You are on page 1of 24

‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫الرقابة القضائية على دستورية األنظمة في المملكة العربية السعودية‬


‫‪Judicial Oversight of the Constitutionality of the Systems‬‬
‫‪in the Kingdom of Saudi Arabia‬‬
‫‪Dr. Mohammed bin Ali Moajeb Alkabiri‬‬ ‫د‪.‬حممد بن عيل معجب الكبريي‬
‫‪Associate Professor of Law‬‬ ‫أستاذ األنظمة املشارك بجامعة األمري سطام بن عبد العزيز ‪ -‬اململكة العربية‬
‫‪Prince Sattam bin Abdulaziz University‬‬
‫السعودية‬
‫‪Kingdom of Saudi Arabia‬‬
‫‪https://doi.org/10.56760/SHXH5412‬‬

‫‪Abstract‬‬ ‫ملخص البحث‬


‫‪The Noble Qur’an and the noble Prophet’s Sun-‬‬ ‫يعترب القرآن الكريم و السنة النبوية الرشيفة هي القواعد‬
‫‪nah are the supreme rules and the supreme con-‬‬ ‫األسمى و الدستور األعىل للمملكة العربية السعودية‪ ،‬وبالتايل‬
‫‪stitution of the Kingdom of Saudi Arabia that‬‬
‫‪are not supposed to be violated at any case. Af-‬‬ ‫ال جيوز خمالفتها هنائيا ‪،‬وبعدها يف التدرج تأيت أحكام النظام‬
‫‪ter that، the provisions of the Basic Law of Gov-‬‬ ‫األسايس للحكم‪ ،‬و الذي يعد بمثابة الوثيقة الدستورية املكتوبة‬
‫‪ernance، which are considered as the written‬‬ ‫للمملكة‪ ،‬وبالتايل املنطق والقانون يفرض عدم إصدار أنظمة‬
‫‪constitutional document of the Kingdom، come‬‬ ‫خمالفة هلام‪.‬‬
‫‪to the fore. Logic and law; therefore, necessitate‬‬
‫‪the unavailability of issuing any regulations that‬‬
‫وتعد مراقبة القوانني مسألة مهمة‪ ،‬حيث إهنا الوسيلة األساسية‬
‫‪contradict them.‬‬ ‫الستقرار النظام القانوين‪ ،‬ومن اختصاص املحاكم ‪،‬حيث‬
‫‪Monitoring laws is an important issue as it is‬‬ ‫تعترب من أهم الضامنات املمنوحة يف سبيل إقرار مبدأ الرشعية‬
‫‪the primary means for the stability of the legal‬‬ ‫و سيادة القانون ‪ ،‬فالدستور هو الذي ينظم كافة املعامالت‬
‫‪system، and it is the jurisdiction of the courts as‬‬ ‫املتعلقة باململكة وعالقاهتا سواء الداخلية أو اخلارجية‪ ،‬وبالتايل‬
‫‪it is considered one of the most important guar-‬‬ ‫فيجب أن تكون هناك رقابة عىل خمتلف األنظمة األخرى لكي‬
‫‪antees granted in order to establish the principle‬‬
‫‪of legitimacy and the rule of law. On the other‬‬ ‫ال تتعارض مع ما سبق‪ ،‬ومن جهة أخرى فمبدأ سمو الدستور‬
‫‪hand، in order not to conflict with the above، the‬‬ ‫هو الذي يفرض أن مجيع القوانني تصبح دونه وحتته يف مبدأ‬
‫‪principle of the supremacy of the constitution is‬‬ ‫الرتاتبية‪ ،‬وال جيوز ألي نظام أن يتقاطع أو يعارض الدستور‪.‬‬
‫‪the one that dictates that all laws become infe-‬‬
‫‪rior and below it in the principle of hierarchy‬‬ ‫الكلامت املفتاحية‪:‬‬
‫‪and no system may intersect or contradict the‬‬ ‫الرقابة عىل دستورية القوانني ‪ ،‬الرقابة القضائية ‪ ،‬دور املحاكم‬
‫‪constitution.‬‬ ‫يف الرقابة‪ ،‬أهداف الرقابة عىل دستورية األنظمة ‪،‬إجراءات‬
‫‪Keywords:‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة‪.‬‬
‫‪constitutional oversight of laws; judicial over-‬‬
‫‪sight; the role of courts in oversight‬‬

‫واالجتامعيــة والثقافيــة‪ ،‬باإلضافــة إىل احلقــوق و‬ ‫مقدمة‪:‬‬


‫احلريــات‪ ،‬ومــن هــذا املنطلــق نجــد أن الدســتور هــو‬ ‫يعتــر الفقــه الســيايس و الدســتوري أن مبــدأ ســمو‬
‫أســمى تعبــر إلرادة األمــة‪ ،‬وجيــب عــى احلاكــم و‬ ‫الدســتور و علــو أحكامــه عــى كافــة القوانــن‬
‫املحكــوم احرتامــه‪.‬‬ ‫األخــرى مــن الســات األساســية التــي يتمتــع هبــا‬
‫وبــا أن الدســتور يف أعــى هــرم التنظيــم يف الدولــة‬ ‫الدســتور‪ ،‬وأن وظيفــة هــذا األخــر تتمثــل يف تنظيــم‬
‫فإنــه يســمو عــى كافــة األنظمــة األخــرى‪ ،‬وهبــذا‬ ‫الســلطات العامــة يف الدولــة وحتديــد الرابــط بينهــا‪،‬‬
‫الســمو تنشــأ عالقــة ترابــط بينــه و بــن القوانــن‬ ‫وبــن احلاكــم و املحكــوم ‪ ،‬وحتديــد شــكل الدولــة‪،‬‬
‫األخــرى ‪ ،‬التــي يفــرض أهنــا ال تتعــارض معــه هنائيــا‬ ‫واملقومــات و الركائــز السياســية و االقتصاديــة‬
‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪20‬‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫الصــورة الثــاين‪ :‬وهــي الرقابــة القضائيــة ‪ ،‬بحيــث‬‫‪ ،‬ومنــه حتــرص النظــم الدســتورية احلديثــة عــى إجيــاد‬
‫يعهــد إىل هيئــة قضائيــة مهمــة مراقبــة دســتورية‬ ‫نــوع مــن الرقابــة عــى أعــال الســلطتني التنظيميــة و‬
‫القوانــن و األنظمــة ‪ ،‬أي أن يتــوىل القضــاء فحــص‬ ‫التنفيذيــة‪ ،‬فيــا يصــدر عنهــا مــن تنظيــات و قــرارات‬
‫القوانــن و األنظمــة ليتحقــق مــن مطابقتهــا ألحــكام‬
‫ختالــف الدســتور ‪ ،‬وقــد اختلفــت النظم الدســتورية يف‬
‫الدســتور‪ ،‬وهــي رقابــة بعديــة أو الحقــة إلصــدار‬ ‫حتديــد اهليئــة التــي يمكــن هلــا محايــة الدســتور(خطاب‬
‫القوانــن( رميــس ‪ 2020 .‬ص ‪.)365‬‬ ‫‪ 2017 .‬ص ‪.)420‬‬
‫كــا تعتــر الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة والقوانــن‬
‫ومــن هــذا املنطلــق يتــوىل الدســتور وضــع اإلطــار‬
‫‪-‬ســواء أكانــت رقابــة قبليــة أم بعديــة‪ -‬ضامنــة عمليــة‬
‫القانــوين العــام جلميــع أوجــه النشــاط القانــوين‬
‫الحــرام أحــكام الدســتور هبــدف محايــة احلريــات و‬ ‫يف الدولــة‪ ،‬وذلــك عــن طريــق حتديــد االجتاهــات‬
‫احلقــوق‪ ،‬وأن مبــدأ املســاواة يعتــر حجــر الزاويــة يف‬
‫املختلفــة‪ ،‬ســواء أكانــت السياســية أم االجتامعيــة‬
‫القضــاء الدســتوري‪.‬‬
‫أم االقتصاديــة‪ ،‬والتــي جيــب أن تعمــل يف نطاقهــا‬
‫وال شــك أن مــن أعظــم طاعــة اهلل ورســوله ‪-‬صــى‬ ‫كافــة األنشــطة املختلفــة يف الدولــة احلكوميــة منهــا‬
‫اهلل عليــه وســلم‪ -‬التحاكــم إىل رشيعتــه عنــد التنــازع‪،‬‬
‫أو الفرديــة‪ ،‬فهــو الــذي يمنــح الســلطات واهليئــات‬
‫و القضــاء يقــوم بــدور مهــم يف تطبيــق أحــكام الــرع‬
‫احلاكمــة اختصاصــات حمــددة لــكل منهــا‪ ،‬ال جيــوز‬
‫واإللــزام بــه‪ ،‬ســواء منهــا مــا يتعلــق بعالقــة األفــراد‬
‫اخلــروج عليهــا؛ ألهنــا ال تعتــر حقوقــا شــخصية أو‬
‫مــع بعضهــم أو عالقــة الدولــة باألفــراد‪ ،‬ومــن أهــم‬
‫مزايــا خاصــة ملــن يامرســها؛ لــذا فــإن قواعــده تعلــو‬
‫مــا يقــوم بــه القضــاء الرقابــة عــى تطبيــق مــا يصــدر‬
‫عــى مــا عداهــا مــن القوانــن واألنظمــة األخــرى‪،‬‬
‫مــن ويل األمــر أو مــن ينيبــه مــن أنظمــة ولوائــح‪،‬‬
‫والــذي ينتــج عنــه وجــوب أن تكــون هــذه القوانــن‬
‫فيحكــم بــا وافــق الــرع‪ ،‬ويمتنــع عــن احلكــم بــا‬‫األنظمــة العاديــة الصــادرة مــن الســلطة التنظيميــة‬
‫خالفــه‪ ،‬ولقــد قامــت اململكــة العربيــة الســعودية عــى‬
‫يف نطــاق مــا تتضمنــه القوانــن الدســتورية مــن‬
‫حتكيــم رشع اهلل‪ ،‬و أكــد النظــام األســايس للحكــم‬ ‫قواعــد وأحــكام‪ ،‬والــذي يطلــق عليــه (مبــدأ ســمو‬
‫عــى االحتــكام إىل الرشيعــة اإلســامية‪ ،‬وأن الكتــاب‬‫الدســتور)‪ ،‬وبذلــك يمنــع أن ختالــف القوانــن‬
‫الكريــم والســنة النبويــة مهــا املرجــع يف القضــاء‪ ،‬ومــن‬
‫العاديــة القوانــن الدســتورية‪ ،‬بحيــث تصبــح باطلــة‬
‫ذلــك مــا نصــت عليــه املــادة الســابعة مــن النظــام‬
‫وغــر دســتورية لــو خرجــت عــى قواعــد وأحــكام‬
‫األســايس للحكم‪(:‬النظــام األســايس للحكــم ‪ ،‬املــادة‬‫الدســتور‪ ،‬وهــو مــا يســمى بالرقابــة عــى دســتورية‬
‫‪ 7‬الصــادر باملرســوم امللكــي رقــم أ‪ 90/‬بتاريــخ‬ ‫القوانــن‪.‬‬
‫‪ 1412/08/27‬هـــ)‪.‬‬ ‫وأمــا الرقابــة عــى دســتورية القوانــن فإهنــا تتجــى يف‬
‫(يســتمد احلكــم يف اململكــة العربيــة الســعودية ســلطته‬ ‫صورتــن ‪:‬‬
‫مــن كتــاب اهلل وســنة رســوله‪ ،‬ومهــا احلاكــان عــى‬‫الصــورة األوىل ‪ :‬الرقابــة السياســية‪ ،‬وهــذه تتــم‬
‫هــذا النظــام ومجيــع أنظمــة الدولــة)‬
‫عــن طريــق اهليئــات السياســية يف الدولــة التــي‬
‫تتــوىل فحــص القوانــن و مــدى مطابقتهــا للنــص أمهية البحث ‪:‬‬
‫الدســتوري‪ ،‬وهــي رقابــة ســابقة أو قبليــة‪ ،‬أي قبــل ‪1.1‬تتجــى أمهيــة البحــث مــن خــال تســليط الضــوء‬
‫دخــول القانــون حيــز التطبيــق‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫الســابقة‪ ،‬التــي هتــم املوضــوع بشــكل أســايس؛‬ ‫عــى دور القضــاء يف جمــال الدفــع بعــدم دســتورية‬
‫فإننــا نســجل نــدرة يف األبحــاث يف هــذا املوضــوع‪،‬‬ ‫األنظمــة املخالفــة للرشيعــة اإلســامية ‪.‬‬
‫وباخلصــوص يف اململكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬بحيــث‬ ‫‪2.2‬اململكــة العربيــة الســعودية تتميــز عــن باقــي دول‬
‫يمكننــا أن نســجل كدراســات ســابقة مايــأيت‪:‬‬ ‫العــامل بإقرارهــا أن الدســتور هــو القــرآن الكريــم‬
‫‪1.1‬ســلوى حســن حســن رزق ‪ ،‬الرقابــة عــى‬ ‫و الســنة النبويــة الرشيفــة‪ ،‬وذلــك يســتوجب‬
‫دســتورية األنظمــة يف الســعودية ‪ -‬جملــة العلــوم‬ ‫أن تكــون هنــاك رقابــة عــى األنظمــة ومــدى‬
‫الرشعيــة ‪ ،‬جامعــة القصيــم العــدد ‪ 1‬املجلــد ‪12‬‬ ‫توافقهــا مــع الدســتور األســمى للمملكــة‪.‬‬
‫يوليــوز ‪2018‬م‪.‬‬ ‫‪3.3‬اإلشــادة بالــدور املهــم الــذي يلعبــه القضــاء‬
‫‪2.2‬عبــد اهلل بــن محــود بــن عبــد اهلل التوجيــري ‪،‬‬ ‫يف مبــدأ التــدرج يف القواعــد النظاميــة ‪،‬بحيــث‬
‫الرقابــة القضائيــة عــى دســتورية األنظمــة يف‬ ‫حيــرص عــى نبــذ أي خمالفــة القاعــدة األدنــى‬
‫اململكــة العربيــة الســعودية ‪ -‬دراســة مقارنــة ‪-‬‬ ‫للقاعــدة األعــى ‪.‬‬
‫بحــث تكميــي لنيل درجــة املاجســتري يف السياســة‬ ‫‪4.4‬التعريــف بمبــدأ الدفــع بعــدم دســتورية األنظمــة‬
‫الرشعيــة ‪ -‬املعهــد العــايل للقضــاء ‪2012‬م‪.‬‬ ‫والقوانــن بــن عمــوم النــاس‪ ،‬وأن العصمــة فقــط‬
‫ســأحاول مــن خــال بحثــي هــذا تقــي موضــوع‬ ‫للقــرآن والســنة‪.‬‬
‫الرقابــة القضائيــة عــى دســتورية األنظمــة يف اململكــة‬ ‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫العربيــة الســعودية ومقارنتهــا بمجموعــة مــن‬ ‫أن املبــدأ األســايس هــو هرميــة التنظيــم؛ فيقتــي‬
‫الترشيعــات العربيــة ‪،‬و األجنبيــة؛ ألجــل خلــق إضافة‬ ‫األمــر أال تتناقــض األنظمــة ‪ ،‬بحيــث ال يتعــارض‬
‫نوعيــة للموضــوع‪.‬‬ ‫املصــدر األدنــى مــع ماهــو أعــى منــه ‪ ،‬وبذلــك‬
‫منهج البحث‪:‬‬ ‫يمكــن أن نجــد أنظمــة فيهــا مــواد خمالفــة للدســتور؛‬
‫اعتمــدت يف هــذه الدراســة باألســاس عــى املنهــج‬ ‫ممــا يســتوجب الوقــوف عندهــا وتفعيــل مبــدأ الرقابــة‬
‫التحليــي و االســتقرائي‪ ،‬مــن خــال حتليــل جمموعــة‬ ‫عــى مــدى توافقهــا مــع النظــام األســايس و الدســتور‬
‫مــن الوقائــع واحلــاالت التــي تدخــل فيهــا القضــاء‬ ‫و حــدود تلــك الرقابــة‪.‬‬
‫بالدفــع بعــدم دســتورية األنظمــة‪ ،‬إىل جانــب اســتنباط‬ ‫ومنــه تتفــرع جمموعــة مــن التســاؤالت املحوريــة‬
‫األحــكام الرشعيــة و القضائيــة يف املوضــوع‪ ،‬مــع‬ ‫حــول‪:‬‬
‫احلــرص عــى مقارنــة هــذه األحــكام باألنظمــة‬ ‫‪1.1‬مــا املقصــود بالرقابــة عــى دســتورية األنظمــة يف‬
‫العربيــة و األجنبيــة األخــرى ‪.‬‬ ‫اململكــة العربيــة الســعودية؟‬
‫خطة البحث‬ ‫‪2.2‬مــا املصــادر و األســانيد التــي يمكــن مــن خالهلــا‬
‫املبحــث األول‪ :‬ماهيــة الرقابــة عــى دســتورية األنظمة‬ ‫تفعيــل الرقابــة؟‬
‫و املحاكــم املختصــة بالنظــر فيهــا‪.‬‬ ‫‪3.3‬من له احلق يف حتريك دعوى الرقابة؟‬
‫املطلــب األول ‪ :‬تعريــف ونشــأة الرقابــة القضائيــة و‬ ‫‪4.4‬هل توجد تطبيقات قضائية عليها؟‬
‫الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة ‪.‬‬ ‫الدراسات السابقة ‪:‬‬
‫بعــد التقــي و البحــث حــول خمتلــف الدراســات الفقرة األوىل ‪ :‬مفهوم الرقابة القضائية ‪.‬‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫التنظيــات األدنــى عــدم خمالفتــه‪ ،‬فقــد كان البــد مــن‬ ‫الفقــرة الثانيــة ‪ :‬نشــأة الرقابــة القضائيــة والدســتورية‬
‫وجــود رقابــة آليــة تراقــب مــدى التــزام الســلطات‬ ‫عــى دســتورية األنظمــة ‪.‬‬
‫فيــا تصــدره مــن تنظيــات بأحــكام النظــام األســايس‬ ‫املطلــب الثــاين ‪ :‬اإلجــراءات املتبعــة أمــام املحكمــة‬
‫للحكــم‪ ،‬خاصــة بعــد انكــاش فكــرة الدولــة‬ ‫املختصــة بالرقابــة القضائيــة ‪.‬‬
‫احلارســة‪ ،‬وانتشــار سياســة التدخــل يف خمتلــف أوجــه‬ ‫الفقــرة األوىل‪ :‬دور القضــاء اإلداري يف الرقابــة عــى‬
‫النشــاط االقتصــادي واالجتامعــي؛ ممــا أدى إىل وفــرة‬ ‫دســتورية األنظمــة ‪.‬‬
‫التنظيــات‪ ،‬األمــر الــذي خيشــى معــه أن تتعــارض مــع‬ ‫الفقــرة الثانيــة ‪:‬دور القضــاء العــادي يف الرقابــة عــى‬
‫ً‬
‫شــكل أو مضمونًــا‪.‬‬ ‫النظــام األســايس‬ ‫دســتورية األنظمــة ‪.‬‬
‫والرقابــة تعنــي معرفــة مــدى مطابقــة القوانــن‬ ‫املبحــث الثــاين ‪ :‬املصــادر األساســية للرقابــة عــى‬
‫واألنظمــة للدســتور مــن عدمهــا‪ ،‬وعليــه فــإن الرقابــة‬ ‫دســتورية األنظمــة‪ ،‬وطبيعــة الدفــوع املقدمــة يف‬
‫عــى دســتورية القوانــن تتــازم مــع مبــدأ ســمو‬ ‫املوضــوع‪.‬‬
‫الدســتور وتنتهــي بانتهائــه‪ ،‬فالرقابــة عــى دســتورية‬ ‫املطلــب األوىل ‪ :‬األســانيد الدســتورية و القانونيــة‬
‫القوانــن مــا هــي إال نتيجــة للتفرقــة بــن القواعــد‬ ‫للرقابــة القضائيــة عــى األنظمــة ‪.‬‬
‫الدســتورية والقوانــن العاديــة‪ ،‬وبالتــايل فهــي ال‬ ‫الفقــرة األوىل ‪ :‬املصــادر الدســتورية للرقابة الدســتورية‬
‫تثــار إال يف ظــل الدســاتري املدونــة اجلامــدة‪ ،‬وتأسيســا‬ ‫باململكة‪.‬‬
‫عــى مــا ســبق‪ ،‬فقــد حظيــت الرقابــة باهتــام رجــال‬ ‫الفقــرة الثانيــة ‪ :‬املصــادر القانونيــة لرقابــة القــايض‬
‫الفقــه الدســتوري‪ ،‬وحظيــت باهتــام دســاتري الــدول‬ ‫عــى دســتورية األنظمــة ‪.‬‬
‫هبــا‪ ،‬فقامــت معظمهــا بتنظيمهــا صونًــا لدســتورها‬ ‫املطلــب الثــاين ‪ :‬طبيعــة الدفــع بعــدم الدســتورية و‬
‫وحفا ًظــا عــى ســموه‪ ،‬وقــد تنوعــت صــور الرقابــة‬ ‫تطبيقاتــه ‪.‬‬
‫عــى دســتورية القوانــن‪ ،‬فمنهــا رقابــة سياســية‪،‬‬ ‫الفقــرة األوىل‪ :‬حــق الســلطة العامــة يف حتريــك دعــوى‬
‫ومنهــا رقابــة قضائيــة بطريــق الدعــوى األصليــة‪،‬‬ ‫الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة ‪.‬‬
‫أو بطريــق الدفــع الفرعــي‪ ،‬أو باملــزج بينهــا‪ ،‬فمثــا‬ ‫الفقــرة الثانيــة ‪ :‬حــق األفــراد يف حتريــك دعــوى‬
‫الرقابــة يف األردن بقيــت رقابــة قــارصة خجولــة‬ ‫الرقابــة القضائيــة ‪.‬‬
‫متواضعــة‪ ،‬ال ترقــى إىل مســتوى الرقابــة القضائيــة‬ ‫الفقــرة الثالثــة‪ :‬تطبيقــات قضائيــة عــى أنــواع‬
‫املثاليــة عــى الدســتورية‪ ،‬ولكــن بعــد هــذه املرحلــة‬ ‫املخالفــات الدســتورية ‪.‬‬
‫مــن الرقابــة عــى دســتورية القوانــن يف األردن التــي‬ ‫املبحــث األول‪ :‬ماهيــة الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة‬
‫شــهدت إنــكار ًا وتــردد ًا ثــم أخــرا قبوالً(العــدوان‬ ‫واملحاكــم املختصــة بالنظــر فيهــا ‪.‬‬
‫‪ 2018‬ص ‪.)2016‬‬ ‫مــن املســلم بــه أن النظــام األســايس هــو أعــى القواعد‬
‫قبــل اخلــوض يف موضــوع الرقابــة عــى دســتورية‬ ‫القانونيــة يف الدولــة؛ ولذلــك جيــب أن ختضــع لــه‬
‫األنظمــة ســواء يف اململكــة العربيــة الســعودية أو‬ ‫مجيــع تلــك القواعــد القانونيــة األدنــى منــه‪ ،‬وأال‬
‫األنظمــة املقارنــة؛ البــد يل أن أســتهل بمجموعــة‬ ‫ختالفــه‪ ،‬وهــذا مــا يســمى بســمو الدســتور‪ ،‬وملــا كان‬
‫مــن التعاريــف خصوصــا املتعلقــة بالرقابــة القضائيــة‬ ‫للنظــام األســايس للحكــم هــذا الســمو‪ ،‬وكان عــى‬
‫بصفــة عامــة‪ ،‬و تليهــا الرقابــة القضائيــة عــى دســتورية‬

‫‪23‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫نظرهــم تعــدّ خر ًقــا ملبــدأ الفصــل بــن الســلطات‪،‬‬ ‫األنظمــة ( مطلــب أول ) ‪،‬ويف مطلــب ثــاين ســأعرج‬
‫لك ـ ْن ال بــدّ مــن وجــود نــوع مــن الرقابــة والتعــاون‬ ‫عــى النشــأة و تاريــخ الرقابــة عــى دســتورية األنظمة ‪.‬‬
‫فيــا بــن هــذه الســلطات ؛حتــى يتــم حتقيــق أهدافهــا‬ ‫املطلــب األول ‪ :‬تعريــف ونشــأة الرقابــة القضائيــة و‬
‫وغاياهتــا التــي وجــدت مــن أجلهــا‪ ،‬ومــن خــال‬ ‫الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة ‪.‬‬
‫مــا ســبق فــإن مفهــوم الرقابــة القضائيــة يعنــي ّأنــا‬ ‫مــن املعــروف أن الســلطات يف الدولــة تتكــون‬
‫الرقابــة التــي متارســها هيئــة قضائيــة خمتصــة للرقابــة‬ ‫مــن ثــاث ســلطات ‪ ،‬وهــي‪ :‬الســلطة التنظيم ّيــة‬
‫عــى مــدى مرشوعيــة ترصفــات وقــرارات اإلدارة‪،‬‬ ‫والتنفيذ ّيــة والقضائ ّيــة‪ -)،‬تنــص املــادة ‪ 44‬مــن‬
‫كــا أهنــا تفــرض رقابتهــا عــى مــدى مالءمــة القوانــن‬ ‫النظــام األســايس للحكــم عــى " تتكــون الســلطات يف‬
‫ألحــكام النظــام األســايس للحكــم) الطهــراوي‬ ‫الدولــة مــن ‪ :‬الســلطة القضائيــة ‪ ،‬الســلطة التنفيذيــة‪،‬‬
‫‪ 2014‬ص ‪.) 364-363‬‬ ‫الســلطة التنظيميــة‪ ،‬وتتعــاون هــذه الســلطات يف أداء‬
‫الفقــرة الثانيــة ‪ :‬نشــأة الرقابــة القضائيــة والدســتورية‬ ‫وظائفهــا وفقــا هلــذا النظــام وغــره مــن األنظمــة‪،‬‬
‫عــى دســتورية األنظمــة ‪.‬‬ ‫وامللــك هــو مرجــع هــذه الســلطات‪، ( ".‬ورغــم ّ‬
‫أن‬
‫مــن خــال هــذه الفقــرة ســأحتدث حــول حموريــن‪:‬‬ ‫ـم وجيــب‬ ‫مبــدأ الفصــل بــن الســلطات هــو مبــدأ مهـ ّ‬
‫األول‪ :‬يتعلــق بمعنــى الرقابــة القضائيــة عىل دســتورية‬ ‫العمــل بــه‪ ،‬إال أن هــذا الفصــل ال يمنــع مــن وجــود‬
‫األنظمــة‪ ،‬ويف حمــور ثــان لنشــأة هــذه الرقابــة‪.‬‬ ‫تعــاون نســبي بــن هــذه الســلطات لتحقيــق أهــداف‬
‫أوال ‪ :‬معنى الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة‪.‬‬ ‫الدولــة والســمو هبــا‪ ،‬وبالتــايل فــإن الرقابــة القضائيــة‬
‫مــن خــال بيــان مفهــوم الرقابــة القضائيــة يتضــح‬ ‫تُفــرض عــى أعــال الســلطة التنظيم ّيــة لفحــص مــدى‬
‫أن الســلطة القضائيــة تتمتــع بمؤهــات قانونيــة‬ ‫لنــا ّ‬ ‫تقيــد مــن يســن القوانــن ألحــكام النظــام األســايس‬
‫عاليــة جتعلهــا قــادرة وحدهــا دون غريهــا عــى الرقابــة‬ ‫للحكــم‪ ،‬وعــى أعــال الســلطة التنفيذيــة "اإلدارة‬
‫عــى دســتورية األنظمــة‪ ،‬كــا أن هــذه الســلطة متتــاز‬ ‫العامــة" بــا يصــدر عنهــا مــن قــرارات وترصفــات؛‬
‫باحليــاد واالســتقالل والثقــة املمنوحــة مــن األفــراد‬ ‫للتأكــد مــن احلفــاظ عــى املصلحــة اخلاصــة لألفــراد‬
‫جتاههــا‪ ،‬فهــذه اهليئــة هدفهــا األســمى التأكيــد عــى‬ ‫بصيانــة حقوقهــم وحرياهتــم‪ ،‬واملصلحــة العامــة‬
‫وتنوعــت األســاليب املتبعــة‬ ‫للمجتمــع‪.‬‬
‫احــرام مبــادئ الدســتور‪ّ ،‬‬
‫يف الرقابــة القضائيــة يف خمتلــف دول العــامل‪ ،‬إال ّأنــا‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬مفهوم الرقابة القضائية‪.‬‬
‫تتفــق يف هدفهــا ‪ ،‬وهــو التأ ّكــد مــن مال َء َمــة القانــون‬ ‫يعــد عمـ ً‬
‫ـا قانون ًّيــا يتــم بواســطة هيئــة قضائيــة تتســم‬
‫وتتنــوع هــذه‬
‫ّ‬ ‫ألحــكام النظــام األســايس للحكــم‪،‬‬ ‫ومؤهــات‬‫ّ‬ ‫بالكفايــة القانونيــة واخلــرة الواســعة‬
‫الرقابــة إىل رقابــة اإللغــاء ورقابــة االمتنــاع( اخلطيــب‬ ‫علميــة جتعلهــم قادريــن عــى التصــدي ألي عمــل‬
‫‪ . 2011‬ص‪.)554-555‬‬ ‫قضائــي يواجههــم‪ ،‬وتتــم الرقابــة القضائيــة عــى‬
‫أيضــا‬‫تســمى ً‬
‫ّ‬ ‫أمــا بالنســبة لرقابــة اإللغــاء التــي‬ ‫أعــال اإلدارة ودســتورية القوانــن‪ ،‬وذلــك يــدل‬
‫بالرقابــة عــن طريــق الدعــوى األصل ّيــة‪ ،‬وتعنــي هــذه‬ ‫عــى التأكيــد عــى مبــدأ التعــاون فيــا بــن الســلطات‬
‫ـرر حيــق لــه الطعــن‬ ‫الرقابــة أن صاحــب الشــأن املتـ ّ‬ ‫الثــاث‪ :‬التنظيم ّيــة والتنفيذ ّيــة والقضائ ّيــة‪ ،‬رغــم أن‬
‫أمــام املحاكــم املختصــة أن أحــد األنظمــة ســارية‬ ‫ـارض مثــل هــذه الرقابــة؛ ألهنــا مــن وجهــة‬ ‫البعــض عـ َ‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪24‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫مــا يعــرض عليهــم مــن قضايــا‪ ،‬و ذلــك وفــق القــرآن‬ ‫املفعــول خمالفــة ألحــكام النظــام األســايس للحكــم ‪،‬‬
‫الكريــم و الســنة النبويــة الرشيفــة‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫فتنظــر املحكمــة بجديــة هــذا الطعــن‪ ،‬فــإن كان ُم ًّقــا‬
‫األنظمــة‪ ،‬بــرط عــدم تعارضهــا مــع القــرآن و الســنة‬ ‫فإهنــا تقــوم بإلغــاء النظــام الــذي خيالــف يف أحكامــه‬
‫( تنــص املــادة ‪ 48‬مــن النظــام األســايس للحكــم يف‬ ‫لقواعــد النظــام األســايس‪ ،‬أ ّمــا إذا كان الطعــن غــر‬
‫اململكــة العربيــة الســعودية عــى‪ " :‬تطبــق املحاكــم‬ ‫ـق فــرد ويبقــى النظــام ســاري املفعول(بعــي ‪2005‬‬ ‫حمـ ّ‬
‫عــى القضايــا املعروضــة أمامهــا أحــكام الرشيعــة‬ ‫ص ‪.) 45‬‬
‫اإلســامية ‪ ،‬وفقــا ملــا دل عليــه الكتــاب والســنة‪،‬‬ ‫وتســمى بالرقابــة عــن طريــق‬ ‫ّ‬ ‫أمــا رقابــة االمتنــاع‬
‫ومــا يصــدره ويل األمــر مــن أنظمــة ال تتعــارض مــع‬ ‫الدفــع بعــدم دســتور ّية األنظمــة‪ ،‬حيــث يكــون هنــاك‬
‫الكتــاب والســنة)‪ ،‬ويف حالــة تعــارض النظــام يمكــن‬ ‫نــزاع معـ ّـن بــن أحــد اخلصــوم‪ ،‬فيقــدم أحــد اخلصــوم‬
‫للمحكمــة مراجعــة األنظمــة‪ ،‬إذ يمكــن للقــايض‬ ‫دف ًعــا بعــدم دســتورية النظــام ا ُملــراد تطبيقــه عليــه حمـ ّـل‬
‫رفــض تطبيــق أي نظــام‪ ،‬إذا مــا اقتنــع أنــه مناقــض‬ ‫النــزاع املعــروض‪ ،‬ف ُيوقــف القــايض الدعــوى األصلية‬
‫مــع الرشيعــة اإلســامية( التوجيــري ‪ 2012‬ص ‪. )18‬‬ ‫للنظــر بالدفــع املقــدّ م لــه‪ ،‬فــإذا تبــن لــه عدم دســتورية‬
‫ثانيا ‪ :‬نشأة الرقابة عىل دستورية األنظمة‪.‬‬ ‫القانــون فــا يتــم تطبيقــه عــى النــزاع املعــروض‪ ،‬وإن‬
‫يعتــر املســلمون مــن األوائــل الذيــن عرفــوا بعــدم‬ ‫كان النظــام غــر خمالــف ألحــكام الدســتور فــرد‬
‫الدســتورية‪ ،‬يف العديــد مــن احلــاالت كانــوا يدفعــون‬ ‫الدفــع ويســتمر بالنظــر بالدعــوى األصل ّيــة‪.‬‬
‫بعــدم الدســتورية ملجــرد غلبــة الظــن أن هنــاك خمالفــة‬ ‫ويف اململكــة العربيــة الســعودية نالحــظ وجــود رقابــة‬
‫مــن قبــل املجلــس التنظيمي(الشــورى) أو رئيــس‬ ‫دســتورية سياســية ســابقة والحقــة‪ ،‬ورقابــة قضائيــة‬
‫الدولــة‪ ،‬كــا أن القضــاة كانــوا متخصصــن بالنظــر يف‬ ‫واألخــرة متــارس رقابــة االمتنــاع وليــس اإللغــاء؛ إذ‬
‫هــذه الدفــوع‪.‬‬ ‫إن رقابــة االمتنــاع يف اململكــة ختتلــف عــن الــدول‬
‫وبذلــك ســبق اإلســام إىل تقريــر نظريــة " رشعيــة‬ ‫التــي توجــد فيهــا حماكــم دســتورية‪.‬‬
‫القوانــن أو نظريــة دســتورية القوانــن" و التــي تعتــر‬ ‫فالقــايض الســعودي يفصــل يف القضيــة بعــد مبارشتــه‬
‫حاليــا مــن النظريــات احلديثــة النشــأة يف جمتمعنــا‪.‬‬ ‫لصالحيــة رقابــة االمتنــاع‪ ،‬التــي جيــد مــا يؤيدهــا يف‬
‫ومــن تطبيقــات الدفــع بعــدم الدســتورية نجــد أن‬ ‫املــادة الســابعة مــن النظــام األســايس للحكــم‪ ،‬حيــث‬
‫اخلليفــة أبــا بكــر الصديــق أصــدر أمــرا بإعــان احلرب‬ ‫تنــص هــذه املــادة عــى " يســتمد احلكــم يف اململكــة‬
‫عــى املرتديــن و مانعــي الــزكاة ‪ ،‬وأعلنــه للصحابــة‪،‬‬ ‫العربيــة الســعودية ســلطته مــن كتــاب اهلل تعــاىل‬
‫فبــادر عمــر بــن اخلطــاب ‪-‬ريض اهلل عنــه‪ -‬إىل خمالفــة‬ ‫وســنة رســوله‪ ،‬ومهــا احلاكــان عــى هــذا النظــام‬
‫هــذا األمــر والقــرار الصــادر عــن الصديــق؛ ملخالفتــه‬ ‫ومجيــع أنظمــة الدولــة"‪.‬‬
‫احلديــث الثابــت عــن رســول اهلل ‪-‬صــى اهلل عليــه و‬ ‫مــن خــال اســتقراء هــذه املــادة يتبــن لنــا أهنــا‬
‫ســلم‪ " -‬أمــرت أن أقاتــل النــاس حتــى يشــهدوا أن‬ ‫متثــل وثيقــة دســتورية‪ ،‬هلــا طابــع الســمو الشــكيل‬
‫ال إلــه إال اهلل وأن حممــدً ا رســول اهلل ويقيمــوا الصــاة‬ ‫واملوضوعــي يف التــدرج التنظيمــي املعمــول بــه يف‬
‫ويؤتــوا الــزكاة‪ ،‬فــإذا فعلــوا ذلــك عصمــوا منــي‬ ‫اململكــة‪ ،‬ويكتفــي بالفصــل يف القضيــة املاثلــة دون أن‬
‫دماءهــم وأمواهلــم إال بحــق اإلســام وحســاهبم عــى‬ ‫يتدخــل يف واليــة اإللغــاء( العيــي ‪ . 2009‬ص ‪.) 45‬‬
‫والقضــاة ملزمــون بتطبيــق الرشيعــة اإلســامية يف كل‬

‫‪25‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫املطلــب الثــاين ‪ :‬اإلجــراءات املتبعــة أمــام املحكمــة‬


‫اهلل "( متفــق عليــه‪ :‬أخرجــه البخــاري يف صحيحــه‪،‬‬
‫املختصــة بالرقابــة القضائيــة ‪.‬‬
‫كتــاب اإليــان‪ ،‬بــاب فــإن تابــوا وأقامــوا الصــاة‪،‬‬
‫تعنــي الرقابــة القضائيــة وجــود هيئــة قضائيــة تتــوىل‬
‫‪ .29 / 1‬رقــم احلديــث ‪ . 25‬وأخرجــه مســلم يف‬
‫الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة ‪،‬ويقصــد بالرقابــة‬ ‫صحيحــه‪ ،‬كتــاب اإليــان‪ ،‬بــاب األمــر بقتــال النــاس‬
‫القضائيــة عــى دســتورية األنظمــة قيــام القضــاء‬ ‫حتــى يقولــوا ال إلــه إال اهلل حممــد رســول اهلل ويقيمــوا‬
‫بالتحقــق مــن مــدى مطابقــة القانــون ألحــكام‬ ‫الصــاة ‪ ،53 /1‬رقــم احلديــث ‪.) 36‬‬
‫الدســتور‪ ،‬فالرقابــة القضائيــة ترمــز إىل اهليئــة التــي‬
‫وبعــد هــذا أصــدر الصديــق احلكــم برفــض مــا قالــه‬
‫تبارشهــا وطابعهــا القضائــي‪.‬‬ ‫عمــر ‪ ،‬وأيــد ذلــك احلكــم بقولــه " واهلل لــو منعــوين‬
‫وهنــاك مــن الــدول التــي تأخــذ بالرقابــة القضائيــة‬‫عقــاال كانــوا يؤدونــه إىل رســول اهلل ‪-‬صــى اهلل عليــه‬
‫عــى دســتورية األنظمــة عــن طريــق املحكمــة‬ ‫وســلم‪ -‬ألقاتلنهــم عــى منعهــا‪ ،‬إن الــزكاة حــق املــال‪،‬‬
‫الدســتورية‪ ،‬وهــي حمكمــة مركزيــة تتــوىل البــت يف‬ ‫واهلل ألقاتلــن مــن فــرق بــن الصــاة و الزكاة(أخرجــه‬
‫الدعــاوى املتعلقــة بالطعــون يف دســتورية القوانــن‪،‬‬ ‫مســلم يف صحيحــه‪ ،‬كتــاب اإليــان‪ ،‬بــاب األمــر‬
‫وهنــاك دول أخــرى تعطــي هــذه الصالحيــة جلميــع‬ ‫بقتــال النــاس ‪ 51/1 ،‬رقــم احلديــث ‪.) 32‬‬
‫املحاكــم ‪ ،‬وهــذا النظــام األخــر هــو املطبــق يف‬ ‫ويف مثــال آخــر جتــى ذلــك يف خالفــة عمــر بــن‬
‫اململكــة العربيــة الســعودية ‪.‬‬
‫اخلطــاب‪ ،‬حيــث أصــدر أمــرا يقــي بــأال يــزاد يف‬
‫حيــث ختتــص كافــة املحاكــم يف اململكــة بالنظــر‬ ‫مهــور النســاء عــن أربعــن أوقيــة‪ ،‬وأن الزيــادة يف‬
‫يف مــدى دســتورية أي نظــام‪ ،‬حيــث جعــل املنظــم‬ ‫ذلــك تلقــى يف بيــت املــال‪ ،‬فراجعتــه امــرأة يف ذلــك‬
‫الســعودي كافــة املحاكــم يف الســلم اهلرمــي القضائــي‬‫األمــر‪ ،‬و أمــام عمــر ‪-‬ريض اهلل عنــه‪ -‬وأوضحــت‬
‫تســتطيع أن تنظــر يف مــدى دســتورية األنظمــة التــي‬ ‫يف طعنهــا أنــه خمالــف لقاعــدة قرآنيــة ورد هبــا نــص‬
‫تتــوىل تطبيقهــا‪ ،‬وباســتقراء نظــام القضــاء يف اململكــة‬
‫قــرآين يف قولــه ‪-‬تعــاىل‪ -‬يف ســورة النســاء اآليــة‬
‫يتبــن لنــا وجــود نوعــن مــن املحاكــم‪:‬‬ ‫َ‬
‫ــكان َز ْو ٍج وآ َت ْيت ْ‬
‫ُــم‬ ‫دال َز ْو ٍج َم‬‫اســتِ ْب َ‬
‫ُــم ْ‬ ‫‪ " 20‬وإِ ْن َأ َر ْدت ُ‬
‫ـذوا ِمنْ ـ ُه َش ـ ْيئ ًا " وبالفعــل‬
‫األول‪ :‬متعلق بالقضاء العام ‪.‬‬ ‫داه ـ َّن ِقنْطــار ًا َفــا ت َْأ ُخـ ُ‬
‫إِ ْح ُ‬
‫والثــاين‪ :‬يتعلــق بالقضــاء اإلداري‪ ،‬ويف كل منهــا‬ ‫تراجــع عمــر عــن هــذا القــرار‪.‬‬
‫ثــاث حماكــم ‪:‬‬
‫ومــن الوقائــع األوىل يف اململكــة العربيــة الســعودية‬
‫‪-1‬املحكمــة العليــا ‪ -2‬حماكــم االســتئناف ‪ -3‬حماكــم‬ ‫‪،‬والتــي تثبــت نشــأة الرقابــة القضائيــة عــى األنظمة يف‬
‫الدرجــة األوىل ‪،‬ويف هــذا املطلــب ســأتوىل دراســة دور‬‫اململكــة‪ ،‬رفــض قــايض املحكمــة املســتعجلة يف مدينــة‬
‫القضــاء اإلداري يف مراقبــة مــدى دســتورية األنظمــة ‪،‬‬‫الريــاض ســنة ‪1965‬م النظــر يف تركيــز املســؤولية عىل‬
‫ويف حمــور ثــان لــدور حماكــم القضــاء العــام يف مراقبــة‬
‫ســائق يف حــادث انقــاب ســيارة ‪ ،‬وأيده عــى االمتناع‬
‫مــدى دســتورية األنظمــة‪.‬‬
‫عــن احلكــم رئيــس القضــاة‪ ،‬بســبب خمالفتــه للدســتور‬
‫الــذي حتكــم بــه البــاد‪ ،‬وهــو القــرآن و الســنة( ابــن الفقــرة األوىل‪ :‬دور القضــاء اإلداري يف الرقابــة عــى‬
‫دســتورية األنظمــة‪.‬‬ ‫إبراهيــم ‪ 1984‬ص ‪.)256‬‬
‫يعتــر القضــاء اإلداري قديــا يف أصولــه ووجــوده‪،‬‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪26‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫إذا مــا كان الطعــن يتعلــق باملنازعــات التــي تدخــل‬ ‫حديثــا يف نظامــه القانــوين ‪ ،‬ويعتــر أغلــب الفقــه‬
‫يف اختصــاص املحاكــم اإلداريــة مــن قبيــل القــرارات‬ ‫فرنســا مهــدا لــه‪ ،‬حيــث يرونــه امتــدادا متطــورا‬
‫اإلداريــة ‪،‬ووجــود اإلدارة طرفــا ‪،‬ومنازعــات العقــود‬ ‫وحديثــا لنظــام جملــس امللــك الــذي كان ســائدا قبــل‬
‫اإلداريــة ‪،‬باإلضافــة إىل اختصاصــات أخــرى حددهــا‬ ‫الثــورة الفرنســية‪ ،‬وهنــاك مــن يــرى يف قضــاء املظــامل‬
‫نظــام القضــاء وفــق املــادة ‪ 11‬منــه ‪.‬‬ ‫الــذي عرفتــه احلضــارة العربيــة اإلســامية نظامــا يعــد‬
‫ومــن أهــم االختصاصــات األخــرى للمحكمــة‬ ‫نموذجــا فريــدا ومتجاوبــا مــع مقتضيــات وظيفــة‬
‫اإلداريــة العليــا هــي النظــر يف دســتورية األنظمــة‬ ‫الدولــة‪ ،‬وهــو نظــام يفــرض رقابتــه عــى الــوالة‬
‫التــي تعتــر خمالفــة للدســتور العــام للدولــة أو النظــام‬ ‫وعــال الدولــة‪ ،‬وذوي الســلطة‪ ،‬بخــاف القضــاء‬
‫األســايس للحكــم‪ ،‬باإلضافــة إىل رقابتهــا عــى مجيــع‬ ‫العادي(حلــرش ‪ 2012‬ص ‪.)54‬‬
‫األنظمــة و اللوائــح‪.‬‬ ‫أمــا يف اململكــة العربيــة الســعودية فيعــد ديــوان املظــامل‬
‫مــن خــال اســتقراء نــص املــادة ‪ 11‬مــن نظــام القضاء‬ ‫هــو اهليئــة القضائيــة املســتقلة و املرتبطــة مبــارشة‬
‫نجــد أن الســؤال الــذي يطــرح نفســه هــو هــل يمكــن‬ ‫بامللــك ‪ ،‬حيــث يتمتــع قضــاة ديــوان املظــامل بكافــة‬
‫اعتبــار اختصــاص املحكمــة العليــا حــرا وفــق مــا‬ ‫الضامنــات املنصــوص عليهــا يف القضــاء العــام‪ ،‬كــا‬
‫ذكــر ســابقا ؟ أم أن مــا جــاءت بــه املــادة ‪ 11‬هــو فقــط‬ ‫يلتزمــون يف املقابــل بالواجبــات املنصــوص عليهــا(‪-‬‬
‫عــى ســبيل املثــال و احلــر؟‬ ‫املــادة األوىل مــن نظــام القضــاء الصــادر بموجــب‬
‫أرى أن املنظــم مــن خــال نظــام القضــاء قــد أفــرد‬ ‫مرســوم ملكــي رقــم م‪ 78/‬بتاريــخ ‪1428 / 9 / 19‬‬
‫هــذه االختصاصــات عــى ســبيل احلــر خصوصــا‬ ‫هـــ والــذي ينــص عــى‪:‬‬
‫حينــا بــدأ بكلمــة " ختتــص " و انتهــى بكلمــة " مــا ييل"‬ ‫‪ -‬ديــوان املظــامل هيئــة قضــاء إداري مســتقلة‪ ،‬يرتبــط‬
‫وهــذه الصياغــة تفيــد اجلــزم واحلــر و ليــس املثــال؛‬ ‫مبــارشة بامللــك‪ ،‬ويكــون مقــره مدينــة الريــاض‪.‬‬
‫لذلــك أقــول‪ :‬إن اختصــاص املحكمــة العليــا حــر‬ ‫‪ -‬ويتمتــع قضــاء الديــوان وقضاتــه بالضامنــات‬
‫فيــا ذكــر ســابقا‪ ،‬وال يمكنهــا النظــر يف القضايــا‬ ‫املنصــوص عليهــا يف نظــام القضــاء‪ ،‬ويلتزمــون‬
‫األخــرى ‪.‬‬ ‫بالواجبــات املنصــوص عليهــا فيــه‪.).‬‬
‫ب‪ :‬حماكم االستئناف اإلدارية ‪.‬‬ ‫ومــن مجلــة الضامنــات املمنوحــة للقضــاة؛ ألجــل‬
‫تعتــر االســتئناف درجــة ثانيــة مــن درجــات‬ ‫ضــان احليــاد وعــدم التدخــل يف أمــور الســلطة‬
‫القضائيــة‪ :‬هــي أنــه ال ســلطان عليهــم يف قضائهــم‬
‫التقــايض؛ إذ تضمــن حت ُّقــق القضــاء مــن حــدوث ّ‬
‫أي‬
‫نقــص أو خلــل حمتمــل لألحــكام ‪ ،‬وذلــك عــن طريــق‬ ‫لغــر أحــكام الرشيعــة اإلســامية واألنظمــة املرعيــة‪،‬‬
‫إعــادة نظــر الدعــوى مــرة ثانيــة أمــام حمكمــة أخــرى‬ ‫وهــو مــا يقــرر حــق املحاكــم اإلداريــة يف الرقابــة عــى‬
‫‪،‬بحيــث تكــون منفصلــة عــن األوىل وقضــاة مســتقلني‬ ‫دســتورية األنظمــة‪.‬‬
‫عــن املرحلــة األوىل يكونــون أصحــاب خــرة وجتربــة‬ ‫وتتألف حماكم ديوان املظامل من‪:‬‬
‫بصــورة أكــر ‪.‬‬ ‫أ‪ :‬املحكمة اإلدارية العليا ‪.‬‬
‫وتتــوىل هــذه املحكمــة النظــر يف الطعــون عــى إذ تتــوىل حماكــم االســتئناف اإلداريــة النظــر بمختلــف‬
‫األحــكام التــي تصدرهــا حماكــم االســتئناف اإلداريــة األحــكام التــي تقبــل االســتئناف والتــي تصــدر مــن‬

‫‪27‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫ومــن ناحيــة أخــرى يمكننــا أن نثــر إشــكاال يتعلــق‬ ‫املحاكــم اإلداريــة ‪ ،‬فهــي حتكــم بعــد أن تســمع أقــوال‬
‫بمــدى إمكانيــة إثــارة الدفــع بعــدم دســتورية نظــام‬ ‫اخلصــوم تبعــا لإلجــراءات ا ُملقـ َّـررة نظامــا‪ ،‬كــا ختتــص‬
‫يتعلــق بــاإلدارة أو بقــرار إداري‪ ،‬مــع العلــم أن اإلدارة‬ ‫حماكــم االســتئناف اإلداريــة بالنظــر يف األحــكام‬
‫هلــا مــن األطــر مــا يمكنهــا أن تقــف عــى خبايــا أي‬ ‫القابلــة لالســتئناف الصــادرة عــن املحاكــم اإلداريــة‪.‬‬
‫نظــام و معرفــة هــل هــو متوافــق مــع الدســتور أو‬ ‫ويتجــى التــدرج اهلرمــي ملــا تطبقــه حماكــم االســتئناف‬
‫يعــارض يف شــق منــه ‪ ،‬وأرى كذلــك أن الدفــع بعــدم‬ ‫اإلداريــة هــو أوال مــا دل عليــه الكتــاب و الســنة‪ ،‬ثــم‬
‫الدســتورية أمــام القضــاء اإلداري و يف مواجهة اإلدارة‬ ‫مــا يصــدره ويل األمــر مــن أنظمــة ‪،‬والتــي تفــرض‬
‫يعتــر مــن أهــم الضامنــات املمنوحــة لألفــراد؛ ألجــل‬ ‫أهنــا ال تتعــارض مــع الكتــاب و الســنة‪.‬‬
‫الدفــاع عــن مصاحلهــا يف مواجهــة اإلدارة‪ ،‬ودر ًءا ألي‬ ‫وهــذا األخــر هــو مــا يعطــي الرشعيــة هلــذه املحكمــة‬
‫خلــل يف التنظيــم البــري ‪ ،‬والــذي يمكنــه أن حيتمــل‬ ‫لكــي متــارس حــق الرقابــة القضائيــة عــى دســتورية‬
‫اخلطــأ‪ ،‬و بالتــايل ضيــاع احلقــوق أمــام اإلدارة‪ ،‬فهــذه‬ ‫األنظمــة‪ (.‬املــادة ‪ 1‬مــن نظــام املرافعــات الرشعيــة‪،‬‬
‫الضامنــة مــن أســمى مــا يمكــن أن يوفــره القضــاء ألي‬ ‫واملــادة ‪ 1‬مــن نظــام اإلجــراءات اجلزائيــة‪).‬‬
‫شــخص‪ ،‬وألجــل إثارتــه جيــب أال خيــرج عــن إطــار‬ ‫ومــن جهــة أخــرى كثــر احلديــث حــول مــدى إثــارة‬
‫الصفــة و املصلحــة والرشعيــة ‪.‬‬ ‫الدفــع بعــدم دســتورية النظــام ألول مــرة أمــام حماكــم‬
‫الفقــرة الثانيــة ‪ :‬دور القضــاء العــادي يف الرقابــة عــى‬ ‫االســتئناف اإلداريــة‪ ،‬وهــل يمكننــا القــول عــى أن‬
‫دســتورية األنظمــة‪.‬‬ ‫ذوي املصلحــة يمكــن هلــم التمســك بعــدم دســتورية‬
‫يعتــر القضــاء أحــد الســلطات العليــا يف الدّ ولــة‪ ،‬فإنــه‬ ‫أي نظــام ســيطبق يف النازلــة املعروضــة أمــام حمكمــة‬
‫يتــوىل مهمــة فــض اخلالفــات و املنازعــات التــي تنشــأ‬ ‫االســتئناف ألول مــرة دون إثارتــه أمــام املحاكــم‬
‫بــن أفــراد الدولــة‪.‬‬ ‫اإلداريــة ؟‬
‫وتنتــر يف كل دولــة أنــواع عديــدة مــن املحاكــم‪،‬‬ ‫وهنــا أقــول بــأن األمــر وارد وغــر ممنــوع بتاتــا‪ ،‬فــا‬
‫و ختتــص كل حمكمــة بنــوع معــن مــن الدعــاوى‪.‬‬ ‫دامــت املحكمــة اإلداريــة العليــا يمكــن هلــا النظــر يف‬
‫ويرجــع الســبب يف تعــدد واختــاف أنــواع املحاكــم و‬ ‫عــدم دســتورية أي نظــام ألول مــرة أمامهــا؛ فينطبــق‬
‫اختصاصاهتــا للتخفيــف عــى كاهــل املرفــق القضائي‪،‬‬ ‫نفــس الــيء عــى حمكمــة االســتئناف اإلداريــة ‪.‬‬
‫و الفصــل يف الدعــاوى عــى وجــه الرسعــة‪.‬‬ ‫ج‪ :‬املحاكم اإلدارية ‪.‬‬
‫وتتكــون حماكــم القضــاء العــام يف اململكــة مــن‬ ‫انطالقــا مــن املــادة الثالثــة عــرة مــن نظــام القضــاء‬
‫املحكمــة العليــا‪ ،‬و حماكــم االســتئناف ‪،‬و حماكــم‬ ‫يتبــن لنــا أن املحاكــم اإلداريــة ختتــص بالفصــل يف‬
‫الدرجــة األوىل ‪،‬و ختتــص كل منهــا يف مســائل حمــددة و‬ ‫جمموعــة مــن الدعــاوى‪ ،‬والتــي تتعلــق أساســا باملجال‬
‫بالنظــر يف القضايــا املعروضــة عليهــا‪.‬‬ ‫اإلداري والقــرارات اإلداريــة وباقــي الدعــاوى التــي‬
‫أ‪ -‬حماكم الدرجة األوىل ‪.‬‬ ‫تكــون اإلدارة طرفــا يف النــزاع ‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى‬
‫حماكــم الدرجــة األوىل هــي أوىل درجــات التقــايض‪،‬‬ ‫ختتــص كذلــك بالرقابــة عــى دســتورية األنظمــة‪ ،‬و‬
‫يتــم مــن خالهلــا نــر الدعــوى يف بدايتهــا للنظــر‬ ‫هلــا احلــق يف الرقابــة القضائيــة كاحلــق املمنــوح ملحاكــم‬
‫فيهــا وإصــدار األحــكام يف مجيــع الدعــاوي التــي تقــع‬ ‫القضــاء العــام ‪.‬‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪28‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫األوىل التــي تقــع يف دائرهتــا والتــي تكــون قابلــة‬ ‫يف اختصاصهــا املــكاين والنوعــي‪ ،‬وهــذه األحــكام‬
‫لالســتئناف ‪.‬‬ ‫ال تكــون هنائيــة بشــكل قطعــي ينهــي النــزاع ‪،‬وإنــا‬
‫وتطبــق هــذه املحاكــم يف القضايــا املعروضــة عليهــا‬ ‫تكــون قابلــة لالســتئناف‪ ،‬باســتثناء األحــكام الصــادرة‬
‫أحــكام الرشيعــة اإلســامية‪ ،‬ومــا يصــدره ويل األمــر‬ ‫يف الدعــاوى اليســرة التــي حيددهــا املجلــس األعــى‬
‫مــن أنظمــة رشط أال تتعــارض مــع الكتــاب و الســنة‬ ‫للقضــاء‪ ،‬وبالبحــث يف هيكليــة النظــام القضائــي‬
‫( املــادة ‪ 1‬مــن نظــام املرافعــات الرشعيــة‪ ،‬و املــادة ‪1‬‬ ‫وأمهيــة مرفــق القضــاء يف أمــن اململكــة؛ دعــت‬
‫مــن نظــام اإلجــراءات اجلزائيــة)‪ ،‬وهــذا األخــر هــو‬ ‫الــرورة النتشــار حماكــم الدرجــة األوىل يف مجيــع‬
‫بيــت القصيــد يف موضوعــي‪ ،‬و هــو الــذي يعطــي‬ ‫حمافظــات ومــدن اململكــة العربيــة الســعودية‪.‬‬
‫احلــق ملحاكــم االســتئناف باحلــق يف الرقابــة القضائيــة‬ ‫وباســتقراء املــواد مــن ‪ 19‬إىل ‪ 22‬مــن نظــام القضــاء‬
‫عــى دســتورية األنظمــة كدرجــة ثانيــة مــن درجــات‬ ‫يتبــن لنــا أن حماكــم الدرجــة األوىل تتكــون مــن‬
‫التقــايض‪.‬‬ ‫املحاكــم العامــة و اجلزائيــة وحمكمــة األحــوال‬
‫ج‪ -‬املحكمة العليا ‪.‬‬ ‫الشــخصية‪ ،‬باإلضافــة إىل املحكمــة التجاريــة و‬
‫وهــى بحســب نظــام القضــاء حمكمــة واحــدة يف‬ ‫املحكمــة العامليــة ‪ ،‬ونظــرا الختصــاص كل حمكمــة‬
‫اململكــة ‪ ،‬ومقرهــا مدينــة الريــاض ‪ ،‬وهدفهــا هــو‬ ‫و الدعــاوى التــي تنظــر فيهــا؛ فقــد يتبــادر إىل الذهــن‬
‫مراقبــة ســامة تطبيــق أحــكام الرشيعــة اإلســامية‪،‬‬ ‫ســؤال حمــوري يتعلــق بمــدى إمكانيــة الدفــع بعــدم‬
‫ومــا يصــدره ويل األمــر مــن أنظمــة ال تتعــارض معها ‪،‬‬ ‫الدســتورية أمــام أي مــن هــذه املحاكــم‪ ،‬أم هنــاك‬
‫يف القضايــا التــي تدخــل ضمــن واليــة القضــاء العــام‪.‬‬ ‫اســتثناءات عــى هــذا األمــر‪.‬‬
‫وتقــع يف الرتبــة األوىل مــن التسلســل اهلرمــي‬ ‫أرى بــأن هــذه املحاكــم ختتــص باإلضافــة إىل‬
‫للمحاكــم ‪ ،‬وتعترباملــادة احلاديــة عــرة مــن نظــام‬ ‫اختصاصاهتــا األصليــة كمحاكــم الدرجــة األوىل‬
‫القضــاء هــي خارطــة الطريــق لعمــل املحكمــة‬ ‫بالفصــل يف كل القضايــا ‪ ،‬فــإىل جانــب ذلــك هــي‬
‫العليــا‪ ،‬حيــث نصــت عــى اختصاصاهتــا باإلضافــة إىل‬ ‫صاحبــة االختصــاص ابتدائيــا يف الرقابــة عىل دســتورية‬
‫االختصاصــات املنصــوص عليهــا يف نظــام املرافعــات‬ ‫األنظمــة يف اململكــة‪ ،‬ويف أي جمــال كان ســواء تعلــق‬
‫الرشعيــة ونظــام اإلجــراءات اجلزائيــة‪.‬‬ ‫األمــر بنــص إداري أو مــدين أو جتــاري ‪ ،‬فمن حســنات‬
‫باإلضافــة إىل اختصــاص آخــر يتعلــق بجملــة‬ ‫هــذا التوجــه هــو أن الرقابــة عــى األنظمــة تبــدأ منــذ‬
‫اختصاصــات املحكمــة العليــا‪ ،‬هــي الفصــل يف‬ ‫أول النــزاع أمــام املحكمــة ‪،‬أي أن الفــرد لــه احلــق‬
‫دســتورية األنظمــة التــي يقــدح فيهــا بمخالفتهــا‬ ‫بالدفــع بعــدم دســتورية أي نظــام يف أي حمكمــة‪.‬‬
‫للدســتور العــام للمملكــة أو النظــام األســايس‬ ‫ب‪ -‬حماكم االستئناف‪.‬‬
‫للحكــم‪ ،‬ويكــون هلــا احلــق يف الرقابــة عــى مجيــع‬ ‫بحســب نظــام القضــاء يوجــد يف كل منطقــة مــن‬
‫األنظمــة و اللوائح(املــادة ‪ 11‬مــن نظــام القضــاء )‪.‬‬ ‫مناطــق اململكــة حمكمــة اســتئناف أو أكثــر ‪ ،‬وتتــوىل‬
‫ومــن هــذا املنطلــق نثمــن دور املحكمــة العليــا‬ ‫هــذه املحاكــم ‪ -‬والتــي يطلــق عليهــا "حماكــم الدرجــة‬
‫باعتبارهــا املحكمــة األعــى رتبــة يف جمــال الســلم‬ ‫الثانيــة"‪.‬‬
‫اهلرمــي للمحاكــم‪ ،‬وهــذا يعطينــا ضامنــات إضافيــة‬ ‫‪ -‬النظــر يف األحــكام الصــادرة عــن حماكــم الدرجــة‬

‫‪29‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫الفقــرة األوىل ‪ :‬املصــادر الدســتورية للرقابة الدســتورية‬ ‫للخــروج بحكــم أكثــر عدالــة نظــرا لطبيعــة تكويــن‬
‫با ململكة ‪.‬‬ ‫هــذه املحكمــة و جــودة القضــاة العاملــن هبــا‪.‬‬
‫عرفــت الرقابة عــى دســتورية القوانــن بأهنــا " التحقق‬ ‫املبحــث الثــاين ‪ :‬املصــادر األساســية للرقابــة عــى‬
‫مــن خمالفــة القوانــن للدســتور ‪ ،‬متهيدا لعــدم إصدارها‬ ‫دســتورية األنظمــة وطبيعــة الدفــوع املقدمــة يف‬
‫إذا مل تصــدر‪ ،‬أو إلغائهــا‪ ،‬أو االمتنــاع عــن تطبيقهــا إذا‬ ‫املوضــوع‪.‬‬
‫كان قــد تــم إصدارهــا"( احللــو ‪ 2005‬ص ‪.) 438‬‬ ‫ســأتوىل يف هــذا املبحــث تقســيم الدراســة إىل مطلبــن‪،‬‬
‫وهــو مــا يعنــي بــرورة وجــود إمــا هيئــة ذات‬ ‫األول ‪ :‬يتعلــق باألســانيد القانونيــة و الدســتورية‬
‫صبغــة سياســية‪ ،‬أو جهــة قضائيــة تكــون مهمتهــا‬ ‫للرقابــة القضائيــة عــى األنظمــة‪ ،‬و يف مطلــب ثــان‬
‫النظــر يف مــدى دســتورية القوانــن ‪،‬أي مــا مــدى‬ ‫لطبيعــة الدفــع بعــدم دســتورية النظــام وتطبيقاتــه‪.‬‬
‫توافــق القوانــن مــع الدســتور؟ وهــذا مــا يــؤدي‬
‫املطلــب األول ‪ :‬األســانيد الدســتورية و القانونيــة‬
‫بنــا إىل احلديــث عــن التنظيــم الدســتوري للرقابــة‬
‫للرقابــة القضائيــة عــى األنظمــة‪.‬‬
‫عــى دســتورية األنظمــة‪ ،‬وهــو مــا يعنــي أن النظــام‬
‫يعتــر الدســتور أســمى تعبــر إلرادة األمــة يف كل‬
‫األســايس للحكــم هــو الــذي يبــن كيفيــة الرقابــة‪ ،‬و‬
‫الــدول‪ ،‬كــا ان أســمى قانــون أو نظــام يف أي دولــة هو‬
‫كيفيــة تكوينهــا‪ ،‬و تنظيــم أعامهلــا‪ ،‬ومــن هــي اجلهــة‬
‫الدســتور أو النظــام األســايس للحكــم كــا يف اململكــة‬
‫املخــول هلــا احلــق بالدفــع بعــدم الدســتورية إن تعلــق‬
‫العربيــة الســعودية؛ ممــا يتأتــى منــه احــرام كافــة‬
‫األمــر بنظــام أو نــص قانــوين‪ ،‬وكذلــك لإلمكانيــة‬
‫الســلطات باململكــة هلــذا الدســتور‪ ،‬وهــو مــا يطلــق‬
‫املعــدة هلــذا الغــرض‪ ،‬هــل عــن طريــق القضــاء أم‬
‫عليــه مبــدأ ســمو الدســتور(العصار ‪ 1996‬ص ‪.)80‬‬
‫جهــة أخــرى متخصصــة يف ذلــك؟ باإلضافــة إىل‬
‫ومــن هنــا يتبــن لنــا أنــه إن تعــارض أي نظــام أو نــص‬
‫حتديــد هــل هــذه الرقابــة تكــون قبليــة أي قبــل إصــدار‬
‫قانــوين مــع النــص الدســتوري كان الدســتور مرجحــا‬
‫النظــام ‪،‬أم بعديــة أي بعــد إصــدار هــذا النظــام؟( رزق‬
‫عليــه( عبيــد ‪ 2002‬ص ‪ ،) 144‬والرقابــة الدســتورية‪،‬‬
‫‪ 2018‬ص‪.) 539‬‬
‫وبمعنــى أوضــح الرقابــة عــى دســتورية القوانــن هــي‬
‫باإلضافــة إىل األشــخاص املخــول هلــم الطعــن بعــدم‬
‫النتيجــة احلتميــة هلــذا املبــدأ‪ ،‬و الــذي يعــد مظهــرا مــن‬
‫الدســتورية‪ ،‬هــل مؤسســات عموميــة ‪،‬أم أفــراد‬
‫مظاهــر املرشوعيــة يف اململكــة‪ ،‬والــذي يعنــي ســيادة‬
‫عاديــون‪ ،‬أو املحاكــم‪.‬‬
‫حكــم القانــون أي خضــوع مجيــع الســلطات ألحــكام‬
‫وبنظــرة إىل خمتلــف الترشيعــات املقارنــة أجــد لــكل‬
‫الدســتور يف كل ترصفاهتــا و أنشــطتها(‪Burdeau‬‬
‫دولــة طريقتهــا ونظامهــا اخلــاص الــذي تتبعــه مــن‬
‫‪ 1948‬ص ‪.) 83‬‬
‫حيــث رقابتهــا الدســتورية‪ ،‬فمنهــا مــا يتبــع الرقابــة‬
‫وللتعمــق أكثــر يف هــذا املجــال سنقســم هــذه الفقــرة‬
‫القبليــة‪ ،‬أي قبــل إصــدار القانــون ‪،‬ومنهــا مــا يتبــع‬
‫إىل حموريــن‪ :‬األول يتعلــق باألســانيد الدســتورية‬
‫الرقابــة البعديــة‪ ،‬أي بعــد إصــدار القانــون‪.‬‬
‫للرقابــة الدســتورية باململكــة‪ ،‬و الثــاين لألســانيد‬
‫ومــن الــدول التــي اعتمــدت نظــام الرقابــة القبليــة‬
‫القانونيــة للرقابــة عــى الدســتورية باململكــة‪.‬‬
‫عــى دســتورية قوانينهــا نجــد النظــام الفرنــي‪ ،‬و‬
‫التــي انتهجــت أســلوب الرقابــة السياســية( العجمــي‬
‫‪ 2010‬ص ‪.) 172‬‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪30‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫دول العــامل‪ ،‬أمــا بالنســبة للمملكــة العربيــة الســعودية‬ ‫ولــذا أرى أنــه ال جــدال يف أن هــذه ا إلمكانيــة تعــد‬
‫فــا يوجــد هبــا مــا يشــر اىل أي تنظيــم للرقابــة‬ ‫مــن أهــم الوســائل الرائــدة التــي اعتمدهتــا فرنســا‪،‬‬
‫الدســتورية يف أنظمتهــا األساســية التــي تعــد بمثابــة‬ ‫و التــي نــص عليهــا الدســتور الفرنــي كــا ســبق‬
‫وثائــق دســتورية هلــا ســواء القديمــة أو احلديثــة(‬ ‫‪،‬وبعــد التعديــل الدســتوري األخــر متــت بموجبــه‬
‫العجمــي ‪ 2020‬ص ‪ ،) 369‬لكــن مــن جهــة أخــرى‬ ‫إضافــة الرقابــة البعديــة عــى الدســتورية إىل جانــب‬
‫هنــاك رقابــة متــارس مــن طــرف القضــاء دون تنظيــم‬ ‫الرقابــة الســابقة‪ ،‬وذلــك عــن طريــق إحالــة القوانــن‬
‫قانــوين رصيــح بذلــك‪ ،‬ومــؤدى ذلــك هــو وجــود‬ ‫للمجلــس الدســتوري بعــد صدورهــا ودخوهلــا‬
‫الرقابــة الدســتورية فيهــا عــى الرغــم مــن غيــاب‬ ‫حيــز التنفيــذ؛ ألجــل الرقابــة عليهــا و مراقبــة مــدى‬
‫التنظيــم الدســتوري الرصيــح هلــا ‪،‬أو إفــراد مــا يســمى‬ ‫موافقتهــا مــع الدســتور(‪ -‬وهــذا اإلجــراء تــم بإضافــة‬
‫بالقضــاء الدســتوري أو تنظيــم للدعــوى الدســتورية‬ ‫املــادة ‪ 1 - 61‬مــن الدســتور‪ ،‬والتــي تنــص عــى )‬
‫بكافــة أشــكاهلا وإجراءاهتــا‪.‬‬ ‫عنــد‪ ،‬مناســبة النظــر يف دعــوى مقامــة أمــام القضــاء‪،‬‬
‫وقدأغفــل النظــام األســايس للحكــم يف اململكــة‬ ‫ودفــع أحــد أطــراف الدعــوى بــأن حكــا ترشيعيــا‬
‫الطعــن أو التعــرض‪ ،‬أو حتــى اإلشــارة ملوضــوع‬ ‫ينتهــك احلقــوق واحلريــات التــي كفلهــا الدســتور‪،‬‬
‫دســتورية األنظمــة ‪ ،‬إال أنــه تــرك هــذا املجــال عامــا‪،‬‬ ‫يســتطيع املجلــس الدســتوري النظــر يف هــذه املســألة‬
‫وفتــح البــاب أمــام القضــاء؛ ألجــل اخلــوض فيــه‬ ‫بنــاء عــى إحالتهــا إليــه مــن جملــس الدولــة‪ ،‬أو حمكمــة‬
‫دونــا التنصيــص بشــكل رصيــح‪ ،‬كــا أنــه ال توجد أي‬ ‫النقــض الذيــن يتخــذان قرارمهــا خــال فــرة حمــددة‬
‫نصــوص رصحيــة تفيــد الوقــوف عــى كيفيــة خاصــة‬ ‫‪،‬وحيــدد بقانــون تنظيمــي رشوط تطبيــق هــذه املــادة(‪،‬‬
‫للنظــر يف الدعــاوى املتعلقــة بالرقابــة الدســتورية‪.‬‬ ‫واســتنادا إىل ذلــك صــدر قانــون تنظيمــي يف ‪/ 10 / 9‬‬
‫لــذا فليــس هنــاك أي مانــع أن يعيــد املنظــم يف اململكــة‬ ‫‪2009‬م‪ ،‬والــذي ســمى هــذه الرقابــة مســألة األولويــة‬
‫العربيــة الســعودية النظــر يف مســألة تنظيــم الرقابــة‬ ‫الدســتورية )‪.‬‬
‫الدســتورية بنــص رصيــح وواضــح ؛نظــرا ملــا يتمتــع‬ ‫ويف الواليــات املتحــدة االمريكيــة فإهنــا تتبــع نظــام‬
‫بــه هــذا املوضــوع مــن أمهيــة بالغــة‪ ،‬وال يكتفــي فقــط‬ ‫الرقابــة البعديــة عــى الدســتورية‪ ،‬وتعــد هــي الرائــدة‬
‫بإقرارهــا مــن الناحيــة الضمنيــة ‪ ،‬ومنــه اقــرح إنشــاء‬ ‫يف اتبــاع هــذا األســلوب مــن الرقابــة ‪،‬والــذي اتبعتــه‬
‫حمكمــة دســتورية خاصــة تتــوىل مســألة البــت يف مــدى‬ ‫بعدهــا معظــم دول العــامل‪ ،‬إال أهنــا اختلفــت يف‬
‫دســتورية األنظمــة و القوانــن‪ ،‬وهــذا حتــا ســيرتتب‬ ‫طــرق تنظيــم الرقابــة الدســتورية القضائيــة ‪،‬فمنهــا‬
‫عنــه آثــار مهمــة‪ ،‬منهــا‪ :‬إقــرار مبــدأ ســمو الدســتور‪،‬‬ ‫مــن نــص عــى إنشــاء حمكمــة دســتورية عليــا تــم‬
‫ومحايــة مبــدأ الرشعيــة و املرشوعيــة‪.‬‬ ‫ختصيصهــا فقــط ملامرســة الرقابــة ‪ ،‬ومنهــا مــن‬
‫الفقــرة الثانيــة ‪ :‬املصــادر القانونيــة لرقابــة القــايض‬ ‫أســند هــذه املهمــة للمحكمــة االحتاديــة‪ ،‬بحيــث‬
‫عــى دســتورية األنظمــة‪.‬‬ ‫متارســها بجانــب باقــي اختصاصاهتــا األخــرى‬
‫لقــد بــادر القضــاء يف إقــرار مبــدأ الرقابــة عــى‬ ‫‪ ،‬ومنهــا مــن أوكل إىل املحاكــم العاديــة بكافــة‬
‫دســتورية األنظمــة انطالقــا مــن إغفــال جمموعــة مــن‬ ‫درجاهتــا و أنواعهــا( رزق ‪ 2018‬ص ‪.) 542‬‬
‫الترشيعــات لتنظيــم مبــدأ الرقابــة الدســتورية عــى‬ ‫نستشــف ممــا ســبق مــدى أمهيــة التنظيــم الدســتوري‬
‫للرقابــة عــى دســتورية القوانــن و األنظمــة يف خمتلــف‬

‫‪31‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫و جتــد فكــرة ســمو الدســتور يف الواقــع أساســها يف‬ ‫قوانينهــا؛ فألجــل إبعــاد اجلــدل قــام القضــاء بمامرســة‬
‫كتابــات مفكــري نظريــة العقــد االجتامعــي يف القرنــن‬ ‫الرقابــة الدســتورية و النظــر يف الطعــون املقدمــة‬
‫الســابع عــر والثامــن عــر األوريب (إال إهنــا مل‬ ‫يف هــذا املجــال؛ اســتنادا إىل جمموعــة مــن األمــور‬
‫تتبلــور كمبــدأ يف عــامل الواقــع والقانــوين) إال بعــد‬ ‫القانونيــة املهمــة‪ ،‬ومنهــا‪:‬‬
‫انتصــار الثورتــن األمريكيــة والفرنســية( البحــري‬ ‫أ‪ -‬مبدأ استقالل القضاء ‪.‬‬
‫‪ 2009‬ص ‪.) 50‬‬ ‫يعتــر القضــاء مســتقال عــن الســلطات األخــرى‪،‬‬
‫وقــد أعلــن املبــدأ ألول مــرة يف الدســتور األمريكــي‬ ‫وال خيضــع ألي ضغوطــات مــن أي كان ‪ ،‬فالقــايض‬
‫لعــام ‪ ،1787‬حيــث نصــت املــادة (‪ )6‬منــه عــى أن‪:‬‬ ‫يفــرض فيــه حتقيــق العدالــة و الدفــاع عليهــا‪ ،‬ومــن‬
‫(يكــون هــذا الدســتور وقوانــن الواليــات املتحــدة‬ ‫هــذا املنطلــق نجــد نظــام القضــاء يف اململكــة يمنــح‬
‫التــي تصــدر بموجبــه‪ ،‬ومجيــع املعاهــدات املربمــة أو‬ ‫للقضــاة كافــة الضامنــات ألجــل ممارســة مهامهــم‬
‫التــي ســتربم بموجــب ســلطة الواليــات املتحــدة‪،‬‬ ‫باســتقاللية بعيــدا عــن كل أشــكال الضغــط‪ ،‬فــا‬
‫القانــون األعــى للبــاد‪ ،‬ويلــزم بذلــك القضــاة يف كل‬ ‫يمكــن للســلطة التنفيذيــة أو التنظيميــة التدخــل يف‬
‫واليــة‪ ،‬بغــض النظــر عــا يناقــض هــذا يف دســتور أو‬ ‫عمــل القضــاء‪ ،‬أو أن جتربهــا عــى اتبــاع أي أوامــر‬
‫قوانــن أيــة واليــة)‪.‬‬ ‫أو تعليــات ‪ ،‬فتبقــى الســلطة القضائيــة حمتفظــة‬
‫وبعــد الثــورة الفرنســية ســاد مبــدأ ســمو الدســتور‬ ‫باســتقالهلا و ســلطتها الكاملــة إزاء القانــون املخالــف‪،‬‬
‫يف الفقــه الدســتوري األوريب‪ ،‬ومــن الدســاتري‬ ‫فكلتــا الســلطتني ختضعــان ألحــكام الدســتور وملزمــة‬
‫األوربيــة التــي نصــت عليــه رصاحــة الدســتور‬ ‫باحرتامــه( بــاز ‪ 2012‬ص ‪.) 42‬‬
‫التشيكوســلوفاكي لعــام ‪1920‬م‪ ،‬وكذلــك الدســتور‬
‫ب‪ -‬ســمو القواعــد الدســتورية عــن النظــم و‬
‫اإليطــايل عــام ‪1947‬م ‪ ،‬إذ نصــت هــذه الدســاتري عــى‬
‫القوانــن‪.‬‬
‫أهنــا تتمتــع بقــوة تكــون ملزمــة جلميــع الســلطات‬
‫ويقصــد بمبــدأ ســمو الدســتور هــو علــو القواعــد‬
‫العامــة يف الدولــة( غــايل ‪ 1990‬ص ‪ .) 87‬غــر أن‬
‫الدســتورية عــى غريهــا مــن القواعــد القانونيــة املطبقة‬
‫مبــدأ ســمو الدســتور مل يقتــر فقــط عــى دســاتري‬
‫يف الدولــة‪ ،‬وهــذا يعنــي أن أي قانــون تصــدره الدولــة‬
‫الديمقراطيــات الغربيــة‪ ،‬بــل امتــد وشــمل دســاتري‬
‫جيــب أال يكــون خمالفــا للدســتور‪ ،‬وال فــرق يف كــون‬
‫الــدول االشــراكية أيضــا‪ ،‬ومنهــا دســتور االحتــاد‬
‫الدســتور مكتو ًبــا أو عرف ًّيــا‪.‬‬
‫الســوفيتي لعــام ‪1977‬م‪ ،‬إذ نصــت املــادة (‪)173‬‬
‫ويــراد بســمو الدســتور أيضــا أن النظــام القانــوين‬
‫منــه عــى أن (لدســتور االحتــاد الســوفيتي قــوة‬
‫للدولــة بأكملــه يكــون حمكومــا بالقواعــد الدســتورية‪،‬‬
‫القانــون األعــى ‪ -‬ومجيــع القوانــن وســائر مقــررات‬
‫إن أيــة ســلطة مــن ســلطات الدولــة ال يمكــن أن‬
‫هيئــات الدولــة تصــدر عــى أســاس دســتور االحتــاد‬
‫متــارس إال الســلطة التــي منحهــا إياهــا الدســتور أو‬
‫الســوفيتي ووف ًقــا لــه)‪ .‬وقــد نصــت الفقــرة (‪ )3‬مــن‬
‫النظــام األســايس للحكــم‪ ،‬وباحلــدود التــي رســمها‪.‬‬
‫املــادة (‪ )88‬مــن دســتور أملانيــا الديمقراطــي الصــادر‬
‫ويعتــر مبــدأ الســمو مــن املبــادئ املســلم هبــا يف فقــه‬
‫يف نيســان عــام ‪1968‬م‪ ،‬عــى أنــه (ال جيــوز للتعاليــم‬
‫القانــون الدســتوري ‪،‬حتــى يف حالــة عــدم النــص‬
‫القانونيــة أن تتعــارض مــع الدســتور‪ .‬ويقــرر جملــس‬
‫عليــه يف صلــب الوثيقــة الدســتورية‪.‬‬
‫الشــعب صحــة دســتورية التعليــم القانونيــة يف حالــة‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫أن قواعــد الدســتور‬ ‫ويســتفاد مــن ذلــك كلــه َّ‬ ‫الشــك فيهــا) ( بســيوين ‪ 2006‬ص ‪ ) 50‬هــذا وقــد‬
‫تســتوي عــى القمــة مــن البنــاء القانــوين للدولــة‪،‬‬ ‫تبنــت دســاتري دول عربيــة مبــدأ ســمو الدســتور‬
‫وتتبــوأ مقــام الصــدارة بــن جممــل قواعــد النظــام‬ ‫ونصــت عليــه بعــض دســاتريها‪ ،‬مــن ذلــك دســتور‬
‫العــام التــي يتعــن عــى الدولــة بســلطاهتا الثــاث‬ ‫مجهوريــة الصومــال (الصــادر يف عــام ‪1960‬م‪ ،‬حيــث‬
‫التزامهــا ومراعاهتــا‪ ،‬باعتبارهــا أســمى القواعــد‬ ‫أوجبــت املــادة (‪ )98‬منــه رضورة مطابقــة القوانــن‬
‫اآلمــرة‪ ،‬وأحقهــا بالنــزول عــى أحكامهــا‪ ،‬وإهــدار مــا‬ ‫ألحــكام الدســتور‪ ،‬وألزمــت مجيــع اهليئــات احلاكمــة‬
‫خيالفهــا مــن ترشيعــات( الدبــس ‪ 2014‬ص ‪.) 220‬‬ ‫ومجيــع األشــخاص التابعــن للدولــة باحلفــاظ عــى‬
‫ومن نتائج سمو الدستورماييل‪:‬‬ ‫الدســتور‪ .‬وكذلــك نصــت املــادة (‪ )3‬مــن دســتور‬
‫‪ 1.1‬تكــون قواعــد الدســتور أكثــر ثباتــا مــن القواعــد‬ ‫الســودان االنتقــايل لعــام ‪1985‬م‪ ،‬عــى أن (تســود‬
‫القانونيــة العاديــة ‪.‬‬ ‫أحــكام هــذا الدســتور عــى مجيــع لقوانينــه ويلغــى‬
‫‪2.2‬ال يمكــن إلغــاء القواعــد الدســتورية إال بقواعــد‬ ‫مــن أحــكام هــذه القوانــن مــا يتعــارض مــع أحــكام‬
‫دســتورية ‪.‬‬ ‫هــذا الدســتور بالقــدر الــذي يزيــل ذلــك التعــارض)(‬
‫‪3.3‬وجــوب انســجام القواعــد القانونيــة العاديــة مــع‬ ‫الشــكري ‪ 2004‬ص ‪.) 12‬‬
‫القواعــد الدســتورية وعــدم تعارضهــا معهــا ‪.‬‬ ‫ويف تفســر هــذا املبــدأ تقــول املحكمــة الدســتورية‬
‫ج‪ :‬طبيعــة عمــل القضــاء يف اململكة العربية الســعودية ‪.‬‬ ‫العليــا املرصيــة (يف حكمهــا الصــادر باجللســة املنعقــدة‬
‫يعتــر القضــاء ملزمــا باتبــاع النــص القانــوين األعــى‬ ‫يــوم الســبت ‪12‬فرباير‪/‬شــباط ‪1994‬م يف القضيــة‬
‫قيمــة حــن تعارضــه مــع تنظيــم أدنــى منــه‪ ،‬وذلــك‬ ‫"إن القواعد‬ ‫رقــم ‪ 23‬لســنة ‪ 14‬قضائيــة "دســتورية")‪َّ :‬‬
‫يفــرض عــى القــايض حينــا يطبــق النظــم و القوانــن‬ ‫الدســتورية حتتــل مــن القواعــد القانونيــة مكا ًنــا َع ِل ًّيــا‬
‫املتفاوتــة يف القيمــة القانونية اســتحضار تطبيــق القاعدة‬ ‫تتوســد منهــا املقــام األســمى كقواعــد آمــرة‪،‬‬ ‫ألهنــا َّ‬
‫األعــى ‪ ،‬ومن هــذا املنطلق نستشــف صالحيــة القايض‬ ‫ال تبديــل فيهــا إال بتعديــل الدســتور ذاتــه"‪ ،‬وتقــول‬
‫يف النظــر بدســتورية القوانــن‪ ،‬فهــذه الصالحية مشــتقة‬ ‫أيضــا يف حكــم آخــر هلــا (صــادر باجللســة املنعقــدة‬ ‫ً‬
‫مــن صالحيتــه بالفصــل يف املنازعــات النامجــة عــن‬ ‫يــوم الســبت ‪ 8‬يوليو‪/‬متــوز ســنة ‪2000‬م يف القضيــة‬
‫االختــاف يف القوانــن ؛إذ إن الدســتور ماهــو إال‬ ‫رقــم ‪ 11‬لســنة ‪ 13‬قضائيــة "دســتورية")‪" :‬وحيــث إن‬
‫قواعــد قانونيــة تتصــف بســموها عــى مــا عداهــا مــن‬ ‫رقابــة هــذه املحكمــة للنصــوص الترشيعيــة املطعــون‬
‫نظــم و قوانــن أخرى‪،‬وبالتــايل تكــون األحقيــة لــه يف‬ ‫عليهــا إنــا تتغ َّيــا ر َّدهــا إىل أحــكام الدســتور‪ ،‬تغلي ًبــا‬
‫التطبيــق إذا مــا تعارضــت هــذه القوانــن ونصوصــه‪،‬‬ ‫هلــا عــى مــا دوهنــا‪ ،‬وتوكيــدً ا لســموها عــى مــا‬
‫ســواء كانــت يف مبادئهــا أو أحكامهــا‪ ،‬فتكــون مهمــة‬ ‫عداهــا‪ ،‬لتظــل الكلمــة العليــا للدســتور‪ ،‬باعتبــاره‬
‫القــايض هــي الرتجيــح بــن الدســتور و القانــون‬ ‫القانــون األســايس األعــى الــذي يــريس القواعــد‬
‫العــادي ‪،‬وال يمكــن لــه يف هــذه احلالــة‪ ،‬فحــن‬ ‫واألصــول التــي يقــوم عليهــا نظــام احلكــم‪ ،‬فيحــدّ د‬
‫تقــع قناعــة القــايض باتبــاع النــص القانــوين األوىل‬ ‫للســلطات الترشيعيــة والتنفيذيــة والقضائيــة‬
‫باالتبــاع و التطبيــق‪ ،‬ويســتبعد القاعــدة األدنــى رغــم‬ ‫صالحياهتــا‪ ،‬واض ًعــا احلــدود التــي تق ّيــد أنشــطتها‪،‬‬
‫بقائهــا قائمــة وســارية املفعــول كــا يمكــن تطبيقهــا‬ ‫وحتــول دون تدخــل كل منهــا يف أعــال األخــرى‪،‬‬
‫مقـ ّـر ًرا احلقــوق واحلريــات العامــة‪ ،‬مرتّبــا ضامناهتــا"‪.‬‬

‫‪33‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫تأويلهــا‪ ،‬بــا يف ذلــك خمالفــة مبــدأ قضائــي تقــرر‬ ‫يف حــاالت أخــرى( العجمــي ‪ 2016‬ص ‪. )216‬‬
‫يف حكــم صــادر مــن املحكمــة اإلداريــة العليــا‪.‬‬ ‫فــإذا كان القضــاء يف العديــد مــن دول العــامل يعطــي‬
‫‪.‬بصدوره عن حمكمة غري خمتصة‪.‬‬ ‫لنفســه الصالحيــة ألجــل الرقابــة عــى دســتورية‬
‫‪ .‬جصدوره عن حمكمة غري مكونة وف ًقا للنظام‪.‬‬ ‫األنظمــة؛ فالقضــاء الســعودي هــو أيضــا يمكنــه‬
‫‪ .‬داخلطأ يف تكييف الواقعة‪ ،‬أو يف وصفها‪.‬‬ ‫ممارســة الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة‪ ،‬فانطالقــا‬
‫‪ .‬هفصلــه يف نــزاع خال ًفــا حلكــم آخــر ســبق أن صــدر‬ ‫مــن أن التنظيــم النافــذ يف اململكــة هــو عبــارة عــن‬
‫بــن طــريف الدعوى‪.‬‬ ‫جمموعــة مــن األحــكام واملبــادئ التــي تتســم بطابــع‬
‫‪ .‬وتنازع االختصاص بني حماكم الديوان‪.‬‬ ‫الــدوام و اخللــود( الطهــراوي ‪ 2008‬ص ‪ ، )410‬فــا‬
‫وممــا ذكــر أعــاه نستشــف أن املنظــم يقــر برقابــة‬ ‫يســع للســلطات مســها أو حتويرهــا أو اخلــروج عليهــا‬
‫القضــاء عــى دســتورية األنظمــة لكــن دون وضــع‬ ‫‪،‬حيــث إن النظــام األســايس للحكــم يف اململكــة يعتمد‬
‫تنظيــم خــاص لــه ‪ ،‬ولذلــك فــإن القضــاء الســعودي‬ ‫عــى الرشيعــة اإلســامية ‪،‬حيــث تنــص املــادة األوىل‬
‫ملــزم بمامرســة حــق الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة‪،‬‬ ‫منــه عــى " اململكــة العربيــة الســعودية دولــة إســامية‬
‫ســواء كانــت أنظمــة عاديــة أو لوائــح تنفيذيــة ‪،‬والتــي‬ ‫ذات ســيادة تامــة‪ ،‬دينهــا اإلســام‪ ،‬ودســتورها كتــاب‬
‫يتبــن أهنــا تتعــارض مــع الكتــاب و الســنة‪.‬‬ ‫اهلل ‪-‬تعــاىل‪ -‬وســنة رســوله صــى اهلل عليــه و ســلم"‬
‫وأضيــف كذلــك عــى أن الرقابــة القضائيــة التــي‬ ‫وبالتــايل فــإن األنظمــة جيــب أن تســتند إىل الدســتور‬
‫تنهجهــا اململكــة هــي األكثــر تطبيقــا بــن دول العــامل‬ ‫األســمى‪ ،‬وهــو كتــاب اهلل والســنة النبوية‪ ،‬وتســتوحي‬
‫عــى عكــس الرقابــة السياســية ‪ ،‬ومــن هــذا املنطلــق‬ ‫منهــا أحكامهــا وفروضهــا‪.‬‬
‫فــإن الرقابــة القضائيــة تدخــل يف صلــب االختصــاص‬ ‫ومــن جانــب التنظيــم القضائــي للمملكــة‪،‬‬
‫القضائــي باملــوازاة مــع اختصاصــه بالفصــل يف‬ ‫وخصوصــا يف آخــر تعديالتــه لســنة ‪2008‬م‪ ،‬والــذي‬
‫املنازعــات األخــرى‪ ،‬وفــق التــدرج اهلرمــي لألنظمــة‬ ‫نــص عــى إعــادة ترتيــب املحاكــم باإلضافــة إىل‬
‫و القوانــن‪ ،‬بمعنــى أوضــح إذا وجــد نــص تنظيمــي‬ ‫إنشــاء املحكمــة العليــا ‪،‬و التــي تشــبه يف اختصاصاهتــا‬
‫يتعــارض مــع النظــام األســايس للحكــم فإنــه ملــزم‬ ‫املحاكــم الدســتورية املوجــودة يف باقــي الــدول‪ ،‬وهــذه‬
‫باســتبعاده‪ ،‬وهــذا مــا يســمى بمنطــق العدالــة و‬ ‫األخــرة تعتــر أعــى اهلــرم القضائــي( املــادة ‪ 9‬مــن‬
‫املرشوعيــة(رزق ‪ 2018‬ص ‪.) 574‬‬ ‫نظــام القضــاء )‪.‬‬
‫ويف خضــم مبــدأ و اختصــاص القضــاء للنظــر يف مدى‬ ‫ومــن جهــة أخــرى نجــد املــادة ‪ 11‬مــن نظــام القضــاء‬
‫دســتورية النصــوص القانونيــة فــأرى كذلــك رضورة‬ ‫التــي حتــدد اختصاصــات هــذه املحكمــة بدقــة ‪،‬حيــث‬
‫تطبيــق الرقابــة القبليــة ‪،‬أي قبــل إصــدار النظــم و‬ ‫نصــت عــى مايــي‪:‬‬
‫القوانــن وقبــل دخوهلــا حيــز التنفيــذ‪ ،‬فعمليــة إصــدار‬ ‫ختتــص املحكمــة اإلداريــة العليــا بالنظــر يف‬
‫القوانــن هــي برشيــة حمضــة ممــا حتتمــل اخلطــأ ‪ ،‬ومبنية‬ ‫االعرتاضــات عــى األحــكام التــي تصدرهــا حماكــم‬
‫عــى أســاس التنبــؤ باملســتقبل‪ ،‬وال شــك أن هــذه‬ ‫االســتئناف اإلداريــة ‪ ،‬إذا كان حمــل االعــراض عــى‬
‫العمليــة قــارصة عــن اإلحاطــة بمختلــف جوانــب‬ ‫احلكــم مــا يــأيت‪:‬‬
‫الــيء املــراد تقنينــه ‪ ،‬ووجــود الرقابــة البعديــة أي‬ ‫‪ .‬أ خمالفــة أحــكام الرشيعــة اإلســامية‪ ،‬أو األنظمــة‬
‫بعــد إصــدار النظــام مهمــة للغايــة ؛ألجــل تصحيــح‬ ‫التــي ال تتعــارض معهــا‪ ،‬أو اخلطــأ يف تطبيقهــا أو‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫العرصيــة ‪ ،‬كــا أنــه ال يوجــد هنــاك أي رشوط‬ ‫اخلطــأ ‪ ،‬لكــن ال منــاص مــن إحــال الرقابــة القبليــة‬
‫ملامرســتها ‪ ،‬فيعتربهــا الديــن احلنيــف مــن بــاب رفــع‬ ‫كذلــك‪ ،‬عــى غــرار أغلــب الترشيعــات الدوليــة‬
‫املظــامل عــن العبــاد ومــن بــاب دعــوى احلســبة‪.‬‬ ‫ليدخــل يف اختصــاص املحكمــة العليــا‪ ،‬ويمنــح هلــا‬
‫ويف اململكــة العربيــة الســعودية مل حيــدد املنظــم جهــة‬ ‫هــذا االختصــاص حــرا دون باقــي املحاكــم الدنيــا‪،‬‬
‫معينــة وخاصــة ألجــل حتريــك دعــوى الرقابــة‬ ‫مــع االحتفــاظ كذلــك باالختصــاص يف الرقابــة‬
‫القضائيــة ‪ ،‬وبالتــايل فــإن حتريــك هــذه الدعــوى‬ ‫البعديــة‪ ،‬مــع وجــوب التنصيــص عــى اإلجــراءات‬
‫متــاح للســلطة العامــة‪ ،‬اســتنادا لنصــوص الرشيعــة‬ ‫الالزمــة لرفــع دعــوى عــدم الدســتورية‪ ،‬و كيفيــة‬
‫اإلســامية واألنظمــة ‪ ،‬ومنهــا النظــام األســايس‬ ‫الطعــن فيهــا وحجيــة األحــكام الصــادرة عنهــا‪.‬‬
‫للحكم(املــادة ‪ 48‬مــن النظــام األســايس للحكــم)‬ ‫املطلــب الثــاين ‪ :‬طبيعــة الدفــع بعــدم الدســتورية و‬
‫والــذي أعطــى الســلطة القضائيــة حــق حتريــك‬ ‫تطبيقاتــه‪.‬‬
‫دعــوى الرقابــة الدســتورية‪.‬‬ ‫اختلفــت دول العــامل يف الطريقــة التــي يمكــن مــن‬
‫الفقــرة الثانيــة ‪ :‬حــق األفــراد يف حتريــك دعــوى الرقابة‬ ‫خالهلــا إثــارة الدفــع بعــدم دســتورية القوانــن‪ ،‬ومــن‬
‫القضائية ‪.‬‬ ‫لــه الصالحيــة يف حتريــك هــذه الدعــوى ‪،‬هــل هــي‬
‫يمكــن لألفــراد حتريــك دعــوى الرقابــة القضائيــة عــى‬ ‫حكــر فقــط عــى الســلطة العامــة؟ أم أن األشــخاص‬
‫دســتورية األنظمــة عــى غــرار الســلطات العامــة لكــن‬ ‫و األفــراد العاديــن هلــم احلــق كذلــك يف إثــارة هــذه‬
‫بطريقــة خمتلفــة ‪ ،‬فــإذا كان الدســتور يمنــح للســلطات‬ ‫الدعــوى؟ ولذلــك ســأقوم بتقســيم هــذه الفقــرة إىل‬
‫العامــة هــذا احلــق عــن طريــق حتريــك الرقابــة‬ ‫( أوال ) حــق الســلطة العامــة يف حتريــك دعــوى‬
‫بالدعــوى املبــارشة ‪،‬أو األصليــة ‪،‬أو أي إجــراء آخــر‬ ‫الرقابــة‪ ،‬و ( ثانيــا) حــق األفــراد يف حتريــك دعــوى‬
‫أمــام املحاكــم املختصــة ؛فإنــه يمنــح لألفــراد احلــق‬ ‫الرقابــة‪ ،‬و ( ثالثــا ) تطبيقاتــه‪.‬‬
‫كذلــك يف حتريــك الدعــوى‪ ،‬لكــن بأســلوب غــر‬ ‫الفقــرة األوىل‪ :‬حــق الســلطة العامــة يف حتريــك دعــوى‬
‫مبــارش‪ ،‬عــن طريــق ســلطة عامــة وهــي القضــاء‬ ‫الرقابــة عــى دســتورية األنظمــة‪.‬‬
‫‪،‬ويكــون ذلــك بإثــارة الدفــع أمــام القضــاء بمناســبة‬ ‫أقــرت العديــد مــن الدســاتري عــى إعطــاء احلــق يف‬
‫دعــوى مرفوعــة‪ ،‬فــإذا مــا رأت املحكمــة جديــة هــذا‬ ‫حتريــك دعــوى الرقابــة فقــط لرئيــس الدولــة‪ ،‬أو‬
‫الدفــع وأبــرزت ووضحــت قناعتهــا يف عدم دســتورية‬ ‫احلكومــة‪ ،‬أو املجلــس الربملــاين ‪ ،‬أو هليئــات حكوميــة‬
‫هــذا التنظيــم؛ أذنــت للفــرد صاحــب الدفــع يف رفــع‬ ‫أخــرى ‪،‬بحيــث ال يكــون هنــاك مــكان لألفــراد‬
‫دعــوى عــدم الدســتورية أمــام املحكمــة الدســتورية‬ ‫العاديــن؛ ألجــل رفــع دعــوى عــدم الدســتورية ‪.‬‬
‫املختصــة‪.‬‬ ‫ومــن بــاب النهــي عــن املنكــر و رفــع الظلــم عــن‬
‫ومــن مجلــة الــدول التــي أخــذت هبــذا االجتــاه نجــد‬ ‫الرعيــة ؛ مــن واجــب القــايض التصــدي مــن تلقــاء‬
‫اإلمــارات العربيــة املتحــدة‪ ،‬حيــث أقرت يف دســتورها‬ ‫نفســه لدعــوى الرقابــة الدســتورية ‪ ،‬إذا مــا رأى أن‬
‫عــى اجلــواز لألفــراد العاديــن مــن ذوي املصلحــة‬ ‫القانــون الواجــب التطبيــق أمامــه خمالــف لنــص‬
‫حــق الدفــع بعــدم دســتورية أي قانــون يف احلالــة التــي‬ ‫قطعــي مــن القــرآن الكريــم أو الســنة ‪ ،‬وال يلــزم‬
‫يكــون هــذا القانــون قابــا للتطبيــق يف تلــك النازلــة‪،‬‬ ‫يف هــذه الدعــوى شــكليات حمــددة كــا يف النظــم‬

‫‪35‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫وهــذا هــو احلــق احلــري الوحيــد للفــرد‪ ،‬وال يمكــن خيشــى زوالــه( التوجيــري ‪ 2018‬ص ‪،) 105‬ومــن‬
‫جهــة أخــرى إذا رأى القــايض أن الدعــوى صورية كان‬ ‫حتريــك الدعــوى األصليــة املبــارشة‪.‬‬
‫وهنــاك مــن الدســاتري األخــرى والتــي تذهــب إىل عليــه رفضهــا‪ ،‬ولــه احلكــم عــى املدعــي بنكال(املــادة‬
‫حتريــك الدعــوى األصليــة ضــد األنظمــة املخالفــة ‪ 4‬مــن نظــام املرافعــات الرشعيــة) ‪.‬‬
‫للدســتور إىل حــد الرتخيــص هبــا لألفــراد العاديــن و الفقــرة الثالثــة‪ :‬تطبيقــات قضائيــة عــى أنــواع‬
‫غريهــم مــن أشــخاص القانــون اخلــاص ‪ ،‬مؤكــدة عىل املخالفــات الدســتورية ‪.‬‬
‫أنــه ال يشــرط يف حتريــك هــذه الدعــوى ســوى توفــر ســأتوىل يف هــذه الفقــرة الوقــوف عــى حالتــن تتعلقان‬
‫رشط املصلحــة ‪ ،‬وهذا ما نستشــفه من دســتور الكويت بنظــم خمالفــة للدســتور‪ ،‬األوىل تتعلــق بمخالفــة‬
‫‪،‬وأيضــا مــا نــص عليــه دســتور اململكــة املغربيــة ‪ .‬التــدرج اهلرمــي لألنظمــة‪ ،‬و الثانيــة ملخالفــة أحــكام‬
‫وهــذه الضامنــات املمنوحــة لألفــراد و األشــخاص الرشيعــة اإلســامية ‪.‬‬
‫العاديــن تعــد مــن أســمى احلقــوق التــي أعطيــت هلــم‬
‫أ‪ :‬خمالفة التدرج اهلرمي لألنظمة‪.‬‬
‫؛ ألجــل ممارســة حقهــم الدســتوري يف الطعــن يف أي‬
‫يــأيت الدســتور يف قمــة اهلــرم الترشيعــي ‪،‬حيــث حيــدد‬
‫نــص قانــوين وإبطالــه ملخالفتــه للدســتور‪ ،‬ومتاشــيا‬
‫القواعــد األساســية لشــكل الدولــة أيــا كان شــكلها‬
‫مــع حــق دســتوري آخــر‪ ،‬و هــو احلــق يف التقــايض‬
‫(بســيطة أم مركبــة)‪ ،‬ونظــام احلكــم ســواء كان (ملك ًّيــا‬
‫املكفــول للجميــع بــدون اســتثناء‪ ،‬حيــث إنــه يمكــن‬
‫أم مجهور ًّيــا)‪ ،‬وشــكل احلكومــة (رئاســية أم برملانيــة)‬
‫للشــخص العــادي يف العديــد مــن الــدول الطعــن يف‬
‫وينظــم الســلطات العامــة فيهــا‪ ،‬مــن حيــث التكويــن‬
‫دســتورية أي قانــون أمــام جهــات القضــاء املــدين و‬
‫واالختصــاص والعالقــات التــي بــن الســلطات‬
‫اإلداري و التجــاري‪ ،‬باإلضافــة إىل أعــى هيئــة للرقابــة‬
‫وحــدود كل ســلطة ‪،‬والواجبــات واحلقــوق األساســية‬
‫عــى الدســتور‪ ،‬وهــي املحكمــة الدســتورية‪ (.‬عــار‬
‫لألفــراد واجلامعــات‪ ،‬ويضــع الضامنــات هلــا جتــاه‬
‫‪ 2013‬ص ‪.) 296‬‬
‫الســلطة ‪ ،‬ويشــمل الدســتور اختصاصــات الســلطات‬
‫ومــن جهــة أخــرى نجــد أن الرشيعــة اإلســامية‬
‫الثــاث (الترشيعيــة والقضائيــة والتنفيذيــة) وتلتــزم‬
‫قــد أوجبــت عــى املســلمني أن يأمــروا باملعــروف و‬
‫بــه كل القوانــن األدنــى مرتبــة يف اهلــرم الترشيعــي ‪.‬‬
‫ينهــوا عــن املنكــر‪ ،‬ومــن هــذا املنطلــق تتجــى الرقابــة‬
‫ويتــم وضــع الدســتور يف األنظمــة الديمقراطيــة إمــا‬
‫الدائمــة لكافــة أطيــاف الشــعب اإلســامي عــى‬
‫عــن طريــق اجلمعيــة التأسيســية املنتخبــة‪ ،‬أو عــن‬
‫الســلطة العامــة و عــى أنظمتهــا‪.‬‬
‫طريــق االســتفتاء الدســتوري العــام( العجمــي ‪2018‬‬
‫وهــذا مــا أخــذت بــه اململكــة العربيــة الســعودية‬
‫ص ‪.)201‬‬
‫بســاحها لكافــة األفــراد بتحريــك هــذه الرقابــة‬
‫ومــن التطبيقــات القضائيــة ملخالفــة التــدرج اهلرمــي‬
‫بطريقــة غــر مبــارشة عــن طريــق الســلطة القضائيــة‪،‬‬
‫لألنظمــة نجــد احلكــم رقــم ( ‪/25‬د‪/‬إ‪)10/‬‬
‫ويكــون هــذا بالدفــع أمــام القضــاء بمناســبة الدعــوى‬
‫لســنة ‪ 1428‬هـــ يف القضيــة رقــم ( ‪/2/6083‬ق)‬
‫املرفوعــة‪ ،‬رشيطــة أن تكــون للشــخص املصلحــة‬
‫لســنة ‪ 1427‬املؤيــد بحكــم هيئــة التدقيــق رقــم‬
‫والصفــة يف ذلــك‪ ،‬ويــرى بعــض الفقهــاء أنــه تكفــي‬
‫(‪/288‬ت‪ )6/‬لســنة ‪1428‬هـــ ‪ ،‬وتتلخــص وقائــع‬
‫املصلحــة املحتملــة إذا كان الغــرض مــن الطلــب‬
‫هــذه النازلــة يف أن املدعــي أودع دعــواه‪ ،‬ومــن ضمنهــا‬
‫االحتيــاط لدفــع رضر حمــدق‪ ،‬أو االســتيثاق حلــق‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪36‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫الفقــرة رقــم ‪ 2‬مــن الالئحــة التنفيذيــة‪ ،‬والتــي أحلقــت‬ ‫الطعــن يف الفقــرة رقــم ‪ 3‬مــن الالئحــة التنفيذيــة‬
‫بتلــك املــادة جــاءت بــا خيالــف ذلــك ‪،‬حيــث أضافت‬ ‫لنظــام املرافعــات الرشعيــة امللحقــة باملــادة ‪ 62‬مــن‬
‫حكــا جديــدا يتعلــق بالعقــار‪ ،‬إذ نصــت عــى أنــه‪( :‬إذا‬ ‫ذلــك النظــام‪ ،‬و كذلــك الفقــرة ‪ 2‬مــن الالئحــة‬
‫كان املتنــازع عليــه عقــارا وقــد أقيمــت فيــه الدعــوى‬ ‫التنفيذيــة امللحقــة باملــادة ‪ 208‬مــن نفــس النظــام ‪،‬‬
‫فللقــايض بنــا ًء عــى طلــب اخلصــم أن يوقــف نقــل‬ ‫وذكــر رشحــا ألســانيد دعــواه بــأن نظــام املرافعــات‬
‫امللكيــة ومــا يف حكمهــا إذا ظهــر لذلــك رضورة)‬ ‫الرشعيــة الصــادر باملرســوم امللكــي رقــم م‪21/‬‬
‫وطلــب املدعــي إلغــاء هاتــن الفقرتــن مــن الالئحــة‬ ‫وتاريــخ ‪1421/5/20‬هـــ نــص يف املــادة ‪ 62‬منه عىل‬
‫التنفيذيــة لنظــام املرافعــات الرشعيــة ملــا احتوتــه مــن‬ ‫أن‪ ( :‬تكــون املرافعــة شــفوية عــى أن ذلــك ال يمنــع‬
‫خمالفــة رصحيــة للنظام‪(.‬العجمــي ‪ 2018‬ص ‪. ) 88‬‬ ‫مــن تقديــم األقــوال والدفــوع يف مذكــرات مكتوبــة‬
‫ويف حكــم آخــر صــادر عــن املحكمــة اإلداريــة يف‬ ‫تتبــادل صورهــا وحيفــظ أصلهــا يف ملــف القضيــة مــع‬
‫ديــوان املظــامل رقــم احلكــم ( ‪/92‬ت‪ )5/‬لعــام‬ ‫اإلشــارة إليهــا يف الضبــط ) وهــو نــص يف أن لــكل‬
‫‪ 1424‬هـــ‪ ،‬والــذي قــى بــأن املــادة (‪ )38‬مــن نظــام‬ ‫قضيــة ملفــا خاصــا تــودع فيــه املرافعــات املكتوبــة‪،‬‬
‫املطبوعــات و النــر الصــادر باملرســوم امللكــي رقــم‬ ‫وتــدون مجيــع املرافعــات الشــفوية يف الضبــط اخلــاص‬
‫م‪ 17/‬وتاريــخ ‪ 1402/04/13‬تعاقــب عــى خمالفــة‬ ‫هبــا ‪،‬وهــو مــا يعنــي عــدم إلــزام القــايض بكتابــة‬
‫أحكامــه فقــط‪ ،‬وال تعاقــب عــى خمالفــة الئحتــه‬ ‫مجيــع املذكــرات يف حمــر ضبــط القضيــة‪ ،‬إال أن‬
‫التنفيذيــة‪ ،‬وأن املخالفــة املنســوبة إىل املدعــي هــي‬ ‫الفقــرة ‪ 3‬مــن الالئحــة التنفيذيــة امللحقــة بالنظــام‬
‫خمالفتــه لالئحــة التنفيذيــة و ليســت خمالفتــه للنظــام‪.‬‬ ‫جــاءت بحكــم خيالــف ذلــك ‪،‬حيــث نصــت عــى‬
‫ومــن األنظمــة التــي فيهــا خمالفــة للتــدرج اهلرمــي‪:‬‬ ‫أن‪( :‬يرصــد يف الضبــط مــا اشــتملت عليــه املذكــرات‬
‫الالئحــة التنفيذيــة لنظــام مراقبــة رشكات التأمــن‬ ‫مــن أقــوال ودفــوع مؤثــرة يف القضيــة ) األمــر الــذي‬
‫التعــاوين‪ ،‬الصــادرة لتنفيــذ نظــام مراقبــة رشكات‬ ‫تســبب يف إطالــة أمــد القضايــا يف املحاكــم الرشعيــة‬
‫التأمــن التعــاوين‪ ،‬وقــد نــص يف مادتــه األوىل عــى‬ ‫بســبب إشــغال القضــاة ومعاونيهــم يف ضبــط مجيــع‬
‫أن يكــون التأمــن يف اململكــة تأمينًــا تعاون ًّيــا‪ ،‬وأال‬ ‫مــا يقــدم يف القضايــا‪ ،‬كــا يمكــن أن يســتعمل هــذا‬
‫يتعــارض مــع أحــكام الرشيعــة اإلســامية‪ .‬إال أن‬ ‫الطعــن بشــكل تعســفي ألجــل تأخــر أمــد التقــايض‬
‫الالئحــة الصــادرة لتنفيــذ هــذا النظــام ختالــف هــذه‬ ‫و الدخــول يف متاهــات أخــرى ‪ ،‬لذلــك عــى القضــاء‬
‫املــادة مــن وجــوه؛ ممــا جعــل التأمــن املبــن فيهــا‬ ‫أن يكــون حاســا يف هــذا األمــر‪ ،‬ويفــرض عقوبــات‬
‫جتار ًّيــا وليــس تعاون ًّيــا‪.‬‬ ‫أو غرامــات عــى كل شــخص يكــون دفعــه يف هــذا‬
‫ويســتنتج مــن هــذا املثــال أعــاه رضورة احــرام‬ ‫االجتــاه ‪،‬و يكــون غرضــه فقــط إطالــة وقــت التقــايض‬
‫عقــد التأمــن ألحــكام الرشيعــة اإلســامية ‪ ،‬و أال‬ ‫و املامطلــة؛ ممــا يعنــي ضيــاع احلقــوق‪.‬‬
‫تتعــارض معهــا ‪ ،‬لكــن اإلشــكال حــول صــدور‬ ‫وأضــاف بــأن املــادة ‪ 208‬مــن نظــام املرافعــات‬
‫الالئحــة التنفيذيــة ‪،‬والتــي تقــر يف بعــض مقتضياهتــا‬ ‫الرشعيــة نصــت عــى أن‪( :‬للدائــن أن يطلــب إيقــاع‬
‫بــأن التأمــن جتــاري وليــس تعاونيــا؛ ممــا يكــون هنــا‬ ‫احلجــز التحفظــي عــى منقــوالت مدينــه إذا مل يكــن‬
‫يف هــذه النازلــة خمالفــة التــدرج اهلرمــي لألنظمــة ‪.‬‬ ‫للمديــن حمــل إقامــة ثابــت يف اململكــة) وهــي واضحــة‬
‫يف أن احلجــز التحفظــي منحــر يف املنقــول‪ ،‬إال أن‬

‫‪37‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫ومــن تطبيقاتــه عــى مســتوى القضــاء نجــد احلكــم‬ ‫ب‪ :‬تطبيقــات قضائيــة عــى خمالفــة أحــكام الرشيعــة‬
‫رقــم ‪/103‬د‪/‬تــج‪ 5/‬لعــام ‪ 1420‬يف القضيــة‬ ‫اإلســامية ‪.‬‬
‫رقــم ‪/1/1211‬ق لعــام ‪ 1420‬أنــه بتاريــخ‬ ‫إذا كانــت القواعــد الدســتورية حتتــل قمــة هــرم‬
‫‪ 1420/09/11‬هـــ ‪ ،‬أصــدرت الدائــرة التجاريــة‬ ‫تــدرج القواعــد القانونيــة‪ ،‬بحيــث ال يســمو عليهــا‬
‫اخلامســة بديــوان املظــامل حكــا ضــد وزارة التجــارة‬ ‫قواعــد قانونيــة أخــرى‪ ،‬فــإن هــذا الســمو يف الرشيعــة‬
‫بشــأن تســجيل عالمــة جتاريــة؛ لوضعهــا عــى‬ ‫اإلســامية كــا ســبق ذكــره يكــون للقــرآن الكريــم‬
‫خدمــات إنتــاج األفــام الســينامئية‪ ،‬وإنتــاج أفــام‬ ‫والســنة النبويــة املطهــرة‪ ،‬فتهــدف الرقابــة الدســتورية‬
‫الفيديــو‪ ،‬وإنتــاج الربامــج اإلذاعيــة والتلفزيــون‬ ‫يف الرشيعــة اإلســامية إىل مبــدأ محايــة القانــون‬
‫املرخــص بالفئــة ‪ ، 41‬إذ بعــد أن اســتعرضت الدائــرة‬ ‫األســايس‪ ،‬واملصــدر األســمى للترشيــع‪ ،‬وهــو القــرآن‬
‫وقائــع النــزاع الــذي كان يــدور حــول مرشوعيــة‬ ‫الكريــم‪ ،‬والســنة النبويــة ومــا ورد فيهــا مــن أحــكام‪،‬‬
‫نظــام محايــة حقــوق املؤلــف الصــادر باملرســوم‬ ‫وبالتــايل ال جيــوز اخلــروج عليهــا أو خمالفتهــا‪ ،‬حيــث‬
‫امللكــي رقــم م‪ 41/‬وتاريــخ ‪1424/07/02‬هـــ‬ ‫إن الرشيعــة اإلســامية هــي الدســتور األســمى‬
‫الــذي صــدر عــى أساســه القــرار املطعــون فيــه‪−‬‬ ‫للمملكــة‪ ،‬و مجيــع األنظمــة و القوانــن الوضعيــة‬
‫قــرار جلنــة التظلــات واالعرتاضــات بــوزارة التجــارة‬ ‫التــي يقــوم اإلنســان بترشيعهــا تــأيت يف مرتبــة ثانيــة‬
‫رقــم ‪ 194‬وتاريــخ ‪ 1419/12/13‬هـــ بشــأن أحــد‬ ‫‪،‬و أدنــى مــن الرشيعــة اإلســامية ‪،‬بحيــث تســعى إىل‬
‫املسلســات التلفزيونيــة‪ ،‬واســتظهرت نصــوص‬ ‫حتقيــق أهــداف دنيويــة‪ ،‬و مبنيــة أساســا عــى تنظيــم‬
‫املــواد ‪ 48-46-7‬مــن النظــام األســايس للحكــم‬ ‫العالقــات بــن األشــخاص فيــا بينهــم و الدولــة و‬
‫قضــت بإلغــاء ذلــك القــرار‪ ،‬و قالــت يف األســباب‪:‬‬ ‫املؤسســات العموميــة ‪.‬‬
‫(إنــه إذا رأى القــايض عــى حســب اجتهــاده أن ذلــك‬ ‫وهنــا يكــون التســاؤل عــى مــن تقــع مســؤولية التأكــد‬
‫النظــام أو إحــدى مــواده املطلــوب تطبيقهــا عــى‬ ‫مــن عــدم خمالفــة النظــام ألحــكام الرشيعــة؟‬
‫القضيــة املعروضــة يتعــارض مــع الكتــاب والســنة‪،‬‬ ‫إذا حــدث ووقعــت خمالفــة هلــا مــن أحــد املجتهديــن‬
‫فلــه أن يمتنــع عــن تطبيقــه‪ ،‬وهــو مــا يتفــق مــع مــا‬ ‫كان االجتهــاد باطــا ومــردودا عــى صاحبــه‪ ،‬وعــى‬
‫اتفــق عليــه اإلمجــاع الــذي هــو أحــد مصــادر الترشيــع‬ ‫القضــاء أن يبطلــه وال يعمــل بــه‪ ،‬كذلــك ال جيــوز‬
‫اإلســامي‪ ،‬مــن أنــه ال جيــوز للقــايض أن يقــي‬ ‫للقــايض أن خيالــف النصــوص القرآنيــة‪ ،‬أو نصــوص‬
‫بخــاف مــا يعتقــد (احلكــم رقــم ‪/103‬د‪/‬تــج‪5/‬‬ ‫الســنة النبويــة قطعيــة الداللــة والثبــوت‪ ،‬وإذا خالــف‬
‫لعــام ‪ 1420‬يف القضيــة رقــم ‪/1/1211‬ق لعــام‬ ‫نصــا قطع ًّيــا الداللــة والثبــوت كان حكمــه‬‫يف حكمــه ًّ‬
‫‪ 1420‬بتاريــخ ‪ 1420/09/11‬هـــ الدائــرة التجارية‬ ‫باطــا( العجمــي و ذنيبــات ‪ 2020‬ص ‪،) 321‬‬
‫اخلامســة بديــوان املظــامل)‪.‬‬ ‫بمعنــى آخــر إذا عرضــت عــى القــايض قضيــة وفيهــا‬
‫ويؤخــذ مــن هــذا احلكــم عــى أن مبــدأ الدفــع بعــدم‬ ‫مــن األحــداث و الوقائــع املبنيــة عــى نصــوص قانونية‬
‫دســتورية األنظمــة جتــاوز املســائل املتعلقــة بالقــرآن‬ ‫ختالــف أحــكام الرشيعــة اإلســامية ؛فــإن مــن الــازم‬
‫والنســة‪ ،‬بــل األكثــر مــن هــذا تعــداه إىل االمجــاع و‬ ‫عــى القــايض أال يأخــذ هبــذه النصــوص هنائيــا؛ ألهنــا‬
‫مــا أمجــع عليــه الســلف الصالــح ‪،‬حيــث إن القــايض‬ ‫ختالــف الترشيــع األســمى‪ ،‬ويف حالــة خمالفتــه هلــذه‬
‫ال جيــوز أن يقــي بــا خيالــف اإلمجــاع‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫األمــور فــإن احلكــم يعــد باطــا ‪.‬‬

‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪38‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫عــى دســتورية القوانــن ‪ ،‬حيــث إن اجلهــات‬ ‫يظهــر يف هــذا احلكــم الرائــد‪ ،‬و الــذي يعتــر مــن بــن‬
‫القضائيــة تعتــر أكثــر نزاهــة و اســتقالال مــن‬ ‫أهــم األحــكام التــي صــدرت يف هــذا املجــال املتعلــق‬
‫اهليئــة السياســية القائمــة بالرقابــة السياســية‪،‬‬ ‫بتعــارض النصــوص القانونيــة مــع أحــكام الرشيعــة‬
‫باإلضافــة إىل أن العديــد مــن الــدول أخــذت هبــذا‬ ‫اإلســامية و مصــادر ترشيعهــا ‪.‬‬
‫النــوع مــن الرقابــة‪.‬‬ ‫خامتة ‪:‬‬
‫‪4.4‬غيــاب التنظيــم الدســتوري للرقابــة عىل دســتورية‬ ‫تعتــر الرقابــة عــى دســتورية القوانــن و األنظمــة‬
‫األنظمــة و اللوائــح باململكــة‪ ،‬إال أن هــذا ال يعنــي‬ ‫مــن األمهيــة بمــكان ؛ألجــل حتقيــق هــدف ســام‪،‬‬
‫املنــع مــن ممارســة الرقابــة و إنــكار وجــوده ‪،‬بــل‬ ‫وهــو محايــة النصــوص الدســتورية‪ ،‬باإلضافــة إىل‬
‫العكــس‪ ،‬فاألصــل يف األشــياء اإلباحــة ‪.‬‬ ‫محايــة مبــدأ األمــن القانــوين يف املجتمــع‪ ،‬و الــذي‬
‫‪5.5‬مــن خــال دراســتنا للنظــام القانــوين للملكــة‬ ‫يعتــر احلجــر األســاس يف محايــة العالقــات التعاقديــة‬
‫العربيــة الســعودية يتبــن لنــا أن الرقابــة القضائيــة‬ ‫و النظاميــة‪ ،‬ولتحقيــق االســتقرار ســواء للدولــة أو‬
‫تتمتــع باألفضليــة عــى الرقابــة الدســتورية؛ نظــرا‬ ‫لألشــخاص باعتبــاره عمــا قانونيــا هيــدف أساســا‬
‫حلجــم اإلجيابيــات التــي تتمتــع هبــا هــذه الرقابــة‪،‬‬ ‫إىل التثبــت مــن تطابــق أحــكام القانــون و موافقتهــا‬
‫وامتالكهــا ألســاليب أكثــر فعاليــة و مصداقيــة ‪.‬‬ ‫مــع الدســتور‪ ،‬باإلضافــة إىل التعــرف عــا إذا كانــت‬
‫‪6.6‬يعتــر تدخــل القضــاء يف مســألة دســتورية‬ ‫الســلطة التنظيميــة يف البــاد قــد رشعــت نصوصــا‬
‫القوانــن بمثابــة ميــزان وســط بــن الســلطة‬ ‫قانونيــة واحرتمــت اختصاصهــا‪.‬‬
‫التنظيميــة و التنفيذيــة؛ نظــرا ملــا متتلكــه مــن حيــاد‬
‫النتائج‪:‬‬
‫ورصامــة يف قراراهتــا ‪.‬‬
‫بعــد اســتعرايض ملوضــوع الرقابــة عــى دســتورية‬
‫التوصيات‪:‬‬ ‫القوانــن أتوقــف عــى جمموعــة مــن النتائــج التــي‬
‫ومــن مجلــة التوصيــات التــي أقدمهــا ألجــل إثــراء‬ ‫خلصــت إليهــا يف هــذا البحــث‪ ،‬وهــي‪:‬‬
‫هــذا املوضــوع مايــأيت‪:‬‬ ‫‪1.1‬إن الرقابــة الدســتورية هــي أحــد آثــار التــدرج‬
‫‪1.1‬رضورة إنشــاء حمكمــة دســتورية عليــا مســتقلة‬ ‫يف الترشيــع‪ ،‬ونتيجــة لســمو القاعــدة الدســتورية‬
‫ختتــص بالرقابــة عــى دســتورية األنظمــة ‪.‬‬ ‫عــى القواعــد القانونيــة األخــرى‪.‬‬
‫‪2.2‬أن تكــون املحكمــة العليــا خمتصــة حــرا يف‬ ‫‪2.2‬اإلدراك التــام بمــدى أمهيــة الرقابــة الدســتورية‬
‫البــت بعــدم الدســتورية بطريــق الدفــع‪ ،‬إذا مــا‬ ‫كضامنــة حقيقيــة حلاميــة الدســتور وســمو قواعــده‬
‫أثــر يف نــزاع معــروض أمــام إحــدى املحاكــم‪،‬‬ ‫عــى ســائر الترشيعــات األخــرى ‪ ،‬وحتــى ال‬
‫وإذا مــا تبــن للمحكمــة الناظــرة جديــة هــذا‬ ‫تصبــح قواعــد الدســتور جمــرد توصيــات بــا‬
‫الدفــع ‪ ،‬فإهنــا تتوقــف عــن البــت يف النــزاع حتــى‬ ‫قيمــة حقيقيــة‪ ،‬وهــذا مــا يفــرض فيمــن يتــوىل‬
‫تنهــي املحكمــة العليــا البــت يف الدفــع ‪ ،‬وســيعترب‬ ‫هــذه املهمــة مواصفــات فنيــة و كفــاءة علميــة‬
‫حكــم املحكمــة العليــا يف هــذا الشــأن هنائيــا وذا‬ ‫عاليــة‪ ،‬قــد ال تتوافــر فيــا لــو أوكلــت هــذه‬
‫أثــر مطلــق‪ ،‬يكــون مــن شــأنه إلغــاء القانــون إذا‬ ‫املهمــة هليئــة سياســية‪.‬‬
‫مــا ثبــت للمحكمــة العليــا عــدم دســتوريته‪.‬‬ ‫‪3.3‬تعــد الرقابــة القضائيــة مــن أفضــل أنــواع الرقابــة‬

‫‪39‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫‪3.3‬أن يقــوم املنظــم الســعودي بالنــص عــى كيفيــة الدعــوى اإلداريــة يف النظــام الســعودي ‪ ،‬دار اإلجــادة‬
‫ممارســة الدفــع بعــدم دســتورية األنظمــة يف النظام للنــر والتوزيــع ‪ ،‬الطبعــة األوىل ‪ 2020‬م‪.‬‬
‫األســايس للحكــم وحــر املحكمــة املختصــة يف ‪ -‬محــدي حممــد العجمــي ‪ :‬القانــون اإلداري يف اململكة‬
‫أســاليب اإلدارة ووســائلها النظاميــة ‪ -‬دراســة مقارنــة‬ ‫املحكمــة العليــا ‪.‬‬
‫‪4.4‬احلاجــة املاســة إىل الرقابــة الســابقة لألنظمــة مــن ‪ ،‬دار اإلجــادة للنــر و التوزيــع ‪ 2018 ،‬م ‪.‬‬
‫قبــل هيئــة متخصصــة يف ذلــك؛ لتكــون األنظمــة‬
‫‪ -‬عصــام عــي الدبــس ‪ ،‬القانــون الدســتوري ‪ ،‬دار‬
‫متوافقــة مــع النظــام األســايس للحكــم‪ ،‬وخاليــة‬
‫الثقافــة للنــر والتوزيــع ‪ ،‬مــر ‪ 2014 ،‬م‪.‬‬
‫مــن املخالفــات و التناقضــات الرشعيــة ‪.‬‬
‫‪5.5‬اتبــاع موقــف حــازم بشــأن احلكــم بعــدم ‪ -‬عــي يوســف الشــكري ‪ ،‬مبــادئ القانــون‬
‫دســتورية أي نــص نظامــي‪ ،‬فيجعــل لــه احلجيــة الدســتوري‪ ،‬إيــراك للنــر والتوزيــع ‪ 2004 ،‬م‪.‬‬
‫املطلقــة‪ ،‬و يكــون ملزمــا للكافــة‪ ،‬ســواء يف ذلــك ‪ -‬كريــم حلــرش القضــاء اإلداري املغــريب‪ ،‬سلســلة‬
‫الالمركزيــة واإلدارة املحليــة‪ ،‬عــدد مــزدوج ‪17-16‬‬ ‫األفــراد أو الســلطات العامــة يف الدولــة ‪.‬‬
‫‪6.6‬حــث كافــة الباحثــن ألجــل البحــث و التنقيــب ‪،‬ط األوىل الرشــاد للتوزيع و النرش ‪ -‬املغرب ‪ 2012‬م‪.‬‬
‫ودراســة األنظمــة الســعودية دراســة مقارنــة‬
‫‪ -‬كــال غــايل‪ ،‬القانــون الدســتوري والنظــم السياســية‬
‫بالفقــه اإلســامي؛ ألجــل الوقــوف عــى مكامــن‬
‫(دمشــق ‪ .)1990‬بــدون دار النــر ‪.‬‬
‫اخللــل و التناقضــات يف األنظمــة‪ ،‬و حماولــة رفــع‬
‫التوصيــات إىل اجلهــة املكلفــة بالتنظيــم لتــايف ‪ -‬عبــد املحســن بــن ســيد ريــان عــار ‪ :‬مبــادئ‬
‫هــذه التناقضــات ‪،‬و بالتــايل تقويــم األنظمــة و النظــام اإلداري الســعودي املقــارن ‪ ،‬دار حافــظ للنــر‬
‫والتوزيــع ‪ ،‬الطبعــة اخلامســة ‪ 2013‬م‪.‬‬ ‫حتديثهــا ‪.‬‬
‫‪ -‬ماجــد راغــب احللــو‪ ،‬النظــم السياســية و القانــون‬ ‫الئحة املصادر و املراجع‪:‬‬
‫الدســتوري ‪ ،‬منشــأة املعــارف اإلســكندرية ‪ 2005‬م‪.‬‬ ‫الكتب العامة ‪:‬‬
‫‪ -‬أمحــد عبــد اهلل بــاز‪ ،‬النظــام الســيايس والدســتوري ‪ -‬حممــد الصغــر بعــي ‪ ،‬الوجيــز يف املنازعــات‬
‫للمملكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬بــدون نــارش‪ - 1433 ،‬اإلداريــة‪ ،‬عنابة‪-‬اجلزائــر‪ :‬دار العلــوم للنــر‬
‫والتوزيــع‪ 2005 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ 2012‬م‪.‬‬
‫‪ -‬إكرامــي بســيوين خطــاب ‪ :‬القضــاء اإلداري دراســة ‪ -‬حممــد ذنينــات ومحــدي العجمــي ‪ :‬القضــاء اإلداري‬
‫مقارنــة فرنســا مــر الســعودية ‪ ،‬دار اإلجــادة للنــر يف الســعودية طبقــا لنظــام املرافعــات اجلديــد إدار‬
‫االجــادة للنــر و التوزيــع ‪ 2016 ،‬م‪.‬‬ ‫والتوزيــع ‪ ،‬الطبعــة األوىل ‪2017‬م‪.‬‬
‫‪ -‬الشــيخ حممــد بــن إبراهيــم ‪ :‬فتــاوى ورســائل ‪ ،‬مجــع ‪ -‬حممــد كامــل عبيــد ‪ :‬نظــم احلكــم و دســتور‬
‫حممــد بــن قاســم‪ ،‬الطبعــة الثانيــة‪ ،‬مطبعــة ￯احلكومــة اإلمــارات ‪ ،‬أكاديميــة رشطــة ديب ‪ 2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬هــاين بــن عــي الطهــراوي ‪ :‬القانــون اإلداري‬ ‫‪،‬الريــاض‪ 1984 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬أيمــن حممــد فتحــي رميــس ‪ :‬املرافعــات واإلثبات يف الســعودي ماهيــة القانــون اإلداري ‪ ،‬الطبعــة األوىل ‪،‬‬
‫مكتبــة التوبــة ‪ 2008 ،‬م‪.‬‬
‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫‪40‬‬
‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية ‪،‬العدد (‪ )٢٦‬الجزء األول شعبان ‪ ١٤٤٣‬هـ ‪ -‬مارس‪ ٢٠٢٢‬م‬

‫‪ -‬هــاين بــن عــي الطهــراوي ‪ ،‬النظــم الساســية جامعــة القصيــم العــدد ‪ 1‬املجلــد ‪ 12‬ص ‪539‬‬
‫والقانــون الدســتوري (الطبعــة الرابعــة)‪ ،‬عــان‪ -‬يوليــوز ‪2018‬م‪.‬‬
‫األردن‪ :‬دار الثقافــة للنــر والتوزيــع‪ 2014 ،‬م‪ - .‬حمــد العيســى ‪ :‬نموذجنــا العــديل ‪ ،‬بحــث منشــور يف‬
‫‪ -‬أمحــد كــال أبــو املجــد‪ :‬الرقابــة عــى دســتورية جملــة العــدل ‪ ،‬العــدد ‪ 44‬اململكــة العربيــة الســعودية‬
‫القوانــن يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬الطبعــة ‪ -‬وزارة العــدل – ‪2009‬م‪.‬‬
‫األوىل مكتبــة دار النهضــة العربيــة‪ ،‬القاهــرة‪ 1960 ،‬م‪ - .‬يــري العصــار ‪ :‬تقييــم التجربــة املرصيــة يف الرقابــة‬
‫‪ -‬حســن مصطفــى البحــري‪ ،‬القانــون الدســتوري الدســتورية مــع املقارنــة بقضــاء املجلــس الدســتوري‬
‫"النظريــة العامــة"‪ ،‬الطبعــة األوىل ( اجلامعــة الفرنــي ‪ ،‬جملــة احلقــوق ‪ -‬جامعــة الكويــت ‪ ،‬العــدد‬
‫‪ ، 1‬الســنة العــرون‪ ،‬مــارس ‪1996‬م‪.‬‬ ‫االفرتاضيــة الســورية‪ ،‬دمشــق ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪References:‬‬ ‫‪ -‬عبــد الغنــي بســيوين ‪ ،‬الوســيط يف النظــم السياســية‬
‫و القانــون الدســتوري ‪ ،‬مطابــع الســعدين ‪2006 ، ،‬م ‪Abdelghani Bassiouni، mediator in polit- .‬‬
‫‪ical systems and constitutional law، Al-‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل بــن محــود بــن عبــد اهلل التوجيــري ‪ .‬الرقابــة‬
‫‪Saadani Presses، 2006.‬‬
‫القضائيــة عــى دســتورية األنظمــة يف اململكــة العربيــة‬
‫‪Abdul Mohsen bin Sayed Ryan Ammar:‬‬
‫الســعودية ‪ -‬دراســة مقارنــة ‪.‬‬
‫‪Principles of the Comparative Saudi Ad-‬‬
‫‪ -‬نعــان أمحــد اخلطيــب ‪ ،‬الوســيط يف النظــم الساســية ‪ministrative System، Hafiz Publishing and‬‬
‫‪Distribution House، 5th Edition 2013.‬‬ ‫والقانــون الدســتوري (الطبعــة الســابعة)‪ ،‬عــان‪-‬‬
‫‪Abdullah bin Hammoud bin Abdullah‬‬ ‫األردن‪ :‬دار الثقافــة للنــر والتوزيــع ‪ 2011‬م‪.‬‬
‫‪al-Tuwaijri. Judicial oversight of the con-‬‬
‫الرسائل ‪:‬‬
‫‪stitutionality of regulations in Saudi Ara-‬‬
‫‪bia - comparative study - - Noman Ahmed‬‬ ‫‪ -‬عبــد اهلل بــن حممــود بــن عبــد اهلل التوجيــري ‪ .‬الرقابــة‬
‫‪Al-Khatib، Mediator in Political Systems‬‬ ‫القضائيــة عــى دســتورية األنظمــة يف اململكــة العربيــة‬
‫‪and Constitutional Law (7th Edition)، Am-‬‬
‫الســعودية ‪ -‬دراســة مقارنــة ‪ -‬بحــث تكميــي مقــدم‬
‫‪man-Jordan: Culture Publishing and Dis-‬‬
‫‪tribution House 2011.‬‬ ‫لنيــل درجــة املاجســتري يف السياســة الرشعيــة ‪ -‬جامعــة‬
‫اإلمــام حممــد بــن ســعود اإلســامية ‪ -‬املعهــد العــايل‬
‫‪Abdullah bin Mahmoud bin Abdullah‬‬
‫‪al-Tuwaijri. Judicial oversight of the con-‬‬ ‫للقضــاء ‪2012‬م‪.‬‬
‫‪stitutionality of regulations in Saudi Ara-‬‬ ‫األبحاث ‪:‬‬
‫‪bia - comparative study - supplementary‬‬
‫‪ -‬زيــاد توفيــق العــدوان ‪ :‬دور املحكمــة الدســتورية ‪research submitted for a master's degree‬‬
‫يف الرقابــة عــى دســتورية القوانــن يف األردن ‪ -‬جملــة ‪in sharia politics - Imam Mohammed Bin‬‬
‫‪Saud Islamic University - Higher Institute‬‬ ‫دراســات ‪ -‬اجلامعــة األردنيــة م ج ‪. 2018 45‬‬
‫‪of Justice 2012.‬‬
‫‪ -‬ســلوى حســن حســن رزق ‪ :‬الرقابــة عــى دســتورية‬
‫األنظمــة يف الســعودية ‪ -‬جملــة العلــوم الرشعيــة ‪Ahmed Abdullah Baz، political and consti- ،‬‬

‫‪41‬‬ ‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬


‫ م‬٢٠٢٢‫ مارس‬- ‫ هـ‬١٤٤٣ ‫) الجزء األول شعبان‬٢٦( ‫العدد‬، ‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية‬

ian Virtual University، Damascus 2009. tutional system of Saudi Arabia، without a
Kamal Ghali، Constitutional Law and Po- publisher، 1433-2012.
litical Systems (Damascus 1990). Without Ahmed Kamal Abu al-Majd: Censorship
the publishing house. of the Constitutionality of Laws in the
Karim Lahrach، the Moroccan Adminis- United States of America، First Edition
trative Judiciary Series Decentralization of The Arab Renaissance House Library،
and Local Administration، double number Cairo، 1960.
16-17 i First Rashad Distribution and Pub- Akrami Bassiouni khatab: Administrative
lishing - Morocco 2012. Judiciary Study Comparison France Egypt
Majid Ragheb Al-Helou، Political Sys- Saudi Arabia، Al-Adhda Publishing and
tems and Constitutional Law، Alexandria Distribution House، first edition 2017.
Knowledge Facility 2005. Ali Yusuf Al-Shukri، Principles of Consti-
Mohamed Saghir Baali، Brief in Admin- tutional Law، Itrak Publishing and Distri-
istrative Disputes، Annaba-Algeria: Al- bution، 2004.
Uloom Publishing and Distribution House، Ayman Mohammed Fathi Ramis: Argu-
2005. ments and proof in the administrative case
Mohammed Dininat and Hamdi Al-Ajami: in the Saudi regime، Dar al-ijada publish-
Administrative Judiciary in Saudi Arabia ing and distribution، first edition 2020.
in accordance with the new case system، Essam Ali Debs، Constitutional Law، Cul-
Dar al-Ajda publishing and distribution، ture Publishing and Distribution House،
2016. Egypt، 2014.
Mohammed Kamel Obeid: Systems of Hamdi Mohammed Al Ajami: Adminis-
Government and Constitution of the Unit- trative Law in the Kingdom Management
ed Arab Emirates، Dubai Police Academy، Methods and Regular Means - Compara-
2002. tive Study، Al-ijada Publishing and Distri-
Muhd al-Issa: Our Judicial Model، Re- bution House، 2018.
search published in the Journal of Justice، Hani Bin Ali Al-Tahrawi: Saudi Adminis-
Issue 44 Saudi Arabia - Ministry of Justice trative Law What Is Administrative Law،
- 2009. First Edition، Al-Tawba Library، 2008.
Salwa Hussein Hassan Rizk: Censorship Hani Bin Ali Al-Tahrawi، Political Sys-
of the constitutionality of regulations in tems and Constitutional Law (4th Edi-
Saudi Arabia Journal of Islamic Sciences، tion)، Amman-Jordan: Culture Publishing
Qassim University No. 1 Volume 12 p. 539 and Distribution House، 2014.
July 2018. Hassan Mustafa al-Bahri، Constitutional
Sheikh Mohammed bin Ibrahim: Fatwas Law «General Theory»، First Edition (Syr-

.‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‬ 42


‫ م‬٢٠٢٢‫ مارس‬- ‫ هـ‬١٤٤٣ ‫) الجزء األول شعبان‬٢٦( ‫العدد‬، ‫مجلة العلوم اإلنسانية و اإلدارية‬

and Letters، Collected by Mohammed bin


Qassim، Second Edition، Press Govern-
ment، Riyadh، 1984.
Yousry Al-Assar: Evaluating the Egyp-
tian experience in constitutional control
with comparison with the judiciary of the
French Constitutional Council، Law Mag-
azine - Kuwait University، issue 1، 20
March 1996.
Ziad Tawfiq al-Adwan: The role of the
Constitutional Court in controlling the
constitutionality of laws in Jordan - Jour-
nal of Studies - University of Jordan MJ
45 2018 -

43 .‫الرقابة القضائية عىل دستورية األنظمة يف اململكة العربية السعودية‬

You might also like