You are on page 1of 426

‫ل تحزن‬

‫‪1‬‬

‫ل تحزن‬
‫للشيخ ‪ /‬عائض القرني‬
‫‪/http://www.ahm1.com‬‬
‫قصيمي نت‬
‫ل تحزن‬
‫‪2‬‬

‫هذا الكتاب‬

‫ب‬
‫ة ‪ ،‬تعنى بمعالجةِ الجان ِ‬ ‫خاذةٌ مسؤول ٌ‬ ‫دراسة ٌ جادةٌ أ ّ‬
‫ب والقلق ‪،‬‬ ‫المأسوي من حياةِ البشريةِ جانب الضطرا ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫م والغ ّ‬ ‫وفقدِ الثقةِ ‪ ،‬والحيرة ‪ ،‬والكآبةِ والتشاؤم ِ ‪ ،‬واله ّ‬
‫ط‪.‬‬‫ط والحبا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والكدرِ ‪ ،‬واليأس والقنو ِ‬ ‫والحز ِ‬
‫ت العصر على نورٍ من الوحي ‪ ،‬وهدي‬ ‫ل المشكل ِ‬ ‫وهو ح ّ‬
‫ب‬
‫من الرسالة ‪ ،‬وموافقةٍ مع الفطرةِ السوي ّةِ ‪ ،‬والتجار ِ‬
‫ب‬ ‫ب ‪ ،‬والد ِ‬ ‫ص الج ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫ل الحي ّةِ ‪ ،‬والقص ِ‬ ‫الراشدةِ ‪ ،‬والمثا ِ‬
‫ت عن الصحابة البرار ‪ ،‬والتابعين الخياِر‬ ‫ب ‪ ،‬وفيه نقول ٌ‬ ‫الخل ّ ِ‬
‫ة‬
‫ت من قصي ِدِ كبارِ الشعراء ‪ ،‬ووصايا جهابذ ِ‬ ‫‪ ،‬وفيه نفحا ٌ‬
‫ت العلماء ‪.‬‬ ‫الطباِء ‪ ،‬ونصائِح الحكماِء ‪ ،‬وتوجيها ِ‬
‫ت للشرقيين والغربيين ‪ ،‬والقدامى‬ ‫ُ‬
‫وفي ثناياه أطروحا ٌ‬
‫مْته وسائ ُ‬
‫ل‬ ‫ل ذلك مع ما يوافقُ الحقّ مما قد ّ َ‬ ‫والمحدثين ‪ .‬ك ّ‬
‫ت وملحق ونشرات ‪.‬‬ ‫ف ومجلت ‪ ،‬ودوريا ٍ‬ ‫العلم ‪ ،‬من صح ٍ‬
‫ب ‪ .‬وهو‬ ‫ب مشذ ّ ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وجهد ٌ مهذ ّ ٌ‬ ‫ج مرت ّ ٌ‬
‫إن هذا الكتاب مزي ٌ‬
‫ل لك باختصار ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬

‫ن وأبشْر وتفاء ْ‬
‫ل ول تحزن ((‬ ‫)) اسعدْ واطمئ ّ‬

‫*************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪3‬‬
‫المقدمة‬
‫ل الله ‪،‬‬ ‫م على رسو ِ‬ ‫الحمد ُ لله ‪ ،‬والصلةُ والسل ُ‬
‫وعلى آله وصحبهِ وبعد ُ ‪:‬‬
‫ه‬
‫فهذا الكتاب ) ل تحزن ( ‪ ،‬عسى أن تسعد بقراءت ِ‬
‫ب أن تحاكمه‬ ‫والستفادةِ منه ‪ ،‬ولك قبل أن تقرأ هذا الكتا ٍ‬
‫ل الصحيِح ‪ ،‬وفوق هذا وذاك‬ ‫ق السليم ِ والعق ِ‬ ‫إلى المنط ِ‬
‫النْقل المعصوم ‪.‬‬
‫ه‬
‫ور ِ‬ ‫ل تص ّ‬ ‫مسبق على الشيِء قب َ‬ ‫م ال ُ‬‫ف الحك َ‬ ‫ن من الحي ْ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫مهِ ‪ ،‬وإن من ظلم ِ المعرفةِ إصدار فتوى مسبق ٍ‬ ‫وذوقهِ وش ّ‬
‫ل ‪ ،‬وسماِع الدعوى ورؤيةِ الحجةِ ‪،‬‬ ‫م ِ‬‫ل الطلِع والتأ ّ‬ ‫قب َ‬
‫وقراءةِ البرهان ‪.‬‬
‫م أو‬ ‫م بهِ ه ّ‬ ‫ة أو أل ّ‬
‫ت هذا الحديث لمن عاش ضائق ً‬ ‫كتب ُ‬
‫ض مضجعة‬ ‫ف من مصيبةٍ ‪ ،‬أو أق ّ‬ ‫ن ‪ ،‬أو طاف به طائ ٌ‬ ‫حز ٌ‬
‫مه قلقٌ ‪ .‬وأّينا يخلو من ذلك ؟!‬ ‫أرقٌ ‪ ،‬وشّرد َ نو َ‬
‫عبٌر ‪ ،‬وفوائد ُ وشوارد ُ ‪ ،‬وأمثا ٌ‬
‫ل‬ ‫ت ‪ ،‬وصوٌر و ِ‬ ‫ت وأبيا ٌ‬ ‫هنا آيا ٌ‬
‫ت فيها عصارة ما وصل إليه اللمعون ؛ من‬ ‫ص ‪ ،‬سكب ُ‬ ‫وقص ٌ‬
‫ة‬
‫س الحزين ِ‬ ‫ب المفجوِع ‪ ،‬والروِح المنهكةِ ‪ ،‬والنف ِ‬ ‫دواٍء للقل ِ‬
‫البائسةِ ‪.‬‬
‫ل واهدأ ‪ .‬بل‬ ‫شر واسعد ْ ‪ ،‬وتفاَء ْ‬ ‫ل لك ‪ :‬أب ِ‬ ‫ب يقو ُ‬ ‫هذا الكتا ُ‬
‫ة‪.‬‬‫ة رضّية بهيج ً‬ ‫ش الحياة كما هي ‪ ،‬طيب ً‬ ‫ع ِ‬ ‫ل‪ِ :‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ح لك أخطاء مخالفةِ الفطرة ‪ ،‬في‬ ‫ح ُ‬‫ب يص ّ‬ ‫هذا الكتا ٌ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن والمكا ِ‬ ‫س ‪ ،‬والشياِء ‪ ،‬والزما ِ‬ ‫ن والنا ِ‬ ‫ل مع السن ِ‬ ‫التعام ِ‬
‫إنه ينهاك نهيا ً جازما ً عن الصرارِ على مصادمةِ الحيا ِ‬
‫ة‬
‫ض الدليل ‪ ،‬بل‬ ‫ومعاكسةِ القضاِء ‪ ،‬ومخاصمةِ المنهِج ورف ِ‬
‫ف‬‫سك ‪ ،‬ومن أطرا ِ‬ ‫ب من أقطارِ نف ِ‬ ‫ن قري ٍ‬ ‫ُيناديك من مكا ٍ‬
‫رك ‪ ،‬وتثق بمعطياِتك وتستثمر‬ ‫ن مصي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫نل ُ‬ ‫حك أن تطمئ ّ‬ ‫ُرو ِ‬
‫ش ‪ ،‬وغصص العمرِ وأتعاب‬ ‫ت العي ِ‬ ‫مواهبك ‪ ،‬وتنسى منّغصا ِ‬
‫المسيرةِ ‪.‬‬
‫مة في أوله ‪:‬‬ ‫وأريد ُ التنبيه على مسائل ها ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪4‬‬
‫ب السعادةِ‬ ‫ن المقصد من الكتاب جل ْ ُ‬ ‫الولى ‪ :‬أ ّ‬
‫ل‬
‫ب الم ِ‬ ‫ح با ِ‬ ‫والهدوِء والسكينة وانشراح الصدرِ ‪ ،‬وفت ُ‬
‫ل الزاهرِ ‪.‬‬ ‫ل والفرج والمستقب ِ‬ ‫والتفاؤ ِ‬
‫ن‬‫ل عليه ‪ ،‬وحس ِ‬ ‫وهو تذكيٌر برحمة اللهِ وغفران ِهِ ‪ ،‬والتوك ّ ِ‬
‫ش في حدودِ‬ ‫ن بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬والعي ِ‬ ‫ن بهِ ‪ ،‬واليما ِ‬ ‫الظ ّ‬
‫ق على المستقبل ‪ ،‬وتذك ّرِ ن ِعَم ِ الله ‪.‬‬ ‫ك القل ِ‬ ‫اليوم ِ ‪ ،‬وتر ِ‬
‫م ‪ ،‬والحزن والسى ‪،‬‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ة لطردِ اله ّ‬ ‫الّثانية ‪ :‬وهو محاول ٌ‬
‫س‪،‬‬ ‫ق الصدرِ والنهيارِ واليأ ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وضي ِ‬ ‫ضطرا ِ‬ ‫ق وال ْ‬ ‫والقل ِ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ط والحبا ِ‬ ‫والقنو ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن التنزي ِ‬ ‫ك الموضوِع م ْ‬ ‫ت فيه ما يدوُر في فل ِ‬ ‫الثالثة ‪ :‬جمع ُ‬
‫ومن كلم المعصوم ِ ‪ ، ‬ومن المثلةِ الشاردة ‪،‬‬
‫ت المؤّثرةِ ‪ ،‬وما قال ُ‬
‫ه‬ ‫ص المعبرةِ ‪ ،‬والبيا ِ‬ ‫والقص ِ‬
‫ب‬‫س من التجار ِ‬ ‫الحكماُء والطباُء والدباُء ‪ ،‬وفيه قب ٌ‬
‫ن الساطعة ‪ ،‬والكلمةِ الجاد ّةِ وليس‬ ‫الماِثلة والبراهي ِ‬
‫وعظا ً مجردا ً ‪ ،‬ول ترفا ً فكري ّا ً ‪ ،‬ول طرحا ً سياسيا ً ؛ بل‬
‫ل سعادِتك ‪.‬‬ ‫ة من أج ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫مل ِ ّ‬
‫هو دعوة ٌ ُ‬
‫ت فيه المشاعر‬ ‫ب للمسلم وغيره ‪ ،‬فراعي ُ‬ ‫الرابعة ‪ :‬هذا الكتا ُ‬
‫س النسانيةِ ؛ آخذا ً في العتبار المنهج‬ ‫ومنافذ النف ِ‬
‫رة ‪.‬‬‫ن الفط ِ‬ ‫ي الصحيح ‪ ،‬وهو دي ُ‬ ‫الربان ّ‬
‫ت عن شرقيين‬ ‫ة ‪ :‬سوف تجد ُ في الكتاب ُنقول ٍ‬ ‫الخامس ِ‬
‫ى في ذلك ؛ فالحكمة‬ ‫ّ‬
‫وغربّيين ‪ ،‬ولعله ل تثريب عل ّ‬
‫ن ‪ ،‬أّنى وجدها فهو أحقّ بها ‪.‬‬ ‫ة المؤم ِ‬ ‫ضال ُ‬
‫ل للكتاب حواشي ‪ ،‬تخفيفا ً للقارئ وتسهيل ً له‬ ‫لسادسة ‪ :‬لم أجع ْ‬
‫‪ ،‬لتكون قراءاته مستمّرةً وفكُره متصل ً ‪ .‬وجعل ُ‬
‫ت‬
‫ل الكتاب ‪.‬‬ ‫ل في أص ِ‬ ‫المرجع مع النق ِ‬
‫ن سبق‬ ‫ل رقم الصفحةِ ول الجزِء ‪ ،‬مقتديا ً بم ْ‬ ‫ة ‪ :‬لم أنق ْ‬ ‫السابع ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ل بتصّر ٍ‬ ‫في ذلك ؛ ورأيُته أنفع وأسهل ‪ ،‬فحينا ً أنق ُ‬
‫ب أو المقالةِ ‪.‬‬ ‫ص ‪ ،‬أو بما فهمُته من الكتا ِ‬ ‫وحينا ً بالن ّ‬
‫ب ول على‬ ‫ب هذا الكتاب على البوا ِ‬ ‫ة‪ :‬لم أرت ْ‬ ‫الثامن ِ‬
‫ل بين‬ ‫طرح ‪ ،‬فرّبما أداخ ُ‬ ‫ت فيه ال ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وإنما نوع ُ‬ ‫الفصو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪5‬‬
‫ث‬‫ث إلى آخر وأعود ُ للحدي ِ‬ ‫ن حدي ٍ‬ ‫لم ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وأنتق ُ‬ ‫فقرا ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ه وأطرف‬ ‫ت ‪ ،‬ليكون أمتع للقارئ وألذ ّ ل ُ‬ ‫بعد صفحا ٍ‬
‫لنظرهِ ‪.‬‬
‫ن كان‬ ‫ت أو تخريِج الحاديث ؛ فإ ْ‬ ‫ل بأرقام ِ اليا ِ‬ ‫ة ‪ :‬لم أ ُط ِ ْ‬ ‫التاسع ِ‬
‫ه ‪ ،‬وإن كان صحيحا ً أو حسنا ً‬ ‫ف بّينت ُ ُ‬ ‫ث فيه ضع ٌ‬ ‫الحدي ُ‬
‫ت ‪ .‬وهذا كّله طلبا ً للختصار ‪ ،‬وُبعدا ً‬ ‫ت ذلك أو سك ّ‬ ‫ذكر ُ‬
‫ع بما لم‬ ‫ل ‪ )) ،‬والمتشب ّ ُ‬ ‫عن التكرارِ والكثارِ والمل ِ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫ي ُزو ٍ‬ ‫س ثوب ْ‬ ‫ُيعط كلب ِ‬
‫ظ القارئُ تكرارا ً لبعض المعاني في قوالب‬ ‫العاشرة ‪ :‬ربما يْلح ُ‬
‫ت‬‫ت ذلك وتعمد ُ‬ ‫شّتى ‪ ،‬وأساليب متنوعةٍ ‪ ،‬وأنا قصد ُ‬
‫ح ‪ ،‬وترسخ‬ ‫هذا الصنيع لتثبت الفكرة ُ بأكثر من طر ٍ‬
‫ل ‪ ،‬ومن يتدب ّرِ القرآن يجد ْ ذلك ‪.‬‬ ‫ة بغزارةِ النق ِ‬ ‫المعلوم ُ‬
‫دمها لمن أراد أن يقرأ هذا الكتاب‬ ‫ة ‪ ،‬أق ّ‬ ‫تلك عشرة ٌ كامل ٌ‬
‫دقا ً في الخبرِ ‪ ،‬وعدل ً في‬ ‫ل هذا الكتاب ص ْ‬ ‫‪ ،‬وعسى أن يحم ّ‬
‫ل ‪ ،‬ويقينا ً في المعرفةِ ‪ ،‬وسدادا ً‬ ‫الحكم ‪ ،‬وإنصافا ً في القو ِ‬
‫ي ‪ ،‬ونورا ً في البصيرة ‪.‬‬ ‫في الرأ ِ‬
‫ل ‪ ،‬ولم‬ ‫ب فيه الجميع ‪ ،‬وأتكلم ‪ ،‬فيه للك ّ‬ ‫إنني أخاط ُ‬
‫ة متحّيزة ً ‪ ،‬أو‬ ‫ة ‪ ،‬أو جيل ً بعينهِ ‪ ،‬أو فئ ً‬ ‫ص ً‬‫ة خا ّ‬ ‫صد ْ به طائف ً‬ ‫أق ِ‬
‫ن يحيا حياة سعيدة ً ‪.‬‬ ‫ل من أراد أ ْ‬ ‫بلدا ً بذاتهِ ‪ ،‬بل هو لك ّ‬

‫س‬
‫ُيضيءُ بل شم ٍ‬ ‫ه‬
‫ت في ِ‬‫ورصع ُ‬
‫شْر‬‫ويسري بل قم‬ ‫ه‬
‫تركت ُ ُ‬ ‫حتى‬ ‫الدّّر‬
‫ولله ْدّر الّرم ِ‬ ‫سحٌر‬ ‫فعيناهُ‬
‫د والحوْر‬
‫والجي ِ‬ ‫ن مهن ّدٌ‬‫والجبي ُ‬
‫*****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪6‬‬
‫يــا الله‬
‫و‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ت واْل َ‬ ‫وا‬ ‫ما‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫﴿ يسأ َ‬
‫َ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫شأ ْ‬
‫ت‬‫ج ‪ ،‬وهب ّ ِ‬ ‫ن ﴾ ‪ :‬إذا اضطرب البحُر ‪ ،‬وهاج المو ُ‬ ‫في َ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ب السفينةِ ‪ :‬يا الله‪.‬‬ ‫ح ‪ ،‬نادى أصحا ُ‬ ‫الري ُ‬
‫ب عن‬ ‫ل الحادي في الصحراِء ومال الرك ُ‬ ‫إذا ض ّ‬
‫ة في السيرِ ‪ ،‬نادوا ‪ :‬يا الله‪.‬‬ ‫ت القافل ُ‬ ‫ق ‪ ،‬وحار ِ‬ ‫الطري ِ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت الكارث ُ‬ ‫ة وجثم ِ‬ ‫ت النكب ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وحل ّ ِ‬ ‫إذا وقعت المصيب ُ‬
‫ب ‪ :‬يا الله‪.‬‬ ‫ب المنكو ُ‬ ‫نادى المصا ُ‬
‫ت الستوُر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫دل ِ‬ ‫ب أمام الطالبين ‪ ،‬وأس ِ‬ ‫ت البوا ُ‬ ‫إذا أوصد ِ‬
‫في وجوهِ السائلين ‪ ،‬صاحوا ‪ :‬يا الله ‪.‬‬
‫ت‬
‫طع ِ‬ ‫ل وتق ّ‬ ‫ت الما ُ‬ ‫ل وانته ِ‬ ‫سب ُ ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ل وضاق ِ‬ ‫ت الحي ُ‬ ‫إذا بار ِ‬
‫ل ‪ ،‬نادوا ‪ :‬يا الله‪.‬‬ ‫الحبا ُ‬
‫سك‬ ‫ت عليك نف ُ‬ ‫ت وضاق ْ‬ ‫حب ْ‬ ‫ض بما ر ُ‬ ‫ت عليك الر ُ‬ ‫إذا ضاق ْ‬
‫ف‪ :‬يا الله‪.‬‬ ‫ت ‪ ،‬فاهت ْ‬ ‫بما حمل ْ‬
‫ف‬
‫ص ‪ ،‬والهات ُ‬ ‫ب ‪ ،‬والدعاُء الخال ُ‬ ‫م الطي ُ‬ ‫إليه يصعد ُ الكل ِ ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫جع الوال ِ ُ‬ ‫دمعُ البريُء ‪ ،‬والتف ّ‬ ‫صادقُ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سحارِ ‪ ،‬واليادي في الحاجات ‪،‬‬ ‫ف في ال ْ‬ ‫إليه ُتمد ّ الك ُ ّ‬
‫ة في الحوادث‪.‬‬ ‫ت ‪ ،‬والسئل ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن في المل ّ‬ ‫والعي ُ‬
‫ه‬
‫ج وتنادي‪،‬وبذكر ِ‬ ‫ث وتله ُ‬ ‫ن وتستغي ُ‬ ‫باسمهِ تشدو اللس ُ‬
‫ُ‬
‫ح ‪ ،‬وتهدأ المشاعر وتبرد ُ‬ ‫ن الروا ُ‬ ‫ب وتسك ُ‬ ‫ن القلو ُ‬ ‫تطمئ ّ‬
‫ف‬‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫ن‪ ﴿ ،‬الل ّ ُ‬ ‫شد ُ ‪ ،‬ويستقّر اليقي ُ‬ ‫ب الّر ْ‬ ‫ب ‪ ،‬ويثو ُ‬ ‫العصا ُ‬
‫ه﴾‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫ق‬
‫ف ‪ ،‬وأصد ُ‬ ‫ل الحرو ِ‬ ‫ن السماِء وأجم ُ‬ ‫الله ‪ :‬أحس ُ‬
‫مي ّا ً ﴾ ؟! ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ن الكلما ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وأثم ُ‬ ‫العبارا ِ‬
‫ه ‪ :‬فإذا الغنى والبقاُء ‪ ،‬والقوةُ والّنصرة ُ ‪ ،‬والعّز‬ ‫الل ُ‬
‫د‬
‫ح ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫م ل ِل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ك ال ْي َ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ة ‪ ﴿ ،‬لّ َ‬ ‫م ُ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫والقدرةُ وال ِ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫ها ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ث والمدد ُ ‪ ،‬والوُد ّ‬ ‫ة ‪ ،‬والغوْ ُ‬ ‫ف والعناي ُ‬ ‫الله ‪ :‬فإذا اللط ُ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫والحسان ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪7‬‬
‫ت‪.‬‬ ‫ل والعظمةِ ‪ ،‬والهيبةِ والجبرو ِ‬ ‫الله ‪ :‬ذو الجل ِ‬
‫ن سرورا ً‬ ‫ل مكان اللوعة سْلوة ‪ ،‬وجزاء الحز ِ‬ ‫اللهم فاجع ْ‬
‫ن‪،‬‬
‫ب بثلِج اليقي ِ‬ ‫عج القل ِ‬ ‫ف أمن ًْا‪ .‬اللهم أبرد ْ ل ِ‬ ‫‪ ،‬وعند الخو ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫مر الرواِح بماِء اليما ِ‬ ‫ئج ْ‬ ‫وأطف ْ‬
‫ة منك ‪،‬‬ ‫ساهرةِ ُنعاسا ً أمن ً‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ألق على العيو ِ‬ ‫يا ر ّ‬
‫ب‬‫ضطربةِ سكينة ‪ ،‬وأثْبها فتحا ً قريبًا‪ .‬يا ر ّ‬ ‫س الم ْ‬ ‫وعلى النفو ِ‬
‫لل المناهِج إلى‬ ‫ض ّ‬‫ك‪،‬و ُ‬ ‫اهدِ حيارى البصائْر إلى نورِ ْ‬
‫ك ‪ ،‬والزائغين عن السبيل إلى هداك ‪.‬‬ ‫صراط ْ‬
‫ق‬
‫ق من النور ‪ ،‬وأزه ْ‬ ‫جر صاد ٍ‬ ‫اللهم أزل الوساوس بف ْ‬
‫ن بمدد ٍ من‬ ‫ق من الحقّ ‪ ،‬ورد ّ كيد الشيطا ِ‬ ‫ضمائرِ بفْيل ٍ‬ ‫باطل ال ّ‬
‫ومين‪.‬‬ ‫مس ّ‬ ‫جنود ِ عوِْنك ُ‬
‫م ‪ ،‬واطرد ْ من‬ ‫ل عنا اله ّ‬ ‫ب عّنا الحزن ‪ ،‬وأز ْ‬ ‫اللهم أذه ْ‬
‫نفوسِنا القلق‪.‬‬
‫ن إل إليك ‪،‬‬ ‫ف إل مْنك ‪ ،‬والركو ِ‬ ‫نعوذ ُ بك من الخوْ ِ‬
‫ل إل منك ‪ ،‬والستعاِنة إل بك ‪،‬‬ ‫ل إل عليك ‪ ،‬والسؤا ِ‬ ‫والتوك ِ‬
‫أنت ولّينا ‪ ،‬نعم المولى ونعم النصير‪.‬‬
‫***************************************‬
‫كن سعيدا ً‬
‫‪ -‬اليمان والعمل الصالح هما سر حياتك الطيبة ‪ ،‬فاحرص‬
‫عليهما ‪.‬‬
‫‪ -‬اطلب العلم والمعرفة ‪ ،‬وعليك بالقراءة فإنها تذهب‬
‫الهم ‪.‬‬
‫‪ -‬جدد التوبة واهجر المعاصي ؛ لنها تنغص عليك الحياة ‪.‬‬
‫‪ -‬عليك بقراءة القرآن متدبرا ً ‪،‬وأكثر من ذكر الله دائما ً ‪.‬‬
‫‪ -‬أحسن إلى الناس بأنواع الحسان ينشرح صدرك ‪.‬‬
‫‪ -‬كن شجاعا ً ل وجل ً خائفا ً ‪ ،‬فالشجاع منشرح الصدر ‪.‬‬
‫‪ -‬طهر قلبك من الحسد والحقد والدغل والغش وكل‬
‫مرض ‪.‬‬
‫‪ -‬اترك فضول النظر والكلم والستماع والمخالطة والكل‬
‫والنوم ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪8‬‬
‫س همومك وأحزانك ‪.‬‬ ‫‪ -‬انهمك في عمل مثمر تن َ‬
‫‪ -‬عش في حدود يومك وانس الماضي والمستقبل ‪.‬‬
‫‪ -‬انظر إلى من هو دونك في الصورة والرزق والعافية‬
‫ونحوها ‪.‬‬
‫در أسوأ الحتمال ثم تعامل معه لو وقع ‪.‬‬ ‫‪ -‬ق ّ‬
‫‪ -‬ل تطاوع ذهنك في الذهاب وراء الخيالت المخيفة‬
‫والفكار السيئة ‪.‬‬
‫‪ -‬ل تغضب ‪ ،‬واصبر واكظم واحلم وسامح ؛ فالعمر‬
‫قصير ‪.‬‬
‫‪ -‬ل تتوقع زوال النعم وحلول النقم ‪ ،‬بل على الله توكل ‪.‬‬
‫ط المشكلة حجمها الطبيعي ول تضخم الحوادث ‪.‬‬ ‫‪ -‬أع ِ‬
‫‪ -‬تخلص من عقدة المؤامرة وانتظار المكاره ‪.‬‬
‫سط الحياة واهجر الترف ‪ ،‬ففضول العيش شغل ‪،‬‬ ‫‪ -‬ب ّ‬
‫ورفاهية الجسم عذاب للروح ‪.‬‬
‫‪ -‬قارن بين النعم التي عندك والمصائب التي حلت بك‬
‫لتجد الرباح أعظم من الخسائر ‪.‬‬
‫‪ -‬القوال السيئة التي قيلت فيك لن تضرك ‪ ،‬بل تضر‬
‫صاحبها فل تفكر فيها ‪.‬‬
‫‪ -‬صحح تفكيرك ‪ ،‬ففكر في النعم والنجاح والفضيلة ‪.‬‬
‫‪ -‬ل تنتظر شكرا ً من أحد ‪ ،‬فليس لك على أحد حق ‪،‬‬
‫وافعل الحسان لوجه الله فحسب ‪.‬‬
‫‪ -‬حدد مشروعا ً نافعا ً لك ‪ ،‬وفكر فيه وتشاغل به لتنسى‬
‫همومك ‪.‬‬
‫‪ -‬احسم عملك في الحال ول تؤخر عمل اليوم إلى غد ‪.‬‬
‫‪ -‬تعلم العمل النافع الذي يناسبك ‪ ،‬واعمل العمل المفيد‬
‫الذي ترتاح إليه ‪.‬‬
‫‪ -‬فكر في نعم الله عليك ‪ ،‬وتحدث بها واشكر الله عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬اقنع بما آتاك الله من صحة ومال وأهل وعمل ‪.‬‬
‫‪ -‬تعامل مع القريب والبعيد برؤية المحاسن وغض الطرف‬
‫عن المعائب ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬تغافل عن الزلت والشائعات وتتبع السقطات وأخبار‬
‫الناس ‪.‬‬
‫‪ -‬عليك بالمشي والرياضة والهتمام بصحتك ؛ فالعقل‬
‫السليم في الجسم السليم ‪.‬‬
‫‪ -‬ادع الله دائما ً بالعفو والعافية وصالح الحال والسلمة ‪.‬‬
‫*****************************‬

‫فكر واشكر‬
‫ن‬
‫مُرك م ْ‬ ‫المعنى ‪ :‬أن تذكر ِنعم اللهِ عليك فإذا هي تغْ ُ‬
‫ه لَ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫دوا ْ ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫وِإن ت َ ُ‬ ‫ت قدمْيك ﴿ َ‬ ‫فوِقك ومن تح ِ‬
‫ن في وطن ‪ ،‬غذاٌء وكساٌء ‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬أم ٌ‬ ‫ة في بد ٍ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ص ّ‬ ‫ها ﴾ ِ‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫ك الحياة ً وأنت‬ ‫وهواٌء وماٌء ‪ ،‬لديك الدنيا وأنت ما تشعُر ‪ ،‬تمل ُ‬
‫ه َ‬ ‫ل تعلم ﴿ َ‬
‫ة﴾ عندك‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬‫ع َ‬ ‫م نِ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫غ َ‬ ‫سب َ َ‬ ‫وأ ْ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي آَلء‬ ‫َ‬ ‫ن ﴿ َ‬
‫فب ِأ ّ‬ ‫ن ورجل ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ويدا ِ‬ ‫ن وشفتا ِ‬ ‫عينان ‪ ،‬ولسا ٌ‬
‫ن تمشي على‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ة سهل ٌ‬ ‫ل هي مسأل ٌ‬ ‫ن﴾ ه ْ‬ ‫ما ت ُك َذَّبا ِ‬ ‫َرب ّك ُ َ‬
‫مد على ساقْيك ‪ ،‬وقد‬ ‫ن تعت ِ‬ ‫م؟! وأ ْ‬ ‫ت أقدا ٌ‬ ‫قدمْيك ‪ ،‬وقد ب ُِتر ْ‬
‫م‬
‫ق؟! أحقيقٌ أن تنام ملء عينيك وقد ْ أطار الل ُ‬ ‫ت سو ٌ‬ ‫طع ْ‬ ‫قُ ِ‬
‫ي وأن تكرع‬ ‫ن تمل معدتك من الطعام ِ الشه ّ‬ ‫ر؟! وأ ْ‬ ‫نوم الكثي ِ‬
‫م ‪ ،‬ون ُّغص عليه‬ ‫كر عليه الطعا ُ‬ ‫من الماِء الباردِ وهناك من ع ُ ّ‬
‫عوفيت‬ ‫مِعك وقد ْ ُ‬ ‫كر في س ْ‬ ‫سقام ٍ ؟! تف ّ‬ ‫ض وأ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ب بأمرا ٍ‬ ‫شرا ُ‬
‫رك وقد ْ سلمت من العمى ‪،‬‬ ‫ل في نظ ِ‬ ‫صمم ‪ ،‬وتأم ْ‬ ‫من ال ّ‬
‫ح‬
‫جذام ِ ‪ ،‬والم ْ‬ ‫ص وال ُ‬ ‫وت من البر ِ‬ ‫دك وقد نج ْ‬ ‫جل ْ ِ‬‫وانظر إلى ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ن والذهو ِ‬ ‫عقلك وقد ْ أنعم عليك بحضورهِ ولم ُتفجعْ بالجنو ِ‬
‫أتريد في بصرك وحده كجب ُ‬
‫ب بيع‬ ‫حدٍ ذهبا ً ؟! أتح ّ‬ ‫لأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ة ؟! هل تشتري قصور الزهراِء‬ ‫سمِعك وزن ثهلن فض ّ‬
‫ض بيديك مقابل عقود ِ اللؤلؤ‬ ‫ل تقاي ُ‬ ‫بلساِنك فتكون أبكم؟! ه ْ‬
‫ل‬‫ت لتكون أقطع؟! إنك في ِنعم ٍ عميمةٍ وأفضا ٍ‬ ‫والياقو ِ‬
‫ش مهموما ً مغموما ً حزينا ً كئيبا ً‬ ‫جسيمةٍ ‪ ،‬ولكنك ل تدريْ ‪ ،‬تعي ُ‬
‫ئ‪،‬‬ ‫م الهان ُ‬ ‫ئ ‪ ،‬والماُء البارد ُ ‪ ،‬والنو ُ‬ ‫‪ ،‬وعندك الخبُز الداف ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪10‬‬
‫ة ‪ ،‬تتفكُر في المفقود ِ ول تشكُر الموجود‪،‬‬ ‫ة الوارف ُ‬ ‫والعافي ُ‬
‫ح السعادة‪ ،‬وقناطيُر‬ ‫ج من خسارةٍ مالي ّةٍ وعندك مفتا ُ‬ ‫تنزع ُ‬
‫ب والنعم ِ والشياِء ‪ ،‬فك ّْر واشكْر‬ ‫مقنطرة ٌ من الخيرِ والمواه ِ‬
‫ن ﴾ فك ّْر في نفسك ‪ ،‬وأهِلك‬ ‫صُرو َ‬ ‫فَل ت ُب ْ ِ‬ ‫م أَ َ‬
‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫في َأن ُ‬ ‫و ِ‬‫﴿ َ‬
‫‪ ،‬وبيتك ‪ ،‬وعمِلك ‪ ،‬وعافيِتك ‪ ،‬وأصدقاِئك ‪ ،‬والدنيا من حوِلك‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬‫م ُينك ُِرون َ َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬
‫ن نِ ْ‬
‫فو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬‫﴿ي َ ْ‬
‫*****************************************‬

‫ما مضى فات‬


‫ن‬
‫ل معه واستحضاُره ‪ ،‬والحز ُ‬ ‫تذك ُّر الماضي والتفاع ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ل للرادةِ وتبديد ٌ للحياةِ الحاضر ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وقت ٌ‬ ‫لمآسيه حمقٌ وجنو ٌ‬
‫وى ول ي ُْروى ‪ ،‬ي ُغْل َقُ عليه‬ ‫ف الماضي عند العقلء ي ُط ْ َ‬ ‫إن مل ّ‬
‫ل‬
‫ن الهما ِ‬ ‫ويةٍ في سج ِ‬ ‫لق ّ‬ ‫ن ‪ُ ،‬يقي ّد ُ بحبا ٍ‬ ‫أبدا ً في زنزانةِ النسيا ِ‬
‫صد ُ عليه فل يرى النوَر ؛ لنه مضى‬ ‫ج أبدا ً ‪ ،‬وي ُوْ َ‬ ‫فل يخر ُ‬
‫ه‬
‫ح ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫م يص ّ‬ ‫ه ‪ ،‬ول الغ ّ‬ ‫م يصلح ُ‬ ‫ن يعيد ُهَ ‪ ،‬ول اله ّ‬ ‫وانتهى ‪ ،‬ل الحز ُ‬
‫ش في كابوس الماضي‬ ‫م ‪ ،‬ل تع ْ‬ ‫‪ ،‬ل الكدُر يحييهِ ‪ ،‬لُنه عد ٌ‬
‫ح الماضي ‪ ،‬أتريد ُ‬ ‫ت ‪ ،‬أنقذ ْ نفسك من شب ِ‬ ‫وتحت مظلةِ الفائ ِ‬
‫صب ّهِ ‪ ،‬والشمس إلى مطلِعها ‪ ،‬والطفل‬ ‫م ِ‬ ‫أن تُرد ّ النهر إلى َ‬
‫ن‬
‫ن‪،‬إ ّ‬ ‫مهِ ‪ ،‬واللبن إلى الثدي ‪ ،‬والدمعة إلى العي ِ‬ ‫إلى بطن أ ّ‬
‫ه واحتراقك بنارهِ ‪،‬‬ ‫تفاعلك مع الماضي ‪ ،‬وقلقك من ُ‬
‫ف مفزع ٌ ‪.‬‬ ‫ب مخي ٌ‬ ‫وانطراحك على أعتابهِ وضعٌ مأساويّ رهي ٌ‬
‫ق‬
‫القراءةُ في دفتر الماضي ضياع ٌ للحاضرِ ‪ ،‬وتمزي ٌ‬
‫ت‬
‫ه المم وما فعل ْ‬ ‫ف للساعةِ الراهنةِ ‪ ،‬ذكر الل ُ‬ ‫س ٌ‬ ‫للجهدِ ‪ ،‬ون ْ‬
‫ثم قال ‪ ﴿ :‬ت ِل ْ َ ُ‬
‫ضي ‪ ،‬ول‬ ‫ت ﴾ انتهى المُر وقُ ِ‬ ‫خل َ ْ‬‫قدْ َ‬‫ة َ‬ ‫م ٌ‬ ‫كأ ّ‬
‫ن ‪ ،‬وإعادةِ عجلةِ التاريخ‪.‬‬ ‫طائل من تشريِح جثة الزما ِ‬
‫ن الطحين وهو‬ ‫إن الذي يعود ُ للماضي ‪ ،‬كالذي يطح ُ‬
‫ب ‪ .‬وقديما ً قالوا‬ ‫ن أصل ً ‪ ،‬وكالذي ينشُر نشارة ُ الخش ِ‬ ‫مطحو ٌ‬
‫لمن يبكي على الماضي ‪ :‬ل تخرج الموات من قبورهم ‪،‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪11‬‬
‫م قالوا للحمارِ ‪:‬‬‫ث على ألسنةِ البهائم ِ أنه ْ‬ ‫وقد ذكر من يتحد ُ‬
‫ذب‪.‬‬‫م ل تجتّر؟ قال ‪ :‬أكره ُ الك ِ‬ ‫ل َ‬
‫ل‬‫ل بماضينا ‪ ،‬نهم ُ‬ ‫ضرنا ونشتغ ُ‬ ‫إن بلءنا أننا نْعجُز عن حا ِ‬
‫ت‬
‫ن اجتمع ِ‬‫ب الطلل البالية ‪ ،‬ولئ ِ‬ ‫قصورنا الجميلة ‪ ،‬ونند ُ‬
‫ن على إعادةِ ما مضى لما استطاعوا ؛ لن هذا‬ ‫س والج ّ‬ ‫الن ُ‬
‫هو المحا ُ‬
‫ل بعينه ‪.‬‬
‫إن الناس ل ينظرون إلى الوراءِ ول يلتفتون إلى‬
‫ه إلى المام ِ والماُء ينحدُر إلى المام ِ ‪،‬‬ ‫ن الّريح تتج ُ‬
‫ف؛ل ّ‬ ‫الخل ِ‬
‫سّنة الحياة ‪.‬‬‫ف ُ‬ ‫ة تسيُر إلى المام ِ ‪ ،‬فل تخال ْ‬ ‫والقافل ُ‬
‫****************************************‬

‫يومك يوم َ‬
‫ك‬
‫ش‪،‬‬‫ب ستعي ُ‬ ‫س ُ‬‫ت فل تنتظر المساُء ‪ ،‬اليوم فح ْ‬ ‫إذا أصبح َ‬
‫ت‬‫س الذي ذهب بخيرِهِ وشرِهِ ‪ ،‬ول الغد ُ الذي لم يأ ِ‬ ‫فل أم ُ‬
‫سه ‪ ،‬وأدركك نهاُرهُ هو‬ ‫ك شم ُ‬ ‫م الذي أظل ّت ْ َ‬
‫إلى الن ‪ .‬اليو ُ‬
‫دك العيش‬ ‫ل في خل ِ‬ ‫م واحد ٌ ‪ ،‬فاجع ْ‬ ‫ب ‪ ،‬عمُرك يو ٌ‬ ‫س ُ‬‫مك فح ْ‬ ‫يو ُ‬
‫ت فيهِ ‪ ،‬حينها ل تتعثُر‬ ‫لهذا اليوم ِ وكأنك ولدت فيهِ وتمو ُ‬
‫مهِ ‪ ،‬وبين توقِع‬ ‫مهِ وغ ّ‬ ‫س الماضي وه ّ‬ ‫حياُتك بين هاج ِ‬
‫ب ‪ ،‬لليوم فق ْ‬
‫ط‬ ‫ف وزحِفهِ المرع ِ‬ ‫حهِ المخي ِ‬
‫ل وشب ِ‬ ‫المستقب ِ‬
‫ِ‬
‫دك ‪ ،‬فلهذا‬ ‫دك وج ّ‬ ‫ف تركيزك واهتمامك وإبداعك وك ّ‬ ‫اصر ْ‬
‫ة وتلوةً بتدبرٍ واطلعا ً‬ ‫اليوم ِ لبد أن تقدم صلةً خاشع ً‬
‫سنا ً في‬ ‫ح ْ‬ ‫كرا ً بحضورٍ ‪ ،‬واتزانا ً في المور ‪ ،‬و ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وذ ِ ْ‬ ‫بتأم ٍ‬
‫ق ‪ ،‬ورضا ً بالمقسوم ِ ‪ ،‬واهتماما ً بالمظهرِ ‪ ،‬واعتناًء‬ ‫خل ِ‬
‫بالجسم ِ ‪ ،‬ونفعا ً للخرين ‪.‬‬
‫سم ساعاِته وتجعل من‬ ‫لليوم هذا الذي أنت فيه فتُق ّ‬
‫ت ‪ ،‬ومن ثوانيهِ شهورا ً ‪ ،‬تزرعُ فيه الخْير ‪،‬‬ ‫دقائقه سنوا ٍ‬
‫ب‬
‫ُتسدي فيه الجميل ‪ ،‬تستغفُر فيه من الذنب ‪ ،‬تذكُر فيه الر ّ‬
‫ش هذا اليوم فرحا ً وسرورا ً ‪ ،‬وأمنا ً‬ ‫ل ‪ ،‬تعي ُ‬ ‫‪ ،‬تتهيأ للرحي ِ‬
‫ة ‪ ،‬ترضى فيه برزِقك ‪ ،‬بزوجِتك‪ ،‬بأطفاِلك بوظيفتك ‪،‬‬ ‫وسكين ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪12‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ما آت َي ْت ُ َ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ستواك ﴿ َ‬ ‫م ْ‬‫مك ‪ ،‬ب ُ‬ ‫ببيِتك ‪ ،‬بعل ِ‬
‫ن ول انزعاٍج ‪ ،‬ول‬ ‫حْز ٍ‬ ‫ش هذا اليوم بل ُ‬ ‫ن ﴾ تعي ُ‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ط ول حقدٍ ‪ ،‬ول حسدٍ ‪.‬‬ ‫سخ ٍ‬
‫ح قلبك عبارة ً واحدة تجعُلها‬ ‫إن عليك أن تكتب على لو ِ‬
‫مك(‪ .‬إذا أكلت‬ ‫أيضا ً على مكتبك تقول العبارة ‪) :‬يومك يو ُ‬
‫ف‬
‫س الجا ّ‬ ‫ضّرك خبُز الم ِ‬ ‫خبزا ً حاّرا ً شهي ّا ً هذا اليوم فهل ي ُ‬
‫ب المنتظرِ ‪.‬‬ ‫الرديء ‪ ،‬أو خبُز غدٍ الغائ ِ‬
‫ن من‬ ‫وم ‪ ،‬فلماذا تحز ُ‬ ‫إذا شربت ماًء عذبا ً زلل ً هذا الي ْ‬
‫ن الحاّر‪.‬‬ ‫م لماِء غد ٍ الس ِ‬ ‫ماِء أمس الملِح الجاِج ‪ ،‬أو تهت ّ‬
‫ة‬
‫سك بإرادةٍ فولذيةٍ صارمةٍ عارم ٍ‬ ‫إنك لو صدقت مع نف ِ‬
‫وم (‪ .‬حينها‬ ‫لخضعتها لنظرية‪) :‬لن أعيش إلى هذا الي ْ‬
‫ة‬
‫ل لحظة في هذا اليوم في بناِء كياِنك وتنمي ِ‬ ‫لك ّ‬ ‫تستغ ّ‬
‫ُ‬ ‫ك ‪ ،‬فتقول ‪ :‬لليوم فق ْ‬ ‫مواهبك ‪ ،‬وتزكيةِ عمل ُ‬
‫ب ألفاظي‬ ‫ط أهذ ّ ُ‬
‫ة ‪ ،‬لليوم فق ْ‬
‫ط‬ ‫حشا ً ‪ ،‬أو سب ّا ً ‪ ،‬أو غيب ً‬ ‫هجرا ً أو فُ ْ‬ ‫فل أنطقُ ُ‬
‫ك ول بعثرة ٌ ‪ ،‬وإنما‬ ‫ب بيتي ومكتبتي ‪ ،‬فل ارتبا ٌ‬ ‫سوف أرت ُ‬
‫ة‬
‫ش فأعتني بنظاف ِ‬ ‫ة‪ .‬لليوم فقط سوف أعي ُ‬ ‫م ورتاب ٌ‬ ‫نظا ٌ‬
‫ن في‬ ‫جسمي ‪ ،‬وتحسين مظهري والهتمام ِ بهندامي ‪ ،‬والتزا ِ‬
‫مشيتي وكلمي وحركاتي‪.‬‬
‫ة‬
‫ش فأجتهد ُ في طاعةِ رّبي ‪ ،‬وتأدي ِ‬ ‫ط سأعي ُ‬ ‫لليوم فق ْ‬
‫ل ‪ ،‬وتعاهدِ‬ ‫ل وجهِ ‪ ،‬والتزودِ بالنواف ِ‬ ‫صلتي على أكم ِ‬
‫ب‬‫ظ فائدةٍ ‪ ،‬ومطالعةِ كتا ٍ‬ ‫مصحفي ‪ ،‬والنظرِ في كتبي ‪ ،‬وحف ِ‬
‫نافٍع ‪.‬‬
‫ث‬‫ة وأجت ّ‬ ‫س في قلبي الفضيل ً‬ ‫ش فأغر ُ‬ ‫ط سأعي ُ‬ ‫لليوم فق ْ‬
‫ِ‬
‫ب ورياٍء‬ ‫عج ٍ‬ ‫منه شجرة الشّر بغصوِنها الشائكةِ من ك ِب ْرٍ و ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ل وسوِء ظ ّ‬ ‫وحسدٍ وحقدٍ وِغ ّ‬
‫ش فأنفعُ الخرين ‪ ،‬وأسدي‬ ‫لليوم فقط سوف أعي ُ‬
‫ل حيران ‪،‬‬ ‫ل إلى الغير ‪ ،‬أعود ُ مريضا ً ‪ ،‬أشي ّعُ جنازة ً ‪ ،‬أد ُ ّ‬ ‫الجمي َ‬
‫ُ‬
‫ع‬
‫ف مع مظلوم ٍ ‪ ،‬أشف ُ‬ ‫ب ‪ ،‬أق ٌ‬ ‫ج عن مكرو ٍ‬ ‫م جائعا ً ‪ ،‬أفّر ُ‬ ‫أطع ُ‬
‫ج ّ‬
‫ل‬ ‫م صغيرا ً ‪ ،‬أ ِ‬ ‫م عالما ً ‪ ،‬أرح ُ‬ ‫ف ‪ ،‬أواسي منكوبًا‪ ،‬أكر ُ‬ ‫لضعي ٍ‬
‫كبيرا ً ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪13‬‬
‫ب‬
‫ض ذهب وانتهى اغر ْ‬ ‫ش ؛ فيا ما ٍ‬ ‫لليوم فقط سأعي ُ‬
‫ف لتذكرك‬ ‫مسك ‪ ،‬فلن أبكي عليك ولن تراني أق ُ‬ ‫كش ِ‬
‫لحظة ؛ لنك تركتنا وهجرتنا وارتحْلت عّنا ولن تعود إلينا أبد‬
‫البدين ‪.‬‬
‫ن أتعامل مع الحلم ِ‬ ‫ب فل ْ‬ ‫ل أْنت في عالم ِ الغي ِ‬‫ويا مستقب ُ‬
‫ن‬
‫ل ميلد مفقود ٍ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ج َ‬
‫‪ ،‬ولن أبيع نفسي مع الوهام ولن أتع ّ‬
‫غدا ً ل شيء ؛ لنه لم يخلق ولنه لم يكن مذكورًا‪.‬‬
‫س‬
‫ن أروعُ كلمةٍ في قامو ِ‬ ‫مك أيها النسا ُ‬‫يومك يو ُ‬
‫حِللها‪.‬‬‫ل ُ‬
‫السعادةِ لمن أراد الحياة في أبهى صوِرها وأجم ِ‬
‫****************************************‬
‫ي‬ ‫ك المستقب َ‬
‫ل حتى يأت َ‬ ‫اتر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ق الحداث ‪،‬‬ ‫ه ﴾ ل تستب ِ‬ ‫جُلو ُ‬ ‫ع ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مُر الل ّ ِ‬ ‫﴿ أَتى أ ْ‬
‫ه؟! وقطف الثمرةِ قبل النضج‬ ‫م ِ‬‫ل قْبل تما ِ‬ ‫أتريد ُ إجهاض الحم ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬ليس له وجود ٌ ‪ ،‬ول طع ٌ‬ ‫ن غدا ً مفقود ٌ ل حقيقة ل ُ‬ ‫؟! إ ّ‬
‫س من مصائ ِب ِهِ ‪،‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ل أنفسنا بهِ ‪ ،‬ونتو ّ‬ ‫ن ‪ ،‬فلماذا نشغ ُ‬ ‫ول لو ٌ‬
‫ل بيننا‬ ‫ل ُيحا ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ول ندري ه ْ‬ ‫م لحوادثهِ ‪ ،‬نتوقعُ كوارث ُ‬ ‫ونهت ّ‬
‫م أنه في‬ ‫ه ‪ ،‬أو نلقاهُ ‪ ،‬فإذا هو سروٌر وحبوٌر ؟! المه ّ‬ ‫وبين ُ‬
‫ن ل نعبر‬ ‫ض بعْد َ ‪ ،‬إن علينا أ ْ‬ ‫ل إلى الر ِ‬ ‫ب لم يص ْ‬ ‫عالم ِ الغي ِ‬
‫ر‬
‫ل الجس ِ‬ ‫جسرا ً حتى نأتيه ‪ ،‬ومن يدري؟ لعّلنا نِقف قبل وصو ِ‬
‫ل الجسَر ينهاُر قْبل وصوِلنا ‪ ،‬ورّبما وصلنا الجسر‬ ‫‪ ،‬أو لع ّ‬
‫م‪.‬‬
‫ومررنا عليه بسل ٍ‬
‫ل‬‫ة أوسع للتفكيرِ في المستقب ِ‬ ‫ن مساح ً‬ ‫إن إعطاء الذه ِ‬
‫ت‬
‫ت المتوقعةِ ممقو ٌ‬ ‫ب ثم الكتواِء بالمزعجا ِ‬ ‫ب الغي ِ‬ ‫وفتِح كتا ِ‬
‫م عقل ً ؛ لنه مصارع ُ‬
‫ة‬ ‫ل ‪ ،‬وهو مذمو ٌ‬ ‫ل أم ٍ‬ ‫شرعا ً ؛ لنه طو ُ‬
‫مستقبلهِ الجوعَ‬ ‫ل‪ .‬إن كثيرا ً من هذا العالم يتوُقع في ُ‬ ‫للظ ّ‬
‫ت‬
‫مقررا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وهذا كّله من ُ‬ ‫ض والفقَر والمصائ َ‬ ‫العري والمر َ‬
‫مُر ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫كم‬ ‫وي َأ ُ‬ ‫قَر َ‬ ‫ف ْ‬ ‫عدُك ُ ُ‬‫ن يَ ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫ن ﴿ ال ّ‬ ‫س الشيطا ِ‬ ‫مدار ِ‬
‫ضل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫فَرةً ّ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫عدُ ُ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬‫شاء َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪14‬‬
‫م الذين يبكون ؛ لنهم سوف يجوعون غدًا‪،‬‬ ‫كثيٌر ه ْ‬
‫ة‬
‫م بعد مائ ِ‬ ‫ة‪ ،‬وسوف ينتهي العال ُ‬ ‫وسوف يمرضون بعد سن ٍ‬
‫ه أن يراهن على‬ ‫ن الذي عمُره في يد غيره ل ينبغي ل ُ‬ ‫عام‪ .‬إ ّ‬
‫ه الشتغا ُ‬
‫ل‬ ‫ت ل يجوُز ل ُ‬
‫العدم ٍ ‪ ،‬والذي ل يدِري متى يمو ُ‬
‫بشيٍء مفقود ٍ ل حقيقة له‪.‬‬
‫اترك غدا ً حتى يأتيك ‪ ،‬ل تسأل عن أخباِره ‪ ،‬ل تنتظر‬
‫ل باليوم‪.‬‬‫زحوفه ‪ ،‬لنك مشغو ٌ‬
‫م نقدا ً ليقضوه‬ ‫ب هؤلء يقترضون اله ّ‬ ‫ب فعج ٌ‬‫وإن تعج ْ‬
‫سه ولم ير النور ‪ ،‬فحذار من‬ ‫ة في يوم ٍ لم ُتشرق شم ُ‬ ‫نسيئ ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل الم ِ‬ ‫طو ِ‬
‫****************************************‬
‫كيف تواجه النقد الثم ؟‬
‫ل في عله ‪،‬‬ ‫سخفاُء سّبوا الخالق الّرازق ج ّ‬ ‫الّرقعاُء ال ّ‬
‫وشتموا الواحد الحد ل إله إل هو ‪ ،‬فماذا أتوقعُ أنا وأنت‬
‫ه في حياِتك‬ ‫ن أهل الحيف والخطأ ‪ ،‬إنك سوف تواج ُ‬ ‫ونح ُ‬
‫حْربًا! ضُروسا ُ ل هوادة فيها من الّنقدِ الثم ِ المّر ‪ ،‬ومن‬
‫مدةِ مادام‬ ‫س المقصودِ ‪ ،‬ومن الهانةِ المتع ّ‬ ‫التحطيم المدرو ِ‬
‫أنك ُتعطي وتبني وتؤثُر وتسطعُ وتلمعُ ‪ ،‬ولن يسكت هؤلِء‬
‫ض أو سلما ً في السماِء فتفّر‬ ‫ً‬
‫عنك حتى تتخذ نفقا في الر ِ‬
‫م ما يسوؤك‬ ‫م فانتظْر منه ْ‬ ‫منهم ‪ ،‬أما وأنت بين أظهرِه ِ ْ‬
‫ض مضجعك‪.‬‬ ‫وُيبكي عينك ‪ ،‬وُيدمي مقلتك ‪ ،‬ويق ّ‬
‫س ل يرفسون‬ ‫ط ‪ ،‬والنا ُ‬ ‫إن الجالس على الرض ل يسق ُ‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫م صلحا ‪ ،‬أو‬ ‫كلبا ً ميتا ً ‪ ،‬لكنهم يغضبون عليك لنك فُْقَته ْ‬
‫ب ل توبة لك حتى‬ ‫مذن ٌ‬ ‫هم ُ‬ ‫علما ً ‪ ،‬أو أدبا ً ‪ ،‬أو مال ً ‪ ،‬فأنت عند ُ‬
‫ت الحمدِ‬ ‫ل صفا ِ‬ ‫م اللهِ عليك ‪ ،‬وتنخلع من ك ّ‬ ‫تترك مواهبك ون ِعَ َ‬
‫ل ‪ ،‬وتبقى بليدا ً ! غبّيا ‪ ،‬صفرا ً‬ ‫ل معاني النب ِ‬ ‫‪ ،‬وتنسلخ من ك ّ‬
‫ً‬ ‫طما ً ‪ ،‬مكدودا ً ‪ ،‬هذا ما يريدون ُ‬ ‫مح ّ‬
‫ط ‪ُ .‬إذا فاصمد لكلم ِ‬ ‫ه بالضب ِ‬
‫ن‬‫حد ٌ (( وك ْ‬ ‫تأ ُ‬ ‫م )) أثب ْ‬ ‫ره ْ‬ ‫م وتحقي ِ‬ ‫م وتشويهِهِ ْ‬ ‫هؤلِء ونقده ْ‬
‫ت البردِ لتثبت‬ ‫كالصخرةِ الصامتةِ المهيبةِ تتكسُر عليها حّبا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪15‬‬
‫ن أصغيت لكلم ِ هؤلءِ‬ ‫وجودها وُقدرتها على البقاِء ‪ .‬إنك إ ْ‬
‫ر‬
‫وتفاعلت به حققت أمنيتُهم الغالية في تعكيرِ حياِتك وتكدي ِ‬
‫ك‬‫م ول ت ُ‬ ‫ض عنه ْ‬ ‫صْفح الجميل ‪ ،‬أل فأعر ْ‬ ‫عمرك ‪ ،‬أل فاصفح ال ّ‬
‫ة‬
‫ة محترم ٌ‬ ‫م السخيف ترجم ٌ‬ ‫ق مما يمكرون‪ .‬إن نقده ُ‬ ‫في ضي ٍ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م المفتع ُ‬ ‫كون النقد ُ الث ُ‬‫لك ‪ ،‬وبقدرِ وزِنك ي ُ‬
‫ن تستطيع أن‬ ‫ن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلِء ‪ ،‬ول ْ‬ ‫إنك ل ْ‬
‫هم وتجّنيهم‬ ‫تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيعُ أن تدفن نقد ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫م!‪ُ ﴿ .‬‬ ‫ّ‬
‫م ‪ ،‬واطراحك لقوالهِ ِ‬ ‫بتجافيك لهم ‪ ،‬وإهمالك لشأنه ْ‬
‫م‬‫ب في أفواهِهِ ُ‬ ‫ن تص ّ‬ ‫م ﴾ بل تستطيعُ أ ْ‬ ‫موُتوا ْ ب ِ َ‬
‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫جك ‪.‬‬ ‫ل بزيادةِ فضائلك وتربيةِ محاسِنك وتقويم اعوجا ِ‬ ‫الخْرد َ َ‬
‫ل‬‫ن كنت ُتريد أن تكون مقبول ً عند الجميع ‪ ،‬محبوبا ً لدى الك ّ‬ ‫إ ْ‬
‫ملت‬ ‫ب عند العالم ِ ‪ ،‬فقد ْ طلبت مستحيل ً وأ ّ‬ ‫‪ ،‬سليما ً من العيو ِ‬
‫أمل ً بعيدا ً ‪.‬‬
‫************************************************‬
‫ل تنتظْر شكرا ً من أح ٍ‬
‫د‬
‫ه الخليقة ليشكروهُ ‪،‬‬ ‫ه العباد ليذكروهُ ورزق الل ُ‬ ‫خلق الل ُ‬
‫ن طبيعة الجحودِ‬ ‫ب سواه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫فعبد الكثيُر غيره ‪ ،‬وشكَر الغال ُ‬
‫ة على النفوس ‪ ،‬فل‬ ‫ن الّنعم غالب ٌ‬ ‫ن والجفاِء وك ُْفرا ِ‬ ‫والنكرا ِ‬
‫م إذا وجدت هؤلِء قد كفروا جميلك ‪ ،‬وأحرقوا‬ ‫صد ْ‬ ‫تُ ْ‬
‫إحسانك ‪ ،‬ونسوا معروفك ‪ ،‬بل ربما ناصبوك الِعداَء ‪،‬‬
‫ورموك بمنجنيق الحقدِ الدفين ‪ ،‬ل لشيٍء إل لنك أحسنت‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫سول ُ ُ‬‫وَر ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫غَنا ُ‬ ‫َ‬
‫موا ْ إ ِل ّ أ ْ‬ ‫ما ن َ َ‬
‫ق ُ‬ ‫و َ‬
‫م﴿ َ‬ ‫إليه ْ‬
‫ه‬
‫ل العالم ِ المشهود ‪ ،‬فإذا في فصول ِ ِ‬ ‫ه ﴾ وطالعْ سج ّ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬‫َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫دب ُ‬ ‫ه وسقاه ُ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ذاهُ وكساهُ وأطعم ُ‬ ‫ه وغ ّ‬ ‫ب رّبى ابن ُ‬ ‫ةأ ٍ‬ ‫قص ُ‬
‫ما طّر‬ ‫ه ‪ ،‬سهر لينام ‪ ،‬وجاع ليشبع ‪ ،‬وتِعب ليرتاح ‪ ،‬فل ّ‬ ‫وعّلم ُ‬
‫ب العقوِر‬ ‫ب هذا البن وقوي ساعده ‪ ،‬أصبح لوالدهِ كالكل ِ‬ ‫شار ُ‬
‫‪ ،‬استخفافا ً ‪ ،‬ازدراًء ‪ ،‬مقتا ً ‪ ،‬عقوقا ً صارخا ً ‪ ،‬عذابا ً وبيل ً ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪16‬‬
‫م عند منكوسي‬ ‫أل فليهدأ الذين احترقت أوراقُ جميِله ْ‬
‫ض المثوبةِ عند‬ ‫الِفطرِ ‪ ،‬ومح ّ‬
‫ت ‪ ،‬وليهنؤوا بعو ِ‬ ‫طمي الرادا ِ‬
‫من ل تنفد ُ خزائُنه ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وعدم ِ‬ ‫ك الجمي ِ‬ ‫إن هذا الخطاب الحاّر ل يدعوك لتر ِ‬
‫ن للغير ‪ ،‬وإنما يوط ُّنك على انتظار الجحودِ ‪ ،‬والتنك ِ‬
‫ر‬ ‫الحسا ِ‬
‫ن ‪ ،‬فل تبتئس بما كانوا يصنعون‪.‬‬ ‫ل والحسا ِ‬ ‫لهذا الجمي ِ‬
‫مل‬ ‫ل‪،‬ث ّ‬ ‫جهِ اللهِ ؛ لنك الفائُز على كل حا ٍ‬ ‫اعمل الخير ِلو ْ‬
‫ط من غمطك ‪ ،‬ول جحود ُ من جحدك ‪ ،‬واحمد ِ الله‬ ‫م ُ‬ ‫يضرك غ ْ‬
‫ما‬
‫ن ‪ ،‬واليد ُ العليا خيٌر من اليد ِ السفلى ﴿ إ ِن ّ َ‬ ‫لنك المحس ُ‬
‫كورا ً ﴾‬ ‫ش ُ‬ ‫وَل ُ‬ ‫جَزاء َ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ريدُ ِ‬‫ه َل ن ُ ِ‬ ‫ه الل ّ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫ع ُ‬ ‫ن ُطْ ِ‬
‫‪.‬‬
‫هل كثيٌر من العقلِء من جبل ّةِ الجحودِ عند‬ ‫وقد ذ ُ ِ‬
‫م ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على‬ ‫وغاِء ‪ ،‬وكأنه ْ‬ ‫الغ ْ‬
‫عَنا إ َِلى ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫س ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ضّر ّ‬ ‫م ي َدْ ُ‬ ‫مّر ك َأن ل ّ ْ‬ ‫وه وتمردهُ ﴿ َ‬ ‫الصنف عت ّ‬
‫ن ﴾ ل ُتفاجأ إذا‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬‫ر ِ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬ ‫ك ُزي ّ َ‬ ‫ك َذَل ِ َ‬
‫أهديت بليدا ً قلما ً فكتب به هجاءك ‪ ،‬أو منحت جافيا ً عصا ً‬
‫ج بها رأسك ‪ ،‬هذا هو‬ ‫ش بها على غنمهِ ‪ ،‬فش ّ‬ ‫يتوكأ عليها ويه ّ‬
‫ن الجحودِ مع باريها‬ ‫ل عند هذهِ البشريةِ المحّنطةِ في كف ِ‬ ‫الص ُ‬
‫ل في عله ‪ ،‬فكيف بها معي ومعك ؟! ‪.‬‬ ‫ج ّ‬
‫****************************************‬
‫ح للصدر‬
‫ن إلى الخرين انشرا ٌ‬
‫الحسا ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫م ِ‬ ‫مهِ ‪ ،‬والخيُر كطع ِ‬ ‫ف كرس ِ‬ ‫مهِ ‪ ،‬والمعرو ُ‬ ‫ل كاس ِ‬ ‫الجمي ُ‬
‫ضلون بهذا‬ ‫م المتف ّ‬ ‫سه ُ‬‫ل المستفيدين من إسعاد ِ الّنا ِ‬ ‫أو ُ‬
‫م ‪ ،‬وأخلِقهم ‪،‬‬ ‫ه عاجل ً في نفوسهِ ْ‬ ‫السعادِ ‪ ،‬يجنون ثمرت ُ‬
‫هم ‪ ،‬فيجدون النشراح والنبساط ‪ ،‬والهدوء‬ ‫وضمائ ِرِ ِ‬
‫والسكينة‪.‬‬
‫ح غيرك‬ ‫م فامن ْ‬
‫م بك غ ّ‬ ‫م أو أل ّ‬
‫ف من ه ّ‬ ‫فإذا طاف بك طائ ٌ‬
‫ط محروما ً ‪،‬‬ ‫ه جميل ً تجد ِ الفرج والّراحة‪ .‬أع ِ‬ ‫معروفا ً وأسد ِ ل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪17‬‬
‫ن‬‫عد ْ مريضا ً ‪ ،‬أع ْ‬ ‫م جائعا ً ‪ِ ،‬‬ ‫انصر مظلوما ً ‪ ،‬أنِقذ ْ مكروبا ً ‪ ،‬أطع ْ‬
‫ن خلِفك‪.‬‬ ‫منكوبا ً ‪ ،‬تجدِ السعادة تغمُرك من بين يدْيك وم ْ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ه وبائعه ومشتري ُ‬ ‫ل الخيرِ كالطيب ينفعُ حامل ُ‬ ‫ن فع َ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫ف في صيدلي ِ‬ ‫ة تصر ُ‬ ‫وعوائد ُ الخيرِ النفسّية عقاقيُر مبارك ٌ‬
‫ت قلوُبهم بالّبر والحسان ‪.‬‬ ‫مر ْ‬ ‫الذي ع ُ ِ‬
‫ة‬
‫ق صدق ٌ‬ ‫ت المشرقةِ على فقراِء الخل ِ‬ ‫إن توزيع البسما ِ‬
‫ق‬ ‫ْ‬
‫ه طل ِ‬ ‫ة في عالم ِ القيم ِ )) ولو أن تلقى أخاك بوج ِ‬ ‫جاري ٌ‬
‫س على الخرين ل‬ ‫ب ضرو ٍ‬ ‫ن حر ٍ‬ ‫(( وإن عبوس الوجهِ إعل ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫م الغيو ِ‬ ‫م قيامها إل عل ّ ٌ‬ ‫يعل ُ‬
‫ت دخول جنة‬ ‫ف بغي لكلب عقورٍ أثمر ْ‬ ‫ة ماِء من ك ّ‬ ‫شرب ُ‬
‫ب غفوٌر شكوٌر‬ ‫ن صاحب الثوا ِ‬ ‫ض؛ل ّ‬ ‫ت والر ُ‬ ‫ضها السموا ُ‬ ‫عر ُ‬
‫ي حميد ٌ ‪.‬‬ ‫ب الجميل ‪ ،‬غن ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬يح ّ‬ ‫جمي ٌ‬
‫ف هلموا‬ ‫س الشقاِء والفزع والخو ِ‬ ‫م كوابي ُ‬ ‫ددهُ ْ‬ ‫ن ُته ّ‬ ‫يا م ْ‬
‫ة‬
‫ف وتشاغلوا بالخرين‪ ،‬عطاًء وضياف ً‬ ‫ن المعرو ِ‬ ‫إلى بستا ِ‬
‫ة وستجدون السعادة طعما ً ولونا ً‬ ‫ة وخدم ً‬ ‫ومواساة ً وإعان ً‬
‫غاء‬ ‫جَزى}‪ {19‬إ ِّل اب ْت ِ َ‬ ‫ة تُ ْ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫عندَهُ ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ما ِل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫وذوقا ً ﴿ َ‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ي َْر َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ول َ َ‬
‫عَلى}‪َ {20‬‬ ‫ه اْل َ ْ‬ ‫ه َرب ّ ِ‬ ‫ج ِ‬‫و ْ‬
‫َ‬
‫*****************************************‬
‫ل‬
‫اطرِد الفراغ بالعم ِ‬
‫ن‬
‫ف والشائعات ل ّ‬ ‫ل الراجي ِ‬ ‫الفارغون في الحياةِ هم أه ُ‬
‫ف ﴾‪.‬‬ ‫وال ِ ِ‬
‫خ َ‬‫ع ال ْ َ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ضوا ْ ب َِأن ي َ ُ‬
‫ة ﴿ َر ُ‬‫أذهانهم موّزع ٌ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن يوم يفرغ ُ صاحُبه من العم ِ‬ ‫ن أخطر حالت الذه ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ح ذات‬ ‫ق تجن ُ‬ ‫فيبقى كالسيارةِ المسرعةِ في انحدارِ بل سائ ٍ‬
‫ل‪.‬‬ ‫اليمين وذات الشما ِ‬
‫م والفزِع‬ ‫م والغ ّ‬ ‫يوم تجد ُ في حياتك فراغا ً فتهّيأ حينها لله ّ‬
‫ر‬
‫ت الماضي والحاض ِ‬ ‫ل ملّفا ِ‬‫ب لك ك ّ‬ ‫‪ ،‬لن هذا الفراغ يسح ُ‬
‫ل من أدراج الحياةِ فيجعلك في أمرٍ مريٍج ‪،‬‬ ‫والمستقب ِ‬
‫ل مثمرةٍ بدل ً من هذا‬ ‫ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعما ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ل مسك ّ ٍ‬ ‫ي ‪ ،‬وانتحاٌر بكبسو ٍ‬ ‫ه وأد ٌ خف ّ‬ ‫ل لن ُ‬
‫السترخاِء القات ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪18‬‬
‫س في‬ ‫ه بالتعذيب البطيِء الذي يمار ُ‬ ‫إن الفراغً أشب ُ‬
‫ة‬
‫ل دقيق ٍ‬ ‫ب يقط ُُر ك ّ‬‫ن تحت أنبو ٍ‬ ‫ن بوضِع السجي ِ‬ ‫ن الصي ِ‬ ‫سجو ِ‬
‫ن‬
‫ب السجي ُ‬ ‫ت ُيصا ُ‬‫ت انتظارِ هذه القطرا ِ‬ ‫قطرةً ‪ ،‬وفي فترا ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫بالجنو ِ‬
‫ة‬
‫ف ‪ ،‬وعقلك هو فريس ٌ‬ ‫ص محترِ ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬والفراغُ ل ِ ّ‬ ‫ة غفل ٌ‬‫الراح ُ‬
‫ب الوهمّية ‪.‬‬‫ة لهذه الحرو ِ‬ ‫ممّزق ٌ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬أو طالعْ ‪ ،‬أو اكت ْ‬ ‫ل أو اقرأ ‪ ،‬أو سب ّ ْ‬ ‫إذا ً قم الن ص ّ‬
‫أو رّتب مكتبك ‪ ،‬أو أصلح بيتك ‪ ،‬أو انفعْ غيرك حتى تقضي‬
‫ن‪.‬‬ ‫على الفراِغ ‪ ،‬وإني لك من الناصحي ْ‬
‫ل ‪ ،‬ويضمن لك أطباُء العالم‬ ‫ن العم ِ‬‫ح الفراغ بسكي ِ‬ ‫اذب ْ‬
‫ئ فحسب ‪،‬‬ ‫‪ %50‬من السعادة مقابل هذا الجراِء الطار ِ‬
‫انظر إلى الفلحين والخبازين والبنائين يغردون بالناشيد‬
‫ح‬
‫كالعصافيرِ في سعادةٍ وراحةٍ وأنت على فراشك تمس ُ‬
‫دموعك وتضطُرب لنك ملدوغٌ ‪.‬‬
‫****************************************‬
‫ل تكن إمعة‬
‫ذب في الخرين‪ .‬إن هذا‬ ‫ل تتقمص شخصية غيرك ول ت ُ‬
‫هو العذاب الدائم ‪ ،‬وكثيٌر هم الذين ينسون أنفسهم‬
‫مهم ‪ ،‬ومواهبهم ‪ ،‬وظروفهم ‪،‬‬ ‫وأصواِتهم وحركاِتهم ‪ ،‬وكل َ‬
‫ف‪،‬‬‫صل ُ‬ ‫ف وال ّ‬ ‫صهُروا في شخصّيات الخرين ‪ ،‬فإذا التكل ّ ُ‬ ‫لين ْ‬
‫ذات‪.‬‬ ‫م للكيان ولل ّ‬ ‫والحتراقُ ‪ ،‬والعدا ُ‬
‫ة‬
‫ن في صور ٍ‬ ‫من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنا ِ‬
‫ب والخلق ‪.‬‬ ‫واحدةٍ ‪ ،‬فلماذا يتفقون في المواه ِ‬
‫ل ولن يأتي‬ ‫أنت شيٌء آخُر لم يسبق لك في التاريِخ مثي ٌ‬
‫مُثلك في الدنيا شبيه ‪.‬‬
‫أنت مختلف تماما ً عن زيد وعمرو فل تحشْر نفسك في‬
‫سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان ‪.‬‬
‫س‬ ‫نا‬ ‫ل أُ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫انطلق على هيئتك وسجّيتك ﴿ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫عل ِ َ‬‫قد ْ َ‬
‫قوا ْ‬ ‫ست َب ِ ُ‬‫فا ْ‬ ‫ها َ‬ ‫وّلي َ‬
‫م َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ُ‬
‫ه ٌ‬
‫ج َ‬‫و ْ‬
‫ل ِ‬‫ول ِك ُ ّ‬
‫م﴾‪َ ﴿،‬‬
‫ه ْ‬
‫شَرب َ ُ‬‫م ْ‬
‫ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪19‬‬
‫ش كما خلقت ل تغير صوتك ‪ ،‬ل تبدل نبرتك ‪،‬‬ ‫ت﴾ ع ْ‬ ‫خي َْرا ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ل تخالف مشيتك ‪ ،‬هذب نفسك بالوحي ‪ ،‬ولكن ل تلِغ‬
‫وجودك وتقتل استقللك‪.‬‬
‫أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا‬
‫وطعمك هذا ؛ لنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ))ل يكن‬
‫معة(( ‪.‬‬‫أحدكم إ ّ‬
‫و‬
‫ه بعالم ِ الشجارِ ‪ :‬حل ٌ‬‫م أشب ُ‬‫ن الناس في طبائعه ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ل وقصيٌر ‪ ،‬وهكذا فليكونوا‪ .‬فإن كنت كالموِز‬ ‫ض ‪ ،‬وطوي ٌ‬ ‫وحام ٌ‬
‫ل إلى سفرجل ؛ لن جمالك وقيمتك أن تكون‬ ‫فل تتحو ْ‬
‫ن‬ ‫موزا ً ‪ ،‬إن اختلف ألواِننا وألسنِتنا ومواهِبنا وقدراِتنا آي ٌ‬
‫ةم ْ‬
‫ت الباري فل تجحد آياته ‪.‬‬ ‫آيا ِ‬
‫******************************‬
‫قضاء وقدر‬
‫في‬ ‫وَل ِ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫في اْل َ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫صي‬ ‫م‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫صا‬ ‫﴿ما أ َ‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م إ ِّل ِ‬ ‫َأن ُ‬
‫ف‬
‫ها﴾ ‪ ،‬ج ّ‬ ‫ل أن ن ّب َْرأ َ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ب ّ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫قل‬ ‫ف ‪ ،‬قضي المُر ‪ ،‬كتبت المقادير ‪ُ ﴿ ،‬‬ ‫ت الصح ُ‬ ‫م ‪ُ ،‬رفع ِ‬ ‫القل ُ‬
‫ه ل ََنا ﴾ ‪ ،‬ما أصابك لم يك ْ‬
‫ن‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ما ك َت َ َ‬ ‫صيب ََنا إ ِل ّ َ‬ ‫ّلن ي ُ ِ‬
‫ن ل ُِيصِيبك ‪.‬‬ ‫ك لم يك ْ‬ ‫ل ُِيخطِئك ‪ ،‬وما أخطأ َ‬
‫ت في نفسك وقّرت في‬ ‫إن هذه العقيدة إذا رسخ ْ‬
‫ل الوقائع‬‫ة ‪ ،‬وك ّ‬ ‫مْنح ً‬‫ة ِ‬‫حن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ‪ ،‬وال ِ‬ ‫ة عطي ً‬ ‫ت البلي ُ‬ ‫رك صار ْ‬ ‫ضمي ِ‬
‫ب منه(( فل‬ ‫ص ْ‬ ‫ه به خيرا ً ي ُ ِ‬ ‫رِد الل ُ‬ ‫ة ))ومن ي ُ ِ‬ ‫جوائز وأوسم ً‬
‫ب ‪ ،‬أو خسارةٍ ماليةٍ ‪ ،‬أو‬ ‫ت قري ٍ‬ ‫ض أو مو ِ‬ ‫يصيُبك قلقٌ من مر ٍ‬
‫ل ‪ ،‬والختياُر‬ ‫در والقضاُء قد ح ّ‬ ‫ن الباري قد ق ّ‬ ‫ت ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ق بي ٍ‬ ‫احترا ِ‬
‫ل‬‫ب ك ُّفر ‪.‬هنيئا ً له ِ‬ ‫هكذا ‪ ،‬والخيرةُ للهِ ‪ ،‬والجُر حصل ‪ ،‬والذن ُ‬
‫ض‪،‬‬‫المعطي ‪ ،‬القاب ِ‬ ‫المصائب صبرهم ورضاهم عن الخذ ِ ‪،‬‬
‫َ‬ ‫الباسط ‪َ ﴿ ،‬ل يسأ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫سأُلو َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ما‬‫ّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫ذهب‬ ‫سك ‪ ،‬وت ْ‬ ‫ل نف ِ‬ ‫ولن تهدأ أعصاُبك وتسكن بلب ُ‬
‫م بما‬‫ف القل ُ‬‫س صد ِْرك حتى تؤمن بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬ج ّ‬ ‫وساو ُ‬
‫ن أنه كان بوسِعك‬ ‫ت ‪ ،‬ل تظ ّ‬ ‫سك حسرا ٍ‬ ‫ب نف ُ‬ ‫ق فل تذه ْ‬ ‫أنت ل ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪20‬‬
‫من ْعُ‬‫ب‪،‬و َ‬ ‫ن يْنسك ِ ُ‬ ‫س الماِء أ ْ‬ ‫ف الجدار أن ينهار ‪ ،‬وحب ْ ُ‬ ‫إيقا ُ‬
‫ظ الزجاج أن ينكسر ‪ ،‬هذا ليس بصحيٍح‬ ‫ب ‪ ،‬وحف ُ‬ ‫الريِح أن ته ّ‬
‫على رغمي ورغمك ‪ ،‬وسوف يقعُ المقدوُر ‪ ،‬وين ُْفذ ُ القضاُء ‪،‬‬
‫فْر‬‫فل ْي َك ْ ُ‬ ‫شاء َ‬‫من َ‬ ‫و َ‬
‫من َ‬ ‫فل ْي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫شاء َ‬‫من َ‬ ‫ف َ‬‫ب﴿ َ‬ ‫ل المكتو ُ‬‫ح ّ‬
‫وي ِ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫مر‬‫خط والتذ ّ‬ ‫س ْ‬‫وق بجيش ال ّ‬ ‫م للقدر قْبل أن تط ّ‬ ‫استسل ْ‬
‫ل الّندم ‪ ،‬إذا ً‬ ‫ف بالقضاِء قْبل أن يدهمك سي ْ ُ‬ ‫والعويل ‪ ،‬اعتر ْ‬
‫ِ‬
‫حيل ‪ ،‬ثم وقع ما‬ ‫فليهدأ باُلك إذا فعلت السباب ‪ ،‬وبذلت ال ِ‬
‫ل ))لو‬ ‫كنت تحذُر ‪ ،‬فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ‪ ،‬ول تُق ْ‬
‫ه‬
‫در الل ُ‬ ‫ل‪:‬ق ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ‪ ،‬ولكن ُ‬
‫ل(( ‪.‬‬‫وما شاء فع ْ‬
‫***************************************‬
‫سرا ً ﴾‬
‫ر يُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬
‫﴿ إِ ّ‬
‫ر‬
‫سه ِ‬ ‫ظمأ ريّ ‪ ،‬وبعْد َ ال ّ‬ ‫ن بعد الجوع شبعٌ ‪ ،‬وبعْد َ ال ّ‬ ‫يا إنسا ُ‬
‫ب ‪ ،‬ويهتدي‬ ‫ل الغائ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬سوف يص ُ‬ ‫م ‪ ،‬وبعْد َ المرض عافي ٌ‬ ‫نوْ ٌ‬
‫ه َأن‬
‫سى الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬ ‫م﴿ َ‬ ‫ك العاني ‪ ،‬وينقشعُ الظل ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وُيف ّ‬ ‫الضا ّ‬
‫فت ْح أ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬‫د ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ي ِبال ْ َ ِ ْ‬ ‫ي َأت ِ َ‬
‫س الجبال ‪،‬‬ ‫شر الليل بصبح صادق يطارد ُهُ على رِؤو ِ‬ ‫ب ّ‬
‫ل في‬ ‫ص ُ‬
‫م ِبفرٍج مفاجئ ي ِ‬ ‫شر المهمو َ‬ ‫ومسارب الوديةِ ‪ ،‬ب ّ‬
‫ي‪،‬‬‫شرِ المنكوب بلطف خف ّ‬ ‫مِح البصرِ ‪ ،‬ب ّ‬ ‫ضوِْء ‪ ،‬ول ُ‬ ‫سرعةِ ال ّ‬
‫ف حانيةٍ وادعةٍ ‪.‬‬ ‫وك ٍ‬
‫ن وراءها رياضا ً‬ ‫إذا رأيت الصحراء تمتد ّ وتمتد ّ ‪ ،‬فاعلم أ ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ظل ِ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫خضراء وارف ّ‬
‫م أنه سوف ي َْنقط ُِع ‪.‬‬ ‫حْبل يشتد ّ ويشتد ّ ‪ ،‬فاعل ْ‬ ‫إذا رأيت ال ِ‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬ومع الَفَزِع سكين ٌ‬ ‫م ٌ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬ومع الخو ِ‬ ‫مع الدمعةِ بسم ٌ‬
‫‪.‬‬
‫ة الربانّية‬ ‫ن الرعاي َ‬ ‫ل‪،‬ل ّ‬ ‫الناُر ل تحرقُ إبراهيم الخلي ِ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫هي َ‬ ‫عَلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫سَلما ً َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َنافِذ َةَ ﴿ ب َْردا ً َ‬ ‫فََتح ْ‬
‫ي‬
‫ت القو ّ‬ ‫صوْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن‪،‬ل ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م الّر ْ‬ ‫البحُر ل ي ُغْرِقُ ك َِلي َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ي َرّبي َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬‫ن َ‬ ‫الصادق ن َط َقَ بـ ﴿ ك َّل إ ِ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪21‬‬
‫علهُ‬
‫ل في ُ‬ ‫حد َهْ ج ّ‬ ‫ه بأنه و ْ‬ ‫حب ُ‬‫شَر صا ِ‬ ‫م في الغارِ ب ّ‬ ‫المعصو ُ‬
‫ن والفُتح والسكينة ‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫معنا ؛ فنزل ال ْ‬
‫م القاتمةِ ل‬ ‫إن عبيد ساعاِتهم الراهنةِ ‪ ،‬وأرِّقاَء ظروفِهِ ُ‬
‫ة ‪ ،‬لنهم ل ينظرون إل ّ إلى‬ ‫ضيقَ والّتعاس َ‬ ‫ن إل ّ الن ّك َد َ وال ّ‬‫يَروْ َ‬
‫م وراء‬ ‫دوا أبصاَرهُ ْ‬ ‫ب‪ .‬أل فل ْي َ ُ‬
‫م ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬‫دارِ فَ َ‬
‫جدار الغرفةِ وباب ال ّ‬
‫م إلى ما وراء السواِر‪.‬‬ ‫ب ولي ُط ْل ُِقوا أعنة أفكارِهِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ُ‬
‫ال ُ‬
‫ل ‪ ،‬وأفض ُ‬
‫ل‬ ‫م الحا ِ‬ ‫ل دوا ُ‬ ‫محا ِ‬ ‫ضقْ ذرعا ً فمن ال ُ‬ ‫إذا ً فل ت ِ‬
‫ب ‪ ،‬والليالي‬ ‫ل ‪ ،‬والدهُر قُل ّ ٌ‬ ‫م ُدو ٌ‬ ‫العباِدة انتظاُر الفرِج ‪ ،‬اليا ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ل يوم هو في شأ ٍ‬ ‫مك ّ‬ ‫ب مستوٌر ‪ ،‬والحكي ُ‬ ‫حَبالى ‪ ،‬والغي ُ‬ ‫ُ‬
‫سرا ً ‪ ،‬إن‬‫سرِ ي ُ ْ‬ ‫ث بعد ذلك أمرا ً ‪ ،‬وإن مع العُ ْ‬ ‫حد ِ ُ‬‫ل الله ي ُ ْ‬‫ولع ّ‬
‫سرا ً ‪.‬‬ ‫سرِ ي ُ ْ‬
‫مع العُ ْ‬
‫*******************************‬
‫اصنع من الليمون شرابا ً حلوا ً‬
‫ح ‪ ،‬والجاه ُ‬
‫ل‬ ‫ل الخسائر إلى أربا ٍ‬ ‫ب يحوّ ُ‬ ‫ي الري ُ‬ ‫الذك ّ‬
‫ن‍‪‍ .‬‬
‫ل المصيبة مصيبتي ِ‬ ‫عدي ِد ُ يجع ُ‬ ‫الّر ْ‬
‫ت‬
‫ة مل ْ‬ ‫م في المدينةِ دول ً‬ ‫ة فأقا َ‬ ‫ل ‪ ‬من مك َ‬ ‫ط ُرِد َ الرسو ُ‬
‫مع التاريِخ وبصرهُ ‪.‬‬ ‫س ْ‬
‫حبس‬ ‫ل وجلد ‪ ،‬فصار إمام السنة ‪ ،‬و ُ‬ ‫حن ْب َ َ‬
‫ن َ‬ ‫سجن ُأحمد ُ ب ُ‬ ‫ُ‬
‫رج من حبسهِ علما ً جما ً ‪ ،‬وُوضع السرخس ّ‬
‫ي‬ ‫خ ِ‬‫ن تيمية فأ ْ‬ ‫اب ُ‬
‫في قعْرِ بئ ْرٍ معطلةٍ فأخرج عشرين مجلدا ً في الِفْقهِ ‪ ،‬وأقعد‬
‫ب‬‫ف جامع الصول والنهاية من أشهرِ وأنفِع كت ِ‬ ‫ابن الثيرِ فصن ّ َ‬
‫ت‬‫ود القراءا ِ‬ ‫ن الجوزي من بغداد ‪ ،‬فج ّ‬ ‫ث ‪ ،‬وُنفي اب ُ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ب فأرسل‬ ‫ت مالك بن الري ِ‬ ‫ت حمى المو ِ‬ ‫السبِع ‪ ،‬وأصاب ْ‬
‫ل دواوين شعراِء‬ ‫ه الرائعة الذائعة التي تعد ِ ُ‬ ‫للعالمين قصيدت ُ‬
‫م‬
‫الدولةِ العباسيةِ ‪ ،‬ومات أبناُء أبي ذؤيب الهذلي فرثاه ْ‬
‫هل منها الجمهوُر ‪ ،‬وصّفق لها‬ ‫بإلياذة أْنصت لها الدهُر ‪ ،‬وذ ُ ِ‬
‫خ‪.‬‬ ‫التاري ُ‬
‫ق منها ‪ ،‬وإذا‬ ‫ب المشرِ ِ‬ ‫ة فانظْر في الجان ِ‬ ‫إذا داهمتك داهي ٌ‬
‫كر ‪ ،‬وإذا‬ ‫س ّ‬
‫ة من ُ‬ ‫حْفن َ ً‬‫ف إليهِ ِ‬‫ن فأض ْ‬ ‫م كوب ليمو ٍ‬ ‫ده ْ‬‫ناولك أح ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪22‬‬
‫ك باقيه ‪ ،‬وإذا لدغْتك‬ ‫أهدى لك ثعبانا ً فخذ ْ جل ْد َه ُ الثمين واتر ْ‬
‫م‬ ‫س ّ‬‫ة حصينة ضد ُ‬ ‫ق ومناع ٌ‬ ‫ل وا ٍ‬ ‫ب فاعلم أنه مص ٌ‬ ‫عقر ٌ‬
‫ت‪.‬‬ ‫الحيا ِ‬
‫هرا ً ووْردا ً‬ ‫هز ْ‬‫ك القاسي ‪ ،‬لتخرج لنا من ُ‬ ‫تكّيف في ظرف ِ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫و ُ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت َك َْر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬‫وياسمينا ً ﴿ َ‬
‫ن‬‫ت فرنسا قبل ثورِتها العارمةِ شاعْرين مجيدي ْ ِ‬ ‫سجن ْ‬
‫ً‬
‫ن ‪ .‬فأما‬ ‫متفائل ً ومتشائما فأخرجا رأسْيهما من نافذةِ السج ِ‬
‫م‬‫ل فنظر نظرةٌ في النجوم ِ فضحك‪ .‬وأما المتشائ ٌ‬ ‫المتفائ ُ‬
‫ن في الشارِع المجاور فبكى‪ .‬انظْر إلى‬ ‫فنظر إلى الطي ِ‬
‫حض ليس موجودا ً ؛ بل‬ ‫الوجه الخر للمأساةِ ‪ ،‬لن الشّر الم ْ‬
‫جٌر ‪.‬‬‫ح وأ ْ‬ ‫ب وفَت ْ ٌ‬‫كس ٌ‬ ‫م ْ‬‫هناك خيٌر و َ‬
‫*****************************************‬
‫عاهُ ﴾‬ ‫ضطَّر إ ِ َ‬
‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫جي‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫﴿ أَ‬
‫ُ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫ّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ث به المنكو ً‬ ‫ب ‪ ،‬ويستغي ُ‬ ‫من الذي يْفزع ُ إليه المكرو ُ‬
‫ره‬
‫ج بذك ِ ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وتله ُ‬ ‫ه المخلوقا ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وتسأل ُ‬ ‫وتصمد ُ إليه الكائنا ُ‬
‫ه ل إله إل ّ هو‪.‬‬ ‫ه القلوب ؟ إنه الل ُ‬ ‫ن وت ُؤ َل ّهُ ُ‬ ‫س ُ‬‫الل ُ‬
‫ي وعليك أن ندعوه ُ في الشدةِ والّرخاِء‬ ‫وحقٌ عل ّ‬
‫ل إليه في‬ ‫س ُ‬ ‫ت ونتو ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫مل ِ ّ‬‫ضراِء ‪ ،‬ونفزع ُ إليه في ال ُ‬ ‫سراِء وال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ت بابهِ سائلين باكين ضارعين‬ ‫ح على عتبا ِ‬ ‫ت وننطر ُ‬ ‫الكربا ِ‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ه وي َ ُ‬ ‫ج ُ‬
‫سرعٌ فر ُ‬ ‫ل عوُْنه ‪ ،‬وي ُ ْ‬ ‫ص ُ‬‫منيبين ‪ ،‬حينها يأتي مدد ُهْ وي ِ‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ه﴾ فينجي الغريق‬ ‫عا ُ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬‫ب ال ْ ُ‬‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ه﴿أ ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫فت ْ ُ‬
‫ل‬‫دي الضا ّ‬ ‫ويرد ّ الغائب ويعافي المبتلي وينصُر المظلوم ويهْ ِ‬
‫في‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ب﴿ َ‬ ‫ج عن المكرو ِ‬ ‫ويشفي المريض ويفّر ُ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫وا الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن‬
‫سُرد عليك هنا أدعية إزاحةِ الهم ِ والغم ِ والحز ِ‬ ‫ولن أ ْ‬
‫ُ‬
‫سن ّةِ لتتعلم شريف‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ولكن أحيُلك إلى ك ُت ُ ِ‬ ‫والكر ِ‬
‫ه‬
‫دت ُ‬ ‫ب معه ؛ فتناجيهِ وتناديهِ وتدعوه ُ وترجوه‪ ،‬فإن وج ْ‬ ‫الخطا ِ‬
‫ل شيء ‪،‬‬ ‫ل شيٍء ‪ ،‬وإن فقدت اليمان به فقدت ك ّ‬ ‫دت ك ّ‬ ‫وج ْ‬
‫ة فوق‬ ‫ة عظمى ثاني ٌ‬ ‫إن دعاءك رّبك عبادةٌ أخرى ‪ ،‬وطاع ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪23‬‬
‫ن الدعاِء حريّ أن ل‬ ‫ب ‪ ،‬وإن عبدا ً يجيد ُ ف ّ‬ ‫ل المطلو ِ‬ ‫حصو ِ‬
‫م ول يقلق كل الحبال تتصّرم إل ّ حبُله ك ّ‬
‫ل‬ ‫م ول يغت ّ‬ ‫يهت ّ‬
‫ب ‪ ،‬يجيب‬ ‫ب سميعٌ مجي ٌ‬ ‫ه وهو قري ٌ‬ ‫ب توصد ُ إل ّ باب ُ‬ ‫البوا ِ‬
‫ج‪،‬‬‫ف المحتا ُ‬ ‫مُرك‪ -‬وأنت الفقيُر الضعي ُ‬ ‫المضطّر إذا دعاه يأ ُ‬
‫عوِني‬ ‫تدعوه ﴿ ادْ ُ‬
‫َ ََ‬ ‫ي القويّ الواحد ُ الماجد ُ ‪ -‬بأن‬ ‫وهو الغن ّ‬
‫َ‬
‫ب‬‫ت بك الخطو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ ،‬وأل ّ‬‫ت بك النواز ُ‬ ‫م ﴾ إذا نزل ْ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ب مدده ُ واسأْله فْتح ُ‬
‫ه‬ ‫مهِ ‪ ،‬واطل ْ‬ ‫ف باس ِ‬ ‫ج بذكرِهِ ‪ ،‬واهت ْ‬ ‫فاْله ْ‬
‫مهِ ‪ ،‬لتحصل على تاج‬ ‫س اس ِ‬ ‫صَرهُ ‪ ،‬مّرِغ الجبين لتقدي ِ‬ ‫ون ْ‬
‫الحري ّةِ ‪ ،‬وأرغم الْنف في طين عبوديت ِهِ لتحوز ِوسام النجاةِ ‪،‬‬
‫غ‬
‫ك ‪ ،‬أطلقْ لسانك ‪ ،‬أكثْر من طلب ِهِ ‪ ،‬بال ْ‬ ‫مد ّ يدْيك ‪ ،‬ارفع كّفي ْ َ‬
‫ه‬
‫ب فْتح ُ‬ ‫ه ‪ ،‬انتظْر ل ُط ُْفه ‪ ،‬ترق ْ‬ ‫م باب ُ‬‫ح عليه ‪ ،‬الز ْ‬ ‫في سؤال ِهِ ‪ ،‬أل ّ‬
‫ل إليه تبتيل ً‬ ‫ن ظّنك فيه ‪ ،‬انقطعْ إليه ‪ ،‬تبت ّ ْ‬ ‫مهِ ‪ ،‬أحس ْ‬ ‫شد ُ باس ِ‬ ‫‪،‬أ ْ‬
‫ح‪.‬‬ ‫حتى تسعد وت ُْفل ِ َ‬
‫**************************************‬
‫وليسعك بيتك‬
‫دك عن الشّر وأهل ِهِ ‪ ،‬والفارغين‬ ‫ة ‪ :‬ب ُعْ ُ‬‫ة السني ّ ُ‬
‫ة الشرعي ّ ُ‬ ‫العُْزل ُ‬
‫َواللهين والفوضويين ‪ ،‬فيجتمعُ عليك شمُلك ‪ ،‬ويهدأ باُلك ‪،‬‬
‫ح طرفُ َ‬
‫ك‬ ‫حكم ‪ ،‬ويسر ُ‬ ‫دررِ ال ِ‬‫ح خاطُرك ‪ ،‬ويجود ُ ذهُنك ب ِ ُ‬ ‫ويرتا ُ‬
‫ف‪.‬‬‫ن ا لمعار ِ‬ ‫في بستا ِ‬
‫ل عن الخيرِ والطاعةِ دواٌء‬ ‫ل ما يشغ ُ‬ ‫إن العزلة عن ك ّ‬
‫دلك عليهِ ‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬وأنا أ ّ‬ ‫ب فنجح أّيما نجا ٍ‬ ‫ه أطباُء القلو ِ‬ ‫عزيٌز جّرب ٌ‬
‫ح للِف ْ‬
‫كر ‪،‬‬ ‫في العزلةِ عن الشّر والّلغوِ وعن الدهماِء تلقي ٌ‬
‫ل بمولد ِ النابةِ والتذكرِ ‪،‬‬ ‫س الخشيةِ ‪ ،‬واحتفا ٌ‬ ‫ة لنامو ِ‬ ‫وإقام ٌ‬
‫ح في‬ ‫ط الممدو ُ‬ ‫وإنما كان الجتماعُ المحمود ُ والختل ُ‬
‫ن على الخي ْرِ ‪ ،‬أما‬ ‫س العِل ْم ِ والتعاو ِ‬ ‫مِع ومجال ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ت وال ُ‬ ‫الصلوا ِ‬
‫ك‬
‫دك ‪ ،‬اب ِ‬ ‫ب بجل ِ‬ ‫س البطالةِ والعطالةِ فحذارِ حذارِ ‪ ،‬اهر ْ‬ ‫مجال ُ‬
‫ك عليك لسانك ‪ ،‬وليسعك بيتك ‪،‬‬ ‫على خطيئتك ‪ ،‬وأمس ْ‬
‫الختلط الهمجي حرب شعواء على النفس ‪ ،‬وتهديد خطير‬
‫س أساطين‬ ‫ن والستقرارِ في نفسك ‪ ،‬لنك تجال ُ‬ ‫لدنيا الم ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪24‬‬
‫ف‪ ،‬وأساتذة التبشير بالفتن‬ ‫ت ‪ ،‬وأبطال الراجي ِ‬ ‫الشائعا ِ‬
‫ت قبل أن‬ ‫سب ْعَ مرا ٍ‬‫ل يوم ٍ َ‬ ‫والكوارث والمحن‪ ،‬حتى تموت ك ّ‬
‫خَبال ً﴾ ‪.‬‬ ‫دوك ُ ْ‬
‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ما َزا ُ‬‫كم ّ‬ ‫في ُ‬‫جوا ْ ِ‬
‫خَر ُ‬
‫و َ‬‫ت ﴿ لَ ْ‬
‫يصلك المو ُ‬
‫إذا ً فرجائي الوحيد ُ إقبالك على شاِنك والنزواُء في‬
‫ل خيرٍ ‪ ،‬حينها تجد ُ قلبك عاد‬ ‫ل خيرٍ أو فع ِ‬‫غرفِتك إل ّ من قو ِ‬
‫م وقُتك من الضياٍع ‪ ،‬وعمُرك من الهدارِ ‪،‬‬ ‫إليك ‪ ،‬فسل َ‬
‫ق ‪ ،‬وأذُنك من الخنا‬ ‫ولساُنك من الغيبةِ ‪ ،‬وقلُبك من القل ِ‬
‫ف ‪ ،‬ومن أركب‬ ‫ن ‪ ،‬ومن جّرب عََر َ‬ ‫سك من سوِء الظ ِ‬ ‫ونف ُ‬
‫ل عليه‬ ‫نفسه مطايا الوهام ِ ‪ ،‬واسترسل مع العوام ِ فق ْ‬
‫م‪.‬‬‫السل ُ‬
‫*************************************‬
‫العوض من الله‬
‫وضك خيرا ً منه ‪ ،‬إذا صبْر َ‬
‫ت‬ ‫ل يسلبك الله شيئا إل ّ ع ّ‬
‫وضُته منهما‬ ‫ت حبيبتيه فصبر ع ّ‬ ‫ن أخذ ُ‬ ‫ت ))م ْ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫حت َ َ‬ ‫وا ْ‬
‫ه من أهل الدنيا‬ ‫ت صفي ّ ُ‬ ‫الجنة(( يعني عينيه ))من سلب ُ‬
‫ه من الجّنة(( من فقد ابنه وصبر ُبني‬ ‫ضت ُ ُ‬‫و ْ‬ ‫ثم احتسب ع ّ‬
‫ل فإن هذا‬ ‫س على هذا المنوا ِ‬ ‫خل ْدِ ‪ ،‬وقِ ْ‬ ‫ت الحمد ِ في ال ُ‬ ‫له ب َي ْ ُ‬
‫مجرد ُ مثال ‪.‬‬
‫ة‬
‫درها عنده جن ٌ‬ ‫ف على مصيبة فان الذي ق ّ‬ ‫فل تأس ْ‬
‫م‪.‬‬ ‫ض وأجٌر عظي ٌ‬ ‫عو ٌ‬ ‫بو ِ‬ ‫وثوا ٌ‬
‫س‬
‫إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوّهُ بهم في الِفْردوْ ِ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫دا ِ‬ ‫قَبى ال ّ‬ ‫ع ْ‬‫م ُ‬‫ع َ‬‫فن ِ ْ‬‫م َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬‫م َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫﴿ َ‬
‫عوض المصيبةِ وفي ثوابها وفي‬ ‫وحق علينا أن ننظر في ِ‬
‫ة‬
‫م ٌ‬
‫ح َ‬‫وَر ْ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫صل َ َ‬
‫وا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫خلفها الخّير ﴿ ُأوَلـئ ِ َ‬
‫ن ﴾ هنيئا ً للمصابين ‪ ،‬بشرى‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وُأوَلـئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫للمنكوبين‪.‬‬
‫مر الدنيا قصيٌر وكنُزها حقيٌر ‪ ،‬والخرة ُ خيٌر وأبقى‬ ‫إن ع ُ ْ‬
‫كوِفئ هناك ‪ ،‬ومن تعب هنا ارتاح هناك ‪ ،‬أما‬ ‫فمن ُأصيب هنا ُ‬
‫دنيا العاشقون لها الراكنون إليها ‪ ،‬فأشد ّ ما‬ ‫المتعلقون بال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪25‬‬
‫ص راحتهم فيها لنهم‬ ‫ظهم منها وتنغي ُ‬ ‫على قلوبهم فوت حظو ُ‬
‫م‬
‫ب وتكبُر عنده ُ‬ ‫م المصائ ُ‬ ‫م عليه ُ‬ ‫يريدونها وحدها فلذلك تعظ ُ ً‬
‫مهم فل يرون إل ّ ال ّ‬
‫دنيا‬ ‫م ينظرون تحت أقدا ِ‬ ‫ت ؛ لنه ْ‬
‫النكبا ُ‬
‫الفانية الزهيدة الرخيصة‪.‬‬
‫م الرابحون ‪ ،‬فقد بعث‬ ‫أيها المصابون ما فات شيٌء وأنت ُ‬
‫ن‬
‫حس ُ‬ ‫بو ُ‬ ‫ف وثوا ٌ‬ ‫ف وعط ْ ٌ‬ ‫م برسالةٍ بين أسطرها ل ُط ْ ٌ‬ ‫لك ْ‬
‫ب الذي ضرب عليه سرادقُ المصيبة‬ ‫اختيار‪ .‬إن على المصا ِ‬
‫ب‬‫ه َبا ٌ‬ ‫ر لّ ُ‬
‫سو ٍ‬ ‫هم ب ِ ُ‬ ‫ب ب َي ْن َ ُ‬ ‫ر َ‬‫ض ِ‬‫ف ُ‬ ‫أن ينظر ليرى أن النتيجة ﴿ َ‬
‫ب﴾ ‪ ،‬وما‬ ‫ذا ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫ع َ‬ ‫قب َل ِ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫هُرهُ ِ‬ ‫ظا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬
‫م ُ‬
‫ح َ‬
‫ه الّر ْ‬
‫في ِ‬
‫ه ِ‬‫َباطِن ُ ُ‬
‫ل وأعلى ‪.‬‬ ‫عند اللهِ خيٌر وأبقى وأهنأ وأمرأ ُ وأج ّ‬
‫**************************************‬
‫اليمان هو الحياة‬
‫م المفلسون من كنوِز‬ ‫ل معاني الشقاِء ه ُ‬ ‫الشقياُء بك ّ‬
‫ب‬ ‫م أبدا ً في تعاسةٍ وغض ٍ‬ ‫ن ‪ ،‬فه ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ومن رصيد ِ َاليقي ِ‬ ‫اليما ِ‬
‫ة‬
‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ة﴿ َ‬ ‫ومهانةٍ وذل ّ ٍ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫مها‬ ‫بغ ّ‬ ‫حها ويذه ُ‬ ‫كيها ويطهُرها ويفر ُ‬ ‫ل ُيسعد ُ النفس ويز ّ‬
‫ة‬
‫ب العالمين ‪ ،‬ل طعم للحيا ِ‬ ‫ن بالله ر ّ‬ ‫مها وقلقها إل ّ اليما ُ‬ ‫وه ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫أصل ً إل ّ باليما ِ‬
‫ن الطريقة المثلى للملحدةِ إن لم يؤمنوا أن ينتحُروا‬ ‫إ ّ‬
‫ت‬
‫ل والظلما ِ‬ ‫حوا أنفسهم من هذه الصارِ والغل ِ‬ ‫ليري ُ‬
‫ة‬
‫ن لعن ٍ‬ ‫عسة بل إيمان ‪ ،‬يا لها م ْ‬ ‫ن حياةِ تا ِ‬ ‫والدواهي ‪ ،‬يا لها م ْ‬
‫قل ّ ُ‬
‫ب‬ ‫ون ُ َ‬ ‫ت بالخارجين على منهج الله في الرض ﴿ َ‬ ‫أبديةٍ حاق ْ‬
‫ة‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫مّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫نو‬‫ُ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ؤ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫صا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫أ‬‫و‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫ف‬
‫ُ‬ ‫ون َذَُر ُ‬
‫ن للعالم ِ‬ ‫ن ﴾ وقد آن الوا ُ‬ ‫هو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫غَيان ِ ِ‬ ‫في ط ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ن ل إله إل‬ ‫ن بأ ّ‬ ‫ل اليما ِ‬ ‫ل القناعة ‪ ،‬وأن يؤمن ك ّ‬ ‫أن يقتنع ك ّ‬
‫صل بعدها‬ ‫ن غابرةٍ تو ّ‬ ‫الله بعْد َ تجربةٍ طويلةٍ شاقةٍ عب َْر ُقرو ٍ‬
‫ن‬‫ة وأ ّ‬ ‫ذب ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬واللحاد ك ِ ْ‬ ‫ة والكفر لعن ٌ‬ ‫ل إلى أن الصنم خراف ٌ‬ ‫العْق ُ‬
‫ه الحمد ُ وهو‬ ‫ك ول ُ‬ ‫ن الله حقّ له المل ُ‬ ‫ل صادقون ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫س َ‬ ‫الّر ُ‬
‫ل شيء قديٌر ‪.‬‬ ‫على ك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪26‬‬
‫وبقدرِ إيماِنك قوة ً وضعفا ً ‪ ،‬حرارة ً وبرودةً ‪ ،‬تكون‬
‫سعادُتك وراحُتك وطمأنينُتك ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫و أنَثى َ‬ ‫رأ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫من ذَك َ‬ ‫صاِلحا ً ّ‬
‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫هم بأ َ‬ ‫ة ول َن َجزين ّهم أ َ‬
‫ما‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً َ ْ ِ َ ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫فل َن ُ ْ‬ ‫َ‬
‫سهم‬ ‫ة هي استقراُر نفو ِ‬ ‫ن ﴾ وهذه الحياة ُ الطيب ُ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ب باريهم ‪ ،‬وطهارةُ‬ ‫ت قلوِبهم بح ّ‬ ‫ن موعودِ رّبهم ‪ ،‬وثبا ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ف ‪ ،‬وبرود ُ أعصاب ِِهم أمام‬ ‫رهم من أوضارِ النحرا ِ‬ ‫ضمائ ِ‬
‫ة قلوِبهم عند ْ وقِْع القضاِء ‪ ،‬ورضاهم في‬ ‫ث ‪ ،‬وسكين ُ‬ ‫الحواد ِ‬
‫ضوا باللهِ رب ّا ً وبالسلم دِينا ً ‪ ،‬وبمح ّ‬
‫مد ٍ‬ ‫مواطن القدر ‪ ،‬لنهم ر ُ‬
‫‪ ‬نبيا ً ورسول ً ‪.‬‬
‫*************************************‬
‫ر الخلّية‬
‫ن العسل ول تكس ِ‬
‫اج ِ‬
‫ه ‪ ،‬وما ُنزع من شيءٍ إل ّ‬ ‫الرفقُ ما كان في شيٍء إل ّ زان ُ‬
‫ة على المحيا ‪،‬‬ ‫ة الرائق ُ‬ ‫ن في الخطاب ‪ ،‬البسم ُ‬ ‫شاُنه ‪ ،‬اللي ُ‬
‫ة يرتديها‬ ‫ل منسوج ٌ‬ ‫حل ُ ٌ‬‫ة عند اللقاِء ‪ ،‬هذه ُ‬ ‫ة الطيب ُ‬ ‫الكلم ُ‬
‫ل طّيبا ً وتصن ُ‬
‫ع‬ ‫ن كالنحلة تأك ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ت المؤ ِ‬ ‫السعداُء ‪ ،‬وهي صفا ُ‬
‫ن الله يعطي‬ ‫ت على زهرةٍ ل تكسُرها ؛ ل ّ‬ ‫طّيبا ً ‪ ،‬وإذا وقع ْ‬
‫س من‬ ‫ن من النا ِ‬ ‫ف‪.‬إ ّ‬ ‫ق ما ل يعطي على العن ِ‬ ‫على الرف ِ‬
‫م البصاُر ‪،‬‬ ‫ص إلى طلعاِته ُ‬ ‫م العناقُ ‪ ،‬وتشخ ُ‬ ‫مهِ ُ‬‫ب لقدو ِ‬ ‫شَرئ ِ ّ‬ ‫ت ْ‬
‫ح ‪ ،‬لنهم محبون في‬ ‫م الروا ُ‬ ‫م الفئدةُ وتشّيعهُ ُ‬ ‫وتحييه ُ‬
‫كلمِهم ‪ ،‬في أخذهم وعطاِئهم ‪ ،‬في بيعِهم وشراِئهم ‪ ،‬في‬
‫عِهم ‪.‬‬ ‫لقاِئهم وودا ِ‬
‫س يجيد ُه ُ النبلُء البراُر ‪،‬‬ ‫ن مدرو ٌ‬ ‫إن اكتساب الصدقاِء ف ّ‬
‫ن حضروا‬ ‫س‪،‬إ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫م محفوفون دائما وأبدا بهالةٍ من النا ِ‬ ‫فه ْ‬
‫ل والدعاُء ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬وإن غابوا فالسؤا ُ‬ ‫شُر والن ُ‬ ‫فالب ِ ْ‬
‫ع‬‫ف ْ‬ ‫ق عنواُنه ‪ ﴿ :‬ادْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫م دستور أخل‬ ‫ن هؤلِء السعداء له ْ‬ ‫إ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫وةٌ ك َأن ّ ُ‬ ‫دا َ‬‫ع َ‬
‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬
‫ك َ‬ ‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫ن َ‬
‫فإ ِ َ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ِبال ِّتي ِ‬
‫م الجّياشةِ ‪،‬‬ ‫طفت ِهِ ُ‬ ‫م يمتصون الحقاد بعا ِ‬ ‫م ﴾ فه ْ‬ ‫مي ٌ‬‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬‫َ‬
‫حهم البريِء ‪ ،‬يتناسون الساءة‬ ‫م الداِفئ ‪ ،‬وصْف ِ‬ ‫مهِ ُ‬ ‫وحل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪27‬‬
‫ج‬‫ة فل تل ُ‬ ‫ت النابي ُ‬‫م الكلما ُ‬ ‫مّر به ُ‬ ‫ويحفظون الحسان ‪ ،‬ت ُ‬
‫م في راحةٍ ‪،‬‬ ‫جعةٍ ‪ .‬ه ْ‬ ‫ب بعيدا ً هناك إلى غيرِ ر ْ‬ ‫آذانهم ‪ ،‬بل تذه ُ‬
‫م في سلم‬ ‫ن ‪ ،‬والمسلمون منه ُ‬ ‫م في أم ٍ‬ ‫س منه ُ‬ ‫والنا ُ‬
‫ه‪،‬‬‫د ِ‬‫ه وي َ ِ‬ ‫ن من ِلسان ِ ِ‬ ‫م من سِلم المسلمو ُ‬ ‫)) المسل ُ‬
‫س على دماِئهم وأمواِلهم ((‬ ‫ه النا ُ‬ ‫من َ ُ‬
‫ن من أ ِ‬ ‫والمؤم ُ‬
‫و‬
‫ف َ‬‫ع ُ‬‫ن قطعني وأن أ ْ‬ ‫ن أصل م ْ‬ ‫)) إن الله أمرني أ ْ‬
‫مِني (( ﴿‬ ‫ُ‬
‫ن حَر َ‬ ‫من ظلمني وأن أعطي م ْ‬ ‫ع ّ‬
‫شْر هؤلء‬ ‫س﴾ب ّ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫عا ِ‬ ‫ظ َ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬‫وال ْ َ‬
‫َ‬
‫ل من الطمأنينةِ والسكينةِ والهدوِء ‪.‬‬ ‫ب عاج ٍ‬ ‫بثوا ٍ‬
‫ب غفورٍ في‬ ‫ب أخرويّ كبيرٍ في جوارِ ر ّ‬ ‫وبشرهم بثوا ٍ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫د ٍ‬‫قت َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ك ّ‬ ‫مِلي ٍ‬‫عندَ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫صدْ ٍ‬‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬‫في َ‬ ‫ت ون َهَرٍ ﴿ ِ‬ ‫جنا ٍ‬
‫**********************************‬
‫ب﴾‬ ‫ُ‬
‫لو‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬‫م‬‫ْ‬ ‫ط‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ك‬‫ذ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫﴿ أَ‬
‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ن القلو ِ‬ ‫ة صابو ُ‬ ‫ب اللهِ ‪ ،‬والصراح ُ‬ ‫الصدقُ حبي ُ‬
‫ل‬‫ب أهله ‪ ،‬ولم يوجد ْ عم ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬والرائد ُ ل يكذ ُ‬ ‫ة برها ٌ‬ ‫والتجرب ُ‬
‫َ‬
‫م﴾‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫م للجرِ كالذكر ﴿ َ‬ ‫ح للصدرِ وأعظ ُ‬ ‫أشر ُ‬
‫م يدخْلها لم يدخل جنة‬ ‫ضهِ ‪ ،‬من ل ْ‬ ‫ه في أر ِ‬ ‫ه جن ّت ُ ُ‬ ‫وذكُرهُ سبحان ُ‬
‫الخرةِ ‪ ،‬وهو إنقاذ ٌ للنفس من أوصاِبها وأتعاِبها واضطراِبها ‪،‬‬
‫ع‬
‫ح ‪ .‬طال ْ‬ ‫ل فوزٍ وفل ٍ‬ ‫سٌر مختصٌر إلى ك ّ‬ ‫ل هو طريقٌ مي ّ‬ ‫ب ْ‬
‫ب مع اليام ِ بْلسم ُ‬
‫ه‬ ‫جّر ْ‬ ‫دواوين الوحي لترى فوائد َ الذكرِ ‪ ،‬و َ‬
‫ل الشفاَء ‪.‬‬ ‫لتنا َ‬
‫م‬
‫ف والَفَزِع واله ّ‬ ‫ب الخو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ه تنقشعُ ُ‬ ‫بذكره سبحان ُ‬
‫ب والغم ِ والسى ‪.‬‬ ‫ل الك َْر ِ‬ ‫ح جبا ُ‬ ‫ن ‪ .‬بذكره ُتزا ُ‬ ‫والحز ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل الصي ُ‬ ‫ن يرتاح الذاكرون ‪ ،‬فهذا هو الص ُ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ول عج َ‬
‫ش الغافلون عن ذك ِرِهِ ﴿‬ ‫ب كيف يعي ُ‬ ‫ب الُعجا َ‬ ‫ج َ‬ ‫لكن العَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫عُثو َ‬ ‫ن ي ُب ْ َ‬‫ن أّيا َ‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫و َ‬
‫َ‬ ‫ياء‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫ٌ‬ ‫موا‬ ‫ْ‬
‫جع من‬ ‫ن شكى الرق ‪ ،‬وبكى من اللم ‪ ،‬وتف ّ‬ ‫يا م ْ‬
‫ف باسمه المقدس ‪﴿ ،‬‬ ‫ب ‪ ،‬هيا اهت ْ‬ ‫ه الخطو ُ‬ ‫ث ‪ ،‬ورمت ْ ُ‬ ‫الحواد ِ‬
‫مي ّا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬‫ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪28‬‬
‫ط خاطُرك ‪ ،‬يهدأ ُ قلُبك ‪،‬‬ ‫ره ينبس ُ‬ ‫بقدرِ إكثارك من ذك ِ‬
‫عله‬ ‫ل في ُ‬ ‫ح ضميرك ‪ ،‬لن في ذكره ج ّ‬ ‫سك ‪ ،‬يرتا ُ‬ ‫تسعد ُ نْف ُ‬
‫ل عليه ‪ ،‬والثقةِ به والعتمادِ عليه ‪ ،‬والرجوِع إليه‬ ‫معاني التوك ِ‬
‫ب إذا‬
‫ن فيه ‪ ،‬وانتظار الفرِج مُنه ‪ ،‬فهو قري ٌ‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫‪ ،‬وحس ِ‬
‫ع‬
‫ل ‪ ،‬فاضرعْ واخض ْ‬ ‫سئ َ‬‫ب إذا ُ‬‫عي ‪ ،‬سميعٌ إذا ُنوِدي ‪ ،‬مجي ٌ‬ ‫دُ ِ‬
‫ه الطيب المبارك على لساِنك توحيدا ً‬ ‫واخشعْ ‪ ،‬وَرد ّدِ اسم ُ‬
‫وثناًء ومدحا ً ودعاًء وسؤال ً واستغفارا ً ‪ ،‬وسوف تجد ُ – بحول ِ ِ‬
‫ه‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫فآَتا ُ‬ ‫ن والسرور والنور والحبوَر ﴿ َ‬ ‫وقوت ِهِ – السعادة والم َ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬‫خَر ِ‬‫ب ال ِ‬ ‫ن ثَ َ‬
‫وا ِ‬ ‫س َ‬‫ح ْ‬‫و ُ‬‫ب الدّن َْيا َ‬‫وا َ‬‫ه ثَ َ‬‫الل ّ ُ‬
‫*****************************‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫تا‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ما‬ ‫َ‬
‫لى‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫﴿ أَ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه﴾‬ ‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ن الحسد‬ ‫خرا ً ‪ ،‬إ ّ‬ ‫من ْ‬‫حةِ تنخُر العظ َ‬ ‫الحسد َ كالكلةِ المل ِ َ‬
‫ث في الجسم فسادا ً ‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬ل راحة‬ ‫ن يعي ُ‬ ‫ض مزم ٌ‬ ‫مر ٌ‬
‫ق‬
‫ب صدي ٍ‬ ‫جْلبا ِ‬ ‫ب مظلوم ‪ ،‬وعدوّ في ِ‬ ‫م في ثو ِ‬ ‫لحسود فهو ظال ٌ‬
‫ه‪.‬‬‫ه ‪ ،‬بدأ بصاحبهِ فقت َل َ َ‬ ‫‪ .‬وقد قالوا ‪ :‬لله دّر الحسدِ ما أع ْد َل َ ْ‬
‫ة بي وبك ‪،‬‬ ‫إنني أنهى نفسي ونفسك عن الحسد ِ رحم ً‬
‫م‬
‫م اله ّ‬ ‫م نطع ُ‬ ‫دنا له ْ‬ ‫ن نرحم الخرين ؛ لننا بحس ِ‬ ‫قبل أ ْ‬
‫م دماَءنا ‪ ،‬ونوّزعُ نوم جفوننا على‬ ‫لحومنا ‪ ،‬ونسقي الغ ّ‬
‫الخرين ‪.‬‬
‫ص‬‫م فيه ‪ .‬التنغي ُ‬ ‫ل فرنا ً ساخنا ً ثم يقتح ُ‬ ‫شعِ ُ‬‫ن الحاسد ي ُ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ض يوّلدها الحسد ُ لتقضي على‬ ‫م الحاضُر أمرا ٌ‬ ‫والكدُر واله ّ‬
‫م‬‫ه خاص َ‬ ‫سدِ أن ُ‬‫ة الحا ِ‬ ‫الراحةِ والحياةِ الطيبةِ الجميلةِ ‪ .‬بل ِي ّ ُ‬
‫شرعْ ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬وأساء الدب مع ال ّ‬ ‫القضاَء ‪ ،‬واتهم الباري في العد ْ ِ‬
‫ب المْنهِج ‪.‬‬ ‫وخالف صاح َ‬
‫ض ل ُيؤجُر عليهِ صاحُبه ‪ ،‬ومن بلٍء ل‬ ‫يا للحسد من مر ٍ‬
‫مب ْت ََلى به ‪ ،‬وسوف يبقى هذا الحاسد ُ في حرق ٍ‬
‫ة‬ ‫ب عليه ال ُ‬ ‫ُيثا ُ‬
‫ح إل ّ‬ ‫ل ُيصال ُ‬ ‫س عنهم ‪ .‬ك ّ‬ ‫م النا ِ‬ ‫ب ِنع ُ‬‫دائمةٍ حتى يموت أو تذ ْهَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪29‬‬
‫ح معه أن تتخّلى عن نعم ٍ اللهِ وتتنازل عن‬ ‫الحاسد فالصل ُ‬
‫مواه ِِبك ‪ ،‬وت ُل ِْغي خصاِئصك ‪ ،‬ومناِقبك ‪ ،‬فإن فعلت ذلك‬
‫ض ‪ ،‬نعوذ ُ باللهِ من شّر حاسد إذا‬ ‫ه يرضى على مض ٍ‬ ‫فل َعَل ّ ُ‬
‫سام ل يقر قراره حتى‬ ‫ن السودِ ال ّ‬ ‫ح كالثعبا ِ‬
‫حسد ْ ‪ ،‬فإنه يصب ُ‬
‫ه في جسم بريٍء ‪.‬‬ ‫ُيفرِغ َ س ّ‬
‫م ُ‬
‫سد ِ فإنه‬
‫فأنهاك أنهاك عن الحسد واستعذ باللهِ من الحا ِ‬
‫لك بالمرصادِ ‪.‬‬
‫***********************************‬
‫ل الحياة كما هي‬
‫اقب ِ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ،‬جاهم ُ‬ ‫ت ‪ ،‬كثيرة ُ التبعا ِ‬ ‫ة اللذا ِ‬ ‫ل الدنيا منغص ُ‬ ‫حا ُ‬
‫ت بالّنكد ِ ‪،‬‬ ‫خِلط ْ‬ ‫ت بالكدرِ ‪ ،‬و ُ‬ ‫زج ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن‪ُ ،‬‬ ‫المحّيا ‪ ،‬كثيرةُ التلوّ ِ‬
‫وأنت منها في ك ََبد ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬أو صديقا ً ‪ ،‬أو نبيل ً ‪ ،‬ول مسكنا ً‬ ‫ولن تجد والدا ً أو زوج ً‬
‫ة إل ّ وفيه ما يكد ُّر ‪ ،‬وعنده ما يسوُء أحيانا ً ‪ ،‬فأطفئ‬ ‫ول وظيف ً‬
‫ص‪.‬‬ ‫ح قصا ٌ‬ ‫جوَ رأسا ً برأس ‪ ،‬والجرو ُ‬ ‫حّر شّرهِ ببردِ خي ْرِهِ ‪ ،‬لتن ْ ُ‬
‫ن ‪ ،‬والنوعين‬ ‫ة للضدي ِ‬ ‫ه لهذه الدنيا أن تكون جامع ً‬ ‫أراد الل ُ‬
‫ح وفساد ٍ ‪ ،‬سروٍر‬ ‫‪ ،‬والفريقين ‪ ،‬والرأيين خي ْرٍ وشرٍ ‪ ،‬صل ٍ‬
‫ح والسروُر في الجنةِ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬والصل ُ‬ ‫خي ُْر كل ّ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬ثم يصفو ال َ‬ ‫حْز ٍ‬ ‫و ُ‬
‫ن في النارِ ‪ .‬في الحديث ‪:‬‬ ‫معُ الشّر كله والفساد ُ والحز ُ‬ ‫ج َ‬‫وي ُ ْ‬
‫ه وما‬ ‫ن ما فيها إل ذكُر الل ِ‬ ‫ة ملعو ٌ‬ ‫)) الدنيا ملعون ٌ‬
‫ح من‬ ‫ك ول تسر ْ‬ ‫ش واقع َ‬ ‫م (( فع ْ‬ ‫م ومتعل ٌ‬ ‫والهُ وعال ٌ‬
‫ك كما هي ‪،‬‬ ‫ل دنيا َ‬ ‫ت ‪ ،‬اقب ْ‬ ‫ل ‪ ،‬وحل ّقْ في عالم ِ المثاليا ِ‬ ‫الخيا ِ‬
‫وع نفسك لمعايشتها ومواطنِتها ‪ ،‬فسوف ل يصفو لك‬ ‫وط ّ‬
‫صْفوَ والكمال‬ ‫ن ال ّ‬‫ل لك فيها أمٌر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ول يكم ُ‬ ‫فيها صاح ٌ‬
‫ن صفاِتها ‪.‬‬ ‫والتمام ليس من شأنها ول م ْ‬
‫ك‬‫ة ‪ ،‬وفي الحديث ‪ )) :‬ل يفر ُ‬ ‫لن تكمل لك زوج ٌ‬
‫ة إن كره منها خلقا ً رضي منها آخر (( ‪.‬‬ ‫ن مؤمن ً‬ ‫مؤم ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪30‬‬
‫خذ ما‬ ‫ح ‪ ،‬ونأ ُ‬
‫صف َ‬
‫ن نسدد ونقارب ‪ ،‬ونعُْفوَ ون ْ‬ ‫فينبغي أ ْ‬
‫ض الط ّْرف أحيانا ً ‪ ،‬ونسدد ُ‬ ‫سر ونغ ّ‬‫سَر ‪ ،‬ونذر ما تع ّ‬
‫تي ّ‬
‫الخطى ‪ ،‬ونتغاف ُ‬
‫ل عن أمورٍ ‪.‬‬
‫******************************************‬
‫ء‬
‫ل البل ِ‬
‫تعّز بأه ِ‬
‫مبتلى ؟ وهل تشاهد ُ‬ ‫سَرةً ‪ ،‬فهل ترى إل ّ ُ‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫من َ ً‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫ت َل َّف ْ‬
‫معٌ ‪ ،‬وفي كل‬ ‫ة ‪ ،‬وعلى كل خد ّ د ْ‬ ‫إل ّ منكوبا ً في كل دارٍ نائح ٌ‬
‫وادٍ بنو سعد ‪.‬‬
‫م من الصابرين ‪ ،‬فلست أنت‬ ‫ب ‪ ،‬وك ْ‬ ‫ن المصائ ِ‬ ‫مم َ‬ ‫ك ْ‬
‫م‬
‫ل‪،‬ك ْ‬ ‫رك قلي ٌ‬ ‫ك أنت بالنسبةِ لغي ِ‬ ‫وحدك المصاب ‪ ،‬بل مصاب ُ َ‬
‫ن‬‫ب ذات اليمي ِ‬ ‫ض على سريره من أعوام ٍ ‪ ،‬يتقل ُ‬ ‫من مري ٍ‬
‫سقم ‪.‬‬ ‫ح من ال ّ‬ ‫ن من اللم ِ ‪ ،‬ويصي ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ي َئ ِ ّ‬ ‫شما ِ‬ ‫وذات ال ّ‬
‫كم من محبوس مرت به سنوات ما رأى الشمس‬
‫بعينه ‪ ،‬وما عرف غير زنزانته ‪.‬‬
‫ة‬
‫هما في مي ْعَ ِ‬ ‫ت أكباد ِ‬ ‫ل وامرأةٍ فقدا فلذا ِ‬ ‫م من رج ٍ‬ ‫ك ْ‬
‫مرِ ‪.‬‬ ‫ن العُ ْ‬ ‫ب ورْيعا ِ‬ ‫الشبا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب ومنكو ٍ‬ ‫مصا ٍ‬ ‫نو ُ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ب وم ِ‬ ‫م من مكرو ٍ‬ ‫ك ْ‬
‫ن هذه‬ ‫م اليقين أ ّ‬ ‫عل ْ َ‬
‫ن تعلم ِ‬ ‫آن لك أن تتعّز بهؤلِء ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ح‬
‫ت ‪ ،‬تصب ُ‬ ‫ن والنكبا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وداٌر للحزا ِ‬ ‫ن للمؤم ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫الحياة س ْ‬
‫ة على عروشها ‪ ،‬بينها‬ ‫ة بأهلها وتمسي خاوي ً‬ ‫القصوُر حافل ً‬
‫ل وافرة ً ‪،‬‬ ‫ن في عافية ‪ ،‬والموا ُ‬ ‫معٌ ‪ ،‬والبدا ُ‬ ‫ل مجت ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ت والفراقُ‬ ‫م فإذا الفقُر والموْ ُ‬ ‫م ما هي إل ّ أيا ٌ‬ ‫كثٌر ‪ ،‬ث ّ‬ ‫والولد ُ ُ‬
‫م‬‫ضَرب َْنا ل َك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫علَنا ب ِ ِ‬
‫ف َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م ك َي ْ َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫وت َب َي ّ َ‬ ‫ض﴿ َ‬ ‫والمرا ُ‬
‫ن حولك ‪ ،‬وبمن‬ ‫ل ﴾ فعليك أن تو ّ‬ ‫مَثا َ‬ ‫َ‬
‫طن مصابك بم ْ‬ ‫ال ْ‬
‫ى بالنسبة‬ ‫سبقك في مسيرةِ الدهرِ ‪ ،‬ليظهر لك أنك معاف ً‬
‫ة ‪ ،‬فاحمدِ الله على‬ ‫ت سهل ٌ‬ ‫لهؤلِء ‪ ،‬وأنه لم يأتك إل وخزا ٌ‬
‫ن‬
‫ب ما أخذ ‪ ،‬وتعّز بم ْ‬ ‫س ْ‬ ‫طفهِ ‪ ،‬واشكره على ما أبقى ‪ ،‬واحت ِ‬ ‫لُ ْ‬
‫حولك ‪.‬‬
‫سهِ‬‫سلى على رأ ِ‬ ‫ولك في الرسول ‪ ‬قدوةٌ وقد ْ ُوضِع ال ّ‬
‫ب حتى أكل‬ ‫شع ِ‬ ‫صر في ال ّ‬ ‫ج وجُهه ‪ ،‬وحو ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ت قدماه و ُ‬ ‫مي ْ‬ ‫‪ ،‬وأد ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪31‬‬
‫ض‬‫عْر ُ‬ ‫مي ِ‬ ‫ت ثنيُته ‪ ،‬وُر ِ‬ ‫سر ْ‬ ‫كة ‪ ،‬وك ُ ِ‬ ‫رد من م ّ‬ ‫ورق الشجرِ ‪ ،‬وط ُ ِ‬
‫ف ‪ ،‬وقُِتل سبعون من أصحابهِ ‪ ،‬وفقد ابنه ‪،‬‬ ‫زوجت ِهِ الشري ُ‬
‫وأكثر بناِته في حياتهِ ‪ ،‬وربط الحجر على بطِنه من الجوِع ‪،‬‬
‫ه من‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬صان ُ ُ‬ ‫ن كاذ ٌ‬ ‫حُر كاهن مجنو ٌ‬ ‫عٌر سا ِ‬ ‫ه شا ِ‬ ‫وات ِّهم بأن ُ‬
‫ه ‪ ،‬وقد ْ قُِتل‬ ‫ص ل أعظم من ُ‬ ‫ه وتمحي ٌ‬ ‫ذلك ‪ ،‬وهذا بلٌء لبد ّ من ُ‬
‫ل في النارِ ‪،‬‬ ‫جَر موسى ووضع الخلي ُ‬ ‫زكرّيا ‪ ،‬وذ ُِبح يحيى ‪ ،‬وهُ ّ‬
‫مهِ ‪ ،‬واغتيل‬ ‫مُر بد ِ‬ ‫ضّرج عُ َ‬ ‫ة على هذا الطريق ف ُ‬ ‫وسار الئم ُ‬
‫جن الخياُر‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫ت ظهوُر الئمةِ و ُ‬ ‫جل ِد َ ْ‬‫ي‪،‬و ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وط ٌِعن عل ٌ‬ ‫عثما ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‬‫ما ي َأت ِ ُ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫خُلوا ْ ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫م أن ت َدْ ُ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ونكل بالبرار ﴿أ ْ‬
‫ْ‬
‫ضّراء‬ ‫وال ّ‬ ‫ساء َ‬ ‫م ال ْب َأ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ست ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫قب ْل ِ ُ‬‫من َ‬ ‫وا ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬
‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬‫مث َ ُ‬ ‫ّ‬
‫زُلوا ْ﴾ ‪.‬‬ ‫وُزل ْ ِ‬
‫َ‬
‫********************************‬

‫الصلة ‪ ..‬الصلة‬
‫ر‬ ‫ب‬‫ص‬ ‫بال‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬
‫ُ‬ ‫عي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫نو‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ها‬ ‫ي‬‫﴿ يا أ َ‬
‫ّ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫َ ّ َ‬
‫صل َ ِ‬
‫ة﴾‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫م بتلبيبك ‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬وأخذ اله ّ‬ ‫وقك الحز ُ‬ ‫ف وط ّ‬ ‫خوْ ُ‬ ‫إذا داهمك ال َ‬
‫سك ‪ ،‬إن‬ ‫ن نف ُ‬ ‫حك ‪ ،‬وتطمئ ّ‬ ‫ب لك رو ُ‬ ‫م حال ً إلى الصلةِ ‪ ،‬تث ُ ْ‬ ‫فق ْ‬
‫ن‬‫ت الحزا ِ‬ ‫ن اللهِ باجتياِح مستعمرا ِ‬ ‫ة – بأذ ِ‬ ‫الصلة كفيل ٌ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الكتئا ِ‬ ‫والغموم ِ ‪ ،‬ومطاردةِ فلو ِ‬
‫ة يا‬ ‫ه أمٌر قال ‪ )) :‬أرحنا بالصل ِ‬ ‫كان ‪ ‬إذا حزب َ ُ‬
‫ه‪.‬‬‫ه وبهجت َ ُ‬ ‫ت قُّرة َ عين ِهِ وسعادت ُ‬ ‫ل (( فكان ْ‬ ‫بل ُ‬
‫ت بهم‬ ‫ت إذا ضاق ْ‬ ‫سيُر قوم ٍ أفذاذٍ كان ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫وقد طالع ُ‬
‫ب ‪ ،‬فزعوا إلى‬ ‫م الخطو ُ‬ ‫ت في وجوهه ُ‬ ‫شر ْ‬ ‫الضوائقُ ‪ ،‬وك ّ‬
‫م‪.‬‬ ‫مه ُ ْ‬
‫م ُ‬‫م وإراداُتهم وهِ َ‬ ‫صلةٍ خاشعةٍ ‪ ،‬فتعود ُ لهم ُقواهُ ْ‬
‫ب ‪ ،‬يوم‬‫ت ل ُِتوّدى في ساعةِ الرع ِ‬ ‫رض ْ‬ ‫ف فُ ِ‬ ‫ن صلة الخو ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ت السيو ِ‬ ‫س على شفرا ِ‬ ‫ل النفو ُ‬ ‫م‪ ،‬وتسي ُ‬ ‫تتطايُر الجماج ُ‬
‫ة‪.‬‬‫ل سكينةٍ صلة ٌ خاشع ٌ‬ ‫ت وأج ّ‬ ‫م تثبي ٍ‬ ‫فإذا أعظ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪32‬‬
‫ة أن‬ ‫ض النفسي ُ‬ ‫ل الذي عصفت به المرا ُ‬ ‫ن على الجي ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ضي رّبه أوّل ً ‪،‬‬ ‫ه ل ِي ُْر ِ‬‫ف على المسجدِ ‪ ،‬وأن يمّرغ َ جبين َ ُ‬ ‫يتعّر َ‬
‫ن الدمع‬ ‫ب ‪ ،‬وإل ّ فإ ّ‬ ‫ص ِ‬
‫ب الوا ِ‬ ‫ه من هذا العذا ِ‬ ‫ولينقذ نفس ُ‬
‫ه ‪ ،‬وليس‬ ‫م أعصاب ُ‬ ‫ه ‪ ،‬والحزن سوف يحط ُ‬ ‫سوف يحرقُ جْفن ُ‬
‫ن إل الصلة ُ ‪.‬‬ ‫ة تمد ّهُ بالسكينةِ والم ِ‬ ‫لديهِ طاق ٌ‬
‫س‬
‫م ُ‬ ‫ت الخ ْ‬ ‫ل – هذهِ الصلوا ُ‬ ‫من أعظم ِ النعم ِ – لو كّنا نعق ُ‬
‫ة لدرجاِتنا عند رّبنا ‪ ،‬ثم هي‬ ‫ل يوم ٍ وليلةٍ كفارة ٌ لذنوِبنا ‪ ،‬رفع ٌ‬ ‫ك ّ‬
‫ب في‬ ‫ضنا ‪ ،‬تسك ُ‬ ‫جعٌ لمرا ِ‬ ‫م لمآسينا ‪ ،‬ودواٌء نا ِ‬ ‫ج عظي ٌ‬ ‫عل ٌ‬
‫ُ‬
‫ة من اليقين ‪ ،‬وتمل جوانحنا بالّرضا أما‬ ‫رنا مقادير زاكي ً‬ ‫ضمائ ِ‬
‫ن نكدٍ إلى‬ ‫أولئك الذين جانبوا المسجد ‪ ،‬وتركوا الصلة ‪ ،‬فم ْ‬
‫عسا ً‬ ‫فت َ ْ‬‫ن ‪ ،‬ومن شقاٍء إلى شقاٍء ﴿ َ‬ ‫ن إلى حز ٍ‬ ‫نكدٍ ‪ ،‬ومن حز ٍ‬
‫م﴾ ‪.‬‬‫ه ْ‬‫مال َ ُ‬‫ع َ‬‫ل أَ ْ‬‫ض ّ‬ ‫وأ َ َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫لّ ُ‬
‫*****************************‬

‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬


‫ل عليهِ ‪ ،‬والثقة بوعد ِهِ ‪،‬‬ ‫ض المرِ إلى اللهِ ‪ ،‬والتوك ُ‬ ‫تفوي ُ‬
‫ه ؛ من‬ ‫ن بهِ ‪ ،‬وانتظاُر الفرِج من ُ‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫حس ُ‬ ‫والرضا بصنيعهِ و ُ‬
‫ت المؤمنين ‪ ،‬وحينما‬ ‫ل صفا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وأج ّ‬ ‫ت اليما ِ‬ ‫أعظم ِ ثمرا ِ‬
‫ل‬‫ن العاقبةِ ‪ ،‬ويعتمد ُ على رب ّهِ في ك ّ‬ ‫ن العبد ُ إلى حس ٍ‬ ‫يطمئ ّ‬
‫شأِنه ‪ ،‬يجد الرعاية ‪ ،‬والولية ‪ ،‬والكفاية ‪ ،‬والتأييد َ ‪،‬‬
‫والنصرةَ ‪.‬‬
‫م في النارِ قال ‪ :‬حسبنا‬ ‫م عليه السل ُ‬ ‫لما ألقي إبراهي ُ‬
‫ه عليه بْردا ً وسلما ً ‪ ،‬ورسوُلنا‬ ‫ل ‪ ،‬فجعلها الل ُ‬ ‫م الوكي ُ‬ ‫ه ون ِعْ َ‬ ‫الل ُ‬
‫ة‬
‫ب الوثني ِ‬ ‫ش الكفار ‪ ،‬وكتائ ِ‬ ‫‪ ‬وأصحاُبه لما هُد ُّدوا بجيو ِ‬
‫قل َُبوا ْ‬ ‫فان َ‬ ‫ل}‪َ {173‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قالوا ‪َ ﴿ :‬‬
‫عوا ْ‬ ‫وات ّب َ ُ‬‫سوءٌ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬
‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ل لّ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬‫ع َ‬ ‫ب ِن ِ ْ‬
‫ظيم ٍ ﴾ ‪.‬‬‫ع ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫وا َ‬ ‫ض َ‬‫ر ْ‬ ‫ِ‬
‫ن يصارع الحداث ‪ ،‬ول‬ ‫ن النسان وحده ل يستطيعُ أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫خل ِقَ ضعيفا ً عاجزا ً‬ ‫ب ؛ لنه ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ول ينازل الخطو َ‬ ‫ما ِ‬ ‫يقاوم المل ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪33‬‬
‫ض المَر إليه ‪،‬‬ ‫ل على رّبه ويثقُ بموله ‪ ،‬ويفوّ ُ‬ ‫‪ ،‬إل حينما يتوك ُ‬
‫ه‬
‫ة هذا العبد ِ الفقيرِ الحقيرِ إذا احتوشت ْ ُ‬ ‫وإل فما حيل ُ‬
‫وك ُّلوا ْ ِإن‬‫فت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬‫ت﴿ َ‬ ‫ت به النكبا ُ‬ ‫المصائب ‪ ،‬وأحاط ْ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫كنُتم ّ‬ ‫ُ‬
‫ي‬
‫ل على القويّ الغن ّ‬ ‫فيا من أراد َ أن ينصح نفسه ‪ :‬توك ْ‬
‫ت ‪ ،‬ويخرجك من‬ ‫ذي الُقوّةِ المتين ‪ ،‬لينقذك من الويل ِ‬
‫م‬‫ع َ‬‫ه ون ِ ْ‬ ‫ك حسبنا الل ُ‬ ‫ل شِعاَرك ودثاَر َ‬ ‫ت ‪ ،‬واجع ْ‬ ‫الك ُُربا ِ‬
‫ت مواِردك ‪،‬‬ ‫ل ماُلك ‪ ،‬وكث َُر دي ُْنك ‪ ،‬وجّف ْ‬ ‫ل ‪ ،‬فإن ق ّ‬ ‫الوكي ُ‬
‫ل‪.‬‬‫م الوكي ُ‬ ‫ع َ‬
‫ه ون ِ ْ‬‫ت مصادُِرك ‪ ،‬فناد ِ ‪ :‬حسُبنا الل ِ‬ ‫ح ْ‬‫وش ّ‬
‫ت من ظال ِم ٍ ‪ ،‬أو فزعت من‬ ‫ت من عدوّ ‪ ،‬أو ُرعب ْ َ‬ ‫وإذا خف َ‬
‫م الوكيل ‪.‬‬ ‫ع َ‬‫ه ون ِ ْ‬‫ف ‪ :‬حسبنا الل ُ‬ ‫ب فاهت ْ‬ ‫خط ْ ٍ‬ ‫َ‬
‫صيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫هاِديا ً َ‬
‫ون َ ِ‬ ‫فى ب َِرب ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫وك َ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫**********************************‬

‫ض﴾‬ ‫ر‬ ‫في ال َ‬


‫سيُروا ْ ِ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل ِ‬
‫ْ ِ‬
‫سَفُر‬‫م ‪ ،‬ال ّ‬ ‫م والغ ّ‬‫حب اله ّ‬ ‫س ُ‬‫ح ُ‬‫صد َْر ‪ ،‬ويزي ُ‬ ‫ح ال ّ‬‫مما يشر ُ‬
‫ض الواسعةِ ‪،‬‬ ‫ب في الر ِ‬ ‫في الديارِ ‪ ،‬وقَط ْعُ القفارِ ‪ ،‬والتقل ُ‬
‫ن المفتوِح لتشاهد أقلم القدرةِ وهي‬ ‫ب الكو ِ‬ ‫والنظُر في كتا ِ‬
‫ل ‪ ،‬لترى حدائق ذات‬ ‫ت الجما ِ‬ ‫ت الوجودِ آيا ِ‬ ‫ب على صفحا ِ‬ ‫تكت ُ‬
‫ل ما‬ ‫ك وتأم ْ‬ ‫ج من بيت َ‬ ‫ت ألفا ً ‪ ،‬اخر ْ‬ ‫ة وجنا ٍ‬ ‫بهجةٍ ‪ ،‬ورياضا ً أنيق ً‬
‫ط الودية‬ ‫صعَد ِ الجبال ‪ ،‬اهب ِ‬ ‫حولك وما بين يديك وما خلفك ‪ ،‬ا ْ‬
‫ب من الماِء النميرِ ‪ ،‬ضعْ أنفك على‬ ‫ق الشجاَر ‪ ،‬عُ ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ ،‬تسل ِ‬
‫ر‬
‫ة ‪ ،‬كالطائ ِ‬ ‫ن الياسمين ‪ ،‬حينها تجد ُ روحك حرة ً طليق ً‬ ‫أغصا ِ‬
‫ق‬
‫ج من بيِتك ‪ ،‬أل ِ‬ ‫ح في فضاِء السعادةِ ‪ ،‬اخر ْ‬ ‫الغّريدِ تسب ّ‬
‫ة‬
‫الغطاء السود َ عن عينيك ‪ ،‬ثم سْر في فجاِج اللهِ الواسع ِ‬
‫ذاكرا ً مسبحا ً ‪.‬‬
‫ق‬
‫ن النزواء في الغرفةِ الضّيقةِ مع الفراِغ القاتل طري ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫م ‪ ،‬ولست أنت ك ّ‬
‫ل‬ ‫ت غرفتك هي العال ُ‬ ‫ح للنتحارِ ‪ ،‬وليس ْ‬ ‫ناج ٌ‬
‫ف‬‫ب الحزان ؟ أل فاهت ْ‬ ‫م أمام كتائ ِ‬ ‫م الستسل ُ‬ ‫س فَل ِ َ‬ ‫النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪34‬‬
‫قال ً ﴾ ‪ ،‬تعال‬ ‫وث ِ َ‬‫فافا ً َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬
‫خ َ‬ ‫ك ‪ ﴿ :‬ان ْ ِ‬ ‫رك وسمِعك وقلب ِ َ‬ ‫ببص ِ‬
‫ن الطيورِ وهي‬ ‫ل والخماِئل ‪ ،‬ب َي ْ َ‬ ‫لتقرأ القرآن هنا بين الجداو ِ‬
‫ن الماِء وهو يروي قصة وصولهِ من‬ ‫ب ‪ ،‬وب َي ْ َ‬‫ب الح ّ‬ ‫خط َ َ‬ ‫تتلو ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫الت ّ‬
‫صي بها الطباُء‬ ‫ة يو ِ‬ ‫ب الرض متع ٌ‬ ‫ل في مسار ِ‬ ‫حا َ‬
‫إن الّتر ْ‬
‫ة ‪ ،‬فهّيا‬‫ه الضيق ُ‬ ‫ت عليهِ غرفت ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وأظلم ْ‬ ‫س ُ‬‫ت عليه نف ُ‬ ‫لمن ث َُقل َ ْ‬
‫في‬ ‫ن ِ‬‫فك ُّرو َ‬ ‫وي َت َ َ‬‫بنا نساْفر لنسعد ونفرح ونفكر ونتدّبر ﴿ َ‬
‫هذا َباطِل ً‬ ‫ت َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ما َ‬ ‫ض َرب َّنا َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬ ‫ما َ‬
‫س َ‬‫ق ال ّ‬ ‫خل ِ‬
‫ك﴾ ‪.‬‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ُ‬
‫************************************‬
‫فصبٌر جمي ٌ‬
‫ل‬
‫التحّلي بالصبر من شيم ِ الفذاذِ الذين يتلقون المكاره‬
‫ن لم أصبْر أنا‬ ‫صد ْرٍ وبقوةِ إرادةٍ ‪ ،‬ومناعةٍ أبّية ‪ .‬وإ ْ‬ ‫برحابةِ َ‬
‫وأنت فماذا نصنعُ ؟! ‪.‬‬
‫ل لنا غيُر الصبرِ ؟ هل تعلم لنا زادا ً غيَره ُ ؟‬ ‫هل عندك ح ّ‬
‫ب ‪ ،‬وميدانا ً‬ ‫ض فيه المصائ ُ‬ ‫كان أحد ُ العظماِء مسرحا ً ترك ُ‬
‫ة أخرى ‪،‬‬ ‫ه كرب ٌ‬ ‫ت كلما خرج من كربةٍ زارت ُ‬ ‫تتسابقُ فيهِ النكبا ُ‬
‫س بالصبرِ ‪ ،‬متدّرعٌ بالثقةِ باللهِ ‪.‬‬ ‫وهو متتر ٌ‬
‫ت ويطرحون‬ ‫ما ِ‬ ‫ل النبلُء ‪ُ ،‬يصارعون المل ّ‬ ‫هكذا يفع ُ‬
‫ت أرضا ً ‪.‬‬ ‫النكبا ِ‬
‫ض ‪ ،‬قالوا‬ ‫ه‪ -‬وهو مري ٌ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫دخلوا على أبي بكر ‪-‬رضي الل ُ‬
‫ب قد رآني ‪ .‬قالوا ‪ :‬فماذا‬ ‫‪ :‬أل ندعو لك طبيبا ً ؟ قال ‪ :‬الطبي ُ‬
‫ل لما أريد ُ ‪.‬‬ ‫ل ‪ :‬إني فّعا ٌ‬ ‫قال ؟ قال ‪ :‬يقو ُ‬
‫ق بالفرِج ‪،‬‬ ‫واصبْر وما صبُرك إل ّ باللهِ ‪ ،‬اصبْر َ‬
‫صب َْر واث ٍ‬
‫ر‬
‫ب في تفكي ِ‬ ‫ب للجرِ ‪ ،‬راغ ٍ‬ ‫ن المصيرِ ‪ ،‬طال ٍ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫عالم ب ُ‬
‫ت أمامك‬ ‫ب ‪ ،‬وأظلم ِ‬ ‫مت الخطو ُ‬ ‫ت ‪ ،‬اصبْر مهما ادله ّ‬ ‫السيئا ِ‬
‫ب ‪ ،‬وإن‬ ‫ن الفرج مع الك َْر ِ‬ ‫صب ْرِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن النصر مع ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫الدرو ُ‬
‫سرا ً ‪.‬‬ ‫سرِ ي ُ ْ‬
‫مع العُ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪35‬‬
‫ت لعظيم ِ‬ ‫ت سير عظماٍء مّروا في هذه الدنيا ‪ ،‬وذهل ُ‬ ‫قرأ ُ‬
‫سهم‬‫ب تقعُ على رؤو ِ‬ ‫م وقوةِ احتماِلهم ‪ ،‬كانت المصائ ُ‬ ‫صبرِه ِ ْ‬
‫ل ‪ ،‬وفي رسوِخ‬ ‫ت الجبا ِ‬
‫ت ماٍء باردةٍ ‪ ،‬وهم في ثبا ِ‬ ‫كأّنها قطرا ُ‬
‫ههم على طلئع‬ ‫ق ‪ ،‬فما هو إل ّ وقت قصيٌر فتشرقُ وجو ُ‬ ‫الح ِ‬
‫دهم ما‬‫فجرِ الفرِج ‪ ،‬وفرحةِ الفتِح ‪ ،‬وعصرِ النصرِ ‪ .‬وأح ُ‬
‫ه‬
‫ح في وج ِ‬ ‫ل الكواِرث ‪ ،‬وصا َ‬ ‫حد َهُ ‪ ،‬بل ناَز َ‬‫اكتفى بالصبرِ وَ ْ‬
‫ديا ً ‪.‬‬
‫متح ّ‬‫ب ُ‬ ‫المصائ ِ‬
‫***************************************‬
‫س َ‬
‫ك‬ ‫ل الكرة الرضية على رأ ِ‬
‫ل تحم ِ‬
‫ة ‪ ،‬وهم‬ ‫ب عالمي ّ ٌ‬ ‫سهم حْر ٌ‬ ‫س تدوُر في نفو ِ‬ ‫نفٌر من النا ِ‬
‫حة‬‫موا قُْر َ‬ ‫ب أوزارها غَن ِ ُ‬ ‫ت الحْر ُ‬ ‫على فُُرش النوم ‪ ،‬فإذا وضع ِ‬
‫ث‪،‬‬ ‫كريّ ‪ .‬يحترقون مع الحدا ِ‬ ‫م والس ّ‬ ‫ط الد ّ‬ ‫ضغْ َ‬ ‫المعدةِ ‪ ،‬و َ‬
‫جون‬ ‫يغضبون من غلِء السعارِ ‪ ،‬يثورون لتأخر المطارِ ‪ ،‬يض ّ‬
‫ب﴿‬
‫ص ٍ‬ ‫ق وا ِ‬ ‫ض سعْرِ العملةِ ‪ ،‬فهم في انزعاٍج دائم ٍ ‪ ،‬وقل ٍ‬ ‫لنخفا ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل الكرة الرضية على‬ ‫ن ل تحم ِ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ونصيحتي ل َ‬
‫ض ول تضْعها في أمعاِئك ‪ .‬إن‬ ‫ك ‪ ،‬دِع الحداث على الر ِ‬ ‫س َ‬ ‫رأ ِ‬
‫ت‬
‫ب الشائعا ِ‬ ‫ب كالسفنجة يتشر ُ‬ ‫بعض الناس عنده قل ٌ‬
‫ل‬‫ب لك ّ‬ ‫ت ‪ ،‬يضطر ُ‬ ‫ج للتوافِهِ ‪ ،‬يهتزِ للواردا ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ينزع ُ‬ ‫والراجي َ‬
‫ه ‪ ،‬وأن يهدم كيان‬ ‫ل أن يحطم صاحب ُ‬ ‫ب كفي ٌ‬ ‫شيٍء ‪ ،‬وهذا القل ُ‬
‫مل ِهِ ‪.‬‬
‫حا ِ‬
‫ت إيمانا ً إلى‬ ‫دهم الِعبُر والعظا ُ‬ ‫ل المبدأ الحقّ تزي ُ‬ ‫أه ُ‬
‫ل خوفا ً إلى خوفِِهم ‪،‬‬ ‫دهم الزلز ُ‬ ‫ل الخورِ تزي ُ‬ ‫إيماِنهم ‪ ،‬وأهْ ُ‬
‫ب شجاٍع ‪ ،‬فإن‬ ‫وليس أنفع أمام الزوابع والدواهي من قل ٍ‬
‫ش ‪ ،‬راس ُ‬
‫خ‬ ‫ت الجأ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ثاب ُ‬ ‫ل واسعُ البطا ِ‬ ‫مْقدام الباس َ‬ ‫ال ِ‬
‫ن فهو‬ ‫ح الصدر ‪ ،‬أما الجبا ُ‬ ‫ب ‪ ،‬منشر ُ‬ ‫ن ‪ ،‬بارد ُ العصا ِ‬ ‫اليقي ِ‬
‫ل يوم مرات بسيف التوّقعات‬ ‫يذبح فهو يذبح نفسه ك ّ‬
‫ف والوهام ِ والحلم ِ ‪ ،‬فإن كنت تريد ُ الحياة‬ ‫والراجي ِ‬
‫جهِ المور بشجاعةٍ وجلد ٍ ‪ ،‬ول يستخفّنك الذين‬ ‫المستقّرة َ فوا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪36‬‬
‫ن أصلب من‬ ‫ما يمكرون ‪ ،‬ك ْ‬ ‫قم ّ‬ ‫ل يوقنون ‪ ،‬ول تك في ضي ْ ٍ‬
‫ت ‪ ،‬وأقوى من العاصيرِ ‪،‬‬ ‫عتى من رياِح الزما ِ‬ ‫ث ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫الحدا ِ‬
‫زا ً ﴿‬‫مه ّ‬ ‫ب الضعيفةِ ‪ ،‬كم تهّزهم اليا ُ‬ ‫ب القلو ِ‬ ‫وارحمتاه لصحا ِ‬
‫ة ﴾ ‪ ،‬وأما ا ُ‬ ‫ول َت َجدن ّهم أ َ‬
‫لباة ُ فهم‬ ‫عَلى َ‬
‫حَيا ٍ‬ ‫س َ‬
‫ِ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ ِ َ ُ ْ‬
‫ة‬‫كين َ َ‬ ‫َ‬
‫فأنَز َ‬‫ة﴿ َ‬
‫س ِ‬
‫ل ال ّ‬ ‫مد َدٍ ‪ ،‬وعلى الوعدِ في ثق ٍ‬ ‫من اللهِ في َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫****************************************‬
‫ه‬
‫ل تحطمك التواف ُ‬
‫ه ل ي ُذ ْك َُر !! ‪.‬‬ ‫مهِ أمٌر حقيٌر تاف ٌ‬ ‫به ّ‬ ‫كم من مهموم ٍ سب ُ‬
‫مُهم ‪،‬وما أْبرد َ‬ ‫م َ‬ ‫انظر إلى المنافقين ‪ ،‬ما أسقط ه َ‬
‫ذن‬ ‫حّر ﴾ ‪ ﴿ ،‬ائ ْ َ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫م ‪ .‬هذه أقواُلهم ‪ ﴿ :‬ل َ َتن ِ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫عزائ ِ َ‬
‫َ‬
‫صيب ََنا‬ ‫شى أن ت ُ ِ‬ ‫خ َ‬‫ة ﴾ ‪ ﴿ ،‬نَ ْ‬ ‫وَر ٌ‬ ‫ع ْ‬‫فت ِّني ﴾ ‪ ﴿ ،‬ب ُُيوت ََنا َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ّلي َ‬
‫غُرورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة﴾‪ّ ﴿،‬‬ ‫دآئ َِر ٌ‬ ‫َ‬
‫س‪.‬‬ ‫يا لخيبةِ هذِهِ المعاطس يا لتعاسةِ هذهِ النفو ِ‬
‫ن والدوُر والقصوُر ‪ ،‬لم يرفعوا‬ ‫ن والصحو ُ‬ ‫همهم البطو ُ‬
‫ل ‪ ،‬لم ينظروا أبدا ً إلى نجوم‬ ‫مث ُ ِ‬
‫أبصارهم إلى سماء ال ُ‬
‫ه‬
‫ه ومأدبت ُ ُ‬ ‫ه ونعل ُ ُ‬ ‫ه وثوب ُ ُ‬ ‫مهِ ‪ :‬داّبت ُ‬ ‫عل ْ ِ‬
‫م ومبلغُ ِ‬ ‫م أحدِهِ ْ‬ ‫الفضائل ‪ .‬ه ّ‬
‫ب‬
‫س تراهم صباح مساء سب ُ‬ ‫‪ ،‬وانظْر لق ّ‬
‫ن النا ِ‬ ‫لم َ‬ ‫طاٍع هائ ٍ‬
‫ب ‪ ،‬أو سماعُ‬ ‫ن ‪ ،‬أو القري ِ‬ ‫ف مع الزوجةِ ‪ ،‬أو الب ِ‬ ‫م خل ٌ‬ ‫همومه ْ‬
‫شرِ ‪،‬‬ ‫ب هؤلِء الب َ‬ ‫ه ‪ .‬هذه مصائ ُ‬ ‫ف تاف ٌ‬ ‫كلمةٍ نابيةٍ ‪ ،‬أو موق ٌ‬
‫ليس عندهم من المقاصدِ العليا ما يشغُلهم ‪ ،‬ليس عندهم‬
‫ت الجليلةِ ما يمل ُ وقتهم ‪ ،‬وقد ْ قالوا ‪ :‬إذا خرج‬ ‫من الهتماما ِ‬
‫م له‬ ‫الماُء من الناِء ملهُ الهواُء ‪ ،‬إذا ً ففكْر في المرِ الذي تهت ّ‬
‫ل يستحقُ هذا الجهد وهذا العناَء ‪ ،‬لنك أعطيته من‬ ‫م‪،‬ه ْ‬ ‫وتغت ّ‬
‫ة‬
‫ن في الصفق ِ‬ ‫مك وراحِتك ووقِتك ‪ ،‬وهذا غُب ْ ٌ‬ ‫مك ود َ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫عقِلك ول َ ْ‬
‫ل‬‫س يقولون ‪ :‬اجع ْ‬ ‫س ‪ ،‬وعلماُء النف ِ‬ ‫ة ثمُنها بخ ٌ‬ ‫‪ ،‬وخسارةٌ هائل ٌ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ه تعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ل شيء حدا ً معقول ً ‪ ،‬وأصدق من هذا قول ُ‬ ‫لك ِ‬
‫جمها ووزنها‬ ‫ط القضية ح ْ‬ ‫درا ً ﴾ فأع ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ل ِك ُ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬
‫َ‬
‫ك والظلم والغُل ُوّ ‪.‬‬ ‫درها وإيا َ‬ ‫وق ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪37‬‬
‫ة البراُر همهم تحت الشجرةِ الوفاُء بالبيعةِ‬ ‫هؤلِء الصحاب ُ‬
‫ع‬
‫ه البي ُ‬
‫ه حتى فات ُ‬‫مه جمل ُ ُ‬ ‫ل معهم أه ّ‬ ‫ج ٌ‬
‫فنالوا ِرضوان اللهِ ‪ ،‬ور ُ‬
‫ت‪,‬‬‫ن والمق ُ‬‫فكان جزاءهُ الحرما ُ‬
‫مك‬ ‫ن أكثر همو ِ‬ ‫فاطرِح التواِفه والشتغال بها تجد ْ أ ّ‬
‫رحا ً مسرورا ً ‪.‬‬
‫ت فَ ِ‬‫ت عنك وع ُد ْ َ‬
‫ذهب ْ‬
‫*******************************‬
‫هل َ‬
‫ك‬ ‫م الل ُ‬
‫ارض بما قس َ‬
‫س‬
‫ن أغنى النا ِ‬ ‫تك ْ‬
‫ض معاني هذا السبب ؛ لكنني أبسط ُ ُ‬
‫ه‬ ‫مّر فيما سبق بع ُ‬
‫م لك من‬ ‫س َ‬‫ك أن تْقنع بما قُ ِ‬ ‫ن علي َ‬ ‫هنا لُيفهم أكثَر وهو ‪ :‬أ ّ‬
‫ن وموهبةٍ ‪ ،‬وهذا منطقُ القرآن ﴿‬ ‫ل وولدٍ وسك ٍ‬ ‫جسم ٍ وما ٍ‬
‫ب علماِء‬ ‫ن غال َ‬ ‫ن﴾ إ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫و ُ‬
‫ك َ‬‫ما آت َي ْت ُ َ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ف ُ‬
‫ن لديهم‬ ‫ل كانوا فقراء لم يك ْ‬ ‫ل الو ِ‬ ‫ف وأكثر الجي ِ‬ ‫السل ِ‬
‫م ‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬ول حش ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬ول مراك ُ‬ ‫ن بهي ٌ‬ ‫ت ول مساك ُ‬ ‫أعطيا ٌ‬
‫جهوا ما‬ ‫أْثرُوا الحياة وأسعدوا أنفسهم والنسانية ‪ ،‬لنهم و ّ‬
‫ك لهم في‬ ‫ح ‪ ،‬فَُبورِ َ‬ ‫ه من خيرٍ في سبيل ِهِ الصحي ِ‬ ‫م الل ُ‬ ‫آتاه ُ‬
‫ك‬‫ف المبار ُ‬ ‫ل هذا الصن ُ‬ ‫أعماِرهم وأوقاِتهم ومواهبهم ‪ ،‬ويقاب ُ‬
‫ب‬ ‫مل ٌ ُ‬
‫ت سب َ‬ ‫ل والولدِ والنعم ِ ‪ ،‬فكان ْ‬ ‫ِ‬ ‫الموا‬ ‫من‬ ‫أعطوا‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫شقاِئهم وتعاسِتهم ‪ ،‬لنهم انحرفوا عن الفطرةِ السوي ّ ِ‬
‫تك ّ‬
‫ل‬ ‫ن ساطعٌ على أن الشياَء ليس ْ‬ ‫والمنهِج الحقّ وهذا برها ٌ‬
‫ه نكرة ٌ من‬ ‫ة لكن ُ‬ ‫ت عالمي ّ ً‬ ‫شيٍء ‪ ،‬انظْر إلى من حمل شهادا ٍ‬
‫م‬
‫ت في عطائهِ وفهمهِ وأثرهِ ‪ ،‬بينما آخرون عندهم عل ٌ‬ ‫النكرا ِ‬
‫ح والعمارِ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫محدود ٌ ‪ ،‬وقد ْ جعلوا منه نهرا دافقا بالنفِع والصل ِ‬
‫ه‬
‫ض بصورِتك التي ركّبك الل ُ‬ ‫إن كنت تريد ُ السعادة ُ فار َ‬
‫مك ‪،‬‬ ‫ك السري ‪ ،‬وصوِتك ‪ ،‬ومستوى فه ِ‬ ‫فيها ‪ ،‬وارض بوضع ِ‬
‫ن بعض المرّبين الزهاد ِ يذهبون إلى أبعد ِ من‬ ‫ودخِلك ‪ ،‬بل إ ّ‬
‫ما أنت فيهِ ودون ما أنت‬ ‫لم ّ‬ ‫ذلك فيقولون لك ‪ :‬ارض بأق ّ‬
‫عليهِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪38‬‬
‫ة باللمعين الذين بخسوا‬ ‫ة مليئ ً‬ ‫ة رائع ً‬ ‫هاك قائم ً‬
‫م الدنيوية ‪:‬‬ ‫حظوظهُ ُ‬
‫م الدنيا في عهدهِ ‪ ،‬مولى أسود ُ‬ ‫ن رباح عال ُ‬ ‫عطاءُ ب ُ‬
‫ل الشعرِ ‪.‬‬ ‫ل مفلف ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫سأ َ‬ ‫أفط ُ‬
‫ف‬‫ة ‪ ،‬نحي ُ‬ ‫ب قاطب ً‬ ‫م العر ِ‬ ‫ن قيس ‪ ،‬حلي ُ‬ ‫فب ُ‬ ‫الحن ُ‬
‫ف البنيةِ ‪.‬‬ ‫ب الظهرِ ‪ ،‬أحنى الساقين ‪ ،‬ضعي ُ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫سم ِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ج ْ‬‫ال ِ‬
‫ف البصرِ ‪،‬‬ ‫ث الدنيا ‪ ،‬من الموالي ‪ ،‬ضعي ُ‬ ‫العمش محد ّ ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ث الهيئةِ والمنز ِ‬ ‫ب‪،‬ر ُ‬ ‫ت اليدِ ‪ ،‬ممزقُ الثيا ِ‬ ‫فقيُر ذا ِ‬
‫ه عليهم ‪ ،‬ك ّ‬
‫ل‬ ‫م ُ‬‫ت اللهِ وسل ُ‬ ‫م صلوا ُ‬ ‫بل النبياء الكرا ُ‬
‫دادا ً ‪ ،‬وزكريا نجارا ً ‪ ،‬وإدريس‬ ‫ح ّ‬ ‫م ‪ ،‬وكان داود ُ َ‬ ‫منهم رعى الغن َ َ‬
‫خي ُْر البشرِ ‪.‬‬ ‫سو َ‬ ‫ً‬
‫خياطا ‪ ،‬وهم صفوةُ النا ِ‬
‫ح ‪ ،‬ونفُعك ‪،‬‬ ‫إذا ً فقيمُتك مواهُبك ‪ ،‬وعمُلك الصال ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل أو عيا ٍ‬ ‫ل أو ما ٍ‬ ‫وخلقك ‪ ،‬فل تأس على ما فات من جما ٍ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫شت َ ُ‬‫عي َ‬‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫مَنا ب َي ْن َ ُ‬‫س ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫مة اللهِ ﴿ ن َ ْ‬ ‫وارض بقس ِ‬
‫ة الدّن َْيا ﴾ ‪.‬‬ ‫حَيا ِ‬‫ال ْ َ‬
‫****************************************‬
‫ت‬
‫ضها السماوا ُ‬
‫ة عر ُ‬ ‫ذ ّ‬
‫كر نفسك بجن ٍ‬
‫ض‬
‫والر ُ‬
‫ت أو‬ ‫ت أو حزن َ‬ ‫ت في هذه الدارِ أو افتقر َ‬ ‫ن جمع َ‬ ‫إ ْ‬
‫كر نفسك بالنعيم ِ ‪،‬‬ ‫ت حقا ً أو ذقت ظلما ً فذ ّ‬ ‫ت أو بخس َ‬ ‫مرض َ‬
‫ت‬
‫ت لهذا المصيرِ ‪ ،‬تحول ْ‬ ‫إنك إن اعتقدت هذه العقيدة وعمل َ‬
‫س‬ ‫خسائُرك إلى أرباِح ‪ ،‬وبلياك إلى عطايا ‪ .‬إن أعق َ‬
‫ل النا ِ‬
‫ن أحمق هذه‬ ‫هم الذين يعملون للخرةِ لنها خيٌر وأبقى ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ن هذه الدنيا هي قراُرهم وداُرهم‬ ‫الخليقة هم الذين يرون أ ّ‬
‫ب‪،‬‬‫س عند المصائ ِ‬ ‫دهم أجزعَ النا ِ‬ ‫ومنتهى أمانيهم ‪ ،‬فتج َ‬
‫م الزهيدة‬ ‫م ل يرون إل ّ حياته ْ‬ ‫ث ‪ ،‬لنه ْ‬‫وأندهم عند َ الحواد ِ‬
‫الحقيرة ‪ ،‬ل ينظرون إل ّ إلى هذهِ الفانيةِ ‪ ،‬ل يتفكرون في‬
‫كر لهم‬ ‫رها ول يعملون لسواها ‪ ،‬فل يريدون أن يع ّ‬ ‫غي ِ‬
‫م خلعوا حجاب‬ ‫حهم ‪ ،‬ولو أنه ْ‬ ‫در عليهم فر ُ‬ ‫سروُرهم ول يك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪39‬‬
‫م لحدثوا‬ ‫ل عن عيونهِ ْ‬ ‫م ‪ ،‬وغطاء الجه ِ‬ ‫ن عن قلوبهِ ْ‬ ‫الرا ِ‬
‫مها ودوِرها وقصوِرها ‪ ،‬ولسمعوا‬ ‫أنفسهم بدارِ الخلدِ ونعي ِ‬
‫ي في وصِفها ‪ ،‬إنها واللهِ الداُر التي‬ ‫ب الوح ِ‬ ‫وأنصتوا لخطا ِ‬
‫تستحقّ الهتمام والكد ّ والجهْد َ ‪.‬‬
‫ل الجنة بأنهم ل يمرضون ول‬ ‫هل تأملنا طويل ً وصف أه ِ‬
‫يحزنون ول يموتون ‪ ،‬ول يفنى شباُبهم ‪ ،‬ول تبلى ثياُبهم ‪ ،‬في‬
‫ها ‪ ،‬فيها‬ ‫ف ُيرى ظاهُرها من باطِنها ‪ ،‬وباط ُِنها من ظاهر ِ‬ ‫غر ٍ‬
‫ُ‬
‫شرٍ ‪،‬‬‫ب بَ َ‬ ‫خط ََر على قل ِ‬ ‫ت ‪ ،‬ول َ‬ ‫ن سمع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬ول أذ ُ ٌ‬ ‫ن رأ ْ‬ ‫ما ل عي ٌ‬
‫ها مائة عام ٍ ل يقطُعها ‪،‬‬ ‫ب في شجرةٍ من أشجار ِ‬ ‫يسيُر الراك ُ‬
‫ردةٌ قصوُرها‬ ‫مط ّ ِ‬‫مةِ فيها ستون ميل ً ‪ ،‬أنهاُرها ُ‬ ‫طول الخي ّ‬
‫ة‪،‬‬ ‫سُرُرها مرفوع ٌ‬ ‫ة‪ُ ،‬‬ ‫ة ‪ ،‬عيوُنها جاري ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬قطوُفها داني ٌ‬ ‫منيف ٌ‬
‫م‬
‫ة‪،‬ت ّ‬ ‫ة ‪ ،‬زرابّيها مبثوث ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬نمارُقها مصفوفَ ٌ‬ ‫أكواُبها موضوع ٌ‬
‫صُفها ‪ ،‬منتهى‬ ‫ظم و ْ‬ ‫ظم حبوُرها ‪ ،‬فاح عْرُفها ‪ ،‬ع ُ‬ ‫سرَورها ‪ ،‬ع ُ‬
‫الماني فيها ‪ ،‬فأين عقوُلنا ل تفكْر ؟! ما لنا ل نتدب ّْر ؟!‬
‫ب على‬ ‫ف المصائ ُ‬ ‫إذا كان المصيُر إلى هذه الدارِ ؛ فلتخ ّ‬
‫ب المعدمين‬ ‫ن المنكوبين ‪ ،‬ولتفرح قلو ُ‬ ‫المصابين ‪ ،‬ولت ََقّر عيو ْ‬
‫‪.‬‬
‫فيها أيها المسحوقون بالفقرِ ‪ ،‬المنهكون بالفاقةِ ‪،‬‬
‫المبتلون بالمصائب ‪ ،‬اعملوا صالحا ً ؛ لتسكنوا جنة الل ِ‬
‫ه‬
‫م‬‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫ؤه ﴿ َ‬ ‫ت أسما ُ‬ ‫وتجاوروه ُ تقدس ْ‬
‫ر﴾ ‪.‬‬ ‫دا ِ‬
‫قَبى ال ّ‬ ‫ع ْ‬‫م ُ‬‫ع َ‬ ‫َ‬
‫فن ِ ْ‬
‫****************************************‬
‫سطا ً ﴾‬ ‫ُ‬
‫مأ ّ ً َ َ‬
‫و‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬
‫ج َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ي ‪ ،‬ل غُل ُوّ ول جفاٌء ‪ ،‬ل‬ ‫ي وشرع ّ‬ ‫ب عقل ّ‬ ‫ل مط ْل َ ٌ‬ ‫العد ُ‬
‫ن يضب َ‬
‫ط‬ ‫ن أراد السعادة فعليهِ أ ْ‬ ‫ط ‪ ،‬وم ْ‬‫ط ول تفري ٌ‬ ‫إفرا ٌ‬
‫ن عادل ً في رضاه ُ وغضب ِهِ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬واندفاعات ِهِ ‪ ،‬وليك ْ‬ ‫عواطف ُ‬
‫ة في التعامل مع‬ ‫شط َ َ‬
‫ط والمبالغ َ‬ ‫حْزن ِهِ ؛ لن ال ّ‬ ‫وسرورِهِ و ُ‬
‫ن الشرع‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن الوسطي ّ َ‬ ‫حس َ‬ ‫س ‪ ،‬وما أ ْ‬ ‫م للنف ِ‬ ‫ث ظل ٌ‬ ‫الحدا ِ‬
‫ب‬‫ن أتع ِ‬ ‫ت على الِقسط ‪ ،‬وم ْ‬ ‫نزل بالميزان والحياة ُ قام ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪40‬‬
‫ن طاوعَ هواه ‪ ،‬واستسلم لعواطِفهِ وميولِته ‪ ،‬حينها‬ ‫سم ْ‬ ‫النا ِ‬
‫م في قلِبه‬ ‫م لديه الزوايا ‪ ،‬وتقو ُ‬ ‫ظل ُ‬ ‫ث ‪ ،‬وت ِ‬ ‫م عنده الحواد ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫تتض ّ‬
‫ش‬
‫ن ‪ ،‬لنه يعي ُ‬ ‫ل والضغائ ِ‬ ‫ة من الحقاد ِ والدخائ ِ‬ ‫ك ضارب ٌ‬ ‫معار ُ‬
‫ن الجميع‬ ‫م يتصوُّر أ ّ‬ ‫ت ‪ ،‬حتى إن بعضه ْ‬ ‫في أوهام ٍ وخيال ٍ‬
‫مِلي عليه‬ ‫ن يحبكون مؤامرة ً لبادتهِ ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫ن الخري َ‬ ‫ضد ّهُ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ب‬
‫ش في سح ٍ‬ ‫ن الدنيا له بالمرصاد ِ فلذلك يعي ُ‬ ‫سه أ ّ‬ ‫وساو ُ‬
‫ف والهّم ِ والغّم ِ ‪.‬‬ ‫سود ٍ من الخو ِ‬
‫سه‬‫ص طبعا ً ‪ ،‬ول يمار ُ‬ ‫ف ممنوع ٌ شرعا ً ‪ ،‬رخي ٌ‬ ‫إن الرجا ُ‬
‫ة﴿‬‫ئ الرباني ّ ِ‬ ‫س مفلسون من القيم ِ الحي ّةِ والمباد ِ‬ ‫إل ّ أنا ٌ‬
‫و﴾‪.‬‬ ‫عد ُ ّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬‫يَ ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ف ل يكو ُ‬ ‫ك على كرسّيه ‪ ،‬فأكثُر ما يخا ُ‬ ‫س قلب َ َ‬ ‫أجل ِ ْ‬
‫ت‪،‬‬‫ف وقوعه أن تقد َّر أسوأ الحتمال ِ‬ ‫ل وقوع ما تخا ُ‬ ‫ولك قب ْ َ‬
‫ك على تقّبل هذا السوأ ‪ ،‬حينها تنجو من‬ ‫طن نفس ِ‬ ‫ثم تو ّ‬
‫ث‬‫حد َ ُ‬ ‫ن ي ََقعَ ال َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ت الجائرةِ التي تمّزقُ القلب قب َ‬ ‫التكّهنا ِ‬
‫فَي َب َْقى ‪.‬‬
‫خم‬ ‫ه ‪ ،‬ول تض ّ‬ ‫م ُ‬‫ل شيء حج َ‬ ‫طك ّ‬ ‫ه ‪ :‬أع ِ‬ ‫ل الّناب ُ‬ ‫فيا أّيها العاق ُ‬
‫ض في‬ ‫ل والبغ ِ‬ ‫ف والقضايا ‪ ،‬بل اقتصد ْ واعد ْ‬ ‫الحداث والمواق َ‬
‫ونا ً ما ‪ ،‬فعسى أن يكون‬ ‫الحديث ‪ )) :‬أحبب حبيَبك ه ْ‬
‫ونا ً ما ‪ ،‬فعسى‬ ‫ك يوما ً ما ‪ ،‬وأبغض بغيضك ه ْ‬ ‫ض َ‬ ‫بغي َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ه أن ي َ ْ‬ ‫سى الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ك يوما ً ما (( ﴿ َ‬ ‫أن يكون حبيب َ‬
‫ديٌر‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ودّةً َ‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫عادَي ُْتم ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫وب َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ن كثيرا ً من التخويفات والراجيف ل حقيقة لها ‪.‬‬ ‫إ ّ‬
‫*********************************‬
‫ن ليس مطلوبا ً شرعا ً ‪ ،‬ول‬‫الحز ُ‬
‫مقصودا ً أصل ً‬
‫ول َ‬
‫هُنوا َ‬‫ول َ ت َ ِ‬‫ه قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ي عن ُ‬ ‫ن منه ّ‬ ‫فالحز ُ‬
‫م ﴾ في غي ْرِ موضٍع ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫حَز ْ‬ ‫حَزُنوا ﴾ ‪ .‬وقوِله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫تَ ْ‬
‫فل َ‬ ‫ي كقوله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫عَنا ﴾ ‪ .‬والمنف ّ‬ ‫م َ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ن إِ ّ‬ ‫وقوله ‪ ﴿ :‬ل َ ت َ ْ‬
‫حَز ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪41‬‬
‫ن خمود ٌ لجذ ْوَةِ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬فالحز ُ‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬‫َ‬
‫مى‬ ‫ح ّ‬ ‫س ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫مةِ ‪ ،‬وبرود ٌ في النف ِ‬ ‫همود ٌ لروِح اله ّ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬ ‫الطل ِ‬
‫م الحياةِ ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫لج ْ‬ ‫تش ّ‬
‫سّير ‪ ،‬ول مصلحة‬ ‫م َ‬ ‫ف غير ُ‬ ‫موَقّ ٌ‬ ‫وسّر ذلك ‪ :‬أن الحزن ُ‬
‫زن العبد‬ ‫ح ِ‬ ‫ب شيٍء إلى الشيطان ‪ :‬أن ي ُ ْ‬ ‫فيه للقلب ‪ ،‬وأح ّ‬
‫كه ‪ ،‬قال الله تعالى ‪﴿:‬‬ ‫ره ‪ ،‬ويوقفه عن سلو ِ‬ ‫ه عن سي ِ‬ ‫ليقطع ُ‬
‫مُنوا ﴾ ‪.‬‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حُز َ‬ ‫ن ل ِي َ ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫وى ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ث‬
‫ن منهم دون الثال ِ‬ ‫جى اثنا ِ‬ ‫ي ‪ )) : ‬أن ي ََتنا َ‬ ‫ونهى النب ّ‬
‫ب ول‬ ‫ن غي ُْر مطلو ٍ‬ ‫ن المؤم ِ‬ ‫حْز ُ‬ ‫زُنه (( ‪ .‬و ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫‪ ،‬لن ذلك ي ُ ْ‬
‫ب النفس ‪ ،‬وقد‬ ‫ه من الذى الذي يصي ُ‬ ‫ب فيه لن ّ ُ‬ ‫مرغو ٍ‬
‫ل المشروعةِ ‪.‬‬ ‫ومغالبُته بالوسائ ِ‬
‫ب ‪ ،‬ول مقصود ٍ ‪ ،‬ول فيه فائدةٌ ‪،‬‬ ‫ن ليس بمطلو ٍ‬ ‫فالحز ُ‬
‫م إني أعوذُ بك‬ ‫ي ‪ ‬فقال ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫وقدِ استعاذ منه النب ّ‬
‫ن كان‬ ‫م ‪ ،‬والفْرقُ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن اله ّ‬ ‫ن (( فهو قري ُ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫من اله ّ‬
‫ب عن السيرِ ‪،‬‬ ‫ف للقل ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وكلهما مضعِ ٌ‬ ‫حْز َ‬ ‫لما مضى أورثه ال ُ‬
‫مفت ٌّر للعزم ِ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ل سا ّ‬ ‫ش ‪ ،‬وهو مص ٌ‬ ‫ص للعي ِ‬ ‫ن تكديٌر للحياةِ وتنغي ٌ‬ ‫والحز ُ‬
‫للروِح ‪ ،‬يورُثها الفتور والنك ّد َ والحي َْرة ‪ ،‬ويصيُبها بوجوم ٍ قاتم ٍ‬
‫ئ عند‬ ‫ن ‪ ،‬وتنطف ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ‪ ،‬فتهوي عند ال ُ‬ ‫ل أمام الجما ِ‬ ‫متذب ّ ٍ‬
‫س الشؤم والحسرةِ واللم ِ ‪.‬‬ ‫مباهج الحياةِ ‪ ،‬فتحتسي كأ َ‬
‫ل‬‫ب الواقِع ‪ ،‬ولهذا يقو ُ‬ ‫ن نزول منزلت ِهِ ضروريٌ بحس ِ‬ ‫ولك ّ‬
‫عّنا‬‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي أ َذْ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬‫ل الجنةِ إذا دخلوها ‪﴿ :‬ال ْ َ‬ ‫أه ُ‬
‫م كان يصيُبهم في الدنيا‬ ‫ل على أنه ْ‬ ‫ن ﴾ فهذا يد ّ‬ ‫حَز َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ر‬
‫ب التي تجري عليهم بغي ِ‬ ‫ن ‪ ،‬كما يصيبُهم سائُر المصائ ِ‬ ‫الحز ُ‬
‫ة ‪ ،‬وليس‬ ‫س فيه حيل ٌ‬ ‫ن وليس للنف ِ‬ ‫حْز ُ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫اختياِرهم ‪ .‬فإذا ح ّ‬
‫ل فهي مأجورة ٌ على ما أصابها ؛ لنه‬ ‫لها في استجلبهِ سبي ٌ‬
‫ة‬
‫ن يدافعه إذا نزل بالدعي ِ‬ ‫ب فعلى العبد ِ أ ْ‬ ‫نوْعٌ من المصائ ِ‬
‫ل الحي ّةِ الكفيلةِ بطرِده ‪.‬‬ ‫والوسائ ِ‬
‫َ‬
‫ك‬‫و َ‬ ‫ما أت َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫وأما قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫وّلوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه تَ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫مل ُك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬‫ما أ ْ‬ ‫جدُ َ‬ ‫ت لَ أ ِ‬ ‫قل ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ِت َ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪42‬‬
‫َ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫ما‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫حَزنا ً أل ّ ي َ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬‫ن الدّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫في ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عي ُن ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬‫ُين ِ‬
‫مدحوا على ما د ّ‬
‫ل‬ ‫ن ‪ ،‬وإنما ُ‬ ‫س الحز ِ‬ ‫م ُيمدحوا على نف ِ‬ ‫فل ْ‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ن من قوةِ إيماِنهم ‪ ،‬حيث تخّلفوا عن رسو ِ‬ ‫عليه الحز ُ‬
‫ض بالمنافقين الذين لم‬ ‫قة ففيهِ تعري ٌ‬ ‫زهم عن النف ِ‬ ‫‪ِ ‬لعج ِ‬
‫طوا نفوسهم به ‪.‬‬ ‫يحزنوا على تخّلفهم ‪ ،‬بل غَب َ ُ‬
‫عهِ – وهو ما كان‬ ‫مد َ ب َعْد َ وقو ِ‬ ‫ح ِ‬‫ن ُ‬ ‫حْزن المحمود إ ْ‬ ‫فإن ال ُ‬
‫ن العبد ِ على‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وت طاعةٍ ‪ ،‬أو وقوع معصيةٍ – فإ ّ‬ ‫سبُبه ف ْ‬
‫ه‬
‫ل على حيات ِ‬ ‫ب موله ‪ :‬دلي ٌ‬ ‫جن ْ ِ‬ ‫تقصيرِهِ مع رّبه وتفريط ِهِ في َ‬
‫ة ‪ ،‬ونورِهِ واهتدائ ِهِ ‪.‬‬ ‫وقُبول ِهِ الهداي َ‬
‫ب‬‫ث الصحيِح ‪ )) :‬ما يصي ُ‬ ‫أما قوُله ‪ ‬في الحدي ِ‬
‫ه به‬ ‫م ول نصب ول حزن ‪ ،‬إل ّ كفر الل ُ‬ ‫المؤمن من ه ّ‬
‫ب‬ ‫ة من اللهِ يصي ُ‬ ‫ل على أنه مصيب ٌ‬ ‫من خطاياه (( ‪ .‬فهذا يد ّ‬
‫م‬
‫ل على أنه مقا ٌ‬ ‫بها العب ْد َ ‪ ،‬يكّفُر بها من سيئاِته ‪ ،‬ول يد ّ‬
‫ينبغي طلُبه واستيطاُنه ‪ ،‬فليس للعبد ِ أن يطلب الحزن‬
‫مَر‬ ‫َ‬
‫ث عليه ‪ ،‬أو أ َ‬ ‫ن الشارعَ ح ّ‬ ‫ه عبادة ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ويستدعّيه ويظ ّ‬
‫ه لعبادِهِ ‪ ،‬ولو كان هذا صحيحا ً ل ََقط َ َ‬
‫ع‬ ‫شَرعَ ُ‬ ‫ه ‪ ،‬أو َ‬ ‫ضي َ ُ‬‫به ‪ ،‬أو َر ِ‬
‫ح‬
‫شرِ ٌ‬ ‫من ْ َ‬‫ف وصدُره ُ‬ ‫صَرفََها بالهموم ِ ‪ ،‬كي َ‬ ‫ن‪،‬و َ‬ ‫ه بالحزا ِ‬ ‫‪ ‬حيات َ ُ‬
‫ل السرورِ ؟! ‪.‬‬ ‫ض ‪ ،‬وهو متواص ُ‬ ‫م ‪ ،‬وقلُبه را ٍ‬ ‫ووجُهه باس ٌ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ث هن ْد ِ بن أبي هالة ‪ ،‬في صفةِ النب ّ‬ ‫وأما حدي ُ‬
‫ت ‪ ،‬وفي‬ ‫ث ل يثب ُ ُ‬ ‫ن (( ‪ ،‬فحدي ٌ‬ ‫ل الحزا ِ‬ ‫ه كان متواص َ‬ ‫)) أن ُ‬
‫ف ‪ ،‬وهو خلف واقعِهِ وحال ِهِ ‪. ‬‬ ‫إسنادهِ من ل ُيعَر ُ‬
‫ه عن‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وقد صان َ ُ‬ ‫ل الحزا ِ‬ ‫ن متواص َ‬ ‫وكيف يكو ُ‬
‫ن على الكفارِ ‪،‬‬ ‫ن على الدنيا وأسبابها ‪ ،‬ونهاه ُ عن الحز ِ‬ ‫الحز ِ‬
‫ه‬
‫خَر ؟! فمن أين يأتي ِ‬ ‫دم من ذنب ِهِ وما تأ ّ‬ ‫وغ ََفَر له ما تق ّ‬
‫ب‬ ‫ل إلى قلب ِهِ ؟! ومن أي الطرق ينسا ُ‬ ‫ف َيص ُ‬ ‫ن ؟! وكي َ‬ ‫الحز ُ‬
‫ض‬
‫ن بالستقامةِ ‪ ،‬فّيا ٌ‬ ‫ذكرِ ‪ ،‬رّيا ٌ‬ ‫إلى فؤاد ِهِ ‪ ،‬وهو معموٌر بال ّ‬
‫ن بوعدِ اللهِ ‪ ،‬راض بأحكامه‬ ‫بالهداية الربانيةِ ‪ ،‬مطمئ ّ‬
‫ن ‪ ،‬كما في‬ ‫س ّ‬ ‫شرِ ‪ ،‬ضحوك ال ّ‬ ‫م الب ِ ْ‬ ‫ن دائ َ‬ ‫ل كا َ‬ ‫وأفعاِله ؟! ب ْ‬
‫ضحوك القّتال (( ‪ ،‬صلوات الله وسلمه عليه ‪.‬‬ ‫صفته )) ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪43‬‬
‫جَلى‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ق حيات ِهِ وا ْ‬ ‫ص في أخبارهِ ودقّقَ في أعما ِ‬ ‫من غا َ‬ ‫و َ‬
‫م‬
‫ق واله ّ‬ ‫َ‬
‫ض الَقل ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ود ْ‬ ‫ق الباط ِ‬ ‫ف أنه جاَء لزها ِ‬ ‫ه ‪ ،‬ع ََر َ‬ ‫م ْ‬‫أيا َ‬
‫ه‬
‫شب َ ِ‬ ‫س من استعمارِ ال ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وتحريرِ النفو ِ‬ ‫حْز ِ‬ ‫م وال ُ‬ ‫والغ ّ‬
‫ها من‬ ‫ب ‪ ،‬وإنقاذ ِ‬ ‫حي َْرةِ والضطرا ِ‬ ‫ك وال َ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫والشكو ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫من َ ٍ‬ ‫شرِ من ِ‬ ‫م له على الب َ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فللهِ ك ْ‬ ‫مهاوي المهال ِ‬
‫ل قلب‬ ‫بك ّ‬ ‫وأما الخبُر المرويّ ‪ )) :‬إن الله يح ّ‬
‫ه‪.‬‬ ‫حت َ ُ‬ ‫ص ّ‬‫من رواه ول نعلم ِ‬ ‫حزين (( فل ُيعرف إسناُده ‪ ،‬ول َ‬
‫ة بخلفِهِ ‪ ،‬والشرعُ‬ ‫ن هذا صحيحا ً ‪ ،‬وقد جاءت المل ّ ُ‬ ‫وكيف يكو ُ‬
‫ب‬‫ة من المصائ ِ‬ ‫ن مصيب ٌ‬ ‫ه؟! وعلى تقديرِ صحت ِهِ ‪ :‬فالحز ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫بنْق ِ‬
‫ه‬
‫ه بها ع َب ْد َهُ ‪ ،‬فإذا ابُتلي به العبد ُ فصيَر علي ِ‬ ‫التي يبتلي الل ُ‬
‫ه‬
‫ن وأشادوا ب ِ‬ ‫ب صبَره على بلئ ِهِ ‪ .‬والذين مدحوا الحز َ‬ ‫أح ّ‬
‫ونسُبوا إلى الشرِع المر به وتحبيذه ُ ؛ أخطؤوا في ذلك ؛ ب ْ‬
‫ل‬
‫ه‬
‫ده ‪ ،‬من الفرِح برحمةِ الل ِ‬ ‫ه ‪ ،‬والمُر بض ّ‬ ‫ي عن ُ‬ ‫ما ورد إل ّ النه ّ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬والسروِر‬ ‫تعالى وبفضلهِ ‪ ،‬وبما أنزل على رسو ِ‬
‫ل من‬ ‫ك الذي ن ََز َ‬ ‫بهدايةِ اللهِ ‪ ،‬والنشراِح بهذا الخيرِ المبار ِ‬
‫ب الولياِء ‪.‬‬ ‫السماِء على قلو ِ‬
‫ب في‬ ‫ص َ‬ ‫ه عبدا ً ن َ َ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫خُر ‪ )) :‬إذا أح ّ‬ ‫وأما الث َُر ال َ‬
‫ل في قلبه‬ ‫ة ‪ ،‬وإذا أبغض عبدا ً جع َ‬ ‫ه نائح ً‬ ‫قل ْب ِ ِ‬
‫ي ‪ ،‬قيل ‪ :‬إنه في التوراة ‪ .‬وله‬ ‫مْزمارا ً (( ‪ .‬فأثر إسرائيل ّ‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫ن على ذنوبهِ ‪ ،‬والفاجُر ل ٍ‬ ‫ن حزي ٌ‬ ‫ن المؤم َ‬ ‫ح ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫معنى صحي ٌ‬
‫ن‬
‫ب الصالحي َ‬ ‫سٌر في قلو ِ‬ ‫لك ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ح ‪ .‬وإذا ح َ‬ ‫م فَرِ ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬مترن ّ ٌ‬ ‫لع ٌ‬
‫صروا فيهِ من بلوِغ‬ ‫ت ‪ ،‬وق ّ‬ ‫ما فات َُهم من الخيرا ِ‬ ‫فإنما هو ل ِ‬
‫ن الُعصاةِ ‪،‬‬ ‫ت ‪ .‬خلف حز ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وارتكبوهُ من السيئا ِ‬ ‫الدرجا ِ‬
‫ذها ومكاسِبها‬ ‫ت الدنيا وشهواِتها ومل ّ‬ ‫ه على فو ِ‬ ‫فإن ّ ُ‬
‫م لها ‪ ،‬ومن أجِلها وفي‬ ‫م وحزن ُهُ ْ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ضها ‪ ،‬فه ّ‬ ‫وأغرا ِ‬
‫سبيِلها ‪.‬‬
‫ت‬‫ض ْ‬ ‫واب ْي َ ّ‬ ‫وأما قوُله تعالى عن نبي ّهِ إسرائيل ‪َ ﴿ :‬‬
‫((‬ ‫))‬

‫ه‬
‫م ﴾ ‪ :‬فهو إخباٌر عن حال ِ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫و كَ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬
‫ف ُ‬ ‫حْز ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عي َْناهُ ِ‬ ‫َ‬
‫بمصاِبه بفْقدِ ِولدِهِ وحبيب ِهِ ‪ ،‬وأنه ابتله ُ بذلك كما ابتلهُ‬
‫ل على‬ ‫ه ‪ .‬ومجرد الخبارِ عن الشيِء ل يد ّ‬ ‫ه وبين َ ُ‬ ‫بالتفريق بين َ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪44‬‬
‫ن‬
‫ث عليه ‪ ،‬بل أمرنا أ ْ‬ ‫ن ه ول على المرِ به ول الح ّ‬ ‫استحسا ِ‬
‫م طوي ٌ‬
‫ل‬ ‫ة وليل جِاث ٌ‬ ‫ة ثقيل ٌ‬ ‫حاب َ ٌ‬ ‫س َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ‪ ،‬فإن ّ ُ‬ ‫نستعيذ َ باللهِ من الحز ِ‬
‫ق السائرِ إلى معالي المور ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وعائقٌ في طري ِ‬
‫ن الدنيا غَي ُْر محمودٍ ‪،‬‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ك على أ ّ‬ ‫ب السلو ِ‬ ‫وأجمع أربا ُ‬
‫ة‪،‬‬‫ل وجهٍ فضيل ٌ‬ ‫ن بك ّ‬ ‫ل ‪ :‬الحز ُ‬ ‫ه قا َ‬ ‫إل أبا عثمان الجبريّ ‪ ،‬فإن ُ‬
‫ه إن‬ ‫ب معصيةٍ ‪ .‬قال ‪ :‬لن ُ‬ ‫ن بسب ِ‬ ‫م يك ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ما ل ْ‬ ‫وزيادة ٌ للمؤم ِ‬
‫ب تمحيصا ً ‪.‬‬ ‫ب تخصيصا ً ‪ ،‬فإنه ُيوج ُ‬ ‫لم ُيوج ْ‬
‫ض‬
‫ة وبلٌء من اللهِ ‪ ،‬بمنزلةِ المر ِ‬ ‫ه محن ٌ‬ ‫ب أن ُ‬ ‫ل ‪ :‬ل َري ْ َ‬ ‫فُيقا ُ‬
‫ق ‪ ،‬فل ‪.‬‬ ‫ل الطري ِ‬ ‫ه من منازِ ِ‬ ‫ما أن ُ‬ ‫م وأ ّ‬ ‫م والغَ ّ‬ ‫واله ّ‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ح ‪ ،‬وسؤا ِ‬ ‫ك بجلب السرورِ واستدعاءِ النشرا ِ‬ ‫فعلي َ‬
‫ة الرضّية ‪ ،‬وصفاَء الخاطرِ ‪ ،‬ورحابة‬ ‫ة والعيش َ‬ ‫الحياةَ الطيب َ‬
‫ن في الدنيا‬ ‫ضهم ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل بع ُ‬ ‫م عاجلة ‪ ،‬حتى قا َ‬ ‫ل ‪ ،‬فإنها ِنع ٌ‬ ‫البا ِ‬
‫ة الخرةِ ‪.‬‬ ‫ل جن َ‬ ‫ن لم يدخلها لم يدخ ْ‬ ‫ة‪،‬م ْ‬ ‫جن ً‬
‫ن‪،‬‬ ‫حد َهْ أن يشرح صدوَرنا بنورِ اليقي ِ‬ ‫ل وَ ْ‬ ‫والله المسؤو ُ‬
‫ة‬
‫ن ينقذنا من حيا ِ‬ ‫ويهدي قلوبنا لصراط ِهِ المستقيم ِ ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ك والضي ّ ِ‬ ‫ضن ْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫********************************‬

‫وقفــة‬
‫ه‬
‫ق ‪ .‬فإن ُ‬
‫صاد ِ‬
‫ك بهذا الدعاءِ الحاّر ال ّ‬‫ن وإيا َ‬ ‫ف نح ُ‬ ‫هّيا نهت ْ‬
‫م‬
‫ه العظي ُ‬ ‫ه إل الل ُ‬ ‫ن ‪ )) :‬ل إل َ‬‫م والحز ِ‬ ‫ب واله ّ‬‫ف الك َُر ِ‬ ‫ِلكش ِ‬
‫ش العظيم ِ ‪ ،‬ل إله‬ ‫ب العر ِ‬ ‫هر ّ‬ ‫الحليم ‪ ،‬ل إله إل الل ُ‬
‫ش‬
‫ب العر ِ‬ ‫ض ور ّ‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ت ور ّ‬ ‫ب السموا ِ‬ ‫هر ّ‬ ‫إل الل ُ‬
‫ت برحمتك‬ ‫م ل إله إل أن َ‬ ‫ي يا قيو ُ‬ ‫الكريم ِ ‪ ،‬يا ح ّ‬
‫ث (( ‪.‬‬ ‫أستغي ُ‬
‫ك أرجو ‪ ،‬فل تك ِْلني إلى نفسي‬ ‫م رحمت َ‬ ‫)) الله ّ‬
‫ي كّله ‪ ،‬ل إله إل‬ ‫ح لي شأن َ‬ ‫ن ‪ ،‬وأصل ْ‬ ‫عي ْ ِ‬
‫ة َ‬ ‫ف َ‬‫طْر َ‬
‫ت (( ‪.‬‬ ‫أن َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪45‬‬
‫م‬‫ي القيو َ‬ ‫)) استغفُر الله الذي ل إله إل هو الح ّ‬
‫ب إليه (( ‪.‬‬ ‫وأتو َ‬
‫ت من الظالمين‬ ‫))ل إله إل أنت سبحانك إني كن ُ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ن أمِتك ‪،‬‬ ‫دك ‪ ،‬اب ُ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫ك ‪ ،‬اب ُ‬ ‫م إني عبدُ ً‬ ‫)) الله ّ‬
‫ؤك‬ ‫ي قضا ُ‬ ‫لف ّ‬ ‫ك ‪ ،‬عدْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ي حك ُ‬ ‫ضف ّ‬ ‫دك ‪ ،‬ما ٍ‬ ‫ناصيتي بي ِ‬
‫ميت به نفسك ‪ ،‬أو‬ ‫ل اسم ٍ هو لك س ّ‬ ‫‪ ،‬أسألك بك ّ‬
‫ه أحدا ً من خلقك ‪ ،‬أو‬ ‫ك ‪ ،‬أو عّلمت ُ‬ ‫ه في كتاب َ‬ ‫أنزلت ُ‬
‫ن تجعل‬ ‫ك‪،‬أ ْ‬ ‫ب عند َ‬ ‫استأثرت به في علم ِ الغي ِ‬
‫مي ‪،‬‬ ‫القرآن ربيع قلبي ‪ ،‬ونور صدري ‪ ،‬وذهاب ه ّ‬
‫وجلء حزني (( ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬‫م والحز ِ‬ ‫م إني أعوذُ بك من اله ّ‬ ‫)) الله ّ‬
‫ن‬
‫ع الدي ْ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وضل ِ‬ ‫جب ْ ِ‬‫ل وال ُ‬ ‫خ ِ‬‫ل ‪ ،‬والب ُ ْ‬ ‫س ِ‬‫جز والك َ َ‬ ‫ع ْ‬
‫وال َ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ة الّرجا ِ‬ ‫وغلب ِ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ه ونعم الوكي ُ‬ ‫)) حسبنا الل ُ‬
‫************************************‬
‫م‬
‫ابتس ْ‬
‫ن ‪ ،‬وله‬ ‫م للحزا ِ‬ ‫م للهموم ِ ومرهَ ٌ‬ ‫س ٌ‬ ‫ل بل ْ َ‬
‫ك المعتد ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض ِ‬
‫ال ّ‬
‫ب ‪ ،‬حتى قال أبو‬ ‫ل القل ْ ِ‬ ‫جذ ِ‬ ‫ة في فرِح الروِح ‪ ،‬و َ‬ ‫قوةٌ عجيب ٌ‬
‫ن إجماما ً‬ ‫ه عنه ‪ : -‬إني لضحك حتى يكو َ‬ ‫الدرداء – رضي الل ُ‬
‫ك أحيانا ً حتى تبدو نواج ُ‬
‫ذه‬ ‫م الناس ‪ ‬يضح ُ‬ ‫لقلبي ‪ .‬وكان أكر ُ‬
‫س ودواِئها ‪.‬‬ ‫ك العقلِء البصراِء بداِء النف ِ‬ ‫‪ ،‬وهذا ضح ُ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ة النبسا ِ‬ ‫ة الراحةِ ونهاي ُ‬ ‫م ُ‬‫والضحك ِذروةُ النشراِح وقِ ّ‬
‫ن كثرةَ‬ ‫ف ‪ )) :‬ل ُتكثرِ الضحك ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ك بل إسرا ٍ‬ ‫ولكنه ضح ٌ‬
‫سمك في‬ ‫سط ‪ )) :‬وتب ّ‬ ‫ب (( ‪ .‬ولكنه التو ّ‬ ‫ت القل َ‬ ‫ك ُتمي ُ‬ ‫الضح ِ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬‫ول ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫من َ‬ ‫حكا ً ّ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬
‫فت َب َ ّ‬‫ة (( ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫وجهِ أخيك صدق ٌ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫مُنوا ْ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫و َ‬‫فال ْي َ ْ‬ ‫ك‪َ ﴿:‬‬ ‫ل الجنةِ الضح ُ‬ ‫ومن نعيم ِ أه ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫كو َ‬‫ح ُ‬‫ض َ‬ ‫ر يَ ْ‬ ‫ال ْك ُ ّ‬
‫فا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪46‬‬
‫ن ‪ ،‬وتجعُله دليل ً على‬ ‫س ّ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ح ضحو َ‬ ‫ب تمد ُ‬ ‫ت العر ُ‬ ‫وكان ِ‬
‫ف ‪ ،‬وسخاوةِ الطبِع ‪ ،‬وكرم ِ السجايا ‪،‬‬ ‫س وجودةِ الك ّ‬ ‫سعةِ النف ِ‬
‫ونداوةِ الخاطرِ ‪.‬‬
‫رم (( ‪:‬‬ ‫ل زهيٌر في )) هَ ِ‬ ‫وقا َ‬
‫ك تعطيهِ الذي‬ ‫كأن َ‬ ‫ه‬
‫تراهُ إذا ما جئت َ ُ‬
‫ل في‬ ‫هةِ والعتدا ِ‬ ‫أنت سائل‬
‫الوسطي ُ‬ ‫ي على‬ ‫م ُبن َ‬ ‫ن السل َ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫متهل ّل‬
‫والحقيق ً ُ‬
‫ف‬
‫س مخي ٌ‬ ‫ك ‪ ،‬فل عبو ٌ‬ ‫ق والسلو ِ‬ ‫العقائدِ والعبادات والخل ِ‬
‫ح‬‫ة رو ٍ‬ ‫ة لكنه جد ّ وقوٌر ‪ ،‬وخّف ُ‬ ‫ة مستمرة ٌ عابث ٌ‬ ‫م ‪ ،‬ول قهقه ٌ‬ ‫قات ٌ‬
‫واثقةٍ ‪.‬‬
‫يقول أبو تمام ‪:‬‬
‫ب‬
‫ل كوك ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ح المؤ ّ‬ ‫صب ُ‬ ‫نفسي فداُء أبي‬
‫ل‬
‫م ِ‬
‫المتأ ّ‬ ‫ه‬
‫ي إن ُ‬ ‫َعل ّ‬
‫ش‬
‫ل عي ُ‬ ‫ضو ويهز ُ‬ ‫ين ُ‬ ‫ً‬ ‫م الجد ّ أحيانا‬ ‫ه يج ّ‬ ‫فك ِ ٌ‬
‫ل‬
‫من لم يهز ِ‬ ‫وقد ْ‬
‫س‪،‬‬ ‫مرِ النف ِ‬ ‫ة على تذ ّ‬ ‫ض الوجهِ والعبوس علم ٌ‬ ‫إن انقبا َ‬
‫سَر ﴾ ‪.‬‬ ‫وب َ َ‬ ‫س َ‬ ‫عب َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن الخاطرِ ‪ ،‬وتعك ّرِ المزاِج ﴿ث ُ ّ‬ ‫وغليا ِ‬
‫ه طْلق « ‪.‬‬ ‫* » ولو أن تلقى أخاك بوج ٍ‬
‫ر « ‪)) :‬ليس‬ ‫ض الخاط ِ‬ ‫ل أحمد أمين في » في ْ ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل هم كذلك‬ ‫م فقط ‪ ،‬ب ْ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫المبتسمون للحياة أسعد َ حال ً لنف ِ‬
‫ح‬‫ل ‪ ،‬وأكثُر احتمال ً للمسؤوليةِ ‪ ،‬وأصل ُ‬ ‫أقدُر على العم ِ‬
‫ن بعظائم ِ الموِر‬ ‫ب ‪ ،‬والتيا ِ‬ ‫لمواجهةِ الشدائدِ ومعالجةِ الصعا ِ‬
‫م وتنفعُ الناس ‪.‬‬ ‫التي تنفعهُ ْ‬
‫س‬
‫ب خطيرٍ ‪ ،‬وبين نف ٍ‬ ‫ل كثيرٍ أو منص ٍ‬ ‫ت بين ما ٍ‬ ‫خّير ُ‬ ‫لو ُ‬
‫س ؟!‬ ‫ل مع العبو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬فما الما ُ‬ ‫ت الثاني َ‬ ‫راضيةٍ باسمةٍ ‪ ،‬لختر ُ‬
‫ل ما في الحياةِ إذا‬ ‫س ؟! وما ك ّ‬ ‫ض النف ِ‬ ‫ب مع انقبا ِ‬ ‫وما المنص ُ‬
‫ب؟! وما‬ ‫كان صاحُبه ضّيقا ً حرجا ً كأنه عائد ٌ من جنازة حبي ٍ‬
‫ت بيتها جحيما ً ؟! لخيٌر منها –‬ ‫ت وقلب ْ‬ ‫ل الزوجة إذا عبس ْ‬ ‫جما ُ‬
‫ت بيتها‬ ‫ل وجعل ْ‬ ‫ة لم تبلغْ مبلغها في الجما ِ‬ ‫ف مرةٍ – زوج ٌ‬ ‫أل َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫جن ّ ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪47‬‬
‫ة مما يعتري‬ ‫ت منبعث ً‬ ‫ة الظاهرةِ إل إذا كان ْ‬ ‫ة للبسم َ‬ ‫ول قيم َ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت باسم ٌ‬ ‫م والغابا ُ‬ ‫س ٌ‬ ‫ن من شذوذ ‪ ،‬فالزهُر با ِ‬ ‫طبيعة النسا ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫م والطيوُر كّلها باسم ٌ‬ ‫والبحاُر والنهاُر والسماُء والنجو ُ‬
‫ض له من طمٍع وشّر‬ ‫ن بطبعهِ باسما ً لول ما يعر ُ‬ ‫وكان النسا ُ‬
‫ة‬
‫ت الطبيع ِ‬ ‫ه عابسا ً ‪ ،‬فكان بذلك نشازا ً في نغما ِ‬ ‫وأنانيةٍ تجعل ُ ُ‬
‫ت‬
‫ل هذا ل يرى الجمال من عبس ْ‬ ‫ن اج ِ‬ ‫المنسجعةِ ‪ ،‬وم ْ‬
‫ن يرى‬ ‫ل إنسا ٍ‬ ‫ة من تدّنس قلُبه ‪ ،‬فك ّ‬ ‫سه ‪ ،‬ول يرى الحقيق َ‬ ‫نف ُ‬
‫ل طيبا ً‬ ‫عثه ‪ ،‬فإذا كان العم ُ‬ ‫ره وبوا ِ‬ ‫مله وفك ْ ِ‬ ‫الدنيا من خلل ع ِ‬
‫ث طاهرةً ‪ ،‬كان منظاُره الذي يرى به‬ ‫والفكُر نظيفا ً والبواع ُ‬
‫ش‬ ‫ت ‪ ،‬وإل ّ تغب ّ َ‬ ‫خلق ْ‬ ‫ة كما ُ‬ ‫الدنيا نقيا ً ‪ ،‬فرأى الدنيا جميل ً‬
‫ل شيء أسود مغبشًا‪.‬‬ ‫جه ‪ ،‬فرأى ك ّ‬ ‫منظاُره‪ ،‬واسود ّ زجا ُ‬
‫ل شيء شقًاء ‪،‬‬ ‫س تستطيعُ أن تصنع من ك ّ‬ ‫هناك نفو ٌ‬
‫ل شيٍء سعادة ً ‪ ،‬هناك‬ ‫س تستطيع أن تصنع من ك ّ‬ ‫ونفو ٌ‬
‫م أسود ُ ‪،‬‬ ‫ت ل تقعُ عيُنها إل على الخطأ ‪ ،‬فاليو ُ‬ ‫المرأة ُ في البي ِ‬
‫سر ‪ ،‬ولن نوعا ً من الطعام ِ زاد الطاهي في‬ ‫ن طبقا ً ك ُ ِ‬ ‫ل ّ‬
‫ق في الحجرةِ ‪،‬‬ ‫ت على قطعةٍ من الور ِ‬ ‫حه ‪ ،‬أو لنها عثر ْ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ِ‬
‫ت ‪ ،‬وإذا‬ ‫ن في البي ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫ب إلى ك ّ‬ ‫دى السبا ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ويتع ّ‬ ‫ج وتس ّ‬ ‫فتهي ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫سه وعلى َ‬ ‫ص على نف ِ‬ ‫ل ينغّ ُ‬ ‫ة من نارِ ‪ ،‬وهناك رج ٌ‬ ‫هو شعل ٌ‬
‫ل‬
‫ن عم ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫من كلمةٍ يسمُعها أو يؤّولها تأويل ً سّيئا ً ‪ ،‬أو ِ‬ ‫حوله ‪ِ ،‬‬
‫ح‬‫ن رِب ْ ٍ‬ ‫سره ُ ‪ ،‬أو م ْ‬ ‫ث منه ‪ ،‬أو من رِب ٍْح خ ِ‬ ‫ث له ‪ ،‬أو حد َ‬ ‫تافِهٍ حد َ‬
‫ث ‪ ،‬أو نحو ذلك ‪ ،‬فإذا الدنيا كّلها سوداءُ‬ ‫كان ينتظُره فلم يحد ُ‬
‫م‬‫ن حوله ‪ .‬هؤلء عنده ْ‬ ‫ره ‪ ،‬ثم هو يسوُّدها على م ْ‬ ‫في نظ ِ‬
‫قدرةٌ على المبالغةِ في الشّر ‪ ،‬فيجعلون من الحب ّةِ قُب ّ ً‬
‫ة‪،‬‬
‫م قدرةٌ على الخيرِ ‪ ،‬فل‬ ‫ومن البذرةِ شجرةً ‪ ،‬وليس عنده ْ‬
‫يفرحون بما ُأوتوا ولو كثيرا ً ‪ ،‬ول ينعمون بما نالوا ولو عظيما ً‬
‫‪.‬‬
‫جد ّ في‬ ‫ن أن ي َ ِ‬ ‫م ‪ ،‬ولخيٌر للنسا ِ‬ ‫ن ي َُتعل ّ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وف ّ‬ ‫الحياةُ ف ّ‬
‫ب في حياتهِ ‪ ،‬من أن يجد ّ في‬ ‫ح ّ‬ ‫ن وال ُ‬ ‫وضِع الزهارِ والرياحي ِ‬
‫ت‬ ‫جه ْ‬ ‫ل في جيبهِ أو في مصرِفه ‪ .‬ما الحياة ُ إذا وُ ّ‬ ‫س الما ِ‬ ‫تكدي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪48‬‬
‫ة‬
‫ه أيّ جهدٍ لترقي ِ‬ ‫ج ْ‬‫ل ‪ ،‬ولم ُيو ّ‬ ‫ل الجهودِ فيها لجمِع الما ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ل ؟!‬ ‫ب فيها والجما ِ‬ ‫جانب الرحمةِ والح ّ‬
‫ج الحياةِ ‪ ،‬وإنما‬ ‫م لمباه ِ‬ ‫س ل يفتحون أعينهُ ْ‬ ‫أكثُر النا ِ‬
‫يفتحونها للدرهم ِ والدينارِ ‪ ،‬يمّرون على الحديقةِ الغّناِء ‪،‬‬
‫ق ‪ ،‬والطيورِ المغّردةِ ‪ ،‬فل‬ ‫والزهارِ الجميلةِ ‪ ،‬والماِء المتدفّ ِ‬
‫ج ‪ .‬قد ْ كان‬ ‫ل ودينارٍ يخر ُ‬ ‫يأبهون لها ‪ ،‬وإنما يأبهون لدينارٍ يدخ ُ‬
‫ة للعيشةِ السعيدةِ ‪ ،‬فقلبوا الوضع وباعوا‬ ‫الديناُر وسيل ً‬
‫ن‬
‫ت فينا العيو ُ‬ ‫كب ْ‬‫ل الدينارِ ‪ ،‬وقد ُر ّ‬ ‫العيشة السعيدة من أج ِ‬
‫ودناها أل تنظر إل ّ إلى الدينارِ ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬فع ّ‬ ‫لنظرِ الجما ِ‬
‫ن أردت‬ ‫س ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫س النفس والوجه كاليأ ِ‬ ‫ليس يعب ّ ُ‬
‫س‪،‬‬ ‫ة لك وللنا ِ‬ ‫م فحارب اليأس ‪ .‬إن الفرصة سانح ً‬ ‫البتسا ُ‬
‫س ‪ ،‬فعوّد ْ عقلك تفّتح المل ‪،‬‬ ‫ح باُبه لك وللنا ِ‬ ‫ح مفتو ٌ‬ ‫والنجا ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫وتوّقع الخيرِ في المستقب ِ‬
‫م تبلغْ في‬ ‫إذا اعتقدت أنك مخلوقٌ للصغيرِ من المورِ ل ْ‬
‫الحياةِ إل الصغير ‪ ،‬وإذا اعتقدت أنك مخلوقٌ لعظائم ِ الموِر‬
‫مةٍ تكسُر الحدود والحواجز ‪ ،‬وتنفذ ُ منها إلى‬ ‫شعرت به ّ‬
‫ث‬‫صداقُ ذلك حاد ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ض السمى ‪ ،‬و ِ‬ ‫الساحةِ الفسيحةِ والغر ِ‬
‫ن دخل مسابقة مائةِ مترٍ شعر‬ ‫في الحياةِ الماديةِ ‪ ،‬فم ْ‬
‫م‬‫ب إذا هو قطعها ‪ ،‬ومن دخل مسابقة أربعمائ ِةِ مترٍ ل ْ‬ ‫بالتع ِ‬
‫س تعطيك من‬ ‫ن ‪ .‬فالنف ُ‬ ‫ب من المائةِ والمائتي ِ‬ ‫يشعْر بالتع ِ‬
‫ن ساميا ً‬ ‫ض ‪ .‬حد ّد ْ غرضك ‪ ،‬وليك ْ‬ ‫مةِ بقدرِ ما تحد ّد ُ من الغر ِ‬ ‫اله ّ‬
‫ل يوم ٍ‬ ‫ن ل عليك في ذلك ما دمت ك ّ‬ ‫ل ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫صْعب المنا ِ‬
‫سها ويجعُلها‬ ‫تخطو إليه خطوا ً جديدا ً ‪ .‬إنما يصد ّ النفس ويعب ّ َ‬
‫ة‬‫ة السيئ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والعيش ُ‬ ‫ن الم ِ‬ ‫س وفقدا ُ‬ ‫ن مظلم ٍ ‪ :‬اليأ ُ‬ ‫في سج ٍ‬
‫ق‬
‫س ‪ ،‬والتشد ّ ِ‬ ‫ب النا ِ‬ ‫ث عن معاي ِ‬ ‫برؤيةِ الشرورِ ‪ ،‬والبح ِ‬
‫ت العالم ِ ل غير ‪.‬‬ ‫ث عن سيئا ِ‬ ‫بالحدي ِ‬
‫ب‬‫مَر ّ‬ ‫ن في شيء كما ُيوفّقُ إلى ُ‬ ‫وليس ُيوفّقُ النسا ُ‬
‫ودهُ‬ ‫سعُ أفقه ‪ ،‬ويع ّ‬ ‫ل بينها ويو ّ‬ ‫مي ملكاتهِ الطبيعيةِ ‪ ،‬ويعاد ُ‬ ‫ين ّ‬
‫ه‬
‫ض يسعى إلي ِ‬ ‫خي َْر غر ٍ‬ ‫ه أن َ‬ ‫ة الصدرِ ‪ ،‬ويعّلم ُ‬ ‫سع َ‬ ‫ةو َ‬ ‫السماح َ‬
‫ن تكون‬ ‫ن مصدَر خيرٍ للناس بقدرِ ما يستطيعُ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫أن يكو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪49‬‬
‫ن يكون قلُبه‬ ‫ب والخيرِ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ة للضوِء والح ّ‬ ‫سه شمسا ً مشعّ ً‬ ‫نف ُ‬
‫ل الخيرِ لكّلمن‬ ‫مملوءا ً عطفا ً وبرا ً وإنسانية ‪ ،‬وحبا ً ليصا ٍ‬
‫اتصل به ‪.‬‬
‫ب عليها ‪،‬‬ ‫ذها التغل ّ ُ‬ ‫ب فيل ّ‬ ‫ة ترى الصعا َ‬ ‫س الباسم ُ‬ ‫النف ُ‬
‫م‪،‬‬ ‫ب عليها فتبس ْ‬ ‫م ‪ ،‬وتتغل ْ‬ ‫سم ‪ ،‬وتعالجها فتبس ْ‬ ‫تنظُرها فتب ّ‬
‫ة ل ترى صعابا ً فتخلفها ‪ ،‬وإذا رأْتها أكبرْتها‬ ‫س العابس ُ‬ ‫والنف ُ‬
‫ن ‪ .‬وما الدهُر الذي‬ ‫ت بلو وإذا وإ ْ‬ ‫متها وتعّلل ْ‬ ‫ته ّ‬ ‫واستصغر ْ‬
‫جه وتربيُته ‪ ،‬إنه يؤد ّ النجاح في الحياةِ ول يريد ُ‬ ‫يلعُنه إل مزا ُ‬
‫ل طريق أسدا ً رابضا ً ‪ ،‬إنه‬ ‫ه ‪ ،‬إنه يرى في ك ّ‬ ‫من َ ُ‬ ‫أن يدفع ث َ‬
‫ض عن ك َن ْزٍ ‪.‬‬ ‫ينتظُر حتى تمطَر السماُء ذهبا ً أو تنشقّ الر ُ‬
‫ب‬ ‫صعْ ٌ‬ ‫ل شيٍء َ‬ ‫ة ‪ ،‬فك ّ‬ ‫ب في الحياةِ أموٌر نسبي ٌ‬ ‫إن الصعا َ‬
‫ة عند‬ ‫س الصغيرةِ جدا ً ‪ ،‬ول صعوبة عظيم ً‬ ‫جدا عند النف ِ‬
‫ً‬
‫ة‬‫ة تزداد عظم ً‬ ‫س العظيم ُ‬ ‫س العظيمةِ ‪ ،‬وبينما النف ُ‬ ‫النف ِ‬
‫ب إذا بالنفوس الهزيلةِ تزداد ُ سقما ً بالفراِر‬ ‫صعا ِ‬ ‫بمغالبةِ ال ّ‬
‫ه‬
‫ب العقورِ ‪ ،‬إذا رآك خفت من ُ‬ ‫ب كالكل ِ‬ ‫منها ‪ ،‬وإنما الصعا ُ‬
‫ك وعدا وراءك ‪ ،‬وإذا رءاك تهزأ ُ به ول تعيره‬ ‫ح َ‬ ‫ت ‪ ،‬ن َب َ َ‬
‫وجري ْ َ‬
‫اهتماما ً وتبرقُ له عينك ‪ ،‬أفسح الطريق لك ‪ ،‬وانكمش في‬
‫ده منك ‪.‬‬ ‫جل ِ‬
‫ر‬
‫صغَ ِ‬ ‫ضعَِتها و ِ‬ ‫س من شعوِرها ب َ‬ ‫ل للنف ِ‬ ‫م ل شيء أقت ُ‬ ‫ث ّ‬
‫م‬
‫ل عظي ٌ‬ ‫ن أن يصدر عنها عم ٌ‬ ‫شأِنها وقل ّةِ قيمتِها ‪ ،‬وأنها ل يمك ُ‬
‫ضعةِ ُيفِقد ُ النسان‬ ‫‪ ،‬ول ُينتظُر منها خيٌر كبيٌر ‪ .‬هذا الشعوُر بال ّ‬
‫ل ارتاب‬ ‫سه واليمان بقوِتها ‪ ،‬فإذا أقدم على عم ٍ‬ ‫الثقة بنف ِ‬
‫ل فيهِ ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫حه ‪ ،‬وعالجه بفتورٍ فف ِ‬ ‫ن نجا ِ‬ ‫في مقدرِته وفي إمكا ِ‬
‫ة كبرى عليها عماد ُ النجاِح في الحياةِ ‪،‬‬ ‫ة بالنفس فضيل ٌ‬ ‫الثق ُ‬
‫ن‬‫ة ‪ ،‬والفرقُ بينهما أ ّ‬ ‫وشّتان بينها وبين الغرورِ الذي ُيعد ّ رذيل ً‬
‫ف‪،‬‬ ‫ل وعلى الك ِب ْرِ الزائ ِ‬ ‫س على الخيا ِ‬ ‫الغرور اعتماد ُ النف ِ‬
‫ة‬
‫ل المسؤولي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ة بالنفس اعتماُدها على مقدرِتها على تح ّ‬ ‫والثق ُ‬
‫ن استعداِدها (( ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وعلى تقويةِ ملكاِتها وتحسي ِ‬
‫يقول إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫م يكفي‬ ‫ت‪ :‬ابتس ْ‬ ‫قل ُ‬ ‫ة!‬ ‫ل ‪ » :‬السماُء كئيب ٌ‬ ‫قا َ‬
‫م في السما !‬ ‫التجهّ ُ‬ ‫« وتجّهما‬
‫ل تحزن‬
‫‪50‬‬
‫ف الصّبا‬ ‫لن ُيرجعَ الس ُ‬ ‫صبا وّلى ! فقل ُ‬
‫ت‬ ‫ل ‪ :‬ال ّ‬ ‫قا َ‬
‫لنفسي في‬ ‫تّرما !‬ ‫المتص ْ‬ ‫صار‬ ‫ت سمائي‬ ‫م كان ْ‬ ‫ل ‪:‬ابتس ْ‬
‫التي‬ ‫ه ً‪:‬‬ ‫لقا ُ‬
‫فكيف ُأطيقُ أن‬ ‫قلبيم‪ ِ ،‬جهّنما‬ ‫الغرا‬ ‫عهودي بعدما‬ ‫الهوى‬ ‫ت‬ ‫في ْ‬ ‫خان‬
‫سما !عمر َ‬ ‫م ّ‬
‫ما‬‫ك كّله متأل ّ‬ ‫ت‬‫ضي ّ ْ َ‬ ‫قأتب ّ‬ ‫ب‬
‫م واطر ْ‬ ‫تها ابتس ْ‬ ‫تُ ‪:‬‬ ‫قللك ُ‬
‫ه‬
‫ل المسافرِ كاد يقتل ُ‬ ‫!مث ُ‬ ‫تجارة ُ في صراٍع‬ ‫قارالن ْ َّتها‬ ‫ل‪:‬‬ ‫فلوْ َ‬ ‫قا‬
‫ت‬ ‫لهث‬ ‫ما‬ ‫كل‬ ‫ث‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫وتن‬ ‫ظما‬
‫‪،‬‬ ‫لدم ّ‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ل‬
‫هائ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫سلولةٍ محتاج ٍ‬ ‫غادةٍ م ْ‬ ‫أو‬
‫شفائها ‪ ،‬فإذا ابتسمت‬ ‫ما !‬ ‫دوَ َ ِ‬ ‫م ‪ ،‬ما أنت‬ ‫ت ‪ :‬ابتس ْ‬ ‫قل ُ‬
‫بما ‪..‬‬ ‫فر‬ ‫رك مجرما ً ‪،‬‬ ‫دائها‬ ‫بُ‬ ‫جال‬
‫كأنك أنت صرت‬ ‫ل‬ ‫وج ّ ٍ‬ ‫ن غي ُ‬ ‫أيكو َ‬
‫والعداُء حولي في‬ ‫جرما ؟‬ ‫س ّْر‬ ‫مَ‬ ‫ال ُ ُ‬ ‫أ َأ‬ ‫ت‬ ‫عدى حولي عل ْ‬ ‫في‬ ‫ت ال ِ‬ ‫قال ُ‪:‬‬ ‫وتبي‬
‫مىت َك ُ؟ ْ‬ ‫ح َ‬
‫ل‬‫م أج ّ‬ ‫ن منه ْ‬ ‫لم‬ ‫لو ِ‬ ‫ال‬ ‫م لم‬ ‫ابتس ْ‬ ‫م‬‫صيحات‪ُ :‬هُ ْ‬ ‫ت‬ ‫قل ُ‬
‫ت! لي في‬ ‫وأعظما ْ‬
‫وتعّرض‬ ‫ت‬
‫م قد بد ْ‬ ‫مُ‬ ‫مه‬
‫المواس ْ‬‫يطلبوك بذ ّ‬ ‫قال ‪:‬‬
‫دمىتمل ُ‬
‫ك‬ ‫س‬‫وال ّ َ‬‫في لي‬ ‫س‬‫الملبك ّ ِ‬ ‫ن‬ ‫لك ّ‬ ‫ض‬
‫ب فر ٌ‬ ‫مهاللحبا ِ‬ ‫أعل ُ ّ‬
‫ي‬ ‫وعل‬
‫ة‬
‫ت من الحب ّ ِ‬ ‫درهماولس َ‬ ‫حيا ً ‪،‬‬ ‫م يكفيك أّنك‬ ‫ت ‪ :‬ابتس ْ‬ ‫م‬‫لز ٌُ‬ ‫قل‬
‫ن‬ ‫معدما‪! :‬ابتس ْ‬ ‫ُ‬ ‫لالليالي جّرعتني‬ ‫قالتز‪ْ :‬‬ ‫لم‬
‫م ‪ ،‬ولئ ْ‬ ‫ت‬ ‫قل ُ‬
‫جانبا ً وترّنما‬ ‫العلقما‬ ‫تالكآبة‬ ‫ح َ‬ ‫رع َ‬ ‫ط َ َّر‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ك إن رآك‬ ‫لا ًغير َ‬ ‫علقم‬
‫فلع ّ‬
‫تراكا ً‬ ‫مرّنم‬
‫أم أنت تخسُر بالبشاشةِ‬ ‫م‬
‫ّ ِ‬‫ر‬ ‫بالتب‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫تغن‬ ‫أُ‬
‫ن‬‫مغنما ‪،‬؟والوجهِ أ ْ‬ ‫تتثّلما‬ ‫صاا ًِح ل خطٌر على‬ ‫درهم‬ ‫يا‬
‫ب‬ ‫طما‬ ‫جى ّ‬ ‫يتح‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن‬
‫كأ ْ‬ ‫شفتيك ْ‬
‫م ‪ ،‬ولذا نح ّ‬ ‫متلط ِ ٌ‬ ‫ب‬‫شهْ َ‬ ‫فإ ّ‬ ‫فاضح‬
‫ب‬ ‫جما !‬ ‫يأتي ُ‬ ‫الن‬ ‫ك والد ّ‬ ‫تضح ‪ُ :‬‬
‫إلى الدنيا ويذه ُ‬ ‫ة ليس‬ ‫البشاش ُ‬ ‫قال‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫بع‬ ‫نك‬ ‫فإ‬ ‫غما‬‫‪،‬‬ ‫شب َ‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫بينك‬ ‫مادام‬ ‫ابتسم‬ ‫قلتد ُ‪ :‬كائنا ً‬ ‫ُتسعِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫صد ِْر‬ ‫ح ال ّ‬ ‫سما‬ ‫تتب ّ‬ ‫والرّدى‬
‫الوجهِ ‪ ،‬وانشرا ِ‬ ‫أحوجنا إلى البسمةِ وطلقةِ‬ ‫ما‬
‫ن الله‬ ‫ب ‪)) ،‬إ ّ‬ ‫ن الجان ِ‬ ‫وأريحي ّةِ ال ُ ُ‬
‫ف الروِح ولي ِ‬ ‫ق ‪ ،‬ولط ِ‬ ‫خل ِ‬
‫د‬
‫ي تواضعوا ‪ ،‬حتى ل يبغي أحدٌ على أح ٍ‬ ‫أوحى إل ّ‬
‫د (( ‪.‬‬ ‫ول يفخر أحدٌ على أح ٍ‬
‫******************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪51‬‬
‫وقفــــة‬
‫ك شيئا ً ‪،‬‬ ‫س فما ن ََفعَ َ‬ ‫ت الحزن بالم ِ‬ ‫ن ‪ :‬لنك جّرب َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫دك فحزنت فهل‬ ‫ح؟! مات وال ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ت ‪ ،‬فهل ن َ َ‬ ‫ب ابُنك فحزن َ‬ ‫س َ‬ ‫َر َ‬
‫ت الخسائُر‬ ‫سرت تجارُتك فحزنت‪ ،‬فهل عاد ْ‬ ‫عاد َ حي ّا َ ؟! خ ِ‬
‫أرباحًا؟!‬
‫ب‪،‬‬ ‫ت مصائ َ‬ ‫ن ‪ :‬لنك حزنت من المصيبةِ فصار ْ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ت من كلم أعدائك‬ ‫كدا ً ‪ ،‬وحزن َ‬ ‫ت نَ َ‬ ‫ت من الفقرِ فاْزدد ْ َ‬ ‫وحزن َ‬
‫م عليك ‪ ،‬وحزْنت من توّقع مكروهٍ فما وقع ‪.‬‬ ‫فأعنته ْ‬
‫ة ‪ ،‬ول‬ ‫حْزن داٌر واسع ٌ‬ ‫ن ينفعك مع ال ُ‬ ‫هل ْ‬ ‫ن ‪ :‬فإن ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب سام ٍ ‪ ،‬ول أولد ٌ‬ ‫ل وفيٌر ‪ ،‬ول منص ٌ‬ ‫ة حسناُء ‪ ،‬ول ما ٌ‬ ‫زوج ٌ‬
‫ُنجباُء ‪.‬‬
‫ل عْلقما ً ‪،‬‬ ‫ن ُيريك الماَء الزل َ‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة ‪ ،‬والحياة سجنا ً ل‬ ‫ة صحراَء قاحل ً‬ ‫ة ‪ ،‬والحديق َ‬ ‫حن ْظ َل َ ً‬ ‫والوردةَ َ‬
‫ُيطاقُ ‪.‬‬
‫ن‬‫ن ويدا ِ‬ ‫ن وشفتا ِ‬ ‫ن وأذنا ِ‬ ‫ن ‪ :‬وأنت عندك عينا ِ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن‪﴿:‬‬ ‫ة في البدا ِ‬ ‫ن وعافي ٌ‬ ‫ن وأما ٌ‬ ‫ن وأم ٌ‬ ‫جَنا ٌ‬ ‫ن‪،‬و َ‬ ‫ن ولسا ٌ‬ ‫ورجل ِ‬
‫َ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫ما ت ُك َذَّبا ِ‬ ‫ي آَلء َرب ّك ُ َ‬ ‫فب ِأ ّ‬
‫ه ‪ ،‬وخبٌز تأكُله‬ ‫ت تسك ُن ُ ُ‬ ‫قد ُهُ ‪ ،‬وبي ٌ‬‫ن ت َعْت َ ِ‬ ‫ن ‪ :‬ولك دي ٌ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة تأوي إليها ‪ ،‬فلماذا‬ ‫ه ‪ ،‬وزوج ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫ب ت َل ْب َ ُ‬‫ه ‪ ،‬وثو ٌ‬ ‫‪ ،‬وماٌء تشرب ُ ُ‬
‫ن ؟!‬ ‫تحز ْ‬
‫**********************************‬
‫نعمة اللم‬
‫م ليس مذموما ً دائما ً ‪ ،‬ول مكروها ً أبدا ً ‪ ،‬فقد ْ يكو ُ‬
‫ن‬ ‫الل ُ‬
‫َ‬
‫م‪.‬‬‫ن يتأل ّ َ‬
‫خيرا ً للعبدِ أ ْ‬
‫ق‬
‫ح الصاد َ‬ ‫ن الدعاء الحاّر يأتي مع اللم ِ ‪ ،‬والتسبي َ‬ ‫إ ّ‬
‫مله لعباِء‬ ‫ل وح ْ‬ ‫ن التحصي ِ‬ ‫م َ‬
‫ب َز َ‬ ‫م ‪ ،‬وتأّلم الطال ِ‬ ‫ب الل َ َ‬‫يصاح ُ‬
‫ه احترق في البدايةِ فأشرق‬ ‫جهَْبذا ً ‪ ،‬لن ُ‬
‫ب ُيثمُر عالما ً َ‬ ‫الطل ِ‬
‫ج أدبا ً مؤثرا ً‬‫ل ُتنت ُ‬‫ة‪ .‬وتأّلم الشاعرِ ومعاناُته لما يقو ُ‬ ‫في النهاي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪52‬‬
‫ب والدم ِ فهّز‬ ‫ب والعص ِ‬ ‫ح مع اللم ِ من القل ِ‬ ‫لبا ً ‪ ،‬لنه انقد َ‬ ‫خ ّ‬
‫ج ِنتاجا ً حي ّا ً‬ ‫ب ُتخر ُ‬ ‫ك الفئدةَ ‪ .‬ومعاناة الكات ِ‬ ‫المشاعَر وحّر َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ذابا ً يموُر بالِعبرِ والصورِ والذكريا ِ‬ ‫ج ّ‬
‫دعةِ والراحةِ ولم تْلذع ْ ُ‬
‫ه‬ ‫ش حياة َ ال ّ‬ ‫ب الذي عا َ‬ ‫ن الطال َ‬ ‫إ ّ‬
‫َ‬
‫ب يبقى كسول ً‬ ‫ن هذا الطال َ‬ ‫ت‪،‬إ ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫مل ِ ّ‬ ‫م تك ْوِهِ ال ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ول ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫الَز َ‬
‫مترهّل ً فاترا ً ‪.‬‬
‫م ول ذاقَ المر ول تجّرع‬ ‫ف الل َ‬ ‫ن الشاعر الذي ما عر َ‬ ‫وإ ّ‬
‫كتل ً من‬ ‫ث‪،‬و ُ‬ ‫ص الحدي ِ‬ ‫ً‬
‫ص ‪ ،‬تبقى قصائده ُ ُركاما من رخي ِ‬ ‫ص َ‬ ‫الغُ َ‬
‫ج من‬ ‫ت من لسان ِهِ ولم تخُر ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن قصائد َهُ خر َ‬ ‫ل‪،‬ل ّ‬ ‫زبدِ القو ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫شها قلُبه وجوان ِ ُ‬ ‫وجدان ِهِ ‪ ،‬وتلّفظ بها فهمه ولم يعِ ْ‬
‫وأسمى من هذهِ المثلةِ وأرفعُ ‪ :‬حياةُ المؤمنين الّولين‬
‫ث‪،‬‬ ‫ة الب َعْ ِ‬ ‫مول ِد َ المل ّةِ ‪ ،‬وبداي َ‬ ‫جَر الرسالةِ و َ‬ ‫الذين عاشوا ف ْ‬
‫ما ً‬ ‫عل ْ‬ ‫عمقُ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫م إيمانا ً ‪ ،‬وأبّر قلوبا ً ‪ ،‬وأصدقُ لْهج ً‬ ‫فإنُهم أعظ ُ‬
‫َ‬
‫م الجوع والَفْقرِ والتشريدِ ‪،‬‬ ‫م والمعاناة َ ‪ :‬أل َ‬ ‫‪ ،‬لنهم عاشوا الل َ َ‬
‫جَر‬ ‫ت ‪ ،‬وهَ ْ‬ ‫والذى والطردِ والبعاِد‪ ،‬وفراقَ المألوفا ِ‬
‫ق‬
‫ب ‪ ،‬فكانوا بح ّ‬ ‫ل والتعذي ِ‬ ‫م الجراِح ‪ ،‬والقت ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وأل َ‬ ‫المرغوبا ِ‬
‫ت في الطهرِ ‪ ،‬وأعلما ً‬ ‫جت ََباة َ ‪ ،‬آيا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫ة ‪ ،‬والثل ّ َ‬ ‫الصفوة الصافي َ‬
‫في النبل ‪ ،‬ورموزا ً في التضحية ‪ ﴿ ،‬ذَل ِ َ َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫صيب ُ ُ‬ ‫م ل َ يُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ب ِأن ّ ُ‬
‫ول َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ظَمأ ٌ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫و ن ّي ْل ً‬ ‫عدُ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول َ ي ََناُلو َ‬ ‫فاَر َ‬ ‫ظ ال ْك ُ ّ‬ ‫غي ُ‬ ‫طئا ً ي َ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫ي َطَ ُ‬
‫ل صال ِح إن الل ّه ل َ يضي َ‬
‫جَر‬ ‫عأ ْ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫م ٌ َ ٌ ِ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫هم ب ِ ِ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫إ ِل ّ ك ُت ِ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ‪ ،‬لنهم‬ ‫جهُ ْ‬ ‫دموا أروعَ نِتا َ‬ ‫سق ّ‬ ‫وفي عالم الدنيا أنا ٌ‬
‫مى فأنشد َ رائعته ‪:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫موا ‪ ،‬فالمتنبي وعَك َْته ال ُ‬ ‫تأل ّ‬
‫س تزوُر إل ّ في‬ ‫فلي َ‬ ‫ن بها‬ ‫وزائرتي كأ ّ‬
‫دم للناس ‪:‬‬ ‫ل ‪ ،‬فق ّ‬ ‫بالقت ِ‬ ‫الظلم ِ‬ ‫ن المنذرِ‬ ‫نب ُ‬ ‫ه النعما ُ‬ ‫ةَء خوّفَ ُ‬ ‫حيا ُ‬‫والنابغ‬
‫ت لم يب ْد ُ‬ ‫إذا طلع ْ‬ ‫س‬‫ك شم ٌ‬ ‫فإن َ‬
‫موا ‪.‬‬ ‫تأل ّ‬ ‫ب‬‫كوك ُ‬ ‫ن َ‬
‫لنهم‬ ‫منه‪ّ ،‬‬ ‫بأ َث َْروا الحياة َ‬ ‫أولئك كواك‬
‫الذين ٌ‬ ‫ك‬ ‫والملو ُ‬ ‫وكثيٌر‬
‫ل تحزن‬
‫‪53‬‬
‫ف من المعاناةِ ‪ ،‬فربما‬ ‫خ َ‬ ‫ن فل تجزعْ من اللم ول ت َ َ‬ ‫إذ ْ‬
‫ب‬ ‫ش مشبو َ‬ ‫ن تع ْ‬ ‫كإ ْ‬ ‫ت قوةً لك ومتاعا ً إلى حين ‪ ،‬فإن َ‬ ‫كان ْ‬
‫س ؛ أرقّ وأصفى من أن‬ ‫وى ملذوعَ النف ِ‬ ‫ج َ‬ ‫الفؤادِ محروقَ ال َ‬
‫كن‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫س‪َ ﴿،‬‬ ‫مةِ خامد َ الن ّْف ِ‬ ‫ش بارد َ المشاعرِ فاتَر الهِ ّ‬ ‫تعي َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق ُ‬‫لا ْ‬ ‫قي َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فث َب ّطَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عاث َ ُ‬ ‫ه انب ِ َ‬ ‫رهَ الل ّ ُ‬ ‫كَ ِ‬
‫ن﴾‬ ‫دي َ‬ ‫ع ِ‬
‫قا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ق‬
‫م الفرا ِ‬ ‫ت بهذا شاعرا ً عاش المعاناة َ والسى وأل َ‬ ‫ذكر ُ‬
‫ن ‪ ،‬ذائعةِ‬ ‫وهو يلف ُ‬
‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫سه الخيرةَ في قصيدةٍ بديعةِ ال ُ‬ ‫ظ أنفا َ‬
‫شهرةِ بعيدةٍ عن التكّلف والتزويق ‪ :‬إنه مالك بن الّريب ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫َيرثي نفسه ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫ت في جيش اب ِ‬ ‫وأصبح ُ‬ ‫ة‬
‫لل َ‬‫ض َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫م ت ََرني ب ِعْ ُ‬ ‫أل َ ْ‬
‫بأعلىَيا الرقمتْين‬ ‫ن غاز‬ ‫ي َ‬ ‫فا‬
‫ع ِ ّّ‬ ‫ب َن‬ ‫م أ ُت َْر ُ‬
‫ك‬ ‫دىّري يو َ‬ ‫بالهُ‬
‫فللهِ َ د َ‬
‫طائعا ً‬
‫م لياليا‬ ‫وماليا إّني مقي ٌ‬ ‫برابيةٍ‬ ‫ي رحلي دنا‬ ‫صاحِب َ ْ‬ ‫فيا‬
‫جلني قد تبّين ما‬ ‫ول ُتع ِ‬ ‫ض‬
‫م أوْ ب َعْ َ‬ ‫اليو َ‬ ‫فانزل‬ ‫تعليّ‬ ‫المو‬
‫أقيما ُ‬
‫ي فض َ‬
‫ل‬ ‫بيارّدا على عَي ْن َ ّ‬ ‫وُ‬ ‫ة‬
‫ف السن ِ‬ ‫ةُطا ً بأطرا ِ‬ ‫وخ ٍ‬ ‫ليل‬
‫ت العَْرض‬ ‫ض ذا ِ‬ ‫ردائياالر ِ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫مضجعيُداني باَرك الل ُ‬
‫ه‬ ‫ول تحس‬
‫سَعا ليا‬ ‫ن ُتو ِ‬ ‫أ ْ‬ ‫فيكما‬
‫ل الثاكل ‪،‬‬ ‫ت المتهد ِّج ‪ ،‬والعوي ِ‬ ‫إلى آخرِ ذاك الصو ِ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ب هذا الشاع ِ‬ ‫ن قل ِ‬ ‫ت حمما ً م ْ‬ ‫والصرخةِ المفجوعةِ التي ثار ْ‬
‫ب في حياتهِ ‪.‬‬ ‫المفجوِع بنفسهِ المصا ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ف القلو ِ‬ ‫شغا ِ‬ ‫ل كلماُته إلى ِ‬ ‫ص ُ‬‫ظ المحترقَ ت َ ِ‬ ‫إن الوع َ‬
‫م‬
‫عل ِ َ‬
‫ف َ‬ ‫م والمعاناةَ ﴿ َ‬ ‫ش الل َ‬ ‫ق الّروِح لنه يعي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ص في أعما‬ ‫وتغو ُ‬
‫فْتحا ً‬ ‫م َ‬ ‫عل َيهم َ‬ ‫فَأنَز َ‬ ‫م َ‬ ‫في ُ ُ‬
‫ه ْ‬‫وأَثاب َ ُ‬ ‫ة َ ْ ِ ْ َ‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬
‫ريبا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ق ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫ن حشا َ‬ ‫حتى يكو َ‬ ‫ق‬
‫ل المشتا َ‬ ‫ل تعذ ِ‬
‫أحشاة ًِئهل حياةَ فيها‪ ،‬ول‬ ‫ولكنها بارد‬ ‫ن لشعراَء في‬ ‫أشواِقه‬
‫دواوي َ‬ ‫ت‬ ‫رأي ُ‬ ‫لقدفي‬
‫ت‬ ‫عناء ‪ ،‬ونظموها في رخاء ‪ ،‬فجاء ْ‬ ‫م قالوها بل َ‬ ‫روح لنه ْ‬
‫ً‬
‫ن‪.‬‬ ‫قطعا من الثلِج وكتل ً من الطي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪54‬‬
‫ظ ل تهّز في السامِع شعرة ً ‪،‬‬ ‫ت في الوع ِ‬ ‫ت مصّنفا ٍ‬ ‫ورأي ُ‬
‫حْرقةٍ ول‬
‫ت ذّرةً ‪ ،‬لنهم يقولوَنها بل ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫من ْ ِ‬‫ك في ال ُ‬ ‫ول تحّر ُ‬
‫قوُلون بأ َ‬
‫ما ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫هم ّ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫َ ِ‬ ‫ة‪﴿ ،‬ي َ ُ‬ ‫لوعةٍ ‪ ،‬ول ألم ٍ ول معانا ٍ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫رك ‪ ،‬فاحترقْ به أنت‬ ‫مك أو بشعْ ِ‬ ‫ت أن تؤّثر بكل ِ‬ ‫فإذا أرد َ‬
‫ف ترى أنك تؤّثر في‬ ‫ه ‪ ،‬وسو َ‬ ‫معَ ُ‬‫ل َ‬ ‫ل ‪ ،‬وتأث ّْر به وذْقه وتفاع ْ‬ ‫قَب ْ ُ‬
‫هت َزت وربت َ‬ ‫ذا َأنَزل َْنا َ‬
‫ت‬
‫وأنب َت َ ْ‬
‫ماء ا ْ ّ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫ها ال ْ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫الناس ‪َ ﴿،‬‬
‫ج﴾‪.‬‬ ‫هي ٍ‬ ‫ج بَ ِ‬ ‫و ٍ‬ ‫ل َز ْ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫************************************‬
‫نعمة المعرفة‬
‫عل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ت َك ُ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫عل ّ َ‬‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ظيما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫حقٌ للعمرِ ﴿ إ ِّني‬ ‫م ْ‬‫ح للحياةِ ‪ ،‬و َ‬ ‫ت للضميرِ وذ َب ْ ٌ‬ ‫ل مو ٌ‬ ‫الجه ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ك َأن ت َ ُ‬ ‫عظ ُ َ‬ ‫أَ ِ‬
‫َ‬
‫م نوٌر البصيرة ‪ ،‬وحياة ٌ للروِح ‪ ،‬ووَُقود ٌ للطبِع ‪ ﴿ ،‬أ َ‬
‫و‬ ‫والعل ُ‬
‫كان ميتا ً َ َ‬
‫في‬ ‫ه ِ‬ ‫شي ب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُنورا ً ي َ ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫حي َي َْناهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫من َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫من ْ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ر ٍ‬ ‫خا ِ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ت ل َي ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫في الظّل ُ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫مث َل ُ ُ‬ ‫من ّ‬ ‫س كَ َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫م عثوٌر‬ ‫ن العل َ‬ ‫ح يأتي معَ العلم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ن السروَر والنشرا َ‬ ‫إ ّ‬
‫ف للمستورِ ‪،‬‬ ‫ضاّلة ‪ ،‬واكتشا ٌ‬ ‫ل على ال ّ‬ ‫ض ‪ ،‬وحصو ٌ‬ ‫على الغام ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ست َط َْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة بمعرفةِ الجديدِ والطلِع على ال ُ‬ ‫موَلع ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫والنف ُ‬
‫ن ‪ ،‬لنه حياةٌ ل جديد َ فيها ول‬ ‫حْز ٌ‬ ‫لو ُ‬ ‫مل َ ٌ‬ ‫ل فهوَ َ‬ ‫ما الجه ُ‬ ‫أ ّ‬
‫م كالغد ِ ‪.‬‬ ‫س كاليوم ِ ‪ ،‬واليو َ‬ ‫ف ‪ ،‬و ل مستع َ ً‬
‫ذبا ‪ ،‬أم ِ‬ ‫طري َ‬
‫ث عن‬ ‫م وابح ْ‬ ‫ب العل َ‬ ‫ت تريد ُ السعادةَ فاطل ِ‬ ‫ن كن َ‬ ‫فإ ْ‬
‫م‬
‫م والهمو ُ‬ ‫ك الغمو ُ‬ ‫ب عن َ‬ ‫صل الفوائد َ ‪ ،‬لتذه َ‬ ‫المعرفةِ وح ّ‬
‫سم ِ َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫عْلما ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬ا ْ‬ ‫و ُ‬
‫قَرأ ِبا ْ‬ ‫زدِْني ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫قل ّر ّ‬ ‫ن‪َ ﴿،‬‬ ‫والحزا ُ‬
‫ه في‬ ‫قه ُ‬ ‫ه به خيرا ً يف ّ‬ ‫ق ﴾ ‪)) .‬من يرِد الل ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ل صْفٌر‬ ‫ن ((‪ .‬ول يفخْر أحد ٌ بمال ِهِ أو بجاهِهِ ‪ ،‬وهو جاه ٌ‬ ‫الدي ِ‬
‫ة وعمُره ليس كامل ً ‪﴿ :‬‬ ‫م ً‬ ‫ت تا ّ‬ ‫ن حياَته ليس ْ‬ ‫من المعرفةِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪55‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أَ َ‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ق كَ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫من َرب ّ َ‬ ‫ك ِ‬‫ل إ ِل َي ْ َ‬‫ز َ‬ ‫ما أن ِ‬ ‫م أن ّ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫ف َ‬
‫مى ﴾ ‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫قال الزمخشريّ ‪:‬‬
‫ة‬
‫ل غاني ٍ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬ ‫سهري لتنقيِح‬
‫وأحلى من‬ ‫ق‬
‫ب عِنا ِ‬ ‫وطي ِ ِ‬
‫أشهى‬ ‫ل‬‫ليً لح ّ‬ ‫طَربا‬ ‫ُليألذ ّ‬ ‫وتمايم ِ‬
‫العلو‬
‫ساقيْوكاِء‬ ‫أحلىةِمن الد ّ‬ ‫مدام‬ ‫ُ‬ ‫ة أقلمي على‬ ‫عويص ُ‬
‫وصرير ٍ‬
‫للقي الرم َ‬
‫ل‬ ‫شا ُ ِ‬
‫ق‬ ‫نقري ّ‬
‫والع‬ ‫ة‬
‫من نقرِ الفتا ِ‬ ‫أوراقها‬ ‫وألذ‬
‫ّ‬
‫ل‬
‫ست َغْ ٍ‬ ‫أوراقي‬
‫م ْ‬ ‫عن بين ُ‬ ‫م‬
‫ك ْ‬ ‫ن يحاول‬ ‫فها ْ‬ ‫لياد ُ ّمَ‬
‫ك‬‫وتبغي بعد َ ذا َ‬ ‫وآخا ًَر راقي‬ ‫نوم‬ ‫تبتي‬
‫سهران‬ ‫بالماني ُر ْ‬ ‫أأبيتُ‬
‫ج‬
‫س بها ‪ ،‬وما أثل َ‬ ‫حاقي َ‬ ‫ح ِ النف‬ ‫المعرفة ‪ ،‬وما أفرل َ‬ ‫ه‬
‫دجى وتبيت ُ‬ ‫ف‬
‫أشر َ‬ ‫ما ال ّ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫ب الخاطَر بنزولها ‪ ﴿ ،‬أ َ َ‬ ‫الصدَر ببْردها ‪ ،‬وما أرح َ‬
‫عوا‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ع َ‬‫سوءُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫من ُزي ّ َ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫عَلى ب َي ّن َ ٍ‬ ‫َ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫واء ُ‬ ‫ه َ‬ ‫أَ ْ‬
‫***************************************‬
‫فن السرور‬
‫ب ‪ ،‬واستقراُره وهدوؤُهُ ‪،‬‬ ‫من أعظم ِ النعم ِ سروُر القل ِ‬
‫س‪،‬‬‫ج النف ِ‬ ‫ن وجودةِ النتاِج وابتها ِ‬ ‫ت الذه ِ‬ ‫ن في سرورهِ ثبا ُ‬ ‫فإ ّ‬
‫ف يجلُبه‬ ‫ف كي َ‬ ‫ن عر َ‬ ‫س ‪ ،‬فم ْ‬ ‫ن ُيدّر ُ‬ ‫ن السروَر ف ّ‬ ‫وقالوا‪ .‬إ ّ‬
‫ج الحياةِ ومساِر‬ ‫ل عليه ‪ ،‬ويحظى به استفاد َ من مباه ِ‬ ‫ويحص ُ‬
‫ل‬‫ن يدْيه ومن خلِفه‪ .‬والص ُ‬ ‫ش ‪ ،‬والنعم ِ التي من بي ِ‬ ‫العي ِ‬
‫ل ‪ ،‬فل يهتّز من‬ ‫ب السرورِ قوة ُ الحتما ِ‬ ‫ل في طل ِ‬ ‫الصي ُ‬
‫ب‬
‫ج للتوافِهِ ‪ .‬وبحس ِ‬ ‫ث ‪ ،‬ول ينزع ُ‬ ‫ك للحواد ِ‬ ‫الزوابِع ول يتحّر ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫ب وصفائ ِهِ ‪ُ ،‬تشرقُ الن ّْف ُ‬ ‫قوةِ القل ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫جَزعَ النف ِ‬ ‫ف المقاومةِ و َ‬ ‫ضعْ َ‬‫خوََر الطبيعةِ و َ‬ ‫إن َ‬
‫سه التصّبر‬ ‫ود نف َ‬ ‫نع ّ‬ ‫ن ‪ ،‬فم ْ‬ ‫ل للهموم ِ والغموم ِ والحزا ِ‬ ‫رواح ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت عليهِ الزما ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وخّف ْ‬ ‫ت عليه المزعجا ُ‬ ‫والتجل ّد َ هان ْ‬
‫ن ما تمّر به‬ ‫فأهو ُ‬ ‫إذا اعتاد الفتى‬
‫الوحو ُ‬
‫ل‬ ‫ض المنايا‬
‫خو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪56‬‬
‫ق ‪ ،‬وضحال َ َ‬ ‫ُ‬
‫ة النظرةِ ‪،‬‬ ‫ومن أعداِء السرورِ ضي ِقُ الفُ ِ‬
‫ه‬‫ن العالم ِ وما فيه ‪ ،‬والل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ونسيا ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫م بالنفس فَ َ‬ ‫والهتما ُ‬
‫م ﴾ ‪ ،‬فكأن هؤلِء‬ ‫م أن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مت ْ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫م﴿أ َ‬ ‫ف أعداَءهُ بأنه ْ‬ ‫قد ْ وص َ‬
‫ن في‬ ‫كرو َ‬ ‫ن في داخِلهم ‪ ،‬فل يف ّ‬ ‫ن ي ََرْون الك َوْ َ‬ ‫القاصري َ‬
‫ن‬‫ن‪.‬إ ّ‬ ‫ن للخري َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ‪ ،‬ول يهت ّ‬ ‫ون لسواهُ ْ‬ ‫م ‪ ،‬ول يعيش َ‬ ‫غيرِه ِ ْ‬
‫سَنا أحيانا ً ‪ ،‬ونبتعد عن ذواِتنا‬ ‫ل عن أنف ِ‬ ‫شاغَ َ‬ ‫ن ن َت َ َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ي وعلي َ‬ ‫عل ّ‬
‫ب أمْرين ‪:‬‬ ‫منا وأحزاَننا ‪ ،‬فنكس َ‬ ‫حنا وغمو َ‬ ‫سى جرا َ‬ ‫أزمانا ً ل ِن َن ْ َ‬
‫إسعاد َ أنفسِنا ‪ ،‬وإسعاد َ الخرين‪.‬‬
‫م تفكيَر َ‬
‫ك‬ ‫ر ‪ :‬أن ُتلج َ‬ ‫ن السرو ِ‬ ‫ل في ف ّ‬ ‫من الصو ِ‬
‫ت‬ ‫ن ترك َ‬ ‫ش ‪ ،‬فإنك إ ْ‬ ‫ب ول يطي ُ‬ ‫ت ول يهر ُ‬ ‫ه ‪ ،‬فل يتفل ّ ُ‬ ‫وتعصم َ‬
‫ف الحزان وقرأ َ‬
‫ِ‬ ‫مل ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ح ‪ ،‬وأعاد َ علي َ‬ ‫ح وط ََف َ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك وشأن َ ُ‬ ‫تفكيَر َ‬
‫ن التفكيَر إذا شرد َ‬ ‫ك‪ .‬إ ّ‬ ‫م َ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ب المآسي منذ ُ ولدت ْ َ‬ ‫ك كتا َ‬ ‫علي َ‬
‫ل‬‫ف ‪ ،‬فزلز َ‬ ‫ل المخي َ‬ ‫جَر المستقب َ‬ ‫ح وجر َ‬ ‫أعاد َ لك الماضي الجري َ‬
‫مه بخطام ِ‬ ‫أركاَنك ‪ ،‬وهّز كياَنك وأحرقَ مشاعَرك ‪ ،‬فاخط ْ‬
‫ل‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ل المثمرِ المفيد ِ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫جهِ الجاد ّ المرك ّزِ على العم ِ‬ ‫التو ّ‬
‫ت﴾ ‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ر‪:‬أ ْ‬ ‫ة السرو ِ‬ ‫ومن الصول أيضا ً في دراس ِ‬
‫ن ُتنزل ََها منزلتها ‪ ،‬فهي لهْوٌ ‪ ،‬ول‬ ‫ي الحياة َ قيمَتها ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ُتعط َ‬
‫ة‬
‫ضع ُ‬ ‫مر ِ‬ ‫جرِ و ُ‬ ‫م اله ْ‬ ‫ض والصدود َ ‪ ،‬لنها أ ّ‬ ‫ك إل العرا َ‬ ‫تستحقّ من َ‬
‫م بها ‪،‬‬ ‫ن هذه صفُتها كيف ُيهت ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ث‪،‬ف َ‬ ‫ة الكوار ِ‬ ‫الفجائِع ‪ ،‬وجالب ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫خل ّ ٌ‬ ‫ن على ما فات منها‪ .‬صُفوها ك َد ٌَر ‪ ،‬وبرُقها ُ‬ ‫وُيحز ُ‬
‫دها‬‫ب بقِيعةٍ ‪ ،‬مولوُدها مفقود ٌ ‪ ،‬وسي ُ‬ ‫دها سرا ٌ‬ ‫ومواعي ُ‬
‫ف غَد ِْرها ‪.‬‬ ‫ل بسي ِ‬ ‫مها مهد ّد ٌ ‪ ،‬وعاشُقها مقتو ٌ‬ ‫محسود ٌ ‪ ،‬ومنعّ ُ‬
‫ن فيها‬ ‫أبدا ً ُ‬ ‫ن أه ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ب الب َي ْ ِ‬ ‫غرا ُ‬ ‫ل‬ ‫أَبني أِبينا نح ُ‬
‫م‬
‫م الدنيا فل ْ‬ ‫قت ْهُ ُ‬ ‫جمع ُ‬ ‫ي َن ْعِ‬ ‫لعلى الدنيا وما‬ ‫نبكي ِ‬‫مناز‬
‫الكنوَز فل‬ ‫رقوا‬ ‫زوا‬ ‫يتف ْ ّ‬ ‫ك َن َ‬ ‫رَرةُ‬ ‫معشب ِ ٍ‬‫جَبا‬ ‫أينَ ال َ‬ ‫ن‬
‫مِ ْ‬
‫قوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ول‬ ‫ن‬ ‫بقي‬ ‫للى‬ ‫الكاسرةُ ا ُ‬
‫واه لحد ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫حتى ثوى ف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫ن ضا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مِن ك ّ‬
‫حل َ ٌ‬
‫ل‬ ‫م لهم َ‬ ‫الكل َ‬ ‫ق‬
‫ني ّ ُ‬ ‫ضّ‬‫أ َ‬ ‫ن‬ ‫نودوا كأ ْ‬ ‫شه‬ ‫إذاعَي ْ ُ ِ‬ ‫سُء ب ِ‬ ‫ضا ٌ‬ ‫خُ َْفر َ‬ ‫ال‬
‫مطل َ ُ‬
‫ق‬ ‫ُ‬ ‫موا‬ ‫م يعل ُ‬ ‫ل ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪57‬‬
‫م‬ ‫حل ْ ُ‬ ‫م بالتعل ّم ِ وال ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬إنما العل ُ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫بالتحل ّم ِ (( ‪.‬‬
‫ب‬‫عه واجتل ِ‬ ‫ب ‪ :‬وإنما السروُر باصطنا ِ‬ ‫ن الدا ِ‬ ‫وفي ف ّ‬
‫ن‬
‫ف بوادِره ‪ ،‬حتى يكو َ‬ ‫ص أسباب ِهِ ‪ ،‬وتكل ّ ِ‬ ‫مت ِهِ ‪ ،‬واقتنا ِ‬ ‫س َ‬ ‫بَ ْ‬
‫طْبعا ً ‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫مَر والتبّر َ‬ ‫س والتذ ّ‬ ‫دنيا ل تستحقّ منا العبو َ‬ ‫إن الحياة َ ال ّ‬
‫ما هذهِ الدنيا بداِر‬ ‫م المني ّةِ في‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫من‬ ‫خَبرا ً ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قراي ْت َِر ُ‬‫ألف‬ ‫النسان‬ ‫جاِري‬ ‫ةِرى‬ ‫البريتَ َ‬ ‫بينا‬
‫الخباا ًِرمن القذاِر‬ ‫صْفو‬ ‫على ك َد ٍَر‪،‬‬ ‫خِبرا ً‬ ‫ت ْ‬ ‫م‬‫فيهاعَ ُْ‬
‫َ‬ ‫طُب ِ‬
‫بِر في الماء‬ ‫والكدا ٌ‬ ‫متطل ّ‬ ‫ُ‬ ‫دهام ِ ِ‬
‫ضد ّ‬ ‫الّيا‬ ‫تري ُ‬ ‫ت ُ‬
‫ف‬ ‫وأن َ‬
‫ومكلّ‬
‫جذ ْوَة َ ناِر‬ ‫ُ‬ ‫عها‬ ‫طبا ِ‬
‫ن تنزع َ من‬ ‫ب فيها أنك ل تستطيعُ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ة التي ل ري َ‬ ‫والحقيق ُ‬
‫قَنا‬‫خل َ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ت هكذا ﴿ ل َ َ‬ ‫خلق ْ‬ ‫ن الحياة ُ‬ ‫ن‪،‬ل ّ‬ ‫ل آثارِ الحز ِ‬ ‫كك ّ‬ ‫حيات ِ َ‬
‫ة‬
‫ف ٍ‬ ‫من ن ّطْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫قَنا ا َ ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫د ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِّنا َ‬ ‫في ك َب َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْ‬
‫شاج ن ّبت َِليه ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل ِيبل ُوك ُ َ‬ ‫َ‬
‫مل ً ﴾ ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م أي ّك ُ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫م َ ٍ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫مك ‪ ،‬أما قَط ْ ُ‬
‫ع‬ ‫مك وغ ّ‬ ‫ف من حزِنك وه ّ‬ ‫المقصود َ أن تخّف ُ‬
‫ل‬‫ت النعيم ِ ؛ ولذلك يقو ُ‬ ‫ن بالكلي ّةِ فهذا في جنا ِ‬ ‫حْز ِ‬ ‫ال ُ‬
‫َ‬
‫عّنا‬ ‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي أذْ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫المنعمون في الجنة ‪ ﴿ :‬ال ْ َ‬
‫ك ‪ ،‬كما‬ ‫ه إل هنا َ‬ ‫ب عن ُ‬ ‫ه لم يذه ْ‬ ‫ل على أن ُ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وهذا دلي ٌ‬ ‫حَز َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫عَنا َ‬ ‫ون ََز ْ‬ ‫ب إل في الجنةِ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل ل يذه ُ‬ ‫ل الغِ ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ة الدنيا وصفتها ‪،‬‬ ‫ف حال َ‬ ‫ن ع ََر َ‬ ‫ل ﴾ ‪ ،‬فم ْ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ُ‬
‫م ان هذا طبُعها‬ ‫ع َذ ََرها على صدوِدها وجفاِئها وغَد ِْرها ‪ ،‬وعَل ِ َ‬
‫وخل ُُقها ووصُفها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ن‬
‫ت لنا أ ْ‬ ‫حل ََف ْ‬ ‫فكأنها َ‬ ‫نل‬ ‫ت لنا أ ْ‬ ‫حلف ْ‬
‫ل ت َِفي‬ ‫تخون عهوَدنا‬
‫ي‬
‫ل ما وصْفنا ‪ ،‬والمُر ما ذكرنا ‪ ،‬فحرِ ّ‬ ‫فإذا كان الحا ُ‬
‫سه ‪ ،‬بالستسلم ِ للكدِر‬ ‫ن ل ُيعيَنها على نف ِ‬ ‫ب الناب ِهِ أ ْ‬ ‫بالري ِ‬
‫ل ما‬ ‫ت بك ّ‬ ‫ن ‪ ،‬بل يدافعُ هذه المنغصا ِ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫واله ّ‬
‫َ‬
‫ة‬‫و ٍ‬ ‫ق ّ‬ ‫من ُ‬ ‫عُتم ّ‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫دوا ْ ل َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ي من قوةٍ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫أوت َ‬
‫م﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫وك ُ ْ‬ ‫عد ُ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و الل ّ ِ‬ ‫عدْ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫هُبو َ‬ ‫ل ت ُْر ِ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬ ‫من ّرَبا ِ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪58‬‬
‫فوا ْ‬ ‫َ‬
‫ع ُ‬
‫ض ُ‬
‫ما َ‬
‫و َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سِبي ِ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫صاب َ ُ‬
‫ما أ َ‬ ‫هُنوا ْ ل ِ َ‬ ‫و َ‬‫ما َ‬
‫ف َ‬‫َ‬
‫كاُنوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ َ‬‫ما ا ْ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫وقفـــة‬
‫ن‪،‬‬ ‫س في د َي ْ ٍ‬ ‫ت فقيرا ً فغيُرك محبو ٌ‬ ‫ن ‪ :‬إن كن َ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ل ‪ ،‬فسواك مبتوُر القدمين ‪ ،‬وإن‬ ‫ة ن َْق ٍ‬ ‫ك وسيل َ‬ ‫وإن كنت ل تمل ُ‬
‫سّرة البيضاِء‬ ‫كنت تشكو من آلم ٍ فالخرون يرقدون على ال ِ‬
‫ت ولدا ً فسواك فقد عددا ً من الولدِ‬ ‫ت ‪ ،‬وإن فقد َ‬ ‫ومنذ سنوا ٍ‬
‫ث واحدٍ ‪.‬‬ ‫في حاد ٍ‬
‫ه‬
‫ت باللهِ وبرسل ِهِ وملئكت ِ ِ‬ ‫م آمن َ‬ ‫ن ‪ :‬لنك مسل ٌ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ب‬‫ك كفروا بالر ّ‬ ‫جرِ وبالقضاِء خيرِهِ وشّره ‪ ،‬وأولئ َ‬ ‫واليوم ِ ال ِ‬
‫م الخَر ‪،‬‬ ‫دوا اليو َ‬‫ح ُ‬‫ج َ‬
‫ب‪،‬و َ‬ ‫ل واختلفوا في الكتا ِ‬ ‫ذبوا الرس َ‬ ‫وك ّ‬
‫وألحدوا في القضاِء والَقد َرِ ‪.‬‬
‫ب ‪ ،‬وإن أسأت فاستغفْر ‪ ،‬وإن‬ ‫ت فت ُ ْ‬ ‫ن ‪ :‬إن أذنب َ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ح‪،‬‬‫ب مفتو ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬والبا ُ‬ ‫ة واسع ٌ‬ ‫ح ‪ ،‬فالرحم ُ‬ ‫أخطأت فأصل ِ ْ‬
‫ة‪.‬‬‫ة مقبول ٌ‬ ‫م ‪ ،‬والتوب ُ‬ ‫والغفران ج ّ‬
‫ب‬ ‫ن ‪ :‬لنك ُتقلقُ أعصاَبك ‪ ،‬وتهّز كيانك وُتتع ُ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫سهِْر ليَلك ‪.‬‬ ‫ض مضجَعك ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫قلَبك ‪ ،‬وُتق ّ‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫ذ َْرعا ً وعند َ اللهِ منها‬ ‫ق‬
‫ب نازلةٍ يضي ُ‬ ‫وَل َُر ّ‬
‫المخَرج‬ ‫ضاقالفتى‬ ‫بها‬
‫ن يظّنها ل‬ ‫ت ُوكا َ‬ ‫ج ْ‬ ‫فُرِ َ‬ ‫ما‬
‫ت فل ّ‬ ‫ْ‬
‫ج‬‫ُتفر ُ‬
‫************************************‬ ‫ت حلقاُتها‬ ‫استحكم ْ‬
‫ضب ْ ُ‬
‫ط العواطف‬
‫ف المشاعُر عند سببين ‪ :‬عند‬ ‫ف وتعص ُ‬ ‫ج العواط ُ‬ ‫ج ُ‬‫تتأ ّ‬
‫ث‪:‬‬‫داهمةِ ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫الفرحةِ الغامرةِ ‪ ،‬والمصيبةِ ال ّ‬
‫ت‬‫ت عن صوتْين أحمقْين فاجرْين ‪ :‬صو ٍ‬ ‫هي ْ ُ‬
‫)) إني ن ُ ِ‬
‫عَلى‬ ‫ْ‬
‫وا َ‬ ‫ة (( ﴿ ل ِك َي َْل ت َأ َ‬
‫س ْ‬ ‫ت عندَ مصيب ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬وصو ٍ‬ ‫عند نعم ٍ‬
‫م﴾ ‪ .‬ولذلك قال ‪: ‬‬ ‫ما آَتاك ُ ْ‬‫حوا ب ِ َ‬
‫فَر ُ‬‫وَل ت َ ْ‬‫م َ‬ ‫فات َك ُ ْ‬
‫ما َ‬
‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪59‬‬
‫مل َ َ‬
‫ك‬ ‫ن َ‬ ‫م ِ‬ ‫مة الولى (( ‪ .‬ف َ‬ ‫ر عند الصد ِ‬ ‫)) إنما الصب ِ‬
‫ق‬
‫دث الجاثم وعند الفَرح الغامرِ ‪ ،‬استح ّ‬ ‫مشاعره عند َ الح َ‬
‫ل سعادة الراحةِ ‪ ،‬ولذ َةَ‬ ‫ة الرسوِخ ‪ ،‬ونا َ‬ ‫ت ومنزل َ‬ ‫ة الثبا ِ‬ ‫مرتب َ‬
‫عله وصف النسان‬ ‫ل في ُ‬ ‫هج ّ‬ ‫س ‪ ،‬والل ُ‬ ‫النتصارِ على النف ِ‬
‫ه الخيُر‬ ‫س ُ‬ ‫سه الشّر جزوعا ً وإذا م ّ‬ ‫ح فخوٌر ‪ ،‬وإذا م ّ‬ ‫ه فرِ ٌ‬ ‫بأن ُ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ح والجزِع ‪،‬‬ ‫منوعا ‪ ،‬إل ّ المصلين ‪ .‬فَُهم على وسطيةٍ في الفر ِ‬
‫ن في الرخاِء ‪ ،‬ويصبرون في البلِء ‪.‬‬ ‫يشكرو َ‬
‫ه‬
‫ب ‪ ،‬وتضني ِ‬ ‫ب صاحبها أّيما ت َعَ ٍ‬ ‫ة ت ُت ْعِ ُ‬ ‫ن العواطف الهائج َ‬ ‫إ ّ‬
‫عد ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فإذا غضب احتد ّ وأزبد ‪ ،‬وأرعد وتو ّ‬ ‫ه وتؤّرقُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وتؤل ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فيتجاوُز العَد ْ َ‬ ‫شت ُ ُ‬ ‫حشا َ‬ ‫ت ُ‬ ‫سهِ ‪ ،‬والتهب ْ‬ ‫ن نف ِ‬ ‫ت مكام ُ‬ ‫وثار ْ‬
‫سه في غمرةِ السروِر‬ ‫ي نف َ‬ ‫ش ‪ ،‬ونس َ‬ ‫ب وطا َ‬ ‫ح طرِ َ‬ ‫وإن فر َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫سي محاسن َ ُ‬ ‫مه ‪ ،‬ون ِ‬ ‫جَر أحدا ً ذ ّ‬ ‫دى قدره ‪ ،‬وإذا هَ َ‬ ‫وتع ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ب آخر خلع عليه أوسمة التبجي ِ‬ ‫ه ‪ ،‬وإذا أح ّ‬ ‫وطمس فضائ ِل َ ُ‬
‫ب حبيبك‬ ‫ل ‪ .‬وفي الثر ‪ )) :‬أحب ْ‬ ‫وأوصله إلى ذورةِ الكما ِ‬
‫ونا ً ما ‪ ،‬فعسى أن يكون بغيضك يوما ً ما وأبغ ْ‬
‫ض‬ ‫ه ْ‬
‫بغيضك هونا ً ما ‪ ،‬فعسى أن يكون حبيبك يوما ً ما ((‬
‫‪ .‬وفي الحديث ‪ )) :‬وأسألك العدل في الغضب والرضا‬
‫(( ‪.‬‬
‫ن الشياء وجعل‬ ‫كم عقَله ‪ ،‬ووز َ‬ ‫ح ّ‬ ‫من ملك عاطفته و َ‬ ‫ف َ‬
‫ف الرشد َ ‪ ،‬ووقع على‬ ‫ل شيء قدرا ً ‪ ،‬أبصر الحقّ ‪ ،‬وعََر َ‬ ‫لك ّ‬
‫قد أ َرسل َْنا رسل ََنا بال ْبيَنات َ‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬‫وأنَزل َْنا َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ َ ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫الحقيقةِ ‪ ﴿ ،‬ل َ َ ْ ْ َ‬
‫ط ﴾‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫س ِبال ْ ِ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ن ل ِي َ ُ‬ ‫ميَزا َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ك ‪ ،‬مثلما‬ ‫ق والسلو ِ‬ ‫م والخل ِ‬ ‫ن السلم جاَء بميزان القي َ‬ ‫إ ّ‬
‫ي ‪ ،‬والمل ّةِ المقدسةِ ‪﴿ ،‬‬ ‫سويّ ‪ ،‬والشرِع الرض ّ‬ ‫من ْهَِج ال ّ‬ ‫جاء بال ِ‬
‫ُ‬
‫ق في‬ ‫ل ‪ ،‬الصد ِ‬ ‫سطا ً﴾ ‪ ،‬فالعد ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬‫مأ ّ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ك َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ق‪﴿،‬‬ ‫ل والخل ِ‬ ‫ل في الحكام ِ والقوال والفعا ِ‬ ‫الحبارِ ‪ ،‬والعد ِ‬
‫عدْل ً﴾ ‪.‬‬ ‫و َ‬ ‫دقا ً َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ت َرب ّ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وت َ ّ‬ ‫َ‬
‫*********************************‬
‫د‪‬‬
‫ة بمحم ِ‬
‫سعادةُ الصحاب ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪60‬‬
‫ُ‬
‫س بالدعوةِ الربانيةِ ‪ ،‬ولم‬ ‫لقد ْ جاَء رسولنا ‪ ‬إلى النا ِ‬
‫ت له جّنة‬ ‫م ُيلقَ إليه ك َن ٌْز ‪ ،‬وما كان ْ‬ ‫ن دنيا ‪ ،‬فل ْ‬ ‫ةم َ‬ ‫ن له دعاي ٌ‬ ‫يك ْ‬
‫ل المحّبون يبايعون على‬ ‫ن قصرا ً ‪ ،‬فأقب َ‬ ‫ل منها ‪ ،‬ولم يسك ْ‬ ‫يأك ُ‬
‫ش ‪ ،‬وذروةٍ من المشّقةِ ‪ ،‬يوم كانوا قليل ً‬ ‫ف من العي ِ‬ ‫شظ ٍ‬
‫س من‬ ‫م النا ُ‬ ‫ن يتخطفه ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ض يخافو َ‬ ‫مستضعفين في الر ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ِ‬ ‫عه ك ّ‬ ‫ه أتبا ُ‬ ‫م ‪ ،‬ومع ذلك أحب ّ ُ‬ ‫حوِله ْ‬
‫ق ‪ ،‬وابُتلوا‬ ‫م في الرز ِ‬ ‫ضّيق عليه ْ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫حوصروا في ال ّ‬ ‫ُ‬
‫س ‪ ،‬ومع‬ ‫ُ‬
‫حوربوا من القرابةِ ‪ ،‬وأو ُ‬
‫ذوا من النا ِ‬ ‫في السمعةِ ‪ ،‬و ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫هذا أحّبوه ك ّ‬
‫ن في العراِء‬ ‫س آخرو َ‬ ‫حب َ‬ ‫مضاِء ‪ ،‬و ُ‬ ‫ضهم على الر ْ‬ ‫ب بع ُ‬ ‫ح َ‬ ‫س ِ‬‫ُ‬
‫ل بهِ ‪،‬‬ ‫ن الكفاُر في تعذيبهِ ‪ ،‬وتأّنقوا في النكا ِ‬ ‫ن تفن ّ َ‬ ‫مم ْ‬ ‫‪ ،‬ومنه ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫ومعَ هذا أحّبوه ك ّ‬
‫طردوا من‬ ‫سلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫م ‪ ،‬ومع أحبوهُ‬ ‫م ومغاني أهلهِ ْ‬ ‫ب شبابه ْ‬ ‫م ‪ ،‬وملع ِ‬ ‫مراتِع صباه ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫ك ّ‬
‫زلوا زلزال ً شديدا ً ‪،‬‬ ‫ب دعوِته ‪ ،‬وُزل ْ ِ‬ ‫اُبتلي المؤمنون بسب ِ‬
‫ع‬
‫ب الحناجَر وظّنوا باللهِ الظنونا ‪ ،‬وم َ‬ ‫م القلو ُ‬ ‫ت منه ْ‬ ‫وبلغ ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫أحبوه ك ّ‬
‫ت على‬ ‫صل َت َةِ ‪ ،‬فكان ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ال ُ‬ ‫م للسيو ِ‬ ‫ض صفوةُ شبابه ْ‬ ‫عُّر َ‬
‫ن الشجرةِ الوارفةِ ‪.‬‬ ‫سِهم كأغصا ِ‬ ‫رؤو ِ‬
‫ت حولنا‬ ‫خضراء ت ُن ْب ِ ُ‬ ‫ف‬‫ل السي ِ‬ ‫نظ ّ‬ ‫وكأ ّ‬
‫م في‬ ‫ت كأنه ْ‬ ‫الزهارا المو َ‬ ‫ن‬‫لهمةِللمعركةِ فكانوا يأتو َ‬ ‫حديق‬ ‫لرجا ُ‬ ‫مِ ّ‬ ‫ظ‬
‫وقُد ّ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫م أحبوه ك ّ‬ ‫نزهةٍ ‪ ،‬او في ليلة عيدٍ ؛ لنه ْ‬
‫ن يعود َ بعدها إلى‬ ‫م أنه ل ْ‬ ‫م برسالةٍ وي َْعل ُ‬ ‫ده ْ‬ ‫ل أح ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ي ُْر َ‬
‫م‬‫مةٍ ويعل ُ‬ ‫م في مه ّ‬ ‫ث الواحد ُ منه ْ‬ ‫الدنيا ‪ ،‬فيؤّدي رسالَته ‪ ،‬وُيبعَ ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الح ّ‬ ‫م أحبوه ك ّ‬ ‫ب راضيا ً ؛ لنه ْ‬ ‫ة فيذه ُ‬ ‫أنها النهاي ُ‬
‫دوا برسالِته ‪ ،‬واطمأّنوا المنهجهِ ‪،‬‬ ‫ن لماذا أحّبوه وسعِ ُ‬ ‫ولك ْ‬
‫جهدٍ‬ ‫ل مشقةٍ و ُ‬ ‫ل ألم ٍ وك ّ‬ ‫واستبشُروا بقدومهِ ‪ ،‬ونسوا ك ّ‬
‫عهِ ؟!‬ ‫ل اتبا ِ‬ ‫ومعاناةٍ من أج ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪61‬‬
‫ت‬
‫ل علما ِ‬ ‫ح ‪ ،‬وك ّ‬ ‫ل معاني الخيرِ والفر ِ‬ ‫م رأوا فيهِ ك ّ‬ ‫إنه ْ‬
‫ة للسائلين في معالي المورِ ‪ ،‬لقد ْ‬ ‫ن آي ً‬ ‫البّر والحقّ ‪ ،‬لقد ْ كا َ‬
‫م‬‫م بحديثهِ ‪ ،‬وأفْعَ َ‬ ‫ج صدوَره ْ‬ ‫م بحنان ِهِ ‪ ،‬وأثل َ‬ ‫ل قلوب ِهِ ْ‬ ‫َأبرد َ غلي َ‬
‫م برسالِته ‪.‬‬ ‫حهُ ْ‬ ‫أروا َ‬
‫م الرضا ‪ ،‬فما حسبوا لللم في‬ ‫ب في قلوبه ُ‬ ‫لقد ْ سك َ‬
‫ن ما‬ ‫ن اليقي ِ‬ ‫مم َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ض على نفو ِ‬ ‫ل دعوتهِ حسابا ً ‪ ،‬وأفا َ‬ ‫سبي ِ‬
‫ص‪.‬‬ ‫جْرٍح وك َد َرٍ وتنغي ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫مك ّ‬ ‫أنساه ْ‬
‫ل ضمائَرهم بهداهُ ‪ ،‬وأناَر بصائَرهم بسناه ُ ‪ ،‬ألقى‬ ‫صَق َ‬ ‫َ‬
‫م آصاَر الجاهليةِ ‪ ،‬وحط عن ظهوِرهم أوزاَر‬ ‫ّ‬ ‫هله ْ‬ ‫عن كوا ِ‬
‫ل ‪ ،‬وأطفأ‬ ‫ك والضل ِ‬ ‫ت الشر ِ‬ ‫م تبعا ِ‬ ‫الوثنيةِ ‪ ،‬وخلعَ من رقاِبه ْ‬
‫ب على المشاعرِ ماءَ‬ ‫م ناَر الحقدِ والعداوةِ ‪ ،‬وص ّ‬ ‫حه ْ‬ ‫من أروا ِ‬
‫ت‬‫م ‪ ،‬واطمأن ْ‬ ‫ت أبدان ُهُ ْ‬ ‫م ‪ ،‬وسكن َ ْ‬ ‫سه ْ‬ ‫ت نفو ُ‬ ‫اليقين ‪ ،‬فهدأ ْ‬
‫ت أعصاُبهم ‪.‬‬ ‫قلوُبهم ‪ ،‬وبرد ْ‬
‫س في قربهِ ‪ ،‬والرضا في‬ ‫ه ‪ ،‬والن َ‬ ‫ش مع ُ‬ ‫وجدوا لذ ّةُ العي ِ‬
‫ل أمرِهِ ‪،‬‬ ‫ن في اتباعهِ ‪ ،‬والنجاة في امتثا ِ‬ ‫رحاب ِهِ ‪ ،‬والم َ‬
‫والِغنى في القتداء به ‪.‬‬
‫َ‬
‫وإ ِن ّ َ‬
‫ك‬ ‫ن﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ة ل ّل ْ َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ك إ ِّل َر ْ‬ ‫سل َْنا َ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن‬‫م ُِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫قيم ٍ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫دي إ َِلى ِ‬ ‫ه ِ‬‫ل َت َ ْ‬
‫ن‬‫مّيي َ‬ ‫في اْل ّ‬ ‫ث ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي ب َ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ر﴾‪ُ ﴿،‬‬ ‫ت إ َِلى الّنو ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظّل ُ َ‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫كي ِ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫م ي َت ُْلو َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫سول ً ّ‬ ‫َر ُ‬
‫ضَل ٍ‬
‫ل‬ ‫في َ‬ ‫ل لَ ِ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫وِإن َ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ت‬
‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫غل َ َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿ ،‬‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ّ‬
‫ما‬ ‫كم ل ِ َ‬ ‫عا ُ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ل إِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫وِللّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫جيُبوا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م﴾‪﴿،‬ا ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ر‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫حِييك ُ ْ‬
‫َ‬
‫يُ ْ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫من ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫قذ َ ُ‬ ‫فأن َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حقّ له ْ‬ ‫م‪،‬و ُ‬ ‫م وقدوِته ْ‬ ‫مه ْ‬ ‫لقد ْ كانوا سعداء حّقا ً مع إما ِ‬
‫جوا ‪.‬‬ ‫دوا ويبته ُ‬ ‫ن يسع ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ل‬‫ل من أغل ِ‬ ‫م على محّررِ العقو ِ‬ ‫ل وسل ّ ْ‬ ‫مص ّ‬ ‫الله ّ‬
‫ض عن‬ ‫ت الغواي ِةِ ‪ ،‬وار َ‬ ‫س من ويل ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ومنقذ ِ النفو ِ‬ ‫النحرا ِ‬
‫موا ‪.‬‬ ‫ب والمجادِ ‪ ،‬جزاَء ما بذُلوا وقد ّ ُ‬ ‫الصحا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪62‬‬
‫**************************************‬
‫ن حيات ِ َ‬
‫ك‬ ‫م ْ‬ ‫مل َ َ‬
‫ل ِ‬ ‫اطرِد ال َ‬
‫ه‬‫ش عمَره ُ على وتيرةٍ واحدة جديٌر أن يصَيب ُ‬ ‫ن يعِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫إن َ‬
‫ة‬
‫ل الحال َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن بطبعهِ ي َ َ‬ ‫ن النسا َ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ل ؛ لن النفس ملول ٌ‬ ‫المل ُ‬
‫ه وتعالى بين الزمنةِ والمكنةِ ‪،‬‬ ‫ك غاي ََر سبحان َ ُ‬ ‫الواحدةَ ؛ ولذل َ‬
‫ل ونهاٌر ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬لي ٌ‬ ‫ت ‪ ،‬والمخلوقا ِ‬ ‫ت والمشروبا ِ‬ ‫والمطعوما ِ‬
‫حُرور ‪،‬‬ ‫لو َ‬ ‫ض وأسود ُ ‪ ،‬وحاّر وبارد ٌ ‪ ،‬وظ ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وأبي ُ‬ ‫جب َ ٌ‬ ‫لو َ‬ ‫وسه ٌ‬
‫ف في‬ ‫ه هذا التّنوعَ والختل َ‬ ‫ض ‪ ،‬وقد ْ ذكر الل ُ‬ ‫حل ْوٌ وحام ٌ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫ه﴾ ﴿‬ ‫وان ُ ُ‬ ‫ف أل ْ َ‬ ‫خت َل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫طون ِ َ‬ ‫من ب ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫كتاب ِهِ ‪﴿ :‬ي َ ْ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫ه﴾ ﴿ َ‬ ‫شاب ِ ٍ‬ ‫مت َ َ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫و َ‬ ‫شاِبها ً َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن﴾ ﴿ ُ‬ ‫وا ٍ‬ ‫صن ْ َ‬‫غي ُْر ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صن ْ َ‬‫ِ‬
‫وت ِل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ها﴾ ﴿ َ‬ ‫وان ُ َ‬ ‫ف أل ْ َ‬ ‫خت َل ِ ٌ‬‫م ْ‬ ‫مٌر ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ض َ‬ ‫جدَدٌ ِبي ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫س﴾ ‪.‬‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ها ب َي ْ َ‬ ‫ول ُ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫م نُ َ‬ ‫الّيا ُ‬
‫كله ‪﴿ :‬‬ ‫م أداموا أ ْ‬ ‫ل بنو إسرائيل أجود الطعام ِ ؛ لنه ْ‬ ‫وقد م ّ‬
‫ن يقرأ ُ مرةً‬ ‫د﴾ ‪ .‬وكان المأمو ُ‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫عام ٍ َ‬ ‫ى طَ َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫صب َِر َ‬ ‫َلن ن ّ ْ‬
‫جالسا ً ‪ ،‬ومرةً قائما ً ‪ ،‬ومرةً وهو يمشي ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬النف ُ‬
‫س‬
‫عل َ َ‬
‫ى‬ ‫و َ‬ ‫عودا ً َ‬ ‫ق ُ‬ ‫و ُ‬ ‫قَياما ً َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن ي َذْك ُُرو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ‪﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫ملول ٌ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫جُنوب ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫ة‬‫ل قلبي ّ ٌ‬ ‫جد ْ التنوّع َ والجد ّةَ ‪ ،‬فأعما ٌ‬ ‫ت ‪ ،‬يَ ِ‬ ‫ل العبادا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ومن يتأ ّ‬
‫ج وجهاد ٌ ‪،‬‬ ‫م وح ّ‬ ‫ة ‪ ،‬صلةٌ وزكاةٌ وصو ٌ‬ ‫ة ومالي ٌ‬ ‫ة وعملي ٌ‬ ‫وقولي ٌ‬
‫ن أراد الرتياح‬ ‫س ‪ ،‬فم ْ‬ ‫م وركوعٌ وسجود ٌ وجلو ٌ‬ ‫والصلةُ قيا ٌ‬
‫ة العطاِء فعليهِ بالتنويِع في عمل ِهِ ‪،‬‬ ‫والنشاط ومواصل َ‬
‫ن ‪ ،‬ما‬ ‫عهِ وحيات ِهِ اليومي ّةِ ‪ ،‬فعند َ القراءةِ مثل ً ينوّعُ الفنو َ‬ ‫واطل ِ‬
‫ة‬
‫ب وثقاف ٍ‬ ‫خ وأد ٍ‬ ‫ث وفقهٍ وتاري ٍ‬ ‫ن وتفسيرٍ وسيرةٍ وحدي ٍ‬ ‫بين قرآ ٍ‬
‫ة‬
‫ل مباٍح ‪ ،‬وزياد ٍ‬ ‫مةٍ ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬يوّزع وقته ما بين عبادةٍ وتناو ِ‬ ‫عا ّ‬
‫ه‬
‫س ُ‬ ‫ف يجد ُ نف َ‬ ‫ف ‪ ،‬ورياضةٍ ونزهةٍ ‪ ،‬فسو َ‬ ‫ل ضيو ٍ‬ ‫واستقبا ِ‬
‫ح الجديد َ ‪.‬‬ ‫ب التنويعَ وتستمل ُ‬ ‫ة ؛ لنها تح ّ‬ ‫ة مشرق ً‬ ‫متوّثب ً‬
‫*************************************‬
‫قل َ َ‬
‫ق‬ ‫ع ال َ‬
‫د ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪63‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن ربك يقو ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل‬ ‫م َ‬ ‫م لك ّ‬ ‫صدَْر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫﴿ أَ‬
‫ل من ح َ‬ ‫ك ﴾ ‪ :‬وهذا عا ّ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫دى ‪.‬‬ ‫ك الهُ َ‬ ‫َ‬
‫الحقّ وأبصَر النوَر ‪ ،‬وسل َ‬
‫ر‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫﴿أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾ ‪ :‬إذا ً‬ ‫ّ‬
‫ر الل ِ‬ ‫ْ‬
‫من ِذك ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫سي َ ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ل ل ّل ْ َ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ّ‬
‫سيها ‪.‬‬ ‫ل يق ّ‬ ‫ح الصدور ‪ ،‬وباط ٌ‬ ‫فهناك حقّ يشر ُ‬
‫سل َم ِ﴾ ‪:‬‬ ‫فمن يرد الل ّ َ‬
‫صدَْرهُ ل ِل ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫دي َ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه أن ي َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫﴿ َ َ‬
‫دد ‪.‬‬ ‫ل إليها إل المس ّ‬ ‫ة ل يص ُ‬ ‫ن غاي ٌ‬ ‫فهذا الدي ُ‬
‫ن‬‫ن يتيّق َ‬ ‫لم ْ‬ ‫عَنا ﴾ ‪ :‬يقوُلها ك ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫﴿ ل َ تَ ْ‬
‫رعاية اللهِ ‪ ،‬ووليته ولطفه ونصَره‪.‬‬
‫عوا ْ ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫﴿ال ّ ِ‬
‫م‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فَزادَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ل ﴾ ‪ :‬كفايُته تكفيك ‪ ،‬ووليُته تحميك ‪.‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫ع َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫﴿يا أ َ‬
‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ ّ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ن سلك هذهِ الجاّدة حصل على هذا‬ ‫لم ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ :‬وك ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الفوزِ ‪.‬‬
‫ت﴾ ‪ :‬وما سواهُ‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ل وليس بعزيزٍ ‪.‬‬ ‫ق ‪ ،‬ذلي ٌ‬ ‫ل غ َي ُْر با ٍ‬ ‫ي ‪ ،‬زائ ٌ‬ ‫ت غَي ُْر ح ّ‬ ‫فمي ّ ٌ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ‬ ‫صب ُْر َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫حَز ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ع‬‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن}‪ {127‬إ ِ ّ‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ق ّ‬ ‫ضي ْ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ن﴾ ‪ :‬فهذهِ معيت ُ‬ ‫سُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ِ‬ ‫ّ‬ ‫قوا ّ‬ ‫ْ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ِ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫ظ والرعايةِ والتأييدِ والوليةِ ‪ ،‬بحس ِ‬ ‫ة لوليائ ِهِ بالحف ِ‬ ‫الخاص ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫م وجهاِده ْ‬ ‫تقواه ْ‬
‫م ال َ ْ‬ ‫﴿ول َ ت َهُنوا ول َ ت َحزُنوا َ‬
‫كنُتم‬ ‫ن ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫عل َ ْ‬ ‫وأنت ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪ :‬علوّا في العبوديةِ والمكانةِ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫وّلوك ُ ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫قات ُِلوك ُ ْ‬ ‫وِإن ي ُ َ‬ ‫ذى َ‬ ‫م إ ِل ّ أ ً‬ ‫ضّروك ُ ْ‬ ‫﴿ َلن ي َ ُ‬
‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ل َ ُين َ‬ ‫الدَُباَر ث ُ ّ‬
‫َ‬ ‫ه َل َ ْ‬
‫زيٌز‬ ‫ع ِ‬ ‫ي َ‬ ‫و ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سِلي إ ِ ّ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ن أَنا َ‬ ‫غل ِب َ ّ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫﴿ك َت َ َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪64‬‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫سل ََنا َ‬ ‫صُر ُر ُ‬ ‫﴿ إ ِّنا ل ََنن ُ‬
‫هادُ ﴾ ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫م اْل َ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫َ‬
‫خَر ‪.‬‬ ‫ن يتأ ّ‬ ‫ف ‪ ،‬ووعد ٌ ل ْ‬ ‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫ني ْ‬ ‫وهذا عهد ٌ ل ْ‬
‫صيٌر ِبال ْ ِ‬ ‫فوض أ َ‬ ‫﴿ وأ ُ‬
‫عَباِد}‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ري إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مك َُروا﴾ ‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قاهُ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫‪َ {44‬‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫وك ّ ِ‬ ‫فل ْي َت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ش إل يوما ً واحدا ً فَ َ‬ ‫ك ل تعي ُ‬ ‫ن وقد ّْر أن َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب وتثوُر ؟!‬ ‫ن في هذا اليوم ِ ‪ ،‬وتغض ُ‬ ‫فلماذا تحز ُ‬
‫ت فل تنتظر المساءَ ‪ ،‬وإذا‬ ‫في الثرِ ‪ )) :‬إذا أصبح َ‬
‫ح (( ‪.‬‬ ‫ر الصبا َ‬ ‫ت فل تنتظ ِ‬ ‫أمسي َ‬
‫ب ‪ ،‬فل‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫مك فَ َ‬ ‫ش في حدودِ يو ِ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أن تعي َ‬
‫ل ‪ .‬قال الشاعُر ‪:‬‬ ‫تذكرِ الماضي ‪ ،‬ول تقلقْ من المستقب ِ‬
‫ة التي‬ ‫ولك الساع ُ‬ ‫ت‬ ‫ما مضى فا َ‬
‫الماضي ‪ ،‬واجترار‬ ‫أنت فيها‬ ‫بالماضي ‪ ،‬وتذك َّر‬ ‫ب‬ ‫ل غ َي ْ ٌ‬ ‫ملَ‬ ‫ن والمؤ ّ‬
‫الشتغا‬ ‫إ ّ‬
‫ت ‪ ،‬إنما‬ ‫ث التي انته ْ‬ ‫ت ‪ ،‬والكوار َ‬ ‫ت ومض ْ‬ ‫ب التي حدث ْ‬ ‫المصائ ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ق والجنو ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ب من ال ُ‬ ‫ضْر ٌ‬ ‫هو َ‬
‫سرا ً حتى تأتَيه ‪.‬‬ ‫ج ْ‬ ‫ي ‪ :‬ل تعبْر ِ‬ ‫ل الصين ّ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫يقول ال َ‬
‫مها‬
‫مها وغمو َ‬ ‫ث وهمو َ‬ ‫ل الحواد َ‬ ‫ومعنى ذلك ‪ :‬ل تستعج ِ‬
‫كها ‪.‬‬ ‫شها وتدر َ‬ ‫حتى تعي َ‬
‫ة أيام ٍ ‪:‬‬ ‫ت ثلث ُ‬ ‫يقو ُ َ‬
‫م ‪ ،‬إنما أن َ‬ ‫ف ‪ :‬يا ابن آد َ‬ ‫حد ُ السل ِ‬ ‫لأ َ‬
‫ه فيه ‪.‬‬ ‫مك فاتقّ الل َ‬ ‫ت ‪ ،‬ويو ُ‬ ‫م يأ ِ‬ ‫ك ول ْ‬ ‫ك وقد ْ وّلى ‪ ،‬وغد ُ َ‬ ‫س َ‬ ‫أم ُ‬
‫ل‬
‫م الماضي واليوم ِ والمستقب ِ‬ ‫ل همو َ‬ ‫ن يحم ُ‬ ‫شم ْ‬ ‫كيف يعي ُ‬
‫ن يتذكُر ما صار وما جرى ؟! فيعيده ُ على‬ ‫حم ْ‬ ‫؟! كيف يرتا ُ‬
‫مه ل ينفُعه ! ‪.‬‬ ‫ه ‪ ،‬وأل ُ‬ ‫مل ُ‬ ‫ذاكرت ِهِ ‪ ،‬ويتأل ُ‬
‫ت فل تنتظر المساءَ ‪ ،‬وإذا‬ ‫ومعنى ‪ )) :‬إذا أصبح َ‬
‫ن قصيَر‬ ‫ح ((‪ :‬أيْ ‪ :‬أن تكو ُ‬ ‫ر الصبا َ‬ ‫ت فل تنتظ ِ‬ ‫أمسي َ‬
‫ح بهمومك‬ ‫ل ‪ ،‬فل تطم ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن العَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ل ‪ ،‬تنتظُر ال َ‬ ‫الم ِ‬
‫ك عليه ‪،‬‬ ‫ش فيه ‪ ،‬فترك َّز جهود َ‬ ‫لغيرِ هذا اليوم ِ الذي تعي ُ‬
‫ما ً‬
‫ك مهت ّ‬ ‫خلَق َ‬ ‫سنا ً ُ‬ ‫مك فيهِ ‪ ،‬مح ّ‬ ‫ب اهتما َ‬ ‫ك ‪ ،‬وتص ّ‬ ‫ب أعمال َ َ‬ ‫وُترت ّ َ‬
‫ك مع الخرين ‪.‬‬ ‫بصحِتك ‪ ،‬مصلحا ً أخلقَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪65‬‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫وقفــ ٌ‬
‫ه ‪ ،‬والمقدوُر واقعٌ ‪،‬‬ ‫ن القضاَء مفروغٌ من ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل أمرٍ مستقّر ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬وك ّ‬ ‫طوي ْ‬‫ف ُ‬ ‫ت ‪ ،‬والصح ُ‬ ‫جّف ْ‬ ‫م َ‬‫والقل ُ‬
‫ص‬
‫خُر ‪ ،‬ول يزيد ُ ول ُينِق ُ‬ ‫م في الواقِع شيئا ً ول يؤ ّ‬ ‫فحزُنك ل يقد ّ ُ‬
‫‪.‬‬
‫س‬
‫ن ‪ ،‬وحب َ‬ ‫ف الزم ِ‬ ‫ن ‪ :‬لنك بحزِنك تريد ُ إيقا َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ي إلى الخل ِ‬ ‫ب الساعةِ ‪ ،‬والمش َ‬ ‫س ‪ ،‬وإعادةَ عقار ِ‬ ‫الشم ِ‬
‫ورد ّ النهرِ إلى منبعِهِ ‪.‬‬
‫وجاِء ُتفسد ُ الهواَء ‪،‬‬ ‫ن كالريِح اله ْ‬ ‫ن الحَز َ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫وُتبعثُر الماَء ‪ ،‬وتغي ُّر السماَء ‪ ،‬وتكسُر الورود َ اليانعة في‬
‫الحديقةِ الغّناِء ‪.‬‬
‫ق ينحدُر من‬ ‫ن المحزون كالنهرِ الحم ِ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة‬
‫ت غزلها من بعد ِ قو ٍ‬ ‫ب في البحرِ ‪ ،‬وكالتي نقض ْ‬ ‫البحرِ ويص ّ‬
‫ب بإصبعهِ على‬ ‫أنكاثا ً ‪ ،‬وكالنافِِخ في قربةٍ مثقوبةٍ ‪ ،‬والكات ِ‬
‫الماِء ‪.‬‬
‫ة باِلك ‪،‬‬ ‫ي سعادُتك وراح ُ‬ ‫ك الحقيق ّ‬ ‫ن عمر َ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫م ‪ ،‬وتوّزع‬ ‫ن ‪ ،‬وتبذ ّْر ليالَيك في اله ّ‬ ‫ك في الحْز ِ‬ ‫فل ُتنفقْ أيام َ‬
‫ن‬‫ف في إضاعةِ حياِتك ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ساعاِتك على الغموم ِ ول تسر ْ‬
‫ب المسرفين ‪.‬‬ ‫الله ل يح ّ‬
‫******************************‬
‫لفرح بتوبة الله عليك‬
‫ب سعادتك‬ ‫مك ‪ ،‬ويجل ُ‬ ‫مك وغ ّ‬ ‫له ّ‬ ‫ك ‪ ،‬ويزي ُ‬ ‫ح صدر َ‬ ‫أل يشر ُ‬
‫َ‬
‫فوا‬ ‫سَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬‫ي ال ّ ِ‬‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ل في عله ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ل رّبك ج ّ‬ ‫قو ُ‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ة الل ّ ِ‬‫م ِ‬‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫م َل ت َ ْ‬‫ه ْ‬‫س ِ‬ ‫عَلى أن ُ‬
‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫م﴾ ؟‬ ‫حي ُ‬‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬‫و ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ميعا ً إ ِن ّ ُ‬ ‫ج ِ‬
‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫م‪،‬‬‫حهِ ْ‬‫م ‪ ،‬وتأنيسا ً لروا ِ‬ ‫م بـ »يا عبادي« تأليفا ً لقلوب ِهِ ْ‬ ‫فخاط َب َهُ ْ‬
‫ب والخطايا‬ ‫م المكثرون من الذنو ِ‬ ‫ص الذين أسرُفوا ‪ ،‬لنه ُ‬ ‫وخ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪66‬‬
‫س من المغفرةِ‬ ‫ط واليأ ِ‬ ‫ن القنو ِ‬ ‫هم ع ِ‬ ‫رهم ؟! ونها ْ‬ ‫فكيف بغي ِ‬
‫ن تاب ‪ ،‬كبيرها وصغيَرها ‪،‬‬ ‫وأخبر أنه يغفُر الذنوب كّلها لم ْ‬
‫ف نفسه بالضمائرِ المؤكدةِ ‪ ،‬و »الـ‬ ‫دقيقها وجليَلها ‪ .‬ثم وص َ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ف التي تقتضي كمال الصفةِ ‪ ،‬فقال ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫« التعري ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ذا‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ل في عله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ح بقول ِهِ ج ّ‬ ‫أل تسعد ُ وتفر ُ‬
‫ه‬‫م ذَك َُروا ْ الل ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫موا ْ أ َن ْ ُ‬ ‫و ظَل َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬
‫ش ً َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ب إ ِل ّ الل ّ ُ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾ ؟!‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫صّروا ْ َ‬ ‫يُ ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫سوءا ً أ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ل في عله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫وقول ِهِ ج ّ‬
‫حيما ً ﴾ ؟!‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫ر الل ّ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬
‫فْر‬ ‫ه ن ُك َ ّ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ت ُن ْ َ‬ ‫جت َن ُِبوا ْ ك ََبآئ َِر َ‬ ‫وقول ِهِ ‪ِ ﴿ :‬إن ت َ ْ‬
‫ريما ً ﴾ ؟!‬ ‫ِ‬ ‫خل ً ك َ‬ ‫مدْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫ون ُدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫موا ْ أن ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م ِإذ ظّل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫وقول ِهِ عّز من قائ ٍ‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫فُروا ْ الل ّ َ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫جآ ُ‬ ‫َ‬
‫حيما ً ﴾ ؟!‬ ‫وابا ً ّر ِ‬ ‫ه تَ ّ‬ ‫دوا ْ الل ّ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫لَ َ‬
‫م َ‬
‫ل‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫من َتا َ‬ ‫فاٌر ل ّ َ‬ ‫غ ّ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬ ‫وقول ِهِ تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫دى ﴾ ؟!‬ ‫هت َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫صاِلحا ً ث ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ب إ ِّني‬ ‫م نفسا ً قال ‪َ﴿ :‬ر ّ‬ ‫ل موسى عليه السل ُ‬ ‫ولما قَت َ َ‬
‫ه ﴾‪.‬‬‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫فْر ِلي َ‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ظَل َ ْ‬
‫ك‬‫ه ذَل ِ َ‬ ‫فْرَنا ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وقال عن داود َ بعدما تاب وأناب ‪َ ﴿ :‬‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫مآ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫فى َ‬ ‫عندََنا ل َُزل ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ه !! حتى إنه عرض رحمته‬ ‫م ُ‬ ‫ه وأكر َ‬ ‫حم ُ‬ ‫ه ما أر َ‬ ‫سبحان َ ُ‬
‫فَر‬ ‫قدْ ك َ َ‬ ‫ث ‪ ،‬فقال عنهم ‪ ﴿ :‬ل ّ َ‬ ‫ل يلبتثلي ِ‬ ‫ن قا َ‬ ‫ومغفرته لم ْ‬
‫ه إ ِل ّ إ َِلـ ٌ‬
‫ه‬ ‫ن إ َِلـ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ث ث َل َث َ ٍ‬ ‫ه َثال ِ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ل َي َ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫م َينت َ ُ‬ ‫وِإن ل ّ ْ‬ ‫حد ٌ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫فل َ ي َُتوُبو َ‬ ‫م}‪ {73‬أ َ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫كَ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫فُرون َ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ه تبار َ‬
‫ك‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ه ‪ )) :‬يقو ُ‬ ‫ح عن ُ‬ ‫ل ‪ ‬فيما ص ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫وتعالى ‪ :‬يا ابن آدم ‪ ،‬إنك ما دعوتني ورجوتني إل‬
‫ل تحزن‬
‫‪67‬‬
‫ت لك على ما كان منك ول أبالي ‪ ،‬يا ابن آدم ‪،‬‬ ‫غفْر ُ‬
‫م استغفرتني‬ ‫ء‪،‬ث ّ‬ ‫ن السما ِ‬ ‫عَنا َ‬ ‫ت ذنوُبك َ‬ ‫و بلغ ْ‬ ‫ل ْ‬
‫ب‬ ‫ت لك ول أبالي ‪ ،‬يا ابن آدم ‪ ،‬لو أتيتني ب ُ‬ ‫ُ‬
‫قرا ِ‬ ‫غفر ُ‬
‫ك بي شيئا ً ‪ ،‬لتيُتك‬ ‫ض خطايا ثم لقيتني ل تشر ُ‬ ‫الر ِ‬
‫بقراِبها مغفرةً (( ‪.‬‬
‫ه‬
‫ط يد ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن الله يب ُ‬ ‫ه ‪ ‬أنه قال ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي الصحيح عن ُ‬
‫ط يدهُ بالنهار‬ ‫س ُ‬ ‫ر ‪ ،‬ويب ُ‬ ‫ب مسيءُ النها ِ‬ ‫ل ليتو َ‬ ‫باللي ِ‬
‫س من‬ ‫ع الشم ُ‬ ‫ل ‪ ،‬حتى تطل َ‬ ‫ليتوب مسيءُ اللي ِ‬
‫مغرِبها (( ‪.‬‬
‫م ُتذنبون‬ ‫ي ‪ )) :‬يا عبادي ‪ ،‬إنك ْ‬ ‫وفي الحديث القدس ّ‬
‫ب جميعا ً ‪،‬‬ ‫ر ‪ ،‬وأنا أغفُر الذنو َ‬ ‫ل والنها ِ‬ ‫باللي ِ‬
‫فاستغفروني أغفْر لكم (( ‪.‬‬
‫ه ‪ ،‬لو‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬والذي نفسي بيد ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫م ولجاءَ بقوم ٍ آخرين يذنبون‬ ‫ه بك ْ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫م تذنُبوا لذه َ‬ ‫ل ْ‬
‫‪ ،‬فيستغفرون الله ‪ ،‬فيغفُر لهم (( ‪.‬‬
‫م‬‫ه لو ل ْ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬والذي نفسي بيد ِ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ب ‪ ،‬وهو‬ ‫ت عليكم ما هو أشدّ من الذن ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ْ‬‫تذنبوا ل َ ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ع ْ‬
‫ال ُ‬
‫طاءٌ ‪ ،‬وخيُر‬ ‫مخ ّ‬ ‫ث الصحيح ‪ )) :‬كّلك ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫طائين التوابون (( ‪.‬‬ ‫الخ ّ‬
‫ده من‬ ‫ة عب ِ‬ ‫ح بتوب ِ‬ ‫ه أفر ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬لل ُ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قا َ‬ ‫وص ّ‬
‫ه وشرابه ‪،‬‬ ‫م ُ‬
‫ه ‪ ،‬عليها طعا ُ‬ ‫أحدكم كان على راحلت ِ ِ‬
‫س‪،‬‬‫ه في الصحراء ‪ ،‬فبحث عنها حتى أي ِ َ‬ ‫فضّلت من ُ‬
‫سه ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫فنام ثم استيقظ فإذا هي عند رأ ِ‬
‫ة‬
‫شد ِ‬ ‫ك ‪ .‬أخطأ من ّ‬ ‫م أنت عبدي ‪ ،‬وأنا رب ّ َ‬ ‫الله ّ‬
‫ح (( ‪.‬‬ ‫الفر ِ‬
‫ن عبدا ً أذنب ذنبا ً‬ ‫ل ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قا َ‬ ‫وص ّ‬
‫ب‬
‫ه ل يغفُر الذنو َ‬ ‫فقال ‪ :‬اللهم اغفْر لي ذنبي فإن ُ‬
‫م اغفْر لي‬ ‫إل أنت ‪ ،‬ثم أذنب ذنبا ً ‪ ،‬فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫ب إل أنت ‪ ،‬ثم أذنب ذنبا ً ‪،‬‬ ‫ذنبي فإنه ل يغفُر الذنو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪68‬‬
‫ب‬ ‫م اغفْر لي ذنبي فإنه ل يغفُر الذنو َ‬ ‫فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫ن له رب ّا ً‬‫م عبدي أ ّ‬ ‫ه عّز وج ّ‬
‫ل عل ِ َ‬ ‫إل أنت ‪ .‬فقال الل ُ‬
‫ل عبدي ما‬ ‫ب ‪ ،‬فليفع ْ‬ ‫ب‪ ،‬ويعفو عن الذن ِ‬ ‫يأخذُ بالذن ِ‬
‫شاء((‪.‬‬
‫م ‪ ،‬فإني‬‫ب ويستغفُر ويند ُ‬ ‫ه يتو ُ‬
‫والمعنى ‪ :‬ما دام أن ُ‬
‫أغفُر له ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫در‬
‫ء وق َ‬
‫ء بقضا ٍ‬ ‫ك ّ‬
‫ل شي ٍ‬
‫ل السلم ِ ‪ ،‬أتباِع‬ ‫ل شيٍء بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬وهذا معتقد ُ أه ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ه‬
‫ن إل بعلم ِ الل ِ‬ ‫ه ل يقعُ شيٌء في الكو ِ‬ ‫ل الهدى ‪ ‬؛ أن ُ‬ ‫رسو ِ‬
‫ره ‪.‬‬ ‫وبتقدي ِ‬ ‫وبإذِنه‬
‫في‬ ‫وَل ِ‬ ‫في اْل َْر‬ ‫َ‬
‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ة ِ‬‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ها إ ِ ّ‬ ‫ل َأن ن ّب َْرأ َ َ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ب ّ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫م إ ِّل ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫َأن ُ‬
‫سيٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫قدَ ٍ‬ ‫قَناهُ ب ِ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫﴿ إ ِّنا ك ُ ّ‬
‫ص‬
‫ق ٍ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫جو ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خو ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ء ّ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫والن ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬
‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫والث ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ه‬
‫ن أمر َ‬ ‫ن !! إ ّ‬ ‫ر المؤم ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬عجبا ً لم ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ه سّراءُ شكر فكان خيرا ً له ‪،‬‬ ‫ن أصاْبت ُ‬ ‫كّله له خير ‪ ،‬إ ْ‬
‫س ذلك‬ ‫ن أصابْته ضّراءُ صبر فكان خيرا ً له ‪ ،‬ولي َ‬ ‫وإ ْ‬
‫إل للمؤمن (( ‪.‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫ل الل َ‬ ‫ت فاسأ ِ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قال ‪ )) :‬إذا سأل َ‬ ‫وص ّ‬
‫ة لو‬ ‫ن الم َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬واعل ْ‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫وإذا استعنت فاستع ْ‬
‫ك إل‬ ‫ء لم ينفعو َ‬ ‫ن ينفعوك بشي ٍ‬ ‫عوا على أ ْ‬ ‫اجتم ُ‬
‫ه لك ‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ء قد كتب ُ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ه‬
‫ه الل ُ‬ ‫ء قدْ كتب ُ‬ ‫ء لم يضّروك إل بشي ٍ‬ ‫ك بشي ٍ‬ ‫يضّرو َ‬
‫ف (( ‪.‬‬ ‫ت الصح ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ‪ ،‬وج ّ‬ ‫ت القل ُ‬ ‫ك ‪ُ ،‬رفع ِ‬ ‫علي َ‬
‫م أن ما أصابك‬ ‫ث الصحيح أيضا ً ‪ )) :‬واعل ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫م يكن ليصيَبك (( ‪.‬‬ ‫كل ْ‬ ‫لم يكنع ِليخطَئك ‪ ،‬وما أخطأ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪69‬‬
‫م يا أبا هريرة‬ ‫ف القل ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬ج ّ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أنه قا َ‬ ‫وص ّ‬
‫ق (( ‪.‬‬ ‫بما أنت ل ٍ‬
‫عك ‪،‬‬ ‫ص على ما ينف ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬احر ْ‬ ‫ه قا َ‬ ‫ح عنه ‪ ‬أن ُ‬ ‫وص ّ‬
‫ت‬‫ل ‪ :‬لو أني فعل ُ‬ ‫ه ول تعجْز ‪ ،‬ول تق ْ‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫واستع ُ‬
‫ه وما شاءَ‬ ‫در الل ُ‬ ‫ل‪:‬ق ّ‬ ‫نق ْ‬ ‫كذا لكان كذا وكذا ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ه قضاءً‬ ‫ح عنه ‪ )) : ‬ل يقضي الل ُ‬ ‫ث صحي ٍ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫د إل كان خيرا ً له (( ‪.‬‬ ‫للعب ِ‬
‫خي ٌْر‬ ‫ي َ‬ ‫له َ‬ ‫ة عن المعصيةِ ‪ :‬ه ْ‬ ‫ن تيمي َ‬ ‫خ السلم ِ اب ُ‬ ‫سئل شي ُ‬ ‫ُ‬
‫طها من الندم ِ والتوبةِ ‪ ،‬والستغفاِر‬ ‫م بشر ِ‬ ‫ل ‪ :‬نع ْ‬ ‫للعبدِ ؟ قا َ‬
‫والنكسارِ ‪.‬‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫و ُ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت َك َْر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫وقوُله سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬
‫والل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫شّر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫حّبوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت ُ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ل َ تَ ْ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫يَ ْ‬
‫تجري المقاديُر على‬ ‫ي المقاديُر فُلمني‬ ‫ه َ‬
‫غْرزِ ال ِب َْر‬
‫*****************************************‬ ‫أو فَذ َْر‬
‫ج‬
‫ر الفَر َ‬
‫انتظ ِ‬
‫ة‪:‬‬ ‫ل العباد ِ‬ ‫ث عند الترمذيّ ‪ » :‬أفض ُ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫َ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ري ٍ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫صب ْ ُ‬‫س ال ّ‬ ‫ج « ‪ ﴿ .‬أل َي ْ َ‬ ‫فَر ِ‬ ‫انتظاُر ال َ‬
‫ح‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬فانظْر إلى الصبا ِ‬ ‫ح المهمومين والمغمومين ل َ‬ ‫صب ْ ُ‬‫ُ‬
‫ح من الفّتاِح ‪.‬‬ ‫ب الَفت ْ َ‬ ‫وارتق ِ‬
‫ل انقطع « ‪.‬‬ ‫ب ‪ » :‬إذا اشتد ّ الحب ُ‬ ‫ل العر ُ‬ ‫تقو ُ‬
‫ت الموُر ‪ ،‬فانتظْر فرجا ً ومخرجا ً ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬إذا تأّزم ِ‬
‫عل ل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬‫ه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ل سبحان َ ُ‬ ‫وقا َ‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬‫فْر َ‬ ‫ه ي ُك َ ّ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬‫ل شأُنه‪َ ﴿ :‬‬ ‫لج ّ‬ ‫خَرجا ً ﴾ ‪ .‬وقا َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫عل ل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ج َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬‫جرا ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫هأ ْ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عظ ِ ْ‬ ‫وي ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫سرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ه يُ ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ب‪:‬‬ ‫وقالت العََر ُ‬
‫ه‬
‫ن ول يجن ّ ْ‬ ‫ثم يذهب ْ َ‬ ‫ه‬
‫م ي َْنجِلين ّ ْ‬ ‫تث ّ‬ ‫مرا ُ‬ ‫الغَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪70‬‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬
‫م سرورٍ قد أتى ب َعْد َ‬ ‫وك ْ‬ ‫س قد‬ ‫م فرٍج ب َعْد َ إيا ٍ‬ ‫ك ْ‬
‫السى‬ ‫أتى‬
‫الجَنى الرائقَ من‬ ‫حل ْوَ‬ ‫ُ‬ ‫ن بذي‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫من يحس ِ‬
‫سفا عبدي بي ‪،‬‬ ‫عندالظ ّ ّ‬
‫ن‬ ‫ك‬ ‫شوْ ِ‬ ‫ث الصحيح ‪ )) :‬أنا َ‬ ‫جنى‬
‫الحدي ِ‬ ‫ش‬
‫العر ِ‬ ‫وفي‬
‫ِ‬
‫ن بي ما شاءَ (( ‪.‬‬ ‫فْليظ ّ‬
‫ذُبوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قدْ ك ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْأ َ‬ ‫ذا ا ْ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫شاء ﴾ ‪.‬‬ ‫من ن ّ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ج َ‬ ‫فن ُ ّ‬ ‫صُرَنا َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جاء ُ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ن َ‬ ‫سرًا}‪ {5‬إ ِ ّ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫ه سبحان َ ُ‬ ‫وقول ُ‬
‫سرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ه حديثا ً ‪ )) : -‬ل ْ‬
‫ن‬ ‫ضُهم يجعل ُ ُ‬ ‫ض المفسرين – وبع ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫سَرْين (( ‪.‬‬ ‫سٌر ي ُ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫يغل َ‬
‫مرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ث بعد ذَل ِ َ َ‬
‫كأ ْ‬ ‫د ُ َ ْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ه ‪ ﴿ :‬لَ َ‬ ‫وقال سبحان ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ب﴾ ‪ ﴿.‬إ ِ ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صَر الل ّ ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫مه‪﴿ :‬أل إ ِ ّ‬ ‫ل اس ُ‬ ‫لج ّ‬ ‫وقا َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬‫َر ْ‬
‫صَر مع‬ ‫ن الن ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ث الصحيح ‪ )) :‬واعل ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ع الك ُْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫فَر َ‬ ‫ر ‪ ،‬وأن ال َ‬ ‫صب ْ ِ‬‫ال ّ‬
‫وقال الشاعُر ‪:‬‬
‫ب المرِ أدناهُ‬ ‫فأقر ُ‬ ‫إذا تضايقَ أمٌر‬
‫ج‬ ‫فانتظْر فََرحا ً‬
‫إلى الَفر ِ‬ ‫وقال آخُر ‪:‬‬
‫ن أو‬ ‫ن تكو ُ‬ ‫في شؤو ٍ‬ ‫ت‬‫ن ونام ْ‬ ‫ت أعي ٌ‬ ‫سهر ْ‬
‫ن‬‫جنو ُ‬ ‫م ُ‬ ‫الهمو َ‬ ‫ن‬ ‫تكو ُ‬ ‫ـلُنك‬ ‫ل‬ ‫م ما‬ ‫ناله ّ‬ ‫عيوِع ُ‬‫فد‬
‫ك في غدٍ‬ ‫س سيكفي َ‬ ‫ـ ِ‬ ‫ن‬‫مـ كا َ‬ ‫ما‬‫ح ْ‬ ‫كِ‬‫كفاف َ‬ ‫ت‬ ‫استطع َ‬ ‫إن رب ّا ً‬
‫ن‬
‫ما يكو ُ‬ ‫بالمـ‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬
‫ن إل خالي‬ ‫ول تنام ّ‬ ‫دِع المقاديَر تجري‬
‫ل‬‫من حا ٍ‬ ‫ه ِ‬ ‫لالل ُ‬ ‫الباُر ِ‬‫يغي ّ‬ ‫ن‬‫ن ّ ِغمضةِ عي ْ ٍ‬
‫أعنتها‬ ‫فيبي َ‬ ‫ما‬
‫ل‬‫إلى حا ِ‬
‫************************************‬ ‫وانتباهِتها‬
‫وقفــة‬
‫ل تحزن‬
‫‪71‬‬
‫ن أموالك التي في خزانِتك وقصوَرك‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫س‪:‬‬‫ن والسى واليأ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وبساتيَنك الخضراَء ‪ ،‬مع الحز ِ‬ ‫السامق َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫م َ‬‫ك وغ ّ‬ ‫م َ‬
‫ك وه ّ‬ ‫سِف َ‬ ‫زيادة ٌ في أ َ‬
‫ن عقاقير الطباء ‪ ،‬ودواء الصيادلةِ ‪،‬‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ك ‪ ،‬وقد ْ أسكنت الحزن قلَبك ‪،‬‬ ‫ب ل تسعد ُ َ‬ ‫ة الطبي ِ‬ ‫ووصف َ‬
‫دك ‪.‬‬ ‫حك ‪ ،‬وألحفَته جل َ‬ ‫ت له جوان َ‬ ‫ت له عينك ‪ ،‬وبسط َ‬ ‫وفرش َ‬
‫ك الدعاَء ‪ ،‬وُتجيد ُ النطراح على‬ ‫ن ‪ :‬وأنت تمل ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ك‬
‫ك الملو ِ‬ ‫ن المسكنة على أبواب مل ِ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وُتحس ُ‬ ‫ت الربوبي ِ‬ ‫عتبا ِ‬
‫ن‬
‫ة تمريغ الجبي ِ‬ ‫ك ساع ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ولدي َ‬‫ث الخيُر من اللي ِ‬ ‫ك الثل ُ‬‫‪ ،‬ومع َ‬
‫في السجودِ ‪.‬‬
‫ك الرض وما فيها ‪ ،‬وأنبت‬ ‫خل َقَ ل َ‬ ‫ن الله َ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل زوٍج بهيٍج ‪،‬‬ ‫ت بهجةٍ ‪ ،‬وبساتين فيها من ك ّ‬ ‫لك حدائقَ ذا َ‬
‫ت ‪ ،‬وخمائل‬ ‫ت له طلعٌ نضيد ٌ ‪ ،‬ونجوما ً لمعا ٍ‬ ‫ونخل ً باسقا ٍ‬
‫وجداول ‪ ،‬ولكّنك تحزن !!‬
‫ق‬
‫ب الماء الزلل ‪ ،‬وتستنش ُ‬ ‫ن ‪ :‬فأنت تشر ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ك آمنا ً‬‫الهواء الط ّْلق ‪ ،‬وتمشي على قدمْيك معافى ‪ ،‬وتنام ليل َ‬
‫‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ر‬
‫أكث ِْر من الستغفا ِ‬
‫فارًا}‪{10‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫تا ْ‬ ‫قل ْ ُ‬‫ف ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫ل‬
‫وا ٍ‬‫م َ‬
‫م ب ِأ ْ‬ ‫ددْك ُ ْ‬‫م ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫مدَْرارًا}‪َ {11‬‬ ‫كم ّ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ي ُْر ِ‬
‫هارا ً﴾ ‪.‬‬ ‫وبِنين ويجعل ل ّك ُم جّنات ويجعل ل ّك ُ َ‬
‫م أن ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ل ‪ ،‬والرزق‬ ‫ة البا ِ‬ ‫ح وراح َ‬ ‫فأكثر من الستغفارِ ‪ ،‬لترى الفَر َ‬
‫ث الغزيَر ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬والغي َ‬ ‫ل ‪ ،‬والذرية الصالح َ‬ ‫الحل ِ‬
‫َ‬
‫كم‬ ‫ع ُ‬ ‫مت ّ ْ‬‫ه يُ َ‬ ‫م ُتوُبوا ْ إ ِل َي ْ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫فُروا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬
‫نا ْ‬ ‫وأ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫ل‬
‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل ِذي َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ؤ ِ‬‫وي ُ ْ‬‫مى َ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫ج ٍ‬‫سنا ً إ َِلى أ َ‬ ‫ح َ‬ ‫مَتاعا ً َ‬ ‫ّ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫ضل َ ُ‬
‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪72‬‬
‫ر جع َ‬
‫ل‬ ‫ن الستغفا ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬من أكثر م َ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ق‬
‫ل ضي ٍ‬ ‫فَرجا ً ‪ ،‬ومن ك ّ‬ ‫م َ‬‫له ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫هم ْ‬ ‫هل ُ‬ ‫الل ُ‬
‫مخرجا ً (( ‪.‬‬
‫ث الذي في البخاري ‪)) :‬‬ ‫ك بسي ّدِ الستغفار ‪ ،‬الحدي ُ‬ ‫وعلي َ‬
‫دك ‪،‬‬ ‫ه إل أنت ‪ ،‬خلقتني وأنا عب ُ‬ ‫م أنت ربي ل إل َ‬ ‫الله ّ‬
‫ت ‪ ،‬أعوذُ بك من‬ ‫دك ما استطع ُ‬ ‫دك ووع ِ‬ ‫وأنا على عه ِ‬
‫ي ‪ ،‬وأبوءُ بذنبي‬ ‫ك بنعمِتك عل ّ‬ ‫ت ‪ ،‬أبوءُ ل َ‬ ‫شّر ما صنع ُ‬
‫ه ل يغفُر الذنوب إل أنت((‪.‬‬ ‫فْر لي ‪ ،‬فإن ُ‬ ‫فاغ ِ‬
‫**********************************‬
‫ه دائما ً‬
‫ر الل ِ‬ ‫علي َ‬
‫ك بذك ِ‬
‫َ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ت َطْ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذك ْ‬‫قال سبحانه ‪ ﴿ :‬أل َ ب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫م﴾ ‪ .‬وقال ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫وقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫حوهُ ب ُك َْر ً‬
‫ة‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫كرا ً ك َِثيرًا}‪َ {41‬‬ ‫ه ِذ ْ‬ ‫مُنوا اذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫آ َ‬
‫مُنوا َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫صيل ً ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫ه ﴾ ‪ .‬وقال ‪﴿ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ر الل ِ‬ ‫عن ِذك ِ‬ ‫م َ‬ ‫ولدُك ْ‬ ‫ول أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫والك ْ‬ ‫م َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫هك ْ‬ ‫ت ُل ِ‬
‫ك‬‫د َرب ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ت ﴾ ‪ .‬وقال ‪َ ﴿ :‬‬ ‫سي َ‬ ‫ذا ن َ ِ‬ ‫كر ّرب ّ َ‬
‫ك إِ َ‬ ‫واذْ ُ‬ ‫َ‬
‫جوم ِ ﴾‬ ‫وإ ِدَْباَر الن ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ح ُ‬ ‫سب ّ ْ‬‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫م}‪َ {48‬‬ ‫قو ُ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ِ‬
‫ذا ل َ ِ‬ ‫مُنوا ْ إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫فئ َ ً‬
‫ة‬ ‫م ِ‬ ‫قيت ُ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪ .‬وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه ك َِثيرا ً ل ّ َ‬ ‫واذْك ُُروا ْ الل ّ َ‬ ‫فاث ْب ُُتوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل الذي يذكُر رّبه‬ ‫مث َ ُ‬ ‫ث الصحيِح ‪َ )) :‬‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ت (( ‪.‬‬ ‫ي والمي ِ‬ ‫ل الح ّ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫والذي ل يذكُر رّبه ‪َ ،‬‬
‫ق المفّردون (( ‪ .‬قالوا ‪ :‬ما‬ ‫سب َ َ‬ ‫وقوله‪َ )) : ‬‬
‫ل اللهِ ؟ قال )) الذاكرون الله كثيرا ً‬ ‫المّفردون يا رسو َ‬
‫والذاكرات (( ‪.‬‬
‫كم‬ ‫ل أعمال ِ ِ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬أل أخبُركم بأفض ِ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ب‬‫ق الذه ِ‬ ‫م من إنفا ِ‬ ‫ر لك ْ‬ ‫م وخي ْ ٍ‬ ‫‪ ،‬وأزكاها عند مليك ِك ُ ْ‬
‫وكم فتضربوا‬ ‫م من أن تلقوا عد ّ‬ ‫ر لك ْ‬ ‫ق ‪ ،‬وخي ٍ‬ ‫ر ِ‬ ‫والو ِ‬
‫م (( ؟ قالوا ‪ :‬بلى يا رسول‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫م ويضربوا أعنا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫أعناق ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫اللهِ ‪ .‬قال ‪ِ )) :‬ذك ُْر الل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪73‬‬
‫ن رجل ً أتى إلى رسول ‪ ‬فقال ‪:‬‬ ‫وفي حديث صحيح ‪ :‬أ ّ‬
‫ي ‪ ،‬وأنا ك َب ِْر ُ‬
‫ت‬ ‫ت عل ّ‬ ‫ن شرائع السلم قد ْ ُ‬
‫كثَر ْ‬ ‫يا رسول اللهِ إ ّ‬
‫ك‬‫ل لسان ُ َ‬‫ث بهِ ‪ .‬قال ‪ )) :‬ل يزا ُ‬ ‫فأخبْرني بشيٍء أتشب ّ ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬‫ر الل ِ‬ ‫طبا ً بذك ِ‬
‫ر ْ‬
‫*****************************************‬
‫ه‬
‫ح الل ِ‬
‫و ِ‬
‫ن َر ْ‬
‫سم ْ‬
‫ل تيأ ْ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ه إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫﴾‬ ‫ن‬
‫فُرو َ‬
‫كا ِ‬ ‫و ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ح الل ّ ِ‬
‫و ِ‬
‫من ّر ْ‬ ‫ه ل َ ي َي ْأ ُ‬
‫س ِ‬ ‫﴿ إ ِن ّ ُ‬
‫‪.‬‬
‫ذُبوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قدْ ك ُ ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْأ َ‬ ‫ذا ا ْ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫صُرَنا ﴾ ‪.‬‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جاء ُ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫جي ال ْ ُ‬ ‫ك ُنن ِ‬‫وك َذَل ِ َ‬
‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫غ ّ‬ ‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫﴿ َ‬
‫ي‬
‫ك اب ْت ُل ِ َ‬ ‫ه الظُّنوَنا}‪ُ {10‬‬
‫هَنال ِ َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫وت َظُّنو َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ديدا ً﴾ ‪.‬‬‫ش ِ‬‫زل َْزال ً َ‬‫زلوا ِ‬
‫وُزل ْ ِ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫******************************************‬
‫من أساء إلي َ‬
‫ك‬ ‫فع ّ‬
‫اع ُ‬
‫م من‬ ‫ظ ‪ ،‬وهو الذي يدفُعه المنتق ُ‬ ‫ص الباه ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن الَق َ‬ ‫ثم ُ‬
‫مهِ ‪،‬‬
‫مهِ ود ِ‬ ‫م ‪ :‬يدفُعه من قلِبه ‪ ،‬ومن لح ِ‬ ‫س ‪ ،‬الحاقد ُ عليه ْ‬ ‫النا ِ‬
‫ن‬
‫من أعصاِبه ومن راحت ِهِ ‪ ،‬وسعادِته وسرورِهِ ‪ ،‬إذا أراد أ ْ‬
‫ك‪.‬‬ ‫حَقد َ ‪ .‬إنه الخاسُر بل ش ّ‬ ‫م أو َ‬ ‫ب عليهِ ْ‬ ‫يتشّفى ‪ ،‬أو غض َ‬
‫جهِ ‪،‬‬ ‫ه سبحانه وتعالى بدواِء ذلك وعل ِ‬ ‫وقد ْ أخبَرنا الل ُ‬
‫س ﴾‪.‬‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬‫عا ِ‬‫وال ْ َ‬ ‫ظ َ‬‫غي ْ َ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫فقا َ‬
‫فو وأ ْمر بال ْعرف وأ َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ض‬‫ْ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ع ْ َ َ ُ ْ ِ ُ ْ ِ َ‬ ‫ذ ال ْ َ‬ ‫خ ِ‬
‫ل‪ُ ﴿:‬‬ ‫وقا َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ك‬‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ن َ‬‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل ‪ ﴿ :‬ادْ َ‬ ‫وقا َ‬
‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬
‫ه َ‬ ‫وةٌ ك َأن ّ ُ‬ ‫دا َ‬‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬
‫َ‬
‫*************************************‬
‫عندك نعم كثيرة‬
‫ل تحزن‬
‫‪74‬‬
‫فك ّْر في ن ِعَم ِ اللهِ الجليلةِ وفي أعطيات ِهِ الجزيلةِ ‪،‬‬
‫ك مغموٌر بأعطيات ِهِ ‪.‬‬ ‫م أن َ‬ ‫واشك ُْره ُ على هذهِ النعم ِ ‪ ،‬واعل ْ‬
‫ه لَ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ع َ‬ ‫دوا ْ ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬
‫وِإن ت َ ُ‬ ‫قال سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫ه َ‬ ‫وقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م نِ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫غ َ‬ ‫سب َ َ‬‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫عل‬ ‫ج َ‬
‫م نَ ْ‬ ‫مهِ عليهِ ‪ ﴿ :‬أل َ ْ‬ ‫وقال سبحانه وهو يقرُر العبد ُ بنع ِ‬
‫ه‬
‫هدَي َْنا ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن}‪َ {9‬‬ ‫فت َي ْ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫و َ‬ ‫سانا ً َ‬ ‫ول ِ َ‬‫ن}‪َ {8‬‬ ‫عي ْن َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫لّ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جدَي ْ ِ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫ة‬
‫ة العافيةِ ‪ ،‬ونعم ُ‬ ‫ة الحياةِ ‪ ،‬ونعم ُ‬ ‫م ت َت َْرى ‪ :‬نعم ُ‬ ‫ع ٌ‬ ‫نِ َ‬
‫ن والرجلْين ‪ ،‬والماِء والهواِء ‪،‬‬ ‫ة البصرِ ‪ ،‬واليدي ِ‬ ‫السمِع ‪ ،‬ونعم ُ‬
‫م(‪.‬‬ ‫ة الهدايةِ الربانية‪ ) :‬السل َ ُ‬ ‫والغذاِء ‪ ،‬ومن أجّلها نعم ُ‬
‫س ‪ :‬أتريد ُ بليون دولر في عينيك ؟ أترُيد بليون‬ ‫ل أحد ُ النا ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫دولرٍ في أذنيك ؟ أتريد ُ بليون دولر في رجليك ؟ أتريد ُ بليون‬
‫م من‬ ‫دولرٍ في يديك ؟ أتريد ُ بليون دولرٍ في قلبك ؟ ك ْ‬
‫شك َْرها !! ‪.‬‬ ‫ت ُ‬ ‫ل الطائلةِ عندك وما أدي َ‬ ‫الموا ِ‬
‫****************************************‬
‫الدنيا ل تستحق الحزن عليها‬
‫م‬
‫ن ل تهت ّ‬ ‫ميها ويعمُقها ‪ :‬أ ْ‬ ‫ت السعادة وين ّ‬ ‫ن مما يثب ُ‬ ‫إ ّ‬
‫مه الخرة ُ ‪.‬‬ ‫ب الهمةِ العاليةِ ه ّ‬ ‫بتوافهِ المورِ ‪ ،‬فصاح ُ‬
‫م‬
‫ل اله ّ‬ ‫صي أحد إخواِنه ‪ :‬اجع ْ‬ ‫ف وهو ُيو ِ‬ ‫قال أحد ُ السل ِ‬
‫ف‬
‫م الوقو ِ‬ ‫م الخرة ‪ ،‬ه ّ‬ ‫م لقاِء اللهِ عز وجل ‪ ،‬ه ّ‬ ‫ما ً واحدا ً ‪ ،‬ه ّ‬ ‫ه ّ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫في َ ٌ‬‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫فى ِ‬ ‫ن َل ت َ ْ‬
‫خ َ‬ ‫ضو َ‬ ‫عَر ُ‬‫ذ تُ ْ‬
‫مئ ِ ٍ‬‫و َ‬‫بين يدي ْهِ ‪ ﴿ ،‬ي َ ْ‬
‫م هذه‬ ‫م ‪ ،‬أي ّ ه ّ‬ ‫ل من هذا اله ّ‬ ‫م إل وهي أق ّ‬ ‫فليس هناك همو ٌ‬
‫الحياةُ ؟ مناصِبها ووظاِئفها ‪ ،‬وذهِبها وفضِتها وأولِدها ‪،‬‬
‫هها وشهرِتها وقصوِرها ودوِرها ‪ ،‬ل شيء !!‬ ‫وأمواِلها وجا ِ‬
‫ءه ُ المنافقين فقال ‪﴿ :‬‬ ‫ل وعل قد وصف أعدا َ‬ ‫هج ّ‬ ‫والل ُ‬
‫مهم ‪:‬‬ ‫ق ﴾ ‪ ،‬فه ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫غي َْر ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬‫م ي َظُّنو َ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َأن ُ‬ ‫ه ْ‬‫مت ْ ُ‬‫ه ّ‬‫أَ َ‬
‫ة أبدا ً !‬ ‫م عالي ٌ‬ ‫م ٌ‬ ‫م هِ َ‬ ‫سْهم وبطوُنهم وشهواُتهم ‪ ،‬وليست له ْ‬ ‫أنف ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪75‬‬
‫ت الشجرةِ انفلت أحد ُ المنافقين‬ ‫ما بايع ‪ ‬الناس َنح َ‬ ‫ول ّ‬
‫حصولي على جملي هذا‬ ‫ل‪:‬ل ُ‬ ‫ه أحمر ‪ ،‬وقا َ‬ ‫لل ُ‬ ‫م ٍ‬‫ج َ‬
‫ث عن َ‬ ‫يبح ُ‬
‫ب‬‫م مغفوٌر له إل ّ صاح َ‬ ‫م ‪ .‬فوَرد َ ‪ » :‬كّلك ْ‬ ‫ي من بْيعت ِك ُ ْ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫أح ّ‬
‫ل الحمرِ « ‪.‬‬ ‫الجم ِ‬
‫ه ‪ ،‬وقال لصحابهِ ‪ :‬ل‬ ‫ه نفس ُ‬ ‫ن أحد المنافقين أهمت ْ ُ‬ ‫إ ّ‬
‫حّرا ً‬ ‫شدّ َ‬ ‫م أَ َ‬‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َناُر َ‬ ‫ق ْ‬ ‫تنفروا في الحّر ‪ .‬فقال سبحانه ‪ُ ﴿ :‬‬
‫﴾‪.‬‬
‫سه ‪،‬‬ ‫مه نف ُ‬ ‫فت ِّني ﴾ ‪ .‬وه ّ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ذن ّلي َ‬ ‫وقال آخُر ‪ ﴿ :‬ائ ْ َ‬
‫طوا ْ ﴾ ‪.‬‬
‫ق ُ‬ ‫س َ‬ ‫ة َ‬ ‫فت ْن َ ِ‬‫في ال ْ ِ‬ ‫فقال سبحانه ‪ ﴿ :‬أ َل َ ِ‬
‫وال َُنا‬ ‫َ‬
‫م َ‬‫غل َت َْنا أ ْ‬ ‫ش َ‬‫هم ‪َ ﴿ :‬‬ ‫م وأهلو ْ‬ ‫م أموال ُهُ ْ‬ ‫وآخرون أهمت ْهُ ْ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة الرخيص ُ‬ ‫م التافه ُ‬ ‫فْر ل ََنا ﴾ ‪ .‬إنِها الهمو ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫فا ْ‬‫هُلوَنا َ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫َ‬
‫التي يحمُلها التافهون الرخيصون ‪ ،‬أما الصحابة الجل ُّء فإنه ْ‬
‫م‬
‫يبتغون فضل ً من اللهِ ورضوانا ً ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫م‬
‫ن واطرِد اله ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة بطال َ ٌ‬‫ل ‪ ،‬والعطال َ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬والفراغ ُ قات ٌ‬ ‫ة المؤمن غ َْفل َ ٌ‬ ‫راح ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن الفارغو َ‬ ‫س هموما ً وغموما ً وكدرا ً العاطلو َ‬ ‫وأكثُر النا ِ‬
‫ل الجاد ّ‬ ‫س من العم ِ‬ ‫ل المفالي ِ‬ ‫س ما ِ‬ ‫س رأ ُ‬ ‫ف والهواج ُ‬ ‫والراجي ُ‬
‫المثمرِ ‪.‬‬
‫ب‬‫ح ‪ ،‬واكت ْ‬ ‫ل وسب ّ ْ‬‫ل وطالعْ ‪ ،‬وات ْ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وزاو ْ‬ ‫فتحّرك واعم ْ‬
‫ة للفراِغ ‪ ،‬إنك يوم‬ ‫ل دقيق ً‬ ‫ن وقِتك ‪ ،‬ول تجع ْ‬ ‫وُزْر ‪ ،‬واستفد ْ م ْ‬
‫س‪،‬‬ ‫س والوساو ُ‬ ‫م ‪ ،‬والهاج ُ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ل عليك اله ّ‬ ‫تفرغ ُ يدخ ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ب الشيطا ِ‬ ‫ح ميدانا ً للعي ِ‬ ‫وتصب ُ‬
‫*************************************‬
‫اطلب ثوابك من ربك‬
‫ل عملك خالصا ً لوجهِ اللهِ ‪ ،‬ول تنتظْر شكرا ً من أحدٍ‬ ‫اجع ْ‬
‫س ‪ ،‬ووجدته‬
‫م إذا أحسنت لحد ٍ من النا ِ‬ ‫م ول تغت ّ‬‫‪ ،‬ول تهت ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪76‬‬
‫لئيما ً ‪ ،‬ل يقد ّْر هذهِ اليد البيضاء ‪ ،‬ول الحسنة التي أسديتها‬
‫ب أجرك من اللهِ ‪.‬‬ ‫إليه ‪ ،‬فاطل ْ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫غو َ‬ ‫يقول سبحانه عن أولياِئه ‪ ﴿ :‬ي َب ْت َ ُ‬
‫ضوانا ً ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه عن أنبياِئه ‪ ﴿ :‬وما أ َ َ‬
‫م‬ ‫سأل ُك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ر ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م﴾ ‪﴿.‬‬ ‫و ل َك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ر﴾‪ُ ﴿.‬‬ ‫ج ٍ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ما ن ُطْ ِ‬ ‫جَزى﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِن ّ َ‬ ‫ة تُ ْ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬‫من ن ّ ْ‬ ‫عندَهُ ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ما ِل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫كورا ً﴾ ‪.‬‬ ‫ش ُ‬ ‫وَل ُ‬ ‫جَزاء َ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ريدُ ِ‬ ‫ه َل ن ُ ِ‬ ‫ه الل ّ ِ‬ ‫ج ِ‬‫و ْ‬ ‫لِ َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ف بين‬ ‫ب الُعر ُ‬ ‫ل يذه ُ‬ ‫ل الخيَر ل‬ ‫ن يفع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫الله والناس‬ ‫يعدم جوازيه‬
‫ح‬‫ب ويعطي ويمن ُ‬ ‫ل ْ الواح ِد َ َ ُالحد وحدهُ فهو ِالذي ُيثي ِ ُ‬ ‫فعام ِ‬
‫ه وتعالى ‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬سبحان ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ويرضى ويغض ُ‬ ‫ب ويحاس ُ‬ ‫‪ ،‬ويعاق ُ‬
‫ل شهداُء بقندهار ‪ ،‬فقال عمُر للصحابةِ ‪ :‬من القتلى ؟‬ ‫ُقت َ‬
‫ت‬‫س ل تعرُفهم ‪ .‬فدمع ْ‬ ‫ه السماء ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬وأنا ٌ‬ ‫فذكروا ل ُ‬
‫مهم ‪.‬‬ ‫ن الله يعل َ ُ‬ ‫عينا عمَر ‪ ،‬وقال ‪ :‬ولك ّ‬
‫م أحد ُ الصالحين رجل ً أعمى فالوَْذجا ً ) من أفخ ِ‬
‫ر‬ ‫وأطع َ‬
‫ل!‬ ‫ت ( ‪ ،‬فقال أهُله ‪ :‬هذا العمى ل يدري ماذا يأك ُ‬ ‫الكل ِ‬
‫ن الله يدري !‬ ‫ل ‪ :‬لك ّ‬ ‫فقا َ‬
‫دمته من خيرٍ ‪،‬‬ ‫م ما ق ّ‬ ‫مط ّل ِعٌ عليك ويعل ُ‬ ‫ه ُ‬‫ن الل َ‬ ‫ما دام أ ّ‬
‫ل ‪ ،‬فما عليك من‬ ‫ن فض ٍ‬ ‫هم ْ‬ ‫وما عملته من ب ِّر وما أسديت ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫النا ِ‬
‫********************************‬
‫ل‬ ‫ع ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫ن وع ْ‬
‫ذل ال ُ‬ ‫لوم اللئمي َ‬
‫ضروك ُم إل ّ أ َ‬
‫ما‬
‫م ّ‬
‫ق ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫َ‬ ‫﴿‬ ‫﴾‬ ‫ذى‬ ‫ً‬ ‫ْ َِ‬ ‫﴿ َلن ي َ ُ ّ‬
‫فى‬ ‫وك َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫عأ َ‬ ‫ود َ ْ‬
‫ن﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫قاُلوا ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ما َ‬ ‫م ّ‬
‫ه ِ‬ ‫فب َّرأهُ الل ّ ُ‬ ‫كيل ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬‫ِبالل ّ ِ‬
‫م‬
‫ن رمى فيهِ غل ٌ‬ ‫أ ْ‬ ‫ل يضّر البحَر أمسى‬
‫‪‬ر قال ‪ )) : :‬ل‬ ‫ج ْ‬ ‫ح َ‬ ‫بِ‬
‫الرسول َ‬ ‫ن‬ ‫وفيزاخرا ً‬
‫ث حسن أ ّ‬ ‫حدي ٍ‬
‫ج‬
‫ن أخر َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫تبّلغوني عن أصحابي سوءا ً ‪ ،‬فإني أ ُ ِ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫صد ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫م وأنا سلي ُ‬ ‫إليك َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪77‬‬
‫***********************************‬
‫د ‪ ،‬فإن‬
‫ت الي ِ‬
‫ة ذا ِ‬‫ن قل ّ ِ‬
‫نم ْ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة‬
‫سلم ُ‬ ‫ة معها ال ّ‬ ‫قل ّ ُ‬‫ال ِ‬
‫ة‪،‬‬
‫ة فيها السلم ُ‬ ‫ح ‪ ،‬والقل ّ ُ‬ ‫ت الرو ُ‬ ‫م تعقد ِ‬ ‫ه الجس ُ‬ ‫كّلما ترفّ َ‬
‫ه لمن شاَء من‬ ‫دمها الل ُ‬ ‫ة يق ّ‬‫ة عاجل ٌ‬ ‫والزهد ُ في الدنيا راح ٌ‬
‫َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫ث اْلْر َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫عبادهِ ‪ ﴿ :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫قال أح ُ‬
‫ج ّ‬
‫ل‬ ‫م ال َ‬ ‫ذاك النعي ُ‬ ‫ماٌء وخبٌز وظ ِ ّ‬
‫ل‬
‫مق ّ‬
‫ل‬ ‫ت إني ُ‬ ‫ن قل ُ‬ ‫إ ْ‬ ‫ة رّبي‬ ‫ت نعم َ‬ ‫كفر ُ‬
‫ف !!‬‫ل وار ٌ‬ ‫ئ ‪ ،‬وظ ٌ‬ ‫ي الدنيا إل ماٌء بارد ٌ وخبٌز داف ٌ‬ ‫ما ه َ‬
‫وقال الشافعي ‪:‬‬
‫ب وفِيضي آباَر‬ ‫ـ َ‬ ‫أمطري لؤلؤا ً سماء‬
‫ت‬ ‫تِبرالس ُ‬ ‫رور ت ّ‬
‫وإذا م‬ ‫تك ْ ُ‬ ‫ت‬
‫ت لس ُ‬ ‫نديـعش ُ‬ ‫سرإ ْ ْ‬
‫ن‬ ‫أنا‬
‫قبراترى‬ ‫م‬ ‫قوت ً‬
‫س حّر‬ ‫أعد ُ ُ‬ ‫نف‬ ‫ك‬‫ة الملو ِ‬ ‫ما ُ‬‫متي ه ِ ّ‬ ‫م‬‫أعد ُ‬
‫ه ّ‬
‫م‪،‬‬‫فرافي دعوت ِهِ ْ‬ ‫ة كُ ْ‬
‫صادقين‬ ‫المذل ّ َ‬
‫م ‪ ،‬ال ّ‬ ‫الواثقين بمبادِئه ْ‬ ‫ونفسي‬‫إنها عّزة ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫الجاّدين في رسالت ِهِ ْ‬
‫*********************************‬
‫و ّ‬
‫قع‬ ‫ما ي ُت َ َ‬
‫نم ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ن!‬ ‫ُوجد َ في التوراةِ مكتوبا ً ‪ :‬أكثُر ما ُيخاف ل يكو ُ‬
‫ن‬
‫س ل يقعُ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ه النا ُ‬ ‫ن كثيرا ً مما يتخوّفُ ُ‬ ‫ومعناه ُ ‪ :‬إ ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ث في العيا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬أكُثر من الحواد ِ‬ ‫م في الذها ِ‬ ‫الوها َ‬
‫ن ول‬ ‫ل وتأ ّ‬ ‫ت بمصيبةٍ ‪ ،‬فتمهّ ْ‬ ‫ث ‪ ،‬وسمع َ‬ ‫إذا جاءك حد ٌ‬
‫حة لها ‪ ،‬إذا‬ ‫ن كثيرا ً من الخبارِ والتوّقعات ل ص ّ‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫تحز ْ‬
‫ن فأين‬ ‫ه‪ ،‬وإذا لم يك ْ‬ ‫ث عن ُ‬ ‫ف للقدرٍ فُيبح ُ‬ ‫كان هناك صار ٌ‬
‫ن؟!‬ ‫يكو ُ‬
‫صيٌر ِبال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عَباِد}‬ ‫ه بَ ِ‬‫ن الل ّ َ‬‫ه إِ ّ‬ ‫ري إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ضأ ْ‬‫و ُ‬ ‫ف ّ‬‫﴿ َأ َ‬
‫مك َُروا ﴾‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬‫سي َّئا ِ‬
‫ه َ‬ ‫قاهُ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬‫ف َ‬ ‫‪َ {44‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪78‬‬
‫***********************************‬
‫ساِد‬
‫ح ّ‬
‫ل وال ُ‬
‫ل الباط ِ‬ ‫ن ْ‬
‫قد أه ِ‬
‫م‬
‫رك ‪ ،‬ث ّ‬ ‫م – على صب ِ‬ ‫م وحسدهِ ْ‬ ‫فإنك مأجوٌر – من نقده ْ‬
‫س كلبا ً ميتا ً ‪،‬‬ ‫ن الناس ل ترف ُ‬ ‫م يساوي قيمتك ‪ ،‬ثم إ ّ‬ ‫ن نقدهُ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ساد لهم ‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫والتافهين ل ُ‬
‫م‪:‬‬ ‫ده ْ‬ ‫قال أح ُ‬
‫ول ترى ل ِل َِئام ِ النا ِ‬
‫س‬ ‫إن العرانين تلقاها‬
‫سادا‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫سدةً‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫وقال الخر ‪:‬‬
‫ه‬
‫س أعداٌء ل ُ‬ ‫فالنا ُ‬ ‫دوا الفتى إذ ْ لم‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫مومقتا ً إن ُ‬
‫ه‬ ‫وخصو ُ‬ ‫حسدا ً‬ ‫الحسناِء‬ ‫ه‬
‫سعي َ ُ‬ ‫كضرائرِ‬ ‫ينالوا‬
‫م‬
‫لذمي ُ‬ ‫قُْلن لوجهَِها‬
‫وقال زهيٌر ‪:‬‬
‫م ما‬ ‫ل ينزعُ الله منه ْ‬ ‫دون على ما‬ ‫س ُ‬ ‫مح ّ‬ ‫ُ‬
‫سدوا‬ ‫ح ِ‬ ‫له ُ‬ ‫منُر ن ِ‪:‬عَم ٍ‬ ‫وقال آخ‬ ‫كان‬
‫تل‬ ‫حتى على المو ِ‬ ‫م يحسدوني على‬ ‫ه ْ‬
‫ن الحسدِ‬ ‫م َ‬ ‫أخلو ِ‬ ‫موتي فوا أسفا ً‬
‫ل الشاعُر ‪:‬‬ ‫وقا ُ‬
‫ذا سؤدد ٍ إل ُأصيب‬ ‫من ظلم ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫وشكو َ‬
‫ن غيُر‬ ‫ه المسكي ُ‬ ‫والتافدِ ُ‬ ‫س‬
‫ح ّ‬ ‫ب ُ‬ ‫تجد ْالكرام ِ‬ ‫سبط‬ ‫ن‬
‫زلتةِ ياول ِ ْ‬ ‫الوشا‬ ‫ل‬
‫ه‬
‫ه ‪ ،‬فقال الل ُ‬ ‫س عن ُ‬ ‫سد ِ‬ ‫مح َ‬ ‫سدا ً‬ ‫مح َ‬
‫النا ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫ف ألسن‬ ‫ن يك ّ‬ ‫بأ ْ‬ ‫موسى ر ّ‬ ‫لّ‬ ‫سأ‬
‫ت ذلك لنفسي ‪،‬‬ ‫ل ‪ )) :‬يا موسى ‪ ،‬ما اتخذ ُ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫م ‪ ،‬وإنهم يسّبون َِني‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬‫قهم وأرز ُ‬ ‫إني أخل ُ‬
‫ويشُتمونِني (( !!‬
‫ل‪:‬‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ه قال ‪ )) :‬يقو ُ‬ ‫ه ‪ ‬أن ُ‬ ‫ح عن ُ‬ ‫وص ّ‬
‫ن آدم ‪ ،‬وما ينبغي له‬ ‫م ‪ ،‬ويشتمني اب ُ‬ ‫ن آد َ‬ ‫يسّبني اب ُ‬
‫ب الدهر ‪ ،‬وأنا الدهُر ‪،‬‬ ‫ه يس ّ‬ ‫م سّبه إياي فإن ُ‬ ‫ذلك ‪ ،‬أ ّ‬
‫مه إياي ‪،‬‬ ‫ل والنهاَر كيف أشاءُ ‪ ،‬وأما شت ُ‬ ‫ب اللي َ‬ ‫أقل ّ ُ‬
‫ة ول‬ ‫س لي صاحب ٌ‬ ‫ة وولدًا‪ ،‬ولي َ‬ ‫ن لي صاحب ً‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫فيقو ُ‬
‫د((‪.‬‬ ‫ول ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪79‬‬
‫ة البشرِ عن فْري‬ ‫ن تستطيع أن تعتقل ألسن َ‬ ‫كل ْ‬ ‫إن َ‬
‫ل الخيَر ‪ ،‬وتجتنب كلمهم‬ ‫ضك ‪ ،‬ولكنك تستطيعُ أن تفع َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ونقدهم ‪.‬‬
‫م‪:‬‬ ‫قال حات ٌ‬
‫مّري‬ ‫ت ٌ‬ ‫ت فقل ُ‬ ‫سمع ُ‬ ‫ن‬
‫وكلمةِ حاسدٍ م ْ‬
‫فانفذينيلها أبدا ً‬ ‫ولم يند‬ ‫ي ولم‬ ‫وعابوهام ِعل ّ‬
‫غيرِ جْر‬
‫جبيني‬ ‫آخُر ‪:‬‬ ‫وقالبني‬‫تعِ ْ‬
‫تل‬ ‫مة قل ُ‬ ‫ت ثَ ّ‬ ‫فمضي ُ‬ ‫ولقد ْ أمّر على‬
‫يعنيني‬ ‫سّبني‬ ‫ث ي‪ُ :‬‬ ‫السفي ٌهِ‬
‫وقال ثال‬
‫ن إجاب ِِته‬ ‫م ْ‬ ‫فخيٌر ِ‬ ‫ه فل‬ ‫سفي ُ‬ ‫إذا ن َط َقَ ال ّ‬
‫تا ً سافرا ً من النبلِء‬ ‫تح ّ ُ‬
‫دي‬ ‫السكو‬ ‫التافهين والمخوسين يجدون‬ ‫ه‬
‫جب ْ ُ‬‫ن تُ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫واللمعين والجهابذةِ ‪.‬‬
‫ل لي‬ ‫ت ذنوبي فَُق ْ‬ ‫ُ‬
‫إذا محاسني اللئي أد ِ ّ‬
‫كان ْ‬ ‫ل‬
‫ر؟!‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫كيف أعتذ‬ ‫ُ‬ ‫بها‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ارتفع‬ ‫إذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫اضطراب‬ ‫يعيشون‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫الغال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫الثرا‬ ‫ل‬ ‫أه‬
‫ة‬
‫مَز ٍ‬‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ل ل ّك ُ ّ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ط الدم ِ عندهم ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ض ضغ ُ‬ ‫مهم انخف َ‬ ‫أسه ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫بأ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه}‪ {2‬ي َ ْ‬ ‫عدّدَ ُ‬ ‫و َ‬‫مال ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة}‪ {1‬ال ّ ِ‬ ‫مَز ٍ‬ ‫لّ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫حط َ َ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه}‪ {3‬ك َّل ل َُينب َذَ ّ‬ ‫خل َدَ ُ‬ ‫ه أَ ْ‬ ‫مال َ ُ‬‫َ‬
‫ح ‪ ،‬ثم أدْر‬ ‫ل ما هو صحي ٌ‬ ‫ب ‪ :‬افع ْ‬ ‫ل أحد ُ أدباِء الغَْر ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ف!‬ ‫ل نقدٍ سخي ٍ‬ ‫ظهرك لك ّ‬
‫ة‬
‫ب ‪ :‬ل ترد ّ على كلمةٍ جارح ٍ‬ ‫د والتجار ِ‬ ‫ومن الفوائ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ن المعاي ِ‬ ‫ل دف ُ‬ ‫ن الحتما َ‬ ‫فيك ‪ ،‬أو مقولةٍ أو قصيدةٍ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ة وشر ٌ‬ ‫والحلم عّز ‪ ،‬والصمت يقهُر العداء ‪ ،‬والعفو مثوب ٌ‬
‫ف الخُر ما‬ ‫ف الذين يقرؤون الشتم فيك نسوهُ ‪ ،‬والنص ُ‬ ‫ونص ُ‬
‫س ْ‬
‫خ‬ ‫ة ! فل ُتر ّ‬ ‫ب وما القضي ُ‬ ‫قرؤوه ‪ ،‬وغيرهم ل يدرون ما السب ُ‬
‫ه بالرد ّ على ما قيل ‪.‬‬ ‫مق ُ‬ ‫ذلك أنت وتع ّ‬
‫ص‬‫س مشغولون عني وعنك بنق ِ‬ ‫ل أحد ُ الحكماِء ‪ :‬النا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫دهم يُنسيهم موتي وموتك ‪.‬‬ ‫ن ظمأ أح ِ‬ ‫زهم ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫خب ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪80‬‬
‫ت مليء‬‫ة مع خبز الشعيرِ ‪ ،‬خيٌر من بي ٍ‬
‫ت فيه سكين ٌ‬
‫بي ٌ‬
‫بأعدادٍ شهيةٍ من الطعمةِ ‪ ،‬ولكنه روضة للمشاغبة والضجيج‬
‫‪.‬‬
‫***********************************‬
‫وقفــة‬
‫ل‪،‬‬ ‫ب يحو ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والمصا َ‬ ‫ض يزو ُ‬ ‫ن المر َ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب‬
‫ك ‪ ،‬والغائ َ‬ ‫س ُيف ّ‬ ‫ن ُيقضى ‪ ،‬والمحبو َ‬ ‫ب ُيغفُر ‪ ،‬والد ّي ْ َ‬ ‫والذن َ‬
‫ب ‪ ،‬والفقيَر يغتني ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬والعاصي يتو ُ‬ ‫يقد ُ‬
‫ن ‪ :‬أما ترى السحاب السود كيف ينقشعُ ‪،‬‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن‪،‬‬‫صَر كيف تسك ُ‬ ‫صْر َ‬‫والليل البهيم كيف ينجلي ‪ ،‬والريح ال ّ‬
‫شك‬ ‫دك إلى رخاء ‪ ،‬وعي ُ‬ ‫والعاصفة كيف تهدأ ؟! إذا ً فشدائ ُ‬
‫إلى هناء ‪ ،‬ومستقبُلك إلى ن َْعماِء ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وظمأ ُ‬ ‫ف الظ ّ‬ ‫ه وار ُ‬ ‫ب الشمس يطفئ ُ ُ‬ ‫ن ‪ :‬لهي ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة الجوِع ُيسك ُّنها ال ُ‬
‫خب ُْز‬ ‫ض ٌ‬ ‫الهاجرةِ ُيبرُده الماُء النميُر ‪ ،‬وع َ ّ‬
‫ض‬
‫م المر ِ‬ ‫م لذيذ ٌ ‪ ،‬وآل ُ‬ ‫ه نو ٌ‬‫ئ ‪ ،‬ومعاناةُ السهرِ يعقب ُ ُ‬ ‫الدافِ ُ‬
‫ي َُزُيلها لذيذ ُ العافيةِ ‪ ،‬فما عليك إل الصبُر قليل ً والنتظاُر‬
‫ة‪.‬‬‫لحظ ً‬
‫ف‬
‫جَز الحكماُء ‪ ،‬ووق َ‬ ‫ن ‪ :‬فقد ْ حارِ الطباُء ‪ ،‬وعَ َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ُ‬
‫ل الشعراء ‪ ،‬وبارت الحيل أمام نفاذِ القدرةِ ‪،‬‬ ‫العلماُء ‪ ،‬وتساء َ‬
‫ة‪:‬‬‫ن جبل َ‬ ‫يب ُ‬ ‫ووقوِع القضاِء ‪ ،‬وحتميةِ المقدورِ قال عل ّ‬
‫ل نفسنا بعسى‬ ‫نعل ّ ُ‬ ‫ن‬
‫ج يكو ُ‬ ‫عسى فر ٌ‬
‫ض‬‫ما ً يقب ُ‬ ‫ـت ه ّ‬ ‫تقنط وإن لقْيـ‬ ‫عسى‬ ‫فل‬
‫سا‬‫سافرٍج إذا يئ ِ‬ ‫نَ‬‫نف ْ‬ ‫ُءال ّ ِ‬
‫م‬ ‫ن‬
‫ب ما يكو ُ‬ ‫فأقر ُ‬
‫***************************************‬ ‫المْر‬
‫ه لك‬
‫اختْر لنفسك ما اختاره الل ُ‬
‫ن أقعدك ‪ ،‬واصبْر إذا أفقَرك ‪،‬‬
‫م إن أقامك ‪ ،‬واقعد ْ إ ْ‬‫ق ْ‬
‫واشكْر إذا أغناك ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪81‬‬
‫ت باللهِ ربا ً ‪ ،‬وبالسلم ِ دينا ً ‪،‬‬
‫فهذه من لوازم ‪ )) :‬رضي ُ‬
‫وبمحمد ‪ ‬نبيا ً (( ‪.‬‬
‫م‪:‬‬‫قال أحد ُهُ ْ‬
‫فأولوا التدبيرِ هْلكى‬ ‫ل ُتدب ّْر لك أمرا ً‬
‫منكا‬
‫ن أولى ِبك ِ‬ ‫نح ُ‬ ‫ض عّنا إن‬‫وار َ‬
‫***************************************‬ ‫منا‬
‫حك ْ‬
‫َ‬
‫ب تصّرفات الناس‬
‫ل تراق ْ‬
‫فإّنهم ل يملكون ضّرا ً ول نفعا ً ‪ ،‬ول موتا ً ول حياة ول‬
‫نشورا ً ‪ ،‬ول ثوابا ً ول عقابا ً ‪.‬‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫قال أح ُ‬
‫وفاز باللذةِ الجسوُر‬ ‫س‬
‫ن راقب النا َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ما‪ً:‬‬ ‫ت ّه‬
‫شار ّ‬ ‫ما ب َ‬
‫وقال‬
‫ت‬‫وفاز بالطيبا ِ‬ ‫من راقب الناس لم‬
‫ك الل ّ‬‫الفات ِ ُ‬
‫جوْ علم ب ِ‬
‫ه‬ ‫شهِل ُ‬
‫م بن أدهم ‪ :‬نحن في عي ْ ٍ‬
‫بحاجتهِ‬ ‫ليظفْر‬
‫إبراهي ُ‬ ‫قا َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ك لجالدونا عليهِ بالسيو ِ‬ ‫الملو ُ‬
‫ل ‪ :‬إن كان‬ ‫ل ‪ ،‬أقو ُ‬ ‫ب حا ٌ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬إنه ليمّر بالقل ِ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ش طي ٍ‬ ‫ل حاِلنا إنهم في عي ٍ‬ ‫ل الجنةِ في مث ِ‬ ‫أه ُ‬
‫ص طربا ً ‪ ،‬من‬ ‫ت يرق ُ‬ ‫ب حال ٌ‬ ‫قال أيضا ً ‪ :‬إنه ليمّر بالقل ِ‬
‫الفرِح بذكرهِ سبحانه وتعالى والنس به ‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬وقد ْ أغلق‬ ‫خل السج َ‬ ‫ن تيمية أيضا ً عندما ُأد ِ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ب‬‫ه َبا ٌ‬ ‫ر لّ ُ‬ ‫سو ٍ‬ ‫هم ب ِ ُ‬ ‫ب ب َي ْن َ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن الباب ‪ ،‬قال ﴿ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫الس ّ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ذا ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫ع َ‬ ‫قب َل ِ ِ‬‫من ِ‬ ‫هُرهُ ِ‬ ‫ظا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬
‫م ُ‬‫ح َ‬ ‫ه الّر ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫َباطِن ُ ُ‬
‫ل أعدائي بي ؟! أنا‬ ‫وقال وهو في سجِنه ‪ :‬ماذا يفع ُ‬
‫ن قتلي‬ ‫ت فهي معي ‪ ،‬إ ّ‬ ‫جنتي وبستاني في صدري ‪ ،‬أّنى سْر ُ‬
‫ة وسجني خلوةٌ ‪.‬‬ ‫شهادة ٌ ‪ ،‬وإخراجي من بلدي سياح ٌ‬
‫جد َ من فقد َ الله ؟! وأيّ شيٍء فقد َ‬ ‫يقولون ‪ :‬أيّ شيء وَ َ‬
‫ل‬‫ن وجد الله وجد ك ّ‬ ‫من وجد الله ؟! ل يستويان أبدا ً ‪ ،‬م ْ‬
‫ل شيءٍ ‪.‬‬ ‫ن فقد الله فقد ك ّ‬ ‫شيء ‪ ،‬وم ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪82‬‬
‫د‬
‫ه ‪ ،‬والحم ُ‬ ‫ل ‪ :‬سبحان الل ِ‬ ‫يقول ‪ )) : ‬لن أقو ُ‬
‫ي مما‬ ‫ب إل ّ‬ ‫ه أكبُر ‪ ،‬أح ّ‬ ‫ه ‪ ،‬والل ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ول إله إل الل ُ‬ ‫لل ِ‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫ت عليه الشم ُ‬ ‫طلع ْ‬
‫م‬
‫م ودوِره ْ‬ ‫ن الثرياِء وقصوِره ْ‬ ‫فع ِ‬ ‫قال أحد ُ السل ِ‬
‫ب ‪ ،‬ويشربون ‪ ،‬وننظُر‬ ‫ل ويأكلون ‪ ،‬ونشر ُ‬ ‫م ‪ :‬نأك ُ‬ ‫وأمواله ْ‬
‫ب وُيحاسبون ‪.‬‬ ‫وينظرون ‪ ،‬ول ُنحاس ُ‬
‫قَناك ُ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ول َ َ‬
‫ة ﴾‬ ‫مّر ٍ‬‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ما َ‬ ‫دى ك َ َ‬ ‫فَرا َ‬ ‫موَنا ُ‬ ‫جئ ْت ُ ُ‬ ‫قد ْ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫‪.‬‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫سول َ ُ‬‫ه َر ُ‬ ‫صدَقَ الل ّ ُ‬ ‫المؤمنون يقولون ‪َ ﴿ :‬‬
‫غُرورا ً‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬
‫ه َ‬ ‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫والمنافقون يقولون ‪ّ ﴿ :‬‬
‫﴾‪.‬‬
‫ن صنع أفكاِرك فالفكاُر التي تستثمُرها وتفكُر‬ ‫حياُتك م ْ‬
‫ت في‬ ‫شها هي التي تؤثُر في حياِتك ‪ ،‬سواٌء كان ْ‬ ‫فيها وتعي ُ‬
‫سعادةٍ أو شقاوةٍ ‪.‬‬
‫ت‬
‫ن ب ُت َِر ْ‬ ‫دهم ‪ :‬إذا كنت حافيا ً ‪ ،‬فانظْر لم ْ‬ ‫ل أح ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫جل َْين ‪.‬‬ ‫مد ْ رّبك على نعمةِ الر ْ‬ ‫ساقاه ‪ ،‬تح ّ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ول أضيقُ به ذرعا ً‬ ‫ل قلبي‬ ‫ل يمل ُ الهو ُ‬
‫إذا وقعا‬
‫************************************‬ ‫قبل وقعت ِهِ‬
‫أحسن إلى الناس‬
‫ق‬
‫ة من طر ِ‬ ‫س طريقٌ واسع ٌ‬ ‫ن على النا ِ‬ ‫ن الحسا َ‬ ‫فإ ّ‬
‫ه‬
‫ل لعبد ِ‬ ‫ن الله يقو ُ‬ ‫ث صحيح ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫السعادةِ ‪ .‬وفي حدي ٍ‬
‫ت ولم‬ ‫ن آدم ‪ ،‬جع ُ‬ ‫ة ‪ :‬يا اب ّ‬ ‫ه يوم القيام ِ‬ ‫وهو يحاسب ُ ُ‬
‫ب‬‫مك وأنت ر ّ‬ ‫مني ‪ .‬قال ‪ :‬كيف أطع ُ‬ ‫تطع ْ‬
‫ن عبدي فلن ابن‬ ‫العالمين ؟! قال ‪ :‬أما علمت أ ّ‬
‫ت‬
‫ه وجد َ‬ ‫مت َ ُ‬
‫ك لو أطع ْ‬ ‫ه ‪ ،‬أما إن َ‬‫مت ُ‬
‫ن جاع فما أطع ْ‬ ‫فل ٍ‬
‫م تسقني ‪.‬‬ ‫ت فل ْ‬ ‫ذلك عندي ‪ .‬يا ابن آدم ‪ ،‬ظمئ ُ‬
‫ن! قال ‪ :‬أما‬ ‫ب العالمي َ‬ ‫قال ‪ :‬كيف أسقيك وأنت ر ّ‬
‫ئ فما أسقيته ‪،‬‬ ‫م َ‬‫نظ ِ‬ ‫ن عبدي فلن ابن فل ٍ‬ ‫علمت أ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪83‬‬
‫دت ذلك عندي ‪ .‬يا ابن آدم ‪،‬‬ ‫و أسقيته وج ْ‬ ‫أما إّنك ل ْ‬
‫ب‬‫دك وأنت ر ّ‬ ‫عدني ‪ .‬قال ‪ :‬كيف أعو ُ‬ ‫ت فلم ت ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫مر ْ‬
‫ن عبدي فلن ابن‬ ‫مت أ ّ‬ ‫العالمين ؟! قال ‪ :‬أما عل ْ‬
‫ه وجدتني‬ ‫و عدت ْ‬ ‫ه ‪ ،‬أما إنك ل ْ‬ ‫ن مرض فما عدْت َ ُ‬ ‫فل ٍ‬
‫عندهُ ؟! (( ‪.‬‬
‫ل كالسابقتين ‪:‬‬ ‫ة وهي وجدتني عندهُ ‪ ،‬ولم يق ْ‬ ‫هنا لفت ٌ‬
‫سرة قلوُبهم ‪ ،‬كالمريض ‪.‬‬ ‫ن الله عند المنك ِ‬ ‫وجدته عندي ؛ ل ّ‬
‫ن‬‫مأ ّ‬ ‫ة أجٌر (( ‪ .‬واعل ْ‬ ‫د رطب ٍ‬ ‫ل كب ٍ‬ ‫ث ‪ )) :‬في ك ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ت كلبا ً‬ ‫ن بني إسرائيل الجنة ‪ ،‬لنها سق ْ‬ ‫أدخل امرأةً بغِي ّا ً م ْ‬
‫م وسقى ‪ ،‬ورفع الضائقة وكشف‬ ‫ن أطع َ‬ ‫على ظمأ ‪ .‬فكيف بم ْ‬
‫ة ؟!‬ ‫الك ُْرب َ َ‬
‫ل زاٍد‬ ‫ه فض ُ‬ ‫ن كان ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه قال ‪َ )) :‬‬ ‫ه ‪ ‬أن ُ‬ ‫ح عن ُ‬ ‫وقد ْ ص ّ‬
‫ن كان له فض ُ‬
‫ل‬ ‫ه ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن ل زاد ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه على َ‬ ‫عد ب ِ‬ ‫فلي َ ُ‬
‫ه‬
‫ه (( ‪ .‬أي ليس ل ُ‬ ‫ن ل ظهر ل ُ‬ ‫ه على م ْ‬ ‫ر فليعدْ ب ِ‬ ‫ه ٍ‬ ‫ظ ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫مركو ٌ‬
‫ه‬
‫صي خادم ُ‬ ‫ه جميلةٍ ‪ ،‬وهو ُيو ِ‬ ‫تل ُ‬ ‫م في أبيا ٍ‬ ‫وقد ْ قال حات ٌ‬
‫ن يلتمس ضيفا ً يقو ُ‬
‫ل‬ ‫أ ْ‬
‫ف فأنت‬ ‫إذا أتى ضي ٌ‬ ‫ن الليل لي ٌ‬
‫ل‬ ‫أوقد ْ فإ ّ‬
‫حّر‬‫ُ‬ ‫ويقول لمرأته ‪:‬‬ ‫قّر‬
‫ت‬‫أكيل ً فإني لس ُ‬ ‫ت الزاد‬ ‫إذا ما صنع ِ‬
‫ه وحدي‬ ‫آكل ُ ُ‬ ‫ه‬
‫فالتمسي ل ُ‬‫وقال أيضا ً ‪:‬‬
‫ل‬ ‫ويبقى من الما ِ‬ ‫ن المال غادٍ‬ ‫أماويّ إ ّ‬
‫يوما ً‬‫تذ ّك ُْر‬ ‫وال‬ ‫ث‬
‫حشرج ْ‬‫الحادي ُ‬ ‫إذا‬ ‫يّ ما ُيغني الثراُء‬ ‫ح‬ ‫ورائ‬
‫أماو ٌ‬
‫وضاق بها الصدُر‬ ‫ن الفتى‬ ‫ع ِ‬
‫ويقول ‪:‬‬
‫ِغنانا ول أزرى‬ ‫فما زادنا فخرا ً على‬
‫بأحسابنا الفْقُر‬ ‫ذي قرابةٍ‬
‫ن حزام ٍ‬ ‫وقال عروة ُ ب ُ‬
‫ق‬
‫بوجهي شحوب الح ّ‬ ‫أتهزأ ُ مني أن سمِنت‬
‫والحقّ جاهد ُ‬ ‫وأن ترى‬
‫ل تحزن‬
‫‪84‬‬
‫وأحسو قراح الماءِ‬ ‫أوّزع ُ جسمي في‬
‫فكان يبدأ فُيطعم‬ ‫والما‪ُ،‬ء بارد ُ‬ ‫ه جاٌر يهوديٌ‬ ‫كل ُ‬ ‫المبار ِ‬ ‫كثيرةٍ‬ ‫ن‬‫جسوماب ٍ ُ‬‫وكان‬
‫اليهوديّ قبل أبنائهِ ‪ ،‬ويكسوه قبل أبناِئه ‪ ،‬فقالوا لليهوديّ ‪:‬‬
‫ف‬
‫ف قيمُتها ‪ ،‬وأل ٌ‬ ‫ي دينارٍ ‪ ،‬أل ٌ‬ ‫بعنا دارك ‪ .‬قال ‪ :‬داري بألف ْ‬
‫ك بذلك ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫ك ! ‪ .‬فسمع ابن المبار ِ‬ ‫جواُر ابن المبار ِ‬
‫ن اللهِ !‪.‬‬ ‫م اهد ِهِ إلى السلم ِ ‪ .‬فأسلم بإذ ِ‬ ‫الله ّ‬
‫غرابا ً‬ ‫ت ُ‬ ‫جا ً بقافلةٍ ‪ ،‬فرأى امرأة ً أخذ ْ‬ ‫ن المبارك حا ّ‬ ‫ومّر اب ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫رها غلمه فسألها ‪ ،‬فقال ْ‬ ‫ل في أث ِ‬ ‫ميتا ً من مزبلةٍ ‪ ،‬فأرس َ‬ ‫ْ‬
‫ت عيناهُ ‪ ،‬وأمر‬ ‫ما لنا منذ ُ ثلثةِ أيام ٍ إل ما ُيلقى بها ‪ .‬فدمع ْ‬
‫جته تلك السنةِ ‪،‬‬ ‫بتوزيِع القافلةِ في القريةِ ‪ ،‬وعاد وترك ح ّ‬
‫ي مشكوٌر ‪،‬‬ ‫ج مبروٌر ‪ ،‬وسع ٌ‬ ‫ل‪:‬ح ّ‬ ‫مهِ قائل ً يقو ُ‬ ‫فرأى في منا ِ‬
‫ب مغفوٌر ‪.‬‬ ‫وذن ٌ‬
‫عَلى َ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬ ‫ن َ‬ ‫ؤث ُِرو َ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫ص ٌ‬ ‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫َ‬
‫كا َ‬
‫م‪:‬‬ ‫ل أحد ُهُ ْ‬ ‫وقا َ‬
‫عن صاحبي في‬ ‫إني وأن كنت امرأ ً‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ته‬‫دعوئ ِ ِهِ‬
‫بوسما‬ ‫ومجيهِ ُ‬‫أرض‬ ‫متباعدهُا ً نصري‬ ‫لمفيد‬
‫ندائه‬ ‫ف كَ‬
‫ن ِعل ّ‬
‫ى‬ ‫تأ ّ‬ ‫ليت ُ‬‫وصو‬ ‫يا‬ ‫ثوبا ً‬‫ارتدىْربهِ‬ ‫وكاش ُ‬ ‫وإذا‬
‫ل كسائ ِهِ‬ ‫فض َ‬
‫ُ‬
‫م أق ْ‬
‫ل‬ ‫ْ‬ ‫جميل ً ل‬
‫ب ! وما أحسن‬ ‫ل المواه َ‬ ‫ل الخلقَ ! وما أج ّ‬ ‫يا للهِ ما أجم َ‬
‫السجايا !‬
‫م‬
‫ل احد ٌ ولو أسرف ‪ ،‬وإنما الند ُ‬ ‫ل الجمي ِ‬ ‫م على فعْ ِ‬ ‫ل يند ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫نق ّ‬ ‫ل الخطأ وإ ْ‬ ‫على فع ِ‬
‫م في هذا المعنى ‪:‬‬ ‫وقال أحد ُهُ ْ‬
‫ث ما‬ ‫والشّر أخب ُ‬ ‫ن‬
‫الخيُر أبقى وإ ْ‬
‫ن َزادِ‬ ‫م ْ‬
‫*****************************************‬‫ت ِ‬ ‫أوْعَي ْ َ‬ ‫ن بهِ‬ ‫طال الزما ُ‬
‫ة‬
‫ة نابي ٌ‬ ‫إذا صك ّ ْ‬
‫ت أذانك كلم ٌ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ة َ‬‫واهجْر ملم َ‬ ‫ص على جمِع‬‫احرِ ْ‬
‫سد ْ‬‫ح َ‬‫تشّفى أو َ‬ ‫ل‬‫الفضائ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪85‬‬
‫ت‬‫ت وبعد المو ِ‬ ‫قُِبل ْ‬ ‫ن العمَر‬ ‫م بأ ّ‬ ‫واعل ْ‬
‫ينقطعُ الحسد ْ‬ ‫ة‬
‫م طاع ٍ‬ ‫وس ُ‬ ‫م ْ‬
‫ة‬
‫ِ‬ ‫الحساسي‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫أه‬ ‫على‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫إ‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫العص‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫علما‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫أح‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫يقو‬
‫ن يسكبوا في أعصاِبهم مقادير من‬ ‫المرهفة من النقد ِ أ ْ‬
‫البرودِ أمام النقدِ الظالم ِ الجائرِ ‪.‬‬
‫ه‬
‫ه ‪ ،‬بدأ بصاحب ِ ِ‬ ‫عدَل َ ُ‬ ‫د ما أ ْ‬ ‫و الحس ِ‬ ‫ه دَ ّ‬ ‫وقالوا ‪ » :‬لل ِ‬
‫ه «‪.‬‬ ‫فقتل ُ‬
‫وقال المتنبي ‪:‬‬
‫ل‬‫ما فاته وفضو ُ‬ ‫ذ ِك ُْر الفتى عمرهُ‬
‫ل‬‫ش أشغا ُ‬ ‫العي ْ ِ‬ ‫الثاني وحاجُته‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة حصين ٌ‬ ‫ل جن ٌ‬ ‫ه ‪ :‬الج ُ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي رضي الل ُ‬ ‫وقال عل ّ‬
‫ت ‪ ،‬والشجاعُ‬ ‫ت مّرا ٍ‬ ‫ن يمو ُ‬ ‫وقال أحد ُ الحكماء ‪ :‬الجبا ُ‬
‫ت مرة ً واحدةً ‪.‬‬ ‫يمو ُ‬
‫وإذا أراد الله بعبادهِ خيرا ً في وقت الزمات ألقى عليهم‬
‫ة منه‪ ،‬كما وقع النعاس على طلحة رضي الله‬ ‫من َ ً‬ ‫َ‬
‫النعاس أ َ‬
‫منا ً وراحة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ده ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ني ِ‬ ‫تم ْ‬ ‫حد ‪ ،‬حتى سقط سيُفه مرا ٍ‬ ‫عنه في أ ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫با ٍ‬
‫ن يزيدٍ‬ ‫بب ُ‬ ‫عة ‪ ،‬فقد ْ نعس شبي ُ‬ ‫ل البد ِ‬ ‫س له ِ‬ ‫وهناك نعا ٌ‬
‫ة هي‬ ‫ه غزال ُ‬ ‫س ‪ ،‬وامرأت ُ ُ‬ ‫ن أشجِع النا ِ‬ ‫وهو على بغلت ِهِ ‪ ،‬وكان م ْ‬
‫جاج ‪ ،‬فقال الشاعُر ‪:‬‬ ‫ت الح ّ‬ ‫ة التي طرد ِ‬ ‫الشجاع ٌ‬
‫من‬ ‫فتخاُء ت َن ِْفُر ِ‬ ‫ي وفي‬ ‫أسد ٌ عل ّ‬
‫بكرِفي‬ ‫الصاف‬
‫كان قل ُ‬ ‫صفيرِ‬ ‫أم‬ ‫ة غزال َ‬
‫ة‬ ‫إلى ٌ‬‫تنعام‬ ‫بَ‬ ‫برز ِ‬ ‫الحرو‬ ‫هل ّ‬
‫ن ب َِنا إ ِل ّ‬ ‫طائترِ‬ ‫ْ‬
‫ي‬
‫جناح ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫في الوغى‬
‫صو َ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫وج‬ ‫ز‬
‫ّ‬ ‫ع‬ ‫تعالى‬ ‫ه‬
‫وقال الل ُ‬
‫إحدى ال ْحسن َيين ون َحن ن َت َربص بك ُ َ‬
‫ه‬‫م الل ّ ُ‬ ‫صيب َك ُ ُ‬ ‫م أن ي ُ ِ‬ ‫َ ّ ُ ِ ْ‬ ‫ُ ْ َ ْ ِ َ ْ ُ‬ ‫ِ ْ َ‬
‫َ‬ ‫عند َ‬
‫كم‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬‫صوا ْ إ ِّنا َ‬ ‫فت ََرب ّ ُ‬ ‫ديَنا َ‬ ‫و ب ِأي ْ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ن ِ ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ع َ‬‫بِ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫صو َ‬ ‫مت ََرب ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ما َ‬
‫ن‬ ‫ت إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ن ل ِن َ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ها‬
‫من ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ؤت ِ ِ‬ ‫ب الدّن َْيا ن ُ ْ‬ ‫وا َ‬ ‫رد ْ ث َ َ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫جل ً َ‬ ‫ؤ ّ‬ ‫م َ‬ ‫الله ك َِتابا ً ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪86‬‬
‫زي‬
‫ج ِ‬
‫سن َ ْ‬
‫و َ‬
‫ها َ‬
‫من ْ َ‬
‫ه ِ‬ ‫ة نُ ْ‬
‫ؤت ِ ِ‬ ‫خَر ِ‬
‫ب ال ِ‬ ‫رد ْ ث َ َ‬
‫وا َ‬ ‫من ي ُ ِ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫ال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬
‫وقال الشاعُر ‪:‬‬
‫ك‬‫ل وْيح ِ‬‫من البطا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫ل لها وقد ْ طار ْ‬ ‫أقو ُ‬
‫لَ‬ ‫شعاعا ً‬
‫ك‬‫عي الذي ل ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الج‬ ‫ترا‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫عن‬ ‫ْ‬ ‫بقاء‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫سأل‬ ‫لو‬ ‫ك‬ ‫فإن ِ‬
‫الخلودِ‬ ‫تطاعي‬ ‫فما ُني ُ‬
‫ل‬ ‫لم‬ ‫ل‬‫فصبرا ً في مجا ِ‬ ‫يوم ٍ‬
‫خ الخنِع‬ ‫أ‬ ‫عن‬ ‫بمستطاِع‬ ‫ع‬ ‫يخل‬ ‫ف‬ ‫تبصْبرا ً‬
‫الحياة‬ ‫المو ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثو ُ‬ ‫وما‬
‫اليراِع‬ ‫ُ‬ ‫عّز‬‫ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫بثو‬
‫ة ول‬‫إي والله ‪ ،‬فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون عنه ساع ً‬
‫يستقدمون ‪.‬‬
‫ه عنه ‪:‬‬ ‫ي رضي الل ُ‬ ‫قال عل ّ‬
‫م يوم‬‫در أ ْ‬ ‫يوم ل قُ ّ‬ ‫من‬ ‫ي ِ‬‫أيّ يوم ّ‬
‫من المقدورِ ل‬ ‫د ِْر‬ ‫قوُ ِ‬ ‫درّر ل أرهب ُ ُ‬
‫ه‬ ‫اف‬
‫ت قُ ّ‬‫المو ل ِ‬ ‫يوم‬
‫حذ ِْر‬ ‫ينجو ال َ‬
‫م‬
‫ب لك ُ‬
‫ه عنه ‪ :‬اطلبوا الموت ُتوهَ ْ‬ ‫وقال أبو بكرٍ رضي الل ُ‬
‫الحياةُ ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫وقفــة‬
‫ة تستغفُر لك‪،‬‬ ‫ن الله يدافعُ عنك‪ ،‬والملئك ُ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ي‪‬‬ ‫ل صلةٍ ‪ ،‬والنب ّ‬ ‫مك ّ‬ ‫والمؤمنون يشركونك في دعاِئه ْ‬
‫ة أرحم‬ ‫دك وعدا ً حسنا ً ‪ ،‬وفوق هذا رحم ُ‬ ‫ن ِيع ُ‬
‫يشفعُ ‪ ،‬والقرآ ُ‬
‫الراحمين ‪.‬‬
‫ة‬
‫ن الحسنة بعشر أمثاِلها إلى سبعمائ ِ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن يعفوَ رّبك‬ ‫ة بمثلها إل أ ْ‬ ‫ف كثيرةٍ ‪ ،‬والسيئ ُ‬ ‫ف إلى أضعا ٍ‬ ‫ضعْ ٍ‬‫ِ‬
‫سمع مثله ! ومن جود ٍ ل‬ ‫من كرم ٍ ما ُ‬ ‫م للهِ ِ‬‫ويتجاوز ‪ ،‬فك ْ‬
‫جوٌد!‬‫يقارُبه ُ‬
‫حملةِ المل ّةِ وأه ِ‬
‫ل‬ ‫ن ‪ :‬فأنت من رّواد ِ التوحيد ِ و َ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫م إذا‬‫ب رسوله ‪ ، ‬وتند ُ‬ ‫ب اللهِ وح ّ‬ ‫لح ّ‬‫القبلةِ ‪ ،‬وعندك أص ُ‬
‫ح إذا أحسنت ‪ ،‬فعندك خيٌر وأنت ل تدري ‪.‬‬ ‫أذنبت ‪ ،‬وتفر ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪87‬‬
‫ن ‪ :‬فأنت على خيرٍ في ضراِئك وسراِئك ‪،‬‬ ‫ل تحز ْ‬
‫رك ‪ ،‬وشد ِّتك ورخاِئك ‪ )) ،‬عجبا ً لم ِ‬
‫ر‬ ‫وغناك وفق ِ‬
‫س ذلك إل‬ ‫ن أمرهَ كّله له خيٌر ‪ ،‬ولي َ‬ ‫ن‪،‬إ ّ‬ ‫المؤم ِ‬
‫ن أصاْبته سّراءَ فشكر كان خيرا ً له ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن‬ ‫ن‪ْ ،‬‬ ‫للمؤم ِ‬
‫أصابْته ضّراءُ فصبر فكان خيرا ً له (( ‪.‬‬
‫***********************************‬
‫د‬ ‫م ُ‬
‫ل الشدائ ِ‬ ‫ه وتح ّ‬‫ر ِ‬
‫الصبر على المكا ِ‬
‫ة‬
‫ح والسعاد ِ‬‫ز والنجا ِ‬‫ق الفو ِ‬
‫طري ُ‬
‫مي ٌ‬
‫ل‬ ‫ج ِ‬‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ‬ ‫صب ُْر َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫صْبرا ً‬‫صب ِْر َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿ .‬‬ ‫فو َ‬ ‫ص ُ‬‫ما ت َ ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫عا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال ْ ُ‬‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫عَلى‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬‫م َ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫ميل ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ج ِ‬
‫َ‬
‫طوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫وَراب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫صاب ُِروا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ُِروا ْ َ‬ ‫ك ﴾ ﴿ا ْ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫َ‬
‫ش «‬
‫سن العي ِ‬ ‫ه ‪ » :‬بالصبرِ أدركنا ح ْ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫قال عمُر رضي الل ُ‬
‫‪.‬‬
‫ن ‪ :‬الصبُر ‪،‬‬ ‫ة فنو ٍ‬ ‫ب ثلث ُ‬ ‫ل السنةِ عند المصائ ِ‬ ‫له ِ‬
‫دعاُء ‪ ،‬وانتظاُر الَفَرِج ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫وقال الشاعُر ‪:‬‬
‫كنا على‬ ‫ولكّننا ُ‬ ‫مو كأسا ً‬ ‫سقيناهُ ُ‬
‫ت أصبر‬ ‫المو ِ‬ ‫ونا بمثِلها‬ ‫ْ‬ ‫سق‬
‫وفي حديث صحيح ‪ )) :‬ل أحد أصبُر على أذى‬
‫ن له ولدا ً‬ ‫ه ‪ :‬إنهم يزعمون أ ّ‬ ‫معه من الل ِ‬ ‫س ِ‬
‫قهم (( ‪ .‬وقال ‪: ‬‬ ‫ه يعافيهم ويرز ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وإن ُ‬ ‫وصاحب ً‬
‫ه موسى ‪ ،‬ابُتلي باكثر من هذا‬ ‫حم الل ُ‬ ‫)) ر ِ‬
‫فصبَر (( ‪.‬‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫وقال ‪ )) : ‬من يتصب ّْر ُيصّبرهْ الل ُ‬
‫س وألقوا‬ ‫النفو ِ‬ ‫جهد‬ ‫ت للمجدِ‬ ‫دبب َ‬
‫را‬ ‫ز‬
‫ُ‬ ‫دونه ال ُ‬ ‫والساعون قد‬
‫ن‬
‫َ ْ‬ ‫م‬ ‫المجد‬ ‫َ‬ ‫وعانق‬‫ُ‬ ‫المجد حتى‬ ‫وكابدوا‬
‫حتى‬ ‫صبرا‬ ‫المجد‬ ‫ن‬
‫تبلغوم ْ‬ ‫أوفى‬ ‫ن‬ ‫مالمجد‬ ‫ره ْ‬ ‫ل أكث‬
‫تحس ُ ِ‬ ‫ل ّ‬ ‫م‬
‫ل ْ‬ ‫ب‬
‫صِبرا‬ ‫تْلعق ال ّ‬ ‫ه‬‫ت آكل ُ ُ‬ ‫تمرا ً أن َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪88‬‬
‫إن المعالي ل ُتنا ُ‬
‫ل بالحلم ِ ‪ ،‬ول بالرؤيا في المنام ِ ‪،‬‬
‫وإّنما بالحزم ِ والعَْزم ِ ‪.‬‬
‫************************************‬

‫ك‬‫ع َ‬
‫م َ‬
‫ق َ‬ ‫ل ال َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫فع ِ‬‫ن من ِ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ق‬
‫عِلهم مع الخال ِ‬ ‫وانظْر إلى ف ْ‬
‫ل ‪ )) :‬عجبا ً‬
‫ب الزهدِ ‪ ،‬أن الله يقو ُ‬‫عند َ أحمد في كتا ِ‬
‫لك يا ابن آدم ! خلقُتك وتعبدُ غيري ‪ ،‬ورزقُتك‬
‫ي عنك ‪،‬‬ ‫ب إليك بالنعم ِ وأنا غن ّ‬ ‫وتشكُر سواي ‪ ،‬أتحب ّ ُ‬
‫ي ‪ ،‬خيري‬ ‫ي بالمعاصي وأنت فقيٌر إل ّ‬ ‫ض إل ّ‬
‫غ ُ‬ ‫وتتب ّ‬
‫ي صاعدٌ (( !! ‪.‬‬‫ل ‪ ،‬وشّرك إل ّ‬ ‫إليك ناز ٌ‬
‫م أنه داوى‬‫وقد ذكروا في سيرة عيسى عليه السل ُ‬
‫ده أعداءً ‪.‬‬‫ثلثين مريضا ً ‪ ،‬وأبرأ عميان كثيرين ‪ ،‬ثم انقلبوا ض ّ‬
‫************************************‬
‫ق‬
‫سر الرز ِ‬
‫ن تع ّ‬
‫نم ْ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ن الرّزاق هو الواحد ُ الحد ُ ‪ ،‬فعنده رِْزقُ العبادِ ‪ ،‬وقد ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫ن ﴾‪.‬‬‫دو َ‬ ‫ع ُ‬
‫ما ُتو َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫رْز ُ‬‫ماء ِ‬ ‫س َ‬
‫في ال ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ل بذلك ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫تكّف َ‬
‫ن‬‫ه هو الرزاقُ فِلم يتمل ّقُ البشُر ‪ ،‬وِلم ُتها ُ‬ ‫فإذا كان الل ُ‬
‫ما‬
‫و َ‬ ‫ق لجل البشرِ ؟! قال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ل َالرز ِ‬ ‫س في سبي ِ‬ ‫النف ُ‬
‫ها ﴾ ‪ .‬وقال ج ّ‬
‫ل‬ ‫ق َ‬ ‫رْز ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫دآب ّ ٍ‬‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫س َ‬‫م ِ‬ ‫فَل ُ‬
‫م ْ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ِللّنا ِ‬ ‫ح الل ّ ُ‬‫فت َ ِ‬‫ما ي َ ْ‬‫مه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫اس ُ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ه ِ‬‫ل لَ ُ‬‫س َ‬‫مْر ِ‬ ‫فَل ُ‬ ‫ك َ‬ ‫س ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫لَ َ‬
‫*********************************‬
‫ن المصائب‬
‫و ُ‬
‫ب ته ّ‬
‫أسبا ٌ‬
‫ل‪﴿:‬‬ ‫‪ .1‬انتظاُر الجرِ والمثوبةِ من عند اللهِ عّز وج ّ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫فى الصابرون أ َ‬ ‫و ّ‬
‫سا ٍ‬‫ح َ‬
‫ر ِ‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫غ‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫هم‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ ُ‬ ‫ما ي ُ َ‬‫إ ِن ّ َ‬
‫ة المصابين ‪:‬‬ ‫‪ .2‬رؤي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪89‬‬
‫ت‬ ‫م ل ََقت َل ْ ُ‬
‫على إخواِنه ْ‬ ‫كين‬ ‫ولول كثرةُ البا ِ‬
‫ترى غل مصابا ً أو‬ ‫نفسي‬‫سَرةً ‪ ،‬هل‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫ة والتف ْ‬ ‫حولي ْ‬
‫من َ ً‬ ‫ت يَ‬ ‫فالتِف ْ‬
‫ل واد ٍ بنو سعد ٍ ‪.‬‬ ‫ممتحنا ً ؟ وكما قيل ‪ :‬في ك ّ‬
‫رها ‪.‬‬ ‫ن غي ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫‪ .3‬وأنها أسه ُ‬
‫ن العبدِ ‪ ،‬وإنما في دنياه ‪.‬‬ ‫ت في دي ِ ِ‬ ‫‪ .4‬وأنها ليس ْ‬
‫م منها‬ ‫ن العبودية في التسليم عند المكارهِ أعظ ُ‬ ‫‪ .5‬وأ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫أحيانا ً في المحا ّ‬
‫‪ .6‬وأنه ل حيلة ‪:‬‬
‫ك‬ ‫ة في ت َْر ِ‬ ‫إنما الحيل ُ‬ ‫ك الحيلة في‬ ‫فاتر ِ‬
‫الحي َ ْ‬
‫ل‬ ‫تحوِيلها‬
‫سى َأن‬ ‫ع َ‬‫و َ‬
‫ب العالمين ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن الخبرة للهِ ر ّ‬ ‫‪ .7‬وأ ّ‬
‫م ﴾‪.‬‬‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫*******************************‬
‫رك‬
‫ل تتقمص شخصية غي ِ‬
‫﴾﴿‬ ‫ت‬
‫خي َْرا ِ‬ ‫قوا ْ ال ْ َ‬ ‫ست َب ِ ُ‬‫فا ْ‬ ‫ها َ‬ ‫وّلي َ‬‫م َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬
‫ة ُ‬ ‫ه ٌ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫ِ‬ ‫ول ِك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫ق‬
‫و َ‬ ‫ف ْ‬ ‫م َ‬ ‫ضك ُ ْ‬‫ع َ‬ ‫ع بَ ْ‬ ‫ف َ‬‫وَر َ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ف ال ْ‬ ‫خل َئ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ِ‬‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫ت﴾﴿ َ‬
‫ه ْ‬ ‫شَرب َ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ل أَنا ٍ‬ ‫عل ِ َ‬‫قدْ َ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ض دََر َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫بَ ْ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ،‬ومن عظم ِ‬ ‫ت وصنعا ٌ‬ ‫ت وطاقا ٌ‬ ‫ب وقدرا ٌ‬ ‫س مواه ُ‬ ‫النا ُ‬
‫ظف أصحابه حسب ُقدراِته ْ‬
‫م‬ ‫رسوِلنا ‪ ‬أنه و ّ‬
‫ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ي للقرآ ِ‬ ‫ي للقضاِء ‪ ،‬ومعاذ ٌ للعِل ْم ِ ‪ ،‬وأب ّ‬ ‫واستعداداِتهم ‪ ،‬فعل ّ‬
‫ن‬‫سب ُ‬ ‫ن للشِعر ‪ ،‬وقي ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وخالد للجهادِ ‪ ،‬وح ّ‬ ‫وزيد ٌ للفرائ ِ‬
‫ت للخطابةِ ‪.‬‬ ‫ثاب ٍ‬
‫ف في‬ ‫ضّر كوضِع السي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬ ‫ضعُ الندى في موضِع‬ ‫فو ْ‬
‫موضِع الندى‬ ‫السيف بالُعل‬
‫ت الخرين قتلٌ‬ ‫ص صفا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن في الغيرِ انتحاٌر تق ّ‬ ‫الذوبا ُ‬
‫جهٌِز‪.‬‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫س‬
‫ت النا ِ‬ ‫ف صفا ِ‬ ‫ل ‪ :‬اختل ُ‬ ‫ت اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ن آيا ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ه‬
‫م ‪ ،‬فأبو بكر برحمت ِ ِ‬ ‫م وألواِنه ْ‬ ‫ف ألسنِته ْ‬ ‫م ‪ ،‬واختل ِ‬ ‫ومواهِبه ْ‬
‫ة والمّلة ‪ ،‬وعمُر بشد ّت ِهِ وصلبت ِهِ نصر السل َ‬
‫م‬ ‫ورفِقهِ نفعَ الم َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪90‬‬
‫ة ‪ ،‬فاستثمرها‬ ‫وأهله ‪ ،‬فالرضا بما عندك من عطاءٍ موهب ٌ‬
‫فسا ً إ ِل ّ‬ ‫ف الل ّ ُ‬
‫ه نَ ْ‬ ‫دمها وانفع بها ‪ ﴿ ،‬ل َ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫مها وق ّ‬ ‫ون ّ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬‫ع َ‬‫س َ‬
‫و ْ‬ ‫ُ‬
‫ت‬
‫ن التقليد العمى والنصهار المسرف في شخصيا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ز‬
‫مد ٌ التمي ّ ِ‬ ‫ل للرادةِ وإلغاٌء متع ّ‬ ‫الخرين وأد ٌ للموهبةِ ‪ ،‬وقَت ْ ٌ‬
‫والتفّرد ِ المقصود ِ من الخليقةِ ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫عـّز العزل ِ‬
‫ما‬‫ل المباِح ‪ ،‬وهي م ّ‬ ‫وأقصد ُ بها العزلة عن الشّر وفضو ِ‬
‫ب الحزن ‪.‬‬ ‫ح الخاطر وُيذه ُ‬ ‫يشر ُ‬
‫ره‬‫قال ابن تيمية ‪ :‬ل لبد ّ للعبد ِ من عزلةٍ لعبادِته وذك ِ‬
‫ده عن‬ ‫سه ‪ ،‬ودعاِئه واستغفاِره ‪ ،‬وُبع ِ‬ ‫وتلوِته ‪ ،‬ومحاسبِته لنف ِ‬
‫الشّر ‪ ،‬ونحوِ ذلك ‪.‬‬
‫ل في ) صي ْدِ‬ ‫ن الجوزي ثلثة فصو ٍ‬ ‫ولقد عقد اب ُ‬
‫ت كالعزلة ‪،‬‬ ‫ت ول رأي ُ‬ ‫خصها أنه قال ‪ :‬ما سمع ُ‬ ‫الخاطرِ ( ‪ ،‬مل ّ‬
‫ونا ً‬
‫ة وعّزا ً وشرفا ً ‪ ،‬وُبعدا ً عن السوِء وعن الشّر ‪ ،‬وص ْ‬ ‫راح ً‬
‫ساد ِ والثقلِء‬ ‫حفظا ً للعمرِ ‪ ،‬وبعدا ً عن الح ّ‬ ‫ت‪،‬و ِ‬ ‫للجاهِ والوق ِ‬
‫كرا ً في الخرةِ ‪ ،‬واستعدادا ً للقاِء اللهِ عّز‬ ‫والشامتين ‪ ،‬وتف ّ‬
‫ل ‪ ،‬واغتناما ً في الطاعةِ ‪ ،‬وجولن الفكر فيما ينفعُ ‪،‬‬ ‫وج ّ‬
‫ص‪.‬‬ ‫حك َم ِ ‪ ،‬والستنباط من النصو ِ‬ ‫وإخراج كنوزِ ال ِ‬
‫مهِ ذكره ُ في العزلةِ هذا معناه بتصّرف‬ ‫ونحو ذلك من كل ِ‬
‫‪.‬‬
‫جَنى الفكرِ ‪،‬‬ ‫ف َ‬ ‫ل ‪ ،‬وقط ْ ُ‬
‫وفي العزلةِ استثماُر العق ِ‬
‫ي عن‬ ‫ة العْرض ‪ ،‬وموفوُر الجرِ ‪ ،‬والنه ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وسلم ُ‬ ‫ة القل ِ‬
‫وراح ُ‬
‫س في الطاعةِ ‪ ،‬وتذك ُّر الرحيم ِ ‪،‬‬ ‫م النفا ِ‬ ‫المنكر ‪ ،‬واغتنا ُ‬
‫ن ‪ ،‬والبعد ُ عن‬ ‫ت ‪ ،‬والفراُر من الفت ِ‬ ‫ت والمشغل ِ‬ ‫وهجُر الملهيا ِ‬
‫ت الحاسد ِ ‪،‬‬ ‫مداراةِ العدوّ ‪ ،‬وشماتةِ الحاقدِ ‪ ،‬ونظرا ِ‬
‫ة‬
‫ب ‪ ،‬ومطالب ِ‬ ‫ل ‪ ،‬والعتذارِ على المعات ِ ِ‬ ‫ومماطلةِ الثقي ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ق ‪ ،‬ومداجاةِ المتكب ّرِ ‪ ،‬والصبرِ على الحم ِ‬ ‫الحقو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪91‬‬
‫ت‬
‫ن ‪ ،‬وعثرا ِ‬ ‫ت اللسا ِ‬ ‫ت ‪ :‬عورا ِ‬ ‫ست ٌْر للعورا ِ‬ ‫وفي العزلةِ َ‬
‫س‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ورعونةِ النف ِ‬ ‫ت الذه ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وفلتا ِ‬ ‫الحركا ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ف لد ُّر الفض ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وصد َ ٌ‬ ‫ب لوجهِ المحاس ِ‬ ‫ة حجا ٌ‬ ‫فالعزل ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ة مع الكتا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وما أحسن العزل َ‬ ‫م لطْلع المناق ِ‬ ‫وأكما ٌ‬
‫ة في الخلوةِ ‪ ،‬وسفرا ً‬ ‫ل ‪ ،‬وبحبوح ً‬ ‫ة للج ِ‬ ‫وفرةً للعمرِ ‪ ،‬وفسح ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫م ٍ‬ ‫ة في تأ ّ‬ ‫في طاعةِ ‪ ،‬وسياح ً‬
‫ف‬
‫ص على المعاني ‪ ،‬وتحوُز على اللطائ ِ‬ ‫وفي العزلةِ تحر ُ‬
‫ي ‪ ،‬وتشيد ُ هْيك َ‬
‫ل‬ ‫ل في المقاصدِ ‪ ،‬وتبني صرح الرأ ِ‬ ‫‪ ،‬وتتأم ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫العق ِ‬
‫ب في فََرٍح اكبَر ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬والقل ُ‬ ‫جذ ٍ‬ ‫ح في العزلةِ في َ‬ ‫والرو ُ‬
‫والخاطُر في اصطياد ِ الفوائدِ ‪.‬‬
‫ه ‪ ،‬ول ُتسمِع‬ ‫ه ل يراك إل الل ُ‬ ‫ول ٌترائي في العزلةِ ‪ :‬لن ُ‬
‫مك بشرا ً فل يسمعك إل السميعُ البصيُر ‪.‬‬ ‫بكل ِ‬
‫رة والجهابذةِ وأساطين‬ ‫ل اللمعين والنافعين ‪ ،‬والعباق ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ن الدهرِ ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬وعيو ِ‬ ‫شداةِ الفضائ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ورّوادِ التاريِخ ‪ ،‬و ُ‬ ‫الزم ِ‬
‫ة‬
‫س ن ُْبلهم من ماءِ العزل ِ‬ ‫وا غ َْر َ‬ ‫سَق ْ‬ ‫ل ‪ ،‬كّلهم َ‬ ‫ب المحاف ِ‬ ‫وكواك ِ‬
‫ت‬‫ت شجرةُ عظمِتهم ‪ ،‬فآت ْ‬ ‫سوقِهِ ‪ ،‬فنبت ْ‬ ‫حتى استوى على ُ‬
‫ن رّبها ‪.‬‬ ‫ن بإذ ِ‬ ‫ل حي ٍ‬ ‫أ ُك َُلها ك ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫جْرجان ّ‬ ‫دالعزيز ال ُ‬ ‫ي عب ِ‬ ‫قال عل ّ‬
‫رأوا رجل ً عن موق ِ‬
‫ف‬ ‫يقولون لي فيك‬
‫جما ال ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫الذ ّ ّ‬
‫حّر‬ ‫نفس‬ ‫ولكل ّ‬ ‫وإنمامورد ٌ قل ُ‬
‫ت‬ ‫ض هذا‬ ‫ل‬‫انقباقي َ ُ‬ ‫إذا‬
‫ظما‬ ‫طمعال ّ‬ ‫تحتم ُ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ُ َ‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ير‬‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ل ٌ‬ ‫بدا‬ ‫ض حقّ العلم ِ‬
‫قد ْ أرى‬
‫ولم َأق ِ‬
‫س ّ‬ ‫تبهك ّغ َ‬
‫لمافاّتباع ُ الجه ِ‬ ‫لماْرسا ً‬
‫ل قد ْ‬ ‫إذن‬ ‫ُ‬ ‫أأشقى ُ‬ ‫إن كن‬
‫ظموه في‬ ‫أحزما‬ ‫كان ع ّ‬ ‫ولو‬ ‫م‬ ‫العل‬ ‫ن ذل ّ ً‬
‫ة‬
‫أهل‬ ‫وأجنيهِ ّ‬
‫ولو أ‬
‫ِ‬
‫ظماِع حتى‬ ‫النفوهس ل َعُ ّ‬
‫بالطما‬ ‫مفهانوا‬ ‫صانههُ ْ‬
‫صانوهأهاُنو‬
‫حّيا ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫ولك ْ‬
‫جما‬ ‫ته ّ‬ ‫ودّنسوا‬
‫ي‪:‬‬ ‫ل الحنبل ّ‬ ‫ن خلي ٍ‬ ‫وقال أحمد ُ ب ُ‬
‫ل‬ ‫م طوي ِ‬ ‫من ه ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن أراد العّز والرا‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫س ويرضى بالقلي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن فردا ً من النا‬ ‫ليك ُ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪92‬‬
‫ش‬
‫ن عي ٍ‬ ‫م ْ‬
‫عاش ِ‬ ‫ئ‬‫كيف يصفو لمر ٍ‬
‫ل‬
‫وِبي ِ‬
‫ومداجاةِ ثقيل‬ ‫ل‬
‫ن ختو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما‬
‫بين غمزٍ ِ‬
‫ل‬
‫ومعاناةِ بخي ِ‬ ‫ومداراةِ حسودٍ‬
‫ل‬
‫ل سبي ِ‬‫س على ك ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن معرفةِ النا‬ ‫آه ِ م ْ‬
‫ي بن عبدالعزيزِ الجرجاّني ‪:‬‬ ‫وقال القاضي عل ّ‬
‫ت‬‫ت للبي ِ‬ ‫صر ُ‬ ‫ت لذةَ‬ ‫ما تطّعم ُ‬
‫جليساسواهُ‬ ‫بأبتغي‬ ‫فما ِ‬‫والكتا‬ ‫ـم‬ ‫تىأعّز من‬ ‫شي ٌّء‬ ‫شح‬ ‫ليس ِ‬ ‫العي‬
‫ش‬
‫ع ْ‬ ‫فدع ُْهم و ِ‬ ‫أنيسا‬ ‫س‬ ‫ذل في‬ ‫العلـ ال ّ‬ ‫إّنما‬
‫ِ‬
‫عزيزا ً رئيسا ً‬ ‫مخالط ‪:‬ةِ النا‬ ‫وقال آخر‬
‫ما‬
‫فدام ِلي الهنا ون َ َ‬ ‫ت بوحدتي‬ ‫س ُ‬ ‫أن ِ ْ‬
‫ش أم‬ ‫الجي ُ‬ ‫السروُر‬ ‫أساَر‬ ‫م فما‬ ‫تبيتي‬
‫النا َ‬ ‫ت ُ‬ ‫وقاطع ُ‬‫زم‬ ‫ول ِ‬
‫ب الميُر‬ ‫دث ‪ :‬رك ِ َ‬ ‫الحميدي المح ّ‬ ‫أبالي‬ ‫وقال‬
‫ن‬‫سوى الكثارِ م ْ‬ ‫س ليس‬ ‫لقاُء النا ِ‬
‫ل‬
‫وقا ِ‬ ‫ل‬‫قي ٍ‬ ‫لم ً‬
‫العلم ِ أو‬ ‫ب‬
‫لكس ِ‬ ‫ن لقاِء‬ ‫شيئا ْ‬ ‫د ُِ ْ‬‫يفيقْل‬
‫ُفأ‬
‫ل‬
‫إصلِح حا ِ‬ ‫س إل ّ‬
‫فارس ‪:‬‬ ‫نِ‬‫النااب ُ‬ ‫وقال‬
‫ت‬‫ة وتفو ُ‬ ‫ضى حاج ٌ‬ ‫ًتق ّ‬ ‫وقالوا كيف حاُلك‬
‫ج‬
‫حا ُ‬ ‫ت خير ً‬
‫ه‬
‫نل ُ‬ ‫عسى يوما ً يكو ُ‬ ‫م‬
‫ت همو ُ‬ ‫ازدحما ْ‬ ‫إذا ُ‬‫قل‬
‫جلي‬ ‫انفراُر ُ‬ ‫لنا‬ ‫نديمي قُه ْ‬
‫دفات‬ ‫س‬
‫رتي وأني ُ‬ ‫الصدرِ ِ ّ‬
‫ج‬
‫ومعشوقي السرا ُ‬ ‫نفسي‬
‫ه ‪ .‬ولك أن تراجع‬ ‫عّز ل ُ‬ ‫ب العزلة فهي ِ‬ ‫ل من أح ّ‬ ‫قالوا ‪ :‬ك ّ‬
‫طابي ‪.‬‬ ‫ة(( للخ ّ‬ ‫كتاب )) العزل ِ‬
‫**********************************‬
‫فوائد الشدائد‬
‫م‬
‫ص ُ‬‫وي القلب ‪ ،‬وتمحو الذنب ‪ ،‬وتق ِ‬ ‫ن الشدائد تق ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫ل‬‫ن للغفلةِ ‪ ،‬وإشعا ٌ‬
‫ف الك ِب َْر ‪ ،‬وهي ذوبا ٌ‬‫ب ‪ ،‬وتنس ُ‬ ‫ج َ‬ ‫العُ ْ‬
‫ف المخلوقين ‪ ،‬ودعاٌء من الصالحين ‪،‬‬ ‫ب عط ِ‬ ‫للتذك ّرِ ‪ ،‬وجل ْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪93‬‬
‫جٌر‬
‫م للواحد القهارِ ‪ ،‬وز ْ‬‫ت ‪ ،‬واستسل ٌ‬ ‫وخضوعٌ للجبرو ِ‬
‫م ‪ ،‬وإحياٌء للذكرِ ‪ ،‬وتضّرع بالصبرِ ‪،‬‬ ‫حاضٌر ‪ ،‬ونذيٌر مقد ٌ‬
‫ج‬
‫ة للقدوم ِ على المولى ‪ ،‬وإزعا ٌ‬ ‫ص ‪ ،‬وتهيئ ٌ‬‫ب للغص ِ‬ ‫واحتسا ٌ‬
‫ن على الدنيا والرضا بها والطمئنان إليها ‪ ،‬وما‬ ‫عن الركو ِ‬
‫ب أكبُر ‪ ،‬وما‬‫ست َِر من الذن ِ‬
‫م ‪ ،‬وما ُ‬ ‫ف أعظ ُ‬ ‫خفي من اللط ِ‬
‫عفي من الخطأ أج ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫***********************************‬
‫ة‬
‫وقفـ ٌ‬
‫طلك‬‫ن الحزن يضعُفك في العبادةِ ‪ ،‬ويع ّ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫عن الجهادِ ‪ ،‬وُيورُثك الحباط ‪ ،‬ويدعوك إلى سوء الظ ّ‬
‫وُيوقُعك في التشاؤم ِ ‪.‬‬
‫ض‬
‫س المرا ِ‬ ‫ن الحزن والقلق أسا ُ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫س‬
‫النفسيةِ ‪ ،‬ومصدُر اللم ِ العصيبةِ ‪ ،‬ومادة ُ النهيارِ والوسوا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫والضطرا ِ‬
‫ن ‪ ،‬والذكُر ‪ ،‬والدعاُء ‪ ،‬والصلةُ ‪،‬‬ ‫ن ‪ :‬ومعك القرآ ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫مُر ‪.‬‬ ‫ل النافعُ المث ِ‬ ‫ف ‪ ،‬والعم ُ‬ ‫ل المعرو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وفعْ ُ‬ ‫والصدق ُ‬
‫ق الفراِغ‬ ‫م ْ للحزن عن طري ِ‬ ‫ن ‪ :‬ول تستسل ْ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل ‪ ..‬استقب ْ‬
‫ل ‪..‬‬ ‫ب ‪ ..‬اعم ْ‬ ‫ح اقرأ ‪ ..‬اكت ْ‬ ‫ل ‪ ..‬سب ّ ْ‬ ‫والعطالةِ ‪ ،‬ص ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ُزْر ‪ ..‬تأ ّ‬
‫ضّرعا ً‬ ‫َ‬
‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬‫م ﴾ ﴿ ادْ ُ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫﴿ ادْ ُ‬
‫ن‬
‫صي َ‬‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫ن﴾﴿ َ‬ ‫دي َ‬‫عت َ ِ‬ ‫م ْ‬‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ة إ ِن ّ ُ‬ ‫خ ْ‬
‫في َ ً‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أي ّا ً ّ‬
‫ما‬ ‫مـ َ‬ ‫ح َ‬ ‫عوا ْ الّر ْ‬ ‫و ادْ ُ‬ ‫هأ ِ‬‫عوا ْ الل ّ َ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن﴾﴿ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫ماء ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫سَنى ﴾ ‪.‬‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫عوا ْ َ‬ ‫ت َدْ ُ‬
‫*******************************‬
‫قواعد في السعادة‬
‫مك تشّتت ذهُنك ‪،‬‬‫ش في حدودِ يو ِ‬ ‫م أنك إذا لم تعِ ْ‬
‫‪ .1‬اعل ْ‬
‫مك ‪،‬‬‫مك وغمو ُ‬
‫ت همو ُ‬ ‫ت عليك أموُرك ‪ ،‬وكثر ْ‬‫واضطرب ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪94‬‬
‫ر المساء ‪ ،‬وإذا‬ ‫وهذا معنى ‪ )) :‬إذا أصبحت فل تنتظ ِ‬
‫ر الصباح (( ‪.‬‬ ‫أمسيت فل تنتظ ِ‬
‫م بما مضى وانتهى‬ ‫اْنس الماضي بما فيه ‪ ،‬فالهتما ُ‬ ‫‪.2‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫مقٌ وجنو ٌ‬ ‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬ودِع‬‫ل ‪ ،‬فهو في عالم ِ الغي ِ‬ ‫ل بالمستقب ِ‬ ‫ل تشتغ ْ‬ ‫‪.3‬‬
‫التفكَر فيه حتى يأتي ‪.‬‬
‫ن النقد يساوي‬ ‫مأ ّ‬ ‫ت ‪ ،‬واعل ْ‬ ‫ل تهتّز من النقدِ ‪ ،‬واثب ْ‬ ‫‪.4‬‬
‫ك‪.‬‬‫مت َ َ‬
‫قي َ‬
‫ة‬
‫ح هو الحياةُ الطيب ُ‬ ‫ل الصال ُ‬ ‫ن باللهِ ‪ ،‬والعم ُ‬ ‫اليما ُ‬ ‫‪.5‬‬
‫السعيدةُ ‪.‬‬
‫ر‬
‫ة ‪ ،‬فعليه بذك ِ‬ ‫من أراد الطمئنان والهدوء والراح َ‬ ‫‪.6‬‬
‫اللهِ تعالى ‪.‬‬
‫ن شيٍء بقضاء وقدرٍ ‪.‬‬ ‫على العبدِ أن يعلم أ ّ‬ ‫‪.7‬‬
‫ل تنتظْر شكرا ً من أحدٍ ‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫ض‪.‬‬
‫ن نفسك على تلّقي أسوأ الفرو ِ‬ ‫وط َِ ْ‬ ‫‪.9‬‬
‫ل فيما حصل خيرا ً لك ‪.‬‬ ‫‪ .10‬لع ّ‬
‫ل قضاٍء للمسلم ِ خيٌر له ‪.‬‬ ‫‪ .11‬ك ّ‬
‫‪ .12‬فك ّْر في النعم ِ واشكْر ‪.‬‬
‫س‪.‬‬ ‫‪ .13‬أنت بما عندك فوق كثيرٍ من النا ِ‬
‫ج‪.‬‬ ‫‪ .14‬من ساعةٍ إلى ساعةٍ فََر ٌ‬
‫ج الدعاُء ‪.‬‬ ‫خَر ُ‬
‫ست َ ْ‬‫‪ .15‬بالبلِء ي ُ ْ‬
‫ب‪.‬‬‫م للبصائرِ وقوّة ٌ للقل ِ‬ ‫ب مراه ُ‬ ‫‪ .16‬المصائ ُ‬
‫سرا ً ‪.‬‬ ‫سرِ ي ُ ْ‬‫ن مع العُ ْ‬ ‫‪ .17‬إ ّ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ض عليك التوافِ ُ‬ ‫‪ .18‬ل تق ِ‬
‫‪ .19‬إن ّربك واسعُ المغفرةِ ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫‪ .20‬ل تغض ْ‬
‫ث بغير ذلك ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬فل تكتر ْ‬ ‫‪ .21‬الحياةُ خبٌز وماٌء وظ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬‫ما ُتو َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬‫رْز ُ‬ ‫ماء ِ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫و ِ‬‫‪َ ﴿ .22‬‬
‫ن‪.‬‬‫ف ل يكو ُ‬ ‫‪ .23‬أكثر ما ٌيخا ْ‬
‫‪ .24‬لك في المصابين ُأسوةٌ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪95‬‬
‫م‪.‬‬ ‫ب قوما ً ابتلهُ ْ‬‫ن الله إذا أح ّ‬ ‫إ ّ‬ ‫‪.25‬‬
‫ب‪.‬‬‫ة الك َْر ِ‬
‫ك َّرْر أدعي َ‬ ‫‪.26‬‬
‫ل الجاد ّ المثمرِ ‪ ،‬واهجرِ الفراغ ‪.‬‬ ‫عليك بالعم ِ‬ ‫‪.27‬‬
‫ت‪.‬‬‫ك الراجيف ‪ ،‬ول تصدقْ الشائعا ِ‬ ‫اتر ِ‬ ‫‪.28‬‬
‫حت ِ َ‬
‫ك أكثر مما‬ ‫ص ّ‬
‫ضّر ب ِ‬
‫صك على النتقام ِ ي ُ‬ ‫ك وحر ُ‬ ‫حقد ُ َ‬ ‫‪.29‬‬
‫م‪.‬‬‫ص ُ‬‫الخ ّ‬ ‫ضّر‬
‫يَ ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل ما يصيبك فهو كّفارةٌ للذنو ِ‬ ‫ك ّ‬ ‫‪.30‬‬
‫***********************************‬
‫ط؟‬
‫ة أخل ٍ‬
‫ن وعندك ست ّ ُ‬
‫وِلم الحز ُ‬
‫ن احد َ الحكماءِ‬ ‫ب ) الفرِج بعد الشدةِ ( ‪ :‬أ ّ‬ ‫ذكر صاح ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ه في المصا ِ‬ ‫ل عليه إخواُنه يعّزون َ ُ‬ ‫ي بمصيبةٍ ‪ ،‬فدخ َ‬ ‫ابُتل َ‬
‫ط ‪ .‬قالوا ‪ :‬ما هي ؟‬ ‫ت دواًء من ستةِ أخل ٍ‬ ‫فقال ‪ :‬إني عمل ُ‬
‫نك ّ‬
‫ل‬ ‫ة باللهِ ‪ .‬والثاني ‪ :‬علمي بأ ّ‬ ‫ل ‪ :‬الثق ُ‬‫ط الو ُ‬‫قال ‪ :‬الخل ُ‬
‫ه الممتحُنون ‪.‬‬ ‫ث ‪ :‬الصبُر خيٌر ما استعمل ُ‬ ‫ن ‪ .‬والثال ُ‬‫مقدور كائ ٌ‬
‫ن ُأعين‬‫ن لم أصبْر أنا فأيّ شيء أعمل ؟! ولم أك ْ‬ ‫والرابعُ ‪ :‬إ ْ‬
‫ن أن أكون في شّر‬ ‫س ‪ :‬قد يمك ُ‬ ‫على نفسي بالجزع ‪ .‬والخام ُ‬
‫س ‪ :‬من ساعةٍ إلى ساعةٍ فََر ٌ‬
‫ج‪.‬‬ ‫مما أنا فيه ‪ .‬والساد ُ‬
‫**********************************‬
‫ب وداهمْتك‬
‫ك الصعا ُ‬‫ن إذا واجهت ْ َ‬
‫حَز ْ‬
‫ل تَ ْ‬
‫ل واعترضتك العوائق ‪ ،‬واصبر‬ ‫المشاك ُ‬
‫م ُ‬
‫ل‬ ‫وتح ّ‬
‫م‬
‫ن بهِ الكرا َ‬
‫مما ُتهي ُ‬ ‫ن عندك يا‬ ‫ن كا َ‬ ‫إ ْ‬
‫فهاِتها‬ ‫ة‬
‫ن بقي ّ ٌ‬ ‫زما ُ‬
‫ف من‬ ‫ن التحمل أشر ُ‬ ‫ن الصبر أرفقُ من الجزِع ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫الخورِ ‪ ،‬وإن الذي ل يصبُر اختيارا ً سوف يصبُر اضطرارا ً ‪.‬‬
‫وقال المتنبي ‪:‬‬
‫فؤادي في غشاٍء‬ ‫رماني الدهُر‬
‫ل النصا ُ‬
‫ل‬ ‫نبا ِ ِ‬
‫ت‬ ‫سر‬‫من ّ‬
‫تك‬ ‫حتىأصابتني‬ ‫تِء إذا‬ ‫بالرزا ُ‬
‫فصر‬
‫ل‬‫على النصا ِ‬ ‫م‬
‫سها ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪96‬‬
‫ن‬
‫ت بأ ْ‬ ‫لني ما انتفع ُ‬ ‫ت ول ُأبالي‬ ‫فعش ُ‬
‫أبالي‬ ‫ُ‬ ‫بالرزايا‬
‫وقال أبو المظفر البيوردي ‪:‬‬
‫ن‬
‫ث الزما ِ‬ ‫عّز وأحدا ُ‬ ‫أَ ِ‬ ‫تنك َّر لي دهري ولم‬
‫ن ُأريهِ الصبر‬ ‫هو ّ‬
‫تُ‬ ‫تو ُب ِ‬ ‫يريني الدهُر‬ ‫أنني‬
‫فبات ُ‬‫يدرِ‬
‫ن‬
‫كيف يكو ُ‬ ‫كيف اعتداؤُهُ‬
‫شعْرِ ‪ ،‬وخبز الشعيرِ ‪ ،‬أعّز‬ ‫ة ال ّ‬ ‫َ‬ ‫وخيم‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الخشب‬ ‫إن الكوخ‬
‫ن‬
‫ض وصوْ َ‬ ‫ظ ماِء الوجهِ وكرامةِ العِْر ِ‬ ‫ف – مع حف ِ‬ ‫وأشر ُ‬
‫ف وحديقةٍ غّناَء مع التعكيرِ والك َد َرِ ‪.‬‬ ‫صرٍ مني ٍ‬ ‫س – من قَ ْ‬ ‫النف ِ‬
‫ة كالمرض ‪ ،‬لبد ّ له من زمن حتى يزول ‪ ،‬ومن‬ ‫المحن ُ‬
‫استعجل في زوالهِ أوشك أن يتضاعف ويستفحل ‪ ،‬فكذلك‬
‫ت ‪ ،‬حتى تزول آثاُرها ‪،‬‬ ‫ة لبد ّ لها من وق ٍ‬ ‫حن َ ُ‬
‫م ْ‬‫ة وال ِ‬ ‫المصيب ُ‬
‫دعاِء ‪.‬‬ ‫ة ال ّ‬
‫ب المبتلي ‪ :‬الصبُر وانتظاُر الفرِج ومداوم ُ‬ ‫وواج ُ‬
‫*******************************‬
‫وقفـــة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫و ِ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َ ي َي ْأ ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫ح الل ّ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫سوا ْ ِ‬ ‫ول َ ت َي ْأ ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ .‬إِ ّ‬ ‫ضآّلو َ‬ ‫ه إ ِل ّ ال ّ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫ك‬‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫د ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ري ل َ َ‬ ‫ن ﴾ ‪َ ﴿ .‬ل َت َدْ ِ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫سى أن ت َك َْر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫مرا ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫أ ْ‬
‫عل َ ُ‬
‫م‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫شّر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫حّبوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت ُ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫مِتي‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ف بِ ِ‬ ‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ .‬الل ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م ل َ تَ ْ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫عَنا ﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِذْ‬ ‫م َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫ء ﴾ ‪ ﴿ .‬ل َ تَ ْ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ذي ي ُن َّز ُ‬
‫ل‬ ‫ّ‬
‫و ال ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ب لك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫عون ََنا‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫مت َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫شُر َر ْ‬ ‫وَين ُ‬ ‫طوا َ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫كاُنوا ل ََنا َ‬ ‫و َ‬ ‫هبا ً َ‬ ‫وَر َ‬ ‫غبا ً َ‬ ‫َر َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫إذا لم ترض منها‬ ‫متى تصُفو لك الدنيا‬
‫ر‬
‫ه من البح ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫بالمزا ِ‬
‫ومخرج‬ ‫ألمرٍتر جوهر الدنيا‬ ‫بخي‬
‫لجاِج‬ ‫ا ُ‬ ‫المصّفى‬
‫ل تحزن‬
‫‪97‬‬
‫ت بمسّرةٍ لك‬ ‫جر ْ‬ ‫ت‬
‫مخيفةٍ فجأ ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫وُر ّ‬
‫وابتهاِج‬
‫إقامةٍ ب َعْد َ‬ ‫ب‬
‫ور ّ‬ ‫ل سلمةٍ ب َعْد َ‬ ‫ِوبهُروْ ّ ٍ‬
‫ب‬
‫وجاِج‬ ‫اع ِ‬
‫*************************************‬ ‫امتناٍع‬

‫ب‬
‫س في النام ِ كتا ُ‬
‫وخيُر جلي ٍ‬
‫ن من أسباب السعادة ‪ :‬النقطاع إلى مطالعة الكتاب ‪،‬‬ ‫إ ّ‬
‫ل بالفوائد ِ ‪.‬‬ ‫والهتمام بالقراءة ‪ ،‬وتنمية العق ِ‬
‫صك بالكتاب والمطالعة ‪ ،‬لتطرد الحزن‬ ‫والجاحظ ُيو ِ‬
‫عنك فيقول ‪:‬‬
‫ريك ‪ ،‬والصديقُ الذي ل‬ ‫س الذي ل ُيط ِ‬ ‫والكتاب هو الجلي ُ‬
‫ح الذي ل‬ ‫مّلك ‪ ،‬والمستمي ُ‬ ‫ريك ‪ ،‬والرفيقُ الذي ل ي َ َ‬ ‫ُيغ ِ‬
‫يستريثك ‪ ،‬والجاُر الذي ل يستبطيك ‪ ،‬والصاحب الذي ل يريد‬
‫عك‬
‫كر ‪ ،‬ول يخد ُ‬ ‫ق ‪ ،‬ول يعامُلك بالم ْ‬ ‫استخراج ما عندك بالمل ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل لك بالكذِ ِ‬ ‫بالنفاق ‪ ،‬ول يحتا ُ‬
‫والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك ‪ ،‬وشحذ‬
‫خم ألفاظك ‪،‬‬ ‫طباعك ‪ ،‬وبسط لسانك ‪ ،‬وجوّ بنانك ‪ ،‬وف ّ‬
‫م‪،‬‬‫مَر صدرك ‪ ،‬ومنحك تعظيم العوا ّ‬ ‫وبحبح نفسك ‪ ،‬وع ّ‬
‫ه‬
‫وصداقة الملوك ‪ ،‬وعرفت به شهرٍ ما ل تعرفه من أفوا ِ‬
‫الرجال في دهْرٍ ‪ ،‬مع السلمة من الغُْرم ِ ‪ ،‬ومن كد ّ الطلب ‪،‬‬
‫ب المكتسب بالتعليم ‪ ،‬ومن الجلوس بين‬ ‫ف ببا ِ‬
‫ومن الوقو ِ‬
‫عرقا ً ‪ ،‬ومع‬‫م منه ِ‬ ‫خُلقا ُ ‪ ،‬وأكر ُ‬ ‫ل منه ُ‬ ‫من أنت أفض ُ‬ ‫يدي َ‬
‫السلمة من مجالسة البغضاء ‪ ،‬ومقارنة الغنياء ‪.‬‬
‫والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار ‪،‬‬
‫ل بنوم ٍ ‪ ،‬ول‬ ‫ضرِ ‪ ،‬ول يعت ّ‬ ‫ويطيعك في السفر كطاعته في الح َ‬
‫م الذي إن افتقرت إليه لم‬ ‫ل السهرِ ‪ ،‬وهو المعل ّ ُ‬ ‫يعتريهِ ك َل َ ُ‬
‫خِفْرك ‪ ،‬وإن قطعت عنه المادة لم يقطعْ عنك الفاِئدةَ ‪،‬‬ ‫ي ْ‬
‫ب‬‫ح أعاديك لم ينقل ْ‬ ‫وإن عزلته لم يدعْ طاعتك ‪ ،‬وإن هّبت ري ُ‬
‫عليك ‪ ،‬ومتى كنت معه متعّلقا ً بسبب أو معتصما ً بأدنى حْبل‬
‫ل تحزن‬
‫‪98‬‬
‫ة الوحدة‬ ‫ى من غيره ‪ ،‬ولم تضّرك معه وحش ُ‬ ‫كان لك فيه غن ً‬
‫س السوِء ‪ ،‬ولو لم يكن من فضله عليك وإحسانه‬ ‫إلى جلي ِ‬
‫إليك إل ّ من ُْعه لك من الجلوس على باِبك ‪ ،‬والنظُر إلى‬
‫المارة بك ‪ .‬مع ما في ذلك من التعّرض للحقوق التي تلزم ‪،‬‬
‫ض فيما ل يعنيك ‪ ،‬ومن‬ ‫ل النظرِ ‪ ،‬ومن عادةِ الخوْ ِ‬ ‫ومن فضو ِ‬
‫س ‪ ،‬وحضورِ ألفاظهم الساقطة ‪،‬‬ ‫ملبسةِ صغارِ النا ِ‬
‫ومعانيهم الفاسدة ‪ ،‬وأخلِقهم الرديئة ‪ ،‬وجهالتهم‬
‫ة ‪ ،‬وإحراُز‬ ‫ة ثم الغنيم ُ‬‫المذمومة ‪ .‬لكان في ذلك السلم ُ‬
‫الصل مع استفادةِ الفْرِع ‪ ،‬ولو لم يكن في ذلك إل أنه‬
‫ب‪،‬‬ ‫منى ‪ ،‬وعن اعتياد الراحةِ وعن الّلع ِ‬ ‫يشغلك عن سخف ال ُ‬
‫وكل ما أشبه اللعب ‪ ،‬لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة‬
‫ة‪.‬‬‫من ّ َ‬
‫وأعظم ال ِ‬
‫وقد علمنا أن أفضل ما يقطع به الُفّراغ ُ نهارهم ‪،‬‬
‫ب ‪ ،‬وهو الشيء‬ ‫ت ليلهم ‪ :‬الكتا ُ‬‫وأصحاب الفكاهات ساعا ِ‬
‫الذي ل ُيرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة ول عقل‬
‫ن ‪ ،‬ول‬ ‫عرض ‪ ،‬ول في إصلح دي ٍ‬ ‫ون ِ‬ ‫ول مروءة ‪ ،‬ول في ص ْ‬
‫في تثمير مال ‪ ،‬ول في رب صنيعةٍ ول في ابتداِء إنعام ٍ ‪.‬‬
‫ل في فضل الكتاب ‪:‬‬ ‫* أقوا ٌ‬
‫وقال أبو عبيدة ‪ :‬قال المهّلب لبنيه في وصيته ‪ :‬يا‬
‫ي ‪ ،‬ل تقوموا في السواق إل على زّراد أو وّراق ‪.‬‬ ‫ب َن ِ ّ‬
‫ت على شيخ شامي كتابا ً‬ ‫دثني صديق لي قال ‪ :‬قرأ ُ‬ ‫وح ّ‬
‫ت المكارم إل من الكتب ‪.‬‬ ‫فيه من مآثرِ غطفان ‪ ،‬فقال ‪ :‬ذهب ِ‬
‫ت‬‫ت أربعين عاما ً ما ِقل ُ‬ ‫ت الحسن اللؤلؤي يقول‪ :‬غبر ُ‬ ‫وسمع ُ‬
‫ت ‪ ،‬إل والكتاب موضوع على صدري ‪.‬‬ ‫ت ول اتكأ ُ‬ ‫ول ب ُ‬
‫وقال ابن الجهم ‪ :‬إذا غشيني النعاس في غير وقت‬
‫ت كتابا ً‬ ‫نوم ‪ .‬وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة ‪ .‬تناول ُ‬
‫حكم ‪ ،‬فأجد ُ اهتزازي للفوائد ‪ ،‬والريحية التي‬ ‫من كتب ال ِ‬
‫تعتريني عند الظفر ببعض الحاجة ‪ ،‬والذي يغشى قلبي من‬
‫ق الحميرِ ‪،‬‬ ‫ً‬
‫سرور الستبانة ‪ ،‬وعّز التبين أشد ّ إيقاظا من نهي ِ‬
‫وهد ّةِ الهَد ْم ِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪99‬‬
‫ت الكتاب واستجدُته ‪،‬‬ ‫ن الجهم ‪ :‬إذا استحسن ُ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ت ذلك فيه ‪ ،‬فلو تراني وأنا ساعة‬ ‫ت منه الفائدة ‪ ،‬ورأي ُ‬ ‫ورجو ُ‬
‫بعد ساعة أنظُر كم بقي من ورقة مخافة استنفاده ‪،‬‬
‫ف عظيم الحجم ِ‬ ‫وانقطاع المادة من قلبه ‪ ،‬وإن كان المصح ُ‬
‫م عيشي وكمل سروري ‪.‬‬ ‫ق كثير العدد ِ فقد ت ّ‬ ‫كثير الور ِ‬
‫وذكر العتبي كتابا ً لبعض القدماء فقال ‪ :‬لول طوُله‬
‫غبني فيه‬ ‫وكثرةُ ورقِهِ لنسخُته ‪ .‬فقال ابن الجهم ‪ :‬لكني ما ر ّ‬
‫ط كتابا ً كبيرا ً فأخلني من‬ ‫تق ّ‬ ‫هدك فيه ‪ ،‬وما قرأ ُ‬ ‫إل الذي ز ّ‬
‫ت منها‬ ‫ت من صغار الكتب فخرج ُ‬ ‫فائدة ‪ ،‬وما أحصي كم قرأ ُ‬
‫ت!‪.‬‬ ‫كما دخل ُ‬
‫ل إ ِل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫وأج ّ‬
‫ب أن ِ‬ ‫ل الكتب وأشرفها وأرفعها ‪ ﴿ :‬ك َِتا ٌ‬
‫وِذك َْرى‬ ‫ه َ‬ ‫ذَر ب ِ ِ‬ ‫ه ل ُِتن ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫حَر ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫ر َ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫في َ‬ ‫كن ِ‬ ‫فل َ ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫* فوائد القراءة والمطالعة ‪:‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫م والحز ِ‬ ‫س واله ّ‬ ‫طرد ً الوسوا ِ‬ ‫‪.1‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫ض في الباط ِ‬ ‫ب الخو ِ‬ ‫اجتنا ُ‬ ‫‪.2‬‬
‫ل العطالةِ ‪.‬‬ ‫طالين وأه ِ‬ ‫ل عن الب ّ‬ ‫الشتغا ُ‬ ‫‪.3‬‬
‫ب على الكلم‪ ،‬والبعد ُ عن‬ ‫فت ْقُ اللسان وتدري ٌ‬ ‫‪.4‬‬
‫ة‪.‬‬‫ن‪ ،‬والتحّلي بالبلغةِ والفصاح ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫الل ّ ْ‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬وتصفي ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وتجويد ُ الذ ّهْ ِ‬ ‫ة العَْق ِ‬ ‫تنمي ُ‬ ‫‪.5‬‬
‫الخاط ِرِ ‪.‬‬
‫ظ والمفهوم ِ ‪.‬‬ ‫غزارةُ العلم ِ ‪ ،‬وكثرةُ المحفو ِ‬ ‫‪.6‬‬
‫س وحكم ِ الحكماِء‬ ‫ب النا ِ‬ ‫الستفادةُ من تجار ِ‬ ‫‪.7‬‬
‫ط العلماِء ‪.‬‬ ‫واستنبا ِ‬
‫ة على‬ ‫مل َك َةِ الهاضمةِ للعلوم ِ ‪ ،‬والمطالع ُ‬ ‫إيجاد ُ ال َ‬ ‫‪.8‬‬
‫الثقافات الواعية لدورها في الحياة ‪.‬‬
‫ل‬
‫ب أه ِ‬ ‫ة في قراءة كت ِ‬ ‫ص ً‬‫ن خا ّ‬ ‫زيادةُ اليما ِ‬ ‫‪.9‬‬
‫عاظ ‪ ،‬ومن أج ّ‬
‫ل‬ ‫السلم ِ ‪ ،‬فإن الكتاب من أعظم الو ّ‬
‫الزاجرين ‪ ،‬ومن أكبر الناهين ‪ ،‬ومن أحكم ِ المرين ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪100‬‬
‫ت ‪ ،‬وللقلب من‬ ‫ذهن من التشت ّ ِ‬ ‫ة لل ّ‬
‫‪ .10‬راح ٌ‬
‫ت من الضياِع ‪.‬‬ ‫التشرذ ُم ِ ‪ ،‬وللوق ِ‬
‫خ في فَهْم ِ الكلمةِ ‪ ،‬وصياغةِ المادةِ ‪،‬‬ ‫‪ .11‬الرسو ُ‬
‫ل الجملةِ ‪ ،‬ومعرفةِ أسراِر‬ ‫ومقصودِ العبارةِ ‪ ،‬ومدلو ِ‬
‫الحكمةِ ‪.‬‬
‫ن طعمت‬ ‫وليس بأ ْ‬ ‫ح‬‫ح الروِح أروا ُ‬ ‫فرو ُ‬
‫ول شربتا‬
‫***********************************‬ ‫المعاني‬
‫وقفــة‬
‫مرض أبو بكرٍ رضي الله عنه فعادوه ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬أل ندعو‬
‫لك الطبيب ؟ فقال ‪ :‬قد رآني الطبيب ‪ .‬قالوا ‪ :‬فأيّ شيء‬
‫ل لما أريد ُ ‪.‬‬ ‫قال لك ؟ قال ‪ :‬إني فّعا ٌ‬
‫خي َْر عيشِنا‬ ‫ب رضي الله عنه ‪ :‬وجدنا َ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫قال عمُر ب ُ‬
‫بالصبرِ ‪.‬‬
‫ن الصبر‬ ‫ش أدركناه بالصبر ‪ ،‬ولو أ ّ‬ ‫ل عي ٍ‬ ‫وقال أيضا ً ‪ :‬أفض ُ‬
‫ل كان كريما ً ‪.‬‬ ‫كان من الرجا ِ‬
‫صب َْر‬
‫ي بن أبي طالب رضي الله عنه ‪ :‬أل إن ال ّ‬ ‫وقال عل ّ‬
‫س بار‬ ‫س من الجسد ِ ‪ ،‬فإذا ُقطع الرأ ُ‬ ‫من اليمان بمنزلة الرأ ِ‬
‫صب َْر له ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬ثم َرفَعَ صوَته فقال ‪ :‬إنه ل إيمان لمن ل َ‬ ‫الجس ُ‬
‫ة ل ت َك ُْبو ‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬الصبُر مطي ّ ٌ‬
‫وقال الحسن ‪ :‬الصبر ك َن ٌْز من كنوزِ الخيرِ ‪ ،‬ل يعطيه الل ُ‬
‫ه‬
‫إل لعبد ٍ كريم ٍ عنده ‪.‬‬
‫ة‪،‬‬ ‫ه على عبد ٍ نعم ً‬ ‫ن عبدالعزيز ‪ :‬ما أنعم الل ُ‬ ‫وقال عمُر ب ُ‬
‫وضه خيرا ً‬ ‫عها منه ‪ ،‬فعاضه مكانها الصبر ‪ ،‬إل ّ كان ما ع ّ‬ ‫فانتز َ‬
‫ه‪.‬‬‫مما انتزع ُ‬
‫ً‬
‫ن مهران ‪ :‬ما نال أحد شيئا من ختم ِ‬ ‫وقال ميمون ب ُ‬
‫الخيرِ فيما دونه إل الصبر ‪.‬‬
‫ل عمل ُيعرف ثوابه إل‬ ‫ن القاسم ‪ :‬ك ّ‬ ‫وقال سليمان ب ُ‬
‫هم‬ ‫جَر ُ‬ ‫َ‬ ‫و ّ‬
‫نأ ْ‬‫صاب ُِرو َ‬
‫فى ال ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫الصبّر ‪ ،‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ َ‬
‫ب ﴾ قال ‪ :‬كالمال المنهمر ‪.‬‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫بِ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪101‬‬
‫*****************************‬
‫ن هناك مشهدا ً آخر وحياةً‬ ‫نل ّ‬‫ل تحز ْ‬
‫أخرى ‪ ،‬ويوما ً ثانيا ً‬
‫ن‬
‫يجمع الله فيه الّولين والخرين ‪ ،‬وهذا يجعلك تطمئ ّ‬
‫ظلم هنا‬ ‫ب ماُله هنا وجده هناك ‪ ،‬ومن ُ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫لعد ِ‬
‫عوِقب هناك !!‬ ‫ُأنصف هناك ‪ ،‬ومن جار هنا ُ‬
‫ُنقل عن » كانت « الفيلسوف اللماني أنه قال ‪ )) :‬إن‬
‫ن؛‬‫ل ب َعْد ُ ‪ ،‬ولبد ّ من مشهدٍ ثا ٍ‬ ‫مسرحّية الحياة الدنيا لم تكتم ْ‬
‫لننا نرى هنا ظالما ً ومظلوما ً ولم نجد ْ النصاف ‪ ،‬وغالبا ً‬
‫م فيه‬ ‫ومغلوبا ً ولم نجد النتقام ‪ ،‬فلبد ّ إذن من عالم ٍ آخر يت ّ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫العَد ْ ُ‬
‫قال الشيخ علي الطنطاوي معّلقا ً ‪ :‬وهذا الكلم اعتراف‬
‫ضمني باليوم الخر والقيامة ‪ ،‬من هذا الجنبي ‪.‬‬
‫ض أجحف‬ ‫وقاضي الر ِ‬ ‫إذا جاَر الوزيُر وكاتِباهُ‬
‫القضاِء‬ ‫في‬ ‫م وي ْ ٌ‬ ‫فَوَي ْ ٌ‬
‫ض من‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫لقاضي‬ ‫ل‬ ‫ل ثُ ّ‬ ‫ل ثم وَي ْ ٌ‬
‫السماِء‬‫قاضيال ْ ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ع‬
‫ري ُ‬
‫س ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫و َ‬‫م ال ْي َ ْ‬ ‫﴿ َل ظُل ْ َ‬
‫*********************************‬
‫ب‬
‫ت من تجار ِ‬
‫ة وُنقول ٌ‬ ‫أقوا ٌ‬
‫ل عالمي ٌ‬
‫القوم ِ‬
‫كتب » روبرت لويس ستيفنسون « ‪ )) :‬فكل إنسان‬
‫يستطيع القيام بعمله مهما كان شاقّا ً في يوم واحد ‪ ،‬وكل‬
‫س ‪ .‬وهذا‬ ‫ن يستطيعُ العيش بسعادة حتى تغيب الشم ُ‬ ‫إنسا ٍ‬
‫ما تعنيه الحياة (( ‪.‬‬
‫م واحد ‪،‬‬
‫قال أحدهم ‪ )) :‬ليس لك من حياِتك إل يو ٌ‬
‫أمس ذهب ‪ ،‬وغ َد ٌ لم يأ ِ‬
‫ت (( ‪.‬‬
‫كتب » ستيفن ليكوك « ‪ :‬فالطفل يقول ‪ :‬حين أصبح‬
‫ي يقول ‪ :‬حين ُأصبح شاب ّا ً ‪ .‬وحين ُأصبح شاب ّا ً‬ ‫صبي ّا ً ‪ ،‬والصب ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪102‬‬
‫أتزوج ‪ .‬ولكن ماذا بعد الزواج؟ وماذا ب َعْد َ كل هذه المراحل؟‬
‫عد ‪ .‬ينظر‬ ‫تتغيُر الفكرة نحو ‪ :‬حين أكون قادرا ً على التقا ُ‬
‫خلفه ‪ ،‬وتلفحه رياح باردة ‪ ،‬لقد فقد حياته التي وّلت دون أن‬
‫ن‬
‫نأ ّ‬ ‫ت الوا ِ‬ ‫ة واحدة منها ‪ ،‬ونحن نتعّلم بعد فوا ِ‬ ‫يعيش دقيق ً‬
‫ل ساعة من يومنا الحاضرِ (( ‪.‬‬ ‫الحياة تقعُ في كل دقيقة وك ّ‬
‫وكذلك المسوُّفون بالتوبة ‪.‬‬
‫ة‬
‫قال أحد السلف ‪ )) :‬أنذرُتكم ) سوف ( ‪ ،‬فغنها كلم ٌ‬
‫خرت من صلح (( ‪.‬‬ ‫كم منعت من خير وأ ّ‬
‫ف‬‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه‬ ‫وي ُل ْ‬‫َ‬ ‫عوا ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫م‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫م ي َأ ْك ُُلوا ْ‬ ‫﴿ ذَْر ُ‬
‫ه ْ‬
‫ِ ِ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫يقول الفيلسوف الفرنسي » مونتين « ‪ )) :‬كانت حياتي‬
‫م أبدا ً (( ‪.‬‬ ‫ظ السيئ الذي لم يرح ْ‬ ‫مليئة بالح ّ‬
‫ت ‪ :‬هؤلء لم يعرفوا الحكمة من خْلقهم ‪ ،‬على الرغم‬ ‫قل ُ‬
‫من ذكائهم ومعارفهم ‪ ،‬لكن لم يهتدوا بهدي الله الذي بعث‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ُنورا ً َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ج َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫و َ‬‫به رسوله ‪َ ﴿ ، ‬‬
‫فورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ما ك َ ُ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫كرا ً َ‬ ‫شا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫سِبي َ‬ ‫هدَي َْناهُ ال ّ‬ ‫ر﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِّنا َ‬ ‫ّنو ٍ‬
‫يقول ‪ » :‬دانسي « ‪ )) :‬فك ّْر إن هذا اليوم لن ينبثق ثاني ً‬
‫ة‬
‫(( ‪.‬‬
‫ة‬
‫ل صل َ‬ ‫ل حديث ‪ )) :‬ص ّ‬ ‫ل منه وأكم ُ‬ ‫ت ‪ :‬وأجم ُ‬ ‫قل ُ‬
‫ع ((‬ ‫مودّ ٍ‬
‫ش فيه آخُر‬ ‫ومن جعل في خلد ِهِ أن هذا اليوم الذي يعي ُ‬
‫ه‬
‫عة رب ّ ِ‬ ‫مهِ ‪ ،‬جد ّد َ توبته ‪ ،‬وأحسن عمله ‪ ،‬واجتهد في طا ِ‬ ‫أيا ِ‬
‫واتباِع رسول ِهِ ‪. ‬‬
‫كتب المثل المسرحي الهندي الشهير » كاليداسا « ‪:‬‬
‫ة للفجر‬ ‫تحي ً‬
‫انظْر إلى هذا النهار‬
‫لنه هو الحياة ‪ ،‬حياة الحياة‬
‫ق وجوِدك‬ ‫ف حقائ ِ‬ ‫في فترت ِهِ ‪ُ ،‬توجد مختل ُ‬
‫و‬
‫م ّ‬‫ة الن ّ ُ‬ ‫نعم ُ‬
‫ل المجيد ُ‬ ‫العم ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪103‬‬
‫وبهاُء النتصاِر‬
‫ولن المس ليس سوى ُ ُ‬
‫حلم ٍ‬
‫ؤى‬‫والغَد ُ ليس إل ُر ً‬
‫حْلما ً جميل ً‬
‫ن اليوم الذي تعيشه بأكمله يجعل المس ُ‬
‫لك ّ‬
‫ل‬
‫ة للم ِ‬ ‫وكل غد رؤي ً‬
‫فانظر جّيدا ً إلى هذا النهار‬
‫هذه هي تحية الفجر‬
‫*********************************‬
‫اسأ ْ‬
‫ل نفسك هذه السئلة‬
‫أغلق البواب الحديدّية على الماضي والمستقبل ‪،‬‬
‫مك ‪:‬‬ ‫ش دقائقَ يو ِ‬ ‫وع ْ‬
‫جل حياتي الحاضرة من أجل‬ ‫‪ .1‬هل أقصد أن أؤ ّ‬
‫ن إلى )) حديقة‬ ‫ل ‪ ،‬أو الحني ِ‬ ‫ن المستقب ِ‬ ‫ق بشأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫القل‬
‫ُ‬
‫ق (( ؟‬ ‫سحرية وراء الفُ ِ‬
‫‪ .2‬هل أجعل حاضري مريرا ً بالتطل ِّع إلى أشياء‬
‫ت مع مروِر‬ ‫ت وانقض ْ‬ ‫حد َث َ ْ‬‫ث في الماضي ‪َ ،‬‬ ‫حد َي َ ْ‬‫َ‬
‫ن؟‬ ‫الزم ِ‬
‫ت على‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ظ في الصباِح ‪ ،‬وقد ص ّ‬ ‫‪ .3‬هل أستيق ُ‬
‫ل النهارِ ‪ ،‬والفادةِ القصوى من الساعات‬ ‫استغل ِ‬
‫الربِع والعشرين المقبلة ؟‬
‫ت دقائق‬ ‫‪ .4‬هل أستفيد من الحياة إذا ما عش ُ‬
‫يومي ؟‬
‫‪ .5‬متى سأبدأ ُ في القيام بذلك ؟ السبوع‬
‫م؟‬ ‫المقبل ؟ ‪ ..‬في الغدِ ؟ ‪ ..‬أو اليو َ‬
‫دث‬ ‫ل نفسك ‪ :‬ما اسوأ ُ‬ ‫‪ .6‬اسأ ْ‬
‫ح ُ‬‫ن يَ ْ‬‫نأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫يمك‬ ‫ل‬
‫ٍ‬ ‫احتما‬
‫؟ ثم ‪:‬‬
‫مل ِهِ ‪.‬‬‫‪ -‬جهّْز نفسك لقبولهِ وتح ّ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ‪ ﴿ .‬ال ّ ِ‬ ‫شرِ بهدوٍء لتحسين ذلك الحتما ِ‬ ‫‪ -‬با ْ‬
‫عوا ْ ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ُ‬
‫ج َ‬
‫قدْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬
‫م الّنا ُ‬ ‫ه ُ‬‫لَ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪104‬‬
‫سب َُنا الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫قاُلوا ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫مانا ً َ‬
‫و َ‬ ‫م ِإي َ‬
‫ه ْ‬
‫فَزادَ ُ‬‫م َ‬
‫ه ْ‬‫و ُ‬ ‫خ َ‬
‫ش ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ل﴾ ‪.‬‬ ‫كي ُ‬‫و ِ‬‫م ال ْ َ‬
‫ع َ‬‫ون ِ ْ‬ ‫َ‬
‫********************************‬
‫وقفــــة‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬‫وي َْرُز ْ‬‫خَرجًا}‪َ {2‬‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫عل ل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ه‬
‫سب ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫ف ُ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫َ‬
‫سرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫عدَ ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫﴾‪َ ﴿.‬‬
‫ر ‪ ،‬وأن الفرج مع‬ ‫)) واعلم أن النصر مع الصب ِ‬
‫سرا ً (( ‪.‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن مع ال ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫الكْر ِ‬
‫ن بي ما شاء (( ‪.‬‬ ‫ن عبدي بي فل ْي َظُ ّ‬ ‫)) أنا عند ظ ّ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫عِلي ُ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فيك َ ُ‬ ‫سي َك ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ح‬‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫فت ْح أ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫فعسى الل ّ َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫د ِ‬‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫م ٍ‬‫وأ ْ‬ ‫ي ِبال ْ َ ِ ْ‬ ‫ه أن ي َأت ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫﴿ َ َ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫ف ٌ‬‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ها ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫﴿ ل َي ْ َ‬
‫**************************************‬
‫وة ويهدّ الجسم‬ ‫ن يحطّ ُ‬
‫م الق ّ‬ ‫الحز ُ‬
‫قال الدكتور » ألكسيس كاريل « الحائز على جائزة‬
‫ل الذين ل يعرفون‬ ‫ب ‪ )) :‬إن رجال العما ِ‬ ‫نوبل في الط ّ‬
‫ق ‪ ،‬ويموتون باكرا ً (( ‪.‬‬ ‫مجابهة القل ِ‬
‫ل شيء بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬لكن قد يكون المعنى ‪:‬‬ ‫ت‪:‬ك ّ‬ ‫قل ُ‬
‫ق‬
‫طمة للكيان ‪ ،‬هو القل ُ‬ ‫أن من السباب المتلفة للجسم المح ّ‬
‫‪ .‬وهذا صحيح ‪.‬‬
‫ن أيضا ً يثيُر الُقْرحة! (( ‪:‬‬ ‫)) والحز ُ‬
‫يقول الدكتور » جوزيف ف ‪ .‬مونتاغيو « مؤلف كتاب ))‬
‫ة‬
‫ح ِ‬
‫مشكلة العصبية (( ‪ ،‬يقول فيه‪ )) :‬أنت ل ُتصاب بالُقْر َ‬
‫ب ما ي َأ ْك ُُلك (( !!‪.‬‬ ‫ل من طعام ٍ ‪ ،‬بل بسب ِ‬ ‫ب ما تتناو ُ‬ ‫بسب ِ‬
‫قال المتنبي ‪:‬‬
‫ب ناصية‬ ‫وُيشي ُ‬ ‫م‬‫م يختر ُ‬ ‫واله ّ‬
‫م‬
‫الغلم ِ وُيهرِ ُ‬ ‫ة‬
‫الجسيم نحاف ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪105‬‬
‫ة في الدرجة‬ ‫ح ُ‬‫وطبقا ً لمجلة » ليف « تأتي الُقْر َ‬
‫العاشرةِ من المراض الفّتاكة ‪.‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫حْز ِ‬‫ر ال ُ‬
‫وإليك بعض آثا ِ‬
‫ُترجمت لي قطعة من كتاب الدكتور إدوار بودولسكي ‪،‬‬
‫ل (( إليك بعضا ً من‬ ‫وعنوانه ‪ )) :‬دِع القلق وانطلق نحو الفض ِ‬
‫ل هذا الكتاب ‪:‬‬ ‫عناوين فصو ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل القلقُ بالقل ِ‬ ‫• ماذا يفع ُ‬
‫ذيه القلقُ ‪.‬‬ ‫ط الدم ِ المرتفع يغ ّ‬ ‫• ضغ ُ‬
‫َ‬
‫ض الروماتيزم ‪.‬‬ ‫• الَقلقُ يمكن أن يتسبب في أمرا ِ‬
‫ف من قلِقك إكراما ً لمعدِتك ‪.‬‬ ‫• خّف ْ‬
‫• كيف يمكن أن يكون القلقُ سببا ً للبرد ِ ‪.‬‬
‫ة‪.‬‬ ‫• القلق والغد ّةُ الدرقي ُ‬
‫ب السكري والقلقُ ‪.‬‬ ‫• مصا ُ‬
‫وفي ترجمة لكتاب د‪ .‬كارل مانينغر ‪ ،‬أحد الطباء‬
‫ب النفسي ‪ ،‬وعنوانه ‪ )) :‬النسان ضد ّ‬ ‫المتخصصين في الط ِ‬
‫نفسه (( ‪ ،‬يقول ‪ )) :‬ل يعطيك الدكتور مانينغر قواعد َ حو َ‬
‫ل‬
‫ق ‪ ،‬بل تقريرا ً مذهل ً عن كيف نحط ُ‬
‫م‬ ‫ب القل ِ‬ ‫كيفيةِ اجتنا ِ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ،‬والحقد ِ والزدراِء ‪ ،‬والثور ِ‬ ‫ق والكب ْ ِ‬ ‫أجسادنا وعقولنا بالقل ِ‬
‫ف (( ‪.‬‬ ‫والخوْ ِ‬
‫ن‬‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫عا ِ‬ ‫إن من أعظم منافع قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل‬‫ة البا ِ‬
‫س ﴾ ‪ :‬راحة القلب ‪ ،‬وهدوَء الخاط ِرِ ‪ ،‬وسعَ َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫والسعادة ‪.‬‬
‫وفي مدينة » بوردو « الفرنسية ‪ ،‬يقول حاكمها‬
‫ب في معالجة‬ ‫الفيلسوف الفرنسي » مونتين « ‪ )) :‬أرغ ُ‬
‫ي (( ‪.‬‬ ‫مشاكلكم بيدي وليس بكبدي ورئت ّ‬
‫قد ُ ؟‬ ‫ح ْ‬‫م وال ِ‬ ‫ن ‪ ،‬واله ّ‬ ‫ماذا يفعل الحز ُ‬
‫وضع الكتور راسل سيسيل – من جامعة » كورنيل « ‪،‬‬
‫ب‬
‫ب شائعة تسبب في التها ِ‬ ‫معهد الطب – أربعة أسبا ٍ‬
‫ل‪:‬‬‫المفاص ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪106‬‬
‫‪ .1‬انهياُر الزواِج ‪.‬‬
‫ن‪.‬‬‫ة والحز ُ‬ ‫ث المادي ُ‬ ‫‪ .2‬الكوار ُ‬
‫‪ .3‬الوحدةُ والقلقُ ‪.‬‬
‫حْقد ُ ‪.‬‬‫‪ .4‬الحتقاُر وال ِ‬
‫وقال الدكتور وليم مالك غوينغل ‪ ،‬في خطاب لتحاد‬
‫مْثل‬ ‫أطباء السنان المريكيين ‪ )) :‬إن المشاعر غَي ْرِ الساّرةِ ِ‬
‫ف ‪ ..‬يمكن أن تؤثر في توزيع الكالسيوم في‬ ‫ق والخو ِ‬ ‫القل ِ‬
‫ن (( ‪.‬‬‫ف السنا ِ‬ ‫الجسم ‪ ،‬وبالتالي تؤدي إلى ت َل َ ِ‬
‫وتناول أمورك بهدوء ‪:‬‬
‫يقول دايل كارنيجي ‪ )) :‬إن الزنوج الذين يعيشون في‬
‫ب‬‫ب البلدِ والصينيين نادرا ً ما ُيصابون بأمراض القل ِ‬ ‫جنو ِ‬
‫ق ؛ لنهم يتناولون المور بهدوء (( ‪.‬‬ ‫الناتجةِ عن القل ِ‬
‫ويقول ‪ )) :‬إن عدد المريكيين الذين ُيقبلون على‬
‫النتحار هو أكثر بكثير من الذين يموتون نتيجة للمراض‬
‫الخمسة الفّتاكة (( ‪.‬‬
‫وهذه حقيقة مذهلة تكاد ُ ل تصد ّقُ !‬
‫ن ظّنك برّبك ‪:‬‬ ‫س ْ‬ ‫ح ّ‬
‫قال وليم جايمس‪)) :‬إن الله يغفُر لنا خطايانا‪ ،‬لكن‬
‫جهازنا العصبي ل يفعل ذلك أبدًا((!‬
‫ذكر ابن الوزير في كتابه »العواصم والقواصم« ‪)) :‬إن‬
‫ويه‬ ‫د‪ ،‬ويق ّ‬‫ل ‪ -‬يفتح المل للعب ِ‬ ‫الرجاء في رحمة الله ‪ -‬عّز وج ّ‬
‫ل سابقا ً إلى‬ ‫على الطاعةِ ‪ ،‬ويجعُله نشيطا ً في النواف ِ‬
‫ت(( ‪.‬‬ ‫الخيرا ِ‬
‫ت ‪ :‬وهذا صحيح ‪ ،‬فإن بعض النفوس ل يصلحها إل‬ ‫قل ُ‬
‫كر رحمة الله وعفوه وتوبته وحلمه ‪ ،‬فتدنو منه ‪ ،‬وتجتهد ُ‬ ‫تذ ّ‬
‫وتثابُر ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫م ِبك الخيا ُ‬ ‫إذا ها َ‬
‫ة يلجأ ُ إليها‬‫يقول توماس أدسون ‪ )) :‬ل توجد وسيل ٌ‬
‫ن هََربا ً من التفكير (( ‪.‬‬ ‫النسا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪107‬‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫وهذا صحيح بالتجربة ‪ ،‬فإن النسان قد يقرأ أو يكت ُ‬
‫وهو يفكُر ‪ ،‬ولكن من أحسن ما يحد ّ التفكير ويضبطه العم ُ‬
‫ل‬
‫ل وجنوٍح‬ ‫الجاد ّ المثمُر النافعُ ‪ ،‬فإن أهل الفراغ أه ُ‬
‫ل خيا ٍ‬
‫وأراجيف ‪.‬‬
‫****************************‬
‫ء‬
‫د البّنا ِ‬
‫ب بالّنق ِ‬
‫ح ْ‬
‫ر ّ‬
‫ل ما يتفقُ مع رغباِتنا‬ ‫نك ّ‬ ‫ل أندريه مورو ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل ما هو غيُر ذلك ُيثير غضبنا ‪.‬‬ ‫الشخصيةِ يبدو حقيقي ّا ً ‪ ،‬وك ّ‬
‫ب المدح‬ ‫ب أننا نح ّ‬ ‫ت وكذلك النصائح والنقد ُ ‪ ،‬فالغال ُ‬ ‫قل ْ‬
‫م ولو كان حّقا ً‬ ‫ه ‪ ،‬ولو كان باطل ً ‪ ،‬ونكرهُ النقد والذ ّّ ّ‬ ‫بل ُ‬ ‫ون َط َْر ُ‬
‫ب وخطأ ٌ خطيٌر ‪.‬‬ ‫وهذا عي ٌ‬
‫م إِ َ‬
‫ذا‬ ‫ه ْ‬ ‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫حك ُ َ‬ ‫ه ل ِي َ ْ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ذا دُ ُ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫كن ل ّ ُ‬ ‫وِإن ي َ ُ‬ ‫ن}‪َ {48‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫فْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عِني َ‬ ‫مذ ْ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ي َأُتوا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ل إلى قراٍر‬ ‫م التوص ّ‬ ‫م جايمس ‪ )) :‬عندما يت ّ‬ ‫ل ولي ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫س اليوم ِ ‪ ،‬فإنك ستتخّلص كلي ّا ً من الهموم ِ لبتي‬ ‫ُينّفذ ُ في نف ِ‬
‫ستسيطُر عليك فيما أنت تفكُر بنتائِج المشكلةِ ‪ ،‬وهو يعني‬
‫ض في‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أنك إذا اتخذت قرارا حكيما يركُز على الوقائِع ‪ ،‬فام ِ‬
‫تنفيذِهِ ول تتوّقف مترّددا ً أو قِلقا ُ أو تتراجعٌ في خطواِتك ‪ ،‬ول‬
‫ك التي ل تلد ُ غل ّ الشكوك ‪ ،‬ول تستمّر‬ ‫تضي ّعْ نفسك بالشكو ِ‬
‫في النظرِ إلى ما وراِء ظهرك (( ‪.‬‬
‫واشدوا في ذلك ‪:‬‬
‫حيران ل ظفٌر ول‬ ‫ت‬‫ت العزما ِ‬ ‫مشت ّ ُ‬ ‫و ٌ‬
‫إخفاقُ‬ ‫عمرهُ‬ ‫قُُر ‪:‬‬‫ينفآخ‬ ‫ُ‬
‫وقال‬
‫ن فساد الرأي أة‬ ‫فإ ّ‬ ‫إذا كنت ذا رأي‬
‫ق‬ ‫فيةٍاتخاذ ِ القرارِتترّددا‬ ‫الشجاعةعزيم‬ ‫ن ذا‬ ‫إن فك ُ‬
‫إنقاذ لك من القل ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫صد َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫مُر َ‬‫م اْل ْ‬ ‫عَز َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ب‪َ ﴿.‬‬ ‫والضطرا ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫خْيرا ً ل ّ ُ‬‫َ‬
‫**************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪108‬‬
‫ددا ً‬
‫كرا ً أو متر ّ‬
‫ف متف ّ‬ ‫ل تتوق ْ‬
‫ر الفراغ‬ ‫ل واهج ِ‬ ‫ل وابذُ ْ‬
‫بل اعم ْ‬
‫ب في‬ ‫ل الدكتوُر ريتشاردز كابوت ‪ :‬أستاذ ُ الط ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن(‪:‬‬ ‫ش النسا ُ‬ ‫جامعةِ ) هارفرد ( ‪ ،‬في كتابةِ بعنوان ) بم يعي ُ‬
‫ل ( للمرضى الذين‬ ‫ح بعلِج ) العم ِ‬ ‫)) بصفتي طبيبا ً ‪ ،‬أنص ُ‬
‫ف ‪..‬‬‫ك والترد ّد ِ والخو ِ‬ ‫ش الناتِج عن الشكو ِ‬ ‫يعانون من الرتعا ِ‬
‫ل العتماد ِ على‬ ‫ل لنا هي مث ُ‬ ‫حها العم ُ‬ ‫ة التي يمن ُ‬ ‫فالشجاع ُ‬
‫ن ( دائم الّروعةِ (( ‪.‬‬ ‫س الذي جعله ) أمرسو ُ‬ ‫ِ‬ ‫الّنف‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫في اْل َ‬ ‫شُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫صَلةُ َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬ ‫ق ِ‬
‫ه ﴾ ‪.‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫غوا ِ‬ ‫واب ْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن سّر التعاسةِ في أن‬ ‫ل جورج برناردشو ‪ )) :‬يمك ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت لرفاهيةِ التفكيرِ ‪ ،‬فيما إذا كنت سعيدا ً أو ل ‪،‬‬ ‫يتاح لك وق ٌ‬
‫م بالتفكيرِ في ذلك بل ابق منهمكا ً في العمل ‪ ،‬عندئذ‬ ‫فل تهت ّ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫ن ‪ ،‬وعُقلك بالتفكيرِ ‪ ،‬وسرعان ما ُتذه ِ ُ‬ ‫مك في الدورا ِ‬ ‫يبدأ د ُ‬
‫ل وابق منهمكا ً في‬ ‫الحياةُ الجديدة القلق من عقِلك ! عم ْ‬
‫ض وأفضُله ((‬ ‫ن أرخص دواٍء موجود ٍ على وجهِ الر ِ‬ ‫ل ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫العم ِ‬
‫‪.‬‬
‫ه‬‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫م َ‬ ‫مل َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫سي ََرى الل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مُلوا ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫لا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ل دزرائيلي ‪ » :‬الحياةُ قصيرةٌ جدا ً ‪ ،‬لتكون تافه ً‬ ‫يقو ُ‬
‫ب ‪ » :‬الحياة ُ أقصُر من أن‬ ‫وقال بعض حكماِء العر ِ‬
‫صرها بالشحناِء « ‪.‬‬ ‫نق ّ‬
‫ن}‪{112‬‬ ‫سِني َ‬ ‫عدَدَ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫في اْل َْر‬ ‫م ِ‬ ‫م ل َب ِث ْت ُ ْ‬ ‫ل كَ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن}‪{113‬‬ ‫دي َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫سأ َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫ْ‬
‫قاُلوا ل َبث َْنا يوما ً أ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫قِليل ً ل ّ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫و أن ّك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ل ِإن ل ّب ِث ْت ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬

‫حة لها ‪:‬‬‫تلص ّ‬ ‫أكثُر الشائعا ِ‬


‫ب‬
‫م محار ٍ‬
‫ل جورج كروك – وهو ربما أعظ ُ‬ ‫ل الجنرا ُ‬‫يقو ُ‬
‫ي – في صفحة ‪ 77‬من مذكراته ‪:‬‬ ‫هنديّ في التاريخ المريك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪109‬‬
‫ق وتعاسةِ الهنود ِ تقريبا ً تصدُر من مخيلِته ْ‬
‫م‬ ‫ل قل ِ‬ ‫نك ّ‬ ‫»إ ّ‬
‫وليس من الواقِع « ‪.‬‬
‫م ﴾‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬‫صي ْ َ‬
‫َ‬
‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه وتعالى‪ ﴿ :‬ي َ ْ‬ ‫قال سبحان ُ‬
‫عوا ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫و َ‬ ‫خَبال ً ول ْ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫ما َزا ُ‬ ‫كم ّ‬ ‫في ُ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ لَ ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫خل َل َك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫س – من جامعة » كولومبيا « ‪ -‬إنه‬ ‫ل الستاذ ُ هوك ْ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل عل ّةٍ تحت‬ ‫اتخذ هذهِ الترنيمة واحدا ً من شعارات ِهِ ‪ » :‬لك ّ‬
‫ج‬
‫ن كان يوجد ُ عل ٌ‬ ‫ج ‪ ،‬أو ل يوجد ُ أبدا ً ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫الشمس ُيوجد ُ عل ٌ‬
‫م بهِ « ‪.‬‬ ‫ن موجودا ً ل تهت ّ‬ ‫حاول أن تجدهُ ‪ ،‬وإن لم يك ْ‬
‫ء إل‬ ‫ه من دا ٍ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬ما أنزل الل ُ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫هل َ ُ‬ ‫نج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هل َ ُ‬‫ه وج ِ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ِ َ‬‫ه من َ‬ ‫أنزل له دواء عِلم ُ‬
‫ق يجنُبك المزالق ‪:‬‬ ‫الرف ُ‬
‫ص‪،‬‬ ‫صفصا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ي لتلميذهِ ‪ » :‬النحناُء مث ُ‬ ‫قال أستاذ ٌ يابان ّ‬
‫ل البّلوط « ‪.‬‬ ‫م المقاومةِ مث ُ‬ ‫وعد ُ‬
‫ع‪،‬‬ ‫ة من الزر ِ‬ ‫ن كالخام ِ‬ ‫وفي الحديث ‪ )) :‬المؤم ُ‬
‫سَرةً (( ‪.‬‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫من َ ً‬‫ح يَ ْ‬ ‫تفيُئها الري ُ‬
‫ة‪ ،‬لكنه يأتيها‬ ‫م في الصخر ِ‬ ‫م كالماِء‪ ،‬ل يصطد ُ‬ ‫والحكي ُ‬
‫حتها‪.‬‬ ‫نت ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن فوِقها و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سَرةُ و ِ‬ ‫ة وي ْ‬ ‫من َ ً‬
‫يَ ْ‬
‫ُ‬
‫ف ‪ ،‬لو أنيخ‬ ‫ل الن ِ ِ‬ ‫ن كالجم ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬المؤم ُ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ة لناخ عليها (( ‪.‬‬ ‫على صخر ٍ‬
‫ما فات لن يعود ‪:‬‬
‫ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫فات َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫وا َ‬ ‫س ْ‬ ‫﴿ ل ِك َي َْل ت َأ َ‬
‫ب إلى‬ ‫وقف الدكتوُر بول براندوني ‪ ،‬وألقى بزجاجةِ حلي ٍ‬
‫مراق « ‪.‬‬ ‫ك على الحليب ال ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وهتف قائل ً ‪ » :‬ل تب ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ب لك عسيٌر عليك ‪.‬‬ ‫مة ‪ :‬الذي لم ي ُك ْت َ ْ‬ ‫ت العا ّ‬ ‫وقال ِ‬
‫م ‪ :‬أتلومني على شيٍء‬ ‫م لموسى عليهما السل ُ‬ ‫وقال آد ُ‬
‫ي قبل أن يخلقني بأربعين عاما ً ؟ قال رسو ُ‬
‫ل‬ ‫ه عل ّ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫كتب ُ‬
‫م موسى ‪،‬‬ ‫ج آد ُ‬ ‫م موسى ‪ ،‬فح ّ‬ ‫ج آد ُ‬ ‫اللهِ ‪ )) : ‬فح ّ‬
‫ج آدم موسى (( ‪.‬‬ ‫فح ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪110‬‬
‫ك ل من‬ ‫ة في نفسك وداخل ِ‬ ‫وابحث عن السعاد ِ‬
‫جك ‪.‬‬ ‫حوِلك وخار ِ‬
‫ن العقل في‬ ‫قال الشاعُر النجليزيّ ميلتون ‪ )) :‬إ ّ‬
‫ع أن يجعل الجنة جحيما ً ‪،‬‬ ‫ه يستطي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه وِبنف ِ‬ ‫مكان ِ‬
‫ة (( !‬ ‫والجحيم جن ً‬
‫قال المتنبي ‪:‬‬
‫وأخو الجهالةِ في‬ ‫ل يشقى‬ ‫ذو العْق ِ‬
‫م‬
‫الشقاوةِ ينع ُ‬ ‫ه‬
‫في النعيم ِ بعقل ِ ِ‬
‫ق الحزن ‪:‬‬ ‫فالحياةُ ل تستح ّ‬
‫ف ستة‬ ‫ن في » سانت هيلينا « ‪ » :‬لم أعر ْ‬ ‫قال نابليو ُ‬
‫أيام ٍ سعيدةِ في حياتي « !!‬
‫ت أيام‬ ‫ة‪ » .:-‬عدد ُ‬ ‫ك ‪-‬الخليف ُ‬ ‫دالمل ِ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫مب ُ‬ ‫قال هشا ُ‬
‫شَر يوما ً «‬ ‫سعادتي فوجدُتها ثلثة ع َ َ‬
‫م أتو ّ‬
‫ل‬ ‫ل ‪ » :‬يا ليتني ل ْ‬ ‫ك يتأّوه ويقو ُ‬ ‫دالمل ِ‬ ‫وكان أبوه عب ُ‬
‫الخلفة « ‪.‬‬
‫م يفّررون‬ ‫ب ‪ :‬الحمد ُ للهِ الذي جعلهُ ْ‬ ‫ن المسي ِ‬ ‫قال سعيد ُ ب ُ‬
‫إلينا ول نفّر إليهم ‪.‬‬
‫ظ على هارون الرشيدِ ‪،‬‬ ‫ك الواع ُ‬ ‫ودخل ابن السما ِ‬
‫ك ‪ :‬لو‬ ‫ن السما ِ‬ ‫ن وطلب شْربة ماٍء ‪ ،‬فقال اب ُ‬ ‫فظمئ هارو ُ‬
‫ف‬
‫ت هذهِ الشربة يا أمير المؤمنين ‪ ،‬أتفتديها بنص ِ‬ ‫منع َ‬
‫ُ‬
‫منعت إخراجها ‪،‬‬ ‫ما شربها ‪ ،‬قال ‪ :‬لو ُ‬ ‫ملكك ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬فل ّ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ن السما ِ‬ ‫أتدفعُ نصف ملكك لتخُرج ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال اب ُ‬
‫ك ل يساوي شربة ماٍء ‪.‬‬ ‫فل خير في مل ٍ‬
‫ن فل قيمة لها ول وزن ول‬ ‫ت من اليما ِ‬ ‫ن الدنيا إذا خل ْ‬ ‫إ ّ‬
‫معنى ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ل إقبا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن لم‬ ‫ول دنيا ِلم ْ‬ ‫ن ضاع فل‬ ‫إذا اليما ُ‬
‫دينا الفناء لها‬‫يحييجعل‬ ‫ُفقد ْ‬ ‫ن رضي الحياة‬ ‫أما‬
‫ومنٌ‬
‫قرينا‬ ‫ن‬
‫بغيرِ دي ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪111‬‬
‫ن في نهايةِ مقالتهِ عن ) العتمادِ على‬ ‫قال أمرسو ُ‬
‫ي ‪ ،‬وارتفاع الجورِ ‪ ،‬وشفاءك‬ ‫ن النصر السياس ّ‬ ‫س(‪»:‬إ ّ‬ ‫النف ِ‬
‫ح أمامك ‪ ،‬فل‬ ‫ض ‪ ،‬أو عودة اليام ِ السعيدةِ تنفت ُ‬ ‫من المر ِ‬
‫ب لك‬ ‫ن المر لن يكون كذلك ‪ .‬ول شيء يجل ُ‬ ‫تصد ّقُ ذلك ؛ ل ّ‬
‫سك « ‪.‬‬ ‫الطمأنينة إل نف ُ‬
‫عي إ َِلى‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬
‫ة}‪ {27‬اْر ِ‬ ‫مئ ِن ّ ُ‬‫مط ْ َ‬ ‫س ال ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ها الن ّ ْ‬ ‫﴿ َيا أي ّت ُ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫ضي ّ ً‬ ‫مْر ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫ضي َ ً‬‫ك َرا ِ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫ي أبيكتويتوس ‪ » :‬بوجوب‬ ‫ف الروائ ّ‬ ‫ذر الفيلسو ُ‬ ‫ح ّ‬
‫رنا ‪ ،‬أكثر من‬ ‫الهتمام ِ بإزالةِ الفكارِ الخاطئةِ من تفكي ِ‬
‫ن أجساِدنا « ‪.‬‬ ‫ضم ْ‬ ‫الهتمام ِ بإزالةِ الورم ِ والمر ِ‬
‫ن التحذير من المرض الفكريّ والعقائديّ في‬ ‫بأ ّ‬ ‫والعج ُ‬
‫في‬ ‫ي ‪ ،‬قال سبحانه ‪ِ ﴿ :‬‬ ‫ض الجسمان ّ‬ ‫م من المر ِ‬ ‫القرآن أعظ ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬‫ع َ‬ ‫هم َ‬ ‫ول َ ُ‬‫مَرضا ً َ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فَزادَ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫هم ّ‬ ‫ِ‬ ‫قُلوب ِ‬ ‫ُ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب َ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫غ الل ّ ُ‬ ‫غوا أ ََزا َ‬ ‫ما َزا ُ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ن ﴾﴿ َ‬ ‫ذُبو َ‬ ‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫بِ َ‬
‫ت شعارا ً‬ ‫ي مونتين هذه الكلما ِ‬ ‫ف الفرنس ّ‬ ‫تبّنى الفيلسو ُ‬
‫ه‬
‫ث مثلما يتأثُر برأي ِ ِ‬ ‫ن بما يحد ُ‬ ‫في حيات ِهِ ‪ » :‬ل يتأثُر النسا ُ‬
‫ث«‪.‬‬ ‫حول ما يحد ُ‬
‫ضني بقضائك حتى أعلم‬ ‫وفي الثر ‪ )) :‬اللهم ر ّ‬
‫ن ليخطئني ‪ ،‬وما أخطأني لم‬ ‫أن ما أصابني لم يك ْ‬
‫يكن ليصيبني (( ‪.‬‬
‫****************************************‬
‫وقفـــة‬
‫وفك‬‫جك من الماضي ‪ ،‬ويخ ّ‬ ‫ن الحزن ُيزع ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب عليك يومك ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬وُيذه ُ‬ ‫من المستقب ِ‬
‫س له‬
‫ب ‪ ،‬ويعب ُ‬‫ض له القل ُ‬‫ن الحزن ينقب ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ل‪.‬‬‫ح ‪ ،‬ويتلشى معه الم ُ‬ ‫ه الرو ُ‬
‫ئ من ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وتنطف ُ‬‫الوج ُ‬
‫ظ الصديق ‪،‬‬ ‫ن الحزن يسّر العدوّ ‪ ،‬ويغي ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫مت بك الحاسد ‪ ،‬ويغي ُّر عليك الحقائق ‪.‬‬ ‫وي ُ ْ‬
‫ش ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪112‬‬
‫م‬
‫ة للقضاِء ‪ ،‬وتبّر ٌ‬ ‫ن الحزن مخاصم ٌ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ة على النعمةِ ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬ونقم ٌ‬ ‫ج على الن ِ‬ ‫بالمحتوم ِ ‪ ،‬وخرو ٌ‬
‫ث‬‫ن الحزن ل يرد ّ مفقودا ً وذاهبا ً ‪ ،‬ول يبع ُ‬ ‫ن‪:‬ل ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ب نفعا ً ‪.‬‬ ‫مّيتا ‪ ،‬ول يرد ّ قدرا ً ‪ ،‬ول يجل ُ‬
‫م‪،‬‬ ‫س جاث ٌ‬ ‫ن يأ ٌ‬ ‫ن والحز ُ‬ ‫ن من الشيطا ِ‬ ‫ن ‪ :‬فالحز ُ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ط محّققٌ ‪ ،‬وإخفاقٌ ذريعٌ ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬وإحبا ٌ‬ ‫ط دائ ٌ‬ ‫وفقٌر حاضٌر ‪ ،‬وقنو ٌ‬
‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫ك}‬‫وْزَر َ‬‫ك ِ‬ ‫عن َ‬ ‫عَنا َ‬ ‫ض ْ‬‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫ك}‪َ {1‬‬ ‫صدَْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫﴿ أل َ ْ‬
‫ك}‪{4‬‬ ‫ك ِذك َْر َ‬ ‫عَنا ل َ َ‬ ‫وَر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ {2‬ال ّذي َ‬
‫ف ْ‬ ‫َ‬ ‫{‬ ‫‪3‬‬ ‫ك}‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ظ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫سرًا}‪{6‬‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬‫سرًا}‪ {5‬إ ِ ّ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬‫م َ‬ ‫ن َ‬‫فإ ِ ّ‬‫َ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫غ ْ‬‫فاْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫وإ َِلى َرب ّ َ‬ ‫ب}‪َ {7‬‬ ‫ص ْ‬ ‫فان َ‬ ‫ت َ‬ ‫غ َ‬ ‫فَر ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫************************************‬
‫ت مؤمنا ً بالله‬
‫م َ‬
‫ن ما د ْ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ن‬‫ن ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن هذا اليمان هو سّر الرضا والهدوِء والم ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ت أذكياء – بل‬ ‫ك ‪ .‬ولقد ْ رأي ُ‬ ‫حي َْرةَ والشقاَء مع اللحادِ والش ّ‬ ‫ال َ‬
‫م‬‫ت ألسنُته ْ‬ ‫م من نورِ الرساِلة ‪ ،‬فطفح ْ‬ ‫ت أفئدُته ْ‬ ‫عباقرة ً – خل ْ‬
‫ن الشريعةِ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬
‫ض ما لنا إل‬ ‫ن الشريعةِ ‪ :‬تناق ٌ‬ ‫ل أبو العلِء المعّريّ ع ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت له !!‬ ‫السكو ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫عقا ُ‬ ‫ل ِ‬‫ل الرازيّ ‪ :‬نهاية إقدام ِ العقو ِ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ه ‪ :‬حّيرني‬ ‫ل الجويني ‪ ،‬وهو ل يدري أين الل ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ي‪.‬‬‫ي ‪ ،‬حيرني الهمدان ّ‬ ‫الهمدان ّ‬
‫ن العقل الفّعال هو المؤث ُّر في الكو ِ‬
‫ن‬ ‫ن سينا ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫‪.‬‬
‫ل إيليا أبو ماضي ‪:‬‬ ‫ويقو ُ‬
‫دامي‬ ‫ت قُ ّ‬ ‫ولقد أبصر ُ‬ ‫من أين‬ ‫م ِ‬
‫ت ل أعل ُ‬ ‫جئ ُ‬
‫طريقا ً‬
‫توُبعدا ً عن‬ ‫فمشي‬
‫قربا ً ُ‬‫ت ُ‬ ‫ل التي تتفاو ُ‬ ‫ذلك من القوا ِ‬
‫ت‬‫ييرأتي ُ‬‫إلى ّ‬ ‫ولكن‬
‫الحقّ ‪.‬‬
‫ه‬
‫ب حي ْرِت ِ ِ‬‫ب إيمان العبد ِ يسعد ُ ‪ ،‬وبحس ِ‬ ‫ت أنه بحس ِ‬ ‫فعلم ُ‬
‫ت لتلك‬ ‫ت المتأخرة ُ بنا ٌ‬ ‫كه يشقى ‪ ،‬وهذهِ الطروحا ُ‬ ‫وش ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪113‬‬
‫م فرعون قال ‪:‬‬ ‫ف الثي ُ‬ ‫ت العاتيةِ منذ ُ الِقدم ‪ ،‬والمنحر ُ‬ ‫الكلما ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ري ﴾ ‪ .‬وقال ‪ ﴿ :‬أَنا َرب ّك ُ ُ‬ ‫غي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫ن إ ِل َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ِ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫﴿ َ‬
‫عَلى ﴾ ‪.‬‬ ‫اْل َ ْ‬
‫ت العالم ‪.‬‬ ‫مَر ِ‬ ‫تد ّ‬ ‫ويا لها من كفرّيا ٍ‬
‫ن‬
‫ف كتاب » مثلما يفكُر النسا ُ‬ ‫ل جايمس ألين ‪ ،‬مؤل ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ه كلما غّير أفكاره إزاء الشياِء‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ف النسا ُ‬ ‫« ‪ » :‬سيكتش ُ‬
‫ص الخرون‬ ‫ص الخرين ‪ ،‬ستتغيُر الشياُء والشخا ُ‬ ‫والشخا ِ‬
‫ة‬
‫ش للسرع ِ‬ ‫م ‪ ..‬دعْ شخصا ً ما يغي ُّر أفكاره ُ ‪ ،‬وسنده ُ‬ ‫بدورِهِ ْ‬
‫س‬‫ف حيات ِهِ الماديةِ ‪ ،‬فالشيُء المقد ّ ُ‬ ‫التي ستتغيُر بها ظرو ُ‬
‫كل أهدافنا هو نفسنا ‪. « ..‬‬ ‫الذي يش ّ‬
‫ل سبحانه‪﴿ :‬ب َ ْ‬
‫ل‬ ‫رها ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫وعن َ الفكارِ الخاطئةِ وتأثي ِ‬
‫ن إ َِلى‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ب الّر ُ‬ ‫قل ِ َ‬ ‫م أن ّلن َين َ‬ ‫ظََننت ُ ْ‬
‫هِليهم أ َ‬ ‫أَ‬
‫ن‬ ‫م ظَ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫نن‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ظ‬ ‫و‬
‫ِ ْ َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ز‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫بد‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫غي َْر ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن ِبالل ِ‬ ‫ُ‬
‫وما ُبورا ﴾ ‪ ﴿ .‬ي َظّنو َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ق ْ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ء َ‬ ‫و ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ال ّ‬
‫من ال َ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫هل ل َّنا ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ة يَ ُ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ظَ ّ‬
‫ه ل ِل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫مَر ك ُل ّ ُ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫ُ‬
‫ن هو‬ ‫ل ما ُيحّققه النسا ُ‬ ‫ل جايمس ألين أيضا ً ‪ » :‬وك ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ن يستطيعُ النهوض‬ ‫صةِ ‪ ..‬والنسا ُ‬ ‫ة مباشرةٌ لفكارهِ الخا ّ‬ ‫نتيج ٌ‬
‫ل أفكارِهِ ‪ ،‬وسيبقى‬ ‫ن خل ِ‬ ‫ط والنتصاَر وتحقيق أهدافِهِ م ْ‬ ‫فق ْ‬
‫ضعيفا ً وتِعسا ً إذا ما رفض ذلك « ‪.‬‬
‫ب‪﴿ :‬‬ ‫قال سبحانه عن العزيمةِ الصادقةِ والفكرِ الصائ ِ‬
‫ج لَ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫ه‬‫رهَ الل ّ ُ‬ ‫كن ك َ ِ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫عدّةً َ‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا ْ ل َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫خُرو َ‬ ‫دوا ْ ال ْ ُ‬ ‫و أَرا ُ‬ ‫َ ْ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عاث َ ُ‬ ‫انب ِ َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫خْيرا ً ّل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫﴾‪.‬‬
‫ة‬
‫كين َ َ‬ ‫فأنَز َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫في ُ ُ‬ ‫وقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫س ِ‬
‫ل ال ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫ف َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫*****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪114‬‬
‫سرها‬
‫ن الدنيا بأ ْ‬
‫ه فإ ّ‬
‫ف ِ‬‫ن للتوا ِ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ة‬
‫تافه ٌ‬
‫ه‬
‫ن السد ِ ‪ ،‬فأنجاه الل ُ‬ ‫ُرمي أحد ُ الصالحين الكباُر بين براث ِ ِ‬
‫ب‬‫كر في لعا ِ‬ ‫كر ؟ قال ‪ :‬أف ّ‬ ‫منه ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬فيم كنت تف ّ‬
‫ل هو طاهٌر أم ل !! ‪ .‬وماذا قال العلماُء فيهِ ‪.‬‬ ‫السدِ ‪ ،‬ه ْ‬
‫للباسلين مع القنا‬ ‫ت الله‬ ‫ولقد ذكر ُ‬
‫طاِر‬ ‫يوم ّ‬ ‫الخ‬
‫الوغى للواحدِ‬ ‫لهِ لذائذٍ‬ ‫تخوكفِ ّ‬ ‫ساعة ُ‬‫فنسي‬
‫بينِر الصحابةِ بحس ِ‬
‫ب‬ ‫القها‬ ‫ل في عله – مايز‬ ‫ياش–ةٍج ّ‬ ‫الله‬‫نج ّ‬ ‫إ ّ‬
‫من‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫و ِ‬‫ريدُ الدّن َْيا َ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫م ‪ ،‬فقال ‪ِ ﴿ :‬‬ ‫مقاصدهِ ْ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬ ‫خَر َ‬ ‫ريدُ ال ِ‬ ‫يُ ِ‬
‫ن همُته ‪ ،‬وماذا يريد ُ ؟! ‪.‬‬ ‫ن قيمة النسا ِ‬ ‫ن القيم أ ّ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ك‬‫ل ُأخبْر َ‬ ‫وقال أحد ُ الحكماِء ‪ :‬أخبْرني عن اهتمام ِ الرج ِ‬
‫ل هو ‪.‬‬ ‫أيّ رج ٍ‬
‫حمى‬ ‫وبّلغ أكناف ال ِ‬ ‫ه الحمى‬ ‫أل بّلغ الل ُ‬
‫دها‬ ‫من يري ُ‬ ‫يري ‪:‬د ُهُ‬
‫منآخُر‬ ‫وقال‬
‫ك‬‫دنا بالملو ِ‬ ‫وع ْ‬ ‫س‬ ‫ّ‬
‫فعادوا باللبا ِ‬
‫فدينافي الماِء ‪ ،‬فأخذ‬ ‫عابد ٌ‬‫مص ّ‬ ‫وبالمطايا في البحرِ ‪ ،‬فوقع‬ ‫ب‬‫انقلب قار ٌ‬
‫ض ويستنشقُ ‪،‬‬ ‫ضئ أعضاءه عضوا ً عضوا ً ‪ ،‬ويتمضم ُ‬ ‫يو ّ‬
‫ت أن‬ ‫ن ذلك ؟ فقال ‪ :‬أرد ُ‬ ‫ه البحُر ونجا ‪ ،‬فسئل ع ْ‬ ‫فأخرج ُ‬
‫ت لكون على طهارةٍ ‪.‬‬ ‫أتوضأ قبل المو ِ‬
‫ة ويداك في‬ ‫قدسي ً‬ ‫للهِ د َّرك ما نسيت‬
‫ب‬‫فيل ّ ِ‬‫الك ُ‬ ‫رسال َة‬
‫ت‬‫ة والمو ُ‬ ‫ساع ُ‬ ‫ك ً ما رمش ْ‬
‫ت‬ ‫أفدي‬
‫في الهداب‬ ‫ة سكرا ِ‬ ‫رمش ُ‬ ‫عيوُنك‬
‫ه‬
‫ل لحيت ِ ِ‬ ‫ت يشيُر ِإلى تخلي ِ‬ ‫ت المو ِ‬ ‫في‬ ‫أحمد ُ‬ ‫م‬
‫الما ُ‬
‫ضئونه !!‬ ‫م يو ّ‬ ‫بالماِء وه ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ب الدّن َْيا َ‬ ‫وا َ‬ ‫ه ثَ َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فآَتا ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫***********************************‬
‫و‬
‫العفو العف َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪115‬‬
‫ف‬ ‫ت نلت عّز الدنيا وشر َ‬ ‫ن عفوت وصفح َ‬ ‫فإنك إ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫جُرهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صل َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫فا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫الخرةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫دوك ‪ ،‬لئل ّ‬ ‫ل شكسبيُر ‪ » :‬ل توقدِ الفرن كثيرا ً لع ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫تحرق به نفسك « ‪.‬‬
‫تراها بحقّ في‬ ‫ن الّرمدِ‬ ‫ل للعيو ِ‬ ‫فق ْ‬
‫ق‬ ‫طلِع‬‫ومل ْ‬ ‫بِرها‬ ‫مغي‬ ‫نأطفأ‬ ‫أعيا ً ٌ‬
‫سعيون‬ ‫للشم‬
‫تستفي ُ‬ ‫بأبصا ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫وسام ْ‬
‫تعي عمر العالم ِ‬ ‫ن‬
‫دالله ب ِ‬ ‫ن عب ِ ول‬ ‫دهم لسالم ِ ب ِ‬ ‫نورها‬
‫ه أح ُ‬ ‫الل‬
‫وقال ُ‬
‫ل سوء! فقال ‪ :‬ما عََرَفني إل ّ أنت ‪.‬‬ ‫ي ‪ :‬إنك رج ُ‬ ‫التابع ّ‬
‫ي‬
‫طم الِعص ّ‬ ‫ن أن تح ّ‬ ‫ي ‪ » :‬يمك ُ‬ ‫ب أمريك ٌ‬ ‫قال أدي ٌ‬
‫ت النْيل مني « ‪.‬‬ ‫ن تستطيع الكلما ُ‬ ‫والحجارةُ عظامي ‪ ،‬لكنل ْ‬
‫ل معك‬ ‫قال رجل لبي بكر ‪ :‬واللهِ لسبّنك سب ّا ً يدخ ُ‬
‫ل معك قبرك أنت !! ‪.‬‬ ‫ل يدخ ُ‬ ‫قبرك ! فقال أبو بكر ‪ :‬ب ْ‬
‫ن لحرِبك ‪ .‬قال‬ ‫ص ‪ :‬لتفرغ ّ‬ ‫ل لعمروِ بن العا ِ‬ ‫وقال رج ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل الشاِغ ِ‬ ‫عمروٌ الن وقعت في الشغ ِ‬
‫ة من‬ ‫ل أيزنهاور‪» :‬دعونا ل نضي ّعُ دقيق ً‬ ‫ل الجنرا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ص الذين ل نحّبهم«‬ ‫التفكيرِ بالشخا ِ‬
‫ن أطير‬ ‫ة للنخلةِ ‪ :‬تماسكي ‪ ،‬فإني أريد ُ أ ْ‬ ‫ت البعوض ُ‬ ‫قال ِ‬
‫ي‬
‫ت عل ّ‬ ‫ك حين هبط ِ‬ ‫تب ِ‬ ‫ة ‪ :‬واللهِ ما شعر ُ‬ ‫ت النخل ُ‬ ‫ك ‪ .‬قال ِ‬ ‫وأد َع َ ِ‬
‫ت ؟!‬ ‫ك إذا طر ِ‬ ‫‪ ،‬فكيف أشعُر ب ِ‬
‫م‪:‬‬ ‫قال حات ٌ‬
‫ض عن شْتم‬ ‫ُ‬
‫وأعر ُ‬ ‫وأغفُر عوراء الكريم‬
‫اللئيم ِ تكّرما‬ ‫اّدخارهُ‬
‫روا ك َِراما ً ﴾ ‪ .‬وقال‬ ‫م‬
‫ِ َ ّ‬ ‫و‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫بال‬ ‫ِ‬ ‫روا‬ ‫َ ّ‬ ‫م‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫إ‬
‫َ ِ‬‫و‬ ‫﴿‬‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قال‬
‫سَلما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫ن َ‬ ‫هُلو َ‬ ‫جا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫خاطَب َ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن الرجل الغاضب يمتلئ دائما ً‬ ‫قال كونفوشيوس ‪ » :‬إ ّ‬
‫ما ً « ‪.‬‬ ‫س ّ‬‫ُ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫ث ‪ )) :‬ل تغض ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫تغض ْ‬
‫ب جمرةٌ من النار (( ‪.‬‬ ‫وفيه ‪ )) :‬الغض ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪116‬‬
‫ب‪،‬‬‫ث ‪ :‬الغض ِ‬
‫ن الشيطان يصرعُ العبد َ عند ثل ٍ‬ ‫إ ّ‬
‫شهوةِ ‪ ،‬والغَْفل َةِ ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫*****************************‬

‫خِلق هكذا‬
‫العالم ُ‬
‫ة ممن‬ ‫ل حكم ً‬ ‫ل ماركوس أويليوس – وهو من أكثر الرجا ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل اليوم‬‫حكموا المبراطورية الرومانية – ذات يوم ‪ » :‬سأقاب ُ‬
‫أشخاصا ً يتكّلمون كثيرا ً ‪ ،‬أشخاصا ً أنانّيين جاحدين ‪ ،‬يحّبون‬
‫أنفسهم‪ ،‬لكن لن أكون مندهشا ً أو منزعجا ً من ذلك‪ ،‬لنني ل‬
‫ن أمثالهم «!‬ ‫أتخي ُ‬
‫ل العالم من دو ِ‬
‫ل التي‬
‫ح بالعما ِ‬ ‫ي يفر ُ‬
‫ن الرجل المثال ّ‬‫ل أرسطو ‪ » :‬إ ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ه ‪ ،‬لن‬ ‫ل إن أدى الخرون العمال ل ُ‬ ‫يؤديها للخرين ‪ ،‬وبخج ُ‬
‫ف هو دلي ُ‬
‫ل‬ ‫ن تلّقي العط ِ‬ ‫ق ‪ ،‬لك ْ‬
‫ف هو من التفو ِ‬ ‫تقديم العط ِ‬
‫الفشل « ‪.‬‬
‫د السفلى‬ ‫وفي الحديث ‪ )) :‬اليدُ العليا خيٌر من الي ِ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬والسفلى هي الخذة ُ ‪.‬‬ ‫والعليا هي المعطي ُ‬
‫******************************************‬
‫ز‬
‫خب ْ ٍ‬
‫سرةُ ُ‬ ‫ن إذا كان معك ك ِ ْ‬ ‫حَز ْ‬
‫ل تَ ْ‬
‫ست ُُر َ‬
‫ك‬ ‫ب يَ ْ‬
‫و ٌ‬
‫ء وث ْ‬
‫ة ما ٍ‬
‫وغرف ُ‬
‫ط الهادي وبقي واحدا ً‬ ‫ل أحد ُ البحارةِ في المحي ِ‬ ‫ض ّ‬
‫س تعّلمه ‪،‬‬ ‫س عن أكبرِ در ٍ‬ ‫ه النا ُ‬ ‫وعشرين يوما ً ‪ ،‬ولما نجا سأل ُ‬
‫ن تلك التجربةِ هو ‪ :‬إذا كان‬ ‫س تعلمُته م ْ‬
‫ن أكبر در ٍ‬ ‫فقال ‪ :‬إ ّ‬
‫مر‬
‫ن ل تتذ ّ‬‫بأ ْ‬‫م الكافي ‪ ،‬يج ُ‬ ‫لديك المال الصافي ‪ ،‬والطعا ُ‬
‫أبدا ً !‬
‫ل‪.‬‬‫ة ‪ ،‬وما بقي فض ٌ‬ ‫ةو َ‬
‫شْرب َ ٌ‬ ‫دهم ‪ :‬الحياةُ كّلها لقم ٌ‬ ‫قال أح ُ‬
‫ن الوردي ‪:‬‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪117‬‬
‫ن البحرِ اجتزاءٌ‬ ‫وع ِ‬ ‫ه‬
‫كسرى عن ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫كسرةٌسويفت ‪ » :‬إ ّبالوش ْ‬
‫ل‬ ‫تغني ِ‬ ‫يقو ُ ُ‬
‫ن أفضل الطباِء في العالم ِ‬ ‫جوناثان‬ ‫ل‬
‫ن‬
‫رح ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫م ‪ :‬الدكتوُر ريجيم‪ ،‬والدكتوُر هادئ ‪ ،‬والدكتوُر م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ل عنه‬‫ج ناجعٌ ل يسأ ُ‬ ‫تقليل الطعام ِ مع الهدوِء والسرورِ عل ٌ‬
‫«‪.‬‬
‫ة‬
‫ب الِفطن َ‬ ‫ة ُتذه ُ‬‫ن ‪ ،‬والبطن ُ‬ ‫ض مزم ٌ‬
‫ن السمنة مر ٌ‬ ‫ت‪:‬ل ّ‬ ‫قل ُ‬
‫ح سروٌر عاج ٌ‬
‫ل‬ ‫ب وعيد ٌ للروِح ‪ ،‬والمر ُ‬‫ة للقل ِ‬ ‫والهدُوء متع ٌ‬
‫وغذاٌء نافعٌ ‪.‬‬
‫*************************************‬
‫ن مْنحة‬
‫ة فقدْ تكو ُ‬
‫ن من محن ٍ‬ ‫ل تحَز ْ‬
‫ن عطية‬ ‫ة فقد تكو ُ‬‫ن من بلي ّ ٍ‬
‫ول تحز ْ‬
‫قال الدكتوُر صموئيل جونسون ‪ » :‬إن عادة النظر إلى‬
‫ن من الحصول على‬ ‫ل حادثةٍ ‪ ،‬لهو أثم ُ‬ ‫ب الصالِح من ك ّ‬ ‫الجان ِ‬
‫ف جنيهٍ في السنةِ « ‪.‬‬ ‫أل ِ‬
‫َ‬ ‫في ك ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬‫مّرةً أ ْ‬ ‫عام ٍ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فت َُنو َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ي ََر ْ‬ ‫﴿أ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫م ي َذّك ُّرو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ل َ ي َُتوُبو َ‬ ‫ن ثُ ّ‬ ‫مّرت َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ل المتنبي ‪:‬‬ ‫وعلى الضد ّ يقو ُ‬
‫مني بحلمي الذي‬ ‫ليت الحوادث باعتني‬
‫ت ‪.‬وتجريبي‬ ‫تجربةْ‬‫ت ‪ :‬ل حليم إل ذو أعط‬ ‫التي أخذ‬
‫معاوية ْ‬ ‫وقال‬
‫قال أبو تمام ٍ في الفشين ‪:‬‬
‫ة‬
‫غرب ٍ‬ ‫فكأنها في ُ‬ ‫ت‬‫م نعمةٍ لله كان ْ‬ ‫ك ْ‬
‫المترفين ‪ :‬إني أرى عليك‬ ‫ل من وإسارِ‬ ‫ف لرج ٍ‬ ‫سل ِ‬ ‫ه ُ ال ّ‬ ‫عندد‬‫قال أح‬
‫دها بالشكرِ ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬فقي ّ ْ‬ ‫نعم ً‬
‫ول َِئن ك َ َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى ‪ ﴿ :‬ل َِئن َ‬
‫م‬
‫فْرت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫زيدَن ّك ُ ْ‬ ‫مل ِ‬ ‫شك َْرت ُ ْ‬
‫ت‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫قْري َ ً‬ ‫مث َل ً َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫و َ‬ ‫ديدٌ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ذاِبي ل َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ة مطْمئ ِن ّ ً ْ‬
‫ن‬‫كا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫غدا ً ّ‬ ‫ها َر َ‬ ‫ق َ‬ ‫رْز ُ‬ ‫ها َِ‬ ‫ة ي َأِتي َ‬ ‫َ‬ ‫من َ ً ّ‬ ‫آ ِ‬
‫َ‬
‫ع‬
‫جو ِ‬ ‫س ال ْ ُ‬ ‫ه ل َِبا َ‬ ‫ها الل ّ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عم ِ الل ّ ِ‬ ‫ت ب ِأن ْ ُ‬ ‫فَر ْ‬ ‫فك َ َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪118‬‬
‫***********************************‬
‫كن نفسك‬
‫ن مشكلة‬ ‫ل الدكتور جايمس غوردون غليلكي ‪ » :‬إ ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫م التاريخ ‪ ،‬وهي‬ ‫ة قِد َ َ‬ ‫ن تكون نفسك ‪ ،‬هي قديم ٌ‬ ‫الرغبةِ في أ ْ‬
‫ن مشكلة عدم ِ الرغبةِ هي في‬ ‫ة كالحياةِ البشريةِ ‪ .‬كما أ ّ‬ ‫م ٌ‬‫عا ّ‬
‫أن تكون َنفسك هي مصدُر الكثيرِ من التوترِ والُعقدِ النفسيةِ‬
‫«‪.‬‬
‫وقال آخر ‪ » :‬أنت في الخليقةِ شيٌء آخُر ل يشبهك أحد ٌ‬
‫ل في عله – مايز بين‬ ‫ن الخالق – ج ّ‬ ‫ه أحدا ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫‪ ،‬ول تشب ُ‬
‫شّتى ﴾ ‪.‬‬ ‫م لَ َ‬ ‫عي َك ُ ْ‬ ‫س ْ‬‫ن َ‬ ‫المخلوقين « ‪ .‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ت حول‬ ‫شَر كتابًا‪ ،‬وآلف المقال ِ‬ ‫كتب إنجيلو باتري ثلثة ع َ‬
‫ل ‪ » :‬ليس من أحدٍ‬ ‫ل« ‪ ،‬وهو يقو ُ‬ ‫ب الطف ِ‬ ‫موضوِع »تدري ِ‬
‫ن يكون غْير نفسهِ ‪ ،‬وغَي َْر جسد ِ‬
‫ه‬ ‫س كالذي يصبو إلى أ ْ‬ ‫تعِ ٍ‬
‫ره « ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وتفكي‬
‫ماء‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫قال سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬أنَز َ‬
‫َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ر َ‬‫قدَ ِ‬‫ة بِ َ‬ ‫وِدي َ ٌ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سال َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ب أحد ٌ في أحد ٍ ‪.‬‬ ‫ت فل يذو ُ‬ ‫ب وقدرا ٌ‬ ‫ت ومواه ُ‬ ‫ل صفا ٌ‬ ‫لك ّ‬
‫ما هكذا ُتوَرد ُ يا‬ ‫ها سعد ٌ وسعد ٌ‬ ‫أ َوَْرد َ َ‬
‫ل‬‫سعْد ُ الب ِ ْ‬ ‫ل‬‫م ْ‬‫مشت َ ِ‬ ‫َ ُ‬
‫ددا ‪ ،‬وكما‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مح‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫عم‬ ‫لتودي‬ ‫ة‬
‫ّ ٍ‬ ‫دد‬ ‫مح‬ ‫بمواهب‬ ‫خلقت‬ ‫ُ‬ ‫إنك‬
‫م‪.‬‬ ‫ك ‪ ،‬واعرف ماذا تقد ّ ُ‬ ‫قالوا ‪ :‬اقرأ نفس َ‬
‫س«‬ ‫ن في مقالت ِهِ حول » العتمادِ على النف ِ‬ ‫قال أمرسو ُ‬
‫ن‬
‫ن إلى اليما ِ‬ ‫م النسا ِ‬ ‫ل فيه عل ُ‬ ‫ت الذي يص ُ‬ ‫‪ » :‬سيأتي الوق ُ‬
‫ل ‪ ،‬والتقليد َ هو النتحاُر ‪ ،‬وأن يعتبر‬ ‫جهْ ُ‬ ‫سد َ هو ال َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫بأ ّ‬
‫ه‬
‫ن ذاك هو نصيُبه ‪ .‬وأن ُ‬ ‫ف؛ل ّ‬ ‫ن الظرو ُ‬ ‫نفسه كما هي مهما تك ِ‬
‫ة‬
‫ن يحصل على حب ّ ِ‬ ‫رغم امتلِء الكون بالشياِء الصالحةِ ‪ ،‬ل ْ‬
‫ه ‪ ،‬فالقوى‬ ‫ض المعطاةِ ل ُ‬ ‫ُذرةٍ إل بعد زراعةِ ورعايةِ الر ِ‬
‫ف‬
‫ة في داخل ِهِ ‪ ،‬هي جديدة ٌ في الطبيعةِ ‪ ،‬ول أحد يعر ُ‬ ‫الكامن ُ‬
‫ف ‪ ،‬حتى يجّرب « ‪.‬‬ ‫مدى قدرِته ‪ ،‬حتى هو ل يعر ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪119‬‬
‫سول ُ ُ‬
‫ه‬ ‫وَر ُ‬ ‫مل َك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫سي ََرى الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫مُلوا ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫ع َ‬
‫لا ْ‬ ‫و ُ‬
‫ق ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫*********************************‬
‫وقفــة‬
‫ن‬
‫س ُ‬ ‫دك ‪ ،‬وتح ّ‬ ‫ض َ‬ ‫وي من رجاِئك ‪ ،‬وتشد ّ عَ ُ‬ ‫ت تق ّ‬ ‫هذه آيا ٌ‬
‫ظّنك برّيك ‪.‬‬
‫م َل‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى َأن ُ‬ ‫فوا َ‬ ‫سَر ُ‬ ‫نأ ْ‬
‫َ‬
‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ميعا ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫موا ْ أ َن ْ ُ‬ ‫و ظَل َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬
‫ش ً َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫فُر الذُّنو َ‬ ‫ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذَك َُروا ْ الل ّ َ‬
‫ب‬ ‫غ ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫صّروا ْ َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫إ ِل ّ الل ّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ل سوءا ً أ َ‬
‫ر‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫غ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ُ ّ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ظ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫م ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫حيما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا سأ َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫جي ُ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫﴿ َ‬
‫مُنوا ْ ِبي‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ول ْي ُ ْ‬ ‫جيُبوا ْ ِلي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ع إِ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫دَ ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ي َْر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫لَ َ‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫سوءَ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ش ُ‬ ‫وي َك ْ ِ‬ ‫عاهُ َ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫﴿أ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ما‬ ‫قِليل ً ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ض أإ ِل َ ٌ‬ ‫فاء الْر ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ُك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ت َذَك ُّرو َ‬
‫عوا ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ه‬‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فَزادَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫قل َُبوا ْ ب ِن ِ ْ‬ ‫فان َ‬ ‫ل}‪َ {173‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫وا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫سوءٌ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ل لّ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ظيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ُ‬‫ّ‬ ‫َ‬
‫عَباِد}‬ ‫ْ‬
‫صيٌر ِبال ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ُ‬
‫ه بَ ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ري إ ِلى الل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫﴿ َ‬
‫مك َُروا﴾ ‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قاهُ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫‪َ {44‬‬
‫*****************************************‬
‫ة‬
‫ة نافع ٌ‬
‫ب ضار ِ‬
‫ُر ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪120‬‬

‫دنا إلى حد ّ غَي ْ ِ‬


‫ر‬ ‫ل وليم جايمس ‪ » :‬عاهاُتنا تساع ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ة‬
‫ش دوستيوفسكي وتولستوي حياة ً أليم ً‬ ‫م يع ْ‬ ‫متوقٍّع ‪ ،‬ولو ل ْ‬
‫م ‪ ،‬والعمى ‪،‬‬ ‫ن يكتبا رواياِتهما الخالدة َ ‪ ،‬فالُيت ُ‬ ‫لما استطاعا أ ْ‬
‫ً‬
‫ن أسبابا للنبوِغ والنجازِ ‪ ،‬والتقدم ِ‬ ‫ة ‪ ،‬والفقُر ‪ ،‬قد تكو ُ‬ ‫والغرب ُ‬
‫والعطاِء « ‪.‬‬
‫ه بعض‬ ‫ويبتلي الل ُ‬ ‫ه بالبلوى‬ ‫م الل ُ‬ ‫قد يُنع ُ‬
‫فل َ‬ ‫الشقاِء ‪َ ﴿ :‬‬ ‫بالنعم ِ‬
‫م ِا ً في‬
‫سبب‬ ‫والثراَء ‪ ،‬قد يكونونالقو‬ ‫ت‬‫عظم ْ‬ ‫البناء‬ ‫ن‬
‫وإ ْ‬ ‫ن‬
‫إ ّ‬
‫َ‬ ‫ت ُعجب َ َ‬
‫هم‬ ‫عذّب َ ُ‬ ‫ريدُ الل ّ ُ‬
‫ه ل ِي ُ َ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َدُ ُ‬ ‫ول َ أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ُ ُ‬ ‫م َ‬‫كأ ْ‬ ‫ْ ِ ْ‬
‫ة الدّن َْيا ﴾ ‪.‬‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ل«‪ ،‬و‬ ‫ه الرائعة ‪ ،‬كـ ‪» :‬جامِع الصو ِ‬ ‫كتب ُ‬ ‫ن الثيرِ ُ‬ ‫أّلف اب ُ‬
‫مْقعَد ٌ ‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ب أن ُ‬ ‫ة«‪ ،‬بسب ِ‬ ‫»النهاي ِ‬
‫وأّلف السرخسي كتابه الشهير » المبسوط « خمسة‬
‫ب!‬ ‫ج ّ‬ ‫س في ال ُ‬ ‫ه محبو ٌ‬ ‫عشر مجّلدا ً ؛ لن ُ‬
‫ن القيم ) زاد المعاد ( وهو مسافٌر !‬ ‫وكتب اب ُ‬
‫ر‬
‫ي ) صحيح مسلم ( وهو على ظه ِ‬ ‫وشرح القرطب ّ‬
‫السفينةِ !‬
‫س!‬ ‫ن تيمية كتبها وهو محبو ٌ‬ ‫ل فتاوى اب ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫و ُ‬
‫م فقراءُ‬ ‫ث لنه ْ‬ ‫ف من الحادي ِ‬ ‫ت الل ِ‬ ‫دثون مئا ِ‬ ‫وجمع المح ّ‬
‫غرباُء ‪.‬‬
‫ه‬
‫سجن فحفظ في سجن ِ ِ‬ ‫وأخبرني أحد ُ الصالحين أنه ُ‬
‫القرآن كّله ‪ ،‬وقرأ أربعين مجّلدا ً !‬
‫وأملى أبو العلء المعري دواوينه وك ُُتبه وهو أعمى !‬
‫كراته ومصّنفاِته !‬ ‫وعمي طه حسين فكتب مذ ّ‬
‫دم للمةِ العلم‬ ‫زل من منصِبه ‪ ،‬فق ّ‬ ‫وكم من لمٍع عُ ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫دم مع المنص ِ‬ ‫والرأي أضفاف ما ق ّ‬
‫ل من الفلسفةِ يجع ُ‬
‫ل‬ ‫س بايكون ‪ » :‬قلي ٌ‬ ‫ل فرانسي ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫مق في الفلسفةِ يقّرب‬ ‫ن التع ّ‬ ‫ل إلى اللحادِ ‪ ،‬لك ّ‬ ‫النسان يمي ُ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫دي ِ‬ ‫عقل النسان من ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪121‬‬
‫شى الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫خ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ .‬إ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫ها إ ِّل ال ْ َ‬ ‫قل ُ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫م‬‫قدْ ل َب ِث ْت ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬ ‫وا ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ن أوُتوا ال ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ث ﴾‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫وم ِ ال ْب َ ْ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫ب الل ّ ِ‬ ‫في ك َِتا ِ‬ ‫ِ‬
‫مث َْنى‬ ‫ه َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ة َأن ت َ ُ‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عظ ُ ُ‬ ‫ما أ َ ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫جن ّ ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫حب ِ ُ‬‫صا ِ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫فك ُّروا َ‬ ‫م ت َت َ َ‬ ‫دى ث ُ ّ‬ ‫فَرا َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ن حقيقي ل ْ‬ ‫ن أيّ مؤم ٍ‬ ‫ل الدكتوُر أ‪ .‬أ ‪ .‬بريل ‪ » :‬إ ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ي«‪.‬‬ ‫ض نفس ّ‬ ‫ُيصاب بمر ٍ‬
‫م‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫﴿ إِ ّ‬
‫ودّا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫الّر ْ‬
‫م ْ‬ ‫ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ‬
‫ن‬
‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫و أنَثى َ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ّ‬ ‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫فل َن ُ ْ‬ ‫َ‬
‫قيم ٍ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫مُنوا إ َِلى ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫هاِد ال ّ ِ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫﴿ َ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫م دواء‬
‫ن أعظ ُ‬
‫اليما ُ‬
‫س الدكتوُر كارل جائغ في الصفحة‬ ‫يقول أبرُز أطباِء النف ِ‬
‫ن الروِح « ‪:‬‬ ‫ث في بحثهِ ع ِ‬ ‫ن الحدي ُ‬ ‫)‪ (264‬من كتاب ِهِ » النسا ُ‬
‫ص من جميِع‬ ‫ت الثلثين الماضيةِ ‪ ،‬جاء أشخا ٌ‬ ‫» خلل السنوا ِ‬
‫ت المرضى ‪،‬‬ ‫ت مئا ِ‬ ‫أقطارِ العالم ِ لستشارتي ‪ ،‬وقد عالج ُ‬
‫ة‬
‫ف مرحلةِ الحياةِ ‪ ،‬أيْ فوق الخامس ِ‬ ‫مهم في منتص ِ‬ ‫ومعظ ُ‬
‫م من ل تعود ُ مشكلُته إلى‬ ‫ن بينه ْ‬ ‫م يك ْ‬ ‫والثلثين من العمرِ ‪ ،‬ول ْ‬
‫إيجادِ ملجأ ديني يتطّلع من خلل ِهِ إلى الحياةِ ‪ ،‬وباستطاعتي‬
‫ّ‬
‫ن‬‫ه الدي ُ‬ ‫منح ُ‬ ‫ه فقد ما َ‬ ‫رض لن ُ‬ ‫ن أقول ‪ :‬إن كل ّ منهم م ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ي«‪.‬‬ ‫م يستِعد إيمانه الحقيق ّ‬ ‫شف من ل ْ‬ ‫للمؤمنين ‪ ،‬ولم ي ُ ْ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬
‫م ِ‬‫ه َ‬‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫عن ِذك ِْ‬ ‫ض َ‬‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ما‬‫ب بِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫فُروا ْ الّر ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫في ُ‬ ‫قي ِ‬ ‫سن ُل ْ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫كوا ْ ِبالل ّ ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫شَر ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪122‬‬
‫م ي َك َدْ‬‫ج ي َدَهُ ل َ ْ‬
‫خَر َ‬ ‫ذا أ َ ْ‬‫ض إِ َ‬
‫ع ٍ‬‫وق َ ب َ ْ‬ ‫ها َ‬
‫ف ْ‬ ‫ض َ‬‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫﴿ ظُل ُ َ‬
‫ما ٌ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫من ّنو ٍ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬‫ف َ‬ ‫ه ُنورا ً َ‬‫ه لَ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ع ِ‬‫ج َ‬‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫و َ‬‫ها َ‬
‫ي ََرا َ‬
‫**************************************‬
‫ضطّر‬
‫م ْ‬
‫ب ال ُ‬
‫ه يجي ُ‬
‫الل ُ‬
‫م الهنديّ بعد بوذا – ينهاُر لول‬ ‫كاد المهاتما غاندي – الزعي ُ‬
‫حها الصلةُ ‪ ،‬وكيف لي‬ ‫أنه استمد ّ اللهام من القوةِ التي تمن ُ‬
‫ت‬ ‫ل لصبح ُ‬ ‫م أص ّ‬ ‫ه قال ‪ :‬لو ل ْ‬ ‫ن غاندي نفس ُ‬ ‫ن أعلم ذلك ؟ ل ّ‬ ‫أ ْ‬
‫ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫ن طوي ٍ‬ ‫مجنونا منذ ُ زم ٍ‬
‫هذا وغاندي ليس مسلما ً ‪ ،‬وإنما هو على ضللةٍ ‪ ،‬لكن ُ‬
‫ه‬
‫وا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع ُ‬ ‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬‫في ال ْ ُ‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ب‪َ ﴿:‬‬ ‫على مذه ِ‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ن﴾ ‪ ﴿.‬أ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا ْ الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م دَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حيط ب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫مأ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ه﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫عا ُ‬ ‫دَ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫م في‬ ‫ت أقوال علماِء السلم ِ ومؤرخيهم وأدباِئه ْ‬ ‫سبر ُ‬
‫ب‬ ‫ق والضطرا ِ‬ ‫م أجد ْ ذاك الكلم عن القل ِ‬ ‫الجملةِ ‪ ،‬فل ْ‬
‫م في أمن‬ ‫ب أنهم عاشوا من ديِنه ْ‬ ‫ض النفسيةِ ‪ ،‬والسب ُ‬ ‫والمرا ِ‬
‫ف‪﴿:‬‬ ‫ت حياُتهم بعيدة ً عن التعقيدِ والتكل ّ ِ‬ ‫وهدوٍء ‪ ،‬وكان ْ‬
‫ما ن ُّز َ‬
‫ل‬ ‫مُنوا ب ِ َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫فَر َ‬ ‫م كَ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫د َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ح َبال َ ُ‬ ‫صل َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ » :‬إنما بيني وبين‬ ‫اسمعْ قول أبي حازم ٍ ‪ ،‬إذ ْ يقو ُ‬
‫ن‬
‫مم ْ‬ ‫ذته ‪ ،‬وأنا وهُ ْ‬ ‫س فل يجدون ل ّ‬ ‫م واحد ٌ ‪ ،‬أما أم ِ‬ ‫ك يو ٌ‬ ‫الملو ِ‬
‫م ‪ ،‬فما عسى أن يكون‬ ‫ل ‪ ،‬وإنما هو اليو ُ‬ ‫ج ٍ‬ ‫غد ٍ على وَ َ‬
‫م ؟! « ‪.‬‬ ‫اليو ُ‬
‫خي َْر هذا اليوم ٍ‬ ‫م إني أساُلك َ‬ ‫ث‪ )) :‬الله ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ه ((‪.‬‬ ‫صَرهُ وُنوَرهُ وهدايت َ ُ‬ ‫‪ :‬بركته ون َ ْ‬
‫م ﴾ وقوٌله تعالى ‪:‬‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫مُنوا ْ ُ‬ ‫َ‬
‫حذَْرك ُ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫﴿ َيا أي ّ َ‬
‫حدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫عرن بك ُ َ‬ ‫وَل ي ُ ْ‬ ‫ول ْي َت َل َطّ ْ‬
‫مأ َ‬ ‫ش ِ َ ّ ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬
‫وقال الشاعر ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪123‬‬
‫مى‬ ‫ب ُِبؤسى ون ُعْ َ‬ ‫م فينا‬ ‫ن اليا ُ‬ ‫ن تك ِ‬ ‫فإ ْ‬
‫لليس‬ ‫تفع ُ‬
‫ثللتي‬ ‫والحودا‬
‫ذللتنا ُ‬ ‫ول‬ ‫ت مّنا قناةً‬ ‫تين ْ‬ ‫دل ل ْ ّ‬ ‫تب ّ‬
‫فما‬
‫ل مال ُيستطاعُ‬ ‫تجم ُُ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫صليبة رحلناها نفوسا ً‬
‫ُتح ّ‬ ‫ن‬‫ولك ْ‬
‫ح ُ‬
‫ض‬
‫ت لنا العرا ُ‬ ‫فتحملْ‬
‫وص ّ‬ ‫ن الصبر مّنا‬ ‫وقْينا بحس ِ‬
‫ة‬‫كريم ً‬
‫فْر ل ََنا‬ ‫غ ِ‬ ‫ل ْ‬‫ناز ا ُ‬
‫سرب ّهُ َ ّ‬‫لوا ْ ُ‬‫والنا‬ ‫م إ ِل ّ َأن َ‬
‫قا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫نفوسنا َ‬ ‫ما‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫صْرَنا‬‫مَنا وان ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ق َ‬‫ت أَ ْ‬ ‫وث َب ّ ْ‬
‫رَنا َ‬
‫م ِ‬
‫َ‬
‫في أ ْ‬ ‫فَنا ِ‬ ‫سَرا َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ذُُنوب ََنا َ‬
‫ب‬
‫وا َ‬ ‫ه ثَ َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬‫فآَتا ُ‬ ‫ن}‪َ {147‬‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬‫كا ِ‬ ‫وم ِ ال ْ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة ﴾‪.‬‬
‫خَر ِ‬‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫الدّن َْيا َ‬
‫****************************************‬
‫وُر‬
‫ما تتص ّ‬
‫ن فالحياةُ أقصُر م ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ة في أمعائه ‪،‬‬ ‫ة رجل أصاب َْته قُْرح ٌ‬ ‫ص َ‬‫ل كارنيجي ق َ‬ ‫ذكر داي ْ‬
‫ه أوان وفات ِهِ ‪ ،‬وأوعُزوا‬ ‫ددوا ل ُ‬ ‫ن الطباء ح ّ‬ ‫ن خطورِتها أ ّ‬ ‫بلغ م ْ‬
‫ه ‪ .‬قال ‪ :‬وفجأة اتخذ » هاني « ‪ -‬اسم‬ ‫ن يجهَّز ك ََفن َ ُ‬ ‫إليه أ ْ‬
‫سهِ ‪ :‬إذا لم يبق لي‬ ‫ه فك َّر في نف ِ‬ ‫ض – قرارا ً مدهشا ً إن ُ‬ ‫المري ِ‬
‫في هذهِ الحياةِ سوى أمدٍ قصيرٍ ‪ ،‬فلماذا ل أستمتعُ بهذا المدِ‬
‫ن أطوف حول العالم ِ قبل‬ ‫تأ ْ‬ ‫ل وجه ؟ لطالما تمني ُ‬ ‫على ك ّ‬
‫ت الذي أحّقق فيه‬ ‫ت ‪ ،‬ها هو ذا الوق ُ‬ ‫ن يدركني المو ُ‬ ‫أ ْ‬
‫أمنيتي ‪ .‬وابتاع تذكرة السفر ‪ ،‬فارتاع أطباؤه ‪ ،‬وقالوا له ‪:‬‬
‫ن في‬ ‫حذ ُّرك ‪ ،‬إنك إن أقدمت على هذهِ الرحلةِ فستدف ُ‬ ‫إننا ن ِ‬
‫ن يحدث شيٌء من هذا ‪ ،‬لقد ْ‬ ‫قاِع البحرِ !! لكنه أجاب ‪ :‬كل ل ْ‬
‫ت أقاربي أل يدفن جثماني إل في مقابرِ السرةِ ‪ .‬وركب‬ ‫عد ُ‬
‫و ِ‬
‫ل الخيام ِ ‪:‬‬ ‫» هاني « السفينة ‪ ،‬وهو يتمّثل بقو ِ‬
‫حل ْ ِ‬
‫و‬ ‫ونقطعُ العمَر ب ُ‬ ‫ة‬
‫تعال نروي قص ً‬
‫مْرفي العماِر‬ ‫سَر َ‬ ‫صّ‬‫قال ّ‬ ‫م‬
‫أطال النو ُ‬ ‫للبشْر‬‫فما‬
‫سهْر‬ ‫ال ‪ّ .‬‬ ‫ل‬‫وما يقولها وثّني غيرطو ُ‬
‫مسلم‬ ‫أبيات‬ ‫عمرا ً‬
‫وهذه‬
‫ح والسرورِ ‪ ،‬وأرسل‬ ‫ة بالمر ِ‬ ‫مشبع ً‬ ‫ة ُ‬‫ل رحل ً‬ ‫وبدأ الرج ُ‬
‫ت ما لذ ّ وطاب‬ ‫ت وأكل ُ‬ ‫ل فيه ‪ :‬لقد شرب ُ‬ ‫خطابا ً لزوجت ِهِ يقو ُ‬
‫ت ألوان‬ ‫ت القصائد ‪ ،‬وأكل ُ‬ ‫على ظهرِ السفيِنة ‪ ،‬وأنشد ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪124‬‬
‫ت في هذه‬ ‫سم المحظور منها‪ ،‬وتمتع ُ‬ ‫الطعام ِ كّلها حتى الد ّ ِ‬
‫الفترةِ بما لم أتمتعْ به في ماضي حياتي‪ .‬ثم ماذا؟!‬
‫ح من عل ّت ِهِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن‬ ‫ن الرجل ص ّ‬ ‫م دايل كارنيجي أ ّ‬ ‫ثم يزع ُ‬
‫ض‬‫ب ناجعٌ في قهْرِ المرا ِ‬ ‫السلوب الذي سار عليه أسلو ٌ‬
‫ومغالبةِ اللم ِ !!‬
‫ن فيها انحرافا ً عن‬ ‫ت الخّيام ِ ‪ ،‬ل ّ‬‫إنني ل أوافقُ على أبيا ِ‬
‫ن المقصود من القصةِ ‪ :‬أن السرور‬ ‫ي ‪ ،‬ولك ّ‬‫النهج الّربان ّ‬
‫م بكثيرٍ من العقاقيرِ الطبّية ‪.‬‬ ‫والفرح والرتياح أعظ ُ‬
‫****************************************‬
‫اقنع واهدأ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ن الروم ّ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫قا َ‬
‫ب‬‫ص مرك ُ‬ ‫حْر ُ‬ ‫إنما ال ِ‬ ‫ص مركبا ً‬ ‫حْر ُ‬ ‫قّرب ال ِ‬
‫ت ذي ُ‬
‫ل‬ ‫متعبا ِ‬ ‫الشقياالِء ُ‬
‫وعلى‬ ‫ف يأتي‬ ‫ي بالكفا ِ‬ ‫مرحبا ً ّ‬ ‫ِلشق‬
‫العفال ِّءِتي ت ُ َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ وما َ ً‬
‫عندََنا‬ ‫م ِ‬ ‫قّرب ُك ُ ْ‬ ‫كم ِبا‬ ‫وَلدُ ُ‬ ‫وَل أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫هنيئأا ْ‬ ‫َ َ‬
‫ُ‬
‫جَزاء‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫صاِلحا ً َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فى إ ِّل َ‬ ‫ُزل ْ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫تآ ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫غُر َ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ع ِ‬‫ما َ‬ ‫ف بِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ض ْ‬
‫ال ّ‬
‫ن الَقل َقَ هو‬ ‫يقول دايل كارنيجي ‪ » :‬لقد ْ أثبت الحصاُء أ ّ‬
‫ب‬
‫ل سّني الحر ِ‬ ‫ل ) رقم ‪ (1‬في أمريكا ‪ ،‬ففي خل ِ‬ ‫القائ ُ‬
‫ل‪،‬‬‫ث مليون مقات ٍ‬ ‫ل من أبناِئنا نحو ث ُل ُ ِ‬ ‫العالميةِ الخيرةِ ‪ ،‬قُت ِ َ‬
‫ي‬
‫ب على مليون ْ‬ ‫سها قضى داُء القل ِ‬ ‫ل هذه الفترةِ نف ِ‬ ‫وفي خل ِ‬
‫م ناشئا ً‬ ‫ن نسمةٍ كان مرضهُ ْ‬ ‫نسمةٍ ‪ .‬ومن هؤلِء الخيرين مليو ُ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ق وتوت ّرِ العصا ِ‬ ‫ن القل ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ت‬
‫ب من السباب الرئيسيةِ التي حد ْ‬ ‫ن مرض القل ِ‬ ‫مإ ّ‬ ‫نع ْ‬
‫بالدكتورِ » ألكسيس كاريل « على أن يقول‪» :‬إن رجال‬
‫ل الذين ل يعرفون كيف يكافحون القلق ‪ ،‬يموتون‬ ‫العما ِ‬
‫كرين«‬ ‫مب ّ‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫ل مفروغٌ منه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ل ‪ ،‬والج ُ‬ ‫ب معقو ٌ‬ ‫والسب ُ‬
‫فس أ َ‬
‫جل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ؤ ّ‬ ‫م َ‬‫ن الله ك َِتابا ً ّ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫مو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ل ِن َ ْ ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪125‬‬
‫ض‬
‫ج في أمريكا أو الصينيون بأمرا ِ‬ ‫ض الزنو ُ‬‫وقّلما يمر ُ‬
‫م يأخذون الحياة مأخذا ً سهل ً لّينا ً ‪ ،‬وإنك‬ ‫ب ‪ ،‬فهؤلِء أقوا ٌ‬ ‫القل ِ‬
‫لترى أن عدد الطباِء الذين يموتون بالسكتةِ القلبيةِ يزيد ُ‬
‫ضْعفا ً على عدد ِ الفلحين الذين يموتون بالعّلة‬ ‫عشرين ِ‬
‫ة ‪ ،‬يدفعون‬ ‫ون حياةً متوترة ً عنيف ً‬
‫ن الطباء يحي ْ‬ ‫سها ‪ ،‬فإ ّ‬‫نف ِ‬
‫ل « !!‬ ‫ب يداوي الناس وهو علي ُ‬ ‫الثمن غاليا ً ‪ » .‬طبي ٌ‬
‫*******************************‬
‫حْزن‬
‫ب ال ُ‬
‫الرضا بما حصل ُيذه ُ‬
‫ل إل ما ُيرضي رّبنا (( ‪.‬‬ ‫وفي الحديث ‪ )) :‬ول نقو ُ‬
‫م إذا‬ ‫دسا ً ‪ ،‬وهو النقياد ُ والتسلي ُ‬ ‫ن عليك واجبا ً مق ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ة لك ؛‬ ‫حك ‪ ،‬والعاقب ُ‬ ‫ة في صال ِ‬ ‫داهمك المقدوُر‪ ،‬لتكون النتيج ُ‬
‫ل‪.‬‬‫س الج ِ‬ ‫ل والفل ِ‬ ‫ط العاج ِ‬ ‫لنك بهذا تنجو من كارثةِ الحبا ِ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ت‬
‫ق رأسي قل ُ‬ ‫مْفرِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫شْيب لح‬ ‫ت ال ّ‬‫ولما رأي ُ‬
‫ن‬
‫تأ ْ‬ ‫م ُ‬‫مرحبا ْ‬
‫شيبعني ُر‬ ‫كب‬ ‫لل ّ ّ‬
‫تن‬ ‫ن‬
‫ت أني إ ْ‬ ‫بعارضي ُ‬
‫خْف‬ ‫ولو ِ‬
‫س يوما ً كان‬ ‫النف ُ‬ ‫يتنكبا‬ ‫به‬ ‫ل ك ُْرهٌ‬ ‫تحيتيح ّ‬
‫تإذا ما‬ ‫ك ََفْف‬
‫ولكن ُ‬
‫أذهباينُفذ ُ ‪ ،‬ولو‬ ‫هْرهِ‬ ‫تأن تؤمن بالقدر ‪ ،‬لل ُ‬
‫سوف‬ ‫فإنك ُ‬ ‫ِ‬ ‫فسامح‬
‫إل ْ‬ ‫ل مفّر‬
‫دك وخرجت من ثياِبك !!‬ ‫انسلخت من جل ِ‬
‫ل عن إيمرسون في كتابه » القدرةُ على النجازِ «‬ ‫ن ُِق َ‬
‫ة ‪ :‬إن الحياة‬ ‫ن أين أ َت َْتنا الفكرة ُ القائل ُ‬ ‫حيث تساءل ‪ » :‬م ْ‬
‫ت‬‫ب والعقبا ِ‬ ‫الرغدة المستقرةَ الهادئة الخالية من الصعا ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ن المر على العك ِ‬ ‫ل أو عظماءهم ؟ إ ّ‬ ‫تخلقُ سعداء الرجا ِ‬
‫م سيواصلون الرثاَء لنفسهم‬ ‫فالذين اعتادوا الرثاء لنفسهِ ْ‬
‫خ يشهد ُ‬ ‫س ‪ .‬والتاري ُ‬ ‫دمق ِ‬ ‫ولو ناموا على الحريرِ ‪ ،‬وتقل ُّبوا في ال ّ‬
‫ت ل يتميُز فيها بين‬ ‫ث ‪ ،‬وبيئا ٌ‬ ‫ن العظمة والسعادة الخبي ُ‬ ‫بأ ّ‬
‫ل حملوا‬ ‫ت رجا ٌ‬ ‫ت ن َب َ َ‬ ‫ث ‪ ،‬في هذه البيئا ِ‬ ‫ب وخبي ٍ‬ ‫طي ٍ‬
‫ت على أكتاِفهم ‪ ،‬ولم يطرحوها وراء ظهوِرهم « ‪.‬‬ ‫المسؤوليا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪126‬‬
‫ن الذين رفعوا علم الهدايةِ الرباني ّةِ في اليام ِ الولى‬ ‫إ ّ‬
‫ج ّ‬
‫ل‬ ‫ن ُ‬ ‫للدعوةِ المحمدية هم الموالي والفقراُء والبؤساُء ‪ ،‬وإ ّ‬
‫م أولئك‬ ‫دس ه ْ‬ ‫ي المق ّ‬ ‫موا الزحف اليمان ّ‬ ‫الذين صاد ُ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ذا ت ُت َْلى َ َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ع َلي ْ ِ‬ ‫المرموقون والوجهاِء والمترفون ‪َ ﴿ :‬‬
‫ي‬
‫مُنوا أ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فُروا ل ِل ّ ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ت َ‬ ‫آَيات َُنا ب َي َّنا ٍ‬
‫قاما ً َ‬
‫ن‬‫ح ُ‬ ‫قاُلوا ن َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫دي ّا ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫قي ْ‬‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬‫ال ْ َ‬
‫ن‬
‫م ّ‬ ‫ؤلء َ‬ ‫هـ ُ‬ ‫ن ﴾ ‪﴿ .‬أ َ َ‬ ‫عذِّبي َ‬ ‫م َ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫وَلدا ً َ‬
‫أ َك ْث َر أ َموال ً َ‬
‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫م ِبال ّ‬ ‫عل َ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫س الل ُ‬ ‫من ب َي ْن َِنا ألي ْ َ‬ ‫هم ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ما‬ ‫خْيرا ً ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا ل َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فُروا ل ِل ّ ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ي‬
‫ذ َ‬ ‫ست َك ْب َُروا ْ إ ِّنا ِبال ّ ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ه ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫قوَنا إ ِل َي ْ ِ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫قْرآ ُ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َ‬ ‫وَل ن ُّز َ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫منت ُ ْ‬ ‫آ َ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫م}‪ {31‬أ َ ُ‬ ‫ظي ٍ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫قْري َت َي ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫ج ٍ‬ ‫عَلى َر ُ‬ ‫َ‬
‫ك﴾‪.‬‬ ‫ة َرب ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫ن قيمته في‬ ‫وإني لذكُر بيتا ً لعنترة ‪ ،‬وهو يخبُرنا أ ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫سجاياه ومآث ِرِهِ ون ُب ْل ِهِ ل في أصل ِهِ وعنصرِهِ ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ن إني‬ ‫أوْ أسود اللو ِ‬ ‫ت فإني سيد ٌ‬ ‫إن كن ُ‬
‫ق‬ ‫ض ال ُ ُ‬ ‫ك ََرما ً‬
‫خل ِ‬
‫*****************************************‬ ‫أبي ُ‬
‫ة من جوارحك‬‫ن فقدت جارح ً‬ ‫إ ْ‬
‫ح‬
‫ت لك جوار ُ‬‫فقدْ بقي ْ‬
‫ن عباس ‪:‬‬ ‫ل اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ففي لساني وسمعي‬ ‫ه من‬ ‫ن يأخذ ِ الل ُ‬ ‫إ ْ‬
‫م‬
‫فمي صار ٌ‬ ‫منهما نوُر‬
‫وفي‬ ‫وعقلي‬ ‫نورهما‬ ‫ي ذك ّ‬
‫ي‬ ‫عين‬
‫قلبي ّ‬
‫سى َأن‬‫ع َ‬
‫و َ‬ ‫مأثو ﴿ُر َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ف‬
‫كالسي ِ‬
‫المصا ِ‬ ‫ل لك من‬ ‫ص َ‬‫ح َ‬ ‫فيما َ‬ ‫عوٍج‬ ‫لُر ذي‬
‫الخير ِ‬ ‫ولعغي ّ‬
‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫شْيئا ً َ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫ن ب ُْرد ٍ ‪:‬‬ ‫شاُر ب ُ‬ ‫لب ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫فليس بعارٍ أن ُيقال‬ ‫وعّيرني العداُء‬
‫ضرير‬ ‫فيهموُء‬ ‫ب‬‫والعي ُ‬
‫ن ُعمى العيني ِ‬
‫ن‬ ‫فإ ّ‬ ‫أبصر المر‬ ‫إذا‬
‫يضيُرتلك الثل ِ‬
‫ث‬ ‫ليس إلى‬
‫وإني‬ ‫العمىّتقى‬
‫أجرا ً‬ ‫المروءة وال‬ ‫ت‬
‫رأي ُ‬
‫فقيُر‬ ‫ة‬
‫صم ً‬ ‫ع ْ‬ ‫وُذخرا ً و ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪127‬‬
‫شارِ ‪ ،‬وبين ما‬ ‫س وب ّ‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫ق بين كلم ِ اب ِ‬ ‫انظْر إلى الفر ِ‬
‫عمي ‪:‬‬ ‫ما َ‬ ‫سل ّ‬ ‫ح بن عبدالقدو ِ‬ ‫قاله صال ُ‬
‫ن في‬ ‫ضريرِ العي ِ‬ ‫م‬
‫على الدنيا السل ُ‬
‫ب الم ُ‬
‫ل‬ ‫ه‬ ‫فنصي‬
‫ظن ّ ُ ُ‬ ‫الدنيا ُ‬
‫وُيخل ِ‬ ‫لشيٍخ‬
‫المرُء وهو‬ ‫ت‬ ‫فما‬
‫يمو ُ‬
‫ب‬
‫الكذو ُ‬ ‫يمد ّ حي ً‬
‫من‬‫البعض ِ‬ ‫ن‬
‫فإ ّ‬ ‫ب‬‫نيني ّا الطبي ُ‬ ‫ي ُُعَ ّ‬
‫ه‬
‫القاِبل ل ُ‬ ‫ب‬ ‫ض قري‬
‫على ُ‬ ‫بع‬
‫محالة ‪ٍ ،‬‬ ‫سوف ينفذ ُ ل‬ ‫القضاءعيني‬
‫إن شفاء‬
‫م ويشقى ‪.‬‬ ‫سعَد ُ ‪ ،‬وهذا يأث ُ‬ ‫جُر وي ْ‬ ‫ن ذاك ُيؤ َ‬ ‫ه ‪ ،‬لك ّ‬ ‫ضل ُ‬ ‫والراف ِ‬
‫كتب عمُر بن عبدالعزيزِ إلى ميمون بن مهران ‪ :‬كتبت‬
‫ما وقع‬
‫ك ‪ ،‬وهذا أمٌر لم أزل أنتظره ُ ‪ ،‬فل ّ‬ ‫تعّزيني على عبدالمل ِ‬
‫لم ُأنك ِْرهُ ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫دو ٌ‬
‫ل‬ ‫م ُ‬
‫اليا ُ‬
‫ي بن مخلدٍ‬ ‫ن أحمد بن حنبل – رحمه الله‪ -‬زار بق ّ‬ ‫ُيروى أ ّ‬
‫ب‬‫ض له فقال له ‪ » :‬يا أبا عبدالرحمن ‪ ،‬أبشْر بثوا ِ‬ ‫في مر ٍ‬
‫حة فيها ‪..‬‬ ‫م السقم ِ ل ص ّ‬ ‫م فيها ‪ ،‬وأيا ُ‬ ‫سق َ‬ ‫حةِ ل ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫م ال ّ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬أيا ُ‬
‫«‪.‬‬
‫ل‪،‬‬ ‫ض فيها بالبا ِ‬ ‫ض المر ُ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أن أيام الصحةِ ل يعر ُ‬
‫م‬ ‫حه ‪ .‬وأيا ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وتكثر آماُله ‪ ،‬ويشتد ّ طمو ُ‬ ‫م النسا ِ‬ ‫فتقوى عزائ ُ‬
‫س‬
‫ل ‪ ،‬فيخّيم على النف ِ‬ ‫ة بالبا ِ‬ ‫ض الصح ُ‬ ‫ض الشديدِ ل تعر ُ‬ ‫المر ِ‬
‫ل المام ِ‬ ‫مةِ وسلطان اليأس ‪ .‬وقو ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وانقباض اله ّ‬ ‫ضعف الم ِ‬
‫مّنا‬‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫قَنا ال ِن ْ َ‬ ‫ن أ َذَ ْ‬ ‫ول َئ ِ ْ‬‫أحمد مأخوذ ٌ من قولهِ تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ول َئ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫فوٌر}‪َ {9‬‬ ‫س كَ ُ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫ه ل َي َ ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬‫من ْ ُ‬‫ها ِ‬ ‫عَنا َ‬ ‫م ن ََز ْ‬ ‫ة ثُ ّ‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬‫َر ْ‬
‫ت‬ ‫سي َّئا ُ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قول َ ّ‬
‫ن ذَ َ‬ ‫ه ل َي َ ُ‬ ‫ست ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ضّراء َ‬ ‫عد َ َ‬ ‫ماء ب َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫قَناهُ ن َ ْ‬ ‫أ َذَ ْ‬
‫مُلوا ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫صب َُروا ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫خوٌر}‪ {10‬إ ِل ّ ال ّ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ه لَ َ‬ ‫عّني إ ِن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جٌر ك َِبيٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ ْ‬ ‫فَرةٌ َ‬ ‫غ ِ‬
‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫ال ّ‬
‫ه تعالى‬ ‫ه ‪ » : -‬يخبُر الل ُ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن كثيرٍ – رحم ُ‬ ‫ظ اب ُ‬ ‫قال الحاف ُ‬
‫ه‬
‫ن رحم الل ُ‬ ‫ت الذميمةِ ‪ ،‬إل م ْ‬ ‫ن وما فيهِ من الصفا ِ‬ ‫عن النسا ِ‬
‫من عبادِهِ المؤمنين ‪ ،‬أنه إذا أصابْته شد ّةٌ بعد نعمةٍ ‪ ،‬حصل‬
‫ل تحزن‬
‫‪128‬‬
‫ل ‪ ،‬وكفٌر‬ ‫ط من الخيرِ بالنسبةِ إلى المستقب ِ‬ ‫س وقنو ٌ‬ ‫له يأ ٌ‬
‫ج فرجا ً « ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬كأنه لم ير خيرا ً ولم ير ُ‬ ‫وجحود ٌ لماضي الحا ِ‬
‫ب‬ ‫ه َ‬ ‫ن ذَ َ‬‫قول َ ّ‬‫ة بعد نقمةٍ ‪ ﴿ :‬ل َي َ ُ‬ ‫ه نعم ٌ‬ ‫وهكذا إن أصابت ُ‬
‫عّني ﴾ ‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫سي َّئا ُ‬‫ال ّ‬
‫ه‬
‫م ول سوٌء ‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ل ‪ :‬ما ينالني بعد هذا ضي ٌ‬ ‫أي يقو ُ‬
‫خوٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ُ‬‫ح َ‬ ‫ر ٌ‬
‫ف ِ‬‫لَ َ‬
‫ه‬
‫أي فرح بما في يدِهِ ‪ ،‬بطٌر فخوٌر على غيره ‪ .‬قال الل ُ‬
‫وَلـئ ِ َ‬ ‫عمُلوا ْ الصال ِحات أ ُ‬
‫ك‬ ‫ّ َ ِ ْ‬ ‫صب َُروا ْ َ‬
‫و َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫تعالى ‪ ﴿ :‬إ ِل ّ ال ّ ِ‬
‫فرةٌ َ‬
‫جٌر ك َِبيٌر ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ ْ‬‫َ‬ ‫غ ِ َ‬ ‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫***************************************‬
‫سيروا في الرض‬

‫ب الهموم ‪.‬‬ ‫م ‪ :‬السفُر يذه ُ‬ ‫قال أحد ُهُ ْ‬


‫ث الفاض ُ‬
‫ل‬ ‫ظ الرامهرمزيّ في كتاب ِهِ » المحد ّ ُ‬ ‫قال الحاف ُ‬
‫ة‬
‫ب العلم ِ والمتِع الحاصل ِ‬ ‫ن فوائد ِ الرحلةِ في طل ِ‬ ‫« ‪ ،‬في بيا ِ‬
‫ره الرحلة وعابها ما يلي ‪:‬‬ ‫بها ‪ ،‬رد ّا ً على من ك ِ‬
‫ل الّرحلةِ مقدار لذ ّ ِ‬
‫ة‬ ‫ن على أه ِ‬ ‫ف الطاع ُ‬ ‫» ولو ع ََر َ‬
‫ن وطنهِ ‪ ،‬واستلذاذِ‬ ‫ل في رحلت ِهِ ونشاط ِهِ عند فصول ِهِ م ْ‬ ‫الّراح ِ‬
‫ضها ‪ ،‬وحدائ ِِقها ‪،‬‬ ‫ف القطارِ وغيا ِ‬ ‫حهِ ‪ ،‬عند تصّر ِ‬ ‫جميِع جوار ِ‬
‫ب‬ ‫ن عجائ ِ‬ ‫م ير م ْ‬ ‫ضها ‪ ،‬وتصّفح الوجوهِ ‪ ،‬ومشاهدةِ ما ل ْ‬ ‫وريا ِ‬
‫ن ‪ ،‬والستراحةِ في أفياِء‬ ‫ف اللسنةِ واللوا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬واختل ِ‬ ‫البلدا ِ‬
‫ب‬
‫ل في المساجد ِ ‪ ،‬والشر ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والك ِ‬ ‫ل الغيطا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وظل ِ‬ ‫الحيطا ِ‬
‫ن‬
‫بم ْ‬ ‫ل ‪ ،‬واستصحا ِ‬ ‫ه اللي ُ‬‫ث يدرك ُ‬ ‫من الوديةِ ‪ ،‬والنوم ِ حي ُ‬
‫ل ما‬ ‫ك التصن ِّع ‪ ،‬وك ّ‬ ‫ط الحشمةِ ‪ ،‬وتر ِ‬ ‫ت اللهِ بسقو ِ‬ ‫ه في ذا ِ‬ ‫يحب ّ ُ‬
‫ن ظفرِهِ ببغيت ِهِ ‪ ،‬ووصول ِهِ إلى‬ ‫ل إلى قلبهِ من السرورِ ع ْ‬ ‫يص ُ‬
‫ه ‪ ،‬وقطع‬ ‫مَر ل ُ‬ ‫س الذي ش ّ‬ ‫مهِ على المجل ِ‬ ‫مقصدِهِ ‪ ،‬وهجو ِ‬
‫ة في محاسن‬ ‫ت الدنيا مجموع ٌ‬ ‫ذا ِ‬ ‫نل ّ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ة إليه – لعل ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫شّق َ‬ ‫ال ّ‬
‫ص تلك الفوائد ِ ‪،‬‬ ‫تلك المشاهدِ ‪ ،‬وحلوةِ تلك المناظرِ ‪ ،‬واقتنا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪129‬‬
‫ر‬
‫س من ذخائ ِ‬
‫ن زهرِ الربيِع ‪ ،‬وأنف ُ‬ ‫التي هي عند أهِلها أبهى م ْ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫ن وأشباهُ ُ‬ ‫رمها الطاع ُ‬
‫ح ِ‬
‫ث ُ‬ ‫ن ‪ ،‬من حي ُ‬ ‫الِعقيا ِ‬
‫ن‬ ‫ب الذ ّ ّ‬
‫لإ ّ‬ ‫وجان ِ ِ‬ ‫ن‬
‫ض خيامك ع ْ‬ ‫قوّ ْ‬
‫ب‬ ‫ن‬ ‫ت‬‫يج‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫نت‬ ‫ه‬‫ربه أ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫*******************************************‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ٍ‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ن رضي‬ ‫ب قوما ً ابتلهم‪ ،‬فم ْ‬ ‫ن الله إذا أح ّ‬ ‫))إ ّ‬
‫ط(( ‪.‬‬ ‫خ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫فل َ ُ‬‫ط َ‬‫ن سخ َ‬ ‫فله الّرضا‪ ،‬وم ْ‬
‫ل‬‫ل فالمث ُ‬ ‫م المث ُ‬ ‫س بلء النبياءُ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫)) أشدّ النا ِ‬
‫ه‬
‫ن كان في دين ِ‬ ‫ه ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫ر دين ِ‬ ‫ل على قد ِ‬ ‫ُيبتلى الرج ُ‬
‫ة ابُتلي‬ ‫ق ٌ‬ ‫ة أشتدّ بلؤه ‪ ،‬وإن كان في دينه ر ّ‬ ‫صلب ٌ‬
‫ه‬
‫د ‪ ،‬حتى يترك ُ‬ ‫ح البلءُ بالعب ِ‬ ‫ر دينه ‪ ،‬فما يبر ُ‬ ‫على قد ِ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ض وما عليه خطيئ ٌ‬ ‫يمشي على الر ِ‬
‫ن أمّرهُ كّله خيٌر !! وليس‬ ‫نإ ّ‬ ‫ر المؤم ِ‬ ‫)) عجبا ً لم ِ‬
‫ن ‪ ،‬إن أصابْته سّراء شكر فكان‬ ‫د إل للمؤم ِ‬ ‫ذاك لح ِ‬
‫ه ضّراء صبر فكان خيرا ً له (( ‪.‬‬ ‫ن أصابت ُ‬ ‫خيرا ً له ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن ينفعوك‬ ‫ت على أ ْ‬ ‫ن المة لو اجتمع ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫)) واعل ْ‬
‫ن‬‫ه لك ‪ ،‬وإ ِ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫ء قد كت ُ‬ ‫ء لم ينفعوك إل بشي ٍ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ء لم يضروك إل‬ ‫ن يضّروك بشي ٍ‬ ‫اجتمعوا على أ ْ‬
‫ه عليك ((‪.‬‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ء قدْ كتب ُ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ل فالمث ُ‬ ‫)) ُيبتلى الصالحون المث ُ‬
‫ة‬
‫ح َيمن ْ ً‬‫ع ُتفي ُّئها الري ُ‬ ‫ة من الزر ِ‬ ‫ن كالخام ِ‬ ‫)) المؤم ُ‬
‫سرةً (( ‪.‬‬ ‫وي َ ْ‬
‫********************************************‬
‫م‬
‫س ْ‬
‫ت تب ّ‬
‫ت المو ِ‬
‫حّتى في سكرا ِ‬
‫ي ) ت ‪ ، ( 440‬مع الفسحةِ في‬ ‫ن البيرون ّ‬ ‫فهذا أبو الريحا ِ‬
‫صب ّا ً‬
‫من ْ َ‬
‫ل العلوم ِ ‪ُ ،‬‬‫مك ِب ّا ً على تحصي ِ‬‫ة ُ‬
‫التعميرِ فقد ْ عاش ‪ 78‬سن ً‬
‫ط بشواكِلها وأقراِبها –‬ ‫ح أبوابها ويحي ُ‬ ‫ب ‪ ،‬يفت ُ‬
‫ف الكت ِ‬
‫إلى تصني ِ‬
‫م ‪ ،‬وعينه‬ ‫ضها وجلّياِتها – ول يكاد ُ يفارقُ يده القل ُ‬ ‫يعنى ‪ :‬بغوام ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪130‬‬
‫ش‬‫ة في المعا ِ‬ ‫س إليه الحاج ُ‬ ‫النظُر ‪ ،‬وقلبه الفكُر ‪ ،‬إل فيما تم ّ‬
‫ه–‬‫جيراه ُ – أي د َي ْد َن ُ ُ‬ ‫ش ‪ ،‬ثم هِ ّ‬ ‫م ْ ْ‬
‫ن ب ُلغة الطعام ِ وعلقةِ الريا ِ‬
‫م ُيسفُر عن وجههِ قناع‬ ‫في سائرِ اليام ِ من السنةِ ‪ :‬عل ٌ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ل الغل ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ويحسُر عن ذراعي ْةِ أكما ُ‬ ‫الشكا ِ‬
‫ت‬ ‫ن عيسى ‪ ،‬قال ‪ :‬دخل ُ‬ ‫يب ُ‬ ‫ن عل ّ‬ ‫ه أبو الحس ِ‬ ‫دث الفقي ُ‬ ‫ح ّ‬
‫سهِ – أيْ وهو في نْزِع الروِح‬ ‫ن وهو يجود ُ ِبنْف ِ‬ ‫على أبي الريحا ِ‬
‫ه ‪ ،‬وضاق بها صدُره ُ ‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ت نف ُ‬ ‫ت – قد حشرج ْ‬ ‫قارب المو َ‬
‫ب‬ ‫ل ‪ :‬كيف قلت لي يوما ً حسا ُ‬ ‫فقال لي في تلك الحا ِ‬
‫ن من ِقبل‬ ‫ث ‪ ،‬وهي التي تكو ُ‬ ‫ت الفاسدةِ ؟ أيْ الميرا ُ‬ ‫دا ِ‬ ‫الج ّ‬
‫ت له إشفاقا ً عليه ‪ :‬أفي هذهِ الحالةِ ؟ قال لي ‪ :‬يا‬ ‫م ‪ ،‬فقل ُ‬ ‫ال ّ‬
‫م بهذهِ المسألة ‪ ،‬أل يكون خيرا ً من‬ ‫هذا ‪ ،‬أود ّعُ الدنيا وأنا عال ٌ‬
‫ت ذلك عليهِ ‪ ،‬وحِف َ‬
‫ظ‬ ‫ل بها ؟! فأعد ُ‬ ‫ن أخّليها وأنا جاه ٌ‬ ‫أ ْ‬
‫ت الصراخ!! إنها‬ ‫ت من عندِهِ فسمع ُ‬ ‫وعّلمني ما وعد ‪ ،‬وخرج ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ح ركام المخاو ِ‬ ‫م التي تجتا ُ‬ ‫الهم ُ‬
‫حه دما ً ‪،‬‬ ‫ب جر ُ‬ ‫ت ‪ ،‬يثع ُ‬ ‫ت المو ِ‬ ‫والفاروقُ عمُر في سكرا ِ‬
‫م ل ؟! ‪.‬‬ ‫هأ ْ‬ ‫ل أكمل صلت ُ‬ ‫ل الصحابة ‪ :‬ه ْ‬ ‫ويسأ ُ‬
‫د(( مضّرج بدمائ ِهِ ‪ ،‬وهو يسأ ُ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ن الربيع في )) أح ٍ‬ ‫وسعد ُ ب ُ‬
‫ش وعماُر‬ ‫ة الجأ ِ‬ ‫ل ‪ ، ‬إنها ثبات ُ‬ ‫ق عن الرسو ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫في آخرِ َر َ‬
‫ب!‬ ‫القل ِ‬
‫ن الردى‬ ‫كأنك في جف ِ‬ ‫ت‬‫ت ما في المو ِ‬ ‫وقف َ‬
‫موضا ٌ‬ ‫ووج ُنائ‬‫وهو‬ ‫ف‬‫لواق ِ‬ ‫كب َ‬ ‫تمر ّ‬
‫ح وثغُرك‬ ‫هك ُ‬ ‫ل كلمى‬ ‫البطا ُ‬ ‫ك‬ ‫ش ّ‬
‫م‬‫باس ُ‬ ‫ة‬
‫هزيم ً‬
‫ن الجراِح ‪ :‬مرض أبو يوسف فأتيُته‬ ‫مب ُ‬ ‫قال إبراهي ُ‬
‫ما أفاق قال لي ‪ :‬ما تقو ُ‬
‫ل‬ ‫ى عليهِ ‪ ،‬فل ّ‬ ‫مْغم ً‬ ‫أعوُده ‪ ،‬فوجدُته ُ‬
‫ل ؟! قال ‪ :‬ل بأس‬ ‫ل هذه الحا ِ‬ ‫ت ‪ :‬في مث ِ‬ ‫في مسألةٍ ؟ قل ُ‬
‫س بذلك لعّله ينجو به ناٍج ‪.‬‬ ‫ندر ُ‬
‫ل في رمي الجمارِ ‪ :‬أن‬ ‫م ‪ ،‬أّيما أفض ُ‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا إبراهي ُ‬
‫ت ‪ :‬راكبا ً ‪ .‬قال ‪ :‬أخطأت ‪.‬‬ ‫ل ماشيا ً أو راكبا ً ؟ قل ُ‬ ‫يرميها الرج ُ‬
‫ل ؟ قال ‪:‬‬ ‫ت ‪ :‬أّيهما أفض ُ‬ ‫ت ‪ :‬ماشيا ً ‪ .‬قال ‪ :‬أخطأت ‪ .‬قل ُ‬ ‫قل ُ‬
‫ن يرميه ماشيا ً ‪ ،‬وأما ما كان‬ ‫لأ ْ‬ ‫ف عندهُ فالفض ُ‬ ‫ما كان ُيوق ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪131‬‬
‫ه‬
‫ت من عند ِ‬ ‫ل أن يرميه راكبا ً ‪ ،‬ثم قم ُ‬ ‫ف عنده ‪ ،‬فالفض ُ‬ ‫ل ُيوق ُ‬
‫ت الصراخ عليه وإذا هو قد ْ‬ ‫ت باب دارِهِ حتى سمع ُ‬ ‫فما بلغ ُ‬
‫ة الله عليه ‪.‬‬ ‫مات ‪ .‬رحم ُ‬
‫م‬
‫ت جاث ٌ‬ ‫ب المعاصرين ‪ :‬هكذا كانوا !! المو ُ‬ ‫قال احد ُ الك ُّتا ِ‬
‫ة تشتد ّ في‬ ‫صهِ ‪ ،‬والحشرج ُ‬ ‫كرب ِهِ وغُ َ‬
‫ص ِ‬ ‫مب ُ‬ ‫س أحد ِه ِ ْ‬ ‫على رأ ِ‬
‫ط بهِ ‪ ،‬فإذا صحا أو‬ ‫ن محي ٌ‬ ‫سهِ وصدرِهِ ‪ ،‬والغماُء والغشيا ُ‬ ‫نف ِ‬
‫ل العلم ِ‬ ‫ض مسائ ِ‬ ‫ن بع ِ‬ ‫ت ‪ ،‬تساءل ع ْ‬ ‫أفاق من غشيت ِهِ لحظا ٍ‬
‫الفرعي ّةِ أو المندوبةِ ‪ ،‬ليتعّلمها أو ليعّلمها ‪ ،‬وهو في تلك‬
‫ت منه النفاس والتلبيب ‪.‬‬ ‫ل التي أخذ فيها المو ُ‬ ‫الحا ِ‬
‫ه‬
‫ش فيه الناب ِ ُ‬
‫ويطي ُ‬ ‫ف نسي‬ ‫في موق ٍ‬
‫!! وما أشغ َ‬
‫ل‬ ‫يطاُر‬
‫الببه ْ ْ‬
‫م‬ ‫العلم على قلو ِ‬ ‫سدادهُ‬ ‫مأغلى‬ ‫الحلي‬
‫ما ُ‬ ‫يا للهِ‬
‫ت ‪ ،‬لم‬ ‫م به !! حتى في ساعةِ النزِع والمو ِ‬ ‫م وعقول َهُ ْ‬ ‫خواطرهُ ْ‬
‫ة أو ولدا ً قريبا ً عزيزا ً ‪ ،‬وإنما تذكروا‬ ‫يتذكروا فيها زوج ً‬
‫م ‪ .‬فبهذا صاروا أئمة في‬ ‫ة اللهِ تعالى عليه ْ‬ ‫العلم !! فرحم ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫دي ِ‬
‫العلم ِ وال ّ‬
‫*********************************‬
‫د‬
‫أسراُر الشدائ ِ‬
‫ي‬
‫ب المصر ّ‬ ‫ن يوسف الكات ُ‬ ‫ب أحمد ُ ب ُ‬ ‫خ الدي ُ‬ ‫أورد المؤر ُ‬
‫ن الُعقبى ( فقال ‪:‬‬ ‫ب الفريد ُ )المكافأة ُ وحس ُ‬ ‫في كتاب ِهِ المعج ُ‬
‫ة‬
‫م ِ‬‫سفوَر الحالةِ – أي انكشاف الغُ ّ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫وقد ْ علم النسا ُ‬
‫ن انجلء اللي ُ‬
‫ل‬ ‫م لبد ّ منه ‪ ،‬كما علم أ ّ‬ ‫حت ْ ٌ‬‫ده ‪َ ،‬‬‫والشد ّةِ – عن ض ّ‬
‫م النفس‬ ‫ن خور الطبيعةِ أشد ّ ما يلز ُ‬ ‫يسفُر عن النهار ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ة‪،‬‬
‫ت العل ُ‬ ‫ج بالدواِء ‪ ،‬اشتد ّ ِ‬ ‫ث ‪ ،‬فإذا لم ُتعال ْ‬ ‫ل الكوار ِ‬ ‫عند َ نزو ِ‬
‫ن عند الشدائد ِ بما‬ ‫ة ‪ ،‬لن النفس إذا لم ت ُعَ ْ‬ ‫ت المحن ُ‬‫وازداد ِ‬
‫س فأهلكها ‪.‬‬ ‫يجد ّد ُ ُقواها ‪ ،‬توّلى عليها اليأ ُ‬
‫ب أخبارِ من ابتلي‬ ‫ب – با ِ‬ ‫والتفك ُّر في أخبارِ هذا البا ِ‬
‫جع النْفس‬ ‫ما ُيش ّ‬ ‫ره حسن العقبى – م ّ‬ ‫فصبر ‪ ،‬فكان ثمرة ُ صب ِ‬
‫ب عّز‬ ‫ب مع الر ّ‬ ‫ن الد ِ‬ ‫‪ ،‬ويبعُثها عن ملزمةِ الصبرِ وحس ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪132‬‬
‫ن‬
‫ن عند نهايةِ المتحا ِ‬ ‫ن في موافاةِ الحسا ِ‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫ل ‪ ،‬بحس ِ‬ ‫وج ّ‬
‫‪.‬‬
‫ة ‪ :‬قال‬ ‫ب ‪ » : -‬خاتم ٌ‬ ‫وقال أيضا ً – في آخر الكتا ِ‬
‫ه الجوع قبل الطعام ِ‬ ‫ب ‪ ،‬تشب ُ‬ ‫مهَُر ‪ :‬الشدائد ُ قبل المواه ِ‬ ‫ب ُُزْرج ْ‬
‫ه «‪.‬‬ ‫ه ‪ ،‬ويلذ ّ معه تناول ُ‬ ‫س بهِ موقُعُ ُ‬ ‫‪ ،‬يح ّ‬
‫س بمقدارِ ما‬ ‫ح من النف ِ‬ ‫ن ‪ » :‬الشدائد ُ ُتصل ِ ُ‬ ‫وقال أفلطو ُ‬
‫ف والترّفه – يفسد ُ‬ ‫ش ‪ ،‬والّتتّرف – أي التر ُ‬ ‫تفسد ُ من العي ِ‬
‫ش«‪.‬‬ ‫ح من العي ِ‬ ‫س بمقدارِ ما يصل ُ‬ ‫من النف ِ‬
‫ق أهدْته إليك‬ ‫ل صدي ٍ‬ ‫وقال أيضا ً ‪ » :‬حافظ على ك ّ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ق أهدْته إليك النعم ُ‬ ‫ل صدي ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫الشدائد ُ ‪ ،‬واْله ع ْ‬
‫ل فيه ما تصدُره‬ ‫ل ‪ ،‬ل تتأم ْ‬ ‫ه كاللي ِ‬ ‫وقال أيضا ً ‪ » :‬الترّفف ُ‬
‫رك‬ ‫أو تتناوُله ‪ ،‬والشدة كالنهارِ ‪ ،‬ترى فيها سعيك وسعي غي ِ‬
‫«‪.‬‬
‫ل ترى به ما ل تراه بالنعمة‬ ‫ح ٌ‬ ‫ل أزدشير ‪ » :‬الشد ّة ُ ك ُ ْ‬ ‫وقا ُ‬
‫«‪.‬‬
‫ة‬
‫ك مصلحةِ المرِ في الشد ّ ِ‬ ‫مل ُ‬‫ويقول أيضا ً ‪ » :‬و ِ‬
‫مها‬ ‫ب صاحِبها على ما ينوُبه ‪ ،‬وأعظ ُ‬ ‫شيئان ‪ :‬أصغُرهما قوة ُ قل ِ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫ضهِ إلى مالك ِهِ ورازقِ ِ‬ ‫ن تفوي ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬‫ُ‬
‫حْنه‬‫م يمت ِ‬ ‫هل ْ‬ ‫حوَ خالِقهِ ‪ ،‬علم أن ُ‬ ‫ل بفكرِهِ ن َ ْ‬ ‫مد َ الرج ُ‬ ‫ص َ‬ ‫وإذا َ‬
‫ص عنه كبيرةً ‪ ،‬وهو مع هذا‬ ‫ح ُ‬ ‫ة ‪ ،‬أو يم ّ‬ ‫ب له مثوب ً‬ ‫إل بما يوج ُ‬
‫من اللهِ في أرباٍح متصلةٍ ‪ ،‬وفوائد متتابعةٍ ‪.‬‬
‫ت رذائُله ‪ ،‬وزاد‬ ‫فأما إذا اشتد ّ فكُره ُ تلقاء الخليقةِ ‪ ،‬كثر ْ‬
‫ملهِ ‪ ،‬واستطال من‬ ‫صر عن تأ ّ‬ ‫مه فيما ق ُ‬ ‫رم بمقا ِ‬ ‫تصّنعه ‪ ،‬وب ِ‬
‫ه‬
‫مهِ ‪ ،‬وخاف من المكرو ِ‬ ‫ن ما عسى أن ينقضي في يو ِ‬ ‫مح ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ن يخطئ ُ‬ ‫ما لعّله أ ْ‬
‫مهِ بما‬ ‫ل وبين رب ّهِ ‪ ،‬لعل ِ‬ ‫وإنما تصدقُ المناجاةِ بين الرج ِ‬
‫ه‬
‫ل وبين أشباهِ ِ‬ ‫في السرائرِ وتأييد ِهِ البصائر ‪ ،‬وهي بين الرج ِ‬
‫ة عن المصلحةِ ‪.‬‬ ‫كثيرةُ الذيةِ ‪ ،‬خارج ٌ‬
‫ن‬
‫ب به م ْ‬ ‫ه ‪ُ ،‬يصي ُ‬ ‫س من ُ‬ ‫ح يأتي عند اليأ ِ‬ ‫وللهِ تعالى َروْ ٌ‬
‫ل‬‫ج ‪ ،‬وتسهي ِ‬ ‫ب الفر ِ‬ ‫ة في تقري ِ‬ ‫يشاُء من خلِقهِ ‪ ،‬وإليهِ الرغب ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪133‬‬
‫ل ‪ ،‬وهو‬ ‫سؤْ ُ‬‫ل ما تطاول إليه ال ّ‬ ‫المرِ ‪ ،‬والرجوِع إلى أفض ِ‬
‫ل‪.‬‬‫حسبي ون ِْعم الوكي ُ‬
‫ت‬
‫ي ‪ ،‬وكّرر ُ‬ ‫ج بعد الشدةِ ( للتنوخ ّ‬ ‫ت كتاب ) الفر ُ‬ ‫طالع ُ‬
‫ث فوائد َ ‪:‬‬ ‫ت منه بثل ِ‬ ‫قراءته فخرج ُ‬
‫ة‬
‫ة وقضي ٌ‬ ‫ة ماضي ٌ‬ ‫ب سن ّ ٌ‬ ‫ن الفرج بعد الكر ِ‬ ‫أ ّ‬ ‫الولى ‪:‬‬
‫ك فيه ول ريب ‪.‬‬ ‫ل‪،‬لش ّ‬ ‫ة ‪ ،‬كاليِح بعد اللي ِ‬ ‫مسّلم ٌ‬‫ُ‬
‫ل عائدة ً ‪ ،‬وأرفعُ فائدةً‬ ‫ب أجم ُ‬ ‫ن المكاره مع الغال ِ‬ ‫ة‪ :‬أ ّ‬‫الثاني ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫للعبد ِ في دين ِهِ ودنياهُ من المحا ّ‬
‫ة إنما هو الله ج ّ‬
‫ل‬ ‫ن جالب النفِع ودافع الضّر حقيق ٌ‬ ‫ة‪ :‬أ ّ‬ ‫الثال ُ‬
‫طئك وما‬ ‫ن ِليخ ِ‬ ‫ن ما أصابك لم يك ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫في عله ‪ ،‬واعل ْ‬
‫ن ليصيبك ‪.‬‬ ‫م يك ْ‬‫أخطأك ل ْ‬
‫**************************************‬
‫حقارةُ الدنيا‬
‫ن زيدٍ‬ ‫م الشهير ‪ :‬قصيدةُ عديّ ب ِ‬ ‫ك العال ُ‬ ‫ن المبار ِ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن لو كان لي ‪.‬‬ ‫ن الحسي ِ‬ ‫ي من قصرِ الميرِ طاهرِ ب ِ‬ ‫ب غل ّ‬ ‫أح ّ‬
‫ة ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫ة الرائع ُ‬ ‫وهي القصيدةُ الذائع ُ‬
‫ـرِ أأنت المبّرؤُ‬ ‫معي ُّر‬
‫ت ال ُ‬ ‫أّيها الشام ُ‬
‫الموفوُرأنت جاه ٌ‬
‫ل‬ ‫ـام ِ ب ْ‬
‫ل‬ ‫ق‬
‫لديك العهد ُ الوثي ُ‬ ‫هـ‬
‫مد ّ ْ‬‫بال‬
‫أ ْ‬
‫ن‬
‫الخرين‪ ،‬هل عندك عهد ٌ أ ْ‬ ‫ب مغروُر‬ ‫مت بمصائ ِ‬ ‫من ش ِ‬ ‫منياالّيـ‬ ‫أي ْ ‪:‬‬
‫م ميثاقا ً‬ ‫ل منحْتك اليا ُ‬ ‫ة مثُلهم؟! أم ه ْ‬ ‫ل تصيبك أنت مصيب ٌ‬
‫ن؟‬ ‫ة إذ ْ‬‫ن ؟! فلماذا الشمات ُ‬ ‫ث والمح ِ‬ ‫لسلمِتك من الكوار ِ‬
‫ن الدنيا تساوي عند‬ ‫وأ ّ‬ ‫صحي ِِح ‪ )) :‬ل ْ‬ ‫ث ال ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ة ‪ ،‬ما سقى كافرا ً منها شربة‬ ‫ه جناح بعوض ِ‬ ‫الل ِ‬
‫ح البعوضةِ ‪،‬‬ ‫ن من جنا ِ‬ ‫ن الدنيا عند اللهِ تعالى أهو ُ‬ ‫ء (( ‪ .‬إ ّ‬ ‫ما ٍ‬
‫ة قيمِتها ووزِنها ‪ ،‬فِلم الجزعُ والهلعُ عليها ومن‬ ‫وهذه حقيق ُ‬
‫أجلِها ؟!‬
‫سك ومستقبلك‬ ‫ن على نف ِ‬ ‫ن تشعر بالم ِ‬ ‫السعادةُ ‪ :‬أ ْ‬
‫ه‬
‫ن والرضا الل ِ‬ ‫ة في اليما ِ‬ ‫وأهِلك ومعيشِتك ‪ ،‬وهي مجموع ٌ‬
‫ة ‪ :‬الصبُر ‪.‬‬ ‫وقضائهِ وقدرهِ ‪ ،‬والقناع ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪134‬‬
‫*****************************************‬
‫ن‬
‫ة اليما ِ‬
‫قيم ُ‬
‫ْ‬ ‫عل َيك ُم أ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫لي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫دا‬
‫َ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ن َ ْ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫﴿ بَ ِ‬
‫ه إل ّ الفطناُء ‪ :‬نظُر المسلم ِ إلى‬ ‫من النعيم ِ الذي ل يدرك ُ ُ‬
‫الكافرِ ‪ ،‬وتذك ُّر نعمةِ اللهِ في الهدايةِ إلى دين السلم ِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن‬
‫ره‬ ‫ن تكون كهذا الكافرِ في كف ِ‬ ‫ل لم يقد ّْر لك أ ْ‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫برّبه وتمّردهِ عليهِ ‪ ،‬وإلحاِده في آياِته ‪ ،‬وجحود ِ صفاِته ‪،‬‬
‫ومحاربِته لمولهُ وخالِقه ورازِقه ‪ ،‬وتكذيِبه لرسِله وكتبه ‪،‬‬
‫ن‬
‫حد ٌ ‪ ،‬تؤم ُ‬ ‫م مو ّ‬ ‫وعصيان ِهِ أوامرهُ ‪ ،‬ثم تذك ّْر أنت أّنك مسل ٌ‬
‫باللهِ ورسولهِ واليوم ِ الخرِ ‪ ،‬وتؤّدي الفرائض ولو على‬
‫در بثمن ول ُتباعُ‬ ‫ة ل ُتق ّ‬ ‫ن هذا في حد ّ ذاته نعم ٌ‬ ‫تقصيرٍ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن‪:‬‬ ‫ه في العيا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وليس لها شبي ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬ول تدوُر في الحسبا ِ‬ ‫بما ٍ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫﴿ أَ‬
‫وو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫سق‬ ‫ِ‬ ‫فا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫كا‬ ‫من‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫من‬‫ِ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫كا‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ُ‬
‫ل الجن ّةِ نظرهم‬ ‫ن نعيم ِ أه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض المفسرين أ ّ‬ ‫حتى ذكر بع ُ‬
‫دها‬ ‫هل النارِ ‪ ،‬فيشكرون رّبهم على هذا النعيم ِ ‪ » :‬وبض ّ‬ ‫إلى أ ِ‬
‫تتميُز الشياُء « ‪.‬‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ه‬
‫ه سبحان ُ‬ ‫ه ‪ :‬أيْ ل معبود بحقّ إل الل ُ‬ ‫ل إله إل الل ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ت الكما ِ‬ ‫ت اللوهي ّةِ ‪ ،‬وهي صفا ُ‬ ‫وتعالى ‪ ،‬لتفّرد ِهِ بصفا ِ‬
‫ب–ج ّ‬
‫ل ثناؤه‬ ‫ح هذه الكلمةِ وسّرها ‪ :‬إفراد ُ الر ّ‬ ‫رو ُ‬
‫ده ‪ ،‬ول إله‬ ‫مه ‪ ،‬وتعالى ج ّ‬ ‫ؤه ‪ ،‬وتبارك اس ُ‬ ‫ت أسما ُ‬ ‫دس ْ‬ ‫وتق ّ‬
‫ف والرجاِء ‪،‬‬ ‫ل والتعظيم ِ ‪ ،‬والخو ِ‬ ‫غيُرهُ – بالمحبةِ والجل ِ‬
‫ب‬
‫ل والنابةِ والرغبةِ والرهبةِ ‪ ،‬فل ُيح ّ‬ ‫وتوابِع ذلك من التوك ّ ِ‬
‫ب تبعا ً لمحبِته ‪ ،‬وكوِنه‬ ‫ب غيُره فإنما ُيح ّ‬ ‫ل ما ُيح ّ‬ ‫سواهُ ‪ ،‬وك ّ‬
‫ف سواهُ ول ُيرجى سواهُ ‪،‬‬ ‫ة إلى زيادةِ محبِته ‪ ،‬ول ُيخا ُ‬ ‫وسيل ً‬
‫ه ‪ ،‬ول‬ ‫ب إل من ُ‬ ‫ب إل إليهِ ‪ ،‬ول ُيره ُ‬ ‫كل إل عليهِ ‪ ،‬ول ُيرغ ُ‬ ‫ول ُيتو ّ‬
‫ب إل إليهِ ‪ ،‬ول ُيطاعُ‬ ‫ه ‪ ،‬ول ُيتا ُ‬ ‫مهِ ‪ ،‬ول ُينذُر إل ل ُ‬ ‫ف إل باس ِ‬ ‫ُيحل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪135‬‬
‫ث في الشدائد ِ إل‬ ‫ب إل بهِ ‪ ،‬ول ُيستغا ُ‬ ‫س ُ‬‫إل أمُره ‪ ،‬ول يتح ّ‬
‫ح إل له‬
‫ه ‪ ،‬ول ُيذب ُ‬
‫به ‪ ،‬ول ُيلتجأ إل إليهِ ‪ ،‬ول ُيسجد ُ إل ل ُ‬
‫ن ل ُيعبد إل‬
‫ف واحدٍ ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬ ‫مهِ ‪ ،‬ويجتمعُ ذلك في حر ٍ‬ ‫وباس ِ‬
‫إياهُ بجميِع أنواِع العبادةِ ‪.‬‬
‫******************************************‬
‫معاقون متفوقون‬
‫ظ العدد ُ ‪ 10262‬في ‪ 1415 / 4 / 7‬هـ ‪،‬‬ ‫عكا ٍ‬ ‫ق ُ‬ ‫في ملح ِ‬
‫ي ‪ ،‬درس‬ ‫ة مع كفيف ُيدعى ‪ :‬محمود بن محمدٍ المدن ّ‬ ‫مقابل ٌ‬
‫ت‬ ‫ن الخرين ‪ ،‬وسمع كتب التاريِخ والمجل ِ‬ ‫ب بعيو ِ‬ ‫كتب الد ِ‬
‫ت والصحف ‪ ،‬وربما قرأ بالسماِع على أحد ِ أصدقاِئه‬ ‫والدوريا ِ‬
‫ف‬ ‫طر ِ‬ ‫حتى الثالثةِ صباحا ً حتى صار مرجعا ً في الدب وال ّ‬
‫والخبار ‪.‬‬
‫ق‬
‫كتب مصطفى أمين في زاويةِ ) فكرة ( في الشر ِ‬
‫ً‬
‫ط كلما ‪ ،‬منه ‪ :‬اصبْر على كيد الكائدين ‪ ،‬وظلم ِ‬ ‫الوس ِ‬
‫ط‪،‬‬ ‫ن السوط سوف يسق ُ‬ ‫الظالمين ‪ ،‬وسطوةِ الجبابرةِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ج ‪ ،‬والظلم‬ ‫والقيد سوف ينكسُر ‪ ،‬والمحبوس سوف يخر ُ‬
‫سوف ينقشعُ ‪ ،‬لكن عليك أن تصبر وتنتظر ‪.‬‬
‫عند الله منها‬ ‫ذْرعا ً و ِ‬ ‫ق‬
‫ب نازلةٍ يضي ُ‬ ‫وَل َُر ّ‬
‫سجن عشرين‬ ‫وقد ُ‬‫ج‬
‫المخر ُ‬‫ض مفتي ألبانيا ‪،‬‬ ‫بها الفتى‬
‫ت في الريا ِ‬ ‫قابل ُ‬
‫ل الشاقّةِ ‪،‬‬ ‫من قبل الشيوعيين في ألبانيا مع العما ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫سن ً‬
‫ل والظلم ِ ‪ ،‬والظلم ِ وجوِع ‪ ،‬وكان‬ ‫س والكيدِ ‪ ،‬والن ّ‬
‫كا ِ‬ ‫والحب ِ‬
‫ت الخمس في ناحيةٍ من دورةِ المياه خوفا ً‬ ‫يصّلى الصلوا ِ‬
‫ج ‪﴿،‬‬ ‫صب ََر واحتسب حتى جاءه ُ الفر ُ‬ ‫م ‪ ،‬ومع هذا َ‬ ‫منه ْ‬
‫ل﴾‪.‬‬ ‫ض ٍ‬ ‫و َ‬
‫ف ْ‬ ‫ه َ‬‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬‫قل َُبوا ْ ب ِن ِ ْ‬ ‫فان َ‬‫َ‬
‫سجن‬ ‫ب أفريقّية ‪ُ ،‬‬ ‫هذا ) نلسون مانديل ( رئيس جنو ِ‬
‫ص شعبهِ‬ ‫متهِ ‪ ،‬وخلو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وهو ينادي بحري ّةِ أ ّ‬ ‫سبعا ً وعشرين سن ً‬
‫صّر صامد ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ت والستبدادِ والظلم ِ ‪ ،‬وهو ُ‬ ‫من القهرِ والكب ِ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫و ّ َ‬ ‫مواص ٌ‬
‫ف إ ِلي ْ ِ‬ ‫ت ‪ ،‬حتى نال مجدهُ الدنيويّ ‪ ﴿ .‬ن ُ َ‬ ‫ل مستمي ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪136‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫م ي َأل َ ُ‬ ‫ه ْ‬‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫كوُنوا ْ ت َأل َ ُ‬‫ها ﴾ ﴿ ِإن ت َ ُ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مال َ ُ‬ ‫ع َ‬
‫ك َما ت َأ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جو َ‬ ‫ما ل َ ي َْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫وت َْر ُ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫لمو‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت إل وفي‬ ‫وما ثبت ْ‬ ‫وأشجعُ مني ك ُ ّ‬
‫ل‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫نفسها أ َ‬
‫ه﴾‬ ‫ُ‬
‫مثل ُ‬‫ْ‬ ‫ح ّ‬‫م قْر ٌ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫ُ‬
‫س الق ْ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م ِ ّ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ح َ‬‫قْر ٌ‬ ‫م َ‬‫سلمتي ْ‬
‫سك ُ‬
‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫﴿ ِإنيوي َم ٍ ْ‬
‫‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ل تحزن إذا عرفت السلم‬
‫ف السلم ‪ ،‬ولم تهتدِ‬ ‫ما أشقى النفوس التي ل تعر ُ‬
‫ملت ِهِ ‪،‬‬ ‫ح َ‬ ‫ن أصحابهِ و َ‬ ‫ج إلى دعايةٍ م ْ‬ ‫ن السلم يحتا ُ‬ ‫إليه ‪ ،‬إ ّ‬
‫ب أن‬ ‫ة له يج ُ‬ ‫م ‪ ،‬والدعاي ُ‬ ‫ه نبأ عظي ٌ‬ ‫ي هائل ‪ ،‬لن ُ‬ ‫وإعلن عالم ّ‬
‫ن إل‬ ‫ن سعادة البشريةِ ل تكو ُ‬ ‫ة‪،‬ل ّ‬ ‫ة جذاب ً‬ ‫ة مهذب ً‬ ‫تكون راقي ً‬
‫سل َم ِ‬ ‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن الحقّ الخالدِ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫في هذا الدي ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫من ْ ُ‬‫ل ِ‬ ‫قب َ َ‬ ‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫ِدينا ً َ‬
‫م شهيٌر مدينة ميونخ اللمانية ‪ ،‬وعند‬ ‫ة مسل ٌ‬ ‫سكن داعي ٌ‬
‫ب عليها‬ ‫ة كبرى مكتو ٌ‬ ‫ة إعلني ٌ‬ ‫ل المدينةِ ُتوجد ُ لوح ٌ‬ ‫مدخ ِ‬
‫ت يوكوهاما « ‪ .‬فنصب هذا‬ ‫ف كفرا ِ‬ ‫باللمانيةِ ‪ » :‬أنت ل تعر ُ‬
‫ة كبرى بجانب هذه اللوحةِ كتب عليها ‪ » :‬أنت ل‬ ‫ة لوح ً‬ ‫الداعي ُ‬
‫ف‬‫ه ‪ ،‬فاتصل بنا على هات ِ‬ ‫ن أردت معرفت ُ‬ ‫ف السلم ‪ ،‬إ ْ‬ ‫تعر ُ‬
‫ل‬ ‫نك ّ‬ ‫نم ْ‬ ‫ت من اللما ِ‬ ‫ت عليه التصال ْ‬ ‫كذا وكذا « ‪ .‬وانهال ْ‬
‫ب وصوب ‪ ،‬حتى أسلم على يدهِ في سنةِ واحدة قرابة‬ ‫حد َ ٍ‬ ‫َ‬
‫ل وامرأةٍ وأقام مسجدا ً ومركزا ً‬ ‫ي ما بين رج ٍ‬ ‫ف ألمان ّ‬ ‫مائة أل ِ‬
‫إسلميا ً ‪ ،‬ودارا ً للتعليم ِ ‪.‬‬
‫ن العظيم ِ ‪،‬‬ ‫سةِ إلى هذا الدي ِ‬ ‫إن البشرية حائٌر بحاجةٍ ما ّ‬
‫ن‬
‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬‫ليرد ّ إليها أمنها وسكينتها وطمأنينتها ‪ ﴿ ،‬ي َ ْ‬
‫ت‬
‫ما ِ‬ ‫ن الظّل ُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫سل َم ِ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ض َ‬
‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ات ّب َ َ‬
‫قيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫م إ َِلى ِ‬ ‫ه ْ‬
‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ر ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫إ َِلى الّنو ِ‬
‫ن في العالم أحدا ً‬ ‫تأ ّ‬ ‫يقول أحد ُ العُّبادِ الكبارِ ‪ :‬ما ظنن ُ‬
‫ِ‬
‫يعبد ُ غير الله ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪137‬‬
‫ع‬
‫وِإن ت ُطِ ْ‬ ‫كوُر ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ش ُ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ن﴿ َ‬ ‫لك ْ‬
‫في ال َ‬ ‫أَ‬
‫ه ِإن‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بي‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫عن‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫لو‬ ‫ّ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ض‬
‫ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ك‬
‫َ‬
‫ما أك ْث َُر‬ ‫م إ ِل ّ ي َ ْ‬ ‫ّ‬
‫و َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫صو َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن إ ِل ّ الظ ّ‬ ‫عو َ‬ ‫ي َت ّب ِ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت بِ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫حَر ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫وقد أخبرني أحد ُ العلماِء أن سوداني ّا ً مسلما ً قدم من‬
‫البادية إلى العاصمةِ الخرطوم ِ في أثناِء الستعماِر‬
‫ط المدينةِ ‪،‬‬ ‫النكليزيّ ‪ ،‬فرأى رجل مرورٍ بريطاني ّا ً في وس ِ‬
‫ن هذا ؟ قالوا ‪ :‬كافٌر ‪ .‬قال ‪ :‬كافٌر‬ ‫م‪:‬م ْ‬ ‫فسأل هذا المسل ُ‬
‫ل أحد ٌ يكفُر بالله ؟! فأمسك‬ ‫بماذا ؟ قالوا ‪ :‬باللهِ ‪ .‬قال ‪ :‬وه ْ‬
‫ما سمع ورأى ‪ ،‬ثم عاد إلى الباديةِ ‪﴿ .‬‬ ‫م تقّيأ م ّ‬ ‫على بطن ِهِ ث ّ‬
‫ن ﴾ ‪!.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م َل ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ماء‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫وَر ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ي يقرأ ُ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ي ‪ :‬سمع أعراب ّ‬ ‫ل الصمع ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬قال‬ ‫قو َ‬ ‫م َتنطِ ُ‬ ‫ما أن ّك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ض إ ِن ّ ُ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ :‬سبحان اللهِ ‪ ،‬ومن أحوج العظيم حتى يقسم ؟!‬ ‫العراب ّ‬
‫ن والتطل ّعُ إلى كرم ِ المولى وإحساِنه‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫إنه حس ُ‬
‫ولطفه ورحمته ‪.‬‬
‫ن الرسول ‪ ‬قال ‪ )) :‬يضحك‬ ‫ثأ ّ‬ ‫ح في الحدي ِ‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ك خيرا ً ‪.‬‬ ‫ب يضح ُ‬ ‫نر ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫ي ‪ :‬لنعدا ُ‬ ‫رّبنا (( ‪ .‬فقال أعراب ّ‬
‫ن‬
‫طوا ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫صَر‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ن ﴾ ﴿ أل إ ِ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ه َ‬
‫ق‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ل يستفيد ُ منها‬ ‫من يقرأ ُ‬
‫س وتراجم الرجا ِ‬ ‫ِ‬ ‫النا‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫سي‬ ‫كتب‬ ‫ْ‬
‫ة منها ‪:‬‬ ‫ردة ً ثابت ً‬ ‫مسائل مط ّ ِ‬
‫ي‬‫ة لعل ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وهي كلم ٌ‬ ‫ن ما ُيحس ُ‬ ‫ن قيمة النسا ِ‬ ‫‪ .1‬أ ّ‬
‫ه‬
‫ن أو أدب ُ‬ ‫ن علم النسا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ومعناها ‪ :‬أ ّ‬ ‫بن أبي طال ٍ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ه هي في الحقيقةِ قيمت ُ ُ‬ ‫ه أو خلق ُ‬ ‫ه أو كرم ُ‬ ‫أو عبادت ُ‬
‫س‬
‫عب َ َ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫ه ومنصب ُ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ت صورُته أو هندا ُ‬ ‫وليس ْ‬
‫جاءهُ اْل َ ْ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عب ْ ٌ‬‫ول َ َ‬ ‫مى ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ع َ‬ ‫وّلى}‪ {1‬أن َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫جب َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ر ٍ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪138‬‬
‫مهِ وبذل ِهِ وتضحي َِته‬ ‫ن واهتما ِ‬ ‫مةِ النسا ِ‬ ‫‪ .2‬بقدرِ ه ّ‬
‫جزافا ً ‪.‬‬ ‫جد ُ ُ‬ ‫ه الم ْ‬ ‫ن مكان ُُته ‪ ،‬ول يعطى ل ُ‬ ‫تكو ُ‬
‫ه ‪..‬‬ ‫ب المجد تمرا ً أنت آكل ُ ُ‬ ‫ل تحس ِ‬
‫ج لَ َ‬ ‫﴿ ول َ َ‬
‫عدّةً ﴾ ‪﴿ .‬‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا ْ ل َ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫خُرو َ‬ ‫دوا ْ ال ْ ُ‬ ‫و أَرا ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫هاِد ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫في الل ّ ِ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫سهِ بإذ ِ‬ ‫ن النسان هو الذي يصنعُ تاريخه بنف ِ‬ ‫‪ .3‬أ ّ‬
‫ه بأفعال ِهِ الجميلةِ أو‬ ‫ب سيرت ُ‬ ‫الله ‪ ،‬وهو الذي يكت ُ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬‫وآَثاَر ُ‬ ‫موا َ‬ ‫قدّ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ب َ‬ ‫ون َك ْت ُ ُ‬ ‫القبيحةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ب‬‫م سريعا ً ‪ ،‬ويذه ُ‬ ‫ن عمر العبدِ قصيٌر ينصر ُ‬ ‫‪ .4‬وإ ّ‬
‫ب والهموم ِ َوالغموم ِ‬ ‫عاجل ً ‪ ،‬فل يقصره بالذنو ِ‬
‫﴿‬ ‫ها ﴾ ‪.‬‬‫حا َ‬ ‫ض َ‬ ‫و ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫شي ّ ً‬ ‫ع ِ‬ ‫م ي َل ْب َُثوا إ ِّل َ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬لَ ْ‬ ‫والحزا ِ‬
‫ل‬‫سأ َ ْ‬‫فا ْ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ض يَ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫و بَ ْ‬
‫َ‬
‫وما ً أ ْ‬ ‫قاُلوا ل َب ِث َْنا ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‬
‫ل يرضى ب ِ‬ ‫ول عم ٌ‬ ‫ن الحياة‬ ‫كفى حزنا ً أ ّ‬
‫ح‬
‫ه صال ُ‬ ‫الل ُ‬ ‫مريرةٌ‬
‫ة‪:‬‬
‫ب السعاد ِ‬ ‫• م ْ‬
‫ن أسبا ِ‬
‫ل صاِلحا ً من ذَك َ َ‬
‫و‬
‫رأ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح‪َ ﴿:‬‬ ‫ل الصال ُ‬ ‫‪ (1‬العم ُ‬
‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬‫فل َن ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬
‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫أنَثى َ‬
‫جَنا‬ ‫وا‬‫ز‬ ‫هب ل ََنا من أ َ‬
‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ة ‪َ ﴿ :‬رب َّنا َ ْ‬ ‫ة الصالح ُ‬ ‫‪ (2‬الزوج ُ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وذُّرّيات َِنا ُ‬
‫عي ُ ٍ‬ ‫قّرةَ أ ْ‬ ‫َ‬
‫ع لي‬ ‫س ْ‬‫مو ّ‬ ‫ث ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫ع ‪ :‬وفي الحدي ِ‬ ‫ت الواس ُ‬ ‫‪ (3‬البي ُ‬
‫في داري (( ‪.‬‬
‫بل‬ ‫ن الله طي ّ ٌ‬ ‫ث ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫ب ‪ :‬وفي الحدي ِ‬ ‫ب الطي ُ‬ ‫س ُ‬ ‫‪ (4‬الك ْ‬
‫ل إل طّيبا ً (( ‪.‬‬ ‫يقب ُ‬
‫مَباَركا ً‬ ‫عل َِني ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫س‪َ ﴿:‬‬ ‫ق والتودّدُ للنا ِ‬ ‫خل ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫‪ُ (5‬‬
‫َ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫كن ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن َ‬ ‫أي ْ َ‬
‫ة‪:‬‬ ‫ف في النفق ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ومن السرا ِ‬ ‫ة من الدّي ْ ِ‬ ‫‪ (6‬السلم ُ‬
‫غُلول َ ً‬
‫ة‬ ‫م ْ‬‫ك َ‬ ‫ل ي َدَ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬‫قت ُُروا ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬‫فوا َ‬ ‫ر ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫﴿ لَ ْ‬
‫ط ﴾‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ْب َ ْ‬ ‫ها ك ُ ّ‬ ‫سط ْ َ‬ ‫ول َ ت َب ْ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ق َ‬ ‫عن ُ ِ‬ ‫إ َِلى ُ‬
‫•مقومات السعاد ِ‬
‫ة‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪139‬‬
‫م صابٌر ‪.‬‬ ‫ن ذاكٌر ‪ ،‬وجس ٌ‬ ‫ب شاكٌر ‪ ،‬ولسا ٌ‬ ‫قل ٌ‬
‫وعليك بالشكر عن النعم والصبر عند النقم‬
‫والستغفار من الذنوب ‪.‬‬
‫ت لك عْلم العلماِء ‪ ،‬وحكمة الحكماِء ‪ ،‬وقصائد‬ ‫لوْ جمع ُ‬
‫ة صادقة‬ ‫ن السعادةِ ‪ ،‬لما وجدتها حتى تعزم عزيم ً‬ ‫الشعراِء ع ِ‬
‫ن‬
‫دها ‪ » :‬م ْ‬ ‫ث عنها وطْرد ِ ما يضا ّ‬ ‫جل ِْبها ‪ ،‬والبح ِ‬ ‫على تذوِّقها و َ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ه هرول ً‬ ‫أتاني يمشي أتيت ُ‬
‫ره أموره ُ ‪.‬‬ ‫م أسرارِهِ وتدبي ِ‬ ‫د ‪ :‬كت ُ‬ ‫ة العب ِ‬ ‫ومن سعاد ِ‬
‫ن أعربي ّا ً اسُتؤمن على سّر مقابل عشر ِ‬
‫ة‬ ‫ذكروا أ ّ‬
‫ب الدنلنيرِ ‪،‬‬ ‫دنانير ‪ ،‬فضاق ذرعا ً بالسّر ‪ ،‬وذهب إلى صاح ِ‬
‫ج إلى‬ ‫ن الكتمان يحتا ُ‬ ‫ن ُيفشي السّر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫دها عليهِ مقابل أ ْ‬ ‫ور ّ‬
‫ك﴾‪،‬‬ ‫وت ِ َ‬‫خ َ‬ ‫عَلى إ ِ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤَيا َ‬ ‫ص ُر ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫ق ُ‬‫ت وصبرٍ وعزيمةٍ ‪ ﴿ :‬ل َ ت َ ْ‬ ‫ثبا ٍ‬
‫س‪،‬‬ ‫ف أوراقِهِ للنا ِ‬ ‫ن كش ُ‬ ‫ف عند النسا ِ‬ ‫ن ِنقاط الضع ِ‬ ‫ل ّ‬
‫ل في‬ ‫ص ٌ‬ ‫م ‪ ،‬وداٌء متأ ّ‬ ‫ض قدي ٌ‬ ‫م ‪ ،‬وهو مر ٌ‬ ‫وإفشاُء أسراِره له ْ‬
‫ل الخبار ‪.‬‬ ‫ة بإفشاِء السرارِ ‪ ،‬ونْق ِ‬ ‫مولع ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫البشريةِ ‪ ،‬والنف ُ‬
‫ب‬
‫ن أفشى أسراره فالغال ُ‬ ‫نم ْ‬ ‫ة هذا بموضوِع السعادةِ أ ّ‬ ‫وعلق ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫عليه أن يندم ويحزن ويْغت ّ‬
‫ب في رسائل ِهِ الدبيةِ ‪،‬‬ ‫م خل ّ ٌ‬ ‫ن كل ٌ‬ ‫ظ في الكتما ِ‬ ‫وللجاح ِ‬
‫وَل‬ ‫ف َ‬ ‫ول ْي َت َل َطّ ْ‬
‫ن أراد ‪ .‬وفي القرآن ‪َ ﴿ :‬‬ ‫فليعُد ْ إليها م ْ‬
‫حدا ً ﴾ ‪ ،‬وهذا أص ٌ‬ ‫َ‬
‫ن السّر ‪،‬‬ ‫ل في كتما ِ‬ ‫مأ َ‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬‫عَر ّ‬
‫ش ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ة العن ِ‬ ‫م السّر فيه ضرب ُ‬ ‫ي يقول ‪ :‬وأكت ُ‬ ‫والعراب ّ‬
‫***************************************‬
‫لن تموت قبل أجِلك‬
‫ول َ‬
‫ة َ‬
‫ع ً‬‫سا َ‬
‫ن َ‬ ‫ست َأ ْ ِ‬
‫خُرو َ‬ ‫م ل َ يَ ْ‬ ‫جل ُ ُ‬
‫ه ْ‬
‫َ‬
‫جاء أ َ‬
‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫مو َ‬ ‫د ُ‬‫ق ِ‬ ‫ست َ ْ‬
‫يَ ْ‬
‫ت كثيرة ً قبل‬ ‫ة عزاٌء للجبناِء الذين يموتون مرا ٍ‬ ‫هذه الي ُ‬
‫ن هناك أجل ً مسمى ‪ ،‬ل تقديم ول تأخير ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬فْليعلموا أ ّ‬ ‫المو ِ‬
‫جله بشٌر ‪ ،‬ولو اجتمع أهل‬ ‫ل هذا الموت أحد ٌ ‪ ،‬ول يؤ ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل يع ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪140‬‬
‫ب للعبد ِ الطمأنينة‬ ‫الخافقْين ‪ ،‬وهذا في حد ّ ذاتهِ يجل ُ‬
‫ق﴾‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ِبال ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سك َْرةُ ال ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫جاء ْ‬ ‫و َ‬ ‫والسكينة والثبات ‪َ ﴿ :‬‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن التعّلق بغيرِ اللهِ شقاءٌ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫مأ ّ‬ ‫واعل ْ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫ص ِ‬ ‫منت َ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫صُرون َ ُ‬ ‫ة َين ُ‬ ‫فئ َ ٍ‬
‫ِ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ة وعشرون مجلدا ً ‪،‬‬ ‫ي ثلث ٌ‬ ‫سي َُر أعلم ِ النبلِء ( للذهب ّ‬ ‫) ِ‬
‫ك والمراِء‬ ‫ترجم فيها للمشاهيرِ من العلماِء والخلفاِء والملو ِ‬
‫ب تجد ُ‬ ‫والوزراِء والثرياِء والشعراِء ‪ ،‬وباستقراِء هذا الكتا ِ‬
‫حقيقتين مهمتين ‪:‬‬
‫ل أو ولد ٍ أو‬ ‫ن ما ٍ‬ ‫ن تعّلق بغيرِ اللهِ م ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫الولى ‪ :‬أ ّ‬
‫ه إلى هذا الشيِء ‪ ،‬وكان سبب‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ب أو حرفةٍ ‪ ،‬وكل ُ‬ ‫منص ٍ‬
‫ن‬
‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫دون َ ُ‬ ‫ص ّ‬‫م ل َي َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬‫قهِ وسحِقهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ح ِ‬‫شقائ ِهِ وعذاب ِهِ وم ْ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ص ُ‬ ‫ن والمن ِ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬فرعو ُ‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ف والتجارة ُ ‪ ،‬والوليد ُ والولد ُ ‪﴿ :‬‬
‫ُ‬ ‫ن والما ُ‬
‫ن خل ٍ‬ ‫ةب ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وأمي ّ ُ‬ ‫قارو ُ‬
‫حيدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫و ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ذَْرِني َ‬
‫ب ‪ ،‬أبو مسلم‬ ‫ب والنس ُ‬ ‫أبو جهل والجاهُ ‪ ،‬أبو له ٍ‬
‫ض‪،‬‬ ‫جاج والعلوّ في الر ِ‬ ‫ة ‪ ،‬المتنبئ والشهرةُ ‪ ،‬والح ّ‬ ‫والسلط ُ‬
‫ت والوزارةُ ‪.‬‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫اب ُ‬
‫ن اعتّز باللهِ وعمل له وتقّرب منه ‪ ،‬أعّزه‬ ‫نم ِ‬ ‫ة‪:‬أ ّ‬ ‫الثاني ُ‬
‫ل ول‬ ‫ل ول ما ٍ‬ ‫ب ول أه ٍ‬ ‫ب ول منص ٍ‬ ‫ورفعه وشّرفه بل نس ٍ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ب والتضحي ُ‬ ‫صهي ٌ‬ ‫ن والخرةُ ‪ُ ،‬‬ ‫ن ‪ ،‬سلما ُ‬ ‫ل والذا ُ‬ ‫عشيرةٍ ‪ :‬بل ُ‬
‫فَلى‬ ‫س ْ‬‫فُروا ْ ال ّ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ك َل ِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫م‪َ ﴿،‬‬ ‫عطاٌء والعِل ْ ُ‬
‫عل َْيا ﴾ ‪.‬‬ ‫ي ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫وك َل ِ َ‬ ‫َ‬
‫***************************************‬
‫ل والكرام ِ «‬
‫» يا ذا الجل ِ‬
‫ل والكرام ِ « ‪.‬‬‫ظوا بيا ذا الجل ِ‬‫ه قال ‪ » :‬أل ّ‬
‫ح عنه ‪ ‬أن ُ‬‫ص ّ‬
‫م‪:‬‬‫أي الزموها ‪ ،‬وأكثُروا منها ‪ ،‬وداوموا عليها ‪ ،‬ومثُلها وأعظ ْ‬
‫ب العالمين‬‫م لر ّ‬
‫م العظ ُ‬ ‫م ‪ .‬وقيل ‪ :‬إنه الس ُ‬‫ي يا قيو ْ‬
‫يا ح ّ‬
‫دعي به أجاب ‪ ،‬وإذا سئل به أعطى ‪ .‬فما للعبد ِ إل‬ ‫الذين إذا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪141‬‬
‫ج‬
‫ن يهتف بها وينادي ويستغيث ويدمن عليها ‪ ،‬ليرى الفَر َ‬ ‫أ ْ‬
‫م﴾‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ح ‪ ﴿ :‬إ ِذْ ت َ ْ‬ ‫والظفَر والفل َ‬
‫‪.‬‬
‫ة أيام ٍ كأنها أعياد ٌ ‪:‬‬ ‫في حياةِ المسلم ِ ثلث ُ‬
‫م من المعاصي‪:‬‬ ‫سل ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وي ْ‬ ‫دي فيه الفرائض جماع ً‬ ‫م يؤ ّ‬ ‫يو ٌ‬
‫كم ﴾ ‪.‬‬ ‫عا ُ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ل إِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫وِللّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫جيُبوا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫﴿ا ْ‬
‫ب فيه من ذنب ِهِ ‪ ،‬وينخلعُ من معصيت ِهِ ‪ ،‬ويعود ُ‬ ‫م يتو ُ‬ ‫ويو ٌ‬
‫م ل ِي َُتوُبوا ْ ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫م َتا َ‬ ‫إلى رب ِهِ ‪ ﴿ :‬ث ُ ّ‬
‫ل مبرورٍ ‪:‬‬ ‫م يلقى فيه رّبه على خاتمةٍ حسنةٍ وعم ٍ‬ ‫ويو ٌ‬
‫ه لقاءهُ (( ‪.‬‬ ‫ب الل ُ‬ ‫ب لقاء الله أح ّ‬ ‫ن أح ّ‬ ‫م ْ‬ ‫)) َ‬
‫ودارٍ هي الدنيا ويوم ٍ‬ ‫ت آمالي‬ ‫شر ُ‬ ‫وب ّ‬
‫هو الدهُر‬ ‫ص هو الورى‬ ‫ٍ‬ ‫بشخ‬
‫ت‬‫ُ‬ ‫فوجد‬ ‫‪،‬‬ ‫‪-‬‬ ‫عليهم‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫رضوا‬ ‫–‬ ‫الصحابة‬ ‫سير‬ ‫قرأ ُ ِ‬ ‫ت‬
‫م‪:‬‬ ‫ره ْ‬ ‫ن غي ِ‬ ‫م خمس مسائل تميُزهم ع ْ‬ ‫في حياِته ْ‬
‫ة وعدم التكّلف ‪،‬‬ ‫م ‪ ،‬والسهول ُ‬ ‫سُر في حيات ِهِ ْ‬ ‫الولى ‪ :‬الي ُ ْ‬
‫مق والتشديد ‪﴿ :‬‬ ‫وأخذ المور ببساطة ‪ ،‬وترك التنطع والتع ّ‬
‫سَرى ﴾ ‪.‬‬ ‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬ ‫سُر َ‬ ‫ون ُي َ ّ‬ ‫َ‬
‫ل‪،‬ل‬ ‫ل بالعم ِ‬ ‫ك متص ٌ‬ ‫علمهم غزيٌر مبار ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ة ‪ :‬أن ِ‬ ‫الثاني َ‬
‫ل فيه ول حواشي ‪ ،‬ول كثرة كلم ٍ ‪ ،‬ول رغوة أو تعقيد ‪:‬‬ ‫فضو َ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫﴿ إ ِن ّ َ‬
‫ل‬‫م من أعما ِ‬ ‫م أعظ ُ‬ ‫ب لديه ْ‬ ‫ن أعمال القلو ِ‬ ‫ة‪:‬أ ّ‬ ‫الثالث َ‬
‫ة‬
‫ة والرغب ُ‬ ‫ل والمحب ُ‬ ‫ة والتوك ُ‬ ‫ص والناب ُ ُ‬ ‫م الخل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فعندهُ ُ‬ ‫البدا ِ‬
‫ل‬
‫سرة ٌ في نواف ِ‬ ‫وها ‪ ،‬بينما أموُرهم مي ّ‬ ‫ة ونح ُ‬ ‫شي ُ‬ ‫ة والخ ْ‬ ‫والرهب ُ‬
‫م‬‫الصلةِ والصيام ِ ‪ ،‬حتى إن بعض التابعين أكثُر اجتهادا ً منه ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬ ‫ل الظاهرةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫في النواف ِ‬
‫عها ‪ ،‬وتخّفُفهم منها ‪،‬‬ ‫م من الدنيا ومتا ِ‬ ‫الرابعة ‪ :‬تقّلله ْ‬
‫ة‬
‫ض عن بهارجها وزخارِفها ‪ ،‬مما أكسبهم راح ً‬ ‫والعرا ُ‬
‫عى‬ ‫َ‬
‫س َ‬
‫و َ‬ ‫خَرةَ َ‬ ‫ن أَرادَ ال ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ة‪َ ﴿:‬‬ ‫ة وسكين ً‬ ‫وسعادةً وطمأنين ً‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ها َ‬ ‫عي َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ها َ‬ ‫لَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪142‬‬
‫ل‬‫ره من العما ِ‬ ‫ب الجهاد ِ على غي ِ‬ ‫الخامسة ‪ :‬تغلي ُ‬
‫م ‪ ،‬ومْعلما ً وشعارا ً ‪ .‬وبالجهادِ‬ ‫ة له ْ‬ ‫سم ً‬ ‫الصالحةِ ‪ ،‬حتى صار ِ‬
‫ن فيه ذكرا ً‬ ‫م‪،‬ل ّ‬ ‫مهم وأحزاِنه ْ‬ ‫مهم وغمو ِ‬ ‫وا على همو ِ‬ ‫قض ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫وعمل ً وبذل ً وحرك ً‬
‫س حال ً ‪،‬‬ ‫ن أسعد ِ النا ِ‬ ‫فالمجاهد ُ في سبيل اللهِ م ْ‬
‫فيَنا‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫درا ً وأطيبِهم نفسا ً ‪َ ﴿ :‬‬ ‫حهم ص ْ‬ ‫وأشر ِ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫سب ُل ََنا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي َن ّ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل َن َ ْ‬
‫ل ‪ ،‬أذكُر ما‬ ‫ل ول تحو ُ‬ ‫ن ل تزو ُ‬ ‫سن ٌ‬ ‫في القرآن حقائقُ و ُ‬
‫ن‬
‫سن ِ‬ ‫ن هذِهِ ال ّ‬ ‫يتعلقُ منها بسعادةِ العبدِ وراحةِ بال ِهِ ‪ ،‬م ْ‬
‫الثابتةِ ‪:‬‬
‫ه‬ ‫صُروا الل ّ َ‬ ‫صَرهُ ‪ِ ﴿ :‬إن َتن ُ‬ ‫ن استنصر باللهِ ن َ َ‬ ‫ِ‬ ‫نم‬ ‫أ ّ‬
‫ه‪﴿:‬‬ ‫ه أجاب ُ‬ ‫ن سأل ُ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬وم ْ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ق َ‬‫ت أَ ْ‬ ‫وي ُث َب ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صْرك ُ ْ‬ ‫َين ُ‬
‫َ‬
‫م ﴾ ‪ .‬ومن استغفره غََفَر له ‪﴿ :‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫اد ْ ُ‬
‫و‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ن تاب إليه قبل منه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬وم ْ‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫فْر ِلي َ‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫كل عليهِ كفاه ُ ‪:‬‬ ‫ن تو ّ‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬وم ْ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة َ‬ ‫وب َ َ‬ ‫ل الت ّ ْ‬ ‫قب َ ُ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫سب ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ي‪﴿:‬‬ ‫ه لهِلها بنكاِلها وجزائها ‪ :‬البغ ُ‬ ‫جُلها الل ُ‬ ‫ة يع ّ‬ ‫ن ثلث ً‬ ‫وأ ّ‬
‫ث‬‫من ن ّك َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ث‪َ ﴿:‬‬ ‫كم ﴾ ‪ ،‬والنك ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى َأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫غي ُك ُ ْ‬ ‫ما ب َ ْ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫مك ُْر‬ ‫ق ال ْ َ‬ ‫حي ُ‬ ‫وَل ي َ ِ‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬والمكُر ‪َ ﴿ :‬‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى ن َ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫ما َينك ُ ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن يفلت من قبضةِ اللهِ ‪:‬‬ ‫ل‬ ‫الظالم‬ ‫ن‬ ‫وأ‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫السيئ إّل بأ َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫﴾‬ ‫ِ‬ ‫ّ ّ ُ ِ ِ‬
‫ل‬‫ن ثمرة العم ِ‬ ‫موا ﴾ ‪ .‬وأ ّ‬ ‫ما ظَل َ ُ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫وي َ ً‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ب ُُيوت ُ ُ‬ ‫فت ِل ْ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬ ‫فآَتا ُ‬ ‫ن الله غفوٌر شكوٌر ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ة‪،‬ل ّ‬ ‫ة وآجل ٌ‬ ‫ح عاجل ٌ‬ ‫الصال ِ‬
‫ة ﴾ ‪ ،‬وأن من أطاعه‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ب الدّن َْيا َ‬ ‫وا َ‬ ‫ثَ َ‬
‫ف العبد ُ ذلك‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬فإذا عََر َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬ ‫عوِني ي ُ ْ‬ ‫فات ّب ِ ُ‬ ‫أحّبه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ه‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صُر ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬ ‫ب يرزقُ وي َن ْ ُ‬ ‫ل مع ر ّ‬ ‫سّر ‪ ،‬لنه يتعام ُ‬ ‫سعد و ُ‬
‫ر‪﴿ :‬‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬ويغف ُ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صُر إ ِل ّ ِ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ق﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫و الّرّزا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫وا ُ‬ ‫و الت ّ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ب ﴾ ‪ ،‬ويتو ُ‬ ‫من َتا َ‬ ‫فاٌر ل ّ َ‬ ‫غ ّ‬‫وإ ِّني ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪،‬‬ ‫مو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫منت َ ِ‬ ‫ن أعدائ ِهِ ‪ ﴿ :‬إ ِّنا ُ‬ ‫م لوليائه م ْ‬ ‫م ﴾ ‪ ،‬وينتق ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫مي ّا ً ﴾ ؟! ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫ه وأجل ّ ُ‬ ‫فسبحانه ما أكمل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪143‬‬
‫ة‬
‫ه – رسال ٌ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن سعديّ – رحم ُ‬ ‫نب ِ‬ ‫دالرحم ِ‬ ‫للشيِخ عب ِ‬
‫ل المفيدة ُ في الحياةِ السعيدةِ ( ‪ ،‬ذكر‬ ‫مها ) الوسائ ُ‬ ‫ة اس ُ‬‫قّيم ٌ‬
‫ه‬
‫ن ينظر العبد ُ إلى نعم ِ الل ِ‬ ‫ب السعادةِ أ ْ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫فيها ‪ » :‬إ ّ‬
‫حصى ‪،‬‬ ‫س ل تُ ْ‬ ‫ً‬
‫ه يفوقُ بها أمما من النا ِ‬ ‫عليه ‪ ،‬فسوف يرى أن ُ‬
‫حينها يستشعُر العبد ُ فضل اللهِ عليه « ‪.‬‬
‫جد انه‬ ‫ل ‪ :‬حتى في المورِ الديني ّةِ مع تقصيرٍ العبد ِ ‪ ،‬ي ُ‬ ‫أقو ُ‬
‫ة‬
‫س في المحافظةِ على الصلةِ جماع ً‬ ‫ن فئام ٍ من النا ِ‬ ‫أعلى م ْ‬
‫ةل‬ ‫ة جليل ٌ‬ ‫حو ذلك ‪ ،‬وهذه نعم ٌ‬ ‫‪ ،‬وقراءةِ القرآن والذكرِ ون ْ‬
‫ه َ‬ ‫تقدر بثمن ‪َ ﴿ :‬‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬‫ع َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م نِ َ‬ ‫غ َ‬ ‫سب َ َ‬
‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ن عبد ِ الباقي‬ ‫ث الكبيرِ اب ِ‬ ‫ي عن المحد ّ ِ‬ ‫وقد ْ ذكر الذهب ّ‬
‫جهم من جامِع ) دارِ السلم ِ (‬ ‫انه ‪ :‬استعرض الناس بعد خرو ِ‬
‫م يتمّنى أنه مكانه وفي مسلخه ‪.‬‬ ‫جد َ أحدا ً منه ُ‬ ‫ببغداد ‪ ،‬فما وَ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ضل َْنا ُ‬
‫ف ّ‬ ‫و َ‬ ‫ي‪َ ﴿:‬‬ ‫ي وسلب ّ‬ ‫ب إيجاب ّ‬ ‫ولهذ ِهِ الكلمةِ جان ٌ‬
‫ضيل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ِ‬‫قَنا ت َ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ر ّ‬‫عَلى ك َِثي ٍ‬ ‫َ‬
‫م فاتر ْ‬
‫ك‬ ‫منه ُ‬ ‫ق ِغّر‬ ‫ْ‬ ‫ك ّ‬
‫ل هذا الخل ِ‬
‫م ْ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫تفاصيل ال ُ‬ ‫وأنا‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ت ‪ :‬قال‬ ‫ه عنها – قال ْ‬ ‫س – رضي الل ُ‬ ‫عمي ْ ٍ‬ ‫ت ُ‬ ‫عن أسماء بن ِ‬
‫ل الله ‪: ‬‬ ‫لي رسو ُ‬
‫ُ‬
‫ب ‪ .‬أو‬ ‫هن عند الكْر ِ‬ ‫ت تقوِلين ُ‬ ‫ك كلما ٍ‬ ‫)) أل أعّلم ِ‬
‫ك به شيئا ً (( ‪.‬‬ ‫ه رّبي ل ُأشر ُ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ب ‪ .‬؟ ‪ :‬الل ُ‬ ‫في الكْر ِ‬
‫م أو‬ ‫م أو سق ٌ‬ ‫م أو غ ّ‬ ‫هه ّ‬ ‫ن أصاب ُ‬ ‫ظ ‪ )) :‬م ْ‬ ‫وفي لف ٍ‬
‫شف ذلك‬ ‫ه ربي ‪ ،‬ل شريك له ‪ .‬ك ُ ِ‬ ‫شدّةٌ ‪ ،‬فقال ‪ :‬الل ُ‬ ‫ِ‬
‫عنه (( ‪.‬‬
‫ب سحائب‬ ‫ة تورِد ُ على القل ِ‬ ‫» هناك أموٌر مظلم ٌ‬
‫ة ‪ ،‬فإذا فّر إلى رب ّهِ ‪ ،‬وسّلم أمره إليهِ ‪،‬‬ ‫ت مظلم ً‬ ‫متراكما ٍ‬
‫ف‬
‫ش َ‬ ‫ق‪،‬ك َ‬ ‫ركةِ أحدٍ من الخل ِ‬ ‫ن غيرِ ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه بين يديهِ ِ‬ ‫وألقى نفس ُ‬
‫ل لهٍ ‪ ،‬فهيهات « ‪.‬‬ ‫ب غاف ٍ‬ ‫ن قال ذلك بقل ٍ‬ ‫ما م ْ‬ ‫عنه ذلك ‪ ،‬فأ ّ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪144‬‬
‫ل‬
‫ن ما ٍ‬
‫م ْ‬‫بما فقدناه ُ ِ‬ ‫وما نبالي إذا‬
‫س وقاها‬ ‫بُ‬
‫ش ِ‬‫ن نَ َ‬
‫النفو‬ ‫م ْ‬‫و ِ‬
‫إذا‬ ‫تٌ‬
‫ب‬ ‫حنا سِلم‬
‫مكتس ْ‬ ‫ل‬ ‫أروا‬
‫فالما ٌ ُ‬
‫ب‬‫ن عَط َ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬‫الل ُ‬ ‫ع‬
‫مْرتج ٌ‬
‫**********************************‬ ‫والعِّز ُ‬
‫من خاف حاسدا ً‬
‫َ‬
‫من‬‫و ِ‬‫ت مع الذكارِ والدعاِء عموما ً ‪َ ﴿ :‬‬ ‫وذا ُ‬ ‫‪ .1‬المع ّ‬
‫سد َ ﴾ ‪.‬‬ ‫ح َ‬‫ذا َ‬ ‫د إِ َ‬‫س ٍ‬ ‫حا ِ‬ ‫شّر َ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫خُلوا ْ ِ‬ ‫سدِ ‪ ﴿ :‬ل َ ت َدْ ُ‬ ‫ن الحا ِ‬ ‫ِ‬ ‫رك ع‬ ‫ِ‬ ‫ن أم‬ ‫كتما ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪.2‬‬
‫َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫فّر َ‬
‫ق ٍ‬ ‫مت َ َ‬‫ب ّ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬‫خُلوا ْ ِ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫ب َ‬ ‫َبا ٍ‬
‫مُنوا ِلي‬ ‫م تُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن لّ ْ‬‫وإ ِ ْ‬ ‫‪ .3‬البتعاد ُ عنه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫زُلو ِ‬ ‫عت َ ِ‬‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ه َ‬‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬‫ف أذاه ُ ‪ ﴿ :‬ادْ َ‬ ‫ن إليه ِلك ّ‬ ‫‪ .4‬الحسا ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫************************************‬
‫ن خُلق َ‬
‫ك‬ ‫س ْ‬
‫ح ّ‬
‫م وشقاٌء ‪.‬‬ ‫شؤ ٌ‬ ‫ق ُ‬ ‫سوُء ال ُ ُ‬ ‫ن ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬ ‫ن وسعادةٌ ‪ ،‬و ُ‬ ‫م ٌ‬‫ق يُ ْ‬ ‫خل ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫ة الصائم ِ‬ ‫ه درج َ‬ ‫ق ِ‬‫ن خل ُ ِ‬ ‫)) إن المرء ُليْبلغ بحس ِ‬
‫َ‬
‫م مّني مجلسا ً‬ ‫م وأقرب ِك ُ ْ‬ ‫م(( ‪)) .‬أل أنب ُّئكم بأحّبك ُ‬ ‫القائ ِ‬
‫على‬ ‫ك لَ َ‬ ‫وإ ِن ّ َ‬ ‫م أخلقُا(( ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ة ؟! أحاسُنك ْ‬ ‫يوم القيام ِ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ت لَ ُ‬ ‫ه ِلن َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬
‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫ظيم ٍ ﴾‪َ ﴿ .‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ُ ُ‬
‫خل ٍ‬
‫ك﴾ ‪﴿.‬‬ ‫ول ِ َ‬‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ْ ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫لن َ‬ ‫ب َ‬ ‫قل ْ ِ‬‫ظ ال ْ َ‬ ‫غِلي َ‬ ‫فظّا ً َ‬ ‫ت َ‬ ‫كن َ‬‫ُ‬
‫سنا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ح ْ‬ ‫س ُ‬ ‫قولوا ِللّنا ِ‬
‫و ُ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ت الصديق – رضي الله‬ ‫ة بن ُ‬ ‫م المؤمنين عائش ُ‬ ‫لأ ّ‬ ‫وتقو ُ‬
‫مه ‪:‬‬ ‫عنهما – في وصفها المعصوم عليه صلة ُ ربي وسل ُ‬
‫قران (( ‪.‬‬ ‫ه ال ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫)) كان ُ‬
‫ل وسروٌر‬ ‫م عاج ٌ‬ ‫ه الخاطرِ ‪ :‬نعي ٌ‬ ‫سط َ َ‬ ‫خُلق وب َ ْ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫سعَ َ‬ ‫إن َ‬
‫ة‬
‫حد ّ ِ‬ ‫ل وال ِ‬ ‫ن سرعة النفعا ِ‬ ‫ه خْيرا ً ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫حاضٌر لمن أراد به الل ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫ب مقي ٌ‬ ‫ب ‪ :‬ن َك َد ٌ مستمّر وعذا ٌ‬ ‫وثورة الغض ِ‬
‫*************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪145‬‬
‫ق‬
‫دواءُ الر ِ‬
‫ق؟‬ ‫لم ُ‬ ‫ماذا يفع ُ‬
‫ن أصيب بالر ِ‬ ‫ْ‬
‫ش‪.‬‬ ‫ل َعلى الفرا ِ‬ ‫سُر النوم ِ ‪ ،‬والتملم ُ‬ ‫الرقُ تع ّ‬
‫ن‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ت َطْ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ذك ْ ِ‬‫ة ‪ ﴿ :‬أل َ ب ِ ِ‬ ‫‪ .1‬الذكاُر الشرعي ّ ُ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫عل َْنا‬‫ج َ‬ ‫و َ‬‫سةٍ ‪َ ﴿:‬‬ ‫جُر النوم ِ بالنهارِ إل لحاجةٍ ما ّ‬ ‫‪ .2‬هَ ْ‬
‫عاشا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫هاَر َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ب‬ ‫قل ّر ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ة حتى النوم ِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫‪ .3‬القراءةُ والكتاب ُ‬
‫عْلما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫زدِْني ِ‬ ‫ِ‬
‫ل‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫ل النافِع نهارا ً ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ب الجسم ِ بالعم ِ‬ ‫‪ .4‬إتعا ُ‬
‫شورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫هاَر ن ُ ُ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ي‪.‬‬
‫ت كالقهوةِ والشا ِ‬ ‫ب المنّبها ِ‬ ‫ن شر ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫‪ .5‬التقلي ُ‬
‫فقالوا لنا ما أقصر‬ ‫ونا إلى أحباِبنا‬ ‫شك ْ‬
‫شي لنا‬ ‫عندنا ِ‬
‫الليل ول ُيغ‬ ‫يقينا ً‬ ‫لنا النوم‬ ‫لي ِ ّ‬
‫ن‬ ‫طول بأ‬‫وذاك‬
‫ن‪،‬‬ ‫وبشاشة اليما ِ‬ ‫عينا‬ ‫ةِ أ‪ْ ،‬‬
‫م‬ ‫تنافي حلوة النو‬
‫الطاع ُ‬ ‫عيونهم‬ ‫ب‬ ‫الذن ِ‬‫شي‬ ‫يغةُ ِ‬ ‫ُ‬
‫مرار‬
‫ومذاق السعادةِ ‪.‬‬
‫ن في‬ ‫ن الجول ِ‬ ‫بم َ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬المعاصي تمنعُ القل َ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت‬‫وا ِ‬ ‫ما َ‬
‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ل انظُُروا ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫فضاِء التوحيد ِ ‪ُ ﴿ :‬‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫والْر ِ‬‫َ‬
‫************************************‬
‫عواقب المعاصي‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫عن ّرب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ب بين العبدِ ورّبه ‪ ﴿ :‬ك َّل إ ِن ّ ُ‬ ‫‪ .1‬حجا ٌ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جوُبو َ‬ ‫ح ُ‬‫م ْ‬‫ذ لّ َ‬
‫مئ ِ ٍ‬‫و َ‬‫يَ ْ‬
‫ق ‪ :‬إذا ساء فع ُ‬
‫ل‬ ‫ش المخلوق من الخال ِ‬ ‫‪ُ .2‬يوح ُ‬
‫ت ظنوُنه ‪.‬‬ ‫المرِء ساء ْ‬
‫وا ْ‬‫ذي ب َن َ ْ‬‫م ال ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة ‪ ﴿ :‬ل َ ي ََزا ُ‬
‫ل ب ُن َْيان ُ ُ‬ ‫ة دائم ٌ‬ ‫‪ .3‬كآب ٌ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ريب َ ً‬‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪146‬‬
‫في‬ ‫قي ِ‬ ‫سن ُل ْ ِ‬ ‫ب‪َ ﴿:‬‬ ‫ب واضطرا ٌ‬ ‫ف في القل ِ‬ ‫‪ .4‬خو ٌ‬
‫َ‬
‫كوا ْ ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫شَر ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫فُروا ْ الّر ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫ُ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ضنكا ً ﴾‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫‪ .5‬نكد ٌ في المعيشةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫‪.‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫قُلوب َ ُ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ة‪َ ﴿:‬‬ ‫ب وظلم ٌ‬ ‫‪ .6‬قسوة ٌ في القل ِ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫سي َ ً‬
‫قا ِ‬ ‫َ‬
‫‪ .7‬سواد في الوجه وعبوس ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫فأ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫فْرُتم ﴾ ‪.‬‬ ‫م أك ْ َ‬‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جو ُ‬ ‫و ُ‬‫ت ُ‬ ‫ود ّ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ا ْ‬
‫ه‬
‫ق ‪ )) :‬أنتم شهداُء الل ِ‬ ‫ْ‬
‫ب الخل ِ‬ ‫ض في قلو ِ‬ ‫‪ .8‬بغ ٌ‬
‫ضهِ (( ‪.‬‬ ‫في أر ِ‬
‫موا ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ه ْ‬
‫‪ .9‬ضيق في الرزق ‪ ﴿ :‬ول َ َ‬
‫و أن ّ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫م‬ ‫ز َ َ‬ ‫ُ‬ ‫جي َ‬
‫ه ْ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ل إ ِلي َ ِ‬ ‫ما أن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫لن ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫وَراةَ َ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫هم ﴾ ‪.‬‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫ت أْر ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫لك َُلوا ْ ِ‬
‫ن ‪ ،‬وحلو ُ‬
‫ل‬ ‫ص اليما ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ونْق ُ‬ ‫ب الرحم ِ‬ ‫‪ .10‬غض ُ‬
‫عَلى‬ ‫ب َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫غ َ‬ ‫ؤوا ْ ب ِ َ‬ ‫فَبآ ُ‬ ‫ن‪َ ﴿:‬‬ ‫ب والحزا ِ‬ ‫المصائ ِ‬
‫كاُنوا‬ ‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫عَلى ُ ُ‬ ‫ب ﴾ ‪ ﴿.‬ب َ ْ‬ ‫َ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ل َرا َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫غ َ‬
‫ف ﴾‪.‬‬ ‫غل ْ ٌ‬ ‫قُلوب َُنا ُ‬ ‫قاُلوا ْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫ي َك ْ ِ‬
‫**************************************‬

‫ص‬
‫ر ْ‬
‫ب الرزق ول تح ِ‬
‫اطل ِ‬
‫ة‬
‫دآب ّ ٍ‬‫من َ‬ ‫ما ِ‬‫و َ‬
‫ب العالمين‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن يرزُقها ر ّ‬ ‫ّ‬
‫الدودة ُ في الطي ِ‬ ‫في ال َ‬
‫ها﴾‪.‬‬
‫ق َ‬‫رْز ُ‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫لى‬‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ض‬
‫ْ ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬
‫مها الغفوُر الشكوُر ‪ )) :‬كما‬ ‫الطيوُر في الوكورِ يطع ُ‬
‫ح ِبطانا ً (( ‪.‬‬‫خماصا ً وترو ُ‬ ‫يرزقُ الطيَر ‪ ،‬تغدو ِ‬
‫م‬‫ع ُ‬‫ض والسماء ‪ ﴿ :‬ي ُطْ ِ‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ك في الماِء يرزُقه ر ّ‬ ‫السم ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ول َ ي ُطْ َ‬
‫ع ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ك ‪ ،‬فل تحز ْ‬ ‫وأنت أزكى من الدودةِ والطيرِ والسم ِ‬
‫على رزِقك ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪147‬‬
‫م الفقَر والكدُر وضيقُ الصدر إل‬ ‫ت أناسا ً ما أصاب ُهُ ُ‬ ‫عرف ُ‬
‫ل ‪ ،‬فتجد ُ أحدهم كان غني ّا ً ‪،‬‬ ‫دهم عن اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ب بع ِ‬ ‫بسب ِ‬
‫ن موله ‪،‬‬ ‫ن رب ّهِ وفي خيرٍ م ْ‬ ‫ورزُقه واسعٌ وهو في عافيةٍ م ْ‬
‫فأعرض عن طاعةِ اللهِ ‪ ،‬وتهاون بالصلةِ ‪ ،‬واقترف كبائر‬
‫ر‬
‫ه رّبه عافية بدن ِهِ وسعة رزقِهِ ‪ ،‬وابتلهُ بالفْق ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فسلب َ َ‬ ‫الذنو ِ‬
‫ن بلٍء إلى بلٍء ‪﴿ :‬‬ ‫ن نكد ٍ إلى نكد ٍ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫م ‪ ،‬فأصبح م ْ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫واله ّ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪﴿ .‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِذك ْ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫على َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫م يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫وم ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫ها َ‬ ‫م َ‬‫ع َ‬ ‫ة أن ْ َ‬
‫َ‬
‫م ً‬ ‫ع َ‬‫غّيرا ن ّ ْ‬ ‫م َ‬‫ك ُ‬ ‫هل ْ‬
‫غيروا ْ ما ب َ‬
‫ن الل َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬
‫ة‬
‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫و َ‬‫م ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫َ ِ‬ ‫حّتى ي ُ َ ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأل ّ ِ‬
‫و‬ ‫ر﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫عن ك َِثي ٍ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫َ‬
‫دقا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ق ِ َ‬
‫غ َ‬ ‫ماء َ‬ ‫هم ّ‬ ‫قي َْنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ة َل ْ‬ ‫ري َ‬ ‫عَلى الطّ ِ‬ ‫موا َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫هنيئا ً مريئا ً أّيها‬ ‫أتبكي على ليلى‬
‫ب‬ ‫ص ّ‬ ‫ل ال ّ‬
‫**************************************‬‫القات ُ‬ ‫وأنت قتلتها‬
‫م﴾‬
‫قي َ‬
‫مست َ ِ‬
‫ط ال ُ‬‫صَرا َ‬
‫دَنــــا ال ّ‬
‫﴿ اه ِ‬
‫ة‬
‫سّر الهداي ِ‬
‫ن‬‫ن ينعم بها ‪ ،‬إل م ِ‬ ‫ن يجدها ول ْ‬ ‫ن يهتدي للسعادةِ ول ْ‬ ‫ول ْ‬
‫اتبع الصراط المستقيم الذي تركنا محمد ٌ ‪ ‬على طرفِهِ ن‬
‫صَراطا ً‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫هدَي َْنا ُ‬ ‫ول َ َ‬‫ت النعيم ِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫وطرُفه الخُر في جنا ِ‬
‫قيما ً﴾‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫س ِ‬ ‫ن لح ْ‬ ‫ه مطمئ ّ‬ ‫فسعادةُ من لزم الصراط المستقيم أن ُ‬
‫ن إلى موعود ِ رب ّهِ ‪،‬‬ ‫ب المصيرِ ‪ ،‬ساك ٌ‬ ‫ن طي ِ‬ ‫العاقبةِ ‪ ،‬واثقٌ م ْ‬
‫م‬
‫ل ‪ ،‬يعل ُ‬ ‫ت في سلوك ِهِ هذا السبي ُ‬ ‫ض بقضاِء مولهُ ‪ ،‬مخب ٌ‬ ‫را ٍ‬
‫ق‬
‫م ل ينط ُ‬ ‫ط ‪ ،‬وهو معصو ٌ‬ ‫ن له هاديا ً يهديهِ على هذا الصرا ِ‬ ‫ا ّ‬
‫ة على الورى ‪،‬‬ ‫ج ٌ‬ ‫هح ّ‬ ‫ن غوى ‪ ،‬قَوْل ُ ُ‬ ‫عن الهوى ‪ ،‬ول يتبعُ م ْ‬
‫ت‬‫ن ‪ ،‬وسقطا ِ‬ ‫ت القرا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وعثرا ِ‬ ‫ت الشيطا ِ‬ ‫ن نزغا ِ‬ ‫ظم ْ‬ ‫محفو ٌ‬
‫ه‬
‫ف ِ‬‫خل ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫من ب َي ْ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫قَبا ٌ‬ ‫ع ّ‬ ‫م َ‬‫ه ُ‬‫ن ‪ ﴿ :‬لَ ُ‬ ‫النسا ِ‬
‫ظون َه من أ َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه‬
‫وهذا العبد ُ يجد ُ السعادة في سلوك ِهِ هذا الصراط ؛ لن ُ‬
‫ه أسوةً ‪ ،‬وبيد ِهِ كتابا ً ‪ ،‬وفي قلِبه‬ ‫ن له إلها ً ‪ ،‬وأمام ُ‬ ‫مأ ّ‬ ‫يعل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪148‬‬
‫ل‬‫ب إلى نعيم ٍ ‪ ،‬وعام ٌ‬ ‫ده ‪ ،‬واعظا ً ‪ ،‬وهو ذاه ٌ‬ ‫نورا ً ‪ ،‬وفي خل ِ‬
‫ه‬
‫دي ب ِ ِ‬‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬‫دى الل ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫في طاعةٍ ‪ ،‬وساٍع إلى خيرٍ ‪ ﴿ :‬ذَل ِ َ‬
‫شاءُ ﴾ ‪.‬‬ ‫من ي َ َ‬
‫َ‬
‫ن نور اللهِ في قلبي‬ ‫إ ّ‬ ‫أين ما ُيدعى ظلما ً يا‬
‫فالمعنويّ ‪ :‬صرا ُ‬
‫ط‬ ‫وهذا‪ ،‬ما أراهُ‬ ‫ي‬
‫س ّ‬‫ح ّ‬ ‫صراطان ‪ :‬معنويّ و ِ‬ ‫ب أيْنا‬ ‫وهماالدر ِ‬ ‫رفيق‬
‫ن جهنم ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ي ‪ :‬الصراط على مت ْ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والحس ّ‬ ‫الهدايةِ واليما ِ‬
‫ب من‬ ‫ن الدنيا الفانيةِ له كللي ٌ‬ ‫فصرا ُ‬
‫ن على مت ِ‬ ‫ط اليما ِ‬
‫ب‬
‫ن جهنم له كللي ُ‬ ‫ُ‬
‫ت ‪ ،‬والصراط الخرويّ على مت ْ ِ‬ ‫الشهوا ِ‬
‫ن تجاوز هذا الصراط بإيمان ِهِ تجاوز‬ ‫ن ‪ ،‬فم ْ‬ ‫ك السعدا ِ‬ ‫كشو ِ‬
‫ب إيقانهِ ‪ ،‬وإذا اهتدى العبد ُ إلى‬ ‫س ِ‬‫ذاك الصراط على ح ْ‬
‫مه وأحزاُنه ‪.‬‬ ‫مه وغمو ُ‬ ‫ت همو ُ‬ ‫ط المستقيم ِ زال ْ‬ ‫الصرا ِ‬
‫*******************************************‬
‫ن أراد‬ ‫ت يقط ُ‬
‫فها م ْ‬ ‫هرا ٍ‬
‫عشُر ز ِ‬
‫الحياة الطيبة‬
‫سحر للستغفارِ ‪:‬‬
‫﴿‬ ‫ة في ال ّ‬ ‫‪ .1‬جلس ٌ‬
‫فرين بال َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حا‬‫َ‬ ‫س‬‫ْ‬ ‫غ ِ ِ َ ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫في َ ْ‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫وي َت َ َ‬ ‫‪ .2‬وخلوة ٌ للتفك ّرِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫خل ِ‬ ‫ن ِ‬
‫َ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫صب ِْر ن َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة الصالحين ‪َ ﴿ :‬‬ ‫‪ .3‬ومجالس ُ‬
‫هم ﴾ ‪.‬‬ ‫ن َرب ّ ُ‬
‫عو َ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫كرا ً ك َِثيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ِذ ْ‬ ‫كر ‪ ﴿ :‬اذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫‪ .4‬والذ ّ ْ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫في َ َ‬ ‫ن بخشوٍع ‪ ﴿ :‬ال ّ ِ‬
‫صلت ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ .5‬وركعتا ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫فل َ ي َت َدَب ُّرو َ‬ ‫‪ .6‬وتلوة ٌ بتدب ّرٍ ‪ ﴿ :‬أ َ َ‬
‫م يوم ٍ شديدِ الحّر ‪ )) :‬يدع طعامه‬ ‫‪ .7‬وصيا ُ‬
‫ن أجلي (( ‪.‬‬ ‫وشرابه وشهواته م ْ‬
‫ه‬
‫ة في خفاٍء ‪ )) :‬حتى ل تعلم شمال ُ‬ ‫‪ .8‬وصدق ٌ‬
‫ق يميُنه (( ‪.‬‬ ‫ما تنف ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪149‬‬
‫ن‬‫ن فّرج ع ْ‬ ‫ن مسلم ٍ ‪ )) :‬م ْ‬ ‫ف كربةٍ ع ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫‪ .9‬وك ْ‬
‫ه عنه‬ ‫ب الدنيا فّرج الل ُ‬ ‫كر ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ةم ْ‬ ‫مسلم ِ كرب ً‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ب يوم ِ القيام ِ‬ ‫ن كر ِ‬ ‫ةم ْ‬ ‫كرب ً‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ َب ْ َ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫خَرةُ َ‬ ‫واْل ِ‬ ‫‪ .10‬وزهْد ٌ في الفانيةِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ة‪.‬‬ ‫تلك عشرةٌ كامل ٌ‬
‫ل‬‫جب َ ٍ‬ ‫وي إ َِلى َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ن نوٍح قوُله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن شقاِء اب ِ‬ ‫م ْ‬
‫ض والسماِء‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ماء ﴾ ‪ .‬ولو أوى إلى ر ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫مِني ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل وأعّز وأمنع ‪.‬‬ ‫لكان أج ّ‬
‫مص‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت ‪ .‬فتق ّ‬ ‫ه ‪ :‬أنا أحيي وأمي ُ‬ ‫ومن شقاِء النمرودِ قول ُ‬
‫ل له ‪ ،‬فُب ِِهت وخسأ وخاب‬ ‫ة ل تح ّ‬ ‫ثوبا ً ليس له ‪ ،‬واغتصب صف ً‬
‫‪.‬‬
‫لوَلى ﴾ ‪.‬‬ ‫ة وا ْ ُ‬
‫خَر ِ َ‬ ‫ل اْل ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه نَ َ‬ ‫خذَهُ الل ّ ُ‬ ‫فأ َ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ث المل ّةِ عبارة ٌ ‪ ،‬وراي ُ‬
‫ة‬ ‫ة ‪ ،‬وميرا ُ‬ ‫ح السعادةِ كلم ٌ‬ ‫مفتا ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ة هي ‪ :‬ل إله إل الل ُ‬ ‫ة والعبارةُ والجمل ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فالكلم ُ‬ ‫ح جمل ٌ‬ ‫الفل ِ‬
‫ل اللهِ ‪. ‬‬ ‫محمد ٌ رسو ُ‬
‫ه في السماِء ‪:‬‬ ‫ض ‪ :‬أن ُيقال ل ُ‬ ‫ن نطقها في الر ِ‬ ‫سعادةُ م ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫صدّقَ ب ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫جاء ِبال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ت‪َ ﴿:‬‬ ‫صدقْ َ‬
‫شناِر‬ ‫ن ينجو من الدمارِ وال ّ‬ ‫ن عمل بها ‪ :‬أ ْ‬ ‫وسعادةُ م ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫فاَزت ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫قوا ب ِ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫جي الل ّ ُ‬ ‫وي ُن َ ّ‬ ‫والعارِ والنارِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬‫وإ ِ ّ‬ ‫شك ََر ‪َ ﴿ :‬‬ ‫صَر وي ُ ْ‬ ‫ن ٌيعان وي ُن ْ َ‬ ‫ن دعا إليها ‪ :‬أ ْ‬ ‫وسعادةُ م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫غال ُِبو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫جندََنا ل َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ه‬‫ول ِل ّ ِ‬ ‫م وُيعّز ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن ُيرفع وُيكَر َ‬ ‫ن أحّبها ‪ :‬أ ْ‬ ‫وسعادةُ م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫ول َِر ُ‬ ‫عّزةُ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫ل الرقيقُ فأصبح حّرا ً ‪ ﴿ :‬ي ُ ْ‬ ‫هتف بها بل ٌ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫و ِ‬ ‫ت إ َِلى الن ّ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظّل ُ َ‬
‫ي ‪ ،‬فمات عبدا ً ذليل ً‬ ‫ب الهاشم ّ‬ ‫وتلعثم في نطقها ِ أبو له ٍ‬
‫رم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫مك ْ ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫حقيرا ً ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل الركام البشريّ الفاني إلى قمم ٍ‬ ‫إنها الكسي ُِر الذي يحو ّ‬
‫ه‬
‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َْناهُ ُنورا ً ن ّ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫كن َ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫ليمانيةٍ ربانيةٍ طاهرةٍ ‪َ ﴿ :‬‬
‫عَباِدَنا ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شاء ِ‬ ‫ن نّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪150‬‬
‫ن العذاب‬ ‫ن الخرةِ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ضت ع ِ‬ ‫ح بالدنيا إذا أعر ْ‬ ‫ل تفر ْ‬
‫غَنى‬ ‫َ‬
‫ما أ ْ‬ ‫ل والّنكا ُ‬ ‫الواصب في طريِقك ‪ ،‬والغ ّ‬
‫ل ينتظُرك ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ .‬إِ ّ‬ ‫طاِني ْ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫عّني ُ‬ ‫ك َ‬ ‫هل َ َ‬‫ه}‪َ {28‬‬ ‫ماِلي ْ‬ ‫عّني َ‬ ‫َ‬
‫صاِد ﴾ ‪.‬‬ ‫مْر َ‬ ‫ل َِبال ْ ِ‬
‫ن‬‫ح بالولد ِ إذا أعرضت عن الواحد ِ الصمدِ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ول تفر ْ‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬ونهاي ُ‬ ‫ة الخسرا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وغاي ُ‬ ‫ل الخذل ِ‬ ‫العراض عنه ك ّ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫سك َن َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م الذّل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫رب َ ْ‬‫ض ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ن‪َ ﴿:‬‬ ‫الهوا ِ‬
‫ن إساءة العمل‬ ‫ل إذا أسأت العمال ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ح بالموا ِ‬ ‫ول تفر ْ‬
‫ة في الخرةِ ‪﴿ :‬‬ ‫ب في المصيرِ ‪ ،‬ولعن ٌ‬ ‫محقٌ للخاتمةِ وتبا ٌ‬
‫وَلدُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة أَ ْ‬
‫كم‬ ‫وَل أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫و َ‬
‫خَزى ﴾ ﴿ َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب اْل ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫م َ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فى إ ِّل َ‬ ‫عندََنا ُزل ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫قّرب ُك ُ ْ‬ ‫ِبال ِّتي ت ُ َ‬
‫صاِلحا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫وقفــ ٌ‬
‫ث (( ‪ :‬في رفع‬ ‫م برحمِتك أستغي ُ‬ ‫ي يا قيو ُ‬ ‫)) يا ح ّ‬
‫ة لجميع‬ ‫من ً‬
‫ن صفة الحياةِ متض ّ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة بديع ٌ‬ ‫هذا الدعاِء مناسب ٌ‬
‫ة‬
‫من ٌ‬‫ة متض ّ‬ ‫ة القّيومي ُ‬ ‫ة لها ‪ ،‬وصف ُ‬ ‫ل ‪ ،‬مستلزم ٌ‬ ‫ت الكما ِ‬ ‫صفا ِ‬
‫م الذي إذا‬ ‫م اللهِ العظ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ولهذا كان اس ُ‬ ‫ت الفعا ِ‬ ‫لجميِع صفا ِ‬
‫م‪.‬‬‫ي القيو ُ‬ ‫م الح ّ‬ ‫سئل به أعطى ‪ :‬هو اس ُ‬ ‫ي به أجاب ‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫دُ ِ‬
‫ت‬ ‫مل ْ‬ ‫مة تضاد ّ جميع السقام ِ واللم ؛ ولهذا لما ك ُ‬ ‫والحياةُ التا ّ‬
‫ن ول شيٌء‬ ‫حَز ٌ‬ ‫م ول َ‬ ‫م ول غ ّ‬ ‫مه ّ‬ ‫م يلحْقهُ ْ‬ ‫ل الجنةِ ‪ ،‬ل ْ‬ ‫حياة ُ أه ِ‬
‫ل ‪ ،‬وتنافي‬ ‫ن الحياةِ تضّر بالفعا ِ‬ ‫ت ‪ .‬ونقصا ُ‬ ‫من الفا ِ‬
‫ق‬
‫ي المطل ُ‬ ‫ل الحياةِ ‪ ،‬فالح ّ‬ ‫ل القيوميةِ لكما ِ‬ ‫القيومية ‪ ،‬فكما ُ‬
‫م ل يتعذ ُّر‬ ‫ل ألبتة ‪ ،‬والقيو ُ‬ ‫ة الكما ِ‬ ‫م الحياةِ ل تفوُته صف ُ‬ ‫التا ّ‬
‫ل بصفةِ الحياةِ والقوميةِ له‬ ‫عليه فْعل ممكن ألبتة ‪ ،‬فالتوس ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫تأثيٌر في إزالةِ ما ُيضاد ّ الحياةَ ويضّر بالفعا ِ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ب‬
‫وتخشى ول المحبو ُ‬ ‫ن‬‫مُرك ما المكروهُ م ْ‬ ‫لع ْ‬
‫عالذي‬ ‫م ُ‬ ‫ث ت َاله ْ‬
‫ط ّ‬
‫مَ‬ ‫ك‬‫حير ُ‬ ‫من‬
‫فما د ْ‬ ‫س‬
‫ف النا ِ‬ ‫تقي ِ‬ ‫حيثُر ت ّخو‬
‫وأكث‬
‫ليس ينفعُ‬ ‫ن‬‫ليس بكائ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪151‬‬
‫*************************************‬
‫ع‬
‫ر الواق ِ‬
‫ع الم ِ‬ ‫م ْ‬
‫لم َ‬ ‫تعا َ‬
‫ت‬‫ست من الشيِء سل ْ‬ ‫ونت ما قد ْ عّز هان ‪ ،‬وإذا أي ْ‬ ‫إذا ه ّ‬
‫ه إ ِّنا إ َِلى‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬‫ؤِتيَنا الل ّ ُ‬ ‫سي ُ ْ‬‫سك ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه نف ُ‬ ‫عن ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫غُبو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ن نافذةٍ وكان بأصبِعه اليسرى‬ ‫ن رجل ً قفز م ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫قرأ ُ‬
‫ط‬
‫م بمسمارِ في النافذةِ ‪ ،‬ومع سقو ِ‬ ‫خاتم ‪ ،‬فنشب الخات ُ‬
‫ل اقتلع المساُر أصبعه من أصلها ‪ ،‬وبقي بأربعُ أصابع ‪،‬‬ ‫الرج ِ‬
‫سهِ ‪ :‬ل أكاد ُ أتذك ُّر أن لي أربعُ أصابع في يدٍ‬ ‫ن نف ِ‬ ‫لع ْ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت أصُبعا ً من أصابِعي إل حينما أتذكُر‬ ‫ب ‪ ،‬أو أنني فقد ُ‬ ‫فحس ُ‬
‫ة بما‬ ‫م ‪ ،‬ونفسي راضي ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وإل فعلمي على ما يرا ُ‬ ‫تلك الواقع َ‬
‫ه وما شاء فعل (( ‪.‬‬ ‫در الل ُ‬ ‫حدث ‪ )) :‬ق ّ‬
‫ض‬ ‫ف لمر ٍ‬ ‫ده اليسرى من الكت ِ ِ‬ ‫تي ُ‬ ‫ف رجل ً ب ُِتر ْ‬ ‫وأعر ُ‬
‫ه‬‫ه ‪ ،‬فعاش طويل ً وتزّوج ‪ ،‬وُرزق بنين ‪ ،‬وهو يقود ُ سيارت ُ‬ ‫أصاب ُ‬
‫ن اللهِ لم يخلقْ له إل يدا ً‬ ‫بطلقةٍ ‪ ،‬ويؤدي عمله بارتياٍح ‪ ،‬وكأ ّ‬
‫ن أغنى الناس (( ‪.‬‬ ‫ه لك ‪ ،‬تك ْ‬ ‫واحدةً ‪ )) :‬ارض بما قسم الل ُ‬
‫م مع‬ ‫ما أسرع ما نتكّيف مع واقِعنا ‪ ،‬وما أعجب ما نتأقل ُ‬
‫ت بساطا ً م ْ‬
‫ن‬ ‫ة كان قاع ُ البي ِ‬ ‫وضِعنا وحياِتنا ‪ ،‬قبل خمسين سن ً‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن فخارٍ ‪ ،‬وقصع ً‬ ‫ل ‪ ،‬وقربة ماٍء ‪ ،‬وقدرا ً م ْ‬ ‫حصيرٍ النخ ِ‬
‫ت معيشُتنا ‪ ،‬لننا‬ ‫ت حياُتنا واستمر ْ‬ ‫ة‪ ،‬وإبريقا ً ‪ ،‬وقام ْ‬ ‫وجفن ً‬
‫منا إلى واقِعنا‪.‬‬ ‫رضينا وسّلمنا وتحاك ْ‬
‫ل‬
‫وإذا ُترد ّ إلى قلي ٍ‬ ‫ة إذا‬ ‫س راغب ٌ‬ ‫والنف ُ‬
‫الكوفةِ في المسجدِ‬ ‫ن في تْقنعُ‬ ‫تْبتها‬ ‫وقعرغ ّ‬
‫ة بين قبيلتي ِ‬ ‫قتن ٌ‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫الجامِع ‪ ،‬فسّلوا سيوفهم ‪ ،‬وامتشقوا رماحهم ‪ ،‬وهاج ْ‬
‫ل أحد ُ‬ ‫م تفارقُ الجساد َ ‪ ،‬وانس ّ‬ ‫ت الجماج ُ‬ ‫الدائرةُ ‪ ،‬وكاد ِ‬
‫ل‬
‫ح الكبيرِ والرج ِ‬ ‫صل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س من المسجدِ ليبحث عن ال ُ‬ ‫النا ِ‬
‫ب غنمه ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬فوجده ُ في بيِته ِيحل ُ‬ ‫ن قي ٍ‬ ‫فب ِ‬ ‫الحليم ِ ‪ ،‬الحن ِ‬
‫ف‬‫ل الجسم ِ ‪ ،‬نحي ُ‬ ‫عليه كساٌء ل يساوي عشرة دراهم ‪ ،‬نحي ُ‬
‫ت في‬ ‫ف الرجلين ‪ ،‬فأخبروه الخبَر فما اهتز ْ‬ ‫البنيةِ ‪ ،‬أحن ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪152‬‬
‫مهِ شعرةٌ ول اضطرب ؛ لنه قدِ اعتاد الكوارث ‪ ،‬وعاش‬ ‫جس ِ‬
‫دم له إفطاُره‬ ‫ه ‪ ،‬ثم قُ ّ‬ ‫ن شاء الل ُ‬ ‫الحوادث ‪ ،‬وقال لهم ‪ :‬خيرا ً إ ْ‬
‫س‬
‫سرةٌ من الخبزِ الياب ِ‬ ‫ث شيٌء ‪ ،‬فإذا إفطارهٌ ك ِ ْ‬ ‫ن لم يحد ْ‬ ‫وكأ ْ‬
‫م حمد َ‬ ‫مى وأكل ‪ ،‬ث ّ‬ ‫س من الماِء ‪ ،‬فس ّ‬ ‫ح ‪ ،‬وكأ ٌ‬ ‫ت ومل ٌ‬ ‫‪ ،‬وزي ٌ‬
‫ت من الشام ِ ‪ ،‬مع ماِء‬ ‫ن ب ُّر العراق ‪ ،‬وزي ٌ‬ ‫ه ‪ ،‬وقال ‪ :‬ب ُّر م ْ‬ ‫الل َ‬
‫ه ‪ ،‬وأخذ‬ ‫ة ‪ .‬ثم لبس ثوب َ َ‬ ‫م جليل ٌ‬ ‫دجلة ‪ ،‬وملح مرو ‪ ،‬إنها لنع ٌ‬
‫ت إليه‬ ‫س اشرأب ّ ْ‬ ‫ما رآه النا ُ‬ ‫عصاهُ ‪ ،‬ثم دلف على الجموِع ‪ ،‬فل ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ت غليه عيوُنهم ‪ ،‬وأنصتوا لما يقو ُ‬ ‫أعناُقهم ‪ ،‬وطفح ْ‬
‫س التفّرق ‪ ،‬فذهب ك ّ‬
‫ل‬ ‫م طلب من النا ِ‬ ‫صل ٍْح ‪ ،‬ث ّ‬ ‫فارتحل كلمة ُ‬
‫ت‬
‫م ل يلوي على شيٍء ‪ ،‬وهدأت الثائرة ُ ‪ ،‬ومات ِ‬ ‫واحدا ً منه ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الفتن ُ‬
‫صه‬ ‫ب قمي ِ‬ ‫خل َقٌ وجي ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك الشرف‬ ‫قد ْ يدر ُ‬
‫رقوعُ‬ ‫س ‪ ،‬منهاَم ْ‪:‬‬ ‫ورداؤُهُ‬ ‫•في الفتى‬
‫درو ٌ‬ ‫ة‬
‫القص ِ‬
‫ن قّلة الشيِء‬ ‫ت بالبهةِ والمظهرِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن العظمة ليس ْ‬ ‫أ ّ‬
‫ة‬
‫ت بكثر ِ‬ ‫ت دليل ً على الشقاِء ‪ ،‬وكذلك السعادة ُ ليس ْ‬ ‫ليس ْ‬
‫َ‬
‫ما اب ْت ََلهُ َرب ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫فأ ّ‬ ‫الشياِء والترفّهِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ذا‬ ‫ما إ ِ َ‬ ‫ل ربي أ َك ْرمن}‪َ {15‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فأ َ‬
‫َ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫قو‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ك‬
‫ل ربي أ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫قو ُ َ ّ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫رْز َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫قدََر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما اب ْت ََلهُ َ‬ ‫َ‬
‫ة النسان ‪ ،‬ل‬ ‫ت الساميةِ هي قيم ُ‬ ‫ن المواهب والصفا ِ‬ ‫وأ ّ‬
‫ه‬
‫ه في علمهِ وكرم ِ‬ ‫صُرهُ ول داُرهُ ‪ ،‬إنها وزن ُ‬ ‫ه ول قَ ْ‬ ‫ه ول نعل ُ ُ‬ ‫ثوْب ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫م ﴾ ‪ .‬وعلق ُ‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أت ْ َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ن أك َْر َ‬ ‫وحلمهِ وعقلهِ ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ش ‪ ،‬ول‬ ‫ت في الثراِء الفاح ِ‬ ‫عنا أن السعادة ليس ْ‬ ‫هذا بموضو ِ‬
‫ن السعادةَ‬ ‫ضةِ ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ب والف ّ‬ ‫ف ‪ ،‬ول في الذه ِ‬ ‫صرِ المني ِ‬ ‫في الق ْ‬
‫فل َ‬ ‫ب بإيمانهِ ‪ ،‬برضاهُ ‪ ،‬بأنسهِ ‪ ،‬بإشراقهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫في القل ِ‬
‫َ‬ ‫ت ُعجب َ َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م﴾ ﴿ ُ‬ ‫ه ْ‬‫ول َدُ ُ‬ ‫ول َ أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ْ ِ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫حوا ْ ُ‬ ‫فَر ُ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫فب ِذَل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ِ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وب َِر ْ‬ ‫َ‬
‫عوّد ْ نفسك على التسليم ِ بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬ماذا تفع ُ‬
‫ل‬
‫ض نفقا ً أو‬ ‫ل تتخذ ُ في الر ِ‬ ‫ن بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬ه ْ‬ ‫م تؤم ْ‬ ‫إذا ل ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪153‬‬
‫ن ينقذك من القضاِء‬ ‫ن ينفعك ذلك ‪ ،‬ول ْ‬ ‫سّلما ً في السماِء ‪ ،‬ل ْ‬ ‫ُ‬
‫ل؟‬ ‫ن فما الح ّ‬ ‫والقدرِ ‪ .‬إذ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ركك ّ ُ‬ ‫كوُنوا ْ ي ُدْ ِ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫ل ‪ :‬رضينا وسّلمنا‪﴿ :‬أي ْن َ َ‬ ‫الح ّ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫شي ّدَ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ج ّ‬ ‫في ب ُُرو ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ت َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ت في‬ ‫ف اليام في حياتي ‪ ،‬ومن أفظِع الوقا ِ‬ ‫ن أعن ِ‬ ‫م ْ‬
‫ص‬ ‫ب المخت ّ‬ ‫ة التي أخبرني فيها الطبي ُ‬ ‫عمري ‪ :‬تلك الساع ُ‬
‫ف ‪ ،‬ونزل الخبُر‬ ‫ه – من الكت ِ‬ ‫ببترِ يد أخي محمدٍ – رحمه الل ُ‬
‫ت روحي إلى‬ ‫ت نفسي ‪ ،‬وثاب ْ‬ ‫على سمعي كالقذيفةِ ‪ ،‬وغالب ُ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ل المولى ‪َ ﴿ :‬ا أ َ‬ ‫قو ِ‬
‫ن}‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬وقولهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬‫من ِبالل ّ ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫‪ {155‬ال ّذين إ َ َ‬
‫وإ ِّنـا‬ ‫ه َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جعو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫ت بْردا ً وسلما ً ورْوحا ً ورْيحانا ً ‪.‬‬ ‫ت هذه اليا ُ‬ ‫كان ْ‬
‫ن‬‫ة في اليما ِ‬ ‫ل ‪ ،‬إنما الحيل ُ‬ ‫وليس لنا من حيلةٍ فنحتا ُ‬
‫ن﴾﴿‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫والتسليم فَحسب ‪ ﴿ ،‬أ َم أ َبرموا أ َ‬
‫مو َ‬ ‫ر ُ‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫مر‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ ُ‬ ‫ِ َ ْ ُ‬
‫مرا ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ه﴾﴿ َ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫عَلى أ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫غال ِ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫كن َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ة‬
‫ل أربع ِ‬ ‫ة ُتخبُر في لحظةٍ واحدةِ بقت ِ‬ ‫إن الخنساء النخعي َ‬
‫ن‬‫ل اللهِ بالقادسيةِ ‪ ،‬فما كان منها إل أ ْ‬ ‫أبناٍء لها في سبي ِ‬
‫ف‬
‫سن الصنيِع ‪ ،‬ولط ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت مولها على ُ‬ ‫ت رّبها ‪ ،‬وشكر ْ‬ ‫حمد ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن هناك معينا ً من اليما ِ‬ ‫ل القضاِء ؛ ل ّ‬ ‫الختيارِ ‪ ،‬وحلو ِ‬
‫ن ل ينقطعُ ‪ ،‬فمثُلها تشكُر وُتؤجُر وتسعد ُ‬ ‫ورافدا من اليقي ِ‬
‫ً‬
‫ن ؟!‬ ‫ل إذ ْ‬ ‫ل هذا فما هو البدي ُ‬ ‫م تفع ْ‬ ‫في الدنيا والخرةِ ‪ ،‬وإذا ل ْ‬
‫ض ‪ ،‬ثم خسارةُ الدنيا‬ ‫ض والرف ُ‬ ‫جُر والعترا ُ‬ ‫ط والتض ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫التس ّ‬
‫ن سخط‬ ‫ه الّرضا ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن رضي فل ُ‬ ‫والخرةِ ! )) فم ْ‬
‫ط (( ‪.‬‬ ‫فله السخ ُ‬
‫ت ‪ ،‬قوُلنا ‪ :‬إّنا للهِ وإّنا‬ ‫ب وعلج الزما ِ‬ ‫إن بلسم المصائ ِ‬
‫إليه راجعون ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪154‬‬
‫خل ُْقه وفي ملك ِهِ ‪ ،‬ونح ُ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬ ‫والمعنى ‪ :‬كّلنا للهِ ‪ ،‬فنح ُ‬
‫نعود ُ إليهِ ‪ ،‬فالمبدأ ُ منه ‪ ،‬والمعاد ُ إليه ‪ ،‬والمُر بيدهِ ‪ ،‬فليس‬
‫لنا من المرِ شيٌء ‪.‬‬
‫فكيف أبكي على‬ ‫نفسي التي تمل ُ‬
‫ك‬
‫ها‬‫عل َي ْ َ‬‫ن َ‬ ‫ذهبا ْ‬
‫م‬
‫ل َ‬ ‫إذا ّ‬
‫شي‪ٍ،‬ء﴿ك ُ‬ ‫ه﴾‬ ‫ه ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ك إ ِّل َ‬ ‫هال ِ ٌ‬ ‫ةَ‬‫ذاهب ٌ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫الشياء‬
‫ل َ‬ ‫﴿ك ُ ّ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مي ُّتو َ‬ ‫هم ّ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬
‫ت َ‬ ‫مي ّ ٌ‬‫ك َ‬ ‫ن﴾ ‪﴿،‬إ ِن ّ َ‬ ‫فا ٍ‬ ‫َ‬
‫ت ابنك ‪ ،‬أو‬ ‫ق بيِتك ‪ ،‬أو مو ِ‬ ‫ق باحترا ِ‬ ‫لو فوجئت بخبرٍ صاع ِ‬
‫ن نفسك ‪،‬‬ ‫ن وط ّ ْ‬ ‫ن تفعل ؟ من ال ِ‬ ‫ب مالك فماذا عساك أ ْ‬ ‫ذها ِ‬
‫ص من القضاء والقدر‬ ‫ب ‪ ،‬ل يجدي الفراُر والتمل ّ ُ‬ ‫ل ينفعُ الهر ُ‬
‫ب‬‫ف بالواقِع ‪ ،‬واكتس ِ‬ ‫م بالمرِ ‪ ،‬وارض بالقدرِ ‪ ،‬واعتر ْ‬ ‫‪ ،‬سل ّ ْ‬
‫م هناك خياٌر آخُر ‪ ،‬ولكنه‬ ‫الجر ‪ ،‬لنه ليس أمامك إل هذا ‪ .‬نع ْ‬
‫جُر مما صار‬ ‫ل والتض ّ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫م بما َ‬ ‫ذرك مُنه ‪ ،‬إنه ‪ :‬التبّر ُ‬ ‫رديٌء أح ّ‬
‫ن‬‫ل على ماذا م ْ‬ ‫ن تحص ُ‬ ‫ب والهيجان ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫‪ ،‬والثورةُ والغض ُ‬
‫ل في علياِئه ‪،‬‬ ‫بج ّ‬ ‫ل غضب الر ّ‬ ‫هذا كّله ؟! إنك سوف تنا ُ‬
‫م ل يعود ُ‬ ‫جرِ ‪ ،‬وفادح الوزرِ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫س ‪ ،‬وذهاب ال ْ‬ ‫ومْقت النا ِ‬
‫ف عنك‬ ‫ة ‪ ،‬ول ينصر ُ‬ ‫عليك المصاب ‪ ،‬ول ترتفعُ عنك المصيب ُ‬
‫م‬‫ماء ث ُ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ب إ َِلى ال ّ‬ ‫سب َ ٍ‬ ‫مدُدْ ب ِ َ‬ ‫فل ْي َ ْ‬‫م‪َ ﴿:‬‬ ‫المُر المحتو ُ‬
‫ظ﴾‪.‬‬ ‫غي ُ‬ ‫ما ي َ ِ‬ ‫ن ك َي ْدُهُ َ‬ ‫هب َ ّ‬‫ل ي ُذْ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فل َْينظُْر َ‬ ‫ع َ‬ ‫قط َ ْ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫**************************************‬
‫ه سينتهي‬
‫ن لجل ِ ِ‬
‫ما تحز ُ‬
‫ل ‪ :‬الظالم ِ والمظلوم ِ ‪،‬‬ ‫م على الك ّ‬ ‫ت مقد ٌ‬ ‫ن المو َ‬‫فإ ّ‬
‫س‬ ‫ً‬
‫ي والفقيرِ ‪ ،‬فلست ِبدعا من النا ِ‬ ‫ف ‪ ،‬والغن ّ‬ ‫والقويّ والضعي ِ‬
‫م‪.‬‬‫ت أم ٌ‬ ‫م وبعدك تمو ُ‬ ‫ت أم ٌ‬‫ن تموت ‪ ،‬فقبلك مات ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ك‬
‫ف مل ِ ٍ‬ ‫ل مقبرةً ُدفن أل ُ‬ ‫ن في الشما ِ‬ ‫ن بطوطة أ ّ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ب فيها ‪:‬‬ ‫ة مكتو ٌ‬‫عليها لوح ٌ‬
‫م‬
‫س العظا ُ‬ ‫والرؤو ُ‬ ‫ل‬‫وسلطيُنهم س ِ‬
‫ن هذا الفناِء‬ ‫عظاما ً‬
‫ع‬ ‫ن‬ ‫ت‬
‫صار ْ‬ ‫م‬‫الطين عنه ُ‬
‫ْ‬ ‫النسا ِ‬ ‫ة‬
‫المذهل في هذا ‪ :‬غفل ُ‬ ‫ن المَر‬ ‫إ ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫ه خالد ٌ مخل ّد ٌ منعّ ٌ‬ ‫المداهم ِ له صباح مساء ‪ ،‬وظّنه أن ُ‬
‫وتغافُله عن المصيرِ المحترم ِ وتراخيه عن النهايةِ الحّق ِ‬
‫ة‬
‫ل تحزن‬
‫‪155‬‬
‫ن َزل َْزل َ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫م إِ ّ‬‫قوا َرب ّك ُ ْ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫ي ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬ ‫لح ّ‬ ‫لك ّ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ساب ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب ِللّنا ِ‬ ‫م ﴾‪﴿،‬ا ْ‬
‫قت ََر َ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ع ِ‬ ‫يءٌ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ِ‬ ‫سا َ‬‫ال ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬‫م ْ‬‫ة ّ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫غ ْ‬‫في َ‬ ‫م ِ‬‫ه ْ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫مَر الُقرى‬ ‫ه المم ‪ ،‬وأباد الشعوب ‪ ،‬ود ّ‬ ‫لما أهلك الل ُ‬
‫هم‬‫من ْ ُ‬‫س ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل تُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن قائل‪َ ﴿ :-‬‬ ‫م ْ‬ ‫ة وأهلها ‪ ،‬قال–عّز ِ‬ ‫الظالم َ‬
‫كزا ً ﴾ ؟! انتهى ك ّ‬ ‫من أ َح َ‬
‫م‬
‫ل شيٍء عنه ْ‬ ‫ر ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫و تَ ْ‬ ‫دأ ْ‬‫ّ ْ َ ٍ‬
‫إل الخبَر والحديث ‪.‬‬
‫ث‬
‫فقد ْ مضى بحدي ِ‬ ‫ن‬
‫م خبٌر م ْ‬ ‫هل عندك ْ‬
‫ن‬
‫القوم ِ ركبا ُ‬ ‫س‬‫ل أندل ٍ‬ ‫أه ِ‬
‫************************************‬
‫ة‬
‫وقفــ ٌ‬
‫ل على توحيد ِ اللهيةِ والربوبيةِ ‪،‬‬ ‫م ٌ‬ ‫ب ‪ :‬مشت ِ‬ ‫دعاء الكر ِ‬
‫ن‬‫ن الصفتا ِ‬ ‫حلم ِ ‪ ،‬وهاتا ِ‬ ‫ه بالعظمةِ وال ِ‬ ‫ب سبحان ُ‬ ‫ف الر ّ‬ ‫ووص ِ‬
‫ن والتجاوزِ ‪،‬‬ ‫ل القدرةِ والرحمةِ ‪ ،‬والحسا ِ‬ ‫ن لكما ِ‬ ‫مستلزمتا ِ‬
‫ش‬
‫ي والعر ِ‬ ‫سفل ّ‬ ‫ل ربوبيِته للعالم ِ العلويّ وال ّ‬ ‫صفهِ بكما ِ‬ ‫وو ْ‬
‫مها ‪.‬‬ ‫ت وأعظ ُ‬ ‫ف المخلوقا ِ‬ ‫الذي هو سق ُ‬
‫ه الذي ل تنبغي‬ ‫م توحيده ‪ ،‬وأن ُ‬ ‫ة تستلز ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ة التا ّ‬ ‫والربوبي ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ة إل ل ُ‬ ‫ل والطاع ُ‬ ‫ف والرجاُء والجل ُ‬ ‫ب والخو ُ‬ ‫العبادةُ والح ّ‬
‫ه ‪ ،‬وسلب ك ّ‬
‫ل‬ ‫لل ُ‬ ‫ل كما ٍ‬ ‫م إثبات ك ّ‬ ‫ة تستلز ُ‬ ‫وعظمُته المطلق ُ‬
‫ه‬
‫م كمال رحمت ِهِ وإحسان ِ ِ‬ ‫ه يستلز ُ‬ ‫م ُ‬ ‫حل ُ‬ ‫ه؛و ِ‬ ‫ل عن ُ‬ ‫ص وتمثي ٍ‬ ‫نق ٍ‬
‫إلى خلِقهِ ‪.‬‬
‫ه وإجلل ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ب محبت ُ ُ‬ ‫ه بذلك ُتوج ُ‬ ‫ب ومعرفت ُ ُ‬ ‫م القل ِ‬ ‫فعل ْ ُ‬
‫ل له من البتهاِج واللذةِ والسرورِ ما يدفعُ‬ ‫وتوحيد ُهُ ‪ ،‬فيحص ُ‬
‫م ‪ ،‬وأنت تجد ُ المريض إذا ورد‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ب واله ّ‬ ‫كر ِ‬ ‫ه ألم ال ْ‬ ‫عن ُ‬
‫ة‬
‫ه ‪ ،‬كيف تقوى الطبيع ُ‬ ‫وي نفس ُ‬ ‫حه ‪ ،‬وُيق ّ‬ ‫سّرهُ وُيفر ُ‬ ‫عليهِ ما ي ُ‬
‫ب‬‫ل هذا الشفاِء للقل ِ‬ ‫ي ‪ ،‬فحصو ُ‬ ‫ض الحس ّ‬ ‫على دفِع المر ِ‬
‫أولى وأحرى ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ء‬
‫ق الشقا ِ‬
‫ب طري ُ‬
‫الكتئا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪156‬‬
‫ت جريدةُ ) المسلمون ( عدد ‪ 240‬في شهرِ صفر‬ ‫ذكر ْ‬
‫ه‬
‫ب على وج ِ‬ ‫ن هناك ‪ 200‬مليون مكتئ ٍ‬ ‫سنة ‪1410‬هـ ‪ ،‬أ ّ‬
‫ض!‬ ‫الر ِ‬
‫ب العالم!! ل يفّرقُ بين دولةٍ غربيةٍ وأخرى شرقية‬ ‫الكتئا ُ‬
‫ب الجميع ‪ ..‬ونهايُته في‬ ‫ض يصي ُ‬‫ي وفقيرٍ ‪ .‬إنه مر ٌ‬ ‫! أو غن ّ‬
‫ب النتحاُر !!‬ ‫الغال ِ‬
‫ل ‪ ،‬لكّنه‬ ‫ب والدو ِ‬ ‫ف بالسماِء والمناص ِ‬ ‫النتحاُر ل يعتر ُ‬
‫ن ضحاياه ُ وصلوا‬ ‫ض الرقام ِ تؤكد ُ أ ّ‬ ‫ف من المؤمنين ‪ ،‬بع ُ‬ ‫يخا ُ‬
‫ن آخر‬ ‫ل أنحاِء العالم ِ ‪ ..‬إل ّ أ ّ‬ ‫ض في ك ّ‬ ‫إلى ‪ 200‬مليون مري ٍ‬
‫ل بين كل عشرةِ أفرادٍ‬ ‫ن واحدا ً على الق ّ‬ ‫ت تؤك ّد ُ أ ّ‬ ‫الحصاءا ِ‬
‫ض الخطير !!‬ ‫ب بهذا المر ِ‬ ‫ض مصا ٌ‬ ‫على وجهِ الر ِ‬
‫ب الكبار‬ ‫ض أنه ل يصي ُ‬ ‫ت خطورةُ هذا المر ِ‬ ‫وقد وصل ْ‬
‫مه !!‬ ‫نأ ّ‬ ‫ن في بط ِ‬ ‫ل إلى حد ّ مداهمةِ الجني ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫فقط ‪ ،‬بل ي ِ‬
‫ة النتحار ‪:‬‬ ‫ب بواب ُ‬ ‫• الكتئا ُ‬
‫م إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫قت ُُلوا ْ َأن ُ‬
‫ديك ُ ْ‬ ‫قوا ْ ب ِأي ْ ِ‬ ‫ول َ ت ُل ْ ُ‬‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َل َ ت َ ْ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫هل ُك َ ِ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫ن مرض‬ ‫ت النباِء أ ّ‬ ‫تذكر الخباُر التي تناقلْتها ِوكال ُ‬
‫ت المتحدة‬ ‫س السابق للوليا ِ‬ ‫كن من الرئي ِ‬ ‫ب قد تم ّ‬ ‫الكتئا ِ‬
‫ة الرئيس المريكي‬ ‫المريكية )رونالد ْ ريجان(‪ .‬وتعود ُ إصاب ُ‬
‫ل‬‫ت الذي ل يزا ُ‬ ‫ن السبعين في الوق ِ‬ ‫ض لتجاوِزه س ّ‬ ‫بهذا المر ِ‬
‫ت‬‫ط عصبيةٍ كبيرةٍ ‪ ..‬بالضافةِ للعمليا ِ‬ ‫ض فيه لضغو ٍ‬ ‫يتعّر ُ‬
‫ُ‬
‫م‬‫كنت ُ ْ‬‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬‫ت متلحقةٍ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ت له على فترا ٍ‬ ‫الجراحيةِ التي أجري ْ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫شي ّدَ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ج ّ‬ ‫في ب ُُرو ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن يعملون بالف ّ‬ ‫م ْ‬
‫ة َ‬ ‫ص ً‬‫وهناك الكثيُر من المشاهيرِ وخا ّ‬
‫ن لم‬ ‫ب سببا ً رئيسا ً – إ ْ‬ ‫ض ‪ ،‬وقد كان الكتئا ُ‬ ‫م هذا المر ُ‬ ‫مه ْ‬ ‫يداه ُ‬
‫ت الشاعرِ صلح جاهين ‪ ،‬وكذلك ُيقال ‪:‬‬ ‫ن الوحيد – في مو ِ‬ ‫يك ْ‬
‫ق‬
‫ه َ‬ ‫وت َْز َ‬ ‫ن نابليون بونابرت مات مكتئبا ً في منفاهُ ﴿ َ‬ ‫إ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫س‬‫ُ‬ ‫ف‬ ‫أن‬
‫كالت النباِء ‪،‬‬ ‫وما زلنا نذكُر أيضا الخبر الذي طّيرْته و ِ‬‫ً‬
‫ف العالم ِ ‪ ،‬عن‬ ‫ب صح ِ‬ ‫ت الولى في أغل ِ‬ ‫ل صدر الصفحا ِ‬ ‫احت ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪157‬‬
‫ن‬ ‫ل ثلثةٍ م ْ‬ ‫ة بقت ِ‬ ‫م ألماني ٌ‬ ‫الجريمةِ المرّوعةِ التي ارتكبْتها أ ّ‬
‫ب ‪ ،‬ولحّبها‬ ‫ضها بالكتئا ِ‬ ‫ن السبب هو مر ُ‬ ‫أطفالها‪ ،‬واتضح أ ّ‬
‫ن تورثهم العذاب والضيق الذي‬ ‫تأ ْ‬ ‫الشديدِ لطفالها خاف ْ‬
‫ب بقِتلهم‬ ‫ن هذا العذا ِ‬ ‫ت » إراحتهم« !! م ْ‬ ‫تشعُر بهِ ‪ ،‬فقّرر ْ‬
‫ت نفسها !!‪.‬‬ ‫الثلثةِ ‪ ..‬ثم قتل ْ‬
‫ة‬
‫ة( تشيُر إلى خطور ِ‬ ‫م )منظمةِ الصحةِ العالمي ِ‬ ‫وأرقا ُ‬
‫ب في‬ ‫ر‪ ..‬ففي عام ‪ 1973‬م كان عدد ُ المصابين بالكتئا ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ة لتصل إلى ‪ %5‬في عام‬ ‫ت هذه النسب ُ‬ ‫العالم ِ ‪ ، %3‬وارتفع ْ‬
‫ت إلى وجودِ فردٍ‬ ‫ض الدراسا ِ‬ ‫ت بع ُ‬ ‫‪ 1978‬م ‪ ،‬كما أشار ْ‬
‫ل أربعةٍ !! في حين أعلن‬ ‫نك ّ‬ ‫ب بالكتئاب م ْ‬ ‫ي مصا ٍ‬ ‫أمريك ّ‬
‫عقد في شيكاغو‬ ‫ي الذي ُ‬ ‫ب النفس ّ‬ ‫س مؤتمرِ الضطرا ِ‬ ‫رئي ُ‬
‫ص في العالم ِ‬ ‫ن شخ ٍ‬ ‫ن هناك ‪ 100‬مليو ِ‬ ‫عام ‪ 1981‬م أ ّ‬
‫ل العالم ِ المتقدم ‪،‬‬ ‫ن دو ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫ب ‪ ،‬أغلُبه ْ‬ ‫يعانون من الكتئا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫و َ‬ ‫ول َ ي ََر ْ‬ ‫ب!! ﴿أ َ‬ ‫م أخرى أنهم مائتا مليون مكتئ ٍ‬ ‫ت أرقا ٌ‬ ‫وقال ْ‬
‫ن﴾‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫عام مرةً أ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫حلوا ‪ .‬وقال‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ن شرابا ُ‬ ‫قال أحد ُ الحكماِء ‪ :‬اصنعْ من الليمو ِ‬
‫ه‪،‬‬
‫ن يزيد أرباح ُ‬ ‫ن الذي يستطيعُ أ ْ‬ ‫ي الفط ِ ُ‬ ‫دهم ‪ :‬ليس الذك ّ‬ ‫أح ُ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ك َ َ‬ ‫ح ﴿ُأوَلـئ ِ َ‬ ‫ل خسائره ُإلى أربا ٍ‬ ‫ي الذي يحوّ ُ‬ ‫ن الذك ّ‬ ‫لك ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وأوَلـئ ِ َ‬ ‫ة َ‬‫م ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صل َ َ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ :‬ل تنطِح الحائط !!‬ ‫وفي المث ِ‬
‫ن عنادِهِ فائدة ً تعود ُ‬ ‫ن ل تستفيد ُ م ْ‬ ‫والمعنى ‪ :‬ل تعان ِد ْ م ْ‬
‫عليك بخي ْرٍ ‪.‬‬
‫وجاوِْزه إلى ما‬ ‫إذا لم تستطعْ شيئا ً‬
‫م ل ّك َي ْل َ‬ ‫غ ّ‬ ‫ما ً ب ِ َ‬ ‫غ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫عك ُ ْ‬ ‫فأ ََثا‬
‫تستطيب َ ُ‬ ‫ن الدقيق ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫وقالوا ‪ ُ :‬ول تطح ِ‬
‫فد َع ْه‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫فات َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫حَزُنوا ْ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ت ل ينبغي‬ ‫ن المور التي ُفرغ منها وانته ْ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أ ّ‬
‫ن في ذلك قلقا ً واضطرابا ً وتضييعا ً‬ ‫أن ُتعاد وُتكّرر ؛ ل ّ‬
‫للوقت ‪.‬‬
‫ل إنكليزيٌ ‪ : -‬ل تنشرِ النشارة ‪.‬‬ ‫وقالوا أيضا ً – وهو مث ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪158‬‬
‫ب ‪ ،‬ل تأت وتنشْرها مرةً‬ ‫والمعنى ‪ :‬أي نشارةَ الخش ِ‬
‫ة ‪ ،‬فقد ْ فرغ منها ‪.‬‬ ‫ثاني ُ‬
‫ل بالتوافهِ ‪ ،‬واجترار الهموم ِ ‪،‬‬ ‫ن يشتغ ُ‬ ‫يقولون ذلك لم ْ‬
‫دوا ْ ل َ ْ‬
‫و‬ ‫ع ُ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫وان ِ َ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وإعادةِ الماضي ‪ ﴿ ،‬ال ّ ِ‬
‫ت‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫قت ُِلوا ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫عوَنا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫أَ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ِإن ُ‬
‫دها ‪،‬‬ ‫نس ّ‬ ‫ل يمك ُ‬ ‫ت للفارغين من العما ِ‬ ‫هناك مجال ٌ‬
‫س ‪ ،‬وعيادةِ المرضى ‪ ،‬وزيارةِ‬ ‫ت ‪ ،‬ونْفِع النا ِ‬ ‫كالتزودِ بالصالحا ِ‬
‫ت‬
‫المقابرِ ‪ ،‬والعنايةِ بالمساجدِ ‪ ،‬والمشاركةِ في الجمعيا ِ‬
‫ة‬
‫ل والمكتب ِ‬ ‫ب المنز ِ‬ ‫س الحّياِء ‪ ،‬وترتي ِ‬ ‫الخيريةِ ‪ ،‬ومجال ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل النفع للفقراِء والعجزةِ والرام ِ‬ ‫والرياضةِ النافعةِ ‪ ،‬وإيصا ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫قي ِ‬ ‫مَل ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫دحا ً َ‬ ‫ك كَ ْ‬ ‫ح إ َِلى َرب ّ َ‬ ‫كاِد ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫﴿ إ ِن ّ َ‬
‫فحلوٌ وأما ّ وجهُ ُ‬
‫ه‬ ‫ف‬ ‫ولم أر كالمعرو ِ‬
‫والمسلوبين والمصابين ‪.‬‬ ‫ل‬‫هلتجد المنكوبين فجمي ُ‬ ‫التاريخقُ ُ‬
‫ما مذا‬ ‫اقرأأ ِ ّ‬
‫ة‬
‫ث سوف أطلعك على لوح ٍ‬ ‫ن هذا البح ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫وبعد فصو ٍ‬
‫ن للمنكوبين بعنوان ‪ :‬تعّز بالمنكوبين ‪.‬‬ ‫من الحز ِ‬
‫م ليس‬ ‫ل قو ٌ‬ ‫ض ّ‬ ‫اقرأ التاريخ إذ ْ فيه‬
‫ه‬
‫ت بِ ِ‬ ‫ما ن ُث َب ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫الخب ِْر‬
‫س‬‫يدرونّر ُ‬ ‫ن َأنَباء ال‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ل ّْرن ّ ُ‬ ‫كـِعب‬ ‫و ُال‬ ‫﴿ َ‬
‫رةٌ ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫عب ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ق َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ك ﴾ ‪ ﴿ ،‬لَ َ‬ ‫ؤادَ َ‬ ‫ف َ‬‫ُ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫ص لَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ق َ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ب إل التمت ّعُ بمواط ِ‬ ‫ت وما لي مطل ٌ‬ ‫قال عمُر ‪ :‬أصبح ُ‬
‫القضاِء ‪.‬‬
‫ح لقضاِء اللهِ وقدرهِ ‪ ،‬سواٌء كان‬ ‫ومعنى ذلك ‪ :‬أنه مرتا ٌ‬
‫فيما يحلو له أو فيما كان مّرا ً ‪.‬‬
‫ن‬
‫ت‪،‬إ ْ‬ ‫ن ركب ُ‬ ‫م ‪ :‬ما أبالي على أيّ الراحلتي ْ ِ‬ ‫ضه ْ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ن كان الغنى لهو الشكُر ‪.‬‬ ‫كان الفقُر لهم الصبُر ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن‬‫ة من البناِء بالطاعو ِ‬ ‫ي ثماني ٌ‬ ‫ومات لبي ذؤيب الهذل ّ‬
‫ن يقول؟ إنه آمن وسّلم وأذعن‬ ‫في عام ٍ واحد ٍ فماذا عسى أ ْ‬
‫لقضاِء ربهِ ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪159‬‬
‫ب الدهرِ ل‬ ‫أني لري ِ‬ ‫وتجّلدي للشامتين‬
‫ع‬ ‫أتضعض‬ ‫م‬ ‫أريه‬ ‫ُ‬
‫ل تميمةٍ ل‬ ‫ألفيت ك ّ‬‫ُ‬ ‫ة أنشبت‬ ‫وإذا المني ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫تنفإ ِعُذْ ِ‬ ‫ة إ ِّل ب ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫أظفارها َ‬‫صا‬ ‫ما أ َ‬ ‫﴿ َ‬
‫س بصره فقال – معّزيا ً نفسه ‪: -‬‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫وفقد اب ُ‬
‫ففي فؤادي وقلبي‬ ‫ي‬
‫ن عين ّ‬ ‫هم ْ‬ ‫ن يأخذ ِ الل ُ‬ ‫إ ْ‬
‫م‬
‫فمي صار ٌ‬ ‫منهما نوُر‬ ‫وفي‬ ‫ي غيُر ذي‬ ‫نورها‬
‫قلبي ذك ّ‬
‫مشهوُرفقد القليل‬ ‫الكثيرةِ إذا‬ ‫ف‬ ‫كالسي ِ‬ ‫ن الن ِّعم‬ ‫وهو ٍ التسّلي بما عنده م َ‬
‫عوج‬ ‫ِ‬
‫منها ‪.‬‬
‫ل عروة بن الزبيرِ ‪ ،‬ومات ابُنه في يوم ٍ‬ ‫ج ُ‬ ‫ت رِ ْ‬ ‫وُبتر ْ‬
‫ن كنت أخذت فقد ْ‬ ‫مد ‪ ،‬إ ْ‬ ‫م ِلك الح ْ‬ ‫واحدا ً ‪ ،‬فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫ت فقد ْ عافْيت ‪ ،‬منحتني أربعة‬ ‫ن كنت ابتلي ْ َ‬ ‫أعطْيت ‪ ،‬وإ ْ‬
‫أعضاِء ‪ ،‬وأخذت عضوا ً واحدا ً ‪ ،‬ومنحتني أربعة أبناٍء وأخذت‬
‫م‬ ‫ريرا ً﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫سل َ ٌ‬ ‫ح ِ‬‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ً‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جَزا ُ‬ ‫و َ‬ ‫ابنا ً واحدا ً ‪َ ﴿ .‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬
‫َ‬
‫مةِ أخو دريد ٍ ‪ ،‬فعّزى دريد ٌ نفسه‬ ‫ص ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫داللهِ ب ُ‬ ‫وُقتل عب ُ‬
‫ن ل حيلة‬ ‫در المستطاِع ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫ن أخيهِ ق ْ‬ ‫بعد أن ذكر أنه دافع ع ْ‬
‫دالله فقال دريد ٌ ‪:‬‬ ‫في القضاِء ‪ ،‬مات أخوه عب ُ‬
‫وحتى علني حال ِ ُ‬
‫ك‬ ‫ت عنه الخيل‬ ‫وطاعن ُ‬
‫المرء غيُر‬ ‫أسودِ‬ ‫ن‬ ‫مأ ّ‬ ‫نُ‬‫ويعل ِ‬‫اللو‬ ‫ئ آسى‬ ‫تِ‬ ‫امر ْ‬ ‫دد‬ ‫طعانتب ّ‬ ‫حتى‬
‫ل بما‬ ‫كذبت ولم أبخ ْ‬ ‫مخل ّدِ‬ ‫وجدي أنني‬ ‫بنفسهِ‬ ‫ت‬
‫فف ُ‬ ‫أخا ّهُ‬
‫وخ‬
‫دي‬ ‫زيا ًِ‬ ‫ت ّي‬ ‫ملك ْ‬ ‫ي – واعظا ً‬ ‫هالشافع ّ‬ ‫أق ْ‬
‫للمصابين ‪: -‬‬ ‫ومع‬ ‫نُ‬ ‫ل لِ‬ ‫ع‬ ‫ويروى‬ ‫لم‬
‫ب نفسا ً إذا‬ ‫وط ِ ْ‬ ‫ل ما‬ ‫دِع اليام تفع ْ‬
‫تقيُءةِ ول‬ ‫القضا‬ ‫ض‬‫حكمأر ٌ‬ ‫فل‬ ‫نزل القضاُء‬ ‫تشاُء‬ ‫إذا‬
‫سماُء‬ ‫العتاهيةِ ‪:‬‬ ‫ض قوم ٍ‬ ‫بأرأبو ِ‬ ‫وقال‬
‫ه وأنت‬ ‫خار لك الل ُ‬ ‫ت بك‬ ‫م مرةِ حّف ْ‬ ‫ك ْ‬
‫تنا ؟؟!‬ ‫ت فماكامرِ ْه ْ‬ ‫خفنا من المو ِ‬ ‫المكاِره‬ ‫م مرةٍ‬ ‫ك ْ‬
‫ة ‪ ،‬فإذا هي العودةُ‬ ‫ة وأنها النهاي ُ‬ ‫م مرةٍ ظننا انها القاضي ُ‬ ‫ك ْ‬
‫الجديدةُ والقوةُ والستمراُر ؟!‬
‫ل تحزن‬
‫‪160‬‬
‫ل‪،‬‬ ‫ت بنا الحبا ُ‬ ‫طع ْ‬ ‫ل ‪ ،‬وتق ّ‬ ‫سب ُ ُ‬ ‫ت بنا ال ّ‬ ‫كم مرةٍ ضاق ْ‬
‫ح والنصُر والخيُر‬ ‫هنا الفاقُ ‪ ،‬وإذا هو الفت ُ‬ ‫ت في وجو ِ‬ ‫وأظلم ْ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ل ك َْر ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫ه ي ُن َ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫والِبشارةُ ؟! ﴿ ُ‬
‫سنا‬ ‫ت علينا أنف ُ‬ ‫ت أمامنا دنيانا ‪ ،‬وضاق ْ‬ ‫م مرةٍ أظلم ْ‬ ‫ك ْ‬
‫م واليسُر والتأييد ُ ؟!‬ ‫ت ‪ ،‬فإذا هو الخيُر العمي ُ‬ ‫حب ْ‬ ‫ض بما ر ُ‬ ‫والر ُ‬
‫و﴾‪.‬‬ ‫ه َ‬‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫فل َ َ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫وِإن ي َ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ره‬‫ف أمر غي ِ‬ ‫ره ‪ ،‬كيف يخا ُ‬ ‫ب على أم ِ‬ ‫ن الله غال ٌ‬ ‫ن علم أ ّ‬ ‫م ْ‬
‫وفونك بالذين‬ ‫ل شيٍء دون اللهِ ‪ ،‬فكيف يخ ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫ن علم أ ّ‬ ‫؟! م ْ‬
‫ره ‪ ،‬وهو‬ ‫ن غي ِ‬ ‫فم ْ‬ ‫ن خاف الله كيف يخا ُ‬ ‫ن دوِنه ؟! م ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫فو ِ‬ ‫خا ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فو ُ‬ ‫خا ُ‬ ‫فل َ ت َ َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ه العزةُ ‪ ،‬والعزة ُ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين ‪.‬‬ ‫ه سبحان ُ ُ‬ ‫مع ُ‬
‫صُر‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِّنا ل ََنن ُ‬ ‫غال ُِبو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬‫جندََنا ل َ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ة﴿ َ‬ ‫معه الغَل َب َ ُ‬
‫م‬
‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫و َ‬‫وي َ ْ‬‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬‫في ال ْ َ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫سل ََنا َ‬ ‫ُر ُ‬
‫هادُ ﴾ ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫اْل َ ْ‬
‫ره أثرا ً قدسي ّا ً ‪ )) :‬وعزتي‬ ‫ن كثيرٍ في تفسي ِ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ت‬
‫ت له السماوا ُ‬ ‫وجللي ما اعتصم بي عبدٌ ‪ ،‬فكاد ْ‬
‫ن بيِنها فرجا ً ومخرجا ً ‪.‬‬ ‫ت له م ْ‬ ‫ض ‪ ،‬إل جعل ُ‬ ‫والر ُ‬
‫ت‬‫خ ُ‬ ‫وعّزتي وجللي ما اعتصم عبدي بغيري إل أس ْ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ت قدمي ْ ِ‬ ‫الرض من تح ِ‬
‫ن تيمية ‪ :‬بـ )) ل حول ول قوة إل‬ ‫م اب ُ‬ ‫قال الما ُ‬
‫ف‬ ‫ل شري ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وُينا ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وُتكابد ُ الهوا ُ‬ ‫بالله (( ُتحمل الثقا ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫الحوا ِ‬
‫ن‬‫ن كنوزِ الجنةِ ‪ .‬وهي م ْ‬ ‫مها أيّ العبد ُ ! فإنها كنٌز م ْ‬ ‫فالز ْ‬
‫ح الصدرِ ‪.‬‬ ‫ت الراحةِ ‪ ،‬وانشرا ِ‬ ‫ن مسارا ِ‬ ‫بنودِ السعادةِ ‪ ،‬وم ْ‬
‫***************************************‬
‫ح القفال‬
‫الستغفاُر يفت ُ‬
‫ي ‪ ،‬فأستغفُر‬ ‫ن المسألة لتغلقُ عل ّ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬إ ّ‬ ‫يقول اب ُ‬
‫ي‪.‬‬‫ه عل ّ‬ ‫حها الل ُ‬‫ل ‪ ،‬فيفت ُ‬ ‫الله ألف مرةٍ أو أكثر أو أق ّ‬
‫فارا ً ﴾ ‪.‬‬‫غ ّ‬‫ن َ‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬
‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫تا ْ‬ ‫قل ْ ُ‬
‫ف ُ‬
‫﴿ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪161‬‬
‫ل ‪ ،‬استغفار ذي الجلل ‪.‬‬ ‫ب راحةِ البا ِ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫ل قضاٍء خيٌر حتى المعصي ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وك ُ‬ ‫ب ضارةٍ نافع ٌ‬ ‫ُر ّ‬
‫طها ‪.‬‬ ‫بشر ِ‬
‫د قضاء‬ ‫ه للعب ِ‬ ‫فقد ْ ورد في المسند ِ ‪)) :‬ل يقضي الل ُ‬
‫إل كان خيرا ً له(( ‪ .‬قيل لبن تيمية‪ :‬حتى المعصية ؟ قال ‪:‬‬
‫م ‪ ،‬والستغفاُر والنكساُر ‪﴿ .‬‬ ‫ة والند ُ‬ ‫م ‪ ،‬إذا كان معها التوب ُ‬ ‫نع ْ‬
‫فُروا ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫جآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫موا ْ َأن ُ‬ ‫م ِإذ ظّل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬
‫ول َ َ‬
‫َ ْ‬
‫وابا ً‬ ‫ه تَ ّ‬ ‫ّ‬
‫دوا الل َ‬ ‫ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫لل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫َ‬
‫فَر ل ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫حيما ً﴾‬ ‫ّر ِ‬
‫س‪:‬‬ ‫قال أبو تمام ٍ في أيام ِ السعودِ وأيام ِ النح ِ‬
‫رها‬ ‫ص ِ‬ ‫ن قِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫فكأَنها ِ‬ ‫ن‬‫ت سنو ُ‬ ‫مّر ْ‬
‫م‬‫أّيا ُ‬
‫ن طوِلها‬ ‫فكأنها م ْ‬ ‫وبالهناهج ٍ‬
‫ر‬ ‫م‬
‫ت أيا ُ‬ ‫بالسعو ْدِ‬
‫م اْنثن‬ ‫ث ّ‬
‫م‬
‫م أحل ُ‬ ‫نها وكأن ّهُ ْ‬ ‫م‬
‫أعوا ّ ُ‬‫فكأ‬ ‫انقضت تلك‬ ‫بعدها‬ ‫م‬‫ث ّ‬
‫َ‬ ‫ول ُ‬ ‫لها‬ ‫وأه ُ‬ ‫ن‬
‫السنو ُ‬ ‫وت ِل ْ َ‬
‫م‬‫و َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫س﴾ ‪ ﴿ ،‬ك َأن ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫دا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫الّيا ُ‬ ‫ك‬ ‫﴿ َ‬
‫عشي ً َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫حا َ‬ ‫ض َ‬ ‫و ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ي َل ْب َُثوا إ ِّل َ ِ ّ‬ ‫ها ل َ ْ‬ ‫ون َ َ‬ ‫ي ََر ْ‬
‫خ ‪ ،‬كانوا يستقبلون‬ ‫م التاري ُ‬ ‫ت لعظماء عََرفَهُ ُ‬ ‫عجب ُ‬
‫م ‪ ،‬وعلى‬ ‫ف النسي ُ‬ ‫ث ‪ ،‬أو هفي ُ‬ ‫ت الغي ِ‬ ‫المصائب كأّنها قطرا ُ‬
‫ل‬‫ق محمد ٌ ‪ ، ‬وهو في الغارِ ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ْ‬
‫س الجميع سيد ُ الخل ِ‬ ‫رأ ِ‬
‫ق الهجرةِ ‪،‬‬ ‫عَنا ﴾ ‪ .‬وفي طري ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫لصاحِبه ‪﴿ :‬ل َ ت َ ْ‬
‫شُر سراقة بأنه ُيسوُّر سواريْ كسرى !‬ ‫وهو مطارد ٌ مشّرد ٌ يب ّ‬
‫حيا ً وأفضت إلى‬ ‫و ْ‬ ‫ب‬‫من الغي ِ‬ ‫ُبشرى ِ‬
‫م‬‫هَز ُ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫بأسرا ﴿ِر َ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫الدنيايقو ُ‬ ‫في الدرِع ‪ ‬وهو‬ ‫ب فم ِ‬ ‫في ُ‬ ‫ت‬
‫بدر يث‬ ‫وفيألق ْ‬
‫ن الدّب َُر ﴾ ‪.‬‬ ‫وّلو َ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‬‫أد ّْبت في هوْ ِ‬ ‫أنت الشجاع ُ إذا‬
‫للصحابةِ ‪:‬‬ ‫أبطالها‬ ‫يقو ُ‬
‫ل‬ ‫الردى‬ ‫ل والجراِح –‬ ‫بعد القت ِ‬ ‫ة‬
‫كتيب ً‬ ‫قيتدٍ –‬ ‫وفي ُِأح‬ ‫ل‬
‫ح‬
‫ة تنط ُ‬ ‫م نبوي ّ ٌ‬ ‫)) صّفوا خلفي ‪ُ ،‬‬
‫هم ٌ‬ ‫لثني على ربي (( ‪ .‬إنها ِ‬ ‫ُ‬
‫م نبويٌ يهّز الجبال ‪.‬‬ ‫الثرّيا ‪ ،‬وعْز ٌ‬
‫محتبيا ً‬ ‫ب ‪ ،‬كان ُ‬ ‫ن حلماِء العر ِ‬ ‫ن عاصم المْنقرِيّ م ْ‬ ‫سب ُ‬ ‫قي ُ‬
‫ل فقال ‪ :‬قُِتل ابُنك الن ‪ ،‬قَت َل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ه بقصةٍ ‪ ،‬فأتاه رج ٌ‬ ‫يكّلم قوم ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪162‬‬
‫ن‬
‫ه ‪ ،‬حتى انتهى م ْ‬ ‫صت ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ول أنهى ق ّ‬ ‫حب ْوَت َ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ن فلنة ‪ .‬فما ح ّ‬ ‫اب ُ‬
‫ة‬
‫م آذِنوني بالصل ِ‬ ‫سلوا ابني وكّفنوه ‪ ،‬ث ّ‬ ‫مه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬غ ّ‬ ‫كل ِ‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫حي َ‬‫و ِ‬
‫ضّراء َ‬‫ساء وال ّ‬ ‫في ال ْب َأ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬
‫وال ّ‬ ‫عليه ! ﴿ َ‬
‫س﴾‪.‬‬ ‫ال ْبأ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت المو ِ‬‫ل ُيعطى الماء في سكرا ِ‬ ‫ن أبي جه ٍ‬ ‫ةب ُ‬‫رم ُ‬
‫عك ِ‬‫و ِ‬
‫ث بن هشام ‪ ،‬فيتناولونه واحدا ً‬ ‫ً‬ ‫فيقو ُ‬
‫ِ‬ ‫ل ‪ :‬أعطوه فلنا ‪ .‬لحار ِ ِ‬
‫ت الجميعُ ‪.‬‬ ‫بعد واحدا ً ‪ ،‬حتى يمو ُ‬
‫**************************************‬
‫س عليك ل لك‬
‫النا ُ‬
‫ه ‪ ،‬فل يبني‬ ‫ل الناس عليهِ ل ل ُ‬ ‫ن العاقل الحصيف يجع ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م‬
‫س ‪ ،‬إن الناس له ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫موقفا ‪ ،‬أو يتخذ قرارا يعتمد ُ فيهِ على النا ِ‬
‫م مدىً يصلون إليهِ في‬ ‫ن مع الغيرِ ‪ ،‬وله ْ‬ ‫حدود ٌ في التضام ِ‬
‫ه‪.‬‬‫ل والتضحيةِ ل يتجاوزون ُ‬ ‫البذ ِ‬
‫ه وأرضاه ُ –‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي – رضي الل ُ‬ ‫ن عل ّ‬ ‫نب ِ‬ ‫انظْر إلى الحسي ِ‬
‫ت شفةٍ ‪،‬‬ ‫ة ببن ِ‬ ‫م ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ل فل تنب ُ‬ ‫ل ‪ُ ، ‬يقت ُ‬ ‫ت الرسو ِ‬ ‫ن بن ِ‬ ‫وهو اب ُ‬
‫ّ‬
‫بل الذين قتلوهُ يكّبرون ويهللون على هذا النتصارِ الضخم ِ‬
‫ل الشاعُر ‪:‬‬ ‫ه عنه ‪ .‬يقو ُ‬ ‫حهِ !! ‪ ،‬رضي الل ُ‬ ‫ِبذب ِ‬
‫مل ً بدمائ ِهِ تزميل‬ ‫متز ّ‬ ‫ُ‬ ‫سك يا ابن‬ ‫جاؤوا برأ ِ‬
‫قتلوا بك التكبير‬ ‫ن ُقتلت‬ ‫محمدٍبأ ْ‬
‫تّبرون‬ ‫وبنُيك ِ‬
‫والتهليل‬ ‫وإنما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫س ‪ ،‬وُيجلد ُ جلدا رهيبا ‪،‬‬ ‫ل إلى الحب ِ‬ ‫ن حنب ٍ‬ ‫وُيساق أحمد ُ ب ُ‬
‫ه أحد ٌ ‪.‬‬ ‫ك مع ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فل يتحّر ُ‬ ‫ف على المو ِ‬ ‫ويشر ُ‬
‫ب البغل إلى مصر ‪ ،‬فل‬ ‫ن تيمية مأسورا ً ‪ ،‬ويرك ُ‬ ‫وُيؤخذ ُ اب ُ‬
‫م‬
‫ن له ْ‬ ‫ه‪،‬ل ّ‬ ‫ت جنازت ُ‬ ‫ج تلك الجموعُ الهادرة ُ التي حضر ْ‬ ‫تمو ُ‬
‫ن ِ َ‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫لن ُ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫ب‪َ ﴿،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫حدودا ً يصلون إليها فَ َ‬
‫شورا ً ﴾‬ ‫وَل ن ُ ُ‬ ‫حَياةً َ‬ ‫وَل َ‬ ‫وتا ً َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫فعا ً َ‬ ‫وَل ن َ ْ‬ ‫ضّرا ً َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ِ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ها الن ّب ِ ّ‬ ‫‪َ ﴿ ،‬يا أي ّ َ‬
‫ت﴾‪﴿ ،‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي َل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫شيئا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫عن َ‬ ‫غُنوا َ‬ ‫م َلن ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪163‬‬
‫ن‬
‫نإ ْ‬‫ه الرك ُ‬
‫فإن ّ ُ‬ ‫ل‬
‫م يدْيك بحب ِ‬
‫فالز ْ‬
‫ن‬
‫خان َْتك أركا ُ‬ ‫اللهِ معتصما ً‬
‫********************************************‬
‫***‬

‫صد َ «‬ ‫نا ْ‬
‫قت َ َ‬ ‫رفقا ً بالما ِ‬
‫ل » ما عال م ِ‬
‫م‪:‬‬ ‫قال أحدهُ ْ‬
‫ن‬‫ن ما شئت ع ْ‬ ‫واستغ ِ‬ ‫ن العِّز‬ ‫اجمعْ نقودك إ ّ‬
‫وتبديدهِ وإنفاِقه‬ ‫ل‬‫لخا ِ‬ ‫ن‬‫ْ‬
‫الما‬ ‫مروع‬ ‫ّ‬ ‫الفلسفة التي تدعو إلى ع‬
‫تبذي‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫في الما‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ت بصحيحةٍ ‪ ،‬وإنما هي‬ ‫جهِهِ أو عدم ِ جمِعه أصل ً ليس ْ‬ ‫في غيرِ و ْ‬
‫ن جهلةِ المتصوفةِ ‪.‬‬ ‫ن ع ُّبادِ الهنودِ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ةم ْ‬ ‫منقول ٌ‬
‫ف ‪ ،‬وإلى جمِع‬ ‫ب الشري ِ‬ ‫ن السلم يدعو إلى الكس ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ف ‪ ،‬ليكون العبد ُ‬ ‫ف ‪ ،‬وإنفاقهِ في الوجهِ الشري ِ‬ ‫ل الشري ِ‬ ‫الما ِ‬
‫د‬
‫ح في ي ِ‬ ‫ل الصال ُ‬ ‫عزيزا ً بماله‪ ،‬وقد ْ قال ‪ِ)) : ‬نعم الما ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ث حس ٌ‬ ‫ح(( ‪ .‬وهو حدي ٌ‬ ‫ل الصال ِ‬ ‫الرج ِ‬
‫ن ‪ ،‬أو الفقُر‬ ‫ب الهموم والغموم كثرةُ الديو ِ‬ ‫ن مما يجل ُ‬ ‫وإ ّ‬
‫ل تنتظرون إل ّ غنى مطغيا ً أو‬ ‫المضني المهلك ‪ )) :‬فه ْ‬
‫فقرا ً منسيا ً (( ‪ .‬ولذا استعاذ ‪ ‬فقال ‪ )) :‬اللهم إني‬
‫ن‬‫قُر أ ْ‬‫ر (( ‪ .‬و )) كاد الف ْ‬ ‫ق ِ‬‫ر والف ْ‬ ‫ن الكف ِ‬ ‫أعوذُ بك م َ‬
‫يكون كفرا ً (( ‪.‬‬
‫ن ماجة ‪:‬‬ ‫ث الذي يرويه اب ُ‬ ‫ض مع الحدي ِ‬ ‫وهذا ل يتعار ُ‬
‫ه ‪ ،‬وازهدْ فيما عند‬ ‫)) ازهدْ في الدنيا يحّبك الل ُ‬
‫ن فيهِ ضعيفا ً ‪.‬‬ ‫س (( ‪ .‬على أ ّ‬ ‫س يحّبك النا ُ‬ ‫النا ِ‬
‫ف ‪ ،‬وما يكفيك عن‬ ‫ن المعنى ‪ :‬أن يكون لك الكفا ُ‬ ‫لك ّ‬
‫ن‬‫ل تكو ُ‬ ‫ل‪،‬ب ْ‬ ‫ب ما عندهم من الما ِ‬ ‫س وطل ِ‬ ‫استجداِء النا ِ‬
‫م ‪ )) ،‬ومن‬ ‫ك عنه ْ‬ ‫ف وجه َ‬ ‫شريفا ً نزيها ً ‪ ،‬عندك ما يك ّ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ن ُيغِنه الل ُ‬ ‫يستغ ِ‬
‫ك أغنياء ‪ ،‬خيٌر‬ ‫ن ت َذَُر ورث َت َ َ‬ ‫وفي الصحيِح ‪ )) :‬إنك إ ْ‬
‫ن الناس (( ‪.‬‬ ‫ففو ُ‬ ‫ة يتك ّ‬ ‫م عال ً‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أن ت َذََر ُ‬ ‫م ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪164‬‬
‫س ما‬ ‫َ‬
‫حقوق أنا ٍ‬ ‫سد ّ به ما قد ْ أضاعوا‬ ‫أ ُ‬
‫دا‬
‫استطاعوا لها س ّ‬ ‫وفّرطوا‬
‫س‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫النف‬ ‫ة‬ ‫ز‬‫ع‬
‫ِ ّ ِ‬ ‫في‬ ‫دهم‬ ‫ل أح ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل كل ّ‬ ‫ح القوا ِ‬ ‫أقب ُ‬ ‫ل‬‫ن القوا ِ‬ ‫أحس ُ‬
‫سفلى‬ ‫د ال ّ‬ ‫ل‬‫ولع ْ‬ ‫خذ ْ)) اليدُ العليا‬ ‫وفيقولي لك‬
‫خيٌر من الي ِ‬ ‫الصحيح ‪:‬‬
‫ة ‪﴿،‬‬ ‫سفلى الخذة ُ أو السائل ُ‬ ‫ة ‪ ،‬واليد ُ ال ّ‬ ‫(( ‪ .‬اليد ُ العليا المعطي ُ‬
‫ف﴾ ‪.‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ع ّ‬‫ن الت ّ َ‬ ‫م َ‬‫غن َِياء ِ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫سب ُ ُ‬‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫م رزقا ً أو‬ ‫والمعنى ‪ :‬ل تتمّلق البشَر فتطلب منه ْ‬
‫ل والخل ْقَ ل ّ‬
‫ن‬ ‫ن الرزق والج َ‬ ‫م َ‬‫لض ِ‬ ‫ن الله عّز وج ّ‬ ‫مكسبا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫سهم‬ ‫ن قعساُء ‪ ،‬وأهُله شرفاُء ‪ ،‬والعزةُ لهم ‪ ،‬ورؤو ُ‬ ‫عّزةَ اليما ِ‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫عندَ ُ‬‫ن ِ‬ ‫غو َ‬ ‫ة ‪ ﴿ :‬أ َي َب ْت َ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وأنوُفهم دائما ً شامخ ٌ‬ ‫دائما ً مرتفع ٌ‬
‫ن الورديّ ‪:‬‬ ‫ميعا ً ﴾ ‪ .‬قال اب ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عّزةَ ل ِل ّ ِ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫عّزةَ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ن‬
‫نم ْ‬ ‫قط ُْعها أحس ُ‬ ‫ب تقبيل يدٍ‬ ‫أنا ل أرغ ُ‬
‫ل فيكفيني‬ ‫قها الأوُقبل ْ‬‫تلك‬
‫رِ ّ‬ ‫ن صنيِع‬ ‫ن جزْتني ع ْ‬ ‫إ ْ‬
‫الخج ْ‬
‫ل‬
‫*******************************************‬ ‫ت في‬ ‫كن ُ‬
‫ه‬
‫ر الل ِ‬
‫ق بغي ِ‬
‫ل تتعل ْ‬
‫ه ‪ ،‬فلماذا‬ ‫ت والرزاقُ هو الل ُ‬ ‫إذا كان المحيي والمي ُ‬
‫ب‬
‫ن أكثر ما يجل ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ؟! ورأي ُ‬‫ف من الناس والقلقُ منه ُ‬ ‫الخو ُ‬
‫ب‬
‫م ‪ ،‬والتقر ُ‬
‫ب رضاه ْ‬ ‫س ‪ ،‬وطل ُ‬ ‫ّ‬
‫الهموم والغموم التعلقُ بالنا ِ‬
‫م ‪ ،‬وهذا من‬‫مه ْ‬ ‫ص على ثناِئهم ‪ ،‬والتضّرر بذ ّ‬ ‫م ‪ ،‬والحر ُ‬ ‫منه ُ‬
‫ف التوحيدِ ‪.‬‬ ‫ضع ِ‬
‫م‬
‫وليتك تْرضى والنا ُ‬ ‫فليتك تحلو والحياةُ‬
‫الذي فوق‬ ‫ب‬ ‫غضا‬
‫ل ُ‬
‫وك ّ‬ ‫ح منك الود ّ‬ ‫صةٌ ّ‬‫مرير‬
‫إذا‬
‫ب‬‫ب ترا ُ‬ ‫الترا ِ‬
‫***************************************‬ ‫ن‬
‫ل هي ّ ٌ‬ ‫فالك ُ ّ‬
‫ر‬
‫صدْ ِ‬
‫ح ال ّ‬
‫ب انشر ِ‬
‫أسبا ُ‬
‫ع‬
‫ب صفائ ِهِ ونقاِئه يوس ُ‬
‫ه ِبحس ِ‬‫مها ‪ :‬التوحيدُ ‪ :‬فإن ُ‬
‫أه ّ‬
‫الصدَر ‪ ،‬حتى يكون أوسع من الدنيا وما فيها ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪165‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ل سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫حدٍ ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ك ومل ِ‬ ‫مشر ٍ‬ ‫ول حياة ل ُ‬
‫ه‬ ‫ح ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫شُر ُ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ضنك‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫ً‬ ‫ش‬ ‫عي‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ري‬ ‫َ ِ‬ ‫ك‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫عن‬ ‫َ‬ ‫ض‬‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫ع‬
‫ْ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫رِد الل ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫مى ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ع َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫يَ ْ‬
‫سل َم ِ ﴾ ‪ .‬وقال سبحانه ‪﴿ :‬‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫َ‬
‫صدَْرهُ ل ِل ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫دي َ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫أن ي َ ْ‬
‫من‬ ‫ر ّ‬ ‫عَلى ُنو ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫سَلم ِ َ‬ ‫صدَْرهُ ل ِْل ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ح الل ّ ُ‬ ‫شَر َ‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫أَ َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ّرب ّ ِ‬
‫ف‬‫صدرِ والرهبةِ والخو ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ه أعداءه بضي ِ‬ ‫عد الل ُ‬ ‫وتو ّ‬
‫فُروا ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫في ُ‬ ‫قي ِ‬ ‫سن ُل ْ ِ‬ ‫ب‪َ ﴿،‬‬ ‫ق والضطرا ِ‬
‫َ‬ ‫والقل ِ‬
‫طانا ً ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫م ي ُن َّز ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫كوا ْ ِبالل ّ ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫الّر ْ‬
‫رِد‬ ‫من َي ُ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫من ِذك ْ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫سي َ ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ل ل ّل ْ َ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫الل ّ َ‬
‫ردْ أن‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫سل َم ِ َ‬ ‫صدَْرهُ ل ِل ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫دي َ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه أن ي َ ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫عد ُ ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ما ي َ ّ‬ ‫حَرجا ً ك َأن ّ َ‬ ‫ضّيقا ً َ‬ ‫صدَْرهُ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ضل ّ ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ح‬
‫م النافعُ ‪ ،‬فالعلماُء أشر ُ‬ ‫صد َْر ‪ :‬العل ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ومما يشر ُ‬
‫م سرورا ً ‪ ،‬لما‬ ‫مه ْ‬ ‫حبورا ً ‪ ،‬وأعظ ُ‬ ‫س صدورا ً ‪ ،‬وأكثُرهم ُ‬ ‫النا ِ‬
‫م‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ث المحمديّ النبويّ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫م من الميرا ِ‬ ‫عنده ْ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ه إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫ه َل إ ِل َ َ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫عل َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ت َك ُ ْ‬
‫ن للحسنةِ نورا ً في‬ ‫ح ‪ :‬فإ ّ‬ ‫ل الصال ُ‬ ‫ومنها ‪ :‬العم ُ‬
‫ة في‬ ‫ق ‪ ،‬ومحب ً‬ ‫ة في الرز ِ‬ ‫سعَ َ‬ ‫ب ‪ ،‬وضياًء في الوجهِ ‪ ،‬و َ‬ ‫القل ِ‬
‫دقا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫غ َ‬ ‫ماء َ‬ ‫هم ّ‬ ‫قي َْنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ق ‪َ ﴿ ،‬ل ْ‬ ‫ْ‬
‫ب الخل ِ‬ ‫قلو ِ‬
‫ت‬ ‫ن ‪ ،‬ثاب ُ‬ ‫ة ‪ :‬فالشجاع ُ واسعُ البطا ِ‬ ‫ومنها ‪ :‬الشجاع ُ‬
‫مه‬ ‫ن ‪ ،‬فل ته ّ‬ ‫ل على الرحم ِ‬ ‫ن ‪ ،‬لنه يؤو ُ‬ ‫ن ‪ ،‬قويّ الركا ِ‬ ‫جَنا ِ‬ ‫ال َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ه التوجسا ُ‬ ‫ف ‪ ،‬ول تزعزِعُ ُ‬ ‫ث ‪ ،‬ول تهّزه ُ الراجي ُ‬ ‫الحواد ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ل إل وهي ِ‬ ‫لها اللي ُ‬ ‫مرا ً‬ ‫ح ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫ترّدى ثبات المو ِ‬
‫ت‬‫ضُرواعتل ْ‬ ‫بْ‬ ‫خ ِ‬ ‫الضر ُ‬ ‫س‬
‫سند ٍ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫مات حتى مات‬ ‫فما أتى‬ ‫وما‬
‫مُر‬ ‫ْ‬ ‫س‬
‫عليه القنا ال ّ‬ ‫ه‬
‫ب سيِف ِ‬ ‫مضرِ ُ‬
‫ب المعاصي ‪ :‬فإنها كدٌر حاضٌر ‪،‬‬ ‫ومنها ‪ :‬اجتنا ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫م قات ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وظل ٌ‬ ‫ة جاثم ٌ‬ ‫ووحش ٌ‬
‫ث الذ ّ ّ‬
‫ل‬ ‫وقد ْ ُيور ُ‬ ‫ت‬ ‫ت الذنوب ُتمي ُ‬ ‫رأي ُ‬
‫إدماُنها‬ ‫القلوب‬
‫ل تحزن‬
‫‪166‬‬
‫ت ‪ :‬من الكلم ِ‬ ‫ة المباحا ِ‬ ‫ب كثر ِ‬ ‫ومنها ‪ :‬اجتنا ُ‬
‫و‬
‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫والطعام ِ والمنام والخلطةِ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫د‬
‫عِتي ٌ‬
‫ب َ‬‫قي ٌ‬ ‫ل إ ِّل ل َدَي ْ ِ‬
‫ه َر ِ‬ ‫و ٍ‬
‫ق ْ‬ ‫من َ‬ ‫ظ ِ‬‫ف ُ‬ ‫ما ي َل ْ ِ‬
‫ن ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬
‫ع ِ‬
‫م ْ‬
‫ُ‬
‫فوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ر ُ‬ ‫ول َ ت ُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫شَرُبوا ْ َ‬ ‫﴾ ‪ ﴿ ،‬وك ُُلوا ْ َ‬
‫وا ْ‬
‫*************************************‬

‫ء‬
‫رغ من القضا ِ‬ ‫ُ‬
‫ف ِ‬
‫ق‬
‫س والهموم ِ طبيب القل ِ‬ ‫ل أحد ُ المرضى بالهواج ِ‬ ‫سأ َ‬
‫ن العالم قد ْ‬
‫مأ ّ‬ ‫م ‪ :‬اعل ْ‬
‫ب المسل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬فقال له الطبي ُ‬ ‫والضطرا ِ‬
‫س إل بإذن‬‫م ٌ‬ ‫ة ول هَ ْ‬ ‫ره ‪ ،‬ول يقعُ فيهِ حرك ٌ‬ ‫قهِ وتدبي ِ‬ ‫ن خل ِ‬ ‫فرغَ م ْ‬
‫ق‬
‫ن الله كتب مقادير الخلئ ِ‬ ‫م؟! ))إ ّ‬‫م والغ ّ‬‫اللهِ ‪ ،‬فِلم اله ّ‬
‫ة(( ‪.‬‬ ‫ق الخْلق بخمسين ألف سن ٍ‬ ‫خل ُ َ‬ ‫ن يَ ْ‬‫قبل أ ْ‬
‫قال المتنبي على هذا ‪:‬‬
‫ن‬‫وتصغُر في عي ِ‬ ‫ن‬
‫م في عي ِ‬ ‫وتعْظ ُ ُ‬
‫م‬
‫العظيم ِ العظائ ِ ُ‬
‫*********************************‬ ‫الصغيرِ صغاُرها‬
‫ة اللذيذُ‬
‫م الحري ّ ِ‬ ‫طَ ْ‬
‫ع ُ‬
‫ة‬
‫ن عند َه ُ ثلثمائ ٍ‬ ‫ب ) المسار ( ‪ :‬م ْ‬ ‫ل الراشد ُ في كتا ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ده‬
‫ف وستمائة تمرة ‪ ،‬لم يستعب ْ‬ ‫ت وأل ٌ‬ ‫وستون رغيفا ً وجّرة زي ٍ‬
‫أحد ٌ ‪.‬‬
‫س والماِء ‪،‬‬ ‫بالخبزِ الياب ِ‬ ‫ن اكتفى‬‫ِ‬ ‫ف‪:‬م‬ ‫وقال أحد ُ السل ِ‬
‫ة‬
‫م ٍ‬‫ع َ‬
‫من ن ّ ْ‬ ‫عندَهُ ِ‬ ‫د ِ‬‫ح ٍ‬‫ما ِل َ َ‬‫و َ‬
‫سِلم من الّرقّ غل للهِ تعالى ﴿ َ‬
‫جَزى ﴾ ‪.‬‬ ‫تُ ْ‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫قال أح ُ‬
‫ت‬
‫ولوْ أني قِن ِعْ ُ‬ ‫ت مطامعي‬ ‫أطع ُ‬
‫ت حرا ً‬ ‫لكن ُ‬ ‫فاستعبدتني‬
‫وقال آخُر ‪:‬‬
‫عراةٌ‬
‫م فيها ُ‬ ‫على أّنه ْ‬ ‫س‬
‫أرى أشقياء النا ِ‬
‫جوّع ُ‬
‫و ُ‬ ‫ل يسأمونها‬
‫ل تحزن‬
‫‪167‬‬
‫ن‬
‫فع ْ‬ ‫ة صي ٍ‬ ‫سحاب ُ‬ ‫ت‬ ‫ن كان ْ‬ ‫أراها وإ ْ‬
‫ب‬‫ل أو المنص ِ‬ ‫الما ِ‬ ‫ع‬
‫ش ُ‬ ‫بجمع ّ‬
‫ل تق‬‫قلي ٍ‬
‫ون على السعادةِ‬ ‫يسع ْ‬ ‫الذينفإنها‬‫سّر‬
‫نت ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م الخاسرون حّقا ً ‪ ،‬وأنه ْ‬
‫م‬ ‫مه ُ‬ ‫أو الوظيفةِ ‪ ،‬سوف يعلمون أنه ْ‬
‫دى‬‫فَرا َ‬ ‫موَنا ُ‬ ‫جئ ْت ُ ُ‬
‫قد ْ ِ‬ ‫ول َ َ‬‫ما جلبوا إل الهموم والغموم ‪َ ﴿ ،‬‬
‫قَناك ُ َ‬
‫وَراء‬ ‫م َ‬ ‫ول َْناك ُ ْ‬‫خ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫وت ََرك ُْتم ّ‬ ‫ة َ‬‫مّر ٍ‬
‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كَ َ‬
‫حَياةَ الدّن َْيا}‪{16‬‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ؤث ُِرو َ‬‫ل تُ ْ‬ ‫م ﴾ ‪ ﴿ ،‬بَ ْ‬ ‫رك ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫هو‬‫ظُ ُ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫وأ َب ْ َ‬ ‫خي ٌْر َ‬‫خَرةُ َ‬ ‫واْل ِ‬ ‫َ‬
‫************************************‬
‫ب‬
‫ه الترا ُ‬
‫ي مخدّت ُ ُ‬
‫ن الثور ّ‬
‫سفيا ُ‬
‫ب في مزدلفة وهو‬ ‫ن الترا ِ‬ ‫ةم ْ‬ ‫م ً‬
‫ن الثوريّ كو ْ‬ ‫سد سفيا ُ‬ ‫تو ّ‬
‫ب‬
‫سد ُ الترا َ‬
‫ن تتو ّ‬
‫ل هذا الموط ِ‬ ‫س ‪ :‬أفي مث ِ‬ ‫ج ‪ ،‬فقال له النا ُ‬ ‫حا ّ‬
‫ة‬
‫ن مخد ِ‬ ‫مم ْ‬
‫دتي هذهِ أعظ ُ‬ ‫ث الدنيا ؟ قال ‪ :‬لمخ ّ‬ ‫محد ّ ُ‬ ‫وأنت ُ‬
‫أبي جعفرٍ المنصورِ الخليفةِ ‪.‬‬
‫ه﴾‪.‬‬‫ب الل ّ ُ‬‫ما ك َت َ َ‬ ‫قل ّلن ي ُ ِ‬
‫صيب ََنا إ ِل ّ َ‬ ‫﴿ ُ‬
‫*********************************‬
‫ن‬
‫في َ‬
‫ج ِ‬
‫مر ِ‬
‫ن إلى ال ُ‬
‫ل ترك ْ‬
‫ة ‪ ،‬التي‬‫ة المغلوب ُ‬ ‫ت الخاطئ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬والرهاصا ُ‬ ‫الوعود ُ الكاذب ُ‬
‫ن‬
‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫م ‪ ﴿ ،‬ال ّ‬ ‫س ‪ ،‬إنما هي أوها ٌ‬ ‫ف منها أكثُر النا ْ ِ‬ ‫يخا ُ‬
‫كم‬‫عد ُ ُ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يَ ِ‬ ‫شاء َ‬ ‫ح َ‬‫ف ْ‬‫كم ِبال ْ َ‬ ‫مُر ُ‬‫وي َأ ُ‬
‫قَر َ‬‫ف ْ‬‫م ال ْ َ‬‫عدُك ُ ُ‬‫يَ ِ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫عِلي ٌ‬‫ع َ‬‫س ٌ‬‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ضل ً َ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬‫من ْ ُ‬
‫فَرةً ّ‬ ‫غ ِ‬
‫م ْ‬‫ّ‬
‫س والشعوِر‬ ‫ت اليأ ِ‬ ‫ة المعدةِ ‪ :‬ثمرا ُ‬ ‫والقلقُ والرقُ وقُْرح ُ‬
‫ط والخفاق ‪.‬‬ ‫بالحبا ِ‬
‫***********************************‬
‫م‬ ‫ب وال ّ‬
‫شت ْ ُ‬ ‫ن يضّرك الس ّ‬
‫ل ْ‬
‫ي ) إبراهام لينكولن ( يقو ُ‬
‫ل ‪ :‬أنا ل‬ ‫س المريك ّ‬ ‫كان الرئي ُ‬
‫ح مظروفها فضل ً‬ ‫ُ‬
‫ي ‪ ،‬ول أفت ُ‬ ‫جه إل ّ‬
‫أقرأ رسائل الشتم ِ التي ُتو ّ‬
‫دمت شيئا ً لشعبي‬ ‫ما ق ّ‬‫ت بها ل َ‬‫عن الرد ّ عليها ؛ لنني لو اشتغل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪168‬‬
‫﴾‪﴿،‬‬ ‫مي َ‬
‫ل‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫ص ْ‬
‫ف َ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ص َ‬‫فا ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬‫فأ َ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫سَل ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬‫ص َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن‪:‬‬ ‫سا ُ‬ ‫قال ح ّ‬
‫ر‬
‫أو لحاني بظه ِ‬ ‫ب‬‫ما أبالي أن ّ‬
‫والسخفاِء والحقراِء‬ ‫م‬‫ب لئي ُ‬ ‫ت اللؤماِءغ َي ْ ٍ‬ ‫كلما ِ‬ ‫س‬
‫ن ٌ‬ ‫ن أت َي ْ ّ‬ ‫ز ِ‪:‬‬ ‫بالح ْ‬
‫المعنى‬
‫م‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬ل تضّر ول ت ُهُ ّ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫الشّتامين المتسلقين على أعرا ِ‬
‫م ‪ ،‬أو أن يتحرك منها شجاع ٌ ‪.‬‬ ‫ن يتلفت لها مسل ٌ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ول يمك ُ‬
‫ب العالميةِ الثانيةِ‬ ‫كان قائد ُ البحريةِ المريكيةِ في الحر ِ‬
‫ة‬
‫ل مع مرؤوسي ِ‬ ‫ص على الشهرةِ ‪ ،‬فتعام َ‬ ‫رجل ً لمعا ً ‪ ،‬يحر ُ‬
‫ت ‪ ،‬حتى قال ‪:‬‬ ‫الذين كالوا له الشتائم والسباب والهانا ِ‬
‫م عودي ‪،‬‬ ‫ج َ‬ ‫ة ‪ ،‬لقد ْ عَ َ‬ ‫أصبح اليوم عندي من النقدِ مناع ٌ‬
‫سورا ً‬ ‫ف ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م ول ين ِ‬ ‫ن الكلم ل يهد ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ت سني ‪ ،‬وعلم ُ‬ ‫وكبر ْ‬
‫حصينا ً ‪.‬‬
‫ت حد ّ‬ ‫وقد ْ جاوز ُ‬ ‫وماذا تبتغي‬
‫الربعينا‬ ‫الشعراُء مّني‬
‫ه قال ‪ :‬أحبوا‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫–‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫السل‬ ‫عليه‬ ‫–‬ ‫ُيذكُر عن عيسى‬
‫أعداءكم ‪.‬‬
‫ما ً ‪ ،‬حتى‬ ‫م عفوا ً عا ّ‬ ‫ن ُتصدروا في أعداِئك ْ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أ ْ‬
‫م‪﴿ ،‬‬ ‫تسلموا من التشّفي والنتقام ِ والحقد ِ الذي ينهي حيات َك ُ ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫م﴾‬‫و َ‬ ‫ْ‬
‫م الي َ ْ‬ ‫ُ‬
‫علي ْك ُ‬ ‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫ء(( ‪ ﴿ ،‬ل َ ت َث َْري َ‬ ‫م الطلقا ُ‬ ‫))اذهبوا فأنت ُ‬
‫سَلف ﴾ ‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ه َ‬ ‫فا الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫‪َ ﴿،‬‬
‫*************************************‬
‫ن‬
‫و ِ‬
‫اقرأ الجمال في الك ْ‬
‫ل‬
‫ق ذي الجل ِ‬ ‫ْ‬
‫ل في خل ِ‬ ‫ح الصدر قراءةُ الجما ِ‬ ‫مما يشر ُ‬
‫ح‪،‬‬ ‫ب المفتو ُ‬ ‫ن‪ ،‬هذا الكتا ُ‬ ‫م‪ ،‬والتمت ّعُ بالنظرِ في الكو ِ‬ ‫ِ‬ ‫والكرا‬
‫ة﴾﴿‬ ‫ق َ‬ ‫ل في خلقه ‪َ َ ﴿ :‬‬ ‫ن الله يقو ُ‬
‫ج ٍ‬‫ه َ‬ ‫ت بَ ْ‬‫ذا َ‬ ‫دائ ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫فأنب َت َْنا ب ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫خل ْق الل ّه َ َ‬
‫ه﴾‪﴿،‬‬ ‫دون ِ ِ‬
‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ق ال ّ ِ‬‫خل َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما َ‬‫فأُروِني َ‬ ‫ِ‬ ‫ذا َ ُ‬ ‫ه َ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ض﴾ ‪.‬‬‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل انظُُروا ْ َ‬
‫ما َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪169‬‬
‫ن ما‬ ‫ت ‪ ،‬من أخبارِ الكو ِ‬ ‫ل لك ‪ ،‬بعد صفحا ِ‬ ‫وسوف أنق ُ‬
‫خل ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫يدّلك على حكمةٍ وعظمةٍ ﴿ال ّ ِ‬
‫دى ﴾ ‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫م َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫صورا ً ما قرأُتها في‬ ‫وكتابي الفضاُء َأقرأ ُ‬
‫كتابي‬ ‫ه‬
‫في ِ‬
‫س اللمعةِ ‪ ،‬والنجوم ِ الساطعةِ ‪ ،‬في‬ ‫ِ‬ ‫الشم‬ ‫في‬ ‫قراءةٌ‬
‫ة‬
‫ل ‪ ..‬في الشجرةِ ‪ ..‬في الثمر ِ‬ ‫ل ‪ ..‬في الت ّ‬ ‫النهرِ ‪ ..‬في الجدو ِ‬
‫‪ ..‬في الضياِء ‪ ..‬في الهواِء ‪ ..‬في الماِء ‪،‬‬
‫ل على أّنه الواحد ُ‬ ‫تد ّ‬ ‫ه‬
‫ل شيٍء ل ُ‬ ‫وفي ك ّ‬
‫ة‬
‫آي ٌ‬
‫يقول إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫كيف تغدو إذا‬ ‫أّيها الشاكي وما بك‬
‫ه الّندى‬ ‫ترىعليل َ‬
‫غدوت‬ ‫داٌء‬
‫فوق ُ‬ ‫أن‬ ‫أترى الشوك في‬
‫إكليل َ‬
‫يرى في الوجودِ‬ ‫ل‬ ‫مىبغي ِ‬
‫ر‬ ‫نفت َعْ ُ َ‬
‫سه‬ ‫والذيدِ و‬
‫الورو‬
‫شيئا ً جميل‬
‫*******************************************‬ ‫ل‬
‫جما ٍ‬
‫ل ك َي ْ َ‬
‫ف‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬‫ين‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫﴿ أَ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت﴾‬ ‫ق ْ‬ ‫خل ِ َ‬
‫ُ‬
‫ن المبدع‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن يعل ْ‬ ‫ن ينظْر إلى الكو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل أْينشتاين ‪َ :‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ه﴾‪،‬‬ ‫خل َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫حكيم ل يلعب بالنرد ‪ ﴿ .‬ال ّذي أ َ‬
‫﴿‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫س‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫خل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫قَناك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م أن ّ َ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف َ‬‫ق﴾‪﴿،‬أ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما إ ِّل ِبال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قَنا ُ‬‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫عَبثا ً ﴾‪.‬‬‫َ‬
‫ب‬ ‫ن وبحكمةٍ ‪ ،‬وبترتي ٍ‬ ‫سبا ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل شيٍء ب ِ ُ‬ ‫نك ّ‬ ‫ى‪:‬أ ّ‬ ‫والمعن ِ‬
‫ن هناك إلها ً قديرا ً ل‬ ‫ن يرى هذا الكون أ ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫وبنظام ٍ ‪ ،‬يعل ُ‬
‫ل في عله ُ ‪.‬‬ ‫ة‪،‬ج ّ‬ ‫ُيجري المور مجازف ً‬
‫مُر‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه وتعالى ‪ ﴿ :‬ال ّ‬ ‫ل سبحان ُ‬ ‫م يقو ُ‬ ‫ث ّ‬
‫مَر‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫غي ل َها َ‬ ‫ن ﴾ ‪َ ﴿ ،‬ل ال ّ‬
‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫س َينب َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫سَبا ٍ‬ ‫ح ْ‬‫بِ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫وك ُ ّ‬‫ر َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ق الن ّ َ‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫وَل الل ّي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪170‬‬
‫ص‬
‫حْر ُ‬
‫ل يجدي ال ِ‬
‫س حتى تستكمل رْزقها‬ ‫ت نف ٌ‬ ‫ن تمو َ‬ ‫قال ‪ )) : ‬ل ْ‬
‫ن‪،‬‬
‫ص إذ ْ‬ ‫حْر ُ‬ ‫جَزعُ ؟!وِلم الهَل َعُ ؟! وِلم ال ِ‬ ‫وأجَلها (( ‪ .‬فِلم ال َ‬
‫ر﴾‪﴿،‬‬‫دا ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ق َ‬ ‫عندَهُ ب ِ ِ‬
‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫ن هذا وفََرغَ ؟! ﴿ َ‬ ‫إذا انتهى م ْ‬
‫دورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ق ُ‬ ‫درا ً ّ‬
‫م ْ‬ ‫ق َ‬ ‫مُر الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫َ‬
‫**************************************‬
‫ت‬ ‫ت تك ّ‬
‫فُر عنك السيئا ِ‬ ‫الزما ُ‬
‫ه ما أوطأ‬ ‫ه قال ‪ :‬آلل ُ‬ ‫ُيذك َُر عن الشاعرِ ابن المعتّز أن ُ‬
‫ق باللهِ !!‬ ‫ة الواث ِ‬ ‫ة المتوكل على اللهِ ‪ ،‬وما أسرع أْوب َ‬ ‫راحل ً‬
‫ن‬‫نم ْ‬ ‫ب المؤم َ‬ ‫ه قال ‪ )) :‬ما يصي ُ‬ ‫ه ‪ ‬أن ُ‬ ‫ح عن ُ‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬ول مر ٍ‬ ‫ب ‪ ،‬ول نص ٍ‬ ‫م ‪ ،‬ول وص ٍ‬ ‫م ‪ ،‬ول غ ّ‬ ‫ه ّ‬
‫ن‬
‫ه بها م ْ‬ ‫فر الل ُ‬ ‫كها ‪ ،‬إل ك ّ‬ ‫ة ُيشا ُ‬ ‫حتى الشوك ُ‬
‫ه‬
‫ف أن ُ‬ ‫خطاياهُ (( ‪ .‬فهذا لمن صبر واحتسب وأناب ‪ ،‬وعََر َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل مع الواحدِ الوها ِ‬ ‫يتعام ُ‬
‫ت حكيمةٍ تضفي على العبد ِ قوةً‬ ‫قال المتنبي في أبيا ٍ‬
‫وانشراحا ً ‪:‬‬
‫ه‬
‫ب في ِ‬ ‫ما دام يصح ُ‬ ‫ل تلق دهرك إل غي َْر‬
‫عليك الغائب‬ ‫ن‬
‫روحكد ّ البد ُ‬
‫ُول ير‬ ‫سرورا ً ما‬ ‫م ُ‬ ‫ث ُ‬ ‫مكتر ُ ٍ‬
‫يدي‬ ‫فما‬
‫ما‬‫حوا ب ِ َ‬ ‫فَر ُ‬ ‫نَل ت َ ْ‬ ‫الحز َ‬
‫وُ‬ ‫م‬‫فات َك ُ ْ‬
‫ما َ‬‫عَلى َ‬ ‫وا َ‬ ‫رتأ ْ ب َ ِ‬
‫ه‬
‫س ْ‬ ‫ل تَ‬‫سي ْرِ َ ْ‬
‫﴿ ل ِك َُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫آَتاك ُ ْ‬
‫**********************************‬
‫كي ُ‬
‫ل «‬ ‫م ال ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫ع َ‬
‫ون ِ ْ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ح ْ‬
‫» َ‬
‫م لما‬ ‫كي ُ‬
‫ل « ‪ :‬قالها إبراهي ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫ع َ‬
‫ون ِ ْ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ح ْ‬
‫» َ‬
‫ت برد ْا ً وسلما ً ‪ .‬وقال محمد ٌ ‪ ‬في‬ ‫ُ‬
‫ألقي في النارِ ‪ ،‬فصار ْ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حدٍ ‪ ،‬فنصره الل ُ‬
‫أ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪171‬‬
‫ي‬
‫ل ‪ :‬ألك إل ّ‬ ‫ق قال له جبري ُ‬ ‫م في المنجني ِ‬ ‫ضع إبراهي ُ‬ ‫لما وُ ِ‬
‫ه‬
‫ما إلى الل ِ‬ ‫ما إليك فل ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫م‪:‬أ ّ‬ ‫ة ؟ فقال له إبراهي ُ‬ ‫حاج ٌ‬
‫م!‬ ‫فَن َعَ ْ‬
‫ت‬
‫ف هذا ‪ ،‬وخمد ْ‬ ‫حرِقُ ‪ ،‬ولكن ج ّ‬ ‫البحُر ي ُْغرقُ ‪ ،‬والناُر ت َ ْ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬
‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫تلك ‪ ،‬بسبب ‪َ » :‬‬
‫ل ك َّل‬ ‫قا َ‬ ‫رأى موسى البحَر أمامه والعد ّ خلفه ‪ ،‬فقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن اللهِ ‪.‬‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬فنجا بإذ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ي َرّبي َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬‫ن َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ن الرسول ‪ ‬لما دخل الغار ‪ ،‬س ّ‬
‫خ‬ ‫كر في السيرةِ أ ّ‬ ‫ذُ ِ‬
‫شها ‪ ،‬والعنكبوت فبنت بيتها بفم ِ الغارِ ‪،‬‬ ‫تع ّ‬ ‫الله الحمام فبن ْ‬
‫فقال المشركون ‪ :‬ما دخل هنا محمد ٌ ‪.‬‬
‫س ْ‬
‫خ‬ ‫خيرِ البريةِ لم تن ِ‬ ‫ظّنوا الحمام وظّنوا‬
‫ل‬‫ن عا ٍ‬ ‫الدروِع وع ْ‬ ‫حم ِ‬ ‫ولم ت َ ُ‬ ‫من‬ ‫ن‬
‫تع ْ‬
‫العنكبوت على‬
‫ة اللهِ أغني ْ‬ ‫عناي ُ‬
‫م‬ ‫لط‬ ‫من ا ُ‬
‫ن هناك رب ّا ً‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ونظر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪،‬‬ ‫محها العبد ُ‬ ‫ة إذا تل ّ‬ ‫ة الرباني ُ‬ ‫ةُ‬ ‫مضاعف‬
‫العناي ٍ‬ ‫إنها‬
‫ن العبد ُ إليه ‪.‬‬ ‫قديرا ً ناصرا ً ولي ّا ً راحما ً ‪ ،‬حينها يرك ُ‬
‫ل شوقي ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫ث ك ُّلهن‬ ‫م فالحواد ُ‬ ‫ن ْ‬ ‫ة لحظت ْ َ‬
‫ك‬ ‫وإذا العناي ُ‬
‫ه َ‬ ‫نهاأ َ ْ‬
‫م‬
‫ح ُ‬ ‫و أْر َ‬ ‫و ُ َ‬ ‫فظا ً َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫أماٌر ُ‬
‫خي ْ‬ ‫ه َ‬ ‫فالل ّ ُ‬ ‫عي ُن َِنا ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ك ُ بِ‬‫عيو‬
‫فإ ِن ّ َ‬‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫الّرا ِ‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫سعاد ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫ونا ُ‬
‫مك ّ‬
‫ه‪،‬‬
‫سْرب ِ‬‫ن بات آمنا ً في ِ‬ ‫ه ‪ )) : ‬م ْ‬ ‫وعند الترمذيّ عن ُ‬
‫ت‬‫حيَز ْ‬‫ه ‪ ،‬فكأنما ِ‬‫م ِ‬‫ت يو ِ‬‫ى في بدنه ‪ ،‬عندهُ قو ُ‬ ‫معاف ً‬
‫رها (( ‪.‬‬ ‫في ِ‬
‫له الدنيا بحذا ِ‬
‫والمعنى ‪ :‬إذا حصل على غذاٍء ‪ ،‬وعلى مأًوى وكان‬
‫ت‪،‬‬ ‫ل الخيرا ِ‬
‫ت ‪ ،‬وأفض ِ‬‫ن السعادا ِ‬ ‫ً‬
‫آمنا ‪ ،‬فقد ْ حصل على أحس ِ‬
‫م ل يذكرونه ‪ ،‬ول‬
‫س ‪ ،‬لكنه ْ‬ ‫ل عليه كثيٌر من النا ِ‬ ‫وهذا يحص ُ‬
‫ينظرون إليه ول يلمسونه ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪172‬‬
‫ل سبحانه وتعالى لرسوله ‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وأت ْ َ‬ ‫َ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل‪‬؟‬ ‫ت على الرسو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مِتي ﴾ ‪ .‬فأيّ نعمةٍ ت ّ‬ ‫ع َ‬
‫نِ ْ‬
‫ب‬‫أهي المادةُ ؟ أهو الغذاُء ؟ أهي القصوُر والدوُر والذه ُ‬
‫ك من ذلك شيئا ً ؟‬ ‫ة ‪ ،‬ولم يمل ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫والِف ّ‬
‫ن‬
‫ن طي ٍ‬‫م في غرفةٍ م ْ‬ ‫ن هذا الرسول العظيم ‪ ‬كان ينا ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن على بطن ِهِ ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬ويرب ُ‬
‫جري ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ط َ‬ ‫ن جريدِ النخ ِ‬ ‫‪ ،‬سقُفها م ْ‬
‫ل تؤّثر في جنبهِ ‪ ،‬ورهن‬ ‫سَعف النخ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سد ُ على مخد ّةٍ م ْ‬ ‫ويتو ّ‬
‫ر‪ ،‬ويدوُر ثلثة أيام ٍ‬ ‫ن شعي ٍ‬ ‫ه عند يهوديّ في ثلثين صاعا ً م ْ‬ ‫د ِْرع ُ‬
‫ل يجد ُ رديء التمرِ ليأكله ويشبع منه‪.‬‬
‫شعيرِ وأبقى‬ ‫من ال ّ‬ ‫ن‬
‫عك مرهو ٌ‬ ‫مت ودر ُ‬ ‫ِ‬
‫ك الج ُ‬
‫ل‬ ‫رهَ َ‬ ‫ف‬‫شظ ٍ‬ ‫على‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫اليتا‬ ‫أبا‬ ‫دعيت‬ ‫ُ‬ ‫حتى‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫معاني‬ ‫فيك‬ ‫ن‬
‫ل ّ‬
‫يا ب َط َ ُ‬
‫ل‬ ‫ه‬
‫أعذب ُ ُ‬
‫ت في قصيدةٍ أخرى ‪:‬‬ ‫وقل ُ‬
‫ن أو‬ ‫ت من الطي ِ‬ ‫بي ٌ‬ ‫ر‬
‫ل قص ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫كفاك ع ْ‬
‫ن‬ ‫التي م ْ‬ ‫العلم ِ‬ ‫ف من‬
‫ي الخيام ِ‬
‫ن ُكه ْ ٌ‬
‫ص َ‬ ‫الفضائل أبراجا ً‬ ‫ق عمدٍ‬ ‫تبني ٍ‬ ‫شاه‬
‫أروِع الخيم‬ ‫من ا ْ ُ‬ ‫خةًَرةُ َ‬ ‫مشْلّيد ِ‬
‫ف‬
‫و َ‬ ‫س ْ‬‫ول َ َ‬ ‫لى}‪َ ِ {4‬‬ ‫لو َ‬ ‫ك ِ َ‬ ‫خي ٌْر ل ّ َ‬ ‫ول َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ك ال ْك َ ْ‬
‫وث ََر ﴾ ‪.‬‬ ‫عطَي َْنا َ‬ ‫ضى ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِّنا أ َ ْ‬ ‫فت َْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َرب ّ َ‬ ‫طي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫***************************************‬
‫صب‬
‫من ْ ِ‬
‫صب ال َ‬
‫نَ َ‬
‫ن الورديّ ‪:‬‬ ‫ب ‪ ،‬قال اب ُ‬ ‫ب الحياةِ المنص ُ‬ ‫ن متاع ِ‬ ‫م ْ‬
‫ة‬
‫ن مدارا ِ‬ ‫يا عنائي م ْ‬ ‫ب‬
‫ب المنص ِ‬ ‫نص ُ‬
‫غالي ْ‬ ‫أوهي ‪َ َ :‬‬
‫ة ‪ ،‬إنها تأخذ ُ ماء‬‫لٌ‬ ‫بالسَف‬ ‫ة المنص ِ‬ ‫لديضريب َ‬ ‫ن‬‫جا ّ‬ ‫والمعنى‬
‫ب‬
‫ن تلك الضرائ ِ‬ ‫ن ينجو م ْ‬ ‫م ْ‬‫ل َ‬ ‫ة ‪ ،‬وقلي ٌ‬
‫حة والراح َ‬ ‫ص ّ‬
‫جهِ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫الوَ ْ‬
‫ن سمعِته ‪ ،‬من‬ ‫ن عرقِهِ ‪ ،‬من دِم ِ ‪ ،‬م ْ‬ ‫التي يدفُعها يومي ّا ً ‪ ،‬م ْ‬
‫ل‬‫ن كرامِته ‪)) ،‬ل تسأ ِ‬ ‫ن شرِفه ‪ ،‬م ْ‬ ‫ن عزِته ‪ ،‬م ْ‬ ‫راحِته ‪ ،‬م ْ‬
‫ة(( ﴿‬‫ة وِبئست الفاطم ُ‬ ‫ت المرضع ُ‬ ‫م ِ‬‫ع َ‬ ‫ة(( ‪)) .‬ن ِ ْ‬ ‫المار َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫طاِني ْ‬‫سل ْ َ‬ ‫عّني ُ‬ ‫ك َ‬ ‫هل َ َ‬
‫َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪173‬‬
‫أليس مصيُر ذلك‬ ‫ب الدنيا تصيُر‬ ‫ه ِ‬
‫فإلى؟!‬‫ل‬
‫للزوا ِ‬ ‫غليكالدنيا ً‬
‫ب؟‬ ‫أي شيء تذه ُ‬ ‫ت بكل شيٍء ‪،‬‬ ‫عفواأت ْ‬ ‫ن‬
‫قد ّْر أ ّ‬
‫واْل ِك َْرام ِ ﴾ ‪.‬‬
‫ل َ‬‫جَل ِ‬ ‫ذو ال ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه َرب ّ َ‬
‫ج ُ‬
‫و ْ‬
‫قى َ‬ ‫وي َب ْ َ‬
‫إلى الفناِء ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ن‬‫ي رأسا ً ‪ ،‬فإ ّ‬‫ن يا ُبن ّ‬ ‫قال أحد ُ الصالحين لبنه ‪ :‬ل تك ْ‬
‫الرأس كثيُر الوجاِع ‪.‬‬
‫ن‬
‫ؤس ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ب التصد َّر دائما ً والّتر ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫والمعنى ‪ :‬ل ت ُ ِ‬
‫ل إل إلى‬ ‫ب ل تص ُ‬ ‫ت والضرائ ِ‬ ‫ت والشتائم ِ والحراجا ِ‬ ‫النتقادا ِ‬
‫دمين ‪.‬‬ ‫هؤلء المق ّ‬
‫ولي السْلطة هذا‬ ‫س‬
‫ن نصف النا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن عد ْ‬
‫ل‬ ‫إ ْ‬
‫*****************************************‬ ‫ن‬
‫م ْ‬ ‫أعداٌء ل ِ‬
‫هيا إلى الصلة‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫﴿ يا أ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫صل َ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ِ َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫بال‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫نو‬‫ُ‬ ‫عي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ها‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫زع إلى الصلةِ ‪.‬‬ ‫كان ‪ ‬إذا حزبه أمٌر فَ ِ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫رحْنا بها يا بل ُ‬ ‫ل ‪ )) :‬أ ِ‬ ‫وكان يقو ُ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫جعلت قّرةُ عيني في الصل ِ‬ ‫ل ‪ُ )) :‬‬ ‫ويقو ُ‬
‫إذا ضاق الصدُر ‪ ،‬وصُعب المُر ‪ ،‬وكثر المك ُْر ‪ ،‬فاهرعْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫إلى المصّلى فص ّ‬
‫ت الليالي ‪ ،‬وتغي َّر‬ ‫م ‪ ،‬واختلف ْ‬ ‫ت في وجِهك اليا ُ‬ ‫إذا أظلم ْ‬
‫ب ‪ ،‬فعليك بالصلةِ ‪.‬‬ ‫الصحا ُ‬
‫ح صدره‬ ‫ت العظيمةِ يشر ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ي ‪ ‬في المه ّ‬ ‫كان النب ّ‬
‫ن ‪ .‬وذكروا‬ ‫رها من المواط ِ‬ ‫ب وغي ِ‬ ‫بالصلةِ ‪ ،‬كيوم ِ يد ْرٍ والحزا ِ‬
‫ة‬
‫ب ) الفتِح ( أنه ذهب إلى القلع ِ‬ ‫ظ ابن حجرٍ صاح ِ‬ ‫ن الحاف ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ص ‪ ،‬فقام يصلي ‪ ،‬ففّرج الل ُ‬ ‫بمصر فأحط به اللصو ُ‬
‫ن رجل ً من الصالحين‬ ‫ن القيم ِ ‪ :‬أ ّ‬ ‫ن عساكر واب ُ‬ ‫وذكر اب ُ‬
‫ق الشام ِ ‪ ،‬فأجهز عليه ليقتله ‪،‬‬ ‫ص في إحدى طر ِ‬ ‫لقيه ل ّ‬
‫فطلب منه مهلةٍ ليصلي ركعتين ‪ ،‬فقام فافتتح الصلة ‪،‬‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عا ُ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫وتذك َّر قول اللهِ تعالى ‪ ﴿ :‬أ ّ‬
‫ل المجرم‬ ‫ك من السماِء بحربةٍ فََقت َ َ‬ ‫﴾ ‪ .‬فرّددها ثلثا ً ‪ ،‬فنزل مل ٌ‬
‫مْر‬ ‫ل من يجيب المضطر إذا دعاه ‪ْ ﴿ .‬‬ ‫‪ ،‬وقال ‪ :‬أنا رسو ُ‬
‫وأ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪174‬‬
‫هى‬ ‫صَلةَ ت َن ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ها ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫صطَب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ك ِبال ّ‬ ‫هل َ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫عَلى‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫صل َةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ر ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫منك َ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫شاء َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫قوتا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ك َِتابا ً ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ‪ ،‬الصلة ُ على‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ح الصدر ‪ ،‬ويزي ُ‬ ‫ما يشر ُ‬ ‫وإن م ّ‬
‫َ‬
‫موا‬ ‫سل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫صّلوا َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫الرسول ‪َ ﴿ : ‬يا أي ّ َ‬
‫سِليما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫تَ ْ‬
‫ه‬ ‫صح ذلك عند الترمذي ‪ :‬أ ُ‬
‫ي بن كعب – رضي الل ُ‬ ‫ن أب َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل لك من صلتي ؟‬ ‫م أجع ُ‬ ‫ه – قال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬ك ْ‬ ‫عن ُ‬
‫قال ‪ )) :‬ما شئت (( ‪ .‬قال ‪ :‬الربع ؟ قال ‪ )) :‬ما شئت ‪،‬‬
‫ن زدت فخي ٌْر (( ‪ .‬قال ‪ :‬الث ُّلثْين ؟ قال ‪ )) :‬ما شئت ‪،‬‬ ‫وإ ْ‬
‫ل لك صلتي كلّها ؟ قال ‪:‬‬ ‫ن زدت فخيٌر (( ‪ .‬قال ‪ :‬أجع ُ‬ ‫وإ ْ‬
‫مك (( ‪.‬‬ ‫كفى ه ّ‬ ‫ن ُيغفُر ذنُبك ‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫)) إذ ْ‬
‫ل بالصلةِ والسلم ِ على سيدِ‬ ‫م يزو ُ‬ ‫ن اله ّ‬ ‫وهنا الشاهد ُ ‪ ،‬أ ْ‬
‫ي صلةً واحدةً صّلى الل ُ‬
‫ه‬ ‫ن صّلى عل ّ‬ ‫ق ‪ )) :‬م ْ‬ ‫الخل ِ‬
‫ْ‬
‫ي ليلة‬ ‫ة عل ّ‬ ‫كثروا من الصل ِ‬ ‫شرا ً (( ‪ )) .‬أ ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ه بها َ‬ ‫علي ِ‬
‫ة‬‫م معروض ٌ‬ ‫ن صلتك ْ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة ويوم الجمع ِ‬ ‫الجمع ِ‬
‫مت ؟! ‪-‬أي‬ ‫ض عليك صلُتنا وقد ْ أر ْ‬ ‫ي(( ‪ .‬قالوا ‪ :‬كيف ُتعر ُ‬ ‫عل ّ‬
‫ن تأكل‬ ‫ضأ ْ‬ ‫م على الر ِ‬ ‫ن الله حر ّ‬ ‫بليت‪ -‬قال‪)) :‬إ ّ‬
‫ن للذين يقتدون به ‪ ‬ويّتبعون النور‬ ‫ء(( ‪ .‬إ ّ‬ ‫أجساد النبيا ِ‬
‫ة‬
‫علوّ قدِره ورفع ِ‬ ‫ه نصيبا ً من انشراِح صدِره و ُ‬ ‫ل مع ُ‬ ‫الذي أ ُن ْزِ َ‬
‫ذكرهِ ‪.‬‬
‫ل ‪ ‬هي‬ ‫ل الصلةِ على الرسو ِ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬أكم ُ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫مد ٍ‬ ‫ل على محمدِ وعلى آل مح ّ‬ ‫ة ‪ :‬اللهم ص ّ‬ ‫الصلة ُ البراهيمي ُ‬
‫ك على‬ ‫كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ‪ ،‬وبار ْ‬
‫ل‬‫كت على إبراهيم وعلى آ ِ‬ ‫ل محمدٍ كما بار ْ‬ ‫محمد ٍ وعلى آ ِ‬
‫إبراهيم في العالمين ‪ .‬إنك حميد ٌ مجيد ٌ ‪.‬‬
‫م أغلى ما‬ ‫فأنت اليو َ‬ ‫نسينا في وداِدك‬
‫م وما‬ ‫ل َد َ‬
‫لناي َْناشرفا ً نل ُ‬ ‫م‬
‫على محب ِّتك ْ‬ ‫ل‬‫م غا ِ‬ ‫نل ّ‬
‫لُ‬
‫ُك ُ‬
‫****************************************‬ ‫علينا‬ ‫ويكفي‬
‫ل تحزن‬
‫‪175‬‬
‫ر‬
‫صدْ ِ‬
‫ة في ال ّ‬
‫سع ٌ‬
‫ة َ‬
‫دق ُ‬
‫ص َ‬
‫ال ّ‬
‫م‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ب السعادة ويزي ُ‬ ‫ل في عموم ِ ما يجل ُ‬ ‫ويدخ ُ‬
‫ر‬
‫ن ‪ ،‬من الصدقةِ والب ِّر ولسداِء َ الخي ِ‬ ‫ل الحسا ِ‬ ‫والكدر ‪ :‬فع ُ‬
‫قوا ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫صد ُْر ‪ ﴿ ،‬أن ِ‬ ‫سعُ بهِ ال ّ‬ ‫ن ما ُيو ّ‬ ‫ن أحس ِ‬ ‫ن هذا م ْ‬ ‫س ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫للنا ِ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫قا ِ‬ ‫صدّ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫صد ّ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫كم﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫قَنا ُ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫جّبتا ِ‬ ‫م برجلْين عليهما ُ‬ ‫ل والكري ُ‬ ‫وقد ْ وصف ‪ ‬البخي ُ‬
‫ة والد ّْرعُ‬ ‫سعُ عليه الجب ّ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬فتتو ّ‬ ‫م ُيعطي ويبذ ُ‬ ‫ل الكري ُ‬ ‫فل يزا ُ‬
‫ك ويمنعُ ‪،‬‬ ‫ل يمس ُ‬ ‫ل البخي ُ‬ ‫من الحديد ِ حتى يعُفوَ وأثُره ‪ ،‬ول يزا ُ‬
‫ل‬ ‫مث َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه!﴿ َ‬ ‫ه حتى تضيق عليهِ روح ُ‬ ‫فتتقّلص عليهِ ‪ ،‬فتخنق ُ‬
‫وت َث ِْبيتا ً‬ ‫َ‬
‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫غاء َ‬ ‫م اب ْت ِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وال َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن ُين ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ل َ‬ ‫فسهم ك َمث َل جن ّة بربو َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫فآت َ ْ‬ ‫واب ِ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫ةأ َ‬ ‫َ ِ َ ٍ ِ َ ْ َ ٍ‬ ‫ن أن ُ ِ ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫فطَ ّ‬ ‫ُ‬
‫ل ﴾ ‪ .‬وقال‬ ‫ل َ‬ ‫واب ِ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫فِإن ل ّ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫في ْ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫أك ُل َ َ‬
‫ك﴾‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫عن ُ ِ‬ ‫ة إ َِلى ُ‬ ‫غُلول َ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ي َدَ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ق‬
‫ن البخلء أضي ُ‬ ‫ل اليد ِ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫نغ ّ‬ ‫ل الروِح جزٌء م ْ‬ ‫نغ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ل اللهِ عّز وج ّ‬ ‫س صدورا ً وأخلقا ً ؛ لنهم بخُلوا بفض ِ‬ ‫النا ِ‬
‫ب للسعادةِ ‪،‬‬ ‫ن ما يعطونه الناس إنما هو جل ٌ‬ ‫ولو عملوا أ ّ‬
‫قْرضا ً‬ ‫ه َ‬ ‫ضوا الل ّ َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل الخي ّرِ ‪ِ ﴿ ،‬إن ت ُ ْ‬ ‫لسارعوا إلى هذا الفع ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ضا ِ‬ ‫سنا ً ي ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫من ُيوقَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وقال سبحانه وتعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ف ُ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فأ ُ‬
‫ن﴾‬ ‫قو َ‬ ‫م ُين ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬ ‫﴿‬ ‫‪،‬‬ ‫﴾‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫حو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫َ ْ‬
‫ة‬
‫ل عاري ٌ‬ ‫فالما ُ‬ ‫ه أعطاك فابذ ْ‬
‫ل‬ ‫الل ُ‬
‫ب‬‫لذ ُ ْ‬ ‫حايعُ‬ ‫نُريجررِ ّ‬ ‫والعم‬ ‫ه‬
‫عطيت ِ‬ ‫الما ُ‬ ‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫يأس ْ‬ ‫ن‬
‫كالماِء إ ْ‬ ‫ل‬
‫ل‬‫منه سلسا ُ‬ ‫ه‬
‫سواِقي ُ‬ ‫م‪:‬‬ ‫سُ‬ ‫تحبحات ْ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل‬
‫وُيحيي العظام البيض‬ ‫م الغيب‬ ‫أما والذي ل يعل ُ‬
‫م‬‫يو ُ‬ ‫مخافةرمي‬ ‫وهي‬ ‫غيره‬
‫م‬
‫ن ُيقال لئي ُ‬ ‫مٍ أ ْ‬ ‫ت أطوي البطن‬ ‫لقد ْ ُكن ُ‬
‫ن تستضيف له ضيوفا ً ‪ ،‬وأن‬ ‫الكريم يأمُر امرأته أ ْ‬ ‫يشتهى‬ ‫هذا‬ ‫ند ُ ُ‬ ‫والزا‬
‫إ ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫تنتظر رّواده ليأكلوا معه ‪ ،‬ويؤانسوهُ ليشرح صدره ُ ‪ ،‬يقو ُ‬
‫أكول ً فإني لس ُ‬
‫ت‬ ‫ت الزاد‬ ‫إذا ما صنع ِ‬
‫آكُله وحدي‬ ‫ه‬
‫فالتمسي ل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪176‬‬
‫ة‬
‫ن فلسفته الواضحة ‪ ،‬وهي معادل ٌ‬ ‫ل لها وهو يعل ُ‬ ‫م يقو ُ‬ ‫ث ّ‬
‫ة سافرةٌ ‪:‬‬ ‫حسابي ٌ‬
‫فيرضى فؤادي أو‬ ‫أريني كريما ً مات‬
‫داه ْ‬
‫مخل؟ ّ‬ ‫هيزيد ُ في عمربخيل ً‬
‫حين ِ‬ ‫ل‬
‫معُقب ِ‬
‫ص‬ ‫ل إنفاقُ ُ‬
‫ه ُينق ُ‬ ‫صاحِبه‬ ‫ِ‬ ‫الما ِ ِ‬
‫ل‬ ‫نْ‬
‫مج ْ‬
‫ل ِ‬
‫ه ْ‬
‫من أجِله ؟ ليس بصحيٍح ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ب‬
‫ل تغض ْ‬
‫عذْ ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ن ن َْز ٌ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫غن ّ َ‬ ‫ما َينَز َ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫﴿ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫أوصى ‪ ‬أحد أصحابه فقال ‪ )) :‬ل تغض ْ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬ل تغض ْ‬ ‫تغض ْ‬
‫ن يستعيذ باللهِ من‬ ‫ل عنده فأمره ُ ‪ ‬أ ْ‬ ‫وغضب رج ٌ‬
‫ن الرجيم ِ ‪.‬‬ ‫الشيطا ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫عوذُ ب ِ َ‬ ‫وأ َ ُ‬
‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫ضُرو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ب أن ي َ ْ‬ ‫ك َر ّ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن ت َذَك ُّروا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ف ّ‬ ‫طائ ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫قوا ْ إ ِ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ب ‪ ،‬وله‬ ‫حد ّةُ والغض ُ‬ ‫م والحزن ال ِ‬ ‫ث الك َد ََر واله ّ‬ ‫ما يورِ ُ‬ ‫نم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫أدواٌء عند المصطفى ‪. ‬‬
‫ب ‪﴿ ،‬‬ ‫ض ِ‬ ‫ك الغَ َ‬ ‫منها ‪ :‬مجاهدةُ الطبِع على تر ِ‬
‫ن﴾‬ ‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ضُبوا ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫ظ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ب جمرةٌ من النارِ ‪ ،‬والناُر‬ ‫ض َ‬ ‫ن الغَ َ‬ ‫ومنها ‪ :‬الوضوُء ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن (( ‪،‬‬ ‫يطفُئها الماُء ‪ )) ،‬الطهوُر شطُْر اليما ِ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫ح المؤم ِ‬ ‫)) الوضوءُ سل ُ‬
‫ومنها ‪ :‬إذا كان واقفا ً أن يجلس ‪ ،‬وإذا كان جالسا ً أن‬
‫يضطجع ‪.‬‬
‫ضب ‪.‬‬ ‫م إذا غ ِ‬ ‫ن يسكت فل يتكل ُ‬ ‫منها ‪ :‬أ ْ‬
‫ظهم ‪،‬‬ ‫ومنها أيضا ً ‪ :‬أن يتذكر ثواب الكاظمين لغي ِ‬
‫س المسامحين ‪.‬‬ ‫والعافين عن النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪177‬‬
‫***************************************‬
‫ي‬
‫وْردٌ صباح ّ‬
‫ِ‬
‫ل صباٍح ‪،‬‬‫م عليه ك ّ‬
‫وسوف أخبُرك بوْرد من الذكارِ تداو ُ‬
‫س‬
‫ن الن ِ‬‫ن شّر شياطي ِ‬ ‫ليجلب لك السعادة ‪ ،‬ويحفظك م ْ‬
‫مك حتى ُتمسي ‪.‬‬ ‫صما ً ِ‬
‫طيلة يو ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ويكون لك عا ِ‬
‫والج ّ‬
‫ت عنه ‪: ‬‬
‫ح ْ‬
‫ة ‪ ،‬وهي التي ص ّ‬
‫ه الدعي ِ‬
‫ن هذ ِ‬
‫م ْ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬والحمدُ لل ِ‬ ‫ك لل ِ‬‫‪ .1‬أصبحنا وأصبح المل ُ‬
‫ه المل ُ‬
‫ك‬ ‫ه‪،‬ل ُ‬ ‫حدَهُ ل شريك ل ُ‬ ‫و ْ‬‫ه َ‬
‫ول إله إل الل ُ‬
‫ب‬
‫ء قديٌر ‪ .‬ر ّ‬ ‫ل شي ٍ‬ ‫وله الحمدُ ‪ ،‬وهو على ك ّ‬
‫خي َْر ما‬ ‫ة‪،‬و َ‬ ‫خي َْر ما في هذه الليل ِ‬ ‫أسأُلك َ‬
‫ة وشّر‬ ‫ن شّر هذه الليل ِ‬ ‫بعدها ‪ ،‬وأعوذُ بك م ْ‬
‫ء‬
‫سو ِ‬ ‫لو ُ‬ ‫ب أعوذُ بك من الكس ِ‬ ‫ما بعدها ‪ ،‬ر ّ‬
‫ر‬‫ب في النا ِ‬ ‫ن عذا ٍ‬ ‫ب أعوذُ بك م ْ‬ ‫ر‪،‬ر ّ‬ ‫الكب ِ ِ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫ب في القب ِ‬ ‫وعذا ٍ‬
‫ة‬
‫ب والشهاد ِ‬ ‫م عالم الغي ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫وحدي ُ‬ ‫‪.2‬‬
‫ل شيء‬ ‫بك ّ‬ ‫ض‪،‬ر ّ‬ ‫ت والر ِ‬ ‫‪ ،‬فاطر السماوا ِ‬
‫ن ل إله إل أنت ‪ ،‬أعوذُ بك‬ ‫وملِيكه ‪ ،‬أشهدُ أ ْ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ن وشرك ِ‬ ‫ن شّر نفسي ‪ ،‬وشّر الشيطا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن أقترف على نفسي سوءا ً أو أجّره إلى‬ ‫وأ ْ‬
‫مسلم ٍ ((‪.‬‬
‫ه الذي ل يضّر مع‬ ‫ث ‪ )) :‬بسم ِ الل ِ‬ ‫‪ .3‬وحدي ُ‬
‫ء‪،‬‬ ‫ض ول في السما ِ‬ ‫مه شيءٌ في الر ِ‬ ‫اس ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫م (( ‪ .‬ثلث مرا ٍ‬ ‫ع العلي ُ‬ ‫وهو السمي ُ‬
‫د‬
‫دك وأشه ُ‬ ‫ت أشه ُ‬ ‫م إني أصبح ُ‬ ‫)) الله ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫قك أنك‬ ‫شك وملئكتك وجميع خل ِ‬ ‫حملة عر ِ‬
‫ه ل إله إل ّ أنت ‪ ،‬وحدك ل شريك‬ ‫أنت الل ُ‬
‫دك ورسوُلك‪ . (( ‬أربع‬ ‫ن محمدا ً عب ُ‬ ‫لك ‪ ،‬وأ ّ‬
‫مرات ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪178‬‬
‫ن أشرك بك شيئا ً‬ ‫م إني أعوذُ بك أ ْ‬ ‫‪)) .5‬الله ّ‬
‫م((‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬وأستغفُرك لما ل أعل ُ‬ ‫وأنا أعل ُ‬
‫ة السلم ِ ‪ ،‬وعلى‬ ‫طر ِ‬ ‫ف ْ‬‫‪ )) .6‬أصبحنا على ِ‬
‫د ‪،‬‬ ‫ن نبّينا محم ٍ‬ ‫ص ‪ ،‬وعلى دي ِ‬ ‫ة الخل ِ‬ ‫كلم ِ‬
‫ة أبينا إبراهيم حنيفا ً مسلما ً وما‬ ‫وعلى مل ّ ِ‬
‫كان من المشركين (( ‪.‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫ق ِ‬ ‫خل ْ ِ‬‫عدَدَ َ‬‫ه‪َ :‬‬ ‫ه وبحمد ِ‬ ‫‪ )) .7‬سبحان الل ِ‬
‫ه ((‬ ‫مداد كلمات ِ ِ‬ ‫ه‪،‬و ِ‬ ‫ش ِ‬‫زنه عر ِ‬ ‫ه‪،‬و ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ورضا نف ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫‪ .‬ثلث مرا ٍ‬
‫ه َرب ّا ً ‪ ،‬وبالسلم دينا ً ‪،‬‬ ‫ت بالل ِ‬ ‫‪ )) .8‬رضي ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫د ‪ ‬نبيا ً (( ‪ .‬ثلث مرا ٍ‬ ‫وبمحم ٍ‬
‫ن شُر ما‬ ‫تم ْ‬ ‫ما ِ‬‫ه التا ّ‬ ‫ت الل ِ‬ ‫‪ )) .9‬أعوذُ بكلما ِ‬
‫ق (( ‪ .‬ثلثا ً في المساء ‪.‬‬ ‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫حنا ‪ ،‬وبك أمسنا ‪ ،‬وبك‬ ‫م بك أصب ْ‬ ‫‪ )) .10‬الله ّ‬
‫ت ‪ ،‬وإليك النشوُر (( ‪.‬‬ ‫حيا ‪ ،‬وبك نمو ُ‬ ‫ن ْ‬
‫ه‬
‫ه‪،‬ل ُ‬ ‫ه وحده ل شريك ل ُ‬ ‫‪ )) .11‬ل إله إل الل ُ‬
‫ء قديٌر‬ ‫ل شي ٍ‬ ‫مدُ ‪ ،‬وهو على ك ّ‬ ‫ه الح ْ‬ ‫ك ول ُ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ال ُ‬
‫(( ‪ .‬مائة مرة ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫وقفـــة‬
‫ن‬‫ن القّيم ‪ )) :‬أجمع العارفون بالله على أ ّ‬ ‫ل اب ُ‬‫يقو ُ‬
‫سك ‪ ،‬وُيخّلي بينك وبينها ‪.‬‬ ‫ه على نف ِ‬ ‫ن يكلك الل ُ‬ ‫ذلن ‪ :‬أ ْ‬ ‫خ ْ‬
‫ال ِ‬
‫سك ‪.‬‬‫ه إلى نف ِ‬‫كلك الل ُ‬ ‫نلي ِ‬ ‫والتوفيقُ أ ْ‬
‫ل العبد ُ في‬ ‫فالعبيد ُ متقّلبون بين توفيقهِ وخذلن ِهِ ‪ ،‬ب ِ‬
‫ن هذا وهذا ‪ ،‬فيطيعهِ وُيرضيهِ ‪،‬‬ ‫ل نصيبه م ْ‬ ‫الساعةِ الواحدةِ ينا ُ‬
‫طه‬‫خ ُ‬ ‫س ِ‬‫ويذكُره ويشكُره بتوفيِقه له ‪ ،‬ثم يعصيهِ ويخالُفه ‪ ،‬وي ُ ْ‬
‫خ ْ‬
‫ذلن ِهِ ‪.‬‬ ‫ل عنه بخذلن ِهِ له ‪ ،‬فهو دائٌر بين توفيِقه و ِ‬ ‫ويغف ُ‬
‫دة‬ ‫ش ّ‬
‫فمتى شِهد العبد ُ هذا المشهد وأعطاهُ حّقه ‪ ،‬عِلم ِ‬
‫ة‬
‫ل لحظ ٍ‬ ‫س وك ّ‬ ‫ل ن ََف ٍ‬‫ضرورِته وحاجِته إلى التوفيق في ك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪179‬‬
‫ن إيمانه وتوحيده بيدِهِ تعالى ‪ ،‬لو تخّلى عنه‬ ‫ن ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫وطْرفةِ عي ْ ٍ‬
‫ت سماُء إيمان ِهِ على‬
‫خّر ْ‬
‫ده ‪ ،‬ول َ‬
‫ش توحي ِ‬
‫ل عَْر ُ‬ ‫ن ل َث ُ ّ‬‫طرفة عي ٍ‬
‫ن تقع‬
‫ن يمسك السماء أ ْ‬ ‫ن الممسك له ‪ :‬هو م ْ‬ ‫ض ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫الر ِ‬
‫ض إل بإذن ِهِ (( ‪.‬‬ ‫على الر ِ‬
‫*****************************************‬
‫ب المبار ُ‬
‫ك‬ ‫ن ‪ ..‬الكتا ُ‬
‫القرآ ُ‬
‫ه‬
‫ب الل ِ‬ ‫ب السعادةِ وانشراِح الصدرِ قراءة ُ كتا ِ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ف كتابه بأنه هدىً ونوٌر‬ ‫ص َ‬ ‫ن الله وَ َ‬ ‫ل ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ن وتأ ّ‬ ‫بتدب ّرٍ وتمعّ ٍ‬
‫كم‬ ‫جاءت ْ ُ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ة‪َ ﴿ ،‬‬ ‫وشفاٌء لما في الصدوِر‪ ،‬ووصفه بأنه رحم ٌ‬
‫فَل‬ ‫ر ﴾ ‪ ﴿ ،‬أَ َ‬ ‫ِ‬ ‫دو‬ ‫ص ُ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫فاء ل ّ َ‬ ‫ش َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فل َ‬ ‫ها﴾ ‪﴿ ،‬أ َ‬ ‫فال ُ َ‬ ‫ق َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫قُلو ٍ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫دوا ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫د َ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫ك‬ ‫مَباَر ٌ‬ ‫ك ُ‬ ‫ب َأنَزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ‬ ‫لفا ً ك َِثيرا ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك َِتا ٌ‬ ‫خت ِ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ل ّي َدّب ُّروا آَيات ِ ِ‬
‫ل به ‪،‬‬ ‫ك في تلوت ِهِ ‪ ،‬والعم ِ‬ ‫ل العِل ْم ِ ‪ :‬مبار ٌ‬ ‫ض أه ِ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ط منه ‪.‬‬ ‫مه والستنبا ِ‬ ‫وتحكي ِ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ه إل الل ُ‬ ‫م ل يعلم ُ‬ ‫ت بغ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫وقال أحد ُ الصالحين ‪ :‬أحس ْ‬
‫ت أتلو ‪ ،‬فزال عني –‬ ‫ت المصحف وبقي ُ‬ ‫م مقيم ٍ ‪ ،‬فأخذ ُ‬ ‫وبه ّ‬
‫ه سرورا ً وحبورا ً مكان‬ ‫م ‪ ،‬وأبدلني الل ُ‬ ‫والله – فجأةً هذا الغ ّ‬
‫َ‬
‫م﴾‪،‬‬ ‫و ُ‬ ‫ق َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دي ل ِل ِّتي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن يِ ْ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫هـ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذلك الكدرِ ‪ ﴿ .‬إ ِ ّ‬
‫سل َم ِ ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫ل ال ّ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬‫ن ات ّب َ َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ه َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫﴿ يَ ْ‬
‫َ‬ ‫وك َذَل ِ َ َ‬
‫رَنا ﴾ ‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُروحا ً ّ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫َ‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫ص على الشهر ِ‬ ‫ل تحر ْ‬
‫م‬
‫ر واله ّ‬‫ة من الكد ِ‬‫ن لها ضريب ً‬
‫فإ ّ‬
‫م‬
‫والغ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪180‬‬
‫ت القلب ويكد ُّر صفاءه واستقراره وهدوءه ‪:‬‬ ‫مما يشت ُ‬
‫س ‪َ ﴿ ،‬ل‬ ‫ب رضا النا ِ‬ ‫ص على الظهورِ والشهرةِ ‪ ،‬وطل ِ‬ ‫الحر ُ‬
‫سادا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫وَل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وا ً ِ‬
‫ف َ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫عل ُ ّ‬‫ن ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫دهم بالمقاب ِ‬ ‫ولذلك قال أح ُ‬
‫ت طاويا ً منها‬ ‫ولم يب ْ‬ ‫ن أخمل النفس‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ترمي سوى‬ ‫ر‬
‫فليسضج ِ‬ ‫على‬ ‫ت‬‫وحهااشتد ّ ْ‬ ‫أحياها ور‬
‫الرياح ّإذا‬ ‫ن‬
‫إ ّ‬
‫ر‬
‫الشج ِ‬ ‫ن‬
‫العالينم َ‬ ‫عواصُفها‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫وم‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫راءى‬ ‫راءى‬ ‫ن‬
‫))م ْ‬
‫َ‬
‫ما‬‫دوا ْ ب ِ َ‬ ‫م ُ‬
‫ح َ‬ ‫ن أن ي ُ ْ‬ ‫حّبو َ‬ ‫وي ُ ِ‬‫س﴾‪ّ ﴿،‬‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫ه(( ‪ ﴿ .‬ي َُرآ ُ‬ ‫ب ِ‬
‫هم‬‫ر ِ‬ ‫من ِدَيا ِ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫كال ّ ِ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬‫عُلوا ْ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ف َ‬ ‫م يَ ْ‬‫لَ ْ‬
‫رَئاء الّنا ِ‬
‫س﴾‪.‬‬ ‫و ِ‬‫طرا ً َ‬ ‫بَ َ‬
‫ه‬
‫فإذا الْتحْفت ب ِ‬ ‫ف‬
‫ش ّ‬ ‫ب الرياِء ي ِ‬ ‫ثو ُ‬
‫فإّنك عاري‬
‫***********************************‬ ‫ه‬
‫ما تحت ُ‬ ‫ع ّ‬
‫ة‬
‫الحياةُ الطيب ُ‬
‫ب‬ ‫ن أعظم هذه السبا ِ‬ ‫من القضايا الكبرى المسّلمةِ أ ّ‬
‫ب‬
‫ن باللهِ ر ّ‬ ‫ب السعادةِ هو اليما ُ‬ ‫التي أكتُبها هنا في جل ِ‬
‫ت والفوائد التي‬ ‫ن السباب الخرى والمعلوما ِ‬ ‫العالمين ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن باللهِ ‪،‬‬ ‫اليما‬ ‫على‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫يحص‬ ‫ولم‬ ‫ص‬ ‫لشخ‬ ‫ت‬ ‫أهدي‬ ‫جمعت إذا ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ب‬‫ن تنفعه أبدا ً ‪ ،‬ول تفيده ‪ ،‬ول يتع ْ‬ ‫حْز ذلك الكْنز ‪ ،‬فل ْ‬ ‫ولم ي ُ‬
‫ث عنها ‪.‬‬ ‫نفسه في البح ِ‬
‫ن باللهِ رب ّا ً ‪ ،‬وبمحمدٍ نبي ّا ً ‪ ،‬وبالسلم دينا ً‬ ‫ن الصل اليما ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ِ‬
‫‪.‬‬
‫ل الشاعُر ‪:‬‬ ‫ل إقبا ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫وأرى المؤمن كونا ً‬ ‫ن له‬ ‫إنما الكافُر حيرا ُ‬
‫ت الفاقُ فِيه‬ ‫تاه ِ‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫الفاقُ ِتي‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ذلك و أصدقُ ‪ ،‬قول رّبنا سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫وأعظ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫فل َن ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬
‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫و أنَثى َ‬ ‫رأ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫من ذَك َ‬ ‫صاِلحا ً ّ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫هم بأ َ‬ ‫ة ول َن َجزين ّهم أ َ‬
‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً َ ْ ِ َ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫يَ ْ‬
‫وهناك شرطان ‪:‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪181‬‬
‫مُنوا‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫ح ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬
‫ل الصال ُ‬ ‫م العم ُ‬ ‫ن باللهِ ‪ ،‬ث ّ‬
‫اليما ُ‬
‫ودّا ً ﴾ ‪.‬‬‫ن ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫م الّر ْ‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ع ُ‬
‫ج َ‬‫سي َ ْ‬
‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫وهناك فائدتان ‪:‬‬
‫م عند‬ ‫ة في الدنيا والخرةِ ‪ ،‬والجُر العظي ُ‬ ‫الحياةُ الطيب ُ‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حيا ِ‬ ‫م ال ْب ُ ْ‬
‫شَرى ِ‬ ‫ه وتعالى ﴿ ل َ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫اللهِ سبحان ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬‫و ِ‬
‫َ‬
‫********************************‬

‫حك‬
‫البلءُ في صال ِ‬
‫ث ‪ ،‬ففي‬‫ث بالكوار ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ول تكتر ْ‬‫ل تجزعْ من المصائ ِ‬
‫ب قوما ً ابتلهم ‪ ،‬فم ُ‬
‫ن‬ ‫ث ‪ )) :‬إن الله إذا أح ّ‬‫الحدي ِ‬
‫ه السخ ُ‬
‫ط (( ‪.‬‬ ‫فل َ ُ‬‫ن سخط َ‬ ‫ه الرضا ‪ ،‬وم ْ‬ ‫رضي فل ُ‬
‫**************************************‬
‫ن والتسليم ِ‬
‫ة الذعا ِ‬
‫عبودي ُ‬
‫﴿‬ ‫ن ترضى بالقدرِ خيرهِ وشّرهِ ‪،‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن لوازم ِ اليما ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ق ٍ‬ ‫ون َ ْ‬
‫ع َ‬ ‫جو ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خو ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ء ّ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬‫َ‬
‫والن ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ن﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫والث ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال َ‬
‫ت على رغباِتنا دائما ً وإنما بقصوِرنا ل نعر ُ‬
‫ف‬ ‫القدار ليس ْ‬
‫سنا في مقام ِ القتراِح ‪،‬‬ ‫الختيار في القضاِء والقدرِ ‪ ،‬فل ْ‬
‫ولكننا في مقام ِ العبودي ّةِ والتسليم ِ ‪.‬‬
‫ك‬‫ع ُ‬ ‫ك كما ُيو َ‬ ‫ُيبتلى العبد ُ على قدرِ إيمانه ‪ُ )) ،‬أوع ُ‬
‫م‬‫س بلءً النبياءُ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ِ‬ ‫م (( ‪ )) ،‬أشدّ النا‬ ‫رجلن منك ْ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫عْزم ِ ِ‬ ‫وُلوا ال ْ َ‬ ‫صب ََر أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫الصالحون (( ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ه (( ‪﴿ ،‬‬ ‫ب من ُ‬ ‫ه خيرا ً يص ْ‬ ‫هب ِ‬ ‫من يرِد الل ُ‬ ‫ل ﴾ ‪َ )) ،‬‬ ‫س ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫عل َ َ‬
‫حّتى ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬
‫قب ْل ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫فت َّنا ال ّ ِ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ول َ َ‬‫م ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫خَباَرك ُ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ون َب ْل ُ َ‬ ‫َ‬
‫****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪182‬‬
‫من المارة إلى النجارة‬
‫ِ‬
‫ن خليفة – كان‬ ‫ن المأمون العباسي – أميٌر واب ُ‬ ‫يب ُ‬ ‫عل ّ‬
‫سرةٌ ‪ ،‬فأط ّ‬
‫ل‬ ‫ة مي ّ‬ ‫ن قصرا ً فخما ً ‪ ،‬وعندهُ الدنيا مبذول ٌ‬ ‫يسك ُ‬
‫ة النهارِ ‪،‬‬ ‫طيل َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن شرفةِ القصرِ ‪ ،‬فرأى عامل ً يكد ُ‬ ‫ذات يوم ٍ م ْ‬
‫ضأ وصّلى ركعتين على شاطئ ِدجلة ‪،‬‬ ‫فإذا أضحى النهاُر تو ّ‬
‫ً‬
‫ب ذهب إلى أهِله ‪ُ ،‬فدعاهُ يوما من اليام ِ‬ ‫فإذا اقترب الغرو ُ‬
‫ن ‪ ،‬وأنه ل‬ ‫ح عليه ّ‬ ‫ما ً يكد ُ‬ ‫ة وأختين وأ ّ‬ ‫ه فأخبره أن له زوج ً‬ ‫فسأل ُ‬
‫ل‬‫مك ّ‬ ‫ق ‪ ،‬وأنه يصو ُ‬ ‫ه ول دخل إل ما يتكسُبه من السو ِ‬ ‫قوت ل ُ‬
‫ل تشكو‬ ‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فه ْ‬ ‫ب على ما يحص ُ‬ ‫يوم ٍ وُيفطُر مع الغرو ِ‬
‫ب العالمين ‪ .‬فترك القصر‬ ‫ن شيٍء ؟ قال ‪ :‬ل والحمد ُ للهِ ر ّ‬ ‫م ْ‬
‫‪ ،‬وترك المارة ‪ ،‬وهام على وجههِ ‪ ،‬وُوجد ميتا ً بعد سنوا ٍ‬
‫ت‬
‫ه وجد‬ ‫ل في الخشب جهة خرسان ؛ لن ُ‬ ‫عديدةٍ وكان يعم ُ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫دها في القصرِ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫السعادة في عمِله هذا ‪ ،‬ولم يج ْ‬
‫م ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ُ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وآَتا ُ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫وا َزادَ ُ‬ ‫هت َدَ ْ‬‫ا ْ‬
‫ف ‪ ،‬الذين كانوا في‬ ‫كرني هذه بقصةِ أصحاب الكه ِ‬ ‫يذ ّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫دوا الضيقَ ‪ ،‬ووجدوا التشت ّ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فوج ُ‬ ‫القصور مع المل ِ‬
‫ن القصر ‪ ،‬فذهبوا ‪،‬‬ ‫ن الكفر يسك ُ‬ ‫ب؛ل ّ‬ ‫ووجدوا الضطرا َ‬
‫وقال قائُلهم ‪ْ َ ﴿ :‬‬
‫من‬ ‫كم ّ‬ ‫م َرب ّ ُ‬ ‫شْر ل َك ُ ْ‬ ‫ف َين ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ووا إ َِلى ال ْك َ ْ‬ ‫فأ ُ‬
‫فقا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫مْر َ‬ ‫كم‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫كم من أ َ‬ ‫ئ لَ ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ ْ ْ ِ‬ ‫هي ّ ْ‬ ‫ّرحمته وي ُ َ‬
‫ر‬
‫ص ٍ‬ ‫نق ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫أح ّ‬ ‫ح‬
‫ت تخفقُ الريا ُ‬ ‫لبي ٌ‬
‫ف‬ ‫مني ِ‬
‫‪...‬‬ ‫ن‬‫ب ميدا ُ‬ ‫ط مع الحبا ِ‬ ‫خيا ِ‬ ‫هِ‬
‫مفيال ِ‬
‫س ّ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ،‬ومع‬ ‫ب واليما ِ‬ ‫ل الضّيق مع الح ّ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أن المح ّ‬
‫ف الدار‬ ‫ل الكثير ‪)) ،‬جفاُننا لضيو ِ‬ ‫م ُ‬ ‫المود ّةِ يّتسعُ ويتح ّ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫أجفا ُ‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫د مجالس ُ‬
‫ر والنك ِ‬‫ب الكد ِ‬
‫ن أسبا ِ‬
‫م ْ‬
‫ء‬
‫الثقل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪183‬‬
‫ل ‪ :‬الحمقى ‪ .‬وقيل‬ ‫ل البدِع ‪ .‬وقي َ‬ ‫قال أحمد ُ ‪ :‬الثقلُء أه ُ‬
‫ب ‪ ،‬البارد ُ في‬ ‫ف في المشر ِ‬ ‫ن الطبِع ‪ ،‬المخال ُ‬ ‫ل ‪ :‬هو ثخي ُ‬ ‫الثقي ُ‬
‫سن ّدَةٌ ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل َ ي َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫كا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ش ٌ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫تصرفاِته ‪ ﴿ ،‬ك َأن ّ ُ‬
‫ديثا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬
‫نأ ّ‬ ‫ي فأظ ّ‬ ‫س إل ّ‬ ‫ن الثقيل ليجل ُ‬ ‫م‪:‬إ ّ‬ ‫ي عنه ْ‬ ‫قال الشافع ّ‬
‫ل في الجهةِ التي هو فيها‪.‬‬ ‫الرض تمي ُ‬
‫عّنا‬‫ف َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ش إذا رأى ثقيل ً ‪ ،‬قال ‪َ ﴿ :‬رب َّنا اك ْ ِ‬ ‫وكان العم ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب إ ِّنا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‬
‫ل وأحل ُ‬ ‫م الِبغا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ل بأس بالقوم ِ ِ‬
‫ر‬
‫ِ‬ ‫العصافي‬ ‫ر‬
‫ٍ‬ ‫ن ِقص‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫لو‬ ‫ٍ‬ ‫طو‬‫ُ‬
‫ة الثقلِء‬ ‫ن تيمية إذا جالس ثقيل ‪ ،‬قال ‪ :‬مجالس ُ‬ ‫ً‬ ‫وكان اب ُ‬
‫َ‬
‫في آَيات َِنا‬ ‫ن ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫خو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ال ّ ِ‬ ‫ذا َرأي ْ َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫مى الرب ِْع‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ح ّ‬
‫فأ َ‬
‫ل‬‫م﴾ ‪)) .‬مث ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬‫ق ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫م ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ل النا ِ‬ ‫من اثق ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ر(( ‪ .‬إ ّ‬ ‫ئ كنافخ الكي ِ‬ ‫س السي ّ ِ‬ ‫الجلي ِ‬
‫ل‪ ،‬الواقف‬ ‫مث ُ ِ‬ ‫ل الصغير في ال ُ‬ ‫ب العرِيّ من الفضائ ِ‬ ‫على القلو ِ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬‫ق ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫على شهواِته ‪ ،‬المستسلم لرغباِته‪َ ﴿ ،‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫مث ْل ُ ُ‬ ‫م ِإذا ً ّ‬ ‫ه إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ث َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫في َ‬ ‫ضوا ْ ِ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ن‬‫أنت في المنظرِ إنسا ٌ‬ ‫ل‬‫ل وثقي ٌ‬ ‫أنت يا هذا ثقي ٌ‬
‫جسمك ‪،‬‬ ‫ل‬‫الميزانلهِفي ْ‬ ‫وفي‪ ،‬فسّلم‬ ‫ل‬‫ن القيم ِ ‪ :‬إذا ابُتليت بثقي ٍ‬ ‫لاب ُ‬ ‫قال ْ‬‫وثقي‬
‫ماء ‪،‬‬ ‫كه أذنا ً ص ّ‬ ‫ه وسافْر ‪ ،‬ومل ّ ْ‬ ‫ل عن ُ‬ ‫حك ‪ ،‬وانتق ْ‬ ‫وهاجْر برو ِ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وَل ت ُطِ ْ‬ ‫ه بينك وبينه ‪َ ﴿ .‬‬ ‫وعْينا ً عمياَء ‪ ،‬حتى يفتح الل ُ‬
‫فُرطا ً‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫مُرهُ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫واهُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع َ‬ ‫وات ّب َ َ‬ ‫رَنا َ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫فل َْنا َ‬ ‫غ َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ب‬
‫ل المصائ ِ‬
‫إلى أه ِ‬
‫ه من‬ ‫ت صفي ّ ُ‬
‫ن قبض ُ‬‫ث الصحيِح ‪ )) :‬م ْ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫ه منه الجنة (( ‪ .‬رواه‬
‫ه عوضت ُ‬ ‫سب َ ُ‬
‫حت َ َ‬
‫ما ْ‬‫ل الدُْنيا ث ّ‬
‫أه ِ‬
‫البخاري ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪184‬‬
‫فأنت اليوم أوع ُ‬
‫ظ‬ ‫ت في حياِتك‬ ‫وكان ْ‬
‫منك حي ّا ً‬ ‫تالصحيح ‪ )) :‬من‬
‫ه ) أي‬ ‫ابتليُته بحبيبتي ْ ِ‬ ‫ثٌ‬ ‫عظا ِ‬ ‫وفيليالحدي‬
‫مى‬ ‫ع َ‬‫ها َل ت َ ْ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ه ( عوضُته منهما الجنة (( ‪َ ﴿ .‬‬ ‫عيني ْ ِ‬
‫ب ال ِّتي ِ‬ ‫قُلو ُ‬ ‫مى ال ْ ُ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫كن ت َ ْ‬ ‫صاُر َ‬ ‫اْلب ْ َ‬
‫ل – إذا‬ ‫ن الله – عّز وج ّ‬ ‫ث صحيٍح ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫ة ‪ :‬قبضُتم ابن‬ ‫ن قال للملئك ِ‬ ‫د المؤم ِ‬ ‫قبض ابن العب ِ‬
‫م ثمرة‬ ‫م ‪ .‬قال ‪ :‬قبضُته ْ‬ ‫ن ؟ قاُلوا ‪ :‬نع ْ‬ ‫عبدي المؤم ِ‬
‫فؤاِده ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬ماذا قال عبدي ؟ قالوا‬
‫ع ‪ .‬قال ‪ :‬اب ُْنوا لعبدي بيتا ً في‬ ‫ج َ‬ ‫ك واستر َ‬ ‫مد َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫‪َ :‬‬
‫د (( ‪ .‬رواه الترمذي ‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت ال َ‬ ‫موه ب َي ْ َ‬ ‫ة ‪ ،‬وس ّ‬ ‫الجن ِ‬
‫رضوا‬ ‫م قُ ِ‬ ‫س يوم القيامةِ أّنه ْ‬ ‫وفي الثرِ ‪ :‬يتمّنى أنا ٌ‬
‫ب المصابين ‪﴿ .‬‬ ‫عقبى وثوا ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما يرْون م ْ‬ ‫ض‪،‬ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالمقار‬
‫َ‬
‫م‬‫سل َ ٌ‬ ‫ب﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫هم ب ِ َ‬ ‫جَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫صاب ُِرو َ‬ ‫فى ال ّ‬ ‫و ّ‬‫ما ي ُ َ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫برا ً ﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫ص ْ‬‫عل َي َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ﴾ ‪َ ﴿ ،‬رب َّنا أ َ ْ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫عدَ الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ك إ ِل ّ ِبالل ّ ِ‬ ‫صب ُْر َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ق﴾‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫عظم ِ البلِء ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م الجزاِء م ْ‬ ‫عظ َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن‬‫ه الّرضا ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن رضي فل ُ‬ ‫م ‪ ،‬فم ْ‬ ‫ب قوما ً ابتله ْ‬ ‫الله إذا أح ّ‬
‫ط (( ‪ .‬رواه الترمذي ‪.‬‬ ‫خط فُله السخ ُ‬ ‫س ِ‬
‫ل ‪ :‬الصبَر والقدَر والجَر ‪ ،‬وليعلم ِ‬ ‫ب مسائ َ‬ ‫ن في المصائ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن الذي سلب هو‬ ‫ن الذي أخذ هو الذي أعطى ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫العبد ُ ا ّ‬
‫ت إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ماَنا ِ‬ ‫دوا ْ ال َ‬ ‫م أن ُتؤ ّ‬ ‫مُرك ُ ْ‬ ‫ه ي َأ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫الذي منح‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫هل ِ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن ُترد ّ‬ ‫ولبد ّ يوما ً أ ْ‬ ‫ل والهلون‬ ‫وما الما ُ‬
‫************************************‬ ‫الودائعُ‬ ‫ة‬
‫إل وِديع ٌ‬
‫مشاهد التوحيد‬
‫ل الذى من‬
‫ن مشاهد ِ التوحيدِ عند الذي ّةِ ) استقبا ِ‬ ‫نم ْ‬‫إ ّ‬
‫س ( أمورا ً ‪:‬‬‫النا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪185‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫و ‪ :‬وهو مشهد ُ سلمةِ القل ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫أوُلها مشهدُ ال َ‬
‫ة زائدةٌ ‪.‬‬ ‫ب الخيرِ وهي درج ٌ‬ ‫ن آذاك ‪ ،‬وح ّ‬ ‫وصفائهِ ونقاِئه لم ْ‬
‫م ‪ ،‬فهي‬ ‫خي ْرِ والّنفِع له ‪ ،‬وهي درجة أعلى وأعظ ُ‬ ‫ل ال َ‬ ‫وإيصا ُ‬
‫م العفو ‪،‬‬ ‫ن آذاك ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ن ل ُتؤذي م ْ‬ ‫ظ ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬ ‫تبدأ بكظ ْم ِ الغَي ْ ِ‬
‫ن‬
‫ن ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬ ‫ه ‪ .‬والحسا ِ‬ ‫ن تغفَر له زّلت ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن تسامح ُ‬ ‫وهو أ ْ‬
‫ن‬‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫تبادله مكان الساءةِ منه إحسانا ً منك ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ن﴾‪،‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن َالّنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ظ َ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فا وأ َ‬
‫فوا‬ ‫ع ُ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫﴿‬ ‫‪،‬‬ ‫﴾‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع َ َ ْ‬
‫ص‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬
‫حوا ﴾ ‪.‬‬ ‫ف ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫لم ْ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ن الله أمرني أ ْ‬ ‫وفي الثرِ ‪ )) :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ن أعطي م ْ‬ ‫ن ظلمِني وأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن أعفو ع ّ‬ ‫قطعني ‪ ،‬وأ ْ‬
‫مِني (( ‪.‬‬ ‫حَر َ‬ ‫َ‬
‫ن تعلم أنه ما آذاك إل بقضاٍء‬ ‫ء ‪ :‬وهي أ ْ‬ ‫ومشهدُ القضا ِ‬
‫ن المقدر‬ ‫ب ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ب من السبا ِ‬ ‫ن العبد سب ٌ‬ ‫من اللهِ وقَد َرٍ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ذعن لمولك ‪.‬‬ ‫م وت ُ ْ‬ ‫ه ‪ ،‬فتسل ّ َ‬ ‫والقاضي هو الل ُ‬
‫ن‬
‫ن هذا الذى كفارةٌ م ْ‬ ‫ة ‪ :‬وهي أ ّ‬ ‫ومشهدُ الكفار ِ‬
‫ة لدرجاِتك ‪﴿ ،‬‬ ‫ن سيئاِتك ‪ ،‬ومحوٌ لزل ِّتك ‪ ،‬ورفع ٌ‬ ‫طم ْ‬ ‫ذنوبك وح ّ‬
‫في‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫وُأو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫من ِدَيا ِ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬‫وأ ُ ْ‬ ‫جُروا ْ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫فَر ّ‬ ‫قت ُِلوا ْ ل ُك َ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫قات َُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫سِبيِلي َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫من الحكمةِ التي يؤتاها كثيٌر من المؤمنين ‪ ،‬ن َْزعُ فتي ِ‬
‫َ‬
‫ذي ب َي ْن َ َ‬
‫ك‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫العداوةِ ‪ ﴿ ،‬ادْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مم ْ‬ ‫م ﴾ ‪ )) ،‬المسل ُ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫وةٌ ك َأن ّ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ن لساِنه ويد ِ‬ ‫سِلم المسلمون م ْ‬
‫ق‬
‫ن آذاك ب ِِبشر وبكلمةٍ لينةٍ ‪ ،‬وبوجهٍ طلي ٍ‬ ‫أيْ ‪ :‬أن ت َل َْقى م ْ‬
‫قل‬ ‫و ُ‬ ‫مة ﴿ َ‬ ‫ه أتون العداوةِ ‪ ،‬وتطفئ نار الخصو ِ‬ ‫‪ ،‬لتنزع من ُ‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن َينَز ُ‬
‫غ‬ ‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوُلوا ْ ال ِّتي ِ‬ ‫عَباِدي ي َ ُ‬ ‫لّ ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫ة وعليها‬ ‫صحيف ٌ‬ ‫ن‬
‫شرِ إ ّ‬ ‫كن رّيق الب ِ ْ‬ ‫ٌ‬
‫ن‪:‬‬ ‫يؤذيك ُ‬ ‫نُر عنوا‬ ‫شْ‬ ‫أذىب ِم ْ‬
‫هالتوحيدِ في ال‬ ‫شيمد ِت ُ ُ‬ ‫مشاه‬ ‫حّر‬ ‫نُ‬ ‫ومال ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪186‬‬
‫ن هذا لم ُيسل ّ ِ‬
‫ط‬ ‫س ‪ :‬وهو ا ّ‬ ‫النف ِ‬ ‫مشهد ُ معرفةِ تقصيرِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قدْ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ب منك أنت ‪﴿ ،‬أ َ‬ ‫عليك إل بذنو ٍ‬
‫د‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ذا‬ ‫هـ‬ ‫َ‬ ‫نى‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫تم‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫َ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫ت‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما أ َ‬ ‫و َ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫َ‬
‫م ﴾‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫أي ْ ِ‬
‫ه‬
‫م ‪ ،‬وهو مشهد ٌ تحمد ُ الله علي ِ‬ ‫وهناك مشهد ٌ عظي ٌ‬
‫ن جعلك مظلوما ً ل ظالما ً ‪.‬‬ ‫وتشكُره ‪ ،‬وهو ‪ :‬أ ْ‬
‫م اجعْلني مظلوما ً ل‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ف كان يقو ُ‬ ‫ض السل ِ‬ ‫وبع ُ‬
‫ت‬ ‫سط َ‬ ‫ي آدم ‪ ،‬إذ قال خيُرهما ‪ ﴿ :‬ل َِئن ب َ َ‬ ‫ظالما ً ‪ .‬وهذا كابن ْ ْ‬
‫قت ُل َ َ‬ ‫ك َل َ ْ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫د َ‬ ‫ط يَ ِ‬ ‫س ٍ‬ ‫ما أن َا ْ ب َِبا ِ‬ ‫قت ُل َِني َ‬ ‫ك ل ِت َ ْ‬ ‫ي ي َدَ َ‬ ‫ّ‬ ‫إ ِل َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ف الل ّ َ‬ ‫خا ُ‬ ‫إ ِّني أ َ َ‬
‫ف آخُر ‪ ،‬وهو ‪ :‬مشهد ُ الرحمةِ وهو ‪:‬‬ ‫وهناك مشهد ٌ لطي ٌ‬
‫ن إصراره على‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ه يستحقّ الرحم َ‬ ‫ن آذاك ‪ ،‬فإن ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫ح َ‬ ‫إن تْر َ‬
‫الذى ‪ ،‬وجرأته على مجاهرةِ اللهِ بأذيةِ مسلم ٍ ‪ :‬يستحقّ أن‬
‫ن تنقذه من هذا ‪ )) ،‬انصْر أخاك‬ ‫ه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن تر َ‬ ‫ه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ترقّ ل ُ‬
‫ظالما ً أو مظلوما ً (( ‪.‬‬
‫ضهِ وفي ابنت ِهِ عائشة ‪،‬‬ ‫عْر ِ‬ ‫ح أبا بكرٍ في ِ‬ ‫سط َ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ما آذى ِ‬ ‫ول ّ‬
‫ح ‪ ،‬وكان فقيرا ً ينفقُ عليه‬ ‫مسط ٍ‬ ‫حلف أبو بكرٍ ل ينفقُ على‬
‫وُلوا ال ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫وَل ي َأت َ ِ‬ ‫ه‪َ ﴿:‬‬ ‫أبو بكرٍ ‪ ،‬فأنزل الل ُ‬
‫ُ‬ ‫والسعة َ‬
‫ن‬
‫كي َ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫بى‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫توا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ؤ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ّ َ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫حوا ألَ‬ ‫ص َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ف ُ‬ ‫ولي َ ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫ولي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب أن‬ ‫ح ّ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬قال أبو بكرٍ ‪ :‬بلى أ ِ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫فَر الل ّ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن أن ي َ ْ‬ ‫حّبو َ‬ ‫تُ ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه لي ‪ .‬فأعاد له النفقة وعفا عن ُ‬ ‫يغفَر الل ُ‬
‫ن لعمر ‪ :‬هيهِ يا عمُر ؟ والله ما‬ ‫ص ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫هب ُ‬ ‫وقال عيين ُ‬
‫م به عمُر ‪ ،‬فقال‬ ‫ل ‪ .‬فه ّ‬ ‫م فينا بالعد ْ ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ول تحك ُ‬ ‫جْز َ‬ ‫تعطينا ال َ‬
‫ذ‬
‫خ ِ‬ ‫ن الله يقول ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ن قيس ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬إ ّ‬ ‫الحّر ب ُ‬
‫فو وأ ْمر بال ْعرف وأ َ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ض‬ ‫ْ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ع ْ َ َ ُ ْ ِ ُ ْ ِ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ب اللهِ ‪.‬‬ ‫فواللهِ ما جاوزها عمُر ‪ ،‬وكان وّقفا ً عند كتا ِ‬
‫م‬‫و َ‬ ‫م ال ْي َ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ل ل َ ت َث َْري َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف إخوت ِهِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫س ُ‬ ‫وقال يو ُ‬
‫ه َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫و أْر َ‬ ‫و ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫فُر الل ّ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪187‬‬
‫ن كفاِر‬ ‫ن آذاه ُ وطرده وحاربه م ْ‬ ‫وأعلنها ‪ ‬في المل ِ فيم ْ‬
‫م الطلقاءُ (( قالها يوم‬ ‫قريش ‪ ،‬قال ‪ )) :‬اذهُبوا فأنت ُ‬
‫ة ‪ ،‬إّنما‬ ‫ع ِ‬ ‫صَر َ‬ ‫ث ‪ )) :‬ليس الشديدُ بال ّ‬ ‫ي الحدي ِ‬ ‫الفتِح ‪ ،‬وف ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ك نفسه عندَ الغض ِ‬ ‫الشديدُ الذي يمل ُ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ن المبار ِ‬ ‫قال اب ُ‬
‫م كذي‬ ‫كن له ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫إذا صاحبت قوما ً‬
‫ن‬
‫الزما ِ‬‫ق‬
‫الشفي ِ‬ ‫حم‬
‫فتبقى ِ في‬ ‫الّر ِ‬ ‫ل‬‫تأخد ّذ ْ بزل ّةِ ك ّ‬
‫أهل وُ‬ ‫ول‬
‫ق‬
‫رفي ِ‬ ‫بل‬ ‫قالقوبعم ٍ‬
‫ن أخطأ‬ ‫ْ‬ ‫لم‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫اغف‬ ‫‪:‬‬ ‫النجيل‬ ‫في‬ ‫ٌ‬ ‫د‬ ‫موجو‬ ‫‪:‬‬ ‫ضهم‬ ‫ُ‬
‫عَلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جُرهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صل َ َ‬
‫وأ ْ‬ ‫فا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت﴿ َ‬ ‫عليك مرةً سبع مرا ٍ‬
‫ه﴾‬‫الل ّ ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ن أخطأ عليك مرة ً فكّرْر عليه العَْفوَ سبع مرا ٍ‬ ‫أي ْ ‪ :‬م ْ‬
‫ن‬‫صم ْ‬ ‫صا َ‬ ‫ن الَق َ‬ ‫ضك ‪ ،‬ويرتاح قلُبك ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫عْر ُ‬ ‫ليسلم لك ديُنك و ِ‬
‫ضك ‪،‬‬ ‫عر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن راحِتك وم ْ‬ ‫مك وم ْ‬ ‫ن نو ِ‬‫مك ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ند ِ‬ ‫أعصاِبك وم ْ‬
‫وليس من الخرين ‪.‬‬
‫ل لهم ‪ » :‬الذي يقهُر نفسه ‪ :‬أشجعُ من‬ ‫قال الهنود ُ في مث ٍ‬
‫َ‬
‫ما‬‫ء إ ِل ّ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ماَرةٌ ِبال ّ‬ ‫سل ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫ة « ‪ ﴿ .‬إِ ّ‬ ‫ح مدين ً‬ ‫الذي يفت ُ‬
‫ي﴾‪.‬‬ ‫م َرب ّ َ‬‫ح َ‬‫َر ِ‬
‫**********************************‬

‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫ه‬
‫ل التوحيد ِ والتنزي ِ‬‫ن كما ِ‬ ‫ن فيها م ْ‬‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫» أما دعوةُ ذي النو ِ‬
‫ن أبلغ‬
‫ف العبدِ بظلمهِ وذنبه ‪ ،‬ما هو م ْ‬ ‫ب تعالى ‪ ،‬واعترا ِ‬ ‫للر ّ‬
‫ل إلى اللهِ سبحانه‬ ‫م ‪ ،‬وأبلغ الوسائ ِ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ب واله ّ‬‫أدويةِ الكر ِ‬
‫ن إثبات ك ّ‬
‫ل‬ ‫منا ِ‬
‫ه وتض ّ‬ ‫ن التوحيد والتنزي َ‬ ‫في قضاِء الحوائِج فإ ّ‬
‫ف‬
‫ل عنه ‪ .‬والعترا ُ‬ ‫ب وتمثي ٍ‬ ‫ص وعي ٍ‬
‫ل نق ٍ‬ ‫ل للهِ ‪ ،‬وسلب ك ّ‬ ‫كما ٍ‬
‫ب‪،‬‬‫ب والعقا ِ‬ ‫ن إيمان العبدِ بالشرِع والثوا ِ‬ ‫م ُ‬
‫بالظلم ِ يتض ّ‬
‫ه إلى اللهِ ‪ ،‬واستقالته عثرته ‪،‬‬ ‫ب انكساره ورجوع ُ‬ ‫وُيوج ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪188‬‬
‫والعتراف بعبوديتهِ وافتقاِره إلى رّبه فهاهنا أربعة أمورٍ قد ْ‬
‫ف‬
‫ة ‪ ،‬والعترا ُ‬ ‫ه ‪ ،‬والعبودي ُ‬ ‫ل بها ‪ :‬التوحيد ُ ‪ ،‬والتنزي ُ‬ ‫س ُ‬ ‫وقع التو ّ‬
‫«‪.‬‬
‫شر الصابرين}‪ {155‬ال ّذين إ َ َ‬
‫هم‬ ‫صاب َت ْ ُ‬‫ذا أ َ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ّ ِ ِ َ‬ ‫وب َ ّ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن}‪{156‬‬ ‫جعو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنـا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬ ‫ة َ‬‫صيب َ ٌ‬‫م ِ‬ ‫ّ‬
‫وأوَلـئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُأوَلـئ ِ َ‬
‫م‬
‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬
‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صل َ َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫**************************************‬
‫ن‬
‫ر والباط ِ‬
‫ن بالظاه ِ‬
‫اعت ِ‬
‫ف وشيءٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وهنا أمٌر لطي ٌ‬ ‫س بصفاِء الثو ِ‬ ‫صفاُء النف ِ‬
‫ن اتسخ ثوُبه ‪،‬‬ ‫ل‪:‬م ِ‬ ‫ن بعض الحكماِء يقو ُ‬ ‫شريف ‪ ،‬وهو أ ّ‬
‫سه ‪ .‬وهذا أمٌر ظاهٌر ‪.‬‬ ‫ت نف ُ‬ ‫در ْ‬ ‫تك ّ‬
‫ر‬
‫ب اتساخ ثوْب ِهِ ‪ ،‬أو تغي ّ ِ‬ ‫س يأتيهِ الك َد َُر بسب ِ‬ ‫وكثيٌر من النا ِ‬
‫ق عنده ‪ ،‬أو‬ ‫ط الورا ِ‬ ‫ب مكتبت ِهِ ‪ ،‬أو اختل ِ‬ ‫مهِ ‪ ،‬أو عدم ِ ترتي ِ‬ ‫هندا ِ‬‫ِ‬
‫ن ُبني على‬ ‫ي ‪ ،‬والكو ُ‬ ‫جه اليوم ّ‬ ‫م ِ‬
‫ده وبرنا ِ‬ ‫ب مواعي ِ‬ ‫اضطرا ِ‬
‫ن ‪ ،‬علم أنه جاء لتنظيم ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ف حقيقة هذا ال ّ‬ ‫ن عََر َ‬ ‫النظام ِ ‪ ،‬فم ْ‬
‫ل شيٍء‬ ‫رها وجليِلها ‪ ،‬وك ّ‬ ‫رها ‪ ،‬صغي ِ‬ ‫حياةِ العبد ِ ‪ ،‬قليِلها وكثي ِ‬
‫ء﴾‪.‬‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ب ِ‬ ‫في الك َِتا ِ‬ ‫فّرطَْنا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن﴿ ّ‬ ‫سبا ٍ‬‫ح ْ‬ ‫عنده ب ُ‬
‫ب‬ ‫ف يح ّ‬ ‫ن الله نظي ٌ‬ ‫ث عند الترمذيّ ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫النظافة (( ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ل يح ّ‬ ‫ن الله جمي ٌ‬ ‫وعند مسلم ٍ في الصحيِح ‪ )) :‬إ ّ‬
‫الجمال (( ‪.‬‬
‫م‬‫مُلوا حتى تكونوا كأنك ْ‬ ‫ن ‪ )) :‬تج ّ‬ ‫ث حس ٍ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫ن النا ِ‬ ‫ة في عيو ِ‬ ‫شام ٌ‬
‫ل إلى‬ ‫مشي الجما ِ‬ ‫ل‬
‫حل ِ‬ ‫يمشون في ال ُ‬
‫ل‬
‫وعندّز ِ‬
‫ل الب ُ‬ ‫جما ِ‬ ‫ال‬ ‫جها‬ ‫س ُ‬‫لن ‪ْ :‬‬ ‫المضاعف‬
‫البخاري ‪:‬‬ ‫ل‪.‬‬ ‫م بالغس ِ ِ‬ ‫الهتما ُ‬ ‫ل الجما ِ ِ‬ ‫زأو ُ‬
‫ة أيام ٍ‬ ‫ل سبع ِ‬ ‫ن يغتسل في ك ّ‬ ‫ق على المسلم ِ أ ْ‬ ‫)) ح ّ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ل فيه رأسه وجسم ُ‬ ‫يوما ً ‪ ،‬يغس ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪189‬‬
‫لك ّ‬
‫ل‬ ‫ض الصالحين يغتس ُ‬ ‫ل تقديرٍ ‪ .‬وكان بع ُ‬ ‫هذا على أق ّ‬
‫ل‬ ‫س ٌ‬ ‫غت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه‪َ ﴿،‬‬ ‫ن عفان فيما ورد عن ُ‬ ‫يوم ٍ مرةً كعثمان ب ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫و َ‬ ‫رد ٌ َ‬ ‫َبا ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ص الشار ِ‬ ‫ل الفطرةِ ‪ :‬كإعفاِء اللحِية وق ّ‬ ‫ومنها خصا ُ‬
‫ك‪،‬‬ ‫وتقليم ِ الظافرِ ‪ ،‬وأخذِ الشعرِ الزائدِ من الجسم ِ ‪ ،‬والسوا ِ‬
‫س ‪ ،‬والعتناِء‬ ‫وال ّ‬
‫ف الملب ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وتنظي ِ‬ ‫ل السنا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وتخلي ِ‬ ‫طي ِ‬
‫ح الخاطر ‪ .‬ومنها‬ ‫سعُ الصدر ويفس ُ‬ ‫ن هذا مما يو ّ‬ ‫بالمظهرِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫م‬
‫فنوا فيه موتاك ْ‬ ‫ض ‪ )) ،‬البسوا البياض ‪ ،‬وك ّ‬ ‫س البيا ِ‬ ‫ُلب ُ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ن يوم‬ ‫ُيحّيون بالّرْيحا ِ‬ ‫ل طّيبا ً‬ ‫رقاقُ النعا ِ‬
‫سب‬ ‫السبا ِ‬ ‫جزاُتهم‬ ‫وقد ُ‬ ‫ح‬
‫ُ‬
‫ن الملئكة‬ ‫ض ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫س البيا ِ ِ‬ ‫عقد البخاريّ باب ‪ :‬لب ِ‬
‫ض (( ‪.‬‬ ‫م ِبي ٌ‬ ‫م عمائ ُ‬ ‫ض عليه ْ‬ ‫ب بي ٍ‬ ‫ل بثيا ٍ‬ ‫تنز ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫م الوق ِ‬ ‫ب المواعيد ِ في دفترٍ صغيرٍ ‪ ،‬وتنظي ُ‬ ‫ومنها ترتي ُ‬
‫ت‬‫ت للمطالعةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫ت للعبادةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫ت للقراءةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫فوق ٌ‬
‫عندََنا‬ ‫ء إ ِل ّ ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬ ‫للراحة ‪ ﴿ ،‬ل ِك ُ ّ‬
‫ش ْ‬ ‫وِإن ّ‬ ‫ب﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ل ك َِتا ٌ‬ ‫ج ٍ‬ ‫لأ َ‬
‫عُلوم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫قد َ ٍ‬ ‫ه إ ِل ّ ب ِ َ‬ ‫ما ن ُن َّزل ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫خَزائ ِن ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ُبني‬ ‫ب عليها ‪ :‬الكو ُ‬ ‫ة مكتو ٌ‬ ‫س لوح ٌ‬ ‫في مكتبةِ الكونجر ِ‬
‫ح ‪ ،‬ففي الشرائِع السماويةِ الدعوةُ‬ ‫على النظام ِ ‪ .‬وهذا صحي ٌ‬
‫ب ‪ ،‬وأخبر – سبحانه وتعالى –‬ ‫ق والترتي ِ‬ ‫إلى التنظيم ِ والتنسي ِ‬
‫ن الكون ليس لْهوا ً ول عبثا ً ‪ ،‬وأنه بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬وأنه‬ ‫أ ّ‬
‫ن ﴾ ‪َ ﴿ .‬ل‬ ‫سَبا ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫مُر ب ِ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬ال ّ‬ ‫حسبا ٍ‬ ‫بترتيب وب ُ‬
‫وَل الل ّي ْ ُ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ساب ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مَر َ‬ ‫ق َ‬ ‫ر َ‬ ‫ها أن ت ُدْ ِ‬ ‫غي ل َ َ‬ ‫س َينب َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‬
‫قدّْرَنا ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫حو َ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫ر َ‬ ‫ها ِ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ل‬‫عل َْنا الل ّي ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ديم ِ ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ق ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫جو ِ‬ ‫عْر ُ‬ ‫كال ْ ُ‬ ‫عادَ َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ل َ‬ ‫ز َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ها ِ‬ ‫ة الن ّ َ‬ ‫عل َْنا آي َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ة الل ّي ْ ِ‬ ‫وَنا آي َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫هاَر آي َت َي ْ ِ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عدَ َ‬ ‫موا ْ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ول ِت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫غوا ْ َ‬ ‫صَرةً ل ِت َب ْت َ ُ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫صيل ً ﴾ ‪﴿.‬‬ ‫ف ِ‬ ‫صلَناهُ ت َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫ب َ‬ ‫سا َ‬ ‫ح َ‬ ‫وال ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سِني َ‬ ‫ال ّ‬
‫ماء‬ ‫س َ‬ ‫قَنا ال ّ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫هذا َباطِل ً ﴾ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ت َ‬ ‫ق َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َرب َّنا َ‬
‫خ َ‬
‫ذ‬ ‫و أ ََردَْنا َأن ن ّت ّ ِ‬ ‫ن}‪ {16‬ل َ ْ‬ ‫عِبي َ‬ ‫ما َل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ب َي ْن َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عِلي َ‬ ‫فا ِ‬ ‫من ل ّدُّنا ِإن ك ُّنا َ‬ ‫خذَْناهُ ِ‬ ‫هوا ً ّلت ّ َ‬ ‫لَ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪190‬‬
‫مُلوا ْ ﴾ ‪:‬‬
‫ع َ‬
‫لا ْ‬ ‫و ُ‬
‫ق ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ب بالوهام ِ‬ ‫ن إذا أراُدوا معالجة المصا ِ‬ ‫كان حكماُء اليونا ِ‬
‫ل في الفلحة‬ ‫ه على العم ِ‬ ‫ض النفسيةِ ‪ :‬يجبرون ُ‬ ‫والقلق والمرا ِ‬
‫ت قصير إل وقد عادت إليه عافيته‬ ‫والبساتين ‪ ،‬فما يمّر وق ٌ‬
‫مُلوا ْ ﴾ ‪.‬‬
‫ع َ‬
‫لا ْ‬ ‫ق ِ‬‫و ُ‬‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫مَناك ِب ِ َ‬‫في َ‬ ‫شوا ِ‬ ‫م ُ‬‫فا ْ‬‫وطمأنينته ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ة وسعادةً‬ ‫س راح ً‬ ‫م أكُثر النا ِ‬ ‫ل اليدوِية ه ْ‬‫ن أهل العما ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬
‫ل كيف يملكون م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل‪ ،‬وانظْر إلى هؤلِء الع ّ‬ ‫سطة با ٍ‬ ‫وب ْ‬
‫م‬
‫طه ْ‬‫م ونشا ِ‬ ‫ب حركِته ْ‬ ‫ل وقوةِ الجسام ِ ‪ ،‬بسب ِ‬ ‫البا ِ‬
‫ل (( ‪.‬‬‫ز والكس ِ‬ ‫م ‪)) ،‬وأعوذُ بك من الع ْ‬
‫ج ِ‬ ‫ومزاولِته ْ‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫جئ إلى الله‬
‫الت ْ ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ف المعار ِ‬ ‫م ‪ ،‬هو أعر ُ‬ ‫ل العظي ُ‬ ‫ه ‪ :‬هو السم الجلي ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ه‬ ‫ف ‪ ،‬قيل ‪ :‬هو م َ‬
‫ه ‪ ،‬وهو الذي تألهُ ُ‬ ‫ن أل َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ى لطي ٌ‬ ‫فيه معن ً‬
‫ن إليهِ ‪ ،‬ول‬ ‫ن إليه ‪ ،‬وترضى بهِ وترك ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وتحّبه ‪ ،‬وتسك ُ‬ ‫القلو ُ‬
‫ن لغيرهِ سبحانه‬ ‫ب أبدا ً أن يسكن أو يرتاح أو يطمئ ّ‬ ‫ن للقل ِ‬ ‫يمك ُ‬
‫ه‬‫ه ‪ ،‬الل ُ‬ ‫ب ‪ )) :‬الل ُ‬ ‫ه دعاء الكْر ِ‬ ‫‪ ،‬ولذلك عّلم ‪ ‬فاطمة ابنت ُ‬
‫ل‬
‫ق ِ‬ ‫ح‪ُ ﴿،‬‬ ‫ث صحي ٌ‬ ‫ك به شيئا ً (( ‪ .‬وهو حدي ٌ‬ ‫ربي ل أشر ُ‬
‫هُر‬
‫قا ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ن ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫عُبو َ‬ ‫م ي َل ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫و ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫م ذَْر ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫قدَُروا‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ف بِ ِ‬ ‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬الل ّ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫وق َ ِ‬ ‫ف ْ‬‫َ‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫ميعا ً َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ضت ُ ُ‬ ‫قب ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫قدْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ما‬ ‫ع ّ‬‫عاَلى َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫مين ِ ِ‬ ‫ت ب ِي َ ِ‬ ‫وّيا ٌ‬ ‫مطْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ُ‬ ‫سما َ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ج ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ماء ك َط‬ ‫س َ‬ ‫وي ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ن َط‬ ‫و َ‬‫ن ﴾ ‪ْ ﴿،‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬‫يُ ْ‬
‫ض َأن‬ ‫واْلْر َ‬
‫َ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫س ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ب ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫ل ِل ْك ُت ُ ِ‬
‫ت َُزوَل ﴾ ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ه توك ّل ْ ُ‬
‫ت‬ ‫علي ِ‬
‫ه إلى رّبه‬
‫ن أعظم ِ ما ُيضفي السعادة على العبدِ ركون ُ ُ‬‫وم ْ‬
‫‪ ،‬وتوك ُّله عليهِ ‪ ،‬واكتفاؤه بوليتهِ ورعايتهِ وحراستهِ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ه ْ‬
‫ل‬
‫ل تحزن‬
‫‪191‬‬
‫ل ال ْك َِتا َ‬
‫ب‬ ‫ذي ن َّز َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ي الل ّ ُ‬
‫َ‬ ‫ول ِّيـ‬
‫ن َ‬ ‫مي ّا ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬إ ِ ّ‬‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫و ٌ‬ ‫ه لَ َ‬
‫خ ْ‬ ‫ول َِياء الل ّ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬أل إ ِ ّ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬‫وّلى ال ّ‬ ‫و ي َت َ َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫عوا على ثلث ٍ‬
‫أجم ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ق والضطرا ِ‬ ‫ت الكتب التي تعتني بمسألةِ القل ِ‬ ‫طالع ُ‬
‫دثين وأدباء ومرّبين ومؤّرخين أو‬ ‫ت لسلِفنا من مح ّ‬ ‫سواٌء كان ْ‬
‫ب الشرقيةِ والغربيةِ والمترجمةِ ‪،‬‬ ‫ت والكت ِ‬ ‫م مع النشرا ِ‬ ‫ره ْ‬ ‫لغي ِ‬
‫ة‬
‫ت الجميع مجمعين على ثلث ِ‬ ‫ت ‪ ،‬فوجد ُ‬ ‫ت والمجل ّ ِ‬ ‫والدوريا ِ‬
‫ن أراد الشفاء والعافية وانشراح الصدرِ ‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫س لم ْ‬ ‫أس ِ‬
‫ل ‪ ،‬وعبوديُته ‪ ،‬وطاعُته‬ ‫ل باللهِ عّز وج ّ‬ ‫ل ‪ :‬التصا ُ‬ ‫الو ُ‬
‫ه‬
‫عب ُدْ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن الكبرى ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ة اليما ِ‬ ‫واللجوُء إليه ‪ ،‬وهي مسأل ُ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫عَبادَت ِ ِ‬ ‫صطَب ِْر ل ِ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫عه ‪،‬‬ ‫ف الماضي ‪ ،‬بمآسيهِ ودمو ِ‬ ‫الثاني ‪ :‬إغلقُ مل ّ‬
‫مه ‪ ،‬والبدِء بحياةٍ جديدةٍ مع‬ ‫مه وهمو ِ‬ ‫وأحزاِنه ومصائ ِِبه ‪ ،‬وآل ِ‬
‫يوم ٍ جديدٍ ‪.‬‬
‫ه‬
‫لب ِ‬ ‫م الشتغا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫ل الغائ ِ‬ ‫ك المستقب ِ‬ ‫ث ‪ :‬تْر ُ‬ ‫الثال ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫جسا ِ‬ ‫ت والتو ّ‬ ‫ت والنتظارا ِ‬ ‫ك التوقعا ِ‬ ‫ك فيهِ ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫والنهما ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ش في حدودِ اليوم ِ فَ َ‬ ‫وإّنما العي ُ‬
‫وظَّنوا‬ ‫سي ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل ‪ ،‬فإّنه ي ُن ْ ِ‬ ‫م وطول الم ِ‬ ‫ي ‪ :‬إّياك ْ‬ ‫قال عل ّ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِل َي َْنا َل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫ن‬
‫ن الله قال ع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ف والشائعا ِ‬ ‫إّياك وتصديق الراجي ِ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫أعداِئه ‪ ﴿ :‬ي َ ْ‬
‫م ينتظرون أمورا ً‬ ‫ت عديدةٍ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ن سنوا ٍ‬ ‫ت أناسا ً م ْ‬ ‫وعرف ُ‬
‫وفون‬ ‫م تقعْ ‪ ،‬ول يزالون ُيخ ّ‬ ‫ومصائب وحوادث وكوارث ل ْ‬
‫مث َ ُ‬
‫ل‬ ‫م !! و َ‬ ‫شه ْ‬ ‫أنفسهم وغيرهم منها‪ ،‬فسبحان الله ما أنكد ُ عَي ْ َ‬
‫م يجعلونه تحت‬ ‫ب عند الصينيين ‪ ،‬فإنه ْ‬ ‫ن المعذ ّ ِ‬ ‫هؤلِء كالسجي ِ‬
‫ة‬
‫سهِ قطرة ً من الماِء في الدقيق ِ‬ ‫ب يقط ُُر على رأ ِ‬ ‫أنبو ٍ‬
‫م يصيُبه‬ ‫ل قطرةٍ ث ّ‬ ‫ن ينتظُر ك ّ‬ ‫الواحدةِ ‪ ،‬فيبقى هذا السجي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪192‬‬
‫ه أهل النارِ فقال ‪َ ﴿ :‬ل‬ ‫ن ‪ ،‬ويفقد ُ عقله ‪ .‬وقد ْ وصف الل ُ‬ ‫الجنو ُ‬
‫ها‬ ‫ع َ‬
‫ذاب ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ّ‬‫وَل ي ُ َ‬‫موُتوا َ‬ ‫في َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضى َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ق َ‬
‫ت‬‫ج ْ‬‫ض َ‬
‫ما ن َ ِ‬ ‫حيى ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك ُل ّ َ‬ ‫وَل ي َ ْ‬
‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫مو ُ‬ ‫﴾ ‪َ ﴿ ،‬ل ي َ ُ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫جُلودا ً َ‬
‫غي َْر َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ب َدّل َْنا ُ‬‫ه ْ‬ ‫جُلودُ ُ‬‫ُ‬
‫****************************************‬
‫ح ْ‬
‫ل ظالمك على الله‬ ‫أ ِ‬
‫وعند اللهِ تجتمعُ‬ ‫ن يوم‬ ‫ديا ِ‬
‫إلى ال ّ‬
‫ه‬
‫ه في ِ‬ ‫م يوما ً يجمعُ الل ُ‬ ‫الخصوُر ُ‬
‫ه ينتظ‬ ‫نمضي‬
‫إنصافا ً وعد ْل ً أن ُ‬ ‫شرِ‬
‫العبد‬ ‫ويكفي ْ‬
‫الح‬
‫ه‬
‫م هو الل ُ‬ ‫الولين والخرين ‪ ،‬ل ظلم في ذلك اليوم ِ ‪ ،‬والحك ُ‬
‫س َ‬
‫ط‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬‫زي َ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫وا ِ‬
‫م َ‬ ‫ض ُ‬‫ون َ َ‬‫ة‪َ ﴿،‬‬ ‫ل ‪ ،‬والشهود ُ الملئك ُ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬
‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫وِإن َ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫م نَ ْ‬‫فَل ت ُظْل َ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫وم ِ ال ْ ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫وك َ َ‬ ‫َ‬
‫سِبي َ‬‫حا ِ‬ ‫فى ب َِنا َ‬ ‫ها َ‬ ‫ل أت َي َْنا ب ِ َ‬ ‫خْردَ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫حب ّ ٍ‬‫َ‬
‫*****************************‬
‫ز‬
‫كسرى وعجو ٍ‬
‫ة كان‬ ‫ن عجوزا ً فارسي ً‬ ‫م فارس ‪ :‬أ ّ‬ ‫ذكر ُبزر جمهُر حكي ُ‬
‫ج في كوٍخ مجاورٍ لقصرِ كسرى الحاكم ِ ‪،‬‬ ‫عندها دجا ٌ‬
‫عك الدجاج‬ ‫ب أستود ُ‬ ‫ت ‪ :‬يا ر ّ‬ ‫ت إلى قريةٍ أخرى ‪ ،‬فقال ْ‬ ‫فسافر ْ‬
‫ه‬
‫صره وبستان ُ‬ ‫خها ليوسع ق ْ‬ ‫ت ‪ ،‬عدا كسرى على كو ِ‬ ‫ما غاب ْ‬ ‫‪ .‬فل ّ‬
‫ت العجوُز‬ ‫موا الكوخ ‪ ،‬فعاد ِ‬ ‫‪ ،‬فذبح جنوُده الدجاج ‪ ،‬وهد ُ‬
‫ت أنا فأين أنت !‬ ‫ب ‪ ،‬غب ُ‬ ‫ت ‪ :‬يا ر ّ‬ ‫ت إلى السماِء وقال ْ‬ ‫فالتفت ْ‬
‫ن‬
‫ن كسرى على أبيه بالسكي ِ‬ ‫ه وانتقم لها ‪ ،‬فعدا اب ُ‬ ‫فأنصفها الل ُ‬
‫َ‬
‫ك‬‫فون َ َ‬‫و ُ‬
‫خ ّ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫عب ْدَهُ َ‬
‫ف َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫شهِ ‪ ﴿ .‬أل َي ْ َ‬ ‫ه على فرا ِ‬ ‫فََقَتل ُ‬
‫ن كخي َْري ابني آدم‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬ليتنا جميعا ً نكو ُ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ِبال ّ ِ‬
‫ما أ َن َا ْ‬ ‫قت ُل َِني َ‬ ‫ك ل ِت َ ْ‬ ‫ي ي َدَ َ‬ ‫ت إ ِل َ ّ‬ ‫سط َ‬ ‫ل ‪ ﴿ :‬ل َِئن ب َ َ‬ ‫القائ ِ‬
‫ه المقتول‬ ‫ن عبد الل ِ‬ ‫ك ﴾ ‪ )) .‬ك ْ‬ ‫قت ُل َ َ‬‫ك َل َ ْ‬‫ي إ ِل َي ْ َ‬‫د َ‬ ‫ط يَ ِ‬‫س ٍ‬ ‫ب َِبا ِ‬
‫ن عند المسلم ِ مبدأ‬ ‫ن عبد الله القاتل (( ‪ ،‬إ ّ‬ ‫‪ ،‬ول تك ْ‬
‫حْقدِ‬ ‫م من النتقام ِ والتشفي وال ِ‬ ‫ة أعظ ُ‬ ‫ة وقضي ً‬ ‫ورسال ً‬
‫والكراهيةِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪193‬‬
‫******************************************‬
‫ل‬ ‫مَرك ّ َ‬
‫ب كما ٍ‬ ‫ن ُ‬
‫ص قد يكو ُ‬
‫ق ِ‬ ‫مَرك ّ ُ‬
‫ب الن ْ‬ ‫ُ‬
‫ض‬
‫م ﴾ ‪ .‬بع ُ‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬
‫ل ُ‬ ‫كم ب َ ْ‬ ‫شّرا ً ل ّ ُ‬ ‫سُبوهُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫﴿ َل ت َ ْ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ص عار ٍ‬ ‫سهم بنق ٍ‬ ‫العباقرةِ شّقوا طريقهم بصمودٍ لحسا ِ‬
‫جبي ْرٍ ‪،‬‬ ‫فكثيٌر من العلماِء كانوا موالي ‪ ،‬كعطاٍء ‪ ،‬وسعيدِ بن ُ‬
‫وقََتاد َةَ ‪ ،‬والبخاريّ ‪ ،‬والترمذيّ ‪ ،‬وأبي حنيفة ‪.‬‬
‫ن أذكياِء العالم ِ وبحورِ الشريعةِ أصابُهم العمى ‪،‬‬ ‫وكثيٌر م ْ‬
‫ن‬ ‫ش ‪ ،‬ويزيد ِ ب ِ‬ ‫م مكتوم ‪ ،‬والعم ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫س ‪ ،‬وقتادة ‪ ،‬واب ِ‬ ‫كابن عبا ٍ‬
‫هارون ‪.‬‬
‫ن إبراهيم آل‬ ‫خ محمد ُ ب ُ‬ ‫ومن العلماء المتأخرين ‪ :‬الشي ُ‬
‫ن باٍز‬ ‫دالعزيزِ ب ُ‬ ‫خ عب ُ‬ ‫ن حميد ‪ ،‬والشي ُ‬ ‫داللهِ ب ُ‬ ‫خ عب ُ‬ ‫الشيخ ‪ ،‬والشي ُ‬
‫م‬
‫ب كان به ْ‬ ‫ت عن أذكياء ومخترعين وعباقرةٍ عََر ٍ‬ ‫‪ .‬وقرأ ُ‬
‫مْقعد ٌ ‪،‬‬ ‫ن ُ‬ ‫ج ‪ ،‬وثا ٍ‬ ‫م وآخُر أعو ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فهذا أعمى ‪ ،‬وذاك أص ّ‬ ‫عاها ٌ‬
‫ومع ذلك أّثروا في التاريخ ‪ ،‬وأّثروا في حياةِ البشريةِ بالعلوم ِ‬
‫ه﴾‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫شو َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ُنورا ً ت َ ْ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬‫ف‪َ ﴿.‬‬ ‫ت والكشو ِ‬ ‫والختراعا ِ‬
‫‪.‬‬
‫م ول‬ ‫ل شيٍء ‪ ،‬ل تهت ّ‬ ‫ةك ّ‬ ‫ة الراقي ُ‬ ‫ت الشهادةُ العلمي ُ‬ ‫ليس ِ‬
‫ل الشهادة الجامعية ‪ ،‬أو‬ ‫ضقْ ذْرعا ً لنك لم تن ِ‬ ‫م ول ت ِ‬ ‫تغت ّ‬
‫ل شيء ‪ ،‬بإمكاِنك‬ ‫تك ّ‬ ‫الماجستير ‪ ،‬أو الدكتوراه ‪ ،‬فإنها ليس ْ‬
‫ن‬‫م تك ْ‬ ‫دم للمةِ خيرا ً كثيرا ً ‪ ،‬ولوْ ل ْ‬ ‫ن تق ّ‬ ‫ن تلمع وأ ْ‬ ‫ن تؤث َّر وأ ْ‬‫أ ْ‬
‫ل شهيرٍ خطيرٍ نافٍع ل‬ ‫ن رج ٍ‬ ‫مم ْ‬ ‫صاحب شهادةٍ علميةٍ ‪ .‬ك ْ‬
‫مِته‬ ‫حه وه ّ‬ ‫ل شهادةً ‪ ،‬إنما شقّ طريقه بعصامي ّت ِهِ وطمو ِ‬ ‫يحم ُ‬
‫ت كثيرا ً من‬ ‫رنا الحاضرِ فرأي ُ‬ ‫ت في عص ِ‬ ‫وصموِده ‪ .‬نظر ُ‬
‫المؤّثرين في العالم ِ الشرعي والدعوةِ والوعي والتربي ِ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬مث ُ‬
‫ل‬ ‫ت عالمي ٌ‬ ‫م شهادا ٌ‬ ‫ن عنده ْ‬ ‫ب ‪ ،‬لم يك ْ‬ ‫والفكرِ والد ِ‬
‫ي ‪ ،‬والعقاد ِ ‪ ،‬والطنطاوي ‪ ،‬وأبي‬ ‫ن نب ّ‬ ‫كب ِ‬ ‫الشيخ ابن بازِ ‪ ،‬ومال ِ‬
‫زهرة ‪ ،‬والمودوديّ والندويّ ‪ ،‬وجمٍع كثيرٍ ‪.‬‬
‫ف ‪ ،‬والعباقرة الذين مّروا في‬ ‫ودونك علماء السل ِ‬
‫ضلةِ ‪.‬‬ ‫ن المف ّ‬ ‫القرو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪194‬‬
‫ه الكّر‬ ‫وعّلمت ْ ُ‬ ‫ت‬
‫ود ْ‬ ‫س عصام ٍ س ّ‬ ‫نف ُ‬
‫والقداما في العالم ِ طول ً‬ ‫ف الدكاترةِ‬ ‫ن ذلك آل ُ‬ ‫الضد ّ م ْ‬ ‫عصاما‬ ‫وعلى‬ ‫ِ‬
‫حس من ْهم من أ َح َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫و تَ ْ‬ ‫دأ ْ‬ ‫ّ ْ َ ٍ‬ ‫ل تُ ِ ّ ِ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وعرضا ً ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ث الصحيِح ‪:‬‬ ‫م ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫ة ك َن ٌْز عظي ٌ‬ ‫كزا ً ﴾ ‪ .‬القناع ُ‬ ‫ر ْ‬
‫ِ‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫ن أغنى النا ِ‬ ‫ه لك ت َك ُ ْ‬ ‫)) ارض بما قسم الل ُ‬
‫خِلك ‪ ،‬بمْركِبك ‪ ،‬بأبناِئك ‪ ،‬بوظيفِتك ‪،‬‬ ‫ض بأهِلك ‪ ،‬بد ْ‬ ‫ار ْ‬
‫تجدِ السعادة والطمأنينة ‪.‬‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫غنى النف ِ‬ ‫غنى ِ‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬ال ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن راحة‬ ‫ب‪ ،‬لك ّ‬ ‫ل وبالمنص ِ‬ ‫ض ول بالموا ِ‬ ‫وليس بكثرةِ العر ِ‬
‫م الله‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫س ‪ ،‬ورضاها بما قَ َ‬ ‫النف ِ‬
‫ي‬‫ب العبد الغن ّ‬ ‫ن الله يح ّ‬ ‫ث الصحيِح ‪)) :‬إ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ل غناه في‬ ‫م اجع ْ‬ ‫ث ‪)) :‬الله ّ‬ ‫ي(( ‪ .‬وحدي ِ‬ ‫ي الخف ّ‬ ‫التق ّ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫قلب ِ ِ‬
‫ب سيارةٍ من المطارِ ‪،‬‬ ‫ت مع صاح ِ‬ ‫دهم ‪ :‬ركب ُ‬ ‫قال أح ُ‬
‫ت هذا السائق مسرورا ً‬ ‫ن ‪ ،‬فرأي ُ‬ ‫جها ً إلى مدينةٍ من المد ِ‬ ‫متو ّ‬
‫جذ ِل ً ‪ ،‬حامدا ً للهِ وشاكرا ً ‪ ،‬وذاكرا ً لموله ُ ‪ ،‬فسأُله عن أهِله‬
‫ن عشرةِ أبناٍء ‪ ،‬ودخل ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ن عنده أسرتين ‪ ،‬وأكثر م ْ‬ ‫فأخبرني أ ّ‬
‫ة‬
‫ف قديم ٌ‬ ‫غر ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وعنده ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫في الشهرِ ثمانمائةِ ريا ٍ‬
‫م‬
‫س َ‬ ‫ض بما قَ َ‬ ‫ه را ٍ‬ ‫ل ‪ ،‬لن ُ‬ ‫يسكُنها هو وأهُله ‪ ،‬وهو مرتاح البا ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫هل ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ن‬
‫س يملكو ُ‬ ‫ت بين هذا وبين أنا ٍ‬ ‫ت حينما قارن ُ‬ ‫قال ‪ :‬فعجب ُ‬
‫م يعيشون ضْنكا ً‬ ‫ل والقصورِ والدورِ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ت من الموا ِ‬ ‫مليارا ٍ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ت في الما ِ‬ ‫ت أن السعادة ليس ْ‬ ‫من المعيشةِ ‪ ،‬فعرف ُ‬
‫ف المليين‬ ‫خب ََر تاجرٍ كبيرٍ ‪ ،‬وثريّ شهيرٍ عندهُ آل ُ‬ ‫ت َ‬ ‫عرف ُ‬
‫ق ‪ ،‬شرس‬ ‫ن ضّيق ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬ ‫ت القصورِ والدورِ ‪ ،‬وكا َ‬ ‫وعشرا ُ‬
‫ن أهِله ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬مات في غربةٍ ع ْ‬ ‫ل ثائر الطبع ‪ ،‬كاسف البا ِ‬ ‫التعام ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د}‬ ‫زي َ‬ ‫نأ ِ‬ ‫عأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫م ي َطْ َ‬ ‫ه إياه ‪ ﴿ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ض بما أعطاه ُ الل ُ‬ ‫ه لم ي َْر َ‬ ‫لن ُ‬
‫عِنيدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ِلَيات َِنا َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ {15‬ك َّل إ ِن ّ ُ‬
‫سه‬ ‫خُلو بنف ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ي القديم ِ أ ْ‬ ‫ل عند العرب ّ‬ ‫ن معالم ِ راحةِ البا ِ‬ ‫م ْ‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫ل أح ُ‬ ‫ن الحياِء ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫في الصحراِء ‪ ،‬وينفرد ع ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪195‬‬
‫ت‬ ‫ن فك ِد ْ ُ‬ ‫وت إنسا ٌ‬ ‫وص ّ‬ ‫ت‬
‫ب فاستأنس ُ‬ ‫عوى الذئ ُ‬
‫ن الثوريّ ‪:‬‬ ‫طيُر‬‫عوىأبو ذر إلى الربذةِ ‪ .‬أ ِ‬ ‫وقدإذ ْ‬ ‫ب‬‫بالذئ ِ‬
‫وقال سفيا ُ‬ ‫ّ‬ ‫خرج‬
‫ب ل يعرُفني أحد ٌ ! وفي‬ ‫شعا ِ‬ ‫ب من ال ّ‬ ‫شعْ ٍ‬ ‫ت أني في ِ‬ ‫ود ِد ْ ُ‬
‫م‬‫غن َ ٌ‬ ‫ل المسلم ِ ‪َ :‬‬ ‫خي َْر ما ِ‬ ‫ن يكون َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ث ‪ُ )) :‬يو ِ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ل ‪ ،‬ويفّر بديِنه‬ ‫ر وشعف الجبا ِ‬ ‫ع بها مواقع القط ِ‬ ‫يتب ُ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫فت ِ‬ ‫من ال ِ‬
‫م للعبد ِ الفرار منها ‪ ،‬كما‬ ‫ن كان السل ُ‬ ‫ت الفت ُ‬ ‫فإذا حصل ِ‬
‫ن مسلمة لما قُِتل‬ ‫ن زيدٍ ومحمد ُ ب ُ‬ ‫ةب ُ‬ ‫عمَر وأسام ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫فعل اب ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫عثما ُ‬
‫صد ْرِ إل‬ ‫م الفْقُر والكدُر وضي ِقُ ال ّ‬ ‫ت أناسا ً ما أصابه ُ‬ ‫عرفْ ُ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ ،‬فتجد ُ أحدهم كان غني ّا ً‬ ‫ن اللهِ عّز وج ّ‬ ‫دهم ع ِ‬ ‫ب ب ُعْ ِ‬ ‫بسب ِ‬
‫ن‬
‫ن رّبه ‪ ،‬وفي خيرٍ م ْ‬ ‫ه واسعا ً ‪ ،‬وهو في عافيةٍ م ْ‬ ‫ورزقُ ُ‬
‫عة اللهِ ‪ ،‬وتهاون بالصلةِ ‪ ،‬واقترف‬ ‫ن طا ِ‬ ‫موله ‪ ،‬فأعرض ع ْ‬
‫ة رِْزقِهِ ‪ ،‬وابتلهُ‬ ‫سعَ َ‬ ‫ب ‪ ،‬فسلَبه رّبه عافية بدِنه ‪ ،‬وَ َ‬ ‫كبائر الذنو ِ‬
‫ن بلٍء إلى‬ ‫ن نكد ٍ إلى ن َك َدٍ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫م ‪ ،‬فأصبح م ْ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫بالفْقرِ واله ّ‬
‫ضنكا ً‬ ‫َ‬
‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِذك ْ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫بلٍء ‪َ ﴿ ،‬‬
‫عَلى‬ ‫غيرا ً ن ّعم ً َ‬ ‫﴾ ‪ ﴿ ،‬ذَل ِ َ َ‬
‫ها َ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫ة أن ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫م َ ّ‬ ‫ك ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬
‫ما‬ ‫ُ‬ ‫غيروا ْ ما ب َ‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫م ﴾ ‪ ،‬وقوله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫أن‬ ‫َ ِ‬ ‫حّتى ي ُ َ ّ ُ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عن‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫أ َ‬
‫ق ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ك َِثير﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫هم‬ ‫قي َْنا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ة َل ْ‬ ‫ري َ‬ ‫عَلى الطّ ِ‬ ‫موا َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫وأن أل ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫دقا ً﴾‪.‬‬ ‫غ َ‬ ‫ماء َ‬ ‫ّ‬
‫ة سحرّية ألقيها على همومك‬ ‫ن عندي وصف ً‬ ‫تأ ّ‬ ‫وِدد ُ‬
‫ن أين‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ف ما يأِفكون ‪ ،‬لك ْ‬ ‫مك وأحزاِنك ‪ ،‬فإذا هي تْلق ُ‬ ‫وغمو ِ‬
‫ن عيادةِ علماِء‬ ‫ن سوف أخبُرك بوصفةٍ طبي ّةٍ م ْ‬ ‫لي ؟! ولك ْ‬
‫ق‪،‬‬ ‫شريعةِ ‪ ،‬وهي ‪ :‬اعبد ِ الخالق ‪ ،‬وارض بالرز ِ‬ ‫المل ّةِ ورّواد ال ّ‬
‫صرِ المل ‪ .‬انتهى ‪.‬‬ ‫دنيا ‪ ،‬وق ّ‬ ‫م بالقضاِء ‪ ،‬وازهد ْ في ال ّ‬ ‫وسل ّ ْ‬
‫ه ) وليم‬ ‫م ُ‬ ‫ي ‪ ،‬اس ُ‬ ‫ت العاِلم نفساّني شهيرٍ أمريك ّ‬ ‫عجب ُ‬
‫ن‬
‫ل ‪ :‬إننا نح ُ‬ ‫س عندهم ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫جايمس ( ‪ ،‬هو أبو عِلم النف ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك ‪ ،‬ول نشكُر الله على ما نمل ُ‬ ‫البشُر نفك ُّر فيما ل نمل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪196‬‬
‫ب المأسويّ المظلم ِ في حياِتنا ‪ ،‬ول ننظُر‬ ‫وننظُر إلى الجان ِ‬
‫صنا ‪ ،‬ول‬ ‫سُر على ما ينق ُ‬ ‫ق فيها ‪ ،‬ونتح ّ‬ ‫ِ‬ ‫شر‬ ‫إلى الجانب الم ْ‬
‫شك َرت ُم ل َ‬
‫م ﴾ ‪ )) ،‬وأعوذُ‬ ‫زيدَن ّك ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫نسعد ُ بما عندنا ‪ ﴿ ،‬ل َِئن َ ْ ْ‬
‫ع (( ‪.‬‬‫شب َ ُ‬ ‫س ل تَ ْ‬ ‫ن نف ٍ‬ ‫هم ْ‬ ‫بالل ِ‬
‫مه ‪ ،‬جمع‬ ‫ن أصبح والخرةُ ه ّ‬ ‫ث ‪ )) :‬م ْ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ل غناه في قلِبه ‪ ،‬وأتْته الدنيا‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ه شمله ‪ ،‬و َ‬ ‫الل ُ‬
‫ه‬
‫مه ‪ ،‬فّرق الل ُ‬ ‫ن أصبح والدنيا ه ّ‬ ‫ة ‪ ،‬وم ْ‬ ‫وهي راغم ٌ‬
‫قَرهُ بين عي ْن َْيه ‪ ،‬ولم يأِته من‬ ‫ف ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه شمله ‪ ،‬وجع َ‬ ‫علي ِ‬
‫َ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫سأل ْت َ ُ‬‫ول َِئن َ‬ ‫الدنيا إل ّ ما ك ٌِتب له (( ‪َ ﴿ .‬‬
‫َ‬
‫قول ُ ّ‬
‫ن‬ ‫مَر ل َي َ ُ‬ ‫ق َ‬‫وال ْ َ‬
‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫خَر ال ّ‬‫س ّ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬‫ما َ‬
‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫فأ َّنى ي ُ ْ‬
‫ؤ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫******************************************‬
‫وأخيرا ً اعتر ُ‬
‫فوا‬
‫في إلى جزيرةِ سيبيريا ‪،‬‬ ‫ي ‪ ،‬نُ ِ‬ ‫م روس ٌ‬ ‫) سخروف ( عال ٌ‬
‫ن‬
‫لفكاِره المخالفةٍ لللحادِ ‪ ،‬والكفرِ باللهِ ‪ ،‬فكان ُينادي أ ّ‬
‫ة مؤثرةً في العالم ِ خلف ما يقوُله‬ ‫هناك قوة ً فاعل ً‬
‫ن النفوس‬ ‫الشيوعّيون ‪ :‬ل إله ‪ ،‬والحياةُ مادةٌ ‪ .‬ومعنى هذا ‪ :‬أ ّ‬
‫فطََر الّنا َ‬
‫س‬ ‫ه ال ِّتي َ‬ ‫فطَْرةَ الل ّ ِ‬ ‫مفطورة ٌ على التوحيدِ ‪ِ ﴿ .‬‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ن الملحد ل مكان له هنا وهناك ؛ لنه منكو ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ف لمنهِج الل ِ‬ ‫طرةِ ‪ ،‬خاوي الضميرِ مبتوُر الرادةِ ‪ ،‬مخال ٌ‬ ‫الِف ْ‬
‫ض‪.‬‬ ‫في الر ِ‬
‫ت أستاذا ً مسلما ً في معهدِ الفكرِ السلم ّ‬
‫ي‬ ‫قابل ُ‬
‫ي–‬ ‫ط الشيوعيةِ – أو التحادِ السوفيت ّ‬ ‫بواشنطن قبل سقو ِ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫فئ ِدَت َ ُ‬ ‫بأ ْ‬ ‫قل ّ ُ‬ ‫بسنتين ‪ ،‬فذكر لي هذه الية ‪َ ﴿ :‬ن ُ َ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ون َذَُر ُ‬ ‫َ‬ ‫ؤمُنوا ْ به أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأ َ‬
‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫صا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫م‪﴿ :‬‬ ‫ة فيه ْ‬ ‫م هذه الي ُ‬ ‫ن ﴾ وقال‪ :‬سوف تت ّ‬ ‫هو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫غَيان ِ ِ‬ ‫ط ْ‬
‫ف‬
‫ق ُ‬ ‫س ْ‬‫م ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫عل َ‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫وا‬
‫َ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫هم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫فأ ََتى الل ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ضوا َ َ‬
‫ل‬‫سي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫سل َْنا َ َ‬ ‫فأْر َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪197‬‬
‫م َل‬ ‫ذنبه ﴾ ‪ْ َ ﴿ ،‬‬ ‫فك ُّل ً أ َ َ‬
‫ه ْ‬
‫و ُ‬
‫ة َ‬
‫غت َ ً‬
‫هم ب َ ْ‬
‫في َأت ِي َ ُ‬ ‫خذَْنا ب ِ َ ِ ِ‬ ‫رم ِ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫ع ِ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫****************************************‬
‫ت مع الحمقى‬
‫لحظا ٌ‬
‫ة‬
‫ة رائع ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬ومقال ٌ‬ ‫م عجي ٌ‬ ‫ت في مجلةِ ) الرسالة( كل ٌ‬ ‫للزّيا ِ‬
‫ف الشيوعيةِ ‪ ،‬حينما أرسلوا سفينة الفضاِء إلى‬ ‫في وص ِ‬
‫َ‬
‫حد ُ رّواِدها مقال ً في صحيف ِ‬
‫ة‬ ‫بأ َ‬ ‫ت ‪ ،‬فكت َ‬ ‫القمرِ وعاد ْ‬
‫م‬
‫دنا إلى السماِء فل ْ‬ ‫ل فيها ‪ :‬صعِ ْ‬ ‫) البرافدا( الروسيةِ ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة ول نارا ً ول ملئك ً‬ ‫نجد ْ هناك إلها ً ول جن ً‬
‫مُر‬ ‫ح ُ‬ ‫ة فيها ‪ » :‬عجبا ً لكم أّيها ال ُ‬ ‫ت مقال ً‬ ‫فكتب الزّيا ْ‬
‫شهِ بارزا ً‬ ‫كم على عر ِ‬ ‫ن رب ّ ُ‬ ‫م سوف ت ََروْ َ‬ ‫مقى !! أتظنون أنك ْ‬ ‫الح ْ‬
‫ت يمشين في الحريرِ ‪،‬‬ ‫حور الِعين في الجنا ِ‬ ‫‪ ،‬وسوف ترون ال ُ‬
‫مون رائحة‬ ‫وثرِ ‪ ،‬وسوف تش ّ‬ ‫وسوف تسمعون رقرقة الك ْ‬
‫ن ظننتم ذلك خسرُتم خسرانكم‬ ‫مإ ْ‬ ‫ذبين في النارِ ‪ ،‬إنك ْ‬ ‫المع ّ‬
‫ن ل أفسُر ذلك التيه والضلل والنحراف‬ ‫الذي تعيشونه ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ن‬ ‫م‪.‬إ ّ‬ ‫سك ْ‬ ‫مق إل بالشيوعيةِ واللحاد ِ الذي في رؤو ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫وال ُ‬
‫ل بل خاتمةٍ ‪،‬‬ ‫ض بل سماٍء ‪ ،‬وعم ٌ‬ ‫م بل غدٍ ‪ ،‬وأر ٌ‬ ‫الشيوعية يو ٌ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بأ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ي بل نتيجةٍ ‪ « ..‬إلى آخرِ ما قال ‪ ﴿ ،‬أ ْ‬ ‫وسع ٌ‬
‫َ‬ ‫أَ‬
‫عام ِ ب َ ْ‬
‫ل‬ ‫كاْل َن ْ َ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫لو‬‫ُ‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫عو‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫س‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ ْ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ك‬
‫ها‬ ‫ن بِ َ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ب ل ّ يَ ْ‬ ‫قلو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫سِبيل ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن ل ّ يَ ْ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫مآ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫ن ل ّ ي ُب ْ ِ‬ ‫عي ُ ٌ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫مال ُ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫رم ٍ ﴾ ‪ ﴿ ،‬أ ْ‬ ‫مك ْ ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫من ي ُ‬ ‫و َ‬ ‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫بِ َ‬
‫ح‬
‫ه الّري ُ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫شت َدّ ْ‬ ‫ماٍد ا ْ‬ ‫م ك ََر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مال ُ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ة ﴾ ‪ ﴿ ،‬أَ ْ‬ ‫ع ٍ‬ ‫قي َ‬ ‫ب بِ ِ‬ ‫سَرا ٍ‬ ‫كَ َ‬
‫ف﴾‪.‬‬ ‫ص ٍ‬ ‫عا ِ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫في ي َ ْ‬ ‫ِ‬
‫ت(‪،‬‬ ‫ب ذوي العاها ِ‬ ‫ب ) مذاه ُ‬ ‫ومن كلم ِ العقادِ في كتا ِ‬
‫وهو ينهد ُ غاضبا ً على هذهِ الشيوعيةِ ‪ ،‬وعلى هذا اللحادِ‬
‫ن الفطرة‬ ‫م ما معناه ‪ :‬إ ّ‬ ‫ف الذي وقع في العالم ِ ‪ ،‬كل ٌ‬ ‫السخي ِ‬
‫ل هذا الدين الحقّ ‪ ،‬دين السلم ِ ‪ ،‬أما المعاقون‬ ‫السوّية تقب ُ‬
‫ن‬
‫ل الفكارِ العِفنةِ القاصرةِ ‪ ،‬فإنها يمك ُ‬ ‫عقليا ً والمختلفون وأه ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪198‬‬
‫م لَ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عَلى ُ ُ‬ ‫وطُب ِ َ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ترتكب اللحاد ‪َ ﴿ .‬‬ ‫أ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫هو َ‬ ‫ق ُ‬‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه بما ُيحد ُّثه‬ ‫ة للفكرِ ‪ ،‬وهو أشب ُ‬ ‫ة قاصم ٌ‬ ‫ن اللحاد ضرب ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ف الدهُر أكبر منها‬ ‫ة ما عََر َ‬ ‫مهم ‪ ،‬وهو خطيئ ٌ‬ ‫ل في عال ِ‬ ‫الطفا ُ‬
‫في الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ه سبحانه وتعالى‪ ﴿ :‬أ َ ِ‬ ‫ة ‪ .‬ولذلك قال الل ُ‬ ‫خطيئ ً‬
‫ك‪!! ﴾....‬‬ ‫ش ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ل ذكر اب ُ‬ ‫ك فيه ‪ ،‬وهو ظاهٌر ‪ .‬ب ْ‬ ‫ن المر ل ش ّ‬ ‫يعني ‪ :‬أ ّ‬
‫تيمية ‪ :‬أن الصانع ‪ -‬يعني ‪ :‬الله سبحانه وتعالى – لم ينكْره‬
‫ف به في‬ ‫ه معتر ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬مع العلم ٍ أن ُ‬ ‫أحد ٌ في الظاه ِرِ إل فرعو ُ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل موسى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫باطِنه ‪ ،‬وفي داخلهِ ‪ ،‬ولذلك يقو ُ‬
‫ض‬‫والْر ِ‬
‫َ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬‫ب ال ّ‬ ‫ؤلء إ ِل ّ َر ّ‬ ‫هـ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ما َأنَز َ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن فرعون‬ ‫مث ُْبورا ً ﴾ ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ن َ‬‫عو ُ‬ ‫فْر َ‬ ‫ك َيا ِ‬ ‫وإ ِّني َل َظُن ّ َ‬ ‫صآئ َِر َ‬ ‫بَ َ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه ل إ ِِلـ َ‬ ‫ت أن ّ ُ‬ ‫من ُ‬ ‫ف صرخ بما في قلِبه ‪ ﴿ :‬آ َ‬ ‫في آخر المطا ِ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وأن َا ْ ِ‬ ‫ل َ‬‫سَراِئي َ‬ ‫ه ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫من َ ْ‬
‫ذي آ َ‬ ‫إ ِل ّ ال ّ ِ‬
‫**************************************‬
‫ة‬
‫ق النجا ِ‬
‫ن طري ُ‬
‫اليما ُ‬
‫ه يتجّلى في عصرِ العلم ِ ( ‪ ،‬وكتاب‬ ‫ب ) الل ُ‬ ‫في كتا ِ‬
‫ن أكثر‬ ‫تأ ّ‬ ‫ة وهي ‪ :‬وجد ُ‬ ‫ن ( حقيق ٌ‬ ‫ب اليما ِ‬ ‫حرا ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫) الط ّ‬
‫ن‬
‫مه ‪ ،‬هو اليما ُ‬ ‫مه وغمو ِ‬ ‫ن همو ِ‬ ‫معين للعبدِ في التخّلص م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ري إ ِلى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأ َ‬ ‫باللهِ عّز وج ّ‬
‫م ِ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ض المرِ إليه ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل‪ ،‬وتفوي ُ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬
‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬‫ما أ َ‬ ‫ه﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫قل ْب َ ُ‬‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫من ِبالل ّ ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫يُ ْ‬
‫ن هذا بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬يهد ِ قلبهَ للرضا والتسليم ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن يعل ْ‬ ‫م ْ‬
‫ل ال ِّتي‬ ‫غل َ َ‬ ‫وال ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬‫أو نحو ذلك ‪َ ﴿ ،‬‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ت َ َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كان َ ْ‬
‫من الله إل قد ْ‬ ‫ِ‬ ‫م أني لم‬ ‫وأعل ُ‬
‫ى قبلي‬ ‫ً‬ ‫ت فت‬ ‫أصاب ْ‬ ‫ة‬
‫صْبني مصيب ٌ‬ ‫تُ ُ ِ‬
‫ب اللمِعين ‪ ،‬مثل ) كرسي مريسون ( ‪ ،‬و‬ ‫إن كّتاب الغر ِ‬
‫ن المنقذ‬ ‫) ألكس كاريل ( ‪ ،‬و ) دايل كارنيجي ( ‪ ،‬يعترفون أ ّ‬
‫ن باللهِ عّز‬ ‫ب الماديّ المتدهورِ في حياتهم إنما هو اليما ُ‬ ‫للغر ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪199‬‬
‫ث‬
‫ن السبب الكبير والسّر العظم في حواد ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وذكروا أ ّ‬ ‫وج ّ‬
‫ب ‪ ،‬إّنما هو اللحاد ُ‬ ‫ت ظاهرة ً في الغر ِ‬ ‫ت التي أصبح ْ‬ ‫النتحارا ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ب العالمين ‪ ﴿ ،‬ل َ ُ‬ ‫ل–ر ّ‬ ‫ن الله – عّز وج ّ‬ ‫ضع ِ‬ ‫والعرا ُ‬
‫ر ْ‬
‫ك‬ ‫ش ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ب﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫سوا ي َ ْ‬ ‫ما ن َ ُ‬ ‫ديدٌ ب ِ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫بالل ّه َ َ‬
‫و‬‫ه الطّي ُْر أ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫خط َ ُ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫خّر ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فك َأن ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق ﴾‪.‬‬ ‫حي ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫في َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه الّري ُ‬ ‫وي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ت جريدةُ ) الشرق الوسط ( في عددها بتاريخ ‪/21‬‬ ‫ذكر ْ‬
‫ي‬
‫س المريك ّ‬ ‫ت عقيلةِ الرئي ِ‬ ‫ن مذكرا ِ‬ ‫‪ 1415 /4‬هـ ‪ ،‬نقل ً ع ْ‬
‫ن مرةٍ ‪،‬‬ ‫ت النتحار أكثر م ْ‬ ‫ق ) جورج بوش ( ‪ :‬أّنها حاول ِ‬ ‫الساب ِ‬
‫ت‬‫ه ‪ ،‬وحاول ْ‬ ‫ب الموت مظان ّ ُ‬ ‫ت السيارة إلى الهاويةِ تطل ُ‬ ‫وقاد ِ‬
‫ن تختنق ‪.‬‬ ‫أ ْ‬
‫ل فيها مع المسلمين‬ ‫ن معركة ُأحد ٍ يقات ُ‬ ‫لقد ْ حضر قزما ُ‬
‫ة ‪ .‬فقال ‪: ‬‬ ‫س ‪ :‬هنيئا ً له الجن ُ‬ ‫ل قتال ً شديدا ً ‪ .‬قال النا ُ‬ ‫فقات ُ‬
‫حه فلم يصبْر ‪،‬‬ ‫ت به جرا ُ‬ ‫ر((!! فاشتد ْ‬ ‫ل النا ِ‬ ‫ن أه ِ‬ ‫هم ْ‬ ‫))إن ُ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عي ُ ُ‬‫س ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف فمات‪﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫ل نفسه بالسي ِ‬ ‫فََقت َ َ‬
‫صْنعا ً﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن ُ‬ ‫سُنو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫عن‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫وهذا معنى قول ِهِ سبحانه وتعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِذك ْ ِ‬
‫ت‬
‫ل هذهِ المورِ ‪ ،‬مهما بلغ ْ‬ ‫م على مث ِ‬ ‫ن المسلم ل يقد ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن ُتنهيا‬ ‫ن ركعتين بوضوٍء وخشوٍع وخضوٍع كفيلتان أ ْ‬ ‫ل‪.‬إ ّ‬ ‫الحا ُ‬
‫ل‬ ‫ن آَناء الل ّي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ط‪َ ﴿،‬‬ ‫م والحبا ِ‬ ‫م والكدرِ واله ّ‬ ‫ل هذا الغ ّ‬ ‫ك ّ‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬ ‫ك ت َْر َ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫ر لَ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ف الن ّ َ‬ ‫وأ َطَْرا َ‬ ‫ح َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ن انحراِفه‬ ‫ن هذا العالم ِ ‪ ،‬وع ِ‬ ‫لع ْ‬ ‫ن القرآن يتساء ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن﴾ ؟! ما هو الذي‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م َل ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫وضلِله فيقو ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت الحج ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وقام ِ‬ ‫ت المحج ُ‬ ‫ضح ِ‬ ‫ن‪ ،‬وقد ْ و ُ‬ ‫ن اليما ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫يرّده ْ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ري‬‫ِ‬ ‫سن ُ‬ ‫ن‪َ ﴿ .‬‬ ‫ل ‪ ،‬وظهر الحقّ ‪ ،‬وسطع البرها ُ‬ ‫وبان الدلي ُ‬
‫َ‬ ‫في َ‬
‫ه‬‫م أن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬ ‫و ِ‬ ‫ق َ‬ ‫فا ِ‬ ‫في اْل َ‬ ‫آَيات َِنا ِ‬
‫ه‬
‫ن الله إل ٌ‬ ‫ن محمدا ً ‪ ‬صادقٌ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن له ْ‬ ‫ق﴾ ‪ ،‬يتبي ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن يعتنقه‬ ‫ل يستحقّ أ ْ‬ ‫ن كام ٌ‬ ‫ن السلم دي ٌ‬ ‫يستحقّ العبادة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪200‬‬
‫د‬ ‫ف َ‬
‫ق ِ‬ ‫ن َ‬
‫س ٌ‬
‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ه ُ‬‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ِ ْ‬‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬‫م‪َ ﴿،‬‬‫العال ُ‬
‫قى﴾‪.‬‬ ‫وث ْ َ‬‫ة ال ْ ُ‬
‫و ِ‬ ‫عْر َ‬‫ك ِبال ْ ُ‬ ‫س َ‬‫م َ‬
‫ست َ ْ‬
‫ا ْ‬
‫******************************‬
‫ت‬ ‫حتى الك ُ ّ‬
‫فاُر درجا ٌ‬
‫س ) جورج بوش ( بعنوان ) سيرةٌ‬ ‫ت الرئي ِ‬ ‫في مذكرا ِ‬
‫س التحادِ‬ ‫إلى المام ِ ( ‪ :‬ذكر أّنه حضر جنازة برجنيف ( ‪ ،‬رئي ِ‬
‫ة‪،‬‬‫ة قاتم ً‬ ‫ي في موسكو ‪ ،‬قال فوجدُتها جنازةً مظلم ً‬ ‫السوفيت ّ‬
‫ي وأولئك‬ ‫ن )بوش ( نصران ّ‬ ‫ح‪.‬ل ّ‬ ‫ن ول رو ٌ‬ ‫ليس فيها إيما ٌ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫مُنوا ْ ال ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ودّةً ل ّل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫ه ْ‬‫قَرب َ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫جد َ ّ‬ ‫ول َت َ ِ‬ ‫ملحدةٌ ﴿ َ‬
‫ه‬
‫صاَرى ﴾ ‪ .‬فانظْر كيف أدرك هذا مع ضلل ِ ِ‬ ‫وا ْ إ ِّنا ن َ َ‬ ‫قال ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن المر أصبح نسبي ّا ً فكيف لو ع ََرف بوش‬ ‫انحراف أولئك ‪ ،‬ل ّ‬
‫سل َم ِدينا ً‬ ‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫غ َ‬
‫ِ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫السلم ‪ ،‬دين اللهِ الحقّ ؟! ﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قب َ َ‬ ‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن تيمية ‪ ،‬وهو‬ ‫كرني هذا بمقالةٍ لشيِخ السلم ِ اب ِ‬ ‫وذ ّ‬
‫ق الضال ّةِ الصوفي ِ‬
‫ة‬ ‫ث عن أحدِ البطائحيةِ ) الفر ِ‬ ‫يتحد ّ ُ‬
‫م يا ابن‬ ‫ن تيمية ‪ :‬ما لك ْ‬ ‫ي لب ِ‬ ‫ل هذا البطائح ّ‬ ‫المنحرفةِ ( ‪ .‬يقو ُ‬
‫ت كرامُتنا‬ ‫م – يعني أهل السنةِ – بار ْ‬ ‫تيمية إذا جْئنا إليك ْ‬
‫ت كرامُتنا؟‬ ‫ل الكفارِ ظهر ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وإذا ذهْبنا إلى التِتر المغو ِ‬ ‫وبطل ْ‬
‫ل التتارِ ؟ أما‬ ‫كم ومث َ ُ‬ ‫ن تيمية ‪ :‬أتدري ما مثُلنا ومثل ُ ُ‬ ‫قال اب ُ‬
‫سود ٌ ‪ ،‬فالبلقُ إذا دخل‬ ‫ض ‪ ،‬وأنتم ب ُل ْقٌ ‪ ،‬والتتُر ُ‬ ‫ل بي ٌ‬ ‫ن فخيو ٌ‬ ‫نح ُ‬
‫م‬ ‫بين السودِ أصبح أبيض ‪ ،‬وإذا خالط البض أصبح أسود ‪ ،‬فأنت ْ‬
‫ل الكفرِ ظ َهََر هذا‬ ‫م مع أه ِ‬ ‫ن نورٍ ‪ ،‬إذا دخلت ْ‬ ‫ةم ْ‬ ‫م بقي ٌ‬ ‫عندك ْ‬
‫ن أهل النورِ العظم ِ والسنة ‪ ،‬ظهر‬ ‫النوُر وإذا أتيُتم إلينا ونح ُ‬
‫ما‬ ‫ل التتار ‪َ ﴿ .‬‬ ‫كم ومثُلنا ومث ُ‬ ‫مكم وسواُدكم ‪ ،‬فهذا مثل ُ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ظل ُ‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫في َر ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬‫جو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ض ْ‬ ‫ن اب ْي َ ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫إرادةٌ فولذي ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪201‬‬
‫ب ‪ ،‬وفي‬ ‫س في الغر ِ‬ ‫ن بلد ِ السلم ِ يدر ُ‬ ‫بم ْ‬ ‫ذهب طال ٌ‬
‫ت ‪ ،‬فسكن مع أسرةٍ بريطانيةٍ كافرةٍ ‪ ،‬ليتعّلم‬ ‫لندن بالذا ِ‬
‫ب‬‫ظ مع الفجرِ الباكرِ ‪ ،‬فيذه ُ‬ ‫اللغة ‪ ،‬فكان متدّينا ً وكان يستيق ُ‬
‫ُ‬
‫ب إلى‬ ‫م يذه ُ‬ ‫إلى صنبورِ الماِء ويتوضأ ‪ ،‬وكان ماًء باردا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫ت عجوٌز في‬ ‫مد ُ ‪ ،‬وكان ْ‬ ‫ح َ‬‫ح وي َ ْ‬ ‫مصل ّهُ فيسجد ُ لرّبه ويركعُ ويسب ُ‬
‫ل ؟ قال ‪:‬‬ ‫ه دائما ً ‪ ،‬فسألْته بعد أيام ٍ ‪ :‬ماذا تفع ُ‬ ‫ت تلحظ ُ‬ ‫البي ِ‬
‫خْرت الوقت الباكر‬ ‫ت ‪ :‬فلو أ ّ‬ ‫ن أفعل هذا ‪ .‬قال ْ‬ ‫أمرني ديني أ ْ‬
‫ن ربي ل يقب ُ‬
‫ل‬ ‫م تستيقظ ‪ .‬قال ‪ :‬لك ّ‬ ‫مك ث ّ‬ ‫حتى ترتاح في نو ِ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ت رأسها ‪ ،‬وقال ْ‬ ‫ت الصلة عن وقِتها ‪ .‬فهّز ْ‬ ‫خر ُ‬ ‫مّني إذا أ ّ‬
‫وَل ب َي ْ ٌ‬
‫ع‬ ‫جاَرةٌ َ‬ ‫م تِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫هي ِ‬
‫جا ٌ ّ ْ‬
‫ل ل ت ُل ِ‬ ‫ر َ‬ ‫إرادةٌ تكسُر الحديد !! ﴿ ِ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫صَل ِ‬ ‫قام ِ ال ّ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن التوحيد ِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬وسلطا ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وقوةُ اليقي ِ‬ ‫إّنها إرادةُ اليما ِ‬
‫ت إلى سحرةِ فرعون وقد ْ آمنوا‬ ‫هذهِ الرادة ُ هي التي أوح ْ‬
‫ي بين موسى‬ ‫ب العالمين في لحظةِ الصراِع العالم ّ‬ ‫باللهِ ر ّ‬
‫ما‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤث َِر َ‬ ‫قاُلوا َلن ن ّ ْ‬ ‫وفرعون ‪ ،‬قالوا لفرعون ‪َ ﴿ :‬‬
‫قض ما َ‬ ‫فطََرَنا َ‬
‫ض‬
‫ٍ‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫أن‬ ‫فا ْ ِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ال ْب َي َّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫جاءَنا ِ‬ ‫َ‬
‫دوا‬ ‫ن يؤ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫سمع بمثل ِهِ ‪ ،‬وأصبح عليه ْ‬ ‫دي الذي ما ُ‬ ‫﴾ ‪ .‬وهو التح ّ‬
‫ن يبّلغوا الكلمة الصادقة‬ ‫هذه الرسالة في هذه اللحظةِ ‪ ،‬وأ ْ‬
‫القوية إلى هذا الملحدِ الجبارِ ‪.‬‬
‫ن زيدٍ إلى مسيلمة يدعوه إلى‬ ‫بب ُ‬ ‫لقد ْ دخل حبي ُ‬
‫ة ‪ ،‬فما‬ ‫ة قطع ً‬ ‫ف قطع ً‬ ‫ه بالسي ِ‬ ‫ة يقطعُ ُ‬ ‫التوحيدِ ‪ ،‬فأخذ مسيلم ُ‬
‫داء‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ب شهيدا ً ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ن ول صاح ول اهتّز حتى لقي ر ّ‬ ‫أ ّ‬
‫َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫وُنوُر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫عندَ َرب ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت ‪ ،‬فأنشد ‪:‬‬ ‫ن عديّ على مشنقةِ المو ِ‬ ‫بب ُ‬ ‫خبي ُ‬ ‫وُرفع ُ‬
‫ب كان في‬ ‫على أيّ جن ٍ‬ ‫ت أبالي حين‬ ‫ولس ُ‬
‫اللهِ مصرعي‬ ‫ل مسلما ً‬ ‫ُأقت ُ‬
‫**************************************‬
‫ه‬
‫فطرة الل ِ‬
‫ح‪،‬‬
‫ت الري ُ‬
‫م وزمجر الّرع ْد ُ وقصف ِ‬ ‫إذا اشتد ّ الظل ُ‬
‫ج‬
‫و ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ُ‬
‫جاء ُ‬‫و َ‬
‫ف َ‬‫ص ٌ‬
‫عا ِ‬
‫ح َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ها ِ‬
‫جاءت ْ َ‬
‫ة‪َ ﴿ .‬‬
‫ت الفطر ُ‬‫استيقظ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪202‬‬
‫وا ْ الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع ُ‬ ‫م دَ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حيط ب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫م أُ ِ‬ ‫ه ْ‬
‫َ‬
‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫م َ‬‫ل َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫ن المسلم يدعو رّبه في الشد ّ ِ‬ ‫ن﴾ ‪ .‬غَي َْر أ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫وَل أن ّ ُ‬ ‫فل َ ْ‬‫والرخاِء ‪ ،‬والسراِء والضراِء ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫في ب َطْن ِ ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫ن}‪ {143‬ل َل َب ِ َ‬ ‫حي َ‬ ‫سب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ل الله وقت حاجِته وهو متضّرع ٌ إلى رّبه ‪،‬‬ ‫ن الكثير يسأ ُ‬ ‫‪.‬إ ّ‬
‫لل‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫فإذا تحّقق مطلُبه أعرض ونأى بجانِبه ‪ ،‬والل ُ‬
‫ن ‪ ،‬ول ُيخادع ُ كما ُيخادعُ‬ ‫ب على الولدا ِ‬ ‫ب عليه كما ُيلع ُ‬ ‫ُيلع ُ‬
‫ن الذين‬ ‫م﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫ل ‪ ﴿ ،‬يُ َ‬ ‫الطف ُ‬
‫م إل تلميذ ٌ لذاك‬ ‫صنائِع ما ه ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫يلتجئون إلى اللهِ في وق ِ‬
‫ن‪﴿:‬‬ ‫ت الوا ِ‬ ‫ه بعد فوا ِ‬ ‫ف فرعون ‪ ،‬الذي قيل ل ُ‬ ‫ل المنحر ِ‬ ‫الضا ّ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن َ‬ ‫و ُ‬‫ل َ‬ ‫ت َ‬
‫قب ْ ُ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫آل َ‬
‫ق‬
‫ل العرا ُ‬ ‫ت هيئة الذاعةِ البريطانيةِ ُتخبُر حين احت ّ‬ ‫سمع ُ‬
‫الكويت ‪ :‬أن تاتشر رئيسة الوزراِء البريطانية السابقة كانت‬
‫ت إلى‬ ‫رع ْ‬ ‫ت الخبر هُ ِ‬ ‫في وليةِ كلورادو المريكيةِ ‪ ،‬فلما سمع ِ‬
‫ت!‬ ‫الكنيسةِ وسجد ْ‬
‫مث ْ ِ‬
‫ل‬ ‫ظ الفطرةِ عند ِ‬ ‫ول أفسُر هذه الظاهرة إل باستيقا ِ‬
‫ن‬
‫رهم وضلِلهم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل ‪ ،‬مع كف ِ‬ ‫رها عّز وج ّ‬ ‫هؤلِء إلى فاط ِ‬
‫ل مولوِد‬ ‫ن بهِ تعالى ‪ )) :‬ك ّ‬ ‫النفوس مفطورة ٌ على اليما ِ‬
‫صراِنه أو‬ ‫ه أو ين ّ‬ ‫ودان ِ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬فأبواهُ يه ّ‬ ‫ُيولدُ على الفطر ِ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫جسان ِ ِ‬ ‫يم ّ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫ق ‪ ،‬فإّنه‬
‫خر الّرز ِ‬‫ن على تأ ّ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ى‬
‫م ً‬‫ل مس ّ‬ ‫بأج ٍ‬
‫ق‬
‫ق ‪ ،‬ويبادُر الزمن ‪ ،‬ويقل ُ‬ ‫الذي يستعج ُ‬
‫ل نصيبه من الّرز ِ‬
‫خرِ رغباِته ‪ ،‬كالذي يسابقُ المام في الصلةِ ‪ ،‬ويعُلم‬ ‫ن تأ ّ‬
‫م ْ‬
‫رغ‬‫درةٌ ‪َ ،‬فُ ِ‬
‫م إل بْعد المام! فالموُر والرزاقُ مق ّ‬‫أّنه ل يسل ّ ُ‬
‫مُر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق الخليقةِ ‪ ،‬بخمسين ألف سنةٍ ‪ ﴿ ،‬أَتى أ ْ‬ ‫منها قبل خل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪203‬‬
‫فل َ َرآ ّ‬
‫د‬ ‫ر َ‬ ‫خي ْ ٍ‬‫ك بِ َ‬‫رد ْ َ‬‫وِإن ي ُ ِ‬‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫جُلو ُ‬
‫ع ِ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫لِ َ‬
‫م إني أعوذ ُ بك من جلد ِ الفاجرِ ‪،‬‬ ‫ل عمُر ‪ » :‬الّله ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت‬‫ة ‪ .‬فلقد ْ ط ُْف ُ‬ ‫ة صادق ٌ‬ ‫ة عظيم ٌ‬ ‫وعجزِ الثقةِ « ‪ .‬وهذهِ كلم ٌ‬
‫ل‪،‬‬‫ن أعداِء اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ت كثيرا ً م ْ‬ ‫بفكري في التاريِخ ‪ ،‬فوجد ُ‬
‫ب‬‫ج َ‬ ‫ح ‪ :‬العَ َ‬ ‫ّ‬
‫ب والجلدِ والمثابرةِ والطمو ِ‬ ‫دأ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫عنده ْ‬
‫ل‬
‫م من الكس ِ‬ ‫ت كثيرا ً من المسلمين عنده ْ‬ ‫ب ‪ .‬ووجد ُ‬ ‫الُعجا َ‬
‫مق‬
‫ت عُ ْ‬ ‫م ‪ ،‬فأدرك ُ‬ ‫ه به علي ٌ‬ ‫ل ‪ :‬ما الل ُ‬ ‫ل والّتخاذ ُ ِ‬ ‫والفتورِ والّتواك ُ ِ‬
‫ه عنه ‪. -‬‬ ‫مَر – رضي الل ُ‬ ‫كلمةِ عُ َ‬
‫*****************************************‬
‫ع‬
‫ل الناف ِ‬
‫س في العم ِ‬
‫انغم ْ‬
‫ف والعاص بن وائل‬ ‫خل َ ٍ‬ ‫ن الوليد بن المغيرةِ وُأمية بن َ‬ ‫أ ّ‬
‫ق﴿‬ ‫أنفقوا أموالهم في محاربةِ الرسالةِ ومجابهةِ الح ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫غل َُبو َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫سَرةً ث ُ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ن َ َ‬‫كو ُ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ها ث ُ ّ‬ ‫قون َ َ‬ ‫ف ُ‬‫سُين ِ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ،‬لئل ّ ُيشاد بها‬ ‫ن كثيرا ً من المسلمين يبخلون بأمواِله ْ‬ ‫ولك ّ‬
‫ما‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ ْ‬ ‫من ي َب ْ َ‬ ‫و َ‬‫ن﴿ َ‬ ‫ح اليما ِ‬ ‫مناُر الفضيلةِ ‪ ،‬وُيبنى بها صر ُ‬
‫جُز الثقةِ ‪.‬‬ ‫جر وع ْ‬ ‫جل َد ُ الفا ِ‬ ‫ه ﴾ ‪ ،‬وهذا َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عن ن ّ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ي َب ْ َ‬
‫ت ) جولدا مائير ( اليهوديةِ ‪ ،‬بعنوان ) الحقد (‬ ‫كرا ِ‬ ‫في مذ ّ‬
‫ت عشرة‬ ‫لس ّ‬ ‫ل حياِتها تعم ُ‬ ‫ن مراح ِ‬ ‫‪ :‬فإذا هي في مرحلةٍ م ْ‬
‫ضال ّةِ وأفكاِرها‬ ‫ة بل انقطاٍع ‪ ،‬في خدمةِ مبادِئها ال ّ‬ ‫ساع ً‬
‫ن شاء‬ ‫ة ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ت مع ) بن جوريون ( دول ً‬ ‫المنحرفةِ ‪ ،‬حتى أوجد ْ‬
‫فلينظ ُْر كتابها ‪.‬‬
‫ة‬
‫ن أبناِء المسلمين ل يعملون ولو ساع ً‬ ‫ت ألوفا ً م ْ‬ ‫ورأي ُ‬
‫ما‬ ‫ب ونوم ٍ وضياٍع ﴿ َ‬ ‫شر ٍ‬ ‫لو ُ‬ ‫م في لهو وأك ٍ‬ ‫واحدةً ‪ ،‬إنما ه ْ‬
‫م إ َِلى‬ ‫قل ْت ُ ْ‬‫ه اّثا َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫م ان ِ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫قي َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ر‬ ‫ال َ‬
‫ْ ِ‬
‫ً‬
‫كان عمُر دؤوبا في عمله ليل ً ونهارا ‪ ،‬قليل النوم ‪ .‬فقال‬ ‫ً‬
‫سي ‪ ،‬ولو‬ ‫ت نْف ِ‬ ‫ل ضاع ْ‬ ‫ت في الّلي ِ‬ ‫م ؟ قال ‪ :‬لو نم ُ‬ ‫أهُله ‪ :‬أل تنا ُ‬
‫ت رعي ِّتي ‪.‬‬ ‫ت في النهارِ ضاع ْ‬ ‫نم ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪204‬‬
‫ف‬‫ك ) موشى ديان ( بعنوان ) السي ُ‬ ‫ت الهال ِ‬ ‫في مذكرا ِ‬
‫ن مدينةٍ إلى‬ ‫م ( ‪ :‬كان يطيُر من دولةٍ إلى دولةٍ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫والحك ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫مدينةٍ ‪ ،‬نهارا ً وليل ً ‪ ،‬سّرا ً وجهرا ً ‪ ،‬ويحضُر الجتماعا ِ‬
‫ب‬
‫ت ‪ ،‬والمعاهدات ‪ ،‬ويكت ُ‬ ‫صفقا ِ‬ ‫سقُ ال ّ‬ ‫ت ‪ ،‬وين ّ‬ ‫ويعقد ُ المؤتمرا ِ‬
‫ة‬
‫ن القرد ِ‬ ‫جل َد ُ إخوا ِ‬ ‫ت ‪ :‬واحسرتاهُ ‪ ،‬هذا َ‬ ‫ت ‪ .‬فقل ُ‬ ‫كرا ِ‬ ‫المذ ّ‬
‫ن هذا جلد ُ‬ ‫جُز كثيرٍ من المسلمين ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫والخنازيرِ ‪ ،‬وذاك عَ ْ‬
‫جُز الثقةِ ‪.‬‬ ‫الفاجرِ وعَ ْ‬
‫ن ذ ُهْ ِ‬
‫ل‬ ‫م ْ‬ ‫بنو الّلقطيةِ ِ‬ ‫ن لم‬ ‫ن ماز ٍ‬ ‫تم ْ‬ ‫لو كن ُ‬
‫والفراغ ‪ ،‬وأخرج‬ ‫شْيبانا‬ ‫والبطالة‬ ‫ن‬ ‫ب ِ‬ ‫بليعمُر العطالة‬ ‫حإِ‬
‫حارب‬ ‫تستب ِ ْ‬ ‫لقد ْ‬
‫شبابا ً سكنوا المسجد ‪ ،‬فضربهم وقال ‪ :‬اخرجوا واطلبوا‬
‫ن مع الفراغ‬ ‫ة‪.‬إ ّ‬ ‫ن السماء ل تمطُر ذهبا ً ول فض ً‬ ‫الّرزق ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ي والنهياًر‬ ‫ض النفس ّ‬ ‫والعطالةِ ‪ :‬الوساوس والكد ََر والمر َ‬
‫ط ‪ :‬السرور‬ ‫ل والنشا ِ‬ ‫ن مع العم ِ‬ ‫م ‪ .‬وإ ّ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ي واله ّ‬ ‫العصب ّ‬
‫م‪،‬‬‫م والغ ّ‬ ‫حُبور والسعادة ‪ .‬وسوف ينتهي عندنا القلقُ واله ّ‬ ‫وال ُ‬
‫ل بدورِهِ في‬ ‫ة إذا قام ك ّ‬ ‫ة والنفسي ّ ُ‬ ‫ة والعصبي ّ ُ‬ ‫ض العقلي ّ ُ‬ ‫والمرا ُ‬
‫ت‬‫ل ‪ ،‬وفتح ِ‬ ‫ت المعام ُ‬ ‫ت المصانعُ ‪ ،‬واشتغل ِ‬ ‫مل ِ‬ ‫الحياةِ ‪ ،‬فعُ ِ‬
‫ت‬‫ة ‪ ،‬والمخيما ُ‬ ‫ة والدعوي ّ ُ‬ ‫ة والتعاوني ّ ُ‬ ‫ت الخيري ّ ُ‬ ‫الجمعّيا ُ‬
‫رها ‪﴿ ..‬‬ ‫ة وغَي ْ ُ‬ ‫ت العلمي ّ ُ‬ ‫دورا ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ت الدبي ّ ُ‬ ‫ملتقيا ُ‬ ‫والمراكُز وال ُ‬
‫قوا﴾‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫في اْل َ‬ ‫مُلوا ْ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫و ُ‬
‫ض﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫شُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫لا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫َ‬
‫ل من‬ ‫ه داود كان يأك ُ‬ ‫ي الل ِ‬ ‫عوا ْ﴾ ‪ )) ،‬وإن نب ّ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬ ‫‪َ ﴿،‬‬
‫ده (( ‪.‬‬ ‫لي ِ‬ ‫عم ِ‬
‫ن‬
‫دث ع ْ‬ ‫ة الحياةِ ( ‪ ،‬تح ّ‬ ‫ب ‪ ،‬بعنوان ) صناع ُ‬ ‫وللّراشدِ كتا ٌ‬
‫س ل يقومون‬ ‫ً‬ ‫ب ‪ ،‬وذ َك ََر أ ّ‬
‫ن كثيرا من النا ِ‬ ‫هذهِ المسالةِ بإسها ٍ‬
‫بدوِرهم في الحياةِ ‪.‬‬
‫ت ‪ ،‬ل ُيدركون‬ ‫س أحياٌء ‪ ،‬ولكّنهم كالموا ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكثيٌر من النا‬
‫م ‪ ،‬ول‬ ‫ُ‬
‫مِته ْ‬ ‫سّر حياِتهم ‪ ،‬ول ُيقدمون لمستقبلهم ول ل ّ‬
‫ف ﴾ ‪ ﴿ ،‬لّ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬ ‫ضوا ْ ب َِأن ي َ ُ‬ ‫سهم خيرا ً ﴿ َر ُ‬ ‫لنف ِ‬
‫ُ‬
‫ر‬
‫ضَر ِ‬ ‫وِلي ال ّ‬ ‫غي ُْر أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫قا ِ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪205‬‬
‫م مسجد الرسول ‪‬‬ ‫ت تُق ّ‬ ‫ن المرأة السوداء التي كان ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫م ٌ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫دورِ الجنة ﴿ َ‬ ‫ت بهذا ال ّ‬ ‫ت بدوِرها في الحياةِ ‪ ،‬ودخل ْ‬ ‫قام ْ‬
‫َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫جب َت ْك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫رك َ ٍ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ة َ‬ ‫من َ ٌ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ه‬
‫دى ما علي ِ‬ ‫ل‪‬أ ّ‬ ‫مْنبر للرسو ِ‬ ‫صن َعَ ال ِ‬ ‫م الذي َ‬ ‫وكذلك الغل ُ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ن موهلته في الّنجارةِ ﴿ َ‬ ‫‪ ،‬وكسب اجرا ً بهذا المرِ ‪ ،‬ل ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫هد َ ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن إ ِل ّ ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل َ يَ ِ‬
‫ة عام ‪ 1985‬م‬ ‫ت المتحدة ُ المريكي ّ ُ‬ ‫ت الوليا ُ‬ ‫سمح ِ‬
‫ن المجرمين‬ ‫دعاةِ المسلمين سجون أمريكا ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫بدخو ِ‬
‫ة ‪ ،‬إذا اهتد َْوا إلى السلم ِ ‪ ،‬أصبحوا أعضاًء‬ ‫والمرّوجين والَقت َل َ َ‬
‫كان ميتا ً َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫حي َي َْنا ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫من َ َ َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م﴿أ َ‬ ‫صالحين في مجتمعاِته ْ‬
‫س ﴾‪.‬‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫شي ب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُنورا ً ي َ ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫سداد في‬ ‫ن أراد ال ّ‬ ‫ن لم ْ‬ ‫ن ‪ ،‬نافعا ِ‬ ‫ن عظيما ِ‬ ‫ن اثنا ِ‬ ‫دعاءا ِ‬
‫ث والوقائِع ‪.‬‬ ‫س عند الحدا ِ‬ ‫ط النف ِ‬ ‫المورِ وضب ْ ِ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ن الرسول ‪ ‬قال ل ُ‬ ‫ي‪،‬أ ّ‬ ‫ث عل ّ‬ ‫ل ‪ :‬حدي ُ‬ ‫الو ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫دني (( ‪ .‬رواه ُ مسل ٌ‬ ‫م اهدِني وسدّ ْ‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫)) ُ‬
‫حصْين بن عبيد ٍ ‪ ،‬عند أبي داود ‪ :‬قال‬ ‫ث ُ‬ ‫الثاني ‪ :‬حدي ُ‬
‫قني شّر‬ ‫دي ‪ ،‬و ِ‬ ‫م ألهمني ُرش ْ‬ ‫ل ‪ :‬الّله ّ‬ ‫له ‪ )) : ‬ق ْ‬
‫فسي (( ‪.‬‬ ‫نَ ّ‬
‫فأكثُر ما يجني عليه‬ ‫ن‬ ‫ن عو ٌ‬ ‫م يك ْ‬ ‫إذا ل ْ‬
‫ة‬
‫ش ‪ ،‬وكراه ِي َ ُ‬ ‫ب العي ْ ِ‬ ‫وحهُ ّ‬ ‫اجتهاد ُ‬ ‫شقُ البقاِء ‪،‬‬ ‫للفتىوع ْ‬ ‫بالحياة ‪،‬‬ ‫من اللهِ‬ ‫الّتعل ّقُ‬
‫مل َقَ والقلق‬ ‫صدرِ وال َ‬ ‫ضيقَ ال ّ‬ ‫ت ‪ُ ،‬يورد ُ العبد َ ‪ :‬الكد ََر و ِ‬ ‫المو ِ‬
‫ة‬
‫قهم بالحيا ِ‬ ‫والرق والّرهق ‪ ،‬وقد لم الله اليهود على تعل ّ ِ‬
‫الدنيا ‪ ،‬فقال ‪ ﴿ :‬ول َت َجدن ّهم أ َ‬
‫ة‬‫حَيا ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ص‬‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ ِ َ ُ ْ‬
‫َ‬
‫مُر أل ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ة‬
‫سن َ ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ّ‬‫و يُ َ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫حد ُ ُ‬ ‫ود ّ أ َ‬ ‫كوا ْ ي َ َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫صيٌر‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ب أن ي ُ َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ز ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مَز ْ‬ ‫و بِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ي‬
‫وهنا قضايا ‪ ،‬منها ‪ :‬تنكيُر الحياةِ ‪ ،‬والمقصود ُ ‪ :‬أّنها أ ّ‬
‫ت‬ ‫ت ‪ ،‬ولو كان ْ‬ ‫جماوا ِ‬ ‫ت حياة البهائم ِ والع ْ‬ ‫حياةٍ ‪ ،‬ولو كان ْ‬
‫م يحرصون عليها ‪.‬‬ ‫ة فإّنه ْ‬ ‫ة رخيص ً‬ ‫شخصي ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪206‬‬
‫ن اليهوديّ كان يلقى‬ ‫ف سنةٍ ل ّ‬ ‫ظ ‪ :‬أل ِ‬ ‫ومنها ‪ :‬اختياُر لف ِ‬
‫ش ألف‬ ‫ع ْ‬ ‫م صباحا ً ألف سنةٍ ‪ .‬أي ‪ِ :‬‬ ‫ع ْ‬ ‫ه‪ِ :‬‬ ‫لل ُ‬ ‫اليهوديّ فيقو ُ‬
‫م يريدون هذا العمر‬ ‫ه وتعالى أنه ْ‬ ‫سنةٍ ‪ .‬فذكر سبحان ُ‬
‫ة ؟! مصيُرهم إلى ناٍر‬ ‫ن لو عاشوهُ فما النهاي ُ‬ ‫الطويل ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫م َل ُين َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫خَزى َ‬ ‫ة أَ ْ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ب اْل ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬‫ول َ َ‬‫ظى ﴿ َ‬ ‫تل ّ‬
‫دعى ‪.‬‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫م والل ُ‬ ‫ت العامةِ ‪ :‬ل ه ّ‬ ‫ن كلما ِ‬ ‫ن أحس ِ‬ ‫م ْ‬
‫ه‬
‫ب من ُ‬ ‫ن هناك إلها ً في السماِء ُيدعى ‪ ،‬وُيطل ُ‬ ‫والمعنى ‪ :‬أ ّ‬
‫مك ‪،‬‬ ‫كلت رّبك به ّ‬ ‫م أنت في الرض ‪ ،‬فإذا و ّ‬ ‫الخي ُْر ‪ ،‬فلماذا تهت ّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫ش ُ‬ ‫وي َك ْ ِ‬‫عاهُ َ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُ ِ‬ ‫شَفه وأزاله ﴿ أ ّ‬ ‫ك َ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا سأ َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫با‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫سوءَ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ع إِ َ‬ ‫ُ‬
‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ب دَ ْ‬‫جي ُ‬ ‫أ ِ‬
‫ب‬
‫ن القْرِع للبوا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مد ْ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ن‬
‫صبرِ أ ْ‬ ‫أخل ِقْ بذي ال ّ‬
‫أن يِلجا‬ ‫ه‬
‫يحظى بحاجت ِ ِ‬
‫**************************************‬
‫ة‬
‫ق غالي ٌ‬
‫في حياِتك دقائ ُ‬
‫ي‬
‫ن للشيِخ علي الطنطاو ّ‬ ‫معّبري ْ ِ‬‫ن ُ‬‫مؤّثري ْ ِ‬‫ن ُ‬ ‫ت موقفي ْ ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫كراتهِ ‪:‬‬‫في مذ ّ‬
‫سه وكاد يغرقُ على‬ ‫ث عن نف ِ‬ ‫ل ‪ :‬تحد ّ َ‬ ‫ف الو ُ‬ ‫الموق ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ح فأشرف على المو ِ‬ ‫ئ بيروت ‪ ،‬حينما كان يسب ُ‬ ‫شاط ِ‬
‫ن لمولهُ ‪،‬‬ ‫ع ُ‬ ‫ت ُيذ ِ‬ ‫مي ّا ً عليهِ ‪ ،‬وكان في تلك اللحظا ِ‬ ‫مغْ ِ‬‫مل َ‬‫ح ِ‬‫و ُ‬
‫ه‬
‫دد إيمانه وعمل ُ‬ ‫ة إلى الحياةِ ‪ ،‬ليج ّ‬ ‫ويود ّ لو عاد َ ولو ساع ً‬
‫ن عنده منتهاه ‪.‬‬ ‫ل اليما ُ‬ ‫صالح ‪ ،‬فَيص ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن سوريا إلى‬ ‫دم في قافلةٍ م ْ‬ ‫ف الثاني ‪ :‬ذ َك ََر أنه ق ِ‬ ‫والموق ُ‬
‫ق‪ ،‬وبينما هو في صحراِء تبوك ضّلوا وب َُقوا ثلثة‬ ‫ت اللهِ العتي ِ‬ ‫بي ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫مُهم واشراب ُُهم ‪ ،‬وأشرفوا على المو ِ‬ ‫أيام ‪ ،‬وانتهى طعا ُ‬
‫ة‬
‫فقام وألقى في الجموِع خطبة الوداِع من الحياةِ ‪ ،‬خطب ً‬
‫ن اليمان‬ ‫سأ ّ‬ ‫توحيدّية حاّرةً رّنانة ‪ ،‬بكى وأبكى الناس ‪ ،‬وأح ّ‬
‫ل في عله ﴿‬ ‫هج ّ‬ ‫منقذ ٌ إل الل ُ‬
‫ن ول ُ‬ ‫معي ٌ‬ ‫ارتفع ‪ ،‬وأنه ليس هناك ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪207‬‬
‫ْ َ‬ ‫ي َ‬
‫في‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وم ٍ ُ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ض كُ ّ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫من ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سأل ُ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫شأ ٍ‬
‫ه‬ ‫قات َ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ل سبحانه وتعالى ‪ ﴿ :‬وك َأ َ‬ ‫يقو ُ‬
‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ين‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫هُنوا ْ ل ِ َ‬ ‫و َ‬‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن ك َِثيٌر َ‬ ‫رب ّّيو َ‬ ‫ِ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ّ‬
‫والل ُ‬ ‫ْ‬
‫ست َكاُنوا َ‬ ‫َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫و َ‬ ‫فوا َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ُ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫دون أعداءهم‬ ‫ب المؤمنين القوياء الذين يتح ّ‬ ‫ن الله يح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫س ‪ ،‬ول‬ ‫ط واليأ ِ‬ ‫بصبرٍ وجلدةٍ ‪ ،‬فل يِهنون ‪ ،‬ول ُيصابون بالحبا ِ‬
‫ل ‪ ،‬بل‬ ‫ف والفش ِ‬ ‫هم ‪ ،‬ول يستكينون للذ ّل ّةِ والضعْ ِ‬ ‫تنهاُر قوا ُ‬
‫ة إيماِنهم برّبهم‬ ‫مدون وُيواصلون وُيرابطون ‪ ،‬وهي ضريب ُ‬ ‫يص ُ‬
‫ب إلى‬ ‫ي خيٌر وأح ّ‬ ‫ن القو ّ‬ ‫م )) المؤم ُ‬ ‫م وبديِنه ْ‬ ‫وبرسوِله ْ‬
‫ل خيٌر (( ‪.‬‬ ‫ف وفي ك ّ‬ ‫ضعي ِ‬ ‫ن وال ّ‬ ‫المؤم ِ‬ ‫ه من‬ ‫الل ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫ت الل ِ‬ ‫ه – في ذا ِ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫صب ُعُ أبي بكرٍ – رضي الل ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫جرح ْ‬ ‫ُ‬
‫فقال ‪:‬‬
‫ل الله ما‬ ‫وفي سبي ِ‬ ‫ع‬
‫صب َ ٌ‬
‫ت إل إ ْ‬ ‫ل أن ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ت‬
‫قي ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ت‬ ‫مي ِ‬ ‫دَ ِ‬
‫ب الغارِ ليحمي بها الرسول‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫في‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫إصبع‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬‫بك‬ ‫أبو‬ ‫ووضع‬
‫ت بإِذن اللهِ ‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬فُلدغ ‪ ،‬فقرأ عليها ‪ ‬فبرئ ْ‬ ‫‪ ‬من العقر ِ‬
‫ب‬‫سّر في شجاعِتك ‪ ،‬وأنك تِغل ُ‬ ‫ل لعنترة ‪ :‬ما ال ّ‬ ‫قال رج ٌ‬
‫خذ إصبعي في‬ ‫الّرجال ؟ قال ‪ :‬ضعْ إصبعك في فمي ‪ ،‬و ُ‬
‫ضعَ عنترةُ إصبعه في فم ِ‬ ‫فمك ‪ .‬فوضعها في فم ِ عنترة ‪ ،‬وو َ‬
‫ل من اللم ‪،‬‬ ‫ض إصبع صاحِبه ‪ ،‬فصاح الرج ُ‬ ‫لع ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وك ّ‬ ‫الّرج ِ‬
‫ت‬‫ج له عنترةُ إصبعه ‪ ،‬وقال ‪ :‬بهذا غلب ُ‬ ‫ولم يصبْر فأخر َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫صبرِ والحتما ِ‬ ‫البطال ‪ .‬أي بال ّ‬
‫ف اللهِ ورحمته وعفوه‬ ‫ح المؤمن أن ُلط َ‬ ‫م ُيفر ُ‬ ‫نم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ب إيمان ِهِ ‪.‬‬ ‫ب منه‪ ،‬فيشعُر برعايةِ اللهِ ووليت ِهِ بحس ِ‬ ‫قري ٌ‬
‫ف تشعُر‬ ‫ت والطيوُر والزواح ُ‬ ‫ت والحياُء والعجماوا ُ‬ ‫والكائنا ُ‬
‫ح‬‫سب ّ ُ‬‫ء إ ِل ّ ي ُ َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫وِإن ّ‬ ‫ن لها رب ّا ً خاِلقا ً ورازقا ً ﴿ َ‬ ‫بأ ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬‫كن ل ّ ت َ ْ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مد َ ِ‬‫ح ْ‬‫بِ َ‬
‫ه كُ ّ‬
‫ل‬ ‫نل ُ‬ ‫يا م ْ‬ ‫ب حمدا ً ليس‬ ‫يا ر ّ‬
‫صمد ُ‬ ‫قت ْ‬ ‫الخلئ ِ ِ‬ ‫غيُرك ُيحمد ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪208‬‬
‫م في‬ ‫ب بأيديه ْ‬ ‫ث يرمون الح ّ‬ ‫ت الحْر ِ‬ ‫ة وَقْ َ‬ ‫م ُ‬‫عندنا ‪ ،‬العا ّ‬
‫س ‪ ،‬بين‬ ‫س ‪َ ،‬في بلدٍ ياب ٍ‬ ‫ب ياب ٌ‬ ‫ض ‪ ،‬ويهتفون ‪ :‬ح ّ‬ ‫ق الر ِ‬ ‫شقو ِ‬
‫َ‬
‫ض﴿أ َ‬
‫ن}‬ ‫حُرُثو َ‬ ‫ما ت َ ْ‬‫فَرأي ُْتم ّ‬ ‫يديك يا َ َفاطر السماوات َ والر ِ‬
‫ة‬
‫ن ﴾ ‪ .‬إّنها نزع ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬
‫ن الّزا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫م نَ ْ‬‫هأ ْ‬‫عون َ ُ‬ ‫م ت َْزَر ُ‬ ‫‪ {63‬أأنت ُ ْ‬
‫ه إليهِ ‪ ،‬سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫ج ُ‬
‫توحيدِ البري ‪ ،‬وتو ّ‬
‫ك – وهو أعمى –‬ ‫دالحميدِ كش ُ‬ ‫صقعُ عب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫قام الخطي ُ‬
‫ب عليها‬ ‫ل ‪ ،‬مكتو ٌ‬ ‫ن جيبهِ سعفة نخ ٍ‬ ‫مْنبَر ‪ ،‬أخرج م ْ‬ ‫ما عل ال ِ‬ ‫فل ّ‬
‫ف في الجموِع‬ ‫ل ‪ ،‬ثم هَت َ َ‬ ‫ي الجمي ِ‬ ‫ط الكوف ّ‬ ‫ه ‪ ،‬بالخ ّ‬ ‫سها ‪ :‬الل ُ‬ ‫بنف ِ‬
‫‪:‬‬
‫ن‬‫صو ِ‬ ‫ت الغُ ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫شجرهْ‬ ‫انظ ُْر لتلك ال ّ‬
‫ضرهْ‬ ‫ضرهْبالخ ِ‬ ‫الن ّ ِ‬
‫وزانها‬ ‫ن الذي أنبتها‬ ‫م ِ‬
‫درهْ‬ ‫ُقدرُته ُ‬
‫مْقت ِ‬ ‫ه الذي‬ ‫ذاك هو الل ُ‬
‫س بالبكاِء ‪.‬‬ ‫جهش النا ُ‬ ‫فأ ْ‬
‫ة آياُته في‬ ‫ض مرسوم ٌ‬ ‫ت والر ِ‬ ‫ه فاطُر السماوا ِ‬ ‫إن ُ‬
‫صمديةِ والربوبي ّةِ واللوهي ّةِ ﴿‬ ‫ت ‪ ،‬تنطقُ بالوحداني ّةِ وال ّ‬ ‫الكائنا ِ‬
‫هذا َباطِل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ما َ‬ ‫َرب َّنا َ‬
‫ن هناك رب ّا ً‬ ‫شعَُر أ ّ‬ ‫نت ْ‬ ‫ن دعائم ِ السرورِ والرتياِح ‪ ،‬أ ْ‬ ‫م ْ‬
‫شْر برحمةِ رّبك التي‬ ‫ن تاب ‪ ،‬فأب ِ‬ ‫ب على م ْ‬ ‫م ويغفُر ويتو ُ‬ ‫يرح ُ‬
‫مِتي‬‫ح َ‬‫وَر ْ‬‫ت والرض ‪ ،‬قال سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ت السماوا ِ‬ ‫وسع ِ‬
‫ه سبحانه وتعالى ‪،‬‬ ‫ء ﴾ ‪ ،‬وما أعظم لطف ُ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ ‪، ‬‬ ‫ن أعرابي ّا صلى مع رسو ِ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ث صحيٍح ‪ :‬أ ّ‬ ‫وفي حدي ٍ‬
‫م ارحمني ومحمدا ً ‪ ،‬ول‬ ‫ما أصبح في الّتشهّد ِ قال ‪ :‬الله ّ‬ ‫فل ّ‬
‫م معنا أحدا ً ‪ .‬قال ‪ )) : ‬لقدْ حجرت واسعا ً (( ‪.‬‬ ‫ترح ْ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ل شيٍء ﴿ َ‬ ‫تك ّ‬ ‫ن رحمة الهِ وسع ْ‬ ‫أي ‪ :‬ضّيقت واسعا ً ‪ ،‬إ ّ‬
‫ه‬‫ن هذ ِ‬ ‫هم ْ‬ ‫م بعباِد ِ‬ ‫ه أرح ُ‬ ‫حيما ً ﴾ ‪ )) ،‬الل ُ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫دها (( ‪.‬‬ ‫بول ِ‬
‫ب اللهِ عّز وج ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن عذا ِ‬ ‫ل نفسه بالنارِ فرارا ً م ْ‬ ‫أحرق رج ٌ‬
‫مَلك‬ ‫ح َ‬
‫دي ‪ ،‬ما َ‬ ‫فجمعه سبحانه وتعالى وقال له‪ )) :‬يا عب ْ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪209‬‬
‫ت‬‫فُتك ‪ ،‬وخشي ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ب‪ِ ،‬‬ ‫على ما صنعت ؟ قال ‪ :‬يا ر ّ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ث صحي ٌ‬ ‫ه الجّنة (( ‪ .‬حدي ٌ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ذنوبي ‪ .‬فأدخل ُ‬
‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫هى‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ما‬ ‫﴿ وأ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وى ﴾ ‪.‬‬ ‫مأ َ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ِ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫وى}‪َ {40‬‬ ‫ه َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م يجد ْ‬ ‫حدًا‪ ،‬فل ْ‬ ‫سه مو ّ‬ ‫مسرفا ً على نف ِ‬ ‫ه رجل ً ُ‬ ‫حاسب الل ُ‬
‫ن‬‫ة ‪ ،‬لكّنه كان ُيتاجُر في الدنيا‪ ،‬ويتجاوُز ع ِ‬ ‫سن َ ً‬ ‫عندهُ ح َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ن أوْلى بالكرم ِ منك ‪ ،‬تجاوزوا عن ُ‬ ‫ه‪ :‬نح ُ‬ ‫ر‪ ،‬قال الل ُ‬ ‫س ِ‬ ‫معْ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ه الجّنة ‪.‬‬ ‫فأدخله الل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‬‫دي ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫و َ‬ ‫طيئ َِتي ي َ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫فَر ِلي َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ع أن ي َ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ذي أطْ َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫‪َ ﴿ ،‬ل ت َ ْ‬
‫س ‪ ،‬فقام رج ٌ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ن الرسول ‪ ‬صلى بالنا ِ‬ ‫عند مسلم ٍ ‪ :‬أ ّ‬
‫ي ‪ .‬قال ‪ )) :‬أصليت‬ ‫ه عل ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ت حد ّا ً ‪ ،‬فأقِ ْ‬ ‫فقال ‪ :‬أصب ْ ُ‬
‫فر لك ((‬ ‫غ ِ‬ ‫ب فقد ُ‬ ‫م ‪ .‬قال ‪ )) .‬اذه ْ‬ ‫معنا ؟ (( ‪ .‬قال ‪ :‬نع ْ‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫ر‬
‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫س ُ‬
‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫سوءا ً أ ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫حيما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن خلفه ‪،‬‬ ‫مهِ وم ْ‬ ‫ن أما ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كتنف العبد َ ‪ِ ،‬‬ ‫يي ْ‬ ‫ف خف ّ‬ ‫هناك ُلط ٌ‬
‫ت قدمي ْهِ ‪،‬‬ ‫ن تح ِ‬ ‫ن فوِقه وم ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن شمال ِهِ ‪ ،‬و ِ‬ ‫وعن يمينهِ وع ْ‬
‫م‬
‫ت عليه ُ‬ ‫ب العالمين ‪ ،‬انطبق ْ‬ ‫هر ّ‬ ‫ي هو الل ُ‬ ‫ف الخف ّ‬ ‫ب الّلط ِ‬ ‫صاح ُ‬
‫خرةُ في الغارِ ‪ ،‬وأْنجى إبراهيم من النارِ ‪ ،‬وأنجى موسى‬ ‫ص ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ب وأيوب‬ ‫ج ّ‬ ‫ن ‪ ،‬ويوسف من ال ُ‬ ‫طوفا ِ‬ ‫ق ‪ ،‬وُنوحا ً من ال ّ‬ ‫من الغر ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫من المر ِ‬
‫***************************************‬
‫وقفــة‬
‫ت رسول اللهِ ‪‬‬ ‫ت ‪ :‬سمع ُ‬ ‫ة أّنها قال ْ‬ ‫سل َ َ‬
‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫عن أ ّ‬
‫ل ما‬ ‫ة ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫ن مسلم ٍ ُتصيُبه مصيب ٌ‬ ‫ل ‪ )) :‬ما م ْ‬ ‫يقو ُ‬
‫م‬‫ن ﴾ الّله ّ‬
‫جعو َ‬ ‫وإ ِّنـا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه َرا ِ‬ ‫ه ‪ ﴿ :‬إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫أمره الل ُ‬
‫ف لي خيرا ً مْنها ؛ إل ّ‬ ‫جْرني في مصيبتي وأخل ْ‬ ‫ا ُ‬
‫ه خيرا ً مْنها (( ‪.‬‬ ‫هل ُ‬‫أخلف الل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪210‬‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ن‬
‫ي وإ ْ‬ ‫م على ح ّ‬ ‫دو ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ن‬
‫م ْ‬‫ي ل واللهِ ما ِ‬ ‫خليل ّ‬
‫تال ّ‬ ‫ج ِل ّ‬
‫هيُتك‬
‫كوى إذا‬ ‫ش ْ‬ ‫ثر ِ‬ ‫ول‬‫ِ‬ ‫ت يوما ً فل‬ ‫نةٍنزل ْ‬ ‫مْ‬
‫فإل ِ ّ‬
‫م‬
‫ُ‬
‫ت‬
‫حتى مض ْ‬ ‫فصابرهاّ ِ‬
‫ت‬ ‫ل زل‬ ‫الّنع ُ‬ ‫كريم ٍ قد ْ‬ ‫ن لها‬ ‫نْ‬
‫م ْ‬‫ضعَ ِ‬ ‫مَ‬‫فك ْ‬ ‫خ‬‫ت ْ‬
‫تصبري على‬ ‫فلما رأ ّ‬
‫تِ‬ ‫واضمحل ْ‬ ‫ّ‬ ‫على اليام ِ‬
‫ب‬‫بنوائ ٍ‬ ‫ت‬ ‫وكان ْ‬‫ي‬‫ُبل ْ‬
‫ت‬‫ل ذل ّ ِ‬ ‫الذ ّ ّ‬ ‫عزيزةً‬ ‫آخر ‪:‬‬ ‫نفسي‬ ‫وقال‬
‫خير لي في‬ ‫وُرّبما ِ‬ ‫م‬
‫يضيقُ صدري بغ ّ‬
‫ره رْوحا ً‬‫أحيانا‬ ‫م‬
‫الغ ّ‬ ‫ة يكو ُ‬ ‫بحايوِدثم ٍ ٍ‬ ‫عند ّ‬
‫وعند آخ ِ‬ ‫ن‬ ‫وُر‬
‫ج قد ح ّ‬
‫ل‬ ‫ولي فر ٌ‬ ‫ور ّْيحانا‬ ‫إل‬ ‫ه ذْرعا ً عند‬ ‫تُ‬‫ضقّول ُ‬
‫م ِأ‬ ‫الغ ّ‬ ‫ما‬
‫أوْ حانا‬
‫********************************‬ ‫ة‬
‫ناِئب ٍ‬
‫ة‬
‫ق السعاد ِ‬
‫ة طري ُ‬ ‫الفعا ُ‬
‫ل الجميل ُ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ةل ُ‬ ‫ة جميل ً‬ ‫ي كلم ً‬ ‫طائ ّ‬ ‫ن حاتم ال ّ‬ ‫ل ديوا ِ‬ ‫ت في أوّ ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫ٍ‬
‫ه‪.‬‬ ‫شّر يكفيك ‪ ،‬فد َعْ ُ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ل فيها ‪ :‬إذا كان تر ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫شّر واجتناُبه ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫تع‬ ‫سكو ُ‬ ‫ومعناهُ ‪ :‬إذا كان يسع ال ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬
‫ذا ُ‬ ‫ع أَ َ‬ ‫ود َ ْ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬‫فأ َ ْ‬ ‫فحسُبه بذلك ﴿ َ‬
‫ح‬
‫ك من الفّتا ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وعطاٌء مبار ٌ‬ ‫ة رّباني ّ ٌ‬ ‫س موهب ٌ‬ ‫ة للنا ِ‬ ‫محب ّ ُ‬
‫العليم ِ ‪.‬‬
‫ث‬
‫ي ثل ُ‬ ‫ل‪:‬ف ّ‬ ‫دثا ً بنعمةِ اللهِ عّز وج ّ‬ ‫س متح ّ‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫يقول اب ُ‬
‫ت بذلك ‪،‬‬ ‫سرر ُ‬ ‫ت الله و ُ‬ ‫ض ‪ ،‬إل ّ حمد ُ‬ ‫ث بأر ٍ‬ ‫ل ‪ :‬ما نزل غي ٌ‬ ‫خصا ٍ‬
‫ل ‪ ،‬إل ّ‬ ‫ض عاد ٍ‬ ‫ت بقا ٍ‬ ‫وليس لي فيها شاةٌ ول بعيٌر ‪ .‬ول سمع ُ‬
‫ن‬
‫ةم ْ‬ ‫ت آي ً‬ ‫ة ‪ .‬ول عََرف ُ‬ ‫ت الله له ‪ ،‬وليس عنده لي قضي ّ ٌ‬ ‫دعو ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ن الناس يعرفون منها ما أعر ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ب اللهِ ‪ ،‬إل ّ وِدد ُ‬ ‫كتا ِ‬
‫ة‬
‫م وسلم ُ‬ ‫ة الفضيلةِ بينه ْ‬ ‫س ‪ ،‬وإشاع ُ‬ ‫ب الخيرِ للنا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫إنه ُ‬
‫ل النصِح للخليقةِ ‪.‬‬ ‫حك ّ‬ ‫ص ُ‬‫م ‪ ،‬والن ّ ْ‬ ‫صدرِ له ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ل الشاعُر ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫م‬‫ب ليس تن ْت َظ ِ ُ‬ ‫سحائ ِ ُ‬ ‫ى ول‬ ‫ت عل ّ‬ ‫فل نزل ْ‬
‫البلدا‬ ‫بأرضي‬
‫ل تحزن‬
‫‪211‬‬
‫ما ً في‬ ‫ث عا ّ‬ ‫ة ‪ ،‬والغي ْ ُ‬ ‫م ً‬‫ة عا ّ‬ ‫ن الغمام ُ‬ ‫المعنى ‪ :‬إذا لم تك ِ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ت أناني ّا ً ﴿ال ّ ِ‬‫ة بي‪ ،‬فلس ُ‬ ‫ص ً‬‫ن تكون خا ّ‬ ‫دها أ ْ‬ ‫س ‪ ،‬فل أري ُ‬ ‫النا ٍ‬
‫س ِبال ْب ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫م‬‫ه ُ‬
‫ما آَتا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وي َك ْت ُ ُ‬‫ل َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وي َأ ُ‬‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫ي َب ْ َ‬
‫ه﴾‬‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬‫الل ّ ُ‬
‫حه الفّياضةِ ‪،‬‬ ‫ن ُرو ِ‬‫ثع ْ‬ ‫ل حاتم ٍ ‪ ،‬وهو يتحد ّ ُ‬ ‫أل ُيشجيك قوْ ُ‬
‫م‪:‬‬ ‫قهِ الج ّ‬ ‫وعن خل ِ‬
‫حيي الِعظام البيض‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫م الغيب‬ ‫أما والذي ل يعل ُ‬
‫م ٍ أن ُيقا َ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫مخافةرمي‬
‫يو ُ‬ ‫هي‬ ‫و ْ‬ ‫وي البطن‬ ‫رْهُكن ُ‬‫غي ُد‬
‫ت أط ِ‬ ‫لق‬
‫****************************************‬ ‫م‬
‫لئي ُ‬ ‫والّزاد ُ ُيشتهى‬
‫ضاّر‬
‫م ال ّ‬
‫ع والعل ُ‬ ‫عل ْ ُ‬
‫م الناف ُ‬ ‫ال ِ‬
‫ن ُأوُتوا‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫م إذا دّلك على اللهِ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ِليهِْنك العِل ْ ُ‬
‫وم ِ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫ب الل ّ ِ‬ ‫في ك َِتا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫قدْ ل َب ِث ْت ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬ ‫وا ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ل سبحانه‬ ‫ن هناك علما ً إيماني ّا ً ‪ ،‬وعلما ً كافرا ً ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ث﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْب َ ْ‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫هرا ً ّ‬ ‫ظا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن أعدائ ِهِ ‪ ﴿ :‬ي َ ْ‬ ‫وتعالى ع ْ‬
‫ل‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬ويقول عنهم ‪ ﴿ :‬ب َ ِ‬ ‫فُلو َ‬ ‫غا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة ُ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ها ب َ ْ‬
‫ل‬ ‫من ْ َ‬ ‫ك ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ة بَ ْ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ُ‬‫ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫داَر َ‬ ‫ا ّ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫غ ُ‬ ‫مب ْل َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ل عنهم ﴿ ذَل ِ َ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬ويقو ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ذ َ‬ ‫م ن َب َأ ال ّ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ل َ َ‬ ‫وات ْ ُ‬ ‫ل وعل ‪َ ﴿ :‬‬ ‫لج ّ‬ ‫عل ْم ِ ‪ . ﴾ ....‬ويقو ُ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫شي ْ َ‬ ‫خ من ْها َ َ‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫فأت ْب َ َ‬ ‫سل َ َ ِ َ‬ ‫فان َ‬ ‫آت َي َْناهُ آَيات َِنا َ‬
‫وَلـك ِن ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ها َ‬ ‫عَناهُ ب ِ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫شئ َْنا ل ََر َ‬ ‫و ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ن}‪َ {175‬‬ ‫وي َ‬ ‫ِ‬ ‫غا‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أَ‬
‫ب ِإن‬ ‫ل ال ْك َل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫م‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫م‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وا‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬‫ْ‬
‫ْ‬
‫ل ال َ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫هث ذّل ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬
‫وم ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ه ي َل َ‬ ‫و ت َت ُْرك ُ‬ ‫ثأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ي َل َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ح ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫ص لَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ق َ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن ك َذُّبوا ْ ِبآَيات َِنا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫مهم ‪:‬‬ ‫ن عل ِ‬ ‫ن اليهودِ وع ْ‬ ‫سبحانه وتعالى ع ِ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وقال‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫حمار يحم ُ َ‬
‫م لكّنه ل يهدي ‪،‬‬ ‫فارا ً ﴾ ‪ :‬إّنه عل ٌ‬ ‫س َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ل ال ْ ِ َ ِ َ ْ ِ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫﴿ كَ َ‬
‫ة ‪ ،‬ون َْق ٌ‬
‫ل‬ ‫ج ً‬ ‫ة ول فال ِ‬ ‫ت قاطع ً‬ ‫ة ليس ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن ل يشفي ‪ ،‬وح ّ‬ ‫وبرها ٌ‬
‫ة ولكن إلى‬ ‫م ليس بحقّ ‪ ،‬ودلل ٌ‬ ‫ق ‪ ،‬وكل ٌ‬ ‫ليس بصادِ ٍ‬
‫ب هذا‬ ‫ي ‪ ،‬فكيف يجد ُ أصحا ُ‬ ‫ه ولكن إلى غ ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وتو ّ‬ ‫النحرا ِ‬
‫مهم ‪﴿ :‬‬ ‫ن يسحُقها بأقدا ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫م أوّ ُ‬ ‫العلم ِ السعادة ‪ ،‬وه ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪212‬‬
‫قُلوب َُنا‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول ِ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫و َ‬ ‫دى ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬ ‫مى َ‬ ‫ع َ‬ ‫حّبوا ال ْ َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ها ب ِك ُ ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ ُ‬ ‫ل طَب َ َ‬ ‫ف بَ ْ‬ ‫غل ْ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫ب الهائلةِ المذهلةِ في مكتب ِ‬ ‫ف من الكت ِ‬ ‫ت اللو ِ‬ ‫ت مئا ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫ن‬
‫ص‪،‬ع ْ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ل تخ ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وفي ك ّ‬ ‫لف ّ‬ ‫الكونجرس بواشنطن‪ ،‬في ك ّ‬
‫ن المة التي‬ ‫ُ‬ ‫ك ّ‬
‫ب وأمةٍ وحضارةٍ وثقافةٍ ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ل وشع ٍ‬ ‫ل جي ٍ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ة كافرةٌ برّبها ‪ ،‬إنها ل تعل ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ن هذه المكتبة العظمى ‪ ،‬أ ّ‬ ‫تحتض ُ‬
‫مع ول‬ ‫ما ما وراء ذلك فل س ْ‬ ‫إل العالم المنظور المشهود ‪ ،‬وأ ّ‬
‫صارا ً‬ ‫َ‬
‫وأب ْ َ‬ ‫معا ً َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ي﴿ َ‬ ‫ب ول وَعْ َ‬ ‫صَر ول قل ْ َ‬ ‫بَ َ‬
‫وَل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاُر ُ‬ ‫وَل أب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫غَنى َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫فئ ِدَةً َ‬ ‫َ‬
‫ء﴾‪.‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫هم ّ‬ ‫فئ ِدَت ُ ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫مَر‬‫ن الت ّ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن العن َْز مريض ٌ‬ ‫ضُر ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫خ َ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫إن الّرو َ‬
‫ل ‪ ،‬ولكن‬ ‫ب ُزل ٌ‬ ‫ن الُبخل مْروزِيّ ‪ ،‬وإن الماء عذ ْ ٌ‬ ‫مقفزيّ ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ة﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫ة ب َي ّن َ ٍ‬ ‫ن آي َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫م آت َي َْنا ُ‬ ‫في الفم مرارةً ﴿ ك َ ْ‬
‫ها‬ ‫كاُنوا ْ َ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ت َأ ْ‬
‫عن ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ ِ‬‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫هم‬ ‫ِ‬ ‫تي‬‫ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫***************************************‬
‫ّ‬
‫ل‬
‫م ِ‬ ‫أك ْث ِْر من الطل ِ‬
‫ع والّتأ ّ‬
‫ح الصدر ‪ :‬كْثرةُ المعرفةِ ‪ ،‬وغزارة ُ الماد ّةِ‬ ‫ما يشر ُ‬ ‫نم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ظرةِ ‪،‬‬‫عمقُ الفكرِ ‪ ،‬وُبعد ُ الن ّ ْ‬ ‫العلمي ّةِ ‪ ،‬واّتساع ُ الثقافةِ ‪ ،‬و ُ‬
‫ة سّر‬ ‫ل ‪ ،‬ومعرف ُ‬ ‫ص على الدلي ِ‬ ‫ة الفهْم ِ ‪ ،‬والغوْ ُ‬ ‫وأصال ُ‬
‫ق الشياءِ‬ ‫ف حقائ ِ‬ ‫ك مقاصدِ المورِ ‪ ،‬واكتشا ُ‬ ‫المسألةِ ‪ ،‬وإدرا ُ‬
‫ما‬‫ل ك َذُّبوا ْ ب ِ َ‬ ‫ماء ﴾ ‪ ﴿ ،‬ب َ ْ‬ ‫عل َ َ‬‫ه ال ْ ُ‬
‫عَباِد ِ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫﴿ إ ِن ّ َ‬
‫ل‬‫حب الصدرِ ‪ ،‬واسع البا ِ‬ ‫ن العاِلم ر ْ‬ ‫ه ﴾‪.‬إ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عل ْ ِ‬
‫طوا ْ ب ِ ِ‬ ‫حي ُ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫ح الخاطرِ ‪..‬‬ ‫س ‪ ،‬منشر ُ‬ ‫ن النْف ِ‬ ‫‪ ،‬مطمئ ّ‬
‫ن به كّفا ً‬ ‫صإ ْ‬ ‫وينق ُ‬ ‫يزيد ُ بكْثرةِ النفا ِ‬
‫ق‬
‫ف كبيٌر في درِج‬ ‫دتا ّ‬‫شد ْ‬
‫مل‬ ‫ب ‪ :‬لي‬ ‫كري الغر ِ‬ ‫هأحد مف ّ‬ ‫من ُ‬
‫يقو ُ‬
‫ل‬
‫ل‬‫ت ارتكبُتها ‪ ،‬أكتُبه لك ّ‬ ‫ب عليه ‪ :‬حماقا ٌ‬ ‫مكتبي ‪ ،‬مكتو ٌ‬
‫ت ُأزاوُلها في يومي وليلتي ‪ ،‬لتخّلص‬ ‫ت وتوافه وعثرا ٍ‬ ‫سقطا ِ‬
‫منها ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪213‬‬
‫ة‬
‫محاسبةِ الدقيق ِ‬ ‫ُ‬
‫مةِ بال ُ‬ ‫ف هذه ال ّ‬ ‫قلت ‪ :‬سبقك علماُء سل ِ‬
‫ُ‬
‫ة﴾‬
‫م ِ‬‫وا َ‬ ‫س الل ّ ّ‬‫ف ِ‬ ‫م ِبالن ّ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫وَل أ ْ‬ ‫سهم ﴿ َ‬ ‫مضني لنف ِ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫والت ّْنقي ِ‬
‫‪.‬‬
‫ة من‬ ‫سب َ ً‬
‫محا َ‬ ‫سهِ أشد ّ ُ‬ ‫م لنف ِ‬ ‫ن البصريّ ‪ :‬المسل ُ‬ ‫قال الحس ُ‬
‫ك لشريك ِهِ ‪.‬‬ ‫الشري ِ‬
‫ه من الجمعةِ إلى‬ ‫ب كلم ُ‬ ‫خثي ْم ٍ يكت ُ ُ‬
‫ن ُ‬‫وكان الربيعُ ب ُ‬
‫ة‬
‫جد َ سّيئ ً‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مد الله ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ةح ِ‬ ‫جد َ حسن ً‬ ‫ن وَ َ‬‫الجمعةِ ‪ ،‬فإ ْ‬
‫استغفر ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬وأنا‬ ‫ن أربعين سن ً‬ ‫بم ْ‬ ‫ف ‪ :‬لي ذن ٌ‬ ‫وقال أحد ُ السل ِ‬
‫ب المغفرةِ ﴿‬
‫ُ‬ ‫أسأ ُ‬
‫ح في طل ِ‬ ‫ت أل ّ‬ ‫ن يغفرهُ لي ‪ ،‬ول زل ُ‬ ‫ل الله أ ْ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬ ‫جل َ ٌ‬‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫و ُ‬
‫ما آَتوا ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫ن يُ ْ‬‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫َ‬
‫********************************‬
‫س َ‬
‫ك‬ ‫ب نَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫س ْ‬
‫حا ِ‬
‫كرةٍ لديك ‪ ،‬لُتحاسب بها نْفشك ‪ ،‬وتذكر فيها‬ ‫ظ بمذ ّ‬‫احتف ِ‬
‫ت الملزمة لك ‪ ،‬وتبدأ بذ ْ‬
‫كر الّتقد ّم ِ في معالجِتها ‪.‬‬ ‫السلبّيا ِ‬
‫ن ُتحاسبوا ‪ ،‬وزُِنوها‬‫م قبل أ ْ‬ ‫سبوا أنُفسك ُ ْ‬
‫قال عمُر ‪ :‬حا ِ‬
‫ض الكبرِ ‪.‬‬ ‫قبل أن ُتوزنوا ‪ ،‬وتزّينوا للعر ِ‬
‫ء تتكّرُر في حياِتنا اليومية ‪:‬‬
‫ة أخطا ٍ‬
‫ثلث ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ل ‪ :‬ضياع ُ الوق ِ‬ ‫الو ُ‬
‫ن إسلم ِ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م فيما ل يعني ‪ِ )) :‬‬ ‫الثاني ‪ :‬الّتكل ّ ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬
‫ه ما ل يعني ِ‬ ‫ء ترك ُ‬ ‫المر ِ‬
‫ت‬‫م بتوافِهِ المورِ ‪ ،‬كسماِع تخويفا ِ‬ ‫ث ‪ :‬الهتما ُ‬ ‫الثال ُ‬
‫سين ‪،‬‬‫موسو ِ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هما ِ‬ ‫ت المثّبطين ‪ ،‬وتو ّ‬ ‫جفين ‪ ،‬وتوّقعا ِ‬ ‫مر ِ‬‫ال ُ‬
‫ة‬
‫ق السعادةِ وراح ِ‬ ‫ن عوائ ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وهو م ْ‬‫ج ٌ‬ ‫م مع ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وه ّ‬ ‫ك َد ٌَر عاج ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫البا ِ‬
‫س‪:‬‬ ‫ل امرؤ ُ القي ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن كان في‬ ‫نم ْ‬ ‫ل يِعم ْ‬ ‫وه ْ‬ ‫م صباحا ً أيها‬ ‫ع ْ‬ ‫أل ِ‬
‫ت‬‫الخاليل يِبي ُ‬
‫صرالهموم‬ ‫العُ‬
‫قلي ُ‬
‫لُ‬ ‫إل سعيد ٌ‬ ‫البالي‬
‫لِعم ْ‬
‫ن‬ ‫ل يُ‬ ‫وه ّ ْ‬
‫طل‬ ‫ال‬
‫ل‬
‫بأوجا ِ‬ ‫م‬‫منعّ ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪214‬‬
‫م العباس دعاًء يجمعُ سعادة الدنيا‬ ‫ل‪‬ع ّ‬ ‫عّلم الرسو ُ‬
‫و‬
‫ف َ‬ ‫والخرةِ ‪ ،‬وهو قوُله ‪)) : ‬الّلهم إني أسأُلك ال َ‬
‫ع ْ‬
‫والعافية (( ‪.‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل والج ِ‬ ‫ف فيه خيُر العاج ِ‬ ‫ف كا ٍ‬ ‫وهذا جامعٌ مانعٌ شا ٍ‬
‫ة﴾‬
‫خَر ِ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫وا ِ‬‫ن ثَ َ‬
‫س َ‬
‫ح ْ‬
‫و ُ‬
‫ب الدّن َْيا َ‬‫وا َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ثَ َ‬ ‫ه ُ‬‫فآَتا ُ‬‫﴿ َ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫وَل ي َ ْ‬‫ل َ‬ ‫ض ّ‬‫فَل ي َ ِ‬‫‪َ ﴿،‬‬
‫***************************************‬
‫حذَْرك َ ْ‬
‫م‬ ‫خذوا ِ‬
‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬مع‬ ‫ل السبا ِ‬ ‫حْيطةِ واستعما ُ‬ ‫خذ ُ ال َ‬‫ن سعادةِ العبدِ ا ْ‬ ‫م ْ‬
‫ض‬‫ل ‪ ،‬فإن الرسول ‪ ‬بارز في بع ِ‬ ‫ل على اللهِ عّز وج ّ‬ ‫الّتوك ّ ِ‬
‫دهم لما‬ ‫كلين ‪ ،‬وقال لح ِ‬ ‫ت وعليه ِدرعٌ ‪ ،‬وهو سي ّد ُ المتو ّ‬ ‫الغزوا ِ‬
‫ل ؟ قال ‪ )) :‬اعِقلها‬ ‫قال له ‪ :‬أعِقُلها يا رسول اللهِ ‪ ،‬أوْ أتوك ّ ُ‬
‫كل (( ‪.‬‬ ‫وتو ّ‬
‫م التوحيدِ ‪ ،‬وتْر ُ‬
‫ك‬ ‫ل على اللهِ ُقوا ُ‬ ‫ب والّتوك ّ ُ‬ ‫خذ ُ بالسب ِ‬ ‫فال ْ‬
‫ب‬‫ح في الشرِع ‪ ،‬وأخذ ُ السب ِ‬ ‫ل على اللهِ قد ْ ٌ‬ ‫السبب مع التوك ّ ِ‬
‫ح في التوحيد ِ ‪.‬‬ ‫ل على اللهِ قَد ْ ٌ‬ ‫ك التوك ّ ِ‬ ‫مع تْر ِ‬
‫ص ظفره ‪،‬‬ ‫ن رجل ً ق ّ‬ ‫ن الجوزيّ في هذا ‪ :‬أ ّ‬ ‫وذ َك ََر اب ُ‬
‫خذ ْ بالحْيطةِ ‪.‬‬ ‫فاستفحل عليه فمات ‪ ،‬ولم يأ ُ‬
‫ه‬
‫ن سردان ‪ ،‬فهصر بطن ُ‬ ‫ل على حمارٍ م ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ل دَ َ‬‫ج ٌ‬ ‫ور ُ‬
‫فمات ‪.‬‬
‫ب المصريّ – أنه قال‬ ‫ن طه حسين – الكات ِ‬ ‫وذكروا ع ْ‬
‫كرين ‪.‬‬ ‫صل مب ّ‬ ‫لسائِقهِ ‪ :‬ل ُتسرع ْ حتى ن ِ‬
‫ب رْيثا ً ‪.‬‬ ‫ب عجلةٍ ته ُ‬ ‫ل ‪ُ :‬ر ّ‬ ‫وهذا معنى مث ٍ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ن مع‬ ‫وقد ْ يكو ُ‬ ‫متأّني‬ ‫ك ال ُ‬ ‫قد ُيدرِ ُ‬
‫ل الّزل ُ‬
‫ل‬ ‫من ِ‬‫ج‬
‫المتع ّ‬ ‫بعض حاجِته‬
‫ُ‬
‫ن لب ّهِ ﴿‬
‫ْ‬ ‫وم‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫هو‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫‪،‬‬ ‫القدر‬ ‫فالّتوّقي ل ُيعار ُ‬
‫ض‬
‫ْ‬
‫سك ُ ْ‬
‫م‬ ‫كم ب َأ َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ل تَ ِ‬ ‫سَراِبي َ‬ ‫و َ‬ ‫حّر َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫قيك ُ ُ‬‫ف ﴾ ‪ ﴿ ،‬تَ ِ‬ ‫ول ْي َت َل َطّ ْ‬ ‫َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫******************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪215‬‬
‫ب الناس‬ ‫ا ْ‬
‫كس ِ‬
‫ب الناس ‪ ،‬واستجلب‬ ‫س ِ‬ ‫ن سعادةِ العبد ِ ُقدرُته على ك ْ‬ ‫وم ْ‬
‫عل ّلي‬ ‫ج َ‬‫وا ْ‬ ‫م‪َ ﴿:‬‬ ‫م عليه السل ُ‬ ‫محب ِّتهم وعطِفهم ‪ ،‬قال إبراهي ُ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬قال المفسرون ‪ :‬الّثناُء‬ ‫ري َ‬‫ِ‬ ‫في اْل ِ‬
‫خ‬ ‫ق ِ‬ ‫ٍ‬ ‫صد ْ‬‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لِ َ‬
‫ت‬ ‫قي ْ ُ‬ ‫وأ َل ْ َ‬ ‫ن موسى ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن ‪ .‬وقال سبحانه وتعالى ع ْ‬ ‫الحس ُ‬
‫ضهم ‪ :‬ما رآك أحد ٌ إل أحّبك ‪.‬‬ ‫مّني ﴾ ‪ .‬قال بع ُ‬ ‫ة ّ‬ ‫حب ّ ً‬ ‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫ه في‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬أنتم شهداءُ الل ِ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫م الحقّ ‪.‬‬ ‫ق أقل ُ‬ ‫ْ‬
‫ة الخل ِ‬ ‫الرض (( ‪ .‬وألسن ُ‬
‫ن‬
‫ء‪:‬إ ّ‬ ‫ل السما ِ‬ ‫ح ‪ )) :‬أن جبريل ُينادي في أه ِ‬ ‫وص ّ‬
‫ع له‬ ‫ء ‪ ،‬وُيوض ُ‬ ‫ل السما ِ‬ ‫ه أه ُ‬ ‫ب فلنا ً فأحّبوه ‪ ،‬فُيحب ّ ُ‬ ‫يح ّ‬
‫ض (( ‪.‬‬ ‫القُبول في الر ِ‬
‫ة‬
‫سعَ ُ‬ ‫ن الكلم ِ و َ‬ ‫ة الوجهِ وِلي ُ‬ ‫سط ُ‬ ‫ب الود ّ ‪ :‬ب ْ‬ ‫ن أسبا ِ‬ ‫وم ْ‬
‫خلقُ ‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫س إليك ‪:‬‬ ‫ح النا ِ‬ ‫ب أروا ِ‬ ‫ل القويةِ في جل ْ ِ‬ ‫ن العوام ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ء‬‫ق في شي ٍ‬ ‫ل ‪ )) : ‬ما كان الّرف ُ‬ ‫الّرفقُ ؛ ولذلك يقو ُ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ء إل شان ُ‬ ‫ن شي ٍ‬ ‫إل زانه ‪ ،‬وما ُنزع م ْ‬
‫ويقول ‪ )) :‬من ُيحرم الرفق ‪ُ ،‬يحرم الخير‬
‫كّله (( ‪.‬‬
‫حرها ‪.‬‬ ‫ج ْ‬ ‫قال أحد الحكماء ‪ :‬الرفق ُيخرج الحّية من ُ‬
‫سرِ الخل ِّية ‪.‬‬ ‫ن العسل ‪ ،‬ول ت َك ْ ِ‬ ‫ج ِ‬‫قال الغربّيون ‪ :‬ا ْ‬
‫ة تأك ُ‬
‫ل‬ ‫حل ِ‬ ‫من كالن ّ ْ‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬المؤ ُ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ت على عوٍد ‪ ،‬لم‬ ‫ع طّيبا ً ‪ ،‬وإذا وقع ْ‬ ‫طّيبا ً ‪ ،‬وتض ُ‬
‫سْرهُ (( ‪.‬‬ ‫تك ِ‬
‫************************************‬
‫ت ال ُ‬
‫قدرة‬ ‫ْ‬ ‫تن ّ‬
‫ق ْ‬
‫ر واقرأ آيا ِ‬
‫ديا ِ‬
‫ل في ال ّ‬
‫دياِر‬
‫ل في ال ّ‬‫سفاُر والّتنّق ُ‬
‫سرور ‪ :‬ال ْ‬ ‫ما يجُلب الفرح وال ّ‬
‫وم ّ‬
‫ن‬‫بع ْ‬‫ة في أّول هذا الكتا ِ‬ ‫ت كلم ٌ‬ ‫ة المصارِ ‪ ،‬وقد سبق ْ‬‫ورؤي ُ‬
‫ت‬
‫وا ِ‬‫ما َ‬
‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫ما َ‬
‫ذا ِ‬ ‫هذا ‪ .‬قال سبحانه ‪ ﴿ :‬انظُُروا ْ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪216‬‬
‫فانظُُروا ﴾ ‪،‬‬ ‫ض َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ض ﴾‪ُ ﴿،‬‬ ‫وال َْر‬
‫﴿‬ ‫في الْر ِ‬ ‫سيُروا ِ‬
‫َ‬
‫ل ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫أَ‬
‫فَينظُُروا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ض َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫سي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ف‬‫َ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ن‬‫ب القلب إل إ ْ‬ ‫ُيذي ُ‬ ‫ث ِبرب ٍْع فيه‬ ‫ول تلب ْ‬
‫ك ُب ِ ْ‬
‫ن ب ِرِِيقك‬ ‫لتاّرقْ إ ْ‬ ‫وش‬ ‫ب فيه‬ ‫ب فالّتغّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وغي ّْر ٌ‬
‫ض‬
‫قتا فيها من‬ ‫علىرِ ْما‬ ‫طوطة ‪،‬قد ْ ش‬ ‫يقرأ ْ رحلة ابن ب ّ‬ ‫ع‬
‫نْف ٌ‬ ‫وم ن ْ‬
‫ِ‬
‫ق اللهِ سبحانه‬ ‫ْ‬
‫من خل ِ‬ ‫ب العجاب ِ‬ ‫ج َ‬ ‫جدِ العَ َ‬ ‫ت‪،‬ي ِ‬ ‫المبالغا ِ‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬ويرى أنها من الِعبر العظيم ِ‬ ‫فه في الكو ِ‬ ‫وتعالى ‪ ،‬وتصري ِ‬
‫ن يّغيَر أجواءه‬ ‫ن يسافر ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ومن الراحةِ له أ ْ‬ ‫للمؤم ِ‬
‫ي المفتوِح ‪.‬‬ ‫ب الكون ّ‬ ‫ومكانه ومحّله ‪ ،‬لقرأ في هذا الكتا ِ‬
‫ديارِ ‪: -‬‬ ‫ل في ال ّ‬ ‫دث عن التنق ِ‬ ‫ل أبو تمام – وهو يتح ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن‬‫بالّرْقمتي ِ‬ ‫شام ِ أهلي وبغداد ُ‬ ‫بال ّ‬
‫ض‬ ‫ر‬ ‫في ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ط‬
‫ِ‬
‫حو‬ ‫وبالفسطا‬
‫سي‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫في اْل َ‬ ‫روا ِ‬ ‫وأنا‬ ‫الهوى‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫﴿‬ ‫﴾‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫سي ُ‬ ‫ل ِ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ج َ‬‫م ْ‬ ‫غ َ‬ ‫حّتى أ َب ْل ُ َ‬ ‫س﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ر َ‬ ‫غ ِ‬‫م ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ذا ب َل َ َ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫﴾‪َ ﴿،‬‬
‫قبا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ال ْبحرين أ َ َ‬
‫ي ُ‬ ‫ض َ‬ ‫م ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ِ ْ‬
‫************************************‬
‫جدِين‬
‫جدْ مع المته ّ‬
‫ته ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫م اللي ِ‬ ‫ح الصدر ‪ :‬قيا ُ‬ ‫ومما ُيسعد ُ الن ّْفس ويشر ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن العبد إذا قام من اللي ِ‬ ‫وقد ْ ذكر ‪ ‬في الصحيح ‪ :‬أ ّ‬
‫س ‪﴿.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ضأ وصلى ‪ ،‬أصبح نشيطا طّيب النْف ِ‬ ‫وذكر الله ‪ ،‬ثم تو ّ‬
‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه َ‬‫ما ي َ ْ‬‫ل َ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫قِليل ً ّ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫َ‬
‫ك﴾‪.‬‬ ‫ة لّ َ‬ ‫فل َ ً‬ ‫ه َنا ِ‬ ‫جد ْ ب ِ ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫َ‬
‫ث‬
‫د ‪ ،‬وهو حدي ٌ‬ ‫داء عن الجس ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ل ُيذه ُ‬ ‫م اللي ِ‬ ‫وقيا ُ‬
‫ن مْثل‬ ‫ح عند أبي داود ‪ )) :‬يا عبدالله ‪ ،‬ل ُتك ْ‬ ‫صحي ٌ‬
‫ل (( ‪،‬‬ ‫م اللي ِ‬ ‫ك قيا َ‬ ‫م الليل ‪ ،‬فَتر َ‬ ‫ن ‪ ،‬كان يقو ُ‬ ‫فل ٍ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫م من اللي ِ‬ ‫ه لو كان يقو ُ‬ ‫دالل ِ‬ ‫ل عب ُ‬ ‫م الرج ُ‬ ‫ع َ‬ ‫)) ن ِ ْ‬
‫ة‬
‫ل شيٍء في هذه الحيا ِ‬ ‫ف على الشياِء الفانيةِ ‪ ،‬ك ّ‬ ‫ل تأس ْ‬
‫ه﴾‬‫ه ُ‬‫ج َ‬ ‫و ْ‬‫ك إ ِّل َ‬ ‫هال ِ ٌ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه سبحانه وتعالى ﴿ك ُ ّ‬ ‫جه ُ‬ ‫ن إل و ْ‬ ‫فا ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪217‬‬
‫ه َرب ّ َ‬
‫ك ُ‬
‫ذو‬ ‫ج ُ‬
‫و ْ‬
‫قى َ‬‫وي َب ْ َ‬
‫ن}‪َ {26‬‬ ‫ها َ‬
‫فا ٍ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬‫ل َ‬ ‫‪ ﴿ ،‬كُ ّ‬
‫واْل ِك َْرام ِ ﴾ ‪.‬‬ ‫ل َ‬‫جَل ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل الذي يبكي‬ ‫طف ِ‬‫ف على دنياه ‪ ،‬كال ّ‬ ‫ن النسان الذي يأس ُ‬ ‫إ ّ‬
‫على فْقدِ لعبت ِهِ ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ة‬ ‫ق َ‬
‫فـــ ٌ‬ ‫و ْ‬
‫َ‬
‫ن آلم ِ الّروح‬ ‫ن ‪ ،‬وهما م ْ‬ ‫ن منهما قرينا ِ‬ ‫ل اثني ِ‬ ‫»ك ّ‬
‫شّر في‬ ‫م توّقع ال ّ‬ ‫ن اله ّ‬ ‫ذباِتها ‪ ،‬والفْرق بينهما أ ّ‬ ‫ومع ّ‬
‫ل المكروهِ في‬ ‫صو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫م على ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والحُزن الّتأل ّ ُ‬ ‫المستقب ِ‬
‫ب يرِد ُ على‬‫م وعذا ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وكلهما تأل ّ ٌ‬ ‫ت المحبو ِ‬ ‫الماضي أو فوا ُ‬
‫ن تعّلق‬ ‫مي حزنا ً ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ن تعّلق بالماضي ُ‬
‫س ّ‬ ‫الّروِح ‪ ،‬فإ ْ‬
‫ما ً « ‪.‬‬ ‫مي ه ّ‬ ‫س ّ‬‫ل ُ‬ ‫بالمستقب ِ‬
‫ة‬
‫دنيا والخر ِ‬ ‫م إني أسألك العافية في ال ّ‬ ‫)) الّله ّ‬
‫فو والعافية في دِيني‬ ‫م إني أسأُلك الع ْ‬ ‫‪ ،‬الّله ّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م است ُْر عوراتي وآ ِ‬ ‫دنياي وأهلي ومالي ‪ ،‬الله ّ‬ ‫و ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫يو ِ‬ ‫ن يد ّ‬ ‫ن بي ِ‬ ‫وعاتي ‪ ،‬اللهم احفظني م ْ‬ ‫ر ْ‬
‫ن فوقي ‪،‬‬ ‫م ْ‬ ‫ن شمالي و ِ‬ ‫ن يميني وع ْ‬ ‫خْلفي ‪ ،‬وع ْ‬
‫ن تحتي (( ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫غتال ِ‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫وأعوذُ بعظمتك أ ْ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ة‬
‫أياِديهِ الحديث ُ‬ ‫ن رّبك ليس‬ ‫ألم تر أ ّ‬
‫مك‬ ‫ههمو ُ‬ ‫ول ْ‬ ‫والقديم‬
‫م‬
‫ُيقي ِ ُ‬ ‫ن الهموم ِ‬ ‫لع ِ‬
‫تحصى‬
‫س ّ‬ ‫ت ٌَ َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬
‫بنظرةٍ ِ‬ ‫ه‬
‫مقيم ْ‬ ‫بال ُ‬
‫إليك‬ ‫ظ ُُر بعد‬ ‫شيٌء‬
‫الله ين‬ ‫فليس‬‫لع ّ‬
‫ل‬
‫ه‬
‫رحِيم ْ‬
‫**************************************‬ ‫هذا‬

‫ة‬ ‫ثَ َ‬
‫مُنك الجن ّ ُ‬
‫ل للشاعُر ‪:‬‬ ‫يقو ُ‬
‫فكيف أبكي على‬ ‫سي التي تمل ِ ُ‬
‫ك‬ ‫نف ْ‬
‫شيٍء إذا ذهبا‬ ‫ة‬
‫الشياء ذاهب ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪218‬‬

‫ضِتها ومناصِبها وُدوِرها وقصوِرها ل‬ ‫ن الدْنيا بذهِبها وف ّ‬ ‫إ ّ‬


‫ن الرسول ‪ ‬قال ‪)) :‬‬ ‫ل قطرة دمٍع ‪ ،‬فعند الترمذيّ أ ّ‬ ‫تستأه ُ‬
‫ه ‪ ،‬وما‬ ‫كر الل ِ‬ ‫ن ما فيها إل ذ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬ملعو ٌ‬ ‫الدنيا ملعون ٌ‬
‫واله ‪ ،‬وعالما ً ومتعّلما ً (( ‪.‬‬
‫ل لِبيد ُ ‪:‬‬ ‫ب ‪ ،‬كما يقو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫إنها ودائعُ فح ْ‬
‫ن ُترد ّ‬ ‫ولبد ّ يوما ً أ ْ‬ ‫ل والهلون‬ ‫وما الما ُ‬
‫الودائعُ‬ ‫ة‬
‫إل وِديع ٌ‬
‫ة‬
‫خُر لحظ ً‬ ‫ت ل تؤ ّ‬ ‫ت والسيارا ِ‬ ‫ت والعقارا ِ‬ ‫إن المليارا ِ‬
‫ي‪:‬‬ ‫طائ ّ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ل العبدِ ‪ ،‬قال حات ُ‬ ‫ن أج ِ‬ ‫واحدةً م ْ‬
‫ت يوما ً‬ ‫إذا حشرج ْ‬ ‫ك ما ُيغني الّثراُء‬ ‫مُر َ‬ ‫لعَ ْ‬
‫صد ُْر‬ ‫وضاق بها ال ّ‬ ‫عن الفتى‬
‫ن‬‫ل‪ ،‬فإ ّ‬‫ل للشيء ثمنا ً معقو ً‬ ‫ولذلك قال الحكماُء ‪ :‬اجع ْ‬
‫حَياةُ الدّن َْيا‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ن‪َ ﴿ :‬‬ ‫الدنيا وما فيها ل ُتساوي المؤم ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ول َ ِ‬
‫ع ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ه ٌ‬ ‫إ ِّل ل َ ْ‬
‫سك ثمنا ً غير الجنةِ‬ ‫ل لنف ِ‬ ‫ن البصريّ ‪ :‬ل تجع ْ‬ ‫ل الحس ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ص‪.‬‬ ‫خ ٍ‬ ‫ضهم يبيعها بُر ْ‬ ‫ة ‪ ،‬وبع ُ‬ ‫ن غالي ٌ‬ ‫ن نْفس المؤم ِ‬ ‫‪ ،‬فإ ّ‬
‫م وتهد ّم ِ بيوِتهم‬ ‫ب أمواِله ْ‬ ‫ن الذين ينوحون على ذها ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ص‬
‫ق سياراِتهم ‪ ،‬ول يأسفون ويحزنون على نْق ِ‬ ‫واحترا ِ‬
‫ة‬
‫رهم في طاع ِ‬ ‫إيماِنهم وعلى أخطاِئهم وذنوِبهم ‪ ،‬وتقصي ِ‬
‫حوا على‬ ‫م كانوا تافهين بقد ْرِ ما نا ُ‬ ‫م سوف يعلمون أنه ْ‬ ‫رّبه ْ‬
‫ل‬‫مث ُ ٍ‬‫ة قيم ٍ و ُ‬ ‫ن المسألة مسأل ُ‬ ‫تلك ‪ ،‬ولم يأسفوا على هذهِ ؛ ل ّ‬
‫ن‬ ‫وي َذَُرو َ‬ ‫ة َ‬ ‫جل َ َ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ؤَلء ي ُ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ة‪﴿ :‬إ ِ ّ‬ ‫ومواقف ورسال ٍ‬
‫قيل ً﴾‪.‬‬ ‫وما ً ث َ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وَراء ُ‬ ‫َ‬
‫******************************************‬
‫ي‬
‫ب الحقيق ّ‬
‫الح ّ‬
‫ن أسعْدِ‬
‫نم ْ‬‫سعد َ ‪ ،‬إ ّ‬
‫ن أولياِء اللهِ وأحبائهِ ِلت ْ‬ ‫كُ ْ‬
‫نم ْ‬
‫السعداِء ذاك الذي جعل هدفه السمى وغايُته المنشودة‬
‫ل تحزن‬
‫‪219‬‬
‫ه‬
‫﴾‬‫حّبون َ ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫حب ّ ُ‬ ‫ه ‪ ﴿ :‬يُ ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وما أْلطف قول ُ‬ ‫ب اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ح ّ‬‫ُ‬
‫‪.‬‬
‫ن‬
‫ن قولهِ ‪ :‬يحّبونه ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫بم ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ضهم ‪ :‬ليس العَ َ‬ ‫قال بع ُ‬
‫هم‬‫ن قول ِهِ يحّبهم ؛ فهو الذي خلقهم ورزقهم وتول ّ ُ‬ ‫العجب م ْ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫م ‪ ،‬ثم يحّبهم ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫وأعطاهُ ْ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬ ‫عوِني ي ُ ْ‬ ‫فات ّب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ج على‬ ‫ب ‪ ،‬وهي تا ٌ‬ ‫ن أبي طال ٍ‬ ‫يب ِ‬ ‫وانظْر إلى مكُرمةِ عل ّ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه ورسول ُ‬ ‫ب الله ورسوله ‪ ،‬ويحّبه الل ُ‬ ‫ل ُيح ّ‬ ‫رأسهِ ‪ :‬رج ٌ‬
‫هو الل ّ َ‬
‫د ﴾ ‪ ،‬فكان‬ ‫ح ٌ‬ ‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ب﴿ ُ‬ ‫ن رجل ً من الصحابة أح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫رها ‪ ،‬ويعيدها على لسانه ‪،‬‬ ‫ه بذك ْ ِ‬ ‫ل ركعةٍ ‪ ،‬ويَتول ّ ُ‬ ‫يرد ُّدها في ك ّ‬
‫ك بها وجدانه ‪ ،‬قال له ‪: ‬‬ ‫وُيشجي بها فؤاده ‪ ،‬ويحّر ُ‬
‫خَلك الجنة (( ‪.‬‬ ‫)) حّبك إّياها أدْ َ‬
‫ت أقرؤهما قديما ً ‪ ،‬في ترجمةٍ لحدِ‬ ‫ما أعجب بيتين كن ُ‬
‫العلماِء ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫ب‬‫بليلى وسلمى يسل ُ ُ‬ ‫ب الهاِئمين‬ ‫ح ّ‬ ‫إذا كان ُ‬
‫الل ّ‬
‫والعبهْقلشوقا ً على‬ ‫ُ‬ ‫قل‬ ‫ب‬
‫رى‬‫ّ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫عسى أن يفعل‬ ‫فماذاالورى‬ ‫من‬
‫العلى‬ ‫َ‬ ‫العالم ِ‬ ‫م الذي‬ ‫الهائ ِ ُ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ن أب َْناء الل ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫صاَرى ن َ ْ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫هودُ َ‬ ‫ْ‬
‫ت الي َ ُ‬ ‫َ‬
‫قال ِ‬ ‫و َ‬‫﴿ َ‬
‫كم ﴾ ‪.‬‬ ‫كم ب ِذُُنوب ِ ُ‬ ‫عذّب ُ ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫فل ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ؤه ُ ُ‬ ‫حّبا ُ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ب ما ٍ‬ ‫ب امرأةٍ ‪ ،‬وقارون ح ّ‬ ‫هح ّ‬ ‫ن مجنون ليلى قتل ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ة حب ّا ً لله‬ ‫ب ‪ ،‬وُقتل حمزة ُ وجعفُر وحنظل ُ‬ ‫ب منص ٍ‬ ‫وفرعون ح ّ‬
‫ولرسوله ‪ ،‬فيا لب ُعْد ِ ما بين الفريقين ‪.‬‬
‫****************************************‬
‫وقفــــة‬
‫م عشرةٌ‬ ‫ط شرطةٍ سنوي ّا ً في أمريكا ‪ ،‬منه ْ‬ ‫» ينتحُر ‪ 300‬ضاب ِ‬
‫في نيويورك وحدها ‪ ..‬ومنذ ُ عام ‪ 1987‬م يتزايد ُ عدد ُ‬
‫ضّباط‬
‫ت‪،‬‬ ‫سلطا ِ‬‫ت ال ّ‬
‫رين هناك ‪ ..‬وهي ظاهرةٌ أقلق ِ‬ ‫ح ِ‬
‫منت ِ‬
‫الشرطةِ ال ُ‬
‫حِثها ‪.‬‬
‫ط الشرطةِ بب ْ‬‫ي لضّبا ِ‬
‫وقام التحاد ُ الوطن ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪220‬‬
‫ط هو ‪:‬‬ ‫ر الضبا ِ‬ ‫ب انتحا ِ‬ ‫ن أبرز أسبا ِ‬ ‫لقد ْ وجد التحاد ُ أ ّ‬
‫مطالبون‬ ‫م ُ‬ ‫دائم ِ الذي يعيشون فيه ‪ ،‬فه ْ‬ ‫ب ال ّ‬‫توت ُّر العصا ِ‬
‫ط المتزايدةِ مع‬ ‫ضغو ِ‬ ‫ل ال ّ‬‫م ِ‬
‫ت ‪ ،‬وتح ّ‬ ‫ت في الزما ِ‬ ‫دائما ً بالّثبا ِ‬
‫ل مع‬ ‫م ِ‬
‫مل اللم ِ الّناتجة عن الّتعا ُ‬ ‫ارتفاِع نسبةِ الجريمةِ ‪ ،‬وتح ّ‬
‫ل ونساٍء وعجائز‪.‬‬ ‫ن أطفا ٍ‬ ‫ث الضحايا م ْ‬ ‫المجرمين‪ ،‬ورؤيةِ جث ِ‬
‫ل دائم ٍ ‪،‬‬ ‫م بشك ٍ‬ ‫ب الثاني هو ‪ :‬وجود ُ السلحةِ معه ْ‬ ‫والسب ُ‬
‫م عملّية النتحارِ ‪.‬‬ ‫ل عليه ُ‬ ‫دهم أو تسهّ ُ‬ ‫فهي ُتساع ُ‬
‫م‬
‫ط تت ّ‬‫ث انتحارِ الضبا ِ‬ ‫ن حواد ِ‬ ‫ن ثمانين بالمائةِ م ْ‬ ‫وقد ُوجد أ ّ‬
‫ط‪،‬‬ ‫ضّبا ٍ‬‫ص ‪ ،‬في ثلثةِ أيام ٍ متتاليةٍ انتحر ثلُثة ُ‬ ‫حهم الخا ّ‬ ‫بسل ِ‬
‫سهِ الميري « ‪.‬‬ ‫طة مسد ِ‬ ‫ل منهم بواس ِ‬ ‫ك ّ‬
‫********************************‬
‫سرةٌ‬
‫مي ّ‬
‫ة ُ‬
‫هل ٌ‬
‫ةس ْ‬
‫شريع ٌ‬
‫سماحةِ في‬ ‫سرِ وال ّ‬ ‫ج صدر المسلم ظاهرة ُ الي ُ ْ‬ ‫ن مما ُيثل ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬
‫قْرآ َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ما َأنَزل َْنا َ‬ ‫الشريعةِ السلميةِ ﴿ طه}‪َ {1‬‬
‫فسا ً‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫سَرى﴾ ‪ ﴿ ،‬ل َ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬ ‫سُر َ‬ ‫ون ُي َ ّ‬ ‫قى﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ش َ‬ ‫ل ِت َ ْ‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ما آَتا َ‬ ‫فسا ً إ ِّل َ‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫ها﴾ ‪َ ﴿ ،‬ل ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫إ ِل ّ ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫ج﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫حَر ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫غل َ َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫إِ ْ‬
‫سرا ً﴾ ‪َ ﴿ ،‬رب َّنا ل َ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫سرًا}‪ {5‬إ ِ ّ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ع ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫عل َي َْنا‬ ‫ْ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫خطَأَنا َرب َّنا َ‬ ‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا ِإن ن ّ ِ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫تُ َ‬
‫ول َ‬ ‫قب ْل َِنا َرب َّنا َ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ْت َ ُ‬ ‫ح َ‬‫ما َ‬ ‫صرا ً ك َ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫فْر ل ََنا‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫عّنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ل ََنا ب ِ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫طا َ‬ ‫ما ل َ َ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫تُ َ‬
‫ن﴾‬ ‫وم ِ ال ْ َ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ول ََنا َ‬ ‫َ‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫صْرَنا َ‬ ‫فان ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا أن َ‬ ‫ح ْ‬ ‫واْر َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ن وما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫متي الخطأ والنسيا ُ‬ ‫نأ ّ‬ ‫)) ُرفع ع ْ‬
‫د‬
‫ن ُيشا ّ‬ ‫سٌر ‪ ،‬ول ْ‬ ‫دين ي ُ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ه (( ‪ )) ،‬إ ّ‬ ‫هوا علي ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫است ُك ْ ِ‬
‫شُروا (( ‪،‬‬ ‫رُبوا وأب ِ‬ ‫دوا وقا ِ‬ ‫الدين أحدٌ إل ّ غلبه (( ‪ ،‬سدّ ُ‬
‫خي ُْر دينكم‬ ‫ة (( ‪َ )) ،‬‬ ‫مح ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ت بالحنيفّية ال ّ‬ ‫)) ُبعث ُ‬
‫سُره (( ‪.‬‬ ‫أي ْ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪221‬‬
‫ت على شاعرٍ معاصرٍ في دولةٍ وزارةٌ يتو ّ‬
‫لها ‪،‬‬ ‫رض ْ‬ ‫عُ ِ‬
‫ن يتُرك طموحاِته ورسالِته وأطُروحاِته الحّقةِ ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫على أ ْ‬
‫حرا ً طلِيقا ً‬ ‫فؤادي ُ‬ ‫ل دنياك ُ ُ‬
‫م‬ ‫خذوا ك ّ‬ ‫ُ‬
‫موني وحيدا ً‬ ‫غريبا ِ‬
‫خل ْت ُ ُ‬ ‫ن‬
‫وإ ْ‬ ‫مكم ثروةً‬ ‫عظ ُ‬ ‫ني ُأ‬
‫كوا ْ‬ ‫واتر‬
‫فإ ّ‬
‫سلِينا‬
‫******************************************‬
‫**‬
‫ة‬ ‫أُ‬
‫س للّراح ِ‬ ‫س‬
‫ُ ٌ‬
‫في مجل ّةِ ) أهل ً وسهل ً ( بتاريخ ‪1415 / 4 / 3‬هـ مقال ٌ‬
‫ة‬
‫ب القلق « بقلم د ‪ .‬حسان‬ ‫بعنوان » عشرون وصفةٍ لتجن ّ ِ‬
‫شمسي باشا ‪.‬‬
‫من معاني هذه المقالةِ ‪:‬‬
‫ل شيٍء بقضاٍء وقدرٍ ‪ ،‬فل‬ ‫نك ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫رغ من ُ‬ ‫ل قد فُ ِ‬ ‫ن الج َ‬ ‫إ ّ‬
‫ي ْ‬
‫ق‬
‫ِ‬ ‫المخلو‬ ‫رزق‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫‪.‬‬ ‫يجري‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫يحز‬ ‫ول‬ ‫‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫العب‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫أس‬
‫ف فيه‬ ‫كه أحد ٌ ‪ ،‬ول يتصّر ُ‬ ‫ق في السماِء ‪ ،‬فل يمل ُ‬ ‫عند الخال ِ‬
‫مه‬‫ب بهمو ِ‬ ‫ن الماضي قد ْ ذ َهَ َ‬ ‫ن ‪ .‬وإ ّ‬ ‫م ‪ ،‬ول يمنُعه إنسا ٌ‬ ‫قو ٌ‬
‫ره على‬ ‫س ِ‬‫م بأ ْ‬ ‫ن يعود‪ ،‬ولو اجتمع العال ُ‬ ‫مه ‪ ،‬وانتهى فل ْ‬ ‫وغمو ِ‬
‫ب ‪ ،‬ولم يحضْر إلى‬ ‫ن المستقبل في عالم ِ الغي ْ ِ‬ ‫إعادِته ‪ .‬وإ ّ‬
‫ن‬
‫عهِ حتى يأتي ‪ .‬وإ ّ‬ ‫ستد ْ ِ‬‫الن ‪ ،‬ولم يستأِذن عليك ‪ ،‬فل ت ْ‬
‫ب سرورا ً ‪ ،‬وعلى‬ ‫س ُيضفي على القل ِ‬ ‫الحسان إلى النا ِ‬
‫ب‬‫م بركةٍ وثوا ٍ‬ ‫مسدِيه أعْظ َ َ‬ ‫الصدرِ انشراحا ً ‪ ،‬وهو يعود ُ على ُ‬
‫ن ُأسدي إليهِ ‪.‬‬ ‫وأجرٍ وراحةٍ مم ْ‬
‫ث بالنْقد ِ الجائر الظالم ِ ‪،‬‬ ‫م الكترا ِ‬ ‫ن عد ُ‬ ‫شيم المؤم ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ب العالمين ‪ ،‬الذي هو‬ ‫شت ْم ِ حتى ر ّ‬ ‫ب وال ّ‬ ‫س ّ‬ ‫م من ال ّ‬ ‫سل َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫فل ْ‬
‫ؤه ‪.‬‬ ‫ت أسما ُ‬ ‫دس ْ‬ ‫ل ‪ ،‬تق ّ‬ ‫ل الجمي ُ‬ ‫ل الجلي ُ‬ ‫الكام ُ‬
‫ت لي ‪:‬‬ ‫ت في أبيا ٍ‬ ‫قل ُ‬
‫ل ي ُْقل ِقُ قل َْبك‬ ‫ويظ ّ‬ ‫معا ً‬ ‫حرِقُ أد ُ‬ ‫فعلم ت َ ْ‬
‫ت‬‫ي ت ََفّتح ْ‬ ‫بِ ّ‬
‫الخ ُل‬ ‫الرها‬ ‫نام‬ ‫تب ّا ً جليل ً‬ ‫ضئ‬
‫بها ْر‬ ‫لوُ ّ‬‫قد ّ ْ‬‫وك‬
‫ب‬ ‫أبوا ُ‬
‫*************************************‬ ‫كّلما‬
‫ل تحزن‬
‫‪222‬‬
‫عشق‬
‫ر ال ِ‬
‫حذ ِ‬
‫ا ْ‬
‫ضر ‪ ،‬وك َد ٌَر مستمّر ‪.‬‬ ‫م حا ِ‬ ‫صورِ ‪ ،‬فإّنها ه ّ‬ ‫شق ال ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫إياك و ِ‬
‫ت الشعراِء وولهِِهم‬ ‫ن تأّوها ِ‬ ‫ده ع ْ‬ ‫ن سعادةِ المسلم ِ ُيع ُ‬ ‫م ْ‬
‫ن‬
‫ن هذا م ْ‬ ‫صل والفراق ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫جر والو ْ‬ ‫هم اله ْ‬ ‫وعشِقهم ‪ ،‬وشكوا ُ‬
‫ه الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ضل ّ ُ‬ ‫وأ َ َ‬ ‫واهُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫خذَ إ ِل َ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫فرأ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فراغ القلب ﴿ أ َ‬
‫ِ‬
‫عَلى‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِ‬‫م ِ‬ ‫س ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫م َ‬ ‫خت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫عل ْم ٍ َ‬ ‫عَلى ِ‬ ‫َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫و ً‬ ‫شا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ر ِ‬‫ص ِ‬ ‫بَ َ‬
‫ب‬‫مطال ُ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫فم ِ‬ ‫ب‬ ‫جل َ َ‬ ‫وأنا الذي َ‬
‫م‬ ‫الل‬ ‫من‬ ‫ت ُ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫القا ُت‬
‫ذق‬ ‫ُ‬ ‫والقتي ُ‬
‫ل‬
‫ما‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫وأستأه‬ ‫ق‬ ‫أستح‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إنني‬‫ف‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫والمعنىية‪:‬ط َ‬ ‫المن ّ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫م فيما جرى لي ‪.‬‬ ‫ب العظ ُ‬ ‫والحسرةِ ؛ لنني المتسب ّ ُ‬
‫مه وعشِقه وولهِهِ ‪ ،‬فيقو ُ‬
‫ل‬ ‫س يتباهى بكثرةِ هيا ِ‬ ‫وآخُر أندل ّ‬
‫‪:‬‬
‫ي‬
‫وُرّوع بالجوى ح ّ‬ ‫ق‬
‫فرا ِ‬ ‫شكا ألم ال ِ‬
‫ت ول‬ ‫تما سمع ُ‬ ‫ني ُ‬ ‫وم ّي ْ‬ ‫فإ‬ ‫ت‬ ‫م ْ‬ ‫بليض ّ‬ ‫ثلما‬ ‫م ْق ْ‬ ‫سِ‬‫ما ُ‬ ‫وأّنا ّ‬
‫ال‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة ورّباني ّ ً‬ ‫ذكر وروحاني ّ ً‬ ‫ت‬
‫وال ْ ْ ُ‬ ‫بين ضلوعهِ التقوى رأي‬ ‫ضلوعي‬ ‫م‬‫ولو ض ّ‬
‫سَلك‬ ‫ل إلى الحقّ ‪ ،‬ول َعََر الدليل ‪ ،‬ولبصر الّرشد ‪ ،‬ول َ َ‬ ‫ص َ‬‫ل َوَ َ‬
‫ع ْ‬
‫ذ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ن ن َْز ٌ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫غن ّ َ‬ ‫ما َينَز َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫الجاّدة ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ف ّ‬ ‫طائ ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫قوا ْ إ ِ َ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ه ﴾ ‪﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫ِبالل ّ ِ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ن ت َذَك ُّروا ْ َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن ابن القي ّم ِ عالج هذهِ المسألة علجا ً شافيا ً كافيا ً في‬ ‫إ ّ‬
‫ه‪.‬‬‫جعْ إلي ِ‬ ‫كتاب ِهِ )الداُء والدواُء( فلي ُْر َ‬
‫إن للعشق أسبابا ً منها ‪:‬‬
‫ره‬ ‫شك ِ‬ ‫حّبه سبحانه وتعالى وذك ْرِهِ و ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫‪ .1‬فراغُ م ْ‬
‫وعبادت ِهِ ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ب على القل ِ‬ ‫ه رائد ٌ يجل ُ‬ ‫‪ .2‬إطلقُ البصرِ ‪ ،‬فإن ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قل ل ّل ْ ُ‬ ‫أحزانا ً وهموما ً ‪ُ ﴿ :‬‬
‫ة‬
‫م ﴾‪)) ،‬النظر ُ‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫أب ْ َ‬
‫ن سهام ِ إبليس((‪.‬‬ ‫مم ْ‬ ‫سه ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪223‬‬
‫ن أتعبت ْ َ‬
‫ك‬ ‫ل عي ٍ‬ ‫إلى ك ّ‬ ‫وأنت متى أرسلت‬
‫ه‬
‫ض ِ‬ ‫ن بع ِ‬ ‫ول ع ْ‬ ‫المناظ ُِر‬ ‫عليه‬ ‫رائدا ًل ك ُّله‬ ‫رفكالذي‬ ‫رأيت‬ ‫ط ْ‬
‫والتقصيُر في الذ ّك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫أنت صاب ُِر‬ ‫التقصيُر في العبودي ّةِ ‪،‬‬ ‫أنت قادٌر‬ ‫‪.3‬‬
‫ن‬‫ع ِ‬ ‫هى َ‬ ‫صَلةَ ت َن ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل ﴿ إِ ّ‬ ‫دعاِء والنواف ِ‬ ‫وال ّ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫منك َ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫شاء َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ق ‪ ،‬فمن ْ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫م دواُء العِ ْ‬ ‫أ ّ‬
‫عَباِدَنا‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاء إ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫سوءَ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ر َ‬ ‫ص ِ‬‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫﴿ ك َذَل ِ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫صي َ‬ ‫خل َ ِ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫ل المولى‬ ‫ت العبودي ّةِ ‪ ،‬وسؤا ُ‬ ‫ح على عتبا ِ‬ ‫‪ .1‬النطرا ُ‬
‫شفاء والعافية ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ظوا‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ظ الفْرِج ﴿ َ‬ ‫ض البصرِ وحْف ُ‬ ‫‪ .2‬وغ ّ‬
‫ن‬
‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م لِ ُ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ُ‬
‫ج ِ‬ ‫فُرو ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ه‬
‫ك بيت ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫ن تعّلق بهِ القل ُ‬ ‫جُر ديارِ م ْ‬ ‫‪ .3‬وه ْ‬
‫وموطن ِهِ وذك ْرِهِ ‪.‬‬
‫كاُنوا‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل الصالحةِ ‪ ﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ل بالعما ِ‬ ‫‪ .4‬والشتغا ُ‬
‫غبا ً‬ ‫عون ََنا َر َ‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫يُ َ‬
‫هبا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫وَر َ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫فانك ِ ُ‬ ‫ي﴿ َ‬ ‫شْرع ّ‬ ‫ج ال ّ‬ ‫‪ .5‬والّزوا ُ‬
‫ق لَ ُ‬ ‫من الن ّساء ﴾ ‪ ﴿ ،‬ومن آيات ِ َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ ِ ْ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫َ‬ ‫َأن ُ‬
‫ها ﴾ ‪ )) ،‬يا معشر‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬ ‫واجا ً ل ّت َ ْ‬ ‫م أْز َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫م الباءة‬ ‫ن استطاع منك ُ‬ ‫ب‪،‬م ِ‬ ‫الشبا ِ‬
‫ج (( ‪.‬‬ ‫و ْ‬ ‫فليتز ّ‬
‫****************************************‬
‫ة‬
‫و ِ‬
‫حقوقُ الخ ّ‬
‫ب السماِء إليهِ ‪.‬‬ ‫ن ُتناديهِ بأح ّ‬ ‫مما ُيسعد ُ أخاك المسلم أ ْ‬
‫سوَْءةُ‬ ‫ُ‬ ‫أ ُك ِْنيهِ حين ُأنادِيه‬
‫ه وال ّ‬
‫ول ألّقب ُ ُ‬
‫الّلق ُ‬
‫ب‬ ‫ه‬ ‫ُ‬
‫رم ُ‬‫لك ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪224‬‬
‫ن تْلقى أخاك‬ ‫ش في وجِهه )) ولو أ ْ‬ ‫ش وت َب َ ّ‬‫ن ته ّ‬ ‫وأ ْ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ه أخيك صدق ٌ‬ ‫مك في وج ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ق (( ‪ )) ،‬تب ّ‬ ‫ْ‬
‫بوجه طل ٍ‬
‫ة ليتكّلم‬ ‫ك له فرص ً‬ ‫ث معك – أي تتر َ‬ ‫ه على الحدي ِ‬ ‫جع ُ‬ ‫ن تش ّ‬ ‫وأ ْ‬
‫صةِ ‪،‬‬ ‫مةِ والخا ّ‬ ‫ن أموِره العا ّ‬ ‫سه وعن أخبارِهِ – وتأل ع ْ‬ ‫ن نف ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ن لم‬ ‫م بأموره )) م ْ‬ ‫ن تهت ّ‬
‫ل عنها ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ج في السؤا ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫التي ل َ‬
‫ن‬‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م (( ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ر المسلمين فليس منه ْ‬ ‫ِ‬ ‫م بأم‬ ‫يهت ّ‬
‫َ‬
‫ض﴾‪.‬‬
‫ع ٍ‬ ‫ول َِياء ب َ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬
‫مَنا ُ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ل تلومه ول تْعذله على شيٍء مضى وانتهى ‪،‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أ ْ‬
‫حه ‪ ،‬ول‬ ‫ز ْ‬‫ر أخاك ول ُتما ِ‬ ‫ول تحرجه بالمزاِح ‪ )) :‬ل ُتما ِ‬
‫خِلفه (( ‪.‬‬ ‫عدهُ موعدا ً فت ُ ْ‬ ‫ت ِ‬
‫*************************************‬
‫ب!‬
‫ن ل تذن ْ‬
‫ب ‪ ..‬ولك ْ‬
‫» أسراٌر في الذنو ِ‬
‫«‬
‫م على العبد ‪،‬‬ ‫ن الذنب كالخت ْ َ‬ ‫ل العلم ِ ‪ :‬أ ّ‬ ‫ض أه ِ‬‫ذكر بع ُ‬
‫ب ‪ ،‬وكثرةُ‬‫ج ِ‬ ‫م ظهر العُ ْ‬ ‫ص ُ‬
‫ن أسرارها بعد التوبةِ ‪ :‬ق ْ‬ ‫وم ْ‬
‫ه والنكساُر والندامة ‪،‬‬ ‫ج ُ‬‫ة والّتو ّ‬ ‫ة والناب ُ‬ ‫الستغفارِ والتوب ُ‬
‫مقابلةِ القضاِء‬ ‫م بعبودي ّةِ ُ‬‫ووقوع القضاِء والقدرِ ‪ ،‬والّتسلي ُ‬
‫والقدرِ ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬
‫ومنها ‪ :‬تحّققُ أسماِء اللهِ الحسنى وصفاِته الُعلى مث ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫وا ِ‬
‫الرحيم ِ والغفورِ والت ّ ّ‬
‫*************************************‬
‫ص‬
‫ر ْ‬ ‫اطْل ُ ِ‬
‫ب الرزق ول تح ِ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫ق ‪ ،‬أعطى الدودةَ رزقها في الطي ِ‬ ‫ق الراز ِ‬
‫سبحان الخال ِ‬
‫ة في‬
‫‪ ،‬والسمكة في الماِء ‪ ،‬والطائَر في الهواِء ‪ ،‬والنمل َ‬
‫ماِء ‪.‬‬‫ص ّ‬
‫ظلماِء ‪ ،‬والحّية بين الصخورِ ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ة عمياء‬‫ن حي ّ ُ‬ ‫ة من الّلطائ ِ‬
‫ف‪:‬أ ّ‬ ‫ن الجوزيّ لطيف ً‬ ‫ذ َك ََر اب ُ‬
‫مه ‪،‬‬ ‫س نخلةٍ ‪ ،‬فكان يأتيها عصفوٌر بلحم ٍ في ف ِ‬ ‫ت في رأ ِ‬ ‫كان ْ‬
‫ه‬
‫ح فاها ‪ ،‬فيضعُ اللحم في ِ‬ ‫فإذا اقترب منها وَْروََر وصّفَر ‪ ،‬فتفت ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪225‬‬
‫ه إ ِل ّ‬
‫حي ْ ِ‬
‫جَنا َ‬
‫طيُر ب ِ َ‬
‫ر يَ ِ‬ ‫ول َ َ‬
‫طائ ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫﴿‬ ‫ذه‬ ‫ن سخّر هذا له ِ‬ ‫سبحان م ْ‬
‫كم ﴾ ‪.‬‬ ‫مَثال ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫أ َ‬
‫ن ذا‬ ‫هم ْ‬ ‫فاسأل ُ‬ ‫وإذا ترى الثعبان‬
‫حشاكا ي َمل ُ‬ ‫سموم ِ‬ ‫تحيا ّ‬‫بال‬ ‫ه‬
‫م ُ‬‫س ّ‬‫ه ُ‬ ‫ث‬‫ينُف ُ‬
‫م ْ‬ ‫س ّ‬‫وهذا ال ّ‬ ‫ش‬
‫كيف تعي ُ‬ ‫واسأل ُ‬
‫ب‬‫رزُقها في المحرا ِ‬ ‫فاكا‬ ‫م يأتيها‬ ‫عليها السل ُ‬ ‫م أو‬ ‫نُ‬ ‫ت ثعبا‬
‫مري ُ‬ ‫يا‬
‫كان ْ‬
‫َ‬
‫ت‬‫قال َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ك َ‬ ‫م أّنى ل َ ِ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫صباح مساء ‪ ،‬فقيل لها ‪َ ﴿ :‬يا َ‬
‫ب‬
‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫شاءُ ب ِ َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه ي َْرُزقُ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫هإ ّ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫﴾‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ول َدَ ُ‬ ‫قت ُُلوا ْ أ ْ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ن﴿ َ‬ ‫ن فرزُقك مضمو ٌ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ن رازق‬ ‫ةأ ّ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬لتعلم البشري ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وإ ِّيا ُ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫ن ن َْرُز ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ق نّ ْ‬ ‫مل َ ٍ‬ ‫إ ْ‬
‫م يولد ْ ‪.‬‬ ‫الوالدِ ‪ ،‬هو الذي لم يلد ْ ول ْ‬
‫م‬ ‫ن ن َْرُز ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫قت ُُلوا ْ أ َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ق نّ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫مل‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ول‬ ‫ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫ل في عله ُ قد تكّفل‬ ‫ن الكبرى ج ّ‬ ‫ن صاحب الخزائ ِ‬ ‫كم ﴾ إ ّ‬ ‫وإ ِّيا ُ‬ ‫َ‬
‫ه ؟!‬ ‫م بذلك الل ُ‬ ‫ق ‪ِ ،‬فبم القلقُ والزعي ُ‬ ‫بالرز ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬‫شك ُُروا ل َ ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫دوهُ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه الّرْزقَ َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫غوا ِ‬ ‫فاب ْت َ ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫ع ُ‬ ‫و ي ُطْ ِ‬ ‫ه َ‬‫ذي ُ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫*****************************************‬
‫وقفـــة‬
‫حه‬ ‫ُ‬
‫ب وتقويِته ‪ ،‬وشْر ِ‬ ‫ما الصلةُ فشأنها في تفريِغ القل ِ‬ ‫»أ ّ‬
‫ب والّروِح‬ ‫ل القل ٍ‬ ‫ن ‪ ،‬وفيها اّتصا ُ‬ ‫‪ ،‬وابتهاجهِ ولذ ِّته ‪ ،‬أكب َْر شأ ٍ‬
‫ف‬‫مناجاِته ‪ ،‬والوقو ِ‬ ‫باللهِ ‪ ،‬وُقرِبه والّتنعّم ِ بذكرِهِ ‪ ،‬والبتهاِج ب ُ‬
‫ن وُقواهُ وآلت ِهِ في عبودي ّت ِهِ ‪،‬‬ ‫ل جميِع البد ِ‬ ‫بين يدي ْهِ ‪ ،‬واستعما ِ‬
‫ق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإعطاِء ك ّ‬
‫ق بالخل ِ‬ ‫ل عضو حظه منها ‪ ،‬واشتغاِله عن الّتعل ِ‬
‫حهِ إلى‬ ‫محاوََرِتهم ‪ ،‬وانجذاب قوى قلب ِهِ وجوار ِ‬ ‫ملبسِتهم و ُ‬ ‫و ُ‬
‫ه‬
‫تب ِ‬ ‫ن عدّوه حالة الصلةِ ما صار ْ‬ ‫رّبه وفاطرِهِ ‪ ،‬وراحتهِ م ْ‬
‫م إل القلوب‬ ‫ت والغذي ِةِ التي ل ُتلئ ُ‬ ‫ن أكبرِ الدويةِ والمفرحا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ‪ ،‬ل ُتناسبها إل ّ‬ ‫ة فهي كالبدا ِ‬ ‫ب العليل ُ‬‫ما القلو ُ‬ ‫الصحيحة ‪ .‬وأ ّ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ة الفاضل ُ‬ ‫الغذي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪226‬‬
‫ل مصالِح الدنيا‬ ‫ن على تحصي ِ‬ ‫ن أكبرِ العوْ ِ‬ ‫» فالصلةُ م ْ‬
‫سد الدنيا والخرةِ ‪ ،‬وهي مْنهاةٌ عن‬ ‫والخرةِ ‪ ،‬ودْفع مفا ِ‬
‫طردةٌ للداِء عن الجسد ِ ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ة لدواِء القلو ِ‬ ‫الث ْم ِ ‪ ،‬ودافع ٌ‬
‫ة للجوارِح‬ ‫شط ٌ‬ ‫ة للوجهِ ‪ ،‬ومن ّ‬ ‫مبّيض ٌ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬ ‫ورةٌ للقل ِ‬‫من َ ّ‬
‫و ُ‬
‫ة للظ ّل ْم ِ ‪ ،‬ونا ِ‬
‫صرةٌ‬ ‫ق ‪ ،‬ودافع ٌ‬ ‫ة للرز ِ‬ ‫س ‪ ،‬وجاِلب ٌ‬‫والنْف ِ‬
‫ة للنعمةِ ‪،‬‬‫ت ‪ ،‬وحافظ ٌ‬ ‫شهوا ِ‬‫ط ال ّ‬‫ة لخل ِ‬ ‫للمظلوم ‪ ،‬وقامع ٌ‬
‫ة للّغمةِ « ‪.‬‬‫ة للرحمةِ ‪ ،‬وكاشف ٌ‬ ‫منزل ٌ‬‫ة للنقمةِ ‪ ،‬و ُ‬ ‫ودافع ٌ‬
‫*************************************‬
‫ة‬
‫مح ٌ‬
‫س ْ‬
‫ة َ‬
‫شريع ٌ‬
‫ب‬‫ح العبد المسلم ‪ ،‬ما في الشريعةِ من الّثوا ِ‬ ‫ما ُيفّر ُ‬ ‫م ّ‬
‫شرِ ‪،‬‬‫ت الع ْ‬ ‫خم ِ ‪ ،‬يتجّلى ذلك في المكّفرا ِ‬ ‫ل والعطاِء الض ْ‬ ‫الجزي ِ‬
‫ت الماحيةِ ‪،‬‬ ‫ب ‪ .‬والحسنا ِ‬ ‫كالتوحيدِ وما يكّفُره من الذنو ِ‬
‫كالصلةِ ‪ ،‬والجمعةِ إلى الجمعةِ ‪ ،‬والعمرةِ إلى العمرةِ ‪،‬‬
‫ل الصالحةِ ‪ .‬وما‬ ‫ج ‪ ،‬والصوم ِ ‪ ،‬ونحو ذلك من العما ِ‬ ‫والح ّ‬
‫ل الصالحةِ ‪ ،‬كالحسنةِ بعشرِ أمثاِلها‬ ‫مضاع ََفةِ العما ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫هناك م ْ‬
‫ب‬
‫ج ّ‬ ‫ةت ُ‬ ‫ف كثيرةٍ ‪ .‬ومنها التوب ُ‬ ‫ف إلى أضعا ٍ‬ ‫ضع ٍ‬ ‫إلى سبعمائةِ ِ‬
‫ب المكّفرة ُ فل‬ ‫ب والخطايا ‪ .‬ومنها المصائ ُ‬ ‫ما قبلها من الذنو ِ‬
‫ن خطاياه ُ ‪ .‬ومنها‬ ‫ه بهِ م ْ‬ ‫ن أذىً إل كّفَر الل ُ‬ ‫ب المؤمن م ْ‬ ‫يصي ُ‬
‫ب ‪ .‬ومنها ما ُيصيُبه من‬ ‫ه بظهْرِ الغي ِ‬ ‫ت المسلمين ل ُ‬ ‫دعوا ُ‬
‫ة المسلمين له وقت‬ ‫ت ‪ .‬ومنها شفاع ُ‬ ‫ب وقت المو ِ‬ ‫الكْر ِ‬
‫ة أرحم‬ ‫ق ‪ ، ‬ورحم ُ‬ ‫ة سّيد الخل ِ‬ ‫الصلةِ عليهِ ‪ .‬ومنها شفاع ُ‬
‫ه لَ‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫ع َ‬‫دوا ْ ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫وِإن ت َ ُ‬ ‫الراحمين تبارك وتعالى ﴿ َ‬
‫ه َ‬ ‫ها ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬‫م نِ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫غ َ‬
‫سب َ َ‬ ‫وأ ْ‬‫َ‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬
‫تُ ْ‬
‫*****************************************‬
‫ت اْل َ ْ‬
‫عَلى ﴾‬ ‫ك َ‬
‫أن‬ ‫ف إ ِن ّ َ‬ ‫﴿ َل ت َ َ‬
‫خ ْ‬
‫َ‬
‫ت‪:‬‬
‫ة ثلث مّرا ٍ‬
‫خيف ً‬
‫سهِ ِ‬
‫أوجس موسى في نف ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪227‬‬
‫﴿‬‫الولى ‪ :‬عندما دخل ديوان الطاغيةِ فرعون ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫ه‪:‬‬‫غى ﴾ ‪ ،‬قال الل ُ‬ ‫و َأن ي َطْ َ‬ ‫ْ‬
‫عل َيَنا أ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ط‬‫َ‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ف َ‬ ‫خا ُ‬ ‫إ ِن َّنا ن َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َل ت َ َ‬
‫وأَرى ﴾ ‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫عك ُ َ‬
‫م َ‬ ‫فا إ ِن ِّني َ‬ ‫خا َ‬ ‫قا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ده ‪ :‬ل‬ ‫ن أن تكون في ذاكرتهِ وفي خل ِ‬ ‫وحِقيقٌ بالمؤم ِ‬
‫ف ‪ ،‬إنني أسمعُ وأرى ‪.‬‬ ‫تخ ْ‬
‫صّيهم ‪ ،‬فأْوجس في‬ ‫ع ِ‬ ‫والثانية ‪ :‬عندما ألقى السحرة ُ ِ‬
‫ة موسى ‪.‬‬ ‫سه خِيف ً‬ ‫نف ِ‬
‫عَلى ﴾ ‪.‬‬ ‫ت اْل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ف إ ِن ّ َ‬ ‫فقال الله تعالى ‪َ ﴿ :‬ل ت َ َ‬
‫ك أن َ‬ ‫خ ْ‬
‫ه‪﴿:‬‬ ‫ن بجنوِده ‪ ،‬فقال له الل ُ‬ ‫ه فرعو ٌ‬ ‫ة ‪ :‬لما أْتبع ُ‬ ‫الثالث ُ‬
‫ي َرّبي‬ ‫ع َ‬‫م ِ‬
‫ن َ‬ ‫ك ﴾ وقال موسى‪﴿ :‬ك َّل إ ِ ّ‬ ‫صا َ‬ ‫ع َ‬ ‫رب ب ّ َ‬ ‫ض ِ‬‫ا ْ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سي َ ْ‬‫َ‬
‫*************************************‬
‫إياك وأربعا ً‬
‫ك المعيشةِ وك َد ََر الخاطرِ وضي ِقَ ال ّ‬
‫صد ْرِ ‪:‬‬ ‫ث ضن ْ َ‬
‫أربعٌ ُتور ُ‬
‫م الّرضا‬ ‫ط من قضاِء اللهِ وقدِره ‪ ،‬وعَد َ ُ‬ ‫خ ُ‬‫الولى ‪ :‬الّتس ّ‬
‫بهِ ‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫و ِ‬ ‫ه َ‬
‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ة ‪ :‬الوقوعُ في المعاصي بل توبةٍ ﴿ ُ‬ ‫الثاني ُ‬
‫َ‬ ‫د أ َن ْ ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ديك ُ ْ‬‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬‫ما ك َ َ‬ ‫م ﴾ ‪َ ﴿،‬‬
‫فب ِ َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫ب النتقام ِ منه ْ‬ ‫ح ّ‬‫س‪،‬و ُ‬ ‫ة ‪ :‬الحقد ُ على النا ِ‬ ‫الثالث ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫دو َ‬ ‫س ُ‬
‫ح ُ‬ ‫م يَ ْ‬
‫ن فضِله ﴿ أ ْ‬ ‫هم ْ‬ ‫م الل ُ‬ ‫دهم على ما آتاهُ ُ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫و َ‬
‫ه ﴾ ‪ )) ،‬ل راحة‬ ‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫عَلى َ‬
‫ما آَتا ُ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا َ‬
‫لحسودِ (( ‪.‬‬
‫عن‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ن ذكرِ اللهِ ﴿ َ‬ ‫ضع ْ‬ ‫ة ‪ :‬العرا ُ‬ ‫الرابع ُ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬
‫ه َ‬‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِذك ْ ِ‬
‫******************************************‬

‫اسك ُ ْ‬
‫ن إلى رّبك‬
‫ل تحزن‬
‫‪228‬‬
‫ة العبد ِ في سكوِنه إلى رّبه سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫راح ُ‬
‫ن كتاِبه عّز من‬ ‫ة في مواطن م ْ‬ ‫ه السكين َ‬ ‫وقد ذ َك ََر الل ُ‬
‫عَلى‬ ‫و َ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫كي‬ ‫س‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫أن‬ ‫قائل ‪ ،‬فقال ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م أَنز َ‬
‫ل‬ ‫م ﴾ ‪ ﴿ ،‬ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع َلي ْ ِ‬‫ة َ‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫فأنَز َ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ه‬
‫كين َت َ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫فأنَز َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫عَلى َر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫كين َت َ ُ‬‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫خ الجنان‬ ‫ب ‪ ،‬أو رسو ُ‬ ‫ب إلى الّر ّ‬ ‫ت القل ِ‬ ‫ة هي ثبا ُ‬ ‫سكين ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ن الخاطرِ توك ّل ً على القادرِ ‪.‬‬ ‫كو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ‪ ،‬أو ُ‬ ‫ة بالرحم ِ‬ ‫ثق ً‬
‫سها‬ ‫س وسكوُنها ‪ ،‬واستئنا ُ‬ ‫عِج النْف ِ‬ ‫ة هدوُء لوا ِ‬ ‫والسكين ُ‬
‫ى بها أه ُ‬
‫ل‬ ‫ة من المن ‪ ،‬ي َ ْ َ‬ ‫م تفل ِّتها ‪ ،‬وهي حال ٌ‬ ‫وُر ُ‬
‫حظ َ‬ ‫ِ‬ ‫كوُدها وعد ُ‬
‫ب ‪ ،‬ومهاوي‬ ‫ق الحْيرةِ والضطرا ِ‬ ‫ن مزال ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫ن ‪ُ ،‬تنقذ ُهُ ْ‬ ‫اليما ِ‬
‫ره‬ ‫ط ‪ ،‬وهي بحسب وليةِ العبدِ لرّبه ‪ ،‬وذك ْ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ك والّتس ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ره لمولهُ ‪ ،‬واستقامِته على أمرهِ ‪ ،‬واّتباِع رسول ِهِ ‪، ‬‬ ‫شك ِ‬ ‫و ُ‬
‫ك أمرهِ ‪،‬‬ ‫قهِ ‪ ،‬وثقِته في مال ِ‬ ‫كه بهد ِْيه ‪ ،‬وحّبه لخال ِ‬ ‫س ِ‬ ‫وتم ّ‬
‫ه‪ ،‬ل يدعو إل الله‪ ،‬ول‬ ‫جر ما عدا ُ‬ ‫م سواهُ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ضع ّ‬ ‫والعرا ِ‬
‫ت‬‫ل الّثاب ِ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫مُنوا ْ ِبال ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ت الل ّ ُ‬ ‫يعبد ُ إل أياهُ ﴿ ي ُث َب ّ ُ‬
‫ة ﴾‪.‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫*****************************************‬
‫كلمتان عظيمتان‬
‫ه بهما في المحنةِ‬ ‫م أحمد ‪ :‬كلمتان نفعني الل ُ‬ ‫قال الما ُ‬
‫مرِ ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أحمد ُ‬ ‫ب الخ ْ‬ ‫حبس في شر ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫ج ٍ‬‫الولى ‪ :‬لر ُ‬
‫ر‬
‫ت في الخم ِْ‬ ‫جل ِد ُ ُ‬ ‫سن ّةِ ‪ ،‬وأنا ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فإنك ُتجلد ُ في ال ّ‬ ‫‪ ،‬اثب ْ‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫مو َ‬ ‫م ي َأل َ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫كوُنوا ْ ت َأل َ ُ‬ ‫ت ‪ِ ﴿ .‬إن ت َ ُ‬ ‫مرارا ً ‪ ،‬وقد ْ صبْر ُ‬
‫ْ‬
‫ن﴾ ‪﴿ ،‬‬ ‫جو َ‬ ‫ما ل َ ي َْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫وت َْر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ت َأَلمو َ‬ ‫كَ َ‬
‫ن َل‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫فن ّ َ‬ ‫خ ّ‬‫ست َ ِ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عدَ الل ّ ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬
‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫قُنو َ‬ ‫ُيو ِ‬
‫م أحمد ُ قد ْ‬ ‫ي قال للمام ِ أحمد – والما ُ‬ ‫ة ‪ :‬لعراب ّ‬ ‫الثاني ُ‬
‫ل ‪ :‬يا أحمد ُ ‪ ،‬اصبْر ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أُ‬
‫س ‪ ،‬وهو مقي ّد ٌ بالسلس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫الح‬ ‫إلى‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫شُر ُ‬ ‫ن هنا ‪ ﴿ .‬ي ُب َ ّ‬ ‫ل الجنة م ْ‬ ‫خ ُ‬‫ن هنا ‪ ،‬وتد ُ‬ ‫فإّنما ُتقتل م ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪229‬‬
‫م‬
‫عي ٌ‬
‫ها ن َ ِ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬ ‫ت لّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫جّنا ٍ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫وا ٍ‬
‫ض َ‬
‫ر ْ‬
‫و ِ‬
‫ه َ‬
‫من ْ ُ‬
‫ة ّ‬
‫م ٍ‬
‫ح َ‬
‫هم ب َِر ْ‬ ‫َرب ّ ُ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫قي ٌ‬ ‫م ِ‬‫ّ‬
‫*******************************************‬
‫ب‬
‫د المصائ ِ‬
‫ن فوائ ِ‬
‫م ْ‬
‫دهم ‪ :‬سبحان‬ ‫ن عبوديةِ الدعاِء ‪ ،‬قال أح ُ‬ ‫ج مكنو ِ‬ ‫استخر ُ‬
‫ن الله ابتلى‬ ‫ن استخرج الدعاء بالبلِء ‪ .‬وذك َُروا في الثرِ ‪ :‬أ ّ‬ ‫م ِ‬
‫ه ‪ .‬يعني‬ ‫ن عبادِهِ ‪ ،‬وقال لملئكِته ‪ :‬لسمع صوت ُ‬ ‫عبدا ً صالحا ً م ْ‬
‫حاِح ‪.‬‬ ‫‪ :‬بالدعاِء والل ْ‬
‫ن الله يقول ‪﴿ :‬‬ ‫س وغّيها ؛ ل ّ‬ ‫ِ‬ ‫سُر جماِح النف‬ ‫ومنها ‪ :‬ك َ ْ‬
‫َ‬ ‫ن ل َي َطْ َ‬
‫غَنى ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ْ‬‫غى}‪ {6‬أن ّرآهُ ا ْ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫نا ِْ‬
‫ك َّل إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫ب ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ؤهم للمصا ِ‬ ‫س وحّبهم ودعا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ف النا‬ ‫ومنها ‪ :‬عط ُ‬
‫ن ابُتلي ‪.‬‬ ‫الناس يتضامنون ويتعاطفون مع م ُ‬
‫ن أصيب وم ِ‬ ‫ْ‬
‫ن تلك المصيبةِ ‪ ،‬فغنها‬ ‫مم ْ‬ ‫ف ما هو أعظ ُ‬ ‫ومنها ‪ :‬صْر ُ‬
‫ب والخطايا ‪،‬‬ ‫م هي كّفارةٌ للذنو ِ‬ ‫صغيرةٌ بالنسبةِ لكبر منها ‪ ،‬ث ّ‬
‫ة‬
‫ن هذه ثماُر المصيب ِ‬ ‫م العبد ُ أ ّ‬ ‫ة ‪ .‬فإذا عَل ِ َ‬ ‫وأجٌر عند اللهِ ومثوب ٌ‬
‫فى‬ ‫و ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ط ﴿ إ ِن ّ َ‬ ‫ج وي َْقن ْ‬ ‫أنس بها وارتاح ‪ ،‬ولم ينزع ْ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫هم ب ِ َ‬ ‫جَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫صاب ُِرو َ‬‫ال ّ‬
‫************************************‬
‫شفاءٌ ‪:‬‬
‫هدى و ِ‬
‫العلم ُ‬
‫ن فوائدِ‬ ‫نم ْ‬ ‫مداواة النفوس ( أ ّ‬ ‫ن حزم ٍ في ) ُ‬ ‫ذ َك ََر اب ُ‬
‫س ‪ ،‬وطْرد َ الهموم ِ والغموم ِ‬ ‫س عن الن ّْف ِ‬ ‫ي الوسوا ِ‬ ‫العلم ِ ‪ :‬ن َْف َ‬
‫ن‪.‬‬‫والحزا ِ‬
‫ب العِْلم وشغف به‬ ‫ن أح ّ‬ ‫ة لم ْ‬ ‫ص ً‬
‫ح خا ّ‬ ‫م صحي ٌ‬ ‫وهذا كل ٌ‬
‫ه ‪ ،‬وعمل به وظهر عليه نْفُعه وأثُره ‪.‬‬ ‫وزاول ُ‬
‫ظ‬
‫ت للحْف ِ‬ ‫ب العلم ِ أن يوّزع وقته ‪ ،‬فوق ٌ‬ ‫فعلى طال ِ‬
‫ت‬‫مةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫ت للمطالعةِ العا ّ‬ ‫والتكرارِ والعادةِ ‪ ،‬ووق ٌ‬
‫ل والتدب ّرِ ‪.‬‬ ‫م ِ‬‫ت للتأ ّ‬‫ب ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫مِع والّترتي ِ‬ ‫ج ْ‬‫ت لل َ‬ ‫ط ‪ ،‬ووق ٌ‬ ‫للستنبا ِ‬
‫مت ِهِ في‬‫ة هِ ّ‬
‫وهام ُ‬ ‫جُله في‬ ‫جل ً رِ ْ‬‫نر ُ‬ ‫فك ُ ْ‬
‫الّثرّيا‬ ‫الّثرى‬
‫ل تحزن‬
‫‪230‬‬
‫*******************************************‬
‫عسى أن يكون خيرا ً‬
‫ج في الفرج ( ‪ :‬ذ َك ََر م ْ‬
‫ن‬ ‫ب بعنوان ) الر ُ‬ ‫للسيوطي كتا ٌ‬
‫ب كثيرةٌ في‬ ‫حا ّ‬ ‫ن الم َ‬ ‫دنا أ ّ‬‫عه ُيفي ُ‬
‫ل العلم ِ ما مجمو ُ‬ ‫كلم ِ أه ِ‬
‫ن المصائب ُتسفُر عن عجائب وعن رغائب ل‬ ‫المكارهِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫شِفها وانجلِئها ‪.‬‬ ‫كها العبد ُ ‪ ،‬إل بعد تك ّ‬ ‫ُيدر ُ‬
‫م‬
‫دهرِ أ ْ‬‫نوائب هذا ال ّ‬ ‫مُرك ما يدري‬ ‫لعَ ْ‬
‫يرى مما يِقي‬ ‫حذُر‬ ‫كيفلي ْ‬ ‫وما‬ ‫تقي‬
‫الشيءي ّم ّ‬
‫ما‬ ‫الفتى كيف‬
‫يرى‬
‫ه أ َك ْب َُر‬‫الل ُ‬
‫******************************************‬ ‫ي ُّتقى فيخاُفه‬
‫ة رّبانّية‬
‫السعادةُ موهب ٌ‬
‫س يجلسون على‬ ‫ن يكون هناك نفٌر من النا ِ‬ ‫ليس عجبا ً أ ْ‬
‫دهم إل ما يكفي يومه‬ ‫ل ل يجد ُ اح ُ‬ ‫ما ٌ‬
‫الرصفةِ ‪ ،‬وهم عُ ّ‬
‫ة‬
‫رح ٌ‬ ‫وليلته ‪ ،‬ومع ذلك يبتسمون للحياةِ ‪ ،‬صدوُرهم منش ِ‬
‫ة ‪ ،‬وما ذلك إل لّنهم‬ ‫ة ‪ ،‬وقلوُبهم مطمئن ّ ٌ‬ ‫مهم قوي ٌ‬ ‫وأجسا ُ‬
‫م ‪ ،‬ولم يشتغلوا بتذك ّرِ الماضي‬ ‫ن الحياة إنما هي اليو ُ‬ ‫ع ََرفوا أ ّ‬
‫وا أعمارهم في أعماِلهم ‪.‬‬ ‫ل وإنما أفن ْ‬ ‫ول بالمستقب ِ‬
‫ن قد ْ‬‫على الّنجاةِ بم ْ‬ ‫وما ُأبالي إذا نفسي‬
‫دور‬ ‫عني هؤلء وبين أنا عاش أو هلكا‬ ‫تطاو ُبين‬
‫س يسكنون القصور وال ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬‫وقارِ ْ‬
‫م ب َُقوا في فراٍغ وهواجس ووساوس ‪،‬‬ ‫الفاخرة ‪ ،‬ولكّنه ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل مذه ِ‬ ‫م ‪ ،‬وذهب بهم ك ّ‬ ‫م اله ّ‬ ‫فشتتهُ ُ‬
‫م فيها‬ ‫فك ُ ّ‬
‫ل بعيدٍ اله ّ‬ ‫دنيا‬
‫ه ذي ال ّ‬ ‫لحا الل ُ‬
‫معذ ّ ُ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫********************************************‬ ‫مناخا ً لراك ِ ٍ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫*‬
‫الذّك ُْر الجمي ُ‬
‫ل عمٌر طوي ٌ‬
‫ل‬
‫ن ‪ ،‬وهو‬ ‫ه عمٌر ثا ٍ‬
‫ن يكون ل ُ‬ ‫ن سعاِدة العبدِ المسلم ِ أ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن رخيصا ً ‪ ،‬ول ْ‬
‫م‬ ‫ن وجد الذ ْ‬
‫كر الحس َ‬ ‫ن ‪ ،‬وعجبا ً لم ْ‬
‫الذ ّك ُْر الحس ُ‬
‫هه وسعِيه وعمِله ‪.‬‬ ‫يشترِهِ بماِله وجا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪231‬‬
‫ن رّبه‬ ‫م طلب م ْ‬ ‫ن إبراهيم عليهِ السل ُ‬ ‫وقد ْ سبق معنا أ ّ‬
‫ن ‪ ،‬والدعاُء له ‪.‬‬ ‫رين ‪ ،‬وهو ‪ :‬الّثناُء الحس ُ‬ ‫ق في الخ ِ‬ ‫لسان صد ْ ٍ‬
‫ن‬ ‫س خّلدوا ثناًء حسنا ً في العالم ِ ب ُ‬ ‫ُ‬
‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫ت لنا ٍ‬ ‫وعجب ْ ُ‬
‫ن‬
‫رم ب ِ‬ ‫مَر سأل أبناء ه ِ‬ ‫ن عُ َ‬‫صنيعِهم وبكرمِهم وبذ ِْلهم ‪ ،‬حتى إ ّ‬
‫حنا‬‫مد َ َ‬
‫م زهيٌر ‪ ،‬وماذا أعطيُتموه ُ ؟ قالوا ‪َ :‬‬ ‫ن ‪ :‬ماذا أعطاك ْ‬ ‫سنا ٍ‬
‫‪ ،‬وأعطيناهُ مال ً ‪ .‬قال عمُر ‪ :‬ذهب واللهِ ما أعطيتموه ُ ‪،‬‬
‫م‪.‬‬‫وبقي ما أعطاك ْ‬
‫دهرِ ‪.‬‬
‫م أبد ال ّ‬ ‫ح بقي له ْ‬
‫يعني ‪ :‬الثناُء والمدي ُ‬
‫سرورِ الذي‬ ‫عند ال ّ‬ ‫أولى البرِي ّةِ ط ُّرا أ ْ‬
‫ن‬
‫ن‬
‫الحز ِ‬
‫في‬ ‫فيُفهم‬ ‫واساك‬
‫كان يأل‬ ‫ن‬
‫م ْ‬ ‫الكرام إذا ما‬ ‫ه‬
‫سي ُ‬‫توا ِ‬
‫ُإن‬
‫ن‬ ‫الخش‬ ‫ل‬ ‫المنز‬ ‫روا‬ ‫ذك‬ ‫لوا‬‫س ُ‬ ‫ُ‬
‫أر‬
‫ِ‬
‫******************************************‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ت المراثي‬ ‫أُ‬
‫مها ُ‬
‫ّ‬
‫ت فيهم ‪:‬‬ ‫ن ِقيل ْ‬ ‫تم ْ‬ ‫ث قصائد خّلد ْ‬ ‫هناك ثل ُ‬
‫ضد ُ الدولةِ ‪ ،‬فرثاه ُ أبو‬ ‫ه عَ ُ‬ ‫ن بقّية الوزيُر الشهيُر ‪ ،‬قتل ُ‬ ‫اب ُ‬
‫ن النباريّ بقصيدِته الرائعةِ العامرةِ ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫الحس ِ‬
‫لحقّ ت ِْلك إحدى‬ ‫ع ُل ُوّ في الحياةِ وفي‬
‫نداك أيام‬‫ت‬
‫معجزا ِ‬ ‫وفود ُ‬ ‫ال ُ‬ ‫ولك‬ ‫الناس ح ْ‬ ‫ت‬‫المما ِ‬ ‫ن‬
‫كأ ّ‬
‫تُفوا ِقياما ً‬ ‫صل ِ‬
‫وق‬ ‫م‬ ‫وه ّ ْ‬ ‫ال‬ ‫ف فيهم‬ ‫قاموا ٌ‬
‫نك واقِ‬ ‫حين‬ ‫كأ ّ‬
‫م‬ ‫إليه‬ ‫ة‬
‫ِ‬
‫دهما‬ ‫صل‬ ‫ّ‬ ‫كم‬‫لل‬ ‫يك‬ ‫يد‬ ‫مددتً‬
‫خطيبا‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫تفيه تلك‬ ‫يواروا ِ‬ ‫ُبالِهبا‬ ‫اختفاًء ُ‬
‫ن‬ ‫ضاق بط‬ ‫مو‬ ‫نحوه ُ‬ ‫ولما‬
‫ت‬‫عليكُرما ِ‬ ‫المك ْ‬ ‫نقبرك‬ ‫الجوّأ ْ‬‫ن‬
‫أصاروا ع ْ‬
‫ض‬
‫اليوم صوت‬ ‫الر ِ‬
‫ل‬‫صب هط ْ ِ‬ ‫ت‬‫ئحا ْ ِ‬ ‫نك ن ُ‬ ‫ال ّّنا ِ‬
‫ل‬ ‫ة فأقو ُ‬
‫ل‬ ‫واستعاضوا ٌ‬
‫وما لك ُترب‬
‫ت‬
‫طل ِ‬ ‫بتبري ِ ِ‬ ‫الها‬ ‫تسقى‬
‫الفؤادِ‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫ُعليك تحّية الرحم ِ‬
‫ظ‬
‫حّفا ٍ‬ ‫تو ُ‬ ‫س ِ‬ ‫بال ُّرائحا‬
‫حرا ِ ٍ‬ ‫مك في‬ ‫ترى ِ‬
‫لعظ ْ‬ ‫تِ ْ‬
‫كنت أيام‬ ‫كذلك ُ‬ ‫ت‬ ‫ثقا ِ‬ ‫ترعى ُ‬
‫ن‬ ‫ت ُ‬
‫النيرا‬ ‫س تبا‬
‫حولك ُ‬ ‫فود ُ ِ‬ ‫توق‬‫وال ُن ّ ُ‬
‫ة‬
‫الحيا ِ‬ ‫ليل ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪232‬‬
‫ه‬
‫ل هذ ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وما أن ْب َ َ‬ ‫ت ‪ ،‬وما أجمل البيا ِ‬ ‫ما أجمل العبارا ِ‬
‫جملها من‬ ‫مُثل ‪ ،‬وما أضخم هذهِ المعاني ‪ .‬الله ما أ ْ‬ ‫ال ُ‬
‫أوسمةٍ ‪ ،‬وما أحسنها من ِتيجان !!‬
‫ت‬‫ه ‪ ،‬دمع ْ‬ ‫ما سمع هذه البيات عضد ُ الدولة الذي قتل ُ‬ ‫ل ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫تف ّ‬ ‫ت ‪ ،‬وقِيل ْ‬ ‫صل ِب ْ َ‬ ‫تو ُ‬ ‫ت واللهِ أنني ُقتل ُ‬ ‫عيناه وقال ‪ :‬ودد ُ‬
‫ل اللهِ ‪ ،‬فيقو ُ‬
‫ل‬ ‫ي في سبي ِ‬ ‫ن حميدٍ الطوس ّ‬ ‫ل محمد ُ ب ُ‬ ‫وُيقت ُ‬
‫أبو تمام يرثيه ‪:‬‬
‫ض‬ ‫ن لم يِف ْ‬ ‫فلْيس ل ِعَي ْ ٍ‬ ‫ب‬
‫ل الخط ُ‬ ‫كذا فليج ّ‬
‫ل عن‬ ‫شغ ٍ‬ ‫في ُ‬ ‫وأصبحعُذ ُْر‬ ‫ماؤها‬ ‫ل بعد‬ ‫الماُر ُ‬
‫تِح الم‬ ‫توي َّفيْفد ِ‬ ‫ُول‬
‫ن‬‫وهي م ْ‬ ‫سفُر‬ ‫إل‬ ‫ال ّ‬ ‫اللي ُ‬
‫ل‬ ‫سفرِ‬ ‫لها ّ‬ ‫ال‬ ‫مرا ً‬ ‫ح ْ‬‫ثياب الموت ُ‬ ‫مد ٍ‬ ‫محد ّ ّ‬ ‫تر‬
‫معها‬ ‫ةِ ‪ ،‬فس ِ‬ ‫تعُر‬ ‫ض‬
‫الما ِ ْ‬ ‫خ‬
‫س ُ‬ ‫د ُةِ ٍ‬ ‫سن ْ‬
‫القصيد‬ ‫ُ‬ ‫جى ما قال في تلك‬ ‫إلىد َ َ‬ ‫فما‬
‫آخرِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت فيه هذهِ البيا ُ‬ ‫م ‪ ،‬وقال ‪ :‬ما مات من ِقيل ْ‬ ‫المعتص ُ‬
‫ً‬
‫ن مسلم ٍ القائدِ‬ ‫ت كريما آخر في سللةِ ُقتيبة ب ِ‬ ‫ورأي ُ‬
‫ه ‪ ،‬وواسى المنكوبين ‪،‬‬ ‫م بذل ماله وجاه ُ‬ ‫الشهيرِ ‪ ،‬هذا الكري ُ‬
‫ووقف مع المصابين وأعطى المساكين ‪ ،‬وأطعم الجائعين ‪،‬‬
‫ما مات ‪ ،‬قال أحد ُ الشعراء ‪:‬‬ ‫وكان ملذا ً للخائفين ‪ ،‬فل ّ‬
‫ه‬
‫ه في ِ‬ ‫ب غل ّ ل ُ‬ ‫ول مغرِ ٌ‬ ‫ن سعيد ٍ حين لم‬ ‫مضى اب ُ‬
‫مادح‬ ‫ق‬
‫ترِ ٌ‬ ‫مش ُ‬ ‫يبق كن‬
‫ه‬‫س حتى غّيبت ْ ُ‬ ‫على ُ النا ِ‬ ‫أدري ما‬ ‫وما‬
‫ق‬
‫ضي ُ‬ ‫حبه حي ّا ً ت ِ‬ ‫صفائ ُ‬ ‫ت‬‫وكان ْ‬ ‫ال ّ‬ ‫من‬ ‫هلحدٍ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ل كّف‬ ‫وأصبح ُ‬
‫ض‬
‫فوا ِ‬
‫ن‬
‫ج ّ‬ ‫حمني ما ت ِ‬ ‫صحاص ُ‬
‫سُبك‬ ‫فح ّ ْ‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫قفاض ْ‬ ‫ما ٍ‬ ‫سأبكيكضي ّ‬ ‫ض‬
‫الر ِ‬
‫بسرورٍ بعد موِتك‬ ‫ح‬
‫الجواب ِ ُ‬ ‫ول‬ ‫ل‬‫نج ّ‬ ‫ض ْ‬‫نُر ْتزِفٍء وإ ْ‬ ‫ن ْ‬ ‫مفإ ْ‬‫دموعي ِ‬ ‫فما أنا‬
‫ح أحد ٍ إل عليك‬ ‫على ُ‬ ‫فارِ‬ ‫ي سواك‬ ‫تح ّ‬ ‫نعٌلم ُيم ْ‬ ‫جازِ ْ‬‫كأ‬
‫ل‬‫ن قب ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫عظم ْ‬ ‫ح‬
‫نوائ ِ ُ‬ ‫لقد‬ ‫ال ّ‬ ‫ت فيك‬ ‫ظم ْ‬ ‫م‬ ‫ولم تعُق ْ ُ‬ ‫ن‬
‫لئ ْ‬
‫جل‬‫ر‪ ،‬ويس ّ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫ُ‬
‫ر‬ ‫المدائ‬
‫أمي‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ب تاريخ فيك‬
‫الخصي‬ ‫ُ‬ ‫يكت‬ ‫المراثيأبووذك ُْرها‬
‫نواس‬ ‫وهذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ن اسمه فيقو ُ‬
‫ل‪:‬‬ ‫في دفترِ الزما ِ‬
‫ن تزوُر‬ ‫فأيّ بلد ٍ بعده ّ‬ ‫إذا لم تُزْر أرض‬
‫ن يسيُر الجود ُ‬ ‫ولك ْ‬ ‫بناول‬ ‫به ُ ركا‬
‫جو ُد ٌ‬ ‫جاز ِ‬ ‫الخصي‬ ‫فما‬
‫ث يسيُر‬ ‫حي ُ‬ ‫ل دونه‬ ‫ح ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪233‬‬
‫ت‬‫دائرا ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫مأ ّ‬‫ويعل ُ‬ ‫سن‬
‫ح ْ‬‫ى يشتري ُ‬ ‫فت ً‬
‫مه إل‬
‫ن أيا ِ‬ ‫س من حياةِ تدوُر‬ ‫بماِله‬ ‫ثمال ّلثناِء‬
‫يذك ُُر‬
‫ب ‪ ،‬ول م ْ‬ ‫الخصي ِ‬ ‫ْ‬ ‫النا ُ‬
‫هذهِ البيات ‪.‬‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫ة‬
‫وقفــــــ ٌ‬
‫ل به بيننا‬ ‫حو ُ‬ ‫ن خشيِتك ما ت ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م لنا ِ‬ ‫قس ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫))الله ّ‬
‫غنا به جّنتك ‪،‬‬ ‫ن طاعِتك ما ُتبل ُ ُ‬ ‫وبين معاصيك ‪ ،‬وم ْ‬
‫ن به علينا مصائب الدنيا ‪،‬‬ ‫و ُ‬ ‫ن ما ُته ّ‬ ‫ومن اليقي ِ‬
‫حيْيتنا ‪،‬‬ ‫وِتنا ما أ ْ‬ ‫رنا وق ّ‬ ‫عنا وأبصا ِ‬ ‫عنا بأسما ِ‬ ‫ومت ّ ْ‬
‫منا ‪،‬‬‫ن ظَل َ َ‬ ‫ل ثأرنا على م ْ‬ ‫رث منا ‪ ،‬واجع ْ‬ ‫جعْله الوا ِ‬ ‫وا ْ‬
‫ل مصيبتنا في‬ ‫ن عادانا ‪ ،‬ول تجع ْ‬ ‫صْرنا على م ْ‬ ‫وان ُ‬
‫عل ْ ِ‬
‫منا ‪،‬‬ ‫دنيا أكبر همنا ‪ ،‬ول مبلغ ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫دينِنا ‪ ،‬ول تجع ِ‬
‫منا (( ‪.‬‬ ‫ن ل يرح ُ‬ ‫ط علينا بذنوبنا م ْ‬ ‫ول ُتسل ّ ْ‬
‫ن مقلة ‪:‬‬ ‫يب ُ‬ ‫قال عل ّ‬
‫صدُر‬ ‫وضاق لما بهِ ال ّ‬ ‫ت على‬ ‫إذا اشتمل ْ‬
‫ت في أماكِنها‬ ‫ب‬ ‫الّرحي‬
‫وأرس ُْ‬ ‫ب‬
‫القلو ُ‬
‫المكارهُ‬ ‫ت‬‫س ِ‬ ‫اليأْوطنِ‬ ‫وأ‬
‫ه‬
‫حيلت ِ ِ‬‫بب ِ‬ ‫أغنىُ‬‫الخطو‬ ‫ول‬ ‫ف‬‫لنكشا ِ‬ ‫ت‬
‫ترن ّ ْ‬‫واطمأ‬
‫ولم‬
‫ب‬ ‫الري‬ ‫أتاكّروجه ً‬
‫ب‬‫به القري ُ‬ ‫ن ُ‬‫م ّ‬ ‫ي ُ‬ ‫طك‬ ‫علىا قُُنو ِ‬ ‫ض‬
‫ال ّ‬
‫ج‬‫ببها فر ٌ‬ ‫ل ُ‬‫مستجي ِ ٌ‬
‫فموصو‬ ‫ال ُ‬ ‫ت وإن‬ ‫الحادثا ِ‬ ‫ث‬‫لغَوْ ٌ‬ ‫هّ‬‫ومنك ُ ُ‬
‫****************************************‬ ‫ب‬
‫قري ُ‬ ‫ت‬‫تناه ْ‬
‫م‬
‫ض ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ب ل يظْل ِ ُ‬
‫م ول ي َ ْ‬ ‫ر ّ‬
‫ن تسكن إلى موعودِ‬ ‫ن تهدأ وأ ْ‬ ‫سعَد َ ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ن تَ ْ‬‫أل يحقّ لك أ ْ‬
‫منصفا ً ‪،‬‬‫ن في السماء رب ّا ً عادل ً ‪ ،‬وحكما ً ُ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬إذا علمت أ ّ‬
‫ب ‪ ،‬وأدخل امرأةً النار في ه ِّرة ‪.‬‬ ‫أدخل امرأة ُ الجنة في كل ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪234‬‬
‫ت كلبا ً على‬ ‫ن بني إسرائيل ‪ ،‬سق ْ‬ ‫يم ْ‬ ‫فتلك امرأةٌ بغ ّ‬
‫ن‬‫ما قام في قلِبها م ْ‬ ‫ه لها وأدخلها الجنة ‪ ،‬ل ِ‬ ‫ظمأ ٍ ‪ ،‬فغفر الل ُ‬
‫ل للهِ ‪.‬‬ ‫ص العم ِ‬ ‫إخل ِ‬
‫غرفةٍ ‪ ،‬ل هي أطعمْتها ‪ ،‬ول‬ ‫ة في ُ‬ ‫وهذهِ حبست قط ّ ً‬
‫ه‬
‫ض ‪ ،‬فأدخلها الل ُ‬ ‫ش الر ِ‬ ‫ن خشا ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫سقْتها ‪ ،‬ول تركْتها تأك ُ‬
‫النار ‪.‬‬
‫م أنه سبحانه وتعالى‬ ‫ث تعل ُ‬ ‫ج صدرك بحي ُ‬ ‫فهذا ينفُعك وُيثل ُ‬
‫ئ‬
‫ل الصغيرِ ‪ ،‬وُيكاف ُ‬ ‫ب على العم ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وُيثي ُ‬ ‫يجزي على القلي ِ‬
‫عبده ُ على الحقيرِ ‪.‬‬
‫ة ‪ ،‬أعلها‬ ‫صل ً‬ ‫وعند البخاريّ مرفوعا ً ‪ )) :‬أربعون خ ْ‬
‫ة منها رجاء‬ ‫ل بخصل ٍ‬ ‫ل يعم ُ‬ ‫ز ما من عام ٍ‬ ‫ة العن ِ‬ ‫مِنح ُ‬
‫ه الجنة (( ﴿‬ ‫موعوِدها وتصديق ثواِبها إل أدخله الل ُ‬
‫ل‬‫م ْ‬ ‫ع َ‬
‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬‫ه}‪َ {7‬‬ ‫خْيرا ً ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ْ‬
‫ع َ‬‫من ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫ن‬ ‫هب ْ َ‬ ‫ت ي ُذْ ِ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬إِ ّ‬ ‫شّرا ً ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫سـي َّئا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ط محروما ً ‪ ،‬وانصْر مظلوما ً ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬وأع ِ‬ ‫ن مكرو ٍ‬ ‫جع ْ‬ ‫فّر ْ‬
‫ق ظامئا ً ‪ ،‬وع ُد ْ مريضا ً ‪ ،‬وشّيع جنازة ً ‪،‬‬ ‫س ُِ‬‫م جائعا ً ‪ ،‬وا ْ‬ ‫وأطع ْ‬
‫شد ْ تاِئها ً ‪ ،‬وأكرم ضيفا ً ‪ ،‬وب ِّر‬ ‫عمى ‪ ،‬وأر ِ‬ ‫س مصابا ً ‪ ،‬وقُد ْ أ ْ‬ ‫ووا ِ‬
‫ل طعامك ‪،‬‬ ‫م صغيرا ً ‪ ،‬وابذ ُ ْ‬ ‫م كبيرا ً ‪ ،‬وارح ْ‬ ‫جارا ً ‪ ،‬واحتر ْ‬
‫ة‬
‫ف أذاك ‪ ،‬فإنه صدق ٌ‬ ‫ن لفظك ‪ ،‬وك ُ ّ‬ ‫س ْ‬ ‫مك ‪ ،‬وأح ِ‬ ‫وتصد ّقْ بد ِْره ِ‬
‫لك ‪.‬‬
‫ن‬
‫ت السامية ‪ ،‬م ْ‬ ‫ن هذه المعاني الجميلة ‪ ،‬والصفا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫م‬‫ب السعادة ‪ ،‬وانشراح الصدرِ ‪ ،‬وطرد َ اله ّ‬ ‫أعظم ِ ما يجل ُ‬
‫م والقلق والحزن ‪.‬‬ ‫والغ ّ‬
‫ن‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ‪ ،‬لو كان رجل ً لكان َ‬ ‫ق الجمي ِ‬ ‫لله دِّر ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬
‫سم الوجهِ ‪.‬‬ ‫ن الذك ْرِ ‪ ،‬با ِ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫شارةِ ‪ ،‬طّيب الرائحةِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫********************************************‬
‫سك‬ ‫ب تأريخك َبن ْ‬
‫ف ِ‬ ‫اكت ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪235‬‬
‫ت جالسا ً في الحَرم ِ في شد ّةِ الحّر ‪ ،‬قبل صلةِ‬ ‫كن ُ‬
‫شُر على‬ ‫خ كبيٌر ‪ ،‬وأخذ ُيبا ِ‬ ‫ل شي ٌ‬ ‫الظهرِ بساعةٍ ‪ ،‬فقام رج ٌ‬
‫س بالماِء الباردِ ‪ ،‬فيأخذ ُ بيدهِ الُيمنى كوبا ً ‪ ،‬وفي الُيسرى‬ ‫النا ِ‬
‫ب ‪ ،‬عاد‬ ‫ن ماِء زمزم ‪ ،‬فكّلما شرب شار ٌ‬ ‫مم ْ‬ ‫كوبا ً ‪ ،‬ويسقيه ُ‬
‫س ‪ ،‬وع ََرُقه يتصب ّ ُ‬
‫ب‬ ‫ً‬
‫فأسقى جاره ُ ‪ ،‬حتى أسقى ِفئاما من النا ِ‬
‫خ‬
‫ن يدِ هذه الشي ِ‬ ‫ل ينتظُر دوره ليشرب م ْ‬ ‫سك ّ‬ ‫س جلو ٌ‬ ‫‪ ،‬والنا ُ‬
‫ن حّبه للخيرِ ‪ ،‬ومن‬ ‫ن صبرِهِ وم ْ‬ ‫ن جلدِهِ وم ْ‬ ‫تم ْ‬ ‫الكبيرِ ‪ ،‬فعجب ُ‬
‫ن الخير‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ‪ ،‬وعلم ُ‬ ‫س ُ‬
‫س وهو يتب ّ‬ ‫إعطاِئه هذا الماَء للنا ِ‬
‫سهْ ٌ‬
‫ل‬ ‫ل الجمِيل َ‬ ‫ن فِعْ َ‬ ‫ه عليه ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن يسّره الل ُ‬ ‫يسيٌر على م ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ت من الحسا ِ‬ ‫دخارا ٍ‬ ‫ن للهِ ا ّ‬ ‫ه عليه ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن سّهل ُ‬ ‫على م ْ‬
‫ه ُيجري الفضائل ولو‬ ‫ن الل ُ‬ ‫ن عبادهِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن يشاُء م ْ‬ ‫حها م ْ‬ ‫يمن ُ‬
‫س خيّرين ‪ ،‬يحّبون الخْير لعبادِ اللهِ ‪،‬‬ ‫ة على يدِ أنا ٍ‬ ‫ت قليل ً‬ ‫كان ْ‬
‫شّر لهم ‪.‬‬ ‫ويكرهون ال ّ‬
‫ة‬
‫ض نفسه للخطرِ في الهجرةِ ‪ ،‬حماي ً‬ ‫أبو بكر يعّر ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫للرسو ِ‬
‫م جائعا ً ‪ ،‬ليشبع ضيوفه ‪.‬‬ ‫م ينا ُ‬ ‫وحات ُ‬
‫ش المسلمين ‪.‬‬ ‫وأبو عبيدة يسهُر على راحةِ جي ِ‬
‫م‪.‬‬ ‫س نيا ٌ‬ ‫ف المدينة والنا ُ‬ ‫وعمُر يطو ُ‬
‫ويتلوى من الجوِع عام الّرمادة ‪ ،‬لُيطعم الناس ‪.‬‬
‫حدٍ ‪ ،‬ليقي رسول اللهِ ‪‬‬ ‫ُ‬
‫وأبو طلحة يتلقى السهام في أ ُ‬
‫‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫س بالطعام ِ وهو صائ ٌ‬ ‫شُر على النا ِ‬ ‫ك ُيبا ِ‬ ‫ن المبار ِ‬ ‫واب ُ‬
‫دون الثناء‬ ‫ومضوا يع ّ‬ ‫ذهبوا يرون الذكر‬
‫عمر ً‬
‫وي َِتيما ً‬ ‫كينا ً َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫خلوداِ‬‫حب ّ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫م َ‬
‫عا َ‬‫ن الطّ َ‬ ‫ثانيا‬
‫مو َ‬ ‫عا ُ‬ ‫وي ُطْ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫سيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫********************************************‬
‫ه‬
‫ت لكلم ِ الل ِ‬
‫ص ْ‬
‫أن ْ ِ‬
‫ة‬
‫ممتع ً‬ ‫ب رّبك ‪ ،‬تلوةً ُ‬
‫ت إلى كتا ِ‬‫دئ أعصابك بالنصا ِ‬ ‫ه ّ‬
‫ن‬
‫س ِ‬
‫ح َ‬‫ئ مجوّد ٍ َ‬‫ن قار ٍ‬
‫ب اللهِ ‪ ،‬تسمُعها م ْ‬ ‫ة مؤّثرةً م ْ‬
‫ن كتا ِ‬ ‫حسن ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪236‬‬
‫ل ‪ ،‬وُتضفي على‬ ‫ن اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ت ‪ ،‬تصُلك على رضوا ِ‬ ‫الصو ِ‬
‫سك السكينة ‪ ،‬وعلى قلِبك يقينا ً وبردا ً وسلما ً ‪.‬‬ ‫نف ِ‬
‫ن غيرِهِ ‪ ،‬وكان ‪ ‬يتأث ُّر‬ ‫ن يسمع القرآن م ْ‬ ‫بأ ْ‬ ‫كان ‪ ‬يح ّ‬
‫ن‬
‫ن أصحاِبه أ ْ‬ ‫بم ْ‬ ‫ن سواهُ ‪ ،‬وكان يطل ُ ُ‬ ‫إذا سمع القرآن م ْ‬
‫س‪‬‬ ‫ُ‬
‫ن هو ‪ ،‬فيستأن ُ‬ ‫يقرؤوا عليهِ ‪ ،‬وقد أنزل عليهِ القرآ ُ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ويخشعُ ويرتا ُ‬
‫ت من‬ ‫ن يكون لك دقائقُ ‪ ،‬أو وق ٌ‬ ‫ن لك فيهِ أسوةً أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫جل ً ‪ ،‬لتستمع إلى‬ ‫ح فيهِ المذياع أو مس ّ‬ ‫ل ‪ ،‬تفت ُ‬ ‫اليوم ِ أو اللي ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ئ الذي يعجُبك ‪ ،‬وهو يتلو كلم اللهِ عّز وج ّ‬ ‫القار ِ‬
‫س ‪ ،‬وتشويش الخرين ‪،‬‬ ‫جة الحياةِ وبلبلة النا ِ‬ ‫نض ّ‬ ‫إ ّ‬
‫رك ‪ .‬وليس لك‬ ‫ت خاط ِ‬ ‫جك ‪ ،‬وهد ّ ُقواك ‪ ،‬وبتشتي ِ‬ ‫ل بإزعا ِ‬ ‫كفي ٌ‬
‫ب رّبك وفي ذكرِ مولك ‪﴿ :‬‬ ‫ة ‪ ،‬إل ّ في كتا ِ‬ ‫ة ول طمأنين ٌ‬ ‫سكين ٌ‬
‫قُلوبهم بذك ْر الل ّ َ‬
‫ه‬‫ر الل ّ ِ‬ ‫ذك ْ ِ‬ ‫ه أل َ ب ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬‫وت َطْ َ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ت َطْ َ‬
‫ن سورةِ النساِء ‪،‬‬ ‫يأمُر ‪ ‬ابن مسعود ٍ ‪ ،‬فيقرأ عليه م ْ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ده ‪ ،‬ويقو ُ‬ ‫عه على خ ّ‬ ‫فيبكي ‪ ‬حتى تنهمر دمو ُ‬
‫سُبك الن (( ‪.‬‬ ‫)) ح ْ‬
‫ويمّر بأبي موسى الشعريّ ‪ ،‬وهو يقرأ ُ في المسجدِ ‪،‬‬
‫ل له في الصباِح ‪ )) :‬لو رأيتني البارحة‬ ‫ه ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫تل ُ‬ ‫فُينص ُ‬
‫م يا‬ ‫ع لقراءِتك (( ‪ ،‬قال أبو موسى ‪ :‬لو أعل ُ‬ ‫وأنا أستم ُ‬
‫ه لك تحبيرا ً ‪.‬‬ ‫رسول الله أنك تستمعُ لي ‪ ،‬لحب ّْرت ُ ُ‬
‫ن وراءِ‬ ‫عند ابن أبي حاتم يمّر ‪ ‬بعجوزٍ ‪ ،‬فُينصت إليها م ْ‬
‫دها‬ ‫ة ﴾ ‪ ،‬تعي ُ‬ ‫شي َ ِ‬ ‫غا ِ‬ ‫ث ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬‫ك َ‬ ‫ل أ ََتا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫بابها ‪ ،‬وهي تقرأ ُ ﴿ َ‬
‫ل ‪ )) :‬نعم أتاني ‪ ،‬نعم أتاني (( ‪.‬‬ ‫وتكّرُرها ‪ ،‬فيقو ُ‬
‫ت طلوة ً ‪.‬‬ ‫ن للستماِع حلوةً ‪ ،‬وللنصا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ب اللمعين المسلمين سافر إلى أوربا ‪ ،‬فأبحر‬ ‫كتا ّ ِ‬ ‫أحد ُ ال ُ‬
‫ة‬
‫ن يوغسلفيا ‪ ،‬شيوعي ّ ٌ‬ ‫ت معه امرأةٌ م ْ‬ ‫في سفينةٍ ‪ ،‬وركب ُ‬
‫ن قهرِ تيتو ‪ ،‬فأدركْته صلةُ الجمعةِ مع‬ ‫ظلم ٍ وم ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫تم ْ‬ ‫فّر ْ‬
‫م وقرأ سورة العلى‬ ‫زملِئه ‪ ،‬فقام فخطبهم ‪ ،‬ثم صّلى به ْ‬
‫ت إلى‬ ‫ت ُتنص ُ‬ ‫ت المرأةُ ل تجيد ُ العربية ‪ ،‬كان ْ‬ ‫والغاشية ‪ ،‬وكان ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪237‬‬
‫ت هذا‬ ‫س وإلى الّنغمةِ ‪ ،‬وبعد الصلةِ سأل ْ‬ ‫الكلم وإلى الجْر ِ‬
‫جل‬ ‫ت ؟ فأخبرها أنها من كلم ِ اللهِ عّز و ّ‬ ‫الكاتب عن هذهِ اليا ِ‬
‫عوها‬ ‫ة ‪ ،‬قال ‪ :‬ولم تمكّني لغتي لد ُ‬ ‫ة مذهول ً‬ ‫ت مدهوش ً‬ ‫‪ ،‬فبقي ْ‬
‫عَلى‬ ‫ن َ‬ ‫ج ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫لن ُ‬ ‫ت اْ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫جت َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫قل لئ ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫إلى السلم ِ ‪ُ ﴿ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬
‫ن بِ ِ‬ ‫ن ل َ ي َأُتو َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫هـ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫أن ي َأُتوا ْ ب ِ ِ‬
‫هيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ضظ ِ‬
‫َ‬
‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫ح‪،‬‬ ‫ة على الروا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وهيب ٌ‬ ‫ن سلطانا ً على القلو ِ‬ ‫ن للقرآ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫س‪.‬‬‫ة على النفو ِ‬ ‫وقوةً مؤّثرة ً فاعل ً‬
‫دمين‬ ‫ف الخبارِ ‪ ،‬ومن المتق ّ‬ ‫س من السل ِ‬ ‫ت لنا ٍ‬ ‫عجب ُ‬
‫ة‬
‫دوا أمام تأثيرِ القرآن ‪،‬وأمام إيقاعاِته الهائل ِ‬ ‫البرار‪ ،‬انه ّ‬
‫ل‬
‫جب َ ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و َأنَزل َْنا َ‬ ‫الصادقةِ النافذةِ ‪ ﴿ :‬ل َ ْ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫شي َ ِ‬‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫دعا ً ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫مت َ َ‬ ‫شعا ً ّ‬ ‫خا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َّرأي ْت َ ُ‬
‫ما سمع أباه‬ ‫تل ّ‬ ‫ض يمو ُ‬ ‫ن الُفضيل بن عيا ٍ‬ ‫يب ُ‬ ‫فذاك عل ّ‬
‫م َل‬ ‫يقرأ ُ‬
‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫ن}‪َ {24‬‬ ‫سُئوُلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫فو ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬ ‫﴿‬ ‫‪:‬‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫ت ََنا َ‬
‫عه ليةٍ ‪ ،‬ويبقى‬ ‫ن سما ِ‬ ‫ه عنه وأرضاهُ م ْ‬ ‫وعمُر رضي الل ُ‬
‫ض ‪ ،‬كما ذكر ذلك‬ ‫مريضا ً شهرا ً كامل ً ُيعاد ُ ‪ ،‬كما ُيعاد ُ المري ُ‬
‫قرآنا ً سيرت به ال ْجبا ُ َ‬ ‫ابن كثير ‪ ﴿ .‬ول َ َ‬
‫ت‬‫ع ْ‬ ‫قط ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ُ ّ َ ْ ِ ِ‬ ‫ن ُ ْ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وَتى ﴾ ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫و ك ُل ّ َ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫ه الْر ُ‬ ‫بِ ِ‬
‫ُ‬
‫ر يوم الجمعةِ فسمع غلما ً يقرأ ‪﴿ :‬‬ ‫ب‪،‬م‬ ‫ن وه‬ ‫داللهِ ب‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وعب ُ‬
‫ر‪ ﴾ ...‬فُأغمي عليه ‪ ،‬وُنقل إلى‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫حا ّ‬ ‫وإ ِذْ ي َت َ َ‬ ‫َ‬
‫بيتهِ ‪ ،‬وبقي ثلثة أيام ٍ مريضا ً ‪ ،‬ومات في اليوم الرابِع ‪ .‬ذ َك ََره‬
‫ي‪.‬‬ ‫الذهب ّ‬
‫م أنه صّلى في المدينةِ ‪ ،‬فقرأ القار ُ‬
‫ئ‬ ‫وأخبرني عال ٌ‬
‫ل ما‬ ‫ل ومن الوج ِ‬ ‫بسورةِ الواقعةِ ‪ ،‬قال ‪ :‬فأصابني من الذهو ِ‬
‫ك بغيرِ إرادةٍ مني ‪ ،‬مع بكاٍء ‪،‬‬ ‫جعلني اهتّز مكاني ‪ ،‬وأتحّر ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عدَهُ ي ُ ْ‬ ‫ودمع غزير ‪َ َ ﴿ .‬‬
‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫فب ِأ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن السعادةِ ؟!‬ ‫عنا ع ِ‬ ‫ث بموضو ِ‬ ‫ة هذا الحدي ِ‬ ‫ن ما علق ُ‬ ‫ولك ْ‬
‫ن في الربِع والعشرين‬ ‫شه النسا ُ‬ ‫ن التشويش الذي يعي ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ه ‪ ،‬وأن ُيقلقه ‪ ،‬وأن ُيصيبه‬ ‫ن ُيفِقده وعي ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ة كفي ٌ‬ ‫ساع ً‬
‫ل تحزن‬
‫‪238‬‬
‫معَ وتدّبر كلم المولى ‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫جعَ وأنصت و َ‬ ‫ط ‪ ،‬فإذا َر َ‬ ‫بالحبا ِ‬
‫ت‬
‫ده ‪ ،‬وعاد ْ‬ ‫ئ خاشٍع ‪ ،‬ثاب إليه ُرش ُ‬ ‫ن قار ٍ‬ ‫نم ْ‬ ‫ت حس ٍ‬ ‫بصو ٍ‬
‫ذرك‬ ‫ُ‬
‫جه ‪ .‬إنني أح ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫ت لوا ِ‬ ‫ه ‪ ،‬وسكن ْ‬ ‫ت بلبل ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وقّر ْ‬ ‫إليه نفس ُ‬
‫ُ‬
‫م‬
‫سه ْ‬ ‫ن قوم ٍ جعُلوا الموسيقى أسباب أن ِ‬ ‫بهذا الكلم ِ ع ْ‬
‫جح كثيٌر‬ ‫حهم ‪ ،‬وكتُبوا في ذلك ك ُُتبا ً ‪ ،‬وتب ّ‬ ‫م وارتيا ِ‬ ‫وسعادِته ْ‬
‫ن أجمل الوقات وأفضل الساعات يوم ُينصت إلى‬ ‫م بأ ّ‬ ‫منه ْ‬
‫ن الك ُّتاب الغربيين الذين كتُبوا عن السعاد ِ‬
‫ة‬ ‫لإ ّ‬ ‫الموسيقى ‪ ،‬ب ْ‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫ل السعادةِ الموسيقى ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ن عوام ِ‬ ‫ق يجعلون م ْ‬ ‫وطرد ِ القل ِ‬
‫مرا ً‬ ‫سا ِ‬ ‫ة﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫دي َ ً‬‫ص ِ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫كاء َ‬ ‫م َ‬ ‫ت إ ِل ّ ُ‬ ‫عندَ ال ْب َي ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صل َت ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫جُرو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ل آِثم ‪ ،‬واستماعٌ محّرم ‪ ،‬وعندنا الخي ُْر الذي‬ ‫ن هذا بدي ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫ه الّراشد ُ الحكي ُ‬ ‫صدقُ والتوجي ُ‬ ‫نزل على محمدٍ ‪ ، ‬وال ّ‬
‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬
‫من‬ ‫ل ِ‬ ‫ل ‪َ ﴿ :‬ل ي َأِتي ِ‬ ‫منه كتاب اللهِ عّز وج ّ‬ ‫الذي تض ّ‬
‫د ﴾‪.‬‬ ‫مي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫كيم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬ ‫ه َتن ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ب َي ْ ِ‬
‫ي﴿‬ ‫ي محمديّ سن ّ‬ ‫ي شرع ّ‬ ‫ن سماع ٌ إيمان ّ‬ ‫عنا للقرآ ِ‬ ‫فسما ٌ‬
‫ت َرى أ َ‬
‫ق﴾‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫فوا ْ ِ‬ ‫عَر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬‫ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ض‬‫ُ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫م به إل‬ ‫ث ‪ ،‬ل يقو ُ‬ ‫عهم للموسيقى سماعٌ لهٍ عاب ٌ‬ ‫‪ ،‬وسما ُ‬
‫من‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫س﴿ َ‬ ‫سفهاُء من النا ِ‬ ‫ة والحمقى وال ّ‬ ‫جَهل ُ‬ ‫ال َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬
‫ث ل ِي ُ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ري ل َ ْ‬ ‫شت َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫*****************************************‬
‫ن‬
‫ة ولك ْ‬
‫ن السعاد ِ‬
‫ثع ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ل يبح ُ‬
‫ف التدبيرِ ( وهو‬‫ب بعنوان ) ل ُط ْ ُ‬ ‫ي كتا ٌ‬ ‫للعالم ِ السكاف ّ‬
‫ب ‪ ،‬مؤّدى الكلم ِ فيه‬ ‫ب جل ّ ٌ‬‫ذا ٌ‬‫خاذ ٌ ج ّ‬‫م الفائدةِ ‪ ،‬أ ّ‬ ‫بج ّ‬ ‫كتا ٌ‬
‫ل والمكُر‬ ‫ث عن السيادةِ والسعادةِ والّريادةِ ‪ ،‬فإذا الحتيا ُ‬ ‫البح ُ‬
‫ن من اللتواِء ‪ ،‬فَ ًَعلها‬ ‫ب من السياسةِ ‪ ،‬وأفاني ُ‬ ‫ضْر ٌ‬
‫والدهاُء ‪ ،‬و َ‬
‫ض‬
‫ك والرؤساِء ‪ ،‬والدباءِ والشعراِء ‪ ،‬وبع ِ‬ ‫كثيٌر من الملو ِ‬
‫ن يحصل على‬ ‫ن يرتاح ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن يهدأ وأ ْ‬ ‫العلماِء ‪ ،‬كّلهم يريد ُ أ ْ‬
‫ب‪:‬‬ ‫ن هذا الكتا ِ‬ ‫ن عناوي ِ‬ ‫هم ْ‬ ‫مطلوبهِ ‪ ،‬حتى إن ّ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪239‬‬
‫ت‬‫ح ِنفارٍ أو ذا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وإصل ُ‬ ‫ف التدبيرِ ‪ ،‬تسكيُر شغْ ٍ‬ ‫في لط ِ‬
‫ر‬
‫مكاي َد َةُ صغي ٍ‬ ‫م في مكائدِ العداِء ‪ُ ،‬‬ ‫ل المنهز ُ‬ ‫بْين ‪ ،‬ماذا يفع ُ‬
‫ل ‪ ،‬في دفِع مكروهٍ بمكروهٍ ‪ ،‬في‬ ‫لكبيرٍ ‪ ،‬في دفِع مكروهٍ بقو ٍ‬
‫ف التدبيرِ في دفِع مكروهٍ ‪ ،‬في‬ ‫ف ‪ ،‬في ُلط ِ‬ ‫دفِع مكروهٍ بُلط ٍ‬
‫ص‬
‫ك ‪ ،‬في الخل ِ‬ ‫مل ٍ‬
‫ن ساِلب ُ‬ ‫ن ‪ ،‬في النتقام ِ م ْ‬ ‫مداراةِ سلطا ٍ‬ ‫ُ‬
‫ك والحترازِ مُنه في إظهارِ أمرٍ لخفاِء‬ ‫ن ن ِْقمةٍ في الفت ْ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ره ‪ .‬إلى آخرِ تلك البوا ِ‬ ‫غي ِ‬
‫ن السعاِدة‬ ‫م يبحثون ع ِ‬ ‫ن الجميع كّله ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ووجد ُ‬
‫ن اهتدى إلى ذلك ووُّفق‬ ‫مم ِ‬ ‫ل منه ْ‬ ‫ن قلي ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫والطمئنا ِ‬
‫ث فوائد ‪:‬‬ ‫ب بثل ِ‬ ‫ت من الكتا ِ‬ ‫لني ِْلها ‪ .‬وخرج ُ‬
‫ت‬ ‫ل الله نصب عينيه ‪ ،‬عاد ْ‬ ‫ن لم يجع ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫الولى ‪ :‬أ ّ‬
‫ت ﴿‬ ‫حه أتراحا ً ‪ ،‬وخيراُته نكبا ٍ‬ ‫ده خساِئر وأفرا ُ‬ ‫فوائ ُ‬
‫ن ﴾ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ث ل َ يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫ست َدْ ِ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫َ‬
‫صْعبة التي يسعى إليها‬ ‫ن الطرق الملتوية ال ّ‬ ‫ة‪:‬أ ّ‬ ‫الثاني ِ‬
‫ل السعادةِ ‪ ،‬يجدونها –‬ ‫س في غيرِ الشريعةِ ‪ ،‬لني ِ‬ ‫كثيٌر من النا ِ‬
‫و‬‫ول َ ْ‬‫ب – في طريق الشرِع المحمديّ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل وأقَر َ‬ ‫ق أسهَ َ‬ ‫ٍ‬ ‫بط ُُر‬
‫د‬
‫ش ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫خْيرا ً ل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ظو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ما ُيو َ‬ ‫عُلوا ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫َ‬
‫خي َْر الخرةِ ‪.‬‬ ‫خي َْر الدنيا و َ‬ ‫ت َث ِْبيتا ً ﴾ فينالون َ‬
‫الثالثة ‪ :‬أ ُ‬
‫م‬
‫م دنياهم وأخراهم ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ت عليه ْ‬ ‫ن أناسا ً ذهب ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫صنعا ً ‪ ،‬وينالون سعادة ً ‪ ،‬فما ظفُروا‬ ‫يظ ُّنون أنهم ُيحسنون ُ‬
‫ح الذي‬ ‫ق الصحي ِ‬ ‫ضهم عن الطري ِ‬ ‫ب إعرا ُ‬ ‫بهذه ول بتلك ‪ ،‬والسب ُ‬
‫ب الحقّ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬وأنزل به كتبه ‪ ،‬وهي طل ُ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ه به ُر ُ‬ ‫بعث الل ُ‬
‫ل‬
‫مب َدّ ِ‬ ‫عدْل ً ل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫دقا ً َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ت َرب ّ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ‪َ ﴿ ،‬ت َ ّ‬ ‫ل الصد ْ ِ‬ ‫وقو ُ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫مات ِ ِ‬ ‫ل ِك َل ِ َ‬
‫م‪،‬‬ ‫م كات ِ ٌ‬ ‫كان أحد ُ الوزراِء في لهوهِ وطرِبه ‪ ،‬فأصابه غ ّ‬
‫م فصرخ ‪:‬‬ ‫م جاث ِ ٌ‬ ‫وه ّ‬
‫ش ما ل‬ ‫فهذا العي ُ‬ ‫ت ُيباعُ‬ ‫أل مو ٌ‬
‫ما‬‫فيهِلو أنني م ّ‬ ‫خير ُ‬
‫ت‬ ‫ودد‬ ‫ت قبرا ً من‬ ‫أبصر ُ‬ ‫ه‬
‫ري ِ‬ ‫فأشت ِ‬ ‫إذا‬
‫دق بالوفاةِ على‬ ‫تصهِ ّ‬
‫يلي ِ‬ ‫ن‬‫حم المهيم ُ‬ ‫بعيد ٍر ِ‬ ‫أل‬
‫أخيهِ‬ ‫حّر‬ ‫نْفس ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪240‬‬
‫**************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ة‬
‫ل الّرفاهي ِ‬ ‫دعاء في الّرخاِء ‪ :‬أيْ في حا ِ‬ ‫» فلي ُك ْث ِرِ ال ّ‬
‫ن‬
‫ن الشاكرِ الحازم ِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ن سمةِ المؤم ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن والعافيةِ ؛ ل ّ‬ ‫والم ِ‬
‫مي ‪ ،‬ويلتجئ إلى اللهِ قْبل الضطرارِ ‪،‬‬ ‫ريش الشهم قبل الر ْ‬ ‫ي ِ‬
‫ن‬‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫سا ِْ‬ ‫م ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ي﴿ َ‬ ‫ن الغب ّ‬ ‫ي والمؤم ِ‬ ‫شق ّ‬ ‫ف الكافرِ ال ّ‬ ‫بخل ِ‬
‫ي‬ ‫س َ‬ ‫ه نَ ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ً‬‫ع َ‬ ‫ه نِ ْ‬ ‫ول َ ُ‬‫خ ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ه ثُ ّ‬‫مِنيبا ً إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا َرب ّ ُ‬ ‫ضّر دَ َ‬ ‫ُ‬
‫دادا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ه أن َ‬ ‫ل ل ِل ّ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عو إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫شدائدِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ن ورطا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يريد ُ النجاةَ ِ‬ ‫فتعّين على م ْ‬
‫ة‬
‫جهِ إلى حضر ِ‬ ‫ن الّتو ّ‬ ‫ن ل يفعل بقلبهِ ولساِنه ع ِ‬ ‫والُغموم ِ ‪ ،‬أ ْ‬
‫ل إليه والّثناء عليه ‪ ،‬إذ‬ ‫مدِ والبتها ِ‬ ‫س – بالح ْ‬ ‫الحقّ – تقد ّ َ‬
‫المراد بالدعاء في الرخاء – كما قاله المام الحليمي – دعاء‬
‫ة‬
‫ق والمعون ِ‬ ‫ل التوفي ِ‬ ‫منن ‪ ،‬وسؤا ِ‬ ‫ف بال ِ‬ ‫شكرِ والعترا ِ‬ ‫الثناِء وال ّ‬
‫ن‬
‫ن العبد – وإ ْ‬ ‫ض الّتقصيرِ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫والّتأييدِ ‪ .‬والستغفارِ لعوار ِ‬
‫ن غفل‬ ‫مها ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ق الله بتما ِ‬ ‫ن حقو ِ‬ ‫ف ما عليهِ م ْ‬ ‫جِهد – لم ُيو ّ‬
‫من ِهِ ‪ ،‬فقد ْ‬ ‫حت ِهِ وفراِغه وأ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ذلك ‪ ،‬ولم ُيلح ْ‬
‫م ِ‬ ‫ظه في َز َ‬ ‫ع ْ‬
‫وا‬‫ع ُ‬‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫صدقَ عليه قوُله تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫م إ َِلى ال ْب َّر إ ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جا ُ‬ ‫ما ن َ ّ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن﴾«‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫**************************************‬
‫م‬
‫م وجحي ٌ‬
‫نعي ٌ‬
‫س وزراءِ‬ ‫ً‬
‫ة خبرا عن انتحارِ رئي ِ‬ ‫ف العالمي ُ‬ ‫ت الصح ُ‬ ‫نشر ْ‬
‫ن بعض‬ ‫ب في ذلك أ ّ‬ ‫س ميتران ‪ ،‬والسب ُ‬ ‫حكم ِ الرئي ِ‬ ‫فرنسا في ُ‬
‫ت عليهِ غارةً من النْقد ِ والشت ْم ِ‬ ‫ف الفرنسية شن ّ ْ‬ ‫الصح ِ‬
‫ة ول‬ ‫ن إيمانا ً ول سكين ً‬ ‫م يجد ْ هذا المسكي ُ‬ ‫والّتجريِح ‪ ،‬فل ْ‬
‫ق‬
‫ن إليه ‪ ،‬فبادر فأْزهَ َ‬ ‫ن يرك ُ‬ ‫استقرارا ً يعود ُ إليه ‪ ،‬ولم يجد ْ م ْ‬
‫حه ‪.‬‬
‫ُرو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪241‬‬
‫ن هذا الرجل المسكين الذي أقدم على النتحارِ لم‬ ‫إ ّ‬
‫ك‬‫ول َ ت َ ُ‬‫يهتدِ بالهدايةِ الّرّباني ّةِ المتمّثلةِ في قول ِهِ سبحانه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن ﴾ وقوِله سبحانه ‪َ ﴿ :‬لن‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ق ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ضي ْ‬‫في َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫عَلى َ‬ ‫صب ِْر َ‬
‫وا ْ‬ ‫ذى ﴾ ‪ ،‬وقوله ‪َ ﴿ :‬‬ ‫م إ ِل ّ أ ً‬ ‫ضّروك ُ ْ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن الرجل فََقد َ مفتاح‬ ‫ميل ً ﴾ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫جرا ً َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جْر ُ‬ ‫ه ُ‬
‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫سدادِ وسبيل الّرشادِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫الهدايةِ ‪ ،‬وطريق ال ّ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫ي لَ ُ‬ ‫هاِد َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ن‪،‬أ ْ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫مْثق ٍ‬
‫ل باله ّ‬ ‫ل ُ‬‫ن وصايا الخرين لك ّ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ف النهرِ ‪ ،‬ويستمتع بالموسيقى ‪،‬‬ ‫س على ضفا ِ‬ ‫يأمروه بالجلو ِ‬
‫ويلعب الن ّْرد ‪ ،‬ويتزّلج على الْثلِج ‪.‬‬
‫ة‬
‫ل العبودي ّةِ الحّقةِ ‪ :‬جلس ٌ‬ ‫ن وصايا أهل السلم ِ ‪ ،‬وأه َ‬ ‫لك ْ‬
‫ف‬‫ض الجن ّةِ ‪ ،‬وهتا ٌ‬ ‫ن ريا ِ‬ ‫مة في روضةٍ م ْ‬ ‫ن والقا ِ‬ ‫بين الذا ِ‬
‫م بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬ورضا ً بما قسم‬ ‫ذكرِ الواحد الحدِ ‪ ،‬وتسلي ٌ‬ ‫ب ِ‬
‫ل وعل ‪.‬‬ ‫ل على اللهِ ج ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وتؤك ّ ٌ‬ ‫الل ُ‬
‫************************************‬
‫صدَْر َ‬
‫ك﴾‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫﴿ أَ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫ت فيه هذ ِ‬ ‫ل اللهِ ‪ ‬فتحّقق ْ‬ ‫م على رسو ِ‬ ‫ل هذا الكل ُ‬ ‫ن ََز َ‬
‫ة ‪ ،‬فكان سهل الخاطرِ ‪ ،‬منشرح الصدرِ ‪ ،‬متفائل ً ‪،‬‬ ‫الكلم ُ‬
‫سرا ً في أمورِهِ ‪ ،‬قريبا ً من‬ ‫ي العاطفةِ ‪ ،‬مي ّ‬ ‫ش الفؤادِ ‪ ،‬ح ّ‬ ‫جّيا َ‬
‫س في هيبةٍ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب ‪ ،‬بسيطا في عظمةٍ ‪ ،‬دانيا من النا ِ‬ ‫القلو ِ‬
‫متبسما ً في وقارٍ ‪ ،‬متحببا ُ في سموّ ‪ ،‬مألوفا ً للحاضر‬
‫محّيا ‪ ،‬مشرق الطْلعةِ ‪ ،‬غزير‬ ‫ق ‪ ،‬طل ْقَ ال ُ‬ ‫خل ِ‬
‫م ال ُ ُ‬ ‫والبادي ‪ ،‬ج ّ‬
‫ش للقاِدم ‪ ،‬مسرورا ً بعطاِء اللهِ ‪،‬‬ ‫دعابةِ ‪ ،‬وي َب َ ّ‬ ‫ش لل ّ‬ ‫الحياِء ‪ ،‬يه ّ‬
‫ف الحباط ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬ول يعر ُ‬ ‫ت الّرباني ّةِ ‪ ،‬ل يعتريه اليأ ُ‬ ‫جذ ِل ُ بالِهبا ِ‬
‫ط ‪ ،‬وُيعجُبه الفأ ُ‬
‫ل‬ ‫ف بالقنو ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ول يعتر ُ‬ ‫ذي ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ول يخلد ُ إلى الت ّ ْ‬
‫دق ‪ ،‬والّتفي ُْهق والّتكّلف‬ ‫مق والّتش ّ‬ ‫ن ‪ ،‬ويكره ُ الّتع ّ‬ ‫الحس ُ‬
‫مةٍ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ب رسالةٍ ‪ ،‬وحام ُ‬ ‫والّتن ّ‬
‫ل مبدأ ‪ ،‬وقدوةُ أ ّ‬ ‫ه صاح ُ‬ ‫طع ؛ لن ُ‬
‫ُ‬
‫ل مجتمٍع ‪،‬‬ ‫ج ُ‬‫ب أسرةٍ ‪ ،‬ور ُ‬ ‫ب ‪ ،‬ور ّ‬ ‫م شعو ٍ‬ ‫ل ‪ ،‬ومعل ّ ُ‬ ‫وأسوةُ أجيا ٍ‬
‫معُ فضائل ‪ ،‬وبحُر عطايا ‪ ،‬ومشرِقُ نورٍ ‪.‬‬ ‫ج َ‬ ‫م ْ‬
‫ل‪،‬و َ‬ ‫مث ُ ٍ‬ ‫وكْنز ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪242‬‬
‫ع‬
‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫إنه باختصارٍ ‪ :‬ميسٌر للُيسرى ‪ ، ،‬وإنه بإيجازٍ ﴿ َ‬
‫ة‬
‫م ﴾ أو بعبار ٍ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ت َ َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫غل َ َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫عن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫شرا ً‬ ‫مب َ ّ‬‫و ُ‬ ‫هدا ً َ‬ ‫شا ِ‬ ‫ن ﴾ وكفى !! ﴿ َ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ة ل ّل ْ َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬‫أخرى ‪َ ﴿ :‬ر ْ‬
‫مِنيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫سَراجا ً ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫ه ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫عيا ً إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫و َ‬‫ذيرًا}‪َ {45‬‬ ‫ون َ ِ‬ ‫َ‬
‫سرة السهلة ‪ :‬تنط ّ ُ‬
‫ع‬ ‫ض الرسالة المي ّ‬ ‫ن مما ُيعار ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ف‬
‫ق عبيد ِ الدنيا ‪ ،‬وانحرا ُ‬ ‫ل المنط ِ‬ ‫الخوارِج ‪ ،‬وتزند ُقُ أه ِ‬
‫فوا ْ‬ ‫خت َل َ ُ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫مُنوا ْ ل ِ َ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫دى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ف َ‬ ‫مرتزقةِ الفكار ﴿ َ‬
‫شاءُ إ َِلى‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫قيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬‫صَرا ٍ‬ ‫ِ‬
‫******************************************‬
‫ة الطّّيب ِ‬
‫ة‬ ‫م الحيا ِ‬
‫مفهو ُ‬
‫ن‬
‫وأنت في السج ِ‬ ‫ل أحد ُ أذكياِء النكليزِ ‪ :‬بإمكانك‬ ‫يقو ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫رج‬ ‫خ ِ‬‫ن تُ ْ‬ ‫ق ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن تنظَر إلى الفُ ِ‬ ‫ن الحديديةِ أ ْ‬ ‫ن وراِء القضبا ِ‬ ‫م ْ‬
‫مها وتبتسم ‪ ،‬وأنت مكانك ‪ ،‬وبإمكاِنك‬ ‫ش ّ‬‫ن جيِبك فت ُ‬ ‫زهرةً م ْ‬
‫ن تغضب‬ ‫ن تحتد ّ وأ ْ‬ ‫صرِ على الديباج والحريرِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫وأنت في الق ْ‬
‫ن بيِتك وأسرِتك وأمواِلك ‪.‬‬ ‫ن تثور ساخطا ً م ْ‬ ‫وأ ْ‬
‫ن ‪ ،‬ولكّنها‬ ‫ن ول في المكا ِ‬ ‫ت في الزما ِ‬ ‫ن السعادةُ ليس ْ‬ ‫إذ ْ‬
‫ب مح ّ‬
‫ل‬ ‫ب ‪ .‬والقل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وفي القل ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وفي طاعةِ الد َّيا ِ‬ ‫في اليما ِ‬
‫ت السعادةُ ‪،‬‬ ‫ن فيه ‪ ،‬انبعث ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فإذا استقّر اليقي ُ‬ ‫نظرِ الّر ّ‬
‫م‬‫س انشراحا ً وارتياحا ً ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ت على الروح وعلى النف ِ‬ ‫فأضف ْ‬
‫ن الودية‬ ‫ب وبطو ِ‬ ‫ظرا ِ‬ ‫ت على ال ّ‬ ‫ت على الخرين ‪ ،‬فصار ْ‬ ‫فاض ْ‬
‫ت الشجرِ ‪.‬‬ ‫ومناب ِ‬
‫ن حنبل عاش سعيدا ً ‪ ،‬وكان ثوُبه أبيض مرّقعا ً ‪،‬‬ ‫أحمد ُ ب ُ‬
‫كنها ‪ ،‬ول يجد ُ‬ ‫ن يس ُ‬ ‫ث ُ‬ ‫يخي ُ‬
‫ن طي ٍ‬ ‫فم ْ‬ ‫غر ٍ‬ ‫طه بيد ِهِ ‪ ،‬وعندهُ ثل ُ‬
‫ت ‪ ،‬وبقي حذاؤه – كما قال‬ ‫خب ْزِ مع الزي ِ‬ ‫كسَر ال ُ‬ ‫إل ِ‬
‫ل‬‫طها ‪ ،‬ويأك ُ‬ ‫ة يرّقعها ويخي ُ‬ ‫ه – سبع عشرة سن ً‬ ‫المترجمون عن ُ‬
‫م غالب اليام ‪ ،‬يذرعُ الدنيا ذهابا ً‬ ‫اللحم في شهرٍ مّرةً ويصو ُ‬
‫ِ‬
‫ث ‪ ،‬ومع ذلك وجد الراحة والهدوء‬ ‫ب الحدي ِ‬ ‫وإيابا ً في طل َ ِ‬
‫ت القدم ‪ ،‬مرفوع ُ الهامةِ ‪،‬‬ ‫ه ثاب ُ‬ ‫والسكينة والطمئنان ؛ لن ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪243‬‬
‫ل لخرةٍ ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬ساٍع لجرٍ ‪ ،‬عام ٌ‬ ‫ب لثوا ٍ‬ ‫ره ‪ ،‬طال ٌ‬ ‫ف بمصي ِ‬ ‫عار ٌ‬
‫ب في جن ّةٍ ‪.‬‬ ‫راغ ٌ‬
‫ن‬
‫ده – الذين حكموا الدنيا – المأمو ُ‬ ‫وكان الخلفاُء في عه ِ‬
‫دوُر‬ ‫ل عندهم القصوُر وال ّ‬ ‫م ‪ ،‬والمتوك ُ‬ ‫‪ ،‬والواثقُ ‪ ،‬والمعتص ُ‬
‫ة‬
‫م والوسم ُ‬ ‫ة والبنود ُ والجنود ُ ‪ ،‬والعل ُ‬ ‫ب والفض ُ‬ ‫والذه ُ‬
‫شوا‬ ‫م ما يشتهون ‪ ،‬ومع ذلك عا ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ومعه ْ‬ ‫ت والعقارا ُ‬ ‫والشارا ُ‬
‫ب‬‫م ‪ ،‬وفي قلقل وحرو ٍ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫وا حياَتهم في ه ّ‬ ‫ض ْ‬ ‫في ك َد َرٍ ‪ ،‬وقَ َ‬
‫ت‬‫ضهم كان يتأوّه ُ في سكرا ِ‬ ‫ب وضجيٍج ‪ ،‬وبع ُ‬ ‫شغَ ٍ‬ ‫تو َ‬ ‫وثورا ٍ‬
‫ب اللهِ ‪.‬‬ ‫ت نادما ً على ما فّرط ‪ ،‬وعلى ما فعل في جن ِ‬ ‫المو ِ‬
‫خ السلم ِ ‪ ،‬ل أهل ول دار ول أسرة ول‬ ‫ن تيمية شي ُ‬ ‫اب ُ‬
‫ب جامِع بني أمية يسكُنها ‪،‬‬ ‫ة بجان ِ‬ ‫مال ول منصب ‪ ،‬عندهُ غرف ٌ‬
‫م أحيانا ً‬ ‫ن يغّير هذا بهذا ‪ ،‬وينا ُ‬ ‫ف في اليوم ِ ‪ ،‬وله ثوبا ِ‬ ‫ه رغي ٌ‬ ‫ول ُ‬
‫صف نفسه ‪ :‬جن ُّته في صدِره ‪،‬‬ ‫ن كما وَ َ‬ ‫في المسجدِ ‪ ،‬ولك ْ‬
‫ة؛‬ ‫ن بلدِهِ سياح ٌ‬ ‫هم ْ‬ ‫خْلوةٌ ‪ ،‬وإخراج ُ‬ ‫جنه ِ‬ ‫وقت ُْله شهادةٌ ‪ ،‬وس ْ‬
‫سوِقها ‪ُ ،‬تؤتي‬ ‫ت على ُ‬ ‫ن في قلب ِهِ استقام ْ‬ ‫لن شجرة اليما ِ‬
‫ت العنايةِ الربانيةِ ‪﴿ ،‬‬ ‫دها زي ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ن رّبها ي ُ‬ ‫ن بإذ ِ‬ ‫حي‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ك‬ ‫لها‬ ‫أ ُك ُ َ‬
‫ٍ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫دي الل ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ر يَ ْ‬
‫ٍ‬ ‫على ُنو‬ ‫َ‬ ‫ه َناٌر ّنوٌر َ‬ ‫س ُ‬‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ول ْ‬‫َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ضيءُ َ‬ ‫يُ ِ‬
‫عن ْهم سيَئات ِهم َ‬
‫صل َ َ‬
‫ح‬ ‫وأ ْ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫فَر َ ُ ْ َ ّ‬ ‫شاءُ ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك َ ّ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ل ُِنو ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫وآَتا ُ‬‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا َزادَ ُ‬ ‫هت َدَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫م ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫َبال َ ُ‬
‫عيم ِ ﴾ ‪.‬‬ ‫ضَرةَ الن ّ ِ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫في ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ﴾ ‪ ﴿،‬ت َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ه عنه وأرضاهُ إلى الّربذةِ ‪ ،‬فنصب‬ ‫خرج أبو ذّر رضي الل ُ‬
‫م كثيرا ً من‬ ‫ك ‪ ،‬وأتى بامرأِته وبنات ِهِ ‪ ،‬فكان يصو ُ‬ ‫ه هنا َ‬ ‫خيمت ُ‬
‫ه ‪ ،‬ويتعب ّد ُ ويقرأ ُ ويتلو‬ ‫ح خالق ُ‬ ‫اليام ِ ‪ ،‬يذك ُُر مولهُ ‪ ،‬ويسب ّ ُ‬
‫ة من‬ ‫ة ‪ ،‬وقطع ً‬ ‫ة أو خيم ً‬ ‫مل ً‬ ‫ك من الدنيا إل ش ْ‬ ‫ل ‪ ،‬ل يمل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ويتأ ّ‬
‫صعةٍ وعصا ‪ ،‬زاَره ُ أصحاُبه ذات يوم ‪،‬‬ ‫حفةٍ وق ْ‬ ‫الغنم ِ مع ص ْ‬
‫جه من الدنيا ‪،‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬أين الدنيا؟ قال ‪ :‬في بيتي ما أحتا ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫خ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ة كؤودا ً ل يجيُزها إل ال ُ‬ ‫ن أمامنا عقب ً‬ ‫وقد ْ أخبرنا ‪ ‬أ ّ‬
‫جه‬ ‫ح الصدرِ ‪ ،‬ومنثلج الخاطرِ ‪ ،‬فعنده ُ ما يحتا ُ‬ ‫كان منشر َ‬
‫م‬‫ت وهمو ٌ‬ ‫ل وتِبعا ٌ‬ ‫ما ما زاد على حاجِته ‪ ،‬فأشغا ٌ‬ ‫من الدنيا ‪ ،‬أ ّ‬
‫م‪.‬‬ ‫وغمو ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪244‬‬
‫س‬
‫ت في قصيدةٍ بعنوان ‪ :‬أبو ذّر في القرن الخام ِ‬ ‫قل ُ‬
‫غربةِ أبي ذّر وعن سعادِته ‪ ،‬وعن وحدِته‬ ‫ن ُ‬‫دثا ً ع ْ‬‫شَر ‪ ،‬متح ّ‬ ‫عَ َ‬
‫ث عن‬‫حه ومبادِئه ‪ ،‬وكأنه يتحد ُ‬ ‫وعزلِته ‪ ،‬وعن هجرِته برو ِ‬
‫سه ‪:‬‬
‫نف ِ‬
‫ت حتى‬ ‫بالمنايا لطف ُ‬ ‫لطُفوني هد ّد ُْتهم‬
‫ت في‬ ‫كب ُ‬ ‫لوني ر ِ‬ ‫سا‬ ‫أح‬
‫أنز ُ ّ‬ ‫ب‬
‫ت أرك ُ‬ ‫دوني‬
‫بوني نزل ُ‬ ‫هد ّ‬
‫أرك ُ ُ‬
‫هي‬‫حها و ْ‬ ‫والمناياْفسا‬
‫أجتا ُ‬ ‫الحقّ ن‬ ‫دما ً‬ ‫زميالموت ُ‬
‫مْق ِ‬ ‫أطُرد ُ‬ ‫ع ْ‬
‫فُيو ّ‬
‫ف‬‫سىذّر ل تخ ْ‬ ‫نياعْ َ‬
‫أبا‬ ‫ت غربتي‬ ‫ْ‬ ‫لي‬‫بك‬ ‫قد‬
‫ت‬ ‫سا‬‫ن ّ‬ ‫وتأ‬ ‫تلم‬ ‫ل وقال‬
‫خوف ْ‬ ‫الرما ُ‬
‫م ّ‬ ‫يقيني ما ِ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫قل ُ‬
‫سا‬ ‫أد‬‫حتى ُ‬ ‫أنا ْ‬
‫ن أماِليهِ‬ ‫تم ْ‬‫ّ‬ ‫وتلّقن ْ ُ‬ ‫حِبي‬‫بِ‬‫شباصا ٍ‬ ‫ت‬ ‫ل في‬
‫عاهد ُ‬ ‫أز‬
‫دْرسا‬
‫********************************************‬ ‫وخليلي‬
‫*******‬
‫ن فما هي السعادةُ ؟!‬
‫إذ ْ‬
‫ب أو عابُر سبيل (( ‪،‬‬ ‫ن في الدنيا كأنك غري ٌ‬
‫)) ك ْ‬
‫ء (( ‪.‬‬
‫)) فطوبى للغربا ِ‬
‫ن مروان ‪ ،‬ول جيوش‬ ‫دالملك ب ِ‬ ‫س السعادةُ قصر عب ِ‬ ‫لي ِ‬
‫ص ‪ ،‬ول كنوز قارون ‪ ،‬ول‬ ‫صا ِ‬ ‫ن الج ّ‬ ‫ن الرشيدِ ول ُدور اب ِ‬ ‫هارو ِ‬
‫ن المتنبي ‪ ،‬ول في‬ ‫ن سينا ‪ ،‬ول في ديوا ِ‬ ‫ب الشفاِء لب ِ‬ ‫في كتا ِ‬
‫ن الزهراِء ‪.‬‬ ‫ق قرطبة ‪ ،‬أو بساتي ِ‬ ‫حدائ ِ‬
‫ف‬‫ت اليد ِ ‪ ،‬وشظ ِ‬ ‫السعادةُ عند الصحاِبة مع قل ّةِ ذا ِ‬
‫ح الّنفقةِ ‪.‬‬ ‫ش ّ‬‫المعيشةِ ‪ ،‬وزهادهِ المواردِ ‪ ،‬و ُ‬
‫ب في تأل ِّهه ‪ ،‬وعند البخاري في‬ ‫ن المسي ِ‬ ‫السعادة ُ عند اب ِ‬
‫ي‬
‫صد ْقِهِ ‪ ،‬ومع الشافع ّ‬ ‫ن البصريّ في ِ‬ ‫حهِ ‪ ،‬وعند الحس ِ‬ ‫صحي ِ‬
‫عهِ ‪،‬‬
‫مراقبِته ‪ ،‬وأحمد في ور ِ‬ ‫ك في ُ‬ ‫في استنباطاِته ‪ ،‬ومال ٍ‬
‫ك بأ َن ّهم ل َ يصيبهم ظَمأ ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ ِ ُ ُ ْ‬ ‫ي في عبادتهِ ﴿ ذَل ِ َ ِ ُ ْ‬ ‫ت البنان ّ‬ ‫وثاب ٍ‬
‫ن‬‫ؤو َ‬ ‫ول َ ي َطَ ُ‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ص ٌ‬‫م َ‬ ‫خ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ول َ ن َ َ‬ ‫َ‬
‫و ن ّي ْل ً إ ِل ّ ك ُت ِ َ‬
‫ب‬ ‫عدُ ّ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول َ ي ََناُلو َ‬ ‫فاَر َ‬ ‫ظ ال ْك ُ ّ‬‫غي ُ‬ ‫طئا ً ي َ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ح﴾ ‪.‬‬ ‫صال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ع َ‬‫ه َ‬ ‫هم ب ِ ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪245‬‬
‫ة ُتشتَرى ‪ ،‬ول‬ ‫ف ‪ ،‬ول داب ً‬ ‫ت السعادة ُ شيكا ً ُيصر ُ‬ ‫ليس ِ‬
‫ل ‪ ،‬ول بّزا ً ُينشُر ‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬ول ب ُّرا ً ُيكا ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫وردةً ت ُ َ‬
‫ح صدرٍ لمبدأ‬ ‫مُله ‪ ،‬وانشرا ُ‬ ‫السعادة ُ سلوةُ خاطرٍ بحقّ يح ِ‬
‫كتن ُِفه‪.‬‬ ‫ب لخيرٍ ي ْ‬ ‫ة قل ٍ‬ ‫شه‪ ،‬وراح ُ‬ ‫يعي ُ‬
‫سِع في الد ِّور ‪ ،‬وكْثر ِ‬
‫ة‬ ‫ن أننا إذا أكْثرنا من التو ّ‬ ‫كّنا نظ ُ ّ‬
‫ت ‪ ،‬أننا‬ ‫ت والمشتهيا ِ‬ ‫غبا ِ‬ ‫ت والمر ّ‬ ‫مِع المسّهل ِ‬ ‫الشياِء ‪ ،‬وج ْ‬
‫م والك َد َِر‬ ‫ب اله ّ‬ ‫ح وُنسّر ‪ ،‬فإذا هي سب ُ‬ ‫ح ونمر ُ‬ ‫نسعد ُ ونفر ُ‬
‫حهِ ﴿‬ ‫مه وضريبةِ كد ّهِ وكد ْ ِ‬ ‫مه وغ ّ‬ ‫ل شيٍء به ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫ص؛ل ّ‬ ‫والتنغي ِ‬
‫َ‬
‫هَرةَ‬ ‫م َز ْ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫واجا ً ّ‬ ‫ه أْز َ‬ ‫عَنا ب ِ ِ‬ ‫مت ّ ْ‬‫ما َ‬ ‫ك إ َِلى َ‬ ‫عي ْن َي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مد ّ ّ‬ ‫وَل ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فت ِن َ ُ‬ ‫دنَيا ل ِن َ ْ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل الهدى محمد ٌ ‪، ‬‬ ‫مصل ٍِح في العالم ِ رسو ُ‬ ‫ن أكبر ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ل التمرِ يسد ّ‬ ‫وى من الجوِع ‪ ،‬ل يجد ُ دقْ َ‬ ‫عاش فقيرا ً ‪ ،‬يتل ّ‬
‫ه ‪ ،‬وفي‬ ‫مه إل الل ُ‬ ‫جوعه ‪ ،‬ومع ذلك عاش في نعيم ٍ ل يعل ُ‬
‫ء وسكينةٍ ﴿‬ ‫ط ‪ ،‬وفي هدو ٍ‬ ‫ط واغتبا ٍ‬ ‫انشراٍح وارتياٍح ‪ ،‬وانبسا ٍ‬
‫َ‬
‫ك﴾‪﴿،‬‬ ‫هَر َ‬ ‫ض ظَ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذي أن َ‬ ‫ك}‪ {2‬ال ّ ِ‬ ‫وْزَر َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫عن َ‬ ‫عَنا َ‬ ‫ض ْ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ث‬‫حي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ظيما ً ﴾ ‪ ﴿ ،‬الل ّ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫سال َت َ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ق ‪ ،‬والثم‬ ‫ن ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫ث الصحيِح ‪ )) :‬الب ِّر ُ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫س ((‬ ‫هت أن يطلع عليه النا ُ‬ ‫رك وكر ْ‬ ‫ما حاك في صد ِ‬
‫‪.‬‬
‫س ‪ ،‬حتى قال‬ ‫ن للنف ِ‬ ‫ة للضميرِ ‪ ،‬وسكو ٌ‬ ‫ن البّر راح ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ضهم ‪:‬‬ ‫بع ُ‬
‫ح ما‬‫م أقب ُ‬ ‫والث ُ‬ ‫ن طال‬ ‫البّر أبقى وإ ْ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫والثم ريب ٌ‬ ‫ن زادِ‬ ‫أوعيت ‪،‬م ْ‬ ‫ة‬‫طمأنين ٌ‬ ‫الحديث ‪ )) :‬البّر ُ‬ ‫ن به‬ ‫وفيّزما ُ‬ ‫ال‬
‫ن المريب‬ ‫ة يبقى في هدوٍء وسكينةٍ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن المحسن صراح ً‬ ‫إ ّ‬
‫ت ﴿‬‫سكنا ِ‬ ‫ت وال ّ‬ ‫ت ومن الحركا ِ‬ ‫ث والخطرا ِ‬ ‫س من الحدا ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫يتو ّ‬
‫ب‬
‫س ُ‬ ‫ب أنه أساء فح ْ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬والسب ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬‫ن يضطرب ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن يرتِبك وأ ْ‬ ‫ن يقلق وأ ْ‬ ‫ن المسيء لبد ّ أ ْ‬ ‫‪ ،‬فإ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫خيف ً‬ ‫جس ِ‬ ‫يتو ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪246‬‬
‫دق ما يعتاد ُهُ‬ ‫وص ّ‬ ‫ل المرِء‬ ‫إذا ساِء فِعْ ُ‬
‫ن يتجّنب‬ ‫حسنم ِدائما ً ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن ْت َوَهّ‬ ‫م ي ُْ‬ ‫هالسعادة ‪ ،‬أ ْ ِ‬
‫ن‬ ‫أراد ُ‬‫نظنون ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫ساءلمْ‬ ‫والح ّ‬
‫ل‬
‫سوا ْ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫مُنوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ﴿ال ّ ِ‬ ‫الساءة ‪ ،‬ليكون في أم‬
‫ك ل َهم ال َ‬ ‫ٍ‬ ‫إيمان َهم بظُل ْم أ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫لـ‬‫َ‬ ‫و‬‫ٍ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ُ‬
‫سهِ ‪،‬‬ ‫ن على رأ ِ‬ ‫ث السير ‪ ،‬يثوُر الغباُر م ْ‬ ‫ب يح ّ‬ ‫أقبل راك ٌ‬
‫ه في كب ِدِ‬ ‫ص ‪ ،‬وقد ْ ضرب سعد ٌ خيمت ُ‬ ‫يريد ُ سعد بن أبي وّقا ٍ‬
‫هماِء ‪،‬‬ ‫ت الد ّ ْ‬ ‫ن اهتماما ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ن الضجيِج ‪ ،‬بعيدا ع ِ‬ ‫الصحراِء ‪ ،‬بعيدا ع ِ‬
‫ه قطيعٌ من الغنم ِ ‪،‬‬ ‫سهِ وأهل ِهِ في خيمت ِهِ ‪ ،‬مع ُ‬ ‫منفردا ً بنف ِ‬
‫مُر ‪ ،‬فقال ابُنه له ‪ :‬يا أبتاه ُ ‪،‬‬ ‫ب فإذا هو ابُنه ع ُ َ‬ ‫فاقترب الراك ُ‬
‫س يتنازعون الملك وأنت ترعى غنمك ‪ .‬قال ‪ :‬أعوذ ُ بالل ِ‬
‫ه‬ ‫النا ُ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ن شّرك ‪ ،‬إني أولى بالخلفةِ مّني بهذا الرداِء الذي عل ّ‬ ‫م ْ‬
‫ب العبد‬ ‫ن الله يح ّ‬ ‫ل ‪ )) :‬إ ّ‬ ‫ت الرسول ‪ ‬يقو ُ‬ ‫ولكن سمع ُ‬
‫ي (( ‪.‬‬ ‫ي الخف ّ‬ ‫ي الّتق ّ‬ ‫الغن ّ‬
‫ك كسرى‬ ‫مل ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫مم ْ‬ ‫عظ ُ‬ ‫إن سلمة المسلم ِ بديِنه أ ْ‬
‫ن الدين هو الذي يبقى معك حتى تستقّر في‬ ‫وقيصر ؛ ل ّ‬
‫ل ل محالة ﴿ إ ِّنا‬ ‫ه زائ ٌ‬ ‫ب فإن ّ ُ‬ ‫ك والمنص ُ‬ ‫ت النعيم ِ ‪ ،‬وأما المل ُ‬ ‫جنا ِ‬
‫وإ ِل َي َْنا ي ُْر َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫ث اْلْر َ‬ ‫ر ُ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫ح ُ‬‫نَ ْ‬
‫*******************************************‬
‫م الطّي ّ ُ‬
‫ب‬ ‫ه يصعدُ الكل ِ ُ‬
‫إلي ِ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت الط ّّيبا ِ‬‫ت المباركا ِ‬‫كان للصحابةِ كنوٌز من الكلما ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ْ‬
‫عمهم إياها صفوةُ الخل ِ‬ ‫التي ّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫دهم خيٌر من الدنيا وما فيها ‪ ،‬و ِ‬ ‫ل كلمةٍ عند أح ِ‬ ‫وك ّ‬
‫م معرفُتهم بقيمةِ الشياِء ومقاديرِ المورِ ‪.‬‬ ‫عظمِته ْ‬
‫ن ُيعّلمه دعاًء ‪ ،‬فقال له ‪)) :‬‬ ‫ل الرسول ‪ ‬أ ْ‬ ‫أبو بكرٍ يسأ ُ‬
‫ظلما ً كثيرا ً ‪ ،‬ول يغفُر‬ ‫ت نفسي ُ‬ ‫ب إني ظلم ُ‬ ‫ل‪:‬ر ّ‬ ‫ق ْ‬
‫دك‬ ‫ن عن ِ‬ ‫الذنوب غل أنت ‪ ،‬فاغفْر لي مغفرةً م ْ‬
‫م (( ‪.‬‬
‫وارحمني ‪ ،‬إنك أنت الغفوُر الرحي ُ‬
‫ل الله العفو‬ ‫س ‪ )) :‬اسأ ِ‬ ‫ل ‪ ‬للعبا ِ‬ ‫ويقو ُ‬
‫والعافية (( ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪247‬‬
‫دني (( ‪.‬‬ ‫م اهدِني وسدّ ْ‬ ‫ل ‪ :‬الّله ّ‬ ‫ي ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫ل لعل ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫مِني‬ ‫م أله ْ‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ن ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫ن حصي ٍ‬ ‫ل لعبيدِ ب ِ‬ ‫ويقو ُ‬
‫سي (( ‪.‬‬ ‫قِني شّر نف ْ‬ ‫ُرشدي ‪ ،‬و ِ‬
‫م إني أساُلك‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫س ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫داد ِ بن أو ٍ‬ ‫ل لش ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫شكَر‬ ‫د‪،‬و ُ‬ ‫الثبات في المر ‪ ،‬والعزيمة على الرش ِ‬
‫ن عبادِتك ‪ ،‬وأسأُلك قلبا ً سليما ً ‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫نعمِتك ‪ ،‬و ُ‬
‫م ‪ ،‬وأعو ُ‬
‫ذ‬ ‫عل ُ‬ ‫ر ما ت ْ‬‫خي ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ولسانا ً صادقا ً ‪ ،‬وأسأُلك ِ‬
‫م ْ‬
‫م ‪ ،‬إنك‬ ‫م ‪ ،‬وأستغفُرك لما تعل ُ‬ ‫ن شّر ما تعل ُ‬ ‫بك م ْ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫م الغيو ِ‬ ‫أنت عل ّ ُ‬
‫رك‬ ‫م أعني على ذك ِ‬ ‫ل ‪ :‬الله ّ‬ ‫ل لمعاذٍ ‪ )) :‬ق ْ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ن عبادِتك (( ‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫رك و ُ‬ ‫شك ْ ِ‬ ‫و ُ‬
‫ب‬ ‫و تح ّ‬ ‫ل لعائشة ‪ )) :‬قولي ‪ :‬اللهم إنك ع ُ‬
‫ف ّ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ف عّني (( ‪.‬‬ ‫ع ُ‬ ‫و ‪ ،‬فا ْ‬ ‫ع ْ‬
‫ف َ‬ ‫ال َ‬
‫ن اللهِ عّز وج ّ‬
‫ل‬ ‫ل رضوا ِ‬ ‫ن الجامعَ لهذهِ الدعيةِ ‪ :‬سؤا ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن غضِبه ‪ ،‬وأليم ِ عقاِبه ‪،‬‬ ‫ورحمت ِهِ في الخرةِ ‪ ،‬والّنجاةِ م ْ‬
‫ره ‪.‬‬ ‫ن على عبادِته سبحانه وتعالى وشك ِ‬ ‫والعو ِ‬
‫م‬
‫ضع ّ‬ ‫ب ما عند اللهِ ‪ ،‬والعرا ُ‬ ‫ن الّرابط بينها ‪ :‬ط َل َ ُ‬ ‫وإ َ‬
‫ل الدنيا الفانيةِ ‪،‬‬ ‫ب أموا ِ‬ ‫ه ليس فيها طل ُ‬ ‫في الدنيا ‪ .‬إن ُ‬
‫ص‪.‬‬
‫رفها الرخي ِ‬ ‫ضها الزائِلة ‪ ،‬أو زخ ِ‬ ‫وأعرا ِ‬
‫**************************************‬
‫قَرى‬ ‫ذا أ َ َ‬
‫خذ َ ا ل ْ ُ‬ ‫ك إِ َ‬ ‫ك أَ ْ‬
‫خذُ َرب ّ َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬‫﴿ َ‬
‫ديدٌ ﴾‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫م‬ ‫لي‬‫خذَه أ َِ‬ ‫ة إن أ َ‬ ‫ي َ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ٌ ِ ّ‬‫ظال ِ َ‬ ‫ه َ‬‫و ِ‬
‫َ‬
‫ط مكانت ِهِ ‪:‬‬ ‫ن تِعاسةِ العبدِ ‪ ،‬وعْثرةِ قد ِ‬
‫مهِ وسقو ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫حُقه ضعيفهم ‪ ،‬حتى‬ ‫ه حقوقهم ‪ ،‬وس ْ‬ ‫م ُ‬
‫ض ُ‬‫ه لعباد ِ اللهِ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ُ‬
‫ظل ُ‬
‫من لم يجد ْ له عليك ناصرا ً إل‬ ‫فم ّ‬ ‫قال أحد ُ الحكماِء ‪ :‬خ ْ‬
‫الله ‪.‬‬
‫ب‬
‫ن عواق ِ‬ ‫نع ْ‬‫ة في الذها ِ‬‫خ المم ِ أمثل ً‬ ‫ولقد ْ حفظ لنا تاري ُ‬
‫ظلمةِ ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪248‬‬
‫ل‬‫ن الطفيل يكيد للرسول ‪ ، ‬ويحاو ُ‬ ‫فهذا عامُر ب ُ‬
‫ره ‪،‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ه بغد ّةٍ في ن ْ‬ ‫ه ‪ ،‬فيدعو عليه ‪ ، ‬فيبتليه الل ُ‬ ‫اغتيال ُ‬
‫خ من اللم ِ ‪.‬‬ ‫ت لساعِته ‪ ،‬وهو يصر ُ‬ ‫فيمو ُ‬
‫س يؤذي رسول اللهِ ‪ ، ‬ويسعى في تدبِير‬ ‫ن قي ٍ‬ ‫وأربد ُ ب ُ‬
‫ة تحرُقه هو‬ ‫ه عليه صاعق ً‬ ‫ل الل ُ‬ ‫قت ْل ِهِ ‪ ،‬فيدعو عليه ‪ ،‬فُينز ُ‬
‫وبعيُره ‪.‬‬
‫ت قصيرٍ ‪ ،‬دعا‬ ‫ج سعيد بن جبيرٍ بوق ٍ‬ ‫ن يقُتل الحجا ُ‬ ‫وقبل أ ْ‬
‫ه على أحد ٍ بعدي ‪ .‬فأصاب‬ ‫م ل تسل ّط ْ ُ‬ ‫عليه سعيد ٌ وقال ‪ :‬الّله ّ‬
‫ور‬‫مهِ ‪ ،‬فأخذ يخ ُ‬ ‫م انتشر في جس ِ‬ ‫ج في يدهِ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫خّرا ٌ‬ ‫ج ُ‬ ‫الحجا َ‬
‫كما يخوُر الثوُر ‪ ،‬ثم مات في حالةٍ مؤسفةٍ ‪.‬‬
‫ن أبي جعفرِ المنصورِ ‪،‬‬ ‫وفا ً م ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن الثوريّ َ‬ ‫واختفى سفيا ُ‬
‫ن داخل الحرم ِ ‪،‬‬ ‫ي وسفيا ُ‬ ‫م المك ّ ّ‬ ‫وخرج أبو جعفر يريد ُ الحر َ‬
‫ل أن ل‬ ‫ن وأخذ بأستارِ الكعبةِ ‪ ،‬ودعا الله عّز وج ّ‬ ‫فقام سفيا ُ‬
‫ن قبل‬ ‫ل أبت جعفر بيته ‪ ،‬فمات أبو جعفر عند بئرِ ميمو ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫ي ُد ِ ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫دخوِله مك ّ َ‬
‫ك في إيذاِء‬ ‫ي ُيشار ُ‬ ‫وأحمد ُ بن أبي دؤادٍ القاضي المعتزل ّ‬
‫ه بمرض‬ ‫المام ِ أحمد ِ بن حنبل فيدعو عليهم فُيصيُبه الل ُ‬
‫ب‬ ‫ف جسمي ‪ ،‬فلوْ وقع عليه الذبا ُ‬ ‫ما نص ُ‬ ‫الفالِج فكان يقول ‪ :‬أ ّ‬
‫رض‬ ‫ف الخُر ‪ ،‬فلو قُ ِ‬ ‫ما النص ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن القيامة قام ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫لظنن ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫بالمقاريض ما أحسس ُ‬
‫ت الوزيرِ ‪،‬‬ ‫ن حنبل أيضا ً على ابن الّزّيا ِ‬ ‫ويدعو أحمد ُ ب ُ‬
‫ن من نارٍ ‪،‬‬ ‫ه في فر ٍ‬ ‫ن أخذ َهُ ‪ ،‬وجعَل َ ُ‬ ‫ه عليه م ْ‬ ‫ط الل ُ‬ ‫فيسل ّ ُ‬
‫سه ‪.‬‬ ‫وضرب المسامير في رأ ِ‬
‫ل‬
‫ن جما ِ‬ ‫ب المسلمين في سج ِ‬ ‫ي كان يعذ ّ ُ‬ ‫وحمزة ُ البسيون ّ‬
‫ه‬
‫م لضعَ ُ‬ ‫ل في كلمةٍ له مؤذية ‪ » :‬أين إُلهك ْ‬ ‫دالناصر ‪ ،‬ويقو ُ‬ ‫عب ِ‬
‫ل الظالمون علوّا ً كبيرا ً ‪.‬‬ ‫ما يقو ُ‬ ‫هع ّ‬ ‫في الحديدِ « ؟ تعالى الل ُ‬
‫ة‬
‫ج من القاهرةِ إلى السكندري ِ‬ ‫ت سيارُته – وهو خار ٌ‬ ‫فاصطدم ْ‬
‫ن أعلى‬ ‫ل حديدا ً ‪ ،‬فدخل الحديد ُ في جسمه م ْ‬ ‫– بشاحنةٍ تحم ُ‬
‫وه إل قطعا ً ﴿‬ ‫ن ُيخرج ُ‬ ‫جَز المنقذون أ ْ‬ ‫سهِ إلى أحشاِئه ‪ ،‬وعَ َ‬ ‫رأ ِ‬
‫وظَّنوا‬ ‫ر ال ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ست َك ْب ََر ُ‬
‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫ض بِ َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫جُنودُهُ ِ‬ ‫و ُ‬‫و َ‬‫ه َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪249‬‬
‫وةً‬‫ق ّ‬ ‫مّنا ُ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِل َي َْنا َل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬
‫َ‬
‫أن ّ ُ‬
‫وةً ﴾‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫هو أ َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫أ َول َم يروا أ َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َ َ ْ‬
‫‪.‬‬
‫ن أكثَر في‬ ‫م ْ‬ ‫دالناصرِ ‪ ،‬وم ّ‬ ‫ن قادةِ عب ِ‬ ‫ح نصرٍ م ْ‬ ‫وكذلك صل ُ‬
‫ض‬
‫ن عشرةِ أمرا ٍ‬ ‫ض الظّلم والفساد ‪ ،‬أصيب بأكثر م ْ‬ ‫الر ِ‬
‫ن عمرِهِ في تعاسةٍ ‪،‬‬ ‫تم ْ‬ ‫دة سنوا ٍ‬ ‫منةٍ ‪ ،‬عاش ع ّ‬ ‫مز ِ‬ ‫مؤلمةٍ ُ‬
‫ب علجا ً ‪ ،‬حتى مات سجينا ً مزجوجا ً بهِ في‬ ‫ه الط ّ‬ ‫ولم يجد ْ ل ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫مه ْ‬ ‫ت زعماِئه الذين كان يخد ُ‬ ‫زنزانا ِ‬
‫َ‬ ‫في ال ْب َِلِد}‪َ {11‬‬ ‫ن طَ َ‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫فأك ْث َُروا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫غ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ب﴾ ‪،‬‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ط َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َرب ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬ ‫د}‪َ {12‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ف َ‬ ‫سا َ‬ ‫ف َ‬
‫ملي للظالم ِ ‪ ،‬حتى إذا أخذهُ لم‬ ‫ن الله لي ُ ْ‬ ‫)) إ ّ‬
‫ق دعوة المظلوم ِ ‪ ،‬فإنه ليس بينها‬ ‫فل ِْته (( ‪ )) ،‬وات ّ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ه حجا ٌ‬ ‫وبين الل ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫ح ُ‬‫مني فأر َ‬ ‫ن الرجل ليظل ُ‬ ‫ي‪:‬إ ّ‬ ‫م التيم ّ‬ ‫قال إبراهي ُ‬
‫ن خراسان ‪ ،‬فجعل يبكي ‪،‬‬ ‫ل صالح م ْ‬ ‫ت دنانيُر لرج ٍ‬ ‫سرق ْ‬ ‫و ُ‬
‫ن الله سوف‬ ‫تأ ّ‬ ‫ل ‪ِ :‬لم تبكي ؟ قال ‪ :‬ذكر ُ‬ ‫فقال له الفضي ُ‬
‫ة له ‪.‬‬ ‫ت رحم ً‬ ‫ق يوم القيامةِ ‪ ،‬فبكي ُ‬ ‫يجمُعني بهذا السار ِ‬
‫ل تمرا ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ف ‪ ،‬فأهدى للر ُ‬ ‫ل أحد علماِء السل ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫واغتاب ر ُ‬
‫ه صنع لي معروفا ً ‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬لن ُ‬
‫*****************************************‬

‫ب أنا‬
‫ت ‪ :‬بالبا ِ‬
‫قل ُ‬
‫ب عليها‬ ‫ة ‪ ،‬مكتو ٌ‬‫على هيئةِ المم ِ المتحدةِ بنيويورك لوح ٌ‬
‫ي السعدي الشيرازي ‪ ،‬وقد ْ‬ ‫ة للشاعرِ العالم ّ‬ ‫ة جميل ٌ‬‫قطع ٌ‬
‫ترجمت إلى النجليزيةِ وهي تدعو إلى الخاِء وا ُ‬
‫للفةِ والتحادِ‬ ‫ْ‬
‫‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫ت‬
‫ن ببابي قل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب‬
‫قال لي المحبو ُ‬
‫رقت فيه‬‫أنا‬
‫بف ّ‬ ‫بالبا‬
‫حينما ِ‬ ‫هأخطأت‬ ‫قالزرت ُ‬
‫لي ُ‬ ‫ما‬
‫ل ّ‬
‫بي ْن ََنا‬ ‫تعريف الهوى‬
‫ل تحزن‬
‫‪250‬‬
‫أطُرقُ الباب عليه‬ ‫ما‬‫م فل ّ‬ ‫ومضى عا ٌ‬
‫ب‬‫ت بالبا ِ‬ ‫هنال ّ أن َ‬ ‫مو ّ ِإ‬‫ثم‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ن أن َ‬ ‫ه لي م ْ‬ ‫قال ُ‬‫جئت ُ‬
‫ب‬‫ح ّ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هناَرفْ َ‬ ‫و ُعَ‬ ‫ليظ ُْر فما‬
‫أحسنت‬ ‫ت أن ْ‬ ‫قال ُ‬ ‫قل‬
‫ل يا أنا‬ ‫خ ْ‬ ‫فاد ُ‬ ‫تعريف الهوى‬
‫ح إليه ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويرتا‬ ‫‪،‬‬ ‫إليه‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫يأن‬ ‫ٍ‬ ‫د‬ ‫مفي‬ ‫ن أٍخ‬ ‫لب ُد ّ للعبد م ْ‬
‫عل ّلي‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه ‪ ،‬ويبادُله ود ّا ً بود ّ ‪َ ﴿ .‬‬ ‫ه وأتراح ُ‬ ‫كه أفراح ُ‬ ‫وُيشار ُ‬
‫ه‬
‫شدُدْ ب ِ ِ‬ ‫خي}‪ {30‬ا ْ‬ ‫ن أَ ِ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫هِلي}‪َ {29‬‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬‫زيرا ً ّ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح َ‬
‫ك‬ ‫سب ّ َ‬ ‫ي نُ َ‬ ‫ري}‪ {32‬ك َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫في أ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫رك ْ ُ‬‫ش ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ري}‪َ {31‬‬ ‫أْز ِ‬
‫ك ك َِثيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ون َذْك َُر َ‬ ‫ك َِثيرًا}‪َ {33‬‬
‫ُيواسيك أو ُيسِليك أو‬ ‫ن شكوى إلى‬ ‫ولبد ّ م ْ‬
‫ع‬
‫ج ُ‬ ‫ي ََتو ّ‬ ‫ذي قرابةٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص‬
‫صو ٌ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ن ّ‬ ‫هم ُبنَيا ٌ‬ ‫ض ﴾ ‪ ﴿ ،‬ك َأن ّ ُ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ول َِياء ب َ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫﴿ بَ ْ‬
‫وةٌ ﴾ ‪.‬‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫نو‬‫ُ‬ ‫م‬ ‫ؤ‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫﴾ ‪ ﴿ ،‬وأ َ‬
‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫﴿‬ ‫﴾‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫******************************************‬
‫ب‬
‫ن صاح ٍ‬
‫لبدّ م ْ‬
‫صحبُته ‪،‬‬ ‫ن تنفُعك ُ‬
‫ن تجد م ْ‬‫ب السعادةِ أ ْ‬
‫ن أسبا ِ‬
‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫دك رفقُته ‪ )) .‬أين المتحاّبون في جللي ‪ ،‬اليوم‬ ‫وُتسع ُ‬
‫ل إل ظّلي (( ‪.‬‬‫م في ظِّلي يوم ل ظِ ّ‬ ‫ُ‬
‫أظِّله ْ‬
‫ه وتفّرقا‬ ‫ه ‪ ،‬اجتمعا علي ِ‬‫ن تحاّبا في الل ِ‬ ‫)) ورجل ِ‬
‫علِيه (( ‪.‬‬
‫*******************************************‬
‫ي‬
‫ي وعقل ّ‬
‫ب شرع ّ‬
‫ن مطل ٌ‬
‫م ُ‬
‫ال ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ذي‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫دو َ‬‫هت َ ُ‬‫م ْ‬
‫هم ّ‬ ‫و ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك لَ ُ‬‫وَلـئ ِ َ‬
‫﴿أ ْ‬
‫خوف﴾ ‪﴿ ،‬أ َ‬ ‫أَ‬
‫كن‬ ‫م ّ‬ ‫م نُ َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫هم‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫وآ‬‫ٍ َ‬ ‫ع‬ ‫جو‬ ‫ُ‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫هم‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫غ ُ‬
‫م أب ْل ِ ْ‬ ‫منا ﴾ ‪ ﴿ ،‬ث ُ ّ‬ ‫نآ ِ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫خل ُ‬ ‫من دَ َ‬ ‫و َ‬ ‫منا ً﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫حَرما ً آ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لّ ُ‬
‫ه ﴾‪.‬‬ ‫ْ‬
‫من َ ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪251‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫ى في بدن ِ ِ‬ ‫معاف ً‬ ‫ه‪ُ ،‬‬ ‫سْرب ِ ِ‬ ‫منا ً في ِ‬ ‫ن بات آ ِ‬ ‫)) م ْ‬
‫رها‬‫ت له الدنيا بحذافي ِ‬ ‫حيز ْ‬ ‫ه ‪ ،‬فكأّنما ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ت يو ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫عنده ُ‬
‫(( ‪.‬‬
‫خه في معرفةِ الحقّ ‪،‬‬ ‫ب ‪ :‬إيماُنه ورسو ُ‬ ‫ن القل ِ‬ ‫فأم ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ؤه باليقي ِ‬ ‫وامتل ُ‬
‫ن‬‫ده ع ِ‬ ‫ف ‪ ،‬وب ُعْ ُ‬ ‫ت ‪ :‬سلمُته من النحرا ِ‬ ‫ن البي ِ‬ ‫م ُ‬ ‫وأ ْ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ن الّرّبان ّ‬ ‫الرذيلةِ ‪ ،‬وامتلؤ ُهُ بالسكينةِ ‪ ،‬واهتداؤه بالبرها ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫رها بالعَد ْ ِ‬ ‫ة أم ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وإقام ُ‬ ‫مُعها بالح ّ‬ ‫ة‪:‬ج ْ‬ ‫ن الم ِ‬ ‫م ُ‬ ‫وأ ْ‬
‫ورعايُتها بالشريعةِ ‪.‬‬
‫ب﴾ ‪﴿،‬‬ ‫ق ُ‬ ‫خاِئفا ً ي َت ََر ّ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن﴿ َ‬ ‫والخوف عدوّ الم ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ن ِإن ُ‬ ‫فو ِ‬ ‫خا ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فو ُ‬ ‫خا ُ‬ ‫فل َ ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ض‪.‬‬ ‫حدٍ ‪ ،‬ول عيش لمري ٍ‬ ‫من لمل ِ‬ ‫ف ول أ ْ‬ ‫ول راحة لخائ ٍ‬
‫ر‬
‫فإذا وليا عن الُعم ِ‬ ‫ة‬‫ح ٌ‬ ‫إّنما الُعمُر ص ّ‬
‫وّلى‬ ‫ف‬ ‫وكفا ٌ‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫ْ‬ ‫فسد‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫جان‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ت‬‫ّ ْ‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫دنيا‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫س‬
‫للهِ ما أْتع َ‬
‫م‬
‫ح الجس ُ‬ ‫نص ّ‬ ‫م ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ض الجس ُ‬ ‫مرِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أقبل الما ُ‬ ‫ب آخر ‪ ،‬إ ْ‬ ‫جان ٍ‬
‫ل واستقام المُر ح ّ‬
‫ل‬ ‫ن صُلح الحا ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ت المصائ ُ‬ ‫حل ّ ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫المو ُ‬
‫ل‪‬‬ ‫ن ) نجد ٍ ( إلى الرسو ِ‬ ‫خرج الشاعُر العشى م ْ‬
‫م ‪ ،‬فعرض له أبو سفيان فأعطاهُ مائة‬ ‫حه بقصيدةٍ ويسل ُ‬ ‫يمتد ُ‬
‫ن يترك سَفَرهُ ويعود إلى ديارِهِ ‪ ،‬فأخذ البل‬ ‫ناقةٍ ‪ ،‬على أ ْ‬
‫سهِ ‪،‬‬ ‫ت به ‪ ،‬فسقط على رأ ِ‬ ‫وعاد ‪ ،‬وركب أحدها فهو جل ْ‬
‫م قصيدُته‬ ‫ن ول دنيا‪ .‬أ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وفارق الحياة ‪ ،‬بل دي ٍ‬ ‫ت عنُق ُ‬ ‫فاندقّ ْ‬
‫التي هّيأها ليقولها بين يديْ رسول اللهِ ‪ ، ‬فهي بديع ُ‬
‫ة‬
‫ل فيها‪:‬‬ ‫ن يقو ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ُ‬
‫دهُر كيف‬ ‫فلل ّهِ هذا ال ّ‬ ‫ب‬‫ب وشي ٌ‬ ‫شبا ٌ‬
‫ت‬‫ولقيت بعد المو ِ‬ ‫ترّددا‬ ‫ل‬‫رح ْ‬ ‫وثرو ْةٌ‬
‫مت‬ ‫أنت ل ْ‬ ‫وافتقاٌر‬ ‫إذا‬
‫صد ْ لما‬ ‫ودا ِ‬ ‫متزت ُ ّْر‬ ‫نكق لد ْ ْ‬ ‫ن‬
‫وأ ّ ْ‬ ‫م‬ ‫نل‬ ‫تقى‬‫على ّ أ ْ‬ ‫متمن ال‬ ‫بزا ْدٍ‬
‫ند‬
‫دا‬
‫***************************************‬ ‫كان أْرص َ‬ ‫تكون كمث ْل ِ ِ‬
‫ه‬
‫ل تحزن‬
‫‪252‬‬
‫ة‬
‫أمجادٌ زائل ٌ‬
‫ة‪،‬‬ ‫م ً‬ ‫ة تا ّ‬ ‫ن تكون دائم ً‬ ‫ن لوازم ِ السعادةِ الحّقةِ أ ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ب والشهادةِ ‪،‬‬ ‫ن تكون في الدنيا والخرةِ ‪ ،‬في الغي ِ‬ ‫مها أ ْ‬ ‫فدوا ُ‬
‫اليوم وغدا ً ‪.‬‬
‫سنها‬ ‫ه محا ِ‬ ‫ش وج ُ‬ ‫خد َ‬ ‫نلي ْ‬ ‫ن ل ُينّغصها نك َد ٌ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫مها أ ْ‬ ‫وتما ُ‬
‫ط‪.‬‬ ‫بسخ ٍ‬
‫ة‬
‫ق – تحت شجر ٍ‬ ‫ك العرا ِ‬ ‫ن المنذرِ – مل ُ‬ ‫نب ُ‬ ‫جلس النعما ُ‬
‫ن‬‫ن زيد – وكان حكيما ً – أ ْ‬ ‫مَر فأراد عديّ ب ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ب ال َ‬ ‫متنّزها ً يشر ُ‬
‫ه‬
‫ل هذ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬أتدري ماذا تقو ُ‬ ‫ظ فقال له ‪ :‬أّيها المل ُ‬ ‫يعظه بلف ٍ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ك ‪ :‬ماذا تقول ‪ :‬قال عديّ ‪ :‬تقو ُ‬ ‫شجرةُ ؟ قال المل ُ‬ ‫ال ّ‬
‫جون الخمر‬ ‫مُز ُ‬ ‫ي ْ‬ ‫خوا‬ ‫ب قد ْ أنا ُ‬ ‫ب رك ِ‬ ‫ُر ّ‬
‫لُر حال ً‬ ‫ده ْ‬
‫زل‬ ‫وكذاكالال ّ ّ‬
‫بالماِء‬ ‫صاروا ل َِعب‬ ‫حولنا‬ ‫م‬
‫ث ّ‬
‫درا ً حتى‬ ‫وبقي متك ّ‬ ‫بعد‪،‬حا ْ‬
‫ل‬ ‫ن ‪ ،‬وترك الخمر‬ ‫م‬‫صُر به ْ‬
‫النعما ُ‬ ‫الد ّهْ ُ‬ ‫فتنغ‬
‫مات ‪.‬‬
‫ة‬
‫ن وخمسمائ ِ‬ ‫وهذا شاه ُ إيران الذي احتفل بمرورِ ألفي ِ‬
‫ط لتوسيِع نفوِذه‬ ‫سنةٍ على قيام الدولةِ الفارسي ّةِ ‪ ،‬وكان ُيخط ّ ُ‬
‫ن بلدِهِ ‪ ،‬ثم ُيسلب سلطاُنه‬ ‫ط ملكهِ على بقعةٍ أكبر م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫‪ ،‬وب ْ‬
‫ع‬
‫ز ُ‬ ‫وَتن ِ‬ ‫شاء َ‬ ‫من ت َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ْ َ‬
‫ؤِتي ال ْ ُ‬ ‫بين عشي ّةٍ وضحاها ﴿ ت ُ ْ‬
‫شاء ﴾ ‪.‬‬ ‫من ت َ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ك ِ‬ ‫مل ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ت مشّردا ً‬ ‫ن قصورِهِ وُدورِهِ ودنياه طردا ً ‪ ،‬ويمو ُ‬ ‫ويطُرد ُ م ْ‬
‫من‬ ‫كوا ِ‬ ‫م ت ََر ُ‬ ‫بعيدا ً محُروما ً مفلسا ً ‪ ،‬ل يبكي عليه أحد ٌ ‪ ﴿ :‬ك َ ْ‬
‫م}‪{26‬‬ ‫ري ٍ‬ ‫قام ٍ ك َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬
‫ع َ‬ ‫وُزُرو ٍ‬ ‫ن}‪َ {25‬‬ ‫عُيو ٍ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫هي َ‬ ‫فاك ِ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬
‫ون َ ْ‬ ‫َ‬
‫س رومانيا ‪ ،‬الذي حكم اثنتين‬ ‫وكذلك شاوشيسكو رئي ُ‬
‫م يحي ُ‬
‫ط‬ ‫ص سبعين ألفا ً ‪ ،‬ث ّ‬ ‫سه الخا ّ‬ ‫حَر ُ‬ ‫وعشرين سنة ‪ ،‬وكان َ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه وجنودهُ إربا ً إربا ً ﴿ َ‬ ‫شعُبه بقصرِهِ ‪ ،‬فيمّزقون ُ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫صُرون َ ُ‬ ‫ة َين ُ‬ ‫فئ َ ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬لقد ْ ذهب ‪ ،‬فل دنيا ول آخرة ‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫ص ِ‬ ‫منت َ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪253‬‬
‫ن ماركوس ‪ :‬جمع الرئاسة والمال ‪،‬‬ ‫س الفلبي ِ‬ ‫وذاك رئي ُ‬
‫ن‪،‬‬‫ل ‪ ،‬وأسقاها كأس الهوا ِ‬ ‫مته أصناف الذ ّ ّ‬ ‫ولكّنه أذاق أ ّ‬
‫ن‬
‫غصص التعاسةِ والشقاِء ‪ ،‬فإذا هو مشّرد ٌ م ْ‬ ‫ه ُ‬‫فأذاقه الل ُ‬
‫ت‬‫ك مأوى يأوي إليه ‪ ،‬ويمو ُ‬ ‫ن أهِله وسلطاِنه ‪ ،‬ل يمل ُ‬ ‫بلد ِهِ وم ْ‬
‫َ‬
‫ع ْ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫ن في بلد ِهِ ‪ ﴿ :‬أل َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ه أن ُيدفَ َ‬ ‫ض شعب ُ ُ‬ ‫شقي ّا ً ‪ ،‬يرف ُ‬
‫ة‬
‫خَر ِ‬ ‫ل اْل ِ‬ ‫كا َ‬ ‫خذَهُ الل ّ ُ‬
‫ه نَ َ‬ ‫فأ َ َ‬ ‫ل﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ضِلي ٍ‬ ‫في ت َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ك َي ْدَ ُ‬
‫ه ْ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬
‫ذنب ِ ِ‬ ‫فك ُّل ً أ َ َ‬
‫خذَْنا ب ِ َ‬ ‫لوَلى﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫وا ْ ُ‬
‫َ‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫ب الفضائل أكالي ٌ‬
‫ل على هام ِ‬ ‫اكتسا ُ‬
‫ة‬
‫ة السعيد ِ‬
‫الحيا ِ‬
‫ي يكسب السعادة والمن‬ ‫ب من العبدِ لك ْ‬ ‫مطلو ٌ‬
‫ت‬‫ن ُيسارع إلى الصفا ِ‬ ‫والراحة ‪ ،‬أن ُيبادر إلى الفضائل ‪ ،‬وأ ْ‬
‫عك‬ ‫ص على ما ينف ُ‬ ‫ل الجميلةِ )) احر ْ‬ ‫الحميدةِ والفعا ِ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫واست ِ‬
‫ة‬
‫ه في الجن ِ‬ ‫ل الرسول ‪ ‬مرافَقت َ ُ‬ ‫أحد ُ الصحابةِ يسأ ُ‬
‫ة السجوِد ‪ ،‬فإّنك‬ ‫سك بكْثر ِ‬ ‫عّني على نف ِ‬ ‫فيقول ‪ )) :‬أ ِ‬
‫عك بها درجة (( ‪ .‬والخُر‬ ‫ف َ‬ ‫ه سجدةً ‪ ،‬إل ّ َر َ‬ ‫جدُ لل ِ‬ ‫ل تس ُ‬
‫ل‬‫ل له ‪ )) :‬ل يزا ُ‬ ‫ب جامٍع من الخيرِ ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫ن با ٍ‬ ‫لع ْ‬ ‫يسأ ُ‬
‫ل له ‪:‬‬ ‫ل فيقو ُ‬ ‫ث يسأ ُ‬ ‫ه (( ‪ .‬وثال ٌ‬ ‫لساُنك رطبا ُ من ذكر الل ِ‬
‫د‬
‫ن أح ٌ‬ ‫دك أحدا ً ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ن بي ِ‬ ‫رب ّ‬ ‫ن أحدا ً ‪ ،‬ول تض ِ‬ ‫سب ّ ّ‬ ‫)) ل ت ُ‬
‫م فيه ‪ ،‬ول‬ ‫سب ّّنه بما تعل ُ‬ ‫م فيك فل ت ُ‬ ‫سّبك بما يعل ُ‬
‫وك‬ ‫ن دَل ْ ِ‬ ‫رغ م ْ‬ ‫ن تُ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ف شيئا ً ‪ ،‬ولو أ ْ‬ ‫ن من المعرو ِ‬ ‫قر ّ‬ ‫تح ِ‬
‫ء المستقي (( ‪.‬‬ ‫في إنا ِ‬
‫روا‬ ‫مسارعة ‪ )) :‬باد ِ‬ ‫ن المر يقتضي المباد ََرةَ وال ُ‬ ‫إ ّ‬
‫س (( ‪﴿ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ل فتنا ً (( ‪ )) ،‬اغتن ِ ْ‬
‫م خمسا قبل خم ٍ‬ ‫بالعما ِ‬
‫كاُنوا‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ة ﴾‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫جن ّ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬‫غ ِ‬‫م ْ‬‫عوا ْ إ َِلى َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫خي َْرا ِ‬‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫يُ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪254‬‬
‫ل الب ِّر ‪ ،‬ول‬ ‫خي ْرِ ‪ ،‬ول تنتظْر في عم ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ل في فِعْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُته ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ب الفضائ ِ‬ ‫ف في ط َل َ ِ‬ ‫ُتسوّ ْ‬
‫ق‬
‫ن الحياة دقائ ٌ‬ ‫إ ّ‬ ‫ب المرِء‬ ‫ت قل ِ‬ ‫دّقا ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫سو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫نِ‬ ‫وثواَنا ِ‬‫مت َ‬ ‫س ال ْ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫فل ْي َت ََنا َ‬ ‫ك َ‬ ‫له َ‬ ‫ة ذَل ِ‬ ‫في ٌ‬ ‫قائل‬ ‫و ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫مه ‪ ،‬يرى شاب ّا ً يجّر‬ ‫جد ُ‬ ‫ن ط ُِعن وث َ ّ‬ ‫ب بعد أ ْ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫عمُر ب ُ‬
‫ع إزارك ‪،‬‬ ‫ف ْ‬ ‫إزاره ‪ ،‬فقال له عمُر ‪ )) :‬يا ابن أخي ‪ ،‬اْر َ‬
‫ه أتقى لرّبك ‪ ،‬وأْنقى لثوبك (( ‪ .‬وهذا أمٌر‬ ‫فإن ُ‬
‫م َأن‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫شاء ِ‬ ‫من َ‬ ‫ت ﴿ لِ َ‬ ‫ت المو ِ‬ ‫ف في سكرا ِ‬ ‫بالمعرو ِ‬
‫َ‬ ‫قدم أ َ‬
‫خَر ﴾ ‪.‬‬ ‫و ي َت َأ ّ‬ ‫ي َت َ َ ّ َ ْ‬
‫ل ‪ ،‬والخلود ِ إلى‬ ‫ل بالنوم ِ الطوي ِ‬ ‫ن السعادة ل تحص ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ر َ‬ ‫كن ك َ ِ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫ل‪َ ﴿.‬‬ ‫طراِح الفضائ ِ‬ ‫جرِ المعالي ‪ ،‬وا ّ‬ ‫دعةِ ‪ ،‬وهَ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‬ ‫دي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫لا ْ‬ ‫قي َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فث َب ّطَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عاث َ ُ‬ ‫ه انب ِ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫‪.‬‬
‫ة‬
‫س الهابط ِ‬ ‫دني ّةِ والنفو ِ‬ ‫ب الهمم ِ ال ّ‬ ‫ن منطق أصحا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ما‬ ‫عندََنا َ‬ ‫كاُنوا ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫حّر ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل ّ ْ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫ل ‪ ﴿ :‬ل َ َتن ِ‬ ‫يقو ُ‬
‫قت ُِلوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫ماُتوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫ل الخيرِ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن ِفع ِ‬ ‫وقد نهي العبد ُ بالوحي عن الّتأخرِ ع ْ‬
‫م إ َِلى‬ ‫قل ْت ُ ْ‬ ‫ه اّثا َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫فُروا ْ ِ‬ ‫م ان ِ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫قي َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫خل َ َ‬
‫د‬ ‫ه أَ ْ‬ ‫وَلـك ِن ّ ُ‬ ‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫من ل ّي ُب َطّئ َ ّ‬ ‫م لَ َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ض﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َْر‬
‫ب﴾‪،‬‬ ‫غَرا ِ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬ ‫هـ َ‬ ‫ل َ‬‫مث ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ن أَ ُ‬ ‫تأ ْ‬
‫َ‬
‫جْز ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ﴾ ‪ ﴿ ،‬أَ َ‬ ‫إ ِلى ال َْر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة﴾‪﴿،‬‬ ‫خَر ِ‬ ‫عَلى ال ِ‬ ‫حَياةَ ال ْدّن َْيا َ‬ ‫حّبوا ْ ال ْ َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ب ِأن ّ ُ‬ ‫﴿ ذَل ِ َ‬
‫صل َ ِ‬
‫ة‬ ‫موا ْ إ َِلى ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫شُلوا ْ ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ف َ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫عوا ْ َ‬ ‫ول َ ت ََناَز ُ‬ ‫َ‬
‫م إني أعوذُ بك من‬ ‫ساَلى ﴾ ‪ )) ،‬الّله ّ‬ ‫موا ْ ك ُ َ‬ ‫قا ُ‬ ‫َ‬
‫مل لما‬ ‫فسه وع ِ‬ ‫ن دان ن ْ‬ ‫سم ْ‬ ‫ل (( ‪ )) ،‬والكي ُ ُ‬ ‫الكس ِ‬
‫سه هواها ‪ ،‬وتمّنى‬ ‫ف َ‬ ‫ع نَ ْ‬ ‫ن أت ْب َ َ‬ ‫ت ‪ ،‬والعاجُز م ْ‬ ‫بعد المو ِ‬
‫ه الماني (( ‪.‬‬ ‫على الل ِ‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫هنا‬
‫م هناك ل ُ‬
‫خلدُ والنعي ُ‬
‫ال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪255‬‬
‫ن كنت‬ ‫ى غني ّا ً مخّلدا ً ؟ إ ْ‬ ‫معاف ً‬ ‫ل تريد ُ أن تبقى شاب ّا ً ُ‬ ‫ه ْ‬
‫ن‬
‫ل هناك في الخرةِ ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ه ليس في الدنيا ‪ ،‬ب ْ‬ ‫تريد ُ ذلك فإن ُ‬
‫ماها‬ ‫ه عليها الشقاء والفناء ‪ ،‬وس ّ‬ ‫ب الل ُ‬ ‫هذهِ الحياة الدنيا ك َن َ َ‬
‫لهوا ً ولِعبا ً ومتاع الغرورِ ‪.‬‬
‫مِفلسا ً ‪ ،‬وهو في عنفوان‬ ‫عاش أحد ُ الشعراِء معدما ً ُ‬
‫ل عليها ‪،‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ة فل يح ُ‬ ‫شباب ِهِ ‪ ،‬يريد ُ درهما ً فل يجد ُهُ ‪ ،‬يريد ُ زوج ً‬
‫ن‬
‫لم ْ‬ ‫ه ‪ ،‬جاءه ُ الما ُ‬ ‫م ُ‬‫سه ‪ ،‬ورقّ عَظ ْ ُ‬ ‫ن وشاب رأ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫ما كبر ْ‬ ‫فل ّ‬
‫ن هذه‬ ‫ل أمُر زواجهِ وسكِنه ‪ ،‬فتأّوه م ْ‬ ‫ن ‪ ،‬وسهُ َ‬ ‫ل مكا ٍ‬ ‫ك ّ‬
‫ت وأنشد ‪:‬‬ ‫المَتاّدا ِ‬
‫ت‬‫ه بعد ما جاوز ُ‬ ‫مل ّك ْت ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ت‬‫ت أرجوهُ إذ كن ُ‬ ‫ما كن ُ‬
‫ن‬
‫كثبا ِ‬ ‫ظباِء على ُ‬ ‫سبعينا ّ‬
‫ل ال‬ ‫مث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫ن بنا ِ‬ ‫ف بي م ْ‬
‫عشرينا‬ ‫طو ُ‬ ‫ابن‬
‫ت ُ‬
‫ت‬‫يبريناالذي تشتكي قل ُ‬ ‫فما‬ ‫نك ٌطول اللي ِ‬
‫ل‬ ‫زلة‬ ‫أنيغ ْ ُ ِ‬
‫كأ‬ ‫الّتر‬
‫قالوا ِ‬
‫الثمانينا‬ ‫يسه َ‬
‫جاءك ُ ُ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫من ت َذَك َّر َ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ما ي َت َذَك ُّر ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ع ّ‬‫م نُ َ‬ ‫رنال َ ْ‬ ‫و‬‫ُ ْ﴿ ِأ ُ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ذ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِل َي َْنا َل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا أن ّ ُ‬ ‫ذيُر ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫الن ّ ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ع ٌ‬‫ول َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه ٌ‬ ‫حَياةُ الدّن َْيا إ ِّل ل َ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‬‫ل تحت ظ ّ‬ ‫ل هذهِ الحياةِ الدنيا كمسافرٍ استظ ّ‬ ‫مث َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫إ ّ‬
‫شجرةٍ ثم ذهب وتركها ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ي‬
‫ج الّربان ّ‬
‫أعداءُ المنه ِ‬
‫ن منهج اللهِ شعرا ً‬ ‫دين ع ْ‬ ‫صا ّ‬ ‫ت كتبا ً للملح ِ‬
‫دة ال ّ‬ ‫قرأ ُ‬
‫ن منهِج الله في‬ ‫ت كلم هؤلِء المنحرفين ع ْ‬ ‫ونثرا ً ‪ ،‬فرأي ُ‬
‫ت العتداء الجارف على‬ ‫ت سخافاِتهم ‪ ،‬ووجد ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وطالع ُ‬ ‫الر ِ‬
‫ت هذا الّركام‬ ‫ئ الحقةِ ‪ ،‬وعلى التعاليم ِ الّرّبانّية ‪ ،‬ووجد ُ‬ ‫المباد ِ‬
‫ن‬
‫سوِء أدِبهم ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫تم ْ‬ ‫الرخص الذي تفوّهَ به هؤلء ورأي ُ‬
‫س ما قالوه وما‬ ‫ن ينُقل للنا ِ‬ ‫نأ ْ‬‫قل ّةِ حياِئهم‪ ،‬ما يستحي النسا ُ‬
‫ه‪.‬‬
‫كتبوه وما أنشدو ُ‬
‫ل مبدأ ولم يستشعِْر‬ ‫ً‬ ‫م يحم ْ‬ ‫ن النسان إذا ل ْ‬ ‫تأ ّ‬ ‫وعلم ُ‬
‫ن ‪ ،‬وإلى‬ ‫سلخ إنسا ٍ‬ ‫م ْ‬‫ل إلى داب ّةٍ في ِ‬ ‫ه يتحوّ ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فإن ّ ُ‬ ‫رسال ً‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ن أ َك ْث ََر ُ‬ ‫َ‬
‫بأ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م تَ ْ‬
‫َ‬
‫ل‪﴿:‬أ ْ‬‫ج ٍ‬‫لر ُ‬ ‫بهيمةٍ في هيك ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪256‬‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫عام ِ ب َ ْ‬ ‫كاْل َن ْ َ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫سِبيل ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫أَ َ‬
‫سعَد ُ هؤلِء‬ ‫ُ‬
‫ت نفسي ‪ ،‬وأنا أقرأ الكتاب ‪ :‬كيف ي َ ْ‬ ‫وسأل ُ‬
‫ك السعادة ويعطيها سبحانه‬ ‫ن اللهِ الذي يمل ُ‬ ‫ضوا ع ِ‬ ‫وقد ْ أعر ُ‬
‫ن يشاُء ؟!‬ ‫وتعالى لم ْ‬
‫كيف يسعد ُ هؤلِء وقد ْ قطعوا الحبال بينهم وبينه ‪،‬‬
‫ة‬
‫ض وبين رحم ِ‬ ‫سهم الهزيلةِ المري ِ‬ ‫وأغلقوا البواب بين أنف ِ‬
‫اللهِ الواسعةِ ؟!‬
‫كيف يسعد ُ هؤلِء وقد أغضُبوا الله ؟!‬
‫وكيف يجدون ارتياحا ً وقد ْ حارُبوه ؟!‬
‫ل أخذ ُيصيُبهم في هذه الداِر‬ ‫ن أول الّنكا ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ولكّني وجد ُ‬
‫م ‪ ،‬نكا ُ‬
‫ل‬ ‫ن لم يتوبوا – في نار جهن ّ‬ ‫ل أخرويّ – إ ْ‬ ‫ت نكا ٍ‬ ‫دما ِ‬ ‫بمق ّ‬
‫ط‪﴿ :‬‬ ‫ضيقُ ‪ ،‬والنهياُر والحبا ُ‬ ‫م المبالةِ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫الشقاِء ‪ ،‬وعد ُ‬
‫ضنكا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫عن ِذك ِْ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن تنتهي‬ ‫م ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ن يزول العال ُ‬ ‫م يريد ُ أ ْ‬ ‫ن كثيرا منه ْ‬ ‫ً‬ ‫حتى إ ّ‬
‫ن ُتنسف الدنيا ‪ ،‬وأن ُيفارق هذه المعيشة ‪.‬‬ ‫الحياةُ ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ن القاسم المشترك الذي يجمعُ الملحدة الّولين‬ ‫إ ّ‬
‫ة بالقيم ِ‬ ‫ب مع اللهِ ‪ ،‬والمجازف ُ‬ ‫خرين هو ‪ :‬سوُء الد ِ‬ ‫وال ِ‬
‫ض عن‬ ‫خذِ والعطاِء والعرا ُ‬ ‫ة في ال ْ‬ ‫عون ُ‬ ‫ئ ‪ ،‬والّر ُ‬ ‫والمباد ِ‬
‫م المبالةِ بما يقولون ويكتبون ويعملون ‪﴿ :‬‬ ‫ب ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫العواق ِ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فمن أ َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫وا ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫وى‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫لى‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫يا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫س‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ها ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫جُر ٍ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫س ب ُن َْيان َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر أم ّ‬ ‫َ‬
‫م‬‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ر َ‬ ‫في َنا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫هاَر ب ِ ِ‬ ‫فان ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫مهم‬ ‫ن همو ِ‬ ‫صم ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن الح ّ‬
‫ل الوحيد لهؤلِء الملحدةِ ‪ ،‬للّتخل ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن ينتحُروا وُينُهوا هذا‬ ‫ن لم يتوبوا ويهتدوا – أ ْ‬ ‫وأحزاِنهم – إ ّ‬
‫م‬‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫موُتوا ْ ب ِ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫مّر ‪ ،‬والمَر التاِفه الرخيص‪ُ ﴿ :‬‬ ‫العيش ال ُ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ذَل ِك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫قت ُُلوا ْ َأن ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫﴾‪َ ﴿،‬‬
‫*******************************************‬
‫دنيا‬
‫ة ال ّ‬
‫حقيق ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪257‬‬
‫ن تقدير‬ ‫ب اللهِ العظيم ِ ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن ميزان السعادةِ في كتا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫الشياِء في ذ ِك ْرِهِ الحكيم ‪ ،‬فهو يقّرُر الشيء وقيمت ُ‬
‫ه‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫وَل َأن ي َ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫دنيا والخرةِ ﴿ َ‬ ‫ومردود َهُ على العبد ِ في ال ّ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫بال‬ ‫ر‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫عل ْ‬ ‫ج‬ ‫حدَةً ل َ‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫م‬ ‫الّناس أ ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ن}‬ ‫هُرو َ‬ ‫ها ي َظْ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ر َ‬ ‫عا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ّ‬ ‫من َ‬ ‫قفا ً ّ‬ ‫س ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل ِب ُُيوت ِ‬
‫َ‬
‫ن}‪{34‬‬ ‫ؤو َ‬ ‫ها ي َت ّك ِ ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫سُررا ً َ‬ ‫و ُ‬ ‫وابا ً َ‬ ‫م أب ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول ِب ُُيوت ِ ِ‬ ‫‪َ {33‬‬
‫ة‬
‫خَر ُ‬ ‫واْل ِ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مَتا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ك لَ ّ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫وِإن ك ُ ّ‬ ‫خُرفا ً َ‬ ‫وُز ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫ك ل ِل ُ‬ ‫عندَ َرب ّ َ‬ ‫ِ‬
‫ة الحياةِ ‪ ،‬وقصوُرها وُدوُرها ‪ ،‬وذهُبها‬ ‫هذهِ هي حقيق ُ‬
‫ضُتها ومناصُبها ‪.‬‬ ‫وف ّ‬
‫ة واحدة ً ‪ ،‬وأن‬ ‫ن تعطي الكافر جمل ً‬ ‫ن تفاهِتها أ ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫س قيمة الحياةٍ الدنيا‪.‬‬ ‫ن ليبّين للنا ِ‬ ‫مَها المؤم ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ب وهو‬ ‫ي الشهير يستغر ُ‬ ‫ن عتبة بن غزوان الصحاب ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ن في حالةٍ مع رسو ِ‬ ‫ب الناس الجمعة ‪ :‬كيف يكو ُ‬ ‫يخط ُ‬
‫ه وََرقَ الشجرِ مجاهدا ً في سبي ِ‬
‫ل‬ ‫ل مع ُ‬ ‫ق يأك ُ‬ ‫خل ِ‬
‫‪ ، ‬مع سي ّدِ ال َ ْ‬
‫م يتخل ّ ُ‬
‫ف‬ ‫مهِ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ت عمرِهِ ‪ ،‬وأحلى أيا ِ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬في أْرضى ساعا ِ‬
‫ن أميرا ً على إقليم ٍ ‪ ،‬وحاكما ً على‬ ‫ل اللهِ ‪ ، ‬فيكو ُ‬ ‫ن رسو ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ل ‪ ‬حياةٌ‬ ‫ل بعد وفاةِ الرسو ِ‬ ‫ن الحياة التي ُتقب ُ‬ ‫مقاطعةٍ ‪ ،‬إ ّ‬
‫ة حّقا ً ‪.‬‬ ‫رخيص ٌ‬
‫م فيها عراةٌ‬ ‫على أّنه ْ‬ ‫س‬‫أرى أشقياء النا ِ‬
‫ن‬‫فع ْ‬ ‫ة صي ٍ‬ ‫سحابعُ ُ‬ ‫جوّ‬ ‫و ُ‬ ‫مونهاكانت‬ ‫ن‬ ‫وإ ْ‬ ‫يسأ ُ‬ ‫أراها‬ ‫ل‬
‫وهو يتوّلى إمرة‬ ‫ع‬
‫ش ُ‬ ‫لتق ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه قلي ٍ‬ ‫سبّر ُفإنها‬ ‫سع ُد ُ ِ‬‫ت‬
‫الذهو‬ ‫ص يصيب ُ ُ‬ ‫ن أبي وّقا ٍ‬
‫ل ‪ ، ‬وقد ْ أكل معه الشجر ‪ ،‬ويأك ُ‬
‫ل‬ ‫الكوفةِ بعد َ وفاةِ الرسو ِ‬
‫م يسحُقه ‪ ،‬ثم يحتسيهِ على الماِء ‪ ،‬فما‬ ‫جلدا ً مّيتا ً ‪ ،‬يشويهِ ث ّ‬
‫ل‬
‫ل بعد إدبارِ الرسو ِ‬ ‫لهذهِ الحياةِ وما لقصوِرها وُدوِرها ‪ُ ،‬تقب ُ‬
‫لو َ‬ ‫من ا ْ ُ‬ ‫خي ٌْر ل ّ َ‬ ‫ول َْل ِ‬
‫لى ﴾‬ ‫ك ِ َ‬ ‫خَرةُ َ‬ ‫‪ ، ‬وتأتي بعد ذهابهِ ‪َ ﴿ ‬‬
‫‪.‬‬
‫ة‬
‫ن في المر شيٌء ‪ ،‬وفي المسألةِ سّر ‪ ،‬إنها تفاه ُ‬ ‫إذ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫ما ٍ‬ ‫من ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫هم ب ِ ِ‬ ‫مدّ ُ‬ ‫ما ن ُ ِ‬ ‫ن أن ّ َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ﴿ أي َ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫الدنيا فَ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪258‬‬
‫ت َبل ّل‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن}‪ {55‬ن ُ َ‬ ‫وب َِني َ‬ ‫َ‬
‫م (( ‪.‬‬ ‫ه ما الفقر أخشى عليك ْ‬ ‫ن ﴾ ‪ )) ،‬والل ِ‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫شَرِبة ‪،‬‬ ‫ل اللهِ ‪ ‬وهو في الم ْ‬ ‫عمر على رسو ِ‬ ‫م دخل ُ‬ ‫ل ّ‬
‫ورآه على حصيرٍ أّثر في جنبهِ ‪ ،‬وما في بيتهِ إل شعيٌر معل ّقٌ ‪،‬‬
‫مَر ‪.‬‬ ‫ت عينا عُ َ‬ ‫دمع ْ‬
‫ل الله ‪ ‬قدوةُ النا ِ‬
‫س‬ ‫ن يكون رسو ُ‬ ‫ن الموقف مؤث ٌّر ‪ ،‬أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‬ ‫سو ِ‬ ‫ذا الّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َ‬ ‫ما ِ‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫و َ‬ ‫م الجميع ‪ ،‬في هذهِ الحالةِ ﴿ َ‬ ‫وإما ُ‬
‫ق﴾‪.‬‬ ‫وا‬ ‫س‬ ‫في اْل َ‬ ‫ِ‬ ‫شي‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫عا‬ ‫ّ‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫يأ ْ‬
‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه عنه ‪ : -‬كسرى وقيصر‬ ‫مُر – رضي الل ُ‬ ‫ل له عُ َ‬ ‫م يقو ُ‬ ‫ث ّ‬
‫ل الله ‪ )) : ‬أفي‬ ‫م يا رسول اللهِ ! قال رسو ُ‬ ‫فيما تعل ُ‬
‫ك أنت يا بن الخطاب ‪ ،‬أما ترضى أن تكون لنا‬ ‫ش ّ‬
‫الخرةُ ولهم الدنيا (( ‪.‬‬
‫ن يرضى‬ ‫م ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ة ‪ ،‬فل ْي َْر َ‬ ‫ة عادل ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وقسم ٌ‬ ‫ة واضح ٌ‬ ‫إنها معادل ٌ‬
‫ن أرادها في‬ ‫ب السعادة م ْ‬ ‫ط ‪ ،‬وليطل ُ ِ‬ ‫ن يسخ ُ‬ ‫طم ْ‬ ‫‪ ،‬ول َْيسخ ْ‬
‫ن‬
‫ل لها وحدها ‪ ،‬فل ْ‬ ‫درهم ِ والدينارِ والقصرِ والسيارةِ ويعم ْ‬ ‫ال ّ‬
‫يجدها والذي ل إله إل هو ‪.‬‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫و ّ َ‬ ‫ريدُ ال ْ َ‬ ‫من َ‬
‫ف إ ِلي ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ها ن ُ َ‬ ‫زين َت َ َ‬ ‫ِ‬ ‫و‬‫حَياةَ الدّن َْيا َ‬ ‫ِ‬ ‫ن يُ‬ ‫كا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ك‬‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ن}‪ {15‬أ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ها ل َ ي ُب ْ َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مال َ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ما‬ ‫ط َ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة إ ِل ّ الّناُر َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫ن ل َي ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ل ّ‬ ‫وَباطِ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫َ‬
‫صالحين‬ ‫فليس بها لل ّ‬ ‫عفاٌء على دنيا‬
‫****************************************‬ ‫ج‬
‫معَّر ُ‬ ‫ُ‬ ‫رها‬ ‫ت لغي ِ‬ ‫حل ْ ُ‬ ‫َر َ‬
‫ة‬
‫ح السعاد ِ‬
‫مفتا ُ‬
‫خ‪،‬‬‫ه وأنت في كو ٍ‬ ‫ه وتأل ّْهت ُ‬
‫حته وعبد ْت َ ُ‬‫إذا عرفت الله وسب ّ ْ‬
‫خي َْر والسعادة َ والراحة والهدوء ‪.‬‬ ‫وجدت ال َ‬
‫ف ‪ ،‬فلوْ سكنت أرقى القصورِ ‪،‬‬ ‫ن عند النحرا ِ‬
‫ولك ْ‬
‫م أّنها نهايُتك‬
‫ل ما تشتهي‪ ،‬فاعل ْ‬ ‫وأوسع الدورِ ‪ ،‬وعندك ك ّ‬
‫ن مفتاح‬ ‫ة ؛ لنك ما ملكت إلى ال ِ‬ ‫مّرةُ ‪ ،‬وتعاسُتك المحقق ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫السعاد ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪259‬‬
‫ة‬
‫صب َ ِ‬ ‫ه ل َت َُنوءُ ِبال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َ‬
‫فات ِ َ‬ ‫ن َ‬
‫ما إ ِ ّ‬
‫ز َ‬ ‫م َ ْ‬
‫ن الك ُُنو ِ‬ ‫وآت َي َْناهُ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫و ِ‬
‫ّ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لي‬‫ِ‬ ‫أو‬
‫*****************************************‬
‫ة‬
‫وقفـــ ٌ‬
‫م‬
‫مُنوا ﴾ ‪ .‬إي ‪ :‬يدفعُ عنه ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫ع ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ف ُ‬‫دا ِ‬ ‫ه يُ َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫﴿ إِ ّ‬
‫شرور الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫» هذا إخباٌر ووعد ٌ وبشارة ٌ من اللهِ للذين آمنوا ‪ ،‬أنه‬
‫ب إيماِنهم – ك ّ‬
‫ل‬ ‫ل مكروهٍ ‪ ،‬ويدفعُ عنهم – بسب ِ‬ ‫مك ّ‬ ‫يدفعُ عنه ْ‬
‫ن ‪ ،‬وشروِر‬ ‫ن شرورِ الكفارِ ‪ ،‬وشرورِ وسوسةِ الشيطا ِ‬ ‫شّر م ْ‬
‫ل‬
‫م عند نزو ِ‬ ‫ل عنه ْ‬ ‫ت أعماِلهم ‪ ،‬ويحم ُ‬ ‫سهم ‪ ،‬وسيئا ِ‬ ‫أنف ِ‬
‫ف‪،‬ك ّ‬
‫ل‬ ‫م غاية التخفي ِ‬ ‫المكارهِ ما ل يتحملونه ‪ ،‬فُيخّفف عنه ْ‬
‫ن هذه المدافعةِ والفضيلةِ بحسب إيماِنه ‪،‬‬ ‫ن له م ْ‬ ‫مؤم ٍ‬
‫مستكث ٌِر « ‪.‬‬ ‫لو ُ‬ ‫مستق ّ‬ ‫ف ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ن أنه ُيسّلى العبد ُ به عند المصائ ِ‬ ‫ت اليما ِ‬ ‫ن ثمرا ِ‬ ‫»م ْ‬
‫د‬
‫ه ِ‬‫ه يَ ْ‬‫من ِبالل ّ ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ب﴿ َ‬ ‫ون عليه الشدائد ُ والّنوائ ُ‬ ‫وُته ّ‬
‫ن عندِ‬ ‫م أنها م ْ‬ ‫ة ‪ ،‬فيعل ُ‬ ‫ه ﴾ وهو العبد ُ الذي تصيُبه المصيب ُ‬ ‫قل ْب َ ُ‬‫َ‬
‫ن لُيخطئه ‪ ،‬وما أخطأه ُ لم يك ُ ْ‬
‫ن‬ ‫ن ما أصابه لم يك ُ ْ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن عليه‬ ‫مة ‪ ،‬وتهو ُ‬ ‫م للقدارِ المؤل ِ‬ ‫سل ّ ُ‬‫لُيصيبه ‪ ،‬فيرضى وي ُ َ‬
‫ن عندِ اللهِ ‪ ،‬وليصاِلها إلى‬ ‫ة ‪ ،‬لصدوِرها م ْ‬ ‫ب المزعج ُ‬ ‫المصائ ُ‬
‫ثواب ِهِ « ‪.‬‬
‫************************************‬
‫ش‬
‫كيف كاُنوا يعي ُ‬
‫ن أيام أحدِ الصحابةِ الخبارِ ‪ ،‬وعظماِئهم‬ ‫تعال إلى يوم ٍ م ْ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬مع‬‫ب مع ابنهِ رسو ِ‬ ‫ي بن أبي طال ٍ‬ ‫البرارِ ‪ ،‬عل ّ‬
‫ث هو‬ ‫ي في الصباِح الباكرِ ‪ ،‬فيبح ُ‬ ‫حو عل ّ‬ ‫فلذةِ كبد ِهِ ‪ ،‬بص ُ‬
‫ن ‪ ،‬فيرتدي فروا ً على‬ ‫ن طعام ٍ فل يجدا ِ‬ ‫ة عن شيٍء م ْ‬ ‫وفاطم ُ‬
‫ف‬
‫ب في أطرا ِ‬ ‫س ويذه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ج ‪ ،‬ويتل ّ‬
‫ن شد ّةِ البردِ ويخر ُ‬‫مهِ م ْ‬ ‫جس ِ‬
‫ي عليه‬‫م عل ّ‬‫ة ‪ ،‬فيقتح ُ‬ ‫المدينةِ ‪ ،‬ويتذكُر يهودي ّا ً عنده مزرع ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪260‬‬
‫ل اليهوديّ ‪ :‬يا‬ ‫ل ‪ ،‬ويقو ُ‬ ‫ق الصغيرِ ويدخ ُ‬ ‫ضي ّ ِ‬ ‫باب المزرعةِ ال ّ‬
‫و‬
‫ب هو الدل ُ‬ ‫ب بتمرةٍ ‪ .‬والغر ُ‬ ‫ل غَْر ٍ‬ ‫رج ك ّ‬ ‫ي ‪ ،‬تعالى وأخ ِ‬ ‫أعراب ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ة مع الجم ِ‬ ‫معاوَن َ ً‬ ‫جه ‪ ،‬أيْ ‪ :‬إظهاُره من البئرِ ُ‬ ‫الكبيُر ‪ ،‬وإخرا ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ة من الزم ِ‬ ‫ه بره ً‬ ‫ه – مع ُ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي – رضي الل ُ‬ ‫ل عل ّ‬ ‫فيشتغ ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ب تمرا ٍ‬ ‫مه ‪ ،‬فُيعطيهِ بعددِ الغرو ِ‬ ‫ل جس ُ‬ ‫رم يداه ويك ّ‬ ‫حتى ت ِ‬
‫ل اللهِ ‪ ‬وُيعطيه منها ‪ ،‬ويبقى هو‬ ‫ب بها ويمّر برسو ِ‬ ‫ويذه ُ‬
‫ل طيلة النهارِ ‪.‬‬ ‫ن هذا التمرِ القلي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة يأكلن ِ‬ ‫وفاطم ُ‬
‫م قد امتل‬ ‫ن بيتهُ ْ‬ ‫هذهِ هي حياتهم ‪ ،‬لكّنهم يشعرون أ ّ‬
‫سعادةً وحبورا ً ونورا ً وسرورا ً ‪.‬‬
‫ل‬‫ث بها الرسو ُ‬ ‫ة التي ُبع َ‬ ‫ش المبادئ الحّق َ‬ ‫ن قلوبهم تعي ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م في‬ ‫مُثل السامية ‪ ،‬فه ْ‬ ‫‪ ، ‬وال ُ‬
‫ل قلبي ّةٍ ‪ ،‬وفي روحانّية ُقدسي ّةٍ ُيبصرون بها الحقّ ‪،‬‬ ‫أعما ٍ‬
‫وُينصرون بها الباطل ‪ ،‬فيعملون لذاك ويجتنبون هذا ‪،‬‬
‫وُيدركون قيمة الشيِء وحقيقة المرِ ‪ ،‬وسّر المسألةِ ‪.‬‬
‫ة هامان ؟!‬ ‫ح وسكين ُ‬ ‫أين سعادةُ قارون ‪ ،‬وسروُر وفر ُ‬
‫ب‬
‫ج َ‬ ‫ع َ‬ ‫ث أَ ْ‬ ‫غي ْ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والثاني ملعون ﴿ك َ َ‬ ‫ل مدفو ٌ‬ ‫فالو ُ‬
‫طاما ً‬ ‫ح َ‬ ‫ن ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫فّرا ً ث ُ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫م ْ‬ ‫فت ََراهُ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ال ْك ُ ّ‬
‫م يَ ِ‬ ‫فاَر ن ََبات ُ ُ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ذن للحقّ ‪،‬‬ ‫ن بلل ً أ ّ‬ ‫مارٍ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل وسلمان وع ّ‬ ‫السعادة ُ عند بل ِ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫مارا ً وّفى الميثاق ﴿ أ ْ‬ ‫ق ‪ ،‬وع ّ‬ ‫صد ِ‬ ‫وسلمان آخى على ال ّ‬
‫َ‬
‫عن‬ ‫وُز َ‬ ‫ون ََتجا َ‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ّ ُ‬ ‫ن ن َت َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫في أ َ‬
‫كاُنوا‬ ‫ذي َ‬ ‫ق ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ة‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫حا‬ ‫َ‬ ‫ص‬
‫ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬‫ُيو َ‬
‫******************************************‬
‫ر‬
‫صب ْ ِ‬
‫ء في ال ّ‬ ‫أقوا ُ‬
‫ل الحكما ِ‬
‫ه قال ‪ :‬جميعُ المكارِهِ في الدنيا‬ ‫ن أنوشروان أن ُ‬‫ُيحكى ع ْ‬
‫ب‬
‫ة ‪ ،‬فالضطرا ُ‬ ‫حيل ٌ‬
‫ب فيه ِ‬‫م على ضربين ‪ :‬فضر ٌ‬ ‫تنقس ُ‬
‫ب ل حيلة فيه ‪ ،‬فالصطباُر شفاؤُه ُ ‪.‬‬ ‫دواؤه ‪ ،‬وضر ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪261‬‬
‫ة فيما ل حيلة فيه ‪،‬‬ ‫حيل ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ِ‬ ‫ض الحكماِء يقو ُ‬ ‫كان بع ُ‬
‫الصبُر ‪.‬‬
‫ه النصُر ‪.‬‬ ‫ن اّتبع الصبر ‪ ،‬اّتبعَ ُ‬ ‫ل‪:‬م ِ‬ ‫وكان يقا ُ‬
‫صب ََر قَد ََر‬ ‫ن َ‬ ‫ح الَفَرِج م ْ‬ ‫ل السائرة ‪ ،‬الصبُر مفتا ُ‬ ‫ومن المثا ِ‬
‫ظفُر ‪ ،‬عند اشتدادِ البلِء يأتي الّرخاُء ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ثمرةُ الصبرِ ال ّ‬
‫ج النْفع‬ ‫ل المساّر ‪ ،‬وار ُ‬ ‫ن خل ِ‬ ‫ف المضاّر م ْ‬ ‫ل‪:‬خ ِ‬ ‫وكان يقا ُ‬
‫م‬‫ت ‪ ،‬فك ْ‬ ‫ب المو ِ‬ ‫ص على الحياةِ بطل ِ‬ ‫ن موضِع المن ِْع ‪ ،‬واحر ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن فناٍء سبُبه البقاءِ ‪ ،‬وأكثُر‬ ‫ن بقاٍء سبُبه استدعاُء الفناِء ‪ ،‬وم ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِقبل الفزِع ‪.‬‬ ‫نم ْ‬ ‫ما يأتي الم ُ‬
‫خيارا ً ‪.‬‬ ‫ن في الشّر ِ‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫ب تقو ُ‬ ‫والعر ُ‬
‫ض‪.‬‬ ‫ن بعْ ٍ‬ ‫نم ْ‬ ‫شّر أهو ُ‬ ‫ن بعض ال ّ‬ ‫ي ‪ :‬معناه ُ ‪ :‬أ ّ‬ ‫قال الصمع ّ‬
‫ه‬
‫م أن ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فاعل ْ‬ ‫وقال أبو عبيدة ‪ :‬معناه ُ ‪ :‬إذا أصابْتك مصيب ٌ‬
‫ن عليك مصيبُتك ‪.‬‬ ‫ل منها ‪ ،‬فلتهُ ْ‬ ‫ن أج ّ‬ ‫قد ْ يكو ُ‬
‫ه في الغيوب ‪،‬‬ ‫ب المورِ تتشاب ُ‬ ‫ض الحكماِء ‪ :‬عواق ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫م‬
‫ب ‪ ،‬وك ْ‬ ‫ب في مكروهٍ ‪ ،‬ومكروهٍ في محبو ٍ‬ ‫ب محبو ٍ‬ ‫فُر ّ‬
‫ؤه ‪.‬‬ ‫ؤه ‪ ،‬ومرحوم ٍ من داٍء هو شفا ُ‬ ‫ط بنعمةٍ هي دا ُ‬ ‫مغبو ٍ‬
‫ن ضّر ‪.‬‬ ‫ن شّر ‪ ،‬ونفٍع م ْ‬ ‫ب خيرٍ م ْ‬ ‫ل ‪ُ :‬ر ّ‬ ‫وكان ُيقا ُ‬
‫شّر‬ ‫ي ‪ ،‬في كلم ٍ له ‪ :‬اصبْر على ال ّ‬ ‫ة السهم ّ‬ ‫وقال وداع ُ‬
‫ن‬‫حك ‪ ،‬وتحت الّرغوةِ اللب ُ‬ ‫جلى عما ُيفر ُ‬ ‫حك ‪ ،‬فرّبما أ ْ‬ ‫ن قَد َ َ‬ ‫إ ْ‬
‫ح‪.‬‬ ‫صري ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ذا‬‫حّتى إ ِ َ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ه بالفرِح عند انقطاِع الم ِ‬ ‫يأتي الل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫جاء ُ‬ ‫ذُبوا ْ َ‬ ‫قدْ ك ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْأ َ‬ ‫ا ْ‬
‫فى‬ ‫و ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ن ﴾‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ َ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صُرَنا﴾ ‪﴿ ،‬إ ِ ّ‬ ‫نَ ْ‬
‫ب﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫هم ب ِ َ‬ ‫جَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫صاب ُِرو َ‬ ‫ال ّ‬
‫ل وعل – يأتي‬ ‫ن الله – ج ّ‬ ‫ب ‪ :‬وكما أ ّ‬ ‫ض الك ُّتا ِ‬ ‫ل بع ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ح‬
‫ب من الوجهِ الذي قد ّّر ورود ّ المكروهِ منه‪ ،‬ويفت ُ‬ ‫بالمحبو ِ‬
‫ض سائر‬ ‫ح ّ‬ ‫حيل‪ ،‬لي ُ‬ ‫ل‪ ،‬واستبهام ِ وجوهِ ال ِ‬ ‫بفرج عند انقطاِع الم ِ‬
‫خْلقه بما يريدهم من تمام قدرته ‪ ،‬على صرف الرجاء إليهِ ‪،‬‬
‫ن ل ي َْزُووا وجوهُهم في‬ ‫ل عليه ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ص آماِلهم في الّتوك ّ ِ‬ ‫وإخل ِ‬
‫ن توقِّع الّروِْح منه ‪ ،‬فل يعدُلوا بآماِلهم‬ ‫تع ْ‬ ‫ت من الوقا ِ‬ ‫وق ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪262‬‬
‫در عنه ‪،‬‬ ‫ج يص ُ‬ ‫ن انتظارِ فر ٍ‬ ‫ت‪،‬ع ِ‬ ‫ل من الحال ِ‬ ‫على أيّ حا ٍ‬
‫ة‪،‬‬
‫ن كفاهم بمحنةٍ يسير ٍ‬ ‫وكذلك أيضا ً يسّرهم فيما ساءهم ‪ ،‬بأ ْ‬
‫م كان أنكى‬ ‫مةٍ سهلةٍ ‪ ،‬م ّ‬ ‫مل ِ ّ‬‫مب ُ‬ ‫م منها‪ ،‬وافتداهُ ْ‬ ‫ما هو أعظ ُ‬
‫م‪.‬‬
‫حقهُ ْ‬ ‫م لو ل ِ‬ ‫فيه ْ‬
‫ت‬ ‫ح ِ‬ ‫فرّبما ص ّ‬ ‫ل عْتبك محمود ٌ‬ ‫لع ّ‬
‫صه‬ ‫لبمحنةٍ يخل ّ ُ‬ ‫العب ِْعلد َ ِ‬
‫م بال‬ ‫الجسا ُ‬
‫هُ‬ ‫ن الل‬‫هقُ العابد ُ ‪ :‬ربما امتح َ‬ ‫قالعواقب ُ‬
‫إسحا ُ‬
‫ل نعمةٍ ‪.‬‬ ‫ة أج ّ‬ ‫بها من الهلكةِ ‪ ،‬فتكون تلك المحن ُ‬
‫ن احتمل المحنة ‪ ،‬ورضي بتدبيرِ اللهِ تعالى‬ ‫نم ِ‬ ‫ل‪:‬إ ّ‬ ‫يقا ُ‬
‫ن منفعِتها ‪ ،‬حتى‬ ‫شد ّةِ ‪ ،‬كشف له ع ْ‬ ‫كبةِ ‪ ،‬وصبر على ال ّ‬ ‫في الن ْ‬
‫ن مصلحِتها ‪.‬‬ ‫يقف على المستورِ عنه م ْ‬
‫م‬
‫م السل ُ‬ ‫ن بعض النبياِء عليه ُ‬ ‫ض النصارى أ ّ‬ ‫حكي عن بع ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫م ‪ ،‬فطوبى لم ْ‬ ‫ب ل يدو ُ‬ ‫ب من اللهِ ‪ ،‬والد ُ‬ ‫ن تأدي ٌ‬ ‫مح ُ‬ ‫قال ‪ :‬ال ِ‬
‫ب له ُلب ُ‬
‫س‬ ‫ب ‪ ،‬وتثّبت عند المحنةِ ‪ ،‬فيج ُ‬ ‫تصّبر على التأدي ِ‬
‫ل‬
‫حّبيه ‪ ،‬وأه ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه به ُ‬ ‫ل الغَل َب َةِ ‪ ،‬وتاِج الفلِح ‪ ،‬الذي وع َد َ الل ُ‬ ‫إكلي ِ ِ‬
‫طاعت ِهِ ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫ة المح ِ‬ ‫سن ّ ُ‬ ‫جَر ‪ ،‬إذا أصابْتك أ ِ‬ ‫ض َ‬
‫قال إسحاقُ ‪ :‬احذرِ ال ّ‬
‫ب‬‫ن الطريق المؤّدي إلى النجاةِ صعْ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ض الِفت ِ‬ ‫وأعرا ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫سل ِ‬ ‫الم ْ‬
‫ب الغتباط ‪.‬‬ ‫قال بزرجمهُر ‪ :‬انتظاُر الَفَرِج بالصبرِ ‪ُ ،‬يعق ُ‬
‫******************************************‬
‫ب‬
‫ه ل يخي ُ‬ ‫ن الظّ ّ‬
‫ن بالل ِ‬ ‫س ُ‬
‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫ن بي ما شاء (( ‪.‬‬ ‫ن عبدي بي ‪ ،‬فليظ ّ‬ ‫)) أنا عند ظ ّ‬
‫ن عليه ‪.‬‬‫معي ُ‬
‫ن الرجاء ماد ّة ُ الصبرِ ‪ ،‬وال ُ‬ ‫ب‪:‬إ ّ‬ ‫ض الك ُّتا ِ‬ ‫لبع ِ‬
‫ن باللهِ ‪ ،‬الذي ل يجوُز‬ ‫ن الظ ّ ّ‬‫س ُ‬
‫ح ْ‬‫ه‪ُ ،‬‬
‫ة الرجاِء وماّدت ُ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫فكذلك ِ‬
‫ن‬
‫دهم يرفعون م ْ‬ ‫أن يخيب ‪ ،‬فإّنا قد نستقري الكرماء ‪ ،‬فنج ُ‬
‫م ‪ ،‬ويتحّر‬‫ن تخّيب أمُله فيه ْ‬ ‫م ‪ ،‬ويتحوُّبون م ْ‬ ‫ه به ْ‬ ‫أحسن ظن ّ ُ‬
‫دهم ‪ ،‬فكيف بأكرم ِ الكرمين ‪ ،‬الذي ل يعوُزه‬ ‫ن قص َ‬ ‫م ْ‬
‫جون ِ‬
‫مليه ‪ ،‬ما يزيد ُ على أمانّيهم فيه ‪.‬‬ ‫ن يمنح مؤ ّ‬ ‫أ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪263‬‬
‫ده‬
‫ك عب ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ذِك ُْره ‪ ،‬لتم ّ‬ ‫ل الشواهدِ بمحب ّةِ الله ج ّ‬ ‫وأعد ُ‬
‫ن النسان ل يأتيه‬ ‫ن ظل ّهِ ومآِبه ‪ ،‬أ ّ‬ ‫برحابهِ ‪ ،‬وانتظاُر الّروِح م ْ‬
‫ل ما كان‬ ‫ق أملهِ في ك ّ‬ ‫كه النجاةُ ‪ ،‬إل بعد إخفا ِ‬ ‫ج ‪ ،‬ول ُتدر ُ‬ ‫الَفَر َ‬
‫ز‬
‫ج ِ‬
‫ق مطالب ِهِ ‪ ،‬وعَ ْ‬ ‫جه نحوه بأمِله ورغبِته ‪ ،‬وعند انغل ِ‬ ‫يتو ّ‬
‫ضّرهِ ومحنِته ‪ ،‬ليكون ذلك باعثا ً له على‬ ‫حيلِته ‪ ،‬وتناهي َ‬
‫ل ‪ ،‬وزاجرا ً له على تجاوز‬ ‫ف رجائ ِهِ أبدا ً إلى اللهِ عّز وج ّ‬ ‫صْر ِ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عَبا ٌ‬‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫دو ِ‬‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ن ظّنه به ﴿إ ِ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫أَ‬
‫م‬
‫كنت ُ ْ‬‫م ِإن ُ‬ ‫جيُبوا ْ ل َك ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫عو‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫فا‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ثا‬‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫َ‬
‫**************************************‬

‫ر‬
‫مدَ المو ِ‬
‫ح َ‬
‫صُبوُر أ ْ‬ ‫ُيدر ُ‬
‫ك ال ّ‬
‫ح في اليقِين‬ ‫ج والرو ُ‬ ‫ن مسعود ٍ ‪ :‬الَفَر ُ‬ ‫دالله ب ِ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫ُرِوي ع ْ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ك والسخ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ن في ال ّ‬ ‫م والحز ُ‬ ‫والرضا ‪ ،‬واله ّ‬
‫حمد المورِ ‪.‬‬ ‫كأ ْ‬ ‫صُبوُر ‪ُ ،‬يدر ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ّ‬ ‫وكان يقو ُ‬
‫ل‬‫ن أْفض ِ‬ ‫ل‪:‬م ْ‬ ‫ت أعربي ّا ً يقو ُ‬ ‫ن تغلب ‪ :‬سمع ُ‬ ‫نب ُ‬ ‫قال أبا ُ‬
‫ة استعمل الصبر‬ ‫م جائح ٌ‬ ‫ده ْ‬ ‫ت بأح ِ‬ ‫ه إذا نزل ْ‬ ‫ل أن ُ‬ ‫آداب الرجا ِ‬
‫ن‬‫ره يعاي ُ‬ ‫عليها ‪ ،‬وألهم نْفسه الرجاء لزواِلها ‪ ،‬حتى كأنه لصب ِ‬
‫ن‬
‫نظ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل‪،‬و ُ‬ ‫الخلص منها والعناء ‪ ،‬توك ّل ً على اللهِ عّز وج ّ‬
‫ه حاجته ‪،‬‬ ‫ث أن يقضي الل ُ‬ ‫زم هذه الصفة ‪ ،‬لم يلب ْ‬ ‫به ‪ ،‬فمتى ل ِ‬
‫ضه ومروءُته ‪.‬‬ ‫عر ُ‬ ‫ه ديُنه و ِ‬ ‫ه ‪ ،‬ومع ُ‬ ‫كربيه ‪ ،‬وُينجح ط ِْلبت ُ‬ ‫وُيزيل ُ‬
‫ن‬‫شّر م ْ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ي أنه قال ‪ :‬خ ِ‬ ‫ن أعراب ّ‬ ‫يع ْ‬ ‫روى الصمع ّ‬
‫ة‬
‫ب حيا ٍ‬ ‫شّر ‪ ،‬فُر ّ‬ ‫ن موضِع ال ّ‬ ‫ج الخي َْر م ْ‬ ‫موضِع الخي ْرِ ‪ ،‬وار ُ‬
‫ب الحياةِ ‪ ،‬وأك ْث َُر ما‬ ‫ت سبُبه طل ُ‬ ‫ت ‪ ،‬ومو ٍ‬ ‫ب المو ِ‬ ‫سبُبها طل ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ن من ناحِية الخوْ ِ‬ ‫يأتي الم ُ‬
‫ن‬ ‫ث كل ّهُ ّ‬ ‫م فالحوادِ ُ‬ ‫نَ ْ‬ ‫ة لحظْتك‬ ‫وإذا العناي ُ‬
‫ن‬
‫ن الفجاءةِ ‪ :‬أما ُ‬ ‫قطريّ ب ُ‬ ‫عيوُنها‬ ‫وقال‬
‫وفا ً‬ ‫خ ّ‬‫مت َ َ‬‫يوم الوغى ُ‬ ‫ن أحد ٌ إلى‬ ‫ل ي َْرك َن َ ْ‬
‫مام ِ‬‫لح ِ‬ ‫الحجام ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪264‬‬
‫من عن يميني مّرةً‬ ‫فلقد ْ أراني للّرماِح‬
‫سْرجي أو عنان‬ ‫وأمامي‬
‫أحناء‬ ‫در‬‫ت بما تح ّ‬ ‫دريئة خضب ُ‬ ‫حتى‬
‫البصيرةِ قاِرح‬ ‫لجامي‬
‫جذع‬ ‫ت وقد ْ‬ ‫انصرف ُ‬ ‫من دمي‬ ‫ثم‬‫ِ‬
‫م‬ ‫القدا‬ ‫ب‬ ‫أص‬ ‫أصبت ولم ُ‬
‫ن‬
‫ل يتعّزى ِ فيما نزل به م ْ‬ ‫ض الحكماِء ‪ :‬العاق ُ‬ ‫ْ‬ ‫وقال ُبع ُ‬
‫ن‪:‬‬ ‫مكروهٍ بأمري ِ‬
‫أحدهما ‪ :‬السروُر بما بقي له ‪.‬‬
‫ه به ‪.‬‬ ‫والخر ‪ :‬رجاُء الَفَرِج مما ن ََزل َ ُ‬
‫ن‪:‬‬ ‫والجاهل يجزعُ في محنت ِهِ بأمري ِ‬
‫أحدهما ‪ :‬استكثاُر ما أوى إليه ‪.‬‬
‫ه‪.‬‬ ‫والخر ‪ :‬تخوُّفه ما هو أشد ّ من ُ‬
‫ب‬‫ل لخلِقهِ ‪ ،‬وتأدي ُ‬ ‫ب اللهِ عّز وج ّ‬ ‫ن آدا ُ‬ ‫مح ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ِ‬ ‫وكان يقا ُ‬
‫ح القلوب والسماع والبصار ‪.‬‬ ‫اللهِ يفت ً‬
‫ص‬
‫محن فقال ‪ :‬فيها تمحي ٌ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫سهْ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫نب ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ووصف ال ّ‬
‫ب بالصبرِ ‪،‬‬ ‫ض للثوا ِ‬ ‫ه من الغفلةِ ‪ ،‬وتعّر ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وتنبي ٌ‬ ‫من الذن ِ‬
‫وتذكيٌر بالنعمةِ ‪ ،‬واستدعاٌء للمثوبةِ ‪ ،‬وفي نظرِ اللهِ عّز وج ّ‬
‫ل‬
‫وقضائ ِهِ الخياُر ‪.‬‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ب الموت ‪ ،‬طلبا ً لحياةِ الذ ّك ْرِ ‪ ﴿ .‬ال ّ ِ‬ ‫فهذا من أح ّ‬
‫قت ُِلوا ُ‬ ‫وأ َ‬ ‫َ‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫ما ُ‬ ‫عوَنا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫وان ِ َِ‬‫خ َ‬‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬‫َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬‫م َ‬ ‫ت ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫و َ‬‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ع ْ‬‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫َ‬
‫ب‪:‬‬
‫ن المصائ ِ‬ ‫أقوا ٌ‬
‫ل في تهوي ِ‬
‫ح ‪ ،‬إذا‬ ‫صغَر المصيبة بالربا ِ‬ ‫جارِ ‪ :‬ما أ ْ‬‫ض عقلِء الت ّ ّ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ت بسلمةِ الرواِح ‪.‬‬ ‫عاد ْ‬
‫ة هَد ٌَر ‪.‬‬ ‫خل ُ‬
‫س ْ‬ ‫جل ّ ُ‬
‫ة فال ّ‬ ‫سلم ِ ال ِ‬‫نت ْ‬ ‫ب‪:‬إ ّ‬ ‫ل العر ِ‬ ‫ن قو ِ‬ ‫وكان م ْ‬
‫ن ‪ ،‬وإن جفاها‬ ‫ض من عمرا ٍ‬ ‫س أر ٌ‬ ‫مهم ‪ :‬ل تيأ ْ‬ ‫ن كل ِ‬ ‫وم ْ‬
‫ن‪.‬‬‫الزما ُ‬
‫مة تقول ‪ :‬نهٌر جرى فيه الماُء لبد ّ أن يعود إليه ‪.‬‬ ‫والعا ّ‬
‫ن إل‬ ‫دي ِ‬ ‫ل وال ّ‬‫ل العقو ِ‬ ‫ل أه ُ‬ ‫وقال ثامسطيوس ‪ :‬لم يتفاض ْ‬
‫ل‬‫ل الُقدرةِ والنعمةِ ‪ ،‬وابتذا ِ‬ ‫ل في حا ِ‬ ‫ض ِ‬‫ل الف ْ‬ ‫في استعما ِ‬
‫شد ّةِ والمحنةِ ‪.‬‬ ‫ل ال ّ‬‫الصبرِ في حا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪265‬‬
‫***************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫ما ت َأَلمو َ‬‫ن كَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ي َأل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫كوُنوا ْ ت َأل َ ُ‬ ‫﴿ ِإن ت َ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫جو َ‬ ‫ما ل َ ي َْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫وت َْر ُ‬
‫َ‬
‫ولهذا يوجد ُ عند المؤمنين الصادقين حين تصيُبهم‬
‫ت وال ّ‬
‫طمأنيِنة‬ ‫من الصبرِ والثبا ِ‬ ‫ل والبتلُء ِ‬ ‫ل والقلقِ ُ‬ ‫الّنواز ُ‬
‫مْعشارِهِ عند من‬ ‫شُر ِ‬ ‫ن والقيام ِ بحقّ اللهِ مال يوجد ُ عُ ْ‬ ‫والس ّ‬
‫كو ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن واليقي ِ‬ ‫ليس كذلك ‪ ،‬وذلك لقوّةِ اليما ِ‬
‫ه عنه قال ‪ :‬قال رسو ُ‬
‫ل‬ ‫ل بن يسارٍ رضي الل ُ‬ ‫عن معق ِ‬
‫ل رّبكم تبارك وتعالى ‪ :‬يا بن آدم ‪،‬‬ ‫اللهِ ‪ )) : ‬يقو ُ‬
‫زقا ً ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫غ لعبادتي ‪ ،‬أمل قلبك غنى ‪ ،‬وأمل يدْيك ر‬ ‫تفّر ْ‬
‫يا بن آدم ‪ ،‬ل تباعدْ مني ‪ ،‬فأمل ْ قلبك فقرا ً ‪ ،‬وأمل ْ‬
‫شغل ً (( ‪.‬‬ ‫يديك ُ‬
‫ه‬
‫ة إليه ‪ ،‬والّرضا ب ِ‬ ‫ل على اللهِ تعالى ‪ ،‬والناب ُ‬ ‫» القبا ُ‬
‫ج بذك ْرِهِ ‪ ،‬والفر ُ‬
‫ح‬ ‫ب من محب ِّته ‪ ،‬والّله ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وامتلُء القل ِ‬ ‫وعن ُ‬
‫ش ‪ ،‬ل نسبة‬ ‫ة ‪ ،‬وعي ٌ‬ ‫جل ‪ ،‬وجن ّ ٌ‬ ‫ب عا ِ‬ ‫والسروُر بمعرفِته ثوا ٌ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ك إليه ألبت ّ َ‬ ‫ش الملو ِ‬ ‫لعي ِ‬
‫****************************************‬
‫ث حاُلك‬
‫ل ماُلك أو ر ّ‬
‫نق ّ‬ ‫نإ ْ‬
‫ل تحز ْ‬
‫فقِيمُتك شيءٌ آخُر‬
‫ن‬
‫س ُ‬
‫ئ ما ُيح ِ‬ ‫ةك ّ‬
‫ل امر ٍ‬ ‫ه ‪ :‬قيم ُ‬
‫ه عن ُ‬
‫ي رضي الل ُ‬
‫قال عل ّ‬
‫‪.‬‬
‫ر‬
‫ة الشاع ِ‬ ‫كثَر ‪ ،‬وقيم ُ‬ ‫ه أو ُ‬ ‫ل من ُ‬ ‫هق ّ‬ ‫م ُ‬‫عل ْ ُ‬
‫ة العالم ِ ِ‬ ‫فقيم ُ‬
‫ب موهبةٍ أو حرفةٍ إنما‬ ‫ل صاح ِ‬ ‫شعُره أحسن فيهِ أو أساء ‪ .‬وك ّ‬
‫ة ليس إل ‪،‬‬ ‫ة أو تلك الحرف ُ‬ ‫قيمُته عند البشرِ تلك الموهب ُ‬
‫ه‬
‫ه ‪ ،‬وُيغلي ثمنه بعمل ِ ِ‬ ‫ن يرفع قيمت ُ‬ ‫ص العبد ُ على أ ْ‬ ‫فليحر ِ‬
‫جودِهِ وحْفظ ِهِ ‪ ،‬ونبوِغه‬ ‫مه وحكمِته ‪ ،‬و ُ‬ ‫الصالِح ‪ ،‬وبعل ْ ِ‬
‫صهِ على الفائدةِ ‪،‬‬ ‫حْر ِ‬ ‫حث ِهِ ‪ ،‬وسؤاِله و ِ‬ ‫مثابرِته وب ْ‬ ‫عه ‪ ،‬و ُ‬ ‫وا ّ‬
‫طل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪266‬‬
‫حهِ ‪،‬‬
‫ل الطموِح في ُرو ِ‬ ‫ل ذهنهِ ‪ ،‬وإشعا ِ‬
‫ف عْقل ِهِ وصْق ِ‬
‫وتثقي ِ‬
‫ة‪.‬‬‫ة عالي ً‬
‫سهِ ‪ ،‬لتكون قيمُته غالي ً‬
‫ل في نف ِ‬ ‫والّنب ِ‬
‫*************************************‬
‫ة الك ُت ُ ِ‬
‫ب‬ ‫م أنك بوساط ِ‬
‫ن ‪ ،‬واعل ْ‬‫ل تحز ْ‬
‫مي مواهبك وقدراِتك‬ ‫ن أن ُتن ّ‬
‫يمك ُ‬
‫ت‪،‬‬‫ذهن ‪ ،‬وتهدي الِعبر والعظا ِ‬ ‫ب ُتفت ّقُ ال ّ‬ ‫ة الكت ِ‬ ‫مطالع ُ‬
‫مي‬ ‫حكم ‪ ،‬وُتطلقُ اللسان ‪ ،‬وُتن ّ‬ ‫طلِع بمددٍ من ال ِ‬ ‫وتمد ّ الم ّ‬
‫ه ‪ ،‬وهي سلوةٌ‬ ‫خ الحقائق ‪ ،‬وتطرد ُ ال ّ‬
‫شب َ َ‬ ‫س ُ‬‫ة التفكيرِ ‪ ،‬وتر ّ‬ ‫مَلك َ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫ة للسامرِ ‪ ،‬ومتع ٌ‬ ‫للمتفّردِ ‪ ،‬ومناجاةٌ للخاطر ‪ ،‬ومحادث ٌ‬
‫ت‬‫ضبط ْ‬ ‫ةو ُ‬ ‫م ٌ‬‫ت المعلو ُ‬ ‫ساري ‪ ،‬وكّلما ك ٌّرر ِ‬ ‫ج لل ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وسرا ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫للمتأ ّ‬
‫ت على‬ ‫ت وحان ِقطاُفها ‪ ،‬واستو ْ‬ ‫ت وأينع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬أثمر ْ‬ ‫حص ْ‬ ‫م ّ‬ ‫‪،‬و ُ‬
‫ب بها‬ ‫كلها ك ّ‬ ‫ُ‬
‫سوِقها ‪ ،‬وآتت أ ُ‬
‫ن رّبها ‪ ،‬وبلغ الكتا ُ‬ ‫ن بإذ ِ‬ ‫ل حي ٍ‬
‫ه ‪ ،‬والنبأ ُ مستقّرهُ ‪.‬‬ ‫جل َ ُ‬ ‫أ َ‬
‫ب والنفراد ُ بها ‪،‬‬ ‫ك النظرِ في الكت ِ‬ ‫جُر المطالعةِ ‪ ،‬وتْر ُ‬ ‫وه ْ‬
‫طبِع ‪ ،‬وركود ٌ للخاطرِ ‪ ،‬وفتوٌر‬ ‫صٌر لل ّ‬‫ح ْ‬ ‫ن‪،‬و َ‬ ‫ه في اللسا ِ‬ ‫حْبس ٌ‬ ‫ُ‬
‫ل في رصيد ِ المعرفةِ ‪،‬‬ ‫ت للطبيعةِ ‪ ،‬وذبو ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬ومو ٌ‬ ‫للعق ِ‬
‫ل ‪ ،‬أو‬ ‫مث َ ٌ‬‫ب إل وفيهِ فائدة ٌ أو َ‬ ‫ن كتا ٍ‬ ‫ف للفكرِ ‪ ،‬وما م ْ‬ ‫وجفا ٌ‬
‫ة ‪ ،‬أو خاطرةٌ أو نادرة ٌ ‪.‬‬ ‫ة أو حكاي ٌ‬ ‫طرف ٌ‬ ‫ُ‬
‫ت‬
‫ن مو ِ‬ ‫صرِ ‪ ،‬ونعوذ ُ باللهِ م ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫هذا وفوائد ُ القراءةِ فوق ال َ‬
‫ن أعظم ِ‬ ‫ح ‪ ،‬فإنها م ْ‬ ‫سةِ العزيمةِ ‪ ،‬وبرودِ الّرم ِ‬ ‫خ ّ‬‫الِهمم ِ و ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫المصائ ِ‬
‫****************************************‬
‫ه‬ ‫الل‬ ‫ق‬ ‫خل‬ ‫عجائب‬ ‫ل تحزن ‪ ،‬واقرأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫في الكو ِ‬
‫ب‬
‫ب الُعجا َ‬‫ج َ‬
‫صنعِهِ في المعمورةِ ‪ ،‬تجد ِ العَ َ‬
‫وطال ِعْ غرائب ُ‬
‫ة‬
‫مولع ٌ‬ ‫ن الن ّْفس ُ‬ ‫مك ‪ ،‬فإ ّ‬
‫مك وغمو ِ‬ ‫‪ ،‬وتقضي على همو ِ‬
‫ب‪.‬‬‫ف الغري ِ‬ ‫بال ّ‬
‫طري ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪267‬‬
‫ه‬
‫داللهِ رضي الل ُ‬ ‫ن جابرِ بن عب ِ‬ ‫م‪،‬ع ْ‬ ‫َرَوى البخاريّ ومسل ٌ‬
‫مر علينا أبا عبيدة ‪،‬‬ ‫ل اللهِ ‪ ، ‬وأ ّ‬ ‫عنه ‪ ،‬قال ‪ :‬ب َعََثنا رسو ُ‬
‫جد ْ لنا غ َي َْره ‪،‬‬ ‫مي ِ‬ ‫ن تمرٍ ل ْ‬ ‫جرابا ً م ْ‬ ‫ش ‪ ،‬وزّودنا ِ‬ ‫عيرا لقري ٍ‬
‫نتلّقى ِ ً‬
‫فكان أبو عبيدة ُيطينا تمرة ً تمرةً ‪.‬‬
‫م تصنعون‬ ‫ت ‪ :‬كيف كنت ُ ْ‬ ‫ن جابرٍ ‪ : -‬فقل ُ‬ ‫قال – الراوي ع ْ‬
‫ب عليها من‬ ‫م نشر ُ‬ ‫ي‪،‬ث ّ‬ ‫صب ّ‬ ‫ص ال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫صها كما ي ُ‬ ‫بها ؟ قال ‪ :‬نم ّ‬
‫ط–‬ ‫خب َ َ‬ ‫ب ِبعصّينا ال َ‬ ‫ل ‪ ،‬وكّنا نضر ُ‬ ‫الماِء ‪ ،‬فتكفينا يومنا إلى اللي ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫أي ورق الشجرِ – ثم نب ُّله فنأك ُل َ ُ‬
‫ة‬
‫ل البحرِ فإذا شيٌء كهيئ ِ‬ ‫قال ‪ :‬وانطل ْْقنا على ساح ِ‬
‫ل‬
‫ل الكبيرِ المستطي ِ‬ ‫ب الضخم ِ – أي كصورةِ الت ّ ّ‬ ‫الكثي ِ‬
‫ة ُتدعى العَن ْب ََر ‪.‬‬ ‫ل – فأتيناهُ ‪ ،‬فإذا هي داب ّ ٌ‬ ‫ب من الرم ِ‬ ‫حد َْود ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ُ‬
‫ل‬‫س ُ‬
‫ن ُر ُ‬ ‫ل نح ُ‬ ‫ة ‪ .‬ثم قال ‪ :‬ل ب ْ‬ ‫ل أبو عبيدة ‪ :‬مْيت ٌ‬ ‫قال ‪ :‬قا َ‬
‫طرْرُتم فك ُُلوا ‪.‬‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬وقد ْ اض ُ‬ ‫رسول الله ‪ ، ‬وفي سبي ِ‬
‫مّنا ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫ن ثلثمائة حتى س ِ‬ ‫منا عليه شهرا ً ونح ُ‬ ‫قال ‪ :‬فأق ْ‬
‫ل عيِنه –‬ ‫ن داخ ِ‬ ‫ب عيِنه – أي م ْ‬ ‫ن وَقْ ِ‬ ‫فم ْ‬ ‫ولقد ْ رأيُتنا نغتر ُ‬
‫ن ‪ ،‬ونقتطعُ منه‬ ‫ل – أي بالجرارِ الكبيرةِ – الد ّهْ َ‬ ‫ونفرُقها بالقل ِ‬
‫الِفدر – أيْ الِقطع – كالثورِ أو قد ْرِ الثورِ ‪ .‬فلقد ْ أخذ منا أبو‬
‫ب عين ِهِ ‪ ،‬وأخذ‬ ‫عبيدة ثلثة عشَر رجل ً ‪ ،‬فأقعدهم في وق ِ‬
‫حل أعظم بعيرٍ ‪ ،‬ونظر إلى‬ ‫مر ّ‬ ‫عهِ فأقامها ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ن أضل ِ‬ ‫ضلعا ً م ْ‬
‫ن تحِتها ‪.‬‬ ‫ه عليهِ ‪ ،‬فمّر م ْ‬ ‫ل فحمل ُ‬ ‫ج ٍ‬ ‫لر ُ‬ ‫أطو ِ‬
‫منا المدينة ‪ ،‬أتينا‬ ‫ما قد ْ‬ ‫مه وشاِئق ‪ ،‬فل ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫نل ْ‬ ‫وتزوّْدنا م ْ‬
‫رسول اللهِ ‪ ، ‬فذكرنا له ذلك ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬هو رزقٌ أخرجه‬
‫مهِ شيٌء فُتطعمونا ؟ (( ‪،‬‬ ‫ن لح ِ‬ ‫مم ْ‬ ‫م ‪ ،‬فهل معك ْ‬ ‫ه لك ْ‬ ‫الل ُ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬فأكل منه ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فأرسْلنا إلى رسو ِ‬
‫خل ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ض‬‫ت حتى تهتّز الر ُ‬ ‫ض ل تنب ُ‬ ‫ت في الر ِ‬ ‫ضع ْ‬ ‫البذرةُ إذا وُ ِ‬
‫ت‪﴿ :‬‬ ‫س البذرةُ وتنب ُ‬ ‫خت ََر ‪ ،‬فتفق ُ‬ ‫ل بجهاز رِ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ة ‪ُ ،‬تس ّ‬ ‫ه ِّزة ً خفيف ً‬
‫ت﴾ ‪.‬‬ ‫وَرب َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫هت َّز ْ‬ ‫ماء ا ْ‬ ‫ها ال ْ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ذا َأنَزل َْنا َ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ْ َ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي أ َ ْ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪268‬‬
‫ب زكاةِ الزرِع ‪:‬‬ ‫قال أبو داود في كتابهِ ) السنن( في با ِ‬
‫ُ‬
‫ة على‬ ‫ج ً‬ ‫ت أت ُْر ّ‬ ‫شْبرا ً ‪ ،‬ورأي ُ‬ ‫ت قثاءة ً بمصر ثلثة عشر ِ‬ ‫شب َْر ُ‬ ‫َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ل ِ ْ‬ ‫ت على مث ْ ِ‬ ‫بعيرٍ بقطعتْين ‪ُ ،‬قطع ْ‬
‫عدلي ِ‬ ‫ت وصي َّر ْ‬
‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ت الكونيةِ – في‬ ‫س لليا ِ‬ ‫جاُر الدار ُ‬ ‫ل الن ّ‬ ‫ذكر الدكتوُر زغلو ُ‬
‫ف‬
‫ن آل ِ‬ ‫تم ْ‬ ‫ن هناك نجوما ً انطلق ْ‬ ‫إحدى محاضراِته – أ ّ‬
‫ل حتى الن إلى‬ ‫ت ‪ ،‬وهي في سرعةِ الضوِء ‪ ،‬ولم تص ْ‬ ‫السنوا ِ‬
‫م‬ ‫جو‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ق‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫فَل أ ُ‬ ‫ض ‪ ،‬وما بقي إل مواقُعها ﴿ َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫﴾‪.‬‬
‫خل ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫خ‬
‫جاء في )جريدة الخبارِ الجديدة( في العددِ ‪ 396‬بتاري ِ‬
‫ل صباح اليوم ِ ) أونا(‬ ‫‪ 1953 /9 /27‬م ص ‪ 2‬أنه ‪ » :‬دخ ُ‬
‫ل البوليس‬ ‫ن رجا ِ‬ ‫تم ْ‬ ‫سه عشرا ُ‬ ‫باريس دخول الفاتحين ‪ ،‬يحر ُ‬
‫م‬
‫ي ضخ ٌ‬ ‫ت نرويج ّ‬ ‫ما ) أونا ( هذا فهو حو ٌ‬ ‫ل‪.‬أ ّ‬ ‫ب والراج ِ‬ ‫‪ ،‬الراك ِ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫ط ‪ ،‬وزنه ‪ 80000‬كيلو ‪ ،‬وكان محمول ً على عَ ْ‬ ‫محن ّ ٌ‬
‫ت‬‫ض الحو ُ‬ ‫ل ضخمةٍ ‪ ،‬وسُيعر ُ‬ ‫ت مربوطةٍ بسيارةِ نق ٍ‬ ‫جرارا ٍ‬
‫شهِ المضاِء بالكهرباِء ‪،‬‬ ‫ل كر ِ‬ ‫س بدخو ِ‬ ‫ح للنا ِ‬ ‫لمدةِ شْهر وُيسم ُ‬
‫ن يدخلوا بطَنه مّرةً واحدة ً ‪.‬‬ ‫ويستطيعُ عشرةُ أشخاص أ ْ‬
‫ض ) أونا ( وبوليس المدينةِ ‪،‬‬ ‫ن المشرفين على معر ِ‬ ‫لك ّ‬
‫م يخشون‬ ‫ت ‪ ،‬وه ْ‬ ‫ن الذي يوضعُ فيه الحو ُ‬ ‫لم يتفقا على المكا ِ‬
‫ن ينهار الشارع ُ ‪.‬‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ي خشي َ‬ ‫ه فوق محطةِ القطارِ الرض ّ‬ ‫ضعَ ُ‬‫و ْ‬
‫ت ل يزيد ُ على ‪ 18‬شهرا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن‬ ‫ن هذا الحو ِ‬ ‫س ّ‬‫ن ِ‬ ‫وبرغم ِ أ ّ‬
‫ً‬
‫طوله ‪ 20‬مترا ‪ ،‬وقد صيد في شهرِ سبتمبر من العام ِ‬
‫ة قطاٍر‬ ‫ه عرب ُ‬ ‫تل ُ‬ ‫صِنع ْ‬ ‫الماضي في مياهِ النرويج ‪ ،‬وقد ْ ُ‬
‫ت تحته ‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬لنْقِله في جولةٍ عَب َْر أوربا ‪ ،‬ولكّنها انهار ْ‬ ‫ص ٌ‬
‫خا ّ‬
‫ت له سيارة ُ جّر ‪ ،‬طولها ‪ 30‬مترا ً « ‪.‬‬ ‫فصُنع ْ‬
‫خل ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫ج في‬ ‫ف للشتاِء ؛ لّنها ل تخر ُ‬ ‫خُر ُقوتها من الصي ِ‬ ‫ة تد ّ ِ‬ ‫النمل ُ‬
‫ة ‪ ،‬كسرْتها نصفين ‪،‬‬ ‫ن تنبت الحب ّ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫الشتاِء ‪ ،‬فإذا خشي ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪269‬‬
‫ة في الصحراِء إذا لم تجد ْ طعاما ً ‪ ،‬نصبت نفسها كالعودِ‬ ‫والحي ّ ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫‪ ،‬فيقعُ عليها الطائُر فتأكل ُ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ت معمر بن راشدٍ‬ ‫ي ‪ :‬سمع ُ‬ ‫ق الصنعان ّ‬ ‫دالرزا ِ‬ ‫قال عب ُ‬
‫م‪﴿.‬‬ ‫ل تا ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وقَْر ب َغْ ٍ‬ ‫ن عنقود عن ٍ‬ ‫ت باليم ِ‬ ‫ل ‪ :‬رأي ُ‬ ‫البصريّ يقو ُ‬
‫ل الشجاِر‬ ‫د﴾‪.‬ك ّ‬ ‫ضي ٌ‬ ‫ع نّ ِ‬ ‫ها طَل ْ ٌ‬ ‫ت لّ َ‬ ‫قا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫ل َبا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫والن ّ ْ‬ ‫َ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ون ُ َ‬
‫ع ٍ‬ ‫على ب َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل بَ ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ت ُتسقى بماٍء واحدٍ ﴿ َ‬ ‫والنباتا ِ‬
‫ُ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬فمنها القوي ّ ُ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ة خا ّ‬ ‫ت مناع ٌ‬ ‫ل ﴾ ‪ .‬وللنباتا ِ‬ ‫في الك ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫كها ‪ ،‬ومنها الحامض ُ‬ ‫ة التي تدافعُ بشو ِ‬ ‫بنفسِها ‪ ،‬ومنها الشوكي ّ ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الل ِّذع ُ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ْ َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫طى ك ُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي أ َ ْ‬ ‫﴿ ال ّ ِ‬
‫صريّ في كتاِبه )الطالع‬ ‫ل الدين ا ُ‬ ‫قال كما ُ‬
‫م ْ‬ ‫لدفويّ ال ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫السعيد الجامع نجباء أنباء الصعيد( ‪ » :‬رأيت قطف عن ٍ‬
‫ت‬‫ب ‪ ،‬جاء ْ‬ ‫ة عن ٍ‬ ‫ت حب ّ ُ‬ ‫ي ‪ ،‬ووُِزن ْ‬ ‫ليث ّ‬ ‫ل بال ّ‬ ‫ة أرطا ٍ‬ ‫ت زُنته ثماني ُ‬ ‫جاء ْ‬
‫دنا « ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫زنُتها عشرةُ دراهم ‪ ،‬وذلك بأدفو بل ِ‬
‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ ال ّذي أ َ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫طى‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ل يّتسعُ شيئا ً‬ ‫ن الكون ل يزا ُ‬ ‫كأ ّ‬ ‫وقد ذكر علماُء الفل ِ‬
‫وإ ِّنا‬ ‫َ‬ ‫فشيئا ً كما تّتسع البالون ُ‬
‫د َ‬ ‫ها ب ِأي ْ ٍ‬ ‫ماء ب َن َي َْنا َ‬ ‫س َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ة‪َ ﴿:‬‬
‫ن‬
‫ص ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن الرض اليابسة تنق ُ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وذكروا أ ّ‬ ‫عو َ‬ ‫س ُ‬‫مو ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬‫ص َ‬‫ق ُ‬ ‫ض َنن ُ‬ ‫وا ْ أّنا ن َأِتي الْر َ‬ ‫م ي ََر ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫المحيطات تّتسعُ ‪ ﴿ ،‬أ َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ف َ‬ ‫ن أ َطَْرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬

‫دى ﴾ ‪:‬‬ ‫ه َ‬
‫م َ‬‫ه ثُ ّ‬
‫ق ُ‬‫خل ْ َ‬
‫ء َ‬‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫ل َ‬‫طى ك ُ ّ‬ ‫ع َ‬‫ذي أ َ ْ‬‫﴿ ال ّ ِ‬
‫جاء في مجلةِ ) الفيصل( عدد ‪ 62‬سنة ‪ 1402‬هـ ص‬
‫ب )ملفوف( وزنت ‪ 22‬كيلو غراما ً ‪،‬‬ ‫‪ 112‬صورةٌ لثمرةِ كرن ٍ‬
‫وبلغ قطُرها مترا ً واحدا ً ‪ ،‬وصورةٌ لبصلةٍ يابسةٍ واحدة ‪،‬‬
‫وزنت ‪ 2,3‬كيلو غراما ً ‪ ،‬وبلغ قطرها ‪ 30‬سم ‪.‬‬
‫ن ثمرة بندورةٍ )طماطم(‬ ‫ة عِقب ذلك ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ت المجل ُ‬ ‫وذكر ِ‬
‫ن هذه الشياء غَي َْر‬ ‫ن ‪ 60‬سم ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫طها أكثر م ْ‬ ‫واحدةٍ بلغ محي ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪270‬‬
‫مزارِِع المكسيكي ) جوزيه‬ ‫ض ال ُ‬
‫ت في أر ِ‬‫العاديةِ ‪ ،‬نبت ْ‬
‫ض‪،‬‬‫كارمن( ذي الخبرةِ الطويلةِ في الزراعةِ والعنايةِ بالر ِ‬
‫ك‪.‬‬‫ه المزارع الّول في المكسي ِ‬ ‫مما جعل َ ُ‬
‫**************************************‬
‫يا الله يا الله‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫ل ك َْر ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫ه ي ُن َ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫﴿ ُ‬
‫َ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫عب ْدَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫﴿ أل َي ْ َ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫ت ال ْب َّر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫من ظُل ُ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُن َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫فوا ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫ست ُ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ّ‬ ‫ريدُ أن ن ّ ُ‬ ‫ون ُ ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ض ﴾‪.‬‬ ‫ْ َ‬
‫الْر ِ‬
‫دى ﴾‬‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فَتا َ‬ ‫ه َ‬ ‫جت ََباهُ َرب ّ ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫ن آدم ‪ ﴿ :‬ث ُ ّ‬ ‫وقال ع ْ‬
‫‪.‬‬
‫ظيم ِ ﴾ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ن ال ْك َْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫هل َ ُ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫جي َْناهُ َ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫ونوٍح ‪َ ﴿ :‬‬
‫عَلى‬ ‫سَلما ً َ‬ ‫و َ‬ ‫كوِني ب َْردا ً َ‬ ‫قل َْنا َيا َناُر ُ‬ ‫وإبراهيم ‪ُ ﴿ :‬‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫هي َ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫ميعا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ني ب ِ ِ‬ ‫ه أن ي َأت ِي َ ِ‬ ‫سى الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ويعقوب ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ن َبي إ ِذْ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫م َ‬ ‫جِني ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫قد ْ أ ْ‬ ‫ويوسف ‪َ ﴿ :‬‬
‫و﴾‪.‬‬ ‫ن ال ْب َدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جاء ب ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ال ّ‬
‫فى‬ ‫عندََنا ل َُزل ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫فْرَنا ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬‫وداود ‪َ ﴿ :‬‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫مآ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ضّر ﴾ ‪.‬‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ب ِ ِ‬ ‫فَنا َ‬ ‫ش ْ‬ ‫فك َ َ‬ ‫وأيوب ‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫ويونس ‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جي َْنا َ‬ ‫فن َ ّ‬ ‫وموسى ‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬أل َ ْ‬ ‫صَرهُ الل ّ ُ‬ ‫قدْ ن َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫صُروهُ َ‬ ‫ومحمد ‪ ﴿ :‬إ ِل ّ َتن ُ‬
‫دى}‪{7‬‬ ‫ه َ‬ ‫ف َ‬ ‫ضاّل ً َ‬ ‫ك َ‬ ‫جد َ َ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫وى}‪َ {6‬‬ ‫فآ َ‬ ‫ك ي َِتيما ً َ‬ ‫جد ْ َ‬ ‫يَ ِ‬
‫غَنى ﴾ ‪.‬‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫عائ ِل ً َ‬ ‫ك َ‬ ‫جد َ َ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪:‬‬ ‫في َ ْ‬ ‫﴿ كُ ّ‬
‫شأ ٍ‬ ‫و ِ‬
‫ه َ‬
‫وم ٍ ُ‬
‫ل يَ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪271‬‬
‫ف كْربا ً ‪ ،‬ويرفع أقواما ً ‪،‬‬ ‫ضهم ‪ :‬يغفُر ذنبا ً ‪ ،‬ويكش ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ويضعُ آخرين ‪.‬‬
‫ك‬‫ح ِ‬ ‫صب ْ ُ‬
‫قد آذن ُ‬ ‫ة‬
‫دي أزم ُ‬ ‫ا ْ‬
‫شت ّ‬
‫ج‬ ‫هاب َل َ‬
‫س ل َ َبال‬
‫ة‬
‫ف ٌ‬‫ش َ‬ ‫ه َ‬
‫كا ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫ِ‬ ‫دو‬‫ُ‬ ‫من‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رجيتنقشع ‪ ﴿ :‬ل َي ْ َ‬
‫م‬ ‫تْنف‬
‫سحابة ِث ّ‬
‫﴾‬
‫********************************************‬
‫*‬
‫و ٌ‬
‫ل‬ ‫ن اليام دُ َ‬
‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫م(‬
‫ن )عار ٍ‬ ‫ن الزبير محمد بن الحنفي ّةِ في سج ِ‬ ‫ن اب ُ‬ ‫ج َ‬‫س َ‬ ‫َ‬
‫بمكة ‪ ،‬فقال ك ُّثر عزة ‪:‬‬
‫دنيا‬‫وما شد ّة ُ ال ّ‬ ‫دنيا‬
‫وما رونقُ ال ّ‬
‫ه‬
‫لقيت ُ ُ‬‫مازِم ِ‬ ‫حل‬ ‫ةِ‬
‫رب ِ ُ‬
‫يصب‬‫بض ْ‬
‫وُ‬ ‫مد ّةٌ‬‫لهلها ُ‬
‫ق وهذا‬ ‫ببا ٍ‬
‫لهذا‬
‫ن‬
‫ن الزبيرِ واب ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫حال ابِ‬
‫حلمفإذا‬ ‫تنقضيالحدث بقرو ٍ‬
‫ن‪،‬‬ ‫سوفبعد هذا‬ ‫ت‬ ‫مل ُ‬ ‫وتأ ّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫هم ّ‬‫من ْ ُ‬‫س ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل تُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م‪َ ﴿ :‬‬ ‫ن عارم ِ كحلم ِ حال ٍ‬ ‫ج ُ‬‫س ْ‬ ‫الحنفية و ِ‬
‫كزا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫أ َح َ‬
‫ر ْ‬
‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع لَ ُ‬‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫و تَ ْ‬ ‫دأ ْ‬ ‫َ ٍ‬
‫س‪.‬‬ ‫س والمحبو ُ‬ ‫م والحاب ُ‬ ‫م والمظلو ُ‬ ‫مات الظال ُ‬
‫ح‪.‬‬ ‫م بطو ٌ‬ ‫س له يو ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ك ّ‬
‫من النا ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ل بطا ٍ‬
‫***************************************‬
‫م﴾‬
‫ه ْ‬
‫في َرب ّ ِ‬
‫موا ِ‬
‫ص ُ‬
‫خت َ َ‬
‫نا ْ‬
‫ما ِ‬
‫ص َ‬
‫خ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ه َ‬
‫ذا ِ‬ ‫﴿ َ‬
‫ها حتى‬
‫ن الحقوق إلى أهل ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬لُتؤدّ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ء ((‬ ‫ء من القْرنا ِ‬ ‫ة الجْلحا ِ‬ ‫ُيقاد للشا ِ‬
‫ة‬
‫يوم القيام ِ‬ ‫سك أّيها‬‫ل أنْف ِ‬ ‫مث ّ ْ‬
‫رر ْ‬
‫ت‬ ‫تمو ّ ُ‬
‫الذي م‬ ‫سماُء‬ ‫وال‬
‫كيف ّ‬ ‫ف‬
‫ب يخا ُ‬ ‫المغروُرذن ٍ‬
‫هذا بل‬
‫عليهِ د ُهُوُُر‬
‫***********************************‬ ‫ه‬
‫ِلهوْل ِ ِ‬
‫وك‬
‫ن ‪ ،‬فُيسّر عد ّ‬
‫ل تحز ْ‬
‫ل المل ّةِ‬
‫ن أصو ِ‬ ‫ح خصمك ‪ ،‬ولذلك كان م ْ‬ ‫ن حزنك ي ُْفر ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫وك ُ ْ‬
‫عد ُ ّ‬‫و َ‬ ‫و الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫عدْ ّ‬
‫ه َ‬
‫ن بِ ِ‬
‫هُبو َ‬
‫م أعداِئها ‪ ﴿ :‬ت ُْر ِ‬
‫إرغا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪272‬‬
‫ف متبخترا ً‬ ‫وقوُله ‪ ‬لبي ُدجانة ‪ ،‬وهو يخطُر في الصفو ِ‬
‫ه إل في هذا‬ ‫ُ‬
‫ضها الل ُ‬ ‫ة يبغ ُ‬ ‫حد ‪)) :‬إنها لمشي ٌ‬ ‫في أ ً‬
‫ت ‪ ،‬لُيظهروا‬ ‫ل البي ِ‬ ‫حوْ َ‬ ‫ه بالّرمل َ‬ ‫ن (( ‪ .‬وأمر أصحاب ُ‬ ‫الموط ِ‬
‫قوتهم للمشركين ‪.‬‬
‫طعون‬ ‫ن أعداء الحقّ وخصوم الفضيلةِ سوف يتق ّ‬ ‫إ ّ‬
‫موُتوا ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫حنا وسروِرنا ‪ُ ﴿ ،‬‬ ‫موا بسعاِتنا وفر ِ‬ ‫حسرة ً إذا عل ُ‬
‫دوا ْ َ‬
‫ما‬ ‫و ّ‬ ‫م ﴾ ‪َ ﴿،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ؤ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ة تَ ُ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ك َ‬ ‫صب ْ َ‬‫م ﴾ ‪ِ ﴿ ،‬إن ت ُ ِ‬ ‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫عن ِت ّ ْ‬ ‫َ‬
‫قد تمّنى لي شرا ً‬ ‫ت‬‫ن أنضج ُ‬ ‫بم ْ‬ ‫ُر ّ‬
‫ع‬
‫لم ُيط ْ‬ ‫آخرْلب‪ُ :‬‬
‫ه‬ ‫يوما ً ق‬ ‫وقال‬
‫دهرِ ل‬ ‫ب ال ّ‬ ‫أّني لري ْ ِ‬ ‫شامتين‬ ‫وتجّلدي لل ّ‬
‫ع‬ ‫عض‬ ‫أتض‬ ‫م‬ ‫يه‬ ‫أر‬ ‫ُ‬
‫دوا ً ول‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫بي‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫ِ ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫تش‬‫ُ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫الله‬ ‫))‬ ‫‪:‬‬ ‫ث‬
‫ِ‬ ‫الحدي‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وفي‬
‫سدا ً (( ‪.‬‬ ‫حا ِ‬
‫ء (( ‪.‬‬ ‫ة العدا ِ‬ ‫ن شمات ِ ِ‬ ‫وفيه ‪ )) :‬ونعوذُ بك م ْ‬
‫ة‬
‫ن غير شمات ِ‬ ‫وتهو ُ‬ ‫ب قد‬ ‫ل المصائ ِ‬ ‫كُ ّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ويصبرون للمصائ ِ‬ ‫العداِء‬ ‫ث‪،‬‬ ‫الفتىفي الحواد ِ ِ‬ ‫سمون‬ ‫على‬
‫وكانوار يتب ّ‬‫م ّ‬ ‫ت ُ‬
‫ُ‬
‫ل الغْيظ‬ ‫مِتين ‪ ،‬وإدخا ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬لرغام ِ أُنو ِ‬ ‫دون للخطو ِ‬ ‫ويتجل ّ ُ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫هُنوا ْ ل ِما أ َ‬ ‫ب الحاسدين ‪َ ﴿ :‬‬
‫ه ْ‬ ‫صاب َ ُ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫في قلو ِ‬
‫كاُنوا ْ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫و َ‬ ‫فوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬
‫ض ُ‬‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫**********************************‬
‫م‬ ‫تفاؤ ٌ‬
‫ل وتشاؤ ٌ‬
‫﴿ َ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫و ُ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فَزادَت ْ ُ‬ ‫مُنوا ْ َ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ما ال ّ ِ‬ ‫فأ ّ‬
‫في ُ ُ‬ ‫يست َبشرون}‪َ {124‬‬
‫ض‬
‫مَر ٌ‬ ‫هم ّ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ ِ ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫م َ‬
‫كا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ماُتوا ْ َ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬‫ج ِ‬ ‫ر ْ‬‫جسا ً إ َِلى ِ‬ ‫ر ْ‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫فَزادَت ْ ُ‬
‫شاقّ العسير ‪ ،‬ورأْوا في‬ ‫كثيٌر من الخيارِ تفاءلوا بالمرِ ال ّ‬
‫شْيئا ً‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت َك َْر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫ذلك خْيرا ً على المنهٍج الحقّ ‪َ ﴿ :‬‬
‫م ﴾‬ ‫شّر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫شْيئا ً َ‬ ‫حّبوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت ُ ِ‬ ‫ع َ‬
‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪273‬‬
‫ب‬ ‫ب ثلثا ً يكر ُ‬ ‫فهذا أبو الدرداِء يقو ُ ُ‬
‫س ‪ :‬أح ّ‬ ‫هها النا ُ‬ ‫ل ‪ :‬أح ّ‬
‫ض كّفرةٌ‬ ‫ة ‪ ،‬والمر َ‬ ‫ن الفقَر مسكن ٌ‬ ‫ت‪،‬ل ّ‬ ‫ض والموْ َ‬ ‫الَفْقَر والمَر َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫‪ ،‬والموت لقاٌء باللهِ عّز وج ّ‬
‫ن الكلب حتى‬ ‫مه ‪ ،‬وُيخبُر أ ّ‬ ‫ن الخَر يكرهُ الفقر ويذ ُ ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫هي تكره ُ الفقير ‪:‬‬
‫ت‬‫ت عليهِ وكشّر ْ‬ ‫هّر ْ‬ ‫ت يوما ً فقيرا ً‬ ‫إذا رأ ْ‬
‫أنيابها‬ ‫والح ُمى ً‬
‫ضهم فقال ‪:‬‬ ‫حب بها بع ُ‬ ‫معدمار ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫فسألُتها باللهِ أن ل‬ ‫ت مكّفرةُ‬ ‫زار ْ‬
‫ل عنها ‪ :‬ت ُْقل ِِعي‬ ‫ة‬
‫سريع ًُ‬ ‫المتنبي يقو‬ ‫ب‬ ‫نالذنو ِ‬ ‫لك ّ‬
‫ت في‬ ‫فعافْتها وبات ْ‬ ‫ت لها المطارف‬ ‫بذل ُ‬
‫َ‬ ‫م ع عظامي‬ ‫والحشايا ُ‬
‫ب‬‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬ال ّ‬ ‫ن ِ السج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف عليهِ السل ُ‬ ‫س‬ ‫وقال يو ُ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫عون َِني إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬ ‫م ّ‬‫ي ِ‬ ‫إ ِل َ ّ‬
‫س أيضا ً ‪:‬‬ ‫ن الحب ْ ِ‬ ‫لع ِ‬ ‫ن الجهم يقو ُ‬ ‫يب ُ‬ ‫وعل ّ‬
‫سي وأيّ مهن ّدٍ ل‬ ‫حب ْ‬ ‫ت‬
‫ست فقل ُ‬ ‫حب ِ ْ‬ ‫قالوا ُ‬
‫ل‪:‬‬‫يقود ُ ُ‬
‫بضائري محمد ٍ الكاتب ي ُْغم‬ ‫ي بن‬ ‫ن عل ّ‬
‫ليس‬
‫ولك ّ‬
‫ن‬
‫ي به الزما ُ‬ ‫أْنحى عل ّ‬ ‫ت‬
‫حبست فقل ُ‬ ‫قالوا ُ‬
‫خط ْ‬
‫ل ‪ :‬مرحبا ً‬ ‫فمعاد ُذ ٌ يقو ُ‬ ‫مْرص‬ ‫حبوا بهِال‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ور‬ ‫ر‬‫ٌ‬ ‫كثي‬ ‫ٌ‬
‫به‬ ‫ك ِد‬
‫ّ‬ ‫أح‬ ‫بن‬ ‫ٌ‬
‫ت‬ ‫والمو ُ‬
‫ن ندم ‪.‬‬ ‫ب جاء على فاقةٍ ‪ ،‬أفلح م ْ‬ ‫ت ‪ ،‬حبي ٌ‬ ‫بالمو ِ‬
‫ن الحمام ِ ‪:‬‬ ‫حصُين ب ُ‬ ‫ل في ذلك ال ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫لنفسي حياةً مْثل‬ ‫ت أستبقي‬ ‫خر ُ‬ ‫تأ ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ت نز ْ‬ ‫المو ُ‬ ‫ما‬‫أتقد ّ َ‬ ‫أنإذا‬ ‫ت‬ ‫بأس بالمو ِ‬ ‫جد ْ‬ ‫م‪ :‬أل ِ‬ ‫فلر ْ‬ ‫الخ ُ‬ ‫الحياة‬ ‫ل‬ ‫ويقو ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ت وسّبوه وفّروا من ُ‬ ‫مُروا من المو ِ‬ ‫ن الخرين تذ ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫س على حياةٍ ‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‬ ‫ص النا ِ‬ ‫فاليهود ُ أحر ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫فّرو َ‬ ‫ذي ت َ ِ‬ ‫ت ال ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫م‪ُ ﴿:‬‬ ‫عنه ْ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫قيك ُ ْ‬ ‫مَل ِ‬ ‫ُ‬
‫ضهم ‪:‬‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ومالي بعد هذا‬ ‫ومالي بعد هذا‬
‫س‬
‫س رأ ُ‬ ‫الرأ ِ‬ ‫ش‬
‫ش عي ٌ‬ ‫العي ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪274‬‬
‫ة عند البرارِ الشرفاِء ‪:‬‬ ‫ةع ْ‬
‫ذب ٌ‬ ‫ل في سبيل اللهِ أمني ٌ‬ ‫والقت ُ‬
‫من َينت َظُِر ﴾ ‪.‬‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫حب َ ُ‬
‫ضى ن َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫من َ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫ف ِ‬‫﴿ َ‬
‫ن رواحة ينشد ُ ‪:‬‬ ‫واب ُ‬
‫ة ذات فزٍع‬ ‫وطعن ً‬ ‫لكّنني أسأ ُ‬
‫ل‬
‫ف الّزبدا‬ ‫تقذِ ُ‬ ‫مغفر ّةً‬
‫ماح ‪:‬‬ ‫ن الط ّرِ‬ ‫نَ‬‫الرحم ُ‬
‫ل اب‬ ‫ويقو ُ‬
‫جعَ يعلو‬ ‫على شْر َ‬ ‫ل‬ ‫ب ل تجع ْ‬ ‫أيا ر ّ‬
‫من‬ ‫فِ‬
‫ج ِ‬ ‫المطافرِ ّ‬
‫يصابون في‬ ‫ن‬‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫بُ ُ‬ ‫تثاويا ً في‬ ‫أتا ً ْ‬‫شهيد‬‫ن‬‫تي إ ْ‬ ‫ن‬ ‫وفا‬
‫ولك ِ ْ‬
‫ل بثينة ‪:‬‬ ‫ل جمي ُ‬ ‫فُ‬
‫يقو ِ‬‫الرض ‪،‬خائ‬ ‫ل وفّر منه‬ ‫ره القت ْ َ‬ ‫مك ِ‬ ‫ةبعضه ْ‬ ‫ن ٍ‬ ‫عصاب‬
‫غير أ ّ‬
‫ن‬‫وأيّ جهاد ٍ غيرهُ ّ‬ ‫هد يا‬ ‫يقولون جا ِ‬
‫ُ‬ ‫جمي ُ‬
‫دُ ُ الموت على فراشي ‪،‬‬ ‫أريه‬
‫يةٍ ‪ :‬واللهِ إني أكر‬ ‫بغزو ّ‬‫العراب‬ ‫ل‬ ‫وقال‬
‫َ‬
‫سك ُ ُ‬
‫م‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فكيف أطلُبه في الثغورِ ﴿ ُ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫قل ل ّ ْ‬ ‫ن﴾‪ُ ﴿،‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ت ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ َ‬
‫ل إ َِلى‬ ‫قت ْ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن ك ُت ِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ل َب ََرَز ال ّ ِ‬ ‫ب ُُيوت ِك ُ ْ‬
‫ن النفوس هي التي‬ ‫ن الوقائع واحدةٌ لك ّ‬ ‫م ﴾‪.‬إ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ِ‬‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫تختل ُ‬
‫***********************************‬
‫أّيها النسان‬
‫ل من الحياةِ ‪ ،‬وسِئم العيش ‪،‬‬ ‫نم ّ‬ ‫ن ‪ :‬يا م ْ‬ ‫أّيها النسا ُ‬
‫ن هناك فتحا ً مبينا ً ‪،‬‬ ‫وضاق ذرعا ً باليام ِ وذاق الُغصص ‪ ،‬أ ّ‬
‫سرٍ ‪.‬‬ ‫دة ‪ ،‬وُيسرا ً بعد عُ ْ‬ ‫ونصرا ً قريبا ً ‪ ،‬وفرجا ً بعد ش ّ‬
‫ن‬
‫قك ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ن خل ِ‬‫ن يدْيك وم ْ‬ ‫ن بي ِ‬ ‫ن هناك ُلطفا ً خفي ّا ً م ْ‬ ‫إ ّ‬
‫د‬
‫ع َ‬ ‫و ْ‬ ‫هناك أمل ً مشرقا ً ‪ ،‬ومستقبل ً حافل ً ‪ ،‬ووعدا ً صادقا ً ‪َ ﴿ ،‬‬
‫شفا ً ‪،‬‬ ‫ة وك ْ‬ ‫ضيِقك فُْرج ً‬ ‫ه ﴾ ‪ .‬إن ل ِ‬ ‫عد َ ُ‬ ‫و ْ‬
‫ه َ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫خل ِ ُ‬‫ه َل ي ُ ْ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ل ‪ ،‬وإن هناك أنسا ً وروحا ً وندىً وطل ً وظل ً ‪﴿ .‬‬ ‫ولمصيبِتك زوا ٌ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عّنا ال ْ َ‬
‫حَز َ‬ ‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي أ َذْ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫مدُ ل ِل ّ ِ‬‫ح ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ‪ ،‬والتواء‬ ‫كك باليقي ِ‬ ‫ن ُتداوي ش ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن‪:‬آ َ‬ ‫أّيها النسا ُ‬
‫عوج الفكارِ بالُهدى ‪ ،‬واضطراب المسيرةِ‬ ‫رك بالحقّ ‪ ،‬و ِ‬ ‫ضمي ِ‬
‫بالّرشدِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪275‬‬
‫ق‪،‬‬ ‫جهِ الفجرِ الصاد ِ‬ ‫ن تقشع عنك غياهب الظلم ِ بو ْ‬ ‫آن أ ْ‬
‫ف ما‬ ‫س الِفتن بنورٍ يلق ُ‬ ‫ومرارةِ السى بحلوةِ الّرضا ‪ ،‬وحناد ِ‬
‫كون ‪.‬‬ ‫يأف ُ‬
‫م القاحل ِةِ أرضا ً مطمئن ّ ً‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن وراء بيداِئك ْ‬ ‫ن‪ :‬إ ّ‬ ‫أّيها النسا ُ‬
‫ن‬
‫ل مكا ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫غدا ً م ْ‬ ‫يأتيها رزُقها َر َ‬
‫ة‬
‫ضنى والجهاد ‪ ،‬جن ّ ً‬ ‫ل المشّقة وال ّ‬ ‫س جب ٍ‬ ‫ن على رأ ِ‬ ‫وإ ّ‬
‫ل من‬ ‫ل فط ّ‬ ‫ن لم يصْبها واب ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫ممرع ً‬ ‫ل ‪ ،‬فهي ُ‬ ‫أصابها واب ٌ‬
‫ل المنشود ِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬والم ِ‬ ‫ل الحس ِ‬ ‫الُبشرى والفأ ِ‬
‫ل ‪ :‬أل‬ ‫ه اللي ِ‬ ‫ن أصابه الرقُ ‪ ،‬وصرخ في وج ِ‬ ‫يا م ْ‬
‫َ‬
‫ح‬
‫صب ْ ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫شْر بالصبِح ﴿ أل َي ْ َ‬ ‫ل ‪ ،‬أب ِ‬ ‫ل أل اْنج ِ‬ ‫أّيها الليل الطوي ُ‬
‫ؤك نورا ً وحبورا ً وسرورا ً ‪.‬‬ ‫ح يمل ُ‬ ‫ب ﴾ ‪ .‬صب ٌ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ق‬
‫يا من أذهب ل ُبه الهم ‪ :‬رويدك ‪ ،‬فإن م ُ‬
‫ب‬
‫ق الغي ِ‬ ‫ن أفُ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫سح ً‬ ‫ن الثابِتة الصادِقة فُ ْ‬ ‫سن ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫فََرجا ً ‪ ،‬ولك م ْ‬
‫ح‬
‫ف دموعك ‪ ،‬وأرِ ْ‬ ‫ع ‪ :‬كْفك ِ ْ‬ ‫ملت عينك بالدم ِ‬ ‫ن‬ ‫يا م ْ‬
‫ن‬ ‫مقلتيك ‪ ،‬اهدأ ْ‬
‫ة ‪ ،‬وعليك م ْ‬ ‫ق الوجود ِ ولي ً‬ ‫ِ‬ ‫خال‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫لك‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫فإ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ن أّيها العبد ُ ‪ ،‬فقد ْ ُفرغ من القضاِء ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ة ‪ ،‬اطمئ‬ ‫لطفهِ رعاي ً‬
‫ف ‪ ،‬وذهب ظمأ ُ المشّقةِ ‪،‬‬ ‫ل الّلط ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َ‬ ‫ووقع الختياُر ‪ ،‬و َ‬
‫ه‬
‫ب لدي ِ‬ ‫ن ل يخي ُ‬ ‫ت عروقُ الجهدِ ‪ ،‬وثبت الجُر عند م ْ‬ ‫وابتل ّ ْ‬
‫ي‪.‬‬‫السعْ ُ‬
‫ف‬
‫ب على أمرِهِ ‪ ،‬لطي ٍ‬ ‫ل مع غال ٍ‬ ‫ن ‪ :‬فإنك تتعام ُ‬ ‫اطمئ ّ‬
‫صنِع في تدبيرِهِ ‪.‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫قهِ ‪ ،‬حس ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫بعباِده ‪ ،‬رحيم ٍ ب ْ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬والنتائج مريح ٌ‬ ‫ن العواقب حسن ٌ‬ ‫ن ‪ :‬فإ ّ‬ ‫اطمئ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫والخاتمة كريم ٌ‬
‫ق اجتماع ٌ ‪،‬‬ ‫ظمأ رِيّ ‪ ،‬وبعد الفرا ِ‬ ‫بعد الفقرِ ِغّنى ‪ ،‬وبعد ال ّ‬
‫م‬‫سهادِ نو ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬وبعد ال ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وبعد النقطاِع اّتصا ٌ‬ ‫ص ٌ‬ ‫جر وَ ْ‬ ‫وبعد اله ْ‬
‫مرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫كأ ْ‬ ‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫د ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ري ل َ َ‬ ‫هادئٌ ‪َ ﴿ ،‬ل ت َدْ ِ‬
‫ل الحادي‬ ‫ل وم ّ‬ ‫ـ ُ‬ ‫هم وْقد‬ ‫ت ناُر ُ‬ ‫لمع ْ‬
‫ف‬
‫وطْر ُ‬ ‫ل‬ ‫لِّلي ُ‬ ‫عليال ٌد‬ ‫وحار‬ ‫ن‬ ‫الليـ‬
‫س وفِ ْ‬ ‫ملعَُتها َ‬ ‫سّ‬‫فتأ ْ‬ ‫ع‬
‫ـ ِ‬ ‫كري من‬
‫م‬
‫ذاك الغرا ُ‬ ‫وغراميِلي ُ‬
‫ل‬ ‫عيني ك‬ ‫وفؤادي ذاك الفؤاد ُ‬ ‫البْيـ‬
‫خي ُ‬
‫ل‬ ‫الد ّ ِ‬ ‫المعّنى‬
‫ل تحزن‬
‫‪276‬‬
‫ت هل إليهِ‬ ‫ما ِ‬ ‫مل ِ ّ‬ ‫لل ُ‬ ‫ل‬‫وسأْلنا عن الوكي ِ‬
‫مجزِِلين فرد ٌ‬ ‫ل ال؟ ُ‬ ‫أكرم ُ‬ ‫سبي‬ ‫دناه صاحب‬ ‫جى‬ ‫المر ْ ّ‬ ‫فوج‬
‫ضنى‬ ‫ك وال ّ‬ ‫ضن ْ ِ‬‫لِع وال ّ‬ ‫بالجو ُ‬ ‫بونا ًفي الرض ‪ ،‬جلي‬ ‫كذ ّ ُط ُّر‬ ‫ِ‬ ‫مل ْ‬
‫المع‬ ‫أّيهاال ُ‬
‫ِ‬
‫ض ‪ ،‬أبشُروا ‪ ،‬فإنكم سوف تشبعون‬ ‫واللم ِ والفْقرِ والمر ِ‬
‫َ‬
‫ل إ ِذْ أدْب ََر}‪{33‬‬ ‫والل ّي ْ ِ‬ ‫حون ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ص ّ‬‫وتسعدون ‪ ،‬وتفرحون وت ِ‬
‫فَر ﴾ ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫والصبح إ َ َ‬
‫ذا أ ْ‬ ‫ّ ْ ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ولبد ّ للقي ْد ِ أ ْ‬ ‫ي‬
‫ن ينجل ِ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ّ‬
‫فلب ُد ّ ل ِلي ِ‬
‫شْرأبد الد ّهْرِ بين‬ ‫س‬
‫ينك ِ ْ‬ ‫يعِ‬ ‫صُعود‬ ‫ب ُ‬ ‫ن يتهي ّ ْ‬ ‫وم ْ‬
‫را ً ‪ ،‬وان ينتظر من ُ‬
‫ه‬ ‫حف ْ‬
‫خير‬ ‫ن برّبهال ُ‬ ‫على العبد ِ أن يظ ُ ّ‬ ‫ل‬
‫الجبا ِ‬ ‫وحقّ‬
‫ن أمُره في كلمةِ )‬ ‫نم ْ‬ ‫جو من مولهُ ُلطفا ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن ير ُ‬ ‫فضل ً ‪ ،‬وأ ْ‬
‫ن ُيتعل ّقَ بعهود ِهِ ‪ ،‬فل‬ ‫ن ُيوثق بموعودِهِ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫كن( ‪ ،‬جديٌر أ ْ‬ ‫ُ‬
‫س‬‫ل نف ٍ‬ ‫ه في ك ّ‬ ‫ضّر إل هو ‪ ،‬ول ُ‬ ‫ب النفع إل هو ‪ ،‬ول يدفع ال ّ‬ ‫يجل ُ‬
‫ج ‪ ،‬جعل‬ ‫ل ساعةٍ فََر ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وفي ك ّ‬ ‫ل حركةٍ حكم ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وفي ك ّ‬ ‫ُلط ٌ‬
‫شكر ‪ ،‬ويبتلي‬ ‫ط غَْيثا ً ‪ُ ،‬يعطي لي ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صبحا ً ‪ ،‬وبعد الق ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫بعد َ اللي ِ‬
‫ط البلء‬ ‫ح الن ّْعماء ليسمع الّثناء ‪ ،‬وُيسل ّ ُ‬ ‫صب ُِر ‪ ،‬يمن ُ‬ ‫ليعلم من ي ْ‬
‫وي معه الّتصال ‪،‬‬ ‫دعاُء ‪ ،‬فحريّ بالعبد ِ أن يق ّ‬ ‫لُيرفع إليه ال ّ‬
‫ويمد إليه الحبال ‪ ،‬ويكثر السؤال ﴿ وا َ‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫سأُلوا ْ الل ّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫في َ ً‬ ‫خ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ضّرعا ً َ‬ ‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬اد ْ ُ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫جود ِ كّفك ما‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬ ‫م ت ُرِد ْ نْيل ما‬ ‫لو ل ْ‬
‫متني ال ّ‬ ‫عل ّ‬ ‫أرجو وأط ْل ُ‬
‫طلبا في الصحراِء‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫الصحاب‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ببع‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫الحضرم‬ ‫ن‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬
‫انقطع العلُء ُ‬
‫ب‬
‫ت ‪ ،‬فنادى العلُء رّبه‬ ‫ؤهم ‪ ،‬وأشرُفوا على المو ِ‬ ‫‪ ،‬ونِفد ما ُ‬
‫ي يا‬‫القريب ‪ ،‬وسأل إلها ً سميعا ً مجيبا ً ‪ ،‬وهتف بقول ِهِ ‪ :‬يا عل ّ‬
‫ث في تلك اللحظةِ ‪،‬‬ ‫م ‪ .‬فنزل الغي ُ‬ ‫م يا حكي ُ‬ ‫م ‪ ،‬يا حكي ُ‬ ‫عظي ُ‬
‫ذي‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫وا دواّبهم ‪َ ﴿ .‬‬ ‫سق ْ‬ ‫فشرُبوا وتوضؤوا ‪ ،‬واغتسلوا و َ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫مت َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫شُر َر ْ‬ ‫وَين ُ‬ ‫طوا َ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ي ُن َّز ُ‬
‫د﴾‪.‬‬ ‫مي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫***************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪277‬‬
‫ن‬‫كو ُ‬‫س ُ‬ ‫ره ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م ذِك ْ ِ‬
‫ة اللهِ تعالى ‪ ،‬ومعرُفته ‪ ،‬ودوا ُ‬ ‫» محب ّ ُ‬
‫ف والرجاِء‬ ‫ب والخو ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة إليه ‪ ،‬وإفراُده بال ُ‬ ‫إليه ‪ ،‬والطمأنين ُ‬
‫حد َه ُ المستولي على‬ ‫ث يكون هو وَ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬بحي ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والمعامل ُ‬ ‫والّتوك ّ ُ‬
‫م الذي‬ ‫ة الدنيا ‪ ،‬والنعي ُ‬ ‫هموم ِ العبدِ وعزماِته وإرادِته ‪ .‬هو جن ّ ُ‬
‫حبين ‪ ،‬وحياة ُ العارفين « ‪.‬‬ ‫م ِ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م ‪ ،‬وهو قُّرة عي ِ‬ ‫ه نعي ٌ‬ ‫ل ُيشِبه ُ‬
‫ة‪:‬‬
‫ذكرِهِ والقناع ُ‬ ‫جب ِ‬ ‫ب باللهِ وحدهُ والّله ُ‬ ‫» تعل ّقُ القل ِ‬
‫ح الصدرِ والحياةُ‬ ‫ل الهموم ِ والغموم ِ ‪ ،‬وانشرا ُ‬ ‫ب لزوا ِ‬ ‫أسبا ٌ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ما ً ‪ ،‬م ّ‬‫ضيقُ صدرا ً ‪ ،‬وأك ْث َُر ه ّ‬ ‫ضد ّ ‪ ،‬فل أ ْ‬‫ضد ّ بال ّ‬‫الط ّّيبة ‪ .‬وال ّ‬
‫ه‬
‫كر اللهِ ‪ ،‬ولم يْقن َعْ بما آتاه ُ الل ُ‬ ‫تعّلق قلُبه بغيرِ اللهِ ‪ ،‬ونسي ذ ِ ْ‬
‫ة أكبُر شاهد ٍ « ‪.‬‬ ‫رب ُ‬‫‪ ،‬والّتج ِ‬
‫*************************************‬
‫تعّز بالمنكوبين‬
‫قَرى ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ما َ‬ ‫قد ْ أ َ ْ‬
‫هل َك َْنا َ‬ ‫ول َ َ‬
‫﴿ َ‬
‫ة ‪ ،‬أسرةُ‬‫ُ‬ ‫ة ‪ :‬البرامك ُ‬ ‫ة ماحق ً‬ ‫ة ساحق ً‬ ‫ة دامي ً‬ ‫كب نكب ً‬ ‫ن نُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وم ّ‬
‫تن ْ‬ ‫ُ‬ ‫ا ُ‬
‫كبُتهم‬ ‫سخاِء ‪ ،‬وأصبح ْ‬ ‫ل وال ّ‬ ‫ف والبذ ْ ِ‬ ‫لسرةُ الّبهةِ والت َّر ِ‬
‫م بْين‬ ‫ن هارون الرشيد سطا عليه ْ‬ ‫ة ومثل ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫عبرةً وعظ ً‬ ‫ِ‬
‫ف‬
‫ضحاها ‪ ،‬وكانوا في النعيم ِ غافلين ‪ ،‬وفي لحا ِ‬ ‫عشي ّةٍ و ُ‬
‫ه‬
‫منّعين ‪ ،‬فجاءهم أمُر الل ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن التر ِ‬ ‫الّرغدِ داِفئين ‪ ،‬وفي بستا ِ‬
‫س إليهم ‪ ،‬فخّرب‬ ‫ب النا ِ‬ ‫ى وهم يلعبون ‪ ،‬على يد ِ أقر ِ‬ ‫ضح ً‬ ‫ُ‬
‫هم ‪ ،‬واستلب‬ ‫سُتور ُ‬ ‫هم ‪ ،‬وهتك ُ‬ ‫م قصور ُ‬ ‫ُدورهم ‪ ،‬وهد َ‬
‫ح‬
‫جَر َ‬‫م ‪ ،‬وأسال دماءهم ‪ ،‬وأوردهم موارد الهاِلكين ‪ ،‬فَ َ‬ ‫عبيدهُ ْ‬
‫بمصاِبهم قلوب أحباِبهم ‪ ،‬وقّرح بنكاِلهم عيون أطفاِلهم ‪ ،‬فل‬
‫ن‬‫ن عبرةٍ م ْ‬ ‫مم ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وك ْ‬ ‫سلب ْ‬ ‫ن نعمةٍ عليهم ُ‬ ‫ه ‪ ،‬كم م ْ‬ ‫إله إل الل ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ر ﴾ ‪ .‬قبل‬ ‫صا ِ‬‫عت َب ُِروا َيا أوِلي اْلب ْ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ت‪َ ﴿،‬‬ ‫سفك ْ‬ ‫أجلِهم ُ‬
‫ج‬
‫ديبا ِ‬ ‫نكبتهم بساعةٍ ‪ ،‬كانوا في الحرير يْرُفلون ‪ ،‬وعلى ال ّ‬
‫هم ‪،‬‬ ‫ل ما دها ُ‬ ‫عون ‪ ،‬فيها لهوْ ِ‬ ‫س الماني يتر ُ‬ ‫يزحفون ‪ ،‬وبكأ ِ‬
‫ويا لفجيعةِ ما علهم‬
‫م‬
‫وهكذا ُتمحقُ الّيا ُ‬ ‫ب وإل ّ‬ ‫هذا المصا ُ‬
‫ل‬‫دو ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫غيُره جل ُ‬
‫ل‬
‫ل تحزن‬
‫‪278‬‬
‫ة‬
‫ن من الحدثان ‪ ،‬وغْفل ٍ‬ ‫م ٍ‬ ‫سنةٍ من الدهرِ ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫اطمأنوا في ِ‬
‫موا ْ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫س َ‬
‫سـاك ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫من اليام ِ ﴿ َ‬
‫َ‬
‫ضَرب َْنا ل َك ُ ُ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫س‬‫َ‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫أن‬
‫ت على‬ ‫مَثا َ‬ ‫َ‬
‫م البنود ُ ‪ ،‬واصطّف ْ‬ ‫سهِ ُ‬ ‫ت على رؤو ِ‬ ‫ل ﴾ ‪ .‬خفق ْ‬ ‫ال ْ‬
‫جوان ِِبهم الجنود ُ ‪.‬‬
‫كة‬‫مْر بم ّ‬ ‫س ُ‬ ‫س ولم ي ْ‬ ‫أني ٌ‬ ‫كن بين‬ ‫ن لم ي ُ‬ ‫كأ ْ‬
‫وتمت ُ ّرُعوا في صْفو الزمان‬ ‫م‬
‫ش لهين ‪،‬سا ِ‬ ‫ن إلى الصّفا‬
‫في لذ ّةِ العي ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫ح ُ‬
‫عوا‬ ‫رت ُ َ‬ ‫ال‬
‫خُلودا ً ‪،‬‬ ‫حما ً ‪ ،‬والدنيا ُ‬ ‫آمِنين ‪ ،‬ظّنوا السراب ماًء ‪ ،‬والورم ش ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫والفناء بقاًء ‪ ،‬وحسبوا الوديعة ل ُتسترد ّ ‪ ،‬والعارية ل ُتضم ُ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِل َي َْنا َل ي ُْر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا أن ّ ُ‬ ‫والمانة ل ُتؤّدى ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ت‬‫سّرا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫وللّزما ِ‬ ‫ن‬‫فجائعُ الدهرِ ألوا ٌ‬
‫ل‬
‫م على حا ٍ‬ ‫نُ‬ ‫يدو ُ‬ ‫وأحزا‬ ‫ول‬ ‫ةالداُر ل تبقي‬ ‫وهذه ٌ‬ ‫وع‬ ‫من ّ‬ ‫ُ‬
‫نرِ ‪ ،‬وفي لحظةٍ م ْ‬
‫ن‬ ‫القبو ُ‬ ‫لها شأ‬ ‫وا في‬ ‫فيدٍسرورٍ وأمس ْ‬ ‫على أح‬ ‫أصبحوا‬
‫م‪،‬‬ ‫ل سيف الّنقمةِ عليه ْ‬ ‫ن الرشيدِ ‪ ،‬س ّ‬ ‫ب هارو ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ت غَ َ‬ ‫لحظا ِ‬
‫م أحرق جثمانه ‪،‬‬ ‫هث ّ‬ ‫ي ‪ ،‬وصلب ُ‬ ‫فقتل جعفر بن يحيى البرمك ّ‬
‫ضل بن يحيى ‪ ،‬وصادر‬ ‫وسجن أباه يحيي بن خالدٍ ‪ ،‬وأخاه الف ْ‬
‫م وأملكهم ‪.‬‬ ‫أمواله ْ‬
‫داللهِ بن‬ ‫ل أبو جعفر المنصوُر محمد بن عب ِ‬ ‫ولما قَت َ َ‬
‫ن في‬ ‫داللهِ بن الحس ِ‬ ‫سهِ إلى أبيهِ عب ِ‬ ‫ن ‪ ،‬بعث برأ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال َ‬
‫س بين يديهِ ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫ن مع حاجب ِهِ الربيِع ‪ ،‬فوضعَ الرأ َ‬ ‫السج ِ‬
‫ه يا أبا القاسم ‪ ،‬فقد ْ كنت من الذين ُيفون بعهدِ‬ ‫رحمك الل ُ‬
‫ن‬
‫ه بهِ أ ْ‬ ‫صلون ما أمر الل ُ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬ول ينُقضون الميثاق ‪ ،‬والذين ي ِ‬
‫ب ‪ ،‬ثم تمّثل‬ ‫ون رّبهم ويخافون سوء الحسا ِ‬ ‫ُيوصل ويخش ْ‬
‫ل الشاعرِ ‪:‬‬ ‫بقو ِ‬
‫ت‬‫ويكفيه سوءا ِ‬ ‫ن‬
‫م ْ‬ ‫فتى كان يحميه ِ‬
‫بها له ‪ :‬قُ ْ‬ ‫الموررِ ‪،‬اجتنا ُ‬ ‫ل سيُفه‬ ‫الذ ّ ّ‬
‫ل‬ ‫وقال‬ ‫ب المنصو ِ‬ ‫والتفت إلى الربيع حاج ِ‬
‫مُثلها ‪،‬‬ ‫مك ِ‬ ‫ن نعي ِ‬ ‫مد ّةٌ ‪ ،‬وم ْ‬ ‫سنا ُ‬ ‫ن ُبؤ ِ‬ ‫لصاحِبك ‪ :‬قد ْ مضى م ْ‬
‫ه تعالى !‬ ‫والموعد ُ الل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪279‬‬
‫ف – وقيل ‪ :‬عمارةُ‬ ‫ن الحن ِ‬ ‫سب ُ‬ ‫وقد ْ أخذ هذا المعنى العبا ُ‬
‫ل – فقال ‪:‬‬ ‫ن عقي ٍ‬ ‫ب ُ‬
‫وى‬ ‫ن هَ َ‬ ‫نع ْ‬ ‫بنظرةِ عي ٍ‬ ‫ن تلحظي حالي‬ ‫فإ ْ‬
‫حجب‬ ‫س تُ ْ‬ ‫يالمن ّْف‬ ‫لممّررةً‬ ‫ك‬
‫وحال ك ُ ِ‬
‫ن ُ نعيم ِ‬
‫ك‬ ‫بيوم ٍ م ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫ُ ّ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫بؤ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جد‬ ‫ن ِ‬
‫ب‬ ‫حس ُ‬ ‫في ) قول على قول ( ‪ .‬ي ُ ْ‬ ‫عيشتي‬ ‫كما‬
‫ٍ‬
‫ي ؟ أين‬ ‫والن ‪ :‬أين هارون الرشيد ُ وأين جعفُر البرمك ّ‬
‫ل ؟ أين المُر والمأموُر ؟ أين الذين أصدر‬ ‫ل والمقتو ُ‬ ‫القات ُ‬
‫صِلب ؟‬ ‫أمره وهو على سريرهِ في قصرهِ ؟ وأين الذي قِتل و ُ‬
‫م‬‫دابر ‪ ،‬وسوف يجمُعهم الحك ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ل شيء ‪ ،‬أصبحوا كأم ِ‬
‫ها‬‫م َ‬ ‫عل ْ ُ‬‫ل ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ضم ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ل ليوم ِ ل ريب فيه ‪ ،‬فل ظ ُْلم ول ه ْ‬ ‫العد ْ ُ‬
‫م‬
‫و َ‬‫سى ﴾ ‪ ﴿ ،‬ي َ ْ‬ ‫وَل َين َ‬ ‫ل َرّبي َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ب ّل ي َ ِ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫عندَ َرّبي ِ‬ ‫ِ‬
‫ن َل‬ ‫ضو َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫ذ تُ ْ‬ ‫مئ ِ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ن ﴾ ‪ ﴿ ،‬يَ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫س ل َِر ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫في َ ٌ‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫فى ِ‬ ‫خ َ‬
‫تَ ْ‬
‫كبة ‪ ،‬هل‬ ‫ي ‪ :‬أرأيت هذه الن ْ‬ ‫قيل ليحيى بن خالدٍ البرمك ّ‬
‫ت في ظلم ِ‬ ‫تدري ما سبُبها ؟ قال ‪ :‬لعّلها دعوةُ مظلوم ٍ ‪ ،‬سر ْ‬
‫ن عنها غافلون ‪.‬‬ ‫ل ونح ُ‬ ‫اللي ِ‬
‫ن جعفر ‪ ،‬فقال‬ ‫داللهِ ب ِ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫ن معاوية ب ِ‬ ‫دالله ب ُ‬ ‫وُنكب عب ُ‬
‫في حْبسهِ ‪:‬‬
‫ت فيها‬ ‫من الموا ِ‬ ‫سنا ِ‬ ‫فل ْ‬ ‫ن‬
‫جَنا من الدنيا ونح ُ‬ ‫خَر ْ‬ ‫َ‬
‫وقلنا ‪ :‬جاء هذا‬ ‫الحياء‬ ‫جْبنا‬ ‫ول ِ‬ ‫ع‬ ‫ن يوما ً‬ ‫سجا ُ‬ ‫لهاال ّ‬ ‫من أه ِ‬
‫دخل‬ ‫إذا‬ ‫ِ‬
‫دنياأصبحنا الحديث‬ ‫نح ّ ُ‬
‫ن‬ ‫من ال‬ ‫إذا‬ ‫ج ّ‬
‫ل‬ ‫ؤيا ف ُ‬ ‫ح بالّر ْ‬ ‫ةٍ‬
‫لحاج ُ‬
‫ونفر‬
‫ت لم تنتظر‬ ‫ؤيا ْ‬ ‫بح ْ‬ ‫ن الق ُّر‬ ‫عن ْ‬ ‫وإ‬ ‫ت بطيئا ً‬ ‫ت كان ْ‬ ‫سن ْ‬ ‫نِثناح ُ‬ ‫حدي ْ‬ ‫فإ‬
‫ن سعيا‬ ‫مجي ُ‬
‫ه‬‫م ‪ ،‬فكتب ل ُ‬ ‫حكماِئه ْ‬ ‫تْ‬‫وأتم ْ‬ ‫ك فارس حكيما ً‬ ‫ئها أحد ُ ملو ِ‬ ‫ن‬ ‫سج َ‬
‫ة ‪ ،‬إل قّربْتني من‬ ‫ي فيها ساع ٌ‬ ‫مّر عل ّ‬ ‫نت ُ‬ ‫ل ‪ :‬إنها ل ْ‬ ‫ة يقو ُ‬ ‫رقع ً‬
‫سعة ‪ ،‬وأنت موعود ٌ‬ ‫الفرِج وقّربْتك من الّنقمةِ ‪ ،‬فأنا أنتظُر ال ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫بالضي ّ ِ‬
‫س ‪ ،‬عندما غلب عليه‬ ‫ن الندل ِ‬ ‫ن عّبادٍ سلطا ُ‬ ‫ب اب ُ‬ ‫وُينك ُ‬
‫ت الجواري‬ ‫ن الجاد ّةِ ‪ ،‬فكثُر ِ‬ ‫فع ِ‬ ‫ف ‪ ،‬وغلب عليهِ النحرا ُ‬ ‫التر ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪280‬‬
‫ف وسماع ُ الغناِء ‪،‬‬ ‫طنابيُر ‪ ،‬والعْز ُ‬ ‫ف وال ّ‬ ‫دفو ُ‬ ‫في بيتهِ ‪ ،‬وال ّ‬
‫ب – على‬ ‫ن المغر ِ‬ ‫فاستغاث يوما ً بابن تاشفين – وهو سلطا ُ‬
‫ن تاشفين البحر ‪ ،‬ونصَر‬ ‫س ‪ ،‬فعبر اب ُ‬ ‫أعدائ ِهِ الروم في الندل ِ‬
‫دورِ ‪،‬‬‫ق والقصورِ وال ّ‬ ‫ن عّبادٍ في الحدائ ِ‬ ‫ه اب ُ‬ ‫ابن عّبادِ ‪ ،‬فأنزل ُ‬
‫ن تاشفين كالسد ِ ‪ ،‬ينظُر في‬ ‫حب به وأكرمه ‪ .‬وكان اب ُ‬ ‫ور ّ‬
‫ن في نفسه شيئا ً ‪.‬‬ ‫جها ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ل المدينة وفي مخار ِ‬ ‫مداخ ِ‬
‫ة‬
‫ن تاشفين بجنوِده على المملك ِ‬ ‫وبعد ثلثةِ أيام هجم اب ُ‬
‫دوره‬ ‫ملكه ‪ ،‬وأخذ ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫الضعيفةِ ‪ ،‬وأسر ابن عّبادٍ وقّيده و َ‬
‫ت(‬‫ده ) أغما ٍ‬ ‫ه إلى بل ِ‬ ‫قهِ ‪ ،‬ون ََقل َ ُ‬ ‫مر قصوره ‪ ،‬وعاث في حدائ ِ‬ ‫ود ّ‬
‫س ﴾ ‪ .‬فتقّلد اب ُ‬
‫ن‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ها ب َي ْ َ‬ ‫ول ُ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫م نُ َ‬ ‫ك الّيا ُ‬ ‫وت ِل ْ َ‬ ‫أسيرا ً ‪َ ﴿ ،‬‬
‫م الذين‬ ‫سه ُ‬ ‫ن أهل الندل ِ‬ ‫حكم ِ ‪ ،‬وادعى أ ّ‬ ‫تاشفين ِزمام ال ُ‬
‫وه وأرادوه ‪.‬‬ ‫استدع ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ت ابن عّبادٍ ي ِ ْ‬
‫صلنه في السج ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ‪ ،‬وإذا ببنا ِ‬ ‫ت اليا ُ‬ ‫ومّر ِ‬
‫ب‬
‫ن بكى عند البا ِ‬ ‫ما رآه ّ‬ ‫ت ‪ ،‬فل ّ‬ ‫ت جائعا ٍ‬ ‫ت كسِيفا ٍ‬ ‫ت باكيا ٍ‬ ‫حافيا ٍ‬
‫‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫فساءك العيد ُ في‬ ‫كنت‬ ‫فيما مضى ُ‬
‫مأسوراما‬
‫س‬
‫يغزِلن للنا ِ‬
‫أغمات‬ ‫ْ‬ ‫مسروراالطماِر‬ ‫بناِِتك في‬ ‫بالعياد‬ ‫ترى‬
‫قطميرا‬ ‫كن‬ ‫مل ِ ْ‬ ‫ي ْ‬
‫ت‬‫حسيرا ٍ‬ ‫ن‬
‫أبصاُرهُ ّ‬ ‫حوك للّتسليم ِ‬ ‫ةن ْ‬ ‫جائع َ‬
‫نً‬ ‫ب ََرْز‬
‫يط ْ‬
‫مسكا ً‬ ‫سيرا تطأ ِ‬ ‫نها ِلم‬ ‫مكا‬
‫كأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫الطي‬ ‫في‬ ‫ة‬
‫خاشع ً‬‫أن‬
‫فورا عّباد ٍ ‪ ،‬فقال له ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫وكا ُ‬ ‫ةُر اب ُ ّ‬ ‫م حافي‬
‫الشاع ٌ‬ ‫دخل ُ‬‫والقدا‬
‫ن اللبانةِ على اب ِ‬ ‫م‬
‫ث ّ‬
‫سكا ً عليك‬ ‫م ْ‬ ‫ب بها ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫أ ُ‬ ‫سلم ِ‬ ‫شقْ رياحين ال ّ‬ ‫ت َن َ ّ‬
‫ذو ُنعمى فقد‬ ‫بأنكَتما‬ ‫حن ْ‬ ‫و َ‬ ‫نما مجازا ً إن عدمت‬ ‫وفإقُ ّ ْ‬
‫ل‬
‫منعماالّرعد ُ‬ ‫عليها ُوتاه‬ ‫كنت‬ ‫ُ‬ ‫ةالحيا والري ُ‬
‫ح‬ ‫حقيق‬
‫بكاك ً‬
‫معِْلما‬
‫ومدحها ‪.‬‬ ‫مك ُ‬ ‫الذهب ِ ّ‬
‫ي‬ ‫يوبهابديعة ‪ ،‬أوَْرَدها باس‬ ‫ج ُ‬
‫قصيدةٌ‬ ‫ت ُ‬ ‫وهيّق ْ‬ ‫ش‬
‫ه‬
‫ن عائشة – رضي الل ُ‬ ‫روى الترمذيّ ‪ ،‬عن عطاٍء ‪ ،‬ع ْ‬
‫دفن فيه‬ ‫دالله الذي ُ‬ ‫ت بقبرِ أخيها عب ِ‬ ‫عنها وأرضاها – أّنها مّر ْ‬
‫ت ‪ :‬يا عبداللهِ ‪ ،‬ما مثلي ومُثلك‬ ‫بمكة ‪ ،‬فسّلمت عليهِ ‪ ،‬وقال ْ‬
‫م‪:‬‬ ‫م ٌ‬ ‫مت ّ‬ ‫إل كما قال ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪281‬‬
‫من الدهرِ حتى ِقيل‬ ‫ة‬
‫م َ‬ ‫جذي ْ َ‬ ‫دماني ُ‬ ‫وك ُّنا كن ْ‬
‫المنايا رهط‬ ‫دعا‬ ‫يتص ّ‬ ‫أصاب‬ ‫ن‬ ‫ل ْ‬ ‫شنا بخيرٍ في‬ ‫ة‬
‫بره ْ ً‬ ‫ع‬‫ُو ِ‬
‫بعاٍع لم‬ ‫اجتما‬ ‫كسرى وت ُ ّ‬ ‫ل‬
‫طو ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫وقبلناكأّني‬ ‫الحياةِتفّرْقنا‬ ‫ما‬ ‫فل ّ‬
‫ة معا‬ ‫ت ليل ً‬ ‫نب ِ ْ‬ ‫وماِلك ً‬
‫دعْته ‪.‬‬ ‫تا وو ّ‬ ‫م بك ْ‬ ‫ث ّ‬
‫مم ِ بن نويرة ‪ :‬يا‬ ‫ل لمت ّ‬ ‫ه يقو ُ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫وكان عمُر رضي الل ُ‬
‫ت أني شاعٌر فأرثي أخي‬ ‫مم ‪ ،‬والذي نفسي بيده ‪ ،‬ل َوَدِد ْ ُ‬ ‫مت ّ‬
‫ن نجد إل ّ جاءتني بريِح زيد ٍ ‪ .‬يا‬ ‫صبا م ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫زيدا ً ‪ ،‬واللهِ ما هب ّ ِ‬
‫م يبكي‬ ‫ن زيدا ً أسلم قبلي وهاجَر وقتل قبلي ‪ ،‬ث ّ‬ ‫م‪،‬إ ّ‬ ‫متم ُ‬
‫مم ‪:‬‬ ‫عمر ‪ .‬يقول مت ّ‬
‫دموِع‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ذرا ِ‬ ‫حبيبي ِلت ْ‬ ‫مري لقد لم‬ ‫لع ْ‬
‫ك بين الّلوى‬ ‫سوافِ ِ‬
‫ثوى‬ ‫لقب ّرٍ‬
‫ال‬
‫ل ُ قب ٍ‬
‫ر‬ ‫علىكال ّبكا‬ ‫بأتبكي‬ ‫فقال ُ‬ ‫الحبي‬
‫ه قبُر‬ ‫فهذا كل ّ ُ‬ ‫ك‬
‫عنيدِ ِ‬ ‫دكا‬ ‫فال ْ ّ‬ ‫فد‬ ‫شجى‬ ‫ت له إن ال ّ‬ ‫هُ‬
‫رأيت ُ‬ ‫فقل‬
‫ن عبدون‬ ‫ك‬‫مال ِ ِ‬ ‫شجى‬ ‫ث ال ّ‬ ‫يبع ُ‬
‫فجاء الشاعُر اب ُ‬ ‫س‪،‬‬ ‫ُنكب بنو الحمرِ في الندل ِ‬
‫ُيعّزيهم في هذه المصيبةِ فقال ‪:‬‬
‫فما البكاُء على‬ ‫ن‬ ‫الد ّهُْر يفجعُ بعد العَي ْ ِ‬
‫صونارِ ِ‬
‫ب‬ ‫مةٍوال ّ‬
‫بين‬ ‫حَ‬
‫الشباوْ ِ‬
‫نن‬ ‫ع ْ‬ ‫أنهاك أنهاك ل آُلوك‬ ‫ر‬
‫بالث ِ‬
‫ت‬ ‫ن شاء ْ‬ ‫رْ‬ ‫بم ِ‬ ‫والّا ًظ ُّف‬ ‫ث علي‬ ‫تِ‬‫فدي ْ ْ‬
‫الل ّ‬ ‫ت عمرا ً‬ ‫إذ فد ْ‬ ‫موعظة‬ ‫وَل َْيتها‬
‫رِ‬ ‫البش‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ها ﴾ ‪ ﴿،‬إ ِن ّ َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من َ‬ ‫عال ِي َ‬ ‫عل َْنا َ‬ ‫ج َ‬ ‫مُرَنا َ‬ ‫جاء أ ْ‬ ‫بخارجةٍ َ‬ ‫ما‬ ‫فل َ ّ‬ ‫﴿ َ‬
‫خت َل َ َ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫فا ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ماء أنَزل َْناهُ ِ‬ ‫ة الدّن َْيا ك َ َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫َ‬
‫ى إِ َ‬
‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ما ي َأك ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ح َت ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫عا ُ‬ ‫والن ْ َ‬
‫َ‬
‫س َ‬ ‫ل الّنا ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ض ِ‬ ‫ت اَلْر ِ‬ ‫ه ن ََبا ُ‬ ‫بِ ِ‬
‫أَ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ها أن ّ ُ‬ ‫هل ُ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وظَ ّ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ز‬‫ّ‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫ز‬‫ُ‬ ‫ض‬ ‫ْ ُ‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫َ‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫علَنا َ‬ ‫ج َ‬ ‫ف َ‬ ‫هارا َ‬ ‫و نَ َ‬ ‫مُرَنا لي ْل ً أ ْ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫ها أَتا َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قاِدُرو َ‬ ‫َ‬
‫س﴾‪.‬‬ ‫م‬‫ْ‬
‫غن بال َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫صيدا ً ك ََأن ل ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫**************************************‬
‫ت الّرضا اليانعة‬
‫ثمرا ُ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ضوا ْ َ‬
‫عن ْ ُ‬ ‫وَر ُ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫عن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ض َ‬
‫﴿ ّر ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪282‬‬
‫ج عنه ‪ ،‬يرتفعُ بها‬ ‫ة كثيرةٌ وافرةٌ تنت ُ‬ ‫ت إيماني ٌ‬ ‫وللرضا ثمرا ٌ‬
‫ح راسخا ً في يقِينه ‪ ،‬ثابتا ً‬ ‫ل ‪ ،‬فُيصب ُ‬ ‫الراضي إلى أعلى المناز ِ‬
‫في اعتقاِده ‪ ،‬وصادقا ً في أقواِله وأعماِله وأحواِله ‪.‬‬
‫ه من الحكام عليه ‪.‬‬ ‫ن ما يكرهُ ُ‬ ‫جَريا ِ‬ ‫م عبودي ِّته في َ‬ ‫فتما ُ‬
‫ن‬
‫ب ‪ ،‬لكان أب َْعد شيٍء ع ْ‬ ‫جرِ عليه منها إل ّ ما يح ّ‬ ‫ولو لم ي ْ‬
‫ل والّرضا‬ ‫صبرِ والّتوك ِ‬ ‫م له عبودّية ‪ .‬من ال ّ‬ ‫عبودّية رّبه ‪ ،‬فل تت ّ‬
‫ن‬‫رها – إل ّ بجريا ِ‬ ‫ل والخضوِع وغَي ْ ِ‬ ‫والتضّرِع والفتقارِ والذ ّ ّ‬
‫ن في الرضا بالقضاِء الملئم‬ ‫القدرِ له بما يكرهُ ‪ ،‬وليس الشأ ُ‬
‫مؤْل ِم ِ المنافِرِ للط ّب ِْع ‪.‬‬ ‫ن في القضاِء ال ُ‬ ‫للطبيعةِ ‪ ،‬إنما الشأ ُ‬
‫كم في قضاِء اللهِ وقدِره ‪ ،‬فيرضى بما‬ ‫ن يتح ّ‬ ‫فليس للعبد ِ أ ْ‬
‫خي ََرة ُ ‪ ،‬ب ْ‬
‫ل‬ ‫ن البشر ما كان لهم ِ ال ِ‬ ‫ض ما شاء ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫شاء ويرف ُ‬
‫م‬
‫ل وأعلى ‪ ،‬لنه عال ُ‬ ‫م وأج ّ‬ ‫حك ُ‬ ‫م وأ ْ‬ ‫عل ُ‬‫الخيرة ُ اللهِ ‪ ،‬فهو أ ْ‬
‫ط بها ‪.‬‬ ‫ب المحي ُ‬ ‫م بالعواق ِ‬ ‫ب المط ّل ِعُ على السرائرِ ‪ ،‬العال ُ‬ ‫الغي ِ‬
‫رضا ً برضا ‪:‬‬
‫ه وتعالى في جميِع‬ ‫ن رضاه عن رّبه سبحان ُ‬ ‫ول ْي َْعلم أ ّ‬
‫ل من‬ ‫مُر رضا رُبه عنه ‪ ،‬فإذا رضي عنه بالقلي ِ‬ ‫ت ‪ُ ،‬يث ِ‬
‫الحال ِ‬
‫ل ‪ ،‬وإذا رضي عنه‬ ‫ل من العم ِ‬ ‫ق ‪ ،‬رضي رّبه عنه بالقلي ِ‬ ‫الّرز ِ‬
‫سَرع َ شيٍء إلى‬ ‫ت عنده ُ ‪ ،‬وجده ُ أ ْ‬ ‫ت ‪ ،‬واستو ْ‬ ‫في جميع الحال ِ‬
‫مخلصِين مع قِل ّ ِ‬
‫ة‬ ‫ضاه وتمّلقه ؛ ولذلك انظْر لل ُ‬ ‫رضاهُ إذا تر ّ‬
‫ه ورضي‬ ‫ضوا عن ُ‬ ‫مر ُ‬ ‫ه سعيهم لنه ْ‬ ‫عملِهم ‪ ،‬كيف رضي الل ُ‬
‫ه وكثيره ُ ؛‬ ‫ن الله رد ّ عملهم قليل ُ‬ ‫ف المنافقين ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م ‪ ،‬بخل ِ‬ ‫عنه ْ‬
‫ه ‪ ،‬فأحبط أعمالهم‬ ‫هوا رضوان ُ‬ ‫ل الله وكر ُ‬ ‫طوا ما أنز َ‬ ‫خ ُ‬ ‫لنهم ِ س ِ‬
‫‪.‬‬
‫خ ُ‬
‫ط‪:‬‬ ‫س ْ‬
‫ه ال ّ‬
‫خط فل ُ‬
‫نس ِ‬
‫م ْ‬
‫ب‪،‬‬‫ت القل ِ‬‫ن ‪ ،‬وشتا ِ‬ ‫م والحز ِ‬ ‫م والغ ّ‬
‫ب اله ّ‬ ‫سخ ُ‬
‫ط با ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ف ما هو‬‫ن بالله خل ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والظ ّ ّ‬
‫سوِء الحا ِ‬‫ل‪،‬و ُ‬ ‫ف البا ِ‬
‫وكس ِ‬
‫ح له باب جنةِ الدنيا‬ ‫ن ذلك كّله ‪ ،‬ويفت ُ‬ ‫صه م ْ‬‫أهُله ‪ .‬والرضا ُيخل ّ ُ‬
‫معاكسةِ القداِر‬ ‫مب ُ‬ ‫ي ل يت ّ‬ ‫ن الرتياح النفس ّ‬ ‫قبل الخرةِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن مدّبر‬ ‫ل‪،‬ل ّ‬ ‫ن والقُبو ِ‬ ‫ومضاّدة القضاِء ‪ ،‬بل بالتسليم ِ والذعا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪283‬‬
‫ت أذكُر قصة‬ ‫م في قضاِئه وقدرهِ ‪ ،‬ول زل ُ‬ ‫م ل ي ُّته ُ‬
‫المرِ حكي ٌ‬
‫ي الملحد ِ ‪ ،‬وكان فقيرا ً ‪ ،‬فرأى‬ ‫ابن الراونديّ الفيلسوف الذ ّك ّ ِ‬
‫ل الطائلةِ ‪ ،‬فنظر إلى‬ ‫دورِ والقصورِ والموا ِ‬ ‫عامي ّا ً جاهل ً مع ال ّ‬
‫ش فقيرا ً ‪ ،‬وهذا بليد ٌ‬ ‫ف الدنيا وأعي ُ‬ ‫السماِء وقال ‪ :‬أنا فيلسو ُ‬
‫ه إل‬‫ضيزى ‪ .‬فما زادهُ الل ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫ل ويحيا غني ّا ً ‪ ،‬وهذه ِقسم ٌ‬ ‫جاه ٌ‬
‫م َل‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬‫خَزى َ‬‫ة أَ ْ‬
‫خَر ِ‬‫ب اْل ِ‬ ‫ول َ َ‬
‫ع َ‬
‫ذا ُ‬ ‫مْقتا ً وذ ُل ّ وضْنكا ً ﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫صُرو َ‬ ‫ُين َ‬
‫فوائدُ الّرضا ‪:‬‬
‫ه‬
‫ب ‪ ،‬وسكون ُ‬ ‫طمأنينة ‪ ،‬وبرد القل ِ‬ ‫ب له ال ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫فالّرضا ُيو ِ‬
‫س والقضايا وكْثر ِ‬
‫ة‬ ‫شبهِ والتبا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ه عند اضطرا ِ‬ ‫وقراره وثبات ُ‬
‫ب بموعودِ اللهِ وموعود ِ رسوله ‪، ‬‬ ‫الواردِ ‪ ،‬فيثقُ هذا القل ُ‬
‫ه‬‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ن الحا ِ‬ ‫ل لسا ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ليما ً ﴾‬ ‫س ِ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫م إ ِّل ِإي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما َزادَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫صدَقَ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ‪ ،‬وعَد َ َ‬ ‫ه وانزعاج ُ‬ ‫ب اضطراب قلِبه ‪ ،‬وريبت ُ‬ ‫‪ .‬والسخط يوج ُ‬ ‫ُ‬
‫خطا ً متمّردا ً ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فيبقى قِلقا ً ناِقما ً سا ِ‬ ‫ه وتمّزق ُ‬ ‫قرارِهِ ‪ ،‬ومرض ُ‬
‫رورا ً ﴾‬ ‫غ ُ‬‫ه إ ِّل ُ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عدََنا الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل‪ّ ﴿:‬‬ ‫ن حاِله يقو ُ‬ ‫فلسا ُ‬
‫م الحقّ ‪ ،‬يأتوا إليه‬ ‫كن له ُ‬ ‫ب إن ي ُ‬ ‫ب هذه القلو ِ‬ ‫‪ .‬فأصحا ُ‬
‫ن أصابهم‬ ‫صدِفون ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫مي ْ‬ ‫طوِلبوا بالحقّ إذا ه ْ‬ ‫عِنين ‪ ،‬وإن ُ‬ ‫مذ ِ‬ ‫ُ‬
‫ة انقلُبوا على وجوهِهم ‪،‬‬ ‫ن أصابتهم فتن ٌ‬ ‫خيٌر اطمأّنوا به ‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬كما‬ ‫مِبي ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سَرا ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫و ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬‫ك ُ‬ ‫خسُروا الدنيا والخرةِ ﴿ ذَل ِ َ‬
‫ل عليه السكينة التي ل أ َن َْفعَ له منها ‪ ،‬ومتى‬ ‫ن الرضا ُينز ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ت أحواُله ‪ ،‬وصلح باُله ‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬استقام وصلح ْ‬ ‫ت عليه السكين ُ‬ ‫نزل ْ‬
‫ه‬
‫ت عن ُ‬ ‫حل ْ‬ ‫ب قل ِّته وكثرِته ‪ ،‬وإذا تر ّ‬ ‫ده منها بحس ِ‬ ‫سخط ُيبعِ ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ب‬‫طي ُ‬ ‫ةو ِ‬ ‫ن والراح ُ‬ ‫م ُ‬ ‫حل عنه السروُر وال ْ‬ ‫ة ‪ ،‬تر ّ‬ ‫السكين ُ‬
‫ة‬
‫ل السكين ِ‬ ‫ده ‪ :‬تنّز ُ‬ ‫ن أع ْظ َم ِ نعم ِ اللهِ على عب ِ‬ ‫ش ‪ .‬فم ْ‬ ‫العي ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ن أعظم ِ أسباِبها ‪ :‬الرضا عنه في جميِع الحال ِ‬ ‫عليهِ ‪ .‬وم ْ‬
‫صم رّبك ‪:‬‬
‫ل ُتخا ِ‬
‫ب تعالى في‬ ‫مخاصمةِ الر ّ‬‫ن ُ‬
‫ص العبد م ْ‬‫والرضا يخل ّ ُ‬
‫ة له فيما لم‬
‫مخاصم ٌ‬ ‫سخط عليهِ ُ‬ ‫ن ال ّ‬
‫مه وأقضيِته ‪ .‬فإ ّ‬
‫أحكا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪284‬‬
‫ن عَد َم ِ رضاه‬ ‫ل مخاصمةِ إبليس لرّبه ‪ :‬م ْ‬ ‫يرض به العبد ُ ‪ ،‬وأص ُ‬
‫ن ألحد َ ‪،‬‬ ‫دينِية والكونِية ‪ .‬وإّنما ألحد م ْ‬‫مه ال ّ‬ ‫بأقْ ِ‬
‫ضي َِته ‪ ،‬وأحكا ِ‬
‫ه نازعَ رّبه رداء العظمةِ وإزار الكبرياِء ‪،‬‬ ‫ن جحد لن ُ‬ ‫حد َ م ْ‬‫ج ِ‬
‫و َ‬
‫ل الوامر ‪ ،‬وينتهِ ُ‬
‫ك‬ ‫ت ‪ ،‬فهو ُيعط ّ ُ‬
‫ن لمقام ِ الجبرو ِ‬ ‫ع ْ‬‫ولم ُيذ ِ‬
‫ن للقضاِء ‪.‬‬‫ع ْ‬‫ط المقادير ‪ ،‬ولم ُيذ ِ‬ ‫خ ُ‬‫المناهي ‪ ،‬ويتس ّ‬
‫عد ْ ٌ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ض وقضاءٌ َ‬ ‫حك ْ ٌ‬
‫م ما ٍ‬ ‫ُ‬
‫ل فيه ‪ ،‬كما‬ ‫ؤه عد ْ ٌ‬ ‫ده ‪ ،‬وقضا ُ‬ ‫ض في عب ِ‬ ‫ب ما ٍ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫حك ُ‬‫و ُ‬
‫ل في‬ ‫عدْ ٌ‬ ‫مك ‪َ ،‬‬ ‫ي حك ُ‬ ‫ضف ّ‬ ‫ث ‪ )) :‬ما ٍ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫ّ‬
‫ل الظلم ِ‬ ‫ن أه ِ‬ ‫ل ‪ ،‬فهو م ْ‬ ‫ن لم يرض بالعد ِ‬ ‫قضاؤك (( ‪ .‬وم ْ‬
‫سه ‪،‬‬ ‫م على نف ِ‬ ‫م الحاكمين ‪ ،‬وقد ْ حّر الظل ّ َ‬ ‫ه أحك ُ‬ ‫والجوْرِ ‪ .‬والل ُ‬
‫دس سبحانه وتنّزه ع ْ ُ ْ‬ ‫وليس بظل ّم ٍ للعبيدِ ‪ ،‬وتق ّ‬
‫ن ظلم ِ‬
‫ن أن ُْفسهم يظلمون ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫النا ِ‬
‫ب‪،‬‬‫م قضاء الذن ِ‬ ‫ل في قضاؤك (( ي َعُ ّ‬ ‫وقوُله ‪َ )) :‬‬
‫عد ْ ٌ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن قضاِئه عّز وج ّ‬ ‫نم ْ‬ ‫ن المري ِ‬ ‫وقضاء أثرِهِ وعقوبِته ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ب ‪ ،‬وفي قضاِئه‬ ‫ل العادلين في قضاِئه بالذن ِ‬ ‫وهو أعد ُ‬
‫ب على العبد ِ لسراٍر‬ ‫بعقوبِته ‪ .‬وقد يقضي سبحانه بالذن ِ‬
‫مة ما ل‬ ‫ح العظي ِ‬ ‫ن لها من المصال ِ‬ ‫م بها ‪ ،‬قد يكو ُ‬ ‫وخفايا هو أع ْل َ ُ‬
‫هو ‪.‬‬ ‫مها إل ُ‬ ‫يعل ُ‬
‫ط‪:‬‬
‫سخ ِ‬
‫ل فائدة في ال ّ‬
‫م يحّبه‬ ‫ت ما أخطأه ُ م ّ‬ ‫ن يكون لفوا ِ‬ ‫ما أ ْ‬
‫م الّرضا ‪ :‬إ ّ‬ ‫وعد ُ‬
‫ن ما‬ ‫طه ‪ .‬فإذا تيّقن أ ّ‬ ‫هه وُيسخ ُ‬ ‫ما لصابةٍ بما يكر ُ‬ ‫ويريدهُ ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ن لُيخطئه ‪ ،‬فل‬ ‫ن لُيصيَبه ‪ ،‬وما أصابه لم يك ْ‬ ‫أخطأه لم يك ُ ْ‬
‫ل ما‬ ‫ت ما ينفُعه ‪ ،‬وحصو ُ‬ ‫طه بعد ذلك إل فوا ُ‬ ‫فائدة في سخ ِ‬
‫ق يا أبا‬ ‫م بما أنت ل ٍ‬ ‫ف القل ُ‬ ‫يضّره ‪ .‬وفي الحديث ‪ )) :‬ج ّ‬
‫ر‪،‬‬‫هي من القد ِ‬ ‫ء ‪ ،‬وانت ُ ِ‬ ‫غ من القضا ِ‬ ‫ر َ‬ ‫هريرة ‪ ،‬فقدْ ُ‬
‫ف ِ‬
‫ت‬
‫ف ِ‬ ‫م ‪ ،‬وج ّ‬ ‫ت القل ُ‬ ‫فع ِ‬
‫ت المقاديُر ‪ ،‬وُر ِ‬ ‫وك ُِتب ِ‬
‫ف (( ‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ُ‬
‫ال ّ‬
‫ة مع الّرضا ‪:‬‬
‫السلم ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪285‬‬
‫ه سليما ً ‪ ،‬نقي ّا ً‬ ‫ل قلب ُ‬ ‫ح له باب السلمةِ ‪ ،‬فيجع ُ‬ ‫والرضا يفت ُ‬
‫ن‬
‫ب اللهِ إل م ْ‬ ‫ن عذا ِ‬ ‫ل ‪ ،‬ول ينجو م ْ‬ ‫ل والغ ّ‬ ‫دغ ِ‬ ‫ش وال ّ‬ ‫من الغ ّ‬
‫ش ّ‬
‫ك‬ ‫شبهِ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م من ال ّ‬ ‫سال ِ ُ‬‫ب سليم ٍ ‪ ،‬وهو ال ّ‬ ‫أتى الله بقل ٍ‬
‫ده‬ ‫ه‪ ،‬ووع ْ ِ‬ ‫ده ‪ ،‬وتخذيل ِهِ وتسويِف ِ‬ ‫جن ِ‬‫س إبليس و ُ‬ ‫ك ‪ ،‬وتلب ّ ِ‬ ‫شر ِ‬ ‫وال ّ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫م ذَْر ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه‪ُ ﴿ :‬‬‫ب ليس فيهِ إل الل ُ‬ ‫ده ‪ ،‬فهذا القل ُ‬ ‫ووعي ِ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫عُبو َ‬ ‫م ي َل ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ِ‬‫و ِ‬
‫خ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ط وعدم ِ‬ ‫سخ ِ‬ ‫ب من ال ّ‬ ‫ة القل ِ‬ ‫ل سلم ُ‬ ‫وكذلك تستحي ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫سل َ َ‬ ‫الرضا ‪ ،‬وكّلما كان العبد ُ أشد ّ رضا ً ‪ ،‬كان قلُبه أ ْ‬
‫ب‬‫ة القل ِ‬ ‫ط ‪ .‬وسلم ُ‬ ‫سخ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ش ‪ :‬قري ُ‬ ‫ل والغ ّ‬ ‫ث والد ّغ َ ُ‬ ‫فالخب ُ‬
‫ت‬
‫ن ثمرا ِ‬ ‫ن الرضا ‪ .‬وكذلك الحسد ُ هو م ْ‬ ‫حه ‪ :‬قري ُ‬ ‫وبّره وُنص ُ‬
‫ت الرضا ‪ .‬فالرضا‬ ‫ن ثمرا ِ‬ ‫ه‪:‬م ْ‬ ‫ب من ُ‬ ‫ة القل ِ‬ ‫ط ‪ .‬وسلم ُ‬ ‫السخ ِ‬
‫ن التوحيدِ ‪،‬‬ ‫ص في بستا ِ‬ ‫شجرةٌ طّيبة ‪ُ ،‬تسقى بماِء الخل ِ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬ولها ثمرةٌ ياِنع ٌ‬ ‫ل الصالح ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وأغصاُنها العما ُ‬ ‫أصُلها اليما ُ‬
‫ن رضي‬ ‫نم ْ‬ ‫عم اليما ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬ذاق ط ْ‬ ‫حلوُتها ‪ .‬في الحدي ِ‬
‫د نبيا ً (( ‪ .‬وفي‬ ‫ه رب ّا ً ‪ ،‬وبالسلم دِينا ً ‪ ،‬وبحم ٍ‬ ‫بالل ِ‬
‫ن حلوة‬ ‫ن فيه وجد به ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫ثم ْ‬ ‫الحديث أيضا ً ‪ )) :‬ثل ٌ‬
‫ن ‪. (( ....‬‬ ‫اليما ِ‬
‫ش ّ‬
‫ك‪:‬‬ ‫ب ال ّ‬ ‫خ ُ‬
‫ط با ُ‬ ‫س ْ‬
‫ال ّ‬
‫ك في اللهِ ‪ ،‬وقضائه ‪،‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ح عليهِ باب ال ّ‬ ‫سخ ُ‬
‫ط يفت ُ‬ ‫وال ّ‬
‫نش ّ‬
‫ك‬ ‫طم ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫م السا ِ‬‫سل َ َ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫مهِ ‪ ،‬فق ّ‬ ‫وقدِره ‪ ،‬وحكمت ِهِ وعل ِ‬
‫ن كان ل يشعُر به ‪ ،‬فلوْ فّتش‬ ‫ل فيه ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ل قلبه ‪ ،‬ويتغلغ ُ‬ ‫ُيداخ ُ‬
‫ن الرضا‬ ‫ه معلول ً مدخول ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫جد َ يقين ُ‬
‫ش ‪ ،‬لوَ َ‬ ‫نفسه غاية التفتي ِ‬
‫ن ‪ ،‬وهذا‬ ‫سخط قرينا ِ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وال ّ‬ ‫مصطحبا ِ‬ ‫ن ُ‬
‫واليقين أخوا ِ‬
‫ن استطعت أن‬ ‫ث الذي في الترمذيّ ‪ )) :‬إ ِ‬ ‫معنى الحدي ِ‬
‫ن ‪ ،‬فافعل ‪ .‬فإن لم‬ ‫تعمل بالّرضا مع اليقي ِ‬
‫س خْيرا ً‬ ‫ف ُ‬ ‫تستطع ‪ ،‬فإن في الصبر على ما تكره الن ّ ْ‬
‫و‬
‫ل ‪ ،‬غاضِبون ول ْ‬ ‫ن الداخ ِ‬ ‫طون ناِقمون م ْ‬ ‫كثيرا ً (( ‪ .‬فالساخ ُ‬
‫ة ‪ ،‬مفاُدها ‪ِ :‬لم هذا ؟‬ ‫ت وأسئل ٌ‬ ‫موا ‪ ،‬عندهم إشكال ٌ‬ ‫م يتكل ّ‬
‫ل ْ‬
‫ن هذا ؟ ولماذا وقع هذا ؟‬ ‫وكيف يكو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪286‬‬
‫ن‪:‬‬
‫م ٌ‬
‫ى وأ ْ‬
‫غن ً‬
‫الّرضا ِ‬
‫ى‬
‫ه صدرهُ ِغن ً‬ ‫ن مل قلبه من الرضا بالقدر ‪ ،‬مل الل ُ‬ ‫وم ْ‬
‫ل عليه‬ ‫ة ‪ ،‬وفّرغ قلبه لمحب ِّته والناِبة إليه ‪ ،‬والّتوك ّ ِ‬ ‫منا ً وقناع ً‬ ‫وأ ْ‬
‫ظه من الّرضا ‪ ،‬امتل قلُبه بضد ّ ذلك ‪ ،‬واشتغل‬ ‫ن فاته ح ّ‬ ‫‪ .‬وم ْ‬
‫حه ‪.‬‬ ‫ما فيه سعادُته وفل ُ‬ ‫ع ّ‬
‫ط يفّرغُ القلب من الل ِ‬
‫ه‬ ‫فالّرضا ُيفّرغ ُ القلب للهِ ‪ ،‬والسخ ُ‬
‫ج‪،‬‬ ‫ط ‪ ،‬ول قرار لناقِم ٍ ‪ ،‬فهو في أمر مري ٍ‬ ‫خ ٍ‬ ‫‪ ،‬ول عيش لسا ِ‬
‫ه زهيدةٌ ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬وعطّيت ُ‬ ‫خ ٌ‬ ‫ه با ِ‬ ‫ص ‪ ،‬وحظ ّ ُ‬ ‫ه ناق ٌ‬ ‫ن رزق ُ‬ ‫يرى أ ّ‬
‫ل‬‫ن هذا ‪ ،‬وأرفع وأج ّ‬ ‫كثر م ْ‬ ‫ة ‪ ،‬فيرى أنه يستحقّ أ ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫هج ّ‬ ‫ومصائب ُ‬
‫ه وابتله ‪،‬‬ ‫مه ومنعَ ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫هو َ‬ ‫ن رّبه – في نظرِهِ – بخس ُ‬ ‫‪ ،‬لك ّ‬
‫س وكيف يرتاح ‪ ،‬وكيف يحيا ؟ ﴿‬ ‫وأضناهُ وأرهََقه ‪ ،‬فكيف يأن ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ك بأ َن ّهم ات ّبعوا ما أ َ‬
‫ه‬
‫وان َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫هوا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫َ ِ‬ ‫ك‬‫و‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ط‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ذَل ِ َ ِ ُ ُ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫ه ْ‬‫مال َ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ط أَ ْ‬‫حب َ َ‬‫فأ ْ‬
‫َ َ‬

‫شك ُْر ‪:‬‬


‫ثمرةُ الّرضا ال ّ‬
‫ت‬‫ن أعلى مقاما ِ‬ ‫والرضا ُيثمُر الشكر الذي هو م ْ‬
‫ر‬
‫ل شك ِ‬ ‫ن غاية المناز ِ‬‫ن ‪ .‬فإ ّ‬‫ة اليما ِ‬‫ن ‪ ،‬بل هو حقيق ُ‬ ‫اليما ِ‬
‫مه ‪،‬‬‫ن يرضى بمواهبه وأحكا ِ‬ ‫هم ْ‬‫المولى ‪ ،‬ول يشك ُُر الل ُ‬
‫س بال ً ‪،‬‬‫م النا ِ‬ ‫ذه وعطاِئه ‪ ،‬فالشاكُر أْنع ُ‬ ‫ره ‪ ،‬وأخ ِ‬ ‫صنِعه وتدبي ِ‬
‫و ُ‬
‫وأحسُنهم حال ً ‪.‬‬
‫ط الكفُر ‪:‬‬
‫سخ ِ‬
‫ثمرةُ ال ّ‬
‫ده ‪ ،‬وهو ك ُْفُر الّنعم ِ ‪ ،‬وربما أثمر له‬ ‫مر ض ّ‬ ‫ط ُيث ِ‬ ‫والسخ ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ك ُْفر المنِعم ‪ .‬فإذا رضي العبد ُ عن رّبه في جميِع الحال ِ‬
‫ن من الراضين الشاكرين ‪ .‬وإذا‬ ‫شكره ‪ ،‬فيكو ُ‬ ‫أوجب له لذلك ُ‬
‫سُبل الكافرين ‪.‬‬ ‫ه الرضا ‪ ،‬كان من الساخطين ‪ ،‬وسلك ُ‬ ‫فات ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ت ِ‬ ‫ل في الديانا ِ‬ ‫ت والخل ُ‬ ‫ف في العتقادا ِ‬ ‫وإنما وقع الحي ْ ُ‬
‫ل يقترحون‬ ‫ن كثيرٍ من العبيدِ يريدون أن يكونوا أربابا ً ‪ ،‬ب ْ‬ ‫كوْ ٍ‬
‫َ‬
‫حّلون على مولهم ما يريدون‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬ ‫على رّبهم ‪ ،‬وي ُ ِ‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫سول ِ ِ‬‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬‫ي الل ّ ِ‬
‫ن ي َدَ ِ‬‫موا ب َي ْ َ‬ ‫مُنوا َل ت ُ َ‬
‫قدّ ُ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪287‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫سخ ُ‬
‫ط مصيدةٌ للشيطا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن غالبا ً عند السخ ِ‬
‫ط‬ ‫ن إنما يظفُر بالنسا ِ‬ ‫والشيطا ُ‬
‫طه ‪،‬‬ ‫والشهوةِ ‪ ،‬فهناك يصطاُده ‪ ،‬ولسّيما إذا استحكم سخ ُ‬
‫ل ما ل ُيرضيه ‪ ،‬وينوي ما‬ ‫ب ‪ ،‬ويفع ُ‬ ‫ل ما ل ُيرضي الّر ّ‬ ‫ه يقو ُ‬ ‫فإن ُ‬
‫ي ‪ ‬عند موت ابنهِ إبراهيم ‪:‬‬ ‫ل ُيرضيهِ ‪ ،‬ولهذا قال النب ّ‬
‫ل إل ما‬ ‫ن ‪ ،‬ول نقو ُ‬ ‫ع العي ُ‬ ‫ب وتدم ُ‬ ‫ن القل ُ‬ ‫)) يحز ُ‬
‫ب‬‫ج ُ‬ ‫ض التي ُتو ِ‬ ‫ن موت البنين من العوار ِ‬ ‫ُيرضي رّبنا (( ‪ .‬فإ ّ‬
‫ل في‬ ‫ه ل يقو ُ‬ ‫ي ‪ ‬أن ُ‬‫للعبد ِ السخط على الَقد َرِ ‪ ،‬فأخبَر النب ّ‬
‫س ‪ ،‬فيتكّلمون بما‬ ‫ُ‬
‫ل هذا المقام ِ – الذي يسخطه أكثُر النا ِ‬ ‫مث ْ ِ‬
‫ل ُيرضي الله ‪ ،‬ويفعلون ما ل يرضيه – إل ما ُيرضي رّبه‬
‫تبارك وتعالى ‪ .‬ولو لمح العبد ُ في القضاِء بما يراه ُ مكروها ً‬
‫ب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫إلى ثلثةِ أمورٍ ‪ ،‬لهان عليه المصا ُ‬
‫خب َُر‬
‫هأ ْ‬ ‫ل في عله ‪ ،‬وأن ُ‬ ‫مه بحكمةِ المقد ّرِ ج ّ‬ ‫ولها ‪ :‬عل ُ‬ ‫أ ّ‬
‫بمصلحةِ العبدِ وما ينفُعه ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬كما‬ ‫ب الجزي ٍ‬ ‫ن ينظر للجرِ العظيم ِ والثوا ِ‬ ‫ثانيها ‪ :‬أ ْ‬
‫ن عبادِهِ ‪.‬‬ ‫وعد الله م ُ‬
‫م ْ‬ ‫صيب فصبر ِ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬والتسليم والذعان‬ ‫حكم والمر للّر ّ‬ ‫ثالُثها ‪ :‬أن ال ُ‬
‫ك﴾ ‪.‬‬ ‫ة َرب ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫مو َ‬ ‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬‫للعبد ِ ‪ ﴿ :‬أ َ ُ‬
‫ج الهوى ‪:‬‬
‫الّرضا ُيخر ُ‬
‫ب ‪ ،‬فالراضي هواهُ تبعٌ‬ ‫ج الهوى من القل ِ‬ ‫والرضا ُيخر ُ‬
‫لمرادِ رّبه منه ‪ ،‬أعني المراد الذي يحّبه رّبه ويرضاه ُ ‪ ،‬فل‬
‫ه‬
‫ن كان مع ُ‬ ‫ب أبدا ً ‪ ،‬وإ ْ‬‫يجتمعُ الرضا واّتباعُ الهوى في القل ِ‬
‫ن هذا ‪ ،‬فهو للغاِلب عليه منهما ‪.‬‬ ‫ةم ْ‬ ‫ن هذا ‪ ،‬وشعب ٌ‬ ‫ةم ْ‬ ‫ُ‬
‫شعب ٌ‬
‫م اللهِ على‬ ‫فسل ُ‬ ‫كم في‬ ‫ن كان رضا ُ‬ ‫إ ْ‬
‫سِني‬‫وَ َ‬ ‫سهري‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬ ‫ب ل ِت َْر َ‬ ‫َ‬
‫ت إ ِلي ْك َر ّ‬ ‫َ‬ ‫جل ْ ُ‬
‫ع ِ‬ ‫و َ‬
‫﴿ َ‬
‫فما لجْرٍج إذا‬ ‫م ما‬ ‫ن كان سّرك ُ ُ‬ ‫إ ْ‬
‫م‬‫أرضاكمو أل ُ‬ ‫دنا‬
‫س ُ‬ ‫قال حا ِ‬
‫******************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪288‬‬
‫وقفـــة‬
‫فك في‬ ‫ء ‪ ،‬يعر ْ‬ ‫ه في الرخا ِ‬ ‫ف إلى الل ِ‬ ‫)) تعّر ْ‬
‫دة (( ‪.‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ب‬‫ه( أيْ ‪ :‬تحب ّ ْ‬ ‫ف( بتشديدِ الّراِء )إلى الل ِ‬ ‫» )تعّر ْ‬
‫ه على سابِغ نعمِته ‪ ،‬والصبر‬ ‫شكرِ ل ُ‬ ‫ب إليهِ بطاعِته ‪ ،‬وال ّ‬ ‫وتقّر ْ‬
‫ل بلي ِّته ‪.‬‬ ‫ص قبل نزو ِ‬ ‫ق اللتجاِء الخا ِ‬ ‫ضيت ِهِ ‪ ،‬وصد ْ ِ‬ ‫مّر أقْ ِ‬ ‫تحت ُ‬
‫ر‬
‫سعَةِ العم ِ‬ ‫ن والنعمةِ و َ‬ ‫م ِ‬
‫دعةِ وال ْ‬ ‫ء( أيْ ‪ :‬في ال ّ‬ ‫)في الرخا ِ‬
‫ت ‪ ،‬حتى‬ ‫ت والنفاق في الُقُربا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬فالزم ِ الطاعا ِ‬ ‫حةِ البد ِ‬ ‫وص ّ‬
‫فك في‬ ‫صفا ً عنده بذلك ‪ ،‬معروفا ً به ‪) .‬يعر ْ‬ ‫تكون مت ّ ِ‬
‫ق مخرجا ً ‪،‬‬ ‫ضي ٍ‬ ‫ل ِ‬ ‫نك ّ‬ ‫جها عنك ‪ ،‬وجعِْله لك م ْ‬ ‫دة( بتفري ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ف«‪.‬‬ ‫ن ذلك الّتعّر ِ‬ ‫م فرجا ً ‪ ،‬بما سلف م ْ‬ ‫له ّ‬ ‫نك ّ‬ ‫وم ْ‬
‫ه‬
‫ة بقلب ِ ِ‬ ‫ص ٌ‬
‫ة خا ّ‬ ‫ن يكون بين العبد ِ وبين ّربهِ معرف ٌ‬ ‫» ينبغي أ ْ‬
‫س بهِ في خلوِته ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬فيأن ُ‬ ‫ه من ُ‬ ‫ده قريبا ً للستغناِء ل ُ‬ ‫ث يج ُ‬ ‫‪ ،‬بحي ُ‬
‫ل العبد ُ‬ ‫ره ودعاِئه ومناجاِته وطاعِته ‪ ،‬ول يزا ُ‬ ‫ويجد ُ حلوة ذك ْ ِ‬
‫ف ‪ ،‬فإذا كان‬ ‫ب في الدنيا والبْرزِخ والموق ِ‬ ‫كر ٍ‬‫يقع في شدائد و ُ‬
‫صة ‪ ،‬كفاهُ ذلك كّله « ‪.‬‬ ‫ة خا ّ‬ ‫ه وبين رّبه معرف ٌ‬ ‫بين ُ‬
‫*************************************‬
‫ن‬
‫ت الخوا ِ‬
‫ن هفوا ِ‬
‫ِ‬ ‫الغضاءُ ع‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْ‬
‫هِلي َ‬
‫جا ِ‬
‫ن ال َ‬
‫ع ِ‬
‫ض َ‬
‫ر ْ‬
‫ع ِ‬
‫وأ ْ‬
‫ف َ‬
‫عْر ِ‬
‫مْر ِبال ُ‬
‫وأ ُ‬
‫و َ‬
‫ف َ‬ ‫ذ ال َ‬
‫خ ِ‬
‫ُ‬ ‫﴿‬
‫‪.‬‬ ‫﴾‬
‫خل َُقْين‬
‫ق أو ُ‬ ‫خل ٍ‬
‫ن يزهد فيهِ – أي الخ‪ -‬ل ُ ُ‬ ‫ل ينبغي أ ْ‬
‫ن‬
‫مه ‪ ،‬ل ّ‬‫شي ِ‬ ‫مد أكثَر ِ‬ ‫ه‪ ،‬إذا رضي سائر أخلِقه ‪ ،‬وح ِ‬ ‫ينكُرهما من ُ‬
‫معوٌز ‪ ،‬وقد ْ قال الك ِْنديّ ‪ :‬كيف تريد ُ‬ ‫اليسير مغفوٌر ‪ ،‬والكمال ُ‬
‫ن نْفس‬ ‫خُلقا ً واحدا ً ‪ ،‬وهو ذو طبائع أربٍع ‪ .‬مع أ ّ‬ ‫ن صديِقك ُ‬ ‫م ْ‬
‫س به ‪ ،‬ومدّبرة ٌ باختياِره‬ ‫ص النفو ِ‬ ‫ن التي هي أخ ّ‬ ‫النسا ِ‬
‫ل ما يريد ُ ‪ ،‬ول ُتجيُبه إلى‬ ‫وإرادِته ‪ ،‬ل ُتعطيه قِيادها في ك ّ‬
‫ك‬‫ره ؟! ﴿ ك َذَل ِ َ‬ ‫س غي ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فكيف بنف ِ‬ ‫ل ما يج ُ‬ ‫طاعِته في ك ّ‬
‫كوا‬ ‫فَل ت َُز ّ‬ ‫م﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ُ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫هو أ َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫أن‬‫َ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪289‬‬
‫ن أخيك أكثُره ‪ ،‬وقد ْ قال أبو‬ ‫ن يكون لك م ْ‬ ‫سُبك أ ْ‬ ‫وح ْ‬
‫ن‬
‫ده ‪ ،‬م ْ‬ ‫ن فْق ِ‬ ‫خي ٌْر م ْ‬ ‫ة الِخ َ‬ ‫معاتب َ ُ‬‫الدرداِء – رضي الله عنه ‪ُ : -‬‬
‫لك بأخيك كّله ؟! فأخذ الشعراُء هذا المعنى ‪ ،‬فقال أبو‬
‫العتاهية ‪:‬‬
‫ن‬ ‫نيا بك ّ‬ ‫َُ‬
‫ل أخيك م ْ‬ ‫من‬ ‫ن لك ِ‬ ‫يم ْ‬ ‫أأخ ّ‬
‫ط‬
‫ن لم ت ُعْ ِ‬ ‫كك ّ‬ ‫ل ْ‬ ‫بني ْ الد‬
‫لم ْ‬ ‫ـك‬ ‫ق بعضك ل‬ ‫ستب ْ ِ‬ ‫فا‬
‫ك ُل ّ ْ‬
‫ك‬ ‫وقال َ ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ملـأبو تمام ٍ الطائ ّ‬ ‫يَ‬
‫ن لك يوما ً بأخيك‬ ‫م ْ‬ ‫ما غبن المغبون‬
‫ف‬‫ن قل ّةِ النصا ِ‬ ‫م ْ‬‫ف‪ِ ،‬‬ ‫النصا ِ‬ ‫ب ك ُل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫الحكماء ‪ :‬ط َل َ ُ‬ ‫ه‬
‫ضْقل ِ ِ‬ ‫بع ع ُ‬ ‫ل‬‫وقالث ْ ُ‬
‫م‬
‫ِ‬
‫‪.‬‬
‫سنا ‪ ،‬فكيف نرضى‬ ‫ن أنُف ِ‬ ‫ضينا ع ْ‬ ‫ن ما ر ِ‬ ‫ضهم ‪ :‬نح ُ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫رنا !!‬ ‫ن غي ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ل حمدت سيرته ‪،‬‬ ‫ض البلغاِء ‪ :‬ل ُيزهدّنك في رج ٍ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ب‬‫ضله ‪ ،‬وبطنت عقله – ع َي ْ ٌ‬ ‫وارتضيت وتيرته ‪ ،‬وعرفت فَ ْ‬
‫ب صغيٌر تستغفُر له قوةُ‬ ‫ط به كثرةُ فضائِله ‪ ،‬أو ذن ٌ‬ ‫ي ‪ ،‬تحي ُ‬ ‫خف ّ‬
‫ن فيه‬ ‫ذبا ً ل يكو ُ‬ ‫مه ّ‬ ‫جد – ما بقيت – ُ‬ ‫نت ِ‬ ‫وسائِله ‪ ،‬فإنك ل ْ‬
‫ب ‪ ،‬فاعتبْر بنفسك بعد ُ أل ّ تراها بعي ِ‬
‫ن‬ ‫ب ‪ ،‬ول يقعُ منه ذن ٌ‬ ‫عي ٌ‬
‫ن في اعتباِرك‬ ‫حكم ِ الهوى ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫الرضا ‪ ،‬ول تجري فيها على ُ‬
‫طفك على‬ ‫ب ‪ ،‬ويع ِ‬ ‫بها ‪ ،‬واختباِرك لها ‪ ،‬ما ُيواسيك مما تطل ُ‬
‫ب ‪ ،‬وقد قال الشاعُر ‪:‬‬ ‫ن ُيذن ُ‬ ‫م ْ‬
‫ن ُتعد ّ‬ ‫كفى المرء ُنبل ً أ ْ‬ ‫ن ذا الذي ُترضى‬ ‫وم ْ‬
‫ه‬
‫معايب ُ ْ‬ ‫لها‬ ‫سجاياهُ ك ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ذبيان‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫وقال النابغ‬
‫ي‬
‫ثأ ّ‬ ‫على شع ٍ‬ ‫ستب ْق أخا ً‬
‫م ْ ٍ‬ ‫ولست ب ُ‬
‫اختباِره ‪ ،‬واختباِر‬ ‫ب‬‫المهذ ّ ِ‬ ‫ن‬‫لم ْ‬ ‫رجاهُ ِ‬‫وصفنا‬ ‫ض هذا القول ما ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫وليستل ُ ّ‬
‫م‬
‫ينق ُ‬ ‫ل‬
‫ه ‪ ،‬هذا ل‬ ‫ن ما اعوز فيه معفوّ عن ُ‬ ‫ل الربع فيه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫الخصا ِ‬
‫ن في‬ ‫ن ُتسيء الظ ّ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬ول أ ْ‬ ‫دها من ُ‬ ‫ن ُتوحشك فترةٌ تج ُ‬ ‫ينبغي أ ْ‬
‫كره ‪،‬‬ ‫ن منه ‪ ،‬ما لم تتحّقق تغّيره ‪ ،‬وتتيّقن تن ّ‬ ‫كبوةٍ تكو ُ‬
‫ت الخواطرِ ‪،‬‬ ‫س ‪ ،‬واستراحا ِ‬ ‫ت النفو ِ‬ ‫ف ذلك إلى فترا ِ‬ ‫وليصر ْ‬
‫ص‬‫سه التي هي أخ ّ‬ ‫مراعاةِ نف ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن النسان قد يتغي ُّر ع ْ‬ ‫فإ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪290‬‬
‫ل منها ‪.‬‬ ‫ن عداوةٍ لها ‪ ،‬ول مل ٍ‬ ‫ن ذلك م ْ‬ ‫س به ‪ ،‬ول يكو ُ‬ ‫النفو ِ‬
‫ق قد‬ ‫ن على صدي ٍ‬ ‫سدّنك الظ ّ ّ‬ ‫حكم ِ ‪ :‬ل ُيف ِ‬ ‫وقد ْ قيل في منثورِ ال ِ‬
‫ن‬‫ي‪،‬م ْ‬ ‫ن محمدٍ لبِنه ‪ :‬يا ُبن ّ‬ ‫ن له ‪ .‬وقال جعفُر ب ُ‬ ‫أصلحك اليقي ُ‬
‫م يُقل فيك سوى الحقّ ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬فل ْ‬ ‫غضب من إخواِنك ثلث مّرا ٍ‬
‫ق‬
‫ن حقو ٍ‬ ‫ب‪:‬م ْ‬ ‫ن وه ٍ‬ ‫نب ُ‬ ‫خل ّ ‪ .‬وقال الحس ُ‬ ‫سك ِ‬ ‫ذه لنف ِ‬ ‫خ ْ‬‫فات ِ‬
‫ن ‪ ،‬والغضاُء عن تقصير إن كان ‪.‬‬ ‫خذ ُ ع َْفوِ الخوا ِ‬ ‫المود ّةِ أ ْ‬
‫ه – في قوِله تعالى ‪﴿ :‬‬ ‫ه عن ُ‬ ‫ي – رضي الل ُ‬ ‫ن عل ّ‬ ‫وقد روي ع ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل ﴾ ‪ ،‬قال ‪ :‬الّرضا بغيرِ عتا ٍ‬ ‫مي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ص َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ن الروم ّ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫شربا‬ ‫ن أو ُيكد ُّر م ْ‬ ‫م بعي ٍ‬ ‫ي ُل ِ ّ‬ ‫س والدنيا ولب ُد ّ‬ ‫م النا ُ‬ ‫ه ُ‬
‫ذب في الدنيا ولست‬ ‫مه ّ‬ ‫ـ ُ‬ ‫ف أّنك‬ ‫ىةِ النصا ِ‬ ‫قذل ّ ً‬ ‫نق‬ ‫ن ْ‬ ‫وم ْ‬ ‫م‬
‫ذبا‬ ‫المه َ‬ ‫ض الشعراِء ‪:‬‬ ‫بع ُ‬ ‫وقالالـ‬ ‫تبتغي‬
‫ن هجُرنا مطُر‬ ‫ولك ْ‬ ‫وا ُ ُ‬
‫صلنا على اليام ِ‬ ‫تَ َ‬
‫علىِععل ّت ِهِ داني‬ ‫الّربي‬ ‫ن‬
‫ه لك ْ‬ ‫صوْب ُ ُ‬ ‫عك َ‬ ‫ق ُ‬ ‫يبا ُ ٍ‬
‫رو‬
‫ل المطاِع‬ ‫سوىِعد ُ‬ ‫الن ُّزو‬ ‫ن تلقى‬ ‫معاذ اللهِ أ ْ‬ ‫تراهُ‬
‫مطي َِع‬ ‫غضابا ً‬
‫كم‬ ‫من ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫ما َز َ‬ ‫مت ُ ُ‬
‫ه‬ ‫حال َ‬‫على ْ‬ ‫وَر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ض‬‫ْ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫وَل‬ ‫ول َ ِ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫بدا ً ﴾‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫دأ َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ح بل‬ ‫عود ٌ يُفو ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫وه ْ‬ ‫ذبا ً ل عيب‬ ‫مه ّ‬ ‫تريد ُ ُ‬
‫قى ﴾ ‪.‬‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫دخا‬
‫عل َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫هو أ َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫أن‬ ‫كوا َ‬ ‫فيهت َُز ّ‬ ‫فَل‬ ‫﴿ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫********************************************‬
‫****‬
‫ة والفرا ُ‬
‫غ‬ ‫ح ُ‬
‫ص ّ‬
‫ال ّ‬
‫ر‬
‫مك ‪ ،‬وفراغ وقِتك ‪ ،‬بالتقصي ِ‬ ‫حة جس ِ‬ ‫ص ّ‬
‫ينبغي أل تضّيع ِ‬
‫ل الجتهاد‬ ‫ملك ‪ ،‬فاجع ْ‬ ‫فع ِ‬ ‫في طاعةِ رّبك ‪ ،‬والّثقةِ بسال ِ‬
‫ن‬
‫ل الزما ِ‬ ‫حِتك ‪ ،‬والعمل فرصة فراِغك ‪ ،‬فليس ك ّ‬ ‫غنيمة ص ّ‬
‫ة‬
‫خلو ِ‬ ‫مستعدا ً ول ما فات مستدركا ً ‪ ،‬وللفراِغ زي ْغٌ أو ند ٌ‬
‫م ‪ ،‬ولل ْ‬
‫ف‪.‬‬
‫ل أو أس ٌ‬‫مي ْ ٌ‬
‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪291‬‬
‫ة ‪ ،‬وللنساِء‬ ‫ل غْفل ٌ‬ ‫ة للرجا ِ‬ ‫ب ‪ :‬الراح ُ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫وقال عمُر ب ُ‬
‫ة‪.‬‬‫غ ُْلم ٌ‬
‫جَهدة ً ‪ ،‬فالفراغُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الشغ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ن يك ِ‬ ‫وقال بزرجمهُر ‪ :‬إ ْ‬
‫مْفسد َةٌ ‪.‬‬
‫ت ‪ ،‬فإنها ُتفسد ُ‬ ‫م والخلوا ِ‬ ‫ض الحكماِء ‪ :‬إّياك ْ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫العقول ‪ ،‬وتعِقد ُ المحلول ‪.‬‬
‫ض يومك في غير منفعةٍ ‪ ،‬ول‬ ‫ض البلغاِء ‪ :‬ل تم ِ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ر‬
‫ن ينَفد َ في غي ِ‬ ‫تضعْ مالك في غْير صنيعةٍ ‪ ،‬فالعمُر أقصُر م ْ‬
‫ن ُيصرف في غيرِ الصانع ‪،‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫لم ْ‬ ‫ل أق ّ‬ ‫المنافِع ‪ ،‬والما ُ‬
‫ن ُيفني أيامه فيما ل يعود ُ عليه نفُعه‬ ‫نأ ْ‬ ‫لم ْ‬ ‫ل أج ّ‬‫والعاق ُ‬
‫جُره ‪.‬‬‫صل له ثواُبه وأ ْ‬ ‫ه فيما ل يح ُ‬ ‫وخيرهُ ‪ ،‬وُينفق أموال ُ‬
‫ل عيس ابن مريم ‪ ،‬على نبينا وعليه‬ ‫ن ذلك قو ُ‬ ‫وأبلغُ م ْ‬
‫ن كان‬ ‫ت ‪ ،‬فم ْ‬ ‫صم ُ‬ ‫ة ‪ :‬المنطقُ ‪ ،‬والّنظُر ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م ‪ :‬البّر ثلث ٌ‬ ‫السل ُ‬
‫ن كان نظُره في غي ْرِ اعتباٍر‬ ‫منطُقه في غيرِ ذكرٍ فقد لغا‪ ،‬وم ْ‬
‫مته في غيرِ فِك ْرٍ فقد لها ‪.‬‬ ‫ن كان ص ْ‬ ‫فقد ْ سها ‪ ،‬وم ْ‬
‫********************************************‬
‫ي الذين آمُنوا‬
‫ه ول ّ‬
‫الل ُ‬
‫ى ‪ ،‬ولبد ّ‬ ‫العبد ُ بحاجةٍ إلى إلهٍ ‪ ،‬وفي ضرورةٍ إلى مول ً‬
‫حكم ِ ‪ ،‬والغنم ِ ‪ ،‬والغناِء‬ ‫في اللهِ من الُقدرةِ والّنصرةِ ‪ ،‬وال ُ‬
‫ك‬‫ف بذلك هو الواحد ُ الحد ُ المل ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫والقوةِ ‪ ،‬والبقاِء ‪ .‬وال ُ‬
‫ل في عله ‪.‬‬ ‫ن‪،‬ج ّ‬ ‫المهيم ُ‬
‫ن به ‪،‬‬ ‫كن العبد ُ إليهِ ويطمئ ّ‬ ‫ت ما يس ُ‬ ‫فليس في الكائنا ِ‬
‫ه سبحانه ‪ ،‬فهو ملذ ُ الخائفين ‪،‬‬ ‫جه إليه إل الل ُ‬ ‫م بالّتو ّ‬ ‫ويتنعّ ُ‬
‫ث المستغيثين ‪ ،‬وجاُر المستجيرين ‪﴿ :‬‬ ‫ملجِئين ‪ ،‬وغوْ ُ‬ ‫ومعاذ ُ ال ُ‬
‫وَل‬ ‫جيُر َ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫م ﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬
‫غيُثو َ‬ ‫إ ِذْ ت َ ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫ع﴾‪،‬‬ ‫في ٌ‬‫ش ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬‫ه َ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫ه ﴾ ‪ ﴿ ،‬ل َي ْ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫جاُر َ‬ ‫يُ َ‬
‫ة‬
‫ن أحّبه وحصل له به مود ّة ٌ في الحيا ِ‬ ‫ن عبد غْير اللهِ ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫وم ْ‬
‫ن‬
‫مم ْ‬ ‫سدةٌ لصاحبه أعظ ُ‬ ‫مْف َ‬‫الدنيا ‪ ،‬ونوع ٌ من الل ّذ ّةِ – فهو َ‬
‫ة‬
‫ه ٌ‬‫ما آل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬ ‫ل الطعام ِ المسموم ِ ﴿ ل َ ْ‬ ‫مفسدةِ التذاذِ أك ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪292‬‬
‫ما‬ ‫ع ّ‬ ‫ش َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫سدََتا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫إ ِّل الل ّ ُ‬
‫ن تألها الله الحقّ ‪ ،‬فلو كان‬ ‫ن قوامُهما بأ ْ‬ ‫ن ﴾ فإ ّ‬ ‫فو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ي له‬ ‫م ّ‬ ‫هلس ِ‬ ‫ن إلها ً حّقا ً ‪ ،‬إذ الل ُ‬ ‫ة غيُر اللهِ ‪ ،‬لم يك ْ‬ ‫فيهما آله ٌ‬
‫حها ‪ ،‬هذا من‬ ‫سد ‪ ،‬لنتفاء ما به صل ُ‬ ‫ت تف ُ‬ ‫مْثل له ‪ ،‬فكان ْ‬ ‫ول ِ‬
‫جهة اللهية ‪ .‬فعُِلم بالضرورة اضطرار العبد ِ إلى إلهِهِ ومولهُ‬
‫ف‬‫ل الفاني بالباقي ‪ ،‬والضعي ِ‬ ‫ره ‪ ،‬وهو اّتصا ُ‬ ‫وكاِفيهِ وناص ِ‬
‫خذ الله رب ّا ً وإلها ً ‪،‬‬ ‫ن لم يت ّ ِ‬ ‫لم ْ‬ ‫ي ‪ ،‬وك ّ‬ ‫بالقويّ ‪ ،‬والفقيرِ بالغن ّ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت والمرغوبا ِ‬ ‫اّتخذ غيره من الشياِء والصورِ والمحبوبا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ِ‬ ‫ت َ‬ ‫فصار عبدا ً لها وخادما ً ‪ ،‬ل محالة في ذلك ‪ ﴿ :‬أَرأي ْ َ‬
‫ة ﴾ ‪ .‬وفي‬ ‫ه ً‬ ‫ه آل ِ َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ذوا ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫وات ّ َ‬ ‫ه﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫وا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫خذَ إ ِل َ َ‬ ‫ات ّ َ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬كم تعبدُ ؟ (( قال ‪ :‬أعبد ُ سبع ً‬ ‫حصي ْ ُ‬ ‫ث ‪ )) :‬يا ُ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ض ‪ ،‬وواحدا ً في السماِء ‪ .‬قال ‪ )) :‬فم ْ‬
‫ن‬ ‫ة في الر ِ‬ ‫ست ً‬
‫ِلرغِبك وِلرهِبك ؟ (( ‪ .‬قال ‪ :‬الذي في السماِء ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫ء‬
‫د الذي في السما ِ‬ ‫ض ‪ ،‬واعب ُ ِ‬ ‫ك التي في الر ِ‬ ‫)) فاتُر ِ‬
‫(( ‪.‬‬
‫ك به‬ ‫ن يعبد الله ل ُيشر ُ‬ ‫ن فقر العبدِ إلى اللهِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫واعل ْ‬
‫ض‬
‫ن بع ِ‬ ‫ه–م ْ‬ ‫ن ُيشب ِ ُ‬ ‫س به ‪ ،‬لك ْ‬ ‫شيئا ً ‪ ،‬ليس له نظيٌر فُيقا ُ‬
‫ب ‪ ،‬وبينهما‬ ‫الوجوهِ – حاجة الجسدِ إلى الطعام ِ والشرا ِ‬
‫فروقٌ كثيرةٌ ‪.‬‬
‫حه ‪ ،‬وهي ل صلح لها إل‬ ‫ن حقيقة العبد ِ قلُبه وُرو ُ‬ ‫فإ ّ‬
‫ره‬ ‫ن في الدنيا إل بذك ْ ِ‬ ‫بإلهها اللهِ الذي ل إله إل هو ‪ ،‬فل تطمئ ّ‬
‫ن لقاِئه ‪ ،‬ول‬ ‫ملقيُته ‪ ،‬ولب ُد ّ لها م ْ‬ ‫دحا ً ف ُ‬ ‫ة إليه ك ْ‬ ‫‪ ،‬وهي كادح ٌ‬
‫صلح لها إل بلقائ ِهِ ‪.‬‬
‫حّبا‬‫ه أشد ّ ُ‬ ‫كان له الل ُ‬ ‫ن لقاء اللهِ قد‬ ‫وم ْ‬
‫ه فضل ً ول‬ ‫حمت ُ‬ ‫ر ْ‬ ‫سه الكارِهُ‬ ‫وعك ُ‬ ‫أحّبا‬
‫لبغيرِ اللهِ ‪ ،‬فل يدو ُ‬ ‫سروك ِر ْ‬ ‫اسأ ْ‬
‫م‬ ‫ت أو تت ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫للعبد ل ّ‬ ‫ل‬ ‫حصل‬ ‫ولوفالله‬
‫ص‪،‬‬ ‫إلى شخ ٍ‬ ‫ص‬
‫ن شخ ٍ‬ ‫ن نوع إلى نوع ‪ ،‬وم ْ‬ ‫لم ْ‬ ‫ل ينتق ُ‬ ‫ذلك ‪ ،‬ب ْ‬
‫ل ‪ ،‬وتارة ً أخرى يكون‬ ‫ُ‬
‫ت وفي بعض الحوا ِ‬ ‫م بهذا في وق ٍ‬ ‫ويتنعّ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪293‬‬
‫ل قد‬ ‫ه ول ملتذ ّ له ‪ ،‬ب ْ‬ ‫م به ويلتذ ّ ‪ ،‬غير منعّم ٍ ل ُ‬ ‫ذلك الذي يتنعّ ُ‬
‫ُيؤذيهِ اّتصاُله به ووجوُده عنده ‪ ،‬ويضّره ذلك ‪.‬‬
‫ت ‪ ،‬وأينما‬ ‫ل وق ِ‬ ‫ل وك ّ‬‫ل حا ٍ‬ ‫ه منه في ك ّ‬ ‫ه فلب ُد ّ ل ُ‬ ‫ما إله ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫كان فهو معه ‪.‬‬
‫منتهى‬ ‫إذا رضيت فهذا ُ‬ ‫عساك ترضى وك ّ‬
‫ل‬
‫أملي‬ ‫غاضب ِة‬
‫سالحدي‬ ‫النا‬
‫س‪،‬‬ ‫ط النا ِ‬ ‫الله بسخ ِ‬ ‫ن أرضى‬ ‫ث ٌ ‪ )) :‬م ْ‬ ‫وفي ِ‬
‫ن أسخط‬ ‫رضي الله عليه ‪ ،‬وأرضى عنه الناس ‪ .‬وم ْ‬
‫ه‬
‫ه عليه وأسخط علي ِ‬ ‫خط الل ُ‬ ‫الله برضا الناس ‪ ،‬س ِ‬
‫وك ( الشاعرِ وقد ْ مدح‬ ‫صة )العك ّ‬ ‫ت أذكُر ق ّ‬ ‫الناس (( ‪ .‬ول زل ُ‬
‫ف المير فقال ‪:‬‬ ‫أبا دل ٍ‬
‫إل ّ قضيت بأرزا ٍ‬
‫ق‬ ‫ول مدْدت يدا ً بالخي ِ‬
‫ر‬
‫ب هذا‬ ‫على بساط ِهِ بسب ِ‬ ‫ل‬ ‫وآجا ِ‬
‫ه عليهِ المأمون فََقت ََله‬ ‫ةالل ُ‬‫هب ً‬
‫فس ّوا ِ‬
‫لط‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫ما َ‬‫عضا ً ب ِ َ‬‫ن بَ ْ‬
‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ض ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫وّلي ب َ ْ‬ ‫ك نُ َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫البيت ﴿ َ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫ي َك ْ ِ‬
‫****************************************‬
‫حِثين‬
‫ق البا ِ‬
‫ت في طري ِ‬
‫إشارا ٌ‬
‫‪ ،‬وهي‬ ‫ت تظهُر‬ ‫ح ‪ ،‬وإشارا ٌ‬ ‫ت تلو ُ‬ ‫للسعادةِ والفلِح علما ٌ‬
‫اّتصف‬ ‫ن‬‫ملها ‪ ،‬وفلِح م ِ‬ ‫ي صاحبها ‪ ،‬ونجاِح حا ِ‬ ‫شهود ٌ على رق ّ‬
‫بها ‪.‬‬
‫ن العبد كّلما زاد وُزنه‬ ‫ت السعادةِ والفلِح ‪ :‬أ ّ‬ ‫ن علما ِ‬ ‫فم ْ‬
‫ة‬
‫ن العلم موهب ٌ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ونفاسُته ‪ ،‬غاص في قاِع البحارِ ‪ ،‬فهو يعل ُ‬
‫شك ََرها ‪،‬‬ ‫ن ُ‬ ‫س َ‬‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن شاء ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫ه بها م ْ‬‫ن الل ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ة يمت ِ‬ ‫راسخ ٌ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ع الل ّ ُ‬ ‫ف ِ‬‫ت ﴿ ي َْر َ‬ ‫ه به درجا ٍ‬ ‫وأحسن في قُبول ِهِ ‪َ ،‬رفع ُ‬
‫ت ﴾ ‪ .‬وكّلما ِزيد‬ ‫جا ٍ‬ ‫م دََر َ‬ ‫عل ْ َ‬‫ن ُأوُتوا ال ْ ِ‬ ‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬‫مُنوا ِ‬‫آ َ‬
‫ن عثرة القدم ِ ‪،‬‬ ‫حذ َِره ‪ ،‬فهو ل يأم ُ‬ ‫في عملهِ ‪ ،‬زيد في خوفِهِ و َ‬
‫ة‬
‫مراقب ٍ‬ ‫محاسبةٍ و ُ‬ ‫ب ‪ ،‬فهو في ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وتقّلب القل ِ‬ ‫وزّلة اللسا ِ‬
‫ف‬ ‫ذر ‪ ،‬كّلما وقع على شجرةٍ تركها لخرى ‪ ،‬يخا ُ‬ ‫كالطائرِ الح ِ‬
‫ره ‪،‬‬ ‫ص ‪ .‬وكّلما زيد في عم ِ‬ ‫مهارة القّناص ‪ ،‬وطائشة الرصا ِ‬
‫ه قدِ اقترب من‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫م علم اليقي ِ‬ ‫صهِ ويعل ُ‬ ‫حْر ِ‬ ‫نقص من ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪294‬‬
‫المنتهى ‪ ،‬وقطع المرحلة ‪ ،‬وأشرف على وادي اليقين ‪ .‬وهو‬
‫ة‪،‬‬‫ن المال عاري ٌ‬ ‫ذلهِ ؛ ل ّ‬ ‫كّلما ِزيد في ماِله ‪ ،‬زيد في سخاِئه وب ْ‬
‫ص ‪ ،‬والموت‬ ‫ن ُفر ٌ‬ ‫ت المكا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ومناسبا ِ‬ ‫والواهب ممتح ٌ‬
‫هه ‪ ،‬زيد في ُقرِبه‬ ‫بالمرصادِ ‪ .‬وهو كّلما زيد في قد ِْره وجا ِ‬
‫ن العباد عيا ُ‬
‫ل‬ ‫ضِع لهم ؛ ل ّ‬ ‫جهم والّتوا ُ‬ ‫س وقضاِء حوائ ِ‬ ‫من النا ِ‬
‫الله ‪ ،‬وأحّبهم إلى اللهِ أنفُعهم لعياِله ‪.‬‬
‫مهِ ‪ ،‬زيد في‬ ‫ن كّلما زيد في عل ِ‬ ‫ت الشقاوةِ ‪ :‬أ ّ‬ ‫وعلما ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫مه غيُر نافٍع ‪ ،‬وقلُبه خاوٍ ‪ ،‬وطبيعُته ثخين ٌ‬ ‫ك ِْبره وتيههِ ‪ ،‬فعل ْ ُ‬
‫خره‬ ‫كلما زيد في عمِله ‪ِ ،‬زيد في ف ْ‬ ‫عرةٌ ‪ .‬وهو ّ‬ ‫خو ْ‬ ‫سبا ٌ‬ ‫وطينُته ِ‬
‫ن ظّنه بنفسهِ ‪ .‬فهو الناجي وحده ‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫واحتقاِره للناس ‪ ،‬و ُ‬
‫ن جواز المفازةِ ‪ ،‬والخرون على‬ ‫والباقون هْلكى ‪ ،‬وهو الضام ُ‬
‫صهِ ‪،‬‬ ‫حر ِ‬‫ره ‪ ،‬زيد في ِ‬ ‫ف ‪ .‬وهو كّلما ِزيد في عم ِ‬ ‫شفا المتال ِ ِ‬
‫عه‬
‫ث ‪ ،‬ول ُتزعز ُ‬ ‫ه الحواد ِ ُ‬ ‫موع ٌ مُنوعٌ ‪ ،‬ل ُتحّرك ُ‬ ‫فهو ج ُ‬
‫ه القوارِعُ ‪ .‬وهو كّلما ِزيد في ماِله ‪ ،‬زيد‬ ‫ب ‪ ،‬ول ُتوِقظ ُ‬ ‫المصائ ُ‬
‫كه ‪ ،‬فقل ُْبه مقفٌر من الِقيم ‪ ،‬وكّفه شحيح ٌ‬
‫ة‬ ‫في ُبخِله وإمسا ِ‬
‫ل ‪ ،‬ووجُهه صفيقٌ عريّ من المكارم ِ ‪ .‬وهو كّلما زيد في‬ ‫بالبذ ْ ِ‬
‫ره وتي ِْهه ‪ ،‬فهو مغروٌر مدحوٌر ‪،‬‬ ‫كب ِ‬
‫هه ‪ ،‬زِيد في ِ‬ ‫قد ِْره وجا ِ‬
‫ة‬
‫ح ‪ ،‬لكّنه في النهاي ِ‬ ‫ش الجنا ِ‬ ‫خ الّرئةِ ‪ ،‬مري ُ‬ ‫ش الرادةِ منتف ُ‬ ‫طائ ُ‬
‫ة في‬ ‫ل شيء ‪ُ )) :‬يحشر المتكّبرون يوم القيام ِ‬
‫ه‬
‫م (( ‪ .‬وهذ ِ‬ ‫مه ْ‬ ‫س بأقدا ِ‬ ‫م النا ُ‬ ‫ه ْ‬‫ة الذّّر ‪ ،‬يطؤ ُ‬ ‫صور ِ‬
‫سعد ُ بها‬‫ن ‪ ،‬ي َب َْتلي بها عباده في ْ‬ ‫ور ابتلٌء من اللهِ وامتحا ٌ‬ ‫الم ُ‬
‫م ‪ ،‬ويشقى بها آخرون ‪.‬‬ ‫أقوا ٌ‬
‫****************************************‬
‫ة ابتلءٌ‬
‫الكرام ُ‬
‫ن‬‫سلطا ِ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫مل ْ ِ‬‫ن وابتلءٌ ‪ ،‬كال ُ‬ ‫ت امتحا ٌ‬ ‫وكذلك الكراما ُ‬
‫عرش بلقيس‬ ‫ما رأى ِ‬ ‫ن نبّيه سليمان ل ّ‬ ‫ل ‪ ،‬قال تعالى ع ْ‬ ‫والما ِ‬
‫ر﴾‬
‫ف ُ‬‫م أ َك ْ ُ‬ ‫َ‬
‫شك ُُر أ ْ‬‫وِني أ َأ َ ْ‬‫ل َرّبي ل ِي َب ْل ُ َ‬
‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه َ‬
‫ذا ِ‬ ‫عنده ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل حسن ‪،‬‬ ‫ن قِبلها بقُبو ٍ‬ ‫دي النعمة ليرى م ْ‬ ‫س ِ‬
‫‪ ،‬فهو سبحانه ي ُ ْ‬
‫ن أهلها‬ ‫مرها وانتفع ونفع بها ‪ ،‬وم ْ‬ ‫وشكرها وحفظها ‪ ،‬وث ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪295‬‬
‫محاربةِ المعطي ‪ ،‬واستعان‬ ‫طلها ‪ ،‬وكفرها ً وصرفها في ُ‬ ‫وع ّ‬
‫عله ُ ‪.‬‬ ‫ل في ُ‬ ‫بج ّ‬ ‫محاد ّةِ الواه ِ‬ ‫بها في ُ‬
‫شك ُْر الش ُ‬
‫كوِر‬ ‫ن ‪ ،‬يظهُر بها ُ‬ ‫م ابتلٌء من اللهِ وامتحا ٌ‬ ‫فالّنع ُ‬
‫سبحانه ‪ ،‬فهو يبتلي بالنعم ِ‬ ‫ه‬
‫ن من ُ‬ ‫ن المح َ‬ ‫كفُر الكفورِ ‪ .‬كما أ ّ‬ ‫و ُ‬
‫كما يبتلي بالمصائب قال تعالى ‪َ َ ﴿ :‬‬
‫ما‬‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫ما ا ْ َِ‬
‫لن َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ابت ََله ربه َ َ‬
‫ن}‪{15‬‬ ‫م ِ‬ ‫ل َرّبي أك َْر َ‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬
‫ع َ‬‫ون َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫فأك َْر َ‬ ‫ُ َ ّ ُ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫ل َرّبي‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬‫ه َ‬‫ق ُ‬ ‫رْز َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫قدََر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما اب ْت ََلهُ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما إ ِ َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ت علي ِ‬ ‫سعْ ُ‬ ‫نو ّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ليس‬ ‫أي‬ ‫‪،‬‬ ‫﴾‬ ‫‪....‬‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫{‬ ‫‪16‬‬ ‫ن}‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ها‬ ‫َ‬
‫ن‬‫لم ْ‬ ‫ن ذلك إكراما مني له ‪ ،‬ول ك ّ‬ ‫ً‬ ‫وأكرمُته ونّعمُته ‪ ،‬يكو ُ‬
‫ة مني له ‪.‬‬ ‫ن إهان ً‬ ‫ت عليهِ رزقه وابتليُته ‪ ،‬يكو ُ‬ ‫ضّيق ُ‬
‫************************************‬
‫ة‬
‫الكنوُز الباقي ُ‬
‫ن المواهب الجزيلة والعطايا الجليلة ‪ ،‬هي الكنوُز‬ ‫إ ّ‬
‫م إلى دارِ المقام ِ ‪ ،‬من‬ ‫ة معه ْ‬ ‫ة لصحابها ‪ ،‬الراحل ُ‬ ‫الباقي ُ‬
‫ن والبر والتّقى والهجرةِ والجهادِ‬ ‫ن والحسا ِ‬ ‫السلم ِ واليما ِ‬
‫َ‬
‫قب َ َ‬
‫ل‬ ‫م ِ‬ ‫هك ُ ْ‬
‫جو َ‬ ‫و ُ‬ ‫وّلوا ْ ُ‬ ‫س ال ْب ِّر أن ت ُ َ‬ ‫والتوبة والنابةِ ‪﴿ :‬ل ّي ْ َ‬
‫وال ْي َ ْ‬
‫وم ِ‬ ‫ه َ‬‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْب ِّر َ‬ ‫وَلـك ِ ّ‬‫ب َ‬‫ر ِ‬‫غ ِ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ َ‬
‫ق َ‬
‫ر ِ‬
‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫مت ّ ُ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬‫ر ‪ ﴾ ...‬إلى قولهِ تعالى ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫خ ِ‬‫ال ِ‬
‫**************************************‬
‫ح الّثرّيا‬
‫ة تنط ُ‬
‫م ٌ‬
‫ه ّ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫ت بهِ في درو ِ‬ ‫ة كبرى ‪ ،‬ارتحل ْ‬ ‫م ً‬‫إذا أعطي العبد ُ ه ّ‬
‫ت المعالي ‪.‬‬ ‫ت بهِ في درجا ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وصِعد ْ‬ ‫الفضائ ِ‬
‫ة‬
‫مةِ ‪ ،‬وجلل ِ‬ ‫كبر اله ّ‬ ‫ن سجايا السلم ِ الّتحّلي ب ِ‬ ‫وم ْ‬
‫مة هي مركُز‬ ‫ف ‪ ،‬وعظمةِ الغايةِ ‪ .‬فاله ّ‬ ‫المقصودِ ‪ ،‬وسموّ الهد ِ‬
‫حك ‪،‬‬ ‫ب على جوار ِ‬ ‫صك ‪ ،‬الرقي ُ‬ ‫ب في شخ ِ‬ ‫ب والموج ِ‬ ‫السال ِ‬
‫ة ‪ ،‬التي تمد ّ صاحبها‬ ‫ة الملتهب ُ‬‫ي والطاق ُ‬ ‫س ّ‬ ‫وهي الوقود ُ الح ّ‬
‫ة‬
‫م ِ‬
‫مدِ ‪ .‬وك ِب َُر اله ّ‬
‫ب إلى المعالي والمسابقةِ إلى المحا ِ‬ ‫بالوثو ِ‬
‫ب لك ‪ .‬بإذن اللهِ خْيرا ً غير مجذوذٍ ‪ ،‬لترقى إلى درجا ِ‬
‫ت‬ ‫يجل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪296‬‬
‫ض في‬ ‫ري في عروِقك دم الشهامةِ ‪ ،‬والرك ْ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ‪ ،‬في ُ ْ‬ ‫الكما ِ‬
‫س واقفا ً إل على أبواب‬ ‫ل ‪ .‬فل يراك النا ُ‬ ‫ن العلم ِ والعم ِ‬ ‫ميدا ِ‬
‫س الّرّواد‬ ‫ت المورِ ‪ُ ،‬تناف ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ول باسطا ً يدْيك إل لمه ّ‬
‫ما ِ‬ ‫الفضائ ِ‬
‫سادة في المزايا ‪ ،‬ل ترضى‬ ‫م ال ّ‬
‫ل ‪ ،‬وُتزاح ُ‬ ‫في الفضائ ِ‬
‫ل ‪ .‬وبالتحّلي‬ ‫ل بالق ّ‬ ‫ف في الخيرِ ‪ ،‬ول تقب ُ‬ ‫دون ‪ ،‬ول تق ُ‬ ‫بال ّ‬
‫ث منك‬ ‫ل ‪ ،‬وُيجت ّ‬ ‫ب منك سفساف المال والعما ِ‬ ‫مةِ ‪ُ ،‬يسل ُ‬ ‫بالهِ ّ‬
‫ة‬
‫م ُ‬ ‫ن ‪ ،‬والتمّلق ‪ ،‬والمداهنةِ ‪ ،‬فكبيُر الهِ ّ‬ ‫ل والهوا ِ‬ ‫شجرةُ الذ ّ ّ‬
‫ن ِرعديد ٌ ‪،‬‬ ‫دها جبا ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وفاق ُ‬ ‫ش ‪ ،‬ل ُترهُبه المواق ُ‬ ‫ت الجأ ِ‬ ‫ثاب ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ُتغلقُ فمه الفهاه ُ‬
‫كبرِ الهمة والك ِْبر ‪ ،‬فإن بينهما من‬ ‫خِلط بين ِ‬ ‫ط فت ْ‬ ‫ول تغل ْ‬
‫كبُر‬ ‫صد ِْع ‪ ،‬ف ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ض ذا ِ‬ ‫ت الّرجِع والر ِ‬ ‫الْرق كما بين السماء ذا ِ‬
‫حّر المثالي ‪ ،‬يسعى به دائما ً‬ ‫ب ال ُ‬
‫رق القل ِ‬ ‫ج على مْف ِ‬ ‫مةِ تا ٌ‬ ‫اله ّ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫ل ‪ ،‬فكبيُر اله ّ‬ ‫طهرِ والقداسةِ والّزيادة والفض ِ‬ ‫وأبدا ً إلى ال ّ‬
‫سُر على ما فقده من‬ ‫ظ على ما فاته من محاسن ‪ ،‬ويتح ّ‬ ‫م ُ‬ ‫يتل ّ‬
‫ل إلى‬ ‫ب للوصو ِ‬ ‫ن مستمّر ‪ ،‬ونهم ٍ دؤو ٍ‬ ‫مآِثر ‪ ،‬فهو في حني ٍ‬
‫الغايةِ والنهايةِ ‪.‬‬
‫ة ورثةِ النبياِء ‪ ،‬والك ِب ُْر داُء المرضى بعّلة‬ ‫حْلي ُ‬ ‫مةِ ِ‬ ‫ك ِب َُر اله ّ‬
‫الجبابرةِ البؤساِء ‪.‬‬
‫ط‬‫ي ‪ ،‬والك ِب ُْر يهب ُ‬ ‫مةِ تصعَد ُ بصاحِبها أبدا ً إلى الّرق ّ‬ ‫كبُر اله ّ‬ ‫ف ِ‬
‫كبر‬ ‫م لنفسك ِ‬ ‫ض ‪ .‬فيا طالب العلم ‪ ،‬ارس ْ‬ ‫ً‬
‫به دائما إلى الحضي ِ‬
‫ت‬
‫ت منها وقد أومأ الشرع ُ إليها في فقهّيا ٍ‬ ‫مةِ ‪ ،‬ول تنفل ْ‬ ‫اله ّ‬
‫مها ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫ُتلبس حياتك ‪ ،‬لتكون دائما ً على يقظةٍ من اغتنا ِ‬
‫ل‬
‫م إلزامهِ بقُبو ِ‬ ‫ف عند فْقدِ الماِء ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫مم ِ للمكل ّ ٍ‬ ‫ة الّتي ّ‬ ‫إباح ُ‬
‫ل من‬ ‫هبةٍ ثمن الماِء للوضوِء ‪ ،‬لما في ذلك من المن ّةِ التي تنا ُ‬ ‫ِ‬
‫مة منال ً ‪ ،‬وعلى هذا فقي ِ ْ‬
‫س‪.‬‬ ‫اله ّ‬
‫ت‬ ‫ل سيِفها في غمرا ِ‬ ‫مةِ ‪ ،‬وس ّ‬ ‫فالله الله في الهتمام ِ باله ّ‬
‫الحياةِ ‪:‬‬
‫م‬‫وحّتى يكون اليو ُ‬ ‫ضل‬‫دث حتى تف ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫هو ال ِ‬
‫لليوم ِ سّيدا‬ ‫ن أختها‬ ‫العي ُ‬
‫***************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪297‬‬

‫قراءة العقول‬
‫ل في‬ ‫م ُ‬ ‫سّر الن ّْفس ‪ ،‬القراءة ُ والتأ ّ‬ ‫ما يشرح الخاطر وي ُ‬ ‫م ّ‬
‫مطالِع‬ ‫ة يسلو بها ال ُ‬ ‫ل الِفطنةِ ‪ ،‬فإّنها متع ٌ‬
‫ل الذكياِء وأه ِ‬ ‫عقو ِ‬
‫ت البديعةِ من أولئك الفطناِء ‪ .‬وسي ّد ُ العارفين‬ ‫لتلك الشراقا ِ‬
‫س‪،‬‬‫ة النا ِ‬ ‫س عليهِ بقي ّ ُ‬‫وخيرةُ العالمين ‪ ،‬رسوُلنا ‪ ، ‬ول ُيقا ُ‬
‫ت‬‫ث باليا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬مبعو ٌ‬ ‫حي ‪ ،‬مصد ّقٌ بالمعجزا ِ‬ ‫ه مؤي ّد ٌ بالو ْ‬ ‫لن ُ‬
‫موع الدباِء ‪.‬‬ ‫ت ‪ ،‬وهذا فوق ذكاِء الذكياء ول ُ‬ ‫البّينا ِ‬
‫***********************************‬
‫ن﴾‬
‫في ِ‬ ‫و يَ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت َ‬
‫ف ُ‬ ‫ض ُ‬
‫ر ْ‬
‫م ِ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ضاّر ‪ ،‬خيٌر من الكثارِ من‬ ‫ل من ال ّ‬ ‫ط ‪ » :‬القل ُ‬ ‫قال أبقرا ُ‬
‫ل عن‬ ‫س ِ‬‫ك الّتكا ُ‬ ‫حة بتْر ِ‬‫ص ّ‬‫النافِع « ‪ .‬وقال ‪ » :‬استديموا ال ّ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ك المتلِء من الطعام ِ والشرا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وبتر ِ‬ ‫التع ِ‬
‫ود الغداء‬ ‫ض الحكماِء ‪ » :‬من أراد الصحة ‪ :‬فلُيج ّ‬ ‫وقال بع ُ‬
‫ل من‬ ‫ب على ظماٍء ‪ ،‬ولُيقل ّ ْ‬ ‫ل على نفاٍء ‪ ،‬وليشر ْ‬ ‫‪ ،‬وليأك ُ ْ‬
‫ش بعد العشاِء ‪ ،‬ول‬ ‫ب الماِء ‪ ،‬ويتمد ّد ْ بعد الغداِء ‪ ،‬ويتم ّ‬ ‫شر ِ‬ ‫ُ‬
‫مام ِ‬‫حذْر دخول الح ّ‬ ‫ه على الخلِء ‪ ،‬ولي ْ‬ ‫م حتى يعرض نفس ُ‬ ‫ين ْ‬
‫ف خيٌر من عشرٍ في الشتاِء‬ ‫عقِيب المتلء ‪ ،‬ومّرةٌ في الصي ِ‬
‫«‪.‬‬
‫ر‬
‫ث ‪ » :‬من سّره البقاُء – ول بقاء – فلُيباك ِ ِ‬ ‫وقال الحار ُ‬
‫ل ِغشيان‬ ‫ف الّرداء ‪ ،‬ولُيق ّ‬ ‫ل العشاء ‪ ،‬وُلخّف ِ‬ ‫ج ِ‬‫الغداَء ‪ ،‬ولُيع ّ‬
‫النساِء « ‪.‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫ن ‪ ،‬وربما قَت َل ْ َ‬ ‫س ُيذْبن الَبد َ‬ ‫وقال أفلطون ‪ » :‬خم ٌ‬
‫ظ ‪ ،‬ورد ّ الّنصح‬ ‫ت اليدِ ‪ ،‬وفراقُ الحب ّةِ ‪ ،‬وتجّرع ُ المغاي ِ‬ ‫صُر ذا ِ‬ ‫قِ َ‬
‫ل بالعقلِء « ‪.‬‬ ‫ك ذوي الجه ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫‪ ،‬وض ِ‬
‫ل كثيرٍ ‪ ،‬فهو‬ ‫ه‪»:‬ك ّ‬ ‫ت أبقراط قول ُ‬ ‫ومن جوامِع كلما ِ‬
‫معادٍ للطبيعةِ « ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪298‬‬
‫ض ؟ فقال ‪ » :‬لني لم‬ ‫وقيل لجالينوس ‪ :‬ما لك ل تمر ُ‬
‫خل طعاما ً على طعام ٍ ‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬ولم ُأد ِ‬ ‫ن رديئي ِ‬ ‫أجمعْ بين طعامي ْ ِ‬
‫ت منه « ‪.‬‬ ‫س في المعدةِ طعاما ً تأّذي ُ‬ ‫ولم أحب ِ ْ‬
‫م‬‫م الكثيُر ‪ ،‬والنو ُ‬ ‫سم ‪ :‬الكل ُ‬ ‫ض الج ْ‬ ‫ة أشياء ُتمر ُ‬ ‫وأربع ُ‬
‫م الكثيُر ‪:‬‬ ‫ل الكثيُر ‪ ،‬والجماعُ الكثيُر ‪ .‬فالكل ُ‬ ‫الكثيُر ‪ ،‬والك ُ‬
‫م الكثيُر ‪:‬‬ ‫شْيب ‪ .‬والنو ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫دماِغ وُيضعُفه ‪ ،‬ويع ّ‬ ‫خ ال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫يقّلل ُ‬
‫ل عن‬ ‫ج العين ‪ ،‬وُيكس ُ‬ ‫يصّفُر الوجه ‪ ،‬وُيعمي القلب ‪ ،‬وُيهي ّ ُ‬
‫سرة ‪ .‬والجماعُ الكثيُر ‪:‬‬ ‫ل ‪ ،‬ويول ّد ُ الغليظة ‪ ،‬والدواء الع ِ‬ ‫العم ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫طوبات البد ِ‬ ‫ف ُر ُ‬ ‫ف الُقوى ‪ ،‬وُيجّف ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وُيضع ُ‬ ‫ي َهُد ّ ال ََبد َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫م ضرُرهُ جميع البد ِ‬ ‫سد َد َ ‪ ،‬ويعُ ّ‬ ‫ث ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وُيور ُ‬ ‫وُيرخي العص َ‬
‫ه من الّروِح الّنفساني ‪.‬‬ ‫ل من ُ‬ ‫دماغ لكْثرةِ ما يتحل ّ ُ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫ونخف ّ‬
‫رغ‬ ‫ت ‪ ،‬ويستف ِ‬ ‫ف جميِع المستفرغا ِ‬ ‫ه أكثر من إضعا ِ‬ ‫ولضعافُ ُ‬
‫من جوهرِ الّروِح شيئا ً كثيرا ً ‪.‬‬
‫سهُر ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬والجوع ُ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫م ‪ ،‬والحز ُ‬ ‫ة تهدم البدن ‪ :‬اله ّ‬ ‫أربع ٌ‬
‫خضرةِ ‪ ،‬وإلى الماِء الجاري ‪،‬‬ ‫ح ‪ :‬الّنظُر إلى ال ُ‬ ‫وأربعة ُتفر ُ‬
‫ب ‪ ،‬والثمارِ ‪.‬‬ ‫والمحبو ِ‬
‫ح والمساُء‬ ‫ي حافيا ً ‪ ،‬والّتصب ّ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫وأربعة ُتظِلم البصر ‪ :‬الم ْ‬
‫ً‬
‫ل والعدوُ ‪ ،‬وكْثرةُ الُبكاِء ‪ ،‬وكثرةُ الّنظ ِ‬
‫ر‬ ‫ض والثقي ِ‬ ‫بوجهِ البغي ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫في الخ ّ‬
‫دقي ِ‬ ‫ط ال ّ‬
‫مام ِ‬ ‫ل الح ّ‬ ‫س الناعم ِ ‪ ،‬ودخو ِ‬ ‫وي الجسم ‪ :‬ل ُب ْ ُ‬ ‫ة تق ّ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‬
‫ح الطّيب ِ‬ ‫م الروائ ِ‬ ‫دسم ِ ‪ ،‬وش ّ‬ ‫ل الطعام ِ الحلوِ وال ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وأك ُ‬ ‫المعتد ِ‬
‫‪.‬‬
‫ه‪:‬‬‫ه وطلقَت َ ُ‬ ‫ب ماءه وبهجت ُ‬ ‫ة ُتيّبس الوجه‪ ،‬وُتذه ُ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ل عن غيرِ علم ٍ ‪ ،‬وكْثرةُ‬ ‫ة ‪ ،‬وكْثرةُ السؤا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬والوقاح ُ‬ ‫الكذِ ُ‬
‫الفجورِ ‪.‬‬
‫ة تزيد ُ في ماِء الوجه وبهجِته ‪ :‬المروءةُ ‪ ،‬والوُفاء ‪،‬‬ ‫وأربع ٌ‬
‫م ‪ ،‬والتقوى ‪.‬‬ ‫والكر ُ‬
‫ت ‪ :‬الك ِب ُْر ‪ ،‬والحسد ُ ‪،‬‬ ‫ب البغضاء والمْق َ‬ ‫ة تجل ُ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬والّنميم ُ‬ ‫والك َذ ِ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪299‬‬
‫ل ‪ ،‬وكْثرة ُ الستغفاِر‬ ‫م اللي ِ‬ ‫ب الرزق ‪ :‬قيا ُ‬ ‫ة تجل ُ‬
‫وأربع ٌ‬
‫خره ‪.‬‬ ‫كر أول النهارِ وآ ِ‬ ‫بالسحارِ ‪ ،‬وتعاهُد ُ الصدقةِ ‪ ،‬والذ ّ ْ‬
‫ة الصلةِ ‪،‬‬ ‫صبحة ‪ ،‬وقل ّ ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ة تمنعُ الرزق ‪ :‬نو ُ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬والخيان ُ‬ ‫والكس ُ‬
‫ض‬
‫ل الحام ِ‬ ‫ن أك ْ ِ‬‫ن ‪ :‬إدما ُ‬ ‫ة ُتضّر بالفهم ِ والذه ِ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫م‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬والغ ّ‬ ‫م على القفا ‪ ،‬واله ّ‬ ‫والفواكهِ ‪ ،‬والنو ُ‬
‫ة الّتمّلي من‬ ‫ب ‪ ،‬وقل ّ ُ‬ ‫ة تزيد ُ في الفهم ‪ :‬فراغُ القل ِ‬ ‫وأربع ٌ‬
‫ة‬
‫حلو ِ‬ ‫ن تدبيرِ الغذاِء بالشياِء ال ُ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫ب‪،‬و ُ‬ ‫الطعام والشرا ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ت المثّقلةِ للَبد ِ‬ ‫ج الفضل ِ‬ ‫سمةِ ‪ ،‬وإخرا ُ‬ ‫والد ّ ِ‬
‫**************************************‬
‫م‬ ‫ح ْ‬
‫ذرك ْ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا ِ‬ ‫ُ‬
‫مل ‪،‬‬‫ف حتى يرى ويبصر ‪ ،‬ويترّقب ‪ ،‬ويتأ ّ‬ ‫فالحازم يتوقّ ُ‬
‫ت ‪ ،‬وُيبرم‬‫در الخطوا ِ‬ ‫وُيعيد َ النظر ‪ ،‬ويقرأ العواقب ‪ ،‬ويق ّ‬
‫حذر ‪ ،‬لئل ّ يندم ‪ ،‬فإن وقع المُر على ما‬ ‫الرأي ‪ ،‬ويحتاط وي َ ْ‬
‫لخرى ‪ ،‬قال ‪ :‬قدّر‬ ‫تا ُ‬‫مد َ الله ‪ ،‬وشكر رأيه ‪ ،‬وإن كان ِ‬ ‫ح ِ‬
‫أراد ‪َ ،‬‬
‫ن‪.‬‬‫ل ‪ .‬ورضي ولم يحز ْ‬ ‫ه ‪ ،‬وما شاء فَعَ َ‬
‫الل ُ‬
‫*******************************************‬
‫فـتـبـّيـُنوا‬
‫ْ‬ ‫فالعاق ُ‬
‫ت عليهِ‬ ‫ت القدم ِ ‪ ،‬سديد ُ الّرأي ‪ ،‬إذا هجم ْ‬ ‫ل ثاب ُ‬
‫جل‬ ‫خذ ُ بالبواِدر ‪ ،‬ول يتع ّ‬ ‫ل ‪ ،‬فل يأ ُ‬‫ت المسائ ُ‬ ‫الخباُر ‪ ،‬وأشكل ِ‬
‫ث‬
‫ب النظر ‪ ،‬وُيحاد ُ‬ ‫ص ما يسمعُ ‪ ،‬ويقل ّ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫حكم ‪ ،‬وإنما ُيم ّ‬‫ال ُ‬
‫ن الّرْأي الخمير ‪ ،‬خيٌر من الرأي‬ ‫الفكر ‪ ،‬وُيشاوُِر العقلء ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن تخطئ‬ ‫نأ ْ‬ ‫الفطيرِ ‪ .‬وقالوا ‪ :‬لن ُتخطئ في العفوِ ‪ ،‬خيٌر م ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫عل ْت ُ ْ‬
‫م َناِد ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬‫عَلى َ‬ ‫حوا َ‬ ‫صب ِ ُ‬
‫فت ُ ْ‬‫في العقوبةِ ﴿ َ‬
‫*****************************************‬
‫م‬
‫د ْ‬ ‫م وأ ْ‬
‫ق ِ‬ ‫اعز ْ‬
‫عبر ‪،‬‬‫ت ‪ ،‬وأثرٍ و ِ‬ ‫ت وأبيا ٍ‬‫ن آيا ٍ‬‫ل ما أكتُبه هنا م ْ‬‫نك ّ‬‫إ ّ‬
‫مل ْ ُ‬
‫ؤها الرجاُء‬ ‫ن تبدأ حياة ً جديدة ً ‪ِ ،‬‬‫حكم ‪ ،‬تدعوك بأ ْ‬ ‫صو ِ‬‫وقص ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪300‬‬
‫ج ‪ .‬ول‬ ‫ل النتائ ِ‬ ‫ل الختام ِ ‪ ،‬وأفض ِ‬ ‫ن العاقبةِ ‪ ،‬وجمي ِ‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬‫في ُ‬
‫ة‬
‫ث ‪ ،‬ورغب ٍ‬ ‫مةٍ صادقةٍ ‪ ،‬وعزم ٍ حثي ٍ‬ ‫تستطيعُ أن تستفيد إل به ّ‬
‫مك وغمومك وأحزاِنك‬ ‫ن همو ِ‬ ‫أكيدةٍ في أن تتخّلص م ْ‬
‫ب العبد ُ ؟ قال ‪ :‬لب ُد ّ له‬ ‫وكآبِتك ‪ .‬قيل لحدِ العلماِء ‪ :‬كيف يتو ُ‬
‫همم ِ ﴿‬ ‫بال‬ ‫م‬ ‫العز‬ ‫أولي‬ ‫من سوط عَزم ‪ .‬ولذلك ميز الله ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫م ليس‬ ‫ل﴾ ‪ .‬وآد ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬‫عْزم ِ ِ‬ ‫وُلوا ال ْ َ‬ ‫صب ََر أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬
‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫عْزما ً﴾‪ ،‬وكذلك‬ ‫ه َ‬ ‫جد ْ ل َ ُ‬
‫م نَ ِ‬‫ول َ ْ‬
‫ي َ‬ ‫س َ‬ ‫فن َ ِ‬ ‫من ُأولي العَْزم ِ ‪ ،‬لنه ﴿ َ‬
‫ن ُيشاِبه أباه فما‬ ‫م‪ ،‬وم ْ‬ ‫خز ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة نعرُفها ِ‬ ‫شن َ ٌ‬
‫شن ْ ِ‬ ‫أبناؤه ‪ ،‬فهي ِ‬
‫ه‬
‫ة‪ .‬والل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وُتخال ِْفه في التوب ِ‬ ‫م ‪ ،‬لكن ل تْقتد ِ به في الذن ِ‬ ‫ظل َ َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫المستعا ُ‬
‫***********************************‬
‫سب‬
‫ت حياُتنا الدنيا فح ْ‬
‫ليس ْ‬
‫ة بسعادةِ الدنيا ‪ ،‬وحقّ على العاِقل‬ ‫سعادةُ الخرةِ مرهون ٌ‬
‫ن هذه الحياة مّتصلة بتلك ‪ ،‬وأنها حياة واحدة ُ ‪،‬‬ ‫أن يعلم أ ّ‬
‫ن‬
‫م وغد ٌ ‪ .‬وظ ّ‬ ‫الغيب والشهادةُ ‪ ،‬والدنيا والخرة ‪ ،‬واليو ُ‬
‫سب ‪ ،‬فجمع فأوعى ‪ ،‬وتشّبث‬ ‫ن حياته هنا فح ْ‬ ‫ضهم أ ّ‬ ‫بع ُ‬
‫بالبقاِء ‪ ،‬وتعّلق بحياةِ الفناء ‪ ،‬ثم مات ومآُربه وطموحاُته‬
‫ومشاغُله في صدِره ‪.‬‬
‫ن عاش ل‬ ‫ةم ْ‬ ‫وحاج ُ‬ ‫ح ونغدو لحاجاِتنا‬ ‫نرو ُ‬
‫ة ما‬‫تنقضيله حاج ٌ‬ ‫وتْبقى‬ ‫ر‬
‫تموت مع الم ِ‬
‫قيالغداةِ ومّر‬ ‫بـ ِّر‬ ‫هالصغير‬ ‫حاجات‬
‫أشاب ُ‬
‫م‬
‫بعد ذلك يو ٌ‬ ‫شي‬ ‫الع‬
‫أتى ِ‬ ‫أهرمت‬‫ةالكبيـ‬ ‫وأفني ٌ‬
‫إذا ليل‬
‫ل بعيدة ٌ ‪،‬‬ ‫حولي ‪ :‬آما ٌ‬ ‫يومها لنفسي والناس منفِتي‬ ‫ت‬‫وعجب ُ‬
‫ِ‬
‫ة ‪ ،‬ونوايا في البقاِء ‪،‬‬ ‫ت عارم ٌ‬ ‫م مديدةٌ وطموحا ٌ‬ ‫وأحل ٌ‬
‫ب الواحد ُ مّنا ول ُيشاوُر أو ُيخبُر أو‬ ‫ة ‪ ،‬ثم يذه ُ‬ ‫مذهل ٌ‬ ‫ت ُ‬ ‫وتطّلعا ٌ‬
‫ري‬ ‫ما ت َدْ ِ‬‫و َ‬‫غدا ً َ‬ ‫ب َ‬ ‫س ُ‬‫ذا ت َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬ ‫ما ت َ َدْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ُيخب ُّر ﴿ َ‬
‫فس بأ َ‬
‫ت﴾‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ض تَ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫نَ ْ ٌ ِ‬
‫ض عليك ثلث حقائق ‪:‬‬ ‫وأنا أعر ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪301‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ح وتطمئ ّ‬ ‫ن أنك سوف تهدأ وترتا ُ‬ ‫الولى ‪ :‬متى تظ ّ‬
‫مه وأفعاِله وقضاِئه وقدِره ‪،‬‬ ‫ن أحكا ِ‬
‫إذا لم ترض عن رّبك وع ْ‬
‫ن رزِقك ‪ ،‬ومواهِبك وما عندك!‬ ‫ولم ترض ع ْ‬
‫ل شكرت على ما عندك من الّنعم واليادي‬ ‫الثانية ‪ :‬ه ْ‬
‫جَز‬‫ن عَ َ‬ ‫نم ْ‬ ‫والخبرات حتى تطلب غيرها ‪ ،‬وتسأل سواها ؟! إ ّ‬
‫ل ‪ ،‬أْولى أن يعجز عن الكثير ‪.‬‬ ‫عن القلي ِ‬
‫ب اللهِ التي وهبنا‬ ‫الثالثة ‪ :‬لماذا ل نستفيد ُ من مواه ِ‬
‫ميها‪ ،‬ونوظ ُّفها توظيفا ً حسنا ً ‪ ،‬وننقيها‬ ‫مُرها‪ ،‬ونن ّ‬ ‫وأعطانا‪ ،‬فنث ّ‬
‫ب ‪ ،‬وننطلقُ بها في هذه الحياةِ نفعا ً‬ ‫شوائ ِ‬ ‫ب وال ّ‬ ‫من المثال ِ‬
‫وعطاًء وتأثيرا ً ‪.‬‬
‫ة في‬ ‫ت الحميدة والمواهب الجليلة ‪ ،‬كامن ٌ‬ ‫صفا ِ‬ ‫إن ال ّ‬
‫ة‬
‫ن الثمين ِ‬ ‫منا ‪ ،‬ولكّنها عند الكثير مّنا كالمعاد ِ‬ ‫عقوِلنا وأجسا ِ‬
‫جد حاذقا ً‬ ‫ة مغمورةٌ مطمورة ٌ ‪ ،‬لم ت ِ‬ ‫ب ‪ ،‬مدفون ٌ‬ ‫في الّترا ِ‬
‫ن ‪ ،‬فيغسُلها وينّقيها ‪ ،‬لتلمع وتشعّ وُتعرف‬ ‫جها من الطي ِ‬ ‫ُيخرِ ُ‬
‫مكانُتها ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫ت‬ ‫ل مؤ ّ‬
‫ق ٌ‬ ‫طش ح ّ‬ ‫ري من الب ْ‬ ‫الّتوا ِ‬
‫ج‬
‫ريثما يبُرقُ الفر ُ‬
‫ت كتاب ) المتوارين ( لعبدِ الغني الزديّ ‪ ،‬وهو‬ ‫قرأ ُ‬
‫ج بن‬ ‫ً‬ ‫فج ّ‬
‫من توارى خوفا من الحجا ِ‬ ‫دث فيه ع ّ‬ ‫ذاب ‪ ،‬يتح ّ‬ ‫لطي ٌ‬
‫شّر خيارا ً ‪،‬‬‫ة ‪ ،‬وفي ال ّ‬ ‫ن في الحياةِ فسح ً‬ ‫تأ ّ‬ ‫يوسف ‪ ،‬فعلم ُ‬
‫ة أحيانا ً ‪.‬‬‫ن المكروهِ مندوح ً‬ ‫وع ِ‬
‫ن للبيورديّ عن تواريهِ ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ت بيتي ِ‬ ‫وذكر ُ‬
‫فعيني ترى دهري‬ ‫من دهري‬ ‫ت ِ‬ ‫تست ّْر ُ‬
‫يراني ما‬
‫وليسمكاني‬ ‫هاليام‬ ‫ح ِ‬ ‫فلو ّ‬
‫وأين‬ ‫لِ‬‫جنا ِ‬
‫لتسأ‬ ‫بظ ِ‬
‫مكاني‪ ،‬أبو عمرو ب ُ‬
‫ن‬ ‫صادِقُ‬ ‫عرفت‬
‫ال ّ‬ ‫ح‬‫ب اللمعُ الفصي ُ‬ ‫ت ُ‬‫ئُ د ََر ْ‬
‫الدي‬ ‫القارما‬
‫هذاعُني‬
‫معاناِته في حالة الختبار ‪ » :‬أخافني‬ ‫ل عن ُ‬ ‫العلِء ‪ ،‬يقو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪302‬‬
‫ت‬‫ت بصنعاء ‪ ،‬فكن ُ‬ ‫ت في بي ٍ‬ ‫ت إلى اليمن ‪ ،‬فولج ُ‬ ‫ج فهرب ُ‬ ‫جا ُ‬ ‫الح ّ‬
‫د‪:‬‬ ‫ت رجل ً ُينش ُ‬ ‫ت ‪ ،‬إذ ْ سمع ُ‬ ‫ت على سطِح ذلك البي ِ‬ ‫من الغدوا ِ‬
‫ة كح ّ‬
‫ل‬ ‫ج ٌ‬ ‫ه فُْر َ‬ ‫ـرِ ل ُ‬ ‫س‬‫ُرّبما تجزع ُ الّنفو ُ‬
‫ل‬ ‫ت بها ‪ .‬قال ‪ :‬وقا َ‬ ‫ل ُ‬ ‫عقا ِ‬
‫سرر‬ ‫ة ‪ .‬قال ‪ :‬الف ِ ُ‬ ‫ت ‪ :‬فُْرج ٌ‬ ‫المـ‬
‫منفقل ُ‬ ‫قال ‪:‬‬
‫سّر ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تأ َ‬ ‫ج ‪ .‬قال ‪ :‬فواللهِ ما أدري بأّيهما كن ُ‬ ‫جا ُ‬ ‫آخَر ‪ :‬مات الح ّ‬
‫ج«‪.‬‬ ‫جا ُ‬ ‫ة ‪ .‬أو بقوِله ‪ :‬مات الح ّ‬ ‫بقولهِ ‪ :‬فْرج ٌ‬
‫ت‬‫ن القرار الوحيد النافذ ‪ ،‬عند من بيده ملكو ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫في َ ْ‬ ‫ض ﴿ كُ ّ‬
‫شأ ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وم ٍ ُ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ت والر ِ‬ ‫السماوا ِ‬
‫جاج ‪ ،‬فجاءه الخبُر‬ ‫ن عين الح ّ‬ ‫ن البصريّ ع ِ‬ ‫توارى الحس ُ‬
‫بموت ِهِ ‪ ،‬فسجد شكرا ً اللهِ ‪.‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫ضهم يمو ُ‬ ‫قه ‪ ،‬بع ُ‬ ‫سبحان اللهِ الذي مايز بين خل ْ ِ‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫ت َ َ‬ ‫ما ب َك َ ْ‬ ‫شكر فرحا ً وسرورا ً ﴿ َ‬ ‫فُيسجد ُ غي ُْرهُ لل ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬وآخرون يموتون‬ ‫ري َ‬ ‫منظَ ِ‬ ‫كاُنوا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن بموتهم‬ ‫ن ‪ ،‬وُتطع ُ‬ ‫ح الجفا ُ‬ ‫ت إلى مآِتم ‪ ،‬وتقر ُ‬ ‫ل البيو ُ‬ ‫‪ ،‬فتتحوّ ُ‬
‫ب في سويداِئها ‪.‬‬ ‫القلو ُ‬
‫ه‬
‫جاج ‪ ،‬فجاءه الخبُر بموت ِ ِ‬ ‫ي من الح ّ‬ ‫م الّنخعِ ّ‬ ‫وتوارى إبراهي ُ‬
‫م فرحا ً ‪.‬‬ ‫‪ ،‬فبكى إبراهي ُ‬
‫ن عظم ِ ما قد‬ ‫م ْ‬ ‫ي‬‫طفح السروُر عل ّ‬
‫أبكانيأرحم ِ الراحمين‬ ‫في ك ََنف‬ ‫للخائفينّرني‬ ‫س‬ ‫ت آمنة‬ ‫ملذا ٍ‬ ‫هناك إنني‬ ‫ن حتى‬ ‫إ ّ‬
‫‪ ،‬فهو يرى ويسمعُ وُيبصُر الظالمين والمظلومين ‪ ،‬والغالبين‬
‫فت ْن َ ً َ‬
‫ن‬
‫صب ُِرو َ‬ ‫ة أت َ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬‫ضك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫عل َْنا ب َ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫والمغلوبين ﴿ َ‬
‫صيرا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ك بَ ِ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫ف على‬ ‫مرة ‪ ،‬جاءت ُترفر ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫مى ال ُ‬ ‫ً‬
‫ت بهذا طائرا يس ّ‬ ‫ذكر ُ‬
‫س مع أصحاِبه تحت شجرةٍ ‪ ،‬كأنها‬ ‫ل الله ‪ ، ‬وهو جال ٌ‬ ‫رسو ِ‬
‫ً‬
‫شها ‪ ،‬فقال ‪: ‬‬ ‫نع ّ‬ ‫ل تشكو رجل َ أخذ أفراخها م ْ‬ ‫ن الحا ِ‬ ‫بلسا ِ‬
‫دوا عليها أفراخها (( ‪.‬‬ ‫خها ؟ ُر ّ‬ ‫ن فجع هذه بأفرا ِ‬ ‫)) م ْ‬
‫دهم ‪:‬‬ ‫ل أح ُ‬ ‫وفي مثل هذا يقو ُ‬
‫ب‬‫تشكو إليك بقل ِ‬ ‫ة‬
‫ت إليك حمام ٌ‬ ‫جاء ْ‬
‫فملجأ ٌ‬ ‫واج‬
‫نك ِ‬ ‫ب وأ ّ‬ ‫م‬‫صَر ّ ٌ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫أخبر الوْرقاء أ ّ‬ ‫ة‬
‫مشتاق ٌ‬ ‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ف‬‫للخائ ِ ِ‬ ‫مكانكم‬
‫ل تحزن‬
‫‪303‬‬
‫جاج ‪،‬‬ ‫ت من الح ّ‬ ‫ن جبيرٍ ‪ :‬واللهِ لقد فرر ُ‬
‫وقال سعيد ُ ب ُ‬
‫جاج ‪،‬‬ ‫ل ‪ .‬ثم جيَء به إلى الح ّ‬ ‫ت من اللهِ عّز وج ّ‬ ‫حتى استحيي ُ‬
‫ج ‪ِ :‬لم‬ ‫سم ‪ .‬قال الحجا ُ‬ ‫سه ‪ ،‬تب ّ‬
‫ف على رأ ِ‬ ‫ل السي ُ‬ ‫س ّ‬‫ما ُ‬ ‫فل ّ‬
‫حل ْم ِ الله‬
‫جرأتك على اللهِ ‪ ،‬ومن ِ‬ ‫ن ُ‬‫بم ْ‬ ‫م ؟ قال ‪ :‬أعج ُ‬ ‫تبتس ُ‬
‫س كبيرةٍ ‪ ،‬ومن ثقةٍ في وعد ِ اللهِ ‪،‬‬ ‫عليك ‪ .‬يا لها من نْف ٍ‬
‫ب ال ُ َ‬
‫منقلب ‪ .‬وهكذا فليك ُ ِ‬
‫ن‬ ‫طي ِ‬
‫ن المصيرِ ‪ ،‬و ِ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬‫ن إلى ُ‬ ‫وسكو ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫اليما ُ‬
‫**************************************‬
‫أنت تتعام ُ‬
‫ل مع أرحم ِ الراحمين‬
‫ث ‪ ،‬فقد لفت نظري أيضا ً ‪،‬‬ ‫إن لفت ن َظ ََرك هذا الحدي ُ‬
‫ن شيخا ً‬ ‫ي‪،‬أ ّ‬ ‫وهو ما رواه أحمد وأبو يعلى والبزاُر والطبران ّ‬
‫ه‬
‫ي الل ِ‬ ‫م على عصا ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا نب ّ‬ ‫ع ٌ‬ ‫كبيرا ً أتى النبي ‪ ‬وهو ُ‬
‫مد ّ ِ‬
‫ت ‪ ،‬فهل ُيغفُر لي ؟ فقال النبي ‪: ‬‬ ‫ت وفجرا ِ‬ ‫ن لي غدرا ٍ‬ ‫‪،‬إ ّ‬
‫ن محمدا ً رسول‬ ‫ه وأ ّ‬ ‫ن ل إله إل الل ُ‬ ‫)) تشهدُ أ ْ‬
‫م يا رسول اللهِ ‪ .‬قال ‪ )) :‬فإن الله قد‬ ‫الله ؟(( قال ‪ :‬نع ْ‬
‫ه‬
‫غفر لك غدراِتك وفجراِتك(( ‪ .‬فانطلق وهو يقول ‪ :‬الل ُ‬
‫ه أكبُر ‪.‬‬‫أكبُر ‪ ،‬الل ُ‬
‫ة رحمةِ أرحم ِ‬ ‫م من الحديث مسائل ‪ :‬منها سع ُ‬ ‫أفه ُ‬
‫ب ما‬ ‫م ما قبله ‪ ،‬وأن التوبة تج ّ‬ ‫ن السلم يهد ُ‬ ‫الراحمين ‪ ،‬وأ ّ‬
‫لم الغيوب لشيٌء ‪،‬‬ ‫نع ّ‬
‫قبلها ‪ ،‬وأن جبال الذنوب في غفرا ِ‬
‫مه‬ ‫ن بمولك ‪ ،‬والرجاُء في كر ِ‬ ‫ن الظ ّ ّ‬ ‫س ُ‬
‫ح ْ‬‫ب عليك ُ‬ ‫وأنه يج ُ‬
‫العميم ِ ‪ ،‬ورحمِته الواسعةِ ‪.‬‬
‫*******************************‬
‫ل‬
‫ن تدعوك للتفاؤ ِ‬
‫براهي ُ‬
‫ن باللهِ « لبن أبي الدنيا ‪ ،‬واحد ٌ‬ ‫ن الظ ّ ّ‬
‫س ِ‬
‫ح ْ‬‫ب» ُ‬ ‫في كتا ِ‬
‫ص ‪ ،‬ما بين آيةٍ وحديث ‪ ،‬كّلها تدعوك إلى‬ ‫وخمسون ومائة ن ّ‬
‫ن الظ ّ ّ‬
‫ن‬ ‫س ِ‬
‫ح ْ‬ ‫مثابَرة على ُ‬ ‫ط ‪ ،‬وال ُ‬
‫س والقنو ِ‬ ‫ك اليأ ِ‬
‫ل ‪ ،‬وتْر ِ‬ ‫التفاؤ ِ‬
‫ن‬‫مم ْ‬ ‫ص الوعدِ أعْظ َ َ‬
‫ل ‪ ،‬حتى إنك لتجد ُ نصو َ‬ ‫م ِ‬‫ن العَ َ‬‫س ِ‬
‫ح ْ‬
‫و ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪304‬‬
‫ل شيٍء‬‫ه لك ّ‬ ‫ص الوعيدِ ‪ ،‬وأدل ّ َ‬
‫ة التهديدِ ‪ ،‬وقد جعل الل ُ‬ ‫نصو ِ‬
‫قدرا ً ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫حياةٌ كّلها تع ٌ‬
‫ب‬
‫ت‪.‬‬
‫خلق ْ‬ ‫ن كدرِ الحياةِ ‪ ،‬فإنها هكذا ُ‬ ‫نم ْ‬ ‫ل تحز ْ‬
‫ضنى ‪ ،‬والسروُر‬ ‫ب وال ّ‬ ‫ن الصل في هذه الحياة المتاع ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ح فيها شيٌء نادٌر ‪ .‬تحلو لهذه الداِر‬ ‫فيها أمٌر طارئٌ ‪ ،‬والفر ُ‬
‫ه لم يْرضها لولياِئه مستقّرا ؟!‬ ‫والل ُ‬
‫ض والكداُر‬ ‫ن فيها المرا ُ‬ ‫ن الدنيا داُر ابتلٍء ‪ ،‬لم تك ُ ْ‬ ‫ولول أ ّ‬
‫م ُيعاني‬ ‫ش فيها على النبياء والخبار ‪ ،‬فآد ُ‬ ‫ق العي ُ‬ ‫ض ِ‬
‫‪ ،‬ولم ي ِ‬
‫ؤوا‬ ‫مه واستهز ُ‬ ‫ه قو ُ‬ ‫ذب ُ‬ ‫حك ّ‬ ‫محن إلى أن خرج من الدنيا ‪ ،‬ونو ٌ‬ ‫ال ِ‬
‫ب بكى حتى‬ ‫ح الولد ‪ ،‬ويعقو ُ‬ ‫م ُيكاب ِد ُ النار وذ َب ْ َ‬
‫به ‪ ،‬ولبراهي ُ‬
‫ظلم فرعون ‪ ،‬ويلقى من‬ ‫ذهب بصُره ‪ ،‬وموسى ُيقاسي ُ‬
‫ن مريم عاش معدما ً فقيرا ً ‪ ،‬ومحمد ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬وعيسى ب ُ‬ ‫مح َ‬ ‫قومه ال ِ‬
‫ب أقارِبه‬ ‫ن أح ّ‬ ‫مهِ حمزة ‪ ،‬وهو م ْ‬ ‫لع ّ‬ ‫‪ُ ‬يصاب ُِر الفْقر ‪ ،‬وقت ِ‬
‫ه ‪ .‬وغير هؤلء من النبياِء والولياِء مما‬ ‫مهِ من ُ‬
‫إليه ‪ ،‬ونفورِ قو ِ‬
‫ن للمؤمن ح ّ‬
‫ظ‬ ‫ت الدنيا ل ِل ّذ ّةِ ‪ ،‬لم يك ْ‬ ‫خلق ِ‬ ‫طول ذ ِك ُْرهُ ‪ .‬ولو ُ‬ ‫ي ُ‬
‫ِ‬
‫ة‬‫ن ‪ ،‬وجن ّ ُ‬ ‫ن المؤم ِ‬ ‫منها ‪ .‬وقال النبي ‪ )) : ‬الدنيا سج ُ‬
‫صالحون‪ ،‬وابُتلي العلماُء‬ ‫جن ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ر (( ‪ .‬وفي الدنيا ُ‬ ‫الكاف ِ‬
‫ب‬
‫ت مشارِ ُ‬ ‫در ْ‬ ‫العاملون ‪ ،‬ونّغص على كبارِ الولياِء ‪ .‬وك ّ‬
‫الصاد ِِقين‪.‬‬
‫*******************************‬

‫وقفـــــة‬
‫ت‬
‫ه عنه – قال ‪ :‬سمع ُ‬ ‫ت – رضي الل ُ‬ ‫ن ثاب ٍ‬
‫عن زيدِ ب ِ‬
‫ة ‪ ،‬فّرق‬ ‫م ُ‬
‫ت الدنيا ه ّ‬‫ن كان ِ‬ ‫رسول اللهِ ‪ ‬يقو ُ‬
‫ل ‪)) :‬م ْ‬
‫ه‬
‫ه أمرهُ ‪ ،‬وجعل فقرهُ بين عينْيه ‪ ،‬ولم يأت ِ ِ‬ ‫ه علي ِ‬
‫الل ُ‬
‫ه‪،‬‬
‫ت الخرةُ ن ِّيت ُ‬ ‫ن كان ِ‬‫كتب له‪ .‬وم ْ‬ ‫ن الدنيا إل ما ُ‬ ‫م َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪305‬‬
‫ه ‪ ،‬وأتْته‬ ‫ه له أمرهُ ‪ ،‬وجعل غناهُ في قلب ِ ِ‬ ‫جمع الل ُ‬
‫ة((‪.‬‬ ‫الدنيا وهي راغم ٌ‬
‫ه عنه – قال ‪:‬‬ ‫دالله بن مسعود ٍ – رضي الل ُ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫وع ْ‬
‫ن جعل الهموم هما ً واحدا ً‬ ‫ل ‪ )) :‬م ْ‬ ‫ت نبّيكم ‪ ‬يقو ُ‬ ‫سمع ُ‬
‫ت به‬
‫ن تشعب ّ ْ‬ ‫م دنياه ‪ ،‬وم ْ‬ ‫هه ّ‬ ‫فاهُ الل ُ‬ ‫م آخرته ‪ ،‬ك َ َ‬ ‫‪ ،‬وه ّ‬
‫ي‬
‫ه في أ ّ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫دنيا ‪ ،‬لم ُيبا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م في أحوا ِ‬ ‫مو ُ‬ ‫ه ُ‬
‫ال ُ‬
‫ك (( ‪.‬‬ ‫هل َ َ‬ ‫وِديِتها َ‬ ‫َ‬
‫أ ْ‬
‫ف بـ » البْبغاء « ‪:‬‬ ‫ب المعرو ُ‬ ‫قال الكات ُ‬
‫وعُذ ْ بالصبرِ تب ْت َهِِج‬ ‫ب الهمِج‬ ‫ذه َ‬ ‫بم ْ‬ ‫تنك ّ ْ‬
‫حجِج‬ ‫ج بل ُ‬ ‫م محجو ٌ‬ ‫م الّيا‬ ‫مظل َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فإ ّ‬
‫من َُعنا بل حرِج‬ ‫وت ْ‬ ‫ر‬
‫شك ٍ‬ ‫حنا بل ُ‬ ‫ُتسام ُ‬
‫من الّلجِج‬ ‫ح ِ‬ ‫نهِ فت ْ ٌ‬ ‫ف الله في إتيا‬ ‫وُلط ُ‬
‫ج‬‫م إلى فر ِ‬ ‫نغ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ق إلى‬ ‫ضي ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ف ِ‬
‫*****************************************‬ ‫ة‬
‫سع ٍ‬
‫ة نجاةٌ من الهلك‬
‫سطِي ّ ُ‬
‫و َ‬
‫ال َ‬
‫ي على ثلثةِ أشياء ‪:‬‬ ‫م السعادة مبن ّ‬ ‫تما ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل الغض ِ‬ ‫‪ .1‬اعتدا ِ‬
‫ل الشهوةِ ‪.‬‬ ‫‪ .2‬اعتدا ِ‬
‫ل العِل ْم ِ ‪.‬‬ ‫‪ .3‬اعتدا ِ‬
‫سطا ً ‪ ،‬لئل ّ تزيد قوةُ‬ ‫ج أن يكون أمُرها متو ّ‬ ‫فيحتا ُ‬
‫ص فيهِلك ‪ ،‬أو تزيد ُ قوةُ‬ ‫رجه إلى الّرخ ِ‬ ‫الشهوةِ ‪ ،‬فُتخ ِ‬
‫ر‬
‫ب ‪ ،‬فيخُرج إلى الجموِح فيهلك ‪ )) .‬وخيُر المو ِ‬ ‫الغض ِ‬
‫طها (( ‪.‬‬ ‫أوس ُ‬
‫ل على‬ ‫ن بإشارة قوّةِ العِل ْم ِ ‪ ،‬د ّ‬ ‫وتا ِ‬ ‫ت الُق ّ‬
‫سط ِ‬ ‫فإذا تو ّ‬
‫ه‬
‫ب ‪ :‬إذا زاد ‪ ،‬سُهل علي ِ‬ ‫ق الهدايةِ ‪ .‬وكذلك الغض ُ‬ ‫طري ِ‬
‫ة في‬ ‫ت الغيرةُ والحمي ّ ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وإذا نقص ‪ ،‬ذهب ِ‬ ‫ب والقت ُ‬ ‫الضْر ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ح ْ‬
‫كم ُ‬ ‫ة وال ِ‬ ‫سط ‪ ،‬كان الصبُر والشجاع ُ‬ ‫ن والدنيا ‪ ،‬وإذا تو ّ‬ ‫الدي ِ‬
‫ن‬
‫سقُ والفجوُر ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ت ‪ ،‬كان الِف ْ‬ ‫وكذلك الشهوةُ ‪ :‬إذا زاد ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪306‬‬
‫ة‬
‫ت العف ُ‬ ‫ت ‪ ،‬كان ِ‬‫سط ْ‬‫جُز والفتوُر ‪ ،‬وإن تو ّ‬ ‫ت ‪ ،‬كان العَ ْ‬ ‫نقص ْ‬
‫ديا ً‬
‫ث )) عليكم ه ْ‬ ‫ل ذلك ‪ .‬وفي الحدي ِ‬ ‫ة وأمثا ُ‬
‫والقناع ُ‬
‫سطا ً﴾‬ ‫ُ‬
‫و َ‬‫ة َ‬
‫م ً‬‫مأ ّ‬‫عل َْناك ُ ْ‬
‫ج َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫صدا ً (( ﴿ َ‬‫قا ِ‬
‫*************************************‬
‫ه الغاِلبة‬
‫صفات ِ ِ‬
‫المرءُ ب ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫ت الذ ّ ّ‬ ‫ت الخيرِ فيك صفا ِ‬ ‫ن تغِْلب صفا ُ‬ ‫ن سعادِتك أ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ل‬
‫فُيساقُ إليك الثناُء حتى على شيٍء ليس فيك ‪ ،‬ولم يْقب َ ِ‬
‫ن الماء إذا بلغ قُّلتين لم‬ ‫ما ولو كان صحيحا ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫س فيك ذ ّ‬ ‫النا ُ‬
‫جٌر ‪.‬‬ ‫ح َ‬‫ه َ‬ ‫ن الجبل ل يزيد ُ فيه حجٌر ول ينقص ُ‬ ‫ل الخبث ‪ .‬إ ّ‬ ‫يحم ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫س بن عاصم حليم ِ‬ ‫ت هجوما مقذعا في قي ِ‬ ‫طالع ُ‬
‫ب ‪ ،‬وفي البرامكةِ الكرماء ‪ ،‬وفي ُقتْيبة بن مسلم ٍ القائدِ‬ ‫العر ِ‬
‫ظ ولم‬ ‫جو ‪ ،‬لم ُيحف ْ‬
‫ن هذا الشْتم واله ْ‬ ‫الشهيرِ ‪ ،‬ووجدت أ ّ‬
‫ن فغرق ‪،‬‬ ‫ل ولم ُيصد ّْقه أحد ٌ ‪ ،‬لنه سقط في بحرِ المحاس ِ‬ ‫ُينق ْ‬
‫جاج ‪ ،‬وفي‬ ‫دحا ً وثناًء في الح ّ‬‫ن ذلك م ْ‬ ‫ضد ّ م ْ‬ ‫ت على ال ّ‬ ‫ووجد ُ‬
‫دي ‪،‬‬ ‫أبي مسلم ٍ الخراساني ‪ ،‬وفي الحاكم بأمر الله الُعبي ْ ِ‬
‫دقه أحد ٌ ‪ ،‬لنه ضاع في‬ ‫ل ولم ُيص ّ‬ ‫ظ ولم ُينق ْ‬ ‫ولكّنه لم ُيحف ْ‬
‫ل بين خل ِْقهِ ‪.‬‬ ‫مهم وتهوِّرهم ‪ ،‬فسبحان العاد ِ‬ ‫ركام ِ زيِفهم وظل ِ‬
‫*****************************************‬
‫خِلقت‬
‫هكذا ُ‬
‫خِلق له (( ‪ .‬فلماذا‬ ‫سٌر لما ُ‬ ‫مي َ ّ‬ ‫في الحديث ‪ )) :‬ك ّ‬
‫ل ُ‬
‫ت ل َّيا ؟! إن‬
‫ت والقدرا ِ‬ ‫صفا ِ‬ ‫ب وي ُْلوى عنقُ ال ّ‬ ‫ف المواه ُ‬ ‫ت ُْعس ُ‬
‫س نْفسا ً وأْنكد ُ‬‫الله إذا أراد شيئا ً هّيأ أسبابه ‪ ،‬وما هناك أت ْعَ ُ‬
‫ب‬ ‫ي الري ُ‬ ‫سه ‪ ،‬والذك ّ‬ ‫ن يكون غَي َْر ن َْف ِ‬ ‫خاطرا ً من الذي يريد ُ أ ْ‬
‫ه ‪ ،‬ويسد ّ الفراغ الذي ُوضع له ‪ ،‬إن كان‬ ‫س نفس ُ‬ ‫هو الذي يدر ُ‬
‫ن كان في الحراسةِ كان‬ ‫ساقةِ ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫ساقةِ كان في ال ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫حوِ ‪ ،‬تعّلم الحديث فأعياهُ‬ ‫خ الن ّ ْ‬‫في الحراسةِ ‪ ،‬هذا سيبويه شي ُ‬
‫جب‬ ‫مهََر فيه وأتى بالعَ َ‬ ‫ه فيع ‪ ،‬فتعّلم النحو ‪ ،‬فَ َ‬ ‫‪ ،‬وتبّلد ح ّ‬
‫س ُ‬
‫ل أحد ُ الحكماِء ‪ :‬الذي يريد ُ عمل ً ليس م ْ‬
‫ن‬ ‫الُعجاب ‪ .‬يقو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪307‬‬
‫ج‬
‫خل في غوطةِ دمشق ‪ ،‬ويزرع ُ الت ُْر ّ‬ ‫شأن ِهِ ‪ ،‬كالذي يزرعُ الن ّ ْ‬
‫في الحجازِ ‪.‬‬
‫ه ليس بلل ً ‪ ،‬وخالد ُ‬ ‫ت ل ُيجيد ُ الذان ‪ ،‬لن ُ‬ ‫ن ثاب ٍ‬
‫نب ُ‬ ‫حسا ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫م المواريث ‪ ،‬لنه ليس زيد بن ثاب ٍ‬ ‫ن الوليد ل يقس ُ‬ ‫ب ُ‬
‫ك‪.‬‬‫وعلماُء التربيةِ يقولون ‪ :‬حد ّد ْ موقِعَ َ‬
‫*********************************‬
‫من زكاء‬ ‫لب ُدّ لل ّ‬
‫ذكاء ِ‬
‫ل الكاتب‬ ‫ن محاولةِ اغتيا ِ‬ ‫ت إذاعة لندن ُتخبُر ع ْ‬ ‫سمع ُ‬
‫ت‬‫ب ‪ ،‬وعد ُ‬ ‫ظ ‪ ،‬الحائزِ على جائزةِ نوبل في الد ِ‬ ‫ب محفو ٍ‬ ‫نجي ِ‬
‫ت لهذا‬ ‫ل ‪ ،‬وعجب ُ‬ ‫من قب ْ ُ‬ ‫ت قرأُتها ْ‬ ‫ب له كن ُ‬ ‫بذاكراتي إلى كت ٍ‬
‫ن‬‫ل ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫م من الخيا ِ‬ ‫ن الحقيقة أعظ ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ي ‪ ،‬كيف فات ُ‬ ‫ذك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سمى‬ ‫سماويّ أ ْ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ل من الفناِء ‪ ،‬وأن المبدأ الّرّبان ّ‬ ‫الخلود أج ّ‬
‫ق َأن‬ ‫ح ّ‬
‫َ‬
‫قأ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫دي إ َِلى ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬‫من ي َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫من المبدأ ِ البشريّ ﴿ أ َ َ‬
‫َ‬ ‫يت ّبع أ َ‬
‫ه كتب‬ ‫دى ﴾ ‪ .‬بمعنى أن ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي إ ِل ّ أن ي ُ ْ‬ ‫هدّ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫من‬‫ّ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ما ً قدراِته القوّية في‬ ‫مستخد ِ‬ ‫سج خيال ِهِ ‪ُ ،‬‬ ‫نن ْ‬ ‫تم ْ‬ ‫مسرحيا ٍ‬
‫حة لها ‪.‬‬ ‫ة أنها أخباٌر ل ص ّ‬ ‫ض والثارةِ ‪ ،‬والنهاي ُ‬ ‫التصويرِ والعر ِ‬
‫ن‬
‫ة كبرى ‪ ،‬وهي أ ّ‬ ‫ت من قراءةِ حياِته مسأل ً‬ ‫لقد استفد ُ‬
‫ب سعادِتك وراحِتك‬ ‫ت سعاد الخرين على حسا ِ‬ ‫السعادة ليس ْ‬
‫ن‬
‫م وحز ٍ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫س وأنت في ه ّ‬ ‫‪ ،‬فليس بصحيٍح أن ُيسّر بك النا ُ‬
‫ق‬
‫عين ‪ ،‬ويصُفه بأنه يحتر ُ‬ ‫مبد ِ‬ ‫ح بعض ال ُ‬ ‫ب يمد ُ‬ ‫كتّاا ِ‬ ‫ن بعض ال ُ‬ ‫‪،‬إ ّ‬
‫ت هو الذي يجع ُ‬
‫ل‬ ‫سويّ الثاب ُ‬ ‫ج ال ّ‬ ‫لُيضيء للناس ‪ ،‬والمنه ُ‬
‫س ‪ ،‬ويعمُر نفسه‬ ‫سه ويضيُء للنا ِ‬ ‫المبدع ُيضيُء في نْف ِ‬
‫س بذلك ‪.‬‬ ‫بالخيرِ والهدى والّرشد ِ ‪ ،‬ليعمر قلوب النا ِ‬
‫ك كسرى‬ ‫مل ِ‬ ‫وبعد هذا ‪ ،‬فماذا ينفعُ النسان لو حاز على ُ‬
‫ن قيصر وأمُله‬ ‫ل مكسوٌر ‪ ،‬وحصل على سلطا ِ‬ ‫وقلُبه بالباط ِ‬
‫ن سببا ً في النجا ِ‬
‫ة‬ ‫ة إذا لم تك ْ‬ ‫ن الموهب َ‬ ‫عن الخي ْرِ مقصوُر ؟! إ ّ‬
‫‪ ،‬فما نفُعها وما ثمرُتها ؟!‬
‫*****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪308‬‬
‫كُ ْ‬
‫ن جميل ً ت ََر الوجود جميل ً‬
‫ن نتمّتع بمباهج الحياةِ في حدودِ‬ ‫ن تمام ِ سعادِتنا أ ْ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫ه أنبت حدائق ذات بهجةٍ ‪ ،‬لن ُ‬ ‫س ‪ ،‬فالل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ق الشرِع المقد ّ‬ ‫ِ‬ ‫منط‬
‫صنع‬ ‫ُ‬ ‫ب الجما َ‬ ‫جمي ُ‬
‫ل ‪ ،‬ولتقرأآيا ِ الوحدانية في هذا ال ّ‬ ‫ل يح ُ‬
‫ميعا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫في ال َ‬ ‫ق لَ ُ‬
‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫البهيج ﴿ ُ‬
‫ي ‪ ،‬تزيد ُ‬ ‫ي والمنظُر البه ّ‬ ‫م الشه ّ‬ ‫ة والمطع ُ‬ ‫ة الّزكي ُ‬ ‫فالرائح ُ‬
‫حل َل ً‬ ‫ض َ‬ ‫َ‬ ‫صد َْر انشراحا ً والّروح فرحا ً ﴿ك ُُلوا ْ ِ‬
‫في الْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ال ّ‬
‫م‪:‬‬ ‫ي من دنياك ْ‬ ‫حّبب إل ّ‬ ‫طَّيبا ً ﴾ ‪ .‬وفي الحديث ‪ُ )) :‬‬
‫قّرةُ عيني في‬ ‫ت ُ‬ ‫عل ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب ‪ ،‬والنساءُ ‪ ،‬و ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫الصل ِ‬
‫ن‬‫مظِلم ‪ ،‬الذي دلف علينا م ْ‬ ‫ن الزهد َ القاِتم والورع ال ُ‬ ‫إ ّ‬
‫شوا‬ ‫مّنا ‪ ،‬فعا ُ‬ ‫وه مباهج الحياةِ عند كثيرٍ ِ‬ ‫مناهج أرضي ّةٍ ‪ ،‬قد ْ ش ّ‬
‫ل رسوُلنا ‪: ‬‬ ‫ما وجوعا ً وسهرا ً وتبت ّل ً ‪ ،‬بقو ُ‬ ‫ما وغ ّ‬ ‫حياتهم ه ّ‬
‫ج النساء ‪ ،‬وآك ُ ُ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫م وأفتُر ‪ ،‬وأتزوّ ُ‬ ‫م وأفطُر ‪ ،‬وأقو ُ‬ ‫)) لكّني أصو ُ‬
‫سّنتي فليس مني (( ‪.‬‬ ‫اللحم ‪ ،‬فمن رغب عن ُ‬
‫م!‬ ‫ف بأنفسه ْ‬ ‫ض الطوائ ِ‬ ‫ه بع ُ‬ ‫ب ما فعل ُ‬ ‫ب ‪ ،‬فعج ٌ‬ ‫ن تعج ْ‬ ‫وإ ْ‬
‫ب الماء‬ ‫ك ‪ ،‬وآخُر ل يشر ُ‬ ‫ل الّرطب ‪ ،‬وذاك ل يضح ُ‬ ‫فهذا ل يأك ُ‬
‫س‬
‫م ٌ‬ ‫س وط ْ‬ ‫ب للنف َ ِ‬ ‫ن هذا تعذي ٌ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫البارد ‪ ،‬وكأنهم ما عل ُ‬
‫ه‬
‫عَباِد ِ‬ ‫ج لِ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه ال ّت ِ َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫زين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫حّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫لشراقها ﴿ ُ‬
‫ق﴾ ‪.‬‬ ‫ن الّرْز ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وال ْطّي َّبا ِ‬ ‫َ‬
‫س في الدنيا ‪،‬‬ ‫ن رسولنا ‪ ‬أكل العسل وهو أْزهد ُ النا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ب‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫طون ِ َ‬ ‫من ب ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ه خلق العسل لُيؤكل ‪﴿ :‬ي َ ْ‬ ‫والل ُ‬
‫ت‬ ‫س ﴾ ‪ .‬وتزّوج الث ّّيبا ِ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫لل‬ ‫ِ‬ ‫فاء‬ ‫َ‬ ‫ش‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫وا‬‫َ‬ ‫ف أ َل ْ‬ ‫خت َل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫مث َْنى‬ ‫ساء َ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫فانك ِ ُ‬ ‫والبكار ‪َ ﴿ :‬‬
‫ت العيادِ‬ ‫ب في مناسبا ِ‬ ‫ع ﴾ ‪ .‬ولِبس أجمل الثيا ِ‬ ‫وُرَبا َ‬ ‫ث َ‬ ‫وث ُل َ َ‬ ‫َ‬
‫د ﴾ ‪ .‬فهو ‪ ‬يجم ُ‬
‫ع‬ ‫ج ٍ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عندَ ك ُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫زين َت َك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا ِ‬ ‫رها ‪ُ ﴿ :‬‬ ‫وغي ِ‬
‫بين حقّ الّروِح وحقّ الجسدِ ‪ ،‬وسعادةِ الدنيا والخرةِ ‪ ،‬لنه‬
‫ه الناس عليها ‪.‬‬ ‫ن الفطرةِ التي فطَر الل ُ‬ ‫ُبعث بدي ِ‬
‫**************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪309‬‬

‫ب‬ ‫شْر بال َ‬


‫فَرج القري ِ‬ ‫أب ِ‬
‫ن الشدائد – مهما‬ ‫ض مؤّلفي عصرنا ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل بع ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫م على أصحاِبها ‪ ،‬ول تخل ّد ُ على‬ ‫ت ‪ .‬ل تدو ُ‬‫ت وامتد ّ ْ‬ ‫تعاظم ْ‬
‫ن اشتدادا ً وامتدادا ً واسودادا ً ‪،‬‬ ‫مصاِبها ‪ ،‬بل إنها أقوى ما تكو ُ‬
‫ة‪،‬‬
‫سرٍ وملء ٍ‬ ‫ن انقشاعا ً وانفراجا ً وانبلجا ً ‪ ،‬عن ي ُ ْ‬ ‫ب ما تكو ُ‬ ‫أقر ُ‬
‫ن‬
‫ضاءةٍ ‪ ،‬فيأتي العو ُ‬ ‫وفرٍج وهناءةٍ ‪ ،‬وحياةٍ رخي ّةٍ مشرقةٍ و ّ‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬وهكذا نهاي ُ‬ ‫شد ّةِ والمتحا ِ‬ ‫ن عند ذروةِ ال ّ‬ ‫من اللهِ والحسا ُ‬
‫سق ‪ ،‬فجٌر صادِقٌ ‪.‬‬ ‫ل غا ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ل لي ٍ‬
‫ر‬
‫سي ْ ِ‬
‫ب ال ّ‬‫مد ُ ِغ ّ‬‫ح َ‬
‫وي َ ْ‬ ‫ة ثُ ّ‬
‫م‬ ‫فما هي إل ساع ٌ‬
‫ن هو سائُر‬ ‫م ْ‬
‫***********************************‬ ‫تْنقضي‬
‫ن الحقاد‬
‫م َ‬
‫ع ِ‬ ‫ت أْر َ‬
‫ف ُ‬ ‫أن َ‬
‫درا ً ‪ ،‬هو الذي يريد ُ‬ ‫حهم ص ْ‬ ‫أسعد ُ الناس حال ً وأشر ُ‬
‫ضل ِهِ ‪،‬‬‫نف ْ‬ ‫هم ْ‬‫سد ُ الناس على ما آتاهم الل ُ‬ ‫الخرة ‪ ،‬فل يح ُ‬
‫ن‬
‫ة من الب ِّر والحسا ِ‬ ‫ل سامي ٌ‬ ‫مث ُ ٌ‬
‫ة من الخيرِ و ُ‬ ‫وإنما عنده رسال ٌ‬
‫ف عنهم‬ ‫ن لم يستطعْ ‪ ،‬ك ّ‬ ‫س ‪ ،‬فإ ْ‬ ‫‪ ،‬يريد ُ إيصال نْفِعه إلى النا ِ‬
‫ن‪،‬‬‫ن القرآ ِ‬ ‫جما ِ‬
‫حرِ العلم ِ وتْر ُ‬ ‫سب ْ‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫أذاه ‪ .‬وانظْر إلى اب ِ‬
‫سه مساراِته الشرع ّةِ ‪،‬‬ ‫م وسخاوةِ نف ِ‬ ‫خُلقه الج ّ‬ ‫كيف استطاع ب ُ‬
‫ن شايعهم‬ ‫ة وبني مروان وم ْ‬ ‫ن بني ُأمي ّ َ‬ ‫ول أعداءهُ م ْ‬ ‫ن يح ّ‬ ‫أ ْ‬
‫مه وفْهمه ‪ ،‬فمل المجامع‬ ‫س بعل ْ ِ‬ ‫إلى أصدقاء ‪ ،‬فانتفع النا ُ‬
‫س أيام‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫ِفقها ً وذكرا ً وتفسيرا ً وخْيرا ً ‪ .‬لقد نسي اب ُ‬
‫ح‪،‬‬ ‫صّفين ‪ ،‬وما قبلها وما بعدها ‪ ،‬وانطلق يبني وُيصل ُ‬ ‫لو ِ‬ ‫م ِ‬‫الج َ‬
‫ه الجميعُ ‪ ،‬وأصبح –‬ ‫ح الجراح ‪ ،‬فأحب ّ ُ‬ ‫ويرت ُقُ الفت ْقَ ‪ ،‬ويسم ُ‬
‫ه عنه‬ ‫ن الزبيرِ – رضي الل ُ‬ ‫بحقّ حب َْر المةِ المحمديةِ ‪ .‬وهذا اب ُ‬
‫مته وعبادِته وسموّ قدِره‬ ‫ن هو في كرم ِ أصل ِهِ وشها ِ‬ ‫‪ ، -‬وهو م ْ‬
‫ل‬‫شغِ َ‬ ‫ج أن ُ‬ ‫ً‬
‫ة مجتهدا في ذلك ‪ ،‬فكان من النتائ ِ‬ ‫جه َ‬
‫مو َ‬ ‫ضل ال ُ‬ ‫‪،‬ف ّ‬
‫ت‬ ‫م حصل ِ‬ ‫معا ً كثيرا ً من المسلمين ‪ ،‬ث ّ‬ ‫سر ج ْ‬ ‫عن الّروايةِ ‪ ،‬وخ ِ‬
‫مجاوََرِته في الحرم ِ ‪ ،‬وذ ُِبح كثيُر‬ ‫ة لجل ُ‬ ‫ت الكعب ُ‬ ‫رب ِ‬
‫ض ِ‬
‫ةف ُ‬ ‫الواقع ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪310‬‬
‫درا ً‬ ‫َ‬
‫مُر الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫ق َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫صِلب ﴿ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ‪ ،‬وقُِتل هو ث ّ‬
‫من النا ِ‬
‫دورا ً ﴾ ‪ .‬وليس هذا تنّقصا ً للقوم ِ ‪ ،‬ول تطاوُل ً على‬ ‫م ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ّ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ة تاريخّية تجمعُ العِب ََر والِعظا ِ‬ ‫مكانِتهم ‪ ،‬وإنما هي دراس ٌ‬
‫ت ل يجمُعها إل ّ الِقل ّ ُ‬
‫ة‬ ‫صفح والعْفو ‪ ،‬صفا ٌ‬ ‫ن الّرفق والّلين وال ّ‬‫إ ّ‬
‫سه ‪ ،‬وكْبح‬ ‫ضم نْف ِ‬ ‫ف النسان ه ْ‬ ‫ة من البشرِ ‪ ،‬لنها ُتكل ّ ُ‬ ‫القليل ُ‬
‫عه وتطل ِّعه ‪.‬‬ ‫حه ‪ ،‬وإلجام اندفا ِ‬‫طمو ِ‬
‫***********************************‬
‫وقفــــة‬
‫ء‪،‬‬ ‫ه في الرخا ِ‬ ‫ف إلى الل ِ‬ ‫ه ‪ )) : ‬تعّر ْ‬ ‫» قول ُ‬
‫ن العبد إذا اّتقى الله وحفظ‬ ‫دة (( يعنى أ ّ‬ ‫يعرفك في ال ّ‬
‫ش ّ‬
‫ل رخاِئه ‪ ،‬فقد تعّرف بذلك‬ ‫ه في حا ِ‬ ‫حدوده ُ ‪ ،‬وراعى حقوق ُ‬
‫ه رّبه‬‫ة ‪ ،‬فمعرف ُ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ة خا ّ‬ ‫إلى اللهِ ‪ ،‬وصار بينه وبين رّبه معرف ٌ‬
‫جاه ُ من‬ ‫ه إليه في الرخاِء ‪ ،‬فن ّ‬ ‫شد ّةِ ورعى له تعّرف ُ‬ ‫في ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬تقتضي ُقرب‬ ‫ص ٌ‬ ‫رفة خا ّ‬ ‫ذه المعرفة ‪ ،‬وهذه مع ِ‬ ‫الشدائد ِ به ِ‬
‫ه لدعاِئه « ‪.‬‬ ‫ه ومحّبته له وإجابت ُ‬ ‫العبدِ من رب ّ ْ‬
‫ة في‬ ‫محن ُ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫» الصبُر إذا قام به العبد كما ينبغي ‪ ،‬انقلب ْ‬
‫ت البلّية عطّية ‪ ،‬وصار المكروهُ‬ ‫ة ‪ ،‬واستحال ِ‬ ‫مْنح ً‬‫حّقه ِ‬
‫ن الله سبحانه وتعالى لم يْبتل ِهِ عطّية ‪ ،‬وصار‬ ‫محبوبا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ة في‬ ‫ن الله تعالى على العبدِ عبودي ّ ً‬ ‫المكروهُ محبوبا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ة عليه فيما‬ ‫سّراِء ‪ ،‬وله عبودي ّ ٌ‬ ‫ة في ال ّ‬ ‫ضراِء ‪ ،‬كما له عبودي ّ ٌ‬ ‫ال ّ‬
‫ن في إعطاِء العبودي ّةِ في المكارِهِ ‪ ،‬ففيه‬ ‫يحّبونه ‪ ،‬والشأ ُ‬
‫ت منازُلهم عند اللهِ تعالى‬ ‫ب العبادِ ‪ ،‬وبحسِبه كان ْ‬ ‫ت مرات ِ‬ ‫تفاو ُ‬
‫«‪.‬‬
‫******************************************‬
‫ر‬
‫س ِ‬
‫ح الي ُ ْ‬
‫مفتا ُ‬ ‫عل ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ن تنظر‬ ‫ن‪ ،‬ولك أ ْ‬ ‫ن شقيقا ِ‬
‫سُر قرينان وأخوا ِ‬ ‫العِل ْ ُ‬
‫م والي ُ ْ‬
‫في بحورِ الشريعةِ من العلماِء الراسخين ‪ ،‬ما أْيسَر حياتُهم ‪،‬‬
‫مل معهم! إنهم فهموا المقصد ‪ ،‬ووقُعوا على‬ ‫سهل الّتعا ُ‬ ‫وما أ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪311‬‬
‫ر‬
‫عس ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫ق ‪ ،‬بينما تجد ُ ِ‬‫صوا في العما ِ‬ ‫المطلوب ‪ ،‬وغا ُ‬
‫هاد ُ الذين ق ّ‬
‫ل‬ ‫ة الّز ّ‬ ‫س ‪ ،‬وأصعِبهم مراسا ً ‪ ،‬وأشّقهم طريق ً‬ ‫النا ِ‬
‫جمل ً ما فهموها ‪ ،‬ومسائل‬ ‫نصيُبهم من العِل ْم ِ ‪ ،‬لنهم سمُعوا ُ‬
‫م‬‫مهِ ْ‬‫ن قل ّةِ عل ْ ِ‬ ‫ة الخوارج إل ّ م ْ‬ ‫ت مصيب ُ‬ ‫ما ع ََرُفوها ‪ ،‬وما كان ْ‬
‫دوا‬‫ق‪ ،‬ولم يهت ُ‬ ‫م لم يقُعوا على الحقائ ِ‬ ‫مهم ؛ لنه ْ‬ ‫وضحالةِ فهْ ِ‬
‫ف‪ ،‬وضي ُّعوا المطالب‬ ‫ظوا على الّنت ِ‬ ‫إلى المقاصدِ ‪ ،‬فحاف ُ‬
‫العالية‪ ،‬ووقُعوا في أمرٍ مريٍج ‪.‬‬
‫*************************************‬
‫ما هكذا ُتوردُ ال ِِبل‬
‫ن فيهما سطوةً‬ ‫ن ‪ ،‬ل أرى إل ّ أ ّ‬ ‫ن شهيري ِ‬ ‫ت كتابي ِ‬ ‫طالع ُ‬
‫م‬
‫ن أتى بهما الشارع ُ الحكي ُ‬ ‫سرِ اللذي ْ ِ‬ ‫ة على السعادةِ والي ُ ْ‬ ‫عارم ً‬
‫‪.‬‬
‫ة‬‫ي ‪ ،‬دعوة ٌ صارخ ٌ‬ ‫ن « للغزال ّ‬ ‫علوم الدي ِ‬ ‫ب » إحياء ِ‬ ‫فكتا ُ‬
‫ي أتى‬ ‫ل الت ِ‬ ‫ل والغل ِ‬ ‫للتجويِع والعُْريش ) والبهذلة( ‪ ،‬والصا ِ‬
‫ث‪،‬‬ ‫ن العالمين ‪ .‬فهو يجمعُ من الحادي ِ‬ ‫ضِعها ع ِ‬ ‫رسوُلنا ‪ ‬لو ْ‬
‫ة أو‬‫سب ُعُ ‪ ،‬وغالُبها ضعيف ٌ‬ ‫طيحة وما أكل ال ّ‬ ‫المترّدية والن ِ‬
‫ُ‬
‫ص ُ‬
‫ل‬ ‫ن أعظم ِ ما ُيو ّ‬ ‫صول ً يظّنها م ْ‬ ‫ة ‪ ،‬ثم يبني عليها أ ُ‬ ‫موضوع ٌ‬
‫العبد ُ إلى رّبه ‪.‬‬
‫ن الصحيحين للبخاري‬ ‫ت بين إحياِء علوم ِ الدين وبي ِ‬ ‫وقارن ُ‬
‫ة‬
‫ت ومشّق ٌ‬ ‫ن وظهر الفْرقُ ‪ ،‬فذاك عَن َ ٌ‬ ‫ومسلم ‪ ،‬فبان البو ُ‬
‫ت قول‬ ‫ة ‪ ،‬فأدرك ُ‬ ‫ة وسهول ٌ‬ ‫سُر وسماح ٌ‬ ‫ف ‪ ،‬وهذه ي ُ ْ‬ ‫وتكل ّ ٌ‬
‫رى ﴾ ‪.‬‬ ‫س َ‬‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬ ‫سُر َ‬ ‫ون ُي َ ّ‬ ‫البري ‪َ ﴿ :‬‬
‫ي‪،‬‬‫ب « لبي طالب المك ّ ّ‬ ‫ت القلو ِ‬ ‫ب الثاني ‪ُ » :‬قو ُ‬ ‫والكتا ُ‬
‫ك الحياة الدنيا والنزواء عنها ‪،‬‬ ‫ح منه لتْر ِ‬ ‫مل ِ ّ‬ ‫ب ُ‬ ‫وهو طل ٌ‬
‫ق في‬ ‫ت ‪ ،‬والّتساب ُ ِ‬ ‫جرِ الط ّّيبا ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ي والك ْ‬ ‫سعْ ِ‬ ‫وتعطيل ال ّ‬
‫دة ‪.‬‬‫ش ّ‬ ‫ضنى وال ّ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫ضن ْ ِ‬ ‫ق ال َ‬ ‫طر ِ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ب المك ّ‬ ‫ي ‪ ،‬وأبو طال ٍ‬ ‫والمؤّلفان ‪ :‬أبو حامدٍ الغزال ّ‬
‫مْزجاةً‬ ‫ث ُ‬ ‫سن ّةِ والحدي ِ‬ ‫ن كانت بضاعُتهما في ال ّ‬ ‫خب َْر ‪ ،‬لك ْ‬ ‫أرادا ال َ‬
‫ل ‪ ،‬ولب ُد ّ للدليل أن يكون ماهرا ً في‬ ‫خل َ ُ‬ ‫ن هنا وقع ال َ‬ ‫‪ ،‬فم ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪312‬‬
‫كوُنوا ْ‬ ‫كن ُ‬ ‫وَلـ ِ‬
‫ك﴿ َ‬‫خّريتا ً في معرفة المسال ِ‬ ‫الطريق ِ‬
‫م‬
‫كنت ُ ْ‬‫ما ُ‬
‫وب ِ َ‬
‫ب َ‬‫ن ال ْك َِتا َ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫مو َ‬ ‫م تُ َ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ن بِ َ‬‫َرّبان ِّيي َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫سو َ‬‫ت َدُْر ُ‬
‫*****************************************‬
‫ح الناس صدرا ً‬ ‫أ ْ‬
‫شَر ُ‬
‫ِ‬
‫ح الصدِر‬ ‫معَل ّم ِ الخيرِ ‪ : ‬انشرا ُ‬‫ة البارزة ُ في ُ‬ ‫صف ُ‬
‫ال ّ‬
‫شٌر ‪ ،‬ينهى عن المشّقةِ والتنفير‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬فهو مب ّ‬ ‫والّرضا والّتفاؤ ُ‬
‫محّياه ‪ ،‬والّرضا‬ ‫ة على ُ‬ ‫ف اليأس والحباط ‪ ،‬فالبسم ُ‬ ‫ول يعر ُ‬
‫سن ِّته ‪،‬‬
‫ة في ُ‬ ‫سُر في شريعِته ‪ ،‬والوسطي ّ ُ‬ ‫ده ‪ ،‬والي ُ ْ‬‫في خل ِ‬
‫صرهم‬ ‫مت ِهِ أن يضع عنهم إ ْ‬ ‫ل مه ّ‬‫ج ّ‬‫ن ُ‬ ‫مّلته ‪ .‬إ ّ‬‫والسعادة ُ في ِ‬
‫ت عليهم ‪.‬‬ ‫والغلل التي كان ْ‬
‫*************************************‬
‫رويدا ً ‪ ..‬رويدا ً‬
‫مخاطبين بكلمة الوعي ‪،‬‬ ‫ن من إضفاء السعادة على ال ُ‬ ‫إ ّ‬
‫م ‪ ،‬يصد ّقُ هذا وصيُته ‪ ‬لمعاذ ٍ –‬ ‫ل ‪ ،‬اله ّ‬ ‫ج في المسائ ِ‬ ‫الّتدّر ُ‬
‫ول ما‬ ‫نأ ّ‬ ‫ن ‪ )) :‬فليك ُ ْ‬ ‫ما أْر َ َ‬
‫سله إلى اليم ِ‬ ‫ه عنه – ل ّ‬ ‫رضي الل ُ‬
‫ن ل إله إل الله وأني رسو ُ‬
‫ل‬ ‫م إليه ‪ ،‬أ ْ‬ ‫تدعوه ْ‬
‫ث‪،‬‬ ‫ن وثال ٌ‬ ‫ل وثا ٍ‬ ‫ه ‪ (( .....‬الحديث ‪ .‬إذن في المسألة أو ٌ‬ ‫الل ِ‬
‫حها‬‫م المسائل على المسائل إقحاما ً ‪ ،‬ولماذا نطر ُ‬ ‫فلماذا ُنقح ُ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ل َ‬ ‫وَل ن ُّز َ‬ ‫فُروا ل َ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫و َ‬
‫قا َ‬ ‫ة واحدةً ؟! ﴿ َ‬ ‫جمل ً‬
‫وَرت ّل َْنا ُ‬
‫ه‬ ‫ك َ‬ ‫ؤادَ َ‬‫ف َ‬‫ه ُ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫حدَةً ك َذَل ِ َ‬
‫ك ل ِن ُث َب ّ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫مل َ ً‬
‫ة َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ت َْرِتيل ً ﴾ ‪.‬‬
‫ن يشُعروا بالرتياح‬ ‫مهم أ ْ‬ ‫ن من سعادةِ المسلمين بإسل ِ‬ ‫إ ّ‬
‫مه وبالُيسر في تلّقي أوامره ونواهيه ؛ لنه أتى أصل ً‬ ‫ن تعالي ِ‬ ‫م ْ‬
‫ت‬‫ي والّتفل ّ ِ‬ ‫ذهن ّ‬ ‫ي والّتشّرردِ ال ّ‬ ‫ب النفس ّ‬ ‫لنقاذهم من الضطرا ِ‬
‫الجتماعي ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪313‬‬
‫ف الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ت في الشرِع إل منفي ّا ً ﴿ ل َ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ف لم يأ ِ‬ ‫» التكلي ُ‬
‫ت‬‫ن لم يأ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬والدي ُ‬ ‫ن التكليف مشّق ٌ‬ ‫ها ﴾ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ع َ‬‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫فسا ً إ ِل ّ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫بالمشّقةِ ‪ ،‬وإنما أتي لزالِتها « ‪.‬‬
‫ه‪،‬‬ ‫ل ‪ ‬وصيت ُ‬ ‫ب من الرسو ِ‬ ‫ي كان يطل ُ‬ ‫ن الصحاب ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫صرٍ الحاضُر والبادي ‪ ،‬فإذا الواقعي ُ‬ ‫ث مخت َ َ‬ ‫فُيخبُره بحدي ٍ‬
‫ح‬‫ة البارزة ُ في تلك النصائ ِ‬ ‫سُر هي السم ُ‬ ‫ل والي ُ ْ‬ ‫ومراعاةُ الحا ِ‬
‫الغاليةِ ‪.‬‬
‫ل ما في جْعبِتنا‬ ‫سُرد ُ على المستمعين ك ّ‬ ‫ئ يوم ن ْ‬ ‫إننا نخط ُ‬
‫ن وآداب‪ ،‬في مقام ٍ واحد ٍ ﴿‬ ‫سن ٍ‬‫ن وصايا ونصائح ‪ ،‬وتعاليم و ُ‬ ‫م ْ‬
‫قرأ َ‬
‫ث‬‫مك ْ ٍ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ع َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫قَناهُ ل ِت َ ْ َ‬ ‫فَر ْ‬ ‫قْرآنا ً َ‬ ‫و ُ‬‫َ‬
‫زيل ً﴾ ‪.‬‬ ‫ون َّزل َْناهُ َتن ِ‬ ‫َ‬
‫ما هكذا ُتورد ُ يا‬ ‫أوَْرَدها سعْد ٌ وسعد ٌ‬
‫ل‬‫سعْد ُ الب ِ ْ‬
‫********************************************‬ ‫م ْ‬
‫ل‬ ‫شت ِ‬ ‫م ْ‬‫ُ‬
‫**‬

‫كيف تشك ُُر على الكثي ِ‬


‫ر‬
‫ل‬ ‫شك ْ ِ‬
‫ر القلي ِ‬ ‫صرت في ُ‬ ‫وقد ق ّ‬
‫ل‪،‬ل‬ ‫ب الّزل ِ‬ ‫ن ل يحمد ُ الله على الماِء البارد ِ العذ ْ ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬
‫ب الفاِرهةِ ‪ ،‬والبساتي ِ‬ ‫ده على القصورِ الفخمةِ ‪ ،‬والمراك ِ‬ ‫يحم ُ‬
‫الغّناِء ‪.‬‬
‫ئ ‪ ،‬ل يشكرهُ‬ ‫ن ل يشك ُُر الله على الخبزِ الداف ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫وإ ّ‬
‫حود‬ ‫ن الكُنود الج ُ‬ ‫ت الّلذيذةِ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫شهي ّةِ والوجبا ِ‬ ‫على الموائدِ ال ّ‬
‫ن هؤلء أعطى رّبه‬ ‫يرى القليل والكثير سواًء ‪ ،‬وكثيٌر م ْ‬
‫المواثيق الصارمة ‪ ،‬على أنه متى أنعم عليه وحباه ُ وأغدق‬
‫د‬
‫ه َ‬ ‫عا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫و ِ‬‫عليه فسوف يشك ُُر وُينفقُ ويتصد ّقُ ﴿ َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ول َن َ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ه ل َن َ ّ‬
‫صد ّ َ‬ ‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ن آَتاَنا ِ‬ ‫ه ل َئ ِ ْ‬‫الل ّ َ‬
‫ه‬‫خُلوا ْ ب ِ ِ‬‫ه بَ ِ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ما آَتا ُ‬ ‫فل َ ّ‬‫ن}‪َ {75‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬‫ع ِ‬
‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫وّلوا ْ ّ‬ ‫وت َ َ‬
‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪314‬‬
‫ف بشرا ً كثيرا ً ‪،‬‬‫ص ِ‬ ‫ن هذا ال ّ‬ ‫ل يوم ٍ م ْ‬‫ظك ّ‬ ‫ن نلح ُ‬ ‫ونح ُ‬
‫در الخاطرِ ‪ ،‬خاوي الضميرِ ‪ ،‬ناقما ً على رّبه‬ ‫ل مك ّ‬ ‫كاسف البا ِ‬
‫ق واسٍع بينما هو‬ ‫ه برز ٍ‬ ‫جزل له العطّية ‪ ،‬ول أتحف ُ‬ ‫أنه ما أ ْ‬
‫ف ‪ ،‬ولم يشك ُْر وهو في فراٍغ‬ ‫حةٍ وعافيةٍ وكفا ٍ‬ ‫ل في ص ّ‬ ‫يرفُ ُ‬
‫دوِر‬
‫شِغل مثل هذا الجاحد ُ بالكنوزِ وال ّ‬ ‫وفسحةٍ ‪ ،‬فكيف لو ُ‬
‫شُردا ً من رّبه ‪ ،‬وعقوقا ً لمولهُ‬ ‫كثَر ُ‬‫ن كان أ ْ‬ ‫والقصورِ ؟! إذ ْ‬
‫وسّيدهِ ‪.‬‬
‫حني حذاًء ‪.‬‬ ‫من َ‬‫الحافي مّنا يقول ‪ :‬سوف أشكُر رّبي إذا َ‬
‫ة‬
‫صل على سّيارةٍ فاره ٍ‬ ‫كر حتى يح ُ‬ ‫ش ْ‬
‫جل ال ّ‬ ‫ب الحذاِء يؤ ّ‬ ‫وصاح ُ‬
‫ه‬
‫ة ‪ ،‬رغباُتنا على الل ِ‬ ‫كر نسيئ ًُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خذ النعيم ِ نْقدا ً ‪ ،‬وُنعطي ال ّ‬ ‫نأ ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ة المتثا ِ‬ ‫ة ‪ ،‬وأوامُر اللهِ عندنا بطيئ ُ‬ ‫ح ٌ‬‫مل ّ‬
‫***********************************‬
‫ت‬
‫ث لوحا ٍ‬
‫ثل ُ‬
‫ت ثمينةٍ ‪:‬‬ ‫ض الذكياء عّلق على مكتب ِهِ ثلث لوحا ٍ‬ ‫بع ُ‬
‫ش في‬ ‫ع ْ‬ ‫مك ‪ .‬أي ِ‬ ‫مك يو ُ‬‫و ُ‬‫ب على الولى ‪ :‬ي ْ‬ ‫مكتو ٌ‬
‫حدودِ اليوم ‪.‬‬
‫وعلى الثانيةِ ‪ :‬فك ّْر واشكْر ‪ .‬أي فك ّْر في ن ِعَم ِ اللهِ‬
‫عليك ‪ ،‬واشك ُْره عليها ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫وعلى الثالثةِ ‪ :‬ل تغض ْ‬
‫ق‪،‬‬
‫ب الطر ِ‬ ‫ن أْقر ِ‬ ‫ث وصايا تدّلك على السعادةِ م ْ‬ ‫إنها ثل ُ‬
‫كرِتك لتطاِلعها ك ّ‬
‫ل‬ ‫مف ّ‬
‫ل ‪ ،‬ولك أن تكتبها في ُ‬ ‫سب ُ ِ‬
‫ومن أْيسرِ ال ّ‬
‫يوم ٍ ‪.‬‬
‫***********************************‬
‫وقفــــة‬
‫سرِ ‪،‬‬‫ن الفرج بالكْرب ‪ ،‬والي ُ ْ‬
‫ف أسرارِ اقترا ِ‬ ‫ن لطائ ِ‬ ‫»م ْ‬
‫س من‬ ‫ظم وتناهى ‪ ،‬وحصل للعبد اليأ ُ‬ ‫ن الكرب إذا اشتد ّ وع ُ‬ ‫أ ّ‬
‫فه من جهةِ المخلوقين تعّلق باللهِ وحده ‪ ،‬وهذا هو‬ ‫ك ْ‬
‫ش ِ‬
‫ل على اللهِ ‪.‬‬‫ة الّتوك ّ ِ‬
‫حقيق ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪315‬‬
‫ن المؤمن إذا استبطأ الفرج ‪ ،‬وأِيس منه كْثر ِ‬
‫ة‬ ‫وأيضا ً فإ ّ‬
‫عه ‪ ،‬ولم يظهر عليه أثُر الجابةِ ‪ ،‬فرجع إلى‬ ‫دعاِئه وتضّر ِ‬
‫ك ‪ ،‬ولو كان‬ ‫ُ‬ ‫سه بال ّ‬
‫ن ِقبل ِ ِ‬ ‫تم ْ‬‫لئمةِ ‪ ،‬وقال لها ‪ :‬إنما أتي ُ‬ ‫نف ِ‬
‫ن كثيرٍ من‬ ‫ُ‬
‫ب إلى الله م ْ‬ ‫م أح ّ‬ ‫ت ‪ .‬وهذا اللو ُ‬ ‫فيك خيٌر لجب ْ ُ‬
‫ب انكسار العبدِ لمولهُ ‪ ،‬واعتراُفه له‬ ‫ت ‪ ،‬فإنه ُيوج ُ‬ ‫الطاعا ِ‬
‫ل لما نزل من البلِء ‪ ،‬وأنه ليس أهل ً لجابةِ الدعاِء ‪،‬‬ ‫بأنه أه ٌ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ج الكْر ِ‬ ‫ة الدعاِء وتفري ُ‬ ‫فلذلك ُتسرع ُ إليه حينئذٍ إجاب ُ‬
‫ش لو‬‫ن أدهم الزاهد ُ ‪ » .‬نحن في عي ٍ‬ ‫مب ُ‬‫ل إبراهي ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ف«‪.‬‬ ‫دونا عليه بالسيو ِ‬ ‫ك ‪ ،‬لجال ُ‬ ‫علم به الملو ُ‬
‫مّر بقلبي‬‫خ السلم ِ ‪ » :‬إنها ل َت َ ُ‬ ‫ن تيمية شي ُ‬ ‫ل اب ُ‬ ‫ويقو ُ‬
‫ل ما أنا فيه ‪ ،‬فهم‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ل الجنةِ في ِ‬ ‫ل ‪ :‬إن كان أه ُ‬ ‫ت أقو ُ‬ ‫ساعا ٌ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ش طي ّ ٍ‬ ‫في عي ٍ‬
‫************************************‬
‫س‬
‫اطمئ ِّنوا أّيها النا ُ‬
‫ن ثلثين كتابا ً ‪،‬‬ ‫كثر م ْ‬ ‫شد ّةِ « أ ْ‬ ‫في كتاب » الَفَرِج بعد ال ّ‬
‫ة‬ ‫مدلِهمات انفراجا ً ‪ ،‬وفي ق ّ‬
‫م ِ‬ ‫ن في ذروة ال ُ‬ ‫كّلها ُتخبُرنا أ ّ‬
‫ن أكثر ما تكون مكبوتا ً حزينا ً غارقا ً في‬ ‫ت انِبلجا ً ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫الزما ِ‬
‫ن‬‫سُهولةِ والخروِج م ْ‬ ‫ن إلى الفت ِْح وال ّ‬ ‫ب ما تكو ُ‬ ‫كبةِ ‪ ،‬أقَْر ُ‬ ‫الن ْ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ي في كتاِبه الطويل الشائ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وساق لنا الّتنوخ ّ‬ ‫ضن ْ ِ‬ ‫هذا ال ّ‬
‫عزُلوا ‪ ،‬أو‬ ‫سوا أو ُ‬ ‫حب ُ‬ ‫صةٍ لمن ُنكُبوا ‪ ،‬أو ُ‬ ‫ن مائتي ق ّ‬ ‫أكث ََر م ْ‬
‫دوا ‪ ،‬أو افتقُروا وأملقوا ‪ ،‬فما‬ ‫جل ُ‬‫طرُدوا ‪ ،‬أو عُذ ُّبوا و ُ‬ ‫شّرُدوا و ُ‬ ‫ُ‬
‫هي إل أيام ‪ ،‬فإذا طلئع المداد وكتائب السعاد وافْتهم على‬
‫حين يأس ‪ ،‬وباشرْتهم على حين غفلةٍ ‪ ،‬ساقها لهم السميع‬
‫ل للمصابين والمنكوبين ‪:‬‬ ‫ي يقو ُ‬ ‫ن التنوخ ّ‬ ‫المجيب ‪ .‬إ ّ‬
‫س‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫اطمئّنوا ‪ ،‬فلقد سبق ُ‬
‫دمكم أنا ٌ‬ ‫ق وتق ّ‬ ‫كم فوقٌ في هذا الطري ِ‬
‫‪:‬‬
‫ن شأن ِهِ ما‬ ‫م ْ‬‫هم ِ‬ ‫وعنا ُ‬ ‫س قْبلنا‬ ‫حب النا ُ‬ ‫ص ِ‬
‫ن ُتكد ُّر‬ ‫عنانا ولك ْ‬ ‫ـاِليه‬ ‫صِنيع‬‫ن ال ّ‬ ‫س ُ‬‫زمانا ِ‬
‫ح‬ ‫ُرذا ّ ال‬
‫بما ّت ُ ْ‬
‫حسانا‬ ‫ال ْ‬ ‫ليـ‬
‫ل تحزن‬
‫‪316‬‬
‫قدْ‬ ‫ول َ َ‬
‫ء﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬
‫ة ماضية ﴿ َ‬ ‫سن ّ ٌ‬
‫ن فهذه ُ‬ ‫إذ ْ‬
‫ه‬
‫حص الل ُ‬ ‫ن ُيم ّ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ة عادل ٌ‬ ‫م ﴾ ‪ .‬إنها قضي ّ ٌ‬ ‫ه ْ‬‫قب ْل ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫فت َّنا ال ّ ِ‬‫َ‬
‫ن ُيغاِير‬ ‫م بالرخاِء ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫شد ّةِ كما تعّبدهُ ْ‬ ‫ن يتّعبدهم بال ّ‬ ‫عباده ‪ ،‬وأ ُ‬
‫عليهم الطوار كما غاير عليهم الليل والنهار ‪ ،‬فِلم إذن‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬ ‫ط والعتراض والتذمر ﴿ ول َو أ َ‬ ‫خ ُ‬
‫مأ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ُ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الّتس ّ‬
‫عُلوهُ إ ِل ّ‬ ‫فسك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬‫ما َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ر ُ‬ ‫من ِدَيا ِ‬ ‫جوا ْ ِ‬‫خُر ُ‬‫وا ْ‬ ‫مأ ِ‬ ‫قت ُُلوا ْ أن ُ َ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫م﴾‪.‬‬‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ّ‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫َ‬
‫*******************************************‬
‫ء‬
‫سو ِ‬
‫ف تقي مصارع ال ّ‬
‫ع المعرو ِ‬
‫صنائ ُ‬
‫صديق – رضي الله‬ ‫ل أبي بكرٍ ال ّ‬ ‫ت ‪ ،‬قو ُ‬ ‫ل الكلما ِ‬ ‫ن أجم ِ‬ ‫م ْ‬
‫م‬
‫عنه ‪ : -‬صنائع المعروف تقي مصارع السوِء ‪ .‬وهذا كل ٌ‬
‫َ‬
‫ن}‬ ‫حي َ‬ ‫سب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫وَل أن ّ ُ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ل والعق ُ‬ ‫دقه الّنق ُ‬ ‫ُيص ّ‬
‫ن ﴾ ‪ .‬تقو ُ‬
‫ل‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫في ب َطْن ِ ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫‪ {143‬ل َل َب ِ َ‬
‫ه أبدا ً‬ ‫ه ل ُيخزيك الل ُ‬ ‫ة للرسول ‪ )) : ‬كل والل ِ‬ ‫خديج ُ‬
‫ب المعدوم ‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وتك ِ‬ ‫ل الك ّ‬ ‫م ُ‬ ‫حم ‪ ،‬وتح ِ‬ ‫ل الّر ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫لت ِ‬
‫ت‬ ‫ر (( ‪ .‬فانظ ُْر كيف استدل ّ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ب الدّ ْ‬ ‫ن على نوائ ِ ِ‬ ‫وُتعي ُ‬
‫ب ‪ ،‬وك ََرم ِ البدايةِ على‬ ‫ن العواق ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل على ُ‬ ‫ن الفعا ِ‬ ‫بمحاس ِ‬
‫جلِلة النهايةِ ‪.‬‬
‫ن‬
‫وفي كتاب » الوزراء « للصابي ‪ ،‬و» المنتظم « لب ِ‬
‫دها ‪:‬‬ ‫ة ‪ ،‬مفا ُ‬ ‫ص ٌ‬ ‫شد ّةِ « للتنوخي ق ّ‬ ‫الجوزي ‪ ،‬و »الَفَرِج بعد ال ّ‬
‫ت الوزير ‪ ،‬كان يتتب ّعُ أبا جعفرٍ بن بسطام ٍ بالذِّية‬ ‫أن ابن الفرا ِ‬
‫ده بالمكاره ‪ ،‬فلقي منه في ذلك شدائد كثيرة ً ‪،‬‬ ‫‪ ،‬ويقص ُ‬
‫ُ‬
‫ن تجعل‬ ‫ودته – منذ ُ كان طفل ً – أ ْ‬ ‫م أبي جعفر قد ع ّ‬ ‫وكانت أ ّ‬
‫م عليها رغيفا ً من‬ ‫دته التي ينا ُ‬ ‫ل ليلةٍ ‪ ،‬تحت مخ ّ‬ ‫له في ك ّ‬
‫ما كان بعد‬ ‫ت به عنه ‪ .‬فل ّ‬ ‫دق ْ‬ ‫الخبزِ ‪ ،‬فإذا كان في غدٍ ‪ ،‬تص ّ‬
‫ت في‬ ‫ت له ‪ ،‬دخل إلى ابن الفرا ِ‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫دة من أذي ّةِ اب ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬
‫ت ‪ :‬لك مع‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫شيٍء احتاج إلى ذلك فيه ‪ ،‬فقال له اب ُ‬
‫دقني ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫خب ٌْز في رغيف ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬فقال ‪ :‬لب ُد ّ أن تص ُ‬ ‫مك ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ب‬‫دثه به على سبيل الّتطاي ُ ِ‬ ‫فذكر أبو جعفر الحديث ‪ ،‬فح ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪317‬‬
‫ل ‪ ،‬فإّني‬‫ت ‪ :‬ل تفع ْ‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫ل النساِء ‪ .‬فقال اب ُ‬ ‫ن أفعا ِ‬ ‫بذلك م ْ‬
‫ُ‬
‫م لستأصل ُْتك ‪ ،‬فنم ُ‬
‫ت‬ ‫ت البارحة ‪ ،‬وأنا أدب ُّر عليك تدبيرا ً لو ت ّ‬ ‫ب ّ‬
‫ن بيدي سيفا ً مسلول ً ‪ ،‬وقد قصدُتك‬ ‫ت في منامي كأ ّ‬ ‫‪ ،‬فرأي ُ‬
‫سك به مّني ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ف ُتتّر ُ‬‫دها رغي ٌ‬ ‫مك بي ِ‬‫لقتلك به ‪ ،‬فاعترضْتني أ ّ‬
‫ت ‪ .‬فعاتبه أبو جعفر على ما كان‬ ‫ت إليك ‪ ،‬وانتبه ُ‬ ‫فما وصل ُ‬
‫ن‬
‫هم ْ‬‫حه ‪ ،‬وبذل ل ُ‬ ‫بينهما ‪ ،‬وجعل ذلك طريقا ً إلى استصل ِ‬
‫ح حتى أرضاه ُ ‪،‬‬ ‫ن الطاعةِ ‪ ،‬ولم يبر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ده م ْ‬ ‫سه ما يري ُ‬ ‫نْف ِ‬
‫ت ‪ :‬واللهِ ‪ ،‬ل رأيت مّني‬ ‫ن الفرا ِ‬ ‫وصارا صديقْين ‪ .‬وقال له اب ُ‬
‫سوءا ً أبدا ً ‪.‬‬‫بعدها ُ‬
‫***************************************‬
‫ر‬
‫سي ْ ِ‬
‫ة ال ّ‬
‫مواصل ِ‬
‫ى ُ‬
‫م ُيعين عل ُ‬
‫استجما ٌ‬
‫ن العبد‬ ‫ة ‪ُ ،‬تعي ُ‬ ‫ة وُفسح ً‬ ‫سعَ ً‬‫ن في الشريعةِ َ‬ ‫من المعلوم ِ أ ّ‬
‫ح ‪ ،‬فرسوُلنا‬ ‫وعمِله الصال ِ‬ ‫على الستمرار في عبادِته وعطاِئه‬
‫ح ول‬ ‫كى ﴾ ‪ ،‬وكان يمز ُ‬ ‫وأ َب ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ح َ‬ ‫و أَ ْ‬
‫ض َ‬ ‫ه َ‬
‫ه ُ‬ ‫ك﴿ َ‬
‫وأن ّ ُ‬ ‫‪ ‬كان يضح ُ َ‬
‫ه عنها ‪ ،‬وكان يتخوّ ُ‬
‫ل‬ ‫ل إل حّقا ً ‪ ،‬وسابق عائشة رضي الل ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫مة عليهم ‪ ،‬وكان ينهى عن‬ ‫سآ ِ‬ ‫هية ال ّ‬‫الصحابة بالموعظةِ ‪ ،‬كرا ِ‬
‫دين أحد ٌ ‪،‬‬ ‫ف والتشديدِ ‪ ،‬وُيخبُر أنه لن ُيشاد ّ ال ّ‬ ‫مق والّتكل ّ ِ‬ ‫الّتع ّ‬
‫ُ‬ ‫إل غَل َب َ ُ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬فأوِغلوا فيه برفْ ٍ‬ ‫ن الدين متي ٌ‬ ‫ثأ ّ‬ ‫ه ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬
‫شد ّةُ‬ ‫شّرة ً ‪ ،‬وهي ال ّ‬ ‫ن لكل عابد ِ‬ ‫ث أيضا ً أ ّ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن ينقطع ‪ ،‬لنه‬ ‫ف إل أ ْ‬ ‫ث المتكل ّ ُ‬ ‫دفاعُ ‪ .‬ول يلب ُ‬ ‫ضراوةُ والن ِ‬ ‫وال ّ‬
‫دة ومللة‬ ‫م ّ‬ ‫طول ال ُ‬ ‫نظر إلى الحالةِ الراهنةِ ونسي الطوارئ و ُ‬
‫م عليه ‪،‬‬ ‫ل ُيداو ُ‬ ‫ل له حد ّ أدنى في العم ِ‬ ‫الن ّْفس ‪ ،‬وإل ّ فالعاق ُ‬
‫ن ضعف بقي على أصِله ‪ ،‬وهذا معنى‬ ‫ن نشط زاد ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫فإ ْ‬
‫س إقبال ً وإدبارا ً ‪،‬‬ ‫ن للنفو ِ‬ ‫ض الصحابة ‪ :‬إ ّ‬ ‫ن كلم ِ بع ِ‬ ‫الثر م ْ‬
‫فاغتنموها عند إقبالها ‪ ،‬وذُروها عند إدباِرها ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وأكث َُروا من النوافل ‪،‬‬ ‫كي ِ‬ ‫ت نفرا ً زاُدوا في ال ْ‬ ‫وما رأي ُ‬
‫ما كانوا قب ْ َ‬
‫ل‬ ‫فم ّ‬ ‫ضع َ‬ ‫ن ُيغالوا ‪ ،‬فانقطُعوا وعاُدوا أ ْ‬ ‫وحاولوا أ ْ‬
‫البدايةِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪318‬‬
‫ن‬
‫قْرآ َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ما َأنَزل َْنا َ‬ ‫ن أصل ً جاء للسعاد ﴿ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫وال ّ‬
‫طاقةِ ‪،‬‬ ‫ه قوما ً كل ُّفوا أنُفسهم فوق ال ّ‬ ‫قى ﴾ ‪ .‬وقد لم الل ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ل ِت َ ْ‬
‫موا أنفسهم به ﴿‬ ‫ض الواقع ناكِثين ما ألز ُ‬ ‫ن أر ِ‬ ‫ثم انسحبوا م ْ‬
‫غاء‬ ‫م إ ِّل اب ْت ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ها َ َ‬ ‫ما ك َت َب َْنا َ‬ ‫ها َ‬ ‫عو َ‬ ‫ة اب ْت َدَ ُ‬ ‫هَبان ِي ّ ً‬ ‫وَر ْ‬ ‫َ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫عاي َت ِ َ‬ ‫ر َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬
‫ها َ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬ ‫ما َر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬
‫ن فطرةٍ ‪ ،‬وأنه‬ ‫ن أنه دي ُ‬ ‫وميزةُ السلم ِ على سائر الديا ُ‬
‫ر﴿‬ ‫ط ‪ ،‬وأنه للّروِح والجسم ِ ‪ ،‬والدنيا والخرةِ ‪ ،‬وأنه ميس ٌ‬ ‫س ٌ‬ ‫وَ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫قي ّ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ي‪‬‬ ‫ي إلى النب ّ‬ ‫دريّ قال ‪ :‬جاء أعراب ّ‬ ‫خ ْ‬ ‫عن أبي سعيد ال ُ‬
‫ن‬
‫م ٌ‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬أيّ الناس خي ٌْر ؟ قال‪)) :‬مؤ ِ‬
‫ل‬‫ج ٌ‬ ‫ه‪ ،‬ثم ر ُ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سه وماِله في سبي ِ‬ ‫هدٌ بنف ِ‬ ‫مجا ِ‬
‫ب يعُبد رّبه (( ‪ .‬وفي‬ ‫شعا ِ‬ ‫ب من ال ّ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل في ِ‬ ‫معتز ٌ‬
‫ن‬
‫روايةٍ ‪ )) :‬يّتقي الله ويدع الناس من شّره (( ‪ ،‬وع ْ‬
‫ن‬
‫كأ ْ‬ ‫ل ‪ُ )) :‬يوش ُ‬ ‫ت النبي ‪ ‬يقو ُ‬ ‫أبي سعيد ٍ قال ‪ :‬سمع ُ‬
‫ل‬‫ف الجبا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ع بها ش ْ‬ ‫م يتب ُ‬ ‫ل المسلم غن ٌ‬ ‫يكون خير ما ِ‬
‫ن (( ‪ .‬رواه‬ ‫فت ِ‬ ‫ر ‪ ،‬يفّر بديِنه من ال ِ‬ ‫ومواقع القطْ ِ‬
‫البخاريّ ‪.‬‬
‫ن‬
‫حس َ‬ ‫ظكم من الُعزلةِ « ‪ .‬وما أ ْ‬ ‫ذوا ح ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫قال عمُر ‪ُ » :‬‬
‫من مداراةِ الخلطةِ « ‪.‬‬ ‫مكابد َةُ العزلةِ أيسُر ْ‬ ‫قول الجنيد ِ ‪ُ » :‬‬
‫ة من الغيبةِ‬ ‫ن في العزلةِ إل السلم ُ‬ ‫ي ‪ :‬لو لم يك ُ ْ‬ ‫طاب ّ‬ ‫وقال الخ ّ‬
‫ن رؤيةِ المنكرِ الذي ل يقدُر على إزالتهِ ‪ ،‬لكان ذلك خيرا ً‬ ‫‪ ،‬وم ْ‬
‫كثيرا ً ‪.‬‬
‫ن حديث أبي ذّر‬ ‫م‪،‬م ْ‬ ‫ه الحاك ُ‬ ‫وفي هذا معنى ما أخرج ُ‬
‫سوء (( ‪.‬‬ ‫س ال ّ‬ ‫دة خيٌر من جِلي ِ‬ ‫مرفوعا ً ‪ ،‬بلفظ ‪ )) :‬الوح ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وسنده َ‬
‫ن العزلة‬ ‫ي في » كتاب العزلة « أ ّ‬ ‫طاب ّ‬ ‫كر الخ ّ‬ ‫وذ َ َ‬
‫ة الواِردةُ‬ ‫ف متعلقاتهما ‪ ،‬فُتحمل الدل ّ ُ‬ ‫ف باختل ِ‬ ‫والختلط يختل ُ‬
‫ض على الجتماِع ‪ ،‬على ما يتعل ّقُ بطاعةِ الئم ِ‬
‫ة‬ ‫في الح ّ‬
‫ق‬
‫سهِ ‪ ،‬وأما الجتماع ُ والفترا ُ‬ ‫سها في عك ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وعك ُ‬ ‫وأمورِ الدي ِ‬
‫ه‬
‫ش ِ‬ ‫سه في حقّ معا ِ‬ ‫ف الكتفاء بنف ِ‬ ‫ن عََر َ‬ ‫ن ‪ ،‬فم ْ‬ ‫بالبدا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪319‬‬
‫س‪،‬‬ ‫ن مخالطةِ النا ِ‬ ‫فم ْ‬ ‫ه النكفا ُ‬ ‫ومحافظةِ دينهِ ‪ ،‬فالْولى ل ُ‬
‫ق‬‫سلم ِ والّرد ّ ‪ ،‬وحقو ِ‬ ‫عة ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ظ على الجما ِ‬ ‫ن ُيحاف َ‬ ‫طأ ْ‬‫بشْر ِ‬
‫حوِ ذلك ‪.‬‬ ‫المسلمين من العيادةِ وشهودِ الجنازةِ ‪ ،‬ون ْ‬
‫ن‬
‫صحبةِ ‪ ،‬لما في ذلك م ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ك فضو ِ‬ ‫ب إنما هو تْر ُ‬ ‫والمطلو ُ‬
‫ل الجتماع‬ ‫ت ‪ ،‬ويجع ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫مه ّ‬ ‫ت عن ال ُ‬ ‫ل وتضييِع الوق ِ‬ ‫ل البا ِ‬ ‫شغِ ِ‬
‫بمنزلةِ الحتياِج إلى الغداِء والعشاِء ‪ ،‬فيقتصُر منه على ما‬
‫م‪.‬‬ ‫ه أعل ُ‬ ‫ب ‪ .‬والل ُ‬ ‫ن والقل ِ‬ ‫ح للب َد َ ِ‬ ‫لبد ّ له منه ‪ ،‬فهو أْروَ ُ‬
‫وقال الُقشيريّ في » الرسالة« ‪ :‬طريقُ من آثَر‬
‫ن‬‫س ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن شّره ‪ ،‬ل العك ُ‬ ‫سم ْ‬ ‫ة ‪ ،‬أن يعتقد سلمة النا ِ‬ ‫الُعزل َ‬
‫ة المتواضِع ‪،‬‬ ‫ه استصغاُره نْفسه ‪ ،‬وهي صف ُ‬ ‫الول ‪ُ :‬ينتج ُ‬
‫ة المتكب ّرِ ‪.‬‬ ‫ره ‪ ،‬وهذه صف ُ‬ ‫ة له على غي ِ‬ ‫والثاني ‪ :‬شهوُده مزي ً‬
‫ط‪.‬‬ ‫ن ووس ٌ‬ ‫س في مسألةِ الُعزلةِ والخلطةِ طرفا ِ‬ ‫والنا ُ‬
‫جمِع‬ ‫ل ‪ :‬من اعتزل الناس حتى عن ال ُ‬ ‫و ُ‬‫فالطرف ال ّ‬
‫ؤوا ‪.‬‬‫ت والعيادِ ومجامع الخي ْرِ ‪ ،‬وهؤلِء أخط ُ‬ ‫والجماعا ِ‬
‫س‬
‫ن خالط الناس حتى في مجال ِ‬ ‫والطرف الثاني ‪ :‬م ْ‬
‫ؤوا ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬وهؤلء أخط ُ‬ ‫ل وتضييِع الّزما ِ‬ ‫ل والقا ِ‬ ‫الّلهوِ والّلغوِ والقي ِ‬
‫وم‬ ‫ت التي ل تق ُ‬ ‫ن خالط الناس في العبادا ِ‬ ‫والوسط ‪ :‬م ْ‬
‫ن على الب ِّر والتقوى‬ ‫إل باجتماٍع ‪ ،‬وشاركهم في ما فيه تعاو ٌ‬
‫ه‬
‫ض عن الل ِ‬ ‫صد ّ ُوالعرا ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ة ‪ ،‬واعتزال مناسبا ِ‬ ‫وأجٌر ومثوب ُ‬
‫سطا ً﴾ ‪.‬‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬‫مأ ّ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ك َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫ت﴿ َ‬ ‫ل المباحا ِ‬ ‫وفضو ِ‬
‫********************************************‬
‫****‬
‫وقفـــــة‬
‫ل اللهِ ‪: ‬‬
‫ت قال ‪ :‬قال رسو ُ‬ ‫ن الصام ِ‬ ‫عباد ب ِ‬‫عن ُ‬
‫ب من‬ ‫ه ‪ ،‬فإنه با ٌ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫م بالجهاد في سبي ِ‬ ‫)) عليك ْ‬
‫م (( ‪.‬‬‫م واله ّ‬ ‫ه به الغ ّ‬ ‫ب الل ُ‬‫ه ُ‬
‫ة ‪ُ ،‬يذ ِ‬ ‫ب الجن ِ‬ ‫أبوا ِ‬
‫م‬
‫م ‪ ،‬فأمٌر معلو ٌ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ما تأثيُر الجهاد في دْفع اله ّ‬ ‫» وأ ّ‬
‫ه‬
‫ل وصولت ُ‬ ‫ت صائل الباط ِ‬ ‫ن الن ّْفس متى ترك ْ‬ ‫بالوجدان ‪ ،‬فإ ّ‬
‫مها ‪ ،‬وكرُبها وخوُفها ‪ ،‬فإذا جاهدْته‬ ‫مها وغ ّ‬‫واستيلءهُ ‪ ،‬اشتد ّ ه ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪320‬‬
‫حْزن فرحا ً ونشاطا ً وقوة ً ‪ ،‬كما‬ ‫م وال ُ‬ ‫ه ذلك اله ّ‬ ‫للهِ ‪ ،‬أبدل الل ُ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫ز ِ‬
‫خ ِ‬
‫وي ُ ْ‬‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫ه ب ِأي ْ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬‫عذّب ْ ُ‬
‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قات ُِلو ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ﴿ :‬‬
‫ن}‪{14‬‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫وم ٍ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫دوَر َ‬ ‫ص ُ‬‫ف ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َ َ‬ ‫صْرك ُ ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫وَين ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫وى القل ِ‬ ‫ج َ‬ ‫بل َ‬ ‫م﴾ ‪ .‬فل شيء أْذه ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫غي ْظ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫وي ُذْ ِ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫ه المستعا ُ‬ ‫مه وحزِنه من الجهادِ ‪ ،‬والل ُ‬ ‫وغ ّ‬
‫قال الشاعُر ‪:‬‬
‫ُ‬
‫ر‬
‫س ثوب الصب ِ‬ ‫وأل ْب َ ُ‬ ‫ي‬‫وإني لغضي مقلت ّ‬
‫ك أن‬ ‫بلجاينف ّ‬ ‫فما‬ ‫أبيض أ ْ‬ ‫ي‬
‫عل ّ‬ ‫القذى الله‬‫وإني لدعو‬ ‫على‬
‫جا لها في دعو ِ‬
‫ة‬ ‫ي َت ََفّر َ‬
‫أصاب‬ ‫ت‬ ‫سد ّ ْ‬ ‫فتى ُ‬ ‫والمُرمنضي ّقٌ‬ ‫وكم‬
‫خَرجا‬ ‫م ْ‬‫اللهِ َ‬
‫*************************************‬ ‫ه‬
‫عليه وجوهُ ُ‬
‫ح الّنظر في الملكوت‬
‫ر ُ‬
‫مسا ِ‬
‫َ‬
‫طة الخاطرِ ‪ ،‬الّتطل ّعُ إلى آثاِر‬ ‫س ِ‬ ‫ق الرتياِح وب ْ‬ ‫ن ط ُُر ِ‬
‫م ْ‬
‫ض ‪ ،‬فتستلذ ّ بالبهجة‬ ‫ت والر ِ‬ ‫الُقدرةِ في بديِع السماوا ِ‬
‫عله ُ – في الزهرة ‪ ،‬في‬ ‫ل في ُ‬‫ق الباري – ج ّ‬ ‫العامرةِ في خل ِ‬
‫ل والجبل ‪ ،‬في‬ ‫ل ‪ ،‬في الخميلةِ ‪ ،‬في الت ّ‬ ‫الشجرةِ ‪ ،‬في الجدو ِ‬
‫س والقمرِ ‪،‬‬ ‫ل والنهارِ ‪ ،‬في الشم ِ‬ ‫ض والسماِء ‪ ،‬في اللي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر‬
‫لنس ‪ ،‬وتزداد ُ إيمانا ً وتسليما ً وانقيادا ً لهذا‬ ‫فتجد ُ المتعة وا ُ‬
‫ر﴾‪.‬‬ ‫صا‬ ‫ب‬‫عت َبروا َيا ُأوِلي اْل َ‬ ‫ق العظيم ِ ﴿ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فا ْ ِ ُ‬ ‫الخال ِ‬
‫ت في‬ ‫ت إذا شكك ْ ُ‬ ‫ن أسلموا ‪ :‬كن ُ‬ ‫يقول أحد ُ الفلسفةِ مم ْ‬
‫ف العجاِز‬ ‫حُر َ‬
‫لطالع فيه أ ْ‬ ‫الُقدرةِ ‪ ،‬نظرت إلى كتاب الكون ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والبداِع ‪ ،‬فأزداد ُ إيمانا ً ‪.‬‬
‫*********************************‬
‫خطوات مدروسة‬
‫ُ‬
‫ض العلماِء فقال ‪ :‬ل تنقطِع‬
‫ي ‪ :‬أوصاني بع ُ‬
‫ل الشوكان ّ‬‫يقو ُ‬
‫ت‬‫ن تكُتب في اليوم ِ سطرين ‪ .‬قال ‪ :‬فأخذ ُ‬‫عن التأليف ولو أ ْ‬
‫ت ثمرتها ‪.‬‬‫بوصي ِّته ‪ ،‬فوجد ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪321‬‬
‫ل ما داوم عليه‬ ‫وهذا معنى الحديث ‪ )) :‬خيُر العم ِ‬
‫ل (( وقال ‪ :‬القطرة ُ مع القطرةِ تجتمعُ سيل ً‬ ‫نق ّ‬ ‫صاحُبه وإ ْ‬
‫عظيما ً ‪.‬‬
‫خر‬ ‫ص ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫على صلي ِ‬ ‫أما ت ََرى الحب َ‬
‫ل‬
‫وإنما ُ‬
‫ل شيٍء‬ ‫ثرا أن نفعل ك ّ‬ ‫نري ّد ُ‬
‫أنناد ْ أ‬
‫ن ق‬ ‫بم ْ‬ ‫الضطرا ُ‬ ‫يأتيناالمدى‬ ‫ل‬
‫طو ِ‬ ‫ب‬
‫ذنا‬ ‫ك العمل ‪ ،‬ولو أننا أخ ْ‬ ‫ب ونتُر ُ‬ ‫ل ونتع ُ‬ ‫م ّ‬ ‫مّرةً واحدةً ‪ ،‬فن َ َ‬
‫عناه على مراحل ‪ ،‬لقطْعنا المراحل‬ ‫ملنا شيئا ً فشيئا ً ‪ ،‬ووّز ْ‬ ‫عَ َ‬
‫جعََلها في خمس ِ‬
‫ة‬ ‫شْرع َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫في هدوٍء ‪ ،‬واعتب ِْر بالصلةِ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ت متفّرقةٍ ‪ ،‬ليكون العبد ُ في استجمام ٍ وراحةٍ ‪ ،‬ويأتي لها‬ ‫أوقا ٍ‬
‫ث‪:‬‬ ‫ل العبد‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫ت ‪ ،‬لم ّ‬ ‫ت في وق ٍ‬ ‫جمع ْ‬ ‫بالشواق ‪ ،‬ولو ُ‬
‫جد‬‫هرا ً أْبقى ول أرضا ً قطع (( ‪ .‬ووُ ِ‬ ‫تلظ ْ‬ ‫مْنب ّ‬ ‫))إن ال ُ‬
‫ت ‪ُ ،‬ينجُز ما لم ُينجْزهُ‬ ‫ل على فترا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ن يأخذ ُ العَ َ‬ ‫نم ْ‬ ‫بالّتربةِ ‪ ،‬أ ّ‬
‫ة واحدةً ‪ ،‬مع بقاِء جذوةِ الّروِح وتوقّدِ‬ ‫ن أخذهُ دفع ً‬ ‫م ْ‬
‫العاطفةِ ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ن الصلوات ترت ّ ُ‬ ‫ن بعض العلماءِ ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ومما استفدُته ع ْ‬
‫عَلى‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫صل َةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل الباري ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬ ‫ن قو ِ‬ ‫ت ‪ ،‬أخذا ً م ْ‬ ‫الوقا ِ‬
‫ه‬
‫ن العبد وّزع أعمال ُ‬ ‫قوتا ً ﴾ ‪ .‬فلو أ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬‫ن ك َِتابا ً ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ة في الوقت ‪،‬‬ ‫ل صلةٍ ‪ ،‬لوجد سع ً‬ ‫دنيوية بعد ك ّ‬ ‫الدينية وال ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ة في الزم ِ‬ ‫وفسح ً‬
‫ل‪ :‬فلو أن طالب العِْلم‪ ،‬جعل ما بعد‬ ‫مث َ َ‬ ‫ب لك َ‬ ‫وأنا أضر ُ‬
‫ة‬
‫ظهر للقراء ِ‬ ‫ن شاء‪ ،‬وجعل بعد ال ّ‬ ‫ظ في أيّ ف ّ‬ ‫الفجرِ للحْف ِ‬
‫ث‬
‫مة ‪ ،‬وجعل بعد العصر للبح ِ‬ ‫السْهلةِ في المجامع العا ّ‬
‫س ‪ ،‬وما بعد‬ ‫العلمي الدقيق ‪ ،‬وما بعد المغرب للّزيارةِ وا ُ‬
‫لن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫ت‬‫ث والدورّيا ِ‬ ‫ب العصري ّةِ والبحو ِ‬ ‫العشاِء لقراءة الك ُت ُ ِ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫والجلوس مع الهل ‪ ،‬لكان هذا حسنا ً ‪ ،‬والعاِقل له ِ‬
‫قانا ً ﴾‬ ‫فْر َ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫مد َد ٌ ونوٌر ‪َ ﴿ .‬إن ت َت ّ ُ‬ ‫بصيرِته َ‬
‫‪.‬‬
‫*******************************************‬
‫بل فوضوّية‬
‫ل تحزن‬
‫‪322‬‬

‫ة التي‬ ‫ة الفكري ّ ُ‬ ‫ذهن ‪ ،‬الفوضوي ّ ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫مما ُيكد ُّر وُيشت ّ ُ‬


‫دد ُقدراِته ‪ ،‬ولم يقصد ْ إلى‬ ‫س ‪ ،‬فهو لم يح ّ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫شها بع ُ‬ ‫يعي ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب ودرو ٌ‬ ‫ره ؛ لن المعرفة شعو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫كرهِ ونظ‬ ‫ما يجمعُ شمل ف ْ‬
‫ن تحديدِ آيِتها ومعرفةِ مسالكها ‪ ،‬وُيجمعُ رْأيه على‬ ‫ولب ُد ّ م ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ن الّتفرد مطلو ٌ‬ ‫ف‪،‬ل ّ‬ ‫ب معرو ٍ‬ ‫مشر ٍ‬
‫ن‬
‫م ‪ ،‬الد ّي ْ ُ‬ ‫ت الذهن ‪ ،‬وُيوِرث الغ ّ‬ ‫ما يشت ّ ُ‬ ‫وكذلك م ّ‬
‫ل في‬ ‫ة ‪ .‬وهناك أصو ٌ‬ ‫ف المعيشي ّ ُ‬ ‫ة والتكالي ُ‬ ‫ت المالي ُ‬ ‫والتِبعا ُ‬
‫هذه المسألةِ أريد ُ ِذكرها ‪:‬‬
‫ن النفاق ‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن اقتصد ُ ‪ :‬وم ْ‬ ‫أولها ‪ :‬ما غال م ِ‬
‫جد َ‬ ‫ه إل ّ للحاجة ‪ ،‬واجتنب التبذير والسراف ‪ ،‬وَ َ‬ ‫وحِفظ مال ُ‬
‫ن ﴾‬
‫طي ِ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وا َ‬ ‫خ َ‬ ‫كاُنوا ْ إ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫مب َذّ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫العون من اللهِ ﴿ إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذا َ‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫روا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫فوا‬ ‫ُ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫قوا‬ ‫ُ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫أن‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫‪َ ﴿،‬‬
‫واما ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ق َ‬‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ب َي ْ َ‬

‫ل‬‫جُر ك ّ‬ ‫مباحةِ ‪ ،‬وه ْ‬ ‫سب المال من الوجوهِ ال ُ‬ ‫الثاني ‪ :‬ك ْ‬


‫هل‬ ‫ل إل طّيبا ً ‪ ،‬والل ُ‬ ‫ب ل يقب ُ‬ ‫ن الله طي ّ ٌ‬ ‫ب محّرم ٍ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫كس ٍ‬
‫ك ك َث َْرةُ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ث﴾‬ ‫خِبي ِ‬ ‫جب َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ث﴿ َ‬ ‫ب الخبي ِ‬ ‫ك في المكس ِ‬ ‫ُيبار ُ‬
‫‪.‬‬
‫ن‬
‫مُعه م ْ‬ ‫ل ‪ ،‬وج ْ‬ ‫ل الحل ِ‬ ‫ب الما ِ‬ ‫ي في طل ِ‬ ‫سع ْ ُ‬ ‫الثالث ‪ :‬ال ّ‬
‫ت في‬ ‫ب إزجاِء الوقا ِ‬ ‫ك العطالةِ والبطالةِ ‪ ،‬واجتنا ِ‬ ‫حّله ‪ ،‬وتر ُ‬
‫ق‪﴿ :‬‬ ‫على السو ِ‬ ‫ن عوف يقول ‪ :‬د ُّلوني‬ ‫ت ‪ ،‬فهذا اب ُ‬ ‫التفاها ِ‬
‫غوا‬‫واب ْت َ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫صَلةُ َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫شُروا ِ‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬‫ق ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫م تُ ْ‬‫عل ّك ُ ْ‬‫ه ك َِثيرا ً ل ّ َ‬ ‫واذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ِ‬‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫******************************************‬
‫خل ُ ُ‬
‫قك‬ ‫ثمُنك إيماُنك و ُ‬
‫ة‬ ‫م ‪ ،‬وعليهِ أسما ٌ‬
‫ل بالي ٌ‬ ‫مّر هذا الرج ُ‬
‫ل الفقيُر المعدو ُ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫طن ‪ ،‬حافي القدم ِ ‪ ،‬مغمور الّنس ِ‬ ‫ب رّثة ‪ ،‬جائع الب ْ‬
‫وثيا ٌ‬
‫ت يأوي إليهِ ‪ ،‬ول أثاث‬‫ل ول عشيرةٌ ‪ ،‬ليس له بي ٌ‬ ‫جاهٌ ول ما ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪323‬‬
‫مةِ بكّفْيه مع الواردين ‪،‬‬ ‫ض العا ّ‬ ‫ب من الحيا ِ‬ ‫ول متاع ‪ ،‬يشر ُ‬
‫شه البطحاءُ ‪ ،‬لكّنه‬ ‫عه ‪ ،‬وفرا ُ‬ ‫م في المسجدِ ‪ ،‬مخد ُّته ذرا ُ‬ ‫وينا ُ‬
‫ف‬‫ص ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫بع ِ‬ ‫ب مولهُ ل يغي ُ‬ ‫ب ِذكرٍ لرّبه وتلوةٍ لكتا ِ‬ ‫صاح ُ‬
‫ل اللهِ ‪‬‬ ‫ل ‪ ،‬مّر ذات يوم ٍ برسو ِ‬ ‫ل في الصلةِ والقتا ِ‬ ‫الو ِ‬
‫ج ؟ (( ‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ب أل تتز ّ‬ ‫جلْيبي ُ‬ ‫مهِ وصاح به ‪ )) :‬يا ُ‬ ‫فناداهُ باس ِ‬
‫م‬
‫ل ول جاهٌ ؟ ث ّ‬ ‫جني ؟ ول ما ٌ‬ ‫ن ُيزوّ ُ‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬وم ْ‬
‫س‬‫ل ‪ ،‬وأجاب بنف ِ‬ ‫مّر به أخرى ‪ ،‬فقال له مْثل قولهِ الو ِ‬
‫ة ‪ ،‬فأعاد عليه السؤال وأعاد هو الجواب ‪،‬‬ ‫الجواب‪ ،‬ومّر ثالث ً‬
‫ن‬
‫ت فل ٍ‬ ‫ق إلى بي ِ‬ ‫ب ‪ ،‬انطل ِ ْ‬ ‫فقال ‪ )) : ‬يا جليبي ُ‬
‫ه ‪ ‬يقرُئك السلم ‪،‬‬ ‫ل الل ِ‬ ‫ل له ‪ :‬رسو ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫يو ُ‬ ‫النصار ّ‬
‫وجني ب ِْنتك (( ‪.‬‬ ‫ب منك أن ُتز ّ‬ ‫ويطل ُ‬
‫ف وأسرةٍ موقرةٍ ‪ ،‬فانطلق‬ ‫ت شري ٍ‬ ‫ن بي ٍ‬ ‫وهذا النصاريّ م ْ‬
‫ب إلى هذا النصاريّ وطرق عليه الباب وأخبره بما‬ ‫جليبي ٌ‬
‫ل اللهِ ‪ ‬فقال النصاريّ ‪ :‬على رسول الله ‪‬‬ ‫أمره به رسو ُ‬
‫ل ول جاهٌ ؟‬ ‫ب ول ما ٌ‬ ‫ُ‬
‫م ‪ ،‬وكيف أزّوجك بنتي يا جليبي ُ‬ ‫السل ُ‬
‫ل ول‬ ‫ب ! ل ما ٌ‬ ‫ل ‪ :‬جليبي ٌ‬ ‫ب وتتساء ُ‬ ‫خب ََر فتعج ُ‬ ‫وتسمعُ زوجُته ال َ‬
‫ل‬‫ب ورسالة الرسو ِ‬ ‫ة كلم جليبي ٍ‬ ‫ت المؤمن ُ‬ ‫مع البن ُ‬ ‫جاهٌ ؟ فتس ُ‬
‫ل اللهِ ‪ ، ‬ل والذي‬ ‫ن طلب رسو ِ‬ ‫‪ ‬فتقول لبويها ‪ :‬أتُرّدا ِ‬
‫نفسي بيدِهِ ‪.‬‬
‫ت العامُر ‪،‬‬ ‫ة والبي ُ‬ ‫ة المبارك ُ‬ ‫وحصل الزواج المبارك والذ ّّري ّ ُ‬
‫ن ‪ ،‬ونادى منادي الجهادِ‬ ‫س على تقوى من اللهِ ورضوا ٍ‬ ‫س ُ‬ ‫المؤ ّ‬
‫ة من الكفارِ ‪ ،‬ثم‬ ‫ب المعركة ‪ ،‬وقتل بيده سبع ً‬ ‫‪ ،‬وحضر جليبي ُ‬
‫ن‬ ‫ن رّبه وع ْ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬وتوسد الثرى راضيا ً ع ْ‬ ‫ُقتل في سبي ِ‬
‫ن أجل ِهِ ‪ ،‬ويتفّقد ُ الرسو ُ‬
‫ل‬ ‫ن مبدِئه الذي مات م ْ‬ ‫رسوِله ‪ ‬وع ْ‬
‫س بأسماِئهم ‪ ،‬وينسون جليبيبا ً في‬ ‫‪ ‬القتلى ‪ ،‬فُيخبُره النا ُ‬
‫ن الرسول‬ ‫ه ليس لمعا ً ول مشهورا ً ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫غمرةِ الحديث ‪ ،‬لن ُ‬
‫ظ اسمه في الزحام ِ ول‬ ‫‪ ‬يذك ُُر جليبيبا ً ول ينساهُ ‪ ،‬ويحف ُ‬
‫قدُ جليبيبا ً (( ‪.‬‬ ‫ل ‪ )) :‬لكّنني أف ِ‬ ‫ُيغفله ‪ ،‬ويقو ُ‬
‫ض التراب عن وجهه‬ ‫ويجده وقد تدّثر بالتراب ‪ ،‬فينف ُ‬
‫قت ِْلت ؟ أنت مني وأنا‬ ‫ت سبعة ثم ُ‬ ‫قت َل ْ َ‬ ‫ل له ‪َ )) :‬‬ ‫ويقو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪324‬‬
‫منك ‪ ،‬أنت مني وأنا منك ‪ ،‬أنت مني وأنا منك (( ‪.‬‬
‫ويكفي هذا الوسام النبويّ جليبيبا ً عطاًء ومكافأة ً وجائزة ً ‪.‬‬
‫ل اللهِ ‪ ‬له ‪،‬‬ ‫ب رسو ِ‬ ‫ب ‪ ،‬إيماُنه وح ّ‬ ‫ن جليبي ٍ‬ ‫ن ثم َ‬ ‫إ ّ‬
‫ة‬
‫مه وضآل ُ‬ ‫ن فقره وعد َ‬ ‫ورسالُته التي مات من أجِلها ‪ .‬إ ّ‬
‫ف العظيم ِ والمكسب الضخم ِ‬ ‫ن هذا الشر ِ‬ ‫خْره ع ْ‬ ‫أسرِته لم ُتؤ ّ‬
‫‪ ،‬لقد ْ حاز الشهادة والّرضا والقُبول والسعادة في الدنيا‬
‫ه‬
‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما آَتا ُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ر ِ‬‫ِ‬ ‫والخرة ‪َ ﴿ :‬‬
‫ف‬
‫م أ َل ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ح ُ ْ‬
‫قوا ب ِ ِ‬ ‫م ي َل ْ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ِبال ّ ِ‬‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬‫َ‬
‫ن قيمتك في معانيك الجليلةِ وصفاِتك النبيلةِ ‪.‬‬ ‫إ ّ‬
‫وك ‪.‬‬ ‫ن سعادتك في معرفِتك للشياِء واهتماماِتك وسم ّ‬ ‫إ ّ‬
‫م‪-‬‬ ‫ً‬
‫ن الفقَر والعوز والخمول‪ ،‬ما كان ‪ -‬يوما من اليا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬‫ل والستعلِء ‪ .‬هنيئا ً لم ْ‬ ‫ق والوصو ِ‬ ‫عائقا ً في طريق الّتفوّ ِ‬
‫ه‬
‫ه بتوجيه ِ‬ ‫ن أسعد نفس ُ‬ ‫سه ‪ ،‬وهنيئا ً لم ْ‬ ‫ف ثمنه فعل ً بنف ِ‬ ‫ع ََر َ‬
‫ن مّرتْين ‪ ،‬وسعد في‬ ‫حس َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وجهاِده ون ُِبله ‪ ،‬وهنيئا ً لم ْ‬
‫دنيا والخرةِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ال ّ‬ ‫ن ‪ ،‬وأفلح في الكرتي ْ ِ‬ ‫الحياتي ِ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫يا سعادة هؤلء‬
‫ها‬
‫جن ّب ُ َ‬
‫سي ُ َ‬
‫و َ‬
‫ه ‪ : -‬بآيةٍ ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه عن ُ‬ ‫أبو بكرٍ – رضي الل ُ‬
‫كى ﴾ ‪.‬‬ ‫مال َ ُ‬
‫ه ي َت ََز ّ‬ ‫ؤِتي َ‬ ‫ذي ي ُ ْ‬‫قى}‪ {17‬ال ّ ِ‬ ‫اْل َت ْ َ‬
‫ت قصرا ً‬ ‫ث ‪ )) :‬رأي ُ‬ ‫عمُر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ : -‬بحدي ِ‬
‫ت ‪ :‬لمن هذا القصُر ؟ قيل لي‬ ‫ة ‪ ،‬قل ُ‬ ‫أبيض في الجن ِ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫‪ :‬لعمر بنش الخطا ِ‬
‫فر‬ ‫م اغ ْ‬‫ه ‪ : -‬بدعاِء ‪ )) :‬الله ّ‬ ‫ن ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫وعثما ُ‬
‫خر (( ‪.‬‬ ‫ن ذنِبه وما تأ ّ‬ ‫دم م ْ‬ ‫لعثمان ما تق ّ‬
‫ب الله‬ ‫ل يح ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ه ‪ )) : -‬ر ُ‬ ‫ي ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫وعل ّ‬
‫ورسوله ‪ ،‬ويحّبه الله ورسوُله (( ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪325‬‬
‫ش‬
‫ه ‪ )) : -‬اهتّز له عر ُ‬ ‫ن معاذ ٍ ‪ -‬رضي الله عن ُ‬‫وسعد ُ ب ُ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫الرحم ِ‬
‫ه ‪:-‬‬
‫رو النصاريّ ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫م ٍ‬‫داللهِ بن ع ْ‬ ‫وعب ُ‬
‫جمان (( ‪.‬‬ ‫كفاحا ً بل تْر ُ‬‫ه ِ‬‫))كّلمه الل ُ‬
‫ة‬‫ه ملئك ُ‬ ‫سلت ْ ُ‬
‫ه ‪ )) : -‬غ ّ‬ ‫ة ‪ -‬رضي الله عن ُ‬ ‫وحن ْظ َل َ ُ‬
‫ن (( ‪.‬‬ ‫الرحم ِ‬
‫****************************************‬
‫ويا شقاوة هؤلء‬
‫شي ّا ً ﴾ ‪.‬‬‫ع ِ‬‫و َ‬‫وا ً َ‬‫غدُ ّ‬ ‫ها ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ضو َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬الّناُر ي ُ ْ‬ ‫فرعو ُ‬
‫َ‬
‫ض﴾‪.‬‬ ‫ه اْلْر َ‬ ‫ر ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫وب ِ َ‬‫ه َ‬ ‫فَنا ب ِ ِ‬ ‫س ْ‬‫خ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن‪َ ﴿:‬‬ ‫وقارو ُ‬
‫عودا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ُ‬
‫ص ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫سأْر ِ‬ ‫ن المغيرة ‪َ ﴿ :‬‬ ‫والوليد ُ ب ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫مَز ٍ‬ ‫ة لّ َ‬ ‫مَز ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ل ل ّك ُ ّ‬ ‫وي ْ ٌ‬‫ن خلف ‪َ ﴿ :‬‬ ‫ةب ُ‬ ‫وُأمي ّ ُ‬
‫َ‬
‫ب﴾‪.‬‬ ‫وت َ ّ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ٍ‬ ‫دا أِبي ل َ َ‬ ‫ت يَ َ‬ ‫ب ‪ ﴿ :‬ت َب ّ ْ‬ ‫وأبو له ٍ‬
‫مد ّ ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ون َ ُ‬
‫ل َ‬‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫سن َك ْت ُ ُ‬ ‫ل ‪ ﴿ :‬ك َّل َ‬ ‫ن وائ ٍ‬ ‫والعاص ب ُ‬
‫مدّا ً ﴾ ‪.‬‬‫ب َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬
‫ِ‬
‫****************************************‬
‫وقفــــــة‬
‫ق وفساد ُ الرأي ‪ ،‬وخفاُء الحقّ وفساد ُ‬ ‫ة التوفي ِ‬ ‫» قل ّ ُ‬
‫ت ‪ ،‬ون َْفَرة ُ الخْلق ‪،‬‬
‫ة الوق ِ‬ ‫ل الذ ّك ْرِ ‪ ،‬وإضاع ُ‬ ‫القلب ‪ ،‬وخمو ُ‬
‫ة بين العبدِ وبين رّبه ‪ ،‬ومن ْعُ إجابةِ الدعاِء ‪ ،‬وقسوةُ‬ ‫حش ُ‬ ‫والو ْ‬
‫ن العلم ِ ‪،‬‬ ‫ق والُعمرِ ‪ ،‬وحرما ُ‬ ‫حقُ البركةِ في الّرز ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وم ْ‬ ‫القل ِ‬
‫ة العدوّ وضيقُ الصدرِ ‪ ،‬والبتلُء بقرناِء‬ ‫ل ‪ ،‬وإهان ُ‬‫س الذ ّ ّ‬ ‫ولبا ُ‬
‫السوِء الذين ُيفسدون القلب وُيضّيعون الوقت ‪ ،‬وطو ُ‬
‫ل‬
‫ل ‪ ...‬تتوّلد من المعصي ِ‬
‫ة‬ ‫ف البا ِ‬‫س ُ‬ ‫ك المعيشةِ ‪ ،‬وك َ ْ‬ ‫م ‪ ،‬وضن ْ ُ‬ ‫اله ّ‬
‫والغفِلة عن ذكرِ اللهِ ‪ ،‬كما يتوّلد الزرع ُ عن الماِء ‪ ،‬والحرا ُ‬
‫ق‬
‫عن النارِ ‪ .‬وأضداد ُ هذه تتول ّد ُ عن الطاعةِ « ‪.‬‬
‫ق‪،‬‬ ‫م والضي ِ‬ ‫م والغ ّ‬‫ما تأثيُر الستغفارِ في دْفع اله ّ‬ ‫»أ ّ‬
‫ن‬‫مة ‪ ،‬إ ّ‬ ‫لأ ّ‬‫ل وعقلُء ك ّ‬ ‫ل المل ِ‬ ‫ما اشترك في العل ْم ِ به أه ُ‬ ‫م ّ‬
‫ف ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪326‬‬
‫م ‪ ،‬والخوف والحزن‪،‬‬ ‫م والغ ّ‬
‫جب اله ّ‬ ‫المعاصي والفساد ُتو ِ‬
‫ن أهلها ذا قضوا منها‬ ‫ضيق الصدر ‪ ،‬وأمراض القلب ‪ ،‬حتى إ ّ‬ ‫و ِ‬
‫ه في‬‫سهم ‪ ،‬ارتكبوها دفعا ً لما يجدون ُ‬ ‫أوطارها ‪ ،‬وسئمْتها نفو ُ‬
‫ق‪:‬‬‫خ الفسو ِ‬ ‫م ‪ ،‬كما قال شي ُ‬ ‫م والغ ّ‬
‫ق واله ّ‬ ‫ضي ِ‬ ‫هم من ال ّ‬ ‫صدور ِ‬
‫مْنها‬ ‫ُ‬
‫ت ِ‬ ‫وأخرى تداوي ْ ُ‬ ‫ت على‬ ‫س شرِب ْ ُ‬ ‫وكأ ٍ‬
‫ب ‪ ،‬فل دواء‬ ‫ب بها‬
‫والثام ِ في القلو ِ‬ ‫كان هذا تأثيُر الذنو ِ‬ ‫وإذالذ ّةٍ‬
‫ة والستغفاُر« ‪.‬‬ ‫لها إل التوب ُ‬
‫*************************************‬
‫ققا ً بالقوارير‬
‫ر ْ‬
‫ِ‬
‫ة‬
‫ود ّ ً‬‫م َ‬‫كم ّ‬ ‫ل ب َي ْن َ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬‫ف ﴾‪َ ﴿.‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫م ً‬‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫َ‬
‫ء خيرا ً ‪ ،‬فإنه ّ‬
‫ن‬ ‫صوا بالنسا ِ‬ ‫ث ‪ )) :‬استو ُ‬ ‫وفي الحدي ِ‬
‫ن عندكم(( ‪.‬‬ ‫عوا ٍ‬
‫ه ‪ ،‬وأنا‬ ‫هل ِ‬ ‫ث آخر ‪ )) :‬خيُركم خيركم ل ِ‬ ‫وفي حدي ِ‬
‫خيُركم لهلي (( ‪.‬‬
‫ب‬‫م على الح ّ‬ ‫ُ‬
‫ت السعيد ُ هو العامُر باللفةِ ‪ ،‬القائ ُ‬ ‫البي ُ‬
‫عَلى‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫المملوُء تقوى ورضوانا ً ‪ ﴿ :‬أ َ َ‬
‫س ب ُن َْيان َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫س ب ُن َْيان َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬‫خي ٌْر أم ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وى ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ق َ‬
‫والل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬‫ج َ‬ ‫ر َ‬ ‫في َنا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫هاَر ب ِ ِ‬ ‫فان ْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫ها ٍ‬‫ف َ‬ ‫جُر ٍ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬‫ل َ يَ ْ‬
‫*****************************************‬
‫ة‬
‫ة في البداي ِ‬
‫سم ٌ‬
‫بَ ْ‬
‫جها‬ ‫سم الزوجةِ لزو ِ‬ ‫ل المقابلةِ تب ّ‬ ‫ن الطالع وجمي ِ‬ ‫حس ِ‬ ‫من ُ‬
‫ق‬
‫ي للوفا ِ‬ ‫ن مبدئ ّ‬‫ج لزوجِته ‪ ،‬إن هذه البسمة إعل ٌ‬ ‫والزو ُ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫سمك في وجه أخيك صدق ٌ‬ ‫والمصالحةِ ‪ )) :‬وتب ّ‬
‫ساما ً ‪.‬‬
‫حاكا ً ب ّ‬ ‫وكان ‪ ‬ض ّ‬
‫َ‬
‫عَلى أن ُ‬
‫ة‬
‫حي ّ ً‬
‫م تَ ِ‬‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫موا َ‬ ‫سل ّ ُ‬
‫ف َ‬‫وفي البدايةِ بالسلم ِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫دهما‬ ‫ة ﴾ ‪ ،‬ورد ّ التحيةِ من أح ِ‬ ‫ة طَي ّب َ ً‬
‫مَباَرك َ ً‬
‫ه ُ‬ ‫د الل ّ ِ‬‫عن ِ‬‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪327‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ها أ ْ‬ ‫من ْ َ‬‫ن ِ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫حّيوا ْ ب ِأ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫حي ّ ٍ‬ ‫حي ّي ُْتم ب ِت َ ِ‬ ‫ذا ُ‬‫وإ ِ َ‬ ‫للخرِ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ُر ّ‬
‫كثّير ‪:‬‬ ‫قال ُ‬
‫فحّيها مثل ما حي ّْتك‬ ‫حي ّْتك عّزةُ بالتسليم ِ‬
‫حّييت‬ ‫ليا جمل ً ُ‬ ‫مكان ُ‬ ‫يا جم‬ ‫ت‬
‫التحية كان ْ‬ ‫ت‬
‫وانصرف ْ‬ ‫ليت‬
‫رج ُ‬
‫ل‬
‫م إني‬ ‫)) الله ّ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫عند دخول المنزيا ِ‬ ‫فأشكرها‬ ‫ليالدعاُء‬ ‫ومنها‬
‫ه‬
‫ج ‪ ،‬باسم الل ِ‬ ‫ج وخير المخر ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫خي َْر الم ْ‬ ‫أسأُلك َ‬
‫ه رّبنا‬ ‫جنا ‪ ،‬وعلى الل ِ‬ ‫ه خر ْ‬ ‫جنا ‪ ،‬وباسم ِ الل ِ‬ ‫ول ْ‬
‫كلنا (( ‪.‬‬ ‫تو ّ‬
‫ب من الطرفين ‪:‬‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫ت ‪ِ :‬لي ُ‬ ‫ب سعادةِ البي ِ‬ ‫ومن أسبا ِ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوُلوا ْ ال ِّتي ِ‬ ‫عَباِدي ي َ ُ‬ ‫قل ل ّ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن قتل المسلم ِ‬ ‫لم يج ِ‬ ‫مها السحُر‬ ‫وكل ُ‬
‫ث أنها لم‬ ‫المحزِد ّ ُ‬
‫المتحّر‬ ‫ود ّ‬ ‫ن‬
‫ل وإ ْ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫أنه ُ ْ‬
‫مي‬ ‫طاللول ْ‬ ‫الحل ُ‬
‫ل‬ ‫ن‬‫إ ْ‬
‫ب كلم‬ ‫ل منهما يسح ُ‬ ‫زّ‬
‫توجك ِ‬ ‫الرجل ويا ليت المرأة ُ ‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ليتأوجز ْ‬ ‫ياهي‬
‫ن‬‫الساءةِ وجْرح المشاعرِ والستفزازِ ‪ ،‬يا ليت أنهما يذكرا ِ‬
‫ن الطْرف‬ ‫ضا ِ‬ ‫ل منهما ‪ ،‬ويغ ّ‬ ‫الجانب الجميل المشرق في ك ّ‬
‫ف البشريّ في كليهما ‪.‬‬ ‫ب الضعي ِ‬ ‫عن الجان ِ‬
‫دد محاسن امرأِته ‪ ،‬وتجافى عن‬ ‫إن الرجل إذا ع ّ‬
‫ن‬ ‫ك مؤم ٌ‬ ‫ث ‪ )) :‬ل يفُر ُ‬ ‫ص ‪ ،‬سِعد وارتاح ‪ ،‬وفي الحدي ِ‬ ‫النق ِ‬
‫ة ‪ ،‬إن كره منها خُلقا ً رضي منها آخر (( ‪.‬‬ ‫مؤمن ً‬
‫ض ول يكره ‪.‬‬ ‫ومعنى ل يفرك ‪ :‬ل يبغ ِ‬
‫ن له الحسنى‬ ‫وم ْ‬ ‫من ذا الذي ما ساء‬
‫الذي ما ما نبا سيف فضائ ْ‬ ‫منق ْ‬
‫نه ‪﴿ :‬‬ ‫فقلهطول كبا جواد ُ محاس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ط‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫ما َز َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫وَل َ‬ ‫ول َ ْ‬‫َ‬
‫د أَبدا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح ٍ‬ ‫أ َ‬
‫ت من معاناةِ التوافهِ ومعايشةِ صغاِر‬ ‫ل البيو ِ‬ ‫أكثُر مشاك ِ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ت القضايا التي تنتهي بالفرا ِ‬ ‫ت عشرا ِ‬ ‫ل ‪ ،‬وقد عش ُ‬ ‫المسائ ِ‬
‫ب أن البيت‬ ‫ة سهلة ‪ ،‬أحد ُ السبا ِ‬ ‫ب إيقادِ جذوتها أموٌر هين ٌ‬ ‫سب ُ‬
‫دم في وقِته ‪ ،‬وسبُبه عند‬ ‫لم يكن مرّتبا ً ‪ ،‬والطعام لم ِ يق ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪328‬‬
‫ل‬‫آخرين أن المرأة تريد ُ من زوجها أن ل ُيكثر من استقبا ِ‬
‫ث اليُتم والمآسي‬ ‫ف ‪ ،‬وخذ ْ من هذه القائمة التي ُتور ُ‬ ‫الضيو ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫في البيو ِ‬
‫فنا ‪ ،‬ول‬ ‫إن علينا جميعا ً أن نعترف بواِقعنا وحاِلنا وضع ِ‬
‫ل إل لولي العزم ِ من‬ ‫ت ‪ ،‬التي ل تحص ُ‬ ‫ش الخيال والمثاليا ِ‬ ‫نعي ُ‬
‫أفرادِ العالم ِ ‪.‬‬
‫ئ ‪ ،‬وما معنا إل‬ ‫ف ونخط ُ‬ ‫ب ونحتد ّ ‪ ،‬ونضع ُ‬ ‫نحن بشٌر نغض ُ‬
‫ي في الموافقة الزوجيةِ حتى بعد هذه‬ ‫ث عن المرِ النسب ّ‬ ‫البح ُ‬
‫ت القصيرةِ بسلم ِ ‪.‬‬ ‫السنوا ِ‬
‫دم في هذه‬ ‫سن صحبته تق ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن حنبل و ُ‬ ‫إن أريحية أحمد ب ِ‬
‫دالله ‪ :‬لقد صاحبُتها‬ ‫م عب ِ‬ ‫الكلمة ‪ ،‬إذ يقول بعد وفاة زوجتهِ أ ّ‬
‫ت معها في كلمةٍ ‪.‬‬ ‫ة ما اختلف ُ‬ ‫أربعين سن ً‬
‫ت زوجُته ‪ ،‬وعليها أن‬ ‫إن على الرجل أن يسكت إذا غضب ْ‬
‫ت هي إذا غضب ‪ ،‬حتى تهدأ الثائرةُ ‪ ،‬وتبرد المشاعُر ‪،‬‬ ‫تسك ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫ت النف ِ‬ ‫وتسكن اضطرابا ُ‬
‫ن الجوزيّ في » صيد ِ الخاطرِ « ‪ » :‬متى رأيت‬ ‫قال اب ُ‬
‫ح ‪ ،‬فل ينبغي أن‬ ‫م بما ل يصل ُ‬ ‫ب وأخذ يتكل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫صاحبك قد غ َ ِ‬
‫ت إليه ( ‪،‬‬ ‫صرا ) أي ل تعتد ّ به ول تلتف ْ‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫تعقد على ما يقوُله ِ‬
‫ن ل يدري ما يجري‬ ‫ل السكرا ِ‬ ‫ول أن تؤاخذه به ‪ ،‬فإن حاله حا ُ‬
‫ل عليها ‪ ،‬فإن الشيطان قد‬ ‫‪ ،‬بل اصبْر ولو فترةً ‪ ،‬ول تعوّ ْ‬
‫ل قد استتر ‪ ،‬ومتى أخذت في‬ ‫غلبه ‪ ،‬والطبعُ قد هاج ‪ ،‬والعق ُ‬
‫سك عليه ‪ ،‬أو أجبته بمقتضى فْعله ‪ ،‬كنت كعاقل واجه‬ ‫نف ِ‬
‫ب لك‪ ،‬بل انظْر‬ ‫ى عليه ‪ ،‬فالذن ُ‬ ‫ً‬
‫ق عاتب مغم ً‬ ‫مجنونا ‪ ،‬أو مفي ٍ‬
‫ب‬
‫ج في لع ِ‬ ‫ح تصريف القدر له ‪ ،‬وتفّر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الرحمةِ ‪ ،‬وتل ّ‬ ‫إليه بعي ِ‬
‫الطبِع به ‪.‬‬
‫ضل‬ ‫ف لك ف ْ‬ ‫دم على ما جرى ‪ ،‬وعََر َ‬ ‫واعلم أنه إذا انتبه ن ِ‬
‫ل في غضِبه إلى‬ ‫سِلمه فيما يفع ُ‬ ‫ل القسام ِ أن ت ُ ْ‬ ‫صب ْرِ ‪ ،‬وأق ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ح به ‪.‬‬ ‫ما يستري ُ‬
‫محها الولد ُ عند غضب الوالد ِ ‪،‬‬ ‫ة ينبغي أن يتل ّ‬ ‫وهذه الحال ُ‬
‫ل ‪ ،‬ول‬‫ب الزوج ‪ ،‬فتتركه يشفى بما يقو ُ‬ ‫ة عند غض ِ‬ ‫والزوج ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪329‬‬
‫ل على ذلك ‪ ،‬فسيعود ُ نادما ً معتذرا ً ‪ ،‬ومتى ُقوبل على‬ ‫تعوّ ْ‬
‫ة ‪ ،‬وجازى في الفاقةِ‬ ‫ت العداوةُ متم ّ‬
‫كن ً‬ ‫حالته ومقالِته صار ِ‬
‫سك ْرِ ‪.‬‬
‫على ما فُِعل في حّقه وقت ال ّ‬
‫ق ‪ ،‬متى رأوا غضبان‬‫س على غي ْرِ هذا الطري ِ‬ ‫وأكثُر النا ِ‬
‫ل ‪ ،‬وهذا على غي ُْر مقتضى الحكمةِ ‪،‬‬ ‫ل ويعم ُ‬‫قابُلوه بما يقو ُ‬
‫ت ‪ ،‬وما يعقُلها إل العالمون « ‪.‬‬ ‫ة ما ذكر ُ‬
‫حكم ُ‬‫بل ال ِ‬
‫*****************************************‬
‫م ُزعاف في‬‫س ّ‬
‫ب النتقام ِ ُ‬
‫ح ّ‬
‫ة‬
‫س الهائج ِ‬ ‫النفو ِ‬
‫ت‬‫ص وحكايا ٌ‬ ‫في كتاب » المصلوبون في التاريخ « قص ٌ‬
‫ت‬‫ش الذين أنزلوا بخصومهم أشد ّ العقوبا ِ‬ ‫ض أهل البط ِ‬ ‫لبع ِ‬
‫ل غليل ً ‪،‬‬ ‫مثلت ‪ ،‬ثم لما قتلوهم ما شفى لهم القت ُ‬ ‫وأقسى ال ُ‬
‫ب أن‬ ‫ج ُ‬ ‫شب ‪ ،‬والعَ َ‬ ‫خ ُ‬‫هم على ال ُ‬ ‫ول أبرد لهم عليل ً ‪ ،‬حتى صلبو ُ‬
‫ب ‪ ،‬لن روحه‬ ‫س ول يتعذ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫المصلوب بعد قتل ِهِ ل يتأّلم ول ي ُ ِ‬
‫ح ‪ ،‬وُيسّر‬ ‫س ويرتا ُ‬ ‫ي القاتل يأن ُ‬ ‫ت جسمه ‪ ،‬ولكن الح ّ‬ ‫فارق ْ‬
‫مها‬ ‫مظة على خصو ِ‬ ‫ل ‪ .‬إن هذه النفوس المتل ّ‬ ‫بزيادةِ التنكي ِ‬
‫ة على أعداِئها لن تهدأ أبدا ً ولن تسعد ‪ ،‬لن نار‬ ‫المضطرم َ‬
‫م‪.‬‬ ‫مهِ ْ‬
‫مُرهم قبل خصو ِ‬ ‫النتقام ِ وبركان التشّفي يد ّ‬
‫ب من هذا أن بعض خلفاءِ بني العباس فاته أن‬ ‫وأعج ُ‬
‫يقتل خصومه من بني أمية ‪ ،‬لنهم ماُتوا قبل أن يتوّلى ‪،‬‬
‫م فجلدهم ‪ ،‬ثم صلبهم ‪،‬‬ ‫ضهم رمي ٌ‬ ‫فأخرجهم من قبورهم وبع ُ‬
‫ثم أحرقهم ‪ .‬إنها ثورةُ الحقدِ العارم ِ الذي ُينهي على‬
‫س واستقراِرها ‪.‬‬ ‫ج النف ِ‬ ‫ت وعلى مباه ِ‬ ‫المسّرا ِ‬
‫م ‪ ،‬لنه فََقد َ أعصاَبه وراحته‬ ‫إن الضرر على المنتقم ِ أعظ ُ‬
‫وهدوءهُ وطمأنينته ‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ما يبلغُ الجاه ُ‬ ‫ل يبلغُ العداُء من‬
‫ل‬‫ق ْ‬ ‫ظ ُ‬ ‫غي ْ ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬‫م َ‬‫هِ‬ ‫م ن َاْفل َ َِ‬
‫سنا ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬‫ضوا ْ َ‬ ‫ع ّ‬‫وا ْ َ‬‫لل َ ْ‬ ‫جاه َ‬
‫خٍ‬ ‫ذا‬‫وإ ِ َ‬
‫﴿ َ‬
‫م ﴾‪.‬‬ ‫غي ْظِك ُ ْ‬ ‫موُتوا ْ ب ِ َ‬
‫ُ‬
‫*****************************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪330‬‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫» ليس للعبدِ إذا ب ُِغي عليه وُأوذي وتسّلط عليه‬
‫ة سعادِته‬ ‫مه ‪ ،‬شيء أنفعُ له من التوبةِ النصوِح ‪ ،‬وعلم ُ‬ ‫خصو ُ‬
‫سه وذنوِبه وعيوِبه ‪ ،‬فيشتغل‬ ‫أن يعكس فكره ونظره على نف ِ‬
‫بها وبإصلحها ‪ ،‬وبالتوبةِ منها ‪ ،‬فل يبقى فيه فراغ ٌ لتدّبر ما‬
‫ه يتولى‬ ‫ن ََزل به ‪ ،‬بل يتوّلى هو التوبة وإصلح عيوبه ‪ ،‬والل ُ‬
‫ُنصرته وحفظه والدفع عنه ولبد ّ ‪ ،‬فما أسعدهُ من عبدٍ ‪ ،‬وما‬
‫ت به ‪ ،‬وما أحسن أثرها عليه ‪ ،‬ولكن‬ ‫أبركها من نازلةٍ نزل ْ‬
‫معطي لما‬ ‫التوفيق والرشد بيد ِ اللهِ ‪ ،‬ل مانٍع لما أعطى ول ُ‬
‫ة به ‪ ،‬ول إرادة ً له ‪،‬‬ ‫ل أحد ٍ ُيوّفق لهذا ‪ ،‬ل معرف ً‬ ‫منع ‪ ،‬فما ك ّ‬
‫ول قدرةً عليه ‪ ،‬ول حول ول قوة إل باللهِ « ‪.‬‬
‫ل مهما هفا‬ ‫ولم يز ْ‬ ‫ن يعفو‬ ‫سبحان م ْ‬
‫له عفا‬
‫عن العطا‬ ‫العب ُد ُ‬
‫جل‬ ‫يعطي دائما ً‬
‫الذي يخطي‬ ‫ُونهفو‬
‫لذي الخطا‬
‫*******************************************‬ ‫ول يمنُعه‬
‫ة غيرك‬ ‫ل تذُ ْ‬
‫ب في شخصي ِ‬
‫ة أطوار ‪ :‬طوُْر التقليد ‪ ،‬وطوُر‬ ‫تمّر بالنسان ثلث ُ‬
‫الختيارِ ‪ ،‬وطوُر البتكارِ ‪ .‬فالتقليد ُ ‪ :‬هو المحاكاةُ للخرين‬
‫ب‬‫ن فيهم ‪ ،‬وسب ُ‬ ‫ل صفاِتهم والذوبا ُ‬ ‫ص شخصياِتهم وانتحا ُ‬ ‫م ُ‬ ‫وتق ّ‬
‫ل الشديد ُ ‪ ،‬وهذا‬ ‫ب والتعل ّقُ والمي ْ ُ‬
‫هذا التقليدِ هو العجا ُ‬
‫ت‬‫التقليد ُ الغالي ليحمل بعضُهم على التقليد في الحركا ِ‬
‫ْ‬
‫ت ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬وهو وأد ٌ‬ ‫ت واللتفا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬ونْبرةِ الصو ِ‬
‫واللحظا ِ‬
‫معاناةِ هؤلِء من‬ ‫ت ‪ .‬ويا ل ُ‬ ‫للشخصية وانتحاٌر معنويّ للذا ِ‬
‫ف !!‬ ‫م ‪ ،‬ويسيرون إلى الخل ِ‬ ‫سهم ‪ ،‬وهم يعكسون اتجاههُ ْ‬ ‫أنف ِ‬
‫ة‬
‫جَر مشيته لمشي ِ‬ ‫ت الخرِ ‪ ،‬وهَ َ‬ ‫فالواحد ُ منهم ترك صوته لصو ِ‬
‫ت الممدوحةِ التي ُتثري‬ ‫ن ‪ ،‬ليت هذا التقليد كان للصفا ِ‬ ‫فل ٍ‬
‫ْ‬
‫العمر وُتضفي عليه هالة من السموّ ُ والّرفعةِ ‪ ،‬كالعِلم ِ‬
‫والكرم ِ والحلم ِ ونحوها ‪ ،‬لكنك ُتفاجأ أن هؤلء يقّلدون في‬
‫ف وطريقةِ الكلم ِ وإشارةِ اليد ِ !! ‪.‬‬ ‫مخارِج الحرو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪331‬‬
‫خل ْقٌ آخُر وشيٌء آخُر ‪،‬‬ ‫أريد ُ التأكيد عليك بما سبق ‪ :‬إنك َ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ل صفاِتك وقدراِتك ‪ ،‬فإنه منذ ُ َ‬ ‫جك أنت من خل ِ‬ ‫إنه نه ُ‬
‫ن في‬‫ه العالم ‪ ،‬لم يتفقْ اثنا ِ‬ ‫ه آدم إلى أن ينهي الل ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ل هذا على‬ ‫ث ينطبق شك ُ‬ ‫الصورةِ الخارجيةِ للجسم ِ ‪ ،‬بحي ُ‬
‫ف أ َل ْسن َت ِك ُم َ‬
‫م ‪ ﴾......‬الية ‪.‬‬ ‫وأل ْ َ‬
‫وان ِك ُ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫خت َِل ُ‬‫وا ْ‬
‫ل ذاك ‪َ ﴿ :‬‬ ‫شك ِ‬
‫ن نريد ُ أن نتفقَ مع الخرين في صفاِتنا ومواهِبنا‬ ‫فلماذا نح ُ‬
‫وقدراِتنا ؟!‬
‫سن إلقاِئك أن‬ ‫ح ْ‬ ‫إن جمال صوِتك أن يكون متفّردا ً ‪ ،‬وإن ُ‬
‫ف‬‫خت َل ِ ٌ‬‫م ْ‬
‫مٌر ّ‬ ‫ح ْ‬‫و ُ‬ ‫ض َ‬ ‫جدَدٌ ِبي ٌ‬‫ل ُ‬ ‫جَبا ِ‬‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫و ِ‬‫يكون متمّيزا ً ‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫د﴾‪.‬‬ ‫سو ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫غَراِبي ُ‬ ‫و َ‬‫ها َ‬‫وان ُ َ‬‫أل ْ َ‬
‫************************************‬
‫المكظومون في انتظار ل ْ‬
‫طف الله‬
‫ت‬ ‫صقعُ ل يلتوي لساُنه إذا تراكض ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫هذا الخطي ُ‬
‫ن ‪ ،‬بل يمضي ساطعا ً صارما ً متدّفقا ً ‪.‬‬ ‫ن البيا ِ‬ ‫ظ في ميدا ِ‬ ‫اللفا ُ‬
‫ب ‪ ،‬وخطيب السلم‬ ‫س ُ‬ ‫ب الرسول ‪ ‬وح ْ‬ ‫هو خطي ُ‬
‫ب بين يدي رسول اللهِ ‪‬‬ ‫وكفى ‪ ،‬كان يرفع صوته بالخط ِ‬
‫ه‪﴿ :‬‬ ‫ماس ‪ ،‬وأنزل الل ُ‬ ‫س بن ش ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن قي‬ ‫تب ُ‬ ‫دين ‪ ،‬إنه ثاب ُ‬ ‫لنصرةِ ال ّ‬
‫َ‬ ‫مُنوا َل ت َْر َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫و ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫وق َ َ‬ ‫ف ْ‬‫م َ‬ ‫وات َك ُ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫عوا أ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫َيا أي ّ َ‬
‫ض‬‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ر بَ ْ‬ ‫ه ِ‬‫ج ْ‬ ‫ل كَ َ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬ ‫ه ِبال ْ َ‬ ‫هُروا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وَل ت َ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫َالن ّب ِ ّ‬
‫م َل ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ن قي ٌ‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬وظ ّ‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مال ُك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫حب َ َ‬‫أن ت َ ْ‬
‫أنه هو المقصود ُ ‪ ،‬فاعتزل الناس واختبأ في بيِته يبكي ‪،‬‬
‫خب ََر ‪،‬‬‫ة ال َ‬ ‫ل اللهِ ‪ ‬فسأل عنه ‪ ،‬فأخبره الصحاب ُ‬ ‫وفقده رسو ُ‬
‫ة (( ‪.‬‬ ‫ل الجن ِ‬ ‫فقال ‪ )) :‬كل ّ ‪ ،‬بل هو من أه ِ‬
‫ت النذارةُ بشارةٌ ‪.‬‬ ‫فصار ِ‬
‫ن‬
‫زع المحزو ُ‬ ‫فما ج ِ‬ ‫هناٌء محا ذاك العزاء‬
‫سما عنها – تبكي‬ ‫ه‬‫الل ُ‬ ‫رضيتب ّ‬ ‫م المؤمنين –حتى‬ ‫ةأ ّ‬ ‫عائش ُ‬ ‫دما‬ ‫المق ّ‬ ‫وتبقى‬
‫شهرا ً كامل ً ليل ً ونهارا ً ‪ ،‬حتى كاد البكاء يمّزقُ كِبدها ويفري‬
‫ف ‪ ،‬فجاء‬ ‫ف ‪ ،‬العفي ِ‬ ‫عْرضها الشري ِ‬ ‫ت في ِ‬ ‫طعن ْ‬ ‫جسمها ‪ ،‬لنها ُ‬
‫فَل ِ‬
‫ت‬ ‫غا ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫صَنا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫الفرج ‪ ﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪332‬‬
‫ت الله‬
‫ة ﴾ ‪ .‬وحمد ِ‬ ‫خَر ِ‬‫واْل ِ‬
‫في الدّن َْيا َ‬
‫عُنوا ِ‬‫ت لُ ِ‬ ‫مَنا ِ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ت ‪ ،‬وفرح المؤمنون بهذا‬ ‫طهرِ ‪ ،‬كما كان ْ‬‫ت أطهر ال ّ‬ ‫وصار ْ‬
‫ن‪.‬‬ ‫الفتِح المبي ِ‬
‫م‬
‫ت عليه ْ‬‫ة الذين تخّلفوا عن غزوةِ تبوك ‪ ،‬وضاقْ ْ‬ ‫والّثلث ُ‬
‫سهم ‪ ،‬وظّنوا أن ل‬ ‫ت عليهم أنف ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وضاق ْ‬‫حب ْ‬‫ض بما ر ُ‬ ‫الر ُ‬
‫كه – سبحانه‪-‬‬ ‫ن يمل ُ‬‫ج مم ْ‬ ‫ملجأ من اللهِ إل إليه ‪ ،‬أتاهم الفر ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ث من السميِع القري ِ‬ ‫ونزل عليهم الغوْ ُ‬
‫*************************************‬
‫ه‬
‫حل ُ‬
‫ل الذي ترتا ُ‬
‫ص على العم ِ‬
‫احر ْ‬
‫ن‬
‫ب‪:‬إ ّ‬ ‫ض ‪ ،‬فقال لي الطبي ُ‬ ‫ل ابن تيمية ‪ » :‬ابتدأني مر ٌ‬ ‫يقو ُ‬
‫مطالعتك وكلمك في العلم ِ يزيد ُ المرض ‪ .‬فقلت له ‪ :‬ل‬
‫مك‬ ‫مك إلى عل ِ‬ ‫أصبُر على ذلك ‪ ،‬ل أصبُر على ذلك ‪ ،‬وأنا أحاك ُ‬
‫ت‬‫دفع ِ‬ ‫ة ‪ ،‬فَ َ‬‫طبيع ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ت قوي ِ‬‫سّر ْ‬‫تو ُ‬ ‫س إذا فرج ْ‬ ‫ت الّنف ُ‬ ‫‪ ،‬أليس ِ‬
‫ت له ‪ :‬فإن نفسي ُتسّر بالعلم ِ ‪،‬‬ ‫المرض ؟ فقال ‪ :‬بلى ‪ .‬فقل ُ‬
‫ج عن‬ ‫ة ‪ .‬فقال‪ :‬هذا خار ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬فأجد ُ راح ً‬ ‫فتقوى به الطبيع ُ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫خي ٌْر ل ّك ُ ْ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫كم ب َ ْ‬
‫ل ُ‬ ‫شّرا ً ل ّ ُ‬ ‫سُبوهُ َ‬‫ح َ‬‫جنا« ﴿َل ت َ ْ‬‫عل ِ‬
‫ت‬
‫فرّبما صح ِ‬ ‫ل ع َت َْبك محمود ٌ‬‫لع ّ‬
‫ل‬
‫م بالِعل ِ‬‫الجسا ُ‬
‫********************************************‬ ‫ه‬
‫عواقب ُ ُ‬
‫ء وهؤلء‬ ‫ك ُل ً ن ُ ِ‬
‫مدّ هؤل ِ‬
‫ما أحوجنا إلى المثابرةِ واستثمارِ الوقت ‪ ،‬ومسابقةِ‬
‫ل الصالِح النافِع المفيد ِ ‪ ،‬إننا سوف نسعد ُ يوم‬ ‫س بالعم ِ‬ ‫النفا ِ‬
‫ة وحضارة ً ‪ ،‬وسوف‬ ‫دم للخرين نفعا ً ووعيا ً وخدمة وثقاف ً‬ ‫نق ّ‬
‫خلقْ ع ََبثا ً‬‫دى ‪ ،‬ولم ن ُ ْ‬‫س ّ‬
‫ت إلى الحياةِ ُ‬‫منا أننا لم نأ ِ‬ ‫نسعد ُ إذا عل ْ‬
‫‪ ،‬ولم ُنوجد ْ لِعبا ً ‪.‬‬
‫ت تراجم‬ ‫ي فوجد ُ‬ ‫ت » العلم « للزركل ّ‬ ‫يوم تصّفح ُ‬
‫ة وعلماء ‪ ،‬وحكماء وأدباء وأطباء ‪،‬‬ ‫شرقيين وغربيين ‪ ،‬ساس ً‬
‫سيرهم‬ ‫ت في ِ‬ ‫يجمعهم أنهم نابغون مؤّثرون لمعون ‪ ،‬ووجد ُ‬
‫جميعا ً سنة اللهِ في خلِقه ‪ ،‬ووعد اللهِ في عباِده ‪ ،‬وهي أن‬
‫ل تحزن‬
‫‪333‬‬
‫من أحسن من أجل الدنيا وُّفي نصيبه من الدنيا ‪ ،‬من الذيوِع‬
‫ب‬ ‫ل ومنص ٍ‬ ‫والشهرةِ والنتشارِ ‪ ،‬وما يلحقُ ذلك من ما ِ‬
‫ف ‪ ،‬ومن أحسن للخرةِ وجدها هنا وهناك ‪ ،‬من النفِع‬ ‫وإتحا ٍ‬
‫ؤلء‬ ‫هـ ُ‬ ‫مدّ َ‬‫ل والرضا والجرِ والمثوبةِ ‪ ﴿ :‬ك ُل ّ ن ّ ِ‬ ‫والقبو ِ‬
‫ظورا ً‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫طاء َرب ّ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫ك َ‬ ‫ع َ‬
‫طاء َرب ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ؤلء ِ‬ ‫هـ ُ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫﴾ ‪.‬‬
‫دموا‬ ‫ب أيضا ً أن هؤلِء العباقرةِ الذين ق ّ‬ ‫ت في الكتا ِ‬ ‫ووجد ُ‬
‫ص منهم غْير‬ ‫للبشرية نفعا ً ونتاجا ً ولم يعمُلوا للخرة – وأخ ّ‬
‫المؤمنين باللهِ ولقاِئه – وجدُتهم أسعدوا الناس أكثر من‬
‫سهم ‪ ،‬وأفرحوا أرواح الخرين أكثر من أرواحِهم ‪ ،‬فإذا‬ ‫أنف ِ‬
‫ب من حيات ِهِ ‪،‬‬ ‫ضهم ينتحُر ‪ ،‬وبعضهم يثوُر من واقِعه ويغض ُ‬ ‫بع ُ‬
‫وآخرون منهم يعيشون بؤسا ً وضْنكا ً ‪.‬‬
‫م‬
‫ت نفسي ‪ :‬ما هي الفائدةُ إذا سعد بي قو ٌ‬ ‫وسأل ُ‬
‫مت أنا ؟!‬ ‫حر ِ‬ ‫وشقيت أنا ‪ ،‬وانتفع بي مل ٌ و ُ‬
‫ل أحدٍ من هؤلِء البارزين ما‬ ‫ن الله أعطى ك ّ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ووجد ُ‬
‫معٌ منهم حصل على جائزةِ نوبل ‪،‬‬ ‫ده ‪ ،‬فج ْ‬ ‫أراد ‪ ،‬تحقيقا ً لوع ِ‬
‫وأ الصدارة في‬ ‫لنه أرادها وسعى لها ‪ ،‬ومنهم من تب ّ‬
‫جد َ‬ ‫الشهرةِ ‪ ،‬لنه بحث عنها وشغف بها ‪ ،‬ومنهم من وَ َ‬
‫المال ‪ ،‬لنه هام به وأجّبه ‪ ،‬ومنهم عباد ُ اللهِ الصالحون ‪،‬‬
‫ه‬
‫ن شاء الل ُ‬ ‫ب الخرةِ – إ ْ‬ ‫ن ثوا ِ‬ ‫ب الدنيا وحس ِ‬ ‫حصُلوا على ثوا ِ‬
‫ضوانا ً ‪.‬‬ ‫‪ ، -‬يبتغون فضل ً من اللهِ ورِ ْ‬
‫ن من المعادلت الصحيحة المقبولة ‪ :‬أن المغمور‬ ‫إ ّ‬
‫م حظ ّا ً من اللمِع‬ ‫جه وطريِقه ‪ ،‬أنع ُ‬ ‫السعيد الواثق من منه ِ‬
‫ي بمبادِئه وفكرِهِ ‪.‬‬ ‫الشهيرِ الشق ّ‬
‫ب أسعد ُ حال ً‬ ‫ل المسلم ِ في جزيرةِ العر ِ‬ ‫ن راعي الب ِ‬ ‫إ ّ‬
‫مه من » تولوستوي « الكاتب الروائي الشهيرِ ‪ ،‬لن‬ ‫بإسل ِ‬
‫ف مصيَرهُ‬ ‫الول قضى حياته مطمئنا ً راضيا ً ساكنا ً يعر ُ‬
‫ومنقلبه ‪ ،‬والثاني عاش ممّزق الرادةِ ‪ ،‬مبعثر الجهدِ ‪ ،‬لم‬
‫ه‪.‬‬ ‫ف مستقبل ُ‬ ‫يبرد ْ غليُله من مراِده ‪ ،‬ول يعر ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪334‬‬
‫ل علٍج‬ ‫ة ‪ ،‬وأج ّ‬
‫م دواٍء عرفْته البشري ُ‬ ‫عند المسلمين أعظ ُ‬
‫ن بالقضاِء والقدرِ ‪ ،‬حتى قال‬ ‫ة ‪ .‬إنه اليما ُ‬‫اكتشفْته النساني ُ‬
‫ض الحكماِء ‪ :‬لن يسعد في الحياةِ كافٌر بالقضاِء والقدرِ ‪.‬‬ ‫بع ُ‬
‫ت عليك هذا المعنى كثيرا ً ‪ ،‬وعرضُته لك في‬ ‫وقد أعد ُ‬
‫ف من نفسي ومن‬ ‫مد ‪ ،‬لنني أعر ُ‬ ‫أساليب شّتى ‪ ،‬وأنا على ع ْ‬
‫خ ُ‬
‫ط‬ ‫ن بالقضاِء والقدرِ فيما نحّبه ‪ ،‬وقد نتس ّ‬ ‫كثير مثلي أننا نؤم ُ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ط المل ّةِ وميثاقُ الوح ِ‬
‫ه ‪ ،‬ولذلك كان شر ُ‬ ‫عليه فيما نكرهُ ُ‬
‫وه ومّره (( ‪.‬‬ ‫ره وشره ‪ ،‬حل ِ‬ ‫ر خي ِ‬
‫)) أن تؤمن بالقد ِ‬
‫************************************‬
‫د قلَبه‬
‫ن بالله يه ِ‬
‫ومن يؤم ْ‬
‫ة لتظهر سعادة من رضي بالقضاِء ‪،‬‬ ‫أسوقُ هنا قص ً‬
‫من القضاِء ‪:‬‬ ‫خط ِ‬ ‫نس ِ‬ ‫كم ْ‬ ‫در وش ّ‬ ‫وحيرة وتك ّ‬
‫ب‬ ‫ف كتا ِ‬ ‫مه » بودلي « مؤل ّ ُ‬ ‫ي لمعٌ ‪ ،‬اس ُ‬ ‫ب أمريك ٌ‬ ‫فهذا كات ٌ‬
‫» رياح على الصحراِء « ‪ ،‬و » الرسول ‪ « ‬وأربعة عشَر‬
‫كتابا ً أخرى ‪ ،‬وقد استوطن عام ‪ 1918‬م إفريقية الشمالية‬
‫حل البدوِ المسلمين ‪،‬‬ ‫الغربية ‪ ،‬حيث عاش مع قوم ٍ من الّر ّ‬
‫ده‬ ‫ض مشاه ِ‬ ‫ل عن بع ِ‬ ‫يصّلون ويصومون ويذكرون الله ‪ .‬يقو ُ‬
‫ة عاتية ‪ ،‬حملت رمال‬ ‫ت ذات يوم ٍ عاصف ٌ‬ ‫وهو معهم ‪ :‬هب ّ ْ‬
‫ت بها‬ ‫ت بها البحر البيض المتوسط ‪ ،‬ورم ْ‬ ‫الصحراِء وعبر ْ‬
‫وادي الرون في فرنسا ‪ ،‬وكانت العاصفة حارةً شديدةً‬
‫ه‬
‫ن شْعر رأسي يتزعزع ُ من منابت ِ ِ‬ ‫ت كأ ّ‬
‫الحرارةِ ‪ ،‬حتى أحسس ُ‬
‫ظ كأنني مدفوعٌ‬ ‫ط الغي ِ‬‫ت من فر ِ‬ ‫ط وطأةِ الحّر ‪ ،‬فأحسس ُ‬ ‫لفر ِ‬
‫ن العرب لم يشكوا إطلقا ً ‪ ،‬فقد هّزوا‬ ‫إلى الجنون ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ب ‪ .‬واندفعوا إلى العمل‬ ‫أكتافهم وقالوا ‪ :‬قضاٌء مكتو ٌ‬
‫خ ‪ :‬لم نفقد ِ الشيء‬ ‫س القبيلةِ الشي ُ‬ ‫ط ‪ ،‬وقال رئي ُ‬ ‫بنشا ٍ‬
‫ل شيٍء ‪ ،‬ولكن الحمد ُ‬ ‫الكثير ‪ ،‬فقد كنا خليقين بأن نفقد ك ّ‬
‫من ماشِيتنا ‪،‬‬ ‫للهِ وشكرا ً ‪ ،‬فإن لدنيا نحو أربعين في المائة ِ‬
‫عتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد ‪.‬‬ ‫وفي استطا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪335‬‬
‫ة‬
‫ة أخرى ‪ ..‬فقد ْ كنا نقطعُ الصحراء بالسيار ِ‬ ‫مة حادث ٌ‬ ‫وث ّ‬
‫يوما ً فانفجر أحد ُ الطارات ‪ ،‬وكان الشائقُ قد نسي‬
‫ق‬
‫ب ‪ ،‬وانتابني القل ُ‬ ‫ي ‪ ،‬وتولني الغض ُ‬ ‫استحضار إطار احتياط ّ‬
‫ب ‪ :‬ماذا عسى أن نفعل ؟‬ ‫ت صحبي من العرا ِ‬ ‫م ‪ ،‬وسأل ُ‬ ‫واله ّ‬
‫ب لن ُيجدي فتيل ً ‪ ،‬بل هو‬ ‫كروني بأن الندفاع إلى الغض ِ‬ ‫فذ ّ‬
‫ن ثم‬‫ق ‪ ،‬وم ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ش وال ُ‬‫خليقٌ أن يدفع النسان إلى الطي ِ‬
‫ت بنا السيارة وهي تجري على ثلثة إطارات ليس إل ‪،‬‬ ‫درج ْ‬
‫ت عن السير ‪ ،‬وعلمت أن البنزين قد‬ ‫لكنها ما لبثت أن كّف ْ‬
‫ب ‪ ،‬ول‬ ‫ن رفاقي العرا ِ‬ ‫نَفد َ ‪ ،‬وهناك أيضا ً لم تثْر ثائرة أحدٍ م ْ‬
‫وا يذرعون الطريق سيرا ً على‬ ‫فارقُهم هدوؤهم ‪ ،‬بل مض ْ‬
‫القدام ِ ‪ ،‬وهم يترّنمون بالغناِء !‬
‫ة التي قضيُتها في الصحراِء‬ ‫م السبع ُ‬ ‫قد أقنعتني العوا ُ‬
‫س‪،‬‬‫ن الملتاثين ‪ ،‬ومرضى النفو ِ‬ ‫ل‪،‬أ ّ‬ ‫ح ِ‬‫ب الر ّ‬ ‫بين العرا ِ‬
‫ل بهم أمريكا وأوربة ‪ ،‬ما هم إل‬ ‫والسكيرين ‪ ،‬الذين تحف ُ‬
‫ضحايا المدينةِ التي تتخذ ُ السرعة أساسا ً لها ‪.‬‬
‫ش في‬ ‫ط ‪ ،‬وأنا أعي ُ‬ ‫ن شيئا ً من القلق ق ّ‬ ‫إنني لم أعا ِ‬
‫ت السكينة والقناعة‬ ‫الصحراِء ‪ ،‬بل هنالك في جنةِ اللهِ ‪ ،‬وجد ُ‬
‫س يهزؤون بالجبريةِ التي يؤمن بها‬ ‫والرضا ‪ ،‬وكثيرون من النا ِ‬
‫ب ‪ ،‬ويسخرون من امتثال ِِهم للقضاِء والقدرِ ‪.‬‬ ‫العرا ُ‬
‫ل العراب أصاُبوا كِبد الحقيقة ‪،‬‬ ‫ن يدري ؟ فلع ّ‬ ‫ولكن م ْ‬
‫ض حياتي ‪ ،‬أرى‬ ‫فإني إذ أعود ُ بذاكرتي إلى الوراِء ‪ ..‬وأستعر ُ‬
‫ت متباعدةٍ تبعا ً لحوادث تطرأ‬ ‫ل في فترا ٍ‬ ‫جليا ً أنها كانت تتشك ّ ُ‬
‫ن أو مما أستطيعُ له دفعا ً ‪،‬‬ ‫حسبا ِ‬ ‫ط في ال ُ‬ ‫نق ّ‬ ‫عليها ‪ ،‬ولم تك ْ‬
‫در‬ ‫ب يطلقون على هذا اللون من الحوادث اسم ‪ » :‬ق َ‬ ‫والعر ُ‬
‫مه أنت ما شئت ‪.‬‬ ‫سمة« أو » قضاُء اللهِ « ‪ ،‬وس ّ‬ ‫« أو » قِ ْ‬
‫ة عشر عاما ً على‬ ‫ل ‪ :‬إنني بعد انقضاِء سبع َ‬ ‫ة القو ِ‬ ‫وخلص ُ‬
‫ب حيال قضاِء‬ ‫ت أتخذ موقف العر ِ‬ ‫مغادرتي الصحراء ‪ ،‬ما زل ُ‬
‫ل الحوادث التي ل حيلة لي فيها بالهدوء والمتثال‬ ‫اللهِ ‪ ،‬فأقاب ُ‬
‫والسكينة ‪ ،‬ولقد أفلحت هذه الطباع ُ التي اكتسبُتها من‬
‫ل تحزن‬
‫‪336‬‬
‫ت‬ ‫ح آلف المس ّ‬
‫كنا ِ‬ ‫العرب في تهدِئة أعصابي أكثر مما تفل ُ‬
‫والعقاقيرِ ! ‪...‬اهـ ‪.‬‬
‫ة‬
‫ل ‪ :‬إن أعراب الصحراِء تلّقُنوا هذا الحقّ من مشكا ِ‬ ‫أقو ُ‬
‫س من‬ ‫محمدٍ ‪ ‬وإن خلصة رسالةِ المعصوم ِ هي إنقاذ النا ِ‬
‫ب‬‫ض الترا ِ‬ ‫ت إلى النورِ ‪ ،‬ونْف ِ‬‫جهم من الظلما ِ‬ ‫الّتيهِ ‪ ،‬وإخرا ِ‬
‫ن الوثيقة التي‬ ‫ل عنهم ‪ .‬إ ّ‬ ‫سهم ‪ ،‬ووضِع الصارِ والغل ِ‬ ‫عن رؤو ِ‬
‫ن ‪ ،‬وبها‬ ‫ل الُهدى ‪ ‬فيها أسراُر الهدوِء والم ِ‬ ‫ب ُِعث بها رسو ُ‬
‫ف بالقضاء وعمل‬ ‫م النجاةِ من الخفاق ‪ ،‬فهي اعترا ٌ‬ ‫معال ُ‬
‫بالدليل ‪ ،‬ووصول إلى غاية ‪ ،‬وسعي إلى نجاة ‪ ،‬وكدح‬
‫بنتيجة ‪ .‬إن الرسالة الربانية جاءت لتحدد لك موقعك في‬
‫الكون المأنوس ‪ ،‬ليسكن خاطرك ‪ ،‬ويطمئن قلبك ‪ ،‬ويزول‬
‫مل خلقك ‪ ،‬لتكون العبد المثالي‬ ‫همك ‪ ،‬ويزكو عملك ‪ ،‬ويج ُ‬
‫الذي عرف سّر وجوده ‪ ،‬وأدرك القصد من نشأته ‪.‬‬
‫***************************************‬
‫سط‬
‫و َ‬
‫المنهج َ‬
‫سطا ً﴾ ‪.‬‬ ‫ك جعل َْناك ُ ُ‬
‫و َ‬ ‫ة َ‬
‫م ً‬‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫وك َذَل ِ َ َ َ‬
‫﴿ َ‬
‫جَفاَء ‪ ،‬ول إفراط ول‬ ‫ط ‪ ،‬فل غ ُل ُوّ ول َ‬ ‫س ِ‬ ‫السعادة في الوَ َ‬
‫ي حميد ٌ يمنعُ العبد من‬ ‫ج رّبان ّ‬ ‫مْنه ٌ‬ ‫تفريط ‪ ،‬وإن الوسطّية ِ‬
‫ن‬
‫ص السلم ِ أنه دي ُ‬ ‫ف إلى أحدِ الطرفْين ‪ .‬إن من خصائ ِ‬ ‫حي ْ ِ‬
‫ال َ‬
‫ط بين اليهوديةِ والنصرانيةِ ‪ :‬اليهوديةِ التي‬ ‫ط ‪ ،‬فهو وس ٌ‬ ‫وس ٍ‬
‫ت في‬ ‫ل ‪ ،‬والنصرانيةِ التي غال ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ت العَ َ‬ ‫ت الِعلم ِ وألغ ِ‬ ‫حمل ِ‬
‫ل‪،‬‬‫م ِ‬‫م بالعِل ْم ِ والعَ َ‬‫ت الدليل ‪ ،‬فجاء السل ُ‬ ‫طرح ِ‬ ‫العبادةِ وا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل والنق ِ‬ ‫سدِ ‪ ،‬والعق ِ‬ ‫ج َ‬
‫والروِح وال َ‬
‫ة في‬ ‫دك في حياِتك الوسطية ‪ ،‬الوسطي ُ‬ ‫ما يسع ُ‬ ‫وإن م ّ‬
‫ل فتنهك جسمك وتقضي على نشاطك‬ ‫عبادِتك ‪ :‬فل تغْ ُ‬
‫ومداومِتك‪ ،‬ول تجف فتطرح النوافل وتخدش الفرائض‬
‫ف أموالك وتهل ْ‬
‫ك‬ ‫ك ‪ :‬فل تتل ْ‬ ‫ق ‪ .‬وفي إنفاق ِ‬ ‫وتركن إلى التسوي ِ‬
‫ك عطاءك وتبخ ْ‬
‫ل‬ ‫مِلقا ً ‪ ،‬ول تمس ْ‬ ‫م ْ‬‫دخلك فتبقى حسيرا ً ُ‬
‫قك ‪ :‬بين‬ ‫ط في خل ِ‬ ‫بنوالك ‪ ،‬فتبقى ملوما ً محروما ً ‪ .‬ووس ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪337‬‬
‫س الكالِح‬ ‫ّ‬
‫ن المتداعي ‪ ،‬بين العبو ِ‬ ‫ط واللي ِ‬ ‫الجد ّ المفر ِ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ،‬بين العزلةِ الموحشةِ والخلطةِ الزائد ِ‬ ‫ك المتهاف ِ‬ ‫والضح ِ‬
‫على الحد ّ ‪.‬‬
‫ل في أخذِ المورِ ‪ ،‬والحكم ِ على الشياِء‬ ‫ج العتدا ِ‬ ‫منه ُ‬ ‫إّنه ِ‬
‫ل الِقيم ِ ‪ ،‬ول نْقص‬ ‫‪ ،‬ومعاملةِ الخرين ‪ ،‬فل زيادة يطفو بها كي ْ ُ‬
‫ف ‪ ،‬والنقص‬ ‫سر ٌ‬ ‫فو َ‬ ‫ل الخْير ‪ ،‬لن الزيادة تر ٌ‬ ‫ل به أص ُ‬ ‫يضمح ّ‬
‫فوا ْ‬‫خت َل َ ُ‬‫ما ا ْ‬‫مُنوا ْ ل ِ َ‬‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫دى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬‫ف َ‬ ‫جفاٌء و‘حفاٌء ‪َ ﴿ :‬‬
‫شاءُ إ َِلى‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ق ب ِإ ِذْن ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬‫في ِ‬‫ِ‬
‫قيم ٍ ﴾ ‪.‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن الحسنة بين السّيئتين ‪ :‬سيئة الفراط وسيئة‬ ‫إ ّ‬
‫التفريط ‪ ،‬وإن الخْير بين الشّرين ‪ :‬شّر الغُل ُوّ وشّر‬
‫ل‬‫ل الزيادةِ وباط ِ‬ ‫ن ‪ :‬باط ِ‬‫المجافاةِ ‪ ،‬وإن الحقّ بين الباطلي ِ‬
‫ص ‪ ،‬وإن السعادة بين الشقاءين ‪ :‬شقاِء التهورِ وشقاِء‬ ‫النق ِ‬
‫ص‪.‬‬ ‫النكو ِ‬
‫*************************************‬
‫ل هذا ول هذا‬
‫سي ْرِ الحقحقة ‪ .‬وهو‬ ‫ن عبدالله ‪ :‬أشّر ال ّ‬ ‫ل مطّرف ب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫الذي يجتهد في السيرِ حتى يضّر بنفسهِ ودابِته ‪ .‬وفي‬
‫ف‬‫س ُ‬ ‫ة (( ‪ .‬وهو الذي يتع ّ‬ ‫حط َ َ‬
‫م ُ‬ ‫ث ‪ )) :‬شّر الّرعاء ال ُ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ه شأنه ‪ .‬إن الكرم بين‬ ‫في وليِته لهِله أو من وله الل ُ‬
‫ن والتهورِ ‪ ،‬وإن‬ ‫ل ‪ ،‬وإن الشجاعة بين الجب ِ‬ ‫ف والبخ ِ‬ ‫السرا ِ‬
‫الحلم بين الحد ّةِ والتبّلد ‪ ،‬وإن البسمة بين العبوس والضحك‬
‫ف‬ ‫‪ ،‬وإن الصبر بين القسوة والجزِع ‪ ،‬وللغلوّ دواٌء هو التخفي ُ‬
‫من هذا الغلوّ ‪ ،‬وإطفاُء شيٍء من هذا اللهيب المحرق‬
‫ة من‬ ‫مة ‪ ،‬وبارق ُ‬ ‫ة هِ ّ‬‫ط عزم ٍ ‪ ،‬وومض ُ‬ ‫وللجفاِء دواء هو سوْ ُ‬
‫صَرا َ‬
‫ط‬ ‫م}‪ِ {6‬‬ ‫قي َ‬ ‫مست َ ِ‬ ‫ط ال ُ‬ ‫صَرا َ‬ ‫دَنــــا ال ّ‬ ‫رجاٍء ‪ ﴿ ،‬اه ِ‬
‫ول َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ّذين َ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬
‫ِ‬ ‫لي‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ضو‬ ‫ُ‬ ‫مغ‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫غي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫لي‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫عم‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫ضاّلي َ‬ ‫ال ّ‬
‫*******************************‬
‫ل تحزن‬
‫‪338‬‬

‫ة‬
‫وقفـــــ ٌ‬
‫ب من الصبرِ ‪ ،‬إما عن‬ ‫» ليس في الوجود شيٌء أصع ُ‬
‫ت‪ .‬وخصوصا ً إذا امتد ّ الزمان ‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬أو على المكروها ِ‬ ‫المحبو ِ‬
‫ع‬
‫ج إلى زاد ٍ ُيقط ُ‬ ‫س من الفرِج ‪ .‬وتلك المدة ُ تحتا ُ‬ ‫أو وقع اليأ ُ‬
‫س‪:‬‬ ‫به سفُرها ‪ ،‬والزاد يتنوعُ من أجنا ٍ‬
‫ن أن يكون أكثر ‪.‬‬ ‫ح مقدارِ البلِء ‪ ،‬وقد يمك ُ‬ ‫م ُ‬
‫فمنه ‪ :‬تل ّ‬
‫م منها ‪ ،‬مثل أن ُيبتلى‬ ‫ل فوقها أعظ ُ‬ ‫ومنه ‪ :‬أنه في حا ِ‬
‫بفْقدِ ولدٍ وعنده أعّز منه ‪.‬‬
‫ض في الدنيا ‪.‬‬ ‫ومن ذلك ‪ :‬رجاء الِعو ِ‬
‫مح الجرِ في الخرةِ ‪ .‬ومنه ‪ :‬التلذ ّذ ُ بتصوي ِ‬
‫ر‬ ‫ومنه ‪ :‬تل ّ‬
‫ق فيما يمدحون عليه ‪ ،‬والجُر من‬ ‫ْ‬
‫المدِح والثناِء من الخل ِ‬
‫ل‪.‬‬‫الحقّ عّز وج ّ‬
‫ه‪.‬‬
‫حب ُ‬
‫ح صا ِ‬ ‫ومن ذلك ‪ :‬أن الجزع ل يفيد ُ ‪ ،‬بل يفض ُ‬
‫ل والفكُر ‪،‬‬ ‫حها العق ُ‬ ‫إلى غي ْرِ ذلك من الشياء التي يقد ُ‬
‫ة سواها ‪ ،‬فينبغي للصابرِ أن‬ ‫ق الصبرِ نفق ٌ‬‫فليس في طري ِ‬
‫ت ابتلئ ِهِ « ‪.‬‬ ‫يشغل بها نفسه ‪ ،‬ويقطع بها ساعا ِ‬
‫*********************************************‬
‫م الولياءُ‬
‫ه ُ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ن بالشوا ِ‬ ‫من صفات الولياء ‪ :‬انتظاُر الذا ِ‬
‫ل‪،‬‬‫ف الوّ ِ‬‫ه بالص ّ‬ ‫ت على تكبيرةِ الحرام ِ ‪ ،‬والوَل َ ُ‬ ‫والّتهافُ ُ‬
‫ة الصدرِ ‪ ،‬وظهوُر‬ ‫س في الروضةِ ‪ ،‬وسلم ُ‬ ‫ومداومةِ الجلو ِ‬
‫ك ما ل‬ ‫ل ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫ذكرِ ‪ ،‬وأكل الحل ِ‬ ‫سن ّةِ ‪ ،‬وكثرةُ ال ّ‬‫مراسيم ِ ال ّ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬وطلق ُ‬ ‫ي كتابا ً وسن ً‬‫م المح ِ‬ ‫ف ‪ ،‬وتعل ّ ُ‬ ‫يعني ‪ ،‬والرضا بالكفا ِ‬
‫ف‪،‬‬
‫ك الخل ِ‬ ‫جعُ لمصائب المسلمين ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫حّيا ‪ ،‬والتو ّ‬
‫م َ‬
‫ال ُ‬
‫ف‪.‬‬‫ل المعرو ِ‬ ‫والصبُر للشدائدِ ‪ ،‬وبذ ْ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪339‬‬
‫ن ‪ ،‬فل غنى مطغيا ً‬ ‫ل ما يكو ُ‬ ‫ط في المعيشةِ أفض ُ‬ ‫التوس ُ‬
‫ول فقرا ً منسيا ً ‪ ،‬وإنما ما كفى وشفى ‪ ،‬وقضى الغرض ‪،‬‬
‫ش عائدةً ‪،‬‬ ‫وأتى بالمقصودِ في المعيشةِ ‪ ،‬فهو أج ّ‬
‫ل العي ِ‬
‫ت فائدةً ‪.‬‬ ‫ن القو ِ‬
‫وأحس ُ‬
‫ب‬‫ة تأوي إليها ‪ ،‬ومرك ٌ‬ ‫ه ‪ ،‬وزوج ٌ‬ ‫ت تس ُ‬
‫كن ُ‬ ‫ة ‪ :‬بي ٌ‬
‫والكفاي ُ‬
‫ل لسد ّ الحاجةِ وقضاِء اللزم ِ‬‫ن ‪ ،‬وما يكفي من الما ِ‬ ‫س ٌ‬
‫ح َ‬
‫َ‬
‫********************************‬
‫ه‬
‫ف بعباِد ِ‬
‫ه لطي ٌ‬
‫الل ُ‬
‫ض أنه في عام ‪1376‬‬ ‫ن مدينةِ الريا ِ‬ ‫أخبرني أحد ُ أعيا ِ‬
‫ل إلى البحرِ ‪،‬‬ ‫ل الجبي ِ‬‫ة من البحارةِ من أه ِ‬ ‫هـ ‪ ،‬ذهب مجموع ٌ‬
‫ن لم‬ ‫ك ‪ ،‬ومكثوا ثلثة أيام بلياليه ّ‬ ‫يريدون اصطياد السم ِ‬
‫يحصُلوا على سمكةٍ واحدةٍ ‪ ،‬وكانوا يصلون الصلوا ِ‬
‫ت‬
‫ة أخرى ل تسجد ُ للهِ سجدة ً ‪ ،‬ول‬ ‫الخمس ‪ ،‬وبجانبهم مجموع ٌ‬
‫تصّلي صلةً ‪ ،‬وإذا هم يصيدون ‪ ،‬ويحصلون على طلِبهم من‬
‫ض هؤلِء المجموعةِ ‪ :‬سبحان اللهِ ! نحن‬ ‫هذا البحرِ ‪ ،‬فقال بع ُ‬
‫ل صلةٍ ‪ ،‬وما حصْلنا على شيٍء من‬ ‫نصلي للهِ عّز وج ّ‬
‫دهم !!‬ ‫الصيدِ ‪ ،‬وهؤلء ل يسجدون للهِ سجدةً وها هو صي ُ‬
‫كوا صلة الفجرِ ‪،‬‬ ‫ك الصلةِ ‪ ،‬فتر ُ‬ ‫ن بتر ِ‬ ‫فوسوس لهم الشيطا ُ‬
‫وا‬‫ثم صلة الظهرِ ‪ ،‬ثم صلة العصرِ ‪ ،‬وبعد صلةِ العصرِ أت ْ‬
‫دا‬
‫جوها وبقُروا بطنها ‪ ،‬فوج ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فأخر ُ‬ ‫إلى البحرِ فصاُدوا سمك ً‬
‫ده ‪ ،‬وقّلبها ونظر إليها ‪،‬‬ ‫دهم بي ِ‬‫ة ‪ ،‬فأخذها أح ُ‬ ‫فيها لؤلؤة ً ثمين ً‬
‫طعنا الله ما حصلنا عليها ‪ ،‬ولما‬ ‫وقال ‪ :‬سبحان اللهِ ! لما أ ْ‬
‫عيناه حصْلنا عليها !! إن هذا الرزق فيه نظٌر ‪ .‬ثم أخذ‬
‫ه ‪ ،‬واللهِ ل‬ ‫ضنا الل ُ‬
‫اللؤلؤة ورمى بها في البحرِ ‪ ،‬وقال ‪ :‬يعو ُ‬
‫كنا الصلة ‪ ،‬هيا ارتحُلوا بنا‬ ‫ت لنا بعد أن تر ْ‬ ‫ذها وقد حصل ْ‬ ‫آخ ُ‬
‫ب‬‫من هذا المكان الذي عصينا الله فيه ‪ ،‬فارتحُلوا ما يقار ُ‬
‫ل ‪ ،‬ونزُلوا هناك في خيمِتهم ‪ ،‬ثم اقترُبوا من البح ِ‬
‫ر‬ ‫ثلثة أميا ٍ‬
‫ثانية ‪ ،‬فصاُدوا سمكة الكنعد ‪ ،‬فبقروا بطنها فوجدوا اللؤلؤة‬
‫في بطن تلك السمكةِ ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬الحمد ُ للهِ الذي رزقنا رزقا ً‬
‫ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪340‬‬
‫ن بدؤوا يصّلون ويذكرون الله ويستغفرونه ‪،‬‬ ‫طيبا ً ‪ .‬بعد أ ْ‬
‫فأخذوا اللؤلؤة ‪ .‬اهـ ‪.‬‬
‫ن ذي قبل ‪ ،‬في وقت معصيةٍ ‪ ،‬وكان‬ ‫فانظْر كيف كان م ْ‬
‫ت طاعةٍ ‪ ،‬وأصبح‬ ‫رزقا ً خبيثا ً ‪ ،‬وانظر كيف أصبح الن في وق ِ‬
‫رزقا ً طيبا ً ‪ ﴿ .‬ول َ َ‬
‫ه‬‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬
‫ما آَتا ُ‬ ‫وا ْ َ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ه‬‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬‫ؤِتيَنا الل ّ ُ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫غُبو َ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫إ ِّنا إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه خيرا ً‬ ‫وضه الل ُ‬ ‫ف اللهِ ‪ ،‬ومن ترك شيئا ً للهِ ع ّ‬ ‫إنه لط ٌ‬
‫منه ‪.‬‬
‫ي – رضي الله عنه ‪ ، -‬وقد دخل‬ ‫كرني هذا بقصةٍ لعل ّ‬ ‫يذ ّ‬
‫مسجد الكوفةِ ليصلي ركعتي الضحى ‪ ،‬فوجد غلما ً عند‬
‫س بغلتي حتى أصلي ‪ .‬ودخل‬ ‫م ‪ ،‬احب ْ‬ ‫ب ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا غل ُ‬ ‫البا ِ‬
‫ي المسجد ‪ ،‬يريد ُ أن يعطي هذا الغلم درهما ً ‪ ،‬جزاء‬ ‫عل ّ‬
‫ي المسجد ‪ ،‬أتى الغلم إلى‬ ‫حْبسه للبغلةِ ‪ ،‬فلما دخل عل ّ‬
‫ق‬
‫سها وذهب به إلى السو ِ‬ ‫ن رأ ِ‬ ‫خطام ِ البغلةِ ‪ ،‬فاقتلعه م ْ‬
‫ي فما وجد الغلم ‪ ،‬ووجد البغلة بل خطام ٍ ‪،‬‬ ‫ليبيعه ‪ ،‬وخرج عل ّ‬
‫ق ‪ ،‬لعّله يبي ُ‬
‫ع‬ ‫ب إلى السو ِ‬ ‫فأرسل رجل ً في أثرِهِ ‪ ،‬وقال ‪ :‬اذه ْ‬
‫ج على‬ ‫ل ‪ ،‬فوجد هذا الغلم يحّر ُ‬ ‫الخطام هناك ‪ .‬وذهب الرج ً‬
‫الخطام ِ ‪ ،‬فشراه بدرهم ٍ ‪ ،‬وعاد يخبُر عليا ً ‪ ،‬قال سبحان‬
‫ه درهما ً حلل ً ‪ ،‬فأبى إل أ ْ‬
‫ن‬ ‫ت أن أعطي َ‬ ‫الله ! واللهِ لقد ْ نوي ُ‬
‫يكون حراما ً ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬يلحقُ عباده أينما ساُروا وأينما‬ ‫ف الله عّز وج ّ‬ ‫إنه لط ُ‬
‫في َ ْ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬ ‫ما ت َت ُْلو ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫شأ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫حّلوا وأينما ارتحُلوا ‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل إ ِل ّ ك ُّنا َ‬ ‫م ٍ‬‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ ٍ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫من‬ ‫ك ِ‬ ‫عن ّرب ّ َ‬ ‫ب َ‬ ‫عُز ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫في ُ‬ ‫هودا ً إ ِذْ ت ُ ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ُ‬
‫ماء ﴾ ‪.‬‬ ‫ول َ ِ‬ ‫في ال َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫مث ْ َ‬
‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫قا ِ‬ ‫ّ‬
‫********************************************‬
‫ب﴾‬
‫س ُ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬
‫حت َ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫وي َْرُز ْ‬
‫ق ُ‬ ‫﴿ َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪341‬‬
‫شد ّةِ « ما‬ ‫ج بعد ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ي في كتابهِ »الَفَر‬ ‫وقد ذ َك ََر التنوخ ّ‬
‫ُ‬
‫ت‬
‫ل ‪ ،‬وأغلق ْ‬ ‫حي ُ‬
‫ت عليه ال ِ‬ ‫ب هذا المقام ‪ :‬أن رجل ً ضاق ْ‬ ‫يناس ُ‬
‫ب المعيشةِ ‪ ،‬وأصبح ذات يوم ٍ هو وأهُله ل شيء‬ ‫عليه أبوا ُ‬
‫وعى وفي‬ ‫في بيتهم ‪ ،‬قال ‪ :‬فبقيت أنا وأهلي اليوم الول ج ْ‬
‫ب ‪ ،‬قالت لي زوجتي ‪:‬‬ ‫س للمغي ِ‬ ‫ت الشم ُ‬ ‫الثاني ‪ ،‬فلما دن ِ‬
‫س لنا رزقا ً أو طعاما ً أو أكل ً ‪ ،‬فقد‬ ‫ب وانطلقْ والتم ْ‬ ‫اذه ْ‬
‫ت امرأة ً قريبة لي ‪،‬‬ ‫كر ُ‬ ‫ت ‪ .‬قال ‪ :‬فتذ ّ‬ ‫أشرْفنا على المو ِ‬
‫ه‬
‫خب ََر ‪ ،‬قالت ‪ :‬ما في بيِتنا إل هذ ِ‬ ‫ت إليها وأخبرُتها ال َ‬ ‫فذهب ُ‬
‫ي بها ‪ ،‬فإنا قد أشرْفنا على‬ ‫ت ‪ :‬عل ّ‬ ‫ت ‪ .‬قل ُ‬ ‫ة وقد أنتن ْ‬ ‫السمك ُ‬
‫ت منها لؤلؤةً‬ ‫ت بطنها ‪ ،‬فأخرج ُ‬ ‫ت بها وبقر ُ‬ ‫ك ‪ .‬وذهب ُ‬ ‫الهل ِ‬
‫ت ‪ :‬ل آخذ ُ معكم‬ ‫ت قريبتي ‪ ،‬قال ْ‬ ‫ف الدنانيرِ ‪ ،‬وأخبر ُ‬ ‫بعُتها بآل ِ‬
‫ت من ذلك بيتي ‪،‬‬ ‫ت فيما بعد ُ ‪ ،‬وأّثث ُ‬ ‫إل قسمي ‪ .‬قال ‪ :‬فاغتني ُ‬
‫ه‬
‫ف الل ِ‬‫ت في رزقي ‪ .‬فهو لط ُ‬ ‫سع ُ‬ ‫ت حالي ‪ ،‬وتو ّ‬ ‫وأصلح ُ‬
‫سبحانه وتعالى ليس غيَرهُ ‪.‬‬
‫ه﴾‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ف ِ‬‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬
‫من ن ّ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬‫و َ‬‫﴿ َ‬
‫م﴾‪.‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬‫﴿ إ ِذْ ت َ ْ‬
‫******************************************‬
‫ث﴾‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫﴿ َ‬
‫دثنا أحد ُ الفضلِء من العُّباد ِ ‪ :‬أنه كان بأهِله في‬ ‫ح ّ‬
‫الصحراِء ‪ ،‬في جهةِ الباديةِ ‪ ،‬وكان عابدا ً قانتا ً منيبا ً ذاكرا ً‬
‫س‬
‫ت ألتم ُ‬ ‫ت المياهُ المجاورة ُ لنا ‪ ،‬وذهب ُ‬ ‫للهِ ‪ .‬قال ‪ :‬فانقطع ْ‬
‫ت إليهم ‪ ،‬ثم‬ ‫ف ‪ ،‬فُعد ُ‬ ‫ت أن الغدير قد ج ّ‬ ‫ماًء لهلي ‪ ،‬فوجد ُ‬
‫سَرةً ‪ ،‬قلم نجد ْ ولو قطرةً ‪ ،‬وأدركنا‬ ‫ة وي ْ‬ ‫من ً‬
‫سنا الماء ي ْ‬ ‫التم ْ‬
‫ب العزةِ –‬ ‫ُ‬
‫تر ّ‬ ‫الظمأ ‪ ،‬واحتاج أطفالي للماء ‪ ،‬فتذكر ُ‬
‫ت‬ ‫ت ‪ ،‬واستقبل ُ‬ ‫مم ُ‬ ‫ت فتي ّ‬
‫سبحانه‪ -‬القريب المجيب ‪ ،‬فقم ُ‬
‫ت‬‫ت ‪ ،‬وسال ْ‬ ‫ت يديّ وبكي ُ‬ ‫ت ركعتين ‪ ،‬ثم رفع ُ‬ ‫القبلة وصّلي ُ‬
‫من‬ ‫َ‬
‫ت قوله ‪ ﴿ :‬أ ّ‬ ‫ت الله بإلحاٍح ‪ ،‬وتذكر ُ‬ ‫دموعي ‪ ،‬وسأل ُ‬
‫ه‪ ﴾.....‬الية ‪ ،‬وواللهِ ما هو إل أن‬ ‫عا ُ‬
‫ذا دَ َ‬‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫م ْ‬‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ت من مقامي ‪ ،‬وليس في السماء من سحاب ول غْيم ‪،‬‬ ‫قم ُ‬
‫ت مكاني ومنزلي في الصحراِء ‪،‬‬ ‫سط ْ‬ ‫وإذا بسحابة قد تو ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪342‬‬
‫ن‬
‫ت الغدرا ُ‬ ‫ت ماءها ‪ ،‬فامتل ِ‬ ‫ت على المكان ‪ ،‬ثم أنزل ْ‬ ‫واحتكم ْ‬
‫سلنا وتوضأنا‬ ‫من حوِلنا وعن يميننا وعن يساِرنا ‪ ،‬فشْربنا واغت ْ‬
‫ت قليل ً خْلف هذا‬ ‫دنا الله سبحانه وتعالى ‪ ،‬ثم ارتحل ُ‬ ‫‪ ،‬وحم ْ‬
‫ت أن الله ساقها لي‬ ‫ط ‪ ،‬فعلم ُ‬ ‫ب والقح ُ‬ ‫المكان ‪ ،‬وإذا الجد ْ ُ‬
‫ث‬‫غي ْ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ذي ي ُن َّز ُ‬ ‫و ال ّ ِ‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ت الله عّز وج ّ‬ ‫بدعائي ‪ ،‬فحمد ُ‬
‫د‬
‫مي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫و ال ْ َ‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫مت َ ُ‬‫ح َ‬ ‫شُر َر ْ‬ ‫وَين ُ‬ ‫طوا َ‬ ‫قن َ ُ‬‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫ِ‬
‫﴾‪.‬‬
‫ح‬
‫صل ِ ُ‬ ‫ح على اللهِ سبحانه وتعالى ‪ ،‬فإنه ل ي ُ ْ‬ ‫إنه لبد ّ أن نل ّ‬
‫ن‬
‫ت ‪ ،‬ول يعي ُ‬ ‫النفس ‪ ،‬ول يرزقُ ول يهدي ‪ ،‬ول يوفّقُ ول يثب ّ ُ‬
‫ه ذك ََر أحد َ أنبيائه‬ ‫ث ‪ ،‬إل ّ هو سبحانه وتعالى ‪ .‬والل ُ‬ ‫ول يغي ُ‬
‫فقال ‪َ ﴿ :‬‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫كاُنوا ي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫ج ُ‬
‫و َ‬‫ه َز ْ‬‫حَنا ل َ ُ‬‫صل َ ْ‬
‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬‫خا ِ‬ ‫كاُنوا ل ََنا َ‬ ‫و َ‬ ‫هبا ً َ‬ ‫وَر َ‬ ‫غبا ً َ‬ ‫عون ََنا َر َ‬ ‫وي َدْ ُ‬
‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫‪.‬‬
‫************************************‬
‫ه خيرا ً من ُ‬
‫ه‬ ‫ه الل ُ‬
‫وض ُ‬
‫ع ّ‬
‫ن رجل ً من العُّباد ِ كان في مكة ‪،‬‬ ‫ن رجب وغيُره أ ّ‬ ‫ذكر اب ُ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ت نفقُته ‪ ،‬وجاع جوعا ً شديدا ً ‪ ،‬وأشرف على الهل ِ‬ ‫وانقطع ْ‬
‫ل‬
‫ن غا ٍ‬ ‫عْقدِ ثمي ٍ‬‫وبينما هو يدوُر في أحدِ أزقّةِ مكة إذ عثر على ِ‬
‫ل ينشد ُ‬ ‫حَرم ِ وإذا برج ٍ‬ ‫مه وذهب إلى ال َ‬ ‫س ‪ ،‬فأخذه في ك ّ‬ ‫نفي ٍ‬
‫عن هذا العقد ‪ ،‬قال ‪ :‬فوصفه لي ‪ ،‬فما أخطأ من صفِته شيئا ً‬
‫ت له العِْقد على أن يعطيني شيئا ً ‪ .‬قال ‪ :‬فأخذ العقد‬ ‫‪ ،‬فدفع ُ‬
‫وذهب ‪ ،‬ل يلوي على شيء ‪ ،‬وما سّلمني درهما ً ول نقيرا ً ول‬
‫وضني خيرا ً‬ ‫ت هذا لك ‪ ،‬فع ّ‬ ‫م إني ترك ُ‬ ‫ت ‪ :‬الله ّ‬‫قطميرا ً ‪ .‬قل ُ‬
‫ح هوجاُء ‪،‬‬ ‫ت ري ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬فهب ّ ْ‬ ‫منه ‪ ،‬ثم ركب جهة البحرِ فذهب بقار ٍ‬
‫ب ‪ ،‬وركب هذا الرجل على خشبةٍ ‪ ،‬وأصبح‬ ‫دع هذا القار ُ‬ ‫وتص ّ‬
‫سَرةً ‪ ،‬حتى ألقْته‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫من َ ً‬
‫ب به الريح ي ْ‬‫على سطِح الماِء تلع ُ‬
‫ل بها ‪ ،‬ووجد بها مسجدا ً وقوما ً يصّلون‬ ‫إلى جزيرةِ ‪ ،‬وَنز َ‬
‫ف فأخذ يقرأ ‪ ،‬قال أهل‬ ‫فصّلى ‪ ،‬ثم وجد أوراقا ً من المصح ِ‬
‫م‬ ‫م ‪ .‬قالوا ‪ :‬عل ّ ْ‬ ‫ت ‪ :‬نع ْ‬ ‫تلك الجزيرةِ ‪ :‬أئنك تقرأ القرآن ؟ قل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪343‬‬
‫ت خطا ً ‪ ،‬قالوا‬ ‫ت أعّلمهم بأجرةٍ ‪ ،‬ثم كتب ُ‬ ‫أبناءنا القرآن ‪ .‬فأخذ ُ‬
‫ت ‪ :‬نغم ‪ .‬فعّلمُتهم بأجرةٍ ‪.‬‬ ‫ط ؟ قل ُ‬ ‫‪ :‬أتعّلم أبناءنا الخ ّ‬
‫ل منا فيه خي ٌْر‬‫ة كانت لرج ٍ‬ ‫ثم قالوا ‪ :‬إن هنا بنتا ً يتيم ً‬
‫ت‪ :‬ل بأس‪ .‬قال‪:‬‬ ‫وُتوّفي عنها‪ ،‬هل لك أن تتزوجها؟ قل ُ‬
‫ت العْقد ذلك بعينهِ بعنِقها ‪.‬‬ ‫ت بها فوجد ُ‬ ‫فتزوجُتها ‪ ،‬ودخل ُ‬
‫ت أن أباها‬ ‫خب ََر ‪ ،‬وذكر ْ‬
‫ت ال َ‬
‫ة هذا العقدِ ؟ فأخبر ِ‬ ‫ت‪ :‬ما قص ُ‬ ‫قل ُ‬
‫ن‬‫ل فسّلمه إليه ‪ ،‬فكا َ‬ ‫أضاعه في مكة ذات يوم‪ ،‬فوجده رج ٌ‬
‫أبوها يدعو في سجوِده ‪ ،‬أن يرزق ابنته زوجا ً كذلك الرجل ‪.‬‬
‫ل‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فأنا الرج ُ‬
‫وضه‬ ‫ل ‪ ،‬لنه ترك شيئا ً للهِ ‪ ،‬فع ّ‬ ‫فدخل عليه العِْقد ُ بالحل ِ‬
‫ل إل ّ طّيبا ً (( ‪.‬‬ ‫ب ل يقب ُ‬ ‫ن الله طي ٌ‬ ‫الله خيرا ً منه )) إ ّ‬
‫******************************************‬
‫ل الله‬
‫إذا سألت فاسأ ِ‬
‫ب ‪ ،‬وإن التقصير‬ ‫ب ‪ ،‬وإنه سميعٌ مجي ٌ‬ ‫ن لطف اللهِ قري ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫ل نسأ ُ‬ ‫م ّ‬‫ح وندعوه ‪ ،‬ول ن َ َ‬ ‫سةٍ إلى أن نل ّ‬ ‫منا ‪ ،‬إننا بحاجةٍ ما ّ‬
‫ب لي ‪ .‬بل نمّرغُ‬ ‫ت فلم ُيستج ْ‬ ‫ت دعو ُ‬ ‫ل أحدنا ‪ :‬دعو ُ‬ ‫ول يقو ُ‬
‫ل‬‫ظ بـ )) يا ذا الجل ِ‬ ‫ف ‪ ،‬ونل ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ونهت ُ‬ ‫وجوهنا في الترا ِ‬
‫ت‬‫والكرام ِ (( ‪ ،‬ونعيد ُ ونبدئُ تلك السماِء الحسنى والصفا ِ‬
‫ه سبحانه وتعالى طلبنا ‪ ، ،‬أو يختار لنا‬ ‫ب الل ُ‬ ‫الُعلى ‪ ،‬حتى يجي َ‬
‫ضّرعا ً‬‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬
‫خبرةً من عنده سبحانه وتعالى ﴿ ادْ ُ‬
‫ة﴾‪.‬‬ ‫خ ْ‬
‫في َ ً‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫ض رساِئله أن رجل ً مسلما ً ذهب‬ ‫ذكر أحد ُ الدعاةِ في بع ِ‬
‫هله إليها ‪ ،‬وطلب بأن تمنحه‬ ‫إلى إحدى الدول والتجأ بأ ِ‬
‫ب ‪ ،‬وحاول هذا الرجل ك ّ‬
‫ل‬ ‫ت في وجههِ البوا ُ‬ ‫جنسية ‪ ،‬فأغلق ْ‬
‫ل معارِفه ‪،‬‬ ‫ض المَر على ك ّ‬ ‫المحاولةِ ‪ ،‬واستفرغ جهده ‪ ،‬وعر َ‬
‫ت السبل ‪ ،‬ثم لقي عالما ً وِرعا ً فشكا‬ ‫سد ّ ِ‬ ‫ل‪،‬و ُ‬ ‫حي َ ُ‬‫ت ال ِ‬ ‫فبار ِ‬
‫ل ‪ ،‬ادع مولك‬ ‫إليه الحال ‪ ،‬قال ‪ :‬عليك بالثلث الخيرِ من اللي ِ‬
‫‪ ،‬فإنه الميسُر سبحانه وتعالى – وهذا معناه في الحديث ‪)) :‬‬
‫ن بالله‬ ‫ل الله ‪ ،‬وإذا استعنت فاستع ْ‬ ‫ت فاسأ ِ‬ ‫إذا سأل َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪344‬‬
‫م أن المة لو اجتمعوا على أن ينفعوك‬ ‫‪ ،‬واعل ْ‬
‫ه لك (( –‬ ‫ء قد كتبه الل ُ‬ ‫ء ‪ ،‬لم ينفعوك إل بشي ٍ‬ ‫بشي ٍ‬
‫ت الذهاب إلى الناس ‪،‬‬ ‫قال هذا الرجل ‪ :‬فواللهِ لقد ترك ُ‬
‫م على الثلث الخير كما‬ ‫ت أداو ُ‬‫وطلب الشفاعات ‪ ،‬وأخذ ُ‬
‫سحرِ وأدعوه ‪،‬‬ ‫ف للهِ في ال ّ‬ ‫ت أهت ُ‬ ‫أخبرني هذا العاِلم ‪ ،‬وكن ُ‬
‫ض عادي ولم أجعل‬ ‫ت بمعرو ٍ‬ ‫دم ُ‬ ‫فما هو إل بعد أيام ‪ ،‬وتق ّ‬
‫ب ‪ ،‬وما هو إل أيام‬ ‫بيني وبينهم واسطة ‪ ،‬فذهب هذا الخطا ُ‬
‫ُ‬
‫م الجنسية ‪ ،‬وكانت‬ ‫ت في بيتي ‪ ،‬وإذ أنا أدعى وأسل ّ ُ‬ ‫وفوجئ ْ ُ‬
‫ف صعبةٍ ‪.‬‬‫في ظرو ٍ‬
‫********************************************‬
‫ه﴾‬
‫عَباِد ِ‬
‫ف بِ ِ‬ ‫ه لَ ِ‬
‫طي ٌ‬ ‫﴿ الل ّ ُ‬
‫ة‪:‬‬
‫ق الغالي ُ‬
‫الدقائ ُ‬
‫ماه –‬ ‫ي ‪ :‬أن أحد ُ الوزراِء في بغداد – وقد س ّ‬ ‫ذكر التنوخ ّ‬
‫ل امرأةٍ عجوزٍ هناك ‪ ،‬فسلبها حقوقها‬ ‫اعتدى على أموا ِ‬
‫مه‬ ‫ت إليه تبكي وتشتكي من ظل ِ‬ ‫وصادر أملكها ‪ ،‬ذهب ْ‬
‫ن الله‬ ‫وجوِْزه ‪ ،‬فما ارتدع وما تاب وما أناب ‪ ،‬قالت ‪ :‬لدعو ّ‬
‫ث‬
‫ك منها باستهزاٍء ‪ ،‬وقال ‪ :‬عليك بالثل ِ‬ ‫عليك ‪ ،‬فأخذ يضح ُ‬
‫سِقه يقول باستهزاٍء ‪،‬‬ ‫الخيرِ من الليل ‪ .‬وهذا لجبروِته وف ْ‬
‫ت قصيٌر‬ ‫ث الخير ‪ ،‬فما هو إل وق ٌ‬ ‫ت على الثل ِ‬ ‫ت وداوم ْ‬ ‫فذهب ْ‬
‫ت أمواُله ‪ ،‬وُأخذ عقاُره ‪ ،‬ثم ُأقيم‬ ‫سلب ْ‬ ‫زل هذا الوزيُر و ُ‬ ‫إذ ع ُ ِ‬
‫ت به‬ ‫س ‪ ،‬فمّر ْ‬ ‫ً‬
‫ق ُيجلد ُ تعزيرا له على أفعاِله بالنا ِ‬ ‫في السو ِ‬
‫ت! لقد وصفت لي الثلث الخير‬ ‫ت له ‪ :‬أحسن َ‬ ‫العجوُز ‪ ،‬فقال ْ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن ما يكو ُ‬ ‫ل ‪ ،‬فوجدُته أحس َ‬ ‫من اللي ِ‬
‫س في أوقاتنا ‪ ،‬يوم‬ ‫ن حياِتنا ‪ ،‬نفي ٌ‬ ‫لم ْ‬ ‫ن ذاك الثلث غا ٍ‬ ‫إ ّ‬
‫ن‬
‫لم ْ‬ ‫ل فأعطيه ‪ ،‬ه ْ‬ ‫ن سائ ٍ‬ ‫لم ْ‬ ‫ب العزةِ ‪ )) :‬ه ْ‬ ‫لر ّ‬ ‫يقو ُ‬
‫ع فأجيبه (( ‪.‬‬ ‫ن دا ٍ‬ ‫لم ْ‬ ‫ر فأغفَر له ‪ ،‬ه ْ‬ ‫مستغف ٍ‬
‫ت‬‫ب ‪ .‬وسمع ُ‬ ‫ت في حياتي على أني شا ّ‬ ‫لقد عش ُ‬
‫ت ل أنساها أبد الدهرِ ‪ ،‬وما‬ ‫ت وأثر في حياتي حادثا ٌ‬ ‫سماعا ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪345‬‬
‫ث‪،‬‬ ‫ج ‪ ،‬وعنده الغوْ ُ‬ ‫ب ‪ ،‬عنده الفر ُ‬ ‫ت أقرب من القري ِ‬ ‫وجد ُ‬
‫ف سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫وعنده اللط ُ‬
‫رة من أبها إلى‬ ‫س في طائ ٍ‬ ‫ت مع ن ََفرٍ من النا ِ‬ ‫ارتحل ُ‬
‫حنا في السماِء‬ ‫ض في أثناِء أزمةِ الخليِج ‪ ،‬فلما أصب ْ‬ ‫ُالريا ِ‬
‫ل في‬ ‫ة إلى مطارٍ أبها لخل ٍ‬ ‫أخب ِْرنا أننا سوف نعود ُ مرة ً ثاني ً‬
‫عوا إصلحه ‪ ،‬ثم ارتحْلنا‬ ‫حوا ما استطا ُ‬ ‫دنا وأصل ُ‬ ‫رة ‪ ،‬وع ْ‬ ‫الطائ ِ‬
‫ن تنزل ‪،‬‬ ‫تأ ْ‬ ‫ت العجل ُ‬ ‫ض أب ْ‬ ‫مرةً أخرى ‪ ،‬فلما اقتربنا من الريا ِ‬
‫ل أكثر‬ ‫ة ‪ ،‬ويحاو ُ‬ ‫ة كامل ً‬ ‫ض ساع ً‬ ‫فأخذ يدوُر بنا على سماء الريا ِ‬
‫ل الهبوط فل‬ ‫ت يأتي المطار ويحاو ُ‬ ‫شرِ محاول ٍ‬ ‫نع ْ‬ ‫م ْ‬
‫ل مرةً أخرى ‪ ،‬وأصابنا الهلعُ ‪ ،‬وأصاب الكثير‬ ‫يستطيعُ ‪ ،‬فيرتح ُ‬
‫ل على‬ ‫ت الدموع تسي ُ‬ ‫النهياُر ‪ ،‬وكثُر بكاُء النساِء ‪ ،‬ورأي ُ‬
‫ض ننتظُر الموت أقرب‬ ‫حنا بين السماِء والر ِ‬ ‫الخدود ِ ‪ ،‬وأصب ْ‬
‫ل‬
‫ت كالعم ِ‬ ‫ل شيٍء فما وجد ُ‬ ‫تك ّ‬ ‫صرِ ‪ ،‬وتذكر ُ‬ ‫ن لمِح الب َ َ‬ ‫م ْ‬
‫ل وإلى الخرةِ ‪ ،‬فإذا‬ ‫ب إلى اللهِ عّز وج ّ‬ ‫الصالِح ‪ ،‬وارتحل القل ُ‬
‫ذنا نكّرر ‪)) :‬‬ ‫ص الدنيا ‪ ،‬وزهادة ُ الدنيا ‪ ،‬وأخ ْ‬ ‫ة الدنيا ‪ ،‬ورخ ُ‬ ‫تفاهَ ُ‬
‫ك وله‬ ‫ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬له المل ُ‬
‫ق ‪ ،‬وقام‬ ‫ف صاد ٍ‬ ‫ء قديٌر (( ‪ ،‬في هتا ٍ‬ ‫ل شي ٍ‬ ‫الحمدُ وهو ك ّ‬
‫ن يدعوهُ‬ ‫ؤوا إلى اللهِ وأ ْ‬ ‫س أن يلج ُ‬ ‫ف بالنا ِ‬ ‫ن يهت ُ‬ ‫خ كبيٌر مس ّ‬ ‫شي ٌ‬
‫ن ينيُبوا له ‪.‬‬ ‫ن يستغفروهُ وأ ْ‬ ‫‪ ،‬وأ ْ‬
‫في‬ ‫ذا َرك ُِبوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫س أنهم‪َ ﴿ :‬‬ ‫ُ‬
‫وقد ذكر اللهِ عن النا ِ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا الل ّ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ك دَ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫حنا في‬ ‫ب المضطر إذا دعاه ‪ ،‬وألح ْ‬ ‫ونا الذي يجي ُ‬ ‫ودع ْ‬
‫ت ‪ ،‬ونعود ُ للمرةِ الحادية عشرة‬ ‫الدعاِء ‪ ،‬وما هو إل وق ٌ‬
‫جنا من‬ ‫ط بسلم ‪ ،‬فلما نزْلنا كأنا خر ْ‬ ‫والثانية عشرة ‪ ،‬فنهب ُ‬
‫ت الدموع ُ ‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬وجف ِ‬ ‫س إلى ما كان ْ‬ ‫ت النفو ُ‬ ‫القبورِ ‪ ،‬وعاد ِ‬
‫ت ‪ ،‬فما أعظم لطف اللهِ سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫سما ُ‬ ‫ت الب َ َ‬ ‫وظهر ِ‬
‫ت بليانا‬ ‫ن تول ّ ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ب الله في‬ ‫م نطل ُ‬ ‫ك ْ‬
‫رجعنا إلى‬ ‫نَيناهُ‬ ‫سْ‬‫ن َفإ ِ‬ ‫فيِبناالبحرِ أ ْ‬
‫ن‬ ‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ضّر ي‬
‫ندعوه ِ‬ ‫ُ‬
‫عصيناهُ‬
‫ن‬
‫طنا ل ّ‬ ‫الشاطي ْ‬
‫وما سق‬ ‫ن‬‫ب الج َوّ في أم ٍ‬
‫نجي ُسفينتنا‬ ‫ونرك‬ ‫يُ ْ‬
‫ه‬
‫الحافظ الل ُ‬ ‫وفي د َع َةٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪346‬‬
‫ف الباري سبحانه وتعالى ‪ ،‬وعنايُته ‪ ،‬ليس إل ‪.‬‬
‫ه لط ُ‬
‫إن ُ‬
‫**************************************‬
‫ن ل ََنا وقت الضائق ِ‬
‫ة؟«‬ ‫م ْ‬
‫» َ‬
‫ت‬‫ة كان ْ‬ ‫ت جريدةُ » القصيم « ‪-‬وهي جريدةٌ قديم ٌ‬ ‫ذكر ْ‬
‫ت أن شاب ّا ً في دمشق حجَز ليسافَر ‪،‬‬ ‫در في البلد‪ -‬ذكر ْ‬ ‫تص ُ‬
‫ن موعد َ إقلِع الطائرةِ في الساعةِ كذا وكذا ‪،‬‬ ‫وأخبر والدته أ ّ‬
‫ت‬‫ب ‪ ،‬وسمع ْ‬ ‫ت ‪ ،‬ونام هذا الشا ّ‬ ‫ن توقظه إذا دنا الوق ُ‬ ‫وعليها أ ْ‬
‫ن الرياح هوجاُء‬ ‫مه الحوال الجوية في أجهزةِ العلم ِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ت على‬ ‫ة ‪ ،‬فأشفق ْ‬ ‫ن هناك عواصف رملي ّ ً‬ ‫م ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن الجوّ غائ ٌ‬ ‫وأ ّ‬
‫ت بابنها ‪ ،‬فما أيقظْته أمل ً منها أن تفوته‬ ‫وحيدها وبخل ْ‬
‫ن الوضِع‬ ‫ن الجوّ ل يساعد ُ على السفرِ ‪ ،‬وخاْفت م ْ‬ ‫ة‪،‬ل ّ‬ ‫الرحل ُ‬
‫ت‬
‫ت ‪ ،‬وقد أقعل ِ‬ ‫ن الرحلة قد فات ْ‬ ‫ت من أ ّ‬ ‫كد ْ‬ ‫ئ ‪ ،‬فلما تأ ّ‬ ‫الطار ِ‬
‫ظه فوجدْته مّيتا ً في‬ ‫ت إلى ابِنها توق ُ‬ ‫كاِبها ‪ ،‬أت ْ‬ ‫الطائرةُ بر ّ‬
‫شه ‪.‬‬ ‫فرا ِ‬
‫قيك ُ ْ‬
‫م‬ ‫مَل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬‫فّرو َ‬ ‫ذي ت َ ِ‬ ‫ت ال ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫﴿ ُ‬
‫ما‬‫كم ب ِ َ‬ ‫في ُن َب ّئ ُ ُ‬‫ة َ‬ ‫هادَ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬‫ب َ‬ ‫عال ِم ِ ال ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ن إ َِلى َ‬ ‫دو َ‬ ‫م ت َُر ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ت وََقع ‪.‬‬ ‫ت وفي المو ِ‬ ‫فّر من المو ِ‬
‫ة ‪ » :‬للناجي في البحر طريقٌ « ‪.‬‬ ‫ت العام ُ‬ ‫وقد ْ قال ِ‬
‫ل النسان ‪.‬‬ ‫ل فأيّ شيء يقت ُ‬ ‫وإذا حضر الج ُ‬
‫*************************************‬
‫ت‬
‫ص المو ِ‬
‫ن قص ِ‬
‫م َ‬
‫خ علي الطنطاوي في سماعاِته ومشاهداِته ‪:‬‬ ‫ذكر الشي ُ‬
‫ل له سيارة ُ لوري ‪ ،‬فركب معه‬ ‫ض الشام رج ٌ‬ ‫أنه كان بأر ِ‬
‫ش مهّيأ‬ ‫ل في ظهرِ السيارة ‪ ،‬وكان في ظهرِ السيارة َنع ٌ‬ ‫رج ٌ‬
‫ت‬
‫ت الحاجةِ ‪ ،‬فأمطر ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وعلى هذا النعش شراعٌ لوق ِ‬ ‫للموا ِ‬
‫ب فدخل في النعش‬ ‫السماُء وسال الماُء فقام هذا الراك ُ‬
‫ة‬
‫طى بالشراِع ‪ ،‬وركب آخُر فصِعد في ظهرِ الشاحن ِ‬ ‫وتغ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪347‬‬
‫ل‬‫ش أحدا ً ‪ ،‬واستمّر نزو ُ‬ ‫ن في النع ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ش ‪ ،‬ول يعل ُ‬ ‫ب النع ِ‬ ‫بجان ِ‬
‫ن أنه وحده في ظهر‬ ‫ب الثاني يظ ّ‬ ‫ل الراك ُ‬ ‫ث ‪ ،‬وهذا الرج ُ‬ ‫الغي ِ‬
‫ش ‪ ،‬ليرى ‪:‬‬ ‫ل يده من النع ِ‬ ‫السيارةِ ‪ ،‬وفجأة ً ْيخرج هذا الرج ُ‬
‫ح بها ‪ ،‬فأخذ‬ ‫ث أم ل ؟ ولما أخرج يده أخذ يلو ُ‬ ‫ف الغي ُ‬ ‫لك ّ‬ ‫ه ْ‬
‫ن أن هذا‬ ‫ف ‪ ،‬وظ ّ‬ ‫ي الهلعُ والجزعُ والخو ُ‬ ‫ب الثان ِ‬ ‫هذا الراك ُ‬
‫الميت قد عاد حي ّا ً ‪ ،‬فنسي نفسه وسقط من السيارةِ ‪ ،‬فوقع‬
‫م رأسهِ فمات ‪.‬‬ ‫على أ ّ‬
‫ن‬‫ل هذا بهذهِ الطريقةِ ‪ .‬وأ ْ‬ ‫ه أن يكون أج ُ‬ ‫وهكذا كتب الل ُ‬
‫ت بهذه الوسيلةِ ‪.‬‬ ‫يكون المو ُ‬
‫عبْر‬‫عبٌر أيّ ِ‬ ‫والمنايا ِ‬ ‫ل شيٍء بقضاٍء‬ ‫ك ّ‬
‫ل الموت ‪ ،‬وأنه‬ ‫م ُ‬ ‫كر دائما ً أنه يح ِ‬ ‫ن يتذ ّ‬ ‫وقدْرالعبدِ أ ْ‬ ‫وعلى‬
‫ت ‪ ،‬وأنه ينتظُر الموت صباح مساء ‪ ،‬وما‬ ‫يسعى إلى المو ِ‬
‫ن أبي طالب‬ ‫يب ُ‬ ‫أحسن الكلمة الرائقة الرائعة التي قالها عل ّ‬
‫ت‬
‫ل ‪ )) :‬إن الخرة قد ارتحل ْ‬ ‫ه عنه – وهو يقو ُ‬ ‫– رضي الل ُ‬
‫مدِْبرة ‪ ،‬فكونوا من‬ ‫ت ُ‬ ‫ة ‪ ،‬وإن الدنيا قد ارتحل ْ‬ ‫مقبل ً‬
‫أبناء الخرة ‪ ،‬ول تكونوا من أبناء الدنيا ‪ ،‬فإن اليوم‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ب ول عم ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وغدا ً حسا ٌ‬ ‫ل ول حسا ُ‬ ‫عم ٌ‬
‫ن على النسان أن يتهّيأ وأن يتجهّز وأن‬ ‫دنا أ ّ‬ ‫وهذا يفي ُ‬
‫ل مع‬ ‫دد توبته ‪ ،‬وأن يعلم أنه يتعام ُ‬ ‫ُيصلح من حاِله ‪ ،‬وأن ُيج ّ‬
‫ف‪.‬‬‫ي عظيم ٍ لطي ٍ‬ ‫ب كريم ٍ قو ٍ‬ ‫ر ّ‬
‫ن على أحد ٍ ‪ ،‬ول يحابي أحدا ً ‪ ،‬ول‬ ‫إن الموت ل يستأذ ُ‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫ل ‪ ،‬وليس للموت إنذاٌر مبكر يخبُر به الناس‪َ ﴿ ،‬‬ ‫يجام ُ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫س ب ِأ ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬ ‫ما ت َدْ ِ‬‫و َ‬‫غدا ً َ‬
‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫ذا ت َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬‫س ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬ ‫ت ََدْ ِ‬
‫ت﴾‬ ‫مو ُ‬ ‫ض تَ ُ‬ ‫أْر ٍ‬
‫*****************************************‬
‫وَل‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫سا‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫ع‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫﴿ ّل ت َست َأ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ن﴾‬ ‫مو َ‬ ‫د ُ‬‫ق ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫تَ ْ‬
‫ذكر الطنطاويّ أيضا ً في سماعاِته ومشاهداِته ‪ :‬أن باصا ً‬
‫سَرةً ‪ ،‬وفجأة‬‫ة وي ْ‬
‫من َ ً‬ ‫كان مليئا ً بالركاب ‪ ،‬وكان سائُقه يلتف ُ‬
‫ت يَ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪348‬‬
‫ف لهذا الشيخ‬ ‫ف ؟ قال ‪ :‬أق ُ‬ ‫ب ‪ِ :‬لم تق ُ‬ ‫وقف ‪ ،‬فقال له الركا ُ‬
‫الكبيرِ الذي ُيشيُر بيده ليركب معنا ‪ .‬قالوا ‪ :‬ل نرى أحدا ً ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬انظروا إليه ‪ .‬قاُلوا ‪ :‬ل نرى أحدا ً ! قال ‪ :‬هو أقبل الن‬
‫س!‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ليركب معنا ‪ .‬قالوا كلهم ‪ :‬واللهِ ل نرى أحدا من النا ِ‬
‫وفجأة مات هذا السائقُ على مقعد ِ سيارت ِهِ ‪.‬‬
‫ت وفاُته ‪ ،‬وكان هذا سببا ً ‪﴿ ،‬‬ ‫ت مني ُّته ‪ ،‬وحل ّ ْ‬ ‫لقد ْ حضر ْ‬
‫ن‬‫مو َ‬ ‫د ُ‬ ‫ق ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬ ‫ة َ‬‫ع ً‬
‫سا َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ست َأ ْ ِ‬
‫م ل َ يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جل ُ ُ‬
‫َ‬
‫جاء أ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫ن‬
‫ن مظا ّ‬ ‫ف ‪ ،‬وينخلعُ قلبه م ِ‬ ‫ن النسان يجُبن من المخاو ِ‬ ‫﴾‪،‬إ ّ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫وان ِ ِ‬‫خ َ‬‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن تقتُله ‪ ﴿ ،‬ال ّ ِ‬ ‫المنايا ‪ ،‬وإذا َبالمآم ِ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬‫قت ُِلوا ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫عوَنا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫وأ َ‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬
‫ع ُ‬‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ب فينا أننا‬ ‫ن ﴾ ‪ .‬والعجي ُ‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ت ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬‫ف ِ‬ ‫َأن ُ‬
‫ل ‪ ،‬ول في حقارةِ الدنيا ‪ ،‬ول في‬ ‫ل نفكُر في لقاِء اللهِ عّز وج ّ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ل منها إل ذا وقْعنا في المخاو ِ‬ ‫قصةِ الرتحا ِ‬
‫*************************************‬
‫ل‬
‫م بالعل ِ‬
‫ت الجسا ُ‬
‫ح ِ‬
‫فربما ص ّ‬
‫ل ‪ ،‬فُأقعد في بيته‬ ‫ل السي ّرِ ‪ :‬أن رجل ً أصابه الشل ُ‬ ‫ذكر أه ُ‬
‫ط‪،‬‬‫س والحبا ِ‬ ‫ل واليأ ِ‬ ‫ل من المل ِ‬ ‫ت طوا ٌ‬ ‫ت عليه سنوا ٌ‬ ‫‪ ،‬ومر ْ‬
‫جه ‪ ،‬وبّلغوا أهله وأبناءه ‪ ،‬وفي ذات‬ ‫جَز الطباُء في عل ِ‬ ‫وع َ َ‬
‫ف منزِله ‪ ،‬ولم يستطعْ أن‬ ‫ب من سق ِ‬ ‫ت عليه عقر ٌ‬ ‫يوم ٍ نزل ْ‬
‫ت‬
‫سها ضربا ٍ‬ ‫سه وضربْته برأ ِ‬ ‫ت إلى رأ ِ‬ ‫يتحرك من مكاِنه ‪ ،‬فأت ْ‬
‫ش‬
‫ص قدميه إلى مشا ِ‬ ‫مه من أخم ِ‬ ‫ت ‪ ،‬فاهتّز جس ُ‬ ‫ولدغْته لدغا ٍ‬
‫ب في أعضاِئه ‪ ،‬وإذا بالُبرِء والشفاء‬ ‫سه ‪ ،‬وإذا بالحياة ُ تد ّ‬ ‫رأ ِ‬
‫ل ويعود ُ نشيطا ً ‪ ،‬ثم‬ ‫ض الرج ُ‬ ‫مه ‪ ،‬وينتف ُ‬ ‫يسير في أنحاِء جس ِ‬
‫ح بابه ‪،‬‬
‫ف على قدميه ‪ ،‬ثم يمشي في غرفِته ‪ ،‬ثم يفت ُ‬ ‫يق ُ‬
‫دقون‬ ‫ل واقفا ً ‪ ،‬فما كانوا يص ّ‬ ‫ويأتي أهله وأطفاله ‪ ،‬فإذا الرج ُ‬
‫خب ََر ‪.‬‬
‫وكادوا من الذهول ُيصعقون ‪ ،‬فأخبرهم ال َ‬
‫ل في هذا !!‬ ‫فسبحان الذي جعل علج هذا الرج ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪349‬‬
‫دق المقولة ‪ ،‬وذك ََر أن‬ ‫ض الطباِء فص ّ‬
‫ت هذا لبع ِ‬ ‫وقد ذكر ُ‬
‫ج به هؤلِء‬ ‫ما ً ُيستخدم بتخفي ٍ‬
‫ف كيماويّ ‪ ،‬ويعال ُ‬ ‫صل ً سا ّ‬
‫هناك م ْ‬
‫المشلولون ‪.‬‬
‫ف في عله ‪ ،‬ما أنزل داًء إل وأنزل له دواًء ‪.‬‬ ‫ل اللطي ُ‬ ‫فج ّ‬
‫****************************************‬

‫وللولياء كرامات‬
‫ة بن أشيم العابد ُ الزاهد ُ من التابعين ‪ :‬يذهب‬ ‫هذا صل ُ‬
‫ب‬‫ل فيذه ُ‬ ‫مه اللي ُ‬ ‫ل ليجاهد في سبيل اللهِ ‪ ،‬ويض ّ‬ ‫إلى الشما ِ‬
‫ضأ ‪ ،‬ويقوم‬ ‫إلى غايةٍ ليصلي فيها ‪ ،‬ويدخل بين الشجرِ ويتو ّ‬
‫صلة « وهو‬ ‫ب من » ِ‬ ‫مصليا ً ‪ ،‬وينهد ّ عليه أسد ٌ كاسٌر ‪ ،‬ويقتر ُ‬
‫ع‬
‫ة في تبّتله مستمّر ‪ ،‬ولم يقط ْ‬ ‫في صلته ‪ ،‬ويدوُر به ‪ ،‬وصل ُ‬
‫ة بن أشيم من ركعتين ‪ ،‬ثم يقو ُ‬
‫ل‬ ‫م صل ُ‬ ‫صلته وِذكره ‪ ،‬ويسل ّ ُ‬
‫كني‬ ‫ؤمر فاتر ْ‬ ‫للسد ِ ‪ :‬إن كنت ُأمرت بقتلي فكْلني ‪ ،‬وإن ت ُ ْ‬
‫أناجي ربي ‪ .‬فأرخى السد ُ ذيله وذهب من المكان ‪ ،‬وترك‬
‫صلة يصلي ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ولك أن تنظر في » البداية والنهاية « وغيرها من كت ِ‬
‫ل اللهِ ‪ ‬في‬ ‫التاريِخ ‪ ،‬وهذا مذكوٌر عن »سفينة« مولى رسو ِ‬
‫ل‬‫ه من ساح ِ‬ ‫ة مع ُ‬ ‫ب تراجم ِ الصحابةِ ‪ ،‬أنه أتى هو ورْفق ٌ‬ ‫كت ِ‬
‫دهم ‪ ،‬فقال‬ ‫ل يري ُ‬ ‫مقب ٍ‬ ‫البحرِ ‪ ،‬فلما نزُلوا البّر فإذا بأسدٍ كاسر ُ‬
‫ل الله ‪ ‬وأنا‬ ‫ب رسو ِ‬ ‫ة ‪ :‬يا أيها السد ُ أنا من أصحا ِ‬ ‫سفين ُ‬
‫مه ‪ ،‬وهؤلء رفقتي ول سبيل لك علينا ‪ .‬فوّلى السد ُ‬ ‫خاد ُ‬
‫ْ‬
‫ن‪.‬‬ ‫هاربا ً ‪ ،‬وزأر زأرةً كاد يمل بها ربوع المكا ِ‬
‫ث ل ينكُرها إل مكابٌر ‪ ،‬وإل ففي‬ ‫وهذه الوقائعُ والحدا ُ‬
‫ل المقام ِ‬ ‫ن اللهِ في خلِقهِ ما يشهد ُ بمثل هذا ‪ ،‬ولول طو ُ‬ ‫سن ِ‬‫ُ‬
‫ص الصحيحةِ الثابتةِ في هذا الباب ‪،‬‬ ‫ت القص ِ‬ ‫ت عشرا ِ‬ ‫لورد ْ ُ‬
‫ة من هذا الحديث ‪ ،‬لتعلم أن هناك رّبا لطيفا ً‬ ‫ن يكفيك دلل ً‬ ‫لك ْ‬
‫ة ‪ .‬إن علم الله يلحقُ الناس ‪،‬‬ ‫ب عنه غائب ٌ‬ ‫حكيما ً ل تغي ُ‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫ما ي َ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫ولطفه سبحانه وتعالى وشهوده واطلعه ‪َ ﴿ :‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪350‬‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ة إ ِّل ُ‬
‫س ٍ‬‫م َ‬ ‫خ ْ‬‫وَل َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬
‫و َراب ِ ُ‬ ‫ة إ ِّل ُ‬
‫ه َ‬ ‫وى ث ََلث َ ٍ‬ ‫ج َ‬‫نّ ْ‬
‫َ‬
‫وَل أك ْث ََر إ ِّل ُ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫ع ُ‬
‫م َ‬
‫و َ‬‫ه َ‬ ‫ك َ‬‫من ذَل ِ َ‬ ‫وَل أدَْنى ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬‫ساِد ُ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا ﴾ ‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬‫أي ْ َ‬
‫*****************************************‬
‫ه وكيل ً وشهيدا ً‬
‫كفى بالل ِ‬
‫ذكر البخاريّ في صحيحهِ ‪ :‬أن رجل ً من بني إسرائيل‬
‫ل أن ُيقرضه ألف دينارٍ ‪ ،‬قال ‪ :‬هل لك شاهد ٌ ؟‬ ‫طلب من رج ٍ‬
‫ه ‪ .‬قال ‪ :‬كفى بالله شهيدا ً ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ما معي شاهد ٌ إل الل ُ‬
‫ه ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫ل ؟ قال ‪ :‬ما معي وكيل إل الل ُ‬ ‫قال ‪ :‬هل معك وكي ٌ‬
‫ل‪ .‬ثم أعطاه ألف دينار ‪ ،‬وذهب الرجل وكان‬ ‫كفى بالله وكي ًً‬
‫مى ‪ ،‬وبينهما نهٌر في تلك الديارِ ‪،‬‬ ‫ل مس ّ‬ ‫بينهما موعد ٌ وأج ٌ‬
‫ب الدنانيرِ ليعيدها لصاحِبها‬ ‫فلما حان الموعد ُ أتى صاح ُ‬
‫ل ‪ ،‬فوقف على شاطئ النهرِ ‪ ،‬يريد ُ قاربا ً يركُبه إليه ‪،‬‬ ‫الو ِ‬
‫ل وبقي وقتا ً طويل ً ‪ ،‬فلم يجد ْ من‬ ‫فما وجد شيئا ً ‪ ،‬وأتى اللي ُ‬
‫ت إل أنت ‪،‬‬ ‫م إنه سألني شهيدا ً فما وجد ُ‬ ‫يحمُله ‪ ،‬فقال ‪ :‬الله ّ‬
‫م بل ّْغه هذه الرسالة ‪.‬‬ ‫ت إل أنت ‪ ،‬الله ّ‬ ‫وسألني كفيل ً فما وجد ُ‬
‫ة‬
‫ة فنقرها وأدخل الدنانير فيها ‪ ،‬وكتب فيها رسال ً‬ ‫ثم أخذ خشب ً‬
‫ن الله ‪،‬‬ ‫ت بإذ ِ‬ ‫‪ ،‬ثم أخذ الخشبة ورماها في النهرِ ‪ ،‬فذهب ْ‬
‫ف اللهِ ‪ ،‬وبعنايةِ اللهِ سبحانه وتعالى ‪ ،‬وخرج ذاك‬ ‫وبلط ِ‬
‫ل ينتظُر موعد صاحبهِ ‪ ،‬فوقف‬ ‫ب الدنانير الو ُ‬ ‫ل صاح ُ‬ ‫الرج ُ‬
‫على شاطئ النهرِ وانتظر فما وجد أحدا ً ‪ ،‬فقال ‪ِ :‬لم ل آخذ‬
‫ة بالدنانير ‪ ،‬فأخذها‬ ‫ت له الخشب ُ‬ ‫حطبا ً لهل بيتي ؟! فعرض ْ‬
‫وذهب بها إلى بيِته ‪ ،‬فكسرها فوجد الدنانير والرسالة ‪.‬‬
‫دى‬ ‫ن الشهيد سبحانه وتعالى أعان ‪ ،‬ولن الوكيل أ ّ‬ ‫ل ّ‬
‫علهُ ‪.‬‬ ‫ه في ُ‬ ‫الوكالة ‪ ،‬فتعالى الل ُ‬
‫ن ﴾‪.‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫وك ّ ِ‬ ‫فل ْي َت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫كنُتم ّ‬ ‫وك ُّلوا ْ ِإن ُ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫ل تحزن‬
‫‪351‬‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫قال لبيد ُ ‪:‬‬
‫س‬
‫دق النف ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫إ ّ‬ ‫ب النفس إذا‬ ‫فاكذ ِ‬
‫ل‬‫ي ُْزِري بالم ْ‬ ‫ي‪:‬‬ ‫وقالد ّْثتها‬ ‫ح‬
‫البست ّ‬
‫ه بشيٍء‬ ‫م وعل ّل ْ ُ‬ ‫تج ّ‬ ‫أفِد ْ طبعك المكدود‬
‫ح ُيعطى‬ ‫المْزماِ‬‫بمقدارِ‬
‫من‬ ‫أعطيته‬ ‫ة‬
‫راح ً‬ ‫ن إذا‬ ‫بالهم‬
‫ولك ّ ْ‬
‫من الملِح‬ ‫م ِ‬ ‫علي بن الشبل ‪ :‬الطعا ُ‬ ‫ن‬ ‫فليك ْ‬ ‫ذاكأبو‬ ‫وقال‬
‫بقاء النارِ ُتحف ُ‬
‫ظ‬ ‫ظ الجسم ِ تبقى‬ ‫بحف ِ‬
‫تمدِءد ْ لها طول‬ ‫بالوعا‬‫ول‬ ‫ض فل‬‫م ّ‬ ‫هُ‬
‫م ِ‬‫سفيال ٍ‬ ‫النفس‬
‫فباليأ ُ ِ‬
‫رها الشدائد في‬ ‫الرجاِء‬
‫وذك ّ ْ‬ ‫دها في شدائدها‬ ‫تها‬‫عْ ْ‬‫مِ‬
‫ت ُو ِ‬
‫ة‬
‫من َْفعَ ُ‬
‫ب َ‬ ‫الرخاِء‬
‫وبالتركي ِ‬ ‫حها هذا‬ ‫رخاًءصل ُ‬ ‫ُيعد ّ‬
‫الدواِء‬
‫*****************************************‬ ‫وهذا‬
‫ة‬
‫ن مستجاب الدعو ِ‬
‫ب مطعمك تك ْ‬
‫أط ِ ْ‬
‫ك هذه الحقيقة ‪ ،‬وهو أحد ُ‬ ‫ن أبي وّقاص يدر ُ‬ ‫كان سعد ُ ب ُ‬
‫العشرةِ المبشرين بالجنةِ ‪ ،‬وقد دعا له ‪ ‬بسداد ِ الرمي‬
‫ق الصبِح ‪.‬‬ ‫فل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ته‬ ‫دعو‬ ‫بت‬ ‫أجي‬‫وإجابة الدعوة ‪ ،‬فكان إذا دعا ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه عنه – أناسا ً من الصحابة‬ ‫أرسل عمُر – رضي الل ُ‬
‫س عليه‬ ‫ل سعد ٍ في الكوفةِ ‪ ،‬فأثنى النا ُ‬ ‫يسألون عن عد ْ ِ‬
‫ل فقال‬ ‫س ‪ ،‬قام رج ٌ‬ ‫ي لبني عب ْ ٍ‬ ‫خْيرا ً ‪ ،‬ولما أْتوا في مسجد ِ ح ّ‬
‫ل في القضيةِ ‪ ،‬ول‬ ‫ن سعدٍ ؟ فإنه ل يعد ُ‬ ‫‪ :‬أما سألتموني ع ْ‬
‫م‬
‫سوي ّةِ ‪ ،‬ول يمشي مع الرعية ‪ .‬فقال سعد ٌ ‪ :‬الله ّ‬ ‫م بال ّ‬ ‫يحك ُ‬
‫ل عمره ‪،‬‬ ‫ة فأع ْم ِ بصره ‪ ،‬وأط ْ‬ ‫ن كان قام هذا رياًء وسمع ً‬ ‫إ ْ‬
‫ل ‪ ،‬وسقط حاجباهُ‬ ‫مُر هذا الرج ِ‬ ‫ن ‪ .‬فطال عُ ْ‬ ‫ضه للفت ِ‬ ‫وعّر ْ‬
‫ن في شوارِع‬ ‫ض للجواري ويغمزهُ ّ‬ ‫على عينيه ‪ ،‬وأخذ يتعّر ُ‬
‫خ مفتون ‪ ، ،‬أصابْتني دعوة سعْد ٍ ‪.‬‬ ‫الكوفةِ ‪ ،‬ويقول ‪ :‬شي ٌ‬
‫ل ‪ ،‬وصدق النية معه ‪ ،‬والوثوق‬ ‫ل باللهِ عّز وج ّ‬ ‫إنه التصا ُ‬
‫ب العالمين ‪.‬‬ ‫هر ّ‬ ‫بموعوِده ‪ ،‬تبارك الل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪352‬‬
‫سعد أيضا ًَ ‪ :‬أن رجل ً‬ ‫وفي » سيرِ أعلم ِ النبلِء« ‪ :‬عن ُ‬
‫ه عنه– ‪ ،‬فدافع سعد ٌ عن علي ‪،‬‬ ‫ب عليا ً ‪-‬رضي الل ُ‬ ‫س ّ‬ ‫قام ي َ ُ‬
‫ب والشتم ِ ‪ ،‬فقال سعد ٌ ‪ :‬اللهم‬ ‫واستمّر الرجل في الس ّ‬
‫اكفنيه بما شئت ‪ .‬فانطلق بعيٌر من الكوفةِ فأقبل مسرعا ً ‪،‬‬
‫ل‬‫ص َ‬ ‫ن الناس حتى وَ َ‬ ‫ل يلوي على شيء ‪ ،‬وأخذ يدخل من بي ِ‬
‫ل ‪ ،‬ثم داسه بخّفْيه حتى قتله أمام مشهد ٍ ومرأى‬ ‫إلى الرج ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫من النا ِ‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫سل ََنا َ‬ ‫صُر ُر ُ‬ ‫﴿ إ ِّنا ل ََنن ُ‬
‫د﴾ ‪.‬‬ ‫ها ُ‬ ‫ش َ‬ ‫م اْل َ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ض لك هذه القصص لتزداد إيمانا ً ووثوقا ً‬ ‫وإنني أعر ُ‬
‫بموعودِ رّبك فتدعوه وتناجيه ‪ ،‬وتعلم أن اللطف لطُفه‬
‫عوِني‬ ‫سبحانه ‪ ،‬وأنه قد أمرك في محكم التنزيل فقال ‪ ﴿ :‬ادْ ُ‬
‫فإ ِّني‬ ‫عّني َ‬ ‫عَباِدي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫سأ َل َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫َ‬ ‫﴿‬ ‫‪.‬‬ ‫﴾‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ْ‬
‫أَ‬
‫ن ﴾ ‪..‬‬ ‫ع إِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ب دَ ْ‬ ‫جي ُ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬
‫ج الحسن البصريّ ليبطش به ‪،‬‬ ‫جا ُ‬ ‫لقد استدعى الح ّ‬
‫ف الله ‪،‬‬ ‫ة اللهِ ولط ُ‬ ‫ن وما في ذهنه إل عناي ُ‬ ‫وذهب الحس ُ‬
‫ف بأسماِئه‬ ‫عد اللهِ ‪ ،‬فأخذ يدعو رّبه ‪ ،‬ويهت ُ‬ ‫والوثوقُ بو ِ‬
‫ج‪،‬‬ ‫ه قلب الحجا ِ‬ ‫ول الل ُ‬ ‫الحسنى ‪ ،‬وصفاِته العلى ‪ ،‬فيح ّ‬
‫ن إل وقد تهيأ‬ ‫س ُ‬ ‫ف في قلبه الرعب ‪ ،‬فما وصل الح َ‬ ‫ويقذ ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ‪ ،‬واستقبل ال َ‬ ‫ج لستقباِله ‪ ،‬وقام إلى البا ِ‬ ‫الحجا ُ‬
‫سه معه على السريرِ ‪ ،‬وأخذ ُيطّيب لحيته ‪ ،‬ويترفّقُ به ‪،‬‬ ‫وأجل َ‬
‫ة‬
‫ب العز ِ‬ ‫ب !! فما هو إل تسخيُر ر ّ‬ ‫ن له في الخطا ِ‬ ‫وُيلي ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫والجل ِ‬
‫ن‪،‬‬‫ن لطف اللهِ يسري في العالم ِ ‪ ،‬في عالم النسا ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ل والنهارِ ‪ ،‬في‬ ‫حرِ ‪ ،‬في اللي ِ‬ ‫ن ‪ ،‬في البّر والب ْ‬ ‫في عالم ِ الحيوا ِ‬
‫ه‬‫مد َ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬‫ء إ ِل ّ ي ُ َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫وِإن ّ‬ ‫ن‪َ ﴿،‬‬ ‫ك والساك ِ‬ ‫المتحر ِ‬
‫فورا ً ﴾‬ ‫غ ُ‬ ‫حِليما ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬‫ف َ‬ ‫كن ل ّ ت َ ْ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫ن سليمان عليه السلم قد ُأوتي منطق الطيرِ ‪،‬‬ ‫ح‪:‬أ ّ‬ ‫ص ّ‬
‫ل‬‫س ‪ ،‬وفي طريِقه من بيِته إلى المص ّ‬ ‫ج يستسقي بالنا ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪353‬‬
‫زة ‪ ،‬تدعو الله الذي‬ ‫ب الع ِ‬ ‫ت رجليها تدعو ر ّ‬ ‫ة قد رفع ْ‬ ‫رأى نمل ً‬
‫س‪،‬‬
‫ث ‪ ،‬فقال سليمان ‪ :‬أّيها النا ُ‬ ‫ف وُيغي ُ‬ ‫ح ويلط ُ‬ ‫يعطي ويمن ُ‬
‫ركم ‪.‬‬ ‫كفيُتم بدعاِء غي ِ‬ ‫عوُدوا فقد ُ‬
‫ث ينهمُر بدعاِء تلك النملةِ ‪ ،‬النملةِ التي فِهم‬ ‫فأخذ الغي ُ‬
‫ف بجيشه الجّرار ‪،‬‬ ‫م ‪ ،‬وهو يزج ُ‬ ‫ن عليه السل ُ‬ ‫كلمها سليما ُ‬
‫َ‬ ‫مل َ ٌ‬
‫ها‬ ‫ة َيا أي ّ َ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ل‪َ ﴿:‬‬ ‫ظ أخواتها في عالم النم ِ‬ ‫فتع ُ‬
‫ن‬‫ما ُ‬ ‫سل َي ْ َ‬‫م ُ‬ ‫من ّك ُ ْ‬ ‫حط ِ َ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ساك ِن َك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫خُلوا َ‬ ‫ل ادْ ُ‬‫م ُ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫من‬ ‫حكا ً ّ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬‫فت َب َ ّ‬ ‫ن}‪َ {18‬‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬ ‫جُنودُهُ َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ف البري سبحانه‬ ‫ها﴾ ‪ .‬في كثير من الحيان يأتي لط ُ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫َ‬
‫ق ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫وتعالى بسبب هذه العجماوا ِ‬
‫عّزتي‬
‫ل ‪ )) :‬و ِ‬ ‫وقد ذكر أبو يعلى في قدسي أن الله يقو ُ‬
‫م ُرت ّعٌ ‪،‬‬ ‫ضعٌ ‪ ،‬وبهائ ُ‬ ‫خ ُرك ّعٌ ‪ ،‬وأطفال ُر ّ‬ ‫وجللي ‪ ،‬لول شيو ٌ‬
‫ت عنكم قط َْر السماِء (( ‪.‬‬ ‫لمنع ُ‬
‫********************************************‬
‫د رّبه‬
‫ح بحم ِ‬
‫ن شيء إل يسب ّ ُ‬
‫نم ْ‬
‫وإ ْ‬
‫ن لمولهُ ‪،‬‬ ‫ه ‪ ،‬وأذع ّ‬ ‫ن الهدد في عالم ِ الطيورِ عرف رب ّ ُ‬ ‫إ ّ‬
‫وأخبت لخالِقه ‪.‬‬
‫ت إلى‬ ‫ة ‪ ،‬وانته ْ‬ ‫ة الطويل ُ‬ ‫ذهب الهدهد ُ ‪ ،‬وكانت تلك القص ُ‬
‫ف‬
‫تلك النتائِج التاريخيةِ ‪ ،‬وكان سببها هذا الطائُر الذي ع ََر َ‬
‫ب ! الهدد أذكى من‬ ‫ض العلماِء ‪ :‬عجي ٌ‬ ‫رّبه ‪ ،‬حتى قال بع ُ‬
‫دة‬
‫ش ّ‬‫ن ك ََفَر في الرخاِء فما نفعه إيماُنه في ال ّ‬ ‫فرعون ‪ ،‬فرعو ُ‬
‫شدةِ ‪.‬‬ ‫‪ ،‬والهدهد ُ آمن برّبه في الرخاِء ‪ ،‬فنفعه إيماُنه في ال ّ‬
‫َ‬
‫ج‬
‫ر ُ‬‫خ ِ‬
‫ذي ي ُ ْ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫دوا ل ِل ّ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ُ‬ ‫الهدهد ُ قال ‪ ﴿ :‬أّل ي َ ْ‬
‫ه‬‫ن إ ِل َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ِ ْ‬
‫ما َ‬ ‫ن يقول ‪َ ﴿ :‬‬ ‫بءَ‪ . ﴾......‬وفرعو ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ي من كان الهدهد أذكى منه ‪،‬‬ ‫ري‪ . ﴾ ......‬إن الشق ّ‬ ‫غي ْ ِ‬‫َ‬
‫ت سُبله ‪،‬‬ ‫رها منه ‪ .‬وإن البليد من أظلم ْ‬ ‫م لمصي ِ‬ ‫والنملة أفه ُ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫حه عن النفِع ‪ ﴿ ،‬ل َ ُ‬ ‫ت جوار ُ‬ ‫طل ْ‬‫ت حباُله ‪ ،‬وتع ّ‬ ‫طع ْ‬ ‫وتق ّ‬
‫ها‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫ن ل ّ ي ُب ْ ِ‬ ‫عي ُ ٌ‬‫م أَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ول َ ُ‬‫ها َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ب ل ّ يَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫قُلو ٌ‬ ‫ُ‬
‫ها ﴾ ‪.‬‬ ‫ن بِ َ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬
‫س َ‬ ‫ن ل ّ يَ ْ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫مآ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪354‬‬
‫ري ‪،‬‬ ‫ف اللهِ يسري ‪ ،‬وخيُره يج ِ‬ ‫في عالم النحل لط ٌ‬
‫وعنايُته تلحقُ تلكم الحشرة الضئيلة المسكينة ‪ ،‬تنطلقُ من‬
‫س رزقها ‪ ،‬ل تقعُ إل على‬ ‫خلّيتها بتسخيرٍ من الباري ‪ ،‬تلتم ُ‬
‫ق‬
‫م بالورودِ ‪ ،‬تعش ُ‬ ‫ص الرحيقَ ‪ ،‬تهي ُ‬ ‫ي الطاهرِ ‪ ،‬تم ّ‬ ‫ب النق ّ‬ ‫الطي ِ‬
‫ف ألواُنه فيه شفاءٌ‬ ‫ب مختل ٍ‬ ‫ة بشرا ٍ‬ ‫مل ً‬ ‫هر ‪ ،‬تعود ُ مح ّ‬ ‫الّز ْ‬
‫س ‪ ،‬تعود ُ إلى خليِتها ل إلى خليةٍ أخرى ‪ ،‬ل تض ّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫للنا‬
‫طريقها ‪ ،‬ول تحار في سبِلها ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ل‬
‫ح ِ‬ ‫ك إ َِلى الن ّ ْ‬ ‫حى َرب ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫م ّ‬ ‫و ِ‬‫ِ َ‬ ‫ر‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫يوت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ِ‬
‫كي‬ ‫سل ِ‬ ‫ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ل الث ّ َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫م ك ُِلي ِ‬ ‫ن}‪ {68‬ث ُ ّ‬ ‫شو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ف‬
‫خت َل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ّ‬ ‫شَرا ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫طون ِ َ‬ ‫من ب ُ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ك ذُل ُل ً ي َ ْ‬ ‫ل َرب ّ ِ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ة لّ َ‬ ‫َ‬
‫وم ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫ك لي َ ً‬ ‫في ذَل ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫فاء ِللّنا ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وان ُ ُ‬ ‫أل ْ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ث ‪ ،‬ومن‬ ‫ن هذا القصص ‪ ،‬ومن هذا الحدي ِ‬ ‫إن سعادتك م ْ‬
‫هذه الِعبر ‪ :‬أن تعلم أن هناك لطفا ً خفيا ً للهِ الواحدِ الحدِ ‪،‬‬
‫ن عليك‬ ‫ه وحده ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫فتدعوه وحده ‪ ،‬وترجوه وحده ‪ ،‬وتسأل ُ‬
‫ي‬
‫ي ‪ ،‬وفي الن ّهِْج السماو ّ‬ ‫ق الربان ّ‬ ‫ل في الميثا ِ‬ ‫واجبا ً شرعيا ً نز َ‬
‫له ‪ ،‬وأن تتجه بقلِبك‬ ‫أن تسجد له ‪ ،‬وأن تشكره ‪ ،‬وأن تتو ّ‬
‫شَر الكثير وهذا العالم‬ ‫ن تعلم أن هذا الب َ‬ ‫إليه ‪ .‬إن عليك أ ْ‬
‫ن ‪ ،‬إنهم‬ ‫الضخم ‪ ،‬ل ُيغنون عنك من اللهِ شيئا ً ‪ ،‬إنهم مساكي ُ‬
‫كلهم محتاجون إلى اللهِ ‪ ،‬إنهم يطلبون رزقهم صباح مساء ‪،‬‬
‫حتهم وعافيتهم وأشياءهم وأموالهم‬ ‫ويطلبون سعادتهم وص ّ‬
‫ل شيٍء ‪.‬‬ ‫كك ّ‬ ‫ومناصبهم من اللهِ الذي يمل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬‫ه َ‬‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قَراء إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫س أنت ُ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫﴿ َيا أي ّ َ‬
‫ن أنه ل يهديك‬ ‫د ﴾ ‪ ،‬إن عليك أن تعلم علم اليقي ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫غن ِ ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حك‬ ‫ظك ‪ ،‬ول يمن ُ‬ ‫ول ينصُرنك ‪ ،‬ول يحميك ول يتولك ‪ ،‬ول يحف ُ‬
‫ب‬
‫ب ‪ ،‬وتفرد الر ّ‬ ‫حد اتجاه القل ِ‬ ‫ه ‪ ،‬إن عليك أن تو ّ‬ ‫إل الل ُ‬
‫ل والستعانةِ والرجاِء ‪ ،‬وأن تعلم‬ ‫بالوحدانيةِ واللوهيةِ والسؤا ِ‬
‫ق ‪ ،‬وأن الفاني‬ ‫ج إلى الخال ِ‬ ‫ْقدر البشرِ ‪ ،‬وأن المخلوق يحتا ُ‬
‫ج إلى الغني ‪ ،‬وأن‬ ‫ج إلى الباقي ‪ ،‬وأن الفقيَر يحتا ُ‬ ‫يحتا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪355‬‬
‫ج إلى القويّ ‪ .‬والقوة ُ والغنى والبقاُء والعّزةُ‬ ‫الضعيف يحتا ُ‬
‫حد َهُ ‪.‬‬
‫ه وَ ْ‬ ‫ة يمل ُ‬
‫كها الل ُ‬ ‫المطلق ُ‬
‫ل إليه ‪،‬‬
‫إذا علمت ذلك ‪ ،‬فاسعد ْ بقربهِ وبعبادِته والتبت ِ‬
‫ن استغفرته غ ََفَر لك ‪ ،‬وإن تبت إليه تاب عليك ‪ ،‬وإن‬ ‫إليه ‪ ،‬إ ِ‬
‫سألته أعطاك ‪ ،‬وإن طلبت منه الرزق رزقك ‪ ،‬وإن‬
‫استنصرته نصرك ‪ ،‬وإن شكرته زادك ‪.‬‬
‫******************************************‬
‫ارض عن الله عّز وج ّ‬
‫ل‬
‫ه ربا ً ‪ ،‬وبالسلم دينًا‪،‬‬ ‫ت بالل ِ‬ ‫من لوازم ِ ))رضي ُ‬
‫د ‪ ‬نبيًا((‪ .‬أن ترضى عن رّبك سبحانه وتعالى ‪،‬‬ ‫وبمحم ٍ‬
‫ره ‪،‬‬ ‫ره وش ِ‬ ‫مه ‪ ،‬وترضى بقضاِئه وقدرِهِ ‪ ،‬خي ِ‬ ‫فترضى بأحكا ِ‬
‫مّره ‪.‬‬ ‫وه و ُ‬ ‫حل ِ‬ ‫ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ت صحيح ً‬ ‫ن بالقضاِء والقدرِ ليس ْ‬ ‫إن النتقائية باليما ِ‬
‫ب عند موافقةِ القضاِء لرغباِتك ‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وهي أن ترضى فَ َ‬
‫ن‬
‫خط إذا خالف مرادك ومْيلك ‪ ،‬فهذا ليس من شأ ِ‬ ‫وتتس ّ‬
‫العبدِ ‪.‬‬
‫طوا في البلِء ‪،‬‬ ‫ضوا برّبهم في الرخاءِ وسخ ُ‬ ‫إن قوما ً ر ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫دوا وقت النقمةِ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫صاب َ ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫وانقاُدوا في النعمةِ وعان ُ‬
‫َ‬ ‫خير اطْ َ‬
‫ه‬
‫ه ِ‬‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ب َ‬ ‫قل َ َ‬ ‫ة ان َ‬
‫فت ْن َ ٌ‬
‫ه ِ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬‫نأ َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬‫مأ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ٌ‬
‫ة﴾ ‪.‬‬ ‫خَر َ‬ ‫واْل ِ‬ ‫سَر الدّن َْيا َ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫دوا في السلم ِ‬ ‫سلمون ‪ ،‬فإذا وج ُ‬ ‫ب يُ ْ‬ ‫لقد ْ كان العرا ُ‬
‫ن‬
‫ب ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هذا دي ُ‬ ‫ت عش ٍ‬ ‫ن ‪ ،‬ونب ْ ِ‬ ‫ث ‪ ،‬ودّر لب ٍ‬ ‫ل غي ٍ‬ ‫رغدا ً بنزو ِ‬
‫خي ْرٍ ‪ .‬فانقاُدوا وحافظوا على ديِنهم ‪.‬‬
‫دبا ً واضحملل ً في‬ ‫حطا ً وج ْ‬ ‫دوا الخرى ‪ ،‬جفافا ً وق ْ‬ ‫فإذا وج ُ‬
‫كوا‬‫صوا على أعقابهم وتر ُ‬ ‫ل وفناًء للمرعى ‪ ،‬نك ُ‬ ‫الموا ِ‬
‫رسالتهم ودينهم ‪.‬‬
‫م الرغبةِ للنفس ‪ .‬إن هناك‬ ‫م الهوى ‪ ،‬وإسل ُ‬ ‫هذا إذن إسل ُ‬
‫ل ‪ ،‬لنهم يريدون ما عند اللهِ ‪،‬‬ ‫أناسا ً يرضون عن اللهِ عّز وج ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪356‬‬
‫يريدون وجهه ‪ ،‬يبتغون فضل ً من اللهِ ورضوانا ً ‪ ،‬يسعون‬
‫للخرةِ ‪.‬‬
‫وبالمصطفى‬ ‫م ربا ً‬ ‫رضينا بك الله ّ‬
‫وهاديا‬
‫سّر‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫نورا ً‬
‫ت‬ ‫فمو‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫المختا‬‫وإل‬ ‫ظم‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫حيا‬ ‫وخالقا ً‬
‫ما‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فإ ّ‬
‫ويصطفيه للخدمةِ ويجتبيه‬ ‫ه للعبودي ّةِ العاديا‬ ‫الل ُ‬ ‫سيرها‬ ‫حه‬ ‫يرش ُ‬ ‫ي‬
‫الوح ُ‬ ‫إن من‬
‫ح والصطفاِء‬ ‫ّ‬
‫لسدانةِ الملةِ ‪ ،‬ثم ل يرضى بهذا الترشي ِ‬
‫سرمديّ ‪﴿ :‬‬ ‫ط البدي والهلك ال ّ‬ ‫والجتباِء ‪ ،‬لهو حقيقٌ بالسقو ِ‬
‫ن‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ها َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫آت َي َْناهُ آَيات َِنا َ‬
‫كا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ع ُ‬‫فأت ْب َ َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫فان َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ع ُ‬ ‫م َ‬
‫س َ‬ ‫خْيرا ً ّل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ن﴾‪َ ﴿،‬‬ ‫وي َ‬ ‫غا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫وّلوا ْ ّ‬ ‫م ل َت َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫َ‬
‫ج المقّربون إلى‬ ‫ة الديانةِ الكبرى ‪ ،‬منها َيل ُ‬ ‫إن الّرضا بواب ُ‬
‫ره ‪ ،‬المستسلمون‬ ‫رّبهم ‪ ،‬الفرحون بهداه ‪ ،‬المنقادون لم ِ‬
‫لحكمه ‪.‬‬
‫ب‬‫ن ‪ ،‬فأعطى كثيرا ً من رؤساءِ العر ِ‬ ‫م ‪ ‬غنائم ُ‬
‫حن َي ْ ٍ‬ ‫س َ‬ ‫قَ ّ‬
‫ة بما في قلوِبهم من‬ ‫ومتأخري العرب ‪ ،‬وترك النصار ‪ ،‬ثق ً‬
‫ن واليقين والخيرِ العميم ِ ‪ ،‬فكأنهم عتُبوا لن‬ ‫الرضى واليما ِ‬
‫سَر لهم السّر في‬ ‫المقصود لم يظهر لهم ‪ ،‬فجمعهم ‪ ‬وف ّ‬
‫المسألةِ ‪ ،‬وأخبرهم أنه معهم ‪ ،‬وأنه يحّبهم ‪ ،‬وأنه ما أعطى‬
‫ص ما عندهم من اليقين ‪ ،‬وأما‬ ‫ً‬
‫أولئك إل تأليفا لقلوبهم ‪ ،‬لنْق ِ‬
‫النصاُر فقال لهم ‪ )) :‬أما ترضون أن ينطلق الناس‬
‫ه ‪ ‬إلى‬ ‫ل الل ِ‬ ‫بالشاء والبعير ‪ ،‬وتنطلقون برسو ِ‬
‫ه‬
‫س ِدثار ‪ ،‬رحم الل ُ‬ ‫رحاِلكم ؟! النصار شعاٌر ‪ ،‬والنا ُ‬
‫ر ‪ ،‬لو‬ ‫ء النصا ِ‬ ‫ر ‪ ،‬وأبناء أبنا ِ‬ ‫النصار ‪ ،‬وأبناء النصا ِ‬
‫عبا ً وواديا ً ‪ ،‬وسلك النصاُر شعبا ً‬ ‫ش ْ‬ ‫س ِ‬ ‫سلك النا ُ‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫ب النصا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ش ْ‬ ‫رو ِ‬ ‫ت وادي النصا ِ‬ ‫وواديا ً لسلك ُ‬
‫ت عليهم‬ ‫ة ‪ .‬وملْتهم المسّرة ُ ‪ ،‬ونزل ْ‬ ‫فغمرْتهم الفرح ُ‬
‫ة ‪ ،‬وفازوا برضا اللهِ ورضا رسول ِهِ ‪. ‬‬ ‫السكين ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪357‬‬
‫وقون إلى جن ّةٍ‬ ‫ن اللهِ ويتش ّ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫إن الذين يتطلعون إلى رِ ْ‬
‫رها بدل ً‬ ‫ض ‪ ،‬ل يقبلون الدنيا بحذافي ِ‬ ‫ت والر ُ‬ ‫ضها السماوا ُ‬ ‫عر ُ‬
‫ل العظيم ِ ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ول عوضا ً عن هذا النوا ِ‬ ‫من هذا الرضوا ِ‬
‫ي بين يدي رسول اللهِ ‪ ‬فأعطاه ‪ ‬بعض‬ ‫أسلم أعراب ّ‬
‫ل ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول اللهِ ‪ ،‬ما على هذا بايعُتك ‪ .‬فقال‬ ‫الما ِ‬
‫ل اللهِ ‪)) : ‬على ماذا بايعتني ؟(( قال ‪ :‬بايعُتك‬ ‫رسو ُ‬
‫م طائش فيقع هنا )وأشار إلى حل ِْقه(‬ ‫على أن يأتيني سه ٌ‬
‫ه‬
‫ق الل ُ‬ ‫صد ُ ِ‬ ‫ويخرج من هنا )وأشار إلى قفاه(‪.‬قال له‪)) :‬إن ت ْ‬
‫م طائش ونفذ من‬ ‫ك((‪ .‬وحضر المعركة‪ ،‬وجاءه سه ٌ‬ ‫ق َ‬ ‫يصد ُ‬
‫ره‪ ،‬ولقي رّبه راضيا ً مرضّيا ‪.‬‬ ‫نح ِ‬
‫تلك الكنوُز من‬ ‫م ما‬‫ل والّيا ُ‬ ‫ما الما ُ‬
‫من‬ ‫ب ِ‬ ‫س‬ ‫هذهرِ والذ ّ‬
‫الكداهَ ْ ُ‬ ‫الجواه‬ ‫ما‬ ‫وما والقصُر‬ ‫المجد ُ‬‫دنيا‬ ‫ما ّ‬‫ال‬
‫ه أكرم‬ ‫بالل ُ‬ ‫أغلى النش‬
‫ويبقى ْ‬ ‫تفنى‬ ‫المنى ٍ‬
‫ة‬ ‫ل نفيس‬ ‫وما ّ‬
‫شيء ك ُ‬ ‫ف‬
‫المني ُ‬ ‫ل‬
‫أناسا ً ‪ .‬قليلي الدين ‪،‬‬ ‫ب‬
‫فأعطىهَ ْ‬
‫‪ ‬ذات يوم أموال ً ‪ ،‬من وَ‬ ‫ة‬
‫مرغوب ٍ‬
‫ووّزع‬
‫ت‬ ‫مُثل ‪ ،‬وترك أناسا ً ث ُّلم ْ‬ ‫ضحلى المانة ‪ ،‬مقفرين في عالم ال ُ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫جرح ْ‬ ‫ت أموُالهم‪ ،‬و ُ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬وأنفق ْ‬ ‫سيوُفهم في سبي ِ‬
‫ب عن المل ّةِ ‪ ،‬ثم قام ‪ ‬خطيبا ً‬ ‫مهم في الجهاد ِ والذ ّ‬ ‫أجسا ُ‬
‫في المسجدِ وأخبرهم بالمرِ ‪ ،‬وقال لهم ‪ )) :‬إني أعطي‬
‫ع‬
‫ه في قلوِبهم من الجز ِ‬ ‫ما جعل الل ُ‬ ‫أناسا ً ل ِ‬
‫ه في قلوِبهم من‬ ‫ع أناسا ً لما جعل الل ُ‬ ‫ع ‪ ،‬وأدَ ُ‬ ‫والطم ِ‬
‫ن تغلب (( ‪.‬‬ ‫ر – منهم ‪ :‬عمرو ب ُ‬ ‫ن – أو الخي ْ ِ‬ ‫اليما ِ‬
‫ن لي بها الدنيا وما‬ ‫ة ما أريد ُ أ ّ‬ ‫ن تغلب ‪ :‬كلم ً‬ ‫ل عمروُ ب ُ‬ ‫فقا َ‬
‫فيها ‪.‬‬
‫ل الرضا عن حك ْم ِ رسول ِ ِ‬
‫ه‬ ‫إنه الرضا عن اللهِ عّز وج ّ‬
‫ن الدنيا ل تساوي عند الصحابي‬ ‫ب ما عند َ اللهِ ‪ ،‬إ ّ‬ ‫‪ ، ‬طل َ‬
‫الواحد كلمة راضية باسمة منه ‪. ‬‬
‫لقد كانت ُوعود ُ الرسول ‪ ‬لصحاِبه ثوابا ً من عند ِ اللهِ ‪،‬‬
‫ة عنده ورضوانا ً منه ‪ ،‬لم ي َعِد ْ ‪ ‬أحدا ً منهم بقصرِ أو‬ ‫وجن ً‬
‫ل كذا وله‬ ‫وليةِ إقليم ٍ أو حديقةٍ ‪ .‬كان يقول لهم ‪ :‬من يفع ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪358‬‬
‫ل الذي‬ ‫ة ؟ ولخر ‪ :‬وهو رفيقي في الجنةِ ؟ لن البذ ُ‬ ‫الجن ُ‬
‫ل الذي أنفقوه والجهد ُ الذي قدموه ‪ ،‬ل جزاء له‬ ‫بذلوه والما ُ‬
‫ئ المجهود‬ ‫إل في الدارِ الخرةِ ‪ ،‬لن الدنيا بما فيها ل تكاف ُ‬
‫ل زهيد ٌ ‪.‬‬ ‫ص وبذ ْ ٌ‬ ‫س ‪ ،‬وعطاٌء رخي ٌ‬ ‫ن بخي ٌ‬ ‫الضخم ؛ لنها ثم ٌ‬
‫ه عنه ‪ -‬رسول‬ ‫ن عمُر ‪-‬رضي الل ُ‬ ‫وعند الترمذيّ ‪ :‬يستأذ ُ‬
‫اللهِ ‪ ‬في العمرةِ ‪ ،‬قال ‪)) :‬ل تنسنا من دعاِئك يا أخي‬
‫(( ‪.‬‬
‫ل الهدى ‪ ، ‬الما ُ‬
‫م‬ ‫وقائل هذه الكلمة هو رسو ُ‬
‫ة‬
‫ة عظيم ٌ‬ ‫م ‪ ،‬الذي ل ينطقُ عن الهوى ‪ ،‬ولكنها كلم ٌ‬ ‫المعصو ُ‬
‫ن لي بها‬ ‫ة ‪ ،‬قال عمُر فيما بعد ُ ‪ :‬كلمة ما أريد أ ّ‬ ‫ة ونفيس ٌ‬ ‫وثمين ٌ‬
‫الدنيا وما فيها ‪.‬‬
‫ك‪:‬‬ ‫ن تشعر أن رسول اللهِ ‪ ، ‬قال لك أنت بعين ِ‬ ‫ولك أ ْ‬
‫ل ْتنسنا من دعائك يا أخي ‪.‬‬
‫كان رضا رسول الله ‪ ‬عن رّبه فوق ما يصُفه‬
‫ْ‬
‫ض في السلم ِ‬ ‫ض في الغنى والفقرِ ‪ ،‬را ٍ‬ ‫الواصفون ‪ ،‬فهو را ٍ‬
‫ة‬
‫ض وقت الصح ِ‬ ‫ف ‪ ،‬را ٍ‬ ‫ض وقت القوةٍ والضع ِ‬ ‫ب ‪ ،‬را ٍ‬ ‫والحر ِ‬
‫ض في الشدةِ والرخاِء ‪.‬‬ ‫والسقم ِ ‪ ،‬را ٍ‬
‫عاش ‪ ‬مرارة الي ُت ْم ِ ‪ ،‬وأسى اليتم ِ ‪ ،‬ولوعة اليتم ِ فكان‬
‫ل التمرِ – أي رديئه ‪، -‬‬ ‫راضيا ً ‪ ،‬وافتقر ‪ ‬حتى ما يجد د َقَ َ‬
‫ض‬
‫ط الحجر على بطِنه من شد ّةِ الجوِع ‪ ،‬ويقتر ُ‬ ‫وكان يرب ُ‬
‫م على الحصير‬ ‫ن درعه عنده ‪ ،‬وينا ُ‬ ‫شعيرا ً من يهودي ويره ُ‬
‫ة أيام ل يجد ُ شيئا ً يأكُله ‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فيؤثُر في جنِبه ‪ ،‬وتمّر ثلث ُ‬
‫شاء‬ ‫ذي ِإن َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬‫ب العالمين ﴿ ت ََباَر َ‬ ‫كان راضيا ً عن اللهِ ر ّ‬
‫ها‬
‫حت ِ َ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬
‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬‫ك َ‬ ‫من ذَل ِ َ‬ ‫خْيرا ً ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫َ‬
‫صورا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫عل ل ّ َ‬ ‫َ‬
‫ق ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ج َ‬‫وي َ ْ‬
‫هاُر َ‬ ‫اْلن ْ َ‬
‫ف هو‬ ‫ورضي عن رّبه وقت المجابهةِ الولى ‪ ،‬يوم وقَ َ‬
‫ل الدنيا – تحارُبه بخيِلها‬ ‫ت الدنيا – ك ّ‬ ‫ب اللهِ ‪ ،‬ووقف ِ‬ ‫في حز ِ‬
‫وها بخيلئها ‪ ،‬فكان راضيا ً عن‬ ‫جلها ‪ ،‬بغناها بزخرِفها ‪ ،‬بزه ِ‬ ‫ور ِ‬
‫مه‬‫ن اللهِ في الفترةِ الحرجةِ ‪ ،‬يوم مات ع ّ‬ ‫ِ‬ ‫اللهِ ‪ .‬رضي ع‬
‫كذب أشد ّ‬ ‫ة ‪ ،‬وُأوذي أشد ّ الذى ‪ ،‬و ُ‬ ‫وماتت زوجٌته خديج ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪359‬‬
‫صد ْقِهِ ‪ ،‬فقيل له ‪:‬‬ ‫ت كرامُته ‪ ،‬وُرمي في ِ‬ ‫خدش ُ‬ ‫ب‪،‬و ُ‬ ‫التكذي ِ‬
‫ن ‪ ،‬وشاعٌر ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬ومجنو ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وساحٌر ‪ ،‬وكاه ٌ‬ ‫ذا ٌ‬‫ك ّ‬
‫ع‬
‫ط رأسهِ ‪ ،‬فيها مرات ُ‬ ‫ده ‪ ،‬ومسق ِ‬ ‫رد من بل ِ‬ ‫ورضي يوم ط ُ ِ‬
‫ت إلى مكة‬ ‫ن شباِبه ‪ ،‬فيلتف ُ‬ ‫ب طفولِته ‪ ،‬وأفاني ُ‬ ‫صباه ‪ ،‬وملع ُ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ه إل ّ‬ ‫ب بلِد الل ِ‬ ‫ك أح ّ‬ ‫عه ‪ ،‬ويقول ‪ )) :‬إن ِ‬ ‫ل دمو ُ‬ ‫وتسي ُ‬
‫ت (( ‪.‬‬ ‫ن أهلك أخرجوني منك ما خرج ُ‬ ‫ولول أ ّ‬
‫رض‬ ‫ف ليع ِ‬ ‫ب إلى الطائ ِ‬ ‫ورضي عن اللهِ وهو يذه ُ‬
‫ل ‪ ،‬وُيرمى‬ ‫دعوته ‪ ،‬فُيواجه بأقبِح رد ّ ‪ ،‬وبأسوأ ِ استقبا ٍ‬
‫بالحجارةِ حتى تسيل قدماه ‪ ،‬فيرضى عن موله ‪.‬‬
‫ويرضى عن اللهِ وهو يخرج من مكة مرغما ً ‪ ،‬فيسير‬
‫ل في طريِقه‬ ‫ل ‪ ،‬وُتوضعُ العراقي ُ‬ ‫إلى المدينة وُيطارد ُ بالخي ِ‬
‫أينما ذهب ‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬وفي‬ ‫ن ‪ ،‬وفي كل مكا ٍ‬ ‫ل موط ٍ‬ ‫يرضى عن ربه في ك ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫كل زم‬
‫ُ‬
‫سه ‪ ،‬وُتكسُر ثنيُته ‪ ،‬وُيقت ُ‬
‫ل‬ ‫ج رأ ُ‬ ‫حدا ً ‪ ‬فُيش ّ‬‫يحضر أ ُ‬
‫صّفوا‬ ‫شه ‪ ،‬فيقول ‪ُ )) :‬‬ ‫ب جي ُ‬ ‫ه ‪ ،‬وُيغل ُ‬‫ح أصحاب ُ‬ ‫مه ‪ ،‬وُيذب ُ‬ ‫ع ّ‬
‫لثني على ربي (( ‪.‬‬ ‫ورائي ُ‬
‫ده من المنافقين‬ ‫ف كافٌر ض ّ‬ ‫حل ْ ٌ‬ ‫يرضى عن رّبه وقد ظهر ِ‬
‫وضا ً‬ ‫واليهود والمشركين ‪ ،‬فيقف صامدا ً متوك ّل ً على اللهِ ‪ ،‬مف ّ‬
‫المر إليه ‪.‬‬
‫ك َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫طي َ‬ ‫ع ِ‬‫ف يُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ َ‬
‫س ْ‬ ‫وجزاُء هذا الرضا منه ‪َ ﴿ : ‬‬
‫ضى ﴾ ‪.‬‬ ‫فت َْر َ‬‫َ‬
‫******************************************‬
‫ف في وادي نخلة‬
‫هتا ٌ‬
‫ِ‬
‫م ‪ ‬من مكة حيث أهُله وأبناؤه‬ ‫ُ‬
‫أخرج محمد ٌ المعصو ُ‬
‫شّرد تشريدا ً ‪ ،‬والتجأ إلى‬ ‫طرد ُ طردا ً و ً‬
‫وداُره ووطُنه ‪ُ ،‬‬
‫ت عليه‬ ‫جوِبه بالجحود ِ ‪ ،‬وتهاو ْ‬‫بو ُ‬ ‫ف فُقوبل بالتكذي ِ‬
‫الطائ ِ‬
‫م‪.‬‬‫س والشت ُ‬ ‫الحجارةُ والذى وال ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪360‬‬
‫ن‬
‫ن وقدماه بدماِء الطهرِ تنزفا ِ‬ ‫كفا ِ‬‫فعيناه بدموع السى ت ِ‬
‫ج ‪ ،‬فإلى من يلتجئ ؟ ومن يسأ ُ‬
‫ل‬ ‫‪ ،‬وقلُبه بمرارةِ المصيبة ي َل ْعَ ُ‬
‫ي‬
‫؟ وإلى من يشكو ؟ وإلى من يقصد ُ ؟ إلى اللهِ إلى القو ّ‬
‫إلى القهارِ ‪ ،‬إلى العزيزِ ‪ ،‬إلى الناصرِ ‪.‬‬
‫ب ‪ ،‬وشكر موله ‪،‬‬ ‫استقبل محمد ٌ ‪ ‬القبلة ‪ ،‬وقصد ر ّ‬
‫ب‬‫ق النجوى وأحّر الطل ِ‬ ‫ت الشكوى وصاد ِ‬ ‫ه بعبارا ِ‬ ‫وتدّفق لسان ُ‬
‫ح وبكى ‪ ،‬وشكا وتظّلم وتأّلم ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ودعا وأل ّ‬
‫والمآسي على‬ ‫المآقي من‬
‫ظماد ُُء‬
‫الخدودِ ِ‬
‫الرعو‬ ‫ه‬
‫حت َت ْ ُ‬‫نَ َ‬ ‫م‬‫م ُِءتلث ُ‬
‫بكا‬‫اليا‬ ‫ب‬
‫الخطوهُ ِ‬
‫وشفا‬
‫والنواُءليلة نخلة ‪ ،‬إذ ْ يقول ‪:‬‬ ‫سؤال النبي ‪ ‬مولهُ وإلهه‬ ‫وجها ً‬‫اسمع‬
‫قّلة حيلِتي‬ ‫عف قوتي و ِ‬ ‫)) اللهم إني أشكو إليك ض ْ‬
‫ب‬
‫م الراحمين‪ ،‬ور ّ‬ ‫س ‪ ،‬أنت أرح ُ‬ ‫وهواني على النا ِ‬
‫المستضعفين ‪ ،‬وأنت ربي ‪ ،‬إلى من تك ُِلني ؟ إلى‬
‫و مل ّك َْته أمري ‪ ،‬إن لم‬ ‫مني ‪ ،‬أو إلى عد ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب يتج ّ‬ ‫قري ٍ‬
‫ب فل أبالي ‪ ،‬غير أن عافيتك هي‬ ‫ض ٌ‬ ‫غ َ‬ ‫ي َ‬ ‫يكن عل ّ‬
‫ُ‬
‫ت له‬ ‫هك الذي أشرق ْ‬ ‫أوسع لي ‪ ،‬أعوذُ بنور وج ِ‬
‫ل‬‫ة ‪ ،‬أن ينز ُ‬ ‫ح عليه أمُر الدنيا والخر ِ‬ ‫صل ُ َ‬‫ت‪،‬و َ‬ ‫الظلما ُ‬
‫عْتبى حتى‬ ‫طك ‪ ،‬لك ال ُ‬ ‫ل بي سخ ُ‬ ‫ضُبك ‪ ،‬أو يح ّ‬ ‫غ َ‬‫بي َ‬
‫ك (( ‪.‬‬ ‫ترضى ‪ ،‬ول حول ول قوة إل ب َ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫جوائز للرعيل الول‬
‫ت‬
‫ح َ‬ ‫عون َ َ‬
‫ك تَ ْ‬ ‫ن إ ِذْ ي َُباي ِ ُ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ض‬
‫قدْ َر ِ‬ ‫﴿ لَ َ‬
‫ة‬
‫كين َ َ‬
‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫فَأنَز َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫جَر ِ‬ ‫ش َ‬‫ال ّ‬
‫ريبا ً ﴾ ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫تح‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ثا‬ ‫عل َيهم وأ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ِ ْ َ‬
‫ة ما يتمناه المؤمنين وما يطلُبه الصادقون وما‬ ‫هذه غاي ُ‬
‫ن اللهِ ‪ .‬إن الرضا أج ّ‬
‫ل‬ ‫ص عليه المفلحون ‪ ..‬رضوا ِ‬ ‫يحر ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل المقاصد ِ وأسمى المواه ِ‬ ‫ب وأنب ُ‬ ‫المطال ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪361‬‬
‫كر في موضٍع‬ ‫هنا في هذه الية جاء رضا اللهِ ‪ ،‬بينما ذ ُ ِ‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذنب ِ َ‬ ‫من َ‬ ‫م ِ‬ ‫قدّ َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫فَر ل َ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن ‪ ﴿ :‬ل ِي َ ْ‬ ‫آخر الغفرا ُ‬
‫عَلى‬ ‫ب الله َ‬ ‫ة ‪ ﴿:‬ل َ َ‬ ‫ت َأ َ‬
‫قد ّتا َ‬ ‫ن التوب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ثا‬ ‫ن‬ ‫ٍ‬ ‫موط‬ ‫‪.‬وفي‬ ‫﴾‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫خ‬
‫ّ‬
‫ث العفوُ ‪﴿ :‬‬ ‫ر ﴾ ‪ .‬وفي ثال ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫صا ِ‬ ‫والن َ‬ ‫ن َ‬
‫َ‬
‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ها ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّب ِ‬
‫م﴾ ‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫م أِذن َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫عن َ‬ ‫ه َ‬ ‫فا الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫أما هنا ‪ :‬فالرضوان المحّققُ ‪ ،‬لنهم يبايعونك تحت‬
‫ة لرواحهم‬ ‫ه ما في قلوِبهم ‪ ،‬فبْيعُتهم بيع ٌ‬ ‫الشجرةِ وعلم الل ُ‬
‫ة لنفسهم‬ ‫ك الحقّ ‪ ،‬وبيع ٌ‬ ‫الثمينةِ عندهم لتزهق لمرضاةِ المل ِ‬
‫ة لوجودهم‬ ‫النفيسةِ لتذهب لمرضاةِ الواحدِ القهارِ ‪ ،‬وبيع ٌ‬
‫ن في موتهم حياة للرسالة ‪ ،‬وفي قتلهم خلودا ً‬ ‫وحياتهم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫للملة ‪ ،‬وفي ذهاِبهم بقاًء للميثا ِ‬
‫ن‬‫ن واليقي ِ‬ ‫ن المكي ِ‬ ‫علم ما في قلوبهم من اليما ِ‬ ‫و ِ‬
‫ق الوافي ‪ ،‬لقد تعُبوا‬ ‫ص الصافي والصد ِ‬ ‫المتين ‪ ،‬والخل ِ‬
‫عوا وظمُئوا ‪ ،‬وأصابهم الضرُر والضيقُ ‪،‬‬ ‫وسهُروا ‪ ،‬وجا ُ‬
‫ة والضنى ‪ ،‬لكنه رضي عنهم ‪.‬‬ ‫والمشق ُ‬
‫لقد فارُقوا الهل والموال والولد والديار ‪ ،‬وذاُقوا‬
‫ل‪،‬‬ ‫ق ولوعة الغربةِ ‪ ،‬ووعثاء السفرِ وكآبة الرتحا ِ‬ ‫مرارة الفرا ِ‬
‫لكنه رضي عنهم ‪.‬‬
‫ُ‬
‫دوا ‪ ،‬لكّنه رضي‬ ‫شّردوا وط ُرُِدوا وفُّرُقوا وتعُِبوا وأجه ُ‬ ‫لقد ُ‬
‫عنهم ‪.‬‬
‫م‬
‫هل جزاُء هؤلء المجاهدين والمنافحين عن الملةِ ‪ :‬غنائ ُ‬
‫من إبل وبقرٍ وغنم ٍ ؟ هل مكافأة ُ هؤلء المناضلين عن‬
‫ن أنه‬ ‫ة ؟ هل تظ ّ‬ ‫ض مالي ٌ‬ ‫عرو ٌ‬ ‫ن‪ُ :‬‬ ‫الرسالة الذاّبين عن الدي ِ‬
‫ُيبرِد ُ غليل هؤلِء الصفوةِ المجتباةِ والنخبةِ المصطفاةِ ‪،‬‬
‫ة؟ل‪.‬‬ ‫مق ٌ‬ ‫ن غّناء أو دوٌر من ّ‬ ‫م معدودةٌ أو بساتي ُ‬ ‫دراه ُ‬
‫ج‬
‫حهم عفوُ اللهِ ‪ ،‬وُيثل ُ‬ ‫ن اللهِ ‪ ،‬وُيفر ُ‬ ‫ُيرضيهم رضوا ُ‬
‫ريرًا}‬ ‫ح ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ً‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫جَزا ُ‬ ‫و َ‬ ‫صدورهم كلمةٍ ‪َ ﴿ :‬‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ك َل ي ََر ْ‬ ‫عَلى اْل ََرائ ِ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مت ّك ِِئي َ‬ ‫‪ُ {12‬‬
‫ها‬ ‫م ظَِلل ُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ة َ َ‬ ‫دان ِي َ ً‬ ‫و َ‬ ‫ريرًا}‪َ {13‬‬ ‫ه ِ‬ ‫م َ‬ ‫وَل َز ْ‬ ‫مسا ً َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫هم ِبآن ِي َ ٍ‬ ‫ف َ َ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ها ت َذِْلي ً‬ ‫طو ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫وذُل ّل َ ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫ل}‪َ {14‬‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪362‬‬
‫ب َ‬ ‫ضة َ‬
‫من‬‫ريَر ِ‬
‫وا ِ‬ ‫ريَرا}‪َ {15‬‬
‫ق َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ت َ‬
‫ق َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫وا ٍ‬ ‫وأك ْ َ‬‫ف ّ ٍ َ‬‫من ِ‬ ‫ّ‬
‫ديرا ً ﴾ ‪.‬‬
‫ق ِ‬‫ها ت َ ْ‬ ‫ة َ‬
‫قدُّرو َ‬ ‫ض ٍ‬
‫ف ّ‬
‫ِ‬
‫****************************************‬
‫ضا‬
‫مر الغ َ‬
‫الرضا ولو على ج ْ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ث عن إبِله التي ضل ّ ْ‬ ‫س يبح ُ‬ ‫ل من بني عب ْ ٍ‬ ‫خرج رج ٌ‬
‫فذهب والتمسها ‪ ،‬ومكث ثلثة أيام ٍ في غياِبه ‪ ،‬وكان هذا‬
‫ر‬
‫ل والبق ِ‬ ‫ل والب ِ‬ ‫ه ما شاء من الما ِ‬ ‫الرجل غنيا ً ‪ ،‬أعطاه الل ُ‬
‫ل‬
‫ل في منز ٍ‬ ‫ل واله ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وكان هذا الما ُ‬ ‫والغنم ِ والبنين والبنا ِ‬
‫ن‬
‫ل في ديارِ بني عبس ‪ ،‬في رغدٍ وأم ٍ‬ ‫ب على ممّر سي ْ ٍ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ر ْ‬
‫دهم ولم يفكْر أبناؤه أن الحوادث قد‬ ‫ن ‪ ،‬لم يفكْر وال ُ‬ ‫وأما ٍ‬
‫حهم ‪.‬‬ ‫تزورهم ‪ ،‬وأن المصائب قد تجتا ُ‬
‫ن الحوادث قد‬ ‫إ ّ‬ ‫ل‬‫يا راقد اللي ِ‬
‫سحارا‬ ‫نأ ْ‬ ‫يط ُْرقْ َ‬ ‫مسرورا ً بأوِّله‬
‫ل جميعا ً كباُرهم وصغاُرهم ‪ ،‬معهم أمواُلهم في‬ ‫نام اله ُ‬
‫ث عن ضال ِّته ‪ ،‬وأرسل‬ ‫ب يبح ُ‬ ‫ض مستوية ‪ ،‬ووالدهم غائ ٌ‬ ‫أر ٍ‬
‫ل الصخور‬ ‫ه عليهم سي ْل ً جارفا ً ل يلوي على شيٍء ‪ ،‬يحم ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ل ‪ ،‬فاجتاحهم‬ ‫ل التراب ‪ ،‬ومّر عليهم في آخر اللي ِ‬ ‫كما يحم ُ‬
‫جميعا ً ‪ ،‬واقتلع بيوتهم من أصلها ‪ ،‬وأخذ الموال معه جميعا ً ‪،‬‬
‫ق الماء ‪،‬‬ ‫حهم من تدفّ ِ‬ ‫ت أروا ُ‬‫وأخذ الهل جميعا ً ‪ ،‬وزهق ْ‬
‫ن ‪ ،‬فكأنهم لم يكونوا ‪ ،‬صاُروا حديثا ً ُيتلى‬ ‫ً‬
‫وصاُروا أثرا بعد عي ْ ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫على اللسا ِ‬
‫س أحدا ً ‪ ،‬ولم‬ ‫ح ّ‬ ‫ب ثلثةِ أيام ٍ إلى الوادي ‪ ،‬فلم ي ُ ِ‬ ‫وعاد ال ُ‬
‫ن قاعٌ‬ ‫ي ول ناطق ول أنيس ‪ ،‬المكا ُ‬ ‫يسمعْ رافدا ً ‪ ،‬ل ح ّ‬
‫داهيةِ الدهياِء !! ل زوجة ل ابن ل‬ ‫ه !! يا لل ّ‬ ‫ف ‪ ،‬يا الل ُ‬ ‫ص ٌ‬‫صْف َ‬ ‫َ‬
‫ة ل شاةَ ل بقرة ‪ ،‬ل درهم ل دينار ‪ ،‬ل ثوب ل‬ ‫ابنة ‪ ،‬ل ناق َ‬
‫ة !!‬ ‫شيء ‪ ،‬إنها مصيب ٌ‬
‫ه ْقد شرد ‪ ،‬فحاول‬ ‫ن جمال ِ ْ‬ ‫لم ْ‬ ‫وزيادةً في البلء ‪ :‬إذا جم ٌ‬
‫ده إلى مكان يأوي‬ ‫ن يدركه وأخذ بذِيله عّلة أن يجد رجل ً يقو ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ي آخُر ‪،‬‬ ‫ت من هذا اليوم سمعه أعراب ّ‬ ‫ن ووق ٍ‬ ‫إليه ‪ ،‬وبعد حي ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪363‬‬
‫ة‬
‫دالملك الخليف ِ‬ ‫ن عب ِ‬ ‫فأتى إليه وقاده ‪ ،‬وذهب به إلى الوليدِ ب ِ‬
‫ت ؟ قال ‪:‬‬ ‫ل ‪ :‬كيف أن َ‬ ‫خب ََر ‪ ،‬فقا َ‬ ‫في دمشق ‪ ،‬وأخبره ال َ‬
‫ت عن اللهِ ‪.‬‬ ‫رضي ُ‬
‫ة ‪ ،‬يقوُلها هذا المسُلم الذي‬ ‫ة كبيرة ٌ عظيم ٌ‬ ‫وهي كلم ٌ‬
‫ة‬
‫ة للسائلين ‪ ،‬وعظ ِ ً‬ ‫ل التوحيد في قلِبه ‪ ،‬وأصبح آي ً‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬‫َ‬
‫للمّتعظين ‪ ،‬وعبرةً للمعتبرين ‪.‬‬
‫والشاهد ‪ :‬الرضا عن اللهِ ‪.‬‬
‫در ‪ ،‬فإن استطاع أن‬ ‫م للمق ّ‬ ‫والذي ل يرضى ول يسل ّ ُ‬
‫لما ً في السماء‪ ،‬وإن شاء‪﴿ :‬‬ ‫س ّ‬‫يبتغي نفقا ً في الرض أو ُ‬
‫ل‬ ‫فل َْينظُْر َ‬
‫ه ْ‬ ‫ع َ‬‫قط َ ْ‬ ‫م ل ِي َ ْ‬‫ماء ث ُ ّ‬ ‫س َ‬‫ب إ َِلى ال ّ‬ ‫سب َ ٍ‬
‫مدُدْ ب ِ َ‬‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ظ﴾‬‫غي ُ‬ ‫ن ك َي ْدُهُ َ‬
‫ما ي َ ِ‬ ‫ي ُذْ ِ‬
‫هب َ ّ‬
‫********************************************‬
‫وقفــــــة‬
‫ن الشبل ‪:‬‬ ‫يب ِ‬ ‫قال أبو عل ّ‬
‫عدا ً فخيرا ُ‬
‫ت‬ ‫وَ ْ‬ ‫وإذا هممت فناِج‬
‫مك‬ ‫ت ّ‬ ‫عدا ُ‬
‫به‬ ‫تزول‬‫ن ِ‬ ‫الجنا ِ‬
‫حتى‬ ‫منى‬
‫رجاءك ُدون‬ ‫ل بال ُ‬ ‫نفسكْ‬
‫واجع‬
‫ساد ُ‬
‫ح ّ‬ ‫ؤك ال ُ‬ ‫ت‬‫جلسا ُ ُ‬ ‫الوقا‬ ‫جَلساِء‬‫عن ال ُ‬ ‫ة‬
‫جن ّ ً‬
‫سكْر ُ‬
‫واست‬‫يأ ِ‬
‫للح ّ‬ ‫ب ّ‬
‫ت قب ِ‬
‫ل‬ ‫مام ُ ْ‬
‫ن‬ ‫ي ّ‬ ‫شّ‬ ‫وال‬ ‫التوّقع للحواد ِ‬
‫ث‬ ‫ثكع إنما‬
‫ود ِ‬
‫للسروِر‬ ‫ت‬‫مما ُ‬‫تهِ ما‬ ‫المماأهلِ ِ‬ ‫في‬ ‫ت‬‫ه ثبا ٌ‬‫م ليس ل ُ‬ ‫فاله ّ‬‫إنه‬
‫ف للمتيقظين‬ ‫ص ُ‬ ‫ت ْ‬ ‫لم ت ُ‬‫ثبا‬ ‫س‬
‫ة النفو ِ‬ ‫مغالط ُ‬ ‫ل ما‬‫لول ِ‬‫مث‬
‫حياةُ‬
‫*******************************************‬ ‫عقولها‬
‫اتخاذُ القرار‬
‫ب‬
‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫إِ ّ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬
‫ه ﴾‪.‬‬
‫﴿‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫ت َ‬
‫فت َ َ‬ ‫م َ‬
‫عَز ْ‬
‫ذا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫وك ِّلي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مت َ َ‬
‫ب عندما يريد أن يتخذ قرارا ً ‪،‬‬ ‫إن كثيرا ً منا يضطر ُ‬
‫ك ‪ ،‬فيبقى في ألم ٍ‬ ‫ك والش ّ‬ ‫فيصيُبه القلقُ والحيرةُ والربا ُ‬
‫مستمرٍ وفي صداٍع دائم ٍ ‪ .‬إن على العبد ِ أن يشاور وأن‬
‫ل تحزن‬
‫‪364‬‬
‫مل قليل ً ‪ ،‬فإذا غلب على ظنه الرأ ُ‬
‫ي‬ ‫ه ‪ ،‬وأن يتأ ّ‬ ‫يستخير الل َ‬
‫ت‬‫ن أقدم بل إحجام ‪ ،‬وانتهى وق ُ‬ ‫ك الحس ُ‬ ‫ب والمسل ُ‬ ‫الصو ُ‬
‫جَزم ‪ ،‬لينهي‬ ‫مم وَ َ‬ ‫كل ‪ ،‬وص ّ‬ ‫المشاورةِ والستخارةِ ‪ ،‬وَع ََزم وتو ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫حياة الترّدد والضطرا ِ‬
‫ُ‬
‫حد ‪ ،‬فأشاروا‬ ‫لقد شاور ‪ ‬الناس وهو على المنبر يوم أ ُ‬
‫بالخروِج‪ ،‬فلبس لمته وأخذ سيفه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬لعّلنا أكرهناك يا‬
‫رسول الله ؟ لو بقيت في المدينةِ ‪ .‬قال ‪ )) :‬ما كان لنبي‬
‫ه بينه‬ ‫إذا لبس لمته أن ينزعها حتى يقضي الل ُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫ه (( ‪ .‬وَع ََزم ‪ ‬على الخرو ِ‬ ‫و ِ‬ ‫وبين عد ّ‬
‫ج إلى تردد ٍ ‪ ،‬بل إلى مضاٍء وتصميم ٍ‬ ‫إن المسألة ل تحتا ُ‬
‫وعزم ٍ أكيدٍ ‪ ،‬فإن الشجاعة والبسالة والقيادة في اتخاذِ‬
‫القرارِ ‪.‬‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫وْر ُ‬ ‫شا ِ‬ ‫و َ‬‫تداول ‪ ‬مع أصحاِبه الرأي في بدرٍ ‪َ ﴿ :‬‬
‫شوَرى ﴾ ‪ ،‬فأشاُروا عليه فَعََزم ‪‬‬ ‫م ُ‬ ‫ال َمر ﴾ ‪َ ﴿ ،‬‬
‫ه ْ‬‫مُر ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬
‫وأقدم ‪ ،‬ولم يلوِ على شيٍء ‪.‬‬
‫خوٌر في‬ ‫مةِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ي ‪ ،‬وبرود ٌ في اله ّ‬ ‫إن الترّدد فساد ٌ في الرأ ِ‬
‫سي ْرِ ‪ .‬وهذا الترد ّد ُ‬ ‫ت للجهدِ ‪ ،‬وإخفاقٌ في ال ّ‬ ‫شتا ٌ‬ ‫التصميم ِ و َ‬
‫ف أناسا ً من‬ ‫ت ‪ .‬أعر ُ‬ ‫م والثبا ُ‬‫م والجز ُ‬ ‫ض ل دواء له إل العز ُ‬ ‫مر ٌ‬
‫ت صغيرةٍ ‪ ،‬وفي‬ ‫دمون وُيحجمون في قرارا ِ‬ ‫ت وهم ُيق ِ‬ ‫سنوا ٍ‬
‫ب‬‫ك والضطرا ِ‬ ‫ف عنهم إل روح الش ّ‬ ‫مسائل حقيرةٍ ‪ ،‬وما أعر ُ‬
‫سهم وفي من حولهم ‪.‬‬ ‫‪ ،‬في أنف ِ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ص َ‬ ‫حهم فَوَ َ‬ ‫ق أن يصل إلى أروا ِ‬ ‫إنهم سمحوا للخفا ِ‬
‫ت ليزور أذهانهم فزار ‪.‬‬ ‫حوا للتشت ّ ِ‬ ‫وسم ُ‬
‫مل‬ ‫إنه يجب عليك بعد أن تدرس الواقعة ‪ ،‬وتتأ ّ‬
‫ت‬
‫ب السماوا ِ‬ ‫المسألة ‪ ،‬وتستشير أهل الرأي‪ ،‬وتستخير ر ّ‬
‫جم ‪ ،‬وأن ت ُن ِْفذ ما ظهر لك عاجل ً‬ ‫دم ول ُتح ِ‬ ‫ض ‪ ،‬أن ُتق ِ‬ ‫والر ِ‬
‫ل‪.‬‬
‫غير آج ٍ‬
‫ب‬ ‫ديق يستشيُر الناس في حرو ِ‬ ‫وقف أبو بكر الص ّ‬
‫ن هذا‬ ‫ل ‪ ،‬لك ّ‬ ‫س كلهم عليه بعدم ِ القتا ِ‬ ‫الردةِ ‪ ،‬فأشار النا ُ‬
‫ل ‪ ،‬لن هذا إعزاٌز‬ ‫ديق انشرح صدُره للقتا ِ‬ ‫الخليفة الص ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪365‬‬
‫ت الخارجةِ على‬ ‫للسلم ِ ‪ ،‬وقط ْعٌ لدابر الفتنةِ ‪ ،‬وسحقٌ للفئا ِ‬
‫مم على‬ ‫ن ‪ ،‬ورأى بنورِ اللهِ أن القتال خيٌر ‪ ،‬فص ّ‬ ‫قداسةِ الدي ِ‬
‫ن من فّرق بين‬ ‫ُ‬
‫رأيه ‪ ،‬وأقسم ‪ :‬والذي نفسي بيدهِ ‪ ،‬لقاتل ّ‬
‫الصلةِ والزكاةِ ‪ ،‬والله لو منعوني عقال ً كانوا يؤّدونه لرسو ِ‬
‫ل‬
‫ت أن الله شرح‬ ‫الله ‪ ‬لقاتلُتهم عليه ‪ .‬قال عمر ‪ :‬فلما علم ُ‬
‫ه‬
‫ت أنه الحقّ ‪ .‬ومضى وانتصر وكان رأي ُ‬ ‫صدر أبي بكر ‪ ،‬علم ُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫عوَ َ‬ ‫الطيب المبارك ‪ ،‬الصحيح الذي ل ل ُْبس فيه ول ِ‬
‫ح في أماكِننا ؟‬ ‫ب ؟ وإلى متى نراو ُ‬ ‫إلى متى نضطر ُ‬
‫وإلى متى نترّدد في اتخاذ ِ القرارِ ؟‬
‫ن‬‫ن فساد الرأي أ ْ‬ ‫فإ ّ‬ ‫إذا كنت ذا رأي‬
‫ّ‬ ‫تترّددا‬ ‫ة‬
‫ن ذا عزيم ٍ‬ ‫ْ‬ ‫فك‬
‫ن طبيعةِ المنافقين إفشال الخطةِ بكثرةِ تكراِر‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ما‬ ‫كم ّ‬ ‫في ُ‬ ‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫و َ‬ ‫ل ‪ ،‬وإعادةِ النظرِ في الرأي ‪﴿ :‬ل َ ْ‬ ‫القو ِ‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ة﴾‬ ‫فت ْن َ َ‬ ‫غون َك ُ ُ‬ ‫م ي َب ْ ُ‬ ‫خل َل َك ُ ْ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫و َ‬ ‫خَبال ً ول ْ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫َزا ُ‬
‫وأ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫عوَنا َ‬ ‫طا ُ‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق َ‬‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫وان ِ‬ ‫خ َ‬ ‫قاُلوا ْ ل ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ ﴿ .‬ال ّ ِ‬
‫م‬‫كنت ُ ْ‬ ‫ت ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َأن ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ؤوا َ‬ ‫فادَْر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫قت ُِلوا ُ‬ ‫ُ‬
‫ن﴾‪.‬‬‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫َ‬
‫إنهم يصطحبون » لو « دائما ً ‪ ،‬ويحبون » ليت «‬
‫ق ‪ ،‬وعلى‬ ‫ة على التسوي ِ‬ ‫ل « فحياُتهم مبني ٌ‬ ‫ويعشقون » لع ّ‬
‫ك لَ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ن ب َي ْ َ‬ ‫مذَب ْذَِبي َ‬ ‫ب‪ّ ﴿،‬‬ ‫القدام ِ والحجام ِ ‪ ،‬وعلى التذبذ ِ‬
‫ؤلء ﴾ ‪.‬‬ ‫هـ ُ‬ ‫ول َ إ َِلى َ‬ ‫ؤلء َ‬ ‫هـ ُ‬ ‫إ َِلى َ‬
‫مرةً معنا ومرةً معهم ‪ ،‬مرةً هنا ومرة ً هناك ‪.‬‬
‫ة بين‬ ‫ث ‪ )) :‬كالشاة العائر ِ‬ ‫كما في الحدي ِ‬
‫ت‬‫القطيعين من الغنم ِ (( وهو يقولون في أوقا ِ‬
‫م ﴾ ‪ .‬وهم كاذبون‬ ‫عَناك ُ ْ‬ ‫قَتال ً ل ّت ّب َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫و نَ ْ‬‫ت ‪ ﴿ :‬لَ ْ‬ ‫الزما ِ‬
‫على اللهِ ‪ ،‬كاذبون على أنفسهم ‪ ،‬فهم يسرون وقت‬
‫ول َ‬ ‫ذن ّلي َ‬ ‫دهم يقول ‪ ﴿ :‬ائ ْ َ‬ ‫الزمةِ ‪ ،‬ويأتون وقت الرخاِء وأح ُ‬
‫ط ‪ .‬ويقولون‬ ‫ق والحبا ِ‬ ‫فت ِّني ﴾ ‪ .‬إنه لم يتخذ إل قرار الخفا ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ة ﴾ ‪ .‬ولكّنه‬ ‫وَر ٍ‬ ‫ع ْ‬‫ي بِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫وَرةٌ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن ب ُُيوت ََنا َ‬ ‫ب ‪ ﴿ :‬إِ ّ‬ ‫في الحزا ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ص من الحقّ المبي ِ‬ ‫ب ‪ ،‬والتمل ّ ُ‬ ‫ص من الواج ِ‬ ‫التخل ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪366‬‬
‫*******************************************‬
‫د‬‫حـ‬‫اثبت أ ُ‬
‫ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫ن ‪ :‬الثبات والتصميم والجزم‬ ‫ن طبيِعة المؤم ِ‬ ‫نم ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ه‬
‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬ ‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫والعزم ‪ ﴿ ،‬إ ِن ّ َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫في َري ْب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ي َْرَتاُبوا ﴾ ‪ ،‬أما أولئك ‪َ ﴿ :‬‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ن ﴾ ‪ ،‬وفي قراِرهم يضطربون ‪ ،‬وعلى أدباِرهم‬ ‫دو َ‬ ‫ي َت ََردّ ُ‬
‫ينكصون ‪ ،‬ولعهوِدهم ينقضون ‪ .‬إن عليك أّيها العبد ُ إذا لمع‬
‫جح لديك النفعُ ‪،‬‬ ‫ن ‪ ،‬وتر ّ‬ ‫ب الظ ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وظهر لك غال ُ‬ ‫بارقُ الصوا ِ‬
‫خرٍ ‪.‬‬ ‫دم بل التواٍء ول تأ ّ‬ ‫أن ُتق ِ‬
‫ض كالسيف على‬ ‫ح ليتا ً وسوفا ً‬ ‫ا ّ‬
‫وام ِ‬ ‫طر ْ‬
‫أذاْقته المّرْين ‪،‬‬ ‫ل‬‫البط ْ‬
‫فالتي‬ ‫ك‬
‫زوجته ّ‬ ‫ل في طلق‬ ‫ترد ّد َ رج ٌ‬ ‫ل‬‫ولع ْ‬‫لقد‬
‫وذهب إلى حكيم ٍ يشتكيه ‪ ،‬قال‪ :‬كم لك من سنة مع هذه‬
‫ت وأنت‬ ‫ت ‪ .‬قال ‪ :‬أربع سنوا ٍ‬ ‫الزوجةِ ؟ قال ‪ :‬أربع سنوا ٍ‬
‫م ؟!‬ ‫س ّ‬‫تحتسي ال ّ‬
‫مل ً وانتظارا ً ‪ ،‬لكن إلى متى ؟‬ ‫ح أن هناك صبرا ً وتح ّ‬ ‫صحي ٌ‬
‫ح أو ل‬ ‫م ‪ ،‬يصل ُ‬ ‫م أو ل يت ّ‬ ‫م أن هذا المرين يت ّ‬ ‫طن يعل ُ‬ ‫إن الف ِ‬
‫ح ‪ ،‬يستمّر أو ل يستر ‪ْ ،‬فليتخذ ْ قرارا ً ‪.‬‬ ‫يصل ُ‬
‫ل‪:‬‬‫والشاعُر يقو ُ‬
‫ل‬‫س تعج ُ‬ ‫ـهِ النف ُ‬ ‫شتِهيـ‬ ‫ج ما ل ت ْ‬ ‫وعل ُ‬
‫س ‪ ،‬أن‬ ‫ل النا ِ‬ ‫قأحوا ِ‬ ‫الفراِء ِ‬
‫سيرِ واستقرا‬ ‫والذي يظهُر من ال ّ‬
‫الرباك والحيرة يأتيهم في مواقف كثيرةٍ ‪ ،‬لكن غالب ما‬
‫يأتيهم في أربِع مسائل ‪:‬‬
‫ص ‪ ،‬فهو ل يدري‬ ‫ص ِ‬ ‫الولى ‪ :‬في الدراسةِ واختيارِ التخ ّ‬
‫لبا ً‬
‫ت طُ ّ‬ ‫كه ‪ ،‬فيبقى في ذلك فترة ً ‪ .‬وعرف ُ‬ ‫أيّ قسم يسل ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت بسبب ترد ِّدهم في القسام ِ ‪ ،‬وفي الكليا ِ‬ ‫ضي ُّعوا سنوا ٍ‬
‫ل‪،‬‬ ‫فيبقى بعضهم مترددا ً قبل التسجيل ‪ ،‬حتى يفوته التسجي ُ‬
‫ة أو سنتين ‪ ،‬فيرتضي الشريعة‬ ‫ل في قسم ٍ سن ً‬ ‫ضهم يدخ ُ‬ ‫وبع ُ‬
‫شذ ََر‬ ‫ب عمُر َ‬ ‫ب ‪ ،‬فيذه ُ‬ ‫ثم يرى القتصاد ‪ ،‬ثم يعود ُ إلى الط ّ‬
‫مذ ََر ‪.‬‬‫َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪367‬‬
‫ل أمرِهِ ‪،‬‬ ‫ولو أنه درس أمره وشاور واستخار الله في أو ِ‬
‫ثم ذهب ل يلوي على شيء ‪ ،‬لحرز عمره وصان وقته ‪،‬‬
‫ص‪.‬‬ ‫ص ِ‬ ‫ونال ما أراد من هذا التخ ّ‬
‫ف ما هو‬ ‫ب ‪ ،‬فبعضهم ل يعر ُ‬ ‫ل المناس ُ‬ ‫الثانية ‪ :‬العم ُ‬
‫كها ليذهب‬ ‫ة ‪ ،‬ثم يتر ُ‬ ‫العمل الذي يناسُبه ‪ ،‬فمرةً يعتنقُ وظيف ً‬
‫ت ‪ ،‬ثم‬ ‫إلى شركةٍ ‪ ،‬ثم يهجُر الشركة إلى عمل تجاري بح ٍ‬
‫ف‬‫م بيته مع صفو ِ‬ ‫س والفقرِ ثم يلز ُ‬ ‫ل على العدم ِ والفل ِ‬ ‫يحص ُ‬
‫العاطلين ‪.‬‬
‫ن‬
‫ه ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ق فْليلز ْ‬ ‫رز ٍ‬ ‫ب‬‫ل لهؤلِء ‪ :‬من ُفتح له با ُ‬ ‫وأقو ُ‬
‫ن لزم بابا ً ُأوتي سهولته وفَْتحه‬ ‫ن ‪ ،‬وم ْ‬ ‫ن هذا المكا ِ‬ ‫رزقه م ْ‬
‫وحكمته ‪.‬‬
‫ج ‪ ،‬وأكثُر ما يأتي الشباب الحيرةُ‬ ‫الثالثة ‪ :‬الزوا ُ‬
‫ل رأي‬ ‫ب في مسألةِ اختيارِ الزوجةِ ‪ ،‬وقد يدخ ُ‬ ‫والضطرا ُ‬
‫الخرين في الختيارِ ‪ ،‬فالوالد ُ يرى لولدهِ امرأة ً غير التي‬
‫ن رغبة‬ ‫م ‪ ،‬فربما وافق الب ُ‬ ‫ن أو التي تراها ال ّ‬ ‫يراها الب ُ‬
‫مه ‪.‬‬ ‫ده ‪ ،‬وما يحّبه ‪ ،‬وما ل يقد ُ‬ ‫ل ما ل يري ُ‬ ‫ده ‪ ،‬فيحص ُ‬ ‫وال ِ‬
‫موا في مسألة الزواِج‬ ‫ونصيحتي لهؤلِء أن ل ُيقد ُ‬
‫ب الدين‬ ‫ص إل على ما يرتاحون إليه في جان ِ‬ ‫بالخصو ِ‬
‫ة مصيرِ امرأةٍ ل‬ ‫ن والموافقةِ ‪ ،‬لن المسألة مسأل ُ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫وال ُ‬
‫مكان للمجازفةِ بها ‪.‬‬
‫ق‪،‬‬‫ب في مسألةِ الطل ِ‬ ‫الرابعة ‪ :‬تأتي الحيرةُ والضطرا ُ‬
‫فيوما ً يرى الفراق ويوما ً يرى المعايشة ويوما ً يرى أن ُينهي‬
‫المعايشة ‪ ،‬وآخر يرى أن يقطع الحْبل ‪ ،‬فيصيبه من العياء ‪،‬‬
‫ه به‬ ‫ت المرِ ‪ ،‬ما الل ُ‬ ‫مى الروِح ‪ ،‬وفسادِ الرأي ‪ ،‬وتشت ّ ِ‬ ‫ح ّ‬‫و ُ‬
‫م‪.‬‬‫علي ٌ‬
‫إن على العبدِ أن ُينهي هذه الضوائق النفسية بقراِره‬
‫الصارم ِ ‪ ،‬إن العمر واحد ٌ ‪ ،‬وإن اليوم لن يتكّرر ‪ ،‬وإن الساعة‬
‫سه ‪،‬‬ ‫لن تعود ‪ ،‬فعليه أن يعيشها سعادةً يشارك فيها بنف ِ‬
‫ب هذه السعادةِ ‪ ،‬وتأتي هذه‬ ‫سه في استجل ِ‬ ‫ك بنف ِ‬ ‫يشار ُ‬
‫م وعزم‬ ‫السعادةُ باتخاذ ِ القرارِ ‪ .‬إن العبد المسلم إذا ه ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪368‬‬
‫وتوكل على اللهِ بعد أن يستخير وُيشاِور ‪ ،‬صار كما قال‬
‫الول ‪:‬‬
‫وأعرض عن ذك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫م ألقى بين‬ ‫إذا ه ّ‬
‫بِءجانبا‬ ‫العواق ِ‬ ‫ه‬
‫يه عين ُ‬ ‫م‬
‫ه ّ‬
‫م‬
‫ف ‪ ،‬وتصمي ٌ‬ ‫السي ِ‬ ‫كمضا‬ ‫كإقدام السيل ‪ ،‬ومضاٌء‬ ‫م‬‫إقدا ْ ٌ‬
‫عوا ْ‬ ‫كتصميم الدهر ‪ ،‬وانطلقٌ كانطلق الفجر ‪َ َ ﴿ ،‬‬
‫م ُ‬
‫ج ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة ثُ ّ‬
‫م‬ ‫م ً‬ ‫م ُ‬
‫غ ّ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫مُرك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ل َ ي َك ُ ْ‬ ‫كاءك ُ ْ‬
‫م ثُ ّ‬ ‫شَر َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫مَرك ُ ْ‬‫أ ْ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ول َ ُتنظُِرو ِ‬ ‫ي َ‬‫ضوا ْ إ ِل َ ّ‬ ‫ق ُ‬‫ا ْ‬
‫********************************************‬
‫***‬
‫كما تدين ُتدان‬
‫ب‬
‫ن نغض ُ‬
‫س أن يكونوا حلماء ونح ُ‬ ‫ً‬
‫عجبا لنا ! نريد ُ من النا ِ‬
‫ل ‪ ،‬ونريد منهم‬ ‫‪ ،‬ونريد ُ منهم أن يكونوا كرماء ونحن نبخ ُ‬
‫الوفاء بحسن الخاِء ‪ ،‬ونحن ل نؤدي ذلك ‪.‬‬
‫ح بل‬ ‫عود ٌ يفو ُ‬ ‫وهل ُ‬ ‫ذبا ً ل عيب‬ ‫ُتريد ُ مه ّ‬
‫ن‬‫ُدخا ِ‬ ‫ه ‪ :‬من لخيك كّله ‪.‬‬ ‫في‬
‫وقالوا ِ‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫ي‬
‫ثأ ّ‬ ‫على شع ٍ‬ ‫ستب ْق أخا ً‬
‫م ْ ٍ‬ ‫ولست ب ِ ُ‬
‫ب‬‫ل المهذ ّ ُ‬ ‫الرجا ِ‬ ‫ي‪:‬‬ ‫هالروم ّ‬ ‫وقال تلابُ ّ‬
‫مُ‬
‫نُ‬ ‫ل‬
‫ذب في الدنيا‬ ‫ـمه ّ‬ ‫ب اليام ِ أّنك‬ ‫ن عج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬
‫مه ّ‬
‫ذبا‬ ‫ولست ُ‬
‫********************************************‬ ‫تبتغي الـ‬
‫*****‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫قال إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫كيف تغدو إذا غدوت‬ ‫أّيها الشاكي وما بك‬
‫ل‬ ‫عليل‬
‫قى ‪،‬قبل الرحي ِ‬‫تتو ّ‬ ‫جناةِ في‬ ‫نٌء شّر ال ُ‬
‫إدا ّ‬
‫أنّرحيل‬
‫ترى فوقها الندى‬ ‫ال‬ ‫وك في‬ ‫س‬
‫ش ْ ٌ‬‫الرضالنف ّ‬
‫وترى‬
‫إكليل‬ ‫مى‬ ‫الوروِد‪ ،‬وتع ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪369‬‬
‫ن الحياة عبئا ً‬ ‫ن يظ ُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫هو عبٌء على الحيا ِ‬
‫يرى في الوجودِ‬ ‫ثقيل‬ ‫ل‬ ‫ه بغير‬
‫س ُ‬ ‫والذي نف ُ‬ ‫ثقي ٌ‬
‫ل‬
‫جميل‬ ‫شيئا ً‬
‫ن يزول‬‫فأ ْ‬ ‫تخ ْ‬ ‫ل‬ ‫صبِح ما‬ ‫ل بال ّ‬ ‫جمات ّ ٍعْ‬
‫فتم‬
‫البحث فيه كْيل‬ ‫صر يُزول‬ ‫حتى‬
‫ق ّ‬ ‫ل رْأسك‬ ‫أظ ّ‬ ‫ه‬
‫دمتمافي ِ‬ ‫ُوإذا‬
‫طولالعارِ أن تظ ّ‬ ‫يف ُ‬ ‫م‬
‫ه ّ‬
‫ل‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ه طيوُر‬ ‫ت ك ُن ْهَ َ‬‫أدرك ْ‬
‫سَرحا ً‬
‫م ْ‬
‫ت فيه َ‬ ‫هول ْ‬ ‫خذ‬ ‫تج ِ ُ‬ ‫تراها والحق ُ‬
‫ل‬ ‫ماّروابي‬ ‫ال‬
‫ومقيل‬
‫********************************************‬ ‫ك سواها‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ِ‬
‫**‬
‫ة الكلم ِ الخل ّ ِ‬
‫ب‬ ‫ضريب ُ‬
‫قنا ‪ ،‬ثم مع‬ ‫منا بواجبنا مع خال ِ‬ ‫ل في قيا ِ‬ ‫ن سعادتنا تكم ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ل نطُقه‬ ‫ن ‪ .‬إن الكلم سه ٌ‬ ‫خل ِْقه ‪ ،‬مع اللهِ ثم مع النسا ِ‬
‫مث ُ ٍ‬
‫ل‬ ‫وتجبيُره وزخرفُته ‪ ،‬لكن الصعب من ذلك صياغُته في ُ‬
‫ن‬ ‫َ ْ‬
‫مُرو َ‬ ‫ل الجليلةِ ﴿ أت َأ ُ‬ ‫ت الحميدةِ والعما ِ‬ ‫عليا من الصفا ِ‬
‫فسك ُم َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ن ال ْك َِتا َ‬‫م ت َت ُْلو َ‬‫وأنت ُ ْ‬ ‫ن أن ُ َ ْ َ‬ ‫و َ‬‫س ْ‬ ‫وَتن َ‬ ‫س ِبال ْب ِّر َ‬‫الّنا َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬ ‫قُلو َ‬‫ع ِ‬‫فل َ ت َ ْ‬ ‫أَ َ‬
‫ر‬
‫ف التارك له ‪ ،‬والناهي عن المنك ِ‬ ‫ن المر بالمعرو ِ‬ ‫إ ّ‬
‫الفاعل له ‪ُ ،‬يوضعُ – كما في الحديث الصحيح – يوم القيامةِ‬
‫في النارِ ‪ ،‬فيدوُر بأمعاِئه كما يدوُر الحماُر برحاهُ ‪ ،‬فيسأله‬
‫ف ول‬ ‫ت آمُركم بالمعرو ِ‬ ‫لكه ‪ ،‬فقال ‪ :‬كن ُ‬ ‫ل النارِ عن سّر ه ِ‬ ‫أه ُ‬
‫كم عن المنكرِ وآتيةِ ‪.‬‬ ‫آتيهِ ‪ ،‬وأنها ُ‬
‫سك كان ذا‬ ‫هل ّ لنف ِ‬ ‫يا أّيها الرج ُ‬
‫ل‬
‫الرازي فبكى وأبكى‬ ‫م‬
‫الشهيُر أبو معاذالتعلي ُ‬ ‫غيرهُ‬‫ظ‬ ‫المعل ّ ُ‬
‫الوع َ ُ‬
‫م‬ ‫وقف‬
‫الناس ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫ب يداوي الناس‬ ‫طبي ٌ‬ ‫ي يأمُر‬ ‫وغيُر نق ّ‬
‫الناس بالصدقةِ ‪،‬‬ ‫يأمرعلي ٌ‬
‫ل‬ ‫هو‬
‫ف إذا أراد أنو ُ‬ ‫بالتقى ِ‬
‫ض السل‬ ‫الناس ُ‬
‫كان بع‬
‫ة‪.‬‬ ‫دق هو أول ً ‪ ،‬ثم أمرهم ‪ ،‬فاستجاُبوا طواعي ً‬ ‫تص ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪370‬‬
‫ضلةِ ‪ ،‬أراد أن‬ ‫ت أن واعظا ً في عهد ِ القرو ِ‬
‫ن المف ّ‬ ‫وقرأ ُ‬
‫ق ‪ ،‬وقد طلب منه كثيٌر من الرقيق أن‬ ‫يأمر الناس بالعِت ْ ِ‬
‫ت طويل ثم أعتق‬ ‫يسأل الناس ذلك ‪ ،‬فجمع نقودا ً في وق ٍ‬
‫س وأعتُقوا رقابا ً‬
‫م فأمَر بالعِْتق ‪ ،‬فاقتدى النا ُ‬ ‫ة ‪ ،‬ثم أ ّ‬
‫رقب ً‬
‫كثيرة ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫ة‬
‫ة في الجن ّ ِ‬
‫الراح ُ‬
‫د ﴾ ‪.‬‬ ‫في ك َب َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫قَنا ا ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫﴿ لَ َ‬
‫ة؟‬ ‫ل ‪ ،‬وقد قيل له ‪ :‬متى الراح ُ‬ ‫ن حنب َ‬ ‫ل أحمد ُ ب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫قال ‪ :‬إذا وضعت قدمك في الجنةِ ارتحت ‪.‬‬
‫ت وزعازعُ‬ ‫ل راحة قبل الجنةِ ‪ ،‬هنا في الدنيا إزعاجا ُ‬
‫ن‬
‫م وحز ٌ‬ ‫م وغ ّ‬ ‫ض وه ّ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫ب ونكبا ُ‬ ‫ث ومصائ ُ‬ ‫ن وحواد ُ‬ ‫وفت ٌ‬
‫س‪.‬‬ ‫ويأ ٌ‬
‫صفوا ً من القذاِء‬ ‫ت على كدٍر‬ ‫ط ُب ِعَ ْ‬
‫وكان رجل ً صاحب‬ ‫والكدارِ‬
‫دراسةٍ من نيجيريا ‪،‬‬ ‫دها‬ ‫تري ُ‬
‫لُ‬ ‫وأنتزمي‬ ‫أخبرني‬
‫ث الخير ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫ظه في الثل ِ‬ ‫مه كانت ُتوق ُ‬ ‫أمانةٍ ‪ ،‬أخبرني أن أ ّ‬
‫ماه ُ ‪ ،‬أريد الراحة قليل ً ‪ .‬قالت ‪ :‬ما أوقظك إل لراحِتك ‪ ،‬يا‬ ‫يا أ ّ‬
‫ح‪.‬‬ ‫بني إذا دخلت الجنة فارت ْ‬
‫م ساجدا ً ‪ ،‬فقال‬ ‫ف – ينا ُ‬ ‫كان مسروقٌ – أحد ُ علماِء السل ِ‬
‫ه ‪ :‬لو أرحت نفسك ‪ .‬قال ‪ :‬راحتها أريد ُ ‪.‬‬ ‫له أصحاب ُ‬
‫جلون‬ ‫ب ‪ ،‬إنما يتع ّ‬ ‫ك الواج ِ‬ ‫جلون الراحة بتر ِ‬ ‫إن الذين يتع ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫العذاب حقيق ً‬
‫دي‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬والنفِع المتع ّ‬ ‫ة في أداِء العمل الصال ِ‬ ‫ن الراح ً‬ ‫إ ّ‬
‫ب من اللهِ ‪.‬‬ ‫ت فيما يقّر ُ‬ ‫واستثمارِ الوق ِ‬
‫ه هنا ‪ ،‬ولذلك يقولون ‪:‬‬ ‫ظه هنا ‪ ،‬وراحت َ ُ‬ ‫ن الكافر يريد ُ ح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ب﴾ ‪.‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وم ِ ال ْ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬‫قب ْ َ‬ ‫قطَّنا َ‬ ‫جل ل َّنا ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫﴿ َرب َّنا َ‬
‫ظنا من‬ ‫خي ْرِ وح ّ‬ ‫سرين ‪ :‬أي ‪ :‬نصيبنا من ال َ‬ ‫ض المف ّ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ق قبل يوم ِ القيامةِ ‪.‬‬ ‫الرز ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪371‬‬
‫كرون في الغدِ‬ ‫ة ﴾ ‪ ،‬ول يف ّ‬ ‫جل َ َ‬‫عا ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ؤَلء ي ُ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫﴿ إِ ّ‬
‫ل ‪ ،‬ولذلك خسُروا اليوم والغد ‪ ،‬والعمل‬ ‫ول في المستقب ِ‬
‫والنتيجة ‪ ،‬والبداية والنهاية ‪.‬‬
‫ب مكد ٌّر ‪،‬‬ ‫ت الحياةِ ‪ ،‬خاتمُتها الفناُء فهي شر ٌ‬ ‫خلق ِ‬ ‫وهكذا ُ‬
‫ة ‪ ،‬شد ّةٌ‬ ‫ة ونقم ٌ‬ ‫ون ل تستقّر على شيء ‪ ،‬نعم ٌ‬ ‫ج مل ّ‬ ‫وهي مزا ٌ‬
‫ى وفقٌر ‪.‬‬ ‫ورخاٌء ‪ ،‬غن ً‬
‫هذه هي النهاية ‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫حك ْ ُ‬ ‫ق أل َ ل َ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه ُ‬‫ول َ ُ‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫دوا ْ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ُر ّ‬ ‫﴿ ثُ ّ‬
‫ه َ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫سِبي َ‬‫حا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫سَر ُ‬‫وأ ْ‬ ‫و ُ َ‬
‫َ‬
‫********************************************‬
‫**‬
‫ة‬
‫وقفـــــ ٌ‬
‫قال إيليا أبو ماضي ‪:‬‬
‫كك والسما‬ ‫ض مل ُ‬ ‫والر ُ‬ ‫ل إنك‬ ‫م تشتكي وتقو ُ‬ ‫ك ْ‬
‫م؟ والب ُْلب ُ‬
‫ل‬ ‫مها‬‫جُ ْ‬‫ونسي ُ‬ ‫والن‬ ‫ل وزهُرها‬ ‫مالحقو ُ‬ ‫معُد ِ‬
‫ولك ُ‬
‫س فوقك‬ ‫م ُ‬ ‫المترن ّ‬
‫والشم ُ‬ ‫ة‬
‫ض ٌ‬ ‫جهاحولك ف ّ‬ ‫والما ُُء‬‫وأري‬
‫موحينا ً‬ ‫مزخرفّر ً‬
‫ةُ‬ ‫سجد ٌ يتض‬ ‫دورْا ً‬ ‫ع‬ ‫ةيبني في‬ ‫قراقُر ٌ‬‫والنو‬ ‫ر ْ‬
‫ت فعلم ل‬ ‫سم ْ‬ ‫مّ‬ ‫وتبدِ ُ‬ ‫يهْ‬ ‫ذرا‬
‫فما‬ ‫الدنيا ّ‬
‫سفوحلكوفي ال‬ ‫ت‬‫ش ْ‬ ‫ال ّ ّ‬‫ه‬
‫هيهات ُ؟يرجُعه إليك‬ ‫م‬‫س ُ‬ ‫تتب ّ‬ ‫مكتئبا ً لعّز قد‬ ‫واجما ً ؟‬
‫لك كنت‬ ‫إن‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ني ِ‬ ‫هيهات يمنعُ أ ْ‬ ‫م‬‫ت َن َد ّ ُ‬ ‫كنت ُتشفقُ من‬ ‫مضى‬ ‫أو‬
‫ن فإنه ل‬ ‫م الزما ُ‬ ‫شاخ ُ‬ ‫تجهّ‬ ‫كنتمصيبةٍ‬
‫جاوزت‬ ‫ل‬
‫حلو ِ‬ ‫أو‬
‫سِنها‬
‫ح ْ‬ ‫م تكاد ُ ل ِ‬ ‫صو ٌ ُر‬ ‫ي َهَْر‬ ‫لت ُط ِ ّ‬
‫ل‬ ‫تْ‬
‫فمافلزالتق ْ‬
‫الشباب‬ ‫انظْر‬
‫م‬‫تتكل ّ ُ‬
‫********************************************‬ ‫من الّثرى‬
‫******‬
‫ل المقصوِد‬
‫ن على حصو ِ‬
‫ق ُيعي ُ‬ ‫الّر ْ‬
‫ف ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪372‬‬
‫ق ‪ ،‬والرفقُ شفيعٌ ل ي َُرد ّ في‬ ‫ص في الرف ِ‬ ‫ت آثاٌر ونصو ٌ‬ ‫مّر ْ‬
‫ت ‪ ،‬ولك أن تعلم أن الطريق الضيق بين‬ ‫ب الحاجا ِ‬ ‫طل ِ‬
‫ب‪،‬ل‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫جدارين ‪ ،‬الذي ل يتسع إل لمرور سيارةٍ واحدةٍ فَ َ‬
‫دها وحذرٍ وتوقّ ‪ ،‬بينما‬ ‫ق من قائ ِ‬ ‫ُ‬
‫تدخلها هذه السيارة إل برف ٍ‬
‫ق‬ ‫ً‬
‫لو أقبل بها مسرعا وأراد المرور من هذا المكان الضي ِ‬
‫زد‬
‫ت سيارُته ‪ ،‬والطريقُ لم ي ِ‬ ‫سَرةً وتعطل ْ‬ ‫ة َوي ْ‬ ‫من ً‬‫لصطدم ي ْ‬
‫ن الطريقة هي التي‬ ‫ص ‪ ،‬والسيارةُ هي هي ‪ ،‬لك ّ‬ ‫ولم ينق ْ‬
‫ق وهذه بشد ّةٍ ‪ .‬والشجرة ُ الصغيرة ُ التي‬ ‫اختلفت‪ ،‬تلك برف ٍ‬
‫دنا ‪ ،‬إذا سكبت عليها الماء شيئا ً‬ ‫ض فناِء أح ِ‬ ‫سها في حو ِ‬ ‫نغر ُ‬
‫ة من هذا الماء‬ ‫ب منه وينفُعها ‪ ،‬فإذا أخذت كمي ً‬ ‫فشيئا ً تشر ُ‬
‫ة واحدة لقتلعت هذه النبتة من‬ ‫جمه وألقيته دفع ً‬ ‫بعينهِ وح ْ‬
‫مكاِنها ‪ ،‬إن كمية الماِء واحدةٌ ولكن السلوب تغّير ‪.‬‬
‫ن سلمة ثوِبه ‪ ،‬خلف من‬ ‫ق يضم ُ‬ ‫ن يخلعُ ثوبه برف ٍ‬ ‫إن م ْ‬
‫يجذ ُِبه بقوةٍ ويسحُبه بسرعةٍ ‪ ،‬فإنه يشكو من تقط ِّع أزراِره‬
‫وتمّزقِهِ ‪.‬‬
‫ق إخوةِ يوسف في‬ ‫م صد ِ‬ ‫ف ع َد َ َ‬‫ومن اللطائف في انكشا ِ‬
‫مهم أن الذئب أكله ‪ :‬أنهم خلُعوا الثوب‬ ‫مجيِئهم بثوب ِهِ ‪ ،‬وزع ْ ِ‬
‫ب كما زعموا‬ ‫برفق فلم يحصل فيه شقوقٌ ‪ ،‬ولو أكله الذئ ُ‬
‫ق ‪ ،‬ولم يخل ْْعه خْلعا ً ‪.‬‬ ‫ل ممّز ٍ‬ ‫لمّزق الثوب ك ّ‬
‫سنا ‪ )) :‬وإن‬ ‫ق نرفقُ بأنف ِ‬ ‫ج إلى رف ٍ‬ ‫إن حياتنا تحتا ُ‬
‫سك عليك حقا ً (( ‪ .‬نرفقُ بإخواننا ‪ )) :‬إن الله‬ ‫لنف ِ‬
‫رفيق يحب الرفق (( ‪ .‬نرفقُ بالمرأةِ ‪ )) :‬رفقا ً‬
‫ر (( ‪.‬‬ ‫بالقواري ِ‬
‫ت‬
‫ك على ممرا ِ‬ ‫على الجسورِ الخشبِية التي بناها الترا ُ‬
‫ب في أول الجسرِ ‪ :‬رفقا ً رفقا ً ‪ .‬لن الماّر‬ ‫النهارِ ‪ ،‬مكتو ٌ‬
‫ط ‪،‬أما المسرع ُ فجديُر أن يهوي إلى مستقّر‬ ‫بهدوٍء ل يسق ُ‬
‫النهر ‪.‬‬
‫ن في مدينة »‬ ‫ت لديب سوريّ كان يسك ُ‬ ‫كرا ٍ‬ ‫وفي مذ ّ‬
‫ة ‪ ،‬أراد أن يعبر بها على جسر‬ ‫ة ناري ٌ‬ ‫السلمية « ‪ ،‬وله دّراج ٌ‬
‫وه لمن أراد أن‬ ‫ب على النهرِ ‪ ،‬وهم بن ْ‬ ‫ك من الخش ِ‬ ‫بناه الترا ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪373‬‬
‫ت‬‫يمشي بدراجته متئدا ً متأنيا ً ‪ ،‬قال هذا الرجل ‪ :‬فذهب ُ‬
‫ر‬
‫ت من أعلى الجس ِ‬ ‫مسرعا ً على جسري ‪ ،‬فلما أصبح ُ‬
‫سَرة ً ‪ ،‬وأنا لم أرفقْ بنفسي‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫من َ ً‬‫ت يَ ْ‬‫سطا ً النهر ‪ ،‬نظر ُ‬ ‫متو ّ‬
‫ت بدراجتي‬ ‫ل نظري ‪ ،‬فوقع ُ‬ ‫ت بي واخت ّ‬ ‫ول بدراجتي فاضطرب ْ‬
‫ة طويلة ‪.‬‬ ‫في النهرِ ‪ ...‬وكانت قص ً‬
‫ن‬
‫ض مد ِ‬ ‫ق الزهورِ والورود في بع ِ‬ ‫ل حدائ ٍ‬ ‫ن على مداخ ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ق« ‪ ،‬لن الداخل مسرعا ً‬ ‫ة مكتوب فيها ‪» :‬ت ََرفّ ْ‬ ‫أوروبة ‪ :‬لوح ٌ‬
‫ن سلمة ذاك الوردِ‬ ‫ل يرى ذاك النبت الجميل ول يضم ُ‬
‫الباهي ‪ ،‬فيحصل الدعس والدفس والبادة ‪ ،‬لنه ما رفق ول‬
‫تأّنى ‪.‬‬
‫هناك معادلة تربوية تقول ‪ :‬إن العصفور تربوية تقول ‪:‬‬
‫ن‬‫إن العصفور ل يترفّقُ كالنحلة ‪ .‬وفي الحديث ‪ )) :‬المؤم ُ‬
‫ت على‬ ‫ع طيبا ً ‪ ،‬وإذا وقع ْ‬ ‫ل طيبا ً وتض ُ‬ ‫كالنحلة ‪ ،‬تأك ُ‬
‫س بها الزهرةُ أبدا ً ‪،‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ره (( ‪ .‬فالنحلة ل ت ُ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫عوٍد لم تك ْ‬ ‫ُ‬
‫ق ‪ .‬والعصفوُر‬ ‫ل مطلوبها برف ٍ‬ ‫وهي تعلقُ الرحيق بهدوء ‪ ،‬وتنا ُ‬
‫مه يخبُر الناس بنزوِله على سنابل ‪ ،‬فإذا أراد‬ ‫على ضآلةِ جس ِ‬
‫النزول سقط سقوطا ً ‪ ،‬ووثب وْثبا ً ‪.‬‬
‫ة‬
‫سام الهنديّ ‪ ،‬وقد رسم لوح ً‬ ‫ل أذكُر قصة الر ّ‬ ‫ول أزا ُ‬
‫ة قمح عليها عصفوٌر قد وقع ‪،‬‬ ‫خصها ‪ :‬سنبل ُ‬ ‫ن مل ّ‬ ‫بديعة الحس ِ‬
‫ل‬‫ة الطو ِ‬ ‫ة النموّ ‪ ،‬باسق ُ‬ ‫ب ‪ ،‬مترعرع ُ‬ ‫ة بالح ّ‬ ‫وهذه السنبلة مليئ ٌ‬
‫س يهّنئون‬ ‫ك على جدارِ ديواِنه ‪ ،‬ودخل النا ُ‬ ‫‪ ،‬وعّلقها المل ِ ُ‬
‫سام على حسِنها ‪ ،‬ودخل‬ ‫الملك بهذه اللوحةِ ويشكرون الر ّ‬
‫ط الزحام ِ فاعترض على اللوحةِ ‪،‬‬ ‫ل فقيٌر مغموٌر في وس ِ‬ ‫رج ٌ‬
‫جوا ‪ ،‬لنه خالف‬ ‫س به وص ّ‬ ‫ج النا ُ‬ ‫طأ ‪ ،‬وض ّ‬ ‫وأخبَر أنها خ ٌ‬
‫ق وقال ‪ :‬ما عندك؟ قال ‪:‬‬ ‫ك برف ٍ‬ ‫الجماع‪ ،‬فاستدعاه المل ُ‬
‫م ؟ قال ‪:‬‬ ‫ط عْرضها ‪ .‬قال ‪ :‬ول ِ َ‬ ‫غل ٌ‬ ‫مها ‪ ،‬وَ َ‬ ‫طأ رس ُ‬ ‫ةخ ٌ‬ ‫هذه اللوح ُ‬
‫م العصفور على السنبلةِ وترك السنبلة‬ ‫ن الرسام رس َ‬ ‫ل ّ‬
‫ن العصفور إذا نزل على‬ ‫طأ ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ة ممتدةً ‪ ،‬وهذا خ ٌ‬ ‫مستقيم ً‬
‫ك الرفق ‪.‬‬ ‫ل ل يمل ُ‬‫سنبلة القمِح أمالها‪ ،‬وأخضعها ‪ ،‬لنه ثقي ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪374‬‬
‫وحة ‪،‬‬ ‫س‪ :‬صدقت ‪ .‬وأنزل الل ّ ْ‬ ‫ك ‪ :‬صدقت ‪ .‬وقال النا ُ‬ ‫قال المل ُ‬
‫سحبت الجائزة ُ من الرسام ِ ‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ج ‪ ،‬وفي‬ ‫ل العل ِ‬ ‫ق في تناو ِ‬ ‫ن الطباء ُيوصون بالرف ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ل والخذِ والعطاِء ‪.‬‬ ‫مزاولةِ العم ِ‬
‫سه ‪ ،‬وآخر‬ ‫سّنه بنف ِ‬ ‫فذاك يقلعُ ظْفره بيده ‪ ،‬وذاك يباشُر ِ‬
‫ضغها ‪.‬‬ ‫كبَرها وما أحسن م ْ‬ ‫ص باللقمة ‪ ،‬لنه أ َ َ‬ ‫ي َغُ ّ‬
‫ض‬
‫ت لبع ِ‬ ‫مُر ‪ .‬قرأ ُ‬ ‫إن الماء يترفّقُ ‪ ،‬وإن الريح ُتزمجُر فتد ّ‬
‫ه في دخوِله‬ ‫من فِْقهِ الرجل رِفَْق ُ‬ ‫ف أنه قال ‪ :‬إن ِ‬ ‫السل ِ‬
‫ب دابتهِ ‪.‬‬ ‫خل ِْع نعِله وركو ِ‬ ‫جه منه ‪ ،‬وارتداِء ثوِبه و َ‬ ‫وخرو ِ‬
‫ل‬
‫ش في أخذ المورِ وتناو ِ‬ ‫ج والطي ْ َ‬ ‫ة والهو َ‬ ‫جل َ‬‫إن العَ َ‬
‫خي َْر‬
‫ت المنفِعة ‪ ،‬لن ال َ‬ ‫ل الضررِ وتفوي ِ‬ ‫ة بحصو ِ‬ ‫الشياء ‪ ،‬ك َِفيل ٌ‬
‫ق في شيء إل ّ‬ ‫ق ‪ )) :‬ما كان الرف ُ‬ ‫ُبني على الرف ِ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ق من شيء إل ّ شان ُ‬ ‫زانه ‪ ،‬وما ُنزع الرف ُ‬
‫ح ‪ ،‬وتنقاد ُ له‬ ‫ن له الروا ُ‬ ‫ل ُتذع ُ‬ ‫ن الرفق في التعام ِ‬ ‫إ ّ‬
‫س‪.‬‬ ‫ب ‪ ،‬وتخشعُ له النفو ُ‬ ‫القلو ُ‬
‫م له‬ ‫خي ْرٍ ‪ ،‬تستسل ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ح لك ّ‬ ‫مفتا ٌ‬ ‫إن الرفيق من البشرِ ِ‬
‫ما‬ ‫فب ِ َ‬ ‫ب الحاقدةُ ‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ب إليه القلو ُ‬ ‫س المستعصية ‪ ،‬وتثو ُ‬ ‫النفو ُ‬
‫قل ْ ِ‬
‫ب‬ ‫ظ ال ْ َ‬ ‫غِلي َ‬ ‫فظّا ً َ‬ ‫ت َ‬ ‫كن َ‬‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫ه ِلن َ‬‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫ك﴾‪.‬‬ ‫ول ِ َ‬
‫ح ْ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ْ ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫لن َ‬ ‫َ‬
‫*******************************************‬
‫ة‬
‫وقفــــ ٌ‬
‫ث بصيغةِ الغائب ‪:‬‬ ‫طه حسين يتحد ّ ُ‬
‫س ُولد كما ُيولدون ‪،‬‬ ‫ً‬
‫» كان يرى نفسه إنسانا من النا ِ‬
‫سمون‬ ‫سم الوقت والنشاط فيما يق ّ‬ ‫وعاش كما يعيشون ‪ ،‬يق ّ‬
‫س إلى أحدٍ ‪ ،‬ولم‬ ‫ن يأن ُ‬
‫فيه وقتهم ونشاطهم ‪ ،‬ولكنه لم يك ْ‬
‫س والشياء‬ ‫رب بينه وبين النا ِ‬ ‫ض ِ‬
‫ن إلى شيء ‪ ،‬قد ُ‬ ‫ن يطمئ ّ‬‫يك ْ‬
‫ط‬‫ن ‪ ،‬وباطُنه من قِب َِله السخ ُ‬ ‫ب ظاهُره الرضا والم ُ‬ ‫حجا ٌ‬
‫س ‪ ،‬في صحراء موحشة ل‬ ‫ب النف ِ‬ ‫ف والقلقُ واضطرا ُ‬ ‫والخو ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪375‬‬
‫م فيها العلم ‪ ،‬ول يتبّين فيها طريقه‬ ‫دها الحدود ُ ‪ ،‬ول تقو ُ‬ ‫تح ّ‬
‫ن أن يسلكها ‪ ،‬وغايته التي يمكن أن ينتهي إليها « ‪.‬‬ ‫التي يمك ُ‬
‫ب‬‫ة ‪ » :‬إنها تمّر بالقل ِ‬
‫ن تيمي َ‬ ‫ل شي ُ‬
‫خ السلم ِ اب ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ل هذا‬‫مث ْ ِ‬‫ل الجنة في ِ‬ ‫ت من السرور أقول ‪ :‬إن كان أه ُ‬ ‫لحظا ٌ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫ش طي ّ ٍ‬‫العيش ‪ ،‬إّنهم لفي عي ٍ‬
‫وقال إبراهيم بن أدهم ‪ » :‬نحن في عيش لو علم به‬
‫ف«‪.‬‬ ‫سيو ِ‬ ‫ك لجالدونا عليه بال ّ‬ ‫الملو ُ‬
‫************************************‬
‫‪/http://www.saaid.net‬‬
‫حتى تكون أسعد الناس‬
‫ن‬
‫ل الغموم ‪ ,‬وهو قرة ُ عي ِ‬ ‫ب الهموم ‪,‬ويزي ُ‬ ‫ن ي ُذ ْهِ ُ‬
‫اليما ُ‬ ‫•‬
‫الموحدين ‪ ,‬وسلوةُ العابدين ‪.‬‬
‫ت ‪,‬فل تفكْر فيما‬ ‫ب ما َ‬ ‫ت ‪ ,‬وما ذه َ‬ ‫ما مضى فا َ‬ ‫•‬
‫مضى ‪ ,‬فقد ذهب وانقضى ‪.‬‬
‫ل‬‫ق المقسوم ِ ‪ ,‬ك ّ‬ ‫ارض بالقضاِء المحتوم ِ ‪ ,‬والرز ِ‬ ‫•‬
‫جَر ‪.‬‬‫ض َ‬ ‫شيٍء بقدرٍ ‪ ،‬فدِع ال ّ‬
‫ب ‪ ,‬وبه‬ ‫ط الذنو ُ‬‫ب ‪ ,‬وتح ّ‬ ‫ن القلو ُ‬ ‫أل بذكر اللهِ تطمئ ّ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬‫ج الكرو ِ‬ ‫ب ‪ ,‬وبه تفر ُ‬ ‫م الغيو ِ‬ ‫يرضى عل ّ ُ‬
‫ل تنتظْر شكرا ً من أحدٍ ‪ ,‬ويكفي ثواب الصمد ِ ‪ ,‬وما‬ ‫•‬
‫د‪.‬‬
‫د‪ ,‬وحس َ‬ ‫ن جحد َ ‪ ,‬وحق َ‬ ‫م ْ‬ ‫عليك م ّ‬
‫ش في حدودِ‬ ‫إذا أصبحت فل تنتظرِ المساء ‪ ,‬وع ْ‬ ‫•‬
‫مك ‪.‬‬ ‫مك لصلِح يو ِ‬ ‫اليوم ِ ‪ ,‬وأجمعْ ه ّ‬
‫م بالغد ِ ؛ لنك إذا‬ ‫ل حتى يأتي ‪ ,‬ول تهت ّ‬ ‫ك المستقب َ‬ ‫اتر ِ‬ ‫•‬
‫ك‪.‬‬‫أصلحت يومك صلح غ َد ُ َ‬
‫ج منه‬ ‫د‪ ,‬ونّقهِ من الحقد ِ ‪ ,‬وأخر ْ‬ ‫طهّْر قلبك من الحس ِ‬ ‫•‬
‫ل منه الشحناَء‪.‬‬ ‫البغضاء ‪ ,‬وأز ْ‬
‫ل الناس إل من خيرٍ ‪ ,‬وكن جليس بيِتك ‪ ,‬وأقب ْ‬
‫ل‬ ‫اعتز ِ‬ ‫•‬
‫ل من المخالطةِ ‪.‬‬ ‫على شأِنك ‪ ,‬وقل ّ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪376‬‬
‫ب‬‫ب ‪ ,‬فسامرِ الكتب ‪ ,‬وصاح ِ‬ ‫ن الصحا ِ‬ ‫ب أحس ُ‬ ‫الكتا ُ‬ ‫•‬
‫ق المعرفة ‪.‬‬ ‫م ‪ ,‬وراف ِ‬ ‫العِل ْ َ‬
‫سك‬ ‫ب في ملب ِ‬ ‫ن ُبني على النظام ِ ‪ ,‬فعليك بالترتي ِ‬ ‫الكو ُ‬ ‫•‬
‫وبيِتك ومكتِبك وواجِبك ‪.‬‬
‫ج في‬ ‫ج إلى الفضاِء ‪ ,‬وطالِع الحدائق الغناء وتفّر ْ‬ ‫اخر ْ‬ ‫•‬
‫ق‪.‬‬ ‫َ ْ‬
‫ق الباري وإبداِع الخال ِ‬ ‫خل ِ‬
‫ل‪,‬‬‫ل والخمو َ‬ ‫س َ‬ ‫ب الك َ َ‬
‫عليك بالمشي والرياضةِ ‪ ,‬واجتن ِ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫واهجرِ الفراغَ والبطال َ‬
‫خ ‪ ،‬وتفكْر في عجائبهِ ‪ ،‬وتدْبر غرائَبه‬ ‫اقرأ التاري َ‬ ‫•‬
‫صه وأخباِره ‪.‬‬ ‫واستمتعْ بقص ِ‬
‫ب معيشِتك ‪ ,‬وغي ّْر من‬ ‫جد ّد ْ حياَتك ‪ ,‬ونوّعْ أسالي َ‬ ‫•‬
‫شه ‪.‬‬ ‫ن الذي تعي ُ‬ ‫الروتي ِ‬
‫ة‪ ,‬واحذِر‬ ‫ت والكثار منها كالشاي والقهو ِ‬ ‫اهجر المنبها ِ‬ ‫•‬
‫ة وغَي َْرها‪.‬‬ ‫التدخين والشيش َ‬
‫رك‬ ‫ب مظه ِ‬ ‫ن رائحِتك وترتي ِ‬ ‫ن بنظافة ثوِبك وحس ِ‬ ‫اعت ِ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ك والطي ِ‬ ‫مع السوا ِ‬
‫م والحبا َ‬
‫ط‬ ‫ل تقرأ ْ‬ ‫•‬
‫ب التي ترّبي التشاؤ َ‬ ‫ِ‬ ‫الكت‬ ‫بعض‬
‫ط‪.‬‬ ‫س والقنو َ‬ ‫واليأ َ‬
‫ل التوبة ويعفو عن‬ ‫تذكْر أن رّبك واسعُ المغفرةِ يقب ُ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت حسنا ٍ‬ ‫ل السيئا ِ‬ ‫عباده ‪ ,‬ويبد ُ‬
‫ر‬
‫ست ْ ِ‬‫ل والعافيةِ وال ّ‬ ‫ن والعق ِ‬ ‫اشكُر رّبك على نعمةِ الدي ِ‬ ‫•‬
‫رها ‪.‬‬‫ق والذريةِ وغي ِ‬ ‫والسمِع والبصرِ والرز ِ‬
‫حَته أو هو‬ ‫م أن في الناس من فََقد َ عقله أو ِ‬
‫ص ّ‬ ‫أل تعل ُ‬ ‫•‬
‫ل أو مبتًلى ؟! ‪.‬‬ ‫س أو مشلو ٌ‬ ‫محبو ٌ‬
‫ن حفظا ً وتلوة ٌ وسماعا ً وتدبرا ً فإنه من‬ ‫ش مع القرا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫ن واله ّ‬ ‫أعظم ِ العلِج لطردِ الحز ِ‬
‫مه ‪,‬‬ ‫ض بحك ِ‬ ‫ض المَر إليه ‪ ,‬وار َ‬ ‫ل على اللهِ وفوّ ْ‬ ‫توك ْ‬ ‫•‬
‫ك‪.‬‬ ‫سُبك وكافي َ‬ ‫ح ْ‬ ‫مد عليه فهو َ‬ ‫والجأ إليه ‪ ,‬واعت ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪377‬‬
‫ط من‬ ‫ل من قطَعك ‪ ,‬وأع ِ‬ ‫مك ‪ ,‬وص ْ‬ ‫ن ظل َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فع ّ‬ ‫اع ُ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬‫ك تجد ِ السروَر والم َ‬ ‫م على من أساَء إلي َ‬ ‫مك ‪ ,‬واحل ْ‬ ‫حر َ‬
‫ح‬
‫ه « فإنها تشر ُ‬ ‫وة إل بالل ِ‬ ‫ل ول ق َ‬ ‫ك َّرْر »ل حو َ‬ ‫•‬
‫ل ‪ ,‬وترضي ذا الجلل‬ ‫ل ‪ ,‬وُتحمل بها الثقا ُ‬ ‫ل وتصلح الحا َ‬ ‫البا َ‬
‫‪.‬‬
‫ة‬
‫ج والذري ُ‬ ‫أكثر من الستغفارِ ‪ ,‬فمَعه الرزقُ والفر ُ‬ ‫•‬
‫ط الخطايا ‪.‬‬ ‫م النافعُ والتيسيُر وح ّ‬ ‫والعِل ْ ُ‬
‫اقنعْ بصورِتك وموهبِتك ودخِلك وأهِلك وبِيتك تجدِ‬ ‫•‬
‫ة والسعادة َ ‪.‬‬ ‫الراح َ‬
‫ب وأنه‬ ‫ج مع الك َْر ِ‬ ‫اعلم أن مع العسرِ يسرا ً ‪ ،‬وأن الفر َ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫م دو ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬وأن اليا َ‬ ‫م الحا ُ‬ ‫ل يدو ُ‬
‫ن برّبك‬ ‫س ‪ ,‬وأحسن الظ ّ‬ ‫ط ول تيأ ْ‬ ‫ل ول تقن ْ‬ ‫تفاء ْ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل خيرٍ وجمي ِ‬ ‫وانتظْر منه ك ّ‬
‫حة فقد‬ ‫ح باختيارِ اللهِ لك ‪ ,‬فإنك ل تدري بالمصل ِ‬ ‫افر ْ‬ ‫•‬
‫ن الشدةُ لك خْيرا ً من الرخاء ‪.‬‬ ‫تكو ُ‬
‫ب‬‫ب بينك وبين اللهِ ويعّلمك الدعاء ويذه ُ‬ ‫البلُء يقّر ُ‬ ‫•‬
‫خَر ‪.‬‬ ‫ب والَف ْ‬ ‫ج َ‬ ‫عنك الك ِب َْر والعُ ْ‬
‫سك قناطير النعم وكنوز الخيرات‬ ‫ل في نف ِ‬ ‫أنت تحم ُ‬ ‫•‬
‫التي وهبك الله إياها ‪.‬‬
‫أحسن إلى الناس وقدم ِ الخير للبشرِ ؛ لتلقى‬ ‫•‬
‫ض وإعطاِء فقيرٍ والرحمةِ بيتيم ٍ ‪.‬‬ ‫السعادة من عيادةِ مري ٍ‬
‫ت‬‫م ‪ ،‬والخيال ِ‬ ‫ن ‪ ،‬واطرِح الوها َ‬ ‫ب سوء الظ ّ‬ ‫اجتن ْ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫الفاسدةَ ‪ ،‬والفكاَر المريض َ‬
‫م‬
‫م من اله ّ‬ ‫سل ِ َ‬‫ت الوحيد َ في البلِء ‪ ,‬فما َ‬ ‫اعلم أنك لس َ‬ ‫•‬
‫شٌر ‪.‬‬ ‫أحد ٌ ‪ ,‬وما نجا من الشدةِ ب َ َ‬
‫ت وكدرٍ فاقبْلها‬ ‫ن وبلٍء ومنّغصا ٍ‬ ‫تيّقن أن الدنيا داُر مح ٍ‬ ‫•‬
‫ن باللهِ ‪.‬‬ ‫على حاِلها واستع ْ‬
‫من ع ُزِ َ‬
‫ل‬ ‫تفكْر فيمن سبقوك في مسيرةِ الحياةِ م ّ‬ ‫•‬
‫ب وصودَر ‪.‬‬ ‫ي ونك َ‬ ‫ن وابتل َ‬ ‫ح َ‬ ‫مت ُ ِ‬ ‫ل وا ْ‬ ‫س وقت َ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫و ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪378‬‬
‫م‬
‫م والغ ّ‬ ‫كل ما أصابك فأجُره على اللهِ من اله ّ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ن والمصائ ِ‬ ‫ض والد َي ْ ِ‬ ‫ن والجوِع والفقرِ والمر ِ‬ ‫والحز ِ‬
‫ح السماع والبصار وتحيي‬ ‫م أن الشدائد تفت ُ‬ ‫اعل ْ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬وتذكر العبد َ وتزيد الثوا َ‬ ‫ب ‪ ،‬وتردع ُ النف َ‬ ‫القل َ‬
‫ق‬
‫ث ‪ ,‬ول تنتظر السوَء‪ ,‬ول تصد ِ‬ ‫ل تتوقِع الحواد َ‬ ‫•‬
‫ف‪.‬‬ ‫م للراجي ِ‬ ‫ت ‪ ,‬ول تستسل ْ‬ ‫الشائعا ِ‬
‫ه‬
‫ب ما ُيسمع من مكرو ٍ‬ ‫ن ‪ ,‬وغال ُ‬ ‫ف ل يكو ُ‬ ‫أكثُر ما ُيخا ُ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬‫ة ومنه العَوْ ُ‬ ‫ة وعنده رعاي ٌ‬ ‫ل يقعُ ‪ ,‬وفي اللهِ كفاي ٌ‬
‫مى‬ ‫ح ّ‬ ‫دة فإنهم ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫س الُبغضاَء والُثقلَء وال َ‬ ‫ل تجال ِ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬ ‫ة الحزا ِ‬ ‫ل الك َد َرِ وحمل ُ‬ ‫س ُ‬
‫م ُر ُ‬ ‫الروِح ‪ ,‬وه ْ‬
‫ث في‬ ‫مك ْ َ‬ ‫ة ‪ ,‬وأكثرِ ال ُ‬ ‫ظ على تكبيرة الحرام ِ جماع ً‬ ‫حاف ْ‬ ‫•‬
‫سك المبادرة َ للصلةِ لتجد َ السروَر ‪.‬‬ ‫ود نف َ‬ ‫المسجدِ ‪ ,‬وع ّ‬
‫ن ‪ ،‬وهي‬ ‫ب ‪ ,‬فإنها مصدُر الهموم ِ والحزا ِ‬ ‫إياك والذنو َ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫ب والزما ِ‬ ‫ب المصائ ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وبا ُ‬ ‫سبب النكبا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ك إ ِّني ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه إ ِل ّ أن ْ َ‬ ‫م على ﴿ل إ ِل َ َ‬ ‫داو ْ‬ ‫•‬
‫كرب ‪ ,‬ونبأ ٌ‬ ‫ال ّ‬
‫ب في كشف ال ْ ِ‬ ‫ن﴾ ‪ .‬فلها سّر عجي ٌ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫م في رفِع المح ِ‬ ‫عظي ٌ‬
‫ئ الذي يقال‬ ‫ل القبيِح والكلم ِ السي ِ‬ ‫ل تتأْثر من القو ِ‬ ‫•‬
‫فيك ‪ ،‬فإنه يؤذي قائَله ول يؤذيك ‪.‬‬
‫ساِدك يساوي قيمَتك ؛ لنك‬ ‫مح ّ‬ ‫ب أعدائك لك وشت ُ‬ ‫س ّ‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫ت شيئا ً مذكورا ً ‪ ،‬ورجل ً مهما ً ‪.‬‬ ‫أصبح َ‬
‫دى لك حسناِته ‪ ،‬وح ّ‬
‫ط‬ ‫م أن من اغتابك فقد أه َ‬ ‫اعل ْ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫من سيئاِتك ‪ ،‬وجعَلك مشهورًا‪ ،‬وهذه نعم ٌ‬
‫ة‬
‫سك في العبادةِ ‪ ,‬والزم ِ السن َ‬ ‫ل تشد ّد ْ على نف ِ‬ ‫•‬
‫ك والغُل ُوّ ‪.‬‬ ‫ط وإيا َ‬ ‫ك الوس َ‬ ‫واقتصد ْ في الطاعةِ ‪ ,‬واسل ِ‬
‫ح صدُرك ‪ ,‬فبقدرِ صفاِء‬ ‫ص توحيدك لربك لينشر َ‬ ‫أخل ْ‬ ‫•‬
‫ن سعادُتك ‪.‬‬ ‫صك تكو ُ‬ ‫دك ونقاِء إخل ِ‬ ‫توحي ِ‬
‫ة‬
‫س ‪ ،‬لديك هم ٌ‬ ‫ت النف ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ثاب َ‬ ‫كن شجاعا ً قويّ القل ِ‬ ‫•‬
‫ف‪.‬‬ ‫ة ‪ ,‬ول تغرّنك الزوابعُ والراجي ُ‬ ‫وعزيم ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪379‬‬
‫ح وباله واسعٌ ‪،‬‬ ‫عليك بالجود فإن صدَر الجوادِ منشر ٌ‬ ‫•‬
‫ب ‪ ،‬مكدُر الخاطرِ ‪.‬‬ ‫م القل ِ‬ ‫ل ضيقُ الصدرِ ‪ ،‬مظل ُ‬ ‫والبخي ُ‬
‫م‬
‫ن لهم الكل َ‬ ‫دهم ‪ ,‬وأل ْ‬ ‫بو ّ‬ ‫س تكس ْ‬ ‫أبسط وجَهك للنا ِ‬ ‫•‬
‫ضع لهم يجّلوك ‪.‬‬ ‫يحبوك ‪ ,‬وتوا ْ‬
‫ئ‬
‫س ‪ ,‬وأطف ِ‬ ‫ن ‪ ,‬وترفقْ بالنا ِ‬ ‫ادفع بالتي هي أحس ُ‬ ‫•‬
‫ك‪.‬‬ ‫م أعداُءك ‪ ,‬وكّثر أصدقاَء َ‬ ‫ت ‪ ,‬وسال ْ‬ ‫العداوا ِ‬
‫مه‬
‫ب السعادةِ دعاُء الوالدين ‪ ,‬فاغتن ْ‬ ‫من أعظم أبوا ِ‬ ‫•‬
‫ل مكروهٍ ‪.‬‬ ‫ببّرهما ليكون لك دعاؤهما حصنا ً حصينا ً من ك ّ‬
‫ح ما يبدُر منهم ‪,‬‬ ‫اقبل الناس على ما هم عليه وسام ْ‬ ‫•‬
‫س والحياةِ ‪.‬‬ ‫م أن هذه هي سنة اللهِ في النا ِ‬ ‫واعل ْ‬
‫ش واقَعك ‪ ,‬فأنت تريد ُ‬ ‫ت بل ع ْ‬ ‫ش في المثالّيا ِ‬ ‫ل تع ْ‬ ‫•‬
‫ن عاد ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫س ما ل تستطيعه فك ْ‬ ‫من النا ِ‬
‫ة والسراف‬ ‫ك والرفاهي َ‬ ‫ش حياة البساطةِ وإيا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫•‬
‫ح‪.‬‬‫ت الرو ُ‬ ‫م تعّقد ِ‬ ‫ه الجس ُ‬ ‫خ فكلما ترفّ َ‬ ‫والب َذ ْ َ‬
‫ة‪,‬‬ ‫ظ لك وصيان ٌ‬ ‫ت فإنها حف ُ‬ ‫ظ على أذكارِ المناسبا ِ‬ ‫حاف ْ‬ ‫•‬
‫ك‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ح به يو ُ‬ ‫وفيها من السدادِ والرشادِ ما يصل ُ‬
‫ت واحد ٍ ‪ ،‬بل اجعْلها‬ ‫ل ول تجمْعها في وق ٍ‬ ‫وّزِع العما َ‬ ‫•‬
‫ؤك جيدا ً ‪.‬‬ ‫ن عطا ُ‬ ‫ت للراحةِ ليك ْ‬ ‫ت وبينها أوقا ُ‬ ‫في فترا ٍ‬
‫ل‬‫انظْر إلى من هو دونك في الجسم ِ والصورةِ والما ِ‬ ‫•‬
‫س‪.‬‬ ‫ف النا ِ‬ ‫م أنك فوقَ ألو ِ‬ ‫ت والوظيفةِ والذريةِ ‪ ،‬لتعل َ‬ ‫والبي ِ‬
‫ب‬‫ن وزوجةٍ قري ٌ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫خ واب ٍ‬ ‫ن أن كل من تعاملهم من أ ٍ‬ ‫تيّق ْ‬
‫ل‬
‫سك على تقب ِ‬ ‫ن نف َ‬ ‫ب‪ ،‬فوط ّ ْ‬ ‫وصديقٌ ل يخلو من عي ٍ‬
‫الجميِع ‪.‬‬
‫ح له‪،‬‬‫م الذي ترتا ُ‬ ‫الزم ِ الموهبة التي أعطيتها‪ ،‬والعل َ‬ ‫•‬
‫والرزقَ الذي فُِتح لك ‪ ،‬والعمل الذي يناسُبك‪.‬‬
‫م‬
‫ت‪ ،‬وكن سلي َ‬ ‫ص والهيئا ِ‬ ‫إياك وتجريح الشخا ِ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬‫ن الجان ِ‬ ‫ظ ‪ ،‬مأمو َ‬ ‫ب اللفا ِ‬ ‫ب الكلم ِ ‪ ،‬ع َذ ْ َ‬ ‫ن ‪،‬طي َ‬ ‫اللسا ِ‬
‫م ستٌر للخطايا‬ ‫ن للمعائب ‪،‬والحل َ‬ ‫ل دف ٌ‬ ‫م أن الحتما َ‬ ‫اعل ْ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ص والمثال َ‬ ‫ب واسعٌ يغطي النقائ َ‬ ‫‪ ,‬والجود َ ثو ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪380‬‬
‫ة تدب ُّر فيها أمورك ‪ ،‬وتراجعُ فيها‬ ‫سك ساع ً‬ ‫انفرد ْ بنف ِ‬ ‫•‬
‫ح بها دنياك ‪.‬‬ ‫نفسك ‪ ،‬وتتفكْر في آخرِتك ‪ ،‬وتصل ُ‬
‫ف ‪ ,‬وحديقُتك‬ ‫ة هي بستاُنك الوار ُ‬ ‫مكتبُتك المنزلي ُ‬ ‫•‬
‫الغّناُء ‪,‬فتنّزهْ فيها مع العلماِء والحكماِء والدباِء والشعراءِ ‪.‬‬
‫ب سؤا َ‬
‫ل‬ ‫م ‪ ,‬واجتن ْ‬ ‫ك والحرا َ‬ ‫ل وإيا َ‬ ‫ب الرزقَ الحل َ‬ ‫اكس ِ‬ ‫•‬
‫ك‬
‫ب بمال ِ ِ‬ ‫خي ٌْر من الوظيفةِ ‪ ,‬وضار ْ‬ ‫س ‪ ,‬والتجارةُ َ‬ ‫النا ِ‬
‫واقتصد ْ في المعيشةِ ‪.‬‬
‫س البائسين ‪,‬‬ ‫س المترفين ول لبا َ‬ ‫س وسطا ً ‪ ,‬ل لبا َ‬ ‫الب ْ‬ ‫•‬
‫س‪.‬‬‫كن كعامةِ النا ِ‬ ‫س‪,‬و ْ‬ ‫سك بلبا ٍ‬ ‫ول ُتشهْر نف َ‬
‫ق‬
‫ج ‪ ،‬ويغّير الخل َ‬ ‫ب يفسد ُ المزا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ب فإن الغَ َ‬ ‫ل تغض ْ‬ ‫•‬
‫ويسيُء العشرةَ ‪ ،‬ويفسد ُ المودةَ ‪ ،‬ويقطعُ الصلة ‪.‬‬
‫م أخرى ‪،‬‬ ‫سافر أحيانا ً لتجدد حياتك ‪ ،‬وتطالعَ عوال َ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫م جديدةً ‪ ،‬وبلدانا ً أخرى ‪ ،‬فالسفُر متع ٌ‬ ‫وتشاهد َ معال َ‬
‫ب لك أعماَلك ‪ ،‬وتنظ ُ‬
‫م‬ ‫ظ بمذكرة في جيِبك ترت ّ ُ‬ ‫احتف ُ‬ ‫•‬
‫ب بها ملحظاتك‪.‬‬ ‫دك ‪ ،‬وتكت ُ‬ ‫أوقاِتك ‪ ،‬وتذكُرك بمواعي ِ‬
‫م‬
‫عْره ُ‬ ‫س بالسلم ِ ‪ ،‬وحّيهم بالبسمةِ ‪ ،‬وأ ِ‬ ‫ابدأ ِ النا َ‬ ‫•‬
‫الهتمام ؛ لتكون حبيبا ً إلى قلوبهم قريبا ً منهم ‪.‬‬
‫سك ول تعتمد ْ على الناس ‪ ،‬واعتبْر أنهم عليك‬ ‫ثق بنف ِ‬ ‫•‬
‫ن الرخاِء ‪.‬‬ ‫ه ول تغتّر بإخوا ِ‬ ‫ل لك وليس معك إل الل ُ‬
‫ف بأداء‬ ‫ل والتسوي َ‬ ‫احذْر كلمة )سوف( وتأخيَر العما ِ‬ ‫•‬
‫ق‪.‬‬ ‫ل والخفا ِ‬ ‫ن الفش ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فإن هذ عنوا ُ‬ ‫الواج ِ‬
‫ب في‬ ‫اترك التردد َ في اتخاذ ِ القرارِ ‪ ،‬وإياك والتذبذ َ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬‫م وتقد ْ‬ ‫م واعز ْ‬ ‫ف ‪ ،‬بل اجز ْ‬ ‫المواق ِ‬
‫ف‬‫ت والوظائ ِ‬ ‫ل بين التخصصا ِ‬ ‫ل تضّيع عمرك في التنق ِ‬ ‫•‬
‫ح في شيء‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬فإن معنى هذا أنك لم تنج ْ‬ ‫والمه ِ‬
‫ب‬‫ت ‪ ،‬والمصائ ِ‬ ‫ب كالصالحا ِ‬ ‫ت الذنو ِ‬ ‫ح بمكفرا ِ‬ ‫افر ْ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ن‪ ،‬وشفاع ِ‬ ‫والتوبةِ ودعاِء المسلمين ‪ ،‬ورحمةِ الرحم ِ‬
‫ل‪. ‬‬ ‫الرسو ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪381‬‬
‫ة‪،‬‬ ‫ئ الخطيئ َ‬ ‫ل ‪ ،‬فإنها تطف ُ‬ ‫عليك بالصدقةِ ولو بالقلي ِ‬ ‫•‬
‫ق‪.‬‬ ‫م ‪ ،‬وتزيد ُ في الرز ِ‬ ‫ب اله ّ‬ ‫ب ‪ ،‬وت ُذ ْه ِ ُ‬ ‫وتسّر القل َ‬
‫ل قدوتك إمامك محمدا ً ‪ ‬فإنه القائد ُ إلى‬ ‫اجع ْ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ل على النجاِح ‪ ،‬والمرشد ُ إلى النجا ِ‬ ‫السعادةِ ‪ ,‬والدا ّ‬
‫والفلِح ‪.‬‬
‫ن‬‫ج َ‬ ‫ة العافية ‪ ,‬والس ْ‬ ‫ُزرِ المستشفى لتعرف نعم َ‬ ‫•‬
‫ل؛‬ ‫ة العق ِ‬ ‫ف نعمة الحريةِ ‪ ,‬والمارستان لتعرف نعم َ‬ ‫لتعر َ‬
‫لنك في ن َِعم ل تدري بها ‪.‬‬
‫مها‬ ‫ة أكبَر من حج ِ‬ ‫ط المسأل َ‬ ‫ه ‪ ,‬ول تع ِ‬ ‫مك التوافِ ُ‬ ‫ل تحط ْ‬ ‫•‬
‫ث‪.‬‬‫ل المورِ والمبالغةِ في الحدا ِ‬ ‫‪ ,‬واحذْر من تهوي ِ‬
‫س العذاَر لمن أساَء إليك‬ ‫ق ‪ ،‬والتم ِ‬ ‫كن واسع الفُ ِ‬ ‫•‬
‫ة النتقام ِ ‪.‬‬ ‫لتعش في سكينةٍ وهدوٍء ‪ ,‬وإياك ومحاول َ‬
‫ح أعداءك بغضِبك وحزِنك فإن هذا ما يريدون ‪,‬‬ ‫ل ُتفرِ ْ‬ ‫•‬
‫فل تحققْ أمنيَتهم الغالية في تعكيرِ حياِتك ‪.‬‬
‫ت والحقادِ ‪،‬‬ ‫ل توقد فرنا ً في صدرك من العداوا ِ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫ب دائ ٌ‬ ‫س ‪ ،‬وكرهِ الخرين ‪ ,‬فإن هذا عذا ٌ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫وبغ ِ‬
‫سك ‪ ,‬صموتا ً إل من خيرٍ ‪ ,‬طلق‬ ‫كن مهذبا ً في مجل ِ‬ ‫•‬
‫سك ‪ ،‬منصتا ً لحديِثهم ‪ ,‬ول تقاط ِعُْهم‬ ‫جهِ محترما ً لجل ّ ِ‬ ‫الوَ ْ‬
‫أثناء الكلم ِ ‪.‬‬
‫ح ‪ ,‬فإياك والوقوعَ‬ ‫جْر ِ‬‫ب ل يقعُ إل على ال ُ‬ ‫ن كالذبا ِ‬ ‫ل تك ْ‬ ‫•‬
‫ب‬‫ح بعثراِتهم وطل ِ‬ ‫س وذكرِ مثالِبهم والفر ِ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫في أعرا ِ‬
‫زلِتهم ‪.‬‬
‫ب‬‫م بها ‪ ،‬ول يره ُ‬ ‫ت الدنيا ول يهت ّ‬ ‫ن لفوا ِ‬ ‫ن ل يحز ُ‬ ‫المؤم ُ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة حقيرة ٌ فاني ٌ‬ ‫ة ذاهب ُ‬ ‫من كوارِثها ‪ ،‬لنها زائل ٌ‬
‫م ؛ فإنه عذاب‬ ‫ب المحر َ‬ ‫م ‪ ،‬والح ّ‬ ‫شقَ والغرا َ‬ ‫اهجرِ العِ ْ‬ ‫•‬
‫ره‬ ‫ب ‪ ,‬وافزع ْ إلى اللهِ وإلى ذك ِ‬ ‫ض للقل ِ‬ ‫للروِح ‪ ،‬ومر ٌ‬
‫وطاعِته ‪.‬‬
‫ث هموما ً وغموما ً‬ ‫إطلقُ النظرِ إلى الحرام ِ يور ُ‬ ‫•‬
‫ه‪.‬‬ ‫ف رب ّ ُ‬ ‫ض بصَره وخا َ‬ ‫ب ‪ ,‬والسعيد ُ من غ ّ‬ ‫وجراحا ً في القل ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪382‬‬
‫ت الطعام ِ ‪ ,‬وعليك بالمفيد ِ ‪،‬‬ ‫ب وجبا ِ‬ ‫احرص على ترتي ِ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬ ‫م وأنت شبعا ُ‬ ‫ب التخمة ‪ ،‬ول تن ْ‬ ‫واجتن ِ‬
‫ث ‪ ,‬ثم‬ ‫ف من الحواد ِ‬ ‫ت عند الخو ِ‬ ‫قدّر أسوأ الحتمال ِ‬ ‫•‬
‫ة واليسَر ‪.‬‬ ‫ل ذلك فسوف تجد ُ الراح َ‬ ‫ن نفسك لتقب َ‬ ‫وط ّ ْ‬
‫شعَ ‪ ,‬وإذا‬ ‫ل انق َ‬‫م اللي ُ‬ ‫ل انقط َعَ ‪ ,‬وإذا أظل َ‬ ‫إذا اشتد ّ الحب ُ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬ ‫سَري ْ ِ‬ ‫سٌر ي ُ ْ‬ ‫ب عُ ْ‬ ‫سعَ ‪ ,‬ولن يغل َ‬ ‫ضاقَ المُر ات ّ َ‬
‫ت كلبًا‪ ،‬وعفا‬ ‫ي سق ْ‬ ‫ن ‪ ،‬غ ََفَر لبغ ّ‬ ‫تفك ّْر في رحمةِ الرحم ِ‬ ‫•‬
‫س ‪ ،‬وبسط يده للتائبين ‪ ،‬ودعا النصارى‬ ‫ة نف ٍ‬ ‫ل مائ َ‬ ‫عمن قَت َ َ‬
‫للتوبةِ ‪.‬‬
‫ي‪ ،‬وإثر المرض‬ ‫بعد َ الجوع شب َعٌ ‪ ،‬وعقب الظمأ ِ رِ ّ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫سن ّ ٌ‬‫م يتلوه السروُر ‪َ ،‬‬ ‫ة ‪ ،‬والفقُر يعقُبه الغنى ‪ ،‬واله ّ‬ ‫عافي ٌ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ثابت ٌ‬
‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫ك ﴾ وتذكْرها عند‬ ‫صدَْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫تدب ّْر سورة ﴿ أل َ ْ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫م أنها من أعظم ِ الدويةِ عند الزما ِ‬ ‫الشدائد ِ ‪ ،‬واعل ْ‬
‫ه‬
‫ب )) ل إله إل الل ُ‬ ‫أين أنت من دعاِء الك َْر ِ‬ ‫•‬
‫ش العظيم‬ ‫ب العر ِ‬ ‫هر ّ‬ ‫م ‪ ،‬ل إله إل الل ُ‬ ‫م الحلي ُ‬ ‫العظي ُ‬
‫ب‬‫ضر ّ‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ت ور ّ‬ ‫ب السموا ِ‬ ‫‪،‬ل إله إل الله ر ّ‬
‫ش الكريم (( ‪.‬‬ ‫العر ِ‬
‫ت و تعوذ ْ من الشيطا ِ‬
‫ن‬ ‫ت فاسك ْ‬ ‫ب إذا غضب َ‬ ‫ل تغض ْ‬ ‫•‬
‫س وتوضأ وأكثْر من‬ ‫وغي ّْر مكانك ‪ ،‬وإن كنت قائما ً فاجل ْ‬
‫الذكرِ ‪.‬‬
‫م‬‫ل تجَزعْ من الشدةِ فإنها تقوي قلَبك ‪ ،‬وتذيُقك طع َ‬ ‫•‬
‫العافيةِ ‪ ،‬وتشد ّ من أزِرك وترفعُ شأِنك ‪ ،‬وتظهُر صبَرك‪.‬‬
‫ن‬
‫ح ِ‬ ‫مقٌ وجنون ‪ ،‬وهو مثل ط َ ْ‬ ‫ح ْ‬‫التفكر في الماضي ُ‬ ‫•‬
‫ت من قبوِرهم ‪.‬‬ ‫ج الموا ِ‬ ‫شرِ النشارةِ وإخرا ُ‬ ‫ن ون َ ْ‬ ‫الطحي ِ‬
‫ح‬‫م ْ‬ ‫ق من المصيبةِ ‪ ،‬وتل ّ‬ ‫ب المشر ِ‬ ‫انظْر إلى الجان ِ‬ ‫•‬
‫س بالمنكوبين ‪.‬‬ ‫رها ‪ ،‬وتأ ّ‬ ‫ل من غي ِ‬ ‫م أنها أسه ُ‬ ‫أجرها ‪ ،‬واعل ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪383‬‬
‫ن‬‫ما أصابك لم يكن ليخطَئك ‪ ،‬وما أخطأك لم يك ْ‬ ‫•‬
‫ق ‪ ,‬ول حيلة لك في‬ ‫م بما أنت ل ٍ‬ ‫ف القل َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ليصيَبك ‪ ,‬و ُ‬
‫القضاِء ‪.‬‬
‫ن شرابا ً‬ ‫ول خسائرك إلى أرباٍح ‪ ,‬واصنعْ من الليمو ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫•‬
‫ف مع‬ ‫ب حفنة سكرٍ ‪ ,‬وتكي ّ ْ‬ ‫ف إلى ماِء المصائ ِ‬ ‫حلوا ً ‪ ,‬وأض ْ‬
‫ظرِفك ‪.‬‬
‫س من روِح الله ول تقنط من رحمة الله ‪ ،‬ول‬ ‫ل تيأ ْ‬ ‫•‬
‫تنس عون الله ‪ ,‬فإن المعونة تنزل على قدر المؤونةِ ‪.‬‬
‫حب ‪ ,‬وأنت ل تدري‬ ‫الخيرةُ فيما تكره ُ أكثُر منها فيما ت ُ ّ‬ ‫•‬
‫ي نقمةٍ ‪ ،‬ومن خيرٍ في‬ ‫ب ‪ ,‬وكم من نعمةٍ في ط ّ‬ ‫بالعواق ِ‬
‫ب شّر ‪.‬‬ ‫جلبا ِ‬
‫ل‬‫ح بك في أوديةِ الهموم ِ ‪ ,‬وحاو ْ‬ ‫قي ّد ْ خياَلك لئل يجم َ‬ ‫•‬
‫دك ‪.‬‬ ‫ت التي عن َ‬ ‫ب والفتوحا ِ‬ ‫أن تفكَر في النعم ِ والمواه ِ‬
‫ة في بيِتك ومكتِبك ‪ ,‬ومن‬ ‫ب والضج َ‬ ‫اجتنب الصخ َ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫ة والنظا ُ‬ ‫علمات السعادةِ الهدوُء والسكين ُ‬
‫ب ‪ ,‬وهي تسمو‬ ‫خي ُْر معين على المصاع ِ‬ ‫الصلةُ َ‬ ‫•‬
‫ح إلى فضاءِ النوِر‬ ‫ق علويةٍ ‪ ،‬وتهاجُر بالرو ِ‬ ‫س في آفا ٍ‬ ‫بالنف ِ‬
‫والفلِح ‪.‬‬
‫ت‬ ‫س من النزوا ِ‬ ‫ل الجاد َ المثمَر يحرُر النف َ‬ ‫إن العم َ‬ ‫•‬
‫ت المحّرمةِ ‪.‬‬ ‫الشريرةِ والخواطرِ الثمةِ ‪ ،‬والنزعا ِ‬
‫ؤها وضياؤها‬ ‫ؤها وهوا ُ‬ ‫ؤها وغذا ُ‬ ‫السعادةُ شجرةٌ ما ُ‬ ‫•‬
‫ن باللهِ ‪ ،‬والداُر الخرةُ ‪.‬‬ ‫اليما ُ‬
‫ف‪،‬‬ ‫خل ُقٌ شري ٌ‬ ‫مو ُ‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫م ‪ ،‬وذوقٌ سلي ٌ‬ ‫بج ّ‬ ‫ده أد َ ٌ‬ ‫ن عن َ‬ ‫م ْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل والحا ِ‬ ‫ح البا ِ‬ ‫س ‪ ،‬ونال صل َ‬ ‫سه وأسعد َ النا َ‬ ‫أسعد َ نف َ‬
‫ل ‪ ,‬ونوّع ْ عليه‬ ‫ل ويم ّ‬ ‫ب يك ّ ّ‬ ‫رّوح على قلِبك فإن القل َ‬ ‫•‬
‫س له فنون الحكمةِ وأنواع المعرفةِ ‪.‬‬ ‫ب ‪ ,‬والتم ْ‬ ‫السالي َ‬
‫ح‬‫ح الصدَر ‪ ،‬ويوسعُ مداِرك النظرِ ويفت ُ‬ ‫العلم يشر ُ‬ ‫•‬
‫مها وحزِنها ‪.‬‬ ‫مها وغ ّ‬ ‫ج من ه ّ‬ ‫س فتخر ُ‬ ‫م النف ِ‬ ‫الفاقَ أما َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪384‬‬
‫ة‬
‫ت ومغالب ُ‬ ‫من السعادةِ النتصاُر على العقبا ِ‬ ‫•‬
‫حل‬ ‫ب ‪ ,‬فلذة ُ الظفرِ ل تعدلها لذة ٌ ‪ ،‬وفرحة النجا ِ‬ ‫الصعا ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫تساويها فرح ٌ‬
‫ب أن‬ ‫مْلهم بما تح ّ‬ ‫س فعا ِ‬‫ت أن تسعد َ مع النا ِ‬ ‫إذا أرد َ‬ ‫•‬
‫سهم أشياَءهم ‪ ،‬ول تضعْ من‬ ‫خ ْ‬ ‫يعاملوك به ‪ .‬ول تب َ‬
‫أقداِرهم ‪.‬‬
‫سه ‪ ،‬والعلم الذي يناسُبه ‪ ،‬وقام‬ ‫ن نف َ‬ ‫إذا عرف النسا ُ‬ ‫•‬
‫ل وجهٍ ؛ وجد لذة النجاح ومتعة النتصارِ ‪.‬‬ ‫به على أكم ِ‬
‫ل؛‬ ‫م من رصيدِ الما ِ‬ ‫ة والخبرة ُ أعظ ُ‬ ‫ة والتجرب ُ‬ ‫المعرف ُ‬ ‫•‬
‫ي‪.‬‬ ‫ي ‪ ،‬والفرح بالمعرفةِ إنسان ّ‬ ‫ل بهيم ّ‬ ‫لن الفرح بالما ِ‬
‫ل‬‫لك ّ‬ ‫خُر ‪ ،‬وليْقب َ ْ‬ ‫ت ال َ‬ ‫ب أحد ُ الزوجين فليصم ِ‬ ‫إذا غض َ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫منهما الخَر على ما فيه فإنه لن يخلوَ أحد ٌ من عي ٍ‬
‫ب ويفتح‬ ‫ون عليك الصعا َ‬ ‫ل يه ّ‬ ‫ح المتفائ ُ‬ ‫س الصال ُ‬ ‫الجلي ُ‬ ‫•‬
‫م يسوّد ُ الدنيا في عينك ‪.‬‬ ‫ب الرجاِء ‪ ،‬والمتشائ ُ‬ ‫لك با َ‬
‫ل فقد حاز‬ ‫ة ما ٍ‬ ‫ة وكفاي ٌ‬ ‫ت وصح ٌ‬ ‫ة وبي ٌ‬ ‫من عنده زوج ٌ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬
‫ش ‪ ،‬فليحمد ِ الله وليقنعْ ‪ ،‬فما فوق ذلك إل اله ّ‬ ‫صْفوَ العي ِ‬ ‫َ‬
‫ى‬‫ه ‪ ,‬معاف ً‬ ‫سْرب ِ ِ‬ ‫ً‬
‫))من أصبح منكم آمنا في ِ‬ ‫•‬
‫حيزت له‬ ‫ه ‪ ،‬فكأنما ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ت يو ِ‬ ‫ه ‪،‬عندهُ قو ُ‬ ‫د ِ‬‫في جس ِ‬
‫الدنيا (( ‪.‬‬
‫ه ّربا ً وبالسلم ِ دينا ً ‪،‬‬ ‫)) من رضي بالل ِ‬ ‫•‬
‫د ‪ ‬رسول ً ‪ ،‬كان حقا ً على الله أن يرضيه‬ ‫وبمحم ٍ‬
‫ن الرضا‪.‬‬ ‫(( ‪ ،‬وهذه أركا ُ‬
‫ه عنك ‪ ،‬وأن يرضى عنك‬ ‫ح أن يرضى الل ُ‬ ‫ل النجا ِ‬ ‫أصو ُ‬ ‫•‬
‫سك راضية وأن تقدم عمل ً مثمرًا‪.‬‬ ‫ن نف ُ‬ ‫ك وأن تكو َ‬ ‫حوْل َ َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬
‫م سعادةُ يوم ٍ ‪ ،‬والسفُر سعادةُ أسبوٍع ‪،‬‬ ‫الطعا ُ‬ ‫•‬
‫ن‬
‫ة‪ ،‬واليما ُ‬ ‫ل سعادةُ سن ٍ‬ ‫ج سعادة شهرٍ ‪ ،‬والما ُ‬ ‫والزوا ُ‬
‫سعادة ُ العمرِ كّله ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪385‬‬
‫ح‪،‬‬ ‫ب ول بالنكا ِ‬ ‫ل ول بالشر ِ‬ ‫لن تسعد َ بالنوم ِ ول بالك ِ‬ ‫•‬
‫ل وهو الذي أوجد َ للعظماِء مكانا ً تحت‬ ‫وإنما تسعد ُ بالعم ِ‬
‫س ‪.‬‬
‫الشم ِ‬
‫ت له القراءة ُ فإنه سعيد ٌ لنه يقطف من‬ ‫من تيسر ْ‬ ‫•‬
‫ن‬‫ب الدنيا ويطوي الزما َ‬ ‫ف على عجائ ِ‬ ‫ق العالم ِ ‪ ،‬ويطو ُ‬ ‫حدائ ِ‬
‫ن‪.‬‬‫والمكا َ‬
‫ة‬
‫ح البريُء راح ٌ‬ ‫ب الحزان ‪،‬والمزا ُ‬ ‫ة الخوان ت ُذ ْه ِ ُ‬ ‫محادث ُ‬ ‫•‬
‫ح الخاطَر ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وسماعُ الشعرِ يري ُ‬
‫رك إليها ‪،‬فحياُتك من صنِع‬ ‫ون حياَتك بنظ ِ‬ ‫أنت الذي تل ّ‬ ‫•‬
‫ك‪.‬‬ ‫أفكاِرك ‪ ،‬فل تضعْ نظارةً سوداَء على عيْني َ‬
‫ة‬
‫ط من تكرههم لحظ ً‬ ‫فكْر في الذين تحبهم ول تع ِ‬ ‫•‬
‫مك‪.‬‬ ‫واحدةً من حياِتك ‪ ،‬فإنهم ل يعلمون عنك وعن ه ّ‬
‫ت أعصاُبك ‪،‬‬ ‫ل المثمر برد ْ‬ ‫إذا استغرْقت في العم ِ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬‫ض من الطمئنا ِ‬ ‫ك في ٌ‬ ‫سك ‪ ،‬وغمَر َ‬ ‫ت نف ُ‬ ‫وسكن ْ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب ول الذه ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ب ول الن ّ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت في ال َ‬ ‫السعادةُ ليس ْ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب وبلوِغ الر ِ‬ ‫ن والعلم ِ والد ِ‬ ‫وإنما في الدي ِ‬
‫ف يدًا‪،‬‬ ‫ذلهم للمعرو ِ‬ ‫أسعد ُ عباد ِ اللهِ عند اللهِ أب ُ‬ ‫•‬
‫ن فضل ً ‪ ،‬وأحسُنهم على ذلك شكرًا‪.‬‬ ‫وأكثُرهم على الخوا ِ‬
‫إذا لم تسعد ْ بساعِتك الراهنةِ فل تنتظْر سعادة ً سوف‬ ‫•‬
‫ل عليك من السماِء ‪.‬‬ ‫ق ‪ ،‬أو تنز ُ‬ ‫ل عليك من الف ِ‬ ‫تط ّ‬
‫ر‬
‫خي ْ ٍ‬
‫مته من َ‬ ‫فك ُّر في نجاحاِتك وثمارِ عمِلك وما قد ْ َ‬ ‫•‬
‫ح الصدَر ‪.‬‬ ‫ح به ‪ ،‬واحمد ِ الله عليه ‪ ،‬فإنه هذا مما يشر ُ‬ ‫وافر ْ‬
‫د‪،‬‬
‫مغ ٍ‬ ‫م اليوم ِ وه ّ‬ ‫س يكفيك ه ّ‬ ‫م أم ِ‬ ‫الذي كفاك ه ّ‬ ‫•‬
‫ف ؟ وإذا عليك فمن‬ ‫ن تخا ُ‬ ‫ل عليه‪ ،‬فإذا كان معك فم ْ‬ ‫فتوك ْ‬
‫ترجو؟‬
‫م واحد ٌ ‪ ،‬أما أمس فل يجدون‬ ‫بينك وبين الثرياِء يو ٌ‬ ‫•‬
‫م واحد ٌ ‪ ،‬فما‬ ‫لذَته ‪ ،‬وغد ٌ فليس لي ول لهم ‪ ،‬وإنما لهم يو ٌ‬
‫ن!‬‫أقله من زم ٍ‬
‫ل تحزن‬
‫‪386‬‬
‫ن بين‬ ‫ب ‪ ،‬ويواز ُ‬ ‫ح القل َ‬ ‫س ‪ ،‬ويفر ُ‬ ‫ط النف َ‬ ‫السرور ينش ُ‬ ‫•‬
‫ة والعمَر فائدةً‬ ‫العضاِء ‪ ،‬ويجُلب القوة ‪ ،‬ويعطي الحياةَ قيم ً‬
‫‪.‬‬
‫ن وركائُز السعادةِ ‪ ،‬فل‬ ‫ة والدي ُ‬ ‫ن والصح ُ‬ ‫الغنى والم ُ‬ ‫•‬
‫ض ول كافَر ‪ ,‬بل هم في‬ ‫ف ول مري َ‬ ‫هناَء لمعدم ٍ ‪ ،‬ول خائ َ‬
‫شقاء ‪.‬‬
‫ف السعادة َ ‪ ,‬ومن سل َ‬
‫ك‬ ‫ل عر َ‬ ‫من عرف العتدا َ‬ ‫•‬
‫ح‪.‬‬ ‫ك الفوَز ‪ ,‬ومن اتبعَ اليسَر نال الفل َ‬ ‫ط أدر َ‬ ‫التوس َ‬
‫ن ‪ ,‬وليس‬ ‫ة واحدةٌ ‪ :‬ال َ‬ ‫ن إل كلم ٌ‬ ‫ليس في ساعةِ الزم ِ‬ ‫•‬
‫س السعادة إل كلمة واحدة ٌ ‪ :‬الرضا ‪.‬‬ ‫في قامو ِ‬
‫ن عليك‪ ,‬وتفك ّْر‬ ‫ورها أكبَر ت َهُ ْ‬ ‫ة فتص ّ‬ ‫إذا أصابْتك مصيب ٌ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ت فرح ُ‬ ‫ب الشدةِ ما ُرجي ْ‬ ‫في سرعةِ زواِلها ‪ ,‬فلول كر ُ‬
‫الراحةِ ‪.‬‬
‫ت بك ونجاك‬ ‫إذا وقعت في أزمة فتذكر كم أزمةٍ مر ْ‬ ‫•‬
‫م أن من عافاك في الولى سيعافيك‬ ‫ه منها ‪ ،‬حينها تعل ُ‬ ‫الل ُ‬
‫في الخرى ‪.‬‬
‫مه من أذهبه في غير حقّ قضاه ‪،‬أو فرض‬ ‫العاقّ ليو ِ‬ ‫•‬
‫مه‪ ،‬أو‬ ‫صله ‪ ،‬أو علم ٍ تعل َ‬ ‫أّداه ‪ ،‬أو مجد ٍ شّيدهُ ‪ ،‬أو حمدٍ ح ّ‬
‫قرابةٍ وصلها‪ ،‬أو خيرٍ أسداه‪.‬‬
‫ب دائم ؛ لن‬ ‫ينبغي أن يكون حولك أو في يدك كتا ُ‬ ‫•‬
‫ت‬
‫ظ به الوق ُ‬ ‫هناك أوقاتا ً تذهب هدرًا‪ ،‬والكتاب خير ما يحف ُ‬
‫ن‪.‬‬‫ويعمُر به الزم ُ‬
‫ف النهارِ ل‬ ‫ل وأطرا َ‬ ‫ن ‪ ،‬التالي له آناَء اللي ِ‬ ‫ظ القرآ ِ‬ ‫حاف ُ‬ ‫•‬
‫يشكو ملل ول فراغا ول سأمًا‪ ،‬لن القرآن مل حياته سعادةً‬
‫‪.‬‬
‫ة ‪ ,‬ثم‬ ‫ل تتخذ قرارا ً حتى تدرسه من جوانِبه كافّ ً‬ ‫•‬
‫ل الثقة ‪ ,‬فإن نجحت فهذا المراد و‬ ‫استخرِ الله وشاوْر أه َ‬
‫م‪.‬‬ ‫إل فل تند ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪387‬‬
‫ل أعداءه ‪ ،‬فإن الصديق‬ ‫العاقل ُيكث ُِر أصدقاءه وُيقل ُ‬ ‫•‬
‫ل في سنةٍ والعدو يحصل في يوم ‪ ،‬فطوبى لمن حببه‬ ‫يحص ُ‬
‫قهِ ‪.‬‬‫خل ْ ِ‬ ‫الله إلى َ‬
‫اجعل لمطالِبك الدنيوية حدا ً ترجع إليه ‪،‬وإل تشّتت‬ ‫•‬
‫شك ‪ ،‬وساء حاُلك ‪.‬‬ ‫قلُبك وضاقَ صدُرك ‪ ،‬وتنّغص عي ُ‬
‫دها‬ ‫م اللهِ أن يقي ّ َ‬ ‫ت عليه نع ُ‬ ‫ينبغي لمن تظاهر ْ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫بالشكرِ ‪ ،‬ويحفظها بالطاعةِ ‪ ،‬ويرعاها بالتواضِع لتدو َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫سه بالتقوى ‪،‬وط َهَُر فكُره باليما ِ‬ ‫ت نف ُ‬ ‫من صف ْ‬ ‫•‬
‫س‪.‬‬ ‫ب النا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب اللهِ و ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫خي ْرِ نال ُ‬ ‫ت أخلُقه بال َ‬ ‫قل َ ْ‬ ‫ص ِ‬
‫و ُ‬
‫ة ‪ ،‬أما‬ ‫ن حقيق ً‬ ‫ب الحزي ُ‬ ‫ل هو المتع ُ‬ ‫ل الخام ُ‬ ‫الكسو ُ‬ ‫•‬
‫ف‬‫ف كي َ‬ ‫ش وَع ََر َ‬ ‫جد ّ فهو الذي عرف كيف يعي ُ‬ ‫ل الم ِ‬ ‫العام ُ‬
‫يسعد ُ ‪.‬‬
‫ف مصائِبها‬ ‫ف أضعا ِ‬ ‫إن لذةَ الحياة ومتعَتها أضعا ُ‬ ‫•‬
‫ن السّر كيف نصل إلى هذه المتعةِ بذكاٍء ‪.‬‬ ‫مها‪ ،‬ولك ّ‬ ‫وهمو ِ‬
‫ت العالم ِ ‪،‬‬ ‫ت لها شهادا ُ‬ ‫لو ملكت المرأةُ الدنيا ‪ ،‬وسيق ْ‬ ‫•‬
‫ج فهي مسكينة ‪.‬‬ ‫ل وسام ٍ وليس عندها زو ٌ‬ ‫ت على ك ّ‬ ‫وحصل ْ‬
‫ة أن تنفق شبابك في الطموِح‬ ‫الحياةُ الكامل ُ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫ك في التأم ِ‬ ‫خت َ َ‬ ‫‪،‬ورجولتك في الكفاِح ‪،‬وشيخو َ‬
‫م أحدا ً ‪ ،‬فإن عندك‬ ‫م نفسك على التقصير ‪ ،‬ول ت َل ْ ْ‬ ‫لُ ْ‬ ‫•‬
‫ك غيَرك ‪.‬‬ ‫حه فاتر ْ‬ ‫ت إصل ُ‬ ‫ُ‬
‫ب ما يمل الوق َ‬ ‫من العيو ِ‬
‫سّر‬ ‫ب يجلوُ الفهام ‪ ،‬وي ُ ِ‬ ‫ور والدورِ كتا ٌ‬ ‫ل من القص ِ‬ ‫أجم ُ‬ ‫•‬
‫ح الصدَر‪ ،‬وينمي الِفك َْر ‪.‬‬ ‫س ‪ ،‬ويشر ُ‬ ‫س النف َ‬ ‫القلوب ‪ ،‬ويؤن ُ‬
‫ة ‪ ،‬فإذا أعطيتُهما فقد حزت‬ ‫اسأل الله العَْفوَ والعافي َ‬ ‫•‬
‫ل سعادةٍ ‪.‬‬ ‫ت بك ّ‬ ‫خي ْرٍ ‪ ،‬ونجوت من كل شّر ‪ ،‬فُْز َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ّ‬
‫ب ماء ‪ ،‬وحصيٌر في‬ ‫ت ‪ ،‬وكو ُ‬ ‫ف واحد ٌ ‪ ،‬وسبعُ تمرا ٍ‬ ‫رغي ٌ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫ل على الدنيا السل ُ‬ ‫ف ‪ ،‬وق ْ‬ ‫غرفة مع مصح ٍ‬
‫ل الندى‬ ‫ت ‪ ،‬وبذ ِ‬ ‫السعادة في التضحية وإنكارِ الذا ِ‬ ‫•‬
‫ف الذى ‪ ،‬والبعد ِ عن النانيةِ والستئثارِ ‪.‬‬ ‫وك ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪388‬‬
‫س ‪ ،‬ويقوي القلب‬ ‫ح النف َ‬ ‫ل يشر ُ‬ ‫ك المعتد ُ‬ ‫الضح ُ‬ ‫•‬
‫ل ‪ ،‬ويجلو الخاطَر ‪.‬‬ ‫ط على العم ِ‬ ‫ل وينش ُ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫وي ُذ ْه ِ ُ‬
‫م‬
‫ح ‪ ،‬ومن لزِ َ‬ ‫العبادةُ هي السعادةُ ‪ ،‬والصلح هو النجا ُ‬ ‫•‬
‫ن الستغفاَر وأكثَر الفتقاَر فهو أحد ُ البرار ‪.‬‬ ‫الذكاَر ‪ ،‬وأدم َ‬
‫ح ‪ ،‬وتفضي إليه‬ ‫ب من تث ِقُ به وترتا ُ‬ ‫خيُر الصحا ِ‬ ‫•‬
‫مك ول يفشي سّرك ‪.‬‬ ‫ك همو َ‬ ‫عبك ‪ ،‬ويشارك ُ َ‬ ‫بمتا ِ‬
‫ل تتوقعْ سعادةً أكبر مما أنت فيه فتخسَر ما بين‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬ ‫حَز َ‬ ‫م وال َ‬ ‫ة فتستعجل اله ّ‬ ‫يديك ‪ ،‬ول تنتظْر مصائب قادم ً‬
‫ل تظن أنك تعطي كل شيء ‪ ،‬بل تعطي خيرا ً كثيرا ً ‪،‬‬ ‫•‬
‫أما أن تحوي كل موهبة وكل عطية فهذا بعيد ٌ ‪.‬‬
‫ق‪،‬‬ ‫ف من رز ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬وكفا ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وداٌر واسع ُ‬ ‫امرأةٌ حسناُء تقي ٌ‬ ‫•‬
‫م جهُلها الكثيُر ‪.‬‬ ‫ح ‪ِ ..‬نع ٌ‬ ‫وجاٌر صال ٌ‬
‫ة‪،‬‬‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫ة ‪ ،‬وتذك ُّر النعم ِ َ‬ ‫ن للمكروهِ نعم ٌ‬ ‫ن النسيا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫س فضيل ٌ‬ ‫ب النا ِ‬ ‫ة عن عيو ِ‬ ‫والغفل ُ‬
‫ل أمتعُ من الفراِغ ‪،‬‬ ‫العْفوُ ألذ ّ من النتقام ِ ‪ ،‬والعم ُ‬ ‫•‬
‫خي ٌْر من الثروةِ ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬والصحة َ‬ ‫م من الما ِ‬ ‫ة أعظ ُ‬ ‫والقناع ُ‬
‫ح‬
‫س الصال ُ‬ ‫س السوِء ‪ ،‬والجلي ُ‬ ‫خي ٌْر من جلي ِ‬ ‫الوحدةُ َ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫ة عبادةٌ ‪ ،‬والتفكُر طاع ٌ‬ ‫خي ٌْر من الوحدةِ ‪ ،‬والعزل ُ‬ ‫َ‬
‫مقٌ ‪،‬‬ ‫ح ْ‬ ‫ة الفكار ‪ ،‬وكثرة ُ الخلطة ُ‬ ‫ة مملك ُ‬ ‫العزل ُ‬ ‫•‬
‫شؤْ ٌ‬
‫م‪.‬‬ ‫ؤهم ُ‬ ‫ه ‪ ،‬واستعدا ُ‬ ‫سَف ٌ‬ ‫س َ‬ ‫والوثوقُ بالنا ِ‬
‫ع‬
‫ة ‪،‬وتتب ُ‬ ‫ة رذال ٌ‬ ‫م ‪ ،‬والغيب ُ‬ ‫س ّ‬ ‫ب ‪،‬والحقد ُ ُ‬ ‫ق عذا ٌ‬ ‫سوُء ال ُ ُ‬ ‫•‬
‫خل ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ذل ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫العثرا ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب حياة ُ القلو ِ‬ ‫ك الذنو ِ‬ ‫م ‪ ،‬وتر ُ‬ ‫شكُر النعم ِ يدفعُ النق َ‬ ‫•‬
‫س لذةُ العظماِء ‪.‬‬ ‫والنتصاُر على النف ِ‬
‫ة‬
‫ف ‪ ،‬وخيم ُ‬ ‫ل مع الخو ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ن ألذ ّ من العَ َ‬ ‫خبٌز جاف مع أم ٍ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫صرٍ فيه فتن ٌ‬ ‫ب من قَ ْ‬ ‫مع سترٍ أح ّ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ده خالد ٌ ‪ ،‬وذكُره با ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬ومج ُ‬ ‫ة العلم ِ دائم ٌ‬ ‫فرح ُ‬ ‫•‬
‫ل ‪ ،‬وذكُره إلى‬ ‫ده إلى الزوا ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬ومج ُ‬ ‫ل منصرم ٌ‬ ‫ة الما ِ‬ ‫وفرح ُ‬
‫نهايةٍ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪389‬‬
‫ن فََر ُ‬
‫ح‬ ‫ح باليما ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والفر ُ‬ ‫ح الصبيا ِ‬ ‫ح بالدنيا فر ُ‬ ‫الفر ُ‬ ‫•‬
‫ف‪.‬‬‫شَر ٌ‬ ‫ل للهِ َ‬ ‫ل ‪ ،‬والعم ُ‬ ‫لذ ّ‬ ‫ة الما ِ‬ ‫البرارِ ‪،‬وخدم ُ‬
‫ل‬
‫ة‪ ،‬وع ََرقُ العم ِ‬ ‫ب النجازِ راح ٌ‬ ‫ب ‪،‬وتع ُ‬ ‫ب الهمةِ ع َذ ْ ٌ‬ ‫عذا ُ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫طي ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن أحس ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ك ‪،‬والثناُء ال َ‬ ‫س ٌ‬‫م ْ‬
‫ِ‬
‫سك ‪ ،‬وعمُلك‬ ‫السعادةُ أن يكون مصحُفك أ ني َ‬ ‫•‬
‫هوايتك ‪ ،‬وبيُتك صومعَتك ‪ ،‬وكنُزك قناعَتك ‪.‬‬
‫ن‬‫ح بحس ِ‬ ‫ل ‪ ،‬والَفَر ُ‬ ‫ح الطفا ِ‬ ‫ل فر ٌ‬ ‫ح بالطعام ِ والما ِ‬ ‫الفر َ‬ ‫•‬
‫ل البّر مجد ٌ ل يَفنى ‪.‬‬ ‫ح العظماِء ‪ ،‬وعم ُ‬ ‫الثناِء فََر ُ‬
‫س من‬ ‫ب الخيرِ للنا ِ‬ ‫صلة الليل بهاُء النهارِ ‪ ،‬وح ّ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬
‫طهارةِ الضميرِ ‪ ،‬وانتظاُر الفرِج عباد ٌ‬
‫ة‬
‫ب الجرِ ‪ ،‬ومعايش ُ‬ ‫ة فنون ‪ :‬احتسا ُ‬ ‫في البلِء أربع ُ‬ ‫•‬
‫ف‪.‬‬ ‫ن الذ ّك ْرِ ‪ ،‬وتوقّعُ اللط ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫صب ْرِ ‪ ،‬و ُ‬‫ال ّ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ب المسلمي ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وح ّ‬ ‫الصلة ُ جماعة‪ ،‬وأداُء الواج ِ‬ ‫•‬
‫ح الدنيا والخرةِ ‪.‬‬ ‫ل صل ٌ‬ ‫ل الحل ِ‬ ‫ب ‪ ،‬وأك ُ‬ ‫وترك الذنو ِ‬
‫ن رأسا ً فإن الرأس كثيُر الوجاِع ‪ ،‬ول تحر ْ‬
‫ص‬ ‫ل تك ْ‬ ‫•‬
‫ل‬
‫ف مع الخمو ِ‬ ‫ة ‪ ،‬والكفا ُ‬ ‫على الشهرةِ فإن لهل ضريب ً‬
‫سعادةٌ ‪.‬‬
‫ت ‪،‬وتأخيُر التوبةِ ‪ ،‬واستعداُء‬ ‫ق ضياع ُ الوق ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬
‫ة ال ُ‬ ‫علم ُ‬ ‫•‬
‫س ‪ ،‬وعقوقُ الوالدين ‪ ،‬وإفشاُء السرارِ ‪.‬‬ ‫النا ِ‬
‫ن الذنوب ‪،‬‬ ‫ك الطاعةِ ‪ ،‬وإدما ِ‬ ‫ب بتْر ِ‬ ‫ت القل ِ‬ ‫ف مو ُ‬ ‫ي ُعَْر ُ‬ ‫•‬
‫ن من مكرِ اللهِ ‪ ،‬واحتقاِر‬ ‫وعدم ِ المبالةِ بسوِء الذكرِ ‪ ،‬والم ِ‬
‫الصالحين ‪.‬‬
‫ن آخَر ‪،‬ومن‬ ‫من لم يسعد ْ في بيِته لن يسعد َ في مكا ٍ‬ ‫•‬
‫ده‪.‬‬‫مه ضي ّعَ غ َ‬ ‫لم يحّبه أهُله لن يحّبه أحد ٌ ‪ ،‬ومن ضي ّعَ يو َ‬
‫ن باّر ‪،‬‬ ‫ب نافعٌ ‪ ،‬واب ٌ‬ ‫أربعة يجلبون السعادة ‪ :‬كتا ٌ‬ ‫•‬
‫ض عن‬ ‫عو ٌ‬ ‫ح ‪ ،‬وفي اللهِ ِ‬ ‫س الصال ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬وجلي ٌ‬ ‫ة محبوب ٌ‬ ‫وزوج ٌ‬
‫الجميِع ‪.‬‬
‫ب وعلم هي‬ ‫ن وشبا ٌ‬ ‫ة وأم ٌ‬ ‫ى وحري ُ‬ ‫ة وغن ً‬ ‫ن وصح ُ‬ ‫إيما ُ‬ ‫•‬
‫ل أن تجتمعَ كّلها ‪.‬‬ ‫ص ما يسعى له العقلُء ‪ ،‬لكنها ق ّ‬ ‫ملخ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪390‬‬
‫ن فليس عندك عهد ٌ ببقاِئك ‪ ،‬وليس لديك‬ ‫اسعد ال َ‬ ‫•‬
‫م ن َْقدا ً والسروَر د َْينًا‪.‬‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ن ‪ ،‬فل تجع ِ‬ ‫ن من روعةِ الزما ِ‬ ‫أما ٌ‬
‫م‪،‬‬ ‫خل ُقٌ مستقي ٌ‬ ‫ن صادقٌ ‪،‬و ُ‬ ‫أفضل ما في العالم ِ إيما ٌ‬ ‫•‬
‫ئ وما سوى ذاك‬ ‫م ‪ ،‬ورِْزقٌ هان ِ ٌ‬ ‫م سلي ٌ‬ ‫س ٌ‬‫ج ْ‬ ‫حو ِ‬ ‫ل صحي ٌ‬ ‫و ع َْق ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫شغ ٌ‬
‫ن في‬ ‫ن ‪ ،‬والم ُ‬ ‫ة في البدا ِ‬ ‫نعمتان خفّيتان‪ :‬الصح ُ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ن‪ ،‬والذري ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ‪ .‬نعمتان ظاهرتان‪ :‬الثناُء ال َ‬ ‫الوطا ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫الصالح ُ‬
‫س‬
‫ت البغضاِء ‪ ،‬والنف ُ‬ ‫ل ميكروبا ِ‬ ‫ج يقت ُ‬ ‫ب المبته ُ‬ ‫القل ُ‬ ‫•‬
‫ت الكراهيةِ ‪.‬‬ ‫ة تطارد ُ حشرا ِ‬ ‫الراضي ُ‬
‫م ألذ ّ‬ ‫ة أسبغُ غطاٍء ‪ ،‬والعل ُ‬ ‫ن أمهد ُ وطاٍء ‪ ،‬والعافي ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫•‬
‫ن كساٍء ‪.‬‬ ‫ب أنفعُ دواٍء ‪ ،‬والستُر أحس ُ‬ ‫غذاٍء ‪ ،‬والح ّ‬
‫السعيد ل يكون فاسقا ً ول مريضا ول مدينا ً ول غريبا ً‬ ‫•‬
‫ول حزينا ً ول سجينا ً ول مكروهًا‪.‬‬
‫م ُ‬
‫ل‬ ‫ت ‪ ،‬وع َ َ‬ ‫ة العداوا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وإزال ُ‬ ‫السعيد‪ :‬انجلُء الغمرا ِ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت ‪ ،‬والنتصاُر على الشهوا ِ‬ ‫الصالحا ِ‬
‫ً‬ ‫أق ُ‬
‫ق خطرا طريُقك إلى بيِتك ‪ ،‬وأكثر اليام ِ‬ ‫ل الطر ِ‬ ‫•‬
‫ن تسيء فيه‬ ‫ن زم ٌ‬ ‫م الزما ِ‬ ‫ل صالحًا‪ ،‬وأشأ ُ‬ ‫ة يوم تعم ُ‬ ‫برك ً‬
‫لحدٍ ‪.‬‬
‫شٌر فقد سّبوا ربهم تعالى ‪ ،‬أوجدهم من‬ ‫إن سّبك ب َ َ‬ ‫•‬
‫مُهم من جوٍع فشكروا‬ ‫كوا في وجوِده ‪ ،‬وأطعَ َ‬ ‫العَد َم ِ فش ّ‬
‫ف فحاَرُبوه ‪.‬‬ ‫م من خو ٍ‬ ‫من َهُ ْ‬ ‫غي َْرهُ ‪ ،‬وآ َ‬
‫ن‬
‫نأ ّ‬ ‫سك ‪،‬ول تظ ّ‬ ‫ة على رأ ِ‬ ‫ل الكرةَ الرضي َ‬ ‫ل تحم ِ‬ ‫•‬
‫ب أحدكم ينسيهم موتي‬ ‫الناس يهمّهم أمُرنا إن زكاما ً يصي ُ‬
‫وموِتك ‪.‬‬
‫ن من‬ ‫م ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫سك َ ٌ‬‫ةو َ‬ ‫ن ‪ ،‬وسلم ٌ‬ ‫ة ووط ٌ‬ ‫السروُر كفاي ٌ‬ ‫•‬

‫ن ‪ ،‬وعبادةٌ‬ ‫محن ‪ ،‬وشكٌر على المن ِ‬ ‫ن ‪ ،‬ونجاة ٌ من ال ِ‬ ‫الفت ِ‬


‫ن‪.‬‬ ‫طيلة الزم ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪391‬‬
‫)) كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر‬ ‫•‬
‫م‬‫ع (( ‪ )) ،‬ول تكل ّ ْ‬ ‫ل صلة المودّ ٍ‬ ‫ل ((‪ )) ،‬وص ّ‬ ‫سبي ٍ‬
‫ع اليأس عما في‬ ‫منه (( ‪ )) ،‬وأجم ُ‬ ‫بكلم ٍ تعتذر ُ‬
‫س (( ‪.‬‬ ‫أيدي النا ِ‬
‫س‬
‫ازهد في الدنيا يحّبك الله ‪ ،‬وازهد ْ فيما عند النا ِ‬ ‫•‬

‫ل واستعد ّ‬ ‫ل بالتنزي ِ‬ ‫ل واعم ْ‬ ‫س ‪ ،‬واقنعْ بالقلي ِ‬ ‫يحّبك النا ُ‬


‫ل‪.‬‬ ‫ف الجلي َ‬ ‫ل ‪ ،‬وخ ِ‬ ‫للرحي ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ت ‪ ،‬ول راحة لمعاد ٍ ‪ ،‬ول أمن لمذن ٍ‬ ‫ل عيش لممقو ٍ‬ ‫•‬
‫ب ‪ ،‬ول ثقة بغادرٍ ‪.‬‬ ‫ب لفاجرٍ ‪ ،‬ول ثناَء على كاذ ٍ‬ ‫ول مح ّ‬
‫خي ٌْر وليس‬ ‫)) عجبا ً لمر المؤمن إن أمره كّله َ‬ ‫•‬
‫ذاك لحد إل للمؤمن إن أصابته سراءُ شكر فكان‬
‫صب ََر فكان خيرا ً له (( ‪.‬‬ ‫خيرا ً له ‪،‬وأن أصابته ضراءُ َ‬
‫ب باُبها ‪ ،‬والسرُور‬ ‫ح السعادةِ ‪ ،‬والح ّ‬ ‫مْفتا ُ‬ ‫ة ِ‬‫البتسام ُ‬ ‫•‬
‫ن جداُرها ‪.‬‬ ‫ن نوُرها ‪ ،‬والم ُ‬ ‫حديقُتها ‪ ،‬واليما ُ‬
‫ض أخضُر‪ ،‬وماٌء بارد ٌ ‪،‬‬ ‫ل ‪ ،‬ورو ٌ‬ ‫ه جمي ٌ‬ ‫ة ‪ :‬وج ٌ‬ ‫البهج ُ‬ ‫•‬
‫ب الخيَر‬ ‫ك الثم ويح ّ‬ ‫ب مفيد ٌ مع قلب يقد ُّر النعمة ويتر ُ‬ ‫وكتا ٌ‬
‫‪.‬‬
‫ينام المعافى على صخر كأنه على ريش حريرٍ ‪،‬‬ ‫•‬
‫ن‬
‫خ كأنه في إيوا ِ‬ ‫ن الكو َ‬ ‫ل خبَز الشعيرِ كالثريدِ ‪ ،‬ويسك ُ‬ ‫ويأك ُ‬
‫كسرى‪.‬‬
‫ت غنيا ً خادما ً لذريِته ‪،‬‬ ‫البخيل يعيش فقيرا ً أو يمو ُ‬ ‫•‬
‫س ‪ ،‬بعيدا ً من اللهِ ‪ ،‬سيئ‬ ‫ً‬
‫حارسا لماِله ‪ ،‬بغيضا عند النا ِ‬
‫ً‬
‫السمعةِ في العالم ِ ‪.‬‬
‫ة خيٌر من الغَِنى‬ ‫ل من الثروةِ ‪ ،‬والصح ُ‬ ‫الولد أفض ُ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫َ‬
‫ة أغلى من الما ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والتجرب ُ‬ ‫ن من السك ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫‪،‬والم ُ‬
‫اجعل الفرح شكرًا‪ ،‬والحزن صبرًا‪ ،‬والصمت تفكرًا‪،‬‬ ‫•‬
‫ة ‪ ،‬والموت‬ ‫كرا ً ‪ ،‬والحياء طاع ً‬ ‫ق ذِ ْ‬ ‫ً‬
‫والنظر اعتبارا‪ ،‬والنط ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫أمني ً‬
‫م بغدٍ‬ ‫ح مساَء ‪،‬ول يهت ّ‬ ‫ن مثل الطائرِ يأتيه رزُقه صبا َ‬ ‫كُ ْ‬ ‫•‬
‫ل رفيقَ الحركةِ ‪.‬‬ ‫ول يثقُ بأحدٍ ول يؤذي أحدًا‪ ،‬خفيف الظ ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪392‬‬
‫ل عليهم‬ ‫س أهاُنوه ‪ ،‬ومن بخ َ‬ ‫ة النا ِ‬ ‫من أكثَر مخالط َ‬ ‫•‬
‫م عليهم وّقروه ‪ ،‬ومن أجاد َ عليهم‬ ‫مقتوه ‪ ،‬ومن حل َ‬
‫ج إليهم ابغضوه ‪.‬‬ ‫أحبوه ‪،‬ومن احتا َ‬
‫ل ‪،‬ومن‬ ‫م د ُوَ ٌ‬‫الفلك يدوُر ‪ ،‬والليالي حبالى ‪ ،‬واليا ُ‬ ‫•‬
‫ن ‪..‬‬ ‫ل يوم ٍ هو في شأ ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫ل ‪ ،‬والرحم ُ‬ ‫م الحا ِ‬ ‫ل دوا ُ‬ ‫المحا ِ‬
‫ن ؟‪.‬‬ ‫فلماذا تحز ً‬
‫ن ونواصيهم في‬ ‫ب السلطي ِ‬ ‫ف على أبوا ِ‬ ‫كيف تق ُ‬ ‫•‬
‫ل المال من فقيرٍ ‪ ،‬وتطلب بخيل ً‬ ‫ب العالمين؟! تسأ ُ‬ ‫قبضةِ ر ّ‬
‫‪ ،‬وتشكو إلى جريٍح !! ‪.‬‬
‫ع‬
‫سحرِ ‪ :‬مداُدها الدم ُ‬ ‫ث رسائل وقت ال ّ‬ ‫ابع ْ‬ ‫•‬
‫ش‪:‬‬‫ل ووجهُتها العر ُ‬ ‫دها القبو ُ‬ ‫سها الخدود ُ ‪ ،‬وبري ُ‬ ‫وقراطي ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫وانتظرِ الجوا َ‬
‫م السّر‬ ‫إذا سجدت فأخبْره بأمورك سرا ً فإنه يعل ُ‬ ‫•‬
‫وأخفى ‪ ،‬ول ُتسمعْ من بجواِرك ؛ لن للمحبةِ أسرارا ً‬
‫س حاسد ٌ وشافعٌ ‪.‬‬ ‫والنا ُ‬
‫ى‪،‬‬ ‫عّزة ً ‪ ،‬والفتقار إليه غن ً‬ ‫ل له ِ‬ ‫ل الذ ّ‬ ‫جعَ َ‬ ‫سبحان من َ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬‫ة ‪ ،‬والتوكل عليه كفاي ً‬ ‫ومسألته شرفا ً ‪،‬والخضوع له رِفْعَ ً‬
‫ن حالك ِا ً‬ ‫م بباِلك وأصبح حاُلك من الحز ِ‬ ‫إذا داره ّ‬ ‫•‬
‫ث بعد‬ ‫ل الله يحد ُ‬ ‫س لع ّ‬ ‫‪،‬وفجعت في أهلك ومالك ‪ ،‬فل تيأ ْ‬
‫ذلك أمرا ً ‪.‬‬
‫ئ‬
‫ل ﴾ فإنها تطف ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬‫ون ِ ْ‬‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬‫ح ْ‬ ‫ل تنس ﴿ َ‬ ‫•‬
‫الحريقَ ‪ ،‬وينجو بها الغريقُ ‪ ،‬ويعرف بها الطريق ‪ ،‬وفيها‬
‫العهد الوثيق ‪.‬‬
‫طوبى لك يا طائر ‪ :‬ترِد ُ النهر ‪ ،‬وتسكن الشجر ‪،‬‬ ‫•‬
‫سَقر ‪ ،‬فأنت‬ ‫وتأكل الثمر‪ ،‬ول تتوقع الخطر ‪ ،‬ول تمّر على َ‬
‫أسعد حال ً من البشرِ ‪.‬‬
‫ب‬
‫ن كفارة ٌ ‪ ،‬والغض ُ‬ ‫ة مستعارةٌ ‪ ،‬والحز ُ‬ ‫السروُر لحظ ٌ‬ ‫•‬
‫شرارةٌ ‪ ،‬والفراغُ خسارةٌ ‪ ،‬والعبادةُ تجارة ٌ ‪.‬‬
‫ق ‪ ،‬وغدا ً لم يولد ْ ‪،‬‬ ‫م في السيا ِ‬ ‫ت ‪ ،‬واليو ُ‬ ‫س ما َ‬ ‫أم ِ‬ ‫•‬
‫ح بضاعةٍ ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬ت َعُد ْ لك بأرب ِ‬ ‫ن الساعةِ فاجعْلها طاع ً‬ ‫وأنت اب ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪393‬‬
‫ب‪،‬‬‫م ‪ ،‬وغديُرك الحبُر‪ ،‬وصاحبك الكتا ُ‬ ‫نديمك القل ُ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫ف على ما فا َ‬ ‫ك قوُتك ‪ ،‬فل تأس ْ‬ ‫ومملكتك بيُتك‪ ،‬وكنُز َ‬
‫ب‬‫ل المورِ وسّرتك أواخُرها‪ ،‬كالسحا ِ‬ ‫ربما ساءْتك أوائ ُ‬ ‫•‬
‫ث هنيٌء‬ ‫أوله ب َْرقٌ ورعد ٌ وآخره غي ٌ‬
‫ب‬‫ل ‪ ،‬وي ُذ ْهِ ُ‬ ‫ح البا ّ‬ ‫الستغفاُر يفتح القفال‪ ،‬ويشر ُ‬ ‫•‬
‫ق‪.‬‬ ‫ق ودروازةُ التوفي ِ‬ ‫ن الرز ِ‬ ‫الدغال‪ ،‬وهو ع ُْربو ُ‬
‫و‬
‫ى ومروءة ٌ وعف ٌ‬ ‫م وغن ً‬ ‫ن وعل ٌ‬ ‫ت شافية كافية ‪ :‬دي ٌ‬ ‫س ّ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬‫وعافي ٌ‬
‫ب المضطر إذا دعاهُ ‪ ،‬وينقذ ُ الغريق إذا‬ ‫من الذي يجي ُ‬ ‫•‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه ؟ إنه الل ُ‬ ‫ن؟ قال ‪ :‬يا الل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ناداه‪ ،‬ويكشف الكرب عنا َ‬
‫س اللغي ‪،‬‬ ‫ل العقيم ِ ‪ ،‬والمجل ِ‬ ‫ابتعد عن الجد ِ‬ ‫•‬
‫ص‬
‫ب ‪ ،‬والطبعَ ل ٌ‬ ‫ب ساح ٌ‬ ‫ب السفِيه‪ ،‬فإن الصاح َ‬ ‫والصاح ِ‬
‫ة‪.‬‬
‫ن سارق ٌ‬ ‫والعي َ‬
‫ث‪،‬‬ ‫ن الستماِع ‪ ،‬وعدم ِ مقاطعة المتحد ِ‬ ‫ّ‬
‫التحلي بحس ِ‬ ‫•‬
‫ة على صدورِ الحراِر‬ ‫ق ‪ ،‬أوسم ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬ودماثةِ الخل ِ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫ولي ِ‬
‫‪.‬‬
‫ن‬‫ن وإيما ٌ‬ ‫ن ولسا ٌ‬ ‫ن ورجل ِ‬ ‫ن ويدا ِ‬ ‫ن وأذنا ِ‬ ‫عندك عينا ِ‬ ‫•‬
‫وقرآن وأمان ‪ ..‬فأين الشكر يا إنسان ﴿ َ َ‬
‫ما‬‫ء َرب ّك ُ َ‬ ‫ي آل ِ‬ ‫فب ِأ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ن﴾‪.‬‬ ‫ت ُك َذَّبا ِ‬
‫م ‪ ،‬وتعتمد ُ على‬ ‫ت أقدا ٌ‬ ‫تمشي على قدميك وقد ب ُت َِر ْ‬ ‫•‬
‫ه‬
‫م نوم ً‬ ‫ت سيقان ‪ ،‬وتنام وغيرك شّرد َ الل ُ‬ ‫ساقُْيك وقد ُقطع ْ‬
‫‪ ،‬وتشبع وسواك جائعٌ ‪.‬‬
‫صمم ِ والب ُك ْم ِ والعمى ‪ ،‬ونجوت من‬ ‫سلمت من ال ّ‬ ‫•‬
‫البرص والجنون والجذام ‪ ،‬وعوفيت من السل‬
‫والسرطان ‪ ،‬فهل شكرت الرحمن ؟!‬
‫ل بماضينا ‪،‬‬ ‫مصيبتنا أننا نعجُز عن حاضرنا و نشتغ ُ‬ ‫•‬
‫ة ؟!‬ ‫ل وأين الحكم ُ‬ ‫دنا فأين العق ُ‬ ‫م بغ ِ‬ ‫ل يومنا ونهت ّ‬ ‫ونهم ُ‬
‫س لك معناه أنك فعلت ما يستحقّ الذكر‪،‬‬ ‫نقد ُ النا ِ‬ ‫•‬
‫صبا ً أو جاهًا‪.‬‬ ‫من ْ ِ‬ ‫وأنك فقتُهم علما ً أو فَْهما ً أو مال ً أو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪394‬‬
‫ن في الخرين ‪،‬‬ ‫ص شخصية الغيرِ ‪ ،‬والذوبا ُ‬ ‫م ُ‬ ‫تق ّ‬ ‫•‬
‫س انتحاٌر وإزهاقٌ لمعالم الشخصيةِ ‪.‬‬ ‫ومحاكاةُ النا ِ‬
‫ة‬
‫ه ٌ‬ ‫ول ِك ُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫﴿ َ‬
‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ﴾‪َ ﴿ ،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫شَرب َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل أَنا ٍ‬ ‫عل ِ َ‬‫قدْ َ‬ ‫•‬
‫غي ُْر‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صن ْ َ‬‫ة (( ‪ِ ﴿ ،‬‬ ‫مع ً‬ ‫ها ﴾ ))ل تكونوا إ ّ‬ ‫وّلي َ‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫د ﴾‪.‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬‫ء َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫قى ب ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫وا ٍ‬ ‫صن ْ َ‬‫ِ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬ومع البلي ِ‬ ‫ة ‪ ،‬ومع الّترحةِ فَْرح ٌ‬ ‫مع الدمعةِ بسم ٌ‬ ‫•‬
‫ة وقاعدةٌ مطردة ٌ ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬سنة ثابت ٌ‬ ‫مْنح ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬ومع المحنةِ ِ‬ ‫عطي ٌ‬
‫انظْر هل ترى إل مبتًلى ‪،‬وهل تشاهد ُ إل منكوبا ً ‪ ،‬في‬ ‫•‬
‫سعْدٍ ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬وعلى كل خد ّ دمعٌ ‪ ،‬وفي كل وادٍ بنو َ‬ ‫كل دارِ نائح ٌ‬
‫ل من تغريدِ الطيارِ ‪،‬‬ ‫ت من شكرِ معروِفك أجم ُ‬ ‫صو ٌ‬ ‫•‬
‫ف الشجاِر‪ ،‬وغناِء الوتارِ ‪.‬‬ ‫و نسيم ِ السحارِ ‪،‬وحفي ِ‬
‫إذا شربت الماء الساخن قلت الحمد ُ للهِ بكلفةٍ ‪ ،‬وإذا‬ ‫•‬
‫شرْبت الماء البارد قال كل عضو فيك‪ :‬الحمد ُ للهِ ‪.‬‬
‫ك مال يعني ‪،‬‬ ‫ق العقلِء ت َْر ُ‬ ‫ص سعادةٍ ُتباع ُ في سو ِ‬ ‫أرخ ُ‬ ‫•‬
‫س ويألفوك ‪.‬‬ ‫ف النا َ‬ ‫وأغلى سلعةٍ عند العالم ِ أن تأل َ‬
‫س َ‬
‫ل‬ ‫ت ‪ ،‬والك َ َ‬ ‫م ‪ ،‬والعجز فإنه مو ٌ‬ ‫س ّ‬ ‫م فإنه ُ‬ ‫إياك واله ّ‬ ‫•‬
‫ر‪.‬‬‫ي فإنه سوٌء تدبي ٍ‬ ‫ب الرأ ِ‬ ‫ة ‪ ،‬واضطرا َ‬ ‫فإنه خيب ٌ‬
‫ن ‪ ،‬واصطناعُ‬ ‫جاُر السوِء شّر من غربةِ النسا ِ‬ ‫•‬
‫ن هو‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف أرفع من القصورِ الشاهقةِ ‪ ،‬والثناُء ال َ‬ ‫المعرو ِ‬
‫المجد ُ ‪.‬‬
‫ب‬
‫أحقّ الناس بزيادة النعم ِ أشكُرهم ‪ ،‬وأولهم بالح ّ‬ ‫•‬
‫ق محياه ‪.‬‬ ‫من بذل نداه ومنِع أذاه وأطل ِ‬
‫ج إلى‬ ‫ل محتا ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬والما ُ‬ ‫ج إلى الم ِ‬ ‫السرور محتا ٌ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ج إلى الشفاعةِ ‪ ،‬والسيادة محتاج ٌ‬ ‫صدقةِ ‪ ،‬والجاهُ محتا ٌ‬
‫إلى التواضِع ‪.‬‬
‫ة إل‬ ‫دع ُ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ب ‪ ،‬ول تدر ُ‬ ‫ة إل بالتع ِ‬ ‫ل ُتنال الراح ُ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب إل بالد ِ‬ ‫ل على الح ّ‬ ‫ب ‪،‬ول ُيحص ُ‬ ‫بالّنص ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ص ِ‬ ‫من ْ ِ‬
‫ل من ال َ‬ ‫خل ُقُ أج ّ‬ ‫م من الثروةِ ‪ ،‬وال ُ‬ ‫البناُء أه ّ‬ ‫•‬
‫خب َْرةِ ‪ ،‬والتقوى أسمى من المجد ِ ‪.‬‬ ‫ة أعلى من ال ِ‬ ‫والهم ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪395‬‬
‫ق‪،‬‬ ‫ن لكل صدي ٍ‬ ‫ل تطمعْ في كل ما تسمعُ ‪ ،‬ول ترك ْ‬ ‫•‬
‫ل أمنيةٍ ‪.‬‬ ‫ب وراء ك ّ‬ ‫ش سّرك إلى امرأةٍ ‪ ،‬ول تذه ْ‬ ‫ول ت ُْف ِ‬
‫ت الراحة إل مع الخلوةِ ‪ ،‬ول المن إل مع‬ ‫ما رأي ُ‬ ‫•‬
‫ق‪.‬‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫ة مع الوفاِء ‪ ،‬ول الثقة إل مع ال ّ‬ ‫الطاعةِ ‪ ،‬ول المحب َ‬
‫ة‬
‫ت ‪ ,‬وسيئ ٍ‬ ‫ب عداوا ٍ‬ ‫ت ‪ ,‬وكلمة تجل ُ‬ ‫ب أكلةٍ تمنع أكل ٍ‬ ‫ُر ّ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫ب حسرا ٍ‬ ‫ت ‪ ,‬ونظرةٍ ت ُعِْق َ‬ ‫تمنعُ الخيرا ٍ‬
‫سَرفا ً ‪ ،‬ول حياتك ت ََرفا ً ‪،‬‬ ‫ضك َ‬ ‫كلفًا‪ ،‬ول بغ ُ‬ ‫ن حّبك َ‬ ‫ل يك ْ‬ ‫•‬
‫سفا ً ‪ ،‬ول قصدك شرفًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫ول تذك ُّرك أ َ‬
‫كل امرئ في بيته أميٌر ل يهُينه أحد ٌ ‪ ،‬ول يحجُبه‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫ه جّباٌر ول يرده بخي ٌ‬ ‫شٌر ‪ ،‬ول يذل ّ ُ‬ ‫بَ َ‬
‫عْلمًا‪ ،‬ومن ََعك‬ ‫حك ِ‬ ‫حْلما ً ‪ ،‬ومن َ‬ ‫ل اليام ما زادك ِ‬ ‫أفض ُ‬ ‫•‬
‫إْثما ً ‪ ،‬وأعطاك فْهمًا‪ ،‬ووهَبك عْزما ً ‪.‬‬
‫ة ل نعرُفها إل بعد أن نفقدها ‪ ،‬والعافي ُ‬
‫ة‬ ‫الحياة فرص ٌ‬ ‫•‬
‫س الصحاِء ل يراها إل المرضى ‪.‬‬ ‫ج على رؤو ِ‬ ‫تا ٌ‬
‫ة ‪ ،‬وجاٌر‬ ‫ة مشاكس ٌ‬ ‫ن عاقّ ‪ ،‬وزوج ُ‬ ‫ن له اب ٌ‬ ‫متى يسعد ُ م ْ‬ ‫•‬
‫وى مت ّب َعٌ ‪.‬‬ ‫س أمارةٌ ‪ ،‬وه ً‬ ‫ل ‪ ،‬ونف ٌ‬ ‫ب ثقي ٌ‬ ‫مؤذ ٍ ‪ ،‬وصاح ٌ‬
‫سك عليك حقا ً ‪ ،‬ولعيِنك‬ ‫إن لّربك عليك حقا ً ‪ ،‬ولنف ِ‬ ‫•‬
‫جك عليك حقا ً ‪ ،‬ولضيِفك عليك حقا ‪،‬‬ ‫عليك حقا ً ‪ ،‬ولزو ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ل ذي حقّ حقه ُ‬ ‫فأعط ك ّ‬
‫استمتعْ بالنظرِ إلى الصباِح عند طلوعهِ فإن له جمال ً‬ ‫•‬
‫جلل ً إشراقا ً يفتح لك المل والتفاؤل‪.‬‬
‫ك من ذِك ْ ٍ‬
‫ر‬ ‫مل َ َ‬ ‫ة ‪ ،‬فأنجْز فيه ع َ َ‬ ‫عليك بالبكورِ فإنه برك ٌ‬ ‫•‬
‫سْفرٍ ‪.‬‬ ‫ف أو َ‬ ‫ظ أو مطالعةٍ أو تألي ٍ‬ ‫أو تلوةٍ أو حف ٍ‬
‫م‬‫ض خالقا ً ‪ ،‬وارح ْ‬ ‫ش جانبا ‪ ،‬وار ِ‬
‫ً‬
‫ن وسطا ‪ ،‬وام ِ‬
‫ً‬ ‫ك ْ‬ ‫•‬
‫ن راشدا ً ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬وتزود بنافلةِ تك ْ‬ ‫ل فريض ً‬ ‫مخلوقا ً ‪ ،‬وأكم ْ‬
‫ح‬ ‫ل ‪ ،‬وصل ُ‬ ‫ة‪ ،‬وسداد ُ القو ِ‬ ‫ن الخاتم ِ‬ ‫التوفيق ‪ :‬حس ُ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬
‫ح ِ‬ ‫ة الّر ِ‬ ‫م‪ ،‬وقطيع ُ‬ ‫ل ‪ ،‬والبعد ُ عن الظل ِ‬ ‫العم ِ‬
‫ة ‪ ،‬وكم‬ ‫ت ذِل ّ ً‬ ‫ب زل ّةٍ أ وجب ْ‬ ‫ة ‪ ،‬ور ّ‬ ‫ب كلمةٍ سلْبت نعم ً‬ ‫ر ّ‬ ‫•‬
‫عّز له ‪.‬‬ ‫ب العزلة فيها ِ‬ ‫من خلوةٍ حلوةٍ ‪ ،‬وصاح ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪396‬‬
‫)) المسلم من سلم المسلمون من لساِنه‬ ‫•‬
‫س على دماِئهم‬ ‫منه النا ُ‬ ‫ن من أ ِ‬ ‫ده‪ ،‬والمؤم ُ‬ ‫وي ِ‬
‫ه‬‫جَر ما نهى الل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫هم (( ‪ )) ،‬والمهاجُر من َ‬ ‫وأموال ِ‬
‫عنه(( ‪.‬‬
‫ك ‪ ،‬وخيُر‬ ‫مك ما َرفَعَ َ‬ ‫ل عل ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وأج ّ‬ ‫خيُر ماِلك ما ن ََفعَ َ‬ ‫•‬
‫ك‪.‬‬‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ك‪ ،‬وخيُر الصحاب من ن َ َ‬ ‫سعَ َ‬ ‫ت ما و ِ‬ ‫البيو ِ‬
‫خي َْر فيك ‪ ،‬وإذا لم يكن لك‬ ‫إذا لم يكن لك حاسد ٌ فل َ‬ ‫•‬
‫خل ُقَ لك ‪ ،‬وإذا لم يكن لك ٌدين فل مبدأ لك ‪.‬‬ ‫ب فل ُ‬ ‫صاح ٌ‬
‫ح قلبك بالتوبةِ من‬ ‫سّر نفسك بتذكرِ حسناِتك ‪ ،‬وأر ْ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫ق العناق بأياديك البيضاِء ‪.‬‬ ‫سيئاِتك ‪ ،‬وطو ِ‬
‫ة ‪ ،‬وكثرة ُ النوم ِ‬ ‫ة تذهب الِفط ْن َ َ‬ ‫ة ‪ ،‬والبطن ٌ‬ ‫السمنة غفل ٌ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ة عذا ٌ‬ ‫ت القلب ‪ ،‬والوسوس ُ‬ ‫ك ُتمي ُ‬ ‫إخفاقٌ ‪ ،‬وكثرة الضح ِ‬
‫ة‬
‫ة الولي ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫حل ْوَةُ الرضاِع مرة الفطام ِ ‪ ،‬وفَْر َ‬ ‫المارةُ ُ‬ ‫•‬
‫ي دّواٌر ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬والكرس ّ‬ ‫ن العز ِ‬ ‫يذهُبها حز ُ‬
‫ب ‪ ،‬والبعد ُ عمن‬ ‫ح ّ‬ ‫من لذائد الدنيا ‪ :‬السفُر مع من ت ُ ِ‬ ‫•‬
‫ة من يؤذي ‪ ،‬وتذكُر النجاح ‪.‬‬ ‫ض ‪ ،‬والسلم ُ‬ ‫تبغ ُ‬
‫م‬
‫ن ‪ ،‬الحل ُ‬ ‫ن يقيد النسا َ‬ ‫الب ُّر يستبعد ُ الحّر ‪ ،‬والحسا ُ‬ ‫•‬
‫مَر‬ ‫ج ْ‬‫م ‪ ،‬والصبر يطفئ ال َ‬ ‫ص َ‬‫خ ْ‬ ‫يقهُر ال َ‬
‫ص ما‬ ‫ُ‬
‫ة أرخ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬والحاج ُ‬ ‫ن حين ُتها ُ‬ ‫الدنيا أهنأ ما تكو ُ‬ ‫•‬
‫ى عنها ‪.‬‬ ‫تكون حينما ُيسْتغن ْ َ‬
‫ل لك قدوم ٍغد ‪ ،‬وإذا‬ ‫همك رزقُ غد فمن يكف ُ‬ ‫إذا أ ّ‬ ‫•‬
‫س‪.‬‬‫س فمن يعيد ُ لك الم َ‬ ‫أحزنك ما حدث بالم ِ‬
‫خي ٌْر‬ ‫ل في عّزةٍ َ‬ ‫ل كثيرٍ ‪ ،‬وعز ٌ‬ ‫ل خيٌر من ما ٍ‬ ‫توفيقٌ قلي ٌ‬ ‫•‬
‫خي ٌْر من شدةٍ في‬ ‫ل في طاعةٍ َ‬ ‫من وليةِ في ذِل ّةٍ ‪ ،‬وخمو ٌ‬
‫معصيةٍ ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن مجنو ٌ‬ ‫ج ‪ ،‬والغضبا ُ‬ ‫ف أهو ُ‬ ‫ك ‪ ،‬والمسر ُ‬ ‫القانعُ مل ٌ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫ش ‪ ،‬والحاسد ُ ظال ٌ‬ ‫ل طائ ٌ‬ ‫والعجو ُ‬
‫ن ‪ ،‬ويخسئ‬ ‫ن ‪ ،‬ويسعد ُ النسا َ‬ ‫ذ ِك ُْر اللهِ يرضي الرحم َ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬ ‫ب الحزان ‪ ،‬ويمل الميزا َ‬ ‫الشيطان ‪ ،‬وي ُذ ْه ِ ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪397‬‬
‫سعيد ٌ من طال عمُره وحسن عمُله ‪ ،‬وموفقٌ من كُثر‬ ‫•‬
‫ت تقواه‪.‬‬ ‫مه فزاد ْ‬ ‫ك من زاد عل ُ‬ ‫ماُله فكثر بّره ‪ ،‬ومبار ٌ‬
‫ب من‬ ‫س أن ينسى همومه ‪ ،‬وثوا ُ‬ ‫م بالنا ِ‬ ‫جزاُء من اهت ّ‬ ‫•‬
‫س ‪ ،‬وجائزة ُ من ترك الدنيا أن‬ ‫م موله أن يخدمه النا ُ‬ ‫خد َ َ‬
‫َ‬
‫غدا ً ‪.‬‬ ‫يأتَيه رزُقه َر َ‬
‫ل شيئا ً من النعم مع العافيةِ ‪ ،‬ول تحتقْر شيئا ً‬ ‫ل تستق ّ‬ ‫•‬
‫ة مع عدم‬ ‫من الذِنب مع عدم ِ التوبةِ ‪ ،‬ول تكثْر طاع ً‬
‫ص‪.‬‬ ‫الخل ِ‬
‫ن‬‫ل ‪ ،‬والفرح بالثناِء الحس ِ‬ ‫ح الطفا ِ‬ ‫الفرح بالدنيا فر ُ‬ ‫•‬
‫ح الولياِء البرارِ ‪.‬‬ ‫ح بما عند الله فر ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬والفر ُ‬ ‫فرح الرجا ِ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬والحياُء صيان ٌ‬ ‫ب ريب ٌ‬ ‫ة‪ ،‬والكذ ٌ‬ ‫الصدقُ طمأنين ٌ‬ ‫•‬
‫ة‪.‬‬ ‫ت حكم ٌ‬ ‫ل ‪ ،‬والصم ُ‬ ‫ن جما ٌ‬ ‫ة‪ ،‬والبيا ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ُ‬ ‫والعل ٌ‬
‫حلوةُ الظفرِ تمحو مرارة الصبر ‪ ،‬ولذة ُ النتصاِر‬ ‫•‬
‫ل مشقته‪.‬‬ ‫ل يزي ُ‬ ‫ن العم ِ‬ ‫ب وعثاِء المعاناةِ ‪ ،‬وإتقا ٌ‬ ‫ت ُذ ْه ِ ُ‬
‫ة‬
‫ن ما في الجن ِ‬ ‫ة اللهِ ‪ ،‬وأحس ُ‬ ‫ب ما في الدنيا محب ُ‬ ‫أطي ُ‬ ‫•‬
‫ه‬
‫ل الل ِ‬ ‫ق رسو ُ‬ ‫ب الله ‪ ،‬وأبّر الخل ِ‬ ‫ب كتا ُ‬ ‫ة اللهِ ‪ ،‬وأنفعُ الكت ِ‬ ‫رؤي ُ‬
‫‪. ‬‬
‫سه ‪ ،‬ونظر لنفسه ‪ ،‬وأعد ّ‬ ‫ن اعتبر بأم ِ‬ ‫السعُيد م ِ‬ ‫•‬
‫سه ‪.‬‬ ‫ره وهم ِ‬ ‫ب الله في جه ِ‬ ‫سه وراق َ‬ ‫لرم ِ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬والهيب ُ‬ ‫س ُ‬ ‫خ ّ‬‫ح ِ‬ ‫ش ّ‬‫ة‪ ،‬وال ّ‬ ‫ل والطمعُ مهان ٌ‬ ‫صذ ّ‬ ‫الحر ُ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ة حجا ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬والغفل ُ‬ ‫خيب ٌ‬
‫ده‬ ‫ظ الله تج ْ‬ ‫ظك ‪ ،‬احف ِ‬ ‫ظ الله يحف ْ‬ ‫)) احف ِ‬ ‫•‬
‫فك في‬ ‫ء يعر ْ‬ ‫ه في الرخا ِ‬ ‫ف إلى الل ِ‬ ‫أمامك ‪ ،‬تعّر ْ‬
‫ل الله ‪ ،‬وإذا استعنت‬ ‫ة ‪ ،‬إذا سألت فاسأ ِ‬ ‫الشد ِ‬
‫ه (( ‪.‬‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫فاستع ْ‬
‫ك‬‫ل مال َ‬ ‫ن بلِئك ‪ ،‬واجع ْ‬ ‫ل زمان رخاِئك عدةً لزما ِ‬ ‫اجع ْ‬ ‫•‬
‫ك‪.‬‬ ‫ة لّرب َ‬ ‫ل عمرك طاع ً‬ ‫ة لحاِلك ‪ ،‬واجع ْ‬ ‫صيان ً‬
‫ة أعقب ذِّلة ‪ ،‬ومعصي ٍ‬
‫ة‬ ‫ت حسرةً ‪ ،‬وزل ً‬ ‫ب لذةٍ أو جب ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫•‬
‫ت بكاًء‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬وضحكةٍ جّر ْ‬ ‫ت نعم ً‬ ‫سلب ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪398‬‬
‫ت ‪ ،‬والدنيا إذا‬ ‫ت فّر ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وإذا كفر ْ‬ ‫ت قّر ْ‬ ‫م إذا شكر ْ‬ ‫النع ُ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬
‫ت غّر ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وإذا بّر ْ‬ ‫ت مّر ْ‬ ‫سّر ْ‬
‫ة الطعام ِ‬ ‫ة الجسم ِ قل ُ‬ ‫السلمة إحدى الغنيمتين ‪ ،‬وصح ُ‬ ‫•‬
‫ت البعد ُ عن‬ ‫ة الثام ِ ‪ ,‬وصحة الوق ِ‬ ‫ة الروِح قل ُ‬ ‫‪ ,‬وصح ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫المْق ِ‬
‫ة السروِر‬ ‫ة ‪ ,‬وليل ُ‬ ‫م اللذةِ دقيق ٌ‬ ‫ة اللم ِ يوم ‪ ,‬ويو ُ‬ ‫دقيق ُ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬‫ل ثقي ٌ‬ ‫م طوي ٌ‬ ‫م اله ّ‬‫قصيرةٌ ‪ ,‬ويو ُ‬
‫كرك النعيم ‪ ,‬والجوع حّبب إليك الطعام ‪,‬‬ ‫سذ ّ‬‫البؤ ُ‬ ‫•‬
‫وقك للعافيةِ ‪.‬‬ ‫ضش ّ‬ ‫من لديك الحرية ‪ ,‬والمر ُ‬ ‫نث ّ‬ ‫والسج ُ‬
‫ميةِ وإياك‬ ‫ح ْ‬ ‫عليك بثلثة أطباء‪ :‬الفرِح والراحةِ وال ِ‬ ‫•‬
‫ط‪.‬‬ ‫وثلثة أعداٍء ‪ :‬التشاؤم ِ والوهم ِ والقنو ِ‬
‫السعادةُ هي أن تصل النفس إلى درجة كماِلها‪,‬‬ ‫•‬
‫مه الدنيا‬ ‫ظ أن تخد ُ‬ ‫والفوز أن تجد ثمرةَ أعمالها ‪ ,‬والح ّ‬
‫بإقباِلها‪.‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ل عينيك وق ْ‬ ‫ك ‪ ،‬وأرس ْ‬ ‫س في السحرِ ‪ ،‬ومد ّ يدي َ َ‬ ‫اجل ْ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫ف لنا الكيل يا جلي ُ‬ ‫وجْئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ فأو ِ‬
‫ة من اللم ِ والسقم ِ والهرم ِ ‪ ,‬ول‬ ‫من النعم السلم ُ‬ ‫•‬
‫م حتى‬ ‫ً‬
‫ب حتى تظمأ ‪ ,‬ول تأك ْ‬
‫ل حتى تجوع َ ‪ ,‬ول تن ْ‬ ‫تشر ْ‬
‫تتعب‪.‬‬
‫من تأّنى حصل على ما تمّنى ‪ ,‬ومن للخيرِ تعّنى‬ ‫•‬
‫س‪.‬‬ ‫ي إفل ٌ‬ ‫م ‪ ,‬والمان ّ‬ ‫ة عق ٌ‬ ‫وز تهّنا ‪ ,‬والعجل ُ‬ ‫فبالف ِ‬
‫ة‬
‫ن زوال حال ٍ‬ ‫ارض عن اللهِ فيما فعله بك‪ ,‬ول تتم ّ‬ ‫•‬
‫مك‪.‬‬ ‫م بك من أ ّ‬ ‫أقامك فيها‪ ,‬فهو أدرى بك منك وأرح ُ‬
‫طها من ندم ٍ‬ ‫ة بشر ِ‬ ‫خي ٌْر‪ ,‬حتى المعصي ُ‬ ‫قضاُء اللهِ كّله َ‬ ‫•‬
‫ب‪.‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ب الكبرٍ والعُ ْ‬ ‫وتوبةٍ ‪ ,‬وانكسارٍ واستغفارٍ ‪ ,‬وإذها ِ‬
‫ل‬‫ت في اللي ِ‬ ‫م على الستغفارِ فإن للهِ نفحا ٍ‬ ‫داو ْ‬ ‫•‬

‫ة تسعد ُ بها إلى يوم ِ‬ ‫والنهاِر‪ ,‬فعسى أن تصيبك منها نفح ٌ‬


‫ن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الدي‬
‫صب ََر‪ ,‬وإذا‬ ‫شك ََر ‪ ,‬وإذا ابت ُِلي َ‬ ‫وبى لمن إذا أ ُن ِْعم عليه َ‬ ‫طُ ْ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫م عَد َ َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫م ‪ ,‬وإذا َ‬ ‫ضب حل َ‬ ‫أذنب استغفر‪ ,‬وإذا غ ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪399‬‬
‫ل‪,‬‬ ‫ة العق ِ‬ ‫ن ‪ ,‬وتنمي ُ‬ ‫من فوائد القراءةِ فتقُ اللسا ِ‬ ‫•‬
‫ب‪،‬‬ ‫م ‪ ,‬والستفادة ُ من التجار ِ‬ ‫ة اله ّ‬ ‫وصفاُء الخاطرِ ‪ ,‬وإزال ُ‬
‫ب الفضاِئل ‪.‬‬ ‫واكتسا ُ‬
‫ل‬‫ص والتوبةِ والنابةِ ‪ ,‬والتوك ِ‬ ‫غذاُء القلب في الخل ِ‬ ‫•‬
‫على اللهِ ‪ ,‬والرغبةِ فيما عنده والرهبةِ من عذابهِ ‪ ,‬وحِبه‬
‫تعالى‪.‬‬
‫م على‬ ‫الزم )) يا ذا الجلل والكرام (( وداو ْ‬ ‫•‬
‫ث (( لترى الَفَرج‬ ‫م برحمِتك استغي ُ‬ ‫ي يا قيو ُ‬ ‫)) يا ح ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ح والسكين َ‬ ‫والَفَر َ‬
‫ر‬
‫ل العَْفوَ ‪ ،‬وأج ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫إذا آذاك أحد فتذكرِ القضاَء ‪ ،‬وفَ ّ‬ ‫•‬
‫م ‪ ,‬فأنت‬ ‫م وأنت مظلو ٌ‬ ‫الحلم ‪ ،‬وثواب الصبرِ ‪ ،‬وأنه ظال ٌ‬
‫أسعد ُ حظا ً ‪.‬‬
‫در ‪ ,‬فلماذا‬ ‫م والرزقُ مق ّ‬ ‫ل محتو ٌ‬ ‫القضاء نافذ ُ والج ُ‬ ‫•‬
‫م ؟‪.‬‬ ‫رها فلم اله ّ‬ ‫ة بأج ِ‬ ‫ض والفقُر والمصيب ُ‬ ‫ن ؟ والمر ُ‬ ‫الحز ُ‬
‫ة‪,‬‬‫ل جنة الخر ِ‬ ‫ة من لم يدخْلها لم يدخ ْ‬ ‫في الدنيا جن ّ ٌ‬ ‫•‬
‫س به والشوقُ إليه‪.‬‬ ‫وهي ذكُره سبحانه وطاعُته وحّبه والن ُ‬
‫رضي الله عنهم لنهم أطاعوا أمره واجُتنبوا نهيه‬ ‫•‬
‫مُلوا ‪ ،‬وآمنهم مما خاُفوا ‪.‬‬ ‫ورضوا عنه ؛ لنه أعطاهم ما أ ِ‬
‫ق‬
‫ب يقدُر ويغفُر ويستُر ويرز ُ‬ ‫ده ر ّ‬ ‫ن من عن َ‬ ‫كيف يخز ُ‬ ‫•‬
‫ويرىُ ويسمعُ ‪ ،‬وبيدِهِ مقاليد ُ الموِر‪.‬‬
‫ح‪،‬‬ ‫ح ‪ ،‬والعفوُ ممنو ٌ‬ ‫ب مفتو ٌ‬ ‫ة والبا ُ‬ ‫ة واسع ٌ‬ ‫الرحم ُ‬ ‫•‬
‫ة ‪ ،‬وحلمه كبيٌر ‪.‬‬ ‫ة مقبول ٌ‬ ‫ح ‪ ،‬والتوب ُ‬ ‫ؤه يغدو ويرو ُ‬ ‫وعطا ُ‬
‫ل تحْزن لن القضاء مفروغ ٌ منه ‪ ،‬والمقدور واقعٌ ‪،‬‬ ‫•‬
‫ل ‪ ،‬والذنب‬ ‫ت والجُر حاص ٌ‬ ‫ت ‪ ،‬والصحف ط ُوِي َ ْ‬ ‫والقلم جف ْ‬
‫مغفوٌر ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وانتظرِ الجل ‪ ،‬وعش‬ ‫م َ‬ ‫صرِ ال َ‬ ‫سن العمل وق ّ‬ ‫أح ِ‬ ‫•‬
‫ظ لساَنك ‪.‬‬ ‫ف زماَنك واحف ْ‬ ‫ل على شأِنك واعر ْ‬ ‫يومك ‪ ،‬وأقب ْ‬
‫ظ من قبر ‪ ،‬ول أ َ َ‬ ‫ب ‪ ،‬ول أ َوْعَ َ‬ ‫َ‬
‫م من‬ ‫سأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ل أفْي َد َ من كتا ٍ‬ ‫•‬
‫غنى من قناعةٍ ‪.‬‬ ‫ف من زهدٍ ‪ ،‬ول أ ْ‬ ‫شَر َ‬ ‫معصيةٍ ‪ ،‬ول أ َ ْ‬
‫ل تحزن‬
‫‪400‬‬
‫خك‪ ،‬والمجد ُ‬ ‫ب تاري ُ‬ ‫دك ومثابرِتك ُيكت ُ‬ ‫بقدر همتك وج ّ‬ ‫•‬
‫ل بتضحيةٍ ‪.‬‬ ‫ل ُيعطى جزافا ً وإنما يؤخذ بجدارةٍ وُينا ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫م الخرةِ فحس ُ‬ ‫مه ّ‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ن ‪ ،‬واجع ِ‬ ‫ون المر ي َهُ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫•‬
‫ل من كل شيٍء ‪.‬‬ ‫ك الفضو َ‬ ‫وتهيأ للقاِء اللهِ تعالى ‪ ،‬واتر ِ‬
‫ل الكلم ِ‬ ‫ت كفضو ِ‬ ‫ت من المزعجا ِ‬ ‫ل المباحا ِ‬ ‫فضو ُ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫ب الغ ّ‬ ‫ك ‪ ,‬وهي سب ُ‬ ‫والطعام ِ والمنام ِ والخلطةِ والضح ِ‬
‫ْ‬
‫م ﴾ فل تذوبوا حسرةً‬ ‫فات َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫وا َ‬ ‫س ْ‬ ‫﴿ ل ِك َْيل ت َأ َ‬ ‫•‬
‫خطًا‪.‬‬ ‫وَندمًا‪ ,‬ول تهلكوا بكاًء وأسفًا‪ ,‬ول تنقطعوا عويل ً وتس ّ‬
‫ن﴾‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ه فيسددكم ويرعاكم ويدفع عنكم ويحميكم فل‬ ‫يكفيكم الل ُ‬
‫تخافون‪.‬‬
‫وا ﴾ يدفع عنهم العداء ‪,‬‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫﴿ إِ ّ‬ ‫•‬
‫ظهم في‬ ‫يعافيهم من البلِء ‪ ,‬ويشافيهم من الداِء ‪ ,‬يحف ُ‬
‫البأساِء والضراِء ‪.‬‬
‫منا‪,‬‬‫عَنا ﴾ يرانا‪ ,‬يسمع كل َ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫﴿ل ت َ ْ‬ ‫•‬
‫منا‪.‬‬ ‫ف عنا ما أغ ّ‬ ‫منا‪ ,‬يكش ُ‬ ‫ينصُرنا على عدِونا‪ ,‬ييسُر لنا ما أه ّ‬
‫ك ﴾ أما جعلناه فسيحا ً وسيعا ً‬ ‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫صدَْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫﴿ أل َ ْ‬ ‫•‬
‫رحا ً معمورا ً ؟!‬ ‫مبتهجا ً مسرورا ً ساكنا ً مطمئنا ً ف ِ‬
‫ن ﴾ فنحن نكفيك‬ ‫مك ُُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ضي ْ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ول ت َ ُ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ق‬
‫ض ْ‬ ‫مكرهم‪ ,‬ونصد ّ عْنك كيدهم‪ ,‬ونرد ّ عنك أذاهم فل ت ِ‬
‫ذْرعًا‪.‬‬
‫حَزُنوا﴾ وأنتم العلون عقيدةٌ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫هُنوا َ‬ ‫ِ‬ ‫ول ت َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ة ‪ ,‬والعلون منهجا ً وسيرة ً ‪ ,‬والعلون سندا ً ومبدًأ‪,‬‬ ‫وشريع ٌ‬
‫وأخلقا ً وسلوكًا‪.‬‬
‫ب‪,‬‬ ‫ة ﴾ يعفو عن المذن ِ‬ ‫فَر ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫﴿ إِ ّ‬ ‫•‬
‫ل العثرة‪ ,‬يمحو الزلة‪ ,‬يستر الخطيئة‪,‬‬ ‫ل التوبة‪ ,‬يقي ُ‬ ‫يقب ُ‬
‫ب على التائب‪.‬‬ ‫يتو ُ‬
‫﴿ ول ت َيأ َ‬
‫ه قريب‪,‬‬ ‫ه ﴾ فإن فرج ٌ‬ ‫ح الل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫سوا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫مه واسع‪ ,‬وفضله‬ ‫ل ‪ ,‬وكر ُ‬ ‫ل ‪ ,‬وتيسيره ُ حاص ٌ‬ ‫ه عاج ٌ‬ ‫ولطف ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫عا ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪401‬‬
‫ن﴾ ُيشافي وُيعافي وَُيجِتبي‬ ‫ه َ‬
‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫و أْر َ‬ ‫و ُ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫م ويتكر ُ‬ ‫ظ ويتولى‪ ,‬ويستُر ويغفُر‪ ,‬ويحل ُ‬ ‫ويختار‪ ,‬ويحف ُ‬
‫ب‪,‬‬ ‫فظا ً ﴾ يحفظ الغائب‪ ,‬يرد الغري َ‬ ‫حا ِ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫فالل ّ ُ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ف‬‫ض ‪ ,‬يكش ُ‬ ‫ل ‪ ,‬يعافي المبتلى ‪ ,‬يشفي المري َ‬ ‫يهدي الضا َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫الكر ِ‬
‫وضوا المر إليه‪ ,‬وأعيدوا‬ ‫وك ُّلوا﴾ ف ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫الشأن إليه‪ ,‬واشكوا الحال عليه‪ ,‬ارضوا بكفايته‪ ,‬اطمئنوا‬
‫لرعايته ‪.‬‬
‫ي ِبال ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ح﴾ فيفتح القفال‪,‬‬ ‫فت ْ ِ‬ ‫ن ي َأت ِ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫سى الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ب الثقال‪ ,‬ويزيل الليالي الطوال‪ ,‬ويشرح‬ ‫ويكشف الك َُر َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل ‪ ,‬ويصلح الحا َ‬ ‫البا َ‬
‫ك‬‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫ث بَ ْ‬ ‫د ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ري ل َ َ‬ ‫﴿ ل ت َدْ ِ‬ ‫•‬
‫ل حزنا ً ويسهل أمرا ً‬ ‫ما ً ويزي ُ‬ ‫َ‬
‫ما ً ويطُرد هَ ّ‬ ‫مرا ً﴾ فيذهب غ ّ‬ ‫أ ْ‬
‫ب بعيدًا‪.‬‬ ‫وُيقّر ُ‬
‫ف كْربا ً ويغفُر ذنبا ً‬ ‫ن﴾ يكش ُ‬ ‫في َ ْ‬ ‫﴿ كُ ّ‬
‫شأ ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وم ٍ ُ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫•‬
‫ك مأسورا ً‬ ‫ويعطي رِْزقا ً ويشفي مريضا ً ويعافي مبتًلى ‪ ،‬ويف ّ‬
‫‪ ،‬ويجبُر كسيرا ً ‪.‬‬
‫سرا ً﴾ مع الفقرِ غنى‪ ,‬وبعد‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ة‪,‬‬ ‫سعَ ٌ‬ ‫ن سروٌر ‪ ,‬وبعد الضيق َ‬ ‫ة ‪ ,‬وبعد الحز ِ‬ ‫ض عافي ٌ‬ ‫المر ِ‬
‫س انطلقٌ ‪ ,‬وبعد الجوِع شبعٌ ‪.‬‬ ‫وبعد الحب ِ‬
‫ل القيد ُ ‪,‬‬ ‫سيح ّ‬ ‫سرا ً﴾ ُ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫عدَ ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ل‬‫ب ‪ ,‬وينزل الغيث ‪ ,‬ويص ُ‬ ‫ح البا ُ‬ ‫ل ‪ ,‬وُيفت ُ‬ ‫وينقطعُ الحب ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ب ‪ ,‬وتصلح الحوا ُ‬ ‫الغائ ُ‬
‫ل ‪ ,‬وتهدأ ُ‬ ‫ل﴾ فسوف يبدل الحا ْ‬ ‫مي ٌ‬ ‫﴿ َ‬
‫ج ِ‬ ‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫•‬
‫د‪,‬‬
‫ح الصدُر‪ ,‬ويسهل المُر‪ ,‬وتحل العق ُ‬ ‫س ‪ ,‬وينشر ُ‬ ‫النف ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ج الزم ُ‬ ‫وتنفر ُ‬
‫ت ﴾ ليصلح‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي ل ي َ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫حاُلك‪ ,‬ويشرح باُلك‪ ,‬ويحفظ ماُلك ‪ ,‬ويرعى عياُلك ‪ ,‬ويكرم‬
‫مآُلك‪ ,‬وُيحّققَ آماُلك‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪402‬‬
‫ل﴾ يكشف عنا الكروب‪,‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ل عنا الخطوب‪ ,‬يغفُر لنا الذنوب‪ ,‬يصلح لنا القلوب ‪,‬‬ ‫ويزي ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب عنا العيو َ‬ ‫يذه ْ‬
‫مِبينا ً﴾ هديناك واجتبيناك‪,‬‬ ‫فْتحا ً ُ‬ ‫ك َ‬ ‫حَنا ل َ َ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫﴿ إ ِّنا َ‬ ‫•‬
‫وحفظناك ومكناك‪ ,‬ونصرناك وأكرمناك‪ ,‬ومن كل بلء‬
‫ن أبليناك‪.‬‬ ‫حس ٍ‬
‫س﴾ فل يناُلك عدوّ ‪ ,‬ول‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ة ‪ ,‬ول يغلبك حاسد ٌ ‪ ,‬ول يعلو عليك حاقد ٌ ‪,‬‬ ‫يصل إليك طاغي ٌ‬
‫ول يجتاحك جباٌر ‪.‬‬
‫ظيما ً﴾ خلقك ورزقك ‪,‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫عّلمك وفّهمك ‪ ,‬هداك وسددك‪ ,‬أرشدك وأدبك‪ ,‬نصرك‬
‫وحفظك‪ ,‬تولك ورعاك‪.‬‬
‫خل ْ َ‬
‫ق‬ ‫ه﴾ أعطى ال َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ن نِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ب ِك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫والرزق ‪ ,‬والسمع والبصر ‪ ,‬والهداية والعافية ‪ ,‬والماء‬
‫والهواء ‪ ,‬والغذاء والدواء ‪ ,‬والمسكن والكساء ‪.‬‬
‫ل الله تجدِ العون والكفاية والرشد‬ ‫إذا سألت فاسأ ِ‬ ‫•‬
‫والسداد ‪ ,‬واللطف والفرج ‪ ,‬والنصر والتأييد َ ‪.‬‬
‫على الله توكْلنا وبديِنه آمنا ولرسوِله اتبعنا ولقوِله‬ ‫•‬
‫ن الله معنا‪.‬‬ ‫استمعنا وبدعوِته اجتمعنا‪ ,‬فل تحْزن إ ّ‬
‫ه من ينصُره ‪ ,‬فيرُفع قدره ‪ ،‬ويعلي شأنه‬ ‫ن الل ُ‬ ‫ولينصر ّ‬ ‫•‬
‫ت خصمه ويخزي من‬ ‫ل عدوه ويكب ُ‬ ‫‪ ،‬ويتولى أمره ‪ ،‬ويخذ ُ‬
‫كاده‪.‬‬
‫)) ل حول ول قوة إل بالله(( ل إرادة ول قدرة‬ ‫•‬
‫ة إل‬‫ة ول طاق َ‬ ‫ن ول كفاي َ‬ ‫ج ول عو َ‬ ‫ول تأييد َ ول نصَر ول فر َ‬
‫باللهِ العظيم ِ ‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬ويقرأ‬ ‫ب الكو ِ‬ ‫ن﴾ يطالع كتا َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل لَ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫﴿ أ َل َ‬
‫ِ‬ ‫•‬
‫ح طرفه في‬ ‫ن ويسر ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ‪ ,‬ويتمتعُ بمشاهدِ ال ُ‬ ‫دفتر الجما ِ‬
‫ن الحياةِ ‪.‬‬ ‫مهرجا ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪403‬‬
‫ق‬
‫ق ‪ ,‬ينط ُ‬ ‫ن المشر ِ‬ ‫م بالبيا ِ‬ ‫ن ﴾ يتكل ُ‬ ‫فت َي ْ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫و َ‬ ‫سانا ً َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ت ‪ ,‬يترجم عما‬ ‫ت السرا ِ‬ ‫ث بالكلما ِ‬ ‫ب ‪ ,‬يتحد ُ‬ ‫ث الجذا ُ‬ ‫بالحدي ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫في قلب ِ ِ‬
‫شك َرت ُم َل َ‬
‫مكم ويزيد‬ ‫م ﴾ فيعظم عل ُ‬ ‫زيدَن ّك ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن َ ْ ْ‬ ‫﴿ ل َئ ِ ْ‬ ‫•‬
‫م ‪ ،‬ويتحققُ نصُركم ويكثُر خيُركم‪.‬‬ ‫مكم ويبارك في رزقِك ُ ْ‬ ‫فه ُ‬
‫ه َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ة‬
‫ة ﴾ عام ً‬ ‫وَباطِن َ ً‬ ‫هَرةً َ‬ ‫ظا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م نِ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫سب َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫ل ‪ ,‬في‬ ‫ل والما ِ‬ ‫ن والدنيا‪ ,‬في اله ِ‬ ‫ة ‪ ,‬في الدي ِ‬ ‫وخاص ً‬
‫ب والجوارِح ‪ ,‬في الروِح ‪.‬‬ ‫المواه ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه﴾ أرفع شكايتي إليه ‪,‬‬ ‫ري إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫مُِ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫وأ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ل عليه‪ ,‬أرضى‬ ‫ن ظني به ‪ ,‬أتوك ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ض حالي عليه‪ ,‬أ َ‬ ‫أعر ُ‬
‫ن إلى كفايِته‪.‬‬ ‫مه‪ ,‬أطمئ ّ‬ ‫بحك ِ‬
‫ه﴾ يرزقهم إذا افتقروا ‪ ,‬يغيثهم‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ف بِ ِ‬ ‫طي ٌ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫﴿الل ّ ُ‬ ‫•‬
‫ضوا‪,‬‬ ‫طوا ‪ ,‬يغفُر لهم إذا استغفروا‪ ,‬يشفيهم إذا مر ُ‬ ‫إذا قح ُ‬
‫يعافيهم إذا ابُتلوا ‪.‬‬
‫ه﴾ لم يغلقْ بابه ‪ ,‬لم‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫﴿ل ت َ ْ‬ ‫•‬

‫ل حجابه‪ ,‬لم تن َْفد ْ خزائُنه ‪ ,‬لم ينتهِ فضُله‪ ,‬لم ينقط ْ‬


‫ع‬ ‫يسد ْ‬
‫حبُله ‪.‬‬
‫َ‬
‫مه ‪,‬‬ ‫مه وأغ ّ‬ ‫ه ﴾ يكفيه ما أه ّ‬ ‫عب ْدَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫﴿ أل َي ْ َ‬ ‫•‬
‫من مكر‬ ‫ظه م ّ‬ ‫يحميه ممن قصده ‪ ,‬يمنعه ممن كاد له ‪ ,‬يحف ُ‬
‫به‪.‬‬
‫ه الّرْزقَ ﴾ فعنده الخزاُئن ‪ ،‬ولديه‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫غوا ِ‬ ‫فاب ْت َ ُ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫م‪.‬‬ ‫ح العلي ُ‬ ‫ن الفتا ُ‬ ‫الكنوُز ‪ ،‬وبيده الخيُر ‪ ,‬وهو الجواد ُ المنا ُ‬
‫ه﴾ يكشف كربه ويغفر‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ذنبه‪ ,‬ويذهب غيظه وينيُر طريقه ويسدد ُ خطاه‪.‬‬
‫م ﴾ كنتم أمواتا ً فأحياكم ‪,‬‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫﴿ اذْك ُُروا ن ِ ْ‬ ‫•‬
‫ة فعّلمكم‪,‬‬ ‫كم ‪ ,‬وفقراًء فأغناكم ‪ ,‬وجهل ً‬ ‫ضل ّل ً فهدا ُ‬ ‫و ُ‬
‫ومستضعفين فنصركم‪.‬‬
‫كم مرةٍ سألت فأعطاك ‪ ,‬كم مرةٍ طلبت فحباك ‪,‬‬ ‫•‬
‫كم مرةٍ عثرت فأقالك ‪ ,‬كم مرةٍ أعسرت فيسر عليك‪ ,‬كم‬
‫مرةٍ دعوته فأجاَبك‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪404‬‬
‫م ‪ ،‬وتزي ُ‬
‫ل‬ ‫ب الغمو ُ‬ ‫م على المعصوم ِ تذه ُ‬ ‫الصلةُ والسل ُ‬ ‫•‬
‫ح العلوم ويحصل‬ ‫م ‪ ,‬وتشافي القلب المكلوم ‪ ،‬وتفت ُ‬ ‫الهمو ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫ل المقسو ُ‬ ‫بها الفض ُ‬
‫َ‬
‫م ﴾ ارفعوا إلى الله أكّفكم ‪,‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫﴿ اد ْ ُ‬ ‫•‬
‫قدموا إليه حوائجكم ‪ ,‬اسألوه مرادكم ‪ ,‬اطلبوه رزقكم‪,‬‬
‫اشكوا عليه حالكم ‪.‬‬
‫ضطَّر إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫عاهُ ﴾ فيزيل كربه‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫﴿أ ّ‬ ‫•‬
‫ب ما أضناه ‪ ,‬ويعطيه ما تمناه ‪ ,‬ويحققُ مبتغاه‪.‬‬ ‫وبلواه وي ُذ ْه ِ ُ‬
‫ق ‪ ,‬واجعْلهم في‬ ‫ضك على فقراِء الخل ِ‬ ‫تصدق بعَْر ِ‬ ‫•‬
‫ض‪.‬‬ ‫ل إن شتموك أو سبوك أو آذوك فعند اللهِ العِوَ ُ‬ ‫ح ّ‬
‫ه ‪ ,‬إذا ض ّ‬
‫ل‬ ‫إذا خاف ُرّبان السفينة نادى ‪ :‬يا الل ُ‬ ‫•‬
‫ه ‪ ,‬إذا‬ ‫ه ‪ ,‬إذا اغتم السجين دعا ‪ :‬يا الل ُ‬ ‫الحادي هتف ‪ :‬يا الل ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ض صاح ‪ :‬يا الل ُ‬ ‫ضاق المري ُ‬
‫ده‬ ‫ت ‪ ,‬تقص ُ‬ ‫د ﴾ تصمد ُ إليه الكائنا ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫﴿ الل ّ ُ‬ ‫•‬
‫ت ومختلف‬ ‫ت بشتى اللغا ِ‬ ‫ت ‪ ,‬تدعوه البريا ُ‬ ‫المخلوقا ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت في سائر الحاجا ِ‬ ‫اللهجا ِ‬
‫﴿ ذَل ِ َ َ‬
‫مُنوا﴾ ينيُر لهم‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وَلى ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬ ‫•‬
‫ح لهم الهداية ‪ ,‬يحميهم‬ ‫جة ‪ ,‬يوض ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫ق ‪ ,‬يبين لهم ال َ‬ ‫الطري ِ‬
‫ة‪.‬‬
‫مهم من الجهال ِ‬ ‫من الضللةِ ‪ ,‬يعل ُ‬
‫س‪،‬‬ ‫بالنا‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ورحم‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫بالقلو‬ ‫رفقا ًَ بالقواريرِ ولطفا ً‬
‫ِ‬ ‫•‬
‫ورويدا ً بالمشاعرِ ‪ ،‬وإحسانا ً للغيرِ ‪ ،‬وتفضل ً على العالم ِ ‪..‬‬
‫س‪.‬‬ ‫أيها النا ُ‬
‫ل عن الزلةِ ‪ ,‬وتغاض عن‬ ‫اكتم ِ الغيظ ‪ ,‬وتغاف ْ‬ ‫•‬
‫ب‬‫ن أح ّ‬ ‫ن المعائب تك ْ‬ ‫ف عن الغلطةِ ‪ ,‬وادف ِ‬ ‫الساءةِ ‪ ,‬واع ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫س إلى النا ِ‬ ‫النا ِ‬
‫ح‪,‬‬ ‫ح ‪ ,‬وقلب مرتا ٌ‬ ‫ة تدخُلها الريا ُ‬ ‫ح ‪ ,‬وغرف ٌ‬ ‫مْفتا ٌ‬ ‫بو ِ‬ ‫با ٌ‬ ‫•‬
‫مع تقوى وصلٍح ‪ ,‬وقد نلت النجاح ‪.‬‬
‫ل‪,‬‬ ‫ل ‪ ,‬والزائد ُ عن الحاجة أثقا ُ‬ ‫ش أشغا ٌ‬ ‫فضول العي ِ‬ ‫•‬
‫ف‪.‬‬ ‫خي ٌْر من ب َذ ٍْخ وإسرا ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫ف في كفا ٍ‬ ‫وعفا ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪405‬‬
‫ص‬
‫كر في ترب ِ‬ ‫ل تحمل عقدة المؤامرةِ ‪ ,‬ول تف ْ‬ ‫•‬
‫ك‬ ‫ل في فَل َ ٍ‬ ‫س مشغولون بك‪ ,‬فك ّ‬ ‫ن ‪ ,‬ول تظن أن النا َ‬ ‫الخري ّ‬
‫يسبحون ‪.‬‬
‫ه ﴾ فيرد كيدهم ويبطل مكرهم ِ ‪،‬‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فيك َ ُ‬ ‫سي َك ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬

‫دهم‪ ,‬ويمحقُ قوتهم ‪ ,‬وي ُذ ْهِ ُ‬


‫ب‬ ‫لح ّ‬ ‫ل جندهم ‪ ،‬ويف ّ‬ ‫ويخذ ُ‬
‫ت شملهم ‪.‬‬ ‫بأسهم ويشت ُ‬
‫م ﴾ فشفى غليلهم ‪ ,‬وأبرد‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫فأ َن َْز َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ح ضمائَرهم ‪ ,‬وطهَر‬ ‫عليلهم ‪ ,‬وأطفأ لهب صدوِرهم ‪ ,‬وأرا َ‬
‫سرائَرهم‪.‬‬
‫س‪،‬‬ ‫ح النف َ‬ ‫ة (( لنها تفت ُ‬ ‫)) الكلمة الطيبة صدق ٌ‬ ‫•‬
‫ن‬
‫ب الغيظ وتعل ُ‬ ‫ل الجراح ‪ ،‬وتذه ُ‬ ‫وتسعد ُ القلب ‪ ،‬وتدم ُ‬
‫السلم ‪.‬‬
‫ة (( لن الوجه‬ ‫ه أخيك صدق ٌ‬ ‫)) تبسمك في وج ِ‬ ‫•‬
‫ب ‪ ،‬ورائد ُ الضميرِ وأو ُ‬
‫ل‬ ‫ن الكتاب ‪ ,‬وهو مرآة ُ القل ِ‬ ‫عنوا ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫الفأ َ‬
‫َ‬
‫ف‬‫ك النتقام ِ ‪ ،‬ولط ِ‬ ‫ن ﴾ بتر ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫﴿ ادْ َ‬ ‫•‬
‫ن‬ ‫ل ونسيا ِ‬ ‫ق في التعام ِ‬ ‫ب ‪ ,‬والرف ِ‬ ‫ن الجان ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ولي ِ‬ ‫الخطا ِ‬
‫الساءةِ ‪.‬‬
‫قى﴾ ولكن لتسعد‬ ‫ش َ‬ ‫ن ل ِت َ ْ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ما أن َْزل َْنا َ‬ ‫َ‬
‫قْرآ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ة الفلِح ‪،‬‬ ‫سك ‪ ،‬وتدخل به جن َ‬ ‫ن نف ُ‬ ‫حك ‪ ،‬وتسك َ‬ ‫ح رو ُ‬ ‫وتفر َ‬
‫وفردوس السعادةِ ‪.‬‬
‫ج﴾ بل يسٌر‬ ‫حَر ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ة ‪ ،‬ومراعاةٌ للمشقةِ ‪ ،‬وبعد ٌ عن الكلفةِ ‪ ،‬وسلم ٌ‬ ‫وسهول ٌ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب والرها‬ ‫من التع ِ‬
‫ت‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫غل َ‬ ‫واْل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صَر ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫م ﴾ فيسعدون بعد شقاٍء ويرتاحون بعد عناٍء ويأمنون‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫حْز ٍ‬ ‫ف ‪ ،‬ويسرون بعد ُ‬ ‫بعد خو ٍ‬
‫ري‬ ‫َ‬ ‫با ْ‬ ‫قا َ‬ ‫﴿ َ‬
‫م ِ‬ ‫سْر ِلي أ ْ‬ ‫وي َ ّ‬‫ري * َ‬ ‫صدْ ِ‬ ‫ح ِلي َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫•‬
‫س الهدى بقلبي ‪ ،‬وأمسك الحبل‬ ‫﴾ فأرى النور أمامي ‪ ،‬وأح ّ‬
‫بيدي ‪ ،‬وأنال النجاح في حياتي ‪ ،‬والفوز بعد مماتي ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪406‬‬
‫ب وتطيعه بود ّ‬ ‫سَرى ﴾ فتعبد ربك بح ٍ‬ ‫ك ل ِل ْي ُ ْ‬ ‫سُر َ‬ ‫ون ُي َ ّ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬

‫ب فيه عذابا ً ‪ ،‬والعلق ُ‬


‫م‬ ‫ق ؛ فيصبح العذا ُ‬ ‫وتجاهد فيه بصد ٍ‬
‫في سبيلهِ شْهدًا‪.‬‬
‫ها ﴾ فل تكليف‬ ‫ع َ‬‫س َ‬‫و ْ‬‫فسا ً إ ِّل ُ‬ ‫ه نَ ْ‬‫ف الل ّ ُ‬ ‫﴿ ل ي ُك َل ّ ُ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ب الجهدِ وعلى قدرِ الموهب ِ‬ ‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫فوق الطاقةِ ‪ ،‬وإنما على َ‬
‫وعلى مقدارِ القوةِ ‪.‬‬
‫م أحيانا ً ‪،‬‬ ‫سيَنا﴾ فأنا نهِ ُ‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫﴿ َرب َّنا ل ت ُ َ‬ ‫•‬
‫ل فعفوك يا‬ ‫صيبنا الشرود ُ ويعترينا الذهو ُ‬ ‫ل أوقاتا ً ‪ ،‬وي ُ‬ ‫ونغف ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ر ّ‬
‫خطَأ َْنا﴾ فلسنا معصومين ول من الذنب‬ ‫و أَ ْ‬ ‫﴿أ ْ‬
‫َ‬ ‫•‬
‫بسالمين ‪ ،‬ولكّنا في فضِلك طامعون وفي رحمتك‬
‫راغبون ‪.‬‬
‫صرا ً ﴾ فنحن عباد ٌ ضعفاٌء‬ ‫عل َي َْنا إ ِ ْ‬‫ل َ‬ ‫م ْ‬‫ح ِ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫﴿ َرب َّنا َ‬ ‫•‬
‫ك فأجْبنا كما‬ ‫ن ‪ ،‬أنت الذي علمتنا كيف ندعو َ‬ ‫وبشر مساكي ُ‬
‫دعوتنا ‪.‬‬
‫جَز وتك ّ‬
‫ل‬ ‫ه﴾ فنع َ‬ ‫ة ل ََنا ب ِ ِ‬ ‫طا َ‬
‫ق َ‬ ‫ما ل َ‬ ‫مل َْنا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ول ت ُ َ‬ ‫﴿ َرب َّنا َ‬ ‫•‬
‫ل‬‫ت ‪ ،‬وسه ْ‬ ‫ل نفوسنا ‪ ،‬بل يسْر علينا وقد فعل َ‬ ‫قلوُبنا وتم ّ‬
‫ت‪.‬‬ ‫علينا وقد أوجب َ‬
‫ف ومنا تبدُر‬ ‫عّنا ﴾ فنحن أهل الخطأ والحي ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ن‬
‫م رحما ٌ‬ ‫ص وتقصيٌر ‪ ،‬وأنت جواد ٌ كري ٌ‬ ‫الساءةُ ‪ ،‬وفينا ن َْق ٌ‬
‫م‪.‬‬ ‫رحي ٌ‬
‫فْر ل ََنا ﴾ فل يغفُر الذنوب إل أنت ‪ ،‬ول يستُر‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫م عن المقصر إل أنت ‪ ،‬ول يتفض ُ‬
‫ل‬ ‫ب إل أنت ‪ ،‬ول يحل ُ‬ ‫العيو َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫على المسيِء إل أن َ‬
‫ش آمالنا‬ ‫د‪ ,‬وبرحمِتك تعي ُ‬ ‫مَنا ﴾ فبرحمتك نسع ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫واْر َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ل أعماُلنا ‪ ,‬وبرحمتك تصلح أحواُلنا‪.‬‬ ‫‪ ,‬وبرحمتك ت ُْقب َ ُ‬
‫ت فيها ول‬ ‫)) بعثت بالحنيفة السمحة (( فلعَن َ َ‬ ‫•‬
‫ة ويسٌر‬ ‫ة ول غلوّ ‪ ,‬بل فطرة ٌ وسن ٌ‬ ‫ف ول مشق َ‬ ‫تنط ّعَ ول تكل ّ َ‬
‫واقتصاد ٌ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪407‬‬
‫)) إياكم والغلو (( بل الزموا السنة‪ ,‬اتباع ٌ ل ابتداعٌ‬ ‫•‬
‫ف ‪ ,‬واقتفاٌء بل‬ ‫ط ل تطر ٌ‬ ‫ة ل مشادةٌ ‪ ,‬وتوس ٌ‬ ‫‪ ,‬وسهول ٌ‬
‫زيادةٍ ‪.‬‬
‫)) أمتي أمة مرحومة (( تولها ربها‪ ,‬فرسوُلها‬ ‫•‬

‫ن ‪ ،‬وهي أفضل المم ِ‬ ‫ن الديا ِ‬ ‫سيد ُ الرسل وديُنها أحس ُ‬


‫ل الشرائِع ‪.‬‬ ‫وشريعُتها أجم ُ‬
‫ه ربا ً ‪،‬‬ ‫ن من رضى بالل ِ‬ ‫)) ذاق طعم اليما ِ‬ ‫•‬
‫د رسول ً (( وهذه الثلثة أركان‬ ‫وبالسلم ِ دينا ً وبمحم ٍ‬
‫الرضا وأصول الفلِح ‪.‬‬
‫ت‬ ‫م وشتا ُ‬ ‫م والغ ّ‬ ‫ن واله ّ‬ ‫إياك والتسخط فإنه باب الحز ِ‬ ‫•‬
‫ل وضياع ُ العمرِ ‪.‬‬ ‫ل وسوُء الحا ِ‬ ‫ف البا ِ‬‫ب وكس ُ‬ ‫القل ِ‬
‫ة ‪ ،‬والراحة‬ ‫الرضا يكسب في القلب السكينة والد ّعَ َ‬ ‫•‬
‫ح‪.‬‬ ‫ش والسروَر والَفَر َ‬ ‫ب العي ِ‬ ‫ن ‪ ،‬والطمأنينة وطي َ‬ ‫والم َ‬
‫ل‬
‫ل ‪ ،‬والغ ِ‬ ‫ش والدغ ِ‬ ‫ً‬
‫ب سليما من الغ ِ‬ ‫الرضا يجعل القل ُ‬ ‫•‬
‫ل والضجرِ والتبرم ِ ‪.‬‬ ‫ض والتذمرِ ‪ ،‬والمل ِ‬ ‫ط ‪ ،‬والعترا ِ‬ ‫والتسخ ِ‬
‫من رضي عن الله مل قلبه نورا ً وإيمانا ً ‪ ،‬ويقينا ً وحبا ً‬ ‫•‬
‫ة وإخباتا ً ‪.‬‬ ‫ى وأمنا ً ‪ ،‬وإناب ً‬ ‫ى وغن ً‬ ‫ة ورض ً‬ ‫وقناع ً‬
‫ت‬
‫ت من تبعا ِ‬ ‫أيها الفقير‪ :‬صبٌر جميل ‪ ,‬فقد سلم َ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫مِع ‪ ،‬ومشقةِ وحراس ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ل ‪ ,‬وخدمةِ الثروةِ ‪ ,‬وعناِء ال َ‬ ‫الما ِ‬
‫ب عند اللهِ ‪.‬‬ ‫ل الحسا ِ‬ ‫ل وخدمِته ‪ ،‬وطو ِ‬ ‫الما ِ‬
‫م‬
‫رك ‪ ،‬واعل ْ‬ ‫يا من فقد َ بصرهَ ‪ :‬أبشْر بالجنة ثمنا ً لبص ِ‬ ‫•‬
‫ت‪,‬‬ ‫ت نورا ً في قلِبك ‪ ،‬وسلمت من رؤيةِ المنكرا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫أنك ع ُّر ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت والملهيا ِ‬ ‫ومشاهدةِ المزعجا ِ‬
‫ت من‬ ‫ه فقد هُذ ّب ْ َ‬ ‫يا أيها المريض‪ :‬طهوٌر إن شاء الل ُ‬ ‫•‬
‫ت‬
‫ك وانكسر ْ‬ ‫صِقل قلب ُ‬ ‫ب‪,‬و ُ‬ ‫الخطايا ‪ ,‬ون ُّقيت من الذنو ِ‬
‫جَبك ‪.‬‬ ‫سك ‪ ,‬وذهب ك ِب ُْرك وع َ ْ‬ ‫نف ُ‬
‫لماذا تفكر في المفقودِ ول تشكُر على الموجودِ ‪,‬‬ ‫•‬
‫وتنسى النعمة الحاضرة ‪ ,‬وتتحسُر على النعمةِ الغائبةِ ‪,‬‬
‫ل عما لديك ‪.‬‬ ‫وتحسد ُ الناس وتغف ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪408‬‬
‫ة خبزٍ ‪,‬‬ ‫)) كن في الدنيا كأنك غريب(( قطع ُ‬ ‫•‬
‫ل معدودةٌ ‪ ,‬ثم‬ ‫ة ‪ ,‬وليا ٍ‬ ‫م قليل ٌ‬‫ة ماء ‪ ,‬وكساٍء ‪ ,‬وأيا ٌ‬ ‫وجرع ُ‬
‫ينتهي العالم ‪ ,‬فإذا قبُر أغنى الغنياِء وأفقرِ الفقراِء سواء ‪.‬‬
‫س‬
‫س بجوارِ الحار ِ‬ ‫ب الخادم ِ ‪ ,‬والرئي ُ‬ ‫ك بجان ِ‬ ‫يدفن المل ُ‬ ‫•‬
‫ي مع‬ ‫ل ‪ ,‬والغن ُ‬ ‫‪ ,‬والشاعُر المشهوُر مع الفقيرِ الخام ِ‬
‫ن داخل القبرِ أعما ٌ‬
‫ل‬ ‫ن والفقيُر والكسيُر ‪ ,‬ولك ْ‬ ‫المسكي ِ‬
‫ة‪.‬‬‫ت متباين ٌ‬ ‫ة ودرجا ٌ‬ ‫مختلف ٌ‬
‫ف كريم ‪ ,‬ثم‬ ‫ل له مرحبا ً بضي ٍ‬ ‫م جديد ٌ فق ْ‬ ‫إذا زارك يو ٌ‬ ‫•‬
‫د‪,‬‬ ‫ل وتوبةٍ تجد ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ب ي ُعْ َ‬‫ن ضيافَته بفريضةٍ تؤّدى ‪ ,‬وواج ٍ‬ ‫س ْ‬‫أح ِ‬
‫درهُ بالثام ِ والهموم ِ فإنه لن يعود‪.‬‬ ‫ول تك ْ‬
‫إذا تذكرت الماضي فاذكر تاريخك المشرق لتفرح ‪,‬‬ ‫•‬
‫وإذا ذكرت يومك فاذكْر إنجازك تسعد ْ ‪ ,‬وإذا ذكرت الغد‬
‫ل‪.‬‬‫ة لتتفاء َ‬ ‫فاذكْر أحلمك الجميل َ‬
‫ة من‬ ‫ب ‪ ,‬وجامع ٌ‬ ‫ل العمرِ ثروةٌ من التجار ِ‬ ‫طو ُ‬ ‫•‬
‫م‬
‫ت ‪ ,‬وكلما مّر بك يو ٌ‬ ‫ف ‪ ,‬ومستودعٌ من المعلوما ِ‬ ‫المعار ِ‬
‫ة لقوم ٍ‬ ‫ن الحياة ‪ ,‬إن طول العمرِ برك ٌ‬ ‫تلقيت درسا ً في ف ّ‬
‫يعقلون‪.‬‬
‫ن ‪ ,‬ويحثك‬ ‫ف يذكرك الم َ‬ ‫لبد من شيء من الخو ِ‬ ‫•‬
‫ر‬
‫ذرك من خط ِ‬ ‫فة ‪ ,‬ويح ّ‬ ‫عك عن المخال ِ‬ ‫على الدعاِء ‪ ,‬ويرد ُ‬
‫أعظم ‪.‬‬
‫ث‬
‫ة ‪ ,‬ويجت ّ‬ ‫ض يذكرك العافي َ‬ ‫ولبد من شيء من المر ِ‬ ‫•‬
‫دة‬
‫ب ليستيقظ قلُبك من رق ِ‬ ‫ج ِ‬
‫شجرة الك ِب َْر ودرجة العُ ْ‬
‫الغافلين ‪.‬‬
‫ق‬
‫صْرها أكثر بالنكد ِ ‪ ,‬والصدي ُ‬ ‫الحياةُ قصيرة ٌ فل تق ّ‬ ‫•‬
‫ل فل تخسْره باللوم ِ ‪ ,‬والعداُء كثير فل تزد ْ عددهم‬ ‫قلي ٌ‬
‫ق‪.‬‬ ‫بسوِء ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬
‫ة‬
‫كن كالنملةِ في المثابرةِ ‪ ,‬فإنها تصعد ُ الشجرة َ مائ ٍ‬ ‫•‬
‫ل ول‬ ‫ط ‪ ،‬ثم تعود ُ صاعدة ً حتى تصل ‪ ,‬ول تك ّ‬ ‫مرةٍ وتسق ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫تم ّ‬
‫ل تحزن‬
‫‪409‬‬
‫ل طيبا ً ‪ ،‬وتضعُ طيبا ً ‪ ،‬وإذا‬ ‫وكن كالنحلةِ فإنها تأك ُ‬ ‫•‬
‫شها‪.‬‬ ‫سْره ‪ ،‬وعلى زهرةٍ ل تخد ُ‬ ‫ت على عود ٍ لم تك ِ‬ ‫وقع ْ‬
‫ب ‪ ,‬فكيف تدخل السكيُنة‬ ‫ل تدخل الملئكة بيتا ً فيه كل ٌ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت والشبها ِ‬ ‫ب الشهوا ِ‬ ‫قلبا ً فيه كل ُ‬
‫ن‬‫ن بثم ٍ‬ ‫احذر مجالس الخصومات ففيها يباع ُ الدي ُ‬ ‫•‬

‫ض بأقدام ِ‬ ‫س فيها العِْر ُ‬ ‫ج على المروءةِ ‪ ,‬ويدا ُ‬ ‫س ‪ ,‬ويحّر ُ‬ ‫خ ٍ‬‫بَ ْ‬


‫ل‪.‬‬ ‫النذا ِ‬
‫ن يمضي ‪,‬‬ ‫سابقوا ﴾‪ ,‬ليس إل المسابقة فالزم ُ‬ ‫و َ‬‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ف‪،‬‬ ‫ب ‪ ,‬فل تق ْ‬ ‫ح ته ّ‬ ‫س تجري ‪ ,‬والقمُر يسير ‪ ,‬والري ُ‬ ‫والشم ُ‬
‫ة الحياةِ ‪.‬‬ ‫فلن تنتظرك قافل ُ‬
‫ه‪,‬‬ ‫ب وَْثبا ً إلى العلياِء فإن المجد مناهَي َ ٌ‬ ‫عوا﴾ ث ِ ْ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ن مع دموٍع‬ ‫ب ولك ْ‬ ‫من ذه ٍ‬ ‫ولن يقدم النصُر على أقدام ً‬
‫ب وجوٍع ومشقةٍ ‪.‬‬ ‫ودماء وسهرٍ ونص ٍ‬
‫ت‬
‫ك القاعد ِ ‪ ,‬وزفرا ُ‬ ‫مس ِ‬ ‫ع ََرقُ العامل أزكى من ْ‬ ‫•‬
‫ف الجائع ألذ ّ من‬ ‫ل ‪ ,‬ورغي ُ‬ ‫ل من أناشيدِ الكسو ِ‬ ‫الكادِح أجم ُ‬
‫ف‪.‬‬‫ف المتر ِ‬ ‫خرو ِ‬
‫ت‬‫م الذي يوجه للناجحين من حساِدهم هي طلقا ُ‬ ‫الشت ُ‬ ‫•‬
‫ق‪.‬‬ ‫ة للتفو ِ‬ ‫ة مجاني ٌ‬ ‫ت الفوزِ ‪ ,‬ودعاي ٌ‬ ‫دفِع النتصارِ ‪ ,‬وإعلنا ُ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫ب‬‫ب واللقا ِ‬ ‫ف بالنسا ِ‬ ‫التفوقُ والمثابرةُ ل تعتر ُ‬ ‫•‬
‫س‬
‫ة ‪ ,‬ونف ٌ‬ ‫ة وّثاب ٌ‬‫ل والتعليم ِ ‪ ,‬بل من عنده هم ٌ‬ ‫ومستوى الدخ ِ‬
‫ك العلياَء ‪.‬‬ ‫ل ‪ ,‬أدر َ‬ ‫متطلعة‪ ,‬وصبٌر جمي ٌ‬
‫ب المصاعب فإن السد يواجه القطيع من‬ ‫ل تتهي ِ‬ ‫•‬
‫ك المتاعب فإن الحماَر يحم ُ‬
‫ل‬ ‫ش ُ‬‫ب ‪ ,‬ول ت َ ْ‬ ‫ل غ َي َْر هيا ٍ‬ ‫الجما ِ‬
‫ن ‪ ,‬ول تضجْر من مطلِبك فإن الكلب يطارد ُ‬ ‫ل ول يئ ّ‬ ‫الثقا َ‬
‫فريسته ولو في النار ‪.‬‬
‫ل برأيك في المورِ بل شاوْر فإن رأي الثنين‬ ‫ل تستق ّ‬ ‫•‬
‫ل كلما ُقرن به حبل آخر قوي‬ ‫أقوى من رأي الواحدِ ‪ ,‬كالحب ِ‬
‫وأشتد ّ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪410‬‬
‫جه إليك على أنه عداوة ٌ ‪ ,‬بل‬ ‫ل نقدٍ يو ّ‬ ‫لك ّ‬ ‫ل تحم ْ‬ ‫•‬
‫ض النظرِ عن مقصد ِ صاحِبه فإنك إلى‬ ‫استفد ْ منه بغ ِ‬
‫ج منك إلى المدِح ‪.‬‬ ‫التقويم أحو ُ‬
‫ب لمدحهم ‪ ،‬ول‬ ‫ح ‪ ,‬فل يطر ْ‬ ‫ف الناس استرا َ‬ ‫من ع ََر َ‬ ‫•‬
‫ب‪,‬‬ ‫مهم ‪ ,‬لنهم سريعو الرضا ‪ ,‬سريعو الغض ِ‬ ‫يجزعْ من ذ ّ‬
‫كهم‪.‬‬ ‫والهوى ُيحرِ ُ‬
‫ت ‪ ,‬فكم من‬ ‫ت تمنعك من بلوِغ الغايا ِ‬ ‫ن العاها ِ‬ ‫ل تظ ّ‬ ‫•‬
‫ج‪,‬‬ ‫ل أو أعر َ‬ ‫م أو أش ّ‬ ‫ل حاز المجد َ وهو أعمى أو أص ّ‬ ‫فاض ٍ‬
‫ة همم ٍ ل أجسام ٍ ‪.‬‬ ‫ة مسأل ُ‬ ‫فالمسأل ُ‬
‫ه عطاًء وحجزك عن‬ ‫عسى أن يكون منَعه لك سبحان ُ‬ ‫•‬
‫ة ‪ ,‬فإنه أبصُر بك‬ ‫رغبِتك لطفا ً ‪ ,‬وتأخرك عن مرادك عناي ً‬
‫منك ‪.‬‬
‫ل‬‫ف عن قلي ٍ‬ ‫ة صي ٍ‬ ‫م أنها سحاب ُ‬ ‫إذا زارتك شدة ٌ فاعل ْ‬ ‫•‬
‫دها ‪ ،‬ول يرهْبك برُقها فربما كانت‬ ‫خُفك رع ُ‬ ‫ت ُْقشعُ ‪ ,‬ول ي ُ ِ‬
‫ث‪.‬‬ ‫محملة بالغي ِ‬
‫كل أسبوٍع فإنها تعّرْفك‬ ‫ج بأهلك في نزهةٍ عائلية ّ‬ ‫اخر ْ‬ ‫•‬
‫ب عنك الملل ‪.‬‬ ‫بأطفاِلك أكثَر وتجدد حياتك وتذه ُ‬
‫من لم يسعد في بيته فلن يسعد في أي مكان ‪,‬‬ ‫•‬
‫ل ‪ ،‬والبعد‬ ‫واعلم أن أنسب مكان لراحة النفس وهدوء البا ِ‬
‫عن التكلف هو بيُتك‪.‬‬
‫ة لمن عّلم النا َ‬
‫س‬ ‫ق خاص ً‬ ‫دها با ٍ‬ ‫ة مج ُ‬ ‫العلم والثقاف ُ‬ ‫•‬
‫ف‬ ‫ل زائل ‪ ،‬وطي ٌ‬ ‫ب فظ ّ‬ ‫ف ‪ ,‬أما مجد ُ الشهرةٍ والمنص ٍ‬ ‫وأل ّ َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫زائ ٌ‬
‫لم‬‫جّر ال َ‬ ‫الفكر إذا ُترك ذهب إلى خانةِ المآسي ‪ ,‬فَ َ‬ ‫•‬
‫ده فيما ينفع ‪.‬‬ ‫ش ولكن قي ْ‬ ‫طي ْ‬ ‫كه ي ِ‬ ‫ن ‪ ,‬فل تتر ْ‬ ‫والحزا َ‬
‫س‬
‫ة النا ِ‬ ‫ب مخالط ُ‬ ‫ل ويقسي القل َ‬ ‫مما يشوش البا َ‬ ‫•‬
‫ن‬
‫وسماع ُ كلمهم اللهي ‪ ،‬وطول مجالستهم ‪ ,‬وما أحس َ‬
‫العزلةِ مع العبادةِ والعلم ِ ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪411‬‬
‫ق‬‫ن الطر ِ‬ ‫ك إلى المسجد ِ ‪ ,‬وآم ُ‬ ‫أشرف السبل سبيل َ‬ ‫•‬
‫ف وقوفك أمام‬ ‫ب المواق ِ‬ ‫طريُقك إلى بيِتك ‪ ,‬وأصع ُ‬
‫ن‪.‬‬‫دك للديا ِ‬ ‫ت سجو ُ‬ ‫م الهيئا ِ‬ ‫ن ‪ ,‬وأعظ ُ‬ ‫السلطا ِ‬
‫ب حاضرٍ ‪,‬‬ ‫ن‪ ,‬والذكُر بقل ٍ‬ ‫س ٍ‬
‫ح َ‬ ‫ت َ‬ ‫ن بصو ٍ‬ ‫سماع َ القرآ ِ‬ ‫•‬

‫ح موائد ُ‬ ‫ل ‪ ,‬والوع ُ‬
‫ن فصي ٍ‬ ‫ظ بلسا ٍ‬ ‫ل حل ٍ‬ ‫والنفاقُ من ما ٍ‬
‫ب‪.‬‬‫ن للقل ِ‬ ‫س وبساتي ُ‬ ‫للنف ِ‬
‫ل من وسامةِ‬ ‫الخلق الجميلة والسجايا النبيلة‪ ,‬أجم ُ‬ ‫•‬
‫ن ‪ ،‬ورقةِ الخدود ِ ؛ لن جمال المعنى‬ ‫الوجوهِ ‪ ،‬وسوادِ العيو ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل الشك ِ‬ ‫ل من جما ِ‬ ‫أج ّ‬
‫ل‬
‫ف تقي مصارع السوِء ‪ ,‬وجداُر العق ِ‬ ‫صنائعُ المعرو ِ‬ ‫•‬
‫ف‬
‫ب أنفعُ من أل ِ‬ ‫ق الهوى ‪ ,‬ومطارقُ التجار ِ‬ ‫يمنعُ من مزال ِ‬
‫ظ‪.‬‬ ‫واع ٍ‬
‫إذا رأيت اللوف من البشرِ وقد أذهُبوا أعمارهم في‬ ‫•‬
‫ب والضياع َ فاحمد َ الله على ما عندك من‬ ‫ن واللهو واللع ِ‬ ‫الف ّ‬
‫ة المبتَلى سروٌر للمعافى ‪.‬‬ ‫خيرٍ ‪ ,‬فرؤي ُ‬
‫ه على السلم ِ ‪ ,‬وإذا رأيت‬ ‫إذا رأيت الكافر فاحمد ِ الل َ‬ ‫•‬

‫ل فاحمدِ‬ ‫الفاجَر فاحمد ِ الله على التقوى ‪ ,‬وإذا رأيت الجاه َ‬


‫الله على العلم ‪ ,‬وإذا رأيت المبتلى فاحمدِ الله على‬
‫العافيةِ ‪.‬‬
‫ح‬‫ت الريا ُ‬ ‫ل بضيائها ‪ ,‬وخلق ِ‬ ‫س لك فاغتس ْ‬ ‫خلقت الشم ُ‬ ‫•‬
‫ت النهاُر لك فتلذذ ْ بمائها ‪,‬‬ ‫لك فاستمتعْ بهواِئها ‪ ,‬وخلق ِ‬
‫ت الثماُر لك فاهنأ ْ بغذائها‪ ,‬واحمد من أعطى جل في‬ ‫وخلق ِ‬
‫عله‪.‬‬
‫م يتمنى‬ ‫م ‪ ,‬والص ّ‬ ‫العمى يتمنى أن يشاهد َ العال َ‬ ‫•‬
‫م‬
‫ت ‪ ,‬والبك ُ‬ ‫ت ‪ ,‬والمقعد ُ يتمنى المشي خطوا ٍ‬ ‫سماع َ الصوا ِ‬
‫م‪.‬‬ ‫ت ‪ ,‬وأنت تشاهد ُ وتسمع وتتكل ُ‬ ‫يتمنى أن يقول كلما ٍ‬
‫ت ليس‬ ‫ت لحدٍ ‪ ,‬من عنده بي ٌ‬ ‫ن أن الحياة كمل ْ‬ ‫ل تظ ّ‬ ‫•‬
‫ة ‪ ,‬ومن‬ ‫ة ليس عنده وظيف ٌ‬ ‫عنده سيارةٌ ‪ ,‬ومن عنده زوج ٌ‬
‫ع‬
‫من ِ َ‬‫ت ُ‬ ‫م ‪ ,‬ومن عنده المأكول ُ‬ ‫ة قد ل يجد الطعا َ‬ ‫عنده شهي ٌ‬
‫ل‪.‬‬‫من الك ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪412‬‬
‫ب صديقُ العمرِ ‪,‬‬ ‫المسجد ُ سوقٌ الخرة ‪ ,‬والكتا ُ‬ ‫•‬
‫ف‪,‬‬ ‫ج الشر ِ‬ ‫ن تا ُ‬ ‫خل َقُ الحس ُ‬ ‫س في القبر ‪ ,‬وال َ‬ ‫ل أني ُ‬ ‫والعم ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ل ثو ٍ‬ ‫م أجم ُ‬ ‫والكر ُ‬
‫ب‪,‬‬ ‫س القل َ‬ ‫حدةِ فإن فيها رجسا ً ينج ُ‬ ‫إياك وكتاب المل ِ‬ ‫•‬
‫ف بالضميرِ ‪ ،‬وليس أصلح‬ ‫ة تعص ُ‬ ‫س ‪ ,‬ولوث ً‬ ‫ل النف َ‬ ‫وسما ً يقت ُ‬
‫ك‪.‬‬‫حك ويشفى داَء َ‬ ‫ي ‪ ،‬يطهُر رو َ‬ ‫لك من الوح ِ‬
‫ب فتندم ؛ لن الغضبان بفقد ُ‬ ‫ض ٌ‬ ‫ل تتخذ ْ قرارا ً وأنت مغ َ‬ ‫•‬
‫ل‪.‬‬ ‫صه التأم ُ‬ ‫الصواب ‪ ،‬وتفوته الروّية ‪ ،‬وينق ُ‬
‫ل‪,‬‬ ‫ح للمستقب ُ‬ ‫ف ل يصل ُ‬ ‫ب ‪ ,‬والخو ُ‬ ‫ن ل يرد الغائ َ‬ ‫الحز ُ‬ ‫•‬
‫ب‬
‫ة ‪ ،‬والقل ُ‬ ‫س السوي ُ‬ ‫ح ‪ ,‬بل النف ُ‬ ‫والقلقُ ل يحققُ النجا َ‬
‫الراضي هما جناحا السعادةِ ‪.‬‬
‫مهم‬ ‫مك حتى تحترمهم ‪ ,‬ول ت َل ُ ّ‬ ‫ب الناس باحترا ِ‬ ‫ل تطال ِ‬ ‫•‬
‫م نفسك ‪ ,‬وإن أردت أن‬ ‫ق حصل لك ‪ ,‬بل ل ُ ّ‬ ‫على إخفا ٍ‬
‫م نفسك ‪.‬‬ ‫س فأكر ْ‬ ‫مك النا ُ‬ ‫يكر َ‬
‫خه إذا علم أن‬ ‫ب الكوِخ أن يرضى بكو ِ‬ ‫على صاح ِ‬ ‫•‬
‫ب الممزقةِ أن‬ ‫ب ‪ ,‬وعلى لبس الثيا ِ‬ ‫القصوَر سوف تخر ُ‬
‫يقنع بثياِبه إذا تيقن أن الحرير سوف يبلى ‪.‬‬
‫ت قلُبه ‪ ,‬وضاع‬ ‫ب تشت ّ َ‬ ‫سه كلما تطل ُ‬ ‫من أعطى نف َ‬ ‫•‬

‫مارةٌ‬ ‫س فهي أ ّ‬ ‫ب النف ِ‬ ‫مه ؛ لّنه ل حد ّ لمطال ِ‬ ‫مره ‪ ,‬وكثُر ه ّ‬ ‫أ ُ‬


‫غّرارةٌ ‪.‬‬
‫يا من فقد ابنه ‪ :‬لك قصُر الحمد في الجنةِ ‪ ,‬ويا من‬ ‫•‬
‫ن تنتظرك ‪.‬‬ ‫ت عد ٍ‬ ‫فاته نصُيبه من الدنيا ‪ :‬نصيبك في جنا ِ‬
‫ش ‪ ,‬والسد ُ ل تقدم له‬ ‫الطائُر ل يأتيه رزُقه في الع ِ‬ ‫•‬
‫ة ل تعطي طعامها في مسكِنها‪,‬‬ ‫وجبُته في العرين ‪ ,‬والنمل ُ‬
‫ب كما طلبوا تجد ْ ما‬ ‫ولكن كلهم يطلبون ويبحثون فاطل ْ‬
‫وجدوا ‪.‬‬
‫ل‬ ‫م ﴾ يموتون قب َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫صي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫﴿ يَ ْ‬ ‫•‬
‫ل مصيبةٍ ‪ ,‬ويتوقعون كل كارثةٍ ‪,‬‬ ‫ت ‪ ,‬وينتظرون ك ّ‬ ‫المو ِ‬
‫ل وحركةٍِ ؛ لن قلوَبهم هواٌء‬ ‫ت وخيا ٍ‬ ‫ل صو ٍ‬ ‫ويخافون من ك ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ونفوسهم ممزق ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪413‬‬
‫م‬
‫ب غيرها لنه علي ٌ‬ ‫ه في حالةٍ فل تطل ْ‬ ‫مك الل ُ‬ ‫إذا أقا َ‬ ‫•‬
‫ضك فل‬ ‫بك ‪ ,‬فإن أفقَرك فل تقل ليته أغناني ‪ ،‬وإن أمر َ‬
‫ل ليته شفاني ‪.‬‬ ‫تق ْ‬
‫عسى تأخيُرك عن سفرٍ خيرا ً ‪ ,‬وعسى حرماُنك زوج ٍ‬
‫ة‬ ‫•‬
‫م وأنت ل‬ ‫ة ‪ ,‬لنه يعل ُ‬ ‫ة ‪ ,‬وعسى ردك عن وظيفة مصلح ً‬ ‫برك ً‬
‫م‪.‬‬‫تعل ُ‬
‫الصخُر أقوى من الشجر ‪ ,‬والحديد ُ أقوى من‬ ‫•‬
‫الصخرِ ‪ ,‬والناُر أقوى من الحديدِ ‪ ,‬والريح أقوى من النارِ ‪,‬‬
‫ن أقوى من الريِح المرسلةِ ‪.‬‬ ‫واليما ُ‬
‫ة‬
‫ل مصيب ٍ‬ ‫سى ‪ ,‬وك ّ‬ ‫س ل ي ُن ْ َ‬ ‫ل مأساةٍ تصيُبك فهي در ٌ‬ ‫ك ّ‬ ‫•‬
‫تصيُبك فهي محفورةُ في ذاكرتك‪ ,‬ولهذا هي النصوص‬
‫ن‪.‬‬ ‫الباقية في الذه ِ‬
‫ت‬‫ص والجراحا ِ‬ ‫ت من المعاناةِ والغص ِ‬ ‫ح قطرا ٌ‬ ‫النجا ُ‬ ‫•‬
‫ل‬
‫ت من الخمو ِ‬ ‫ت ‪ ,‬الخفاقُ قطرا ٌ‬ ‫ت والمزعجا ِ‬ ‫والها ِ‬
‫خوَرِ ‪.‬‬‫ل والعجزِ والمهانةِ وال َ‬ ‫والكس ِ‬
‫الذي يحرص على الشهرةِ المؤقتةِ ‪ ،‬ول يسعى‬ ‫•‬
‫ل بسي ٌ‬
‫ط‬ ‫ح ‪ ،‬إنما هو رج ٌ‬ ‫ن ‪ ،‬وعلم ٍ نافٍع صال ٍ‬ ‫س ٍ‬‫ح َ‬‫للخلودِ بثناِء َ‬
‫ة له ‪.‬‬ ‫ل هم َ‬
‫حنا بها (( لن‬ ‫)) يا بلل‪ ,‬أقم ِ الصلةَ ‪ ,‬أر ْ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ح طيب ٌ‬ ‫ن ‪ ,‬وري ٌ‬‫ض من السكينةِ ‪ ,‬ونهٌر من الم ِ‬ ‫الصلة في ٌ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ف والحز ِ‬ ‫ئ ناَر الخو ِ‬ ‫س فتطف َ‬ ‫ب على النف ِ‬ ‫باردةٌ ته ّ‬
‫ن‪,‬‬ ‫ً‬ ‫إذا لم ت َْعص ربا ً ؛ ولم تظل ْ‬
‫م أحدا ‪ ،‬فنم قرير العي ِ‬ ‫•‬
‫وهنيئا ً لك فََقد َ عل حظك وطاب سعُيك فليس لك عدوٌ ‪.‬‬
‫م‬‫ل لمن نا َ‬ ‫س يدعون له‪ ,‬ووي ٌ‬ ‫هنيئا ً لمن بات والنا ُ‬ ‫•‬
‫ب‪,‬‬ ‫شَرى لمنى أحبته القلو ُ‬ ‫س يدعون عليه ‪ ,‬وب ُ ْ‬ ‫والنا ُ‬
‫ن‪.‬‬‫وخسارةً لمن لعنْته اللس ُ‬
‫إذا لم تجد ْ عدل ً في محكمة الدنيا فارفعْ ملّفك‬ ‫•‬
‫ة‪,‬‬ ‫ة ‪ ,‬والدعوى محفوظ ُ‬ ‫لمحكمةِ الخرة فإن الشهود ملئك ٌ‬
‫م الحاكمين‪.‬‬ ‫والقاضي أحك ُ‬
‫ل تحزن‬
‫‪414‬‬
‫َ‬
‫ة‬
‫م ﴾ لولم يكن للذكر من فائد ٍ‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ن له نفعٌ إل أن يذكرك رّبك‬ ‫م يك ْ‬ ‫إل هذه لكفى ‪ ,‬ولو ل ْ‬
‫ف‪.‬‬ ‫جدٍ وسؤددٍ وُزْلفى وشر ٍ‬ ‫لكفى بهِ نْفعا ً ‪ ,‬فيا له من َ‬
‫م ْ‬
‫ب‬
‫بشرى لك‪ . .‬فالطهوُر شطُر اليمان فهو يذه ُ‬ ‫•‬
‫ك‬‫ت غسل ً ‪ ،‬ويطهرك لمقابلةِ مل ِ‬ ‫ل السيئا ِ‬ ‫الخطايا ويغس ُ‬
‫ك تعالى ‪.‬‬ ‫الملو ِ‬
‫ب ما قبلها ‪ ,‬وتمحو ما‬ ‫ط ُوَْبى لك فالصلةُ كفارة ٌ تذه ُ‬ ‫•‬
‫دها ‪ ,‬وتفك السر عن صاحِبها ‪ ,‬فهي‬ ‫أمامها ‪ ,‬وتصلح ما بع َ‬
‫قرةُ العيون ‪.‬‬
‫الرجل الذي يسعى دائما ً للظفر باحترام الناس ول‬ ‫•‬

‫ش شقيا ً بائسا ً ‪ ,‬والسع ُ‬


‫ي‬ ‫ض لنقدهم ‪ ,‬كثيرا ً ما يعي ُ‬ ‫يتعر ُ‬
‫وراء الظهورِ والشهرةِ ع َد ُوٌ للسعادةِ ‪.‬‬
‫ن السعادةِ ل تكفى ‪ ,‬بل‬ ‫س في ف ّ‬ ‫ت والدرو ُ‬ ‫النظريا ُ‬ ‫•‬
‫ف كالمشي كل يوم ساعة أو‬ ‫ل وتصر ٍ‬ ‫لبد ّ من حركةٍ وعم ٍ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ب إلى المنتزها ِ‬ ‫السفرِ أو الذها ِ‬
‫ل إيذاءه فل‬ ‫ة للسدِ كثيرا ً وتحاو ُ‬ ‫ض البعوض ُ‬ ‫تتعر ُ‬ ‫•‬
‫ده عنها‬ ‫ل بمقاص ِ‬ ‫ت إليها ‪ ،‬لنه مشغو ٌ‬ ‫يعيُرها اهتماما ً ول يلتف ُ‬
‫‪.‬‬
‫كها ‪,‬‬ ‫احذر المتشائم ‪ ,‬فإنك تريهِ الزهرة فيريك شو َ‬ ‫•‬
‫ح له‬‫ج لك منه القذى ‪ ,‬وتمد ُ‬ ‫ض عليه الماَء فيخر ُ‬ ‫وتعر ُ‬
‫الشمس فيشكو حرارَتها ‪.‬‬
‫ث عنها بعيدا ً ‪ ,‬إنها فيك ؛‬ ‫أتريد ُ السعادة حقا ً ؟! ل تبح ُ‬ ‫•‬
‫ل ‪ ,‬في إرادِتك‬ ‫رك المبدِع ‪ ,‬في خيالك الجمي ِ‬ ‫في تفكي ِ‬
‫ق بالخيرِ ‪.‬‬ ‫المتفائلةِ ‪ ,‬في قلبك المشر ِ‬
‫ه على من حوَلك‬ ‫ش ُ‬ ‫عط ٌْر ل يستطيعُ أن تر ّ‬ ‫السعادةُ ِ‬ ‫•‬
‫ت منه‪.‬‬ ‫ن أن تعلق به قطرا ٌ‬ ‫دو َ‬
‫ف من غيرِ اللهِ في اليوم ِ أكثر من‬ ‫مصيُبتنا أننا نخا ُ‬ ‫•‬
‫ف أن‬ ‫ف أن نخطئ ‪ ,‬نخا ُ‬ ‫مائةِ مرةٍ ‪ :‬نخاف أن نتأخر ‪ ,‬نخا ُ‬
‫ن‪.‬‬‫ك فل ٌ‬ ‫ف أن يش ّ‬ ‫ن ‪ ,‬نخا ُ‬ ‫ب فل ٌ‬ ‫ف أن يغض َ‬ ‫ل ‪ ,‬نخا ُ‬ ‫نستعج َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪415‬‬
‫ل سرورٍ زائ ٌ‬
‫ل‬ ‫كثيرون من الناس يعتقدون أن ك ّ‬ ‫•‬
‫ت‬
‫م ‪ ,‬فهم يؤمنون بمو ِ‬ ‫ن دائ ٌ‬ ‫ل حز ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫ولكّنهم يعتقدون أ ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫حْز ِ‬‫ت ال ُ‬ ‫السرورِ ‪ ،‬ويكفرون بمو ِ‬
‫ن وهي في البحرِ أنها‬ ‫ل السمكةِ العمياِء تظ ّ‬ ‫مث ْ ِ‬‫ضنا ِ‬ ‫بع ُ‬ ‫•‬
‫ن فأحطنا‬ ‫س صغيرٍ ‪ ,‬فنحن خلقنا في عالم اليما ِ‬ ‫في كأ ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ف والعداوةِ والحز ِ‬ ‫ل الكرهِ والخو ِ‬ ‫أنفسنا بجبا ِ‬
‫ج لمن يستحّقها‪,‬‬ ‫ة ‪ ،‬ولكن الهدية تحتا ُ‬ ‫إن الحياة كريم ٌ‬ ‫•‬
‫م لهم‬ ‫ك لهم الحياة وهم يبكون ‪ ،‬وتبتس ُ‬ ‫وإن الذين تضح ُ‬
‫وهم يكشرون ل يستحقون البقاَء ‪.‬‬
‫ص فأخذت تغني فقال‬ ‫وضع صياد ٌ حمامة في قف ٍ‬ ‫•‬

‫ت الغناء ؟! فقالت ‪ :‬من ساعةٍ إلى ساعةٍ‬ ‫الصياد ُ ‪ :‬أهذا وق ُ‬


‫ج‪.‬‬ ‫فََر ٌ‬
‫ن فإنه يعطي‬ ‫ب إلى السلطا ِ‬ ‫قيل لحكيم ٍ ‪ :‬لماذا ل تذه ُ‬ ‫•‬
‫ب ؟ قال ‪ :‬أخشى منه إذا غضب أن يقطع‬ ‫س الذه ِ‬ ‫أكيا َ‬
‫ة‬
‫س ويقدمه هدي ً‬ ‫رأسي ويضعه في أحد تلك الكيا ِ‬
‫لزوجتي !!‪.‬‬
‫ت لغناِء الحمام ِ ؟!‬ ‫ب ول تنص ُ‬ ‫لماذا تسمع ُنباح الكل ِ‬ ‫•‬
‫ر‬
‫م ِ‬‫ن الَق َ‬ ‫لماذا ترى من الليل سواده ‪ ،‬ول تشاهد ْ حس َ‬
‫ل وتنسى حلوة‬ ‫سعَ النح ِ‬ ‫والنجوم ِ ؟! لماذا تشكو ل َ ْ‬
‫ل ؟!‪.‬‬
‫س ِ‬‫العَ َ‬
‫ب فاجتباه ربك واصطفاه‬ ‫م من الذن ِ‬ ‫تاب أبوك آد ُ‬ ‫•‬
‫ج من صلِبه أنبياَء وشهداَء وعلماَء وأولياَء ‪,‬‬ ‫وهداه ‪ ,‬وأخر َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب منه قبل أن يذن َ‬ ‫فصار أعلى بعد الذن ِ‬
‫ن يا‬ ‫ناح نوح والطوفان كالبركان فهتف ‪ :‬يا رحما ُ‬ ‫•‬
‫ث في لمِح البصرِ فانتصر وظفَر ‪ ,‬أما‬ ‫ن ‪ ,‬فجاءه الغو ُ‬ ‫منا ُ‬
‫من كفَر فقد خسَر واندحَر ‪.‬‬
‫ل‬‫ت ثلث فأرس َ‬ ‫أصبح يونس في قاع البحرِ في ظلما ٍ‬ ‫•‬
‫ف ‪ ,‬واعتذٌر عن التقصير‬ ‫ف بالقترا ِ‬ ‫ة فبها اعترا ُ‬ ‫رسالة عاجل ُ‬
‫ة‪.‬‬‫ق لن البرقية صادق ٌ‬ ‫‪ ,‬فجاء الغوث كالبر ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪416‬‬
‫ب توِبته أبيض ؛‬ ‫غسل داود بدموعه ذنوبه فصار ثو ُ‬ ‫•‬
‫س َ‬
‫ل‬ ‫ن ‪ ,‬وغُ ِ‬ ‫ط أمي ٌ‬ ‫ب والخيا ُ‬ ‫ج في المحرا ِ‬ ‫س َ‬‫ش نُ ِ‬ ‫لن القما َ‬
‫حرِ ‪.‬‬‫س َ‬‫ب في ال ّ‬ ‫الثو ُ‬
‫ب وجاءك‬ ‫إذا اشتد عليك المُر وضاقَ بك الك َْر ُ‬ ‫•‬
‫ج‪.‬‬ ‫س ؛ فانتظرِ الَفَر َ‬ ‫اليأ ُ‬
‫ج عنك ما أهمك فاقطعْ طمَعك في‬ ‫إذا أردت الله يفر َ‬ ‫•‬
‫ق صغَر أم كبر ‪ ,‬ول تعل ّقْ على أحدٍ أمل ً غَي َْر اللهِ ‪،‬‬ ‫أي مخلو ٍ‬
‫ة‪.‬‬ ‫س كاف ً‬ ‫س في النا ِ‬ ‫وأجمع اليأ َ‬
‫ون الناء بلونه ‪ ،‬فإن كانت‬ ‫نفسك كالسائل الذي يل ّ‬ ‫•‬
‫ل ‪ ،‬وإن‬ ‫ة سعيدة رأيت السعادة والخيَر والجما َ‬ ‫سك راضي ً‬ ‫نف ُ‬
‫ح‪.‬‬ ‫ت الشقاَء والشّر والُقب ْ َ‬ ‫ة متشائمة رأي َ‬ ‫كانت ضيق َ‬
‫ت‬‫ت بالموجود ِ ‪ ،‬وسلو َ‬ ‫إذا أطعمت المعبود َ ‪ ،‬ورضي َ‬ ‫•‬
‫ب‬‫ل مطل ٍ‬ ‫تك ّ‬ ‫ت المقصود َ وأدرك َ‬ ‫عن المفقودِ ‪ ،‬فقد نل َ‬
‫محمودٍ ‪.‬‬
‫ن والذكرِ ‪،‬‬ ‫من عنده بستان في صدره من اليما ِ‬ ‫•‬
‫ف على‬ ‫ب فل يأس ْ‬ ‫ة في ذهِنه من العلم ِ والتجار ِ‬ ‫ولديه حديق ٌ‬
‫ما فاته من الدنيا ‪.‬‬
‫ب ‪ ,‬ويبني‬ ‫ن من مؤخر السعادة حتى يعود ابنه الغائ ُ‬ ‫إ ّ‬ ‫•‬
‫ب‪،‬‬‫بيته ويجد ُ وظيفة تناسبه‪ ،‬إنما هو مخدوع بالسرا ِ‬
‫مغروٌر بأحلم ِ اليقظةِ ‪.‬‬
‫ت‬ ‫م الهتمام ِ ‪ ،‬وهجُر التوقعا ِ‬ ‫السعادةُ ‪ :‬هي عد ُ‬ ‫•‬
‫ت‪.‬‬ ‫ح التخويفا ِ‬ ‫طرا ُ‬ ‫وا ّ‬
‫ة‬
‫ن المود ِ‬ ‫عربو ُ‬ ‫ل ‪ ،‬وهي ُ‬ ‫البسمة ‪ :‬هي السحُر الحل ُ‬ ‫•‬
‫ب‪،‬‬ ‫م والح ّ‬ ‫ل السل َ‬ ‫ة عاجلة تحم ُ‬ ‫ن الخاِء ‪ ،‬وهي رسال ٌ‬ ‫وإعل ُ‬
‫ن‬
‫ض مطمئ ّ‬ ‫ل على أن صاحَبها را ٍ‬ ‫ة تد ّ‬ ‫ة متقلب ٌ‬ ‫صد َقَ ٌ‬‫وهي َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ثاب ٌ‬
‫ك والفوضويةِ ‪ ,‬وسببها‬ ‫ب والرتبا ِ‬ ‫أنهاك عن الضطرا ِ‬ ‫•‬
‫ن‬‫حل أن يكون للنسا ِ‬ ‫ب ‪ ,‬وال ّ‬ ‫ل الترتي ِ‬ ‫ك النظام ِ وإهما ُ‬ ‫تر ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ة ومرا ٌ‬ ‫ن فيه واقعي ّ ٌ‬ ‫ل متز ٌ‬ ‫جدو ٌ‬
‫ل تحزن‬
‫‪417‬‬
‫ح بكل يوم ٍ يمّر ؛‬ ‫ة أو شدةٌ فافر ْ‬ ‫إذا وقعت عليك مصيب ٌ‬ ‫•‬

‫رها‪ ,‬لن للشدة عمرا ً كعم ِ‬


‫ر‬ ‫ص من عم ِ‬ ‫ف منها وينق ُ‬ ‫لنه يخف ُ‬
‫ن ل تتعداه ‪.‬‬ ‫النسا ِ‬
‫ب الدنيوية تنتهي‬ ‫ينبغي أن يكون لك حد ّ من المطال ِ‬ ‫•‬

‫ب بيتا ً تسكنه وعمل ً يناسبك ‪ ،‬وسيارةً‬ ‫إليه ‪ ,‬فمثل ً تطل ُ‬


‫ح شهيةِ الطمِع على مصراعيها فهذا شقاٌء ‪.‬‬ ‫تحمُلك ‪ ,‬أما فت ُ‬
‫ة ل تتغيُر لهذا‬ ‫سن ّ ٌ‬
‫د﴾ ُ‬ ‫في ك َب َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫قَنا اْل ِن ْ َ‬ ‫خل َ ْ‬‫قد ْ َ‬ ‫﴿ل َ َ‬ ‫•‬
‫النسان فهو في مجاهدةٍ ومشقةٍ ومعاناةٍ ‪ ,‬فلبد أن‬
‫ل مع حياِته ‪.‬‬ ‫يعترف بواقِعه ويتعام َ‬
‫ب أو الصيد ِ أو اللهو‬ ‫مه كله في اللع ِ‬ ‫ن من يقطعُ يو َ‬ ‫يظ ّ‬ ‫•‬
‫أنه سوف يسعد ُ نفسه ‪ ,‬وما علم أنه سوف يدفع هذا‬
‫درا ً دائما ً ؛ لنه أهمل الموازنة بين‬ ‫ن هما ً متصل ً وك َ َ‬ ‫الثم َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ت والمسليا ِ‬ ‫الواجبا ِ‬
‫ل في حياِتك‪ ,‬حتى الوراقُ الزائدةُ‬ ‫ص من الفضو ِ‬ ‫تخل ْ‬ ‫•‬
‫في جيِبك أو على مكتبك‪ ,‬لن ما زاد عن الحاجةِ ‪ -‬في كل‬
‫شيء ‪ -‬ما كان ضارا ً ‪.‬‬
‫س لنهم لم يكونوا يتعمقون‬ ‫كان الصحابة أسعد َ النا ِ‬ ‫•‬
‫س‬
‫ك ‪ ،‬ووساو ِ‬ ‫ق السلو ِ‬ ‫ب ‪ ،‬ودقائ ِ‬ ‫ت القلو ِ‬ ‫في خطرا ِ‬
‫ل ‪ ،‬واشتغلوا بالمقاصد ِ ‪.‬‬ ‫س ‪ ,‬بل اهتموا بالصو ِ‬ ‫النف ِ‬
‫م بالتركيزِ ‪ ،‬وحضورِ القلب عند أداء‬ ‫ينبغي أن تهت ّ‬ ‫•‬
‫خي َْر في علم بل فِْقهٍ ‪ ,‬ول صلةٍ بل خشوٍع ‪,‬‬ ‫العبادات ‪ ,‬فل َ‬
‫ول قراءةٍ بل ت َد َب ّرِ ‪.‬‬
‫ل‬ ‫ت من القوا ِ‬ ‫طيبا ُ‬ ‫ن ﴾ فال ّ‬ ‫ت ِللطّي ِّبي َ‬ ‫والطّي َّبا ُ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫م‬
‫ت للخيارِ البرارِ ‪ ,‬لتت َ‬ ‫ق والزوجا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب والخل‬ ‫ل والدا ِ‬ ‫والعما ِ‬
‫ح‪.‬‬ ‫س والفل ُ‬ ‫السعادةُ بهذا اللقاِء ‪ ،‬ويحص َ ُ‬
‫ل الن ْ ُ‬
‫ظ﴾ يكظمونه في صدوِرهم فل‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ب والشتم ِ والذى والعداوةِ ‪ ,‬بل قهروا‬ ‫تظهُر آثاُره من الس ّ‬
‫م‪.‬‬ ‫أنفسهم وتركوا النتقا َ‬
‫و‬
‫س ﴾ وهم الذين أظهروا العَْف َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ب‬
‫ح وأعتقوا من آذاهم من طل ِ‬ ‫والمغفرة َ وأعلنوا السما َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪418‬‬
‫ح‬
‫م والصف ُ‬ ‫ب بل ظ َهََر الحل ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫موا فَ َ‬ ‫الثأرِ ‪ ,‬فلم يكظ ُ‬
‫عليهم ‪.‬‬
‫ن﴾ وهم الذين عفوا عمن‬ ‫سِني َ‬‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫مهم‪,‬‬ ‫ههم وكر ِ‬ ‫ظلمهم بل أحسنوا إليه وأعانوه بمالهم وجا ِ‬
‫ب وأج ّ‬
‫ل‬ ‫فهو يسيَء وهم يحسنون إليه‪ ,‬ولهذا أعلى المرات ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫المقاما ِ‬
‫ل قائمة بأسعدِ‬ ‫دك ‪ .‬سج ْ‬ ‫ط المر الذي يسع ُ‬ ‫حدد بالضب ِ‬ ‫•‬
‫حالتك ‪ :‬هل تحدث بعد مقابلةِ شخص معين ؟ أو ذهابك‬
‫إلى مكان محددٍ ؟ أو بعد أدائك عمل ً بذاته ؟ إذا كنت تتب ُ‬
‫ع‬
‫روتينا ً جيدًا‪ ,‬ضعه في قائمتك‪ .‬تجد ْ بعد أسبوع أنك ملكت‬
‫ة واضحة بالفكارِ التي تجعُلك سعيدا ً ‪.‬‬ ‫قائم ً‬
‫ل الشياِء السارةِ ‪ :‬بعد تحديدِ الموِر‬ ‫تعوّد ْ على عم ِ‬ ‫•‬
‫دك أبعد ْ كل المورِ الخرى عن ذهِنك‪ .‬أكد ِ المور‬ ‫التي تسع ُ‬
‫دك ‪ .‬وليكن قرارك‬ ‫السعيدةَ ‪ ,‬وانس الموَر التي ل تسع ُ‬
‫ة سارةً في حد ّ ذاِتها ‪.‬‬ ‫بمحاولةِ بلوِغ السعادةِ تجرب ً‬
‫سك وتقب ّْلها ‪ :‬من المهم جدا ً أن تنتهي‬ ‫ارض عن نف ِ‬ ‫•‬

‫سك‪ ,‬والثقةِ في تصرفاِتك‪ ,‬وعدم ِ‬ ‫إلى قرارٍ بالرضا عن نف ِ‬


‫جه إليك من نقدٍ ‪ ,‬طالما أنت ملتزم‬ ‫الهتمام ِ بما يو ّ‬
‫ث يدخ ُ‬
‫ل‬ ‫ب من حي ُ‬ ‫ط المستقيم ِ ‪ ,‬فالسعادة ُ تهر ُ‬ ‫بالصرا ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ك أو الشعوُر بالذن ِ‬ ‫الش ّ‬
‫دم الخرين ‪ :‬ل تْبق وحيدا ً‬ ‫اصنِع المعروف واخ ِ‬ ‫•‬
‫ر‬
‫ل الكآبةِ والتعاسةِ والتوت ِ‬ ‫ة مصدُر تعاسةٍ ‪ ,‬ك ّ‬ ‫ل‪ ,‬فالعزل ُ‬ ‫معزو ً‬
‫م شيئا ً من‬ ‫س ‪ ,‬وتقد ُ‬ ‫م بأسرِتك والنا ِ‬ ‫تختفي حينما تلتح ُ‬
‫الخدمات‪ .‬وقد وصف العمل أسبوعين في خدمة الخرين‬
‫علجا ً لحالت الكتئاب‪.‬‬
‫أشغل نفسك دائما ً ‪ :‬يجب أن تحاول – بوعي وإرادة‬ ‫•‬
‫– استخدم المزيدِ من إمكاناِتك ‪ .‬سوف تسعد ُ أكثر إن‬
‫ل ينمي‬ ‫ل أشياء بديعةٍ ‪ ,‬فالكس ُ‬ ‫شغلت نفسك بعم ِ‬
‫الكتئاب ‪.‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪419‬‬
‫م بعمل‬ ‫ب النكد والكآبة ‪ :‬إذا أزعجك أمٌر ‪ ,‬ق ْ‬ ‫حار ِ‬ ‫•‬
‫جسماني تحّبه تجد ْ أن حالتك النفسية والذهنية قد‬
‫س مسلكا ً كانت تسعدك‬ ‫تحسنت‪ .‬ويمكنك أن تمار َ‬
‫ة‬
‫ممارسته في الماضي‪ ,‬كأن تزاول رياضة معينة أو رحل ً‬
‫مع أصدقاء ‪.‬‬
‫س على عمل ل تكمْله ‪ :‬يجب أن تعرف أن‬ ‫ل تبتئ ْ‬ ‫•‬
‫س من يشعرون أنهم لن‬ ‫عمل الكبارِ ل ينتهي‪ .‬من النا ِ‬
‫سهم إل إذا أنجُزوا كل‬ ‫يكونوا سعداء راضين عن أنف ِ‬
‫ل يستطيع أن يؤدي القدَر‬ ‫ص المسؤو ُ‬ ‫أعمالهم‪ .‬والشخ ُ‬
‫الممكن من عمله بل تهاون‪ ,‬ويستمتع بالبهجة في الوقت‬
‫سه ‪ ,‬مادام لم يقصْر ‪.‬‬ ‫نف ِ‬
‫ل تبالغْ في المنافسة والتحدي ‪ :‬تعّلم أل تقسو على‬ ‫•‬
‫نفسك‪ ,‬خاصة حينما تباري أحدا ً في عمل ما بدون أن‬
‫تشترط لشعورك بالسعادة أن تفوَز ‪.‬‬
‫ب التوتر‪,‬‬ ‫ت المشاعرِ يسب ُ‬ ‫س مشاعرك ‪ :‬كب ُ‬ ‫ل تحب ْ‬ ‫•‬
‫ل دون الشعورِ بالسعادةِ ‪ .‬ل تكتم مشاعرك‪ .‬عبْر‬ ‫ويحو ُ‬
‫سك‪.‬‬ ‫طها في نف ِ‬ ‫ث عن ضغو ِ‬ ‫ب ينف ُ‬ ‫ب مناس ٍ‬ ‫عنها بأسلو ٍ‬
‫س‬
‫س بالبتئا ِ‬ ‫ل وزر غيرك ‪ :‬كثيرا ً ما يشعُر النا ُ‬ ‫ل تتحم ْ‬ ‫•‬
‫ص آخَر ‪ ,‬رغم‬ ‫ب شخ ٍ‬ ‫ب ‪ ,‬بسبب اكتئا ِ‬ ‫‪ ,‬والمسؤوليةِ ‪ ,‬والذن ِ‬
‫ل عن‬ ‫ل إنسان مسؤو ٌ‬ ‫أنهم برءاء مما هو فيه‪ ,‬تذكْر أن ك ّ‬
‫ت ‪ .‬وأن‬ ‫نفسه‪ ,‬وأن للتعاطف والتعاون حدودا ً وأولويا ٍ‬
‫خَرى‬ ‫وْزَر أ ُ ْ‬ ‫زَرةٌ ِ‬‫وا ِ‬‫زُر َ‬ ‫ول ت َ ِ‬ ‫سه بصيرة ﴿ َ‬ ‫النسان على نف ِ‬
‫﴾‪.‬‬
‫اتخذ قراراِتك فورا ً ‪ :‬إن الشخص الذي يؤجل‬ ‫•‬
‫ت سعادته‬ ‫ب من وق ِ‬ ‫قراراِته وقتا ً طويل ً ‪ ,‬فإنه يسل ُ‬
‫ت ‪ ,‬وأياما ً ‪ ,‬بل وشهورًا‪ .‬تذكر إن إصدار القرارِ الن‬ ‫ساعا ٍ‬
‫د‪.‬‬
‫ل يعني بالضرورةِ عدم التراجِع عنه أو تعديله فيما ب َعْ ُ‬
‫سك ‪ :‬حينما تفكُر في القدام ِ على‬ ‫ف قدر نف ِ‬ ‫اعر ْ‬ ‫•‬
‫ف قدَر‬ ‫ل تذكرِ الحكمة القائلة ‪ )) :‬رحم الله امرءا ً عََر َ‬ ‫عم ٍ‬
‫سه(( إذا بلغت الخمسين من عمرك‪ ,‬وأردت أن تمارس‬ ‫نف ِ‬
‫ًًً‬
‫ًًً‬
‫ًًً‬
‫ًًً‬ ‫ل تحزن‬
‫ًًً‬
‫ًًً‬ ‫‪420‬‬
‫رياضة‪ ,‬فكر في المشي أو السباحة أو التنس ًًًً– مثل ً – ول‬
‫ًًً‬
‫باستمرار‪.‬‬ ‫ًًً‬ ‫تفكر في كرةِ القدم‪ .‬وحاول تنمية مهاراتك‬
‫م‬‫ض ّ‬‫في خ ِ‬ ‫تعلم كيف تعرف نفسك ‪ :‬أما الندفاعُ ًًً‬ ‫•‬
‫ًًً‬
‫أوضاعك‬ ‫ًًً‬ ‫الحياةِ دون إتاحة الفرصة لنفسك كي تقّيم‬
‫ومسؤولياتك في الحياة‪ ,‬فحماقة كبرى‪ .‬فهؤلء ًًًً الذين ل‬
‫ًًً‬
‫ًًً‬ ‫يفهمون أنفسهم لن يعرفوا إمكاناتهم‪.‬‬
‫استطعت‬ ‫اعتدل في حياِتك العملية ‪ :‬اعمل إن ًًً‬ ‫•‬
‫ًًً‬
‫بأن الرجال ل‬ ‫جزءا ً من الوقت ‪ ،‬فقد كان الغريق يؤمنون ًًً‬
‫م من الوقت ًًًًالفراغ‬ ‫حرِ َ‬ ‫يمكن أن يحتفظ بإنسانيته إذا ُ‬
‫ًًً‬
‫ًًً‬ ‫والسترخاء‬
‫كن مستعدا ً لخوض مغامرات ‪ :‬الطريقة ًًًًالوحيدة‬ ‫•‬
‫م أخطاِرها المحسوبة ‪ًًًً ،‬لن تتعلم ما‬ ‫لحياة ممتعة هي اقتحا ُ‬
‫ًًً‬
‫م مثل بتعلم‬ ‫لم تكن عازما ً على مواجهة المخاطرِ ‪ ،‬ق ْ‬
‫ق‪.‬‬‫حة بمواجهةِ خطرِ الغََر ِ‬ ‫السبا ِ‬
‫ك‪ ،‬ول‬ ‫ح ‪ ،‬ول قيد إل سوف ي َُف ّ‬ ‫ل قفل إل سوف ي ُْفت َ ُ‬ ‫•‬
‫ل‪ ..‬ولكن‬ ‫ب ‪ ،‬ول غائب إل سوف يص ُ‬ ‫بعيد إل سوف يقر ُ‬
‫مى ‪.‬‬ ‫بأجل مس ّ‬
‫ة ﴾ فهما َوقود ُ الحياةِ ‪،‬‬ ‫صل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ر َ‬ ‫صب ْ ِ‬ ‫عيُنوا ِبال ّ‬ ‫ست َ ِ‬‫﴿ا ْ‬ ‫•‬
‫ح الَفَرِج ‪ ،‬ومن لزم الصبَر‬ ‫ل ‪ ،‬ومفتا ُ‬ ‫وزاد ُ السيرِ ‪ ،‬وباب الم ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ح مبي ٍ‬ ‫ق ‪ ،‬وفت ٍ‬ ‫شْره بفجرٍ صاد ٍ‬ ‫‪ ،‬وحافظ على الصلةِ ؛ فب ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ونصرٍ قري ٍ‬
‫حب وط ُرِد َ فأخذ يردد ُ ‪:‬‬ ‫س ِ‬‫بو ُ‬ ‫ضرب عُذ ّ َ‬ ‫لو ُ‬ ‫جلد بل ٌ‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫حدٌ ﴾‪ ،‬فلما دخل‬ ‫هو الل ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫حد ٌ ‪ ،‬لّنه حفظ ﴿ ُ‬ ‫َ‬
‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬ ‫حد ٌ أ َ‬
‫أ َ‬
‫سلعة أغلى‬ ‫ل ما قدم لن ال ّ‬ ‫الجنة احتقر ما بذل ‪ ،‬واستق ّ‬
‫من الثمن أضعافا ً مضاعفة ‪.‬‬
‫ب إن غاليت فيه خدمته‬ ‫ما هي الدنيا ؟ هل هي الثو ُ‬ ‫•‬
‫ب قلبها بحبها ‪،‬‬ ‫ة إن كانت جميلة تعذ ُ‬ ‫وما خدمك ‪ ،‬أو زوج ٌ‬
‫ت له خازنا ً ‪ ..‬هذا سرورها فكيف خزُنها ؟‬ ‫أو مال كثَر أصبح َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪421‬‬
‫ب السعادةِ بالعلم ِ أو بالمال‬ ‫كل العقلء يسعون لجل ِ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫ن لن سعادته دائم ٌ‬ ‫ب اليما ِ‬ ‫دهم بها صاح ُ‬ ‫أو بالجاهِ ‪ ،‬وأسع ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ل حتى يلقى رب ّ ُ‬ ‫على كل حا ٍ‬
‫ض العقدية‬ ‫ب من المرا ِ‬ ‫ة القل ِ‬ ‫من السعادة سلم ُ‬ ‫•‬
‫ض والريبةِ والشبهةِ والشهوةِ ‪.‬‬ ‫ط والعترا ِ‬ ‫ك والسخ ِ‬ ‫كالش ّ‬
‫س ‪ ،‬فهو يحمل تصرفاِتهم‬ ‫س أعذُرهم للنا ِ‬ ‫ل النا ِ‬ ‫أعق ُ‬ ‫•‬
‫ل ‪ ،‬فهو الذي أراح‬ ‫ن المحام ِ‬ ‫وأقوالَهم على أحس ِ‬
‫ح‪.‬‬
‫واسترا َ‬
‫ن ﴾ اقنعْ بما‬ ‫ري َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬ ‫م َ‬‫كن ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ما آت َي ْت ُ َ‬ ‫خذْ َ‬ ‫ف ُ‬‫﴿ َ‬ ‫•‬
‫ف‬‫مك ‪ ،‬استثمْر ما عندك من موهبةٍ ‪ ،‬وظ ّ ْ‬ ‫عنك ‪ ،‬ارض بقس ِ‬
‫طاقتك فيما ينفعُ واحمد ِ الله على ما أولك ‪.‬‬
‫حْفظا ً‬ ‫مك كّله قراءةً أو تفكرا ً أو تأليفا ً أو ِ‬ ‫ل يكن يو ُ‬ ‫•‬
‫ط‬‫ل فهذا أنش ُ‬ ‫ف ونوّعْ فيه العما َ‬ ‫ل بطر ٍ‬ ‫بل خذ ْ من كل عم ٍ‬
‫س‪.‬‬ ‫للنف ِ‬
‫ل كل صلة عمل ً من‬ ‫ت فجع ْ‬ ‫ب الوقا ِ‬ ‫ت ترت ُ‬ ‫الصلوا ُ‬ ‫•‬
‫ل النافعةِ ‪.‬‬ ‫العما ِ‬
‫م به‬ ‫إن الخير للعبدِ فيما اختار له رّبه ‪ ،‬فإنه أعل ُ‬ ‫•‬
‫م به من أمه التي ولدته ‪ ،‬فما للعبد إل أن يرضى‬ ‫وأرح ْ‬
‫بحكم ربه ‪ ،‬ويفوض المر إليه ويكتفي بكفاية ربه وخالِقه‬
‫وموله‪.‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫ب الغي ِ‬ ‫زه ل يدري ما وراء حج ِ‬ ‫ولعبد ُ لضعفه ولعج ِ‬ ‫•‬
‫مها عند ربي‪،‬‬ ‫فهو ل يرى إل ظواهر المورِ أما الخوافي فعل ُ‬
‫ة وكم من بليةٍ أصبحت‬ ‫فكم من محنةٍ ‪ .‬صارت منح ً‬
‫ن في المكروهِ ‪.‬‬ ‫ة ‪ ،‬فالخيُر كام ٌ‬ ‫عطي ً‬
‫طه إلى‬ ‫صى رّبه فأهب َ‬ ‫ل من الشجرةِ وعَ َ‬ ‫أبونا آدم أك َ‬ ‫•‬
‫ب‬
‫ن والصو َ‬ ‫ض ‪ ،‬فظاهرِ المسألة أن آدم ترك الحس َ‬ ‫الر ِ‬
‫م وفض ٌ‬
‫ل‬ ‫ووقع عليه المكروه ‪ ،‬ولكن عاقبة أمره خيٌر عظي ٌ‬
‫ب عليه وهداه واجتباه وجعله نبيا ً‬ ‫جسيم ‪ ،‬فإن الله تا َ‬
‫سل ً وأنبياَء وعلماَء وشهداَء وأولياء‬ ‫وأخرج من صلِبه ُر ُ‬
‫ومجاهدين وعابدين ومنفقين ‪ ،‬فسبحان الله كم بين قوله ﴿‬
‫ل تحزن‬
‫‪422‬‬
‫َ‬
‫ه‬
‫جت ََبا ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫ة ﴾ ‪ ،‬وبين قوله ﴿ ث ُ ّ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و ُ‬ ‫وَز ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫ن وأك ٌ‬
‫ل‬ ‫دى﴾ فإن حالة الول سك ٌ‬ ‫ه َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فَتا َ‬ ‫ه َ‬‫َرب ّ ُ‬
‫م لهم ول‬ ‫ب وهذا حال عامة الناس الذين ل ه ّ‬ ‫وشر ٌ‬
‫ة‬
‫طموحات ‪ ،‬وأما حاله بعد الجتباِء والصطفاء والنبو ِ‬
‫ف باذ ٌ‬
‫خ‪.‬‬ ‫ة كريمة وشر ٌ‬ ‫ل عظيمة ومنزل ٌ‬ ‫والهدايةِ فحا ٌ‬
‫ة فندم وبكى‪,‬‬ ‫وهذا داود ُ عليه السلم ارتكب الخطيئ َ‬ ‫•‬
‫ل النعم‪ ,‬فإنه عرف ربه‬ ‫ة من أج ّ‬ ‫فكانت في حّقه نعم ٌ‬
‫معرفة العبدِ الطائِع الذليل الخاشِع المنكسرِ ‪ ,‬وهذا مقصود ُ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل للهِ عّز وج ّ‬ ‫م الذ ّ‬
‫ن العبودية تما ُ‬ ‫العبودية فإن من أركا ِ‬
‫ن تيمية عن قوله ‪)) : ‬عجبا ً‬ ‫وقد سِئل شيخ السلم ِ اب ُ‬
‫ه له شيئا ً إل كان خيرا ً له((‬ ‫ن ل يقضي الل ُ‬ ‫للمؤم ِ‬
‫هل يشمل هذا قضاء المعصيةِ على العبدِ ؟ ‪ ,‬قال نعم ؛‬
‫طها من الندم ِ والتوبةِ والستغفارِ والنكساِر‪.‬‬ ‫بشر ِ‬
‫فظاهُر المرِ في تقديرِ المعصيةِ مكروهٌ على العبدِ ‪ ،‬وباطُنه‬
‫طه ‪.‬‬ ‫ب إذا اقترن بشر ِ‬ ‫محبو ٌ‬
‫ل محمد ٍ ‪ ‬ظاهرة ٌ باهرة ٌ ‪ ,‬فإن‬ ‫وخيرة اللهِ وللرسو ِ‬ ‫•‬
‫مه‬ ‫ل مكروهٍ وقعَ له صاَر محبوبا ً مرغوبا ً ‪ ,‬فإن تكذيب قو ِ‬ ‫ك ّ‬
‫له ؛ ومحاربِتهم إياه كان سببا ً في إقامةِ سوق الجهادِ ‪،‬‬
‫ت‬ ‫ومناصرةِ اللهِ والتضحيةِ في سبيِله ‪ ,‬فكانت تلك الغزوا ُ‬
‫ه فيها رسوله ‪ ,‬فتحا ً عليه‪ ,‬واتخذ فيها من‬ ‫التي نصر الل ُ‬
‫المؤمنين شهداء جعلهم من ورثةِ جنة النعيم‪ ,‬ولول تلك‬
‫ل هذا الخيُر الكبير والفوُز‬ ‫المجابهة من الكفار لم يحص ْ‬
‫رد ‪ ‬من مكة كان ظاهُر المرِ مكروها ً‬ ‫م ‪ ,‬ولما ط ُ ِ‬ ‫العظي ُ‬
‫ة‬
‫ة ‪ ,‬فإنه بهذه الهجر ِ‬ ‫ح والمن ّ ُ‬ ‫ولكن في باطِنه الخيُر والفل ُ‬
‫ل اليمان‬ ‫أقام ‪ ‬دولة السلم ِ ‪ ،‬ووجد أنصارا ً ‪ ،‬وتميز أه ُ‬
‫ف الصادق في إيماِنه وهجرته وجهاِده‬ ‫ل الكفرِ ‪ ,‬وعُرِ َ‬ ‫من أه ِ‬
‫غلب عليه الصلة والسلم وأصحاُبه في‬ ‫ب‪ .‬ولما ُ‬ ‫من الكاذ ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أحدٍ كان المُر مكروها ً في ظاه ِ‬
‫ره ‪ ،‬شديدا على النفو ِ‬
‫ن الختيارِ ما يفوقُ الوصف‪,‬‬ ‫لكن ظهر له من الخيرِ وحس ِ‬
‫ب بانتصارِ يوم بدرٍ ‪،‬‬ ‫س العج ُ‬ ‫ض النفو ِ‬ ‫فقد ذهب من بع ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪423‬‬
‫ه من‬ ‫س ‪ ،‬والعتماد ُ عليها ‪ ,‬واتخذ الل ُ‬ ‫ة بالنف ِ‬ ‫والثق ُ‬
‫ل كحمزة سيد ِ الشهداء ‪,‬‬ ‫المسلمين شهداء أكرمهم بالقت ِ‬
‫دالله ابن عمروٍ والدِ جابر‬ ‫ب سفيرِ السلم ‪ ,‬وعب ِ‬ ‫ومصع ِ‬
‫ه وغيرهم ‪ ,‬وامتاز المنافقون بغزوةِ أحد ‪،‬‬ ‫الذي كلمه الل ُ‬
‫م‪. .‬‬‫ه أسرارهم وهتك أستاَرهُ ْ‬ ‫ف الل ُ‬ ‫وفضح أمرهم ‪ ،‬وكش ُ‬
‫س على ذلك أحواله ‪ ، ‬ومقاماته التي ظاهُرها‬ ‫وق ْ‬
‫ه وللمسلمين ‪.‬‬ ‫المكروهُ ‪ ،‬وباطُنها الخيُر ل ُ‬
‫ت عليه‬ ‫ده هان ْ‬ ‫ن اختيارِ اللهِ لعب ِ‬ ‫س َ‬‫ح ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ومن عََر َ‬ ‫•‬
‫ف من‬ ‫ب ‪ ,‬وتوقعَ اللط َ‬ ‫ت عليه المصاع ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وسهل ْ‬ ‫المصائ ُ‬
‫مه ‪،‬‬ ‫ف اللهِ وكر ِ‬ ‫ة بلط ِ‬ ‫اللهِ ‪ ،‬واستبشر بما حصل ‪ ،‬ثق ً‬
‫ب حزُنه وضجُره وضيقُ صدِره ‪,‬‬ ‫ن اختياِره ‪ ،‬حينها يذه ُ‬ ‫وحس ِ‬
‫ض‪،‬‬ ‫ط ول يعتر ُ‬ ‫ل في عله ‪ ،‬فل يتسخ ُ‬ ‫ويسلم المر لربه ج ّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫مُر ‪ ،‬بل يشكُر ويصبُر ‪ ،‬حتى تلوح له العواق ُ‬ ‫ول يتذ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب المصائ ِ‬ ‫وتنقشعُ عنه سح ُ‬
‫ف عام إل خمسين عاما ً‬ ‫م ُيؤذى أل َ‬ ‫ح عليه السل ُ‬ ‫نو ٌ‬ ‫•‬
‫ر‬
‫ب ويستمّر في نش ِ‬ ‫ل دعوت ِهِ ‪ ,‬فيصبُر ويحتس ُ‬ ‫في سبي ِ‬
‫دعوِته إلى التوحيدِ ليل ً ونهارا ً ‪ ,‬سرا ً وجهرا ً ‪ ,‬حتى ينجيه‬
‫ن‪.‬‬ ‫رّبه ويهلك عدوه بالطوفا ِ‬
‫م ُيلقى في النارِ فيجعُلها الله‬ ‫م عليه السل ُ‬ ‫إبراهي ُ‬ ‫•‬

‫عليه بْردا ً وسلما ً ‪ ,‬ويحميه من النمرودِ ‪ ،‬وينجيهِ من كيدِ‬


‫ض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قومه وينصُره عليهم ‪ ،‬ويجع ُ‬
‫ل دينه خالدا في الر ِ‬
‫ن الدوائر ‪،‬‬ ‫ص به فرعو ُ‬ ‫موسى عليه السلم يترب ُ‬ ‫•‬
‫ن في إيذائه ويطارُده ‪ ,‬فينصُره‬ ‫ك له المكائد ‪ ،‬ويتفن ُ‬ ‫ويحي ُ‬
‫ف ما يأفكون ‪ ,‬ويشقُ له البحَر‬ ‫ه عليه ويعطيه العصا تلق ُ‬ ‫الل ُ‬
‫ه عدّوه ويخزيه ‪.‬‬ ‫ك الل ُ‬ ‫ج منه بمعجزةٍ ‪ ،‬ويهل ُ‬ ‫ويخر ُ‬
‫م يحارُبه بنو إسرائيل ‪ ،‬ويؤذونه‬ ‫عيسى عليه السل ُ‬ ‫•‬
‫ه إليه‬ ‫مه ورسالِته ‪ ,‬ويريدون قتله فيرفُعه الل ُ‬ ‫في سمعته وأ ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫وينصُره نصرا ً مؤزرا ً ‪ ،‬ويبوُء أعداؤه بالخسرا ِ‬
‫رسوُلنا محمد ‪ ‬يؤذيه المشركون واليهود ُ‬ ‫•‬
‫ب‬ ‫ف البلِء ‪ ،‬من تكذي ٍ‬ ‫والنصارى أشد ّ اليذاِء ‪ ,‬ويذوقُ صنو َ‬
‫ل تحزن‬
‫‪424‬‬
‫ب وشتم ٍ واتهام ِ‬ ‫ومجابهةٍ وردٍ واستهزاٍء وسخريةٍ وس ّ‬
‫ن والكهانةِ والشعرِ والسحرِ والفتراِء ‪ ,‬وُيطرد ُ‬ ‫بالجنو ِ‬
‫م في زوجِته ‪،‬‬ ‫عه‪ ,‬وُيته ُ‬ ‫ل بأتبا ِ‬ ‫ب وُيقتل أصحاُبه وُينك ّ ُ‬ ‫وُيحاَر ُ‬
‫ت‪,‬‬ ‫ت ‪ ،‬ويمر بأزما ٍ‬ ‫ت ‪ ،‬ويهدد بالغارا ِ‬ ‫ويذوقُ أصناف النكبا ِ‬
‫سه ويفقد ُ‬ ‫ه ‪ ،‬ويشج رأ ُ‬ ‫ح ‪ ،‬وتكسر ثنيت ُ ُ‬ ‫ويجوع ويفتقُر ‪ ،‬ويجر ُ‬
‫عمه أبا طالب الذي ناصره ‪ ,‬وتذهب زوجُته خديجة التي‬
‫صُر في الشعب حتى يأكل هو وأصحابه أوراق‬ ‫ح َ‬ ‫واسته ‪ ,‬وي ُ ْ‬
‫ح ابِنه إبراهيم‬ ‫ل رو ُ‬ ‫ت بناُته في حياِته وتسي ُ‬ ‫الشجرِ ‪ ,‬وتمو ُ‬
‫ب في أحد ‪ ,‬وُيمّزقُ عمه حمزة ُ ‪ ,‬ويتعرض‬ ‫بين يديهِ ‪ ,‬وُيغل ُ‬
‫جَر على بطِنه من الجوِع‬ ‫ح َ‬ ‫ط ال َ‬ ‫لعدة محاولت اغتيال ‪ ,‬ويرب ُ‬
‫ول يجد ُ أحيانا ً خبَز الشعيرِ ول رديَء التمر ‪ ,‬ويذوقُ الغصص‬
‫ل مع أصحاِبه زلزال ً شديدا ً‬ ‫ويتجرع كأس المعاناة ‪ ,‬وُيزلز ُ‬
‫ده أحيانا ً ‪ ،‬ويبتلى‬ ‫وتبلغُ قلوبُهم الحناجر ‪ ,‬وتعكس مقاص ُ‬
‫ب‬ ‫ب وعج ِ‬ ‫ب العرا ِ‬ ‫ف المتكبرين وسوِء أد ِ‬ ‫صل َ ِ‬ ‫بتيه الجبابرةِ و َ‬
‫ة‬
‫طِء استجاب ِ‬ ‫الغنياء ‪ ،‬وحقد ِ اليهودِ ‪ ،‬ومكرِ المنافقين ‪ ،‬وب ُ ْ‬
‫ة له ‪ ،‬والنصُر حليفه ‪ ،‬والفوُز رفيقه‬ ‫س ‪ ,‬ثم تكون العاقب ُ‬ ‫النا ِ‬
‫ه دينه ‪ ،‬وينصُر عبده ‪ ،‬ويهزم الحزاب وحده ‪،‬‬ ‫‪ ،‬فيظهُر الل ُ‬
‫ره‬
‫ب على أم ِ‬ ‫ه غال ٌ‬ ‫ويخذل أعداءه ويكبتهم ويخزيهم ‪ ,‬والل ُ‬
‫س ل يعلمون ‪.‬‬ ‫ولكن أكثر النا ِ‬
‫ب‬‫ل الصعا َ‬ ‫ل الشدائد ‪ ،‬ويستسه ُ‬ ‫وهذا أبو بكر يتحم ُ‬ ‫•‬
‫ل جاهه ‪ ،‬ويقدم الغالي‬ ‫في سبيل ديِنه وينفقُ ماله ويبذ ُ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ب الصدي ِ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬حتى يفوز بلق ِ‬ ‫ص في سبي ِ‬ ‫والرخي َ‬
‫ب ‪ ،‬بعد‬ ‫ج بدماِئه في المحرا ِ‬ ‫ب يضر ُ‬ ‫ن الخطا ِ‬ ‫وعمُر ب ُ‬ ‫•‬
‫ف‬
‫ة والزهد ُ والتقش ُ‬ ‫ل والتضحي ُ‬ ‫حياةٍ ملؤها الجهاد ُ والبذ ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫ل بين النا ِ‬ ‫ة العد ِ‬ ‫وإقام ُ‬
‫ت‬
‫ح وهو يتلو القرآن ‪ ,‬وذهب ْ‬ ‫ن ذ ُب ِ َ‬‫ن بن عفا َ‬ ‫وعثما ُ‬ ‫•‬
‫حه ثمنا ً لمبادِئه ورسالِته‪.‬‬ ‫رو ُ‬
‫ل في المسجد ِ ‪ ،‬ب َعْد َ مواقف‬ ‫ب ُيغتا ُ‬ ‫وعلي بن أبي طال ٍ‬ ‫•‬
‫ت عظيمة من التضحيةِ والنصرِ والفداِء‬ ‫جليلةٍ ومقاما ٍ‬
‫ق‪.‬‬‫والصد ِ‬
‫ل تحزن‬
‫‪425‬‬
‫ه الشهادة وي ُْقت َ ُ‬
‫ل‬ ‫ن بن علي يرزُقه الل ٌ‬ ‫والحسي ُ‬ ‫•‬
‫ن‪.‬‬‫ف الظلم ِ والعدوا ِ‬ ‫بسي ِ‬
‫ج فيبوُء‬ ‫م الزاهد ُ يقتله الحجا ُ‬ ‫ن حبيرٍ العال ُ‬ ‫وسعيد ُ ب ُ‬ ‫•‬
‫مهِ ‪.‬‬‫بإث ِ‬
‫رم على يدِ‬ ‫ه الشهادةِ في الح ِ‬ ‫مه الل ُ‬ ‫ن الزبيرِ يكر ُ‬ ‫واب ُ‬ ‫•‬
‫ن يوسف الظالم ِ ‪.‬‬ ‫الحجاِج ب ِ‬
‫ل في الحق ‪ ،‬وُيجلد‬ ‫ن حنب َ‬ ‫م أحمد ُ ب ُ‬ ‫وُيحبس الما ُ‬ ‫•‬
‫ل السنةِ والجماعةِ ‪.‬‬ ‫م أه ِ‬ ‫فيصيُر إما َ‬
‫ة‬
‫م أحمد َ بن نصرٍ الخزاعي الداعي َ‬ ‫ويقتل الواثقُ الما َ‬ ‫•‬
‫إلى السنةِ بقوِله كلمة الحقّ ‪.‬‬
‫ة يسجن وُيمنعُ من أهِله‬ ‫ن تيمي َ‬ ‫خ السلم ِ اب ُ‬ ‫وشي ُ‬ ‫•‬
‫ه ذكره ُ في العالمين ‪.‬‬ ‫وأصحاِبه وكتِبه ‪ ,‬فيرفعُ الل ُ‬
‫م أبو حنيفة من قَِبل أبو جعفر المنصور‬ ‫جل ِد َ الما ُ‬ ‫وقد ُ‬ ‫•‬
‫‪.‬‬
‫جلد سعيد ُ بن المسيب العالم الرباني ‪ ,‬جلده أميُر‬ ‫و ُ‬ ‫•‬
‫المدينةِ ‪.‬‬
‫ث‪,‬‬ ‫م المحد ُ‬ ‫ن العال ُ‬
‫دالله بن عو ٍ‬ ‫وضرب المام بن عب ُ‬ ‫•‬
‫ضربه بل ل بن أبي برده‪.‬‬
‫ن أو جلد ٍ أو‬ ‫ُ‬
‫ى بعزل أو سج ٍ‬ ‫ولو ذهبت أعدد من ابتل َ‬ ‫•‬
‫ة‬
‫م ‪ ,‬وفيما ذكرت كفاي ٌ‬ ‫م ولكثَر الكل َ‬ ‫ل المقا َ‬ ‫ل أو أذى لطا َ‬ ‫قت ٍ‬
‫‪.‬‬

‫وفي الختام ‪ ،‬تقبل تحياتي ‪ ،‬وهاك سلمي مقرونا ً‬


‫بدعائي لك بالسعادة ‪...‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن ل إله أنت‬
‫أستغفرك زأتوب إليك ‪.‬‬
‫***************************************‬

‫‪/http://www.ahm1.net‬‬
‫ل تحزن‬
‫‪426‬‬
‫الخاتـمـة‬
‫ي الواحد الماجد ‪ ،‬الحد الصمد َ‬ ‫أنا وأنت ‪ ،‬هّيا نقصد الغن ّ‬
‫طرح على عتبةِ ربوبيِته‬ ‫ل والكرام ِ ‪ ،‬لنن ّ ِ‬ ‫م ‪ ،‬ذا الجل ِ‬ ‫ي القيو َ‬‫الح ّ‬
‫ل‪،‬‬‫ح في السؤا ِ‬ ‫ب وحدانيِته ‪ ،‬نسأله وُنل ّ‬ ‫‪ ،‬ونلتجئ إلى با ِ‬
‫ل ‪ ،‬فهو المعافي الشافي الكافي وهو‬ ‫ونطلُبه وننتظُر الّنوا َ‬
‫ت‪.‬‬
‫الخالق الرزاقُ المحيي الممي ُ‬
‫قَنا‬
‫و ِ‬
‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬‫ح َ‬ ‫ة َ‬‫خَر ِ‬‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫ة َ‬‫سن َ ً‬‫ح َ‬‫في الدّن َْيا َ‬ ‫﴿ َرب َّنا آت َِنا ِ‬
‫ب الّناِر ﴾ ‪.‬‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫َ‬
‫)) اللهم إنا نسأُلك العفو والعافية والمعافاة‬
‫الدائمة في الدنيا والخرة ((‪.‬‬
‫)) اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبّيك‬
‫محمدٌ ‪ ، ‬ونعوذُ بك من شّر ما استعاذك منه نبّيك‬
‫محمدٌ ‪. (( ‬‬
‫ز ‪ ،‬ونعوذُ بك من‬ ‫م والح ِ‬ ‫)) اللهم إنا نعوذُ بك من اله ّ‬
‫ن‪،‬‬ ‫جب ْ ِ‬‫ل وال ُ‬ ‫ل ‪ ،‬ونعوذُ بك من البخ ِ‬ ‫س ِ‬‫ز والك َ َ‬ ‫ج ِ‬‫ع ْ‬ ‫ال َ‬
‫ل (( ‪.‬‬ ‫ر الرجا ِ‬ ‫ه ِ‬‫ن وق ْ‬ ‫ة الدي ِ‬ ‫ونعوذُ بك من غل َب َ ِ‬

‫م على المرسلين‬
‫ب العزةِ عما يصفون ‪ ،‬وسل ٌ‬‫سبحان ربك ر ّ‬
‫ب العالمين ‪.‬‬‫‪ ،‬والحمد ُ للهِ ر ّ‬

‫**********************************************‬

‫‪/http://www.ahm1.com‬‬

‫قصيمي نت‬

You might also like