأ من أجل معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي إلى وسائل آلية أو غيرآلية
متواجدة فوق التراب المغربي.
ويستثنى من ذلك المعالجات التي تستعمل فقط من أجل غايات العبور فوق التراب
المغربي أوفوق تراب دولة أخرى تتوفرعلى تشريع معترف بمعادلته للتشريع المغربي فيما يتعلق
بحماية المعطيات الشخصية.820
وهكذا إذا كانت المسؤولية المعنوية للشخص المعنوي الخاص في إطارقانون 80.80ال
تطرح أي إشكال ،فإن التساؤل يطرح حول مدى قيام المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي
العام؟
تعددت المو اقف التشريعية في هذا الصدد ،بين تشريعات تمنع صراحة المسائلة
الجنائية لألشخاص العامة ،وأخرى تعترف بهذه المسؤولية ،821ويندرج قانون العقوبات
الفرنس ي ضمن هذه األخيرة حيث اعترفت المادة 5/353منه بأن جميع األشخاص المعنوية
العامة باستثناء الدولة تخضع للمسؤولية الجنائية ،وقد قصرت هذه المادة المسؤولية
الجنائية للوحدات اإلقليمية وتجمعاتها – مثل األقاليم والبلديات– على الجرائم المتركبة من
قبلها بمناسبة مباشرة أنشطة مرفق عام يمكن تفويض إدارته للغيرعن طريق االتفاق.822
أما بالنسبة ملجموعة القانون الجنائي المغربي ،وأمام الصياغة العامة لعبارة "الشخص
المعنوي" التي جاء بها الفصل 350من املجموعة المذكورة ،فإننا نرى إمكانية تفسيرهذه المادة
وفق سياق المادة 5/353من قانون العقوبات الفرنس ي ،بشكل يجعل األشخاص المعنوية
العامة بالمغرب محال للمسائلة الجنائية ،مع األخذ باالعتبار استثناء الدولة ،والقيود الواردة
على المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية اإلقليمية ،وهو ما ينطبق على المادة 32من
قانون 80.80التي جاءت هي األخرى بعبارة الشخص المعنوي دون أي تحديد ،عند وضعها
للعقوبات التي تنطبق على هذا الشخص المعنوي الذي يرتكب الجرائم المرتبطة بمعالجة
المعطيات الشخصية باعتباره مسؤوال عن المعالجة ،ومعلوم أن هذا األخير ممكن أن يكون
شخصا معنويا خاصا كما يمكن أن يكون شخصا معنويا عاما ،ويشمل الشخص المعنوي
العام السلطة العامة أو المصلحة أو المؤسسة العمومية أو أي هيئة تقوم سواء بمفردها أو
باشتراك مع آخرين بتحديد الغايات من معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي ووسائلها.823
-821شريف سيد كامل ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،ط ،3
القاهرة ،3377،ص .33
822 - Yves MAYAUD, op.cit., p 90.
-823المادة 2/3من قانون .83180
االتجاه األول :يشترط أن يكون الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة يشغل وظيفة
هامة داخل الشخص المعنوي ،ويندرج ضمن هذا االتجاه قانون العقوبات الفرنس ي ،حيت
استلزمت المادة 5/353منه إلمكانية مسائلة الشخص المعنوي جنائيا أن تكون الجريمة قد
ارتكبت من قبل أحد أجهزته أو ممثليه ،824مما يكون معه هذا االتجاه مضيقا نوعا ما من نطاق
األشخاص الذين يملكون حق التعبيرعن إرادة الشخص المعنوي ،مما يترتب عنه عدم إمكانية
مسائلة الشخص المعنوي عن الجرائم الماسة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي
المرتكبة من قبل أشخاص ال يحتلون وظائف هامة داخله.
االتجاه الثاني" :االتجاه الموسع" وفقا لهذا االتجاه يمكن مسائلة الشخص المعنوي
جنائيا بغض النظر عن صفة الشخص الطبيعي الذي ينتمي له ،ومن ثم فإنه يمكن مسائلة
الشخص المعنوي عن الجرائم الماسة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي ولو ارتكبت
من طرف عامل بسيط داخل الشخص المعنوي ،ويندرج ضمن هذا االتجاه قانون العقوبات
الهولندي ،وبعض النصوص التشريعية الخاصة داخل التشريع المصري.825
وباإلضافة إلى ارتكاب الجريمة من قبل شخص يملك حق التعبير عن إرادة الشخص
المعنوي ،فإنه يلزم لمسائلته جنائيا أن ترتكب الجريمة لمصلحته ،وهذا ما استلزمته أغلب
التشريعات ،ومن بينها قانون العقوبات الفرنس ي في مادته .8265/353
وتجدراإلشارة إلى أن المصلحة هنا تهم كل فائدة يحققها الشخص المعنوي أوكل تجنب
للضررمن قبله ،سواء تعلق األمربمصلحة مادية أومعنوية ،وسواء كانت هذه المصلحة مباشرة
أو غيرمباشرة ،وبغض النظرعما إذا كان وقوعها محققا أو احتماليا.
عقوبة الغرامة
خصت المادة 32من قانون 80.80الشخص المعنوي بعقوبة الغرامة التي تعد عقوبة
وجوبية ،حيث يلزم املحكمة أن تحكم وجوبا بعقوبة الغرامة وذلك في الحالة التي يرتكب فيها
الشخص المعنوي إحدى الجرائم المرتبطة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي
المنصوص عليها في قانون ، 80.80بغض النظر عن العقوبات التي يمكن أن يخضع لها مسيرو
الشخص المعنوي ،بحيث يكون مبلغ الغرامة المنصوص عليه بالنسبة للجرائم المتعلقة
بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي مضاعفا بالمقارنة مع مبلغ الغرامة التي يمكن
الحكم بها على الشخص الطبيعي ،كما تتضاعف عقوبة الغرامة المنصوص عليها بالنسبة
للجريمة المرتكبة من الشخص المعنوي في حالة العود.
المصادرة
باإلضافة إلى عقوبة الغرامة التي يلزم الحكم بها على الشخص المعنوي في حال ارتكابه
إلحدى الجرائم المرتبطة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي ،فإن الفقرة الثانية من
المادة 32من قانون 80.80أجازت للمحكمة الحكم على هذا الشخص كذلك بعقوبة المصادرة
الجزئية ألمواله ،ويتعلق األمر هنا بعقوبة إضافية وفق ما ينص على ذلك الفصل 13من
مجموعة القانون الجنائي المغربي ،تشمل هذه المصادرة األدوات واألشياء التي استعملت أو
كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة ،كما هو الشأن بالنسبة للحواسيب اآللية التي تمت بها
معالجة المعطيات الشخصية ،أو كان من المنتظر أن تستعمل لهذا الغرض ،كما يمكن أن
تشمل المصادرة األشياء أو األدوات التي تحصلت من الجريمة مثل الملفات والمستندات
والوثائق التي تحتوي على معطيات ذات طابع شخص ي خضعت لمعالجة تتحقق فيها إحدى
صورالجرائم المنصوص عليها في قانون .80.80
كما أجازت المادة 32من قانون 80.80في فقرتها الثانية للمحكمة إمكانية الحكم على
الشخص المعنوي بالمصادرة المنصوص عليها في الفصل 00من مجموعة القانون الجنائي،
ويتعلق األمر هنا بالمصادرة كتدبير وقائي عيني – وإن كان المشرع اعتبرها عقوبة -وبناء على
ذلك يمكن للمحكمة الحكم بمصادرة األدوات واألشياء المتعلقة بالشخص المعنوي ،وذلك
متى كان استعمالها أو حملها أو حيازتها يكون جريمة ،ويدخل في ذلك استعمال أو حمل أو حيازة
ملفات للمعطيات ذات الطابع الشخص ي آلية كانت أم يدوية متى كان ذلك يشكل جريمة.
خول المشرع للمحكمة إمكانية الحكم بإغالق مؤسسة أو مؤسسات الشخص المعنوي
التي ارتكبت فيها إحدى الجرائم الماسة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي ،ويعد
اإلغالق هنا بمثابة تدبيروقائي عيني وفق ما نص عليه الفصل 35من مجموعة القانون الجنائي
المغربي ،ويمكن أن يشمل اإلغالق مؤسسة الشخص المعنوي بأكملها ،كما يمكن أن يطال
جميع مؤسساته أو بعضها فقط.
فضال عن ذلك يمكن أن يكون هذا التدبيرمؤقتا أو نهائيا ،فإذا تعلق األمربإغالق مؤقت
يلزم أن ال تقل مدته عن عشرة أيام وأن ال تتجاوزستة أشهر ،827وسواء تعلق األمربإغالق مؤقت
أو نهائي فإنه يترتب عن الحكم به منع الشخص المعنوي من مزاولة األنشطة التي ارتكبت
الجريمة بمناسبتها في هذا املحل المعني باإلغالق ويكون ذلك عن طريق سحب الترخيص
بممارسة النشاط في هذا املحل خالل المدة املحددة بالحكم عندما يتعلق األمر باإلغالق
المؤقت ،أو الترخيص بشكل نهائي إذا كان اإلغالق نهائيا.
وأمام خطورة تدبيراإلغالق ،فإنه يرجى حصرنطاقه على الشخص المعنوي الخاص دون
الشخص المعنوي العام ،مراعاة لمبدأ استمرارية المرفق العام كأحد المبادئ الدستورية.
يقتض ي وضع قواعد لحماية المعطيات ذات الطابع الشخص ي باإلضافة إلى إقرارقواعد
زجرية موضوعية ضرورة وضع قواعد إجرائية قادرة على كفالة هذه الحماية ،وبشكل عام
فاإلجراءات المتعلقة بالتثبت من الجرائم والبحث عن مرتكبيها ومحاكمتهم تخضع لمقتضيات
وقواعد قانون المسطرة الجنائية ،غير أنه نظرا للطابع الخاص للجرائم الماسة بمعالجة
المعطيات الشخصية فقد خصها قانون 80.80ببعض القواعد اإلجرائية التي ترتبط على وجه
الخصوص بضبط الجرائم وتحريك الدعوى العمومية بشأنها (أوال) وكذا وسائل إثباتها (ثانيا).
نظرا للطابع الفني للجرائم المرتكبة باملخالفة ألحكام القانون ،80.80فقد أناط المشرع
مهمة القيام بالتحري باإلضافة إلى ضباط الشرطة القضائية ،إلى أعوان اللجنة الوطنية.
يستمد ضباط الشرطة القضائية اختصاصهم بشأن بحث ومعاينة الجرائم المرتبطة
بالمعالجة غير المشروعة للمعطيات ذات الطابع الشخص ي إضافة لمقتضيات المادة 33من
هذا القانون ،إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية.828
ويجري ضباط الشرطة القضائية أبحاثهم إما تلقائيا أو بناء على تلقيهم وشايات أو
شكايات من األشخاص المعنيين بجرائم معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي أو بأي
وسيلة أخرى كالصحافة وحديث الجمهور ،ويقومون باألبحاث إما في إطار حالة التلبس بهذه
الجرائم أو في إطار البحث التمهيدي العادي ،829ويتوجب عليهم تحرير محاضر بشأن العمليات
التي قاموا بإنجازها ،على أن يوجهوها مباشرة بعد انتهاء عملياتهم إلى وكيل الملك املختص
مرفقة بنسختين منها مشهود بمطابقتهما لألصل وبجميع الوثائق والمستندات المرتبطة بها،830
-828ظهير شريف رقم 31811122صادر في 12من رجب 1( 3111أكتوبر ،)1881بتنفيذ القانون رقم
11183المتعلق بالمسطرة الجنائية ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 2870بتاريخ 17ذي القعدة 18( 3111يناير
،)1881ص .132
-829رضوان لمخيار ،الحماية الجنائية للمعطيات الشخصية المعالجة بطرق إلكترونية ،م.س ،ص .311
-830المادة 11من قانون م ج.
وفضال عن ذلك يتمتع ضباط الشرطة القضائية بسلطات معاينة الجرائم الماسة بالمعطيات
ذات الطابع الشخص ي وحجزالمعدات واألدوات المستعملة في ارتكابها.831
وبالتالي فإن ضباط الشرطة القضائية يتمتعون في إطار البحث عن الجرائم الماسة
بالمعطيات الشخصية بكافة السلطات الممنوحة لهم بموجب قانون المسطرة الجنائية،
باإلضافة إلى ضرورة توفرهم على كفاءة وتكوين خاص يتناسب والطبيعة الخاصة والتقنية
لهذه الجرائم ،832وال شك أن خصوصية هذه الجرائم أمام قلة الموارد البشرية المؤهلة
والمؤطرة ،كان دافعا أساسيا إلسناد مهمة البحث والتحري إلى أشخاص آخرين ،هم أعوان
اللجنة الوطنية.833
تسند مهمة البحث والتحري عن الجرائم المنصوص عليها في القانون 80.80كما أشرنا
سابقا إلى كل من ضباط الشرطة القضائية إضافة ألعوان الشرطة القضائية المؤهلين لهذا
الغرض.
ويمارس هؤالء األعوان البحث والمعاينة ،حسب الشروط وضمن الحدود المنصوص
عليها طبقا لقانون المسطرة الجنائية فيما يتعلق بمهام الشرطة القضائية كما نصت على ذلك
المادة 50من قانون المسطرة الجنائية" :يمارس موظفو وأعوان اإلدارات والمر افق العمومية
الذين تسند إليهم بعض مهام الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة ،هذه المهام حسب
الشروط وضمن الحدود المبينة في هذه النصوص".
ويلزم هؤالء األعوان أن يكونوا مفوضين للقيام بمهام البحث والمعاينة من قبل رئيس
اللجنة الوطنية وأن يعملوا تحت سلطته ،طبقا لما نصت عليه المادة 33من المرسوم
التطبيقي للقانون ،80.80كما يلزم أن تكون عملية المر اقبة التي يقوم بها هؤالء موضوع قرار
اللجنة الوطنية ،ويتوجب أن يتضمن هذا القرار البيانات المنصوص عليها في المادة 30من
نفس المرسوم والمتمثلة في:
وبناء على ذلك فإن كل عملية مر اقبة يقوم بها أعوان اللجنة الوطنية في غياب قرار من
اللجنة الوطنية تعد باطلة ،ولو أسفرت هذه العملية عن ضبط ملخالفات أحكام قانون ،80.80
وقد ألزمت المادة 30من المرسوم التطبيقي هؤالء األعوان بضرورة تقديم وثيقة تكليفهم
بالمهمة ،وأن يثبتوا عند الضرورة أهليتهم لمباشرة تلك المر اقبة.
وباإلضافة الى توفر هؤالء األعوان على قرار للجنة الوطنية ،فإنه في حالة إجراء العون
المفوض عملية مر اقبة لدى مؤسسة معينة ،فإنه يلزم أن ال يكون هذا األخيرقد سبق له داخل
الخمس سنوات الما ضية ،أن أشرف على هذه المؤسسة أو حصل منها على منفعة مباشرة أو
مارس فيها وظائف معينة ،أو نشاطا مهنيا أو انتدب انتخابيا.834
وقد استوجبت المادة 30من المرسوم التطبيقي للقانون ،80.80قبل إجراء أية عملية
مر اقبة ضرورة إشعار وكيل الملك الذي يرجع إليه االختصاص الترابي بشأن هذه العملية،
وذلك قبل أربع وعشرين ساعة على األكثر من التاريخ املحدد إلجراء المر اقبة في عين المكان،
ويلزم أن يتضمن اإلشعارتاريخ وساعة ومكان وموضوع المر اقبة.
كما يتمتع األعوان في إطار القيام بمهام التحري والبحث ،بسلطة المطالبة بالولوج إلى
املحال التي تجرى فيها المعالجة ،وكذا تجميع جميع المعلومات والوثائق الضرورية للقيام
بمهام المر اقبة والمطالبة بها ،835ويتعين على هؤالء األعوان تطبيقا للمادة 33من قانون 80.80
أن يحرروا محاضر بشأن كل عملية مر اقبة يقومون بها ،ويلزم تضمين هذا املحضر طبيعة
عملية المر اقبة ويوم وساعة ومكان إنجازها ،كما يجب أن يذكرفيه موضوع العملية ،وأعضاء
اللجنة الذين شاركوا فيها ،واألشخاص الذين تمت مقابلتهم ،وعند االقتضاء تصريحات
األشخاص الذين خضعوا لعملية المر اقبة ومطالب األعوان الذين قاموا بالمر اقبة،
والصعوبات التي واجهتهم ،وتلحق باملحضر مختلف نسخ المستندات والوثائق املحصل عليها
من قبل األعوان ،على أن يتم توقيع هذا املحضرمن قبل هؤالء وكذلك من طرف المسؤول عن
األماكن أو المعالجات أو كل شخص معين من قبل هذا األخير.836
ويتوجب توجيه املحاضر املحررة من قبل األعوان المفوضين بشأن عمليات البحث
والمعاينة إلى وكيل الملك املختص ،داخل أجل خمسة أيام الموالية النتهاء هذه العمليات.837
يتمتع األعوان المفوضين في إطار القيام بمهام البحث والمعاينة بإمكانية حجز كل
المعدات موضوع الجريمة ،لكن مع ضرورة الحصول على ترخيص بشأن ذلك من قبل وكيل
الملك ،حيث يلزم األعوان تقديم طلب الترخيص بذلك ،والذي يتم تضمينه كل عناصر
المعلومات التي يمكن أن تبررهذا الحجز ،كما أن األعوان يلزمهم القيام بالحجز ،تحت مر اقبة
وكيل الملك املختص الذي رخص به ،838ومن بين السلطات التي يتمتع بها كذلك األعوان
المفوضين أثناء القيام بعمليات المر اقبة ،إمكانية استدعاء كل شخص يمكنه أن يزودهم
بالمعلومات أوالتبريرات المفيدة في إنجازمهمة المر اقبة ،فضال عن إمكانية االستماع إليه كما
نصت على ذلك المادة 55من المرسوم التطبيقي لقانون ،80.80ويتوجب على األعوان أن
يوجهوا االستدعاء إلى الشخص المعني عن طريق رسالة مضمونة أو تسليمه إليه يدا ليد ،قبل
سبعة أيام على األقل من تاريخ االستماع ،وفي حالة امتناع الشخص عن الحضور يلزم أن يشار
في املحضر إلى هذا االمتناع ،ويجب تمتيع الشخص المستدعى بكافة حقوق الدفاع ،والسيما
حقه في اختارمستشارلمساعدته ،والذي يمكنه أن يكون محاميا.839
ويلزم ا ألعوان المفوضين بكتمان السر المنهي فيما يتعلق بالمهام المسندة إليهم وذلك
تحت طائلة العقوبات النصوص عليها في القانون الجنائي.840
يمكن تحريك الدعوى العمومية في إطار الجرائم المتصلة بمعالجة المعطيات ذات
الطابع الشخص ي ،إما من قبل النيابة العامة أو من طرف المتضررمن هذه الجرائم.
تملك النيابة العامة صالحية تحريك الدعوى العمومية فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة
باملخالفة ألحكام القانون 80.80حيث يمكن لوكيل الملك املختص ترابيا ،841إما تلقائيا أو بناء
على شكوى الطرف المتضرر أو استنادا لشكايات هذا األخير املحالة من قبل اللجنة الوطنية،
إقامة الدعوى العمومية بشأن الجرائم السالفة الذكر ،وذلك إما عن طريق استدعاء المتهم
للحضور بالجلسة ،أو من خالل اإلحالة الفورية للمتهم على املحكمة ،وفي كافة األحوال داخل
أجل ثالثة أيام دون سابق استدعاء ،بعد استنطاقه من طرف وكيل الملك أو نائبه ،وفق ما
نصت على ذلك المادة 02من قانون المسطرة الجنائية.
ويمكن لوكيل الملك بالنسبة لكل الجرائم المنصوص عليها في قانون 80.80باستثناء
الجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 05و 01من هذا القانون ،أن يضمن محضر الصلح
الحاصل بين المتضرر والمشتكى به ،وذلك قبل إقامة الدعوى العمومية ،بناء على طلب
أحدهها أو هما معا ،وفق مقتضيات المادة 23من قانون المسطرة الجنائية ،وال تخفى أهمية
هذه المسطرة بالنسبة لجرائم معالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي ،وتوقف هذه
المسطرة إقامة الدعوى العمومية من طرف وكيل الملك.
وإذا كانت المادة 1من قانون المسطرة الجنائية قد خولت حق إقامة الدعوى العمومية
باإلضافة إلى النيابة العامة إلى بعض الموظفين المكلفين بذلك ،وهو ما كرسته مجموعة من
القوانين الخاصة ،842فإن قانون 80.80لم يمنح ألعوان وموظفي اللجنة الوطنية الحق في
إقامة الدعوى العمومية ،فكل ما تتمتع به اللجنة الوطنية في هذا اإلطار هو صالحية إحالة
الشكايات التي تلقتها من الشخص المعني على وكيل الملك قصد إجراء المتابعة.
-841و ازرة العدل ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،ج األول ،الدعوى العمومية والسلطات المختصة بالتحري ،ط،1
مطبعة فضالة ،المحمدية .1886 ،ص .38
-842كما هو الشأن بالنسبة لمدونة الجمارك وظهير 38أكتوبر 3337المتعلق بحفظ الغابات واستغاللها.
ومن خالل هذا المقتض ى يتضح أن سلطة اإلحالة التي تتمتع بها اللجنة الوطنية تقتصر
على الشكايات التي تلقتها من الشخص المعني ،ومن تم فإن ذلك ال يشمل إمكانية إبالغ النيابة
العامة بكافة الجرائم التي تصل إلى علم اللجنة الوطنية باملخالفة لقانون ،80.80وذلك عكس
المشرع الفرنس ي الذي منح بموجب المادة 2/53من قانون 3000للجنة الوطنية للمعلوميات
والحريات صالحية إبالغ وكيل الجهورية بمختلف الجرائم التي تصل إلى علمها كما يمكن لهذه
اللجنة تقديم مالحظاتها.843
يملك المتضرر من جرائم المعالجة غير المشروعة للمعطيات ذات الطابع الشخص ي
الحق في إقامة الدعوى العمومية بشأن هذه الجرائم وذلك إذا أثبت أنه تضرر منها ،ويمكنه
إقامة الدعوى العمومية أمام هيئة الحكم فقط دون قاض ي التحقيق على اعتبار أن الجرائم
السالفة الذكر ال تقبل التحقيق ،وذلك عن طريق شكاية مدعمة بأسباب كافية ،ومتضمنة
لعرض األفعال المكونة للجريمة ومبلغ التعويض المطلوب واألسباب المبررة للطلب ،باإلضافة
إلى ذلك يلزم الطرف المدني أن ينصب نفسه مطالبا بالحق المدني ،وأن يودع بكتابة الضبط
المبلغ الالزم لمصاريف الدعوى داخل األجل املحدد من قبل املحكمة ،مع ضرورة اإليداع
بكتابة الضبط قبل بداية الجلسة ،أو أثنائها بين يدي الرئيس مذكرة مرفقة بوصل أداء الرسم
القضائي الجزافي.844
ولعل من المفيد أن نؤكد على أن الضرر الذي يمكن أن ينتج عن الجرائم الماسة
بالمعطيات ذات الطابع الشخص ي ،يبقى ذو طبيعة خاصة لكونه يتعلق بالكيان المعنوي
للشخص ،ويندرج هذا الضرر الناتج عن مخالفة القواعد المتعلقة بمعالجة المعطيات ذات
الطابع الشخص ي ضمن األضرارالناشئة عن انتهاك الحق في الحياة الخاصة للفرد ،ويشكل هذا
843 - - André LUCAS, Jean DEVEZE et Jean FRAYSSINET, droit de
l’informatique et de l’internet. Presses universitaires de France, Economica,
Paris 2001, p 250.
-844و ازرة العدل ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،م.س ،ص .11
النوع من التعويض موضع خالف فقهي ،حيث يرى جانب من الفقه ،845بأن المس بالحق في
الحياة الخاصة ال يخول المعتدى عليه الحق في التعويض لعدم تحقق ضرر ثابت عن فعل
االعتداء ،مادام الضررعنصرجوهري لتحديد التعويض ،وبالتالي فإن تخلف الضررفي االعتداء
على الحق في الحياة الخاصة ال يخول أي تعويض ،فكلما يملكه المعتدى عليه بالنسبة لهذا
الجانب من الفقه وقف االعتداء على حقه في الحياة الخاصة.
ومقابل هذا االتجاه هناك اتجاه راجح يرى بأن مجرد االعتداء على الحق في الحياة
الخاصة للفرد يعد مشكال للضرر ،مادام هذا الحق أصبح قائما بذاته في ظل تمتيعه بحماية
خاصة بموجب أغلب التشريعات 846والمواثيق الدولية واإلقليمية ،ومن ثم فإن الضرر يكون
هنا نتيجة حتمية لحالة الالمشروعية المترتبة عن فعل المعتدي ،وهذا يجعل كل انتهاك للحق
في الحياة الخاصة بمثابة ضرريخول لصاحب هذا الحق المطالبة بالتعويض ،وقد سارالقضاء
الفرنس ي في هذا االتجاه ضمن مجموعة من قراراته.847
الفقرة الثانية :إثبات الجرائم الماسة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي
تطرح مسألة إثبات الجرائم المنصوص عليها في قانون 80.80صعوبات كثيرة ،بالنظر
للطبيعة الخاصة لهذه الجرائم ،فاإلثبات في الميدان الرقمي عموما من األمور الصعبة
والشائكة وذلك راجع الى سرعة اختفائها و اندثارها ،إضافة لغياب الدليل المرئي الذي يعتبر
أساسا لهذه الصعوبة.848
-845خديجة عاشور ،الحماية القانونية للمقومات المادية والمعنوية لحقوق الشخصية اإلنسانية ،أطروحة لنيل دكتوراه
الدولة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس-أكدال ،الرباط،
س.ج ،1888-3333ص .108
-846فقد جاء في القرار عدد 336الصادر بتاريخ 128مارس 1831في الملف المدني عدد 1831/1/3/3028
ما يلي :التقاط صورة إشهارية للمدعية وهي تحمل إناء من النحاس بيدها اليسرى من أجل التعريف بنادي رياضي،
واستعمال نفس الصورة من طرف شركة متخصصة في صنع األواني البالستيكية ،يخولها حق مطالبة هذه األخيرة
بالتعويض عن الضرر المعنوي الناجم عن نشر الصورة بدون إدنها.
-847يونس تلمساني ،الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي ،م.س ،ص .323
-848الحسن بكار ،الطبيعة القانونية للجريمة المعلوماتية ،مجلة الملف ،ع ،37أكتوبر ،1838ص .310
ومن بين أهم وسائل اإلثبات في مجال الجرائم الماسة بالمعالجة اآللية للمعطيات
الشخصية نجد محاضر البحث المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية وأعوان اللجنة
الوطنية ،والخبرة التقنية.
أ -محاضرالبحث
يتعلق األمر هنا باملحاضر التي يقوم بتحريرها ضباط الشرطة القضائية وهم يمارسون
اختصاصهم األصيل ،ومحاضراألعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية.
تعد املحاضر من بين املحررات التي تشكل إحدى وسائل اإلثبات الجنائي إذا استجمعت
الشكليات المتطلبة قانونا.849
وتعد محاضر ضباط الشرطة القضائية من بين أهم وسائل إثبات جر ائم المعالجة غير
المشروعة للمعطيات ذات الطابع الشخص ي ،ويتعلق األمر هنا بمختلف املحاضر التي يلزم
هؤالء تحريرها بشأن كل العمليات التي يقومون بها بمناسبة بحثهم عن الجرائم الماسة
بمعالجة المعطيات الشخصية وجمع األدلة عنها.
وقد عرفت المادة 52من قانون المسطرة الجنائية املحضربكونه " ...الوثيقة المكتوبة
التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه ويضمنها ما عاينه وما تلقاه من
تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع الختصاصه".
وبخصوص حجية هذه املحاضرفإنها تخضع لمقتضيات المادة 508من قانون المسطرة
الجنائية على اعتبار أن كل هذه الجرائم تعد جنحا ،ومن ثم فإن املحاضر املحررة بشأنها يوثق
بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأية وسيلة من وسائل اإلثبات ،كما قضت بذلك المادة السالفة
الذكر ،وتقتصرحجية هذه املحاضرعلى الوقائع المادية التي أثبتها ضابط الشرطة القضائية،
ومن تم فهي ال تمتد إلى تقدير قيمتها الثبوتية التي تبقى خاضعة لمبدأ حرية القاض ي في تكوين
اقتناعه.850
محاضراألعوان المفوضين
باإلضافة إلى محاضرضباط الشرطة القضائية ،يمكن إثبات جرائم معالجة المعطيات
الشخصية عن طريق املحاضر املحررة من قبل األعوان المفوضين من قبل رئيس اللجنة
الوطنية والذين يعملون تحت سلطته ،ويتعلق األمر بمحاضر المر اقبة التي يحررها هؤالء
بمناسبة ممارستهم لمهمة بحث مخالفات أحكام قانون 80.80والنصوص المتخذة
لتطبيقه ،851إذ يتعين عليهم تحريرمحاضرعن مختلف العمليات التي يقومون بها ،في احترام تام
ملجموع البيانات المنصوص عليها في المادة 58من المرسوم التطبيقي لقانون 80.80تحت
طائلة عدم االعتداد بها وفق ما تنص عليه المادة 500من قانون المسطرة الجنائية.
وإذا كانت محاضر ضباط الشرطة القضائية تتوفر على حجية اإلثبات إلى أن يثبت
العكس بأي وسيلة من وسائل اإلثبات ،على اعتبارأن الجرائم الماسة بالمعالجة تعد جنحا،852
فإن حجية املحاضرالتي ينجزها أعوان اللجنة الوطنية ال توجد لها أي إشارة في القانون 80.80
أو مرسومه التطبيقي ،على عكس بعض النصوص الخاصة التي أشارت إلى حجية املحاضرالتي
يحررها الموظفون المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية ،كما هوالشأن بالنسبة للمحاضر
املحررة من قبل أعوان إدارة الجمارك أو أعوان إدارة المياه والغابات ،وهو ما يعني الرجوع إلى
القواعد العامة وبالتحديد المادة 508من ق م ج ،وبالتالي يمكن القول على غرارمحاضرضباط
الشرطة القضائية في الجنح ،أن محاضرأعوان اللجنة الوطنية -المكلفين ببعض مهام الشرطة
القضائية -يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل اإلثبات ،وهو أمر منطقي
-850محمد بازي ،االعتراف الجنائي في القانون المغربي ،د ارسة مقارنة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،عين الشق-الدار البيضاء ،دون سنة
النشر ،ص.181
-851المادة 36من المرسوم التطبيقي رقم 11831362للقانون .83180
-852المادة 138من ق م ج " :المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من
الجنح والمخالفات ،يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس باي وسيلة من وسائل اإلثبات ".
خاصة وأنهم أكثر خبرة وتكوينا وفهما في مجال حماية المعطيات الشخصية مقارنة بضباط
الشرطة القضائية.853
ب-الخبرة القضائية
ترتب عن التقدم العلمي والتكنولوجي ظهور صعوبات كبيرة فيما يتعلق بإثبات بعض
الجرائم والتي من بينها الجرائم المتصلة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخص ي ،لذلك
تحتل الخبرة أهمية كبيرة في إثباتها.
وقد عرف بعض الفقه 854الخبرة بكونها المعرفة المتخصصة في أحد العلوم الفنية ،أو
العلمية التي ال تتوفر لدى رجل القضاء أو املحقق ،من أجل الكشف عن دليل أو قرينة تفيد في
معرفة الحقيقة بشأن وقوع الجريمة ،أو نسبتها إلى المتهم أو تحديد مالمح شخصيته
اإلجرامية.855
وإذا كان للمحكمة كامل السلطة التقديرية في اللجوء إلى الخبرة من عدمه فيما يتعلق
بالجرائم الناشئة عن المعالجة اآللية غيرالمشروعة للمعطيات الشخصية ،فإن المالحظ من
الناحية العملية أن اللجوء لالستعانة بالخبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات يبقى ضرورة ال
محيد عنها ،إذ ال تخفى أهمية االسترشاد بخبراء اإلجرام المعلوماتي ،ويلزم املحكمة عند اختيار
الخبير في هذا املجال ضرورة األخذ باالعتبار اإلمكانات والقدرات العلمية والفنية في مجال
التخصص موضوع الخبرة وكذا الكفاءة الفنية المكتسبة من مجال الممارسة العملية.856
ونظرا لخصوصية الخبرة في الجرائم الماسة بالمعالجة ،فإن مهمة الخبير يجب أن
تتضمن وصفا لتركيب الحاسب وصناعته ونوع نظام التشغيل ،وكذا األجهزة الملحقة به،
وطبيعة بيئة الحاسب التي تتضمن تنظيم وتوزيع عمل المعالجة اآللية ،كما يجب أن ينصب
-853حسن الحافظي ،الحماية القانونية للمعطيات ذات الطابع الشخصي بين التشريع الوطني واالتفاقيات الدولية،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة موالي إسماعيل ،مكناس ،السنة الجامعية ،1830-1837
ص .370
-854محمد علي سالم الحلبي ،الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،ط ،3عمان
األردن ،1883 ،ص .111
-855رشيدة بوكر ،جرائم االعتداء على نظم المعالجة اآللية في التشريع الجزائري والمقارن ،ط ،3منشورات الحلبي
الحقوقية بيروت ،1831 ،ص .111
-856رضوان لمخيار ،الحماية الجنائية للمعطيات الشخصية المعالجة بطرق إلكترونية ،م.س ،ص .323
وصف الخبير على الموضع املحتمل ألدلة اإلثبات وشكلها ،ثم أثر التحقيق على المشاركين في
استخدام النظام من الناحية االقتصادية والمالية.857
وفضال عما سبق يلزم أن يبين الخبيركيفية عزل النظام المعلوماتي بدون أن يؤدي ذلك
إلى إتالف األدلة أوتدميرها أوإلحاق ضرربأجهزة هذا النظام ،وكيفية نقل أدلة اإلثبات إلى أوعية
دون تلف ،وأخيرا كيفية ترجمة األدلة في شكل مادي ،مثل تجسيدها على دعامات ورقية تسهل
مأمورية االطالع عليها من قبل املحكمة.858
وتعد اللجنة الوطنية لمر اقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخص ي من بين الجهات
المؤهلة إلجراء خبرة حول ارتكاب جرائم المعالجة غيرالمشروعة لهذه المعطيات ،طبقا للبند
الثاني من الفقرة الثانية من المادة 85950من القانون 80.80التي جعلت إجراء الخبرة من بين
اختصاصات اللجنة المذكورة وذلك بناء على طلب السلطات العمومية والسيما السلطات
القضائية.
وهكذا يمكن للمحكمة كلما ارتأت ضرورة إجراء خبرة فيما يتعلق بالجرائم المرتبطة
باملخالفة لقانون 80.80أن تلجأ إلى طلب خبرة اللجنة الوطنية فيما يتعلق بالعناصرالخاضعة
لتقديرهذه الخبرة.
وال تخفى أهمية الخبرة التي يمكن أن تنجزها اللجنة الوطنية ،على اعتبار أنها قد تكون
مؤهلة أكثر من غيرها إلجراء خبرة في النزاعات الناشئة عن تطبيق قانون 80.80ومرسومه
التطبيقي ومختلف النصوص األخرى المتعلقة بتطبيقه ،مع اإلشارة إلى أن الخبرة المنجزة من
قبلها تبقى خاضعة لمبدأ حرية القاض ي في تكوين اقتناعه طبقا لما تنص عليه المادة 503من
قانون المسطرة الجنائية.
الئحة المراجع:
يونس عرب ،موسوعة القانون وتقنية المعلومات ،دليل أمن المعلومات والخصوصية،
الجزء الثاني :الخصوصية وحماية البيانات في العصرالرقمي ،اتحاد المصارف العربية ،الطبعة
األولى.5885 ،
فهد وزاني الشاهدي ،الحق في حماية الحياة الخاصة أية حماية؟ ،مجلة المعيار ،العدد
.05
منى األشقر جبور و محمود جبور ،البيانات الشخصية و القوانين العربية الهم األمني و
حقوق األفراد ،المركزالعربي للبحوث القانونية و القضائية ،الطبعة األولى ،بيروت-لبنان.
يونس تلمساني ،الحماية الجنائية للمعطيات ذات الطابع الشخص ي ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة القاض ي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية مراكش ،السنة الجامعية .5880/5880
أسامة عبد الله قايد ،الحماية الجنائية للحياة الخاصة وبنوك المعلومات -دراسة
مقارنة ،-ط الثالثة ،دار النهضة العربية ،القاهرة.3002 ،
نائلة عادل محمد فريد قورة ،جرائم الحاسب اآللي االقتصادية ،دراسة نظرية
وتطبيقية ،ط ،3دارالنهضة العربية ،سنة .5882
شريف سيد كامل ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،دراسة مقارنة ،دارالنهضة
العربية ،ط ،3القاهرة.3000،
محمد بازي ،االعتراف الجنائي في القانون المغربي ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل دكتوراه
الدولة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن
الثاني ،عين الشق-الدارالبيضاء ،دون سنة النشر.
–
اعتبارا لذلك أعطت جل األنظمة الجنائية للقاض ي الزجري صالحية حصر العقوبة بين
حدها األقص ى واألدنى ،طبقا لقاعدة تفريد العقاب ،وإمكانية منح الظروف املخففة ،أووقف
تنفيذ العقوبة ،كما منحه صالحيات اختيارالعقوبات المناسبة والمستحقة من العقوبات التي
سنها المشرع الجنائي .860مما يفيد وضوحا أن القاض ي الزجري يتوفر على سلطة تقديرية
واسعة في تدبير العقوبة باعتماد المعايير املحددة في النص التجريمي والخاصة بالحدين األدنى
واألقص ى ،ومراعاة ظروف التشديد العينية أو الشخصية إن تو افرت.
إال أن الو اقع الحالي أظهرأن استغالل القاض ي الجنائي لمفهوم السلطة التقديرية عند
تحديد واختيار العقوبة و إفرادها أدى في كثير من األحيان إلى مشكلة اختالل التناسب عند
-860إدريس لكريني ،السلطة التقديرية للقاضي الزجري ،الطبعة األولى ،مطبعة فضالة ،الرباط ،4002 ،ص
1402
التقدير القضائي للعقوبة ،إضافة إلى تفش ي ظاهرة التضخم العقابي وتباينه في القضية
الواحدة ،مما عجل بضرورة المناداة بتوحيد معايير التقدير القضائي للعقوبات على مستوى
الممارسة ،وتفعيل دورالرقابة القضائية على أحكام قضاة الدرجة الدنيا.861
ولإلحاطة بهذه اإلشكاالت سنتناول في هذه الدراسة انعكاسات غياب مبدأ التناسب
القضائي (المبحث األول) ،قبل أن نتطرق لنطاق رقابة محكمة النقض على قاض ي الموضوع
الجنائي في اختياروتقديرالعقوبة(المبحث الثاني).
المبحث األول :انعكاسات غياب مبدأ التناسب عند التفرد القضائي للعقوبة.
تعد سلطة القاض ي التقديرية مقصودا هي سلطته في التقويم والتقدير ،سواء كانت
متعلقة بتقدير األدلة أو البراءة أي السلطة التي تمكن القاض ي من الحكم بقدرته على التقدير
والتقييم والقياس .862أو بتعبير أدق سلطة القاض ي الجنائي في التوفيق والموازنة أساسا بين
المصالح المتعارضة بما فيها مصلحة الفرد في املحافظة على حقوقه وحرياته ،ومصلحة الدولة
في صون كيانها ونظامها .863واعتبارا لذلك فإن مجال السلطة التقديرية للقاض ي الزجري:
يشمل شقين :أولهما يقترن بقناعاته في تقدير وسائل اإلثبات المعروضة أمامه لتكوين قناعته
الصميمة حول نسبة الجرم إلى المتهم أو براءته منها .والثاني يتعلق بتقديرالعقوبة المناسبة له
في إطارالفريد القضائي للعقاب .وهو ما يهمنا حاليا.
وإذا كانت فكرة تفريد العقاب ال يثير أي إشكاالت من الناحية النظرية الصرفة ،إذ أن
القاض ي الجنائي يمتلك سلطة في تقدير العقوبة وتفريدها في نطاق الحدين األدنى واألقص ى
المقررين في القانون مراعيا في ذلك خطورة السلوك اإلجرامي وشخصية الجاني وظروفه
(الفصل 323من القانون الجنائي) ،إال أنه في المقابل فإن الممارسة القضائية أفرزت تفاوتا
-861من الفقه من يرى وعن حق أن توجهات محكمة النقض في توحيد االجتهادات القضائية مهم لتطبيق أهداف
السياسة الجنائية ،من حيث توجيه القضاء إلى تالفي االختالفات الشاذة 1على أن مقررات النقض تبقى ذات قيمة
وإن كانت تعبر عن آراء قضاتها الشخصية ،في مناقشة سالمة أو عيب السياسة الجنائية القضائية التي تنهجها
المحاكم الزجرية ومحكمة النقض1
-عبد الرحيم صدقي ،السياسة الجنائية في العالم المعاصر ،القاهرة ،مصر ،8917 ،ص 1802
- 862عبد الله الفاصل عيسى ،السلطة التقديرية نظرا وتطبيقا دراسة تأصيلية مقارنة ،مقال منشور بالموقع
االلكتروني http://arabslowyer.com/articleتاريخ االطالع 4040/9/40على الساعة الثانية
والنصف زواال1
-863فهد الكساسبة ،وسائل وضوابط السلطة التقديرية للقاضي الجزائي في التفريد العقابي ،مقال منشور بمجلة
علوم الشريعة والقانون ،مج ،24ع ،4082 18ص 1339
من محكمة إلى أخر ومن قاض إلى أخر وحسب ظروف كل قضية على حدا ،وكذا تبعا لتباين
طبائع أو أمزجة وقناعات قضاة األحكام الزجرية.864
وتجسيدا لمنطق اتساع هامش السلطة التقديرية المسموح بها للقاض ي الزجري في
تفريد العقوبة وتقديرها ،وما لذلك من أثارهامة على تنزيل سياسة العقاب ،تضمن المؤتمرين
الدوليين السابع والثامن لقانون العقوبات ،865وكذلك مؤتمراألمم المتحدة الخامس لمكافحة
الجريمة ومعاملة املجرمين المنعقد في جنيف سنة 3000توصيات بهذا الشأن منها:
-أن السياسة الجنائية العصرية في تفريد العقاب تفترض ضرورة منح القاض ي سلطة
تقديرية واسعة في تقدير العناصر املختلفة للدعوى ،أساسا فيما يتعلق بتقدير األدلة
و إثبات اإلدانة ،وتحديد واختيارالعقوبات والتدابيرالوقائية.
-كون مبدأ قانونية الجرائم والعقوبات الذي هو الضمانة الجوهرية للحريات الفردية ال
يمكن أن يحول دون منح القاض ي الجنائي سلطة التفريد للعقاب.
-ولتفعيل السلطة التقديرية المقررة للقاض ي الزجري يجب أن يضع القانون رهن إمرته
مجموعة متنوعة ومتعددة من العقوبات والتدابير الوقائية ،حتى يتسنى له اختيار
وتقديرالعقوبة المستحقة أو التدبيرالمناسب والمالئم.
-864سهيلة بوزالفة ،مبدأ عدم اإلفالت من العقاب ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة
سيدي محمد بن عبد الله ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،فاس ،4081/4087 ،ص 1432
-865المؤتمر السابع المنعقد في أثينا خالل الفترة الممتدة ما بين 42سبتمبر إلى غاية 4أكتوبر 8927والمؤتمر
الثاني الذي انعقد في لشبونة إبان الفترة ما بين 48و 47شتنبر عام 18928
حدها األعلى ،أو الحكم بدال عنها ،أو إضافة عقوبة أخرى إليها -أخذ بعين االعتبارتوجه المشرع
الجنائي -وفي ذلك إتاحة السبيل الستعمال أصوب للسلطة التقديرية مراعاة للظروف
الو اقعية ومعالجة للنقص التشريعي وتطويرا للقانون.
والمالحظ أن الظروف املخففة بمعناها الواسع ،إما أن تكون ظروف قضائية يقدرها
القاض ي في كل حالة على حدة ويترخص في إعمالها وإغفالها .وإما أن تكون ظروف يقدرها
المشرع ذاته ويترتب عليها آثارها ،ويطلق عليها األعذار القانونية ،وهذه األخيرة تكفل المشرع
بتحديدها حصرا ،وإلزام القاض ي بالتخفيف عند توفرها .بينما لم يحدد الظروف القضائية
املخففة ،وترك للقاض ي سلطة استخالصه ما يعتبر مبررا لتخفيف العقوبة ،مما جعل
التخفيف تفريدا قضائي جوازي في هذه الحالة واألعذار القانونية خالف ذلك وسيلة للتفريد
التشريعي.
والحقيقة أن المشرع الجنائي أعطى للقضاء الجنائي سلطة تقديرية في اختيار وتحديد
العقوبة وتفريدها ،ومن تم مكنه بطريقة غير مباشرة من صالحيات واسعة في تطبيق السياسة
العقابية ،866حيث يصطلح على هذا االمتياز في التشريع الجنائي بالقناعة اليقينية لقاض ي
الموضوع الزجري .غيرأنه من الموضوعية بما كان أن يبرزنقاش لحض ي حول مدى شروط نضج
هذه القناعة بالنسبة للقضاء الزجري العربي عموما؟ ،والقضاء الجنائي المغربي على وجه
الخصوص867؟.
وجوابا على التساؤل الحظ جانب من الفقه الجنائي ،بأن القاض ي الزجري في أغلب
الحاالت ال يتوفرعلى تكوين مثالي في مجال اختياروتحديد العقوبة،868إذ استحضرنا الخصاص
المهول للقضاة أمام الكم الهائل من القضايا الزجرية التي تعج بها املحاكم والتي تثقل كاهل
القضاة ،إضافة إلى غياب تخصص القاض ي الجنائي منذ تكوينه ،ومنه فلكي توصف العقوبة
-866أعطى المشرع المغربي للقاضي الجنائي إمكانية المؤاخذة بعقوبة مخففة أو مشددة حسب األحوال كلما ثبت
لديه واحد أو أكثر من األعذار القانونية المخفضة للعقوبة أو أحد أو أكثر الظروف المشددة المقررة في القانون1
وقد نصت الفصول من 822إلى 828من القانون الجنائي على هذه األعذار وظروف التخفيف ،بينما نص
الفصل 823من القانون الجنائي على ظروف التشديد بقوله ،يحدد القانون ظروف التشديد المتعلقة بجنايات أو
جنح معينة ،كما نص في الفصل 824قبله على أنه ،تشديد العقوبة المقررة في القانون بالنسبة لبعض الجرائم،
ينتج عن ظروف متعلقة بارتكاب الجريمة أو بإجرام المتهم،
-867موالي الحسن اإلدريسي ،السياسة العقابية بالمغرب التحديات واإلصالحات ،أطروحة لنيل الدكتوراة في
القانون الخاص كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال الموسم الجامعي ،4081-4087ص 1823
868-Michel Jean aout, La politique pénale au Maroc, T 2, p 26.
بأنها مستحقة من جهة وعادلة محققة ألهداف التناسب المتوخاة منها .فيجب على القاض ي
الزجري أن يكون متملكا لمقومات ومهارات الفن القضائي الزجري -إن صح التعبير -متشبعا
بمبادئ الفكرالحديث للسياسة القضائية الجنائية ،ومكتسبا للتكوين المطلوب في هذا املجال
متوفرعلى الملكات واآلليات التقنية والفنية لتيهئ ملف متكامل عن الجاني ودو افعه اإلجرامية
وملزما عند تحديد العقوبة أوالتدابيرالوقائية في أحكامه أن تكون معللة بشكل واضح وكاف.869
واألكيد أن و اقع الممارسة القضائية تتباين بصدد اختيار وتقدير العقوبة في نفس
الوقائع المعروضة وظروفها بين محكمة وأخرى كما قلنا ،بل وحتى بين هيئة وأخرى داخل نفس
املحكمة ،بحيث تكون إحداهما مبالغة في العقوبة إلى حد التشدد ،واألخرى تتصف بالر أفة
والتخفيف حسب قناعات القاض ي وشخصيته وبناءه النفس ي وخبراته المهنية في استخدام
سلطته ،مما يوحي للباحث في كثير من األحيان غياب الحكمة من وراء هذا التو افق واختالف
التناسب والتو افق بين األحكام والقرارات ،لذلك نعتقد أن سلطة القاض ي الجنائي في تقدير
العقوبة ليست سلطة متعسفة ،و إنما يجب أن تمارس في سياق المشروعية و طبقا لمبادئ
القانون الطبيعي والعدالة التي تضمن عدم التحكم ،تالفيا للتشدد فتهدرحقوق األفراد وتفقد
المواطن ثقته في العقوبة السالبة للحرية ،أو تتراخى األحكام عن أهداف وأغراض الجزاء فنكون
أمام ظاهرة اإلفالت من العقاب أو تكديس السجون بالعقوبات غير النفعية سالبة للحرية
قصيرة المدة .870وفي هذا الصدد ،نادى جانب من الفقه بضرورة العمل على توحيد معايير
التقدير عند القاض ي الزجري بمناسبة تفريده العقوبة في مختلف مراحل املحاكمة وااللتزام
بعناصره محددة يجب مراعاتها عند إصدار األحكام القاضية بالعقوبة أو التدابير الوقائية،871
وأن توضح في البناء المنطقي لألحكام عند تعليلها.
من ناحية أخرى ،فإن المسألة تدق كذلك عندما يطرح تساؤال ال يقل أهمية عن سابقه
عما إذا كانت مهمة القاض ي الجنائي ودوره الفاعل في إطار تطبيق السياسة الجنائية تبيح له
إمكانية تجاوز حدود التشريع بحجة العقوبة المبررة ،إلهدار القيمة القانونية ومبدأ شرعية
-869األمن القضائي وجودة األحكام جمعية عدالة بشراكة مع FRIEDRICH EBERT ST/ PTUNG
األلمانية مطبعة دار القلم ،الرباط ،4083 ،ص 1802
-870أكرم نشأت إبراهيم ،الحدود القانونية لسلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة ،اإلسكندرية ،4004،ص
11-7
-871لقد اعتبر جانب من الفقه أن عملية إصدار األحكام من أشد العمليات الفنية تعقيدا ،ألن نتائجها المباشرة وغير
المباشرة يتجاوز المحكوم عليه لتمتد إلى الضحية ونظام العدالة الجنائية برمته1أنظر:
-علوي جعفر ،عجوزات مرافق العدالة الجنائية ،بعض التجليات وسبل المعالجة ،المرجع السابق ،ص 128
النص التشريعي الجنائي؟ ؛فالو اقع يؤكد أن هذه الفكرة كان لها دور ووجود في الممارسة
القضائية ،ذلك أن أبرزمفاتيح السياسة الجنائية أتت من جانب التطبيق القضائي ،نذكر منها
نظرية الظروف املخففة ونظرية العقوبة المبررة ،La Peine Justifiéeحيث أن التنوعات
الموجودة داخل "الظروف" تسمح للقاض ي الجنائي باختيار موقفا ما وفق سياسة جنائية
معينة ،وفي بعض األحيان يؤكد جانب من الفقه أنه من السهل االهتداء إلى السياسة الجنائية
التي ينتهجها القاض ي الزجري .وفي أحيان أخرى ال يكون األمر كذلك .ويصعب اكتشاف توجه
القاض ي وفكر السياسة الجنائية الذي تأثر به إن كان أصال متأثرا بفكر حداثي ،872وعند
اكتشاف الحكمة وراء أحكام القضاء الزجري تكون مبررة تبريرا منطقيا ،وبالتالي يسلم من
انتقادات شراح القانون الجنائي ،لكن في حالة التي يكون وراء القاض ي سياسة جنائية مفروضة
تلزمه بان يسلكها في قراراته وأحكامه ومثاله القرارات المرتبطة بجرائم اإلرهاب ،وبعض
الجرائم المرتبطة بالرأي العام والتي إن تأثرت بها يحدث مساسا بمبدأ الشرعية.
إن االعتراف بوجود السلطة التقديرية الموكلة بالقاض ي الزجري في مجال اختياروتقدير
العقوبة مسالة في غاية من األهمية ،ذلك أنه ليس باستطاعة الشارع الجنائي أن يلم بكل
األنماط التي يمكن أن يظهر عليها السلوك اإلجرامي لإلنسان الذي يشكل ضررا على المصالح
محل الحماية القانونية فالقاض ي الزجري متروك له أمر تقدير مدى تو افر عناصر الجريمة من
حيث أركانها المادية والمعنوية874؛ وتقتض ي العدالة أن يكون هناك تناسب بين ما يفرضه
القاض ي الزجري من عقوبة وبينما يتمتع به المتهم من حرية في االختيار و اقتراف للجرم ،تبعا
لتباين الظروف االجتماعية والنفسية واالقتصادية ،فباستثناء العقوبات ذات الحد الواحد
كاإلعدام والسجن المؤبد ،نجد القاض ي يملك سلطة تقديرالعقوبة بين الحدين األعلى واألدنى،
-872عبد الرحيم صدقي ،السياسة الجنائية في العالم المعاصر ،المرجع السابق ،ص 1802-802
-873حاتم حسن موسى بكار ،سلطة القاضي الجنائي في تقدير العقوبة والتدابير ،منشأة اإلسكندرية ،4004ص
1222 -222
-874يمكن اعتبار السلطة التقديرية للقاضي الجنائي تنحصر في الموازنة بين المصالح المتعارضة ،مصلحة الفرد
في المحافظة على حقوقه وحرياته ،ومصلحة المجتمع في صون أمنه ونظامه ،وهذا ما ينبغي أن يستحضره القاضي
الجزائي عند النظر في الواقعة الجنائية ،ويمكنه االستعانة بكافة الوسائل التي من شأنها أن تعينه على تشكيل اقتناعه
الوجداني ،والوصول إلى الحقيقة وتطبيق العقوبة المناسبة 1انظر
-منصور أسحق إبراهيم ،ممارسة السلطة وآثارها في العقوبات ،دار الرائد للطباعة ،القاهرة ،8912ص177
وال يعد تحديد المشرع للعقوبة على هذا النحو ومنح سلطة تقديرية للقاض ي إهدارا لمبدأ
الشرعية الجنائية،
و بالرغم من منح المشرع القاض ي الجنائي سلطة تقديرية في تحديد الجزاء المالئم،إال
أن هذا ال يعني تحكم القاض ي وعدم خضوعه مطلقا لرقابة محكمة النقض بل يتوجب عليه أن
يمارس سلطته التقديرية ضمن النطاق والشروط التي حددها القانون الجنائي ،وهو خاضع في
ذلك ملحكمة النقض ،فقد تضمن المؤتمرالدولي لقانون العقوبات في دورته السابعة المنعقدة
بأثينا سنة 3003توصية تفيد أن مبدأ قانونية التجريم والعقاب ال يتعارض مع منح القضاء
سلطة تقديرية موسعة لتحقيق غايات السياسة العقابية الحديثة في تفريد العقاب ،875غيرأن
هذه السلطة التقديرية ال يجب أن تعتبر سلطة تحكمية ،إنما يجب أن تمارس في نطاق قانوني
يتفق مع المبادئ األساسية التي يؤمن بها المشرع .و أنه يستحسن أن يستعين القاض ي عند
مباشرة هذه السلطة التقديرية بمبادئ قانونية محددة يطبقها على الحاالت الموضوعية التي
تعرض عليه.876
وطالما أن ميدان السلطة التقديرية للقاض ي الزجري :يشمل مجالين :أولهما يتعلق
بتقدير قيمة أدلة اإلثبات إعماال لفكرة حرية القاض ي في تكوين اقتناعه كأحد المقومات
الرئيسية للعملية القضائية ،حيث يملك قاض ي الموضوع سلطة تقديرية في قبول أورد أوترجيح
األدلة ،واملجال الثاني :يقترن باختيار العقوبة المستحقة للجاني في إطار تفريد العقاب ،وال
سيادة لرقابة محكمة النقض إال على الشق القانوني للدعوى الجنائي ،أما جانب الو اقع فيخرج
من نطاق رقابتها إال ما اقترن بمر اقبة مدى اعتماد قاض ي الموضوع للمنطق القضائي لتسبيب
األحكام والذي بنى عليه اقتناعه ،877تطبيقا للقاعدة الراسخة فقهيا أن محكمة النقض ال
تبسط رقابتها على قضاء الموضوع ،لماذا اقتنع بل تر اقب بماذا اقتنع؟ ،وألن التميزبين الو اقع
والقانون والمعايير مثار جدل إجرائي لم يتم الحسم فيه بعد،ومنها إشكالية ما إذا كان تقدير
-875لقد اعتبر أحد الباحثين أن من واجب القاضي الجنائي أن يقارب عدله قدر اإلمكان لما يرى اإلنصاف عن
أجل الوصول إلى أحكام جنائية عادلة تقنع الخصوم والرأي العام ،وتأمين عدالة جنائية تكمن سالمة األحكام
الصادرة خصوصا األحكام القاضية باإلدانة والتي يجب أن تكون منطقية وعقالنية ،تقترن من الحقيقة1
-انظر ،مستاري عادل ،المنطق القضائي ودوره في ضمان سالمة الحكم الجزائي ،رسالة دكتوراة فرع القانون
الجنائي جامعة محمد حيضرة بسكرة الجزائر ،4088-4080 ،ص (أ)1
-876عادل عزر ،النظرية العامة في ظروف الجريمة ،أطروحة لنيل درجة الدكتورة جامعة القاهرة،8927 ،
ص 1220
-877أحمد فتحي سرور ،النقض الجنائي ،دار الشروق ،مصر ،4003 ،ص 1492
وتزداد حدة الخالف العقوبة مسألة و اقع صرف؟ أم يختلط فيها الو اقع بالقانون؟
عند عدم تحديد محكمة النقض لمعايير ضابطة للتفرقة بين ما هو من مسائل الو اقع فيخرج
عن رقابتها أو من مسائل القانون فتخضعها للرقابة ،878مما يؤدي حتما إلى عدم إدراك قاض ي
الموضوع حدود سلطته التقديرية باعتبار أن هذه األخيرة هي القطاع الحيوي للقاض ي الذي
يمكن أن يمارس فيه مبدأ حرية االقتناع.879
وفي هذا السياق ،تبنت محكمة العليا المصرية حديثا مبدأ قضائيا جديدا بشأن سلطتها
في الرقابة على األحكام الصادرة من املحاكم الجنائية ،وبالتحديد فيما يتعلق بسلطة تقدير
العقوبة ،وذلك في قرارها الصادرفي 38يوليوز ،5830حيث بسطت محكمة النقض رقابتها على
تقديرمحكمة الموضوع للعقوبة في القضية المعروفة إعالميا ب "أحداث كرداسة" وقد عللت
قرراها بكون تقدير محكمة الموضوع للعقوبة ال يعدوأن يكون خاتمة مطاف الموضوع
ومحطته النهائية .فمن غير المقبول عقال ومنطقا أن يبقى تقدير العقوبة بمنأى عن رقابة
محكمة النقض ،دون حاجة لنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظرموضوعه.880
وبالرجوع االتجاه محكمة النقض بالمغرب وقبلها املجلس األعلى نالحظ أن المستقر
عليه أن تقدير العقوبة من المسائل التي يختص بالنظر فيها قاض ي الموضوع وال حق ملحكمة
النقض أن تلتفت إليها أو تبسط رقابتها عليها ،وبذلك فإن نطاق الظروف املخففة والتي ترك
-878أنظر بتفصيل في محاولة تحديد معايير التمييز بين الواقع والقانون ،أحمد مليجي ،أوجه الطعن بالنقض
المتصلة بواقع الدعوى ،الطبعة الثانية ،دار النهضة العربية ،ص 128ومستاري عادل ،المنطق القضائي ودوره
في ضمان سالمة الحكم الجزائي ،المرجع السابق ،ص 824وما بعدها1
-879حرية اقتناع القاضي أو عقيدة القاضي الجنائي هي انطباع أكيد يتولد لدى القاضي نتيجة عملية علمية ذهنية
ومنطقية تختلج في نفس وضمير القاضي تحت تأثير ما يعرض عليه من وقائع ،وما ينطبع في وجدانه من تصورات
ونماذج للحقيقة الواقعية ،فيصل في نهاية تلك العملية إما إلى إذعان حاد وتسليم ،وبتعبير آخر ،هي السلطة المنضبطة
في التعامل مع وقائع وأطراف الدعوى الجنائية المحملة إلى القاضي الجنائي ،في استخدام األدوات القانونية المقررة
أو المتاحة عن طريق االستدالل المنطقي باعتبارها المواد األولية لتكوين قناعة ورأي يقيني بإدانة المتهم أو ببراءته
من مخالفة القانون المنسوب إليه ،وبعدم قبول الدعوى ضده أو عدم اختصاصه لنظرها أو غير ذلك 1يراجع للمزيد
من التفصيل في تعريف معنى حرية اقتناع القاضي الجنائي وعقيدته- :كمال عبد الواحد الجوهري ،ضوابط حرية
القاضي الجنائي في تكوين اقتناعه والمحاكمة الجنائية العادلة ،وأوجه أسباب في األحكام الصادرة باإلدانة وفق
أحكام القوانين المصري والكويتي وقضاء محكمتي النقض والتمييز ،الطبعة األولى ،المركز القومي لإلصدارات
القانونية ،مصر ،4082 ،ص 47وما بعدها1
-880وتعود وقائع القرار إلى أن مجموعة من المهتمين المتابعين على خلفية القضية المعروفة إعالميا بأحداث
كدراسة تهم القتل العمد وتخريب المباني والمصالح الحكومية والتجهيزات في منطقة كرداسة ،وصدر حكم جنائي
على المهتمين باإلعدام وفي سنة 4081طعن المتهمين بواسطة دفاعهم بالنقض ،وبعد المداولة قضت محكمة
النقض المصرية بدورها بتعديل الحكم المطعون فيه وإلغاء عقوبة اإلعدام ،واالكتفاء بالسجن المؤبد1طعن رقم
83342لسنة 11قضائية محكمة النقض -الدائرة الجنائية -جلسة 80يونيو 4089وأورده أحمد صالح،
محكمة النقض تفرض رقابتها في تقدير العقوبة :اجتهاد بمبدأ للحد من عقوبة اإلعدام أم اجتهاد معزول؟
hppt//wwwlegal.agender.comاطلع بتاريخ 404822287الساعة 88282صباحا1
أمرها لقاض ي الموضوع الذي له سلطة إعمالها أو إهمالها حسب ما يطمئن إليه من خالل
ظروف الجريمة وشخصية مرتكبها فاألمر جوازي للقاض ي،881بخالف نظام األعذار املخففة
للعقوبة التي يفرض القانون فيها على القاض ي بأن يخفف العقوبة عند توفرها ألنها وسيلة
للتفريد القانوني.
بينما يعتبر تقدير ظروف التشديد ووجودها من عدمه مسألة موضوع ال رقابة ملحكمة
القانون عليها إال في حدودها العامة ،أما تحديدا الظروف القانونية المشددة و أثرها في العقوبة
أو في وصف الو اقعة المادية للجرم وتطبيقها على المتهم ،فتعد من األمور المشمولة برقابة
النقض ،وهوما كرسته محكمة النقض في اجتهاداتها المتواترة نذكر منها القرار عدد 0/000
بتاريخ ،0/0/5830الذي اعتبر القرار االستئنافي مشوبا بعيب نقص التعليل لعدم تبريرها
لألسباب القانونية وعناصراستخالص ظروف تشديد ،وهو ما يعرضه للنقض واإلبطال.882
وفي هذا السياق ،فإن استخدام الظروف املخففة التقديرية أو وقف تنفيذ العقوبة
يخضع لرقابة محكمة النقض ،أما إذا لم تستخدم ظروف املخففة ولم يتم منح وقف التنفيذ
فال تخضع بذلك لرقابة النقض .وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار صادر عنها بتاريخ
5830.3.30حينما اعتبرت أن ما ذهبت إليه محكمة الموضوع من جعل العقوبة نافذة في جزء
منها وموقوفة في الباقي دون ما تعليل بشأن وقف التنفيذ ال ينسجم والمقتضيات القانونية
الواجبة التطبيق وخصوصا الفصول 33و 00و 323و 320وما يليه من القانون الجنائي والمادة
210من قانون المسطرة الجنائية إذ أنه وطبقا لمقتضيات الفصول والمادة أعاله فإنه من غير
الممكن وقف تنفيذ العقوبة جنائية ،وال يمكن العدول عن عقوبتها إال إذ تو افرت ظروف
قضائية مخففة من شأنها أن تنزل بالعقوبة السجنية عن حدها األدنى وتسمح بالتالي بتطبيق
عقوبة حبسية قد ينتج عنها تمتيع المتهم بوقف التنفيذ عند عدم وجود نص خاص يمنع ذلك
تطبيقا للمادة 210قانون المسطرة الجنائية التي تمنح لغرفة الجنايات أن تنظرعند االقتضاء
في تمتيع المتهمين بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا تبين لها أن الظروف متو افرة في املحكوم عليه وأن
العقوبة التي انتهت إليها هي عقوبة حبسية ال سجنية ،مما جاء القرار المطعون فيه خارقا
للقانون وفاسدا يعرضه للنقض واإلبطال.883
هكذا يتضح ختاما أن اتساع هامش سلطة التقدير الممنوحة للقضاة في تفريد العقاب
في أنظمة جنائية مقارنة يوحي بال محدودية نطاق الصالحيات التقديرية في استخدام العقوبة
دون تعقيب أو رقابة من محاكم النقض إال في حدود ضيقة ،في ظل غياب معايير قضائية
مضبوطة وموحدة قد أثر بال شك سلبا ال إيجابا على السياسة القضائية الجنائية وتحديدا في
األنظمة املخلصة للمذاهب التقليدية ،هذه الحدة يظهر لنا أنها تخف في األنظمة الجنائية
األنجلوسكسونية التي وأن أعطت مجاال واسعا للقاض ي في إعمال سلطته التقديرية في تقدير
العقوبة وأحيان أخرى تتجاوزصالبة مبدأ الشرعية بتليينه ،إال أنها تمارس في إطارمن التناسب
بين الجرم ورد الفعل العقابي وتحت رقابة املحكمة العليا،وهي تجربة نرى أن تقتدي بها
الممارسة القضائية في بالدنا ،على أن تؤطرإشكالية التقديرالعقابي ،ومعاييره ،وحدود امتداد
الرقابة باجتهادات قضائية ملحكمة النقض توحيدا للعمل القضائي ،في انتظار تدخل تشريعي
يرفع البس ويحدد نطاق السلطة التقديرية لقاض ي الموضوع الجنائي.
الئحة المراجع:
إدريس لكريني ،السلطة التقديرية للقاض ي الزجري ،الطبعة األولى ،مطبعة فضالة،
الرباط.5882 ،
عبد الرحيم صدقي ،السياسة الجنائية في العالم المعاصر ،القاهرة ،مصر.3000 ،
عبد الله الفاصل عيس ى ،السلطة التقديرية نظرا وتطبيقا دراسة تأصيلية مقارنة ،مقال
منشوربالموقع االلكتروني http://arabslowyer.com/articleتاريخ االطالع 5858/0/58على
الساعة الثانية والنصف زواال.
سهيلة بوزالفة ،مبدأ عدم اإلفالت من العقاب ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في
القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن عبد الله ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،فاس.5830/5830 ،
أكرم نشأت إبراهيم ،الحدود القانونية لسلطة القاض ي الجنائي في تقدير العقوبة،
اإلسكندرية.5885،
حاتم حسن موس ى بكار ،سلطة القاض ي الجنائي في تقدير العقوبة والتدابير ،منشأة
اإلسكندرية .5885
منصور أسحق إبراهيم ،ممارسة السلطة و آثارها في العقوبات ،دار الر ائد للطباعة،
القاهرة .3002
مستاري عادل ،المنطق القضائي ودوره في ضمان سالمة الحكم الجزائي ،رسالة دكتوراة
فرع القانون الجنائي جامعة محمد حيضرة بسكرة الجزائر.5833-5838 ،
عادل عزر ،النظرية العامة في ظروف الجريمة ،أطروحة لنيل درجة الدكتورة جامعة
القاهرة.3030 ،
–
مقدمة:
884ـ حمليل صالح ،سلطة القاضي في تقدير التعويض عن المسؤولية المدنية في القانون والقضاء الجزائري،
مجلة الفقه والقانون ،ع ،44يولويو ،4041ص120 :
وهذا ما جعل الفقه يميز بين نوعين من المسؤولية المدنية ،فأطلق على المسؤولية
الناشئة عن االخالل بالتزام عقدي مصطلح " المسؤولية العقدية" ،فيما أطلق على المترتبة
عن االخالل بالتزام قانوني مصطلح " المسؤولية التقصيرية".885
والشخص عند ما يخل بالتزام مقررفي ذمته وفقا ألحد نوعي المسؤولية المدنية ،ويترتب
عن ذلك االخالل ضرر يلحق بالغير ،فإنه يصبح ملزم بتعويض الشخص المضرور عما أصابه
من ضرر.
وقد كان االلتزام بالتعويض عن الضررفي ظل القانون الروماني والقانون المدني القديم
يقوم على فكرة عقاب الشخص املخطئ ،ثم بعد ذلك بدأ التعويض يقتصر دوره على وظيفة
إصالح الضرر وذلك في ضوء الشريعة اإلسالمية والقوانين المدنية المعاصرة ،لتصبح هذه
الوظيفة هي الوظيفة الوحيدة للتعويض.886
فالمسؤولية التقصيرية مثال لها وظيفة تعويضية ،حيث أن المسؤول ملزم بتعويض
المضرور ،وذلك ألن مضمونها هو إعادة التوازن المفقود بسبب حصول الضرر وإرجاع
الضحية إلى الوضعية التي كان عليها قبل حدوث الفعل الضار ،887فعند ما تتو افر أركانها من
خطأ وضرروعالقة سببية بين الخطأ والضرر فإنها تتعقد ،ويترتب على قيامها آثار تتمثل في حق
المضرور في التعويض عما أصابه من ضرر ،فقد نصت المادة 00و 00من ق.ل.ع .على حق
المضرورفي التعويض ،كما قررت المواد 358 – 330 – 330 :من ق.ل.ع .بعض األحكام الواجبة
التطبيق في ميدان التعويض عن الضرر.
فالتعويض هو وسيلة القضاء لجبر الضرر الذي لحق بالمضرور ،وذلك من خالل إزالة
الضرر كامال أو التخفيف منه ،وقد فرضه المشرع كغيره من التشريعات على كل من تسبب في
إحداث ضرر للغير ،كمت أن الفقه مجمع على حق الضحية في التعويض الكامل عن الضرر
الذي لحق به حيث أعتبر أن التعويضات ينبغي أن تضمن جبرا كليا للضرر الذي لحق
بالمضرور ،888فالمبدأ هو أن التعويضات ينبغي أن تضمن التعويض الكامل والتام للمضرور،
885ـ سليمان مرقس ،الوافي في شرح القانون المدني في االلتزامات ،ج ،4الفعل الضار والمسؤولية المدنية ،د
ط ،د د ن ،د ت ن ،ص1444 :
886ـ حمليل صالح ،م س ذ ،ص120 :
887ـ عبد الرحمن الشرقاوي ،القانون المدني ،مصادر االلتزام ،ج ،4الواقعة القانونية ،ط ،2مطبعة المعارف
الجديدة ،الرباط ،4042 ،ص1441:
888ـ نفس المرجع ،ص1 442 :
بحث تغطي كل الضررولكن دون غيره ،فمبدأ المساواة أوالتكافؤأوالعدالة يفرض على القاض ي
تقديرا محددا للضرر ،أي يحب على القاض ي أن يقررتعويضا عن الضرربأكمله ،على اعتبارأن
التعويض إنما يمثل مقابال للضرر ،ومن هنا يتعين أن يكون متعادال مع الضرر الحاصل ،ومن
هذا المنطلق فإن التعويض ينبغي أن ال يتجاوزحدود الضررالذي أصاب المضرور.
فالضررهو القياس الذي يقدرالقاض ي التعويض على أساسه ،مع مراعاة خطورة الخطأ
من عدمها ،وكذا مراعاة دورالضحية في احداث الضرر ،وذلك طبقا لمقتضيات المادة (330ق
ل ع) التي جاء فيها ...<< :ويجب على املحكمة أن تقدر االضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون
ناتجة عن خطإ المدين أو عن تدليسه>>.
التعويض لغة يعني "الخلف والبدل" ،889بمعني العوض ،والجمع أعواض ،وأعاضه كذا
عوضا :أي أعطاه إياه بدل ما ذهب منه ،فهوعائض ،وأعاضه منه :أخذ العوض ،واعتاض فالن:
سأله العوض.890
فمثال يقال أخذ فالن الكتاب عوضا عن ماله أي بدال منه وأعاضه وعوضه تعويضا،
وعاوضه :أي أعطاه العوض أي البدل ،فأعاضه فالن عن كذا أي أعطاه عوضا أي بدال،
واعتاضني فالن إذا جاء طالبا العوض.
وقد شرع الضمان للجبر ال للعقوبة ،لذلك لم يفرق الفقهاء في الضمان بين المميز وغير
المميزوالعامد واملخطئ انطالقا من القاعدة "العمد والخطأ في أموال الناس سواء" ،ألن الخطأ
889ـ الفيروز آبادي ،القاموس المحيط ،ج ،4مطبعة مصطفى البابي ،مصر ،4254ص1 350 :
890ـ محمد فتح الله النشار ،حق التعويض المدني في الفقه االسالمي والقانون الوضعي ،دار الجامعة الجديدة
للنشر ،االسكندرية ،مصر ،4004ص145 :
891ـ أبي حامد الغزالي ،الوجيز في الفقه االسالمي الشافعي ،ج ،4دار المعرفة ،بيروت ،4212 ،ص1 404 :
892ـ محمد فتح الله النشار ،مرجع سابق ،ص1 41 :
ال ينفي عصمة املحل ،فكل فعل ضار يؤدى إلى إلحاق الضرر بالغير يعد مخالفا للشرع ،وما دام
الضرر ممنوعا في الشرع فإنه البد من رفعه ،ومن هنا شرع الضمان في األموال يؤدى بموجبه
المسؤول عوضا عما أتلفه لجبرالضرروإزالته وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر.
وأما على مساوى الفقه القانوني فقد تعدد تعريفات الفقهاء للتعويض ،ومن هذه
التعريفات نذكر تعريفه بأنه" :وسيلة القضاء ملحو الضرر أو تخفيف وطأته إذا لم يكن محوه
ممكن ،والغالب أن يكون مبلغا من المال يحكم به للمضرور على من أحدث الضرر ،ولكنه قد
يكون شيئا آخرغيرالمال كالنشرفي الصحف أوالتنويه بحق المدعى في الحكم ،893كما أن هناك
من عرفه بأنه" :وسيلة إلصالح الضرر وعلى وجه التحديد يقصد به اإلصالح وليس املحو التام
والفعلي للضررالذي وقع.894
إن موضوعا التعويض يعد من مواضيع المسؤولية المدنية بصفة عامة والمسؤولية
التقصيرية بصفة خاصة التي تثير بعض اإلشكاالت التي تحتاج إلى دراسة تحليله متخصصة
ومعمقة ،فعلى الرغم من عديد الكتابات فيه في ضوء التشريعات العالمية إال أنه لم يحظى ولو
قليال بالكتابة فيه في إطار القانون الموريتاني ،وهذا ما دفعني إلى اختيار " سلطة القاض ي في
تقدير التعويض عن الضرر في المسؤولية التقصيرية" كعنوان لهذا المقال ،باإلضافة إلى
األهمية التي يحتلها موضوع التعويض عن الضرر في حياة الناس الو اقعية ،وذلك الرتباطه
بالحياة العملية لألطراف ،وكذا السعي إلثراء المكتبات الموريتانية والمساهمة في توفير
المراجع المتخصصة لطالب الجامعة وللباحثين نظرا لندرة الكتابات في إطار القانون
الموريتاني المتعلقة بمواضيع المسؤولية المدنية عموما ،وموضوع التعويض عنها على وجه
الخصوص.
وفي ضوء هذا الطرح جاءت اإلشكالية الرئيسة لهذا الموضوع في السؤال التالي:
ما مدى سلطة القاض ي في تقديره للتعويض عن الضرر في المسؤولية التقصيرية التي
يمنحه القانون الموريتاني؟
893ـ منذر الفضل ،النظرية العامة لاللتزامات ،ج ،4مصادر االلتزام ،د ط ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع،
عمان ،4222 ،ص1 142 :
894ـ سعيد السيد قنديل ،آليات تعويض األضرار البينية ،دراسة في ضوء األنظمة القانونية واالتفاقيات الدولية ،د
ط ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،االسكندرية ،4001 ،ص145 :
ولمعالجة هذا الموضوع في ضوء هذه اإلشكالية ،فقد قسمناه إلى فقرتين :تناولنا في
الفقرة األولى :صور التعويض عن الضرر وكيفية تقديره ،فيما تناولنا في الفقرة الثانية :مدى
سلطة القاض ي في التعويض عن الضرر.
إذا كانت بعض التشريعات المقارنة قد تطرقت لشكل التعويض ،895إال أن المشرع
الموريتاني لم يتعرض لهذه المسألة حيث لم ينص على صور التعويص التي يمكن الحكم بها
قضائيا ،يل ارك االمر للقض ى على ما يبدو الختيار التعويض المناسب عينيا كان أو نقديا ،مع
ضرورة مراعاة القاض ي لبعض القواعد التي الوم مراعاتها عند تقديرالتعويض.
لم يحدد المشرع الموريتاني الصور التي يتخذها التعويض-كما ذكرنا آنفا ،-إال أنه
بالرجوع إلى العمل القضائي الموريتاني وخاصة في مجال التعويض عن المسؤولية التقصيرية
الناجمة عن حوادث السير ،نالحظ أن القضاء غالبا ما يحكم بالتعويض النقدي -كما سنرى
الحقا عند الحديث عن التعويض النقدي-غير أن ذلك ال يعني عدم إمكانية أن يجيء التعويض
في صورة التعويض العيني ،فالمسؤولية التقصيرية عندما تثبت في حق مرتكبي الخطأ ،فإن
الحكم بالتعويض يأخذ إحدى صورتين:
ـ الحكم برد الحال إلى ما كان عليه وهذا ما يسمى بالتعويض العيني
ـ الحكم بجبر الضرر وتعويض المضرور ،وهذا ما يسمى بالتعويض بمقابل (نقدي أو غير
نقدي)
-3التعويض العيني
895ـ كالمشرع المدني األلماني والمسرع المدني السويسري ،انظر بهذا الحصوص ،عبد الرحمن الشرقاوي ،م
س ذ ،ص1302 :
يعرف التعويض العيني بأنه" :الحكم بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل أن يرتكب
المسؤول الخطأ الذي أدى إلى وقوع الضرر".896
فهو يؤدى إلى إصالح الضرر إصالحا تاما بإعادة المتضرر (طالب التعويض) إلى الوضع
نفسه الذي كان عليه قبل حصول الضرر ،فهو يسمى بالتعويض العيني لكونه يزيل الضررعينا،
وهو يغلب في األضرارالمادية.
والتعويض العيني بهذا المعني يعد أفضل من التعويض بمقابل ،ذلك أنه يؤدى إلى محو
الضرروإزالته بدال من بقاء الضررعلى حاله وإعطاء المضرورمبلغا من المال عوضا عنه ،كما
هو الحال في التعويض النقدي 897ـ كما سنرى الحقا ـ
ويرى البعض أن التعويض العيني كثيرا ما يقع في االلتزامات التعاقدية ،أما المسؤولية
التقصيرية عن الفعل الشخص ي كصورة من صور المسؤولية التقصيرية ،فنادرا ما يقع في
نطاقها مثل هذا التعويض.898
وإمكانية دحض هذا القول (الذي يرى بأن التعويض العيني في المسؤولية التقصيرية
نادرا) ،مستساغ استنادا إلى الظروف الناجمة عن التقدم العلمي في املجال الطبي والتقني وفي
مختلف مجاالت الحياة ،فما كان مستعصيا إصالحه عينا من األضرار واإلصابات الجسدية ،
والتي كانت تصيب اإلنسان في زمن مض ى جراء تعرضه لفعل ضار ،لم يعد كذلك اآلن ،حيث
أصبحت األضرار التي تصيب اإلنسان في جسمه وتترتب عليها تشويهات ،أصبح من الممكن
تعويض هذه التشويهات عينا ،وذلك من خالل إجراء عملية تجميلية للمضروربحيث تعيده إلى
الحالة التي كان عليها قبل وقوع الضرر ،والكثيرمما كان يعد من األضرارالتي يستحيل إصالحها
عينا والتي تلحق األشخاص في وقتنا الحاضر قد ال تبقى كذلك بعد فترة من الزمن بفضل ما
نشهده من تقدم هائل ومتسارع في مختلف مجاالت الحياة ،وبالتالي فإن تعلق التعويض العيني
بصورة غالبة وحسب نوعية المسؤولية ال يمكن إخضاعه لضابط محدد ،كما أنه ال أهمية
إلخضاعه لمثل هذا الضابط الذي يحدد المدى األوسع للتطبيق في نطاق أي من المسؤوليتين
896ـ نصير صبار لفته الجبور ،التعويض العيني ،دراسة مقارنة ،ط ،4دار قنديل للنشر والتوزيع ،عمان،
،4040ص142 :
897ـ عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،ج ،4نظرية االلتزام بوجه عام ،مصادر
االلتزام ،ط ،4دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،د ت ن ،ص/ 222 :محمود جالل حمزة ،الفعل غير المشروع
باعتباره مصدرا لاللتزام ،د ط ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،4245 ،ص1454 :
898ـ عبد الرزاق السنهوري ،ج ، 4م س ذ ،ص1222
ما دام التعويض العيني أمر ممكن في نطاق أي منهما (عقدية وتقصيرية) وال يوجد مانع قانوني
يحول دون اللجوء إليه ،فالمواد (330 – 00 – 00 :ق ل ع) أوجبت التعويض عن الضررسواء
كان أدبيا أو ماديا وتركوا لقاض ي الموضوع سلطة تقديرية لتقديرالتعويض المناسب والممكن
،والتقديرالمناسب قد يرى القاض ي بأن يكون عينيا متى كان ممكن ،أو أن يكون بمقابل.
فالمادة 00وردت عامة ،االمرالذي يمكن معه العتداد بشرعية التعويض العيني ،حيث
جاء فيها << :كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بينة واختيارمن غيرأن يسمح له به القانون ،فأحدث
ضررا ماديا أو معنويا للغير ،التزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر ،>>...فالمشرع ترك سلطة
واسعة للقاض ي في تحديد شكل التعويض ليحكم بما يراه مناسبا ،كأن يحكم بالتعويض العيني
إذا تبين له أنه األكثرمالئمة للمضرورما لم يكن مستحيال.899
ونشير إلى أن هناك من الفقهاء من يرى أن التعويض العيني هو أفضل طرق التعويض،
وذلك ألنه يفض ي إلى إصالح الضررإصالحا كامال بإرجاع الوضعية إلى ما كانت عليه.900
وهذا التوجه هو الذي اعتمده الفقه اإلسالمي ،بل إن هذا األخير اعتبرالتعويض العيني
هو األصل بحيث ال ينتقل القاض ي إلى ضمان القيمة إال إذا تعذر ضمان المثل على اعتبار أنه
ه و التعويض المثالي الكامل ،لكونه يمثل المقابل الذي يطابق األصل شكال وعقال ،بخالف
التعويض بمقابل الذي ال يطابقه إال عقال.901
فالمسؤولية التقصيرية هي إخالل الشخص بالتزام قانوني ملقى على عاتقه وهو عدم
اإلضرار بالغير دون حق ،وقد يتخذ اإلخالل بهذا االلتزام صورة القيام بعمل تمكن إزالته ومحو
أثره ،902كما إذا شيد شخص حائطا في ملكه ليسد عن جاره الضوء والهواء تعسفا منه ،ففي
هذه الحالة يكون الباني مسؤوال مسؤولية تقصيرية نحو الجار لتعويض ،ويجوز هنا أن يكون
التعويض عينا بهدم الحائط على حسابه ،كما أن التعويض يكون عينيا إذا التزام المسؤول بأن
يؤدى للمضرور شيئا غير النقود أو يقوم بعمل لحساب المضرور ،903ومثال ذلك أن يلتزم من
899ـ التعويض العيني قيد يكون مستحيال في بعض الحاالت ،وهذه االستحالة قد تكون مادية مثال :كما هو الحال
بالنسبة لفقدتني شخص عزيز أو حالة ضياع شيء فريد ال يمكن استبداله1
900ـ عبد الحق صافي ،الوجيز في القانون المدني ،ج ،4المصادر غير االرادية لاللتزام ،د ط ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،4045 ،ص1435:
901ـ عبد الرحمن الشرقاري ،م س ذ ،ص1344 :
902ـ عبد الرزاق السنهوري ،ج ، 4م س ذ ،ص1222 :
903ـ محمد لبيب شلب ،الوجيز في مصادر االلتزام ،المصادر غير االرادية ،د ط ،دار النهضة العربية للطباعة
والنشر ،بيروت ،4222 ،ص1444
أتلف سيارة لغيره أن يسلمه سيارة غيرها من نوعها أو يلتزم الطبيب الذي أحدث جرحا بغيره أن
يجري له عملية جراحية.
فالتعويض العيني إذا هو الطريقة الناجعة بالنسبة للمضرور ،فهو يهدف إلى محو ما
لحقه من ضرر طالما كان ذلك ممكن ،أي إعادة الحال إلى ما كان عليه واألصل في الشريعة
اإلسالمية التي تقض ي أنه إذا كان الش يء الذي تلف مثليا وجب تعويضه بمثله ،وإذا كان قيميا
فثمنه ،904غيرأنه يصعب في بعض الحاالت إعادة الحال إلى ما كان عليه ،مما يدفع املحكمة إلى
اللجوء إلى التعويض بمقابل.
-5التعويض بمقابل
قد يصعب في كثيرمن األحيان محو وإصالح آثارالضرربإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل
حدوث الضرر عن طريق التعويض العيني ،عندئذ ال يبقى من سبيل عدا الرجوع إلى أحكام
التعويض بمقابل والذي يمكن تعريفه بأنه" :إلزام المسؤول عن الضرر بأداء مبلغ من النقود
أو أية ترضية من جنس الضررتعادل مقداره إلى المضرور.905
وهذا يعني أن التعويض بمقابل إما أن يكون تعويضا نقديا وهو الشائع في ألنه ينسجم
أكثر مع إصالح الضرر الناجم عن الفعل الضار ،أو تعويض غير نقدي كأن تحكم املحكمة في
دعوى السب والقذف ينشرالحكم الصادرإلدانة المسؤول في الجرائد مثال .906
فاألصل في التعويض عن هذه المسؤولية أن يحكم القاض ي بإلزام محدث الضرر بمبلغ من
النقود للمضرور يتساوى في مقدوره مع الضرر الذي لحقه .908ويكمن السبب وراء ذلك في
904ـ وهبة الزحيلي ،نظرية الضمان ،ط ،2دار الفكر ،دمشق ،ص 45وما بعدها 1
905ـ محمد وحيد الدين اسوار ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزامات ،ج ،4مصادر االلتزام ،د ط،
جامعة دمشق4214 ،م ،ص1 431 ،
906ـ عبد الحق صافي ،م س ذ ،ص1435 :
907ـ أغلب األحكام الصادرة عن القضاء الموريتاني في المسؤولية التقصيرية يأخذ فيها التعويض صورة التعويض
النقدي ،ومن هذه األحكام ما صدر عن الغرفة المدنية بمحكمة والية نواكشوط (الحكم رقم 4041/042 :بتاريخ:
، 4041/03/30والحكم رقم 4041/041 :بتاريخ ، 4041/03/30 :والحكم رقم 4045/054 :بتاريخ:
1 )4045/02/44
908ـ األصل في الفقه االسالمي أن يكون التعويض عينيا (ال نقديا ،ألنه أقرب إلى العدل ،أما في القوانين المدنية
فإن األولوية للتعويض النقدي ،والسبب في ذلك هو أن األصل التاريخي لتلك القوانين هو القانون الروماني الذي
القابلية االستهالكية الكيرة للنقود كونها تصلح لتعويض أنواع الضرر كافة ،909فضال عن أن
التعويض النقدي يفتح للمضرورباب الخيارعلى مصراعين في أن يفعل بمبلغ التعويض ما تمليه
رغبته ،التي غالبا ما ترشده إلى األسلوب األفضل لجبرالضررالذي تعرض له.910
هذا وإن كان األصل في التعويض النقدي أن يكون دفعة واحدة يدفع إلى المضرورأو إلى
الورثة ،إال أنه يمكن لقاض ي الموضوع في بعض األحيان أن يخرج عن هذا األصل تبعا للظروف
،ويحدد طريقة التعويض على وجه آخر ،وذلك بأن يكون التعويض النقدي مبلغ مقسطا ،
بحيث يتحدد عدد هذه األقساط وقيمتها أو على شكل إيراد مرتب مدى الحياة ،والفرق بين
الصورتين (مبلغ مقسطا و إيرادا مدى الحياة) أن التعويض المقسط يدفع على أقساط محدد
عددها ويتم استيفاء التعويض بدفع آخر قسط منها ،أما اإليراد المرتب فهو غير محدد العدد
ألنه مرتبط بحياة الشخص ،فال يمكن معرفة تاريخ موته ،إلى جانب التأمين الذي قد تقرره
املحكمة في هذه الحالة لضمان استمرار دفع المدين لإليراد.911
وللقاض ي الخيار في أن يلجأ إلى األصل في طريقة التعويض أو أن يخرج عليها بحسبما إذا
كانت مناسبة للمضرور ،فالمضرور من جراء ارتكاب الفعل الضار ضده قد يصاب في جسمه،
مما يؤدى إلى إصابته بعجزيمنعه من العمل مدة معينة من الزمن ،فيحكم له القاض ي بتعويض
على أقساط حتى يشفى ويعود إلى العمل ،وإن كان هذا العجز دائم فيحكم له بمرتب مدى
الحياة ،حيث يتمتع قاض ي الموضوع في هذا الشأن بسلطة تقديرية واسعة ،فلو رجعنا إلى رغبة
المضرور لوجدنا أنه يفضل الحصول على مبلغ التعويض دفعة واحدة ،وذلك بغرض
استثمارها ،غير أن ذلك ليس في مصلحة المدين ،المسؤول الذي يفضل أن يكون المبلغ على
شكل أقساط ،أو على شكل إيراد مرتب مدى الحياة ،مما يسهل عليه الدفع من جهة ،وربما
يتوفى المضرورعاجال ويربح المدة المتبقية.
كانت المحاكم الرومانية في ظله تفضل تعزير الممتنع عن تنفيذ التزامه ،فتأثرت تلك القوانين المدنية بهذه الفكرة
،فأعطت األولوية للتعويض النقدي ،ولكون التعويض العيني قد يكون مستعصيا في بعض األحيان ،انظر الدكتور:
عدنان إبراهيم السرحان و نوري حمد خاطر ،شرح القانون المدني ،مصادر الحقوق الشخصية (االلتزامات) ،
دراسة مقارنة ،ط ، 4دار الثقافة ،عمان ،4004ص1410 :
909ـ عبد الرزاق السنهوري ،م س ذ ،ج ،4ص1 221 :
910ـ عدنان إبراهيم سرحان و نور حمد خاط ،م س ذ ،ص1 110 :
911ـ منذر الفضل ،م س ذ ،ص1 130 :
بيد أنه ثارخالف فقهي حول إمكانية قطع جزء من المبلغ اإلجمالي لمصلحة المسؤول ،
حيث ذهب البضع 912إلى أن هناك أحكام قضائية تجيز مثل هذا االقتطاع ،فضال عن أن
العدالة تقتض ي ذلك ،وما يبرر ذلك أن المتضرر الذي حصل على التعويض دفعة واحدة إذا
مات بعد مدة قصيرة من حادث جديد فإن المسؤول يتعرض إلى خسارة كبيرة ،على عكس
الحال إذا كان التعويض إيرادا مرتبا مدى الحياة فإنه يستوقف حتما على موت المضرور ،
ولذلك يقولون من العدل أخذ هذا االحتمال بعين االعتبار وتعويض المسؤول عن مثل هذا
الخطر ،وذلك بإعطائه الحق في اقتطاع جزء من مبلغ التعويض.913
غيرأن هذه الحجة غيرقاطعة ألن الخطرليس ببعيد عن المتضررنفسه ،إذ من املحتمل
أن تمتد حياته إلى أكثرمما قدرلها ،وبهذا يكون المتضررالذي قبض التعويض دفعة واحدة قد
حصل على مبلغ أقل من مجموع اإليراد.
كما قيل أيضا تبريرا لجواز االقتطاع بأن العجز الدائم سيتقلص حتما مع مرور الزمن
بسبب التعود عليه ،وبفضل العناية التي لم يكن باإلمكان توقعها في البداية ولما كان من
المستحيل إعادة النظر في تقدير التعويض ضد مصلحة المتضرر ولو تحسنت حالته الصحية
أو زال عدم قدرته على العمل ،فإن من العدالة اقتطاع جزء من مبلغ التعويض الذي يدفع له
جملة واحدة ،ولكن يرد على هذه الحجة بأن الخبراء يأخذون عادة في تقديرهم نسبة العجز
الدائم ،وإمكانية تحسن حال المصاب على مر الزمن ،ولذا ترى أن استقطاع أية نسبة من
المبلغ المقدرجملة واحدة ليس له ما يبررال في نصوص القانون وال في منطق العدالة.914
أما إذا أدت اإلصابة إلى عجز دائم للمضرور فإن أفضل طريق للحكم له بالتعويض
النقدي هي أن يكون إيرادا مرتبا مدى الحياة ،ألن الضرر الناش ئ عن هذا العجز ال يظهر بهيئته
الكاملة مباشرة ،بل يستمرإلى غاية وفاة المضرور ،وذلك الحال إذا فقد المضرورعائله الوحيد
الذي يكفله ،السيما إذا كان قاصرا فينبغي أن يحكم له بإيراد مرتب مدى الحياة.
ونظرا إلى أن اإليراد قد يستمرمدة طويلة مما قد يطرأ معه ارتفاعا في األسعارو انخفاضا
في قيمة النقود ،مما يؤدى إلى تدهور حالة المضرور وعدم كفاية هذا المبلغ لسد حاجته ،من
هذا المنطلق ثارتساؤل في الفقه والقضاء الفرنسيين حول ما إذا كان بإمكان املحاكم أن تجعل
اإليراد مناسبا مع ارتفاع مستوى المعيشة.915
ولقد واجهت فكرة ربط اإليراد بمستوى المعيشة حجج منها :أن التعويض يجب أن يقدر
في يوم صدور الحكم دون أخذ في االعتبار الظروف االقتصادية المستقبلية ،وقد رد على هذه
الحجة بأنها غيرمقنعة ،فالقضاء قد أوجب تقديرالتعويض بحسب قيمة الضررفي يوم وقوعه،
فإنه إنما جعل ذلك ليجعل التعويض كامال على اعتبارأنه يجب أن يكون معادال ومناسبا للضرر
في اليوم الذي يحق فيه للمضرورقبض المبلغ.
والحجة الثانية ضد ربط اإليراد بارتفاع تكاليف المعيشة ،فهي تقوم على مبدأ عدم
تعويض الضرر غير المباشر ألنه ال يوجد في نظر هؤالء عالقة سببية بين خطأ المسؤول وبين
الضرر الذي لحق بالمصاب بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة ،ولهذا ال يمكن تحميله تبعة
التقلبات االقتصادية والنقدية الخارجة عن إرادته.916
يتبين لنا مما سلف أن التعويض النقدي يكاد يكون أكثر الوسائل مالئمة إلصالح الضرر
والوسيلة المثلى لجبره ،أو التخفيف من حدة وطأته على المضرور ،كون النقود تتمتع بالقابلية
على االنتشاروالتبادل وهي مقبولة من الجميع بوصفها أداة معلومة القيمة تصلح لجبرالضرر،
وهذا ما دفع املحاكم للحكم به غالبا في نطاق المسؤولية التقصيرية.
يراد بالتعويض غيرالنقدي صدورأمرمن املحكمة بأداء أمرمعين على سبيل التعويض،
فهذا النوع من أنواع التعويض ال هو بالتعويض النقدي الذي يلزم المسؤول عن الضرر بدفع
مبلغ من النقود للمضرور ،وال هو بالتعويض العيني الذي يتضمن إعادة الحال إلى ما كان عليه
قبل تحقق الضرر ،إنما يتمثل في انسب صورة للتعويض تراعي فيها ظروف ومصلحة المضرور
في كثيرمن األحيان ،ويطلق البعض على التعويض غيرالنقدي التعويض األدبي.917
فالتعويض غير النقدي يمكن اعتباره تعويض من نوع خاص تقتضيه الظروف في بعض
الصور وحسب نوع الضرر املحدث ،ويغلب الحكم به في الضرر المعنوي دون الضرر المادي،
ومن صوره أن يأمر القاض ي المسؤول بنشر الحكم الصادر ضده على نفقته الشخصية ،حيث
يعد هذا النشرتعويضا عما أصاب المضرورمن ضررمعنوي.918
إن القاض ي اثناء تقديره للتعويض عن الضرر ملزم بمراعاة بعض القواعد التي وضعها
المشرع ،حتى يتوصل إلى الحكم بتعويض عادل وكامل ،ولكن قبل أن التعرض لهذه القواعد
سنتساءل عن وقت استحقاق التعويض ،هل هو من وقت حدوث الضرر أم من وقت صدور
الحكم؟
إذا كان للقاض ي أن يقدرالتعويض وفقا لطبيعة الضررالحاصل ،فإن هناك سؤال يطرح
حول الوقت الذي ينشأ فيه حق المضرورفي التعويض ،هل هو وقت وقوع الضررأم وقت صدور
الحكم؟.
918ـ أمجد محمد منصور ،الكظرية العامة لاللتزامات ،مصادر االلتزام ،ط ،4الدار العلمية الدولية ودار دار
الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،4003 ،ص / 353محمد وحيد الدين سوار ،م س ذ ،ص1435 :
919ـ مقدم سعيد ،نظرية التعويض عن الضرر المعنوي ،د ط ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر ،د ت ن ،ص:
1402
920ـ نفس المرجع ،ونفس الصفحة1
921ـ عبد الحق صافي ،م س ذ ،ص1434 :
في حين يذهب رأي أغلب الفقهاء 922إلى القول بأنه يجب االعتداد بوقت وقوع الضرر
كتاريخ لنشوء الحق في التعويض لكونه يعتبر الوقت الذي تكتمل فيه أركان المسؤولية ،فقبل
وقوع الضررال يتصورنشوء الحق ،والحكم ليس إال كاشفا للحق ال منشئا له.
وللوقت الذي ينشأ فيه الحق في التعويض أهمية علمية تتمثل خاصة إذا كان الحكم
منشئا للحق فإنه:
ـ ال يمكن للمضرورأن يتصرف في هذا الحق إال بعد صدورالحكم المنش ئ لهذا الحق
ومهما يكن فإنه يجب التمييز بين حق المضرور في التعويض وتقدير التعويض ،فاألول
ينشأ منذ وقوع الضرر ،أما الثاني فإنه يقدربقيمة الضرروقت الحكم.
وهناك رأي وسط قالت به األستاذة "ريبيرت" وأخذ به األستاذ "اللو" 923مؤداه أنه يجب
التمييزبين االلتزام بإصالح الضرروبين االلتزام بدفع التعويض ،فاألول ينشأ وقت وقوع الضرر،
ولهذا فإن الحق في التعويض ينشأ في ذلك الوقت وهوحق ينتقل إلى الورثة ،ويتحول هذا االلتزام
إلصالح الضرر إلى االلتزام بدفع التعويض وقت الحكم ،ولذلك يجب االعتداد بذلك الوقت في
تقدير مبلغ التعويض وتبعا لذلك تجب مراعاة التطورات التي تكون قد حدثت منذ وقوع
الضرر.924
وخالصة القول فإن حق المضرورفي التعويض ينشأ من وقت وقوع الضررذلك أن العمل
غير المشروع هو مصدر الحق في التعويض ،فإذا تحقق الضرر وقت صدور هذا الفعل الضار
وجد الحق في التعويض منذ ذلك الوقت ،أما إذا حصل الضرر بعض مض ي زمن على اقتراف
الفعل الخاطئ فإن الحق ال يوجد إال من وقت تحقق الضرر ،ألن هذا الوقت هو الذي تكتمل
فيه أركان المسؤولية ،ومن أهم اآلثارالتي تترتب على ذلك أن القانون الذي ينطبق على االلتزام
هو القانون الذي يسرى وقت وقوع الضررال وقت صدورالحكم.
إذا وقع عمل غير مشروع كان للمضرور الحق في التعويض عما لحقه من ضرر ،وقد أيد
المشرع الموريتاني حق المضرورفي التعويض في المواد( 00 – 00 :ق.ل.ع) وقررفي المواد330 :
– 358 – 330من نفس القان بعض األحكام الواجبة التطبيق في نطاق التعويض ،وتتلخص في
أربعة قواعد هي:
القاعدة األولى :يجب أن يكون التعويض عن الضررتعويضا كامال ،بحيث يشمل الخسارة
التي لحقت المدعى (المضرور) والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها
إلصالح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرارا به وكذا ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية(انظر
الفقرة 3من المادة 330ق.ل.ع).
القاعدة الثانية :يجب على املحكمة أن ترعى إذا ما كان الضرر الذي لحق المضرور جاء
نتيجة لخطأ المسؤول أو تدليسه (انظرالفقرة 5من المادة 330ق.ل.ع).
القاعدة الثالثة :إذا وقع الضررمن أشخاص متعددين يعملون متو افقين ،كان كل منهم
مسؤوال بالتضامن عن نتائج ال فرق بين من كان منهم محرضا أو شريكا أو فاعال أصليا(انظر
المادة 330ق.ل.ع.).
القاعدة الرابعة :يسري الحكم نفسه من حيث المسؤولية التضامنية إذا تعدد
منهم925 المسؤولون عن الضرر وتعذر تحديد فاعله األصلي من بينهم أو تعذر تحديد مناب كل
(انظرالمادة 358ق.ل.ع).
وإن كان حسب رأيي ما نصت عليه المادة 330هو التضامن بمعناه االصطالحي
الصحيح ،أما ما نصت عليه المادة 358فيمكن التعبير عنه بالتضامم ال التضامن أي أن
المضرور ضمهم لكي يضمن التعويض عما لحقه من ضرر ،وليس هناك تضامن سابق بينهم
بالمفهوم الصحيح للتضامن.
منح المشرع القاض ي سلطة واسعة لتقدير التعويض عن ذلك الضرر في المسؤولية
التقصيرية ،نظرا لما له من سلطة مطلقة لتكييف الوقائع المادية وتقدير مقدار الضرر الذي
على أساس يتحدد مقدار التعويض ،فمتى تبن للقاض ي تو افر شروط المسؤولية التقصيرية،
فإنه يحكم بالتعويض وله سلطة تقديرية واسعة في تحديد الطريقة األمثل ليتم بها
التعويض(أوال) ،كما أنه يعتمد في تقديره ذلك علال معاييرمحددة قانونيا(ثانيا).
والضرر المباشر يشتمل على عنصرين أساسيين هما :الخسارة التي لحقت المضرور
والكسب الذي فاته ،926فقد نصت المادة (330ق ل ع) في فقرتها األولى على أن الضرريشمل ما
لحق المدعى من خسارة وما فاته من نفع ،وفي فقرتها األخير منحت القاض ي سلطة واسعة في
سبيل تقدير التعويض عن الضرر ،حيث نصت على أنه" :ويجب على املحكمة أن تقدر األضرار
بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو عن تدليسه".
و انطالقا من هذا النص فإن القاض ي متى تبينت له الطريقة المناسبة إلصالح كافة
األضرارالالحقة بالمضرور سعى لتقديرالتعويض عنها ،وله في ذلك سلطة واسعة ـ كما أسلفنا ـ
فهو غيرملزم بنصاب معين أو بمبلغ ثابت لجبرهذه األضرار.927
إال أن هذه السلطة الممنوحة للقاض ي في سبيل تقدير التعويض عن الضرر تحكمها
ضوابط معينة ألنها ال تعد حالة نفسية يحكم من خاللها القاض ي حسب هوائه وميوالتها،
فتقدير التعويض يعد مسألة موضوعية وقانونية ،تفرض على القاض ي عند االضطالع بها
استبعاد كل إجحاف أو مغاالة ،فعليه فقط أن يلتزم بالضرر الفعلي المباشر ويقدر التعويض
بقدره ،وفي سبيل تحقيق ذلك يجوزللقاض ي اللجوء إلى ذوي الخبرة واالختصاص ،إذا استعصت
عليه أي مسألة يكون من شأن الكشف عنها إما إعطاء الوصف الحقيقي أو التكييف القانوني
للوقائع بما فيها تحقيق جسامة الضرر ،ما لم يكن األمر يتعلق بما يدخل في سلطته ،ذلك ألن
الخصوم ملزمين بتقديرالوقائع ،في حين يلتزم القاض ي بتطبيق القانون على الوقائع المعروضة
أمامه ،وال يجوز له أن يفوض فيها أي أحد غيره ،وله اعتماد ما وصل إليه الخبير ـ الذي عادة ما
يكون طبيبا محلفا بالنسبة لألضرارالتي تصيب الجسم ـ ـ في حكمه ،كما أن له رفضه .
وقد وضع المشرع مجموعة من العناصر والمعايير أوجب على القاض ي االعتماد عليها
للوصول إلى تقديرالتعويض بما يتناسب والضرر ،فال يجوزله أن يستبعد عنصرا منها ،وتتمثل
هذه العناصرفي وجوب مراعاة ما يلي:
ـ الظروف المالبسة.
إن تقديرقاض ي الموضوع للتعويض يجب أن يراعى ما لحق المضرورمن خسارة وما فاته
من كسب حتى يجيء التعويض شامال لما يعتبرضررا مباشرا ،سواء كان خسارة لحقت المضرور
أوكسبا ضاع عليه ،جاء في الفقرة األولى من المادة << :330الضررفي الجرائم وأشباه الجرائم،
هو السارة التي لحقت المدعي فعال ،والمصروفات الضرورية التي اضطرأو سيضطرإلى اتفاقها
إلصالح نتائج الفعل الذي أرتكب إضرارا به ،وكذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية
لنتائج هذا الفعل>> ،ألن هذان العنصران هما اللذان يقومهما القاض ي بالمال ،928فلو أن
شخصا أتلف سيارة مملوكة لشخص آخر وكان صاحب السيارة اشتراها ب 188ألف وحصل
على وعد من الغير أن يشتريها منه ب 288ألف ،فالثالثمائة ألف األولى هي الخسارة التي لحقت
صاحب السيارة ،ومائة ألف والتي هي الفارق بين ما اشتراها بيه وبين ما كان سيبيعها به ،هي
الكسب الذي فاته ،وكالهما ضررمباشريستوجب التعويض.
وفي مثال آخر كأن يصيب الفعل الضار ممثال أو مغنيا في أثناء ذهابه إلى حفلة كان قد
تعهد بإنعاشها ،ففي هذه الحالة فإن الممثل أو المغني يستحق التعويض عما لحقه من خسارة
مثل :تكاليف تنقالته وعالجه ،كما يستحق تعويضا عما فاته من كسب وهو مقدار الريع الذي
كان سيجنيه من إحياء تلك الحفلة باعتبارذلك كسبا ضاع عليه.
كما أنه يدخل في مفهوم الكسب الفائت أو " ما حرم من نفع" حسب تعبير المادة 330
أعاله ،مجدر التأخر في استيفاء المنفعة ،فمثال لو أن هناك شخص يملك قطعة أرضية أتفق
مع مقاول لبناء نزل سياحي عليها لغرض االستثمار ،غير أن المقاول لم ينفذ العمل أو تأخر في
تسليم البناية في التاريخ المتفق عليه فأدى ذلك إلى إلحاق ضرر بصاحب األرض ،ويتمثل ذلك
الضررفي ما فات عليه من ربح كان من الممكن أن يحصل عليه لوأتم المقاول العمل في الموعد
المتفق عليه من خالل استثمار النزل( الفندق) ،وبالتالي على القاض ي أثناء تحديده لقيمة
التعويض عن الضرر الذي لحق بصاحب األرض(الدائن) مراعاة ما فات هذا األخير من كسب
أي ما حرم من نفع نتيجة تقصيرالمقاول في تنفيذ التزاماته
وال يدخل في الحساب عند تقديرالتعويض أن يكون الضررمتوقعا أو غيرمتوقع ذلك أنه
في المسؤولية التقصيرية يشمل التعويض كل ضرر مباشر متوقعا كان أو غير متوقع بخالف
المسؤولية العقدية.
وإلزامية القاض ي بمراعاة هذين العنصرين أثناء تقدير التعويض يهدف إلى جعل
التعويض كامال وشامال وبالتالي يغطي الضرر.929
.5الظروف المالبسة
جاء في الفقرة الثانية من المادة << :330ويجب على املحكمة أن تقدير األضرار بكيفية
مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطإ المدين أوعن تدليسه>> ،فال شك في أن تقديرالضررعلى
هذا النحو سيؤثر على تقدير التعويض عنه ألن ما يؤثر في الضرر فهو ال محال يؤثر في التعويض
عنه ألن األول هو مقياس القاض ي لتقديرالثاني.
وعموما فقد استقر التشريع والفقه والقضاء على عوامل تجب مراعاتها أثناء تقدير
التعويض لما لها من أثر على تقديره ،وجب على القاض ي االعتداد بها بغية أن يجيء التعويض
عن الضررجابرا وكامال وعادال ،حيث أن هناك عوامل خاصة بالمضرورتؤثرفي مبلغ التعويض
929ـ عبد الكريم شهون ،الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الكتاب األول ،االلتزام بوجه عام،
ج ،4مصادر االلتزام ،ط ،4د د ن ،د ب ن ،4222 ،ص1 121 :
املحكوم به ،وهناك عوامل خاصة بالمسؤول (المدين) تجب مراعاتها عن تقدير التعويض
أحيانا.
كما يكون محال لالعتبار حالة المضرور العائلية والمالية ،فمن يعيل زوجة و أبناء يكون
ضرره أشد من الضررالذي يصيب األعزب ،وال يمكن للقاض ي أن يغفل الوضع المالي للمضرور
أثناء تقدير التعويض باعتباره طرفا خاصا بالنسبة إليه رغم تباين المو اقع الفقهية
والتشريعية حوله.
ففي حالة تقدير التعويض عن الضرر فإن القاض ي عادة ما ينظر إلى الوضع المالي
واالجتماعي للمضرورحتى وإن لم يفصح عن ذلك في حكمه ،وما يبررذلك هو أن القوة الكسبية
للمضرور ليست واحدة ،فمن كان كسبه أكبر كان الضرر الذي حيق به أشد ، 930فال يجوز
العتداد بالظروف الشخصية عند تقدير مبلغ التعويض للمسؤول ،فال تأثير ،لما إذا كان
المسؤول غنيا أو فقيرا ،ولما إذا كان يعيل أسرة أم ال يعيل إال نفسه ،كما ال أهمية كذلك ما إذا
كان هو الذي سيتحمل التعويض في النهاية ،أم أن التعويض ستتحمله شركة التأمين ،إذا كان
قد سبق له أن أمن لديها على أخطارأفعاله الموجبة للمسؤولية.
لقد اختلف الفقهاء حول الظروف الشخصية التي تالبس فعل المسؤول على رأيين:
رأي يرى عدم االعتداد بها ومن القائلين بها الرأي الدكتور :عبد الرزاق السنهوري ،حيث
يرى أن الظروف الشخصية للمسؤول ال تؤخذ بعين االعتبارعند تقديرالتعويض ،إنما
930ـ ليس المقصود أن المضرور إذا كان غنيا كان أقل حاجة إلى التعويض من الفقير ،والضرر واحد أصاب
غنيا أو فقيرا ،إنما الذي يدخل في االعتبار هو اختالف الكسب الذي يفوت المضرور من جراء اإلصابة التي
لحقته1
الذي يؤخذ بعين االعتبار عند تقدير التعويض الظروف املحيطة بالمضرور ال
المسؤول.931
ويبدو أن األستاذ السنهوري تراجع عن هذا الرأي حيث يقول بالحرف الواحد في حاشية
الصفحة 001ما نصه" :وقد رأينا أن الحالة المالية لكل من المسؤول والمضرورومقدار يسار
كل منهما يكون محل اعتبارفي تقديرالتعويض".
أما الرأي الثاني 932فيذهب إلى وجوب االعتداد بالظروف المالبسة للمسؤول ،ويمكن
حصرالعوامل الخاصة بالمسؤول التي تؤثرفي تقديرمبلغ التعويض عن الفعل الضار،
فمن الناحية الو اقعية يتأثرالقاض ي حتما ببعض العوامل والظروف حين يقررالعقوبة
الجنائية ويحكم بالتع ويض المدني ،فالقاض ي ال يمكن أن يهمل جسامة الخطأ السيما
إذا كان التعويض ناتجا عن جريمة جنائية.933
واألصل أال ينظر القاض ي إلى جسامة الخطأ عند تقدير التعويض بل ينظر إلى جسامة
الضرر ،ومهما كان الخطأ جسيما فإن التعويض يجب أال يزيد على الضررالمباشر ،فالتعويض
المدني أمرموضوعي ال يراعى فيه إال األضرار ،في حين أن العقوبة الجنائية ش يء ذاتي يراعى فيه
جسامة الخطأ.
وإذا كان هو األصل إال أن القاض ي يميل إلى االعتداد بجسامة الخطأ ،وهذا شعورطبيعي
يستولي على القاض ي ،فما دام مقدار التعويض موكال إليه فإنه يميل إلى زيادته إذا كان الخطأ
جسيما وإلى التخفيف إذا كان الخطأ يسيرا.934
فالقضاء يسيرفي العمل ـ في أغلب األوقات ـ على منح تعويض أكبرإذا كان الخطأ جسيما،
السيما فيما يتعلق بتقديرالتعويض عن الضررالمعنوي ،وقد أدى هذا االعتبارالعملي بالمشرع
الموريتاني أن يتبناه ،فجاء يقض ي في الفقرة الثانية من المادة 330من ق.ل.ع على أنه" :يجب
على املحكمة أن تقدر األضرار بكيفية مختلفة حسبما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو عن
تدليسه.
يناول المشرع على غرار غيره من التشريعات ،مسألة التعويض عن الضرر كجزاء لقيام
المسؤولية التقصيرية ،وقد أطلق يد القاض ي في تقديره حيث منحه سلطة واسعة في هذا
الصدد نوع التعويض المناسب أو قيمته في حالة ما إذا كان تعويضا نقديا ،إال أن هذه السلطة
احكمها مجموعة من القواعد والمعايير الضابطة لها ،إذ يجب على القاض ي أن يحدد االضرار
التي يقوم بتقدير التعويض عنها من حيث نوعها ،كأن تكون مثال أضرار مباشرة أو اضرار
مستقبلية مؤكدة الحصول ،كما أن عليه أن يراعي في تقدير التعويض مجموعة من العناصر
التي أوردها المشرع في المادة 330ق ل ع.
سليمان مرقس ،الوافي في شرح القانون المدني في االلتزامات ،ج ،5الفعل الضار
والمسؤولية المدنية ،ط ،0د د ن ،د ب ن.3000 ،
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،ج ،3نظرية االلتزام
بوجه عام ،مصادرااللتزام ،ط ،3دارإحياء التراث العربي ،بيروت ،د ت ن.
عبد الرحمن الشرقاوي ،القانون المدني ،مصادر االلتزام ،ج ،5الو اقعة القانونية،
ط ،3مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط.5830 ،
محمد فتح الله النشار ،حق التعويض المدني في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي،
دارالجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية.5885 ،
أبي حامد الغزالي ،الوجيزفي الفقه اإلسالمي الشافعي ،ج ،3دارالمعرفة ،بيروت.3000 ،
سعيد السيد قنديل ،آليات التعويض عن االضرار البيئية دراسة في ضوء األنظمة
القانونية واالتفاقيات الدولية ،د ط ،دارالجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية.5882 ،
نصير صبار لفته الجوري ،التعويض العيني ،دراسة مقارنة ،ط ،3دار قنديل للنشؤ
والتوزيع ،عمان.5882 ،
محمود جالل حمزه ،الفعل غير المشروع العتباره مصدرا لاللتزام ،د ط ،ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر.3000 ،
عبد الحق صافي ،الوجيز في القانون المدني ،ج ،5المصادر غير االرادية لاللتزام ،د ط،
كطبعة النجاح الجديدة ،الدارالبيضاء.5830 ،
محمد لبيب شلب ،الوجيز في مصادر االلتزام ،المصادر غير االرادية ،د ط ،دار النهضة
العربية للطباعة والنشر ،بيروت.3030 ،
محمد وحيد الدين اسوار ،شرح القانون المدني ـ النظرية العامة لاللتزامات ،ج،3
مصادرااللتزام ،د ط ،جامعة دمشق.3000 ،
عدنان السحران و نوري حمد خاطر ،شرح القانون املجنين مصادر االلتزامات ،دراسة
مقارن ،ط ،5دارالثقافة للنشروالتوزيع ،عمان.5880 ،
عبد العزيز اللصاصمه ،نظرية االلتزام في ضوء القانون المدني األردني ،المسؤولية
المدنية والتقصيرية ،ط ،3الدارالعلمية الدولية ودار الثقافة للنشروالتوزيع ،عمان.5885 ،
أمجد محمد منصور ،النظرية العامة لاللتزامات ،مصادر االلتزام ،ط ،2الدار العلمية
الدولية ودارالثقافة للنشروالتوزيع ،عمان.5881 ،
منير قزمتن ،التعويض المدني في ضوء الفقه والقضاء ،د ط ،دار الفكر الجامعية،
اإلسكندرية5885 ،
مصطفى العوجي ،القانون المدني ،ج ،5المسؤولية المدنية ،ط ،2منشورات الحلبي
الحقوقية ،بيروت.5882 ،
عبد الكريم شهبون ،الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الكتاب األول،
االلتزام بجوه عام ،ج ،3مصادرااللتزام ،ط ،3د د ن ،د ب ن.3000 ،
مقدمة:
الحمد لله ذي الجالل واإلكرام؛ الذي أنزل القران ووضع الميزان وأوضح لعباده سبيل
األقضية واألحكام؛ وصلى الله وسلم على سيدنا محمد إمام المرسلين المبعوث رحمة للعالمين؛
وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد؛ فإن الشفعة من الحقوق التي أقرها الشرع ألشخاص يوجدون في مركز شرعي معين،
ً
الذي يمكن لهؤالء األشخاص المطالبة بها عن طريق القضاء ،وذلك لما لها من أهمية قصوى على
أكثر من مجال :ففي املجال االجتماعي؛ تكتس ي الشفعة أهمية بالغة باعتبارها تساهم في تحقيق
السلم االجتماعي بواسطة تحقيق األمن واالستقرار املجتمعي؛ وذلك عن طريق التقليل من
المنازعات العقارية والتقليص منها .وفي املجال االقتصادي تتجلى أهميتها في كونها ترمي إلى منع
تجزئة العقارات وتشتتها إلى قطع صغيرة لدرجة يصعب معها مواصلة العمل فيها.
وتعرف فقها ب "استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه 935"..وعرفها الشيخ خليل بقوله":
أخذ شريك ..ممن تجدد ملكه الالزم اختيارا بمعاوضة...عقارا ..بمثل الثمن ...أو قيمته ..أو قيمة
الشقص" .936وفي التشريع عرفتها المادة 505من مدونة الحقوق العينية 937بما مفاده" أخذ شريك
في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد
الالزمة والمصروفات الضرورية النافعة عند االقتضاء" .وفي ظل هذا التعريف الذي جاءت به
مدونة الحقوق العينية أن الشفعة ال تثبت للشريك في العقار على الشياع إال في صورة واحدة من
صور انتقال ملك شريكه إلى مالك جديد وذلك عندما يتم عن طريق البيع .غير أن الفقرة األخيرة
من المادة 501من مدونة الحقوق العينية نصت على أن يكون المشفوع منه قد تملك الحصة
المبيعة بعوض.
إن األخذ بالشفعة يتوقف على ضرورة تملك المشفوع منه الحصة المبيعة بعوض ،أي أن
الشفيع يستحق الشفعة في ملكية شريكه التي يفوتها إلى الغير بعوض ،فإن حصل التفويت بغير
عوض كالهبة أو الوصية ...فال شفعة ،لقول ابن عاصم" :والمنع في التبرعات مفترض" .938لذا فمن
الممكن جدا أن يتفق البائع مع المشتري على اإلدالء بأن األمريتعلق بتبرع كهبة أو صدقة أو نحوها
ليقطع الطريق على الشفيع في استشفاع حصته ،األمرالذي يجعل هذا األخيراستعمال جميع طرق
اإلثبات المتاحة شرعا وقانونا لتفنيد ما ادعياه – البائع والمشتري – .فقد نصت المادة 500من
مدونة الحقوق العينية على أنه "يتعين على طالب الشفعة إثبات بيع الحصة المطلوب شفعتها،
فإذا كان العقارمحفظا يتعين عليه إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري".
يتضح من خالل هذه المادة أن المشرع المغربي لم يقيد الشفيع بوسيلة إثبات معينة في
العقار غير املحفظ ،في حين قيده في العقار املحفظ بضرورة إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري.
فإن ذلك يجعلني أتساءل حول المقتضيات الفقهية والقانونية والقضائية الكفيلة بحماية
-935أبو عبدالله محمد االنصاري ،الرصاع"شرح حدود ابن عرفة " دارالغرب االسالمي ص.202:
-936خليل بن إسحاق بن موسى ،ضياء الدين الجندي المالكي المصري (المتوفى009 :هـ)" مختصر خليل".المحقق :أحمد
جاد.الناشر :دار الحديث/القاهرة.الطبعة :األولى0249 ،هـ4112/مـ.ص.0.4:
-937القانون رقم 12.4.المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 0.00.002صادر في 42
من ذي الحجة 0244هـ(44نونبر4100م)الجريدة الرسمية عدد2..2بتاريخ 42نونبر 4100م ص2220:
-938عثمان بن المكي التوزري الزبيدي" توضيح األحكام شرح تحفة الحكام".الناشر :المطبعة التونسية.الطبعة :األولى،
044هـ.012/4.
الشفيع الشريك من تحايل محتمل من البائع والمشتري إلى إخفاء عقد البيع الوارد على العقار
بعقد صوري يتضمن تبرعا لمنع الشريك الشفيع من األخذ بالشفعة؟.
ومن أجل اإلحاطة بجوانب اإلشكال المطروح أعاله فقد قسمت هذه الدراسة إلى محورين:
خصصت األول للحديث عن إثبات المعاوضة في العقار غير املحفظ ،والثاني للحديث عن إثبات
البيع في العقاراملحفظ .يتقدمها مقدمة ويتذيلهما خاتمة.
مما ال شك فيه أن الشفعة تثبت لطالبها بعد إثباته كون الحصة المشفوعة انتقلت إلى
المشفوع منه بعوض .939ولقد حدد ابن عرفة في باب الموجب الستحقاق الشفيع األخذ بالشفعة
سبب استحقاق الشفيع للشفعة بقوله" :ثبوت ملك الشفيع لشقص شائع من كل ربع واشتراء
غيره شقصا آخرمنه .940حيث إذا طلب الشفيع المبتاع بالشفعة عند السلطان ،فال يقض ي له بها
حتى يثبت عنده البيع".941
وأكدت ذلك محكمة النقض في عدة قرارات صادرة عنها والذي جاء في أحدها" :ال يقض ى
بالشفعة إال بعد إثبات البيع ،942وفي قرارآخر ،أنه ال يحكم بثبوت الشفعة أو عدمها إال بعد ثبوت
البيع .943لكن إذا وقع خالف حول نوع التصرف ،وادعى الشفيع كون البيع مستورا بتصرف آخر،
كما لو كانت هناك هبة ساترة للبيع ،جاز له أن يثبت الصورية بجميع الطرق ،فإذا نجح في إقامة
الدليل على أن العقد في حقيقته بيع وليس هبة فإن الشفعة تجوزله في هذا العقد.
ولإلحاطة بجوانب هذا املحور ،يتعين تقسيمه إلى فقرتين :تخصص األولى لوسائل إثبات
المعاوضة ،والثانية إلثبات صورية التبرع.
-939عادل حاميدي" ،التصرفات الواردة على العقار غير المحفظ بين الفقه اإلسالمي والفراغ القانوني" ،المطبعة والوراقة
الوطنية -مراكش .الطبعة األولى ،أكتوبر ،4119ص.22 :
-940الرصاع ،شرح "حدود ابن عرفة" ،م س ،ص.204 :
-941بوطلحة امبارك" ،مسائل اليمين الشرعية في الشفعة" ،رسالة المحاماة ،مجلة تصدرها هيئة المحامين بالرباط ،العدد ،42
دجنبر ،4110ص.20 :
-942قرار رقم 0919 :الصادر بتاريخ ،0..2/1./0.في ملف األحوال الشخصية عدد ..0/224. :لدى عبد العزيز
توفيق ،قضاء محكمة النقض في الشفعة من سنة 0.20إلى 4102م ،ص.012 :
-943قرار رقم 042 ،الصادر بتاريخ .يناير ،0.92عبد العزيز توفيق ،م س ،ص.41 :
تثبت و اقعة انتقال الشقص المشفوع إلى المشفوع منه بعوض في الفقه المالكي بالطرق التي
تثبت بها الحقوق المالية ،وأن المشرع المغربي لم يحدد وسيلة معينة ،مما أمكن القول معه
بإمكان اعتماد جميع الوسائل الممكنة إلثبات تحقق و اقعة البيع أو التفويت بعوض ،ولعل
أهمها:
فالطريقة التي يمكن أن يثبت بها الشفيع انتقال الشقص إلى المشفوع منه عن طريق
المعاوضة هي أن يشهد عدالن ،أو من يقوم مقامهما بوقوع هذه المعاوضة ،كأن يلجأ طالب
الشفعة إلى اإلتيان بشهادة لفيفية إلثبات وقوع البيع .غير أن السلطة التقديرية تبقى ملحكمة
الموضوع للحكم بذلك ،أو رفضه على ضوء وثائق الملف ومستند علم شهود اللفيفية بو اقعة
البيع .944فإذا كان هذا المستند هو السماع ،فإنه ال يعادل املجاورة من حيث اليقين.945
وقد كان العمل يجري على أن من حق الشريك الذي يطالب بالشفعة أن يطلب من املحكمة
تكليف المدعى عليه بان يدلي برسم شرائه لذلك الشقص ،وكان يكلف المشفوع منه بذلك ،إال
أن الكثير من املحاكم أصبحت ال تستجيب لهذا الطلب .وذلك بالنظر إلى أن القواعد تقتض ي بأن
المدعي هو المكلف بإثبات دعواه ،كما أنه من المعروف أن املحكمة ال تقيم الحجة للخصم وال
تعينه على إقامتها ،لذلك أصبح من الالزم على المدعي الذي يطلب الحكم له بالشفعة أن يثبت
موجباتها بما فيها انتقال الشقص إلى المدعى عليه بعوض.946
لكن غالبا ما يتعذر على طالب الشفعة الحصول على نظير لرسم الشراء على اعتبار أن عقد
الشراء قد يكون مجرد وثيقة عرفية محررة بين الطرفين يحتفظ بها المشتري ،فال يتأتى للشريك
الحصول على نسخة منها ،مما يستدعيه األمر إثبات و اقعة البيع بوسائل أخرى947.
وأحسنت مدونة الحقوق العينية صنعا لما حددت الجهات املخول لها توثيق التصرفات
العقارية ،948وما تخضع له محرراتها من شكليات ،بما فيها املحررالثابت التاريخ ،األمرالذي يسهل
الحصول على نسخ من العقود المبرمة بشأن تلك التصرفات لمن له الحق فيها ،وبما في ذلك
الشفيع ،وذلك في إطارالضوابط القانونية.
يمكن للشريك إثبات المعاوضة بإقراركل من البائع بالبيع ،والمشتري بالشراء ،فإذا أقرا معا
ضمن إقرارهما بمحضراالستجواب ،949أخذ الشفيع الشقص المشفوع.
لكن قد يحدث أن يقر البائع بالبيع ،وينكر المشتري أو يسكت عنه أو يكون غائبا ،فهل تثبت
الشفعة للشفيع؟.
لإلجابة عن هذا ،فقد جاء في المدونة" :أرأيت إن أقرالبائع بالبيع وجحد المشتري البيع ،وقال
لم أشترمنك شيئا ،ثم تحالفا وتفاسخا البيع ،فقام الشفيع ،فقال :أنا آخذ الشفعة بما أقررت لي
أيها البائع؟ قال :ما سمعت من مالك فيه شيئا ،وال أرى فيه شفعة ،950ألن إنكار المشتري للشراء
أصل ،فيصدق ،951أما إقرار المشتري بالشراء في غيبة المالك ،فإن الشفيع ال يأخذ بالشفعة إال
ببينة على الشراء ،ألن الغائب قد ينكرفيأخذ داره ويرجع على المشتري باألجرة إال أن يقض ي قاض
بإقراره.952
وإذا حدث أن أقرالمشتري بالشراء وحده ،و أنكره البائع فال شفعة؛ إذ ال يحكم بالشفعة بناء
على إقرارالمشتري وحده بالبيع ،لكونه إقرارعلى الغير ،حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض:
-948تنص المادة 2من مدونة الحقوق العينية بما نصه ":يجب أن تحرر-تحت طائلة البطالن-جميع التصرفات المتعلقة
بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر
رسمي ،أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض ،مالم ينص قانون خاص على
خالف ذلك".......
-949قرار عدد 041. :الصادر بتاريخ ../14/00في الملف العقاري عدد ،.9/4442 :لدى عبد العزيز توفيق ،م س،
ص.044 :
-950رواية اإلمام سحنون" ،المدونة الكبرى" دار الكتب العلمية بيروت .444/2 ،اإلمام عبد الرحمان الطرابلسي،
الحطاب"مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" دار الفكر الطبعة الثالثة0204ه ـ0..4م.442/2 ،
-951اإلمام القرافي" ،الذخيرة" ،دار الغرب اإلسالمي بيروت الطبعة االولى0..2م.441/0 ،
-952اإلمام القرافي ،ن م .490/0 ،
"أنه ال يحكم بثبوت الشفعة أو عدمها إال بعد ثبوت البيع ،إذ ال يحكم بين اثنين في مال ثالث ،وال
يحكم بإقرارالمشتري والشفيع حتى يثبت عنده البيع".953
وجاء في قرارآخرما مفاده "تطبيقا لقاعدة 'أن ال يحكم بين اثنين في مال ثالث' فإن القاض ي ال
يحكم باستحقاق الشفعة إال بعد ثبوت سببها وهو الشراء ،فإذا لم يثبتها و أنكرها المشتري ،فإن
القول قول هذا األخيربيمينه ،سواء أقرالبائع بالشراء أو ال .ألن إقراره وحده بعد البيع ال يكون له
أثرلكونه أصبح أجنبيا ،و إقراراألجنبي على غيره ال يفيد.
وإن املحكمة عندما اعتمدت في إثبات الشراء على محضراالستجواب المتضمن إلقرارالبائع
بالبيع ،فإنها تكون قد خالفت وسائل اإلثبات المعمول بها فقها في دعوى الشفعة .954وهو ما أشار
إليه الشيخ خليل عند حديثه عن مسقطات الشفعة بقوله" :أو أنكرالمشتري الشراء وحلف و أقر
به بائعه".955
إال أن محكمة النقض تراجعت عن هذا التوجه في عدة قرارات؛ ألن الغير المراد حمايته وفر
له المشرع عدة مساطر قانونية كالتدخل االختياري ،والتعرض الخارج عن الخصومة ،ومبدأ
نسبية األحكام.956
وهكذا جاء في قرار ملحكمة النقض" :إذا أقر المطلوب بوقوع الشراء لزمه هذا اإلقرار وأعفي
طالب الشفعة من إثبات الشراء ،ويمكن لمن تضرر من هذا القرار أن يطعن فيه ،كما يمكن أن
يدفع بنسبية األحكام .ولهذا يكون تعليل املحكمة لرفض األخذ باإلقراربالشراء بأنه ال بد من إثباته
حتى ال يحكم في مال ثالث غيرمرتكزعلى أساس.957
ويرى بعض الفقه أن محكمة النقض لم تكن على صواب عندما تراجعت عن تطبيق القاعدة
التي قررها الفقهاء وسار عليها العمل منذ القديم ألنها القاعدة التي تحافظ على مصلحة الجميع.
أما القاعدة التي أقرها القضاء فهي تؤدي إلى المساس بحقوق الغير الذي هو الشريك الذي زعم
-953قرار عدد 042الصادر بتاريخ .يناير 0.92لدى عبد العزيز توفيق ،م س ،ص.021 :
-954القرار رقم 02.. :الصادر بتاريخ 2 :ماي 0..2في الملف المدني عدد ،.1/291 :عبد العزيز توفيق ،م س ،ص:
.22
-955العالمة خليل" .مختصر خليل"تحقيق احمد جاد دار الحيث القاهرة الطبعة االولى 4112م ص0.2:
-956أمينة ناعمي ،اإلثبات في دعوى الشفعة" مجلة الحقوق المغربية الجزء األول الطبعة األولى ،ص.024 :
-957قرار عدد 42 :الصادر بتاريخ ،0.21/0/44ملف شرعي عدد ،914.1. :منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى،
عدد 40 :لسنة .0.20ص.012 :
المشفوع منه أنه اشترى منه نصيبه ،958استنادا على مجموعة من الحجج ،إذ إن الحكم بالشفعة
بناء على مجرد إقرارالمشفوع منه بالشراء قد يؤدي إلى ضياعه حق المالك الحقيقي لتلك الحصة
المشفوعة .كما يعتبرهذا اإلقرار في حقيقته دعوى ال إقرارا ،ألنه يترتب عليه أن يحكم على طالب
الشفعة بتمكين هذا المشفوع منه من ثمن تملك الحصة وما يدعي صرفه في سبيل الحصول عليها.
ولذلك يكون اعتر افه بمثابة ادعائه أنه يستحق مقابل الشفعة أي المشفوع به .وأن القول بأن
المسطرة المدنية حافظت على حقوق الطرف الثالث عن طريق التدخل في الدعوى أو عن طريق
تعرض خارج عن الخصومة ،أو عن طريق الدفع بنسبية األحكام؛ ال يكفي إلهدارقاعدة فقهية سار
عليها العمل طويال.959
وأمام هذه المو اقف يمكن القول إنه في الحالة التي يقر فيها المشتري بالبيع ويكون المبيع
بحوزته ،فإن إقراره هذا يكفي إلثبات وجود معاوضة إن أنكر البائع .أما في الحالة التي يقر فيها
المشتري بالبيع وينكرالبائع ،والمبيع بيد هذا األخير ،فإنه ال يمكن القول بثبوت البيع ،وبالتالي فال
شفعة إال بعد أن يكون البيع ثابتا .أما إذا أنكره البائع والشقص بيده و أقر المبتاع بالشراء فال
شفعة إال بعد صدورالحكم بكون البيع ثابتا.960
إضافة إلى البينتين السابقتين ،يمكن اللجوء إلى يمين اإلنكاراستنادا لقول صاحب التحفة:
وقول الشيخ خليل في مختصره" :أو أنكرالمشتري الشراء وحلف و أقر به بائعه 962"..فإنه إذا
أنكرالمشتري الشراء ولم يتمكن الشفيع إثباته ،يحق له توجيه اليمين له – المشتري – وهي يمين
اإلنكارالتي مع عدم أدائها يترتب عليها الحق للشفيع.963
وصفوة القول مما سبق أن إثبات و اقعة انتقال الملك بعوض ،أن فقهاء المالكية وعلى
منوالهم المشرع المغربي لم يحددا أي وسيلة لإلثبات وتركا األمر للقواعد العامة .ولهذا يجب أن
تقبل من الشريك طالب الشفعة إثبات انتقال الملك إلى المشفوع منه بكل الطرق التي تثبت بها
دعاوى الحقوق المالية.
فالعقد يرتكزعلى عنصرين هامين :األول :اإلرادة الظاهرة ،والثاني :اإلرادة الباطنة ،وهي النية.
فإذا ما اختلفت اإلرادتان ،أي اختالف الصيغة عن اإلرادة الحقيقية .فهل ينبع الحكم لإلرادة
الخفية أم العبارة الظاهرة؟ مع داللة القرينة على عدم إرادة المتعاقد لما أظهرته العبارة ،سواء
صدرت هذه العبارة منه بغيرقصد أم كانت تحت تأثير اإلكراه ،أم بمجرد التظاهروالتفاخر...
فإذا تو افقت اإلرادتان الخفية والظاهرة ،كان العقد حقيقيا صحيحا ،وإذا ما تعارضت
اإلرادتان ينتج عنهما عقدان ظاهرصوري وآخرحقيقي مستور.
وان الفقه اإلسالمي يعتبر العقد منعقدا بمجرد تبادل طرفين معبرين عن إرادتهما بإيجاب
وقبول متو افقين ،وموضوع العقد أو المقصد األصلي للعقد ،والمالكية بالخصوص ،أن العقد
عندهم يصبح باطال إن دل على وجود قصد فاسد؛ سدا للذريعة.964
وغالبا ما يكون الغرض أو الغاية من الصورية هو التهرب من رسمية العقد المستتر ،التي لو
ظهرت في ثوبها الحقيقي لترتبت عنه آثارغيرالمترتبة عنه كالبيع في صورة الهبة .فالعقد الظاهرهو
الهبة ،وهي عقد صوري مستوفية لجميع أركانها وشروطها ،والعقد المستتر هو البيع ،وهو العقد
الحقيقي .ولو ظهرهذا القصد لطالب الشفيع بحقه.
هذا يطال العقد بكامله ،لكن قد ال تتناول الصورية وجود العقد أو نوعه ،بل ركنا أو شرطا
فيه ،كأن يعقد بيعا يذكر فيه ثمنا أكبر من الثمن الحقيقي ،تهربا من األخذ بالشفعة ،ففي هاتين
الحالتين معا يبطل العقد الظاهرويثبت حق الشفعة للشفيع ،إذا أثبت ذلك.
ولمالمسة هذا الجانب ،أخصص له نقطتين :أتناول في األولى إثبات صورية العقد ،وفي الثانية
إثبات الثمن.
-964ابن رشد" ،بداية المجتهد ونهاية المقتصد" ،دار الحديث القاهرة 0242هـ 0..4م .449/4 ،ابن قدامة" ،المغني"مكتبة
القاهرة0422.ه0.92/م الجزء .440/2
إن الثابت في دواوين الفقه المالكي أنه ال شفعة في التبرعات كالصدقة والهبة لغيرثواب لقول
صاحب التحفة ..." :والمنع في التبرعات مفترض" .965وسار على المنوال نفسه المشرع المغربي في
مدونة الحقوق العينية ،حيث نصت المادة 181منها" :أنه ال شفعة فيما فوت تبرعا ما لم يكن هذا
التبرع صوريا أو تحايال" .لكن قد يلجأ البعض إلى إخفاء المعاوضة وإظهار التبرع ليحرم الشريك
من ضم الحصة إلى حصته ،األمر الذي ينبغي معه على الشفيع إثبات سرية المعاوضة ،ومنها
القرائن القوية المكذبة لدعوى التبرع ،وحلف المتبرع عليه على عدم المعاوضة ،متهما كان أم ال،
ما لم يكثرالحيل ،وإال وجبت الشفعة للشفيع.966
فقد جاء في المعيار أنه سئل أبو عمر بن المكوي االشبيلي عن مسألة نزلت ،وهي إذ ذلك من
عمل األندلس ،وذلك أن الفقيه يحيى بن تميم من أهلها ،اشترى حصة من حمام فيه شريك،
وأشهد البائع للفقيه يحيى بن تميم في الظاهرأنه تصدق عليه ليقطع بذلك الشفعة ،فقام الشريك
يطلب الشفعة فأجاب فقهاء سبتة بعدم الشفعة ،وقال الشفيع للقاض ي ال أرض ى بفتوى فقهاء
الحضرة ،فرفع إليه السؤال على وجهه و أفتى أبي عمر" :هذه من حيل الفجار ،وأرى الشفعة
واجبة .967ووجوب الشفعة هو الظاهروالمتعين عندما دلت القرائن على كذب التبرع ،ويثبت ذلك
بالقرائن والمالبسات القوية.968
ويستطيع الشفيع إثبات التوليج أو الصورية بسائر وسائل اإلثبات ما دام لم يكن طرفا في
العقد منها اليمين على المشتري 969لرفع تهمة التواطؤ مع البائع ،وهذه يطلق عليها يمين التهمة،
ألنها غيرقابلة للرد على الشفيع الذي يعفى من اإلثبات بمجرد نكول خصمه عن أدائها ،وتوجه إذا
كانت التهمة قوية.
ومن المعروف أن يمين التهمة ال تنقلب بمعنى أن المتبرع عليه إذا نكل عن هذه اليمين ،فإن
الشريك يستحق الشفعة بمجرد هذا النكول ،وال يطالب بأن يحلف على أن العقد صوري و أنه
يخفي معاوضة .970استنادا لقول المتحف:
وتهمة إن قويت بها تجب يمين المتهم وليست تنقلب971
وقد أكد هذا التوجه القضاء المغربي ،حيث جاء في أحد قرارات محكمة النقض أنه إذا ثار
نزاع بين الشفيع والمشتري حول نوع التصرف فادعى الشفيع أنه بيع في حين تمسك المشتري
بكونه صدقة أو هبة أو غيرها من التبرعات ،فالقاعدة هي تكليف الشفيع بإثبات ما يدعيه من
صورية 972بجميع الوسائل ما دامت القاعدة تقتض ي أن الصورية يمكن إثباتها بالنسبة للغيربكافة
وسائل اإلثبات .973فله أن يثبتها بالقرائن والشهود ،ألنها تشكل بالنسبة للغير مجرد و اقعة،
والوقائع تثبت بجميع وسائل اإلثبات.974
وإذا كان المدعي (الشفيع) له الحق في إثبات الصورية بجميع وسائل اإلثبات ،فإن هذه
الوسائل يجب أن تكون قوية خالية من اللبس ،بحيث تتكون قناعة غير قابلة للشك لدى
القاض ي.975
وقد سلكت محكمة النقض هذا المسار في قراراتها ،والتي جاء في أحدها" :بمقتض ى الفصل
202من قانون االلتزامات والعقود ،فإن القرائن التي يمكن للقاض ي أن يعتمدها في قضائه هي
القرائن القوية الخالية من اللبس ،أما القرائن المبنية على الظن والتضمين واالستنتاج الفاسد
فال يعتد بها ،وأن اعتماد املحكمة فيما قضت به من صورية عقد الهبة وإخفائه بيعا على فقر
المتصدقة وبخلها وغنى الموهوب لها ،يفقد قرارها األساس القانوني ويجعله معلال تعليال فاسدا
يوازي انعدامه.976
إذا ثبت الشراء في دعوى الشفعة ،وأن الثمن المسطر بالرسم اختلف فيه ،بحيث دفع
الشفيع أن الثمن المذكور غير حقيقي و أنه صوري .أو قد يحدث اختالف بين البائع والمشتري
والشفيع على الثمن ،فمن من هؤالء يصدق؟.
جاء في المدونة" :أرأيت إن قال المشتري اشتريتها بمائة دينار ،وقال الشفيع :بل اشتريتها
بخمسين دينارا ،وقال البائع :بل بعتها بمائتي دينار ،قال :إن كانت الدارفي يد البائع أو يد المشتري،
ولم تفت بطول الزمان ،أو بهدم الدارأو تغييرالمساكين أو ببيع ،أو بهبة ،أو بصدقة ،أو بما تخرج به
من ملك المشتري ،فالقول قول البائع ،وإن تغيرت الدار بما ذكرت لك ،وهي في يد المشتري وقد
قبضها ،فالقول قول المشتري ،وهذا قول مالك في البيوع ثم يأخذ الشفيع على مثل ذلك .977وإن
اختلف الشفيع والمبتاع في الثمن صدق المبتاع (المشتري) ألنه مدعى عليه ،إال أن يأتي بما ال
يشبه مما ال يتغابن الناس عن مثله فال يصدق .978فمثال إذا كان العقارثمنه المعروف لدى الناس
هو عشرون ألف درهم ،وادعى المشتري أكثرمن ذلك ،فال يصدق ،ألنه أتى بما يشبه.979
وتصديق المشتري بما ادعاه من ثمن؛ ألنهما –البائع والمشتري-بمنزلة من ال بينة لهما ،والدار
في يده.980
بقي أن نشيرإلى حالة اختالف المشتري مع الشفيع في قيمة الشقص ،فالوقت الذي ينظرإلى
قيمته هو يوم الصفقة أو يوم العقد ،فإن كان مستهلكا صدق المشتري مع يمينه في قيمته.981
ويجوز للشفيع تحليف المشتري بيمين التهمة من أن الثمن ظاهره كباطنه ال تدليس فيه ،إذا
لم يكن الثمن مدفوعا بالمعاينة ،ألن في هذا الباب مبنية على التهمة ،وقد حصل ما ينفي االتهام.
وال تنقلب اليمين لكثرة تحايل الناس ولفسادهم ،ويستثنى من ذلك المبرز في العدالة،
المنقطع الصالح والخيرفال يحلف.982
أما موقف القضاء بخصوص الثمن المسطر في العقد فإنه جاء في أحد قرارات محكمة
النقض ما نصه" :وإذا ادعى الشفيع أن الثمن المصرح به في عقد البيع أكثر من الثمن الحقيقي،
وأن المشتري عمد إلى رفعه ليمنع الشفيع من ممارسة حق الشفعة ،وطلب أدائه اليمين على أن
الثمن المذكور في عقد الشراء ظاهره كباطنه ،وجب على املحكمة االستجابة إلى طلبه ،تكون
املحكمة التي أيدت الحكم القاض ي على المشتري بأداء اليمين المذكورة قد طبقت قواعد الفقه
المالكي تطبيقا سليما.983
إن الشفعة في العقاراملحفظ ال تثبت إال في البيع دون غيره من المعاوضات .كما أن هذا البيع
ال يكون له أثرفي مواجهة الغيرإال إذا سجل في الرسم العقاري.984
ويبقى إثبات هذا البيع رهينا بتقييده بالرسم العقاري ،إذ أن الوسيلة التي تقبل في إثبات هذا
الشراء هي أن يدلي الشفيع بشهادة من املحافظة العقارية تثبت أن تلك الحصة انتقلت إلى المدعى
عليه بعوض .985هذا ما نصت عليه الفقرة األخيرة من المادة 503بنصها" :فإذا كان العقارمحفظا
يتعين عليه – طالب الشفعة – تقييد البيع بالرسم العقاري".
لكن قد يحدث أن ال يقوم الشخص الذي انتقلت إليه الحصة المبيعة بإجراء هذا التقييد
بالرسم العقاري ،فهل في هذه الحالة يمكن لطالب الشفعة أن ينتظر إلى حين قيام المشتري بهذا
التقييد ،بعدها يثبت هذا األخيرليستحق الشفعة بشروطها؟ أم بإمكانه إلزام المشتري على إجراء
هذا التقييد بالرسم العقاري حتى يتمكن من ممارسة حقه في الشفعة؟ لتسليط الضوء على هاتين
الحالتين ،أخصص الحديث عنهما في فقرتين:
إثبات انتقال الحصة إلى المدعى عليه ال تتم إال بعد تقييد هذا الشراء بالرسم العقاري ،ألنه
وحسب الفصل 30من ظهير التحفيظ العقاري ،986فإن التصرفات الواردة على العقار املحفظ
كيفما كان نوعها ال أثر لها فيما بين المتعاقدين إال من تاريخ التقييد بالرسم العقاري ،وبذلك
فالبيع غير المقيد ال ينقل الملكية حتى فيما بين المتعاقدين .ويترتب على ذلك أن المشتري ال
يصبح مالكا للعين المبيعة ما دام لم يقيد شراءه ،وبالتالي فإنه ال يمكن استحقاق الشفعة قبل
تقييد البيع بالرسم العقاري ،987ولو أثبت الشفيع ذلك البيع عن طريق اإلدالء بنسخة من
العقد.988
وعليه فإن ممارسة حق الشفعة في العقار املحفظ ال تجوز إال في البيع المقيد ،ألن الوجود
القانوني للحق ال ينشأ إال بتقييده في الرسم العقاري ،989حيث ينتج عن عدم التقييد عدم االعتراف
به و إبقائه في طي الكتمان ،ألن المشتري للعقاراملحفظ ال يصيرمالكا إال بتمام إجراء التقييد.990
كما أكد القضاء المغربي هذا التوجه ،حيث جاء في قرار ملحكمة النقض أنه" :لما قضت
املحكمة برفض طلب الشفعة بعلة عدم تسجيل البيع المراد شفعته في الرسم العقاري تكون قد
طبقت الفصل 30من ظهيرالتحفيظ العقاري تطبيقا سليما.991
بهذا الموقف يكون االجتهاد القضائي المغربي قد حافظ على المبادئ واألسس التي يبنى عليها
قانون التحفيظ العقاري والمنصوص عليها بالفصول 30و 33و 30من ظهيرالتحفيظ العقاري.
وعليه فلعملية التقييد بالرسم العقاري أهمية كبيرة سواء فيما بين المتعاقدين أو اتجاه
الغير ،إذ إنه ما دام ال يوجد ما يثبت انتقال الحصة للغير فالشفيع ال يمكنه االستشفاع ،ذلك أن
-986الفصل : 90إن األفعال اإلرادية واالتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عين أو نقله إلى الغير أو اإلقرار به أو
تغييره أو إسقاطه ،ال تنتج أي أثر ولو بين األطراف إال من تاريخ التقييد بالرسم العقاري ،دون اإلضرار بما لألطراف من
حقوق في مواجهة بعضهم البعض ،وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم".
-987آمال برنوسي" ،ممارسة حق الشفعة في العقار المحفظ" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر :قانون العقود والعقار .كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة .السنة الجامعية ،4110/4119ص.0 :
-988ابن معجوز" ،أحكام الشفعة" ،م س ،ص.202 :
-989عبد السالم زيزون" ،إشهار الحقوق العينية" ،مجلة التحفيظ العقاري عدد 2 :أكتوبر ،0..2ص.01 :
-990محمد بونبات" ،قوانين التحفيظ والتسجيل والتجزئة العقارية" ،منشورات كلية الحقوق مراكش ،السنة الجامعية:
،0..0/0..9ص.099 :
-991قرار عدد 2201 :بتاريخ 0.../01/12في الملف المدني عدد ،22/4190 :عبد العزيز توفيق ،م س ،ص.204 :
ثبوت انتقال الحصة من أحد الشركاء للغير ال تتم إال عن طريق تقييد البيع بالرسم العقاري ،إذ
وبمقتض ى هذا التقييد يمكن للشفيع اإلدالء بشهادة من املحافظة العقارية والتي بمقتضاها يثبت
البيع.992
وبالتالي فإن توجه المشرع المغربي والقضاء يعتبر توجها سليما لعدة اعتبارات منها :أنه وفر
وسيلة حماية للشفيع وسهل عليه األمر بالنسبة إلثبات و اقعة البيع باإلضافة إلى أنه حافظ على
المبادئ التي بني عليها قانون التحفيظ العقاري.
لكن ما هو الحل إذا ما تم بيع جزء شائع منه لمشتري ،و أبى هذا األخير تقييد شرائه على
الرسم العقاري؟.
سبق القول بأن كال من المشرع المغربي والفقه والقضاء قد اتخذوا موقفا صريحا يتمثل في
كون الشفعة ال تجب إال في البيوع المقيدة ،لكن بالرغم من ذلك فقد اختلف الرأي فيما إذا كان
البيع غير المقيد ينهض كحجة لممارسة حق الشفعة .993فرأى بعضهم جواز األخذ بالشفعة ولو
أن العقد لم يقيد ،ألن البيع يبقى محتفظا بالوصف القانوني وينعقد صحيحا ،فيجوز األخذ فيه
بالشفعة ولولم يقيد بالرسم العقاري .994والذي أيدته محكمة النقض في أحد قراراتها حيث قضت
بجوازممارسة حق الشفعة في البيع غيرالمقيد.995
-992لمياء جبروني" ،حماية الشفيع في العقار المحفظ" رسالة لنيل شهادة الماستر :قانون العقود والعقار .كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة .السنة الدراسية ،411./4112ص.02 :
-993محمد خيري" ،الملكية ونظام التحفيظ في المغرب" ،مكتبة المعارف الجديدة الرباط ،الطبعة األولى ،0.29 ،ص.249 :
-994منتصر الداودي" ،مسطرة التحفيظ العقاري وأثرها وإشهار الحقوق العينية وتسجيلها على الرسم العقاري" ،مداخلة في ندوة
العقار المنعقدة بالرباط بتاريخ 9نونبر ،0.02ص.024 :
-995قرار رقم 222الصادر بتاريخ 41شتنبر 0.09عن الغرفة المدنية ،عبد العزيز توفيق ،م س ،ص.41 :
لكن القضاء سرعان ما تراجع عن هذا الموقف في القرارات المتواترة عنه ،فجاء في أحد
قرارات محكمة النقض أن عقد البيع الذي طلبت الشفعة بموجبه قبل تسجيله بالرسم العقاري
ال يعتمد في األخذ بالشفعة.996
ويبقى اإلشكال المطروح هو الحالة التي ال يعمد فيها المشتري إلى تقييد البيع بالرسم
العقاري ،فكيف للشفيع في هذه الحالة أن يستحق الشفعة؟ وكيف يمكن إثبات البيع الذي يعتبر
شرطا أساسيا لممارستها؟.
إذا كانت القاعدة المقررة أن الشريك ال يمكنه أن يطلب الشفعة إال بعد تسجيل الشراء
بالرسم
العقاري ،فإنه يمكن القول أن الشفيع يبقى على حقه في الشفعة إلى حين تقييد البيع بالرسم
العقاري.997
وما دام أن الشفيع يبقى على حقه ،فبإمكانه االنتظار إلى حين تقييد البيع ،وبعد ذلك يدلي
بشهادة من املحافظة العقارية تثبت و اقعة البيع ،وهذا الحل أخذ به بعض الفقه ،998إذ جعل
للشريك الحق في أن ينتظر إلى أن يقوم المشتري بتقييد شرائه بالرسم العقاري ولو لم يقم
المشتري بذلك التقييد إال بعد عدة سنوات.999
لئن كان هذا الرأي وجيها وسديدا فإنه يضربمصالح الشفيع ،وذلك بطول المدة التي ينتظرها،
وما يترتب عليها من مصاريف ،خصوصا إذا طرأت على المشفوع تحسينات ،وكذا ما أداه المشفوع
منه لحفظه وإدارته.
وما دام األمر كذلك فهل بإمكان الشفيع إجبار المشتري على تقييد شرائه ليتمكن من إثبات
تقييد البيع بالرسم العقاري وبالتالي ممارسة حقه في الشفعة؟.
-996القرار رقم 2224 :الصادر بتاريخ 42أكتوبر 0..2في الملف المدني عدد .42/.22 :عبد العزيز توفيق ،م س،
ص01 :
-997قرار محكمة النقض عدد 2224 :صادر بتاريخ ،0..2/01/42 :ملف مدني عدد ..2/.22 :قضاء المجلس االعلى
عدد 22لسنة .0..9ص.09. :
-998ابن معجوز" أحكام الشفعة ،م س ،ص.21. :
-999ابن معجوز "أحكام الشفعة"...م س ،ص.21. :
لقد أجابت محكمة النقض على هذا السؤال حين منحت الشفيع إمكانية التقدم بدعوى في
مواجهة المشتري يطلب فيها من املحكمة أن تأمر بتسجيل شرائه في الرسم العقاري حتى يتمكن
الشفيع من استعمال حقه .وقد عللت محكمة النقض هذا التوجه في قرارها الذي جاء فيه" :أن
انتقال هذه الحصة من البائع إلى المشتري ثم إلى الشفيع يقتض ي التسجيل بالرسم العقاري
باعتبار أن الحقوق العينية المتعلقة بالعقار املحفظ ال تكون لها أي قيمة ما لم يقع إشهارها
بالتسجيل المذكور .فالشفعة تستلزم أن يسجل الشراء حتى يتسنى أن تسجل هي أثره .فالقانون
الذي يعطي للشريك على الشياع الحق في الشفعة هو الذي يعطي له حق إلزام المشتري بتسجيل
هذا الشراء.1000
كما قضت في قرار آخر أنه" :ما دام تسجيل شراء الحصة المطلوب شفعتها على الرسم
العقاري يعد إجراءا ضروريا إلشهارالحكم بشفعتها ،فإن للشفيع المصلحة في أن يطلب إلى جانب
استحقاق شفعة هذه الحصة ،إلزام المشفوع منه بأن يسجل شراءه على الرسم العقاري.1001
بهذا التوجه يكون المشرع واالجتهاد القضائي قد سهل عملية إثبات البيع بالنسبة للشفيع ما
دام أن مسألة إثبات البيع بالعقاراملحفظ ال تطرح أي إشكال ،إذ يكفي الشفيع اإلدالء بشهادة من
املحافظة العقارية تثبت أن تلك الحصة انتقلت إلى المدعى عليه عن طريق البيع.
وإذا أثبت الشريك شراء المطلوب بالشفعة للحصة التي يطلب شفعتها فال يقبل من هذا
المشتري أن يدعي أن ذلك البيع صوري يخفي تبرعا أو هبة ولو أثبته ،لما هو معروف أن للغير في
الصورية أن يتمسك بالعقد الظاهردون العقد الباطن ،أما إذا ادعى الشفيع بصورية البيع فإن له
إثبات هذه الصورية بجميع وسائل اإلثبات.
وفي آخر هذه الفقرة ال بد من أن أبدي مالحظتي البسيطة حول مسألة أن الشفعة في العقار
املحفظ ال تثبت إال في البيع دون غيره من المعاوضات .ولئن كان هذا التوجه سديدا وله مبرراته
فإنه ال مانع من ثبوت الشفعة في سائرالمعاوضات من مناقلة وصلح ،وهبة الثواب ...شريطة تقييد
هذه التصرفات بالرسم العقاري .وذلك على اعتبارأن هذه المعاوضات تأخذ أحكام أقرب العقود
-1000قرار عدد 24.الصادر بتاريخ ،0.22/4/9ملف مدني عدد ،.24. :منشور بمجلة القضاء والقانون ،عدد 042و
049يناير ،0.29ص.092 :
-1001قرار رقم 0.00 :صادر بتاريخ ،0..4/10/44ملف مدني عدد ،2./04.0منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى
عدد ،29نونبر ،0..4ص.29 :
إليها الذي هو البيع .حيث إنه من الثابت في دواوين الفقه المالكي أن هذه المعاوضات المنصبة
على المثليات فهي بيع صحيح مستجمع ألركانه وشروطه.
وبالتالي فإن إثبات الشفعة في العقاراملحفظ القاصرعلى البيع فقط ليس له ما يبرره ،ما دام
أن المعاوضات األخرى بيعا.
خاتمة:
إن الشقص المشفوع إذا انتقل بغيرعوض في صورة تبرع فإنه ال شفعة؛ وال حق للشفيع فيه؛
لذلك يعمد البائع والمشتري إلظهار هذا األخير-التبرع -وإخفاء حقيقة التصرف المبرر للشفعة،
األمرالذي يتعين معه طالب الشفعة إثبات التصرف الناقل للملكية حتى يتأتى له ممارسة حقه.
وهذه الوسائل تختلف باختالف العقارأهو عقارغيرمحفظ أم محفظ؟ .فإن كان غيرمحفظ
فإن ما يلجأ إليه من وسائل إثبات ذلك نجد الشهادة؛ كأن يشهد عدالن أو من يقوم مقامهما ،أو
باالعتماد على شهادة لفيفية إلثبات و اقعة البيع .ثم كذلك بإقراركل من البائع بالبيع والمشتري
بالشراء؛ فإذا أقرا معا أخذ الشفيع الشقص المشفوع .باإلضافة إلى هذا يمكن إثبات الصورية
بالقرائن القوية.
وفضال عن هذا فإن الشفيع والمشتري قد يختلفا حول ثمن الشقص؛ بحيث يعمد طرفا
العقد-البائع والمشتري -إخفاء الثمن الحقيقي وإظهارثمن أعلى منه؛ بغية إبعاد الشفيع من طلبه
استشفاع الحصة .ففي هذه الحالة تطرح مسألة إثبات الثمن الحقيقي؛ وذلك باالعتماد على
توجيه يمين التهمة للمشتري من أن الثمن ظاهره كباطنه .ثم كذلك بالنظرإلى قيمة الشقص لدى
الناس ،فإذا كان الثمن المسطرأكثرمن قيمته فال يصدق.
أما العقار املحفظ فإن وسيلة إثبات الشراء تبقى رهينة بتقييده بالرسم العقاري؛ آنذاك
يمكن للشفيع أن يدلي بشهادة من املحافظة العقارية تثبت أن الحصة انتقلت إلى المشفوع منه
بعوض .وإذا حدث أن هذا األخير لم يقم بتسجيل شرائه؛ فإن الشفيع عليه سلوك طريقين :إما
أن ينتظر حتى يتم التسجيل ،أو تقديم دعوى لمطالبة المشتري بتسجيل شرائه على الرسم
العقاري حتى يتأتى له األخذ بحقه في الشفعة.
المصادروالمراجع المعتمدة:
-8عثمان بن المكي الزبيدي" توضيح األحكام شرح تحفة الحكام" المطبعة التونسية.
-13ابن معجوز" أحكام الشفعة في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي " مطبعة
النجاح الجديدة
أمينة ناعمي" اإلثبات في دعوى الشفعة" مجلة الحقوق المغربية الجزء -18
األول.
عبد السالم بن زروع" انطالق آجال الشفعة في ثبوت االستحقاق في قضاء -21
املجلس األعلى" رسالة الدفاع .العدد ( .)0دجنبر .5882
بوطلحة امبارك" مسائل اليمين الشرعية في الشفعة" رسالة املحاماة مجلة -21
تصدرها هيئة املحامين بالرباط العدد 55سنة .5880
عبد السالم زيزون" اشهارالحقوق العينية" مجلة التحفيظ العقاري عدد()0 -22
أكتوبر.3000
ولما كان المشرع العراقي لم يصدر قانونا ال لحماية المستهلك وال لتنظيم العقود
االلكترونية فإن البحث في حماية المستهلك في عقود التجارة االلكترونية اخذ يكتس ي بأهمية
بالغة اذ ال مناص واالمر هكذا من الرجوع الى القواعد العامة ومحاولته تلمس احكام يمكن
تطويعها إلقرار هذه الحماية بيد ان اهمية الموضوع على هذا النحو ال يلغي ما يكتنف دراسته
من صعوبات بالغة وذلك ان البحث في القواعد العامة التي استقرت في التشريع وفي التفسير
القضائي وترسخت بمبادئ عامة استقرت في العمل القضائي ومحاولة تطويع هذه القواعد
لحكم حاالت مستجدة في اطارها العام .
ان التضليل يتداخل مع الكذب في االعالن التجاري وهو ما يوجب تحديدهما وكذلك
بيان معيارالتضليل في االعالن وتوضيح اساليب التضليل في االعالن التجاري وهذا ما سنبحثه
في
المطلب األول :ونبحث االعالن التجاري عن طريق المقارنة بين السلع و منتجها في
المطلب الثاني :باإلضافة الى بحث االعالن المضلل في القانون العراقي في المطلب الثالث وكما
يأتي:
يتداخل االعالن المضلل مع مفاهيم اخرى تقترب منه كثيرا منها الكذب والخداع
االعالني مما يقتض ي تحديدها بدقة الكذب هو لغة االخبار عن شيئ بخالف ما هو عليه في
الو اقع 1002فالكذب االعالني هو ادعاء او زعم مخالف للحقيقة الهدف منه تضليل المستهلك
عن طريق تزييف الحقيقة او اصدار تأكيدات غير صحيحة او غير مطابقة للو اقع او ال يمكن
الوفاء بها من الناحية العملية .
والكذب يحتوي على عنصرين احدهما مضمون كاذب واالخر قصد الغش وتزييف
الحقيقة ويذهب االتجاه الغالب في الفقه والقضاء الفرسيين في ظل قانون 50كانون االول
3001الى عدم ضرورة ان يكون االعالن قد تم بسوء نية ليكون مضلال بل يكفي ان يكون
المضمون كاذبا بصرف النظرعن حسن نية المعلن اوسوئها 1003والكذب قد يكون بعمل ايجابي
او قد يتحقق بموقف سلبي اي بالسكوت عن و اقعة لو علم المتعاقد بها لما اقدم على التعاقد
اما االعالن المضلل فهو االعالن الذي يكون من شأنه خداع المستهلك او يمكن ان يؤدي الى
ذلك وقد عرف التوجيه االوربي الصادرفي 38ايلول 3002بالمادة القانوية منه االعالن المضلل
بأنه (أي اعالن بأي طريقة كانت يحتوي في طريقة تقديمه على اي تضليل او يؤدي الى تضليل
هؤالء الذين يصلهم االعالن ) كما نصت المادة الثالثة في التوجيه السابق على ان االعالن
1002ابن منظور ,لسان العرب ,المجلد الخامس ,القاهرة ,دار الكتاب المصري ,مطبعة المعارف ,ص11011
1003عبد الفضيل محمد احمد ,االعالن عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية ط , 3القاهرة ,مكتبة الجالء
الجديدة 3333 ,ص1371
المضلل يقع بطريق اغفال احدى الخصائص الجوهرية للسلعة المعلن عنها وقد استعمل
الفقه مصطلحي االعالن الكاذب واالعالن المضلل كمترادفين رغم ما بينها من فروق 1004فالفرق
بين االعالن الكاذب من جهة واالعالن الخادع والمضلل من جهة اخرى هو ان االعالن الخادع او
المضلل ال يتضمن بيانات كاذبة اال انه يصاغ في عبارات في شأنها ان تؤدي الى خداع المستهلك
في حين ان الخداع في االعالن الكاذب يكون اكثر وضوحا ومن ثم فأن كل اعالن كاذب هو اعالن
ً
مضلل دون العكس ومن ثم فأن التضليل االعالني اوسع نطاقا في الكذب االعالني واذا كان
الدين واالخالق يدينان الكذب فإن القانون ال يحاسب عليه اال اذا بلغ حدا يمس بالعالقات
ً
االجتماعية والحقيقة ان الصدق الكامل قد يكون متعذرا في االعالن التجاري الن التاجر
املحترف يركز في اعالناته على الجوانب المشرقة في السلعة او الخدمة محل االعالن اعتمادا
ع لى المبالغة في الوصف والمدح الذي يأخذ اسلوب الطر افة والخيال لدفع المستهلكين
للحصول عليها وهومسلك مبررفي ضوء طبيعة االعالن التجاري والهدف منه لذلك يجب التمييز
بين الكذب والتضليل في االعالن ومجرد المبالغة واالثارة حيث ان القانون ال يشمل المستهلك
بالحماية اال في االعالن المضلل او الكاذب .
ً
وتعاطي الموضوع تقدير كون االعالن مضلال او ال مترشدا في ذلك بالظروف المالبسة
وثقافة املجتمع ووعيه فقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية اال ان االعالن عن شراب يتكون
من مواد كيميائية على انه شراب ذوطعم عصيرالفواكه يعتبراعالنا صحيحا ولكنه يصيرخادعا
اذا صاحبته صورة الفواكه ناضجة اذ ان ذلك يدعوا المستهلكين الى االعتقاد بان الشراب
مصنوع من عصيرالفواكه وليس ذلك صحيحا وذهبت محكمة النقض الفرنسية في حكم اخر
الى ان قيام شركة في اعالناتها عن حقائب السمو نايت الذي جاء بصورة مباراة كرة قدم بين
مجموعة من البلدوزرات الضخمة والكرة عبارة عن حقيبة السمو نايت تمر عليها البلدوزرات
عدة مرات لكن الحقيبة تبقى قوية وسليمة داللة على متانة االنتاج فان مثل هذا االعالن ال
يعتبرمضلال فهو ال يعدو ان يكون نوعا من المبالغة والخيال .
المقبولين في الحياة التجارية وعد مثل هذا االعالن مضلال يعني تجرد الجمهورمن ادنى
درجات االدراك والفطنة.
1004احمد سعيد الزقرد ,الحماية القانونية من الخداع االعالني في القانون الكويتي والمقارن ,بحث منشور في
مجلة الحقوق ,جامعة الكويت العدد , 3332, 1ص1 378
اشارت مسألة تحديد المعيارالذي يركن اليه البيان ما اذا كان االعالن مضلال من عدمه
خالفا فقهيا وذهبت االراء الفقهية بشأنه الى المذهبين بعضها يقول بالمعيار الشخص ي وذهب
بعضها االخرالى القول بالمعيارالموضوعي ونتناول هذين المعيارين في فقرتين وكما يأتي :
أوال – المعيارالشخص ي
وبموجب هذا المعيارينظرفي التضليل الى الشخص المتلقي (المستهلك) ال الى التضليل
في حد ذاته بحيث ينظرفيه الى كل حالة مستقلة عن الحاالت االخرى .
فالتضليل يتحدد من خالل شخص المتلقي هل هو على درجة كبيرة من اليقظة وحسن
التدبيروالذكاء فان االعالن يكون مضلال اذا كان يخدع مثل هذا الشخص اما اذا كان المستهلك
المتلقي دون المستوى العادي في الفطنة والذكاء فيكون االعالن مضلال مهما تضاءلت درجة
التضليل اما اذا كان المستهلك من المستوى العادي المألوف فأن االعالن ال يعد حينئذ مضلال
اال اذا كان يقع فيه جمهور الناس 1005وعيب هذا المعيار هو عدم انضباطه ألنه يتطلب البحث
في شخصية المتلقي وكشف درجة اليقظة والذكاء لديه وهو امرعسيرعلى القضاء .
ثانيا :المعيارالموضوعي
ويذهب هذا المعيارالى تجريد متلقي االعالن في الظروف الشخصية الخاصة به واعتماد
معيارالشخص المعتاد فهوشخص ليس خارق الذكاء في جهة وليس بليدا وغبيا في جهة المقابلة
وهذا المعيار ال يختلف باختالف االشخاص يستوي في التضليل ان يكون ضحية االعالن
المضلل شخصا فطنا ذكيا او شخصا اقل فطنة وذكاء فاإلعالن يكون مضلال اذا كان من شأنه
تضليل المستهلك العادي وتتجه غالبية احكام القضاء في فرنسا الى تبني هذا المعياراملجرد فقد
ذهبت محكمة باريس في حكمها الصادر بتاريخ 13كانون الثاني 3000الى ان قيام احد االندية
باالعالن عن تقديم برنامج ترفيهي العضائه يشمل تقديم حفالت وعروض مسرحية ونزهات دون
ان يشيرالى ان ذلك بمقابل ليس من شأنه تضليل الشخص المعتاد الذي ليس له ان يتوقع ان
يكون مثل هذا البرنامج الحافل مجانيا .
1005عبدالرزاق احمد السنهوري ,الوسيط في شرح القانون المدني ،ج 3نظرية االلتزام بوجه عام ,ط,1
القاهرة ,دار النهضة العربية , 3361 ,ص1 001
ان اساليب التضليل في االعالن التجاري ال تقع تحت حصر ولكن الفقهاء قسموا هذه
االساليب الى مجموعتين االولى تتعلق بالعناصر الذاتية للسلعة او الخدمة والثانية تتعلق
بالعناصرالخارجة عن السلعة او الخدمة وهو ما نبحثه بالتفصيل وكاآلتي :
ً
أوال – العناصرالذاتية للسلعة او الخدمة :
ً
يقع الكذب والتضليل في هذه الحالة على السلعة او الخدمة منظورا اليها في ذاتها والتي
تكون محمل اعتبارفي اقبال المستهلك من اجل التعاقد عليها بدءا من وجود الخدمة او السلعة
مرورا بخصائصها و ً
انتهاء بمكوناتها وعلى النحو اآلتي :
الصورة االولى :وفيها تكون السلعة او الخدمة موجودة ولكن ليس بالصورة المعلن عنها
كأن يعلن تاجر عن وجود غساالت تحمل عالمات تجارية متعددة ومشهورة في حين ال يجد
المشترون سوى نوع من الغساالت غيرمعروف ولم يرد في االعالن اصال .
الصورة الثانية :الصورة الثانية للتضليل وتتمثل بعدم وجود السلعة او الخدمة اصال
ومثاله اعالن سمسارعقارات كن وجود شقق وعمارات معروضة للبيع مع انه لم يستطع تقديم
عنوان واحد لهؤالء المالك وال الحد االدنى من المعلومات .
ان الكذب والخداع في طبيعة السلعة له اهمية كبيرة بالنسبة للمستهلك الرتباطه
الوثيق بمدى وجود السلعة او الخدمة ومدى مالئمتها للغرض من التعاقد وقد صدرت في فرنسا
قرارات قضائية عديدة عن الكذب في االعالن الذي يتصل بطبيعة المنتجات او الخدمات
كاالعالن عن تحفة من البرونز مع انها من الزنك او االعالن عن بيع مخطوطات نادرة اصلية لم
يسبق نشرها على خالف الحقيقة .
ان المستهلك بشكل عام يميل الى تفضيل السلعة اوالخدمة التي يكون منشؤها معروفا
بالجودة واالتقان لذا يتوجب على المعلن بيان مصدراالنتاج بدقة متناهية وتطبيقا لذلك عد
من قبيل االعالن المضلل االعالن عن مالبس على انها من اصل فرنس ي والتي كانت تحمل بطاقة
مطبوعة عليها العلم الفرنس ي بالحجم الكبير في الوقت الذي دون فيه على البعض منها وبخط
صغير غير واضح انها صنعت في مكاو او هونج كونج 1006وألهمية االشارة للمنشأ فقد حرص
المشرع العراقي في قانون البيانات والعالمات التجارية رقم 53لسنة 3000على وضع احكام
خاصة بمنشأ االنتاج ومنها نص الفقرة الثامنة من المادة الخامسة التي تقرر( ال تسجل عالمة
لغرض هذا القانون تحمل الجمهور على اعتقاد بصحة بيانات غير صحيحة فيما يتعلق بمنشأ
البضاعة واوصافها وكذلك العالمات التي تحتوي على اسم تجاري وهمي او مقلد او مزور )
وتقض ي المادة الثالثة والثالثون من القانون على انه ( ال يجوز وضع اسم البائع او عنوانه على
بضائع واردة من بالد غيرالتي يحصل فيها البيع مالم تقترن ببيان بحروف ظاهرة عن الجهة التي
انتجت فيها وال يجوزللمقيمين في جهة ذات شهرة خاصة في انتاج بعض المنتجات او صنعها اذا
كانوا يتاجرون في منتجات متشابهة واردة اخرى ان يضعوا على هذه االخيرة عالماتهم اذا كان من
شأن ذلك تضليل الجمهور فيما يتعلق بمصدر المنتجات ما لم تتخذ االجراءات الكفيلة بمنع
اي التباس في ذلك ) .
يمكن ان يرد التضليل بشأن تاريخ الصنع وتاريخ انتهاء مدة الصالحية عن طريق تقديم
او تأخيرهذا التاريخ وهذا النوع من التضليل ال يتصوروقوعه اال في المنتجات دون الخدمات1008
ويحدث الكذب بشأن التاريخ في لمنتجات الغذائية واالدوية بشكل خاص التي يهم المستهلك ان
تكون صالحة لالستهالك .
– 5إدعاء التفرد
وذلك بأن يدعي المعلن عن تفرد السلعة المعلن عنها في خصائصها ومواصفاتها
وتفوقها وعدم وجود ما يضاهيها من السلع المنافسة وقد يكون ذلك غيرصحيح مما يعد كذبا
وتضليال .
يمكن تعريف االعالن المقارن بصورة عامة بأنه االعالن الذي يركز على مزايا المنتوج
اوخدمة معينة من خالل مقارنتها بمواصفاتها ومزايا غيرها مع االشارة الى اسم التاجرالمنافس
وغموض1009 او اسم منتجاته على نحو يحط من قيمتها ويؤدي الى ايقاع المستهلك في لبس
والهدف من ذلك هو اقناع المستهلكين بان الفائدة التي يحصلون عليها في السلعة او الخدمة
1008فاتن حسين حوى ،الوجيز في قانون حماية المستهلك ،ط ، 3منشورات الحلبي ،بيروت 1831 ،م ،
ص167
1009محمد ابراهيم عبيدات ,سلوك المستهلك ,ط , 1عمان ,دار وائل للطباعة والنشر 3330,ص1101
محل االعالن ستكون بشكل افضل من تلك التي سيحصلون عليها من سلعة او خدمة منافسة
.
ويختلف االعالن التجاري المقارن عن باقي اساليب الحث على التعاقد في ان المعلن
ً
يتخذ فيه منهجا مغاير ذا طبيعة مزدوجة فال يقنع كما هو المعتاد بإبراز خصائص ومميزات
ً
سلعته محل االعالن بل يقوم فضال عن ذلك بالحط عن مزايا منتجات تاجر منافس و ابراز
عيوبها والتقليل من شأنها بهدف تسويق سلعته 1010وقد اثاراالعالن التجاري المقارن جدال حول
مشروعيته بصورة المعروفة لذا نبحث مدى مشروعية االعالن التجاري المقارن وصوره غير
المشروعة في فرعين:
اثارت االعالنات المقارنة منذ بدايتها ظهورها جدال كبيرا حول مشروعيتها وسبب هذا
الجدل ان االعالنات المقارنة تثيرتعارضا بين مبدأين مبدأ حرية التعبيروالذي يعد احدى صور
حرية االعالن وهي حرية ال يمكن استبعادها او مصادرتها بالكامل من ناحية ومبدأ مثالية مهنة
االعالن التي تأبى اجراء مقارنة تمس مشروعا منافسا اومنتجاته اوخدماته من ناحية اخرى.1011
وقد اختلفت التشريعات بين المنع واالجازة لإلعالنات المقارنة فقد ذهبت بعض
التشريعات الى اجازة االعالنات المقارنة بوصفها تحقق فائدة للمستهلك متى انصبت المقارنة
على عناصر يمكن التحقق منها كالقانون االمريكي والكندي وااليرلندي والهولندي والسويسري
وقوانين الدول االسكندنافية (السويد والنرويج والدنمارك وفنلندا ) 1012زمع ذلك فأنه حتى في
هذه الدول التي يعترف فيها بجواز االعالنات المقارنة فإن هذه االعالنات تخضع لشروط
وضوابط مشددة من جانب القضاء واالدارة وجهات االنضباط المهنية بحيث ينبغي ان ترد
المقارنة على عناصر المنتج كافة فال يجوزاجتزاء عنصر بذاته واجراء المقارنة بشأنه واسقاط
العناصر االخرى 1013اما في فرنسا فقد اتخذ القضاء الفرنس ي في غالبية احكامه قبل صدور
ً ً
قانون 30كانون الثاني ،3005موقفا متشددا في االعالن المقارن بوصفه يفتقر للصدق
والموضوعية حيث ان مصدره هو المعلن نفسه والذي يسعى الى تحقيق الربح ولو على حساب
االخرين فعدها منافسة غير مشروعة تخول المضرور حق المطالبة بالتعويض بصرف النظر
عما اذا كان االعالن المقارن يتضمن مقارنة حقيقية فالخطريقع على مبدأ المقارنة في ذاته وال
يقع على الصدق او الكذب في االعالن المقارن 1014اما قانون 30كانون الثاني 3005والمتعلق
بدعم المستهلكين وحمايتهم فقد اجاز في المادة العاشرة منه االعالنات التجارية المقارنة متى
كانت فعالة تنصب على الخصائص الجوهرية للسلع المتماثلة بما تتضمنه من بيانات دقيقة
وصادقة وموضوعية ليس من شأنها ان توقع المتلقي في لبس او خلط ،ويشترط لمشروعية
االعالن المقارن في القانون الفرنس ي ما يلي :
– 3ان يكون االعالن موضوعيا ونزيها وليس من شأنه تضليل المستهلك وان ال يترتب
عليه اي غموض اولبس وان يقارن بين اموال وخدمات تلبي نفس االحتياجات ولها نفس الهدف.
– 5يجب ان تكون المقارنة بين الخصائص االساسية للسلع موضوع المقارنة كما
يجب ان ال يقلل من قيمة احدى العالقات التجارية وشأنها او احد المنافسين وان ال يستفيد
دون وجه حق من شهرة عالمة تجارية منافسة .
ً
– 1يوجب قانون االستهالك الفرنس ي ان يكون نشر االعالن مسبوقا باطالع اصحاب
المهن المنافسين بهدف افساح املجال امام مناقشة موضوعية حول هذا االعالن وهو ما يعني
ان الطرف المنافس قد اطلع على االعالن المقارن الذي يرغب المعلن نشره عبر االنترنت او اي
وسيلة اعالن اخرى. 1015
– 2ان يكون المعلن قادرا على اثبات صحة البيانات التي يحتويها االعالن خالل مدة
وجيزة.1016
ان هذه الشروط ادت الى عزوف كثيرمن المعلنين عن هذا الشكل من االعالن ويدل على
ذلك ان اجمالي اعالنات المقارنة بلغت عشرة اعالنات فقط في فرنسا عام . 1017 3005
يعد االعالن عبر شبكة االنترنت وغيرها في وسائل االعالن من اول مصادر المعلومات
بالنسبة لل مستهلك عن سلعة او الخدمة اال انه اذا كان المعلن يستهدف االساءة لسمعة
منتجات تاجر منافس او ايقاع جمهور المستهلكين في لبس عد هذا االعالن عمال غير مشروع
وعليه فان االعالن المقارن غير المشروع يتخذ له صورتين فهو اما ان يكون محط للقيمة او
مفض ي الى اللبس وهو ما نبحثه فيما يأتي :
ال يقتصر التضليل في االعالن التجاري على خداع المستهلك بل يمتد لينال من قيمة
سلع وخدمات التاجرالمنافس او سمعته ذاتها عن طريق الحط من تلك القيمة ويمكن تعريف
الحط بأنه (الكذب الذي يهدف الى تشويه سمعة منشأة تجارية وخدماتها او االساءة لسمعة
ً
المنشأة القائمة على انتاج هذه المنتجات او تقديم هذه الخدمات ،) 1018بناءا على ذلك يمكن
القول ان عناصراالعالن التجاري املحط للقيمة هي :
– 5كذب االدعاءات
ويستفاد من العنصرين االول والثاني ضرورة توفرسوء النية لدى المعلن استثناء من
القواعد العامة في التضليل االعالني1019
اما العنصر الثالث فانه يفيد ضرورة وقوع اضرار للتاجر المنافس والحقيقة ان اثبات
الضررامرصعب اذ يتمثل الضررفي انصراف عدد من العمالء عن التاجروهوامرال يمكن الجزم
به ولذلك كانت مسألة محل اجتهاد فذهب بعض الفقهاء الى استلزام وقوع الضررفي حين ذهب
بعضهم االخر الى عدم لزوم وقوع الضرر وان القضاء في مصر وفرنسا وان كان يشترط تحقق
1018سميحة القيلوبي ,المحل التجاري (البيع ,الرهن بالجدك ) ,القاهرة دار النهضة العربية , 3373 ,
ص1 326
1019حسين فتحي ,حدود مشروعية االعالنات التجارية لحماية المتجر المستهلك ,القاهرة ,مجلة مصر
المعاصرة ,السنة الثالثة والثمانون ,العدد 3371 , 317ص1 11
الضرر اال ان يتساهل في اثبات حدوثه بحيث يكتفي بان يكون الضرر معنويا او احتماليا
فالقضاء يستخلص وقوع الضررمن قيام وقائع تؤدي الى احداثه عادة.
االعالن التجاري المقارن قد يفض ي الى اللبس بالنسبة لجمهور المستهلكين وذلك
عندما يعمد التاجرالمعلن في اعالنه الى تقليد المظهرالخارجي الذي يتميزبه محل اخراو يتسم
به اعماله او تقليد عنوانه او عالمته التجارية او الرسم او االنموذج الصناعي او تقليد االسم او
الهدف دائما هو تضليل المستهلك كي يقع في اللبس المهم في هذا النوع من االعالن ان يؤدي الى
اللبس لدى المستهلك من خالل وجود منافسة تجارية بين التاجرالمعلن والتاجرالمنافس وان
يتوفرسوء النية لدى المعلن وذلك بأن يقصد باألضراربالمنافس لتسويق منتجاته
عالجت الكثير من الدول االعالن التجاري اما بتشريعات خاصة او تركت المعالجة
للقواعد العامة مكتفية بما ورد فيها من احكام وسنبحث في الفرع االول التنظيم التشريعي
لإلعالن المظلل ونبحث الحماية المدنية في االعالن المضلل في الفرع الثاني .
الفرع االول :التنظيم التشريعي للتضليل االعالني في العراق عد المشرع العراقي في
قانون التجارة النافذة رقم 18لسنة 3002االعالن التجاري عمال تجاريا في المادة الخامسة
الفقرة الخامسة من القانون 1020كما اصدر المشرع العراقي القانون رقم 20لسنة 3003
المعدل بالقانون رقم 10لسنة 3000والخاص بتنظيم عمل مكاتب الدعاية والنشر ويمكن
القول ان المشرع العراقي لم يغفل االشارة لبعض صور التضليل االعالني مشوشة في هذا
القانون او ذاك ،كقانون العالمات والبيانات التجارية رقم 53لسنة 1021 3000وكذلك قانون
الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية رقم 02لسنة 3000وهو الذي جاءت نصوصه في
اغلبها لحماية المستهلك من الغش التجاري والصناعي. 1022
1020تنص المادة (( )2تعتبر االعمال التالية اعماال تجارية اذا كانت بقصد الربح ويفترض فيها هذا القصد ما لم
يثبت العكس 11خامسا 1النشر والطباعة والتصوير واالعالن ) 1
1021انظر المادتين 13و 11من القانون العراقي
1022انظر المادة 33/0من القانون العراقي
كما صدرت تعليمات رئيس هيئة التخطيط بالرقم 33لسنة 1023 3000بهدف حماية
المستهلك من التضليل االعالني حيث نصته المادة 5/38من التعليمات (يحظر استعمال
عالمة الجودة عمدا في غيراالغراض املخصصة لها او االعالنات المضللة للمنتوج النهائي )
اما على الصعيد التنفيذي اي المؤسسات الرسمية فانه ال يوجد في الوقت الحاضر
مؤسسة متخصصة وبشكل مباشر بموضوع الرقابة على االعالن ومع ذلك فقد استحدثت
جامعة بغداد عام 3000مركزبحوث السوق وحماية المستهلك بوصفه اوجهة تساهم في حماية
المستهلك من الغش والتضليل الذي يتعرض له االخير 1024وصدرت عن المركزتعليمات خاصة
برقم 23لسنة . 1025 5883
وتحدد هذه التعليمات مهام المركز واهدافه التي تنحصر بأعداد البحوث والدراسات
النظرية والميدانية وكشف حاالت الغش التجاري عموما ومن بينها االعالنات الكاذبة
والمضللة. 1026
المالحظات على التنظيم التشريعي للتضليل االعالني في العراق وكما يأتي :
– 3ان المشرع العراقي لم يعالج االعالن التجاري ودوره في الحياة االقتصادية في قانون
خاص مستقل اكتفاء بما ورد في المادة الخامسة من قانون التجارة النافذة بشان تقرير تجارية
نشاط االعالن التجاري وكذلك القانون رقم 20لسنة 3003المعدل وهو قانون محدود
الفاعلية اذ ان دوره رقابي تنظيمي فجهة الرقابة في هذا القانون هي وزارة الثقافة االعالم وكذلك
التعليمات الصادرة من الجهات املختصة .
– 5ان هذه التشريعات رتبت جزاءات ادارية على مخالفة احكامها دون التطرف الى
الجزاء المدني المتمثل بالتعويض ويبدو ان المشرع اراد ترك التعويض عن االضرار التي تنشأ
عن مخالفة احكام هذه التشريعات الى القواعد العامة .
– 2ان دور مركز بحوث السوق والحماية المستهلكين يقتصر على اعداد البحوث
النظرية في مجال بحوث السوق وحماية المستهلك
– 0ان شيوع ظاهرة الغش التجاري والصناعي والتضليل االعالني في العراق والتي ال
تقف عند حد توجب تدخل المشرع باصدار قانون خاص بحماية المستهلك ومن ضمن اوجه
الحماية محاربة الغش اوالتضليل االعالني وكذلك انشاء المؤسسات التي تكفل تطبيق القانون
ً
وعدم االكتفاء بابحاث مركزبحوث السوق وحماية المستهلك التي تأخذ طابعا نظريا .
ان اثار التضليل االعالني ال تقتصر على ما يلحق المستهلك من اضرار تصيبه شخصيا
بل تمتد لتشمل الحياة االقتصادية للمجتمع بأسره لذلك فان القوانين المقارنة لمعظم الدول
تذهب الى عد التضليل جريمة معاقبا عليها في القوانين الجزائية فضال عن الحماية المدنية .
وفي المرحلة السابقة للتعاقد فانه ال يتصوروجود عقد بين المعلن وجمهورالمستهلكين
فالمعلن ال يرتبط مع المستهلكين بأية رابطة عقدية ومن ثم فان اخطاء المعلن التي تصدر
خالل هذه المرحلة من سببت ضررا فإنها تثيرالمسؤولية التقصيرية .
اما ما يتعلق في حماية المستهلك من اثار التضليل االعالني بعد ابرام العقد فإن
جوهرها يكمن في الزام المعلن بتنفيذ التزاماته الواردة في االعالن متى كان ذلك ممكنا او اعادة
الحال الى ما كان عليه قبل ذلك اذا كان ذلك متاحا او الحكم بالتعويض من غيرهاتين الحالتين
ان كان لذلك مقتض ى .
1027انظر المادتين 166و 167من قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 333لسنة 3363حيث تقضي المادة
166بحبس كل من تسبب باخفاء سلعة من السلع المعدة لالستهالك باذاعته عمدا وقائع مختلفة او اخبار غير
صحيحة او ادعاءات كاذبة او بارتكاب اي عمل ينطوي على غش او تدليس كما قضت المادة 167من القانون
بحبس كل من غش متعاقدا معه بحقيقة بضاعته او طبيعتها او صفاتها الجوهرية او العناصر الداخلة في تركيبها
او نوع البضاعة او مصدرها في االحوال التي يعتبر فيها ذلك سببا اساسيا في التعاقد او كان الغش في عدد البضاعة
او مقدارها 1111الخ 1
بناءا على ما تقدم يمكن تقسيم الموضوع الى ثالث فقرات :
ً
أوال :تنفيذ االلتزام العيني .
ً
ثانيا :التغريرمع الغبن .
ً
ثالثا :التعويض .
اذا اعلن التاجر املحترف عبر االنترنت عن سلعة او خدمة معينة لغرض التعاقد عليها
وفبل المستهلك هذا العرض وبعد ذلك امتنع التاجر املحترف عن تنفيذ التزامه وذلك بتسليم
ش يء من النوع ذاته الذي تضمنه االعالن التجاري وذلك بمقتض ى نص المادة 1028523من
القانون المدني العراقي والتي تقرر اجبار المدين (المعلن) هنا على تنفيذ التزامه عينيا متى كان
ذلك ممكنا فاذا لم يقم المعلن بتنفيذ التزامه جاز للمستهلك ضحية التضليل االعالني ان
يحصل على ش يء من النوع ذاته على نفقة التاجر المعلن بعد استئذان املحكمة او بغير
استئذانها في حالة االستعجال 1029فضال عن ذلك فان له مطالبة المعلن
التعويض ( أي التنفيذ بمقابل ان كان لذلك مقتض ى ) واساس الزام المعلن في تنفيذ
التزامه هو عد االعالن ايجابا متى تضمن العناصر الجوهرية للعقد و انعقاد العقد اذا صادف
هذا االيجاب قبول مطابق .
يمكن حماية المستهلك من االعالن المضلل استنادا الى القواعد العامة التي تجيزوقف
العقد للتغرير مع الغبن في القانون العراقي متى ما تو افرت شروطه او طلب ابطاله العقد
للتدليس في القانون الفرنس ي والمصري. 1030
والتغريرهوما يطلق عليه بالتدليس في الفقه الغربي ويقصد به استعمال طرق احتيالية
بقصد ايقاع المتعاقد االخر في غلط يدفعه الى التعاقد 1031والتغرير هو من اكثر عيوب االرادة
شيوعا في العقود المبرمة عبر االنترنت ويتحقق التغرير باستعمال اساليب احتيالية تظهر
1028تقابلها المادة 181من القانون المدني المصري والمادة 3301من القانون المدني الفرنسي
1029انظر المادة 1/110من القانون المدني العراقي تقابلها المادة 1/182مدني مصري 1
1030انظر المادة 1/313في القانون المدني العراقي والمادة 3/312في القانون المدني المصري والمادة 3336
في القانون المدني الفرنسي
1031عبدالرشيد مأمون ,الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات الكتاب االول ,مصادر االلتزام ،القاهرة ,دار
النهضة العربية ,بال سنة طبع ,ص1 311
السلعة على غير مظهرها باستغالل تقنيات الحاسب االلكتروني او حتى بوصفها اما الغبن فهو
عدم التعادل بين ما يأخذه المتعاقد وما يعطيه اذا كانت التشريعات الغربية ومعظم
التشريعات العربية تذهب الى عد التدليس عيبا مستقال من عيوب االرادة فان المشرع العراقي
خالف هذه التشريعات وجرى على نهج الفقه االسالمي في اشتراط اقتران الغبن بالتقرير حتى
يعد عيبا من عيوب االرادة فالغبن وحده ال يمنع من نفاذ العقد مادام لم يصحبه تغرير 1032ولكي
تكون دعوى التغريرمع الغبن منتجة فال بد من تو افرشروط التغريراذ ال بد من استعمال طرق
احتيالية وان تكون هذه الطرق دافعة الى التعاقد وان يكون التغريرصادرا من احد المتعاقدين
او يكون على علم به وهو ما سنبحثه كما يأتي :
أ – العنصر المادي :اي الوسائل والطرق االحتيالية التي قد تكون مادية او غير مادية
والتي تستهدف التأثير على ارادة المستهلك من اجل دفعه الى التعاقد وياتي في مقدمة هذه
الوسائل الكذب من اجل التغرير بالمتعاقد ويمكن القول بشكل عام بأن التغرير مع الغبن هو
اكثر عيوب االرادة شيوعا في العقود المبرمة عبر شبكة االنترنت فالمستهلك ال يكون امامه اال
جهاز الحاسب االلكتروني وما يقدمه له التاجر املحترف من معلومات في االعالن عن السلعة او
الخدمة التي يروم الحصول عليها او مواصفاتها او كل ما يتعلق بها وينبغي ان تكون هذه
ً
المعلومات دقيقة لذا فان مجرد الكذب يعد وسيلة احتيالية ويعد التغريرو اقعا .
اما فيما يتعلق في الكتمان في االعالن التجاري وما اذا كان يعد تغريرا او ال ؟ الو اقع ان
التغرير في اية حالة او امر يكون االفضاء به واجبا للمستهلك ولكن التاجر املحترف يمتنع عن
ذلك من اجل دفعه للتعاقد 1033ويقوم هذا الحكم على مبادى القواعد العامة التي تقض ي بعدم
جوازالغش متى ما ظهرمن ظروف التعاقد او طبيعته ان امرا هاما يؤثربالتعاقد الى درجة كبيرة
ويدرك المعلن خطره ويعرف ان المستهلك يجهله ومع ذلك يكتمه عنه فيحمله بذلك على
1032حسن علي الذنون ,النظرية العامة لاللتزامات ,مصادر االلتزام واحكام االلتزام واثبات االلتزام ,بغداد بال
دار نشر 3376 ,ص133
1033انور طلبة ,النظرية العامة لاللتزام ,مصادر االلتزام ,القاهرة ,دار ابو المجد للطباعة , 1881 ,
ص1 133
التعاقد 1034وقد اشار لهذا الحكم القانون المدني المصري في المادة 5/350حيث نص ويعتبر
ً ً
تدليسا السكوت عمدا عن و اقعة او مالبسة اذا ثبت ان المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو
علم تلك الو اقعة او هذه المالبسة .
ب – العنصر المعنوي :وهو نية التضليل للوصول الى غرض غير مشروع فالمبالغة في
وصف مزايا منتوج واضفاء احسن االوصاف على الخدمة ال يعد تغريرا اذا تم بنية الترويج اما
اذا صدر بنية التضليل عن طريق ايهام المستهلك بأمور ليس لها وجود اصال فإن هذا االمر يعد
تغريرا. 1035
يجب ان يكون التغرير دافعا الى التعاقد وقاض ي الموضوع هو الذي يبت فيما اذا كان
ما تضمنه االعالن من الكذب والتضليل هو الذي ودفعه للتعاقد. 1036
وهو ان يكون التغرير صادرا من المعلن او ان يكون عالما به اذا صدر من غير المعلن
(التاجراملحترف) يضمن صيغ التغريراذا كان صادرا منه اما اذا صدرت من مكتب االعالن وعلم
به المعلن او كان بامكانه ان يعلم به فمن حق المستهلك المغرربه اذا لحقه غبن فاحش من هذا
التعاقد ان يرجع على المعلن على وفق دعوى التغريرمع الغبن. 1037
اما اذا لم يكن المعلن يعلم بالتغرير وليس بإمكانه ان يعلم به عند صدوره من الغير
(مكتب اعالن) فالحكم هو نفاذ العقد المبرم بين المعلن والمستهلك ولكن يكون للمستهلك حق
الرجوع على الغير 1038واذا اقترن التغرير بالغبن كان العقد موقوفا وللمستهلك اما نقضه او
اجازته حسبما تقض ي به مصلحته من خالل مدة ثالثة اشهر من الوقت الذي ينكشف فيه
التغرير 1039ويمكن القول ان دعوى التغرير مع الغبن محدودة الفاعلية في مجال االعالنات
الكاذبة او المضللة في القانون العراقي او انها تفترض وجود عقد بين التاجراملحترف والمستهلك
كذلك اتصال التغرير بعلم المعلن (التاجراملحترف) وان يكون التضليل الدافع الى التعاقد قد
تم بسوء نية 1040وبعد تحقق كل شروط التغرير يجب ان يقترن بالتغرير بغبن فاحش اصاب
المستهلك ( المغرربه ) وكلها مسائل قد يكون من الصعب اثباتها وحتى على فرض امكانية اثباتها
فان الجزاء وهو وقف العقد او ابطاله بحسب اختالف القوانين قد ال تتناسب ومصلحة
المستهلك الذي يتكلف النفقات والجهد والوقت في رفع الدعوى الفردية ويصطدم بعدد من
العقبات النفسية االجرائية في مواجهة المعلن وهو الطرف القوي في العالقة التعاقدية. 1041
ثالثا :التعويض
ان وصف االعالن التجاري بالتضليل يعني فيما يعنيه وجود خطأ من جانب المعلن
يتضمن سعي هذا االخيرالى الخداع المستهلك وتضليله وذلك من خالل عمله على ابرازصفة او
اكثرفي السلعة او الخدمة المعلن عنها وغالبا ما تكون هذه الصفة جوهرية بالنسبة للمستهلك
بحيث تدفعه الى التعاقد معتقدا انها تلبي حاجته التي يرجى اليها والحقيقة خالف ذلك ويترتب
على وجود هنا االختالف بين حقيقة مقومات السلعة اوالخدمة وبين الصورة المعلن عنها الحاق
الضرربالمستهلك بما يحقق شروط قيام مسؤولية المعلن فيكون للمستهلك والحالة هذه الحق
في طلب التعويض وطلب التعويض على هذا النحو يتم استغالل ودون تداخل مع دعوى تنفيذ
االلتزام التعاقدي او دعوى التغرير مع الغبن (التدليس) حيث ان لكل من هاتين الدعوتين
نطاقها الخاص من حيث الشروط واالهداف فهو مكنة اعطاها المشرع للمستهلك يستطيع
بمقتضاها جبر االضرار الو اقعة عليه كأثر لدخوله في عالقة مع المعلن اتسمت منذ بدايتها
بالكذب والتضليل من جانب المعلن. 1042
فبالنسبة لدعوى تنفيذ االلتزام التعاقدي فان المشرع العراقي احتفظ للمستهلك بحقه
في المطالبة بالتعويض متى كان له مقتض ى فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 520من
القانون المدني العراقي ( فاذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه جازللدائن ان يحصل على ش يء من
1040خالفا على ما استقر عليه الفقه والقضاء ال سيما في فرنسا من ان المعلن مسؤول عن التضليل االعالني
بغض النظر عن حسن نيته او سوءها وهو تطور مهم ال يجوز النكوص عنه 1
1041احمد سعيد الزقرد ,مصدر سابق ,ص1 117
1042عمر محمد عبدالباقي ,مصدر سابق ص1 372
النوع نفسه على نفقة المدين بعد استئذان املحكمة او بغيراستئذانها في حالة االستعجال كما
انه يجوزله ان يطالب بقيمة الش يء من غيراخالل في الحالتين بحقه في التعويض ) .
ان استجابة القضاء لطلب المستهلك بالتعويض متى تحققت شروطه انما هو امر
تتكامل به جوانب حمايته القانونية من اضرار االعالن التجاري المضلل فبينما تمنحه دعوى
تنفيذ االلتزام التعاقدي الحق في اجبار المعلن على تنفيذ التزامه عينا او بمقابل تمنحه دعوى
التغرير مع الغبن الحق في طلب وقف العقد نجد ان دعوى التعويض تعمل على جبر الضرر
الو اقع عليه جراء صدورمثل هذا االعالن. 1044
الخاتمة:
ً
ويستخلص مما ورد في ثنايا البحث ما يأتي :أوال :يتوجب القيام بالتنوير المعلوماتي
ألجل حماية المستهلك من التضليل االعالني ,فرغم اهمية االعالن التجاري ودوره في حث
ً
المستهلك ودفعه للتعاقد اال انه لم يحظ بإهتمام المشرع العراقي عندما يكون كاذبا او مضلال
مكتفيا بالقانون رقم 20لسنة 3003المعدل بالقانون رقم 10لسنة 3000والخاص بتنظيم
عمل مكاتب الدعاية والنشر ,وبعض النصوص الواردة في القوانين الخاصة في هذا القانون او
ذاك وبعض التعليمات .
ثانيا :ان نصوص القانون المدني العراقي غيركافية لضمان سالمة المستهلك االلكتروني
اذ ان القواعد العامة للمسؤولية التعاقدية في القانون المدني العراقي لم تتضمن اي اشارة
خاصة بمسؤولية املحترف عن ضمان سالمة المستهلك بسبب عيب المبيع او الخطوة الكامنة
فيه.
ثالثا :لم يواكب القضاء العراقي التطور في مسؤولية املحترف عن ضمان سالمة
المستهلك ولم يحاول اقتباس الحلول التي قررها القضاء المقارن فلم نجد في االحكام المنشورة
او غير المنشورة ما يفيد وجود مثل هذا االتجاه فإذن تتضح ضرورة االعتراف باهمية تحديد
مفهوم التضليل والكذب في االعالن التجاري بشكل دقيق وممدد بحيث يشمل حاالت الكتمان
واالمتناع عن تقديم المعلومات الضرورية التي كان من المفروض تقديمها للمستهلك وعدها
سببا كافيا العتبار العقد موقوفا على اجازة المستهلك دون اشتراط اقتران التغرير بالغبن بل
ً
اكتفاء بمجرد االهمال . ودون الحاجة الى اثبات سوء نية المعلن
المصادر:
-المصادرالقانونية
-3ابن منظور ,لسان العرب ,املجلد الخامس ,القاهرة ,دار الكتاب المصري ,مطبعة
المعارف ,ص.1052
-5احمد سعيد الزقرد ,الحماية القانونية من الخداع االعالني في القانون الكويتي والمقارن
,بحث منشورفي مجلة الحقوق ,جامعة الكويت العدد .3000, 2
انور طلبة ,النظرية العامة لاللتزام ,مصادر االلتزام ,القاهرة ,دار ابو املجد للطباعة ,
.5881
-1حسن علي الذنون ,النظرية العامة لاللتزامات ,مصادر االلتزام واحكام االلتزام و اثبات
االلتزام ,بغداد بال دارنشر 3003 ,ص.00
-2حسين فتحي ,حدود مشروعية االعالنات التجارية لحماية المتجر المستهلك ,القاهرة ,
مجلة مصرالمعاصرة ,السنة الثالثة والثمانون ,العدد 3005 , 350ص. 22
-0خالد ممدوح ابراهيم ,ابرام العقد االلكتروني ,االسكندرية ,دار الفكر الجامعي , 5883 ,
ص. 520
-3سميحة القيلوبي ,املحل التجاري (البيع ,الرهن بالجدك ) ,القاهرة دارالنهضة العربية ,
, 3000ص. 303
-0عبد الرشيد مأمون ,الوجيزفي النظرية العامة لاللتزامات الكتاب االول ,مصادرااللتزام ،
القاهرة ,دارالنهضة العربية ,بال سنة طبع ,ص. 355
-0عبد الفضيل محمد احمد ,االعالن عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية ط3
,القاهرة ,مكتبة الجالء الجديدة 3003 ,ص.301
-0عبدالرزاق احمد السنهوري ,الوسيط في شرح القانون المدني ،ج 3نظرية االلتزام بوجه
عام ,ط ,5القاهرة ,دارالنهضة العربية , 3032 ,ص. 001
-38عبداملجيد الحكيم ,عبدالباقي البكري ,محمد طه البشير ,الوجيز في نظرية االلتزام في
القانون المدني العراقي ,ج( 3مصادر االلتزام) الموصل ,مطابع مؤسسة دار الكتب
للطباعة والنشر ,ص. 00
-33فاتن حسين حوى ،الوجيز في قانون حماية المستهلك ،ط ، 3منشورات الحلبي ،بيروت ،
5835م ،ص30
-35ليث الربيعي ,سياسات الحماية الرسمية للمستهلكين ,الملتقى الرابع لالمانة العامة
لالتحاد العربي للمستهلك ,صنعاء , 5883 0/32,33 ,ص. 2
-31ليث الربيعي ,سياسات الحماية الرسمية للمستهلكين الملتقى الثالث لألمانة العامة
لالتحاد العربي للمستهلك ,صنعاء فيان , 5883 ,ص. 53
-32محمد ابراهيم عبيدات ,سلوك المستهلك ,ط , 5عمان ,دارو ائل للطباعة والنشر3000,
ص505
-30مشار للقرار لدى عمر محمد عبدالباقي ,الحماية العقدية للمستهلك ,دراسة مقارنة بين
الشريعة والقانون .االسكندرية ,منشأة المعارف , 5882 ,ص322
-33منذرالفضل ,النظرية العامة لاللتزامات في القانون المدني ,ج , 3مصادرااللتزام ,بغداد
مطبعة جامعة بغداد , 3003 ,ص. 303
-القوانين.
.1القانون المدني العراقي رقم ( )28لسنة 3003المعدل النافذ.
.2القانون المدني الفرنس ي لسنة 3082المعدل بالمرسوم رقم ( )313لسنة 5833والقانون
رقم )5830/500( .الصادر بتاريخ 58أبريل .5830
.2القانون المدني المصري رقم ( ) 13لسنة 3020المعدل النافذ.
.0قانون حماية المستهلك العراقي رقم ( )3لسنة 5838النافذ.
.1قانون حماية المستهلك المصري رقم ( )30لسنة 5883النافذ.
.2قانون حماية الملكية الفكرية الفرنس ي رقم ( )000 - 05لسنة 3005النافذ.
مقاالت وأبحاث
قانونية وقضائية
باللغة الفرنسية
1045
D. VIDAL, droit de l’entreprise en difficulté, Gualino 3 éme édition 2010. P : 313.
1046
Mounia Rhoumri Mounir : « La politique pénale en vertu du livre v du code de commerce » RER Juri,
N° 2 2018. P : 170.
1047
Le code de commerce de 1913, traitait dans son livre 11, à la fois de la faillite, de la banqueroute, de
la liquidation judiciaire et de la réhabilitation, sur les 193 articles de ce livre, deux articles étaient réservés
à la faillite commune (l’art 197 et l’art 361), dix-huit articles à la banqueroute (de l’art 362 à l’art 379)
mais qui comportent uniquement des incriminations sans être accompagnées de sanctions, et enfin dix
articles à la réhabilitation (de l’art 380 à l’art 389).
M. Jaouhar « les sanctions applicables aux dirigeants dans cadre des procédures collectives » revue
marocaine de droit, d’économie et de gestion, n° 22, 2006. P : 36.
1048
La loi n° 73-17 du 19 Avril 2018, promulguée par le dahir n° 1-18-26, B.O- n° 6732, abrogeant et
remplaçant le livre V de la loi 15-92 formant code de commerce relatif aux difficultés de l’entreprise.
1049
A. FALLI, procédure de traitement des difficultés de l’entreprise DAR ASSALAM, Décembre e 2012.
P : 355.
1050
Art 739 de la loi 73-17, op.cit.
1051
F.PEROCHON et R BONHOMME, entreprise en difficulté, instrumente, de crédit et de paiement
LGDJ 7ème édition 2006 . P : 569
1- Domaine d’application
le patrimoine de la société pour rembourser toutes les créances, de telle sorte qu’une
fraction de ces créances ne sera pas satisfaite à échéance1057.
Reste que le déclenchement d’une procédure collective peut aboutir à
plusieurs possibilités où l’article 738 ne permet pas de voire claire.
Dans le cadre d’une cession totale d’entreprise et encore plus d’une liquidation
judiciaire, l’article 738 jouera car les créanciers ne seront pas payés dans leur
intégralité, La condition d’une insuffisance d’actif sera établie.
Les difficultés apparaissent dans le cadre d’un plan de continuation, car on
suppose ici que les créanciers vont être payés1058, grâce aux délais consentis par le
tribunal ou aux remises qu’ils ont consenti eux-mêmes, à ce moment-là l’action ne
pourra pas être exercée faute d’une insuffisance d’actif.
A notre sens, la solution n’est pas aussi tranchée car l’art 738 prévoit
expressément, l’action en cas de continuation de l’entreprise. Les termes sont trop
vagues. N’aurait-il pas fallu préciser dans cet alinéa que l’action ne pourra être menée
que dans le cadre d’une continuation pure et simple.
Enfin, il faut remarquer que le tribunal va accorder des délais, ce qui suppose
des remboursements échelonnés dans le temps qui sont un préjudice pour les
créanciers et notamment pendant la procédure judiciaire avec l’arrêt du cours des
intérêts. Ce préjudice ne peut pas être pris en considération pour intenter une action
en comblement d’insuffisance d’actif, car cette dernière repose sur le défaut de
paiement des créances, de telle sorte que tout autre préjudice lui est complètement
étranger1059.
1057
Jug. Tri com de Casablanca n° 1014/34 du 23 /202/2010, cité par A. FALLI, op ; cité. P : 358.
1058
Voire dans ce sens : A. EL HAMMOUMI, op ;cité. P : 145.
1059
F. DERRIDA, P GADE et J.P SORTAIS: Redressement et liquidation judiciaire, 3ème édition
1991.P :58.
1060
Com 28 mai 1991, n° 89.21 116 Bull ci IV 187 cité par Pierre Michel le corre, droit et pratiques des
procédures collectives 2013 -2014 , P : 922.
1061
Qui condamnait déjà de limiter la condamnation au montant de l’insuffisance d’actif.
1062
Com 27 juin 2006 n° 05. 11 690 cité par Française op ; cité. P : 824.
1063
A. CHOKRI SABAI, op.cit. P : 381.
1064
A. JACQUEMONT, droit des entreprises e difficulté Lexic Nexic 7 ème édition, 2011.P: 59.
Par ailleurs, la jurisprudence déduisait du fait que la faute doit être antérieure
au jugement d’ouverture que les créances à considérer devaient l’être aussi, de sorte
qu’il n’avait pas lieu en principe de tenir compte dans la détermination de
l’insuffisance d’actif des dettes postérieures du débiteur1065. Alors, l’insuffisance
d’actif doit exister dès l’ouverture et non pas résulter d’une continuation déficitaire
de l’exploitation. L’importance de cette insuffisance est d’ailleurs différente selon
qu’on en détermine le montant avant ou juste après le jugement qui prononce le
redressement judiciaire. En effet le dépôt de bilan entraine une accumulation de
dettes nouvelles du fait de la résiliation de certains contrats en cours et une
dépréciation de l’actif.
Selon Pierre Michel LE CORRE, le fait que certaines créances soient contestées
ne peut suffire à écarter l’action en comblement de passif, dès lors que sont
supérieurs aux actifs, la contestation de créance n’ayant évidemment pas pour effet
d’augmenter l’actif, mais seulement de diminuer le passif. En revanche, le liquidateur
ne peut se prévaloir, pour déterminer l’insuffisance d’actif, d’un passif déclaré à titre
provisionnel.1066
II : La faute de gestion
En l’absence d’une définition légale (1) la doctrine et la jurisprudence ont établi
plusieurs applications de la notion, toutefois, certains points méritent d’être avancés,
notamment, l’équivalence quant à la nature de la faute (2) ainsi que sa preuve (3).
1065
F. PEROCHAN, op.cit. P : 824.
1066
S. HADJI, Artinian : la faute de gestion en droit des sociétés, Litec, 2002. P : 125.
1067
Com 26 février 2020, pouvoir n° 18 – 24 188. Publié sur le site : intranet.cour-de-
cassation.intranet.justice.fr consulté le : 01/11/2022. A 21h40.
Com 24 mars 2021, pouvoir n° 19 -21, 471. Publié sur le site : intranet.cour-de-
cassation.intranet.justice.fr consulté le : 01/11/2022. A 21h45.
1068
P. M. LE CORRE, op ; cité . P : 921.
1069
L. EL KASSID : « Les procédures collectives dans le cadre des difficultés d’entreprise » Al MEIAR
n° 48, décembre 2012, P : 78.
1070
La cour d’appel de commerce de Fès a considéré que le fait pour le dirigeant de déposer la marchandise
( le fourrage) dans une ferme dont la propriété lui appartient sous prétexte que la superficie du siège de la
société est insuffisante pour constituer une faute de gestion, justifiant l’application de l’action en
comblement de l’insuffisance d’actif, cité par : Allal Falli, op ;cité. P : 360.
1071
P. R. GALLE, op ;cité. P : 753.
1072
Com. 14 décembre 1993, n° 91. 20 839 cité par F. F. DE FRANDEVILLE. Ambroise marlage
dirigeants des sociétés Delmas 3ème édition 2015, op.cit., P : 313.
1073
Com. 18 mai 2016, n0 14-16.895, bul. Joly 2016, E. Monil Bassilama. P.65.
1074
P. M. LE CORRE, op ;cité. P : 920.
1075
Com 13 nov 2007 n° 06 -13- 2012 NP n° 1239 F- D gaz pro coll 2008, p. 68 note Monterau [PierreMC].
1076
Com 11 juin 1996 n° 94 – 16067 bull civ IV n° 169. Rev pro coll 1997, n° 2, P : 243 060 matin cerf
la créance détenue sur cette société et la société dirigée, privant de la sorte la société
dirigée de toute trésorerie1077.
L’inaction peut également être sanctionnée, tel a été le cas pour un dirigeant
qui s’est abstenu de mettre en place une structure compétente et des outils de gestion
fiables, permettant à la personne morale et à lui-même d’appréhender la situation
économique et financière exacte et, en conséquence de prendre en temps utile les
mesures de redressement qui s’imposaient.
En l’espèce, cette anarchie totale dans la gestion était à l’origine de
l’insuffisance d’actif qui avait ainsi pu se créer et s’accroitre sans que le gérant puisse
s’en apercevoir1078.
2- L’équivalence quant à la nature de la faute
Le législateur n’apportant aucune qualification de la faute, la notion reste
ambiguë. Dès lors, les juges en ont une interprétation très large, faisant de la faute de
gestion une notion « fourre-tout » au regard de la responsabilité du dirigeant, la
bonne foi ne constitue pas une excuse, il peut s’agir autant d’une négligence, d’une
erreur ou d’une imprudence que la violation de la loi ou des statuts, c’est la théorie
de l’équivalence des conditions qui permet ainsi de retenir une simple faute de
gestion même légère ou de la loi.
L’article 738 nous parait cependant cohérent. Le législateur s’est montré subtil,
d’une subtilité risquée mais mesurée. Le rôle qu’a joué le législateur il l’a fait en amont
en posant des conditions sévères et en faisant de l’article 738 un texte
1077
Pierre Michel le Corre, op ;cité . P : 922.
1078
Com 14 décembre 1993 n° 91, 20 239. Bull ci Iv n 473 JCP 1994 Iv 480, 62. JCPE 1994, par cité note
Fabrice François, E. DE FRONDEVILLE Ambroise Marlang, op.cité. P : 313.
1079
Arrêt de la cour d’appel de Marrakech n° 08/2002 du 06/02/2002, Cité par : A. EL HAMMOUMI,
droit des difficultés de l’entreprise, librairie Dar ASSALAM, 3ème édition, 2008. P :176.
1082
Com. 19 jan 1993, RJDA 7/1993, n° 660-com. 8 octobre 2003, RJDA 2004, n° 203. P : 70.
1083
André JACQUEMONT, droit des entreprises difficulté, op.cit. P : 600.
« L’exigence d’un lien de cause à effet » est nécessaire (1) notre intérêt, va porter
sur une problématique importante, à savoir, le degré de participation de chacun des
dirigeants fautifs à la production du dommage (2) en cas de leur pluralité.
1- L’exigence d’un lien de cause à effet
1084
F. PEROCHON, Régime Bonhomme, op.cit. P : 464.
1085
Com. 17 février 1998, n° 95-18.510, Bull.ci. IV, n° 78 – com 21 juin 2005, n° 04-12.087, Bull.ci IV
n° 134.
peut être condamné à supporter la totalité des dettes sociales, même si sa faute n’est
à l’origine que d’une partie d’entre elles1089. Il suffit, par conséquent, qu’elle soit l’un
des éléments intervenus dans la création d’actif.
D’ailleurs, il est souvent difficile d’affirmer que telle faute a été la cause
principale de l’insuffisance d’actif en raison de la complexité de la gestion des
entreprises : dans la majorité des cas, plusieurs facteurs contribuent à la création de
cette situation. Il est par exemple difficile de prouver que la convocation tardive d’une
assemblée (qui peut pourtant constituer une faute de gestion) a contribué à
l’insuffisance d’actif. En définitive, pour retenir un lien de causalité il n’est pas besoin
que la faute soit à l’origine exclusive du dommage.
2- La pluralité des dirigeants condamnés et la théorie de
l’équivalence des conditions
Selon l’article 738du code de commerce140, le tribunal peut en cas de faute de
gestion ayant contribué à l’insuffisance d’actif, décider que cette dernière, sera
supportée, en tout ou en partie, avec ou sans solidarité, par tous ces dirigeants ou
seulement certains d’entre eux. Le pouvoir souverain d’appréciation offert au juge a
pour conséquence directe, la possibilité de condamner un ou plusieurs dirigeants, en
cas de contribution de plusieurs d’entre eux à la réalisation du dommage.
La juridiction pourra ainsi apprécier le degré de participation de chacun des
dirigeants à la production du dommage, sans en avoir cependant l’obligation. Le
tribunal peut décider que la condamnation de plusieurs dirigeant soit solidaire. De la
sorte, chacun sera tenu dans la limite de sa condamnation à la totalité des dettes
mises à charge des autres.
1089
A. JACQUEMONT, droit des entreprises en difficulté, op.cité. P : 601.
1090
François PEROCHAN, op ; cité. P : 826.
1091
Jug. Tri com de Rabat n° 108 Dossier n° 116/ 18 / 2009 du 29/09/2010 non publié.
1092
Loi n° 15-95 formant C.com.
l’ensemble des tribunaux de commerce n’ont pas tendance à effectuer des poursuites
en comblement de passif malgré l’existence de fautes lourdes de gestion.
Alors, pourquoi actuellement ce semi échec ? On est en présence d’une action
qui est à la fois répressive et sanctionnatrice, de plus le législateur nous a donné un
article qui est l’article 738, qui reste d’une application ridicule par rapport aux autres
sanctions personnelles. Quant au tribunal de commerce de Casablanca, il a prononcé
en 2015, trois actions en extension, en 2011, cinq actions en extension, en 2010 dix
actions en extension, en 2005, 16 actions en extension 1093 pourtant aucune
application de l’action en comblement n’a eu lieu.
1094
1093
On a effectué même une recherche dans les registres du tribunal
1094
Statistique émanant du tribunal de commerce de Casablanca.
1095
Loi n° 15-95 formant C.com. tel que complétée et modifiée par la loi n°73.17 op.cit. P :14.
1096
D. GIBINILA op. cité. P : 665.
A notre sens l’originalité de cette action par rapport au droit commun de la responsabilité civile c’est le
1097
peut décider que l’insuffisance d’actif sera supportée en tout ou en partie, avec ou
sans solidarité, par tous les dirigeants ou seulement certains d’entre eux1098.
La juridiction qui constate la contribution de plusieurs dirigeants à la
réalisation du dommage peut décider d’en condamner un ou plusieurs. Le pouvoir
d’appréciation de l’opportunité de la condamnation ouvert au juge du fond a pour
corollaire cette possibilité, la juridiction pourra ainsi apprécier le degré de
participation de chacun des dirigeants à la production du dommage, sans en avoir
cependant l’obligation.1099 La condamnation de plusieurs dirigeants pourra être
gradée afin de tenir compte de la plus au moins grande implication dans la réalisation
du dommage ou encore de la plus ou moindre grande expérience des affaires des
dirigeants condamnés. Il s’agit à notre avis d’éviter de condamner solidairement des
dirigeants n’ayant plus le même degré d’implication dans la faute. C’est d’une certaine
manière remplacer, pour une condamnation solidaire, la notion de faute ayant
contribué à l’insuffisance d’actifs par celle de faute ayant causé le préjudice, chacune
des fautes commises par chacun des dirigeants étant alors pour partie
éventuellement variable, la cause du dommage. Le législateur Français, dans la loi de
sauvegarde du 26 juillet 20051100, à la suite d’un amendement présenté par la
commission des lois du Sénat, a prévu qu’en cas de condamnation solidaire, le
tribunal devait statuer par décision motivée. Il a été expliqué que, la participation de
chaque dirigeant à la faute pourrait être établie avec certitude1101 il s’agit à notre avis
1098
Article 738 du code de commerce.
1099
N. ALBAKOURI, « la responsabilité des dirigeants d’entreprise en difficulté » Al MANAR, n°3, 2013,
P : 15.
1100
La loi n° 2005-845, de sauvegarde des entreprises. op.cité.
1101
En fait de ce dernier n’est pas tenu condamner le dirigeant lorsque les conditions de cette condamnation
sont réunies et peut donc prendre en considération la gravité de la faute reprochée au dirigeant.
1102
D. GIBRILA, op.cit. P : 666.
1103
P. Roussel GALLE, op.cit. P : 762.
1104
J PEROCHON, BONHOMMER, entreprise en difficulté, instruments de crédit et de paiement.
Lextenso édition. P : 660.
d’arbitraire1105. Mais pour d’autres auteurs, si le législateur a accordé cette liberté aux
juges, c’est dans le but d’éviter de responsabiliser les administrateurs minoritaires, en
laissant au juge toute la faculté d’apprécier les efforts des uns et des autres pour
s’opposer à une erreur de gestion.
b- Le montant de la condamnation
Le tribunal dispose également d’une grande latitude dans la détermination du
montrant de la condamnation en tenant compte implicitement et contrairement aux
principes de la responsabilité civile, de la gravité des fautes.
Ce pouvoir souverain d’appréciation en opportunité du montant de la
condamnation affirme le caractère répressif plus que réparateur de l’action1106. En fait
s’il prononce la sanction, le tribunal fixe le montant de la réparation due par les
dirigeants fautifs. Il décide que les dettes de la personne morale sont entièrement ou
partiellement supportées, conjointement ou par décision motivée avec solidarité, par
tous les dirigeants de droit ou de fait ou par certains d’entre eux seulement1107 il
établit enfin la part de responsabilité de chacun d’eux et la somme mise à leur charge,
selon la gravité de leurs fautes, la proportion dans laquelle les fautes ont contribué à
l’insuffisance d’actif, leur situation personnelle, voire familiale, et leurs facultés
contributives. L’un des dirigeants fautifs peut être tenu solidairement d’une partie de
la dette avec l’autre, alors que ce dernier peut être tenu pour le tout1108.
1105
Sortais, 2002. P : 321.
1106
A. JACQUEMONT, droit des entreprises 8ème édition lexis Nexis. P : 615.
1107
Art 738 : lorsque la procédure concernant une société commerciale fait apparaitre une insuffisance
d’actif, le tribunal peut en cas de faute de gestion ayant contribué à cette insuffisance d’actif, décider que
cette derrière sera =supportée en tout ou en partie, avec ou sans solidarité, par tous ses dirigeants ou
seulement certains d’entre eux.
1108
Com. 9 mai 2018, n° 16 26.674, D. 2018, actu 1005
- com 8 mars 2017, n° 15 – 16. 005 ; D. 2017 actu 566.
La pratique montre que les tribunaux sont peu enclins à une condamnation
systématique à la totalité de l’insuffisance d’actif. Tout dépendra s’il y a faute,
incompétence poursuite abusive.
Le comportement du ou des dirigeants, de droit ou de fait, sera le point de mire
de l’attitude du juge dans le prononcé de la condamnation1109. Se singularise encore
en ce qui concerne le sort des condamnations puisque celle-ci ne sont pas
directement versées du dirigeant responsable au créancier mais intègre le patrimoine
de l’entreprise.
2-Affectation des sommes
En application de l’art 738 du code de commerce, les sommes auxquelles les
dirigeants peuvent être condamnés « entrent dans le patrimoine du débiteur » et sont
réparties au Marc le franc entre tous les créanciers1110 c'est-à-dire au prorata de leurs
créances, abstraction faite de tout droit de préférence, et donc en particulier du rang
prioritaire des créances super privilèges. Cette réparation égalitaire et universelle est
dénuée de tout fondement juridique1111. Le professeur Martin-Serf écrit très
justement que « si les sommes entrent dans le patrimoine du débiteur, elles devraient
être partagées en tenant compte des causes de préférence … ».1112
L’article 738 prévoit deux issues possibles pour les sommes payés par les
dirigeants après leur condamnation.
1109
D. GIBIRLA, op.cit. P : 667.
A notre sens, face à ce pourvoir d’appréciation conféré aux juges, le risque est grand d’un arbitraire
judiciaire, mais on peut se demander si les tribunaux n’ont pas leurs propres barèmes de référence …,
chose qui nous semble souhaitable.
1110
A notre sens, cette action en responsabilité se singularise aussi en ce qui concerne le sort
des condamnations, puisque celles-ci ne sont pas directement versées du dirigeant responsable au créancier
mais intègre le patrimoine de la société débitrice.
1111
F. PEROCHAN, Op,cité. P : 829.
1112
M. SERF, l’intérêt collectif des créanciers ou l’impossible adieu à la masse Mél. Honorat, 2000. P :
155.
intègrent le patrimoine du débiteur on ne voit pas pourquoi elles n’entraient pas dans
l’assiette des priorités des créanciers postérieurs1113.
Pour Y. GUYON l’issue de cette condamnation, en cas de continuation reste
mystérieuse et insensée1114.En effet celui-ci relève une véritable incohérence. Car
selon lui, s’il y a un plan de continuation c’est que tout le passif a été payé. Or, si celui-
ci a été payé il n’y a pas d’insuffisance d’actif alors l’une des conditions de l’article 738
n’est pas remplie.
b-En cas de cession ou de liquidation
L’article7381115 stipule que les sommes versées doivent être réparties entre
tous les créanciers au Marc le franc » solution équitable qui tend à vouloir donner
aux créanciers chirographaires169 une chance de ne pas tout perdre mais qui n’a
aucun fondement juridique. Car, le principe est que les sommes entrent dans le
patrimoine du débiteur, donc dans le gage général des créanciers, ce qui suppose que
l’on tienne compte des privilèges. Or, au mépris de cette règle les créanciers
antérieurs à l’ouverture de la procédure se trouvent au même point que les créanciers
postérieurs sensés bénéficier de la période accordée1116. Alors quel sort donner aux
créanciers de l’article738 du code de commerce ?
Il semble difficile que l’on puisse sacrifier des créanciers qui sont appelés à
assurer la survie de l’entreprise, et de nombreux auteurs sont pour le maintien du
rang prioritaire des créanciers de l’article738. D’autant que cet article dispose qu’en
1113
M. ESSARSAR, op ; cité. P : 660.
1114
Y. GUYON, traité de droit commercial, op ; cité. P : 1382.
1115
De la loi 73-17 Op, cité. P : 14.
1116
Le créanciers chirographaires est un créancier simple, c'est-à-dire ne disposant d’aucune garantie
particulière privilège, nantissement, hypothèque lui permettant d’être payé avant les autres créanciers sur
le prix de vente des biens de son débiteur. Il dispose seulement comme garantie du paiement de sa créance,
de l’ensemble des biens actuels et à venir de son débiteur.
cas de liquidation, ces créances seront payées avant toute autre. 1117A notre avis
l’article se doit prioritaire car le but ici est d’assurer la continuation de l’entreprise,
même s’il est vrai que l’article 738 postule clairement une égalité sans pour autant
distinguer entre créanciers chirographaires antérieurs et créanciers postérieurs.
D’où la nécessité d’une modification de l’article et donc d’un classement entre
créanciers antérieurs et postérieurs.
2-La sanction de la non-exécution de la condamnation
Il se peut que le dirigeant soit dans l’impossibilité de payer les sommes dont il
est redevable en vertu du jugement ordonnant le comblement de passif, malgré que
ces dits jugements soient exécutoires de plein droit. En réaction à une telle situation,
le législateur a prévu trois sortes les sanctions qui sont applicables aux dirigeants qui
ne s’acquittent pas de la dette mise à leur charge par l’action en comblement de passif.
Ils sont tout d’abord exposés à une extension de procédure de redressement
ou de liquidation de bien en application de l’art 739 du code de commerce1118.
Cependant, une question se pose, est-ce bien adopté de mettre en redressement ou
en liquidation judiciaire un dirigeant qui n’a pas exécuté sa condamnation en
comblement de passif ? Cela nous semble inutile, car par hypothèse si la personne n’a
pas payé, c’est qu’elle n’a pas d’argent ou tout au moins d’argent apparent.
Le tribunal doit ensuite prononcer la déchéance commerciale, en vertu de l’art
7481119 du code de commerce qui emporte interdiction de diriger, gérer administrer
ou contrôler, directement ou indirectement, toute entreprise commerciale ou
artisanale et toute société ayant une activité économique.
1117
M. EL ESSAROR, op.cit. P: 660.
1118
L’art 739 : tel que complétée et modifiée par la loi n°73.17 op.cit. P96 formant C.com. -La loi n° 15
1119
L’art 748, tel que complétée et modifiée par la loi n°73.17 op.cit. P : 14.
développement qui serait le nœud des relations entre le pouvoir local et les relais de
la gouvernance. D’ailleurs le développement répondait à la responsabilisation de
toutes les parties prenantes. Le (paragraphe II) traitera les modalités de
développement au service des politiques territoriales. Ces modalités mettent en jeu
les modes de fonctionnement de l’action publique locale1120.
Paragraphe 1 : la territorialisation facteur déterminant du caractère
composite de d'action publique locale
La référence territoriale peut-être analytiquement définie dans sa contexture
en la spécifiant par rapport à diverses dimensions du signifié «territorialisation». C’est
à partir de là que l’on peut réfléchir sur les pragmatiques sociales qu’elle permet en
même temps que sur les enjeux discursifs des constructions sociopolitiques
aujourd’hui. La territorialisation enfin tend à identifier l’avatar actuel de la
représentation de la «bonne gestion». Le thème associé à la territorialité est celui de
la proximité par laquelle est présumée une adéquation meilleure des actions
publiques aux besoins. Le thème second associé est celui de la transversalité requise
du fait de la multisectorialité de l’action publique devenant de plus en plus complexe.
Le territoire parait à l’origine l’espace de l’intégration. En effet les procédés de
la territorialisation ont fait l’objet de l’intégration de la population locale dans l’action
publique locale en vue de renforcer la compétence territoriale eu égard
l’hétérogénéité qui s’impose lors de toute initiative de développement (A).
1120
CASTEIGTS.M, Autonomies locales versus contrôle social : Les ambivalences de la territorialisation
de l’action publique, In : Etat, gouvernementalité et gestion du changement, édition l’harmattan 2015, p
306.
1121
Idem,
satisfaction des besoins locaux et, en même temps, la conduite de l’action publique
concernée sur la base des transferts des compétences consentis par l’Etat.
Néanmoins, on ne doit pas perdre de vue que la réussite de toute politique de
territorialisation demeure tributaire de tout un ensemble de conditions dont la
réunion n’est pas invariablement acquise dans le monde. A chaque Etat, sont
inhérentes des caractéristiques propres qui font que la territorialisation se caractérise
parfois de multiples contraintes. En effet pour le besoin d’une telle organisation le
renforcement du cadre institutionnel de la territorialisation passe impérativement
par une adaptation du rôle de l’Etat aux conséquences découlant de la réforme de
l’action publique. En France on a estimé que pour réussir l’harmonisation et
l’efficacité de l’action publique, il fallait opter pour l’institution d’un « fonds national
d’aménagement et développement du territoire »1123. Au Maroc le pouvoir
réglementaire s’engage dans ce sens. Deux nouveaux décrets d'application des lois
organiques relatives aux collectivités territoriales sont publiés au Bulletin Officiel n°
66-27 en date du 04 Septembre 2017. IL s’agit du :
- Décret n° 2-17-598 en date du 20 Novembre 2017 en application des
dispositions de l’article 231 de la loi organique n° 111.14 relative aux Régions en ce
qui concerne le Fonds de mise à niveau sociale.
- Décret n° 2-17-667 en date du 20 Novembre 2017 fixant les critères de
répartition des recettes du Fonds de Solidarité Interrégionale.
2-l’ hétérogénéité s’impose sur la territorialisation
L’Etat doit se préoccuper dans la cadre de la territorialisation de la recherche de
la réduction des inégalités des ressources entre les niveaux de l’action publique
1123
FADHEL MOUSSA M., Instruments et politiques d’aménagement du territoire : l’exemple tunisien,
In : La revanche des territoires », édition l’harmattan 1997, p 150.
1124
la Gouvernance locale de la gestion des ressources naturelles, in : Rapport PNUD,2004.
1126
Dalil, M., Gouvernance territoriale, [en ligne]. Disponible sur <http://mustaphadalil.blogspot.com/>.
(consulté le 20/08/2017 )
sont pas acquises au stade actuel et il n’est pas dit que la prise en charge par les
associations soit partout la meilleure solution.
– deuxième cas, celui des ressources naturelles dont les régimes juridiques de
propriété et d’exploitation demeurent ambigus. Il en est ainsi des terres de parcours,
en principe collectives, c’est-à-dire propriété légale des communautés1, en fait
exploitées voire appropriées par une minorité d’agro-pasteurs et parfois objet de
conflits intra et/ou intercommunautaires. C’est aussi le cas des forêts dont la majorité
des surfaces relèvent du domaine forestier ou présumé forestier. L’Administration
des Eaux et Forêts exerce sa tutelle mais ne dispose pas de moyens suffisants pour
mettre fin ou au moins réduire les dégradations portées à ce patrimoine
(défrichements, dessouchages, écobuages, et autres facteurs d’érosion et de
désertification).
B- Les logiques de la territorialisation au Maroc
1- le nouveau statut de territoire et ses fonctions
La territorialisation s’impose au Maroc en raison des questions
d’aménagement de territoire (arti143) et du l’implication des citoyennes et citoyens
dans l’élaboration et le suivi des programmes de développement (arti139)1127.
Les mutations locales au Maroc ont touché le principe de la territorialisation de
l’action publique. Celle-ci a en effet entraîné une délocalisation graduelle, mais
perceptible du pouvoir de décision du centre vers la périphérie. Ainsi ladite
territorialisation a pris la forme d’une organisation administrative, déconcentré et
décentralisée adaptée aux exigences de la nouvelle approche.
1127
Dahir no 1-11-91 du 27 chaabane 1432 (29 juillet 2011) portant promulgation du texte de la
Constitution, In : Bulletin officiel du Royaume du Maroc, no 5964 bis, 30 juillet 2011.
1128
SEDJARI A., les nouvelles logiques de structuration des territoires, In : Gouvernance, réforme et
gestion du changement, édition l’harmattan 2008, p 299.
1129
EL MERGHADI M., Etat et symbolique du développement territorial, In : La revanche des territoires,
édition l’harmattan 1997, p 165.
1130
Les projets de développement n’abordent pas cette question fondamentale du régime foncier et de
l’exploitation des terres collectives et du domaine forestier. Dans ce dernier cas, plusieurs propositions de
.Ce schéma linaire n’est que les séquences de participation des régions et les
autres collectivités territoriales à la mise en œuvre de la politique générale de l'État et
à l'élaboration des politiques territoriales comme le prévoyait la constitution à son
article 137. Et concernant les projets de conversion dont parle notre définition.
L’article 136 dispose que l’organisation territoriale assure la participation des
populations concernées à la gestion de leurs affaires et favorise leur contribution au
développement humain intégré et durable.
En France, la territorialisation observe les politiques publiques sociales, et
souvent les services de base. Cela constitue en théorie une profonde mutation de la
gestion des administrations locales, ainsi que des territoires en dépendant.
Globalement, il s’agit de rapprocher les services publics de leurs premiers
destinataires : les usagers, mais la méthode diffère d’une collectivité territoriale à
l’autre. Le programme paraît ambitieux, et vise une meilleure réactivité aux
demandes, une identification facilitée des interlocuteurs, une plus grande
adéquation aux besoins, etc. les termes « culture de projet », « service de proximité »,
ou « transversalité des actions » apparaissent. Actuellement, les collectivités
progressent dans ces domaines surtout par tâtonnement et expérimentations1131.
Deux priorités semblent fondamentales en matière de renforcement des
capacités institutionnelles et des compétences de l’ensemble des acteurs locaux
marocains :
réforme de la législation forestière auraient été étudiés mais sans concrétisation jusqu’à présent. Cf ; A.
Lhafi : « ... une loi doit être le fruit d’une concertation. Plus on négocie collectivement les règles du jeu
(...) plus une loi a des chances d’être appropriée et de ne pas être transgressée. Le texte doit répondre aux
attentes des personnes auxquelles il est destiné, prendre en considération leurs préoccupations ». In « ISIC
Journal », no65, mars 2004, p. 7.
1131
HERNANDEZ S., évolution du processus de décision et management public territorialisé, In :
Administration, gouvernance et décision publique, édition l’harmattan 2004, p 157.
1132
RMAD, no17, 2003, rôle des ISC (instances supérieures de contrôle) et directives de l’INTOSAI
(International Organization of supremaudit institutions), organisation ouverte aux États membres de
l’ONU.
1135
Dahir n° 1-11-173 du 24 hija 1432 (21 novembre 2011) portant promulgation de la loi organique n°
59-11 relative à l’élection des membres des conseils des collectivités territoriales, In : Bulletin officiel n°
6066 du 29 chaabane 1433 (19-7-2012)
1136
Bertrand N., Moquay P., La gouvernance locale, un retour à la proximité, In: Économie rurale(
Proximité et territoires), N°280, 2004, pp. 77-95.
1137
Alain F., La question territoriale, Pouvoirs locaux, action publique et politique(s), In : Travaux
d’Habilitation à Diriger des Recherches en Science Politique (HDR) Université Pierre Mendès France.
Grenoble 2, 27 septembre 2002. Grenoble : CERAT-I.E.P., mai 2002, 257 p.
1139
Plan National de la Réforme de l’Administration 2018 –2021
1140
BOUACHIK A., La régionalisation avancée dans la constitution marocaine 2011, in : REMALD, série
« Thèmes actuels, n° 82 , 2013, p 228.
1141
BELMIHOUB M., La gouvernance du rôle de l’Etat dans le domaine économique et social, In : quel
État pour le 21e siècle ?, Paris, l’Harmattan, 2001.
1142
SEDJARI A., La fin du pouvoir d’Etat : vérité ou illusion ?, In : la revanche des territoires,
l’Harmattan, 1997, P. 34.
- à l’ouverture des comptes spéciaux et des budgets annexes, sous réserve des
dispositions des articles 182, 184 et 185 de la présente loi organique ;
- à l’ouverture de nouveaux crédits, le relèvement des crédits et le transfert des
crédits à l’intérieur du même article ;
L’article 141 de la nouvelle constitution énonce alors que « les régions et les
autres collectivités territoriales disposent de ressources financières propres et de
ressources financières affectées par l’Etat. Tout transfert de compétences de l’Etat
vers les régions et les autres collectivités territoriales doit s’accompagner d’un
transfert des ressources correspondantes ». Cette règle de la concordance entre
compétences transférées et ressources accordées est fondamentale, non seulement
pour réussir l’action publique locale, mais surtout pour favoriser l’autonomie des
acteurs territoriaux à l’encontre de toute ingérence des pouvoirs centraux dans les
affaires locales. La réussite de la mise en œuvre de l’action locale dépendra en grande
partie de l’engagement de l’Etat à côté des territoires.
2- la solidarité et la coopération entre les acteurs locaux
Etant donnée de la nature extraordinairement déséquilibrée des moyens dont
dispose chaque niveau de l’action publique, la constitution a emprunté une
conception solidaire de l’action publique et de la gouvernance territoriale. Pour
matérialiser cette règle, elle consacre deux principes fondamentaux et
complémentaires : la solidarité et la coopération.
La solidarité comme composante de l’action locale est regardée par l’article 136
comme l’un des principes fondamentaux sur lesquels repose la gouvernance
conformément au principe plus large faisant de la collectivité. La matérialisation de
cette idée passe, conformément aux propositions faites par la Commission
à é é
é è
Faced with the spread of the COVID-19 pandemic, Morocco has taken a
The provisions relating to the state of health emergency and the procedures
for its declaration were enacted by decree-Law n° 292-20-2 of March 23, 2020.
Article 6 of this decree specifies that all the time limits provided by a legislative or
emergency, and his account will be resumed from the date following that of the
The decree does not provide for provisions applicable to the rights of the
However, Bill No. 27-20 was published on April 16, 2020, its main
bodies and public meetings, with the aim of securing the work of companies. . It
the continuity of commercial operations during the crisis, as well as the limits of
these tools and the temporary arrangements applied during health emergencies,
which will be provided for by law. 27-20 when it comes into effect.
Résumé :
Aux termes de l’article premier du projet, les sociétés qui n’ont pas tenu
prise des décision prévues dans les deux articles 72 et 306 de la loi susvisée n° 17-
95.
Néanmoins, pour les sociétés qui n’ont pas les moyens d’utiliser ces outils
provisoires au titre de l’année 2019 dans leurs relations avec les tiers durant l’état
d’urgence sanitaire.
A compter des 15 jours au plus tard après la fin de l’état d’urgence sanitaire,
d’administration.
L’article 2 du projet dispose que pour les sociétés à directoire, qui n’ont pas
tenu leur conseil de surveillance avant la publication de cette loi au BO, peuvent
également utiliser les états de synthèse de l’année 2019 dans leurs relations avec
les tiers.
Les états de synthèse ainsi que tous les documents prévus dans
l’article 294 de la loi susvisée n° 17-95, les sociétés faisant appel public à l’épargne
peuvent émettre leur emprunt obligataire sans passer par la tenue d’une
. Introduction
L’article 6 de ce Décret dispose que, tous les délais prescrits par les textes
l’urgence sanitaire déclarée et leur computation reprendra à la date qui suit celle
avril 2020 dont les principales dispositions visent à introduire des dérogations en
1145
https://www.dlapiper.com/fr/france/insights/publications/2020/06/morocco-corporate-law-
under-covid-19/
L’enjeu est de redécouvrir les outils que le législateur a prévus pour assurer
la continuité des opérations des entreprises pendant la crise, ainsi que les limites
de ces outils et les aménagements temporaires qui s’appliquent lors des urgences
sanitaires, qui seront prévus par la loi 27-201147 quand celle-ci entrera en vigueur.
1146
https://lematin.ma/journal/2020/doivent-savoir-socis-anonymes-tenue-ag/338361.html
1147
chrome-
extension://efaidnbmnnnibpcajpcglclefindmkaj/viewer.html?pdfurl=https%3A%2F%2Fsaaidi-
consultants.com%2Fwp-content%2Fuploads%2F2020%2F05%2FBIF-N%25C2%25B0105-Projet-de-loi-
N%25C2%25B027-20-Mesures-dassouplissement-SA.pdf&clen=431824&chunk=true
A. Le cas du Maroc
moins de ses membres est physiquement présente, autrement dit un quorum plus
élevé peut-être prévu dans les statuts de la société. La même règle s’applique aux
Les statuts peuvent également prévoir que sont réputés présents, pour le
1148
https://www.dlapiper.com/fr/france/insights/publications/2020/06/morocco-corporate-law-
under-covid-19/
applicable pour l’adoption des décisions prévues aux articles 63,67 bis, 67ter et
72 de la loi, à savoir :
En plus, malgré le fait que la visioconférence doit être prévue dans les
des organes sociaux dont les délibérations sont retransmises de façon continue.
moyens de preuve.
B. Le cas de la France
être envisagé pour tenir les réunions dès lors que les statuts ne l’interdisaient pas
administrateurs ayant recours à des procédés étaient alors réputés présents pour
1149
https://blog.leclubdesjuristes.com/la-gouvernance-des-societes-cotees-face-a-la-pandemie/pour
du rapport de gestions.
d’actualisation du droit des sociétés, les statuts des sociétés, les statuts sociétés
anonymes peuvent prévoir que les administrateurs seront consultés par écrit
autorisation des cautions, avals et garanties, mise en conformité des statuts avec
1150
https://www.legifrance.gouv.fr/loda/id/JORFTEXT000041755899/#:~:text=Sans%20qu'une%20clause%
20des%20statuts%20ou%20du%20r%C3%A8glement%20int%C3%A9rieur,assurant%20la%20coll%C3%
A9gialit%C3%A9%20de%20la
1151
https://www.actu-juridique.fr/affaires/societes/les-principales-dispositions-de-la-loi-n-2019-744-
du-19-juillet-2019-de-simplification-de-clarification-et-dactualisation-du-droit-des-
societes/#:~:text=docteur%20en%20droit-
,La%20loi%20n%C2%B0%202019%2D744%20du%2019%20juillet%202019,dispositions%20du%20Code
%20de%20commerce.
1152
C. com., art. L. 225-37, al. 3.
A. Au Maroc
Changement de gérance
1153
https://blog.leclubdesjuristes.com/la-gouvernance-des-societes-cotees-face-a-la-pandemie/pour
1154
https://www.gazelles-association-maroc.com/assemblees-
generales/#:~:text=La%20tenue%20d'une%20assembl%C3%A9e,aux%20associ%C3%A9s%20de%20fa%
C3%A7on%20certaine.
règles et conditions en la matière sont les mêmes que celles applicables au conseil
Le projet de loi n° 27-20 permet aux sociétés anonymes donc les statuts ne
durant l’état d’urgence sanitaire par des moyens de visioconférence ou par des
En ce qui concerne les délais, l’approbation des comptes doit avoir lieu dans
greffe du tribunal de commerce doit être effectué dans un délai de deux mois à
compter de la date de leur approbation, ce dépôt pouvant être fait par voie
électronique.
La suspension de ces délais est prévue par le Décret. Ce qui veut dire que
cette suspension s’applique aux délais d’approbation et dépôt dans compte qui
sanitaire1155.
B. En France
Covid-191156 ont poussé les sociétés cotées à mettre le point sur les difficultés
le 6 mars 2020 rappelant les règles qui permettent aux actionnaires de participer
1155
https://www.dlapiper.com/fr/france/insights/publications/2020/06/morocco-corporate-
law-under-covid-19/
1156
Mesures de confinement limitant strictement les déplacements et les rassemblements de
plus de 100 personnes dès lors qu’ils ne sont pas indispensables à l’intérêt de la vie de la
Nation ; arrêté du 14 mars 2020 portant diverses mesures relatives à la lutte contre la
propagation du virus Covid-19, et décret n° 2020-260 du 16 mars 2020 portant
réglementation des déplacements dans le cadre de la lutte contre la propagation du virus
Covid-19.
question1158
1157
Principalement la plateforme « VOTACCESS ».
1158
Les actionnaires peuvent se voir imposer ce mode de participation à l’assemblée
générale dans les sociétés dont les actions ne sont pas admises sur un marché réglementé,
si les statuts le permettent.
1159
C. com., L. 225-107, II.
aux émetteurs.
impacts actuels et futurs sur les entreprises des différents secteurs du tissu
économique, des études et des enquêtes ont été réalisées par différents
1160
https://www.banquemondiale.org/fr/country/morocco/publication/morocco-economic-monitor-
building-momentum-for-reform
une discussion sur des mesures qui pourraient accélérer la reprise de secteur
privé.
intérieur « PIB » réel de 6,3% est prévue en 2020 tandis qu’un retour au niveau
Covid-19 sur le secteur privé formel. Parmi ses résultats les plus pertinents 6,1%
des entreprises du secteur formel auraient cessé leurs activités et 86,9% signalant
une baisse des ventes de 50,4% en moyenne par rapport à leur niveau pré-
pandémique.
Conclusion
moyens équivalents. La loi 27-20 régissant ces nouveaux modes de réunion est
Le texte fixe les modalités techniques et détaille « les modus operandi » des AG et
moyens équivalents. La loi 27-20 régissant ces nouveaux modes de réunion est
Le texte fixe les modalités techniques et détaille « les modus operandi » des AG et
Les Références
https://www.dlapiper.com/fr/france/insights/publications/2020/06/mor
occo-corporate-law-under-covid-19/
https://lematin.ma/journal/2020/doivent-savoir-socis-anonymes-tenue-
ag/338361.html
chrome-
extension://efaidnbmnnnibpcajpcglclefindmkaj/viewer.html?pdfurl=https%3A
%2F%2Fsaaidi-consultants.com%2Fwp-
content%2Fuploads%2F2020%2F05%2FBIF-N%25C2%25B0105-Projet-de-loi-
N%25C2%25B027-20-Mesures-dassouplissement-
SA.pdf&clen=431824&chunk=true
https://blog.leclubdesjuristes.com/la-gouvernance-des-societes-cotees-
face-a-la-pandemie/pour
https://www.legifrance.gouv.fr/loda/id/JORFTEXT000041755899/#:~:te
xt=Sans%20qu'une%20clause%20des%20statuts%20ou%20du%20r%C3%A8
glement%20int%C3%A9rieur,assurant%20la%20coll%C3%A9gialit%C3%A9%
20de%20la
https://www.actu-juridique.fr/affaires/societes/les-principales-
dispositions-de-la-loi-n-2019-744-du-19-juillet-2019-de-simplification-de-
clarification-et-dactualisation-du-droit-des-
societes/#:~:text=docteur%20en%20droit-
,La%20loi%20n%C2%B0%202019%2D744%20du%2019%20juillet%202019,
dispositions%20du%20Code%20de%20commerce.
https://blog.leclubdesjuristes.com/la-gouvernance-des-societes-cotees-
face-a-la-pandemie/pour
https://www.gazelles-association-maroc.com/assemblees-
generales/#:~:text=La%20tenue%20d'une%20assembl%C3%A9e,aux%20asso
ci%C3%A9s%20de%20fa%C3%A7on%20certaine.
https://www.dlapiper.com/fr/france/insights/publications/2020/06/mor
occo-corporate-law-under-covid-19/
https://www.banquemondiale.org/fr/country/morocco/publication/mor
occo-economic-monitor-building-momentum-for-reform
l’assemblée générale dans les sociétés dont les actions ne sont pas admises sur un
é â
é
une source du droit interne. Ces deux fonctions du droit international contractuel
suscitent une question principale, à savoir, quelle est la place qu'occupent les
normes internes, édifiant bien sûr le système juridico-légale des pays tiers ?
le droit internes d'une part, et le droit international générale de l'autre part, même
contractuel autant qu’ ils fassent avec les autres sources du droit international
jurisprudentielle. Ces trois déterminants vont être autopsiés dans cet article avec
plus de détails.
- Abstract: the question dealt in this article is the rank of the international
treaties have an authority inferior or superior to law? And how the constitutions
and national law? Firstly we look to the main question from theoretical
bring something new about the Moroccan approach for setting up the
theory-hierarchy of norms.
Introduction.
comme une source de droit international, ainsi elles sont considérées en même
temps comme une source de droit interne. Cette double présence de dispositions
côté, et le droit international de l’ autre côté? Quelle place les dispositions des
niveau interne ?
internationales dans la hiérarchie des normes internes, elle tienne son utilité pour
des nations unies pour déceler cette importance. Donc il est très important de
savoir la place occupée par les dispositions des traités dans les systèmes
juridiques des pays potentiel parties, comme un jalon de la sécurité juridique sur
le plan international.
pouvoir législatif que revient la mission de voter la loi ( law making). Mais lorsqu’
conclure les traités internationaux, ce qui mène l'exécutif en exerçant cette tâche,
Sachant bien, que le droit à l'initiative de conclure les traités internationaux, il est
qualifié comme étant un acte de haute administration, ce qui signifie que cet acte
comme acte du pouvoir exécutif, est immunisé en principe contre toutes formes
ces demandes devant les juridictions internes en se basant sur les stipulations de
niveau du pouvoir judiciaire les questions de leur contrôle judiciaire, que ça soit
ordinaires.
pour les pays parties, que ça soit sur le plan interne ou externes. On se demande
1161
Selon les théories monistes les rapports du droit international et du droit interne sont aperçus
comme si les deux systèmes ne font qu'un seul. Ils appartiennent à un même ensemble juridique. En
conséquence le droit international écrit et non écrit profite d'une application immédiate dans le droit
interne des Etat. Cela dit en cas de conflit entre droit international et le droit interne, l'approche moniste
se scinde en deux : le monisme avec prépondérance de droit international prône la primauté de celui-ci.
Le monisme avec primauté de droit interne favorise ce dernier. Par contre selon la conception dualiste,
le droit international et le droit interne sont des systèmes juridiques distincts qui suivent des trajectoires
parallèles. En conséquence ils ne se rencontrent pas. Ainsi le droit international ne peut produire d'effets
dans l'ordre juridique interne des Etas que s'il y est introduit formellement par loi, un règlement
d'application ou, à la rigueur un procèdent d'un tribunal supérieur. Claude Emanuelli l'application des
constitution elle-même. Puisque cette dernière qui révèle la doctrine adoptée par
systèmes juridiques de ces pays adoptent la doctrine dualiste, à l'instar des pays
sol des pays parties. Par contre la problématique susmentionnée fait éruption au
sein des systèmes juridiques adoptants la doctrine moniste, ce qui est le cas aux
droit interne, et les juridictions nationales sont obligées par leurs dispositions, et
traités internationaux et des règles dérivées dans les pays de droit civil et de common law revue générale
de droit volume 37 n°2,2007 édition Wilson&Lafleur, inc page 269-299.
équivalents aux décrets, et ceux équivalents à la loi interne, deux théories sont
que les trois pouvoirs d’un régime politique quelconque, opèrent d’une manière
la substitution d'une norme législative ne peut pas être entreprise en principe par
de son tour ne peut pas révoquer une norme constitutionnelle, vu que cette tâche
pour.1162
technique, et ils sont sollicités par les gouvernements pour développer un secteur
interne.
1162
Kemal GÖZLER the question of the rank of international treaties in national hierarchy of norms a
theoretical and comparative study article based on the Titel III of the Chapter 38 of the book general
theory of international law (Bursa Ekin.2011.vol.2.P.668-693. http://www.anayasa.gen.tr/rank-of-
treaties.pdf.Traduction non-officielle.
comparaison avec les traités dites solennelles, dont leur formalité de conclusion
représentant des parties, et qui est dans la plupart des cas ce n'est que le ministre
vigueur juste après leurs signature, comme ils ne doivent pas contenir des
dispositions qui nécessitent la prise des mesures législatives, car dont ce cas,
interne en vigueur, et ils ne doivent pas être identiques aux traités et aux
même marocain.
loi appelée loi de ratification, votée de son tour par une majorité semblable à celle
requise pour voter une loi ordinaire, permet aux dispositions de de ce type de
posterior priori derogat" "la norme nouvelle abroge la norme ancienne." et voici
conventions internationales.
La constitution allemande.
organes respectivement en matière fédérale sous la forme d’une loi fédérale 1163.
occupent une place équivalente à celle occupée par la loi dans la pyramide
normative allemande.
allemand est comparable à celle occupée par les lois fédérales, et que la loi
La constitution turque.
1163
La loi fédérale dans ce cas aura deux interprétations différentes la première à un caractère formel ça
veut dire que cette loi de ratification est perçu d’abord comme un acte où un mécanisme de ratification.
La seconde interprétation qui a une dimension objective à savoir c’est que cette loi de ratification est
considérée comme un feu vert pour l’application des dispositions de traités ou convention international
sur le sol allemand, ce qui signifie que les juridictions allemandes sont obligées d’appliquer les
dispositions de ces traités et conventions dument ratifiés.
1164
Dans une décision de la cours constitutionnelle allemande rendue 12 Décembre 2016 la cour a jugé
que le législateur allemand via une loi fédérale peut contredire les dispositions d’un traité précèdent,
puisque le système juridique allemande offre aux dispositions des traités internationaux une place
équivalente à celle offerte aux lois fédérales, et que la démocratie exige que le législateur actuel peut
sans restrictions abroger les législations du législateur précèdent. Treaty overrides by national statutory
law are permissible under the constitution.le site de la cours constitutionnelle allemande
https://www.bundesverfassungsgericht.de/version anglaise Site visité le 02Avril2022 à 12 h33min
traduction non officielle.
turque offre aux conventions internationales une place comparable à celle offerte
aux lois.
La constitution américaine.
américain est qualifié de système hybride, ça veut dire, il est un système juridique
l’autre part.
1165
La constitution turque de 1982 avec ses révisions jusqu' au 2017.www.constituteprojecte.com.
1166
Andrew M.winston ratification of international treaties a comparative law perspective a study have
been done on the request of the comparative law library unit directorate-general for parliamentary
research service generale secretariat of the European Parliament the study is available on the site web
of European Parliment.www.europarl.europa.eu/thinktank.traduction non oficielle.
1167
Dans le système juridique américain se cohabitaient plusieurs types de traités, de conventions
internationales, ou accord internationaux, et dont la jurisprudence américaine jouent un grand rôle dans
leur classification et leur catégorisation, à savoir, les traités et conventions internationales dites auto-
exécutoire, (Self- executing treaties and agreements). On a les traités et convention internationales qui
ne le sont pas (Not sel-executing treaties and agreements), et on a les traités dites administratifs ou
exécutifs et les conventions internationales exécutives ( executive treaties and agreements). Les
premiers et les deuxièmes sont classés en ceux qui ont un aspect auto -exécutoire et d'autre qui le sont
pas.
constitution, ainsi que les lois des Etats unies qui en découleront, et tous les traités
déjà conclus et qui le seront, sous l’autorité des Etats unies, seront la loi suprême
du pays, et les juges dans chaque Etat seront liés par les susdits, nonobstant toute
interne1168, et elles les placent côte à côte des lois fédérales, et en cas de conflit, la
justice américaine a recours à l'adage "last in time" qui correspond l'adage latin"
1168
Les traités auto- exécutoire sont inferieur à la constitution, et équivalents aux lois fédérales, et ils
sont supérieurs aux lois des Etas. Les conventions internationales exécutives, auto-exécutoire, sont
inférieures à la constitution, et elles sont promues par la cours suprême américaine au rang des lois
fédérales. Même en certains cas, les dispositions de ce types d'accord international occupent une place
inférieure à celle occuper par les lois fédérales contraires, lorsque l'objet de ce type d’ accord
international tombe dans les domaines où le Congrès à la compétence législative exclusive, ceci toujours
selon la constitution américaine. Sachant bien que la volonté du Congrès doit être claire et expresse
d’avoir l’intention de dépasser les stipulations d’un traité antérieur via une loi fédérale ultérieur, afin
que la cours fédérale applique l’adage ʺthe last in time.ʺ la cours suprême américaine a appliqué l’adage
ʺthe last in timeʺ pour donner effet à un traité ultérieure par priorité à une loi fédérale antérieur. Enfin
lorsqu’ il n’y a pas de contradictions entre un traité exécutif d’une part, et les dispositions d’une loi
fédérale de l’autre part, les juridictions américaines ont tendance à donner effet aux deux en même
temps. Il reste à signaler que l’application de l’adage ʺlast in time lorsqu’ il aboutit à donner effets à une
loi fédérale ultérieur par priorité aux dispositions d’un traité ou à une convention exécutive, atteint
l’application de l’engagement international sur le sol américain, par contre il continue à produire ses
effets vis-à-vis des Etats unies sur le plan international. Andrew M.winston référence précitée traduction
non officielle.
sur la législation nationale à travers les régimes juridiques comparés, est dû à deux
entre le droit national d’une part, et le droit international de l’autre part, ce qui
même, ou bien pour trancher l’antinomie entre les différentes normes qui
La Constitution de la Roumanie.
1169
La constitution de la Roumanie de 8998 avec ses révisions jusqu’au 8112.www.constitueproject.com
l'Homme, et avec les pactes, et les autres traités auxquels la Roumanie est partieʺ.
Cet même article ajoute que, ʺ En cas de non concordance entre les pactes et les
est partie, et les lois internes, les règles internationales ont la primauté, sauf le cas
des dispositions plus favorables prévues par la constitution ou les lois internes.
La constitution de la Turquie.
1982 " En cas de conflit du fait que les accords internationaux et les lois relatifs
comportent des dispositions différentes sur le même sujet, les clauses des accords
internationaux prévalent."
interne d'une part, et le droit international contractuel de l'autre part ,il a opté
les dispositions des premières sont contraires aux dispositions des dernières. Ceci
La Constitution de l’Arménie.
il y a des contrariétés entre les dispositions d’un traités ratifiée par la république
de l’Arménie d’une part, et les dispositions de la loi interne d’autre part, les
La Constitution de l’Albanie.
ratifié par une loi a la supériorité sur les lois du pays qui ne sont pas compatibles
avec lui." Signalant que le constituant albanais a offert aux dispositions des traités
semblable à celle offerte aux lois. Puisque ni le vote des lois, ni la ratification des
La Constitution de la Russie.
1170
La constitution de l'Arménie de 1995 avec ses révisions jusqu' au 2015.www.constitueproject.com.
1171
La constitution de la Russie de 1993 avec ses révisions jusqu' au 2014.www.constitueproject.com.
de la Russie instaure des règles contraires à celle prévues par la loi les premières
La constitution Tchèque.
mêmes. Par contre certains constituants ils ont même fait allusion comme s’ils
constitutions suivantes :
1172
La constitution tchèque de 1993 avec ses révisions jusqu' au 2013.www.consituteprojrct.coim.
La Constitution du Brésil.
traités et accords internationaux relatifs aux droits de l’homme, approuvés par les
deux chambres du congrès, dans deux séances indépendantes, avec une majorité
de 3/5 de vote au sein de chaque chambre, ces dispositions sont équivalentes aux
dispositions constitutionnellesʺ.
La Constitution d’Argentine.
des conditions qu’elles les ont fait entrer en vigueur, leur dispositions reste
1173
La constitution du Brésil de 1988 avec ses révisions jusqu' au 2017.www.constituteproject.com
1174
La constitution de l’argentine de 8912 avec ses revissions jusqu’au
1994.www.constituteprojecte.com.
1175
La déclaration américaine du droit de l’homme. La déclaration universelle des droits de l’homme, La
convention américaine des droits de l’homme. Le pacte international sur les droits économiques sociaux
et culturels. Le pacte international sur les droits civils et politiques, son protocole facultatif additionnel.
La convention internationale pour la répression des crimes de génocide. La convention internationale
pour lutter contre toutes les formes de discrimination raciale. La convention internationale pour lutter
contre les formes de discrimination faites aux femmes. La convention internationale pour lutter contre
la torture et les traitements cruels inhumains et dégradants. La convention internationale pour les droits
de l’enfant.
conventions doivent être interpréter en harmonie avec les droits prescrits dans
cette constitution……
La Constitution du Venezuela.
Elles sont appliquées par priorité vis-à-vis de la législation nationale, et tant que
et qui sont plus favorables en comparaison avec celles prescrites par la présente
publiquesʺ.
dispositions des traités contraignants pour tous, ainsi si elles sont en contradiction
avec les résolutions des organisations internationales". Cet article instaure sans
1176
La constitution de Venezuela de 8911 avec ses révisions jusqu’ au 8187.www.constituteproject.com.
1177
La constitution néerlandaise de 1814 avec ses révisions jusqu' au 2008.www.constitueproject.com.
Bas vis-à-vis des lois internes, ce qui suscite la question suivante : Est-ce que cette
qui entrent en conflit avec les dernières, requièrent l'approbation par les deux
les révisions constitutionnelles doivent être votées par une majorité de 2/3 des
votes.
exprimées au sein des deux chambres du parlement pour l'adoption des traités,
dont leur dispositions sont contraire à la constitution, ainsi pour adopter les
connait les traités dont leurs dispositions occupent une place similaire à celle
occupée par les dispositions constitutionnelle, et en cas de conflits entre les deux
dispositions, le recours à la règle " Lex posterior priori derogat" est inévitable.
tel sorte que ces dispositions jusque la constitution de 1996, elles sont restées les
1178
La constitution du royaume du Maroc de 1962 B.O. N°2916 BIS du 19 Décembre 1962.
1179
La constitution du royaume du Maroc de 2011 B.O N°5964 BIS du 30 juillet 2011.
1180
Hassan Ouazzani Chahdi Le Maroc et ʺLes traités internationaux tradition et modernitéʺ édition
L’Harmattan 8181.Page 56.
Maroc suscrit aux principes, droits et obligations découlant des chartes desdites
les préambules des lois fondamentales des années 19921181 et 1996,1182 et avec
par la disposition suivante : ʺson attachement aux droit de l’homme tel qu’ils sont
universellement reconnuesʺ.
ratifie les traités. Toutefois les traités engageant les finances de l’Etat ne peuvent
être ratifiés sans avoir été préalablement approuvés par loiʺ le même article
constitutionʺ.
1181
La constitution du royaume du Maroc de 1992 B.O.N°4172 du 14 Octobre 1992.
1182
La constitution du royaume du Maroc de 1996 B.O N°4420 du 10 Octobre 1996.
traités internationaux
internationaux du Royaume.
la hiérarchie des normes internes, interroge l’esprit des juristes plus qu’ils font les
quoi sert un traité qui n’aura aucun effet en réalité. Sachant bien que la question
de la place des dispositions du droit international contractuel vis avis des normes
internes, devient une question cruciale lorsque les dispositions des traités par leur
2011, permet de conclure que ces lois fondamentales souffrent d’une insuffisance
cette insuffisance, le silence gardé par ces constitutions au sujet des rapports
entrepris entre les traités d’un côté, et la loi de l’autre côté, au sein de l’ordre
contractuel marocain d’une part, et le droit marocain interne de l’autre part, prise
être regardé comme si la volonté du constituant marocain est d’exclure les traités
ces source1185. Car par une lecture combinée de différentes dispositions de ces
marocaine, et avant de détailler cette place, jetons un coup d’œil sur les différents
1183
L’article 55 de la constitution française ʺ Les traités ou accords régulièrement ratifiés ou approuvés,
ont dès leur publication une autorité supérieure à celle des lois, sous réserve pour chaque accord ou
traité de son application par l’autre partie .L’article 28 de l’ancienne constitution tunisienne ʺ Les traités
ratifiés par le président de la république, dans les conditions prévues par la constitution, sont supérieures
à la loi. L’article 828 de l’ancienne constitution algérienne ʺLes traites ratifiés par le président de la
république dans les conditions prévues par la constitution, sont supérieurs à la loi. L’article 11 de
l’ancienne constitution mauritanienne ʺ Les traités ou accords régulièrement ratifiés ou approuvés ont
dès leur publication une autorité supérieure à celle des loisʺ
1184
Hassan Ouazzani Chahdi, Op Cit, page 57.
1185
Les traités en droit marocain Mohamed Amine Benabdellah revue marocaine d'administration locale
et de développement n°94 Septembre-Octobre 2010 Page 3.
2011.
les finances de l’Etat, et ceux dont leurs dispositions sont susceptibles de remettre
parlement marocain dans le processus de ratification des traités. De tel sorte que
des constitutions comparées, elles ont mis sous les yeux du parlement un
ensemble de traités, dont leur ratification par le chef d’Etat n’aura lieu qu’après
1186
Mohamed Amine Benabdellah, l’article précité page 11.
question quel sont les traités qui engagent les finance de l'Etat ? Sachant bien que
tous les traités en principe épuisent les finances de celui-ci, puisque au minimum
1187
L’article 52 de la constitution française énonce les traités qui nécessitent l’approbation parlementaire
avant leur ratification à savoir le traité de paix, accords relatifs à l’organisation internationale, ceux qui
engagent les finances de l’Etat, ceux qui modifient des dispositions de nature législative, ceux qui sont
relatifs à l’état des personnes, ceux qui comportent cession, échange, ou adjonction de territoire.
1188
L’article 11 ʺLes chambres autorisent par les lois la ratification des traités internationaux de nature
politique, ou qui prévoient des arbitrages, ou des règlements judiciaires ou encore qui entrainent des
modifications de territoires, des charges pour les finances ou changement dans les loisʺ
1189
L’article 98 de la constitution espagnole 1- L’Etat ne pourra manifester son consentement à
s’engager par des traités ou par des accords sans l’autorisation préalable des Cortes générales dans les
cas suivants : a) traités à caractère politique. b) traités ou accords à caractère militaire. c)traités ou
accords qui impliquent des obligations de l’Etat, ou les droits et les devoirs fondamentaux établis au titre
I. d) traités ou accords qui impliquent des obligations financières pour les finances publiques. e) traités
ou accords qui entrainent la modification ou l’abrogation d’une loi, exigent l’adoption des mesures
législatives pour leur exécution.- 2 Le Congres et le Senat seront immédiatement informés de la
conclusion des autre traités.
1190
L'article 68 de la constitution belge "Le Roi commande les force de terre et de mer, déclare la guerre,
fait les traités de paix d'alliance et de commerce, il en donne connaissance aux chambres aussitôt que
l'intérêt et la sûreté de l'État le permettent en y joignant les communications convenables. Les traités de
commerce, et ceux qui pourraient grever l'Etat, ou lier individuellement des belges n'ont d'effet qu'après
avoir reçu l'assentiment des chambres. Nulle cession, nul échange, nulle adjonction de territoire ne peut
avoir lieu qu' en vertu d'une loi. Dans aucun cas les articles secrets d'un traité ne peuvent être destructifs
des articles patents"
c'est lui qui procède un pouvoir discrétionnaire absolue, qui lui permet de
qualifier un traité comme étant engageant les finances publiques, et ceux qui ne
le sont pas.
Selon l'article 31, qui est d’abord commun entre les constitutions
marocaines anciennes à celle de 2011, et qui stipule " Les traités susceptibles de
l'autre côté, elles sont comparables, et elles occupent la même place dans la
2011.1191
1191
Mohamed Amine Benabdellah, l’article précité page 11.
à ce type de traités d'une manière implicite, de tel sorte que les dites constitutions
ont fait référence de manière explicite à deux types de traités, à savoir, ceux qui
Ce qui laisse entendre que ce troisième type de traités vise les traités qui n'exigent
pas l'approbation préalable du parlement avant leur ratification, tel que le cas des
les traités qui ne peuvent pas grever l'Etat, et ceci toujours à travers l'optique des
anciennes constitutions. Comme il entre dans cette catégorie dite de 3 eme type les
traités ceux appelés traités en forme simplifiée, ou les traités exécutifs. Il s'agit de
traités qui n'exigent pas l'approbation parlementaire, et ils engagent l'Etat dès leur
signature. Ce type de traités trouve ces racines dans la pratique marocaine des
elles ont été toutes d'accord, de ne plus divulguer leurs position à propos de la
pyramide normative marocaine. Ce qui classe les dites constitutions dans le rang
droit jouit de la présomption, soit, de la suprématie sur la loi, pour atteindre l’ordre
marocaines avant celle de 2011. Ce même article fait référence à une catégorie de
traités, à savoir ceux qui sont susceptibles de remettre en cause les dispositions
à celle occupée par les dispositions de la constitution, surtout qu'il y aura lieu un
moins une catégorie de traités dont les dispositions sont équivalentes à la loi
parlement avant leurs ratification. Ce qui laisse entendre que les dispositions de
marocaine1193.
la loi 2.00 sur les droits d'auteurs et les droits voisins1194 son article 68 stipule "les
dispositions d'un traité international relatif aux droits d'auteur et les droits voisins
1192
Mohamed Amine Benabdellah, l’article précité page 11.
1193
Mohamed Amine Benabdellah, l’article précité page 11.
1194
La loi 8.11.relatif aux droits d’auteurs et droits voisins B.O. du 16/17/8111.Page 618.
auquel le Royaume du Maroc est partie sont applicables aux cas prévues dans la
présente loi. En cas de conflit entre les dispositions de la présente loi et celles d’un
Dans le même sens, la loi 22.01 portant code de la procédure pénale prévoit
aussi dans son article 713 ʺdans le cadre de la coopération judiciaire avec les pays
étrangers la primauté sera accordée aux conventions internationales sur les lois
interne.ʺ Cette suprématie explicite des traités sur la loi internes fut un
aux rapports entre le droit interne et les traités. Cependant, y figurait, dans leurs
souscrit aux principes droits et obligations découlant des chartes des organismes
1195
Dahir de 16 Septembre de 8951 portant code de la nationalité marocaine tel qu’il a été modifié et
complété, l’article premier stipule ʺ Les dispositions relatives à la nationalité marocaine sont fixées par
la loi et éventuellement par les traités ou accords internationaux ratifies et publiés, les dispositions des
traités ou accord internationaux ratifiés et publiés prévalent sur celles de la loi interne.ʺ L’article
premier de dahir de 08 novembre 1958 relatif à l’extradition des étrangers. L’article 05 du dahir
de 10 septembre 1993 portant loi organisant l’exercice de la profession d’avocat.
son identité national immeuble, la primauté sur le droit interne du pays. Ce qui
De l’autre part le choix moniste du constituant marocain signifie que les traités
nature de cette place, jetons un aperçu sur les types de traités en droit marocain
des traités en plus de ceux qui ont été déjà présents dans les anciennes
1196
Abdelkhaleq Berramdane La ratification des traités internationaux une perspective de droit comparé
Le Maroc étude menée pour le compte de la direction générale des services de recherche parlementaire
auprès du secrétariat générale du parlement européen unité bibliothèque du droit comparé Décembre
2018. P.41. document disponible sur l’adresse suivante : www.europarl.europa.eu/thinktank.Traduction
non officielle.
application nécessite des mesures législatives, les traités relatifs aux droits
des citoyens .
- Les traités exécutifs ou en forme simplifiée, ces derniers ils sont présents
marocain vis-à-vis de la loi interne. Ceci dans le respect de son identité national
de la clause du la suprématie des traités sur la loi marocain, et est ce qu'on est
constitution permet de constater que les traités en droit marocain occupent les
places suivantes :
La théorie moniste, dans son interprétation absolue exige que dans le cas
1197
Hassan Ouazzani Chahdi, Op Cit, page 57.
les dispositions du droit interne d'autre part, les premières prévalent les secondes,
loin d'être adopté par le droit marocain même si ce dernier est qualifié de moniste
des normes juridique." Ce qui signifie que les normes constituant la pyramide
constitution marocaine.
marocain celui-ci stipule "la constitution (..) Prime tout ce qui lui contraire"1198et
normes interne.1200
internes, est comparable avec celui pris par les cours suprêmes aux pays tiers,
1198
Conseil constitutionnel marocain décision 819/11 rendue 16/11/2011 BO N°5997 du 22/11/2011
page 5562.
1199
Conseil constitutionnel marocain décision 937/14 rendue 29/05/2014 BO N°6262 du 05/05/2014
page 4810.
1200
Arrêt de la cour constitutionnelle marocaine 70/18 rendu 06/03/2018 BO N° 6655 du 12/03/2018
page 1491.
et même la cour de cassation, ont rendus tous des arrêts, et décisions en faveur à
qui apparait à travers la jurisprudence marocaine. Puisque cette dernière n'est pas
Ce constat et perceptible via les verdicts rendus par les tribunaux marocains et
1201
Conseil d'Etat avec arrêt Sarran 30/10/1998 /conseil constitutionnel décision N°2004-505 DC DE
19/11/2004 /cours de cassation arrêt P.Fraisse 02/06/2000
1202
Le tribunal de premières instances de Tanger a rendu un verdict le 30/01/2017, ce dernier fut le
premier de son genre où un juge marocain donne effet immédiat à la clause instaurant la suprématie
du droit international contractuel qui lie le Royaume en écartant l'application de la loi national. Puisque
ce juge marocain, et pour motiver son verdict, il a fait référence premièrement à la constitution
marocaine de 2011, reconnaissant aux conventions internationales dûment ratifiées, dans le cadre des
dispositions de la constitution, et des lois du royaume, dans le respect de son identité national immuable,
et dès la publication de ces conventions, la primauté sur le droit interne du pays. Comme il a fait
référence aux dispositions des conventions internationaux relatives aux droits de l'enfant, ratifiées par
le royaume, à savoir, la convention des nations unies pour les droits de l'enfant de 1989, ratifiée par le
royaume le 21/06/1993, ainsi la convention européen relative à l'exercice de droit de l'enfant de 1996
approuvé par le parlement marocain via la loi 146.12. Le juge marocain dans son verdict il a tenté de
faire une différence entre l’affiliation naturelle et l’affiliation juridique, et il a favorisé l’affiliation
naturelle comme le stipule les conventions internationales qui lient le Royaume pour reconnaitre le droit
de l’enfant issus d’une relation extraconjugale à avoir un père et un nom familiale, et d’avoir par
conséquence le droit d’être enregistré dans les registres de l’état civil. Ce verdict est annulé par la cours
d’appel de Tanger dossiers 246,273,422/1613/2017.pour plus de détaille Dr Ahmed Zougari,
model marocain relatif à la suprématie des traités sur la loi interne, de tel sorte
soient de forme et du fond pour que cette suprématie se concrétise sur le plan
sur le droit interne figurant dans la constitution marocaine, suscite des questions,
supérieures aux lois internes et en même temps elles doivent respecter les
commentaires sur des verdicts et arrêts de la jurisprudence. Revue marocain de l’administration locale
et développement n°157 MARS AVRIL 2021 Page531.
Dans cet arrêt la cours de cassation a fait référence aux engagements internationaux du Maroc, surtout
la convention du droit de l'enfant de 1989, cet arrêt a suscité des commentaires controversées vu que
le juge a appliqué la clause du suprématie à la lettre, même si cette application a mis en cause la loi
interne, il s'agit bien sûr du code de la famille. Le juge de cassation a innocenté l'épouse mineure du
crime de l'adultère vu son âge et donc qualifié le crime comme étant attentat à la pudeur, et que l'épouse
mineure bénéficie d'une protection criminelle en cohérence avec les engagements du royaume comme
le stipule la convention international de droit de l'enfant de 1989.
lois internes, doivent respecter l’identité nationale, alors que les termes identité
surtout, pour les traités et conventions internationales entrant dans les catégories
législateur marocain comme ayant une force probante en droit marocain, au cas
Conclusion
qui permet en premier lieu d'avoir une idée initiale sur la place qu'occupent le
1203
Arrêt du conseil supérieur 2007/1444 rendu le 20/06/2007-Arret du conseil supérieur 877/2012
rendus 26/09/2012.
certains systèmes juridiques, ils ont tendance à adopter une approche moniste
exemple, alors qu' ils sont dualiste en ce qui concerne le droit international
contractuel.
source de droit international, une place qui varie entre une place équivalente à
celle de la constitution, ou bien au moins une place équivalente à la loi, sans parler
contractuel marocain une place supérieure à celle occupée par les lois marocaine.
avec la déclaration explicite de la suprématie des dispositions des traités sur la loi
marocaines avec les dispositions des traités ratifiés par le Maroc. Ce qui signifie
=
https://www.allbahit.com/search/label
P 649 مـجلة قانونية علمية حمكمة