You are on page 1of 116

‫المملكة المغربية‬

‫وزارة العدل‬
‫المعهد العالي للقضاء‬
‫‪.‬‬

‫بحث نهاية التمرين‬


‫حول موضوع‪:‬‬

‫إشكالية إثبات النسب ونفيه في‬


‫التشريع األسري المغربي‬
‫على ضوء العمل القضائي‬

‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الملحق القضائي‪ :‬محمد‬


‫سعد أصبان‬ ‫العربي لعبيدي‬
‫رئيس قسم قضاء األسرة بالمحكمة‬ ‫الفوج ‪36‬‬
‫االبتدائية بسال أستاذ بالمعهد العالي‬
‫للقضاء‬

‫فترة التدريب‪:‬‬
‫‪2011-2009‬‬

‫‪1‬‬
‫بعد شكر هلال سبحانه وتعالى على فضله ونعمه‬
‫أتقدم بالشكر الجزيل ألستاذي الفاضل سعد أصبان والذي لم يدخر جهدا في‬
‫مساعدتي بتوجيهاته النيرة ونصائحه الغالية سواء في إنجاز هذا البحث أو‬
‫أثناء تكويننا بالمعهد العالي للقضاء‬
‫أتقدم بجزيل الشكر للسيد محمد سعيد بناني المدير العام للمعهد العالي للقضاء‬
‫أتقدم بجزيل الشكر للسيد محمد األيوبي مدير تكوين الملحقين القضائيين والقضاة‬
‫تشكري وتقديري ألساتذة المعهد األجالء الذين ساهموا في تكويننا بعلم‬
‫وصناعة القضاء والتقاضي‬
‫شكري لكل الموظفين العاملين بالمعهد العالي للقضاء‬

‫‪2‬‬
‫إلى‪:‬‬
‫أبي وأمي‬
‫رمز المحبة‬
‫والعطاء‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫رابطة النسب في اإلسالم من أبرز آثار عقد الزوج الذي اعتبره هلال‬ ‫تعتبر‬
‫ميثاقا غليظا بين الزوجين‪ ،‬ورتب عليه حقوقا‪ ،‬أولها ثبوت نسب كل فرد إلى أبيه‬
‫بنفي‬
‫ولم يقل اهتمام الشريعة اإلسالمية‬ ‫ال تختلط األنساب ويضيع األوالد‪.‬‬ ‫حتى‬
‫النسب كما كان لها أكبر االهتمام بإثباته‪ ،‬وذلك لما يتمتع به من مكانة مقدسة بين‬
‫نصوص الشرع وأحكامه الفقهية‪ ،‬إذ يعد أحد أركان ومقاصد الشريعة الخمسة التي‬
‫من بينها النسل "النسب‪ ".‬لذا أمر هلال عز وجل اآلباء أن ينسبوا إليهم أوالدهم‬
‫‪‬أدعوهم آلبائهم هو أقسط عند‬
‫جل ثناؤه‪:‬‬ ‫ونهاهم عن إنكار بنوتهم في قوله‬
‫هلال)‪ ،(1‬كما توعد الرسول صلى هلال عليه وسلم األبناء الذين ينتسبون إلى غير آبائهم فقال صلى هلال‬
‫عليه وسلم‪" :‬من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه‬
‫فالجنة عليه حرام)‪ ،"(2‬كما نهى المرأة عن إنساب ولد إلى زوجها ‪ ،‬تعلم أنه ليس‬
‫منه فقال‪" :‬أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من هلال في شيء ولن‬
‫صلى‬
‫يدخلها الجنة)‪ ،"(3‬وأبطل أن يكون الزنا طريقا لثبوت النسب فقال الرسول‬
‫هلال عليه و سلم‪" :‬الولد للفراش وللعاهر الحجر‪"(4).‬‬

‫والنسب باعتباره صلة اإلنسان بمن ينتمي إليه من اآلباء واألجداد يدور‬
‫حول محورين أساسيين‪ ،‬وهما اإلثبات بمعنى تأكيد حق متنازع فيه له أثر قانوني‬
‫بالدليل الذي أباحه القانون إلثبات ذلك الحق‪ ،‬والنفي وفق الشروط والضوابط‬
‫الشرعية والقانونية‪ .‬وإذا استقر النسب التحق المنسب بقرابته وتعلقت به سائر األحكام الشرعية المرتبطة‬
‫بهذا النسب من ميراث ونفقة وموانع الزواج وترتبت‬
‫عليه حقوق وواجبات‪ ،‬فكان استقرار النسب استقرارا للمعامالت في المجتمع‪.‬‬

‫)‪ – (1‬اآلية ‪ 5‬من سورة األحزاب‪.‬‬


‫)‪ – (2‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫) ‪ – (3‬رواه أبو داوود والنسائي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫)‪ – (4‬رواه اجلماعة إال أاب داود‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وقد نظم المشرع المغربي أحكام النسب في المواد ‪ 150‬إلى ‪ 162‬ضمن‬
‫وفي‬
‫األسرة والتي جاءت بمستجدات هامة‬ ‫الباب الثاني من الكتاب الثالث بمدونة‬
‫مقدمتها الخبرة الطبية إلثبات النسب أو نفيه التي تعتبر من التطورات العلمية الجديدة‪ ،‬كما سمحت بإلحاق‬
‫نسب االبن المزداد خالل فترة الخطبة بالخاطب للشبهة‬
‫شريطة توفر شروط منصوص عليها في المادة ‪ 156‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫والنسب حسب مدونة األسرة هو لحمة شرعية بين األب وولده تنتقل من‬
‫السلف إلى الخلف (المادة ‪ 150‬من مدونة األسرة‪).‬‬

‫والنسب في اللغة يعني القرابة‪ ،‬وسميت القرابة نسبا لما بينهما من صلة‬
‫واتصال‪ ،‬فيقال نسبت فالنا إلى أبيه أنسبه نسبا إذا رفعت في نسبه إلى جده األكبر)‪ ،(1‬أما اصطالحا فهو‬
‫ساللة الدم أو رباط ساللة الدم الذي يربط اإلنسان‬
‫بأصوله وفروعه وحواشيه‪(2).‬‬

‫ألمه تدرأ به‬ ‫للولد يدفع به عن نفسه المعرة والضياع وحق‬ ‫والنسب حق‬
‫الفضيحة واالتهام بالفحشاء‪ ،‬وحق ألبيه يحفظ به نسبه وولده على أن يضيع أو ينسب إلي‪O‬ه)‪ ،(3‬كم‪O‬ا أن‪O‬ه ح‪O‬ق‬
‫يكتسي طابعا آمرا متعلقا بالنظام العام‪ ،‬وهو ما يؤكده قرار صادر عن محكمة االس‪OO‬تئناف بمكن‪OO‬اس" وطبق‪OO‬ا‬
‫للقواعد اآلمرة فإن البنت ملحقة بنسب أبيها وال يعتد بأي اعتراف بالحمل قبل العقد لتعلق قاعدة النس‪OO‬ب بالنظ‪OO‬ام‬
‫العام‬
‫والقواعد المطبقة فيه آمرة)‪ ،"(4‬ومن هنا يبرز الدور األساسي الذي يلعبه االجتهاد‬
‫القضائي في حل اإلشكاالت العملية وبلورة القواعد من خالل النوازل المعروضة عليه باعتباره مصدرا‬
‫من مصادر القاعدة القانونية‪ .‬وخاصة في حالة تعارض‬

‫)‪ – (1‬ابن منظور لسان العرب‪ ،‬ج ‪ 14-‬فعل نسب‪ ،‬ص ‪118-119.‬‬
‫)‪ – (2‬مغنية رشيدي‪ :‬حق الطفل يف النسب دراسة فقهية تشريعية قضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم د‪.‬ع‪.‬م يف القانون اخالص‪،‬‬
‫وحدة األسرة والطفولة‪ ،‬جامعة سيدي حممد بن عبد هلال‪ ،‬فاس ‪،2002-2003‬ص ‪19.‬‬
‫)‪ – (3‬حممد جوهر‪ :‬إثبات ونفي النسب بني الطب والعجب‪ ،‬اجمللة املغربية للقانون واقتصاد التنمية العدد ‪،2004 50-‬‬
‫ص ‪.149‬‬
‫)‪ – (4‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 3560‬والصادر بتاريخ ‪ 11-12-2008‬يف امللف الشرعي عدد‬

‫‪6‬‬
‫‪ ،8/08/1951‬غري منشور‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الخبرة كوسيلة علمية حديثة إلثبات ونفي النسب مع باقي الطرق الشرعية األخرى‪ ،‬وهذا ما أسعى إلبرازه‬
‫في هذا البحث الميداني المتعلق بالنسب من خالل محاكم‬
‫التدريب‪ :‬استئنافية مكناس‪ ،‬وابتدائية مكناس وميسور‪.‬‬

‫أهمية الموضوع ودوافع اختياره‪:‬‬

‫موضوع إشكالية إثبات النسب ونفيه في التشريع‬ ‫تتجلى أهمية دراسة‬


‫األسري المغربي على ضوء العمل القضائي في إبراز األسس القانونية التي جاءت‬
‫بها مدونة األسرة في موضوع النسب وخاصة ما يتعلق بالمستجدات الجديدة‬
‫المتعلقة به‪ ،‬والوقوف على مختلف اإلشكاالت الواقعية التي أفرزها الواقع المعيش‬
‫وكيف تعاملت معها محاكم التدريب ومدى مسايرتها لمواقف المجلس األعلى بهذا‬
‫الخصوص‪.‬‬

‫ولقد كان الدافع الختيار هذا الموضوع كمحور لهذه الدراسة الميدانية كون‬
‫أن النسب بالغ الخطورة وله أبعاد وآثار نفسية على الولد بدرجة أولى كما له بعد اجتماعي لكون‪OO‬ه يحق‪OO‬ق‬
‫مصلحة عامة للمتجمع ويتضمن حرمات هلال‪ .‬كما كان الدافع الوقوف على كيفي‪OO‬ة تعام‪OO‬ل القض‪OO‬اء من‬
‫خالل محاكم التدريب مع أهم المستجدات‬
‫التي جاءت بها مدونة األسرة في مجال إثبات ونفي النسب‪.‬‬

‫إشكالية الموضوع‪:‬‬

‫تتجلى إشكالية البحث فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ماذا عن المضامين الجديدة التي جاءت بها مدونة األسرة في النسب؟‬

‫مع أحكام النسب بصفة عامة‬ ‫– محاكم التدريب‪-‬‬ ‫‪ -‬كيف تعامل القضاء‬
‫ومع مستجدا ته في مدونة األسرة بصفة خاصة؟‬

‫‪ -‬وماذا عن اإلشكاليات العملية التي يفرزها التطبيق القضائي من حين‬


‫آلخر في قضايا النسب؟‬

‫منهجية البحث‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫إن دراسة موضوع إشكالية إثبات النسب ونفيه في التشريع األسري‬
‫المغربي على ضوء العمل القضائي يقتضي ضرورة اعتماد منهجية معينة لمعالجة‬
‫هذا الموضوع‪ ،‬ومن هنا عالجت هذا الموضوع وفق منهج تحليلي‪ ،‬من خالل‬
‫تحليل مجموعة من النصوص المتعلقة بالنسب والمضمنة في مدونة األسرة‪ ،‬وأيضا‬
‫األحكام والقرارات الصادرة عن محاكم التدريب في نفس الموضوع‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫بحث هذا الموضوع من خالل الخطة التالية‪:‬‬

‫‪ -‬المحور األول‪ :‬وسائل إثبات النسب المبحث‬

‫األول‪ :‬إثبات النسب بالفراش‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إثبات النسب باإلقرار وبالبينة الشرعية‬

‫‪ -‬المحور الثاني‪ :‬وسائل نفي النسب المبحث‬

‫األول‪ :‬نفي النسب عن طريق إثبات اختالل أحد شروط‬


‫الفراش أو باللعان‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نفي النسب بواسطة الخبرة الطبية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المحور األول‪ :‬وسائل إثبات النسب‬
‫النسب بالفراش‬ ‫من مدونة األسرة على أنه ‪" :‬يثبت‬ ‫لقد نصت المادة ‪158‬‬
‫أو بإقرار األب أو بشهادة عدلين أو بينة السماع وبكل الوسائل األخرى المقررة‬
‫ً‬
‫شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية" محددة بذلك طرق تقليدية وأخرى علمية في‬
‫إثبات النسب وكاشفة عن تطور في قواعد إثبات النسب في القانون المغربي‪.‬‬

‫وبالبينة‬ ‫وهكذا فإن النسب يثبت بالفراش(المبحث األول) وباإلقرار‬


‫الشرعية (المبحث الثاني) وذلك ما سأوضحه فيما يلي‪:‬‬

‫إثبات النسب بالفراش‬ ‫المبحث األول‪:‬‬


‫ويطلق على المرأة‬ ‫والجلوس عليه‪،‬‬ ‫بسط عادة للنوم‬ ‫الفراش لغة هو ما‬
‫إنشاء‬
‫إنا أنشأناهن‬ ‫)‪ ،(1‬لقوله تعالى " وفرش مرفوعة‬ ‫التي يستمتع بها زوجها‬
‫عربا ً‬
‫أترابا ألصحاب اليمين" ‪(2).‬‬ ‫فجعلناهن أبكاراً ً‬

‫واصطالحاً‪ ،‬الزوجية القائمة أي أن المرأة متعينة للوالدة لشخص واحد وال يكون ذلك عادة إال‬
‫ً‬
‫استثناءا كالزواج‬ ‫بالزواج الصحيح أو ما ألحقه به المشرع‬
‫الباطل أو الفاسد واالتصال عن طريق الشبهة بخصوص ثبوت النسب ‪(3).‬‬

‫وعليه‪ ،‬سأقسم هذا المبحث إلى مطلبين أخصص (األول) للحديث عن‬
‫ثبوت النسب في الزواج الصحيح‪ ،‬وفي المطلب الثاني أتحدث عن ثبوت النسب في‬
‫الزواج غير الصحيح والوطء بشبهة‪.‬‬

‫( )‪ 1‬حممد ابن منظور‪" :‬لسان العرب" ‪ ،‬دار صادر بريوت ج‪ 6‬ص ‪:326‬‬
‫( )‪ 2‬اآاليت من ‪ 35‬إىل ‪ 38‬من سورة الواقعة‬
‫( )‪ 3‬حممد الكشبور‪" :‬البنوة والنسب يف مدونة األسرة‪ ،‬قراءة يف املستجدات البيولوجية"‪ ،‬دراسة قانونية وشرعية مقارنة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪0‬‬
‫سلسلة الدراسات القانونية املعاصرة ‪ 14‬ط‪ ،/2007‬ص ‪67 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪1‬‬
‫الزواج الصحيح‬ ‫األول‪ :‬ثبوت النسب في‬ ‫المطلب‬
‫مدونة األسرة "إذا توفرت في عقد الزواج أركانه‬ ‫من‬ ‫جاء في المادة‬
‫‪50‬‬
‫الحقوق‬
‫وشروط صحته وانتفت موانعه‪ ،‬فيعتبر صحيحاً وينتج جميع آثاره من‬
‫بين الزوجين واألبناء واألقارب‪ ،‬المنصوص عليها‬
‫والواجبات التي رتبتها الشريعة‬
‫في هذه المدونة‪".‬‬

‫وال شك أن من أبرز وأهم اآلثار ثبوت نسب الولد الذي يزداد على فراش‬
‫الزوجية لصاحب هذا الفراش‪.‬‬

‫في الفراش‬ ‫الشروط المعتبرة‬ ‫من مدونة األسرة‬ ‫كما جاء في المادة ‪154‬‬
‫إلثبات النسب وهكذا نصت هذه المادة على أنه "يثبت نسب الولد بفراش الزوجية‪:‬‬

‫‪ 1 -‬إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن االتصال سواء كان العقد‬
‫ً‬
‫صحيحا أم فاسدا‪ 2- .‬إذا‬

‫ولد خالل سنة من تاريخ الفراق"‬

‫وعليه يمكن الحديث عن هذه الشروط في النقط التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إبرام عقد زواج صحيح‬

‫إن العمل بقاعدة الولد للفراش تستوجب توفر عقد زواج صحيح مستوف‬
‫للمجلس األعلى ‪ "...‬أنه لما كان‬
‫األركان والشروط وموثقاً‪ .‬وهكذا جاء في قرار‬
‫عقد الزواج موثقا والطالق ً‬
‫ثابتا بتاريخه وتم الوضع خالل األجل القانوني وفي‬
‫ظل غياب أي دليل قوي لما يدعيه الطاعن ألنه ال وجود ألي تقرير يفيد العقم‪ ،‬فإن قرار المحكمة‬
‫ً‬
‫مرتكزا على أساس قانوني وما جاء في الوسيلة عديم‬ ‫كان‬
‫الجدوى" ‪(1).‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى صادر بتاريخ ‪ ،2009/3/18‬امللف رقم ‪ 2007/1/2/479‬حتت عدد ‪ ،116‬منشور بكتاب‬
‫"أهم قرارات اجمللس األعلى يف تطبيق الكتاب الثالث من مدونة األسرة‪ ،‬ط ادكل للطباعة والنشر‪ ،‬الرابط ‪ ،2007‬ص ‪79.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪3‬‬
‫وهو نفس ما تعتمده محاكم الموضوع‪ ،‬إذ جاء في قرار صادر عن محكمة‬
‫االستئناف بمكناس ‪ "...‬بالرجوع إلى نسخة عقد الزواج المدلى بها بالملف‪ ،‬يتبين أن الزواج تم بين طرفي‬
‫الدعوى بتاريخ ‪ 1997/12/12‬في حين أن االبن المذكور‬
‫أي بعد سنة وأربعة أشهر من تاريخ عقد الزواج‬ ‫ازداد بتاريخ ‪1999/4/21‬‬
‫كما جاء‬ ‫وبالتالي فهو ال يحق للمستأنف وتعين ً‬
‫تبعا لذلك رد الدفع المذكور" (‪.)1‬‬
‫في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمكناس ‪ "...‬وحيث إن العالقة الزوجية‬
‫من نسخة عقد‬
‫بمطابقتها أللصل‬ ‫قائمة بين الطرفين استنادا إلى نسخة مشهود‬
‫زواج‪ ...‬وأن المدعى عليه عقد على المدعية بتاريخ ‪ 1997/07/8‬وأن الوالدة تمت‬
‫بتاريخ ‪...1998/01/30‬‬

‫الخبرة لنفي النسب‬ ‫اللجوء إلى‬ ‫وحيث إنه في غياب الدالئل القوية يمتنع‬
‫المستند إلى فراش صحيح" ‪(2).‬‬

‫األسرة التابع البتدائية تاونات ‪" :‬‬ ‫كما جاء في حكم صادر عن قسم قضاء‬
‫حيث أنكر المدعى عليه بواسطة دفاعه أية عالقة له بالمدعية وابنها ولم تدل‬
‫المدعية بما يثبت زواجها منه‪.‬‬

‫البحث بواسطة السلطة المحلية فوردت‬ ‫وحيث إنه وفضال عن ذلك أجري‬
‫نتيجته مكذبة إلدعاء المدعية‪ .‬كما أن أغلب الشهود المستمع إليهم ال يؤكدون تلك‬
‫العالقة‪ ،‬الشيء الذي يكون معه الطلب غير مؤسس ويتعين رفضه"‪(3). ...‬‬

‫فمن خالل هذا العمل القضائي يتضح أن إعمال قرينة الولد للفراش تتطلب أن يصب عقد الزواج الصحيح‬
‫في رسم مكتوب من طرف عدلين منتصبين‬

‫( )‪ 1‬قرار عدد ‪ 3035‬صادر عن حمكمة االستئناف مبكناس بتاريخ ‪ 2008/9/23‬يف امللف الشرعي عدد‬
‫‪ – 8/08/1000‬غري منشور‪.‬‬
‫( )‪ 2‬حكم احملكمة االبتدائية مبكناس بتاريخ ‪ 07/5/9‬يف امللف الشرعي عدد ‪5/5/1783‬ج‪ ،‬منشور بكتاب املنتقى من عمل القضاء يف تطبيق‬
‫مدونة األسرة ‪ ،‬اجلزء األول منشورات مجعية نشر املعلومة القانونية والقضائية سلسلة الشروح‬
‫‪3‬‬
‫والدالئل‪ ،‬العدد ‪ 10‬فرباير ‪ ،2009‬ط‪ /‬بدون‪ ،‬ص ‪) ( 257.‬‬
‫حكم رقم ‪ ، 380‬ملف ‪ 06/2‬ج ‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 06/11/8‬قسم قضاء األسرة التابع البتدائية اتوانت (غري‬
‫‪14‬‬
‫منشور) أوردته امللحقة القضائية عزيزة محيدي يف حبث هنائية التمرين الفوج ‪ ،34‬ص ‪12.‬‬

‫‪15‬‬
‫الكتابة في هذا‬ ‫إللشهاد ومخاطب عليه من طرف قاضي التوثيق‪ .‬مع مالحظة أن‬
‫الصدد هي إللثبات ال النعقاد حسب ما يفهم من المادة ‪ 16‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫غير أن اإلشكال الذي يطرح حول ما إذا كان نسب الولد يثبت بمجرد‬
‫إبرام عقد الزواج ومرور المدة المعتبرة شرعاً أم ال بد للمدعي من إثبات واقعة‬
‫الدخول بالزوجة بعد إبرام العقد ؟‬

‫هذا السؤال كان محط خالفات فقهية‪ ،‬غير أن مدونة األسرة قررت ثبوت‬
‫النسب إن مر على عقد الزواج أقل مدة الحمل مع إمكان االتصال ودون تكليف‬
‫من مدونة‬
‫‪154‬‬ ‫مدعي النسب بإثبات واقعة الدخول (الفقرة األولى من المادة‬
‫األسرة‪).‬‬

‫وهكذا اعتبر المجلس األعلى االتصال حاصال ودونما حاجة إلثباته في‬
‫أدنى أمد الحمل‪ .‬وينفي الزوج‬
‫فيها على بعد مرور‬ ‫الواقعة التي يتم االتفاق‬
‫ولم يثبت‬
‫األصل‪،‬‬ ‫االتصال دون إثبات‪ .‬ألن الخلوة بين الزوجين ثابتة‪ ،‬وألنها هي‬
‫خالف هذا األصل ‪(1).‬‬

‫ففي هذا القرار اكتفى المجلس األعلى بالعقد ومرور أقل أمد الحمل للتدليل‬
‫االتصال وأنه ال حاجة إلثباته‪ ،‬ألن الخلوة ليست شرطاً من شروط‬ ‫على حصول‬
‫قيام العالقة الزوجية وما ينتج عنها من آثار‪ ،‬بل هي مفترضة بمجرد كتابة عقد‬
‫الزواج وعلى من يدعي خالف ذلك أن يثبته بأدلة واقعية ومحسوسة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدة الحمل المعتبرة شرعا‬

‫إبرام عقد زواج‬ ‫مدونة األسرة‬ ‫لكي يلحق النسب بالزوج حسب‬ ‫ال يكفي‬
‫صحيح‪ ،‬بل البد من تحقق مدة الحمل المعتبرة شرعاً إما في حدها األدنى أي ستة أشهر من تاريخ‬
‫العقد‪ ،‬وإما في حدها األقصى أي سنة من تاريخ انتهاء عقد‬
‫الزواج‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى الصادر بتاريخ ‪ ،1999/2/16‬منشور مبجلة قضاء اجمللس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،55‬ص ‪ 1123‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ولعل هذا ما كرسه المجلس األعلى من خالل قرارات متواترة عنه‪ ،‬إذ‬
‫جاء في إحدى قراراته ‪ "...‬لكن حيث إن الولد للفراش إن مضى على عقد الزواج‬
‫أقل مدة الحمل وأمكن االتصال وكذا إذا ولد بعد فراق داخل س‪O‬نة واح‪O‬دة‪ ...‬والمحكم‪OO‬ة لم‪OO‬ا‬
‫ثبت لها أن المطلوبة في الطعن قد أتت بالمولودة‪ ...‬ألك‪OO‬ثر من س‪OO‬تة ش‪O‬هور من ت‪OO‬اريخ العق‪OO‬د وألق‪OO‬ل من‬
‫سنة من تاريخ الطالق مما يجعلها الحقة بنسب‬
‫والدها الطاعن بناء على فراش الزوجية‪ ...‬تكون قد أقامت قضاءها على أساس "‬
‫من مدونة األسرة تنص‬
‫)‪ (1‬وجاء في قرار آخر ‪ "...‬لكن حيث إن المادة ‪154‬‬
‫والثابت من‬
‫لستة أشهر من تاريخ العقد‪.‬‬ ‫على انه يثبت نسب الولد للفراش إذا ولد‬
‫أي بعد‬
‫أن الولد‪ ...‬ازداد على فراش الزوجية بتاريخ ‪2001/02/3‬‬ ‫أوراق الملف‬
‫ردت دفوع الطاعن بعلة أن الفراش‬
‫من تاريخ العقد‪ ...‬والمحكمة لما‬ ‫ستة أشهر‬
‫من مدونة األسرة‪ ...‬تكون قد‬
‫‪153‬‬ ‫يعتبر حجة قاطعة على النسب بصريح المادة‬
‫بنت قضاءها على أساس" ‪(2).‬‬

‫ونفس النهج سارت عليه محاكم الموضوع‪ ،‬إذ جاء في قرار لمحكمة‬
‫االستئناف بمكناس " بالرجوع إلى نسخة عقد الزواج ‪ ...‬يتبين أن الزواج تم بين‬
‫في حين أن االبن المذكور ازداد بتاريخ‬
‫طرفي الدعوى بتاريخ ‪1997/12/12‬‬
‫‪ 1999/4/21‬أي بعد سنة وأربعة أشهر من تاريخ العقد وبالتالي فهو الحق‬
‫للمستأنف"‪ (3). ...‬وجاء في قرار آخر لها " ويحث إن العالقة الزوجية ربطت بين‬
‫بالتطليق بتاريخ‬
‫وانتهت بالحكم‬ ‫طرفي النزاع ابتداء من تاريخ ‪2005/5/2‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى صادر بتاريخ ‪ 2006/06/28‬رقم ‪ 2005 1/2/188‬حتت عدد ‪ ،418‬منشور بكتاب أهم‬
‫قرارات اجمللس األعلى يف تطبيق الكتاب الثالث من مدونة األسرة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪75.‬‬
‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى صادر بتاريخ ‪ 2006/11/15‬امللف رقم ‪ 2005/1/2/317‬حتت عدد ‪ ،639‬املرجع نفسه‪،‬‬
‫‪18‬‬
‫ص ‪.77‬‬
‫( )‪ 3‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 3035‬يف امللف عدد ‪ 8/08/1000‬والصادر بتاريخ ‪ ،2008/9/23‬غري‬
‫منشور‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫حصل أثناء العالقة‬ ‫مما يجعل ازدياد االبن‪ ...‬بتاريخ ‪2007/2/14‬‬ ‫‪07/7/26‬‬
‫الزوجية‪ ...‬مما يجعل نسبه لوالده تابتا استنادا لقاعدة الولد للفراش" ‪(1).‬‬

‫االبن‪ ...‬ازداد خالل مدة ‪ 7‬أشهر و‬ ‫وجاء في قرار آخر لها " وحيث إن‬
‫كانت على صواب لما‬
‫‪ 19‬يوم من تاريخ الطالق أي خالل سنة‪ ،‬وأن المحكمة‬
‫وجاء في حكم لقسم قضاء اآلسرة التابع‬
‫لوالده‪.)2( "...‬‬ ‫اعتبرت نسبه ثابتا‬
‫للمحكمة االبتدائية بمكناس" وحيث تبين للمحكمة من خالل إطالعها على عقد‬
‫ورسم والدة البنت ‪ ...‬أنها ازدادت داخل األجل‬
‫الزواج المذكور مراجعه أعاله‬
‫وجاء في‬
‫النسب‪"(3). ...‬‬ ‫ثبوت‬ ‫قاطعة على‬ ‫الفراش حجة‬ ‫وبذلك يعتبر‬ ‫القانوني‪،‬‬
‫حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية لبولمان بميسور "وحيث‬
‫أدلى المدعي بنسخة مقاررة بزواج‪ ...‬مما يعني أن والدته كانت ألكثر من ستة‬
‫أشهر من تاريخ العقد‪ .‬وحيث إن الولد الذي يولد أثناء فترة العالقة الزوجية المحددة‬
‫من مدونة األسرة يثبت نسبه إلى الزوج بقرينة قانونية قاطعة"‪...‬‬
‫في المادة ‪154‬‬
‫(‪.)4‬‬

‫والمالحظ أن القضاء المغربي يتشدد في ضرورة توفر أقل أمد الحمل‪،‬‬


‫ولد لستة أشهر‬
‫فيه "الولد للفراش متى‬ ‫ففي قرار صادر عن المجلس األعلى جاء‬
‫من عقد الزواج وهي أدنى مدة الحمل إن أمكن االتصال وإال فال يلحق نسبه" ‪(5).‬‬
‫أما فيما يخص أقصى أمد الحمل ‪ ،‬فقد تم تحديده في سنة من تاريخ الفراق‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فإن المجلس األعلى يتساهل في هذه المدة فقد جاء في إحدى قراراته " على أن‬

‫)‪ (1‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 590‬يف امللف عدد ‪ 8/08/3019‬والصادر بتاريخ ‪ ،2009/2/24‬غري منشور‪.‬‬
‫( )‪ 2‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 2182‬يف امللف عدد ‪ 8/04/1092‬والصادر بتاريخ ‪ ،2004/11/19‬غري منشور‪.‬‬
‫( )‪ 3‬حكم احملكمة االبتدائية مبكناس قسم قضاء األسرة عدد ‪ 2183‬يف امللف عدد ‪5/2078‬ج‪ /08‬والصادر بتاريخ‬
‫‪2010/6/8.‬غري منشور‪.‬‬
‫( )‪ 4‬حكم احملكمة االبتدائية لبومالن قسم قضاء األسرة عدد ‪ /05 378‬والصادر بتاريخ ‪ 05/11/28‬يف امللف‬
‫‪20‬‬
‫عدد‪ 272_05‬غري منشور‪( .‬‬
‫)‪ 5‬قرار اجمللس األعلى رقم ‪ 1303‬صادر بتاريخ ‪ 1991/12/12‬منشور مبجلسة قضاء اجمللس األعلى عدد ‪83-95‬‬
‫ص ‪107‬‬

‫‪21‬‬
‫ما بين تاريخ الطالق وفاتح أبريل ال يتعدى أسبوعا وقد نص الفقهاء على أن مثل‬
‫هذه المدة غير مؤثرة الشيء الذي كان معه الحكم المطعون فيه ناقص التعليل" ‪(1).‬‬

‫من مدونة األسرة أغفلت اإلشارة‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن المادة ‪154‬‬ ‫هذا‬
‫إلى التقويم المعتبر في احتساب المدة الشرعية للحمل هل هو القمري أو الشمسي‪،‬‬
‫خلف إشكاال خاصة أن التقويم الشمسي يفوق التقويم القمري بإحدى عشر‬
‫وهو‬
‫ما‬

‫هذا وقد حسم المجلس األعلى في هذا اإلشكال من خالل عدة قرارات ‪،‬‬ ‫يوماً‪.‬‬

‫مصدرة‬
‫حيث إنه من جهة أولى فإن المحكمة‬ ‫جاء في إحدى قراراته "لكن‬ ‫بحيث‬
‫القرار المطعون فيه لما اعتمدت التقويم القمري في احتساب أقل مدة الحمل بدال من التقويم الشمسي فإنها‬
‫تكون قد طبقت ما هو مقرر فقها وما جرى به العمل‬
‫بمكناس " وحيث إنه بمقتضى‬ ‫االستئناف‬ ‫وجاء في قرار لمحكمة‬ ‫القضائي" (‪.)2‬‬
‫عند الفقهاء أن‬
‫مدونة األسرة‪ ،‬فإن أقل أمد الحمل هو ستة أشهر‪ ،‬والمعروف‬
‫الحساب في ذلك يكون بالشهور القمرية" ‪(3).‬‬

‫فمن خالل حيثيات هذين القرارين يتضح أن العمل القضائي يعتمد التقويم‬
‫بحق الطفل في النسب إلى أبيه‪ ،‬وهو في‬ ‫الهجري ً‬
‫أخذا باألحوط وتفاديا إللضرار‬
‫من مدونة األسرة التي تحيل على المذهب المالكي‬
‫الحقيقية إعمال للمادة ‪400‬‬
‫واالجتهاد الذي يراعي فيه تحقيق قيم اإلسالم فيما لم يرد عليه نص في المدونة‪.‬‬

‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬فهل يجب مراعاة أمد الحمل إلثبات نسب الولد‬
‫للفراش حتى ولو أثبتت الخبرة البنوة ؟‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى رقم ‪ 1461‬صادر بتاريخ ‪ 1988/11/29‬يف امللف عدد ‪ 87/6711‬أشارت إليه مغنية رشيدي‪ ،‬حق الطفل‬
‫يف النسب ‪ ،‬دراسة فقهية تشريعية قضائية ر‪.‬ل‪.‬د‪.‬د‪.‬ع‪.‬م يف القانون اخالص وحدة األسرة والطفولة‬
‫جامعة سيدي حممد بن عبد هلال فاس‪ 2002-2003- ،‬ص ‪92.‬‬
‫( )‪2‬اجمللس األعلى قرار عدد ‪ 43‬بتاريخ ‪ 2006/1/18‬منشور بكتاب املنتقى من عمل القضاء‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 3) ( 227‬حمكمة‬

‫‪22‬‬
‫االستئناف مبكناس قرار عدد ‪ 3560‬صادر بتاريخ ‪ ،2008/11/11‬يف امللف عدد ‪ 8/08/1951‬غري‬
‫منشور‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ال بد من مراعاة أقل مدة الحمل وأكثرها إلثبات النسب بالفراش ولو أثبتت‬
‫الخبرة البنوة‪ ،‬لكون الخبرة قاصرة على إثبات العالقة الطبيعية فقط‪ ،‬ولكن الفراش‬
‫يثبت اإلطار الشرعي الذي تكونت فيه هذه العالقة‪(1).‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن من يرفع دعوى تخص إثبات النسب وحتى يستفيد‬
‫من المقتضيات التشريعية التي تحدد أقل مدة الحمل وأقصاها عليه أن يحدد بكل دقة‬
‫تاريخ إبرام العقد في الحالة األولى وتاريخ وقوع الطالق في الحالة الثانية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تاريخ الوالدة‪ ،‬والمسألة قانونية تتصل بجوهر النظام العام وتخضع‬
‫بغرفتين‪ ".‬لئن‬
‫وهكذا جاء في إحدى قراراته‬ ‫بالتالي لرقابة المجلس األعلى (‪.)2‬‬
‫مشروط بأن تكون‬
‫قرينة قاطعة على إثبات النسب‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫الفراش الشرعي‬ ‫كان‬
‫مراء وال جدال فيه‪...‬‬
‫األمد المعتبر شرعاً بشكل ال‬ ‫الوالدة ثابتة التاريخ وداخل‬
‫وأنه وأمام اختالف الزوجين بشأن تاريخ ازدياد االبن المذكور‪ ،‬فإنه كان على‬
‫ال يوجد نص‬ ‫ً‬
‫شرعا ومنها الخبرة التي‬ ‫المحكمة أن تبحث بوسائل اإلثبات المعتمدة‬
‫قانوني صريح يمنع المحكمة من االستعانة بها‪ "(3).‬كما أن محاكم الموضوع تستند‬
‫لتحديد تاريخ الوالدة بكل دقة لترتب األثر المناسب‬
‫اإلثبات المعتمدة‬ ‫إلى وسائل‬
‫حيث تبث للمحكمة أن‬
‫وهكذا جاء في قرار لمحكمة االستئناف بمكناس "‬ ‫عليها‪.‬‬
‫الطفل مزداد بتاريخ ‪ ...‬حسب أوراق الملف‪ ،‬وأن الشهادة اإلدارية المسلمة في هذا‬
‫الشأن تعد حجة على ذلك إلى أن يثبت ما يخالفها‪"(4).‬‬

‫( )‪ 1‬عمر ملني ‪ :‬د‪ .‬ملحق بوزارة العدل‪ ،‬رئيس غرفة مبحكمة االستئناف يف ندوة مث إلقاؤها ابملعهد العايل للقضاء سنة‬
‫‪.2007‬‬
‫( )‪ 2‬حممد الكشبور ‪" :‬البنوة والنسب يف مدونة األسرة"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪93.‬‬
‫( )‪ 3‬قرار اجمللس األعلى بغرفتني بتاريخ ‪ 2005/03/9‬يف امللف عدد ‪ ،2003/1/2/615‬منشور بكتاب املنتقى م‪.‬س‪،‬‬
‫ص ‪.226‬‬

‫‪24‬‬
‫( )‪. 4‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 1295‬صادر بتاريخ ‪ 2008/4/8‬يف امللف عدد ‪ 8/07/3313-‬غري‬
‫منشور ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫وهكذا يتضح من خالل حيثيات هذين القرارين أن المحكمة ملزمة باعتماد‬
‫جميع الوسائل المقررة شرعاً لتحديد تاريخ االزدياد من نسخة عقد زواج أو رسم‬
‫إلى أن‬
‫االزدياد وتاريخه مع اإلشارة‬ ‫الوفاة وشهادة الوالدة إلثبات‬ ‫طالق أو شهادة‬
‫هذه الوثيقة األخيرة يجب أن تتضمن البيانات االلزمة وصادرة عن الجهة المختصة وإال فال‬
‫يعتد بها كما هو حال الشهادة الصادرة عن ضابط الحالة المدنية‬
‫والمحررة من طرفه بناء على تصريح يحتمل الصدق والكذب‪.‬‬

‫بقي أن أشير إلى نقطة تتعلق بأقصى أمد الحمل ومشكلة الريبة فيه‪ ،‬فقد‬
‫الريبة في الحمل‪،‬‬
‫األسرة "في حالة إدعاء المعتدة‬ ‫جاء في المادة ‪ 134‬من مدونة‬
‫وحص‪O‬ول المنازع‪O‬ة في ذل‪O‬ك‪ ،‬يرف‪O‬ع األم‪O‬ر إلى المحكم‪O‬ة ال‪O‬تي تس‪OO‬تعين ب‪OO‬ذوي االختص‪OO‬اص من‬
‫الخبراء للتأكد من وجود الحمل وفترة نش‪OO‬وءه لتق‪OO‬رر اس‪OO‬تمرار الع‪OO‬دة أو انتهائه‪O‬ا‪ ".‬ف‪OO‬إذا تأك‪O‬د من ذوي‬
‫االختصاص أن ما في بطن المرأة هو حمل وجب‬
‫الحكم آنذاك باستمرار العدة وبكيفية غير مباشرة الزيادة في أقصى أمد الحمل‪.‬‬

‫ومن بعض الخرافات المتداولة أن الحمل قد يرقد في بطن أمه لسنوات‬


‫علميا أن الحمل ال يمكن أن يمكث في بطن األم أكثر من تسعة‬
‫فالثابت‬ ‫طوال‪،‬‬
‫استثناءا ً‬
‫جدا ولفترة جد قصيرة‪ .‬وقد قرر المشرع سواء في المغرب أو‬ ‫ً‬ ‫أشهر إال‬
‫مصر أن أقصى مدة الحمل سنة وذلك من باب االحتياط ال غير ‪(1).‬‬

‫ثالثا ‪ :‬إمكانية االتصال بين الزوجين‬

‫تتعلق االستفادة من قرينة الولد للفراش باإلضافة إلى شرطي الزوجية‬


‫المادي‪،‬‬
‫اإلمكان‬ ‫وهو إمكانية اتصال الزوج بزوجته‪ ،‬أي‬ ‫والمدة على شرط آخر‬
‫من مدونة األسرة ‪" ...‬وأمكن االتصال"‪ ...‬والمالحظ‬
‫كما يستفاد من المادة ‪154‬‬
‫أن هذا الفصل يتحدث عن إمكانية االتصال ال عن تحققه وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس األعلى‬
‫‪"...‬لكن حيث إن محكمة القرار لما عللت قرارها بأن الوضع‬
‫قد جاء بعد عقد الزواج المؤرخ في‬ ‫المتفق على حصوله في غشت ‪1990‬‬
‫‪26‬‬
‫( )‪ 1‬حممد الكشبور ‪ " :‬البنوة والنسب"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪97. 96-‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ 89/12/21‬أي بعد مرور أكثر من ستة أشهر أي داخل األمد الذي يترتب عن‬
‫و ‪85‬‬
‫طبقا للفصول ‪ 76‬و ‪84‬‬ ‫الوضع خاهلل ثبوت نسب المولود إلى الزوج‬
‫وجاء في‬
‫يكون االتصال قد حصل وال حاجة إلثباته" (‪)1‬‬ ‫و‪ 98‬من المدونة وبذلك‬
‫قرار آخر له " يتحقق إمكان االتصال بعد ما تبث أن الزوج المقيم بالخارج كان‬
‫وهو نفس‬
‫يتردد على المغرب حيث تقيم الزوجية خالل قيام العالقة الزوجية (‪.)2‬‬
‫" وحيث تبث‬
‫حيت جاء في قرار لها‬ ‫محكمة االستئناف بمكناس‬ ‫ما تسير فيه‬
‫للمحكمة من خالل أوراق الملف وإقرار المستأنف نفسه كون هذا األخير لم يتم‬
‫أي بعد والدة المطلوب نفي نسبه‪.‬‬
‫‪ 4‬يناير ‪1980‬‬ ‫أسره من طرف‪ ....‬إال بتاريخ‬
‫مما يكون الحكم المستأنف صادف الصواب ويتعين تأييده)‪"(3‬‬

‫إمكانية إنجابها منه بأن يكون بالغا‬ ‫ويستتبع إمكانية اتصال الزوج بزوجته‬
‫وال عنيناً وال مخصياً أي اإلمكان الشرعي‬ ‫قادراً على الوطء‪ ،‬وأال يكون مجبوبا‬
‫وهو ما سكتت عنه مدونة األسرة‪.‬‬

‫وذلك فيما إذا‬ ‫ويقوم المانع الشرعي الذي يحول دون انتساب الولد للزوج‬
‫الحمل وبين عقد الزواج أقل من ستة أشهر الن ما لم يقر‬
‫كانت المدة الفاصلة بين وضع المانع‬
‫الزوج بالمولود فيلحق حينها بنسبه‪ .‬كما‬
‫مكتسب من دليل شرعي‬
‫جاء في قرار المجلس األعلى‪(4).‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 84‬والصادر بتاريخ ‪ 99/2/16‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 94/2/2/5729‬منشور مبجلة‬
‫قضاء اجمللس األعلى عدد ‪61-‬ص ‪76. :‬‬
‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 488‬والصادر بتاريخ ‪ 2005/5/19‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 95/2/2/572‬منشور مبجلة‬
‫قضاء اجمللس األعلى عدد مزدوج ‪ 59-60-‬ص ‪(3 ) 163. :‬‬
‫قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 159‬والصادر بتاريخ ‪ 08/1/15‬يف امللف الشرعي عدد ‪ ،8/7/2025‬غري‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫( )‪ 4‬قرار عدد ‪ 213‬صادر بتاريخ ‪ 2005/04/13‬يف امللف عدد ‪ ، 2004/2/356‬منشور مبؤلف إبراهيم حبماين‪ ،‬العمل القضائي‬
‫يف قضااي األسرة مرتكزاته ومستجداته يف مدونة األحوال الشخصية ومدونة األسرة ط‪ ،/2008‬مكتبة دار‬
‫السالم – الرابط‪ -‬ص ‪ 379‬وما يليها‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ثبوت النسب في الزواج غير الصحيح والوطء‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫بشبهة‬
‫الصحيح (أوال) سأنتقل‬ ‫سأتحدث عن ثبوت النسب في الزواج غير‬ ‫بعد ما‬
‫للحديث عن ثبوت النسب للشبهة (ثانيا‪).‬‬

‫أوال ‪ :‬ثبوت النسب في الزواج غير الصحيح‬

‫نصت المادة ‪ 96‬من مدونة األسرة على أن " الزواج غير الصحيح يكون‬
‫إما باطال وإما فاسدا‪ ".‬من هنا سأتحدث عن كل نوع على حدة لمعرفة آثارهما على‬
‫ثبوت النسب‪.‬‬

‫)‪ (1‬الزواج الباطل ‪:‬‬

‫الباطل‪ ،‬بحيث نصت‬ ‫مدونة األسرة لحاالت الزواج‬ ‫من‬ ‫تطرقت المادة‬
‫‪51‬‬
‫على أنه ‪" :‬يكون الزواج باطال‬

‫‪1-‬إذا اختل فيه أحد األركان المنصوص عليها في المادة ‪ 10‬أعاله‪2 - .‬إذا وجد بين‬

‫الزوجين أحد موانع الزواج المنصوص عليها في المواد‬


‫‪ 35‬إلى ‪ 39‬أعاله‪.‬‬

‫‪3 -‬إذا انعدم التطابق بين اإليجاب والقبول‬

‫كما نصت المادة ‪ 58‬من نفس المدونة على ما يلي ‪:‬‬

‫" تصرح المحكمة ببطالن الزواج تطبيقا ألحكام المادة ‪ 97‬أعاله بمجرد‬

‫اطالعها عليه أو بطلب ممن يعينه األمر‪.‬‬

‫يترتب على هذا الزواج بعد البناء الصداق واالستبراء كما يترتب عليه‬
‫عند حسن النية لحوق النسب وحرمة المصاهرة‪".‬‬

‫‪30‬‬
‫الباطل‪ ،‬ونتج عن هذا البناء حمل‪،‬‬ ‫بالمرأة في الزواج‬ ‫فإذا تم بناء‬ ‫وهكذا‬
‫فإن المشرع قد ميز بين حالة حسن وسوء النية ونكون أمام حسن النية إذا كان الزوج المعني جاهال‬
‫ً‬
‫ومتيقنا منه فنكون أمام‬ ‫بسبب التحريم‪ ،‬أما إذا كان عالما بذلك‬
‫سوء النية‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد استنبط الفقهاء قاعدة عامة مفادها عدم اجتماع حد ونسب‪،‬‬
‫مع التنبيه إلى أن األصل في الشخص أنه حسن النية‪ ،‬لكن متى يعتد بحسن النية ؟‬

‫يرى األستاذ إبراهيم بحماني‪ ،‬أن المعتبر لحسن القصد هو وقت صدور‬
‫اإليجاب والقبول‪ ،‬ويعتبر اإليجاب والقبول متوافراً في الحاالت التالية ‪:‬‬

‫عندما يثبت انه وقع حفل زواج أو خطبة بالشهود‪.‬‬ ‫‪1-‬‬

‫اتصال الزوجين بنية الزواج وتكون صادرة‬ ‫وثائق تفيد‬ ‫وجود‬ ‫‪-2‬‬
‫عنهما فعال‪.‬‬

‫بإنجاز‬ ‫إذا قام أحد الزوجين أو هما معاً لدى المصالح اإلدارية‬ ‫‪3-‬‬
‫وثائق يقران فيها أو أحدهما بالزواج كتسجيل األبناء بمكتب الحالة المدنية مثال‪(1).‬‬

‫والمالحظ أن مدونة األسرة تعتبر أن مدة الحمل في الزواج الباطل‬


‫تبدأ من تاريخ الدخول ال من تاريخ العقد‪ .‬كما أن المعول عليه هو قصد الزوج ال‬
‫الزوجة‪.‬‬

‫هذا وقد كرس العمل القضائي المقتضيات أعاله‪ ،‬إذ جاء في قرار للمجلس‬
‫أعاله‪ ،‬فإن المحكمة مصدرة القرار‬ ‫األعلى "لكن ً‬
‫النعي‬ ‫ردا على ما ورد في‬
‫المطعون فيه تبت لها أن المطلوب في النقض عقد على الطاعنة وهي حامل‪...‬‬
‫وقضت ً‬
‫تبعا لذلك بفسخ (البطالن حسب مدونة األسرة) عقد النكاح المبرم بين‬
‫الطرفين‪ ،‬كما قضت بعدم لحوق نسب الولد للمطلوب في النقض… وبذلك تكون‬

‫‪31‬‬
‫( )‪ 1‬إبراهيم حبماين ‪ :‬م‪.‬س‪ :‬ص ‪ 23‬وما يليها‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫كافيا وطبقت القانون تطبيقا صحيحا" (‪ . )1‬وجاء‬
‫المحكمة قد عللت قرارها تعليال ً‬
‫في حكم لقسم قضاء األسرة التابع للمحكمة االبتدائية بفاس ما يلي ‪ " :‬وحيث إن‬
‫ال يؤثر في نسبها إليهما باعتبار أن‬
‫العالقة الزوجية بين والدي البنت…‬ ‫بطالن‬
‫بطالن العقد يرتب عند حسن النية لحوق النسب وأن حسن النية في العالقات‬
‫وحيث إن الزوج عقد قرانه مع‬
‫الزوجية هو األصل‪ "(2).‬وجاء في حكم آخر له "‬
‫زوجته في وقت كانت فيه حامل مما يجعل المانع المؤقت من الزواج قائما وقت‬
‫‪ 58‬من مدونة‬
‫إبرام العقد مما ترتب عنه بطالن هذا العقد تطبيقاً لمقتضيات المادة‬
‫األس‪O‬رة‪ ...‬وحيث إن الول‪O‬دين ق‪O‬د ازدادا خال‪O‬ل الم‪O‬دة المعت‪O‬برة ش‪O‬رعاً األم‪O‬ر ال‪O‬ذي يجع‪O‬ل نس‪OO‬بهما إلى‬
‫والديهما المذكورين في رسم الزواج الذي تم إبطاله ثابتاً نظرا لوجود حسن النية لدى الزوجان الل‪OO‬ذان‬
‫أقرا أمام هيئة المحكمة خالل جلسة البحث بأن‬
‫اإليجاب والقبول والتراضي على الزواج كان حاصال بينهما وتمت إقامة حفل‬
‫الزفاف الذي حضره جمع من الناس‪"(3)..‬‬

‫وهكذا يتضح من خالل حيثيات العمل القضائي أعاله أن الزواج الباطل‬


‫يترتب عنه عند حسن نية الزوج إلحاق الولد به ويترتب عن ذلك بالتبع ترتيب جميع اآلثار المتعلقة بالقرابة‬
‫بحيث يحرم الزواج في الدرجات الممنوعة وتتحقق به‬
‫نفقة القرابة واإلرث‪.‬‬

‫)‪ (2‬الزواج الفاسـد‬

‫من مدونة األسرة إلى زواج‬ ‫الزواج الفاسد طبقا للمادتين و ‪61 60‬‬ ‫ينقسم‬
‫فاسد لصداقه وزواج فاسد لعقده‪.‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى بتاريخ ‪ 2006/5/10‬يف امللف عدد ‪ 2005/1/2/598‬منشور بكتاب املنتقى من عمل‬
‫القضاء‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪231.‬‬
‫( )‪ 2‬حكم قسم األسرة ابحملكمة االبتدائية بقاس رقم ‪ 2009‬والصادر بتاريخ ‪ 2009/4/6‬يف امللف رقم ‪،8/2/3674‬‬
‫غري منشور‪.‬‬
‫( )‪ 3‬حكم قسم األسرة ابحملكمة االبتدائية بقاس رقم ‪ 390‬والصادر بتاريخ ‪ 2007/1/29‬يف امللف رقم ‪ 06/1/783‬غري‬

‫‪33‬‬
‫منشور‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫والزواج الفاسد لصداقه هو الذي اختل فيه شرط كأن يسمى للزوجة صداق‬
‫مما ال يصح التعامل به شرعا‪ ،‬وال يطرح هذا الزواج أي إشكال على مستوى‬
‫النسب مادام أنه يفسخ قبل الدخول ويصحح بعد الدخول بصداق المثل‪.‬‬

‫في الحاالت الثالث‬ ‫ويكون الزواج فاسداً لعقدة طبقا ألحكام المادة ‪61‬‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ 1 -‬إذا كان الزواج في المرض المخوف ألحد الزوجين إال أن يشفى‬


‫المريض بعد الزواج‪.‬‬

‫‪ 2 -‬إذا قصد الزوج بالزواج تحليل المبتوتة لمن طلقها ثالثا‪.‬‬

‫‪ 3 -‬إذا أبرم الزواج بدون ولي في حالة وجوبه‪.‬‬

‫والقاعدة أن الزواج الفاسد لعقده يفسح قبل البناء وبعد ويعتد فيه بالطالق‬
‫والتطليق إن حدث قبل الحكم بالفسخ‪ ،‬ولم يتطرق المشرع بكيفية صريحة إلى‬
‫‪ 64‬من مدونة‬
‫مسألة ثبوت النسب في الزواج الفاسد لعقده‪ ،‬وإنما نص في المادة‬
‫األسرة وبصيغة العموم على ما يلي ‪:‬‬

‫أعاله ال ينتج أي أثر قبل‬ ‫"الزواج الذي يفسخ تطبيقا للمادتين و ‪61 60‬‬
‫البناء وتترتب عنه بعد البناء آثار العقد الصحيح إلى أن يصدر الحكم بفسخه‪".‬‬

‫ومن هنا فالزواج الفاسد لعقده يرتب آثار الزواج الصحيح متى تم بناء‬
‫بالزوجة ومن ثمة فالنسب يثبت به دون اعتبار لنية الزوج خالفاً للزواج الباطل‪(1).‬‬

‫هذا وقد كرس العمل القضائي المقتضيات أعاله إذ جاء في قرار للمجلس‬
‫األعلى ‪ "...‬والمحكمة لما عللت قراراها بأن رسم ثبوت الزوجية المحتج به ال‬
‫إذا كان‬ ‫ً‬ ‫يتضمن اإليجاب والقبول وبالتالي ليس زواجاً‬
‫صحيحا‪ ،‬دون أن تناقش‬
‫من مدونة األسرة‪ ...‬تكون قد جانبت الصواب"‬
‫زواجاً فاسداً في إطار المادة ‪157‬‬

‫‪35‬‬
‫( )‪ 1‬حممد الكشبور ‪ :‬البنوة والنسب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 84 :‬وما بعدها‪ .‬للمزيد من‬
‫التوسع حول طبيعة النسب يف الزواج الباطل والفاسد‪ ،‬راجع يف هذا الصدد ‪.‬د‪.‬إبراهيم حبماين‪ ،‬نسب األبناء يف‬
‫الزواج الفاسد‪ ،‬مقال منشور مبجلة القضاء والقانون العدد ‪ 149‬ص ‪ 23‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫القرار المطعون فيه‬ ‫‪ (1).‬وجاء في قرار آخر له " لكن حيث إن المحكمة مصدرة‬
‫اعتبرت ما تم بين الطرفين زواجاً‪ ...‬ولما لم يشهد عليه ولم يسم فيه الصداق فإنه‬
‫من‬ ‫ً‬
‫فاسدا طبقا لمدونة األحوال الشخصية‪ .‬وأنه بمقتضى الفصل‬ ‫يبقى زواجا‬
‫‪37‬‬
‫األسرة) فإن الزواج الفاسد لعقده يفسخ‬
‫المدونة المذكورة (المادتان و ‪ 64‬م ‪.157‬‬
‫قبل الدخول وبعده ومن آثاره لحوق النسب" )‪. (2‬‬

‫وهكذا فالمجلس األعلى يؤكد على أنه متى تعلق األمر بزواج فاسد فعلى‬
‫المحكمة أن تناقشه وترتب لحوق النسب عليه بعد تأكدها من توفر شروطه من‬
‫إبرام لزواج فاسد لصداقه أو عقده وانصرام المدة الشرعية من تاريخ العقد أو‬
‫اإلنهاء‪ ،‬وإمكانية والدة الزوجة من زوجها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ثبوت النسب للشبهة‪( (3):‬المادة ‪ 156‬من مدونة األسرة نموذجاً)‬

‫الشبهة هي كل ما لم يتيقن هل هو حالل أم حرام‪ ،‬فهو ال يكون زنا وال‬


‫وال يكون بناء على نكاح صحيح أو فاسد ومن هنا دخلته الشبهة التي‬
‫ملحقاً بزنا‬
‫أنزلته منزلة الفراش على مستوى ثبوت النسب‪.‬‬

‫من مدونة األسرة أن‬ ‫وفي التشريع األسري المغربي اعتبرت المادة ‪152‬‬
‫الشبهة تعتبر سببا من أسباب لحوق النسب‪.‬‬

‫ونصت الفقرة األولى من المادة ‪ 159‬من نفس المدونة على ما يلي ‪:‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى صادر بتاريخ ‪ 2009/3/18‬يف امللف رقم ‪ 2008/1/2/340‬حتت عدد ‪ ،113‬منشور بكتاب‬
‫أهم قرارات اجمللس األعلى ‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪90-91.‬‬
‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 39‬الصادر بتاريخ ‪ 2010/01/27‬يف امللف عدد ‪ ،2008/1/2/305‬منشور مبجلة‬
‫قضاء اجمللس األعلى‪ ،‬العدد ‪ 72‬مطبعة األمنية الرابط‪ 2010. ،‬ص ‪114.‬‬
‫( )‪ 3‬والشبهة أنواع ‪:‬‬
‫انشئا عن عقد غري صحيح‪ - .‬شبهة الفعل‪:‬‬
‫‪ -‬شبهة العقد‪ :‬وهي ما كان االشتباه حبل الوطء فيها ً‬
‫وهي ما كان االشتباه حبل الوطء فيها انشئاً عن خطأ غري مقصود‪ ،‬كما لو زفت إليه غري الزوجة اليت عقد‬

‫‪37‬‬
‫عليها وقيل له زوجته ومل تكن كذلك يف واقع األمر‪.‬‬
‫‪ -‬شبهة احملل ‪ :‬إذا وجد على فراشه امرأة ظنها زوجته فوطئها مت تبني أهنا أجنبية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫"إذا نتج عن االتصال بشبهة حمل وولدت المرأة ما بين أقل مدة الحمل‬
‫وأكثرها ثبت نسب الولد من المتصل‪".‬‬

‫والن االتصال بشبهة عبارة عن واقعة مادية فقد جاء في الفقرة الثانية من‬
‫"يثبت النسب الناتج عن الشبهة بجميع الوسائل المقررة‬
‫المادة ‪ 195‬أعاله أنه‪:‬‬
‫شرعاً‪".‬‬

‫فغالباً يبقى استخالصها‬ ‫طريق الشبهة واقعة مادية‬ ‫وباعتبار االتصال عن‬
‫وتقديرها من مسائل الواقع التي تخضع للسلطة التقديرية لمحاكم الموضوع وال‬
‫رقابة عليها في ذلك من طرف المجلس األعلى إال من حيث التعليل‪ ،‬وهي من الحاالت النادرة‬
‫والتي ال تصل إن وقعت إلى ساحة المحاكم ألن األطراف تفضل‬
‫الستر على العلنية في هذا المجال‪(1).‬‬

‫هذا ولعل أبرز المستجدات التشريعية التي جاءت بها مدونة األسرة‬
‫‪ " :‬إذا تمت الخطوبة وحصل اإليجاب‬
‫القاعدة المنصوص عليها في المادة ‪156‬‬
‫والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة‬
‫ينسب للخاطب إذا توفرت الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عليها عند‬

‫االقتضاء‪.‬‬
‫‪ -‬إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة‪.‬‬

‫‪ -‬إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما‪.‬‬

‫قابل للطعن‪ ،‬إذا أنكر الخاطب‬ ‫قضائي غير‬ ‫الشروط بمقرر‬ ‫تتم معاينة هذ‬
‫ه‬
‫أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات‬
‫أن يكون ذلك الحمل منه‬
‫النسب‪".‬‬

‫‪39‬‬
‫( )‪ 1‬حممد الكشبور ‪ " :‬البنوة والنسب"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 71 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫من هنا فقد جاءت مدونة األسرة بمقتضى جديد في المادة ‪ 156‬منها إذا‬
‫اعتبرت الحمل أثناء الخطبة بمثابة شبهة يثبت بها النسب إذا توفرت الشروط‬
‫المنصوص عليها في هذه المادة‪ ،‬وقد صار االجتهاد القضائي في هذا الصدد‪.‬‬

‫في قرار للمجلس األعلى " لكن حيث إنه بمقتضى المادة ‪156‬‬ ‫وهكذا جاء‬
‫من مدونة األسرة‪ ،‬فإن من ضمن شروط إلحاق النسب بالخاطب للشبهة ثبوت‬
‫فيه رفضت طلب‬
‫الخطبة الناتج عنها الحمل‪ ،‬والمحكمة مصدرة القرار المطعون‬
‫من مدونة‬
‫إلحاق النسب بالمطلوب بعلة أنه ال مجال لتطبيق مقتضيات المادة ‪156‬‬
‫األسرة لما تبت لها عدم حصول الخبطة بين الطرفين‪ ،‬وأن الحمل ناتج عن عالقة‬
‫فساد ‪ ،‬فتكون بذلك أسست قضاءها على أساس" ‪(1).‬‬

‫فالمجلس األعلى يؤكد على ضرورة حصول الخطبة بين الطرفين إللحاق‬
‫االبن بالخاطب أما إذا كانت العالق‪OO‬ة عب‪OO‬ارة عن عالق‪OO‬ة جنس‪OO‬ية ع‪OO‬ابرة ال تس‪OO‬تند إلى اتف‪O‬اق على زواج‬
‫امتن‪OO‬ع نس‪OO‬ب الحم‪O‬ل إلى الخ‪O‬اطب‪ .‬وفي ه‪O‬ذا ج‪O‬اء في حكم ص‪O‬ادر عن قس‪OO‬م قض‪OO‬اء األس‪OO‬رة الت‪OO‬ابع‬
‫للمحكمة االبتدائية بمكناس " لكن حيث إن المدعية لم تستطع إثبات وج‪OO‬ود خطب‪OO‬ة بينه‪OO‬ا وبين الم‪OO‬دعى علي‪OO‬ه‬
‫واشتهارها بين األسرتين‪ ،‬كما‬
‫أنها لم تستطع إثبات وجود حمل أثناء الخطبة‪.‬‬

‫من‬ ‫وحيث إن هذه الشروط هي الواجب توفرها في مقتضيات المادة‬


‫‪156‬‬
‫مدونة األسرة حتى يمكن الحديث عن أسباب لحوق النسب‪(2) .‬‬

‫وفي نفس السياق نجد المجلس األعلى يؤكد على ضرورة اشتهار الخطبة‬

‫بين أسرتي الخطيبين وإقرار الخطيبين بان الحمل منهما ووقوعه أثناء الخطبة‪ ،‬إذ جاء في إحدى قراراته "‬
‫لئن كانت المادة ‪ 156‬من مدونة األسرة تجيز لحوق نسب‬
‫حمل المخطوبة للخاطب للشبهة‪ ،‬فإن ذلك رهين باشتهار الخطبة بين أسرتيهما‪ ،‬وإقرار الخطيبين‬
‫معاً بأن الحمل منهما وبثبوت وقوعه أثناء الخطبة‪ .‬كما أن‬
‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 264‬والصادر بتاريخ ‪ 2006/4/26‬منشور بكتاب املنتقى‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪(2) 230 :‬حكم صادر‬
‫عن قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 1029‬والصادر بتاريخ ‪ 2010/3/23‬يف امللف‬
‫‪41‬‬
‫عدد ‪5/9/1795‬ج‪ ،‬غري منشور‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫الشهود المستمع إليهم من طرف المحكمة استقى معظمهم علمه بالخطوبة عن‬
‫طريق السماع‪ .‬والمحكمة لما قضت بثبوت النسب إلى الطاعن رغم إنكاره تكون قد‬
‫أساءت تطيق المادة المحتج بها‪".(1).‬‬

‫وهكذا فالمجلس األعلى يؤكد على أنه ال يكفي التواعد السري بين الرجل‬
‫والمرأة‪ ،‬بل ضروري من اشتهار الخطبة بين أسرتيهما حتى يساهما في إثبات هذه‬
‫الخطبة عند النزاع ولدرء مظنة التستر على حمل كان نتيجة سفاح‪ .‬ويقع عبئ‬
‫قضاء األسرة‬
‫ففي حكم صادر عن قسم‬ ‫إثبات اشتهار الخطبة على الخطيبين‪،‬‬
‫بالمحكمة االبتدائية بميسور جاء فيه ‪ " :‬وحيث إن الخطبة تمت واشتهرت بين‬
‫صرح أمامنا بعد ازدياد االبن أنه له‪،‬‬
‫سنوات حسب الشاهد والذي‬ ‫الناس لمدة ‪5‬‬
‫وهذا يعد قرينة على أن االبن ازداد داخل فترة الخطوبة‪(2).‬‬

‫كما أن موافقة ولي المخطوبة إذا كانت قاصرة ضرورية ألجل أن تكون الخطبة صحيحة‬
‫ومنتجة آلثارها القانونية ‪ ،‬وإن كان فيه تعارض مع مقتضيات‬
‫المادة ‪ 13‬من مدونة األسرة ألن الولي شرط لصحة عقد الزواج ال الخطبة‪ .‬ففي‬
‫حكم لقسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكناس جاء فيه " وحيث إن الخطوبة اشتهرت بين الطرفين‬
‫حسب ما أكدته المخطوبة وكذا الخاطب ووالديها‪ ،‬كما وافق‬
‫االستجابة لطلب ثبوت نسب‬ ‫يتعين معه‬ ‫وليها عليها‪ ...‬مما‬ ‫أب المدعية وهو‬
‫)‪(3‬‬ ‫البنت‬

‫هذا وقد ذهب المجلس األعلى إلى أنه إذا تمت الخطبة وحصل معها حمل‬
‫وال يشترط لذلك قيام العالقة‬
‫من المخطوبة ينسب للخاطب بشروط المادة ‪156‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى صادر بتاريخ ‪ 2007/4/18‬يف امللف رقم ‪ 2006/1/2/282‬حتت عدد ‪ 226.‬منشور بكتاب‬
‫أهم قرارات اجمللس األعلى ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪87.‬‬
‫( )‪ 2‬حكم صادر عن قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية لبومالن مبيسور رقم ‪ 05/24‬الصادر بتاريخ ‪ 05/2/28‬يف امللف‬
‫الشرعي عدد ‪ ،04/313‬حكم غري منشور‪(3 ) .‬‬
‫حكم صادر عن قسم قضاء األسرة التابع للمحكمة االبتدائية مبكناس رقم ‪ 09/285‬الصادر بتاريخ ‪ 09/11/2‬يف‬
‫‪43‬‬
‫امللف رقم ‪ 18/09/493‬غري منشور‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الزوجية‪ ،‬إذ جاء في قرار صار عنه "والبين من أوراق الملف ومن شهادة الشهود المستمع إليهم‬
‫من طرف المحكمة أن تصريحاتهم اقتصرت على وجود خطبة بين‬
‫الطالب والمطلوبة في النقض واشتهار هذه الخطبة بين الناس دون أن تكون في‬
‫هذه التصريحات ما يفيد انعقاد الزواج بينهما بحصول اإليجاب والقبول بالشكل‬
‫المقرر في المادة ‪ 16‬من مدونة األسرة‪ ...‬وكان على المحكمة أن تتحقق من توفر‬
‫شروط المادة ‪ 156‬وترتب عليها أثارها بدل أن تطبق المادة ‪16"(1).‬‬

‫والسؤال الذي يطرح‪ ،‬هل يشترط أقل مدة الحمل في إثبات النسب بالشبهة‬
‫في الخطوبة أم أنه قاصر على فراش الزوجية فقط ؟‬

‫من مدونة األسرة يقتضي مراعاة المادة ‪154‬‬ ‫إن إعمال المادة ‪156‬‬
‫من نفس المدونة والتي تتحدث عن مدة الحمل المعتبرة شرعاً‪ ،‬طبقا للمادة ‪155‬‬
‫من المدونة والتي تشترط أقل مدة الحمل أو أقصاها عند االتص‪OO‬ال بش‪OO‬بهة وال‪OO‬ذي يب‪OO‬دأ من الت‪OO‬اريخ ال‪OO‬ذي‬
‫انعقدت فيه الخطبة بالنسبة ألقل مدة الحمل أو من تاريخ العدول عن الخطبة أو فسخها أو الوفاة بالنسبة‬
‫ألقصى مدة الحمل‪ ،‬وهو ما يمكن إثباته‬
‫بكل وسائل اإلثبات المعتمدة في مجال إثبات النسب‪.‬‬

‫الحكم إذا نازع الخطيب أن الولد ليس منه‪ ،‬فهل يمكن إثبات نسبه‬ ‫كذلك ما‬
‫بوسيلة أخرى ؟‬

‫من مدونة األسرة إلى الجواب عن‬ ‫تشير الفقرة األخيرة من المادة ‪156‬‬
‫هذا السؤال " إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه‪ ،‬أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل‬
‫الشرعية في إثبات النسب" والمقصود بها طبعاً الخبرة الطبية للتحقق من‬
‫النسب‪ ،‬ففي حكم لقسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بفاس جاء فيه‪ " :‬وحيث‬
‫المقتضى‬
‫على أنه إذا أنكر الخاطب‪ ...‬وحيث إنه إعماال لهذا‬ ‫نصت المادة ‪156‬‬

‫( )‪1‬قرار اجمللس األعلى بتاريخ ‪ 09/03/18‬يف امللف رقم ‪ 07/1/2/213‬حتت عدد ‪ ،108‬منشور بكتاب أهم قرارات‬
‫‪45‬‬
‫اجمللس ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪88.‬‬

‫‪46‬‬
‫فقد أمرت المحكمة تمهيديا بإجراء خبرة على الحامض النووي لكل من المدعى‬
‫عليه والطفلة‪ ...‬لمعرفة ما إذا كانت هذه األخيرة قد تنصلت من صلبه‪...‬‬

‫وحيث إنه بناء على العلل مجتمعة‪ ،‬اقتنعت المحكمة جازمة بأن الشروط‬
‫من المدونة قام الدليل على توافرها في‬
‫المنصوص عليها بمقتضى المادة ‪156‬‬
‫الطفلة‪ ...‬من‬
‫على تنسل‬ ‫نازلة الحال‪ .‬كما أن تقرير الخبرة جاء شاهدا بلسان حاله‬
‫على أنه إذا تأكدت المحكمة من عدم توفر‬
‫والدها المدعى عليه " (‪.)1‬‬ ‫صلب‬
‫من مدونة األسرة فإنها ال تلجأ إلى إجراء الخبرة‪ .‬ففي قرار‬
‫شروط المادة ‪156‬‬
‫للمجلس األعلى جاء فيه " المحكمة مصدرة القرار المطعون لما رفضت طلب‬
‫من مدونة‬
‫إلحاق النسب بالمطلوب بعلة أنه ال مجال لتطبيق مقتضيات المادة ‪156‬‬
‫األسرة بما في ذلك إجراء خبرة لما تبث لها عدم حصول الخطبة بين الطرفين وأن العالقة المزعومة الناتج‬
‫عنها الحمل موضوع النزاع مجرد عالقة فساد‪ ...‬يكون‬
‫قد أسست قضاءها على أساس قانوني صحيح" ‪(2).‬‬

‫مجموعة من األحكام الصادرة عن‬ ‫تصفح‬ ‫وجدير بالذكر فإنه من خالل‬


‫قسم قضاء األسرة التابع للمحكمة االبتدائية بمكناس بخصوص إثبات النسب وفق‬
‫من مدونة األسرة فهو ال يكلف نفسه عناء البحث في وجود ظروف‬
‫المادة ‪156‬‬
‫استثنائية حالت دون توثيق عقد الزواج كالحصول على إذن قاضي األسرة المكلف‬
‫إذن السلطة الرئاسية إذا‬
‫بالزواج إذا كان أحد طرفيه قاصراً أو اإلذن بالتعدد‪ ،‬أو‬
‫تعلق األمر بزواج العسكريين أو وجود ظروف مادية أو عائلية‪ .‬وهي مسائل‬
‫موضوعية تخضع للسلطة التقديرية للمحكمة والتي يجب عليها أن تتعامل بنوع من‬
‫والتي تؤكد على أن النسب يثبت بالظن وال ينتفي‬
‫المرونة تماشياً مع المادة ‪151‬‬
‫إال بحكم قضائي‪ .‬وفي هذا اإلطار نجد أن المحكمة االبتدائية بفاس في حكمها‬

‫( )‪ 1‬حكم صادر عن قسم األسرة ابحملكمة االبتدائية بفاس عدد ‪ 4650‬والصادر بتاريخ ‪ 2007/10/15‬يف امللف‬
‫‪47‬‬
‫الشرعي عدد ‪ ،05/1/3181‬غري منشور (‬
‫)‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 264‬والصادر بتاريخ ‪ 2006/04/20‬يف امللف رقم ‪ ، 2005/1/2/607‬منشور بكتاب‬
‫أهم قرارات اجمللس األعلى‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪86.‬‬

‫‪48‬‬
‫اعتبرت أن الظروف المادية والعائلية لم تسمح بتوثيق عقد‬ ‫بتاريخ ‪2006/04/31‬‬
‫الزواج نظراً لمرض الجد والوالدين بمثابة ظرف قاهر حال دون توثيق عقد‬
‫الزواج" ‪(1).‬‬

‫وجدير بالذكر أن الخاطب ال يجوز له مالعنة المخطوبة فيما إذا شكك في‬
‫سلوكها أثناء الخطبة ألن النسب ال يثبت له إال بحكم قضائي وذلك عكس الفراش‬
‫الناتج عن الخطبة ال يمكن تسجيله في سجالت‬
‫في الزواج الصحيح‪ .‬كما أن الحمل‬
‫الحالة المدنية لتوقف ذلك على استصدار حكم قضائي يثبت توفر شروط المادة‬
‫‪ 156‬من مدونة األسرة أوال لترتيب اآلثار القانونية عليه ثانيا‪.‬‬

‫بالفراش أود التأكيد على أنه‬ ‫بإثبات النسب‬ ‫وقبل ختم هذا المبحث المتعلق‬
‫عند توفر شروط الفراش فال يستجاب لطلب الزوج المبني على أن الول‪OO‬د ليس من‪OO‬ه‪ ،‬وأن‪OO‬ه ن‪OO‬اتج عن عالق‪OO‬ة‬
‫الخيانة الزوجيةـ أو أنه عقيم‪ .‬ففي ق‪OO‬رار للمجلس األعلى "إذا ثبت النس‪OO‬ب ب‪OO‬الفراش ف‪OO‬ال يس‪OO‬تجاب إلج‪OO‬راء‬
‫طبي لنفيه" ‪ (2).‬كما جاء في قرار أخر " لكن حيث إنه لما كان الفراش الصحيح حجة قاطعة على ثبوت‬
‫البنت‪ ..‬فإن صدور‬
‫النقض بالخيانة الزوجية وإقرارها بذلك أمام الضابطة‬ ‫المطلوبة في‬ ‫حكم بإدانة‬
‫القضائية‪ ،‬ال تأثير على ثبوت النسب" )‪. (3‬‬

‫إثبات النسب باإلقرار والبينة الشرعية‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬


‫هكذا بعدما سأتحدث عن إثبات النسب باإلقرار (المطلب األول) سأنتقل‬
‫للحديث عن إثبات النسب بالبينة الشرعية (المطلب الثاني‪).‬‬

‫إثبات النسب باإلقرار‬ ‫المطلب األول‪:‬‬

‫( )‪ 1‬حكم رقم ‪ 3382‬صادر عن قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية بقاس‪ ،‬يف امللف رقم ‪ 06/18/3671‬أشارت إليه‬
‫امللحقة القضائية عزيزة محيدي يف حبث هناية التمرين‪ ،‬الفوج ‪ ،34‬ص ‪37.‬‬
‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ ،304‬صادر بتاريخ ‪ 2003/6/12‬يف امللف عدد ‪ ،2001/2/2/374‬أورده ذ‪ .‬إبراهيم‬
‫حبماين يف مؤلفه م‪.‬س‪ ،‬ص ‪329. :‬‬
‫( )‪ 3‬قرار اجمللس األعلى الصادر بتاريخ ‪ 2006/01/4‬يف امللف عدد ‪ 2004/1/2/547‬منشور بكتاب املنتقى م‪.‬س‪،‬‬
‫‪49‬‬
‫ص ‪.234‬‬

‫‪50‬‬
‫يعتبر اإلقرار أو االستلحاق وسيلة من وسائل إثبات النسب وقد تعرضت‬
‫منها كسبب من أسباب لحوق النسب‪ .‬وكذلك في‬
‫له مدونة األسرة‪ ،‬في المادة ‪152‬‬
‫المادة ‪ 158‬كوسيلة من وسائل إثبات النسب‪.‬‬

‫للحق واالعتراف به)‪ (1‬واصطالحاً خبر‬ ‫واإلقرار في اللغة هو اإلذعان‬


‫بوجود‬
‫يجب على قائله فقط بلفظه أو بلفظ نائبه‪ .‬واإلقرار بالنسب إخبار شخص‬
‫القرابة بينه وبين شخص آخر‪.(2).‬‬

‫البد من توفر شروط معينة (أوال)‬ ‫أثاره القانونية‬ ‫هذا ولكي يرتب اإلقرار‬
‫بعد أن يتم إثباته (ثانيا‪).‬‬

‫أوال‪ :‬شروط اإلقرار‬

‫" يثبت النسب بإقرار األب‬ ‫من مدونة األسرة ما يلي‪:‬‬ ‫جاء في المادة ‪160‬‬
‫ببنوة المقر به ولو في مرض الموت‪ ،‬وفق الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ 1 -‬أن يكون األب المقر عاقال‪.‬‬

‫‪ 2 -‬أال يكون الولد المقر به معلوم النسب‪.‬‬

‫‪ 3-‬أن ال يكذب المستلحق عقل أو عادة‪ 4 - .‬أن‬


‫ً‬
‫راشدا حين االستلحاق‪ ،‬وإذا استلحق قبل‬ ‫يوافق المستلحق إذا كان‬
‫يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سن‬ ‫سن الرشد‪ ،‬فله الحق في أن‬ ‫أن يبلغ‬
‫الرشد‪.‬‬

‫إذا عين المستلحق األم‪ ،‬أمكنها االعتراض بنفي الولد عنها‪ ،‬أو اإلدالء بما‬
‫يثبت عدم صحة االستلحاق‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪2‬‬
‫( )‪ 1‬ابن منظور ‪ " :‬لسان العرب"‪،‬ج ‪ 5‬م‪.‬س – ص‪) ( 88.‬‬
‫ص‪. 683.1973‬‬
‫حممد مصطفى شليب أحكام األسرة يف اإلسالم ط‪ 2 /،‬سنة‬

‫‪52‬‬
‫لكل من له مصلحة أن يطعن في توفر شروط االستلحاق المذكورة ما دام‬
‫المستلحق حيا‪".‬‬

‫بمكناس في كثير من قراراتها إلى اعتبار‬ ‫االستئناف‬ ‫لقد ذهبت محكمة‬


‫اإلقرار وسيلة من وسائل إثبات النسب متى توفرت شروطه‪ ،‬حيث جاء في إحدى‬
‫األب ببنوة المقر به‬
‫بين أسباب لحوق النسب إقرار‬ ‫قراراتها " وحيث إن من‬
‫من مدونة األسرة وبذلك فإن ما قضى به الحكم‬ ‫ً‬
‫استنادا للمادة ‪ 152‬و‪160‬‬
‫المستأنف في محله مما يتعين معه التأييد‪(1).‬‬

‫بالمحكمة االبتدائية بمكناس‬ ‫وجاء في حكم صادر عن قسم قضاء األسرة‬


‫ما يلي "وحيث لكي يرتب اإلقرار بالنس‪OO‬ب أث‪OO‬اره القانوني‪OO‬ة الب‪OO‬د من ت‪OO‬وفر ش‪OO‬روطه‪ ...‬وحيث يت‪OO‬بين من خال‪OO‬ل‬
‫وثائق الملف أن الم‪OO‬دعي يتمت‪OO‬ع بكام‪OO‬ل ق‪OO‬واه العقلي‪OO‬ة وب‪OO‬الغ س‪OO‬ن الرشد وأن الول‪O‬د المق‪O‬ر ب‪OO‬ه غ‪OO‬ير معل‪O‬وم‬
‫النسب‪ ،‬مما يكون الطلب مبرراً ويتعين‬
‫االستجابة له‪(2).‬‬

‫فمتى توفرت شروط اإلقرار فإن االبن يلحق بأبيه‪ ،‬ولو ازداد الولد ألقل‬
‫من أدنى أمد الحمل وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس األعلى " اإلقرار ولو‬
‫ً‬
‫استنادا إلى ما في مدونة اإلمام مالك ج ‪3‬ص‬ ‫أمد الحمل‬ ‫لولد ازداد ألقل من أدنى‬
‫من ستة أشهر‪،‬‬
‫من أن الزوج إذا اقر بنسب الولد إليه‪ ،‬ولو جاءت به ألقل‬ ‫‪146‬‬
‫فإنه يلحق به على اعتبار أن الرضا بالزواج كان متوفراً قبل كتابة العقد)‪ ،"(3‬وهو نفس ما سار عليه قسم‬
‫قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكناس ‪ ،‬إذ جاء في حكم‬
‫بالزواج‬ ‫له " وحيث تبث للمحكمة من خالل تصريحات الطرفين معاً أن الرضا‬
‫ً‬
‫متوافرا قبل كتابة العقد‪ ،‬ومن المنصوص عليه فقها كما جاء في المدونة‬ ‫كان‬

‫( )‪ 1‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 3509‬والصادر بتاريخ ‪ 2007/11/20‬يف امللف الشرعي عدد‬
‫‪ ، 8/07/2269‬غري منشور‪.‬‬
‫( )‪2‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 3738‬والصادر بتاريخ ‪ 2010/10/26‬يف امللف عدد‬
‫‪53‬‬
‫‪5/1573‬ج‪ ، /10‬غري منشور‪( .‬‬
‫)‪ 3‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 553‬الصادر بتاريخ ‪ 2006/9/27‬أشار إليه د‪ .‬عمر ملني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪8‬‬

‫‪54‬‬
‫أن الزوج إذا أقر بنسب الولد إليه ولو جاءت‬ ‫‪146 ،3‬‬ ‫الكبرى إللمام مالك ج‬
‫ص‬
‫به ألقل من ‪ 6‬أشهر فإنه يلحق به‪...‬‬

‫وحيث بناء على ما تقدم فإن طلب المدعين مؤسس مما يتعين والحالة هذه‬
‫االستجابة له " ‪ (1).‬هذا‬

‫ويعتبر االستلحاق بشروطه ً‬


‫سببا لثبوت النسب بدون تكليف األب‬
‫المقر بالبينة شرط أال يصرح أن الولد المستلحق به من زنى‪ ،‬وفي هذا اإلطار جاء‬
‫من‬
‫في قرار صادر عن محكمة االستئناف بمكناس " وأن الفصل و ‪152‬‬
‫‪160‬‬
‫مدونة األسرة حين أكدا ثبوت النسب باإلقرار‪ ،‬فإن ذلك معلوم بالضرورة أن يكون اإلقرار ال تشوبه أي‬
‫شائبة تذهب إلى وجود فساد‪ ...‬والفقه ال يلحق النسب في‬
‫الزنا " ‪ (2).‬فاألب يمكنه استلحاق المزداد خارج نطاق الزواج شرط أن ال يصرح‬
‫أنه من عالقة غير شرعية‪ ،‬ألن مقطوع النسب ال يجوز استلحاقه‪ .‬كما أنه إذا أدين‬
‫لكون هذا الحكم حجة على‬
‫نهائي في جريمة الفساد فال يعمل بإقراره‬ ‫المتهم بحكم‬
‫أن العالقة بين الطرفين غير شرعية‪ .‬أما إذا لم يدل بحكم نهائي في جريمة الفساد‪،‬‬
‫فيعتبر إقراره في هذه الحالة أقوى من إثبات النسب بالظن‪(3).‬‬

‫– بنسب البنتين في عقد‬ ‫يقبل رجوع المقر‬ ‫وجدير بالذكر أن القضاء ال‬
‫بحيث من أقر بالنسب ال يمكنه فيما بعد أن ينفيه باالعتماد‬
‫الخلع‪ -‬في إقراره (‪.)4‬‬
‫أو أنه عقيم وذلك تماشيا‬
‫على أن الوضع كان ألقل من مدة الحمل المعتبرة شرعاً‪،‬‬
‫ً‬
‫راشدا تكون ضرورية حيث‬ ‫مع مقاصد الشرع المتشوف للحوق النسب‪ ،‬كما أن موافقة المستلحق إذا كان‬
‫جاء في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بصفرو" وحيث‬

‫( )‪ 1‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس بتاريخ ‪ 2006/8/22‬يف امللف عدد ‪ 06/5/2808‬ج‪ ،‬كتاب‬
‫املنتقى م‪.‬س‪ ،‬ص ‪282.‬‬
‫)‪ (.2‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 3490‬والصادر بتاريخ ‪ 2008/11/4‬يف امللف الشرعي عدد ‪8/08/183.‬‬
‫غري منشور‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫( )‪ 3‬عمر ملني ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪9‬‬

‫( )‪ 4‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 4‬الصادر يف ‪ ،2006/1/4‬أشار إليه عمر ملني‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪8.‬‬

‫‪56‬‬
‫إن إقرار األب ببنوة البنت المطلوب إلحاق نسبها إليه تجب أن تتوفر فيه الشروط‬
‫ً‬
‫قانونا‪....‬‬ ‫المتطلبة‬

‫وحيث أنه للتأكد من قيام تلك الشروط كان من الواجب االستماع إلى‬
‫المطلوب إلحاق نسبها ألنها راشدة‪ .‬وكذا أمها ما دامت معلومة‪.‬‬

‫وحيث أشعر الطالب باإلدالء بعنوان والدة البنت المطلوب استلحاقها وكذا‬
‫إحضار البنت وأمهل ولم يفعل‪.‬‬

‫فهو غير‬ ‫يكون الطلب غير متوفر للشروط المتطلبة قانونا‬ ‫وحيث بذلك‬
‫مقبول‪"(1).‬‬

‫يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه‬ ‫ً‬


‫قاصرا فله أن‬ ‫أما إذا كان المستلحق‬
‫سن الرشد القانوني وإذا عين المستلحق األم أمكنها االعتراض بنفي الولد عنها أو اإلدالء بما يثبت عدم‬
‫صحة االستلحاق‪ ،‬وقد درجت المحكمة االبتدائية بمكناس قسم‬
‫استدعاء األم إذا عينها‬ ‫إللقرار‬ ‫قضاء األسرة قبل البث في موضوع النسب‬
‫المستلحق لتجيب عن ادعاءاته إثباتا أو ً‬
‫نفيا‪ ،‬بحيث جاء في أحد أحكامها " وحيث حضر المدعيان‬
‫‪...‬وصرحا بأنهما يتعاشران معاشرة األزواج‪ ...‬وأقرا على أن‬
‫االبتدائية بميسور "وحيث أقر‬ ‫الطفلين من صلبهما‪ "(2).‬كما جاء في حكم للمحكمة‬
‫الزوج المدعي األول أن االبن‪ ...‬هو من صلبه ازداد له من زوجته المدعية الثانية‪،‬‬
‫وهو ما أكدته هاته األخيرة كذلك‪"(3).‬‬

‫ثانيا‪ :‬إثبات اإلقرار بالنسب‬

‫( )‪ 1‬حكم احملكمة االبتدائية بصفرو – قسم قضاء األسرة رقم ‪ 297‬صادر بتاريخ ‪ 5/14/‬يف امللف رقم ‪،07/493‬‬
‫أشارت إليه امللحقة القضائية عزيزة محيدي‪ ،‬الفوج ‪ 34‬يف حبث هناية التمرين ص ‪ 2) ( 21 :‬حكم قسم‬
‫قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس بتاريخ ‪ 06/8/22‬يف امللف عدد ‪06/5/2808‬ج‪ ،‬املنتقى‬
‫م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫‪ 3) ( 281‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبيسور رقم ‪ 420‬صادر بتاريخ ‪ 2011/05/2‬يف امللف عدد‬
‫‪ ،2011/318‬غري منشور‬
‫‪57‬‬
‫من مدونة األسرة"يثبت اإلقرار بإشهاد رسمي أو‬ ‫جاء في المادة ‪162‬‬
‫بخط يد المقر الذي ال يشك فيه"‬

‫وقد كرست محكمة االستئناف بمكناس مقتضيات هذا الفصل بحيث جاء‬
‫المضمن تحت عدد أن‬
‫"وحيث أقر المستأنف في رسم البنوة‬ ‫في إحدى قراراتها‬
‫هو ابنه من صلبه ودمه وله على فراشه من زوجته‪ ...‬كما تبنى وأيد‬ ‫االبن‬
‫كما جاء في حكم صادر عن قسم‬
‫رسم الزوجية التي أقامتها زوجته الذكورة (‪.)1‬‬
‫قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكناس"حيث التمس المدعيان الحكم باإلشهاد‬
‫على لحوق نسب البنت بوالدها‪.‬‬

‫وحيث إثباتا لدعواهما أدلى المدعيان بشهادة الوالدة‪ ...‬كما أدلى المدعيان‬
‫‪.‬سجل‬ ‫صحيفة‬
‫ضمن بعدد‪.....‬‬ ‫بصورة مطابقة أللصل من إقرار ببنوة‬
‫المختلفة بتاريخ ‪ ......‬توثيق مكناس‪ ...‬تبين من خاهلل أنه حضر لدى شهيديه‪...‬‬
‫المرأة‪ ...‬إقراراً‬
‫المزدادة بتاريخ ‪.....‬بمكناس من صلبه‪...‬من‬ ‫البنت‬ ‫وأشهد أن‬
‫ً‬
‫ودفعا للباطل‪"(2).‬‬ ‫منه بالحق‬

‫فمن خالل حيثيات العمل القضائي أعاله يتضح أن اإلقرار الشفوي‬


‫بالنسب ال يكفي بل البد من توثيقه إما في شكل إشهاد رسمي لدى الموظف المختص أو إشهاد‬
‫عرفي بخط يده ويوقع عليه‪ ،‬والقصد من ذلك الوقوف على‬
‫اإلرادة الحقيقية للمقر‪ .‬وأنه كان في كامل قواه العقلية وبإرادة حرة‪.‬‬

‫هذا وقد توسع المجلس األعلى في مجال وسائل إثبات اإلقرار‪ ،‬حيث أخذ‬
‫حيث صح ما عابته‬
‫الطرفين‪ ،‬بحيث جاء في قرار له "‬ ‫بالرسائل المتبادلة بين‬
‫من مدونة األسرة‪ ،‬فإن النسب‬
‫الطاعنة على القرار ذلك أنه بمقتضى المادة ‪151‬‬
‫بين‬
‫الرسائل المتبادلة‬ ‫يثبت بالظن وال ينتفي إال بحكم قضائي‪ .‬والتا بث من‬

‫( )‪ 1‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 3509‬صدر بتاريخ ‪ 2007/11/20‬يف امللف الشرعي عدد ‪،8/07/2269‬‬
‫‪58‬‬
‫غري منشور‬
‫( )‪ 2‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 11/442‬صادر بتاريخ ‪ 2011/2/8‬يف امللف رقم‬
‫ج‪2008/5/2680‬‬

‫‪59‬‬
‫الطرفين أنهما تراضيا على الزواج قبل كتابة العقد‪...‬وأن المطلوب أقر بثبوت نسب البنت‪ ...‬إليه كما جاء‬
‫ذلك بمحضر استجواب عدد يقر فيه بنسب البنت إليه ومن الش‪OO‬هادة الطبي‪OO‬ة المؤرخ‪OO‬ة في‪ ...‬ال‪OO‬تي يق‪OO‬ر فيه‪OO‬ا‬
‫أيضا بتاريخ‪ ...‬بأن حمل الطاعنة‬
‫منه ومن الرسالة الرابعة التي بعثها إليها والتي أورد فيها بأنه في أمس الحاجة إلى‬
‫ابنته‪ ...‬والمحكمة لما قضت برفض نفقة البنت لكونها ازدادت بعد ثالثة أشهر من‬
‫تاريخ النكاح‪ ...‬تكون قد خرقت القانون‪(1).‬‬

‫القرار فالمجلس األعلى كان يهدف إلى حماية‬ ‫حيثيات هذا‬ ‫فمن خالل‬
‫الطفل وتحقيق تشوف الشرع لثبوت النسب وذلك باعتبار الرسائل المتبادلة دليل‬
‫إثبات على وجود اإلقرار بالنسب وبالتالي عدم االعتداد بمدة ثالثة أشهر من تاريخ‬
‫العقد على اعتبار أن الرضا بالزواج كان موجوداً قبل كتابة العقد‪.‬‬

‫واإلشكال الذي يطرح هل يعتبر اإلقرار المضمن في محررات قضائية أو‬


‫إدارية حجة أمام محكمة الموضوع التي تنظر في دعوى نفي النسب ؟‬

‫الجواب نعم حسب العمل القضائي‪ ،‬إذ جاء في قرار للمجس األعلى "‬
‫والبين من وثائق الملف أن المطلوب أقر أمام السيد وكيل الملك‪ ....‬بأبوته للنبت‪...‬‬
‫(‪،)2‬‬
‫اإلقرار تكون قد أساءت تطبيق القانون"‬ ‫ومحكمة القرار التي استبعدت‬
‫والهدف دائما تشوف الشرع إلى ثبوت النسب واالكتفاء في ثبوته بالظن‪.‬‬

‫وجدير بالذكر من أن التسجيل بسجالت الحالة المدنية مم طرف األب ال‬


‫يعد إقرارا يثبت به النسب‪ ،‬بحيث جاء في قرار للمجلس األعلى "لكن حيث انه من المقرر فقها وقضاء أن‬
‫النسب ال يثبت إال بالوسائل المقررة في الفصل ‪ 89‬المحتج‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 553‬بتاريخ ‪ ،2006/9/27‬منشور بكتاب املنتقى‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪223.‬‬
‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى بتاريخ ‪ 2005/6/8‬يف امللف عدد ‪ ،2003/1/2/713‬املنتقى‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪233.‬‬
‫‪60‬‬
‫به وليس من ضمنها شهادة الميالد وأن تسجيل مولود بسجل الحالة المدنية ال يعتبر‬
‫إقرارا بالبنوة ممن قام به" ‪(1).‬‬

‫فالمجلس األعلى في هذا القرار اعتبر التسجيل في الحالة المدنية ال يثبت‬


‫النسب وال ينفيه كذلك باعتبار أن سجالت الحالة المدنية موجود بإدارة عمومية وبإمكان كل من له‬
‫مصلحة أن يطلع عليها متى شاء وفي أي وقت شاء‪ .‬وإن كانت‬
‫وثيقة الحالة المدنية إثبات المبنية على أمر قضائي حائز لحجية األمر المقضي به تفيد في الولد‪ .‬مع التنبيه إلى‬
‫أن اإلقرار بالبنوة ال يمكن االعتماد عليه‬ ‫تاريخ ازدياد‬
‫اإلدالء بعقد‬ ‫موقوف على‬ ‫للتسجيل بالحالة المدنية باعتبار أن طلب التسجيل فيها‬
‫الزواج أو ما يقوم مقامه كالحكم بثبوت الزوجية‪.‬‬

‫بالبينة الشرعية‬ ‫إثبات النسب‬ ‫المطلب الثاني‪:‬‬


‫كما يثبت النسب بالفراش أو اإلقرار ‪ ،‬فإنه قد يثبت بشهادة عدلين أو بينية‬
‫يثبت النسب‪...‬‬
‫السماع‪ .‬وفي هذا نصت مدونة األسرة في المادة ‪ 158‬على أنه‪:‬‬
‫بشهادة عدلين أو بينة السماع"‪ ...‬وهكذا بعدما سأقف على ماهية كل واحدة منهما‬
‫(أول) سأنتقل للحديث عن موقف القضاء منهما‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬ماهية شهادة عدلين وبينة السماع‬

‫فالشهادة في حقيقتها إخبار اإلنسان بحق لغيره على غيره‪ ،‬وقد اعتبرها‬
‫المشرع المغربي في مدونة األسرة حجة كافية إلثبات النسب‪ ،‬إال أنه لم ينظمها بمقتضات خاصة ‪،‬‬
‫ومن هنا فالمعول عليه هو أحكام الفقه المالكي والذي تحيل‬
‫عليه المادة ‪ 400‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫والقاعدة العامة أن شهادة الشهود التي يثبت بها النسب في الفقه اإلسالمي‬
‫ً‬
‫عموما والفقه المالكي على وجه الخصوص هي شهادة رجلين أو شهادة رجل‬

‫يف امللف املدين عدد‪ ،2000/1/2/352‬منشور‬ ‫‪ 74‬صادر بغرفتني يف ‪ 18‬فرباير ‪2004‬‬ ‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى‬
‫بكتاب البنوة والنسب ‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 228‬وما يليها‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وامرأتين‪ ،‬على أنه متى تعلق األمر بإثبات الوالدة فيمكن مبدئيا أن يقع اإلثبات عن‬
‫طريق شهادة امرأتين فقط على أساس أن الوالدة من األمور التي ال يطلع عليها إال‬
‫النساء عادة دون الرجال ‪(1).‬‬

‫والفقه المالكي يميز في الشهادة بين الشهادة األصلية والتي يكون‬


‫موضوعها من إمالء المشهود عليه‪ ،‬وبين الشهادة االسترعائية وهي شهادة الشاهد‬
‫بما في علمه‪.‬‬

‫أما بينة السماع فهي نقل خبر مشاع بين الناس)‪ ،(2‬وهي اللفيف التي يشهد‬
‫شافيا بين الناس بالواقعة موضوع الشهادة أي‬ ‫ً‬
‫سماعا َ‬ ‫ً‬
‫شاهدا بأنهم سمعوا‬ ‫فيها ‪12‬‬
‫أنهم ال يشهدون بعلمهم المباشر بالواقعة كما أنهم ال يرونها أو ينقلونها عن شخص أو أشخاص معينين‪ ،‬وإنما‬
‫يعتمدون فيما يشهدون به على السماع الفاشي والمنتشر‬
‫بين الناس‪ (3).‬فبينة السماع كافية إلثبات النسب حسب الفقه المالكي بشروط وهي‪:‬‬
‫االستفاضة والسالمة من الريبة‪ .‬وأداء اليمين تزكية لها‪ ،‬وطول المدة)‪. (4‬‬

‫ثانيا ‪ :‬موقف القضاء من شهادة عدلين وبينة السماع‬

‫لقد ذهب القضاء إلى اعتبار شهادة عدلين وبينة السماع وسيلتان إلثبات‬
‫النسب من أجل تحقيق الغاية السامية للشارع وهي حماية األنساب‪ ،‬ففي قرار‬
‫للمجلس األعلى جاء فيه "يثبت النسب بالفراش أو بإقرار األب أو بشهادة عدلين أو‬
‫في قرار أخر له " وإذ هي‬
‫ابنه ولد على فراشه" ‪ (5).‬وجاء‬ ‫بينة السماع بأنه‬

‫( )‪ 1‬حممد الكشبور ‪ " :‬البنوة والنسب"‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪130.‬‬


‫( )‪ 2‬مرزق أيت احالج ‪ " :‬الوجيز يف التوثيق العديل ط‪ ،2005 /1.‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬ص ‪219.‬‬
‫( )‪ 3‬امحد اخلمليشي ‪ " :‬التعليق على قانون األحوال الشخصية ج‪ ،2‬ط‪ ،1994 /1.‬املعارف اجلديدة‪ ،‬الرابط‪61. :‬‬
‫( )‪ 4‬حممد الكشبور ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪133.‬‬

‫‪62‬‬
‫( )‪ 5‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 12‬بتاريخ ‪ 58/10/29‬منشور مبجلة قضاء اجمللس ا؟ألعلى عدد ‪ ،10‬ص ‪49‬‬

‫‪63‬‬
‫التي تعتبر بينة‬ ‫ثبوت نسب المطلوب للهالك على اإلراثة عدد‪8‬‬ ‫استندت في‬
‫شرعية‪ ...‬فقد بنت قضاءها على أساس‪"(1).‬‬

‫" والبين من وثائق الملف وخصوصاً الموجب‬ ‫و جاء في قرار آخر له‪:‬‬
‫عدد‪ ...‬والذي يشهد شهوده بأن الطالب والمطلوبة ك‪O‬ان يتعاش‪O‬ران معاش‪O‬رة األ‪O‬زواج إلى أن ازداد‬
‫ابنهما‪ ...‬وأن سندهم في ذلك المخالطة والمجاورة وبعضهم الس‪O‬ماع الفاش‪OO‬ي المس‪OO‬تفيض‪ ،‬والك‪OO‬ل‬
‫بشدة االطالع على األحوال ولما قامت بإلحاق االبن المذكور بنسب الطالب استنادا إلى م‪OO‬ا ذك‪OO‬ر‪.. .‬‬
‫فإن قرارها جاء مبنياً على‬
‫أساس‪(2).‬‬

‫وقد سارت محكمة االستئناف بمكناس في نفس توجه المجلس األعلى‬


‫بحيث جاء في إحدى قراراتها " وحيث إن بينة ثبوت النسب أنجزت بتاريخ‬
‫‪ ،2004/3/30‬وأن المحكمة استنتجت من خالل االستماع لشهودها أن العالقة‬
‫اإلشهاد‪ .‬مما‬
‫سنوات من تاريخ‬ ‫الزوجية بين طرفي النزاع ابتدأت منذ ما يفوق ‪6‬‬
‫يجعل البنت ‪ ...‬والتي ازدادت بتاريخ ‪ ،1999/8/15‬ازدادت على فراش الزوجية‬
‫وفي إطار شرعي ونسبها الحق بالمستأنفة والمستأنف عليه‪"(3).‬‬

‫وهكذا يتضح من خالل الحيثيات أعاله أن النسب يثبت بشهادة عدلين أو‬
‫ما يقوم مقامها من بينة السماع شريطة‪ ،‬أن تكون صالحة وذلك باكتمال نصابها‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى " ولما قضت‬
‫النسب عدد ‪135‬‬ ‫ً‬ ‫(أي المحكمة) بنفي نسبه ً‬
‫ضمنيا بينة‬ ‫تبعا لذلك تكون قد استبعدت‬
‫التي لم تعد حجة صالحة في إثباته بعد رجوع سبعة من شهودها عن شهادتهم وبقي‬

‫منشور بكتاب أهم قرارات‬ ‫بتاريخ ‪ 2008/10/29‬يف امللف عدد‪06/1/2/589‬‬ ‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪498‬‬
‫اجمللس األعلى‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪98.‬‬
‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 6‬صادر بتاريخ ‪ 08/1/2‬يف امللف ‪ 2006/1/2/591‬منشور أبهم قرارات اجمللس األعلى‬
‫م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫‪ 3) ( 96‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 3590‬والصادر بتاريخ ‪ 2007/11/27‬يف امللف عدد ‪ ،8/07/754‬غري‬
‫‪64‬‬
‫منشور‬

‫‪65‬‬
‫منهم خمسة شهود‪ .‬وهو نصاب ال يستقل الحكم به في دعوى النسب التي ال تثبت‬
‫وباعتبار‬
‫إال بشهادة عدلين أو ما يقوم مقامها كما جرى به العمل فقها وقضاء‬
‫رجوع من تراجع عن رجوعه غير معتبر لما هو مقرر فقها من أن الرجوع في‬
‫الرجوع غير مقبول و يؤدي إلى إبطال الشهادة‪"(1).‬‬

‫غير أنه في بعض األحيان قد تتعارض شهادة العدول مع شهادة اللفيف‪،‬‬


‫ففي هذه الحالة فاألسبقية لشهادة العدول ألنها شهادة قطع ال شهادة نقل‪ ،‬فقد جاء في‬
‫قرار للمجلس األعلى "إن ما شهد به العدول مقدم على ما شهد به اللفيف‪(2).‬‬

‫وجدير بالذكر في آخر هذا المحور إلى أن الخبرة القضائية تعتبر وسيلة‬
‫إلى‬
‫إال أنني سأرجئ الحديث عنها‬ ‫من وسائل إثبات النسب حسب مدونة األسرة‬
‫المحور الموالي المتعلق بنفي النسب مخافة التكرار‪.‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى صادر بتاريخ ‪ 2006/6/28‬يف امللف عدد ‪ 2003/1/2/687‬منشور بكتاب املنتقى‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬
‫ص ‪232‬‬
‫أشار إليه حممد الكشبور‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‬ ‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 354‬بتاريخ ‪ 1983/6/23‬م‪.‬ج‪.‬ع ‪88871‬‬
‫‪66‬‬
137

67
‫وسائل نفي النسب‬ ‫المحور الثاني‪:‬‬
‫مدونة األسرة إلى أن هناك وسيلتين شرعيتين‬ ‫المالكي وكذا‬ ‫لقد ذهب الفقه‬
‫اختالل شرط من شروط الفراش‪ ،‬واللعان‪ ،‬وقد أضافت هذه‬
‫لنفي النسب وهما‬
‫‪:‬‬
‫منها " يثبت الفراش بما‬
‫نصت عليها في المادة ‪153‬‬ ‫األخيرة وسيلة علمية حديثة‬
‫تثبت به الزوجية‪.‬‬

‫يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب ال يمكن الطعن فيه‬
‫إال من الزوج عن طريق اللعان‪ ،‬أو بواسطة خبرة تفيد القطع بشرطين‪:‬‬

‫‪ -‬إدالء الزوج المعني بدالئل قوية على إدعائه‪ - .‬صدور‬

‫أمر قضائي بهده الخبرة‬

‫‪ -‬وهكذا بعدما سأتناول نفي النسب عن طريق إثبات اختالل أحد شروط‬
‫للحديث عن نفي النسب بواسطة الخبرة‬
‫األول) سأنتقل‬ ‫الفراش أو باللعان (المبحث‬
‫الطبية (المبحث الثاني‪).‬‬

‫اختالل أحد شروط‬ ‫المبحث األول‪:‬نفي النسب عن طريق إثبات‬


‫الفراش أو باللعان‬
‫بعدما سأتعرض لنفي النسب عن طريق إثبات اختالل أحد شروط الفراش‬
‫(المطلب األول) سأعرج على نفي النسب باللعان (المطلب الثاني‪).‬‬

‫نفي النسب عن طريق إثبات اختالل احد شروط‬ ‫المطلب األول‪:‬‬


‫الفراش‬
‫إذا كان الفراش يعتبر قرينة قاطعة ال تقبل إثبات عكسها في ميدان إثبات النسبـ فإن إعمالها رهين بتوفر‬
‫شروطها مجتمعة كما يستفاد صراحة من مقتضيات‬
‫المادة ‪ 154‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫وهكذا فإن قرينة الفراش تختل في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫أوال ‪ :‬عدم وجود عقد زواج صحيح‬

‫وجودا وعدماً حتى صار عقد‬


‫ً‬ ‫الزواج هو مناط الفراش يدور معه‬ ‫إن عقد‬
‫ً‬
‫مرادفا للفراش‪ .‬ومن هن‪OO‬ا يمكن للش‪OO‬خص أن ينفي النس‪OO‬ب عنه كلم‪OO‬ا اس‪OO‬تطاع‬ ‫الزواج لدى جانب من الفقه‬
‫إثبات عدم وجود الرابطة الزوجية أثناء الحمل أو الوالدة‪ .‬وه‪O‬ذا اإلثب‪OO‬ات ليس في حقيقت‪OO‬ه حك‪ً O‬‬
‫‪O‬را على‬
‫الرجل والمرأة المعنيين بأمر الحمل أو الولد مباشرة وإنما هو حق ث‪OO‬ابت لك‪OO‬ل ذي مص‪OO‬لحة في نفي‬
‫الحمل أو الولد‪ .‬ومن ذلك‬
‫الورثة مثال بعد وفاة الرجل أو المرأة الستبعاد ذلك الحمل أو الولد من نطاق‬
‫اإلرث حيث تكون الدعوى في هذه الحالة األخيرة مالية ال دعوى نسب)‪"(.1‬‬

‫وعليه يمكن لكل شخص له مصلحة أن ينفي النسب عنه أو عن غيره كلما‬
‫وجود رابطة الزوجية أثناء الحمل أو الوالدة‪ .‬وفي هذا اإلطار‬
‫استطاع إثبات عدم‬
‫جاء في حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكناس "وحيث إن‬
‫من شروط ثبوت النسب للفراش وجود عقد سواء أكان صحيحاً أو فاسداً حسبما‬
‫من مدونة األسرة وحيث إن اللفيف المدلى بنسخة منه‬
‫يستفاد من المادة ‪154‬‬
‫إلثبات قيام العالقة الزوجية والمنجز سنة ‪ 1993‬ال يقوم حجة على وجود عقد بين الطرفين أي زواج‬
‫بمفهومه الشرعي وما يشترط فيه من إيجاب وقبول كشرطي‬
‫من‬ ‫انعقاد‪ .‬ذلك انه منجز من طرف المدعية فقط وال تتوفر فيه شروط المادة‬
‫‪16‬‬
‫مدونة األسرة‪...‬‬
‫ً‬
‫اعتبارا للعلل أعاله مجتمعة فإن طلب المدعية الرامي إلى إثبات‬ ‫وحيث إنه‬
‫ً‬
‫قانونا‪"(2).‬‬ ‫النسب للفراش غير مؤسس‬

‫وقد ذهب المجلس األعلى في العديد من قراراته إلى تأكيد هذه القاعدة‬
‫بحيث ذهب إلى القول في إحدى حيثياته ‪ "...‬لما ثبت أن الزواج كان بعد الوضع‬
‫فإن المولود ال يلحق بنسب المدعى عليه‪ ،‬ولو أقر ببنوته" ‪(1).‬‬
‫( )‪ 1‬حممد الكشبور‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪( 144.‬‬
‫)‪ 2‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 11/2001‬صادر بتاريخ ‪ 2011/9/3.‬يف امللف رقم‬
‫‪70‬‬
‫منشور‪.‬‬ ‫غري‬ ‫‪5/2526‬ج‪،/2008‬‬

‫‪71‬‬
‫الجنسي الذي‬ ‫أعاله يتضح أن االتصال‬ ‫فمن خالل حيثيات العمل القضائي‬
‫يحصل بين رجل وامرأة خارج نطاق عقد الزواج الصحيح أو ما يدخل في حكمه ال يرتب عليه القانون‬
‫لحوق النسب في حالة نشوء حمل أو والدة عن هذه العالقة‬
‫بعين االعتبار المستجد الجديد الذي جاءت به المادة ‪ 156‬من مدونة‬ ‫مع األخذ‬
‫األسرة باإلضافة إلى القواعد الخاصة باالستلحاق‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬عدم تحقق مدة الحمل المعتبرة شرعا‬

‫إن المدة المعتبرة شرعا للحمل ترتبط بأقل مدة الحمل وأقصاها‪ ،‬وعليه فإذا‬
‫أتت الزوجية بالولد ألقل من ستة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج‪ ،‬أو أكثر من سنة من تاريخ انتهاء‬
‫عقد الزواج‪ ،‬فإن النسب ال يلحق بالزوج كقاعدة‪ ،‬بل أكثر من‬
‫ذلك فإن نفي نسب الولد هنا ال يحتاج إلى لعان‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة االستئناف بمكناس "وحيث إن‬
‫المستأنفة اعترفت بوضع الحمل لمدة دون مدة أقل الحمل التي هي ستة أشهر‪ ..‬فال‬
‫‪ 10‬غشت‬
‫وتاريخ عقد النكاح هو‬ ‫يلحق النسب ألن الولد وضع بتاريخ ‪89/12/4‬‬
‫‪ ،1989‬فتكون مدة حمله أقل من المدة الشرعية المنصوص عليها للحوق‬
‫الطبية‬
‫وفق الشهادة‬ ‫النسب‪ "(2).‬وجاء في قرار آخر لنفس المحكمة "وحيث إنه‬
‫وهذا ما تأكد‬
‫المرفقة بالمقال االفتتاحي فإن البنت المذكورة مزدادة في ‪2001/9/5‬‬
‫بعقد ازديادها عدد‪ ...‬بمعنى أن البنت المذكورة قد ازدادت بعد حوالي أكثر من‬
‫شهرين بعد سنة من يوم العلم بالطالق‪.‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 446‬الصادر يف ‪ 30‬مارس ‪ 1983.‬منشور مبجلة قضاء اجمللس األعلى‪ ،‬العدد ‪ 39‬ص‬
‫‪.109‬‬
‫‪ 3357‬صادر بتاريخ ‪ 2004/12/13‬يف امللف الشرعي عدد ‪8/04/48‬‬ ‫( )‪ 2‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد‬
‫‪72‬‬
‫غري منشور‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫سنة على االزدياد المذكور فإن نسب‬ ‫وحيث لذلك وما دام قد مر أكثر من‬
‫ً‬
‫شرعا)‪...(1‬‬ ‫البنت ال يلحق المستأنف‬

‫من خالل العديد من قراراته‬ ‫األعلى يؤكد‬ ‫وفي نفس االتجاه نجد المجلس‬
‫نفي النسب في حالة عدم تحقق مدة الحمل المعتبرة شرعاً‪ ،‬حيث جاء في‬ ‫على‬
‫إحدى قراراته " حيث إنه لما كانت مقتضيات الفصل ‪ 154‬من مدونة األسرة تنص على أن أقل مدة‬
‫الحمل ستة أشهر من تاريخ العقد‪ ،‬وكان البين من أورق الملف أن‬
‫واألقل من ستة أشهر من تاريخ العقد‬ ‫الطالبة وضعت حملها بتاريخ ‪200/12/16‬‬
‫المبرم بتاريخ ‪ ،2000/10/20‬فإن المحكمة لما اعتبرت أن الولد‪ ...‬غير الحق‬
‫بنسب المطلوب في النقض الذي ينفيه عنه تكون قد طبقت الفصل المحتج به تطبيقا صحيحاً ولم تكن في‬
‫حاجة إلى إجراء خبرة طبية في هذا الشأن)‪ ....(2‬وجاء في‬
‫المطلوب في‬ ‫الطالبة طلقت من‬ ‫قرار آخر له ‪ "...‬والثابت من وثائق الملف أن‬
‫أي بعد انتهاء‬
‫يراجعها من هذا الطالق إال في ‪2002/7/18‬‬ ‫‪ 98/10/13‬ولم‬
‫أي بعد انتهاء أجل السنة‬
‫عدتها‪ ...‬واالبن المذكور لم يولد إال في ‪2000/10/19‬‬
‫من تاريخ الطالق المذكور وقبل مراجعتها بسنة ونصف تقريباً‪ .‬والمحكمة لما‬
‫إلى ما ذكر فإن قرارها‬
‫أن نسب االبن المذكور ال يلحق بالمطلوب استنادا‬ ‫اعتبرت‬
‫جاء مبنيا على أساس‪ .‬ولم تكن في حاجة إلى إجراء الخبرة الجينية أو مسطرة اللعان طالما أن‬
‫المحكمة كانت تتوفر على العناصر الكافية للحسم في‬
‫الموضوع‪..."(3).‬‬

‫‪ 1716‬صادر بتاريخ ‪ 2009/05/12‬يف امللف الشرعي عدد ‪8/04/2782‬‬ ‫( )‪ 1‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد‬
‫غري منشور‪.‬‬
‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 213‬والصادر بتاريخ ‪ 2005/4/13‬يف امللف الشرعي عدد ‪ ،2004/1/2/356‬أشار إليه ذ‪.‬‬
‫مصطفى زرويف يف ميزان الذهب يف قواعد اللعان والنسب من خالل قرارات اجمللس األعلى ط‪ ،2007 ،/1‬مطبعة‬

‫‪74‬‬
‫‪3‬‬
‫سريينور فاس‪ ،‬ص ‪ 175‬وما بعدها‪) ( .‬‬
‫قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 152‬والصادر بتاريخ ‪ 2009/4/8‬يف امللف رقم ‪ ،2008 1/2/293/‬أهم قرارات اجمللس‬
‫األعلى م‪.‬س‪ ،‬ص ‪81. :‬‬

‫‪75‬‬
‫فمن خالل الحيثيات أعاله فالقضاء تعامل بنوع من الصرامة فقد تبث له‬
‫أن الزوجة التي ولدت ألقل مدة الحمل المعتبرة شراعاً قد عقد عليها زوجها وهي حامل من غ‪OO‬يره‬
‫وبالتالي ال ينبغي أن ينسب له الولد طالما أنه ينكره وال يقر ب‪OO‬ه وينفي أن يكون الحم‪OO‬ل من‪OO‬ه وعق‪OO‬د‬
‫عليها وهو عالم بذلك‪ ،‬وهو األمر الذي يغني المحكمة من إجراء خبرة جيني‪OO‬ة ويعفي ال‪OO‬زوج من‬
‫اللجوء إلى مسطرة اللعان وهو نفس األمر بالنسبة للمطلقة والتي ولدت بع‪OO‬د م‪OO‬رور أك‪OO‬ثر من س‪OO‬نة على‬
‫طالقها حيث‬
‫يدل ذلك على أن الولد ليس ماء المطلق بل من ماء غيره‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬عدم إمكانية االتصال بين الزوجين‬

‫إن قرينة الفراش يمكن هدمها وذلك بإثبات عدم إمكانية حمل الزوجة من‬
‫لم تكن له مناسبة‬ ‫ً‬
‫مجبوبا أو لم يكن كذلك إال أنه‬ ‫أو‬ ‫زوجها كما لو كان مخصيا‬
‫االتصال بزوجته كأن عقد شخص يقطن بدولة أخرى على امرأة تسكن بدولة‬
‫بعد مرور مدة معينة وعند‬
‫أخرى عبر توكيل ولم يحضر إلى بيت الزوجية إال‬
‫حضوره يجدها حامل أو وضعت حملها‪.‬‬

‫والقضاء يؤكد على شرط إمكان االتصال كشرط أساسي لثبوت النسب‪.‬‬
‫مما يعني بمفهوم المخالفة انتفاء النسب باختالل هذا الشرط بالتبعية‪ .‬وهكذا جاء في قرار للمجلس األعلى‬
‫"حيث صح ما عابه السبب‪ ،‬ذلك أن الفراش يكون حجة‬
‫والتا بث من‬ ‫اإلمكانين العادي والشرعي‪.‬‬ ‫قاطعة على ثبوت النسب شرط تحقق‬
‫أوراق الملف أن الطاعن نازع في نسب االبن إليه‪ .‬وادعى أنه لم يتصل بالمطلوبة منذ ازدياد االبن‬
‫األول‪ ،‬أي أنه استبرأها بعد هذا الوضع ‪ .‬وأدى يمين اللعان على‬
‫ذلك ‪ ..‬ورفضت الزوجة أداءها رغم توصلها والمحكمة لما عللت قضاءها بأن‬
‫الخبرة ليست من وسائل نفي النسب شرعاً تكون قد أقامت قضاءها على غير‬
‫أساس" )‪ (1‬وجاء في قرار آخر له "حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك‬
‫أن الفراش يكون حجة قاطعة على ثبوت النسب ‪ .‬شرط تحقق االتصال الشرعي‬
‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 37‬صادر بتاريخ ‪ 2006/01/18‬يف امللف رقم ‪ ،2005/1/2/108‬أهم قرارات اجمللس‬

‫‪76‬‬
‫األعلى ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪51.‬‬

‫‪77‬‬
‫والثابت من أوراق الملف‪ ...‬أن الطاعن ادعى على أنه لم يتصل بالمطلوبة خالل‬
‫الفترة التي قضاها بعيدا عن زوجته بدولة ايطاليا واستدل على ذلك بموجب لفيف ‪ ...‬الشيء الذي يؤك‪OO‬ده‬
‫أيضا جواز سفره ولم تنك‪O‬ره المطلوب‪O‬ة والتمس إج‪O‬راء خ‪OO‬برة‪ ...‬والمحكم‪OO‬ة لم‪OO‬ا قض‪OO‬ت ب‪OO‬رفض‬
‫طلبه‪ ...‬تكون قد أقامت قضاءها على غير‬
‫أساس‪"(1).‬‬

‫فمن خالل حيثيات هذين القرارين للمجلس األعلى يتضح أنه نقض قرار‬
‫محكمة االستئناف التي لم تستجب لطلب إجراء خبرة لنفي النسب عن الزوج والذي أدى يمين اللعان‬
‫ورفضت الزوجة أدائها بدون مبرر أو التي لم تستجب لها بعدما لم‬
‫خارج البلد الذي تقيم‬ ‫تتحقق من االتصال الشرعي وذلك بغياب الزوج عن زوجته‬
‫فيه‪.‬‬

‫والمالحظ أن القضاء المغربي ال يتساهل في مسألة إثبات عدم إمكانية‬


‫االتصال ويلقيها على عاتق الزوج‪ ،‬عالوة على أنه ال يقبل شهادة الشهود إلثب‪OO‬ات عدم ال‪OO‬دخول‪ ،‬وهك‪OO‬ذا‬
‫جاء في قرار للمجلس األعلى " شهادة الشهود إنما تعتمد في إثب‪OO‬ات واقع‪OO‬ة الزن‪OO‬ا بش‪OO‬روطها المح‪OO‬ددة‬
‫شرعاً وال يعتد بها في إثبات عدم االتصال‬
‫الجنسي بين الزوجين إذا أمكن االتصال‪..."(2).‬‬

‫والمالحظ أن القضاء المغربي ال يأخذ بإدعاء الزوج العقم إال إذا عززه‬
‫حكم لقسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية‬
‫هذا اإلطار جاء في‬ ‫بأدلة قوية ‪ ،‬وفي‬
‫ً‬
‫عاقرا ولم تنجب معه أبناء‬ ‫بفاس " وحيث أقرت أي المدعى عليها بأن المدعي كان‬
‫خالل فترة زواجهما‪...‬‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 554‬صادر بتاريخ ‪ 2006/09/27‬يف امللف رقم ‪ ،2006/09/27‬أهم قرارات اجمللس‬
‫األعلى ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪( 53.‬‬
‫)‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 578‬صادر بتاريخ ‪ 2000/5/30‬يف امللف رقم ‪ ،1995/5/2/458‬أورده ذ‪ .‬إبراهيم‬
‫حبماين‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪277-278. :‬‬
‫‪78‬‬
‫وحيث وجدت المحكمة في هذه اإلفادة دالئل قوية ارتأت على ضوءها‬
‫إجراء خبرة جنينية‪...(1).‬‬

‫واستدل على ذلك‬ ‫العقم‬ ‫وفي قرار للمجلس األعلى"‪ ...‬والطاعن ادعى‬
‫تؤيد ادعاءه والمحكمة لما اعتبرت هذه الحجج‬
‫بشواهد طبية وتحليالت مخبرية‬
‫قوية وأمرت بإجراء خبرتين‪ ...‬واللتين أثبتا بصفة قطعية بأن البنت‪ ...‬ليست من‬
‫عنه‪...‬جاء قرارها معالل تعليال‬ ‫وقضت ً‬
‫تبعا لذلك بنفي نسبها‬ ‫صلب المطلوب‬
‫كافيا"‪(2). .‬‬

‫كما ذهب المجلس األعلى إلى أن العيب الجنسي بالزوج ال يمنع زوجته‬
‫من الحمل منه‪ ،‬وأن الزوجة يمكن أن تحمل دون افتضاض بكارتها‪(3).‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نفي النسب باللعان‬

‫اللعان نظام شرعي يهدف من ضمن ما يهدف إليه إلى نفي النسب‪ ،‬وهو‬
‫نظام إسالمي خالص ال نظير له مطلقا في باقي التشريعات السماوية أو القوانين الوضعية غير اإلسالمية‬
‫األخرى‪ ،‬لذلك فهو ال يقبل التطبيق على معتنقي الديانة‬
‫اليهودية والنصرانية إال إذا ارتضوا ذلك صراحة أمام قضائنا المسلم ‪(4).‬‬

‫( )‪ 1‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية بفاس عدد ‪ 1205‬صادر بتاريخ ‪ 2009/3/2‬يف امللف رقم‬
‫‪ ،07/1/3704‬غري منشور‬
‫يف امللف رقم ‪ ،2008/1/2/232‬أهم قرارات اجمللس‬ ‫( )‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 46‬صادر بتاريخ ‪09/01/28‬‬
‫األعلى ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪64.‬‬
‫يف امللف رقم ‪ ،2004/1/2/65‬الكشبور ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‬ ‫صادر بتاريخ ‪06/1/25‬‬ ‫( )‪ 3‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪44‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ 275.‬وما بعدها‬
‫( )‪ 4‬حممد الكشبور ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪153.‬‬

‫‪80‬‬
‫يقال عادة لعنه هلال أي أبعده عنه فهو لعين وملعون‬ ‫واللعان لغة‪ :‬يفيد البعد‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬

‫وفي االصطالح عرفه الفقه المالكي بأنه ‪ :‬حلف الزوج على زنا زوجته أو‬
‫نفي حملها االلزم له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض‪(2).‬‬

‫من مدونة األسرة اعتبر المشرع‬ ‫ومن خالل مقتضيات المادة ‪153‬‬
‫المغربي اللعان سببا لنفي النسب دون أن يضع له أحكاما خاصة‪ ،‬مما ال مناص‬
‫معه من الرجوع إلى أحكام الفقه المالكي تطبيقا للمادة ‪ 400‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫وشروط اللعان (أوال) سأنتقل لدراسة‬ ‫ما سأقف عند إجراءات‬ ‫وهكذا بعد‬
‫اللعان على ضوء العمل القضائي (ثانيا‪).‬‬

‫أوال ‪ :‬إجراءات اللعان وشروطه‬

‫بداية فاللعان يجب أن ال يتم إال بحكم يصدر عن محكمة مختصة بذلك بناء‬
‫على طلب من الزوج صاحب المصلحة في حالتين اثنتين‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يدعي انه رأى زوجته تزني‬

‫ب‪ -‬أن ينفي حملها عنه‪.‬‬

‫وعلى المحكمة التي رفعت دعوى اللعان أمامها أن تستدعي الطرفين –‬


‫– ً‬
‫وفقا للقواعد المضمنة في قانون المسطرة المدنية وتطبق‬ ‫أي الزوج والزوجية‬
‫بصددها األحكام المضمنة في آية المالعنة المنصوص عليها في سورة النور‬
‫مرات أنه صادق في اتهامه لزوجته‪ ،‬والخامسة‬
‫أن يحلف الزوج أربع‬ ‫وصورتها‪:‬‬
‫أن لعنة هلال عليه إن كان كاذباً في ادعائه‪ ،‬وإن أصرت الزوجة على تكذيبه فيجب عليها بدورها أن‬
‫تحلف أربع مرات بأنه كاذب فيما يدعيه‪ ،‬وفي الخامسة أن غضب‬
‫هلال عليها إن كان صادق فيما رماها به‪.‬‬

‫( )‪ 1‬ابن منظور ‪ " :‬لسان العرب" م‪.‬س ج‪ ،13‬ص ‪387.‬‬


‫‪81‬‬
‫( )‪ 2‬الرصاع‪ :‬شرح حدود ابن عرفة‪ ،‬املكتبة العلمية‪ ،‬تونس ‪ ،‬ص ‪210.‬‬

‫‪82‬‬
‫يمكنها مطلقاً أن‬ ‫والمحكمة المختصة وفقا لما استقر عليه الفقه المالكي ال‬
‫تقضي باللعان إال بعد تحققها من الشروط الفقهية اآلتي بيانها‪:‬‬

‫في حالة اللعان بسبب الزنا يشترط أن تكون الزوجة في العصمة‬ ‫)‪(1‬‬
‫نفي الحمل فيشترط أن يكون هذا الحمل الحقا‬
‫إما حقيقة أو حكماً‪ ،‬أما في حالة‬
‫بالمالعن كما هو الحال في االتصال في حالة الشبهة والزوج الباطل والفاسد‪.‬‬
‫ً‬
‫مطلقا بزوجته بعد استقراره على مالعنتها‪،‬‬ ‫أال يتصل الزوج‬ ‫(‪)2‬‬
‫وأن يقوم باستبراءها بحيضة واحدة في قول إللمام مالك أو بثالث حيضات في‬
‫قول آخر له) ‪(1‬‬

‫الحق شرعاً بالزوج كما لو أتت به‬ ‫يجب أال يكون الولد غير‬ ‫(‪)3‬‬
‫الزوجة ألقل مدة من أدنى مدة الحمل بعد العقد عليها أو ألكثر من مدة من أقصى‬
‫أصال بين الزوجين المتنازعين أو كان الزوج‬
‫اتصال‬ ‫أمد الحمل‪ ،‬أو لم يكن هنالك‬
‫مما ال يولد لمثله‪.‬‬

‫أن يسارع الزوج إلى رفع دعوى اللعان مباشرة بعد تأكده من‬ ‫)‪(4‬‬
‫ً‬
‫شرعا اللجوء إلى تحريك مسطرة اللعان‪.‬‬ ‫الواقعة التي تستوجب‬

‫يجب أال يكون الزوج قد اعترف صراحة أو ضمناً بالنسب الذي‬ ‫(‪)5‬‬
‫يالعن بسببه‪.‬‬

‫بزوجته وإنما له أن‬ ‫كما ال يشترط في اللعان أن يكون الزوج قد بنا‬


‫يالعنها قبل البناء وبعده‪.‬‬

‫وإذا تمت وانتهت إجراءات اللعان فرق القاضي بين الزوج وزوجته‬
‫وحرمت عليه حرمة مؤبدة وسقط الحد‪ ،‬وكذا النسب عن الزوج وعدم اعتبار‬
‫الحمل أو الولد أنه قد تخلف عن واقعة زنا‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ 1 -‬ابن جزي‪ " :‬القوانني الفقهية"‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان (بدون اتريخ)‪ ،‬ص ‪161.‬‬

‫‪84‬‬
‫وإذا نكل الزوج عن اللعان فإن جمهور الفقهاء يرون حسبه حتى يالعن أو‬
‫حده بسبب القذف وتبقى الزوجة في عصمته ويلحق به الحمل أو الولد‪ .‬أما إذا‬
‫وينتفي الولد عن الزوج المالعن وتبقى الزوجة في‬
‫للزنا‬ ‫نكلت الزوجة فإنها تحد‬
‫عصمته‪(1).‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نفي النسب باللعان على ضوء العمل القضائي‬

‫يظهر من القرارات الشرعية الصادرة عن محكمة االستئناف بمكناس أنها تعتبر اللعان مسطرة‬
‫شرعية لنفي النسب متى توفرت شروطه‪ ،‬ومنها ضرورة‬
‫اإلسراع برفع دعوى اللعان مباشرة بعد العلم بالحمل (بواسطة مقال مؤدى عنه ال‬
‫في إطار دفع) وإال فالنسب يلحق بالزوج‪ .‬وهكذا جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف‬
‫بمكناس" وحيث فيما يرجع لنفي نسب الولد فهذا من شروطه رفع‬
‫الدعوى بصورة مستعجلة وداخل ثالثة أيام من تاريخ العلم بالوضع‪ "(2).‬وجاء في‬
‫قرار آخر لها "وحيث إن نفي النسب كان يتطلب ممارسة دعوى اللعان داخل األج‪OO‬ل المعم‪OO‬ول‬
‫بها فقها وقضاء‪ .‬وأن عدم ممارسة ذلك يجعل دفوع‪O‬ات المس‪O‬تأنف ال تنب‪OO‬ني على أس‪O‬اس‪ "(3).‬كم‪O‬ا‬
‫جاء في حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكم‪O‬ة االبتدائي‪OO‬ة بمكن‪OO‬اس"يعت‪OO‬بر الف‪OO‬راش بش‪OO‬روطه حج‪OO‬ة‬
‫قاطعة على ثبوت النسب وال يمكن‬
‫الطعن فيه إال من الزوج عن طريق اللعان‪ ،‬إال أن المدعي لم يسلك هذه المسطرة‬
‫خاصة أنه لم يلجأ إلى نفي النسب إال بعد سبع سنوات من تاريخ والدة البنت‪ ...(4).‬فمن خالل هذه‬

‫الحيثيات يتضح جلياً أن الزوج الذي يعلم بحمل زوجته وال‬


‫يعجل بطلب نفي النسب ال تقبل منه دعوى اللعان إال إذا أثبت أن له عذر في تأخير‬

‫( )‪ 1‬حممد الكشبور ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 157‬وما بعدها ( )‬


‫‪ 2‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 737‬واتريخ ‪ 2005/3/14‬يف امللف الشرعي عدد ‪ ، 4/04/2884‬غري‬
‫منشور‬
‫غري‬ ‫( )‪ 3‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 590‬واتريخ ‪ 2009/2/24‬يف امللف الشرعي عدد ‪8/08/3019‬‬
‫منشور‬
‫( )‪ 4‬حكم صادر عن قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 2183‬واتريخ ‪ 2010/6/8‬يف امللف رقم‬

‫‪85‬‬
‫منشور‬ ‫غري‬ ‫‪5/2078‬ج‪،/2008‬‬

‫‪86‬‬
‫ذلك‪ .‬هذا العذر الذي يترك للقاضي تقديره مع األخذ بعين االعتبار الظروف‬
‫الزمانية والمكانية وشخص المتالعن من الناحية االجتماعية والثقافية واالقتصادية‪ ،‬فسلوك مسطرة اللعان لنفي‬
‫النسب يستلزم الفورية و الزوج في حالة تأخره في رفع‬
‫يثبت عدم علمه بحمل الزوجة ‪ ،‬وهذه األخيرة ال تلزم‬ ‫دعوى اللعان عليه أن‬
‫بإعالمه‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف بمكناس ‪"...‬‬
‫أي بعد تسعة‬
‫باللعان ونفي النسب في مدة الحقة للوضع أي ‪05/3/9‬‬ ‫وأن تذرعه‬
‫أشهر ونيف من الوالدة‪ ،‬كان طلبه ال يسمع لعدم تقديمه مدعم بما يثبت استحالة‬
‫العشرة ولعدم دعمه أيضا بما يثبت العلم بالمحل‪ ..."(1).‬وجاء في قرار للمجلس األعلى "ال تلزم‬
‫المدعية بإعالم المدعى عليه بالحمل فطرق هذا العلم جد‬
‫متعددة‪"(2).‬‬

‫هذا وقد ذهبت محكمة االستئناف بمكناس إلى أن الزوج الذي يتصل‬
‫بزوجته بعد علمه بالحمل أو الولد ال تسمع منه بعد ذلك دعوى نفي النسب باللع‪OO‬ان‪ ،‬وهك‪O‬ذا ج‪O‬اء في أح‪O‬د‬
‫قراراتها ما يلي ‪ " :‬وحيث إنه من الثابت فقها في المذهب المالكي أن اللع‪OO‬ان حج‪OO‬ة ض‪OO‬رورية‬
‫لنفي النسب وال عذر لزوج تأكد من أن الحمل ليس من‪OO‬ه‪ .‬ثم اس‪OO‬تمر في معاش‪OO‬رة زوجت‪OO‬ه رغم ذل‪OO‬ك‬
‫وال يسمع منه بعد ذلك دعوى نفي النسب أو غيرها ولكون النسب نسبه ال ينتفي عنه بأقوال ص‪OO‬ادرة عن‬
‫الزوجة بنفيه‬
‫عنه (‪.)3‬‬

‫يف امللف الشرعي عدد ‪ ،8/07/628‬غري‬ ‫( )‪ 1‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 3262‬واتريخ ‪07/10/30‬‬
‫منشور‬
‫( )‪ 2‬قرار شرعي صادر عن اجمللس األعلى يف ‪ ،1968/01/8‬منشور مبجلة القضاء والقانون العددان ‪ 89/88-‬ص ‪:‬‬
‫‪.400‬‬
‫( )‪ 3‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 2902‬بتاريخ ‪ 2007/9/25‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 8/06/2675‬ن غري‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫وفي نفس اإلطار جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى ‪ "...‬لكن حيث‬
‫إنه بخالف ما أثاره الطالب فإن المحكمة لما اعتبرت أن شروط اللعان غير‬
‫متوفرة ‪ ،‬وهو التحقق من عدم معاشرة الطالب المطلوبة بعد طهرها باعتبار أنهما‬
‫كانا ً‬
‫معا ببيت الزوجية‪ ،‬وأن إمكانية المعاشرة مستمرة بينهما وبذلك فالمحكمة لما‬
‫قضت برفض الطلب استناداً إلى ما ذكر تكون قد عللت قرارها تعليال ً‬
‫كافيا ‪(1).‬‬

‫المسيس في النازلة‬ ‫وهكذا فمحكمة االستئناف بمكناس لما ثبت لها إمكانية‬
‫من شرط عدم‬
‫أعاله قضت بعدم قبول دعوى اللعان من الزوج لما هو مقرر فقها‬
‫أو العلم بالحمل لممارسة دعوى اللعان وأيضاً ادعاء‬ ‫المسيس بعد رؤية الزنا‬
‫االستبراء الذي يقوم مقام العدة بالنسبة لمن تم االتصال بها جنسياً خارج إطار العالقة الزوجية‪ ،‬وفي هذا‬
‫الصدد جاء في قرار للمجلس األعلى ‪ "...‬لكن حيث إن المحكمة مص‪O‬درة الق‪O‬رار المطع‪O‬ون في‪O‬ه لم‪O‬ا عللت‪O‬ه‬
‫بان الطاعن يؤكد في مقاله المرفوع‬
‫حاز زوجته بعد العقد عليها في بيت الزوجية مدة‬ ‫في دعوى سابقة بأنه‬ ‫من طرفه‬
‫‪ 2002/1/30‬وطالب الحكم عليها بالرجوع‪ ،‬بينما‬
‫‪ 14‬يوما تقريباً وغادرته بتاريخ‬
‫الشيء الذي‬
‫لم يرفع هذه الدعوى التي ترمي إلى اللعان إال في ‪2006/6/14‬‬
‫يكذب إدعاءه عدم الخلوة‪ .‬وانه ما دام لم يدع االستبراء طبقاً لما هو مقرر فقها ولم يدع عدم المسيس‬
‫والخلوة معتبرة شروط اللعان غير متوافرة في النازلة‪ ...‬تكون قد‬
‫عللت قرارها بما فيه الكفاية‪"(2).‬‬

‫وهكذا فالمجلس األعلى أيد قرار محكمة االستئناف فيما قضت به لما ثبت‬
‫لها عدم توفر شرط ادعاء االستبراء وهو ما يؤكد أن المجلس األعلى يتعامل بدقة‬
‫مع مسطرة اللعان ويتشدد في إعمال الشروط الواردة في الفقه المالكي لصحة‬
‫اللعان ويثيرها تلقائيا لتعلق قواعد النسب بالنظام العام ‪ .‬وهذا ما يندرج كمبدأ عام‬

‫( )‪ 1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 46‬الصادر بتاريخ ‪ 2007/01/17‬يف امللف الشرعي عدد ‪ ، 2006/1/2/244‬أهم‬
‫قرارات اجمللس األعلى‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪) ( 55.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ 2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 96‬والصادر بتاريخ ‪ 2008/02/27‬يف امللف الشرعي عدد ‪ ،2005/1/2/161‬املرجع‬
‫نفسه ص ‪60. :‬‬

‫‪89‬‬
‫للحوق النسب‬ ‫التي تجعل الشارع دائماً متشوف‬ ‫اإلسالمي‬ ‫في إطار مبادئ الفقه‬
‫لمحكمة االستئناف بمكناس من خالل القرارات‬
‫بالنسبة‬ ‫وهو نفس ما يمكن قوله‬
‫الصادرة عنها أعاله‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نفي النسب عن طريق الخبرة الطبية‬


‫تعتبر الخبرة الطبية بمثابة استشارة فنية يستعين بها القاضي في مجال‬
‫اإلثبات لمساعدته في المسائل الفنية التي يحتاج تقديرها إلى دراية علمية وتتميز‬
‫عن بقية وسائل اإلثبات بطابعها العلمي‪(1).‬‬

‫وفي إطار مدونة األسرة تطرق المشرع المغربي إلى الخبرة القضائية‬
‫كوسيلة من وسائل إثبات ونفي النسب‪ ،‬والمقصود بها الخ‪OO‬برة الطبي‪OO‬ة‪ ،‬ال‪OO‬تي لم تب‪OO‬ق مقتص‪OO‬رة على الفحوص‪OO‬ات‬
‫األولي‪OO‬ة فحس‪OO‬ب وإنم‪OO‬ا تط‪OO‬ورت إلى فحص دم الفص‪OO‬يلة ال‪OO‬تي ينتس‪OO‬ب إليه‪OO‬ا دم ال‪OO‬زوجين والول‪OO‬د‪ ،‬حيث أف‪OO‬ادت‬
‫الحقائق العلمية المسلم بها في الطب الشرعي م‪OO‬ؤخرا أن تحلي‪OO‬ل فص‪O‬ائل ال‪O‬دم ق‪OO‬د تفي‪OO‬د في التحق‪O‬ق من انتف‪O‬اء‬
‫النسب عند المنازعة فيه‪ ،‬أما بشأن ثبوت‪OO‬ه ف‪OO‬األمر مجرد احتم‪OO‬االت‪ ،‬والي‪OO‬وم تق‪OO‬دمت العل‪OO‬وم البيولوجي‪OO‬ة‬
‫فأصبح ممكنا عن طريق اختبارات علم الوراثة التحقق من ثبوت النسب‬
‫ال انتفائه فقط‪(2).‬‬

‫لهذا ارتأيت تناول هذا المبحث من خالل ثالثة مطالب أخص األول ألنواع‬
‫الخبرة الطبية في مجال النسب‪ ،‬والثاني لشروط اللجوء إلى الخبرة الطبية‪ ،‬والثالث‬
‫إللشكاالت العملية المثارة بشأن اعتماد الخبرة الطبية لنفي النسب‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع الخبرة الطبية في مجال النسب‬

‫) ‪ – (1‬املنتدى مدونة األسرة تقييم ومعاجلة‪ ،‬جملة دورية يصدرها منتدى البحث القانوين‪ ،‬مراكش العدد ‪ ،2005 5-‬ص‬
‫‪.185‬‬
‫)‪ – (2‬حممد حممد أبو زيد‪ :‬دور التقدم البيولوجي يف إثبات النسب‪ ،‬منشور مبجلة احلقوق الكويتية السنة العشرون‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ،‬مارس ‪ ،1996‬ص ‪272.‬‬

‫‪90‬‬
‫إلى زمن قريب كانت الخبرة الطبية في مجال النسب تعتمد على تحليل‬
‫تفيد إال التحقق من نفي النسب‪،‬‬
‫للزوجين والولد‪ ،‬إال أنها كانت ال‬ ‫الفصائل الدموية‬
‫وبتطور العلم تم اكتشاف ما يسمى بالبصمة الوراثية بحيث أصبحت الخبرة الطبية‬
‫تفيد القطع في إثبات النسب ونفيه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬فصيلة الدم‬

‫لقد أظهرت األبحاث العلمية منذ مدة ليست بالقصيرة أن دم اإلنسان يتنوع‬
‫هذا الفحص‬
‫إلى فصائل عدة‪ (1).‬وأن لكل فصيلة خصائصها المحددة‪ ،‬وعن طريق‬
‫أمكن التوصل إل أحد الفرضين‪:‬‬

‫‪ -‬الفرض األول‪ :‬ظهور فصيلة دم الطفل مخالفة لمقتضيات تناسل فصيلتي‬


‫دم الزوجين‪ ،‬وهذا معناه أن الزوج ليس األب الحقيقي للطفل بكيفية مؤكدة‪.‬‬

‫‪ -‬الفرض الثاني‪ :‬ظهور فصيلة دم الطفل موافقة لمقتضيات تناسل فصيلتي‬


‫دم الزوجين وهذا معناه أن الزوج قد يكون األب الحقيقي وقد ال يكون‪ ،‬ذلك أن‬

‫)‪ – (1‬تتنوع فصائل الدم إىل أربعة أنواع وهي‪ A-B-AB-O :‬غري أن هذه الفصائل يف الغالب ما تكون مضافة إليها مادة ‪ RH‬فإذا كانت هذه‬
‫امالدة موجودة يف الدم يرمز إليها بعالمة ‪ +‬وتكتب هكذا ‪ +ARH‬وإذا كان الدم خاليا منها يرمز إىل‬
‫الفصيلة بعالمة – وتكتب حينئذ هكذا ‪ ،-ARH‬وابعتبار امالدة املذكورة تكون جمموع فصائل الدم مثانية‪ .‬عبد السالم بوزيدي‪ :‬إشكالية اخلربة الطبية يف إثبات‬
‫النسب أو نفيه مدونة األسرة بعد ثالث سنوات من التطبيق‪ :‬احلص‪OO‬يلة واآلف‪OO‬اق‪ ،‬أش‪OO‬غال الن‪OO‬دوة الدولي‪OO‬ة املنظمة من ط‪O‬رف جمموع‪O‬ة البحث ي‪O‬ف الق‪O‬انون‬
‫واألسرة يومي ‪ 16/15‬مارس ‪ 2007‬بكلية احلقوق وجدة‪ ،‬الطبعة‬

‫‪91‬‬
‫األوىل‪ ،‬مطبعة اجلسور‪ ،‬وجدة ‪ ،2008‬سلسلة الندوات ‪ ،2‬ص ‪191.‬‬

‫‪92‬‬
‫الفصيلة الواحدة قد يشترك فيها أناس كثيرون يحتمل أن يكون الزوج المدعى عليه‬
‫واحدا منهم‪.‬‬

‫وكنتيجة لهذه المعطيات العلمية المتاحة في ذلك الوقت تبين أن فصائل الدم‬
‫تفيد في نفي قاطع ولكنها ال تفيد في الحصول على إثبات مؤكد‪(1).‬‬

‫ثانيا‪ :‬البصمة الوراثية‬

‫البصمة الوراثية هي تعيين هوية اإلنسان عن طريق تحليل جزء أو أجزاء‬


‫من حمض الدنا المتمركز في نواة أية خلية من خاليا جسمه‪(2).‬‬

‫وهكذا على إثر اكتشاف حمض معين يسكن في نواة الخلية في جسم‬
‫اإلنسان‪ ،‬أمكن في ذات الوقت اكتشاف جزء معين في تركيب هذا الحمض‪ ،‬الذي يتكون من خيطان‬
‫يحمالن الصفات الوراثية الخاصة بكل إنسان والتي تظل مالزمة‬
‫له مدى حياته‪ .‬فمعرفة البصمة الوراثية لشخص ما يتم عن طريق فحص الحمض‬
‫النووي )‪ (ADN‬ألحد المواد السائلة في جسمه (كالدم‪ ،‬والمني واللعاب)‪ ،‬أو ألحد‬
‫أنسجة الجسم (اللحم أو الجلد) أو مواد أخرى (كالشعر أو العظام‪)(3).‬‬

‫وعليه فاالبن يحمل خيطان واحد من األب واآلخر من األم‪ ،‬وعند تحليل‬
‫عند‬
‫‪ADN‬‬ ‫الحمض النووي له وألبيه ينبغي أن يكون هناك تطابق في نصف‬
‫الرجل مع النصف الموجود عند االبن‪.‬‬

‫وهكذا أمكن االستفادة من هذا الكشف العلمي الرائد في التوصل إلى ما إذا كان األثر اآلدمي الخاضع‬
‫للفحص يخص شخصا معينا أم ال‪ ،‬فحسب المتخصصين‬

‫)‪ – (1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪191.‬‬


‫)‪ – (2‬سعد الدين مسعد هاليل‪ :‬البصمة الوراثية وعالئقها الشرعية دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬جملة النشر العلمي‪ ،‬جامعة الكويت‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2001‬ص ‪7.‬‬
‫)‪ – (3‬حممد الكشبور‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 187‬وما يليها‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫تعتبر البصمة الوراثية هي أدق وسيلة عرفت حتى اآلن في تحديد هوية اإلنسان‬
‫وذلك ألن نتائجها قطعية ال تقبل الشك والظن وذلك بنسبة ‪100%(1).‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط اللجوء إلى الخبرة الطبية في مدونة‬


‫األسرة‬
‫جاء في المادة ‪ 153‬من مدونة األسرة"‪:‬يثبت الفراش بما تثبت به الزوجية‪ .‬يعتبر الفراش‬

‫بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب‪ ،‬ال يمكن الطعن‬


‫فيه إال من الزوج عن طريق اللعان‪ ،‬أو بواسطة خبرة تفيد القطع بشرطين‪:‬‬

‫‪ -‬إدالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه‪.‬‬

‫‪ -‬صدور حكم قضائي بهذه الخبرة‪ ".‬وهكذا‬

‫حسب مقتضيات هذه المادة‪ ،‬فإن اللجوء إلى الخبرة الطبية لنفي‬
‫النسب ال يتم إال بشرطين‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إدالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه‬

‫من مدونة األسرة‬ ‫لم يحدد المشرع المغربي من خالل المادة ‪153‬‬
‫المقصود بالدالئل القوية وترك ذلك للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع‪ ،‬وقد فسرها الفقه بما إذا كانت‬
‫الزوجة تتعاطى بكيفية اعتيادية للخيانة الزوجية‪ ،‬أو أن‬
‫يتأكد أن الغير قد اتصل بها عن طريق الشبهة أو أن يدلي بشهادة طبية تثبت عقمه‬
‫أو أن يتضح أن أقل مدة الحمل أو أقصاها غير مضبوطة‪(2).‬‬

‫وهكذا فقد ذهبت محكمة االستئناف بمكناس إلى رفض طلب إجراء خبرة‬
‫طبية لنفي النسب بعلة عدم إدالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه‪ ،‬حيث جاء في إحدى قراراتها "وحيث‬
‫إن الفراش بتوافر شروطه يعتبر حجة قاطعة على ثبوت‬

‫) ‪ – (1‬خليفة علي الكعيب‪ :‬البصمة الوراثية وأثرها على األحكام الفقهية‪ ،‬دار اجالمعة اجلديدة للنشر اإلسكندرية ‪،2004‬‬
‫ص ‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ – (2‬ذ‪ .‬سعد أصبان‪ :‬النسب بني قواعد الشريعة ونتائج اخلربة‪ ،‬عرض قدم لطلبة املعهد العايل للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،34‬ص‪5.‬‬
‫‪94‬‬
‫النسب وال يطعن فيه إال من الزوج عن طريق اللعان أو بواسطة خبرة بشرط إدالء‬
‫الزوج بدالئل قوية على ادعاءه‪.‬‬

‫وحيث إن المستأنف عليه لم يدل بأي دليل يدعم ادعاءه حتى يستجاب‬
‫لطلبه‪ "(1).‬وذلك ردا على ادعاء الزوج بكونه يعاني من العقم دون تعزيز ذلك‬
‫بشواهد طبية‪ ،‬وأيضا كون زوجته تتعاطى للفساد‪.‬‬

‫وجاء في قرار آخر صادر عنها "وحيث التمس المستأنف إجراء خبرة‬
‫من قانون األسرة تشترط لذلك شرطين‪:‬‬
‫للتأكد من صحة النسب إال أن المادة ‪153‬‬
‫إدالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه‪ ،‬وصدور أمر قضائي بهذه الخبرة‪ ،‬فهذا الفصل ينص على أن‪OO‬ه‬
‫ليس‪OO‬تجاب لع‪OO‬رض االبن على خ‪OO‬برة يجب أن ي‪OO‬دلي األب ب‪OO‬دالئل قوي‪OO‬ة لصدق ادعائ‪OO‬ه وه‪O‬و لم ي‪OO‬دل بش‪O‬يء‬
‫فيتعين التأييد‪ "(2).‬وذلك ردا على ادعاء‬
‫األب بكونه م‪O‬ريض جنس‪O‬يا وال يس‪O‬تطيع اإلنج‪O‬اب ودون تعزي‪O‬ز ذل‪O‬ك بش‪O‬واهد طبي‪O‬ة‪ ،‬كم‪O‬ا ج‪O‬اء في حكم‬
‫صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكن‪OO‬اس "وحيث إن الم‪OO‬دعي لم يلج‪OO‬أ لمس‪OO‬طرة اللع‪OO‬ان‬
‫المنصوص عليها فقها وقانونا‪ ،‬كما أنه لم يدل‬
‫بدالئل قوية تفيد بأن البنت‪ ...‬ليست من صلبه‪.‬‬

‫وحيث إنه في غياب الدالئل القوية يمتنع اللجوء إلى الخبرة لنفي النسب‬
‫المستند إلى الفراش صحيح‪ "(3).‬وجاء في حكم آخر صادر عنه "ومن جهة أخرى‬
‫لم يدل بدالئل قوية على ادعائه بنفي النسب حتى تستجيب المحكمة لطلب الخبرة‬
‫من المدونة وأن ما أثاره المدعي كون المدعى عليها‬
‫القضائية استنادا للمادة ‪153‬‬

‫)‪ – (1‬قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪ 1286‬والصادر بتاريخ ‪ 2006/04/25‬يف امللف الشرعي ‪8/05/3398‬‬
‫غري منشور‪.‬‬
‫يف امللف الشرعي عدد‬ ‫والصادر بتاريخ ‪2005/03/14‬‬ ‫– قرار حمكمة االستئناف مبكناس عدد ‪737‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪ 8/04/2884‬غري منشور‪.‬‬
‫)‪ – (3‬حكم صادر عن قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 1524‬بتاريخ ‪ 2006/05/09‬منشور مبجلة‬
‫‪95‬‬
‫قضاء األسرة العدد ‪ 3-‬دجنرب ‪ ،2006‬ص ‪ 143‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫تغادر مرارا بيت الزوجية دون علمه ال يمكن اعتباره بأي حال من األحوال سببا‬
‫قويا لنفي النسب‪"(1).‬‬

‫فمن خالل حيثيات العمل القضائي أعاله‪ ،‬فإن الدالئل المقدمة من الزوج‬
‫تبقى خاضعة للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع‪ ،‬فإذا لم ترقى إلى مستوى الدليل‬
‫القوي‪ ،‬كشهادة الشهود بنفي النسب أو إثبات أن الزوج مصاب بعقم أو مجبوب أو‬
‫عنين أو أسير وكل الحجج التي تفيد عدم إمكانية اتصال الزوج بزوجته امتنع‬
‫االستجابة لطلب اللجوء إلى الخبرة لنفي النسب المستند إلى فراش صحيح‪.‬‬

‫وهذا المعطى أكده المجلس األعلى في عدة قرارات صادرة عنه‪ ،‬حيث‬
‫أنه لئن كانت‬
‫"حيت صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك‬ ‫جاء في أحد قراراته‬
‫من مدونة األسرة تعتبر الفراش حجة قاطعة على ثبوت النسب فإنها‬
‫المادة ‪153‬‬
‫أجازت دحضه عن طريق اللعان أو بواسطة طلب إجراء خبرة طبية المعززة بدالئل قوية‪).‬‬
‫‪ "(2‬وجاء في قرار آخر صادر عنه "والبين من أوراق الملف أن‬
‫البنت المطلوب نفي نسبها ازدادت أثناء قيام العالقة الزوجية بين الطرفين‪،‬‬
‫والزوجة في عصمته‪ ،‬وكانت مقيمة معه والمحكمة لما لم تستجب لطلب الخبرة‬
‫أمام عجز الطاعن عن اإلدالء بدالئل قوية على ادعائه تكون قد طبقت مقتضيات‬
‫المادة ‪ 153‬من مدونة األسرة التطبيق السليم‪ ،‬وعللت قرارها تعليال كافيا‪"(3).‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المجلس األعلى ذهب في كثير من قراراته إلى اعتبار إدالء الزوج‬
‫بشواهد طبية تفيد عقمه من األدلة القوية التي تبرر االستجابة لطلبه بإجراء خبرة وهكذا جاء في إحدى‬
‫قراراته "والطالب نازع في نسب البنت‬

‫)‪ – (1‬حكم صادر عن قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 2183‬والصادر بتاريخ ‪ 2010/06/08‬يف‬
‫امللف رقم ‪5/2078‬ج‪ /2008‬غري منشور‪.‬‬
‫)‪ – (2‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 504‬صادر بتاريخ ‪ 2006/09/06‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 4/1/2/393‬نشره ذ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫إبراهيم حبماين‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪) 467.‬‬
‫( – قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 144‬والصادر بتاريخ ‪ 2009/04/01‬يف امللف رقم ‪ 2008/1/2/546‬أهم قرارات‬

‫‪97‬‬
‫اجمللس األعلى‪ :‬م‪.‬سن ص ‪66.‬‬

‫‪98‬‬
‫إليه وادعى أنه عقيم‪ ،‬واستدل بتحليل طبي على ذلك‪ ،‬والمحكمة لما لم ترد على طلبه س‪OO‬لبا أو إيجاب‪OO‬ا في‬
‫هذا الخصوص تكون قد أساءت تطبيق القانون‪ "(1).‬كما اعتبر إدانة الزوج‪OO‬ة بالخيان‪OO‬ة الزوجي‪OO‬ة دلي‪OO‬ل‬
‫قويا أيضا وفي هذا اإلطار جاء في إحدى قراراته "حيث إن المحكم‪OO‬ة مص‪OO‬درة الق‪OO‬رار المطع‪OO‬ون‬
‫فيه‪ ،‬لما اعتمدت في‬
‫قضائها على الدليل المكتمل في الحكم الجنحي الذي أدان أخ الزوج المطلوب في‬
‫النقض من أجل جنحة المشاركة في الخيانة الزوجية مع الطاعن‪OO‬ة‪ ،‬واعت‪OO‬برت أن ه‪OO‬ذه الحج‪OO‬ة دلي‪OO‬ل على‬
‫ادعائه وقررت بناء على ذلك إج‪OO‬راء خ‪OO‬برة جيني‪OO‬ة أثبتت أن الول‪OO‬د المتنازع في نس‪OO‬به ليس من ص‪OO‬لب‬
‫الزوج لعدم وجود أي عالقة بيولوجية بين الط‪O‬رفين وقض‪O‬ت تبع‪O‬ا ل‪O‬ذلك بنفي نس‪O‬ب الول‪O‬د عن‪O‬ه تك‪O‬ون ق‪O‬د‬
‫طبقت المادة المحتج بها‬
‫تطبيقا صحيحا ولم تخرق القانون‪"(2).‬‬

‫وغني عن البيان أن الخبرة تفيد في التوصل إلى وجود عالقة بيولوجية‬


‫بين الولد واألب المحتمل دون الحسم في مسألة النسب‪ ،‬وفي هذا الصدد جاء في‬
‫حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكناس "وحيث إنه وإن‬
‫كانت نتائج الخبرة الجينية قد بينت وجود عالقة بنوة بيولوجية بين الطفل‪...‬‬
‫والمسمى‪ ...‬إال أن هذه البنوة ال يترتب عليها أي اثر من آثار البنوة الشرعية مادامت أن البنوة غير‬
‫شرعية‪ ،‬وذلك باعتراف المدعية نفسها استنادا لمقتضيات‬
‫المادة ‪ 148‬من مدونة األسرة‪"(3 ).‬‬

‫فمن خالل حيثيات هذا الحكم أرى أن المحكمة لم تكن في حاجة إلجراء خبرة طبية مادام قد‬
‫ثبت لها أن البنت مزدادة من عالقة غير شرعية باعتراف‬
‫المدعية‪ .‬كما أن الزوج ال يحتاج في مثل هذه الحالة إلى اللجوء إلى اللعان أو‬

‫)‪ – (1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 504‬صادر بتاريخ ‪ 2006/09/06‬ملف شرعي عدد ‪ 4/1/2/393‬نشره ذ‪ .‬إبراهيم‬
‫‪2‬‬
‫حبماين‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪) 467.‬‬
‫( – قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 586‬والصادر بتاريخ ‪ 2007/11/21‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 2007/1/2/315‬نشره‬
‫ذ‪ .‬إبراهيم حبماين‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 531‬وما بعدها‪.‬‬
‫– حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 1134‬واتريخ ‪ 2011/03/22‬يف امللف عدد‬ ‫(‪)3‬‬
‫غري منشور‪.‬‬ ‫‪5/1037‬ج‪/2010‬‬
‫‪99‬‬
‫الخبرة الطبية لنفي النسب عنه مادام الولد غير الحق شرعا بالزوج‪ ،‬ذلك أن الخبرة يكون له‪OO‬ا مح‪OO‬ل‬
‫في ما إذا ازداد الولد على فراش صحيح أو الحاالت الملحقة به مثل حالة االتصال بشبهة وحالة الزواج‬
‫غير الصحيح‪ ،‬وهو ما يفيد أن الخبرة‬
‫ليست وسيلة مستقلة يثبت بها النسب ألن من شأن ذلك إلحاق أبناء الزنا بآبائهم‪.‬‬

‫وأختم هذه النقطة بكالم نفيس أللستاذ إبراهيم بحماني رئيس الغرفة‬
‫الشرعية لدى المجلس األعلى أن‪OO‬ه يتعين اللج‪OO‬وء إلى الفح‪OO‬وص الطبي‪OO‬ة لمعرف‪OO‬ة من ينس‪OO‬ب إلي‪OO‬ه الول‪OO‬د عن‪OO‬د‬
‫االقتضاء‪ ،‬ولكن ذلك ال يكون إال في الحالة التي يقع فيها ن‪OO‬زاع حول نس‪OO‬به وال يوج‪OO‬د ح‪OO‬ل ق‪OO‬انوني ل‪OO‬ذلك‬
‫النزاع‪ ،‬أما إذا وجد الحل القانوني بف‪O‬راش ص‪OO‬حيح فإن‪OO‬ه ال يبقى م‪OO‬برر للج‪OO‬وء للفحص الط‪OO‬بي ألن الول‪OO‬د‬
‫للفراش وألن البنوة الشرعية مقدمة على البنوة الطبيعية‪ ،‬كما يرى أنه في حالة عدم ثبوت البن‪OO‬وة الش‪OO‬رعية‬
‫بالنسبة أللب معالجة الموضوع بإجراء تحليل طبي على المولود‪ ،‬فإذا‬
‫ثبت أنه من ماء المتهم في حالة االغتصاب يمكن إلزامه باإلنفاق عليه إلى أن يبلغ‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬م)‬
‫قادرا على الكسب استنادا لقواعد المسؤولية التقصيرية (الفصل ‪77‬‬
‫(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬صدور أمر قضائي بهذه الخبرة‬

‫عند اقتناع المحكمة بالدالئل القوية المدلى بها من طرف الزوج تصدر‬
‫حكما تمهيديا بإجراء خبرة جينية يخضع لها كل من الزوج والزوجة والولد المراد نفي نسبه‪ ،‬وفي هذا‬
‫اإلطار جاء في حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة‬
‫االبتدائية بميسور" وحيث أن المدعي ينفي نسب االبن على اعتبار أن المدعي‬
‫عليها حملت به وهي خارج بيت الزوجية وأنجبته ألكثر من سنة من تاريخ‬
‫مغادرتها لهذا البيت في وقت لم يتصل بها خاللها‪.‬‬

‫وحيث إن المادة ‪ 153‬من مدونة األسرة تنص على أن‪...‬‬

‫) ‪ – (1‬إبراهيم حبماين‪ :‬مقال نسب األبناء يف الزواج الفاسد‪ ،...‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 39‬و‪58.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪0‬‬
‫وحيث إن المحكمة حكمت تمهيديا بإجراء خبرة طبية جينية إلثبات ما إذا‬
‫كان الطفل‪ ...‬يتنسل من صلب المدعي‪ ...‬أم ال‪.‬‬

‫وحيث إن تقرير الخبرة الطبية المنجز من طرف مختبر الشرطة العلمية‬


‫بالدار البيضاء‪ ،‬خلص فيه من خالل نتائجها وبعد سلسلة من الفحوصات إلى عدم‬
‫ثبوت بنوة الطفل‪ ...‬للمسمى"‪(1). ...‬‬

‫وجدير بالذكر إلى أنه في حالة غياب الزوج أو امتناعه عن إجراء خبرة‬
‫طبية عليه في دعوى نفي النسب فإن ذلك يعد قرينة على عدم صحة ادعائ‪OO‬ه إذا ك‪OO‬ان م‪OO‬دعيا وقرين‪OO‬ة على‬
‫صحة ما جاء في مقال المدعية إذا كان مدعى عليه‪ (2).‬أما في حالة وفاته فيمكن اللج‪O‬وء إلى وس‪O‬ائل‬
‫اإلثبات المقررة شرعا لما هو مقرر من أنه ال تعج‪O‬يز في النس‪O‬ب‪ ،‬كم‪OO‬ا يمكن إج‪O‬راء الخ‪O‬برة على بقاي‪OO‬ا‬
‫عظام الهالك‪ ،‬علما أن عدم أداء أتع‪OO‬اب الخ‪OO‬برة يع‪OO‬د س‪OO‬ببا موجب‪OO‬ا لص‪OO‬رف النظ‪OO‬ر عن الخ‪OO‬برة ال‪OO‬تي يمكن‬
‫للمحكمة‬
‫أن تأمر بها تلقائيا‪(3).‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن الخبرة الطبية يجب أن تفيد القطع أللخذ بنتائجها‬
‫خصوصا وأن األمر يتعلق بمجال خطير وهو نفي النسب والشرع متشوف‬
‫للحوقه‪ ،‬علما أنه يمكن اللجوء إلى خبرة تكميلية أو مضادة‪ ،‬وفي هذا اإلطار جاء‬
‫في حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بميسور "وحيث إن‬
‫ولم يكن‬
‫تقرير الخبرة الطبية جاء مستوفيا لكافة الشروط الشكلية المتطلبة قانونا‬
‫محل طعن من طرف المدعى عليها‪ ،‬مما يتعين معه األخذ بنتائجه‪.‬‬

‫) ‪ – (1‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبيسور عدد ‪ 75‬والصادر بتاريخ ‪ 2007/03/12‬يف امللف الشرعي‬
‫عدد ‪ 2006/71‬غري منش‪O‬ور‪.‬‬
‫)‪ – (2‬ويف هذا اإلطار جاء يف حكم صادر عن قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية بفاس "وحيث إن ختل‪O‬ف امل‪O‬دعى عليهم عن إج‪OO‬راء اخلرب‪O‬ة‬
‫رغم توصلهما بصفة قانونية وبدون عذر مقبول تعتربه احملكمة قرينة قوية على صحة ادعاءات املدعني"‪ ،‬حكم‬
‫عدد ‪ 769‬والصادر بتاريخ ‪ 2009/02/09‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 06/01/2766‬غري منشور‪.‬‬
‫)‪ – (3‬عمر ملني‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 14‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪1‬‬
‫وحيث إنه ال يسع المحكمة تبعا لذلك سوى الحكم بنفي نسب االبن‪...‬عن‬
‫المدعي‪"(1).‬‬

‫وجاء في حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكناس‬


‫"وحيث إن الخبرة المذكورة لم تكن محل أي طعن شكلي أو موضوعي مما جعل‬
‫المحكمة تعتمدها‪"(2).‬‬

‫والمالحظ أن المشرع أعطى المحكمة وحدها الحق في إصدار األمر‬


‫بإجراء الخبرة الطبية وأن تكون مختصة وكل ذلك لحساسية موضوع النس‪OO‬ب‪ ،‬وه‪OO‬و األم‪O‬ر ال‪O‬ذي ي‪OO‬دفع‬
‫المحاكم إلى إسناد مهمة الخبرة الطبي‪OO‬ة لجه‪O‬ات تت‪OO‬وفر على اإلمكاني‪OO‬ات التقني‪OO‬ة والمؤه‪OO‬الت البش‪OO‬رية‬
‫االلزمة كالمختبر الوطني العلمي للشرطة‬
‫بالدار البيضاء‪.‬‬

‫وأشير في آخر هذه النقطة إلى أن المجلس األعلى ذهب إلى عدم اشتراط‬
‫مدة معينة لنفي النسب بواس‪O‬طة الخ‪O‬برة الطبي‪O‬ة‪ ،‬وهك‪O‬ذا ج‪O‬اء في أح‪O‬د قرارات‪O‬ه "والمحكم‪OO‬ة لم‪OO‬ا‬
‫قضت برفض طلبه بعلة أنه عاد إلى المغرب وزوجته حامل في‬
‫النسب داخل األجل‬ ‫يمارس دعوى اللعان ونفي‬ ‫شهرها الثامن وسكت عن ذلك ولم‬
‫من مدونة األسرة لم تشترط مدة معينة‬
‫المقرر شرعا والحال أن المادة ‪153‬‬
‫نفي النسب بواسطة خبرة قضائية تفيد القطع فإنها تكون بدلك قد‬
‫لممارسة دعوى‬
‫تعلل قرارها تعليال سليما ما يعرضه‬
‫أقامت قضائها على غير أساس ولم‬
‫للنقض‪"(3).‬‬

‫) ‪ – (1‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبيسور عدد ‪ 75‬والصادر بتاريخ ‪ 2007/03/12‬يف امللف الشرعي‬
‫عدد ‪ 2006/71‬غري منشور‪.‬‬
‫) ‪ – (2‬حكم قسم قضاء األسرة ابحملكمة االبتدائية مبكناس عدد ‪ 806‬والصادر بتاريخ ‪ 10/03/08‬يف امللف الشرعي عدد‬
‫‪5/373‬ج‪ /2010‬غري منشور‪.‬‬
‫)‪ – (3‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 554‬والصادر بتاريخ ‪ 2006/09/27‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 2005/1/2/391‬أهم‬
‫‪10‬‬
‫‪2‬‬
‫قرارات اجمللس األعلى‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪54.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪3‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإلشكاالت العملية المثارة بشنن اعتماد الخبرة‬
‫الطبية لنفي النسب‬
‫لقد أدى إيجاد مؤسسة الخبرة الطبية كوسيلة علمية جديدة في مدونة إلثبات ونفي النسب‬
‫إلى طرح مجموعة من اإلشكاالت العملية لم يتعرض‬ ‫األسرة‬
‫لها المشرع المغربي بنص صريح وهو ما سأحاول إبرازه من خالل النقط التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعارض نتائج الخبرة الطبية مع قاعدة الولد للفراش‬

‫إذا كان النسب ثابتا بالفراش والخبرة الطبية أكدت عكس ذلك فمن يرجح‬
‫على اآلخر؟‬

‫لم يتطرق المشرع لهاته المسالة إال أن المجلس األعلى قد حسم في هذه‬
‫النقطة من خالل قضية بلخديم التي عرضت عليه‪ ،‬حيث ج‪OO‬اء في إح‪OO‬دى حيثي‪OO‬ات القرار "لكن حيث إن‬
‫المحكمة المطعون في قرارها قد بنت قضاءها على أنه إذا ولدت الزوجة بعد فراق يثبت نس‪OO‬ب الول‪OO‬د‬
‫إذا جاءت به خالل سنة من تاريخ الفراق‬
‫مع مراعاة ما ورد في الفصل ‪ 76‬من مدونة األحوال الشخصية‪ ...‬مؤيدة الحكم‬
‫االبتدائي فيما قضى به معالل بأن الحكم األجنبي المحتج به والذي حكم بأن المدعي عليه ليس أبا للطفلة‬
‫اعتمادا على دراسة الدم وتحليله إال أن ذلك مخالف لمقتضيات‬
‫الفصل ‪ 76‬المذكور‪"(1).‬‬

‫فهذه النازلة طرحت مسألة التعارض بين قاعدة شرعية واكتشاف علمي‬
‫حديث ورجح المجلس األعلى قرينة الفراش إال أن المجلس كان عليه أن يبرز أن‬
‫القضاء الفرنسي لم يتأكد من شرط إدالء الزوج بدالئل قوية للجوء إلى الخبرة‬
‫الطبية لنفي النسب وهو مسألة جوهرية في القانون المغربي‪.‬‬

‫ونعتقد أن االتجاه الذي سار عليه المجلس األعلى هو عين الصواب‪ ،‬إذ ال‬
‫يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة األنساب الثابتة شرعا وذلك‬

‫)‪ – (1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 658‬صادر جبميع غرفه يف ‪ 2004/12/30‬يف امللف الشرعي عدد ‪2003/1/2/556‬‬
‫نشره حممد الكشبور‪ :‬البنوة والنسب‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪243.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪4‬‬
‫حماية ألعراض الناس‪ ،‬فمن المقاصد األصولية والفقهية أن درء المفاسد يقدم على‬
‫جلب المصالح‪ ،‬وقاعدة "احكم بالظاهر وهلال يتولى السرائر"‪ ،‬وكل ذلك يقتضي منع اعتماد الخبرة أو البصمة‬
‫الوراثية لنفي نسب ثابت شرعا‪ ...‬فالنسب الثابت بالفراش‬
‫ال يقبل االنتفاء إذا توفرت سائر شروطه وال ينتفي الولد عن الزوج مادامت شروط‬
‫الفراش متوفرة من مدة حمل وإمكان االتصال بنوعيه المادي والمعنوي‪(1).‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعارض نتائج الخبرة الطبية واإلقرار بالنسب‬

‫يثار اإلشكال في هذه النقطة في حالة ما إذا أقر شخص بولد مجهول‬
‫النسب مع توفر باقي الشروط األخرى ثم عاد وطلب نفي النسب اعتمادا على‬
‫البصمة الوراثية‪.‬‬

‫من الناحية الفقهية ال يقبل الرجوع في اإلقرار لكون الشرع متشوف‬


‫للحوق النسب وهو نفس ما كرسه المجلس األعلى إذ يلزم المقر بما أقر به من‬
‫لحوق النسب إليه‪ ،‬وال يقبل منه تراجعه في ذلك بدعوى أنه عقيم وال يقبل منه‬
‫طلب إجراء خبرة طبية إلثبات ذلك‪ ،‬وهكذا جاء في إحدى قراراته "إن الثابت من‬
‫القرار المطعون فيه أن الطالب سبق أن أقر ببنوة االبن المذكور سواء بموجب رسم الطالق‪ ...‬أو في‬
‫معرض جوابه عن الدعوى السابقة والتي كانت المطلوبة قد‬
‫رفعتها لمطالبته بواجبات نفقة وحضانة االبن المذكور حيت اكتفى بالجواب بعدم‬
‫اإلنفاق على االبن المذكور دون تحفظ‪ ...‬ومعلوم فقها وقانونا أن المستند في نسبه لوالده إلى فراش الزوجية‬
‫وإقرار الوالد ال ينتفي نسبه عن هذا الولد بادعاء العقم‬
‫المكتشف حديثا بزعمه وإنما البد من سلوك مسطرة اللعان بشروطها الشرعية‪ ...‬والمحكمة لما ردت على‬
‫الدفع بنفي النسب بعلة اإلقرار المشار إليه والذي يعتبر‬

‫) ‪ – (1‬قضااي األسرة من خالل اجتهادات اجمللس األعلى‪ :‬الندوة اجلهوية الثانية املنظمة ابلقصر البلدي‪ ،‬مكناس أايم ‪8-9‬‬
‫مارس ‪ ،2007‬مطبعة األمنية الرابط‪ ،‬ص ‪ 278‬وما يليها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪5‬‬
‫وحده ملزما للطالب وحاسما للنزاع‪ ،‬فإنها تكون قد استبعدت ضمنيا طلب إجراء‬
‫خبرة لعدم جدواها في مثل هذه النازلة‪ ...‬وعللت قراراها تعليال قانونيا‪"(1).‬‬

‫فالمجلس األعلى من خالل حيثيات هذا القرار قدم اإلقرار بالنسب على‬
‫والذي تدعمه قاعدة أن‬
‫النفي بالبصمة الوراثية تغليبا لحق الطفل المجهول النسب‪،‬‬
‫الشرع متشوف للحوق األنساب‪.‬‬

‫وأرى أن اإلقرار بالنسب إذا توفرت سائر شروطه القانونية والشرعية ال‬
‫يقبل االنتفاء بعد ذلك إال إذا أدلى المستلحق بدالئل قوية على ادعاءه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تنثير الخبرة الطبية على العمل باللعان‬

‫كل طفل يولد أثناء فترة العالقة الزوجية المحددة في المادة ‪ 154‬من مدونة‬
‫األسرة يثبت نسبه إلى الزوج بقرينة قانونية قاطعة غير قابلة إلثبات العكس من أي‬
‫كان ماعدا الزوج نفسه الذي يمكنه أن يطعن في نسب الطفل إليه عن طريق‬
‫المطالبة باللعان أو بخبرة طبية تفيد القطع بوجود أو عدم وجود العالقة البيولوجية بينه وبين الطفل المعني‪،‬‬
‫وذلك مثل تحليل الحامض النووي الذي يعبر عنه‬
‫بالبصمة الوراثية‪.‬‬

‫وفي حالة اقتصار الزوج على المطالبة باللعان يمكن للزوجة أن تطالب‬
‫بالخبرة السالفة الذكر إلثبات كذبه في إنكار نسب الحمل أو الطفل‪(2).‬‬

‫ففي هذه الحالة هل يمكن اعتماد الوسيلتين معا لنفي النسب؟ وما الحل‬
‫الواجب األخذ به في حالة تعارض نتائجهما؟‬

‫بداية أشير إلى أنه على الزوج أن يختار إحدى الوسيلتين لنفي النسب‪،‬‬
‫ومن اختار ال يرجع‪ ،‬فإن اختار اللعان أمكن للزوجة اللجوء إلى الخبرة الطبية‪ ،‬إال‬

‫)‪ – (1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 492‬والصادر بتاريخ ‪ 2005/10/26‬يف امللف الشرعي عدد ‪ 2005/1/2/293‬أورده‬
‫حممد الكشبور‪ :‬البنوة والنسب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 237‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ – (2‬الدليل العملي ملدونة األسرة‪ ،‬منشورات مجعية نشر املعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪1-‬‬
‫‪ ،2004‬الطبعة الثالثة فرباير ‪ ،2007‬ص ‪98-99.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪6‬‬
‫أن المجلس األعلى لم يعترض على جمع اللعان والخبرة الطبية‪ ،‬بل أقر ذلك على ما يتض‪OO‬ح من الق‪OO‬رار‬
‫اآلتي‪" :‬والثابت من أوراق الملف أن الطاعن ن‪OO‬ازع في نس‪OO‬ب االبن وادعى أن‪OO‬ه لم يتص‪OO‬ل بالمطلوب‪OO‬ة‪،‬‬
‫وأدى يمين اللعان على ذلك في حين رفضت‬
‫اليمين‪ ،‬ورفضت‬ ‫المطلوبة أدائها رغم توصلها كما رفضت الحضور أثناء أدائه‬
‫كذلك الخبرة‪ ،‬والتمس إجراء خبرة قضائية إلثبات عدم نسبة المولود إليه وتمسك‬
‫بها‪ ،‬والمحكمة لما عللت قرارها بأن الخبرة ليست من وسائل نفي النسب شرعا‪،‬‬
‫من مدونة األسرة النافذة المفعول بتاريخ القرار المطعون‬
‫في حين أن المادة ‪153‬‬
‫فيه والواجبة التطبيق تنص على أن الخبرة القضائية من وسائل الطعن في النسب‬
‫إثباتا أو نفيا تكون قد أقامت قضاء على غير أساس‪"(1).‬‬

‫فالمجلس األعلى من خالل حيثيات هذا القرار سمح بالجمع بين اللعان‬
‫والخبرة الطبية‪ ،‬إال أنه في حالة تعارض نتائجهما ومادامت الخبرة الطبية وسيلة‬
‫احتياطية وال يمكن اللجوء إليها إال بعد توفر شروطها وتخضع للسلطة التقديرية للمحكمة‪ ،‬في حين أن‬
‫اللعان وسيلة شرعية وال يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة‬
‫عند توفر شروطه وإعمال مسطرته فهو مقدم على الخبرة‪.‬‬

‫)‪ – (1‬قرار اجمللس األعلى عدد ‪ 39‬والصادر بتاريخ ‪ ،2006/01/18‬كتاب املنتقى‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪225.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪7‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫هكذا أصل إلى نهاية هذا البحث بعد أن قضيت على امتداد صفحاته‬
‫السابقة وقتا غير يسير والذي وقفت من خاهلل على قضية من أهم القضايا‬
‫المعروضة على المحاكم المغربية (ابتدائية واستئنافية مكناس وابتدائية ميسور) في المجال األسري وهي مس‪OO‬ألة‬
‫إثبات النسب ونفيه‪ ،‬هذه اللحمة البشرية التي خصها الشرع اإلسالمي والقانون الوضعي بأهمية بالغة س‪OO‬دا‬
‫لذريعة اختالط األنساب‪ ،‬ولقد‬
‫خلصت من خالل ذلك إلى النتائج التالية‪:‬‬

‫* أن مدونة األسرة أحدثت طفرة نوعية من خالل المضامين الجديدة التي‬


‫جاءت بها في النسب‪ ،‬ومن ذلك مثال ما يخص إثبات النسب ونفيه بواسطة الخبرة‬
‫الطبية التي تعتمد على التحليالت الجينية )‪ ،(ADN‬ومن ذلك ما يخص إثبات نسب‬
‫الحمل أو الولد الذي كان ثمرة عالقة جنسية تمت بين مخطوبين في فترة الخطوبة‪ ،‬وهو ما ي‪OO‬برز من خال‪O‬ل‬
‫اعتماد الخبرة انفتاح المشرع األسري المغربي على وسيلة علمية أفض‪OO‬ى إليه‪OO‬ا البحث العلمي الح‪OO‬ديث من‬
‫أجل االستعانة بها للبت في المنازعات‬
‫المرتبطة بالنسب‪.‬‬

‫* أن المشرع األسري وسع من وسائل إثبات النسب وضيق من وسائل‬


‫نفيه‪ ،‬والتي وضع لها قيود للتضييق كثيرا من نطاقها وفي مقدمة هذه القيود وجوب ت‪OO‬دخل المحكم‪OO‬ة بحكم‬
‫قضائي في الموضوع‪ ،‬وهذا إن دل على شيء إنما يدل على‬
‫حق الطفل في‬ ‫للحوق النسب وحفظ‬ ‫اإلسالمية‬ ‫تماشي المشرع مع تشوف الشريعة‬
‫النسب‪.‬‬

‫* أن محاكم التدريب أعاله ومعها المجلس األعلى وإن كانا يتساهالن في‬
‫إلحاق النسب‪ ،‬فإنهما يتشددان في نفيه ويلحقانه ليس في الزواج الصحيح فحسب بل‬
‫حتى في الزواج الفاسد‪ ،‬وكذا الباطل أو للشبهة إذا توفرت شروطهما‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪8‬‬
‫* أن محاكم التدريب أعاله ومعها المجلس األعلى لعبا دورا في تكريس‬
‫حق الطفل في النسب من خالل إيجاد الحلول المناسبة إللشكاليات التي أفرزها‬
‫التطبيق القضائي في قضايا النسب‪.‬‬

‫ضوابط وأحكام الترجيح بين‬ ‫* يعاب على التشريع األسري كونه لم يحدد‬
‫الخبرة الجينية وحجيتها عند تعارضها مع وسائل اإلثبات أو النفي المقررة شرعا‬
‫وكل ذلك من أجل توحيد االجتهاد القضائي في هذا الشأن‪.‬‬

‫* من خالل محاكم التدريب لم أقف على تنفيذ عملي لمسطرة اللعان‪ ،‬بل‬
‫فقط بعض األحكام والقرارات التي لم تتم االستجابة فيها لطلب نفي النسب باللعان‬
‫لتخلف شرط من شروطه‪ ،‬علما أن المشرع فتح باب اللجوء إلى الخبرة الطبية‪.‬‬

‫* إن قسم قضاء األسرة بالمحكمة االبتدائية بمكناس ال يكلف نفسه عناء‬


‫البحث في وجود الظروف القاهرة التي حالت دون توثيق عقد الزواج‪ ،‬كما تنص‬
‫على ذلك المادة ‪ 156‬من مدونة األسرة عكس ما عليه األمر بابتدائية ميسور‪.‬‬

‫المتواترة‬ ‫* إن محاكم التدريب تسير في نفس اجتهادات المجلس األعلى‬


‫بخصوص النسب‪.‬‬

‫* إن محاكم التدريب تأخذ وقتها الكافي وااللزم وتسلك كل ما يمكن من‬


‫وسائل التحقيق قبل البث في ملفات النسب لخطورة وأهمية هذا النوع من الملفات‪ ،‬علما أن سلوك مس‪OO‬طرة‬
‫الخبرة يكلف المتقاضين كثيرا ويضع الدولة أمام تحدي توف‪OO‬ير مراكز للتحالي‪O‬ل الجيني‪O‬ة بالش‪O‬كل الك‪O‬افي من‬
‫حيث العدد والتجهيزات الخاصة‬
‫وعدد األطر المتخصصة‪.‬‬

‫* إن محاكم التدريب تعمل سلطتها التقديرية في اللجوء إلى الخبرة الطبية‬


‫أو عدم اللجوء إليها وكذلك األمر بالنسبة للعمل بنتيجتها‪.‬‬

‫البحث الميداني‬ ‫كانت أهم النتائج التي توصلت إليها من خالل هذا‬ ‫تلكم‬
‫بمحاكم التدريب‪ ،‬وأشيرا إلى أن كل سهو أو إغفال أو تقصير فمن نفسي‪ ،‬فإني حاولت االجتهاد ما‬
‫استطعت وهلال المستعان‪ ،‬وإني أستحضر مقولة العماد‬
‫‪10‬‬
‫‪9‬‬
‫األصفهاني الذي يقول فيها "إني رأيت أنه ال يكتب إنسان كتابا في يومه إال قال في‬
‫غذه لو غير هذا لكان أحسن‪ ،‬ولو زيد كذا لكان يستحسن‪ ،‬ولو قدم ذاك لكان‬
‫أفضل‪ ،‬ولو ترك ذلك لكان أجمل‪ ،‬وهذا من أعظم العبر‪ ،‬وهو دليل على استيالء‬
‫النقص على جملة البشر‪".‬‬

‫نسأل هلال أن ينفعنا بهذا العمل وينفع به وأن يوفقنا لما فيه الخير آمين‪.‬‬

‫‪‬سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت‬


‫صدق هلال العظيم‪.‬‬ ‫العليم الحكيم‪‬‬

‫‪11‬‬
‫‪0‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬

‫‪ -‬القرآن الكريم برواية ورش عن نافع‬

‫‪ -‬الكتب الفقهية واللغوية‬


‫لبنان‪ ،‬تاريخ‪/‬‬ ‫‪ ‬ابن جزي‪ :‬القوانين الفقهية‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪-‬‬
‫بدون‪.‬‬

‫‪ ‬الرصاع‪ :‬شرح حدود ابن عرفة‪ ،‬المكتبة العلمية‪ ،‬تونس ط‪.‬ت‪/‬بدون‪.‬‬

‫‪ ‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر بيروت ج ‪ 6‬و‪ 5‬و‪13.‬‬

‫‪ -‬الكتب القانونية‪:‬‬
‫‪ ‬أحمد الخمليشي‪ :‬التعليق على قانون األحوال الشخصية‪ ،‬ج ‪ 2‬ط‪/1‬‬
‫‪ ،1994‬المعارف الجديدة الرباط‪.‬‬

‫‪ ‬إبراهيم بحماني‪ :‬العمل القضائي في قضايا األسرة؛ مرتكزاته‬


‫‪ ،2008‬مكتبة دار‬
‫ومستجداته في مدونة األحوال الشخصية ومدونة األسرة‪ ،‬ط‬
‫السالم‪ -‬الرباط‪.‬‬

‫‪ ‬محمد الكشبور‪ :‬البنوة والنسب في مدونة األسرة قراءة في المستجدات‬


‫البيولوجية دراسة قانونية وشرعية مقارنة‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة‬
‫طبعة ‪.2007 14‬‬

‫‪ ‬محمد مصطفى شلبي‪ :‬أحكام األسرة في اإلسالم‪ ،‬ط‪1973. /2‬‬

‫‪ ‬مرزق أيت الحاج‪ :‬الوجيز في التوثيق العدلي‪ ،‬ط‪ ،2005 /1‬مطبعة‬


‫طوب بريس‪.‬‬

‫‪ ‬مصطفى رزقي‪ :‬ميزان الذهب في قواعد اللعان والنسب من خالل‬


‫قرارات المجلس األعلى ط‪ ،2007 /1‬مطبعة سيرنيور‪ -‬فاس‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬خليفة علي الكعبي‪ :‬البصمة الوراثية وأثرها على األحكام الفقهية‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة للنشر االسكندرية ‪2004.‬‬

‫‪ ‬أهم قرارات المجلس األعلى في تطبيق الكتاب الثالث من مدونة األسرة‬


‫ط‪ /‬بدون إدكل للطباعة والنشر‪ -‬الرباط ‪2007.‬‬

‫‪ ‬إشكالية الخبرة الطبية في إثبات النسب أو نفيه‪ ،‬مدونة األسرة بعد ثالث‬
‫سنوات من التطبيق الحصيلة واآلفاق‪ ،‬أشغال الندوة الدولية المنظمة من طرف‬
‫بكلية الحقوق‬
‫مجموعة البحث في القانون واألسرة‪ ،‬يومي ‪ 16-15‬مارس ‪2007‬‬
‫بوجدة ط‪ ،/1‬مطبعة الجسور وجدة ‪ ،2008‬سلسلة الندوات ‪2.‬‬

‫‪ ‬المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة األسرة‪ ،‬الجزء ‪ ،1‬منشورات‬


‫جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الشروح والدالئل‪ ،‬العدد ‪10‬‬
‫فبراير ‪ 2009‬ط‪ /‬بدون‪.‬‬

‫‪ ‬الدليل العملي لمدونة األسرة‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية‬


‫والقضائية‪ ،‬سلسلة الشروح والدالئل العدد ‪ ،2004/1‬ط ‪ /3‬فبراير ‪2007.‬‬

‫‪ ‬قضايا األسرة من خالل اجتهاد المجلس األعلى‪ ،‬الندوة الجهوية الثانية‬


‫المنظمة بالقصر البلدي مكناس أيام ‪ 8-9‬مارس ‪ ،2007‬مطبعة األمنية الرباط‪.‬‬

‫‪ -‬المجالت‪:‬‬
‫‪ ‬مجلة القضاء والقانون العدد ‪149-88-89.‬‬

‫‪ ‬مجلة قضاء المجلس األعلى العدد ‪55-83-86.‬‬

‫‪ ‬مجلة قضاء األسرة العدد ‪ 3‬دجنبر ‪2006.‬‬

‫‪ ‬مجلة الحقوق الكويتية‪ ،‬السنة العشرون العدد األول مارس ‪1996.‬‬

‫‪ ‬مجلة النشر العلمي جامعة الكويت سنة ‪2001.‬‬

‫‪ ‬المجلة المغربية للقانون واقتصاد التنمية العدد ‪ 50‬سنة ‪2004.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ ‬المنتدى مدونة األسرة تقييم ومعالجة مجلة دورية يصدرها منتدى‬
‫البحث القانوني مراكش العدد ‪5-2005.‬‬

‫‪ -‬المحاضرات والرسائل‪:‬‬
‫‪ ‬سعد أصبان‪ :‬النسب بين قواعد الشريعة ونتائج الخبرة‪ ،‬عرض قدم‬
‫لطلبة المعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪34.‬‬

‫‪ ‬عمر لمين‪ :‬محاضرة تتعلق بالنسب تم إلقاؤها في ندوة بالمعهد العالي‬


‫للقضاء سنة ‪ 2007‬للفوج ‪34.‬‬

‫‪ ‬عزيزة حميدي‪ :‬إثبات النسب ونفيه من خالل العمل القضائي بالدائرة‬


‫االستئنافية بفاس‪ ،‬بحث نهاية التمرين‪ ،‬الفوج ‪34.‬‬

‫‪ ‬مغنية رشيدي‪ :‬حق الطفل في النسب دراسة فقهية تشريعية قضائية‬


‫د‪.‬د‪.‬ع‪.‬م في القانون الخاص‪ ،‬وحدة األسرة والطفولة‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد‬
‫هلال‪ -‬فاس ‪2002-2003.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬

‫المحور األول‪ :‬وسائل إثبات النسب ‪------------------------------5‬‬


‫‪5‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬إثبات النسب بالفراش‬

‫المطلب األول‪ :‬ثبوت النسب في الزواج الصحيح‪6 --------------------------‬‬

‫‪6‬‬ ‫أوال‪ :‬إبرام عقد زواج صحيح‬

‫‪9‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مدة الحمل المعتبرة شرعا‬

‫‪14‬‬ ‫ثالثا‪ :‬إمكانية االتصال بين الزوجين‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ثبوت النسب في الزواج غير الصحيح‬

‫‪15‬‬ ‫والوطء بشبهة‬

‫أوال‪ :‬ثبوت النسب في الزواج غير الصحيح ‪16 ------------------------------‬‬

‫‪16‬‬ ‫الزواج الباطل‬ ‫‪1-‬‬

‫‪18‬‬ ‫الزواج الفاسد‬ ‫‪2-‬‬

‫ثانيا‪ :‬ثبوت النسب للشبهة (المادة ‪ 156‬من م‪.‬األسرة نموذجا) ‪20 --------------‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إثبات النسب باإلقرار والبينة الشرعية ‪27 ---------------------‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إثبات النسب باإلقرار‪27 -------------------------------------‬‬

‫‪28‬‬ ‫أوال‪ :‬شروط اإلقرار بالنسب‬

‫‪31‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إثبات اإلقرار بالنسب‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إثبات النسب بالبينة الشرعية ‪34 ------------------------------‬‬

‫‪11‬‬
‫‪4‬‬
‫أوال‪ :‬ماهية شهادة عدلين وبينة السماع ‪34 -----------------------------------‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء من شهادة عدلين وبينة السماع‪35 ------------------------‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬وسائل نفي النسب‪38 -----------------------------------‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نفي النسب عن طريق إثبات اختالل أحد شروط‬

‫‪38‬‬ ‫الفراش أو باللعان‬

‫المطلب األول‪ :‬نفي النسب عن طريق إثبات اختالل أحد‬

‫‪38‬‬ ‫شروط الفراش‬

‫‪39‬‬ ‫أوال‪ :‬عدم وجود عقد زواج صحيح‬

‫ثانيا‪ :‬عدم تحقق مدة الحمل المعتبرة شرعا‪40 --------------------------------‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدم إمكانية االتصال بين الزوجين‪42 ----------------------------------‬‬

‫‪45‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نفي النسب باللعان‬

‫‪45‬‬ ‫أوال‪ :‬إجراءات اللعان وشروطه‬

‫ثانيا‪ :‬نفي النسب باللعان على ضوء العمل القضائي ‪47 -----------------------‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نفي النسب عن طريق الخبرة الطبية‪50 -----------------------‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع الخبرة الطبية في مجال النسب ‪51 ----------------------‬‬

‫‪52‬‬ ‫أوال‪ :‬فصيلة الدم‬

‫‪52‬‬ ‫ثانيا‪ :‬البصمة الوراثية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط اللجوء إلى الخبرة الطبية في مدونة األسرة ‪53 ---------‬‬

‫أوال‪ :‬إدالء الزوج بدالئل قوية على ادعائه ‪54 --------------------------------‬‬

‫ثانيا‪ :‬صدور أمر قضائي بهذه الخبرة ‪58 ------------------------------------‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلشكاالت العملية المثارة بشأن اعتماد‬


‫‪11‬‬
‫‪5‬‬
‫‪61‬‬ ‫الخبرة الطبية لنفي النسب‬

‫أوال‪ :‬تعارض نتائج الخبرة الطبية مع قاعدة الولد للفراش ‪61 ------------------‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعارض نتائج الخبرة الطبية واإلقرار بالنسب ‪62 -----------------------‬‬

‫ثالثا‪ :‬تأثير الخبرة الطبية على العمل باللعان ‪63 ------------------------------‬‬

‫‪65‬‬ ‫خاتمة‬

‫والمراجع المصادر قائمة ‪68 -----------------------------------------------‬‬

‫‪11‬‬
‫‪6‬‬

You might also like