You are on page 1of 80

‫مادة النظرية العامة‬

‫لاللتزامات‬
‫‪1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صحة التراضي‬
‫ال يكفي لقيام العقد أن يوجد الرضا‪ ،‬ويتحقق التوافق بين إرادة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬بل يشترط في هذا الرضا‪:‬‬

‫أن يكون صحيحا‪ ،‬أي أن يكون صادرا عن شخص متمتع باألهلية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬أن يكون خاليا من العيوب التي تشوبه‪ ،‬والتي هي الغلط‪ ،‬التدليس‪ ،‬اإلكراه‪،‬‬
‫الغبن‪ ،‬وحالة المرض والحاالت األخرى المشابهة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األهلية‬

‫أوال ‪ -‬تعريف األهلية‬

‫األهلية هي صالحية الشخص لكسب الحقوق والتحمل بااللتزامات‪،‬‬


‫ومباشرة التصرفات القانونية التي من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله التزاما‪.‬‬

‫ويتبين من هذا التعريف أن األهلية نوعان‪ :‬أهلية وجوب وأهلية أداء‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬أهلية وجوب هي صالحية الشخص لكسب الحقوق والتحمل بااللتزامات‪،‬‬
‫وهي تثبت لإلنسان من يوم والدته حيا إلى حين وفاته‪.‬‬

‫‪ -‬أهلية األداء هي صالحية الشخص لممارسة التصرفات والحقوق‪ ،‬والتحمل‬


‫بااللتزامات على وجه يعتد به قانونا‪.‬‬

‫‪ -‬أهلية األداء هي التي تعنينا في هذا المقام‪ ،‬ألنها تتعلق بأهلية التعاقد أو‬
‫بصورة أعم بأهلية االلتزام‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫نظم المشرع المغربي أحكام األهلية بمقتضى ق ل ع في الفصول من ‪ 3‬إلى‬
‫‪ ،13‬ومدونة األسرة في الفصول من ‪ 206‬إلى ‪ .228‬وأحكامها تتعلق بالنظام‬
‫العام ويجب مراعاتها دون مخالفة بنود أحكامها‪.‬‬

‫وإذا كان األصل في الشخص كمال األهلية ببلوغه سن الرشد القانوني(‪18‬‬


‫سنة شمسية كاملة)‪ ،‬فإنه في بعض الحاالت تتأثر األهلية بعدة عوامل‪،‬‬
‫حددت في السن وسلوك الشخص ووضعيته الذهنية‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن‬
‫يؤثر في صحة التصرفات القانوني‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ثانيا‪ :‬فقدان األهلية وأثره في التصرفات‬

‫ورد النص على حاالت فقدان األهلية في المادة ‪ 217‬من مدونة األسرة‪،‬‬
‫وحددها في حالة‪:‬‬
‫الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز‪ ،‬والمجنون وفاقد العقل‪.‬‬

‫‪ -1‬حالة الصغير غير المميز‬


‫الصغير غير المميز هو الذي لم يبلغ الثانية عشرة سنة من عمره واعتبره‬
‫المشرع عديم أهلية األداء انعداما مطلقا‪ ،‬حيث ال يحق له إجراء جميع‬
‫أشكال التصرفات القانونية‪ ،‬وكل تصرف يقدم عليه ال يعتد به إطالقا‪،‬‬
‫ويكون باطال‪.‬‬
‫يعتبر الصغير غير المميز محجورا عليه بقوة القانون‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -2‬حالة الجنون وفقدان العقل‬
‫الجنون هو اضطراب يلحق العقل فيعدم عند صاحبه اإلدراك والتمييز‪،‬حيث‬
‫يعتبر عديم األهلية إذا كان فقدانه للعقل بصورة كلية‪ ،‬أما إذا كانت بصورة‬
‫منقطعة‪ ،‬فإن أهلية تكون كاملة عند استرداده لوعيه‪.‬‬

‫‪ -‬ويعتبر فاقد العقل لسبب آخر غير الجنون عديم األهلية كما في حالة تناول‬
‫الخمر أو األقراص المخدرة‪ ،‬فالشخص حينها يكون فاقد اإلدراك والتمييز‪.‬‬

‫‪ -‬المجنون وفاقد العقل يتوجب األمر صدور حكم بالحجر من المحكمة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ -‬نقصان األهلية وأثره في التصرفات‬
‫ورد النص على نقصان األهلية في المادة ‪ 213‬من مدونة األسرة‪ ،‬وحددها‬
‫في ثالث‪ :‬الصغير المميز‪ ،‬السفيه‪ ،‬المعتوه‪.‬‬
‫أوال‪ -‬حالة الصغير المميز‬
‫‪ -‬الصغير المميز هو الذي أتم اثنتي عشرة سنة شمسية كاملة‪ ،‬ولكنه لم يدرك‬
‫سن البلوغ (‪ 18‬سنة) فلم يصبح كامل األهلية‪ ،‬والصغير المميز كالصغير‬
‫غير المميز يعتبر محجوزا عليه قانونا‪.‬‬
‫‪ -‬الصغير المميز في هذه المرحلة يكتسب نوعا ما وعيا وإدراكا‪ ،‬يستطيع به‬
‫أن يميز بين األمور التي تفيده أو التي تضره‪ ،‬ويختلف حكم التصرفات التي‬
‫يجريها الصغير المميز باختالف نوع التصرف‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬وتقسم التصرفات بهذا الشأن تقليديا إلى ثالث‪:‬‬
‫‪ ‬تصرفات نافعة نفعا محضا‪ ،‬ينتج عنه تملك بشيء دون مقابل‪.‬‬
‫‪ ‬تصرفات ضارة ضررا محضا‪ ،‬يؤدي إلى أن يخرج شيء من ملكه دون‬
‫مقابل‪.‬‬
‫‪ ‬تصرفات تدور بين النفع والضرر‪ ،‬وهي التصرفات العوضية مثل البيع‬
‫والشراء والشركة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬التصرفات القانونية للصغير المميز النافعة نفعا محضا تكون نافذة في حقه‪ ،‬دون أن يكون في‬
‫حاجة إلى إذن من وليه‪.‬‬

‫‪ -‬أما التصرفات القانونية التي تعود عليه بالضرر المحض‪ ،‬فإنها باطلة بطالنا مطلقا ولو تمت‬
‫بموافقة الولي أو الوصي‪.‬‬

‫‪ -‬التصرفات القانونية الدائرة بين النفع والضرر نافدة في حق الصغير المميز‪ ،‬شرط موافقة النائب‬
‫الشرعي‪ ،‬غير أنه إذا أقدم الصغير المميز على إجراء التصرفات الدائرة بين النفع والضرر دون‬
‫الحصول على إذن من نائبة الشرعي‪ ،‬فإن تصرفه ال يكون ملزما له ويقع قابال لإلبطال‪.‬‬

‫‪ -‬وهذه األحكام العامة وردت عليها بعض االستثناءات‪ ،‬والتي تجعل من تصرفات الصغير المميز‬
‫صحيحة‪ ،‬كما في حالة ترشيد القاصر‪ ،‬وحالة المميز المأذون‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ترشيد القاصر‬

‫‪ ‬فحسب المادة ‪ 218‬من مدونة األسرة يحق للمحكمة أن تقضي بترشيد‬


‫القاصر البالغ من العمر السادسة عشر بناء على طلب هذا األخير أو نائبه‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫‪ - ‬ويترتب عن الترشيد تسلم المرشد ألمواله واكتسابه األهلية الكاملة في‬
‫إداراتها والتصرف فيها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المميز المأذون‬

‫‪ -‬كما أن هناك حالة الصغير المميز الذي يستلم جزء من أمواله إلدارتها‬
‫بقصد التجربة واالختبار‪ ،‬بناء على إذن بذلك من الولي‪ ،‬أو بقرار من‬
‫القاضي المكلف بشؤون القاصرين‪.‬‬
‫‪ -‬يصبح كامل األهلية في إدارة هذه األموال في حدود الترخيص الممنوح له‪،‬‬
‫غير أن هذا اإلذن يمكن إلغائه في حالة إذا لم يحسن الصغير المميز إدارة‬
‫أمواله وتسبب في إلحاق خسائر فادحة بسبب سوء تصرفه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -2‬حالة السفيه‬
‫‪ -‬السفيه هو المبذر الذي يصرف ماله فيما ال فائدة فيه وفيما يعده العقالء‬
‫عبثا‪ ،‬بشكل يضر به أو بأسرته‪ ،‬وهو كامل العقل إال أنه يعمل بخالف‬
‫موجب العقل والشرع‪ ،‬لذلك اعتبر ناقص األهلية وليس فاقدها‪.‬‬
‫‪ -‬تصرفات السفيه صحيحة إذا كانت نافعة له نفعا محضا‪ ،‬وباطلة إذا كانت‬
‫تضربه ضررا محضا‪ ،‬ومتوقفة على إجازة النائب الشرعي إذا كانت‬
‫متراوحة بين النفع والضرر‪.‬‬
‫‪ -‬المحكمة هي التي تحكم عليه بالحجر من وقت ثبوت حالته بذلك لديها‪،‬‬
‫ويرفع عنه الحجز بحكم أيضا ابتداء من تاريخ زوال السبب‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ح‪2‬ال‪2‬ة لا‪22‬معتوه‪3- 2‬‬

‫‪ -‬المعتوه هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية ال يستطيع معها التحكم في‬


‫تفكيره وتصرفاته‪.‬‬

‫‪ -‬اعتبر المشرع المغربي المعتوه ناقص األهلية مثل السفيه والصغير‬


‫سوى في الحكم بين تصرفاته وتصرفات الصغير المميز‪.‬‬
‫المميز‪ ،‬لذلك ّ‬

‫‪ -‬خ ّول المشرع للمحكمة سلطة توقيع الحجر على المعتوه‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عيوب الرضا‬
‫‪ -‬يراد بعيوب الرضا ما يلحق إرادة أحد الطرفين أو كليهما‪ ،‬مما يؤثر في‬
‫صحة الرضا ويجعل العقد قابال لإلبطال‪.‬‬
‫‪ -‬حدد المشرع المغربي العيوب التي تشوب الرضا وتؤثر في صحته‪ ،‬فتجعله‬
‫قابال لإلبطال في المواد من ‪ 39‬إلى ‪ 56‬من ق ل ع‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ ‬الغلط‪،‬‬
‫‪ ‬التدليس‪،‬‬
‫‪ ‬اإلكراه‬
‫‪ ‬الغبن‪،‬‬
‫‪ ‬حالة المرض والحاالت األخرى المشابهة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أوال‪ :‬الغلط‬
‫نقوم في البداية بتعريف الغلط ثم تحديد أنواعه وأحكامه المضمنة في ق ل ع‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف الغلط‬
‫الغلط هو توهم يصور لشخص الواقع على خالف حقيقته ويدفعه إلى‬
‫التعاقد‪ ،‬فهو تصور كاذب للواقع يؤدي بالشخص إلى إبرام عقد ما كان‬
‫سيبرمه لو أدرك حقيقة األمر أو انه كان سيتفاوض وفقا لشروط أخرى غير‬
‫التي تفاوض بها تحت وطأة الغلط‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -2‬أنواع الغلط‬

‫هناك ثالثة أنواع من الغلط‪ :‬فهناك الغلط المانع من الرضا التي تؤدي إلى‬
‫بطالن العقد بطالنا مطلقا‪ ،‬ومنها الغلط التي ال تؤثر ال في اإلرادة وال في‬
‫العقد‪ ،‬ومنها حاالت الغلط التي تصيب اإلرادة وتجعله قابال لإلبطال‪.‬‬
‫أ‪ -‬الغلط المانع من الرضا‬
‫الغلط المانع هو الذي يمنع قيام العقد ألنه يعدم الرضا‪ ،‬ويترتب عليه تبعا لذلك‬
‫بطالن العقد بطالنا مطلقا‪ ،‬وهذا النوع من الغلط يرد في ثالث حاالت‪:‬‬
‫‪ ‬الغلط في ماهية العقد‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط في وجود المحل المتعاقد عليه أو في ذاتيته‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط في سبب االلتزام‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ب ‪ -‬الغلط غير المؤثر‬

‫‪ -‬الغلط غير المؤثر هو الغلط الذي ال يؤثر في صحة العقد وال يعتبر عيبا‬
‫من العيوب المؤثرة على الرضا‪ ،‬ومن حاالته ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الغلط في صفة ثانوية وليست جوهرية للشيء محل التعاقد‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط في شخص المتعاقد أو في صفة ليس لها أي اعتبار في العقد‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط المادي‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط في قيمة الشيء‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط في الباعث على التعاقد‪ ،‬إذا لم يكن لها اعتبار في العقد‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ج ‪.‬الغلط المسبب لإلبطال‬

‫‪ -‬هذا النوع من الغلط هو الذي يفسد الرضا‪ ،‬ويترتب عنه قابلية العقد‬
‫لإلبطال‪ ،‬وهو غلط يقع في حاالت محددة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -3‬أحكام الغلط المسبب لإلبطال في القانون المغربي‬
‫نظم المشرع المغربي الغلط كعيب للرضا في الفصول من ‪ 39‬إلى ‪ 45‬من ق‬
‫ل ع‪ .‬حيث تناول‪:‬‬
‫‪ ‬الغلط في القانون‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط في مادة الشيء المتعاقد عليه‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط في شخص المتعاقد‪،‬‬
‫‪ ‬الغلط الذي يقع من الوسيط‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬الغلط في القانون‬

‫يقصد بالغلط في القانون سوء فهم المتعاقد لقاعدة قانونية‪ ،‬وإما اعتقاده‬
‫بوجود قاعدة قانونية غير موجودة في الواقع‪ ،‬وإما جهل المتعاقد بوجود‬
‫قاعدة قانونية ‪.‬‬

‫الغاية من التمسك بالغلط في القانون كوسيلة إلبطال التصرف القانوني هو‬


‫تطبيق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل‪ ،‬أما مبدأ عدم جواز االعتذار‬
‫بجهل القانون‪ ،‬غايته التهرب من تطبيق القانون في حقه بحجة جهله‬
‫ألحكامه أو لعدم علمه بصدوره‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫يشترط المشرع المغربي لتخويل اإلبطال بسبب الغلط في القانون‪ ،‬ثالث‬
‫شروط‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يكون الغلط في القانون هو الدافع األساسي للتعاقد‬


‫الشرط الثاني‪ :‬يكون الغلط مما يعذر عنه‪،‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬عدم وجود نص قانوني يحول دون اإلبطال‪,‬‬

‫‪22‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬الغلط في الشيء‬
‫‪ -‬نص الفصل ‪ 41‬على أن الغلط يخول اإلبطال‪" :‬إذا وقع في ذات الشيء أو‬
‫في نوعه أو في صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى الرضا"‪.‬‬
‫‪ -‬المقصود بمادة الشيء‪ ،‬مجموع العناصر الذاتية المميزة للشيء محل‬
‫التعاقد‪.‬‬
‫‪ -‬الغلط في نوع الشيء يقصد به مجموع الصفات األساسية التي تتميز بها‬
‫األشياء ببعضها عن بعض‪.‬‬
‫‪ -‬الغلط في صفة الشيء أي عندما يكون الغلط في صفة جوهرية للشيء‪.‬‬

‫على أن استقرار المعامالت و حماية المتعاقد اآلخر‪ ،‬فقد جنحت التقنينات‬


‫الحديثة إلى إبطال العقد للغلط في الشيء في الحالة التي يكون فيها الغلط‬
‫مشتركا أو كان المتعاقد اآلخر سيء النية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬الغلط في شخص المتعاقد‬

‫ينص الفصل ‪ 42‬من ق ل ع على أن‪ " :‬الغلط الواقع على شخص أحد‬
‫المتعاقدين أو على صفته ال يخول الفسخ إال إذا كان هذا الشخص أو هذه‬
‫الصفة أحد األسباب الدافعة إلى صدور الرضا من المتعاقد اآلخر"‪.‬‬
‫‪ -‬وبناء على هذا النص فإن الغلط في ذاتية المتعاقد قد يخول إبطال العقد إذا‬
‫كانت هذه محل اعتبار في العقد‪،‬‬
‫‪ -‬كما أن الغلط يخول اإلبطال عندما يقع على صفة جوهرية من صفات‬
‫المتعاقد كانت هي السبب الدافع إلى التعاقد‪،‬‬

‫‪24‬‬
‫الحالة الرابعة‪ :‬الغلط الواقع من الوسيط‬
‫‪ -‬إذا وقع هذا الوسيط في غلط تناول الشيء أو تناول الشخص‪ ،‬فإن المتعاقد‬
‫الذي استخدم الوسيط أن يعتد بهذا الغلط كما لو كان وقع هو نفسه فيه‪.‬‬
‫‪ -‬يكون للمتضرر الحق في الرجوع بالتعويض على هذا الوسيط طبقا للقواعد‬
‫العامة الخاصة بالمسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫‪-‬قد تكون مصلحة البريد هي المسؤولة عن وقوع الغلط نتيجة خطأ وقعت فيه‪،‬‬
‫وعندئذ تكون ملزمة بأداء التعويض عن الضرر الالحق بالمتعاقد‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ثانيا‪ :‬التدليس‬

‫‪ 1-‬تعريف التدليس‬
‫التدليس هو استعمال وسائل احتيالية بهدف إيقاع المتعاقد اآلخر في غلط‬
‫يدفعه إلى التعاقد‪.‬‬

‫فالمتعاقد تحت وطأة التدليس إنما يتعاقد تحت تأثير الوهم الذي أثاره في ذهنه‬
‫المدلس‪ ،‬فتكون إرادته بذلك معيبة‪ ،‬والعيب الذي يشوبها هو الغلط الذي ولده‬
‫التدليس‪,‬‬

‫‪26‬‬
‫‪2 -‬تمييز التدليس عن بعض المفاهيم المشابهة‬
‫‪ 1-‬تمييز التدليس عن الغلط‬
‫أن المتعاقد في كل منهما يحمل على المتعاقد تحت تأثير وهم يتولد في ذهنه‪،‬‬
‫فالوهم إذن هو السبب الدافع إلى التعاقد في كل من الغلط والتدليس‪,‬‬
‫‪ -‬يتميز الغلط عن التدليس في أمرين‪:‬‬
‫‪ ‬أن المتعاقد في حالة الغلط يقع فيه من تلقاء نفسه دون أن يتعمد أحد إيقاعه‬
‫فيه‪ ،‬بينما في حالة التدليس فإن الغلط يقع فيه المتعاقد بفعل من المدلس‪.‬‬
‫‪ ‬في حالة ثبوت الغلط فإن الجزاء المترتب هو دائما قابلية العقد لإلبطال‪،‬‬
‫بينما في التدليس‪ ،‬فقد يستحق الطرف المدلس عليه مجرد التعويض‪ ،‬بدل‬
‫اإلبطال‪ ،‬خصوصا عندما يكون التدليس من النوع العارض‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -2‬تمييز التدليس عن الغش‬
‫‪ -‬يتميز التدليس عن الغش في أن التدليس هو استعمال وسائل احتيالية عند‬
‫تكوين العقد فتؤثر في اإلرادة وتدفع إلى التعاقد‪ ،‬أما الغش فهو كل تضليل أو‬
‫خدعه تقع خارج نطاق التعاقد‪ ،‬كما قد يكون في نطاق التعاقد وذلك عند تنفيذ‬
‫العقد‪.‬‬

‫‪ -‬الغش ال يؤثر في اإلرادة‪ ،‬ولذلك ال يخول من وقع فيه المطالبة بإبطال‬


‫العقد‪ ،‬وإنما يعطيه الحق في طلب إلزام المخالف بتنفيذ العقد وفق مقتضياته‬
‫أو مطالبته بالتعويض عن الضرر الذي حصل له نتيجة الغش‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ - 3‬شروط قيام التدليس‬
‫الشرط األول‪ :‬استعمال وسائل احتيالية‬
‫يتطلب قيام التدليس استخدام المدلس وسائل احتيالية تخفي الحقيقة‪ ،‬وتولد‬
‫الغلط في ذهن المتعاقد‪ ،‬والتدليس يقوم على عنصرين‪:‬عنصر مادي‬
‫وعنصر معنوي‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ ‬العنصر المادي يتمثل في مجموع الوسائل االحتيالية التي استعملها المدلس‬
‫للتغرير بالطرف اآلخر‪،‬ونتساءل هل الكذب والكتمان يمكن أن يشكال‬
‫عنصرا ماديا كافيا لقيام التدليس؟‬
‫األصل أن مجرد الكذب ال يعتبر من الوسائل االحتيالية‪ ،‬لكن إذا تعلق الكذب‬
‫في واقعة معينة لها اعتبارها في نظر المتعاقد‪ ،‬يعتبر تدليسا؛ كما أن مجرد‬
‫السكوت ال يعتبر تدليسا اللهم إذا تعلق بواقعة يوجب القانون أو طبيعة العقد‬
‫اإلفصاح عنها‪.‬‬

‫‪ ‬العنصر المعنوي فتعني انصراف نية المدلس في تضليل المتعاقد معه‪،‬‬


‫والتغرير به للوصول إلى غرض غير مشروع‪ ،‬أما إذا استعملت هذه‬
‫الوسائل لتحقيق غرض مشروع فال نكون أمام تدليس‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن تكون الوسائل االحتيالية هي الدافعة إلى التعاقد‬

‫‪ -‬يقصد بذلك أن يكون التدليس قد بلغ الدرجة التي جعلته يؤثر في إرادة‬
‫الشخص‪ ،‬مما يدفعه إلى التعاقد‪ ،‬وهو الذي يسمى بالتدليس األصلي‪ ،‬والذي‬
‫يترتب عنه إبطال التصرف القانوني‪.‬‬
‫‪ -‬أما التدليس العارض أو الثانوي وهو الذي لم يدفع إلى التعاقد‪ ،‬بل اقتصر‬
‫أثره على إغراء المتعاقد على القبول بشروط أسوء‪ ،‬وبالتالي ال يخول‬
‫للمتعاقد إال الحق في استحقاق التعويض‪.‬‬

‫‪ -‬ومعرفة ما إذا كانت الوسائل االحتيالية التي استعملها المدلس للتضليل هي‬
‫التي حملت على التعاقد‪ ،‬من األمور الواقعية التي يعود تقديرها للقاضي‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬صدور الوسائل االحتيالية عن المتعاقد اآلخر أو كونه على علم بها‬

‫‪ -‬التدليس الذي يخول إبطال العقد‪ ،‬يتطلب باإلضافة إلى استعمال وسائل‬
‫احتيالية‪ ،‬أن يكون هذا االستعمال قد تم من طرف المتعاقد نفسه أو من‬
‫طرف شخص آخر يعمل بالتواطؤ معه أو عن شخص من الغير‪ ،‬إذا كان‬
‫المتعاقد المستفيد منه عالما به‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا كان استعمال األساليب االحتيالية من طرف الغير‪ ،‬ولم يكن‬
‫الطرف المستفيد على علم به‪ ،‬فإنه ال يكون هناك تدليس‪ ،‬ويكون الحق في‬
‫الرجوع بالتعويض على المدلس شخصيا‪ ،‬وذلك طبقا لقواعد المسؤولية‬
‫التقصيرية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلكراه‬

‫‪1-‬تعريف اإلكراه‬
‫عرفت المادة ‪ 46‬اإلكراه بأنه‪ " :‬إجبار يباشر من غير أن يسمح به للقانون‪،‬‬
‫يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عمال بدون رضاه"‪.‬‬
‫بناء على هذا النص فإن اإلكراه إجبار غير مشروع يقع على الشخص‪،‬‬
‫لحمله على القيام بتصرف قانوني‪ ،‬أو عمل ال يرضاه‪.‬‬

‫الشخص المكره في هذه الحالة‪ ،‬ال تنعدم إرادته‪ ،‬وإنما تكون هذه اإلرادة‬
‫معيبة نتيجة اإلكراه‪ ،‬ألن هذه اإلرادة لم تأت عن حرية واختيار‪ ،‬وإنما نتيجة‬
‫الخوف والرهبة‪ ،‬التي ولدها اإلكراه في نفس المتعاقد‪ ،‬جعلته يندفع إلى‬
‫التعاقد‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪2-‬شروط اإلكراه‬

‫ال يكون اإلكراه عيبا مؤثرا في اإلرادة إال بتحقق شروط‪ ،‬نص عليها الفصل‬
‫‪ 47‬من ق ل ع‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬استعمال وسائل اإلكراه؛‬


‫‪ ‬أن تكون الرهبة المتولدة في نفس المتعاقد هو الدافع إلى التعاقد؛‬
‫‪ ‬تحقيق غرض غير مشروع‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الشرط األول‪ :‬استعمال وسائل اإلكراه‬

‫‪ -‬إن أساس تحقق فكرة اإلكراه قانونا هو استعمال وسيلة تهديد‪ ،‬تحدث له ألما‬
‫جسيما أو اضطرابا نفسيا‪ ،‬أو خوفا من تعريض النفس أو الشرف أو المال‬
‫لضرر كبير‪.‬‬

‫‪-‬اإلكراه قد يكون ماديا‪ ،‬وذلك عندما يقع على جسم المكره‪ ،‬كما يكون إكراها‬
‫معنويا‪ ،‬كالتهديد بإلحاق األذى بالنفس أو الجسم أو المال‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬ال يشترط بأن يقع التهديد على المتعاقد نفسه إلبطال العقد‪ ،‬بل يجوز حتى‬
‫في الحالة التي يقع فيها اإلكراه على شخص يرتبط عن قرب مع المتعاقد‬
‫بعالقة الدم‪ ،‬أما بخصوص النفوذ األدبي المتمثل في احترام االبن ألمه‬
‫وأبيه‪ ،‬وطاعة الزوجة لزوجها‪ ،‬فإنه ال يعد إكراها ألن الخوف والرهبة‬
‫الناتجة عنه‪ ،‬تعتبر شرعية ما دام أنه غير مصحوب بتهديدات جسيمة أو‬
‫أفعال مادية‪.‬‬

‫‪ -‬ليس من الضروري أن يباشر التهديد من طرف المتعاقد نفسه‪ ،‬وإنما يمكن‬


‫أن يكون من فعل شخص أجنبي عن المتعاقد‪ ،‬الذي وقع االتفاق لمنفعته‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون اإلكراه هو الدافع إلى التعاقد‬

‫‪ -‬نصت الفقرة األولى من الفصل ‪ 47‬من ق ل ع‪" :‬اإلكراه ال يخول إبطال‬


‫االلتزام إال إذا كان هو الدافع إليه‪ "...‬فالعبرة هنا‪ ،‬ليست في الوسيلة‬
‫المستعملة لإلكراه‪ ،‬وإنما ما تتركه هذه الوسيلة من أثر سلبي على شخص‬
‫المتعاقد‪ ،‬تدفعه إلى إبرام العقد دون رضاه‪.‬‬

‫لتقدير ما إذا كان اإلكراه معيبا لإلرادة أم ال‪ ،‬فإن القاضي يبحث في كل حالة‬
‫على حدة‪ ،‬مراعيا في ذلك الظروف المحيطة‪ ،‬وحالة الشخص من حيث‬
‫مستواه االجتماعي‪ ،‬والثقافي وسنه‪ ،‬ودرجة تأثره‪ ،‬وكونه ذكرا أو أنثى‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬تحقيق غرض غير مشروع‬

‫البد كي يتحقق اإلكراه أن يكون المقصود من الرهبة المتولدة في نفس‬


‫المتعاقد المكره‪ ،‬الوصول إلى غرض غير مشروع‪ ،‬يستوي أن تكون‬
‫الوسيلة المتبعة في اإلكراه مشروعة أو غير مشروعة‪ ،‬ففي كلتا‬
‫الفرضيتين‪ ،‬فإن اإلكراه يكون غير مشروع‪ ،‬فهو يعيب اإلرادة ويجعل العقد‬
‫قابال لإلبطال‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫رابعا ‪ -‬الغبن‬

‫‪ -1‬تعريف الغبن ‪:‬‬


‫الغبن هو عدم التناسب بين ما يأخذ أحد المتعاقدين وما يعطيه؛ والمتعاقد‬
‫المغبون الذي يعطي أكثر مما يأخذ ‪ ،‬غالبا ما يفعل ذلك ألنه واهم أو‬
‫مخدوع في قيمة ما يأخذ‪ ،‬بحيث تكون إرادته معيبة بما يقرب من الغلط‬
‫أو التدليس‪.‬‬

‫الغبن كما يالحظ من التعريف ال يتصور وجوده إال في عقود المعاوضات‬


‫المحددة‪ ،‬فال يكون في عقود التبرع‪ ،‬كما ال يتصور الغبن في عقد الغرر‬
‫أو االحتمالية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ .2‬موقف المشرع المغربي‬

‫لقد تأثر المشرع المغربي بالنظرية التقليدية للغبن‪ ،‬التي تأخذ بنظرة مادية‬
‫قاصرة فقط على مجرد فقدان التوازن االقتصادي للعقد‪ ،‬مع حصره في‬
‫عقود المعاوضات دون غيرها‪.‬‬
‫أ‪ -‬القاعدة العامة أن الغبن المجرد ال يخول إبطال العقد‬
‫األصل أن الغبن المجرد الذي يلحق األشخاص الراشدين‪ ،‬ال يعيب اإلرادة‪،‬‬
‫وال يخول اإلبطال‪ ،‬حتى ولو كان فاحشا فاق الحد المعقول‪ ،‬ألن القانون إنما‬
‫يحرص على إقامة تكافؤ قانوني بين المتعاقدين‪ ،‬بأن يكون كل منهما كامل‬
‫األهلية‪ ،‬حر اإلرادة‪ ،‬وليس من شأنه أن يحرص على إقامة توازن‬
‫اقتصادي بين المتعاقدين‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ب‪ .‬الحاالت الخاصة التي يخول فيها الغبن اإلبطال‬

‫يخول الغبن إمكانية المطالبة بإبطال العقد‪ ،‬إذا كان مقرونا بتدليس أو إذا لحق‬
‫بقاصر أو ناقص ألهلية‪.‬‬
‫‪ ‬الغبن المقرون بالتدليس‬
‫يعتد المشرع المغربي بالغبن ويجعله أساس للمطالبة بإبطال العقد‪ ،‬إذا‬
‫كان ناتجا عن تدليس المتعاقد اآلخر‪ ،‬أو نائبه‪ ،‬أو الشخص الذي تعامل‬
‫من أجله‪.‬‬
‫يطرح تساؤل هنا‪ ،‬عن فائدة إقرار المشرع جواز إبطال العقد للغبن‬
‫المقرون بالتدليس‪ ،‬مادام يمكن الطعن بالعقد للتدليس فحسب‪.‬‬
‫والجواب أن فائدة إقرار المشرع جواز إبطال العقد للغبن المقرون بالتدليس‬
‫تتجلى في حاالت التدليس العارض‪ ،‬والذي ال يمنح المدلس عليه سوى‬
‫الحق بالمطالبة بالتعويض‪ ،‬لكنه في حالة اقترانه بالغبن‪ ،‬فإنه سيسمح‬
‫‪41‬‬
‫للطرف المغبون أن يطلب باإلضافة إلى التعويض‪ ،‬بإبطال العقد‪.‬‬
‫الغبن التي يكون فيها المغبون قاصرا أو ناقص األهلية‬

‫‪ -‬استثناءا عن قاعدة أن الغبن ال يعتد به كسبب لإلبطال‪ ،‬إال إذا رافقه‬


‫التدليس‪ ،‬قرر المشرع في الفصل ‪ 56‬من ق‪.‬ل‪ .‬ع ‪ ":‬أن الغبن المجرد‬
‫يكفي وحده إلبطال العقد إذا لحق بقاصر أو ناقص األهلية ‪ ،‬حتى لو تعاقد‬
‫بمعونة وصيه أو مساعده القضائي وفقا لألوضاع التي يحددها القانون"‪.‬‬

‫‪-‬حدد المشرع المغربي في الفصل ‪ 56‬الغبن بما يزيد على الثلث‪ ،‬بين‬
‫الثمن المذكور في العقد والقيمة الحقيقية للشيء‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫خامسا ‪ :‬حالة المرض والحاالت األخرى المشابهة‬

‫نص الفصل ‪ 54‬من ق‪.‬ل‪ .‬ع على أن‪ " :‬أسباب اإلبطال المبنية على حالة‬
‫المرض والحاالت األخرى المشابهة متروكة لتقدير القاضي" ‪.‬‬

‫تم عرض هذا الفصل ضمن الفصول التي خصها لعيوب اإلرادة‪،‬‬
‫بمعنى أنه اعتبر المرض والحاالت األخرى المشابهة‪ ،‬من الحاالت التي‬
‫تعيب اإلرادة‪ ،‬مثل الغلط والتدليس واإلكراه؛ غير أن لم يوضحها ولم‬
‫يعرض لحدودها‪ ،‬بل ترك للقضاة حرية تقدير ما إذا كان المرض والحاالت‬
‫األخرى المشابهة‪ ،‬قد عابت الرضا في العقد‪ ،‬وجعلته قابال لإلبطال‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ .1‬المقصود بحالة المرض والحاالت األخرى المشابهة‪:‬‬

‫‪ -‬يقصد بحالة المرض‪ ،‬كل مرض سواء كان عقلي أو عضوي‪ ،‬من شأنه أن‬
‫يقيد حرية المريض ويضعف إرادته‪ ،‬وحمله تحت وطأة الحالة النفسية‬
‫الموجود عليها إلى إبرام عقد لم يكن يقبل به لو كان في وضعيته الطبيعية‪.‬‬

‫‪ -‬يقصد بالحاالت األخرى المشابهة‪ ،‬هي حاالت يوجد فيها الشخص تجعله‬
‫أقرب للمريض ضعيف التفكير منه‪ ،‬لسليم الجسم صحيح العقل واإلدراك‪،‬‬
‫كما في الطيش الجارف‪ ،‬أو الهوى الجامح‪ ،‬أو الحاجة الماسة‪ ،‬أو عدم‬
‫الخبرة‪ ،‬حيث يكون معها إرادة المتعاقد متأثرة بالظروف المحيطة بها‪ ،‬مما‬
‫يعرضه لالستغالل ويجعله يبرم عقودا مجحفة في حقه‪ ،‬لم يكن ليبرمها لو‬
‫كانت إرادته سليمة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪-2‬موقف المشرع المغربي‪:‬‬
‫‪ -‬بتنصيص الفصل ‪ 54‬من ق ل ع على حالة المرض والحاالت األخرى‬
‫المشابهة‪ ،‬يفتح الباب أمام القضاء المغربي لألخذ بنظرية الغبن االستغاللي‪،‬‬
‫وهي تقوم على استغالل أحد المتعاقدين مرض أو ضعف أو حاجة أو طيش‬
‫المتعاقد اآلخر‪,‬‬

‫‪ -‬إن الطرف المغبون غبنا استغالليا يسوغ له المطالبة بإبطال العقد‪،‬‬


‫والسيما أن المشرع منح القاضي سلطة واسعة في هذا المجال‪ ،‬وترك تقرير‬
‫اإلبطال لتقديره‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬المحل‬

‫المطلب األول‪ :‬تمييز محل االلتزام عن محل العقد‬

‫محل العقد هو موضوعه‪ ،‬أي األثر القانوني الذي يسعى األطراف إلى تحقيقه‬
‫من وراء التعاقد‪ ،‬وهذا األثر القانوني إما أن يكون إنشاء االلتزام‪ ،‬أو نقله‪ ،‬أو‬
‫تعديله‪ ،‬أو إنهائه‪.‬‬
‫أما محل االلتزام فهو األداء الذي يجب على المدين أداؤه لمصلحة الدائن‪،‬‬
‫وهو إما إعطاء شيء‪ ،‬أي نقل ملكيته أو أي حق عيني آخر‪ ،‬وإما قيام بعمل‪،‬‬
‫وإما امتناع عن عمل‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫والذي يهمنا هو محل االلتزام ال محل العقد‪ ،‬باعتباره ضروريا لقيام العقد‪،‬‬
‫فمحل االلتزام إذا هو الذي وقع التعاقد عليه‪ ،‬وهو ما التزم المدين بإعطائه‪،‬‬
‫أو بعمله‪ ،‬أو باالمتناع عن عمله‪ .‬وهو الذي يقع في جواب بماذا التزم‬
‫المتعاقد؟‬

‫وفي هذا الخصوص نجد أن ق ل ع المغربي لم يكتف بما ذكره في المادة‬


‫الثانية‪ ،‬من أن االلتزامات الناشئة عن التعاقد يتطلب وجودها شيئا محققا‪،‬‬
‫يصلح ألن يكون محال لاللتزام‪ ،‬بل هو عندما بحث في المحل‪ ،‬جعل عنوان‬
‫البحث "محل االلتزامات التعاقدية"‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط المحل‬

‫يشترط في محل االلتزام أن يكون‪ :‬موجودا‪ ،‬مشروعا‪ ،‬ممكنا‪ ،‬معينا أو قابال‬


‫للتعيين‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أن يكون المحل موجودا‬
‫إذا كان محل االلتزام نقل ملكية شيء‪ ،‬أو إنشاء حق عيني عليه‪ ،‬يجب أن‬
‫يكون هذا الشيء موجودا فعال وقت إبرام العقد؛‬
‫أما إذا كان الشيء غير موجود أصال وقت التعاقد‪ ،‬أو كان موجودا ثم هلك‬
‫قبل نشوء االلتزام‪ ،‬فإن إنشاء الحق العيني عليه يكون مستحيال استحالة‬
‫مطلقة‪.‬‬
‫وقد يكون الشيء غير موجود‪ ،‬وإنما سيوجد في المستقبل‪ ،‬ويصح ذلك‬
‫التعاقد‪ ،‬هذا المبدأ يرد عليه استثناءات كما هو الشأن بالنسبة للتعامل في‬
‫التركة المسـتقبلة‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أن يكون المحل مشروعا‬

‫أن يكون محل االلتزام مشروعا‪ ،‬معناه أن يكون مما يجوز التعامل فيه‪ ،‬وأن‬
‫ال يكون مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة‪.‬‬

‫أوال‪-‬يجب أن يكون المحل مما يجوز التعامل فيه‪:‬‬


‫أشار الفصل ‪ 57‬من ق ل ع إلى مشروعية المحل‪ ،‬حيث اعتبر أن المحل إذا‬
‫كان شيئا‪ ،‬أو حقا‪ ،‬أو فعال‪ ،‬فإنه يجب أن يكون مما يجوز التعامل فيه‪ ،‬وإال‬
‫فإنه لن يصلح محال لاللتزام التعاقدي‪ ،‬ولذلك فإن جميع ما يخرج عن دائرة‬
‫التعامل‪ ،‬إما بطبيعته‪ ،‬أو بحكم القانون‪ ،‬ال يصلح أن يكون محال لاللتزام‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫األشياء الخارجة عن التعامل بطبيعتها‪ ،‬هي التي ال يستطع أحد أن يستأثر‬
‫بحيازتها‪ ،‬كأشعة الشمس‪ ،‬والهواء‪ ،‬وماء البحر‪.‬‬

‫أما األشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون‪ ،‬فهي التي ال يجيز القانون أن‬
‫تكون محال للحقوق المالية؛ فال يجوز مثال‪ ،‬التعامل في األمالك العمومية‬
‫ببيعها‪ ،‬أو في المواد المخدرة‪.‬‬

‫كما أن األفعال والحقوق الخارجة عن التعامل‪ ،‬ال يصح أن تكون محال‬


‫لاللتزام‪ ،‬فالقتل‪ ،‬والجرح‪ ،‬وحق ممارسة الحريات العامة‪ ،‬وحق التمتع‬
‫باألهلية‪ ،‬كلها أفعال وحقوق ال تدخل في دائرة التعامل‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫ثانيا‪ -‬يجب أال يكون المحل مخالفا للنظام العام أو اآلداب‬
‫العامة‪:‬‬
‫إن مفهوم النظام العام واآلداب العامة الواجب حمايتهما‪ ،‬تختلف تطبيقاتهما‬
‫وحدودهما‪ ،‬زمانا ومكانا‪ ،‬ألنهما يتطوران باستمرار‪ ،‬بحيث تكون بعض‬
‫األعمال في مكان وزمان منافية للنظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬في حين غير‬
‫منافية لهما في مكان وزمان آخر‪.‬‬

‫ومن التطبيقات الهامة في عصرنا على بطالن االلتزامات‪ ،‬لكونها مخالفة‬


‫للنظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬نذكر بيع أو إيجار بيت للدعارة‪ ،‬أو المقامرة؛‬

‫‪51‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أن يكون المحل ممكنا‬

‫اشترط المشرع في محل االلتزام أن يكون ممكنا غير مستحيل‪ ،‬وذلك‬


‫بمقتضى الفصل ‪ 59‬من ق ل ع‪.‬‬

‫االستحالة المقصودة هنا هي االستحالة المطلقة‪ ،‬أي االستحالة التي ال تقوم‬


‫بالنظر إلى شخص المدين فحسب‪ ،‬بل بالنسبة للكافة؛ أما االستحالة النسبية‬
‫فهي التي تقوم بالنسبة إلى العاقد الملتزم فقط‪ ،‬وهي هنا ال تمنع نشوء‬
‫االلتزام‪.‬‬

‫االستحالة المطلقة يستوي أن تكون إما استحالة طبيعية ترجع إلى طبيعة‬
‫المحل‪ ،‬وإما استحالة قانونية‪ ،‬تتمثل في وجود مانع قانوني يحول دون إبرام‬
‫العقد‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫الملتزم الذي كان يعلم أو كان ينبغي عليه أن يعلم عند إبرام العقد‪ ،‬استحالة‬
‫محل التزامه‪ ،‬يكون ملزما بالتعويض اتجاه الطرف اآلخر؛ غير أنه ال يخول‬
‫التعويض‪ ،‬إذا كان هذا الطرف اآلخر يعلم أو كان عليه أن يعلم أن محل‬
‫االلتزام مستحيل‪.‬‬

‫إذا كان المحل ممكنا قبل انعقاد العقد واستحال بعد ذلك‪ ،‬فال نكون أمام‬
‫استحالة المحل‪ ،‬ولكن أمام استحالة التنفيذ؛ مع ما يترتب على ذلك‪ ،‬من‬
‫انقضاء التزام المدين وبراءة ذمته‪ ،‬إذا كانت االستحالة ال يد له فيها‪ ،‬أو‬
‫إلزامه بالتعويض إذا كانت االستحالة بسببه‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬أن يكون المحل معينا أو قابال للتعيين‬

‫‪ -‬محل االلتزام يجب أن يكون معينا أو قابال للتعيين‪ ،‬سواء كان شيء أو كان‬
‫عمل أو امتناع عن عمل‪.‬‬

‫‪ -‬إذا كان محل االلتزام عبارة عن قيام بعمل أو أداء خدمة معينة‪ ،‬فإنه يلزم‬
‫في كل من العمل والخدمة أن يكونا محددين أو قابلين للتحديد؛‬

‫‪ -‬إذا كان محل االلتزام عبارة عن إعطاء شيء مادي‪ ،‬يجب التمييز بين‬
‫األشياء القيمية واألشياء المثلية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -‬األشياء القيمية وهي التي ليس لها نظير في األسواق‪ ،‬حيث يجب أن يكون‬
‫محل االلتزام محدد تحديدا نافيا للجهالة‪ ،‬وذلك بذكر جميع المواصفات التي‬
‫تميزه عن غيره من األشياء التي تشابهه‪.‬‬

‫‪ -‬األشياء المثلية‪ ،‬وهي التي لها ما يقابلها في السوق من حيث النوع‬


‫والمواصفات‪ ،‬وهنا يتعين تحديد نوعيتها‪ ،‬ومقدارها‪ ،‬وعندما يتحدد الشيء‬
‫المثلي بالنوع دون ذكر درجة الجودة‪ ،‬فهنا يجب تسليم الكمية من النوع‬
‫المتوسط الجودة‪ ،‬تطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 244‬من ق ل ع‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬السبب‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف السبب‬


‫‪ -‬السبب في نظر الفقه هو الغرض المباشر الذي يقصد الملتزم تحقيقه‪،‬‬
‫والذي في سبيله ومن أجله تح ّمل بااللتزام عن طريق التعاقد‪ ،‬وهو الذي يقع‬
‫في جواب هذا السؤال‪ ،‬لماذا التزم الطرف المتعاقد في العقد الذي أبرمه؟‬
‫‪ -‬الغرض المباشر أو ما يسمى بالسبب القصدي أو الغائي‪ ،‬الذي يهدف‬
‫الملتزم تحقيقه ليس واحدا في جميع العقود‪ ،‬بل تختلف باختالف العقود‪.‬‬
‫‪ -‬في العقود الملزمة للجانبين‪ ،‬يكون سبب التزام المتعاقد هو التزام الطرف‬
‫اآلخر‪ ،‬وفي عقود التبرع فإن سبب االلتزام فيها يكمن في نية التبرع‪ ،‬أما قي‬
‫العقود الملزمة لجانب واحد كالوديعة مثال‪ ،‬فإن سبب التزام المودع لديه برد‬
‫الشيء المودع‪ ،‬هو تسلم الشيء محل التعاقد‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫تم انتقاد هذه النظرية التقليدية للسبب‪ ،‬على اعتبار أنها اعتدت فقط بالغرض‬
‫المباشر االلتزام دون سائر العوامل التي دفعت الملتزم على االلتزام‪،‬‬
‫والبواعث التي حملته على التعاقد؛ مع أن هذه البواعث منها ما يكون‬
‫مشروعا‪ ،‬ومنها ما يكون غير مشروع‪.‬‬

‫‪ -‬تم ميالد نظرية حديثة للسبب‪ ،‬والتي تربط السبب بالعقد‪ ،‬ال بااللتزام؛‬
‫فالمقصود بالسبب وفقا لهذه النظرية‪ ،‬هو ذلك الباعث الدافع إلى التعاقد وهو‬
‫ذو معيار شخصي يختلف من شخص آلخر‪ .‬وأنه ال يقتصر على نوع معين‬
‫من العقود‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط السبب‬

‫اشترط في السبب ثالثة شروط وهي‪ :‬أن يكون موجودا‪ ،‬ومشروعا‪ ،‬وحقيقيا‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أن يكون السبب موجودا‬


‫بمعنى أنه البد لقيام االلتزام من وجود سبب‪ ،‬وإال كان االلتزام مجردا من‬
‫أي أثر؛ وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 62‬من ق ل ع‪.‬‬

‫أما االلتزام الذي لم يذكر له سبب‪ ،‬فهو التزام صحيح ومعتبر‪ ،‬ويفترض له‬
‫سبب‪ ،‬عمال بالفصل ‪ 63‬من ق ل ع؛ ويمكن لمن يدعي انعدام السبب أن‬
‫يثبت ذلك‪ ،‬وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 65‬من ق ل ع‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أن يكون السبب مشروعا‬

‫إن االلتزام المبني على سبب غير مشروع يعتبر كأن لم يكن‪ ،‬إذا كان مخالفا‬
‫لألخالق الحميدة أو النظام العام أو القانون‪.‬‬

‫‪ -‬من صور عدم مشروعية السبب لمخالفته لألخالق الحميدة‪ ،‬أو النظام‬
‫العام‪ ،‬أن يتعهد شخص آلخر بأن يدفع مبلغ مالي مقابل ارتكاب جريمة‪.‬‬
‫ومن صور عدم مشروعية السبب لمخالفته للقانون نذكر‪ ،‬تعهد شخص بدفع‬
‫دين نشأ عن مقامرة أو رهان‪ ،‬وهو ما يمنعه الفصل ‪ 1092‬من ق ل ع‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -‬مشروعية السبب متميزة عن مشروعية المحل‪ ،‬فقد يكون محل االلتزام‬
‫مشروعا وسببه غير مشروع‪ ،‬وبالتالي يبطل االلتزام‪.‬‬

‫‪ -‬بطالن العقد لعدم مشروعية السبب‪ ،‬ال يتحقق إال إذا كان المتعاقد اآلخر‬
‫عالما بالغرض غير المشروع‪ ،‬أو على األقل كان بإمكانه أن يعلم به‪ .‬كما‬
‫يفترض في كل التزام أن سببه مشروع إلى أن يثبت العكس‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أن يكون السبب حقيقيا‬

‫أشار المشرع المغربي إلى هذا الشرط في الفصول ‪ 63‬و‪ 64‬و‪ ،65‬ويعني‬
‫أن يكون السبب حقيقيا‪ ،‬ال وهميا‪ ،‬أو صوريا‪ .‬أي ال يخفي وراءه سبب آخر‬
‫غير مشروع‪.‬‬

‫يفترض أن السبب المذكور في العقد‪ ،‬يعتبر حقيقيا إلى أن يقوم الدليل على‬
‫أنه غير حقيقي‪ ،‬وأنه يخفي سببا آخر غير مشروع؛ كما نص على ذلك‬
‫الفصل ‪ 56‬من ق ل ع‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬ركن الشكلية وركن التسليم‬

‫القاعدة السائدة اليوم هي رضائية العقود‪ ،‬غير أن لمبدأ رضائية العقود‬


‫استثناءين‪ ،‬تتجلى في العقود الشكلية وفي العقود العينية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العقود الشكلية‬

‫العقود الشكلية هي التي يشترط النعقادها عالوة على الشروط المتطلبة في‬
‫العقود الرضائية‪ ،‬توافر بعض المراسم الشكلية؛‬

‫‪62‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العقود العينية‬

‫وهي التي يشترط النعقادها عالوة على الشروط المتطلبة في العقود‬


‫الرضائية‪ ،‬أن يجري فيها تسليم الشيء المعقود عليه‪ ،‬بحيث ال يتم العقد إال‬
‫إذا تم ركن التسليم‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬بطالن العقود وإبطالها‬

‫البطالن هو الجزاء الذي يقرره المشرع‪ ،‬لعدم توفر ركن من أركان العقد‬
‫وقد ينص القانون على بطالن عقد من العقود‪ ،‬بالرغم من توفر أركانه‪.‬‬

‫اإلبطال فهو الجزاء الذي يرتبه القانون على فقدان شرط من شروط صحة‬
‫العقد‪ ،‬أو عندما يعطي القانون الحق ألحد الطرفين في طلب إبطال العقد‪.‬‬

‫إقرار البطالن واإلبطال في العقود يرجع إلى خلل في تكوين العقد‪ ،‬فيجعله‬
‫منعدما من يومه‪ ،‬أو يجعله قابال للزوال بعد مدة‪.‬‬
‫الفسخ‪ ،‬فهو طارئ يلحق بالعقد بعد نشأته صحيحا سليما من العيوب‪،‬‬
‫ويترتب عن إخالل أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه‪ ،‬فيطلب المتعاقد اآلخر‬
‫بالفسخ ليتحلل هو أيضا من االلتزام المترتب عليه‪.‬‬ ‫‪64‬‬
‫المبحث األول‪ :‬البطالن‬

‫المطلب األول‪ :‬حاالت البطالن‬


‫هناك حالتين لبطالن العقود‪ ،‬نص عليهما في الفصل ‪ 906‬من ق ل ع‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫حالة تخلف أحد األركان الالزمة لقيام العقد‬ ‫‪‬‬

‫يقع العقد باطال إذا كان ينقصه ركن من األركان الالزمة النعقاده؛ فيكون‬
‫باطال‪ ،‬إذا تخلف الرضا‪ ،‬بأن يكون أحد طرفي العقد فاقدا للتمييز‪ ،‬بسبب‬
‫صغر في السن أو بأن كانت إرادتي المتعاقدين غير متطابقة‪ ،‬أو بانعدام هذه‬
‫اإلرادة بالمرة؛ أو إذا لم يكن ألحد االلتزامات المتولدة عنه محل‪ ،‬أو كان‬
‫محله مستحيال أو غير مشروع؛ أو إذا كان سببه غير مشروع أو كان هذا‬
‫السبب غير حقيقي‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫‪ ‬حالة بطالن العقد بمقتضى نص في القانون‬

‫قد ينص القانون على بطالن عقد من العقود‪ ،‬العتبارات تتعلق بالنظام العام‪،‬‬
‫رغم توفر العقد على كل األركان الالزمة لقيامه؛ مثال ذلك‪ ،‬ما جاء به‬
‫الفصل ‪ 870‬من ق ل ع ‪ ،‬وكذا الفصل ‪ 61‬من ق ل ع‪ ،‬أو ما قضى به‬
‫الفصل ‪ 976‬من ق ل ع‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص البطالن‬

‫المقصود بخصائص البطالن‪ ،‬األحكام العامة التي تترتب على عدم انعقاد‬
‫العقد‪ ،‬وأهم هذه الخصائص ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪-‬بطالن جزء م‪2‬ن العقود يبط‪2‬ل العق‪2‬د كل‪2‬ه م‪2‬ا ل‪2‬م يك‪2‬ن العق‪2‬د قابل للبقاء دون‬
‫الجزء الباطل‬
‫ولقد ورد النص على هذه الخاصية في الفصل ‪ 308‬من ق ل ع‪ ،‬حيث إذا‬
‫أبرم شخصان عقدا باطال في شق منه‪ ،‬فإن تبين أن المتعاقدين يريدان العقد‬
‫وحدة ال يتجزأ‪ ،‬فإن العقد يبطل كله‪ ،‬وإن تبين أنهما ال يعتبرانه كذلك‪ ،‬فإن‬
‫البطالن ينحصر في ذلك الجزء الباطل وهذا ما يسمى بانتقاص العقد؛‬

‫‪67‬‬
‫ثانيا‪-‬بطالن االلتزام األصلي يقتضي بطالن االلتزام التابعة لها وال العكس‪:‬‬

‫هذه الخاصية أشار لها الفصل ‪ 307‬من ق ل ع‪ ،‬ويمكن تعريف االلتزام‬


‫األصلي بأنه االلتزام الذي يقوم بذاته من دون حاجة إلى غيره‪ ،‬أما االلتزام‬
‫التابع فهو الذي يتبع غيره وال يتصور وجوده بدون التزام أصلي يرتكز‬
‫عليه‪ ،‬ويكون تابعا له‪.‬‬
‫وعلى هذا‪ ،‬فإذا بطل االلتزام األصلي‪ ،‬كما إذا كان الدين ناتجا عن قمار‪،‬‬
‫فإن الكفالة التي تترتب عنه تبطل أيضا؛ بخالف ما إذا بطل االلتزام التبعي‪،‬‬
‫فإن ذلك البطالن ال يتسرب إلى االلتزام األصلي‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ثالثا‪-‬العقد الباطل ال تصححه اإلجازة وال التصديق‪:‬‬

‫نص على هذه الخاصية الفصل ‪ 310‬من ق ل ع‪ ،‬واإلجازة هي موافقة‬


‫المتعاقد على تثبيت العقد الباطل‪ ،‬وجعله عقدا ينتج آثار العقد الصحيح‬
‫والتصديق أو اإلقرار هو موافقة شخص أجنبي عن العقد‪ ،‬وبه يضيف هذا‬
‫األجنبي أثر العقد إلى نفسه‪.‬‬

‫واإلجارة والتصديق ال يكون لهما أي أثر على العقد الباطل‪ ،‬ألن الباطل‬
‫عدم‪ ،‬والعدم ال ينقلب وجودا‪ ،‬باإلجازة أو اإلقرار‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫رابعا‪ :‬البطالن ال يصححه التقادم ولكن الدعوى بالبطالن تتقادم‬

‫التقادم هو مضي مدة‪ ،‬والعقد الباطل ال يمكن أن يصبح صحيحا بمضي‬


‫المدة‪ ،‬ألن الباطل معدوم‪ ،‬والمعدوم ال يصبح موجودا بمضي الزمن‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فلكل إنسان أن يدفع ببطالن العقد الباطل إذا ما طلب منه تنفيذه‪ ،‬ومهما‬
‫مر الزمن فالدفع بالبطالن ال يسقط بالتقادم‪ .‬كما أن لكل ذي مصلحة في‬
‫البطالن‪ ،‬أن يرفع دعوى يطلب فيها تقرير البطالن‪.‬‬

‫ووفقا للمبادئ العامة‪ ،‬ورغم انتفاء النص على تقادم دعوى البطالن‪ ،‬فإن هذه‬
‫الدعوى تتقادم بخمسة عشرة سنة‪ ،‬عمال بالفصل ‪ 387‬من ق ل ع ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫خامسا‪-‬الباطل ال يحتاج إلى إبطال‪:‬‬

‫إن العقد الباطل بقوة القانون يعتبر باطال منذ صدوره‪ ،‬أي غير منعقد بين‬
‫عاقديه؛ فهو عدم في نظر القانون‪ ،‬وال يتوقف تقرير بطالنه على حكم من‬
‫القاضي‪.‬‬

‫ولهذا فلكل ذي مصلحة في البطالن أن يتمسك به‪ ،‬كما أن للمحكمة أن تحكم‬


‫بالبطالن من تلقاء نفسها‪ ،‬ألن العقد الباطل ال وجود قانوني له‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬آثار البطالن‬

‫القاعدة األصلية أن العقد الباطل ال يرتب أي أثر قانوني‪ ،‬وقد نص على هذه‬
‫القاعدة الفصل ‪ 306‬من ق ل ع‪.‬‬

‫ولكن لهذه القاعدة بعض االستثناء‪ ،‬التي يمكن للعقد الباطل أن يرتب بعض‬
‫آثار العقد الصحيح‪ ،‬وهو ما سنتطرق إليه بعد أن نتعرض للقاعدة األصلية‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬انعدام أثر العقد الباطل‬

‫العقد الباطل ال يترتب عليه آثار بين المتعاقدين‪ ،‬وإذا كان لم ينفذ بعد‪ ،‬فال‬
‫سبيل ألحد المتعاقدين أن يلزم المتعاقد اآلخر على تنفيذه‪ ،‬وال يلتزم أي‬
‫منهما بشيء نحو اآلخر‪.‬‬
‫أما إذا وقع تنفيذ العقد‪ ،‬فإن مقتضيات البطالن تقضي بنقض التنفيذ الحاصل‪،‬‬
‫وإعادة المتعاقدين إلى حالهما قبل التعاقد؛ وإذا ما أصبح من المستحيل إعادة‬
‫المتعاقدين إلى حالهما قبل التعاقد‪ ،‬جاز للمحكمة أن تحكم للمتضرر‬
‫بتعويض معادل للضرر‪.‬‬
‫والعقد الباطل ال يترتب عليه أي أثر بالنسبة للغير‪ ،‬والمقصود بالغير هنا‪ ،‬الذي‬
‫تلقى حقا على الشيء الذي ورد عليه العقد الباطل‪ ،‬حيث يزول حقه تبعا‬
‫للبطالن‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حالة ثبوت أثر العقد الباطل استثناء‬

‫إن القانون رتب في حاالت استثنائية‪ ،‬أثرا على العقد الباطل‪ ،‬ومن أهم هذه‬
‫الحاالت ما يلي‪:‬‬

‫حالة عقد الزواج الباطل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حالة تحول التصرف‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حالة اكتساب الغير حسن النية حقا عينيا على المنقول أو العقار المحفظ‬ ‫‪‬‬
‫الذي هو محل العقد الباطل‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اإلبطال‬

‫خص المشرع المغربي لإلبطال الفصول ‪ 311‬إلى‪ 318‬من ق ل ع‪ ،‬وسوف‬


‫نعرض في هذا المبحث لحاالته‪ ،‬وخصائصه‪ ،‬تم نبين آثاره‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حاالت اإلبطال‬


‫عرض الفصل ‪ 311‬من ق ل ع لحاالت اإلبطال‪ ،‬وحدده في ثالث حاالت‪:‬‬

‫نقصان أهلية أحد المتعاقدين؛‬ ‫‪‬‬

‫تعيب إرادته بعيب من عيوب الرضا؛‬ ‫‪‬‬

‫حاالت يمنح فيها القانون حق اإلبطال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ ‬حالة نقصان أهلية المتعاقد‬
‫إذا ما أقدم الصغير المميز‪ ،‬أو المحجور عليه لسفه‪ ،‬أو جنون‪ ،‬على بيع عقار له‬
‫دون الحصول على اإلذن الذي يتطلبه القانون‪ ،‬فإن هذا العقد يقع معيبا‪ ،‬لنقصان‬
‫أهلية البائع ويكون قابال لإلبطال‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 4‬من ق ل ع‪.‬‬
‫‪ ‬حالة تعييب إرادة أحد المتعاقدين بعيب من عيوب اإلرادة‬
‫إذا عيبت إرادة أحد المتعاقدين بعيب من عيوب الرضا‪ ،‬فإن المتعاقد الذي عيبت‬
‫إرادته والذي دفع إلى العقد تحت تأثير عيب من عيوب الرضا‪ ،‬يكون له الحق في‬
‫طلب إبطال ذلك العقد‪ ،‬كما نصت على ذلك الفصول ‪ 56-55-39‬من ق ل ع‪.‬‬
‫‪ ‬حالة اإلبطال بمقتضى نص القانون‬
‫قد ينص القانون في حالة من الحاالت‪ ،‬على إعطاء الحق ألحد المتعاقدين في أن‬
‫يتقدم بطلب إبطال العقد لسبب ما‪ ،‬من ذلك حالة بيع ملك الغير‪ ،‬حيث أعطت‬
‫المادة ‪ 485‬من ق ل ع المشتري حق طلب إبطال البيع إذا رفض المالك إقراره‪.‬‬ ‫‪76‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص اإلبطال‬

‫إن للعقد القابل لإلبطال خصائص يشترك فيها مع العقد الباطل‪ ،‬وخصائص‬
‫ينفرد بها‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الخصائص التي يشترك فيها اإلبطال والبطالن‬

‫من الخصائص التي يشترك فيها كل من اإلبطال والبطالن نذكر‪:‬‬

‫أوال‪-‬إبطال جزء من العقد يبطل العقد كله إال إذا أمكن قيام العقد دون الجزء‬
‫الذي تقرر إبطاله‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬إبطال االلتزام األصلي يؤدي إلى إبطال االلتزام التابع وال العكس‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الخصائص التي ينفرد بها اإلبطال‬

‫الخصائص التي ينفرد بها اإلبطال أربعة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أوال‪-‬العقد القابل لإلبطال يقبل اإلجازة أو اإلقرار؛‬


‫ثانيا‪-‬قابلية اإلبطال يصححها التقادم فتسقط به دعوى اإلبطال؛‬
‫ثالثا‪-‬العقد القابل لإلبطال يحتاج إبطاله إلى حكم؛‬
‫رابعا‪-‬حق اإلبطال يقتصر على من شرع اإلبطال لمصلحته‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬آثار اإلبطال‬

‫العقد القابل لإلبطال متى قضي بإبطاله‪ ،‬التحق بالباطل من جميع الوجوه‪،‬‬
‫وأحدث نفس اآلثار؛ وتنسحب تلك اآلثار بأثر رجعي على العقد‪ ،‬منذ تكوينه‬
‫بالنسبة للمتعاقدين وبالنسبة للغير‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫نموذج من األسئلة المطروحة في االمتحان‬
‫أوال‪ -‬أسئلة مراقبة االستيعاب‪:‬‬
‫أجب عن الموضوع التالي‪:‬‬
‫‪ -‬تحدث عن فقدان األهلية وأثره في التصرفات؟‪ ‬‬
‫ثانيا‪ -‬أسئلة مراقبة الفهم‪:‬‬
‫أجب لزاما عن جميع األسئلة‪:‬‬
‫السؤال األول‪ :‬هل يعد التزام المحامي باستئناف حكم قضائي خالل األجل‬
‫القانوني التزاما بغاية أم التزاما بعناية؟ علل ذلك؟‬
‫السؤال الثاني‪ :‬هل الغلط في الحساب يخول اإلبطال؟ ولماذا؟‬
‫السؤال الثالث‪ :‬متى يعتد سكوت من وجه إليه اإليجاب‪ ،‬تعبيرا ضمنيا عن‬
‫القبول؟‬
‫‪80‬‬

You might also like