You are on page 1of 35

‫االدراك‬

‫‪ ‬اإلدراك عملية معرفية تمكن األفراد من فهم العالم الخارجي‬


‫المحي ط به م والتكي ف مع ه م ن خالل األنماط الس لوكية‬
‫المناس بة ف ي ضوء المعان ي والتفس يرات الت ي يت م تكوينه ا‬
‫لألشياء وه و بمثاب ة عملي ة تجمي ع االنطباعات الحس ية‬
‫المختلف ة ع ن العال م الخارج ي وتفس يرها وتنظيمه ا ف ي‬
‫تمثيالت عقلي ة معين ة ليت م تشكي ل خ برات منه ا تخزن ف ي‬
‫الذاكرة بحي ث تمث ل نقط ة مرجعي ة للس لوك أ و النشاط يت م‬
‫اللجوء إليها خالل عمليات التفاعل مع العالم الخارجي‪.‬‬
‫تعريف اإلدراك‬

‫تشترك غالبي ة تعريفات اإلدراك عل ى اعتباره عملي ة تحوي ل‬ ‫‪‬‬


‫االنطباعات الحس ية إل ى تمثيالت عقلي ة معين ة م ن خالل تفس يرها‬
‫وإعطاءها المعاني الخاصة بها‪.‬‬
‫ومن التعريفات المتعددة لإلدراك ما يلي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -1‬اإلدراك‪ :‬عملي ة تفس ير المعلومات الت ي تأت ي به ا المجس ات‬ ‫‪‬‬
‫الحسية‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلدراك‪ :‬عملي ة التوص ل إل ى المعان ي م ن خالل تحوي ل‬ ‫‪‬‬
‫االنطباعات الحس ية الت ي تأت ي به ا الحواس ع ن األشياء الخارجي ة‬
‫إل ى تمثيالت عقلي ة معين ة وه ي عملي ة الشعوري ة ولك ن نتائجه ا‬
‫شعورية‪.‬‬
‫اإلحساس واإلدراك‬
‫‪ ‬يرتب ط اإلدراك ارتباطا ً وثيقا َ باإلحس اس وهذا يعن ي تحديداً‬
‫أنهم ا عملي ة واحدة‪ ,‬إذا توج د بع ض الفروق بي ن هاتي ن‬
‫العمليتي ن فإلحس اس عملي ة فيزلوجي ة تتمث ل ف ي اس تقبال‬
‫اإلثارة الحس ية م ن العال م الخارج ي وتحويله ا إل ى نبضات‬
‫كهروعص بية ف ي النظام العص بي‪ ,‬ف ي حي ن أ ن اإلدراك ه و‬
‫عملية تفسير لهذه النبضات وإعطاءها المعاني الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ ‬فاإلدراك عملي ة نفس ية له ا بعدان‪ :‬بع د حس ي يرتبط‬
‫باإلحساس من جهة‪ ,‬وبعد معرفي يرتبط بالتفكير والتذكر‬
‫من جهة أخرى‪ ,‬إذ أن تفسير االنطباعات الحسية يعتمد على‬
‫الخبرات المخزنة في الذاكرة‪ ,‬فعندما نقول هذه وردة حمراء‬
‫فمث ل هذا المعن ى أ و التفس ير جاء اعتماداً عل ى الخبرات‬
‫المخزنة سابقا ً لدينا والمرتبطة باللون والشكل‪.‬‬
‫‪ ‬ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو‪ :‬هل اإلدراك دائما ً مرآة‬
‫يعكس الواقع؟ بالرغم من ارتباط اإلدراك باإلحساس إال أنه‬
‫ف ي حاالت أخرى ال يرتب ط إدراكن ا لألشياء بعملي ة اإلحس اس‬
‫به ا‪ ,‬فعل ى س بيل المثال الطاق ة المنبعث ة م ن بع ض األشياء‬
‫كاألشع ة فوق البنفس جية أ و تح ت الحمراء واألمواج‬
‫الكهرومغناطيس ية وأص وات األس ماك يمك ن لحواس نا التأث ر‬
‫به ا أ و اس تقبالها ولك ن يمك ن إدراكه ا وتشكي ل ص ور ذهني ة‬
‫له ا‪ ,‬يمك ن للجهاز العص بي إدراك العدي د م ن المنبهات رغ م‬
‫عدم وجودها أو اإلحساس بها‪.‬‬
‫‪ ‬العوامل التي تؤثر في اإلدراك‬
‫‪ ‬يتأثر اإلدراك بجملة عوامل منها ما يرتبط بخصائص األفراد‬
‫والبعض اآلخر يرتبط بخصائص األشياء أو المواقف التي‬
‫تحدث فيها‪ ,‬وفيما يلي عرض لبعض هذه العوامل‪:‬‬
‫‪ -1 ‬المثيرات والمواقف المألوفة‪ :‬تم عادة إدراك التنبيهات‬
‫الحس ية أ و المثيرات والمواق ف المألوف ة عل ى نح و أسهل‬
‫وأس رع مقارن ة م ع المثيرات والمواق ف الجديدة غير‬
‫المألوفة‪.‬‬
‫‪ -3 ‬التوقع‪ :‬غالبا ً ما يتم إدراك المنبهات الحسية كما هي في‬
‫الواق ع حي ث يتأث ر اإلدراك بالجوان ب النفس ية والعوامل‬
‫الذاتية لدى الفرد‪ ,‬ويلعب التوقع دوراً هاما ً في هذه العملية‬
‫إذ يغلب على إدراكنا للكثير من المواقف طبيعة التوقعات‬
‫المسبقة والمرتبطة بحدوث تلك المواقف‪.‬‬
‫‪ -4 ‬مستوى الدافعية‪ :‬يتأثر إدراك الفرد للمواقف في ضوء‬
‫دوافعه وحاجاته إذ غالبا ً ما يسعى األفراد إلى تفسير الكثير‬
‫من الحوادث أو المثيرات اعتماداً على مدى وجود دافع أو‬
‫حاجة لديهم‪.‬‬
‫‪ -5 ‬الحالة االنفعالية‪ :‬تؤثر المواقف االنفعالية التي يمر فيها‬
‫الفرد كحاالت القل ق والغضب والخوف والحزن والفرح‬
‫وغيره ا ف ي طريق ة إدراك الفرد للمواق ف والمثيرات التي‬
‫يواجهها‪.‬‬
‫‪ -6 ‬طبيعة التخصص أو المهنة‪ :‬يتأثر إدراك الفرد للعديد من‬
‫المواقف والمثيرات بطبيعة التخصص أو المهنة التي يعمل‬
‫بها‪ ,‬فعلى سبيل المثال إن إدراك المزارع للحقل يختلف عن‬
‫إدراك الفنان له أو نظرة عالم النباتات‪.‬‬
‫‪ -7 ‬المنظوم ة القيمي ة‪ :‬تؤث ر طبيع ة القي م والمعتقدات الت ي‬
‫يؤم ن به ا الفرد ف ي إدراك ه للعدي د م ن المواق ف والمثيرات‬
‫وفي طبيعة المعاني التي يعطيها لها‪ ,‬فالشخص المتدين على‬
‫سبيل ينظر إل ى القضاي ا الوجودي ة بطريق ة مختلفة عن تل ك‬
‫عند الرجل العلماني‪.‬‬
‫‪ -8 ‬الميول واالتجاهات والتحيزات الشخص ية‪ :‬يتأث ر إدراك‬
‫الفرد عادة بمدى توف ر الميول واالتجاهات االيجابي ة نح و‬
‫موضوع أ و حدث معي ن فالفرد المحاي د ف ي اتجاه ه وميول ه‬
‫غالبا ً ما يفسر األشياء ويدركها بطريقة مختلفة عن اآلخرين‬
‫الذي يمتازون بالتحيز‪.‬‬
‫‪ -9 ‬درج ة االنتباه‪ :‬يعتم د اإلدراك عل ى درج ة االنتباه الت ي‬
‫يوليه ا الفرد إل ى المثيرات أ و المواق ف فكلم ا كان ت درج ة‬
‫االنتباه كبيرة لدى الفرد كان إدراكه للمثيرات أسرع وأفضل‪.‬‬
‫وجهات النظر حول اإلدراك‬ ‫‪‬‬
‫تختلف النظرة إلى طبيعة اإلدراك من حيث اعتباره عملية‬ ‫‪‬‬
‫مباشرة أو عملية معالجة داخلية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬وجهة النظر البيئية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يعد كل من جبسن وتورفي وريد وميس من أكثر المدافعين‬ ‫‪‬‬
‫عن وجهة النظر هذه حيث ينظر هؤالء إلى اإلدراك على‬
‫أنه عملية مباشرة ال شعورية تعتمد بالدرجة األولى على‬
‫خصائص األشياء الموجودة في العالم الخارجي والتي‬
‫تزودنا بها الطاقة المنبعثة عنها‪.‬‬
‫‪ ‬وحس ب وجه ة النظ ر هذه فإ ن النظام اإلدراك ي لدين ا س لبي‬
‫تتمث ل مهمت ه ف ي التقاط خص ائص األشياء والحوادث‬
‫الخارجي ة وتجميعه ا تماما ً كم ا يت م التزود به ا م ن خالل‬
‫المجس ات الحس ية دون أ ن يحري عليه ا أ ي تحويالت أ و‬
‫معالجات‪.‬‬
‫‪ ‬تؤكد وجهة النظر هذه أن الخطأ في اإلدراك يرجع بالدرجة‬
‫األول ى إل ى عدة عوام ل منه ا م ا يرتب ط بخص ائص األشياء‪,‬‬
‫في حين البعض اآلخر يرتبط بخصائص الفرد‪.‬‬
‫‪ ‬ويرى جبس ن أ ن النظام اإلدراك ي يحدد االنتباه إل ى هذه‬
‫الخصائص اعتماداً على االستخدامات التي من اجلها وضع‬
‫المثير أو المنبه‪.‬‬
‫‪ ‬لق د أيدت بع ض التجارب وجه ة النظ ر البيئي ة لإلدراك وه ي‬
‫م ا تعرف بتجارب التدوير العقل ي والت ي يعرض عل ى األفراد‬
‫أوالً شكل في وضع معين (‪ )A‬وهو يمثل المثير الهدف ثم‬
‫يعرض عليه م مجموع ة أشكال لهذا المثي ر بأوضاع مختلف ة‬
‫تحتاج رس م ويطل ب منه م الحك م م ا إذا كان ت هذه األشكال‬
‫مماثلة للشكل الهدفي‪ .‬أظهرت النتائج أن األفراد تمكنوا من‬
‫الحكم على أن هذه األشكال بأوضاعها المختلفة هي مماثلة‬
‫للشك ل الهدف ي‪ ,‬وهذا م ا يشي ر إل ى أ ن األفراد عادة م ا‬
‫يلجئون إل ى إعادة تكيي ف ص ورة الشي ء الخارج ي ليأخ ذ‬
‫الوض ع المدرك س ابقا لهذا الشك ل‪ ,‬وهذه العملي ة تس تغرق‬
‫زمنا ً بحي ث يزداد زم ن تنفيذه ا بازدياد زاوي ة التدوي ر‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫‪ ‬ثانياً‪ :‬وجهة النظر البنائية‪:‬‬
‫‪ ‬تؤكد وجهة النظر هذه الطبيعة البنائية لإلدراك حيث تفترض‬
‫أ ن عملي ة اإلدراك عملي ة تقديري ة تخميني ة لألشياء وليس ت‬
‫مجرد عملي ة مباشرة تقوم عل ى التقاط الخص ائص الت ي‬
‫تزودن ا به ا الطاق ة المنبعث ة عل ى األشياء‪ ,‬ويع د العال م‬
‫األلمان ي هيرمان الذي اشته ر ف ي القرن التاس ع عش ر م ن‬
‫أوائل المدافعين عن وجهة النظر هذه‪.‬‬
‫‪ ‬تؤكد وجهة النظر هذه الطبيعة النشطة لنظامنا اإلدراكي فهو‬
‫يعمل على تعدي ل االنطباعات الحسية عن األشياء الخارجية‬
‫م ن أج ل تقديره ا وتفس يرها‪ ,‬فاالنطباع الحس ي يخض ع إلل ى‬
‫عملي ة معالج ة داخلي ة تعتم د عل ى اس تخدام مص ادر أضافي ة‬
‫م ن المعلومات غي ر تل ك الت ي يت م التزود به ا م ن خالل‬
‫المجس ات الحسية‪ ,‬ومث ل هذه المعلومات يتم التزود بها من‬
‫خالل النظام اإلدراكي اعتماداً على طبيعة العمليات المعرفية‬
‫المس تخدمة ف ي المعالج ة والخ برات الس ابقة المخزن ة ف ي‬
‫الذاكرة‪.‬‬
‫‪ ‬ومن هنا فالعالم الخارجي ليس كافيا ً لتزويدنا بالمعلومات‬
‫المالئمة التي تمكننا من إدراكه بشكل مباشر‪ ,‬إذ البد من‬
‫وجود آلي ة معرفي ة تتضم ن إضاف ة بع ض المعلومات إلى‬
‫المنبهات الخارجية لتسهيل عملية فهمها أو إدراكها‪ ,‬هذه‬
‫المعلومات يتم استرجاعها من الخبرات المخزنة ويصار إلى‬
‫دمجها م ع االنطباعات الحسية مم ا يتي ح بالتال ي من بناء‬
‫خبرات جديدة‪.‬‬
‫خصائص اإلدراك‬ ‫‪‬‬
‫‪ -1‬يعتمد اإلدراك على المعرفة والخبرات السابقة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -2‬اإلدراك هو بمثابة عملية استدالل حيث تكون المعلومات‬ ‫‪‬‬
‫الحس ية المتعلق ة باألشياء ناقص ة أ و غامض ة مم ا يدفع‬
‫نظامنا اإلدراكي إلى استخدام المتوفر من المعلومات لعمل‬
‫االستدالالت واالستنتاجات‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلدراك عملية تصنيفية‪ :‬حيث يلجأ األفراد إلى تجميع‬ ‫‪‬‬
‫اإلحساسات المختلفة في فئة معينة اعتماداً على خصائص‬
‫مشتركة بينهما مما يسهل عملية إدراكها‪ ,‬فالفرد الذي لم ير‬
‫طائر النورس سابقا ً من السهل عليه إدراكه على أنه طائر‪.‬‬
‫‪ -4 ‬اإلدراك عملية عالئقية (ارتباطية)‬
‫‪ ‬أ ن مجرد توف ر خص ائص معين ة ف ي األشياء غي ر كاف‬
‫إلدراكه ا‪ ,‬أل ن األم ر يتطل ب تحدي د طبيع ة العالقات بي ن هذه‬
‫الخص ائص‪ ,‬أ ن ارتباط الخص ائص معا ً عل ى نح و متماس ك‬
‫ومتناغم يسهل في عملية إدراك األشياء‪ ,‬فعلى سبيل المثال‬
‫الذي ل ف ي الغال ب يق ع ف ي مؤخرة طائ ر النورس والجناحان‬
‫عل ى الجان بين‪ ,‬والعينان تبدوان بارزي ن عل ى جان بي الرأ س‬
‫ومثل هذه الخصائص ترتبط معا ً على نحو منتظم ومتماسك‬
‫مما يسهل عملية تمييز الطائر عن بقية األشياء األخرى‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلدراك عملية تكيفيه‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫حي ث يمتاز نظامن ا المعرف ي بالمرون ة والقدرة عل ى توجي ه‬ ‫‪‬‬
‫االنتباه والتركي ز عل ى المعلومات األكث ر أهمي ة لمعالج ة‬
‫التركيز عل ى جوانب وخص ائص معينة م ن‬
‫موق ف معين أ و التركي ز‬
‫ذلك الموقف‪ ,‬كما تتيح هذه الخاصية أمكانية االستجابة على‬
‫نحو سريع ألي مصدر تهديد محتمل‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلدراك عملية اتوماتيكية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫حيث تتم على نحو ال شعوري ولكن نتائجها دائما ً شعورية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫أبعاد عملية اإلدراك‬ ‫‪‬‬
‫اإلدراك عملي ة نفس ية بالغ ة التعقي د تتأل ف م ن ثالثة أبعاد‬ ‫‪‬‬
‫مترابطة معا ً وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬العملية الحسية‪ :‬وتتمثل في االستثارة للخاليا الحسية‬ ‫‪‬‬
‫التي تستقبل المنبهات الخارجية‪.‬‬
‫‪ -2‬العمليات الرمزية‪ :‬وتتمثل في المعاني والصور الذهنية‬ ‫‪‬‬
‫التي يتم تشكيلها للمنبهات الخارجية‪.‬‬
‫‪ -3‬العمليات االنفعالي ة‪ :‬يتراف ق اإلحس اس عادة بحالة‬ ‫‪‬‬
‫انفعالية معينة تتمثل في طبيعة الشعور نحو األشياء اعتماداً‬
‫على الخبرات السابقة‪ ,‬فعند رؤية منظر طبيعي مثالً فربما‬
‫يثير هذا المشهد لدى الفرد مشاعر وجدانية‪ ,‬أو يثير لديه‬
‫ذكريات مؤلمة أو مفرحة‪.‬‬
‫إدراك الفرق بين األشياء‬ ‫‪‬‬
‫أ ن عملي ة اإلدراك تتضم ن أيضا ً تحدي د مدى التشابه‬ ‫‪‬‬
‫واالختالف فيم ا بينهم ا‪ ,‬فعن د االس تماع إل ى مقطوعة‬
‫موسيقية على س بيل المثال فال يك ف تحديد أنها مقطوعة‬
‫موسيقية وليس صوتا ً آخر‪.‬‬
‫نماذج اإلدراك‬ ‫‪‬‬
‫تبدأ عملية اإلدراك باإلحساس بوجود مثيرات واختبار بعض‬ ‫‪‬‬
‫المعلومات الحسية الواردة إلى النظام اإلدراكي عبر الحواس‬
‫المختلفة وذلك من خالل توجيه آليات االنتباه إليها من أجل‬
‫معالجته ا‪ ,‬وتت م هذه العملي ة م ن خالل إعادة تنظيم هذه‬
‫المعلومات لتعط ي معن ى معينا ً أ و لتدل عل ى شي ء ما‪,‬‬
‫وتختلف اآللية التي من خاللها يتم إعادة تنظيم المعلومات‪,‬‬
‫حيث توجد عدة وجهات نظر في هذا الشأن تتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬أوالً نماذج مطابقة النمط‪:‬‬
‫‪ ‬تفترض هذه النماذج أن الخيال الواقع على الشبكية ينتقل‬
‫إل ى الدماغ ليتم مقارنت ه مباشرة م ع النماذج المخزنة في‬
‫الذاكرة‪ ,‬وتسمى األنماط وهي ثابتة ومحددة‪ ,‬ألي مثير تمت‬
‫معالجته أو تم التفاعل معه في السابق‪ ,‬فالنظام اإلدراكي‬
‫يقوم عل ى مقارن ة خيال األشياء م ع هذه النماذج المخزنة‬
‫ليقرر ما إذا كانت تطابق األنماط الموجودة أم ال‪.‬‬
‫‪ ‬أن مثل هذا النموذج يواجه بعض االنتقادات من حيث كيفية‬
‫تمييز األشياء الجديدة وغير المألوفة عن األشياء المألوفة‬
‫حي ث تشي ر األدل ة التجريبي ة أ ن األفراد يس تطيعون تمييز‬
‫الكثي ر م ن المثيرات رغ م عدم رؤيته م الس ابقة له ا‪ ,‬فمن‬
‫السهل على األشخاص تصنيف حيوان ما على أنه ينتمي‬
‫إلى فصيلة القط مثالً بالرغم من عدم رؤيتهم لهذا الحيوان‬
‫سابقاً‪ ,‬كما يمكن تصنيف سيارة على أنها سيارة رياضية‬
‫بالرغم من عدم رؤيتها سابقاً‪ ,‬وتشير نتائج دراسات أخرى‬
‫أ ن األفراد يس تطيعون التعرف عل ى األشياء وتمييزه ا في‬
‫أوضاعها المختلفة‪.‬‬
‫ثانيا ً نموذج تحليل المالمح‬
‫‪ ‬يؤكد هذه على تحليل مالمح األشياء في عملية إدراكها‪.‬‬
‫‪ ‬يفترض هذا النموذج أ ن المثيرات تتأل ف م ن مجموع ة م ن المالم ح الت ي‬
‫تميزه ا ع ن غيره ا وتعطيه ا الطاب ع الخاص به ا‪ ,‬وه ي مثاب ة خص ائص‬
‫رئيس ية تحدد نم ط األشياء‪ ,‬فعل ى س بيل المثال الحرف األنجليزي (‪)H‬‬
‫يتألف من خطين عموديين بزاوية مقدراها (‪ )90‬درجة يربطها خط أفقي‬
‫بزاوي ة مقداره ا (‪ )180‬درج ة‪ ,‬ف ي حي ن الحرف (‪ )A‬يتأل ف م ن خطي ن‬
‫مائلي ن بزاوي ة مقداره ا (‪ )45‬درج ة وخ ط أفق ي (ـ) بزاوي ة مقداره ا‬
‫(‪ )180‬درجة‪ ,‬وهذه الخطوط ترتبط معا ً بكيفية معينة‪ ,‬وهكذا فإن عملية‬
‫في ضوء تحليل هذه المالم ح دون الحاجة إلى مطابقتها مع‬ ‫إدراكها تتم ف ي‬
‫النموذج المخزن بالذاكرة‪ ,‬ويؤكدون أن لعملية التحليل فوائد تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1 ‬أن عملية تحليل المالمح لالنطباعات الحسية المرتبطة‬
‫بالمثيرات يساعد في تحديد العالقات بين هذه المالمح والتي‬
‫تعتبر حرجة بالنسبة لهذه المثيرات‪.‬‬
‫هل عملية إدراك‬
‫سهل‬‫‪ -2 ‬أ ن عملية تحليل المالم ح المميزة ُتس‬
‫الكثير من األشياء التي يصعب مطابقتها مع النمط المخزن‬
‫في الذاكرة نظرا لوجودها في أوضاع أو أحجام مختلفة‪.‬‬
‫‪ -3 ‬بم ا أ ن المالم ح المميزة توج د ف ي جمي ع أوضاع أو‬
‫حاالت المثير الواحد المختلفة‪ ,‬فإن ذلك ال يتطلب مطابقة كل‬
‫شك ل منفرد م ع النم ط أ و مع النموذج المخزن بالذاكرة‪,‬‬
‫وإنم ا يكف ي مطابقته ا جميعه ا كمجموع ة واحدة مع هذا‬
‫النمط‪.‬‬
‫‪ ‬إن االفتراض الرئيسي الذي تنطلق منه هذه النماذج يتمثل‬
‫ف ي وجود آليات معرفي ة داخلي ة نعم ل عل ى تحلي ل مالمح‬
‫األشياء التي تتفاعل معها‪ ,‬ومقارنتها مع مالمح فئات أو‬
‫أصناف من المثيرات المكتسبة سابقا ً والمخزنة في الذاكرة‪,‬‬
‫وف ي ضوء هذه المقارنات يت م اس تخالص المالم ح العامة‬
‫المميزة والتي على أساسها يتم إصدار األحكام على األشياء‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫‪ ‬لقد تم توجيه انتقادات إلى هذه النماذج حيث في الكثير من‬
‫األحيان يتم الخلط بين األشياء المتشابه نظراً لوجود مالمح‬
‫مميزة تجمع بينهما‪ ,‬مما يتسبب بالتالي في صعوبة التعرف‬
‫عليها وتمييزها‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثاً‪ :‬نموذج شبكي ة الجحي م اقترح س لفردج نموذجا ً أس ماه‬
‫نموذج شبكي ة الجحي م ف ي اإلدراك موضحا ً في ه الكيفي ة الت ي‬
‫تتم من خاللها تحليل المالمح لألشياء وتمييزها حيث يقترح‬
‫ص بعمل معين‬ ‫يختص‬‫أ ن هناك آليات معرفي ة مختلف ة كل منها يخت‬
‫وق د أطل ق عل ى هذه اآلليات اس م الشياطي ن أ و العفاري ت‬
‫المعرفية‪ ,‬وتتمثل هذه الشياطين باآلتي‪:‬‬
‫‪ -1 ‬عفاري ت التعرف ومهمته ا اس تقبال االنطباع الحس ي‬
‫وتحويله إلي شيفرة معرفية أي ترميزها‪.‬‬
‫‪ -2 ‬عفاريت عمليات المعالجة ومهمتها تحليل مالمح األشياء‬
‫ومقارنة كل منها مع مالمح النموذج المخزن بالذاكرة‪.‬‬
‫‪ -3 ‬العفاري ت المعرفي ة ومهمته ا مطابق ة مجموع ة المالم ح‬
‫المميزة ككل مع النموذج المخزن بالذاكرة‪.‬‬
‫مبادئ التنظيم اإلدراكي‬
‫‪ ‬وتع د نظري ة الجشتل ت ثورة علمي ة عل ى النظريات الس لوكية‬
‫والمدرس ة البنائي ة الت ي تؤك د ضرورة تحلي ل الظاهرة النفس ية إل ى‬
‫مجموع ة أجزاء أ و عناص ر م ن اج ل فهمه ا وإدراكه ا فه ي ترى أ ن‬
‫مجموع ة العناص ر تشك ل كالً متكامالً ومتناس قا ً يشتم ل عل ى معن ى‬
‫معي ن أ و يؤدي وظيف ة م ا‪ ,‬بحي ث ال يمك ن إدراك هذا المعن ى عل ى‬
‫مس توى األجزاء أ و العناص ر أل ن تحلي ل الك ل إل ى عناص ر يفقده‬
‫المعني أو الوظيفة‪ ,‬وبهذا فإن هذه المدرسة تنطلق من مبدأ أن الكل‬
‫ه و أك بر م ن مجموع العناص ر المكون ة ل ه‪ ,‬فمدرس ة الجشتل ت تؤك د‬
‫ضرورة دراس ة الخ برة النفس ية ضم ن االطار أ و الس ياق الكل ي الذي‬
‫توجد فيه‪ ,‬وذلك من اجل فهم البنية التنظيمية المتأصلة بها‪.‬‬
‫الشكل والخلفية‬
‫‪ ‬إن األشياء التي تعمل معها في هذا العالم ال تتواجد بشكل مستقل‬
‫ومنفصل عن غيرها من األشياء األخرى‪ ,‬وإنما تقع في سياق وهو‬
‫ما يمثل خلفية معينة تسهل في عملية تمييزها وإدراكها‪.‬‬

‫‪ ‬فعندما ننظر إلى مشهد ما أو نسمع إلى مجموعة أصوات ففي الغالب‬
‫نختار مثيراً معينا ً (مشهد معين أو صوت) والتركيز عليه دون غيره‬
‫من المثيرات األخرى‪ ,‬ومثل هذا المثير يمثل الشكل وهو بمثابة جزء‬
‫معين يقع ضمن السياق الكلي (الخلفية) والذي يبدو أكثر تميزاً من‬
‫األجزاء األخرى‪ ,‬بحيث يجذب انتباه الفرد ويظهر على أنه ذو معنى‬
‫وقيمة بالنسبة له‪.‬‬
‫‪ ‬إن إدراك الفرد في مثل هذه الحاالت يتأثر إلى درجة كبيرة‬
‫بعدد من العوامل تتمثل في خصائص األشياء وخبرات الفرد‬
‫ى تحليل الشيء إل ى عناصر ومن ثم‬ ‫بحي ث يقوم الفرد إلإلى‬
‫استخدام هذه العناصر لتكوين مدرك معين متأثراً بالمحتوى‬
‫والخبرة السابقة وهذا ما يعرف بالتحليل بواسطة التركيب‪.‬‬
‫‪ -1 ‬مبدأ التقارب‬
‫‪ ‬اإلدراك يمتاز بالخاصية التجميعية حيث يتم إدراك المؤثرات‬
‫الحسية المتقاربة في الزمان والمكان على أنها تنتمي إلى‬
‫مجموعة واحدة‪ .‬فكلما كانت مجموعة العناصر أكثر تقاربا ً‬
‫فه ي تدرك عل ى أنه ا تنتم ي إل ى مجموعة واحدة‪ ,‬هذا‬
‫وبالتالي يسهل عملية تخزينها وتذكرها الحقا‪.‬‬
‫‪ -2 ‬مبدأ التشابه‬
‫‪ ‬وفقا لخاصية التجميع أو التصنيف ففي الغالب يسهل إدراك‬
‫األشياء المتشابهة أكثر من غيرها المتباينة‪ ,‬فاألشياء التي‬
‫تشترك في خصائص معينة كاللون أو الشكل أو اإليقاع أو‬
‫الحجم أو التركيب أو الشدة أو االتجاه أو السرعة غالبا ً ما‬
‫يت م إدراكه ا عل ى أنه ا تنتم ي إل ى مجموع ة واحدة‪ ,‬بحيث‬
‫يكون اكتسابها وتذكرها بشكل أسرع من األشياء المتباينة‪.‬‬
‫‪ -3 ‬مبدأ االتصال‬
‫‪ ‬نمي ل بطبيعتن ا اإلدراكي ة إل ى إدراك التن بيهات الحس ية الت ي‬
‫تشك ل نمطا ً مس تمراً عل ى أنه ا تنتم ي إل ى مجموع ة واحدة‪,‬‬
‫فف ي اإلطار (أ) نمي ل إل ى إدراك الخطي ن إل ى أنهم ا تكوينان‬
‫منفص الن ف ي الزمان والمكان ولك ل منهم ا تكوين ه الخاص‬
‫الذي يمتاز باتصال خاص به‪ ,‬ولكن عندما يجتمعان معا ً كما‬
‫ف ي اإلطار (ب)‪ ,‬فإ ن االتص ال الخاص بك ل منهم ا يختل ف‬
‫بحيث يصعب إدراكهما كما هو الحال في الشكل رقم (‪.)7:4‬‬
‫‪ -4 ‬مبدأ االغالق‬
‫‪ ‬في أغلب الحاالت يتم إدراك األشياء المتكاملة والتي تمتاز‬
‫باالستقرار على نحو أسهل من األشياء الناقصة‪ ,‬فالتنبيهات‬
‫الحسية التي تمتاز باالكتمال واالستقرار تشكل تكوينا ً إدراكيا ً‬
‫ذا معنى ويؤدي وظيفة معينة‪ ,‬بحيث تكون عملية إدراكه‬
‫أس هل وأس رع م ن التن بيهات الحس ية الت ي تمتاز بالنقص‬
‫وعدم االكتمال ولكن في حالة التنبيهات الحسية الناقصة أو‬
‫غير المكتملة فإن نظامنا اإلدراكي يعمل على توفير بعض‬
‫المعلومات بناء على الخبرات السابقة لسد الثغرات وإكمال‬
‫النقص فيها بغية الوصول إلى حالة االكتمال أو االستقرار‬
‫ولتكوين ما يسمى الكل الجيد‪.‬‬
‫‪ -5‬مبدأ التشارك باالتجاه‬ ‫‪‬‬
‫تمتاز طبيعة اإلدراك لدينا بأنها تأخذ نمطا ً تكيفيا ً معينا ً بحيث‬ ‫‪‬‬
‫ننزع إلى إدراك األشياء التي تأخذ وضعا ً معينا أو تسير في‬
‫اتجاه معين على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة‪ ,‬ففي حين‬
‫أ ن األشياء الت ي تختل ف معه ا باالتجاه فه ي تدرك عل ى أنه ا‬
‫مجموعة أخرى‪.‬‬
‫‪ -6‬مبدأ البساطة‬ ‫‪‬‬
‫يمي ل األفراد عادة إل ى تجمي ع خص ائص المثيرات معا ً عل ى‬ ‫‪‬‬
‫نحو يمكنهم من تحقيق تفسير أبسط وأسهل لها‪ ,‬وذلك في‬
‫محاولة منهم إلى تجنب الصعوبة والتعقيد‪.‬‬

You might also like