Professional Documents
Culture Documents
موسوعة فقه العبادات= اعتكاف - تشمير
موسوعة فقه العبادات= اعتكاف - تشمير
ف*
اعتكا ٌ
التعريف :
ة :الفتعال ،من عكف على - 1العتكاف لغ ً
شيء عكوفا ً وعكفا ً .من بابي :قعد ،وضرب . ال ّ
شيء :حبسته . إذا لزمه وواظب عليه ،وعكفت ال ّ
ومنه قوله تعالى { :هم الّذين كفروا وصدّوكم عن
المسجد الحرام والهدي معكوفا ً أن يبلغ محلّه } .
وعكفته عن حاجته :منعته .
والعتكاف :حبس النّفس عن التّصّرفات العاديّة .
ة مخصوصةٍ وشرعا ً :اللّبث في المسجد على صف ٍ
بنيّةٍ .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -الخلوة :
- 2الخلوة من خل المكان ،إذا لم يكن فيه أحد ٌ ،
ل ،ومنه خلوة الّرجل بنفسه ول شيء فيه ،وهو خا ٍ
إذا انفرد .والعتكاف قد يكون مع الخرين بنفس
المكان المعد ّ لذلك ،فالمعتكف قد ينفرد بنفسه ،
وقد ل ينفرد .
ب -الّرباط والمرابطة :
العدو
ّ ل خيف هجوم - 3الّرباط هو :الحراسة بمح ٍّ
شّر منه ،أو المقام في الثّغور لعزاز الدّين ودفع ال ّ
عن المسلمين .والعتكاف يكون في الثّغور وغيرها
،والّرباط ل يكون إل ّ في الثّغور ،ويكون في
المسجد وغيره .
ج -الجوار :
مى سكنى ،ويس ّ - 4الجوار هو :الملصقة في ال ّ
العتكاف جوارا ً ،لقول عائشة رضي الله عنها عن
1
اعتكاف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :وهو
مجاوٌر في المسجد » .
وعن أبي سعيد ٍ رضي الله عنه مرفوعا ً « :كنت
م قد بدا لي أن أجاور هذه العشر -يعني الوسط -ث ّ
أجاور هذه العشر الواخر ،فمن كان اعتكف معي
فليثبت في معتكفه » .
ك :العتكاف والجوار سواءٌ إل ّ من نذر ، قال مال ٌ
مثل جوار مكّة ،يجاور النّهار ،وينقلب اللّيل إلى
منزله ،قال :فمن جاور مثل هذا الجوار الّذي
ينقلب فيه اللّيل إلى منزله ،فليس عليه في جواره
م من العتكاف ،لنّه م .فالجوار على هذا أع ّ صيا ٌ
صيام وبدونه يكون في المسجد وغيره ،ويكون مع ال ّ
.
حكمة العتكاف :
- 5العتكاف فيه تسليم المعتكف نفسه بالكلّيّة إلى
عبادة اللّه تعالى طلب الّزلفى ،وإبعاد النّفس من
ما يطلبه العبد من ةع ّ شغل الدّنيا الّتي هي مانع ٌ
صلةالقربى ،وفيه استغراق المعتكف أوقاته في ال ّ
ي من ن المقصد الصل ّ ة أو حكما ً ،ل ّ ما حقيق ً إ ّ
صلة في الجماعات ، شرعيّة العتكاف انتظار ال ّ
وتشبيه المعتكف نفسه بالملئكة الّذين ل يعصون
اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ،ويسبّحون
اللّيل والنّهار ل يفترون .
ي:حكمه التّكليف ّ
ة ،ول يلزم إل ّ بالنّذر ،لكن اختلف - 6العتكاف سن ّ ٌ
سنّيّة .
الفقهاء في مرتبة هذه ال ّ
ة مؤكّدة ٌ في العشر الواخر فقال الحنفيّة :إنّه سن ّ ٌ
ب فيما عدا ذلك .وفي من رمضان ،ومستح ٌّ
2
ب مؤكّد ٌ وليس المشهور عند المالكيّة ،أنّه مندو ٌ
بسنّةٍ .
ب
ة في رمضان ومندو ٌ وقال ابن عبد البّر :إنّه سن ّ ٌ
في غيره .
ة مؤكّدةٌ ،في جميع شافعيّة إلى أنّه سن ّ ٌ وذهب ال ّ
الوقات ،وفي العشر الواخر من رمضان آكد «،
اقتداءً برسول اللّه صلى الله عليه وسلم وطلباً
للّيلة القدر ».
ت ،وآكده في ل وق ٍ ة في ك ّ وقال الحنابلة :إنّه سن ّ ٌ
رمضان ،وآكده في العشر الخير منه .قال ابن
ة،ل ن العتكاف سن ّ ٌ المنذر :أجمع أهل العلم على أ ّ
يجب على النّاس فرضا ً ،إل ّ أن يوجب المرء على
نفسه العتكاف نذرا ً ،فيجب عليه .
ي صلى الله عليه ة« فعل النّب ّ ل على أنّه سن ّ ٌ ما يد ّ وم ّ
وسلم ومداومته عليه تقّربا ً إلى اللّه تعالى ،وطلباً
لثوابه ،واعتكاف أزواجه معه وبعده ».
ي
ن أصحاب النّب ّ ب فل ّ ن العتكاف غير واج ٍ ما أ ّأ ّ
صلى الله عليه وسلم لم يلتزموا العتكاف كلّهم ،
صحابة فعله .وأيضا ً فإ ّ
ن ح عن كثيرٍ من ال ّ وإن ص ّ
ي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه النّب ّ
ي صلى الله عليه بالعتكاف إل ّ من أراده ،لقول النّب ّ
وسلم « :من كان اعتكف معي ،فليعتكف العشر
الواخر » -أي من شهر رمضان -ولو كان واجبا ً لما
علّقه بالرادة .ويلزم العتكاف بالنّذر ،لقول النّب ّ
ي
صلى الله عليه وسلم « :من نذر أن يطيع اللّه
فليطعه » وعن عمر رضي الله عنه أنّه قال :يا
ة في المسجد رسول اللّه :إنّي نذرت أن أعتكف ليل ً
ي صلى الله عليه وسلم :أوف الحرام «،فقال النّب ّ
بنذرك » .
3
أقسام العتكاف :
ب عندب ،ومندو ٍ - 7ينقسم العتكاف إلى واج ٍ
الجمهور ،وزاد الحنفيّة المسنون .
أ -العتكاف المندوب :وهو أن ينوي العتكاف
م،
ة ،أو يو ٌ ة ،أو ساع ٌ تطوّعا ً للّه تعالى .وأقلّه لحظ ٌ
ة حسب اختلف الفقهاء . م وليل ٌ أو يو ٌ
يوم
ٍ ن أل ّ ينقص عن ت ،ويس ّ ل وق ٍ ة في ك ّ وهو سن ّ ٌ
وليلةٍ .
ب -العتكاف الواجب :
جزاً - 8ل يجب العتكاف إل ّ بالنّذر عند الجمهور من ّ
شروع في العتكاف المسنون عند أو معلّقا ً ،وبال ّ
المالكيّة ،ومقابل الظّاهر عند الحنفيّة ،وسيأتي في
( ف ) 13 /وهل يشترط التّلّفظ بالنّذر أم يكفي
النّيّة في القلب ؟ صّرح الجميع بوجوب التّلّفظ
بالنّيّة ،ول يكفي نيّة القلب .
ج -العتكاف المسنون :
- 9زاد الحنفيّة قسما ً ثالثا ً للعتكاف ،وهو ما
ة مؤكّدة ٌ " أي سنّة كفايةٍ في أطلقوا عليه " سن ّ ٌ
العشر الخير من شهر رمضان ،فإذا قام بها بعض
المسلمين سقط الطّلب عن الباقين ،فلم يأثموا
ن
عذر ،ولو كان سنّة عي ٍ ٍ بالمواظبة على التّرك بل
سنّة المؤكّدة إثما ً دون إثم ترك لثموا بترك ال ّ
الواجب .
أركان العتكاف :
ة: - 10أركان العتكاف عند الجمهور أربع ٌ
وهي المعتكف ،والنّيّة ،والمعتكف فيه ،واللّبث في
المسجد .
4
ن ركن العتكاف هو اللّبث في وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ن، ف ل أركا ٌ ط وأطرا ٌ المسجد فقط ،والباقي شرو ٌ
صوم .وزاد المالكيّة ركنا ً آخر وهو :ال ّ
المعتكف :
ح العتكاف من - 11اتّفق الفقهاء على أنّه يص ّ
حة ي المميّز ،واشترطوا لص ّ صب ّ الّرجل والمرأة وال ّ
العتكاف الواجب والمندوب ما يلي :
ح العتكاف من الكافر ،لنّه - 1السلم :فل يص ّ
ليس من أهل العبادة .
- 2العقل .
ح العتكاف من المجنون - 3التّمييز :فل يص ّ
سكران والمغمى عليه ومن غير المميّز ،إذ ل نيّة وال ّ
ي العاقل صب ّما ال ّ
ة.أ ّلهم ،والنّيّة في العتكاف واجب ٌ
ح منه العتكاف ،لنّه من أهل العبادة ، المميّز فيص ّ
ح منه صوم التّطوّع . كما يص ّ
ح العتكاف - 4النّقاء من الحيض والنّفاس ،فل يص ّ
من الحائض والنّفساء ،لنّهما ممنوعتان عن
ح العتكاف إل ّ في مسجدٍ . المسجد ،ول يص ّ
ح العتكاف من - 5الطّهارة من الجنب :فل يص ّ
الجنب ،لنّه ممنوع ٌ من اللّبث في المسجد .
اعتكاف المرأة :
شروط ح اعتكاف المرأة باتّفاق الفقهاء بال ّ - 12يص ّ
المتقدّمة ،ويشترط للمتزوّجة أن يأذن لها زوجها ،
ح من لنّها ل ينبغي لها العتكاف إل ّ بإذنه -أي يص ّ
غير إذنه مع الثم في الفتيات عليه -فإن أذن لها
الّزوج بالعتكاف واجبا ً أو نفل ً ،فل ينبغي له أن
ح منعه . يطأها ،فإن منعها زوجها بعد إذنه لها ل يص ّ
هذا قول الحنفيّة .
5
وذهب المالكيّة إلى أنّه ل يحقّ للّزوج أن يمنع زوجته
بعد إذنه لها بالعتكاف المنذور ،سواءٌ أدخلت في
العبادة أم لم تدخل ،إل ّ إذا كان النّذر مطلقا ً غير
ن للّزوج حينئذٍ أن يمنع زوجته مقيّد ٍ بأيّام ٍ معيّنةٍ ،فإ ّ
من العتكاف حتّى ولو دخلت في العبادة ،ومن
ن. ً
ب أولى ما إذا نذرت بغير إذنه معيّنا أو غير معي ّ ٍ با ٍ
نذر ،فل يقطعه ٍ ما إذا أذن لها في العتكاف بدون أ ّ
عليها إن دخلت في العتكاف ،فإن لم تدخل فيه
كان له منعها .والعتكاف للمرأة مكروهٌ تنزيها ً عند
الحنفيّة ،وجعلوه نظير حضورها الجماعات .
شافعيّة :ل يجوز اعتكاف المرأة إل ّ بإذن وقال ال ّ
قه ق الّزوج .وح ّ ن التّمتّع بالّزوجة من ح ّ زوجها ،ل ّ
على الفور بخلف العتكاف .نعم إن لم تفوّت
ة ،كأن حضرت المسجد الّزوجة على زوجها منفع ً
بإذنه ،فنوت العتكاف فإنّه يجوز .ويكره عندهم
اعتكاف المرأة الجميلة ذات الهيئة قياسا ً على
خروجها لصلة الجماعة .
وللّزوج إخراج زوجته من العتكاف المسنون سواءٌ
ي
ي الحنبل ّ ل البهوت ّ أكان العتكاف بإذنه أم ل ،واستد ّ
بحديث « :ل تصوم المرأة وزوجها شاهد ٌ يوما ً من
غير رمضان إل ّ بإذنه » ،وقال :وضرر العتكاف
أعظم .وكذا يجوز للّزوج إخراجها من العتكاف
المنذور إل ّ إذا أذن لها بالعتكاف وشرعت فيه ،
سواءٌ أكان زمن العتكاف معيّنا ً أم كان متتابعا ً أم ل
شروع في زمن العتكاف .أو إذا كان الذن أو ال ّ
شروع فيه فقط وكان المعيّن أو أذن في ال ّ
شروع العتكاف متتابعا ً ،وذلك لذن الّزوج بال ّ
ن الذن في النّذر المعيّن مباشرة ً أو بواسطةٍ ،ل ّ
شروع فيه ،والمعيّن ل يجوز تأخيره ، ن في ال ّ إذ ٌ
6
والمتتابع ل يجوز الخروج منه ،لما فيه من إبطال
عذر
ٍ العبادة الواجبة بل
شافعيّة فيما تقدّم ،إل ّ في مسألة والحنابلة كال ّ
اعتكاف المرأة الجميلة ،فلم يذكروا أنّه مكروهٌ .
ب لها أن تستتر بخباءٍ وإذا اعتكفت المرأة استح ّ
ونحوه «،لفعل عائشة وحفصة وزينب في عهده
صلى الله عليه وسلم » وتجعل خباءها في مكان ل
يصلّي فيه الّرجال ،لنّه أبعد في التّحّفظ لها .نقل
أبو داود عن أحمد قوله « :يعتكفن في المسجد ،
ن فيه بالخيم » . ويضرب له ّ
ول بأس أن يستتر الّرجال أيضا ً «،لفعله صلى الله
عليه وسلم »،ولنّه أخفى لعملهم .ونقل إبراهيم :
ل .إل ّ لبرد ٍ شديدٍ .
النّيّة في العتكاف :
شافعيّة ن للعتكاف عند المالكيّة وال ّ - 13النّيّة رك ٌ
ن
ط له عند الحنفيّة ،وذلك ل ّ والحنابلة ،وشر ٌ
ة فيه ،فل العتكاف عبادة ٌ مقصودةٌ ،فالنّيّة واجب ٌ
ف بدون نيّةٍ .سواءٌ أكان العتكاف ح اعتكا ٌ يص ّ
مسنونا ً أم واجبا ً ،كما يجب التّمييز بين نيّة الفرض
سنّة .والنّفل في العتكاف ،ليتميّز الفرض من ال ّ
م خرج من المسجد وإذا نوى العتكاف المسنون ،ث ّ
،فهل يحتاج إلى تجديد نيّته إذا رجع ؟ ذهب الحنفيّة
شافعيّة والحنابلة إلى في الظّاهر من المذهب ،وال ّ
أنّه إذا خرج من العتكاف المسنون فقد انقطع
ف اعتكافه ،وإذا رجع فل بد ّ من تجديد نيّة اعتكا ٍ
ن الخروج من المسجد منه ب آخر ،ل ّ مندو ٍ
للعتكاف المندوب ،ل مبطل له
وذهب المالكيّة ،وهو مقابل الظّاهر عند الحنفيّة
ن المندوب يلزمه إذا نواه قليل ً كان أو كثيراً إلى أ ّ
7
شروع فيه ن النّفل يلزم كماله بال ّ بدخوله معتكفه ،ل ّ
،فإن لم يدخل معتكفه فل يلزمه ما نواه .فإذا
م قطع لزمه القضاء وإن اشترط عدم القضاء دخل ث ّ
شافعيّة والحنابلة .والظّاهر من مذهب الحنفيّة وال ّ
أنّه ل يلزمه التمام ول قضاء عليه .
مكان العتكاف :
أ -مكان العتكاف للّرجل :
ح اعتكاف الّرجل - 14أجمع الفقهاء على أنّه ل يص ّ
والخنثى إل ّ في مسجد ٍ ،لقوله تعالى { :وأنتم
ي صلى ن النّب ّعاكفون في المساجد } وللتباع «،ل ّ
الله عليه وسلم لم يعتكف إل ّ في المسجد ».
ن المساجد الثّلثة أفضل من غيرها ، واتّفقوا على أ ّ
مم المسجد النّبويّ ،ث ّ والمسجد الحرام أفضل ،ث ّ
المسجد القصى .
ح فيه ن المسجد الجامع يص ّ واتّفقوا على أ ّ
العتكاف ،وهو أولى من غيره بعد المساجد
الثّلثة ،ويجب العتكاف فيه إذا نذر العتكاف مد ّ ً
ة
تصادفه فيها صلة الجمعة ،لئل ّ يحتاج إلى الخروج
وقت صلة الجمعة ،إل ّ إذا اشترط الخروج لها عند
شافعيّة . ال ّ
ح فيها م اختلفوا في المساجد الخرى الّتي يص ّ ث ّ
العتكاف .
ح العتكاف إلّ فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه ل يص ّ
ح
في مسجد جماعةٍ .وعن أبي حنيفة أنّه ل يص ّ
صلوات العتكاف إل ّ في مسجد ٍ تقام فيه ال ّ
صلة ، ن العتكاف عبادة انتظار ال ّ الخمس ،ل ّ
ححه بعضهم .وقال ن يصلّى فيه ،وص ّ ص بمكا ٍ فيخت ّ
ححه ل مسجدٍ وص ّ ح في ك ّ مد ٌ :يص ّ
أبو يوسف ومح ّ
ي .وعن أبي يوسف أنّه فّرق بين العتكاف سروج ّ ال ّ
8
الواجب والمسنون ،فاشترط للعتكاف الواجب
ما النّفل فيجوز في أيّ مسجدٍ مسجد الجماعة ،وأ ّ
م
كان .ويعني الحنفيّة بمسجد الجماعة ما له إما ٌ
صلوات الخمس أو ل . ن ،أدّيت فيه ال ّ ومؤذ ّ ٌ
حة العتكاف في المسجد أن واشترط الحنابلة لص ّ
تقام الجماعة في زمن العتكاف الّذي هو فيه ،ول
يضّر عدم إقامتها في الوقت الّذي ل يعتكف فيه ،
ي ومن هو صب ّوخرج من ذلك المرأة والمعذور وال ّ
ن الممنوع ترك في قريةٍ ل يصلّي فيها غيره ،ل ّ
ة هنا .والمذهب عند الجماعة الواجبة ،وهي منتفي ٌ
أي
ح العتكاف في ّ شافعيّة أنّه يص ّ المالكيّة وال ّ
مسجد ٍ كان .
ب -مكان اعتكاف المرأة :
- 15اختلفوا في مكان اعتكاف المرأة :
ي في المذهب الجديد إلى شافع ّ فذهب الجمهور وال ّ
ح اعتكافها إل ّ في المسجد ، أنّها كالّرجل ل يص ّ
ح اعتكافها في مسجد بيتها ،لما وعلى هذا فل يص ّ
س -رضي الله عنهما -أنّه سئل ورد عن ابن عبّا ٍ
عن امرأةٍ جعلت عليها ( أي نذرت ) أن تعتكف في
ة ،وأبغض العمال إلى مسجد بيتها ،فقال " :بدع ٌ
اللّه البدع " .فل اعتكاف إل ّ في مسجدٍ تقام فيه
ة ول ن مسجد البيت ليس بمسجدٍ حقيق ً صلة .ول ّ ال ّ
حكما ً ،فيجوز تبديله ،ونوم الجنب فيه ،وكذلك لو
مهات المؤمنين -رضي الله عنهن -ولو جاز لفعلته أ ّ
مّرة ً تبيينا ً للجواز .
ح اعتكاف ي :أنّه يص ّشافع ّ وفي المذهب القديم لل ّ
المرأة في مسجد بيتها ،لنّه مكان صلتها .قال
ة هذا ووي :قد أنكر القاضي أبو الطّيّب وجماع ٌ ّ الن ّ
9
القديم .وقالوا :ل يجوز في مسجد بيتها قول ً واحداً
وغلّطوا من قال :فيه قولن .
وذهب الحنفيّة إلى جواز اعتكاف المرأة في مسجد
بيتها ،لنّه هو الموضع لصلتها ،فيتحّقق انتظارها
فيه ،ولو اعتكفت في مسجد الجماعة جاز مع
الكراهة التّنزيهيّة ،والبيت أفضل من مسجد حيّها ،
ي أفضل لها من المسجد العظم . ومسجد الح ّ
وليس للمرأة أن تعتكف في غير موضع صلتها من
صلة ن متّخذ ٌ لل ّ بيتها .وإن لم يكن لها في البيت مكا ٌ
ل يجوز لها العتكاف في بيتها ،وليس لها أن تخرج
من بيتها الّذي اعتكفت فيه اعتكافا ً واجبا ً عليها .
اللّبث في المسجد :
- 16اللّبث في المسجد هو ركن العتكاف عند
الجميع .
وقد اختلف الفقهاء في مقدار اللّبث المجزئ في
ن أقلّهالعتكاف المسنون .فذهب الحنفيّة إلى أ ّ
مدٍ ،وهو ظاهر ل أو نهارٍ عند مح ّ ة من لي ٍ ساع ٌ
الّرواية عن أبي حنيفة ،لبناء النّفل على
المسامحة ،وبه يفتى .وهو المذهب عند الحنابلة .
قال في النصاف :أقلّه إذا كان تطوّعا ً أو نذراً
مى به معتكفا ً لبثا ً .قال في الفروع : مطلقا ً ما يس ّ
ب
ة ،والمذهب ما تقدّم .والمستح ّ ظاهره ولو لحظ ً
عندهم أل ّ ينقص العتكاف عن يوم وليلةٍ ،خروجاً
ٍ
من خلف من يقول :أقلّه ذلك .واختلف المالكيّة
ل المكث في المسجد .فذهب بعضهم إلى في أق ّ
ة ،سوى وقت خروجه لما يتعيّن عليه م وليل ٌأنّه يو ٌ
الخروج لجله ،من البول والغائط والوضوء وغسل
الجنابة ،والمقصود بليلة اليوم :اللّيلة الّتي قبله .
م فما فوقه إذا كان ن أقلّه يو ٌ
وذهب آخرون إلى أ ّ
10
ن أوّل دخوله في العتكاف مع الفجر ،باعتبار أ ّ
اليوم الفجر .
ن ،بل اشترطوا شافعيّة ل يقدّر اللّبث بزما ٍ وعند ال ّ
ة ،ولو مى عكوفا ً وإقام ً في اللّبث أن يكون قدرا ً يس ّ
ن بحيث يكون زمنه فوق زمن الطّمأنينة بل سكو ٍ
في الّركوع ونحوه ،فيكفي التّردّد فيه ل المرور بل
نث .ويندب عندهم أن يكون يوما ً ،لنّه لم يرد أ ّ لب ٍ
ل من يوم ٍ ، ي صلى الله عليه وسلم اعتكف أق ّ النّب ّ
صحابة . ول أحد ٌ من ال ّ
صوم في العتكاف : ال ّ
صوم في العتكاف ، - 17اختلف العلماء في ال ّ
فمنهم من رآه واجبا ً ،ومنهم من استحبّه ،إل ّ إن
نذره مع العتكاف فيجب ،وفيما يلي تفصيل حكم
صوم : صوم في العتكاف غير المنذور فيه ال ّ ال ّ
صوم مع العتكاف : أ -القول الوّل بوجوب ال ّ
ح العتكاف إل ّ بصوم ٍ ،وبه قال أبو حنيفة في ل يص ّ
رواية الحسن عنه ،ومن مشايخ الحنفيّة من اعتمد
هذه الّرواية ،وهو مذهب المالكيّة ،وبه قال ابن
زهري
ّ س وعائشة وعروة بن الّزبير وال ّ عمر وابن عبّا ٍ
ي عن م محك ٌّ وري ،وهو قو ٌ
ل قدي ٌ ّ ي والث ّوالوزاع ّ
ح العتكاف إل ّ بصوم ٍ .قال ي ،قالوا :ل يص ّ شافع ّ ال ّ
صوم ض :وهو قول جمهور العلماء .وال ّ القاضي عيا ٌ
ن للعتكاف كالنّيّة وغيرها . عند المالكيّة رك ٌ
واستدلّوا بحديث عائشة رضي الله عنها عن النّب ّ
ي
صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :ل اعتكاف إلّ
ي صلى الله عليه وسلم « اعتكف ن النّب ّ بصيام ٍ » وبأ ّ
هو وأصحابه رضي الله عنهم صياما ً في رمضان » ،
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -عن عمر أنّه «
ف عليه ي صلى الله عليه وسلم عن اعتكا ٍ سأل النّب ّ
11
فأمره أن يعتكف ويصوم » والّذي ذكر عن أبي
صوم حنيفة في رواية الحسن عنه في وجوب ال ّ
مطلقا ً مع العتكاف لم يكن هو المعتمد في
المذهب كما في الدّّر المختار وحاشية ابن عابدين
صوم ن ال ّ والفتاوى الهنديّة وغيرها ،فإنّهم قالوا :إ ّ
ط في العتكاف المندوب ،كما في ظاهر ليس بشر ٍ
الّرواية عن أبي حنيفة ،وهو قول أبي يوسف
مدٍ .
ومح ّ
صوم مع العتكاف . ب -القول الثّاني :أفضليّة ال ّ
صوم شافعيّة والحنابلة إلى أنّه ل يشترط ال ّ ذهب ال ّ
للعتكاف مطلقا ً ،سواءٌ أكان واجبا ً أم مندوبا ً ،
صوم ليس شرطا ً للعتكاف عندهم ول ركنا ً فيه . فال ّ
ثور وداود وابن المنذر ٍ البصري وأبو
ّ وبه قال الحسن
ي وابن مسعودٍ .إل ّ أنّهم ،وهو مرويٌّ عن عل ٍ ّ
صوم أفضل من ن العتكاف مع ال ّ صّرحوا بأ ّ
م أفطر عامداً العتكاف بدونه ،فلو اعتكف صائما ً ث ّ
حة
عذر ل يبطل اعتكافه ،ول شيء عليه ،لص ّ ٍ بغير
جوا لما ذهبوا إليه بحديث اعتكافه بغير صوم ٍ ،واحت ّ
ي صلى الله عليه وسلم اعتكف ن النّب ّعائشة « :أ ّ
م ،وهذا يتناول ل » رواه مسل ٌ شوا ٍّ العشر الول من
صوم ن ال ّ حته أ ّ اعتكاف يوم العيد ،ويلزم من ص ّ
جوا أيضا ً بحديث « عمر رضي ط ،واحت ّ ليس بشر ٍ
ي
ة ،فقال له النّب ّ الله عنه أنّه نذر أن يعتكف ليل ً
صلى الله عليه وسلم :أوف بنذرك » .
صوم للعتكاف المنذور : نيّة ال ّ
صوم الواجب - 18اختلف الحنفيّة والمالكيّة في ال ّ
ن العتكاف مع العتكاف ،فذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ح مع صوم ب ،ول يص ّ ح إل ّ بصوم ٍ واج ٍ الواجب ل يص ّ
التّطوّع ،فلو نذر اعتكاف شهر رمضان لزمه
12
وأجزأه صوم رمضان عن صوم العتكاف ،فإن لم
يعتكفه قضى شهرا ً متتابعا ً غيره ،لنّه التزم
العتكاف في شهرٍ بعينه .وقد فاته ،فيقضيه
متتابعا ً بصوم ٍ مقصود ٍ ،فلم يجز في رمضان آخر ،
ب آخر ،سوى قضاء رمضان الوّل ،لنّه ول في واج ٍ
ف عنه .
خل ٌ
م نذر اعتكاف ذلك وعلى هذا فلو صام تطوّعا ً ،ث ّ
ح العتكاف ،لعدم استيعاب العتكاف اليوم لم يص ّ
للنّهار .مثاله :لو أصبح صائما ً متطوّعا ً ،أو غير ٍ
ناو
ي أن اعتكف هذا اليوم ،ل م قال :للّه عل ّ صوم ،ث ّ لل ّ
صوم ،ح منه نيّة ال ّ ت تص ّ ح ،وإن كان في وق ٍ يص ّ
لعدم استيعاب النّهار بالعتكاف ،وعدم استيعابه
صوم الواجب .وعند أبي يوسف أقلّه أكثر النّهار ، بال ّ
فإن كان قاله قبل نصف النّهار لزمه ،فإن لم
يعتكفه قضاه .
ن العتكاف بقسميه الواجب وذهب المالكيّة إلى أ ّ
ن
بأي صوم ٍ كان سواءٌ قيّد بزم ٍ ّ ح
والمسنون يص ّ
ة ونذرٍ ،أو أطلق ب ككّفار ٍ كرمضان ،أو سب ٍ
ح العتكاف من مفطرٍ ،ولو لعذرٍ ، كتطوٍّع ،فل يص ّ
ح اعتكافه . صوم ل يص ّ فمن ل يستطيع ال ّ
نذر العتكاف :
- 19إذا نذر العتكاف لزمه أداؤه ،سواءٌ أكان
جزا ً أم معلّقا ً ،وينقسم إلى متتابٍع وغير متتابٍع ، من ّ
ة. أو نذر مدّةً معيّن ً
أ -النّذر المتتابع :
ة ،أو شهراً - 20وذلك كأن ينذر عشرة أيّام ٍ متتابع ً
متتابعا ً مثل ً ،فإنّه يلزمه متتابعا ً في قولهم جميعا ً ،
فلو أفسده وجب استثناؤه بفوات التّتابع .
ب -النّذر المطلق والمدّة المعيّنة :
13
- 21وهو أن ينذر اعتكاف يوم ٍ أو أيّام ٍ غير متتابعةٍ ،
ة عند فإن نوى أيّاما ً غير متتابعةٍ ،فإنّها تلزمه متتابع ٌ
ن إيجاب العبد الحنفيّة ،وعلّله في المبسوط بأ ّ
معتبٌر بإيجاب اللّه تعالى ،وما أوجب اللّه تعالى
متتابعا ً إذا أفطر فيه يوما ً لزمه الستقبال ،كصوم
الظّهار والقتل .والطلق في العتكاف كالتّصريح
صوم ،والفرق بالتّتابع ،بخلف الطلق في نذر ال ّ
ن العتكاف يدوم باللّيل والنّهار ،فكان بينهما أ ّ
متّصل الجزاء ،وما كان متّصل الجزاء ل يجوز
صوم ،فإنّه ل تفريقه إل ّ بالتّنصيص عليه ،بخلف ال ّ
يوجد ليل ً ،فكان متفّرقا ً ،وما كان متفّرقا ً في نفسه
ل يجب الوصل فيه إل ّ بالتّنصيص .وكذلك عند
ة ،ول ة فتجب متفّرق ً المالكيّة إل ّ إذا نذرها متفّرق ً
يلزمه التّتابع .
ن النّذر المطلق عندهم ل يلزم فيه شافعيّة فإ ّ ما ال ّأ ّ
التّتابع ،فيجوز أداؤه مفّرقا ً .
وعلى هذا لو خرج من معتكفه خلل أيّام النّذر
المطلق ،إن لم يعزم على العود احتاج إلى
رز أماستئناف نيّة العتكاف ،سواءٌ أخرج لتب ّ ٍ
ة ،وهو يريد اعتكافاً م ٌ
ن ما مضى عبادة ٌ تا ّ لغيره ،ل ّ
جديدا ً ،فإن عزم على العود كانت هذه العزيمة
صواب كما في المجموع . ة مقام النّيّة ،وهو ال ّ قائم ً
ة فكذلك عند الحنفيّة والمالكيّة ما إذا نوى مدّة ً معيّن ً أ ّ
شافعيّة ل يلزمه التّتابع ،لكن إن خرج لغير ،وعند ال ّ
قضاء الحاجة احتاج إلى استئناف النّيّة .
ن تعيين مدّةٍ للعتكاف كشهرٍ بعينه وعند الحنابلة أ ّ
يلزمه التّتابع ،وإن نذر شهرا ً مطلقا ً لزمه ،ولهم
قولن في التّتابع وعدمه .أحدهما كالحنفيّة ،
ححها ابن ري وص ّ شافعيّة اختارها الج ّ ّ والثّاني كال ّ
14
شاف القناع على ص صاحب ك ّ ب وغيره .ون ّ شها ٍ
شافعيّة في النّذر وجوب التّتابع .والتّتابع عند ال ّ
المطلق أفضل من التّفريق .
شافعيّة والحنابلة :لو نذر يوما ً لم يجز فيه وعند ال ّ
التّفريق .ولو نذر يوما ً من وسط النّهار لزمه
ي
العتكاف من ذلك الوقت إلى مثله ليتحّقق مض ّ
ما اللّيل فل يلزمه بنذر يوم ٍ من ذلك الوقت .وأ ّ
اعتكاف النّهار لنّه ليس من اليوم عندهما .وقال
شافعيّة :يدخل اللّيل مع اليوم بالنّيّة .وإذا نذر ال ّ
ماً
شهر بعينه وأطلق لزمه ليل ً ونهارا ً ،تا ّ ٍ اعتكاف
ف عند شهر أو ناقصا ً ويجزئه النّاقص بل خل ٍ كان ال ّ
شافعيّة . ال ّ
زمن دخول العتكاف الواجب :
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه - 22ذهب الحنفيّة وال ّ
يدخل معتكفه إذا نوى يوما ً قبل الفجر ،وعند
شافعيّة والحنابلة إذا نوى ليل ً قبل غروب ال ّ
ح عندهم نذر ن الحنفيّة والمالكيّة ل يص ّ شمس ،ل ّ ال ّ
اللّيل وحده ،لنّه ل صيام فيه ،لكن لو نذر ليلة ّ
أي
ن أقلّه ليلةٍ كانت عند المالكيّة لزمته مع نهارها ،ل ّ
ة،ة .واللّيل تابعٌ للنّهار إذا نذر أيّاما ً متتابع ً م وليل ٌ يو ٌ
كمن نذر اعتكاف العشر الواخر من شهر رمضان .
صوم مع العتكاف المنذور : نذر ال ّ
ح عندهم ن الحنفيّة والمالكيّة ل يص ّ - 23سبق أ ّ
العتكاف الواجب والمسنون إل ّ بصوم ٍ واختلفوا في
المندوب .
ه عند صوم مع العتكاف ففيه أوج ٌ ما نذر ال ّ أ ّ
شافعيّة والحنابلة : ال ّ
أ -اتّفقوا على أنّه إذا نذر صوما ً واعتكافا ً ل يلزمه
الجمع بينهما .
15
ب -اتّفقوا على أنّه إذا نذر أن يعتكف صائما ً لزماه
.
ج -واختلفوا فيما إذا نذر أن يصوم معتكفا ً .
شافعيّة والحنابلة أنّهما يلزمانه . صحيح عند ال ّ فال ّ
حصوم يص ّ ن ال ّ صورة الثّالثة والثّانية بأ ّ وفّرقوا بين ال ّ
صوم . ح وصفا ً لل ّ وصفا ً للعتكاف ،والعتكاف ل يص ّ
صلة في العتكاف : نذر ال ّ
ن من نذر أن يعتكف شافعيّة إلى أ ّ - 24ذهب ال ّ
صلة ل تلزمه . مصلّيا ً فال ّ
وعند الحنابلة يلزمه الجمع بينهما ،لقوله صلى الله
م إل ّ أن عليه وسلم « :ليس على المعتكف صيا ٌ
ت، يجعله على نفسه » .والستثناء من النّفي إثبا ٌ
ً
صلة ن كل ّ من ال ّ صوم ،ول ّ صلة على ال ّ وتقاس ال ّ
ة مقصودة ٌ في العتكاف فلزمت صوم صف ٌ وال ّ
بالنّذر ،لكن ل يلزمه أن يصلّي جميع الّزمان ،
صلة ة أو ركعتان بناءً على ما لو نذر ال ّ ويكفيه ركع ٌ
صا ً في هذه وأطلق .هذا ولم أر للحنفيّة والمالكيّة ن ّ
المسألة والظّاهر عدم الوجوب .واللّه أعلم .
ن: نذر العتكاف في مكان معي ّ ٍ
- 25اتّفق الفقهاء على أنّه إذا نذر العتكاف في
أحد المساجد الثّلثة -المسجد الحرام ،ومسجد
ي صلى الله عليه وسلم ،والمسجد القصى - النّب ّ
لزمه النّذر وعليه الوفاء ،ول يجزئه العتكاف في
غيرها من المساجد ،لفضل العبادة فيها على غيرها
م
،فتتعيّن بالتّعيين .وأفضلها المسجد الحرام ،ث ّ
م المسجد ي صلى الله عليه وسلم ،ث ّ مسجد النّب ّ
القصى .وإلحاق غير الثّلثة بها ممتنعٌ لثبوت فضلها
ص ،قال عليه الصلة والسلم « : على غيرها بالن ّ ّ
ة فيما صلة ٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صل ٍ
16
سواه إل ّ المسجد الحرام ،وصلةٌ في المسجد
الحرام أفضل من مائة ألف صلةٍ فيما سواه » .
صلة بالمسجد القصى بخمسمائةٍ ن ال ّوورد « أ ّ
صلةٍ ».
فإذا عيّن الفضل في نذره لم يجزئه العتكاف فيما
دونه ،لعدم مساواته له .فإن عيّن بنذره المسجد
ي صلى الله عليه الحرام ل يجزئه في مسجد النّب ّ
ي
وسلم ول المسجد القصى .وإن عيّن مسجد النّب ّ
صلى الله عليه وسلم ل يجزئه المسجد القصى ،
ح ،فإن عيّن المسجد القصى جاز والعكس صحي ٌ
ي صلى الله عليه وسلم ،وفي في مسجد النّب ّ
ي جاز في المسجد الحرام ،وإن عيّن مسجد النّب ّ
ما إذا نذر العتكاف في غير المسجد الحرام .وأ ّ
المساجد الثّلثة فهل يلزم ؟ ذهب المالكيّة وهو
صحيح عند الحنابلة إلى شافعيّة وال ّالمذهب عند ال ّ
أنّه ل يلزمه ،وله فعله في غيره .
ما إذا كان المسجد يحتاج إلى شد ّ الّرحال إليه وأ ّ
ل للمالكيّة بين الذ ّهاب فيخيّر عند الحنابلة ،وهو قو ٌ
وعدمه عند القاضي أبي يعلى وغيره ،واختار
يجوزه ابنّ سفر القصير ،ولم بعضهم الباحة في ال ّ
ي الدّين ابن تيميّة ،وكذلك يخيّر شيخ تق ّ ل وال ّعقي ٍ
د
صحيح من المذهب إن كان ل يحتاج إلى ش ّ على ال ّ
ل بين الذ ّهاب وغيره .لكن قال في الواضح : رح ٍ
الوفاء أفضل ،قال في الفروع :وهذا أظهر .
الشتراط في العتكاف :
حته في شرط وص ّ - 26ذهب الجمهور إلى جواز ال ّ
العتكاف الواجب .
شافعيّة : وذهب المالكيّة وهو مقابل الظهر عند ال ّ
شرط . إلى إلغاء ال ّ
17
ح أن يدخل تحت ن الجمهور اختلفوا فيما يص ّ إل ّ أ ّ
شرط أو ل يدخل .فقال الحنفيّة :لو اشترط ال ّ
ض وصلة جنازةٍ وقت النّذر أن يخرج لعيادة مري ٍ
وحضور مجلس علم ٍ جاز ذلك .وهذا على قول
صاحبين فالمر ما على قول ال ّ المام أبي حنيفة ،أ ّ
ما المالكيّة فقد قالوا في المعتمد :لو أوسع .أ ّ
اشترط المعتكف لنفسه سقوط القضاء عنه -على
ل -ل ينفعه اشتراط عذر أو مبط ٍ ٍ فرض حصول
سقوط القضاء ،وشرطه لغوٌ ،ويجب عليه القضاء
ل آخر ح .ولهم قو ٌ إن حصل موجبه ،واعتكافه صحي ٌ
ث بالتّفصيل بين ل ثال ٌبأنّه ل ينعقد ،وقو ٌ
الشتراطات قبل الدّخول في العتكاف فل ينعقد
شرط .وقال العتكاف ،أو بعد الدّخول فيلغو ال ّ
ن العتكاف شافعيّة :إ ّ الحنابلة وهو الظهر عند ال ّ
لزم بالتزامه فيجب بحسب ما التزمه .فإذا اشترط
ف
ض مباٍح مقصودٍ غير منا ٍ المعتكف الخروج لعار ٍ
ص من شرط .فإن اشترطه لخا ٍّ ح ال ّ للعتكاف ص ّ
الغراض ،كعيادة المرضى خرج له دون غيره ،وإن
ل
م ٍ كشغ ٍ م منه .وإن اشترطه لمرٍ عا ّ كان غيره أه ّ
ي كالجمعة والجماعة ، م ٍ دين ٍ ّل مه ّيعرض له خرج لك ّ
ي مباٍح ،كاقتضاء الغريم ،فليس له الخروج أو دنيو ٍ ّ
لجل الحرام .وخرج بقوله " مقصودٍ " ما لو شرطه
،أو لغير مقصود ٍ كنزهةٍ أو فرجةٍ ،كإتيان أهله ،فإذا
اشترط الخروج لشيءٍ من ذلك فإنّه ل ينعقد نذره .
شراء أو وقال الحنابلة :لو اشترط الخروج للبيع وال ّ
ح
صناعة في المسجد لم يص ّ سب بال ّ الجارة ،أو التّك ّ
ف .ولو قال :متى مرضت أو عرض شرط بل خل ٍ ال ّ
صحيح من ض خرجت فله شرطه على ال ّ لي عار ٌ
ل ذلك في العتكاف المتتابع عند المذهب .ومح ّ
18
شافعيّة ،ول يلزمه تدارك ما فاته ،فكأنّه قال : ال ّ
شهر إل ّ كذا .فيكون المنذور شهرا ً ، نذرت هذا ال ّ
نما عند الحنابلة فإ ّ والمشروط مستثنًى منه .أ ّ
شرط عندهم سقوط القضاء في المدّة فائدة ال ّ
ما لو نذر شهرا ً متتابعا ً ،فل يجوز الخروج المعيّنة .أ ّ
ض ،وعليه قضاء زمن المرض ،لمكان منه إل ّ لمر ٍ
حمل شرطه هنا على نفي التّتابع فقط ،فنّزل على
شرط قد أفاد هنا البناء مع سقوط ل ،ويكون ال ّ الق ّ
القضاء
ما يفسد العتكاف :
يفسد العتكاف ما يلي :
الوّل -الجماع ودواعيه :
ن الجماع في العتكاف - 27اتّفق الفقهاء على أ ّ
ل له ،ليل ً كان أو نهارا ً ،إن كان عامدا ً . م ومبط ٌ حرا ٌ
وكذا إن فعله ناسيا ً لعتكافه عند الجمهور ،لقوله
ن وأنتم عاكفون في تعالى { :ول تباشروه ّ
المساجد } .
ن حرمة الجماع وإفساده . شافعيّة إلى أ ّ وذهب ال ّ
للعتكاف ل يكون إل ّ من عالم ٍ بتحريمه ذاكرٍ
للعتكاف ،سواءٌ أجامع في المسجد أم خارجه عند
خروجه لقضاء الحاجة أو نحوها ،لمنافاته العبادة
ما
البدنيّة .والبطلن إنّما هو بالنّسبة للمستقبل ،أ ّ
ف ما مضى فإنّه ل يبطل في الجملة ،على خل ٍ
ل يعرف في كتب الفقه . وتفصي ٍ
ما دواعي الجماع كاللّمس والقبلة ،فإنّها تفسد وأ ّ
العتكاف عند الحنفيّة والحنابلة ،وهو الظهر
شافعيّة إذا أنزل ،فإن لم ينزل لم يفسد لل ّ
شافعيّة أنّه يبطل اعتكافه ،والقولن الخران لل ّ
مطلقا ً ،وقيل :ل يبطل .قال المالكيّة :إنّه إذا قبّل
19
وقصد اللّذ ّة ،أو لمس ،أو باشر بقصدها ،أو وجدها
بطل اعتكافه ،واستأنفه من أوّله ،فلو قبّل صغيرةً
ل تشتهى ،أو قبّل زوجته لوداٍع أو رحمةٍ ،ولم
ن اشتراط مإ ّيقصد لذّةً ول وجدها لم يبطل .ث ّ
ما إذا شهوة في القبلة إذا كانت في غير الفم ،وأ ّ ال ّ
شهوة على الظّاهر ،لنّه كانت فيه فل تشترط ال ّ
يبطله من مقدّمات الوطء ما يبطل الوضوء .
صوا على تحريم الوطء في المسجد مطلقاً وقد ن ّ
لكرامته ،ووطء المعتكفة مفسد ٌ لعتكافها .وذهب
ن الجماع المفسد للعتكاف المنذور الجمهور إلى أ ّ
المتتابع من المعتكف الذ ّاكر له العالم بتحريمه ل
تلزمه الكّفارة .قال ابن المنذر :أكثر أهل العلم
على أنّه ل كّفارة عليه ،وهو قول أهل المدينة
شام والعراق . وال ّ
الماوردي هو قول جميع الفقهاء إل ّ الحسن ّ قال
زهري ،فقال :عليه كّفارة الواطئ في ّ البصريّ وال ّ
ة أخرى هي أنّه صوم رمضان .وعن الحسن رواي ٌ
ة ،فإن عجز تصدّق ة ،فإن عجز أهدى بدن ً يعتق رقب ً
بعشرين صاعا ً من تمرٍ .وقال القاضي أبو يعلى :
ن ّ
هي كّفارة الظهار ،وقال أبو بكرٍ :هي كّفارة يمي ٍ
.
الثّاني -الخروج من المسجد :
ن الخروج من المسجد - 28اتّفق الفقهاء على أ ّ
للّرجل والمرأة ( وكذلك خروج المرأة من مسجد
بيتها عند الحنفيّة ) إذا كان لغير حاجةٍ فإنّه يفسد
العتكاف الواجب ،وألحق المالكيّة وأبو حنيفة -في
رواية الحسن عنه -بالواجب العتكاف المندوب
ما إذا أيضا ً ،سواءٌ أكان الخروج يسيرا ً أم كثيرا ً .أ ّ
كان الخروج لحاجةٍ فل يبطل العتكاف في قولهم
20
جميعا ً إل ّ أنّهم اختلفوا في الحاجة الّتي ل تقطع
العتكاف ول تفسده على النّحو التّالي :
أ -الخروج لقضاء الحاجة والوضوء والغسل الواجب
:
- 29اتّفق الفقهاء على أنّه ل يضّر الخروج لقضاء
ما ل يفسد العتكاف . الحاجة والغسل الّذي وجب م ّ
لكن إن طال مكثه بعد ذلك فسد اعتكافه .
ن للمعتكف قال ابن المنذر :أجمع أهل العلم على أ ّ
ما ل ن هذا م ّ أن يخرج من معتكفه للغائط والبول ،ل ّ
بد ّ منه ،ول يمكن فعله في المسجد ،فلو بطل
نح لحدٍ العتكاف ،ول ّ العتكاف بخروجه له لم يص ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف ،وقد علمنا النّب ّ
ين « النّب ّ أنّه كان يخرج لحاجته .وروت عائشة أ ّ
صلى الله عليه وسلم كان ل يدخل البيت إل ّ لحاجةٍ
إذا كان معتكفا ً » وله الغسل والوضوء والغتسال
في المسجد إذا لم يلوّث المسجد عند الحنفيّة
شافعيّة إن أمكنه الوضوء في والحنابلة .وعند ال ّ
ح ،والثّاني المسجد ل يجوز له الخروج في الص ّ
يجوز .وذهب المالكيّة إلى كراهة دخول منزل أهله
وبه أهله -أي زوجته -إذا خرج لقضاء الحاجة ،لئلّ
يطرأ عليه منهما ما يفسد اعتكافه .
شافعيّة ما إذا كان له منزلن فيلزمه أقربهما عند ال ّ أ ّ
والحنابلة ،واختلف الحنفيّة في ذلك .وإذا كانت
هناك ميضأة ٌ يحتشم منها ل يكلّف التّطهّر منها ،ول
يكلّف الطّهارة في بيت صديقه ،لما في ذلك من
ما إذا صدّيق بالمنّة بها .أ ّ خرم المروءة ،وتزيد دار ال ّ
كان ل يحتشم من الميضأة فيكلّفها .وألحقوا
بالخروج لما تقدّم الخروج للقيء وإزالة النّجاسة ،
فل يفسد العتكاف أيضا ً في قولهم جميعا ً .ول
21
يكلّف الّذي خرج لحاجةٍ السراع ،بل له المشي
على عادته .
شرب : ب -الخروج للكل وال ّ
ن
- 30ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أ ّ
شرب يفسد اعتكافه إذا كان هناك الخروج للكل وال ّ
ما إذا لم ضرورة إلى الخروج ،أ ّ من يأتيه به لعدم ال ّ
د
ج لما ل ب ّ يجد من يأتيه به فله الخروج ،لنّه خرو ٌ
منه .
شافعيّة والقاضي من الحنابلة إلى أنّه يجوز وذهب ال ّ
ن الكل في المسجد يستحيا له الخروج للكل ،ل ّ
شرب إذا لم يكن في المسجد ماءٌ . منه .وكذا لل ّ
شافعيّة جواز الخروج للكل إذا كان اعتكافه ص ال ّوخ ّ
ما إذا كان المسجد مهجوراً ق،أ ّ في مسجد ٍ مطرو ٍ
فل يحقّ له الخروج .
ت -الخروج لغسل الجمعة والعيد :
ن للمعتكف الخروج لغسل - 31ذهب المالكيّة إلى أ ّ
الجمعة والعيد ولحّرٍ أصابه فل يفسد العتكاف خلفاً
شافعيّة والحنابلة بأنّه ل يجوز للجمهور .وصّرح ال ّ
ل وليس الخروج لغسل الجمعة والعيد ،لنّه نف ٌ
ضرورة .فإن اشترط ذلك ب وليس من باب ال ّ بواج ٍ
جاز .
ث -الخروج لصلة الجمعة :
- 32من وجبت عليه الجمعة ،وكان اعتكافه
متتابعا ً ،واعتكف في مسجد ٍ ل تقام فيه الجمعة فهو
ض
م ،ويجب عليه الخروج لصلة الجمعة ،لنّها فر ٌ آث ٌ
.فإذا خرج للجمعة فقد ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى
ج لما ن خروجه للجمعة ل يفسد اعتكافه ،لنّه خرو ٌ أ ّ
ل بد ّ منه ،كالخروج لقضاء الحاجة .وبه قال سعيد
ي وأحمد وعبد البصري والنّخع ّ
ّ بن جبيرٍ والحسن
22
الملك بن الماجشون وابن المنذر .وذهب المالكيّة
ن خروج شافعيّة إلى أ ّفي المشهور عندهم وال ّ
المعتكف لصلة الجمعة يفسد اعتكافه وعليه
الستئناف ،لنّه يمكنه الحتراز من الخروج ،بأن
يعتكف في المسجد الجامع ،فإذا لم يفعل وخرج
شافعيّة ما لو شرط بطل اعتكافه ،واستثنى ال ّ
ن شرطه الخروج في اعتكافه لصلة الجمعة ،فإ ّ
ح ،ول يبطل اعتكافه بخروجه .وذهب الحنفيّة يص ّ
ن الخروج لصلة الجمعة يكون وقت الّزوال ، إلى أ ّ
ما
ت يدركها .أ ّ ومن بعد مسجد اعتكافه خرج في وق ٍ
الحنابلة فإنّهم قالوا بجواز التّبكير إليها .واتّفقوا
ب بعد صلة الجمعة التّعجيل ن المستح ّ على أ ّ
بالّرجوع إلى مكان العتكاف .لكن ل يجب عليه
ل للعتكاف ،وكره تنزيها ً المكث التّعجيل لنّه مح ٌّ
بعد صلة الجمعة لمخالفة ما التزمه بل ضرورةٍ .
ج -الخروج لعيادة المرضى وصلة الجنازة :
33اتّفق الفقهاء على عدم جواز الخروج لعيادة
ضرورة إلى المريض وصلة الجنازة لعدم ال ّ
الخروج ،إل ّ إذا اشترط الخروج لهما عند الحنفيّة
شافعيّة والحنابلة . وال ّ
ل ذلك ما إذا خرج لقصد العيادة وصلة الجنازة ومح ّ
ضم عرج على مري ٍ ما إذا خرج لقضاء الحاجة ث ّ .أ ّ
ط ألّ
لعيادته ،أو لصلة الجنازة ،فإنّه يجوز بشر ٍ
يطول مكثه عند المريض ،أو بعد صلة الجنازة عند
الجمهور ،بأن ل يقف عند المريض إل ّ بقدر
سلم ،لقول عائشة رضي الله عنها « :إن كنت ال ّ
أدخل البيت للحاجة ،والمريض فيه فما أسأل عنه
إل ّ وأنا ماّرة ٌ » .وفي سنن أبي داود مرفوعا ً عنها :
23
« أنّه عليه الصلة والسلم كان يمّر بالمريض ،وهو
ف ،فيمّر كما هو ول يعّرج يسأل عنه » . معتك ٌ
فإن طال وقوفه عرفا ً ،أو عدل عن طريقه وإن ق ّ
ل
مدٍ ل ينتقض لم يجز ،وعند أبي يوسف ومح ّ
ما
العتكاف إذا لم يكن أكثر من نصف النّهار .أ ّ
المالكيّة فإنّهم مع الجمهور في فساد العتكاف
لخروج عيادة المريض وصلة الجنازة ،إل ّ أنّهم
أوجبوا الخروج لعيادة أحد البوين المريضين أو
كليهما ،وذلك لبّرهما فإنّه آكد من العتكاف المنذور
،ويبطل اعتكافه به ويقضيه .
ح -الخروج في حالة النّسيان :
ن الخروج من - 34ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ
المسجد عمدا ً أو سهوا ً يبطل العتكاف .وعلّلوا
ن حالة العتكاف مذكّرة ٌ ،ووقوع ذلك نادٌر ، ذلك بأ ّ
وإنّما يعتبر العذر فيما يغلب وقوعه .وذهب
شافعيّة والحنابلة إلى عدم البطلن إذا خرج ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم « :عفي ناسيا ً ،لقول النّب ّ
متي عن الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » . ل ّ
شهادة : خ -الخروج لداء ال ّ
ن الخروج لجل - 35ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ
شهادة مفسد ٌ للعتكاف . ال ّ
ن من وجبت عليه شهادةٌ ،بألّ وصّرح المالكيّة بأ ّ
م النّصاب إل ّ به ،ل يخرج يكون هناك غيره ،أو ل يت ّ
من المسجد لدائها ،بل يجب أن يؤدّيها في
ما بحضور القاضي ،أو تنقل عنه .وذهب المسجد إ ّ
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه يلزمه الخروج لداء ال ّ
شهادة متى تعيّنت عليه ويأثم بعدم الخروج ، ال ّ
شهادة إذا تعيّن ،فيجوز له الخروج مل لل ّ وكذلك التّح ّ
بج واج ٌ ول يبطل اعتكافه بذلك الخروج ،لنّه خرو ٌ
24
ما إذا لم تتعيّن عليه ، شافعيّة ،أ ّ ح عند ال ّ
على الص ّ
فيبطل اعتكافه بالخروج .
د -الخروج للمرض :
المرض على قسمين :
-36أ -المرض اليسير الّذي ل تشقّ معه القامة في
مى خفيفةٍ وغيرهما ل يجوز معه المسجد كصداٍع وح ّ
الخروج من المسجد إذا كان اعتكافه منذوراً
متتابعا ً ،فإن خرج فسد اعتكافه لنّه غير مضطّرٍ
إليه .
شديد الّذي يتعذ ّر معه البقاء ما المرض ال ّ - 37ب -أ ّ
في المسجد ،أو ل يمكن البقاء معه في المسجد ،
ب، ش أو مراجعة طبي ٍ بأن يحتاج إلى خدمةٍ أو فرا ٍ
ن خروجه مفسد ٌ لعتكافه ، فقد ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ة بعذر المرض ففي الفتاوى الهنديّة :إذا خرج ساع ً
فسد اعتكافه .هكذا في الظّهيريّة .علما ً بأ ّ
ن
مد ٍ اعتبار نصف النّهار كما مذهب أبي يوسف ومح ّ
تقدّم .وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّه ل يبطل ول
ينقطع به التّتابع ،ويبني على ما مضى إذا شفي ،
شافعيّة .وكذلك إذا كان المرض ح عند ال ّ
وهو الص ّ
ما يتلوّث به المسجد كالقيء ونحوه فإنّه ل ينقطع م ّ
به التّتابع .
ما الخروج حالة الغماء فإنّه ل يقطع العتكاف في أ ّ
قولهم جميعا ً ،لنّه لم يخرج باختياره .قال
مي :وإن أغمي عليه أيّاما ً ،أو أصابه لم ٌ الكاسان ّ
ن ) فسد اعتكافه ،وعليه إذا برأ أن يستقبل ، ( جنو ٌ
ن المرض شافعيّة أ ّ لنّه لزمه متتابعا ً .وعند ال ّ
والغماء يحسبان من العتكاف .وفي معنى المرض
شافعيّة . ق عند ال ّ ص أو حري ٍ هذا ،الخوف من ل ٍّ
ذ -الخروج لنهدام المسجد :
25
- 38إذا انهدم المسجد فخرج منه ليقيم اعتكافه في
ح ذلك عند الحنفيّة استحسانا ً ، مسجد ٍ آخر ص ّ
وكذلك عند غيرهم .
ر -الخروج حالة الكراه :
ن الخروج بسبب الكراه - 39اتّفق الفقهاء على أ ّ
لحكومةٍ ل يفسد العتكاف قبل تمام العتكاف .إلّ
ن الكراه ل يفسد ن الحنفيّة أطلقوا القول بأ ّ أ ّ
العتكاف إذا دخل المعتكف مسجدا ً آخر من ساعته
ما إذا لم يدخل مسجداً ب منهم ،أ ّ .وهذا استحبا ٌ
آخر ،فيبقى الحكم على أصل القياس وهو البطلن
.
عذر :
ٍ ز -خروج المعتكف بغير
ي
بعذر طبيع ٍ ّ ٍ ن خروج المعتكف إن كان - 40تقدّم أ ّ
ماف في ذلك .أ ّ ي جاز له الخروج على خل ٍ أو شرع ٍ ّ
إذا خرج المعتكف بدون عذرٍ فسد اعتكافه -حسب
اعتبار الفقهاء للعذر وعدمه -ولو كان زمن الخروج
مدٍ من الحنفيّة ، يسيرا ً ،إل ّ عند أبي يوسف ومح ّ
فإنّهما قيّدا زمن المفسد بأكثر من نصف النّهار .
س -حد ّ الخروج من المسجد :
- 41حد ّ الخروج من المسجد أن يخرج بجميع
جسده ،فإن خرج ببعضه لم يضّر ،لقول عائشة
رضي الله عنها « :كان رسول اللّه صلى الله عليه
جل
ي رأسه وأنا في حجرتي ،فأر ّ وسلم يدني إل ّ
ض». رأسه وأنا حائ ٌ
ش -ما يعتبر من المسجد وما ل يعتبر :
ن المراد بالمسجد الّذي - 42اتّفق الفقهاء على أ ّ
صلة فيه . ح فيه العتكاف ،ما كان بنا ًء معدّا ً لل ّ يص ّ
ما رحبة المسجد ،وهي ساحته الّتي زيدت بالقرب أ ّ
جرا ً عليها ،فالّذي من المسجد لتوسعته ،وكانت مح ّ
26
يفهم من كلم الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في
صحيح من المذهب أنّها ليست من المسجد ، ال ّ
صحيح عندهم أنّها من المسجد ،وجمع أبو ومقابل ال ّ
ب ن الّرحبة المحوطة وعليها با ٌ يعلى بين الّروايتين بأ ّ
ن رحبة شافعيّة إلى أ ّهي من المسجد .وذهب ال ّ
ح
المسجد من المسجد ،فلو اعتكف فيها ص ّ
ما سطح المسجد فقد قال ابن قدامة : اعتكافه ،وأ ّ
يجوز للمعتكف صعود سطح المسجد ،ول نعلم فيه
خلفا ً .
ما المنارة فإن كانت في المسجد أو بابها فيه فهي أ ّ
شافعيّة والحنابلة .وإن من المسجد عند الحنفيّة وال ّ
كان بابها خارج المسجد أو في رحبته فهي منه ،
شافعيّة .وإن كان بابها ح فيها العتكاف عند ال ّ ويص ّ
خارج المسجد فيجوز أذان المعتكف فيها ،سواءٌ
شافعيّة ما عند ال ّأكان مؤذ ّنا ً أم غيره عند الحنفيّة ،وأ ّ
فقد فّرقوا بين المؤذ ّن الّراتب وغيره ،فيجوز
ف دون غيره ،قال للّراتب الذان فيها وهو معتك ٌ
ح.ووي :وهو الص ّ ّ الن ّ
الثّالث من المفسدات -الجنون :
- 43إذا طرأ على المعتكف الجنون ،وكان زمنه
قليل ً فإنّه ل يفسد العتكاف في قول الفقهاء جميعاً
ما إذا طال الجنون فالجمهور على أنّه ل يقطع .أ ّ
ن
العتكاف ،ومتى أفاق بنى .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
القياس سقوط القضاء قياسا ً على سقوط قضاء
ن الستحسان أنّه يقضي إذا ن ،إل ّ أ ّصوم إذا ج ّ ال ّ
ن سقوط ة فأكثر ،وجه الستحسان أ ّ طال جنونه سن ً
ن
القضاء في صوم رمضان إنّما كان لدفع الحرج ،ل ّ
الجنون إذا طال قلّما يزول ،فيتكّرر عليه صوم
27
رمضان فيحرج في قضائه ،وهذا المعنى ل يتحّقق
في العتكاف .
واختلف الحنابلة فيه ،هل يبني أو يبتدئ ؟ بناءً على
صوم . خلفهم في بطلن ال ّ
الّرابع -الّردّة :
- 44يبطل العتكاف بالّردّة على قولهم جميعا ً ،
لكن إذا تاب وأسلم هل يجب استئناف العتكاف ؟
ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى عدم وجوب
ما بطل الستئناف بعد توبته ،فيسقط عنه القضاء ل ّ
بردّته ،ول يبني على ما مضى .لقوله تعالى { :قل
للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف }
ب ما وقوله صلى الله عليه وسلم « :السلم يج ّ
كان قبله » .
شافعيّة وجوب الستئناف . ومذهب ال ّ
سكر : الخامس -ال ّ
سكر بالحرام مفسدٌ ن ال ّ - 45ذهب الحنابلة إلى أ ّ
ب
شافعيّة إذا كان بسب ٍ للعتكاف ،وعليه المالكيّة وال ّ
ما إن حرام ٍ .ولم يره الحنفيّة مفسدا ً إن وقع ليل ً ،أ ّ
صوم فيبطل العتكاف ، كان في النّهار فإنّه يبطل ال ّ
لنّه كالغماء ل يقطع التّتابع .وألحق المالكيّة
سكر الحرام استعمال المخدّر إذا خدّره . بال ّ
سادس :الحيض والنّفاس : ال ّ
- 46يجب على الحائض والنّفساء الخروج من
ن الحيض المسجد ،إذ يحرم عليهما المكث فيه ،ول ّ
صيام .والنّفاس يقطعان ال ّ
والحائض والنّفساء يبنيان وجوبا ً وفورا ً -في نذر
خرتاالعتكاف المتتابع -بمجّرد زوال العذر ،فإذا تأ ّ
بطل العتكاف .ول يحسب زمن الحيض والنّفاس
ما المستحاضة ،فإنّها إن أمنت من العتكاف .وأ ّ
28
التّلويث لم تخرج عن اعتكافها ،فإن خرجت بطل
شافعيّة لعدم انقطاع العتكاف اعتكافها .وشرط ال ّ
بالحيض والنّفاس أل ّ تكون مدّة العتكاف بحيث
تخلو عن الحيض ،فإن كانت مدّة العتكاف بحيث
تخلو عن الحيض انقطع التّتابع في الظهر ،لمكان
الموالة بشروعها عقب الطّهر ،والقول الثّاني :ل
ما يتكّرر في الجملة ، ن جنس الحيض م ّ ينقطع ،ل ّ
فل يؤثّر في التّتابع كقضاء الحاجة .وقال الحنابلة :
تخرج المرأة للحيض والنّفاس إلى بيتها إن لم يكن ،
ل ينظر في كتبهم . ة على تفصي ٍ للمسجد رحب ٌ
ما يباح للمعتكف وما يكره له :
- 47كره العلماء للمعتكف فضول القول والعمل مع
اختلفهم فيما يعتبر مكروها ً أو مباحا ً على التّفصيل
التّالي :
شرب والنّوم : أ -الكل وال ّ
شرب والنّوم في المسجد يباح للمعتكف الكل وال ّ
ن اعتكاف من ل في قولهم جميعا ً .وزاد المالكيّة أ ّ
شراب مكروهٌ . يجد من يأتيه بحاجته من الطّعام وال ّ
ن خروجه ما النّوم للمعتكف فمحلّه المسجد ،ل ّ أ ّ
ن الخروج للنّوم للنّوم ليس بعذرٍ ،ولم يذكر أحد ٌ أ ّ
جائٌز .
صنائع في المسجد : ب -العقود وال ّ
- 48يباح عقد البيع وعقد النّكاح والّرجعة ،وبذلك
شافعيّة إذا احتاج إليه لنفسه أو صّرح الحنفيّة وال ّ
عياله ،فلو لتجارةٍ كره ،وعند الحنابلة ل يجوز
شراء إل ّ لما ل بد ّ له منه خارج للمعتكف البيع وال ّ
ما إذا خرج لجلها ف لذلك .أ ّ المسجد من غير وقو ٍ
فسد اعتكافه في قولهم جميعا ً .وعند المالكيّة
يجوز أن ينكح لنفسه ،وأن ينكح من في وليته في
29
ل ول طول مدّةٍ ، مجلسه داخل المسجد بغير انتقا ٍ
ن إحضار المبيع في وإل ّ كره .وصّرح الحنفيّة بأ ّ
ن المسجد محّرٌز عن المسجد مكروهٌ تحريما ً ،ل ّ
مثل ذلك .
- 49وذهب المالكيّة إلى كراهة الكتابة للمعتكف
وإن كان مصحفا ً أو علما ً إن كثر ،ول بأس باليسير
ب أنّه يجوز له وإن كان تركه أولى .وعن ابن وه ٍ
كتابة المصحف للثّواب ل للجرة ،بل ليقرأ فيه
شافعيّة إلى أنّه ل وينتفع من كان محتاجا ً .وذهب ال ّ
صنائع في المسجد كالخياطة يكره للمعتكف ال ّ
والكتابة ما لم يكثر منها ،فإن أكثر منها كرهت
لحرمته ،إل ّ كتابة العلم ،فل يكره الكثار منها ،لنّها
ة لتعليم العلم . طاع ٌ
ما إذا احترف الخياطة والمعاوضات من بيٍع وشراءٍ أ ّ
بل حاجةٍ فتكره وإن قلّت .وقال الحنابلة :يحرم
صنعة في المسجد ،كالخياطة وغيرها سب بال ّ التّك ّ
والكثير والقليل والمحتاج وغيره سواءٌ .
صمت : ج -ال ّ
صمت مكروهٌ تحريماً ن ال ّ - 50ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ما إذا لم يعتقده ة،أ ّ حالة العتكاف إن اعتقده قرب ً
صمت ة فل ،لحديث « من صمت نجا » ويجب ال ّ قرب ً
شعر القبيح وترويج سلعةٍ وغير عن الغيبة وإنشاد ال ّ
ذلك .
صمت ليس من ن التّقّرب بال ّ وقال الحنابلة :إ ّ
صمت إلى ل :يكره ال ّ شريعة السلم .قال ابن عقي ٍ
اللّيل .وقال الموفّق والمجد :ظاهر الخبار تحريمه
،وجزم به في الكافي ،قال في الختيارات :
من ترك صمت أنّه إن طال حتّى تض ّ والتّحقيق في ال ّ
صمت مد بال ّالكلم الواجب صار حراما ً ،وكذا إن تع ّ
30
ب ،والكلم المحّرم يجب عن الكلم المستح ّ
صمت عنها ، صمت عنه ،وفضول الكلم ينبغي ال ّ ال ّ
ي قال : صمت لم يف به ،لحديث عل ٍ ّ وإن نذر ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال « : حفظت من النّب ّ
ل صمات يوم ٍ إلى اللّيل » .
د -الكلم :
- 51ينبغي للمعتكف أل ّ يتكلّم إل ّ بخيرٍ ،وأن يشتغل
صلة على رسول اللّه صلى الله بالقرآن والعلم وال ّ
ة في طاعةٍ ، عليه وسلم والذ ّكر ،لنّه طاع ٌ
وكتدريس سيرة الّرسول عليه الصلة والسلم
صالحين . وقصص النبياء وحكايات ال ّ
بخير
ٍ قال الحنفيّة :يكره للمعتكف تحريما ً التّكلّم إل ّ
ن الشتغال ،وهو ما ل إثم فيه .وعند المالكيّة أ ّ
ما هذه الثّلثة صلة مكروهٌ ،أ ّ بغير الذ ّكر والتّلوة وال ّ
ب.ففعلها مستح ٌّ
ب له اجتناب ما ل يعنيه من وقال الحنابلة :يستح ّ
ل ومراءٍ وكثرة كلم ٍ وغيره ،لقوله عليه الصلة جدا ٍ
والسلم « من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيه
» ،لنّه مكروه ٌ في غير العتكاف ففيه أولى .روى
الخلّل عن عطاءٍ قال ( :كانوا يكرهون فضول
الكلم ،وكانوا يعدّون فضول الكلم :ما عدا كتاب
ف ،أو نهيا ً عن منكرٍ ، اللّه أن تقرأه ،أو أمرا ً بمعرو ٍ
أو تنطق في معيشتك بما ل بد ّ لك منه ) .
ويكره عند المالكيّة والحنابلة للمعتكف الشتغال
بتدريس العلم ومناظرة الفقهاء ونحو ذلك من غير
ي صلى الله ن النّب ّص نفعها به ،ل ّ العبادات الّتي يخت ّ
عليه وسلم كان يعتكف ،فلم ينقل عنه الشتغال
ب من صة به .وعند ابن وه ٍ بغير العبادات المخت ّ
31
المالكيّة ،وأبي الخطّاب من الحنابلة استحباب ذلك
لنّه من أنواع البّر إذا قصد الطّاعة ل المباهاة .
هـ -الطّيب واللّباس :
- 52يجوز للمعتكف أن يتطيّب بأنواع الطّيب في لي ٍ
ل
شافعيّة ،سواءٌ أكان رجل ً أم أو نهارٍ عند المالكيّة وال ّ
امرأةً عند المالكيّة ،وهو المشهور في مذهبهم .
شافعيّة أخذ الظّفر وكذا يجوز عند المالكيّة وال ّ
شارب ،وقيّد المالكيّة الجواز بكونه خارج وال ّ
ما حلق الّرأس ،فقال المسجد إذا خرج لعذرٍ .أ ّ
شافعيّة المالكيّة :يكره مطلقا ً إل ّ أن يتضّرر .وزاد ال ّ
التّصريح بجواز لبس الثّياب الحسنة ،لصل الباحة .
ب للمعتكف ترك لبس رفيع وقال الحنابلة :يستح ّ
الثّياب ،والتّلذ ّذ بما يباح له قبل العتكاف ،ويكره
له الطّيب .قال أحمد :ل يعجبني أن يتطيّب .
====================
يجوز العتكاف في جميع المساجد
يسألونك في الدين والحياة ( -ج / 3ص )170
يجوز العتكاف في جميع المساجد
يقول السائل :ما قولكم فيما ذهب إليه بعض أهل
العلم من أن العتكاف ل يجوز إل في المساجد
الثلثة التي تشد إليها الرحال ؟
الجواب :العتكاف من السنن الثابتة عن النبي ?
وقد صح أن النبي ? اعتكف في رمضان في العشر
الواخر منه .رواه البخاري ومسلم .
ويشترط لصحة العتكاف أن يكون في المسجد
ن وقد قال الله تعالى (:ول تباشروهُ َ َ
فو َ م عَاك ِ ُن َوأنْت ُ ْ
ّ َُ ِ ُ
جد ِ ) سورة البقرة الية . 187ولم يعتكف سا ِ
م َفِي ال ْ َ
النبي ? إل في المسجد فل يصح العتكاف في
البيوت .
32
واتفق العلماء على أن العتكاف في المساجد
الثلثة التي تشد إليها الرحال أفضل من العتكاف
في غيرها من المساجد وجمهور أهل العلم ل يرون
أن العتكاف خاص بالمساجد الثلثة كما ذهب إلى
ذلك بعض العلماء ونصره الشيخ العلمة ناصر الدين
اللباني ودافع عنه في أكثر من كتاب من كتبه .
قال الشيخ اللباني [:ثم وقفت على حديث صحيح
صريح يخصص المساجد المذكورة في الية
بالمساجد الثلثة :المسجد الحرام والمسجد النبوي
والمسجد القصى وهو قوله ? (:ل اعتكاف إل في
المساجد الثلثة ) وقد قال به من السلف فيما
اطلعت حذيفة بن اليمان وسعيد بن المسيب
وعطاء إل أنه لم يذكر المسجد القصى وقال
غيرهم بالمسجد الجامع مطلقا ً وخالف آخرون
فقالوا :ولو في مسجد بيته ول يخفى أن الخذ بما
وافق الحديث منها هو الذي ينبغي المصير إليه والله
سبحانه وتعالى أعلم ] قيام رمضان لللباني ص 36
.
وقال الشيخ اللباني أيضا ً [:واعلم أن العلماء
اختلفوا في شرطية المسجد للعتكاف وصفته كما
تراه مبسوطا ً في ( المصنفين ) المذكورين و
( المحلى ) وغيرهما وليس في ذلك ما يصح
ن فِي َ
فو َم عَاك ِ ُ
الحتجاج به سوى قوله تعالى َ (:وأنْت ُ ْ
جد ِ ) سورة البقرة الية . 187وهذا الحديث سا ِ ال ْ َ
م َ
الصحيح والية عامة والحديث خاص ومقتضى
الصول أن يحمل العام على الخاص وعليه فالحديث
مخصص للية ومبين لها وعليه يدل كلم حذيفه
وحديثه والثار في ذلك مختلفة أيضا ً فالولى الخذ
بما وافق الحديث منها كقول سعيد بن المسيب :ل
33
اعتكاف إل في مسجد نبي .أخرجه ابن أبي شيبة
وابن حزم بسند صحيح عنه ] سلسلة الحاديث
الصحيحة المجلد السادس القسم الول ص .670
وقد تابع الشيخ اللباني بعض تلميذه كما جاء في
كتاب صفة صوم النبي ?في رمضان ص [:93ل
يشرع العتكاف إل في المساجد لقوله تعالى (:وََل
تباشروهُ َ َ
جدِ ) وليست سا ِ م َ ن فِي ال ْ َفو َم ع َاك ِ ُ
ن َوأنْت ُ ْ
ّ َُ ِ ُ
هذه المساجد على الطلق فقد ورد تقييدها في
صحيح السنة المشرفة وذلك قوله ? (:ل اعتكاف
إل في المساجد الثلثة ) ] .
وقد أطال الشيخ اللباني الكلم على الحديث
السابق في الموقع المشار إليه في السلسلة
الصحيحة وحكم على الحديث بالصحة ورأى أنه
مخصص لعموم الية السابقة .
وما ذهب إليه جمهور أهل العلم من عدم اشتراط
المساجد الثلثة لصحة العتكاف هو القول الراجح
بل هو القول الصحيح من حيث الدليل وبيان ذلك
فيما يلي :
ن فِي إن قوله تعالى (:وَل تباشروهُ َ َ
فو َ
م عَاك ِ ُ
ن َوأنْت ُ ْ ّ َ َُ ِ ُ
جد ِ ) عام في كل مسجد ول يصلح الحديث سا ِم َال ْ َ
المذكور سابقا ً لتخصيص الية لنه يشترط في
المخصص من السنة أن يكون صحيحا ً ل شك فيه
والحديث المذكور محل خلف بين المحدثين فمنهم
من صححه ومنهم من ضعفه ومنهم من أوَّله كما
سيأتي وما كان حاله كذلك ل يصلح أن يكون
مخصصا ً لعموم الكتاب .
قال المام مالك [:المر عندنا الذي ل اختلف فيه
أنه ل يكره العتكاف في كل مسجد يجمع فيه ول
أراه كره العتكاف في المساجد التي ل يجمع فيها
34
إل كراهية أن يخرج المعتكف من مسجده الذي
اعتكف فيه إلى الجمعة أو يدعها فإن كان مسجدا ً ل
يجمع فيه الجمعة ول يجب على صاحبه إتيان
الجمعة في مسجد سواه فإني ل أرى بأساً
م َ
بالعتكاف فيه لن الله تبارك وتعالى قال َ (:وأنْت ُ ْ
م الله المساجد كلها ولم جدِ ) فع َّ سا ِ م َن فِي ال ْ َ فو َ ع َاك ِ ُ
يخص شيئا ً منها قال مالك :فمن هنالك جاز له أن
يعتكف في المساجد التي ل يجمع فيها الجمعة ]
الموطأ . 1/285
وقال المام البخاري [:باب العتكاف في العشر
الواخر والعتكاف في المساجد كلها لقوله تعالى
جدِ تِل ْ َ (:وَل تباشروهُ َ َ
ك سا ِ ن ِفي َال ْ َ
م َ فو َ م ع َاك ِ ُ
ن وَأنْت ُ ّْ َ َُ َِ ُ
س َ ن الل ّ ُ حدُود ُ الل ّهِ فََل تَْقَربُوهَا كَذَل ِ َ
ه ءَايَاتِهِ لِلن ّا ِ ك يُبَي ِّ ُ َ
ُ
ن ) ]. قو َم يَت َّ ُ
لَعَل ّهُ ْ
قال الحافظ ابن حجر [:قوله باب العتكاف في
العشر الواخر والعتكاف في المساجد كلها أي
مشروطية المسجد له من غير تخصيص بمسجد
دون مسجد … .واتفق العلماء على مشروطية
المسجد للعتكاف إل محمد بن لبابة المالكي
فأجازه في كل مكان .وأجاز الحنفية للمرأة أن
تعتكف في مسجد بيتها وهو المكان المعد للصلة
فيه وفيه قول للشافعي قديم وفي وجه لصحابه
وللمالكية يجوز للرجال والنساء لن التطوع في
البيوت أفضل وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه
بالمساجد التي تقام فيها الصلوات وخصه أبو
يوسف بالواجب منه وأما النفل ففي كل مسجد
وقال الجمهور بعمومه من كل مسجد إل لمن تلزمه
الجمعة فاستحب له الشافعي في الجامع وشرطه
مالك لن العتكاف عندهما ينقطع بالجمعة ويجب
35
بالشروع عند مالك وخصه طائفة من السلف
كالزهري بالجامع مطلقا ً .وأومأ إليه الشافعي في
القديم وخصه حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلثة
وعطاء بمسجد مكة والمدينة وابن المسيب بمسجد
المدينة ] فتح الباري . 5/176
وقال العيني [:وقالت طائفة العتكاف يصح في كل
مسجد روي ذلك عن النخعي وأبي سلمة وأبي ثور
وداود وهو قول مالك في الموطأ وهو قول الجمهور
والبخاري أيضا ً حيث استدل بعموم الية في سائر
المساجد ] عمدة القاري . 8/286
وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن سعيد بن جبير أنه
اعتكف في مسجد قومه ومثله عن همام بن
الحارث ومثله عن إبراهيم النخعي وعن أبي
الحوص وعن يحيى بن أبي سلمة وعن عامر
الشعبي .
وروى ابن أبي شيبة أيضا ً بإسناده عن شداد بن
الزمع قال اعتكف رجل في المسجد العظم
وضرب خيمته فحصبه الناس فبلغ ذلك ابن مسعود
سن ذلك ] فأرسل إليه رجل ً فكف الناس عنه وح َّ
انظر المصنف . 91-3/9وانظر أيضا ً مصنف عبد
الرزاق . 348- 4/346
قال المام النووي [:فرع في مذاهب العلماء في
مسجد العتكاف قد ذكرنا أن مذهبنا اشتراط
المسجد لصحة العتكاف وأنه يصح في كل مسجد
وبه قال مالك وداود وحكى ابن المنذر عن سعيد
ابن المسيب أنه قال إنه ل يصح إل في مسجد النبي
?وما أظن أن هذا يصح عنه وحكى هو وغيره عن
حذيفه بن اليمان الصحابي أنه ل يصح إل في
المساجد الثلثة المسجد الحرام ومسجد المدينة
36
والقصى وقال الزهري والحكم وحماد ول يصح إل
في الجامع وقال أبو حنيفة وأحمد وإسحق وأبو ثور
يصح في كل مسجد يصلى فيه الصلوات كلها وتقام
فيه الجماعة واحتج لهم بحديث عن جويبر عن
الضحاك عن حذيفة?ه عن النبي ? قال (:كل
مسجد له مؤذن وإمام فالعتكاف فيه يصلح ) رواه
الدارقطني وقال :الضحاك لم يسمع من حذيفه
قلت وجويبر ضعيف باتفاق أهل الحديث فهذا
الحديث مرسل ضعيف فل يحتج به ،واحتج أصحابنا
ن فِي بقوله تعالى (:وَل تباشروهُ َ َ
فو َ م عَاك ِ ُ
ن وَأنْت ُ ْ
ّ َ َُ ِ ُ
جد ِ ) ووجه الدللة من الية لشتراط المسجد سا ِ
م َ ال ْ َ
أنه لو صح العتكاف في غير المسجد لم يخص
تحريم المباشرة بالعتكاف في المسجد لنها منافية
للعتكاف فعلم أن المعنى بيان أن العتكاف إنما
يكون في المساجد وإذا ثبت جوازه في المساجد
صح في كل مسجد ول يقبل تخصيص من خصه
ببعضها إل بدليل ولم يصح في التخصيص شيء
صريح ] المجموع . 6/483
وقال ابن حزم الظاهري [:والعتكاف جائز في كل
شُروهُ َّ
ن مسجد … وبرهان ذلك قوله تعالى (:وََل تُبَا ِ
َ
م الله تعالى ولم جدِ ) فع َّ سا ِم َن فِي ال ْ َ فو َ
م ع َاك ِ ُ َوأنْت ُ ْ
يخص ] .
ثم قال ابن حزم [:أما من حد َّ مسجد المدينة وحده
أو مسجد مكة ومسجد المدينة أو المساجد الثلثة أو
المسجد الجامع فأقوال ل دليل على صحتها فل
م َ
معنى لها وهو تخصيص لقوله تعالى (:وَأنْت ُ ْ
جدِ ) … فإن قيل فأين أنتم ع َّ
ما سا ِ ن فِي ال ْ َ
م َ فو َ ع َاك ِ ُ
رويتموه من طريق سعيد بن منصور… :قال حذيفه
لعبد الله بن مسعود قد علمت أن رسول الله ? قال
37
(:ل اعتكاف إل في المساجد الثلثة ) أو قال (:
مسجد جماعة ) ؟ .قلنا :هذا شك من حذيفه أو
ممن دونه ول يقطع على رسول الله ? بشك ولو أنه
عليه السلم قال (:ل اعتكاف إل في المساجد
الثلثة ) لحفظه الله تعالى علينا ولم يدخل فيه شكاً
.فصح يقينا ً أنه عليه السلم لم يقله قط ] المحلى
. 431 - 3/428
وقال الشوكاني معلقا ً على حديث حذيفه أنه قال
لبن مسعود [:لقد علمت أن رسول الله ? قال (:
ل اعتكاف إل في المساجد الثلثة أو قال في مسجد
جماعة )
قال الشوكاني [:الحديث الول أخرجه ابن أبي
شيبة ولكن لم يذكر المرفوع منه واقتصر على
المراجعة التي فيه بين حذيفه وابن مسعود ولفظه
(:إن حذيفه جاء إلى عبد الله فقال :أل أعجبك من
قوم عكوف بين دارك ودار الشعري يعني المسجد
قال عبد الله :فلعلهم أصابوا وأخطأت ) فهذا يدل
على أنه لم يستدل على ذلك بحديث عن النبي ?
وآله وعلى أن عبد الله يخالفه ويجوز العتكاف في
كل مسجد ولو كان ثم حديث عن النبي ? ما خالفه
وأيضا ً الشك الواقع في الحديث مما يضعف
الحتجاج أحد شقيه .وقد استشهد بعضهم لحديث
حذيفه بحديث أبي سعيد وأبي هريرة وغيرهما
مرفوعا ً بلفظ (:ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد
مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد القصى )
وهو متفق عليه ولكن ليس فيه ما يشهد لحديث
حذيفة لن أفضلية المساجد الثلثة واختصاصها بشد
الرحال إليها ل تستلزم اختصاصها بالعتكاف وقد
38
حكى في الفتح عن حذيفة أن العتكاف يختص
بالمساجد الثلثة ] نيل الوطار 4/301
وقال العلمة صديق حسن خان [:وإنما اختلفوا هل
يجزئ العتكاف في كل مسجد ؟ أم في الثلثة
المساجد فقط ؟ أو في المسجد الحرام فقط ؟
والظاهر أنه يجزئ في كل مسجد قال تعالى (:
َ
جدِ ) ول حجة في قول سا ِ ن فِي ال ْ َ
م َ فو َ م ع َاك ِ ُ َوأنْت ُ ْ
عائشة ول في قول حذيفه في هذا الباب ] الروضة
الندية . 2/41
وقال العلمة محمد بن صالح العثيمين [:فكل
مساجد الدنيا يسن فيها العتكاف وليس خاصاً
بالمساجد الثلثة كما روي ذلك عن حذيفه بن
اليمان? أن النبي ? قال (:لاعتكاف إل في
المساجد الثلثة ) فإن هذا الحديث ضعيف .ويدل
على ضعفه أن ابن مسعود ? وهنه حين ذكر له
حذيفه ? أن قوما ً يعتكفون في مسجد بين بيت
حذيفه وبيت ابن مسعود ? فجاء إلى ابن مسعود
زائرا ً له وقال إن قوما ً كانوا معتكفين في المسجد
الفلني فقال له ابن مسعود ? [:لعلهم أصابوا
فأخطأت وذكروا فنسيت ] فأوهن هذا حكما ً ورواية
.أما حكما ً ففي قوله [:أصابوا فأخطأت ] وأما رواية
[:فذكروا ونسيت ] والنسان معرض للنسيان وإن
صح هذا الحديث فالمراد به :ل اعتكاف تام أي أن
المساجد الخرى العتكاف فيها دون المساجد
الثلث كما أن الصلة في المساجد فيها دون الصلة
في المساجد الثلثة .ويدل على أنه عام في كل
ن مسجد قوله تعالى (:وَل تباشروهُ َ َ
فو َ م عَاك ِ ُ
ن وَأنْت ُ ْ
ّ َ َُ ِ ُ
جد ِ ) .فقوله :في المساجد ( ال ) هنا سا ِ م َ فِي ال ْ َ
للعموم فلو كان العتكاف ل يصح إل في المساجد
39
الثلثة لقلنا :إن ( ال ) هنا للعهد الذهني ولكن أين
الدليل ؟ وإذا لم يقم دليل على أن ( ال ) للعهد
الذهني فهي للعموم هذا الصل ثم كيف يكون هذا
الحكم في كتاب الله للمة من مشارق الرض
ومغاربها ثم نقول ل يصح إل في المساجد الثلثة
فهذا بعيد أن يكون حكم مذكور على سبيل العموم
للمة السلمية ثم نقول :إن هذه العبادة ل تصح إل
في المساجد الثلثة كالطواف ل يصح إل في
المسجد الحرام .
فالصواب :أنه عام في كل مسجد لكن ل شك أن
العتكاف في المساجد الثلثة أفضل كما أن الصلة
في المساجد الثلثة أفضل ] الشرح الممتع على زاد
المستقنع . 505-6/504
ويضاف لما سبق أن اللجنة الدائمة للفتاء السعودية
قد اختارت أن العتكاف يصح في كل مسجد تقام
فيه صلة الجماعة .انظر فتاوى اللجنة الدائمة
. 10/410
وخلصة المر أن العتكاف يصح في كل مسجد
تقام فيه صلة الجماعة وليس مقصورا ً على
المساجد الثلثة التي تشد إليها الرحال .
===============
ش*
افترا ٌ
التعريف :
ة :بسطه .يقال :افترش شيء لغ ً - 1افتراش ال ّ
ذراعيه إذا بسطهما على الرض ،كالفراش له .
والفتراش أيضا ً :وطء ما فرشه ،ومنه افتراش
البساط وطؤه والجلوس عليه ،وافتراش المرأة :
ل من الّزوجين فراشاً ة ،ولذلك سمي ك ٌّ اتّخاذها زوج ً
ّ
40
للخر .والفقهاء يطلقون " الفتراش " على هذين
المعنيين .
ي:الحكم الجمال ّ
أ -افتراش اليدين والقدمين :
- 2كره الفقهاء للّرجل -دون المرأة -أن يفترش
سجود ،لورود النّهي عن ذراعيه على الرض في ال ّ
ذلك ،لحديث « ل يفترش أحدكم ذراعيه افتراش
الكلب » .
سجود . ويكره للّرجل افتراش أصابع قدميه في ال ّ
صلة افتراش قدميه وكره البعض للّرجل في قعود ال ّ
ن له أن يجلس والجلوس على عقبيه ،ولكن يس ّ
مفترشا ً رجله اليسرى ،ويجلس عليها ،وينصب
اليمنى .
صلة عند الكلم على وتفصيل ذلك في كتاب ال ّ
سجود والقعود فيها . ال ّ
صلة على الثّوب المفروش على النّجاسة : ب -ال ّ
صلة على الثّوب - 3اتّفق الفقهاء على جواز ال ّ
المفروش على النّجاسة إذا كان يمنع نفوذ النّجاسة
إلى العلى ،وظاهر كلم أحمد الجواز مع الكراهة ،
صلصلة عليه .وف ّ وفي روايةٍ عنه :ل تجوز ال ّ
ة أوما أن تكون طري ّ ً ن النّجاسة إ ّ الحنفيّة فقالوا :إ ّ
بة وفرش عليها ثو ٌ ة ،فإن كانت النّجاسة طري ّ ً يابس ً
صلة عليه ،أن ،فإنّه يشترط فيه حتّى تجوز ال ّ
يكون الثّوب غليظا ً يمكن فصله إلى طبقتين ،وألّ
سفلى إلى تكون النّجاسة قد نفذت من الطّبقة ال ّ
ة،ما إن كانت النّجاسة يابس ً الطّبقة العليا .أ ّ
فيشترط في الثّوب المفروش عليها حتّى تص ّ
ح
صلة عليه أن يكون غليظا ً بحيث يمنع لون ال ّ
النّجاسة ورائحتها .
41
ج -افتراش الحرير :
- 4اتّفق الفقهاء على جواز افتراش النّساء للحرير .
ما بالنّسبة للّرجال فذهب جمهور المالكيّة أ ّ
شافعيّة والحنابلة إلى تحريمه ،لقول حذيفة « : وال ّ
ي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية نهانا النّب ّ
ضة ،وأن نأكل فيها ،وأن نلبس الحرير الذ ّهب والف ّ
والدّيباج ،وأن نجلس عليه » .
شافعيّة وابن الماجشون من وذهب الحنفيّة وبعض ال ّ
خص ابن المالكيّة إلى جواز ذلك مع الكراهة .ور ّ
ي من المالكيّة للّرجل أن يجلس وينام على العرب ّ
فراش الحرير مع زوجته .
================
اقتداء *
التّعريف :
ة :مصدر اقتدى به ،إذا فعل مثل - 1القتداء لغ ً
سيا ً ،ويقال :فلن قدوة :أي يقتدى به ، فعله تأ ّ
سى بأفعاله . ويتأ ّ
ويستعمله الفقهاء بالمعنى اللّغويّ ،وهو إذا كان في
م المام في أفعال صلة يعّرفونه بأنّه :اتّباع المؤت ّ ال ّ
طم بالمام بشرو ٍ صلة .أو هو ربط صلة المؤت ّ ال ّ
شرع ،وبيّنها الفقهاء في كتاب صةٍ جاء بها ال ّ خا ّ
صلة عند الكلم عن صلة الجماعة . ال ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -الئتمام :
- 2الئتمام :بمعنى القتداء .يقول ابن عابدين :إذا
ربط صلته بصلة إمامه حصل له صفة القتداء
والئتمام ،وحصل لمامه صفة المامة .
م من الئتمام ، والقتداء في استعمال الفقهاء أع ّ
صلة وغيرها . لنّه يكون في ال ّ
42
ب -التّباع :
- 3من معاني التّباع في اللّغة :المشي خلف الغير
ق كما في الية ،ومنه اتّباع الجنائز ،والمطالبة بالح ّ
{ فمن عفي له من أخيه شيء فاتّباع بالمعروف }
م به ويأتي بمعنى الئتمام ،يقال :اتّبع القرآن :ائت ّ
وعمل بما فيه .
واستعمله الفقهاء بهذه المعاني ،كما استعملوه
جة ،فهو بهذا ل ثبتت عليه ح ّ بمعنى الّرجوع إلى قو ٍ
ص من القتداء . المعنى أخ ّ
سي : ج -التّأ ّ
سي في اللّغة :من السوة بمعنى القدوة ، - 4التّأ ّ
سي سيت به وائتسيت :أي اقتديت .فالتّأ ّ يقال :تأ ّ
سي :التّعّزي ،أي : بمعنى القتداء .ومن معاني التّأ ّ
ماصلة ،أ ّ التّصبّر .وأكثر ما يكون القتداء في ال ّ
سي فيستعمل في غير ذلك . التّأ ّ
د -التّقليد :
جةٍ ول - 5التّقليد عبارة عن :قبول قول الغير بل ح ّ
ل. دلي ٍ
أقسام القتداء :
م - 6القتداء على أقسام ٍ ،منها :اقتداء المؤت ّ
سجود بالمام في أفعاله من القيام والّركوع وال ّ
صلة ،فهو وغيرها .ومنها :القتداء في غير ال ّ
ي صلى الله عليه مة بالنّب ّ
سي ،كاقتداء ال ّ بمعنى التّأ ّ
وسلم في أقواله وأفعاله ،واتّباع سنّته ،وغير ذلك
كما سيأتي .
صلة القتداء في ال ّ
م
صلة هو :ربط صلة المؤت ّ - 7القتداء في ال ّ
بصلة المام كما سبق ،فل بد ّ أن يكون هناك إمام
ل من تنعقد به الجماعة - ومقتد ٍ ،ولو واحدا ً .وأق ّ
43
في غير العيدين والجمعة -اثنان ،وهو أن يكون مع
ي صلى الله عليه وسلم « : المام واحد ،لقول النّب ّ
الثنان فما فوقهما جماعة » ولفعله عليه الصلة
س وحده » . ّ
والسلم حين « صلى بابن عبّا ٍ
وسواء كان ذلك الواحد رجل ً أو امرأةً أو صبيّاً
مى ي صلى الله عليه وسلم س ّ ن النّب ّيعقل ،ل ّ
ي الّذي صب ّ ما المجنون وال ّ ة .وأ ّ الثنين مطلقا ً جماع ً
صلة ل يعقل فل عبرة بهما ،لنّهما ليسا من أهل ال ّ
.هذا ،وهناك شروط ل بد ّ من توفّرها في القتداء
ص المقتدي أي والمقتدى به ( المام ) ،وحالت تخ ّ
( المأموم ) نذكرها فيما يلي :
شروط المقتدى به ( المام ) :
- 8يشترط في المام في الجملة :السلم والعقل
اتّفاقا ً ،والبلوغ عند الجمهور ،وكذلك الذ ّكورة إذا
سلمة من العذار - كان المقتدون ذكورا ً ،وال ّ
حاء ، ف وسلس البول -إذا اقتدى به أص ّ كرعا ٍ
ة وتمتمةٍ -إذا سلمة من عاهات اللّسان -كفأفأ ٍ وال ّ
سلمة من فقد سليم منهما ،وكذا ال ّ اقتدى به ال ّ
ط كطهارةٍ وستر عورةٍ . شر ٍ
ف في بعضها يذكر في مصطلح : ل وخل ٍ على تفصي ٍ
( إمامة ) .
شروط القتداء :
أ -النّيّة :
م القتداء بالمام ن نيّة المؤت ّ - 9اتّفق الفقهاء على أ ّ
حة القتداء ،إذ المتابعة عمل يفتقر إلى شرط لص ّ
النّيّة .والمعتبر في النّيّة عمل القلب الّلزم
ب التّلّفظ بها عند الحنفيّة للرادة ،ويستح ّ
ج.شافعيّة ،وهو قول للحنابلة قياسا ً على الح ّ وال ّ
ن التّلّفظ بها بدعة ،لنّه لم يرد وذكر جماعة إلى أ ّ
44
ي صلى الله عليه وسلم ول عن أحدٍ من عن النّب ّ
صحابة والتّابعين .ويشترط في النّيّة أن تكون ال ّ
ة عليها بشرط أل ّ يفصل ة للتّحريمة ،أو متقدّم ً مقارن ً
ي ،وعلى ذلك فل بينها وبين التّحريمة فاصل أجنب ّ
صلة بعدما أحرم ح نيّة القتداء في خلل ال ّ تص ّ
منفردا ً عند جمهور الفقهاء ( :الحنفيّة ،والمالكيّة ،
وهو رواية عند الحنابلة )
شافعيّة ،وهو رواية عند الحنابلة :يجوز وقال ال ّ
للّذي أحرم منفردا ً أن يجعل نفسه مأموما ً ،بأن
تحضر جماعة فينوي الدّخول معهم بقلبه في
صلة أم قد صلّى صلتهم ،سواء أكان في أوّل ال ّ
ة فأكثر .ول فرق في اشتراط النّيّة للمأموم ركع ً
صلوات عند المالكيّة ،وهو بين الجمعة وسائر ال ّ
صحيح عند ال ّ
شافعيّة . ال ّ
شافعيّة :صحيح عند ال ّ وعند الحنفيّة ،وهو مقابل ال ّ
ل يشترط في الجمعة نيّة القتداء وكذلك العيدان ،
ح بدون الجماعة ،فكان التّصريح ن الجمعة ل تص ّ ل ّ
بنيّة الجمعة أو العيد مغنيا ً عن التّصريح بنيّة الجماعة
.ول يجب تعيين المام باسمه كزيدٍ ،أو صفته
كالحاضر ،أو الشارة إليه ،بل تكفي نيّة القتداء
بالمام ،فإن عيّنه وأخطأ بطلت صلته ،لربط
صلته بمن لم ينو القتداء به .
حة القتداء أن يكون المام قد هذا ،ول يشترط لص ّ
نوى المامة عند جمهور الفقهاء خلفا ً للحنابلة .
حة اقتداء واشترط الحنفيّة نيّة الّرجل المامة لص ّ
النّساء به .
وتفصيله في مصطلح ( إمامة )
ب -عدم التّقدّم على المام :
45
حة القتداء أل ّ يتقدّم المقتدي إمامه - 10يشترط لص ّ
في الموقف عند جمهور الفقهاء ( :الحنفيّة
شافعيّة والحنابلة ) لحديث « :إنّما جعل المام وال ّ
م به » والئتمام التّباع ،والمتقدّم غير تابٍع ، ليؤت ّ
ولنّه إذا تقدّم المام يشتبه عليه حال المام ،
ت ليتابعه ،فل ل وق ٍ ومحتاج إلى النّظر وراءه في ك ّ
يمكنه المتابعة .
ط ،ويجزئه التّقدّم إذا وقال مالك :هذا ليس بشر ٍ
ن القتداء يوجب المتابعة أمكنه متابعة المام ،ل ّ
صلة .لكنّه يندب صلة ،والمكان ليس من ال ّ في ال ّ
أن يكون المام متقدّما ً على المأموم ،ويكره
التّقدّم على المام ومحاذاته إل ّ لضرورةٍ .
والعتبار في التّقدّم وعدمه للقائم بالعقب ،وهو
مؤخر القدم ل الكعب ،فلو تساويا في العقب
وتقدّمت أصابع المأموم لطول قدمه لم يضّر .
وكذلك إذا كان المأموم طويل ً وسجد قدّام المام ،
ة على المام حالة القيام ، إذا لم تكن عقبه مقدّم ً
خرت أصابعه ما لو تقدّمت عقبه وتأ ّ صلة ،أ ّ حت ال ّ ص ّ
فيضّر ،لنّه يستلزم تقدّم المنكب ،والعبرة في
التّقدّم باللية للقاعدين ،وبالجنب للمضطجعين .
- 11فإذا كان المأموم امرأة ً أو أكثر من واحدٍ يقف
خلف المام ،وإذا كان واحدا ً ذكرا ً -ولو صبيّا ً -يقف
على يمين المام مساويا ً له عند الجمهور ،وذهب
خره ب تأ ّ مد بن الحسن إلى أنّه يستح ّ شافعيّة ومح ّ ال ّ
عن المام قليل ً .
ن محاذاة المرأة للّرجال تفسد وصّرح الحنفيّة بأ ّ
ي :فإن حاذته امرأة ي الحنف ّصلتهم .يقول الّزيلع ّ
مشتهاة في صلةٍ مطلقةٍ -وهي الّتي لها ركوع
ة وأداءً في مكان وسجود -مشتركةٍ بينهما تحريم ً
46
شروع ل ،ونوى المام إمامتها وقت ال ّ واحد ٍ بل حائ ٍ
ن من خروه ّ بطلت صلته دون صلتها ،لحديث « :أ ّ
ن اللّه » وهو المخاطب به دونها ،فيكون خره ّ حيث أ ّ
هو التّارك لفرض القيام ،فتفسد صلته دون صلتها
.
شافعيّة والحنابلة ) وجمهور الفقهاء ( :المالكيّة وال ّ
ن محاذاة المرأة للّرجال ل تفسد يقولون :إ ّ
ف الّرجال صلة ،ولكنّها تكره ،فلو وقفت في ص ّ ال ّ
لم تبطل صلة من يليها ول من خلفها ول من أمامها
صلة ،والمر ،ول صلتها ،كما لو وقفت في غير ال ّ
في الحديث بالتّأخير ل يقتضي الفساد مع عدمه .
صلة حول الكعبة في المسجد الحرام هذا ،وفي ال ّ
حة القتداء عند الجمهور عدم تقدّم يشترط لص ّ
المأموم على المام في نفس الجهة ،حتّى إذا
تقدّمه في غير جهتهما لم يضّر اتّفاقا ً .وتفصيل هذه
صلة داخل الكعبة يرجع فيه إلى المسألة وكيفيّة ال ّ
مصطلحي ( :صلة الجماعة ،واستقبال القبلة ) .
ت -أل ّ يكون المقتدي أقوى حال ً من المام :
حة القتداء عند جمهور الفقهاء - 12يشترط لص ّ
( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) أل ّ يكون المقتدي
ي، م ٍّئ بأ ّ أقوى حال ً من المام ،فل يجوز اقتداء قار ٍ
ض ،ول ي في فر ٍ ل ،ول بالٍغ بصب ٍ ّ ض بمتنّف ٍ ول مفتر ٍ
قادرٍ على ركوٍع وسجود ٍ بعاجزٍ عنهما ،وكذلك ل
ل ،ول بمعذور ،كمن به سلس بو ٍ ٍ ح اقتداء سالم ٍ يص ّ
مستور عورةٍ بعارٍ عند الحنفيّة والحنابلة ،ويكره
ذلك عند المالكيّة .
ن
وقد ذكر الحنفيّة في ذلك قاعدةً فقالوا :الصل أ ّ
حال المام إن كان مثل حال المقتدي أو فوقه
ل ،وإن كان دون حال المقتدي جازت صلة الك ّ
47
ح صلة المقتدي .إل ّ إذا حت صلة المام .ول تص ّ ص ّ
ميّا ً والمقتدي قارئا ً ،أو كان المام كان المام أ ّ
سعح صلة المام أيضا ً .وقد تو ّ أخرس فل يص ّ
الحنفيّة في تطبيق هذا الصل على كثيرٍ من
المسائل ،ووافقهم المالكيّة والحنابلة في هذه
ل في بعض المسائل . ف وتفصي ٍ
القاعدة مع خل ٍ
شافعيّة في أكثر المسائل كما سيأتي وخالفهم ال ّ
بيانه عند الكلم في ( :اختلف صفة المام
والمقتدي ) .
ث -اتّحاد صلتي المقتدي والمام :
- 13يشترط في القتداء اتّحاد صلتي المام
ن القتداء بناء والمأموم سببا ً وفعل ً ووصفا ً ،ل ّ
التّحريمة على التّحريمة ،فالمقتدي عقد تحريمته
ل ما تنعقد له ما انعقدت له تحريمة المام ،فك ّ ل ّ
تحريمة المام جاز البناء عليه من المقتدي ،وعلى
ح ظهر خلف عصرٍ أو غيره ول عكسه ، ذلك فل تص ّ
ح صلة ظهرٍ قضاءً خلف ظهرٍ أداءً ،ول ول تص ّ
سبت ظهرين من يومين مختلفين ،كظهر يوم ال ّ
خلف ظهر الحد الماضيين ،إذ ل بد ّ من التّحاد في
صلة وصفتها وزمنها ،وهذا عند جمهور عين ال ّ
الفقهاء ( :الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) وذلك لقوله
م به فل عليه السلم « :إنّما جعل المام ليؤت ّ
تختلفوا عليه » .
حة القدوة توافق شافعيّة :من شروط ص ّ وقال ال ّ
نظم صلتيهما في الفعال الظّاهرة ،ول يشترط
ح قدوة من يؤدّي صلتين .وعلى ذلك تص ّ اتّحاد ال ّ
صلة بمن يقضيها ،والمفترض بالمتنّفل ،ومؤدّي ال ّ
الظّهر بالعصر ،وبالمعكوس .أي القاضي
بالمؤدّي ،والمتنّفل بالمفترض ،وفي العصر بالظّهر
48
صلة وإن اختلفت النّيّة . ،نظرا ً لتّفاق الفعل في ال ّ
صبح والمغرب ،وتجوز وكذا يجوز الظّهر والعصر بال ّ
شافعيّة ،وله صبح خلف الظّهر في الظهر عند ال ّ ال ّ
حينئذ ٍ الخروج بنيّة المفارقة أو النتظار ليسلّم مع
المام وهو الفضل .لكن الولى فيها النفراد .فإن
ح
ف أو جنازةٍ ،لم يص ّ اختلف فعلهما كمكتوبةٍ وكسو ٍ
صحيح ،لمخالفته النّظم ، القتداء في ذلك على ال ّ
وتعذ ّر المتابعة معها .
ما اقتداء المتنّفل خلف المفترض فجائز عند جميع أ ّ
الفقهاء .
ج -عدم الفصل بين المقتدي والمام :
حة القتداء أل ّ يكون بين المقتدي -14يشترط لص ّ
والمام فاصل كبير .
ق بين فقهاء المذاهب في ل اتّفا ٍشرط مح ّ وهذا ال ّ
الجملة ،وإن اختلفوا في بعض الفروع والتّفاصيل
على النّحو التّالي :
بُعْد المسافة :
- 15فّرق جمهور الفقهاء بين المسجد وغير
المسجد فيما يتعلّق بالمسافة بين المام والمقتدي ،
شافعيّة والحنابلة :إذا كان المأموم فقال الحنفيّة وال ّ
يرى المام أو من وراءه ،أو يسمع التّكبير وهما في
ما ح القتداء ،وإن بعدت المسافة .أ ّ مسجد ٍ واحد ٍ ص ّ
في خارج المسجد فإذا كانت المسافة قدر ما يسع
حة القتداء عند الحنفيّة ،إلّ فين فإنّها تمنع من ص ّ ص ّ
في صلة العيدين ،وفي صلة الجنازة خلف عندهم
.ول يمنع القتداء بعد المسافة في خارج المسجد
شافعيّة .إذا لم يزد عن ثلثمائة ذراٍع عند ال ّ
حة القتداء خارج المسجد واشترط الحنابلة في ص ّ
ح
رؤية المأموم للمام أو بعض من وراءه .فل يص ّ
49
القتداء إن لم ير المأموم أحدهما ،وإن سمع
التّكبير ،ومهما كانت المسافة .
ولم يفّرق المالكيّة بين المسجد وغيره ول بين قرب
حة القتداء إذا أمكن المسافة وبعدها ،فقالوا بص ّ
مٍع .
رؤية المام أو المأموم أو سماع المام ولو بمس ّ
صور :
ٍ وجود الحائل ،وله عدّة
- 16الولى :إن كان بين المقتدي والمام نهر كبير
سفن ( ولو زورقا ً عند الحنفيّة ) ل يص ّ
ح تجري فيه ال ّ
القتداء ،وهذا باتّفاق المذاهب ،وإن اختلفوا في
صغير .فقال الحنفيّة والحنابلة تحديد النّهر الكبير وال ّ
سفن ،وقال صغير هو ما ل تجري فيه ال ّ :النّهر ال ّ
المالكيّة :هو ما ل يمنع من سماع المام ،أو بعض
المأمومين ،أو رؤية فعل أحدهما .
شافعيّة :هو النّهر الّذي يمكن العبور من وقال ال ّ
أحد طرفيه إلى الخر من غير سباحةٍ بالوثوب فوقه
،أو المشي فيه ،وفي حكمه النّهر المحوج إلى
صحيح . شافعيّة على ال ّ سباحةٍ عند ال ّ
- 17الثّانية :يمنع من القتداء طريق نافذ يمكن أن
تجري فيه عجلة ،وليس فيه صفوف متّصلة عند
الحنفيّة والحنابلة .قال الحنفيّة :لو كان على
الطّريق مأموم واحد ل يثبت به التّصال ،وبالثّلث
يثبت ،وفي المثنّى خلف .ول يضّر الطّريق إذا لم
يمنع من سماع المام أو بعض المأمومين أو رؤية
صحيح عند فعل أحدهما عند المالكيّة ،وهو ال ّ
شافعيّة ،ولهذا صّرحوا بجواز صلة الجماعة لهل ال ّ
السواق وإن فّرقت الطّرق بينهم وبين إمامهم .
شافعيّة يضّر ،لنّه قد تكثر والّرواية الثّانية عند ال ّ
فيه الّزحمة فيعسر الطّلع على أحوال المام .
ق في صلة هذا ،وأجاز أكثر الفقهاء الفصل بطري ٍ
50
الجمعة والعيدين وصلة الخوف ونحوها ،والتّفصيل
في مواضعها .
شافعيّة ،وهو رواية - 18الثّالثة :صّرح الحنفيّة وال ّ
عن الحنابلة ،بأنّه إذا كان بين المام والمأموم جدار
كبير أو باب مغلق يمنع المقتدي من الوصول إلى
ح
ح القتداء ،ويص ّ إمامه لو قصد الوصول إليه ل يص ّ
إذا كان صغيرا ً ل يمنع ،أو كبيرا ً وله ثقب ل يشتبه
ي
ن النّب ّ
ة ،لما روي أ ّ عليه حال المام سماعا ً أو رؤي ً
صلى الله عليه وسلم « كان يصلّي في حجرة
عائشة رضي الله عنها والنّاس في المسجد يصلّون
بصلته » .
شافعيّة :فإن حال ما يمنع المرور ل الّرؤية قال ال ّ
شبّاك أو يمنع الّرؤية ل المرور كالباب المردود كال ّ
فوجهان .
وعلى هذا القتداء في المساكن المتّصلة بالمسجد
الحرام وأبوابها من خارجه صحيح ،إذا لم يشتبه
ة ،ولم يتخلّل إل ّ الجدار ، حال المام لسماٍع أو رؤي ٍ
مة فيمن صلّى على سطح بيته كما ذكره شمس الئ ّ
المتّصل بالمسجد أو في منزله بجنب المسجد وبينه
وبين المسجد حائط مقتديا ً بإمام ٍ في المسجد وهو
يسمع التّكبير من المام أو من المكبّر تجوز صلته .
سطح بمن هو في ح اقتداء الواقف على ال ّ ويص ّ
البيت ،ول يخفى عليه حاله .
ولم يفّرق المالكيّة ،وهو رواية عند الحنابلة بين ما
إذا كان الجدار كبيرا ً أو صغيرا ً ،فقالوا بجواز
القتداء إذا لم يمنع من سماع المام أو بعض
المأمومين أو رؤية فعل أحدهما .
ح -اتّحاد المكان :
51
حة القتداء أن يجمع المقتدي - 19يشترط لص ّ
والمام موقف واحد ،إذ من مقاصد القتداء اجتماع
جمٍع في مكان ،كما عهد عليه الجماعات في
العصر الخالية ،ومبنى العبادات على رعاية التّباع
شعار .وللفقهاء في تطبيق هذا فيشترط ليظهر ال ّ
شرط تفصيل ،وفي بعض الفروع خلف كالتي : ال ّ
أوّل ً -البنية المختلفة :
- 20تقدّم ما يتعلّق بالبنية المنفصلة .
سفن المختلفة : ثانيا ً -القتداء في ال ّ
- 21يشترط في القتداء أل ّ يكون المقتدي في
سفينةٍ والمام في سفينةٍ أخرى غير مقترنةٍ بها عند
الحنفيّة ،وهو المختار عند الحنابلة ،لختلف
ي.ح اتّفاقا ً ،للتّحاد الحكم ّ
المكان ،ولو اقترنتا ص ّ
سفينتين ،وقيل سة ال ّوالمراد بالقتران :مما ّ
ربطهما .
نسع المالكيّة في جواز اقتداء ذوي سف ٍ وتو ّ
سفينتين ،ول متقاربةٍ ،ولم يشترطوا ربط ال ّ
سة ،ولم يحدّدوا المسافة حيث قالوا :جاز المما ّ
ن متقاربةٍ في المرسى بإمام ٍ واحدٍ اقتداء ذوي سف ٍ
في بعضها يسمعون أقواله أو أقوال من معه في
سفينته من مأمومين ،أو يرون أفعاله أو أفعال من
معه في سفينته من مأمومين .وكذلك لو كانت
سلمة ن الصل ال ّ سفن سائرة ً على المشهور ،ل ّ ال ّ
صوامن طروء ما يفّرقها من ريٍح أو غيره .لكنّهم ن ّ
سفينة الّتيعلى استحباب أن يكون المام في ال ّ
تلي القبلة .
ح اقتداءشافعيّة :لو كانا في سفينتين ص ّ وقال ال ّ
أحدهما بالخر وإن لم تكونا مكشوفتين ،ولم تربط
إحداهما بالخرى ،بشرط أل ّ تزيد المسافة على
52
ثلثمائة ذراٍع ،وعدم الحائل ،والماء بينهما كالنّهر
ة ولم بين المكانين ،بمعنى أنّه يمكن اجتيازه سباح ً
يشترطوا اللتصاق ول الّربط ،خلفا ً للحنفيّة ،
والمختار عند الحنابلة .
ثالثا ً :علوّ موقف المقتدي على المام أو عكسه :
- 22يجوز أن يكون موقف المأموم عاليا ً -ولو
بسطٍح -عن المام عند الحنفيّة والحنابلة ،وهو رأي
ح اقتداء من المالكيّة في غير صلة الجمعة .فص ّ
بسطح المسجد بالمام الّذي يصلّي بالمسجد ،
لمكان المتابعة .
ويكره أن يكون موقف المام عاليا ً عن موقف
المأموم .
شافعيّة بين ارتفاع موقف المام ولم يفّرق ال ّ
والمأموم ،فشرطوا في هذه الحال ،محاذاة بعض
بدن المأموم بعض بدن المام ،والعبرة في ذلك
ووي يكره ارتفاع المأموم ّ العادي ،وقال الن ّ
ّ بالطّول
على إمامه حيث أمكن وقوفهما بمستوًى واحدٍ ،
صلة ،كتبليٍغ وعكسه كذلك ،إل ّ لحاجةٍ تتعلّق بال ّ
يتوقّف عليه إسماع المأمومين وتعليمهم صفة
ب ارتفاعهما لذلك ،تقديما ً لمصلحة صلة ،فيستح ّ ال ّ
صلة . ال ّ
ما الجبل الّذي يمكن وهذا الكلم في البناء ونحوه .أ ّ
س فالعبرة صفا أو المروة أو جبل أبي قبي ٍ صعوده كال ّ
فيه بالمسافة الّتي سبق القول فيها وهي ثلثمائة
ذراٍع .فالقتداء فيه صحيح وإن كان المأموم أعلى
من المام .
سط النّساء بين المام والمأموم : خ -عدم تو ّ
حة القتداء عند الجمهور عدم - 23يشترط لص ّ
ف الّرجل سط النّساء ،فإن وقفت المرأة في ص ّ تو ّ
53
كره ،ولم تبطل صلتها ،ول صلة من يليها ،ول
من خلفها .لنّها لو وقفت في غير صلةٍ لم تبطل
ن « عائشة صلة ،وقد ثبت أ ّ صلته ،فكذلك في ال ّ
رضي الله عنها كانت تعترض بين يدي رسول اللّه
ة وهو يصلّي » .والنّهي صلى الله عليه وسلم نائم ً
للكراهة ،ولهذا ل تفسد صلتها فصلة من يليها
م من النّساء ، ف تا ّأولى .وهكذا إن كان هناك ص ّ
ن من الّرجال . فإنّه ل يمنع اقتداء من خلفه ّ
حة القتداء ألّ وذهب الحنفيّة إلى أنّه يشترط لص ّ
ل
ف من النّساء بل حائ ٍ يكون بين المقتدي والمام ص ّ
قدر ذراٍع ،وبهذا قال أبو بكرٍ من الحنابلة ،والمراد
ف عند الحنفيّة ما زاد على الثّلث ،وفي رواي ٍ
ة ص ّبال ّ
ف الثّلث ،وعلى هذا قالوا : ص ّالمراد بال ّ
- 1 -المرأة الواحدة تفسد صلة ثلثةٍ ،واحدٍ عن
يمينها وآخر عن يسارها وآخر خلفها ،ول تفسد أكثر
من ذلك .
- 2 -والمرأتان تفسدان صلة أربعةٍ من الّرجال ،
واحد ٍ عن يمينهما ،وآخر عن يسارهما ،وصلة اثنين
خلفهما .
ن،ن ثلثا ً أفسدن صلة واحدٍ عن يمينه ّ - 3 -وإن ك ّ
صفوف . ن وثلثةٍ ثلثةٍ إلى آخر ال ّ وآخر عن يساره ّ
وهذا جواب ظاهر الّرواية .وفي رواية الثّلث
ن إلى آخر صفوف خلفه ّ ل ال ّف ،تفسد صلة ك ّ ص ّكال ّ
ن الثّلثة جمع كامل . صفوف ،ل ّ ال ّ
ن الثّنتين كالثّلث .وفي وفي روايةٍ عن أبي يوسف أ ّ
روايةٍ أخرى جعل الثّلث كالثنتين .
د -العلم بانتقالت المام :
- 24يشترط في القتداء علم المأموم بانتقالت
المام ،بسماٍع أو رؤيةٍ للمام أو لبعض المقتدين به
54
،لئل ّ يشتبه على المقتدي حال المام فل يتمكّن من
متابعته ،فلو جهل المأموم أفعال إمامه الظّاهرة
حسجود ،أو اشتبهت عليه لم تص ّ كالّركوع وال ّ
ن القتداء متابعة ،ومع الجهل أو الشتباه صلته ،ل ّ
شرط متّفق عليه عند ل تمكن المتابعة ،وهذا ال ّ
الفقهاء .زاد الحنفيّة :وكذا علمه بحال إمامه من
إقامةٍ أو سفرٍ قبل الفراغ أو بعده ،وهذا فيما لو
صلّى الّرباعية ركعتين في مصرٍ أو قريةٍ .
ن الحنابلة ل يجوّزون القتداء خارج هذا ،وقد تقدّم أ ّ
سماع وحده .بل يشترطون في إحدى المسجد بال ّ
الّروايتين رؤية المأموم للمام أو بعض المقتدين
ن يصلّين في حجرتها ":ل به ،لقول عائشة لنساءٍ ك ّ
ب" ن دونه في حجا ٍ تصلّين بصلة المام فإنّك ّ
ولنّه ل يمكنه المتابعة في الغالب .
ما على الّرواية الخرى فالحنابلة يكتفون بالعلم وأ ّ
سماع أو بالّرؤية . بانتقالت المام بال ّ
حة صلة المام : ذ-ص ّ
حة صلة المام ،فلو حة القتداء ص ّ - 25يشترط لص ّ
ح القتداء ،قال الحنفيّة :لو تبيّن تبيّن فسادها ل يص ّ
سقا ً منه ،أو نسيانا ً لمض ّ
ي فساد صلة المام ،فِ ْ
مدّة المسح ،أو لوجود الحدث أو غير ذلك ،لم
حة البناء ،وكذلك لو ح صلة المقتدي لعدم ص ّ تص ّ
ة في زعم المام فاسدةً في زعم كانت صحيح ً
المقتدي لبنائه على الفاسد في زعمه .
ن أو
ل برك ٍ والمراد بالفسق هنا :الفسق الّذي يخ ّ
صلة ،كأن يصلّي وهو سكران ،أو هو ط في ال ّ شر ٍ
ما الفسق في العقيدة ،أو مدا ً .أ ّ محدث متع ّ
بارتكاب المحّرمات ،فهي مسألة خلفيّة ،وقد شدّد
فيها المام أحمد ،وقال :إنّه إذا كان داعيا ً إلى
55
صلة ، بدعته ،وعلم بذلك المقتدي ،فعليه إعادة ال ّ
صلة ،وهذه الّرواية حتّى لو علم بذلك بعد ال ّ
ما إذا كان ل يدعو إلى المعتمدة في المذهب .أ ّ
بدعته ،وهو مستور الحال ،فالظّاهر أنّه ل إعادة
على من اقتدى به ،وفي روايةٍ :عليه العادة .
صلة خلف الفاسق ن ال ّ وذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
مكروهة ،ول إعادة فيها .لحديث « :صلّوا خلف
ن ابن عمر كان يصلّي من قال ل إله إل ّ اللّه » .ول ّ
ن الحسن والحسين كانا يصلّيان جاج .وأ ّخلف الح ّ
خلف مروان ووراء الوليد بن عقبة .ومثله ما ذهب
ح القتداء بإمام ٍ تبيّن إليه المالكيّة حيث قالوا :ل يص ّ
صلة أو بعدها أنّه كافر ،أو امرأة ،أو في ال ّ
ف فيه ) أو ظهر أنّه مجنون ،أو فاسق ( على خل ٍ
م بحدثه في مد الحدث أو علم المؤت ّ محدث ،إن تع ّ
صلة أو قبلها ،أو اقتدى به بعد العلم ولو ناسيا ً . ال ّ
ح اقتداؤه بمن يعلم شافعيّة :ل يص ّ وكذا قال ال ّ
بطلن صلته ،كمن علم بكفره أو حدثه أو نجاسة
ثوبه ،لنّه ليس في صلةٍ فكيف يقتدي به ،وكذا ل
ح القتداء بإمام ٍ يعتقد المقتدي بطلن صلته . يص ّ
ح القتداء بكافرٍ ولو ببدعةٍ وصّرح الحنابلة بأنّه ل يص ّ
م تبيّن له . مكّفرةٍ ولو أسّره وجهل المأموم كفره ث ّ
ن كفره أو حدثه ،ولو بان خلف ذلك وكذلك من ظ ّ
فيعيد المأموم ،لعتقاده بطلن صلته .لكن
المالكيّة قالوا :لو علم المقتدي بحدث إمامه بعد
ن الحنابلة صّرحوا بأنّه لو صلة فل بطلن .كما أ ّ ال ّ
صلة : صلّى خلف من يعلمه مسلما ً ،فقال بعد ال ّ
هو كافر ،لم يؤثّر في صلة المأموم لنّها كانت
حتها .محكوما ً بص ّ
56
ما المام فلو أخطأ أو نسي لم يؤاخذ بذلك وأ ّ
ي صلى ن النّب ّ
البخاري وغيره ،أ ّ
ّ المأموم ،كما في
متكم يصلّون لكم ولهم ، الله عليه وسلم قال « :أئ ّ
فإن أصابوا فلكم ولهم ،وإن أخطئوا فلكم وعليهم
» .فجعل خطأ المام على نفسه دونهم ،وقد صلّى
صحابة رضي الله عنهم وهو جنب عمر وغيره من ال ّ
ناسيا ً للجنابة ،فأعاد ولم يأمر المأمومين بالعادة ،
يشافع ّ ك وال ّ وهذا مذهب جمهور العلماء ،كمال ٍ
وأحمد في المشهور عنه .
وكذلك لو فعل المام ما يسوغ عنده ،وهو عند
صلة ،مثل أن يفتصد ويصلّي ول المأموم يبطل ال ّ
س ذكره ،أو يترك البسملة ،وهو ضأ ،أو يم ّ يتو ّ
ح مع ذلك ،والمأموم يعتقد أنّها ن صلته تص ّ يعتقد أ ّ
حة صلة ح مع ذلك ،فجمهور العلماء على ص ّ ل تص ّ
ك وأحمد في أظهر المأموم ،كما هو مذهب مال ٍ
صهما عنه .وهو أحد الوجهين الّروايتين ،بل في أن ّ
ي ،اختاره القّفال وغيره . شافع ّ في مذهب ال ّ
صحابة - ن ال ّ
ل المام أحمد لهذا التّجاه بأ ّ واستد ّ
ض ّ
رضوان الله عليهم -كان يصلي بعضهم خلف بع ٍ
ن المسائل الخلفيّة ل على اختلفهم في الفروع .وأ ّ
ما أن يصيب المجتهد فيكون له أجران :أجر تخلو إ ّ
اجتهاده وأجر إصابته ،أو أن يخطئ فله أجر واحد
وهو أجر اجتهاده ،ول إثم عليه في الخطأ .
أحوال المقتدي :
ما مدرك ،أو مسبوق ،أو لحق ، - 26المقتدي إ ّ
ة مع المام ،أي فالمدرك :من صلّى الّركعات كامل ً
أدرك جميع ركعاتها معه ،سواء أأدرك معه التّحريمة
أو أدركه في جزءٍ من ركوع الّركعة الولى إلى أن
قعد معه القعدة الخيرة ،وسواء أسلّم معه أم قبله
57
.والمدرك يتابع إمامه في أفعاله وأقواله ،إل ّ في
صةٍ تذكر في كيفيّة القتداء . ت خا ّ حال ٍ
ل الّركعات بأن - 27والمسبوق :من سبقه المام بك ّ
اقتدى بالمام بعد ركوع الخيرة ،أو ببعض الّركعات
.وقد اختلفوا في حكمه ،فقال أبو حنيفة والحنابلة
:ما أدركه المسبوق فهو آخر صلته قول ً وفعل ً ،
فإن أدركه فيما بعد الّركعة الولى كالثّانية أو الثّالثة
لم يستفتح ،ولم يستعذ ،وما يقضيه فهو أوّل صلته
سورة ،يستفتح فيه ،ويتعوّذ ،ويقرأ الفاتحة وال ّ
ي صلى الله عليه وسلم كالمنفرد ،لما روي عن النّب ّ
قال « :ما أدركتم فصلّوا ،وما فاتكم فاقضوا »
ي هو الفائت ،فيكون على صفته ،لكن لو والمقض ّ
ة ،تشهّد عقب قضاء ب ركع ً أدرك من رباعيّةٍ أو مغر ٍ
ركعةٍ أخرى عند الحنابلة كما قال به سائر الفقهاء ،
صلة ،لنّه لو غير أبي حنيفة ،لئل ّ يلزم تغيير هيئة ال ّ
تشهّد عقب ركعتين لزم قطع الّرباعيّة على وترٍ ،
صلة ممكنة ،وقال والثّلثيّة شفعا ً ،ومراعاة هيئة ال ّ
ي يقضي أبو حنيفة :لو أدركه في ركعة الّرباع ّ
م يأتي بفاتحةٍ م يتشهّد ،ث ّ ركعتين بفاتحةٍ وسورةٍ ث ّ
صةٍ ،ليكون القضاء بالهيئة الّتي فاتت . خا ّ
شافعيّة :ما أدركه المسبوق مع المام فهو وقال ال ّ
أوّل صلته ،وما يفعله بعد سلم إمامه آخرها ،
لقوله عليه الصلة والسلم « :فما أدركتم فصلّوا ،
شيء ل يكون إل ّ بعد موا » وإتمام ال ّ وما فاتكم فأت ّ
أوّله ،وعلى ذلك إذا صلّى مع المام الّركعة الثّانية
صبح ،وقنت المام فيها يعيد في الباقي من ال ّ
ة من المغرب مع المام القنوت ،ولو أدرك ركع ً
تشهّد في الثّانية .وذهب المالكيّة ،وأبو يوسف
ن
مد من الحنفيّة ،وهو المعتمد في المذهب ،أ ّ ومح ّ
58
ق القراءة ، المسبوق يقضي أوّل صلته في ح ّ
ق التّشهّد ،فمدرك ركعةٍ من غير فجرٍ وآخرها في ح ّ
يأتي بركعتين بفاتحةٍ وسورةٍ وتشهّدٍ بينهما ،وبرابعة
ضي بفاتحةٍ فقط ،ول يعقد قبلهما ،فهو قا ٍ الّرباع ّ
ق القول عمل ً برواية « :وما فاتكم فاقضوا » في ح ّ
ق الفعل عمل ً برواية « : ن على صلته في ح ّ لكنّه با ٍ
موا » وذلك تطبيقا ً لقاعدة الصوليّين : وما فاتكم فأت ّ
مع ) فحملنا رواية ج ِ
( إذا أمكن الجمع بين الدّليلين ُ
التمام على الفعال ،ورواية القضاء على القوال .
- 28والّحق :هو من فاتته الّركعات كلّها أو بعضها
ثة ،وسبق حد ٍ بعد اقتدائه بعذرٍ ،كغفلةٍ وزحم ٍ
ونحوها ،أو بغير عذرٍ كأن سبق إمامه في ركوٍع أو
سجود ٍ ،كما عّرفه الحنفيّة ،وهو المتخلّف عن
ن أو أكثر ،كما عبّر عنه غير الحنفيّة . المام برك ٍ
م ٍ ،ل يأتي بقراءةٍ ول وحكم الّحق عند الحنفيّة كمؤت ّ
سجود سهوٍ ،ول يتغيّر فرضه بنيّة إقامةٍ ،ويبدأ
م يتابع المام إن لم يكن قد بعذر ،ث ّ
ٍ بقضاء ما فاته
فرغ ،عكس المسبوق .وقال الجمهور ( :المالكيّة
شافعيّة والحنابلة ) إن تخلّف عن المام بركعةٍ وال ّ
فأكثر بعذرٍ ،من نوم ٍ أو غفلةٍ ،تابع إمامه فيما بقي
من صلته ،ويقضي ما سبقه المام به بعد سلم
عذر
ٍ المام كالمسبوق ،وإن تخلّف بركنين بغير
د
ن واح ٍ ّ
بطلت صلته عندهم .وكذلك لو تخلف برك ٍ
شافعيّة ،ول عمدا ً عند المالكيّة ،وهو رواية عند ال ّ
ح عندهم . تبطل في الص ّ
ن المأموم يفعل لعذر فإ ّ ن أو ركنين ّ
ٍ وإن تخلف برك ٍ
ما سبقه به إمامه ويدركه إن أمكن ،فإن أدركه فل
شيء عليه ،وإل ّ تبطل هذه الّركعة فيتداركها بعد
سلم المام .وهذا في الجملة ،وفي المسألة
59
تفصيل ،وفي بعض الفروع خلف يرجع إليه في
مصطلح ( لحق ) .
كيفيّة القتداء
صلة : أوّل ً -في أفعال ال ّ
صلة هو متابعة المام ،والمتابعة - 29القتداء في ال ّ
واجبة في الفرائض والواجبات من غير تأخير
ب ،ما لم يعارضها واجب آخر ،فإن عارضها واج ٍ
م يتابعه واجب آخر فل ينبغي أن يفوته ،بل يأتي به ث ّ
ن التيان به ل يفوّت المتابعة بالكلّيّة ،وإنّما ،ل ّ
خرها ،وتأخير أحد الواجبين مع التيان بهما أولى يؤ ّ
من ترك أحدهما بالكلّيّة ،بخلف ما إذا كان ما
سنّة ويتابع المام يعارض المتابعة سنّة ،فإنّه يترك ال ّ
سنّة أولى من تأخير الواجب . ن ترك ال ّ بل تأخيرٍ ،ل ّ
وعلى ذلك فلو رفع المام رأسه من الّركوع أو
م المأموم التّسبيحات الثّلث سجود قبل أن يت ّ ال ّ
وجب متابعته ،وكذا عكسه .بخلف سلم المام أو
قيامه لثالثةٍ قبل إتمام المأموم التّشهّد ،فإنّه ل
م التّشهّد لوجوبه . يتابعه ،بل يت ّ
هذا ،ومقتضى القتداء والمتابعة أل ّ يحصل فعل من
صل الفقهاء أفعال المقتدي قبل فعل المام ،وقد ف ّ
بين الفعال الّتي يسبّب فيها سبق المأموم فعل
إمامه أو مقارنته له بطلن القتداء ،وبين غيرها من
الفعال ،فقالوا :إن تقدّم المأموم إمامه في
حةح القتداء أصل ً ،لعدم ص ّ تكبيرة الحرام لم يص ّ
البناء ،وهذا باتّفاق المذاهب .
شافعيّة والحنابلة ، وجمهور الفقهاء ( :المالكيّة وال ّ
ن
وهو رواية عن أبي يوسف من الحنفيّة ) على أ ّ
مقارنة المأموم للمام في تكبيرة الحرام تضّر
بالقتداء وتبطل صلة المقتدي ،عمدا ً كان أو
60
م به ،فل سهوا ً ،لحديث « :إنّما جعل المام ليؤت ّ
تختلفوا عليه ،فإذا كبّر فكبّروا ،وإذا ركع فاركعوا »
ف
لكن المالكيّة قالوا :إن سبقه المام ولو بحر ٍ
حت ،إن ختم المقتدي معه أو بعده ،ل قبله . ص ّ
شافعيّة ،وهو المفهوم من كلم واشترط ال ّ
خر جميع تكبيرة المقتدي عن تكبيرة الحنابلة ،تأ ّ
المام .
ول تضّر مقارنة تكبيرة المقتدي لتكبير المام عند
ن المقارنة هي أبي حنيفة ،حتّى نقل عنه القول بأ ّ
سنّة ،قال في البدائع :ومنها ( أي من سنن ال ّ
الجماعة ) أن يكبّر المقتدي مقارنا ً لتكبير المام فهو
ن القتداء أفضل باتّفاق الّروايات عن أبي حنيفة ..ل ّ
مشاركة ،وحقيقة المشاركة المقارنة ،إذ بها
تتحّقق المشاركة في جميع أجزاء العبادة .
ن المقتدي يتابع المام في واتّفق الفقهاء على أ ّ
سلم ،بأن يسلّم بعده ،وصّرح الحنفيّة :أنّه لو ال ّ
سلّم المام قبل أن يفرغ المقتدي من الدّعاء الّذي
يكون بعد التّشهّد ،أو قبل أن يصلّي على النّب ّ
ي
صلى الله عليه وسلم ،فإنّه يتابع المام في التّسليم
ما عند الجمهور فلو سلّم المام قبل أن يصلّي .أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم فإنّه المأموم على النّب ّ
صلة على ن ال ّ م يسلّم من صلته ،ل ّ يصلّي عليه ،ث ّ
صلة .ولو ي صلى الله عليه وسلم من أركان ال ّ النّب ّ
سلّم قبل المام سهوا ً فإنّه يعيد ،ويسلّم بعده ،ول
ما إن سلّم قبل المام عمدا ً فإنّه شيء عليه ،أ ّ
تبطل صلته عند الجمهور ،إل ّ أن ينوي المفارقة
شافعيّة . عند بعض ال ّ
سلم فل تضّر عند ما مقارنة المقتدي للمام في ال ّ أ ّ
شافعيّة جمهور الفقهاء ،إل ّ أنّها مكروهة عند ال ّ
61
ما المالكيّة فقالوا :مساواته للمام والحنابلة ،أ ّ
صلة . تبطل ال ّ
ول تضّر مقارنة المأموم للمام في سائر الفعال ،
ف
سجود مع الكراهة أو بدونها على خل ٍ كالّركوع وال ّ
بين الفقهاء ،فإن تقدّمه في ركوٍع أو سجودٍ ينبغي
البقاء فيهما حتّى يدركه المام ،ولو رفع المقتدي
سجود قبل المام ينبغي أن رأسه من الّركوع أو ال ّ
يعود ول يعتبر ذلك ركوعين أو سجودين اتّفاقا ً ،
وفي المسألة تفصيل ينظر في ( صلة ) .
صلة : ثانيا ً -القتداء في أقوال ال ّ
حة القتداء متابعة المام في - 30ل يشترط لص ّ
سلم ، صلة غير تكبيرة الحرام وال ّ سائر أقوال ال ّ
كالتّشهّد والقراءة والتّسبيح ،فيجوز فيها التّقدّم
خر والموافقة . والتّأ ّ
اختلف صفة المقتدي والمام :
مم : ضئ بالمتي ّ أ -اقتداء المتو ّ
مم عند جمهور ضئ بالمتي ّ - 31يجوز اقتداء المتو ّ
الفقهاء ( .المالكيّة والحنابلة وأبي حنيفة وأبي
يوسف ) ،لما ورد في حديث « عمرو بن العاص أنّه
ي صلى الله عليه وسلم أميرا ً على سريّةٍ ، بعثه النّب ّ
مم لخوف البرد ، فأجنب ،وصلّى بأصحابه بالتّي ّ
ي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرهم وعلم النّب ّ
بالعادة » .
نل الحنفيّة للجواز كذلك على أصلهم بأ ّ واستد ّ
ل وجهٍ ،ما بقي مم يرفع الحدث مطلقا ً من ك ّ التّي ّ
شرطه ،وهو العجز عن استعمال الماء ،ولهذا
مم ٍ واحدٍ عندهم . تجوز الفرائض المتعدّدة بتي ّ
ن
مم ،كما أ ّ ضئ بالمتي ّ وكره المالكيّة اقتداء المتو ّ
ضئ أولى من إمامة ن إمامة المتو ّ الحنابلة صّرحوا بأ ّ
62
مم ل يرفع الحدث ،بل يستباح به ن التّي ّ مم ،ل ّ المتي ّ
ضرورة . صلة لل ّ ال ّ
شافعيّة :ل يجوز القتداء بمن تلزمه العادة وقال ال ّ
مامم ٍ ،ولو كان المقتدي مثله ،أ ّ مم ٍ بمتي ّ كمتي ّ
ضئ مم الّذي ل إعادة عليه فيجوز اقتداء المتو ّ المتي ّ
ن عن العادة . ل مغ ٍ
به ،لنّه قد أتى عن طهارته ببد ٍ
ح اقتداء مد بن الحسن من الحنفيّة :ل يص ّ وقال مح ّ
مم مطلقا ً في غير صلة الجنازة ، ضئ بالمتي ّ المتو ّ
ضعيف . للزوم بناء القويّ على ال ّ
اقتداء الغاسل بالماسح :
ل بماسٍح - 32اتّفق الفقهاء على جواز اقتداء غاس ٍ
ف مانع سراية الحدث ن الخ ّ ف أو جبيرةٍ ،ل ّ على خ ٍ ّ
ق
ف يرفعه المسح ،فهو با ٍ ل بالخ ّ إلى القدم ،وما ح ّ
ن صلته على كونه غاسل ً ،كما علّله الحنفيّة ،ول ّ
ن المسح يرفع مغنية عن العادة لرتفاع حدثه ،ل ّ
جهه الخرون . الحدث كما و ّ
اقتداء المفترض بالمتنّفل :
- 33جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة وهو المختار
عند الحنابلة ) على عدم جواز اقتداء المفترض
بالمتنّفل ،لقوله صلى الله عليه وسلم « :إنّما
م به ،فل تختلفوا عليه » ولقوله جعل المام ليؤت ّ
عليه السلم « :المام ضامن » ومقتضى الحديثين
أل ّ يكون المام أضعف حال ً من المقتدي ،ول ّ
ن
صلة المأموم ل تؤدّى بنيّة المام ،فأشبهت صلة
الجمعة خلف من يصلّي الظّهر .
شافعيّة ،وهو الّرواية الثّانية عند الحنابلة : وقال ال ّ
ح اقتداء المفترض بالمتنّفل بشرط توافق نظم يص ّ
ن معاذا ً كان صحيحين « :أ ّ صلتيهما ،لما ورد في ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم عشاء يصلّي مع النّب ّ
63
صلة م يرجع إلى قومه فيصلّي بهم تلك ال ّ الخرة ،ث ّ
».
ف أو جنازةٍ ،لم فإن اختلف فعلهما كمكتوبةٍ وكسو ٍ
صحيح لمخالفته النّظم ح القتداء في ذلك على ال ّ يص ّ
وتعذ ّر المتابعة .
ي
صب ّ - 34ويتفّرع على هذه المسألة اقتداء البالغ بال ّ
في الفرض ،فإنّه ل يجوز عند جمهور الفقهاء
ي:ل ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) لقول ال ّ
شعب ّ
ي صب ّ م الغلم حتّى يحتلم .ولنّه ل يؤمن من ال ّ يؤ ّ
صلة . ط من شرائط ال ّ الخلل بشر ٍ
يصب ّح اقتداء البالغ الحّر بال ّ شافعيّة :يص ّ وقال ال ّ
صلة فرضا ً ،للعتداد بصلته ، المميّز ،ولو كانت ال ّ
م قومه على عهد ن« عمرو بن سلمة كان يؤ ّ ل ّ
ت أو رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو ابن س ّ
ي
صب ّ سبع سنين » .لكنّهم صّرحوا بكراهة القتداء بال ّ
المميّز .
ما في النّافلة فجاز اقتداء هذا في صلة الفريضة ،أ ّ
ي عند بعض الحنفيّة ،وهو المشهور عند صب ّالبالغ بال ّ
المالكيّة ،ورواية عند الحنابلة .وفي المختار عند
الحنفيّة ،ورواية عند المالكيّة والحنابلة :ل يجوز
صغير دون نفل البالغ ،حيث ل يلزمه ن نفل ال ّ ل ّ
ضعيف ، القوي على ال ّ
ّ القضاء بالفساد ،ول يبنى
كما علّله الحنفيّة ..
اقتداء المفترض بمن يصلّي فرضا ً آخر :
- 35جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة )
على أنّه ل يجوز اقتداء مفترض بمن يصلّي فرضاً
ٍ
ّ
ح اقتداء من يصلي آخر غير فرض المأموم ،فل يص ّ
ظهرا ً خلف من يصلّي عصرا ً أو غيره ،ول عكسه ،
ول اقتداء من يصلّي أداءً بمن يصلّي قضاءً ،ل ّ
ن
64
القتداء بناء تحريمة المقتدي على تحريمة المام ،
وهذا يقتضي اتّحاد صلتيهما ،كما سبق في شروط
شافعيّة إذا توافق نظم القتداء .ويجوز ذلك عند ال ّ
ح اقتداء من صلتيهما في الفعال الظّاهرة ،فيص ّ
يصلّي فرضا ً من الوقات الخمسة بمن يصلّي فرضاً
ل ذكر في موضعه آخر منهما أداءً وقضاءً ،مع تفصي ٍ
.
اقتداء المقيم بالمسافر وعكسه :
- 36يجوز اقتداء المقيم بالمسافر في الوقت
م المام وخارج الوقت باتّفاق الفقهاء ،فإذا أت ّ
موا صلتكم المسافر صلته يقول للمصلّين خلفه :أت ّ
فإنّي مسافر .فيقوم المقتدي المقيم ليكمل صلته
.ويعتبر في هذه الحالة كالمسبوق عند أكثر الفقهاء
.
كذلك يجوز اقتداء المسافر بالمقيم في الوقت بل
ف ،وحينئذ ٍ يجب عليه إتمام صلته أربعا ً متابع ً
ة خل ٍ
ما اقتداء المسافر بالمقيم خارج الوقت فل للمام .أ ّ
ن المسافر يجوز في صلةٍ رباعيّةٍ عند الحنفيّة ،ل ّ
ن فرضه ركعتان فيكون بعد فوات الوقت تقّرر أ ّ
ل في حقّ قعدةٍ أو قراءةٍ ض بمتنّف ٍاقتداء مفتر ٍ
ن. ل أو ثا ٍ باقتدائه في شفٍع أوّ ٍ
سليم بالمعذور : اقتداء ال ّ
- 37يرى جمهور الفقهاء ( :الحنفيّة والحنابلة ،
شافعيّة ) أنّه ل يجوز اقتداء ح عند ال ّ ومقابل الص ّ
سليم بالمعذور ،كمن به سلس البول ،واستطلق ال ّ
سائل ، البطن ،وانفلت الّريح ،وكذا الجرح ال ّ
ن أصحاب العذار والّرعاف ،والمستحاضة ،ل ّ
ة ،لكن جعل الحدث يصلّون مع الحدث حقيق ً
الموجود في حّقهم كالمعدوم ،للحاجة إلى الداء فل
65
صحيح ن ال ّ ضرورة تقدّر بقدرها ،ول ّ ن ال ّ يتعدّاهم ،ل ّ
أقوى حال ً من المعذور ،ول يجوز بناء القويّ على
ن المام ضامن ،بمعنى أنّه تضمن ضعيف ،ول ّ ال ّ
من ما هو شيء ل يتض ّ صلته صلة المقتدي ،وال ّ
فوقه .
سليم ح اقتداء ال ّ ح :يص ّ شافعيّة في الص ّ وقال ال ّ
سلس ،والطّاهرة بالمستحاضة غير بصاحب ال ّ
حة صلتهم من غير إعادةٍ . المتحيّرة ،لص ّ
سليم بالمعذور هو قول المالكيّة في وجواز اقتداء ال ّ
المشهور ،لنّه إذا عفي عن العذار في حقّ صاحبها
ق غيره .لكنّهم صّرحوا بكراهة عفي عنها في ح ّ
حاء .وقد نقل في التّاج إمامة أصحاب العذار للص ّ
والكليل عن المالكيّة في جواز أو عدم جواز اقتداء
ن عمر ل للجواز بأ ّ سليم بالمعذور قولين .واستد ّ ال ّ
كان إماما ً وأخبر أنّه يجد ذلك ( أي سلس المذي )
ول ينصرف ويجوز اقتداء صاحب العذر بمثله
مطلقا ً ،أي ولو اختلف العذر ،أو إن اتّحد عذرهما
ل يذكر في مصطلح ( عذر ) . على تفصي ٍ
اقتداء المكتسي بالعاري :
- 38صّرح جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة
شافعيّة ) بعدم ح عند ال ّ والحنابلة ،وهو مقابل الص ّ
حة اقتداء المكتسي ( أي مستور العورة ) بالعاري ص ّ
ن المقتدي أقوى حال ً من المام ،فيلزم اقتداء ،ل ّ
ضعيف . القوي بال ّ
ّ
ط يقدر عليه المأموم ،فأشبه ولنّه تارك لشر ٍ
اقتداء المعافى بمن به سلس البول .
ن المالكيّة قالوا :إن وجدوا ثوبا ً صلّوا به حتّى إ ّ
مهم به أحد . أفذاذا ً ل يؤ ّ
66
ح إلى جواز اقتداء شافعيّة في الص ّ وذهب ال ّ
المستور بالعاري ،بناءً على أصلهم في جواز اقتداء
ما اقتداء العاري بالعاري فيجوز سليم بالمعذور .أ ّ ال ّ
ن المالكيّة قيّدوا الجواز بما مة الفقهاء ،إل ّ أ ّ عند عا ّ
إن اجتمعوا بظلم ،وإل ّ تفّرقوا وصلّوا أفذاذاً
ٍ
متباعدين .
ي: م ّاقتداء القارئ بال ّ
ي عند جمهور م ّ - 39ل يجوز اقتداء القارئ بال ّ
الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ،والجديد من
مل ن المام ضامن ويتح ّ شافعيّة ) ل ّ مذهب ال ّ
ي،م ّ القراءة عن المأموم ،ول يمكن ذلك في ال ّ
ط
لعدم قدرته على القراءة ،ولنّهما تاركان لشر ٍ
ي هنا عند م ّيقدران عليه بتقديم القارئ ،والمراد بال ّ
الفقهاء :من ل يحسن القراءة الّتي تتوقّف عليها
صلة . ال ّ
ي في القديم من مذهب م ّ ويجوز اقتداء القارئ بال ّ
سّريّة دون الجهريّة ،وذهب صلة ال ّ شافعيّة ،في ال ّ ال ّ
حة القتداء به مطلقا ً . ي إلى ص ّ المزن ّ
وجمهور العلماء على بطلن صلة القارئ إذا اقتدى
ي، م ّحة بناء صلته على صلة ال ّ ي ،لعدم ص ّ م ّ بال ّ
م القارئ عند ي الّذي أ ّ م ّ كذلك تبطل صلة ال ّ
ط
شافعيّة في الجديد لفقد شر ٍ الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
يقدران عليه .
مصلوا في الموضوع فقالوا :إن أ ّ ما الحنابلة فقد ف ّ أ ّ
ي
م ّميّا ً وقارئا ً ،فإن كانا عن يمينه ،أو كان ال ّ يأ ّ م ّ أ ّ
حت صلة المام عن يمينه والقارئ عن يساره ص ّ
ي المأموم ،وبطلت صلة القارئ لقتدائه م ّ وال ّ
ي .وإن كانا خلفه ،أو القارئ وحده عن يمينه ، م ٍّ بأ ّ
ي عن يساره فسدت صلة القارئ لقتدائه م ّ وال ّ
67
ي المأموم لكونه فذ ّاً م ّي ،وتبطل صلة ال ّ م ّبال ّ
صلة خلف المام أو عن يساره ،وذلك مبطل لل ّ
عندهم .
ف عندي بمثله بل خل ٍ م ّ
هذا ،ويجوز اقتداء ال ّ
الفقهاء .
ن: اقتداء القادر بالعاجز عن رك ٍ
ن ،كالّركوع أو - 40ل يجوز اقتداء من يقدر على رك ٍ
سجود أو القيام ،بمن ل يقدر عليه عند المالكيّة ال ّ
ن المام مد ٍ من الحنفيّة ،ل ّ والحنابلة ،وهو قول مح ّ
ح القتداء صلة فلم يص ّ ن من أركان ال ّ عجز عن رك ٍ
به كالعاجز عن القراءة إل ّ بمثله ،ولعدم جواز
ن الحنابلة ضعيف كما مّر ،إل ّ أ ّ القوي بال ّ
ّ اقتداء
ي المرجوّ زوال علّته ،وفي هذه استثنوا إمام الح ّ
ح أن يصلّي المقتدرون وراءه جلوسا ً أو الحالة يص ّ
قياما ً عندهم .
ويجوز اقتداء قائم ٍ بقاعد ٍ يركع ويسجد عند أبي
شافعيّة ولو لم حنيفة وأبي يوسف ،وجاز ذلك عند ال ّ
سجود ،لحديث يكن القاعد قادرا ً على الّركوع أو ال ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ
عائشة رضي الله عنها أ ّ
وسلم « صلّى آخر صلته قاعدا ً والقوم خلفه قيام »
.
واختلفوا في اقتداء المستوي خلف الحدب ،فقال
شافعيّة بجوازه ،وقيّده بعض الحنفيّة بألّ الحنفيّة وال ّ
تبلغ حدبته حد ّ الّركوع ،ويميّز قيامه عن ركوعه ،
وقال المالكيّة بجوازه مع الكراهة ،ومنعه الحنابلة
مطلقا ً .
ما إذا كان المام يصلّي باليماء فل يجوز اقتداء أ ّ
ساجد خلفه عند الجمهور القائم أو الّراكع أو ال ّ
( الحنفيّة عدا زفر ،والمالكيّة والحنابلة ) خلفاً
68
شافعيّة الّذين قاسوا المضطجع والمستلقي على لل ّ
القاعد .
ويجوز اقتداء المومئ بمثله عند الجمهور خلفاً
ن اليماء ل ينضبط ،فقد للمالكيّة في المشهور ،ل ّ
يكون إيماء المأموم أخفض من إيماء المام ،وقد
يسبقه المأموم في اليماء ،وهذا يضّر .
القتداء بالفاسق :
- 41الفاسق :من فعل كبيرة ً ،أو داوم على
شافعيّة بجواز صغيرةٍ .وقد صّرح الحنفيّة وال ّ
ما الجواز فلما ورد القتداء بالفاسق مع الكراهة ،أ ّ
ر وفاجرٍ » ،ولما ل ب ٍّ في الحديث « :صلّوا خلف ك ّ
ن ابن عمر " كان يصلّي خلف رواه ال ّ
شيخان أ ّ
ما الكراهة فلعدم الوثوق به جاج على ظلمه .وأ ّ الح ّ
شروط . في المحافظة على ال ّ
حوقال الحنابلة -وهو رواية عند المالكيّة : -ل تص ّ
خمر
ٍ ق وشارب ن وسار ٍ ل ،كزا ٍ ق بفع ٍ إمامة فاس ٍ
ي ولو ي أو رافض ٍ ّ مام ٍ ونحوه ،أو اعتقاد ٍ ،كخارج ٍ ّ ون ّ
كان مستورا ً .لقوله تعالى { :أفمن كان مؤمناً
كمن كان فاسقا ً ل يستوون } ،ولما روي عن جابرٍ
ي مهاجراً من امرأة رجل ً ،ول أعراب ّ مرفوعا ً « :ل تؤ ّ
ن يخاف ،ول فاجر مؤمنا ً إل ّ أن يقهره بسلطا ٍ
صل المالكيّة في الّرواية سوطه وسيفه » .وف ّ
ن وشارب الخرى المعتمدة بين الفاسق بجارحةٍ كزا ٍ
صلة ،كأن يقصد خمرٍ ،وبين من يتعلّق فسقه بال ّ
ط ،أو سنّةٍ ن أو شر ٍ ل برك ٍ بتقدّمه الكبر ،أو يخ ّ
عمدا ً ،فقالوا بجواز القتداء بالوّل دون الثّاني .
ما في الجمع صلوات الخمس ،أ ّ وهذا كلّه في ال ّ
والعياد فيجوز القتداء بالفاسق اتّفاقا ً ،لنّهما
69
صان بإمام ٍ واحد ٍ ،فالمنع منهما خلفه يؤدّي إلى يخت ّ
صلوات . تفويتهما دون سائر ال ّ
م والخرس : القتداء بالعمى والص ّ
حة القتداء بالعمى - 42ل خلف بين الفقهاء في ص ّ
صمم ل يخّلن بشي ٍء من ن العمى وال ّ م،ل ّ والص ّ
صلة ،ول بشروطها .لكن الحنفيّة أفعال ال ّ
والحنابلة صّرحوا بكراهة إمامة العمى ،كما صّرح
المالكيّة بأفضليّة إمامة البصير المساوي للعمى
في الفضل ،لنّه أشد ّ تحّفظا ً من النّجاسات .
شافعيّة :العمى والبصير سواء لتعارض وقال ال ّ
ن العمى ل ينظر ما يشغله فهو فضليهما ،ل ّ
أخشع ،والبصير ينظر الخبث فهو أقدر على تجنّبه ،
ما إذا تبذ ّل أي ترك وهذا إذا كان العمى ل يتبذ ّل ،أ ّ
صيانة عن المستقذرات ،كأن لبس ثياب البذلة ، ال ّ
ما الخرس فل يجوز كان البصير أولى منه .أ ّ
صلة من التّحريمة القتداء به ،لنّه يترك أركان ال ّ
شافعيّة والحنابلة صّرحوا بعدم ن ال ّ
والقراءة .حتّى إ ّ
جواز القتداء بالخرس ،ولو كان المقتدي مثله ،
ي، ن الخرس أسوأ حال ً من ال ّ
م ّ وصّرح الحنفيّة أ ّ
ي على التّحريمة دون الخرس ،فل يجوز م ّلقدرة ال ّ
ي بالخرس ،ويجوز العكس . م ّ اقتداء ال ّ
القتداء بمن يخالفه في الفروع :
بإمام
ٍ حة القتداء - 43ل خلف بين الفقهاء في ص ّ
يخالف المقتدي في الفروع ،إذا كان المام يتحامى
ضأ من الخارج النّجس من مواضع الخلف ،بأن يتو ّ
سبيلين كالفصد مثل ً ،ول ينحرف عن القبلة غير ال ّ
انحرافا ً فاحشا ً ،ويراعي الدّلك والموالة في
صلة . الوضوء ،والطّمأنينة في ال ّ
70
ف في المذهب إذا ح القتداء بإمام ٍ مخال ٍ وكذلك يص ّ
صلة عند كان ل يعلم منه التيان بما يفسد ال ّ
صحابة والتّابعين ومن بعدهم ن ال ّ ن،ل ّالمقتدي بيقي ٍ
ض مع من المسلمين لم يزل بعضهم يقتدي ببع ٍ
ف
ص ّاختلفهم في الفروع ،ولما فيه من وحدة ال ّ
وقوّة المسلمين .
حةن المام أتى بمانٍع لص ّ ما إذا علم المقتدي أ ّ أ ّ
صلة في مذهب المأموم ،وليس مانعا ً في مذهبه ال ّ
،كترك الدّلك والموالة في الوضوء ،أو ترك شرطاً
صلة عند المأموم ،فقد صّرح المالكيّة في ال ّ
حة القتداء شافعيّة -بص ّ والحنابلة -وهو رواية عند ال ّ
صلة مذهب المام ل ن المعتبر في شروط ال ّ ،ل ّ
صلة المأموم ،ما لم يكن المتروك ركنا ً داخل ً في ال ّ
ح
عند المالكيّة ،كترك الّرفع من الّركوع .وفي الص ّ
ح القتداء اعتبارا ً بنيّة المقتدي ، شافعيّة ل يص ّ عند ال ّ
لنّه يعتقد فساد صلة إمامه ،فل يمكن البناء عليه .
وقال الحنفيّة :إن تيّقن المقتدي ترك المام مراعاة
ح القتداء ،وإن علم الفروض عند المقتدي لم يص ّ
ما إن علم منه ترك تركه للواجبات فقط يكره ،أ ّ
ن الجماعة واجبة ، سنن فينبغي أن يقتدي به ،ل ّ ال ّ
نفتقدّم على ترك كراهة التّنزيه ،وهذا بناء على أ ّ
ح -وقيل :لرأي العبرة لرأي المقتدي -وهو الص ّ
المام ،وعليه جماعة .قال في النّهاية :وهو
ح القتداء ،وإن كان المام ل القيس ،وعليه فيص ّ
يحتاط .
صلة القتداء في غير ال ّ
سي صلة -بمعنى التّأ ّ - 44القتداء في غير ال ّ
والتّباع -يختلف حكمه باختلف المقتدى به ،
ي صلى الله عليه وسلم في أمور فالقتداء بالنّب ّ
71
شريعة واجب أو مندوب الدّين وما يتعلّق بال ّ
( بحسب حكم ذلك الفعل ) ،والقتداء بأفعاله صلى
الله عليه وسلم الجبلّيّة حكمه الباحة ،والقتداء
بالمجتهد فيما اجتهد فيه من المسائل الفقهيّة
مطلوب لمن ليس له أهليّة الجتهاد عند الصوليّين .
ي ،وانظر وتفصيل هذه المسائل في الملحق الصول ّ
سي ) . مصطلحي ( اتّباع ،وتأ ّ
=================
اكتحال *
التّعريف :
ة :مصدر اكتحل .يقال اكتحل :إذا - 1الكتحال لغ ً
وضع الكحل في عينه .وهو في الصطلح مستعمل
بهذا المعنى .
ي: الحكم الجمال ّ
شافعيّة الكتحال وترا ً ، ب الحنابلة وال ّ - 2استح ّ
لقوله عليه الصلة والسلم « :من اكتحل فليوتر
» ،وأجازه مالك في أحد قوليه للّرجال ،وكرهه في
قوله الخر للتّشبّه بالنّساء .
ما الحنفيّة ،فقالوا بالجواز إذا لم يقصد به الّرجل أ ّ
ن الممنوع هو التّزيّن الّزينة ،وأوضح بعض الحنفيّة أ ّ
للتّكبّر ،ل بقصد الجمال والوقار .ول خلف في
جواز الكتحال للنّساء ولو بقصد الّزينة ،وكذلك
للّرجال بقصد التّداوي .وللتّفصيل ينظر مصطلح
( تزيّن ) .
جس : الكتحال بالمتن ّ
- 3ينبغي أن يكون ما يكتحل به طاهرا ً حلل ً ،أ ّ
ما
الكتحال بالنّجس أو المحّرم فهو غير جائزٍ لعموم
ما إذا كان الكتحال لضرورةٍ فقد النّهي عن ذلك .أ ّ
72
شافعيّة والحنابلة ،ومنعه المالكيّة أجازه الحنفيّة وال ّ
.
الكتحال في الحرام :
- 4أجاز الحنفيّة الكتحال بالثمد للمحرم بغير
ب وفعله ب ،فإذا كان بطي ٍ كراهةٍ ما دام بغير طي ٍ
مّرة ً أو مّرتين فعليه صدقة ،فإن كان أكثر فعليه دم
ب ،إل ّ إذا
.ومنعه المالكيّة وإن كان من غير طي ٍ
كان لضرورةٍ ،فإن اكتحل فعليه الفدية .وأجازه
شافعيّة والحنابلة مع الكراهة ،واشترط الحنابلة ال ّ
عدم قصد الّزينة به ( .ر -إحرام ) .
صوم : الكتحال في ال ّ
صائم بما يصل إلى جوفه فعند - 5إذا اكتحل ال ّ
شافعيّة -وهو اختيار ابن تيميّة -ل يفسد الحنفيّة وال ّ
صومه ،وإن وجد طعمه في حلقه ،ولونه في
نخامته ،لنّه لم يصل إلى الجوف من منفذٍ مباشرٍ ،
م .وقال المالكيّة ،وهو المذهب بل بطريق المسا ّ
عند الحنابلة :إنّه يفسد صومه إذا وصل إلى الحلق
.وللتّفصيل ينظر ( صوم ) .
الكتحال للمعتدّة من الوفاة :
- 6إذا كان الكتحال بما ل يتزيّن به عادةً فل بأس
ما يتزيّن به عند الفقهاء ليل ً أو نهارا ً .أ ّ
ما إذا كان م ّ
به كالثمد ،فالصل عدم جوازه إل ّ لحاجةٍ ،فإن
ن
دعت الحاجة إلى ذلك جاز .وصّرح المالكيّة أ ّ
المراد -في هذه الحال -تكتحل ليل ً وتغسله نهاراً
وجوبا ً .
الكتحال للمعتدّة من الطّلق :
- 7اتّفق الفقهاء على إباحة الكتحال للمعتدّة من
ي .بل صّرح المالكيّة بأنّه يفرض على ق رجع ٍ ّ طل ٍ
زوج المعتدّة ثمن الّزينة الّتي تستضّر بتركها .
73
ن .قال الحنفيّة ، ق بائ ٍ واختلفوا في المعتدّة من طل ٍ
شافعيّة والحنابلة :يجب عليها ترك وهو رأي لل ّ
شافعيّة والحنابلة : ي لل ّ الكتحال والّزينة ،وفي رأ ٍ
يستحسن لها ذلك .
ما المالكيّة فعندهم الباحة مطلقا ً للمطلّقة ( ر - أ ّ
عدّة ) .
الكتحال في العتكاف :
شافعيّة على الّزينة في العتكاف - 8تكلّم ال ّ
والكتحال فيه ،وصّرحوا بأنّه ل يضّر فيه الكتحال
ول الّزينة .وقواعد المذاهب الخرى ل تنافيه ( .ر -
اعتكاف ) .
الكتحال في يوم عاشوراء :
- 9تكلّم الحنفيّة على الكتحال في يوم عاشوراء
صوعلى استحبابه ،وأبانوا بأنّه لم يرد في ذلك ن ّ
صحيح ،وقال بعضهم :بأنّه بدعة ( .ر -بدعة ) .
=================
اليّام البيض *
التّعريف :
- 1اليّام البيض هي :اليوم الثّالث عشر والّرابع
ميت ي .وس ّ شهر عرب ٍ ٍّ عشر والخامس عشر من ك ّ
ل
بيضا ً لبيضاض لياليها بالقمر ،لنّه يطلع فيها من
صواب أن ي :ال ّ أوّلها إلى آخرها .ولذلك قال ابن بّر ٍ ّ
ن البيض من صفة يقال :أيّام البيض ،بالضافة ل ّ
اللّيالي -أي أيّام اللّيالي البيضاء .وقال المط ّ ّ
رزي :
سرها باليّام فقد أبعد . من ف ّ
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
سود : اليّام ال ّ
74
سود :هي الثّامن سود أو أيّام اللّيالي ال ّ - 2اليّام ال ّ
ن القمر في هذه والعشرون وتالياه ،باعتبار أ ّ
اللّيالي يكون في تمام المحاق .
ي: الحكم الجمال ّ
ل شهرٍ ،لكثرة ب صوم اليّام البيض من ك ّ - 3يستح ّ
يالحاديث الواردة في ذلك ،ومنها ما روي عن النّب ّ
صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :من صام من ك ّ
ل
ة أيّام ٍ فذاك صيام الدّهر » وعن ملحان شهرٍ ثلث َ
ي قال « :كان رسول اللّه صلى الله عليه القيس ّ
وسلم يأمرنا أن نصوم البيض :ثلث عشرة وأربع
عشرة وخمس عشرة ،وقال :هو كهيئة الدّهر »
ل شهور العام عدا شهر ذي وهذا ينطبق على ك ّ
جة ،فل يصام فيه اليوم الثّالث عشر ،لنّه من الح ّ
أيّام التّشريق الّتي ورد النّهي عن صومها .
سادس عشر شافعيّة أن يصام ال ّ والوجه كما يقول ال ّ
جة .من ذي الح ّ
شافعيّةب عند الحنفيّة وال ّ وصوم هذه اليّام مستح ّ
والحنابلة .
وكان مالك يصوم أوّل يومه ،وحادي عشره ،
وحادي عشرينه .
وكره المالكيّة كونها الثّلثة اليّام البيض ،مخافة
اعتقاد وجوبها وفرارا ً من التّحديد .
ما إن كان على وهذا إذا قصد صومها بعينها ،وأ ّ
سبيل التّفاق فل كراهة
===============
الجحفة *
التّعريف :
- 1الجحفة موضع على الطّريق بين المدينة ومكّة ،
سيلمهِيعَة ،فأجحف ال ّ مهْيَعَة ،أو َ
وكان اسمها َ
75
ميت جحفة ،وبما أنّه لم يبق بها الن إلّ بأهلها فس ّ
رسوم خفيّة ل يكاد يعرفها إل ّ سكّان البوادي ،فلذا
مى اختار النّاس الحرام احتياطا من المكان المس ّ
برابغ الّذي على يسار الذ ّاهب إلى مكّة وقبل
الجحفة بنصف مرحلة أو قريب من ذلك .
شام ومصر والمغرب .وهي أحد وهي ميقات أهل ال ّ
المواقيت الخمسة الّتي ل يجوز تجاوزها لقاصد
ج والعمرة إل ّ محرما ،وقد جمعت في قوله : الح ّ
عرق العراق يلملم اليمن وبذي الحليفة يحرم
شام جحفة إن مررت بها ولهل نجد قرن ي لل ّ
المدن ّ
فاستبن
ي وموطن البحث : الحكم الجمال ّ
ن الجحفة ميقات أهل - 2أجمع أهل العلم على أ ّ
شام ومصر والمغرب ومن مّر بها من غير أهلها ال ّ
لما رواه ابن عبّاس رضي الله عنه قال « :وقّت
رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم لهل المدينة
شام الجحفة ولهل نجد قرن ذا الحليفة ،ولهل ال ّ
ن، ن له ّ
المنازل ،ولهل اليمن يلملم ،وقال :فه ّ
ج
ن لمن كان يريد الح ّ ن من غير أهله ّ ولمن أتى عليه ّ
صل الفقهاء الكلم حول تجاوزها أو العمرة » وقد ف ّ
ج عند الكلم عن المواقيت بغير إحرام في كتاب الح ّ
.
===============
الحجر السود
التّعريف
- 1الحجر السود كتلة من الحجر ضارب إلى
سواد شبه بيضاويّ في شكله ،يقع في أصل بناء ال ّ
ي منها ،يستلمه شرق ّ ي ال ّالكعبة في الّركن الجنوب ّ
ي): الطّائفون عند طوافهم ( الحكم الجمال ّ
76
ن استلم الحجر - 2يتّفق الفقهاء على أنّه يس ّ
السود باليد وتقبيله للطّائف لمن يقدر ،لما روي
ن رجل سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن {أ ّ
استلم الحجر فقال :رأيت رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم يستلمه ويقبّله } .ولما روى ابن عمر
رضي الله عنهما قال :قبّل عمر بن الخطّاب الحجر
م قال :أما واللّه لقد علمت أنّك حجر ولول أنّي ث ّ
رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما
ن أصحاب رسول اللّه صلى الله قبّلتك .وروي أ ّ
م يقبّلونه ،عليه وسلم كانوا يستلمون الحجر ث ّ
ب
ما ل يكون بالّرأي .ويستح ّ فيلتزم فعلهم ،لنّه م ّ
أن يستفتح الستلم بالتّكبير ،لما روى ابن عبّاس
ي صلى الله رضي الله عنهما قال { :طاف النّب ّ
عليه وسلم بالبيت على بعير كلّما أتى الّركن أشار
إليه بشيء كان عنده وكبّر } .ويرفع يديه عند
التّكبير ،لقوله صلى الله عليه وسلم { :ترفع
اليدي في سبعة مواطن وذكر من جملتها
ما عند المالكيّة الحجر } ، ،وهذا عند الجمهور .وأ ّ
ب استلم الحجر فل يرفع يديه عند التّكبير .ويستح ّ
ن ابن عمر رضي الله ل طواف ،ل ّ السود في ك ّ
عنهما ،قال { :كان رسول اللّه صلى الله عليه
ي والحجر في وسلم ل يدع أن يستلم الّركن اليمان ّ
ل طوفة } قال نافع :وكان ابن عمر يفعله .وإن ك ّ
لم يتمكّن من تقبيل الحجر استلمه بيده وقبّل يده ،
ن الستلم وهذا عند المالكيّة والحنابلة حيث قالوا :إ ّ
باليد يكون بعد العجز عن الستلم بالفم .لحديث
ي صلى الله ن النّب ّابن عبّاس رضي الله عنهما { أ ّ
عليه وسلم استلمه وقبّل يده } وفعله أصحاب
ي صلى الله عليه وسلم وتبعهم أهل العلم على النّب ّ
77
ن الستلم شافعيّة فقالوا :إ ّ ما الحنفيّة وال ّ ذلك .وأ ّ
م إن عجز عن الستلم باليد كالستلم بالفم .ث ّ
م يقبّله ، س الحجر بشيء في يده كالعصا مثل ث ّ يم ّ
لما روي عن أبي الطّفيل ،قال { :رأيت رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم
الّركن بمحجن معه ويقبّل المحجن } .وإن لم
سه بشيء فإنّه يستطع أن يستلم الحجر بيده ،أو يم ّ
يستقبله من بعد ويشير إليه بباطن كّفه كأنّه واضعها
م يقبّله ويهلّل ويكبّر ،لما روى البخاريّ عن عليه ،ث ّ
ي
ابن عبّاس رضي الله عنهما ،قال { :طاف النّب ّ
صلى الله عليه وسلم على بعير كلّما أتى الّركن
ن أن يقبّل الحجر من غير أشار إليه وكبّر } .ويس ّ
ي
ن النّب ّصوت يظهر للقبلة ،لحديث ابن عمر { أ ّ
م وضع صلى الله عليه وسلم استقبل الحجر ث ّ
م التفت فإذا هو بعمر بن شفتيه عليه يبكي طويل ،ث ّ
الخطّاب يبكي ،فقال :يا عمر هاهنا تسكب
صوت قولن : العبرات } .قال الحطّاب :وفي ال ّ
شيخ زّروق في شرح الرشاد :وفي كراهة قال ال ّ
جح غير واحد الجواز ، التّصويت بالتّقبيل قولن :ور ّ
ب الطّبريّ جاءه شيخ المح ّ ن ال ّوذكر ابن رشد أ ّ
مستفت يسأله عن تقبيل الحجر أبصوت أو دونه ؟
بفذكر له التّقبيل من غير تصويت .ول يستح ّ
للنّساء استلم الحجر ول تقبيله إل ّ عند خلوّ المطاف
في اللّيل أو غيره .
البداءة في الطّواف من الحجر السود :
مد بن شافعيّة والحنابلة ومح ّ - 3ذهب المالكيّة وال ّ
الحسن من الحنفيّة إلى أنّه يتعيّن البداءة في
شوط لما الطّواف من الحجر السود ليحسب ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم افتتح ن النّب ّ
روي { أ ّ
78
الطّواف من يمين الحجر ل من يساره } ،وذلك
ج ،وقد تعليم منه صلى الله عليه وسلم مناسك الح ّ
قال عليه الصلة والسلم { :خذوا عنّي
ي صلى مناسككم } فتجب البداءة بما بدأ به النّب ّ
الله عليه وسلم ولو افتتح الطّواف من غير الحجر
شوط إل ّ أن يصير إلى الحجر فيبتدئ لم يعتد ّ بذلك ال ّ
ما عند الحنفيّة في ظاهر الّرواية منه الطّواف .وأ ّ
ن البداءة في الطّواف من الحجر السود ومالك أ ّ
سنّة ،ولو بدأ الطّواف من مكان غير الحجر السود
بدون عذر أجزأه مع الكراهة لقوله تعالى :
{ وليطّوّفوا بالبيت العتيق } مطلقا عن شرط
البتداء بالحجر السود .
استلم الحجر وتقبيله في الّزحام :
- 4إذا كان في الطّواف زحام وخشي الطّائف إيذاء
النّاس فالولى أن يترك تقبيل الحجر السود
ن استلم الحجر السود سنّة وترك واستلمه ،ل ّ
سنّة ،
إيذاء النّاس واجب فل يهمل الواجب لجل ال ّ
ي صلى ن النّب ّوقد ورد عن عمر رضي الله عنه { أ ّ
الله عليه وسلم قال له :يا عمر إنّك رجل قويّ ل
ضعيف ،إن وجدت تزاحم على الحجر فتؤذي ال ّ
خلوة فاستلمه ،وإل ّ فاستقبله وهلّل وكبّر } .
سجود على الحجر السود : ال ّ
- 5حكى ابن المنذر عن عمر بن الخطّاب وابن
ب بعد ي وأحمد أنّه يستح ّ شافع ّ عبّاس وطاوس وال ّ
سجود عليه بالجبهة ،وقد تقبيل الحجر السود ال ّ
ي عن ابن عبّاس موقوفا " ي والبيهق ّ شافع ّ أخرج ال ّ
أنّه كان يقبّل الحجر السود ويسجد عليه .وكره
ي
سجود وتمريغ الوجه عليه ،ونقل الكاسان ّ مالك ال ّ
عن مالك أنّه بدعة ،ونقل ابن الهمام عن قوام
79
ي قال :وعندنا الولى أن ل يسجد لعدم الدّين الكاك ّ
الّرواية من المشاهير .
الدّعاء عند استلم الحجر :
ب أن يقول - 6ذهب أكثر الفقهاء إلى أنّه يستح ّ
الطّائف عند استلم الحجر ،أو استقباله بوجهه إذا
ق عليه استلمه :بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ، ش ّ
م إيمانا بك ،وتصديقا بكتابك ، واللّه أكبر ،اللّه ّ
مد صلى الله ووفاء بعهدك ،واتّباعا لسنّة نبيّك مح ّ
ن
عليه وسلم .لما روى جابر رضي الله عنه { أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم استلم الّركن الّذي فيه النّب ّ
م وفاء بعهدك وتصديقا م قال :اللّه ّ الحجر وكبّر ث ّ
بكتابك } .وزاد ابن الهمام :ل إله إل ّ اللّه ،اللّه
م إليك بسطت يدي ،وفيما عندك أكبر ،اللّه ّ
عظمت رغبتي فاقبل دعوتي وأقلني عثرتي ،وارحم
تضّرعي ،وجد لي بمغفرتك ،وأعذني من مضّلت
ي في البدائع :ولم يذكر عن الفتن .وذكر الكاسان ّ
ن الدّعوات ل تحصى . أصحابنا فيه دعاء بعينه ،ل ّ
==============
الخلصة في تكرار العمرة
وفي المجموع :
مَرةِ .قَدْ ت الْعُ ْ ماءِ فِي وَقْ ِ ب الْعُل َ َ مذ َاه ِ ِ ( فَْرع ٌ ) فِي َ
ذ َك َرنا أ َ
سنَةِ ,وََل تُكَْرهُ ميِع ال َّ ج ِ جواُزهَا فِي َ َ َ ا َ نَ بَ ه ْ ذ م
َ نَ ّ ْ َ
مد ُ وَدَاوُد , َ مال ِ ٌ منْهَا ,وَبِهَذ َا قَا َ فِي َ
ح َ ك وَأ ْ ل َ يءٍ ِ ش ْ
ل أَبُو ور الُْفَقهَاءِ َ ,وقَا َ ِ ُ مه
ج ْ ن ُ ْ ي عَ ماوَْرد ِ ُّ ه ال ْ َ قل َ ُ وَن َ َ
حابُنَا بأ َ َّ َ ة ,تك ْره الْعمرة ُ ,واحت َ َ
ص َ
ل ن اْل ْ ِ ص َ جأ ْ َ ْ َ ّ حنِيَف َ ُ َ ُ ُ ْ َ َ
تم يَثْب ُ ْ ي ,وَل َ ْ ع ُّ شْر ِ ت النَّهي ال َّ حتَّى يَثْب ُ َ م الْكََراهَةِ َ عَد َ ُ
ْ ُ
ة بَِل جوُز الِْقَرا ُ َ
ن فِي يَوْم ِ عََرفَ َ ه يَ ُ خبَُر ; وَِلن َّ ُ هَذ َا ال ْ َ
ميِع ج ِ ما فِي َ مَرةِ فِيهِ ك َ َ كََراهَةٍ ,فََل يُكَْره ُ إفَْراد ُ الْعُ ْ
ة
مَر ِ ة الْعُ ْ م ُ ستِدَا َ ت َل يُكَْرهُ فِيهِ ا ْ ل وَقْ ٍ ن ك ُ َّ سنَةِ ; وَِل َ َّ ال َّ
80
ما ) قَوْ ُ
ل سنَةِ ( .وَأ َ َّ شاؤُهَا كَبَا ِقي ال َّ َل يُكَْره ُ فِيهِ إن ْ َ
َ َ َ َ َ
جوَدُهَا أن َّ ُ
ه جوِبَةٍ أ ْ ه بِأ ْ حابُنَا ع َن ْ ُ ص َ ب)أ ْ جا َ ة ( فَأ َ ش َ ع َائ ِ َ
َ
نم ْ م َّ حد ٌ ِ م يَذ ْكُْرهُ ع َنْهَا أ َ ف ع َنْهَا ,وَل َ ْ ل َل يُعَْر ُ بَاط ِ ٌ
شتَهَْر ,فََل م يُ ْ ي لَ ْ حاب ِ ٍ ّ ص َ ل َ ن قَوْ ُ ح لَكَا َ ص َّ مد ُ ,وَلَوْ َ يُعْت َ َ
شتُهَِر لَكَا َ
ن ح َوا ْ ص َّ حيِح ,وَلَوْ َ ص ِ ة فِيهِ ع َلَى ال َّ ج َ ح َّ ُ
َ
م: ما ) قَوْلُهُ ْ ج ( وَأ َّ ح ِّ سا بِال ْ َ متَلَب ِّ ً ن ُ ن كَا َ م ْ موًل ع َلَى َ ح ُ م ْ َ
مَرةُ ,فَدَعْوَى بَاطِل َ ٌ َ
ة ت فِيهَا الْعُ ْ ج فَكُرِهَ ْ ح ِّ م ال ْ َ إنَّهَا أيَّا ُ
م فِي تَك ْ َ ِ
رار مذ َاهِبِهِ ْ ة لَهَا ( .فَْرع ٌ ) :فِي َ شبْهَ َ َل ُ
ه َل يُكَْرهُ ذَل ِ َ َ
ل ك بَ ْ مذْهَبُنَا أن َّ ُ سنَةِ َ . مَرةِ فِي ال َّ الْعُ ْ
ل أَبو حنِيَف َ َ
ماءِ مهُوُر الْعُل َ َ ج ْ مد ُ َو ُ ح َ ة َوأ ْ ب َ ,وبِهِ قَا َ ُ َ ح ُّ ست َ َ يُ ْ
ور
مهُ ِ ج ْ ن ال ْ ُ حكَاهُ عَ ْ ن َ م ْ م َّ ف ,وَ ِ خل ْ ِ ف َوال ْ َ سل َ ِ ن ال َّ م ْ ِ
منْذِ ِر ن ال ْ ُ حكَاهُ اب ْ ُ ي َوالْعَبْدَرِيُّ ,وَ َ س ُّ خ ِ سَر ْ ماوَْردِيُّ وَال َّ ال ْ َ
س ا َ َب ع ن اب و ر م ع ن اب و ب ل ا ي ب ْن أَبِي ط َ
ٍ ّ ِ ْ َ َ َ ُ ِ ْ َ ٍ ِ ن عَل ِ ٍ ّ ِ عَ ْ
َ
م رضي الله عنهما , ة وَع َطَاءٍ َوغَيْرِه ِ ْ ش َ س وَع َائ ِ َ َوأن َ ٍ
ك :تُكَْر ُ
ه مال ِ ٌ ن وَ َ سيرِي َ ن ِ صرِيُّ وَاب ْ ُ ن الْب َ ْ س ُ ح َ ل ال ْ َ َوقَا َ
مَّرةٍ ; ِلَنَّهَا ِ سنة أ َ
م ُ
ل شت َ ِ عبَادَةٌ ت َ ْ َ ن
ْ م
ِ ر
ُ َ ث ْ ك مَرة ُ فِي ال َّ َ ِ ْ الْعُ
َ َّ
مَّر ً
ة سنَةِ إ ّل َ ل فِي ال َّ فعَ ُ ي فََل ت ُ ْ ِ ْ ع َ
س ّ ال َ و ف ِ ا َ و ع َلَى الط
َ ج ال َّ
منْذِ ِر ن ال ْ ُ ب َواب ْ ُ حا ُ ص َ ي َواْل ْ شافِعِ ُّ حت َ َّ ج َ ,وا ْ ح ِّ كَال ْ َ
ةش َ ن عَائ ِ َ حيِح { أ َ َّ ص ِ ث ال َّ حدِي ِ ت فِي ال ْ َ ما ثَب َ َ خَلئِقُ ب ِ َ وَ َ
جةِ الْوَدَاِع , ح َّ َ
م َ مَرةٍ عَا َ ت بِعُ ْ م ْ حَر َ رضي الله عنها أ ْ
ن َ مَرهَا النَّب ِ ُّ فَحاضت ,فَأ َ
ي صلى الله عليه وسلم أ ْ َ َ َ ْ
فموَاقِ َ ت ال ْ َ ة َووَقََف ْ ارن َ ً ت قَ ِ صاَر ْ ت ,وَ َ فعَل َ ْ ج فَ َ ح ٍّ م بِ َ حرِ َ تُ ْ
ي صلى ل لَهَا النَّب ِ ُّ ت فََقا َ سعَ ْ ت وَ َ ت طَافَ ْ ما طَهَُر ْ ,فَل َ َّ
ك, مَرت ِ ِ ك وَعُ ْ ج ِ ح ِّ ن َ م ْ ت ِ حلَل ْ ِ الله عليه وسلم قَد ْ َ
َ
مَرهَا ن يُعْ ِ ي صلى الله عليه وسلم أ ْ ن النَّب ِ َ ِ ّ م ْ ت ِ فَطَلَب َ ْ
مَرةً ن التَّنْعِيم ِ عُ ْ م ْ ت ِ مَر ْ ن لَهَا فَاع ْت َ َ خَرى ,فَأذ ِ َ مَرة ً أ ُ ْ عُ ْ
قلْته مطَوًَّل َ ,ون َ َ رواه ُ الْب ُ َ أُ
م ُ سل ِ ٌ م ْ خارِيُّ وَ ُ َ َ } رى َ خ ْ
مَرتُهَا فِي ذِي ت عُ ْ ي :وَكَان َ ْ شافِعِ ُّ َ ل ال ّ صًرا .قَا َ خت َ َ م ْ ُ
خَرى فِي ذِي ال ْ ِ ُ
مَرة َ اْل ْ َ
جةِ , ح َّ مَرهَا الْعُ ْ م أع ْ َ جةِ ,ث ُ َّ ح َّ ال ْ ِ
81
ش َ َ ن فِي ذِي ال ْ ِ
ضاة أي ْ ً ن عَائ ِ َ جةِ .وَع َ ْ ح َّ مَرتَا ِ ن لَهَا ع ُ ْ فَكَا َ
" أَنَها اع ْتمرت في سنة مَرتي َ
ين أيْ بَعْد َ َوفَاةِ النَّب ِ ِ ّ َ َ ٍ َ ّ َْ ِ َ َ َ ْ ِ َّ
ن
مَر ,وَعَ ْ ث عُ َ صلى الله عليه وسلم " وَفِي ِر َوايَةٍ ثََل ُ
ن ي رت َ م ر ي زب ُ ال ن اب د ه َ ع ي ف ما ا ْو ع ابن ع ُمر أَن َه اع ْتمر أ َ
ِ ّ ِ ْ َ َ ْ َ ّ ِ ْ ِ َ ْ ِ ً َ َ َ َ َ َ ّ ُ ْ ِ
م ي ,ث ُ َّ شافِعِ ُّ ه اْلثَار كُل ّها ال َّ ل ع َام ٍ ,ذ َكََر هَذ ِ ِ فِي ك ُ ِّ
َ َ َ الْبيهق ُ َ
ث ال ّذِي ذ َكََر ُ
ه حدِي ُ ما ) ال ْ َ ما ( .وَأ َ َّ سانِيدِه ِ َ ي بِأ َ ََْ ِ ّ
َ
ل: م تَُق ْ ة ظَاهَِرةٌ ; ِلنَّهَا ل َ ْ س فِيهِ دََلل َ ٌ ف فَلَي ْ َ صن ِّ ُ م َ ال ْ ُ
حت َ َّ
ج حدَةٍ َوا ْ سنَةٍ َوا ِ ن َ م ْ ل ِ شوَّا ٍ قعْدَةِ وَ َ مَر فِي ذِي ال ْ ِ اع ْت َ َ
ث أَبِي هَُريَْرةَ أ َ َّ َ َ َ
ن حدِي ِ سألَةِ ب ِ َ م ْ ضا فِي ال ْ َ حابُنَا أي ْ ً ص َ أ ْ
مَرةُ إلَى ل { :الْعُ ْ ي صلى الله عليه وسلم قَا َ النَّب ِ َّ
م, سل ِ ٌ م ْ ي وَ ُ خارِ ُّ رواه ُ الْب ُ َ ما } َ َ ما بَيْنَهُ َ مَرةِ كََّفاَرة ٌ ل ِ َ الْعُ ْ
َ
ت س ْ ن لَي ْ َ ج ,وَلَك ِ ْ ح ِّ ب ال ْ َ ل كِتَا ِ سبَقَ ذِكُْره ُ ِفي أوَّ ِ َو َ
جوا حت َ ُّ ي َوغَيُْرهُ قَد ْ ا ْ ن الْبَيْهَِق ُّ ن كَا َ ه ظَاهَِرة ٌ َ ,وإ ِ ْ دََللَت ُ ُ
َ
حابِنَا : ص َ ضأ ْ ل بَعْ ُ ب ,فََقا َ ي الْبَا َ صدََّر بِهِ الْبَيْهَِق ُّ بِهِ َ ,و َ
َ
نم يَُفّرِقْ بَي ْ َ ه صلى الله عليه وسلم ل َ ْ ه دََللَتِهِ أن َّ ُ ج ُ وَ ْ
َ
ن ,وَهَذ َا تَعْلِيقٌ سنَتَي ْ ِ سنَةٍ أوْ َ ن فِي َ ِ مَرتَي ْ ن الْعُ ْ كَوْ ِ
صَلةِ فََقالُوا : س ع َلَى ال َّ ا قي ضا بِال ْ ي ج أَ حت َ َّ
ِ َ ِ ً ْ ف .وَا ْ ضعِي ٌ َ
َ
سنَةِ م يُكَْره ْ تَكَْراُرهَا فِي ال َّ مؤَقّتَةٍ ,فَل َ ْ عبَادَة ٌ غَيُْر ُ ِ
ل َ :ل ن قَا َ م
َ صرِ : خت َ م ْ ُ ي فِي ال ْ شافِعِ ُّ ل ال َّ صَلةِ ,قَا َ كَال َّ
َ ْ َ َّ
ل الل ّهِ َ ُ ِ سو ر ِ ة َ ّ سن ُ ِ ل ف ٌ ِ ل خا َ م
سنَةِ إ َ ّ ُ ً ة ر َ م ل مُر فِي ال َّ يَعْت َ ِ
ق
ساب ِ َ ة ال َّ ش َ ث عَائ ِ َ حدِي َ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي َ
ن النَّب ِ َّ ة أ َّ َ
ي ش َ ث عَائ ِ َ حدِي ِ ت فِي َ ل ) قَد ْ ثَب َ َ ن قِي َ ( فَإ ِ ْ
ك مَرت َ ِ ضي عُ ْ ل لَهَا { :اُْرفُ ِ صلى الله عليه وسلم قَا َ
َ
ت, مَر ْ م اعْت َ َ ت ,ث ُ َّ فعَل َ َ ْ ج } فَ َ ح ِّ شطِي وَأهِل ِّي بِال ْ َ مت َ ِ َوا ْ
َ
حدَةً ( مَرةً َوا ِ ل لَهَا إ ّل عُ ْ ص ْ ح ُ م يَ ْ ه لَ ْ وَهَذ َا ظَاهُِره ُ أن َّ ُ
ضهَا ,يَعْنِي ال ْ ُ َ
منْهَا ج ِ خُرو َ م تَْرفُ ْ ب ) أنَّهَا ل َ ْ جوَا ُ فَال ْ َ
ما منْهُ َ ج ِ خَر ُ ج َل ي ُ ْ ح َّ مَرةَ وَال ْ َ ن الْعُ ْ ض ع َنْهَا ; ِل َ َّ َواْلِعَْرا َ
َ
مالِهَا ض أعْ َ ضهَا َرفْ َ ما َرفْ ُ ف َوإِن َّ َ خَل ٍ خُروِج بَِل ِ بِنِيَّةِ ال ْ ُ
َ
َ
ة
ارن َ ً ت قَ ِ صاَر ْ ج ,فَ َ ح ِّ ت بَعْدَهَا بِال ْ َ م ْ حَر َ ة ; ِلَنَّهَا أ ْ قل ّ ً ست َ ِ م ْ ُ
82
َ
ي
ضيهَا " أ ْ ي صلى الله عليه وسلم " :اُْرفُ ِ ل النَّب ِ ُّ فََقا َ
َ َ َ
ج( ح ِّ ل ال ْ َ جهَا فِي أفْعَا ِ ة ِلنْدَِرا ِ قل ّ َ ست َ ِ م ْ مالَهَا ال ْ ُ اُتُْركِي أع ْ َ
ضي أَبُو ل الَْقا ِ ة فِيهِ .قَا َ شاطُهَا ,فََل دََلل َ َ مت ِ َ ما ) ا ْ َوأ َ َّ
ب َوغَيُْرهُ ; ِل َ َّ َّ
عنْدَنَا ه ِ جوُز ل َ ُ م يَ ُ حرِ َ م ْ ن ال ْ ُ الط ِ ّ ِ ي
َ
ك مال ِ ٍ جاِج َ حت ِ َ نا ْ ب عَ ْ جوَا ُ ما ) ال ْ َ ط ( َوأ َّ شا ُ مت ِ َ اِل ْ
صوَُّر ت َل يُت َ َ مؤَقّ ٌ
َ
ج ُ ح َّ ن ال ْ َ ج ,فَهُوَ أ َ َّ ح ِّ س ع َلَى ال ْ َ قيَا ِ بِال ْ ِ
َ
صوَِّر مؤَقّتَةٍ ,فَت ُ َ مَرة ُ غَيُْر ُ سنَةِ َو َالْعُ ْ تَكَْراُرهُ فِي ال َّ
صَلة واَلل ّ َ
م. ه أع ْل َ ُ تَكَْراُرهَا كَال َّ ِ َ ُ
ستَوْطِنًا أ َ ْو عَابَِر ( ال ْمسأَل َة الثَّانية ) إذ َا كَان بمك َّ
م ْ ُ ة َ َ ِ َ َِ ُ َ ْ ُ
َ َ
ص عَلَيْهِ ل ,ن َ َّ ح ِّ ه أدْنَى ال ْ ِ ميَقات ُ ُ مَرة َ فَ ِ ل وَأَراد َ الْعُ ْ سبِي ٍ َ
َ َ ال َّ
حابُنَا : ص َ لأ ْ ب ,قَا َ حا ُ ص َ ي َواتََّفقَ ع َلَيْهِ اْل ْ شافِعِ ُّ
حدة م َ
ي
نأ ْ ة َوا ِ َ ٍ ِ ْ خطْوَ ٍ ل وَلَوْ ب ِ ُ ح ِّ ل ِفي ال ْ ِ صو ُ ح ُ يَكِْفيهِ ال ْ ُ
ب ج ُ وا ِ ت ال ْ َ ميَقا ُ ل ,هَذ َا هُوَ ال ْ ِ ح ِّ ت ال ْ ِ جهَا ُ ن ِ ت كَا َ جهَا ِ ال ْ ِ
صرِ : خت َ َ م ْ ي فِي ال ْ ُ شافِعِ ُّ ل ال َّ ب فََقا َ ح ُّ ست َ َ م ْ ما ) ال ْ ُ َ ( .وأ َ َّ
ن النَّب ِ َّ جعَْرانَةِ ِل َ َّ ح ُ َ ُ
ي صلى الله ن ال ْ ِ ْ م
مَر ِ ن يَعْت َ ِ بأ ْ أ ِ ّ
يم ع ن ن الت َّ م َ ف ا ه من ه عليه وسلم اع ْتمر منها فَإن أ َخطَأ َ
ِ ِ ْ ْ ِ َ ْ ِ ُ ِ ْ ْ َ َ َ ِ َْ
منْهَا مَر عَائ ِ َ َ ن النَّب ِ َّ ِ ,ل َ َّ
ة ِ ش َ ي صلى الله عليه وسلم أعْ َ
نم ْ ك فَ ِ خطَأَهُ ذَل ِ َ ن أَ ْ ت ,فَإ ِ ْ ل إلَى الْبَي ْ ِ ح ِّ ب ال ْ ِ ي أقَْر ُ
َ
وَه ِ َ
َّ ن النَّب ِ َّ حدَيْبِيَةِ ِ ,ل َ َّ
صلى بِهَا ي صلى الله عليه وسلم َ ال ْ ُ
َ
ضيلَةِ التَّنْعِي ُ
م جعَْرانَةِ َوبَعْدَهَا فِي الَْف ِ ن ال ْ ِ م ْ ضلُهَا ِ ,وَأفْ َ
ب عَلَى َ
حا ُ ص َ ق اْل ْ ص ع َلَيْهِ ُ َ ,واتََّف َ ما ن ُ َّ ة كَ َ حدَيْبِي َ ُ م ال ْ ُ ث ُ َّ
يءٍ ش ْ ف ِفي َ خَل َ ق وََل ِ ِ ل الط ُّر صرِيِح بِهَذ َا ِفي ك ُ ِّ ْ الت َّ
َ شي َ َ ه ِل َ َّ
بمذْهَ ُ ضيهِ ال ْ َ قت َ ِ ل :ال ّذِي ي َ ْ مد ٍ قَا َ حا ِ خ أبَا َ ن ال َّ ْ من ْ ُ ِ
َ أ َ َّ
نم ْ ل ِ ض ُ ة أف ْ َ جعَْران َ ِ حدَيْبِيَةِ بَعْد َ ال ْ ِ ن ال ْ ُ م ْ ماَر ِ ن اِلع ْت ِ َ
ل ما ) قَوْ ُ ة ع َلَى التَّنْعِيم ِ َ ( .وأ َ َّ حدَيْبِي َ َ م ال ْ ُ التَّنْعِيم ِ ,فََقد َّ َ
ن م ال ْمصن ِف في التَنبيه :اْلَفْض ُ َ
ْ م بِهَا ِ حرِ َ ن يُ ْ لأ ْ َ ِّْ ِ ُ َ ّ ِ ِ
َ َ َ
ن يُتَأوَّ َ
ل ب إ ّل أ ْ مذْهَ ِ ن ال ْ َ م ْ منْكٌَر َل يُعَد ُّ ِ ط وَ ُ التَّنْعِيم فَغَل َ ٌ
َِ
هَ َ ْ َ َ َ
م ,فَإِن ّ ُ ل الت ّنْعِي َ ح ِّ ل أدْنَى ال ِ ض َ ه إذ َا أَراد َ أفْ َ ع َلَى أن َّ ُ
م ل ,واْلَفْض ُ َ ح ِّ ج إلَى أَدْنَى ال ْ ِ ل أَوًَّل َ : قَا َ
حرِ َ ن يُ ْ لأ ْ َ َ خَر َ
83
شبه َ َ
ن س ُ ح َ هأ ْ ما أ ْ َ َ ُ ه بِهَذ َا وَ َ ن التَّنْعِيم ِ ,فَاِلع ْتِذ َاُر ع َن ْ ُ ْ م ِ
َ َ
ة لِيُعْذََر ة أوْ غَرِيب َ ً في َّ ً خ ِ ة َ سأل َ ُ م ْ ت ال ْ َ س ْ خطِئَتِهِ ,وَلَي ْ َ ن تَ ْ م ْ ِ
ن ي لِْل ِ ْ شافِعِ ُّ ل ,ال َّ ستَد َ َّ فِي الْغَل َ ِ
م ْ حَرام ِ ِ ط فِيهَا َ ,وا ْ
ي صلى الله عليه وسلم ن النَّب ِ َّ حدَيْبِيَةِ بَعْد َ التَّنْعِيم ِ بِأ َ َّ ال ْ ُ
َ َ
ححي ٌ ص ِ منْهَا ,وَهَذ َا َ مَرتِهِ ِ ل لِعُ ْ خ َ مد ْ َ صل ّى بِهَا َوأَراد َ ال ْ َ َ
ستَد َ َّ ما ,وَكَذَل ِ َ
ل كا ْ ن َوغَيْرِه ِ َ حي ْ ِ حي َ ص ِ ف فِي ال َّ معُْرو ٌ َ
ستِدَْلل هُوَ ال َّ َ
ب. صوَا ُ ب .وَهَذ َا اِل ْ حا ِ ص َ حِّقُقو اْل ْ م َ ُ
َ
ل غَيْرِهِ : ط َ ,وقَوْ ُ سي ِ ي فِي الْب َ ِ ل الْغََزال ِ ِ ّ ما ) قَوْ ُ ( وَأ َّ
ن
م ْ مَرةِ ِ حَرام ِ بِالْعُ ْ م بِاْل ِ ْ ه صلى الله عليه وسلم هَ َّ إن َّ ُ
ي
خارِ ِ ّ حيِح الْب ُ َ ص ِ ي َ ت فِ َ ل ثَب َ ح ,بَ ْ صرِي ٌ َ حدَيْبِيَةِ فَغَل َ ٌ
ط ال ْ ُ
َ َ َازي { أ َ َّ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو ن َر ُ مغ ِ ب ال ْ َ فِي كِتَا ِ
حلَي ْ َ َ
فةِ } ن ذِي ال ْ ُ م ْ حدَيْبِيَةِ ِ م ال ْ ُ مَرةِ ع َا َ م بِالْعُ ْ حَر َ وسلم أ ْ
ب حا ص َ ل ْ ا و يُ ِ ع ف شا َ ّ ال لَ ا َ ق : ) َ
ل ي ق ن إ َ ف ( . م َ ْل ع واَلل َّه أ َ
ْ َ ُ ّ َ ِ ِ ِ ْ ُ َ ُ
َ
نم ْ ل ِ ض ُ جعَْرانَةِ أفْ َ ن ال ْ ِ م ْ مَرةِ ِ م بِالْعُ ْ حَرا َ ن اْل ِ ْ :إ َّ
ي صلى الله عليه وسلم مَر النَّب ِ ُّ التَنعِيم ,فَكَي َ َ
ف أع ْ َ ْ ّْ ِ
َ
ه صلى الله ب ) أن َّ ُ جوَا ُ ن التَّنْعِيم ِ ؟ ( فَال ْ َ م ْ ة ِ ش َ ع َائ ِ َ
عليه وسلم إن َما أ َ
ن
ت عَ ْ ق الْوَقْ ِ ِ ضي ِ ِ ل ه ُ ْ من ِ ا َ ه ر
َ م
َ ْ ع ّ َ
يم ع ن جهَا إلَى الت َّ رو خ ن ا َ ك د َ ق و , ه من د ع بخروج إلَى أ َ ْ
ِ ِ ْ ُ ُ ُ َ ْ َ ُ ْ ِ َ َ ْ ال ُ ُ ِ
ي صلى م َ ,ووَاعَدَهَا النَّب ِ ُّ ْ ِ صَرافِه ج َوان ْ ِ حا ِ ّ ل ال ْ َ حي ِ عنْد َ َر ِ ِ
َ
ق ,هَكَذ َا ثَب َ َ
ت ِ ضٍع فِي الط ّرِي موْ ِ الله عليه وسلم إلَى َ
ن أَدْنَى ْ م
ِ از
َ ِ جو َ ْ ال ن ُ ا َ يَ ب ضا ً ْ ي ل أَ م ُ حت َ َ ن ,وَي ُ ْ حي ْ َ ِ حي َ ص ِ فِي ال َّ
َ
م.. ه أع ْل َ ُ ل َ ,واَلل ّ ُ ح ِّ ال ْ ِ
وفي الشباه والنظائر :
ُّ َ َ
ه النَّوَ ِويُّ . ح ُ ح َ ص َّ ما َ قبْلَةِ ع َلَى َ م أدِل ّةِ ال ْ ِ منْهَا :تَعَل ُ وَ ِ
صَلةُ منْهَا َ : جهٍ .وَ ِ صَلة ُ الْعِيد ِ ع َلَى وَ ْ منْهَا َ : وَ ِ
م بِهِ جَز َ حاوِي َو َ حكَاه ُ فِي ال ْ َ جهٍ َ ف ع َلَى وَ ْ سو ِ الْك ُ ُ
سَقاءِ عَلَى ست ِ ْ صَلةُ اِل ْ منْهَا َ : ل .وَ ِ صا ِ خ َ ف فِي ال ْ ِ خَّفا ُ ال ْ َ
لحيَاءُ الْكَعْبَةِ ك ُ ُّ منْهَا :إ ْ حكَاه ُ فِي الْكَِفايَةِ وَ ِ هَ , ج ٍ وَ ْ
ي :هَكَذ َا أَطْلَُقوهُ ,وَيَنْبَغِي ل الَّرافِعِ ُّ ج .قَا َ ح ِّ سنَةٍ بِال ْ َ َ
84
صَلةِ ِفي َ
ف َوال َّ ل اِلعْتِكَا ِ ج ,بَ ْ ح ِّ مَرة ُ كَال ْ َ ن الْعُ ْ ن تَكُو َ أ ْ
ص ُ
ل ح ُ قعَةِ ي َ ْ حيَاءَ الْب ُ ْ م وَإ ِ ْ ن التَّعْظِي َ حَرام ِ فَإ ِ َّ جد ِ ال ْ َ س ِ م ْ ال ْ َ
ل ص ُ ح ِّ ك َل ي ُ َ ن ذَل ِ َ يُ بِأ َ َّ ه النَّوَوِ ّ ستَدَْرك َ ُ ك ,وَا ْ ل ذَل ِ َ بِك ُ ِّ
ف ي وَالْوُقُو ِ ِ م
ْ ل ع َلَى الَّر م ُ شت َ ِ ه يَ ْ ُ ج ,فَإن َّ
ِ ح ِّ صود َ ال ْ َ مْق ُ َ
َّ
تك الْبَِقاِع بِالطاعَا ِ حيَاءِ تِل ْ َ منًى وَإ ِ ْ ة وَ ِ مْزدَلَِف َ ت بِ ُ مبِي ِ َوال ْ َ
ي َل م النَّوَوِ ِ ّ ت :وَكََل ُ ما ِ مهِ َّ ل فِي ال ْ ُ ك .قَا َ َوغَيْرِ ذَل ِ َ
حيَاءِ الْكَعْبَةِ َل م فِي إ ْ ن الْكََل َ ي فَإ ِ َّ م الَّرافِعِ ِ ّ يَُلقِي كََل َ
ه فِي ج ُ مت َّ ِ ن ال ْ ُ ن كَا َ ل :وَإ ِ ْ حيَاءِ هَذِهِ الْبَِقاِع قَا َ فِي إ ْ
ما س فِيهِ َ ه لَي ْ َ ما ذ َكََره ُ النَّوَوِيُّ فَإِن َّ ُ ف َ صَلةِ وَاِلع ْتِكَا ِ ال َّ
م ف دَا ِ َ ن اِلع ْتِكَا ُ و كَا َ حيَاءُ الْكَعْبَةِ وَل َ
خلهَا لِعَد َ ِ َ َ
ْ إ ْ
مَرةِ . ف كَالْعُ ْ ن الط ّوَا َ ه أ َّ ج ُ مت َّ ِ ل َ :وال ْ ُ ص ,قَا َ ِ صا َ خت ِ اِل ْ
صودَ مْق ُ ن ال ْ َ ي :بِأ َ َّ ث الَّرافِعِ ِ ّ ح ِ ن بَ ْ ي عَ ْ قين ِ ُّ ب الْبُل ْ ِ جا َ َوأ َ
َ
خَل ِ
ف حيَاؤُهُ بِهِ ب ِ ِ نإ ْ ج ,فَكَا َ ح ُّ ت :ال ْ َ م بِبِنَاءِ الْبَي ْ ِ َ اْلَع ْظ َ
َ
شْرِح ل فِي َ ف قَا َ صَلةِ َوالط ّوَا ِ ف وَال َّ مَرةِ وَاِلع ْتِكَا ِ الْعُ ْ
ال ْ ُ َ
ضل الَْفْر ُ ص بَ ْ صو ٌ خ ُ م ْ ط عَدَد ٌ َ شتََر ُ ب :وََل ي ُ ْ مهَذ ّ ِ
ه
ج ُ مت َّ ِ سنَوِيُّ َوغَيُْرهُ :ال ْ ُ ل اْل ِ ْ ملَةِ وَقَا َ ج ْ جهَا فِي ال ْ ُ ح ُّ َ
م ن :اْلوَّ ُ َ اع ْتِبَاُر عَدَد ٍ يَظْهَُر بِهِ ال ّ ِ
ل :عُل ِ َ شعَاُر تَنْبِيهَا ِ
ضج فَْر ُ ح ِّ سنَةٍ بِال ْ َ ل َ حيَاءَ الْكَعْبَةِ ك ُ َّ نإ ْ ما تََقَّرَر :أ َ َّ م َّ ِ
َ
نم ْ م بِهِ زِيَادَةٌ ع َلَى َ ض الْكَِفايَةِ إذ َا قَا َ ن فَْر َ كَِفايَةٍ َوأ َّ
فًل , َ سِقط ُه فَالْك ُ ُّ
ج نَ ْ ح ِّ صوَُّر وُقُوعُ ال ْ َ ه َل يُت َ َ ض أن َّ ُ ل فَْر ٌ ُ يُ ْ
شُروِع " ه بِال ُّ م ما إت ب ج ي ل َ ل َ ع ف ْ ال َ
ن إ " َ ة د ع
ِ ا َ ق نَ وأ َ
َ ُ ُ ْ ُ ِ َ ْ ِ ّ َ ّ َ
َ ْ َ
ه
شاَرةُ إلي ْ ِ ت ال ِ َ م ْ ما تََقد َّ َ ت َ ن ثَب َ َ ضةٍ الث ّانِي إ ْ قو َ من ْ ُ غَيُْر َ
ل فِي شكَا ُ ل اْل ِ ْ حيَاءُ َزا َ ل بِهَا اْل ِ ْ ص ُ ح ُ مَرة َ َل ي َ ْ ن الَْعُ ْ ن أ َ َّ م ْ ِ
متَطَوِِّع َ
ن ال ْ ُ م ْ قعُ ِ منْهَا لِكَوْنِهَا ت َ َ
َّ
ل ِ ض َ ف أف ْ َ ن الط ّوَا ِ ِ ْ كَو
ْ نْفًل ,وم َ
مَرةِ : ْ ُ ع ال و
ن الط َ َ َ ف ِ ا و ل بَي ْ َ ضي ِ ة التَّْف ِ سأل َ ُ َ َ ْ َ
َ
يُ كِتَابًا قَا َ
ل ب الط ّبَرِ ّ ح ُّ م ِ ف فِيهَا ال ْ ُ ف فِيهَا َوأَل ّ َ ختَل َ ٌ م ْ ُ
َ
مَرةِ ل الْعُ ْ ضي ِ صرِنَا إلَى تَْف ِ
َ ْ ل عَ ِ ن أهْ ْ مم ِ ب قَوْ ٌ فِيهِ :ذَهَ َ
َ ورأَوا أ َ
ف وَذَل ِ َ
ك ن الط ّوَا ِ ْ مِ ُ
ل ضَ ْ ف أ ا َ ه ِ ب لَ َا غ ِ شت ْ ل ِ ا ن َ ّ ََ ْ
ف َ ة ال َّ َ َ َ ُ خطَأ ظاهٌِر َوأد َ ّ َ َ ٌ
سل ِ خالَف ُ م َ خطئِهِ ُ ل ع َلى َ ل دَلِي ٍ َ
85
ي صلى ن النَّب ِ ِ ّ مَرةِ ع َ ْ ل تَكَْراُر الْعُ ْ م يُنَْق ْ ه لَ ْ صالِِح ,فَإِن َّ ُ ال َّ
ن َوقَد ْ َروَى حابَةِ وَ َالتَّابِعِي َ ص َ ن ال َّ الله عليه وسلم وََل ع َ ْ
ك ن ع ُمر بن ع َبد الْعزيز سأ َ َ ي أ َ َّ اْلَْزَرقِ ُّ
مال ِ ٍ ن َ س بْ َ ل أن َ َ َ َ َ ْ َ ْ ِ َ ِ ِ َ
ف أَفْض ُ َ َ
ف. ل :الط ّوَا ُ مَرة ُ ؟ فََقا َ م الْعُ ْ لأ ْ َ :الط ّوَا ُ
َّ
ما أَد ْ ِري : ن التَّنْعِيم ِ َ ْ م
ِ ن
َ رو ُ م
ِ َ ت ْ ع َ ي نَ ي ِ ذ س :ال ل طَاوُ ٌ َوقَا َ
ل ِ :ل َ َ َ يؤ ْجرو َ
م
حدَهُ ْ نأ َ ّ م ؟ قَا َ ل :لِ َ ن ؟ قِي َ م يُعَذَّبُو َ نأ ْ ُ َ ُ َ
َ َ َ
ل, ميَا ٍ ج إلَى أْربَعَةِ أ ْ خُر ُ ت ,وَي َ ْ ف بِالْبَي ْ ِ يَدَع ُ الط ّوَا َ
ْ َ
ام
ي العَ ِ مد ُ إلَى كََراهَةِ تَكَْرارِهَا فِ َ ح
بأ ْ جيءُ َوقَد ْ ذَهَ َ وَي َ ِ
ول َم يذْهَب أ َحد إلَى ك َراهَة تك ْرار الط ّواف ب ْ َ َ
معُوا ج َ لأ ْ َ ِ َ َ َ ِ َ َ ِ ْ َ ٌ َ ْ َ
ض ُ
ل ن يَُف ِّ م ْ ختَاَرهُ َ حبَابِهِ .وَهَذ َا ال ّذِي ا ْ ست ِ ْ ع َلَى ا ْ
َّ َّ
سَلم ِ َوأَبُو ن ع َبْدِ ال َّ ُ ْ اب ُ ه ر َ ص
َ َ ن ي ِ ذ ال َ و ُ ه , ا َ ه ْ ي َ َل ع ف َ ا الط َ
و
تماَل ٍ حت ِ َ ما ا ْ َ ُ ل بَيْنَه ِ ضي م ِفي التَّْف ِ ْ ُ ضه حكَى بَعْ ُ ة وَ َ م َ َ شا َ
ثَالِثُها :إن استغْرقَ زمان اِلع ْت ِمار ,فَالطَّوا ُ َ
ض ُ
ل ف أف ْ َ َ ِ َ َ َ َ ْ ْ َ َ َ َ
َ ل فِي ال ْ َ َ
ن يَُقا َ
ل لأ ْ م ُ حت َ َ خادِم ِ :ي ُ ْ ل َوقَا َ ض ُ ي أفْ َ َوإ ِ ّل ,فَهِ َ
حَّققُ ,فَإِن َّ ُ
ه ل َل تَت َ َ ضي ِ ف فِي التَّْف ِ خَل ِ ة ال ْ ِ حكَاي َ َ ن ِ :إ َّ
ب ; فََل ب َوالنَّد ْ ِ جو ِ ن فِي الْوُ ُ ِ ساويَي ْ ِ مت َ َ ن ُ قعُ بَي ْ َ ما ي َ َ إن َّ َ
مَرةَ َل ن الْعُ ْ ك أ َ َّ ش َّ ب .وََل َ منْدُو ٍ ب َوَ َ ج ٍ ن وَا ِ ل بَي ْ َ ضي َ تَْف ِ
م فِي ة ,وَالْكََل ُ ض كَِفاي َ ٍ متَطَوِِّع إ ّل فَْر َ ن ال ْ ُ م ْ قعُ ِ تَ َ
َ
حيَاءَ الْكَعْبَةِ نإ ْ ن قُلْنَا إ َّ مإ ْ ن .نَعَ ْ سنُو ِ م ْ ف ال ْ َ َ الط ّوَا ِ
مارِ وَقَعَ ج وَاِلعْت ِ َ ح ِّ ل بِال ْ َ ص ُ ح ُ ما ي َ ْ ف كَ َ ل بِالط ّوَا ِ ص ُ ح َُ يَ ْ
له بَعِيد ٌ ا هـ .قَا َ ض كَِفايَةٍ لَكِن َّ ضا فَْر َ الط ّوَا ُ
ُ َ ف أي ْ ً
َ َ َّ
ل: ض َ ف أف ْ َ ن الط ّوَا ِ ْ ِ و َ ك ِ ب ُ د را َ م ُ ْ ال و
ب الط ِ ّ َ : ُ ي ر َ ب ح ُّ م ِ ال ْ ُ
اْلكْثَار منه دو ُ
جود ٌ فِي موْ ُ ه َ حدٍ ,فَإِن َّ ُ سبُوٍع وَا ِ نأ ْ ِ ُ ِ ْ ُ ُ َ
شرح ال ْ ُ َ مَرةِ وَ ِزيَادَة ٌ قُلْت :وَنَظِيُره ُ َ الْعُ ْ
بمهَذ ّ ِ ما فِي َ ْ ِ َ :أ َ َّ
مَراد ُ بِهِ صوْم ِ َ ,ال ْ ُ ن ال َّ م ْ ل ِ ض ُ صَلة ُ أفْ َ ن قَوْلَنَا :ال َّ
م
م يَوْ ٍ صوْ ُ ة عَلَيْهِ َ ,وإ ِ ّل فَ َ ن غَالِب َ ً ث تَكُو ُ حي ْ ُ منْهَا ب ِ َ اْلِكْثَاُر ِ
ك. ش ٍّ ن بَِل َ ي ت ع ْ رك ة َ
ل ص ن م ُ
ل ض ْ ف أَ
ِ ْ َ َ َ ِ ْ َ ِ َ
وفي الغرر البهية :
86
َ َ َ
و
ما فِيهِ ) ,أ ْو هُ َ صائ ِ ً ن َ ما يَكُو ُ ن يَعْتَكَِفا يَوْ ً ( وَنَاذٌِر لِل ّهِ أ ْ
ما ( فِي صائ ِ ً ه) َ ه ( ع ُكُوفُ ُ م فِيهِ ( كََفى ) ل َ ُ صائ ِ ٌ َ
َ َ
ل اعْتِكَافًا ما ب َ ْ صوْ ً م َ م يَلْتَزِ ْ ه لَ ْ ن ) ,أ ْو غَيْرِهِ ; ِلن َّ ُ ضا َ م َ َر َ
حدَهُ ن وَ ْ ن ذ َي ْ ِ م ْ ما ِ جَزاءُ َ متَنَعْ إ ْ ت ( وَا ْ جد َ ْ فةٍ وَقَد ْ ُو ِ ص َ بِ ِ
صوْم ِ , ن ال َّ َ
م ْ حدَهُ ِ قعُ وَ ْ ما ي َ َ جَزا ُء َ ي:إ ْ قعْ ) أ ْ يَ َ
ف ملْتََزم ِ ( وَنَاذٌِر لِِلعْتِكَا ِ ف لِعَدَم ِ الْوَفَاءِ بِال ْ ُ َواِلع ْتِكَا ِ
َ َ
ي: ما ) أ ْ ه كَِلهُ َ م ُ ه يَلَْز ُ س ُ صوْم ٍ ( وَع َك ْ ُ ما ) ,أ ْو ب ِ َ صائ ِ ً َ
ما فََل يَكِْفي َ
مهُ َ ه الْتََز َ ف ; ِلن َّ ُ م َ ,واِلع ْتِكَا ُ صوْ ُ ال َّ
معُ ) ج ْ ه ( ال ْ َ م ُ ن ( وَ ) يَلَْز ُ ضا َ م َ ما فِي َر َ صائ ِ ً ه َ اع ْتِكَافُ ُ
َ
ه
م ُ ل َل يَلَْز ُ م بِالنَّذ ْرِ كَالْوََلءِ وَقِي َ ة فَلَزِ َ ه قُْرب َ ٌ ما ; ِلن َّ ُ بَيْنَهُ َ
َ َ
سألَةِ م ْ ما فِي ال ْ َ ن كَ َ فتَا ِ ختَل ِ َ م ْ ن ُ عبَادَتَا ِ ما ِ ما ; ِلنَّهُ َ معُهُ َ ج ْ َ
َ
ن الثَّانِيَةِ ; ِل َّ ه فِي اْلولَى دُو َ ُ
ن م ُ ل يَلَْز ُ اْلتِيَةِ وَقِي َ
َ
سنُونَاتِهِ م ْ ن َ م ْ ه ِ ف ; ِلن َّ ُ صًفا لِِلع ْتِكَا ِ ح َو ْ صل ُ ُ م يَ ْ صوْ َ ال َّ
ث لَوْ نَذََر اعْتِكَا َ ل َ ,والثَّال ِ ِ َ
ف س فَعَلَى اْلوَّ ِ ف العَك ْ ِ
خَل ِ ْ بِ ِ
ما ستِئْنَافُهُ َ ها ْ م ُ معَ لَيًْل لَزِ َ جا َ ما وَ َ صائ ِ ً متَوَالِيَةٍ َ مدَّةٍ ُ ُ
ه كَالعِيدِ ْ م ُ صوْ ُ ح َ ص ُّ ن َوقْتًا ل ي َ ِ َ مِع وَلوْ ع َي َّ َ َ ج ْ ْ
ِلنْتَِفاءِ ال َ
ي ( َل بِنَذ ِْر م ُّ ه الدَّارِ ِ م قَال َ ُ صوْ َ ضي ال َّ ه وََل يَْق ِ اع ْتَكََف ُ
نمعُ وَإ ِ ْ ج ْ ه ال ْ َ م ُ س ) فََل يَلَْز ُ صل ِّيًا ,وَالْعَك ْ ُ م َ ف ُ اِلع ْتِكَا ِ
بس ُ صَلة ُ لِكَوْنِهَا فِعًْل َل تُنَا ِ ما إذ ْ ال َّ ه كَِلهُ َ م ُ لَزِ َ
نما فَإ ِ َّ صوْم ِ لِتََقاُربِهِ َ معَ ال َّ خَلفِهِ َ ف لِكَوْنِهِ كًَّفا ب ِ ِ اِلع ْتِكَا َ
ْ َ ْ ل أَ َ َ ٌ َ ُ ًّ
ه
ُ ُ م ز َ ل َ ي ل ي ِ ق و
ِ َ خر َ ل ِ ل فا ً ص
َ َ ْ و ما ُ ه ُ د ح
َ ِ ع ج
ُ ف ف ّ ك ل ك
ن ضعَي ْ ِ موْ ِ ف فِي ال ْ َ خَل ِ ك َوإِلَى ال ْ ِ ما ِفي تَيْن ِ َ معُ ك َ َ ج ْ ال ْ َ
مِع ج ْ ف ) فِي لُُزوم ِ ال ْ َ خَل ِ معَ ِ َ قوْلِهِ ( ن زِيَادَتِهِ ب ِ َ ْ مشاَر ِ أَ َ
َ
ما ذ ُكَِر صَلةِ فِي َ ن ال َّ م ْ م ِ مهِ هُنَا َ ,وال ّلزِ ُ ك وَعَدَم ِ لُُزو ِ هُنَا َ
ركْعتان ك َما لَو أَفْردهَا بالنَذ ْر فَلَو نذ َر اعْتِكَا َ َ
ف أي َّ ٍ
ام ْ َ َ َ َ ِ ّ ِ َ ََ ِ َ ْ
مصل ِّيًا لَزمه ركْعَتَان ك ُ َّ
م َ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيُْر ُ
ه جَز َ ل يَوْم ٍ َ ِ ِ َ ُ َ ُ َ
َ
ضي قت َ ِ ظ يَ ْ ن ظَاهَِر الل ّْف ِ ي بِأ َّ ه الَّرافِعِ ُّ ُ شكَل َ ست َ ْ َوا ْ
َ
م اُعْتُبَِر تَكْرِيُر الَْقد ْ ِر ن تََركْنَا الظ ّاهَِر فَل ِ َ ب فَإ ِ ْ ستِيعَا َ اِل ْ
َ صَلةِ ك ُ َّ
ه تََر َ
ك ه بِأن َّ ُ ب عَن ْ ُ جا ُ ل يَوْم ٍ وَي ُ َ ن ال َّ م ْ ب ِ ج ِ وا ِ ال ْ َ
87
َ
ك بِالنَّذ ِْر سل ُ َ ن التَّكْرِيرِ لِي َ ْ ب دُو َ ستِيعَا ِ الظ ّاهَِر ِفي اِل ْ
ة َل ض ُ مْفُرو َ صَلة ُ ال ْ َ شْرِع إذ ْ ال َّ جب ال َّ سل َ َ
ك َوا ِ ِ م ْ َ
َ َ
متَوَل ِّي :وَلَوْ ل ال ْ ُ ل يَوْم ٍ قَا َ م َوتَتَكََّرُر ك ُ ّ ب اْليَّا َ ع ُ ستَوْ ِ تَ ْ
َ َ
ما فِي ه كَ َ م ُ حك ْ ُ ما فَ ُ حرِ ً م ْ شَرة َ أيَّام ٍ ُ ف عَ ْ ن يَعْتَك ِ َ نَذََر أ ْ
ماهُ وََل صل ِّيًا لَزِ َ م َ م ُ صو َ ن يَ ُ
َ
صَلةِ وَلَوْ نَذََر أ ْ سأَلَةِ ال َّ م ْ َ
يل ْزمه جمعهما باِلتَِفاق ولَو نذ َر أ َن يصل ِّي صَلةً يْقرأُ
َ َ َ َ َ ُ ُ َ ْ ُ ُ َ ِ ّ ِ َ ْ َ َ ْ ُ َ
خَل ُ
ف ما ال ْ ِ معِهِ َ ج ْ ماه ُ َوفِي لُُزوم ِ َ معَيَّنَةٍ لَزِ َ سوَرةٍ ُ فِيهَا ب ِ ُ
موِع ج ُ م ْ ك فِي ال ْ َ ما ذ َكََر ذَل ِ َ صائ ِ ً ف َ ن نَذََر اِلع ْتِكَا َ م ْ فِي َ
خيَرةِ مِع فِي اْل َ ِ ج ْ ل لُُزوم ِ ال ْ َ مَقاب ِ ِ ل بِ ُ قوْ ِ خَفى بُعْد ُ ال ْ َ وََل ي َ ْ
َ خ ) ظَاهره أ َ جَزاءُ إل َ ْ
س
ُ ا َ ي ِ ق و
َ ح ُ ّ صِ َ ي ه
ُ ّ ن ِ ُ ُ متَنَعَ إ ْ ه :وَا ْ ( قَوْل ُ ُ
منْذ ُورِ أ َ ْو َ ْ
ن ال ْ َ ف عَ ْ ن نَوَى اِلع ْتِكَا َ هإ ْ ما يَأتِي بَعْد ُ أن َّ ُ َ
ه
م ُ ه :يَلَْز ُ ح ( قَوْل ُ ُ ص ُّ منْذ ُوُر َل ي َ ِ قيَّد ِ بِهِ ال ْ َ م َ ن ال ْ ُ صوْم ِ ع َ ْ ال َّ
ملِهَا َوقَد ْ اُلْتُزِ َ
م ل قَيْد ٌ فِي عَا ِ حا َ ن ال ْ َ خ ) ; ِل َ َّ ما إل َ ْ َ كَِلهُ
َ
ضيهِ إطَْلقُ الل ّْف ِ
ظ قت َ ِ ما ي َ ْ قيَّد ٌ ك َ َ م َ ث هُوَ ُ حي ْ ُ ن َ م ْ قيَّد ُ ِ م َ ال ْ ُ
َ م ال ْ َ
ما ضا َوبِهَذ َا فَاَرقَ َ قيْد ُ أي ْ ً ف فَلَزِ َ خال ِ ُ ه تُ َ ة لَ ُ ث َل نِي َّ َ حي ْ ُ َ
ط شْر ٌ ل َ منْذ ُوًرا ب َ ْ س َ ك لَي ْ َ م هُنَا َ صوْ َ ن ال َّ ه ; ِل َ َّ قَبْل َ ُ
ة لِلْيَوْم ِ .ا هـ َ . َ
خنَا ذ شي ْ ُ صَف ً ه وَقَعَ ِ حةِ ; ِلن َّ ُ ص َّ لِل ِّ
َ حهِ ال َّ عبَاَرةُ اْلِْر َ
نن نَذََر أ ْ جرٍ وَإ ِ ْ ح َ صغِيرِ ل ِ َ شْر ِ شاد ِ وَ َ وَ ِ
معْتَكًِفا ف صائ ِما أَو يصوم أَو ع َك ْس َ
م ُ صو َ ي :يَ ُ هأ ْ َ ُ يَعْتَك ِ َ َ ً ْ َ ُ َ ْ
َ َ َ
ما وَهُوَ ف يَوْ ً ن يَعْتَك ِ َ معُ أوْ أ ْ ج ْ ماه ُ َ ,وال ْ َ َ ِ ف لَز أوْ بِاع ْتِكَا ٍ
َّ صائم كَأ َ
ما أَنَا أَوْ أَنَا ْ ً و َ ي ف َ ِ ك َ ْت ع ي أ َن أ َ
ْ َ ّ َ َل ع ِ ه ل ِ ل : لَ ا َ ق ن
ْ َ ِ ٌ
خرِِج ل َ ُ
ه م ْ م ِفي اعْتِكَافِهِ ال ْ ُ صوْ َ ط ال َّ شتََر َ ما ْ صائ ِ ٌ فِيهِ َ
ن أ َ ْو ضا ُ م َ جَزأهُ َر َ
ك لَكن أ َ َ
ه كَذَل ِ َ ِ ْ ْ م ُ ه الْتََز َ
َ
ن نَذ ِْرهِ ; ِلن َّ ُ عَ ْ
َ غَيُْره ُ وَلَوْ نَْفًل ع َلَى اْلَوْ َ
لما ب َ ْ صوْ ً م َ م يَلْتَزِ ْ ه لَ ْ جهِ ; ِلن َّ ُ
َ
ما صائ ِ ً م َ صائ ِ ٌ ت َوفَاَرقَ وَأنَا َ جد َ ْ فةٍ وَ ًقَد ْ ُو ِ ص َ ه بِ ِ اع ْتِكَافُ ُ
ْ ل بأ َ معَ أ َ َّ
ت قَيْدًا ْ َ ع َ ق و
َ َ ة َ د ر َ ف
ْ م
ُ ال َ
ن ّ ِ حا ٌ ن ك ُ ّل َ َ ق
َ ِ ساب ال َّ
َ
معْنَى ال ّذِي جهَةِ ال ْ َ ن ِ م ْ ت ِ ة وَقَعَ َْ مل َ َ ج ْ ف ,وَال ْ ُ لِِلع ْتِكَا ِ
ه
ف فِي ِ ه قَيْدًا لِلْيَوْم ِ ال ّذِي وَقَعَ اِلعْتِكَا ُ ُ قي عيهِ الَْف ِ يَُرا ِ
ف فَتَأ َ َّ َ
ه ( قَوْل ُ ُ
ه مل ْ ُ مظُْرو ِ ف َل لِل ْ َ ت قَيْد ٌ لِلظ ّْر ِ ي بِالذَّا ِ فَهِ َ
88
ن النَّذ ِْر :ويل ْزمه ال ْجمع بينهما ) فَيل ْزم َ
م عَ ْ صو َ ن يَ ُ هأ ْ َ َ ُ ُ َ ْ ُ ََُْ َ ََ َ ُ ُ
حتَّى فِي ة َ حظ َ ً ن النَّذ ْرِ َولَوْ ل َ ْ ف فِيهِ ع َ ْ ما َويَعْتَك ِ َ يَوْ ً
شيخ ال ْجوهَري حي ُ َ
بج َ ث أو ْ َ َ ْ ِ ِّ َ ْ ِ خَلفًا لِل َّ ْ س ِ ِ صوَرةِ الْعَك ْ ُ
َ
فا معْتَك ِ ً م ُ صائ ِ ٌ ه ََ صدُقَ أن َّ ُ صوْم ِ لِي َ ْ ف يَوْم ِ ال َّ فِيهَا اع ْتِكَا َ
لحظَةِ ب َ ْ ف الل ّ ْ معَ اع ْتِكَا ِ صدُقُ وَلَوْ َ ن هَذ َا ي َ ْ َوفِيهِ أ َ َّ
َ
ما ف َ خَل ِ معْتَكًِفا ب ِ ِ ما ُ م يَوْ ً صو َ ن يَ ُ م لَوْ نَذََر أ ْ حك ْ ُ ك ال ْ ُ كَذَل ِ َ
َ
ف ه اعْتِكَا ُ م ُ ه يَلَْز ُ ما فَإِن َّ ُ صائ ِ ً ما َ ف يَوْ ً ن يَعْتَك ِ َ إذ َا نَذََر أ ْ
ص فِيهِ عَلَى الْيَوْم ِ وَفَاَرقَ َ
ما صي ِ ما لِلتَّن ْ ِ جْز ً صوْم ِ َ يَوْم ِ ال َّ
ص فِيهِ كََل صي ن َ الت َ ف ٌ ي رور ض ه ي ف م و ي ْ ال ن َ قَبل َه بأ َ
ُ ِ ْ ّ ُ ِ ّ َ ِ ِ َ ْ َ ّ ْ ُ ِ
ن
صائِم ٍ ع َ ْ ن النَّذ ْرِ وَهُوَ غَيُْر َ ف عَ ْ ن اع ْتَك َ َ ص فَإ ِ ْ صي َ ٍ تَن ْ ِ
َ
قعْ م يَ َ ما ل َ ْ حدُهُ َ لأ َ م يَنْعَِقد ْ وَإِذ َا بَط َ َ سهِ ل َ ْ النَّذ ِْر أوْ ع َك ْ ِ
لب :إذ َا بَط َ َ شْرِح الْعُبَا ِ ل فِي َ ل قَا َ ن النَّذ ْرِ ب َ ْ خُر ع َ ْ اْل َ
ل اِلع ْتِكَا ُ َ
ن
م ْ س ِ س إذ ْ لَي ْ َ ي َ :ل الْعَك ْ ُ فأ ْ م بَط َ َ صوْ ُ ال َّ
خنَا ذ ( قَوْل ُ ً ُ
ه شي ْ ُ ف .ا هـ َ . ن اِلع ْتِكَا ِ ت بُطَْل ُ مْفطَِرا ِ ال ْ ُ
ن ك ُ ّل ما ; ِل َ َّ ة فَلَزم إل َ ْ َ َ
سبِهِ َ معَ تَنَا ُ يَ : خ)أ ْ ِ َ ه قُْرب َ ٌ ِ ; :لن َّ ُ
م ف أَ خَلف ما لَو نذ َر أ َ ما ك َ ّ
صو َ ْ ُ َ ي و َ ِ ك َ ت ْ ع َ ي ن ْ ِ َ ْ َ َ ف بِ ِ منْهُ َ ِ
َ
ما مِع بَيْنَهُ َ ج ْ ن ال ْ َ مانِهِ دُو َ ما يَلَْز َ ه فَإِنَّهُ َ س ُ صل ِّيًا أوْ ع َك ْ َ م َ ُ
صَلة ُ أفْعَا ٌ َ
سيَذ ْكُُر ُ
ه ما َ شَرةٌ ك َ َ مبَا َ ل ُ ب إذ ْ ال َّ س ِ لِعَدَم ِ التَّنَا ُ
نمي ْ ِ صَلةِ يَوْ َ ن َ معُ بَي ْ َ ج َ ن ) وََل ي ُ ْ ه َركْعَتَا ِ م ُ ه :لَزِ َ ( قَوْل ُ ُ
ل يَوْم ٍ نَذٌْر صَلةَ ك ُ ِّ َ
ن حدَةٍ ; ِل َ ا و ة م ي ل س ت ب ر َ ث ْ ك فَأ َ
َ ّ ِ ِ ْ َ َ ٍ ِ َ
معُ الْك ُ ِّ ستَِق ٌّ
ت بَِقدْرِهَا .ا ما ٍ سلِي َ ل فِي يَوْم ٍ بِت َ ْ ج ْ ه َ ل وَل َ ُ م ْ ُ
َ ُ
ي: ب)أ ْ ستِيعَا َ ضي اِل ْ قت َ ِ ه :يَ ْ خنَا ذ ( قَوْل ُ شي ْ ُ هـ َ .
َ
ب جا َ ب)أ َ جا ُ ه :وَي ُ َ صَلةِ ( قَوْل ُ ُ ب الْيَوْم ِ بِال َّ ستِيعَا َ ا ْ
ن أيَّام ٍ وَهِ َ
ي لم َ
حا ٌ ِ ْ صل ِّيًا َ م َ ن ُ ب بِأ َ َّ شْرِح الْعُبَا ِ جٌر ِفي َ ح َ َ
صَلةٍ فِي ُ
ل عَلَى وُقُوِع َ فِي قُوَّةِ يَوْم ٍ وَيَوْم ٍ وَيَوْم ٍ فَتَد ُ ّ
منْها وأَقَ ُّ
ه: ل عَلَيْهِ ( قَوْل ُ ُ م َ ح ِ ن فَ ُ جبِهَا َركْعَتَا ِ ل َوا ِ ل ِ َ َ ك ُ ٍّ
ْ َ َ َ شرة ُ أ َ
مار
ِ َ ِ ْت ع ل ِ ا
ّ َُ
ي ف
ِ ه ُ م
ُ ز
َ لَ ي : سم ل ا ق ) ما ً ِ حر ْ م ُ ٍ ام ّ ي عَ ْ َ
ت حلل ٍ معُهَا ِفي يَوْم ٍ بِت َ َ ج ْ جوُز َ مَرة ٌ وَي َ ُ ل يَوْم ٍ ع ُ ْ لِك ُ ِّ
نمكَا ِ حدَةٌ لِعَدَم ِ إ ْ ة َوا ِ ج ٌ ح َّ ج َ ح ِّ ه فِي ال ْ َ م ُ بَِقدْرِهَا وَلَزِ َ
89
َ
ت بِعَدَدِهَا . جا ٌ ح َّ م َ حتَّى يَلَْز َ ف َ تَكَُّررِهِ فِي أيَّام ِ اِلع ْتِكَا ِ
جواب وتَتَك ََرر ك ُ َّ ضى قَول ال َّ
ل ّ ُ شْرِح فِي ال ْ َ َ ِ َ ْ ِ قت َ َ م ْ ا هـ .وَ ُ
ب جوَا ِ ك عَلَى َ ن يَظْهَُر ذَل ِ َ مَرةِ لَك ِ َْ م تَكَْرارِ الْعُ ْ يَوْم ٍ عَد َ ُ
َ
ماحرِ ً م ْ ل ُ ه إذ َا قَا َ سابًِقا ,وَالظ ّاهُِر أن َّ ُ ل َ منُْقو ِ جرٍ ال ْ َ ح َ َ
َ ما فِي ال َّ
ن فِي م إ َّ حَّرَرهُ ,ث ُ َّ خيَُّر َ ق يَت َ َ شْرِح وَأطْل َ َ كَ َ
حتَّى ل يَوْم ٍ َ ب ك ُ َّ ج ُ مَرةَ َل ت َ ِ ن الْعُ ْ ن تَوَقًُّفا ; ِل َ َّ ْ يَ ت سأَل َ م ْ ال ْ َ
ِ
شْرِع , جب ال َّ سل َ َ سلُوكًا بِهِ َ ن ذَل ِ َ يَكُو َ
ك وَا ِ َِ م ْ م ْ ك َ
ن الْعَ َ َ
شَرةُ ن يَكُو َ ن بِأ ْ مك ِ ٌ م ْ ف ُ َوالتَّكَُّرُر فِي أيَّام ِ اِلع ْتِكَا ِ
شر سنِين ( قَول ُه :لَزماه ) فَيل ْزم َ َ
ن هأ ْ َ َ ُ ُ ِ َ ُ ْ ُ ن عَ ْ ِ ِ َ م ْ أيَّام ٍ ِ
ص صو خ
ُ ي ف
ِ ِ ة َ نَ ّ ي َ ع م ْ ال ِ ة ر سو ُ ّ ال ب ي ُصل ِّي ركْعَتَي ْن َل أَقَ َّ
ل
ِ ُ ُ َ ِ ِ َ َ َ
ه: ُ
خنَا ذ ( قَوْل ُ شي ْ ُ قيَام ِ وَلوْ ِفي َركْعَةٍ .ا هـ َ . َ ال ْ ِ
مَّر ما َ ن َ ق دُو َ ه اِلتَِّفا ِ ج ُ ق ) يُنْظَُر َو ْ بِاِلتَِّفا ِ
وفي مواهب الجليل :
َ َ َوأ َ َّ
مرِ وَأطْل َ َ
ق مَّرةً فِي الْعُ ْ مؤ َك ّدَة ٌ َ ة ُ سن َّ ٌ ي ُ مَرةُ فَهِ َ ما الْعُ ْ
مَّرةً فِي ة َ سن َّ ٌ ف -رحمه الله -فِي قَوْلِهِ :إنَّهَا ُ صن ِّ ُ م َ ال ْ ُ
َ الْعمر وَل بد َ من زيادة كَونها مؤ َك َّ
ح بِهِ صَّر َ َ ما َ ك ً ة َ د ُ ْ ِ َ ُ ّ ِ ْ َِ َ ِ َِْ ُ
سالَةِ : حد م َ
ل ِفي الّرِ َ ب ,قَا َ مذْهَ ِ ل ال ْ َ ن أهْ َِ غَيُْر َوا ِ ٍ ِ ْ
ل فِي مرِ َوقَا َ مَّرة ً فِي الْعُ ْ مؤ َك ّدَة ٌ َ ة ُ سن َّ ٌ مَرة ُ ُ َوالْعُ ْ
ة كَالْوِتْرِ َل جب َ ٌ ة َوا ِ سن َّ ٌ مَرة ُ ُ ك :الْعُ ْ مال ِ ٌ ل َ النَّوَاد ِ ِر :قَا َ
ي
سكِهِ هِ َ من ْ َ ج فِي َ حا ِ ّ ن ال ْ َ ل اب ْ َ ُ يَنْبَغِي تَْركُهَا انْتَهَى .وَقَا َ
مَرةُ ع ْ ال : كٌ ِ ل ما ل َ ا َ ق إ ّ ط مو ْ ال ي ف و , ر ت و ْ ال ن م د َ ك و أَ
ْ ُ َ ُ َ ِ ِ ْ ِ ِ َ ْ ِ ُ ْ
ص فِي تَْركِهَا َ ْ َ َ َ َ
خ َ ن َر ّ مي َ سل ِ ِ م ْ ن ال ُ م ْ حدًا ِ مأ َ ة وَل نَعْل ُ سن ّ ٌ ُ
ك فِي م قَوْ َ م َ َ انْتَهَى .قَا َ
مال ِ ٍ ل َ ضهُ ْ ل بَعْ ُ ح َ مَر َ : ل أبُو ع ُ َ
َ ن َر َّ َ
ض ص ِفي تَْركِهَا عَلَى أنَّهَا فَْر ٌ خ َ م ْ م َ موَط ّإ ِ َل نَعْل َ ُ ال ْ ُ
سكِهِ من ْ َ ج فِي َ حا ِ ّ ن ال ْ َ ل َاب ْ ُ ه انْتَهَى .وَقَا َ من ْ ُ ل ِ جهْ ٌ ك َ وَذَل ِ َ
ض
ت بَِفْر ٍ س ْ مؤ َك ّدَةٌ وَلَي ْ َ ة ُ سن َّ ٌ مَرة ُ ُ ك :الْعُ ْ مال ِ ٌ ل َ :قَا َ
ن قوله ل :إ َّ ن الْوِتْرِ وَقَد ْ قِي َ م د َ ك و كَال ْحج وهي أ َ
َ ْ ِ ُ َ ِّ َ ِ َ ْ
َ
ج ح َّ موا ال ْ َ مَرة َ لِل ّهِ } بَعْد َ قَوْلِهِ { وَأت ِ ُّ تعالى { ال ْ َعُ ْ
ت بِالَّرفِْع , ف َوقَد ْ قُرِئ َ ْ مؤ ْتَن َ ٌ م ُ مَرة َ لِل ّهِ } كََل ٌ َوالْعُ ْ
90
ن ل فِيهَا َ ,وقَا َ خ َ ل :إن َ ُ َوقِي َ
ل اب ْ ُ ن دَ َ م ْ مهَا َ ما ِ مَر بِإِت ْ َ ما أ ِ ّ َ
َ
ج ,وَبِهِ ح ِّ ض كَال ْ َ ي فَْر ٌ جهْم ِ :ه ِ َ ن ال ْ َ ب وَأبُو بَكْرِ ب ْ ُ حبِي ٍ َ
ةم َ ل ال َّ
مدِينَةِ ل ال ْ َ ن أهْ ِ ماع َ ٌ ِ ْ ج َ ل َ ي وَبِهِ قَا َ شافِعِ ُّ قَا َ
قوْلِهِ عليه الصلة والسلم : ل ; لِ َ شهُوُر اْلَوَّ ُ م ْ َوال ْ َ
ل: مذِيُّ َوقَا َ رواهُ التِّْر ِ مَرة ُ تَطَوُّع ٌ } َ َ جهَاد ٌ وَالْعُ ْ ج ِ ح ُّ { ال ْ َ
ححي ٌ ص ِ ن َ س ٌ ح َ تَ : ض الّرِوَايَا ِ ِ ن ,وَفِي بَعْ س ٌ ح َ ث َ حدِي ٌ َ
َ
ك غَيُْر س ٌ حهِ ; وَِلنَّهَا ن ُ ُ حي ِ ص ِ ي فِي ت َ ْ ه النَّوَوِ ُّ وَنَاَزع َ ُ
ف الت ّطوُِّع وَلِعَد َ ِ
م ة كَطَوَا ِ َ َ جب َ ً ن وَا ِ ت فََل تَكُو ُ مؤَقَّ ٍ ُ
س ,انْتَهَى . م ٍ خ ْ م عَلَى َ سَل ُ ي اْل ِ ْ ث بُن ِ َ حدِي ِ ذِكْرِهَا فِي َ
ض عَلَى ي فَْر ٌ ب :هِ َ حبِي ٍ ن َ ن اب ْ ِ ث عَ ْ حارِ ٍ ن َ ُ ل اب ْ َوقَا َ
َ
شافِعِيَّةِ :كَرِ َ
ه من ال َّ
ي ِ ْ ش ُّ ل الَّزْرك َ ِ ة وَقَا َ مك ّ َ ل َ ِ غَيْرِ أَهْ
َ
ل :يَا ن بِهَا وَقَا َ َ جاوِ ِري م َ ُ ة وَال ْ مك ّ َ َ ل
ِ ماَر ِلَهْ َ ك اِلع ْت ِ مال ِ ٌ َ
َّ َ أَهْ َ
ف
م الطوَا ُ مَرتُك ُ ْ ما عُ ْ مَرةٌ إن َّ َ م عُ ْ س ع َلَيْك ُ ْ ة لَي ْ َ مك ّ َ ل َ
ف غَيْرِهِ ْ
م خَل ِ س بِ ِ ل ع َطاءٍ وَطاوُ ٍ
َ َ ت ,وَهُوَ قَوْ ُ بِالْبَي ْ ِ
ب َل م انْتَهَى ( .قُلْت ) :وَهُوَ غَرِي ٌ ة ع َلَيْهِ ْ جب َ ٌ فَإِنَّهَا َوا ِ
ن فِي حو ٍ ن فَْر ُ ل اب ْ ُ ك قَا َ مال ِ ٍ ن َ ب عَ ْ مذْهَ ِ ف فِي ال ْ َ يُعَْر ُ
َ
ة
مَر ُ ل :الْعُ ْ ه قَا َ ن ع َطَاءٍ أن َّ ُ ْ ب :وَع َ
َ ِ جِ حا ن ال ْ َ ِ شْرِح اب ْ َ
َ َ َ
م يَطُوفُو َ
ن ة ; ِلنَّهُ ْ مك ّ َ ل َ س إ ّل ع َلَى أهْ ِ ِ ة ع َلَى النَّا جب َ ٌ َوا ِ
ب بِالنَّذ ِْر خَل َ َ
ج ُ ف أن َّ َهَا ت َ ِ ه ) وََل ِ ت انْتَهَى ( .تَنْبِي ٌ بِالْبَي ْ ِ
شروع فيها واَلل ّ َ
مهَا حك ْ ُ م .وَ ُ ه أعْل َ ُ مهَا بَعْد َ ال ُّ ُ ِ ِ َ َ ُ ما ُ ب إت ْ َ ج ُ وَي َ ِ
َ ل ال َّ ُ
ن س ِ ح َ خ أبُو ال ْ َ شي ْ ُ ب قَا َ حبَا ُ ست ِ ْ مَّرةِ اْلولَى اِل ْ بَعْد َ ال ْ َ
خر كتاب ال ْحج الثَّانِي قَا َ َ َ
مدٍ : ح َّ م َ ل أبُو ُ َ ِّ الْكَبِيُر فِي أ َوا ِ ِ ِ َ ِ
ة مؤ َكَّدة ٌ مَرة ً في الْعمر ,وأ َ َ َ
نم ْ ما أكْثَُر ِ ُ ْ ِ َ ّ َ َ ّ ِ سن َّ ٌ ُ مَرة ُ ُ َوالْعُ ْ
حب َّ ً
ة ست َ َ م ْ ك ُ مَّرةٍ فَيَنْتَِفي ع َنْهَا التَّأْكِيد ُ وَتَبَْقى بَعْد َ ذَل ِ َ َ
مَّرةً وَيُكَْرهُ تَكَْراُرهَا سنَةٍ َ ل َ ب فِي ك ُ ِّ ح ُّ ست َ َ انْتَهَى .وَي ُ ْ
ك فِي مال ِ ٌ ه َ ور َوقَال َ ُ شهُ ِ م ْ حدِ ع َلَى ال ْ َ فِي الْعَام ِ الْوَا ِ
َ
م يُكَّرِْرهَا فِي ه عليه الصلة والسلم ل َ ْ مدَوَّنَةِ ; ِلن َّ ُ ال ْ ُ
ن
م ْ ة ِ ماع َ ٌ ج َ ه َ ك َوقَد ْ كَرِهَ ُ معَ قُدَْرتِهِ ع َلَى ذَل ِ َ حدٍ َ ع َام ٍ َوا ِ
َ
لن َوقَا َ شو ِ ج ُ ما ِ ن ال ْ َ ف َواب ْ ُ مطَّرِ ٌ ك ُ جاَز ذَل ِ َ ف َوأ َ سل َ ِ ال َّ
91
ل أَبُو ْ
مَّرةٌ ,وَقَا َ شهْرٍ َ ل َ س بِهَا ِفي ك ُ ِّ ب َ :ل بَأ َ حبِي ٍ ن َ اب ْ ُ
ة رضي الله عنها فِي ش ُ ت ع َائ ِ َ ن َوغَيُْره ُ َ :وفََّرط َ ْ س ِ ح َ ال ْ َ
ي
رو َ حدٍ وَ ُ ِ ضتْهَا فِي عَام ٍ َوا ِ م قَ َ ن ث ُ َّ سنِي َ سبْعَ ِ مَرةِ َ الْعُ ْ
مَّرةٌ َوُروِ َ
ي شهْرٍ َ ل َ ي رضي الله عنه :فِي ك ُ ِّ ن عَل ِ ٍ ّ عَ ْ
ة
ج ً ح َّ ح َّ مَر أل ْ َ َ َ
مَر أن َّ
ن َ ستِّي َ ج ِ مَرةٍ َو َ ْ ف عُ َ ه اع ْت َ ُ َ ن عُ ِ ن اب ْ ْ عَ
َ
ل الل ّهِ وَأَعْتَقَ أَل ْ َ
ف سبِي ِ س فِي َ ٍ ر َ َ ف ف ِ ل ع َلَى أَل ْ م َ ح ِ َو ُ
ك تَكَُّرَرهَا فِي مال ِ ٌ سنَد ٌ :كَرِه َ َ ل َ َرقَبَةٍ انْتَهَى .وَقَا َ
َ
ي صلى الله عليه وسلم ; سيًا بِالنَّب ِ ِ ّ حدَةِ تَأ ِّ وا ِ سنَةِ ال ْ َ ال َّ
َ
ن
ك عَ ْ ة ذَل ِ َ حكَى كََراهَ َ مَّرةً وَ َ ل ع َام ٍ َ مَر فِي ك ُ ِّ ه اع ْت َ َ ِلن َّ ُ
مر ك ُ َّ
ل ن يَعْت َ ُِ ن عَلِيًّا كَا َ ي أ َ َّ ما ُروِ َ ف وَ َ سل َ ِ ن ال َّ م ْ كَثِيرٍ ِ
ام َ ي ل يوم من أ َ ّ ُ ك ي ف ر م ت ع ي ن ا َ ك ر م ُ ع ن اب نَ يوم وأ َ
ِ ّ ِ ْ ٍ ْ ِ َ ِ ُ ِ َ ْ َ َ َ َ َ ْ ّ َ ْ ٍ َ
َ َ
جهٍ ن نَذ ْرٍ أوْ لِوَ ْ ضاءً عَ ْ ن قَ َ ن يَكُو َ لأ ْ م ُ حت َ َ ن الُّزبَيْرِ فَي ُ ْ ِ اب ْ
سبْعَ مَرةِ َ ت فِي الْعُ ْ ة فََّرط َ ْ ش َ ن ع َائ ِ َ رويَ أ َ َّ ما ُ ِ َرآه ُ ,ك َ َ
حبًّا ست َ َ م ْ ن ُ حدٍ ,وَلَوْ كَا َ ضتْهَا فِي ع َام ٍ َوا ِ ن فََق َ سنِي َ ِ
َ ه عليه الصلة والسلم وَاْلَئ ِ َّ
ب إلَيْهِ ة بَعْدَهُ أ ْو نَد َ َ م ُ فعَل َ ُ لَ َ
صا َ .ونََق َ
ل خ ً مل َ َّ جهٍ يَْقطَعُ الْعُذَْر ,انْتَهَى ُ ع َلَى َو ْ
ف وَابْن ال ْ َ َّ َ
جوَاَز تَكَْرارِهَا ِفي موازِ َ مطَّرِ ٍ ن ُ ي عَ ْ م ُّ خ ِ الل ّ ْ
ف فِي مطَّرِ ٌ ل ُ ه :قَا َ ص ُ ختَاَرهُ َون َ ُّ مَراًرا َوا ْ سنَةِ ِ ال َّ
كتاب ابن حبيب َ :ل بأ ْ
مَراًرا , سنَةِ ِ مَرةِ فِي ال َّ ْ س بِالْعُ َ َ َِ ِ ْ ِ َ ِ ٍ
َ ْ َ قَا َ َ
ي :وََل م ُّ خ ِ ل الل ّ ْ س ,قَا َ ٌ ن بِهِ بَأ ن َل يَكُو َ جو أ ْ ل :أْر ُ
َ َّ َ َ أ َرى أ َن يمنع أ َحد من أ َ
ن
ْ مِ ء
ٍ ي ْ ش ِ ب ِ ه الل ى إل بَ ر ّ ق
َ َ تَ ي ن
ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ٌ ِ ْ
م ضٍع ل َ ْ موْ ِ خيْرِ فِي َ ن ال ْ َ م ْ ن اِلْزدِيَاد ِ ِ م ْ ت وََل ِ الط ّاع َا ِ
م أ َ َّ ْ
ن ن اب ْ َ ه يُوه ِ ُ م ُ ص ,انْتَهَى .وَكََل ُ ه ن َ ٌّ من ْ ُ منِْع ِ ت بِال ْ َ يَأ ِ
َ َ ال ْ َ
مَراًرا ,وَظاهُِر ك َلمِ مارِ ِ ك ِفي اِلع ْت ِ َ ل ذَل ِ َ موَّازِ قَا َ
ابن ال ْ َ َ
ل فِي ط ,قَا َ مَّرتَي ْن فََق ْ ه فِي ال ْ َ ما قَال َ ُ ه إن َّ َ موازِ أن َّ ُ
ِ َ ّ ْ ِ
ب وَفِي كََراهَةِ تَك ْ َ ِ
رار ج ِ حا ِ ن ال ْ َ ل اب ْ ِ عنْد َ قَوْ ِ ضيِح ِ التَّوْ ِ
شهُوُر م ْ ن :ال ْ َ حدَةِ قَوَْل ِ سنَةِ الْوَا ِ مَرةِ فِي ال َّ الْعُ ْ
فمطَّرِ ٍ شاذ ُّ ل ِ ُ مدَوَنَةِ ,وال َّ
َ ب ال ْ ُ ّ مذْهَ ُ ة ,وَهُوَ َ الْكََراهَ ُ
مواز ; ِلَن َه قَا َ َ
جو ل :أْر ُ ّ ُ ن ال ْ َ َّ ِ حوِهِ ِلب ْ ِ جاَزةُ تَكَْرارِهَا َون َ ْ إ َ
92
ْ ن بِال ْ ُ ن َ أَ
س وَقَ ْ
د سنَةٍ بَأ ٌ ن فِي َ ِ ْ ي َ رت َ ّ م
َ ِ ة ر َ م
ْ ُ ع َ و ك َ ي ل ْ
َ
حدٍ وَفَعَل ُ
ن ه اب ْ ُ ن فِي ع َام ٍ َوا ِ مَّرتَي ْ ِ ة َ ش ُ ت ع َائ ِ َ مَر ْ اع ْت َ َ
شهْرٍ ن فِي َ مَرتَي ْ ِ ة عُ ْ ش ُ ت ع َائ ِ َ منْكَدِرِ وَكَرِهَ ْ ن ال ْ ُ مَر َواب ْ ُ عُ َ
ب ح ُ صا ِ ما ذ َكََرهُ َ مد ٍ انْتَهَى .وَ َ ح َّ م َ ن ُ م بْ ُ س ُ ه الَْقا ِ ,وَكَرِهَ ُ
ك فِي النَّوَادِ ِر وَهُوَ موازِ هُوَ كَذَل ِ َ ن ال ْ َ َّ ن اب ْ َِ ضيِح ع َ ْ التَّوْ ِ
ص النَّوَادِرِ قَا َ ه الل ّ ْ َ
نل اب ْ ُ ي َ .ون َ ُّ م ُّ خ ِ ما قَال َ ُ م َّ أوْلَى ِ
ك أَ
سنَةٍ ن فِي َ ِ ْ ي َ رت َ م ْ ُ ع ر َ م
ِ َ ت ْ ع َ ي ن
ْ مال ِ ٌ موَّازِ :وَكَرِه َ َ ال ْ َ
ن َل َ َ
جو أ ْ مد ٌ َ :وأْر ُ ح َّ م َ ل ُ ه قَا َ م ُ ل لَزِ َ ن فَعَ َ حدَةٍ يُرِيد ُ فَإ ِ ْ َوا ِ
ْ
نم ْ شهُورِ ِ م ْ س انْتَهَى ( .فَْرع ٌ ) وَعَلَى ال ْ َ ن بِهِ بَأ ٌ يَكُو َ
َ َ
م بِثَانِيَةٍ حَر َ حدَةِ فَلَوْ أ ْ سنَةِ الْوَا ِ ن يُكَْره َ تَكَْراُرهَا فِي ال َّ أ ْ
كم ذَل ِ َ سنَد ٌ وَغَيُْرهُ وَتََقد َّ َ ه َ ماع ًا ,قَال َ ُ ج َ هإ ْ م ُ حَرا ُ انْعََقد َ إ ْ
ه
م ُ ل لَزِ َ ن فَعَ َ ل :يُرِيد ُ فَإ ِ ْ ث قَا َ حي ْ ُ از َ موَّ ِ ن ال ْ َ فِي ك َلم ِ اب ْ ِ
َ
يما هِ َ سنَةِ إن َّ َ مَرةُ فِي ال َّ مدَوَّنَةِ :وَالْعُ ْ ل فِي ال ْ ُ ,وَقَا َ
ت اْلُولَى فِي ه كَان َ ْ مت ْ ُ مَر بَعْدَهَا لَزِ َ حدَةٌ وَلَوْ اع ْت َ َ مَّرة ٌ َوا ِ َ
م َل َ َ َ أَ ْ
كأ ْ مهِ ذَل ِ َ ن عَا ِ م ْ ج ِ ح َّ م َل أَراد َ ال ْ َ جأ ْ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ
سكِهِ :وَعَلَى منَا ِ ف فِي َ صن ِّ ُ م َ ل ال ْ ُ ه ) قَا َ انْتَهَى ( .تَنْبِي ٌ
َ
د
ح ِ وا ِ ه يُكَْرهُ تَكَْراُرهَا ِفي الْعَام ِ ال ْ َ ن أن َّ ُ م ْ شهُورِ ِ م ْ ال ْ َ
خرِ مَر ِفي أ َ َوا ِ ن اعْت َ َ م ْ جوُز ل ِ َ م فَي َ ُ حَّر ُ م َ سنَةِ ال ْ ُ ل ال َّ فَأَوَّ ُ
ذي ال ْح َ َ
ل ك ,قَا َ مال ِ ٌ ه َ حَّرم ِ قَال َ ُ م َ مَر فِي ال ْ ُ ن يَعْت َ ِ جةِ أ ْ َ ّ ِ
ب إل َ َّ ك وقَا َ َ
ي ح ُّ ل:أ َ مال ِ ٌ َ ه َ قل َ ُ ستَث ْ َ ما ْ سم ِ :ث ُ َّ ن الَْقا ِ اب ْ ُ
َ َ َ َ
ي
مأ ْ حَّر ُ م َ ل ال ْ ُ خ َ حتَّى يَد ْ ُ مَر َ ن َل يَعْت َ ِ ةأ ْ مك ّ َ م بِ َ ن أقَا َ م ْ لِ َ
َ
ستَثَْق َ
ل ه أيْ ا ْ قل َ ُ ستَث ْ َ ما ْ ه ث ُ َّ ن انْتَهَى .وَقَوْل ُ ُ ِ مب الَّز َ لَُقْر ِ
رم َ ح م مُر فِي ال ْ ت ع ي مَ ُ ث ة َ
ج ح خرِ ذِي ال ْ ِ ا و أ َن يعتمر في أ َ
ِ ّ َ ُ ِ َ ْ َ ّ ِ ّ َ َ ْ ََْ ِ َ ِ
َ َ
ن َل حدَةً ,وَإِذ َا كَا َ ل إ ّل َوا ِ فعَ ُ ي فََل ي َ ْ نأ ْ ِ ب َالَّز َ
م لَُقْر ِ
خرِ ذِي ن فِي أَوَا ِ ن تَكُو َ ل اْلَوْلَى أ ْ
َ حدَةً فَهَ ْ ل إ ّل َوا ِ فعَ ُ يَ ْ
ي لمن أَقَام بمك ّةَ جة أَو ال ْمحَرم ؟ قَا َ َ
َ ِ َ َ ب إل َ َّ ِ َ ْ ح ُّ ل:أ َ ح َّ ِ ْ ُ َ ّ ِ ال ْ َ
أَ
كمال ِ ٍ م َ ن كََل ُ َ مَ ّ ض
َ َ ت َ ف مُ َ
ر ّ ح
َ م
ُ ْ ال ل َ خ ُ ْ د َ ي ى َ ّ حت َ ر َ م
ِ َ ت ْ ع َ ي ل َ ن ْ
ْ ستِثَْقا ُ َ َ َ
ة
مَر ٍ ن بِعُ ْ ل الِتْيَا ُ ما ا ْ حدَاهُ َ ن:إ ْ ِ سألتَي ْ م ْ الث ّانِي َ
حَّرم ِ َ ,والثَّانِي َ ُ
ة م َ خَرى ِفي ال ْ ُ م أُ ْ جةِ ,ث ُ َّ ح َّ فِي ذِي ال ْ َ
93
است ِحباب أ َن تكُون الْعمرة ُ في ال ْمحَرم ل ِم َ
ن أقَا َ
م َ ُ ْ َ ِ َ ُ َ ّ ِ َ ْ ْ ْ َ ُ ْ َ
م ْ َ قلَهَا التَّادَل ِ ُّ ة وَكَذَل ِ َ ب َ
ل فِي ن وَقَا َ سألتَي ْ ِ ي َ ك نَ َ مك ّ َ ِ َ
َ
ث هَ ْ
ل مَرةِ ,الث ّال ِ ُ ف فِيهَا فِي الْعُ ْ ختَل َ ِ م ْ ضِع ال ْ ُ موَا ِ ال ْ َ
مال ِ ٌ
ك ل َ حَّرم ِ أ َ ْو َل ؟ قَا َ م َ ن فِي ال ْ ُ ْ ُ ك َ ت نْ
ب لِل ْحاج أ َ
َ ِّ ح ُّ ست َ َ يُ ْ
ن فِعْلَهَا فِي َ َ َ
حَّرم ِ ; ِل َّ م َ ن فِي ال ْ ُ ن تَكُو َ يأ ْ ب إل َ َّ ح ُّ :أ َ
شهر ال ْح َ َ
جهِ , ح ِّ ه فِعْلُهَا بَعْد َ َ ل ُ :ل َ ُ ه َوقِي َ ل لَ ُ ض ُ ج أف ْ َ َ ِّ ِ غَيْرِ أ ْ ُ
شهر ال ْح َ جة كُل ّه م َ
مجأ ْ ن أ ْ ُ ِ َ ِّ ُ ِ ْ ح َّ ِ ل ذ ُو ال ْ َ ف هَ ْ خَل ِ ب ال ْ ِ سب َ ُ َو َ
خَرى مَر أ ُ ْ ن يَعْت َ ِ هأ ْ
ل لَ َ
جهِ هَ ْ ُ ح ِّ مَر بَعْد َ َ َل .الَّرابِعُ إذ َا اع ْت َ َ
ه: قوْل ُ ُ ن ,انْتَهَى .فَ َ ك رِ َوايَتَا ِ مال ِ ٍ ن َ حَّرم ِ ع َ ْ م َ فِي ال ْ ُ
بحبَا ُ ست ِ ْ ما ا ْ ط َوأ َ َّ ل فََق ْ ستِثَْقا ِ ل اِل ْ ن ; تَعْلِي ُ ِ ب الَّز َ
م لُِقْر ِ
ج عَلَى َ
ح ِّ شهُرِ ال ْ َ ن فِي غَيْرِ أ ْ حَّرم ِ فَلْتَك ُ ْ م َ كَوْنِهَا ِفي ال ْ ُ
َ
ف صن ِّ ِ م َ ل ال ْ ُ ن قَوْ ِ م ْ م ِ فهَ َ ن يُ ْ ي وََل يَنْبَغِي أ ْ ه التَّادَل ِ ُّ ما قَال َ ُ َ
َ َ م إل َ ْ َ
لن فِي أوَّ ِ خ أ َّ حَّر ُ م َ سنَةِ ال ْ ُ ل ال َّ شهُورِ فَأوَّ ُ م ْ وَع َلَى ال ْ َ
ل هُو ال ْمحَر َ
جةِ ؟ إذ ْ لَي ْ َ َ
س ح َّ م أ ْو ذ ُو ال ْ َ خَلفًا هَ ْ َ ُ َ ّ ُ سنَةِ ِ ال َّ
ك َوإ ِ ّل مهِ ما يَد ُ ُّ
مال ِ ٍ ك وََل فِي كََلم ِ َ ل ع َلَى ذَل ِ َ ي كََل ِ َ َ
فِ
مَرةِ فِي ْ حَّرم ِ بَعْد َ الْعُ م َ ُ مَرة َ فِي ال ْ ْ ه الْعُ ُ ستِثَْقال َ لا ْ لَعَل ّ َ
َ جةِ بِأ َ َّ
ما عَل ّل َ ُ
ه حدَةٍ ,وَهَذ َا إن َّ َ سنَةٍ وَا ِ ك فِي َ ن ذَل ِ َ ح َّ ذِي ال ْ َ
راز َوإِذ َا َراعَيْنَا ب الط ِّ َ ِ ح ُ صا ِ ل َ ن َوقَا َ م ِ ب الَّز َ بُِقْر ِ
ج
ح ِّ ج إلَى ال ْ َ ح ِّ ن ال ْ َ م ْ ي ِ ل هِ َ مَّرةً فَهَ ْ سنَةِ َ مَرة َ فِي ال َّ الْعُ ْ
َ
لف فِيهِ قَوْ ُ ختُل ِ َ حَّرم ِ ؟ َوا ْ م َ حَّرم ِ إلَى ال ْ ُ م َ ن ال ْ ُ ْ م
أوْ ِ
َ ل في ال ْموَازيَة :وَل بأ ْ
مَر بَعْدَ ن يَعْت َ ِ سأ ْ َ ّ ِّ ِ َ َ َ ك قَا َ ِ مال ِ ٍ َ
رم َ ح م ْ ال ي ف ر م ت ع ي مَ ُ ث ة َ
ج ح ْ ال ي ذ خر ِ آ ي ف ي م ر َ ال ام َ ي أَ
ّ ِ َ ُ ِ ُ ِ َ ْ َ ّ ِ ّ َ ِ ِ ِ ِ ُّ ِ ْ ّ
ع
ج َ م َر َ مَّرةً ,ث ُ َّ سنَةٍ َ ل َ ُ
صيُر فِي ك ِّ خَرى فَي َ ِ مَرة ً أ ْ عُ ْ
ي ل ِمن أَقَا َ فََقا َ َ
ج
ح ِّ مَر بَعْد َ ال ْ َ ن َل يَعْت َ ِ مأ ْ َ ب إل َ َّ َ ْ ح ُّ ل:أ َ
جح ِّ ل ال ْ َ مُر قَب ْ َ م فَعَلَى هَذ َا يَعْت َ ِ حَّر ُ م َ ل ال ْ ُ خ َ حتَّى يَد ْ ُ َ
ج ,وَعَلَى ح ِّ ل ال ْ َ ت فِعْ ِ مَرةِ وَقْ َ ن انْتِهَاءُ الْعُ ْ وَبَعْدَهُ وَيَكُو ُ
حتَّى يَد ْ ُ ج فََل يَعْت َ ِ ل ال ْ َ َ
خ َ
ل مُر بَعْدَهُ َ ح ِّ مَر قَب ْ َ ل إذ َا اع ْت َ َ اْلوَّ ِ
َ ه غَيُْر ظَاهِرٍ وَلَي ْ َ ما قَال َ ُ ال ْ ُ
س فِي ك َ ِ
لم م انْتَهَى .وَ َ حَّر ُ م َ
ل م عَلَى ك ُ ِّ حَّر ُ م َ سنَةِ ال ْ ُ ل ال َّ ل ع َلَيْهِ فَأَوَّ ُ ك ما يَد ُ ُّ
مال ِ ٍ َ َ
94
حال واَلل َّ َ
ن كََرا َهَةِ تَك ْ َ ِ
رار م ْ ستَثْنَى ِ م ( .فَْرع ٌ ) ي ُ ْ ه أع ْل َ ُ َ ٍ َ ُ
ن م ْ ة ِ مك ّ َ ه إلَى َ َ خول ُ ُ ن تَكََّرَر د ُ ُ م ْ سنَةِ َ مَرةِ فِي ال َّ الْعُ ْ
م أََر ه وَهُوَ الظ ّاهُِر وَل َ ْ من ْ ُ م ِ حَرا ُ ب ع َلَيْهِ اْل ِ ْ ج ُ ضٍع ي َ ِ موْ ِ َ
م قَب ْ َ َ َ َ
ح بِهِ ; ِلن َّ
ل حَر َ ج فََقد ْ أ ْ ح ٍّ م بِ َ حَر َ نأ ْ هإ ْ ُ صَّر َ ن َ م ْ َ
َ َّ
هحَرام ٍ َ ,والل ُ ل ع َلَيْهِ بِغَيْرِ إ ْ خ َ م دَ َ حرِ ْ م يُ ْ ن لَ ْ َوقْتِهِ وَإ ِ ْ
َ ْ َ
مَر ن يَعْت َ ِ سأ ْ ك :وََل بَأ َ مال ِ ٌ ل َ م ( .فَْرع ٌ ) قَا َ أع ْل َ ُ
نم ْ ن َ ك أ َ َّ ج انْتَهَى .وَيَعْنِي بِذَل ِ َ ح َّ ن يَ ُ لأ ْ
صرورة َ قَب َ َ
ْ ال َّ ُ َ
شهر ال ْحج وهُو صرورةٌ فََل يتعي َ َ َ
محرِ َ ن يُ ْ نأ ْ َََ ّ ُ َ ِّ َ َ َ ُ َ ِ م فِي أ ْ ُ قَد ِ َ
صُروَرةَ م ال َّ ما إذ َا قَد َّ َ مَر ,وَأ َ َّ ن يَعْت َ ِ هأ ْ
ل يجوز ل َ َ
ج بَ ْ َ ُ ُ ُ ح ِّ بِال ْ َ
محَرا ُ مئِذٍ اْل ِ ْ ه يَوْ َ من ْ ُ ب ِ مطْلُو ُ َ ج فَال ْ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ ل أَ ْ قَب ْ َ
خَلف ,واَلل َّ َ
م ( .فَْرعٌ ) قَا َ
ل ه أعْل َ ُ َ ُ ٍ ن غَيْرِ ِ ْ ممَرةِ ِ بِالْعُ ْ
َ َ
ج
خُر َ ن يَ ْ مًرا أ ْ معْت َ ِ ة ُ مك ّ َ ل َ خ َ ن دَ َ م ْ جوُز ل ِ َ فِي الط َِّرازِ :وَي َ ُ
ب ح ُّ ب أُ ِ حبِي ٍ ن َ ب اب ْ َِ مَرتِهِ َوفِي كِتَا ِ ضاءِ ع ُ ْ بَعْد َ انِْق َ
َّ َ
موَط ِإ ة َ ,وفِي ال ْ ُ مك ّ َ مَرتِهِ ثََلثًا ب ِ َ م لِعُ ْ قي َ ن يُ ِ مرِ أ ْ معْت َ ِ لِل ْ ُ
حلَتِهِ ن َرا ِ ط عَ ْ حط ِ ْ م يُ ْ مَر ل َ ْ ن إذ َا اع ْت َ َ ه كَا َ ُ ن أَن َّ ما َ َ ن ع ُث ْ عَ ْ
َ َ
ف :فَْر ُ
ض صن ِّ ِ م َ ل ال ْ ُ م .وَقَوْ ُ ه أع ْل َ ُ جعَ ,وَاَلل ّ ُ حتَّى يَْر ِ َ
سِخ ب الن ُّ َ جودَة ُ ِفي غَال ِ ِ موْ ُ مَرةِ ال ْ َ ة الْعُ ْ سن َّ ُ ج وَ ُ ح ِّ ال ْ َ
مَرةُ عَلَى النِّيَابَةِ ج وَالْعُ ْ ح ُّ ل وَُرفِعَ ال ْ َ فعُو ِ م ْ بِالْبِنَاءِ لِل ْ َ
ل فعُو ِ م ْ مَّرةً ع َلَى النِّيَابَةِ عَلَى ال ْ َ ب َ ص َ ل َون ُ ِ ع ِ لِلَْفا ِ
نج ; ِل َ َّ ح ِّ ه لِل ْ َ مثْل ُ ُ مَرة ُ َويَُقدَُّر ِ ل فِيهِ الْعُ ْ م ُ ق َوالْعَا ِ ِ
مطْل َ ال ْ ُ
َ ج مصد َران يَُقد َّر ك ُ ُّ
نما بِأ ْ منْهُ َ حدٍ ِ ل َوا ِ ح َّ َ ْ َ ِ َ ُ مَرة َ وَال ْ َ الْعُ ْ
ج مَرةً وس َ َ
مَر ن يَعْت َ ِ نأ ْ ح َّ َ ّ َ ُ ّ ن يَ ُ ض بِأ ْ معْنَى فُرِ َ ل َوال ْ َ فعْ ِ َوال ْ ِ
مَرة ً وَل يص ُ َ
ت; سن َّ ْ ض وَ ُ ل فِيهِ فُرِ َ م ُ ن الْعَا ِ ن يَكُو َ حأ ْ َ ّ َ َ ِ ّ
من ال َّ سن َّ َ َ َ
شارِِع ة َوقَعَ ِ ْ ض وَال ُّ ن الَْفْر َ ما يُِفيد ُ أ َّ ه إن َّ َ ِلن َّ ُ
مطْل َ َ
ق ل ال ْ ُ فعُو َ م ْ ن ال ْ َ مَراد َ ; ِل َ َّ معْنَى ال ْ ُ مَّرة ً وََل يُِفيد ُ ال ْ َ َ
َ
ميِيزِ مَّرةً عَلَى الت َّ ْ ب َ ص َ ن يُن ْ َ جوُز أ ْ ملِهِ َوي َ ُ قَيْد ٌ فِي ع َا ِ
ض معْنَى فُرِ َ ل وَال ْ َ ع ِ ن الَْفا ِ ب عَ ْ ن النَّائ ِ ِ ل عَ ْ حوَّ ِ م َ ال ْ ُ
جد ُ ِفي ة وَيُو َ مَر ِ ن الْعُ ْ م ْ مَرة ُ ِ سنَّةِ الْعُ ْ ج وَ ُ ح ِّ ن ال ْ َ م ْ مَّرة ُ ِ ال ْ َ
ن الَّراءِ سكُو ِ فتِْح الَْفاء وَ ُ ج بِ َ ح ِّ ض ال ْ َ سِخ فَْر ُ ض الن ُّ َ بَعْ ِ
95
سن َّ ٌ َ
ة مْرفُوع ٌ بِاِلبْتِدَاءِ ,وَيُْرفَعُ ُ صدٌَر َ م ْ ه َ ع َلَى أن َّ ُ
مَّرةٌ ضافَةِ ,وَ َ مَرةُ بِاْل ِ َ ج َوالْعُ ْ ح ُّ جُّر ال ْ َ ف ع َلَيْهِ وَي ُ َ بِالْعَط ْ ِ
َ
ي َ .ويَتَعَي َّ ُ
ن ساط ِ ِ ّ ح الْب ِ َ شْر ُ خبٌَر وَع َلَيْهَا َ ه َ مْرفُوع ٌ ع َلَى أن َّ ُ َ
َ َ
ي
ل,أ ْ فعُو ِ م ْ سم ِ ال ْ َ معْنَى ا ْ صدَُر ب ِ َ م ْ ن ال ْ َ ن يَكُو َ حينَئِذ ٍ أ ْ ِ
ة
مَر ِ ن الْعُ ْ م ْ ن ِ سنُّو َ م ِ مَّرة ٌ َ ,وال ْ ُ ج َ ح ِّ ن ال ْ َ م ْ ض ِ مْفُرو َُ ال ْ َ
م هُنَا ; ِل َ َّ مَرة ٌ ,واَلل ّه أَع ْل َم .وإن َ َ
ه
ن هَذِ ِ ما أطَلْت الْكََل َ َ ِّ َ ُ َ ُ َ ّ
ح عَلَيْهَا شارِ ُ ه ال َّ م يُنَب ِّ ْ ج إلَيْهَا وَل َ ْ حتَا ٌ م ْ ل ُ سائ ِ َ م َ ال ْ َ
وفي الفتاوى الهندية :
حَرام ِ إلَى ضافَةِ اْل ِ ْ شَر فِي إ َ ي عَ َ َ حاد ِ ب ال ْ َ ( الْبَا ُ
ي م را ح إ ن ي ب ع م ج ْ ال نَ اْلحرام ) يجب أ َن يعل َم بأ َ
ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ّ ِ ْ َ ِ َ ِ ُ ْ ُْ َ ِ
ما َ ْ ال ْحج أ َ
معَ بَي َْنَهُ َ ج َ ن إذ َا َ ْ ِ ك ل َ و ة
ٌ َ ع ْ د ِ ب ِ ة ر َ م
ْ ُ ع ال ي ْ م
َ را َ ح
ْ إ و
َ ِّ ْ
َ َ
ما الل ّ ُ
ه م ُه َ ح َ ف َر ِ س َ ة وَأبِي يُو ُ حنِيَف َ عنْد َ أبِي َ متَاهُ ِ لَزِ َ
ماحدَاهُ َ هإ ْ م ُ مد ٍ رحمه الله تعالى تَلَْز ُ ح َّ م َ عنْد َ ُ تَعَالَى ,وَ ِ
ة وَأَبِي حنِيَف َ َ ْ َ َ َ إَّل أ َ
عنْد َ أبِي َ ما ِ َ ُ ه ا َ د ح
ْ إ ض
ْ َ َِ ف ر ن م
ِ ّ د ُ ب ل ه
ُ ّ ن
ن اْلولَى ُ ه تَعَالَى -فَإِذ َا فََرغَ ِ
م ْ ما الل ّ ُ مهُ َ ح َ ف َ -ر ِ س َ يُو ُ
ة فِي الْعَام ِ الثَّانِي وَفِي ضي الثَّانِي َ َ ج يَْق ِ ح ِّ ل ال ْ َ ص ِ فِي فَ ْ
ك الْعَام ِ ; ِل َ َّ
ن ة فِي ذَل ِ َ ضي الثَّانِي َ َ مَرةِ يَْق ِ ل الْعُ ْ ص ِ فَ ْ
ج ح ِّ ف ال ْ َ خَل ِ جائٌِز ب ِ ِ حدَةٍ َ سنَةٍ َوا ِ مَرةِ فِي َ تَكَْراَر الْعُ ْ
وفي سبل السلم :
َ َّ ن أَبِي هَُريَْرة َ رضي الله عنه أ َ َّ
سول اللهِ صلى ن َر ُ عَ ْ
مَرةِ كََّفاَرةٌ مَرةُ إلَى ال ْ َعُ ْ ل { :الْعُ ْ الله عليه وسلم قَا َ
ل :هُوَ ال ّذِي َل مبُْروُر } قِي َ ج ال ْ َ ح ُّ ما َوال ْ َ ما بَيْنَهُ َ لِ َ
ل: ي وَقِي َ ه النَّوَوِ ُّ ح ُ ج َ ن اْلِثْم ِ وََر َّ ْ م
يءٌ ِ ْ ش ه َ ُ خالِط ُ يُ َ
َ
حبِهِ صا ِ ه عَلَى َ مَرت ُ ُ ل :هُوَ ال ّذِي تَظْهَُر ث َ َ ل ,وَقِي َ قبُو ُ م ْ ال ْ َ
َ
ج
خَر َ ه َوأ َ ْ حالِهِ قَبْل َ ُ ن َ م ْ خيًْرا ِ ه بَعْدَه ُ َ حال ُ ُ ن َ ن يَكُو َ بِأ ْ
َ
ل سو َ ل :يَا َر ُ جابِرٍ { قِي َ ث َ حدِي ِ ن َ ْ م م ِ ُ حاك ِ مد ُ وَال ْ َ َ ح أ ْ
شاءُ م الطَّعَام ِ وَإِفْ َ ل :إطْعَا ُ ج ؟ قَا َ ح ِّ ما بُِّر ال ْ َ الل ّهِ َ
َ
ه
ن بِ ِ ت لَتَعَي َّ َ ف َولَوْ ثَب َ َ ضعْ ٌ
َ
سنَادِهِ َ سَلم ِ } وَفِي إ ْ ال َّ
متََّفقٌ عَلَيْهِ ) ة" ُ جن َّ َ جَزاءٌ إ ّل ال ْ َ ه َ س لَ ُ سيُر ( لَي ْ َ التَّْف ِ
96
شْرِع ل :الَْقصد ُ .و ِفي ال َّ ة الّزِيَاَرةُ َوقِي َ مَرة ُ لُغَ ً الْعُ ْ
َ ْ
ف وحل ْ َ
ك ت بِذَل ِ َ مي َ ْ س ِّ صيٌر ُ ق أوْ تَْق ِ ي وَطَوَا ٌ َ َ ٌ سعْ ٌ م وَ َ حَرا ٌ إ ْ
َ
مَرةُ صد ُ وَفِي قَوْلِهِ { الْعُ ْ ت َويُْق َ ه يَُزاُر بِهَا الْبَي ْ ُ ; ِلن َّ ُ
ه َل كََراهَ َ َ
ة مَرةِ َوأن َّ ُ ل ع َلَى تَكَْرارِ الْعُ ْ مَرةِ } دَلِي ٌ إلَى الْعُ ْ
ة يُكَْر ُ
ه مالِكِي َّ ُ ت ) ال ْ َُ ت ( وَقَال َ ْ حدِيد َ بِوَقْ ٍ ك وََل ت َ ْ فِي ذَل ِ َ
سنة أَكْث َر من عمرة واحدة واستدل ّوا ل َ َ
ه بِأن َّ ُ
ه ُ ُ ِ ْ ُ ْ َ ٍ َ ِ َ ٍ َ ْ َ َ
َ
فِي ال َّ َ ِ
سنَةٍ إلَى ن َ م ْ فعَلْهَا إ ّل ِ م يَ ْ صلى الله عليه وسلم ل َ ْ
َ
معنْدَهُ ْ ل ِ م ُ ح َ ه صلى الله عليه وسلم ت ُ ْ سنَةٍ َوأفْعَال ُ ُ َ
َ ُ َ
ن
م ْ م ِ ه عُل ِ َ ه بِأن َّ ُ ب ) عَن ْ ُ جي َ ب ( وَأ ِ ب أوْ النَّد ْ ِ جو ِ ع َلَى الْوُ ُ
يءَ شك ال َّ ُ ر ت ي ن اَ ك ه َ ن أ َحوالِه صلى الله عليه وسلم أ َ
ْ ُ ْ َ َ ُ ّ ْ َ ِ
ن اْل َّ ُ شَّق َ
مةِ وَقَ ْ
د ة عَ ْ م َ ه لِيَْرفَعَ ال ْ َ ب فِعْل َ ُ ح ُّ ست َ ِ وَهُوَ ي َ ْ
م
مو ُ ُ ث عُ حدِي ِ ل .وَظَاهُِر ال ْ َ ِ ْ قو ك بِال ْ َ ب إلَى ذَل ِ َ نَد َ َ
َ
ل :إ ّل مهُوُر َوقِي َ ج ْ ب ال ْ ُ عيَّتِهَا َوإِلَيْهِ ذَهَ َ شْر ِ ت فِي َ اْل َ ْوقَا ِ
َ ل إَّل أ َ
م
ل :وَيَوْ ُ ق َوقِي َ ِ ِ ي شر ْ ّ الت م
َ اَ ّ ي ج وَقِي َ ح ِّ س بِال ْ َ ِ متَلَب ِّ ُ لِل ْ
ن قار َ ْ ال و ع ِ مت مت ْ ال ر َي غ ِ ل ج ح ْ ال ر ه ش ْ ل :إَّل أ َ ة وَقِي َ عََرفَ َ
ِ ِ ِ ُ َ ِ َ ّ َ ْ ّ ِ َ ُ َ
َ َ
ه صلى الله عليه مطْلًَقا وَفِعْل ُ ُ ة ُ شُروع َ ٌ م ْ َواْلظْهَُر أنَّهَا َ
ل بِكََراهَتِهَا ن قَا َ م ْ ل َ ج يَُرد ُّ قَوْ َ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ وسلم لَهَا ِفي أ َ ْ
مَرةَ مْر عُ ْ م يَعْت َ ِ ه صلى الله عليه وسلم ل َ ْ فِيهَا فَإِن َّ َ ُ
ت ن كَان َ ْ م َوإ ِ ْ معْلُو ٌ ما هُوَ َ ج كَ َ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ اْلَْربَِع إ ّل فِي أ َ ْ
ه صلى الله عليه وسلم ُ جهِ فَإن َّ ح ِّ ة فِي َ مَرة ُ الَّرابِعَ ُ ْ الْعُ
َ ِ
ة م ُ ب اْلَئ ِ َّ ة وَإِلَيْهِ ذَهَ َ ت ع َلَيْهِ اْلَدِل ّ ُ ما تَظَاهََر ْ ارنًا ك َ َ ج َقَ ِ ح َّ َ
جل ّ ُ َ
ة. اْل ِ
وفي رد المحتار :
شوْطًا ) مَرتِهِ وَلَوْ َ ف لِعُ ْ مهِ ( طَا َ حك ْ ِ ن بِ ُ ْ م
ي ) وَ َ كّ ٌّ م ِ ( َ
َ ل أَ ْ أَي أَقَ َّ
جوبًا ه ) ُو ُ ض ُ ج َرفَ َ ح ِّ م بِال ْ َ حَر َ شوَاطِهَا ( فَأ ْ ْ
م) ما ( وَعَلَيْهِ د َ ٌ مِع بَيْنَهُ َ ج ْ ن ال ْ َ ي عَ ْ مكِّ ِ ّ ي ال ْ َ ِ ق لِنَهْ ِ
حل ْ بِال ْ َ
ت ال ْ َ َ ِل َ ْ
ج, ح ِّ ه كََفائ ِ ِ مَرة ٌ ) ِلن َّ ُ ج وَع ُ ْ ح ٌّ ض وَ َ ل ( الَّرفْ ِ ج ِ
ضهَا مَرةُ َ ,ولَوْ َرفَ َ ت الْعُ ْ سَقط َ ْ سنَتِهِ َ ج فِي َ ح َّ حتَّى لَوْ َ َ
97
َ ص َّ ط ( فَلَوْ أَت َ َّ ضاهَا فََق ْ
و
ح ) وَهُ َ سا َء ( وَذ َب َ َ ح ) وَأ َ مهَا َ قَ َ
شك ْ ٍ
ر م ُ ي دَ ُ جبْرٍ ,وَفِي اْلفَاقِ ِ ّ م َ دَ ُ
مِع ج ْ شُروعٌ فِي ال ْ َ خ) ُ مَرتِهِ إل َ ْ ف لِعُ ْ ي طَا َ مكِّ ٌّ ه َ ( قَوْل ُ ُ
معْنَاهُ ن بِ َ م ْ ي وَ َ مكِّ ِ ّ قّ ال ْ َ ح ِ ن ,وَهُوَ فِي َ
َ مي ْ ِ حَرا َ نإ ْ بَي ْ َ
مَرةِ إلَى حَرام ِ الْعُ ْ ضافَةِ إ ْ ي إ ّل ِفي إ َ ن اْلفَا ِق ِ ّ ة دُو َ جنَاي َ ٌ ِ
َ
ار
ت َ ,وبِاِلعْتِب َ َ ِ جنَايَا ِ ل ذ َكََره ُ فِي ال ْ ِ ج فَبِاِلع ْتِبَارِ اْلوَّ ِ ح ِّ ال ْ َ
م أ َّ
ن م اعْل َ ْ حدَةٍ .ث ُ َّ ه فِي الْكَنْزِ بَابًا ع َلَى ِ ل لَ ُ جعَ َ الثَّانِي َ
مَرةِ , ج عَلَى الْعُ ْ ح ِّ حَرام ِ ال ْ َ لإ ْ خا ُ ة :إد ْ َ ه أَْربَعَ ٌ م ُ سا َ أقْ َ
َ
مَرةِ مثْلِهَا َ ,والْعُ ْ مَرةِ ع َلَى ِ مثْلِهِ ,وَالْعُ ْ ج ع َلَى ِ ح ِّ َوال ْ َ
جنَايَةِ , ل فِي ال ْ ِ خ َ ل لِكَوْنِهِ أَد ْ َ م اْلَوَّ ُ ج ; قُدِّ َ ح ِّ ع َلَى ال ْ َ
َ سُق ْ
مادّ ً مَق ِ ي ُ م ذ َكََر الث ّان ِ َ ل ,ث ُ َّ حا ٍ م بِ َ ط بِهِ الد َّ ُ م يَ ْ وَلِذ َا ل َ ْ
ما هُوَ فَْر ٌ
ض مالِهِ عَلَى َ شت ِ َ حالِهِ ِل ْ قوَّةِ َ ه لِ ُ ه ع َلَى غَيْرِ ِ لَ ُ
ق فِي ن اِلتَِّفا َِ م ْ ما فِيهِ ِ ث ع َلَى الَّرابِِع ل ِ َ م الثَّال ِ َ ,ث ُ َّ
شاَر إلَى مهِ ) أ َ حك ْ ِ ن بِ ُ م ْ ه وَ َ ميَّةِ نَهٌْر ( قَوْل ُ ُ فيَّةِ وَالْك َ ِّ الْكَي ْ ِ
ي, ي غَيُْر اْلفَاقِ ِ ّ مكِّ ِ ّ مَراد َ بِال ْ َ ن ال ْ ُ ن أ َ َّ م ْ ما فِي النَّهْرِ ِ َ
ي ّ ْ ْ خ َ ن كَا َ َ ل كُ ّ م َ فَ َ
حل ِ ِ ّ ن ال ِ م ْ ت ِ مواقِي ِ ل ال َ َ ن دَا ِ م ْ ل َ ش ِ
َ
ي ِلن َّ ُ
ه ن اْلفَاقِ ِ ّ ي عَ ْ كّ ِ ّ م ِ حتَِراُز بِال ْ َ م ,فَاِل ْ ي فَافْهَ ْ م ِّ حَر ِ َوال ْ َ
حدا منهما غَير أَن َه إ َ
ل ف بَعْد َ فِعْ ِ ضا َ نأ َ َْ ّ ُ ْ ض َوا ِ ً ِ ْ َُ َ َل يَْرفُ ُ
ك فِي ن ذَل ِ َ ن كَا َ متِّعٌ إ ْ مت َ َ ن قَارِنًا وَإ ِ ّل فَهُوَ ُ ل كَا َ اْلَقَ ِّ
شوَاطِهَا ) ل أَ ْ ج ك َما مَر نَهر ( قَول ُه أَي أَقَ َّ
ْ ُ ْ ح ِّ َ َ ّ ْ ٌ شهُرِ ال ْ َ أَ ْ
ما إذ َا َ
ل م شَ َ ف ه ق
َ َ ل ْ ط قيد ,وأ َ َ ب س ي َ ل َ
ط شو َ ّ ال َ
ن يفيد أ َ
َ ِ ُ َ ٍ ْ َ ِ ْ ْ ّ ُِ ُ
َ َ
ن
حرِ عَ ْ ما ِفي الْب َ ْ ج أوْ َل ك َ َ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ ن ِفي أ ْ كَا َ
ف اْلَكْثََر فتِْح :وَلَوْ طَا َ ن ال ْ َ ط َ .وفِي النَّهْرِ ع َ ْ سو ِ مب ْ ُ ال ْ َ
ن عَلَيْهِ الد َّ َ
م ط أ َ َّ سو ِ مب ْ ُ ج ,فَِفي ال ْ َ ح ِّ فِي غَيْرِ أيَّام ِ ال ْ َ
َ
أَيضا ِلَن َ َ
مَرةِ , ن الْعُ ْ م ْ ل الَْفَراِغ ِ ج قَب ْ َ ح ِّ م بِال ْ َ حَر َ هأ ْ ّ ُ ْ ً
ولَيس لِل ْمكّ َ
ن م ْ معًا ِ جا ِ صاَر َ ما ,فَإِذ َا َ معَ بَيْنَهُ َ ج َ ن يَ ْ يأ ْ َ ِ ِّ َ ْ َ
َ
مَرةِ ضا قَيْد ٌ بِالْعُ ْ م .ا هـ .وَفِيهِ أي ْ ً ن ع َلَيْهِ الد َّ ُ جهٍ كَا َ وَ ْ
ِلَن َّه لَو أهَ َّ َ
ضهَا مَرةِ َرفَ َ م بِالْعُ ْ ه ث ُ َّ ف لَ ُ ج وَطَا َ ح ِّ ل بِال ْ َ ُ ْ
َ م يَط ُ ْ َ
ضا ضهَا أي ْ ً ف َرفَ َ ه لَوْ ل َ ْ ف ِلن َّ ُ اتَِّفاقًا ,وَبِكَوْنِهِ طَا َ
98
ل ِلَن َه لَو أَتى باْلَكْثَر رفَض َ َ
جح َّ ه أيْ ال ْ َ ِ َ َ ُ اتَِّفاقًا ,وَبِاْلقَ ِّ ّ ُ ْ َ ِ
َ
ما , منْهُ َ حدًا ِ ض َوا ِ ه َل يَْرفُ ُ ط أن َّ ُ سو ِ مب ْ ُ اتَِّفاقًا .وَفِي ال ْ َ
َ
ي
ه)أ ْ ض ُ ه َرفَ َ ي ظَاهَِر الّرِ َوايَةِ ( قَوْل ُ ُ جاب ِ ُّ سبِي َ ه اْل ِ ْ جعَل َ ُ وَ َ
ب ,وَهَذ َا مغْرِ ِ ما فِي ال ْ ُ ب كَ َ ضَر َ ب وَ َ ب طَل َ َ ن بَا ِ م ْ ه ِ تََرك َ ُ
ما اْلَوْلَى عنْدَهُ َ مام ِ .وَ ِ عنْد َ اْل ِ َ ج أَوْلَى ِ ح ِّ ض ال ْ َ ُ :أَيْ َرفْ
َ َ ه أ َ َّ َ
مهَا تَأك ّ َ
د حَرا َ نإ ْ حاًل .وَل َ ُ ة ِلَنَّهَا أدْنَى َ مَر ِ ض الْعُ ْ ُ َرفْ
شيءٍ من أَع ْمالِها ,ورفْض غَير ال ْ َ َ َ
سُر متَأكِّدِ أي ْ َ ُ ْ ِ ُ ََ َ َ بِأدَا ِء َ ْ ِ ْ
متِنَاع ًا ضهِ ا ْ ل وَفِي َرفْ ِ م ِ ل الْعَ َ ضهَا إبْطَا َ ن فِي َرفْ ِ وَِل َ َّ
ع َن َ
ما فِي ف لِ َ خال ِ ٌ م َ جوبًا ) ُ ه ُو ُ حرِ ( قَوْل ُ ُ ه أفَادَهُ فِي الْب َ ْ ْ ُ
َ
مَّر َ ,وقَد ْ ظَهََر أ َّ
ن َرفْ َ
ض ما َ ل بَعْد َ َ ث قَا َ حي ْ ُ حرِ َ الْب َ ْ
َ
ض ب َرفْ ُ ج ُ ما الْوَا ِ ب ا هـ أيْ وَإِن َّ َ ج ٌ ب َل َوا ِ ح ٌّ ست َ َ م ْ ج ُ ح ِّ ال ْ َ
ل فِي مثًَل .قَا َ َ حل ْ ه بِال ْ ما َل بِعَيْنِهِ ( قَوْل ُ أَ
ي َ ق)أ ْ ِ َ ُ َ ِ ه ِ د حَ
َ
نضا ,وَيَنْبَغِي أ ْ ن َرافِ ً ماذ َا يَكُو ُ م يَذ ْكُْر ب ِ َ حرِ :وَل َ ْ الْب َ ْ
ن م غ را ف
َ ْ ال د ع ب ل ً َ مث ق ل ح ي ن يكُون الَرفْض بال ْفعل بأ َ
ْ ِ َ َ ِ َ ْ َ َ َ ِ ْ َ ْ ُ ِ ِ ْ ِ ِ َ ّ َ
قو َ َ
ه جعَل َ ُ ه َ ل َأوْ بِالنِّيَّةِ ِلن َّ ُ مَرةِ ُوََل يَكِْفي بِال ْ َ ْ ِ ل الْعُ ْ أفْعَا ِ
ن
م ْ يءٍ ِ ش ُْ ل َ فعْ ِ ن إ ّل ب ِ ِ حل ًّل وَهُوَ َل يَكُو ُ فِي الْهِدَايَةِ ت َ َ
ل حرام .ا هـ .قُلْت :و ِفي الل ّبَاب :ك ُ ُّ ت اْل ِ ْ حظُوَرا ِ م ْ
ِ َّ َ ِ َ َ
حتَا ُ َ ن ع َلَيْهِ الَّرفْ ُ
ع
م َ ج َ ن َ م ْ ض إل َ ج إلى نِيَّةِ َالَّرفْ ِ ض يَ ْ م ْ َ
ن قَب ْ َ
ل مَرتَي ْ ِ ن الْعُ ْ ف أ ْو بَي ْ َ ت الْوُقُو ِ ل فَوَا ِ ن قَب ْ َ جتَي ْ ُِ ح َّ ن َ بَي ْ َ
ن ال ُّ سعْ ِ ْ َ ال َّ
ضن تُْرتََف ُ صوَرتَي ْ ِ ي ل ِلولى ,فَِفي هَاتَي ْ ِ
سيْرِ إلَى ما بِال َّ ن إ َّ ض ,لَك ِ ْ ٍ ن غَيْرِ نِيَّةِ َرفْ م ْ ما ِ حدَاهُ َ إ ْ
َ َ ة أو ال ُّ َ َ
ن
م ْ م ِ ما ا هـ .فَعُ َل ِ َ حدِهِ َ لأ َ ماُ ِ شُروِع ِفي أع ْ َ مك ّ َ ْ َ
َ
ل فعْ ِ ل إ ّل ب ِ ِ ص ُ ح ُ ه َل ي َ ْ ب أن َّ ُ حرِ وَالل ّبَا ِ ما ِفي الْب َ ْ موِع َ ج ُ م ْ َ
ض بِهِ , معَ نِيَّةِ الَّرفْ َِ حَرام ِ َ ت اْل ِ ْ حظُوَرا ِ م ْ ن َ م ْ ي ٍء ِ ش ْ َ
ك أكْثَرِهِ عنْد َ قَوْلِهِ وَبِتَْر ِ ت ِ جنَايَا ِ ل ال ْ ِ منَاه ُ أ َ َوائ ِ َ ما قَد َّ ْ وَ َ
رام
ح َ ِ ض اْل ِ ْ م إذ َا نَوَى َرفْ َ حرِ َ م ْ ن ال ْ ُ ن أ َ َّ م ْ ما ِ حرِ ً م ْ ي ُ بَِق َ
ما َل حوِهِ َ ق وَن َ ْ حل ٍ
ن لُب ْس وَ َ ْ
ٍ م ْ ل ِ حَل ُ ه ال ْ َ صنَعُ ُ ما ي َ ْ صنَعَ َ فَ َ
و ه َ ف , ة َ ل ط ا ب ض ْ ف ر َ ال ة َ ي ن َ
ن خرج به من اْلحرام وأ َ
َ ُ ٌ ِ َ ِ ْ ّ َ ّ ِ ّ يَ ْ ُ ُ ِ ِ ِ ْ ِ ْ َ ِ َ
ما ض كَ َ موًرا بِالَّرفْ ِ مأ ُ ن َ م يَك ُ ْ ما إذ َا ل َ ْ ل ع َلَى َ مو ٌ ح ُ م ْ َ
99
ن
م ْ ق بَعْد َ الَْفَراِغ ِ ِ
حل ْ ن ال ْ َ ك ,وَقُيِّد َ بِكَوْ ِ نَبَّهْنَا ع َلَيْهِ هُنَا َ
ه ِلَن ّ َُ مهَا ( قَوْل ُُ َ َّ
ه حَرا ِ ة ع َلَى إ ْ جنَاي َ ً ِ ن َ و ُ ك َ ي ل مَرةِ لِئ ْ الْعُ
م يأ ْ َ ُ َ َّ كََفائ ِت ال ْحج ) وحك ْم َ
ي
َ ِ ت َ ّ ث ٍ ة ر حل ِ ْ َ
م ُ ع ب ل ن يَت َ َ هأ ْ َ ُ ُ ُ َ ِّ ِ
ة لِلتَّعْلِي ِ
ل ج ) غَاي َ ٌ ح َّ حتَّى لَوْ َ ه َ ل ط ( قَوْل ُ ُ ن قَاب ِ ٍ م ْ ج ِ ح ِّ بِال ْ َ
َ
ضاه ُ فِي ه قَ َ مِفيد ِ أن َّ ُ ال ْ ُ
ذ
حينَئ ِ ٍ ه ِ ُ مَرةُ ) ِلَن َّ ْ ت الْعُ ْ سَقط َ ه َ ُ مهِ ط ( قَوْل ُ غَيْرِ ع َا ِ
حل َّ َ
ل صرِ إذ َا ت َ َ ح َ م ْ ل كَال ْ ُ ج بَ ْ ح ِّ ت ال ْ َ معْنَى فَائ ِ ِ س فِي َ لَي ْ َ
ب عَلَيْهِ ج ُ حينَئِذ ٍ َل ت َ ِ ه ِ سنَةِ ,فَإِن َّ ُ ك ال َّ ن تِل ْ َ م ْ ج ِ ح َّ م َ ث ُ َّ
هحٌر ( قَوْل ُ ُ ة ط وَب َ ْ سن َ ُ ت ال َّ حوَّلَ َ ْ ما إذ َا ت َ َ ف َ خَل ِ مَرة ٌ ,ب ِ ِ عُ ْ
ل عَلَيْهَا ف لَهَا َوأد ْ َ َ مَرة َ ال ّتِي طَا َ َ
خ َ ي الْعُ ْ ضهَا ) أ ْ وَلَوْ َرفَ َ
ن ك الْعَام ِ ِل َ َّ و فِي ذَل ِ َ ضاهَا ) أَيْ وَل َْ ه قَ َ ج ( قَوْل ُ ُ ح َّ ال ْ َ
ج, ح ِّ ف ال ْ َ خَل ِ جائٌِز ب ِ ِ حدَةٍ َ سنَةٍ َوا ِ مَرةِ فِي َ تَكَْراَر الْعُ ْ
حب الْهنديَة ط ( قَول ُه فََق ْ َ َ
ط ) أيْ لَي ْ َ
س ْ ُ ِ ْ ِّ ِ صا ِ ُ أفَادَه ُ َ
يمَرادُهُ نَْف َ س ُ ج ,وَلَي ْ َ ح ِّ ما فِي ال ْ َ خَرى ك َ َ مَرة ٌ أ ُ ْ ع َلَيْهِ ع ُ ْ
َ
ما َرفَ َ
ض ض أي ُّ ُه َ م ب ِ َالَّرفْ ِ ل الْهِدَايَةِ :وَع َلَيْهِ د َ ٌ قوْ ِ الدَّم ِ .ل ِ َ
ح ) ِلَن َ َ
م ما الْتََز َ ما ك َ َ ه أدَّى أفْعَالَهُ َ ّ ُ ص َّ ه َ .ا هـ .ح ( قَوْل ُ ُ
َ َ
ن
م ْ حوا بِهِ ِ صَّر ُ ما َْ معَ اْلِثْم ِ ,ل ِ َ ساءَ ) أيْ َ ه َوأ َ نَهٌْر ( قَوْل ُ ُ
َ أ َ َّ
م بِهِ , ه يَأث َ ُ ما وَأن َّ ُ مِع بَيْنَهُ َ ج ْ ن ال ْ َ ي عَ ْ منْهِ ٌّ ي َ كّ َّ م ِن ال ْ َ
ن الْكََراهَةِ ساءَةَ دُو َ ن اْل ِ َ ف فِي أ َ َّ ختَِل َ منَا اِل ْ َوقَد َّ ْ
َ
ي
ح)أ ْ ه وَذ َب َ َ م ( قَوْل ُ ُ ما فَافْهَ ْ َوفَوْقَهَا َوالتَّوْفِيقَ بَيْنَهُ َ
ه ه ِلَن ّ َُ ْ َ ُ لتمك ُّ
ي عَن ُْ َ ِ ِّ ه ْ من ال ب ِ ا ك ِ رت ِ ْ ا ب ِ ه ِ سك ُ ُ ن ن
ْ مِ نَ ِ صا ق
ْ ّ الن ن ِ َِ َ
َ
ل اْلَكْثَرِ فِي أ ْ َ
جح ِّ شهُرِ ال ْ َ ف بَعْد َ فِعْ ِ ضا َ وأ َ ن ,وَل َ ْ قَارِ ٌ
مَّر ,وَهَذ َا ما َ ي كَ َ كّ ٍ ّ م ِ ن لِ َ متُّعَ وََل قَِرا َ متِّعٌ ,وََل ت َ َ مت َ َ فَ ُ
كّ ٍ ّ
ي م ِ ن لِ َ متُِّع وَالِْقَرا ِ ي الت َّ َ ن نَْف َ ل إ َّ ن قَا َ م ْ ل َ يُؤ َيِّد ُ قَوْ َ
َ
حةِ . ص َّ ي ال ِّ ي َل نَْف ُ مَّر نَهٌْر :أ ْ ما َ ل كَ َ ح ِّ ي ال ْ ِ معْنَاه ُ نَْف ُ َ
منَا هُنَا َ
ك متُِّع ,وَقَد َّ ْ ب الت َّ َ ك فِي بَا ِ مَّر ذَل ِ َ قُلْت َ :وقَد ْ َ
ه ي بَاط ِ ٌ ّ ْ ُ َ تحقيق قَول ثَال ِث ,وهُو أ َ
ل َوقَِران َ ُ ِّ ك
ِ م
َ ال َ ع ّ مت َ َ ت ن ّ ََ َ ٍ َ ْ ِ َ ْ ٍ
م
ه وَهُوَ د َ ُ جعَةِ ( .قَوْل ُ ُ مَرا َ جائِزٍ فَتَذ َك ّْره ُ بِال ْ ُ ح غَيُْر َ حي ٌ ص ِ َ
َ ن ك ُ َّ َ
ض, مِع أ ْو الَّرفْ ِ ج ْ ب ال ْ َ سب َ ِ ب بِ َ ج ُ ل دَم ٍ ي َ ِ جبْرٍ ) ِل َّ َ
100
ن كَا َ
ن ه َوإ ِ ْ م ُ مَقا َ م َ صوْ ُ م ال َّ قو ُ جبْرٍ وَكََّفاَرةٌ فََل ي َ ُ م َ فَهُوَ د َ ُ
ه
م ُ ن يُطْعِ َ
َ
ه وََل أ ْ من ْ ُُ ل ِ ن يَأْك ُ َ هأ ْ
معسرا ,وَل يجوز ل َ َ
َ َ ُ ُ ُ ُ ْ ِ ً
ف دَم ال ُّ
ب. ح الل ّبَا ِ شْر ُ شكْرِ َ , ِ خَل ِ غَنِيًّا ,ب ِ ِ
وفي الموسوعة الفقهية :
ف الُْفَقهَاءُ ختَل َ َ ْ ن اْل َ
ي - 30 :ا ْ ّ ِ ّ ك
ِ م
َ ال ِ رام َ ح
ْ ِ ل ِ ل ُ ض
َ ْ ف مكَا ُ ال ْ َ
ل لْلحرام بالْعمرة لمن كَان ب َ ح ّ َ َ
مك ّ َ
ة َ ِ َ ض ُ ِ ِ ْ َ ِ ِ ُ ْ َ ِ ِ َ ْ ل أف ْ َ ي ال ْ ِ ِ فِي أ ِ ّ
َ
حنَابِلَةِ عنْد َ ال ْ َ ب ِ مذْهَ ُ فيَّةِ وَهُوَ ال ْ َ حن َ ِ حَرم ِ .فَعِنْد َ ال ْ َ أوْ ال ْ َ
ن النَّب ِ َّ ل { ; ِل َ َّ َ أ َ َّ
ي صلى ض ُ ن التَّنْعِيم ِ أفْ َ م ْ م ِ حَرا َ ن اْل ِ ْ
َ الله عليه وسلم أ َمر ع َبد الَرحمن ب َ
ن أبِي بَكْرٍ أ ْ
ن َ َ ْ َ ّ ْ َ ِ ْ َ
َ
ما لِدََللَةِ ل تَْقدِي ً ض ُ ن التَّنْعِيم ِ } فَهُوَ أفْ َ م ْ ة ِ ش َ مَر ع َائ ِ َ يُعْ ِ
محَرا َ ة يَلِي اْل ِ ْ حنَابِل َ ُ ل ال ْ َ ل .وَقَا َ فعْ ِ ل ع َلَى دََللَةِ ال ْ ِ قوْ ِ ال ْ َ
جعَْرانَةِ ث ُ َّ
م ن ال ْ ِ م ْ م ِ حَرا ُ ضلِيَّةِ اْل ِ ْ ن التَّنْعِيم ِ ِفي اْلَفْ َ م ْ ِ
جهٍ : ة فِي وَ ْ حنَابِل َ ُ ة َوال ْ َ شافِعِي َّ ُ ل ال َّ حدَيْبِيَةِ َ .وقَا َ ال ْ ُ
ن التَّنْعِيم ِ ث ُ َّ َ
ن
م ْ م ِ م ْ م ِ ل ,ث ُ َّ ض ُ جعَْرانَةِ أفْ َ ن ال ْ ِ م ْ م ِ حَرا ُ اْل ِ ْ
َ ن { النَّب ِ َّ حدَيْبِيَةِ ; ِل َ َّ
م
حَر َ ي صلى الله عليه وسلم أ ْ ال ْ ُ
من ال ْجعرانة وأ َ
ن التَّنْعِيم ِ َوبَعْدَ ْ م
ِ مار
ِ َ ِ ْت ع ل ِ ا ِ ب ة
َ ش َ ِ َائ ع ر م
ِ ْ َ َ ِ َ َ
َ ِ ْ
ل
خو ِ م بِالد ُّ ُ حدَيْبِيَةِ هَ َّ م ال ْ ُ فةِ ع َا َ حلَي ْ َ مهِ بِهَا بِذِي ال ْ ُ حَرا ِ إ ْ
من عَنْهَا } ,فََقد َّ َ شرِكُو َ م ْ صدَّه ُ ال ْ ُ حدَيْبِيَةِ فَ َ ن ال ْ ُ م ْ إلَيْهَا ِ
َ ال َّ
مَر ما أ َ م َ ه صلى الله عليه وسلم ث ُ َّ ما فَعَل َ ُ ي َ شافِعِ ُّ
م به .وقَا َ َ
ممالِكِيَّةِ :التَّنْعِي ُ ل أكْثَُر ال ْ َ ما هَ َّ ِ ِ َ م َ بِهِ ث ُ َّ
ما عَلَى َ
منْهُ َ حدٍ ِ وا ِ ة لِ َ ضلِي َّ َ ن َ ,ل أفْ َ ساويَا ِ مت َ َ ِ ة ُ جعَْران َ ُ َوال ْ ِ
ل ه ظَاهٌِر ,وَهُوَ ُوُرود ُ اْلَثَرِ فِي ك ُ ٍّ جيهُ ُ خرِ ,وَتَوْ ِ اْل َ
ما . منْهُ َ ِ
مَرةِ ن الْعُ ْ م ْ ب اْلِكْثَاُر ِ ح ُّ ست َ َ مَرةِ - 31 :ي ُ ْ ن الْعُ ْ م ْ اْلِكْثَاُر ِ
ور
مهُ ِ ج ْ عنْد َ ال ْ ُ حدَةِ ِ سنَةِ الْوَا ِ ,وََل يُكَْرهُ تَكَْراُرهَا فِي ال َّ
ن مطَّرِ ٍ حنَابِلَةِ وَ ُ شافِعِيَّةِ وَال ْ َ فيَّةِ وال َّ ( ال ْ َ
ف َواب ْ ِ َ حن َ ِ
مَر ن عُ َ ي َواب ْ ِ ل عَل ِ ٍ ّ مالِكِيَّةِ ) وَهُوَ قَوْ ُ ن ال ْ َ م ْ ن ِ شو ِ ج ُ ما ِ ال ْ َ
ة رضي الله تعالى عنهم ش َ س وَع َائ ِ َ ن وابن ع َبَاس وأ َ
ٍ َ َ ْ ِ ّ ٍ َ
ة رحمهم الله ,وتَد ُ ُّ
مل لَهُ ْ َ م َ عكْرِ َ س وَ ِ وَع َطاءٍ وَطاوُ ٍ
َ َ
101
ث عَلَيْهَا , ح ِّ مَرةِ َ ,وال ْ َ ل الْعُ ْ ض ِ وارِدَة ُ فِي فَ ْ ث ال ْ َ حادِي ُ اْل َ َ
ث عَلَيْهِ . ح ُّ مَرةِ ت َ ُ ة تَتَنَاوَل تَكَْراَر الْعُ ْ مطْلََق ٌ فَإِنَّهَا ُ
ل :قَا َ
ل ب فِيهِ اْلِكْثَاُر فََقا َ ح ُّ ست َ َ ما ي ُ ْ ة َ م َ ن قُدَا َ ل اب ْ ُ ص َ َوفَ َّ
شهر مَرةً ,وكَان أ َ ي رضي الله عنه فِي ك ُ ِّ عَل ِ ٌّ
س
ٌ َ ن َ َ ل َ ْ ٍ َ ّ
ْ
مُر ة :يَعْت َ ِ م ُ عكْرِ َ ل ِ مَر َ ,وقَا َ ج فَاع ْت َ َ خَر َ ه َ س ُ م َرأ َ م َ ح َّ إذ َا َ
َ
ن ل عَطَاءٌ :إ ْ شعْرِهِ ,وَقَا َ ن َ م ْ سى ِ مو َ ن ال ْ ُ مك َ َ إذ َا أ ْ
شهر مَرتين ,وقَا َ َ مَر فِي ك ُ ِّ
مد ُ :إذ َا ح َ لأ ْ َ ِ ل َ ْ ٍ َ ّ َْ شاءَ اع ْت َ َ َ
َ اع ْتمر فََل بد َ أ َن يحل ِ َ
شَرةِ أي َّ َ ٍ
ام صَر َوفِي عَ َ ق أ ْو يَُق ِّ ُ ّ ْ َ ْ َ
يمكن حلْق الَرأ ْ
َ َ َ
نن قَدََر أ ْ ي:إ ْ شافِعِ ُّ ل ال َّ س .وَقَا َ ِ ُ ْ ِ ُ َ ُ ّ
َ َ مر فِي ال َّ
ك. ه ذَل ِ َ حبَبْت ل َ ُ ن أ ْو ثََلثًا أ ْ مَّرتَي ْ ِ شهْرِ َ يَعْت َ ِ َ
مَرةِ ِفي مالِكِيَّةِ :يُكَْره ُ تَكَْراُر الْعُ ْ عنْد َ ال ْ َ شهُوُر ِ م ْ َوال ْ َ
ن, سيرِي َ ن ِ ن َواب ْ ِ س ِ ح َ ل ال ْ َ ن ,وَهُوَ قَوْ ُ مَّرتَي ْ ِ سنَةِ َ ال َّ
خَر . ن فِي عَام ٍ آ َ مَّرةِ لَك ِ ْ ب الّزِيَادَة ُ ع َلَى ال ْ َ وَتُنْد َ ُ
ة ,فَل َ ْ
و جرِي َّ ُ ة الْهِ ْ سن َ ُ مَراد ُ بِالتَّكَْرارِ فِي الْعَام ِ ال َّ َوال ْ ُ
َ
هحَّرم ِ َل يُكَْرهُ ; ِلن َّ ُ م َ م فِي ال ْ ُ قعْدَةِ ث ُ َّ مَر فِي ذِي ال ْ َ اع ْت َ َ
ل كََراهَةِ التَّكَْرارِ فِي ح ُّ َ مَر فِي ال َّ
م َ سنَةِ الث ّانِيَةِ .وَ َ اع ْت َ َ
َ
ضٍع موْ ِ ن َ م ْ ة ِ مك ّ َ ل َ خو ُ م يَتَكََّرْر د ُ ُ ما ل َ ْ حدِ َ الْعَام ِ الْوَا ِ
ع
ج َ م َر َ جيِج ث ُ َّ ح ِ معَ ال ْ َ ج َ خَر َ ما لَوْ َ م ,كَ َ حَرا ٌ ع َلَيْهِ فِيهِ إ ْ
مَرةٍ ; ِل َ َّ ل أَ ْ َ
ن م بِعُ ْ حرِ ُ ه يُ ْ ج ,فَإِن َّ ُ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ ة قَب ْ َ مك ّ َ إلَى َ
ستَد َ َّ
ل مكُْروهٌ َ .وقَد ْ ا ْ شهُرِهِ َ ل أَ ْ ج قَب ْ َ ح ِّ م بِال ْ َ حَرا َ اْل ِ ْ
م يُكَّرِْرهَا فِي َ ل والسلم الصلة عليه ه َ نال ْمالكي َة بأ َ
ْ َ ِ ِّ ُ ِ ُ
ّ
ور
شهُ ِ م ْ ل ال ْ َ مَقاب ِ ُ ك .وَ ُ معَ قُدَْرتِهِ ع َلَى ذَل ِ َ حدٍ َ ع َام ٍ َوا ِ
از
جو ِ ن َ َ م ْ ن ِ شو ِ ج ُ ما ِ ن ال ْ َ ِ ف َواب ْ مطَّرِ ٍ ل ُ مالِكِيَّةِ قَوْ ُ عنْد َ ال ْ َ ِ
ْ
لس بِهَا فِي ك ُ ِّ ب َ :ل بَأ َ حبِي ٍ ن َ ل اب ْ ُ ل قَا َ التَّكَْرارِ ,ب َ ْ
عندهُم م َ
ه يُكَْرهُ ن أن َّ ُ شهُور ِ ْ َ ْ ِ ْ م ْ مَّرة ً .وَع َلَى ال ْ َ شهْرٍ َ َ
َ
م بِثَانِيَةٍ انْعََقدَ حَر َ حدَةِ لَوْ أ ْ سنَةِ الْوَا ِ تَكَْراُرهَا فِي ال َّ
م ُ
ل ش َ سنَد ٌ َوغَيُْرهُ .وَي َ ْ ه َ ماع ًا ,قَال َ ُ ج َ هإ ْ م ُ حَرا ُ إ ْ
َ
ج; ح ِّ شهَُر ال ْ َ ب تَكَْرارِهَا أ ْ حبَا ُ ست ِ ْ مَرةِ َوا ْ ب الْعُ ْ حبَا ُ ست ِ ْ ا ْ
مَر فِيهَا } , ي صلى الله عليه وسلم اعْت َ َ ن { النَّب ِ َّ ِل َ َّ
102
مَرةَ ِفي ن الْعُ ْ جاهِلِيَّةِ أ َ َّ ل لَِزع ْم ِ ال ْ َ ك إبْطَا ٌ َوفِي ذَل ِ َ
شهر ال ْحج م َ َ
مَراتِهِ صلى ن ُ عُ ُ ل إ َّ جور ,ب َ ْ ِ جرِ الُْف ُ ن أف ْ َ أ ْ ُ ِ َ ِّ ِ ْ
ر
شهُ ِ ت كُل ّهَا فِي أ َ ْ ي أْربَعٌ -كَان َ ْ
َ
الله عليه وسلم -ه ِ َ
ن َ
س رضي الله عنه { :أ َّ ن ال ْحج ك َما ثَبت ع َن أ َ
ٍ َ ْ َ ِّ َ َ َ َ
مَر , َ ل الل ّهِ صلى الله سو َ
مَر أْربَعَ عُ َ عليه وسلم اعْت َ َ َ َ
َر ُ
نم ْ مَرةً ِ جتِهِ :عُ ْ ح َّ معَ َ ة إ ّل ال ّتِي َ قعْد َ ِ ن فِي ذِي ال ْ َ كُلَّهُ َّ
حدَيْبِيَةِ فِي ذِي ال ْ َ َ
مَرةً قعْدَةِ ,وَعُ ْ ن ال ْ ُ م َ حدَيْبِيَةِ أوْ َز َ ال ْ ُ
ة
جعَْران َ َ ن ِ م ْ مَرةً ِ قعْدَةِ وَعُ ْ ل فِي ذِي ال ْ َ قب ِ ِ م ْ ن الْعَام ِ ال ْ ُ م ْ ِ
معَ مَرةً َ قعْدَةِ ,وَعُ ْ ن فِي ذِي ال ْ َ حنَي ْ ٍ م ُ م غَنَائ ِ َ س َ ث قَ َّ حي ْ ُ َ
ن هَذ َا ض بَي ْ َ ما قَد ْ يُْفهَ ُ ح َّ
ن تَعَاُر ٍ م ْ م ِ جتِهِ } .وَدَْرءًا ل ِ َ
َ
َ
ن قَا َ
ل ضا َ م َ مَرةِ ِفي َر َ ضلِيَّةِ الْعُ ْ ن أف ْ َ م ْ سبَقَ ِ ما َ وَ َ
ن رمضا َ
صهِ صي ِ ل بِتَن ْ ِ ض ُ ن أف ْ َ مام ِ :إ َّ َ َ َ َ ن ال ْ ُه َ ل بْ ُ ما ُ الْك َ َ
ك ه لِذَل ِ َ ك َ ,وتَْرك ُ ُ صلى الله عليه وسلم ع َلَى ذَل ِ َ
لقْترانه بأ َ
خَرى فِي ت أُ ْ شتِغَالِهِ بِعِبَادَا ٍ ه كَا ْ ّ ُ صُ خُ َ ي ٍ مر ِ َِ ِ ِ ِ ْ
مَر ه لَوْ اعْت َ َ متِهِ ,فَإِن َّ ُ شقَّ ع َلَى أ ُ َّ ن َل ي َ ُ َ
ن تَبَتًُّل َ ,وأ ْ ضا َ م َ َر َ
َ
خبََر ما ,وَقَد ْ أ ْ حي ً م َر ِ ْ ِ ن بِه ه ,وَلََقد ْ كَا َ ُ معَ َ جوا خَر ُ فِيهِ ل َ َ
ع
م َ م َ شقَّ عَلَيْهِ ْ ه لَهَا ; لِئََّل ي َ ُ ن تَْرك َ ُ ت أ َ َّ ض الْعِبَادَا ِ ِ فِي بَعْ
ن حبَّتِهِ َل َ ْ م َ ن ,وَ َ ضا َ م َ م ِفي َر َ قيَام ِ بِهِ ْ حبَّتِهِ لَهَا كَال ْ ِ م َ َ
مي َل يَغْلِبَهُ ْ ه كَ ْ م تََرك َ ُ م ث ُ َّ مَز َ سَقاةِ َز ْ معَ ُ سهِ َ ي بِنَْف ِ سِق َ يَ ْ
مْر عليه الصلة م يَعْت َ ِ م َ { ,وَل َ ْ سَقايَتِهِ ْ س ع َلَى ِ النَّا ُ
لما ُ ه الْك َ َ ما قَال َ ُ مَّرة ً } .وَ َ سنَةِ إ ّل َ والسلم فِي ال َّ
ن دََلل َ َ
ة ن أ َ َّ م ْ نِ , صولِيِّي َ
ُ
عنْد َ اْل ُ مَقَّرٌر ِ ما هُوَ ُ يَتَِّفقُ وَ َ
ستَثْنَى نا ْ ل .لَك ِ ْ فعْ ِ ة ع َلَى دََللَةِ ال ْ ِ م ٌ مَقد َّ َ ل ُ قوْ ِ ال ْ َ
ي, ّ ِ كّ
م ِ ج لِل ْ َ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ ماَر فِي أ َ ْ ك اِلع ْت ِ َ ن ذَل ِ َ ْ م
ة ِ في َّ ُ حن َ ِ ال ْ َ
َ َ
ة, مك ّ َ ن َ ن بَيْنَهَا وَبَي ْ َ م ْ ت وَ َ موَاقِي ِ ل ال ْ َ قيم ِ بِهَا ,وَِلهْ ِ م ِ َوال ْ ُ
فيَّةِ ; حن َ ِ عنْد َ ال ْ َ ج ِ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ ماُر فِي أ َ ْ فَيُكَْره ُ لِهَؤَُلءِ اِلع ْت ِ َ
ن ي ِ ع ِ مت مت ن حو صب ي َ ف , ن جو ُ ح ي م ه َ ن ن الْغَال ِب ع َلَيهم أ َ ِل َ َّ
َ ّ َ َ ُ َ ُ ِ ْ ُ َ ّ ُ َ ْ ِْ ْ ُ ّ َ
عنْدَ ما ِ فيَّةِ .أ َ َّ حن َ ِ عنْد َ ال ْ َ ن فَعَلُوه ُ ِ جَزاءً إ ْ م َ م دَ ٌ مهُ ْ ,وَيَلَْز ُ
103
َ
ن جيُزو َ م يُ ِ ك ; ِلنَّهُ ْ م ِفي ذَل ِ َ ج ع َلَيْهِ ْ حَر َ ور فََل َ ِ مهُ ج ْ ال ْ ُ
َ
ضا ( .ر : متُِّع أي ْ ً م الت َّ َ م دَ َ ن ع َنْهُ ْ سِقطُو َ متُّعَ َ ,وي ُ ْ م الت َّ َ لَهُ ْ
متُّعٌ ف ) 12 11 تَ َ
وفي المحلى :
َ َ - 832مسأ َ
ما ة -إ َّ مك ّ َ مَرةَ -وَهُوَ ب ِ َ ن أَراد َ الْعُ ْ َ ْ م
َ و : ة
ٌ َ ل َ ْ
َ َ َ م َ
ج
خُر َ ن يَ ْ ض عَلَيْهِ أ ْ ن غَيْرِ أهْلِهَا فََفْر ٌ م ْ ن أهْلِهَا ,أ ْو ِ ِ ْ
ي ال ْ ِ َ
ل ح ِّ ج إلَى أ ِ ّ خُر َ
َ َ
ل وََل بُد َّ فَي َ ْ ح ِّ حَرام ِ بِهَا إلَى ال ْ ِ لِْل ِ ْ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو ن َر ُ ل بِهَا { فَِل َ َّ شاءَ ,ويُه ُّ
ِ َ َ
ن
م ْ خُروِج ِ ن أَبِي بَكْرٍ بِال ْ ُ ن بْ َ م ِ ح َ مَر ع َبْد َ الَّر ْ وسلم أ َ
َ
َ
مَر عليه ه } { وَاعْت ََ من ُْ مَر ِ ة إلَى التَّنْعِيم ِ لِيَعْت َ ِ مك ّ َ َ
مَرةِ ك ِفي الْعُ ْ ب ذَل ِ َ ج َ ة } فَوَ َ جعَْران َ ِ ن َال ْ ِ م ْ السلم ِ
ن م ِ ح َ حدَّثَنَا عَبْد ُ الَّر ْ ة -وَبِاَلل ّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ َ . ص ً خا َّ َ
مد َ نَا الَْفَربْرِ ُّ خالِد نا إبراهيم ب َ َّ
ي ح َ نأ ْ ن َ ٍ َ َْ ِ ُ ْ ُ ِ ْ ب ِ ه ن ع َبْد ِ الل بْ ُ
خاريُ نا ع َمرو بن عَل ِ َ َ
ن
ما ُ صم ٍ نَا عُث ْ َ ي أنَا أبُو عَا ِ ٍّ ْ ُ ْ ُ نَا الْب ُ َ ِ ّ َ
ش َ ُ بن اْل َسود نا اب َ
ن
منِي َ مؤ ْ ِ م ِ ال ْ ُ ةأ ّ ن عَائ ِ َ ة عَ ْ ملَيْك َ َ ن أبِي ُ ْ َ ِ َ َُْ ْ ُ
َ َ
مَر عَبْدَ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم أ َ سو َ ن َر ُ { أ َّ
ن التَّنْعِيم ِ َوانْتَظََرهَا عليه م ا َ ه ر م ع ي ن خاهَا أ َ َ الَرحمن أ َ
ْ ِ َ ِ ْ ُ ْ ّ ْ َ ِ
َ َ
ت}. جاءَ ْ حتَّى َ ة َ مك ّ َ السلم بِأع ْلَى َ
جاءَ إلَى ما م َ َ - 833م َ
ه إذ َا َ ج فَإِن َّ ُ ح َّ ن أَراد َ ال ْ َ ة :وَأ َّ َ ْ سأل َ ٌ َ ْ
َ
ه هَدْيٌ , معَ ُ ن َ ن يَكُو َ نأ ْ م ْ خلُو ِ ما ذ َكَْرنَا فََل ي َ ْ ت كَ َ ميَقا ِ ال ْ ِ
قرِ , ل ,أ َ ْو الْب َ َ ن اْلِب ِ ِ م ْ ما ِ ه هَدْيٌ َ ,والْهَدْيُ إ َّ معَ ُ س َ أوْ لَي ْ َ
َ
أَ
ل- ض ُ ه -وَهَذ َا هُوَ اْلَفْ َ معَ ُ ي َ َ ْ د َ ه ل َ نَ اَ ك ن ْ ِ إ َ ف , ِ م َ َن غ ْ ال ْ و
َ َ َ َ َ
جوُز مْفَردَةٍ وَل بُد ّ ل ي َ ُ مَرةٍ ُ م بِعُ ْ حرِ َ ن يُ ْ ض ع َليْهِ أ ْ فََفْر ٌ
َ ك ; فَإ َ
ة
مَر ٍ ج وَعُ ْ ح ٍّ ن َ ج ; أ ْو بِِقَرا ِ ح ٍّ م بِ َ حَر َ نأ ْ ِ ْ ه غَيُْر ذَل ِ َ لَ ُ
ح ُّ َ
ل إذ َا مَرةٍ ي َ ِ ك بِعُ ْ ه ذَل ِ َ خ إهَْلل َ ُ س َ ن يَْف َ ض ع َلَيْهِ أ ْ فََفْر ٌ
ل منها ابتدأَ َ أَت َ َّ
ح َّ ِ ْ َ ْ َ َ م إذ َا أ َ ك ; ث ُ َّ ه غَيُْر ذَل ِ َ جزِئ ُ ُ مهَا َ ,ل ي ُ ْ
ل بال ْحج مْفردا من مك َّ
متِّعًا . مت ََ ُ : مى َ ّ س
َ ُ ي َا ذ َ ه َ و ة
َ اْلِهَْل َ ِ َ ِ ّ ُ َ ً ِ ْ َ
ب لَ َ
ن
هأ ْ ح ُّ ُ ست َ ِ سهِ فَن َ ْ معَ نَْف ِ ه َ ساقَ ُ ه هَدْيٌ َ معَ ُ ن َ ن كَا َ َوإ ِ ْ
َ
ه
ضرِب َ ُ ن يَ ْ ل ,وَهُوَ أ ْ ن اْلِب ِ ِ م ْ ن ِ ن كَا َ هإ ْ شعَِر هَدْي َ ُ يُ ْ
104
حتَّى يُد ْ ِ جان ِب اْل َ
ه ث ُ َّ
م مي َ ُ ه َ سدِ ِ ج َ ن َ م ْ ن ِ ِ م
َ ْ ي حدِيدَةٍ ِفي ال ْ َ ِ بِ َ
ّ َ
ق
ل َويُعَلُِقهَا فِي عُن ُ ِ حب ْ ٍ ط نَعًْل فِي َ ن يَْرب ِ َ قل ِّدَه ُ ,وَهُوَ أ ْ يُ َ
َ
ن
م ْ ي ِ ن الْهَد ْ ُ ن كَا َ ن ,فَإ ِ ْ س ٌ ح َ ل فَ َ ج ٍّ ه بِ َ جل ّل َ ُ ن َ ي َوإ ِ ْ الْهَد ْ ِ
قهِ جلْدٍ فِي عُن ُ ِ ة ِ قل ِّدُه ُ ُرقْعَ َ ن يُ َ شعَاَر فِيهِ لَك ِ ْ الْغَنَم ِ فََل إ ْ
ت لَ ُ
ه قلِيد َ كَان َ ْ شعَاَر فِيهِ وََل ت َ ْ قرِ فََل إ ْ ن الْب َ َ م ْ ن ِ ن كَا َ ; فَإ ِ ْ
ل :لَبَّي ْ َ أ َسن ِم ٌ َ
معًا ج َ ح ٍّ ة وَ َ مَر ٍ ك بِعُ ْ قو ُ م يَ ُ ن .ث ُ َّ م تَك ُ ْ ة أوْ ل َ َ ْ ْ َ
ج
ح ٍّ ك بِ َ ل :لَبَّي ْ َ ن قَا َ ك وََل بُد َّ ; وَإ ِ ْ ه إ ّل ذَل ِ َ جزِئ ُ ُ َ ,ل ي ُ ْ
مَرةً ; أ َ ْو ة وَعُ ْ ج ً ح َّ جا ,أ ْو َ
َ ح ًّ مَرة ً وَ َ ك عُ ْ مَرةٍ ; أ َ ْو لَبَّي ْ َ وَع ُ ْ
كل ذَل ِ َ سهِ ,ول َم يَنْطِق بهِ فَك ُ ُّ ك فِي نَْف ِ ل ذَل ِ َ نَوى ك ُ َّ
ْ ِ َ ْ َ
نم ْ ساقَ ِ ن َ م ْ ن .وَ َ مى :الِْقَرا َ س َّ جائٌِز ; وَهَذ َا ي ُ َ َ
ما قلِيدِ َ ار ,وَالت َّ ْ شعَ ِ ن اْل ِ ْ م ْ ل فِيهِ ِ ن الْهَدْيَ فَعَ َ مرِي َ معْت َ ِ ال ْ ُ
شتَرِ َ َ
ط فَيَُقو َ
ل ن يَ ْ ما ذ َكَْرنَا أ ْ ل َ ه ِفي ك ُ ِّ ب َل َ ُ ح ُّ ذ َكَْرنَا ; َون ُ ِ
ن سنِي ,فَإ ِ ْ حب ِ ُ ث تَ ْ حي ْ ُ حل ِّي َ م ِ ن َ م إ َّ عنْد َ إهَْللِهِ :الل ّهُ َّ ِ
ك فَأصاب َ َ
هج لَ ُ خَر َ ما َ مام ِ َ ن تَ َ ه عَ ْ ما يَعُوقُ ُ مٌر َ هأ ْ َ َ ُ ل ذَل ِ َ قَا َ
يءَ عَلَيْهِ ; َل هَدْيَ وََل ل وََل َ ح َّ َ من ح َ
شُ ْ مَرةٍ أ َ ج َ أ ْو ع ُ ْ ِ ْ َ ٍّ
َ
مَر فَعَلَيْهِ أ ْ
ن ط وََل اعْت َ َ ج قَ ّ ح َّ م يَ ُ ن لَ ْ ن كَا َ ضاءَ إ ّل إ ْ قَ َ
ما ما ذ َكَْرنَا َ : - ن َ ه .بُْرهَا ُ مَرت َ ُ سَلم ِ وَع ُ ْ ة اْل ِ ْ ج َ ح َّ ج َ ح َّ يَ ُ
ن رويناه من طَريق مسلِم نا اب َ
فيَا ُ س ْ مَر نَا ُ ن أبِي عُ َ ِ ِ ُ ْ ٍ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ ِ ْ
ت{ ة قَال َ ْ ش َ ن عَائ ِ َ ن عُْروَةَ عَ ْ ي عَ ْ ن الُّزهْرِ َ ِ ّ ة عَ ْ ن ع ُيَيْن َ َ بْ ُ
ل: ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم فََقا َ سو ِ معَ َر ُ جنَا َ خَر ْ َ
مَرةٍ فَلْي َ ْ َ ن يُه َّ َ َ
نم ْ ل ,وَ َ فعَ ْ ج ,أو ْ ع ُ ْ ح ٍّ ل بِ َ ِ مأ ْ منْك ُ ْ ن أَراد َ ِ م ْ َ
َ ن يُهِ ّ َ َ َ ّ ْ َ َ ّ َ أَ
مَرةٍ ل بِعُ ْ ن أَراد َ أ ْ َ َ ْ م َ و , ل ِ ه ُ ي ل ف جّ ٍ ح
َ ِ ب ل ِ ه ُ ي نْ أ َ د را َ
ُ َّ َ ة :فَأهَ ّ َ َ ْ
سول اللهِ صلى الله ل َر ُ ش ُ ت ع َائ ِ َ ل ,قَال ْ فَليُهِ ّ
ل بهِ نَاس معَه وأَهَ َّ َ َ
س
ل نَا ٌ ٌ َ ُ َ ج ,وَأهَ ّ ِ ح ٍّ عليه وسلم ب ِ َ
لل نَاس بعُمرةٍ وكُن ْت فِيمن أَهَ َّ ج والْعُمرةِ ; وأَهَ َّ بِال ْ َ
َ ْ ُ ٌ ِ ْ َ َ َ ْ َ ح ِّ َ
مد :فَهذ َا أَوَ ُ َ بالْعمرة } .قَا َ َ
مرِهِ عليه لأ ْ ّ َ ح َّ ٍ م َ ل أبُو ُ ِ ُ ْ َ ِ
مم َوإَِرادَتِهِ َْ مهِ ْ حَرا ِ عنْد َ ابْتِدَاءِ إ ْ فةِ ِ حلَي ْ َ السلم بِذِي ال ْ ُ
ث : -نَا عَبْد ُ الل ّهِ حدِي ِ ص ال ْ َ ك ,إذ ْ هُوَ ن َ ُّ ش ٍّ ل بَِل َ اْلِهَْل َ
َ
سى عي َ ن ِ ب بْ ُ ن فَتٍْح نَا ع َبْد ُ الْوَهَّا ِ مد ُ ب ْ ُ ح َ ف نَا أ ْ س َ ن يُو ُ بْ ُ
105
ن َ ح َّ َ
م بْ ُ سل ِ ُ م ْ ي نَا ُ ن عَل ِ ٍ ّ مد ُ ب ْ ُ ح َ مد ٍ نَا أ ْ م َ ن ُ مد ُ ب ْ ُ ح َ نَا أ ْ
َ
ن- ن دُكَي ْ ٍ ل بْ ُ ض ُ ميْرٍ نَا أبُو نُعَيْم ٍ هُوَ الَْف ْ ن نُ َ ُ جاِج نَا اب ْ ح َّ ال ْ َ
َ
مَرةٍ متِّعًا بِعُ ْ مت َ َ مك ّة ُ مت َ ل ( :قَد ِ ْ ن نَافٍِع قَا َ سى ب ْ ُ مو َ نَا ُ
َ َ
جتُك ح َّ صيُر َ س :تَ ِ ل النَّا ُ ل التَّْروِيَةِ بِأْربَعَةِ أيَّام ٍ فََقا َ قَب ْ َ
ل: ن أَبِي َربَاٍح فََقا َ ِ خلْت ع َلَى ع َطَاءِ ب ْ ة ) فَد َ َ كّي َّ ً م ِ َ اْل َ
ن
َ َ َ
ل الل ّهِ سو ِ معَ َر ُ ج َ ح َّ ه َ ن ع َبْد ِ الل ّهِ أن َّ ُ جابُِر ب ْ ُ حدَّثَنِي َ َ
ه ,وَقَ ْ
د معَ ُ ساقَ ال ْ َهَدْيَ َ م َ صلى الله عليه وسلم ع َا َ
َ ُّ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو ُ َ ُ ر َ
ل قا َ َ ف ا ً د ر ِ ُُ َ ف
ْ م ج ّ ح
َ ْ ال ِ ب وا أهَل
ن
ت َ ,وبَي ْ َ م فَطُوفُوا بِالْبَي ْ ِ مك ُ ْ حَرا ِ نإ ْ م ْ حل ّوا ِ وسلم { :أ َ ِ
ن حتَّى إذ َا كَا َ حَلًل َ موا َ ُ صُروا وَأَقِي روةِ َ ,وقَ ِّ َ ْ م
َ صَفا وَال ْ ال َّ
َ َ ُ
م بِهَا مت ُ ْ جعَلُوا ال ّذِي قَدِ ْ ج َوا ْ ح ِّ م التَّْروِيَةِ فَأهِل ّوا بِال ْ َ يَوْ ُ
ن َراهْوَيْهِ - حاقُ هُوَ اب ْ ُ س َ سلِم ٍ نَا إ ْ م ْ ة } َ .وبِهِ إلَى ُ متْعَ ً ُ
ين عَل ِ ِ ّ مدِ َ ب ْ َِ ح َّ م َ ن ُ فرِ ب ْ ِ جعْ َ ن َ ل عَ ْ عي َ ما ِ س َ نإ ْ ِ حاتِم ِ ب ْ ن َ عَ ْ
َ بن ال ْحسين ع َ َ
ه
خبََر ُ هأ ْ ن ع َبْدِ الل ّهِ أن َّ ُ جابِرِ ب ْ ِ ن َ ن أبِيهِ ع َ ْ ْ ُ َ ْ ِ ْ ِ
حتَّى ل{َ : ي صلى الله عليه وسلم فََقا َ جةِ النَّب ِ ِ ّ ح َّ ن َ عَ ْ
ل عليه السلم مْروَةِ ,قَا َ ف ع َلَى ال ْ َ خَر طَوَا ٍ نآ ِ إذ َا كَا َ
ق قبل ْت من أ َمري ما استدبرت ل َ َ :لَو أ َ
س ْ مأ ُ ْ َ َْْ ُ ْ َ ِ ْ ْ ِ ُ َ ْ َ ست ْ ا ي ِ ّ ن ْ
ه
معَ ُ س َ م لَي ْ َ منْك ُ ْ ن ِ ن كَا َ م ْ مَرة ً فَ َ جعَلْتُهَا ع ُ ْ ي َو َ الْهَد ْ َ
ك مال ِ ِ سَراقَ ُ مَرةً فََقا َ جعَلْهَا ع ُ ل وَلْي َ ْ ح َّ هَدْيٌ فَلْي َ ِ
ن َ ة بْ ُ م ُ ْ
َ ل :يا رسو َ َ َ
م منَا هَذ َا أ ْ ل الل ّهِ ألِعَا ِ شم ٍ فََقا َ َ َ ُ جعْ ُ ن ُ ب ْ َِ
ُ َّ شب َّ َ لِْلبَد ِ ؟ فَ َ
سول اللهِ صلى الله عليه وسلم ك َر ُ
ة
حد َ ً ه َوا ِ َ
صابِعَ ُ أ َ
ن, ْ ي َ رت َ م جّ ح
َ مَرةُ فِي ال ْ ُ ع ت ال ْ خل َ َ َ د : َ
ل ا َ ق و رى خ
ْ فِي اْل ُ
ِ ّ َ ِ َّ ْ ْ َ َ
ل ِلَبد أ َ
ن
ِ ْ ب ِ ه الل ِ د ْ َب ع ن ُ ْ ب نِ م
َ ح
ْ رَ ّ ال ُ د ْ َب ع اَ ن . } ٍ د َ ب َل ب َ ْ َ ٍ
ي نَا خارِ ُّ مد َ نَا الَْفَربْرِيُّ نَا الْب ُ َ خالِد نا إبراهيم ب َ
ح َ نأ ْ َ ٍ َ َْ ِ ُ ْ ُ
َ
ب خالِدٍ -نَا أيُّو ُ ن َ ب هُوَ اب ْ ُ ل نَا وُهَي ْ ٍ عي َ ما ِ س َ نإ ْ سى ب ْ ُ مو َ ُ
ك َ ن أبِي قَِلب َ َ َ ختِيَان ِ ُّ
مال ِ ٍ ن َ س بْ ِ ن أن َ ِ ة عَ ْ ْ ي -عَ س ْ هُوَ ال ِّ
ُ َّ َّ قَا َ
سول اللهِ صلى الله عليه وسلم - صلى َر ُ َ ل{
َ ُ
صَر بِذِي مدِينَةِ -الظ ّهَْر أْربَعًا َوالْعَ ْ ه بِال ْ َ معَ ُ ن َ ح ُ وَن َ ْ
106
ب م َرك ِ َ صبِْح ث ُ َّ حتَّى ال ُّ ت بِهَا َ َ م بَا ن ث ُ َّ ِ فةِ َركْعَتَي ْ حلَي ْ َ ال ْ ُ
َّ
حسب َّ َ مد َ الل َ َ َ و ه ح ِ ه ع َلَى الْبَيْدَاءِ َ حلَت ُ ُ ت بِهِ َرا ِ ستَوَ ْ حتَّى ا ْ َ
ما ,فَل َ َّ ج وع ُمرةٍ وأَهَ َّ م أَهَ َّ
ما س بِهِ َ ل النَّا ُ ح ٍّ َ ُ ْ َ َ ل بِ َ وَكَبََّر ث ُ َّ
قَدمنا أ َ
م التَّْروِيَةِ ن يَوْ ُ حتَّى إذ َا كَا َ حل ّوا َ س فَ َ َ ا َ ّ الن ر َ م
َ ِ ْ َ
َّ َ ْ َ ُّ
ن
ُ ْ ب ِ ه الل ُ د ْ َب ع اَ ن َ د م َ حْ أ ن ُ ْ ب م ُ ما َ حُ ا َ ن . } ج ّ ِ ح َ ال ِ ب وا أهَل
َ
نخالِدٍ نَا عُبَيْد ُ ب ْ ُ ن َ مد ُ ب ْ ُ ح َ ي نَا أ ْ ج َّ ي الْبَا ِ ن عَل ِ ٍ ّ مد ِ ب ْ ِ ح َّ م َ ُ
ي نَا عَبْدِ حذ َافِ ُّ ف ال ْ ُ س َ ن يُو ُ مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ ي نَا ُ شوَرِ ُّ مد ٍ الْك َ ْ ح َّ م َ ُ
نروةَ ع َ ْ ن عُ ْ َ ي عَ ْ ن الُّزهْرِ ِ ّ مٌر ع َ ْ معْ َ ك ,وَ َ مال ِ ٌ ق نَا َ الَّرَّزا ِ
ي صلى الله عليه م َعَ النَّب ِ ِ ّ جنَا َ خَر ْ تَ {: ة قَال َ ْ ش َ ع َائ ِ َ
ل النَّب ِ ُّ
ي م قَا َ مَرةٍ ,ث ُ َّ جةِ الْوَدَاِع فَأهْلَلْنَا بِعُ ْ ح َّ م َ وسلم ع َا َ
ن معَه هَدْي فَلْيُه َّ
ل ِ ٌ ن كَا َ َ ُ م ْ صلى الله عليه وسلم َ :
ح َّ حتَّى ي َ ِ ح َّ مَرةِ وََل ي َ ِ
ميعًا } . ج ِ ما َ منْهُ َ ل ِ ل َ معَ الْعُ ْ ج َ ح ِّ بِال ْ َ
ن ث الثَّابِتَةِ بُْرهَا ُ حادِي ِ مدٍ :فَِفي هَذِهِ اْل َ َ ح َّ م َ ُ ل أَبُو قَا َ
ل ما قُلْنا ولِل ّه تعالَى ال ْحمد وهي أ َربع ُ َ َ ك ُ ِّ
ث:- حادِي َ ةأ َ َ ْ ُ َ ِ َ ْ ََ َ َ ِ ََ َ
ي صلى مَر النَّب ِ ُّ فَفي اْلَوَل الَّذي من طَريق جابر أ َ
ِ ِ َ ِ ٍ َ ِ ْ ِ ّ ِ ِ
الله عليه وسلم من أهَ َّ َ
ه
معَ ُ فَردٍ وََل هَدْيَ َ م ْ ج ُ ح ٍّ ل بِ َ َ ْ
م يُه َّ ح َّ بأ َ
م التَّْروِي َ ِ
ة ج يَوْ َ ح ِّ ل بِال ْ َ ِ َ ّ ُ ث , َ ّ د ُ ب مَرةٍ وَ َ
ل ْ ُ ع ِ ب ل ِ َ ي نْ ِ
َّ
ن
م ْ ث الذِي ِ ث الثَّال ِ ِ حدِي ِ متِّعًا .وَ ِفي ال ْ َ مت َ َ صيُر ُ فَي َ ِ
لطَريق أَن َس أ َمره صلى الله عليه وسلم من أَهَ َّ
َ ْ ٍ ْ ُ ُ ِ ِ
مَرةٍ وََل بُدَّ َ َ
ل بِعُ ْ ن يُهِ ّ هأ ْ معَ ُ مَرةٍ قَارِنًا وََل هَدْيَ َ ج وَع ُ ْ ح ٍّ بِ َ
َ م يُه َّ
متِّعًا . مت َ َ ضا ُ صيُر أي ْ ً م التَّْروِيَةِ فَي َ ِ ج يَوْ َ ح ِّ ل بِال ْ َ ِ ; ث ُ َّ
َ َّ
ه
مُر ُ جابِرٍ أ ْ ق َ ِ ي ن ط َِ
ر ْ م
ِ ي ِ ذ ث الثَّانِي ال حدِي ِ َوفِي ال ْ َ
صلى الله عليه وسلم ك ُ ُّ
ما مو ً ه عُ ُ معَ ُ ن َل هَدْيَ َ م ْ ل َ
صَفا مرِهِ عَلَى ال َّ ن هَذ َا هُو آ ِ َ مَرةٍ ,وَأ َ َّ ح َّ َ
خُر أ ْ َ ل بِعُ ْ ن يَ ِ بِأ ْ
نم ْ ل ِ ض ُ متُّعَ أفْ َ
َ
ن الت َّ َ خبََر بِأ َ َّ ه عليه السلم أ َ ْ ة ; وَأن َّ ُ
َ مك ّ َ
ب َ
ِ َ
َ
ك هُوَ , ل ذَل ِ َ فعَ ْ م يَ ْ ف إذ ْ ل َ ْ س َ ه ,وَتَأ َّ معَ ُ ي َ ق الْهَد ْ ِ سوْ ِ َ
َ
ما مةِ ,وَ َ قيَا َ ق إلَى يَوْم ِ ال ْ ِ ٍ م ( هُوَ ) بَا حك ْ َ ن هَذ َا ال ْ ُ َوأ َّ
خ س َ خ أَبدا ; وم َ َ كَان هَكَذ َا فََقد أ َمنَا أ َ
جاَز ن َ ْ نأ َ َ ْ َ ً َ س َ ْ ن ُ ي ن ْ ْ ِ ّ َ
َّ َ
ل اللهِ سو ِ خبَرِ َر ُ ب عَلَى َ جاَز الْكَذ ِ َ ه فََقد ْ أ َ فت ُ ُ ص َ ما هَذِهِ ِ َ
107
جَّرد ٌ ; َوفِيهِ م َ مدُهُ كُْفٌر ُ صلى الله عليه وسلم وَهَذ َا تَعَ ُّ
ج -وَهَذ َا هُوَ قَوْلُنَا ِل َ َّ
ن ح ِّ ت فِي ال ْ َ خل َ ْ مَرة َ قَد ْ د َ َ ْ ن الْعُ أ َ َّ
َ َّ
متِّعًا مت ََ َِ ُ ا ه ب ن ُ و ُ ك َ ي ه
ُ ل ٍ ة م
َ ّ د
ِ ق
َ َ مت جوُز إ ِ ْ َ ُ ٍ ة ر م ُ ع ب ل ج َل ي َ ُ ح َّ ال ْ َ
َ
ث حدِي ِ مزِيد َ َ .وفِي ال ْ َ ه وََل َ معَ ُ مْقُرونَةٍ َ مَر َةٍ َ أوْ بِعُ ْ
ة أ ُم ال ْمؤْمنِي َ ن طَرِي
ه
مُر ُ نأ ْ ش َ ِّ ُ ِ َ ق ع َائ ِ َ ِ م ْ الَّرابِِع ال ّذِي ِ
ن صلى الله عليه وسلم من معه هَد َ
ن بَي ْ َ ن يَْقُر َ يأ ْ َ ْ َ َ ُ ْ ٌ
جاهِد ٌ , م َ س ,وَ ُ ٍ ن عَبَّا ل اب ْ ُ قو ُ مَرةِ : -وَبِهِ ي َ ُ ج ,وَالْعُ ْ ح ِّ ال ْ َ
َ
ن مد ُ ب ْ ُ ح َ ن َراهْوَيْهِ ,وَغَيُْرهُ : -نَا أ ْ ُ حاقُ ب ْ س َ وَع َطَاءٌ َ ,وإ ِ ْ
ْ َّ ع ُمر ب َ
ل نَا ٍ قا َ ع
ِ َِ ن ْ ب ن
ِ ْ سي َ حُ ال ن
ُ ْ ب ِ ه س نَا ع َبْد ُ الل ن أن َ ٍ َ َ ْ ِ
ن مد َ َب ْ ِ ح َ نأ ْ مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ يُ نَا ُ مد ٍ الدِّينَوَرِ ّ ح َّ م َ ن ُ م بْ ُ إبَْراهِي ُ
َ
د
م ُ ح َ ل نَا أ ْ عي َ ما ِ س َ نإ ْ مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ ل ُ عي َ ما ِ س َ جهْم ِ نَا أبُو إ ْ ال ْ َ
ن
ن يَزِيد َ -ع َ ْ س هُوَ اب ْ ُ حدَّثَنِي يُون ُ ُ ة َ س ُ صالٍِح نَا ع َنْب َ َ ن َ بْ ُ
َ ب أَن َّ
هس أن َّ َ ُ ٍ ا َ ّ َب ع ن ِ ْ اب ن
ْ َ ع ه ُ َ ث َ ّ د حَ هُ ن كَُري ْ ٍ ب عَ ْ شهَا ٍ ن ِ اب ْ ِ
جا إ ّل حا ًّ ن َ ن كَا َ تإ ْ ل بِالْبَي ْ ِ ج ٌ ف َر ُ ما طَا َ لَ : قو ُ ن يَ ُ كَا َ
ه هَدْيٌ ,وََل طَا َ ح َّ
همعَ ُ ف وَ َ معَ ُ ن َ م يَك ُ ْ مَرةٍ إذ َا ل َ ْ ل بِعُ َ ْ َ
ق م ْ َ ح َّ ت لَ ُ هَدْيٌ إ ّل ا ْ
ن ط َرِي ِ مَرةٌ .وَ ِ ة ,وَعُ ْ ج ٌ هَ : معَ ْ جت َ َ
ن َراهْوَيْهِ -أنَا حاقُ هُوَ اب ْ ُ س َ جاِج نَا إ ْ ح َّ ن ال ْ َ ِ سلِم ِ ب ْ م ْ ُ
خبََرنِي عَطَاءٌ قَا َ َ َ
ل :كَا َ
ن جَريٍْج أ ْ ن ُ ن بَكْرٍ أنَا اب ْ ُ مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ ُ
جحا ٍ ّ ج وََل غَيُْر َ حا ٌّ ت َ ف بِالْبَي ْ ِ ل َ :ل يَطُو ُ س يَُقو ُ ٍ ن ع َبَّا اب َْ ُ
قلْت لِعطَاءٍ :م َ ح َّ
ل: ك ؟ قَا َ ل ذَل ِ َ ن تَُقو ُ ن أي ْ َُ ِ ْ َ ل .فَ ُ إ ّل َ
َّ
ت حل ّهَا إلَى الْبَي ْ ِ م ِ ّ َ م َ ُ ث { : ى َ ال َ ع َ ت ِ ه ل الل ن قَوْ ِ م ْ ِ
ل: ف ؟ قَا َ معََّر ِ ك بَعْد َ ال ْ ُ ن ذَل ِ َ ق } .قُلْت :فَإ ِ َّ العَتِي ِ
ْ
ه. ف وَقَبْل َ ُ معََّر ِ ل :هُوَ بَعْد َ ال ْ َُ قو ُ س يَ ُ ٍ ن ع َبَّا ن اب ْ ْ ُ كَا َ
ل الل ّهِ صلى الله عليه ك من أ َ
سو ِ مرِ َر ُ ْ ْ خذ ُ ذَل ِ َ ِ ن يَأ ُ وَكَا َ
ْ َ ُّ حين أ َمرهُ َ
نَ ِ ْ َ ْم
ِ و - ع ا َ د و ال ة
ِ ج ّ ح
َ ي ف
ِ وا حل ن يَ ِ مأ ْ وسلم ِ َ َ َ ْ
مُر ن يَأ ُ س كَا َ ن عَبَّا ٍ ن اب ْ َ جاهِد ٍ :أ َ َّ م َ ق ع َطَاءٍ ,وَ ُ ِ طَرِي
الَْقار َ
مَرة ً إذ َا ل َ ْ
م جعَلَهَا ع ُ ْ ن يَ ْ نأ ْ ِ َ
نِ ن اب ْ ْ س عَ ٍ ُ ق طَاو ِ ن طَرِي ْ م
ي -وَ ِ َ ق الْهَد ْ سا َ ن َ ْ يَك ُ
َ َ ُّ َ َ
متْعَةٍ إ ّل ط إ ّل ب ِ ُ لق ج ٍ ة َر ُ ج ُ ح َّ ت َ م ْ ما ت َ َّ س :وَاَلل ّهِ َ ع َبَّا ٍ
108
َ
ن َربِيٍع سنَةِ : -نَا عَبْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ ط ال َّ س ِ مَر فِي َو َ ل اع ْت َ َ ج ٌ َر ُ
ن ح َّ ن ُ َ ح َّ
مد ُ ب ْ ُ م َ ب نَا ُ شعَي ْ ٍ مد ُ ب ْ ُ ح َ ة نَا أ ْ اوي َ َ معَ ِ ن ُ مد ُ ب ْ ُ م َ نَا ُ
و
ن هُ َ فيَا ُ س ْ ي نَا ُ مهْد ِ ٍ ّ ن َ ن بْ ُ م ِ ح َ مثَنَّى نَا ع َبْد ُ الَّر ْ ال ْ ُ
َ
ب شهَا ٍ ن ِ ق بْ ِ ن طَارِ ِ سلِم ٍ ع َ ْ م ْ ن ُ سَ ب ْ ِ ن قَي ْ ِ يُ -ع َ ْ الث ّوْرِ ّ
ع َن أ َ
ت عَلَى م ُ ل { :قَدِ ْ ي قَا َ ِ ِّ ر َ ع ش ْ ل ْ ا سى َ مو ُ ي ِ ب ْ
ْ ْ َّ
حاءِ ل اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالبَط َ سو ِ َر ُ
َ ل:ب َ
ي صلى ل النَّب ِ ِ ّ ت بِإِهَْل ِ ت :أهْلَل ْ ُ ت ؟ قُل ْ ُ م أهْلَل ْ َ فََقا َ ِ َ
ت: ي ؟ قُل ْ ُ ن هَد ْ ٍ م ْ ت ِ سْق َ ل ُ ل :هَ ْ الله عليه وسلم قَا َ
ح َّ
ل, م ِ مْروَةِ ث ُ َّ صَفا وَال ْ َ ت وَبِال َّ ف بِالْبَي ْ ِ ل :طُ ْ َل ,قَا َ
م أَتيت امرأ َ
ن
ْ م
ِ ً ة مْروَةِ ث ُ َّ َ ْ ُ ْ َ صَفا وَال ْ َ ت وَبِال َّ ت بِالْبَي ْ ِ فَطُْف ُ
ت أُفْتِي سي } فَكُن ْ ُ ت َرأ ِ
ْ
سل َ ْ شطَتْنِي َوغ َ َ م َ مي فَ َ قَوْ ِ
َ
مَر ; فَإِنِّي ماَرةِ عُ َ ماَرةِ أبِي بَكْرٍ ,وَإ ِ َ ك فِي إ َ س بِذَل ِ َ النَّا َ
ك َل تَدْرِي ل :إن َّ َ ل فََقا َ ج ٌ جاءَنِي َر ُ سم ِ إذ ْ َ موْ ِ م بِال ْ َ لََقائ ِ ٌ
ْ ُ شأ ْ ما أ َحد َ َ
ت :يَا ُ ل ُ ق ؟ ك
ِ س
ُ ّ الن نن فِي َ ِ منِي َ مؤ ْ ِ ميُر ال ْ ُ ثأ ِ َ ْ َ
شيءٍ فَلْيتَئِد فَإ َ َ َ َ
ميَر نأ ِ َّ ْ ِ ّ ن كُنَّا أفْتَيْنَا َه ُ ب ِ َ ْ م ْ س َ أيُّهَا النَّا ُ
ت :يَا م قُل ْ ُ ما قَدِ َ موا بِهِ ,فَل َ َّ
َ
م فَأت َ ُّ ْ م ع َلَيْك ُ ن قَاد ِ ٌ َ منِي مؤ ْ ِ ُ ال ْ
شأ ْ َ َ
ن ِ ت فِي َ َ حدَث ْ ما ( هَذ َا ) ال ّذِي أ ْ َ ن
َ منِي مؤ ْ ِ ُ ميَر ال ْ أ ِ
َ َ َ َ ْ
ن الل ّ َ
ه ب الل ّهِ تَعَالَى فإ ِ ّ
َّ ِ خذ ْ بِكِتَا ن نَأ ُ ل:إ ْ ك ؟ قَا َ س ِ الن ُّ ُ
ْ ل { :وَأَت ِ ُّ
خذْ ن نَأ ُ َِ ْ إ و } ِ ه مَرةَ لِل ج َوالْعُ ْ ح َّ موا ال ْ َ تَعَالَى قَا َ
حتَّى ح َّ
ل َ م يَ ِ ه لَ ْ سنَّةِ نَبِي ِّنَا صلى الله عليه وسلم فَإِن َّ ُ بِ ُ
َ ح َّ َ حَر الْهَدْيَ .قَا َ
سى قَدْ مو َ مد ٍ :هَذ َا أبُو ُ م َ ل أبُو ُ نَ َ
ة ْ َ َ ْ ُ ْ أَ
ماَر ِ َ نإ ْ م ِ را ً ْ د ص
َ و
ٍ َ ر ك َ ب ي ِ ب أ ِ ة رَ ماَ إ َ ة ّ د م
ُ اَ ن ل ق ما َ ِ ب ى َ ت ف
َّ ُ َ
ه
شاءَ الل ُ ما َ ه لِ َ س تَوَقُّف ُ مَر رضي الله عنهما ,وَلي ْ َ عُ َ
ن يَتَوَقَّ َ َ
ن النَّب َ ِ ِ ّ
ي ي عَ ْ ما ُروِ َ ة ع َلَى َ ج ٌ ح َّ ه ُ ف لَ ُ تَعَالَى أ ْ
ما ال ّذِي مَر َ ه لِعُ َ سبُنَا قَوْل ُ ُ ح ْ صلى الله عليه وسلم َو َ
مُر َ .وأ َ َّ َ َ َ ُ شأ ْ َ
ما َ ُ ع ك ِ ل َ ذ رَْ ِ ك ْ نُ ي م
ْ ل ف ؟ كِ س
ُ ّ الن ن ت فِي َ ِ حدَث ْ َ أ ْ
ه تَعَالَى : ُ ل الل ّ قو ُ مَر رضي الله عنه فَي َ ُ َ ل عُ قَوْ ُ
َ َ { َوأَت ِ ُّ
ما إ ّل م لَهُ َ ما َ مَرة َ لِل ّهِ } فََل إت ْ َ ج َ َوالْعُ ْ ح َّ موا ال ْ َ
َ
و
س وَهُ َ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم النَّا َ سو ُ ه َر ُ م ُ ع َل ّ َ
109
ما أُنْزِ َ ُ ُ َ
ل ن َ مَر بِبَيَا ِ ة ,وَأ ِ ت ع َلَيْهِ هَذِهِ اْلي َ ُ ال ّذِي أنْزِل َ ْ
حتَّى ل َ ح َّ م يَ ِ ه عليه السلم ل َ ْ ما كَوْن ُ ُ ك .وَأ َ َّ ن ذَل ِ َ م ْ ع َلَيْهِ ِ
ة رضي الله ص ُ حْف َ ه َ ن ابْنَت َ ُ منِي َ مؤ ْ ِ م ال ْ ُ ن أ ُ َّ حَر الْهَدْيَ فَإ ِ َّ نَ َ
ني صلى الله عليه وسلم بَيَا َ ن النَّب ِ ِ ّ ت عَ ْ عنها َروَ ْ
ن ن اب ْ ِ ن نَافٍِع عَ ْ ك عَ ْ مال ِ ٍ ق َ ِ ن طَرِي م ْ ما ُروِّينَا ِ فِعْلِهِ ك َ َ
لسو ِ ت لَِر ُ ْ ن أَنَّهَا قَال َ َ منِي مؤ ْ ِ ُ م ال ْ ة أ ِّ
ع ُمر ع َن { حْفص َ ُ
َ َ ْ ََ َ
ُ ْ
حل ّوا وَل َ ْ
م س َ ِ ن النَّا شأ ُ ما َ الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َ
ْ ح َّ َ
سي ت َرأ ِ ل :إنِّي لَبَّد ْ ُ ك ؟ قَا َ مَرت ِ َ ن عُ ْ م ْ ت ِ ل أن ْ َ َ
تَ ِ
َ َ ح ُّ َوقَل ّدْت هَدْيِي فََل أ َ ِ
ضارواهُ أي ْ ً حَر } َ .و َ َ حتَّى أن ْ َ ل َ
خبََرنِي ب أَ ْ ٍ ْ ي َ ع ش ُ نِ ْ ب َ د م
َ حْ
ي ك َما روينا من طَريق أ َ
عَل ِ ٌّ َ ُ ِّ َ ِ ْ َ ِ ِ
ج
جا ٌ ح َّ ن نَا َ م َعِي ٍ ن َ حيَى ب ْ ُ شعَرِيُّ نَا ي َ ْ صالٍِح اْل ْ ن َ ة بْ ُ معَاوِي َ ُ ُ
َ
حاقَ س َ س يَعْنِي أبَا إ ْ مد ٍ اْلع ْوَرِ -نَا يُون ُ ُ ح َّ م َ ن ُ يَعْنِي اب ْ َ
ي -عَ َ
ن
ب -عَ ْ ن عَازِ ٍ ن الْبََراءِ هُوَ اب ْ َ ُ ن أبِيهِ ع َ ْ ْ سبِيعِ َّ ال َّ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو َ ن َر ُ ب { أ َ َّ ن أبِي طَال ِ ٍ
عَل ِي ب َ
ِّ ْ ِ
ت ,لَ ْ
و ت الْهَدْيَ وَقََرن ْ ُ سْق ُ ه :إنِّي ُ ل لَ ُ وسلم قَا َ
قبل ْت م َ
م, ما فَعَلْت ُ ْ ت كَ َ فعَل ْ ُ ت لَ َ ستَدْبَْر ُ ما ا ْ مرِي َ نأ ْ ست َ ْ َ ُ ِ ْ ا ْ
َ َ
ن يُتَّبَعَ ت } .فَهَذ َا أوْلَى أ ْ ي وَقََرن ْ ُ ت الْهَد ْ َ سْق ُ وَلَكِنِّي ُ
ص َّ من رأ ْ
ه ; وَقَ ْ
د ُ ه عَن ْ ُ جوعُ ه ُر ُ ُ ح ع َن ْ َ مُر قَد ْ َ ي َرآهُ ع ُ ِ ْ َ ٍ
َّ َ
شاءَ الل ُ
ه ن َ ما نَذ ْكُُر بَعْد َ هَذ َا إ ْ ضا ك َ َ خالَُفوه ُ فِيهِ أي ْ ً َ
ن ق ع َبْد ِ الَّرَّزا َِ م ْ َ تَعَالَى .وَ ِ
ن بْ ِ فيَا َ س ْ ن ُ ق عَ ْ ن طرِي ِ
ب ل فِي كِتَا ِ ن أبِيهِ قَا َ مد ٍ ع َ ْ ح َّ م َ ن ُ فرِ ب ْ ِ جعْ َ ن َ ة عَ ْ ع ُيَيْن َ َ
َ َ
جح ِّ ن ال ْ َ معَ بَي ْ َ ج َ ن يَ ْ شاءَ أ ْ ن َ م ْ بَ : ن أبِي طَال ِ ٍ ِ ي بْ عَل ِ ِ ّ
َ
د
م ِ ح َّ م َ ن ُ مد ُ ب ْ ُ ح َ ه : -نَا أ ْ معَ ُ ه َ سقْ هَدْي َ ُ مَرةِ فَلْي َ ُ َوال ْ َعُ ْ
ي نا ابن مَفرج نا إبراهيم بن أ َ
ن ِ ْ ب َ د مَ ح ْ منْك ِ ُّ َ ْ ُ ُ ّ ِ ٍ َ ْ َ ِ ُ ْ ُ الط ّل ْ َ
ن
سعِيد ُ ب ْ ُ صائِغُ نَا َ ن َزيْد ٍ ال َّ ي بْ ِ ن عَل ِ ِ ّ مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ س نَا ُ ٍ فَِرا
شي َ
ل: مرِ -قَا َ معْت َ ِ ن ال ْ ُ صوٌر هُوَ اب ْ ُ من ْ ُ م أنَا َ صورٍ نَا هُ َ ْ ٌ من ْ ُ َ
ام ه فِي ذَل ِ َ ْ يُ َو َ ن الْب َ ْ ج ال ْ َ ح َّ
ك العَ َِ معَ ُ جت َ ج ْ ح َ صرِ ّ َ ُ س ح َ َ
ل :يَا أبَا ن فََقا َ س ِ ح َ ل إلَى ال ْ َ ج ٌ جاءَ َر ُ ة َ مك ّ َ منَا َ ما قَد ِ ْ فَل َ َّ
ن وَإِنِّي قة م َ ل بَعِيد ُ ال ُّ َ ج ٌ
سا َ خَرا َ ل ُ ن أهْ ِ ش ّ ِ ِ ْ سعِيد ٍ إنِّي َر ُ َ
110
ً
مَرةً جعَلْهَا عُ ْ ن:ا ْ س ُ ح َ ه ال ْ َ ل لَ ُ ج ؟ فََقا َ ح ِّ مهِ ّل بِال ْ َ مت ُ قَد ِ ْ
شاعَ قَوْل ُ ُ
ه ن َو َ س ِ ح َ س ع َلَى ال ْ َ ك النَّا ُ ل فَأَنْكََر ذَل ِ َ ح َّ َوأ َ ِ
ل: ه فََقا َ ك ل َُ ن أَبِي َربَاٍح فَذ َكََر ذَل ِ َ ب ء
َ ا َ َط ع ى تبمك َّة فَأ َ
َ ْ َ ِ َ َ
َ َ َ صدَقَ ال َّ
ل أبُو ك قَا َ م بِذَل ِ َ ن نَتَكَل ّ َ خ َ ,ولَكِنَّا نَْفُرقُ أ ْ شي ْ ُ َ
مد ٍ : ح َّ م َ ُ
َ َ
ن الل ّهِ تَعَالَى سن َ ِ ة ع َلَى ُ ج ً ح َّ ل ُ جهْ ِ ل ال ْ َ س إنْكَاُر أهْ ِ لَي ْ َ
ق عَبْدِ ِ ن طَرِي م ْ سولِهِ صلى الله عليه وسلم وَ ِ َوَر ُ
ن ل :من أَهَ َّ ن ع َطَاءٍ قَا َ الَّرَّزا
م ْ ل ِ َ ْ جَريٍْج ع َ ْ ن ُ ِ ن اب ْ ق َع َ ْ ِ
َ
جةٍ ح َّ صا أ ْو ب ِ َ خال ِ ً ج َ ح ِّ ة بِال ْ َ متْعَ ٌ ه َُ ن لَ ُ م ْ م َّ ق الل ّهِ تَعَالَى ِ خل ِ
َ ْ
سولِهِ صلى سنَّةِ الل ّهِ تَعَالَى َوَر ُ ة ُ متْعَ ُ ي ُ مَرةٍ فَهِ َ وَع ُ ْ
ن
مرٍ ع ََ ْ معْ َ ن َ ق عَ ْ الله عليه وسلم َوَبِهِ َإلَى ع َب َْد ِ الَّرَّزا ِ
ل الل ّ ِ
ه سو ِ ل َر ُ ن قَوْ ِ ل عَ ْ سأ َ ه َ ن أبِيهِ أن َّ ُ س عَ ْ ن طاوُ ٍ
َ
اب ْ ِ
مَرةُ فِي ت الْعُ ْ خل َ ْ صلى الله عليه وسلم { د َ َ
ح فََقدْ ج وَيَذ ْب َ ُ ح َّ فرِد ُ ال ْ َ ل يُ ْ ج ُ ل :هُوَ الَّر ُ ج ؟ } فََقا َ ح ِّ ال ْ َ
ن م ْ ميعًا .وَ ِ ج ِ ه َ جبَتَا ل َ ُ ج فَوَ َ ح ِّ مَرة ٌ فِي ال ْ َ ه عُ ْ ت لَ ُ خل َ ْ دَ َ
َ
جاهِدًا م َ معَ ُ س ِ ه َ ن ذَّرٍ :أن َّ ُ مُر ب ْ ُ ق نَا ع ُ َ ِ ق ع َبْد ِ الَّرَّزا ِ طَرِي
َ
ع
م َ مَرةٌ َ ه عُ ْ جا فَأهْدَى هَدْيًا فَل َ ُ حا ًّ جاءَ َ ن َ م ْ لَ : قو ُ يَ ُ
ن
ب بْ ُ صورٍ نَا عَتَّا ُ من ْ ُ ن َ ِ سعِيد ِ ب ْ ق َ ِ ن طَرِي م ْ جةٍ .وَ ِ ح َّ َ
َ
ن عَبَّا ٍ
س ن اب ْ َ جاهِدٍ أ َّ م َ ن ع َطَاءٍ وَ ُ ف عَ ْ صي ْ ٌ خ َ شيرٍ نَا ُ بَ ِ
كَان يأمر الَْقار َ ْ
ساقَ ن َ م َ يَك ُ ْ مَرةً إذ َا ل َ ْ جعَلَهَا ع ُ ْ ن يَ ْ نأ ْ ِ َ َ َ ُ ُ
كحا ُ ض َّ جاهِدٍ فَأتَاهُ ال َّ م َ معَ ُ ف :وَكُنْت َ صي ْ ٌ َ خل ُ ي قَا َ َ الْهَد ْ
ل لَ ُ
ه جاهِدًا ؟ فََقا َ م َ ل ُ سأ َ َ جا فَ َ حا ًّ ج َ خَر َ سلَيْم ٍ وَقَد ْ َ ن ُ بْ ُ
جت ج ْ ح َ ما َ ل َ ل :هَذ َا أَوَّ ُ مَرة ً ,فََقا َ جعَلْهَا ع ُ ْ جاهِد ٌ :ا ْ م َ ُ
َ َ َ َ فََل ت ُ َ
مك ُ َ
ث نأ ْ م؟أ ْ ك تََرى أت َ َّ سي فَأيُّ ذَل ِ َ شايِعُنِي نَْف ِ
كَ َ َ َ
ه: قلْت ل َ ُ ف :فَ ُ صي ْ ٌ خ َ ل ُ مَرة ً ؟ قَا َ جعَلَهَا ع ُ ْ ما أنَا أ ْو أ ْ َ
َ َ َ أَظ ُ ُّ
ت ؟ فََرفَعَ ما أن ْ َ ث كَ َ مك ُ َ ن تَ ْ جك أ ْ ح ِّ م لِ َ ن هَذ َا أت َ َّ
ن هَذ َا , م َ
م تل :ما هو بأ َ ض وَقَا َ َْ
َْ ِ ّ َ َ ُ َ ِ ن الْر ِ م ْ ة ِ جاهِد ٌ تَبِن َ ً م َ ُ
نل عُبَيْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ ن َراهْوَيْهِ َ .وقَا َ حاقَ ب ْ َِ س َ لإ ْ وَهُوَ قَوْ ُ
جح ِّ سِخ ال ْ َ حةِ فَ ْ ل بِإِبَا َ حنْب َ ٍ ن َ مد ُ ب ْ ُ ح َ ضي َ ,وأ ْ ن الَْقا ِ س ِ ح َ ال ْ َ
111
يشافِعِ ُّ ك ,وال َّ مال ِ ٌ َل بإيجابه -ومنع من َ
َ ة َ ,وَ َ حنِيَف َ ه أبُو َ ِِ َ ِ ِ َ َ َ َ ِ ْ ُ
ل الل ّهِ صلى الله عليه َ ل عَل ِ ٌّ .قَا َ
سو ِ مَر َر ُ روى أ ْ يَ َ :
لح َّ مَرةٍ وَي َ ِ ح َّ س َ وسلم من َل هَدي ل َ َ
ه بِعُ ْ ج ُ خ َ ن يَْف َ
َ
هأ ْ ْ َ ُ َ ْ
ن, يِ من ْ ؤ م ْ ال م َ ُ أ ة
َ ش َ ِ َائ ع و , ه ّ الل د َب ع ن ب ر جاب مر بأَوكَد أ َ
َ ِ ُ ّ َ ِ ِ ْ َ َ ْ ِ َ ٍُ ْ ِ ْ ِ
ة بِنْت م ُ ك ) ,وَفَاط ِ َ ن ( كَذَل ِ َ منِي َ مؤ ْ ِ م ال ْ ُ ة أ َّ ص َ َ حْف وَ َ
ماءُ س َ ي ,وَأ ْ
َ سول اللَّه صلى الله عليه وسلم ,وَعَل ِ ٌّ َر ُ
ي ,وَأَبُو شعَرِ ُّ سى اْل َ ْ مو َ ق ,وَأبُو ُ
َ
َ ِ ي ّ د
ِ صِ ّ ال ٍ ر ْ ك َ ب ي ِ ب بنت أ َ
ِْ ُ
مَر , ن عُ َ س َ ,واب ْ ُ ن ع َبَّا ٍ س َواب ْ ُ ي ,وَأن َ ٌ خدْرِ ِ ّ سعِيد ٍ ال ْ ُ َ
ن
ة بْ ُ سَراقَ ُ ب َ ,و ُ ن ع َازِ ٍ معْبَد ٍ ,وَالْبََراءُ ب ْ ُ ن َ سبَْرةُ ب ْ ُ َو َ
حابَةِ ص َ ن ال َّ م ْ شَر ِ ة عَ َ س َ م َ خ ْ سارٍ َ ن يَ َ ل بْ ُ معِْق ُ ك ,وَ َ مال ِ ٍ َ
ن شُرو َ ع ْ ف وَ ِ ن هَؤَُلءِ نَي ِّ ٌ ْ رواه ُ ع َ َ َ رضي الله عنهم ; َو
َ َ
صيهِ إ ّل الل ّ ُ
ه ح ِ ن َل ي ُ ْ م ْ ن هَؤَُلءِ َ رواه ُ ع َ ْ ن ; َو َ َ ن التَّابِعِي َ م ْ ِ
حدًا ال ْ ُ َ َ
ج حت َ َّ ن هَذ َا َ .وا ْ ج عَ ْ خُرو ُ سعْ أ َ م يَ َ ل ,فَل َ ْ ج ّ عََّز وَ َ
ف ك ُ َّ
يءٍ ش ْ م فِي َ ة لَهُ ْ ج َ ح َّ ت َل ُ ضا ٍ ل هَذ َا بِاع ْتَِرا َ خال َ َ ن َ م ْ َ
م ْ َ َ
ك مال ِ ٍ ق َ ن طرِي ِ روينَاهُ ِ خبًَرا ُ ِّ م ذ َكَُروا َ منْهَا أنَّهُ ْ منْهَا ; ِ ِ
َ َ
ن
ل عَ ْ ن نَوْفَ ٍ ن بْ َ ِ م ِ ح َ ن ع َبْد ِ الَّر ْ مد ِ ب ْ ِ ح َّ م َ سوَد ِ ُ ن أبِي اْل ْ عَ ْ
ل الل ّهِ صلى الله سو ِ معَ َر ُ جنَا َ خَر ْ ة{ َ ش َ ن ع َائ ِ َ عُْروَة َ ع َ ْ
منَّا من أَهَ َّ
مَرةٍ , ل بِعُ ْ جةِ الْوَدَاِع فَ ِ َ ْ ح َّ م َ عليه وسلم ع َا َ
ج ح ِّ ل بِال ْ َ منَّا من أَهَ َّ منَّا من أَهَ َّ
ْ مَرةٍ ; وَ ِ َ ج وَع ُ ْ ح ٍّ ل بِ َ
َ وَ ِ َ ْ
َ وأَهَ َّ
ما ج ,فَأ َّ ح ِّ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم بِال ْ َ سو ُ ل َر ُ َ
َ َ َ ل ,وَأ َّ َ َ َ َ
معَ ج َ ج أوْ َ ح ٍّ ل بِ َ ن أهَ ّ م ْ ما َ ح ّ مَرةٍ فَ َ ْ ل بِعُ ن أهَ ّ م ْ َ
َ َ ُ ّ َ ْ ْ
حرِ } م الن ّ ْ ن يَوْ ُ حت ّى كَا َ حلوا َ م يَ ِ مَرةِ فَل ْ ج َوالعُ ْ ح ِّ ن ال َ بَي ْ َ
ن م ْ َ
مرِو ب ْ ِ ن عَ ْ ب عَ ْ ن وَهْ ٍ ق اب ْ ِ ن َطرِي ِ خبَرٍ ُروِّينَاهُ ِ .وَب ِ َ
ن ْ ب ن م
َ ح ْ ر َ ّ ال ِ د ْ َب ع ن ْ ب ِ د َ
م ّ حَ م
ُ ِ د َ سو ْ لن أَبِي ا ْ ث عَ ْ حارِ ِ ال ْ َ
ِ ِ ِ
ن ل ذ َكََر { ع َ ْ ج ٍ ن َر ُ ه عَ ْ ن عُْروَة َ ,وَقَد ْ ذ ُكَِر ل َ ُ ل عَ ْ نَوْفَ ٍ
ح َّ َ
ل} ت وَ َ ف بِالْبَي ْ ِ ه طَا َ ي صلى الله عليه وسلم أن َّ ُ النَّب ِ ِ ّ
ن ت عَ ْ ث :قَال َ ْ حدِي ٍ ة فِي َ ش َ ن ع َائ ِ َ روَةُ ع َ ْ ل ع ُ َْ فََقا َ
يءٍ ش َ ُ
ل َ و رسول الل ّه صلى الله عليه وسلم " أَن َه أ َ
ْ ّ ُ ّ َ َ
ِ َ ُ ِ
َ بَدَأ َ بِهِ ِ
مت ,ث ُ َّ ف بِالْبَي ْ ِ م طَا َ ضأ ث ُ َّ ه تَوَ َّ ة أن َّ ُ مك ّ َ م َ ن قَد ِ َ حي َ
112
َ
ت ف بِالْبَي ْ ِ يءٍ بَدَأ َ بِهِ الط ّوَا َ ش ْ ل َ ن أَوَّ ُ ج أبُو بَكْرٍ فَكَا َ
ح َ َ
َ ّ
نما ُ ج عُث ْ َ ح َّ م َ ك ,ث ُ َّ ل ذَل ِ َ مث ْ ُ مُر ِ َ م عُ ن غَيُْره ُ ,ث ُ َّ ْ م يَك ُ ْ م لَ ث ُ َّ
َ َ ُ ْ َّ َ ل َ فََرأَيْته أَوَّ ُ
م ّ ْ ل م ث , ) ت ِ ْ ي َ ب ال يءٍ بَدَأ بِهِ الط َ َ ِ
ب ( ف ُ ا و ش ْ
ممَر ,ث ُ َّ ن عُ َ ة ,وَع َبْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ معَاوِي َ ُ م ُ ن غَيُْره ُ ,ث ُ َّ يَك ُ ْ
َ َ ُ َ حججت مع الُزبير أَبي فَكَان أ َ
يءٍ بَدَأ بِهِ ْ ش ل و
َ ّ َ َ ّ َْ ِ ِ َ َ ْ
َ َ
م َرأيْت ن غَيُْرهُ ,ث ُ َّ م يَك ُ ْ م لَ ْ ت ث ُ َّ ف بِالْبَي ْ ِ الط ّوَا َ
َ
ن غَيُْر ُ
ه م يَك ُ ْ م لَ ْ ك ,ث ُ َّ ن ذَل ِ َ فعَلُو َ صاَر ي َ ْ ن َواْلن ْ َ جرِي َ مهَا ِ ال ْ ُ
َ
ن
حي َ يءٍ ِ ش ْ ن بِ َ ما ) كَانُوا يَبْدَءُو َ َ ضى ( م َ َ نْ مم َّ حد ٌ ِ وََل أ َ
َ م أَوَّ َ يضعو َ
م َل ت ث ُ َّ ف بِالْبَي ْ ِ ن الط ّوَا ِ م ْ ل ِ مهُ ْ ن أقْدَا َ َ َ ُ َ
َ َ ُ َ َ ُّ
ن
ِ آ َ د ْ ب َ ت ل ن ِ ما َ ُ د ق
ْ َ ت ي ِ ت خال َ و
َ , مي ِ ّ أ ت ْ ي رأ َ ْ د ق و
َ , ن َ و حل يَ ِ
م َل َ
ن بِهِ ث ُ َّ ت تَطُوفَا ِ ن الْبَي ْ ِ م ْ ل ِ يءٍ أوَّ َ شَ ْ بِ َ
ختُهَا ي وَأ ُ ْ ت هِ َ مي أنَّهَا أ ُقْبَل َ ْ
َ َ ُ
خبََرتْنِي أ ِّ ن َ ,وقَد ْ أ َ ْ ح ّل ِ تَ ِ
حوا الُّرك ْ َ
ن س ُ م َ ما َ ط فَل َ َّ مَرةٍ قَ ّ ن بِعُ ْ ن وَفَُل ٌ َوالُّزبَيُْر وَفَُل ٌ
َ َ َ َ َ ُّ
ه اَ
َ ِ ٍ ُ ِّ ُ ين رو ر َ خب َ ب و . " ك ِ ل ذ ن ْ م
ِ رَ ِ ُك ذ ما َ ي ِ ف ب َ ذ ك ْ د ق َ و , وا حل َ
شيرٍ الْعَبْدِ ِ ّ
ي ن بَ ِ مدِ ب ْ ِ ح َّ م َ ن ُ ة عَ ْ شيْب َ َ ن أَبِي َ ق اب ْ ِ ن طرِي ِ
م ْ َ ِ
ن عَبْدِ حيَى ب ْ ِ ن يَ ْ ة عَ ْ م َ ن ع َلَْق َ مرِو ب ْ ِ ن عَ ْ مد ِ ب ْ ِ ح َّ م َ ن ُ عَ ْ
معَ جنَا َ خَر ْ تَ ": ة قَال َ ْ ش َ ن ع َائ ِ َ ب عَ ْ حاط ِ ٍ ن َ ِ َ
ن بْ ِ مَ حالَّر ْ
نم ذ َكَْرت أ َ َّ ج ث ُ َّ ح ِّ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم لِل ْ َ سو ِ َر ُ
َ منْهم أَهَ َّ
ج فَل َ ْ
م ح ٍّ مَرةٍ وَ َ مْفَرد ٍ ,أ ْو بِعُ ْ ج ُ ح ٍّ ل بِ َ ن ِ ُ ْ ن كَا َ م ْ َ
َ َ
مَرةٍ ل بِعُ ْ ن أهَ ّ م ْ ج ,وَ َ ح ِّ ك ال ْ َ س َ منَا ِ ضى َ حتَّى قَ َ ل َ حل ِ ْ يَ ْ
حتَّى ح َّ
ل َ م َ مْروَةِ ث ُ َّ صَفا وَال ْ َ ت وَبِال َّ ف بِالْبَي ْ ِ مْفَردَةٍ طَا َ ُ
َ ْ َ ح َّ َ جا " .قَا َ ح ًّ قب ِ َ
سوَدِ ث أبِي ال ْ حدِي ُ مدٍ َ : م َ ل أبُو ُ ل َ ست َ ْ يَ ْ
ن عَبْدِ ِ حيَى ب ْ ث يَ ْ حدِي ُ ة ,وَ َ ش َ ن ع َائ ِ َ ْ روة َ ع َ َ ْ ن عُ ْ عَ
َ ٌ
ل عنْد َ أهْ ِ خطَأ ِ ن ,وَ َ منْكََرا ِ ب ع َنْهَا ُ حاط ِ ٍ ن َ ِ ن بْ ِ م
ح َ الَّر ْ
الْعِلْم بال ْحديث .نا أ َحمد بن ع ُمر ب َ
س نَا عَبْدُ ن َ أن َ ٍ َ َ ْ ِ َ ْ َ ُ ْ ُ ِ ِ َ ِ ِ
ح َّ ّ ْ َّ
مدِ م َ ُ ُ ن ْ ب ِ ه الل ُ د ْ ي َ ُب ع ا َ ن ل
ٍ قا َ ع
ِ نََ ِ ِ ْ ب ن ْ سي ح ُ ال ن
ُ ْ ب ِ ه الل
م
سل ِ ٍ م ْ ن ُ مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ فرٍ نَا ُ جعْ َ ن َ مد ُ ب ْ ُ ح َ ي نَا أ ْ سَقط ِ ُّ ال َّ
جوْهَرِ ُّ
ي سى ال ْ َ عي َ ن ِ ِ مد ِ ب ْ ح َّ م َ ن ُ مُر ب ْ ُ ي نَا ع ُ َ ختَّل ِ ُّ ال ْ ُ
َ َ َ
لحنْب َ ٍ ن َ مد ُ ب ْ ُ ح َ م نَا أ ْ مدٍ اْلثَْر ُ ح َّ م َ ن ُ مد ُ ب ْ ُ ح َ ي نَا أ ْ سدَّان ِ ُّ ال ُّ
113
َ َ ث مال ِك ع َ َ
سوَدِ ال ّذِي ذ َكَْرنَا آنًِفا ن أبِي اْل ْ ْ حدِي َ َ ٍ فَذ َكََر َ
فََقا َ َ
ب؟ ج ِ ن الْعَ َ م ْ ث ِ حدِي ِ ش فِي هَذ َا ال ْ َ مد ُ :إي َِ ح َ لأ ْ
ن ع ُ ي ر ه ز ُ ال : ه َ ل ت ْ قلُ َ ف : م ر ْ ث لْ ا َ
ل ا َ ق , هذ َا خطَأ ٌ
ْ َ ِ ّ ْ ّ ُ ُ َ َ َ
م, َ خَلفِهِ ؟ قَا َ ن ع َائ ِ َ
مد ُ :نَعَ ْ ح َ لأ ْ ة بِ ِ ش َ عُْروَة َ ع َ ْ
َ َ َ
سوَدِ مدٍ :وَِلبِي اْل ْ ح َّ م َ ل أبُو ُ ن عُْروَةَ .قَا َ م بْ ُ شا ُ وَه ِ َ
ه, سادِ ِ خَفاءَ بَِف َ ب َل َ خُر فِي هَذ َا الْبَا ِ ثآ َ حدِي ٌ ور َ ِ مذ ْك ُ ال ْ َ
ن َ ق الْب ُ َ ن طَرِي
مد ُ ب ْ ُ ح َ ي نَا أ ْ خار ِ ّ ِ ِ م ْ خبٌَر ُروِّينَاه ُ ِ وَهُوَ َ
ن أَبِي ْ ث عَ حارِ ِ ن ال ْ َ ُ مُرو ب ْ ْ ب أَنَا ع َ ن وَهْ ٍ صالٍِح نَا اب ْ ُ َ
َّ َ َ
ن عَبْد َ اللهِ ل أ َّ ن نَوْفَ ٍ ِ ن بْ ِ م
ح َ ن ع َبْد ِ الَّر ْ ِ مد ِ ب ْ ح َّ م َ سوَد ِ ُ اْل ْ
ل :حدَث َ َ ت أَبِي بَكْرٍ قَا َ َ
ه كَا َ
ن ه أن َّ ُ ََ ّ ُ ماءَ بِن ْ ِ س َ موْلَى أ ْ َ
َ َ
ت مَّر ْ ما َ ل كُل ّ َ قو ُ ت أبِي بَكْرٍ ت َ ُ
َ َ ماءَ بِن ْ
َ َ س
معُ أ ْ َ سيَ ْ
ه
معَ ُ سولِهِ لََقد ْ نََزلْنَا َ ه ع َلَى َر ُ صل ّى الل ّ ُ نَ : جو ِ ح ُ بِال ْ َ
ة أَْزوَادُنَا ل ظَهُْرنَا قَلِيل َ ٌ ف قَلِي ٌ خَفا ٌ ن يَوْمئِذ ٍ ِ ح ُ هَاهُنَا َ ,ون َ ْ
ن, ة ,وَالُّزبَيُْر َ ,وفَُل ٌ ش ُ ختِي ع َائ ِ َ مْرت أَنَا َوأ ُ ْ فَاع ْت َ َ
ما مسحنا الْبيت أ َحلَلْنا ث ُ َ َ
ن م ْ م أهْلَلْنَا ِ َْ َ ْ َ ّ ن ; فَل َ َّ َ َ ْ َ َوفَُل ٌ
ن
م ْ ف ِ خَل ٍ ل بَِل ِ ي :وَهَذ َا بَاط ِ ٌ ل عَل ِ ٌّ ج .قَا َ ح ِّ ي بِال ْ َ ش ِّ الْعَ ِ
َام ع ي ف ر م ت ع ت م ة رضي الله عنها ل َ َ ش َ ِ َائ ع نَ حدٍ ; ِل َ أَ
ِ ِ ْ ِ َ ْ َ ْ ّ َ
صًل ; ِلَنَّهَا د َ َ ل ال ْح َ
ي
ت َ -وَهِ َ خل َ ْ جأ ْ َ ِّ جةِ الْوَدَاِع قَب ْ َ ح َّ َ
َ
نت إ ّل بَعْد َ أ ْ ف بِالْبَي ْ ِ م تَط ُ ْ ف وَل َ ْ سَر ٍ ت بِ َ ض ْ حا َ ضَ - حائ ِ ٌ َ
َ َ
س; َِ م ش ْ شهَْرةِ ال ّ مٌر فِي ُ حرِ هَذ َا أ ْ م الن َّ ْ ت يَوْ َ طَهَُر ْ
ن
ي صلى الله عليه وسلم أ ْ النَّب ِ ِ ّ نْ
يعمرها بعد ال ْحج فَأ َ
م
ت ِ ك َرِغب َ ْ وَلِذَل ِ َ
ضاءِ ن التَّنْعِيم ِ بَعْد َ انِْق َ ْ مِ ا َ ه ر َ م
َ ْ ع َ ْ ُ َ َ َ ْ َ َ ِّ
َّ أَ
ه
ن ع َبْدِ اللهِ َ ,وَروَا ُ جابُِر ب ْ ُ رواه ُ َ ق كُل ِّهَا َ َ ِ ِ ي شر ْ َ ّ الت ِ ام َ ّ ي
س, مدٍ ,وَطاوُ ٌ َ ح َّ م َ ن ُ م بْ ُ س ُ ة :عُْروَةُ َ ,والَقا ِ ْ ش َ ن ع َائ ِ َ عَ ْ
ة .وَبَلِي َّ ٌ
ة ملَيْك َ َ ومجاهد ,واْل َسود بن زيد واب َ
ن أبِي ُ ْ َ ُ ْ ُ َ ْ ٍ َ ْ ُ َ ُ َ ِ ٌ َ
خبر وهي قَول ُه فيه :ث ُ َ َ أُ ْ
ن م ْ م أهْلَلْنَا ِ ّ خَرى فِي هَذ َا ال ْ َ َ ِ َ ِ َ ْ ُ ِ ِ
مة أ ُ َّ ش َ ن عَائ ِ َ ف ِ ,ل َ َّ خَل ٍ ل بَِل ِ ج ,وَهَذ َا بَاط ِ ٌ ح ِّ ي بِال ْ َ ّ ِ الْعَ ِ
ش
ن اب و , ك ِ ل ما ن ب س ن ال ْمؤ ْمنِين ; وجابر بن ع َبد اللَّه وأ َ
َ َ ْ ٍ َ ُ ْ ُ َ ِ َ َ َ َِ ْ َ ْ ِ ُ ِ َ
حَل َ َ َ
مخولِهِ ْ م دُ ُ ن يَوْ َ ل كَا َ ن اْل ِ ْ م َروَ ْوا :أ َّ س ,كُل ّهُ ْ ع َبَّا ٍ
114
ي صلى الله عليه وسلم َوأ َ َّ َ
ن إهَْللَهُ ْ
م معَ النَّب ِ ِ ّ ة َ مك ّ َ َ
م
ن يَوْ ِ منًى -وَبَي ْ َ م ِ م التَّْروِيَةِ -وَهُوَ يَوْ ُ ن يَوْ َ ج كَا َ ح ِّ بِال ْ َ
لسو َ ن َر ُ ك ; ِل َ َّ ش ٍّ ة أَيَّام ٍ بَِل َ م ثََلث َ َ م إهَْللِهِ ْ م يَوْ َ ح ََللِهِ ْ إ ْ
ح َّ َ الل ّهِ صلى الله عليه وسلم د َ َ
جةِ ة فِي َ مك ّ َ ل َ خ َ
ث ِفي حادِي ُ جةِ ,وَاْل َ َ ح َّ ن ذِي ال ْ ِ م ْ ح َرابِعَةٍ ِ صب ْ َ الْوَدَاِع ُ
شهُوَرةٌ قَد ْ ذ َكَْرنَاهَا فِي كُتُبِنَا وَذ َكََرهَا النَّا ُ
س م ْ ك َ ذَل ِ َ
سنَد ِ ; فَظَهََر ع ََواُر ِر َوايَةِ أَبِي م ْ معَ فِي ال ْ ُ ج َ ن َ م ْ ل َ
وك ُ ُّ
َ
َ
سوَد ِ . اْل ْ
َ
مَر النَّب ِ ِ ّ
ي ة{أ ْ ش َ ن عَائ ِ َ روة َ ع َ ْ ن عُ ْ َ يُ ع َ ْ َوقَد ْ َروَى الُّزهْرِ ّ
ج} ح ِّ سِخ ال ْ َ ه بَِف ْ ي لَ ُ ن َل هَد ْ َ م ْ صلى الله عليه وسلم َ
ي:- ر ْ ه ز ُ ال ب د سو َ ل ْ ا و ب َ أ لُ د ع ي َ
ل و , ه خو ُ س َ ف م ه َ ن وأ َ
ّ ِ ِ ْ ُ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ ّ
ِ ِ ّ َّ َ
َ
ْ
َ
َ
َ
ث ن بُكيْرٍ نَا اللي ْ ُ حيَى ب ْ ُ ي نَا ي َ ْ خارِ ِ ّ ق الب ُ َ ن طرِي ِ م ْ ُروِّينَا ِ
شهاب ن ِ ن اب ْ ِ خالِدٍ عَ ْ ن َ ل بْ ِ قي ْ ِ ن عُ َ سعْد ٍ -ع َ ْ ن َ هُوَ اب ْ ُ
َ ٍ َّ ل :قَا َ مَر قَا َ َ ّ
ل عَبْد ُ اللهِ ن عُ َ ن ع َبْد ِ اللهِ ب ْ ِ سالِم ِ ب ْ ِ ن َ عَ ْ
ي صلى الله عليه وسلم ّ ِ جةِ النَّب ِ ح َّ فةِ َ ص َ مَر فِي ِ ن عُ َ بْ ُ
َ م النَّب ِ ُّ فَل َ َّ
ل ة قَا َ مك ّ َ ي صلى الله عليه وسلم َ ما قَد ِ َ
ح ُّ ه َل ي َ ِ لِلنَاس { :من كَان منك ُ َ
ن
م ْ ل ِ م أهْدَى فَإِن َّ ُ َ ِ ْ ْ َ ْ ّ ِ
م يَك ُ ْ
ن ن لَ ْ م ْ ه ,وَ َ ج ُ ح َّ ي َ ض َ حتَّى يَْق ِ ه َ من ْ ُ م ِ حُر َ ي ٍء َ ش ْ َ
مْروَةِ - صَفا َوال ْ َ ت َوبِال َّ ف بِالْبَي ْ ِ م أَهْدَى فَلْيَط ُ ْ منْك ُ ْ ِ
م لِيُه َّ
جد ْ هَدْيًا م يَ ِ ن لَ ْ م ْ ج فَ َ ح ِّ ل بِال ْ َ ل ث ُ َّ ِ حل ِ ْ صُر وَلْي َ ْ وَيَُق ِّ
جعَ إلَى َ
ة إذ َا َر َ سبْعَ ً ج وَ َ ح ِّ ة أيَّام ٍ فِي ال ْ َ م ثََلث َ َ ص ْ فَلْي َ ُ
ه
خبََرت ْ ُ ة أَ ْ ش َ ن عَائ ِ َ ن عُْروَةَ :إ َّ ْ َ ع ُ ي
ِ ّ ر ْ ه ُ
ز ّ ال لَ ا َ ق ; } ِ ه ِ ل ْ ه أَ
ه
مت ّعِ ِ ُ ي صلى الله عليه وسلم ) فِي ت َ َ ن النَّب ِ ِ ّ ( عَ ْ
ه
خبََر ب ِ ِ ما أ َ ْ ل َ مث ْ ِ ه بِ ِ معَ ُ س َ متَّعَ النَّا ُ ج فَت َ َ ح ِّ مَرةِ إلَى ال ْ َ بِالْعُ ْ
ن َل يُذ ْكَُر ن عَائ ِ َ َ سال ِم ع َ َ
م ْ ة َ ش َ ضا ع َ ْ رواه ُ أي ْ ً ن أبِيهِ َ .و َ َ ْ َ ٌ
مس ُ م :الَْقا ِ ب وَهُ ْ حاط ِ ٍ ن َ ن َب ْ ِ م ِ ح َ ن ع َبْد ِ الَّر ْ حيَى ب ْ ُ ه يَ ْ معَ ُ َ
َ
ن يَزِيد َ ,وَذ َكْوَا ُ
ن سوَد ُ ب ْ ُ ن أبِي بَكْرٍ ; َواْل ْ مدِ ب ْ ِ ح َّ م َ ن ُ بْ ُ
حمن ,وك ُ ُّ ن يَؤ ُ ُّ موَْلهَا وَكَا َ
ل َ ِ ت ع َبْدِ الَّر ْ َ مَرةَ بِن ْ َ مهَا ,وَع َ ْ َ
َ ضب َ ُ َ َ َ
ط َوأوْث َ ُ
ق م وَأ ْ ة َوأعْل َ ُ ش َ ص بِعَائ ِ َ خ ُّ ن هَؤَُلءِ أ َ م ْ حد ٍ ِ َوا ِ
115
ق ِ ن طَرِي م ْ ن ُ : -روِّينَا ِ ِ م
ح َ ن ع َبْد ِ الَّر ْ ِ حيَى ب ْ ن يَ ْ م ْ ِ
َ ن ع ُبَيْد ِ الل ّهِ الْغَيَْلن ِ ُّ َ
ي نَا أبُو ن بْ ُ ما ُ سلَي ْ َ حدَّثَنِي ُ سلِم ٍ َ م ْ ُ
ن يُ نَا ع َبْد ُ الْعَزِيزِ ب ْ ُ مَر الْعََقد ِ ّ ن عُ َ ك بْ ُ مل ِ ِ مرٍ ع َبْد ُ ال ْ َ ع َا ِ
سم قا َ من ب ْن ال ْ ح ر َ ال د َب ع ن َ ع ن شو ُ ج ما ْ ال ة
َ م َ سل ي ب أَ
ِ ِ ِ ِ َ ْ ّ ِ ْ ْ ُ ِ َ َ َ ِ
َ ْ ُ مد ع َن أ َ
ت: ن قَال ْ َ يِ من ِ ْ ؤ م
ُ ال ِ م ّ أ ة
َ ش َ ِ َائ ع نْ َ ع { ِ ه ي ِ ب ْ ح َّ ٍ م َ ُ ن
ِ بْ
َ
ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم فَذ َكََر ِ سو معَ َر ُ َ جنَا خَر ْ َ
ُ َ َ
ل الل ّهِ سو ل َر ُ ة قَا َ مك ّ َ منَا َ ما قَد ِ ْ ث :وَفِيهِ فَل َ َّ حدِي َ ال ْ َ
َ
مَرةً جعَلُوهَا عُ ْ حابِهِ :ا ْ ص َ صلى الله عليهَ وسلم ِل ْ
ي د ه ْ ال ن ا َ ك َ ف , ي د ه ْ ال ه ع م ن ا َ ك ن م ل ّ إ س ا َ الن ح َّ
ل فَأ َ
َ ُ ْ َ َ ُ َ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ّ َ
َ َ ّ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم َوأبِي بَكْرٍ , سو ِ معَ َر ُ َ
ُ َ َ ُّ
حوا } . ن َرا ُ حي َ م أهَلوا ِ ةث ّ ساَر ِ مَر ,وَذ َوِي الْي َ َ وَع ُ َ
ن طَ خبَاَر الث َّ َ ن هَذِهِ اْل َ َ ل هَذ َا أ َ ن ك ُ ِّ
ق
ِ ي ِ ر ْ م
ِ ة
َ َ لث ْ ّ م ْ وَيَكِْفي ِ
أَبي اْل َ
ي ما هِ َ ن إن َّ َ ِ مَ ح ْ ر َ ّ ال ِ د ْ َب ع نِ ْ ب ى َ حي ْ َ ي و
َ , ِ د َ سو ْ ِ
ف إذ َا ف فَكَي ْ َ موْقُو ٍ ة فِي َ ج َ ح َّ سنَدَة ٌ ,وََل ُ م ْ ة َل ُ موْقُوفَ ٌ َ
شَر ة عَ َ س َ م َ خ ْ ن َ ن عَ ْ ن التَّابِعِي َ م ْ ن ِ شُرو َ ع ْ ة وَ ِ ضعَ ٌ َروَى ب ِ ْ
َ
حدِيث َ ْ
ي جوهِ ل ِ َ م الْوُ ُ سل َ ُ ك ؟ وَأ ْ ف ذَل ِ َ خَل َ حابَةِ ِ ص َ ن ال َّ م ْ ِ
ن َ َ َ أَبِي ا ْ
نأ ْ َ ُِ م َ ح ْ ر ّ ال ِ د ْ َب ع ن ْ ب ى َ حي ْ َ ي ث ِ ي ِ د حَ و
َ , ِ د َ سو ْ ل
ّ ِ َ َّ ن ال ْ ج ع َلَى أ َ َّ
ج, ح ٍّ ن أهَلوا ب ِ َ ن الذِي َ قوْلِهَا :إ ّ مَراد َ ب ِ َ ُ خَّر َ يُ َ
ُ َ
ن
م ْ ما كَانُوا َ حرِ إن َّ َ حل ّوا إلَى يَوْم ِ الن َّ ْ م يَ ِ مَرةٍ ل َ ْ ج وَع ُ ْ ح ٍّ أوْ َ
ْ ل بهما جميعا أَو أ َ ن معَه هَدْي فَأَهَ َّ
مَرةَ ْ ُ ع ال ف َ ضا َ ْ ً ِ َ ِِ َ ٌ كَا َ َ ُ
ة
ش َ ن عَائ ِ َ ي عَ ْ ن الُّزهْرِ ِ ّ ك عَ ْ مال ِ ٌ روى َ ما َ َ ج كَ َ ح ِّ إلَى ال ْ َ
ه
حينَئِذٍ هَذِ ِ ج ِ خُر ُ ي صلى الله عليه وسلم فَت َ ْ ن النَّب ِ ّ عَ ْ
ة
ة عَنْهَا فِيهِ زِيَاد َ ٌ ماع َ ُ ج َ ه ال ْ َ ما َروَت ْ ُ ن َ ة ِل َ َّ م ً سال ِ َ خبَاُر َ اْل َ ْ
ل َم يَذ ْك ُرهَا أَبُو اْل َ
ن لَ ْ
و ِ م
َ حْ ر َ ّ ال ِ د ْ َب ع نُ ْ ب ى َ حي ْ َ ي ل سوَد ِ ,وَ َ ْ ْ ْ
ل م ُ ح ِ سنَدًا ؟ َون َ ْ م ْ س ُ ف َولَي ْ َ سنَدًا فَكَي ْ َ م ْ رويَا ُ ما َ َ ن َ كَا َ
ج أَبِي بَكْرٍ , ح ِّ ن عُْروَةَ فِي َ سوَد ِ ع َ ْ ث أبِي اْل ْ
َ حدي َ َ
َ ِ
َ
نسوقُو َ م كَانُوا ي َ ُ ن ذ َكَْرنَا ع َلَى أنَّهُ ْ م ْ سائِرِ َ مَر َ ,و َ وَع ُ َ
َ َ
ي فَتَتَِّفقُ اْل ْ
مَر , ي عُ َ ضا بِنَهْ ِ جوا أي ْ ً حت َ ُّ خبَاُر .وَا ْ الْهَد ْ َ
ك .قَا َ َ
م َل لَهُ ْ
م مدٍ :هَذ َا عَلَيْهِ ْ ح َّ م َ ل أبُو ُ ن ذَل ِ َ ن عَ ْ ما َ وَع ُث ْ َ
116
َ
ح ص َّ ة فََقد ْ َ ج ً ح َّ ما رضي الله عنهما ُ ن نَهْيُهُ َ ن كَا َ هإ ْ ِلن َّ ُ
ما فِي خالُِفونَهُ َ م يُ َ ج َ ,وَهُ ْ ح ِّ متْعَةِ ال ْ َ ن ُ ي عَ ْ ما النَّهْ ُ ع َنْهُ َ
َ
مَفّرٍِج نَا ن ُ ي نَا اب ْ ُ منْك ِ ُّ مد ِ الط ّل ْ َ ح َّ م َ ن ُ مد ُ ب ْ ُ ح َ ك : -نَا أ ْ ذَل ِ َ
َ إبراهيم بن أ َ
ن َزيْدٍ ِّ ِ ْ ب ي ِ ل َ ع ن ُ ْ ب ُ د م ّ ح
َ م ُ ا َ ن س
ٍ را ِ َ ِ ف ن ْ ب َ د م
َ ح
ْ َْ ِ ُ ْ ُ
د
ن َزي ْ ٍ ماد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ ,و َ شي ْ ٌ صورٍ نَا هُ َ من ْ ُ ن َ سعِيد ُ ب ْ ُ صائِغُ نَا َ ال َّ
ن ماد ٌ :ع َ ْ ح َّ ل َ حذَّاءُ -وَقَا َ خالِد ُ هُوَ ال ْ َ م :أَنَا َ شي ْ ٌ ل هُ َ قَا َ
َ َ
نما عَ ْ خالِد ٌ كَِلهُ َ ب َ ,و َ
ْ َّ
ق أيُّو ُ َ م اتََّف ي ث ُ َّ ختِيَان ِ ُّ س ْ ب ال ِّ أيُّو َ
ن كَانَتَا ِ ا َ ت َ ع ْ مت ُ : ب خط ِ ا ن ال َ مُر ب ْ ُ ل عُ َ ل :قَا َ ة قَا َ أَبِي قَِلب َ َ
َ
ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َوأَنَا سو ِ ع َلَى عَهْد ِ َر ُ
أُنهي ع َنهما وأ َضرب ع َلَيهما ; هَذ َا لَْف ُ َ
ب ; َوفِي ظ أيُّو َ ِْ َ ُْ َ َ ْ ِ ُ ِْ
ُ ُ َ
ة
متْعَ ُ ما ُ : ب عَلَيْهِ َ ما َ ,وأعَاقِ ُ خالِد ٍ :أنَا أن ْ ِهي ع َنْهُ َ ِروَايَةِ َ
صورٍ نَا من ْ ُ ن َ سعِيدِ ب ْ ِ ج َ .وبِهِ إلَى َ ح ِّ ة ال ْ َ متْعَ ُ ُ َ ساء ,و الن ِّ َ
ح َّ ن ال ْ َّ شيم أ َ
مدٍ : م َ ن ُ ِ ِ ْ ب سم ِ قا َ ْ َ ع نٍ ْ َو ع ن
ُ ْ ب ِ ه الل ُ د ْ َب ع ا َ ن هُ َ ْ ٌ
ج -وَبِهِ ح ِّ ة ال ْ َ متْعَ َ متْعَةِ -يَعْ َنِي ُ ن ال ْ ُ ن نَهَى ع َ ْ ما َ ن ع ُث ْ َ أ َ َّ
خبََرنِي ب أَ ْ ن وَهْ ٍ صورٍ نَا ع َبْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ من ْ ُ ن َ ِ سعِيد ِ ب ْ إلَى َ
ع َمرو بن ال ْحارث ع َن ع َبد الْعزيز بن نبيه ع َ َ
ن أبِيهِ ْ ْ ْ ِ َ ِ ِ ْ ِ َِ ٍ َ ِ ِ ْ ُ ْ ُ
ج جًل يُه ُّ ن ب ْن ع َ َّ ْ َ أَ
ح ٍّ ة وَ َ مَر ٍ ل بِعُ ْ ِ ُ ر َ َ ع م
ِ س
َ نَ فا َ َ ما َ ُث ع ن ّ
َ َ
د
م ٍ ح َّ م َ ل أبُو ُ ه .قَا َ حلَق ُ ه َو َ ضَرب َ ُ ل ; فَ َ مهِ ِّ ي بِال ْ ُ ل :ع َل َ َّ فََقا َ
عنْد َ أَبِي حتَّى أَنَّهَا ِ ة َ متْعَ َ ن ال ْ ُ جيُزو َ ما َوي ُ ِ خالُِفونَهُ َ م يُ َ :وَهُ ْ
َ ة ,وال َّ
ن
م ْ ن َ حا َ سب ْ َ ن اْلِفَْرادِ ,فَ ُ م ْ ل ِ ض ُ ي أف ْ َ شافِعِ ِ ّ حنِيَف َ َ َ
سِخ ن فَ ْ ن رضي الله عنهما ع َ ْ ما َ مَر ,وَع ُث ْ َ ي عُ َ ل نَهْ َ جعَ َ َ
ج ح ِّ متْعَةِ ال ْ َ ن ُ ما ع َ ْ ل نَهْيَهُ َ جعَ ْ م يَ ْ ة وَل َ ْ ج ً ح َّ ج ُ ح ِّ ال ْ َ
ن قَالُوا :قَ ْ
د ب فَإ ِ ْ ج ٌ ن هَذ َا لَعَ َ ة إ َّ ج ً ح َّ ما ع َلَيْهَا ُ ضْرب َ ُه َ وَ َ
َ حها سعْد ُ ب ْن أَبي وقَّ أَ
ب ج َ ص َوغَيُْرهُ ؟ قُلْنَا :وَقَد ْ أوْ َ ٍ ا َ ِ ُ َ َ َ ا َ ب
جوا ُ حت َ ّ س وَغَيُْره ُ وَل فَْرقَ َ : -وا ْ َ ن ع َبَّا ُ ج اب ْ ح ِّ خ ال ْ َ س َ فَ ْ
ْ َّ ٍ َ
ب خطا ِ ن ال َ مُر ب ْ ُ زار نَا عُ َ ِ ق الْب َ َّ ِ ن طَرِي م ْ ضا ِ ما ُروِّينَاه ُ أي ْ ً بِ َ
حدَّثَنِي َ َ ي نَا الِْفْريَاب ِ ُّ ستَان ِ ُّ
حازم ٍ َ ن أبِي َ ِ ن بْ ُ ي نَا أبَا ُ ج ْ س ِ ال ِّ
ل :يَا مَر قَا َ ْ أَ
ن عُ َ ْ َ ع ر َ مَ ُ ع ن
ْ َ ِ َّ
ْ اب ن َ ع ص
ٍ ف
ْ ح
َ نِ ُ ْ ب ر ك َ ب و ُ ب
َ
سول اللهِ صلى الله عليه وسلم ن َر ُ َ س,إ ّ أيُّهَا النَّا ُ
117
ق أَبِي ذ َ ّ ٍر ِ ي ِ ر ن طَ ْ م
ِ َ و . ا َ ن ْ ي مهَا ع َل َ َ ر َ ّ ح َ مَ ّ ُ ث ة
َ َ ع ْ مت ُ ل لَنَا ال ْ ح َّ َ
أَ
َ
مدٍ َ ح ّ م َ ب ُ حا َ ص َ ة لَنَا أ ْ ص ً خ َ ج ُر ْ ح ِّ ة فِي ال ْ َ متْعَ ُ ت ال ْ ُ كَان َ ْ
ة متْعَ ُ ت ُُ ن :كَان َ ْ ما َ ن ع ُث ْ َ صلى الله عليه وسلم وَع َ ْ
َ
خالََف ُ
ه ه َ مدٍ :هَذ َا كُل ّ ُ ح َّ م َ ل أبُو ُ م .قَا َ ت لَك ُ ْ س ْ ج لَنَا لَي ْ َ ح ِّ ال ْ َ
َ ن ,وال َّ
م ن ِ ,لنَّهُ ْ شافِعِيُّو َ َ مالِكِيُّو َ ن ,وَال ْ َ فيُّو َ حن َ ِ ال ْ َ
مَر ث عُ َ حدِي ُ ما َ ج َ -وأ َ َّ ح ِّ متْعَةِ ال ْ َ ة ُ ح ِ ن ع َلَى إبَا َ قو َ متَِّف ُ ُ
َ
ه
ح عَن ْ ُ ص َّ ه قَد ْ َ ك ِ ,لن َّ ُ ش ٍّ ساءِ بَِل َ متْعَةِ الن ِّ َ ما هُوَ فِي ُ فَإِن َّ َ
ن فو َ خال ِ ُ م َ ج ; وَهَؤَُلءِ ُ ح ِّ ل بِهَا فِي ال ْ َ قوْ ِ جوع ُ إلَى ال ْ َ الُّر ُ
ج. ح ِّ متْعَةِ ال ْ َ م عَلَى ُ عنْدَهُ ْ موًل ِ ح ُ م ْ ن َ ن كَا َ خبَرِ إ ْ لِهَذ َا ال ْ َ
ن
ْ ل عَ ٍ ن كُهَي ْ ة بْ م َ َ سل َ ن َ ْ ة عَ شعْب َ َ ق ُ ن طَرِي م ْ ُروِّينَا ِ
ْ َّ ِ ِ
َ
ب خطا ِ ن ال َ مُر ب ْ ُ ل عُ َ ل :قَا َ س قَا َ ن ع َبَّا ٍ ن اب ْ ِ س عَ ْ طاوُ ٍ
معَ جعَلْت َ جت ل َ َ ج ْ ح َ م َ ن ث ُ َّ مَّرتَي ْ ِ سنَةٍ َ مْرت ِفي َ :لَوْ اع ْت َ َ
ن ن طَ جتِي ع ُمرةً .ورويناه أ َ ح َّ
ن عَ ْ فيَا َ س ْ ق ُ ِ ي ِ ر ْ م
ِ ضا ً ْ ي َ ُ ِّ َ ُ ْ َ َ
ل عَ ْ َ سل َ َ
مَر ن عُ َ س عَ ْ ن عَبَّا ٍ ن اب ْ ِ س عَ ْ ن طاوُ ٍ َ
ن كُهَي ْ ٍ ِ ة بْ م َ َ
ه
ما ُروِّينَا ُ جوا ب ِ َ حت َ ُّ ق َ .وا ْ ٍ ن طُُر م ْ ضا ِ روينَاه ُ أي ْ ً مثْلِهِ -وَ ُ ّ
ِ بِ ِ
َ َ من طَريق ال ْمرقَّ أَ
ل :كَا َ
ن ه قَا َ ن أبِي ذَّرٍ أن َّ ُ َ ِ َ ْ َ ع ع ُ ِ ِ ْ ِ ضا ً ْ ي
َ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم لنَا ّ سو ِ ن َر ُ م ْ ج ِ ح ِّ خ ال ْ َ س ُ فَ ْ
َ
ن
سوَدِ عَ ْ ن اْل ْ نَ ب ْ ِ م ِ ح َ ق ع َبْد ِ الَّر ْ ِ ن طَرِي م ْ ة .وَ ِ ص ً خا َّ َ
جح َّ ن َ م ْ ل فِ َي َ ن أبَا ذَّرٍ قَا َ سوَد ِ أ َ َّ ن اْل ْ
َ
ِ سلَيْم ِ ب ْ ن أ ْو ُ
سلَيما َ
ُ ْ َ َ
َ
نب ال ّذِي َ ك إ ّل لِلَّرك ْ ِ ن ذَل ِ َ م يَك ُ ْ مَرة ً َ :ل َ ْ خهَا ع ُ ْ س َ م فَ َ ث ُ َّ
ن م ْ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ; وَ ِ سو ِ معَ َر ُ كَانُوا َ
ن أَبِي ن َزيْدٍ ع َ ْ ب بْ ِ ن يَعُْقو َ ن ع ُبَيْدَة َ ع َ ْ ِ سى ب ْ مو َ ق ُ ِ طَرِي
َ
مَرةً ه عُ ْ جت َ ُ ح َّ ل َ جعَ َ ن يَ ْ حد ٍ بَعْدَنَا أ ْ ن ِل َ َ م يَك ُ ْ ل :لَ ْ ذَّرٍ قَا َ
خص ً َ
مدٍ صلى الله عليه ح َّ م َ ب ُ حا َ ص َ ةأ ْ ت لَنَا ُر ْ َ ما كَان َ ْ إن َّ َ
ن ل أَبِي ذَّرٍ إ َّ ن قَوْ ُ م يَك ُ ْ ن لَ ْ مد ٍ :إ ْ ح َّ م َ ل أبُو ُ
وسلم .قَا َ َ
س َ
خ ن فَ ْ ه :إ َّ س قَوْل ُ ُ ة فَلَي ْ َ ج ٌ ح َّ م ُ ة لَهُ ْ ص ً خا َّ ج َ ح ِّ ة ال ْ َ متْعَ َ ُ
ه
سنَاد ُ عَن ْ ُ ك اْل ِ ْ ما وَذَل ِ َ سي َّ َ ة ; َل ِ ج ٌ ح َّ م ُ ة لَهُ ْ ص ً خا َّ ج َ ح ِّ ال ْ َ
ن أَبِيهِ ; ْ َ ع ي ِّ م
ِ ْ ي َ ّ الت م َ ي ِ ه را َ ْ إب ِ ة َ اي و
ْ ِ َ ر ن م
ِ ه
ُ َ ّ نح ; ِل َ حي ٌ ص ِ َ
َ َ َ
مَرقِّع , ن ال ْ ُ ة ; ِلنَّهَا ع َ ْ ه َواهِي َ ٌ سانِيد ُ ع َن ْ ُ وَهَذِهِ اْل َ
118
وسلَيما َ
سى مو َ ن ُ ن .وَع َ ْ جهُوَل ِ م ْ ما َ سلَيْم ٍ ,وَهُ َ ن أوْ ُ َ ُ ْ َ َ
خالََف ُ
ه ف َوقَد ْ َ ف -فَكَي ْ َ ضعِي ٌ ي -وَهُوَ َ ن ع ُبَيْدَة َ الَّربَذِ ِ ّ ِ بْ
ة .وََل َ
ص ً خا َّ ك َ م يََريَا ذَل ِ َ سى ؟ فَل َ ْ مو َ س ,وَأبُو ُ ٍ ن ع َبَّا اب ْ ُ
ن خا َّ سنَّةٍ ثَابِتَةٍ أنَّهَا َ َ ن يَُقا َ َ
قوْم ٍ دُو َ ة لِ َ ص ٌ ل فِي ُ جوُز أ ْ يَ ُ
َ َ َ َ
يمَر النَّب ِ ِ ّ ن أ َوا ِ حةٍ ; ِل َّ حي َ ص ِ سنَّةٍ َ ن أ ْو ُ ص قُْرآ ٍ قَوْم ٍ إ ّل بِن َ ِّ
ن, ج ِّ س َ ,وال ْ ِ ْ
صلى الله عليه وسلم ع َلى لُزوم ِ الِن ْ ِ
َ ُ
َ
لل :هَذ َا َل يَُقا ُ ن قِي َ ل بِهَا .فَإ ِ ْ م ُ ة لَهَا وَالْعَ َ الط ّاع َ ُ
َ بالَرأ ْ
ن م ْ حد ٌ ِ جد َ أ َ متَى وُ ِ ب ع َلَى هَذ َا َ ج ُ ي ؟ قُلْنَا :فَي َ ِ ِ ِ ّ
َ َ َ
ن ةأ ْ خ ٌ سو َ من ْ ُ ة أوْ َ ص ٌ صو َ خ ُ م ْ ل فِي آيَةٍ أنَّهَا َ حابَةِ يَُقو ُ ص َ ال َّ
متْعَةِ :إنَّهَا م فِي ال ْ ُ ك قَوْلَهُ ْ قوْلِهِ ; وَأَقََّر بِذَل ِ َ ل بِ َ يَُقا َ
ن م ْ روينَاهُ ِ ما ُ ِّ جوا ب ِ َ حت َ ُّ ك َ .وا ْ خالَُفوا ذَل ِ َ ة ,وَقَد ْ َ ص ٌ خا َّ َ
ْ
ن
ل بْ ِ ن بَِل ِ ِ ث بْ حارِ ِ ن ال ْ َ ْ ي { عَ ِ ة الَّرأ ق َربِيعَ َ ِ طَرِي
ج لَنَا ْ ل اللَّه أ َ ال ْحارث ع َ َ
َ ِّ ح ال ُ
خ س ْ َ ف ِ سو َ ت :يَا َر ُ ن أبِيهِ قُل ْ ُ ْ َ ِ ِ
ل أَبُو ة } .قَا َ ص ً خا َّ م َ ل :لَك ُ ْ ن بَعْدَنَا ؟ قَا َ م ْ ة أ ْو ل ِ َ
ص ً َ خا َّ َ
خر َ
حد ٌ هَذ َا جأ َ م يُ َ ِّ ْ ل وَل َ ْ جهُو ٌ م ْ ل َ ن بَِل ٍ ث بْ ُ حارِ ُ مد ٍ ال ْ َ ح َّ م َ ُ
ن; خلفُ ُ َ ص َّ ث ; َوقَد ْ ْ ْ
قي ٍ ه بِي َ ِ
َ
ح ِ
َ َ حدِي ِ حيِح ال َ ص ِ خبََر فِي َ
َ
ال َ
سَراقَ َ
ة ن ُ ن عَبْدِ الل ّهِ { أ َّ ر بْ ِ جاب ِ ِ ق َ ِ ن طَرِي ْ م
ما أ ْوَردْنَا ِ َ كَ
ل اللَّه صلى الله عليه وسلم إذْ سو ِ ل لَِر ُ ك قَا َ مال ِ ٍ ن َ بْ َ
م مَرهُ أَ
َ َ ْ َ
منَا هَذ َا ل الل ّهِ ,لِعَا ِ سو مَرةٍ :يَا َر ُ ْ ج فِي ع ُ ح ِّ سِخ ال ْ َ بَِف ْ
ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ب َ ْ َ سو ُ م ِلَبَد ٍ ؟ فََقا َ َ
ل ل َر ُ أ ْ
ِلَبَد ِ اْلَبَد ِ }
َ
ن
مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ ن هُوَ ُ ما ِ ي نَا أبُو النُّعْ َ خار ِ ّ ق الْب ُ َ ِ ن طرِي ِ
م ْ َ وَ ِ
ن
ك بْ ِ مل ِ ِ ن عََبْدِ ال ْ َ ن َزيْد ٍ عَ ْ ماد ُ ب ْ ُ ح َّ م -نَا َ ل ع َارِ ٌ ض ِ الَْف ْ
ن ع َبْدِ الل ّهِ ,وَع َ ْ
ن جابِرِ ب ْ ِ ن َ ن ع َطَاءٍ ع َ ْ جَريٍْج ع َ ْ ُ
ل سو ُ م َر ُ ميعًا { :قَدِ َ ج ِ س قَاَل َ ن ع َبَّا ٍ ن اب ْ ِ س عَ ْ ط َاوُ ٍ
َ
جةِ ح َّ ن ذِي ال ْ ِ م ْ ح َرابِعَةٍ ِ صب ْ َ الل ّ ُهِ صلى الله عليه وسلم ُ
َ يءٌ ; فَل َ َّ
مَرنَا منَا أ َ ما قَدِ ْ ش ْ ه َ خلِط ُ ُ ج َل ي َ ْ ح ِّ ن بِال ْ َ يُهِل ّو َ
ح َّ َ
ت فِي ش ْ سائِنَا فََف َ ل إلَى ن ِ َ ن نَ ِ مَرة ً ,وَأ ْ جعَلْنَاهَا ع ُ ْ فَ َ
119
ي صلى الله عليه وسلم ك النَّب ِ َّ ة فَبَلَغَ ذَل ِ َ ك الَْقال َ ُ ذَل ِ َ
َ
ن كَذ َا وَكَذ َا وَاَلل ّهِ َلَنَا أَبَُّر ما يَُقولُو َ ن قَوْ ً ل :بَلَغَنِي أ َ َّ فََقا َ
قبل ْت م َ وأَتَقى لِل ّه منهم ,ول َ َ َ
ما مرِي َ نأ ْ ست َ ْ َ ُ ِ ْ و أنِّي ا ْ َ ْ ِ ِ ُْ ْ َ ْ
َ َ
معِي الْهَد ْ َ
ي ن َ ت ,وَلَوَْل أ َّ ما أهْدَي ْ ُ ت َ ستَدْبَْر ُ ا ْ
سو َ
ل شم ٍ فََقا َ جعْ ُ َ َ ْ َ َل َ
ل :يَا َر ُ ن ُ ُ ْ ب ة
ُ ق را َ س
ُ مَ قا َ ف ؟ ت ُ ل حل ْ
َ َ ْ َ ي لَنَا أ َ ْو لِْلَبَد ِ ؟ قَا َ َ
ل أبُو ل ل ِلبَدِ } .قَا َ ل :ل بَ ْ الل ّهِ ه ِ َ
مدِ ح َّ م َ س ,وَ ُ ن عَبَّا َ ٍ ن اب ْ ِ جاهِد ٌ ع َ ْ م َ رواه ُ ُ مد ٍ :وَهَكَذ َا َ َ ح َّ م َ ُ
مدٍ : ح َّ م َ ل أبُو ُ جابِرٍ : -قَا َ ن َ ن عَ ْ ِ سي ْ ح َ ن ال ْ ُ ِ ي بْ ن عَل ِ ِ ّ ِ بْ
ك أَبَدًا , ن ] ذَل ِ َ م ْ ن[ ِ م َ خ َوأ ِ
خصيص والن َس ُ ُ
ُ َ ّ ْ ل الت َّ ْ ِ فَبَط َ َ
م عَارض أ َ َ ُ ْ َ َّ
ل ِ سو ُ رَ َ ر م ْ َ َ ّ ث ر
َ َ خب َ ال َا ذ َ ه َ ع م
ِ س َ ن
ْ م
َ ن ّ إ ِ ه َووَالل
َ َ َ
م ه كََل ُ حدٍ وَلَوْ أن َّ ُ الل ّهِ صلى الله عليه وسلم بِكََلم ِ أ َ
َ أ ُ َّ
ما رضي ة ,وَأبَوَيْهِ َ ش َ ة ,وَع َائ ِ َ ص َ َ حْف ن َ َ منِي مؤ ْ ِ ي ال ْ ُ ْ م
ُ
ت سِج الْعَنْكَبُو ِ ت كَن َ ْ ف بِأكْذ ُوبَا ٍ ك ; فَكَي ْ َ الله عنهم لَهَال ِ ٌ
ل, ل َ ب ن ب ث حار ْ ال ن َ ع ؟ ت و ي بْ ال ن َ ه و الَّذي هُو أ َ
ِ ِ ٍ ْ ِ ْ َ ِ َ ِ ُ ُ َ ْ ُ ِ
وال ْمرقَّع ,وسلَيما َ
م
ن َهُ ْ م ْ ن َل يُدَْرى َ سلَيْم ٍ ال ّذِي َ ن أوْ ُ َ ُ ْ َ َ َ ُ َ ِ
هّ
سبُنَا الل ُ ح ْ ي ,وَكََفاك وَ َ سى الَّربَذ ِ ِ ّ مو َ ق ,وَ ُ ْ خل فِي ال ْ َ
َ ِ
قوْلِهِ عليه صَر ب ِ َ قت َ ِ ن يَ ْ حدٍ أ ْ س ِل َ َ ل ,وَلَي ْ َ م الْوَكِي ُ وَنِعْ َ
مةِ } قيَا َ ج إلَى يَوْم ِ ال ْ ِ ح ِّ مَرة ُ ِفي ال ْ َ ت الْعُ ْ خل َ ْ السلم { د َ َ
ما بَيَّن َ ُ
ه ن َ ج دُو َ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ جوَاَزهَا فِي أ َ ْ ه أَراد َ َ
ع َلَى أَن َ َ
ّ ُ
َ ن ع َبَّا
ن يَكُو َ
ن ن إنْكَارِهِ عليه السلم أ ْ م ْ س ِ ٍَ جابٌِر َ ,واب ْ ُ َ
ل ن فَعَ َ م ْ ك ,وَ َ ن ذَل ِ َ م دُو َ ْ ِ مه ة أوْ لِعَا ِ ص ً خا َّ م َ ْ ُ خ لَه س ُ الَْف ْ
َ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو ِ ب ع َلَى َر ُ ك فََقد ْ كَذ َ َ ذَل ِ َ
مةٍ , م بِطَا َّ َ ح َّ وسلم جهارا .قَا َ َ
ضهُ ْ مدٍ َ :وأتَى بَعْ ُ م َ ل أبُو ُ ِ َ ً
َ َ ي أَن َّ
م كَانُوا س أنَّهُ ْ ٍ ا َ ّ َب ع َِن ْ اب ن ْ َ ع ت َ ِ اب ّ الث رَ َ خب َ ه ذ َكََر ال ْ ُ وَه ِ َ
جور فِي جرِ الُْف ُ َ ِ ن أفْ َ م ْ ج ِ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ مَرة َ فِي أ َ ْ ن الْعُ ْ يََروْ َ
ه
حاب ُ ُ ص َ ي صلى الله َعليه وسلم َوأ ْ م النَّب ِ ُّ ض فََقد ِ َ ِ اْلَْر
جعَلُوهَا جة فَأمرهُ َ ن ذِي ال ْ ِ
ن يَ ْ مأ ْ ْ َ َ ح َّ ِ م ْ ة َرابِعَةٍ ِ ح َ صبِي َ َ
يُ َ َ ّ ُ م ذَل ِ َ َ
ل اللهِ أ ّ سو َ م فََقالوا :يَا َر ُ عن ُْدَهُ ْ ك ِ مَرة ً فَتَعَاظ َ عُ ْ
ل قَائِلُهم :إن َ َ ح ُّ
م
مَرهُ ْ ما أ َ ّ َ ُ ْ ه " فََقا َ ل كُل ّ ُ ل :ال ْ ِ ل ؟ قَا َ ح ِّ ال ْ ِ
120
مَرةِ فِي از الْعُ ْ جوَ ِ م ع َلَى َ ك لِيُوقَِفهُ ْ عليه السلم بِذَل ِ َ
ح َّ شهر ال ْحج قَوًل وع َمًل .قَا َ َ َ
مدٍ :وَهَذِهِ م َ ل أبُو ُ أ ْ ُ ِ َ ِّ ْ َ َ
ل ذَل ِ َ َ ة ; أَوَّ ُ
ي صلى الله ب ع َلَى النَّب ِ ِ ّ ه كَذ ِ ٌ ك أن َّ ُ م ٌ عَظِي َ
َ َ
ج
ح ِّ سِخ ال ْ َ م بَِف ْ مَرهُ ْ ما أ َ ه إن َّ َ م أن َّ ُ عليه وسلم فِي دَع ْوَاهُ ْ
َ
ج .ث ُ َّ
م ح ِّ شهُرِ ال ْ َ ة فِي أ ْ مَر ِ ْ جواَز الْعُ َ م َ ْ ُ مه َ مَرةٍ لِيُعَل ِّ ْ فِي ع ُ
ك ومعاذ َ اللَّه م َ
ننأ ْ ِ ِ ْ ن ذَل ِ َ َ َ َ ك لَوْ كَا َ م :هَب ْ َ ل لَهُ ْ يَُقا ُ
َ َ يكُو َ
ل ن قَالُوا :بِبَاط ِ ٍ ل ؟ فَإ ِ ْ م بِبَاط ِ ٍ مرٍ أ ْ قأ ْ ح ِّ ن أب ِ َ َ َ
َ
مُرهُ عليه نأ ْ ق ؟ قُلْنَا :فَلْيَك ُ ْ ح ٍّ ن قَالُوا :ب ِ َ كََفُروا َ ,وإ ِ ْ
ك ِل َ
م جبًا ,ث ُ َّ حًّقا َوا ِ صاَر َ ن قَد ْ َ جهٍ كَا َ ي وَ ْ ّ ِ السلم بِذَل ِ َ
نمعْنًى كَا َ ن هَذ َا الْهوس الَّذِي قَالُوه فَِل َ لَوْ كَا َ
ي َ ِّ ُ َ َ ُ
ساقَ ؟ ن َ م ْ ن َ ي دُو َ ق الْهَد ْ َ س ْ م يَ ُ ن لَ ْ م ْ ك َ ص بِذَل ِ َ خ ُّ يَ ُ
ك قَ ْ
د ل بِذَل ِ َ ل الَْقائ ِ َ جاه ِ َ ن هَذ َا ال ْ َ ن هَذ َا كُل ِّهِ أ َ َّ م ْ م ِ َوأَط َ ُّ
م فِي مَر بِهِ ْ ي صلى الله عليه وسلم اعْت َ َ ن النَّب ِ َّ م أ َ َّ عَل ِ َ
مَر فِي م اعْت َ َ فتِْح ,ث ُ َّ ل ال ْ َ ما بَعْد َ ع َام ٍ قَب ْ َ قعْدَةِ ع َا ً ذِي ال ْ َ
جةِ الْوَدَاِع ح َّ م فِي َ ل لَهُ ْ م قَا َ فتِْح ,ث ُ َّ م ال ْ َ قعْدَةِ ع َا َ ذِي ال ْ َ
ن يُه َّ شاءَ منك ُم أ َ حلَي ْ َ
مَرةٍ ل بِعُ ْ ِ ْ ِ ْ ْ ن َ م ْ فةِ َ : فِي ذِي ال ْ ُ
ل, فعَ ْ مَرةٍ فَلْي َ ْ ن يُه َّ شاءَ أ َ ن َ فعَ ْ فَلْي َ ْ
ج وَعُ ْ ح ٍّ ل بِ َ ِ ْ م ْ ل ,وَ َ
ك, ل ذَل ِ َ فعَلُوا ك ُ َّ ل ; فَ َ فعَ ْ ج فَلْي َ ْ ن يُه َّ شاءَ أ َ ن َ
ح ٍّ ل بِ َ ِ ْ م ْ وَ َ
ن أَبَلَغَ ال َّ َ
ة رضي الله عنهم حاب َ ُ ص َ مي َ سل ِ ِ م ْ فَيَا لِل ّهِ وَيَا لِل ْ ُ
من الْبَلدة ,والْبلَه ,وال ْجه َ
معَ هَذ َا ن َل يَعْرِفُوا َ لأ ْ ِ ْ َ َ ِ َ َ ِ َ َ ْ ِ
ملُوهَا ج ؟ َوقَد ْ عَ ِ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ جائَِزة ٌ فِي أ َ ْ مَرة َ َ ْ ُ ع ْ ال ن َ ّ
كُل ِّه أ َ
ِ
ر َ
ما بَعْد َ ع َام ٍ بَعْد َ عَام ٍ [ فِي أ ْ
شهُ ِ َ
ه عليه السلم ع َا ً معَ ُ َ
ة
مَر ٍ عُ ْ م فِي ْ ُ جه ح َّ خ َ س َ ن يَْف َ ج إلَى أ ْ حتَا َ حتَّى ي َ ْ ج] َ ح ِّ ال ْ َ
َ ك ,تَاللَّهِ إ َّ
ميَِّز الط ّرِي َ
ق ميَر لِت ُ َ ح ِ ن ال ْ َ جوَاَز ذَل ِ َ موا َ لِيَعْل َ ُ
جْرأَةُ عَلَى م وَال ْ ُ م هَذ َا اْلِقْدَا ُ ن هَذ َا ; فَك َ ْ م ْ ل ِ من أَقَ َّ
ِ ْ
مدَافَعَةِ ُ
َ
بمَّرةً بِالْكَذ ِ ِ قلِيد ِ ؟ َ صرِ الت َّ ْ ن الث ّابِتَةِ فِي ن َ ْ سن َ ِ ال ُّ
مَّر ً
ة ة ,وَ َ شهُوَر ِ م ْ ماقَ َةِ ال ْ َ ح َ مَّرة ً بِال ْ َ ضوِح ,وَ َ مْف ُ ال ْ َ
د
م ُ ح ْ ل َ ,وال ْ َ م الْوَكِي ُ ه َونِعْ َ سبُنَا الل ّ ُ ح ْ بِالْغَثَاثَةِ َوالْبَْرد ِ َ -
121
از اْلِفَْرا ِد جوَ ِ م فِي َ ضهُ ْ ج بَعْ ُ حت َ َّ مةِ َ .وا ْ سَل َ لِلَّهِ ع َلَى ال َّ
َ
ن َالنَّب ِ ِ ّ
ي ق أبِي هَُريَْرةَ ع َ ْ رِي ِ
ن طَ ْ م
ت ِ خبَرِ الثَّاب ِ ِ ج بِال ْ َ ح ِّ بِال ْ َ
ّ َ َ َّ
ن ِ َ ل ه ُ ي ل ِ ه ِ د َ ي ِ ب سي ِ ف
ْ َ ن ي ِ ذ صلى الله عليه وسلم { وَال
َ َ
ما } مًرا أوْ لَيَثْنِيَنَّهُ َ معْت َ ِ جا أوْ ُ حا ًّ حا ِء َ ج الَّروْ َ م بَِف ِ ّ مْري َ َ ن َ اب ْ ُ
ين النَّب ِ َّ ك ِفي أ َّ َ ُ ش ّ سلِم ٍ فََل ي َ ُ مد ٍ :ك ُ ُّ ح َّ َ .قَا َ
م ْ ُ ل م َ ُ ل أبُو
َ َّ
ن الل ّهِ م ْ ي ِ ٍ ح
ْ َ و ِ ب ل م هَذ َا إ م يَعْل َ ْ صلى الله عليه وسلم ل َ ْ
ش َّ صًل ; وََل َ َ ج َّ
ك فِي ن غَيُْر هَذ َا أ ْ مك ِ ُ ل إلَي َْهِ َل ي ُ ْ عََّز وَ َ
ل َل ج َّ ه عََّز وَ َ ك ِلن َّ ُ
ش ٍّ َ ك بِ َ ل َل يُتَْر ُ ج َّ ي الل ّهِ عََّز وَ َ ح َ ن َو ْ أ َ َّ
ل أَبِي هَُريَْرةَ أ َ ْو ن َقِب َ ِ م ْ ك ِ
ش َّ ن هَذ َا ال َّ ح أ َ َّ ص َّ ك ,فَ َ
ش ُّ يَ ُ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو ِ ل َر ُ ن قِب َ ِ م ْ ه َل ِ ن دُون َ ُ م ْ م َّ ِ
َ
ن ن قِبَلِهِ عليه السلم لَكَا َ ْ م ه ِ ح أن َّ ُ ص َّ َ ْ م لَو وسلم ,ث ُ َّ
م نس َ َ
ه عليه مرِ ِ خ بِأ ْ حا ,ث ُ َّ ُ ِ مبَا ً ن اْلِفَْراد ُ ُ ك إذ ْ كَا َ ذَل ِ َ
ه
معَ ُ ن َ م ْ متْعَةِ وََل بُد َّ ,وَ َ ه بِال ْ ُ معَ ُ ي َ ن َل هَد ْ َ م ْ السلم َ
قُ
ح ّ ي :فَظَهََر ال ْ َ ل عَل ِ ٌّ ن وََل بُد َّ .قَا َ ِ ي بِالِْقَرا ُ الْهَد ْ
َ ْ َّ
ك: مال ِ ٌ َ َ
ل ا َ ق َ و , ن َ مي ِ ال َ ع ال ب
ّ مد ُ لِل َ ِ ر ِ ه ح ْ حا وَال ْ َ ض ً َوا ِ
قنَا هُو وال َّ َ
فةِ ص َ ي فِي ِ شافِعِ ُّ َ َ ل َ ,و َوافَ َ ض ُ اْلِفَْراد ُ أفْ َ
متِّعًا , َ َ ُ الت َمت ُع وال ْقران ل ِمن أ َراد أ َ
مت َ َ ارنًا أوْ ُ ِ ق ن َ و ك َ ي ن
ْ ّ َ ِّ َ ِ َ ِ َ ْ َ َ
وك ُ ُّ
م ن لَ ْ م ْ ي وَل ِ َ ساقَ الْهَد ْ َ ن َ م ْ ما ل ِ َ عنْدَهُ َ جائٌِز ِ ك َ ل ذَل ِ َ َ
َ َ
مَّرةً ل ,وَ َ ض ُ مَّرة ً :اْلِفَْراد ُ أفْ َ ي َ شافِعِ ُّ ل ال ّ ه .وَقَا َ سْق ُ يَ ُ
ل :ال ْقرا َ َ
ل; ض ُ ن أفْ َ ِ َ ُ مَّرة ً قَا َ ل ,وَ َ ض ُ متُّعُ أفْ َ ل :الت َّ َ قَا َ
هة فَإن ّ َُ ف
َ ي حن و ب ما أ َ َ عنده جائ ِز ك َما ذ َك َرنا .وأ َ ل ذَل ِ َ وك ُ ُّ
ِ َ ِ َ ُ َ ّ ْ َ ك ِ ْ َ ُ َ ٌ َ َ
ل ذَل ِ َ ُ م الِفَْراد ُ ,وَك ُ ّ ْ مت ّعُ ث ُ َّ ُ َ ل ث ُ َّ َ ْ
ك َ م الت ّ ض ُ ن أف ْ َ ل :الِقَرا ُ قَا َ
َ َ
ه إ ّل أن َّ ُ
ه سْق ُ م يَ ُ ن لَ ْ م ْ ساقَ الْهَدْيَ َول ِ َ ن َ م ْ عنْدَهُ ل ِ َ جائٌِز ِ َ
ما نَذ ْكُُر بَعْ َ
د َ ن عَلَى ِ متُِّع وَالِْقَرا َ فةِ الت َّ ص َ ف فِي ِ خال َ َ َ
َّ ما اْل ِ ْ ه تَعَالَى َ .وأ َ َّ َ
ن عَبْد َ اللهِ شعَاُر :فَإ ِ َّ شاءَ الل ّ ُ ن َ هَذ َا إ ْ
ن َ ح َّ ن َربِيٍع نَا قَا َ
مد ُ ب ْ ُ ح َ ة نَا أ ْ معَاوِي َ َ نَ ُ مد ُ ب ْ ُ م َ ل :نَا ُ بْ َ
َ
سعِيدٍ ن َ حيَى ب ْ ُ س نَا ي َ ْ ي الَْف ّل ُ ن عَل ِ ٍ ّ مُرو ب ْ ُ ب أنَا ع َ ْ شعَي ْ َ ٍ ُ
ن اْلعَْرِج َ َ
سا َ ح َّ ن أبِي َ ن قَتَادَةَ ع َ ْ ة عَ ْ شعْب َ ُ ن نَا ُ الَْقط ّا ُ
ما ي صلى الله عليه وسلم ل َ َّ ن النَّب ِ َّ س { أ َ َّ ن ع َبَّا ٍ ن اب ْ ِ عَ ْ
122
ن
م ْ مهَا ِ سنَا ِ شعََر ِفي َ مَر بِبَدَنَتِهِ فَأ َ ْ َ
فة أ َ
حلَي ْ َ ِ ن بِذِي ال ْ ُ كَا َ
ن} ي م ع َنْهَا وَقَلَّدَهَا نَعْل َ ت الد َّ َ سل َ َ م َ ن ث ُ َّ ق اْلي ْ َ
َ ال ّ ِ
ِ ْ م ِ ش ِّ
ي نَا وَكِيعٌ ن عَل ِ ٍ ّ ِ مرِو ب ْ خبَرِ .وَبِهِ إلَى ع َ ْ ي ال ْ َ وَذ َكََر بَاقِ َ
ن أَبِي َ ِ ْ ب ِ د َ
م ّ ح َ م
ُ ن َ ِ ِ ْ ب سم ِ قا َ ن ال ْ ْ َ ع ٍ د ْ مي َ ح
ُ ن ُ ْ ب ح
ُ َ ل ْ ف حدَثَنِي أ َ
َ ّ
ل الل ّهِ صلى ُ
سو َ ن َر ُ ن { أ َّ منِي َ مؤ ْ ِ م ِ ال ْ ُ ةأ ّ ش َ ن ع َائ ِ َ بَكْرٍ ع َ ْ
ن َ الله عليه وسلم أ َ ْ
م ْ ضا ِ ه } َ .وُروِّينَاهُ أي ْ ً شعََر بُدْن َ ُ
ي صلى الله عليه ن َالنَّب ِ ِ ّ ة عَ ْ م َ خَر َ م ْ ن َ سوَرِ ب ْ ِ م ْ ق ال ْ ِ طرِي ِ
َ
خالِدٍ نَا ن َ ِ ن ع َبْد ِ الل ّهِ ب ْ ن بْ ُ ِ م
ح َ وسلم نَا ع َبْد ُ الَّر ْ
خاريُّ نَا أَبُو يُ نَا الْب ُ َ ِ مد َ نَا الَْفَربْرِ ّ ح َ نأ ْ
إبراهيم ب َ
َْ ِ ُ ْ ُ
حدِ م -نَا ع َبْد ُ الْوَا ِ ل ع َارِ ٌ ض ِ ن الَْف ْ مد ُ ب ْ ُ ح َّ م َ ن هُوَ ُ ما ِ النُّعْ َ
ن َ ع ُ
ي ِ ع خ
َ َ ّ الن م ي ِ ه را ْ إب ا َ ن ش م ْ ع هُو اب ْن زيَاد ٍ -نَا اْل َ
ْ ّ ُ َ ُ َ ُ ِ َ
َ ْ ُ اْل َ
ت: ن قَال ْ منِي َ مؤْ ِ م ِ ال ُ ةأ ّ ش َ ن ع َائ ِ َ ن يَزِيد َ ع َ ْ َ ِ ْ ب ِ د َ سو ْ
قلِدُّ ي صلى الله عليه وسلم فَي ُ َ َ
ل الَقلئِد َ لِلن ّب ِ ِ ّ َ ْ كُنْت أفْت ِ ُ
م ْ َ َ َ
قن طرِي ِ ضا ِ حَلًل َ .وُروِّينَاهُ أي ْ ً م فِي أهْلِهِ َ قي ُ م وَي ُ ِ الْغَن َ َ
َ َ
ة, ن عُتَيْب َ َ حكَم ِ َب ْ ِ ش َ ,وال ْ َ م ِ ن اْلع ْ َ ة عَ ْ معَاوِي َ َ أبِي ُ
ة
ش َ ن عَائ ِ َ سوَدِ ع َ ْ ن اْل ْ ْ م عَ ن إبَْراهِي َ ْ م عَ صور ,كُل ِّهِ ْ من ْ ُ ٍ وَ َ
قر َ ب ْ ال ي ف ت ْ أ ي م َ ل و : د َ
م ح م و ب َ أ َ
ل ا َ ق . ن ي من ْ ؤ م ْ ال م أُ
ِ َ ِ ِ َ ْ َ ٍ ّ َ ُ ُ َ ِ ِ ُ ِ ّ
شاءَ ن َ ما نَذ ْكُر بَعْد َ هَذ َا -إ ْ ُ َ ن هَذ َا ,وروينَا ك م ْ ي ٌء ِ شَ ْ َ
َ َ َ ُ ِّ َ َ َّ
سول اللهِ صلى الله عليه وسلم ن َر ُ ه تَعَالَى -أ ّ ُ الل ّ
ص َّ َ َّ ْ ُ أ َمر عليًا بأ َ
ح َ ف ; ا َ ه ِ ل ل جَ و
ِ َ ن ْ د ُ ب ال م َ حو ُ ل م َ س ِ ق
ْ َ ي ن ْ َ َ َِّ ِ
َ م ْ َ
ن
ة عَ ْ شيْب َ َ ن أبِي َ ق اب ْ ِ ن ط َرِي ِ ل فِيهَا َ .وُروِّينَا ِ جلِي ُ الت َّ ْ
ن
ن نَافٍِع ع َ ْ مَر ع َ ْ ن عُ َ ِ ن ع ُبَيْد ِ الل ّهِ ب ْ ْ سهَرٍ ع َ م ْ ن ِ ِ ي بْ ّ ِ عَل ِ
ف شعََر وَ َوقَ َ ما قَلَّد َ وَأ َ ْ ل َ :ل هَدْيَ إ ّل َ
َ مَر قَا َ ن عُ َ اب ْ ِ
ن س بْ ِ ن قَي ْ َ ِ ة عَ ْ م َ سل َ َ ن َ مادِ ب ْ ِ ح َّ ق َ ن طرِي ِ
م ْ َ ة .وَ ِ بِعََرفَ َ
شعِْر , شئْت فَأ ْ ن ِ س:إ ْ ن ع َبَّا ٍ ن اب ْ ِ ن ع َطَاءٍ ع َ ْ سعْد ٍ ع َ ْ َ
شئْت ن ِ قل ِّد ْ ,وَإ ِ ْ شئْت فَ َ ن ِ شعِْر َ ,وإ ِ ْ شئْت فََل ت ُ ْ ن ِ َوإ ِ ْ
َ َ ن طَرِي
ة
معَاوِي َ َ ن أبِي ُ ة عَ ْ شيْب َ َ ن أبِي َ ِ ق اب ْ ِ م ْ قل ِّد ْ .وَ ِ فََل ت ُ َ
ل إلَى س َ ع َن اْلَع ْمش ع َن إبراهيم ع َن اْل َسود أَن َ َ
ه أْر َ ْ َ ِ ّ ُ ْ ْ َْ ِ َ َُ ِ ْ
ن
ت:إ ْ َ
ار البَدَنَةِ ؟ فََقال ْ ْ شعَ ِ ن فِي إ ْ منِي َ مؤ ْ ِ م ِ ال ُ ْ ةأ ّ ش َ ع َائ ِ َ
123
د
ق ع َب ْ ِ ي ِ ر ن طَ ْ م
ِ َ و . ة
ٌ َ ن َ د َ ب ا َ ه م أَن َّ شعُِر لِيُعْل َ َ ما ت ُ ْ شئْت ,إن َّ َ ِ
ِ
قِ الَّرَّزا
َّ
ن ِ ْ ب ِ ه ن عَبْد ِ الل ِ سالِم ِ ب ْ ن َ ي عَ ْ ن الُّزهْرِ ِ ّ مرٍ ع َ ْ معْ َ ن َ عَ ْ
َ َ َ
ن
حي َ ن ِ م ِ قّ اْلي ْ َ ش ِ شعُِر فِي ال ّ ِ ن يُ ْ ه كَا َ ن أبِيهِ أن َّ ُ مَر ع َ ْ عُ َ
َ
ن
ة عَ ْ م َ سل َ َ ن َ ِ مادِ ب ْ ح َّ ق َ ِ ن طَرِي م ْ م .وَ ِ حرِ َ ن يُ ْ يُرِيد ُ أ ْ
من اْل َ ْ َ َ شام بن ع ُروة َ ع َن أ َ
ن- َِ م َ ْ ي ْ ِ ا َ ه ر
ُ ِ ع ش ُ ت : ل ا ق ِ ه ي ِ ب ْ هِ َ ِ ْ ِ ْ َ
َ
ل َ :رأيْت ميْدٍ -قَا َ ح َ ن ُ ح هُوَ اب ْ ُ ق وَكِيٍع نَا أفْل َ ُ ِ ن طَرِي م ْ وَ ِ
و
ن -وَهُ َ م ِ ب اْلي ْ َ
َ
جان ِ ِ شعََرهَا فِي ال ْ َ مدٍ أ َ ْ ح َّ م َ ن ُ م بْ َ س َ الَْقا ِ
م ْ َ َ ل ال َّ
ق عَبْدِ ن طرِي َِ ن ; وَ ِ ما َ سلَي ْ َ ي ; َوأبِي ُ شافِعِ ِ ّ قَوْ ُ
ل َ :رأيْت ن أَبِي َربَاٍح قَا َ ن ذَّرٍ ب ْ ِ مَر ب ْ ِ ن عُ َ ق عَ ْ ِ الَّرَّزا
ة أُ
معَهَا ساقُ َ ل الَْقَلئِد َ لِلْغَنَم ِ ت ُ َ فت ِ ُ ن تَ ْ َ ي ِ من ِ ْ ؤ م
ُ ْ ال مَ ّ ش َ ع َائ ِ َ
ي ة نا اب َ ن أَبِي َ م ْ َ
ن أبِي عَدِ ٍ ّ شيْب َ َ َ ْ ُ ق اب ْ ِ ن طرِي ِ هَدْيًا .وَ ِ
ل :لََق ْ
د س قَا َ ٍ ن عَبَّا ِ مد ِ ب ْ ح َّ م َ نَ ُ مرٍو ع َ ْ ن عَ ْ ِ مد ِ ب ْ ح َّ م َ ن ُ عَ ْ
ن أَبِي ق اب ْ ِ ن طرِي ِ
م ْ َ قل ّدَة ً .وَ ِ م َ م يُؤ ْتَى بِهَا ُ َرأيْت الْغَن َ َ
َ
ل: ن عَطَاءٍ قَا َ ن بُْردٍ َع َ ْ ن عَ ْ ن َوْردَا َ م بْ ُ حات ِ ُ ة نَا َ شيْب َ َ َ
ل الل ّهِ صلى الله عليه َ َ
سو ِ ب َر ُ
َ حا ِ ص َ نأ ْ م ْ سا ِ َرأيْت نَا ً
ة
م َ سل َ َ ن َ مادِ ب ْ ِ ح َّ ن َ قل ّدَة ً .وَعَ ْ م َ م ُ ن الْغَن َ َ سوقُو َ وسلم ي َ ُ
َ
ل َ :رأيْت الْكِبَا َ
ش ن ع َطَاءٍ قَا َ سعْد ٍ ع َ ْ ن َ ِ س بْ ِ ن قَي ْ عَ َ ْ
سام ع َ َ
مدِ ح َّ م َ ن ُ فرِ ب ْ َ ِ جعْ َ ن أبِي َ ن ب َ َّ ٍ ْ ن وَكِيٍع ع َ ْ قل ّد ُ ; وَع َ ْ تُ َ
قل ّد ُ - َ
ش تُ َ ل َ :رأيْت الْكِبَا َ ن قَا َ ِ سي ْ ح َ ن ال ْ ُ ي بْ ِ ن عَل ِ ِ ّ بْ ِ
َ َ
مل َ :رأيْت الْغَن َ َ ن أبِيهِ قَا َ س عَ ْ ن طاوُ ٍ
َ
ق اب ْ ِ ن طرِي ِ
م ْ َ
َ
وَ ِ
ن ن بْ ِ فيَا َ س ْ ن ُ صور َع َ ْ ٍ من ْ ُ ن َ ِ سعِيد ِ ب ْ ق َ ِ ن طَرِي م ْ قل ّد ُ .وَ ِ تُ َ
د فيان الثَّوري ع َن ع ُبيد الل ّه ب َ
ن أبِي يَزِي َ ِ ِ ْ ْ َْ ِ ّ ِ ِ ْ س ْ َ َ ن ُ ْ ة عَ ع ُيَيْن َ َ
قلَّدةً .قَا َ َ َ َ
د
م ٍ ح َّ م َ ل أبُو ُ م َ َ ة ُ مك ّ َ م َ م تَْقد ُ ُ ل َ :رأيْت الْغَن َ َ قَا َ
ل أَبو حنِيَف َ َ
ة :أكَْر ُ
ه س فِي هَذ َا فََقا َ ُ َ ف النَّا ُ ختَل َ َ َ :وا ْ
نم ْ ة ِ م ٌ ي :هَذِهِ طَا َّ ل عَل ِ ٌّ ة -قَا َ مثْل َ ٌ شعَاَر ,وَهُوَ ُ اْل ِ ْ
ه النَّب ِ ُّ طَوام الْعالَم أ َ
ي صلى يءٍ فَعَل َ ُ ْ ش َ ه
ُ ُ ل ْ مث ِ نَ و ُ ك َ ي نْ َ ِّ َ ِ
ُ
لسو ِ م َر ُ حك ْ َ بُ - ل يَتَعََّق ُ ل عَْق ٍ ف لِك ُ ِّ الله عليه وسلم أ ٍ ّ
ن ال ْ ِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ويل ْزم َ
ة
م ُ جا َ ح َ ن تَكُو َ هأ ْ ََ َ ُ ُ ِ
124
َ
ن يَكُو َ
ن ك ,وَأ ْ ن ذَل ِ َ م ْ منَعُ ِ ه فَي ُ ْ مثْل َ ُ قِ : ِ ح الْعِْر ,وَفَت ْ ُ
َ ن قَطِْع اْلَن ْ ِ
جدِْع ن َ ,و َ سنَا ِ ف ,وَقَلِْع اْل ْ م ْ ص ِ صا ُ الِْق َ
َ ُْ
ب: حارِ ِ م َ ق وَال ْ ُ سارِ ِ ن قَطْعُ ال َّ ن يَكُو َ ة ; وَأ ْ مثْل َ ٌ نُ : الذ ُنَي ْ ِ
ب صل ْ ُ ة ,وَال َّ مثْل َ ً ُ ن: ِ ص
َ ح
م ْ ُ م لِلَّزانِي ال ْ ُ ة ; وَالَّر ْ
ج مثْل َ ً ُ
َّ
ه
س ُ ن بَلغَ نَْف َ م ْ ل َ ة فِعْ ُ مثْل َ ُ ما ال ْ َُ ة ,إن َّ َ مثْل َ ً بُ : حارِ ِ م َ لِل ْ ُ
ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم سو ِ ل َر ُ مبْلَغَ انْتَِقا َد ِ فِعْ ِ َ
سهِ ; َواْل ِ ْ َ
جةِ ح َّ ن فِي َ شعَاُر كَا َ ل بِنَْف ِ مث ّ َ فَهَذ َا هُوَ ال ّذِي َ
ل قيام ذَل َ َ
ام
ك َ بِأع ْوَ ٍ ن قَب ْ َ ِ َ ِ ِ مثْلَةِ كَا َ ن ال ْ ُ ي عَ ْ الْوَدَاِع وَالنَّهْ ُ
; فَص َ َ
م ِلبِي ة َ :ل يُعْل َ ُ ة وَهَذِهِ قَوْل َ ٌ مثْل َ ً س ُ ه لَي ْ َ ح أن َّ ُ َ ّ
نم ْ موَافِقٌ ِ ف ,وَ ََل ُ سل َ ِ ن ال َّ مَ ْ م ِ متََقدِّ ٌ ة فِيهَا ُ حنِيَف َ َ
َ
قلِيدِهِ وَنَعُوذُ ه بِت َ ْ ن ابْتََله ُ الل ّ ُ م ْ ه إ ّل َ صرِ ِ ل عَ ْ فَُق َهَاءِ أهْ ِ
ن ح َّ باَلل ّه من الْبَلءِ -وقَا َ َ
مد ُ ب ْ ُ م َ ف ,وَ ُ س َ ل أبُو يُو ُ َ ِ ِ ِ ْ َ
َ
لسرِ .قَا َ ب اْلي ْ َ جان ِ ِ شعُِر فِي ال ْ َ ك :يُ ْ مال ِ ٌ ن ,وَ َ س ِ ح َ ال ْ َ
ن قَالُوا : َ
ما ذ َكَْرنَا فَإ ِ ْ سنَّةِ ك َ َ ف ال ُّ خَل ُ مد ٍ :وَهَذ َا ِ ح َّ م َ أبُو ُ
َ
ت ن إذ َا كَان َ ْ ه كَا َ مَر أن َّ ُ ن عُ َ ِ ن اب ْ ن نَافٍِع ع َ ْ م عَ ْ رويْت ُ ْ قَد ْ َ َ
َ حدة ٌ أ َ
ت سرِ َوإِذ َا كَان َ ْ ب اْلي ْ َ ِ ِ جان َ ْ ال ي ِ ف ا َ ه ر َ َ ع ش ْ ة َوا ِ َ بَدَن َ ٌ
ُ َ َ
خَرى ن َ ,واْل ْ م ِ ب اْلي ْ َ جان ِ ِ ما ِفي ال ْ َ حدَاهُ َ ن قَل ّد َ إ ْ بَدَنَتَي ْ َِ
شعَاَر ن اْل ِ ْ حبُّو َ ست َ ِ جاهِد ٍ كَانُوا ي َ ْ م َ ن ُ سرِ .وَع َ ْ فِي اْلي ْ َ
ما ا ُ ْ سرِ ؟ قُلْنَا :هَذ َا ِ َ
نف فِيهِ عَ ْ ختُل ِ َ م َّ ب اْلي ْ َ جان ِ ِ فِي ال ْ َ
م
سال ِ ٌ م ,وَ َ س هُوَ قَوْلُك ُ ْ ل فَلَي ْ َ حا ٍ ل َ مَر ; وَع َلَى ك ُ ِّ ن عُ َ اب ْ ِ
ه اْل ِ ْ َ ج ُّ َ َ
شعَاَر ن نَافٍِع َروَى عَن ْ ُ م ْ م بِهِ ِ ل وَأع ْل َ ُ ه أوْثَقُ َوأ َ ابْن ُ ُ
َ َ
ل ة فِي قَوْ ِ ج َ ح َّ ما أ ْوَردْنَا ,وََل ُ ن َك َ َ م ِ ب اْلي ْ َ جان ِ ِ فِي ال ْ َ
َ
ب ج ُ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َوالْعَ َ سو ِ ن َر ُ حدٍ دُو َ أ َ
ه فِيهِ ف عَن ْ ُ ختُل ِ َ ل قَد ْ ا ُ ْ مَر فِي فِعْ ٍ ن عُ َ م بِاب ْ ِ جهِ ْ جا ِ حت ِ َ نا ْ م ْ ِ
خالَُفوا قَ َوْل َ ُ
ه
َ
م قَد ْ َ ْ م ,وَهُ ْ ُ س لَه َ مَّرةً لَي ْ َ َ مو ْ ِ مَّرةً ع َلَيْه فَ َ َ
ف ع َنه فيه م َ
ما قَل ّدَ ه َل هَدْيَ إ ّل َ ن أن َّ ُ ختَل ِ ْ ْ ُ ِ ِ ِ ْ م يَ ْ ال ّذِي ل َ ْ
ل ْ ه ل أَ َ م َ ع ن و ُ ي ك ِ ل ما ْ ال ه ي ف فَ َ خال َ ما َ م َا ذ َ ه و , ر ع ْ
ش وأ َ
ِ َ َ ّ ِ َ ِ ِ ّ ِ َ َ َ َ
َ ُ َ ْ
م: قولوا أنْت ُ ْ م تَ ُ ْ مل َ ل :فَل ِ ن قِي َ ما ذ َكَْرنَا .فَإ ِ ْ َ مدِينَةِ ك َ َ ال
َ ما أ َ ْ َ َ
م
رويْت ُ ْ ث ال ّذِي َ َ حدِي ِ شعََر ؟ لِل ْ َ ن هَدْيًا إ ّل َ ه َل يَكُو ُ بِأن َّ ُ
125
مَر آنًِفا ع َن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم { أَن َ َ
هأ َ ّ ُ ِ ْ َُ ُ ِ
س فِي هَذ َا مهَا } ؟ قُلْنَا :لَي ْ َ سنَا ِ شعَِر فِي َ بِبَدَنَتِهِ فَأ ْ
َ
جابِهِ قلْنَا بِإِي َ ن فِيهِ ل َ ُ شعَارِ ,وَلَوْ كَا َ مٌر بِاْل ِ ْ خبَرِ أ ْ ال ْ َ
شعََر فِي مَر بِبَدَنَتِهِ فَأ َ ْ هأ َ
عين ,وإن َما فيه أَن َ َ
َ ِّ َ ِ ِ ّ ُ سارِ ِ َ م َ ُ
َ
ت إلَيْهِ فَأ ْ ُ َ َ
شعََر ِفي مَر بِهَا فَأدْن ِ َي َ ْ هأ َ ضاهُ أن َّ ُ قت َ َ م ْ مهَا فَ ُ سنَا ِ َ
ه هُوَ عليه السلم تَوَل ّى بِيَدِهِ إ ْ َ
شعَاَرهَا , مهَا ; ِلن َّ ُ سنَا ِ َ
َ
ح اْلثَُر ع َن ْ ُ
ه ص َّ ك َ بِذَل ِ َ
عليه السلم ك َما ذ َك َرنا .وروينا ع َ ُ
ب, ن كَعْ ٍ ي بْ ِ ن أب َ ِ ّ ْ َ ُ ِّ َ ْ َ َ
مَر َ شعَاَر الْب َ َ مَر إ ْ
ن عُ َ َ ن اب ْ ِ متِهَا .وَع َ ْ سن ِ َ قرِ فِي أ ْ
َ ن عُ َ َواب ْ ِ
َ :ال َّ
ل الل ّهِ سو ِ ن َر ُ حدٍ دُو َ ة فِي أ َ ج َ ح َّ قل ّد ُ .وََل ُ شاةُ َل ت ُ َ
ما مَر ك َ َ ن عُ َ خالَُفوا اب ْ َ صلى الله عليه وسلم َوقَد ْ َ
أَ
ن الْبَاط ِ ِ
ل م ْ ي ,فَ ِ ِ ْ د َ ه ْ ال ي ِ ف ِ ه ِ ل ْ و َ ق ي ف
ِ فا ً ِ آن ا َ ن ْ د ر َ ْ و
فتِهِ َ .وُروِّينَا خال َ َ م َ م َ فِي ُ ة ع َلَيْهِ ْ مؤ ْن َ َ ن َل ُ م ْ م بِ َ جهُ ْ جا ُ حت ِ َ ا ْ
م َل شعَُر ,وَالْغَن َ ُ قل ّد ُ ,وَت ُ ْ ل تُ َ جبَيْرٍ :اْلِب ِ ُ ن ُ ِ سعِيد ِ ب ْ ن َ عَ َ ْ
َ
ل أَبُو شعَُر -وَقَا َ قل ّد ُ ,وََل ت ُ ْ شعَُر َ ,والْبََقُر ت ُ َ قل ّد ُ ,وََل ت ُ ْ تُ َ
َ َ
شعَاَر كإ ْ مال ِ ٌ م َ -وَرأى َ قل ّد ُ الْغَن َ ُ ك َ :ل -ت ُ َ مال ِ ٌ ة ,وَ َ حنِيَف َ َ
ي :وهذ َا خطَأٌ َ
َ َ َ ل عَل ِ ٌّ ة .قَا َ م ٌ َ سن ِ ت لَهَا أ ْ ْ ن كَان َ قرِ إ ْ الْب َ َ
َ قلَّد ُ ,وَت ُ ْ
قل ّ ُ
د شعَُر ; وَالْبََقُر َ :ل ت ُ َ ل :تُ َ ل اْلِب ِ ُ ب ; بَ ْ قلُو ٌ م ْ وَ َ
َ
ل أَبُو شعَُر .وَقَا َ قل ّد ُ ,وََل ت ُ ْ م :تُ َ شعَُر َ َ ,والْغ ََن َ ُ ,وََل ت ُ ْ
ن ,وَالتَّطَوُِّع متْعَةِ َ ,وَالِْقَرا ِ قل ّد ُ إ ّل هَدْيُ ال ْ ُ ة َ :ل ي ُ َ حنِيَف َ َ
صارِ , ح َ قل ّد ُ :هَدْيُ اْل ِ ْ ط :وََل ي ُ َ قرِ فََق ْ ل ,وَالْب َ َ ن اْلِب ِ ِ م ْ ِ
ك, مال ِ ٌ ل َ صيْد ِ َ .وقَا َ جَزاءِ ال َّ ماِع ,وََل َ َ ج
ِ وََل ال ْ
ي وَي ُ ْ قلَّد ُ ك ُ ُّ شافِعِ ُّ وال َّ
شعَُر ; وَهَذ َا هُوَ ٍ ْ د َ ه ل ي :يُ َ َ
ي صلى الله عليه وسلم . ل النَّب ِ ِ ّ موم ِ فِعْ ِ ب لِعُ ُ صوَا ُ ال َّ
ص َّ ل بعض من أَع ْماه الْهوى وأ َ
َّ
ه: ُ م َ َ َ ُ َ َ ي :وَقَا َ َ ْ ُ َ ْ ل عَل ِ ٌّ قَا َ
قلدَةً م َ ي الْغَنَم ِ ُ ِ ن هَد ْ م ْ ة ِ ش َ ن ع َائ ِ َ رويَ ع َ ْ ِ ما ُ معْنَى َ ما َ إن َّ َ
ن م ي ; إن َما هُو أَنَها فَتل َت قََلئِد الْهدي من الْغَنم -أ َ
ْ ِ ْ َ ِ َ َ ْ ِ ِ ْ َ ْ َ َّ ّ َ
ل سهَا ٌ ح َّ َ ف الْغَنَم ِ : -قَا َ
ست ِ ْ مدٍ :وَهَذ َا ا ْ م َ ل أبُو ُ صو ِ ُ
ن م ْ س عَنْهَا ِ ما َروَاهُ النَّا ُ ف لِ َ خَل ٌ ت وَ ِ ح ِ ب الْب َ ْ لِلْكَذ ِ ِ
126
َ َ
قل ّدَةً -وَنَعُوذ ُ بِاَلل ّ ِ
ه م َ م ُ ه عليه السلم الْغَن َ َ إهْدَائ ِ ِ
ن. خذَْل ِ ن ال ْ ِ م ْ الْعَظِيم ِ ِ
وفي المغني :
َ َ َ َ
ة إذ َا أَرادُوا مك ّ َ ل َ ل َ ( :وأهْ ُ ة :قَا َ سأل َ ٌ م ْ ( َ ) 2266
َ َ
ة) مك ّ َ ن َ م ْ ج ,فَ ِ ح َّ ل ,وَإِذ َا أَرادُوا ال ْ َ ح ِّ ن ال ْ ِ م ْ مَرة َ ,فَ ِ الْعُ ْ
ما بِهَا أَوْ غَيَْر َ أَهْ ُ
قي ً م ِ ن ُ سوَا ٌء كَا َ ن بِهَا َ , ن كَا َ م ْ ةَ , مك ّ َ ل َ
لم َ َ مِقيم ٍ ; ِل َ َّ
ه, ميَقاتًا ل َ ُ ن ِ ت كَا َ ميَقا ٍ ن أتَى ع َلَى ِ ْ ن كُ ّ َ ُ
َ ُ
نج ; َوإ ِ ْ ح ِّ ه لِل ْ َ ميَقات ُ ُ ي ِ ة فَ ِه َ مك ّ َ ن بِ َ ن كَا َ م ْ ل َ ك كُ ّ فَكَذَل ِ َ
خَلفًا . َ
م فِي هَذ َا ِ ل َ .ل نَعْل َ ُ ح ِّ ن ال ْ ِ م ْ مَرة َ فَ ِ أَراد َ الْعُ ْ
مَر النَّب ِ ُّ َ وَلِذَل ِ َ
ي صلى الله عليه وسلم عَبْدَ ك{أ َ
ن التَّنْعِيم ِ } . م ة َ ش َ ِ َائ ع ر م ع ي ن الَرحمن بن أَبي بكْر أ َ
ْ ِ َ ِ ْ ُ ْ ّ ْ َ ِ ْ َ ِ َ ٍ
َ َ
ل فِي هَذ َا ص ُ مئِذٍ ,وَاْل ْ ة يَوْ َ مك ّ َ ت بِ َ متََّفقٌ ع َلَيْهِ .وَكَان َ ْ ُ
ل مك ّةَ َ
حتَّى أهْ ُ َ َ ي صلى الله عليه وسلم َ { : ل النَّب ِ ِ ّ قَوْ ُ
ل أَ ْ ُّ
نن كَا َ َ َ ْْ م و ( : ضا ً ْ ي َ ا َ ق و
َ . ج ّ ِ ح
َ ل ِ ل ي ِ ن ْ ع َ ي } ا َ ه ْ منِ ن
َ و يُهِل
حت َّ َ
يى يَأت ِ َ ئَ , ش ُ ث يُن ْ ِ حي ْ ُ ن َ ْ ت فَ ِ
م ميَقا ِ ن ال ْ ِ ه دُو َ أهْل ُ ُ
ما فِي ج .فَأ َ َّ ح ِّ ة ) .وَهَذ َا فِي ال ْ َ مك ّ َ
َ
ل َ ِ ْ ه ك ع َلَى أ َ ذَل ِ َ
ل,م َ ح ُّ م ال ْ ِ
ب جوَان ِ ِ ي َ ن أ ِّ ِ ْ ح ِّقهِ ْ ميَقاتُهَا فِي َ مَرةِ فَ ِ الْعُ ْ
َ ن النَّب ِ َّ شاءَ ; ِل َ َّ
مَر ي صلى الله عليه وسلم أ َ حَرم ِ َ ال ْ َ
َ
مك ّ َ
ة ل إلَى َ ح ِّ ن التَّنْعِيم ِ ,وَهُوَ أَدْنَى ال ْ ِ م ْ ة ِ ش َ مارِ ع َائ ِ َ بِإِع ْ َ
ي صلى الله ن النَّب ِ َّ ن :بَلَغَنِي { أ َ َّ سيرِي َ ن ِ ل اب ْ ُ .وَقَا َ
َ َ َ
ن ل اب ْ ُ م } َ .وقَا َ ة التَّنْعِي َ مك ّ َ ل َ ت َِلهْ ِ عليه وسلم َوقّ َ
ة,م َ ع َبَاس :يا أ َ
مَرةَ , م الْعُ ْ منْك ُ ْ ن أتَى ِ ْ َ َ ّ مك َ ل َ ْ ه ّ ٍ َ
َ
م بِهَا حَر َ سرٍ .يَعْنِي إذ َا أ ْ ح ِّ م َ ن ُ ه وَبَيْنَهَا بَط ْ َ ل بَيْن َ ُ جعَ ْ فَلْي َ ْ
ل, ح ِّ ن ال ْ ِ م ْ م ِ حَرا ُ م اْل ِ ْ ما لَزِ َ فةِ .وَإِن َّ َ مْزدَل ِ َ حيَةِ ال ْ ُ ن نَا ِ م ْ ِ
َ
م
حَر َ ه لَوْ أ ْ حَرم ِ ,فَإِن َّ ُ ل َوال ْ َ ح ِّ ن ال ْ ِ ك بَي ْ َ س ِ مع فِي الن ُّ ُ ج َ لِي َ ْ
مَرةِ ل الْعُ ْ ن أَفْعَا َ ما فِيهِ ِ ,ل َ َّ معَ بَيْنَهُ َ ج َ ما َ حَرم ِ ,ل َ َ ن ال ْ َ مَْ ِ
فتَِقُر إلَى ه يَ ْ ج ,فَإِن َّ ُ ح ِّ ف ال ْ َ خَل ِ حَرم ِ ,ب ِ ِ كُل ّهَا فِي ال ْ َ
ل وَال ْ َ ح ُّ ه ال ْ ِ
م, حَر ُ معُ ل َ ُ جت َ ِ ة ,فَي َ ْ خُروِج إلَى عََرفَ َ ال ْ ُ
ح ّ َ ك .وم َ
جاَز . م َ حَر َ لأ ْ ي ال ْ ِ ِ ن أ ِّ َ ِ ْ ف ذَل ِ َ خَل ِ مَرة ُ ب ِ ِ َوالْعُ ْ
127
ن ي صلى الله عليه وسلم عَائ ِ َ مَر النَّب ِ ُّ وإن َ َ
م ْ ة ِ ش َ
َ
ما أع ْ َ َ ِّ َ
َ َ
نرويَ عَ ْ ة .وَقَد ْ ُ ِ مك ّ َ ل إلَى َ ح ِّ ب ال ْ ِ
ُ َّ
التَّنْعِيم ِ ; ِلنَّهَا أقَْر ُ
ْ َ
و
ُ َ ه َ ف ِ ة رْ َ م ُ ع ال ي ِ ف َ د َ ع ا َ بَ ت ما ي ,كل َ مكِّ ِ ّ مد َ ,فِي ال ْ َ ح َ أ ْ
ما إ َ ي ع َلَى قَد ْ ِر تَعَبِهَا .وَأ َ َّ أَع ْظ َم لِْل َ
ن أَرادَ ْ َ ِ ه , ِ جر ْ ُ
َ َ
خبَرِ ال ّذِي ذ َكَْرنَا ة ; لِل ْ َ مك ّ َ ن َ م ْ ج ,فَ ِ ح ِّ م بِال ْ َ حَرا َ ي اْل ِ ْ كّ ُّ م ِ ال ْ َ
ما ي صلى الله عليه وسلم ل َ َّ ب َ الن ب حا ص ن أَ َ ,وِل َ
ّ ِ ِ ّ َ َ ْ ّ َ
َ َ َ
جابٌِر ل َ ة .قَا َ مك ّ َ ن َ م ْ موا ِ حَر ُ م فَأ ْ مَرهُ ْ ج,أ َ ح َّ خوا ال ْ َ س ُ فَ َ
َ َ
حلَلْنَا ,أ ْ
ن ما َ ي صلى الله عليه وسلم ل َ َّ مَرنَا النَّب ِ ُّ {:أ َ
م .وَهَذ َا سل ِ ٌ م ْ رواهُ ُ َ َ ن اْلَبْطَِح } . ْ م
جهْنَا ِ م إذ َا تَوَ َّ حرِ َ نُ ْ
َ َ يَد ُ ُّ
ن غَيْرِه ِ ْ
م ة وَبَي ْ َ مك ّ َ ن قَاطِنِي َ ه َل فَْرقَ بَي ْ َ ل ع َلَى أن َّ ُ
ح َّ
ه بِهَا ج ُ ح َّ خ َ س َ ن فَ َ م ْ ل ,وَ َ متِِّع إذ َا َ مت َ َ ن هُوَ بِهَا ,كَال ْ ُ م ْ م َّ ِ
َ َ
نم ْ ج ِ ح ِّ شهُرِ ال ْ َ مَر فِي أ ْ ن اع ْت َ َ م ْ مد َ فِي َ ح َ نأ ْ ل َع َ ْ .وَنُِق َ
ة ,أَن َّه يُه ُّ أَ
ن لَ َ ْ
م ت ,فَإ ِ ْ ميَقا ِ ن ال ْ ِ م ْ ج ِ ح ِّ ل بِال ْ َ ِ ُ َ ّ مك َ ل ِ ْ ه
ت ما دَل ْ ّ ف هَذ َا ; ل ِ َ خل ُ َ ح ِ حي ُ ص ِ َ م َ .وال ّ ل ,فَعَلَيْهِ د َ ٌ فعَ ْ يَ ْ
ن أ َحمد إن َ َ ة .ويحتم ُ َ
ما أَرادَ ل أ َّ ْ َ َ ّ َ ح ُ ََ ْ َ ِ حي َ ص ِ ث ال َّ حادِي ُ ع َلَيْهِ اْل َ َ
ت, ميَقا ِ ج إلَى ال ْ ِ خَر َ م إذ َا َ ه الد َّ ُ ط ع َن ْ ُ سُق ُ متِّعَ ي َ ْ مت َ َ ن ال ْ ُ أ َ َّ
َ َ
ي, كّ َ ِ ّ م ِ ة .وَهَذ َا فِي غَيْرِ ال ْ َ مك ّ َ ن َ م ْ م ِ حَر َ ط إذ َا أ ْ سُق ُ وََل ي َ ْ
ل الل ّهِ قوْ ِ ل ; لِ َ حا ٍ متْعَةٍ ب ِ َ م ُ ب ع َلَيْهِ د َ ُ ج ُ ي فََل ي َ ِ كّ ُّ م ِ ما ال ْ َ أ َ َّ
ك ل ِمن ل َم يك ُ َ
جدِ س ِ م ْ ضرِي ال ْ َ حا ِ ه َ ن أهْل ُ ُ ْ تَعَالَى { :ذَل ِ َ َ ْ ْ َ
َ
جح ُّ ة يَ ُ مك ّ َ ل َ خ َ ن دَ َ م ْ ضي فِي َ حَرام ِ } .وَذ َكََر الَْقا ِ ال ْ َ
خ َ
ل سهِ ,أ َ ْو د َ َ مَر بَعْدَهُ لِنَْف ِ ن يَعْت َ ِ
َ
م أَراد َ أ ْ
ع َن غَيره ,ث ُ َ َ
ّ ْ ْ ِ ِ
لخ َ مَر لِغَيْرِهِ ,أوْ د َ َ َ َ َ سهِ ,ث ُ َّ ح ُّ
ن يَعْت َ ِ م أَراد َ أ ْ ج لِنَْف ِ يَ ُ
مَر لِغَيْرِهِ ,أ َ ْو ج أوْ يَعْت َ ِ
م أ َراد أ َن يح َ َ
سهِ ,ث ُ َّ َ َ ْ َ ُ ّ مَرةٍ لِنَْف ِ بِعُ ْ
م أ َراد أ َن يح َ َ
ه
س ِ ف ِ مَر لِن َ ْ ج أ ْو يَعْت َ ِ مَرةٍ لَغَيْرِهِ ,ث ُ َّ َ َ ْ َ ُ ّ ل بِعُ ْ خ َ دَ َ
َ
ه
من ْ ُ م ِ حرِ ُ ت ,فَي ُ ْ ميَقا ِ ج إلَى ال ْ ِ خُر ُ ك يَ ْ ميِع ذَل ِ َ ج ِ ه فِي َ ,أن َّ ُ
ل :وقَد قَا َ َ
مد ُ : ح َ لأ ْ َ ْ م .قَا َ ل ,فَعَلَيْهِ د َ ٌ فعَ ْ م يَ ْ ْ ن لَ ,فَإ ِ ْ
في رواية ع َبد اللَّه :إذ َا اع ْتمر عَن غَيره ,ث ُ َ َ
م أَرادَ ّ ْ ْ ِ ِ َ َ َ ِ ِ َ َ ِ ْ ِ ِ
َ
ن مَر ع َ ْ ت ,أ ْو اعْت َ َ ميَقا ِ ج إلَى ال ْ ِ خُر ُ سهِ ,ي َ ْ ج لِنَْف ِ ح َّ ال ْ َ
َ
ر
ة بِغَي ْ ِ مك ّ َ ل َ خ َ ن دَ َ ت ,وَإ ِ ْ ميَقا ِ ج إلَى ال ْ ِ خُر ُ سهِ ,ي َ ْ نَْف ِ
128
إحرام ,ث ُ َ َ
ج حت َ َّ ت َ .وا ْ ميَقا ِ ج إلَى ال ْ ِ خُر ُ ج ,يَ ْ ح َّ م أَراد َ ال ْ َ ّ ْ َ ٍ
َ
ك ,غَيَْر س ِ مرِيدًا لِلن ُّ ُ ت ُ ميَقا َ جاوََز ال ْ ِ ه َ ضي ,بِأن َّ ُ ه الَْقا ِ لَ ُ
َ
جاوَز
ن َ َ م ْ ه ,كَ َ م دُون َ ُ حَر َ م إذ َا أ ْ ه دَ ٌ م ُ سهِ ,فَلَزِ َ حرِم ٍ لِنَْف ِ م ْ ُ
صخ ٍ ش ْ ن َ ج عَ ْ ح َّ حرِم ٍ .وَع َلَى هَذ َا لَوْ َ م ْ ت غَيَْر ُ ميَقا َ ال ْ ِ
ج أ َ ْو ح َّ م َ ن ث ُ َّ ٍ سا
َ ْ إن ن
ْ َ ع رَ م
َ َ ْت ع ا ْ و خر ,أ َ
نآ َ َ مَر ع َ ْ َواع ْت َ َ
ه َل َ
ي أن َّ ُ خَرقِ ِ ّ ك .وَظَاهُِر كََلم ِ ال ْ ِ خَر ,فَكَذَل ِ َ نآ َ مَر ع َ ْ اع ْت َ َ
ت فِي هَذ َا ميَقا ِ ج إلَى ال ْ ِ خُرو ُ ه ال ْ ُ م ُ يَلَْز ُ
ْ ل من كَان ب َ َ ن أ َ َّ
ن ة كََالَقاط ِ ِ مك ّ َ َ ِ َ ن كُ ّ َ ْ ْ ما ذ َكَْرنَا ِ
م كُل ِّهِ ; ل ِ َ
مبَاٍح ,فَأ ْ َ ل بمك َّ
ه
شب ََ ُ ٍ ه ج
ْ و
َ ى َل ع ة
َ ص ٌ ِ َ حا ِ بِهَا ,وَهَذ َا َ
ل عَلَيْهِ َ حك ّم َل يَد ُ ُّ ُ
خبٌَر , ضي ت َ َ ٌ ما ذ َكََره ُ الَْقا ِ ي .وَ َ مكِّ َّ ال ْ َ
شهد ل َ َ
ه
جو ٍ سد ٌ لِوُ ُ معْنَى فَا ِ ن ال ْ َ م ْ ما ذ َكََره ُ ِ ه أثٌَر ,وَ َ وََل ي َ ْ َ ُ ُ
:أ َحدهَا ,أَن َه َل يل ْز َ
ن
ك عَ ْ س ِ مرِيدًا لِلن ُّ ُ ن َ ن يَكُو َ مأ ْ َ َ ُ ّ ُ َ ُ
د
ه بَعْ َ ه قَد ْ يَبْدُو ل َ ُ ت ,فَإِن َّ ُ ميَقا ِ جاوَزةِ ال ْ ِ م َ َ ل ُ حا َ سهِ َ نَْف ِ
لم َ ك .الثَّانِي ,أ َ َّ
ن غَيْرِهِ . م عَ ْ حَر َ نأ ْ ن هَذ َا َل يَتَنَاوَ ُ َ ْ ذَل ِ َ
َ الثَّال ِ ُ
ت, ميَقا ِ ج إلَى ال ْ ِ خُرو ُ ب بِهَذ َا ال ْ ُ ج َ ه لَوْ َو َ ث ,أن َّ ُ
جاوَزا ال ْ ِ َ
ت, ميَقا َ ما ت َ َ َ فرِد َ َ; ِلنَّهُ َ م ْ متِّعَ وَال ْ ُ مت َ َ م ال ْ ُ لَلَزِ َ
نه .الَّرابِعُ ,أ َ َّ ما ب ِ ِ حَر َ
َ
ك ال ّذِي أ ْ س ِ ن لِغَيْرِ الن ُّ ُ ِ مرِيدَي ْ ُ
َ َ
حرِم ٍ ,أن َّ ُ
ه م ْ ت غَيَْر ُ ميَقا َ جاوُِز ال ْ ِ معْنَى فِي ال ّذِي ي ُ َ ال ْ َ
ح ُّ
ب ج َ وا ِ م ال ْ َ حَرا َ ك اْل ِ ْ ه ,وَتََر َ ه فِعْل ُ ُ
َ
ل لَ ُ ما َل ي َ ِ ل َ فَعَ َ
ن دُونِهِ . م ْ م ِ حَر َ ضعِهِ ,فَأ ْ موْ ِ ع َلَيْهِ فِي َ
===============
سنَن الّرواتب * ال ُّ
التّعريف :
ة :المنهج والطّريقة سواء أكانت سنّة لغ ً - 1ال ّ
ة .ومن ذلك قوله صلى الله محمودة ً أم مذموم ً
ة فله ة حسن ً ن في السلم سن ّ ً عليه وسلم « :من س ّ
أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص
ة
ن في السلم سن ّ ً من أجورهم شيء ،ومن س ّ
129
ة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده سيّئ ً
من غير أن ينقص من أوزارهم شيء » .
سنّة في الطّريقة المحمودة م غلب استعمال ال ّ ث ّ
المستقيمة .
سنّة اصطلحا ً سيأتي في بحث ( سنّة ) . وتعريف ال ّ
شيء رتوبا ً ، ما الّرواتب فهو جمع راتبة من رتب ال ّ أ ّ
سننميت ال ّ أي :استقّر ودام فهو راتب ،وس ّ
الّرواتب بذلك لمشروعيّة المواظبة عليها .
سنن التّابعة سنن الّرواتب هي :ال ّ شافعيّة :ال ّ قال ال ّ
لغيرها ،أو الّتي تتوقّف على غيرها أو على ما له
ضحى والتّراويح . وقت معيّن كالعيدين وال ّ
صلوات المسنونة قبل ويطلقها الفقهاء على ال ّ
الفرائض وبعدها ،لنّها ل يشرع أداؤها وحدها بدون
سنن الّرواتب شافعيّة ال ّ تلك الفرائض .ولم يقصر ال ّ
صوم سننا ً رواتب ن لل ّصلة فقد صّرحوا بأ ّ على ال ّ
ت من شوّال . كصيام س ّ
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -سنن الّزوائد :
ة ول يتعلّق بتركها - 2هي الّتي تكون إقامتها حسن ً
سواك . كراهة ول إساءة ،كأذان المنفرد وال ّ
ب -النّوافل :
ة :ما زاد على - 3النّوافل جمع نافلة ،والنّافلة لغ ً
ق أو الفرض ،أو ما يعطيه النّصيب المقدّر ،أو الح ّ
المام للمجاهد زيادة ً عن سهمه .
سنّة ،لنّها تنقسم :إلى معيّنة ، م من ال ّ والنّافلة أع ّ
سنن الّرواتب ،ومطلقة كصلة اللّيل . ومنها ال ّ
سنن الّرواتب : ي لداء ال ّ الحكم التّكليف ّ
- 4يرى جمهور الفقهاء استحباب المواظبة على
سنن الّرواتب . ال ّ
130
وذهب مالك في المشهور عنه :إلى أنّه ل توقيت
ة للفرائض ،لكن ل يمنع من تطوّع بما في ذلك حماي ً
شاء إذا أمن ذلك .
سنن الّرواتب يستوجب ن تارك ال ّ وصّرح الحنفيّة :أ ّ
سر ابن عابدين استيجاب ة .وف ّ إساءة ً وكراهي ً
الساءة بالتّضليل واللّوم .وقال صاحب كشف
السرار :الساءة دون الكراهة .وقال ابن نجيم :
الساءة أفحش من الكراهة .وفي التّلويح :ترك
سنّة المؤكّدة قريب من الحرام . ال ّ
وقال الحنابلة بكراهة ترك الّرواتب بل عذر .هذا
في الحضر .
سفر يرى جمهور الفقهاء :استحباب صلة وفي ال ّ
سنن الّرواتب أيضا ً لكنّها في الحضر آكد .واستدلّوا ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي ن « النّب ّ بأ ّ
جهت به » . سفر حيث تو ّ النّوافل على راحلته في ال ّ
وبحديث « أبي قتادة أنّهم كانوا مع رسول اللّه صلى
صبحالله عليه وسلم في سفر فناموا عن صلة ال ّ
شمس ،فساروا حتّى ارتفعت حتّى طلعت ال ّ
م نزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم شمس ،ث ّ ال ّ
صلة فصلّى رسول اللّه م أذ ّن بلل بال ّ ضأ ،ث ّ
فتو ّ
م صلّى الغداة صلى الله عليه وسلم ركعتين ،ث ّ
ل يوم » . فصنع كما كان يصنع ك ّ
سنن ،والمختار وجوز بعض الحنفيّة للمسافر ترك ال ّ ّ
عندهم أنّه ل يأتي بها في حال الخوف ،ويأتي بها
في حال القرار والمن .
وعند الحنابلة يخيّر المسافر بين فعل الّرواتب ،
وتركها إل ّ في سنّة الفجر والوتر فيحافظ عليهما
سفرا ً وحضرا ً .
131
سفر وهو وقالت طائفة :ل يصلّي الّرواتب في ال ّ
صحيحين ،قال مذهب ابن عمر ثبت عنه في ال ّ
حفص بن عاصم « :صحبت ابن عمر في طريق
م أقبل وأقبلنا معه مكّة فصلّى لنا الظّهر ركعتين ث ّ
حتّى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه
التفاتة نحو حيث صلّى ،فرأى ناسا ً قياما ً فقال :ما
يصنع هؤلء ؟ قلت :يسبّحون .قال :لو كنت
مسبّحا ً لتممت صلتي ،يا ابن أخي :إنّي صحبت
سفر فلم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في ال ّ
يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه ،وصحبت أبا بكر
فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه ،وصحبت
عمر فلم يزد على ركعتين ،حتّى قبضه اللّه ،ث ّ
م
صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه
م فِي ن لَك ُ ْ
اللّه ،وقد قال اللّه تعالى { :لََقد ْ كَا َ
َ ُ
ة}». سن َ ٌ
ح َ ل الل ّهِ أ ْ
سوَة ٌ َ سو َِر ُ
هذا وقال بعض الفقهاء :بسقوط عدالة المواظب
سفر .ينظر سنن الّرواتب في غير ال ّ على ترك ال ّ
تفصيل المسألة في مصطلح ( عدالة ) .
سنن الّرواتب : عدد ركعات ال ّ
سننشافعيّة والحنابلة :عدد ركعات ال ّ - 5قال ال ّ
الّرواتب عشر ركعات وهو أدنى الكمال عند
شافعيّة ،ركعتان قبل الظّهر وركعتان بعدها ، ال ّ
وركعتان بعد المغرب ،وركعتان بعد العشاء ،
وركعتان قبل الفجر .لقول عائشة -رضي الله عنها
« : -كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي
م يخرج فيصلّي بالنّاس في بيته قبل الظّهر أربعا ً ،ث ّ
م يدخل فيصلّي ركعتين ،وكان يصلّي بالنّاس ث ّ
م يدخل فيصلّي ركعتين ،ويصلّي بالنّاس المغرب ث ّ
العشاء ويدخل بيتي فيصلّي ركعتين » .
132
شافعيّة :الكمل في الّرواتب غير الوتر وقال ال ّ
ة ،ركعتان قبل الفجر ،وأربع قبل ثماني عشرة ركع ً
الظّهر ،وثنتان بعدها ،وأربع قبل العصر ،وثنتان
بعد المغرب ،وأربع قبل العشاء وثنتان بعدها .
سنن شافعيّة والحنابلة الوتر من ال ّ ل من ال ّ وعدّد ك ّ
الّرواتب .
شافعيّة والحنابلة :أفضل الّرواتب الوتر ، وقال ال ّ
صحيح وركعتا الفجر ،وأفضلهما الوتر على الجديد ال ّ
شافعيّة ،وفي وجه هما سواء وتأتي بعد ذلك عند ال ّ
عند الحنابلة سنّة المغرب .
ن رسول اللّه قالت عائشة -رضي الله عنها « : -إ ّ
صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من
النّوافل أشد ّ منه تعاهدا ً على ركعتي الفجر » .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال :قال
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :ل تدعوا
ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل » .
سنن الّرواتب اثنتاوقال الحنفيّة :عدد ركعات ال ّ
ة ،ركعتان قبل الفجر ،وأربع قبل الظّهر عشرة ركع ً
بتسليمة واحدة ،وركعتان بعدها وركعتان بعد
المغرب ،وركعتان بعد العشاء ،بدليل قوله صلى
ة
الله عليه وسلم « .من ثابر على ثنتي عشرة ركع ً
سنّة بنى اللّه له بيتًا في الجنّة ،أربع ركعات في ال ّ
قبل الظّهر ،وركعتين بعدها ،وركعتين بعد
المغرب ،وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر
».
سننب زيادةً على ال ّويرى الحنفيّة أنّه يستح ّ
الّرواتب :أربع قبل العصر ،وأربع قبل العشاء وأربع
ت بعد المغرب . بعدها ،منها ركعتان مؤكّدتان وس ّ
133
سنن وقال المالكيّة :ل تحديد لعدد ركعات ال ّ
الّرواتب ،فيكفي في تحصيل النّدب ركعتان في ك ّ
ل
وقت ،وإن كان الولى أربع ركعات إل ّ المغرب
ت ركعات ،فيصلّي قبل الظّهر وبعدها ،وقبل فس ّ
العصر ،وبعد المغرب ،وبعد العشاء .وسنّة الفجر
رغيبة -أي مرغّب فيها -ووقتها بعد طلوع الفجر .
سنّة الجمعة :
صلة قبل ن ال ّشافعيّة :تس ّ - 6قال الحنفيّة وال ّ
الجمعة وبعدها ،فعند الحنفيّة :سنّة الجمعة القبليّة
شافعيّة : سنّة البعديّة أربع كذلك ،وقال ال ّ أربع ،وال ّ
سنّة ركعتان قبلها وركعتان بعدها ،والكمل ل ال ّأق ّ
أربع قبلها وأربع بعدها .
لقوله صلى الله عليه وسلم « :من كان منكم
ل أربعا ً » .مصلّيا ً بعد الجمعة فليص ّ
وقال المالكيّة والحنابلة :يصلّي قبلها دون التّقيّد
سنّة يوم ن أكثر من قال بصلة ال ّ بعدد معيّن ،على أ ّ
الجمعة حملها على تحيّة المسجد ،ومن كره صلة
سنّة يوم الجمعة كرهها لنّها توافق وقت الستواء ال ّ
خرت بعد ذلك فل شيء غالبا ً ،لكن لو تقدّمت أو تأ ّ
فيها .
الوتر هل هو سنّة راتبة أو واجب ؟
شافعيّة ،والحنابلة ، - 7قال المالكيّة ،وال ّ
صاحبان ورواية ثالثة عن أبي حنيفة :الوتر سنّة وال ّ
سنن شافعيّة بعد ّ الوتر من ال ّ مؤكّدة .وصّرح ال ّ
ي :الوتر قسم من شربين ّالّرواتب .قال الخطيب ال ّ
الّرواتب كما في الّروضة على المعتمد ،وقيل :هو
سنن .وقال جمهور قسيم لها ،والوتر أفضل ال ّ
الفقهاء ما عدا الحنفيّة :أقلّه ركعة وأكثره إحدى
ة.عشرة ركع ً
134
ل الكمال فيه عند الحنفيّة ثلث ركعات بتسليمة وأق ّ
واحدة في الوقات كلّها ،وأكثره إحدى عشرة ركع ً
ة
يقنت في الّركعة الخيرة .
ن الوتر
وذهب أبو حنيفة في الّراجح عنه إلى أ ّ
واجب .وقال ُزفَر وهو رواية ثانية عند أبي حنيفة
هو فرض .والتّفصيل في ( صلة الوتر ) .
قيام رمضان :
سنن الّرواتب قيام شافعيّة في ال ّ - 8أورد ال ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه رمضان « ،فقد س ّ
وسلم قيام رمضان »
ن قيام رمضان سنّة وذهب جمهور الفقهاء :إلى أ ّ
ة تؤدّى بعد سنّة العشاء ، مؤكّدة وهو عشرون ركع ً
وتعتبر من الّرواتب لنّها تؤدّى بعد الفريضة ،يسلّم
ل أربع ركعات ل ركعتين ،ويتروّح ك ّ على رأس ك ّ
م تصلّى الوتر بجلسة خفيفة يذكر فيها اللّه تعالى ،ث ّ
ن قيامة بعد ذلك .وذكر بعض المالكيّة :أ ّ جماع ً
ل ركعتين ، ة يسلّم ك ّت وثلثون ركع ً رمضان س ّ
ن لها الجماعة ،كما كان عليه الحال في خلفة ويس ّ
عمر بن عبد العزيز .
وينظر التّفصيل في ( صلة التّراويح ) .
سنن الّرواتب : وقت ال ّ
سنن الّرواتب مقترنة بالفرائض ،فمنها ما - 9ال ّ
يصلّى قبل الفريضة ،مثل سنّة الفجر وسنّة الظّهر
القبليّة ،ومنها ما يصلّى بعد الفريضة مثل سنّة
الظّهر البعديّة ،وسنّة المغرب والعشاء ،والوتر
وقيام رمضان .
وقد ذكر ابن دقيق العيد تفسيرا ً لطيفا ً في تقديم
ما
النّوافل على الفرائض وتأخيرها عنها فقال " :أ ّ
ن النّفوس لشتغالها بأسباب الدّنيا في التّقديم فل ّ
135
بعيدة عن حالة الخشوع والحضور الّتي هي روح
العبادة ،فإذا قدّمت النّوافل على الفرائض أنست
النّفس بالعبادة ،وتكيّفت بحالة تقرب من
نما في تأخيرها عنها ،فقد ورد « أ ّ الخشوع ،وأ ّ
النّوافل جابرة لنقص الفرائض » ،فإذا وقع الفرض
ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الّذي يقع فيه .
ولكن ل ينوي فيه نيّة الجبر " .
سنن قبل الفريضة فوقتها يبدأ وما كان من هذه ال ّ
صلة إذا من دخول وقت الفريضة وينتهي بإقامة ال ّ
صلة فل كانت تؤدّى في جماعة ،لنّه إذا أقيمت ال ّ
ن الفرائض تقدّم على صلة إل ّ المكتوبة ،حيث إ ّ
النّوافل دائما ً عند التّعارض ،إل ّ إذا أيقن المرء أ ّ
ن
بإمكانه أداء النّافلة ،وإدراك الجماعة مع المام فل
ما إذا كان المرء يؤدّي بأس عندئذ من أدائها ،أ ّ
سنّة يستمّر حتّى يشرع في صلة منفردا ً فوقت ال ّ ال ّ
الفريضة .
صلة الدّخول مع المام والولى للمرء إذا أقيمت ال ّ
في الفريضة ،وتدرك النّافلة بعد النتهاء من
ل من سنّة الفجر وسنّة الفريضة ،ويظهر هذا في ك ّ
الظّهر القبليّة .
سنن البعديّة :مثل سنّة الظّهر البعديّة ما ال ّ
أ ّ
ل منها من بعد النتهاء والمغرب والعشاء ،فوقت ك ّ
من الفريضة إلى خروج وقت المكتوبة ودخول وقت
سنن البعديّة الخرى ،فإذا خرج الوقت ولم يؤد ّ ال ّ
ة.فإنّها تعتبر فائت ً
ما صلة ومثل ذلك يقال في سنّة الجمعة البعديّة ،وأ ّ
الوتر فوقتها يبدأ من بعد النتهاء من سنّة العشاء
البعديّة ،ويستمّر حتّى قبيل أذان الفجر ،وإن كان
الفضل تأخيرها إلى ثلث اللّيل الخير .
136
ما صلة التّراويح فوقتها يبدأ من بعد النتهاء من وأ ّ
سنّة العشاء ،ويستمّر إلى قبيل الفجر بالقدر الّذي
خرها إذا ضل أن ل يؤ ّ يسع صلة الوتر بعدها ،ويف ّ
سنّة أنكان في التّأخير فوات الجماعة ،إذ من ال ّ
تصلّى في جماعة كما مّر آنفا ً ،وبعد النتهاء منها
تصلّى الوتر في جماعة في رمضان فقط .وتكره
الجماعة للوتر في غيره .
سنن الّرواتب : ب وما يكره في ال ّ ما يستح ّ
سنن الّرواتب : أ -القراءة في ال ّ
شافعيّة ،والحنابلة - 10ذهب الجمهور المالكيّة ،وال ّ
ن القراءة في النّفل والوتر .والقراءة :إلى أنّه تس ّ
م سورة إلى الفاتحة ،ومن المرادة هنا هي ض ّ
سنّة تخفيف القراءة في سنّة الفجر ،لما روي « ال ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها سورة أ ّ
الكافرون والخلص ،وأطال القراءة في صلة
الفجر » .
ولحديث عائشة -رضي الله عنها -قالت « :كان
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي ركعتي
م
ة حتّى أنّي لقول :هل قرأ فيهما بأ ّ فف ًالفجر مخ ّ
القرآن ؟ » .
ب السرار بالقراءة إذا كانت النّافلة نهاراً ويستح ّ
اعتبارا ً بصلة النّهار ،ويتخيّر بين الجهر والسرار في
صلة اللّيليّة إذا كان منفردا ً ،والجهر أفضل بشرط ال ّ
ما إذا كانت النّافلة أو أن ل يشوّش على غيره ،أ ّ
ة فيجهر بها المام ليسمع من الوتر تؤدّى جماع ً
سط المنفرد بالجهر . خلفه ،ويتو ّ
ن القراءة واجبة في جميع وذهب الحنفيّة :إلى أ ّ
ة
ل شفع منه يعتبر صل ً نك ّ ركعات النّفل والوتر ،ل ّ
137
على حدة ،والقيام إلى الثّالثة كتحريمة مبتدأة .
ما الوتر فللحتياط . وأ ّ
ب -فعلها في البيت :
ن الفضل أداء شافعيّة والحنابلة :إلى أ ّ - 11ذهب ال ّ
ن
النّوافل في البيت ،وهناك قول عند الحنابلة :إ ّ
أداء الّرواتب في المسجد أفضل .وذلك اقتداءً
بفعله صلى الله عليه وسلم فقد روت عائشة -
رضي الله عنها « -أنّه صلى الله عليه وسلم :كان
م يخرج فيصلّي يصلّي في بيته قبل الظّهر أربعا ً ،ث ّ
م يدخل فيصلّي ركعتين ،وكان يصلّي بالنّاس ،ث ّ
م يدخل فيصلّي ركعتين ،ث ّ
م بالنّاس المغرب ،ث ّ
يصلّي بالنّاس العشاء ويدخل بيتي فيصلّي ركعتين
» .ول فرق في ذلك بين مساجد المصار المختلفة ،
والمساجد الّتي تشد ّ إليها الّرحال :وهي المسجد
الحرام ،والمسجد النّبويّ ،والمسجد القصى ،وإن
كان الجر يتضاعف في هذه المساجد .قال رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم « :صلة المرء في بيته
أفضل من صلته في مسجدي هذا إل ّ في المكتوبة
».
سنن مة ال ّن الفضل أداء عا ّ وذهب الحنفيّة :إلى أ ّ
والنّوافل في البيت ،إل ّ أن يخشى أن يتشاغل عنها
إذا رجع .
ة
ويجوز أداء النّوافل في المسجد ،سواء كانت راتب ً
أم غير راتبة ،والفضل أداؤها في المسجد إذا كانت
تؤدّى في جماعة كما في صلة التّراويح والوتر
بعدها ،وذلك حتّى يدرك المرء فضل الجماعة .
وفي قول عند الحنفيّة ورواية عند الحنابلة :التّسوية
بين أدائها في المسجد وفي البيت .
ج -صلة الّرواتب في جماعة أو فرادى :
138
- 12قال الحنفيّة :تكره الجماعة في صلة النّوافل
.
وقال المالكيّة كذلك :تكره الجماعة في النّوافل ،
ن شأن النّفل النفراد به ،كما تكره صلة النّفل ل ّ
في جمع قليل بمكان مشتهر بين النّاس ،وإن لم
تكن الجماعة كثيرة ً والمكان مشتهرا ً فل تكره .
ب الجماعة في التّراويح شافعيّة :تستح ّ وقال ال ّ
ب فعل سائر الّرواتب والوتر في رمضان ،ول يستح ّ
ة.جماع ً
ة ومنفردا ً ،ل ّ
ن وقال الحنابلة :يجوز التّطوّع جماع ً
ي صلى الله عليه وسلم فعل المرين كليهما ، النّب ّ
وكان أكثر تطوّعه منفردا ً ،وصلّى بابن عبّاس مّرةً ،
م أصحابه في بيت عتبان مه واليتيم مّرةً وأ ّ وبأنس وأ ّ
مّرة ً ،فعن عتبان بن مالك -رضي الله عنه « -أنّه
سيول لتحول بيني وبين ن ال ّقال :يا رسول اللّه إ ّ
ب أن تأتيني فتصلّي في مكان مسجد قومي ،فأح ّ
ما دخل من بيتي أتّخذه مسجدا ً ،فقال :سنفعل ،فل ّ
قال :أين تريد ؟ فأشرت إلى ناحية من البيت ،
فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فصففنا
خلفه ،فصلّى بنا ركعتين » .
ة بل ص ً سنن الّرواتب خا ّ وكره جمهور الفقهاء ترك ال ّ
ما إذا كان عذر فل بأس بتركها .وبعض هذه عذر ،أ ّ
الّرواتب آكد من بعض كسنة الفجر والمغرب والوتر
وسنّة الظّهر ،وهي في حقّ المنفرد آكد لفتقاره
إلى تكميل الثّواب الّذي فاته بترك الجماعة .
سفر : صلة الّرواتب في ال ّ
ب أداء شافعيّة :إلى أنّه يستح ّ - 13ذهب الحنفيّة وال ّ
ملت للفرائض سفر ،لنّها مك ّ النّوافل في ال ّ
ولمداومته صلى الله عليه وسلم على فعلها في
139
جميع أحواله وأسفاره ،وصلته لها أحيانا ً راكبا ً ،
ضحى يوم الفتح ،وصلته سنّة ومن ذلك« صلته ال ّ
الفجر ليلة التّعريس» .ولعموم الحاديث الواردة في
ث على فعل الّرواتب عموما ً ،والمر بعد ذلك الح ّ
مته وورعه . متروك للمكلّف وه ّ
سنن الّرواتب إل ّ في قال الحنابلة :يكره ترك ال ّ
سفر فيخيّر بين فعلها وتركها إل ّ الفجر والوتر ال ّ
سفر كالحضر لتأكّدهما . فيفعلن في ال ّ
حكم قضائها إذا فاتت :
سنن الّرواتب عموما ً إذا فاتت - 14قال الحنفيّة :ال ّ
فإنّها ل تقضى ،إل ّ سنّة الفجر إذا فاتت مع الفريضة
ما إذا فاتته شمس ،أ ّ فإنّها تقضى معها بعد ارتفاع ال ّ
شمس ،لنّها من وحدها فل يقضيها قبل طلوع ال ّ
صبح إلى أن ترتفع مطلق النّفل ،وهو مكروه بعد ال ّ
شمس ،ولم يثبت أنّه صلى الله عليه وسلم ال ّ
أدّاهما في غير وقتهما على النفراد « ،وإنّما
قضاهما تبعا ً للفرض غداة ليلة التّعريس » .
وعند أبي حنيفة وأبي يوسف ل يقضيهما بعد
مد بن الحسن أنّه يقضيهما إلى ارتفاعها ،وعند مح ّ
وقت الّزوال لفعله صلى الله عليه وسلم حيث
شمس غداة ليلة التّعريس ، قضاهما بعد ارتفاع ال ّ
ي صلى الله عليه وليلة التّعريس كانت حين قفل النّب ّ
وسلم راجعا ً من غزوة خيبر .
ما سنّة الظّهر القبليّة إذا فاتت فإنّها تؤدّى بعد وأ ّ
سنّة
الفرض ،وقد اختلف في تقديمها على ال ّ
البعديّة وتأخيرها عنها ،فعند أبي حنيفة وأبي يوسف
مد يؤدّيهما قبل سنّة البعديّة ،وعند مح ّ يؤدّيهما بعد ال ّ
سنّة البعديّة .ال ّ
140
سنن الّرواتب إذا فاتت مع فرائضها ، ما بقيّة ال ّ
وأ ّ
فقد اختلف فيها فقهاء الحنفيّة ،فقال بعضهم :ل
ح.تقضى تبعا ً كما ل تقضى قصدا ً وهو الص ّ
وقال البعض الخر :تقضى تبعا ً للفرض بناءً على
جعل الوارد في قضاء سنّة الفجر واردا ً في غيرها
سنن الفائتة مع فرائضها إلغاءً لخصوص من ال ّ
ل.المح ّ
ل أبو حنيفة وأبو يوسف على عدم قضاء وقد استد ّ
سنّة عموما ً ل ن ال ّ
سنّة الفجر إذا فاتت وحدها :بأ ّ
ن القضاء تقضى لختصاص القضاء بالواجب ،ل ّ
تسليم مثل ما وجب بالمر .والحديث ورد في
قضائها تبعا ً للفرض ،فبقي ما وراءه على الصل ،
وإنّما تقضى تبعا ً له .وهو ل يصلّي بالجماعة أو
وحده إلى وقت الّزوال .
م سلمة -رضي الله عنها - وبالحديث الّذي روته أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم العصر ، قالت « :صلّى النّب ّ
م دخل بيتي فصلّى ركعتين ،فقلت :يا رسول اللّه ث ّ
ي مال صلّيت صلةً لم تكن تصلّيها ؟ فقال :قدم عل ّ
فشغلني عن الّركعتين كنت أركعهما بعد الظّهر ،
فصلّيتهما الن فقلت :يا رسول اللّه ،أفنقضيهما إذا
فاتتا ؟ فقال :ل » .
وقال المالكيّة :ل يقضي من النّوافل إل ّ سنّة الفجر
صبح أم ل ،ونقل عن فقط ،سواء كانت مع صلة ال ّ
بعضهم القول بحرمة قضاء النّوافل ما عدا سنّة
الفجر .
بشافعيّة في الظهر من المذهب :يستح ّ وقال ال ّ
سنن ن ال ّقضاء النّوافل المؤقّتة ،ومقابل الظهر أ ّ
المؤقّتة ل تقضى إذا فاتت ،لنّها نوافل ،فهي تشبه
النّوافل غير المؤقّتة ،وهذه ل تقضى إذا فاتت .
141
شافعيّة :إن لم يتبع النّفل وفي قول ثالث لل ّ
ضحى قضي لشبهه بالفرض في المؤقّت غيره كال ّ
الستقلل ،وإن تبع غيره كالّرواتب فل تقضى .
واستدلّوا للظهر بعموم قوله صلى الله عليه وسلم
« :من نسي صلة ً أو نام عنها فكّفارتها أن يصلّيها
إذا ذكرها » « ولقضائه صلى الله عليه وسلم سنّة
الفجر ليلة التّعريس » .ولقوله صلى الله عليه
وسلم « :من نام عن وتره أو نسيه فليصلّه إذا
ذكره » .
سابق . م سلمة ال ّ وبحديث أ ّ
سنن الّرواتب الفائتة مع وقال الحنابلة :تقضى ال ّ
ة ،فإذا كانت كثيرةً فالولى الفرائض إذا كانت قليل ً
تركها ،إل ّ سنّة الفجر فإنّها تقضى ولو كثرت .
ي صلى الله جوا لولويّة ترك ما كثر « بفعل النّب ّ واحت ّ
عليه وسلم يوم الخندق » ،لم ينقل عنه أنّه صلّى
ن الشتغال بالفرض بين الفرائض المقضيّة ،ول ّ
أولى .
صا ً فعل قال الحنابلة :للّزوجة ،والجير ولو خا ّ
سنن الّرواتب مع الفرض لنّها تابعة له ول يجوز ال ّ
ن زمنها مستثنى شرعاً سنن ل ّ منعهما من ال ّ
ً
كالفرائض .
================
صلة الوسطى * ال ّ
التّعريف :
صلة :انظر :صلة .والوسطى مؤنّث - 1تعريف ال ّ
شيء ما بين طرفيه ،وهو من الوسط ،وأوسط ال ّ
ي
أوسط قومه :من خيارهم « ،وفي صفة النّب ّ
صلى الله عليه وسلم :أنّه من أوسط قومه » ،أي
شيء ،ما بين طرفيه ، خيارهم ،والوسط :وسط ال ّ
142
ل شيء ،والعدل ،والخير ،يوصف والمعتدل من ك ّ
مجعَلْنَاك ُ ْ
ك َ به المفرد وغيره ،وفي التّنزيل { :وَكَذَل ِ َ
سطا ً } ،أي خيارا ً عدول ً . ة وَ َ أ ُ َّ
م ً
صلة الوسطى : تحديد ال ّ
صلة الوسطى الوارد اختلف الفقهاء في تحديد ال ّ
تصلَوَا ِ
حافِظُوا ْ عَلَى ال َّ ذكرها في قوله تعالى َ { :
ن } وذلك على موا ْ لِلّهِ قَانِتِي َسطَى َوقُو ُ صلَةِ الْوُ ْ وال َّ
الوجه التي :
صبح ،وهذا قول مالك وهو - 2قيل :إنّها صلة ال ّ
صي،ن ّ شافع ّ المشهور في مذهبه ،وهو قول ال ّ
م وغيره ،ونقل الواحديّ هذا القول عن عليه في ال ّ
عمر ومعاذ بن جبل وابن عبّاس وابن عمر وجابر -
رضي الله تعالى عنهم -وعطاء ومجاهد والّربيع بن
أنس -رحمهم اللّه تعالى -وهو قول علماء المدينة
.
صبح قبلها صلتا ليل ن صلة ال ّ ومستند هؤلء :أ ّ
ن
يجهر فيهما ،وبعدها صلتا نهار يسّر فيهما ؛ ول ّ
وقتها يدخل والنّاس نيام ،والقيام إليها شاقّ في
صيف لقصر زمن البرد لشدّة البرد ،وفي زمن ال ّ
صت بالمحافظة عليها ،حتّى ل يتغافل اللّيل ،فخ ّ
عنها بالنّوم .ويستدلّون على ذلك بقوله تعالى :
ن } فقرنها بالقنوت ،ول قنوت موا ْ لِلّهِ قَانِتِي َ
{ َوقُو ُ
صبح ،قال أبو رجاء :صلّى بنا ابن عبّاس - إل ّ في ال ّ
رضي الله تعالى عنهما -صلة الغداة بالبصرة فقنت
ما فرغ قال :هذه فيها قبل الّركوع ،ورفع يديه ،فل ّ
صلة الوسطى الّتي أمرنا اللّه تعالى أن نقوم فيها ال ّ
ة :يطلق على طول القيام قانتين .والقنوت لغ ً
وعلى الدّعاء ،فعن جابر بن عبد اللّه -رضي الله
143
ي صلى الله عليه وسلم قال « : ن النّب ّ
عنهما -أ ّ
صلة طول القنوت » . أفضل ال ّ
جاج :المشهور في اللّغة وقال أبو إسحاق الّز ّ
ن القنوت :العبادة والدّعاء للّه تعالى والستعمال أ ّ
في حال القيام ،قال الواحديّ :فتظهر الدّللة
صبح ؛ لنّه ل فرض يكون ن الوسطى ال ّ ي:أ ّ شافع ّ لل ّ
فيه الدّعاء قائما ً غيرها .
- 3وقيل :إنّها العصر لنّها بين صلتين من صلة
اللّيل ،وصلتين من صلة النّهار ،وهو مذهب
الحنفيّة والحنابلة وهو قول ابن حبيب من المالكيّة .
ي في قبسه ،وابن عطيّة في واختاره ابن العرب ّ
تفسيره وقال :وعلى هذا القول الجمهور من
ي وابن الواحدي عن عل ّ
ّ النّاس وبه أقول ،ونقله
مسعود وأبي هريرة -رضي الله تعالى عنهم -
ي ومقاتل حاك والكلب ّ ض ّ ي والحسن وقتادة وال ّ والنّخع ّ
النصاري وأبي
ّ ،ونقله ابن المنذر عن أبي أيّوب
سعيد الخدريّ ،وابن عمر وابن عبّاس -رضي الله
ي -رحمه الله تعالى - سلمان ّ تعالى عنهم -وعبيدة ال ّ
صحابة رمذي عن أكثر العلماء من ال ّ ّ ونقله الت ّ
وغيرهم .
ي-والدّليل على أنّها صلة العصر ما روي عن عل ّ
رضي الله تعالى عنه -قال :قال رسول اللّه صلى
صلةالله عليه وسلم يوم الحزاب « :شغلونا عن ال ّ
الوسطى صلة العصر ،مل اللّه بيوتهم وقبورهم
ناًرا » .
وعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه -قال :
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :صلة
ي صلى الله ن النّب ّ الوسطى صلة العصر » .ول ّ
عليه وسلم قال « :الّذي تفوته صلة العصر كأنّما
144
وتر أهله وماله » .وقال « :من ترك صلة العصر
فقد حبط عمله » .
صلة عرضت على من كان ن هذه ال ّ وقال « :إ ّ
قبلكم فضيّعوها ،فمن حافظ عليها كان له أجره
شاهد ،يعني مّرتين ،ول صلة بعدها حتّى يطلع ال ّ
النّجم » .
ووي في المجموع :الّذي تقتضيه الحاديث ّ وقال الن ّ
صلة الوسطى هي العصر ،وهو ن ال ّ صحيحة :إ ّ ال ّ
ص
م قال :قال صاحب الحاوي :ن ّ المختار .ث ّ
حت الحاديث أنّها العصر ، صبح ،وص ّ ي أنّها ال ّ شافع ّ ال ّ
ومذهبه اتّباع الحديث ،فصار مذهبه أنّها العصر ،
قال :ول يكون في المسألة قولن ،كما وهم بعض
أصحابنا .
شيخ أبو صبح والعصر معا ً ،قاله ال ّ - 4وقيل :إنّها ال ّ
البهري من المالكيّة واختاره ابن أبي جمرة ، ّ بكر
مدِ َرب ِّ َ
ك ح ْ
ح بِ َ
سب ِّ ْ والدّليل على ذلك قوله تعالى { :وَ َ
ل طُلُوع ال َّ
ب } يعني صلة ل الْغُُرو ِ س َوقَب ْ َ م ِ ش ْ ِ قَب ْ َ
الفجر والعصر .وروى جرير بن عبد اللّه قال « :كنّا
ي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى جلوسا ً عند النّب ّ
ما إنّكم سترون ربّكم كما القمر ليلة البدر فقال :أ ّ
ترون هذا ،ل تضامون .في رؤيته ،فإن استطعتم
شمس وقبل أن ل تغلبوا على صلة قبل طلوع ال ّ
م قرأ جرير غروبها ،يعني العصر والفجر فافعلوا ،ث ّ
لس وَقَب ْ َ ل طُلُوع ال َّ ك قَب ْ َمدِ َرب ِّ َ
م ِ ش ْ ِ ح ْح بِ َ سب ِّ َْ { :و َ
ي صلى الله عليه وسلم « : غُُروبِهَا } » وقال النّب ّ
يتعاقبون فيكم ملئكة باللّيل وملئكة بالنّهار ،
م يعرج ويجتمعون في صلة الفجر وصلة العصر ،ث ّ
الّذين باتوا فيكم ،فيسألهم -وهو أعلم بهم -كيف
145
تركتم عبادي ؟ فيقولون :تركناهم وهم يصلّون ،
وأتيناهم وهم يصلّون » .
وروى عمارة بن رؤيبة قال :سمعت رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم يقول « :لن يلج النّار أحد
شمس وقبل غروبها ،يعني صلّى قبل طلوع ال ّ
ن رسول اللّه صلى الله الفجر والعصر » وعنه أ ّ
عليه وسلم قال « :من صلّى البردين دخل الجنّة »
ميتا البردين لنّهما يفعلن في وقت البرد . وس ّ
صلة الوسطى صلة العتمة ن ال ّ
-5وقيل :إ ّ
ي :ذكره ابن مقسم في صبح ،قال الدّمياط ّ وال ّ
تفسيره .وقال أبو الدّرداء -رضي الله عنه -في
مرضه الّذي مات فيه :اسمعوا وبلّغوا من خلفكم :
صلتين -يعني في جماعة - حافظوا على هاتين ال ّ
صبح ،ولو تعلمون ما فيهما لتيتموهما العشاء وال ّ
ولو حبوا ً على مرافقكم وركبكم .وقاله عمر
وعثمان -رضي الله تعالى عنهما -وورد عن رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :ليس صل ً
ة
أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ،ولو
يعلمون ما فيها لتوهما ولو حبوا ً » .
صبح في جماعة قيام ليلة ،والعتمة وجعل لمصلّي ال ّ
نصف ليلة ،حيث قال رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم « :من صلّى العشاء في جماعة فكأنّما قام
صبح في جماعة فكأنّما نصف اللّيل ،ومن صلّى ال ّ
صلّى اللّيل كلّه » .
-6وقيل :هي الظّهر ؛ لنّها وسط النّهار ،والنّهار
ن الظّهر هي من قال إ ّ أوّله من طلوع الفجر ،وم ّ
الخدري
ّ صلة الوسطى :زيد بن ثابت ،وأبو سعيد ال ّ
،وأسامة بن زيد ،وعبد اللّه بن عمر ،وعائشة -
146
رضي الله عنهم -ونقله ابن المنذر عن عبد اللّه بن
شدّاد .
ل على أنّها وسطى :ما قالته عائشة ما يد ّ وم ّ
صلوات وحفصة حين أملتا " :حافظوا على ال ّ
صلة الوسطى وصلة العصر " بالواو ،وروي : وال ّ
أنّها كانت أشقّ على المسلمين لنّها كانت تجيء
في الهاجرة وهم قد نفهتهم أعمالهم في أموالهم ،
وورد عن زيد بن ثابت قال « :كان رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم يصلّي الظّهر بالهاجرة ،ولم
تكن صلة أشد ّ على أصحاب رسول اللّه صلى الله
صلَوَا ِ
ت حافِظُوا ْ عَلَى ال َّ عليه وسلم منها ،فنزلت َ { :
سطَى } » . ة الْوُ ْ
صل َ ِ
وال َّ
-7وقيل :إنّها المغرب قال بذلك قبيصة بن ذؤيب
ن الولى هي في جماعة ،وابن قتيبة وقتادة ؛ ل ّ
لالظّهر ،فتكون المغرب الثّالثة ،والثّالثة من ك ّ
خمس هي الوسطى ؛ ولنّها وسطى في عدد
الّركعات ووسطى في الوقات ،فعدد ركعاتها ثلث
فهي وسطى بين الربع والثنين ووقتها في آخر
صلة بأنّها الوتر صت من بين ال ّ النّهار وأوّل اللّيل ،خ ّ
ب الوتر ،وبأنّها تصلّى في أوّل وقتها ،واللّه وتر يح ّ
في جميع المصار والعصار ،ويكره تأخيرها عنه،
ي صلى الله عليه وسلم وكذلك صّلها جبريل بالنّب ّ
مةفي اليومين لوقت واحد ،ولذلك ذهب بعض الئ ّ
ي صلى إلى أنّها ليس لها إل ّ وقت واحد ،وقال النّب ّ
متي بخير -أو قال : الله عليه وسلم « :ل تزال أ ّ
خروا المغرب إلى أن تشتبك على الفطرة -ما لم يؤ ّ
النّجوم » وروي من حديث عائشة -رضي الله عنها
ن أفضل ي صلى الله عليه وسلم قال « :إ ّ -عن النّب ّ
صلوات عند اللّه صلة المغرب لم يحطّها عن ال ّ
147
مسافر ول مقيم ،فتح اللّه بها صلة اللّيل وختم بها
صلة النّهار فمن صلّى المغرب وصلّى بعدها ركعتين
بنى اللّه له قصرا ً في الجنّة ومن صلّى بعدها أربع
ة -أو قال - ركعات غفر اللّه له ذنب عشرين سن ً
ة». أربعين سن ً
صلة الوسطى هي صلة العشاء ؛ ن ال ّ -8وقيل :إ ّ
ب تأخيرها ، لنّها بين صلتين ل تقصران ،ويستح ّ
وذلك شاقّ ،فوقع التّأكيد في المحافظة عليها .
صلة الوسطى هي العشاء أحمد بن ن ال ّ من ذكر أ ّ وم ّ
ة
يسابوري .وروى ابن عمر قال « :مكثنا ليل ً ّ ي الن ّ
عل ّ
ننتظر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لصلة
العشاء الخرة فخرج إلينا حين ذهب ثلث اللّيل أو
بعده .فقال :إنّكم لتنتظرون صلةً ما ينتظرها أهل
متي لصلّيت بهم دين غيركم ،ولول أن يثقل على أ ّ
ساعة » وقال « :ليس صلة أثقل على هذه ال ّ
المنافقين من الفجر والعشاء ،ولو يعلمون ما فيهما
لتوهما ولو حبوا ً » .
صلة الوسطى غير معيّنة ،فهي ن ال ّ -9وقيل :إ ّ
صلوات الخمس ليجتهد في الجميع كما مبهمة في ال ّ
ساعة الّتي في يوم الجمعة ،قاله في ليلة القدر وال ّ
الّربيع بن خيثم ،وحكي عن ابن المسيّب ،وقاله
نافع عن ابن عمر ،فخبّأها اللّه تعالى .كما خبّأ ليلة
القدر ،وساعة يوم الجمعة ،وساعات اللّيل
المستجاب فيها الدّعاء ليقوموا باللّيل في الظّلمات
حة أنّها
ل على ص ّ ما يد ّ لمناجاة عالم الخفيّات وم ّ
مبهمة غير معيّنة ما ورد عن البراء بن عازب قال :
صلوات وصلة « نزلت هذه الية ( :حافظوا على ال ّ
م نسخها اللّه العصر ) ،فقرأناها ما شاء اللّه ث ّ
صل َ ِ
ة ت وال َّ صلَوَا ِ
حافِظُوا ْ ع َلَى ال َّ فنزلت { َ
148
سطَى } ،فقال رجل :هي إذن صلة العصر؟ الْوُ ْ
فقال البراء :قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها
اللّه » فلزم من هذا أنّها بعد أن عيّنت نسخ تعيينها
وأبهمت فارتفع التّعيين ،وهذا اختيار مسلم .وقال
ي:
خرين ،قال القرطب ّ به غير واحد من العلماء المتأ ّ
صحيح إن شاء وهو -أي إبهامها وعدم تعيينها -ال ّ
اللّه تعالى لتعارض الدلّة وعدم التّرجيح ،فلم يبق
إل ّ المحافظة على جميعها ،وأداؤها في أوقاتها .
الماوردي في
ّ - 10وقيل :إنّها صلة الجمعة ،حكاه
صت بالجمع لها والخطبة ن الجمعة خ ّ تفسيره ؛ ل ّ
ي ،وورد عن فيها ،جعلت عيدا ً ذكره ابن حبيب ومك ّ ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ عبد اللّه بن مسعود « أ ّ
وسلم قال لقوم يتخلّفون عن الجمعة :لقد هممت
م أحّرق على رجال أن آمر رجل ً يصلّي بالنّاس ث ّ
يتخلّفون عن الجمعة بيوتهم » .
صلوات الخمس بجملتها ،ذكره - 11وقيل :إنّها ال ّ
ن قوله النّّقاش في تفسيره ،وقاله معاذ بن جبل ل ّ
م الفرض ت } ،يع ّ صلَوَا ِ حافِظُوا ْ ع َلَى ال َّ تعالى َ { :
ص الفرض بالذ ّكر . مخ ّ والنّفل ،ث ّ
وقد ذكر الحطّاب أقوال ً أخرى سوى ما تقدّم .يرجع
إليه فيها .
ي وسبب إفرادها بالذ ّكر : الحكم التّكليف ّ
صلة الوسطى ن ال ّ سابقة يتبيّن أ ّ - 12من القوال ال ّ
صلوات صلوات الخمس في الجملة .وال ّ هي إحدى ال ّ
ل مكلّف -كما هو معلوم - الخمس فرض على ك ّ
وقد أمر اللّه سبحانه وتعالى بالمحافظة عليها في
م عطف ت}.ث ّ صلَوَا ِحافِظُوا ْ ع َلَى ال َّ قوله تعالى { َ
سطَى } . صلَةِ الْوُ ْ عليها قوله تعالى { :وال َّ
149
صلة ي :وأفرد اللّه سبحانه وتعالى ال ّ يقول القرطب ّ
الوسطى بالذ ّكر ،وقد دخلت قبل في عموم
صلوات ؛ تشريفا ً لها ،كما في قوله تعالى { :وَإِذْ ال ّ
من نُّوٍح } وقوله : من َ َ أَ
ك وَ ِ م وَ ِ ميثَاقَهُ ْ ن ِ َ يّ ِ يِ ب ّ الن نَ م
ِ اَ ْن ذ خ
َ
ن}. ما ٌل وَُر َّخ ٌ ة َون َ ْ ما فَاكِهَ ٌ { فِيهِ َ
صلوات . ل كذلك على أنّها آكد ال ّ وإفرادها بالذ ّكر يد ّ
صلةن ال ّ ووي :اتّفق العلماء على أ ّ ّ يقول الن ّ
صلوات الخمس واختلفوا في الوسطى آكد ال ّ
تحديدها .
===============
صلة على الّراحلة " أو الدّابّة " * ال ّ
التّعريف :
صلة ينظر تعريفها في مصطلح ( صلة ) . - 1ال ّ
القوي على السفار ّ والّراحلة من البل :البعير
والحمال ،وهي الّتي يختارها الّرجل لمركبه ورحله
على النّجابة وتمام الخلق وحسن المنظر ،وإذا
كانت في جماعة البل تبيّنت وعرفت .والّراحلة عند
ل بعير نجيب سواء أكان ذكرا ً أم أنثى ، العرب :ك ّ
والجمع رواحل ،ودخول الهاء في الّراحلة للمبالغة
ة ؛ لنّها ذات رحل . ميت راحل ً صفة ،وقيل :س ّ في ال ّ
ب على الرض .وقد غلب هذا ل ما يد ّ والدّابّة :ك ّ
السم على ما يركب من الحيوان من إبل وخيل
وبغال وحمير .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
سفينة : ال ّ
ن
سفينة :الفلك ،والعلقة بينها وبين الّراحلة أ ّ - 2ال ّ
صلة على الّراحلة ن لل ّكّل ً منهما يركب ،وكما أ ّ
سفينة أحكاماً صلة في ال ّ ة ،فكذلك لل ّ ص ً أحكاما ً خا ّ
ة تنظر في مصطلح ( سفينة ) . ص ً خا ّ
150
صلة على الّراحلة : الحكام الّتي تتعلّق بال ّ
أ -صلة النّفل :
- 3اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للمسافر صلة
جهت به .والدّليل على النّفل على الّراحلة حيثما تو ّ
ب
مغْرِ ُشرِقُ َوال ْ َ ذلك قول ُ اللّه تعالى َ { :ولِلّهِ ال ْ َ
م ْ
ه اللّهِ } قال ابن عمر -رضي ما تُوَل ّوا ْ فَث َ َّ َ
ج ُ
م َو ْ فَأيْن َ َ
ة ،وعن ص ًالله تعالى عنهما : -نزلت في التّطوّع خا ّ
ن رسول اللّه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما « أ ّ
صلى الله عليه وسلم كان يسبّح على ظهر راحلته
حيث كان وجهه » وعن جابر -رضي الله عنه « -
كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي على
جهت ،فإذا أراد الفريضة نزل راحلته حيث تو ّ
فاستقبل القبلة » .
ن صلة التّطوّع على الّراحلة في وأجمعواعلى أ ّ
ما
صلة جائزة .وأ ّ سفر الطّويل الّذي تقصر فيه ال ّ ال ّ
نسفر القصير ،وهو ما ل يباح فيه القصر فإ ّ ال ّ
شافعيّة صلة على الّراحلة جائزة عند الحنفيّة وال ّ ال ّ
ي واللّيث والحسن بن والحنابلة ،وهو قول الوزاع ّ
ي.حي ّ
وقال مالك :ل يباح إل ّ في سفر طويل ؛ لنّه رخصة
ل الوّلون ص بالطّويل كالقصر .واستد ّ سفر فاخت ّ
بالية المذكورة ،وقول ابن عمر فيها ،وحديثه الّذي
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال فيه « :إ ّ
كان يوتر على البعير » .
سفر وإنّما والمشهور عند الحنفيّة :أنّه ل يشترط ال ّ
قيّدوا جواز النّفل على الّراحلة بما إذا كان المصلّي
ل الّذي يجوز ل القصر ،أي في المح ّ خارج المصر مح ّ
صلة فيه .وأجاز أبو يوسف من للمسافر قصر ال ّ
الحنفيّة التّنّفل على الّراحلة في المصر وقال :
151
ماه -عن سالم عن ابن عمر - حدّثني فلن -وس ّ
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ
رضي الله عنهما « -أ ّ
ركب الحمار في المدينة يعود سعد بن عبادة -
رضي الله تعالى عنهما -وكان يصلّي وهو راكب » .
مد مع الكراهة مخافة الغلط لما في وأجاز ذلك مح ّ
المصر من كثرة اللّغط .
كما أجاز التّنّفل على الدّابّة في المصر بعض
شافعيّة كأبي سعيد الصطخريّ والقاضي حسين ال ّ
وغيرهما ،وكان أبو سعيد الصطخريّ محتسب
سكك وهو يصلّي على دابّته . بغداد يطوف ال ّ
- 4والتّطوّع الجائز على الّراحلة يشمل النّوافل
سنن الّرواتب والمعيّنة والوتر وسجود المطلقة وال ّ
التّلوة ،وهذا عند جمهور الفقهاء ( المالكيّة
شافعيّة والحنابلة ) . وال ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان ن النّب ّواستدلّوا « بأ ّ
يوتر على بعيره ،وكان يسبّح على بعيره إلّ
الفرائض » .
وعند الحنفيّة ما يعتبر واجبا ً عندهم من غير
الفرائض كالوتر ل يجوز على الّراحلة بدون عذر ،
وكذلك سجدة التّلوة .
وعن أبي حنيفة :أنّه ينزل عن دابّته لسنّة الفجر ؛
صلة سنن الّرواتب .وتجوز ال ّ لنّها آكد من سائر ال ّ
للمسافر على البعير والفرس والبغل والحمار ونحو
ذلك ،ولو كان الحيوان غير مأكول اللّحم ،ول
ن
ح«أ ّ كراهة هنا لمسيس الحاجة إليه ،ولنّه ص ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي على حماره النّب ّ
النّفل » .غير أنّه يشترط أن يكون ما يلقي بدن
سرج ،والمتاع ، المصلّي على الّراحلة وثيابه من ال ّ
واللّجام طاهرا ً .
152
مة مشايخ شافعيّة ،والحنابلة ،وعا ّ وهذا كما يقول ال ّ
الحنفيّة كما ذكر في الصل .
رازي :
ّ مد بن مقاتل ال ّ وعن أبي حفص البخاريّ ومح ّ
أنّه إذا كانت النّجاسة في موضع الجلوس أو في
موضع الّركابين أكثر من قدر الدّرهم ل تجوز ،ولو
سرج نجاسة فسترها لم يضّر . كان على ال ّ
سفر صلة على الّراحلة تطوّع ًا في ال ّ -5وتجوز ال ّ
الواجب والمندوب والمباح ،كسفر التّجارة ونحوه ،
ي. شافع ّ عند أبي حنيفة ومالك وال ّ
ول يباح في سفر المعصية :كقطع الطّريق ،
والتّجارة في الخمر والمحّرمات عند مالك
خص شرع للعانة على ن التّر ّ ي وأحمد ؛ ل ّ شافع ّ وال ّ
تحصيل المباح فل يناط بالمعصية .
ي :له ذلك ؛ لنّه وري والوزاع ّ ّ وقال أبو حنيفة والث ّ
خص كالمطيع . مسافر ،فأبيح له التّر ّ
ب -صلة الفريضة :
ن صلة الفريضة على الّراحلة ل تجوز - 6الصل أ ّ
إل ّ لعذر ،فعن جابر بن عبد اللّه -رضي الله عنه -
ي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي على ن النّب ّ
«أ ّ
راحلته نحو المشرق فإذا أراد أن يصلّي المكتوبة
نزل فاستقبل القبلة »
قال ابن بطّال :أجمع العلماء على أنّه ل يجوز لحد
أن يصلّي الفريضة على الدّابّة من غير عذر .
ن أداء الفرائض على الدّابّة مع القدرة على ول ّ
النّزول ل يجوز .
ن شرط الفريضة المكتوبة أن يكون المصلّي ول ّ
ح من مستقبل القبلة مستقّرا ً في جميعها ،فل تص ّ
ل بقيام أو استقبال . الّراكب المخ ّ
153
صلة على -7وقد عدّد الفقهاء العذار الّتي تبيح ال ّ
الّراحلة .
ومن ذلك :الخوف على النّفس أو المال من عدوّ أو
سبع ،أو خوف النقطاع عن الّرفقة ،أو التّأذ ّي
بالمطر والوحل ؛ ففي مثل هذه الحوال تجوز صلة
الفريضة على الّراحلة باليماء من غير ركوع وسجود
ن عند اعتراض هذه العذار عجزا ً عن تحصيل ؛ل ّ
هذه الركان .
قال ابن قدامة :إذا اشتد ّ الخوف ،بحيث ل يتمكّن
صلة إلى القبلة ،أو عجز عن بعض أركان من ال ّ
ما لهرب مباح من عدوّ ،أو سيل ،أو سبع صلة :إ ّ ال ّ
ما ل يمكنه التّخلّص منه ،أو حريق ،أو نحو ذلك م ّ
إل ّ بالهرب ،أو المسابقة ،أو التحام الحرب والحاجة
ضرب والمطاردة فله أن إلى الكّر والفّر والطّعن وال ّ
يصلّي على حسب حاله راجل ً وراكبا ً إلى القبلة إن
أمكن ،أو إلى غيرها إن لم يمكن ،وإذا عجز عن
سجود أكثر سجود أومأ بهما وينحني إلى ال ّ الّركوع وال ّ
من الّركوع على قدر طاقته ،وإن عجز عن اليماء
سقط ،وإن عجز عن القيام ،أو القعود ،أو غيرهما
ضرب والكّر والفّر سقط ،وإن احتاج إلى الطّعن وال ّ
صلة عن وقتها لقول اللّه خر ال ّ فعل ذلك ول يؤ ّ
َ
جال ً أ ْو ُركْبَانا ً } .م فَرِ َ
فت ُ ْ
خ ْ تعالى { :فَإ ْ
ن ِ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ وحديث يعلى بن أميّة « :أ ّ
وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على
سماء من فوقهم والبلّة من أسفل منهم راحلته وال ّ
م تقدّمصلة فأمر المؤذ ّن فأذ ّن وأقام ث ّ فحضرت ال ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على راحلته
سجود أخفض من فصلّى بهم يومئ إيما ًء يجعل ال ّ
الّركوع » .
154
وينظر تفصيل ذلك في مصطلحي ( :صلة الخوف ،
واستقبال ف . ) 38/
-8وإذا كانت صلة الفرض على الّراحلة ل تجوز إلّ
ن شرط الفريضة المكتوبة أن يكون لعذر ؛ ل ّ
المصلّي مستقبل القبلة مستقّرا ً في جميعها
ن من أمكنه صلة ومستوفيا ً شروطها وأركانها ،فإ ّ
ل شروطها الفريضة على الّراحلة مع التيان بك ّ
حت صلته وذلك كما يقول وأركانها ،ولو بل عذر ص ّ
شافعيّة والحنابلة -وهو الّراجح المعتمد عند ال ّ
المالكيّة . -
قال الحنابلة :وسواء أكانت الّراحلة سائرةً أم
شافعيّة قيّدوا ذلك بما إذا كان في ة ،لكن ال ّ واقف ً
ما لوة.أ ّ نحو هودج وهي واقفة ،وإن لم تكن معقول ً
ن سيرها منسوب إليه كانت سائرة ً فل يجوز ؛ ل ّ
بدليل جواز الطّواف عليها .ولو كان للدّابّة من يلزم
لجامها ويسيّرها ،بحيث ل تختلف الجهة جاز ذلك ،
صلةوقال سحنون من المالكيّة :ل يجزئ إيقاع ال ّ
على الدّابّة قائما ً وراكعا ً وساجدا ً لدخوله على الغرر
.
قبلة المصلّي على الّراحلة :
- 9مصلّي النّافلة على الّراحلة ل يلزمه استقبال
جهت الدّابّة أو صوب القبلة ،بل يصلّي حيثما تو ّ
سفره كما يقول المالكيّة ،وتكون هذه عوضا ً عن
ي صلى الله عليه وسلم القبلة ،وقد « كان النّب ّ
جهت به ،أي جهة يصلّي على راحلته حيث تو ّ
مقصده ،فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة » .
ن النّاس والحكمة في التّخفيف على المسافر :أ ّ
محتاجون إلى السفار .فلو شرط فيها الستقبال
لدّى إلى ترك أورادهم أو مصالح معايشهم .
155
صلة إلى ن المصلّي إذا أمكنه افتتاح ال ّ - 10غير أ ّ
ة غير مقطورة بأن القبلة ،وهذا إذا كانت الدّابّة سهل ً
ة أو سائرةً وزمامها بيده فإنّه يجب عليه كانت واقف ً
شافعيّة .استقبال القبلة عند الحرام ،وهذا عند ال ّ
وهو رواية عند الحنابلة ورأي ابن حبيب من المالكيّة
،ورواية ابن المبارك من الحنفيّة -واستدلّوا بما
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رواه أنس « :أ ّ
كان إذا سافر فأراد أن يتطوّع استقبل بناقته القبلة
جهه ركابه » ؛ ولنّه أمكنه م صلّى حيث و ّ فكبّر ث ّ
صلة فلزمه ذلك استقبال القبلة في ابتداء ال ّ
صلة كلّها . كال ّ
شافعيّة :يشترط الستقبال في وفي قول عند ال ّ
صلة فاشترط سلم -أيضا ً -لنّه آخر طرفي ال ّ ال ّ
فيه ذلك .
والّرواية الثّانية عند الحنابلة -وهو قول عند
ن
سلم ل ّ شافعيّة : -ل يلزمه ذلك يعني في ال ّ ال ّ
صلة فأشبه سائر أجزائها ؛ الفتتاح جزء من أجزاء ال ّ
ن ذلك ل يخلو من مشّقة فسقط شرط ول ّ
سلم . الستقبال في ال ّ
ب ذلك ول يجب ،وإن لم يسهل وعند الحنفيّة يستح ّ
استقبال القبلة بأن كانت الدّابّة سائرةً وهي
مقطورة ،ولم يسهل انحرافه عليها أو كانت جموحاً
ل يسهل تحريفها فل يجب الستقبال ؛ لما في ذلك
سير عليه ،فيحرم إلى من المشّقة واختلل أمر ال ّ
جهة سيره .
شافعيّة :يجب عليه الستقبال وفي قول عند ال ّ
مطلقا ً سواء سهل عليه ذلك أم ل ،فإن تعذ ّر لم
ح صلته . تص ّ
156
- 11وإن كان المصلّي على الّراحلة في مكان واسع
صلة إلى القبلة كمحمل واسع وهودج ويتمكّن من ال ّ
سجود فعليه استقبال القبلة في صلته والّركوع وال ّ
ويسجد على ما هو عليه إن أمكنه ذلك ؛ لنّه كراكب
سفينة ،وقال أبو الحسن المديّ :يحتمل أن ل ال ّ
م
مة تع ّ ن الّرخصة العا ّ يلزمه شيء من ذلك كغيره ل ّ
ما وجدت فيه المشّقة وغيره .هذا بالنّسبة
ما بالنّسبة للفريضة فإنّه يجوز ترك للتّطوّع ،أ ّ
الستقبال للعذر -فقط -على ما سبق بيانه.
صلة على الّراحلة : كيفيّة ال ّ
صلة على الّراحلة فإنّه يومئ - 12من جازت له ال ّ
سجود ،ويجعل سجوده في صلته بالّركوع وال ّ
أخفض من ركوعه ،قال جابر « :بعثني رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلّي
سجود أخفض من على راحلته نحو المشرق ،وال ّ
الّركوع » .
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّوروى البخاريّ « :أ ّ
جهت به سفر على راحلته حيث تو ّ كان يصلّي في ال ّ
يومئ إيماء صلة اللّيل إل ّ الفرائض » .
قال ابن عرفة من المالكيّة :من تنّفل في محمله
فقيامه تربّع ،ويركع كذلك ويداه على ركبتيه فإذا
سجود وقد ثنى رجليه ،فإن رفع رفعهما ،ويومئ بال ّ
لم يقدر أومأ متربّعا ً .
صلة م نزل في أثناء ال ّ ومن افتتح التّطوّع راكبا ً ،ث ّ
فإنّه يستقبل القبلة ويبني على ما سبق من صلته
مها بالرض راكعا ً وساجدا ً ،قال المالكيّة :إلّ ويت ّ
صحيح غير على قول من يجوّز اليماء في النّافلة لل ّ
م صلته على دابّته باليماء إذا دخل المسافر فإنّه يت ّ
المدينة .
157
وقال أبو يوسف من الحنفيّة :يستقبل صلته ول
ن أوّل صلته باليماء وآخرها يبني على ما سبق ؛ ل ّ
ضعيف . بركوع وسجود ؛ فل يجوز بناء القويّ على ال ّ
مد :أنّه إذا نزل بعد ما صلّى ركع ً
ة وروي عن مح ّ
ن ما قبل أداء الّركعة مجّرد تحريمة استقبل ؛ ل ّ
ضعيف كان شرطاً شرط المنعقد لل ّ وهي شرط ،فال ّ
ضعيف ة فقد تأكّد فعل ال ّ ما إذا صلّى ركع ً للقويّ ،وأ ّ
القوي
ّ فل يبنى عليه
مه راكبا ً ، - 13وإن ركب ماش وهو في صلة نفل أت ّ
كما يقول الحنابلة وزفر من الحنفيّة .وعند الحنفيّة
ن الّركوب عمل كثير .ومن افتتح :ل يبني ؛ ل ّ
م دخل المصر ،أو نوى التّطوّع خارج المصر ،ث ّ
م النّزول ببلد دخله نزل عن دابّته لنقطاع سفره وأت ّ
شافعيّة والحنابلة صلته مستقبل ً القبلة .وهذا عند ال ّ
م على ،وهو ما عليه الكثر عند الحنفيّة ،وقيل :يت ّ
الدّابّة بإيماء .
ولو ركب المسافر النّازل وهو في صلة نافلة بطلت
ن حالته إقامة فيكون ركوبه فيها كالعمل صلته ؛ ل ّ
مد من الحنفيّة :يبني الكثير من المقيم ،وقال مح ّ
على صلته .
==============
ي صلى الله عليه وسلم * صلَة ُ ع َلَى النَّب ِ ِ ّال َّ
ي صلى الله عليه صلة على النّب ّ - 1المقصود بال ّ
وسلم :الدّعاء له بصيغة مخصوصة والتّعظيم لمره
ي من اللّه : صلة على النّب ّ ي :ال ّ .قال القرطب ّ
رحمته ،ورضوانه ،وثناؤه عليه عند الملئكة ،ومن
مة :الدّعاء الملئكة :الدّعاء له والستغفار ،ومن ال ّ
له ،والستغفار ،والتّعظيم لمره .
158
ي صلى الله عليه صلة على النّب ّ الحكام المتعلّقة بال ّ
وسلم :
صلة على - 2ل خلف بين الفقهاء في مشروعيّة ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم ،للمر بها ،قال تعالى : النّب ّ
َّ َ ُ َ
ي يَا أيُّهَا الذِي َ
ن ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ صل ّو َ ه يُ َ مَلئِكَت َ ُ ن الل ّ ُ َ
ه وَ َ { إ ِ َّ
سلِيما ً } قال ابن كثير في موا ت َ ْ صل ّوا ع َلَيْهِ َو َ
سل ِّ ُ منُوا َ آ َ
ن اللّه - تفسير الية :المقصود من هذه الية :أ ّ
سبحانه وتعالى -أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيّه عنده
في المل العلى ؛ بأنّه يثني عليه عند الملئكة
م أمر ج ّ
ل ن الملئكة تصلّي عليه .ث ّ المقّربين ،وأ ّ
صلة والتّسليم عليه ؛ ليجتمع الثّناء عليه من شأنه بال ّ
ي والعلويّ جميعا ً ،وجاءت سفل ّ أهل العاَلَمين :ال ّ
الحاديث المتواترة عن رسول اللّه صلى الله عليه
صلة عليه . صلة عليه ،وكيفيّة ال ّ وسلم بالمر بال ّ
فقد روى البخاريّ عند تفسير هذه الية « :قيل
لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم :يا رسول اللّه ،
سلم عليك فقد عرفناه ،فكيف نصلّي عليك ؟ ما ال ّ أ ّ
مد ،وعلى آل ل على مح ّ مص ّ قال :قولوا :اللّه ّ
مد ،كما صلّيت على آل إبراهيم ،إنّك حميد مح ّ
مد ،مد ،وعلى آل مح ّ م بارك على مح ّ مجيد ،اللّه ّ
كما باركت على آل إبراهيم ،إنّك حميد مجيد » .
ي: الحكم التّكليف ّ
صلة على - 3ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم في مواطن ، النّب ّ
واستحبابها في مواطن .واختلفوا في مواطن
الوجوب .
ي
صلة على النّب ّ ن ال ّ - 4فقال الحنفيّة ،والمالكيّة :إ ّ
صلى الله عليه وسلم في التّشهّد الخير سنّة ،
صلة عليه صلى الله وليس بواجب .وقالوا :تجب ال ّ
159
عليه وسلم في العمر مّرةً للمر بها في قوله تعالى
ُّ َّ
سلِيما ً }ْ َ ت موا ّ
َ َ ُِ سل و ِ ه ْ ي َ َل ع وا صل
َ واُ من آ
َ َ ن يِ ذ { :يَا أَيُّهَا ال
.
وقال الطّحاويّ :تجب كلّما ذ ُكَِر صلى الله عليه
وسلم .
واستدلّوا على عدم الوجوب في التّشهّد الخير «
بقوله صلى الله عليه وسلم -في تعليم التّشهّد -
بعد أن ذكر ألفاظ التّشهّد :إذا قلت هذا ،أو
مت صلتك ،إن شئت أن تقوم فقم ، فعلت ،فقد ت ّ
وإن شئت أن تقعد فاقعد » .
وقالوا :وإلى هذا ذهب أهل المدينة ،وأهل
الكوفة ،وجملة من أهل العلم .
صلة عليه صلى الله عليه وسلم في التّشهّد ما ال ّ أ ّ
الوّل فليس بمشروع عندهم ،وبه قال الحنابلة فإن
ي صلى الله عليه وسلم عامداً صلة على النّب ّ أتى بال ّ
في التّشهّد الوّل كره ،وتجب عليه العادة .أو
سهو عند الحنفيّة . ساهيا ً وجبت عليه سجدتا ال ّ
مد بإتيانها . وتفسد صلته عند المالكيّة إن تع ّ
شافعيّة والحنابلة :إنّها تجب في التّشهّد -5وقال ال ّ
ل صلة ،وبعد التّكبيرة الثّانية في صلة الخير من ك ّ
الجنازة ،وفي خطبتي الجمعة ،والعيدين ،ول تجب
خارج ذلك .
صلة على نبيّه صلى ّ ن اللّه تعالى فرض ال وقالوا :إ ّ
َ َّ
ه
َ ن اللالله عليه وسلم في قوله تعالى { :إ ِ ّ
ُّ َّ ُ ومَلئِكَته يصلُّون ع َلَى النَبي يا أ َ
صلوا َ وا ُ من َ َ آ ن ي ِ ذ ال اَ ه ّ ي ّ ِ ِّ َ َ َ ُ ُ َ َ َ
صلة عليه سلِيما ً } فلم يكن فرض ال ّ موا ت َ ْ سل ِّ ُع َلَيْهِ َو َ
صلة . صلة عليه في ال ّ في موضع أولى من ال ّ
ووجدنا الدّللة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
صلة على رسول اللّه صلى ن ال ّ بما وصفنا ؛ من أ ّ
160
صلة ،ل في خارجها . الله عليه وسلم فرض في ال ّ
فقد جاء في حديث « أبي هريرة -رضي الله عنه -
أنّه قال :يا رسول اللّه ؛ كيف نصلّي عليك ؟ يعني
مدل على مح ّ مص ّ صلة .فقال :تقولون :اللّه ّ في ال ّ
مد ،كما صلّيت على إبراهيم .وبارك ،وعلى آل مح ّ
مد ،كما باركت على إبراهيم ، مد ،وآل مح ّ على مح ّ
ي». م تسلّمون عل ّ ث ّ
ي صلى الله عليه وعن كعب بن عجرة عن « النّب ّ
ل على مص ّ صلة :اللّه ّ وسلم :أنّه كان يقول في ال ّ
مد ،كما صلّيت على إبراهيم ، مد ،وعلى آل مح ّ مح ّ
وعلى آل إبراهيم ،إنّك حميد مجيد » .
ن رسول اللّه صلى الله ما روي أ ّ ي :فل ّ شافع ّ وقال ال ّ
صلة ،وروي عليه وسلم كان يعلّمهم التّشهّد في ال ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علّمهم كيف أ ّ
صلة ،لم يجز -واللّه أعلم -أن يصلّون عليه في ال ّ
ي غيرصلة على النّب ّ نقول :التّشهّد واجب ،وال ّ
ي صلى الله عليه واجبة ،والخبر فيهما عن النّب ّ
وسلم زيادة فرض القرآن .
ل مسلم -وجبت عليه وقال -رحمه الله : -فعلى ك ّ
ي
صلة على النّب ّ الفرائض -أن يتعلّم التّشهّد ،وال ّ
صلى الله عليه وسلم .ومن صلّى صلةً لم يتشهّد
ي صلى الله عليه وسلم - فيها ،ويصلّي على النّب ّ
وهو يحسن التّشهّد -فعليه إعادتها .وإن تشهّد ولم
ي صلى الله عليه وسلم أو صلّى عليه ل على النّب ّ يص ّ
ولم يتشهّد ،فعليه العادة حتّى يجمعهما جميعا ً .
وإن كان ل يحسنهما على وجههما أتى بما أحسن
منهما ،ولم يجزه إل ّ بأن يأتي باسم تشهّد ،وصلة
ي صلى الله عليه وسلم .وإن أحسنهما على النّب ّ
161
فأغفلهما ،أو عمد بتركهما فسدت صلته ،وعليه
العادة فيهما جميعا ً .
صحابة ومن بعدهم . وقد قال بهذا جماعة من ال ّ
صحابة :عبد اللّه بن مسعود ،وأبو مسعود فمن ال ّ
البدريّ ،وعبد اللّه بن عمر .
ي،مد بن عل ّ ومن التّابعين :أبو جعفر مح ّ
ي ،ومقاتل بن حيّان .ومن أرباب المذاهب شعب ّوال ّ
المتبوعين :إسحاق بن راهويه ،وأحمد في إحدى
صلة ما ال ّروايتيه ،وهي المشهورة في المذهب .أ ّ
عليه صلى الله عليه وسلم في التّشهّد الوّل ،في
صلة الّرباعيّة والثّلثيّة ،فهي سنّة في القول ال ّ
ري
ي ،وهو اختيار ابن هبيرة ،والج ّ ّ شافع ّ الجديد لل ّ
صلة بتركه ولو عمدا ً ، من الحنابلة ،ول تبطل ال ّ
سهو إن تركه . ويجبر بسجود ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم خارج صلة على النّب ّ ال ّ
صلة : ال ّ
صلة عليه صلى الله عليه وسلم خارج ب ال ّ
- 6تستح ّ
ل الوقات ،وتتأكّد في مواطن منها : صلة في ك ّ ال ّ
صباح ،وعند المساء ، يوم الجمعة وليلتها ،وعند ال ّ
وعند دخول المسجد ،والخروج منه ،وعند قبره
صلى الله عليه وسلم وعند إجابة المؤذ ّن ،وعند
صفا والمروة ، سعي بين ال ّ الدّعاء ،وبعده وعند ال ّ
وعند اجتماع القوم ،وتفّرقهم ،وعند ذكر اسمه
صلى الله عليه وسلم وعند الفراغ من التّلبية ،وعند
استلم الحجر ،وعند القيام من النّوم ،وعقب ختم
شدائد ،وطلب المغفرة ، م وال ّ القرآن ،وعند اله ّ
وعند تبليغ العلم إلى النّاس ،وعند الوعظ ،وإلقاء
الدّرس ،وعند خطبة الّرجل المرأة في النّكاح .
ل موطن يجتمع فيه لذكر اللّه تعالى . وفي ك ّ
162
ي صلى الله عليه وسلم : صلة على النّب ّ ألفاظ ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم -في - 7روي عن النّب ّ
صلة عليه -صيغ مختلفة في بعض ألفاظها .قال ال ّ
ي
صلة على النّب ّ ن أفضل صيغ ال ّ صاحب المهذ ّب :إ ّ
صلى الله عليه وسلم :أن يقول المصلّي عليه " :
مد ،كما مد ،وعلى آل مح ّ ل على مح ّ مص ّ اللّه ّ
باركت على إبراهيم ،وعلى آل إبراهيم .إنّك حميد
مجيد " .
البخاري ومسلم عن كعب بن عجرة ّ ومنها :ما رواه
-رضي الله عنه -قال « :خرج علينا رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم فقلنا :قد علمنا -أو عرفنا -
كيف نسلّم عليك ،فكيف نصلّي عليك ؟ قال :
مد ، مد ،وعلى آل مح ّ ل على مح ّ مص ّ قولوا :اللّه ّ
كما صلّيت على آل إبراهيم .إنّك حميد مجيد .اللّه ّ
م
مد ،كما باركت على مد وعلى آل مح ّ بارك على مح ّ
للبخاري
ّ إبراهيم .إنّك حميد مجيد » وفي لفظ
مد ،وعلى ل على مح ّ مص ّ ومسلم « :قولوا :اللّه ّ
أزواجه ،وذّريّته ،كما صلّيت على آل إبراهيم .
مد ،وعلى أزواجه ،وذّريّته ،كما وبارك على مح ّ
باركت على آل إبراهيم .إنّك حميد مجيد » .
مص ّ
ل ل ما يجزئ هو :اللّه ّ وهناك صيغ أخرى .وأق ّ
مد . على مح ّ
صلة على سائر النبياء : ال ّ
ما سائر النبياء والمرسلين فيصلّى عليهم -8أ ّ
م عَلَى نُوٍح فِي سَل ٌ
ويسلّم .قال تعالى في نوح َ { :
م،م عَلَى إِبَْراهِي َ سَل ٌن } وفي إبراهيم َ { : مي َ الْعَال َ ِ
ن } وفي موسى وهارون : سنِي َح ِ م ْجزِي ال ْ ُ ك نَ ْ كَذَل ِ َ
ن}. سى وَهَاُرو َ مو َ م ع َلَى ُ سَل ٌ { َ
163
ي صلى الله عليه وسلم قال « :صلّوا ن النّب ّ وروي أ ّ
ن اللّه بعثهم كما بعثني » على أنبياء اللّه ورسله ،فإ ّ
.
صلة على ن ال ّ وقد حكى غير واحد الجماع على أ ّ
جميع النّبيّين مشروعة .
صلة على غير النبياء : ال ّ
صلة على غير النبياء ؛ فإن كانت على ما ال ّ -9أ ّ
سابقة « :سبيل التّبعيّة ،كما جاء في الحاديث ال ّ
مد » فهذا مد ،وعلى آل مح ّ ل على مح ّ مص ّ اللّه ّ
جائز بالجماع .
صلة عليهم . واختلفوا فيما إذا أفرد غير النبياء بال ّ
جوا بقول اللّه تعالى فقال قائلون :يجوز ذلك ،واحت ّ
َ
ه } وقوله : مَلئِكَت ُ ُ م وَ َ صل ِّي ع َلَيْك ُ ْ { :هُوَ ال ّذِي ي ُ َ
ص ِّ
ل م } وقوله { :وَ َ من َّرب ِّهِ ْ ت ِّ ٌ صلَوَا
َ م
ْ ِ ك ع َلَيْه { أُولَئ ِ َ
َ َّ
م}. نل ُ ْ
ه سك ٌ ك َ صلَت َ َ ن َ م إ ِ َّ ع َلَيْهِ ْ
وبخبر عبد اللّه بن أبي أوفى قال « :كان رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم
ل عليهم فأتاه أبي بصدقته ،فقال : مص ّ قال :اللّه ّ
ل على آل أبي أوفى » . مص ّ اللّه ّ
وقال الجمهور من العلماء :ل يجوز إفراد غير
ن هذا شعار للنبياء إذا ذكروا ، صلة ؛ ل ّ النبياء بال ّ
فل يلحق بهم غيرهم ،فل يقال :قال أبو بكر صلى
ي صلى الله عليه الله عليه وسلم ،أو قال :عل ّ
وسلم ،وإن كان المعنى صحيحا ً ،كما ل يقال :
ن هذا من ل ،وإن كان عزيزا ً جليل ً ؛ ل ّ مد عّز وج ّ مح ّ
ل. شعار ذكر اللّه عّز وج ّ
شيخ أبي سلم ،فقد نقل ابن كثير عن ال ّ ما ال ّ أ ّ
شافعيّة -أنّه في معنى ي -من ال ّ مد الجوين ّ مح ّ
164
صلة ،فل يستعمل في الغائب ،ول يفرد به غير ال ّ
النبياء ،وسواء في ذلك الحياء والموات .
ما الحاضر فيخاطَب به ،فيقال :سلم عليكم ، وأ ّ
وسلم عليك ،وهذا مجمع عليه .
وقد روي عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه قال :ل
ي صلى الله عليه صلة على أحد إل ّ على النّب ّ ح ال ّ تص ّ
وسلم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالمغفرة
.
============
صلوات الخمس المفروضة * ال ّ
التّعريف :
صلوات مفردها صلة ،ولتعريفها :ينظر - 1ال ّ
مصطلح ( :صلة ) .
صلوات الخمس الّتي تؤدّى والمراد بالمفروضة :ال ّ
ل يوم وليلة ،وهي :الظّهر والعصر والمغرب ك ّ
سنّة والعشاء والفجر ثبتت فرضيّتها بالكتاب وال ّ
ضرورة ،يكفر والجماع ،وهي معلومة من الدّين بال ّ
جاحدها .
صلوات الخمس :هي آكد الفروض وأفضلها بعد وال ّ
شهادتين ،وهي الّركن الثّاني من أركان السلم ال ّ
الخمس ( .ر :صلة ) .
صلوات ل صلة من هذه ال ّ وقد ثبت عدد ركعات ك ّ
بسنّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قول ً وفعلً
يي :عرفنا ذلك بفعل النّب ّ وبالجماع .قال الكاسان ّ
صلى الله عليه وسلم وقوله « :صلّوا كما رأيتموني
أصلّي » ،وهذا لنّه ليس في كتاب اللّه عدد ركعات
ة في صلوات فكانت نصوص الكتاب العزيز مجمل ً ال ّ
ي صلى الله م زال الجمال ببيان النّب ّ المقدار ،ث ّ
عليه وسلم قول ً وفعل ً .وأداؤها بالجماعة سنّة
165
مؤكّدة عند الجمهور خلفا ً لبعض الحنفيّة ومن معهم
حيث قالوا بوجوبها ( .ر :صلة الجماعة ) .
صلوات حسب التّرتيب الّذي وفيما يلي بيان هذه ال ّ
شافعيّة ذهب إليه جمهور الفقهاء -من المالكيّة وال ّ
صبح والحنابلة -خلفا ً للحنفيّة ،حيث بدءوا بصلة ال ّ
.
أوّل ً -صلة الظّهر :
- 2الظّهر :ساعة الّزوال ووقته ،ولهذا يجوز فيه
التّأنيث والتّذكير ،فيقال :حان الظّهر أي وقت
الّزوال ،وحانت الظّهر أي ساعته .
سماء إلى شمس عن كبد ال ّ والمراد بالّزوال :ميل ال ّ
المغرب فصلة الظّهر هي الّتي تجب بدخول وقت
الظّهر ،وتفعل في وقت الظّهيرة .
مى صلة الظّهر -أيضا ً -بالولى ؛ لنّها أوّل وتس ّ
ي صلى الله صلة صّلها جبريل عليه السلم بالنّب ّ
عليه وسلم .فعن ابن عبّاس -رضي الله عنهما -
مني جبريل ي صلى الله عليه وسلم قال « :أ ّ ن النّب ّ أ ّ
-عليه السلم -عند البيت مّرتين ،فصلّى الظّهر
م
شراك ،ث ّ في الولى منهما حين كان الفيء مثل ال ّ
ل شيء مثل ظلّه ،ث ّ
م صلّى العصر حين كان ك ّ
صائم ، شمس وأفطر ال ّ صلّى المغرب حين وجبت ال ّ
م صلّى الفجر شفق ،ث ّ م صلّى العشاء حين غاب ال ّ ث ّ
صائم ،وصلّى حين برق الفجر وحرم الطّعام على ال ّ
ل شيء مثله ، لك ّ المّرة الثّانية الظّهر حين كان ظ ّ
م صلّى العصر حين كان لوقت العصر بالمس ،ث ّ
م صلّى المغرب لوقته ل شيء مثليه ،ث ّ لك ّ ظ ّ
م صلّى العشاء الخرة حين ذهب ثلث اللّيل الوّل ،ث ّ
م التفت صبح حين أسفرت الرض ،ث ّ م صلّى ال ّ ،ث ّ
مد ،هذا وقت النبياء من ي جبريل فقال :يا مح ّ إل ّ
166
قبلك ،والوقت فيما بين هذين الوقتين » .وهي
أوّل صلة ظهرت في السلم .
مى بالهجيرة قال أبو برزة « :كان رسول كما تس ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي الهجيرة الّتي
شمس ،أو تزول » . يدعونها الولى حين تدحض ال ّ
أوّل وقت الظّهر وآخره :
ن أوّل وقت صلة - 3ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
شمس ،أي ميلها عن وسط الظّهر هو زوال ال ّ
ن التّكليف سماء ،وذلك بحسب ما يظهر لنا ؛ ل ّ ال ّ
إنّما يتعلّق به ،ول يشترط أن يكون في الواقع
كذلك .
ما آخر وقت الظّهر فقد اختلف الفقهاء فيه ، وأ ّ
ن آخره هو بلوغ الظ ّ ّ
ل فذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
مثله غير فيء الّزوال .
ن آخر وقت الظّهر إذا والمشهور عن أبي حنيفة :أ ّ
ل شيء مثليه سوى فيء الّزوال . لك ّ صار ظ ّ
ولمعرفة الّزوال وتفصيل الخلف في آخر الظّهر ،
وأدلّة الفقهاء في ذلك ينظر مصطلح ( :أوقات
صلة ف . ) 8 / ال ّ
البراد بصلة الظّهر :
- 4ذهب جمهور الفقهاء إلى :أنّه إذا كان الحّر
ن تأخير صلة الظّهر إلى البراد .قال شديدا ً يس ّ
صلة من أوّل خر ال ّ ووي :حقيقة البراد أن يؤ ّ ّ الن ّ
وقتها بقدر ما يحصل للحيطان فيء يمشي فيه
خر عن نصف القامة . طالب الجماعة ،ول يؤ ّ
وقريب منه ما ذهب إليه المالكيّة والحنابلة .
ب عندهم تأخير الظّهر في ما الحنفيّة فيستح ّ أ ّ
صيف مطلقا ً أي بل اشتراط شدّة الحّر وحرارة ال ّ
167
البلد .ولتفصيل الموضوع ينظر مصطلح ( :أوقات
صلة ف . ) 16/ ال ّ
قصر الظّهر وجمعها مع العصر :
- 5اتّفق الفقهاء على مشروعيّة قصر صلة الظّهر
سفر ( ر :صلة المسافر ) . في ال ّ
كما اتّفقوا على مشروعيّة الجمع بين صلتي الظّهر
والعصر في عرفة جمع تقديم ،بأن يصلّيهما في
وقت الظّهر .واختلفوا فيما عدا يوم عرفة :
سفرفذهب الجمهور إلى جواز الجمع بينهما بعذر ال ّ
جمع تقديم أو تأخير ،بأن تصلّى العصر في وقت
الظّهر أو بالعكس ،خلفا ً للحنفيّة .
صلوات ) وتفصيل الموضوع في مصطلح ( :جمع ال ّ
.
ب قراءته في الظّهر : ما يستح ّ
ب في الظّهر عند جمهور الفقهاء :أن يقرأ - 6يستح ّ
المام أو المنفرد إذا كان مقيما ً طوال المف ّ
صل
ن الظّهر كصلة الفجر ،وذهب بعض الحنفيّة إلى أ ّ
صل . ن فيه أوساط المف ّ كالعصر ،فيس ّ
صبح في ن الظّهر كال ّ وورد في عبارات المالكيّة أ ّ
القراءة من الطّوال أو دون ذلك قليل ً .
واتّفق فقهاء المذاهب على أنّه يسّر بالقراءة في
ة أم جميع ركعات الظّهر ،سواء أصّلها جماع ً
انفرادا ً ،وتفصيل المسألة في مصطلح ( :إسرار ،
صلة ،قراءة ) .
ثانيا ً -صلة العصر :
ي إلى - 7العصر يطلق على معان منها :العش ّ
شمس ،وهو آخر ساعات النّهار ،كما احمرار ال ّ
صلة الّتي تؤدّى في آخر النّهار ،قال يطلق على ال ّ
168
صلة ، صلة " مؤنّثة " مع ال ّ ي :العصر اسم ال ّ الفيّوم ّ
وبدونها تذكّر وتؤنّث .
مى ويقال :أذ ّن للعصر .أي لصلة العصر .وتس ّ
ة. ي ) لنّها تصلّى عشي ّ ً صلة العصر ب ( العش ّ
أوّل وقت العصر وآخره :
شافعيّة ، - 8ذهب جمهور الفقهاء :المالكيّة ،وال ّ
ن أوّل وقت صاحبان من الحنفيّة إلى أ ّ والحنابلة ،وال ّ
ل شيء مثله غير فيء لك ّ العصر إذا صار ظ ّ
الّزوال ،وهذا رواية عن أبي حنيفة أيضا ً .
ويستدلّون « بحديث إمامة جبريل -عليه الصلة
م صلّى العصر حين كان ك ّ
ل والسلم -وفيه :ث ّ
شيء مثل ظلّه » .
ن أوّل وقت العصر إذا والمشهور عن أبي حنيفة :أ ّ
ل شيء مثليه غير فيء الّزوال ( ر : لك ّ صار ظ ّ
صلة ) . أوقات ال ّ
-9وهل يوجد وقت مهمل بين آخر الظّهر وأوّل
العصر ؟ اختلفت الّروايات عن الفقهاء :فيشترط
شافعيّة والحنابلة لدخول أوّل العصر أن بعض ال ّ
ل شيء مثله ،وزاد أدنى زيادةً .قال لك ّ يصير ظ ّ
ي :وإذا زاد شيئا ً وجبت العصر ومثله ما نقله الخرق ّ
ن وقت شافعيّة وجملته :أ ّ ي عن بعض ال ّ شربين ّ ال ّ
العصر من حين الّزيادة على المثل أدنى زيادةً
متّصل بوقت الظّهر ل نصلّي بينهما .كما حّرره ابن
قدامة في المغني .
لوروي عن أبي حنيفة -أيضا ً -قوله :إذا بلغ الظ ّ ّ
طوله سوى فيء الّزوال خرج وقت الظّهر ،ول
يدخل وقت العصر إلى الطّولين .
وعلى هذا يكون بين الظّهر والعصر وقت مهمل ،
كما بين الفجر والظّهر .
169
شافعيّة :أنّه ل يشترط حدوث زيادة صحيح عند ال ّ وال ّ
ي، شربين ّفاصلة بينه وبين وقت الظّهر ،كما قال ال ّ
ي. ومثله ما نقله ابن قدامة عن الحنابلة عدا الخرق ّ
ي :من غير فصل بينهما ،ول اشتراك . قال البهوت ّ
ن أوّل العصر وآخر والمشهور عند المالكيّة :أ ّ
الظّهر يشتركان بقدر إحداهما ،أي :بقدر أربع
سفر ،فآخر ركعات في الحضر ،وركعتين في ال ّ
ل شيء مثله بعد لك ّ وقت الظّهر :أن يصير ظ ّ
ل الّزوال ،وهو بعينه أوّل وقت العصر طرح ظ ّ
فيكون وقتا ً لهما ممتزجا ً بينهما .ويؤيّده ظاهر «
حديث إمامة جبريل حيث جاء فيه :صلّى المّرة
ل شيء مثله لوقت لك ّ الثّانية الظّهر حين كان ظ ّ
العصر بالمس » .
شمس ما آخر وقت العصر فهو ما لم تغرب ال ّ - 10أ ّ
شمس . .أي قبيل غروب ال ّ
صلة ) . ( ر :أوقات ال ّ
ب قراءته في العصر : ما يستح ّ
ن أن يقرأ في شافعيّة بأنّه يس ُّ - 11صّرح الحنفيّة وال ّ
صل . صلة العصر بأوساط المف ّ
سور مثل : وقال المالكيّة :يقرأ فيها بالقصار من ال ّ
حى } و { إِنَّا أَنَزلْنَاه ُ } ،ونحوهما . ض َ{ َوال ُّ
ب عند الحنابلة أن تكون القراءة في العصر ويستح ّ
على النّصف من الظّهر .
ن السرار في القراءة سنّة وجمهور الفقهاء على أ ّ
في العصر والظّهر ،بينما يقول الحنفيّة :بأنّه واجب
.وتفصيل الموضوع في مصطلح ( :إسرار ،
وقراءة ) .
التّنّفل بعد صلة العصر :
170
- 12اتّفق الفقهاء في الجملة على عدم جواز
شمس ؛ التّنّفل بعد صلة العصر إلى أن تغرب ال ّ
لقوله صلى الله عليه وسلم « :ل صلة بعد العصر
شمس » . حتّى تغيب ال ّ
وتشمل ذلك ما لو صلّيت العصر في وقت الظّهر
جمع تقديم كذلك ،كما صّرح به فقهاء المذاهب ،
وللتّفصيل ينظر مصطلح ( :صلة التّطوّع ) .
ثالثا ً -صلة المغرب :
شمس إذا - 13المغرب في الصل :من غربت ال ّ
غابت وتوارت .
ويطلق في اللّغة على وقت الغروب ومكانه ،وعلى
صلة الّتي تؤدّى في هذا الوقت . ال ّ
أوّل وقت المغرب وآخره :
ن أوّل وقت صلة المغرب - 14أجمع الفقهاء على أ ّ
شمس وتكامل غروبها .وهذا يدخل إذا غابت ال ّ
صحاري .ويعرف في العمران بزوال ظاهر في ال ّ
شعاع من رءوس الجبال ،وإقبال الظّلم من ال ّ
المشرق وآخر وقتها عند الجمهور ما لم يغب
شفق . ال ّ
شافعيّة والمشهور عند المالكيّة -وهو الجديد عند ال ّ
ن للمغرب وقتا ً واحدا ً وهو بقدر ما يتطهّر -أ ّ
صلة . المصلّي ويستر عورته ويؤذ ّن ويقيم لل ّ
صلة ) . للتّفصيل ( ر :أوقات ال ّ
تسمية المغرب بالعشاء :
شافعيّة إلى كراهة تسمية - 15ذهب المالكيّة وال ّ
ي
ن النّب ّيأ ّالمغرب عشاءً لما رواه عبد اللّه المزن ّ
صلى الله عليه وسلم قال « :ل تغلبنّكم العراب
على اسم صلتكم المغرب .قال :وتقول العراب
هي العشاء » ول يكره تسميتها بالعشاء على
171
صحيح من المذهب عند الحنابلة ،ولكن تسميتها ال ّ
بالمغرب أولى .
رابعا ً -صلة العشاء :
- 16العِشاء بكسر العين والمد ّ :اسم لوّل الظّلم
صلة بذلك لنّها ميت ال ّ من المغرب إلى العتمة ،وس ّ
تفعل في هذا الوقت .
والعَشاء بالفتح والمد ّ :طعام هذا الوقت ويجوز أن
يقال لها :العشاء الخرة ،والعشاء -فقط -من
صَلةِ
من بَعْدِ َغير وصف بالخرة قال تعالى { :وَ ِ
شاء } . الْعِ َ
وقال صلى الله عليه وسلم « :أيّما امرأة أصابت
بخورا ً فل تشهد معنا العشاء الخرة » .
تسمية صلة العشاء بالعتمة :
- 17أجاز أكثر الفقهاء تسمية صلة العشاء بالعتمة
لورودها في كثير من الحاديث ،منها ما رواه
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : البخاريّ أ ّ
صبح لتوهما ولو حبواً « لو يعلمون ما في العتمة وال ّ
» ومنها قول عائشة -رضي الله عنها « : -كان
شفق إلى ثلث يصلّون العتمة فيما بين أن يغيب ال ّ
اللّيل الوّل » والعتمة هي شدّة الظّلمة كما يقول
ي.البهوت ّ
شافعيّة والمالكيّة تسميتها بالعتمة - 18وكره بعض ال ّ
لما ورد من النّهي عن ذلك في حديث مسلم عن
ي صلى الله عليه ن النّب ّابن عمر رضي الله عنهما -أ ّ
وسلم قال « :ل تغلبنّكم العراب على اسم
صلتكم ،أل إنّها العشاء وهم يعتمون بالبل » معناه
مونها العتمة لكونهم يعتمون بحلب البل :أنّهم يس ّ
شافعيّة خرونه إلى شدّة الظّّلم وصّرح بعض ال ّ أي يؤ ّ
ن النّهي للتّنزيه . أ ّ
172
ن هذا الستعمال ورد في نادر قال النّوويّ :إ ّ
الحوال لبيان الجواز فإنّه ليس بحرام ،أو أنّه
خوطب به من قد يشتبه عليه العشاء بالمغرب ،
فلو قيل :العشاء لتوهّم إرادة المغرب ؛ لنّها كانت
ما العتمة فصريحة في ة عندهم بالعشاء ،وأ ّ معروف ً
العشاء الخرة .
وللمالكيّة في تسميتها قولن آخران :أحدهما :
الجواز من غير كراهة ،وثانيهما :الحرمة
أوّل وقت العشاء وآخره :
ن أوّل وقت صلة - 19ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
شفق ،وإنّما اختلفوا في العشاء يدخل من غيبوبة ال ّ
شفق .فالجمهور على أنّه :الحمرة ،وأبو حنيفة ال ّ
وزفر يقولن :هو البياض بعد الحمرة .
صادق ؛ لقوله صلى وآخر وقت العشاء إلى الفجر ال ّ
الله عليه وسلم « :آخر وقت العشاء ما لم يطلع
الفجر » .
سم جمهور الفقهاء الوقت إلى هذا ،وقد ق ّ
وضروري ،وتفصيله في مصطلح : ّ اختياريّ ،
صلة ) . ( أوقات ال ّ
صلة فاقد العشاء :
صلة ن سبب وجوب ال ّ - 20اتّفق الفقهاء على أ ّ
المفروضة هو الوقت ،وذكروا حكم من ل يأتي
سنة أو كلّها ،هل عليهم العشاء في بعض أيّام ال ّ
تجب عليهم صلة العشاء أم ل ؟ وإذا وجبت فكيف
يؤدّونها ؟ فذهب الجمهور إلى أنّه تجب عليهم صلة
شفق بأقرب العشاء ويقدّرون وقتها قدر ما يغيب ال ّ
ن من ل البلد إليهم .وفي رأي عند بعض الحنفيّة :أ ّ
يأتي عليه العشاء ل يكلّف بصلتها لعدم سبب
173
وجوبها .وللتّفصيل ينظر مصطلح ( :أوقات
صلة ) . ال ّ
تأخير صلة العشاء :
- 21ذهب جمهور الفقهاء -الحنفيّة ،والحنابلة ،
ن تأخير العشاء شافعيّة -إلى أ ّ وهو قول عند ال ّ
ي :قد ورد في ب إلى ثلث اللّيل ،قال الّزيلع ّ مستح ّ
تأخير العشاء أخبار كثيرة صحاح .وهو مذهب أكثر
صحابة والتّابعين ،ومن الحاديث أهل العلم من ال ّ
الّتي يستدلّون بها على استحباب تأخير العشاء قوله
متي صلى الله عليه وسلم « :لول أن أشقّ على أ ّ
خروا العشاء إلى ثلث اللّيل أو نصفه لمرتهم أن يؤ ّ
».
شتاء ، وقيّد بعض الحنفيّة استحباب تأخير العشاء بال ّ
صيف فيندب تعجيلها عندهم .وذهب المالكيّة ما ال ّ أ ّ
ن الفضل للفذ ّ والجماعة الّتي ل تنتظر غيرها إلى أ ّ
صلوات ،ولو عشاءً في أوّل وقتها المختار تقديم ال ّ
بعد تحّقق دخوله ،ول ينبغي تأخير العشاء إلى ثلث
م ،كعمله في اللّيل إل ّ لمن يريد تأخيرها لشغل مه ّ
حرفته ،أو لجل عذر ،كمرض ونحوه .لكن
خرها أهل المساجد قليل ً لجتماع ب أن يؤ ّ يستح ّ
صلوات لوّل وقتها ولو النّاس ،وأفضليّة تقديم ال ّ
ووي
ّ شافعيّة .قال الن ّ عشاءً هو -أيضا ً -قول آخر لل ّ
ن تقديمها أفضل ح من القولين عند أصحابنا أ ّ :والص ّ
م قال :وتفضيل التّأخير أقوى دليل ً . ،ث ّ
كراهة النّوم قبل صلة العشاء والحديث بعدها :
- 22ذهب الفقهاء إلى أنّه يكره النّوم قبل صلة
العشاء والحديث بعدها لما رواه أبو برزة -رضي
ي صلى الله عليه وسلم الله عنه -قال « :كان النّب ّ
174
يكره النّوم قبلها والحديث بعدها» قال النّفراويّ :
ة من النّوم قبلها . الحديث بعدها أشد ّ كراه ً
والدّليل على كراهة النّوم قبلها :هو خشية فوت
وقتها ،أو فوت الجماعة فيها .
لكن الحنفيّة قالوا :إذا وكّل لنفسه من يوقظه في
ي عن وقتها فمباح له النّوم ،كما نقله الّزيلع ّ
الطّحاويّ .
وكره المالكيّة النّوم قبل صلة العشاء ولو وكّل من
يوقظه ؛ لحتمال نوم الوكيل أو نسيانه فيفوت وقت
الختيار .
ما كراهة الحديث بعد صلة العشاء :فلنّه ربّما أ ّ
صبح ،أو لئل ّ يقع في يؤدّي إلى سهر يفوت به ال ّ
كلمه لغو ،فل ينبغي ختم اليقظة به ،أو لنّه يفوت
صلة الّتي به قيام اللّيل لمن له به عادة ؛ ولتقع ال ّ
هي أفضل العمال خاتمة عمله والنّوم أخو الموت ،
وربّما مات في نومه .وهذا إذا كان الحديث لغير
مة فل بأس .وكذا ما إذا كان لحاجة مه ّ حاجة ،أ ّ
قراءة القرآن ،وحديث الّرسول صلى الله عليه
صالحين ، وسلم ومذاكرة الفقه وحكايات ال ّ
سفر ونحوها ضيف ،أو القادم من ال ّ والحديث مع ال ّ
فل كراهة في شيء من ذلك ؛ لنّه خير ناجز فل
ووي وعن عمر ّ يترك لمفسدة متوهّمة ،كما قال الن ّ
ي صلى الله -رضي الله عنه -قال « :كان النّب ّ
عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في أمر من أمور
المسلمين وأنا معهما » .
خامسا ً -صلة الفجر :
شفق ،والمراد به ضوء - 23الفجر في الصل هو ال ّ
مي به لنفجار الظّلمة به بسبب حمرة صباح ،س ّ ال ّ
175
شمس في سواد اللّيل .والفجر في آخر اللّيل ال ّ
شفق في أوّله . كال ّ
والفجر اثنان :
أ -الفجر الوّل :وهو الفجر الكاذب ،وهو البياض
مى سماء وهو المس ّ المستطيل يبدو في ناحية من ال ّ
م ينكتم . سرحان ( الذ ّئب ) ،ث ّ عند العرب بذنب ال ّ
م يعقبه مى فجرا ً كاذبا ً ،لنّه يبدو نوره ،ث ّ ولهذا يس ّ
الظّلم .
صادق :وهو البياض ب -الفجر الثّاني أو الفجر ال ّ
المستطير المعترض في الفق ،ل يزال يزداد نوره
مى هذا فجرا ً صادقا ً ؛ لنّه شمس ،ويس ّ حتّى تطلع ال ّ
إذا بدا نوره ينتشر في الفق وفي الحديث « :ل
يمنعنّكم من سحوركم أذان بلل ول الفجر
المستطيل ،ولكن الفجر المستطير في الفق » .
قال النّوويّ :والحكام كلّها متعلّقة بالفجر الثّاني ،
صبح ،ويخرج وقت العشاء ، فبه يدخل وقت صلة ال ّ
صائم ،وبه ينقضي شراب على ال ّ ويحّرم الطّعام وال ّ
اللّيل ويدخل النّهار .ويطلق الفجر على صلة الفجر
؛ لنّها تؤدّى في هذا الوقت ،وقد وردت هذه
التّسمية في القرآن الكريم في قوله تعالى :
شهُودا ً } ،م ْ
ن َجرِ كَا َن الَْف ْ
ن قُْرآ َجرِ إ ِ َّن الَْف ْ{ َوقُْرآ َ
صبح والفجر في الحاديث كما وردت تسميتها بال ّ
النّبويّة ،كقوله عليه الصلة والسلم « :من أدرك
شمس فقد أدرك ة قبل أن تطلع ال ّ صبح ركع ً من ال ّ
صبح » . ال ّ
تسمية صلة الفجر بالغداة :
- 24جمهور الفقهاء على أنّه ل تكره تسمية صلة
الفجر بالغداة ،كما صّرح به المالكيّة والحنابلة
شافعيّة . ققو ال ّ ومح ّ
176
ب أن م :أح ّ ي قوله في ال ّ شافع ّ ونقل النّوويّ عن ال ّ
صبح مى إل ّ بأحد هذين السمين " أي الفجر وال ّ ل تس ّ
مى الغداة .قال النّوويّ :وهذا ل ب أن تس ّ " ،ول أح ّ
ن المكروه ما ثبت فيه نهي ل على الكراهة ،فإ ّ يد ّ
غير جازم ،ولم يرد بل اشتهر استعمال لفظ الغداة
صحابة -رضي الله عنهم - فيها في الحديث وكلم ال ّ
صبح . لكن الفضل الفجر وال ّ
شافعيّة كالمهذ ّب وغيره وذكر في بعض كتب ال ّ
كراهة هذه التّسمية .
صلة الوسطى : تسميتها بال ّ
صلة ن المراد بال ّ - 25ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
صلَوَا ِ
ت حافِظُوا ْ عَلَى ال َّ الوسطى في قوله تعالى َ { :
سطَى } صلة العصر كما وردت في صلَةِ الْوُ ْ وال َّ
صحيحة .الحاديث ال ّ
ص
ين ّ شافع ّ والمشهور عند المالكيّة -وهو قول ال ّ
صلة الوسطى هي الفجر ، ن ال ّ م-أ ّ عليه في ال ّ
فراوي
ّ مونها الوسطى ،قال الن ّ ن المالكيّة يس ّ حتّى إ ّ
صبح ،والفجر ،والوسطى ، :لها أربعة أسماء :ال ّ
صلة والغداة .وللتّفصيل ينظر مصطلح ( :ال ّ
الوسطى ) .
أوّل وقت الفجر وآخره :
ن أوّل وقت صلة - 26ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
صادق ، الفجر هو طلوع الفجر الثّاني أي الفجر ال ّ
نشمس ،لقوله « :إ ّ وآخر وقتها إلى طلوع ال ّ
ن أوّل وقت الفجر حين يطلع صلة أوّل ً وآخرا ً ،وإ ّ لل ّ
شمس » . ن آخر وقتها حين تطلع ال ّ الفجر ،وإ ّ
سم بعض الفقهاء وقت الفجر إلى :وقت وقد ق ّ
اختيار ،وضرورة ،وغيرهما ،ينظر تفصيله في
صلة ) . مصطلح ( :أوقات ال ّ
177
القراءة في الفجر :
ن في صلة الفجر - 27اتّفق الفقهاء على أنّه يس ّ
صل قال تطويل قراءتها ،بأن يقرأ فيها طوال المف ّ
ي صلى الله أبو برزة -رضي الله عنه « : -كان النّب ّ
ستّين إلى عليه وسلم يقرأ في الفجر ما بين ال ّ
ن
ي :والحكمة في ذلك :أ ّ شربين ّة » قال ال ّ المائة آي ً
صلة ركعتان فحسن صبح طويل وال ّ وقت ال ّ
تطويلهما .
سفر فيقرأ مع فاتحة ما في ال ّ وهذا في الحضر .أ ّ
ي صلى ن النّب ّالكتاب أيّ سورة شاء ،وقد ثبت « أ ّ
صبح في سفره الله عليه وسلم قرأ في صلة ال ّ
بالمعوّذتين » .
وتفصيل الموضوع في مصطلح ( :قراءة ) .
منع النّافلة بعد صلة الفجر وقبلها :
- 28ل خلف بين الفقهاء في عدم جواز صلة
شمس ،كما النّافلة بعد صلة الفجر إلى أن تطلع ال ّ
ن جمهور الفقهاء ل يجيزون التّنّفل قبل صلة أ ّ
الفجر -أيضا ً -إل ّ ركعتي الفجر ،لقوله عليه الصلة
والسلم « :إذا طلع الفجر فل صلة إل ّ ركعتي
الفجر » .
وينظر تفصيل الموضوع في مصطلح ( :تطوّع ،
صلة ) .وأوقات ال ّ
التّغليس أو السفار بالفجر :
ن التّغليس :أي أداء - 29يرى جمهور الفقهاء أ ّ
صلة الفجر بغلس أفضل من السفار بها؛ لقوله
صلة في صلى الله عليه وسلم « :أفضل العمال ال ّ
أوّل وقتها » .
وقال الحنفيّة :ندب تأخير الفجر إلى السفار ،
لقوله عليه الصلة والسلم « :أسفروا بالفجر فإنّه
178
خرها بحيث يقع ي :ول يؤ ّ أعظم للجر » قال الّزيلع ّ
شمس ،بل يسفر بها بحيث لو ك في طلوع ال ّ ش ّال ّ
ظهر فساد صلته يمكنه أن يعيدها في الوقت
بقراءة مستحبّة .ويستثنى من السفار صلة الفجر
ب فيها التّغليس بمزدلفة يوم النّحر ،حيث يستح ّ
عند الجميع .وتفصيل الموضوع في مصطلح :
صلة ف . ) 15/ ( أوقات ال ّ
القنوت في صلة الفجر :
شافعيّة إلى مشروعيّة - 30ذهب المالكيّة وال ّ
صبح .قال المالكيّة :وندب قنوت القنوت في ال ّ
صلوات قبل الّركوع ، سّرا ً بصبح فقط دون سائر ال ّ
عقب القراءة بل تكبير قبله .
ن القنوت في اعتدال ثانية شافعيّة :يس ّ وقال ال ّ
صبح ،يعني بعد ما رفع رأسه من الّركوع في ال ّ
الّركعة الثّانية ،ولم يقيّدوه بالنّازلة .
وقال الحنفيّة ،والحنابلة :ل قنوت في صلة الفجر
إل ّ في النّوازل وذلك لما رواه ابن مسعود وأبو
ي صلى الله ن النّب ّ
هريرة -رضي الله عنهما « : -أ ّ
عليه وسلم قنت شهرا ً يدعو على أحياء من أحياء
م تركه » ،وعن أبي هريرة -رضي الله العرب ث ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان عنه « - :أ ّ
صبح إل ّ أن يدعو لقوم أو على ل يقنت في صلة ال ّ
ن مشروعيّة القنوت في الفجر قوم» ومعناه أ ّ
منسوخة في غير النّازلة .
هذا وفي ألفاظ القنوت وكيفيّته خلف وتفصيل
ينظر في مصطلح ( :قنوت ) .
==================
العشر الواخر من رمضان *
التّعريف :
179
- 1العشر الواخر من رمضان في اصطلح الفقهاء
:تبدأ من بداية ليلة الحادي والعشرين من شهر
ما ً كان أو ناقصاً رمضان ،وتنتهي بخروج رمضان ،تا ّ
،فإذا نقص فهي تسع ،وعليه فإطلق العشر
ن
الواخر عليها بطريق التّغليب للتّمام ،لصالته ،ل ّ
شهر ، ما بين العشرين إلى آخر ال ّ العشر عبارة ع ّ
لوهي اسم للّيالي مع اليّام ،لقوله تعالى { :وَلَيَا ٍ
شرٍ } . عَ ْ
ي: الحكم التّكليف ّ
- 2اتّفق الفقهاء على استحباب مضاعفة الجهد في
الطّاعات في العشر الواخر من رمضان ،بالقيام
صدقات وتلوة القرآن في لياليها ،والكثار من ال ّ
الكريم ومدارسته ،بأن يقرأ عليه أو يقرأ هو على
غيره ،وزيادة فعل المعروف وعمل الخير ،وذلك
م
ي صلى الله عليه وسلم لما روي عن أ ّ سيا ً بالنّب ّ
تأ ّ
المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت » :كان
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر
أحيا اللّيل ،وأيقظ أهله ،وجد ّ وشد ّ المئزر «
ي صلى الله عليه وسلم وفي رواية » :كان النّب ّ
يجتهد في العشر الواخر ما ل يجتهد في غيره « .
سع على ب للّرجل أن يو ّ قال العلماء :ويستح ّ
عياله ،وأن يحسن إلى أرحامه وإلى جيرانه في
شهر رمضان ،ول سيّما في العشر الواخر منه .
ن العتكاف يتأكّد - 3كما اتّفق الفقهاء على أ ّ
استحبابه في العشر الواخر من رمضان ،وأنّه
ب لمن يريد العتكاف في العشر الواخر أن يستح ّ
شمس من ليلة الحادي يدخل المسجد قبل غروب ال ّ
م يبيت ليلة العيد فيغدو والعشرين من رمضان ،ث ّ
كما هو إلى مصلّى العيد ،لفعله صلى الله عليه
180
ي :كانوا يحبّون لمن وسلم ،قال إبراهيم النّخع ّ
اعتكف العشر الواخر من رمضان أن يبيت ليلة
م يغدو إلى المصلّى من الفطر في المسجد ،ث ّ
المسجد ،لئل ّ يفوته شيء من العشر الواخر ،ت ّ
م
ن رسول اللّه صلى شهر أو نقص ،ولما ثبت » :أ ّ ال ّ
الله عليه وسلم :كان يعتكف العشر الواخر من
م اعتكف أزواجه رمضان حتّى توفّاه اللّه تعالى ،ث ّ
من بعده « .
ولقوله صلى الله عليه وسلم » :من كان اعتكف
معي فليعتكف العشر الواخر « .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( :اعتكاف ،مسجد ) .
ن ليلة القدر باقية - 4كما ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
إلى يوم القيامة ولم ترفع ،وأنّها في شهر رمضان
ن أرجاها ليالي الوتار وفي العشر الواخر منه ،وأ ّ
من العشر الواخر لقوله صلى الله عليه وسلم » :
التمسوها في العشر الواخر من رمضان ،ليلة
القدر في تاسعة تبقى ،في سابعة تبقى ،في
خامسة تبقى « .
ن رسول اللّه صلى وعن عائشة رضي الله عنها أ ّ
الله عليه وسلم قال » :تحّروا ليلة القدر في الوتر
من العشر الواخر من رمضان « .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( :ليلة القدر ) .
=================
َ
المؤل ّفة قلوبهم *
التّعريف :
ف وهو اسم - 1المؤلّفة في اللغة :جمع مؤل ّ ٍ
ل من اللفة ,يقال :ألّفت بينهم تأليفا ً إذا مفعو ٍ
ق ,والمراد بتأليف قلوبهم : جمعت بينهم بعد تفر ٍ
استمالة قلوبهم بالحسان والمودّة .والمؤلّفة
181
قلوبهم في الصطلح :هم الّذين يراد تأليف قلوبهم
بالستمالة إلى السلم ,أو تقريرا ً لهم على السلم
,أو كف شّرهم عن المسلمين ,أو نصرهم على
عدوٍّ لهم ,ونحو ذلك .
حكمة تأليف القلوب :
ث السلم أتباعه بالحسان إلى خصومهم -2ح ّ
وأعدائهم ,وبذلك يفتح السلم القلوب بالحسان ,
جة والبرهان ,قال اللّه تعالى كما يفتح العقول بالح ّ
َّ
ة ادْفَعْ بِالتِي ه ِ َ
ي سي ِّئ َ ُ ة وََل ال َّ
سن َ ُ ستَوِي ال ْ َ
ح َ { :وََل ت َ ْ
ن}. س ح أَ
ُ َ ْ
ً
ولذلك شرع السلم نصيبا من مال الّزكاة لتأليف
خرين : القلوب ,قال القرطبي :قال بعض المتأ ّ
اختلف في صفة المؤلّفة قلوبهم ،فقيل :هم صنف
من الكّفار يعطون ليتألّفوا على السلم ,وكانوا ل
سيف ,ولكن يسلمون بالعطاء يسلمون بالقهر وال ّ
والحسان ,وقيل :هم قوم من عظماء المشركين
لهم أتباع يعطون ليتألّفوا أتباعهم على السلم ,قال
:هذه القوال متقاربة ,والقصد بجميعها العطاء
ة إل بالعطاء فكأنّه لمن ل يتمكّن إسلمه حقيق ً
ضرب من الجهاد .
ف :صنف يرجع بإقامة وقال :المشركون ثلثة أصنا ٍ
البرهان ,وصنف بالقهر ,وصنف بالحسان ,والمام
ف ما يراه ل صن ٍالنّاظر للمسلمين يستعمل مع ك ّ
سببا ً لنجاته وتخليصه
من الكفر ,وقد فّقه الّرسول صلى الله عليه وسلم
مته في تأليف النّاس على السلم بقوله « :إنّي أ ّ
بي منه خشية أن يُك ّ لعطي الّرجل وغيره أحب إل ّ
في النّار على وجهه » .
سهم المؤلّفة قلوبهم :
182
صص - 3اختلف الفقهاء في سهم الّزكاة المخ ّ
للمؤلّفة قلوبهم :
شافعيّة والحنابلة فجمهور الفقهاء من المالكيّة وال ّ
ق.ن سهمهم با ٍ على أ ّ
ن سهمهم منقطع لعّز السلم , وذهب بعضهم إلى أ ّ
لكن إذا احتيح إلى تألفهم أعطوا .
وقال الحنفيّة بسقوط سهم المؤلّفة قلوبهم .
م اختلف الفقهاء في أقسامهم : -4ث ّ
فقال المالكيّة :المؤلّفة قلوبهم كّفار يتألّفون .
سهم لكافر شافعيّة :ل يعطى من هذا ال ّ وقال ال ّ
أصل ً .
وجوز الحنابلة العطاء لمؤلّف مسلما ً كان أو كافرا ً . ّ
وقال ابن قدامة :المؤلّفة قلوبهم ضربان :كّفار
ومسلمون ,والكّفار صنفان ,والمسلمون أربعة
ف. أصنا ٍ
والتّفصيل في مصطلح ( :زكاة ف . ) 168 - 167
================
حَرام *
جد ال َس ِ
الم ْ
التّعريف :
- 1المسجد -بكسر الجيم -في اللغة :موضع
صلة .والمسجد السجود من بدن النسان ,وبيت ال ّ
شرعا ً هو كل موضع من الرض لقوله صلّى اللّه
عليه وسلّم « جعلت لي الرض طهورا ً ومسجدا ً » ,
صص المسجد بالمكان المهيّأ ن العرف خ ّ مإ ّ ث ّ
صلوات الخمس .والمسجد الحرام في الصطلح لل ّ
-كما قال النّووي -قد يراد به الكعبة فقط ,وقد
يراد به المسجد حولها معها ,وقد يراد به مكّة كلها
شرع بهذه مع الحرم حولها ,وقد جاءت نصوص ال ّ
القسام .
183
مي المسجد حراما ً لنّه ل يحل انتهاكه فل يصاد وس ّ
عنده ول حوله ول يختلى ما عنده من الحشيش .
قال العلماء :وأريد بتحريم البيت سائر الحرم .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -المسجد النّبوي :
- 2المسجد النّبوي هو المسجد الّذي بناه رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في موقعه المعروف
بالمدينة حين قدم مهاجرا ً إليها من مكّة ,وهو ثاني
شريفين . الحرمين ال ّ
ن كل ً من المسجد الحرام والمسجد الن ّ ّ
بوي صلة أ ّ وال ّ
من المساجد الّتي تشد إليها الّرحال ويضاعف فيها
الجر .
ب -المسجد القصى :
- 3المسجد القصى هو المسجد المعروف في
مى مدينة القدس وقد بني على سفح الجبل ,ويس ّ
بيت المقدس أي البيت المطهّر الّذي يتطهّر فيه من
الذنوب .
( ر :المسجد القصى ) .
ن كل ً من المسجد الحرام والمسجد صلة أ ّ وال ّ
القصى من المساجد الّتي تشد إليها الّرحال
ويضاعف فيها الجر .
بناء المسجد الحرام :
- 4أوّل مسجد وضع على الرض المسجد الحرام ,
ن أَوَّ َ
ل وهو مسجد مكّة ,كما قال اللّه تعالى { :إ ِ َّ
َ َ
مبَاَركًا وَهُدًى س لَل ّذِي بِبَك ّ َ
ة ُ َ
ضعَ لِلن ّا ِ ت وُ ِ بَي ْ ٍ
ن } ,وعن « أبي ذر رضي اللّه عنه قال مي َل ِّلْعَال َ ِ
قلت يا رسول اللّه أي مسجد وضع في الرض أوّل
م أي قال :المسجد فقال :المسجد الحرام قلت ث ّ
القصى قلت وكم بينهما قال أربعون عاما ً » .
184
ن المسجد الحرام كان صغيراً الجوزي :إ ّ
ّ قال ابن
ة به ,
ولم يكن عليه جدار إنّما كانت الدور محدق ً
ل ناحية فضاق وبين الدور أبواب يدخل النّاس من ك ّ
على النّاس المسجد فاشترى عمر بن الخطّاب
م أحاط عليه جداراً رضي اللّه عنه دورا ً فهدمها ,ث ّ
سع المسجد عثمان بن عّفان رضي مو ّ قصيرا ً ,ث ّ
م زاد ابن الزبير رضي اللّه عنه واشترى من قوم ,ث ّ
اللّه عنهما في المسجد واشترى دورا ً وأدخلها فيه ,
ساج وأوّل من نقل إليه أساطين الرخام وسقفه بال ّ
م زاد المنصور المزخرف الوليد بن عبد الملك ,ث ّ
م زاد المهدي ,وكانت الكعبة يث ّشام ّ في شّقه ال ّ
ب أن تكون وسطا ً فاشترى من في جانب فأح ّ
النّاس الدور ووسطها .
م توالت الّزيادات فيه إلى يومنا هذا . ث ّ
المفاضلة بين المسجد الحرام وغيره من المساجد :
ة
ن أعظم المساجد حرم ً - 5صّرح الحنفيّة بأ ّ
م مسجد بيت م مسجد المدينة ث ّ المسجد الحرام ث ّ
م مساجد م مساجد المحا ّ
لث ّ م الجوامع ث ّ المقدس ث ّ
م مساجد البيوت . شوارع ث ّ ال ّ
ن مسجد المدينة ويرى المالكيّة على المشهور أ ّ
أفضل المساجد ويليه مسجد مكّة ويليه مسجد بيت
المقدس .
شد الّرحال إلى المسجد الحرام :
- 6المسجد الحرام هو أحد المساجد الثّلثة الّتي
تشد إليها الّرحال ,وفي الحديث « :ل تشد الّرحال
إّل إلى ثلثة مساجد :المسجد الحرام ,ومسجد
الّرسول صلّى اللّه عليه وسلّم والمسجد القصى »
.
185
هذا الحديث يدل على فضيلة هذه المساجد ومزيّتها
ن
سلم ,ول ّ صلة وال ّ لكونها مساجد النبياء عليهم ال ّ
المسجد الحرام قبلة النّاس وإليه حجهم ,ومسجد
سس على التّقوى الّرسول صلّى اللّه عليه وسلّم أ ّ
سابقة ,وأولى والمسجد القصى كان قبلة المم ال ّ
القبلتين .
تحيّة المسجد الحرام :
ن أوّل ما يبدأ به داخل - 7ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
المسجد الحرام الطّواف محرما ً أو غير محرم دون
صلة إّل أن يكون عليه فائتة ,أو خاف فوت ال ّ
ة ,أو فوت الجماعة , ة راتب ً
الوقتيّة ولو الوتر ,أو سن ّ ً
صلة في هذه الصور على الطّواف . فيقدّم ال ّ
قال المنل علي :من دخل المسجد الحرام ل
شريف هي ن تحيّة هذا المسجد ال ّ يشتغل بتحيّة ل ّ
الطّواف لمن عليه الطّواف أو أراده ,بخلف من لم
يرده ,أو أراد أن يجلس فل يجلس حتّى يصلّي
ركعتين تحيّة المسجد إّل أن يكون الوقت مكروها ً .
واستظهر ابن عابدين أنّه ل يصلّي مريد الطّواف
ل وجهه اندراجها للتّحيّة أصل ً ل قبله ول بعده ,ولع ّ
في ركعتيه .
ق
ن تحيّة المسجد الحرام في ح ّ ويرى المالكيّة أ ّ
ي ,وكذلك المكّي المأمور بالطّواف الطّواف , الفاق ّ
ما المكّي الّذي لم يؤمر بطواف ولم يدخله لجل وأ ّ
صلة أو لقراءة القرآن الطّواف ,بل للمشاهدة أو لل ّ
صلة . قه ال ّ ,فتحيّة المسجد في ح ّ
صلة وتحيّة ن تحيّة المسجد ال ّ شافعيّة :إ ّ وقال ال ّ
البيت الطّواف ,وليس الطّواف تحيّة المسجد ,
ولكن تدخل التّحيّة في ركعتيه وإن لم ينوها .
186
صلة ن تحيّة المسجد الحرام ال ّ وصّرح الحنابلة بأ ّ
وتجزئ عنها الّركعتان بعد الطّواف .
ونقل ابن مسدي في " إعلم النّاسك " عن أحمد
م يقصد وغيره أنّه يحيّي المسجد أوّل ً بركعتين ث ّ
الطّواف .
صلة في المسجد الحرام : فضل ال ّ
ن صلةً في المسجد الحرام أفضل من مائة -8إ ّ
ألف صلة فيما سواه من المساجد ,روى جابر بن
عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال :قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم « :صلة في مسجدي أفضل
من ألف صلة فيما سواه إّل المسجد الحرام وصلة
في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلة فيما
سواه » .
ن التّضعيف المذكور يرجع إلى الثّواب ول يتعدّى مإ ّث ّ
إلى الجزاء باتّفاق العلماء كما نقله النّووي وغيره
فلو كان عليه صلتان فصلّى في أحد المسجدين "
المسجد الحرام أو المسجد النّبويّ " صلةً لم تجزئ
إّل عن واحدة .
- 9والفقهاء متّفقون على فضيلة الفرض في
المسجد الحرام على الفرض في غيره وإنّما اختلفوا
في شمول هذا الفضل الفرض والنّفل .
ن الفضل يختص بالفرض قال الفاسي المالكي :إ ّ
وهو مشهور مذهبنا ومذهب أبي حنيفة ,ونقل ابن
ي من غير أن يعّقب عليه , عابدين قول الفاس ّ
ونسب العيني هذا القول إلى الطّحاويّ أيضا ً .
نشافعيّة في المذهب والحنابلة إلى أ ّ وذهب ال ّ
المضاعفة ل تختص بالفريضة بل تعم النّفل
والفرض ,قال الّزركشي بعد أن ذكر مذهب
شافعيّة في المسألة :وهو لزم للصحاب من ال ّ
187
استثنائهم النّفل بمكّة من الوقت المكروه لجل
زيادة الفضيلة .
ن
شيخ مجد الدّين الحنبلي :ظاهر الخبار أ ّ وقال ال ّ
سلم : صلة وال ّ النّفل في البيت أفضل ,قال عليه ال ّ
صلة صلة المرء في بيته إّل المكتوبة » , « أفضل ال ّ
قال :وينبغي أن يكون مرادهم إّل النّساء ل ّ
ن
ن أفضل ,والخبار مشهورة في ن في بيوته ّ صلته ّ
ذلك وهو ظاهر كلم أصحابنا وغيرهم .
صلة : المراد بالمسجد الحرام الّذي تضاعف فيه ال ّ
- 10ذهب الحنفيّة في المشهور والمالكيّة
ن المضاعفة تعم جميع حرم مكّة, شافعيّة إلى أ ّ وال ّ
فقد ورد من حديث عطاء بن أبي رباح قال « :بينما
ابن الزبير يخطبنا إذ قال قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم صلة في مسجدي هذا أفضل من ألف
صلة فيما سواه إّل المسجد الحرام وصلة في
المسجد الحرام تفضل بمائة قال عطاء فكأنّه مائة
مد هذا الفضل الّذي يذكر ألف قال قلت يا أبا مح ّ
في المسجد الحرام وحده أو في الحرم قال بل في
ن الحرم كلّه مسجد » . الحرم فإ ّ
وقال ابن مفلح :ظاهر كلمهم في المسجد الحرام
أنّه نفس المسجد ,ومع هذا فالحرم أفضل من
صلة فيه أفضل . ل ,فال ّالح ّ
صل في المراد بالمسجد وقال الّزركشي :يتح ّ
صلة سبعة أقوال . الحرام الّذي تضاعف فيه ال ّ
الوّل :أنّه المكان الّذي يحرم على الجنب القامة
فيه .
الثّاني :أنّه مكّة .
الثّالث :أنّه الحرم كله إلى الحدود الفارقة بين
ل والحرم ,قاله عطاء وقد سبق مثله عن الح ّ
188
ضل الحرم الماورديّ وغيره ,وقال الروياني :ف ّ
صلة فيه في جميع خص في ال ّ على سائر البقاع فر ّ
الوقات لفضيلة البقعة وحيازة الثّواب المضاعف ,
وقال الّزركشي :وهذا فيه تصريح بهذا القول .
الّرابع :أنّه الكعبة ,قال الّزركشي وهو أبعدها .
الخامس :أنّه الكعبة والمسجد حولها ,وهو الّذي
قاله النّووي في استقبال القبلة .
سادس :أنّه جميع الحرم وعرفة ,قاله ابن حزم . ال ّ
سابع :أنّه الكعبة وما في الحجر من البيت ,وهو ال ّ
شافعيّة.قول صاحب البيان من أصحاب ال ّ
وحكى المحب الطّبريّ خلف الفقهاء في مكان
ن المضاعفة جح أ ّ
صلة ,ور ّ المضاعفة بالنّسبة إلى ال ّ
تختص بمسجد الجماعة .
تقدم المأموم على المام في المسجد الحرام :
- 11ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه إذا صلّى المام
خارج الكعبة وتحلّق المقتدون حولها جاز لمن في
غير جهته أن يكون أقرب إليها منه ,ل لمن كان في
ن التّقدم والتّأخر إنّما يظهر عند اتّحاد جهته ,ل ّ
الجهة .
شافعيّة :يستحب للمام أن يقف خلف وقال ال ّ
المقام ,ويقف المأمومون مستديرين بالكعبة ,
بحيث يكون المام أقرب إلى الكعبة منهم ,فإن
كان بعضهم أقرب إليها منه وهو في جهة المام
حة صلته قولن :الجديد بطلنها ,والقديم ففي ص ّ
حتها .
ص ّ
وإن كان في غير جهته فطريقان :المذهب :القطع
م وبه قطع الجمهور . حتها وهو نصه في ال ّ بص ّ
والثّاني فيه القولن ,حكاه الصحاب عن أبي
إسحاق المروزيّ .
189
المرور بين يدي المصلّي في المسجد الحرام :
- 12ذهب الحنفيّة إلى أنّه ل يمنع المار داخل
المسجد الحرام ,لما روي عن المطّلب ابن أبي
ي صلّى اللّه وداعة رضي اللّه عنه « :أنّه رأى النّب ّ
ما يلي باب بني سهم والنّاس عليه وسلّم يصلّي م ّ
يمرون بين يديه وليس بينهما سترة » ,وهو محمول
ن الطّواف صلة فصار على الطّائفين فيما يظهر ل ّ
كمن بين يديه صفوف من المصلّين .
وقال المالكيّة :إن كان في المسجد الحرام حرم
المرور إن كان له مندوحة وصلّى لسترة ,وإّل جاز ,
ما هو فل يحرم هذا إذا كان المار غير طائف ,وأ ّ
م إن كان له سترة كره حيث كان عليه مطلقا ً ,ث ّ
للطّائف مندوحة .
صر المصلّي ,بأن وقف ص الّرملي على أنّه لو ق ّ ون ّ
ق أو نحو ّ
في قارعة الطريق أو بشارع أو درب ضي ّ ٍ
ل الّذي يغلب مرور النّاس به في باب مسجد كالمح ّ
صلة ولو في المسجد كالمطاف ,وكأن ترك وقت ال ّ
ف إمامه فاحتيج للمرور بين يديه ة في ص ّ فرج ً
لفرجة قبله فل يحرم المرور في جميع ذلك ,ولو
في حريم المصلّى وهو قدر إمكان سجوده ,خلفاً
ي ,بل ول يكره عند التّقصير . للخوارزم ّ
وقال الحنابلة :المصلّي بمكّة المشّرفة ل يرد الماّر
ن مكّة ليست كغيرها ل ّ
ن بين يديه ,قال أحمد :ل ّ
النّاس يكثرون بها ويزدحمون فمنعهم تضييق عليهم
,ولنّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى بمكّة والنّاس
يمرون بين يديه وليس بينهما ستر .
وألحق الموفّق بمكّة سائر الحرم لمشاركته لها في
الحرمة .
190
شى كلم الموفّق في زمن وقال الّرحيباني :إنّما يتم ّ
ماحاج لكثرة النّاس واضطرارهم إلى المرور ,وأ ّ
ج فل حاجة للمرور بين يدي في غير أيّام الح ّ
المصلّي للستغناء عنه ,وكلم أحمد يمكن حمله
ه. صلة في المطاف أو قريبا ً منه وهو متّج ٌ على ال ّ
أفضليّة صلة العيد بالمسجد الحرام :
- 13ذهب الفقهاء في الجملة إلى ندب إيقاع صلة
صحراء ,وقيّد ال ّ
شافعيّة العيد بالمصلّى في ال ّ
صحراء بما إذا كان مسجد البلد صلة في ال ّ أفضليّة ال ّ
ضيّقا ً .
شافعيّة والحنابلة من هذا واستثنى المالكيّة وال ّ
الحكم صلة العيد بمكّة ,فمن كان بمكّة فإيقاعه
صلة العيد بالمسجد الحرام أفضل للمزايا الّتي تقع
فيه لمن يصلّي العيد وهي النّظر والطّواف
المعدومان في غيره ,لخبر « ينّزل اللّه على أهل
ة
ل يوم عشرين ومائة رحم ً المسجد مسجد مكّة ك ّ
ستّين منها للطّائفين وأربعين للمصلّين وعشرين
منها للنّاظرين » .
نذر التيان إلى المسجد الحرام :
مد والحنابلة - 14ذهب المالكيّة وأبو يوسف ومح ّ
ن من نذر إتيان ح الطّريقين إلى أ ّ شافعيّة في أص ّ وال ّ
ج أو عمرة لحديث المسجد الحرام ينعقد نذره بح ّ
عقبة بن عامر « :نذرت أختي أن تمشي إلى بيت
ي صلّى اللّه عليه اللّه وأمرتني أن أستفتي لها النّب ّ
وسلّم فاستفتيته فقال صلّى اللّه عليه وسلّم لتمش
ن مطلق كلم النّاذرين محمول على ولتركب » ,ول ّ
شرع ,والعرف قصد المسجد ما ثبت له أصل في ال ّ
ج والعمرة فيحمل نذره عليه . الحرام بالح ّ
191
وقيّد المالكيّة لزوم المشي إلى المسجد الحرام بما
ج أو عمرة ,أو لصلة إذا نذر النّاذر المشي له لح ّ
فيه فرضا ً كانت أو نفل ً .
وقال المالكيّة :إذا لزمه المشي مشى من حيث
نذر المشي منه ,وإن لم ينو محل ً مخصوصا ً فمن
المكان المعتاد لمشي الحالفين بالمشي ,وإن لم
يكن مكانا ً معتادا ً للحالفين فمن حيث حلف أو نذر
وأجزأ المشي من مثله في المسافة ,وجاز ركوب
لحاجة كأن يرجع لشيء نسيه أو احتاج إليه كما
يجوز له الركوب في الطّريق لبحر أعتيد ركوبه
للحالفين أو أضطّر إلى ركوبه ,ويستمر ماشياً
سعي إن كان سعيه لتمام طواف الفاضة أو تمام ال ّ
بعد الفاضة .
ي المشي إلى ن من قال :عل ّ وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ
ن التزام الحرام المسجد الحرام ل شيء عليه ل ّ
بهذه العبارة غير متعارف عليه ,ول يمكن إيجابه
باعتبار اللّفظ فامتنع أصل ً .وللتّفصيل ( ر :نذر ) .
حاضر المسجد الحرام :
- 15قال القرطبي :اختلف النّاس في حاضري
ن أهل مكّة وما المسجد الحرام -بعد الجماع على أ ّ
اتّصل بها من حاضريه -وقال الطّبريّ :بعد الجماع
على أهل الحرم .
قال ابن عطيّة :وليس كما قال -فقال بعض
العلماء :من كان يجب عليه الجمعة فهو حضري ,
ومن كان أبعد من ذلك فهو بدوي ,فجعل اللّفظة
من الحضارة والبداوة .
وعند أبي حنيفة وأصحابه :هم أهل مكّة ومن في
حكمهم من أهل داخل المواقيت .
192
نح المعتمد المختار إلى أ ّ شافعيّة في الص ّ وذهب ال ّ
حاضري المسجد الحرام من مساكنهم دون
مرحلتين من الحرم .
ح :حاضرو المسجد وفي القول المقابل للص ّ
الحرام من مساكنهم دون مرحلتين من مكّة .وقال
ابن المنذر في الشراف :حاضرو المسجد الحرام
هم أهل مكّة وأهل ذي طوًى :وقال مجاهد
وطاووس :هم أهل الحرم .
دخول الكافر المسجد الحرام :
مد بن الحسن شافعيّة والحنابلة ومح ّ - 16ذهب ال ّ
ن الكافر ليس له دخول المسجد شيباني إلى أ ّ ال ّ
َ َ
مامنُوا ْ إِن َّ َ
نآ َ الحرام بحال لقوله تعالى { :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
م بَعْدَ
حَرا َ جد َ ال ْ َس ِ م ْ س فَل َ يَْقَربُوا ْ ال ْ َ ج ٌ شرِكُو َ
ن نَ َ م ْ ال ْ ُ
م هَذ َا } . مهِ ْع َا ِ
ويقرب من هذا ما ذهب إليه المالكيّة إذ أنّهم يرون
ن الكافر يمنع من دخول المسجد مطلقا ً وإن أذن أ ّ
له مسلم ما لم تدع ضرورة لدخوله كعمارة ,وقالوا
م
مهِ ْ م بَعْد َ عَا ِ حَرا َ جد َ ال ْ َ س ِ م ْ ن الية { :فَل َ يَْقَربُوا ْ ال ْ َ :إ ّ
مة في سائر المشركين وسائر المساجد , هَذ َا } عا ّ
ماله ,ونزع وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى ع ّ
في كتابه بهذه الية ,ويؤيّد ذلك قوله تعالى { فِي
بيوت أَذن الل َّ َ
ه}, م ُ س ُ ه أن تُْرفَعَ وَيُذ ْكََر فِيهَا ا ْ ُ ُُ ٍ ِ َ
ودخول الكّفار فيها مناقض لترفيعها .
مةوصّرح الحنفيّة بأنّه ل بأس بدخول أهل الذ ّ ّ
المسجد الحرام وسائر المساجد .
=================
ي* جد النّبوِ ّ س ِ الم ْ
التّعريف :
193
ة -بكسر الجيم -الموضع الّذي - 1المسجد -لغ ً
جاج :كل موضع يُتَعبَّد فيه فهو يسجد فيه ,قال الّز ّ
جد بالفتح موضع وقوع الجبهة على جد ,والمس َ س ِ م ْ َ
الرض .
وشرعا ً :عّرفه الّزركشي بأنّه :كل موضع من
جعلت لي الرض لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم « ُ
مةالرض مسجدا ً » قال :وهذا من خصائص هذه ال ّ
صص المسجد بالمكان ن العرف خ ّ م قال :إ ّ ,ث ّ
صلوات الخمس حتّى يخرج المصلّى المهيّأ لل ّ
المجتمع فيه للعياد ونحوها فل يعطى حكمه .
والمسجد النّبوي :هو المسجد الّذي بناه رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم في موقعه المعروف بالمدينة
حين قدم مهاجرا ً إليها من مكّة ,وهو ثاني الحرمين
شريفين . ال ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -المسجد الحرام :
سلم - 2وهو المسجد الّذي بناه إبراهيم عليه ال ّ
ومعه ابنه إسماعيل ,في مكّة المكّرمة ,وهو
س اضعَ لِلن َّ و ت ي ب َ
ل َ و ن أَ المقصود بقوله تعالى {:إ ِ َّ
ِ ِ ُ ٍ ْ َ ّ
ن }. مي َ ال عْ لّ ل ى د ه و اً رك ا مب ة لَلَّذي ببك َّ
َ ِ َ ِ ً ُ َ ُ ََ َ ِ َِ
ب -المسجد القصى :
مى بيت المقدس ,وهو المقصود بقوله - 3ويس ّ
َ َ
ن سَرى بِعَبْدِهِ لَيْل ً ِّ
م َ ن ال ّذِي أ ْ حا َ سب ْ َ تعالى ُ { :
َ
صى } . جد ِ القْ َ س ِ م ْ حَرام ِ إِلَى ال ْ َ جد ِ ال ْ َ س ِم ْ ال ْ َ
ن كل ً من المسجد الحرام والمسجد الن ّ ّ
بوي صلة أ ّ وال ّ
والمسجد القصى من المساجد الّتي تشد إليها
الّرحال ويضاعف فيها الجر .
بوي :
تأسيس المسجد الن ّ ّ
194
- 4قدم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة مهاجراً
إليها من مكّة حين اشتد ّ الضحى من يوم الثنين
ة مضت من شهر ربيع الوّل -على لثنتي عشرة ليل ً
جار والنّووي ححه ابن الجوزيّ وجزم به ابن الن ّ ّ ما ص ّ
فمكث في بني عمرو بن عوف أيّام الثنين والثلثاء
والربعاء والخميس وبنى فيهم مسجد قباء وصلّى
م ركب يوم الجمعة فمّر فيه إلى بيت المقدس ,ث ّ
على بني سالم فجمع بهم وبمن كان معه من
المسلمين في مسجدهم فكانت أوّل جمعة صّلها
النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة وأصبح ذلك
م ركب مى مسجد الجمعة إلى اليوم ,ث ّ المسجد يس ّ
من بني سالم فجعل كلّما مّر دارا ً من دور النصار
يدعونه إلى المقام عندهم يقولون يا رسول اللّه
م إلى القوّة والمنعة فيقول صلّى اللّه عليه وسلّم هل ّ
« :خلوا سبيلها يعني ناقته القصواء فإنّها مأمورة »
,وقد أرخى زمامها وما يحّركها وهي تنظر يميناً
وشمال ً حتّى إذا أتت موضع المسجد بركت -وهو
م ثارت النّاقة يومئذ مربد للتّمر لغلمين يتيمين -ث ّ
والنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم عليها حتّى بركت على
م ثارت باب دار أبي أيوب النصاريّ رضي اللّه عنه ث ّ
منه وبركت في مبركها الوّل وألقت جرانها -أي
باطن عنقها -بالرض وأرزمت أي صوّتت من غير
أن تفتح فاها -فنزل عنها رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم وقال « :هذا المنزل إن شاء اللّه تعالى
» ,واحتمل أبو أيوب رحله صلّى اللّه عليه وسلّم
وأدخله في بيته ,فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
ي عن وسلّم « :المرء مع رحله » .ونقل السيوط ّ
ابن سعد في الطّبقات عن الزهريّ قال « :بركت
ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند موضع
195
المسجد -وهو يومئذ يصلّي فيه رجال من
المسلمين ,وكان مربدا ً لسهل وسهيل -غلمين
يتيمين من النصار وكانا في حجر أبي أمامة :أسعد
بن زرارة ,فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
بالغلمين فساومهما بالمربد ليتّخذه مسجدا ً ,فقال :
بل نهبه لك يا رسول اللّه ,فأبى النّبي صلّى اللّه
عليه وسلّم حتّى ابتاعه منهما بعشرة دنانير وأمر أبا
بكر أن يعطيهما ذلك ,فأمر رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم بالنّخل الّذي في الحديقة وبالغرقد الّذي
فيه أن يقطع ,وأمر باللّبن فضرب ,وكان في
المربد قبور جاهليّة فأمر بها رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم فنبشت ,وأمر بالعظام أن تغيّب ,
ما يلي القبلة إلى سسوا المسجد فجعلوا طوله م ّ وأ ّ
خره مائة ذراع ,وفي هذين الجانبين مثل ذلك مؤ ّ
ل من المائة وجعلوا فهو مربّع ,ويقال كان أق ّ
الساس قريبا ً من ثلثة أذرع على الرض بالحجارة
م بنوه باللّبن ,وبناه رسول اللّه صلّى اللّه عليه ث ّ
وسلّم وأصحابه وجعل ينقل الحجارة معهم بنفسه
ويقول :
م ل عيش إّل عيش الخرة فاغفر للنصار « اللّه ّ
والمهاجرة » .
خره ,وبابا ً يقال
وجعل له ثلثة أبواب ,بابا ً في مؤ ّ
له باب الّرحمة وهو الباب الّذي يدعى باب عاتكة ,
والباب الثّالث الّذي يدخل منه رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم وهو الباب الّذي يلي آل عثمان وجعل
ة ,وعمده الجذوع ,وسقفه طول الجدار بسط ً
ش كعريش جريدا ً فقيل له أل تسقفه ؟ فقال :عري ٌ
شأن أعجل من ذلك , موسى خشيبات وتمام ال ّ
وبنى بيوتا ً إلى جنبه باللّبن وسقفها بجذوع النّخل
196
والجريد وكانت تلك البيوت مكان حجرته اليوم ,
ما توفّيت أزواجه خلطت البيوت والحجر بالمسجد فل ّ
في زمن عبد الملك بن مروان » .
توسعة المسجد وعمارته :
- 5قال الّزركشي :روى البخاري في صحيحه عن
ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما قال « :كان
المسجد على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
مبنيا ً باللّبن وسقفه الجريد وعمده خشب النّخل »
فلم يزد فيه أبو بكر رضي اللّه عنه شيئا ً ,وزاد فيه
عمر رضي اللّه عنه وبناه على بنائه في عهد رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم باللّبن والجريد وأعاد
م غيّره عثمان رضي اللّه عنه فزاد عمده خشبا ً ,ث ّ
فيه زيادة ً كبيرة ً وبنى جداره بالحجارة المنقوشة
صة ,وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه والق ّ
ساج ,وقال خارجة بن زيد :بنى رسول اللّه صلّى بال ّ
اللّه عليه وسلّم مسجده سبعين ذراعا ً في ستّين
سير :جعل عثمان طول ذراعا ً أو يزيد ,قال أهل ال ّ
ة وخمسين ة وستّين ذراعا ً وعرضه مائ ً المسجد مائ ً
م
ة كما كانت في زمن عمر ث ّ ذراعا ً وجعل أبوابه ست ّ ً
زاد فيه الوليد بن عبد الملك فجعل طوله مائتي
ة
خره مائ ً ذراع وعرضه في مقدّمه مائتين وفي مؤ ّ
م زاد فيه المهدي مائة ذراع من جهة وثمانين ث ّ
شام فقط دون الجهات الثّلث . ال ّ
شريفة : الّروضة ال ّ
شريفة عدّة أحاديث , - 6ورد في فضل الّروضة ال ّ
شيخان عن أبي هريرة رضي اللّه من ذلك ما رواه ال ّ
ن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال « : عنه أ ّ
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة ,
ومنبري على حوضي » ,وما أخرجه أحمد عن جابر
197
بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال :قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم « :ما بين منبري إلى حجرتي
ن منبري على ترعة من روضة من رياض الجنّة وإ ّ
ترع الجنّة » وفي رواية من حديث عبد اللّه بن زيد :
« ما بين هذه البيوت -يعني بيوته صلّى اللّه عليه
وسلّم -إلى منبري روضة من رياض الجنّة » .
قال النّووي :ذكروا في معنى قوله صلّى اللّه عليه
وسلّم « :ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض
ن ذلك الموضع بعينه ينقل الجنّة » قولين :أحدهما أ ّ
ن العبادة فيه تؤدّي إلى الجنّة , إلى الجنّة ,والثّاني أ ّ
ماوقال محب الدّين الطّبريّ قال بعض العلماء :ل ّ
كان جلوسه وجلوس النّاس إليه يتعلّمون القرآن
والدّين واليمان هناك شبّه ذلك الموضع بالّروضة
لكرم ما يجتنى فيه ,وأضافه إلى الجنّة لنّها تؤوّل
إلى الجنّة ,كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم :
« الجنّة تحت ظلل السيوف » .
ي:ّ أساطين المسجد النّبويّ الصل
َ
- 7من أساطين المسجد النّبويّ أسطوانة المخل ّق
شريف ,فعن سلمة الّتي هي علم على المصلّى ال ّ
بن الكوع رضي اللّه تعالى عنه قال « :رأيت
صلةرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتحّرى ال ّ
عندها » .
ومنها :أسطوانة القرعة وتعرف بأسطوانة عائشة
رضي اللّه تعالى عنها وبأسطوانة المهاجرين أيضا ً ,
ن عبد اللّه بن الزبير واثنين معه روي عن ابن زبّالة أ ّ
دخلوا على عائشة رضي اللّه تعالى عنها فتذاكروا
ة منالمسجد فقالت عائشة إنّي لعلم ساري ً
صلة إليها سواري المسجد لو يعلم النّاس ما في ال ّ
لضطربوا عليها بالسهمان ,فخرج الّرجلن وبقي
198
م خرج ابن الزبير مسرعا ً فصلّى إلى ابن الزبير ,ث ّ
نسارية ,وعن ابن زبّالة أيضا ً :وبلغنا أ ّ هذه ال ّ
الدعاء فيها مستجاب .
ومنها :أسطوانة التّوبة وتعرف بأسطوانة أبي لبابة
رضي اللّه تعالى عنه وهي الّتي ربط أبو لبابة نفسه
إليها حتّى نزلت توبته .
سرير وهي الّتي كان يوضع ومنها :أسطوانة ال ّ
عندها سرير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا
اعتكف .
ومنها :أسطوانة الحرس وهي الّتي كان يجلس
علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه في
ما يلي باب رسول اللّه صفحتها الّتي تلي القبر م ّ
ي صلّى اللّه عليه صلّى اللّه عليه وسلّم يحرس النّب ّ
وسلّم .
ومنها :أسطوانة الوفود وهي الّتي كان يجلس
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليها لوفود العرب
إذا جاءته .
ومنها :أسطوانة التّهجد وهي الّتي كان رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم يخرج إذا انكّفت النّاس
فيصلّي عندها صلة اللّيل .
ي صلّى اللّه عليه وسلّم : حجرات أزواج النّب ّ
ما بنى رسول اللّه صلّى اللّه جار :ل ّ - 8قال ابن الن ّ ّ
عليه وسلّم مسجده بنى بيتين لزوجتيه عائشة
وسودة -رضي اللّه عنهما -على نعت بناء المسجد
ما تزوّج صلّى اللّه عليه من لبن وجريد النّخل ,ول ّ
ن حجرا ً وهي تسعة أبيات وهي وسلّم نساءه بنى له ّ
ما بين بيت عائشة رضي اللّه عنها إلى الباب الّذي
ي صلّى اللّه عليه وسلّم ,وقال أهل يلي باب النّب ّ
سير :ضرب النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم الحجرات ال ّ
199
ي ولم شام ّ شرق إلى ال ّ ما بينه وبين القبلة وال ّ
ة من المسجد مديرةً به يضربها غربيّه ,وكانت خارج ً
ة في المسجد . إّل من المغرب وكانت أبوابها شارع ً
ي صلّى اللّه عليه وسلّم وكان بيت فاطمة بنت النّب ّ
خلف بيته عن يسار المصلّى إلى الكعبة وكان فيه
ي صلّى اللّه عليه وسلّم « وكان خوخة إلى بيت النّب ّ
إذا قام من اللّيل إلى المخرج اطّلع منها يعلم
ل صباح فيأخذ بعضادتيه خبرهم ,وكان يأتي بابها ك ّ
َ
مب ع َنك ُ ُ ما يُرِيد ُ الل ّ ُ
ه لِيُذْه ِ َ صلة { :إِن َّ َ ويقول :ال ّ
م تَطْهِيًرا } » . ت وَيُطَهَِّرك ُ ْ ل الْبَي ْ ِس أَهْ َ
ج َ الّرِ ْ
ي صلّى اللّه عليه وسلّم : منبر النّب ّ
ي
ن النّب ّ ق متعدّدة أ ّ - 9وردت عدّة روايات من طر ٍ
صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا أراد أن يخطب وأطال
القيام يسند ظهره إلى إحدى سواري مسجده -
صلّى اللّه عليه وسلّم -الّتي كانت من جذوع النّخل
,وكان يشقّ عليه طول قيامه فأتي بجذع فحفر له
فصار يخطب إلى جنبه وإذا طال قيامه -صلّى اللّه
صحابة ما رأى ال ّ عليه وسلّم -استند فاتّكأ عليه ,ول ّ
أنّه -صلّى اللّه عليه وسلّم -يشكو ضعفا ً في رجليه
ق عليه طول القيام عملوا له منبرا ً من خشب ويش ّ
ث« الطّرفاء وكان بمرقاتين -أي درجتين أو ثل ٍ
ما تحوّل صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المنبر يخطب فل ّ
عليه سمع لذلك الجذع حنين كصوت العشار فأتى
مهالنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم إليه فاحتضنه وض ّ
فسكن » .
ي صلّى اللّه عليه وسلّم وصاحبيه : موضع قبر النّب ّ
ي صلّى ما فرغ من جهاز النّب ّ - 10قال ابن هشام :ل ّ
اللّه عليه وسلّم يوم الثلثاء وضع على سريره في
بيته وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال
200
قائل ندفنه في مسجده ,وقال قائل بل ندفنه مع
أصحابه ,فقال أبو بكر إنّي سمعت رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم يقول « :ما قبض نبي إّل دفن
حيث قبض » ,فرفع فراش رسول اللّه صلّى اللّه
م دخل عليه وسلّم الّذي توفّي عليه فحفر له تحته ث ّ
النّاس على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
ة بعد جماعة . - يصلون عليه أرسال ً -جماع ً
صلة وقال ابن كثير :قد علم بالتّواتر أنّه عليه ال ّ
سلم دفن في حجرة عائشة الّتي كانت تختص وال ّ
ي مسجده في الّزاوية الغربيّة القبليّة من بها شرق ّ
م عمر رضي م دفن بعده فيها أبو بكر ث ّ الحجرة ,ث ّ
اللّه عنهما .
صَّفة :
مكان أهل ال ُ
صاد المشدّدة وتشديد الفاء - م ال ّة :بض ّ صّف ُ
- 11ال ُ
خر المسجد النّبويّ وإليها ينسب مكان مظلّل في مؤ ّ
أهل الصّفة ,وهم أناس من فقراء المسلمين ,
من لم يكن لهم منازل ول وأكثرهم من المهاجرين م ّ
مأوى ,أنزلهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم المسجد ً
ماهم أهل الصّفة ,وكان صلّى اللّه عليه وسلّم وس ّ
يجالسهم ويأنس بهم ,وكان إذا جاءته هديّة أصاب
صدقة أرسل بها منها وبعث إليهم منها ,وإذا جاءته ال ّ
إليهم ولم يصب منها .
ن
صحيح أ ّ جار :روى البخاري في ال ّ قال ابن الن ّ ّ
أصحاب الصّفة كانوا فقراء ,وروي -أيضاً -عن أبي
هريرة رضي اللّه عنه قال « :رأيت سبعين من أهل
ما كساء ما إزار وإ ّالصّفة ما منهم رجل عليه رداء ,إ ّ
قد ربطوه في أعناقهم ,فمنها ما يبلغ نصف
ساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهة ال ّ
أن ترى عورته » .
201
بوي :
آداب دخول المسجد الن ّ ّ
بوي أن يقول - 12يستحب لمن دخل المسجد الن ّ ّ
الذ ّكر الوارد في ذلك عند دخول المساجد ,فيقدّم
ل على مص ّ رجله اليمنى ويقول " :بسم اللّه اللّه ّ
ب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك مد ر ّمح ّ
".
وعند الخروج يقدّم رجله اليسرى ويقول ذلك ,
ولكن بلفظ " :وافتح لي أبواب فضلك " ,ويصلّي
عند الدخول ركعتين تحيّة المسجد والمسجد النّبوي
وغيره من المساجد في ذلك سواء إّل المسجد
ن تحيّته الطّواف . الحرام فإ ّ
ي صلّى شريفة الّتي فيها قبر النّب ّ م يقصد الحجرة ال ّ ث ّ
اللّه عليه وسلّم فيستقبل القبر ويستدبر القبلة ,
ويدعو بالدعاء الوارد في ذلك .
ي صلّى اللّه عليه وسلّم ر :مصطلح ( زيارة قبر النّب ّ
ف.)7/
ي صلّى اللّه عليه وسلّم صة بمسجد النّب ّ الحكام الخا ّ
:
للمسجد النّبويّ ما للمساجد من أحكام ,ويختص
بأحكام منها :
أ -شد الّرحال إليه :
ن رسول اللّه - 13فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أ ّ
ل إّل
شد َّ الّرحا ُ صلّى اللّه عليه وسلّم قال « :ل ت ُ َ
إلى ثلثة مساجد :المسجد الحرام ,ومسجد
الّرسول -صلّى اللّه عليه وسلّم -ومسجد القصى
».
بوي أحد
ن المسجد الن ّ ّ وفي الحديث دليل على أ ّ
المساجد الثّلثة الّتي تختص بمزيّة جواز شد ّ الّرحال
إليها .
202
وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيّتها على
ن الوّل قبلةغيرها لكونها مساجد َ النبياء ,ول ّ
سالفة , النّاس وإليه حجهم والثّاني كان قبلة المم ال ّ
سس على التّقوى .واختلف في شدّ والثّالث أ ّ
صالحين الّرحال إلى غيرها كالذ ّهاب إلى زيارة ال ّ
أحياءً وأمواتا ً ,وإلى المواضع الفاضلة لقصد التّبرك
مد الجويني :يحرم صلة فيها ,فقال أبو مح ّ بها وال ّ
شد الّرحال إلى غيرها عمل ً بظاهر هذا الحديث وبه
قال عياض وطائفة .
شافعيّة أنّه صحيح عند إمام الحرمين وغيره من ال ّ وال ّ
ل يحرم .
صلة في المسجد النّبويّ فرضا ً ونفل ً : ب -ثواب ال ّ
ن رسول اللّه - 14عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أ ّ
صلّى اللّه عليه وسلّم قال « :صلة في مسجدي
هذا خير من ألف صلة فيما سواه من المساجد إّل
المسجد الحرام » .
ول خلف بين العلماء في حصول هذه الفضليّة
ومضاعفة الثّواب الواردة في الحديث لصلة الفرض
.
ما في صلة النّفل فيرى الحنفيّة والمالكيّة -على أ ّ
ن الفضليّة ومضاعفة الثّواب صحيح -والحنابلة :أ ّ ال ّ
صة بالفرائض دون النّوافل , الواردة في الحديث خا ّ
ن صلة النّافلة في البيت أفضل وأقرب إلى ل ّ
الخلص وأبعد عن الّرياء ,لقوله صلّى اللّه عليه
وسلّم « :صلة المرء في بيته أفضل من صلته في
مسجدي هذا إّل المكتوبة » ,وقوله صلّى اللّه عليه
صلة في مسجده وسلّم « :إذا قضى أحدكم ال ّ
ن اللّه جاعل في فليجعل لبيته نصيبا ً من صلته فإ ّ
بيته من صلته خيرا ً » .
203
ن المالكيّة فّرقوا بين من كان من أهل المدينة لك ّ
ن صلة أهل وبين من كان من الغرباء عنها ,فقالوا إ ّ
المدينة النّفل المطلق في بيوتهم أفضل من فعلها
في المسجد بخلف الّرواتب وما تسن له الجماعة
ن فعلها في المسجد أفضل . فإ ّ
ن صلتهم النّافلة في ما الغرباء عن المدينة فإ ّ أ ّ
مسجده صلّى اللّه عليه وسلّم أفضل من صلتهم
لها في بيوتهم وسواء أكانت النّافلة من الّرواتب أم
كانت نفل ً مطلقا ً .
ن المراد بالغريب عن المدينة وهو من ل وقالوا :إ ّ
ن المجاور بها حكمه حكم أهلها حيث يعرف فيها ,وإ ّ
كان يعرف
ن
شافعيّة -ومطّرف من المالكيّة -أ ّ ويرى ال ّ
التّفضيل الوارد بالحديث يعم صلة الفرض وصلة
النّفل .
ن مذهبنا أنّه ل يختص هذا قال النّووي :واعلم أ ّ
صلة في هذين المسجدين -أي المسجد التّفضيل بال ّ
الحرام والمسجد النّبويّ -بالفريضة بل يعم الفرض
ك, والنّفل جميعا ً ,وبه قال مطّرف من أصحاب مال ٍ
ن
وقال الّزركشي :ذكر في شرح المهذ ّب أ ّ
ن صلة النّفل في بيته أفضل من التّحقيق :أ ّ
المسجد .
بوي :
ج -حكم ما زيد في بناء المسجد الن ّ ّ
- 15طرأت على بناء المسجد النّبويّ توسعة
ي
ما كان عليه في عصر النّب ّ وزيادات في بنائه ع ّ
صلّى اللّه عليه وسلّم ,وقد بحث العلماء حكم هذه
الّزيادة من جهة نيل الثّواب ,فمنهم من قال إ ّ
ن
الفضل الثّابت لمسجده صلّى اللّه عليه وسلّم ثابت
لما زيد فيه .
204
بري :عن ابن عمر قال زاد ّ قال محب الدّين الط ّ
عمر بن الخطّاب في المسجد من شاميّه وقال " :
لو زدنا فيه حتّى تبلغ الجبّانة كان مسجد رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم " ,وعن أبي هريرة رضي
اللّه عنه قال :قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم « :لو بني هذا المسجد إلى صنعاء كان
مسجدي » ,وكان أبو هريرة رضي اللّه عنه يقول :
ظهر المسجد كقعره .
وإلى هذا ذهب الحنفيّة والحنابلة وهو اختيار ابن
تيميّة ,قال ابن عابدين " :ومعلوم أنّه قد زيد في
م
م عثمان ث ّ بوي ,فقد زاد فيه عمر ث ّ المسجد الن ّ ّ
م المهدي ,والشارة بهذا إلى المسجد الوليد ث ّ
ن
كأ ّ المضاف إليه صلّى اللّه عليه وسلّم ,ول ش ّ
مى مسجده صلّى جميع المسجد الموجود الن يس ّ
اللّه عليه وسلّم ,فقد اتّفقت الشارة والتّسمية
على شيء واحد فلم تلغ التّسمية فتحصل
المضاعفة المذكورة في الحديث ,فيما زيد فيه " .
ونقل الجراعي عن ابن رجب مثل ذلك ,وأنّه قد
سلف في ذلك خلف .وروي قيل إنّه ل يعلم عن ال ّ
عن المام أحمد التّوقّف .
ن ما زيد في سمهودي -من المالكيّة -أ ّ جح ال ّ ور ّ
بوي داخل في الفضليّة الواردة بالحديث المسجد الن ّ ّ
ك أنّه سئل عن حد ّ المسجد ,ونقل عن المام مال ٍ
الّذي جاء فيه الخبر هل هو على ما كان في عهد
ي صلّى اللّه عليه وسلّم أو هو على ما عليه الن النّب ّ
ي
ن النّب ّ
؟ فقال بل هو على ما هو الن ,وقال ل ّ
صلّى اللّه عليه وسلّم أخبر بما يكون بعده وزويت له
الرض فأري مشارق الرض ومغاربها ,وتحدّث بما
يكون بعده فحفظ ذلك من حفظه في ذلك الوقت
205
ونسي ذلك من نسيه ,ولول هذا ما استجاز الخلفاء
صحابةالّراشدون المهديون أن يزيدوا فيه بحضرة ال ّ
ولم ينكر عليهم ذلك منكر .
لكن قال البي في شرح الحديث « :صلة في
ن التّفضيل مسجدي هذا خير من ألف صلة » . . .إ ّ
ص بمسجده الّذي كان في زمانه صلّى اللّه مخت ٌّ
عليه وسلّم دون ما زيد فيه بعد ذلك ,فل يتناول
التّفضيل ما زاد فيه عثمان لنّه من اتّخاذه ,ويدل
على أنّه من اتّخاذه احتجاجه حين أنكر عليه فيه
الّزيادة بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم « :من بنى
مسجدا ً بنى اللّه له بيتا ً في الجنّة » ,فجعله من
بنائه لنفسه .
صة بنفس ن هذه الفضيلة مخت ّ شافعيّة إلى أ ّ وذهب ال ّ
مسجده صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي كان في زمانه
دون ما زيد فيه بعده .
الجوزي وجمع منّ وإلى هذا ذهب ابن عقيل وابن
الحنابلة .
د -نذر المشي إلى المسجد النّبويّ :
- 16اختلف الفقهاء في حكم الوفاء على من نذر
ي صلّى اللّه عليه وسلّم , المشي إلى مسجد النّب ّ
ن من فيرى الحنفيّة أنّه ل يلزمه الوفاء به ,ل ّ
ة مقصودةً وأن شروط النّذر عندهم أن يكون قرب ً
يكون من جنسه واجب أو فرض ,والذ ّهاب إلى
بوي غير واجب بخلف ما لو نذر المشي المسجد الن ّ ّ
إلى المسجد الحرام فإنّه يلزمه الوفاء به .
شافعيّة .وإلى ذلك ذهب ال ّ
ويرى المالكيّة وجوب الوفاء بالنّذر إن نوى صلةً أو
صوما ً أو اعتكافا ً ,لكن ل يلزمه المشي وله أن
يذهب راكبا ً
206
ويرى الحنابلة لزوم الوفاء بالنّذر ماشيا ً ,واستدلوا
ي صلّى اللّه عليه وسلّم « :ل تشد بقول النّب ّ
الّرحال إّل إلى ثلثة مساجد :المسجد الحرام
ومسجدي هذا ,والمسجد القصى » .وقالوا إنّه
يلزمه -حينئذ -أن يصلّي في المسجد ركعتين ل ّ
ن
القصد بالنّذر القربة والطّاعة ,وإنّما يكون تحصيل
من ذلك نذره كما يلزم ناذر صلة فتض ّ ذلك بال ّ
المشي إلى بيت اللّه الحرام أحد النسكين .
وللتّفصيل ينظر مصطلح ( :نذر )
ي صلّى اللّه عليه وسلّم هـ -زيارة قبر النّب ّ
ي
ن زيارة قبر النّب ّ - 17ذهب جمهور العلماء إلى أ ّ
صلّى اللّه عليه وسلّم مستحبّة ,وقالت طائفة إنّها
سنّة مؤكّدة تقرب من درجة الواجبات ,وهو المفتى
به عند طائفة من الحنفيّة .وذهب الفقيه المالكي
أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي إلى أنّها واجبة
.
َ
ومن أدلّة مشروعيّتها قوله تعالى { :وَلَوْ أنَّهُ ْ
م إِذ
َ
َ
ستَغَْفَر لَهُ ُ
م ه َوا ْ ستَغَْفُروا ْ الل ّ َ ك فَا ْ جآؤُو َ م َ سهُ ْموا ْ أنُف َ ظ ّل َ ُ
ما } ,وقوله صلّى حي ًوابًا َّر ِ جدُوا ْ الل ّ َ
ه ت َ َّ ل لَوَ َ الَّر ُ
سو ُ
اللّه عليه وسلّم « :من زارني بعد موتي فكأنّما
زارني في حياتي » .
ي صلّى اللّه وللتّفصيل :ر :مصطلح ( زيارة النّب ّ
عليه وسلّم ف . ) 2 /
بوي :
آداب وداع المسجد الن ّ ّ
- 18يستحب لمن عزم على الرجوع إلى بلده أن
ب وأن يأتي يودّع المسجد بصلة ويدعو بعدها بما أح ّ
ي صلّى اللّه عليه شريف فيسلّم على النّب ّ القبر ال ّ
ب ويسأله سبحانه أن وسلّم ويدعو اللّه بما أح ّ
يوصله إلى أهله سالما ً غانما ً ويقول :غير مودّع يا
207
رسول اللّه ,ويسأل اللّه تعالى أن يردّه إلى حرمه
مد صلّى اللّه عليه وسلّم في عافية وحرم نبيّه مح ّ
===============
وَرة *من َ ّ
مدِينة ال ُ
ال َ
التّعريف :
ة :المصر الجامع ,على وزن فعيلة , - 1المدينة لغ ً
مدَن بالمكان أي :أقام فيه ,وقيل : مأخوذة من َ
مدُن ,ومدائن . فعَلة لنّها من دان ,والجمع ُ : م ْ
َ
وغلب إطلق " المدينة " معّرفا ً بأل لدى المسلمين
على مدينة الّرسول صلى الله عليه وسلم ,ويكثر
أن يقال " :المدينة المنوّرة " إشارةً إلى أنّها منوّرة
سلم .صلة وال ّ بأنوار ساكنها عليه أفضل ال ّ
أسماء المدينة المنوّرة :
مى قبل السلم يثرب , - 2كانت المدينة تس ّ
ماها النّبي صلى الله عليه وسلم " المدينة " فس ّ
وقال « :أمرت بقرية تأكل القرى ،يقولون يثرب
وهي المدينة ،تنفي النّاس كما ينفي الكير خبث
الحديد » .
مى يثرب ,فقد روي أنّه صلى الله ونهى أن تس ّ
مى المدينة يثرب عليه وسلم قال « :من س ّ
فليستغفر اللّه ,هي طابة ,هي طابة » .
ومن أسماء المدينة المشهورة " طيبْة " بسكون
الياء ,ويقال أيضا ً " :طيِّبة " مشدّدة الياء و " دار
الهجرة " وغير ذلك من أسماءٍ ,قيل :إنّها تبلغ
الربعين .
ي المدينة وتقع المدينة بين حّرتين :إحداهما :شرق ّ
وهي حّرة واقم ٍ ,والخرى :غربيّها وهي حّرة الوبرة
.
208
والحّرة :أرض مكتسية بحجارة سوداء بركانيّةٍ ,
شمال جبل أحدٍ ,ومن الجنوب ويحيط بها من ال ّ
جبل عيرٍ .
وتبعد عن مكّة عشر مراحل ,ويحرم أهلها ومن مّر
بها من ذي الحليفة .
فضل المدينة :
ي صلى الله عليه وسلم وفيها - 3المدينة مهاجر النّب ّ
مثواه صلى الله عليه وسلم ومنها انتشر السلم
مها بإيجاز : في العالم ,ولها فضائل كثيرة ,من أه ّ
س رضي الله عنه أ -مضاعفة البركة فيها فعن أن ٍ
قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :اللّه ّ
م
ضعَْفي ما بمكّة من البركة » . اجعل بالمدينة ِ
ب -تفضيل القامة فيها على غيرها فعن سفيان بن
أبي زهيرٍ رضي الله عنه قال :سمعت رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم يقول « :تُفتح اليمن ,فيأتي
ملون بأهليهم ومن أطاعهم , سون فيتح ّ قوم يَب ُ ّ
شام والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ,وتُفتح ال ّ
ملون بأهليهم ومن أطاعهم , سون فيتح ّ فيأتي قوم يَب ُ ّ
والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ،وتُفتح العراق
ملون بأهليهم ومن أطاعهم سون ,فيتح ّ فيأتي قوم يَب ُ ّ
,والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون » .
ج -تغليظ ذنب من يكيد أهلها :فعن سعد بن أبي
ص رضي الله عنه قال :قال رسول اللّه صلى وقّا ٍ
الله عليه وسلم « :من أراد أهل المدينة بسوء
أذابه اللّه كما يذوب الملح في الماء » .
جال والطّاعون :فعن أبي د -حمايتها من دخول الد ّ ّ
هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم « :على أنقاب المدينة ملئكة ,ل
جال » .هـ -إنّها مجمع يدخلها الطّاعون ول الد ّ ّ
209
ن رسول اليمان فعن أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ
ن اليمان ليأرز اللّه صلى الله عليه وسلم قال « :إ ّ
إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها » .
ض فيها . ويأرز أي :ينضم ويجتمع بعضه إلى بع ٍ
حرم المدينة :
ن المدينة حرم مثل - 4ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
مكّة ,فيحرم صيدها ول يقطع شجرها إل ما استنبت
للقطع .
ن المدينة ليس لها حرم ,فل وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
ل من يمنع أحد من أخذ صيدها وشجرها ,ولك ّ
الفريقين أدلّته .
وتفصيل ذلك في مصطلح ( :حرم ف . ) 28
شافعيّة والحنابلة على إثبات صفة - 5وقد فّرع ال ّ
الحرم للمدينة أنّه يكره نقل تراب الحرم وأحجاره
ن الولى أن ل يدخل إلى سائر البقاع ,وقالوا :إ ّ
ن المدينة ل وأحجاره الحرم ,وعلّة ذلك أ ّ تراب الح ّ
ما جعلها اللّه حرما ً آمنا ً حرم بذلك كل شيءٍ ثابت ل ّ
ن الولى عدم إدخال تراب الح ّ
ل ما أ ّ
مستقر فيها ,وأ ّ
وأحجاره فلئل تحدث لها حرمة لم تكن
س الحاجة إلى إدخالها إلى الحرم , وهذا إذا لم تم ّ
لمثل بناءٍ أو غيره .
المفاضلة بين مكّة والمدينة :
- 6ذهب الجمهور إلى تفضيل مكّة على المدينة
بوي .
وتفضيل المسجد الحرام على المسجد الن ّ ّ
المنورة على
ّ وذهب المام مالك إلى تفضيل المدينة
مكّة المكّرمة ,وتفضيل المسجد النّبويّ على
المسجد الحرام وهو قول عمر بن الخطّاب رضي
الله عنه .
210
ل الجمهور على تفضيل مكّة وحرمها بأدلّة وقد استد ّ
منها :
ما ورد عن عبد اللّه بن عديّ بن حمراء رضي الله
عنه قال « :رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
واقفا ً على الحزورة فقال :واللّه إنّك لخير أرض
ُ
تاللّه وأحب أرض اللّه إلى اللّه ,ولول أنّي أخرِج ُ
منك ما خرجت » .
س رضي الله عنهما قال :قال ّ
وعن عبد الله بن عبّا ٍ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمكّة « :ما
ن قومي ي ,ولول أ ّ
أطيبك من بلدٍ وأحبّك إل ّ
أخرجوني منك ما سكنت غيرك » .
فهذان الحديثان يدلن على تفضيل مكّة على سائر
البلدان ومنها المدينة .
ي صلى الله ن النّب ّ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ
عليه وسلم قال « :صلة في مسجدي هذا خير من
ألف صلةٍ فيما سواه إل المسجد الحرام » .
وفي حديث عبد اللّه بن الزبير رضي الله عنهما
زيادة « :وصلة في المسجد الحرام أفضل من
مائة صلةٍ في مسجدي هذا » وهذا دليل على
تفضيل المسجد الحرام بمكّة على المسجد الن ّ ّ
بوي
شريف . ال ّ
ل مالك بأدلّة في فضل المدينة منها ما سبق واستد ّ
ن اليمان ليأرز إلى المدينة » وأنّها القرية الّتي «:إ ّ
تأكل القرى ,فإنّه يدل على زيادة فضل المدينة
على غيرها ,ومنها قوله صلى الله عليه وسلم « :
م حبّب إلينا المدينة كحبّنا لمكّة أو أشد ّ » . اللّه ّ
ن اللّه تعالى اختارها لنبيّه صلى الله واستدلوا بأ ّ
صحابة ,ول عليه وسلم وخلفائه الّراشدين وفضلء ال ّ
يختار لهم إل أفضل البقاع .
211
ن الخلف ليس في الكعبة المعظّمة , وقد صّرحوا بأ ّ
مت فإنّها أفضل من المدينة كلّها ,إل البقعة الّتي ض ّ
ي صلى الله عليه وسلم شريف للنّب ّ أعضاء الجسد ال ّ
.
ن القاضي عياض نقل شربيني الخطيب أ ّ وذكر ال ّ
ن موضع قبره صلى الله عليه وسلم الجماع على أ ّ
أفضل الرض ,والخلف فيما سواه .
مشاهد المدينة :
ل ,ومأثرة
- 7مشاهد المدينة مواضع ذات فض ٍ
تاريخيّة ,استحب العلماء زيارتها ,وهي نحو ثلثين
مها ما يلي : موضعا ً يعرفها أهل المدينة ومن أه ّ
أ -المسجد النّبوي :
- 8وهو ثاني مسجد ٍ بني في السلم بعد مسجد
صلة في أيّ مسجدٍ صلة فيه أفضل من ال ّ قباءٍ ,وال ّ
بوي
آخر سوى المسجد الحرام ,وفي المسجد الن ّ ّ
شريفة والمنبر والمحراب , معالم منها :الّروضة ال ّ
م رفاته صلى شريفة الّتي تشّرفت بض ّ والحجرة ال ّ
الله عليه وسلم ورفات صاحبيه أبي بكرٍ وعمر
رضي الله عنهما .
وتفصيل ذلك كلّه ينظر في ( :المسجد النّبوي ,
ي صلى الله عليه وسلم ف . ) 4 وزيارة النّب ّ
ب -مسجد قباءٍ :
- 9وهو أوّل مسجد ٍ وضع في السلم ,وأوّل من
وضع أساسه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
مي باسم قباءٍ ,قريةٍ تبعد عن المدينة قدر ثلثة س ّ
ل تقريبا ً .أميا ٍ
ل أسبوٍع صلة فيه ك ّ ويستحب زيارة مسجد قباءٍ وال ّ
سبت ,لحديث عبد اللّه بن عمر ,وأفضله يوم ال ّ
212
رضي الله عنهما قال « :كان النّبي صلى الله عليه
ت راكبا ً وماشيا ً » . ل سب ٍ وسلم :يأتي مسجد قباءٍ ك ّ
صلة ي صلى الله عليه وسلم « :ال ّ وورد عن النّب ّ
في مسجد قباءٍ كعمرة » .
وعن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه كان يأتي
قباء يوم الثنين ويوم الخميس ,وقال « :والّذي
نفسي بيده لقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم وأبا بكرٍ في أصحابه ينقلون حجارته على
سسه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بطونهم ويؤ ّ
.»...
ج -البقيع :
- 10ويقال له :بقيع الغرقد ,لوجود شجر الغرقد
شرق فيه ,وكان مقبرة أهل المدينة وهو يقع إلى ال ّ
بوي ,وقد ورد فيه أحاديث ,من من المسجد الن ّ ّ
نحها حديث عائشة رضي الله عنها عنها « :أ ّ أص ّ
ني صلى الله عليه وسلم فقال :إ ّ جبريل أتى النّب ّ
ربّك يأمرك أن تأتي أهل بقيع الغرقد فتستغفر لهم .
.»..
وعن عائشة رضي الله عنها أيضا ً قالت « :كان
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كلّما كان ليلتها
من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر
قوم
ٍ سلم عليكم دار اللّيل إلى البقيع فيقول :ال ّ
جلون ,وإنّا إن مؤمنين ,وأتاكم ما توعدون غدا ً مؤ ّ
م اغفر لهل بقيع الغرقد شاء اللّه بكم لحقون ,اللّه ّ
».
يوم
ٍ قال النّووي :يستحب أن يخرج زائر المدينة ك ّ
ل
إلى البقيع خصوصا ً يوم الجمعة ,ويكون ذلك بعد
سلم على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . ال ّ
213
صحابة والتّابعين ومن بعدهم وفي البقيع قبور أجلّة ال ّ
ن أهل ,كانت قد بنيت عليهم قباب ,وقد أزيلت ,لك ّ
الخبرة يعرفون مواضعهم ,منهم :عثمان بن عّفان
,والعبّاس بن عبد المطّلب رضي الله عنهما إلى
ي رضي الله الغرب ,وشرقيه قبر الحسن بن عل ٍ ّ
د
عنهما وزين العابدين وبعض أهل البيت في قبرٍ واح ٍ
ي صلى الله مة النّب ّ ,كقبر صفيّة رضي الله عنها ع ّ
عليه وسلم وإبراهيم رضي الله عنه ابنه إلى جنب
ن ,وإلى جنبه عبد الّرحمن بن عثمان بن مظعو ٍ
مة موضع قبور من دفن ف رضي الله عنهما وث ّ عو ٍ
مهات المؤمنين جميعا ً . بالبقيع من أ ّ
د -جبل أحد ٍ وقبور الشهداء عنده :
مي بذلك - 11أحد جبل عظيم يطل على المدينة س ّ
ل أخر هناك ,وباسمه لتوحده وانقطاعه عن جبا ٍ
بدر
ٍ ميت الغزوة الكبيرة الّتي جاءت بعد غزوة س ّ
ي صلى الله عليه وسلم جعل ظهر ن النّب ّالكبرى ,ل ّ
جيشه إلى جبل أحدٍ .
وورد أنّه صلى الله عليه وسلم قال « :أحد جبل
يحبنا ونحبه » .
ي صلى الله عليه وسلم صعد ن النّب ّ
كما جاء « :أ ّ
أحدا ً وأبو بكرٍ وعمر وعثمان ,فرجف بهم ,فقال :
أثْبُت أحد ,فإنّما عليك نبي وصدّيق وشهيدان » .
وتستحب زيارة شهداء أحدٍ رضي الله عنهم وقد
أحيطت ,قبورهم بسياج ,وأعلم على قبر سيّد
الشهداء حمزة رضي الله عنه بعلمة قبرٍ كبيرةٍ ,
ش ّ ّ
ومعه في القبر المجدّع في الله عبد الله بن جح ٍ
رضي الله عنه قيل له :المجدّع لنّه دعا يوم أحدٍ
أن يقاتل ويستشهد ويقطع أنفه وأذنه ويمثّل به في
اللّه تعالى ,فاستجاب اللّه دعاءه .
214
وإلى جانبه مصعب بن عميرٍ رضي الله عنه داعية
مة باقي الشهداء ,ول يعرف السلم في المدينة وث ّ
ن الظّاهر أنّهم حول حمزة في قبر أحد ٍ منهم ,لك ّ
بقعة الموقعة رضي الله عنهم وعدّتهم سبعون :
أربعة من المهاجرين والباقي من النصار ,منهم
سيل الملئكة ,وأنس بن حنظلة بن أبي عامرٍ غ ّ
ي صلى الله ك خادم النّب ّ النّضر ,عم أنس بن مال ٍ
ن والد عليه وسلم وسعد بن الّربيع ,ومالك بن سنا ٍ
الخدري ,وعبد اللّه بن حرام ٍ والد جابر ّ أبي سعيد ٍ
ابن عبد اللّه وغيرهم ,رضي الله عنهم جميعا ً .
صيغة الواردة على أهل القبور , ويسلّم عليهم بال ّ
سلم على أهل البقيع . نحو ما ذكرناه في ال ّ
===============
صى * جد القْ َس ِ م ْال َ
التّعريف :
- 1المسجد القصى هو المسجد المعروف في
مى مدينة القدس ,وقد بني على سفح الجبل ويس ّ
بيت المقدس ,أي البيت المطهّر الّذي يتطهّر فيه
من الذنوب .
شريفين , وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين ال ّ
مد صلّى اللّه عليه ومسرى رحمة اللّه للعالمين مح ّ
وسلّم ,واحد المساجد الثّلثة الّتي ل تشد الّرحال
إّل إليها ,والمسجد الّذي بارك اللّه حوله كما جاء
في القرآن الكريم .
مى القصى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام , ويس ّ
وكان أبعد مسجد عن أهل مكّة في الرض يعظّم
بالّزيارة .
أسماء المسجد القصى :
215
- 2للمسجد القصى أسماء عدّة ذكر الّزركشي منها
مها : سبعة عشر من أه ّ
الوّل :مسجد إيلياء :وقيل في معناه :بيت اللّه ,
مى بإيلياء ,ولكن وعن كعب الحبار أنّه كره أن يس ّ
بيت اللّه المقدّس ,وقد حكى ذلك الواسطي في
فضائله .
مْقدس :بفتح الميم وإسكان القاف - الثّاني :بيت ال َ
أي المكان الّذي يطّهر فيه من الذنوب ,والمقدس :
المطهّر
م الميم وفتح القاف مَقدّس - :بض ّ الثّالث :البيت ال ُ
والدّال المشدّدة -أي المطهّر ,وتطهيره إخلؤُه من
الصنام ,وغيرها من السماء ,وقد أوصلها
الجراعي إلى اثنين وعشرين اسماً ,في كتابه تحفة
ساجد . الّراكع وال ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -المسجد النّبوي :
سسه رسول - 3المسجد النّبوي هو المسجد الّذي أ ّ
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المدينة المنوّرة ,
صلة فيه شريفين ,وثواب ال ّ وهو ثاني الحرمين ال ّ
صلة في غيره بألف صلة إّل المسجد يربو على ال ّ
ن كل ً من المسجد القصى صلة بينهما أ ّ الحرام ,وال ّ
والمسجد النّبويّ من المساجد الثّلثة الّتي ل تشد
الّرحال إّل إليها .
ب -المسجد الحرام :
- 4المسجد الحرام هو بيت اللّه الحرام بمكّة
المكّرمة ,وهو أوّل مسجد وضع على الرض ,كما
س َ
ضعَ لِلن ّا ِت وُ ِ
ل بَي ْ ٍ ن أَوَّ َ جاء في قوله تعالى { :إ ِ َّ
ن}. مي َ ال ع ْ لّ ل ى د ه و ا ً رك ا مب ة لَلَّذي ببك َّ
َ ِ َ ِ ً ُ َ َ َ ُ َ ِ َِ
216
صلة وهو أوّل الحرمين وثاني القبلتين ,وفضل ال ّ
ن كل ً من صلة أ ّ ما سواه ,وال ّ فيه بمائة ألف صلة ع ّ
المسجد القصى والمسجد الحرام من المساجد
الثّلثة الّتي ل تشد الّرحال إّل إليها.
فضائل المسجد القصى ومكانته في السلم
وخصائصه :
للمسجد القصى فضائل أهمها :
أ -أنّه القبلة الولى للمسلمين :
ص بها المسجد القصى , - 5من الفضائل الّتي أخت ّ
أن جعله اللّه تعالى أولى القبلتين ,فإليه كان
جهون في صلتهم قبل أن تحوّل المسلمون يتو ّ
القبلة إلى الكعبة المشّرفة .
ن هذا البيت شّرفه اللّه وفي ذلك دللة على أ ّ
جه أنظار المسلمين إليه فترةً من وكّرمه ,فو ّ
الّزمن .
ب -السراء إليه والمعراج منه :
ي صلّى - 6إلى المسجد القصى كان إسراء النّب ّ
اللّه عليه وسلّم قبل الهجرة ,ونزل في ذلك قوله
َ َ
ن
م َسَرى بِعَبْدِهِ لَيْل ً ِّ ن ال ّذِي أ ْ حا َ سب ْ َتعالى ُ { :
َ َ
صى ال ّذِي بَاَركْنَا جد ِ القْ َ س ِم ْحَرام ِ إِلَى ال ْ َ جد ِ ال ْ َ
س ِ
م ْ ال ْ َ
ه}. حوْل َ ُ َ
وهذه الية هي المعظّمة لقدره بإسراء سيّدنا رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليه قبل عروجه إلى
سماء . ال ّ
ودخل النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم ومعه جبريل بيت
المقدس فصلّى فيه ركعتين .
ج -شد الّرحال إليه :
- 7جعل السلم هذا المسجد أحد ثلثة مساجد تشد
إليها الّرحال ,فقال صلّى اللّه عليه وسلّم « :ل
217
تشد الّرحال إّل إلى ثلثة مساجد ,المسجد الحرام
ومسجدي هذا ,والمسجد القصى » .
صلة فيه : د -فضل ال ّ
- 8ومن خصائص المسجد القصى وفضله ,
صلة فيه ,وقد اختلفت الحاديث في مضاعفة ال ّ
صلة فيه ن ال ّ مقدارها ,قال الجراعي :ورد أ ّ
ي الدّين ابن تيميّة :إنّه شيخ تق ّ بخمسمائة ,وقال ال ّ
صواب . ال ّ
هـ -مباركة الرض حوله :
- 9أخبر اللّه تعالى عن المسجد القصى أنّه بارك
َ َ
سَرى بِعَبْدِهِ ن ال ّذِي أ ْ حا َ سب ْ َحوله في قوله تعالى ُ { :
َ َ
صى ال ّذِي جدِ القْ َ س ِم ْ حَرام ِ إِلَى ال ْ َجد ِ ال ْ َ
س ِم ْ ن ال ْ َ لَيْل ً ِّ
م َ
ه } ,وفي الية تأويلن :أحدهما أنّه حوْل َ ُ
بَاَركْنَا َ
مبارك بمن دفن حوله من النبياء المصطفين الخيار
,والثّاني :بكثرة الثّمار ومجاري النهار .
و -كونه ثاني مسجد في الرض :
- 10أوّل مسجد وضع على الرض هو المسجد
م المسجد القصى . الحرام ث ّ
فعن « أبي ذر رضي اللّه عنه قال سألت رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أوّل مسجد وضع في
م أي قال : الرض قال :المسجد الحرام قلت ث ّ
المسجد القصى قلت وكم بينهما قال أربعون عاماً
صلة فص ّ
ل م الرض لك مسجدا ً فحيثما أدركتك ال ّ ث ّ
» ,وقال البخاري في بعض طرقه « :أينما أدركتك
ن الفضل فيه » . ل فيه فإ ّ صلة فص ّ ال ّ
وقد أشكل هذا الحديث على بعض العلماء كابن
ن سليمان بن داود هو الجوزيّ فقال :إنّه معلوم أ ّ
الّذي بنى القصى كما رواه النّسائي بإسناد صحيح
ن سليمان من حديث عبد اللّه بن عمرو يرفعه « :أ ّ
218
ما بنى بيت المقدس سأل اللّه ثلثا ً سأل بن داود ل ّ
ل حكما ً يصادف حكمه فأوتيه وسأل اللّه اللّه عّز وج ّ
ل ملكا ً ل ينبغي لحد من بعده فأوتيه وسأل عّز وج ّ
ل حين فرغ من بناء المسجد القصى أّل اللّه عّز وج ّ
صلة فيه أن يخرجه يأتيه أحد ل ينهزه يحّركه إّل ال ّ
من خطيئته كيوم ولدته أمه » .
وسليمان بعد إبراهيم كما قال أهل التّاريخ بأكثر من
ن سليمان عليه ألف عام ,وأجاب الّزركشي :بأ ّ
سلم إنّما كان له من المسجد القصى تجديده ل ال ّ
سسه هو يعقوب بن إسحاق بعد تأسيسه ,والّذي أ ّ
بناء إبراهيم الكعبة بهذا القدر .
أحكامه :
- 11تتعلّق بالمسجد القصى أحكام سبق ذكر
صلة فيه ,واستحباب شدّ بعضها كمضاعفة أجر ال ّ
شريف كما تقدّم . الّرحال إليه للحديث ال ّ
ومنها ما يأتي :
الوّل :استحباب ختم القرآن فيه وعن أبي مجلزٍ
قال كانوا يستحبون لمن أتى المساجد الثّلثة أن
يختم بها القرآن قبل أن يخرج ,المسجد الحرام ,
ي صلّى اللّه عليه وسلّم ,ومسجد بيت ومسجد النّب ّ
المقدس .
ن سفيان الثّوريّ كان يختم به القرآن . كما روي أ ّ
ج والعمرة منه ذكره الثّاني :استحباب الحرام بالح ّ
الّزركشي وقال :ففي سنن أبي داود وغيره من
م سلمة قالت :قال رسول اللّه صلّى اللّه حديث أ ّ
جة أو عمرة من المسجد ل بح ّعليه وسلّم « :من أه ّ
القصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من
خر » أو « وجبت له الجنّة » . ذنبه وما تأ ّ
219
سلف منه ,كابن عمر ومعاذ وأحرم جماعة من ال ّ
وكعب الحبار وغيرهم .
سيّئات
ن ال ّسلف أ ّ الثّالث :حكي عن بعض ال ّ
تضاعف في المسجد القصى روي ذلك عن كعب
الحبار ,وذكر أبو بكر الواسطي عن نافع قال :قال
ن
لي ابن عمر :أخرج بنا من هذا المسجد فإ ّ
سيّئات تضاعف فيه كما تضاعف الحسنات . ال ّ
وذكر الّزركشي عن كعب الحبار أنّه كان يأتي من
صلة فيه فإذا صار منه قدر ميل اشتغل حمص لل ّ
بالذ ّكر والتّلوة والعبادة حتّى يخرج عنه بقدر ميل
سيّئات تضاعف فيه " ,أي تزداد أيضا ً ويقول :ال ّ
ن المعاصي في زمان أو مكان قبحا ً وفحشا ً ل ّ
شريف أشد جرأةً وأقل خوفا ً من اللّه تعالى " .
الّرابع :أنّه يحذ ّر من اليمين الفاجرة فيه وكذلك في
ن عقوبتها عاجلة .الخامس :يكره المسجدين فإ ّ
استقبال بيت المقدس واستدباره بالبول والغائط ول
شيخ محيي الدّين في الّروضة من يحرم قاله ال ّ
شافعي وأكثر زوائده تبعا ً لغيره ,ولم يتعّرض له ال ّ
الصحاب .والتّفصيل في مصطلح ( قضاء الحاجة
ف.)5/
ن إقامة صلة العيد سادس :ذهب الفقهاء إلى أ ّ ال ّ
في المصلّى أولى منها في المسجد إّل في مسجد
صيدلني به مسجد مكّة ,قال الّرافعي :وألحق ال ّ
بيت المقدس .
صيام فيه فقد روي « :صوم سابع :استحباب ال ّ ال ّ
يوم في بيت المقدس براءة من النّار » .الثّامن :
قال الّزركشي ,قال الدّارمي :ل يجوز الجتهاد
ة ول يسرةً إلحاقا ً له بمحراب بيت المقدس يمن ً
بمسجد المدينة .
220
================
انقطاع *
التّعريف :
ن عدّةٍ منها : - 1يأتي النقطاع في اللّغة بمعا ٍ
التّوقّف والتّفّرق .
ويستعمله الفقهاء بهذه المعاني ،كما يطلقون لفظ
مه من بني آدم . صغير الّذي فقد أ ّ المنقطع على ال ّ
والنقطاع عند المحدّثين :عدم اتّصال سند
الحديث ،سواء سقط ذكر الّراوي من أوّل السناد
أو وسطه أو آخره ،وسواء أكان الّراوي واحدا ً أم
أكثر ،على التّوالي أو غيره ،فيشمل المرسل ،
ن الغالب والمعلّق ،والمعضل ،والمدلّس ،إل ّ أ ّ
ي
صحاب ّ ي عن ال ّ استعماله في رواية من دون التّابع ّ
ك عن ابن عمر . كمال ٍ
وهذا أحد معانيه ،وله بعض المعاني يتكلّم عنها
سنّة ( المرسل ) . الصوليّون في مبحث ال ّ
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
النقراض :
شيء الّذي لم يوجد - 2يعبّر الفقهاء بالنقطاع عن ال ّ
ما النقراض أصل ً كالوقف على منقطع الوّل ،أ ّ
م انعدمت . فيكون في الشياء الّتي وجدت ث ّ
ي:
الحكم الجمال ّ
- 3يختلف الحكم في النقطاع باختلف ما يضاف
إليه ،ففي انقطاع دم الحيض أو النّفاس يكون
الحكم كالتي :
اتّفق الفقهاء على حرمة وطء الحائض والنّفساء
قبل انقطاع دمهما ،واختلفوا هل يكون الغسل
ل الستمتاع بعد انقطاع الدّم ،أو يكفي شرطا ً لح ّ
أن تكون في حكم الطّاهرات ؟ .فذهب الجمهور
221
مم إن كانت إلى تحريم الوطء حتّى تغتسل أو تتي ّ
أهل ً له ،وقال أبو حنيفة :إن انقطع دمها لكثر
ل الوطء في الحيض وهو عشرة أيّام ٍ عنده ح ّ
ل حتّى تغتسل أو الحال ،وإن انقطع لقلّه لم يح ّ
متها ،بأن يمضي صلة دينا ً في ذ ّ مم ،أو تصير ال ّ تتي ّ
مموقت بعد انقطاع الدّم يتّسع للغسل أو التّي ّ
صلة ،وتفصيل ذلك في باب الحيض والنّفاس . وال ّ
انقطاع القتداء بنيّة المفارقة :
صلة من جانب المأموم إن - 4ينقطع القتداء في ال ّ
صلة مع المفارقة نوى مفارقة إمامه ،وفي كون ال ّ
ة خلف بين الفقهاء ،منهم من يرى ة أو باطل ً
صحيح ً
أنّها صحيحة مطلقا ً ،ومنهم من يرى أنّها باطلة
مطلقا ً ،ويفّرق البعض بين نيّة المفارقة مع العذر
وبدونه ،فهي مع العذر صحيحة ،وباطلة بدونه .
صل الفقهاء ذلك في صلة الجماعة والقتداء . ويف ّ
وكذلك تنقطع القدوة بخروج المام من صلته ومع
خروجه تنشأ بعض الحكام ،فقد تبطل صلته وصلة
صلة . ح ال ّ المأمومين ،وقد يستخلف وتص ّ
صل الفقهاء ذلك في ( صلة الجماعة ، ويف ّ
واستخلف ) .
مواطن البحث :
- 5يذكر الفقهاء النقطاع في المواضع التية :في
انقطاع التّتابع في صوم الكّفارات الّتي يجب فيها
التّتابع ،ككّفارة القتل والظّهار والفطار في رمضان
ح
.وفي الوقف في شرط الموقوف عليه ،وهل يص ّ
الوقف إن كان على منقطع الوّل أو الخر أو
الوسط ؟ .
وفي إحياء الموات ،وحقوق الرتفاق أو المنافع
المشتركة :أثناء الكلم عن بذل مياه البار إذا كانت
222
ما إذا حفر بئرا ً فانقطع به تنقطع أو تستخلف ،وع ّ
ماء بئر جاره .
وفي النّكاح :عند الكلم عن الغيبة المنقطعة ،
ونقل الولية بسببها .
وفي القضاء :عند الكلم على انقطاع النسان
للقضاء والفتيا ،ورزق القاضي للمنقطع لهما ،وعند
الكلم عن انقطاع الخصومة باليمين .
==============
بحر *
التّعريف :
- 1البحر :الماء الكثير ،ملحا ً كان أو عذبا ً ،وهو
مي البحر بحرا ً لسعته خلف البّر ،وإنّما س ّ
وانبساطه ،وقد غلب استعماله في الماء الملح
ل في العذب . حتّى ق ّ
صلةاللفاظ ذات ال ّ
أ -النّهر :
- 2النّهر :الماء الجاري ،يقال :نهر الماء إذا جرى
ل كثيرٍ جرى فقد نهر ،واستنهر ول في الرض ،وك ّ
يستعمل النّهر غالبا ً إل ّ في الماء العذب ،خلفاً
للبحر .
ب -العين :
- 3العين :ينبوع الماء الّذي ينبع من الرض ويجري
.وهي من اللفاظ المشتركة ،لنّها تطلق على
ن أخرى :كالجاسوس ،والذ ّهب ،والعين معا ٍ
الباصرة .
الحكام المتعلّقة بالبحر :
يتعلّق بالبحر أحكام منها :
أ -ماء البحر :
223
- 4اتّفق جمهور العلماء على طهوريّة ماء البحر
وجواز التّطهّر به ،لما روى أبو هريرة رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم عنه قال « :سأل رجل النّب ّ
فقال :يا رسول اللّه إنّا نركب البحر ونحمل معنا
ضأ
ضأنا به عطشنا .أفنتو ّ القليل من الماء ،فإن تو ّ
بماء البحر ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
ح ُّ َ
ه». ميْتَت ُ ُ
ل َ ماؤُه ،ال ِ :هو الط ّهُوُر َ
وروي عن عمر رضي الله عنه أنّه قال " من لم
ق على يطهّره ماء البحر فل طهّره اللّه "ولنّه ماء با ٍ
أصل خلقته ،فجاز الوضوء به كالعذب .وحكي عن
عبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن عمرٍو أنّهما قال في
الماوردي
ّ مم أعجب إلينا منه " ،وحكاه البحر ":التّي ّ
عن سعيد بن المسيّب :أي كانوا ل يرون جواز
الوضوء به ( .ر :طهارة ،ماء ) .
ب -صيد البحر :
- 5ذهب جمهور الفقهاء إلى إباحة صيد جميع
حيوانات البحر ،سواء كانت سمكا ً أو غيره .لقول
مه } أي صيد ُ البحرِ وَطَعا ُ ل لكم َ اللّه تعالى { :أ ُ ِ
ح َّ
مصيده ومطعومه .
ما سئل عن ماء ي صلى الله عليه وسلم ل ّ وقول النّب ّ
ل ميتته » .واستثنى البحر «:هو الطّهور ماؤه الح ّ
ضفدع ،للنّهي عن شافعيّة والحنابلة :التّمساح وال ّ ال ّ
ن
ضفدع ،فقد ثبت أ ّ قتل ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله » « النّب ّ
ضفادع ، وروي عن ابن عمرٍو أنّه قال ":ل تقتلوا ال ّ
ن نقيقها تسبيح " .وللستخباث في التّمساح ، فإ ّ
ولنّه يتقوّى بنابه ويأكل النّاس .وزاد الحنابلة :
شافعيّة بتحريمها الماوردي من ال ّ ّ الحيّة ،وصّرح
شافعيّة سموم البحريّة ،وقصر ال ّ وغيرها من ذوات ال ّ
224
التّحريم على الحيّة الّتي تعيش في البحر والبّر ،
ما الحيّة الّتي ل تعيش إل ّ في الماء فحلل . وأ ّ
سمك من صيد البحر وذهب الحنفيّة إلى إباحة ال ّ
فقط دون غيره من الحيوانات البحريّة .وللتّفصيل
انظر مصطلح ( أطعمة ) .
ج -ميتة البحر :
- 6ذهب جمهور الفقهاء إلى إباحة ميتة البحر ،
سواء كانت سمكا ً أو غيره من حيوانات البحر ،
مه } ل لكم صيد ُ البحرِ وطعا ُ
ح َّلقول اللّه تعالى { :أ ُ ِ
ي صلى الله عليه وسلم « :هو الطّهور وقول النّب ّ
ل ميتته » ،وعن أبي بكرٍ رضي الله عنه ماؤه الح ّ
ل دابّةٍ تموت في البحر فقد ذكّاها اللّه أنّه قال ":ك ّ
لكم ".
سمك الّذي مات بآفةٍ ، ولم يبح الحنفيّة إل ّ ميتة ال ّ
ف ،فليس ما الّذي مات حتف أنفه ،وكان غير طا ٍ وأ ّ
بمباٍح .وحد ّ الطّافي عندهم :ما كان بطنه من فوق
ف فيؤكل . ،فلو كان ظهره من فوق ،فليس بطا ٍ
وللتّفصيل انظر مصطلح ( أطعمة ) .
سفينة : صلة في ال ّ د -ال ّ
سفينة من صلة في ال ّ - 7اتّفق الفقهاء على جواز ال ّ
حيث الجملة ،شريطة أن يكون المصلّي مستقبلً
صلة ،وأن يدور إلى جهة القبلة للقبلة عند افتتاح ال ّ
سفينة لغيرها إن أمكنه ذلك ،لوجوب إن دارت ال ّ
الستقبال .ول فرق في ذلك بين الفريضة والنّافلة
سر استقباله .وخالف الحنابلة في النّافلة ، لتي ّ
وقصروا وجوب الدّوران إلى القبلة على الفريضة
قة
فقط ،ول يلزمه أن يدور في النّفل للحرج والمش ّ
،وأجازوا كذلك للمّلح :أل ّ يدور في الفرض أيضاً
225
سفينة .وللتّفصيل انظر مصطلح لحاجته لتسيير ال ّ
( قبلة ) .
سفينة :
هـ – حكم من مات في ال ّ
ن من مات في سفينة في - 8اتّفق الفقهاء على أ ّ
البحر ،وأمكن دفنه لقرب البّر ،ول مانع ،لزمهم
التّأخير ليدفنوه فيه ،ما لم يخافوا عليه الفساد ،
سل وكّفن وصلّي عليه وألقي في البحر . وإل ّ غ ّ
صلة عليه بين شافعيّة :أنّه يوضع بعد ال ّ وزاد ال ّ
ساحل ، لوحين لئل ّ ينتفخ ،ويلقى لينبذه البحر إلى ال ّ
ساحل لعلّه يقع إلى قوم ٍ يدفنونه .فإن كان أهل ال ّ
كّفارا ً ثّقل بشيءٍ ليرسب .
فإن لم يوضع بين لوحين ثّقل بشيءٍ لينزل إلى
القرار ،وإلى تثقيله ذهب الحنابلة أيضا ً .
و -الموت غرقا ً في البحر :
- 9ذهب العلماء إلى أنّه من مات في البحر غرقا ً ،
ي صلى الله عليه وسلم « : فإنّه شهيد ،لقول النّب ّ
شهداء خمسة :المطعون ،والمبطون ،والغريق ، ال ّ
شهيد في سبيل اللّه » . وصاحب الهدم ،وال ّ
سل ويكّفن ويصلّى عليه وإذا وجد الغريق فإنّه يغ ّ
ت آخر ،وإذا لم يعثر عليه فيصلّى عليه صلة كأيّ مي ّ ٍ
شافعيّة والحنابلة ،وكرهها المالكيّة ، الغائب عند ال ّ
ومنعها الحنفيّة لشتراطهم لصلة الجنازة حضور
الميّت أو حضور أكثر بدنه أو نصفه مع رأسه ( .ر :
غسل )
================
بخار *
التّعريف :
ة واصطلحا ً :ما يتصاعد من الماء أو - 1البخار لغ ً
ة رطبةٍ تتعّرض للحرارة .ويطلق النّدى أو أيّ ماد ّ ٍ
226
البخار أيضا ً على :دخان العود ونحوه .وعلى :ك ّ
ل
ن أو غيره . رائحةٍ ساطعةٍ من نت ٍ
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
البخر :
- 2البخر هو :الّرائحة المتغيّرة من الفم .قال أبو
حنيفة :البخر :النّتن يكون في الفم وغيره ،وهو
أبخر ،وهي بخراء .
واستعمال الفقهاء للبخر مخصوص بالّرائحة الكريهة
في الفم فقط .
الحكام المتعلّقة بالبخار :
صة ،فقد يكون طاهرا ً ،وقد يكون للبخار أحكام خا ّ
نجسا ً ،وينبني عليه جواز أو عدم جواز التّطهّر بما
تقاطر من البخار .
أ -رفع الحدث بما جمع من النّدى :
- 3ذهب الفقهاء إلى جواز التّطهّر بالنّدى ،وهو
شجر إذا جمع ،لنّه ماء مع على أوراق ال ّ المتج ّ
ن النّدى : ما ما ورد عن بعض الفقهاء من أ ّ مطلق .أ ّ
م فهل هو طاهر أو نفس دابّةٍ في البحر ،ومن ث ّ
نجس ؟ فل يعوّل عليه .
ب -رفع الحدث بما جمع من البخار :
- 4ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التّطهّر من
الحدث وتطهير النّجس بما جمع من بخار الماء
ي بوقود ٍ طاهرٍ ،لنّه ماء مطلق ،وهو الطّاهر المغل ّ
شافعيّة ،خلفا ً لما ذهب إليه الّرافع ّ
ي المعتمد عند ال ّ
مى ماءً ، منهم إلى أنّه ل يرفع الحدث ،لنّه ل يس ّ
بل هو بخار .
ما البخار المتأثّر بدخان النّجاسة فهو مختلف في أ ّ
طهارته ،بنا ًء على اختلف الفقهاء في دخان
النّجاسة ،هل هو طاهر أم نجس ؟ .
227
فذهب الحنفيّة على المفتى به ،والمالكيّة في
ن دخان النّجاسة المعتمد ،وبعض الحنابلة إلى :أ ّ
ن ذلك على سبيل وبخارها طاهران ،قال الحنفيّة :إ ّ
ن البخار الستحسان دفعا ً للحرج .وبناءً على هذا فإ ّ
المتصاعد من الماء النّجس طهور يزيل الحدث
والنّجس .
شافعيّة ،وأبو يوسف من الحنفيّة ،وهو وذهب ال ّ
ن دخان النّجاسة نجس المذهب عند الحنابلة إلى :أ ّ
كأصلها ،وعلى هذا فالبخار المتأثّر بدخان النّجاسة
شافعيّة إلى ح الطّهارة به ،لكن ذهب ال ّ نجس ل تص ّ
أنّه يعفى عن قليله .
مامات وغيرها - ما البخار المتصاعد من الح ّ وأ ّ
كالغازات الكريهة المتصاعدة من النّجاسة -إذا
صحيح من علقت بالثّوب ،فإنّه ل ينجس على ال ّ
مذهب الحنفيّة ،تخريجا ً على الّريح الخارجة من
النسان ،فإنّها ل تنجس ،سواء أكانت سراويله
ن بقيّة المذاهب ل تخالف ة أم ل ،والظّاهر أ ّ مبتل ّ ً
مذهب الحنفيّة في هذا .
=============
بدنة *
التّعريف :
ة ،ويطلق هذا - 1البدنة في اللّغة :من البل خا ّ
ص ً
ميت اللّفظ على الذ ّكر والنثى ،والجمع البدن .وس ّ
ة لضخامتها . بدن ً
قال في المصباح المنير :والبدنة قالوا :هي ناقة أو
بقرة ،وزاد الزهريّ :أو بعير ذكر .قال :ول تطلق
البدنة على ال ّ
شاة .
ص به البل ،إل ّ أ ّ
ن وفي الصطلح :البدنة اسم تخت ّ
شريعة في حكم البدنة ما صارت في ال ّ البقرة ل ّ
228
قامت مقامها ،وذلك لما قال جابر بن عبد اللّه « :
ل اللّه صلى الله عليه وسلم عا َ
م حْرنا مع رسو ِ نَ َ
ة عن سبعةٍ ،والبقرةَ عن سبعةٍ » الحديبيةِ البدن َ
فصار البقر في حكم البدن مع تغايرهما لوجود
العطف بينهما ،والعطف يقتضي المغايرة .
ومع هذا فقد أطلق بعض الفقهاء " البدنة " على
البل والبقر .
ي: الحكم الجمال ّ
صة منها :تتعلّق بالبدن أحكام خا ّ
أ -بول البدن وَروْثها :
شافعيّة إلى نجاسة بول وروث - 2ذهب الحنفيّة وال ّ
ما يؤكل لحمه أم ل ،ومن الحيوان ،سواء أكان م ّ
البخاري « أنّه صلى الله
ّ الحيوان :البدن .لما روى
ما جيء له بحجرين َوَروْثَةٍ ليستنجي بها عليه وسلم ل ّ
،أخذ الحجرين ورد َّ الّروثة ،وقال :هذا ركس »
ما نجاسة البول فلعموم قوله والّركس :النّجس .وأ ّ
صلى الله عليه وسلم « :تَنََّزهوا من البول ،فإ ّ
ن
ب القبرِ منه » حيث يدخل فيه جميع أنواع ة عذا ِ عا َّ
م َ
البوال .
وذهب المالكيّة والحنابلة إلى طهارة بول وروث ما
يؤكل لحمه ،لنّه « صلى الله عليه وسلم أمر
صدقة ،فَي َ ْ
شَربُوا من ل ال ّ حُقوا بإِب ِ العَُرنيّين أن يَل ْ َ
أبوالها وألبانها » والنّجس ل يباح شربه ،ولنّه «
صلى الله عليه وسلم كان يصلّي في مرابض
صلة فيها » . الغنم ،وأمر بال ّ
ب -نقض الوضوء :
ن أكل لحم الجزور - - 3ذهب جمهور العلماء إلى أ ّ
وهو لحم البل -ل ينقض الوضوء ،لما روى ابن
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال « : س عن النّب ّ عبّا ٍ
229
ما دخل » ،ولما روى جابر ما خرج ل م ّ الوضوءُ م ّ
قال « :كان آخُر المرين عن رسول اللّه صلى الله
ت النّار » ولنّه س ِ
م ّ ما َك الوضوءِ م ّ عليه وسلم تر ُ
مأكول أشبه سائر المأكولت .
صدّيق وعمر وهذا القول مرويّ عن أبي بكرٍ ال ّ
ب وأبي ي بن كع ٍ ي وابن مسعود ٍ وأب ّ وعثمان وعل ٍ ّ
س وعامر بن ربيعة طلحة وأبي الدّرداء وابن عبّا ٍ
وأبي أمامة ،وبه قال جمهور التّابعين ،وهو مذهب
شافعيّة . صحيح من مذهب ال ّ الحنفيّة والمالكيّة ،وال ّ
ي في القديم إلى وجوب شافع ّ وذهب الحنابلة ،وال ّ
ل ،نيئا ً أول حا ٍ الوضوء من أكل لحم الجزور على ك ّ
مطبوخا ً ،عالما ً كان أو جاهل ً .وبه قال إسحاق بن
الماوردي عن
ّ راهويه ويحيى بن يحيى .وحكاه
ت وابن عمر صحابة ،منهم :زيد بن ثاب ٍ جماعةٍ من ال ّ
شافعيّة أبو وأبو موسى وأبو طلحة ،واختاره من ال ّ
ي إلى بكر بن خزيمة وابن المنذر ،وأشار البيهق ّ
ترجيحه واختياره ،وقوّاه النّوويّ في المجموع .
ب قال « :سئل واستدلّوا بحديث البراء بن عاز ٍ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن لحوم البل ،
ضئوا منها ،وسئل عن لحوم الغنم ،فقال فقال :تو ّ
ي صلى الله عليه وسلم ضأ منها » وبقول النّب ّ :ل يُتو ّ
ضئوا من لحوم ضئوا من لحوم البل ،ول تتو ّ { :تو ّ
الغنم } .
ما ألبان البل ،فعند الحنابلة روايتان في نقض أ ّ
الوضوء بشربها :
حضير
ٍ إحداهما :ينقض الوضوء ،لما روى أسيد بن
ي صلى الله عليه وسلم قال : ن النّب ّ
أ ّ
ضئوا من لحوم البل وألبانها » . « تو ّ
230
صحيح إنّما ن الحديث ال ّ والثّانية :ل وضوء فيه ،ل ّ
شاف جح هذا القول صاحب ك ّ ورد في اللّحم ،ور ّ
القناع .
ج -سؤر البدنة :
- 4اتّفق الفقهاء على طهارة سؤر البدنة ،وسائر
البل والبقر والغنم ،ول كراهة في أسآرها ما لم
تكن جّلل ً
ة.
ن سؤر ما قال ابن المنذر :أجمع أهل العلم على أ ّ
أكل لحمه يجوز شربه والوضوء به .
صلة في أعطان البل ومرابض البقر : د -ال ّ
صلة في - 5ذهب جمهور العلماء إلى كراهة ال ّ
معاطن البل .
وقد ألحق الحنفيّة بالبل البقر في الكراهة .
ن البقر كالغنم في شافعيّة :إ ّوقال المالكيّة وال ّ
صلة في مرابضها . جواز ال ّ
صلة في أعطان حة ال ّوذهب الحنابلة إلى عدم ص ّ
البل ،وهي :ما تقيم فيه وتأوي إليه .
صلة فيه . ما مواضع نزولها في سيرها فل بأس بال ّ أ ّ
هـ – الدّماء الواجبة :
– 6تجزئ البدنة عن سبعةٍ في حالتي القران
والتّمتّع ،وفي الضحيّة ،وفي فعل بعض
المحظورات أو ترك بعض الواجبات حال الحرام
ج أو عمرةٍ . بح ٍ ّ
وتجب عند الحنفيّة بدنة كاملة على الحائض
والنّفساء إذا طافتا .
كما تجب بدنة كاملة إذا قتل المحرم صيدا ً كبيرا ً ،
صل في كالّزرافة والنّعامة ،على التّخيير المف ّ
موضعه .وتجب أيضا ً على من جامع حال الحرام
ج والعمرة قبل التّحلّل الصغر ،على خل ٍ
ف بالح ّ
231
ل يرجع إليه في المصطلحات التّالية : وتفصي ٍ
ج ،وهدي ،وصيد ). ( إحرام ،وح ّ
و -الهدي :
ن الهدي سنّة ،ول يجب إلّ - 7اتّفق الفقهاء على أ ّ
بالنّذر .ويكون من البل والبقر والغنم ،ول يجزئ
مل خمس سنين ودخل ي من البل ،وهو ما ك ّ إل ّ الثّن ّ
سادسة . في ال ّ
صحيحين « :أنّه صلى الله عليه وسلم أهدى ففي ال ّ
جة الوداع مائة بدنةٍ » . في ح ّ
ب أن يكون ما يهديه سمينا ً حسنا ً ،لقوله ويستح ّ
شعائَر اللّه فإنّها من تَْقوى م َن يُعَظ ِّ ْ
م ْتعالى { :وَ َ
س بالستسمان سرها ابن عبّا ٍ ب}ف ّ القلو ِ
ب تقليد البدنة في الهدي . والستحسان .ويستح ّ
ج ،وهدي ، وهناك تفصيلت تنظر في مصطلح ( ح ّ
وإحرام ،وقران ،وتمتّع ) .
ز -ذكاة البدنة :
ص البل -ومنها البدنة -بالنّحر ،فقد ذهب - 8تخت ّ
جمهور الفقهاء إلى سنّيّة نحر البل .وذهب المالكيّة
إلى وجوب نحرها ،وألحقوا بها الّزرافة .
شافعيّة والحنابلة ، ما ذبحها ،فقد قال بجوازه ال ّ وأ ّ
وكرهه الحنفيّة كراهة تنزيهٍ ،على ما نقله ابن
سعود عن الدّيريّ . عابدين عن أبي ال ّ
وقال المالكيّة :جاز الذ ّبح في البل ،والنّحر في
م النّحر -كما قال ابن عابدين - ضرورة .ث ّ غيرها لل ّ
ماصدر ،أ ّهو قطع العروق في أسفل العنق عند ال ّ
الذ ّبح فقطعها في أعله تحت اللّحيين .وال ّ
سنّة
ة يدها اليسرى ،لما ورد عن عبد ة معقول ً نحرها قائم ً
ط:
الّرحمن بن ساب ٍ
232
ي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ن النّب ّ «أ ّ
ة على ما بقي ينحرون البدنة معقولة اليسرى ،قائم ً
ت
جب َ ْ
من قوائمها » وفي قوله تعالى { :فإذا وَ َ
ة .وكيفيّته :أن جنُوبها } دليل على أنّها تنحر قائم ً ُ
يطعنها بالحربة في الوهدة الّتي بين أصل العنق
صدر .وال ّ
ج -الدّيات :الدّية بدل النّفس :
- 9وقد اتّفق الفقهاء على جواز الدّية في :البل
ضة ،واختلفوا في الخيل والبقر والغنم والذ ّهب والف ّ
.وللتّفصيل ينظر مصطلح ( دية ) .
=============
براجم *
التّعريف :
ة :جمع برجمةٍ ،وهي :المفاصل - 1البراجم لغ ً
والعقد الّتي تكون في ظهور الصابع ،ويجتمع فيها
الوسخ .ومعنى الكلمة في الصطلح ل يخرج عن
غوي .ّ المعنى الل ّ
ي: الحكم الجمال ّ
- 2يندب غسل البراجم في الطّهارة -في الوضوء
والغسل -وفي غيرهما ،لحديث رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم « عشر من الفطرة ...وعد ّ منها :
غسل البراجم » .
ويلحق بالبراجم المواطن الّتي يجتمع فيها الوسخ
وأي موضٍع من ّ عادة ً :كالذن والنف والظافر
البدن .
هذا إذا كان الوسخ ل يمنع وصول الماء إلى
ما إن منع وصول الماء إليها ،فإنّه يجب البشرة ،أ ّ
إزالته في الجملة ،ليصل الماء إلى العضو في
الطّهارة .هذا ويتكلّم الفقهاء عن البراجم وغيرها
233
من خصال الفطرة في الوضوء ،والغسل ،وخصال
الفطرة .
==============
براز *
التّعريف :
ة :اسم للفضاء الواسع . -1البراز ( بالفتح ) لغ ً
وكنّوا به عن قضاء الحاجة .كما كنّوا عنه بالخلء ،
لنّهم كانوا يتبّرزون إل ّ في المكنة الخالية من
النّاس .يقال :برز إذا خرج إلى البراز ،وهو الغائط
،وتبّرز الّرجل :خرج إلى البراز للحاجة .وهو بكسر
الباء مصدر من المبارزة في الحرب ،ويكنّى به
ي ل يخرج أيضا ً عن الغائط وهو بمعناه الصطلح ّ
ي ،إذ هو ثفل الغذاء ،وهو الغائط عن المعنى الكنائ ّ
الخارج على الوجه المعتاد .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -الغائط :
- 2الغائط :أصله ما انخفض من الرض ،والجمع
ميت غوطة دمشق ، الغيطان والغواط .وبه س ّ
صنف من المواضع لقضاء وكانت العرب تقصد هذا ال ّ
مي الحدث مس ّ حاجتها تستّرا ً عن أعين النّاس .ث ّ
الخارج من النسان غائطا ً للمقارنة .
وهو بهذا المعنى يتّفق مع البراز -بالفتح -كنائيّا ً في
ن كّل ً منهما كناية عن ثفل الغذاء الدّللة ،من حيث إ ّ
وفضلته الخارجة .
ب -البول :
- 3البول :واحد البوال .يقال :بال النسان
والدّابّة ،يبول بول ً ومبال ً ،فهو بائل .
م استعمل البول في العين .أي في الماء الخارج ث ّ
ل.من القبل ،وجمع على أبوا ٍ
234
وهو بهذا المعنى يأخذ حكم البراز ( بالفتح ) كنائيّا ً ،
ن كّل ً منهما نجس ،وإن اختلفا مخرجا ً . من حيث إ ّ
ج -النّجاسة :
ل مستقذرٍ . ة:ك ّ - 4النّجاسة لغ ً
واصطلحا ً :صفة حكميّة توجب لموصوفها منع
صلة ونحوها . استباحة ال ّ
م من البراز ( بالفتح ) مكنّيا ً إذ وهي بهذا المعنى أع ّ
تشمله وغيره من النجاس ،كالدّم والبول والمذي
والودي والخمر وغير ذلك من النجاس الخرى .
ي ومواطن البحث : الحكم الجمال ّ
- 5أجمع الفقهاء على نجاسة البراز .وأنّه تتعلّق به
جس للبدن والثّوب والمكان . أحكام منها :أنّه من ّ
ن تطهير ذلك واجب ،سواء أكان ذلك بالستنجاء وأ ّ
صل في موطنه . أو الغسل ،على ما هو مف ّ
واختلفوا في المقدار المعفوّ عنه منه ،وفي جواز
بيعه .
وتفصيل ذلك في أبواب الطّهارات وفي مصطلح
( قضاء الحاجة ) .
================
برد *
التّعريف :
ة :ضد ّ الحّر ،والبرودة نقيض الحرارة . - 1البرد لغ ً
ول يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن المعنى
اللّغويّ في الجملة .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
إبراد :
- 2من معاني البراد في اللّغة :الدّخول في البرد
والدّخول في آخر النّهار .
وعند الفقهاء :تأخير الظّهر إلى وقت البرد .
235
ي ومواطن البحث : الحكم الجمال ّ
مم والجمعة - 3تكلّم الفقهاء عن البرد في التّي ّ
صلةصلوات والحدود والتّعازير وال ّ والجماعة وجمع ال ّ
.
شافعيّة والحنابلة مم :أجاز المالكيّة وال ّ أ -ففي التّي ّ
مم للحدث الكبر والصغر -وهو رأي للحنفيّة -التّي ّ
شديد مع وجود الماء ،إذا لم يجد ما في البرد ال ّ
ضرر .وأجاز الحنفيّة -في خنه وخشي ال ّ يس ّ
مم للحدث الكبر دون الصغر المشهور -عندهم التّي ّ
ضرر في الصغر غالبا ً ،لكن لو ،لعدم تحّقق ال ّ
ضرر جاز فيه أيضا ً اتّفاقا ً ،كما قّرره ابن تحّقق ال ّ
ص ،وهون الحرج مدفوع بالن ّ ّ عابدين ،قال :ل ّ
ظاهر إطلق المتون .
شديد المسبّب برودة مم للبرد ال ّ وأجاز المالكيّة التّي ّ
صحيح الحاضر أو المسافر خروج الماء ،إذا خاف ال ّ
صلة بطلبه الماء وتسخينه . وقت ال ّ
ب -وفي صلة الجمعة والجماعة :أجاز الفقهاء في
شديد التّخلّف عن صلة الجمعة ،وعن صلة البرد ال ّ
الجماعة نهارا ً أو ليل ً .
صلوات :أجاز المالكيّة ،وهو رأي ج -وفي جمع ال ّ
للحنابلة الجمع بين العشاءين فقط جمع تقديم ٍ في
شديد ،حاّل ً أو متوقّعا ً . البرد ال ّ
شافعيّة الجمع بين الظّهر والعصر ،وبين وأجاز ال ّ
ط مدوّنةٍ في مواطنها .ومنع المغرب والعشاء بشرو ٍ
صلوات تقديما ً أو تأخيرا ً في الحنفيّة الجمع بين ال ّ
صرهم الجمع على موطنين هما :مزدلفة البرد ،لَق ْ
وعرفة .
د -وفي الحدود والتّعازير :أوجب الحنفيّة والمالكيّة
شافعيّة في الجملة منع إقامة الحدود والتّعازير وال ّ
236
شديد ،حتّى يعتدل فيما دون النّفس في البرد ال ّ
ن إقامتها مهلكة ،وليس ردعا ً . الّزمان ،ل ّ
صلة :أجاز الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة هـ -وفي ال ّ
صلة على الرض سجود على كور العمامة أثناء ال ّ ال ّ
ضرورة . المكشوفة الباردة لل ّ
==============
بسملة *
التّعريف :
- 1البسملة في اللّغة والصطلح :قول :بسم اللّه
ة :إذا قال ، مل َ ً
س َل بَ ْ م َس َ الّرحمن الّرحيم .يقال :ب َ ْ
أو كتب :بسم اللّه .ويقال :أكثَر من البسملة ،أي
أكثر من قول :بسم اللّه .
ن اللّه -تعالى ذكره ،وتقدّست قال الطّبريّ :إ ّ
مدا ً صلى الله عليه وسلم أسماؤه -أدّب نبيّه مح ّ
بتعليمه ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ،
ة يستنّون بها ،وسبيلً وجعل ذلك لجميع خلقه سن ّ ً
يتّبعونه عليها ،فقول القائل :بسم اللّه الّرحمن
ن مراده الّرحيم إذا افتتح تاليا ً سورةً ،ينبئ عن أ ّ
أقرأ باسم اللّه ،وكذلك سائر الفعال .البسملة
جزء من القرآن الكريم :
ن البسملة جزء من آيةٍ في - 2اتّفق الفقهاء على أ ّ
ن وإنّه بسم ِ اللّه قوله تعالى { :إنّه من سليما َ
ن الّرحيم ِ } الّرحم ِ
ة.ل سور ٍ واختلفوا في أنّها أيّة من الفاتحة ،ومن ك ّ
ح عند الحنابلة ،وما والمشهور عند الحنفيّة ،والص ّ
ة من ن البسملة ليست آي ً قال به أكثر الفقهاء هو :أ ّ
ل سورةٍ ،وأنّها آية واحدة من القرآن الفاتحة ومن ك ّ
سور ،وذكرت في أوّل كلّه ،أنزلت للفصل بين ال ّ
الفاتحة .
237
ي صلى الله ن النّب ّومن أدلّتهم ما رواه أبو هريرة أ ّ
ت
م ُ عليه وسلم قال « :يقول اللّه تعالى :قَ َ
س ْ
صفين ،فإذا قال العبد : ن ع َبْدي ن ِ ْصلة َ بيني وبي َ ال ّ
ن } ،قال اللّه تعالى : ب العالمي َ { الحمد ُ للّه ر ِّ
حمدني عبدي ،فإذا قال { :الّرحمن الّرحيم } ،
جدني عبدي ،وإذا قال { :مالك قال اللّه تعالى :م ّ
ي عبدي ، يوم الدّين } ،قال اللّه تعالى :أثنى عل ّ
وإذا قال { :إيّاك نعبد وإيّاك نستعين } ،قال اللّه
تعالى :هذا بيني وبين عبدي نصفين ،ولعبدي ما
بسأل » فالبداءة بقوله { :الحمد للّه ر ّ
ة من ن التّسمية ليست آي ً العالمين } ،دليل على أ ّ
ة من الفاتحة لبدأ بها ، أوّل الفاتحة .إذ لو كانت آي ً
ة منها لم تتحّقق وأيضا ً :لو كانت البسملة آي ً
تالمناصفة ،فإنّه يكون في النّصف الوّل أربع آيا ٍ
سلف ن ال ّ ص على المناصفة ،ول ّ إل ّ نصفا ً ،وقد ن ّ
ت .وهي ثلث ن سورة الكوثر ثلث آيا ٍ اتّفقوا على أ ّ
ب من ل مذه ٍ ت بدون البسملة .وورد في ك ّ آيا ٍ
المذاهب الثّلثة غير ما سبق .ففي المذهب الحنف ّ
ي
مد ٍ :التّسمية آية من ن المعلّى قال :قلت لمح ّ أ ّ
القرآن أم ل ؟ قال :ما بين الدّفّتين كلّه قرآن ،
سور ، مد ٍ بيان أنّها آية للفصل بين ال ّ فهذا عن مح ّ
مد :يكره ط على حدةٍ .وقال مح ّ ولهذا كتبت بخ ٍّ
للحائض والجنب قراءة التّسمية على وجه قراءة
ن من ضرورة كونها قرآنا ً حرمة قراءتها القرآن ،ل ّ
على الحائض والجنب ،وليس من ضرورة كونها
س أنّه ً
قرآنا الجهر بها كالفاتحة ...وروى ابن عبّا ٍ
قال لعثمان :لم لم تكتب التّسمية بين ،التّوبة
ن التّوبة من آخر ما نزل ، والنفال ،قال :ل ّ
فرسول اللّه صلى الله عليه وسلم توفّي ،ولم يبيّن
238
لنا شأنها ،فرأيت أوّلها يشبه أواخر النفال ،
فألحقتها بها ،فهذا بيان منهما على أنّها كتبت
ن
سور .والمشهور عند المالكيّة :أ ّ للفصل بين ال ّ
ة من القرآن إل ّ في سورة النّمل ، البسملة ليست آي ً
ض- فإنّها جزء من آيةٍ ،ويكره قراءتها بصلة فر ٍ
للمام وغيره -قبل فاتحةٍ أو سورةٍ بعدها ،وقيل
عند المالكيّة بإباحتها ،وندبها ،ووجوبها في الفاتحة
ن البسملة من الفاتحة ، .وروي عن المام أحمد أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّلما رواه أبو هريرة أ ّ
ب العالمين } ، قال { :إذا قرأتم { :الحمد للّه ر ّ
م القرآن فاقرءوا :بسم اللّه الّرحمن الّرحيم فإنّها أ ّ
سبع المثاني وبسم اللّه الّرحمن الّرحيم آية وال ّ
صحابة أثبتوها في المصاحف ن ال ّ منها } ول ّ
بخطّهم ،ولم يثبتوا بين الدّفّتين سوى القرآن ،وما
روي عن نعيم ٍ المجمر قال :صلّيت وراء أبي هريرة
م
م قرأ بأ ّ ،فقرأ :بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ،ث ّ
ن رسول اللّه صلى القرآن .وما رواه ابن المنذر { أ ّ
صلة :بسم اللّه الّرحمن الله عليه وسلم قرأ في ال ّ
ة { ،والحمد م القرآن ،وعدّها آي ً م قرأ بأ ّ الّرحيم ،ث ّ
ب العالمين } آيتين } .وقال ابن المبارك : للّه ر ّ
من ترك بسم اللّه الّرحمن الّرحيم فقد ترك مائ ً
ة
نة وروي عن المام أحمد :أ ّ وثلث عشرة آي ٍ
ل سورتين البسملة آية مفردة ،كانت تنزل بين ك ّ
سور .وعنه أيضا ً :أنّها بعض آيةٍ من فصل ً بين ال ّ
سورة النّمل ،وما أنزلت إل ّ فيها .وعنه أيضا ً :
البسملة ليست بآيةٍ إل ّ من الفاتحة وحدها .
ن البسملة آية كاملة من شافعيّة :أ ّ - 3ومذهب ال ّ
م سلمة رضي ة ،لما روت أ ّ ل سور ٍ الفاتحة ومن ك ّ
ي صلى الله عليه وسلم قرأ ن النّب ّ الله عنها { :أ ّ
239
صلة :بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ،فعدّها آي ً
ة في ال ّ
منها } ،ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه :
ن { رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال :الحمد أ ّ
ن بسم اللّه الّرحمن الّرحيم } ت ،إحداه ّ للّه سبع آيا ٍ
سورة ي رضي الله عنه كان إذا افتتح ال ّ .وعن عل ٍ ّ
صلة يقرأ :بسم اللّه الّرحمن الّرحيم .وروي في ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال عن أبي هريرة عن النّب ّ
ب العالمين } ، { :إذا قرأتم { :الحمد للّه ر ّ
م القرآن فاقرءوا :بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ،إنّها أ ّ
سبع المثاني ،بسم اللّه الّرحمن الّرحيم إحدى وال ّ
صحابة أثبتوها فيما جمعوا من ن ال ّ
آياتها } ،ول ّ
سور ،وأنّها مكتوبة بخ ّ
ط القرآن في أوائل ال ّ
ب ل ما ليس من القرآن فإنّه غير مكتو ٍ القرآن ،وك ّ
ن ما بين ط القرآن ،وأجمع المسلمون على أ ّ بخ ّ
الدّفّتين كلم اللّه تعالى ،والبسملة موجودة بينهما ،
فوجب جعلها منه .واتّفق أصحاب المذاهب الربعة
د
سور ل يع ّ ن من أنكر أنّها آية في أوائل ال ّ على أ ّ
سابق في المذاهب . كافرا ً .للخلف ال ّ
حكم قراءة البسملة لغير المتطهّر :
ن البسملة من القرآن - 4ل خلف بين العلماء في أ ّ
،وذهب الجمهور إلى حرمة قراءتها على الجنب
رمذي
ّ والحائض والنّفساء بقصد التّلوة ،لحديث الت ّ
وغيره { :ل يقرأ الجنب ول الحائض شيئا ً من
ي،القرآن } .ورويت كراهة ذلك عن عمر وعل ٍ ّ
ي من رواية عبد اللّه وروى أحمد وأبو داود والنّسائ ّ
ي صلى الله ي قال { :كان النّب ّ بن سلمة عن عل ٍ ّ
عليه وسلم ل يحجبه -وربّما قال ل يحجزه -من
القرآن شيء ليس الجنابة } .وورد عن ابن عمر
ي صلى الله عليه وسلم قال { :ل تقرأ ن النّب ّ أ ّ
240
الحائض ول الجنب شيئا ً من القرآن } .فلو قصد
الدّعاء أو الثّناء أو افتتاح أمرٍ تبّركا ً ،ولم يقصد
القراءة ،فل بأس .وفي أحد قولين للمالكيّة :ل
ي.يحرم قراءة آيةٍ للتّعوّذ أو الّرقية ،ولو آية الكرس ّ
كما ذهب المالكيّة إلى أنّه ل يمنع الحيض والنّفاس
قراءة القرآن ،ما دامت المرأة حائضا ً أو نفساء
بقصد التّعلّم أو التّعليم ،لنّها غير قادرةٍ على إزالة
ل لها ما إذا انقطع ولم تتطهّر ،فل تح ّ المانع ،أ ّ
ل للجنب .والدّليل على استثناء قراءته كما ل تح ّ
ن لهم ذكر اللّه ،ويحتاجون التّسمية من التّحريم :أ ّ
إلى التّسمية عند اغتسالهم ،ول يمكنهم التّحّرز عنها
ي
،لما روى مسلم عن عائشة قالت { :كان النّب ّ
ل أحيانه } . صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه في ك ّ
وإن قصدوا بها القراءة ،ففيه روايتان :إحداهما ل
ي رضي الله عنه أنّه سئل يجوز ،لما روي عن عل ٍ ّ
عن الجنب يقرأ القرآن ؟ فقال :ل ولو حرفا ً ،
لعموم الخبر في النّهي ،والثّانية :ل يمنع منه ،لنّه
ل يحصل به العجاز ،ويجوز إذا لم يقصد به القرآن
( .ر :الجنابة ،والحيض ،والغسل ،والنّفاس ) .
صلة : البسملة في ال ّ
- 5اختلف الفقهاء في حكم قراءة البسملة بالنّسبة
صلة ، للمام والمأموم والمنفرد ،في ركعات ال ّ
ل سورةٍ . لختلفهم في أنّها آية من الفاتحة ومن ك ّ
ن قراءة وحاصل مذهب الحنفيّة في ذلك :أنّه يس ّ
البسملة سّرا ً للمام والمنفرد في أوّل الفاتحة من
سورة ن قراءتها بين الفاتحة وال ّ ل ركعةٍ ،ول يس ّ ك ّ
ن البسملة مطلقا ً عند أبي حنيفة وأبي يوسف ،ل ّ
ليست من الفاتحة ،وذكرت في أوّلها للتّبّرك .قال
ن هذا أقرب إلى الحتياط لختلف المعلّى :إ ّ
241
ة من الفاتحة ،وروى ابن العلماء والثار في كونها آي ً
ن قراءة البسملة مدٍ أنّه قال :يس ّ أبي رجاءٍ عن مح ّ
صلة الجهريّة ، سورة والفاتحة في غير ال ّ سّرا ً بين ال ّ
ن هذا أقرب إلى متابعة المصحف ،وإذا كانت ل ّ
سورة القراءة جهرا ً فل يؤتى بالبسملة بين ال ّ
ة
والفاتحة ،لنّه لو فعل لخفى ،فيكون ذلك سكت ً
في وسط القراءة ،وليس ذلك مأثورا ً .وفي قو ٍ
ل
آخر في المذهب :تجب بداية القراءة بالبسملة في
صلة ،لنّها آية من الفاتحة .وحكم المقتدي عند ال ّ
الحنفيّة أنّه ل يقرأ لحمل إمامه عنه ،ول تكره
سورة المقروءة سّراً التّسمية اتّفاقا ً بين الفاتحة وال ّ
ن البسملة أو جهرا ً .والمشهور عند المالكيّة :أ ّ
ليست من الفاتحة ،فل تقرأ في المكتوبة سّرا ً أو
جهرا ً من المام أو المأموم أو المنفرد ،لما ورد عن
س أنّه قال { :صلّيت خلف رسول اللّه صلى الله أن ٍ
ي ،فكانوا عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعل ٍ ّ
ب العالمين ،ول يفتتحون القراءة بالحمد للّه ر ّ
يذكرون بسم اللّه الّرحمن الّرحيم في أوّل قراء ٍ
ة
ض قبل الفاتحة ول في آخرها } .ويكره قراءتها بفر ٍ
ل عند المالكيّة : سورة الّتي بعدها ،وفي قو ٍ أو ال ّ
يجب ،وهناك قول بالجواز .وفي روايةٍ في مذهب
ك أنّه يجوز قراءة البسملة في صلة المام مال ٍ
ل ركعةٍ سّرا ً أو سورة في ك ّ النّفل قبل الفاتحة وال ّ
جهرا ً .وللخروج من الخلف في حكم قراءة
ي :الورع البسملة صلة ،قال القراف ّ البسملة في ال ّ
ل كراهة التيان بالبسملة أوّل الفاتحة ،وقال :مح ّ
إذا لم يقصد الخروج من الخلف الوارد في المذهب
شافعيّة :أنّه ،فإن قصده فل كراهة .والظهر عند ال ّ
يجب على المام والمأموم والمنفرد قراءة البسملة
242
صلة في قيامها قبل ل ركعةٍ من ركعات ال ّ في ك ّ
صلة فرضا ً أم نفل ً ، فاتحة الكتاب ،سواء أكانت ال ّ
ن
ث رواه أبو هريرة :أ ّ ة ،لحدي ٍ ة أو جهري ّ ً سري ّ ً
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال { :فاتحة
ن :بسم اللّه الّرحمن ت ،إحداه ّ الكتاب سبع آيا ٍ
الّرحيم } وللخبر { :ل صلة لمن لم يقرأ بفاتحة
ل على دخول المأمومين في العموم الكتاب } ويد ّ
ح عن عبادة { :كنّا نخلف رسول اللّه صلى ما ص ّ
الله عليه وسلم في صلة الفجر ،فثقلت عليه
ما فرغ قال :لعلّكم تقرءون خلف القراءة ،فل ّ
إمامكم ،قلنا :نعم ،قال :ل تفعلوا إل ّ بفاتحة
الكتاب ،فإنّه ل صلة لمن لم يقرأ بها } وتقرأ
صلة ، ل سورةٍ في ركعات ال ّ البسملة عند ابتداء ك ّ
سورة ،وكذا ويجهر بها في حالة الجهر بالفاتحة وال ّ
ن البسملة آية من يسّر بها معهما ،على القول بأ ّ
ح عند الحنابلة :ل يجب سور .وعلى الص ّ سائر ال ّ
ة في ل سور ٍ قراءة البسملة مع الفاتحة ومع ك ّ
ة من الفاتحة ومن صلة ،لنّها ليست آي ً ركعات ال ّ
صلة بيني وبين ل سورةٍ ،لحديث { قسمت ال ّ ك ّ
صحابة أثبتوها في ن ال ّ عبدي نصفين } ...ول ّ
المصاحف بخطّهم ،ولم يثبتوا بين الدّفّتين سوى
ن قراءة البسملة مع ح :يس ّ القرآن .وعلى الص ّ
ل صلةٍ ، فاتحة الكتاب في الّركعتين الوليين من ك ّ
سورة بعد الفاتحة ،ويسّر بها ،لما ويستفتح بها ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يسّر ن { النّب ّ ورد أ ّ
صلة } .وعلى ببسم اللّه الّرحمن الّرحيم في ال ّ
الّرواية الخرى عن أحمد في قرآنيّة البسملة يجب
على المام والمنفرد والمأموم قراءة البسملة مع
صلة .هذا ،وتقرأ البسملة بعد الفاتحة في ال ّ
243
ما
التّكبير والستفتاح والتّعوّذ في الّركعة الولى ،أ ّ
فيما بعدها فإنّه يقرؤها بعد تكبير القيام إلى تلك
الّركعة ،وتقرأ البسملة في حال القيام ،إل ّ إذا
لعذر ،فيقرؤها قاعدا ً وللتّفصيل ر : ٍ صلّى قاعدا ً
صلة )( ال ّ
مواطن أخرى للبسملة :
أ -التّسمية عند دخول الخلء :
- 6اتّفق الفقهاء على مشروعيّة التّسمية على
سبيل النّدب ،وذلك قبل دخول الخلء لقضاء
ي صلى الله عليه وسلم الحاجة ،لما ورد عن النّب ّ
{ أنّه كان يقول إذا دخل الخلء :بسم اللّه ،اللّه ّ
م
إنّي أعوذ بك من الخبث والخبائث } وانظر للتّفصيل
مصطلح ( :قضاء الحاجة ) .
ب -التّسمية عند الوضوء :
- 7ذهب الحنفيّة ،والمالكيّة في المشهور عندهم ،
ن التّسمية سنّة عند ابتداء الوضوء ، شافعيّة إلى أ ّ وال ّ
ن آية الوضوء مطلقة عن وسندهم فيما قالوا :أ ّ
ضئ
شرط التّسمية ،والمطلوب من المتو ّ
ن الماء الطّهارة ،وترك التّسمية ل يقدح فيها ،ل ّ
خلق طهورا ً في الصل ،فل تتوقّف طهوريّته على
ن رسول اللّه صنع العبد ،وما رواه ابن مسعودٍ أ ّ
ضأ وذكر اسم صلى الله عليه وسلم قال { :من تو ّ
ضأ ولم اللّه عليه كان طهورا ً لجميع بدنه ،ومن تو ّ
يذكر اسم اللّه كان طهورا ً لما أصاب من بدنه }
ضئ التّسمية في أوّل الوضوء ، وإن نسي المتو ّ
وذكرها في أثنائه ،أتى بها ،حتّى ل يخلو الوضوء
نمن اسم اللّه تعالى .وذهب الحنابلة :إلى أ ّ
التّسمية في الوضوء واجبة ،وهي قول ( باسم
اللّه ) ل يقوم غيرها مقامها ،واستدلّوا لوجوبها بما
244
ي صلى الله عليه وسلم أنّه رواه أبو هريرة عن النّب ّ
قال { :ل صلة لمن ل وضوء له ،ول وضوء لمن
لم يذكر اسم اللّه عليه } وتسقط التّسمية حالة
متي سهو تجاوزا ً ،لحديث { :تجاوز اللّه عن أ ّ ال ّ
الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه } .فإن ذكر
مى وبنى ، ضئ التّسمية في أثناء الوضوء س ّ المتو ّ
ح طهارته ،لنّه لم يذكر اسم وإن تركها عمدا ً لم تص ّ
اللّه على طهارته ،والخرس والمعتقل لسانه يشير
بها .
ج -التّسمية عند الذ ّبح :
- 8ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في المشهور
ن التّسمية واجبة عند الذ ّبح .لقوله عندهم إلى أ ّ
ما لم يذكر اسم اللّه عليه } تعالى { :ول تأكلوا م ّ
س ،ول أخرس ،ول مكرهٍ ول تجب التّسمية على نا ٍ
ن
سماء ،ل ّ ،ويكفي من الخرس أن يومئ إلى ال ّ
شافعيّة ، إشارته تقوم مقام نطق النّاطق .وذهب ال ّ
ن التّسمية سنّة عند الذ ّبح وهو رواية عن أحمد إلى أ ّ
،وصيغتها أن يقول ( :باسم اللّه ) عند الفعل ،لما
ي صلى الله عليه ي في صفة ذبح النّب ّ روى البيهق ّ
ي صلى الله عليه حى النّب ّ وسلم لضحيّته { :ض ّ
وسلم أتى بكبشين أملحين أقرنين عظيمين
موجوأين ،فأضجع أحدهما فقال :بسم اللّه واللّه
م أضجع الخر فقال : مدٍ ،ث ّم هذا عن مح ّ أكبر ،اللّه ّ
متهمدٍ وأ ّم هذا عن مح ّ بسم اللّه واللّه أكبر ،اللّه ّ
من شهد لك بالتّوحيد ،وشهد لي بالبلغ } .ويكره م ّ
مد ترك التّسمية ،ولكن لو تركها شافعيّة تع ّ عند ال ّ
ن اللّه تعالى أباح ل ما ذبحه ويؤكل ،ل ّ عمدا ً يح ّ
ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى { :وطعام الّذين
ل لكم } وهم ل يذكرونها أوتوا الكتاب ح ّ
245
ما لم ما قوله تعالى { :ول تأكلوا م ّ ( التّسمية ) ،وأ ّ
يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسق } فالمراد ما ذكر
عليه غير اسم اللّه ،أي ما ذبح للصنام ،بدليل
ل لغير اللّه به } وسياق الية قوله تعالى { :وما أه ّ
ل عليه ،فإنّه قال { :وإنّه لفسق } والحالة الّتي دا ّ
يكون فيها فسقا ً هي الهلل لغير اللّه تعالى .
صيد :د -التّسمية على ال ّ
- 9ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى وجوب التّسمية عند
صيد ما يؤكل لحمه ،والمراد بها :ذكر اللّه من
حيث هو ،ل خصوص ( باسم اللّه ) والفضل باسم
اللّه واللّه أكبر ،ول يزيد في البسملة :الّرحمن
ي صلى الله عليه وسلم صلة على النّب ّ الّرحيم ول ال ّ
ويشترط عند الّرمي أو الرسال للمعلّم إن ذكر
وقدر ،لنّه وقت الفعل من الّرامي والمرسل ،
لفتعتبر عنده .فإن تركها ناسيا ً أو عجزا ً يح ّ
ويؤكل ،وإن تركها عمدا ً مع القدرة عليها فل ،
ما لم يذكر اسم اللّه لقوله تعالى { :ول تأكلوا م ّ
ما تركت التّسمية عليه } على معنى ول تأكلوا م ّ
عليه عمدا ً مع القدرة ،وخالف ابن رشدٍ من
حةط في ص ّ المالكيّة وقال :التّسمية ليست بشر ٍ
ما لم ن معنى قوله تعالى { :ول تأكلوا م ّ الذ ّكاة ،ل ّ
يذكر اسم اللّه عليه } ل تأكلوا الميتة الّتي لم تقصد
ن
شافعيّة إلى أ ّ ذكاتها ،لنّها فسق .وذهب ال ّ
صيد سنّة ،وصيغتها أن يقول عند التّسمية عند ال ّ
الفعل :باسم اللّه والكمل :بسم اللّه الّرحمن
شيخان في الذ ّبح للضحيّة ، الّرحيم ،لما رواه ال ّ
مد ترك التّسمية . وقيس بما فيه غيره ،ويكره تع ّ
ل ويؤكل للدّليل المبيّن فلو تركها -ولو عمدا ً -يح ّ
في التّسمية عند الذ ّبح .ولمزيدٍ من التّفصيل ( ر :
246
ذبائح ) .وذهب الحنابلة إلى اشتراط التّسمية في
صيد عند إرسال الجارح المعلّم ،وهي :باسم ل ال ّح ّ
ن إطلق التّسمية ينصرف إلى ذلك ،ولو اللّه ،ل ّ
قال :باسم اللّه واللّه أكبر ،فل بأس لوروده ،فإن
ترك التّسمية عمدا ً أو سهوا ً لم يبح على التّحقيق ،
ما لم يذكر اسم اللّه لقوله تعالى { :ول تأكلوا م ّ
ي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عليه } وقول النّب ّ
ميت فكل ، عديّ بن حاتم ٍ { :إذا أرسلت كلبك وس ّ
قلت :فإن أخذ معه آخر ؟ قال :ل تأكل ،فإنّك
م على الخر } ، ميت على كلبك ،ولم تس ّ س ّ
صيد في التّسمية عند الحنابلة والفرق بين الذ ّبح وال ّ
ن الذ ّبح وقع في محلّه ،فجاز أن يتسامح فيه :أ ّ
صيد ،فل بالنّسبة لنسيان التّسمية ،بخلف ال ّ
يتسامح في نسيانها فيه ،ونقل عن المام أحمد :
صيد يباح ويؤكل ،وعنه أنّه إن نسي التّسمية عند ال ّ
سهم أبيح ،وإن نسيها على أيضا ً :إن نسيها على ال ّ
الجارحة لم يبح .ولمزيد ٍ من التّفصيل ( ر :صيد ) .
هـ ( -التّسمية عند الكل ) :
ن التّسمية عند البدء في - 10ذهب الفقهاء إلى أ ّ
سنن .وصيغتها :بسم اللّه وبسم اللّه الكل من ال ّ
مى في الّرحمن الّرحيم ،فإن نسيها في أوّله س ّ
باقيه ،ويقول :باسم اللّه أوّله وآخره لحديث
ي صلى الله عليه عائشة رضي الله عنها عن النّب ّ
وسلم قال { :إذا أكل أحدكم فليذكر اسم اللّه
تعالى ،فإن نسي أن يذكر اسم اللّه في أوّله فليقل
:باسم اللّه أوّله وآخره } .
مم : و -التّسمية عند التّي ّ
مم مشروعة :سنّة عند - 11التّسمية عند التّي ّ
الحنفيّة ،ومندوبة عند المالكيّة ،ومستحبّة عند
247
شافعيّة ،وصيغتها :بسم اللّه والكمل عند ال ّ
شافعيّة :بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ،وإن نسي ال ّ
مم وذكرها في أثنائه أتى بها ، التّسمية في أوّل التّي ّ
مم ،وإن فعلها يثاب . وإن تركها عمدا ً ل يبطل التّي ّ
مم واجبة ن التّسمية عند التّي ّ وذهب الحنابلة إلى أ ّ
وهي :باسم اللّه ،ل يقوم غيرها مقامها ،ووقتها
أوّله ،وتسقط سهوا ً لحديث { :تجاوز اللّه عن
متي الخطأ والنّسيان } ...وإن ذكرها في أثنائه أ ّ
مى وبنى ،وإن تركها عمدا ً حتّى مسح بعض س ّ
ح طهارته ، أعضائه ،ولم يستأنف ما فعله ،لم تص ّ
لنّه لم يذكر اسم اللّه على طهارته .
ل:ل أمرٍ ذي با ٍ ز -التّسمية لك ّ
ن التّسمية مشروعة - 12اتّفق أكثر الفقهاء على أ ّ
ل ،عبادةٍ أو غيرها ،فتقال عند البدء ل أمرٍ ذي با ٍلك ّ
في تلوة القرآن الكريم والذكار ،وركوب سفينةٍ
ودابّةٍ ،ودخول المنزل ومسجد ٍ ،أو خروٍج منه ،
وعند إيقاد مصباٍح أو إطفائه ،وقبل وطءٍ مباٍح ،
ب منبرا ً ،ونوم ٍ ،والدّخول في صلة وصعود خطي ٍ
النّفل ،وتغطية الناء ،وفي أوائل الكتب ،وعند
ت ولحده في قبره ،ووضع اليد على تغميض مي ّ ٍ
موضع ألم ٍ بالجسد ،وصيغتها ( باسم اللّه ) والكمل
( بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ) فإن نسي التّسمية أو
ما ورد : تركها عمدا ً فل شيء ،ويثاب إن فعل .وم ّ
ل ل يبدأ فيه باسم اللّه فهو أمر ذي با ٍ ٍ حديث { ك ّ
ل
أبتر } ،وفي روايةٍ { فهو أقطع } وفي أخرى
{ فهو أجذم } ،وما ورد عن رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم { :ضع يدك على الّذي تألّم من جسدك
،وقل :باسم اللّه ثلثا ً } ...الحديث .وحديث :
شيطان ل يفتح ن ال ّ{ أغلق بابك واذكر اسم اللّه ،فإ ّ
248
بابا ً مغلقا ً ،وأطفئ مصباحك واذكر اسم اللّه ،
مر إناءك } ...وحديث { :إذا عثرت بك الدّابّة وخ ّ
شيطان ،فإنّه يتعاظم ،حتّى يصير فل تقل :تعس ال ّ
بقوتي صرعته ،ولكن قل : ّ مثل البيت ،ويقول :
بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ،فإنّه يتصاغر ،حتّى
يصير مثل الذ ّباب } .
===============
بصاق
التّعريف
- 1البصاق :ماء الفم إذا خرج منه .يقال :بصق
يبصق بصاقا ً .ويقال فيه أيضا ً :البزاق ،والبساق .
وهو من البدال .
صلة ) :( اللفاظ ذات ال ّ
أ -التّفل :
ة :البصق .يقال :تفل يتفل ويتفل تفلً - 2التّفل لغ ً
:بصق .والتّفل بالفم :نفخ معه شيء من الّريق .
ق فهو النّفث .والتّفل شبيه ً
فإذا كان نفخا بل ري ٍ
م
م التّفل ،ث ّ ل منه .أوّله البزق ،ث ّ بالبزاق ،وهو أق ّ
النّفخ .
ب -اللّعاب :
- 3اللّعاب :الّريق الّذي يسيل من الفم .
ي:الحكم الجمال ّ
- 4الصل في ماء فم النسان طهوريّته ما لم
جسه نجس .وللبصاق أحكام تتعلّق به .فهو حرام ين ّ
في المسجد ومكروه على حيطانه .فإذا بصق
المصلّي في المسجد كان عليه أن يدفنه ،إذ البصق
فيه خطيئة ،وكّفارتها دفنه ،كما جاء في الحديث {
البصاق في المسجد خطيئة ،وكّفارتها دفنها } .
والمشهور في ذلك أن يدفنه في تراب المسجد
249
ورمله ،إن كان له تراب أو رمل ونحوهما .فإن لم
يكن أخذه بعود ٍ أو خرقةٍ أو نحوهما أو بيده وأخرجه
منه .كما ل يبصق على حيطانه ،ول بين يديه على
الحصى ،ول فوق البواري ( أي الحصر ) ول تحتها .
ض ،ول ك بعضه ببع ٍ ب ويح ّولكن يأخذه بطرف ثو ٍ
صلة إل ّ أن يتوالى ويكثر .وإن كان قد تبطل به ال ّ
بصق في تراب المسجد فعليه أن يدفنه .فإن
اضطّر إلى ذلك ،كان اللقاء فوق الحصير أهون من
ة، ن البواري ليست بمسجدٍ حقيق ً اللقاء تحته .ل ّ
ة .وإن لم يكن فيه البواري وما تحتها مسجد حقيق ً
يدفنه في التّراب ،ول يتركه على وجه الرض .وإن
كان في غير المسجد لم يبصق تلقاء وجهه ،ول عن
يمينه ،بل يبصق تحت قدمه اليسرى ،أو عن
يساره .ومن رأى من يبصق في المسجد لزمه
النكار عليه ومنعه منه إن قدر .ومن رأى بصاقاً
سنّة أن يزيله بدفنه أوونحوه في المسجد فال ّ
ما ما يفعله ب له تطييب محلّه .وأ ّ إخراجه ،ويستح ّ
كثير من النّاس إذا بصق أو رأى بصاقا ً دلكه بأسفل
مداسه الّذي داس به النّجاسة والقذار فحرام ،لنّه
تنجيس للمسجد وتقذير له .وعلى من رآه يفعل
ذلك النكار عليه بشرطه .ول يسوغ مسح لوح
القرآن أو بعضه بالبصاق .ويتعيّن على معلّم
صبيان أن يمنعهم من ذلك .ومن أحكامه بالنّسبة ال ّ
ن من ابتلع ريق نفسه ،وهو في فيه قبل صائم :أ ّ
لل ّ
خروجه منه ،فإنّه ل يفطر ،حتّى لو جمعه في الفم
وابتلعه .وإن صار خارج فيه وانفصل عنه ،وأعاده
إليه بعد انفصاله وابتلعه ،فسد صومه .كما لو ابتلع
بزاق غيره .ومن ترطّبت شفتاه بلعابه عند الكلم
أو القراءة أو غير ذلك ،فابتلعه ل يفسد صومه
250
ضرورة .ولو بقي بلل في فمه بعد المضمضة لل ّ
ل الخيّاط خيطاً فابتلعه مع البزاق لم يفطّره .ولو ب ّ
م ردّه إلى فيه على عادتهم حال الفتل ،فإن بريقه ث ّ
لم تكن على الخيط رطوبة تنفصل لم يفطر بابتلع
ريقه ،بخلف ما إذا كانت تنفصل .
================
بقر
التّعريف
س .قال ابن سيده :ويطلق - 1البقر :اسم جن ٍ
ي ،وعلى الذ ّكر والنثى ، ي والوحش ّ على الهل ّ
وواحده بقرة ،وقيل :إنّما دخلته الهاء لنّه واحد من
الجنس .والجمع :بقرات ،وقد سوّى الفقهاء
س
الجاموس بالبقر في الحكام ،وعاملوهما كجن ٍ
واحد ٍ .زكاة البقر :
سنّةما ال ّسنّة والجماع .أ ّ - 2زكاة البقر واجبة بال ّ
نفما روى البخاريّ عن أبي ذّرٍ رضي الله عنه أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال { :والّذي
نفسي بيده ،أو والّذي ل إله غيره -أو كما حلف -
ل تكون له إبل أو بقر أو غنم ل يؤدّي ما من رج ٍ
حّقها إل ّ أتى بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه
،تطؤه بأخفافها ،وتنطحه بقرونها ،كلّما جازت
أخراها ردّت عليه أولها حتّى يقضى بين النّاس } .
ي
ن النّب ّ قأ ّ ي والتّرمذيّ عن مسرو ٍ وما روى النّسائ ّ
صلى الله عليه وسلم { بعث معاذا ً إلى اليمن ،
ل حالم ٍ دينارا ً ،ومن البقر من وأمره أن يأخذ من ك ّ
ة}. ل أربعين مسن ّ ً ة ،ومن ك ّل ثلثين تبيعا ً أو تبيع ًك ّ
صحابة ومن بعدهم على وجوب الّزكاة وقد أجمع ال ّ
في النعام ،ولم يخالف في ذلك أحد ،والبقر صنف
251
من النعام ،فوجبت الّزكاة فيها كالبل والغنم ،
شروط كما سيأتي . وإنّما كان الخلف في بعض ال ّ
شروط وجوب الّزكاة في البقر :
- 3يشترط في وجوب الّزكاة في البقر شروط
صةمة تفصيلها في الّزكاة ،وهناك شروط خا ّ عا ّ
سوم : بيانها فيما يلي :اشتراط ال ّ
سوم في زكاة الماشية :أن ترعى - 4المراد بال ّ
سنة في كل ٍ مباٍح ،سواء أكانت الماشية أكثر أيّام ال ّ
ترعى بنفسها أم براٍع يرعاها ،هذا وقد ذهب
شافعيّة والحنابلة جمهور العلماء من الحنفيّة وال ّ
سوم في زكاة الماشية ، وغيرهم إلى أنّه يشترط ال ّ
سوم ومن بين تلك الماشية البقر ،فيشترط فيها ال ّ
ما البقر العوامل والمعلوفة فل زكاة فيها ، أيضا ً ،وأ ّ
سوم .وقال المام مالك :ل يشترط لنتفاء ال ّ
سوم في زكاة البقر ،فالبقر العوامل والمعلوفة ال ّ
ل المام مالك لما تجب فيها الّزكاة عنده .استد ّ
ذهب إليه بالطلق في الحاديث الموجبة لزكاة
البقر ،وهو الّذي استقّر عليه عمل أهل المدينة ،
لوعمل أهل المدينة أحد أصول المالكيّة .واستد ّ
سوم في زكاة الماشية بما روي القائلون باشتراط ال ّ
ي رضي الله عنه ،قال الّراوي أحسبه عن عن عل ٍ ّ
ي صلى الله عليه وسلم في صدقة البقر قال : النّب ّ
{ وليس في العوامل شيء } ،وأيضا ً بما روي عن
ي صلى ب عن أبيه عن جدّه عن النّب ّ عمرو بن شعي ٍ
الله عليه وسلم قال { :ليس في البقر العوامل
شيء } وقد حمل الجمهور النّصوص المطلقة في
سوم الواردة في البقر على النّصوص المقيّدة بال ّ
البل والغنم ،كما استدلّوا بقياس البقر على البل
ن صفة النّماء سوم .وأيضا ً فإ ّ والغنم في اشتراط ال ّ
252
ماسائمة ،أ ّمعتبرة في الّزكاة ،فل توجد إل ّ في ال ّ
البقر العوامل فصفة النّماء مفقودة فيها ،ومثلها
ن علفها يستغرق المعلوفة فل نماء فيها أيضا ً ،ل ّ
نماءها ،إل ّ أن يعدّها للتّجارة ،فيزكّيها زكاة عروض
التّجارة .
الّزكاة في بقر الوحش :
- 5ذهب أكثر العلماء إلى عدم وجوب الّزكاة في
بقر الوحش ،وعند الحنابلة روايتان ،فالمذهب
ن مطلق الخبر الّذي عندهم وجوب الّزكاة فيها ،ل ّ
أوجب الّزكاة في البقر -والّذي سبق ذكره -يتناولها
.والّرواية الثّانية عندهم عدم وجوب الّزكاة فيها .
ح ،وهو قول أكثر أهل قال ابن قدامة :وهي أص ّ
ن
العلم في عدم وجوب الّزكاة في بقر الوحش ،ل ّ
اسم البقر عند الطلق ل ينصرف إليها ول يفهم منه
مى بقرا ً بدون الضافة ،فيقال :بقر إذ كانت ل تس ّ
ب منها ن العادة تنفي وجود نصا ٍ الوحش ،ول ّ
سوم حول ً كامل ً ،ولنّها حيوان ل موصوفا ً بصفة ال ّ
يجزئ نوعه في الضحيّة والهدي ،فل تجب فيها
الّزكاة كالظّباء ،ولنّها ليست من بهيمة النعام ،فل
سّر في ذلك تجب فيها الّزكاة كسائر الوحوش ،وال ّ
ن الّزكاة إنّما وجبت في بهيمة النعام دون غيرها أ ّ
لكثرة النّماء فيها ،من دّرها ونسلها وكثرة النتفاع
ص بها ، بها لكثرتها وخّفة مئونتها ،وهذا المعنى يخت ّ
صت الّزكاة بها دون غيرها . فاخت ّ
ي:
ي والهل ّ زكاة المتولّد بين الوحش ّ
- 6ذهب الحنابلة إلى وجوب الّزكاة في المتولّد بين
ي هو الفحل ي ،سواء أكان الوحش ّ ي والهل ّ الوحش ّ
ن المتولّد بين الوحش ّ
ي جوا لذلك بأ ّم ،واحت ّأم ال ّ
ي متولّد بين الّذي تجب فيه الّزكاة وبين ما ل والهل ّ
253
جح جانب الوجوب ،قياسا ً على تجب فيه ،فير ّ
سائمة والمعلوفة ،فتجب فيه الّزكاة ، المتولّد بين ال ّ
ي .وعلى هذا ي والهل ّ فكذلك المتولّد بين الوحش ّ
ي في وجوب م إلى جنسها من الهل ّ القول تض ّ
مل بها نصابها ،وتكون كأحد أنواعه . الّزكاة ،ويك ّ
ة
مهات أهلي ّ ً وقال أبو حنيفة ومالك :إن كانت ال ّ
ل لهذا القول وجبت الّزكاة فيها ،وإل ّ فل .واستد ّ
م
ن ال ّ م في الحيوان هو المعتبر ،ل ّ ن جانب ال ّ بأ ّ
في الحيوان هي الّتي تقوم وحدها برعاية ابنها .
ي :ل زكاة فيه مطلقا ً ،سواء أكانت شافع ّ وقال ال ّ
م.
الوحشيّة من قبل الفحل أم من قبل ال ّ
ما النّصاب فقد اختلف اشتراط تمام النّصاب :أ ّ
ل ،من أشهرها اتّجاهان : الفقهاء فيه على أقوا ٍ
ب ي بن أبي طال ٍ - 8التّجاه الوّل :وهو قول عل ّ
الخدري رضي الله عنهم ّ ل وأبي سعيد ٍ ومعاذ بن جب ٍ
ب وطاووس وعمر ي وشهر بن حوش ٍ شعب ّ وقال به ال ّ
بن عبد العزيز والحسن البصريّ ،ونقله الّزهريّ عن
شام ،وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد بن أهل ال ّ
ي ،قالوا :ليس فيما دون الثّلثين شافع ّ ل وال ّ حنب ٍ
من البقر شيء ،فإذا بلغتها ففيها تبيع أو تبيعة ،
( والتّبيع هو الّذي له سنتان ،أو الّذي له سنة وطعن
م
أشهر ،والتّبيعة مثله ) ،ث ّ ٍ في الثّانية ،وقيل :ستّة
ل شيء فيها حتّى تبلغ أربعين ،فإذا بلغتها ففيها
م ل شيء فيها حتّى تبلغ ستّين ،فإذا بقرة مسنّة .ث ّ
م ل شيء فيها حتّى بلغتها ففيها تبيعان أو تبيعتان .ث ّ
ل ثلثين من تبلغ عشرا ً زائدة ً ،فإذا بلغتها ففي ك ّ
ن أو ل أربعين مس ّ ذلك العدد تبيع أو تبيعة وفي ك ّ
مسنّة ،ففي سبعين تبيع ومسنّة ،وفي ثمانين
مسنّتان ،وفي تسعين ثلثة أتبعةٍ ،وفي مائةٍ مسنّة
254
وتبيعان ،وفي مائةٍ وعشرٍ مسنّتان وتبيع ،وفي
ت أو أربعة أتبعةٍ ،فالمالك مائةٍ وعشرين ثلث مسنّا ٍ
مخيّر بين إخراج التبعة أو المسنّات ،وإن كان
م
الولى النّظر إلى حاجة الفقراء والصلح لهم .ث ّ
ج أصحاب يتغيّر الواجب كلّما زاد العدد عشرا ً .واحت ّ
ن
هذا القول بما روي عن معاذ ٍ رضي الله عنه { أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى
ل حالم ٍ دينارا ً ،ومن البقر اليمن أمره أن يأخذ من ك ّ
ل أربعين ة ،ومن ك ّ ل ثلثين تبيعا ً أو تبيع ً
من ك ّ
ة } .وروى ابن أبي ليلى والحكم بن عتيبة عن مسن ّ ً
ي صلى الله عليه وسلم عن { معاذ ٍ أنّه سأل النّب ّ
الوقاص :ما بين الثّلثين إلى الربعين ،وما بين
الربعين إلى الخمسين ؟ قال :ليس فيها شيء } .
جوا أيضا ً بما جاء في كتاب رسول اللّه صلى واحت ّ
الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم ٍ { :فرائض
البقر ليس فيما دون الثّلثين من البقر صدقة ،فإذا
بلغت ثلثين ففيها عجل رائع جذع ،إلى أن تبلغ
أربعين ،فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنّة .إلى
ن فيها بقرةً وعجل ً جذعا ً ،فإذا أن تبلغ سبعين ،فإ ّ
م على هذا بلغت ثمانين ففيها مسنّتان ،ث ّ
الحساب } .هذا ،ولتفصيل أحكام ما بين
مى بالوقص - الفريضتين في الّزكاة -وهو المس ّ
ينظر مصطلح ( :أوقاص ) .
زهري
ّ -9التّجاه الثّاني :قول سعيد بن المسيّب وال ّ
ن نصاب البقر هو نصاب البل وأبي قلبة وغيرهم :أ ّ
،وأنّه يؤخذ في زكاة البقر ما يؤخذ من البل ،دون
اعتبارٍ للسنان الّتي اشترطت في البل ،من بنت
قةٍ وجذعةٍ ،وروي هذا عن ن وح ّ ض وبنت لبو ٍ مخا ٍ
كتاب عمر بن الخطّاب في الّزكاة ،وعن جابر بن
255
صدقات عبد اللّه رضي الله عنهم ،وشيوٍخ أدّوا ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم وروى أبو على عهد النّب ّ
ن في كتاب عمر بن الخطّاب ( في الّزكاة ) عبيد ٍ :أ ّ
ن البقر يؤخذ منها مثل ما يؤخذ من البل ،قال : أ ّ
وقد سئل عنها غيرهم ،فقالوا :فيها ما في البل .
وقد ذكر ابن حزم ٍ بسنده عن الّزهريّ وقتادة كلهما
النصاري رضي الله عنهماّ عن جابر بن عبد اللّه
عشر
ٍ س من البقر شاة ،وفي ل خم ٍ قال :في ك ّ
شاتان ،وفي خمس عشرة ثلث شياهٍ ،وفي
زهري :فرائض البقر ّ عشرين أربع شياهٍ .قال ال ّ
ن فيها :فإذا كانت البقر مثل فرائض البل غير أسنا ٍ
س وسبعين ، ً
خمسا وعشرين ففيها بقرة إلى خم ٍ
س وسبعين ففيها بقرتان إلى فإذا زادت على خم ٍ
مائةٍ وعشرين ،فإذا زادت على مائةٍ وعشرين ففي
ن قولهم : ل أربعين بقرة .قال الّزهريّ :وبلغنا أ ّ ك ّ
ن ذلك ل أربعين بقرة ،أ ّ ل ثلثين تبيع ،وفي ك ّ في ك ّ
م كان بعد ذلك ل يروى . كان تخفيفا ً لهل اليمن ،ث ّ
وروي أيضا ً عن عكرمة بن خالدٍ قال :استعملت -
ك ) فلقيت أشياخاً أي ولّيت -على صدقات ( ع ّ
صدقة ) على عهد من صدّق ( أخذت منهم ال ّ م ّ
ي: رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فاختلفوا عل ّ
فمنهم من قال اجعلها مثل صدقة البل ،ومنهم من
قال :في ثلثين تبيع ،ومنهم من قال :في أربعين
بقرة مسنّة .وذكر ابن حزم ٍ أيضا ً بسنده عن ابن
المسيّب وأبي قلبة وآخرين مثل ما نقل عن
الّزهريّ ،ونقل عن عمر بن عبد الّرحمن بن خلدة
ن صدقة البقر صدقة البل ،غير أنّه ل النصاريّ :أ ّ
أسنان فيها .
ما يجزئ في الضحيّة :
256
- 10ل يجزئ في الضحيّة سوى النّعم ،وهي البل
بأي
ّ والبقر والغنم ،خلفا ً لمن قال :يجوز التّضحية
شي ٍء من مأكول اللّحم من النّعم أو من غيرها .
ن
وتفصيله في ( الضحيّة ) .واتّفق العلماء على أ ّ
حى بالبقرة الواحدة عن نفسه فقط شخص إذا ض ّ ال ّ
ة أم ن الضحيّة تقع له ،وسواء أكانت واجب ً فإ ّ
متطوّعا ً بها .
ما الشتراك في التّضحية بالبقرة الواحدة - 11وأ ّ
شافعيّة والحنابلة ، ففيه خلف :فذهب الحنفيّة وال ّ
ن البقرة الواحدة تجزئ عن وأكثر أهل العلم :إلى أ ّ
ص ،فيجوز لهم الشتراك في البقرة سبعة أشخا ٍ
ت واحدٍ ،أم أهل الواحدة ،وسواء أكانوا أهل بي ٍ
ة أم ة واجب ً بيتين ،أم متفّرقين ،وسواء أكانت أضحي ّ ً
متطوّعا ً بها ،وسواء أراد بعضهم القربة أم أراد
ل واحد ٍ منهم ما قصد .إل ّ أنّه عند اللّحم ،فيقع لك ّ
الحنفيّة ل بد ّ أن يريد كلّهم القربة ،فلو أراد أحدهم
ل عندهم .وقال مالك : اللّحم لم تجزئ عن الك ّ
يجزئ الّرأس الواحد من البل أو البقر أو الغنم عن
واحد ٍ ،وعن أهل البيت وإن كثر عددهم وكانوا أكثر
من سبعةٍ ،إذا أشركهم فيها تطوّعا ً ،ول تجزئ إذا
شركة ،ول على أجنبيّين فصاعدا ً . اشتروها بينهم بال ّ
ج أصحاب القول الوّل بما رواه جابر قال : واحت ّ
{ نحرنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم البدنة
عن سبعةٍ ،والبقرة عن سبعةٍ } وعنه قال :
{ خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
مهلّين ،فأمرنا أن نشترك في البل والبقر ،ك ّ
ل
ما مالك فقد أخذ بما روي سبعةٍ منّا في بدنةٍ } .وأ ّ
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّه كان يقول :البدنة
شاة عن واحدٍ ل عن واحد ٍ والبقرة عن واحد ٍ ،وال ّ
257
أعلم شركا ً .وقد روي هذا أيضا ً عن غير ابن عمر
ن النّفس الواحدة ل مد بن سيرين فإنّه يرى أ ّ كمح ّ
س واحدةٍ فقط . تجزئ إل ّ عن نف ٍ
البقر في الهدي :
- 12حكم البقرة في الهدي كحكمها في الضحيّة ،
باستثناء ما يتّصل بالتّضحية عن الّرجل وأهل بيته ،
ما إشعار البقر ج ،والهدي ) .أ ّ وتفصيله في ( الح ّ
في الهدي فقد اتّفق العلماء ( سوى أبي حنيفة )
ب ،وقد فعله ن الشعار سنّة ،وأنّه مستح ّ على أ ّ
صحابة من بعده ، ي صلى الله عليه وسلم وال ّ النّب ّ
ن الشعار سنّة في البل ،سواء واتّفقوا أيضا ً على أ ّ
أكان لها سنام أم لم يكن لها سنام ،فإن لم يكن
ما البقر سنام .وأ ّلها سنام فإنّها تشعر في موضع ال ّ
شافعيّة :الشعار فيها مطلقا ً ،سواء فمذهب ال ّ
أكان لها سنام أم لم يكن لها سنام ،فهي عندهم
ن البقر إذا كان لها كالبل .وقد ذهب مالك إلى أ ّ
ما إذا لم يكن لها سنام فإنّها ل سنام فإنّها تشعر ،أ ّ
تشعر
( حكم التّقليد ) :
- 13التّقليد :جعل القلدة في العنق ،وتقليد الهدي
:أن يعلّق في عنقه قطعة من جلدٍ ،ليعرف أنّه
ن التّقليدهدي فل يتعّرض له .واتّفق العلماء على أ ّ
ما الغنم فقد ذهب ب في البل والبقر .وأ ّ مستح ّ
شافعيّة إلى استحباب التّقليد فيها كالبل والبقر . ال ّ
وذهب أبو حنيفة ومالك إلى عدم استحباب التّقليد
ما
فيها .وتقليد البل والبقر يكون بالنّعال ونحوها م ّ
يشعر أنّها هدي .
ذكاة البقر :
258
- 14ذكاة البقر كذكاة الغنم ،فإذا أريد تذكية البقرة
فإنّها تضجع على جنبها اليسر ،وتشد ّ قوائمها
الثّلث :اليد اليمنى واليسرى والّرجل اليسرى ،
وتترك الّرجل اليمنى بل شدٍّ لتحّركها عند الذ ّبح ،
ويمسك الذ ّابح رأسها بيده اليسرى ،ويمسك
م يبدأ الذ ّبح بعد أن يقول : سكّين بيده اليمنى ،ث ّ ال ّ
باسم اللّه واللّه أكبر وبعد أن يتّجه هو وذبيحته نحو
ما البل فإنّها تنحر بطعنها في اللّبّة ،أي القبلة .وأ ّ
أسفل العنق ،وهي قائمة معقولة الّركبة اليسرى .
استعمال البقر للّركوب :
ن ما يركب من النعام - 15اتّفق العلماء على أ ّ
ما البقر فإنّه لم يخلق ويحمل عليه هو البل .وأ ّ
للّركوب ،وإنّما خلق لينتفع به في حرث الرض ،
ما الغنم وغير ذلك من المنافع سوى الّركوب .وأ ّ
ن لكم فهي للدّّر والنّسل واللّحم لقوله تعالى { :وإ ّ
ما في بطونها ولكم فيها في النعام لعبرة ً نسقيكم م ّ
منافع كثيرة ومنها تأكلون ،وعليها وعلى الفلك
تحملون } ،وقوله تعالى { :اللّه الّذي جعل لكم
النعام لتركبوا منها ومنها تأكلون } ،وقوله تعالى :
ما
{ وجعل لكم من الفلك والنعام ما تركبون } .وأ ّ
ن النعام تركب فهي محمولة عند اليات الّتي تذكر أ ّ
العلماء على بعض النعام ،وهي البل ،وهو من
ن
ل على أ ّ ما يد ّ ص .وم ّ م الّذي أريد به الخا ّ العا ّ
ق ما رواه مسلم في استعمال البقر للّركوب غير لئ ٍ
صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم { :بينما رجل
يسوق بقرة ً له قد حمل عليها ،التفتت إليه البقرة
فقالت :إنّي لم أخلق لهذا ،ولكنّي إنّما خلقت
جبا ً وفزعا ً - للحرث ،فقال النّاس :سبحان اللّه -تع ّ
259
أبقرة تكلّم ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم :فإنّي أومن به وأبو بكرٍ وعمر } .
بول وروث البقر :
- 16اتّفق الفقهاء على نجاسة بول وروث ما ل
ما بول يؤكل لحمه ،سواء أكان إنسانا ً أم غيره .وأ ّ
وروث ما يؤكل لحمه كالبل والبقر والغنم ففيه
ي إلى شافع ّ الخلف فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف وال ّ
نجاسة البوال والرواث كلّها ،من مأكول اللّحم
سلف ، وغيره .وذهب مالك وأحمد وطائفة من ال ّ
شافعيّة ابن خزيمة وابن المنذر وابن ووافقهم من ال ّ
مدي ،ومن الحنفيّة مح ّ والصطخري والّرويان ّ
ّ حبّان
بن الحسن إلى طهارة بول ما يؤكل لحمه .وانظر
للتّفصيل والستدلل مصطلح ( نجاسة ) .
حكم البقر في الدّية :
- 17اختلف العلماء في اعتبار البقر أصل ً في الدّية
ي في شافع ّ على قولين :فذهب أبو حنيفة ومالك وال ّ
ل :البل ،والذ ّهب ، ن الدّية ثلثة أصو ٍ القديم إلى أ ّ
ضة ،وليس أصل ً .وذهب صاحبا أبي حنيفة والف ّ
مد بن الحسن ) والثّوريّ وأحمد بن ( أبو يوسف ومح ّ
ل :البل ،والذ ّهب ، ن الدّية خمسة أصو ٍ ل إلى أ ّ حنب ٍ
صاحبان :الحلل ، ضة ،والبقر ،والغنم .وزاد ال ّ والف ّ
س وفقهاء المدينة وهو قول عمر وعطاءٍ وطاوو ٍ
سبعة ،فعلى هذا القول تعتبر البقر أصل ً من ال ّ
صاحبين - أصول الدّية ،ويجوز لصحابها -كما عند ال ّ
ي
شافع ّ دفعها ابتداءً ،ول يكلّفون غيرها .وذهب ال ّ
ن الدّية ليس لها إل ّ أصل واحد ، في الجديد إلى أ ّ
وهو البل ،فإذا فقدت فالواجب قيمتها من نقد
ة ما بلغت .فليست البقر أصل ً على هذا البلد بالغ ً
القول كذلك .وانظر للتّفصيل مصطلح ( دية ) .
260
===============
بُّر *
التّعريف :
ة :على القمح ،والواحدة م يطلق لغ ً ض ّ - 1البّر بال ّ
منه ( بّرة ) ،وهو في الصلح بهذا المعنى .
ي:
الحكم الجمال ّ
- 2البّر -من حيث كونه حبّا ً خارجا ً من الرض -
ق عند الجمهور وجبت فيه الّزكاة إذا بلغ خمسة أوس ٍ
مد .وأوجبها أبو حنيفة في ،ومنهم أبو يوسف ومح ّ
ق. ً
الخارج مطلقا ،ولو لم يبلغ خمسة أوس ٍ
ونسبة الواجب إذا سقيت الرض سيحا ً أو بماء
سماء :العشر ،وإذا سقيت بآلةٍ :نصف العشر ، ال ّ
ة ففيها ق .وإذا كانت الرض خراجي ّ ً وهذا باتّفا ٍ
الخراج دون العشر عند الحنفيّة .والبّر من الجناس
المجزئة في صدقة الفطر الواجبة ،والقدر المجزئ
منه صاع عند الجمهور ،ونصفه عند الحنفيّة .
وتفصيله في صدقة الفطر .
قوم كالعروض ، وإذا قصد في البّر التّجارة ّ
وأخرجت عنه الّزكاة كما تخرج عنها .وتفصيله في
الّزكاة .
ويعد ّ البّر من الماليّات المتقوّمة الّتي يجوز بيعها
سلم فيها ،ويدخله الّربا إذا بيع بمثله . وهبتها وال ّ
فيشترط له :المماثلة والحلول والتّقابض .لقول
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :
ضة ،والبّر بالبّر ... ضة بالف ّ
« الذ ّهب بالذ ّهب ،والف ّ
».
ة في الجملة ،وهي :بيع كما ل يجوز بيعه محاقل ً
الحنطة في سنبلها بمثلها من الحنطة ولو خرصا ً ،
صلح والّزرع ول مخاضرةً ،وهي :البيع قبل بدوّ ال ّ
261
أخضر ،خلفا ً لبعض الحنفيّة .والتّفصيل في
ي عنه ) . ( البيع ،والّربا ،والبيع المنه ّ
=============
تبّرج *
التّعريف :
ة :مصدر تبّرج ،يقال تبّرجت المرأة : - 1التّبّرج لغ ً
إذا أبرزت محاسنها للّرجال .
وفي الحديث « كان يكره عشر خلل ،منها :التّبّرج
بالّزينة لغير محلّها » والتّبّرج :إظهار الّزينة للّرجال
ما للّزوج فل ،وهو معنى الجانب وهو المذموم .أ ّ
قوله لغير محلّها .
ي ل يخرج عن هذا .قال شرع ّ وهو في معناه ال ّ
متبّرِجات ي في تفسير قوله تعالى { :غيَر ُ القرطب ّ
بِزِينَةٍ } أي غير مظهرات ول متعّرضات بالّزينة
ن ذلك من أقبح الشياء وأبعدها عن ن ،فإ ّ لينظر إليه ّ
شف والظّهور للعيون . الحقّ .وأصل التّبّرج :التّك ّ
ن تَبَُّر َ
ج ج َوقال في تفسير قوله تعالى { ول تَبََّر ْ
الجاهليّةِ الُولى } حقيقة التّبّرج :إظهار ما ستره
أحسن .
قيل ما بين نوح وإبراهيم عليهما السلم :كانت
المرأة تلبس الدّرع من اللّؤلؤ غير مخيط الجانبين ،
وتلبس الثّياب الّرقاق ول تواري بدنها .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
التّزيّن :
- 2التّزيّن :اتّخاذ الّزينة ،وهي ما يستعمل استجلباً
ي وغيره ،ومنه قوله تعالى لحسن المنظر من الحل ّ
ت } أي ض ُزخرفَها واَّزيَّن َ ْ ت الر ُ { حتّى إذا أخذ ِ
ما التّبّرج :فهو إظهار حسنت وبهجت بالنّبات .فأ ّ
ل له النّظر إليها . تلك الّزينة لمن ل يح ّ
262
ما يعتبر إظهاره تبّرجا ً :
- 3التّبّرج :إظهار الّزينة والمحاسن ،سواء أكانت
فيما يعتبر عورة ً من البدن :كعنق المرأة وصدرها
وشعرها ،وما على ذلك من الّزينة .أو كان فيما ل
فين ،إل ّ ما ورد الذن به يعتبر عورة ً :كالوجه والك ّ
سوار ،على ما روي شرعا ً كالكحل ،والخاتم ،وال ّ
عن ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى { :ول يُبْدين
ن إل ّ ما ظهَر منها } قال :ما ظهر منها : زينَتَه ّ
سوار .ولنّها تحتاج إلى كشف الكحل ،والخاتم وال ّ
ن في ذلك في المعاملت فكان فيه ضرورة ،على أ ّ
فين من العورة خلفا ً ينظر في اعتبار الوجه والك ّ
مصطلح ( عورة ) .
ي للتّبّرج : الحكم التّكليف ّ
تبّرج المرأة :
- 4تبّرج المرأة على أشكاله المختلفة ،سواء ما
لكان منه بإظهار الّزينة والمحاسن لغير من ل يح ّ
له نظر ذلك ،أو ما كان بالتّبختر والختيال ،والتّثنّي
في المشي ،ولبس الّرقيق من الثّياب الّذي يصف
ما
بشرتها ،ويبيّن مقاطع جسمها ،إلى غير ذلك -م ّ
شهوة -حرام يبدو منها مثيرا ً للغرائز ومحّركا ً لل ّ
إجماعا ً لغير الّزوج ،لقول اللّه تبارك وتعالى
ج الجاهليّة الُولى ن تبّر َ ن ول تَبََّر ْ
ج َ ن في بيوتِك َّ { وقَْر َ
خِفين من م ما ي ُ ْ
ن لِيُعْل َ
جلِه ّ ن بأر ُ ضرِب ْ َ } وقوله { ول ي َ ْ
ن ن النّساء في الجاهليّة الولى ك ّ ن } وذلك أ ّ زينته ّ
ة من الدّّلل ن ويمشين مشي ً يخرجن في أجود زينته ّ
ن .حتّى ة لمن ينظر إليه ّ والتّبختر ،فيكون ذلك فتن ً
من ل نم ّ ن العجائز ونحوه ّ القواعد من النّساء ،وه ّ
ن قوله تعالى ن ،نزل فيه ّ رغبة للّرجال فيه ّ
{ والقواعد ُ من النّساء الّلتي ل يَْرجون نكاحا ً فليس
263
ن غيَر متبَّرِجات بزينةٍ } ن ثيابَه ّ
ضعْ َ ح أن ي َ َجنا ٌ ن ُ عليه َّ
ن وضع الخمار ،وكشف الّرأس ونحوه ، فأباح له ّ
ن مع ذلك عن التّبّرج . ونهاه ّ
تبّرج الّرجل :
ما
ما بإظهار عورته أو تزيّنه ،والتّزيّن إ ّ تبّرج الّرجل إ ّ
شريعة ،أو مخالفا ً لها . أن يكون موافقا ً لل ّ
أ -التّبّرج بإظهار العورة :
- 5يحرم على الّرجل كشف عورته أمام الّرجال
والنّساء غير زوجته ،أو لحاجة التّداوي والختان ،
على خلف بين الفقهاء في تحديد العورة .ينظر
إليه في مصطلح ( عورة ) .ويجوز للمرأة أن تنظر
من الّرجل إلى ما ينظر الّرجل إليه من الّرجل إذا
شهوة ،لستواء الّرجل والمرأة في النّظر أمنت ال ّ
إلى ما ليس بعورة ،وذهب بعض الفقهاء إلى
التّحريم .كما يكره نظر الّرجل إلى فرجه عبثا ً من
غير حاجة .
ب -التّبّرج بإظهار الّزينة :
- 6إظهار الّزينة من الّرجل قد يكون موافقاً
شريعة ،وقد يكون مخالفا ً لها . لل ّ
شريعة ،كالخذ من أطراف فالتّزيّن المخالف لل ّ
الحاجب تشبّها ً بالنّساء ،وكوضع المساحيق على
الوجه تشبّها ً بالنّساء ،وكالتّزيّن بلبس الحرير
والذ ّهب والتّختّم به وما إلى ذلك ،وهناك صور من
التّزيّن اختلف في حكمها .تنظر في ( اختضاب )
ما التّزيّن الّذي أباحته وفي ( لحية وتزيّن ) .وأ ّ
ضت عليه :كتزيّن الّزوج شريعة ،ومنه تزيّن ح ّ ال ّ
شعر أو حلقه ،لكن لزوجته كتزيّنها له ،وتسريح ال ّ
شيب إلى الحمرة ن تغيير ال ّ يكره القزع ،ويس ّ
نضة « ،ل ّ صفرة .ويجوز التّزيّن بالتّختّم بالف ّ وال ّ
264
ضة » ي صلى الله عليه وسلم اتّخذ خاتما ً من الف ّ النّب ّ
ن الفقهاء اختلفوا في مقدار الخاتم وينظر في ،إل ّ أ ّ
مصطلح ( تختّم ) .
تبّرج الذ ّ ّ
ميّة :
ميّة الحّرة عورتها كعورة المسلمة الحّرة ، - 7الذ ّ ّ
حيث لم يفّرق الفقهاء في إطلقهم للحّرة بين
المسلمة وغيرها ،كما أنّهم لم يفّرقوا بين عورة
الّرجل المسلم والكافر ،وهذا يقتضي تحريم النّظر
ي رجل ً كان أو أنثى ،وعلى ذلك م ّإلى عورة الذ ّ ّ
ميّة ستر عورتها والمتناع عن التّبّرج يجب على الذ ّ ّ
ة على الداب المثير للفتنة ،درءا ً للفساد ومحافظ ً
مة . العا ّ
من يطلب منه منع التّبّرج ؟
صغيرة عن التّبّرج إذا - 8على الب أن يمنع بنته ال ّ
سها والنّظر إليها
كانت تشتهى ،حيث ل يباح م ّ
والحالة هذه لخوف الفتنة ،وكذلك عليه ذلك
بالنّسبة لبنته الّتي لم تتزوّج متى كانت في وليته ،
إذ ينبغي له أن يأمرها بجميع المأمورات ،وينهاها
عن جميع المنهيّات ،ومثل الب في ذلك وليّها عند
عدمه .وعلى الّزوج منع زوجته عنه ،لنّه معصية ،
ل معصية ل فله تأديبها وضربها ضربا ً غير مبّرح في ك ّ
حد ّ فيه ،إذا لم تستجب لنصحه ووعظه ،متى كان
ي المر أن ي .وعلى ول ّشرع ّ شيا ً مع المنهج ال ّ متم ّ
ينهى عن التّبّرج المحّرم ،وله أن يعاقب عليه ،
وعقوبته التّعزير ،والمراد به التّأديب ،ويكون
ضرب أو بالحبس أو بالكلم العنيف ،أو ليس فيه بال ّ
تقدير ،بل هو مفوّض إلى رأي من يقوم به وفق
مقتضيات الحوال الّتي يطلب فيها التّعزير .وانظر
مصطلح ( تعزير ) .
265
=================
تبّرك *
التّعريف :
ة :طلب البركة ،والبركة هي :النّماء - 1التّبّرك لغ ً
والّزيادة ،والتّبريك :الدّعاء للنسان بالبركة .وبارك
شيء وبارك فيه وعليه :وضع فيه البركة ، اللّه ال ّ
ب أَنزلْناه مباَرك } وفي التّنزيل { :وهذا كتا ٌ
ي: منت به .قال الّراغب الصفهان ّ وتبّركت به تي ّ
شيء .قال تعالى : ي في ال ّ البركة ثبوت الخير الله ّ
حنا عليهم فت َ ْقوْا ل َ َ ل القرى آمنوا وات َّ َ ن أه َ { ولو أ َّ
سماء والرض } { وهذا ذِكْر مبارك ت من ال ّ بركا ٍ
أنزلناه } تنبيها ً على ما يفيض به من الخيرات
ي للتّبّرك هو : اللهيّة .وعلى هذا فالمعنى الصطلح ّ
شيء . ي في ال ّ طلب ثبوت الخير الله ّ
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
سل : أ -التّو ّ
سل العبد إلى ة :التّقّرب .يقال :تو ّ سل لغ ً - 2التّو ّ
ربّه بوسيلة إذا تقّرب إليه بعمل .
ة}. وفي التّنزيل { :وابْتَغُوا إليه الوسيل َ
شفاعة : ب -ال ّ
ة من مادّة شفع ،ويقال : شفاعة :لغ ً - 3ال ّ
شفاعة .وقال الّراغب استشفعت به :طلبت منه ال ّ
شفاعة النضمام إلى آخر ناصرا ً له ي :ال ّ الصفهان ّ
شفاعة ، وسائل ً عنه ،وشّفع وتشّفع :طلب ال ّ
شفيع للملك في حاجة يسألها شفاعة :كلم ال ّ وال ّ
شافع :الطّالب لغيره ،وشفع إليه في لغيره ،وال ّ
معنى :طلب إليه قضاء حاجة المشفوع له .
سؤال في التّجاوز عن ضراعة وال ّ وفي الصطلح :ال ّ
ذنوب المشفوع له أو قضاء حاجته .
266
ج -الستغاثة :
ة :طلب الغوث ،وفي التّنزيل : - 4الستغاثة لغ ً
ة :إذا أعانة { إذ ْ تستغيثون ربَّكم } وأغاثه إغاث ً
ونصره ،فهو مغيث ،وأغاثهم اللّه برحمته :كشف
شدّتهم .
ي:الحكم التّكليف ّ
التّبّرك مشروع في الجملة على التّفصيل التّالي :
مدَلَة :
ح ْ
- 1 -التّبّرك بالبسملة وال َ
ل أمر - 5ذهب بعض أهل العلم إلى سنّيّة ابتداء ك ّ
م به شرعا ً -بحيث ل يكون محّرماً ذي بال يهت ّ
لذاته ،ول مكروها ً لذاته ،ول من سفاسف المور
ل في موضعه ومحّقراتها -بالبسملة والحمدلة ،ك ّ
على سبيل التّبّرك .
وجرى العلماء في افتتاح كلماتهم وخطبهم
مة بالبسملة عمل ً بما ل أعمالهم المه ّ ومؤلّفاتهم وك ّ
ل أمر ي صلى الله عليه وسلم « :ك ّ روي عن النّب ّ
ذي بال ل يبدأ فيه ببسم اللّه فهو أبتر أو أقطع أو
ل أمر ذي بال ل يبدأ أجذم » وفي رواية أخرى « :ك ّ
فيه بالحمد للّه فهو أبتر أو أقطع أو أجذم » ومن
شرب ، هذا الباب التيان بالبسملة عند الكل ،وال ّ
والجماع ،والغتسال ،والوضوء ،والتّلوة ،
مم ،والّركوب والنّزول وما إلى ذلك . والتّي ّ
ي صلى الله عليه وسلم : - 2 -التّبّرك بآثار النّب ّ
ي
- 6اتّفق العلماء على مشروعيّة التّبّرك بآثار النّب ّ
سيرةصلى الله عليه وسلم وأورد علماء ال ّ
شمائل والحديث أخبارا ً كثيرةً تمثّل تبّرك وال ّ
صحابة الكرام رضي الله عنهم بأنواع متعدّدة من ال ّ
آثاره صلى الله عليه وسلم نجملها فيما يأتي :
أ -في وضوئه :
267
ضأي صلى الله عليه وسلم إذا تو ّ « - 7كان النّب ّ
كادوا يقتتلون على وضوئه » ،لفرط حرصهم على
سه صلى الله عليه وسلم ببدنه التّبّرك بما م ّ
شريف ،وكان من لم يصب من وضوئه يأخذ من ال ّ
بلل يد صاحبه .
ب -في ريقه ونخامته :
ي صلى الله عليه وسلم ل يبصق « - 8كان النّب ّ
ة إل ّ تلّقوها ،وأخذوها من خم نخام ً بصاقا ً ول يتن ّ
ف رجل منهم ،فدلكوا بها الهواء ،ووقعت في ك ّ
وجوههم وأجسادهم ،ومسحوا بها جلودهم
وأعضاءهم تبّركا ً بها » « .وكان يتفل في أفواه
ج ريقه في اليادي ،وكان يمضغ الطفال ،ويم ّ
شخص » « ،وكان جه في فم ال ّ الطّعام فيم ّ
ي صلى الله صحابة يأتون بأطفالهم ليحنّكهم النّب ّ ال ّ
عليه وسلم رجاء البركة » .
ج -في دمه صلى الله عليه وسلم :
صحابة شربوا دمه صلى الله ن بعض ال ّ - 9ثبت أ ّ
عليه وسلم على سبيل التّبّرك ،فعن عبد اللّه بن
ي صلى الله الّزبير رضي الله عنه « أنّه أتى النّب ّ
ما فرغ قال :يا عبد اللّه عليه وسلم وهو يحتجم ،فل ّ
اذهب بهذا الدّم فأهرقه حيث ل يراك أحد فشربه ،
ما رجع ،قال :يا عبد اللّه ما صنعت ؟ قال : فل ّ
ي عن جعلته في أخفى مكان علمت أنّه مخف ّ
النّاس ،قال :لعلّك شربته ؟ قلت :نعم .قال :
ويل للنّاس منك ،وويل لك من النّاس » فكانوا
ن القوّة الّتي به من ذلك الدّم .وفي رواية « يرون أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال له :من خالط ن النّب ّ أ ّ
سه النّار » . دمه دمي لم تم ّ
د -في شعره صلى الله عليه وسلم :
268
ي صلى الله عليه وسلم يوّزع شعره « - 10كان النّب ّ
شريف » ،وكان صحابة عندما يحلق رأسه ال ّ بين ال ّ
صلواصحابة رضي الله عنهم يحرصون على أن يح ّ ال ّ
شيئا ً من شعره صلى الله عليه وسلم ويحافظون
على ما يصل إلى أيديهم منه للتّبّرك به .فعن أنس
ن رسول اللّه صلى الله عليه رضي الله عنه « أ ّ
م أتى منزله وسلم أتى منًى فأتى الجمرة فرماها ث ّ
م قال :للحّلق :خذ وأشار إلى جانبه بمنًى ونحر ،ث ّ
م جعل يعطيه النّاس » . م اليسر ،ث ّ اليمن ث ّ
ما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق وفي رواية « :ل ّ
م دعا أبا طلحة ناول الحّلق شّقه اليمن ،فحلقه ،ث ّ
م ناوله النصاريّ رضي الله عنه فأعطاه إيّاه ،ث ّ
شقّ اليسر فقال :احلق ،فحلقه ،فأعطاه أبا ال ّ
طلحة ،فقال :اقسمه بين النّاس » .وفي رواية :
شعرتين شعرة وال ّ شقّ اليمن فوّزعه ال ّ « فبدأ بال ّ
م قال باليسر فصنع به مثل ذلك » . بين النّاس ،ث ّ
ن خالد بن الوليد رضي الله عنه :فقد وروي « أ ّ
قلنسوة ً له يوم اليرموك ،فطلبها حتّى وجدها ،
وقال :اعتمر رسول اللّه فحلق رأسه فابتدر النّاس
جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في
هذه القلنسوة ،فلم أشهد قتال ً وهي معي إل ّ رزقت
النّصر » .
وعن أنس رضي الله عنه قال « :لقد رأيت رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم والحّلق يحلقه وأطاف به
أصحابه ،فما يريدون أن تقع شعرة إل ّ في يد رجل
».
هـ -في سؤره وطعامه صلى الله عليه وسلم :
صحابة رضي الله عنهم كانوا ن ال ّ - 11ثبت أ ّ
يتنافسون في سؤره صلى الله عليه وسلم ليحوز
269
ل واحد منهم البركة الّتي حلّت في الطّعام أو ك ّ
شراب من قبل الّرسول صلى الله عليه وسلم . ال ّ
ن رسول فعن سهل بن سعد رضي الله عنه « :أ ّ
اللّه أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلم ،وعن
يساره الشياخ فقال للغلم :أتأذن لي أن أعطي
هؤلء ؟ فقال الغلم - :وهو ابن عبّاس رضي الله
عنهما : -واللّه يا رسول اللّه ل أوثر بنصيبي منك
أحدا ً ،فتلّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في
يده » .
وعن عميرة بنت مسعود رضي الله عنها « :أنّها
ي صلى الله عليه وسلم هي دخلت على النّب ّ
ن خمس ،فوجدته يأكل وأخواتها يبايعنه ،وه ّ
م ناولني القديدة ، ن قديدةً ،ث ّ قديده ،فمضغ له ّ
ة ،فلقين اللّه وما ة قطع ً ل واحدة قطع ً فمضغتها ك ّ
ن خلوف » .وفي حديث خنس بن وجد لفواهه ّ
عقيل « :سقاني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
ة من سويق شرب أوّلها وشربت آخرها ،فما شرب ً
برحت أجد شبعها إذا جعت ،وريّها إذا عطشت ،
وبردها إذا ظمئت » .
و -في أظافره صلى الله عليه وسلم :
- 12ثبت أنّه صلى الله عليه وسلم قلّم أظافره ،
وقسمها بين النّاس للتّبّرك بها ،فقد ذكر المام
ن أباهمد بن زيد أ ّ أحمد رحمه الله ،من حديث مح ّ
ي صلى الله عليه وسلم على حدّثه « :أنّه شهد النّب ّ
ي ،فلم المنحر ورجل ً من قريش ،وهو يقسم أضاح ّ
يصبه منها شيء ول صاحبه ،فحلق رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه ،فأعطاه
فقسم منه على رجال ،وقلّم أظافره فأعطاه
270
م قلّم أظافره وقسمها صاحبه » .وفي رواية « ث ّ
بين النّاس » .
ز -في لباسه صلى الله عليه وسلم وأوانيه :
صحابة رضي الله عنهم كانوا ن ال ّ - 13ثبت كذلك أ ّ
يحرصون على اقتناء ملبسه وأوانيه للتّبّرك بها
والستشفاء .فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله
ن
ة وقالت :إ ّ ة طيالس ً عنهما « :أنّها أخرجت جب ّ ً
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يلبسها فنحن
نغسلها للمرضى يستشفى بها » .وفي رواية « :
فنحن نغسلها نستشفي بها » .
ي قال « :كانت عندنا مد الباج ّ وروي عن أبي مح ّ
ي صلى الله عليه وسلم فكنّا قصعة من قصاع النّب ّ
نجعل فيها الماء للمرضى ،يستشفون بها ،
فيشفون بها » .
ح -في ما لمسه صلى الله عليه وسلم ومصّله :
صحابة رضي الله عنهم يتبّركون فيما - 14كان ال ّ
شريفة صلى الله عليه وسلم .ومن تلمس يده ال ّ
ذلك « بركة يده فيما لمسه وغرسه لسلمان رضي
الله عنه حين كاتبه مواليه على ثلثمائة ودية وهو
صغار النّخل يغرسها لهم كلّها ،تعلّق وتطعم ،وعلى
أربعين أوقيّة من ذهب ،فقام صلى الله عليه وسلم
وغرسها له بيده ،إل ّ واحدة ً غرسها غيره ،فأخذت
ي صلى الله عليه كلّها إل ّ تلك الواحدة ،فقلعها النّب ّ
وسلم وردّها فأخذت » وفي رواية « :فأطعم النّخل
من عامه إل ّ الواحدة ،فقلعها رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم وغرسها فأطعمت من عامها ،وأعطاه
مثل بيضة الدّجاجة من ذهب ،بعد أن أدارها على
لسانه ،فوزن منها لمواليه أربعين أوقيّة ،وبقي
عنده مثل ما أعطاهم » .
271
شريفة صلى الله عليه وسلم على « ووضع يده ال ّ
رأس حنظلة بن حذيم وبّرك عليه ،فكان حنظلة
شاة قد ورم ضرعها يؤتى بالّرجل قد ورم وجهه ،وال ّ
ي صلى الله عليه ف النّب ّ
،فيوضع على موضع ك ّ
وسلم فيذهب الورم » .
« وكان يؤتى إليه صلى الله عليه وسلم بالمرضى
وأصحاب العاهات والمجانين فيمسح عليهم بيده
شريفة صلى الله عليه وسلم فيزول ما بهم من ال ّ
مرض وجنون وعاهة » .
ي صلى وكذلك كانوا يحرصون على أن يصلّي النّب ّ
الله عليه وسلم في مكان من بيوتهم ،ليتّخذوه
ً
ي صلى مصل ّى لهم بعد ذلك ،وتحصل لهم بركة النّب ّ
الله عليه وسلم .فعن عتبان بن مالك رضي الله
من شهد بدرا ً -قال « :كنت أصلّي عنه -وهو م ّ
لقومي بني سالم ،وكان يحول بيني وبينهم واد إذا
ي اجتيازه قبل جاءت المطار ،فيشقّ عل ّ
مسجدهم ،فجئت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
ن الوادي الّذي فقلت له :إنّي أنكرت بصري ،وإ ّ
بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت المطار فيشقّ
ي اجتيازه ،فوددت أنّك تأتي فتصلّي في بيتي عل ّ
ً
مكانا ً أتّخذه مصل ّى ،فقال رسول اللّه صلى الله
ي رسول عليه وسلم :سأفعل إن شاء اللّه فغدا عل ّ
اللّه وأبو بكر رضي الله عنه بعدما اشتد ّ النّهار ،
واستأذن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأذنت
ب أن أصلّي من له ،فلم يجلس حتّى قال :أين تح ّ
ب أن يصلّي بيتك ؟ فأشرت له إلى المكان الّذي أح ّ
فيه ،فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فكبّر
م سلّم ،وسلّمنا حين وصففنا وراءه فصلّى ركعتين ث ّ
سلّم » .
272
- 3 -التّبّرك بماء زمزم :
- 15ذهب العلماء إلى سنّيّة شرب ماء زمزم
لمطلوبه في الدّنيا والخرة ،لنّها مباركة ،لقوله
صلى الله عليه وسلم « :ماء زمزم لما شرب له »
.
- 4 -التّبّرك ببعض الزمنة والماكن في النّكاح :
- 16ذهب جمهور العلماء إلى استحباب مباشرة
عقد النّكاح في المسجد ،وفي يوم الجمعة للتّبّرك
بهما ،فقد قال الّرسول صلى الله عليه وسلم « :
أعلنوا هذا النّكاح ،واجعلوه في المساجد ،واضربوا
عليه بالدّفوف »
================
تبكير *
التّعريف :
- 1التّبكير :مصدر بكّر بالتّشديد ،وأصله من
الخروج بُكْرة أوّل النّهار ،ويكون أيضا ً بمعنى :
التّعجيل والسراع أيّ وقت كان ،يقال :بكّر
صلة أي :صّلها لوّل وقتها ،ويقال :بكّروا بال ّ
بصلة المغرب أي :صلّوها عند سقوط القرص ،
ل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه .ولم يخرج وك ّ
الفقهاء في استعمالهم عن هذين المعنيين .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -التّغليس :
- 2التّغليس في صلة الفجر :فعلها أوّل طلوع
ضوء .الفجر قبل انتشار ال ّ
ب -السفار :
- 3السفار معناه :الوضوح والظّهور ،يقال :أسفر
صبح في صبح :انكشف وأضاء ،والسفار بصلة ال ّ ال ّ
عرف الفقهاء هو :فعلها عند انتشار ضوء الفجر .
273
ي:الحكم التّكليف ّ
ب
- 4التّبكير بأداء العبادات في أوّل أوقاتها مستح ّ
ي صلى لتحصيل الفضل والثّواب ،لما روي عن النّب ّ
الله عليه وسلم -حين سئل عن أفضل العمال -
صلة في أوّل وقتها » وهذا على الجملة قال « :ال ّ
عند الفقهاء .
ص على تأخيره -5ويستثنى من هذا الحكم ما ن ّ
لسبب ،كالبراد بصلة الظّهر في وقت الحّر ،لقول
ي صلى الله عليه وسلم « :إذا اشتد ّ الحّر النّب ّ
صلة » . فأبردوا بال ّ
كذلك استثنى الحنابلة والحنفيّة صلة العشاء ،لما
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال « : روي عن النّب ّ
لول أن أشقّ على المؤمنين لمرتهم بتأخير العشاء
شافعيّة ،وزاد » وهو أيضا ً قول عند المالكيّة وال ّ
الحنفيّة صلة العصر .
ما التّبكير بمعنى الخروج أوّل النّهار فهو وارد -6أ ّ
ب التّبكير في صلة الجمعة والعيدين .فقد استح ّ
شافعيّة والحنابلة ، لهما من أوّل النّهار الحنفيّة وال ّ
سل يوم ي صلى الله عليه وسلم « :من غ ّ لقول النّب ّ
ل خطوة الجمعة واغتسل ،وبكّر وابتكر كان له بك ّ
يخطوها أجر سنة ،صيامها وقيامها » وقال المام
ب التّبكير خشية الّرياء . مالك :ل يستح ّ
التّبكير لطلب الّرزق :
ب التّبكير بطلب الّرزق والتّجارة فقد روي - 7يستح ّ
عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت :قال رسول
للغدو في
ّ اللّه صلى الله عليه وسلم « :باكروا
الغدو بركة ونجاح » .قال ابن ّ ن
طلب الّرزق ،فإ ّ
ن ما بعد ي :يروى عن ابن عبّاس وغيره أ ّ العرب ّ
صبح وقت يقسم اللّه فيه الّرزق بين العباد ، صلة ال ّ
274
م أعط وثبت أنّه وقت ينادي فيه الملك « :اللّه ّ
منفقا ً خلفا ً ،وأعط ممسكا ً تلفا ً » .وهو وقت ابتداء
الحرص ونشاط النّفس وراحة البدن وصفاء الخاطر
،فيقسم لجل ذلك كلّه وأمثاله .
التّبكير بالتّعليم :
صبيان ما فرض اللّه على - 8ينبغي التّبكير بتعليم ال ّ
العباد من قول وفعل ،لكي يأتي عليهم البلوغ وقد
تمكّن ذلك في قلوبهم ،وسكنت إليه أنفسهم ،
وأنست بما يعلمون به من ذلك جوارحهم .وقد قال
مهات صحيح أنّه يجب على الباء وال ّ ووي :ال ّ
ّ الن ّ
صغار ما سيتعيّن عليهم بعد البلوغ تعليم الولد ال ّ
صوم ،وتحريم الّزنى صلة ،وال ّ من :الطّهارة ،وال ّ
سرقة وشرب المسكر ،والكذب ، واللّواط وال ّ
ونحوها .
ل على ذلك بقوله تعالى { :يا أيّها الّذين واستد ّ
ي بن أبي سكم وأهليكم نارا ً } قال عل ّ آمنوا قوا أنف َ
طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة :معناه
علّموهم ما ينجون به من النّار .
صبيان يرد ّ العذاب الواقع بإرادة اللّه تعالى وتعليم ال ّ
من تسبّب في تعليمهم ،أو عن عن آبائهم ،أو ع ّ
معلّمهم ،أو عنهم فيما يستقبل ،أو عن المجموع ،
أو يرد ّ العذاب عموما ً .
================
تتابع *
التّعريف :
- 1من معاني التّتابع في اللّغة :الموالة .يقال تابع
صلة وبين القراءة :إذا والى بينهما ، فلن بين ال ّ
ففعل هذا على أثر هذا بل مهلة بينهما .وتتابعت
الشياء :تبع بعضها بعضا ً .وتابع بين المور متابع ً
ة
275
يوتباعا ً :واتر ووالى .ول يخرج معناه الصطلح ّ
عن ذلك .
ي:الحكم الجمال ّ
- 2التّتابع يكون في صوم الكّفارات ،ويكون في
مى العتكاف ،ويكون في الوضوء والغسل ،ويس ّ
غالبا ً ( الموالة ) وتنظر أحكامه في ( الوضوء
والغسل ) .
صوم في كّفارة اليمين : التّتابع في ال ّ
- 3إذا لم يجد الحانث في يمينه ما يكّفر به عنها ،
من إطعام عشرة مساكين ،أو كسوتهم ،أو تحرير
رقبة أو عجز عن ذلك ،كان عليه أن ينتقل إلى
صوم ،فيصوم ثلثة أيّام .والصل في ذلك قول ّ ال
َ
ه بالل ّغْوِ في خذ ُكم الل ّ ُ اللّه تبارك وتعالى { :ل يؤا ِ
ن فكّفارتُه خذ ُكم بما عََّقدْتُم اليما َ ن يؤا ِ أيمانِكم ولك ْ
ط ما تُطْعمون ن من أوس ِ شَرةِ مساكي َ م عَ َ إطعا ُ
جدْ
سوتهم أو تحريُر َرقبةٍ فمن لم ي َ ِ أهليكم أو ك ِ ْ
فتُم } . حل َ ْ ة أيّام ٍ ذلك كّفارةُ أيمانِكم إذا َ م ثلث ِ فصيا ُ
واختلف الفقهاء في التّتابع ،فذهب الحنفيّة وهو
شافعيّة :إلى ح عند الحنابلة ،وهو قول لل ّ الص ّ
شاذ ّة لبن مسعود فصيام وجوب التّتابع ،للقراءة ال ّ
ثلثة أيّام متتابعات .وذهب المالكيّة -وهو قول
ة.ر: ة أو متفّرق ً شافعيّة -إلى جواز صومها متتابع ً لل ّ
( كّفارة اليمين ) .
صوم في كّفارة الظّهار : التّتابع في ال ّ
صوم في المرتبة الثّانية بعد العتق في - 4يأتي ال ّ
نكّفارة الظّهار ،كما في قوله تعالى { :والّذي َ
حرِيُر ما قالوا فَت َ ْ ن لِ َم يَعُودو َ يُظَاهُِرون من نسائِهم ث ّ
ه بما ن به والل ّ ُ م تُوعظو َ سا ذلك ْ ن يَتَما َّ
ن قَبْل أ ْ م َْرقَبَةٍ ِ
متَتَابعين م شهرين ُ جد ْ فصيا ُ ن لم ي َ ِ ن خبيٌر .فم ْ تعملو َ
276
ن
م ستّي َ ن لم يستطعْ فإطعا ُ سا فم ْ ما َّ ل أن يَت َ َ من قب ِ
سكينا ً ذلك لِتُؤمنوا باللّهِ ورسولِهِ وتلك حدود ُ اللّهِ م ْ ِ
م } .فإن لم يجد المظاهر ما ب ألي ٌ ن عذا ٌ وللكافري َ
صيام ، يعتق كما في الية الولى انتقل إلى ال ّ
فيصوم شهرين متتابعين كما في صدر الية الثّانية ،
ليس فيهما رمضان ،ويوما العيد ،وأيّام التّشريق ،
سا .فإن جامعها في وذلك من قبل أن يتما ّ
شهرين ليل ً أو نهارا ً عامدا ً أو ناسيا ً بعذر أو بغير ال ّ
نلأ ْ ن قب ِم ْ
عذر استقبل ،لقوله تعالى ِ { :
سا } . ما َّ يَت َ َ
شافعيّة والحنابلة وبهذا أخذ الحنفيّة ،والمالكيّة ،وال ّ
شافعيّة قالوا :إذا في وجوب التّتابع ،إل ّ أ ّ
ن ال ّ
جامعها ليل ً قبل أن يكّفر يأثم ول يبطل التّتابع .ر ( :
كّفارة الظّهار ) .
صوم في كّفارة الفطر في نهار رمضان التّتابع في ال ّ
:
- 5تجب الكّفارة بالجماع في نهار رمضان باتّفاق .
شرب عمدا ً عند الحنفيّة والمالكيّة وتجب بالكل أو ال ّ
صوم أو الطعام . ،والكّفارة تكون بالعتق أو ال ّ
صوم بعد العتق عند الحنفيّة وتأتي مرتبة ال ّ
شافعيّة وجمهور الحنابلة ،وفي رواية عن أحمد وال ّ
صيام والطعام وبأيّها أنّها على التّخيير بين العتق وال ّ
ن أو للتّخيير لما روى كّفر أجزأه ،وهذا بناءً على أ ّ
ن رجل ً أفطر في رمضان ،فأمره أبو هريرة « أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يكّفر بعتق
رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستّين
مسكينا ً » .
وعند المالكيّة كّفارته على التّخيير أيضا ً ،ولكنّهم
ضلوا الطعام على العتق فجعلوه أوّل ً ،لنّه أكثر ف ّ
277
ضلوا العتق على نفعا ً لتعدّيه لفراد كثيرة ،وف ّ
صوم صوم ،فال ّ ن نفعه متعد ّ للغير دون ال ّ صوم ،ل ّ ال ّ
عندهم في المرتبة الثّالثة .
ن صوم كّفارة الفطر وسواء كان هذا أو ذاك ،فإ ّ
مة الربعة .لما في رمضان شهران متتابعان عند الئ ّ
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال « :بينما نحن
ي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه جلوس عند النّب ّ
رجل ،فقال :يا رسول اللّه :هلكت ،قال :ما
لك ؟ قال :وقعت على امرأتي وأنا صائم .فقال
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :هل تجد رقب ً
ة
تعتقها ؟ قال :ل .قال فهل تستطيع أن تصوم
شهرين متتابعين ؟ قال :ل .قال :فهل تجد إطعام
ي صلى ستّين مسكينا ً ؟ قال :ل .قال :فمكث النّب ّ
ي النّب ُّ
ي ُ
الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك ،أت ِ َ
صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر -والعرق :
سائل ؟ فقال :أنا .قال :خذ المكتل -قال :أين ال ّ
هذا فتصدّق به .فقال الّرجل :على أفقر منّي يا
رسول اللّه ؟ فواللّه ما بين لبَتَيْها -يريد الحّرتين -
ي صلى ل بيت أفقر من أهل بيتي .فضحك النّب ّ أه ُ
َ
مه م قال :أطْعِ ْ الله عليه وسلم حتّى بدت أنيابه ،ث ّ
ك». أهل َ َ
صوم في كّفارة القتل : ال ّ
- 6يأتي في المرتبة الثّانية بعد العجز عن العتق ،
ل مؤْمنا ً خطَأً
َ ن َقت َ ُ كما في قوله تعالى { :وم ْ
ة إلى أهلِهِ إل ّ أ ْ
ن سل ّ َ
م ٌ م َة ُفتحريُر رقبةٍ مؤمنةٍ وَدِي َ ٌ
م
م يجد ْ فصيا ُ نل ْ صدَّقُوا } إلى قوله تعالى { :فم ْ ي َ َّ
ه عليماً ن الل ّ ُ ة من اللّهِ وكا َ ن تَوْب َ ً َ
ن متتابعي ِشهْري ِ
حكيما ً } .
278
شهرين واجب اتّفاقا ً .ر : فالتّتابع في صيام هذين ال ّ
( كّفارة القتل ) .
التّتابع في صوم النّذر :
ة ،ولم - 7إن نذر أن يصوم أيّاما ً ،أو شهرا ً ،أو سن ً
يعيّن ،وشرط التّتابع لزمه اتّفاقا ً ،وكذا لو نذر أن
يصوم شهرا ً معيّنا ً كرجب ،أو سنة معيّنة ،لزمه
ما لو نذر شهرا ً ،أو سن ً
ة التّتابع في صيامها كذلك .أ ّ
غير معيّنين ،ولم يشترط التّتابع ،فقد ذهب الحنفيّة
شافعيّة ،وهو رواية عند الحنابلة إلى : والمالكيّة وال ّ
أنّه ل يلزمه التّتابع ،وفي رواية أخرى عند الحنابلة
يلزمه التّتابع ،وروي عن أحمد كذلك فيمن قال :
ة.ي أن أصوم عشرة أيّام :يصومها متتابع ً للّه عل ّ
وانظر للتّفصيل مصطلح ( :نذر ) .
التّتابع في العتكاف :
ن من أوجب على نفسه - 8مذهب الحنفيّة :أ ّ
اعتكاف أيّام ،بأن قال :عشرة أيّام مثل ً ،لزمه
ة ،وإن لم يشترط التّتابع ، اعتكافها بلياليها متتابع ً
ن مبنى العتكاف على التّتابع .وكذا لو قال : ل ّ
شهرا ً ،ولم ينوه بعينه ،لزمه متتابعا ً ليله ونهاره ،
يفتتحه متى شاء بالعدد ،ل هلليّا ً ،وإن عيّن شهراً
شهر بالهلل ،وإن فّرق العتكاف استأنفه يعتبر ال ّ
متتابعا ً .وقال زفر في نذر اعتكاف شهر :إن شاء
فّرق العتكاف وإن شاء تابعه .وإن نوى اليّام
ن حقيقة اليوم حت نيّته ،ل ّ ة أي دون اللّيل ص ّ ص ً
خا ّ
بياض النّهار .
وعند المالكيّة كذلك ،يلزم تتابع العتكاف المنذور
فيما إذا كان مطلقا ً ،أي غير مقيّد بتتابع ول عدمه .
ن من نذر اعتكاف شهر أو ثلثين يوما ً فل يفّرق وأ ّ
279
ذلك .وهذا بخلف من نذر أن يصوم شهرا ً أو أيّاما ً ،
فإنّه ل يلزمه التّتابع في ذلك .
صوم إنّما يؤدّى في النّهار دون اللّيل ن ال ّ والفرق :أ ّ
فكيفما فعل أصاب ،متتابعا ً أو مفّرقا ً .والعتكاف
يستغرق الّزمانين اللّيل والنّهار ،فكان حكمه
يقتضي التّتابع .
والمراد بالمطلق :الّذي لم يشترط في التّتابع لفظاً
،ولم يحصل فيه نيّة التّتابع ،ول نيّة عدمه .فإن
حصل فيه نيّة أحدهما عمل بها .ويلزم المعتكف ما
شروع ،وهو حين نواه من تتابع أو تفريق وقت ال ّ
ن النّيّة
دخوله فيه ،ول يلزمه بنيّته فقط ،ل ّ
بمجّردها ل توجب شيئا ً .
ن من نذر أن يعتكف شهرا ً فإن شافعيّة قالوا :إ ّ وال ّ
عيّن شهرا ً لزمه اعتكافه متتابعا ً ليل ً ونهارا ً ،سواء
ما بين شهر عبارة ع ّ ن ال ّ ما ً أو ناقصا ً ،ل ّ شهر تا ّ كان ال ّ
شهر م أو نقص .وإن نذر اعتكاف نهار ال ّ الهللين ،ت ّ
ص النّهار فلم يلزمه لزمه النّهار دون اللّيل ،لنّه خ ّ
شهر ولم يعتكف فيه العتكاف باللّيل ،فإن فاته ال ّ
لزمه قضاؤه ،ويجوز أن يقضيه متتابعا ً ومتفّرقا ً ،
ن التّتابع في أدائه بحكم الوقت ،فإذا فات سقط ل ّ
التّتابع في صوم رمضان .وإن نذر أن يعتكف متتابعاً
ن التّتابع هنا بحكم النّذر ، لزمه قضاؤه متتابعا ً ،ل ّ
فلم يسقط بفوات الوقت .
وإن نذر اعتكاف شهر غير معيّن ،واعتكف شهراً
شهر ن اسم ال ّ شهر أو نقص ،ل ّ م ال ّبالهلّة أجزأه ،ت ّ
يقع عليه ،وإن اعتكف شهرا ً بالعدد لزمه ثلثون
ن شرط شهر بالعدد ثلثون يوما ً .فإ ّ ن ال ّ يوما ً ،ل ّ
التّتابع لزمه متتابعا ً ،لقوله صلى الله عليه وسلم «
مى » وإن شرط مى فعليه الوفاء بما س ّ ن نَذََر وس ّ م ْ
َ
280
أن يكون متفّرقا ً جاز أن يكون متفّرقا ً ومتتابعا ً ،ل ّ
ن
المتتابع أفضل من المتفّرق ،وإن أطلق النّذر جاز
متفّرقا ً ومتتابعا ً ،كما لو نذر صوم شهر
ن من نذر اعتكاف أيّام ما الحنابلة فقد ذهبوا إلى أ ّ أ ّ
متتابعة يصومها فأفطر يوما ً أفسد تتابعه ،ووجب
عليه الستئناف ،لخلله بالتيان بما نذره على
صفته .
وإن نذر اعتكاف شهر لزمه شهر بالهلّة أو ثلثون
يوما ً ،والتّتابع فيه على وجهين :أحدهما ل يلزمه ،
والثّاني يلزمه ،وقال القاضي :يلزمه التّتابع قولً
واحدا ً ،لنّه معنًى يحصل في اللّيل والنّهار ،فإذا
أطلقه اقتضى التّتابع .ر ( :اعتكاف ) .
ما يقطع التّتابع في صيام الكّفارات :
ينقطع التّتابع في صوم الكّفارة بأمور ذكرها الفقهاء
وهي :
أ -الفطر بإكراه أو نسيان ونحوهما :
ن الفطار بعذر أو بغير عذر يقطع - 9يرى الحنفيّة أ ّ
التّتابع ،باستثناء عذر المرأة في الحيض ،ولم
يفّرقوا في ذلك بين عذر المرض أو غيره ،وهو
يتناول الكراه .
ما لو أكل ناسيا ً في كّفارة الظّهار فقد ذكر وأ ّ
صاحب الفتاوى الهنديّة :أنّه ل يضّر .
ول يجزئ عن الكّفارة صيام تسعة وخمسين يوماً
ما إذا صام شهرين باعتبار بغير اعتبار الهلّة ،أ ّ
ة
ح حتّى ولو كان ثماني ً ن صومه يص ّ الهلّة ،فإ ّ
وخمسين يوما ً .
ن الفطر بالكراه بمؤلم من قتل أو ويرى المالكيّة أ ّ
ضرب ل يقطع التّتابع ،ول يقطعه أيضا ً فطر من
ك ش ّشمس بخلف ال ّ ن بقاء اللّيل ،أو غروب ال ّ ظ ّ
281
شمس فإنّه يقطعه ،وكذا ل يقطع في غروب ال ّ
ة وخمسين يوما ً ، التّتابع عندهم فطر من صام تسع ً
م أصبح مفطرا ً ظانّا ً الكمال .ول يقطع التّتابع ث ّ
شرب ناسيا ً على المشهور ،ول عندهم الكل وال ّ
يقطعه جماع غير المظاهر منها نهارا ً نسيانا ً ،أو ليلً
ولو عمدا ً .
ن الكراه على الكل يبطل شافعيّة :أ ّ وذكر ال ّ
صوم على ن الكراه عليه يبطل ال ّ التّتابع ،بناءً على أ ّ
القول به ،لنّه سبب نادر .هذا هو المذهب في
صورتين ،كما جاء في الّروضة ،وبه قطع الجمهور ال ّ
ج كالمرض ،وكذا إذا استنشق ،وجعلهما ابن ك ّ
فوصل الماء إلى دماغه ،ففي انقطاع التّتابع
الخلف ،بناءً على القول بأنّه يفطر ،وقال النّوويّ :
لو أوجر الطّعام مكرها ً لم يفطر ولم ينقطع تتابعه ،
ل الطّرق .قطع به الصحاب في ك ّ
ن التّتابع ل يقطع بالفطر بسبب وذكر الحنابلة أ ّ
صحيح من الكراه أو الخطأ أو النّسيان على ال ّ
متي الخطأ ن اللّه وضع عن أ ّ المذهب ،لحديث « :إ ّ
والنّسيان وما استكرهوا عليه » ل إن أفطر لجهل
ن ظ كمن فإنه ل يعذر به ،وأما الّذي أفطر خطأ ً
ّ ّ ّ
بقاء اللّيل أو الغروب فبان خلفه فل ينقطع تتابع
شهرين ن تمام ال ّ ما الّذي أفطر على ظ ّ صيامه ،وأ ّ
ن
نأ ّفبان خلفه فإنّه ينقطع تتابع صيامه ،أو ظ ّ
الواجب شهر واحد فأفطر ،أو أفطر ناسيا ً لوجوب
التّتابع ،أو أفطر لغير عذر انقطع تتابع صيامه
لقطعه إيّاه ،ول يعذر بالجهل .
ب -الحيض والنّفاس :
ن الحيض ل يقطع التّتابع - 10اتّفق الفقهاء على أ ّ
في الكّفارة الّتي توجب صيام شهرين على المرأة ،
282
ككّفارة القتل ،لنّه ل بد ّ منه فيهما ،ولنّها ل يد لها
صوم ،وفي تأخير التّكفير إلى فيه ،ولنّه ينافي ال ّ
شافعيّة قال ن المتولّي من ال ّ ن اليأس خطر ،إل ّ أ ّ س ّ
ن المرأة إذا كانت لها عادة في الطّهر تسع صوم :إ ّ
الكّفارة فصامت في غيرها ،أي في وقت يحدث
فيه الحيض ،فإنّه يقطع التّتابع .
ن الحيض ما تتابع صوم أيّام كّفارة اليمين ،فإ ّ وأ ّ
يقطعه ،بنا ًء على وجوب التّتابع فيها كما ذكر
شافعيّة على أحد القولين في وجوب الحنفيّة ،وال ّ
شهرين .هذا ،وذكر تتابعها ،لقلّة أيّامها ،بخلف ال ّ
ووي في الّروضة :أنّنا إذا أوجبنا التّتابع في كّفارة ّ الن ّ
اليمين فحاضت في أثنائها ،ففي انقطاع تتابعها
شهرين ،ويشبه القولن في الفطر بالمرض في ال ّ
أن يكون فيه طريق جازم بانقطاع التّتابع .
ما النّفاس فإنّه يقطع التّتابع في صوم الكّفارة - 11أ ّ
صحيح الّذي حكاه أبو عند الحنفيّة ،وعلى مقابل ال ّ
شافعيّة لندرته ،ولمكانها ي من ال ّ سرخس ّ الفرج ال ّ
اختيار شهرين خاليين منه .وذهب المالكيّة
ن
صحيح ،والحنابلة إلى :أ ّ شافعيّة على ال ّ وال ّ
النّفاس ل يقطع التّتابع ،قياسا ً على الحيض ،ولنّها
ل يد لها فيه .
ت -دخول رمضان والعيدين وأيّام التّشريق :
ن دخول شهر رمضان وعيد - 12ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
الفطر أو عيد الضحى وأيّام التّشريق يقطع صوم
الكّفارة لوجوب صوم رمضان وحرمة صوم الباقي ،
ن في استطاعته أن يجد شهرين ليس فيهما ما ول ّ
شافعيّة في صوم ذكر ،وهذا أيضا ً هو ما ذهب إليه ال ّ
ما السير إذا صام باجتهاده ،فدخل غير السير .وأ ّ
شهرين ،ففي عليه رمضان أو العيد قبل تمام ال ّ
283
انقطاع تتابعه الخلف في انقطاعه بإفطار المريض
.
مد فطر يوم العيد ن تع ّ
ما المالكيّة فذكروا :أ ّ وأ ّ
مد صوم ذي يقطع تتابع صوم الكّفارة ،كما إذا تع ّ
جة عن كّفارة ظهاره مع علمه القعدة وذي الح ّ
بدخول العيد في أثنائه .بخلف ما إذا جهله فإنّه ل
جة هو المحّرم ، ن شهر ذي الح ّ نأ ّ يقطع ،كما إذا ظ ّ
فصامه مع ما بعده ظانّا ً أنّه صفر ،فبان خلفه .
وجهل دخول رمضان عندهم كجهل العيد على
الرجح عند ابن يونس ،والمراد بجهل العيد كما في
ي :جهله في كونه يأتي في الكّفارة ،ل جهل الخرش ّ
ن المراد حكمه ،خلفا ً لبي الحسن ،حيث ذكر أ ّ
بالجهل جهل الحكم وهو أظهر .ومثل العيد عندهم
ن صومه ما ثالث أيّام التّشريق فإ ّ اليومان بعده .وأ ّ
يجزئ ،وفطره يقطع التّتابع اتّفاقا ً ،كما جاء في
ن صوم ما الحنابلة فذهبوا إلى أ ّ ي .وأ ّ الخرش ّ
الكّفارة ل يقطع بذلك مطلقا ً ،لوجوب صوم
ن فطر العيدين وأيّام شرع ،ول ّ رمضان بإيجاب ال ّ
ن ذلك شرع ،أي إ ّ التّشريق واجب أيضا ً بإيجاب ال ّ
شرع من صومه كاللّيل . الّزمن منعه ال ّ
سفر : ث -ال ّ
سفر عند الحنفيّة والمالكيّة ،وقول عند - 13ال ّ
ن الفطار شافعيّة :يقطع التّتابع إن أفطر فيه ،ل ّ ال ّ
عندهم بعذر أو بغير عذر يقطعه .والقول الخر
شافعيّة :أنّه كالمرض . لل ّ
سفر الّذي يباح فيه الفطر ل يقطع التّتابع عند وال ّ
الحنابلة .
ج – فطر الحامل والمرضع :
284
شافعيّة ،كما جاء - 14فطر الحامل والمرضع عند ال ّ
في الّروضة خوفا ً على الولد .قيل :هو كالمرض ،
وقيل :يقطع قطعا ً ،لنّه فعل اختياريّ .
ن فطر الحامل والمرضع خوفاً ما الحنابلة فيرون أ ّ وأ ّ
على أنفسهما أو ولديهما ل يقطع التّتابع ،لنّه فطر
أبيح لعذر عن غير جهتهما ،فأشبه المرض .وما
ن الفطر بعذر أو بغير عذر ذهب إليه الحنفيّة -من أ ّ
يقطع التّتابع -والمالكيّة -من القول بقطعه بك ّ
ل
سفر مثل ً -مقتضاه قطع التّتابع فعل اختياريّ ،كال ّ
بفطرهما خوفا ً على أنفسهما أو ولديهما .
ح -المرض :
- 15المرض يقطع تتابع صوم الكّفارة عند الحنفيّة ،
ن
شافعيّة في الظهر ،وهو الجديد ،ل ّ وعند ال ّ
الحنفيّة لم يفّرقوا بين الفطر بعذر مرض أو غيره
نفي قطع التّتابع ،باستثناء المرأة في الحيض ،ول ّ
صوم ،وإنّما شافعيّة ل ينافي ال ّ المرض كما ذكر ال ّ
ن
شافعيّة في القديم إلى أ ّ قطعه باختياره .وذهب ال ّ
المرض ل يقطع تتابع صوم الكّفارة ،لنّه ل يزيد
على أصل وجوب صوم رمضان ،وهو يسقط
بالمرض .وهذا أيضا ً هو ما ذهب إليه الحنابلة ،وإن
كان المرض غير مخوف ،لنّه ل يد له فيه
كالحيض ،ومثله الجنون والغماء .
خ -نسيان النّيّة في بعض اللّيالي :
ن نسيان النّيّة في بعض شافعيّة إلى أ ّ - 16ذهب ال ّ
اللّيالي يقطع التّتابع كتركها عمدا ً ،ول يجعل
النّسيان عذرا ً في ترك المأمور به ،وهذا بناءً على
ح
ل ليلة ،على مقابل الص ّ وجوب اشتراطها في ك ّ
مش ّ
ك شهرين ،ث ّ ما لو صام أيّاما ً من ال ّ عندهم .أ ّ
بعد فراغه من صوم يوم ،هل نوى فيه أم ل ؟ لم
285
ووي ،ولّ صحيح كما قال الن ّ يلزمه الستئناف على ال ّ
ي في ك بعد الفراغ من اليوم ،ذكره الّرويان ّ ش ّأثر لل ّ
كتاب الحيض في مسائل المتحيّرة .
د -الوطء :
ن المظاهر إذا وطئ من - 17اتّفق الفقهاء على أ ّ
ن فعله هذا يقطع ظاهر منها في النّهار عامدا ً ،فإ ّ
ما إذا وطئها في اللّيل عامدا ً أو ناسيا ً ،أو التّتابع ،وأ ّ
وطئها في النّهار ناسيا ً ،ففيه الخلف .فذهب أبو
ن المظاهر إذا جامع الّتي ظاهر مد إلى أ ّ حنيفة ومح ّ
ن ذلك يقطع منها باللّيل عامدا ً أو بالنّهار ناسيا ً ،فإ ّ
صوم أن يكون خاليا ً من شرط في ال ّ ن ال ّالتّتابع ،ل ّ
ن التّتابع ل يقطع المسيس ،وقال أبو يوسف :إ ّ
صوم ،وهو وإن كان تقديمه بذلك إذ ل يفسد به ال ّ
ن فيما ذهبنا إليه تقديم على المسيس شرطا ً ،فإ ّ
ل عنه .وذهب البعض ،وفيما قلتم تأخير الك ّ
ن وطء المظاهر منها يقطع المالكيّة والحنابلة إلى أ ّ
التّتابع مطلقا ً ،سواء أكان باللّيل أم بالنّهار ،وسواء
أكان عالما ً أو ناسيا ً أم جاهل ً أم غالطا ً ،أو بعذر يبيح
ن
لأ ْ ن قَب ْ ِ
م ْ
الفطر كسفر ،لقوله تعالى ِ { :
سا } . يَتَما َّ
ن وطأه باللّيل ل يقطع شافعيّة إلى أ ّ وذهب ال ّ
التّتابع ،ويعتبر عاصيا ً .هذا ،ووطء غير المظاهر
منها في النّهار عامدا ً يقطع التّتابع ،كما صّرح به
صاحب العناية من الحنفيّة ،بخلف ما لو وطئها
ن ذلك ل باللّيل عامدا ً ،أو ناسيا ً ،أو بالنّهار ناسيا ً فإ ّ
يقطع التّتابع ،كما صّرح به الحنفيّة والمالكيّة
ن ذلك غير محّرم عليه . والحنابلة ،ل ّ
ومثل ذلك ما لو وطئها بسبب عذر يبيح الفطر كما
صّرح به الحنابلة .
286
ذ -قضاء ما لم ينقطع به التّتابع :
ن تتابع صوم الكّفارة يقطعه - 18قال المالكيّة :إ ّ
تأخير قضاء اليّام الّتي أفطرها في صيامه ،والّتي
خرة بصيامه ،فإن أ ّ يجب عليه أن يقضيها متّصل ً
صوم .وشبّهوا ذلك بمن نسي قضاءها انقطع تتابع ال ّ
م تذكّرهشيئا ً من فرائض الوضوء أو الغسل ،ث ّ
أثناءه فلم يغسله ،أي لم يأت به حين تذكّره فإنّه
مده .بخلف يبتدئ الطّهارة ،نسي ذلك أم تع ّ
صلة فإنّه ل يؤثّر نسيان النّجاسة بعد تذكّرها قبل ال ّ
فتها .
لخ ّ
ولم نجد لغير المالكيّة تصريحا ً في هذه المسألة .
==============
تتريب *
التّعريف :
شيء - 1التّتريب :مصدر تّرب ،يقال :تّربت ال ّ
تتريبا ً فتتّرب ،أي لطّخته فتلطّخ بالتّراب .وأتربت
شيء :جعلت عليه التّراب ،وتّربت الكتاب تتريبا ً ، ال ّ
وتّربت القرطاس فأنا أتّربه ،أي أضع عليه التّراب
ص ما زاد من الحبر . ليمت ّ
ة واصطلحا ً :جعل شيء لغ ً وعلى هذا ،فتتريب ال ّ
التّراب عليه .
ي: الحكم الجمال ّ
- 2استعمال التّراب في التّطهير من نجاسة الكلب
:
التّراب الطّاهر قد يستعمل في التّطهير ،كما إذا
ولغ الكلب في إناء ،فإنّه كي يطهر هذا الناء يجب
ن بالتّراب ،هذا عند الحنابلة غسله سبعا ً إحداه ّ
ن
شافعيّة ،لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أ ّ وال ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « :إذا وَلَغَ
287
ب في إناء أحدكم فَلْيغسله سبعا ً » متّفق عليه ، الكل ُ
ن بالتّراب » .ولما روى عبد اللّه زاد مسلم « أوله ّ
بن مغّفل أنّه عليه الصلة والسلم قال « :إذا ولغ
فروه الكلب في الناء فاغسلوه سبع مّرات ،وعَ ِّ
ة بالتّراب » . الثّامن َ
ب أن يجعل التّراب في الغسلة الولى ، والمستح ّ
لموافقته لفظ الخبر ،أو ليأتي الماء عليه بعده
فينظّفه .ومتى غسل به أجزأه ،لنّه روي في
ن بالتّراب » وفي حديث « : حديث « :إحداه ّ
ل على ن » وفي حديث « :في الثّامنة » فيد ّ أوله ّ
ل التّراب من الغسلت غير مقصود .فإن ن مح ّ أ ّ
صابون جعل مكان التّراب غيره من الشنان وال ّ
ح أنّه ل ة ،فالص ّ
ة ثامن ً
ونحوهما ،أو غسله غسل ً
يجزئ ،لنّه طهارة أمر فيها بالتّراب تعبّدا ً ،ولذا لم
يقم غيره مقامه .ولبعض الحنابلة :يجوز العدول
عن التّراب إلى غيره عند عدم التّراب ،أو إفساد
ضرر ما مع وجوده وعدم ال ّ ل المغسول به .فأ ّ المح ّ
فل .وهذا قول ابن حامد .
وعند المالكيّة :يندب غسل الناء سبعا ً بولوغ الكلب
فيه ،بأن يدخل فمه في الماء ويحّرك لسانه فيه ،
ول تتريب مع الغسل بأن يجعل في الولى ،أو
ن التّتريب لم يثبت في ك ّ
ل ن.ل ّ الخيرة ،أو إحداه ّ
الّروايات ،وإنّما ثبت في بعضها ،وذلك البعض الّذي
ثبت فيه ،وقع فيه اضطراب .وللحنفيّة قول بغسله
ثلثا ً ،لحديث « يغسل الناء من ولوغ الكلب ثلثا ً »
ل بغسله ثلثا ً أو خمسا ً أو سبعا ً .لما روى .وقو ٌ
ي
ي عن العرج عن أبي هريرة « عن النّب ّ الدّارقطن ّ
صلى الله عليه وسلم في الكلب ،يلغ في الناء أنّه
يغسله ثلثا ً أو خمسا ً أو سبعا ً » وورد في حاشية
288
الطّحطاويّ على مراقي الفلح :يندب التّسبيع
ن بالتّراب . وكون إحداه ّ
===============
تثاؤب *
التّعريف :
شخص فيفتح - 1التّثاؤب ( :بالمد ّ ) :فترة تعتري ال ّ
عندها فمه .
ي في هذا ل يخرج عن المعنى والمعنى الصطلح ّ
اللّغويّ .
ي:حكمه التّكليف ّ
- 2صّرح العلماء بكراهة التّثاؤب .فمن اعتراه
ذلك ،فليكظمه ،وليردّه قدر الطّاقة .لقوله صلى
الله عليه وسلم « :فليردّه ما استطاع » كأن يطبق
شفتيه أو نحو ذلك .فإذا لم يستطع وضع يده على
فمه ،لقوله صلى الله عليه وسلم « :إذا تثاءب
ن
شيطا َن ال ّمسك بيده على فمه ،فإ ّ أحدكم فلْي ُ ْ
ل ما يستر الفم كخرقة ل » ويقوم مقام اليد ك ّ خ ُيَد ْ ُ
م يخفض صوته ما يحصل به المقصود .ث ّ أو ثوب م ّ
ول يعوي ،لما رواه ابن ماجه من طريق عبد اللّه
بن سعيد المقبريّ عن أبيه عن رسول اللّه صلى
الله عليه وسلم أنّه قال « :إذا تثاءب أحدكم فليضع
شيطان يضحك منه ن ال ّ
يده على فيه ،ول يعوي ،فإ ّ
م يمسك عن التّمطّي والتّلوّي الّذي يصاحب »ث ّ
شيطان .وقد روي « :أنّه بعض النّاس ،لنّه من ال ّ
صلى الله عليه وسلم كان ل يتمطّى ،لنّه من
شيطان » . ال ّ
صلة :التّثاؤب في ال ّ
صلة مكروه ،لخبر مسلم « :إذا - 3التّثاؤب في ال ّ
ن
صلة فليكظمه ما استطاع ،فإ ّ تثاءب أحدكم في ال ّ
289
شيطان يدخل منه » ،وهذا إذا أمكن دفعه ،فإذا ال ّ
لم يمكن دفعه فل كراهة ،ويغطّي فمه بيده
اليسرى ،وقيل :بإحدى يديه .وهو رأي الحنفيّة
شافعيّة .ول شيء فيه عند المالكيّة والحنابلة ، وال ّ
صلة ما استطاع ،فإذا ويندب كظم التّثاؤب في ال ّ
لم يستطع وضع يده على فمه للحديث .
التّثاؤب في قراءة القرآن :
- 4ذكر الفقهاء من آداب قراءة القرآن أل ّ يقرأ
القرآن في حال شغل قلبه وعطشه ونعاسه ،وأن
يغتنم أوقات نشاطه ،وإذا تثاءب ينبغي أن يمسك
م يقرأ ،لئلّ عن القراءة حتّى ينقضي التّثاؤب ،ث ّ
ليتغيّر نظم قراءته ،قال مجاهد :وهو حسن ويد ّ
عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه
قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :إذا
نتثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه ،فإ ّ
شيطان يدخل » . ال ّ
================
تثليث *
التّعريف :
- 1التّثليث :مصدر ثلّث ،ويختلف معناه في اللّغة
شيء : باختلف مواضع استعماله ،يقال :ثلّث ال ّ
سمه ثلثة أقسام ،وثلّث الّزرع :سقاه جّزأه وق ّ
شراب :طبخه حتّى ذهب ثلثه أو الثّالثة ،وثلّث ال ّ
ما في ة بنفسه .أ ّ ثلثاه ،وثلّث الثنين :صيّرهما ثلث ً
اصطلح الفقهاء :فيطلقونه على تكرار المر ثلث
مّرات ،وعلى العصير الّذي ذهب بالطّبخ ثلثه أو
ثلثاه .
ي:
الحكم الجمال ّ
290
يختلف حكم التّثليث باختلف مواطنه على النّحو
التّالي :
أ -التّثليث في الوضوء :
مة الثّلثة ،ن التّثليث في الوضوء عند الئ ّ - 2يس ّ
وهو رواية عن المالكيّة ،وذلك بتكرار غسل الوجه
واليدين والّرجلين إلى ثلث مّرات مستوعبات .وهو
ب في المشهور من مذهب المالكيّة .وقيل : مستح ّ
الغسلة الثّانية سنّة ،والثّالثة فضيلة ،وقيل :
ما الّرجلن ففي تثليث غسلهما في العكس .أ ّ
الوضوء عند المالكيّة قولن مشهوران :
ن الّرجلين كالوجه واليدين ،فتغسل ك ّ
ل الوّل :أ ّ
واحدة ثلثا ً وهو المعتمد .
ن فرض الّرجلين في الوضوء والقول الثّاني :أ ّ
النقاء من غير تحديد .
ن التّثليث في مسح الّرأس عند الحنفيّة ، ول يس ّ
ما عند المالكيّة صحيح من مذهب الحنابلة ،وأ ّ وفي ال ّ
ة في مسح الّرأس ل فضيلة فقيل :رد ّ اليدين ثالث ً
ة
ن رد ّ اليدين ثالث ًفيه ،وذهب أكثر علمائهم إلى أ ّ
فضيلة إذا كان في اليدين بلل ،ول يستأنف الماء
للثّانية ول للثّالثة .
ن
شافعيّة ،والحنابلة في رواية إلى أ ّ وذهب ال ّ
ن التّثليثن في مسح الّرأس ،بل يس ّ التّثليث يس ّ
شافعيّة في المسح على الجبيرة ،والعمامة ، عند ال ّ
سنن إلّ سواك ،والتّسمية ،وكذا في باقي ال ّ وفي ال ّ
ف ،وكذا تثليث النّيّة في قول في المسح على الخ ّ
شافعيّة .وذهب ابن سيرين إلى مسح لبعض ال ّ
الّرأس مّرتين .
والصل فيما ذكر ،ما رواه ابن عبّاس رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم ضأ النّب ّعنهما ،قال « :تو ّ
291
مّرة ً مّرة ً » أخرجه البخاريّ .وروى عثمان رضي
ضأ
ي صلى الله عليه وسلم « تو ّ ن النّب ّ
الله عنهما أ ّ
ثلثا ً ثلثا ً » .
م الّزيادة على الثّلث المستوعبة مع اعتقاد سنّيّة ث ّ
صحيح الثّلث ل بأس بها عند الحنفيّة في رواية .وال ّ
مة الثّلثة ،وهو رواية عن الحنفيّة :أنّها عند الئ ّ
تكره .
ب -التّثليث في الغسل :
مة الثّلثة ن التّثليث في الغسل عند الئ ّ - 3يس ّ
قه اليمن مش ّ كالوضوء ،فيغسل رأسه ثلثا ً ،ث ّ
م شّقه اليسر ثلثا ً . ثلثا ً ،ث ّ
ب في ن التّثليث مستح ّ وذهب المالكيّة إلى أ ّ
الغسل ،وإن لم تكف الثّلث زاد إلى الكفاية .
والصل في هذا الباب ،ما روته عائشة رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم إذا تعالى عنها « كان النّب ّ
ضأ وضوءه اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلثا ً ،وتو ّ
ن أنّه قد م يخلّل شعره بيده ،حتّى إذا ظ ّ صلة ،ث ّ لل ّ
م غسل روى بشرته أفاض الماء عليه ثلث مّرات ،ث ّ
سائر جسده » .
ج -التّثليث في غسل الميّت :
مةب التّثليث في غسل الميّت عند الئ ّ - 4يستح ّ
ن عند الحنفيّة ،واتّفقوا على جواز الثّلثة ،ويس ّ
ن المقصود في غسل الميّت الّزيادة عليه ،ل ّ
النّظافة والنقاء ،فإن لم يحصل التّنظيف بالغسلت
الثّلث زيد عليها حتّى يحصل ،مع جعل الغسلت
وترا ً .
ن رسول اللّه شيخين « :أ ّ والصل فيما ذكر ،خبر ال ّ
صلى الله عليه وسلم قال لغاسلت ابنته زينب
رضي الله تعالى عنها :ابدأن بميامنها ومواضع
292
الوضوء منها ،واغسلنها ثلثا ً أو خمسا ً أو سبعا ً ،أو
ن ذلك بماء وسدر ،واجعلن أكثر من ذلك إن رأيت ّ
في الخرة كافورا ً ،أو شيئا ً من كافور » .وكذا
ب التّثليث ،وتجوز الّزيادة عليه عند جمهور يستح ّ
الفقهاء في تجمير الميّت وكفن الميّت ،والميّت
عند موته ،وسريره الّذي يوضع فيه .
والصل فيما ذكر ،ما روي عنه عليه الصلة
والسلم « إذا أجمرتم الميّت فأجمروه ثلثا ً » .
ي«: وفي لفظ « فأوتروا » .وفي لفظ البيهق ّ
مروا كفن الميّت ثلثا ً » . ج ِّ
د -التّثليث في الستجمار والستبراء :
ن الواجب في - 5ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ
الستجمار النقاء دون العدد .ومعنى النقاء هنا هو
إزالة عين النّجاسة وبلّتها ،بحيث يخرج الحجر نقيّا ً ،
ما التّثليث وليس عليه أثر إل ّ شيئا ً يسيرا ً .وأ ّ
ب عندهم وإن حصل النقاء باثنين ،بينما فمستح ّ
شافعيّة والحنابلة في الستجمار أمرين : يشترط ال ّ
النقاء وإكمال الثّلثة ،أيّهما وجد دون صاحبه لم
يكف ،والحجر الكبير الّذي له ثلث شعب يقوم
مقام ثلثة أحجار .
ب نتر الذ ّكر كذلك قال جمهور الفقهاء :بأنّه يستح ّ
ي صلى الله عليه ثلثا ً بعد البول لما روي عن النّب ّ
وسلم أنّه قال « :إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلثا ً »
.
وتفصيل أحكام الستجمار والستبراء في مصطلحي
( استنجاء ) و( استبراء ) .
ب التّثليث عند جمهور الحنفيّة في هذا ،ويستح ّ
غسل النّجاسات غير المرئيّة ،وكذلك إزالة
293
النّجاسات المرئيّة عند بعض الحنفيّة ،وهو رواية
عن الحنابلة .
شافعيّة ،والحنابلة في رواية فل ما المالكيّة وال ّ وأ ّ
يشترطون العدد فيما سوى نجاسة ولوغ الكلب .
ونجاسة الخنزير كنجاسة الكلب في ذلك عند
شافعيّة والحنابلة . ال ّ
سجود : هـ – التّثليث في تسبيحات الّركوع وال ّ
مة الثّلثة في تسبيح ن التّثليث عند الئ ّ – 6يس ّ
الّركوع ،وهو " سبحان ربّي العظيم " .وتسبيح
ب سجود ،وهو " سبحان ربّي العلى " .وتستح ّ ال ّ
عندهم الّزيادة على الثّلث بعد أن يختم على وتر ،
خمس ،أو سبع ،أو تسع عند الحنفيّة والحنابلة ،أو
شافعيّة .هذا إذا كان منفردا ً ، إحدى عشرة عند ال ّ
لما المام فل ينبغي له أن يطوّل على وجه يم ّ وأ ّ
شافعيّة تكره للمام الّزيادة على القوم ،وعند ال ّ
الثّلث .
والصل في هذا ما رواه ابن مسعود رضي الله
تعالى عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه
قال « :إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه :سبحان
م ركوعه ،وذلك أدناه .ومن ربّي العظيم ثلثا ً فقد ت ّ
قال في سجوده :سبحان ربّي العلى ثلثا ً فقد ت ّ
م
ما عند المالكيّة فيندب سجوده ،وذلك أدناه » .وأ ّ
بأي لفظ كان ،ولم ّ سجود التّسبيح في الّركوع وال ّ
يحدّوا فيه حدّا ً ،ول دعاءً مخصوصا ً .
و -التّثليث في الستئذان :
ن أنّه لم
- 7إذا استأذن شخص على آخر وظ ّ
ن
يسمع ،فاتّفق الفقهاء على جواز التّثليث ،ويس ّ
مة الثّلثة . عدم الّزيادة على الثّلث عند الئ ّ
294
وقال المام مالك :له الّزيادة على الثّلث حتّى
يتحّقق من سماعه .
ما إذا استأذن فتحّقق أنّه لم يسمع ،فاتّفقوا على وأ ّ
جواز الّزيادة على الثّلث وتكرير الستئذان حتّى
يتحّقق إسماعه .
=================
تثويب *
التّعريف :
- 1التّثويب :مصدر ثوّب يثوب ،وثلثيّه ثاب يثوب ،
ت بمعنى :رجع ،ومنه قوله تعالى { :وإذ ْ جعلْنا البي َ
منا ً } أي مكانا ً يرجعون إليه .ومنه َ
ة للنّاس وأ ْ مثاب ًَ
قولهم :ثاب إلى فلن عقله :أي رجع .ومنه أيضا ً :
شخص تعود إليه . ن منفعة عمل ال ّ الثّواب ،ل ّ
صوت وترديده ،ومنه والتّثويب :بمعنى ترجيع ال ّ
التّثويب في الذان .
صلةوالتّثويب في الصطلح :العود إلى العلم بال ّ
صلة خير من النّوم " أو بعد العلم الوّل بنحو " :ال ّ
صلة حاضرة " أو نحو ذلك صلة " أو " ال ّ صلة ال ّ" ال ّ
مى تثويبا ً في العهد بأيّ لسان كان ،وقد كانت تس ّ
ن فيه تكريرا ً لمعنى صحابة .ل ّ النّبويّ وعهد ال ّ
يصلة بقوله :ح ّ ث على ال ّ ما ح ّ
الحيعلتين ،أو لنّه ل ّ
ي على الفلح ،عاد إلى م قال :ح ّ صلة ،ث ّ على ال ّ
صلة خير من النّوم " صلة بقوله " :ال ّ ث على ال ّ الح ّ
.
وللتّثويب عند الفقهاء ثلثة إطلقات :
أ -التّثويب القديم ،أو التّثويب الوّل ،وهو :زيادة "
صلة خير من النّوم " في أذان الفجر . ال ّ
295
صلة ، ي على ال ّ ب -التّثويب المحدث وهو :زيادة ح ّ
ي على الفلح ،أو عبارة أخرى .حسب ما تعارفه ح ّ
ل بلدة بين الذان والقامة . أهل ك ّ
ص به بعض من يقوم بأمور ج -ما كان يخت ّ
المسلمين ومصالحهم من تكليف شخص بإعلمهم
صلة ،فذلك العلم أو النّداء يطلق عليه بوقت ال ّ
أيضا ً ( تثويب ) .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -النّداء :
صوت بما له معنًى - 2النّداء بمعنى :الدّعاء ورفع ال ّ
.
ب -الدّعاء :
صوت - 3الدّعاء بمعنى :الطّلب ،ويكون برفع ال ّ
وخفضه ،كما يقال :دعوته من بعيد ،ودعوت اللّه
م من النّداء والتّثويب . في نفسي .فهو أع ّ
ج -التّرجيع :
شهادتين مّرةً جع في أذانه إذا أتى بال ّ - 4يقال :ر ّ
خفضا ً ومّرةً رفعا ً ،فالتّثويب والتّرجيع يتّفقان في
ن مح ّ
ل العود والتّكرير ،ولكنّهما يختلفان في أ ّ
صلة خير من النّوم التّثويب وهو قول المؤذ ّن " :ال ّ
ما التّرجيع
" في أذان الفجر عند أكثر الفقهاء ،أ ّ
شهادتين فذلك في الذان لجميع بمعنى تكرار ال ّ
صلوات عند من يقول به . ال ّ
ي ومواطن البحث : الحكم الجمال ّ
ي للتّثويب باختلف - 5يختلف الحكم الجمال ّ
صلة . إطلقاته وباختلف أوقات ال ّ
ما التّثويب في القديم ،أو التّثويب الوّل ،وهو أ ّ
صلة خير من النّوم " مّرتين بعد زيادة عبارة " :ال ّ
ح عند الحيعلتين في أذان الفجر أو بعده ( على الص ّ
296
بعض الحنفيّة ) فسنّة عند جميع الفقهاء ،وجائزة
شافعيّة . في العشاء عند بعض الحنفيّة وبعض ال ّ
شافعيّة في جميع الوقات . وأجازه بعض ال ّ
ما عند المالكيّة والحنابلة فمكروه في غير الفجر ، أ ّ
شافعيّة .وهو المذهب عند الحنفيّة وال ّ
التّثويب في أذان الفجر :
مد - 6من المقّرر عند الفقهاء -عدا أبي حنيفة ومح ّ
ن المشروع للفجر أذانان :أحدهما بن الحسن -أ ّ
ووي :
ّ قبل وقتها والثّاني عند وقتها .وقد قال الن ّ
ل أذان ظاهر إطلق الصحاب أنّه يشرع في ك ّ
البغوي في
ّ صبح سواء ما قبل الفجر وبعده .وقال لل ّ
التّهذيب :إن ثوّب في الذان الوّل لم يثوّب في
ح الوجهين .ومن مراجعة كتب بقيّة الثّاني في أص ّ
الفقهاء القائلين بمشروعيّة أذانين للفجر تبيّن أنّهم
ن التّثويب يشرع في الذان الوّل أو لم يصّرحوا بأ ّ
الثّاني أو في كليهما ،فالظّاهر أنّه يكون في الذانين
ووي .
ّ كما استظهر الن ّ
ما التّثويب المحدث وهو الّذي استحدثه علماء -7وأ ّ
ي على الكوفة من الحنفيّة ،وهو زيادة عبارة " ح ّ
ي على الفلح مّرتين " بين الذان صلة ،ح ّ ال ّ
والقامة في الفجر أو زيادة عبارة بحسب ما
صلة " صلة ال ّ ل بلدة بالتّنحنح أو " ال ّ يتعارفه أهل ك ّ
أو " قامت ،قامت " أو غير ذلك فمستحسن عند
خرين ن المتأ ّ متقدّمي الحنفيّة في الفجر فقط ،إل ّ أ ّ
ما تخصيص صلوات كلّها .وأ ّ منهم استحسنوه في ال ّ
من يقوم بأمور المسلمين ومصالحهم كالمام
صلة ونحوه بتكليف شخص ليقوم بإعلمه بوقت ال ّ
فجائز عند أبي يوسف من الحنفيّة ،وهو قول
شافعيّة وبعض المالكيّة ،وكذلك عند الحنابلة إن لل ّ
297
مدلم يكن المام ونحوه قد سمع الذان وكرهه مح ّ
بن الحسن وبعض المالكيّة .
=================
تجديد *
التّعريف :
-1التّجديد في اللّغة مصدر :جدّد ،والجديد :خلف
القديم .ومنه :جدّد وضوءه ،أو عهده أو ثوبه :أي
ي ل يخرج عن هذا شرع ّ صيّره جديدا ً .والصطلح ال ّ
المعنى .
ي:
الحكم التّكليف ّ
-2يختلف حكم التّجديد باختلف موضعه :فتجديد
ب على الوضوء سنّة عند جمهور الفقهاء ،أو مستح ّ
حهما اختلف اصطلحاتهم .وعن أحمد روايتان :أص ّ
توافق الجمهور ،والخرى أنّه ل فضل فيه .
شافعيّة للستحباب :أن يصلّي بالوّل واشترط ال ّ
ن
ل به صلةً فل يس ّ صلة ً ولو ركعتين ،فإن لم يص ّ
ح وضوءه ،لنّه التّجديد ،فإن خالف وفعل لم يص ّ
غير مطلوب .
ويشترط الحناف أن يفصل بين الوضوءين بمجلس
أو صلة ،فإن لم يفصل بذلك كره ،ونقل عن
بعضهم مشروعيّة التّجديد ،وإن لم يفصل بصلة أو
مجلس .
واشترط المالكيّة لستحباب التّجديد أن يفعل بالوّل
صلة ،ودليل مشروعيّته عبادة ً :كالطّواف أو ال ّ
ضأ على طهر كتب له عشر حديث « :من تو ّ
ل صلة ، ضئون لك ّ حسنات » وقد كان الخلفاء يتو ّ
ي رضي الله عنه يفعله ويتلو قوله تعالى : وكان عل ّ
سلُواصلة فاغْ ِ{ يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى ال ّ
وجوهَكم } ...الية ولنّه كان يجب الوضوء في أوّل
298
ل صلة فنسخ وجوبه ،وبقي أصل السلم لك ّ
الطّلب ر :مصطلح ( وضوء ) .
تجديد الماء لمسح الذنين :
ن تجديد الماء لمسح ي إلى أ ّ شافع ّ - 3ذهب ال ّ
صحيح سنّة إل ّ به ،وهو ال ّالذنين سنّة ،ول تحصل ال ّ
ل من الحنابلة والمالكيّة . عند ك ّ
سنّة هي :مسحهما بماء ن ال ّ وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
الّرأس في المشهور من المذهب .
تجديد العصابة والحشو للستحاضة :
ح عندهم إلى أنّه يجب شافعيّة في الص ّ - 4ذهب ال ّ
على المستحاضة تجديد العصابة والحشو عند ك ّ
ل
صلة ،قياسا ً على الوضوء ،وقيل :ل تجب عليها ،
لنّه ل معنى لزالة النّجاسة مع استمرارها ،وهذا إذا
لم يظهر الدّم على جوانب العصابة ،ولم تزل
ما إذا ظهر الدّم على جوانب العصابة عن محلّها .أ ّ
العصابة أو زالت عن محلّها ،فإنّه يجب التّجديد قولً
واحدا ً عندهم .
وعند الحنابلة :ل يلزمها إعادة شد ّ العصابة وغسل
شد ّ .وصّرحل صلة ،إذا لم تفّرط في ال ّ الدّم لك ّ
بعض فقهاء الحنفيّة باستحباب الحشو أو العصابة
في المستحاضة وغيرها من أصحاب العذار تقليلً
صوا على مسألة التّجديد ، للنّجاسة ،ولم ين ّ
ومقتضاه عدم وجوبه لعدم وجوب أصل العصابة .
ولم نجد للمالكيّة تصريحا ً بهذه المسألة
تجديد نكاح المرتدّة :
ن المرأة إذا ارتدّت ،ولم - 5ذهب الجمهور إلى أ ّ
ترجع إلى السلم بعد الستتابة تقتل ،وقال الحنفيّة
:ل تقتل ،بل تحبس إلى أن تموت .
299
وذهب بعض فقهاء الحنفيّة إلى أنّه إذا ارتدّت المرأة
المتزوجة ،تجبر على السلم وتجديد النّكاح مع ّ
زوجها ،ولو بغير رضاها ،إذا رغب زوجها في ذلك .
ول يجوز لها إذا رجعت إلى السلم أن تتزوّج غيره ،
ل قاض أن يجدّد النّكاح بمهر يسير .والتّفصيل ولك ّ
في مصطلح ( ردّة ) .
وإذا ارتد ّ أحد الّزوجين عن السلم بعد الدّخول
انفسخ النّكاح من حين الّردّة عند الحنفيّة
والمالكيّة ،فإن عاد المرتد ّ منهما إلى السلم ،
ة وجب تجديد العقد .وذهب وكانت العدّة قائم ً
ن النّكاح موقوف إلى شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ ال ّ
انقضاء العدّة ،فإن عاد المرتد ّ منهما إلى السلم ،
وهي في العدّة فهما على النّكاح الوّل .وإن لم يعد
انفسخ النّكاح من حين الّردّة ،وتبدأ العدّة منذ الّردّة
.وتفصيل ذلك في مصطلح ( ردّة ) .
=============
تجهيز *
التّعريف :
ة :تهيئة ما يحتاج إليه .يقال :جهّزت - 1التّجهيز لغ ً
المسافر :إذا هيّأت له جهاز سفره .ويطلق أيضاً
على تجهيز العروس والميّت والغزاة ،ويقال :
جهّزت على الجريح -بالتّثقيل -إذا أتممت عليه
وأسرعت قتله ،وذلك للمبالغة ( ومثله أجهزت )
وفعله من باب نفع ،ويأتي على وزن أفعل .ول
غوي .
ّ يخرج استعمال الفقهاء عن المعنى الل ّ
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -العداد :
م من - 2العداد :التّهيئة والحضار .فالتّجهيز أع ّ
ن التّجهيز يشمل العداد وغيره . العداد ،ل ّ
300
ب -التّزويد :
زودته أعطيته زادا ً ،فهو أخ ّ
ص - 3التّزويد :مصدر ّ
ن التّجهيز يكون بالطّعام وغيره ،أ ّ
ما من التّجهيز .ل ّ
التّزويد فهو بإعداد الّزاد أو إعطائه .
الحكام المتعلّقة بالتّجهيز :
ويتكلّم الفقهاء في تجهيز العروس والمجاهدين
والميّت ،على من يجب ،والحكم فيه ،ومقداره ،
وبيان ذلك فيما يأتي :
تجهيز العروس :
ي :عدم إجبار المرأة على الجهاز شافع ّ - 4مذهب ال ّ
،وهو المفهوم من نصوص الحنابلة ،فل تجبر هي
ول غيرها على التّجهيز ،فقد جاء في منتهى
مى ،ولها الرادات :وتملك زوجة بعقد جميع المس ّ
نماء معيّن كدار والتّصّرف فيه .
ي عن الّزاهديّ في ما الحنفيّة :فقد نقل الحصكف ّ أ ّ
القنية :أنّه لو زفّت الّزوجة إلى الّزوج بل جهاز يليق
به فله مطالبة الب بالنّقد .وزاد في البحر عن
المنتقى :إل ّ إذا سكت طويل ً فل خصومة له .لكن
صحيح أنّه ل يرجع على في النّهر عن البّزازيّة :ال ّ
ن المال في النّكاح غير مقصود . الب بشيء ،ل ّ
ن هذا إذا ن الب هو الّذي يجهّز ،لك ّ ومفهوم هذا أ ّ
كان هو الّذي قبض المهر ،فإن كانت الّزوجة هي
الّتي قبضته فهي الّتي تطالب به على القول بوجوب
الجهاز ،وهو بحسب العرف والعادة .
ل من صداقها قبل وقال المالكيّة :إذا قبضت الحا ّ
بناء الّزوج بها فإنّه يلزمها أن تتجهّز به على العادة
من حضر أو بدو ،حتّى لو كان العرف شراء دار
لزمها ذلك ،ول يلزمها أن تتجهّز بأزيد منه .ومثل
جل وكان نقدا ً . جل لها المؤ ّ صداق ما إذا ع ّ ل ال ّحا ّ
301
خر القبض عن البناء لم يلزمها التّجهيز سواء وإن تأ ّ
ل ،إل ّ لشرط أو عرف ( .أي فإنّه أكان حاّل ً أم ح ّ
شرط أو العرف ) . يلزمها التّجهيز لل ّ
تجهيز الغزاة :
- 5يجب على المسلمين أن ل يعطّلوا الجهاد في
سبيل اللّه ،وأن يجهّزوا لذلك الغزاة بما يلزمهم من
عدّة وعتاد وزاد ،لقول اللّه تعالى { :وأَنِْفُقوا في
ل اللّهِ ول تُلقوا بأيديكم إلى التَّهْلُكَةِ } وقوله عّز سبي ِ
عدُّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ ومن ل { :وأ َ ِ وج ّ
خرين ل تُْرهبون به عدوَّ اللّه وعدوَّكم وآ َ ط الخي ِ ِربا ِ
ه يَعْلَمهم وما تُنفقوا من مونهم الل ّ ُ من دونهم ل تَعْل َ ُ
ف إليكم وأنتم ل تُظْلمون } ل اللّه يُوَ َّ شيء في سبي ِ
وتجهيز الغزاة واجب المسلمين جميعا ً ،حكّاماً
ي
ومحكومين ،وهو من أعظم القرب لقول النّب ّ
صلى الله عليه وسلم « :من جهّز غازيا ً في سبيل
اللّه فقد غزا » ومن المصادر الّتي يمكن تجهيز
الغزاة منها :الّزكاة من صنف ( سبيل اللّه ) .
ن
شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ وقد ذهب المالكيّة وال ّ
الغزاة يعطون من الّزكاة مطلقا ً ،ولو كانوا أغنياء .
من يجب ن المالكيّة قيّدوه بأن يكون المعطون م ّ لك ّ
عليهم الجهاد .
شافعيّة بأل ّ تكون أسماؤهم في ديوان الجند وقيّده ال ّ
ن الغازي يعطى من الّزكاة إذا .وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
كان من منقطعي الغزاة ،وهم الّذين عجزوا عن
اللتحاق بجيش السلم لفقرهم .
وسبب اختلفهم في هذا هو اختلفهم في تفسير
صدقات { :وفي سبيل قوله تعالى في مصارف ال ّ
اللّه } وفي ذلك تفصيل يرجع إليه في مصطلح
( زكاة ) .
302
تجهيز الميّت :
ي صلى الله عليه ن النّب ّ - 6يجب تجهيز الميّت ،ل ّ
ن سترته واجبة في الحياة ،فهي وسلم أمر به ،ول ّ
واجبة كذلك بالكفن في الممات .
ن تجهيز الميّت فرض كفاية إذا واتّفق الفقهاء على أ ّ
قام به البعض سقط عن الباقين .ونفقات التّجهيز
تكون من تركة الميّت إن ترك مال ً ،وتقدّم على
ديونه ووصيّته وإرثه ،إل ّ أعيان التّركة الّتي تعلّق بها
ق للغير ،كعين الّرهن والمبيع ونحوهما .فإن لم ح ّ
يكن له مال ،وجب تجهيزه على من تجب عليه
نفقته في حال حياته ،فإن لم يوجد أحد من هؤلء ،
وجب تجهيزه في بيت مال المسلمين إن وجد ،فإن
لم يوجد أو كان موجودا ً ولم يمكن الخذ فتجهيزه
على المسلمين فرض كفاية .
ول يجب على الّزوجة تجهيز زوجها المتوفّى عنها بل
خلف .وفي وجوب تجهيز الّزوج لزوجته المتوفّاة ،
خلف يرجع إليه مع تفصيل البحث في مصطلح :
( جنائز ) .
==============
تجويد *
التّعريف :
شيء جيّدا ً .والجيّد :ضدّ ة :تصيير ال ّ -1التّجويد لغ ً
الّرديء ،يقال :جوّد فلن كذا :أي فعله جيّدا ً ،
ة من الّرداءة في وجوّد القراءة :أي أتى بها بريئ ً
النّطق .
قه ومستحّقه . ل حرف ح ّ واصطلحا ً :إعطاء ك ّ
صفة الذ ّاتيّة الثّابتة له والمراد بحقّ الحرف :ال ّ
شدّة والستعلء ،والمراد بمستحقّ الحرف :ما كال ّ
صفات الذ ّاتيّة الّلزمة كالتّفخيم ، ينشأ عن تلك ال ّ
303
ل من الستعلء والتّكرير ،لنّه فإنّه ناشئ عن ك ّ
يكون في الحرف حال سكونه وتحريكه بالفتح
م فقط ،ول يكون في حال الكسر .وهذا كلّه ض ّ
وال ّ
ل حرف من مخرجه .واعتبره بعضهم بعد إخراج ك ّ
غير داخل في تعريف التّجويد ،لنّه مطلوب لحصول
ي القاريّ :ول شيخ عل ّ أصل القراءة ،لكن قال ال ّ
ن إخراج الحرف من مخرجه أيضا ً داخل في يخفى أ ّ
الجزري في كتاب
ّ تعريف التّجويد ،كما صّرح به ابن
ن المعّرف هو القراءة المجوّدة ، التّمهيد ،أي ل ّ
وليس مطلق القراءة ،وتجويد القراءة ل يكون إلّ
ل حرف من مخرجه .قال ابن الجزريّ : بإخراج ك ّ
التّجويد :إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها مراتبها ،
ورد ّ الحرف إلى مخرجه وأصله وإلحاقه بنظيره ،
وتصحيح لفظه وتلطيف النّطق به على حال صيغته
سف ول إفراط وكمال هيئته ،من غير إسراف ول تع ّ
ول تكلّف .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -التّلوة ،والداء ،والقراءة :
- 2التّلوة اصطلحا ً :قراءة القرآن متتابعا ً كالجزاء
والسداس .
سماع منهم أو شيوخ بال ّ ما الداء فهو :الخذ عن ال ّ أ ّ
القراءة بحضرتهم .
م من التّلوة والداء . ما القراءة فهي أع ّ وأ ّ
ن التّجويد أمر زائد على هذه اللفاظ ول يخفى أ ّ
ص منها جميعها . الثّلثة ،فهو أخ ّ
ب -التّرتيل :
ة :مصدر رتّل ،يقال :رتّل فلن - 3التّرتيل لغ ً
كلمه :إذا أتبع بعضه بعضا ً على مكث وتفهّم من
غير عجل .
304
واصطلحا ً :هو رعاية مخارج الحروف وحفظ
ي رضي الله عنه حيث الوقوف .وروي نحوه عن عل ّ
قال :التّرتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف .
ن التّرتيل وسيلة من فالفرق بينه وبين التّجويد :أ ّ
ن التّجويد يشمل ما يتّصل وسائل التّجويد ،وأ ّ
صفات الذ ّاتيّة للحروف ،وما يلزم عن تلك بال ّ
ما التّرتيل فيقتصر على رعاية مخارج صفات ،أ ّ ال ّ
الحروف وضبط الوقوف لعدم الخلط بين الحروف
سريعة ،ولذلك أطلق العلماء في القراءة ال ّ
( التّرتيل ) على مرتبة من مراتب القراءة من حيث
إتمام المخارج والمدود ،وهو يأتي بعد مرتبة
مى ( التّحقيق ) وأدنى منهما مرتبة وسطى تس ّ
م ( الحدر ) وهو المرتبة الخيرة . ( التّدوير ) ث ّ
ي: الحكم الجمال ّ
ن الشتغال بعلم التّجويد فرض - 4ل خلف في أ ّ
كفاية .
ما العمل به ،فقد ذهب المتقدّمون من علماء أ ّ
ن الخذ بجميع أصول القراءات والتّجويد إلى أ ّ
التّجويد واجب يأثم تاركه ،سواء أكان متعلّقا ً بحفظ
ما يغيّر مبناها أو يفسد معناها -أم تعلّق الحروف -م ّ
ما أورده العلماء في كتب التّجويد ، بغير ذلك م ّ
كالدغام ونحوه .
الجزري في النّشر نقل ً عن المام
ّ مد بن قال مح ّ
شيرازي :حسن الداء فرض في القراءة ، ّ نصر ال ّ
ق تلوته . ويجب على القارئ أن يتلو القرآن ح ّ
خرون إلى التّفصيل بين ما هو واجب وذهب المتأ ّ
ي من مسائل التّجويد ،وهو ما يؤدّي تركه إلى شرع ّ
تغيير المبنى أو فساد المعنى ،وبين ما هو واجب
ي أي أوجبه أهل ذلك العلم لتمام إتقان صناع ّ
305
القراءة ،وهو ما ذكره العلماء في كتب التّجويد من
مسائل ليست كذلك ،كالدغام والخفاء إلخ .فهذا
النّوع ل يأثم تاركه عندهم .
ن مخارج ي القاريّ بعد بيانه أ ّ شيخ عل ّ قال ال ّ
الحروف وصفاتها ،ومتعلّقاتها معتبرة في لغة
العرب :فينبغي أن تراعى جميع قواعدهم وجوباً
فيما يتغيّر به المبنى ويفسد المعنى ،واستحبابا ً فيما
يحسن به اللّفظ ويستحسن به النّطق حال الداء .
ي الّذي ل يعرفه إل ّ مهرة م قال عن اللّحن الخف ّ ث ّ
القّراء :ل يتصوّر أن يكون فرض عين يترتّب
العقاب على قارئه لما فيه من حرج عظيم .ولما
الجزري في منظومته في التّجويد ، ّ مد بنقال مح ّ
ن لم م ْ م َ وفي الطّيّبة أيضا ً :والخذ بالتّجويد حت ٌ
م لز ُ
ميجوِّد الُقرآن آث ِ ُ
قال ابنه أحمد في شرحها :ذلك واجب على من
ن اللّه تعالى أنزل به كتابه م قال :ل ّ يقدر عليه ،ث ّ
المجيد ،ووصل من نبيّه صلى الله عليه وسلم
متواترا ً بالتّجويد .
الجزري هذا التّقييد بالقدرةّ مد بن وكّرر أحمد بن مح ّ
ل لذلك الحديث الّذي رواه أكثر من مّرة .ويد ّ
شيخان عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : ال ّ
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :الماهُر
سَفرة الكرام البررة ،والّذي يقرأُ
ِ ِ ََ َ ِ ن مع ال َّ َ ِ بالقرآ ِ
ن » وقد ن ويُتَعْتِعُ فيه ،وهو عليه شاقٌّ له أجرا ِ القرآ َ
غازي في شرحه للجزريّة من الواجب ّ اعتبر ابن
ل ما كان من مسائل الخلف من ي:ك ّ صناع ّال ّ
ل قارئ من القّراء المشهورين ، الوجوه المختارة لك ّ
حيث يرى بعضهم التّفخيم ويرى غيره التّرقيق في
موطن واحد ،فهذا ل يأثم تاركه ،ول يتّصف
306
بالفسق .وكذلك ما كان من جهة الوقف ،فإنّه ل
ل معيّن بحيث لو يجب على القارئ الوقف على مح ّ
تركه يأثم ،ول يحرم الوقف على كلمة بعينها إل ّ إذا
ة وقصدها ،فإن اعتقد المعنى الموهم كانت موهم ً
للكفر كفر -والعياذ باللّه -كأن وقف على قوله
ن اللّه ل يستحي } دون قوله { :أن تعالى { :إ ّ
يضرب مثل ً ما } .أو على قوله { :وما من إله }
ما قول علماء القراءة :الوقف دون { إل ّ اللّه } .أ ّ
ل ،أو على هذا واجب ،أو لزم ،أو حرام ،أو ل يح ّ
نحو ذلك من اللفاظ الدّالّة على الوجوب أو التّحريم
ما يثاب فل يراد منه ما هو مقّرر عند الفقهاء ،م ّ
على فعله ،ويعاقب على تركه ،أو عكسه ،بل
المراد :أنّه ينبغي للقارئ أن يقف عليه لمعنًى
يستفاد من الوقف عليه ،أو لئل ّ يتوهّم من الوصل
تغيير المعنى المقصود ،أو ل ينبغي الوقف عليه ول
البتداء بما بعده ،لما يتوهّم من تغيير المعنى أو
رداءة التّلّفظ ونحو ذلك .وقولهم :ل يوقف على
ة،كذا ،معناه :أنّه ل يحسن الوقف عليه صناع ً
ن الوقف عليه حرام أو مكروه ،بل وليس معناه أ ّ
مد قاصدا ً المعنى الموهم . خلف الولى ،إل ّ إن تع ّ
م تطّرق ابن غازيّ إلى حكم تعلّم التّجويد بالنّسبة ث ّ
لمريد القراءة ،فقّرر عدم وجوب ذلك على من أخذ
القراءة على شيخ متقن ،ولم يتطّرق اللّحن إليه ،
من غير معرفة علميّة بمسائله ،وكذلك عدم وجوب
ي الفصيح الّذي ل يتطّرق اللّحن تعلّمه على العرب ّ
ن
إليه ،بأن كان طبعه على القراءة بالتّجويد ،فإ ّ
ما من أخ ّ
ل تعلّم هذين للحكام أمر صناع ّ
ي.أ ّ
بشيء من الحكام المجمع عليها ،أو لم يكن عربيّاً
فصيحا ً ،فل بد ّ في حّقه من تعلّم الحكام والخذ
307
بمقتضاها من أفواه المشايخ .
مة ن ال ّ كأ ّجَزريّ في النّشر :ول ش ّ قال المام ال َ
كما هم متعبّدون بفهم معاني القرآن وإقامة
حدوده ،كذلك هم متعبّدون بتصحيح ألفاظه وإقامة
مة القراءة صفة المتلّقاة من أئ ّ حروفه على ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم والمتّصلة بالنّب ّ
ما يتناوله التّجويد من أمور :
- 5التّجويد علم من علوم القرآن ،ولكنّه يتميّز عن
غيره من تلك العلوم المتّصلة بالقرآن بأنّه يحتاج
مة ،لحاجتهم إلى تلوة كتاب اللّه صة والعا ّ إليه الخا ّ
تعالى كما أنزل ،حسبما نقل عن رسول اللّه صلى
ما أن يحصل بالتّعلّم الله عليه وسلم .وهو إ ّ
د
لمسائله ،أو يؤخذ بالتّلّقي من أفواه العلماء ،ول ب ّ
في الحالين من التّمرين والتّكرار .
ي :ليس بين التّجويد وتركه إلّ قال أبو عمرو الدّان ّ
الجزري :ل
ّ رياضة لمن تدبّره بفكه .وقال أحمد بن
أعلم سببا ً لبلوغ نهاية التقان والتّجويد ووصول غاية
التّصحيح والتّسديد مثل رياضة اللسن والتّكرار على
اللّفظ المتلّقى من فم المحسن .
مها : ويشتمل علم التّجويد على أبحاث كثيرة أه ّ
ل حرف صل إلى إخراج ك ّ أ -مخارج الحروف ،للتّو ّ
صحيح . من مخرجه ال ّ
ب -صفات الحروف ،من جهر وهمس مع معرفة
صفة . الحروف المشتركة في ال ّ
ج -التّفخيم والتّرقيق وما يتّصل بذلك من أحكام
لبعض الحروف كالّراء والّلم .
ساكنة . ساكنة والتّنوين والميم ال ّ د -أحوال النّون ال ّ
هـ -المد ّ والقصر وأنواع المد ّ .
308
و -الوقف والبتداء والقطع وما يتّصل بذلك من
أحكام .
ز -أحكام البتداء بالقراءة ،من تعوّذ وبسملة
وأحكام ختم القرآن وآداب التّلوة .
وموطن تفصيل ذلك هو كتب علم التّجويد ،وكذلك
كتب القراءات في آخر أبحاثها كما في منظومة
ي ،أو في أوائلها كما في " شاطب ّ حرز الماني لل ّ
مد بن الجزريّ ،وفي بعض المطوّلت الطّيّبة " لمح ّ
ي، من كتب علوم القرآن كالبرهان للّزركش ّ
ي.سيوط ّ والتقان لل ّ
ل بالتّجويد ،وحكمه : ما يخ ّ
ماما في أداء الحروف ،وإ ّ - 6يقع الخلل بالتّجويد إ ّ
صوتيّة المخالفة فيما يلبس القراءة من التّغييرات ال ّ
لكيفيّة النّطق المأثورة .
مى ( اللّحن ) أي الخطأ والميل عن فالنّوع الوّل يس ّ
ي .واللّحن الجل ّ
ي ي وخف ّ صواب ،وهو نوعان :جل ّ ال ّ
ل بعرف القراءة ، :خطأ يطرأ على اللفاظ فيخ ّ
مي جليّا ً لنّهل .وس ّل بالمعنى أم لم يخ ّ سواء أخ ّ
ل إخلل ً ظاهرا ً يشترك في معرفته علماء القرآن يخ ّ
وغيرهم ،وهو يكون في مبنى الكلمة كتبديل حرف
بآخر ،أو في حركتها بتبديلها إلى حركة أخرى أو
سكون ،سواء أتغيّر المعنى بالخطأ فيها أم لم يتغيّر
.وهذا النّوع يحرم على من هو قادر على تلفيه ،
سواء أوهم خلل المعنى أو اقتضى تغيير العراب .
ي :فهو خطأ يطرأ على اللّفظ ، ما اللّحن الخف ّ وأ ّ
مي خفيّاً ل بالمعنى .وس ّ ل بعرف القراءة ول يخ ّ فيخ ّ
ص بمعرفته علماء القرآن وأهل التّجويد . لنّه يخت ّ
يوهو يكون في صفات الحروف ،وهذا اللّحن الخف ّ
قسمان :
309
أحدهما :ل يعرفه إل ّ علماء القراءة كترك الخفاء ،
وهو ليس بفرض عين يترتّب عليه عقاب كما سبق ،
بل فيه خوف العتاب والتّهديد .
والثّاني :ل يعرفه إل ّ مهرة القّراء كتكرير الّراءات
وتغليظ الّلمات في غير محلّها ،ومراعاة مثل هذا
مستحبّة تحسن في حال الداء .
ما النّوع الثّاني من الخلل فهو ما يحصل من وأ ّ
الّزيادة والنّقص عن الحد ّ المنقول من أوضاع التّلوة
،سواء في أداء الحرف أو الحركة عند القراءة ،
جعة وسبب الخلل القراءة باللحان المطربة المر ّ
كترجيع الغناء ،وهو ممنوع لما فيه من إخراج
صحيحة ،وتشبيه القرآن التّلوة عن أوضاعها ال ّ
بالغاني الّتي يقصد بها الطّرب .
واستدلّوا لمنع ذلك بحديث عابس رضي الله عنه
قال :إنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
سفهاء ، يقول « :بادروا بالموت ستّا ً :إمرة ال ّ
شرط ،وبيع الحكم ،واستخفافا ً بالدّم ، وكثرة ال ّ
شوا ً يتّخذون القرآن مزامير وقطيعة الّرحم ،ون َ ْ
ل منهم فقها ً » .قال يقدّمونه يغنّيهم ،وإن كان أق ّ
شيخ زكريّا النصاريّ :والمراد بلحون العرب : ال ّ
سليقة كما جبلوا عليه من غير القراءة بالطّبع وال ّ
زيادة ول نقص ،والمراد بلحون أهل الفسق
والكبائر :النغام المستفادة من علم الموسيقى ،
والمر في الخبر محمول على النّدب ،والنّهي على
حة ألفاظ الكراهة إن حصلت المحافظة على ص ّ
الحروف ،وإل ّ فعلى التّحريم .
ي :المكروه أن يفّرط في المد ّ وفي قال الّرافع ّ
إشباع الحركات ،حتّى يتولّد من الفتحة ألف ومن
ن الفراط صحيح أ ّ مة واو ...إلخ قال النّوويّ :ال ّ ض ّ
ال ّ
310
على الوجه المذكور حرام يفسق به القارئ ويأثم به
المستمع ،لنّه عدل به عن منهجه القويم ،وهذا
ي بالكراهة .وقد أورد علماء التّجويد شافع ّ مراد ال ّ
مى بالتّرقيص ، نماذج من ذلك ،فمنها ما يس ّ
والتّحزين ،والتّرعيد ،والتّحريف ،والقراءة باللّين
والّرخاوة في الحروف ،والنّقر بالحروف وتقطيعها
...إلخ .وتفصيل المراد بذلك في مراجعه ،ومنها
شروح الجزريّة ،ونهاية القول المفيد ،وقد أورد
أبياتا ً في ذلك من منظومة للمام علم الدّين
ل حرف م نقل عن شرحها قوله :فك ّ سخاويّ ،ث ّ ال ّ
له ميزان يعرف به مقدار حقيقته ،وذلك الميزان
هو مخرجه وصفته ،وإذا خرج عن مخرجه معطًى
صفات على وجه العدل في ذلك من غير ما له من ال ّ
إفراط ول تفريط فقد وزن بميزانه ،وهذا هو حقيقة
التّجويد .وسبيل ذلك التّلّقي من أفواه القّراء
المتقنين .
===============
تحّري *
التّعريف :
- 1التّحّري في اللّغة :القصد والبتغاء ،كقول
القائل :أتحّرى مسّرتك ،أي أطلب مرضاتك ،ومنه
شدا ً } أي قصدوا حَّروا َر َقوله تعالى { :فأولئك ت َ َ
ي صلى الله خوه .ومنه حديث النّب ّ طريق الحقّ وتو ّ
عليه وسلم « :تحّروا ليلة القدر في الوتر من
العشر الواخر » ...الحديث .أي اعتنوا بطلبها .
وفي الصطلح :بذل المجهود في طلب المقصود ،
ن عند عدم الوقوف شيء بغالب الظ ّ ّ أو طلب ال ّ
على حقيقته .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
311
أ -الجتهاد :
- 2الجتهاد والتّحّري لفظان متقاربا المعنى ،
ومعناهما :بذل المجهود في طلب المقصود ،إل ّ أ ّ
ن
لفظ الجتهاد صار في عرف العلماء مخصوصا ً ببذل
شريعة ، المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام ال ّ
وبذل المجهود في تعّرف حكم الحادثة من الدّليل .
ما التّحّري فقد يكون بدليل ،وقد يكون بمجّرد أ ّ
ل اجتهاد تحّر ، شهادة القلب من غير أمارة .فك ّ
ل تحّر اجتهاد . وليس ك ّ
خي : ب -التّو ّ
خي مأخوذ من الوخى ،بمعنى القصد ، - 3التّو ّ
خين لفظ التّو ّ خي سواء ،إل ّ أ ّ فالتّحّري والتّو ّ
يستعمل في المعاملت .كما قال صلى الله عليه
وسلم للّرجلين اللّذين اختصما في المواريث « :
ل واحد منكما خيا ،واستهما ،وليحلل ك ّ اذهبا وتو ّ
صاحبه » .
ما التّحّري فيستعمل غالبا ً في العبادات .كما قال وأ ّ
ك أحدكم في ي صلى الله عليه وسلم « :إذا ش ّ النّب ّ
صواب » . صلة فليتحّر ال ّ ال ّ
ن: ج -الظ ّ ّ
ن :هو إدراك الطّرف الّراجح مع احتمال - 4الظ ّ ّ
ن يكون ترجيح أحد المرين على النّقيض ،ففي الظ ّ ّ
الخر ،فإن كان بغير دليل فهو مذموم ،ويكون
صل التّرجيح في التّحّري بغالب الّرأي ،وهو دليل يتو ّ
صل به إلى ما به إلى طرف العلم وإن كان ل يتو ّ
ن بمعنى يوجب حقيقة العلم ،وقد يستعمل الظ ّ ّ
اليقين كقوله تعالى { :الّذين يظنّون أنّهم ملقو
ربّهم } .
ك: ش ّ د -ال ّ
312
ك :تردّد بين احتمالين مستويين ،أي من ش ّ - 5ال ّ
ك.شا ّ غير رجحان لحدهما على الخر عند ال ّ
ك. ش ّ فالتّحّري وسيلة لزالة ال ّ
ي:الحكم التّكليف ّ
- 6التّحّري مشروع والعمل به جائز ،والدّليل على
ما الكتاب :فقوله سنّة والمعقول :أ ّ ذلك الكتاب وال ّ
تتعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنا ُ
ن فإِن
م بإِيمانه ّ ن اللّه أعل ُ ت فامتحنوه ّ مهاجرا ٍ
ن إلى الكّفار } . مؤ ْمنات فل تَْرجعوه ّ ن ُ متُموه َّ عَل ِ ْ
وذلك يكون بالتّحّري وغالب الّرأي ،وأطلق عليه
العلم .
سابقان عند الكلم عن سنّة :فالحديثان ال ّ ما ال ّ وأ ّ
خي . التّو ّ
ن الجتهاد في ل عليه من المعقول :فهو أ ّ ما ما يد ّ وأ ّ
شرعيّة جائز للعمل به ،وذلك عمل بغالب الحكام ال ّ
شرع ، م جعل مدركا ً من مدارك أحكام ال ّ الّرأي ،ث ّ
وإن كانت الحكام ل تثبت به ابتداءً ،فكذلك التّحّري
صل إلى أداء العبادات وإن مدرك من مدارك التّو ّ
كانت العبادة ل تثبت به ابتداءً .
شرع ورد في مواضع هذا ،والتّحّري في أحكام ال ّ
كثيرة ،ويختلف حكمه باختلف مواطنه :أوّل ً :
التّحّري لمعرفة الطّاهر من غيره حالة الختلط :
أ -اختلط الواني :
- 7إذا اختلطت الواني الّتي فيها ماء طاهر بالواني
الّتي فيها ماء نجس ،واشتبه المر ،ولم يكن معه
ماء طاهر سوى ذلك ،ول يعرف الطّاهر من النّجس
:
فإن كانت الغلبة للواني الطّاهرة ،يتحّرى عند
ن الحكم للغالب ، الحنفيّة وبعض الحنابلة ،ل ّ
313
وباعتبار الغالب لزمه استعمال الماء الطّاهر ،
ن جهة الباحة قد وإصابته بتحّريه مأمولة ،ول ّ
جحت .وإن كانت الغلبة للواني النّجسة أو كانا تر ّ
شرب حالة متساويين ،فليس له أن يتحّرى إل ّ لل ّ
ن لهضرورة ،إذ ل بديل له ،بخلف الوضوء فإ ّ ال ّ
بديل ً .
وظاهر كلم أحمد وأكثر أصحابه عدم جواز التّحّري ،
وإن كثر عدد الواني الطّاهرة .
ضأ
شافعيّة يجوز التّحّري في الحالين ،فيتو ّ وعند ال ّ
صلة ،فجاز التّحّري من أجله بالغلب ،لنّه شرط لل ّ
كالقبلة .
وذهب المالكيّة إلى أنّه إذا كان عنده ثلثة أوان
جسة واثنان طهوران ،واشتبهت هذه نجسة أو متن ّ
ضأ ثلثة وضوآت من ثلثة أوان عدد بهذه ،فإنّه يتو ّ
ضأ وضوءا ً رابعا ً من إناء رابع ، الواني النّجسة ،ويتو ّ
ل وضوء صلة ً . ويصلّي بك ّ
وحكى ابن الماجشون من المالكيّة قول ً آخر ،وهو
ل واحد من الواني وضوءا ً ويصلّي ضأ من ك ّ أنّه يتو ّ
به .والتّفصيل في مصطلح ( اشتباه ) .
ب -اختلط الثّياب :
شخص ثياب طاهرة بنجسة ، - 8إذا اشتبهت على ال ّ
وتعذ ّر التّمييز بينها ،وليس معه ثوب طاهر بيقين
غيرها ،ول ما يغسلها به ،ول يعرف الطّاهر من
صلة ،فإنّه يتحّرى عند النّجس ،واحتاج إلى ال ّ
شافعيّة ما الحنفيّة ،وهو المشهور عند المالكيّة وال ّ
ي ،ويصلّي في الّذي يقع تحّريه على أنّه عدا المزن ّ
طاهر ،سواء أكانت الغلبة للثّياب النّجسة أم
الطّاهرة ،أو كانا متساويين .وقال الحنابلة ،وابن
الماجشون من المالكيّة :ل يجوز التّحّري ،ويصلّي
314
في ثياب منها بعدد النّجس منها ،ويزيد صلةً في
ثوب آخر .
ح
وقال ابن عقيل من الحنابلة :يتحّرى في أص ّ
الوجهين دفعا ً للمشّقة .
ي :ل يصلّي في شيء منها ، وقال أبو ثور والمزن ّ
كقولهما في الواني .
ج -اختلط المذكّاة بالميتة :
- 9إذا اختلطت المذكّاة بالميتة ،فذهب الحنفيّة
إلى أنّه يجوز التّحّري في حالة الضطرار مطلقا ً ،
أي سواء أكانت الغلبة للمذكّاة أم للميتة أو تساويا .
وفي حالة الختيار ل يجوز التّحّري إل ّ إذا كانت الغلبة
للحلل .
مة الثّلثة فل يجوز عندهم التّحّري مطلقاً ما الئ ّ وأ ّ
في هذا المجال .
د -التّحّري في الحيض :
- 10إذا نسيت امرأة عدد أيّام حيضها وموضعها ،
واشتبه عليها حالها في الحيض والطّهر فالمتبادر من
ن عليها أن تتحّرى ،فإن وقع أقوال جمهور الفقهاء أ ّ
أكبر رأيها على أنّها حائض أعطيت حكمه ،وإن وقع
أكبر رأيها على أنّها طاهرة أعطيت حكم
شرعيّة . ن من الدلّة ال ّن غلبة الظ ّ ّ الطّاهرات ،ل ّ
ما إذا تحيّرت ولم يغلب على ظنّها شيء ،فهي وأ ّ
المتحيّرة أو المضلّة ،فعليها الخذ بالحوط في
الحكام .ولتفصيل أحكامها يرجع إلى مصطلح
( حيض ،استحاضة ) .
ثانيا ً :معرفة القبلة بالستدلل والتّحّري :
ن المصلّي إذا كان قادرا ً على استقبال - 11إ ّ
القبلة ،وكان بمكّة وفي حال مشاهدة الكعبة
ن عليهومعاينته لها ،فل خلف بين الفقهاء في أ ّ
315
جه إلى عين الكعبة ،ومقابلة ذاتها .وإن كان التّو ّ
نائيا ً عن الكعبة غائبا ً عنها :فذهب الحنفيّة إلى أنّه
يكفيه استقبال جهة الكعبة باجتهاد ،وليس عليه
إصابة العين ،وهو الظهر عند المالكيّة والحنابلة ،
ي.شافع ّ وهو قول لل ّ
شافعيّة ،وهو قول للمالكيّة ،ورواية والظهر عند ال ّ
عن الحنابلة :أنّه تلزمه إصابة العين .ول يجوز
الجتهاد عند جمهور الفقهاء مع وجود محاريب
صحابة ،وكذلك محاريب المسلمين الّتي تكّررت ال ّ
صلوات إليها . ال ّ
كما أنّه ل يجوز الجتهاد إذا كان بحضرته من يسأله
من أهل المكان العالم بها ،بشرط كونه مقبول
يل صب ّ
ي والجاهل والفاسق وال ّ م ّشهادة ،فالذ ّ ّ ال ّ
يعتد ّ بإخباره في هذا المجال .
جهفإذا عجز المصلّي عن إصابة عين الكعبة والتّو ّ
إلى جهتها استدلل ً بالمحاريب المنصوبة القديمة ،
من تقبل شهادته أو سؤال من هو عالم بالقبلة ،م ّ
من أهل المكان :فإن كان من أهل الجتهاد في أمر
القبلة ،فعليه الجتهاد .والمجتهد في القبلة هو :
شمس ،والقمر ، العالم بأدلّتها وهي :النّجوم ،وال ّ
والّرياح ،والجبال ،والنهار وغير ذلك من الوسائل
نك ّ
ل شرع .فإ ّ والمعالم ،وإن كان جاهل ً بأحكام ال ّ
من علم بأدلّة شيء كان من المجتهدين فيه ،وإن
جهل غيره .وإن كان غير عالم بأدلّتها ،أو كان
أعمى فهو مقلّد وإن علم غيرها .فالمصلّي القادر
على الجتهاد إن صلّى بغير اجتهاد ،فالمتبادر من
أقوال جمهور الفقهاء أنّه ل تجوز صلته ،وإن وقعت
إلى القبلة ،وكذلك إذا أدّاه الجتهاد إلى جهة فصلّى
م تبيّن أنّه صلّى إلى الكعبة ،فصلته إلى غيرها ،ث ّ
316
مة الربعة ،لتركه الواجب ،كما لو باطلة عند الئ ّ
م تبيّن أنّه متطهّر .ولتفصيل صلّى ظانّا ً أنّه محدث ث ّ
ذلك يرجع إلى مصطلح ( :استقبال ) .
- 12من عجز عن معرفة القبلة بالستدلل ،بأن
خفيت عليه الدلّة لحبس أو غيم ،أو التبست عليه
أو تعارضت ،ولم يكن هناك من يخبره اختلف
الفقهاء في ذلك ،فذهب الحنفيّة والحنابلة ،وهو
ح
ن عليه التّحّري وتص ّ المعتمد عند المالكيّة :إلى أ ّ
ن التّكليف بحسب الوسع والمكان ، صلته ،ل ّ
وليس في وسعه إل ّ التّحّري .والمشهور عند
شافعيّة أنّه يصلّي كيف كان لحرمة الوقت ،سواء ال ّ
أكان في الوقت سعة أم ل ،ويقضي لندرة حصول
ذلك .والصل في هذا الباب ما روي عن عامر بن
ربيعة أنّه قال « :كنّا مع رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم في ليلة مظلمة ،فلم ندر أين القبلة ،فصلّى
ما أصبحنا ذكرنا ذلك ل رجل منّا على خياله ،فل ّ ك ّ
لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم فنزل قول اللّه
ه اللّه } » وقال عل ّ
ي م وج ُ تعالى { :فأينما تُوَلُّوا فَث َ َّ
رضي الله تعالى عنه ":قبلة المتحّري جهة قصده
".
صلة : ثالثا ً :التّحّري في ال ّ
صلة فل يدري كم صلّى ،فعند ك في ال ّ - 13من ش ّ
صلة ، ك كثيرا ً في ال ّ
ش ّ الحنفيّة إن كان يعرض له ال ّ
وكان له رأي تحّرى ،وبنى على أكبر رأيه ،لقوله
عليه الصلة والسلم :
صواب » . صلة فليتحّر ال ّ ك في ال ّ « من ش ّ
ك فيه ل ،ويأتي بما ش ّ وعند المالكيّة يبني على الق ّ
مطلقا ً .
317
صلة ك في أثناء ال ّ شافعيّة إلى أنّه إذا ش ّ وذهب ال ّ
ك بعد سهو .ولو ش ّ ل ،ويسجد لل ّ فعليه الخذ بالق ّ
سلم فقولن عندهم : ال ّ
أحدهما :أن يقوم إلى التّدارك ،كأنّه لم يسلّم .
والثّاني :أنّه ل يعتبر بعد الفراغ لما فيه من العسر .
ما الحنابلة فيفّرقون بين المام والمنفرد في وأ ّ
ك فلم المشهور من مذهبهم .فمن كان إماما ً وش ّ
يدر كم صلّى تحّرى وبنى على غالب ظنّه ،وأ ّ
ما
ل ) ،وفي رواية المنفرد فيبني على اليقين ( الق ّ
يبني على غالب ظنّه كالمام ،هذا إذا كان له رأي ،
ما إذا استوى عنده المران بنى على اليقين إماماً أ ّ
كان أو منفردا ً .
صوم :رابعا ً :التّحّري في ال ّ
- 14من كان محبوسا ً أو كان في بعض النّواحي
النّائية عن المصار ،أو بدار حرب بحيث ل يمكنه
التّعّرف على الشهر بالخبر واشتبه عليه شهر
رمضان :فقد اتّفق الفقهاء على أنّه يجب عليه
التّحّري والجتهاد في معرفة شهر رمضان ،لنّه
أمكنه تأدية فرض بالتّحّري والجتهاد ،فلزمه
كاستقبال القبلة .
فإذا غلب على ظنّه عن أمارة تقوم في نفسه
م إن تبيّن أنّه أصاب دخول شهر رمضان صامه ،ث ّ
شهر رمضان ،أو لم ينكشف له الحال أجزأه في
مة الفقهاء ،لنّه أدّى فرضه بالجتهاد ، قول عا ّ
وأدرك ما هو المقصود بالتّحّري .
مة الثّلثة ، وإن تبيّن أنّه صام شهرا ً قبله ،فذهب الئ ّ
صحيح من المذهب أنّه ل يجزئه ، شافعيّة في ال ّ وال ّ
لنّه أدّى العبادة قبل وجود سبب وجوبها فلم تجزئه
شافعيّة قول في كمن صلّى قبل الوقت .وعند ال ّ
318
القديم في حالة تبيّن المر بعد رمضان أنّه يجزئ ،
سنة مّرة ً ،فجاز أن يسقط لنّه عبادة تفعل في ال ّ
فرضها بالفعل قبل الوقت عند الخطأ .
ما إن تبيّن أنّه صام شهرا ً بعده ،جاز عند جمهور أ ّ
شافعيّة ،وذلك صحيح عند ال ّ الفقهاء ،وهو ال ّ
بشرطين :إكمال العدّة ،وتبييت النّيّة لشهر
رمضان ،لنّه قضاء ،وفي القضاء يعتبر هذان
ن
شافعيّة أنّه أداء للعذر ،ل ّ شرطان ،وفي قول لل ّ ال ّ
العذر قد يجعل غير الوقت وقتا ً كما في الجمع بين
صلتين .
ال ّ
شهر الّذي صامه ناقصا ً ، وعلى هذا فإن كان ال ّ
ما ً ،صام يوما ً ،ل ّ
ن ورمضان الّذي صامه النّاس تا ّ
صوم شهر آخر بعده يكون قضاءً ،والقضاء يكون
على قدر الفائت .
شافعيّة -بأنّه يقع أداءً -يجزئه وعلى القول الثّاني لل ّ
ما ً ،ل ّ
ن ولو صامه ناقصا ً وصام النّاس رمضان تا ّ
شهر يقع ما بين الهللين .وكذلك إن وافق بعض ال ّ
رمضان دون بعض ،فما وافق رمضان أو بعده
أجزأه ،وما وافق قبله لم يجزئه .
شهر لم يدخل فصام لم يجزئه ، ن ال ّ
نأ ّ ما إن ظ ّ وأ ّ
ك في دخوله ولم يغلب على ولو أصاب ،وكذا لو ش ّ
ظنّه دخوله .وإن صام من اشتبهت عليه الشهر بل
اجتهاد وهو قادر عليه ،وبل تحّر ،ل يجزئه كمن
خفيت عليه القبلة .
ك في الغروب في يوم غيم ولم يتحّر ل يح ّ
ل ومن ش ّ
ن الصل بقاء النّهار . له الفطر ،ل ّ
خامسا ً :التّحّري في معرفة مستحّقي الّزكاة :
ك في حال من يدفع له الّزكاة لزمه - 15من ش ّ
التّحّري :فإن وقع في أكبر رأيه أنّه فقير دفع إليه ،
319
فإذا ظهر أنّه فقير أو لم يظهر من حاله شيء جاز
بالتّفاق ،وإن ظهر أنّه كان غنيّا ً فكذلك في قول
مد ،وهو قول أبي يوسف الوّل ، أبي حنيفة ومح ّ
ي
شافع ّ وفي قوله الخر تلزمه العادة ،وهو قول لل ّ
.
وعند المالكيّة :إن دفع الّزكاة باجتهاد لغير مستحقّ
ي ،أو كافر مع ظنّه أنّه مستحقّ ،لم في الواقع كغن ّ
شافعيّة والحنابلة فروايتان :ما عند ال ّتجزه .أ ّ
إحداهما يجزئه ،والخرى ل يجزئه .ولمعرفة
تفصيل أحكام ذلك يرجع إلى مصطلح ( :زكاة ) .
سادسا ً :التّحّري بين القيسة المتعارضة :
- 16إذا وقع التّعارض بين القياسين ،ولم يكن هناك
دليل لترجيح أحدهما على الخر ،ولم يقع اختياره
على أحدهما بالعمل به ،فيجب التّحّري ،خلفاً
ي ،فإنّه يقول :ل يجب التّحّري ،بل للمام ال ّ
شافع ّ
للمجتهد أن يعمل بأيّهما شاء ،وعلى هذا الخلف ،
جيّة قول التّحّري في قول صحابيّين عند من يقول بح ّ
ي.
ي ،والتّفصيل في الملحق الصول ّ صحاب ّال ّ
مواطن البحث :
- 17ورد ذكر التّحّري في فصول كثيرة من كتب
صلة عند الكلم عن استقبال الفقه منها :كتاب ال ّ
سهو ،وأبواب الحيض والطّهارة ، القبلة ،وسجدة ال ّ
صص صاحب المبسوط للتّحّري كتاباً صوم ،وخ ّ وال ّ
مستقّل ً بعنوان ( كتاب التّحّري ) ،كما أنّه يرجع
لتفصيل أحكامه إلى مصطلحات ( استقبال ،
واستحاضة ،واشتباه ) .
==============
تحلية *
التّعريف :
320
ي ،أو اتّخاذه لهاة :إلباس المرأة الحل ّ - 1التّحلية لغ ً
ي أولتلبسه .ويقال :تحلّت المرأة :لبست الحل ّ
ي ،أواتّخذته .وحلّيتها بالتّشديد :ألبستها الحل ّ
اتّخذته لها لتلبسه .والتّحلية ل تخرج في معناها
ي عن هذا التّعريف . شرع ّ ال ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
تزيين :
- 2التّزيين من الّزينة ،والّزينة اسم جامع لك ّ
ل
م من التّحلية ،لتناوله شيء يتزيّن به .فالتّزيّن أع ّ
شعر والختضاب ة كالكتحال وتسريح ال ّ ما ليس حلي ً
.
ي: الحكم التّكليف ّ
- 3يختلف حكم التّحلية بحسب الحوال .
ة كستر العورة ،وتزيّن فقد تكون التّحلية واجب ً
الّزوجة لزوجها متى طلب منها ذلك .
ة كتحلّي الّرجل للجمعة والعيدين وقد تكون مستحب ّ ً
شيب للّرجل ومجامع النّاس ولقاء الوفود وخضاب ال ّ
والمرأة بصفرة أو حمرة كما هو عند الحنفيّة .
ة كلبس المعصفر والمزعفر وقد تكون مكروه ً
للّرجال كما هو عند الحنفيّة ،وخضاب الّرجل يديه
ورجليه للتّشبّه بالنّساء عندهم أيضا ً .
وقد تكون حراما ً كتحلّي الّرجال بحلية النّساء ،
وتحلّي النّساء بحلية الّرجال ،وكتحلّي الّرجال
بالذ ّهب .
السراف في التّحلية :
- 4التّحلية المباحة أو المستحبّة إذا أسرف فيها
تصبح محظورة ً ،وقد تصل إلى مرتبة التّحريم .
والسراف :هو مجاوزة حد ّ الستواء ،فتارةً يكون
بمجاوزة الحلل إلى الحرام ،وتارةً يكون بمجاوزة
321
من قال اللّه تعالى فيهم الحد ّ في النفاق ،فيكون م ّ
ن } والسراف ن ال َّ { إ َّ
شياطي ِ خوا َن المبذِّرِين كانوا إ ِ ْ
سط وضدّه من القتار مذمومان ،والستواء هو التّو ّ
َ
سرفوا ولم قال اللّه تعالى { :والّذين إذا أنفقوا لم ي ُ ْ
قتُروا وكان بين ذلك قَوَاما ً } . يَ ْ
تحلية المحدَّة :
- 5المحدّة من النّساء هي :المرأة الّتي تترك
ي والطّيب بعد وفاة زوجها للعدّة ، الّزينة والحل ّ
والحداد تركها ذلك .وإحدادها في اصطلح الفقهاء :
ة
امتناعها عن الّزينة وما في معناها مدّةً مخصوص ً
في أحوال مخصوصة حزنا ً على فراق زوجها ،سواء
أكان بالموت -وهو بالجماع -أم بالطّلق البائن ،
وهو مذهب الحنفيّة على خلف
-6وقد أجمع الفقهاء على أنّه يحرم على المحدّة أن
ل صوره ،فيلزمها نزعه حين تستعمل الذ ّهب بك ّ
تعلم بموت زوجها ،ل فرق في ذلك بين الساور
ي من الجواهر ، والدّمالج والخواتم ،ومثله الحل ّ
ضة
ويلحق به ما يتّخذ للحلية من غير الذ ّهب والف ّ
ي من كالعاج وغيره .وجوّز بعض الفقهاء لبس الحل ّ
ضة ،ولكنّه قول مردود ،لعموم النّهي عن لبس الف ّ
ي على المحدّة في قوله صلى الله عليه وسلم الحل ّ
ضة ،فحرم ن الّزينة تحصل بالف ّ ي » ول ّ « :ول الحل ّ
يعليها لبسها والتّحلّي بها كالذ ّهب .وقصر الغزال ّ
ما
ضة ،لنّه ليس م ّ الباحة على لبس الخاتم من الف ّ
ص النّساء بحلّه ،ويحرم عليها أن تتحلّى تخت ّ
لتتعّرض للخطاب بأيّ وسيلة من الوسائل تلميحا ً أو
ي صلى الله عليه وسلم فيما رواه تصريحا ً لقول النّب ّ
ي وأبو داود « :ول تلبس المعصفر من الثّياب النّسائ ّ
ي». ول الحل ّ
322
التّحلّي في الحرام :
ج أو عمرة أو من يريده بح ّ ما أن يكون م ّ - 7وهو إ ّ
من أحرم بهما فعل ً . م ّ
وتحلّي المرأة المحرمة بالذ ّهب وغيره من الحل ّ
ي
مباح ،سواء أكان سوارا ً أم غيره ،لقول ابن عمر
رضي الله عنهما « نهى رسول اللّه صلى الله عليه
ن عن القّفازين والنّقاب ، وسلم النّساء في إحرامه ّ
س الورس والّزعفران من الثّياب ،وليلبسن وما م ّ
بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثّياب ،من معصفر أو
ي». خّز أو حل ّ
ي
ما الخلخال وما أشبهه من الحل ّ قال ابن قدامة :فأ ّ
ي :أنّه لسوار والدّملوج فظاهر كلم الخرق ّ مثل ال ّ
يجوز لبسه .وقد قال أحمد :المحرمة والمتوفّى
عنها زوجها يتركان الطّيب والّزينة ،ولهما ما سوى
ذلك ،وروي عن عطاء :أنّه كان يكره للمحرمة
ي .وكرهه الثّوريّ وأبو ثور .وروي عن الحرير والحل ّ
قتادة أنّه كان ل يرى بأسا ً أن تلبس المرأة الخاتم
سوارين والدّملجين والقرط وهي محرمة ،وكره ال ّ
والخلخالين .
وظاهر مذهب أحمد :الّرخصة فيه .وهو قول ابن
عمر وعائشة رضي الله عنهما وأصحاب الّرأي .قال
ي
أحمد في رواية حنبل :تلبس المحرمة الحل ّ
والمعصفر .وقال عن نافع :كان نساء ابن عمر
ن محرمات ل ي والمعصفر وه ّ وبناته يلبسن الحل ّ
ينكر ذلك عبد اللّه .وروى أحمد في المناسك عن
عائشة رضي الله عنها أنّها قالت :تلبس المحرمة
ما تلبس وهي حلل من خّزها وقّزها وحليّها .
ي صلى الله وقد ذكرنا حديث ابن عمر أنّه سمع النّب ّ
عليه وسلم قال « :ولْتلبس بعد ذلك ما أَحبّت من
323
ي » قال ابن ب من معصفر أو خّز أو حل ّ ن الثّيا ِ
ألوا ِ
جة ،ويحمل كلم المنذر :ل يجوز المنع منه بغير ح ّ
ي في المنع على الكراهة لما فيه من أحمد والخرق ّ
الّزينة .
ضة للّرجال والنّساء جائز عند ولبس خاتم الف ّ
شافعيّة والحنابلة ،ول يجوز عند المالكيّة الحنفيّة وال ّ
للّرجل وفيه الفداء ،ويجوز للمرأة .
-8ومن التّحلّي في الحرام أن يتطيّب في بدنه .
ن
وهو وإن كان من محظورات الحرام ،لكنّه س ّ
استعدادا ً له عند الجمهور ،وكره المالكيّة الحرام
بمطيّب ،وندبوه بغيره .والتّطيّب في ثوب الحرام
شافعيّة في قبل الحرام منعه الجمهور ،وأجازه ال ّ
ن
ما بعد الحرام فإ ّ القول المعتمد عندهم .وأ ّ
التّحلية بالطّيب وما في معناه هو من محظورات
ما لبس المرأة حليّها في الحرام فل الحرام ،وأ ّ
بأس به ما لم يكن فيه إغراء ر ( :إحرام ) .
===============
تحليق *
التّعريف :
- 1من معاني التّحليق في اللّغة :الستدارة وجعل
شيء كالحلقة . ال ّ
شعر ،يقال :حلق رأسه ومن معانيه أيضا ً :إزالة ال ّ
يحلقه حلقا ً ،وتحلقا ً :أزال شعره ،كحلّقه واحتلقه
سكم } ،وفي ن رءو َ .ومنه قوله تعالى { :محل ِّقي َ
م اغفر للمحل ِّقين » والتّحليق خلف الحديث « :اللّه ّ
ص .وخلف شعر بالمق ّ التّقصير ،وهو :الخذ من ال ّ
شعر من أصوله .ويرد في النّتف ،وهو :نزع ال ّ
اصطلح الفقهاء بالمعنيين المذكورين .
ي ومواطن البحث : الحكم الجمال ّ
324
التّحليق بمعنى الستدارة في التّشهّد :
- 2يرد التّحليق بمعنى :الستدارة في التّشهّد في
صلة ،سواء التّشهّد الوّل أو الخير .وصفته :أن ال ّ
يقبض المصلّي الخنصر والبنصر من يده اليمنى ،
سبّابة -وهي ويحلق بإبهامه مع الوسطى ويشير بال ّ
الصبع الّتي تلي البهام -عند لفظ الجللة رافعا ً لها
وهذا عند الحنابلة ،وهو القول الثّاني عند
شافعيّة ،وقول للحنفيّة ،وقالوا :إنّه المفتى به . ال ّ
والتّحليق على الوجه المذكور سنّة .
صلة أن ن من مندوبات ال ّ وذكر عند المالكيّة :أ ّ
يعقد المصلّي في تشهّده من أصابع يده اليمنى
الخنصر والبنصر والوسطى وهي موضوعة على
فخذها اليمن ،وأطرافها على اللّحمة الّتي تحت
سبّابة والبهام ، البهام على صفة تسعة ،وأن يمد ّ ال ّ
والبهام بجانبها على الوسطى ممدودة على صورة
العشرين ،فتكون الهيئة صفة التّسعة والعشرين ،
سبّابة يميناً وهذا هو قول الكثر ،وندب أن يحّرك ال ّ
موا وشمال ً تحّركا ً وسطا ً في جميع التّشهّد .ولم يس ّ
ذلك تحليقا ً .والتّفصيل موطنه مصطلح ( :تشهّد ) .
شعر : التّحليق بمعنى إزالة ال ّ
ن الحلق من المحظورات - 3اتّفق الفقهاء على أ ّ
المتعلّقة ببدن الحرم ،لقوله تعالى { :ول ت َ ْ
حلُِقوا
َ
ن كان منكم م ْحل ّه فَ َ سكم حتّى يَبْلُغَ الهديُ َ
م ِ رءو َ
َ
صيام ٍ أون ِ م ْة ِ سه فَِفدْي َ ٌن رأ ِ مريضا ً أو به أذ َى م ْ
ك } فيحظر على المحرم حلق رأسه س ٍصدَقَةٍ أو ن ُ َُ
شعر كذلك يحظر أو رأس محرم غيره ،وقليل ال ّ
حلقه أو قطعه ،وإن حلق المحرم شعره أثناء
ص .والحلق للتّحلّل من إحرامه فعليه الفدية للن ّ ّ
الحرام أفضل من التّقصير .
325
روي عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أ ّ
ن
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال :
صرين يا م ارحم المحلّقين ،قالوا :والمق ّ « اللّه ّ
م ارحم المحل ِّقين ،قالوا : رسول اللّه ،قال :اللّه ّ
صرين » . صرين يا رسول اللّه ،قال :والمق ّ والمق ِّ
وفي دعاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
ن
صرين مّرةً دليل على أ ّ للمحلّقين ثلثا ً ،وللمق ّ
ج والعمرة أفضل من التّقصير ،هذا الحلق في الح ّ
إذا كان محرما ً بالعمرة وحدها من غير إرادة تمتّع ،
فإن كان متمتّعا ً ،وأراد التّحلّل من عمرته ،
فالفضل له التّقصير ،ليتوفّر الحلق للتّحلّل من
ج.الح ّ
ن التّقصير يجزئ عن وأجمع أهل العلم على أ ّ
ن التّقصير ،لما روي عن ن النّساء سنّته ّ الّرجال ،وأ ّ
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :ليس على النّب ّ
ن التّقصير » ،ول خلف في حلْق ،إنّما عليه ّ النّساء َ
ج نسك .والحلق -أو ن حلق الّرأس في الح ّ أ ّ
التّقصير -في ذاته واجب إذا كان على الّرأس
ما إذا لم يكن على رأسه شعر -كالقرع شعر ،أ ّ
ومن برأسه قروح -فإنّه يجب إمرار الموسى على
ب ذلك رأسه عند الحنفيّة والمالكيّة ،واستح ّ
شافعيّة والحنابلة .وبعد فراغ الحلق يقول :اللّه ال ّ
م هذه ناصيتي بيدك ،فاجعل أكبر ثلث مّرات ،اللّه ّ
ل شعرة نورا ً يوم القيامة ،واغفر لي ذنبي يا لي ك ّ
واسع المغفرة .
والتّفصيل موطنه مصطلح ( :إحرام ) ( حلق ) .
تحلّل *
التّعريف :
326
ل ) في ل .وأصل معنى ( ح ّ - 1التّحلّل ثلثيّة من ح ّ
ك العقدة ،ويكون بفعل شيء وف ّ اللّغة :فتح ال ّ
النسان ما يخرج به من الحرمة ،ويختلف باختلف
موضعه ،فإن كان من إحرام فهو الخروج منه
بالطّريق الموضوع له شرعا ً ،وإن كان من يمين
فيخرج منها بالبّر أو الكّفارة بشرطها ،وإن كان
سلم ،وتفصيله في صلة فيكون بال ّ التّحلّل من ال ّ
صلة .
باب ال ّ
ول يخرج استعماله شرعا ً عن ذلك .
ي ومواطن البحث : الحكم الجمال ّ
التّحلّل من الحرام :
ل ما كان والمراد به :الخروج من الحرام .وح ّ
محظورا ً على المحرم قسمان :
مى أيضا ً :التّحلّل الوّل : أ -التّحلّل الصغر ،ويس ّ
شافعيّة والحنابلة بفعل أمرين من - 2ويكون عند ال ّ
ثلثة :رمي جمرة العقبة ،والنّحر ،والحلق أو
ل شيء التّقصير .ويباح بهذا التّحلّل لبس الثّياب وك ّ
ما عدا النّساء ( بالجماع ) والطّيب عند البعض ،
صيد عند المالكيّة . وال ّ
ما الحنفيّة فيحصل التّحلّل الصغر عندهم برمي أ ّ
ل لهالجمرة والحلق والتّقصير ،فإذا فعل ذلك ح ّ
ل شيء إل ّ النّساء .وما ورد في بعض كتب ك ّ
صيد أيضا ً ضعيف . الحنفيّة من استثناء الطّيب وال ّ
هذا ،ويجب الذ ّبح بين الّرمي والحلق للمتمتّع
ن التّرتيب واجب والقارن لمن قدر على ذلك ،ل ّ
بين هذه النّسك عند الحنفيّة .
والصل في هذا الخلف ما ورد عن عائشة رضي
ي صلى الله الله عنها أنّها قالت « :كنت أطيّب النّب َّ
م النّحر قبل أن عليه وسلم قبل أن يحرم ،ويو َ
327
يطوف بالبيت بطيب فيه مسك » .وقد جاء في
ل له بعض الحاديث أنّه إذا رمى جمرة العقبة فقد ح ّ
ل شيء إل ّ النّساء والطّيب ،لما أخرجه مالك في ك ّ
الموطّأ عن عمر رضي الله عنه أنّه خطب النّاس
ج ،وقال لهم فيما قال « : بعرفة ،وعلّمهم أمر الح ّ
ل له ما حرم إذا جئتم منًى فمن رمى الجمرة فقد ح ّ
ج إل ّ النّساء والطّيب » . على الحا ّ
صيد أيضا ً :فإنّه ما ما ذهب إليه مالك من تحريم ال ّ وأ ّ
صيد َ وأنتم قتُلوا ال ّ أخذ بعموم قوله تعالى { :ل ت َ ْ
ج يعتبر محرماً ن الحا ّ م } ووجه الستدلل بالية أ ّ حُر ٌُ
ما دليل إباحة لبس ما لم يطف طواف الفاضة .وأ ّ
ل شيء بعد رمي جمرة العقبة ،فهو الثّياب وك ّ
ل شيء إلّ لك ّ حديث « :إذا رميتم الجمرة فقد ح ّ
سابق . النّساء » ،وحديث عائشة ال ّ
مى أيضا ً التّحلّل الثّاني : ب -التّحلّل الكبر -ويس ّ
- 3هذا التّحلّل هو الّذي يباح به جميع محظورات
ح أفعال الحرام دون استثناء ،ويبدأ الوقت الّذي تص ّ
التّحلّل الكبر فيه عند الحنفيّة والمالكيّة من طلوع
فجر يوم النّحر ،ويحصل عندهما بطواف الفاضة -
بشرط الحلق أو التّقصير -هنا باتّفاقهما ،فلو أفاض
ولم يحلق لم يتحلّل حتّى يحلق عند الحنفيّة
والمالكيّة .
سعي ، وزاد المالكيّة أن يكون الطّواف مسبوقا ً بال ّ
سعي ركن عند ن ال ّ ل به حتّى يسعى ،ل ّ وإل ّ ل يح ّ
سعي في المالكيّة ،وقال الحنفيّة :ل مدخل لل ّ
ل ،ونهاية وقت التّحلّل التّحلّل ،لنّه واجب مستق ّ
الكبر بحسب ما يتحلّل به عندهما ،وهو الطّواف ،
وهو ل يفوت .
328
شافعيّة والحنابلة يبدأ وقت التّحلّل الكبر من وعند ال ّ
منتصف ليلة النّحر ،ويحصل التّحلّل الكبر عندهما
باستكمال أفعال التّحلّل الّتي ذكرت ،وهي :ثلثة
ن الحلق نسك ،واثنان على القول على القول بأ ّ
الخر غير المشهور أنّه ليس بنسك ،ونهاية التّحلّل
شافعيّة والحنابلة بحسب ما يتحلّل به الكبر عند ال ّ
عندهما إن توقّف التّحلّل الكبر على الطّواف أو
ما الّرمي فإنّه مؤقّت بغروب سعي ،أ ّ الحلق أو ال ّ
شمس آخر أيّام التّشريق ،فإذا توقّف عليه التّحلّل
ولم يرم حتّى آخر أيّام التّشريق فات وقت الّرمي
ل عند الحنابلة بمجّرد فوات الوقت ، بالكلّيّة ،فيح ّ
وإن بقي عليه الفداء مقابل ذلك ،وهذا قول عند
ح عندهم أنّه بفوات وقت ن الص ّ شافعيّة ،لك ّ ال ّ
ل حتّىالّرمي ينتقل التّحلّل إلى كّفارته ،فل يح ّ
يؤدّيها .
وحصول التّحلّل الكبر باستكمال الفعال الثّلثة :
رمي جمرة العقبة ،والحلق ،وطواف الفاضة
ل اتّفاق الفقهاء ،وبه تباحسعي مح ّ المسبوق بال ّ
جميع محظورات الحرام بالجماع.
التّحلّل من إحرام العمرة :
ن للعمرة بعد أدائها - 4اتّفق جمهور الفقهاء على أ ّ
تحلّل ً واحدا ً تباح به للمحرم جميع محظورات
الحرام ،ويحصل هذا التّحلّل بالحلق أو التّقصير
باتّفاق المذاهب ،والتّفصيل في مصطلح ( عمرة )
.
التّحلّل من اليمين :
ن اليمين المنعقدة المؤكّدة - 5اتّفق الفقهاء على أ ّ
ل بفعل ما يوجب الحنث ،وهو ث أو المنع تنح ّ للح ّ
ما بفعل المخالفة لما انعقدت عليه اليمين ،وذلك إ ّ
329
ما بترك ما حلف على ما حلف على أل ّ يفعله ،وإ ّ
فعله ،إذا علم أنّه قد تراخى عن فعل ما حلف على
فعله إلى وقت ليس يمكنه فيه فعله ،وذلك في
اليمين بالتّرك المطلق ،مثل أن يحلف :لتأكلن هذا
الّرغيف ،فيأكله غيره .أو إلى وقت هو غير الوقت
الّذي اشترط وجود الفعل فيه ،وذلك في الفعل
المشترط فعله في زمان محدّد ،مثل أن يقول :
واللّه لفعلن اليوم كذا ،فإنّه إذا انقضى النّهار ولم
ن الكّفارة في يفعل حنث ضرورةً ،واتّفقوا على أ ّ
اليمان هي الربعة النواع الواردة في قوله تعالى :
خذكم ن يُؤا ِ ولك كم ِ مان ي{ ل يؤاخذ ُكم الل ّه باللَّغو في أ َ
ْ ْ ِ ُ
نشَرةِ مساكي َ م عَ َ ن فكَّفارتُه إطعا ُ بما عََّقدْتُم اليما َ
م َ
سوَتُهم أو تحريُر ن أهليكم أو ك ِ ْ مو َ ط ما تُطْعِ ُ س ِ ن أوْ َ
ِ ْ
م ثلثةِ أيَّام ٍ ذلك كَّفارةُ صيا ُ جد ْ فَ ِ ن لم ي َ ِ َرقَبَةٍ فم ْ
فتُم } . حل َ ْأيمانِكم إذا َ
ن الحالف إذا حنث مخيّر بين وجمهور الفقهاء على أ ّ
الثّلثة الول أي :الطعام أو الكسوة أو العتق ،وأنّه
صيام إل ّ إذا عجز عن الثّلثة ،لقوله ل يجوز له ال ّ
م ثلثةِ أيَّام ٍ } . جد ْ فصيا ُ م يَ ِنل ْ م ْ تعالى { :ف َ
والتّفصيل موطنه مصطلح ( أيمان ) .
والتّحلّل في اليمين :الستثناء منها بقوله :إن شاء
اللّه ،واختلف العلماء في الستثناء أيشترط اتّصاله
أو ل يشترط ؟ والتّفصيل موطنه مصطلح ( أيمان ،
طلق ) .
===============
تحميد *
التّعريف :
- 1التّحميد في اللّغة :كثرة الثّناء بالمحامد الحسنة
،وهو أبلغ من الحمد .والتّحميد في الطلق
330
ي يراد به كثرة الثّناء على اللّه تعالى ،لنّه شرع ّ ال ّ
هو مستحقّ الحمد على الحقيقة .والحسن التّحميد
صلة بقوله : بسورة الفاتحة ،وبما يثنى عليه في ال ّ
م وبحمدك . سبحانك اللّه ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
شكر : أ -ال ّ
شكر في اللّغة :الثّناء على المحسن بما قدّم - 2ال ّ
لغيره من معروف .
شكر كما ي عن ذلك .وال ّ ول يخرج المعنى الصطلح ّ
شكر مجازاة يكون باللّسان يكون باليد والقلب .وال ّ
للمحسن على إحسانه ،وقد يوضع الحمد مكان
شكر ،تقول :حمدته على شجاعته ،يعني أثنيت ال ّ
على شجاعته ،كما تقول :شكرته على شجاعته ،
م ،لنّك تحمد على ن الحمد أع ّ وهما متقاربان ،إل ّ أ ّ
ل على الفرق . صفات ول تشكر ،وذلك يد ّ ال ّ
ب -المدح :
- 3المدح من معانيه في اللّغة :الثّناء الحسن تقول
:مدحته مدحا ً من باب نفع :أثنيت عليه بما فيه من
ة .والمدح ة كانت أو اختياري ّ ً صفات الجميلة ،خلقي ّ ً ال ّ
في الصطلح :هو الثّناء باللّسان على الجميل
م من الحمد . الختياريّ قصدا ً .ولهذا كان المدح أع ّ
ي: الحكم الجمال ّ
- 4مواطن التّحميد في حياة النسان متعدّدة .فهو
مطالب به عرفانا ً منه بنعم اللّه تعالى وثناءً عليه بما
هو أهله ،على ما أوله من نعم ل حصر لها ،قال
صوها } فل ة اللّهِ ل ت ُ ْ
ح ُ م َن تَعُدُّوا نِعْ َ
تعالى { :وإ ْ
طاقة على عدّها ،ول قدرة على حصرها لكثرتها ،
سمع والبصر وغير ذلك من العافية والّرزق ، كال ّ
وهي نعم منه سبحانه ،ولذا هيّأ للنسان من
331
السباب ما يعينه على القيام بحمده والثّناء عليه بما
هو أهله .
والتّحميد تارة ً يكون واجبا ً كما في خطبة الجمعة .
ة مؤكّدة ً كما هو بعد العطاس .وتارةً وتارةً يكون سن ّ ً
يكون مندوبا ً كما في خطبة النّكاح ،وفي ابتداء
ل أكل ل أمر ذي بال ،وبعد ك ّ الدّعاء ،وفي ابتداء ك ّ
وشرب ونحو ذلك .وتارةً يكون مكروها ً كما في
الماكن المستقذرة .وتارةً يكون حراما ً كما في
الفرح بالمعصية .وتفصيل ذلك كما يأتي :
التّحميد في خطبتي الجمعة :
- 5التّحميد في خطبتي الجمعة مطلوب شرعا ً ،
على خلف بين الفقهاء في فرضيّته أو ندبه .
والبداءة به فيهما مستحبّة ،لما روى أبو هريرة
ل كلم ل يبدأ فيه رضي الله عنه مرفوعا ً « :ك ّ
بالحمد فهو أجذم » ،ولما روى جابر رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم كان يخطب النّاس ن النّب َّ« أ َّ
يحمد اللّه ويثني عليه بما هو أهله » .
والتّفصيل في ( صلة الجمعة ) .
التّحميد في خطبة النّكاح :
ب التّحميد في خطبة النّكاح قبل إجراء - 6يستح ّ
العقد ،لما ورد فيها من لفظه عليه الصلة والسلم
« :الحمد للّه نحمده ،ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ
باللّه من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا ،من يهده
ل له ،ومن يضلل فل هادي له .وأشهد اللّه فل مض ّ
أن ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ،وأشهد أ ّ
ن
س اتَُّقوا ربَّكم مدا ً عبده ورسوله { يا أيّها النّا ُ مح ّ
جها خلَقَ منها زو َ س واحدةٍ وَ َ ن نف ٍ قكم م ْ خل َ َ
الّذي َ
ه الّذيجال ً كثيرا ً ونساءً واتَُّقوا الل ّ َ ث منهما رِ َ وَب َّ
ه كان عليكم َرقِيبا ً } ن الل ّ َ
م إ َّ
ن به والرحا َ ساءلُو َ تَ َ
332
موت ُ َّ
ن ق تَُقاتِه ول ت َ ُ منُوا اتَُّقوا الل ّ َ
ه ح َّ { يا أيّها الّذين آ َ
َ
ن } { يا أيّها الّذين آمنوا اتَُّقوا الل ّ َ
ه إل ّ وأنْتُم مسلمو َ
ح لكم أعمالَكم ويَغِْفْر لكم صل ِ ْ سديدا ً ي ُ ْ وقُولُوا قول ً َ
ه ورسولَه فقد فاَز فوزاً ذنوبَكم ومن يُطِِع الل ّ َ
عظيما ً } » .
صلة : التّحميد في افتتاح ال ّ
صلة -وهو المعبّر عنه - 7التّحميد في افتتاح ال ّ
بدعاء الستفتاح -سنّة :فقد « كان رسول اللّه
م رفع صلة كبّر ،ث ّ صلى الله عليه وسلم إذا افتتح ال ّ
م يقول :سبحانك يديه حتّى يحاذي بإبهاميه أذنيه ،ث ّ
م وبحمدك ،وتبارك اسمك ،وتعالى جدّك ،ول اللّه ّ
إله غيرك » وذلك متّفق عليه بين الحنفيّة
شافعيّة والحنابلة . وال ّ
صلة والتّحميد عند استواء الّرفع من الّركوع في ال ّ
ن
ي«أ ّ واجب عند الحنابلة ،لما روى الدّارقطن ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال لبريدة رضي الله النّب ّ
عنه :يا بريدة إذا رفعت رأسك من الّركوع فقل :
سمع اللّه لمن حمده ،ربّنا ولك الحمد » وسنّة عند
شافعيّة للمأموم والمنفرد ،فإنّهما الحنفيّة وال ّ
يجمعان بين التّسميع والتّحميد ،ويكتفي المأموم
بالتّحميد اتّفاقا ً للمر به ،لما روى أنس وأبو هريرة
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ رضي الله عنهما « أ ّ
قال :إذا قال المام :سمع اللّه لمن حمده ،فقولوا
:ربّنا ولك الحمد » ولما في صحيح البخاريّ عن
ي رضي الله عنه قال « :كنّا رفاعة بن رافع الّزرق ّ
ماي صلى الله عليه وسلم فل ّ يوما ً نصلّي وراء النّب ّ
رفع رأسه من الّركعة قال :سمع اللّه لمن حمده
فقال رجل وراءه :ربّنا ولك الحمد حمدا ً كثيرا ً طيّباً
ما انصرف قال :من المتكلّم ؟ قال مباركا ً فيه .فل ّ
333
ة وثلثين ملكا ً يبتدرونها . :أنا .قال :رأيت بضع ً
أيّهم يكتبها أوّل » .
وهذا التّحميد بعد قول المام أو قول الفرد :سمع
اللّه لمن حمده ،مندوب عند المالكيّة .
صلة عقيب التّسليم : التّحميد لمن فرغ من ال ّ
شافعيّة .لما روى ابن الّزبير ب عند ال ّ - 8هو مستح ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه رضي الله عنهما « أ ّ
ل صلة فيقول :ل إله إلّ وسلم كان يهلّل في إثر ك ّ
اللّه وحده ل شريك له ،له الملك ،وله الحمد ،وهو
ل شيء قدير ،ول حول ول قوّة إل ّ باللّه ،ول على ك ّ
نعبد إل ّ إيّاه ،وله النّعمة ،وله الفضل ،وله الثّناء
الحسن ،ل إله إل ّ اللّه ،مخلصين له الدّين ولو كره
الكافرون » .
وسنّة عند الحنفيّة والحنابلة ،لقوله صلى الله عليه
ل صلة ثلثاً وسلم « :من سبّح اللّه في دبر ك ّ
وثلثين ،وحمد اللّه ثلثا ً وثلثين ،وكبّر اللّه ثلثاً
وثلثين ،فتلك تسعة وتسعون ،وقال في تمام
المائة :ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ،له الملك
ل شيء قدير ،غفرت وله الحمد ،وهو على ك ّ
خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر » .
عنّي ن عندهم أن يقول بعد ذلك « :اللّه ّ
مأ ِ ويس ّ
ن عبادتِك » ويختم ذلك س ِ ح ْ شكرك و ُ على ذِكْرك و ُ
ما يصفون ، ب العّزة ع ّ بقوله « :سبحان ربّك ر ّ
ب العالمين » وسلم على المرسلين ،والحمد للّه ر ّ
وزاد الحنابلة على ما استدلّوا به الحديث الّذي
شافعيّة .والولى البدء بالتّسبيح لنّه استد ّ
ل به ال ّ
م التّحميد لنّه من باب التّحلية ، من باب التّخلية ،ث ّ
م التّكبير لنّه تعظيم . ث ّ
التّحميد في صلة العيدين بعد التّحريمة :
334
م ،فيثني - 9هو سنّة عند الحنفيّة للمام والمؤت ّ
م وبحمدك ،وتبارك ويحمد مستفتحا ً " سبحانك اللّه ّ
اسمك ،وتعالى جدّك ،ول إله غيرك " وذلك مقدّم
على تكبيرات الّزوائد .
وهو سنّة بين التّكبيرات عند الحنابلة ،فيقول بينها :
اللّه أكبر كبيرا ً ،والحمد للّه كثيرا ً ،وسبحان اللّه
ي وآلهمد النّب ّ بكرة ً وأصيل ً ،وصلّى اللّه على مح ّ
وسلّم تسليما ً كثيرا ً .
لما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال « :
ما يقوله بين سألت ابن مسعود رضي الله عنه ع ّ
تكبيرات العيد ؟ قال :يحمد اللّه ويثني عليه ويصلّي
م يدعو ويكبّر » . ي صلى الله عليه وسلم ث ّ على النّب ّ
التّحميد في صلة الستسقاء وصلة الجنازة :
- 10التّحميد في خطبة صلة الستسقاء سنّة عند
ب عند الحنفيّة شافعيّة والحنابلة ،ومستح ّ ال ّ
والمالكيّة .وهو صلة الجنازة بعد التّكبيرة الولى
سنّة عند الحنفيّة .فيقول المصلّي :سبحانك اللّه ّ
م
وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ول إله غيرك .
التّحميد في تكبيرات التّشريق :
- 11التّحميد في تكبيرات التّشريق سنّة عند الحنفيّة
ي صلى شافعيّة والحنابلة ،فيقول كما قال النّب ّ وال ّ
الله عليه وسلم « :اللّه أكبر اللّه أكبر ،ل إله إلّ
اللّه واللّه أكبر وللّه الحمد » .وقد روي أنّه صلى
صفا :اللّه أكبر .اللّه الله عليه وسلم « قال على ال ّ
أكبر .اللّه أكبر .اللّه أكبر كبيرا ً والحمد للّه كثيرا ً ،
وسبحان اللّه بكرة ً وأصيل ً ،ل إله إل ّ اللّه ول نعبد إلّ
إيّاه ،مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون ،ل إله
إل ّ اللّه وحده ،صدق وعده ،ونصر عبده ،وهزم
الحزاب وحده .ل إله إل ّ اللّه واللّه أكبر » .والجمع
335
بين التّكبير والتّهليل والتّحميد في أيّام التّشريق
أفضل وأحسن عند المالكيّة ،فيقول إن أراد الجمع
:اللّه أكبر ،اللّه أكبر ،ل إله إل ّ اللّه واللّه أكبر .
اللّه أكبر ،وللّه الحمد .وقد روي عن مالك هذا .
التّحميد للعاطس في غير صلة :
ن للعاطس إذا - 12اتّفق العلماء على أنّه يس ّ
عطس أن يحمد اللّه ،فيقول عقبه :الحمد للّه .
ب العالمين ،أو الحمد للّه ولو قال :الحمد للّه ر ّ
ل حال كان أفضل ،فعن أبي هريرة رضي على ك ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال « : الله عنه عن النّب ّ
إذا عطس أحدكم فليقل :الحمد للّه .وليقل له
أخوه أو صاحبه :يرحمك اللّه » وعنه رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم قال « :إذا عطس عن النّب ّ
ل حال » وعن أحدكم فليقل :الحمد للّه على ك ّ
أنس رضي الله عنه قال « :عطس رجلن عند
ت أحدَهما ،ولم م َ ش َّي صلى الله عليه وسلم ف َ النّب ّ
مته :عطس فلن مت الخر .فقال الّذي لم يش ّ يش ّ
متْني ؟ فقال :هذا حمد ت فلم ت ُ َ
ش ِّ متَّه ،وعطس ُ فش َّ
اللّه تعالى ،وإنّك لم تحمد اللّه تعالى » .وعن أبي
موسى الشعريّ رضي الله عنه قال :سمعت
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول { :إذا
متوه ،فإن لم عطس أحدكم فحمد اللّه تعالى فش ّ
متوه } . يحمد اللّه فل تش ّ
التّحميد للخارج من الخلء بعد قضاء حاجته :
شافعيّة ،وسنّة - 13وهو مندوب عند المالكيّة وال ّ
عند الحنفيّة والحنابلة ،فيقول « :غفرانك » «
الحمد للّه الّذي أذهب عنّي الذى وعافاني » .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ما قال « :كان
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا خرج من
336
الخلء يقول :الحمد للّه الّذي أذاقني لذ ّته ،وأبقى
في قوّته ،وأذهب عنّي أذاه » .
التّحميد لمن أكل أو شرب :
ب لقوله صلى الله عليه وسلم « : - 14هو مستح ّ
ن اللّه ليرضى من العبد أن يأكل الكلة أو يشرب إ ّ
شربة فيحمده عليها » . ال ّ
ولما رواه أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال « :
كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو
شرب قال :الحمد للّه الّذي أطعمنا وسقانا وجعلنا
ي رضي الله مسلمين » وروى معاذ بن أنس الجهن ّ
عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « :
من أكل طعاما ً فقال :الحمد للّه الّذي أطعمني هذا
ورزقنيه من غير حول منّي ول قوّة غفر له ما تقدّم
من ذنبه » .ولما روى أبو أيّوب خالد بن زيد
النصاريّ رضي الله عنه قال « :كان رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال :الحمد
للّه الّذي أطعم وسقى وسوّغه وجعل له مخرجا ً » .
ي « أنّه حدّثه ولما روى عبد الّرحمن بن جبير التّابع ّ
ي صلى الله عليه وسلم ثماني رجل خدم النّب ّ
ي صلى الله عليه وسلم سنوات أنّه كان يسمع النّب ّ
إذا قّرب إليه طعاما ً يقول :بسم اللّه .فإذا فرغ من
ت
ت وأقني َ ت وأغني َت وسقي َ م أطعم َ طعامه قال :اللّه ّ
ت ،فلك الحمد على ما أعطيت » . ت وأحسن َ وهدي َ
التّحميد لمن سمع بشارةً تسّره ،أو تجدّدت له نعمة
،أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة :
شخص أن يحمده سبحانه ،ويثني ب لل ّ - 15يستح ّ
عليه بما هو أهله ،وفي هذا قول اللّه تبارك وتعالى
حَزن } وهو ما { :الحمد للّه الّذي أذهب عنّا ال َ
يقوله أهل الجنّة .
337
صة داود وسليمان عليهما الصلة والسلم وفي ق ّ
ضلَنا على كثير من عباده { وقال الحمد للّه الّذي فَ َّ
المؤمنين } .وقول إبراهيم عليه الصلة والسلم :
{ الحمد للّه الّذي وهب لي على الكبر إسماعيل
ن عمر رضي وإسحاق } .وفي صحيح البخاريّ أ ّ
الله عنه أرسل ابنه عبد اللّه إلى عائشة رضي الله
ما أقبل عبد عنها يستأذنها أن يدفن مع صاحبيه .فل ّ
ب يا أمير اللّه قال عمر :ما لديك ؟ قال :الّذي تح ّ
المؤمنين ،أذنت .قال :الحمد للّه ،ما كان شيء
ي من ذلك .وعن أبي هريرة رضي الله عنه م إل ّ أه ّ
ي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به ن النّب ّ«أ ّ
بقدحين من خمر ولبن ،فنظر إليهما ،فأخذ اللّبن ،
فقال له جبريل عليه السلم :الحمد للّه الّذي هداك
متك » . تأ ّ للفطرة ،لو أخذت الخمر غَوَ ْ
التّحميد للقائم من المجلس :
ب .فقد - 16التّحميد للقائم من المجلس مستح ّ
ن رسول اللّه صلى روى أبو هريرة رضي الله عنه أ ّ
الله عليه وسلم قال « :من جلس في مجلس فَكَثُر
فيه لَغَطُه فقال قبل أن يقوم من مجلسه :سبحانك
م وبحمدك ،أشهد أن ل إله إل ّ أنت ،أستغفرك اللّه ّ
وأتوب إليك إل ّ غفر له ما كان في مجلسه ذلك » .
ج:التّحميد في أعمال الح ّ
ما أثرب ،وم ّ ج مستح ّ - 17التّحميد في أعمال الح ّ
من صيغه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عند
م لك الحمد حمدا ً يوافي نعمك الملتََزم قوله « :اللّه ّ
،ويكافئ مزيدك ،أحمدك بجميع محامدك ،ما
مص ّ
ل ل حال .اللّه ّ علمت منها وما لم أعلم وعلى ك ّ
م أعذني مد .اللّه ّ مد وعلى آل مح ّ وسلّم على مح ّ
ل سوء ، شيطان الّرجيم ،وأعذني من ك ّ من ال ّ
338
م اجعلني وقنّعني بما رزقتني ،وبارك لي فيه .اللّه ّ
من أكرم وفدك عليك ،وألزمني سبيل الستقامة
ب العالمين » . حتّى ألقاك يا ر ّ
التّحميد لمن لبس ثوبا ً جديدا ً :
ب .فعن - 18التّحميد لمن لبس ثوبا ً جديدا ً مستح ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم معاذ بن أنس أ ّ
قال « :من لبس ثوبا ً جديدا ً فقال :الحمد للّه الّذي
كساني هذا ،ورزقنيه من غير حول منّي ول قوّة
غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه » .
التّحميد لمن استيقظ من نومه :
ب .فقد - 19التّحميد لمن استيقظ من نومه مستح ّ
« كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول إذا
استيقظ :الحمد للّه الّذي أحيانا بعد ما أماتنا ،وإليه
النّشور » .
ي صلى الله وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّب ّ
عليه وسلم قال « :إذا استيقظ أحدكم فليقل :
ي روحي ،وعافاني في الحمد للّه الّذي رد ّ عل ّ
جسدي ،وأذن لي بذكره » .
ي صلى الله وعن عائشة رضي الله عنها عن النّب ّ
عليه وسلم قال « :ما من عبد يقول عند رد ّ اللّه
تعالى روحه :ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ،له
ل شيء قدير إلّ الملك ،وله الحمد ،وهو على ك ّ
غفر اللّه تعالى له ذنوبه ،ولو كانت مثل زبد البحر
».
التّحميد لمن يأوي إلى فراشه :
ب. - 20التّحميد لمن يأوي إلى فراشه للنّوم مستح ّ
ن رسول اللّه صلى ي رضي الله عنه أ ّ « فعن عل ّ
الله عليه وسلم قال له ولفاطمة رضي الله عنهما :
إذا أويتما إلى فراشكما ،أو إذا أخذتما مضاجعكما
339
فكبّرا ثلثا ً وثلثين ،وسبّحا ثلثا ً وثلثين ،واحمدا
ثلثا ً وثلثين » وفي رواية التّسبيح « أربعا ً وثلثين »
.وفي رواية التّكبير « أربعا ً وثلثين » .
ي فما تركته منذ سمعته من رسول اللّه قال عل ّ
صلى الله عليه وسلم .
التّحميد لمن يشرع في الوضوء ،ولمن فرغ منه :
ب .فيقول - 21التّحميد في الوضوء مستح ّ
ضئ بعد التّسمية :الحمد للّه الّذي جعل الماء المتو ّ
ي صلى سلف ،وقيل عن النّب ّ طهورا ً .وروي عن ال ّ
الله عليه وسلم في لفظها « :باسم اللّه العظيم ،
والحمد للّه على دين السلم » .
ب .فيقول والتّحميد لمن فرغ من الوضوء مستح ّ
بعد الفراغ منه :أشهد أن ل إله إل ّ اللّه وحده ل
مدا ً عبده ورسوله .اللّه ّ
م ن مح ّ شريك له ،وأشهد أ ّ
وابين ،واجعلني من المتطهّرين . اجعلني من الت ّ ّ
م وبحمدك ،أشهد أن ل إله إل ّ أنت ، سبحانك اللّه ّ
أستغفرك وأتوب إليك .وقال صلى الله عليه وسلم
م قال عند فراغه من ضأ فأسبغ الوضوء ث ّ « :من تو ّ
م وبحمدك ،أشهد أن ل إله إلّ وضوئه :سبحانك اللّه ّ
أنت ،أستغفرك وأتوب إليك ختم عليها بخاتم
فوضعت تحت العرش ،فلم يكسر إلى يوم القيامة
».
التّحميد للمسئول عن حاله :
ب .ففي - 22والتّحميد للمسئول عن حاله مستح ّ
صحيح البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما «
ن عليّا ً رضي الله عنه خرج من عند رسول اللّه أ ّ
صلى الله عليه وسلم في وجعه الّذي توفّي فيه ،
فقال النّاس :يا أبا حسن :كيف أصبح رسول اللّه
340
صلى الله عليه وسلم ؟ فقال :أصبح بحمد اللّه
تعالى بارئا ً » .
- 23كذلك التّحميد لمن رأى مبتلًى بمرض أو غيره
ي
ب .فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّب ّ مستح ّ
صلى الله عليه وسلم قال « :من رأى مبتلًى فقال
ضلني ما ابتلك به ،وف ّ :الحمد للّه الّذي عافاني م ّ
من خلق تفضيل ً ،لم يصبه ذلك البلء » على كثير م ّ
.
قال النّوويّ :قال العلماء :ينبغي أن يقول هذا
سمعه المبتلى الذ ّكر سّرا ً بحيث يسمع نفسه ،ول ي َ ْ
ة فل لئل ّ يتألّم قلبه بذلك ،إل ّ أن تكون بليّته معصي ً
بأس أن يسمعه ذلك إن لم يخف من ذلك مفسدةً .
ب .فعن سوق مستح ّ -24كذلك التّحميد لمن دخل ال ّ
ن رسول اللّه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أ ّ
سوق صلى الله عليه وسلم قال « :من دخل ال ّ
فقال :ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ،له الملك
ي ل يموت ،بيده وله الحمد ،يحيي ويميت وهو ح ّ
ل شيء قدير ،كتب اللّه له ألف الخير وهو على ك ّ
ألف حسنة ،ومحا عنه ألف ألف سيّئة ،ورفع له
ألف ألف درجة » .
صلة : التّحميد لمن عطس في ال ّ
صلة مكروه إذا جهر - 25التّحميد لمن عطس في ال ّ
به عند الحنفيّة والحنابلة ،ول بأس به إن أسّر به
شافعيّة ، في نفسه من غير تلّفظ .وحرام عند ال ّ
لما روى معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال « :
بينما أنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في
صلة إذ عطس رجل من القوم فقلت :يرحمك ال ّ
اللّه ،فحدّقني القوم بأبصارهم .فقلت :واثكل
ي ؟ فضرب القوم بأيديهم ماه ما لكم تنظرون إل ّ أ ّ
341
ما انصرف رسول اللّه صلى الله على أفخاذهم ،فل ّ
مي هو ،ما رأيت معلّماً عليه وسلم دعاني ،بأبي وأ ّ
أحسن تعليما ً منه ،واللّه ما ضربني صلى الله عليه
ن صلتنا هذه ل يصلح م قال :إ ّ وسلم ول كهرني ث ّ
فيها شيء من كلم الدميّين ،إنّما هي التّسبيح
والتّكبير وقراءة القرآن » .هذا ويكره التّحميد لمن
يقضي حاجته في الخلء وعطس ،إل ّ أن يكون ذلك
ي
في نفسه من غير تلّفظ به بلسانه ،لقول النّب ّ
ت أن أذكر اللّه تعالى صلى الله عليه وسلم « :كره ُ
إل ّ على طهر » .
===============
تحويل *
التّعريف :
شيء ،وتدور ة :مصدر حوّل ال ّ - 1التّحويل لغ ً
معانيه على النّقل والتّغيير والتّبديل .
وحوّلته تحويل ً :نقلته من موضع إلى موضع ،
ل طرف إلى موضع الخر . وحوّلت الّرداء :نقلت ك ّ
حوالة :بالفتح مأخوذة من النّقل ،فتقول :أحلته وال َ
مة أخرى . بدينه أي :نقلته إلى ذ ّ
ول يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن معانيه
اللّغويّة .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
أ -النّقل :
شيء من موضع إلى موضع ، - 2النّقل :تحويل ال ّ
والصل فيه النّقل من مكان إلى مكان .وقد
يستعمل في المور المعنويّة ،كالنّقل من صفة إلى
ي إلىصفة ،وكنقل اللّفظ من الستعمال الحقيق ّ
الستعمال المجازيّ .
ب -التّبديل والبدال والتّغيير :
342
شيء شيء آخر ،أو - 3وهي أن يجعل مكان ال ّ
تحوّل صفته إلى صفة أخرى .
ن هذه اللفاظ متقاربة في المعنى ، ومن هنا يتبيّن أ ّ
ن التّحويل ل يستعمل في تبديل ذات بذات إل ّ أ ّ
أخرى .
أحكام التّحويل :
أ -تحويل النّيّة في الوضوء :
ن النّيّة من
شافعيّة إلى أ ّ - 4ذهب المالكيّة وال ّ
فروض الوضوء .
حته .وذهب الحنابلة إلى أنّها شرط في ص ّ
وذهب الحنفيّة إلى أنّها سنّة مؤكّدة ،وليست شرطاً
حة الوضوء ،وإنّما هي شرط في وقوعه في ص ّ
عبادة ً .فمن حيث الجملة إذا حوّل النّيّة في الوضوء
من نيّة رفع الحدث إلى نيّة التّبّرد أو التّنظّف ،فل
أثر لذلك في إفساد الوضوء عند الحنفيّة ،لعدم
اعتبارهم النّيّة فرضا ً .وإنّما يظهر أثر التّحويل في
عدم اعتبار الوضوء عبادةً ،وفي هذا يقول ابن
ح عندنا بالوضوء ،ولو لم يكن صلة تص ّ عابدين :ال ّ
ن النّيّة في الوضوء ليكون عبادةً ، منويّا ً ،وإنّما تس ّ
حت مى عبادة ً مأمورا ً بها ..وإن ص ّ فإنّه بدونها ل يس ّ
صلة . به ال ّ
فالوضوء مع النّيّة أو بدونها أو مع تحويلها صحيح
ح
صلة ،وإن كان ل يص ّ حة ال ّباعتباره شرطا ً لص ّ
عبادة بدون النّيّة أو مع تحويلها .
شافعيّة والحنابلة :فيظهر أثر تحويل ما المالكيّة وال ّ أ ّ
النّيّة عندهم في إفساد الوضوء وعدم اعتباره شرعاً
من حيث الجملة .وفي ذلك تفصيل :فعند المالكيّة
:رفض النّيّة في أثناء الوضوء ل يضّر ،إذا رجع
مله بالنّيّة الولى على الفور ،بأن ينوي رفع وك ّ
343
مله أو ما إذا لم يك ّالحدث -على الّراجح عندهم -أ ّ
مله بنيّة أخرى كنيّة التّبّرد أو التّنظيف ،فإنّه يبطل ك ّ
بل خلف ،وكذلك لو أكمله بالنّيّة الولى ،ولكن بعد
طول فصل ،فإنّه يبطل .
م نوى بغسل ةث ّة صحيح ً شافعيّة :من نوى ني ّ ً وعند ال ّ
الّرجل -مثل ً -التّبّرد أو التّنظّف فله حالن :
الحالة الولى :أن ل تحضره نيّة الوضوء في حال
غسل الّرجل ،ففيه وجهان :
ح غسل صحيح :أنّه ل يص ّ الوجه الوّل ،وهو ال ّ
الّرجلين .
ح لبقاء حكم النّيّة الولى . والوجه الثّاني :أنّه يص ّ
الحالة الثّانية :أن تحضره نيّة الوضوء مع نيّة التّبّرد
-كما لو نوى أوّل الطّهارة الوضوء مع التّبّرد -ففيه
وجهان :
ن
ن الوضوء صحيح ،ل ّ صحيح :أ ّ الوجه الوّل ،وهو ال ّ
نيّة رفع الحدث حاصلة .
ح غسل الّرجلين ،وذلك الوجه الثّاني :ل يص ّ
لتشريكه بين قربة وغيرها .
ن من غسل بعض أعضائه بنيّة ما عند الحنابلة :فإ ّ وأ ّ
ح إل ّ إذاالوضوء ،وغسل بعضها بنيّة التّبّرد ،فل يص ّ
أعاد فعل ما نوى به التّبّرد بنيّة الوضوء ،بشرط أن
ل يفصل فصل ً طويل ً فيكون وضوءه صحيحا ً ،وذلك
لوجود النّيّة مع الموالة .
فإن طال الفصل بحيث تفوت الموالة بطل الوضوء
لفواتها .
صلة : ب -تحويل النّيّة في ال ّ
- 5للفقهاء في أثر تحويل النّيّة تفصيل :
صلة ل تبطل بنيّة النتقال ن ال ّ ذهب الحنفيّة إلى أ ّ
إلى غيرها ول تتغيّر ،بل تبقى كما نواها قبل
344
التّغيير ،ما لم يكبّر بنيّة مغايرة ،بأن يكبّر ناوياً
شروع في الفرض أو عكسه ،أو النّفل بعد ال ّ
القتداء بعد النفراد وعكسه ،أو الفائتة بعد الوقتيّة
وعكسه .
ول تفسد حينئذ إل ّ إن وقع تحويل النّيّة قبل الجلوس
سلم الخير بمقدار التّشهّد ،فإن وقع بعده وقبيل ال ّ
ل تبطل .وعند المالكيّة :نقل النّيّة سهوا ً من فرض
إلى فرض آخر أو إلى نفل سهوا ً ،دون طول قراءة
ول ركوع ،مغتفر
ن المصلّي إن حوّل قال ابن فرحون من المالكيّة :إ ّ
نيّته من فرض إلى نفل ،فإن قصد بتحويل نيّته رفع
الفريضة ورفضها بطلت ،وإن لم يقصد رفضها لم
ن النّفل مطلوب ة للولى .ل ّ تكن نيّته الثّانية منافي ً
شارع ،ومطلق الطّلب موجود في الواجب ، لل ّ
ة.
صص ً فتصير نيّة النّفل مؤكّدة ً ل مخ ّ
شافعيّة :لو قلب المصلّي صلته الّتي هو وعند ال ّ
فيها صلةً أخرى عالما ً عامدا ً بطلت ،فإن كان له
حت صلته ،وانقلبت نفل ً . عذر ص ّ
م
وذلك كظنّه دخول الوقت ،فأحرم بالفرض ،ث ّ
تبيّن له عدم دخول الوقت فقلب صلته نفل ً ،أو
ة .لكن لو قلب صلته المنفردة نفل ً ليدرك جماع ً
ما إذا ح.أ ّ ضحى لم تص ّ قلبها نفل ً معيّنا ً كركعتي ال ّ
حوّل نيّته بل سبب أو غرض صحيح فالظهر عندهم
صلة . بطلن ال ّ
صلة مقيّد بما إذا حوّل ن بطلن ال ّ وعند الحنابلة :أ ّ
نيّته من فرض إلى فرض ،وتنقلب في هذه الحال
نفل ً .وإن انتقل من فرض إلى نفل فل تبطل ،لكن
تكره ،إل ّ إن كان النتفال لغرض صحيح فل تكره ،
ة
ح ،كمن أدرك جماع ً وفي رواية :أنّها ل تص ّ
345
ة وهو منفرد ،فسلم من ركعتين ليدركها ، مشروع ً
ن له أن يقلبها نفل ً ،وأن يسلّم من فإنّه يس ّ
منت نيّة النّفل ،فإذا ن نيّة الفرض تض ّ ركعتين ،ل ّ
قطع نيّة الفرض بقيت نيّة النّفل .
ن
ومن هذا التّفصيل يتبيّن اتّفاق الفقهاء على أ ّ
صلة من نفل إلى فرض ل أثر له في تحويل نيّة ال ّ
القوي على ّ ن فيه بناء ل نفل ً ،وذلك ل ّ نقلها ،وتظ ّ
ضعيف ،وهو غير صحيح . ال ّ
صوم : ج -تحويل النّيّة في ال ّ
ن صوم الفرض شافعيّة :إلى أ ّ - 6ذهب الحنفيّة وال ّ
ل يبطل بنيّة النتقال إلى النّفل ،ول ينقلب نفل ً .
ح من وجهين في شافعيّة على الص ّ وهذا عند ال ّ
المذهب .
وعلى الوجه الخر ،ينقلب نفل ً إذا كان في غير
ن شهر ما في رمضان فل يقبل النّفل ،ل ّ رمضان ،أ ّ
ح فيه رمضان يتعيّن لصوم فرض رمضان ول يص ّ
غيره .
ن من كان صائما ً عن نذر ، شافعيّة على ى أ ّ ص ال ّون ّ
فحوّل نيّته إلى كّفارة أو عكسه ،ل يحصل له الّذي
ن من شرط انتقل إليه -بل خلف عندهم -ل ّ
الكّفارة التّبييت من اللّيل .
صوم الّذي نواه أوّل ً فعلى وجهين :الوّل : ما ال ّ
أ ّ
يبقى على ما كان ول يبطل .
الثّاني :يبطل .ول ينقلب نفل ً على الظهر .ويقابله
ل من :أنّه ينقلب نفل ً إذا كان في غير رمضان .ولك ّ
المالكيّة والحنابلة تفصيل :
ن من تحوّلت نيّته إلى ما المالكيّة :فذهبوا إلى أ ّ أ ّ
نافلة ،وهو في فريضة ،فإن فعل هذا عبثا ً عمدا ً فل
346
ما إن فعله خلف -عندهم -أنّه يفسد صومه .أ ّ
سهوا ً فخلف في المذهب .
مما عند الحنابلة :فإن نوى خارج رمضان قضاءً ،ث ّ أ ّ
حوّل نيّة القضاء إلى النّفل بطل القضاء لقطعه نيّته
حة نفل من عليه قضاء ح نفل ً لعدم ص ّ ،ولم يص ّ
ما فيرمضان قبل القضاء ،كذا في القناع ،وأ ّ
ح نفل ً ،وإن كان في الفروع والتّنقيح والمنتهى فيص ّ
ح.م نوى نفل ً ص ّ صوم نذر أو كّفارة فقطع نيّته ث ّ
ن من قلب نيّة القضاء إلى ص الحنابلة على أ ّ ون ّ
النّفل بطل القضاء ،وذلك لتردّده في نيّته أو قطعها
حة نفل من عليه قضاء ح النّفل لعدم ص ّ ،ولم يص ّ
رمضان قبل القضاء .
د -تحويل المحتضر إلى القبلة :
ن تحويل المحتضر إلى - 7اتّفق الفقهاء على أ ّ
جه إلى القبلة على القبلة مندوب ،وذلك بأن يو ّ
سر ذلك لضيق الموضع ،أو شّقه اليمن ،إل ّ إذا تع ّ
ليّ سبب آخر ،فيلقى على قفاه ،ورجله إلى
القبلة .ودليل تحويله إلى القبلة :حديث أبي قتادة
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّرضي الله عنه « أ ّ
حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور رضي
الله عنه فقالوا :توفّي ،وأوصى بثلثه لك يا رسول
ما احتضر .فقال جه إلى القبلة ل ّ اللّه ،وأوصى أن يو ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أصاب الفطرة ،
م ذهب فصلّى عليه ، وقد رددت ثلثه على ولده ،ث ّ
م اغفر له ،وارحمه ،وأدخله جنّتك .وقد وقال :اللّه ّ
فعلت » .
هـ – تحويل الّرداء في الستسقاء :
شافعيّة والحنابلة ، - 8ذهب الجمهور -المالكيّة وال ّ
مد من الحنفيّة وهو المفتى به عندهم -إلى ومح ّ
347
استحباب تحويل الّرداء في الستسقاء ،وخالف أبو
حنيفة ،فل يحوّل الّرداء عنده في الستسقاء .لنّه
دعاء ل صلة فيه عنده .وعن أبي يوسف روايتان .
ومعنى تحويل الّرداء :أن يجعل ما على عاتقه
اليمن على عاتقه اليسر ،وبالعكس .
صحيح شافعيّة -على القول الجديد ال ّ وذهب ال ّ
عندهم -إلى استحباب التّنكيس كذلك .وهو :أن
يجعل أعلى الّرداء أسفله وبالعكس ،خلفا ً للمالكيّة
ل تحويل والحنابلة فإنّهم ل يقولون بالتّنكيس .ومح ّ
جه إلى القبلة للدّعاء ،وهو عند الّرداء عند التّو ّ
شافعيّة والحنابلة أثناء الخطبة .وعند الحنفيّة وال ّ
المالكيّة بعد الفراغ من الخطبتين .ودليل تحويل
سنّة :حديث عبد اللّه بن زيد رضي الله الّرداء من ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم خرج ن النّب ّ عنه « أ ّ
م
جه إلى القبلة يدعو وحوّل رداءه ،ث ّ يستسقي ،فتو ّ
صلّى ركعتين جهر فيهما بالقراءة » .
ن الحكمة من تحويل الّرداء التّفاؤل وقد قيل :إ ّ
سعة . بتغيير الحال إلى الخصب وال ّ
ب تحويل الّرداء للمام والمأمومين عند ويستح ّ
شافعيّة والحنابلة ،خلفا ً للحنفيّة فل المالكيّة وال ّ
يحوّل رداءه إل ّ المام في القول المفتى به .
و -تحويل الدّين :
ة، - 9عّرف الفقهاء الحوالة بالدّين تعريفات متقارب ً
مة أخرى في مة إلى ذ ّ ق من ذ ّمنها :تحوّل الح ّ
مة
المطالبة .ومنها :نقل الدّين وتحويله من ذ ّ
مة المحال عليه .ومشروعيّتها ثابتة المحيل إلى ذ ّ
ي صلى الله عليه بالجماع .ومستندها قول النّب ّ
ي ظلم ،وإذا أحيل أحدكم على وسلم « :مطل الغن ّ
مليء فليتبع » .
348
ويظهر أثر الحوالة في نقل المال المحال به من
مة المحال عليه . مة المحيل إلى ذ ّ ذ ّ
فيبرأ بالحوالة المحيل عن دين المحال ،ويبرأ
المحال عليه عن دين المحيل ،ويتحوّل حقّ المحال
مة المحال عليه ،هذا في الحوالة المقيّدة ، إلى ذ ّ
وهي الغلب حيث يكون المحيل دائنا ً للمحال عليه .
ما في الحوالة المطلقة ،وهي :إذا لم يكن المحيل أ ّ
ن البراءة تحصل للمحيل فقط دائنا للمحال عليه ،فإ ّ
.وللتّفصيل ينظر مصطلح ( :حوالة ) .
==============
تحوّل *
التّعريف :
- 1التّحوّل في اللّغة مصدر تحوّل ،ومعناه :التّن ّ
قل
من موضع إلى آخر ،ومن معانيه أيضا ً :الّزوال ،
شيء أي :زال عنه إلى كما يقال :تحوّل عن ال ّ
غيره .
وكذلك :التّغيّر والتّبدّل .والتّحويل مصدر حوّل ،
وهو :النّقل ،فالتّحوّل مطاوع وأثر للتّحويل .
ويقصد الفقهاء بالتّحوّل ما يقصد به في اللّغة .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
الستحالة :
شيء عن ة :تغيّر ال ّ
- 2من معاني الستحالة لغ ً
طبعه ووصفه ،أو عدم المكان .فالستحالة قد
تكون بمعنى التّحوّل ،كاستحالة العيان النّجسة من
العذرة والخمر والخنزير وتحوّلها عن أعيانها وتغيّر
أوصافها ،وذلك بالحتراق ،أو بالتّخليل ،أو بالوقوع
في شيء ،كما سيأتي تفصيله .
أحكام التّحوّل :
349
للتّحوّل أحكام تعتريه ،وهي تختلف باختلف
مها ما يلي : مواطنها ،أه ّ
ل: أ -تحوّل العين وأثره في الطّهارة والح ّ
- 3ذهب الحنفيّة والمالكيّة ،وهو رواية عن أحمد
ن نجس العين يطهر بالستحالة ،فرماد إلى :أ ّ
النّجس ل يكون نجسا ً ،ول يعتبر نجسا ً ملح كان
حمارا ً أو خنزيرا ً أو غيرهما ،ول نجس وقع في بئر
فصار طينا ً ،وكذلك الخمر إذا صارت خّل ً سواء
بنفسها أو بفعل إنسان أو غيره ،لنقلب العين ،
شرع رتّب وصف النّجاسة على تلك ن ال ّول ّ
الحقيقة ،فينتفي بانتقائها .فإذا صار العظم واللّحم
ن الملح غير العظم واللّحم ملحا ً أخذا حكم الملح ،ل ّ
.
شرع كثيرة منها :العلقة فإنّها ونظائر ذلك في ال ّ
نجسة ،فإذا تحوّلت إلى المضغة تطهر ،والعصير
طاهر فإذا تحوّل خمرا ً ينجس .
ن استحالة العين تستتبع زوال فيتبيّن من هذا :أ ّ
الوصف المرتّب عليها .
شافعيّة ،والحنابلة في ظاهر المذهب والصل عند ال ّ
ن نجس العين ل يطهر بالستحالة ،فالكلب أو :أ ّ
غيره يلقى في المّلحة فيصير ملحا ً ،والدّخان
المتصاعد من وقود النّجاسة ،وكذلك البخار
المتصاعد منها إذا اجتمعت منه نداوة على جسم
م قطّر ،نجس . صقيل ،ث ّ
م استثنوا من ذلك الخمر إذا انقلبت بنفسها خّلً -4ث ّ
ن علّة النّجاسة السكار وقد فتطهر بالتّخلّل ،ل ّ
مر غالبا ً ،ن العصير ل يتخلّل إل ّ بعد التّخ ّ زالت ،ول ّ
ل، فلو لم يحكم بالطّهارة تعذ ّر الحصول على الخ ّ
وهو حلل بالجماع
350
ما إن خلّلت بطرح شيء فيها بفعل إنسان فل وأ ّ
تطهر عندهم .
شافعيّة بأنّها لو تخلّلت بإلقاء الّريح فل وصّرح ال ّ
تطهر عندهم أيضا ً ،سواء أكان له دخل في التّخليل
كبصل وخبز حاّر ،أم ل كحصاة .وكذلك ل فرق بين
ة .وفي أن تكون العين الملقاة طاهرة ً أو نجس ً
الموضوع تفصيل أكثر يرجع فيه إلى مصطلح :
( تخليل واستحالة ) .
ب -تطهير الجلد بالدّباغ :
- 5ل خلف بين الفقهاء في نجاسة جلد الميتة قبل
الدّباغ ،وإنّما اختلفوا في طهارته بعده على
اتّجاهات كثيرة .وفي الموضوع فروع كثيرة وخلف
صله الفقهاء عند الكلم عن بين المذاهب ،ف ّ
النّجاسة وكيفيّة تطهيرها ،ويراجع فيه أيضا ً مصطلح
( :دباغة ) .
ج -تحوّل الوصف أو الحالة :
تحوّل الماء الّراكد إلى الماء الجاري :
ن الماء النّجس الّراكد إذا - 6المختار عند الحنفيّة أ ّ
تحوّل إلى جار يطهر بمجّرد جريانه ،والجاري ما
يعدّه النّاس جاريا ً بأن يدخل الماء من جانب ويخرج
ل الخارج ،لنّه من جانب آخر حال دخوله ،وإن ق ّ
ك في ش ّة ،وبخروج بعضه وقع ال ّ صار جاريا ً حقيق ً
ك .وفيه قولن ش ّبقاء النّجاسة ،فل تبقى مع ال ّ
ضعيفان عند الحنفيّة .
الوّل :ل يطهر بمجّرد التّحوّل ،بل ل بد ّ من خروج
قدر ما فيه .
والثّاني :ل بد ّ من خروج ثلثة أمثاله .
ويظهر الفرق بين القول المختار والقولين الخرين
ن الخارج من الحوض يكون طاهرا ً بمجّرد في :أ ّ
351
خروجه ،بناءً على القول المختار .ول يكون طاهراً
قبل الحكم بطهارة الماء الّراكد على القولين
مامالخرين .وعلى هذا الخلف :البئر وحوض الح ّ
والواني .
ما المالكيّة فعندهم يتحوّل الماء الكثير النّجس وأ ّ
ب ماء مطلق طهورا ً بزوال التّغيّر ،سواء أكان بص ّ
عليه ،قليل أو كثير ،أو ماء مضاف مقيّد انتفت
نجاسته ،أم بإلقاء شيء فيه كتراب أو طين ،ولم
يظهر فيه أحد أوصاف ما ألقي فيه .
جسه إنّما كان لجل التّغيّر وقد زال ،والحكم ن تن ّ ل ّ
يدور مع علّته وجودا ً وعدما ً ،كالخمر إذا صارت
خّل ً ،وفي تغيّره بنفسه ،أو بنزح بعضه قولن .
ن الماء إذا بلغ قلّتين ل ينجس شافعيّة :أ ّومذهب ال ّ
ُ َّ
بملقاة نجس ،لحديث « إذا كان الماء قلتين لم
ث » أي ل يقبل النّجس .هذا ما لم يتغيّر خب َ َ
يحمل ال َ
ن الماء لونه أو طعمه أو ريحه فينجس لحديث « :إ ّ
مه أو جسه شيء إل ّ ما غيّر لونَه أو طع َ طَهوٌر ل ين ّ
حه » . ري َ
جس ،فإن زال فإن تغيّر وصف من هذه الوصاف تن ّ
م إليه طهر .وما دون تغيّره بنفسه أو بماء انض ّ
القلّتين ينجس بالملقاة ،فإن بلغهما بماء ول تغيّر
به فطهور .
ولو كوثر بإيراد طهور فلم يبلغ قلّتين لم يطهر .
وقيل :هو طاهر ل طهور .
جس وعند الحنابلة :يختلف تطهير الماء المتن ّ
بالمكاثرة باختلف أحوال ثلث للماء :أن يكون دون
القلّتين ،أو وفق القلّتين ،أو زائدا ً عنهما .
- 1 -فإن كان دون القلّتين فتطهيره بالمكاثرة بماء
آخر .
352
ل نجس وإن فإن اجتمع نجس إلى نجس ،فالك ّ
ن اجتماع النّجس إلى النّجس ل يتولّد بينهما كثر ،ل ّ
طاهر ،كالمتولّد بين الكلب والخنزير ،ويتخّرج أن
يطهر إذا زال التّغيّر وبلغ القلّتين ،لحديث « :إذا
بلغ الماء قلّتين لم يحمل الخبث » وحديث « :إ ّ
ن
جسه شيء إل ّ ماء غيّر لونه أو الماء طهور ل ين ّ
طعمه أو ريحه » .وجميع النّجاسات في هذا سواء ،
ن أكثر إل ّ بول الدميّين وعذرتهم المائعة ،فإ ّ
جس الماء الكثير ،إل ّ أن الّروايات عن أحمد أنّها تن ّ
يبلغ حدّا ً ل يمكن نزحه كالغدران ،فذلك الّذي ل
جسه شيء . ين ّ
- 2 -فإن كان وفق القلّتين :وإن كان غير متغيّر
فيطهر بالمكاثرة المذكورة .
وإن كان متغيّرا ً يطهر بالمكاثرة إذا أزالت التّغيّر ،أو
بتركه حتّى يزول تغيّره بطول المكث - 3 - .وإن
كان أكثر من القلّتين :فإن كان نجسا ً بغير التّغيّر
فل طريق إلى تطهيره بغير المكاثرة .وإن كان
ما بالمكاثرة ،أو نجسا ً متغيّرا ً بالنّجاسة فتطهيره إ ّ
زوال تغيّره بمكثه ،أو أن ينزح منه ما يزول به
التّغيّر ،ويبقى بعد ذلك قلّتان فصاعدا ً .
وفي الموضوع تفصيل يرجع إليه في مصطلح :
( طهارة ) .
التّحوّل إلى القبلة أو عنها :
ن المصلّي إذا كان معايناً - 7اتّفق الفقهاء على أ ّ
صلة إلى عينها بجميع بدنه ،بأن للكعبة ،ففرضه ال ّ
ل يخرج شيء منه عن الكعبة ولو عضوا ً ،فلو تحوّل
ما في بغير عذر إلى جهة أخرى بطلت صلته .وأ ّ
تحويل الوجه :فذهب الحنفيّة إلى أنّه لو انحرف
353
وجهه عن عين الكعبة انحرافا ً ل تزول فيه المقابلة
بالكلّيّة ،جاز مع الكراهة .
صدر عن القبلة بغير عذر فمفسد ما تحويل ال ّ وأ ّ
صلة .وعند المالكيّة والحنابلة :من التفت لل ّ
بجسده كلّه عن القبلة لم تفسد صلته ،إن بقيت
قدماه إلى القبلة .
ن التّحوّل إلى جهة أخرى عامداً شافعيّة أ ّ ويرى ال ّ
صلة ،وإن فعله ناسيا ً لم تبطل .وفي مبطل لل ّ
الموضوع خلف وتفصيل يرجع فيه إلى مصطلح :
( استقبال ) .
صلة : التّحوّل من القيام إلى القعود في ال ّ
- 8التّحوّل من القيام إلى القعود ،ومنه إلى
الستلقاء أو الضطجاع من فروع قاعدة :
" المشّقة تجلب التّيسير " والصل فيها قوله تعالى
سر }سَر ول يُريد ُ بكم العُ ْ ه بكم الي ُ ْ { :يُريد ُ الل ّ ُ
ن من ل عليكم في الدّي ِ جعَ َوقوله تعالى { :وما َ
ن من ل حَرٍج } ،ولذلك أجمع أهل العلم على أ ّ َ
صلة أو أثناءها يطيق القيام ،وتعذ ّر عليه قبل ال ّ
ة أو حكما ً ،بأن خاف زيادة مرض ،أو بطء حقيق ً
برئه ،أو دوران رأسه ،أو وجد لقيامه ألما ً شديداً
ونحوه ،له أن يصلّي جالسا ً ،وإن لم يستطع أومأ
ي صلى الله عليه وسلم مستلقيا ً « ،لقول النّب ّ
ل قائما ً ،فإن لم تستطع لعمران بن حصين :ص ّ
ي
جنْب » زاد النّسائ ّ فقاعدا ً ،فإن لم تستطع فعلى َ
« :فإن لم تستطع فمستلقيا ً » .ويزاد في النّافلة :
ن له التّحوّل من القيام إلى القعود بل عذر . أ ّ
صلة وفي الموضوع تفصيل يرجع فيه إلى كتاب ال ّ
عند الكلم في صلة المريض .
تحوّل المقيم إلى مسافر وعكسه :
354
أ -تحوّل المقيم إلى مسافر :
- 9يصير المقيم مسافرا ً بأحد أمرين :
أوّلهما :إذا جاوز بيوت مقامه ،وجاوز ما اتّصل به
سفر ،قاصدا ً المسافة الّتي من توابع البلد بنيّة ال ّ
سفر الّذي تتغيّر به الحكام .والمعتبر يتحّقق بها ال ّ
في النّيّة نيّة المتبوع ل التّابع ،حتّى تصير الّزوجة
ل من والجندي بنيّة القائد ،وك ّ
ّ مسافرة ً بنيّة الّزوج ،
سلطان وأمير الجيش . لزمه طاعة غيره كال ّ
سير بعد القامة .ولتفصيل ثانيهما :إذا أنشأ ال ّ
الموضوع يرجع إلى ( صلة المسافر ) .
ب -تحوّل المسافر إلى مقيم :
- 10يصير المسافر مقيما ً بأحد المور التّالية :
ي ،ولو لم ينو الوّل :العود إلى الوطن الصل ّ
القامة فيه .
ضبط فيه :أن يعود إلى الموضع الّذي شرط وال ّ
سفر منه .الثّاني : الفقهاء مفارقته في إنشاء ال ّ
الوصول إلى الموضع الّذي يسافر إليه ،إذا عزم
خص ،وكان على القامة فيه القدر المانع من التّر ّ
خص خلفيّة صالحا ً للقامة .والمدّة المانعة من التّر ّ
يرجع فيها إلى ( صلة المسافر ) .
الثّالث :إذا تزوّج المسافر ببلد ،وإن لم يتّخذه وطناً
،ولم ينو القامة .
الّرابع :نيّة القامة في الطّريق :ول بد ّ فيه من
أربعة أشياء :نيّة القامة ،ونيّة مدّة القامة ،واتّحاد
المكان ،وصلحيّته للقامة .
سفر بنيّة ما المفازة ونحوها ففي انقطاع ال ّ وأ ّ
القامة فيها خلف وتفصيل ينظر في ( صلة
المسافر ) .
355
الخامس :القامة بطريق التّبعيّة :وهو أن يصير
الصل مقيما ً ،فيصير التّبع أيضا ً مقيما ً ،بإقامة
الصل .
التّحوّل عن الواجب إلى البدل :
الكلم على التّحوّل عن الواجب إلى البدل يكون في
مواضع منها :
أ -الّزكاة :
- 11ذهب الحنفيّة إلى جواز التّحوّل عن الواجب
وري
ّ ي والث ّ إلى البدل في الّزكاة ،وإليه ذهب الوزاع ّ
،وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن
البصريّ .
فيجوز للمالك أن يدفع العين أو القيمة من النّقدين
والعروض وغير ذلك ،ولو مع وجود المنصوص
ة}. صدَقَ ً
خذ ْ من أموالِهم َعليه ،لقوله تعالى ُ { :
ل جنس ة ) وك ّ
ن المراد بالمأخوذ ( صدق ً ص على أ ّ ن ّ
يأخذه فهو صدقة .ولقول معاذ لهل اليمن حين
ي صلى الله عليه وسلم إليهم « :ائتوني بعثه النّب ّ
صدقة مكان بعرض ثياب خميص أو لبيس في ال ّ
ي
شعير والذ ّرة ،أهون عليكم وخير لصحاب النّب ّ ال ّ
صلى الله عليه وسلم بالمدينة ،وكان يأتي به
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ول ينكر عليه » .
ن المقصود إيصال الّرزق الموعود والفقه فيه :أ ّ
إلى الفقير ،ودفع حاجة المسكين ،وهو يحصل
ن اللّه بالقيمة أيضا ً .قال عليه الصلة والسلم « :إ ّ
ماه تعالى فرض على الغنياء قوت الفقراء ،وس ّ
زكاةً » .
وفي اعتبار القيمة هل تدفع القيمة يوم الداء أم
ما يوم الوجوب ؟ خلف يرجع فيه إلى موطنه .وأ ّ
عند المالكيّة والحنابلة :فيجوز التّحوّل عن الواجب
356
إلى البدل في الدّنانير والدّراهم فقط ،فيجوز
للمزكّي أن يخرج في زكاة الدّنانير دراهم بقيمتها ،
ضة ذهبا ً بقيمته ،قلّت القيمة أو ويخرج عن الف ّ
ن ذلك معاوضة في حّقه ،فكانت بالقيمة كثرت ،ل ّ
كسائر المعاوضات ،وهما كجنس واحد .ولم يجز
شافعيّة . ذلك ال ّ
ما في المواشي :فعند الحنفيّة جائز ،بناءً على وأ ّ
ل شيء . قاعدتهم بجواز القيمة في ك ّ
شافعيّة .ويكره عند المالكيّة صحيح عند ال ّ وهو ال ّ
التّحوّل عن الواجب إلى البدل ،لما في ذلك من
صدقة ،ولئل ّ تكون القيمة أق ّ
ل معنى الّرجوع في ال ّ
ما عليه ،فيكون قد بخس الفقراء حّقهم ،إل ّ إذا م ّ
ساعي المزكّي على أن يأخذ منه دراهم فيما أجبر ال ّ
وجب عليه من صدقته ،فيجزئ عنه ،إذا كان فيه
وفاء بقيمة ما وجب عليه ،وكان عند محلّها .
شافعيّة :ل يجزئ إن نقصت قيمته وفي وجه عند ال ّ
شاة .ووجه ثالث :أنّه إن كانت البل عن قيمة ال ّ
مراضا ً ،أو قليلة القيمة لعيب أجزأ البعير النّاقص
ة لم شاة ،وإن كانت صحاحا ً سليم ً عن قيمة ال ّ
يجزئ النّاقص .وفي الموضوع تفصيل يرجع إليه
في ( الّزكاة ) .
ما الحنابلة فل يجوز عندهم التّحوّل في الماشية وأ ّ
من جنس إلى آخر ول إلى القيمة .
ب -زكاة الفطر :
- 12التّحوّل عن العين إلى القيمة في صدقة الفطر
شافعيّة ،وكذلك في ظاهر ل يجوز عند المالكيّة وال ّ
المذهب عند الحنابلة .ويجوز عند الحنفيّة .
357
ما التّحوّل من جنس إلى آخر من أجناس وأ ّ
القوات ،أو التّحوّل من الدنى إلى العلى وعكسه
ففيه خلف وتفصيل ينظر في ( زكاة الفطر ) .
ج -العشور :
- 13ذهب المالكيّة والحنابلة إلى عدم جواز التّحوّل
عن الواجب إلى البدل في العشور .وذهب الحنفيّة
إلى جواز التّحوّل عن الواجب إلى البدل في
العشور ،وذلك للدلّة الّتي سبق ذكرها ،وكذلك
يجوز التّحوّل من الواجب إلى العلى فقط عند
شافعيّة إذا كانت الحبوب والثّمار نوعا ً واحدا ً . ال ّ
ل نوع وإن اختلفت النواع :أخذ الواجب من ك ّ
سر ،فإن عسر أخذ الواجب من صة إن لم يتع ّ بالح ّ
ل ثمرها ففيه أوجه : ل نوع بأن كثرت ،وق ّ ك ّ
صحيح :أنّه يخرج من الوسط الوجه الوّل ،وهو ال ّ
ة للجانبين . رعاي ً
ل نوع بقسطه . والثّاني :يؤخذ من ك ّ
والثّالث :من الغالب ،وقيل :يؤخذ الوسط قطعا ً .
وفي الموضوع تفصيل ينظر في مصطلح ( :عشر )
.
د -الكّفارات :
- 14ذهب الجمهور إلى أنّه ل يجوز التّحوّل عن
الواجب المنصوص عليه إلى غيره في الكّفارات ،
فإن كان معيّنا ً تعيّن ،وإن كان مخيّرا ً تخيّر في
شارع .ويرى الحنفيّة جواز ص عليها ال ّالخصال الّتي ن ّ
التّحوّل عن الواجب إن كان ماليّا ً إلى البدل في
الكّفارات .
وفي ذلك خلف وتفصيل ينظر إليه في مصطلح :
( كّفارات ) .
هـ -النّذور :
358
- 15المذهب عند المالكيّة والحنابلة ،وهو الوجه
ن من نذر نذرا ً معيّنا ً وغير صحيح لدى ال ّ
شافعيّة :أ ّ ال ّ
ما عيّنه ،ول يجوز العدول مطلق فعليه إخراجه م ّ
ة .وفي ذلك خلف عن المعيّن إلى غيره بدل ً أو قيم ً
وتفصيل ينظر في ( النّذر ) .
ويرى الحنفيّة جواز ذلك مطلقا ً ،كما يجوز عندهم
العدول عن الواجب إلى القيمة في النّذور ،
واستثنوا نذر العتق والهدي والضحيّة .
صوم إلى فدية : تحوّل فريضة ال ّ
شيخ الهرم الّذي ن ال ّمة الفقهاء على أ ّ - 16اتّفق عا ّ
صوم ،أو تلحقه به مشّقة شديدة ل صوم ل يطيق ال ّ
عليه ،واختلفوا في وجوب الفدية عليه :
شافعيّةفذهب الحنفيّة والحنابلة ،وهو الظهر عند ال ّ
،وقول غير مشهور عند المالكيّة :إلى أنّه تجب
عليه الفدية .
ويرى المالكيّة في المشهور من المذهب ،وهو غير
شافعيّة :أنّه ل فدية عليه .وفي الظهر عند ال ّ
وجوب الفدية على الحامل والمرضع خافت على
نفسها أو ولدها ،والمريض الّذي ل يرجى برؤه
خلف وتفصيل ،يرجع فيه إلى مصطلح ( :صوم
وفدية ) .
تحوّل العقد الّذي لم تستكمل شرائطه إلى عقد
آخر :
- 17ذهب الحنفيّة والحنابلة ،وهو الظهر من
ن الهبة إذا كانت شافعيّة :إلى أ ّ المذهب عند ال ّ
ح العقد ويتحوّل إلى بيع ،فيثبت بشرط العوض يص ّ
شفعة ،ويلزم قبل القبض ،ويردّ فيه الخيار وال ّ
بالعيب وخيار الّرؤية .
359
شافعيّة :يبطل العقد ،لنّه شرط في وفي قول لل ّ
الهبة ما ينافي مقتضاها .
ن هبة الثّواب بيع ابتداءً ،ولذا وذهب المالكيّة إلى :أ ّ
ل تبطل بموت الواهب قبل حيازة الهبة ،ول يجوز
ة أو العكس ،لما يلزم عليه ض ًأن يثاب عن الذ ّهب ف ّ
خر ،ما لم يحدث التّقابض في صرف المؤ ّ من ال ّ
المجلس .وفي كون العوض معلوما ً أو مجهول ً ،
وكذلك في كونها بيعا ً ابتداءً أو انتهاءً تفصيل يرجع
فيه إلى مصطلح ( :هبة ) .
ولتحوّل العقد الّذي لم تستكمل شرائطه إلى عقد
صحيحة آخر أمثلة أخرى منها :تحوّل المضاربة ال ّ
إلى وكالة بالنّسبة لتصّرفات المضارب ،ولذلك يرى
ن تصّرفات المضارب جمهور الفقهاء في الجملة :أ ّ
منوطة بالمصلحة كالوكيل .
وإلى شركة إن ربح المضارب ،وإلى إجارة فاسدة
إن فسدت .
سلم إلى بيع مطلقا ً ،إذا كان ومنها :تحوّل ال ّ
شافعيّة .وإلى هبة المسلم فيه عينا ً في قول عند ال ّ
لو قال :بعت بل ثمن ،والظهر البطلن .
ومنها :تحوّل الستصناع سلما ً إذا ضرب فيه الجل
سلم . عند بعض الحنفيّة ،حتّى تعتبر فيه شرائط ال ّ
ل من المثلة المتقدّمة خلف وتفصيل ينظر وفي ك ّ
في مصطلحات ( عقد ،وسلم ،ومضاربة ،
وشركة ،واستصناع ) .
تحوّل العقد الموقوف إلى نافذ :
شافعيّة ، - 18ذهب الحنفيّة والمالكيّة ،وهو قول لل ّ
ي ينعقد ن بيع الفضول ّ ورواية عند الحنابلة :إلى أ ّ
موقوفا ً على إجازة المالك ،فإذا أجازه المالك أصبح
نافذا ً ،وإل ّ فل ،وإليه ذهب إسحاق بن راهويه .
360
شافعيّة في القول الجديد ،وهو رواية وذهب ال ّ
ن هذا البيع باطل ويجب أخرى عند الحنابلة إلى :أ ّ
صلردّه ،وإليه ذهب أبو ثور وابن المنذر .وقد ف ّ
ي الكلم حوله ،ويرجع القائلون بانعقاد بيع الفضول ّ
فيه إلى مصطلحات ( :عقد ،وموقوف ،
ي).وفضول ّ
ل: تحوّل الدّين الجل إلى حا ّ
ل في مواطن منها : يتحوّل الدّين الجل إلى حا ّ
أ -الموت :
شافعيّة ،وهو رواية - 19ذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
ن الدّين الجل يتحوّل بالموت عند الحنابلة :إلى أ ّ
مة الميّت وتعذ ّر المطالبة .وبه ل ،لنعدام ذ ّ إلى حا ّ
ي ،والثّوريّ .وذهب الحنابلة ي والنّخع ّ شعب ّ قال ال ّ
ل إذا وثّقه الورثة ، في رواية أخرى :إلى أنّه ل يح ّ
وهو قول ابن سيرين وعبد اللّه بن الحسن وإسحاق
وأبي عبيد أيضا ً .وفي لحاق المرتد ّ بدار الحرب هل
يتقّرر موته ،وتثبت الحكام المتعلّقة به ؟ خلف بين
الفقهاء ينظر في مواطنه من كتب الفقه ،
ومصطلح ( :ردّة ) .ومصطلح أجل ( ف 95:ج ) 2
.
ب -التّفليس :
مد من - 20المتبادر من أقوال أبي يوسف ومح ّ
الحنفيّة القائلين بجواز الحجر للفلس ،وهو الظهر
ن الدّين
شافعيّة ،والمذهب عند الحنابلة :أ ّ عند ال ّ
ق للمفلّس ن الجل ح ّ ل بالتّفليس ،ل ّ جل ل يح ّ المؤ ّ
فل يسقط بفلسه ،كسائر حقوقه ،ولنّه ل يوجب
حلول ماله ،فل يوجب حلول ما عليه .
ما عند أبي حنيفة فل يتأتّى هذا ،لنّه ل يجوز عنده وأ ّ
الحجر على الحّر العاقل البالغ بسبب الدّين .وذهب
361
شافعيّة في قول ،وهو رواية المالكيّة ،وكذلك ال ّ
ن من حجر عند الحنابلة ذكرها أبو الخطّاب إلى :أ ّ
ن
ل،ل ّ عليه لفلسه يتحوّل دينه الجل إلى حا ّ
التّفليس يتعلّق به الدّين بالمال ،فيسقط الجل
كالموت .وتفصيل ذلك في مصطلح ( :حجر ) .
تحوّل الوقف عند انقطاع الموقوف عليه :
ن التّأبيد شرط في مة الفقهاء إلى أ ّ - 21ذهب عا ّ
حته :ما ن الوقف الّذي ل خلف في ص ّ الوقف ،وأ ّ
كان معلوم البتداء والنتهاء غير منقطع ،مثل أن
يجعل نهايته إلى جهة ل تنقطع ،كأن يجعل آخره
على المساكين ،أو طائفة منهم ،فإنّه يمتنع بحكم
العادة انقراضهم .واختلفوا فيما لو انقطع الموقوف
عليهم :فذهب أبو يوسف والمالكيّة ،وهو قول عند
شافعيّة ،ورأي للحنابلة :إلى أنّه يرجع إلى ال ّ
الواقف ،أو إلى ورثته ،إل ّ أن يقول :صدقة
موقوفة ينفق منها على فلن ،وعلى فلن فإذا
مى كانت للفقراء والمساكين . انقرض المس ّ
شافعيّة ،والمذهب عند الحنابلة :أنّه والظهر عند ال ّ
يبقى وقفا ً ،وينصرف إلى أقرب النّاس إلى الواقف
شافعيّة في مصرف هذا .وهناك أقوال أخرى عند ال ّ
النّوع من الوقف .
ويرجع إلى تفصيل الموضوع في مصطلح ( :وقف )
.
مة من الباحة إلى الملكيّة تحوّل الملكيّة العا ّ
صة وعكسه : الخا ّ
بأي
ّ صةمة إلى الخا ّ - 22قد تتحوّل الملكيّة من العا ّ
سبب من أسباب التّملّك ،كالقطاع من أراضي بيت
المال
362
فللمام أن يعطي الرض من بيت المال على وجه
التّمليك ،كما يعطي المال حيث رأى المصلحة ،إذ
ل فرق بين الرض والمال في الدّفع للمستحقّ .
ص
وراجع مصطلح ( :إقطاع ) .ويتحوّل الملك الخا ّ
م إذا مات عنه أربابه ،ولم يستحّقه وارثه إلى العا ّ
بفرض ول تعصيب ،فينتقل إلى بيت المال ميراثاً
لكافّة المسلمين .وذكر أبو يعلى أنّه ينتقل إلى بيت
المال مصروفا ً في مصالح المسلمين ،ل على
طريق الميراث .
م ،في نحو البيت ص إلى عا ّ ويتحوّل الملك الخا ّ
المملوك إذا احتيج إليه للمسجد ،أو توسعة الطّريق
،أو للمقبرة ونحوها من مصالح المسلمين ،بشرط
التّعويض .
تحوّل الولية في عقد النّكاح :
ي
ي القرب إلى الول ّ - 23تتحوّل الولية من الول ّ
البعد في مواطن منها :
ي القرب ،وكذلك إذا أسر أو حبس . -إذا فقد الول ّ
ن الولية فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أ ّ
ي القرب إلى البعد . تتحوّل من الول ّ
شافعيّة فالولية عندهم تنتقل إلى الحاكم . ما ال ّ
وأ ّ
ة
ة منقطع ً ي غيب ًي ،فإذا غاب الول ّ -ومنها غيبة الول ّ
تنتقل الولية من القرب إلى البعد عند الحنفيّة
ن
والحنابلة .وعند المالكيّة تنتقل إلى الحاكم ،ل ّ
شافعيّة ،إل ّ إذا ي الغائب .وكذلك عند ال ّ الحاكم ول ّ
سم ماله بين ي القرب وق ّ حكم القاضي بموت الول ّ
ورثته ،فتنتقل عندهم إلى البعد .ومنها :العضل ،
ي مولّيته من زواج الكفء .فذهب وهو :منع الول ّ
شافعيّة ،وهو رواية عن أحمد : الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
ي القرب إذا عضلها انتقلت الولية إلى ن الول ّ إلى أ ّ
363
سلطان ،وهو اختيار أبي بكر رضي الله عنه . ال ّ
وذكر ذلك عن عثمان بن عّفان رضي الله تعالى عنه
وشريح .وذهب الحنابلة في المنصوص من المذهب
إلى أنّها تنتقل إلى البعد .وانظر لتفصيل ذلك
والخلف فيه مصطلح ( :ولية النّكاح ) .
ق الحضانة : تحوّل ح ّ
م أولى النّاس ن ال ّ
- 24الصل في الحضانة أ ّ
شروط ،لما روى عبد بحضانة الطّفل إذا كملت ال ّ
ناللّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما « أ ّ
ن ابني هذا كان امرأةً قالت :يا رسول اللّه ،إ ّ
حواءً ،سقاءً ،وحجري له ِ بطني له وِعاءً ،وثديي له ِ
ن أباه طلّقني ،وأراد أن ينزعه منّي ،فقال وإ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :أنت أحقّ به ما
لم تَنْكحي » .
م من أهل الحضانة لفقدان جميع فإن لم تكن ال ّ
شروط فيها أو بعضها ،أو امتنعت من الحضانة ، ال ّ
فهي كالمعدومة ،وتنتقل الحضانة إلى من يليها ،
وهكذا تتحوّل من القرب إلى البعد في الستحقاق
.على تفصيل ينظر في مصطلح ( :حضانة ) .
تحوّل المعتدّة من عدّة الطّلق إلى عدّة الوفاة :
- 25إذا مات الّزوج والمرأة في عدّة طلقه ،فإن
كان الطّلق رجعيّا ً سقطت عنها عدّة الطّلق ،
وانتقلت إلى عدّة الوفاة ،أي أربعة أشهر وعشرة
أيّام من حين الوفاة ،بل خلف .قال ابن المنذر :
ل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك ، أجمع ك ّ
ن المطلّقة رجعيّا ً زوجة يلحقها طلقه ، وذلك ل ّ
وينالها ميراثه ،فعليها أن تعتد ّ عدّة الوفاة
وإذا مات مطلّق البائن ،وهي في العدّة ،وكان
حته ،أو طلّقها بطلبها ،بنت الطّلق في حال ص ّ
364
ما إذا طلّقها في على مدّة الطّلق ،وهذا بالتّفاق .أ ّ
مرض موته بغير طلب منها ،فهذه خلفيّة :فذهب
مد بن الحسن إلى وري ومح ّ
ّ أبو حنيفة وأحمد والث ّ
أنّها تعتد ّ بأبعد الجلين احتياطا ً لشبهة قيام الّزوجيّة ،
ي وأبو عبيد شافع ّ باعتبار إرثها منه .وذهب مالك وال ّ
وأبو يوسف وابن المنذر إلى أنّها تبني على عدّة
ل وجه . الطّلق لنقطاع الّزوجيّة من ك ّ
تحوّل العدّة من الشهر إلى القراء وعكسه :
أ -تحوّل العدّة من الشهر إلى القراء :
صغيرة الّتي لم ن ال ّ - 26ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
تحض ،وكذلك البالغة الّتي لم تحض ،إذا اعتدّت
نببعض الشهر ،فحاضت قبل انقضاء عدّتها ،أ ّ
ن
عدّتها تتحوّل من الشهر إلى القراء ،وذلك ل ّ
شهور بدل عن القراء ،وقد ثبتت القدرة على ال ّ
المبدل ،والقدرة على المبدل ،قبل حصول
المقصود بالبدل تبطل حكم البدل كالقدرة على
مم ،فيبطل حكم الشهر ، الوضوء في حقّ المتي ّ
وتنتقل عدّتها إلى القراء .
م رأت الدّم وكذا اليسة إذا اعتدّت ببعض الشهر ،ث ّ
،فتتحوّل عدّتها إلى القراء عند بعض الحنفيّة ،
وذلك على الّرواية الّتي لم يقدّروا فيها للياس سنّاً
ما عند المالكيّة : شافعيّة .وأ ّة .وكذلك عند ال ّ معيّن ً
سبعين - فإذا رأت الدّم بعد الخمسين وقبل ال ّ
ستّين - وكذلك عند الحنابلة بعد الخمسين وقبل ال ّ
يكون دما ً مشكوكا ً فيه يرجع فيه إلى النّساء .
ن المرأة إن ن ابن قدامة من الحنابلة قال :إ ّ إل ّ أ ّ
رأت الدّم بعد الخمسين على العادة الّتي كانت تراه
صحيح .وذهب الحنفيّة على فيها ،فهو حيض على ال ّ
ن ما رأته الّرواية الّتي وقّتوا للياس فيها وقتا ً :إلى أ ّ
365
من الدّم بعدها ليس بحيض في ظاهر المذهب ،إلّ
إذا كان دما ً خالصا ً فحيض ،حتّى يبطل به العتداد
بالشهر .
ولتفصيل الموضوع يرجع إلى مصطلحي ( :إياس ،
وعدّة ) .
ما من انقطع حيضها بعد أن رأت الدّم ، - 27وأ ّ
ن اليأس -وهي المرتابة -فذهب وقبل أن تبلغ س ّ
جميع الفقهاء إلى أنّه إذا كان انقطاع الدّم بسبب
معروف كرضاع ونفاس أو مرض يرجى برؤه ،فإنّها
ن
تصبر حتّى تحيض ،فتعتد ّ بالقراء ،أو تبلغ س ّ
ن اليأس ،ول عبرة اليأس ،فتعتد ّ بالشهر بعد س ّ
جعل بعد ن العتداد بالشهر ُ بطول مدّة النتظار ،ل ّ
ص ،فلم يجز العتداد بالشهر قبله . اليأس بالن ّ ّ
ما من انقطع حيضها ل لعلّة تعرف .فذهب أ ّ
ي في القديم ،وهو شافع ّ المالكيّة ،وهو قول لل ّ
المذهب عند الحنابلة :إلى أنّها تتربّص تسعة
م تعتد ّ بثلثة أشهر ،فهذه سنة .وعلّلوه أشهر ،ث ّ
ن الغلب في مدّة الحمل تسعة أشهر ،فإذا بأ ّ
مضت تبيّنت براءة الّرحم ،فتعتد ّ بالشهر ،وهو
البصري أيضا ً ،وقضى به عمرّ مرويّ عن الحسن
صحابة رضي الله عنهم أجمعين . بمحضر من ال ّ
ي في القديم أيضا ً أنّها تتربّص شافع ّ وروي عن ال ّ
ة ،وروي عنه أيضا ً في القديم : م ثلث ًستّة أشهر ث ّ
م تعتد ّ بثلثة أشهر .
أنّها تتربّص أربع سنين ث ّ
تحوّل الرض العشريّة إلى خراجيّة والعكس :
ن الرض الخراجيّة ل - 28ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
ة أصل ً ،وكذلك ل تتحوّل الرض تصير عشري ّ ً
العشريّة إلى خراجيّة .وذهب أبو حنيفة وزفر إلى
366
ن الرض العشريّة تتحوّل إلى خراجيّة إذا اشتراها أ ّ
ي.م ّ ذ ّ
وفي كتاب الخراج لبي يوسف :للمام أن يصيّر
ة ،إل ّ ما ة ،والخراجيّة عشري ّ ً الرض العشريّة خراجي ّ ً
كان من أرض الحجاز والمدينة ومكّة واليمن ،فإ ّ
ن
ل للمام أن يغيّر ذلك ، هنالك ل يقع خراج ،فل يح ّ
ما جرى عليه أمر رسول اللّه صلى الله ول يحوّله ع ّ
عليه وسلم وحكمه .ولتفصيل ذلك يرجع إلى
مصطلحات ( :أرض ،وعشر ،وخراج ) .
ي: م ّتحوّل المستأمن إلى ذ ّ
شافعيّة - 29ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفيّة وال ّ
ن غير المسلم ل يمكّن من القامة والحنابلة ) إلى أ ّ
ة أو أكثر ة في دار السلم ،فإذا أقام فيها سن ً سن ً
ميّا ً .وظاهر تفرض عليه الجزية ،ويصير بعدها ذ ّ
ن قول المام :إن يأ ّالمتون في المذهب الحنف ّ
ل من ذلك وضعنا عليك الجزية ، ة أو أق ّأقمت سن ً
ة ،أو ميّا ً ،فعلى هذا لو أقام سن ً شرط لصيرورته ذ ّ
ميّا ً .
أكثر من غير أن يقول المام له ذلك ل يصير ذ ّ
ي بالتّبعيّة :كما لو م ّ
وكذلك يتحوّل المستأمن إلى ذ ّ
دخل مع امرأته ،ومعهما أولد صغار وكبار ،فصار
صغار تبع له بخلف الكبار .وتترتّب على ميّا ً ،فال ّ
ذ ّ
ميّا ً أحكام عدّة ،يرجع لتفصيلها صيرورة المستأمن ذ ّ
مة ،ومستأمن ) . إلى مصطلحي ( :أهل الذ ّ ّ
ي: تحوّل المستأمن إلى حرب ّ
ن المستأمن يصير حربيّاً - 30يرى جمهور الفقهاء أ ّ
بأمور :
-إذا لحق بدار الحرب ،ولو بغير بلده بنيّة القامة ،
فإن دخل تاجرا ً أو رسول ً أو متنّزها ً ،أو لحاجة
367
م يعود إلى دار السلم ،فهو على أمانه يقضيها ،ث ّ
في نفسه وماله .
مة المسلمين أو -وإذا نقض المان :كأن يقاتل عا ّ
يغلب على قرية أو حصن لجل حربنا ،أو يقدم على
عمل مخالف لمقتضى المان ،انتقض عهده وصار
حربيّا ً .وفيما ينتقض به المان والعهد خلف
وتفصيل ينظر في مصطلحي ( :أهل الحرب
ومستأمن ) .
ي:ي إلى حرب ّ م ّتحوّل الذ ّ ّ
ي يتحوّل إلى م ّ ن الذ ّ ّ - 31ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
ي باللّحاق بدار الحرب مختارا ً طائعا ً والقامة حرب ّ
ل دمه وماله .وفي مته ،فيح ّ فيها ،أو بنقض عهد ذ ّ
محاربته جوازا ً أو وجوبا ً -بعد بلوغ مأمنه -خلف
مة تفصيل بينهم ،وكذلك فيما ينتقض به عقد الذ ّ ّ
مة )ينظر في مصطلحي ( :أهل الحرب ،وأهل الذ ّ ّ
.
ي إلى مستأمن : تحوّل الحرب ّ
ي مستأمنا ً بالحصول على أمان - 32يصير الحرب ّ
من له حقّ إعطاء المان ،على خلف بين الفقهاء م ّ
ذكر في مواطنه من كتب الفقه ،وانظر أيضاً
مصطلحي ( :أمان ،ومستأمن ) .
تحوّل دار السلم إلى دار الحرب وعكسه :
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه متى ارتد ّ أهل - 33ذهب ال ّ
بلد وجرت فيه أحكامهم صارت الدّار دار حرب ،
ن أبا بكر وعلى المام قتالهم بعد النذار والعذار ،ل ّ
صدّيق رضي الله عنه قاتل أهل الّردّة بجماعة ال ّ
صحابة . ال ّ
ن دار السلم ل تصير - 34وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ
دار حرب إل ّ بأمور ثلثة :
368
شرك على الشتهار ، أ -أن تجري فيها أحكام أهل ال ّ
ما لو أجريت وأن ل يحكم فيها بحكم أهل السلم ،أ ّ
شرك ،فل تكون أحكام المسلمين ،وأحكام أهل ال ّ
دار حرب .
ة ( أي مجاورةً ) لدار الحرب ، ب -أن تكون متاخم ً
بأن ل تتخلّل بينهما بلدة من بلد السلم .
ي آمنا ً بالمان الوّل م ّج -أن ل يبقى فيها مسلم أو ذ ّ
الّذي كان ثابتا ً قبل استيلء الكّفار ،للمسلم بإسلمه
مدما أبو يوسف ومح ّ مة .وأ ّي بعقد الذ ّ ّ
م ّ ،وللذ ّ ّ
فيقولن بشرط واحد ل غير ،وهو :إظهار حكم
الكفر ،وهو القياس .وتترتّب على دار الّردّة أحكام
،اختلف الفقهاء فيها ،تنظر في مظانّها ،وفي
مصطلح ( :ردّة ) .
- 35وتتحوّل دار الحرب إلى إسلم بإجراء أحكام
أهل السلم فيها كجمعة وعيد ،وإن بقي فيها كافر
ي ،وإن لم تتّصل بدار السلم . أصل ّ
التّحوّل من دين إلى آخر :
- 36التّحوّل من دين إلى آخر ثلثة أقسام :
القسم الوّل :التّحوّل من دين باطل إلى دين باطل
ن دينم ْما أن يكون ِ ،وهو على ثلثة أضرب :لنّه إ ّ
ييَُقُّر أهله عليه إلى ما يقّر أهله عليه ،كتهوّد نصران ّ
أو عكسه .
ما يقّر عليه إلى ما ل يقّر عليه ، ما أن يكون م ّ وإ ّ
ما أن ي إلى الوثنيّة .وإ ّ كانتقال يهوديّ أو نصران ّ
ي
ما ل يقّر عليه إلى ما يقّر عليه ،كتهوّد وثن ّ يكون م ّ
صره . أو تن ّ
ففي هذه الحالت هل يقّر على ما انتقل إليه
بالجزية أم ل ؟ خلف وتفصيل ينظر في مواطنه من
369
كتب الفقه ،وانظر أيضا ً مصطلحي ( :تبديل ،وردّة
).
القسم الثّاني :التّحوّل من دين السلم إلى باطل ،
وهو ردّة المسلم -والعياذ باللّه -فل يقبل منه إلّ
السلم .وتفصيله في مصطلح ( :ردّة ) .
والقسم الثّالث :التّحوّل من دين باطل إلى السلم
،فتترتّب عليه أحكام مختلفة تنظر في مظانّها من
صة ،وينظر كتب الفقه ،وفي المصطلحات الخا ّ
أيضا ً مصطلحي ( :تبديل ،إسلم ) .
===============
تحيّة *
التّعريف :
ة ،أصله في اللّغة : - 1التّحيّة مصدر حيّاه يحيّيه تحي ّ ً
الدّعاء بالحياة ،ومنه " التّحيّات للّه " أي البقاء ،
م كثر حتّى استعمل في ما يحيّا به وقيل :الملك ،ث ّ
من سلم ونحوه ،وتحيّة اللّه الّتي جعلها في الدّنيا
سلم ،فقد شرع لهم إذا والخرة لمؤمني عباده ال ّ
تلقوا ودعا بعضهم لبعض بأجمع الدّعاء أن يقولوا :
سلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته .قال اللّه تعالى ال ّ
ن منها أو ُردُّوها } حي ِّيتُم بِتحيّةٍ فحيّوا بأحس َ
{ :وإذا ُ
.
سلم واستعمل الفقهاء عبارة ( التّحيّة ) في غير ال ّ
لتحيّة المسجد .
ي ومواطن البحث : الحكم الجمال ّ
- 2حكم التّحيّة النّدب بل خلف بين جمهور
الفقهاء ،وهي تختلف في الداء كما يلي :
أ -التّحيّة بين الحياء :
سلم سنّة ن البتداء بال ّ - 3أجمع العلماء على أ ّ
مرغّب فيها ،وردّه فريضة لقوله تعالى :
370
ن منها أو ُردُّوها } .حيُّوا بأحس َ حيِّيتُم بتحيّةٍ فَ َ
{ وإذا ُ
وللتّفصيل ر ( :سلم ) .
ب -تحيّة الموات :
سلم ،فإذا مّر المسلم - 4تحيّة من في القبور ال ّ
ب أن يقول ما ورد وهو « : بالقبور أو زارها استح ّ
سلم عليكم أهل الدّيار من المؤمنين ال ّ
والمسلمين ،وإنّا إن شاء اللّه بكم لَلحقون ،نسأل
اللّه لنا ولكم العافية » وفي حديث عائشة « :
ويرحم اللّه المستقدمين منّا ،والمستأخرين » .
ج -تحيّة المسجد :
ل من يدخل ن لك ّ - 5يرى جمهور الفقهاء أنّه يس ّ
مسجدا ً غير المسجد الحرام -يريد الجلوس به ل
ضئا ً -أن يصلّي ركعتين أو المرور فيه ،وكان متو ّ
أكثر قبل الجلوس .والصل فيه حديث رواه أبو
ن رسول اللّه صلى الله قتادة رضي الله عنه « :أ ّ
عليه وسلم قال :إذا دخل أحدكم المسجد فل
يجلس حتّى يركع ركعتين » ومن لم يتمكّن منهما
لحدث أو غيره يقول ندبا ً :سبحان اللّه ،والحمد للّه
،ول إله إل ّ اللّه ،واللّه أكبر ،ول حول ول قوّة إلّ
ي العظيم .فإنّها تعدل ركعتين كما في باللّه العل ّ
صالحات ،والقرض الحسن الذكار ،وهي الباقيات ال ّ
صلة أن يقوم فيصلّي ، ن لمن جلس قبل ال ّ .ويس ّ
لما روى جابر رضي الله عنه قال « :جاء سليك
ي ،ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم الغطفان ّ
يخطب ،فقال :يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوّز
فيهما » فإنّها ل تسقط بالجلوس .
ن تحيّة المسجد تتأدّى كما أنّه ل خلف بينهم في أ ّ
بفرض أو نفل .
371
ما إذا تكّرر دخوله ،فذهب الحنفيّة والمالكيّة - -6وأ ّ
شافعيّة في قول إن قرب رجوعه له عرفا ً -وال ّ
ل يوم مّرةً . ح عندهم :إلى أنّه تكفيه لك ّ مقابل الص ّ
شافعيّة تكّرر التّحيّة بتكّرر الدّخول ح عند ال ّ والص ّ
على قرب كالبعد .
ن التّحيّة لك ّ
ل ة ،فتس ّ وإذا كانت المساجد متلصق ً
واحد منها .
- 7وكذلك اختلف الفقهاء بالنّسبة لمن دخل
المسجد والمام يخطب :فذهب الحنفيّة والمالكيّة
إلى أنّه يجلس ويكره له أن يركع ركعتين ،لقوله
صلة تفوّت َ
صتُوا } ،وال ّ معُوا له وأن ْ ِ تعالى { :فاست ِ
الستماع والنصات ،فل يجوز ترك الفرض لقامة
ي
سنّة ،وإليه ذهب شريح ،وابن سيرين والنّخع ّ ال ّ
وقتادة والثّوريّ واللّيث .
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه يركع ركعتين وذهب ال ّ
ي المتقدّم . يوجز فيهما ،لحديث سليك الغطفان ّ
وبهذا قال الحسن وابن عيينة ومكحول وإسحاق
وأبو ثور وابن المنذر .
د -تحيّة الكعبة :
- 8إذا وصل المحرم مكّة ودخل المسجد ورأى
م زد هذا البيت البيت ،يرفع يديه ويقول « :اللّه ّ
ة ،وزد من شّرفه تشريفا ً وتعظيما ً وتكريما ً ومهاب ً
جه أو اعتمره تشريفا ً وتكريماً من ح ّ وعظّمه م ّ
ي ويقول ي والبيهق ّشافع ّ وتعظيما ً » .لحديث رواه ال ّ
سلم فحيّنا ربّنا سلم ،ومنك ال ّ م أنت ال ّ « :اللّه ّ
سلم » .وعند الحنفيّة يقول ذلك ،ولكن ل يرفع بال ّ
يديه .
هـ – تحيّة المسجد الحرام :
372
ن تحيّة المسجد – 9ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
الحرام الطّواف للقادم لمكّة ،سواء كان تاجرا ً أو
جا ً أو غيرهما ،لقول عائشة رضي الله عنها عنها حا ّ
ي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكّة ن النّب ّ «:إ ّ
م طاف بالبيت » وركعتا تحيّة المسجد ضأ ،ث ّ تو ّ
الحرام تجزئ عنهما الّركعتان بعد الطّواف .
إل ّ إذا كان للدّاخل فيه عذر مانع ،أو لم يرد
الطّواف ،فيصلّي ركعتين إن لم يكن وقت كراهة .
وإذا خاف فوات المكتوبة أو جماعتها ،أو الوتر ،أو
ة قدّمها على الطّواف ،إل ّ أنّه ل تحصل بها ة راتب ً سن ّ ً
تحيّة المسجد الحرام ،بخلف سائر المساجد .
ي الّذي لم يؤمر بطواف ،ولم يدخله ما المك ّ ّ - 10وأ ّ
صلة أو لقراءة القرآن أو لجل الطّواف ،بل لل ّ
صلة ، للعلم ،فتحيّة المسجد الحرام في حّقه ال ّ
ن الطّواف ص أحمد على أ ّ كتحيّة سائر المساجد .ون ّ
صلة في المسجد الحرام . لغريب أفضل من ال ّ
ن الطّواف لهل العراق ، وعن ابن عبّاس :أ ّ
صلة لهل مكّة ،وإليه ذهب عطاء . وال ّ
وينظر للتّفصيل مصطلح ( :طواف ) .
و -تحيّة المسجد النّبويّ :
بوي
ن من دخل المسجد الن ّ ّ - 11اتّفق الفقهاء على أ ّ
سر له -وهي ما ب له أن يقصد الّروضة إن تي ّ يستح ّ
بين القبر والمنبر -ويصلّي ركعتين تحيّة المسجد
بجنب المنبر ،لحديث جابر قال « :جاء سليك » ...
ي صلى الله عليه وسلم ويقول : م يأتي قبر النّب ّ ث ّ
م يسلّم على أبي بكر سلم عليك يا رسول اللّه ،ث ّ ال ّ
م على عمر رضي الله عنه . رضي الله عنه ،ث ّ
سلم للمسلم : حكم التّحيّة بغير ال ّ
373
سلم ن التّحيّة بغير ال ّ مة العلماء إلى أ ّ - 12ذهب عا ّ
سعادة ، للمسلم ،كنحو :صبّحك اللّه بالخير ،أو ال ّ
أو طاب حماك ،أو قوّاك اللّه ،من اللفاظ الّتي
يستعملها النّاس في العادة ل أصل لها ،ول يجب
الّرد ّ على قائلها ،لكن لو دعا له مقابل ذلك كان
حسنا ً .
ن الّرد ّ على من مة أهل العلم يرون أ ّ ن عا ّ - 13كما أ ّ
سلم غير واجب ،سواء أكانت تحيّته حيّا بغير ال ّ
ف أو الّرأس ،إلّ بلفظ ،أم بإشارة بالصبع ،أو الك ّ
م ،فيجب الّرد ّ بالشارة مع إشارة الخرس أو الص ّ
ن إشارته قائمة مقام اللّفظ ،ليحصل به الفهام ،ل ّ
العبارة .
سلم ، سلم على من ألقى ال ّ ما الّرد ّ بغير ال ّ - 14وأ ّ
مة أهل العلم يرون أنّه ل يجزئ ،ول يسقط الّردّ فعا ّ
الواجب ،لنّه يجب أن يكون بالمثل .لقوله تعالى :
ن منها أو ُردُّوها } . س ح { وإذا حييتم بتحيَة فَحيُوا بأ َ
َ َ ْ ُ ّ ُ َِ ِ ّ ٍ َ ّ
سلم لغير المسلم : حكم التّحيّة بال ّ
سلم عليكم - 15حكم التّحيّة لغير المسلم بال ّ
ي
ممنوع على سبيل الحرمة أو الكراهة ،لقول النّب ّ
صلى الله عليه وسلم « :ل تبدءوا اليهود ول
سلم ،وإذا سلّموا هم على مسلم قال النّصارى بال ّ
في الّرد ّ :وعليكم .ول يزيد على هذا » .
- 16قال ابن القيّم :هذا كلّه إذا تحّقق أنّه قال :
سامع ك فيما قال ،فلو تحّقق ال ّ سام عليكم ،أو ش ّ ال ّ
ك فيه ، ي قال له " :سلم عليكم " ل ش ّ م ّ ن الذ ّ ّ أ ّ
سلم ،أو يقتصر على فهل له أن يقول :وعليك ال ّ
شرعيّة قوله :وعليك ؟ فالّذي تقتضيه الدلّة ال ّ
ن
سلم ،فإ ّ شريعة أن يقال له :وعليك ال ّ وقواعد ال ّ
هذا من باب العدل ،واللّه يأمر بالعدل والحسان ،
374
َ
نحيُّوا بِأحس َ حي ِّيتُم بِتَحيّةٍ فَ َوقد قال تعالى { :وإذا ُ
منها أو ُردُّوها } .
فندب إلى الفضل ،وأوجب العدل ،ول ينافي هذا
شيئا ً من أحاديث الباب بوجه ما ،فإنّه صلى الله
عليه وسلم إنّما أمر بالقتصار على قول الّراد ّ "
سبب المذكور الّذي كانوا وعليكم " ،بناءً على ال ّ
يعتمدونه في تحيّتهم ،وأشار إليه في حديث عائشة
رضي الله عنها فقال « أل ترينني قلت :وعليكم ،
م قال :إذا سلّم عليكم سام عليكم .ث ّ ما قالوا :ال ّ ل ّ
أهل الكتاب فقولوا :وعليكم »
والعتبار وإن كان لعموم اللّفظ فإنّما يعتبر عمومه
في نظير المذكور ل فيما يخالفه .قال تعالى { وإذا
ن في ه ،ويقولو َ ك به الل ّ ُ حي ِّ َ
م يُ َ ك بما ل ْ حيَّوْ َ
ك َ جاءو َ َ
َ
ل } فإذا زال هذا ه بما نقو ُ سهم لول يُعَذِّبُنا الل ّ ُ أنُْف ِ
ي :سلم عليكم ورحمة اللّه ، سبب وقال الكتاب ّ ال ّ
فالعدل في التّحيّة يقتضي أن يرد ّ عليه نظير سلمه
.وباللّه التّوفيق .
سلم للكافر ،فيرى ما حكم التّحيّة بغير ال ّ - 17وأ ّ
شافعيّة والحنابلة :أنّها الحنفيّة والمالكيّة ،وبعض ال ّ
مكروهة ما لم تكن لعذر ،أو غرض كحاجة أو جوار
أو قرابة ،فإذا كانت لعذر فل كراهة فيها .
شافعيّة والحنابلة في الّراجح عندهم ،إلى وذهب ال ّ
سلم . حرمة تحيّة الكّفار ولو بغير ال ّ
=============
تختّم *
التّعريف :
- 1التّختّم مصدر تختّم ،يقال :تختّم بالخاتم أي
ي ختم . لبسه ،وأصله الثّلث ّ
375
ومن معاني الختم أيضا ً :الثر الحاصل عن النّقش ،
شيء والمنع منه ، ويتجوّز به في الستيثاق من ال ّ
اعتبارا ً لما يحصل من المنع بالختم على الكتب
والبواب .
شيء :إنهاؤه ،ومنه :ختم القرآن وخاتم وختم ال ّ
د
مد ٌ أبا أح ٍ
ن مح ّالّرسل ،ومنه قوله تعالى { :ما كا َ
م النّبيّين } أي : ل اللّهِ وخات َ َن رسو َ من رجالِكم ولك ْ
آخرهم ،لنّه ختمت به النّبوّة والّرسالت .ومن
ي للصبع ،كالخاتم - المجاز :لبس الخاتم ،وهو حل ّ
بكسر التّاء -ويطلق على الخاتم أيضا ً والخاتم
مة ألفاظ أخرى والختم والخاتام والخيتام ،وث ّ
مشتّقة من هذه المادّة بالمعنى نفسه ،وصل
بعضهم بها إلى عشرة ألفاظ .
ي كأنّه أوّل وهلة ختم به ،فدخل والخاتم من الحل ّ
م كثر استعماله لذلك ،وإن بذلك في باب الطّابع ،ث ّ
أعد ّ الخاتم لغير الطّبع .ول يخرج استعمال الفقهاء
للتّختّم عن معناه اللّغويّ .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -التّزيّن :
- 2التّزيّن :مصدر تزيّن ،يقال :تزيّنت المرأة :أي
لبست الّزينة أو اتّخذتها ،وتزيّنت الرض بالنّبات :
أي حسنت وبهجت ،والّزينة اسم جامع لما يتزيّن به
،ومعنى الّزينة عند الّراغب :ما ل يشين النسان
في شيء من أحواله ل في الدّنيا ول في الخرة ،
م من وهي نفسيّة وبدنيّة وخارجيّة .والتّزيّن أع ّ
التّختّم ،لنّه يكون بالتّختّم وبغيره .
خة :
فت ْ َ
ب -ال َ
- 3الفتخة قريبة في المعنى والستعمال من الخاتم
ي ،وقد تعدّدت القوال في ،فهي مثله من الحل ّ
376
معناها .فقيل :هي خاتم كبير يكون في اليد
والّرجل ،وقيل :هي كالخاتم أيّا ً كان ،وقيل :هي
ص ،وقيل ص وبغير ف ّ خاتم يكون في اليد والّرجل بف ّ
.هي حلقة تلبس في الصبع كالخاتم ،وقيل :هي
ص
ص فيها ،فإذا كان فيها ف ّ ضة ل ف ّ حلقة من ف ّ
فهي الخاتم ،وروي عن عائشة رضي الله عنها في
ن إل ّ ما ن ِزينَتَه َّتفسير قول اللّه تعالى { :ول يُبْدِي ْ َ
ظَهََر منها } أنّها قالت :المراد بالّزينة في الية
ضةالقلب والفتخة ،وقالت :الفتخ :حلق من ف ّ
يكون في أصابع الّرجلين ،قال ابن بّريّ :حقيقة
الفتخة أن تكون في أصابع الّرجلين .فيتّفق الخاتم
ل منهما ،ويختلفان في والفتخة في أنّه يتزيّن بك ّ
ل منهما ،وفي المادّة الّتي يصنع موضع لبس ك ّ
منها ،وفي شكله .
ج -التّسوّر :
- 4التّسوّر مصدر تسوّر ،ويأتي في اللّغة بمعنى
العلوّ والتّسلّق ،يقال :تسوّرت الحائط إذا علوته
سوار والتّحلّي به ، وتسلّقته ،وبمعنى التّزيّن بال ّ
ي سوار من الحل ّ سورته أي ألبسته ال ّ ّ يقال :
َ
ك الل ّ ُ
ه سوَِّر َن يُ َ كأ ْ سُّر َ فتسوّر ،وفي الحديث « :أي َ ُ
م القيامةِ سوارين من نار » .فيتّفق التّختّم بهما يو َ
مع التّسوّر في أنّهما من الّزينة ،ويختلفان في
صنعة وموضع اللّبس . شكل وال ّ ال ّ
د -التّدملج :
- 5التّدملج مصدر تدملج ،يقال :تدملج أي لبس
مها -أو الدّملوج وهو الدّملج -بفتح اللم وض ّ
ي ،وهو ما يلبس في العضد ، ضد من الحل ّ المع ّ
ويقال أيضا ً :ألقى عليه دماليجه .فالتّدملج كالتّختّم
377
ل منهما ،غير أنّهما يختلفان في في أنّه يتزيّن بك ّ
صنعة وموضع اللّبس . شكل وال ّ ال ّ
هـ -التّطوّق :
- 6التّطوّق مصدر تطوّق ،يقال :تطوّق أي لبس
ل شيء استدار فهو ي للعنق ،وك ّ الطّوق ،وهو حل ّ
طوق ،كطوق الّرحى الّذي يدير القطب ونحو ذلك .
ل منهما ، فالتّطوّق كالتّختّم في أنّه يتحلّى ويتزيّن بك ّ
صنعة والموضع الّذي شكل وال ّ لكنّهما يختلفان في ال ّ
ل منهما . يلبس فيه ك ّ
و -التّنطّق :
- 7التّنطّق مصدر تنطّق ،يقال :تنطّق الّرجل
وانتطق أي لبس المنطق ،والمنطق والنّطاق
ل ما شددت به وسطك ،وقيل لسماء والمنطقة :ك ّ
بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما ذات النّطاقين
:لنّها كانت تطارق ( أي تطابق ) نطاقا ً على
ي صلى نطاق ،أو لنّها شّقت نطاقها ليلة خروج النّب ّ
الله عليه وسلم إلى الغار ،فجعلت واحدةً لزاد
ة لهمال ًرسول اللّه صلى الله عليه وسلم والخرى ح ّ
فالنّطاق كالخاتم في الحاطة ،لكنّهما يختلفان مادّةً
وشكل ً وحجما ً وموضعا ً .
ي:الحكم التّكليف ّ
ي للتّختّم باختلف موضعه : يختلف الحكم التّكليف ّ
أوّل ً :التّختّم بالذ ّهب :
- 8اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للنّساء التّختّم
ن
بالذ ّهب ،ويحرم على الّرجال ذلك ،لما روي أ ّ
ح َّ
ل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « أ ُ ِ
ُ
م على ذكورِها » . حّرِ َمتي ،و ُ ثأ ّ ب والحريُر لِنا ِ الذَّه ُ
ي بالذ ّهب : صب ّ واختلفوا في تختّم ال ّ
378
ن تختّم فذهب المالكيّة -في الّراجح عندهم -إلى أ ّ
ي بالذ ّهب مكروه ،والكراهة على من ألبسه أو صب ّ ال ّ
على وليّه ،ومقابل الّراجح عند المالكيّة الحرمة .
ص الحنابلة -وهو قول مرجوح للمالكيّة -على ون ّ
ي الذ ّهب ،ومنه الخاتم .وأطلق صب ّ حرمة إلباس ال ّ
الحنفيّة هنا الكراهة في التّحريم ،واستدلّوا بحديث
جابر رضي الله عنه قال « :كنّا ننزعه عن الغلمان
شافعيّة في ونتركه على الجواري » وذهب ال ّ
ن
ح -إلى أ ّ المعتمد عندهم -وعبّر بعضهم بالص ّ
ي غير البالغ مثل المرأة في جواز التّختّم صب ّ ال ّ
ي من الذ ّهب أو ي تزيينه بالحل ّ ن للول ّ بالذ ّهب ،وأ ّ
ضة ،ولو في غير يوم عيد . الف ّ
ضة : ثانيا ً :التّختّم بالف ّ
ضة . - 9اتّفق الفقهاء على جواز تختّم المرأة بالف ّ
ضة فعلى التّفصيل التي : ما تختّم الّرجل بالف ّ وأ ّ
ضة ،ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز للّرجل التّختّم بالف ّ
ي صلى الله عليه وسلم اتّخذ ن « النّب ّ
لما روي أ ّ
م كان في يد أبي خاتما ً من ورق ،وكان في يده ،ث ّ
م كان في يد عمر رضي الله بكر رضي الله عنه ،ث ّ
م كان في يد عثمان رضي الله عنه ،حتّى عنه ،ث ّ
مد رسول اللّه » . وقع في بئر أريس .نقشه :مح ّ
سلطان ن التّختّم سنّة لمن يحتاج إليه ،كال ّ وقالوا :إ ّ
سلطان والقاضي ومن في معناهما ،وتركه لغير ال ّ
والقاضي وذي حاجة إليه أفضل .
ضة ،وذهب المالكيّة إلى أنّه ل بأس بالخاتم من الف ّ
فيجوز اتّخاذه ،بل يندب بشرط قصد القتداء
برسول اللّه صلى الله عليه وسلم ول يجوز لبسه
عجبا ً .
379
ضة ،ل للّرجل الخاتم من الف ّ شافعيّة :يح ّ وقال ال ّ
ل لبسه ،بل سواء من له ولية وغيره ،فيجوز لك ّ
ن .وقال الحنابلة :يباح للذ ّكر الخاتم من يس ّ
ضة ،لنّه صلى الله عليه وسلم « اتّخذ خاتما ً من الف ّ
ضة للّرجل :ليس ورق » ،قال أحمد في خاتم الف ّ
ن ابن عمر رضي الله عنهما كان ج بأ ّ به بأس ،واحت ّ
له خاتم ،وظاهر ما نقل عن أحمد أنّه ل فضل فيه .
ب،وجزم به في التّلخيص وغيره ،وقيل :يستح ّ
قدّمه في الّرعاية .وقيل :يكره لقصد الّزينة .جزم
ضة فجائز عند ي بالف ّ صب ّ
ما تختّم ال ّ به ابن تميم .وأ ّ
الفقهاء .
ضة : ثالثا ً :التّختّم بغير الذ ّهب والف ّ
- 10ذهب المالكيّة -في المعتمد عندهم -والحنابلة
ن التّختّم بالحديد والنّحاس والّرصاص مكروه إلى أ ّ
ن رجل ً جاء إلى للّرجال والنّساء ،لما روي « أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عليه خاتم شبه -
نحاس أصفر -فقال له :إنّي أجد منك ريح الصنام
م جاء وعليه خاتم حديد فقال :ما لي فطرحه .ث ّ
أرى عليك حلية أهل النّار فطرحه .فقال :يا رسول
اللّه :من أيّ شيء أتّخذه ؟ قال :اتّخذه من ورق
مه مثقال ً » . ول تت ّ
ن التّختّم بالجلد والعقيق والقصدير وقال المالكيّة :إ ّ
والخشب جائز للّرجال والنّساء .
وقال الحنابلة :إنّه يباح للّرجل والمرأة التّحلّي
بالجوهر والّزمّرد والّزبرجد والياقوت والفيروز
ب تختّمهما به ، ما العقيق فقيل :يستح ّ واللّؤلؤ ،أ ّ
وقيل :يباح التّختّم بالعقيق لما في رواية مهنّا ،وقد
سنّة ؟ يعني في التّختّم ، سئل المام أحمد :ما ال ّ
ضة .فأجاب بقوله :لم تكن خواتيم القوم إل ّ من الف ّ
380
شاف القناع :الدّملج في معنى الخاتم قال صاحب ك ّ
.
ضة . واختلف الحنفيّة في التّختّم بغير الذ ّهب والف ّ
ضة ن التّختّم بالف ّ
والحاصل كما قال ابن عابدين :أ ّ
صفر حلل للّرجال بالحديث ،وبالذ ّهب والحديد وال ّ
حرام عليهم بالحديث ،وبالحجر حلل على اختيار
مة وقاضي خان أخذا ً من قول الّرسول شمس الئ ّ
مال العقيق ل ّ نح ّ وفعله صلى الله عليه وسلم ،ل ّ
ل سائر الحجار لعدم الفرق بين ثبت بهما ثبت ح ّ
حجر وحجر ،وحرام على اختيار صاحب الهداية
صغير :ول يتختّم والكافي أخذا ً من عبارة الجامع ال ّ
ضة .فإنّها يحتمل أن يكون القصر فيها إل ّ بالف ّ
بالضافة إلى الذ ّهب ،ول يخفى ما بين المأخذين
من التّفاوت .
شافعيّة أيضا ً في التّختّم بغير الذ ّهب واختلف ال ّ
ضة ،وقد ورد في المجموع طرف من هذا والف ّ
الخلف ،وهو :قال صاحب البانة :يكره الخاتم من
حديد أو شبه -نوع من النّحاس -وتابعه صاحب
البيان ،وأضاف إليهما الخاتم من رصاص ،وقال
مة :ل يكره الخاتم من حديد أو رصاص صاحب التّت ّ
لحديث الواهبة نفسها ،ففيه قوله للّذي أراد تزوّجها
« :انظر ولو خاتما ً من حديد » .
ضة ي :ول بأس بلبس غير الف ّ وفي حاشية القليوب ّ
من نحاس أو غيره .
رابعا ً :موضع التّختّم :
- 11لم يختلف الفقهاء في موضع التّختّم بالنّسبة
للمرأة ،لنّه تزيّن في حّقها ،ولها أن تضع خاتمها
في أصابع يديها أو رجليها أو حيث شاءت .
381
ن الفقهاء اختلفوا في موضع التّختّم للّرجل ،بل ولك ّ
ن فقهاء بعض المذاهب اختلفوا فيما بينهم في ذلك إ ّ
:فذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه ينبغي أن يكون تختّم
الّرجل في خنصر يده اليسرى ،دون سائر أصابعه ،
ودون اليمنى .
وذهب بعضهم إلى أنّه يجوز أن يجعل خاتمه في يده
اليمنى ،وسوّى الفقيه أبو اللّيث في شرح الجامع
صغير بين اليمين واليسار ،لنّه قد اختلفت ال ّ
الّروايات عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في
ذلك ،وقول بعضهم :إنّه في اليمين من علمات
صحيح عن « ن النّقل ال ّ
أهل البغي ليس بشيء ،ل ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ينفي ذلك » .
والمختار عند مالك رحمه الله التّختّم في اليسار
على جهة النّدب ،وجعل الخاتم في الخنصر ،وكان
ي في مالك يلبسه في يساره ،قال أبو بكر بن العرب ّ
ح عن القبس شرح الموطّأ :ص ّ
« رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه تختّم في
يمينه وفي يساره ،واستقّر الكثر على أنّه كان
يتختّم في يساره » ،فالتّختّم في اليمين مكروه ،
سنّة عنه صلى ويتختّم في الخنصر ،لنّه بذلك أتت ال ّ
ن كونه في الله عليه وسلم والقتداء به حسن .ول ّ
شافعيّة :يجوز اليسار أبعد عن العجاب .وقال ال ّ
ضة في خنصر يمينه ،وإن شاء للّرجل لبس خاتم الف ّ
ي صلى ح فعله عن النّب ّ في خنصر يساره ،كلهما ص ّ
صحيح المشهور أنّه في ن ال ّالله عليه وسلم لك ّ
اليمين أفضل لنّه زينة ،واليمين أشرف .
وقال بعضهم :في اليسار أفضل .وفي سنن أبي
ن ابن عمر رضي الله عنهما داود بإسناد صحيح أ ّ
ن ابن عبّاس كان يتختّم في يساره ،وبإسناد حسن أ ّ
382
ن
شافعيّة أ ّ رضي الله عنهما تختّم في يمينه .وعند ال ّ
ي عنه لما ورد سبّابة منه ّ التّختّم في الوسطى وال ّ
ي رضي الله تعالى عنه قال « :نهاني رسول عن عل ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم أن أتختّم في أصبعي هذه
أو هذه قال :فأومأ إلى الوسطى والّتي تليها » .
وقال الحنابلة :لبس الخاتم في خنصر اليسار
ص عليه في أفضل من لبسه في خنصر اليمين ،ن ّ
رواية صالح ،وضعّف في رواية الثرم وغيره التّختّم
ن
ي وغيره :المحفوظ أ ّ في اليمنى ،قال الدّارقطن ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان يتختّم في يساره ، النّب ّ
وأنّه إنّما كان في الخنصر لكونه طرفا ً ،فهو أبعد
عن المتهان فيما تتناوله اليد ،ولنّه ل يشغل اليد
ما تتناوله .وعند الحنابلة أنّه يكره لبس الخاتم في ع ّ
صحيح عن ذلك . سبّابة ووسطى للنّهي ال ّ
وظاهره ل يكره لبسه في البهام والبنصر ،وإن
ص. كان الخنصر أفضل اقتصارا ً على الن ّ ّ
خامسا ً :وزن خاتم الّرجل :
- 12اختلف الفقهاء في الوزن المباح لخاتم الّرجل :
ي :ل يزيد الّرجل خاتمه فعند الحنفيّة ،قال الحصكف ّ
جح ابن عابدين قول صاحب على مثقال .ور ّ
نل بما روي أ ّ الذ ّخيرة أنّه ل يبلغ به المثقال ،واستد ّ
ي صلى الله عليه وسلم قائل ً :من « رجل ً سأل النّب ّ
أيّ شيء أتّخذه ؟ -يعني الخاتم -فقال صلى الله
مه مثقال ً » . عليه وسلم :اتّخذه من ورق ،ول تت ّ
ضة إن وقال المالكيّة :يجوز للذ ّكر لبس خاتم الف ّ
ل ،فإن زاد عن كان وزن درهمين شرعيّين أو أق ّ
درهمين حرم .
شافعيّة وزنا ً للخاتم المباح ،قال ولم يحدّد ال ّ
ي :لم يتعّرض الصحاب لمقدار شربين ّ الخطيب ال ّ
383
الخاتم المباح ،ولعلّهم اكتفوا فيه بالعرف ،أي
عرف البلد وعادة أمثاله فيها ،فما خرج عن ذلك
ي:كان إسرافا ً ...هذا هو المعتمد ،وإن قال الذرع ّ
صواب ضبطه بدون مثقال ،لما في صحيح ابن ال ّ
ين النّب ّ
حبّان وسنن أبي داود عن أبي هريرة « أ ّ
صلى الله عليه وسلم قال للبس الخاتم الحديد :ما
لي أرى عليك حلية أهل النّار فطرحه وقال :يا
رسول اللّه من أيّ شيء أتّخذه ؟ قال :اتّخذه من
مه مثقال ً » قال :وليس في كلمهم ما ورق ول تت ّ
ن ذلك كان يخالفه .وهذا ل ينافي ما ذكر لحتمال أ ّ
عرف بلده وعادة أمثاله .
وقال الحنابلة :ل بأس بجعله مثقال ً فأكثر ،لنّه لم
يرد فيه تحديد ،ما لم يخرج عن العادة ،وإل ّ حرم
ن الصل التّحريم ،وإنّما خرج المعتاد ( قالوا ) ل ّ
صحابة . لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل ال ّ
سادسا ً :عدد خواتم الّرجل :
- 13اختلف الفقهاء في حكم تعدّد خواتم الّرجل :
ص المالكيّة على أنّه ل يباح للّرجل أكثر من خاتم فن ّ
واحد ،فإن تعدّد الخاتم حرم ولو كان في حدود
الوزن المباح شرعا ً .
شافعيّة في تعدّد الخاتم ،ونقل واختلف فقهاء ال ّ
صاحب مغني المحتاج جانبا ً من هذا الخلف في
قوله :وفي الّروضة وأصلها :ولو اتّخذ الّرجل
خواتيم كثيرة ً ليلبس الواحد منها بعد الواحد جاز ،
فظاهره الجواز في التّخاذ دون اللّبس ،وفيه خلف
مشهور ،والّذي ينبغي اعتماده فيه أنّه جائز ما لم
يؤد ّ إلى سرف .
وقال الحنابلة :لو اتّخذ الّرجل لنفسه عدّة خواتيم ،
فالظهر جوازه إن لم يخرج عن العادة ،والظهر
384
جواز لبس الّرجل خاتمين فأكثر جميعا ً إن لم يخرج
عن العادة .
ولم نجد كلما ً للحنفيّة في هذه المسألة .
سابعا ً :النّقش على الخاتم :
- 14اتّفق الفقهاء على جواز النّقش على الخاتم ،
وعلى أنّه يجوز نقش اسم صاحب الخاتم عليه ،
ذّكْر :
واختلفوا في نقش لفظ الجللة أو ال ِ
شافعيّة :يجوز أن ينقش لفظ فقال الحنفيّة وال ّ
الجللة أو ألفاظ الذ ّكر على الخاتم ،ولكنّه يجعله
مه إن دخل الخلء ،وفي يمينه إذا استنجى . في ك ّ
وقال الحنابلة :يكره أن يكتب على الخاتم ذكر اللّه
صا ً ،قال إسحاق بن تعالى من القرآن أو غيره ن ّ
راهويه :ل يدخل الخلء به ،وقال في الفروع :
ل أحمد كرهه لذلك ،قال :ولم أجد للكراهة ولع ّ
دليل ً سوى هذا ،وهي تفتقر إلى دليل والصل عدمه
.وقال الحنابلة أيضا ً :يحرم أن ينقش عليه صورة
صورة عليه كالثّوب المصوّر حيوان ،ويحرم لبسه وال ّ
،ولم ير بعض الحنفيّة بأسا ً في نقش ذلك إذا كان
صغيرا ً بحيث ل يبصر عن بعد .
ص الخاتم : ثامنا ً :ف ّ
- 15ذهب الفقهاء في الجملة إلى أنّه يجوز أن
ضيّة أوص من مادّته الف ّ يكون لخاتم الّرجل المباح ف ّ
من مادّة أخرى على التّفصيل التي :
ص خاتمه قال الحنفيّة :يجوز للّرجل أن يجعل ف ّ
عقيقا ً أو فيروزجا ً أو ياقوتا ً أو نحوه ،ول بأس بسدّ
ص ،لنّهص بمسمار الذ ّهب ليحفظ به الف ّ ثقب الف ّ
قليل ،فأشبه العلم في الثّوب فل يعد ّ لبسا ً له ،
ص خاتمه إلى بطن كّفه بخلف ويجعل الّرجل ف ّ
ن دون الّرجال .وقال النّساء ،لنّه للّزينة في حّقه ّ
385
م
ضة في حلية الخاتم ...ث ّ المالكيّة :ل بأس بالف ّ
شرح ،فقال بعضهم :تكون الحلية اختلفوا في ال ّ
ضة في خاتم من شيء جائز غير الحديد من الف ّ
ماوالنّحاس والّرصاص ،كالجلد والعود أو غير ذلك م ّ
ص فيه . يجوز ،فيجعل الف ّ
ضة لما في وقال بعضهم :يكون الخاتم كلّه من الف ّ
صحيح مسلم « :كان خاتم رسول اللّه صلى الله
صه حبشيّا ً » أي كان عليه وسلم من ورق ،وكان ف ّ
صانعه حبشيّا ً ،أو كان مصنوعا ً كما يصنعه أهل
صه منه . نف ّ الحبشة فل ينافي رواية :أ ّ
وقال المالكيّة :ل يجوز للذ ّكر خاتم بعضه ذهب ولو
ل.ق ّ
ف ،لنّهما يلي الك ّ ص الخاتم م ّ وقالوا :يجعل ف ّ
ي صلى الله عليه وسلم سنّة عن النّب ّ بذلك أتت ال ّ
والقتداء به حسن ،فإذا أراد الستنجاء خلعه كما
يخلعه عند إرادة الخلء .
ص، ص وبغير ف ّ شافعيّة :يجوز الخاتم بف ّ وقال ال ّ
ص من باطن كّفه أو وأضاف النّوويّ :ويجعل الف ّ
صحيحة فيه . ظاهرها ،وباطنها أفضل للحاديث ال ّ
ص الخاتم داخل ن جعل ف ّ ي :ويس ّ وقال القليوب ّ
ص خاتمه منه ف .وقال الحنابلة :للّرجل جعل ف ّ الك ّ
ن في البخاريّ من حديث أنس أو من غيره ،ل ّ
صه منه » ولمسلم « كان رضي الله عنه « كان ف ّ
صه حبشيّا ً » .وقالوا :يباح للذ ّكر من الذ ّهب ف ّ
ص ف ّ
خاتم إذا كان يسيرا ً ...اختاره أبو بكر عبد العزيز
ي الدّين ابن تيميّة ،وهو ومجد الدّين ابن تيميّة وتق ّ
ظاهر كلم المام أحمد ،وإليه ميل ابن رجب ،قال
صواب وهو المذهب ،وفي في النصاف :وهو ال ّ
الفتاوى المصريّة :يسير الذ ّهب التّابع لغيره
386
ح من مذهب المام كالطّراز ونحوه جائز في الص ّ
أحمد .
واختار القاضي وأبو الخطّاب التّحريم ،وقطع به في
شرح المنتهى في باب النية .
ص الخاتم وقال الحنابلة :الفضل أن يجعل الّرجل ف ّ
ي صلى الله عليه وسلم : ن النّب ّ
ما يلي ظهر كّفه ل ّ م ّ
« كان يفعل ذلك » وكان ابن عبّاس رضي الله
ما يلي ظهر كّفه . عنهما وغيره يجعله م ّ
تاسعا ً :تحريك الخاتم في الوضوء :
- 16ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يجب في الوضوء
تحريك الخاتم أثناء غسل اليد ،إن كان ضيّقا ً ول
يعلم وصول ماء الوضوء إلى ما تحته ،فإن كان
الخاتم واسعا ً ،أو كان ضيّقا ً وعلم وصول الماء إلى
ن تحريكه ل يجب ،بل يكون مستحبّا ً . ما تحته فإ ّ
وذهب المالكيّة إلى أنّه ل يجب تحويل خاتم
ضئ من موضعه ولو كان ضيّقا ً إن كان مأذوناً المتو ّ
ضئ إزالة غير المأذون فيه إن كان فيه ،وعلى المتو ّ
يمنع وصول الماء للبشرة وإل ّ فل ،وليس الحكم
صا ً بالخاتم
بإزالة ما يمنع وصول الماء للبشرة خا ّ
ل حائل كشمع م في ك ّ غير المأذون فيه ،بل هو عا ّ
وزفت ووسخ .
عاشرا ً :تحريك الخاتم في الغسل :
ما يتحّقق به الغسل - 17قال جمهور الفقهاء :م ّ
مم بدنه بالغسل ،حتّى ما تحت خاتم المجزئ أن يع ّ
ونحوه ،فيحّركه ليتحّقق وصول الماء إلى ما تحته ،
ولو كان الخاتم ضيّقا ً ل يصل الماء إلى ما تحته
نزعه وجوبا ً .
387
وقال المالكيّة :يجب غسل ظاهر الجسد في
ما الخاتم فل يلزم تحريكه ،كالوضوء . الغسل ،وأ ّ
المواز خلفا ً لبن رشد . ّ ص عليه ابن كما ن ّ
مم :حادي عشر :نزع الخاتم في التّي ّ
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه - 18ذهب المالكيّة وال ّ
مم نزع خاتمه ليصل التّراب يجب على من يريد التّي ّ
إلى ما تحته عند المسح ،ول يكفي تحريك الخاتم ،
ن التّراب كثيف ل يسري إلى ما تحت الخاتم ل ّ
بخلف الماء في الوضوء .وقال الحنفيّة :يجب
مم أن يستوعب بالمسح وجهه ويديه على المتي ّ
فينزع الخاتم أو يحّركه .
صلة :
ثاني عشر :العبث بالخاتم في ال ّ
صلة ن العبث في ال ّ - 19ذهب الفقهاء إلى أ ّ
ل فعل ليس بمفيد مكروه ،والعبث :هو ك ّ
للمصلّي ،ومنه كّفه لثوبه وعبثه به وبجسده
وبالحصى وبالخاتم ،وتفصيله والخلف فيه ينظر في
صلة عند الكلم عن المكروهات والمبطلت . ال ّ
ثالث عشر :التّختّم في الحرام :
ن
شافعيّة والحنابلة على أ ّ - 20اتّفق الحنفيّة وال ّ
ن التّختّمللمحرم التّختّم بخاتمه حال إحرامه ،ل ّ
ة ،وقد روي عن عبد اللّه بن ليس لبسا ً ول تغطي ً
عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنّه قال :أوثقوا
عليكم نفقاتكم -أي بشد ّ الهميان في الوسط وفيه
خص في الخاتم والهميان للمحرم كيس النّفقة -ور ّ
.وقال المالكيّة :يحرم على الّرجل المحرم لبس
ة زنته درهمان ،وفيه ض ً
الخاتم في الحرام ولو ف ّ
الفدية إن طال .
رابع عشر :زكاة الخاتم :
388
شافعيّة -في الظهر عندهم - - 21اتّفق المالكيّة وال ّ
ن الحلية المباحة -ومنها خاتم والحنابلة على أ ّ
ضة المباح ضة للمرأة ،وخاتم الف ّ الذ ّهب أو الف ّ
للّرجل -ل زكاة فيه ،لنّه مصروف عن جهة النّماء
إلى استعمال مباح ،فأشبه ثياب البذلة وعوامل
الماشية .
شافعيّة : وقال الحنفيّة ،وهو مقابل الظهر عند ال ّ
ضة المباح للّرجل الّزكاة -بشرط في خاتم الف ّ
ضة خلقت ثمنا ً ،فيزكّيها كيف ن الف ّ النّصاب -ل ّ
كانت .وتفصيله في الّزكاة .
شهيد وغيره : خامس عشر :دفن الخاتم مع ال ّ
- 22ينزع عن الميّت قبل دفنه ما عليه من الحلية
ن دفنه مع الميّت إضاعة للمال ، من خاتم وغيره ل ّ
شهيد فقد اتّفق الحنفيّة ما ال ّي عنه .أ ّ وهو منه ّ
شافعيّة والحنابلة على أنّه ينزع عنه عند دفنه وال ّ
ف والمنطقة سلح والفرو والحشو والخ ّ الجلد وال ّ
ل ما ل يعتاد لبسه غالبا ً ،والخاتم مثل والقلنسوة وك ّ
هذه بل أولى ،لحديث ابن عبّاس رضي الله تعالى
عنهما :
ي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ن النّب ّ
«أ ّ
ينزع عنهم الحديد والجلود ،وأن يدفنوا في ثيابهم
شهيد يترك ليكون ن ما يترك على ال ّ بدمائهم » ول ّ
ستر ،والخاتم ل يلبس كفنا ً ،والكفن ما يلبس لل ّ
شهيد ستر فينزع .وقال المالكيّة :ندب دفن ال ّ لل ّ
صهلف ّ ل ثمنها ،وبخاتم ق ّ ف وقلنسوة ومنطقة ق ّ بخ ّ
ص. أي قيمته ،فل ينزع إل ّ أن يكون نفيس الف ّ
===============
صر * تخ ّ
التّعريف :
389
صر في اللّغة معان ،منها :أنّه وضع اليد - 1للتّخ ّ
على الخصر ،ومثله الختصار .والخصر من النسان
:وسطه وهو المستدقّ فوق الوركين ،والجمع
خصور ،مثل فلس وفلوس .والخصران
والخاصرتان :معروفان
صر :أن يضع الّرجل يده على والختصار والتّخ ّ
صلة أو غيرها من التّكاء على خصره في ال ّ
المخصرة ،وهي :ما يتوكّأ عليه من عصا ً ونحوها .
ي صلى الله عليه وسلم « أنّه وفي رواية عن النّب ّ
صرا ً » .
نهى أن يصلّي الّرجل مختصرا ً ومتخ ّ
قيل :هو من المخصرة ،وقيل :معناه أن يصلّي
الّرجل وهو واضع يده على خاصرته ،وجاء في
صلة راحة أهل النّار » الحديث « :الختصار في ال ّ
أي أنّه فعل اليهود في صلتهم .وهم أهل النّار قال
ابن منظور :ليس الّراحة المنسوبة لهل النّار هي
راحتهم في النّار ،إذ ل راحة لهم فيها ،وإنّما هي
راحتهم في صلتهم في الدّنيا .يعني أنّه إذا وضع
ماهم أهل يده على خصره كأنّه استراح بذلك ،وس ّ
ن ذلك راحتهم في النّار . النّار لمصيرهم إليها ،ل ل ّ
صر في الصطلح ل يخرج عن ذلك . وهو :أي التّخ ّ
ي:الحكم الجمال ّ
صلة صر في ال ّ ن التّخ ّ
- 2ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
مكروه ،أي تنزيها ً .
وذهب الحنفيّة إلى أنّه مكروه تحريما ً ،لمنافاته هيئة
ي
صلة المأثورة ،والتّشبّه بالجبابرة ،وقد نهى النّب ّ ال ّ
صلى الله عليه وسلم عن ذلك .روى أبو هريرة
ي صلى الله عليه وسلم « ن النّب ّ رضي الله عنه أ ّ
نهى أن يصلّي الّرجل مختصرا ً » وعنه رضي الله
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن عنه « أ ّ
390
صلة » والمراد وضع اليد على الخصر في ال ّ
الخاصرة .وفي رواية « :نهى أن يصلّي الّرجل
صاد -وهو أن يضع يده على صرا ً » -بتشديد ال ّ متخ ّ
خاصرته -وهو يصلّي -ما لم تكن به حاجة تدعو
إلى وضعها .فإن كان به عذر كمن وضع يده على
خاصرته لوجع في جنبه أو تعب في قيام اللّيل ،
صر ،جاز له ذلك في حدود ما تقتضي به الحاجة فتخ ّ
،ويقدّر ذلك بقدرها .
صرون يوم القيامة على وفيه ورد حديث « :المتخ ّ
وجوههم النّور » .وقال ثعلب :أي المصلّون
باللّيل ،فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم .
سر الحديث بغير ذلك . وتابعه صاحب القاموس فف ّ
ي من طريق سعيد بن زياد وروى أبو داود والنّسائ ّ
يدي
ّ قال « :صلّيت إلى جنب ابن عمر فوضعت
صلب في ما صلّى قال :هذا .ال ّ ي .فل ّعلى خاصرت ّ
صلة ،وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ال ّ
ينهى عنه » .
صلة فقد جاء في تنوير البصار صر خارج ال ّ ما التّخ ّوأ ّ
وشرحه :أنّه مكروه تنزيها ً .
صلة صلة :مكروهات ال ّ لنّه فعل المتكبّرين ( ر :ال ّ
).
صلة على ما الختصار بمعنى التّكاء في ال ّ وأ ّ
المخصرة أو غيرها فقد سبق تفصيل حكمه في
مصطلح ( استناد ) .
التّكاء على المخصرة ونحوها في خطبة الجمعة :
- 3توكّؤ الخطيب على المخصرة في حال خطبة
الجمعة مندوب عند المالكيّة ،وهو أيضا ً من سنن
شافعيّة والحنابلة .ويجعلها بيمينه عند الخطبة عند ال ّ
شافعيّة أن يجعلها في ب عند ال ّ المالكيّة ،ويستح ّ
391
سيف ضرب بال ّ يده اليسرى كعادة من يريد ال ّ
والّرمي بالقوس ،ويشغل يده اليمنى بحرف المنبر
.
شاف القناع من كتب الحنابلة :أن وجاء في ك ّ
ن صاحب الفروع ذكر أنّه يجعلها بإحدى يديه ،إل ّ أ ّ
جه باليسرى ويعتمد بالخرى على حرف المنبر ، يتو ّ
شافعيّة فإن لم يجد شيئا ً يعتمد عليه ،فقد ذكر ال ّ
أنّه يجعل اليمنى على اليسرى أو يرسلهما ول يعبث
بهما .
وذهب الحنفيّة -كما جاء في الفتاوى الهنديّة -إلى
كراهة اتّكاء الخطيب على قوس أو عصا ً في أثناء
الخطبة من يوم الجمعة ،وإنّما يتقلّد الخطيب
ل بلدة فتحت به .ومثل العصا عند سيف في ك ّ ال ّ
سيف ، شافعيّة والحنابلة :القوس وال ّ المالكيّة وال ّ
سيف عند المالكيّة ، والعصا أولى من القوس وال ّ
ي قوس والمراد بالقوس كما جاء في الدّسوق ّ
النّشاب ،وهي القوس العربيّة لطولها واستقامتها ،
ل العجميّة لقصرها وعدم استقامتها .
شافعيّة والحنابلة على ما ذهبوا ل المالكيّة وال ّ واستد ّ
إليه من اتّكاء الخطيب على المخصرة في حال
الخطبة من يوم الجمعة بما رواه أبو داود عن الحكم
ي صلى الله عليه بن حزن :قال « :وفدت على النّب ّ
وسلم فشهدنا معه الجمعة ،فقام متوكّئا ً على
سيف أو قوس أو عصا مختصرا ً » .قال مالك :
مة أصحاب المنابر أن يخطبوا ب للئ ّ ما يستح ّ وذلك م ّ
يوم الجمعة ومعهم العصا ،يتوكّئون عليها في
قيامهم ،وهو الّذي رأينا وسمعنا .
=============
تخطّي الّرقاب*
392
التّعريف :
- 1يقال في اللّغة :تخطّى النّاس واختطاهم أي :
جاوزهم .ويقال :تخطّيت رقاب النّاس إذا
تجاوزتهم .قال ابن المنير :التّفرقة بين اثنين
ي عنها بقوله صلى الله عليه وسلم « :فلم المنه ّ
يفّرِق بين اثنين » تتناول القعود بينهما وإخراج
أحدهما والقعود مكانه .
وقد يطلق على مجّرد التّخطّي .وفي التّخطّي زيادة
رفع رجليه على رءوسهما أو أكتافهما ،وربّما تعلّق
ما في رجليه .ول يخرج في معناه بثيابهما شيء م ّ
ي عن هذا . الصطلح ّ
ي: حكمه الجمال ّ
- 2لتخطّي الّرقاب أحكام تختلف باختلف حالته .
ما أن يكون المتخطّي هو المام أو ففي الجمعة إ ّ
غيره .
فإن كان المتخطّي هو المام ،ولم يكن له طريق
إل ّ أن يتخطّى رقاب النّاس ليصل إلى مكانه ،جاز
له ذلك بغير كراهة ،لنّه موضع حاجة .
ما أن يكون وإن كان غير المام :فعند الحنفيّة :إ ّ
دخوله المسجد قبل أن يشرع المام في الخطبة أو
شروع فيها . بعد ال ّ
فإن كان قبله :فإنّه ل بأس بالتّخطّي إن كان ل يجد
ضرورة ،ما لم يؤذ ة أمامه ،فيتخطّى إليها لل ّ إل ّ فرج ً
بذلك أحدا ً ،لنّه يندب للمسلم أن يتقدّم ويدنو من
المحراب إذا لم يكن أثناء الخطبة ،ليتّسع المكان
لمن يجيء بعده ،وينال فضل القرب من المام .
فإذا لم يفعل الوّل ذلك فقد ضيّع المكان من غير
عذر ،فكان للّذي جاء بعده أن يأخذ ذلك المكان
ن عليهوإن كان دخوله المسجد والمام يخطب :فإ ّ
393
ن مشيه في أن يستقّر في أوّل مكان يجده ،ل ّ
ي عنه ،لقول المسجد وتقدّمه في حالة الخطبة منه ّ
ي صلى الله عليه وسلم « :فلم يفّرق بين اثنين النّب ّ
ة مسلم ،ولم يؤذ أحداً ط َرقَب َ َ» وقوله « :ولم يتخ ّ
» وقوله « للّذي جاء يتخطّى رقاب النّاس :اجلس :
فقد آذيت وآنيت » .
وعند المالكيّة يجوز لداخل المسجد أن يتخطّى
صفوف لفرجة قبل جلوس الخطيب على المنبر ، ال ّ
ول يجوز التّخطّي بعده ولو لفرجة .
شافعيّة على أنّه إن لم يكن ص الحنفيّة وال ّ وقد ن ّ
للدّاخل موضع وبين يديه فرجة ل يصل إليها إلّ
بتخطّي رجل أو رجلين لم يكره له ذلك ،لنّه يسير
.وإن كان بين يديه خلق كثير ،فإن رجا إذا قاموا
صلة أن يتقدّموا جلس حتّى يقوموا ،وإن لم إلى ال ّ
يرج أن يتقدّموا جاز أن يتخطّى ليصل إلى الفرجة ،
لنّه موضع حاجة ،وهذه إحدى الّروايتين عن أحمد ،
ة ل يصل ن للدّاخل إذا رأى فرج ً وفي رواية أخرى أ ّ
إليها إل ّ بالتّخطّي جاز له ذلك .
م بدت له حاجة أو احتاج - 3وإذا جلس في مكان ،ث ّ
الوضوء فله الخروج ولو بالتّخطّي « .قال عقبة :
ي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلّيت وراء النّب ّ
م قام مسرعا ً فتخطّى رقاب النّاس العصر فسلّم ،ث ّ
إلى بعض حجر نسائه ،فقال :ذكرت شيئا ً من تِب ْ ٍ
ر
عندنا ،فكرهت أن يحبسني ،فأمرت بقسمته »
ق به ،م رجع إليه فهو أح ّ فإذا قام من مجلسه ث ّ
ي صلى الله عليه وسلم « :من قام من لقول النّب ّ
م رجع إليه فهو أحقّ به » وحكمه في مجلسه ث ّ
التّخطّي إلى موضعه حكم من رأى بين يديه فرج ً
ة
على نحو ما مّر .
394
صلة ،ولو - 4ويجوز التّخطّي بعد الخطبة وقبل ال ّ
صفوف ولو حال الخطبة لغير فرجة ،كمشي بين ال ّ
سؤال كرهه .قال به المالكيّة .والتّخطّي لل ّ
سائل بين يدي المصلّي ،ول الحنفيّة ،فل يمّر ال ّ
يتخطّى رقاب النّاس ،ول يسأل النّاس إلحافا ً إل ّ إذا
كان لمر ل بد ّ منه .
ويجوز تخطّي رقاب الّذين يجلسون على أبواب
المساجد حيث ل حرمة لهم ،على ما هو المشهور
عند الحنابلة
صلة من مجامع - 5ويكره التّخطّي في غير ال ّ
النّاس بل أذ ًى ،فإن كان فيه أذ ًى حرم .
- 6ويحرم إقامة شخص ،ولو في غير المسجد ،
ليجلس مكانه ،لما روى ابن عمر رضي الله عنهما
ي صلى الله عليه وسلم قال « :ل يقيم ن النّب ّ أ ّ
م يجلس فيه ولكن الّرجل الّرجل من مجلسه ،ث ّ
سعوا » وقال صلى الله عليه سحوا وتو ّ يقول تف ّ
سبَق إلى ما لم يسبق إليه مسلم وسلم « :من َ
فهو له » وكان ابن عمر يكره أن يقوم الّرجل من
م يجلس مكانه .فإن قعد واحد من مجلسه ،ث ّ
النّاس في موضع من المسجد ،ل يجوز لغيره أن
يقيمه حتّى يقعد مكانه ،لما روى مسلم عن أبي
ي صلى الله الّزبير عن جابر رضي الله عنه عن النّب ّ
ن أحدكم أخاه يوم عليه وسلم قال « :ل يقيم ّ
م ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه ،ولكن الجمعة ،ث ّ
يقول :افسحوا » قال تعالى { :يا أيّها الّذين آمنوا
سِححوا يَْف َس ُس فافْ َ حوا في المجال ِ إذا قيل لكم تََف َّ
س ُ
ه لكم } فإن قام رجل وأجلسه مكانه باختياره الل ّ ُ
جاز له أن يجلس .
395
ما صاحب الموضع فإنّه إن كان الموضع الّذي وأ ّ
ينتقل إليه مثل الوّل في سماع كلم المام لم يكره
له ذلك ،وإن كان الموضع الّذي انتقل إليه دون
الّذي كان فيه في القرب من المام كره له ذلك ،
لنّه آثر غيره في القربة ،وفيه تفويت حظّه .
- 7وإذا أمر إنسان إنسانا ً أن يبكّر إلى الجامع فيأخذ
له مكانا ً يقعد فيه ل يكره ،فإذا جاء المر يقوم من
ن ابن سيرين كان يرسل غلمه الموضع ،لما روي أ ّ
إلى مجلس له في يوم الجمعة ،فيجلس له فيه ،
فإذا جاء قام له منه .
===============
تخليل *
التّعريف :
ة يأتي بمعان ،منها :تفريق شعر - 1التّخليل لغ ً
اللّحية وأصابع اليدين والّرجلين ،يقال :خلّل الّرجل
لحيته :إذا أوصل الماء إلى خللها ،وهو البشرة
شعر . الّتي بين ال ّ
شيء ،وهو شيء في خلل ال ّ وأصله من إدخال ال ّ
شخص أسنانه تخليل ً :إذا وسطه .ويقال :خلّل ال ّ
أخرج ما يبقى من المأكول بينها .وخلّلت النّبيذ
تخليل ً :جعلته خل ً .
ويستعمل الفقهاء كلمة التّخليل بهذه المعاني
اللّغويّة .
أحكام التّخليل بأنواعه :
أوّل ً :التّخليل في الطّهارة :
أ -تخليل الصابع في الوضوء والغسل :
- 2إيصال الماء بين أصابع اليدين والّرجلين بالتّخليل
ممات الغسل ،فهو فرض في أو غيره من مت ّ
الوضوء والغسل عند جميع الفقهاء ،لقوله تعالى :
396
حوا { فاغ ْسلُوا وجوهَكم وأ َ
س ُم َق وا ْ
ِ ف
ِ را
َ م
َ ال إلى كم َ يِ د ي ِ
ن}. َ
سكم وأرجلكم إلى الكعبي ِ برءو ِ
ما التّخليل بعد دخول الماء خلل الصابع ،فعند أ ّ
ن
شافعيّة والحنابلة " أ ّ جمهور الفقهاء " الحنفيّة وال ّ
تخليل الصابع في الوضوء سنّة « ،لقوله صلى الله
قيط بن صبرة :أسبغ الوضوء ،وخلّل عليه وسلم لِل َ ِ
بين الصابع » ،وقد صّرح الحنفيّة بأنّه سنّة مؤكّدة ،
ن التّخليل في أصابع الّرجلين آكد ، والحنابلة يرون أ ّ
وعلّلوا استحباب التّخليل بأنّه أبلغ في إزالة الدّرن
والوسخ من بين الصابع .
وذهب المالكيّة في المشهور عندهم إلى وجوب
التّخليل في أصابع اليدين واستحبابه في أصابع
الّرجلين ،وقالوا :إنّما وجب تخليل أصابع اليدين
دون أصابع الّرجلين لعدم شدّة التصاقها ،فأشبهت
العضاء المستقلّة ،بخلف أصابع الّرجلين لشدّة
التصاقها ،فأشبه ما بينها الباطن .وفي القول الخر
عندهم :يجب التّخليل في الّرجلين كاليدين .
ومراد المالكيّة بوجوب التّخليل إيصال الماء للبشرة
بالدّلك .
ن تخليل أصابع اليدين والّرجلين في - 3وكذلك يس ّ
الغسل عند الحنفيّة ،وهو المفهوم من كلم
شافعيّة والحنابلة ،حيث ذكروا في بيان الغسل ال ّ
ضأ
سنن أن يتو ّ الكامل المشتمل على الواجبات وال ّ
كامل ً قبل أن يحثو على رأسه ثلثا ً ،لقوله صلى الله
صلة » وقد ضأ لل ّ ضأ كما يتو ّ م يتو ّ عليه وسلم « :ث ّ
ن تخليل الصابع سنّة عندهم في الوضوء ، سبق أ ّ
فكذلك في الغسل .وذهب المالكيّة في المعتمد
عندهم إلى وجوب تخليل أصابع الّرجلين كأصابع
اليدين في الغسل ،لنّه يتأكّد فيه المبالغة على
397
خلف ما قالوا في الوضوء من استحباب تخليل
أصابع الّرجلين.
مم :ب -تخليل الصابع في التّي ّ
ن مسح الوجه - 4ل خلف بين فقهاء المذاهب في أ ّ
مم ،لقوله تعالى : واليدين فرض في التّي ّ
جوهِكُم وأَيْدِيْكُم منه } . حوا بِو ُ
س ُ
م َ{ فَا ْ
ل الفرض بغير كذلك يجب تعميم واستيعاب مح ّ
خلف بين المذاهب الربعة ،ولهذا صّرحوا بوجوب
سوار إذا كانا ضيّقين يخشى عدم نزع الخاتم وال ّ
ن المالكيّة قالوا وصول الغبار إلى ما تحتهما ،حتّى إ ّ
بوجوب نزع الخاتم ،ولو كان واسعا ً ،وإل ّ كان حائلً
مم إن .وعلى ذلك يجب تخليل أصابع اليدين في التّي ّ
لم يدخل بينها غبار ،أو لم تمسح باتّفاق الفقهاء .
ما تخليل أصابع اليدين بعد مسحهما ،فقد صّرح أ ّ
شافعيّة والحنابلة باستحبابه احتياطا ً ،وهو عند ال ّ
ضربتين ،فإن لم شافعيّة إن فّرق أصابعه في ال ّ ال ّ
يفّرقها فيهما ،أو فّرقها في الولى دون الثّانية وجب
التّخليل .ويفهم من كلم الحنفيّة ما يوافق ما صّرح
شافعيّة والحنابلة ،حيث قيّد الحنفيّة وجوب به ال ّ
التّخليل بعدم وصول الغبار إلى الصابع .
وذهب المالكيّة في الّراجح عندهم إلى أنّه يلزم
تعميم يديه لكوعيه مع تخليل أصابعه مطلقا ً .
كيفيّة تخليل الصابع :
ن تخليل أصابع اليدين شافعيّة بأ ّ - 5صّرح الحنفيّة وال ّ
يكون بالتّشبيك بينهما .
وقال المالكيّة والحنابلة :يدخل أصابع إحداهما بين
أصابع الخرى ،سواء أدخل من الظّاهر أو الباطن ،
ول يكرهون التّشبيك في الوضوء .
398
وقال بعض المالكيّة بكراهة التّشبيك ،مستدلّين
ي صلى ن النّب ّبحديث أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ
ضأ أحدكم في بيته ، الله عليه وسلم قال « :إذا تو ّ
م أتى المسجد ،كان في صلة حتّى يرجع ،فل ث ّ
يفعل هكذا ،وشبّك بين أصابعه » .
ب فيه أن يبدأ ما تخليل أصابع الّرجل ،فيستح ّ أ ّ
بخنصر الّرجل اليمنى ،ويختم بخنصر الّرجل
ل اتّفاق بين اليسرى ليحصل التّيامن ،وهو مح ّ
الفقهاء ،لحديث المستورد بن شدّاد قال « :رأيت
ضأ فخلّل أصابع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تو ّ
ي صلى الله ن النّب ّرجليه بخنصره » ولما ورد « أ ّ
ب التّيامن في وضوئه » إل ّ أ ّ
ن عليه وسلم كان يح ّ
الحنفيّة والحنابلة قالوا :التّخليل يكون بخنصر يده
اليسرى ،لنّها معدّة لزالة الوسخ والدّرن من باطن
شافعيّة :يكون بخنصر رجليه ،لنّه أبلغ .وقال ال ّ
يده اليمنى أو اليسرى .وعند المالكيّة يكون
بسبّابتيه .
شعر : ج -تخليل ال ّ
- 1 -تخليل اللّحية :
- 6اللّحية الخفيفة -وهي الّتي تظهر البشرة تحتها
ول تسترها عن المخاطب -يجب غسل ظاهرها
وإيصال الماء إلى ما تحتها في الوضوء والغسل ،
ول يكفي مجّرد تخليلها بغير خلف ،وذلك لفرضيّة
غسل الوجه بعموم الية في قوله تعالى :
جوهَكم سلُوا و ُ { فَاغ ْ ِ
ما اللّحية الكثيفة -وهي الّتي ل تظهر ...الية } .أ ّ
البشرة تحتها -فيجب غسل ظاهرها ،ولو كانت
ة عند المالكيّة ،وهو المشهور عند مسترسل ً
شافعيّة ،وظاهر مذهب الحنابلة .وعند الحنفيّة - ال ّ
399
شافعيّة ،ورواية عند الحنابلة -أنّه وهو قول آخر لل ّ
ل يجب غسل ما استرسل من اللّحية ،لنّه خارج
عن دائرة الوجه ،فأشبه ما نزل من شعر الّرأس .
ن اللّه تعالى أمر بغسل الوجه ،وهو ما تحصل به ول ّ
المواجهة ،وفي اللّحية الكثيفة تحصل المواجهة
شعر الظّاهر . بال ّ
ما باطنها فل يجب غسله اتّفاقا ً بين فقهاء المذاهب أ ّ
ضأ
البخاري « أنّه صلى الله عليه وسلم تو ّ ّ ،لما روى
ة من ماء فمضمض بها فغسل وجهه ،أخذ غرف ً
ة من ماء فجعل بها هكذا : م أخذ غرف ً واستنشق ،ث ّ
أضافها إلى يده الخرى ،فغسل بها وجهه » وكانت
ة ،وبالغرفة الواحدة ل يصل لحيته الكريمة كثيف ً
الماء إلى باطنها غالبا ً ،ويعسر إيصال الماء إليه .
ن تخليل اللّحية الكثيفة عند الحنفيّة ، -7ويس ّ
شافعيّة والحنابلة ،لما روي عن أنس رضي الله وال ّ
ضأ
ي صلى الله عليه وسلم كان إذا تو ّ ن النّب ّ
عنه « أ ّ
َ
ت حنكِه فخل ّ َ
ل به لحيتَه ،وقال : أخذ كّفا ً من ماءٍ تح َ
هكذا أمرني ربِّي » .
وعند المالكيّة في تخليل شعر اللّحية الكثيفة ثلثة
أقوال :الوجوب ،والكراهة والستحباب ،أظهرها
مق . الكراهة لما في ذلك من التّع ّ
ما في الغسل فل يكفي مجّرد التّخليل ،بل -8أ ّ
يجب إيصال الماء إلى أصول شعر اللّحية ولو كثيف ً
ة
اتّفاقا ً بين المذاهب ،لقوله صلى الله عليه وسلم :
شعر وأنقوا ل شعرة جنابة ،فاغسلوا ال ّ « تحت ك ّ
البشرة » .
شعر ولكي يتأكّد من وصول الماء إلى أصول ال ّ
ويتجنّب السراف قالوا :يدخل المغتسل أصابعه
م يفيض الماء شعر ،ث ّ العشر يروي بها أصول ال ّ
400
ليكون أبعد عن السراف في الماء .ومن عبّر
بوجوب تخليل اللّحية كالمالكيّة ،أراد بذلك أيضاً
شعر .إيصال الماء إلى أصول ال ّ
- 2 -تخليل شعر الّرأس :
- 9اتّفق الفقهاء على أنّه يجب إرواء أصول شعر
شعر خفيفا ً أو الّرأس في الغسل ،سواء كان ال ّ
كثيفا ً ،لما روت « أسماء رضي الله عنها أنّها سألت
ي صلى الله عليه وسلم عن غسل الجنابة فقال النّب ّ
ن ماءَها وسدرتَها فتطهِّر فتحسن :تأخذ إحداك ّ
ب على رأسها فتدلكه ،حتّى تبلغ م تص ّ الطّهور ،ث ّ
ي
م تفيض عليها الماء » ،وعن عل ّ شؤون رأسها ،ث ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال رضي الله عنه عن النّب ّ
« :من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل
م عاديت ي :فمن ث َ َّ
به من النّار كذا وكذا » ،قال عل ّ
شعر شعري " وعلى ذلك فل يجزي مجّرد تخليل ال ّ
في الغسل عند الفقهاء .
وقد صّرح فقهاء المالكيّة بوجوب تخليل شعر
الّرأس ولو كثيفا ً ،للتّأكّد من وصول الماء إلى
أصوله ،حيث قالوا :ويجب تخليل شعر ولو كثيفاً
مه بالماء وضغث مضفوره -أي جمعه وتحريكه -ليع ّ
شافعيّة . ،وهو المعتمد عند ال ّ
شعر بالنّسبة للمحرم وغير ول يختلف حكم ال ّ
ن المحرم يخلّل المحرم عند جمهور الفقهاء ،لك ّ
شعر .وقال الحنفيّة :يكره برفق لئل ّ يتساقط ال ّ
التّخليل للمحرم .
ثانيا ً :تخليل السنان :
سواك سنّة من سنن - 10تنظيف السنان بال ّ
الفطرة ،وينظر تفصيله في مصطلح ( :استياك ) .
401
ما تخليلها بعد الكل بالخلل لخراج ما بينها - 11أ ّ
من الطّعام ،فقد ذكره الفقهاء في آداب الكل .
ب أن يخلّل أسنانه إن ي :يستح ّ ي الحنبل ّقال البهوت ّ
علق بها شيء من الطّعام ،قال في المستوعب :
روي عن ابن عمر رضي الله عنهما :ترك الخلل
يوهن السنان .وروي « :تخلّلوا من الطّعام ،فإنّه
ليس شيء أشد ّ على الملكين أن يريا بين أسنان
صاحبهما طعاما ً وهو يصلّي » .قال الطبّاء :وهو
نافع أيضا ً للّثة ومن تغيّر النّكهة .
ول يخلّل أسنانه في أثناء الطّعام ،بل إذا فرغ .
ومثله ما ذكر في كتب سائر المذاهب .
ما تخلّل به السنان :
سواك وبعده ،ومن أثر ن التّخليل قبل ال ّ - 12يس ّ
الطّعام ،وكون الخلل من عود ،ويكره بالحديد
مان وآس ،ول يخلّل بما ونحوه ،وبعود يضّره كر ّ
ما يضّره ،وكذا ما يجرحه كما يجهله لئل ّ يكون م ّ
صّرح به الفقهاء .
شعر بآلة من الذ ّهب أو ول يجوز تخليل السنان أو ال ّ
ضة ،وهذا باتّفاق المذاهب الربعة ،وتفصيله في الف ّ
مصطلح ( :آنية ) .
واختلفت عبارات الفقهاء في جواز بلع ما يخرج من
شافعيّة والحنابلة ،يلقي ما خلل السنان :فقال ال ّ
أخرجه الخلل ،ويكره أن يبتلعه ،وإن قلعه بلسانه
لم يكره ابتلعه كسائر ما بفمه .وقال المالكيّة :
يجوز بلع ما بين السنان إل ّ لخلطه بدم ،فليس
مجّرد التّغيّر يصيّره نجسا ً خلفا ً لما قيل .
ثالثا ً :تخليل الخمر :
ن الخمر إذا تخلّلت بغير - 13اتّفق الفقهاء على أ ّ
علج ،بأن تغيّرت من المرارة إلى الحموضة وزالت
402
ل حلل طاهر ،لقوله صلى ن ذلك الخ ّ أوصافها ،فإ ّ
ل»، خ ُّ م ال َ ُ
م أو الِدَا ُم الد ْ ُ الله عليه وسلم « :نِعْ َ
ن علّة النّجاسة والتّحريم السكار ،وقد زالت ، ول ّ
والحكم يدور مع علّته وجودا ً وعدما ً .
ل وكذلك إذا تخلّلت بنقلها من شمس إلى ظ ّ
وعكسه عند جمهور الفقهاء :الحنفيّة والمالكيّة وهو
شافعيّة ،وبه قال الحنابلة إذا كان ح عند ال ّ الص ّ
النّقل لغير قصد التّخليل .
- 14واختلفوا في جواز تخليل الخمر بإلقاء شيء
ل والبصل والملح ونحوه .فقال فيها ،كالخ ّ
شافعيّة والحنابلة ،وهو رواية ابن القاسم عن ال ّ
ل تخليل الخمر بالعلج ،ول تطهر مالك :إنّه ل يح ّ
بذلك ،لحديث مسلم عن أنس رضي الله عنه قال :
ي صلى الله عليه وسلم عن الخمرِ تُتَّخذُ ل النّب ُّسئ ِ َ « ُ
خل ً ،قال :ل » .
ي صلى الله عليه وسلم أمر بإهراقها ». ن النّب ّ« ول ّ
ن الخمر نجسة أمر اللّه تعالى باجتنابها ،وما ول ّ
جس بأوّل الملقاة ،وما يكون يلقى في الخمر يتن ّ
نجسا ً ل يفيد الطّهارة .
وصّرح الحنفيّة -وهو الّراجح عند المالكيّة بجواز
تخليل الخمر ،فتصير بعد التّخليل طاهرةً حللً
م
م الِدَا ُ عندهم ،لقوله عليه الصلة والسلم « :نِعْ َ
ن بالتّخليل إزالة ل » فيتناول جميع أنواعها ،ول ّ خ ُّ ال َ
صلح ،والصلح مباح كما الوصف المفسد وإثبات ال ّ
ن الدّباغ يطهّره ،لقوله صلى الله في دبغ الجلد ،فإ ّ
ما إِهَاب دُبِغَ فقد طَهَُر » . َ
عليه وسلم « :أي ُّ َ
وتفصيله في مصطلح ( :خمر ) .
================
تخنّث *
403
التّعريف :
سر ، - 1التّخنّث في اللّغة بمعنى :التّثنّي والتّك ّ
خنَّث .
م َخنَّث الّرجل إذا فعل فعل ال ُ وت َ َ
وخنّث الّرجل كلمه :إذا شبّهه بكلم النّساء ليناً
ة. ورخام ً
والتّخنّث اصطلحا ً كما يؤخذ من تعريف ابن عابدين
ن في بزي النّساء والتّشبّه به ّ ّ للمخنّث :هو التّزيّي
تليين الكلم عن اختيار ،أو الفعل المنكر .وقال
صاحب الدّّر :المخنّث بالفتح من يفعل الّرديء .
سر المتليّن في أعضائه وكلمه ما بالكسر فالمتك ّ وأ ّ
ي أنّه ل فرق بين الفتح وخلقه .ويفهم من القليوب ّ
والكسر في المعنى ،فهو عنده المتشبّه بحركات
النّساء .
ي:الحكم الجمال ّ
- 2يحرم على الّرجال التّخنّث والتّشبّه بالنّساء في
ص بالنّساء ،وكذلك في اللّباس والّزينة الّتي تخت ّ
الكلم والمشي ،لما روي عن ابن عبّاس رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم عنهما أنّه قال « :لعن النّب ّ
جلت من النّساء » وفي المخنّثين من الّرجال والمتر ِّ
رواية أخرى :
« لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المتشبّهين
من الّرجال بالنّساء ،والمتشبّهات من النّساء
ص
بالّرجال » قال ابن حجر في الفتح :والنّهي مخت ّ
ما من كان أصل خلقته ،فإنّما مد ذلك ،وأ ّ بمن تع ّ
يؤمر بتكلّف تركه والدمان على ذلك بالتّدريج ،فإن
م ،ول سيّما إذا بدا منه ما لم يفعل وتمادى دخله الذ ّ ّ
ن
ما إطلق من قال :إ ّ ل على الّرضا به ،وأ ّ يد ّ
م ،فمحمول على ما ة ل يتّجه عليه الذ ّ ّ المخنّث خلق ً
404
سر في المشي إذا لم يقدر على ترك التّثنّي والتّك ّ
والكلم بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك .
إمامة المخنّث :
- 3المخنّث بالخلقة ،وهو من يكون في كلمه لين
ة ،ولم يشتهر بشيء من سر خلق ً وفي أعضائه تك ّ
الفعال الّرديئة ل يعتبر فاسقا ً ،ول يدخله الذ ّ ّ
م
ح إمامته ،لكنّه واللّعنة الواردة في الحاديث ،فتص ّ
يؤمر بتكلّف تركه والدمان على ذلك بالتّدريج ،فإذا
ما المتخلّق لم يقدر على تركه فليس عليه لوم .أ ّ
ن في ة ،والّذي يتشبّه به ّ ة وهيئ ً بخلق النّساء حرك ً
ن ذلك عادة سر العضاء عمدا ً ،فإ ّ تليين الكلم وتك ّ
قبيحة ومعصية ويعتبر فاعلها آثما ً وفاسقا ً .
شافعيّة ،وهو والفاسق تكره إمامته عند الحنفيّة وال ّ
رواية عند المالكيّة .
وقال الحنابلة ،والمالكيّة في رواية أخرى ،ببطلن
إمامة الفاسق ،كما هو مبيّن في مصطلح ( :إمامة
البخاري عن الّزهريّ قوله :ل نرى أن ّ ) .ونقل
يصلّى خلف المخنّث إل ّ من ضرورة ل بد ّ منها .
شهادة المخنّث :
ن المخنّث الّذي ل تقبل شهادته - 4صّرح الحنفيّة أ ّ
مد ذلك سر ،إذا كان يتع ّ هو الّذي في كلمه لين وتك ّ
ما إذا كان في كلمه لين ،وفي تشبّها ً بالنّساء .وأ ّ
ة ،ولم يشتهر بشيء من الفعال سر خلق ً أعضائه تك ّ
شهادة . الّرديئة ،فهو عدل مقبول ال ّ
شافعيّة والحنابلة التّشبّه بالنّساء محّرماً واعتبر ال ّ
مد
ن المراد بالتّشبّه التّع ّ شهادة ،ول يخفى أ ّ ترد ّ به ال ّ
،ل المشابهة الّتي تأتي طبعا ً .
شهادة ،ومن ما ترد ّ به ال ّ واعتبر المالكيّة المجون م ّ
المجون التّخنّث .
405
ة في التّفصيل الّذي وعليه تكون المذاهب متّفق ً
أورده الحنفيّة ،وتفصيله في ( شهادة ) .
نظر المخنّث للنّساء :
- 5المخنّث بالمعنى المتقدّم ،والّذي له أرب في
النّساء ،ل خلف في حرمة اطّلعه على النّساء
ن ،لنّه فحل فاسق -كما قال ابن ونظره إليه ّ
عابدين .
ما إذا كان مخنّثا ً بالخلقة ،ول إرب له في النّساء ، أ ّ
فقد صّرح المالكيّة والحنابلة وبعض الحنفيّة بأنّه
ن
خص بترك مثله مع النّساء ،ول بأس بنظره إليه ّ ير ّ
ل لهم النّظر إلى ،استدلل ً بقوله تعالى فيمن يح ّ
ل للنّساء الظّهور أمامهم متزيّنات ، النّساء ،ويح ّ
ن غَي ْ ِ
ر حيث عد ّ منهم أمثال هؤلء ،وهو { أو التَّابِعي َ
ل }... ُ
جا ِأولي الِْربَةِ من الّرِ َ
ن المخنّث -ولو شافعيّة وأكثر الحنفيّة إلى أ ّ وذهب ال ّ
كان ل إرب له في النّساء -ل يجوز نظره إلى
النّساء ،وحكمه في هذا كالفحل :استدلل ً بحديث
ن». ن هؤلءِ عليك َّ « ل يَدخل َّ
عقوبة المخنّث :
- 6المخنّث بالختيار من غير ارتكاب الفعل القبيح
معصية ل حد ّ فيها ول كّفارة ً ،فعقوبته عقوبة
تعزيريّة تناسب حالة المجرم وشدّة الجرم .وقد
ي صلى الله عليه وسلم عّزر المخنّثين ن النّب ّ ورد « أ ّ
بالنّفي ،فأمر بإخراجهم من المدينة ،وقال :
صحابة من أخرجوهم من بيوتكم » وكذلك فعل ال ّ
ما إن صدر منه مع تخنّثه تمكين الغير من بعده .أ ّ
فعل الفاحشة به ،فقد اختلف في عقوبته ،فذهب
كثير من الفقهاء إلى أنّه تطبّق عليه عقوبة الّزنى .
406
ن عقوبته تعزيريّة قد تصل وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ
إلى القتل أو الحراق أو الّرمي من شاهق جبل مع
صحابة اختلفهم في ن المنقول عن ال ّ التّنكيس ،ل ّ
هذه العقوبة ،ويراجع في هذا مصطلح (:حد ّ عقوبة
،تعزير ،ولواط )
مواطن البحث :
- 7يذكر الفقهاء أحكام التّخنّث في مباحث خيار
العيب إذا كان العبد المبيع مخنّثا ً ،ويذكرونها في
شهادة ،والنّكاح ،والنّظر إلى المرأة الجنبيّة بحث ال ّ
،وفي مسائل اللّباس والّزينة وأبواب الحظر
والباحة ونحوها .
===============
تخيير *
التّعريف :
ة :مصدر خيّر ،يقال خيّرته بين - 1التّخيير لغ ً
شيء : شيئين ،أي :فوّضت إليه الخيار ،وتخيّر ال ّ ال ّ
اختاره ،والختيار :الصطفاء وطلب خير المرين ،
وكذلك التّخيّر .والستخارة :طلب الخيرة في
شيء ،وخار اللّه لك أي :أعطاك ما هو خير لك . ال ّ
والخيرة -بسكون الياء -السم منه .
وفي الصطلح :ل يخرج استعمال الفقهاء لمصطلح
( تخيير ) عن معناه اللّغويّ .
فهو عندهم :تفويض المر إلى اختيار المكلّف في
انتقاء خصلة من خصال معيّنة شرعا ً ،ويوكل إليه
تعيين أحدها ،بشروط معلومة ،كتخييره بين خصال
الكّفارة ،وتخييره بين القصاص والعفو ،وتخييره
في جنس ما يخرج في الّزكاة ،وتخييره في فدية
ج ،وتخييره في التّصّرف في السرى ،وتخييره الح ّ
في حد ّ المحارب ،وغيرها من الحكام .والتّخيير
407
شريعة ويسرها ومراعاتها بهذا دليل على سماحة ال ّ
ما
لمصالح العباد فيما فوّضت إليهم اختياره ،م ّ
ضّر عنهم .يجلب النّفع لهم ويدفع ال ّ
التّخيير عند الصوليّين :
- 2يتكلّم الصوليّون على التّخيير في المباح ،
سع ،والمندوب ،والواجب المخيّر ،والواجب المو ّ
والنّهي على جهة التّخيير ،والّرخصة .وتفصيل ذلك
ي.في الملحق الصول ّ
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -الباحة :
- 3الباحة في اللّغة :الحلل ،يقال :أبحتك
شيء أي :أحللته لك ،والمباح خلف المحظور . ال ّ
وفي اصطلح الفقهاء :الذن بالتيان بالفعل حسب
مشيئة الفاعل في حدود الذن .
ب -التّفويض :
- 4التّفويض مصدر فوّض ،يقال :فوّض إليه
شيئين ،فاختار أحدهما ،ومنه تفويض الختيار بين ال ّ
الّزوج إلى زوجته طلق نفسها أو بقاءها في عصمته
.
أحكام التّخيير :
شريعة السلميّة نبيّنها صة في ال ّ للتّخيير أحكام خا ّ
فيما يلي :
صلة في الوقت أوّل ً :تخيير المصلّي في أداء ال ّ
سع :المو ّ
- 5اتّفق الفقهاء على القول بتخيير المصلّي في
سع ،وهو الوقت الّذي صلة في الوقت المو ّ أداء ال ّ
صلة فيه لختيار المصلّي ،فإن شاء وكّل إيقاع ال ّ
أوقعها في أوّله ،أو في وسطه ،أو في آخره ،ول
إثم عليه فيما يختار .وذهب بعض الفقهاء إلى
408
خر إلى وقت الكراهة في بعض القول بالثم إن أ ّ
صلة ) . الوقات .وتفصيل ذلك في ( أوقات ال ّ
صلة عند الجمهور بأوّل الوقت وجوباً -6وتجب ال ّ
خرها سعا ً ،بمعنى أنّه ل يأثم بتأخيرها .فلو أ ّ مو ّ
عازما ً على فعلها من غير عذر ،فمات في أثناء
الوقت لم يأثم ،لنّه فعل ما يجوز له فعله ،إذ هو
أي جزء من وقتها ، صلة في ّ بالخيار في أداء ال ّ
والموت ليس من فعله ،فل يأثم بالتّخيّر .إل ّ أن
ن الموت ،ولم يؤد ّ حتّى مات ،فإنّه يموت يظ ّ
عاصيا ً .
سع صار ن المو ّ وكذا إذا تخلّف ظنّه فلم يمت ،ل ّ
قه مضيّقا ً ،وانتفى بذلك اختياره . في ح ّ
خرها غير عازم على الفعل أثم بالتّأخير ،وإن فإن أ ّ
خرها بحيث لم يبق من الوقت ما يتّسع لجميع أ ّ
صلة ل تجب صلة أثم أيضا ً .وعند الحنفيّة أ ّ
ن ال ّ ال ّ
في أوّل الوقت على التّعيين ،وإنّما تجب في جزء
من الوقت غير معيّن ،والتّعيين للمصلّي باختياره
من حيث الفعل .
409
الظّهر في الولى منهما حين كان الفيء مثل
ل شيء مثل م صلّى العصر حين كان ك ّ شراك ،ث ّ ال ّ
شمس وأفطر م صلّى المغرب حين وجبت ال ّ ظلّه ،ث ّ
مشفق ،ث ّ م صلّى العشاء حين غاب ال ّ صائم ،ث ّ ال ّ
صلّى الفجر حين برق الفجر وحرم الطّعام على
صائم ،وصلّى المّرة الثّانية الظّهر حين كان ظ ّ
ل ال ّ
م صلّى ل شيء مثله ،لوقت العصر بالمس ،ث ّ ك ّ
م صلّى ل شيء مثليه ،ث ّ لك ّ العصر حين كان ظ ّ
م صلّى العشاء الخرة حين المغرب لوقته الوّل ،ث ّ
صبح حين أسفرت م صلّى ال ّ ذهب ثلث اللّيل ،ث ّ
مد هذا ي جبريل وقال :يا مح ّ م التفت إل ّ الرض ،ث ّ
وقت النبياء من قبلك ،والوقت فيما بين هذين
الوقتين » .
وفي حديث بريدة عن مسلم « :وقت صلتكم بين
ما رأيتم » .
ثانيا ً :التّخيير في نوع ما يجب إخراجه في الّزكاة
ة
ن البقر إذا بلغت مائ ً - 8اتّفق الفقهاء على أ ّ
وعشرين يخيّر في أخذ زكاتها بين ثلث مسنّات أو
ساعي عند المالكيّة أربع تبيعات .والخيار في ذلك لل ّ
شافعيّة والحنابلة ،وللمالك عند الحنفيّة ،وهكذا وال ّ
كلّما أمكن أداء الواجب من التبعة أو المسنّات .
ة وإحدى وعشرين ،فعند ما البل فإذا بلغت مائ ً أ ّ
المالكيّة زكاتها حّقتان أو ثلث بنات لبون ،والخيار
ساعي . فيه لل ّ
ب صنفين ،وكان عند ر ّ ساعي أحد ال ّ فإن اختار ال ّ
صنف الخر أفضل أجزأه ما أخذه المال من ال ّ
ب له إخراج شيء زائد .وعند ساعي ،ول يستح ّ ال ّ
شافعيّة والحنابلة زكاتها ثلث بنات لبون بل تخيير . ال ّ
410
وعند الحنفيّة تستأنف الفريضة ،وتفصيل ذلك في
مصطلح ( زكاة ) .
ة من جنس واحد مت أنواعا ً مختلف ً ما إذا ض ّ
-9أ ّ
م العراب إلى سائمة ،كأن تض ّ لتكميل نصاب ال ّ
ضأني من البل ،والجواميس إلى البقر ،وال ّ البخات ّ
ساعي إلى المعز من الغنم :فعند المالكيّة يخيّر ال ّ
في الخذ من أيّها شاء إذا تساوى النّوعان
المضمومان ،وإذا لم يتساويا أخذ من الكثر إذ
شافعيّة ثلثة أقوال في الحكم للغلب .وعند ال ّ
المذهب :
أحدها :أنّه يؤخذ من الغلب ،فإن استويا يؤخذ من
الغبط للمساكين على المذهب ،وذلك باعتبار
القيمة ،كاجتماع الحقاق وبنات اللّبون .
والقول الثّاني :أنّه يؤخذ من العلى ،كما لو
انقسمت إلى صحاح ومراض .
والقول الثّالث :أنّه يؤخذ من الوسط كما في الثّمار
،وهو مذهب الحنفيّة .
وعند الحنابلة أنّه يؤخذ من أحدهما على قدر قيمة
المالين المزكّيين ،فإذا كان النّوعان سواءً ،وقيمة
المخرج من أحدهما اثنا عشر ،والمخرج من الخر
خمسة عشر ،أخرج من أحدهما ما قيمته ثلثة
عشر ونصف .
- 10فإن اتّفق في نصاب فرضان ،كالمائتين من
البل ،وهي نصاب خمس بنات لبون ونصاب أربع
حقاق ،فيخيّر بينهما ،فإن شاء أخرج أربع حقاق ،
وإن شاء أخرج خمس بنات لبون ،لحديث « :فإذا
كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون »
ل نوع منهما . ،ولنّه وجد ما يقتضي إخراج ك ّ
411
والخيار في هذا للمالك ،وهذا باتّفاق الفقهاء ،
ي في القديم أنّه تجب أربع حقاق ،لنّه إذا شافع ّ ولل ّ
ن ،لم يغيّر بالعدد . س ّ أمكن تغيّر الفرض بال ّ
ثالثا ً :التّخيير في فدية الجناية على الحرام في
ج الح ّ
ن المحرم إذا جنى على - 11اتّفق الفقهاء على أ ّ
إحرامه بأن حلق شعره ،أو قلّم أظفاره ،أو
تطيّب ،أو لبس مخيطا ً ،أنّه تجب عليه الفدية وهي
ما أن يهدي شاةً ، على التّخيير بين خصال ثلث :فإ ّ
أو يطعم ستّة مساكين ،أو يصوم ثلثة أيّام .
وتفصيل موجب الفدية تقدّم في مصطلح :
( إحرام ) .
منْكم ن ِ ن كا َ - 12ودليل ذلك قوله تعالى { :فَ َ
م ْ
ْ َ
صيَام ٍ أو ن ِ
ةم ْ سه فَِفدْي َ ٌن َرأ ِ ضا ً أو به أذ ًى م ْ مرِي ْ ََ
سك } .ولحديث كعب بن عجرة -رضي صدَقَةٍ أو ن ُ َُ
ي صلى الله عليه وسلم قال له ن النّب ّ
الله عنه « -أ ّ
م رأسك ،قال :نعم يا رسول :لعلّك آذاك هوا ّ
اللّه ،فقال صلى الله عليه وسلم :احلق رأسك
ة ،أو أطعم ستّة مساكين ،أو انسك شاةً وصم ثلث ً
».
وقصر الحنفيّة التّخيير في الفدية على أصحاب
ما غير المعذور فيفدي بذبح شاة ،ول العذار ،أ ّ
خيار له في غيرها .ولم يفّرق الجمهور بينهما .
ن الية واردة ودليل الحنفيّة على ما ذهبوا إليه ،أ ّ
سرة في المعذور بدليل حديث كعب بن عجرة المف ّ
للية ،فجاء في رواية « :قال :حملت إلى رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي
،فقال :ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى ،أو ما
كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى .أتجد شاةً ؟ فقلت
412
:ل ،فقال :صم ثلثة أيّام ،أو أطعم ستّة مساكين
ل على أنّه كان ل مسكين نصف صاع » .فد ّ لك ّ
معذورا ً وحملت الية عليه .
ودليل الجمهور ما تقدّم في الية والحديث من
التّخيير بلفظ " أو " .
- 13والحكم ثابت في غير المعذور بطريق التّنبيه
ل كّفارة ثبت التّخيير فيها مع نك ّ تبعا ً للمعذور ،ل ّ
العذر ثبت مع عدمه .
صيد في - 14كما يثبت التّخيير في كّفارة قتل ال ّ
الحرم .
ما أن يهدي ويخيّر فيه قاتله بين ثلث خصال :فإ ّ
مثل ما قتله من النَّعَم لفقراء الحرم ،إن كان ال ّ
صيد
له مثل من البل أو البقر أو الغنم .أو أن يقوّمه
بالمال ،ويقوّم المال طعاما ً ،ويتصدّق بالطّعام
شافعيّة على الفقراء .وهذا مذهب الحنفيّة وال ّ
صيد يقوّم ن ال ّ ما المالكيّة فذهبوا إلى أ ّ والحنابلة ،أ ّ
م اشترى به ابتداءً بالطّعام ،ولو قوّمه بالمال ث ّ
طعاما ً أجزأه .والخصلة الثّالثة الّتي يخيّر فيها قاتل
ل مد ّ من الطّعام يوما ً .ودليل صيد أن يصوم عن ك ّ ال ّ
التّفاق على التّخيير في كّفارة صيد الحرم قوله
م مساكين تعالى { :هَدْيَا ً بَالِغَ الكعبَةِ أو كّفارةٌ طعا ُ
ما ً } و" أو " تفيد التّخيير . ل ذلك صيا َ أو عَد ْ ُ
رابعا ً :من أسلم على أكثر من أربع نسوة :
مد بن شافعيّة والحنابلة والمالكيّة ومح ّ - 15ذهب ال ّ
الحسن إلى تخيير من أسلم وتحته أكثر من أربع
ن
ل له الجمع بينه ّ نسوة ،أو أختان ،أو من ل يح ّ
ن، بنسب أو رضاع ،فيخيّر في إمساك من أراد منه ّ
ل ،أو أن يمسك إحدى بأن يمسك أربعا ً أو أق ّ
من سوى من الختين ،وهكذا .ويفسخ نكاحه م ّ
413
ن .وذلك لحديث قيس بن الحارث قال « : اختاره ّ
ي صلى الله ت وتحتي ثمان نسوة ،فأتيت النّب ّ أسلم ُ
ن
عليه وسلم فذكرت له ذلك ،فقال :اختر منه ّ
ن
ي«:أ ّ مد بن سويد الثّقف ّ أربعا ً » .ولحديث مح ّ
غيلن بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة ،فأسلمن
ي صلى الله عليه وسلم أن يختار معه ،فأمره النّب ّ
ن أربعا ً » .منه ّ
ن الكافر إذا وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أ ّ
أسلم وتحته خمس نسوة فصاعدا ً أو أختان بطل
ن بعقد واحد ،فإن كان تزوجه ّّ ن ،إن كان قد نكاحه ّ
قد رتّب فالخر هو الّذي يبطل .ودليلهم على ما
ن هذه العقود فاسدة ،ولكنّا ل نتعّرض ذهبوا إليه أ ّ
لهم ،لنّا أمرنا بتركهم وما يدينون ،فإذا أسلموا
بطلت النكحة الفاسدة .
ن
- 16ومن أحكام التّخيير في هذا الباب وآثاره :أ ّ
صريح كأن يقول :اخترت الختيار يحصل باللّفظ ال ّ
ن ،كما يحصل بأن نكاح هؤلء ،أو اخترت إمساكه ّ
ن الطّلق ل يكون إل ّ لزوجة .كما ن،ل ّ يطلّق بعضه ّ
ل يتعيّن الربع يحصل إذا وطئها ،وإذا وطئ الك ّ
ن يتعيّن للتّرك . الول للمساك ،وما عداه ّ
نشافعيّة في اعتبار الوطء اختيارا ً ،ل ّ وخالف ال ّ
ح ابتداء النّكاح الختيار رهنا ً كالبتداء ،ول يص ّ
واستدامته إل ّ بالقول .وإذا لم يختر أجبر على
نضرب وغيره ،ل ّ الختيار بالحبس أو بالتّعزير بال ّ
ق عليه ،فألزم بالخروج منه إن امتنع الختيار ح ّ
كسائر الحقوق .
شافعيّة أنّه ل يضرب مع وعن ابن أبي هريرة من ال ّ
الحبس ،بل يشدّد عليه الحبس ،فإن أصّر عّزر ثانياً
وثالثا ً إلى أن يختار .وإذا حبس ل يعّزر على الفور .
414
خر ليفكّر فيتخيّر بعد رويّة وإمعان نظر . فلعلّه يؤ ّ
ومدّة المهال ثلثة أيّام .وليس للحاكم أن يختار
ق لغير معيّن ،وهو اختيار ن الح ّ على الممتنع ،ل ّ
رغبة ،فكان من حقّ الّزوج .
ومن الحكام كذلك :أنّه إذا أسلم بعض زوجاته ،
وليس البواقي كتابيّات ،فينحصر تخييره في
المسلمات فقط ،وليس له أن يختار من لم يسلمن
ن له . ،لعدم حلّه ّ
ن في ومن الحكام أنّه يلزم الّزوج النّفقة لجميعه ّ
ن محبوسات لجله ، مدّة التّخيير إلى أن يختار ،لنّه ّ
ن في حكم الّزوجات . وه ّ
خامسا ً :تخيير الطّفل في الحضانة :
شافعيّة والحنابلة إلى تخيير المحضون - 17ذهب ال ّ
مه إذا تنازعا فيه على ما يأتي من بين أبيه وأ ّ
التّفصيل ،فيلحق بأيّهما اختار .فإن اتّفقا على أن
شافعيّة يكون المحضون عند أحدهما جاز ،وعند ال ّ
يبقى التّخيير وإن أسقط أحدهما حّقه قبل التّخيير -
ي -ول فرق في التّخيير بين خلفا ً للماورديّ والّرويان ّ
الذ ّكر والنثى .
وعند الحنابلة :يخيّر الغلم إذا بلغ سبع سنين
شرع فيها بمخاطبته ن الّتي أمر ال ّ س ّعاقل ً ،لنّها ال ّ
شافعيّة بالتّمييز بأن يأكل وحده ، صلة .وحدّه ال ّ بال ّ
سابعة حدّا ً ،ويشرب وحده ،ولم يعتبروا بلوغه ال ّ
مه ،ول فرق سبع بل تمييز بقي عند أ ّ فلو جاوز ال ّ
في هذا بين الذ ّكر والنثى .وهذا يخالف في ظاهره
صلة إذا بلغ سبع سنين ،وعدم ما ورد من أمره بال ّ
ن
أمره بها قبل أن يبلغها وإن ميّز .والفرق بينهما أ ّ
ة ،فخّفف عنه سبع مشّق ً صلة قبل ال ّ في أمره بال ّ
ن المدار في التّخيير على ذلك .بخلف الحضانة ،ل ّ
415
معرفة ما فيه صلح نفسه وعدمه ،فيقيّد بالتّمييز ،
سبع . وإن لم يجاوز ال ّ
ي إذا
صب ّ وفّرق الحنابلة بين الذ ّكر والنثى ،فيخيّر ال ّ
ما البنت فتكون في حضانة والدها بلغ سبع سنين ،أ ّ
ن البلوغ ،وبعد م لها سبع سنين ،حتّى س ّ إذا ت ّ
البلوغ تكون عند الب أيضا ً إلى الّزفاف وجوبا ً ،ولو
ن الغرض من الحضانة م بحضانتها ،ل ّ تبّرعت ال ّ
الحفظ ،والب أحفظ لها .ولنّها تخطب منه ،
فوجب أن تكون تحت نظره .
سلمة من - 18والتّخيير في الحضانة مشروط بال ّ
الفساد ،فإذا علم أنّه يختار أحدهما ليمكّنه من
الفساد ،ويكره الخر لما سيلزمه به من أدب ،لم
شهوة ، ي على ال ّ يعمل بمقتضى اختياره ،لنّه مبن ّ
فيكون فيه إضاعة له .
كما أنّه مشروط بأن يظهر للحاكم معرفته بأسباب
الختيار .
- 19ودليل التّخيير ما رواه أبو هريرة -رضي الله
ي صلى الله عنه -قال « :جاءت امرأة إلى النّب ّ
ن زوجي يريد أن يذهب عليه وسلم فقالت :إ ّ
بابني ،وقد سقاني من بئر أبي عنبة ونفعني ،فقال
مك ، ي صلى الله عليه وسلم :هذا أبوك وهذه أ ّ النّب ّ
مه ،فانطلقت به » فخذ بيد أيّهما شئت ،فأخذ بيد أ ّ
وما ورد من قضاء عمر بذلك
- 20ومن أحكام التّخيير :أنّه لو امتنع المختار من
كفالة المحضون كفله الخر ،فإن رجع الممتنع منها
م ،خيّر بين أعيد التّخيير .وإن امتنعا أي الب وال ّ
الجد ّ والجدّة ،وإل ّ أجبر عليها من تلزمه نفقته ،لنّها
من جملة الكفالة .
416
ن المميّز الّذي ل أب له - 21ومن أحكامه كذلك أ ّ
م وإن علت وجد ّ وإن عل ،عند فقد من يخيّر بين أ ّ
هو أقرب منه ،أو قيام مانع به لوجود الولدة في
ل.الك ّ
ن المميّز إن اختار أحد - 22ومن أحكامه كذلك أ ّ
م اختار الخر حوّل إليه ،لنّه قد يظهر البوين ،ث ّ
المر على خلف ما ظنّه ،أو يتغيّر حال من اختاره
أوّل ً .
ن سبب اختياره للخر قلّة عقله ، إل ّ إذا ظهر أ ّ
مه وإن بلغ ،كما قبل التّمييز . فيجعل عند أ ّ
ن المحضون إذا اختار - 23ومن الحكام كذلك :أ ّ
ما إذا لم
جح .أ ّأبويه معا ً أقرع بينهما لنتفاء المر ّ
م أولى ،لنّها شافعيّة ال ّيختر واحدا ً منهما ،فعند ال ّ
أشفق واستصحابا ً لما كان عليه .وعند الحنابلة :
يقرع بينهما ،لنّه ل أولويّة حينئذ لحدهما ،وهو قول
شافعيّة .فإذا اختار المحضون غير من قدّم لل ّ
بالقرعة رد ّ إليه ،كما لو اختاره ابتداءً .
ول يخيّر الغلم إذا كان أحد أبويه ليس من أهل
الحضانة ،لنّه غير أهل فيكون وجوده كعدمه ،
ويتعيّن أن يكون الغلم عند الخر .وإن اختار ابن
م ،لحاجته إلى من م زال عقله رد ّ إلى ال ّ سبع أباه ث ّ
صغير ،وبطل اختياره لنّه ل حكم لكلمه يتعهّده كال ّ
.
صغير ما الحنفيّة والمالكيّة فذهبوا إلى أنّه ل خيار لل ّ أ ّ
م أحقّ بهما .وعند الحنفيّة ن ال ّذكرا ً كان أو أنثى ،وأ ّ
مه إلى أن يستغني بنفسه ،بأن ي عند أ ّ صب ّ يبقى ال ّ
يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده ويلبس
وحده .وعند المالكيّة إلى البلوغ في المشهور من
417
نالمذهب ،ويقابل المشهور ما قاله ابن شعبان :إ ّ
أمد الحضانة في الذ ّكر حتّى يبلغ عاقل ً غير زمن .
مها إلى أن ما البنت فعند الحنفيّة تبقى حضانة أ ّ أ ّ
تحيض .وبعد البلوغ تحتاج إلى التّحصين والحفظ
ن البنت مد بن الحسن أ ّ والب فيه أقوى .وعن مح ّ
شهوة ،لتحّقق الحاجة تدفع إلى الب إذا بلغت حد ّ ال ّ
مها إلى ما عند المالكيّة فتبقى عند أ ّ صيانة .أ ّ
إلى ال ّ
أن يدخل بها زوجها ،لنّها تحتاج إلى معرفة آداب
النّساء ،والمرأة على ذلك أقدر .
- 24والعلّة في عدم تخيير المحضون عند الحنفيّة
والمالكيّة هي :قصور عقله الدّاعي إلى قصور
اختياره .فقد يختار من عنده الدّعة والتّخلية بينه
وبين اللّعب ،فل يتحّقق المقصود من الحضانة وهو
النّظر في مصالح المحضون
وما ورد من أحاديث تفيد تخيير الطّفل ،جاء فيها أ ّ
ن
ي صلى الله عليه وسلم أن اختياره كان لدعاء النّب ّ
يهديه إلى الصلح .كما جاء في حديث « رافع بن
سنان أنّه أسلم ،وأبت امرأته أن تسلم فقالت :
ي
ابنتي وهي فطيم ،وقال رافع :ابنتي .فأقعد النّب ّ
ة،ة ،والب ناحي ً م ناحي ً صلى الله عليه وسلم ال ّ
ة وقال لهما :ادعواها فمالت صبيّة ناحي ًوأقعد ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم مها ،فقال النّب ّ صبيّة إلى أ ّ ال ّ
م اهدها " فمالت إلى أبيها فأخذها » . ":اللّه ّ
وجاء في رواية أنّه ابنهما وليست بنتهما ،ولعلّهما
قضيّتان مختلفتان .
كما يحمل ما ورد في تخيير الغلم على أنّه كان
بالغا ً ،بدليل أنّه كان يستسقي من بئر أبي عنبة ،
ومن يكون دون البلوغ ل يرسل إلى البار للخوف
سقوط . عليه من ال ّ
418
سادسا ً :تخيير المام في السرى :
شافعيّة والمالكيّة والحنابلة على تخيير - 25اتّفق ال ّ
إمام المسلمين في أسرى الحرب بين خمس
ما
ما أن يقتلهم ،وإ ّ ما أن يسترقّهم ،وإ ّ خصال :فإ ّ
ما أن يطلب الفدية مقابل أن يأخذ الجزية منهم ،وإ ّ
إعتاقهم سواء بالمال ،أو بمفاداتهم بأسرى
ن المسلمين الّذين في أيدي الكّفار ،وإ ّ
ما أن يم ّ
عليهم فيعتقهم .واستثنى الحنفيّة الخصلتين
ن ،فقالوا بعدم جواز الخيرتين ،وهما الفداء والم ّ
ن ،وعدم جواز المفاداة بالمال في المشهور من الم ّ
ما المفاداة بأسرى المسلمين فل يجوز المذهب ،أ ّ
صاحبين ، في قول لبي حنيفة ،وجائز في قول ال ّ
وهو قول لبي حنيفة كذلك .وفي المسألة تفصيلت
يرجع إليها في بحث ( أسرى ) .
ودليل جواز أخذ الجزية قوله تعالى { :حتّى يُعْطُوا
صاِغُرون } . ة عن يَدٍ وهم َ جْزي َ َ
ال ِ
ن عمر رضي الله عنه فعل ذلك في وكذلك ما جاء أ ّ
سواد . أهل ال ّ
- 26وما تقدّم من تخيير المام في السرى محلّه
صبيان فل خيار ما النّساء وال ّفي الّرجال البالغين ،أ ّ
فيهم ،ول يحكم فيهم إل ّ بالسترقاق ،وحكمهم
حكم سائر أموال الغنيمة .كما في سبايا هوازن
وخيبر وبني المصطلق .وجاء عنه صلى الله عليه
وسلم أنّه « نهى عن قتل النّساء والولدان » .وعند
المالكيّة :للمام الخيرة فيهم بين السترقاق
والفداء - 27 .وتخيير المام بين هذه الخصال مقيّد
بما يظهر له من المصلحة الّراجحة في أحدها ،
فيختار الصلح للمسلمين من بينها .فإن كان السير
ذا قوّة وشوكة فقتله هو المصلحة ،وإن كان ضعيفاً
419
صاحب مال كانت المصلحة في أخذ الفدية منه ،
ن عليه تقريباً من يرجى إسلمه فيم ّ وإن كان م ّ
وتأليفا ً لقلبه على السلم .وإن تردّد نظر المام
ورأيه في اختيار الصلح ،فعند الحنابلة القتل أولى
لما فيه من كفاية شّرهم .
شافعيّة يحبسهم حتّى يظهر له الصلح . وعند ال ّ
فالتّخيير في تصّرف المام في السرى مقيّد
بالمصلحة بخلف التّخيير في خصال الكّفارة ،إذ هو
أي خصلة تخيير مطلق أبيح للحانث بموجبه أن يختار ّ
دون النّظر إلى المصلحة .
ة بعد الجتهاد وتقليب ما إذا اختار المام خصل ً - 28أ ّ
ن المصلحة م ظهر له بالجتهاد أ ّ وجوه المصالح ،ث ّ
في غيرها ،فقد قال ابن حجر في تحفة المحتاج :
الّذي يظهر لي في ذلك تفصيل ل بد ّ منه أوّل ً :فإن
كانت رقّا ً لم يجز له الّرجوع عنها مطلقا ً ،سواء
ن أهل استرقّهم لسبب أم لغير سبب ،وذلك ل ّ
الخمس ملكوهم بمجّرد ضرب الّرقّ ،فلم يملك
إبطاله عليهم إل ّ برضا من دخلوا في ملكهم .وإن
اختار القتل جاز له الّرجوع عنه تغليبا ً لحقن الدّماء ،
كما في جواز رجوع المقّر بالّزنى وسقوط القتل
ن الّرجوع عن قتل السير أولى ،لنّه عنه ،بل إ ّ
ما حد ّ الّزنا ففيه شائبة حقّ محض حقّ للّه تعالى ،أ ّ
ي.آدم ّ
ن أو الفداء ما إذا كان ما اختاره المام أوّل ً هو الم ّ أ ّ
فل يرجع عنه باجتهاد آخر ،لنّه من قبيل نقض
ن الحاكم الجتهاد بالجتهاد من غير موجب ،كما أ ّ
إذا اجتهد في قضيّة فل ينقض اجتهاده باجتهاد آخر .
سبب ، م زال ذلك ال ّ ما إذا اختار أحدهما لسبب ،ث ّ أ ّ
وظهرت المصلحة في اختيار الثّاني لزمه العمل بما
420
أدّاه إليه اجتهاده ثانيا ً ،وليس هذا من قبيل نقض
الجتهاد بالجتهاد ،لنّه انتقال إلى الختيار الثّاني
لزوال موجب الختيار الوّل .ويشترط في
ل على اختيارهما ،ول السترقاق والفداء اللّفظ الدّا ّ
ة.ة صريح ً ل عليه دلل ً يكفي مجّرد الفعل ،لنّه ل يد ّ
ما في غيرهما من الخصال ،فيكفي الفعل لدللته أ ّ
صريحة على اختيارها . ال ّ
سابعا ً :تخيير المام في حد ّ المحارب :
ن حد ّ المحارب شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ - 29ذهب ال ّ
ل جناية عقوبتها ،كما يختلف باختلف الجناية ،فلك ّ
ن الل ّ َ
ه حاربُو َن يُ َ ِ جَزاءُ الّذي َ ما َ في قوله تعالى { :إن َّ َ
قتَّلُوا أو سادَا ً أ ْ
ن يُ َ ض فَ َ الر ِ ن في سعَو َسولَه َوي َ ْوَر ُ
َ َ َ َ
ف أو يُنَْفوا خل ٍ ن ِ جلُهم م ْ صل ّبُوا أو تَُقط ّعَ أيْدِيهِم وأْر ُ يُ َ
خْزيٌ في الدّنيا ولهم في الخرةِ ض ذلك لهم ِ ن الر ِ م ْ
م}. ب عظي ٌ عذا ٌ
ن المام مخيّر في بعض جنايات وذهب الحنفيّة إلى أ ّ
المحارب دون بعضها على تفصيل عندهم .وذهب
ن المام بالخيار في المحارب بين المالكيّة إلى أ ّ
أربعة أمور :
أن يقتله بل صلب ،أو أن يصلبه مع القتل ،أو أن
ينفي الذ ّكر الحّر البالغ العاقل في مكان بعيد
ويسجن حتّى تظهر توبته أو يموت ،أو أن تقطع يده
اليمنى ورجله اليسرى .
ما النّساء فل يصلبن وهذه الربعة في حقّ الّرجال ،أ ّ
ن القتل أو القطع .وتخيير المام ول ينفين ،وحدّه ّ
بين هذه المور يكون على أساس المصلحة .
ثامنا ً :تخيير ملتقط اللّقطة بعد التّعريف بها :
ن الملتقط مخيّر - 30ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ
بين أن يتملّك ما التقطه وينتفع به ،أو يتصدّق به ،
421
ة إلى أن يظهر صاحب اللّقطة أو يحفظه أمان ً
فيدفعها إليه ،وهذا بعد التّعريف بها .وذهب الحنابلة
ن الملتقط يملك ما شافعيّة في قول إلى أ ّ وال ّ
التقطه حتما ً -كالميراث -بمجّرد تمام التّعريف بها ،
على التّفصيل المذكور في مصطلح ( :لقطة ) .
شافعيّة ،وهو قول أبي الخطّاب ح عند ال ّ وفي الص ّ
من الحنابلة :أنّه ل يملك اللّقطة حتّى يختار التّملّك
بلفظ صريح أو كناية مع النّيّة ،وفي وجه آخر عند
شافعيّة :أنّه يملك بمجّرد النّيّة بعد التّعريف . ال ّ
ودليل التّملّك والنتفاع بمجّرد التّعريف ما جاء في
ي رضي الله روايات الحديث عن زيد بن خالد الجهن ّ
ي صلى الله عليه ي النّب ّعنه قال « :جاء أعراب ّ
م
ة،ث ّ ما يلتقطه فقال :عّرفها سن ً وسلم فسأله ع ّ
اعرف عفاصها ووكاءها ،فإن جاء أحد يخبرك بها ،
وإل ّ فاستنفقها » وفي أخرى « :وإل ّ فهي كسبيل
م كلها » وفي لفظ : مالك » وفي لفظ « :ث ّ
« فانتفع بها » وفي لفظ « :فشأنك بها »
ما دليل أنّه ل يتملّك حتّى يختار فما ورد في - 31أ ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّيأ ّ حديث زيد بن خالد الجهن ّ
وسلم قال « :فإن جاء صاحبها وإل ّ فشأنك بها »
فجعله إلى اختياره ،ولنّه تملّك ببدل فاعتبر فيه
اختيار التّملّك كالملك بالبيع .وإنّما جاز للملتقط
ن فيه إيصال ً للحقّ إلى المستح ّ
ق اختيار التّصدّق ،ل ّ
ما أن يكون بإيصال ،وهو واجب بقدر المكان ،فإ ّ
ما أن يكون بإيصال العوض عند العين لصاحبها ،وإ ّ
تعذ ّره ،وهو الثّواب على اعتبار إجازة صاحب
اللّقطة التّصدّق بها .ولهذا كان له الخيار عند
ضمان على صدقة أو الّرجوع بال ّ ظهوره بين إمضاء ال ّ
422
الملتقط .وفي المسألة تفصيلت أخرى تنظر في (
لقطة ) .
تاسعا ً :التّخيير في كّفارة اليمين :
- 32اتّفق الفقهاء على التّخيير في كّفارة اليمين
بين أربع خصال :إطعام عشرة مساكين ،أو
كسوتهم ،أو عتق رقبة ،فإن لم يجد ما يكّفر به
من هذه الثّلثة -بأن عجز عن الطعام والكسوة
والعتق -صام ثلثة أيّام .
فهي كّفارة على التّخيير في الثّلثة الولى ،وعلى
التّرتيب بينها وبين الخصلة الّرابعة .والصل في
خذ ُكُم التّخيير في كّفارة اليمين قوله تعالى { :ل يُؤَا ِ
َ َ
ما عََّقدْتُم خذ ُكُم ب ِ َ ن يُؤَا ِ مانِكُم ولك ْ ه بِالل ّغْوِ في أي ْ َ الل ّ ُ
شرة مساكين م َ َ
طس ِ ن أ ْو َ ِ ْ م عَ َ َ ِ َ َ ِ ن فَكََّفاَرتُه إِطْعَا ُ ما َ الي ْ َ
ما تطْعِمو َ
حرِيُر َرقَبَةٍ . سوَتُهم أو ت َ ْ ن أهْلِيكُم أو ك ِ ْ ُ َ ُ
َ
مانِكُم إذا م ثَلثَةِ أيَّام ٍ ذلك كََّفاَرةُ أي ْ َ صيَا ُ جد ْ فَ ِن لم ي َ ِ م ْ فَ َ
فتم واحَفظُوا أ َ
ه لكم آياتِه ن الل ّ ُ ُ ّ ِ يَ بُ ي كذلك م ُ كِ مانَ ْ ي ْ حل َ ْ ُ
َ
َ
شكُُرون } . لعل ّكُم ت َ ْ
ن للمكّفر أن والمقصود بالتّخيير في كّفارة اليمين أ ّ
يأتي بأيّ خصلة شاء ،وأن ينتقل عنها إلى غيرها
بحسب ما يراه ويميل إليه وما يراه السهل في
ن اللّه سبحانه وتعالى ما خيّره إل ّ لطفا ً به حّقه ،فإ ّ
.وهذا ما يفترق به التّخيير في كّفارة اليمين عن
التّخيير في حد ّ المحارب والتّصّرف بالسرى حيث
قيّدا بالمصلحة .
عاشرا ً :التّخيير بين القصاص والدّية والعفو :
ي الدّم مخيّر في ن ول ّ
- 33أجمع الفقهاء على أ ّ
ما أن الجناية على النّفس بين ثلث خصال :فإ ّ
ص من القاتل ،أو يعفو عنه إلى الدّية أو بعضها ، يقت ّ
423
أو أن يصالحه على مال مقابل العفو ،أو يعفو عنه
مطلقا ً .
منُوا كُت ِ َ
ب نآ َ ودليل ذلك قوله تعالى { :يا أيُّها الّذِي َ
حّرِ والعَبْد ُ بالعَبْدِ حُّر بال ُ قتْلَى ال ُ ص في ال َ صا ُ عليكم الِق َ
شيءٌ فَاتِّبَا ٌ
ع خيه َ َ
نأ ِ م له ي ف ُ ع ن م َ ف ى َ ث والُنْثَى بال ُ
ن
ْ َ ِ ْ َ ْ
ُ
ن َربِّكم َ
فم ْ في ْ ٌ
خ ِ ن ذلك ت َ ْ سا ٍ
ح َف وأدَاءٌ إليه بِإ ِ ْ معُْرو ِ بِال َ
مة } الية ،وقوله تعالى { :وكَتَبْنَا عليهم فيها ح َ َوَر ْ
صصا ٌ ح قِ َجُرو َ س } إلى قوله { وال ُ َ
س بالن ّْف ِ ن النَّْف َ أ َ َّ
صدَّقَ به فهو كََّفاَرة ٌ له } الية :أي كّفارة ن تَ َ م ْ فَ َ
للعافي بصدقته على الجاني .وفي الحديث عن أبي
ي صلى الله عليه هريرة رضي الله عنه عن النّب ّ
ل فهو بخير النَّظََرين : ل له قتي ٌ وسلم قال « :من قُت ِ َ
ما أن يقاد » ما أن يودي ،وإ ّ إ ّ
وعن أنس -رضي الله عنه -قال « :ما رأيت
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء
نفيه قصاص إل ّ أمر فيه بالعفو » .وفي الحديث أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال : النّب ّ
« إنّكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا الّرجل من
هذيل ،وإنّي عاقله ،فمن قتل له قتيل بعد اليوم
ما أن يقتلوا ،أو يأخذوا العقل فأهله بين خيرتين :إ ّ
».
ي الدّم في أخذ واختلف الفقهاء في توقّف تخيير ول ّ
الدّية على رضا الجاني .
فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل يجوز أن يعفو
ي الدّم إلى الدّية إل ّ برضا الجاني ،وأنّه ليس ول ّ
ي الدّم جبر الجاني على دفع الدّية إذا سلّم لول ّ
شافعيّة في الظهر ، نفسه للقصاص .وذهب ال ّ
ن موجب القتل العمد والحنابلة في المعتمد إلى أ ّ
ن الدّية بدل عنه عند سقوطه .فإذا هو القود ،وأ ّ
424
عفا عن القصاص واختار الدّية وجبت دون توقّف
على رضا الجاني .وهو قول أشهب من المالكيّة .
شافعيّة ،وهو رواية عند الحنابلة وفي قول آخر لل ّ
ن موجب القتل العمد هو القصاص أو الدّية أحدهما أ ّ
ي الدّم في تعيين أحدهما . ل بعينه ،ويتخيّر ول ّ
ما دليل الحنفيّة والمالكيّة فيما ذهبوا إليه فهو - 34أ ّ
ما ورد من نصوص توجب القصاص ،كقوله تعالى :
ص في صا ُ ب عليكم الِق َ منُوا كُت ِ َ نآ َ{ يا أيُّها الّذي َ
ما يعيّن القصاص .فهو إخبار عن كون قتْلى } م ّ ال َ
ن الدّية القصاص هو الواجب ،وهذا يبطل القول بأ ّ
ما كان القتل ل يقابل بالجمع بين واجبة كذلك .ول ّ
ي، القصاص والدّية ،كان القصاص هو عين حقّ الول ّ
والدّية بدل حّقه ،وليس لصاحب الحقّ أن يعدل من
ق، عين الحقّ إلى بدله من غير رضا من عليه الح ّ
ولهذا ل يجوز اختيار الدّية من غير رضا القاتل .
شافعيّة والحنابلة فهو ما تقدّم من أدلّة ما دليل ال ّ وأ ّ
جواز العفو إلى الدّية ،وقوله تعالى :
فمعُْرو ِ شيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِال َخيه َ نأ ِ ي له م ْ ن عُِف َ { فَ َ
م ْ
ن } فأوجب سبحانه على القاتل َ
سا ٍح َ وأدَاءٌ إليه بِإ ِ ْ
ي مطلقا ً عن شرط الّرضا ،دفعاً أداء الدّية إلى الول ّ
للهلك عن نفسه .
ما كان المقصود من تشريع القصاص والدّية هو ول ّ
الّزجر ،فكان ينبغي الجمع بينهما ،كما في شرب
ن الدّية بدل ي ،إل ّ أنّه تعذ ّر الجمع ،ل ّ م ّخمر الذ ّ ّ
النّفس ،وفي القصاص معنى البدليّة كما في قوله
س } والباء تفيد البدليّة ، َ ن النَّْف َ تعالى { :أ َّ
س بالن ّْف ِ
فيؤدّي إلى الجمع بين البدلين ،وهو غير جائز ،
ي الدّم بينهما . فخيّر ول ّ
==================
425
تداخل *
التّعريف :
- 1التّداخل في اللّغة :تشابه المور والتباسها
ودخول بعضها في بعض .
وفي الصطلح :دخول شيء في شيء آخر بل
زيادة حجم ومقدار .وتداخل العددين أن يعد ّ أقلّهما
الكثر ،أي يفنيه ،مثل ثلثة وتسعة .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
أ -الندراج :
- 2الندراج مصدر اندرج ،ومن معانيه في اللّغة :
النقراض .ويستعمله الفقهاء بمعنى دخول أمر في
م منه ،كالحدث الصغر مع الجنابة في أمر آخر أع ّ
الطّهارة .
ب -التّباين :
- 3معنى التّباين في اللّغة :التّهاجر والتّباعد .وفي
شيئين إلى ما إذا نسب أحد ال ّ الصطلح :عبارة ع ّ
ما صدق عليه الخر لم يصدق أحدهما على شيء م ّ
الخر ،فإن لم يتصادقا على شيء أصل ً فبينهما
ي ،وإن صدقا في الجملة فبينهما التّباين التّباين الكل ّ ّ
ي .كالحيوان والبيض وبينهما العموم من وجه الجزئ ّ
.والفرق بينه وبين التّداخل واضح ،إذ التّداخل إنّما
ما التّباين
يكون في المور المتشابهة والمتقاربة ،أ ّ
فيكون في المور المتفاوتة كلّيّا ً أو جزئيّا ً .
ج -التّماثل :
- 4التّماثل :مصدر تماثل ،ومادّة مثل في اللّغة
شيء وذاته. شبه ،وبمعنى نفس ال ّ تأتي بمعنى ال ّ
والفقهاء يستعملون التّماثل بمعنى التّساوي ،كما
في تماثل العددين في مسائل الرث.
د -التّوافق :
426
- 5معنى التّوافق في اللّغة :التّفاق والتّظاهر .
وتوافق العددين :أل ّ يعد ّ أقلّهما الكثر ،ولكن
يعدّهما عدد ثالث ،كالثّمانية مع العشرين ،يعدّهما
ن العدد العادّ أربعة ،فهما متوافقان بالّربع ،ل ّ
مخرج لجزء الوفق .
ل التّداخل : مح ّ
ما أن يكون في ن التّداخل :إ ّ - 6ذكر الحنفيّة أ ّ
ما أن يكون في الحكام .والليق السباب :وإ ّ
بالعبادات الوّل ،وبالعقوبات الثّاني ،وذلك ما جاء
ن التّداخل في العبادات إذا كان في في العناية :أ ّ
ة على تعدّدها سبب كانت السباب باقي ً الحكم دون ال ّ
سبب الموجب للعبادة بدون ،فيلزم وجود ال ّ
العبادة ،وفي ذلك ترك الحتياط فيما يجب فيه
الحتياط ،فقلنا بتداخل السباب فيها ليكون جميعها
بمنزلة سبب واحد ترتّب عليه حكمه إذا وجد دليل
ما العقوبات فليس الجمع وهو اتّحاد المجلس ،وأ ّ
ما يحتاط فيها ،بل في درئها احتياط فيجعل م ّ
التّداخل في الحكم ،ليكون عدم الحكم مع وجود
الموجب مضافا ً إلى عفو اللّه وكرمه ،فإنّه هو
الموصوف بسبوغ العفو وكمال الكرم .
وفائدة ذلك تظهر فيما لو تل آية سجدة في مكان
م تلها فيه مّرات فإنّه يكفيه تلك فسجدها ،ث ّ
سبب الواقعة أوّل ً ،إذ لو لم يكن التّداخل في ال ّ
سجدة سببا ً ،وحكمه قد لكانت التّلوة الّتي بعد ال ّ
ما في العقوبات :فإنّه لو تقدّم ،وذلك ل يجوز .وأ ّ
ن عليه ة قبل أن يحد ّ الولى ،فإ ّ م زنى ثاني ً زنى ،ث ّ
م زنى فإنّه حدّا ً واحدا ً ،بخلف ما لو زنى فحد ّ ،ث ّ
يحد ّ ثانيا ً .
427
ن التّداخل محلّه وذكر صاحب الفروق من المالكيّة أ ّ
السباب ل الحكام ،ولم يفّرق في ذلك بين
صيام والكّفارات صلة وال ّ الطّهارات والعبادات ،كال ّ
والحدود والموال .
ن الحدود المتماثلة إن اختلفت أسبابها بل ذكر أ ّ
كالقذف وشرب الخمر ،أو تماثلت كالّزنى مراراً
شرب مرارا ً قبل إقامة الحد ّ عليه سرقة مرارا ً وال ّ وال ّ
ن تكّررها ،فإنّها من أولى السباب بالتّداخل ،ل ّ
ما ذكره الحنابلة في الطّهارات مهلك .ويظهر م ّ
صيام ،فيما لو تكّرر منه الجماع في يوم وكّفارة ال ّ
واحد قبل التّكفير ،وفي الحدود إن كانت من جنس
ن التّداخل عندهم أيضا ً إنّما يكون واحد أو أجناس أ ّ
في السباب دون الحكام .
ن
ي في المنثور أ ّ ما ذكره الّزركش ّ هذا ويظهر م ّ
التّداخل إنّما يكون في الحكام دون السباب ،ول
فرق في ذلك بين العبادات والعقوبات والتلفات .
آثار التّداخل الفقهيّة ومواطنه :
ن التّداخل وقع في ي في الفروق أ ّ - 7ذكر القراف ّ
شريعة في ستّة أبواب ،وهي الطّهارات ال ّ
صيام والكّفارات والحدود والموال . صلوات وال ّ وال ّ
ي في المنثور أنّه يدخل في ضروب ، وذكر الّزركش ّ
وهي :العبادات والعقوبات والتلفات .وذكر
ي وابن نجيم أنّه إذا اجتمع أمران من جنس سيوط ّ ال ّ
واحد ،ولم يختلف مقصودهما ،دخل أحدهما في
الخر غالبا ً ،كالحدث مع الجنابة .هذا والتّداخل
ج،
صوم والح ّ صلة وال ّ يذكره الفقهاء في الطّهارة وال ّ
والفدية والكّفارة والعدد ،والجناية على النّفس
والطراف والدّيات ،والحدود والجزية ،وفي
حساب المواريث .وبيان ذلك فيما يلي :
428
أوّل ً -الطّهارات :
ن من سنن الغسل : - 8ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
ي صلى الله عليه الوضوء قبله ،لنّه صفة غسل النّب ّ
وسلم كما في حديث عائشة وميمونة رضي الله
ن
ص حديث عائشة رضي الله عنها « أ ّ عنهما ون ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من النّب ّ
م يفرغ بيمينه على الجنابة يبدأ فيغسل يديه ،ث ّ
صلة ، ضأ وضوءه لل ّ م يتو ّ شماله فيغسل فرجه ،ث ّ
شعر ، م يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول ال ّ ث ّ
حتّى إذا رأى أن قد استبرأ ،حفن على رأسه ثلث
م غسل م أفاض على سائر جسده ،ث ّ حثيات ،ث ّ
رجليه » .
ما الجزاء فيرى الحنفيّة سنّة .أ ّ
هذا عن تحصيل ال ّ
ن الطّهارات كالوضوء والغسل إذا والمالكيّة أ ّ
تكّررت أسبابهما المختلفة كالحيض والجنابة ،أو
ن تلك المتماثلة كالجنابتين ،والملمستين ،فإ ّ
السباب تتداخل ،فيكفي في الجنابتين ،أو في
الحيض والجنابة ،أو في الجنابة والملمسة غسل
واحد ،ل يحتاج بعده إلى وضوء ،لندراج سببه في
ي في سبب الموجب للغسل .وذكر الّزركش ّ ال ّ
ن الفعلين في العبادات ،إن كانا في واجب المنثور أ ّ
ولم يختلفا في القصد ،تداخل ،كغسل الحيض مع
م حاضت ،كفى لهما غسل الجنابة ،فإذا أجنبت ث ّ
واحد .
شافعيّة والحنابلة في تداخل الوضوء هذا وقد ذكر ال ّ
م أجنب أو والغسل إذا وجبا عليه -كما لو أحدث ث ّ
شافعيّة بأوّلها ، عكسه -أربعة أوجه ،انفرد ال ّ
واتّفقوا مع الحنابلة في الباقي .أحدهما ،وهو
شافعيّة ،وقد انفردوا فيه عن المذهب عند ال ّ
429
ن ابن تيميّة اختاره :أنّه يكفيه الغسل ، الحنابلة ،لك ّ
ة
نوى الوضوء معه أو لم ينوه ،غسل العضاء مرتّب ً
أم ل ،لنّهما طهارتان ،فتداخلتا .
والثّاني ،وذهب إليه أيضا ً الحنابلة في إحدى
الّروايات عن أحمد ،وهو من مفردات المذهب
عندهم :أنّه يجب عليه الوضوء والغسل ،لنّهما
حّقان مختلفان يجبان بسببين مختلفين ،فلم يدخل
سرقة ،فإن نوى أحدهما في الخر كحد ّ الّزنى وال ّ
الوضوء دون الغسل أو عكسه ،فليس له غير ما
نوى .
الثّالث ،واختاره أيضا ً أبو بكر من الحنابلة ،وقطع
به في المبهج :أنّه يأتي بخصائص الوضوء ،بأن
م يغسل سائر البدن ،لنّهما متّفقان ضأ مرتّبا ً ،ث ّ
يتو ّ
في الغسل ومختلفان في التّرتيب ،فما اتّفقا فيه
تداخل ،وما اختلفا فيه لم يتداخل .
ي من الّرابع ،وهو ما حكاه أبو حاتم القزوين ّ
شافعيّة ،وهو المذهب مطلقا ً عند الحنابلة ،وعليه ال ّ
جماهير أصحابهم ،وقطع به كثير منهم :أنّهما
يتداخلن في الفعال دون النّيّة ،لنّهما عبادتان
صغرى في متجانستان صغرى وكبرى ،فدخلت ال ّ
ج والعمرة .هذا الكبرى في الفعال دون النّيّة ،كالح ّ
ينوري في وجه حكاه : ّ ،وجاء في النصاف عن الد ّ
م أجنب فل تداخل ،وجاء فيه أيضاً أنّه إن أحدث ث ّ
م أحدث يكفيه م أجنب ،أو أجنب ث ّ ن من أحدث ث ّ أ ّ
شافعيّة ح ،وهو مماثل لما حكاه ال ّ الغسل على الص ّ
في الوجه الوّل .
صلة وله أمثلة : ثانيا ً :التّداخل في ال ّ
أ -تداخل تحيّة المسجد وصلة الفرض :
430
ي في - 9ذكر ابن نجيم في الشباه ،والقراف ّ
ن تحيّة المسجد تدخل في صلة الفرض الفروق :أ ّ
ن سبب التّحيّة هو دخول مع تعدّد سببهما ،فإ ّ
المسجد ،وسبب الظّهر مثل ً هو الّزوال ،فيقوم
سبب الّزوال مقام سبب الدّخول ،فيكتفي به .
ن التّداخل في ي في المنثور أ ّ وذكر الّزركش ّ
العبادات إن كان في مسنون ،وكان ذلك المسنون
من جنس المفعول ،دخل تحته ،كتحيّة المسجد مع
صلة الفرض .
ن تحيّة المسجد تدخل في وذهب الحنابلة إلى أ ّ
سنّة الّراتبة . الفرض وال ّ
سهو :ب -تداخل سجود ال ّ
- 10جاء صريحا ً في حاشية ابن عابدين -من كتب
الحنفيّة -فيمن تكّرر سهوه بحيث أدّى ذلك إلى
صلة ،فإنّه ل يلزمه إلّ ترك جميع واجبات ال ّ
سجدتان .
وقريب من ذلك ما جاء في المدوّنة من كتب
المالكيّة فيمن نسي تكبيرة ً أو تكبيرتين ،أو نسي "
سمع اللّه لمن حمده " مّرة ً أو مّرتين ،أو نسي
التّشهّد أو التّشهّدين .
ن
شافعيّة أ ّ وجاء في المنثور والشباه من كتب ال ّ
صلة تتداخل لتّحاد الجنس ،فسجود جبرانات ال ّ
ن القصد بسجود سهو وإن تعدّد سجدتان ،ل ّ ال ّ
سجدتين شيطان ،وقد حصل بال ّ سهو إرغام أنف ال ّ ال ّ
صلة ،بخلف جبرانات الحرام فل تتداخل ، آخر ال ّ
ن القصد جبر النّسك وهو ل يحصل إل ّ بالتّعدّد . ل ّ
وقال صاحب المغني :إذا سها سهوين أو أكثر من
جنس كفاه سجدتان للجميع ،ل نعلم أحدا ً خالف
سهو من جنسين ،فكذلك ،حكاه فيه .وإن كان ال ّ
431
ابن المنذر قول ً لحمد ،وهو قول أكثر أهل العلم ،
ي
شافع ّ ي والثّوريّ ومالك واللّيث وال ّ منهم :النّخع ّ
وأصحاب الّرأي .وذكر أبو بكر من الحنابلة فيه
وجهين :أحدهما :ما ذكرنا .والثّاني :يسجد
ي وابن أبي حازم وعبد سجودين ،قال الوزاع ّ
العزيز بن أبي سلمة :إذا كان عليه سجودان ،
سلم ،والخر بعده سجدهما في أحدهما قبل ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم « : محلّيهما ،لقول النّب ّ
ل واحد ل سهو سجدتان » .وهذان سهوان ،فلك ّ لك ّ
ل سهو يقتضي سجودا ً ، نك ّ منهما سجدتان ،ول ّ
وإنّما تداخل في الجنس الواحد لتّفاقهما ،وهذان
مختلفان.
ج -التّداخل في سجود التّلوة :
ن سجدة التّلوة مبناها على - 11ذكر الحنفيّة أ ّ
التّداخل دفعا ً للحرج .
سبب دون الحكم ،لنّها والتّداخل فيها تداخل في ال ّ
ما بعدها ،ول ما قبلها وع ّ عبادة ،فتنوب الواحدة ع ّ
يتكّرر وجوبها إل ّ باختلف المجلس أو اختلف التّلوة
ة واحدةً في سماع ،فمن تل آي ً ( أي الية ) أو ال ّ
مجلس واحد مرارا ً تكفيه سجدة واحدة وأداء
سجدة بعد القراءة الولى أولى .والصل في ذلك ال ّ
ن جبريل عليه السلم كان ينزل بالوحي ما روي « أ ّ
سجدة على رسول اللّه صلى الله عليه فيقرأ آية ال ّ
وسلم ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يسمع
م يقرأ على أصحابه ،وكان ل يسجد إلّ ويتلّقن ،ث ّ
مّرة ً واحدةً » .
م دخل في صلة فسجد ،ث ّ وإن تلها في غير ال ّ
صلة فتلها فيها ،سجد أخرى .ولو لم يسجد أوّلً ال ّ
صلتيّة أقوى من غيرها ، ن ال ّ كفته واحدة ،ل ّ
432
فتستتبع غيرها وإن اختلف المجلس .ولو لم يسجد
ح. صلة سقطتا في الص ّ في ال ّ
ما المالكيّة فقاعدة المذهب عندهم تكرير سجدة وأ ّ
التّلوة ،إن كّرر حزبا ً فيه سجدةً ،ول تكفيه
سجود ،سجدة الولى ،لوجود المقتضي لل ّ ال ّ
باستثناء المعلّم والمتعلّم فقط عند المام مالك
المازري ،خلفا ً لصبغ وابن
ّ وابن القاسم ،واختاره
سجود عليهما ول في عبد الحكم القائلين بعدم ال ّ
أوّل مّرة .
ي إذا حصل ل الخلف كما في حاشية الدّسوق ّ ومح ّ
ما قارئ القرآن التّكرير لحزب فيه سجدة ،وأ ّ
صلة بتمامه فإنّه يسجد جميع سجداته في غير ال ّ
صلة ،حتّى لو قرأه كلّه في ركعة واحدة ، وفي ال ّ
سواء أكان معلّما ً أم متعلّما ً اتّفاقا ً .وجاء في
شافعيّة :أنّه إذا قرأ آيات الّروضة وغيرها من كتب ال ّ
ل واحدة ، سجدات في مكان واحد ،سجد لك ّ ال ّ
ومثل ذلك قراءته الية الواحدة في مجلسين .فلو
كّرر الية الواحدة في المجلس الواحد نظر ،إن لم
يسجد للمّرة الولى كفاه سجود واحد ،وإن سجد
حها يسجد مّرةً أخرى لتجدّد للولى فثلثة أوجه :أص ّ
سبب ،والثّاني تكفيه الولى ،والثّالث إن طال ال ّ
الفصل سجد أخرى ،وإل ّ فتكفيه الولى .ولو كّرر
صلة ،فإن كان في ركعة الية الواحدة في ال ّ
فكالمجلس الواحد ،وإن كان في ركعتين
صلة ،ومّرةً فكالمجلسين .ولو قرأ مّرة ً في ال ّ
خارجها في المجلس الواحد وسجد للولى ،فلم ير
صا ً للصحاب ،وإطلقهم يقتضي طرد ووي فيه ن ّ
ّ الن ّ
الخلف فيه .
433
ن سجود التّلوة يتكّرر وتذكر كتب الحنابلة أيضا ً أ ّ
بتكّرر التّلوة ،حتّى في طواف مع قصر فصل .
وذكر صاحب النصاف وجهين في إعادة سجود من
جه في تحيّة المسجد إن قرأ بعد سجوده ،وكذا يتو ّ
تكّرر دخوله
م قرأها وقال ابن تميم :وإن قرأ سجدةً فسجد ،ث ّ
سجود ،فهل يعيد في الحال مّرةً أخرى ،ل لجل ال ّ
سجود ؟ على وجهين .وقال القاضي في تخريجه ال ّ
م صلّى فقرأها فيها أعاد صلة ث ّ :إن سجد في غير ال ّ
م قرأها في غير سجود ،وإن سجد في صلة ث ّ ال ّ
صلة لم يسجد .وقال :إذا قرأ سجدةً في ركعة
سجود ، م قرأها في الثّانية ،فقيل يعيد ال ّ فسجد ،ث ّ
وقيل ل .
ثالثا ً :تداخل صوم رمضان وصوم العتكاف :
- 12من المقّرر عند المالكيّة والحنفيّة ،وفي رواية
حة العتكاف مطلقا ً ، صوم لص ّ عن أحمد اشتراط ال ّ
ن صوم العتكاف يأ ّوبنا ًء على ذلك ذكر القراف ّ
ن العتكاف سبب يدخل في صوم رمضان ،وذلك ل ّ
صوم ،ورؤية هلل رمضان هي سبب جه المر بال ّ لتو ّ
سبب الّذي هو جه المر بصوم رمضان ،فيدخل ال ّ تو ّ
سبب الخر وهو رؤية الهلل فيكتفي العتكاف في ال ّ
به ويتداخل العتكاف ورؤية الهلل .
سعي للقارن : رابعا ً :تداخل الطّواف وال ّ
شافعيّة والمام أحمد فيما - 13ذهب المالكيّة وال ّ
ج والعمرة في ن من قرن بين الح ّ اشتهر عنه إلى أ ّ
إحرام واحد ،فإنّه يطوف لهما طوافا ً واحدا ً ،
ويسعى لهما سعيا ً واحدا ً ،وهو قول ابن عمر وجابر
بن عبد اللّه رضي الله عنهم ،وبه قال عطاء بن
أبي رباح والحسن ومجاهد وطاوس وإسحاق وأبو
434
ثور ،لحديث عائشة رضي الله عنها قالت « :
خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في
جة الوداع فأهللنا بعمرة . » ...الحديث .وفيه : ح ّ
ج والعمرة فإنّما طافوا ما الّذين جمعوا بين الح ّ « وأ ّ
ج والعمرة عبادتان من ن الح ّ طوافا ً واحدا ً » .ول ّ
صغرى في جنس واحد ،فإذا اجتمعتا دخلت أفعال ال ّ
الكبرى كالطّهارتين .
ن الجامع بينهما ناسك يكفيه حلق واحد وأيضا ً فإ ّ
ورمي واحد ،فكفاه طواف واحد وسعي واحد
كالفرد .وذهب الحنفيّة والمام أحمد في رواية
ن عليه طوافين وسعيين ، أخرى لم تشتهر إلى أ ّ
ي وابن مسعود رضي وقد روي هذا القول عن عل ّ
ي وابن أبي ليلى شعب ّالله عنهما ،وبه قال ال ّ
مَرةَ ح َّ
ج والعُ ْ موا ال َمستدلّين بقوله تعالى { :وأَت ِ ُّ
للّه } وتمامهما أن يأتي بأفعالهما على الكمال بل
فرق بين القارن وغيره .
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال : وبما روي عن النّب ّ
ج والعمرة فعليه طوافان » « من جمع بين الح ّ
ولنّهما نسكان ،فكان لهما طوافان ،كما لو كانا
منفردين .وأثر هذا الخلف يظهر في القارن إذا
قتل صيدا ً فإنّه يلزمه جزاء واحد عند القائلين
بالتّداخل .
خامسا ً :تداخل الفدية :
ن الفدية تتداخل .وقد شافعيّة أ ّ - 14ذكر الحنفيّة وال ّ
ن من قلّم أظافر يديه ورجليه في صّرح الحنفيّة بأ ّ
ن عليه دما ً واحدا ً ، مجلس واحد ،وهو محرم ،فإ ّ
لنّها من المحظورات ،لما فيه من قضاء التّفث ،
وهي من نوع واحد ،فل يزاد على دم واحد .
435
مد ، وإن كان قلّمها في مجالس ،فكذلك عند مح ّ
ن مبناها على التّداخل ككّفارة الفطر .وعند أبي ل ّ
ل رجل دم ل يد دم ،ولك ّ حنيفة وأبي يوسف يجب لك ّ
ن الغالب في الفدية معنى إذا تعدّد المجلس ،ل ّ
العبادة فيتقيّد التّداخل باتّحاد المجلس كما في آية
ة ،وإنّما ن هذه العضاء متباينة حقيق ً سجدة ،ول ّ ال ّ
جعلت الجناية -وهي تقليم الظافر في مجلس
ة واحدة ً في المعنى لتّحاد المقصود وهو واحد -جناي ً
الّرفق .
شافعيّة بمثل ذلك فيمن فعل شيئا ً من وصّرح ال ّ
ن فدية مقدّمات الجماع ،وجامع بعده ،فقد ذكروا أ ّ
المقدّمة تدخل في البدنة الواجبة جزاءً عن الجماع .
وقريب من ذلك ما ذكره الحنابلة فيمن حلق شعر
ح
ة واحدةً في أص ّ ن عليه فدي ً رأسه وبدنه ،بأ ّ
صحيح من المذهب أيضاً الّروايتين عن أحمد ،وهو ال ّ
ن شعر الّرأس والبدن واحد ،وفي رواية أخرى ،ل ّ
ل منهما حكما ً منفردا ً .وكذا لو لبس أو ن لك ّ عنه :إ ّ
تطيّب في ثوبه وبدنه ففيه الّروايتان والمنصوص
ة واحدة ً . ن عليه فدي ً عن أحمد أ ّ
ما المالكيّة فإنّهم وإن لم يصّرحوا بتداخل الفدية ، وأ ّ
إل ّ أنّهم أوردوا أربع صور تتّحد فيها الفدية وهي أن
ن الفاعل الباحة : يظ ّ
لأ -بأن يعتقد أنّه خرج من إحرامه فيفعل أمورا ً ك ّ
منها يوجب الفدية .
ب -أو يتعدّد موجبها من لبس وتطيّب وقلم أظفار
ب بفور . وقتل دوا ّ
ج -أو يتراخى ما بين الفعلين ،لكنّه عند الفعل
الوّل أو إرادته نوى تكرار الفعل الموجب لها .
436
د -أو يتراخى ما بين الفعلين ،إل ّ أنّه لم ينو التّكرار
م،عند الفعل الوّل منهما ،لكنّه قدّم ما نفعه أع ّ
سراويل . كتقديمه لبس الثّوب على لبس ال ّ
ج من كتب الفقه . وتفصيله في محظورات الح ّ
سادسا ً :تداخل الكّفارات :
أ -تداخلها في إفساد صوم رمضان بالجماع :
- 15ل خلف بين الفقهاء في وجوب كّفارة واحدة
على من تكّرر منه الجماع في يوم واحد من أيّام
ن الفعل الثّاني لم يصادف صوما ً ،وإنّما رمضان ،ل ّ
الخلف بينهم فيمن تكّرر منه ذلك الفعل في
يومين ،أو في رمضانين ،ولم يكّفر للوّل ،فذهب
زهري
ّ مد من الحنفيّة ،والحنابلة في وجه ،وال ّ مح ّ
ي إلى أنّه تكفيه كّفارة واحدة ،لنّها جزاء والوزاع ّ
عن جناية تكّرر سببها قبل استيفائها ،فتتداخل
كالحد ّ .وذهب الحنفيّة في ظاهر الّرواية الّذي
صحيح ،والمالكيّة اختاره بعضهم للفتوى وهو ال ّ
شافعيّة ،وهو أيضا ً المذهب عند الحنابلة :إلى وال ّ
ن الكّفارة الواحدة ل تجزئه ،بل عليه كّفارتان ، أ ّ
ل يوم عبادة منفردة ،فإذا وجبت الكّفارة نك ّ ل ّ
جتين ،والتّفصيل بإفساده لم تتداخل كالعمرتين والح ّ
في مصطلح ( :كّفارة ) .
ب -تداخل الكّفارات في اليمان :
ن من حلف يمينا ً فحنث فيها - 16ل خلف في أ ّ
وأدّى ما وجب عليه من الكّفارة ،أنّه لو حلف يميناً
أخرى وحنث فيها تجب عليه كّفارة أخرى ،ول تغني
الكّفارة الولى عن كّفارة الحنث في هذه اليمين
الثّانية ،وإنّما الخلف فيمن حلف أيمانا ً وحنث فيها .
م أراد التّكفير ،هل تتداخل الكّفارات فتجزئه ث ّ
ل يمين كّفارة واحدة ؟ أو ل تتداخل فيجب عليه لك ّ
437
كّفارة ؟ تتداخل الكّفارات على أحد القولين عند
الحنفيّة ،وأحد القوال عند الحنابلة ،ول تتداخل
شافعيّة ،وتفصيل ذلك في عند المالكيّة ول ال ّ
الكّفارات .
سابعا ً :تداخل العدّتين :
- 17معنى التّداخل في العدد :أن تبتدئ المرأة
عدّة ً جديدة ً وتندرج بقيّة العدّة الولى في العدّة
ما أن تكونا من جنس واحد لرجل الثّانية ،والعدّتان إ ّ
ما أن تكونا من جنسين كذلك أي واحد أو رجلين ،وإ ّ
ن المرأة إذا لرجل واحد أو رجلين ،وعلى هذا فإ ّ
لزمها عدّتان من جنس واحد ،وكانتا لرجل واحد ،
شافعيّة والحنابلة فإنّهما تتداخلن عند الحنفيّة وال ّ
لتّحادهما في الجنس والقصد .مثال ذلك :ما لو
م تزوّجها في العدّة ووطئها ، طلّق زوجته ثلثا ً ،ث ّ
ل لي .أو طلّقها بألفاظ الكناية وقال :ظننت أنّها تح ّ
ن العدّتين تتداخلن ،فتعتدّ ،فوطئها في العدّة ،فإ ّ
ثلثة أقراء ابتدا ًء من الوطء الواقع في العدّة ،
ويندرج ما بقي من العدّة الولى في العدّة الثّانية .
ما إذا كانتا لرجلين فإنّهما تتداخلن عند الحنفيّة ، أ ّ
ن المقصود التّعّرف على فراغ الّرحم ،وقد حصل ل ّ
بالواحدة فتتداخلن
ومثاله :المتوفّى عنها زوجها إذا وطئت بشبهة ،
فهاتان عدّتان من رجلين ومن جنسين .ومثال
العدّتين من جنس واحد ومن رجلين :المطلّقة إذا
تزوّجت في عدّتها فوطئها الثّاني ،وفّرق بينهما ،
تتداخلن وتعتد ّ من بدء التّفريق ،ويندرج ما بقي من
شافعيّةما عند ال ّ العدّة الولى في العدّة الثّانية .وأ ّ
والحنابلة فل تتداخلن ،لنّهما حّقان مقصودان
ن العدّة احتباس لدميّين ،فلم يتداخل كالدّينين ،ول ّ
438
يستحّقه الّرجال على النّساء ،فلم يجز أن تكون
المرأة المعتدّة في احتباس رجلين كاحتباس الّزوجة
.
ما إذا اختلفت العدّتان في الجنس ،وكانتا لرجلين وأ ّ
ن كل ً منهما ،فإنّهما تتداخلن أيضا ً عند الحنفيّة ،ل ّ
أجل ،والجال تتداخل .
ن كلً شافعيّة والحنابلة ،ل ّ ول تداخل بينهما عند ال ّ
ي ،فعليها أن تعتد ّ للوّل ق مقصود للدم ّ منهما ح ّ
م تعتد ّ للثّاني ،ول تتقدّم عدّة الثّاني على لسبقه ،ث ّ
عدّة الوّل إل ّ بالحمل .
وإن كانتا من جنسين لشخص واحد تداخلتا أيضا ً عند
شافعيّة ،وفي ح الوجهين عند ال ّ الحنفيّة ،وفي أص ّ
أحد الوجهين عند الحنابلة ،لنّهما لرجل واحد .ول
شافعيّة ، ح عند ال ّ تداخل بينهما على مقابل الص ّ
وعلى الوجه الثّاني عند الحنابلة لختلفهما في
الجنس .
ص ابن جزيّ مذهبهم في ما المالكيّة فقد لخ ّ وأ ّ
تداخل العدد بقوله :فروع في تداخل العدّتين :
م مات الفرع الوّل :من طلقت طلقا ً رجعيّا ً ،ث ّ
ن
زوجها في العدّة انتقلت إلى عدّة الوفاة ،ل ّ
ي بخلف البائن . الموت يهدم عدّة الّرجع ّ
م ارتجعها في العدّة الفرع الثّاني :إن طلّقها رجعيّا ً ث ّ
م طلّقها ،استأنفت العدّة من الطّلق الثّاني ، ،ث ّ
ن الّرجعة تهدم العدّة ، سواء كان قد وطئها أم ل ،ل ّ
تة في العدّة من غير رجعة بَن َ ْ ولو طلّقها ثاني ً
م راجعها في العدّة ةث ّ ة ثاني ًاتّفاقا ً ،ولو طلّقها طلق ً
ت على عدّتها م طلّقها قبل المسيس بَن َ ْ أو بعدها ،ث ّ
الولى ،ولو طلّقها بعد الدّخول استأنفت من
الطّلق الثّاني .
439
الفرع الثّالث :إذا تزوّجت في عدّتها من الطّلق ،
م فّرق بينهما ،اعتدّت بقيّة فدخل بها الثّاني ،ث ّ
م اعتدّت من الثّاني ،وقيل : عدّتها من الوّل ،ث ّ
تعتد ّ من الثّاني وتجزيها عنهما ،وإن كانت حاملً
فالوضع يجزي عن العدّتين اتّفاقا ً .والتّفصيل في
مصطلح ( :عدّة ) .
ثامنا ً :تداخل الجنايات على النّفس والطراف :
ن الجنايات على النّفس - 18ذكر الحنفيّة أ ّ
والطراف إذا تعدّدت ،كما لو قطع عضوا ً من
م قتله ،فإنّها ل تتداخل إل ّ في حالة أعضائه ،ث ّ
اجتماع جنايتين على واحد ،ولم يتخلّلهما برء ،
ت عشرة ،كما ذكر ابن نجيم في وصورها س ّ
ما أن يكونا
م قتل ،فإ ّ
الشباه ،لنّه إذا قطع ث ّ
ً
عمدين أو خطأين ،أو أحدهما عمدا ً والخر خطأ ،
ل من ما على واحد أو اثنين ،وك ّ ل من الربعة إ ّ وك ّ
ما أن يكون الثّاني قبل البرء أو بعده . الثّمانية .إ ّ
ن الجناية على الطّرف تندرج في وذكر المالكيّة أ ّ
مدها الجناية على النّفس ،أي في القصاص ،إن تع ّ
الجاني ،سواء أكان الطّرف للمقتول أم لغيره بأن
قطع يد شخص عمدا ً ،وفقأ عين آخر عمدا ً ،فيقتل
فقط ول يقطع شيء من أطرافه ول تفقأ عينه ،إن
ة -أي لم يقصد الجاني بجنايته على الطّرف مثل ً
تمثيل ً وتشويها ً -فإن قصدها فل يندرج الطّرف في
ص من الطّرف ،ث ّ
م يقتل . القتل ،فيقت ّ
مد الجاني الجناية على الطّرف ،فإنّها ما إذا لم يتع ّ أ ّ
ل تندرج في الجناية على النّفس ،كما لو قطع يد
م قتله عمدا ً عدوانا ً ،فإنّه يقتل به ، ً
شخص خطأ ،ث ّ
ودية اليد على عاقلته .
440
ن الجناية على النّفس والطراف شافعيّة أ ّ وذكر ال ّ
إذا اتّفقتا في العمد أو الخطأ ،وكانت الجناية على
النّفس بعد اندمال الجناية على الطّرف وجبت دية
ما إذا كانت الجناية على النّفس الطّرف بل خلف .أ ّ
حهما قبل اندمال الجناية على الطّرف فوجهان ،أص ّ
:دخول الجناية على الطّرف في الجناية على
النّفس ،بحيث ل يجب إل ّ ما يجب في النّفس
سراية .وثانيهما :عدم التّداخل بين الجنايتين ، كال ّ
خّرجه ابن سريج ،وبه قال الصطخريّ ،واختاره
ما إذا كانت إحداهما عمدا ً والخرى إمام الحرمين .أ ّ
خطأ ً ،وقلنا بالتّداخل عند التّفاق ،فهنا وجهان :
حهما :ل ،لختلفهما . أحدهما التّداخل أيضا ً .وأص ّ
والحنابلة يقولون :التّداخل في القصاص في إحدى
الّروايتين عن أحمد فيما لو جرح رجل رجل ً ،ث ّ
م
ي القصاص ، قتله قبل اندمال جرحه ،واختار الول ّ
ي إل ّ ضرب عنقه فعلى هذه الّرواية ليس للول ّ
سيف .لقوله صلى الله عليه وسلم « :ل قَوَد َ إلّ بال ّ
نف » ،وليس له جرحه أو قطع طرفه ،ل ّ سي ِ بال ّ
القصاص أحد بدلي النّفس ،فدخل الطّرف في
ي أن ن للول ّ حكم الجملة كالدّية .والّرواية الثّانية :أ ّ
ن
يفعل بالجاني مثلما فعل ،لقوله تعالى { :وإ ْ
ما إذا عفا ل ما ع ُوقِبْتُم به } .أ ّ مث ْ ِع َاقَبْتُم فَعَاقِبُوا ب ِ ِ
ي عن القصاص ،أو صار المر إلى الدّية لكون ّ الول
الفعل خطأ ً أو شبه عمد ،فالواجب حينئذ دية واحدة
،لنّه قتل قبل استقرار الجرح ،فدخل أرش
الجراحة في أرش النّفس والتّفصيل في مصطلح ( :
جناية ) .
تاسعا ً :تداخل الدّيات :
441
ن الدّيات قد - 19ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
تتداخل ،فيدخل الدنى منها في العلى ،ومن ذلك
دخول دية العضاء والمنافع في دية النّفس ،
ودخول أرش الموضحة المذهبة للعقل في دية
العقل ،ودخول حكومة الثّدي في دية الحلمة إلى
غير ذلك من الفروع .
والتّفصيل في مصطلح ( :دية ) .
عاشرا ً :تداخل الحدود :
ن الحدود -كحد ّ الّزنى - 20اتّفق الفقهاء على أ ّ
شرب -إذا اتّفقت في الجنس سرقة وال ّ وال ّ
والموجب أي الحد ّ فإنّها تتداخل ،فمن زنى مرارا ً ،
أو سرق مرارا ً ،أو شرب مرارا ً ،أقيم عليه ح ّ
د
سرقة المتكّررة . واحد للّزنى المتكّرر ،وآخر لل ّ
ن ما تكّرر من هذه شرب المتكّرر ،ل ّ وآخر لل ّ
الفعال هو من جنس ما سبقه ،فدخل تحته .ومثل
ذلك حد ّ القذف إذا قذف شخصا ً واحدا ً مرارا ً ،أو
د
ة بكلمة واحدة ،فإنّه يكتفي فيه بح ّ قذف جماع ً
ة بكلمات ،أو واحد اتّفاقا ً ،بخلف ما لو قذف جماع ً
ل واحد منهم بقذف . صك ّ خ ّ
ن من زنى أو سرق أو واتّفق الفقهاء أيضا ً على أ ّ
م صدر منه أحد هذه شرب ،فأقيم عليه الحد ّ ،ث ّ
الفعال مّرة ً أخرى ،فإنّه يحد ّ ثانيا ً ،ول يدخل تحت
الفعل الّذي سبقه ،واتّفقوا أيضا ً على عدم التّداخل
بين هذه الفعال عند اختلفها في الجنس والقدر
الواجب فيها ،فمن زنى وسرق وشرب حد ّ لك ّ
ل
فعل من هذه الفعال ،لختلفها في الجنس والقدر
ما إذا اتّحدت في القدر الواجب فيها ،فل تتداخل .أ ّ
شرب الواجب واختلفت في الجنس ،كالقذف وال ّ
ما عند مثل ً ،فل تداخل بينها عند غير المالكيّة ،وأ ّ
442
المالكيّة فتتداخل ،لتّفاقها في القدر الواجب فيها ،
ن الواجب في القذف ثمانون جلدةً وهو الحد ّ ،فإ ّ
شرب أيضا ً مثله ،فإذا أقيم عليه أحدهما وفي ال ّ
سقط عنه الخر .ولو لم يقصد عند إقامة الحد ّ إلّ
م ثبت أنّه شرب أو قذف ،فإنّه واحدا ً فقط ،ث ّ
ما ثبت .
يكتفي بما ضرب له ع ّ
ومثل ذلك عندهم -أي المالكيّة -ما لو سرق وقطع
يمين آخر ،فإنّه يكتفي فيه بحد ّ واحد .وهذا كلّه إذا
لم يكن في تلك الحدود القتل ،فإن كان فيها
القتل ،فإنّه يكتفي به عند الحنفيّة والمالكيّة
والحنابلة ،لقول ابن مسعود :ما كانت حدود فيها
ن المقصود الّزجر قتل إل ّ أحاط القتل بذلك كلّه ،ول ّ
وقد حصل .واستثنى المالكيّة من ذلك حد ّ القذف ،
فقد ذكروا أنّه ل يدخل في القتل ،بل ل بد ّ من
استيفائه قبله .
شافعيّة فإنّهم ل يكتفون بالقتل ،ولم يقولوا ما ال ّ
وأ ّ
مفث ّ بالتّداخل في هذه المسألة ،بل يقدّمون الخ ّ
ف ،فمن سرق وزنى وهو بكر ،وشرب ولزمه الخ ّ
قتل بردّة ،أقيمت عليه الحدود الواجبة فيها بتقديم
ف.م الخ ّ فث ّ الخ ّ
الحادي عشر :تداخل الجزية :
ن الجزية تتداخل كما إذا - 21ذهب أبو حنيفة إلى أ ّ
ي جزية عامين ،فل يؤخذ منه إلّ م ّاجتمع على الذ ّ ّ
ة للّه تعالى ن الجزية وجبت عقوب ً جزية عام واحد ،ل ّ
ي على وجه الذلل .والعقوبات م ّ تؤخذ من الذ ّ ّ
الواجبة للّه تعالى إذا اجتمعت ،وكانت من جنس
واحد ،تداخلت كالحدود ،ولنّها وجبت بدل ً عن
القتل في حّقهم وعن النّصرة في حّقنا ،لكن في
ن القتل إنّما يستوفى المستقبل ل في الماضي ،ل ّ
443
لحراب قائم في الحال ،ل لحراب ماض ،وكذا
ن الماضي وقعت الغُنْية النّصرة في المستقبل ل ّ
عنه .
مد إلى شافعيّة والحنابلة وأبو يوسف ومح ّ وذهب ال ّ
ين مض ّ ي المدّة ،ل ّ أنّها ل تتداخل ،ول تسقط بمض ّ
المدّة ل تأثير له في إسقاط الواجب كالدّيون .
ما خراج الرض فقيل على هذا الخلف ،وقيل ل وأ ّ
تداخل فيه بالتّفاق .
ما المالكيّة فإنّهم لم يصّرحوا بتداخل الجزية ، وأ ّ
ولكن يفهم التّداخل من قول أبي الوليد ابن رشد :
ومن اجتمعت عليه جزية سنين ،فإن كان ذلك
لفراره بها أخذت منه لما مضى ،وإن كان لعسره
لم تؤخذ منه ،ول يطالب بها بعد غناه .والتّفصيل
في مصطلح ( :جزية ) .
الثّاني عشر :تداخل العددين في حساب المواريث
:
ما أن يكونا - 22العددان في حساب المواريث إ ّ
ما أن يكونا مختلفين . متماثلين ،وإ ّ
مال ،وإ ّ ما أن يفنى الكثر بالق ّ وفي حال اختلفهما إ ّ
ما أن ل يفنيهما إل ّ واحد أن يفنيهما عدد ثالث ،وإ ّ
ليس بعدد ،بل هو مبدؤه ،فهذه أربعة أقسام .
وقد وقع التّداخل في القسم الثّاني منها ،وهو ما
ل عند إسقاطه من الكثر إذا اختلفا وفني الكثر بالق ّ
مّرتين فأكثر منهما ،فيقال حينئذ :إنّهما متداخلن ،
ستّةن ال ّ كثلثة مع ستّة أو تسعة أو خمسة عشر ،فإ ّ
تفنى بإسقاط الثّلثة مّرتين ،والتّسعة بإسقاطها
ثلث مّرات ،والخمسة عشر بإسقاطها خمس
ميا متداخلين لدخول مّرات ،لنّها خمسها ،وس ّ
444
ل في الكثر .وحكم العداد المتداخلة :أنّه الق ّ
يكتفى فيها بالكبر ويجعل أصل المسألة .
ما في القسام الخرى ،وهي الوّل والثّالث أ ّ
ن العددين والّرابع ،فل تداخل بين العددين فيها ،ل ّ
إن كانا متماثلين -كما في القسم الوّل -فإنّه
يكتفى بأحدهما ،فيجعل أصل ً للمسألة كالثّلثة
ن حقيقة والثّلثة مخرجي الثّلث والثّلثين ،ل ّ
المتماثلين إذا سلّط أحدهما على الخر أفناه مّرةً
واحدةً .وإن كانا مختلفين ،ول يفنيهما إل ّ عدد ثالث
-وهو القسم الثّالث -فهما متوافقان ،ول تداخل
ن الفناء حصل بغيرهما ،كأربعة بينهما أيضا ً ،ل ّ
وستّة بينهما موافقة بالنّصف ،لنّك إذا سلّطت
ستّة يبقى منهما اثنان ،سلّطهما على الربعة على ال ّ
الربعة مّرتين تفنى بهما ،فقد حصل الفناء باثنين
ستّة ،فهما متوافقان بجزء وهو عدد غير الربعة وال ّ
الثنين وهو النّصف .
وحكم المتوافقين :أن تضرب وفق أحدهما في
كامل الخر ،والحاصل أصل المسألة .
وإن كانا مختلفين ل يفنى أكثرهما بأقلّهما ول بعدد
ثالث ،بأن لم يفنهما إل ّ الواحد كما في القسم
الّرابع فهما متباينان ،ول تداخل بينهما أيضا ً كثلثة
وأربعة ،لنّك إذا أسقطت الثّلثة من الربعة يبقى
واحد ،فإذا سلّطته على الثّلثة فنيت به .وحكم
المتباينين أنّك تضرب أحد العددين في الخر .
والتّفصيل في باب حساب الفرائض ،وينظر
مصطلح ( :إرث ) .
================
تدارك *
التّعريف :
445
- 1التّدارك :مصدر تدارك ،وثلثيّه :درك ،
ومصدره الدّرك بمعنى :اللّحاق والبلوغ .ومنه
الستدراك وللستدراك في اللّغة استعمالن :
شيء بال ّ
شيء . الوّل :أن يتستدرك ال ّ
الثّاني :أن يتلفى ما فّرط في الّرأي أو المر من
الخطأ أو النّقص .
وللستدراك في الصطلح معنيان أيضا ً :
الوّل ،للصوليّين والنّحويّين :وهو رفع ما يتوهّم
ثبوته ،أو إثبات ما يتوهّم نفيه .
والثّاني :يرد في كلم الفقهاء :وهو إصلح ما حصل
في القول أو العمل من خلل أو قصور أو فوات .
وقد ورد في كلم الفقهاء التّعبير بالتّدارك في
شيء موضع الستدراك ،الّذي هو بمعنى فعل ال ّ
المتروك بعد محلّه ،سواء أترك سهوا ً أم عمدا ً ،
ي :إذا سلّم المام من صلة ومن ذلك قول الّرمل ّ
الجنازة ،تدارك المسبوق باقي التّكبيرات بأذكارها .
وقوله :لو نسي تكبيرات صلة العيد فتذكّرها قبل
مد تركها بالولى -وشرع في القراءة ركوعه ،أو تع ّ
م فاتحته -فاتت في الجديد فل يتداركها . وإن لم يت ّ
ي ،من أنّه لو دفن ومن ذلك أيضا ً ما ذكره البهوت ّ
الميّت قبل الغسل ،وقد أمكن غسله ،لزم نبشه ،
سل ،تداركا ً لواجب غسله . وأن يخرج ويغ ّ
وعلى هذا يمكن تعريف التّدارك في الصطلح
ي بأنّه :فعل العبادة ،أو فعل جزئها إذا ترك الفقه ّ
المكلّف فعل ذلك في محلّه المقّرر شرعا ً ما لم
يفت .
وبالتّتبّع وجدنا الفقهاء ل يطلقون التّدارك إل ّ على ما
كان استدراكا ً في العبادة .
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
446
- 2منها القضاء والعادة والستدراك ،وكذلك
الصلح في اصطلح المالكيّة وقد سبق بيان معانيها
،والتّفريق بينها وبين التّدارك في مصطلح
( استدراك ) .
ي:
الحكم التّكليف ّ
ن تدارك ركن العبادة المفروضة فرض ، - 3الصل أ ّ
وذلك إن فات الّركن لعذر -كنسيان أو جهل -مع
القدرة عليه ،أو فعل على وجه غير مجزئ .
ول يحصل الثّواب المرتّب على الّركن مع تركه ،
لعدم المتثال .
ح العبادة إل ّ بالتّدارك .فإن لم يتدارك الّركن ول تص ّ
في الوقت الّذي يمكن تداركه فيه فسدت العبادة ،
ووجب الستدراك باستئناف العبادة أو قضائها ،
ما تدارك الواجبات بحسب اختلف الحوال .وأ ّ
سنن ففيه تفصيل .ويتّضح ذلك من المثلة وال ّ
المختلفة ،وبها يتبيّن الحكم .
التّدارك في الوضوء :
أ -التّدارك في أركان الوضوء :
- 4أركان الوضوء يتحتّم التيان بها ،فإن ترك غسل
عضو من الثّلثة أو جزءا ً منه ،أو ترك مسح
الّرأس ،فإنّه ل بد ّ من تداركه ،بالتيان بالفائت من
م التيان بما بعده ،فمن نسي غسل أو مسح ث ّ
غسل اليدين ،وتذكّره بعد غسل الّرجلين ،لم يص ّ
ح
وضوءه حتّى يعيد غسل اليدين ويمسح برأسه
ويغسل رجليه .
وهذا على قول من يجعل التّرتيب فرضا ً في الوضوء
شافعيّة ،وعلى القول المقدّم عند الحنابلة ،وهم ال ّ
ما من أجازوا الوضوء دون ترتيب ،وهم الحنفيّة .أ ّ
447
والمالكيّة ،فيجزئ عندهم التّدارك بغسل المتروك
ب ،وليس واجبا ً . وحده .وإعادة ما بعده مستح ّ
ولو ترك غسل اليمنى من اليدين أو الّرجلين ،
وتذكّره بعد غسل اليسرى ،أجزأه غسل اليمنى
فقط ،ول يلزمه غسل اليسرى اتّفاقا ً ،لنّهما
بمنزلة عضو واحد .
وإنّما يجزئ التّدارك بالتيان بالفائت وما بعده ،أو
بالفائت وحده -على القولين المذكورين -إن لم
تفت الموالة عند من أوجبها ،فإن طال الفصل ،
وفاتت الموالة ،فل بد ّ من إعادة الوضوء كلّه .أ ّ
ما
من لم يوجب الموالة -وذلك مذهب الحنفيّة
شافعيّة -فإنّه يجزئ عندهم التّدارك بغسل وال ّ
الفائت وحده .وفي المسألة تفصيلت يرجع إليها
في ( وضوء ) .
ب -التّدارك في واجبات الوضوء :
- 5ليس للوضوء ول للغسل واجبات عند بعض
الفقهاء .
ومن واجبات الوضوء عند الحنابلة مثل ً التّسمية في
أوّله -وليست ركنا ً في الوضوء عندهم -قالوا :
وتسقط لو تركها سهوا ً .وإن ذكرها في أثناء
مى وبنى ،أي فل يلزمه الستئناف . الوضوء س ّ
سهو في جملة ما عفي عنها مع ال ّ قالوا :لنّه ل ّ
الطّهارة ،ففي بعضها أولى .وهو المذهب خلفا ً لما
ححه في النصاف . ص ّ
ج -التّدارك في سنن الوضوء :
شافعيّة ما سنن الوضوء فقد صّرح المالكيّة وال ّ -6أ ّ
والحنابلة بعدم مشروعيّة تداركها إذا فات محلّها .
ن سنّة الوضوء يطالب بإعادتها لو فيرى المالكيّة أ ّ
ما لو نكّسها سهوا ً أو عمدا ً ،طال الوقت أو قصر .أ ّ
448
تركها بالكلّيّة عمدا ً أو سهوا ً -وذلك منحصر عندهم
في المضمضة والستنشاق ومسح الذنين -قال
الدّردير :يفعلها استنانا ً دون ما بعدها طال التّرك أو
سنن ل .وإنّما لم تجب إعادة ما بعده لندب ترتيب ال ّ
في نفسها ،أو مع الفرائض .
ي -إذا فات ل يؤمر والمندوب -كما قال الدّسوق ّ
بفعله لعدم التّشديد فيه ،وإنّما يتداركها لما يستقبل
صلوات ،ل إن أراد مجّرد البقاء على طهارة ، من ال ّ
إل ّ أن يكون بالقرب ،أي بحضرة الماء وقبل فراغه
من الوضوء .
خرا ً ،كأنشافعيّة :لو قدّم مؤ ّ وكذلك عند ال ّ
استنشق قبل المضمضة -وهما عندهم سنّتان -قال
ي :يحتسب ما بدأ به ،وفات ما كان محلّه الّرمل ّ
ح في الّروضة ،خلفا ً لما في قبله على الص ّ
المجموع ،أي فل يتداركه بعد ذلك ،وهذا قولهم
مة ،فيحسب منها ما في سنن الوضوء بصفة عا ّ
أوقعه أوّل ً ،فكأنّه ترك غيره ،فل يعتد ّ بفعله بعد
ذلك .
لكن في التّسمية في أوّل الوضوء -وهي سنّة
عندهم -قالوا :إن تركها عمدا ً أو سهوا ً -أو في
أوّل طعام أو شراب كذلك -يأتي بها في أثنائه
تداركا ً لما فاته ،فيقول :بسم اللّه أوّله وآخره ،ول
يأتي بها بعد فراغه من الوضوء ،بخلف الكل ،فإنّه
يأتي بها بعده .وشبيه بهذا ما عند الحنفيّة .حيث
مى في خلل الوضوء ل قالوا :لو نسيها ،فس ّ
سنّة ،بل المندوب ،فيأتي بها لئل ّ يخلو تحصل ال ّ
سنّة في ما في الطّعام فتحصل ال ّ وضوءه منها .وأ ّ
باقيه .وهل تكون التّسمية أثناءه استدراكا ً لما
فات ،فتحصل فيه ،أم ل تحصل ؟ .
449
قال شارح المنية :الولى أنّها استدراك ،لقول
ي صلى الله عليه وسلم « :إذا أكل أحدكم النّب ّ
مفلْيذكر اسم اللّه تعالى ،فإن نسي أن يذكَر اس َ
أوله وآخره » .وقال اللّه في أوّله فليقل :بسم اللّه ّ
ابن عابدين :إذا قال في الوضوء بسم اللّه أوّله
ص.سنّة أيضاً ،بدللة الن ّ ّوآخره ،حصل استدراك ال ّ
ما المضمضة والستنشاق في الوضوء عند -7أ ّ
ن الفم والنف من أجزاء الحنابلة ففعلهما فرض ،ل ّ
الوجه ،وليسا من سنن الوضوء ،ولذا فل يجب
التّرتيب فيما بينهما .
ويجب أن يتدارك المضمضة بعد الستنشاق ،أو بعد
غسل الوجه ،وحتّى بعد غسل سائر العضاء ،إلّ
أنّه إن تذكّرهما بعد غسل اليدين تداركهما وغسل ما
بعدهما كما تقدّم .
التّدارك في الغسل :
- 8التّرتيب والموالة في الغسل غير واجبين عند
جمهور الفقهاء .
وقال اللّيث :ل بد ّ من الموالة .واختلف فيه عن
المام مالك ،والمقدّم عند أصحابه :وجوب الموالة
ي .فعلى قول ،وفيه وجه لصحاب المام ال ّ
شافع ّ
ضأ مع الغسل لم يلزم التّرتيب بين الجمهور :إذا تو ّ
أعضاء الوضوء .من أجل ذلك فإنّه لو ترك غسل
عضو أو لمعة من عضو ،سواء أكان في أعضاء
الوضوء أم في غيرها ،تدارك المتروك وحده بعد ،
طال الوقت أو قصر ،ولو غسل بدنه إل ّ أعضاء
الوضوء تداركها ،ولم يجب التّرتيب بينها .ومن أجل
شافعيّة :لو ترك الوضوء في الغسل ،أو ذلك قال ال ّ
ب له أن المضمضة أو الستنشاق كره له ،ويستح ّ
يأتي به ولو طال الفصل دون إعادة للغسل .
450
ويجب تداركهما عند الحنفيّة والحنابلة ،إذ هما
واجبان في الغسل عندهم ،بخلفهما في الوضوء ،
فهما فيه سنّة عند الحنفيّة ،وليسا بواجبين .
تدارك غسل الميّت :
شافعيّة والحنابلة لو دفن الميّت - 9عند المالكيّة وال ّ
دون غسل ،وقد أمكن غسله ،لزم نبشه وأن يخرج
سل ،تداركا ً لواجب غسله .أي ما لم يخش ويغ ّ
شافعيّة .وكذلك تغيّره ،كما صّرح به المالكيّة وال ّ
صلة عليه يجب تداركهما بنبشه .قال تكفينه وال ّ
الدّردير :وتدورك ندبا ً بالحضرة -وهي ما قبل
تسوية التّراب عليه -ومثال المخالفة الّتي تتدارك :
تنكيس رجليه موضع رأسه ،أو وضعه غير مستقبل
صلة القبلة ،أو على ظهره ،وكترك الغسل ،أو ال ّ
عليه ،ودفن من أسلم بمقبرة الكّفار ،فيتدارك إن
لم يخف عليه التّغيّر .
ما عند الحنفيّة :فل ينبش الميّت إذا أهيل عليه أ ّ
ق اللّه تعالى ،كما لو دفن دون غسل أو التّراب لح ّ
صلة ،ويصلّى على قبره دون غسل .
صلة : التّدارك في ال ّ
- 10إذا ترك المصلّي شيئا ً من صلته ،أو فعله على
ن في مشروعيّة تداركه تفصيلً وجه غير مجزئ ،فإ ّ
:
أ -تدارك الركان :
- 11إن كان المتروك ركنا ً ،وكان تركه عمدا ً ،
بطلت صلته حال ً لتلعبه .وإن تركه سهوا ً أو ش ّ
ك
ح الّركعة في تركه وجب تداركه بفعله ،وإل ّ لم تص ّ
ن الّركن ل يسقط عمدا ً ول الّتي ترك ركنا ً منها ،فإ ّ
سهوا ً ول جهل ً ول غلطا ً ،ويعيد ما بعد المتروك
لوجوب التّرتيب .وفي كيفيّة تداركه اختلف
451
وتفصيل بين أصحاب المذاهب يرجع إليه في
سهو ) .وقد يشرع سجود صلة وسجود ال ّ ( أركان ال ّ
سهو من سهو مع تداركه ،على ما في سجود ال ّ ال ّ
الخلف ،في كونه واجبا ً أو مستحبّا ً على ما هو
سهو . صل في سجود ال ّ مف ّ
ب -تدارك الواجبات :
صلة شافعيّة واجبات لل ّ - 12ليس عند المالكيّة وال ّ
غير الركان .
صلة صلة ل تفسد ال ّ وعند الحنفيّة واجبات ال ّ
سهو إن كان تركه سهوا ً ، بتركها ،بل يجب سجود ال ّ
وتجب إعادتها إن كان عمدا ً مع الحكم بإجزاء الولى
.
صلة -كالتّشهّد الوّل ، ما عند الحنابلة :فواجبات ال ّ أ ّ
سجود -فإن والتّكبير للنتقال ،وتسبيح الّركوع وال ّ
ترك شيئا ً من ذلك عمدا ً بطلت صلته .وإن تركه
م تذكّره ،فإنّه يجب تداركه ما لم يفت محلّه سهوا ً ث ّ
،بانتقاله بعده إلى ركن مقصود ،إذ ل يعود بعده
لواجب .فيرجع إلى تسبيح ركوع قبل اعتدال ل
بعده ،ويرجع إلى التّشهّد الوّل ما لم يشرع في
ل الواجب - م إن فات مح ّ قراءة الّركعة الثّالثة .ث ّ
كما لو شرع في القراءة من ترك التّشهّد الوّل -لم
يجز الّرجوع إليه .وفي كل الحالين يجب سجود
سهو . ال ّ
صلة : ت -تدارك سنن ال ّ
صلة بتركها ولو عمدا ً ،ول سنن ل تبطل ال ّ - 13ال ّ
تجب العادة ،وإنّما حكم تركها :كراهة التّنزيه ،
كما صّرح به الحنفيّة .
صلةة من سنن ال ّ وعند المالكيّة :إن نسي سن ّ ً
يستدركها ما لم يفت محلّها ،فلو ترك التّشهّد
452
الوسط ،وتذكّر قبل مفارقته الرض بيديه وركبتيه ،
يرجع للتيان به ،وإل ّ فقد فات .
سهو بترك سنّة ،فعندهم في ذلك سجود لل ّ ما ال ّ وأ ّ
سنن سهو ) .وال ّ تفصيلت يرجع إليها في( سجود ال ّ
شافعيّة نوعان :نوع هو أبعاض يشرع سجود عند ال ّ
سهو لتركها عمدا ً أو سهوا ً ،كالقنوت ،وقيامه ، ال ّ
ي صلى صلة على النّب ّ والتّشهّد الوّل ،وقعوده ،وال ّ
سجود لتركه ، الله عليه وسلم فيه .ونوع ل يشرع ال ّ
سجود ،فإن سجد لشيء منها كأذكار الّركوع وال ّ
صلة من جنس عامدا ً بطلت صلته ،لنّه زاد على ال ّ
أفعالها ما ليس منها ،إل ّ أن يعذر بجهله .
ل حال فل يتدارك شيء من ذلك عندهم إذا وعلى ك ّ
فات محلّه ،كالستفتاح إذا شرع في القراءة .وكذا
سنن إذا فات محلّها ،كما عند الحنابلة ل تتدارك ال ّ
إذا ترك الستفتاح حتّى تعوّذ ،أو ترك التّعوّذ حتّى
بسمل ،أو ترك البسملة حتّى شرع في القراءة ،أو
سورة .لكن إن لم ترك التّأمين حتّى شرع في ال ّ
يكن استعاذ في الولى عمدا ً أو نسيانا ً يستعيذ في
الّركعة الثّانية .وليس ذلك من باب تدارك التّعوّذ
الفائت ،ولكن إنّما يستعيذ للقراءة الثّانية
سنن إذا فات محلّها ،فكذلك ل وكما ل تتدارك ال ّ
سجود لترك شيء منها سهوا ً أو عمدا ً ، يشرع ال ّ
ة ،وإن سجد لذلك فل بأس . ة كانت أو فعلي ّ ً قولي ّ ً
صلة مع ث -تدارك المسبوق ما فاته من ال ّ
الجماعة :
خرا ً عن تكبيرة الحرام ،فدخل مع - 14من جاء متأ ّ
المام ،ل يتدارك ما فاته من الّركعة معه إن أدركه
قبل الّرفع من الّركوع ،فإن أدركه في الّرفع من
453
الّركوع أو بعد ذلك فاتته الّركعة ووجب عليه تداركها
.
وفي ذلك تفصيل وأحكام مختلفة تنظر في صلة
الجماعة ( صلة المسبوق ) .
سهو : ج -تدارك سجود ال ّ
م انصرف من - 15لو نسي من سها في صلته ،ث ّ
م تذكّره عن سهو حتّى سلّم ،ث ّ غير أن يسجد لل ّ
قرب ،يتداركه .وفي ذلك خلف وتفصيل ينظر في
سهو ) . باب ( سجود ال ّ
ح -تدارك النّاسي للتّكبير في صلة العيد :
- 16إذا نسي تكبيرات صلة العيد حتّى شرع في
القراءة ،فاتت فل يتداركها في الّركعة نفسها ،لنّها
سنّة فات محلّها ،كما لو نسي الستفتاح أو التّعوّذ ،
شافعيّة والحنابلة .ولنّه إن أتى وهذا قول ال ّ
م عاد إلى القراءة ،فقد ألغى القراءة بالتّكبيرات ث ّ
ح أن يعتد ّ به ،وإن لم يعد الولى ،وهي فرض يص ّ
إلى القراءة فقد حصلت التّكبيرات في غير محلّها .
ن
شافعيّة -كما قال الشبراملسي -يس ّ لكن عند ال ّ
إذا نسي تكبيرات الّركعة الولى أن يتداركها في
الّركعة الثّانية مع تكبيراتها ،كما في قراءة سورة
( الجمعة ) في الّركعة الولى من صلة الجمعة ،
ن له أن يقرأها مع سورة فإنّه إذا تركها فيها س ّ
( المنافقون ) في الّركعة الثّانية .وعند الحنفيّة :
يتدارك التّكبيرات إذا نسيها ،سواء أذكرها أثناء
القراءة أم بعد القراءة أثناء الّركوع .فإن نسيها
حتّى رفع رأسه من الّركوع فاتت فل يكبّر .
غير أنّه إن ذكر أثناء قراءة الفاتحة وبعدها ،قبل أن
سورة ،يعيد بعد التّكبير قراءة الفاتحة م إليها ال ّ يض ّ
سورة كبّر ولم يعد م ال ّ وجوبا ً ،وإن ذكر بعد ض ّ
454
مت فل يحتمل النّقض . ن القراءة ت ّ القراءة ،ل ّ
وقول المالكيّة في هذه المسألة قريب من قول
ن ناسي التّكبير كّل ً أو الحنفيّة ،فإنّهم يقولون :إ ّ
بعضا ً يكبّر حيث تذكّر في أثناء القراءة أو بعدها ما
سهو ، لم يركع .ويعيد القراءة استحبابا ً ،ويسجد لل ّ
ن القراءة الولى وقعت في غير محلّها .فإن ركع ل ّ
ل التّدارك ، قبل أن يتذكّر التّكبير تمادى لفوات مح ّ
ول يرجع للتّكبير ،فإن رجع فالظّاهر البطلن.
خ -تدارك المسبوق تكبيرات صلة العيد :
- 17عند الحنفيّة يتدارك المسبوق ما فاته من
تكبيرات صلة العيد ،فيكبّر للفتتاح قائما ً ،فإن
أمكنه أن يأتي بالتّكبيرات ويدرك الّركوع فعل ،وإن
لم يمكنه ركع ،واشتغل بالتّكبيرات وهو راكع عند
مد ،خلفا ً لبي يوسف ،وإن رفع أبي حنيفة ومح ّ
المام رأسه سقط عنه ما بقي من التّكبير ،وإن
أدركه بعد رفع رأسه قائما ً ل يأتي بالتّكبير ،لنّه
يقضي الّركعة مع تكبيراتها .وعند المالكيّة :
يتداركها إن أدرك القراءة مع المام ،ل إذا أدركه
م إن أدركه في أثناء التّكبيرات يتابع المام راكعا ً .ث ّ
م يأتي بما فاته . فيما أدركه معه ،ث ّ
ول يكبّر ما فاته خلل تكبير المام .وإن أدركه في
القراءة كبّر أثناء قراءة المام .
شافعيّة في الجديد ،والحنابلة :إن حضر وعند ال ّ
المأموم ،وقد سبقه المام بالتّكبيرات أو ببعضها ،
ما فاته ،لنّه ذكر مسنون فات لم يتدارك شيئا ً م ّ
محلّه .
ن محلّه القيام شافعيّة يقضي ،ل ّ وفي القديم عند ال ّ
شيرازيّ :وليس بشيء. وقد أدركه .قال ال ّ
ج:التّدارك في الح ّ
455
أ -التّدارك في الحرام :
ج الميقات دون أن - 18إن تجاوز الّذي يريد الح ّ
يحرم ،فعليه دم إن أحرم من مكانه .
لكن إن تدارك ما فاته بالّرجوع إلى الميقات
والحرام منه فل دم عليه .
ما إن أحرم وهذا باتّفاق إن رجع قبل أن يحرم ،أ ّ
م رجع إليه ،فقد قيل : من مكانه دون الميقات ،ث ّ
يستقّر الدّم عليه ول ينفعه التّدارك .وقيل :ينفعه .
وفي ذلك تفصيل وخلف يرجع إليه في مصطلح
( إحرام ) .
ب -التّدارك في الطّواف :
- 19إن ترك جزءا ً من الطّواف المشروع ،كما لو
ح حتّى يأتي جر بعض طوافه ،لم يص ّ ح ْ
طاف داخل ال ِ
شافعيّة :في وقت بما تركه ،قال الحنابلة وبعض ال ّ
قريب ،لشتراط الموالة بين الطّوافات .
من قال ذلك : ولم يشترط البعض الموالة ،وم ّ
ص
ب .ون ّ شافعيّة ،بل هو عندهم مستح ّ سائر ال ّ
ك في شيء من شروط شافعيّة على أنّه إن ش ّ ال ّ
ك بعدش ّ جه يجب التّدارك ما لم يتحلّل ،ول يؤثّر ال ّ ح ّ
الفراغ .
وعند الحنفيّة غير ابن الهمام :الفرض في الطّواف
ما عند أكثره -وهو أربع طوفات -وما زاد واجب ،أ ّ
سبع كلّها فرض ،كقول جمهور ابن الهمام فال ّ
الفقهاء .وعلى قول جمهور الحنفيّة إن ترك ثلث
ح طوافه لص ّ طوفات من طواف الّزيارة أو أق ّ
لفرضه ،وعليه دم لما نقص من الواجب .لكن إن
ح وسقط عنه الدّم تدارك فطاف الشواط الباقية ص ّ
،ولو كان طوافه بعد فترة ،بشرط أن يكون إيقاع
ممة قبل آخر أيّام التّشريق . الطّوفات المت ّ
456
ج طواف القدوم ،أو تبيّن أنّه طاف وإن ترك الحا ّ
للقدوم على غير طهارة ،فل يلزمه التّدارك عند
ب غير واجب بالنّسبة للمفرد ، الجمهور ،لنّه مستح ّ
شافعيّة :وفي فواته بالتّأخير -أي عن قدوم قال ال ّ
حهما :ل يفوت إل ّ بالوقوف مكّة -وجهان ،أص ّ
بعرفة ،وإذا فات فل يقضى .على أنّه ينبغي
ن من ترك طواف القدوم ،أو طافه ولم ملحظة أ ّ
ح له ،كأن طافه محدثا ً ولم يتداركه ،فعليه يص ّ
سعي أن حة ال ّ ل من شرط لص ّ سعي عند ك ّ إعادة ال ّ
يتقدّمه الطّواف ،وقد صّرح بذلك المالكيّة ( ر :
سعي ) .
وقال الحنفيّة :إن طاف للقدوم ،أو تطوّعا ً على
غير طهارة ،فعليه دم إن كان جنبا ً ،لوجوب
شروع فيه ،وإن كان محدثا ً فعليه صدقة الطّواف بال ّ
ل غير .ويمكنه التّدارك بإعادة الطّواف ،فيسقط
صدقة .والحكم عند الحنفيّة كذلك عنه الدّم أو ال ّ
ما الّرمل والضطباع في في طواف الوداع .أ ّ
ق الّرجال ،في الشواط الطّواف فهما سنّتان في ح ّ
ة ،فلو تركهما ص ًالثّلثة الولى من طواف القدوم خا ّ
فل شيء عليه ،ول يشرع له تداركهما ،ومثلهما
سعي ترك الّرمل بين الميلين ( الخضرين ) في ال ّ
صفا والمروة .وهذا مذهب الحنابلة ،وهو بين ال ّ
شافعيّة ،وهو ظاهر كلم ح أو الظهر عند ال ّ الص ّ
الحنفيّة ،قال ابن الهمام :إن ترك الّرمل في
أشواط الطّواف الولى ل يرمل بعد ذلك .وقال
شافعيّة ،المالكيّة ،وهو قول خلف الظهر عند ال ّ
وقول القاضي من الحنابلة :أنّه يقضي الضطباع
في طواف الفاضة .
سعي : ت -التّدارك في ال ّ
457
ج المفرد إن لم يسع بعد طواف القدوم - 20الحا ّ
سعي ،فيسعى بعد طواف وجب عليه تدارك ال ّ
جه عند الجمهور ، حح ّ الفاضة ول بد ّ ،وإل ّ لم يص ّ
سعي عندهم ركن . ن ال ّ ل ّ
وهو عند الحنفيّة ،وفي قول القاضي من الحنابلة :
م. جه تا ّ واجب فقط ،فإن لم يتداركه يجبر بدم وح ّ
سعي كلّه أو أكثره ،فإن وهذا إن كان المتروك ال ّ
ل فليس عليه عند كان المتروك ثلثة أشواط أو أق ّ
ل شوط ، الحنفيّة إل ّ التّصدّق بنصف صاع عن ك ّ
ل هذا عندهم إن كان التّرك بل عذر ،فإن كان وك ّ
ج.بعذر فل شيء عليه ،وهذا في جميع واجبات الح ّ
صفا والمروة فترك بعض الشواط ولو سعى بين ال ّ
عمدا ً أو نسيانا ً ،أو ترك في بعضها أن يصل إلى
ح سعيه ،ولو كان ما صفا أو إلى المروة لم يص ّ ال ّ
تركه ذراعا ً واحدا ً ،وعليه أن يتدارك ما فاته ،
ويمكن التّدارك بالتيان بالبعض الّذي تركه ولو بعد
أيّام .
ن الموالة غير سعي كلّه ،ل ّ ول يلزمه إعادة ال ّ
مشترطة فيه بخلف الطّواف بالبيت .
سعي أيضا ً ،وهو أحد وقيل :هي مشترطة في ال ّ
شافعيّة . قولي ال ّ
ومثل ذلك :ما لو سعى مبتدئا ً بالمروة ،فإ ّ
ن
ي صلى الله عليه ن « النّب ّ شوط الوّل ل يعتبر ،ل ّ ال ّ
صَفا والمروةَ ن ال َّوسلم قرأ قول اللّه تعالى { :إ َّ
م قال :نبدأ بما بدأ اللّه به ن شعائرِ اللّهِ } الية ث ّ م ْ
» وفي رواية « ابدءوا بما بدأ اللّه به » .
ث -الخطأ في الوقوف :
- 21إذا وقف الحجيج يوم العاشر من شهر ذي
جة ،وتبيّن خطؤهم ،فالحنفيّة والمالكيّة الح ّ
458
شافعيّة أنّهح عند ال ّ والحنابلة ،وهو مقابل الص ّ
شديد ، أجزأهم الوقوف ول يعيدون ،دفعا ً للحرج ال ّ
شافعيّة :إنّه يجزئهم الوقوف إل ّ أن يقلّوا وقال ال ّ
جعلى خلف العادة في الحجيج ،فيقضون هذا الح ّ
مة . ح ،لنّه ليس في قضائهم مشّقة عا ّ في الص ّ
م علموا بخطئهم ، ما إذا وقفوا في اليوم الثّامن ،ث ّ أ ّ
وأمكنهم التّدارك قبل الفوات ،أعادوا عند الجمهور
شافعيّة ،وهو رواية أيضا ً عند ( الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
الحنابلة ) والّرواية الخرى عند الحنابلة أنّه يجزئهم
الوقوف دون تدارك ،لنّهم لو أعادوا الوقوف
شيخ ابن تيميّة . لتعدّد ،وهو بدعة ،كما قال ال ّ
ما لو علموا بخطئهم ،بحيث ل يمكنهم التّدارك ، أ ّ
للفوات ،فالحكم في المعتمد عند المالكيّة ،
شافعيّة :أنّه ل يجزئهم هذا الوقوف ، ح عند ال ّوالص ّ
ج .وفّرقوا بين تأخير ويجب عليهم القضاء لهذا الح ّ
ن التّأخير أقرب العبادة عن وقتها وتقديمها عليه بأ ّ
ن اللّفظ في التّقديم إلى الحتساب من التّقديم ،وبأ ّ
يمكن الحتراز عنه ،لنّه يقع الغلط في الحساب ،
شهود الّذين شهدوا بتقديم الهلل ، أو الخلل في ال ّ
والغلط بالتّأخير قد يكون بالغيم المانع من رؤية
الهلل ،ومثل ذلك ل يمكن الحتراز عنه .وهذا أحد
التّخريجين عن الحنفيّة .
وعند الحنابلة ،وهو التّخريج الخر عند الحنفيّة :أنّه
ن الوقوف مّرتين في يجزئهم ،ول قضاء عليهم ،ل ّ
ن القول عام واحد بدعة -كما يقول الحنابلة -ول ّ
بعدم الجزاء فيه حرج بيّن -كما يقول الحنفيّة . -
ج -التّدارك في وقوف عرفة :
459
ج الوقوف بعرفة عمدا ً أو نسيانا ً أو - 22لو ترك الحا ّ
جه ،فل حح ّ جهل ً حتّى طلع فجر يوم النّحر لم يص ّ
ل بعمرة . يمكن التّدارك بعد ذلك ،وعليه أن يح ّ
م دفع قبل الغروب ،فقد أتى ولو وقف نهارا ً ،ث ّ
بالّركن ،وترك واجب الوقوف في جزء من اللّيل ،
فيكون عليه دم وجوبا ً عند الحنفيّة والحنابلة ،وهو
شافعيّة . قول عند ال ّ
شافعيّة استحباب إراقة الدّم ، ن الّراجح عند ال ّ لك ّ
ن أخذ جزء من اللّيل على هذا القول سنّة ل غير ، ل ّ
ب الدّم خروجا ً من خلف من أوجبه . وإنّما يستح ّ
ولو تدارك ما فاته بالّرجوع إلى عرفة قبل غروب
شمس ،وبقي إلى ما بعد الغروب سقط عنه الدّم ال ّ
اتّفاقا ً .ولو رجع بعد الغروب وقبل طلوع الفجر
نسقط عنه الدّم عند الجمهور ،خلفا ً للحنفيّة ،ل ّ
الدّم عندهم لزمه بالدّفع من عرفة ،فل يسقط
بالّرجوع إليها .
ج من عرفة إل ّ بعد ما عند المالكيّة فل يدفع الحا ّ أ ّ
شمس ،فإن دفع قبل الغروب فعليه العود غروب ال ّ
ليل ً ( تداركا ً ) وإل ّ بطل ح ّ
جه .
ح -تدارك الوقوف بالمزدلفة :
شافعيّة والحنابلة الوجود بمزدلفة واجب - 23عند ال ّ
ة ،بشرط أن يكون ذلك في النّصف الثّاني ولو لحظ ً
من اللّيل بعد الوقوف بعرفة ،ول يشترط المكث ،
بل يكفي مجّرد المرور بها .ومن دفع من مزدلفة
قبل منتصف اللّيل ،وعاد إليها قبل الفجر فل شيء
عليه ،لنّه أتى بالواجب ،فإن لم يعد بعد نصف
اللّيل حتّى طلع الفجر فعليه دم على الرجح .
ما عند الحنفيّة :فيجب الوقوف بمزدلفة بعد طلوع أ ّ
شمس ،وعليه أن يقف في ذلك الفجر إلى طلوع ال ّ
460
ة ،فإن ترك الوقوف لعذر فل شيء الوقت ولو لحظ ً
عليه ،والعذر كأن يكون به ضعف أو علّة أو كانت
امرأة تخاف الّزحام ،وإن أفاض من مزدلفة قبل
ذلك ل لعذر فعليه دم .وظاهر أنّه إن تدارك
شمس الوقوف بالّرجوع إلى مزدلفة قبل طلوع ال ّ
سقط عنه الدّم .وعند المالكيّة :النّزول بمزدلفة
ط بالفعل -واجب ، ط الّرحال -وإن لم تح ّ بقدر ح ّ
ط الّرحال حتّى طلع الفجر فإن لم ينزل بها بقدر ح ّ
فالدّم واجب عليه إل ّ لعذر ،فإن ترك النّزول لعذر
فل شيء عليه .
خ -تدارك رمي الجمار :
ن من ترك رمي شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ - 24ذهب ال ّ
يوم أو يومين -عمدا ً أو سهوا ً -تداركه في باقي
أيّام التّشريق على الظهر ،ويكون ذلك أداءً ،وفي
قول قضاءً ،ول دم مع التّدارك .ومذهب الحنفيّة :
خر الّرمي في اليوم الوّل والثّاني من أيّام ن من أ ّ
أ ّ
التّشريق إلى اللّيل ،فرمى قبل طلوع الفجر جاز
ن اللّيل وقت للّرمي في أيّام ول شيء عليه ،ل ّ
ما رمي جمرة العقبة ،فمذهب أبي الّرمي .وأ ّ
شمس ،فإن لم يرم حنيفة أنّه يمتد ّ إلى غروب ال ّ
شمس ،فرمى قبل طلوع الفجر من حتّى غربت ال ّ
اليوم الثّاني أجزأه ،ول شيء عليه .
ن تأخير الّرمي إلى اللّيل يكون ومذهب المالكيّة :أ ّ
تداركه قضاءً ،وعليه دم واحد .
د -تدارك طواف الفاضة :
ن من شافعيّة :أ ّ - 25مذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
طاف بعد عرفة طوافا ً صحيحا ً -سواء أكان واجبا ً أم
نفل ً -وقع عن طواف الفاضة وإن لم ينوه .
461
ما من ترك الطّواف بعد عرفة ،وخرج إلى بلده ، أ ّ
فعليه أن يرجع محرما ً ليطوف طواف الفاضة ،
ويبقى محرما ً بالنّسبة إلى النّساء حتّى يطوف
طوافا ً صحيحا ً .
وهناك تفصيلت في بعض المذاهب يرجع إليها في
ج .ومذهب الحنابلة :أنّه من ترك طواف الح ّ
صدر ( الوداع ) أو الفاضة ،لكنّه طاف طواف ال ّ
ما نواه ،ول يقع عن طواف نفل ،وقع الطّواف ع ّ
طواف الفاضة ،حتّى لو رجع إلى بلده بعد هذا
الطّواف عليه أن يرجع محرما ً ،ليطوف طواف
الفاضة لنّه ركن ،ويبقى محرما ً أيضا ً بالنّسبة إلى
النّساء .
ذ -تدارك طواف الوداع :
- 26طواف الوداع واجب على غير الحائض يجبر
تركه بدم ،ولو كان تركه لنسيان أو جهل ،وهذا
شافعيّة .قول الحنابلة ،وهو أحد قولي ال ّ
والثّاني عندهم :هو سنّة ل يجب جبره ،فعلى قول
شافعيّة والحنابلة :إن خرج بل وداع الوجوب قال ال ّ
وجب عليه الّرجوع لتداركه إن كان قريبا ً ،أي دون
مسافة القصر ،فإن عاد قبل مسافة القصر فطاف
للوداع سقط عنه الثم والدّم ،وإن تجاوز مسافة
القصر استقّر عليه الدّم ،فلو تداركه بعدها لم
يسقط الدّم ،وقيل :يسقط
وعند الحنفيّة :طواف الوداع واجب ،ويجزئ عنه ما
سفر ،فإن سافر ولم يكن لو طاف نفل ً بعد إرادة ال ّ
فعل ذلك وجب عليه الّرجوع لتداركه ما لم يجاوز
الميقات ،فيخيّر بين إراقة الدّم وبين الّرجوع
م بطواف بإحرام جديد بعمرة ،فيبتدئ بطوافها ث ّ
الوداع ،فإن فعل ذلك فل شيء عليه لتأخيره .
462
وعند المالكيّة :طواف الوداع مندوب ،فلو تركه
وخرج ،أو طافه طوافا ً باطل ً يرجع لتداركه ما لم
يخف فوت رفقته الّذين يسير بسيرهم ،أو خاف
منعا ً من الكراء أو نحو ذلك .
تدارك المجنون والمغمى عليه للعبادات :
صلة : أوّل ً -بالنّسبة لل ّ
- 27ل تدارك لما فات من صلة حال الجنون أو
شافعيّة لعدم الهليّة وقت الغماء عند المالكيّة وال ّ
ي .صلى الله عليه وسلم « : الوجوب ،لقول النّب ّ
ظ، رفع القلم عن ثلثة :عن النّائم حتّى يستيق َ
ِ
قل » ب ،وعن المعتوه حتّى يَعْ ِ ي حتّى يش ّ صب ّوعن ال ّ
.
ن أو أغمي عليه خمس صلوات - وعند الحنفيّة إن ج ّ
ن أو أغمي مد -قضاها ،وإن ج ّ أو ستّا ً على قول مح ّ
عليه أكثر من ذلك فل قضاء عليه نفيا ً للحرج ،وقال
بشر :الغماء ليس بمسقط ،ويلزمه القضاء وإن
طالت مدّة الغماء .
وفّرق الحنابلة بين الجنون والغماء ،فلم يوجبوا
القضاء على ما فات حال الجنون ،وأوجبوه فيما
ن الغماء ل تطول مدّته غالبا ً ، فات حال الغماء ،ل ّ
مارا ً رضي الله عنه أغمي عليه ثلثا ً ، نع ّولما روي أ ّ
ت منذ ت ؟ قالوا :ما صلّي َم أفاق فقال :هل صلّي ُ ث ّ
ضأ وصلّى تلك الثّلث .وعن عمران بن م تو ّثلث ،ث ّ
حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما نحوه ،
ولم يعرف لهم مخالف ،فكان كالجماع .
ن أو مج ّ - 28ومن أدرك جزءا ً من الوقت وهو أهل ث ّ
أغمي عليه ،فإن كان ما أدركه ل يسع الفرض فل
يجب عليه القضاء عند الحنفيّة والمالكيّة ،وهو
شافعيّة .وعند الحنابلة يجب عليه المذهب عند ال ّ
463
القضاء .وإن كان ما أدركه يسع الفرض فعند
ن الوجوب يتعيّن في آخر الحنفيّة ل يجب القضاء ،ل ّ
الوقت إذا لم يوجد الداء قبله ،فيستدعي الهليّة
فيه لستحالة اليجاب على غير الهل ،ولم يوجد ،
فلم يكن عليه القضاء ،وهو أيضا ً رأي المالكيّة خلفاً
لبعض أهل المدينة وابن عبد البّر ،حيث القضاء
عندهم أحوط .
ن
شافعيّة والحنابلة يجب عليه القضاء ،ل ّ وعند ال ّ
الوجوب يثبت في أوّل الوقت فلزم القضاء- 29 .
وإن أفاق المجنون أو المغمى عليه في آخر الوقت
فللحنفيّة قولن :
أحدهما ،وهو قول زفر :ل يصبح مدركا ً للفرض إلّ
إذا بقي من الوقت مقدار ما يمكن فيه أداء الفرض
.
ي وأكثر المحّققين ،وهو المختار : والثّاني ،للكرخ ّ
أنّه يجب الفرض ويصير مدركا ً إذا أدرك من الوقت
ما يسع التّحريمة فقط ،وهو قول الحنابلة وبعض
شافعيّة . ال ّ
وعند المالكيّة :يجب الفرض إذا بقي من الوقت
مقدار ركعة من زمن يسع الطّهر ،وهو قول بعض
شافعيّة :إذا بقي مقدار شافعيّة .وفي قول آخر لل ّ ال ّ
ركعة فقط .
صوم :ثانيا ً :بالنّسبة لل ّ
- 30إذا استوعب الجنون شهر رمضان بأكمله فل
قضاء على المجنون سواء ،أكان الجنون أصليّا ً أم
شافعيّة والحنابلة ،لحديث : عارضا ً عند الحنفيّة وال ّ
« رفع القلم عن ثلث » ...وإذا استوعب الغماء
شهر كلّه وجب القضاء على المغمى عليه إل ّ عند ال ّ
الحسن البصريّ ،ودليل وجوب القضاء قوله تعالى
464
ن كان منكم مريضا ً أو على سفرٍ فَعِدَّةٌ من { :فم ْ
خر } والغماء مرض .وعند المالكيّة :يجب أيَّام ٍ أ ُ َ
سابقة ، القضاء على المجنون بعد إفاقته للية ال ّ
والجنون مرض ،وعن المام أحمد مثل ذلك بالنّسبة
للمجنون .
شهر كان وإن أفاق المجنون في أيّ يوم من أيّام ال ّ
شهر استحسانا ً عند عليه قضاء ما مضى من ال ّ
الحنفيّة ،والقياس أنّه ل يلزمه ،وهو قول زفر .
مد فقال :ل قضاء لما فات في الجنون وفّرق مح ّ
ي ،ويجب القضاء إذا كان الجنون عارضا ً . الصل ّ
شافعيّة والحنابلة ل قضاء لما فات زمن وعند ال ّ
الجنون للحديث المتقدّم -ويجب القضاء عند
المالكيّة .ويجب القضاء على المغمى عليه لما فات
عند الجميع .
ن أو أغمي عليه فيه ،فإنّه ما اليوم الّذي ج ّ - 31أ ّ
صيام يعتبر مدركا ً لصيام هذا اليوم إن كان نوى ال ّ
من اللّيل ،ول قضاء عليه ،وهذا عند الحنفيّة .
ن أو أغمي عليه بعد الفجر ، وعند المالكيّة :إن ج ّ
واستمّر الجنون أو الغماء أكثر اليوم فعليه القضاء ،
وإن كان بعد الفجر ولم يستمّر نصف يوم فأق ّ
ل
أجزأه ،ول قضاء عليه .وإن كان الغماء أو الجنون
مع الفجر أو قبله فالقضاء مطلقا ً ،لزوال العقل
شافعيّة في الظهر ،وهو قول وقت النّيّة .وعند ال ّ
ة
ن الغماء ل يضّر صومه إذا أفاق لحظ ً الحنابلة :أ ّ
أي لحظة كانت ،اكتفاءً بالنّيّة مع الفاقة من نهار ّ ،
في جزء .
شافعيّة :يضّر مطلقا ً ،والثّالث :ل يضّر والثّاني لل ّ
إذا أفاق أوّل النّهار .
465
ن ففيه قولن :في الجديد مج ّ صوم ث ّ
وإن نوى ال ّ
صلة صوم ،لنّه عارض يسقط فرض ال ّ يبطل ال ّ
صوم ،وقال في القديم :هو كالغماء . فأبطل ال ّ
وعند الحنابلة :الجنون كالغماء يجزئ صومه إذا
كان مفيقا ً في أيّ لحظة منه مع تبييت النّيّة .
ما اليوم الّذي تحدث فيه الفاقة من الجنون أو - 32أ ّ
الغماء ،فعند الحنفيّة :أن المجنون جنونا ً عارضا ً لو
صوم أجزأه . أفاق في النّهار قبل الّزوال ،فنوى ال ّ
ي خلف ،ويجزئ في الغماء بل وفي الجنون الصل ّ
خلف .
وعند المالكيّة :إن أفاق قبل الفجر أجزأ ذلك اليوم
صيام بالنّسبة للمجنون والمغمى عليه ،وإن عن ال ّ
سابق . كانت الفاقة بعد الفجر فهو على التّفصيل ال ّ
شافعيّة :إن أفاق المجنون في النّهار فعلى وعند ال ّ
ب له المساك ،وهذا ح ل قضاء عليه ،ويستح ّ الص ّ
في وجه .وفي الوجه الثّاني :يجب القضاء ،أ ّ
ما
المغمى عليه فإذا أفاق أجزأه .وعند الحنابلة في
قضاء اليوم الّذي أفاق فيه المجنون وإمساكه
ح صومه إن أفاق ما المغمى عليه فيص ّ روايتان ،أ ّ
في جزء من النّهار .
ج: ثالثا ً :بالنّسبة للح ّ
م
ج ،وطرأ عليه جنون أو إغماء ث ّ - 33من أحرم بالح ّ
ج
أفاق منه قبل الوقوف بعرفة ،ووقف ،أجزأه الح ّ
ج لجنون أو باتّفاق .وكذلك من لم يحرم بالح ّ
إغماء ،ولكنّه أفاق من قبل الوقوف ،وأحرم ووقف
بعرفة أجزأه ،على تفصيل في وجوب الجزاء عليه .
ومثل ذلك أيضا ً المجنون الّذي أحرم عنه وليّه ،أو
المغمى عليه -عند من يقول بجواز الحرام عنه
شافعيّة -إذا أفاقا قبل الوقوف كالحنفيّة وبعض ال ّ
466
ج ،ومن وقف بعرفة وهو مجنون ووقفا أجزأهما الح ّ
مى عليه بعد أن أحرم وهو مفيق ،أو أحرم أو مغ ً
شافعيّة :كان وليّه عنه فعند المالكيّة وبعض ال ّ
جهما صحيحا ً ،مع الختلف بين وقوعه فرضا ً أو ح ّ
ج المغمى عليه صحيحا ً ، نفل ً .وعند الحنفيّة كان ح ّ
وفي المجنون خلف .
وينظر تفصيل جميع ما مّر في العبادات في :
ج ،جنون ،إغماء ) . ( صلة ،صوم ،ح ّ
تدارك المريض العاجز عن اليماء :
صلة برأسه لركوعه - 34من عجز عن اليماء في ال ّ
وسجوده أومأ بطرفه ( عينه ) ونوى بقلبه ،لحديث
ي رضي الله عنه « :يصلّي المريض قائما ً ،فإن عل ّ
لم يستطع صلّى جالسا ً ،فإن لم يستطع صلّى على
جنبه مستقبل القبلة ،فإن لم يستطع صلّى مستلقياً
على قفاه ،ورجله إلى القبلة ،وأومأ بطرفه » .
وهذا متّفق عليه بين الفقهاء .فإن عجز عن اليماء
صلة بطرفه أومأ بأصبعه ،فإن لم يستطع أتى بال ّ
بقدر ما يطيق ولو بنيّة أفعالها ،ول تسقط عنه أبداً
صلة بأن ما دام معه شيء من عقل ،ويأتي بال ّ
صلة بقلبه مستحضرا ً الفعال والقوال إن يقصد ال ّ
ف الل ّ ُ
ه عجز عن النّطق ،لقوله تعالى { :ل يُكَل ِّ ُ
سا ً إل ّ و ْ
سعَها } . نَْف َ
شافعيّة والحنابلة وزفر من وهذا عند المالكيّة وال ّ
الحنفيّة .
وعند الحنفيّة غير زفر :اليماء يكون بالّرأس فقط
سجود ن فرض ال ّ ول يكون بعينيه أو جبينه أو قلبه ،ل ّ
ل يتأتّى بهذه الشياء ،بخلف الّرأس لنّه يتأدّى به
خر سجود ،فمن عجز عن اليماء برأسه أ ّ فرض ال ّ
صلة ،وإن مات على ذلك الحال ل شيء عليه ، ال ّ
467
صحيح أنّه يلزمه قضاء يوم وليلة ل غير وإن برأ فال ّ
نفيا ً للحرج .
ساهي : تدارك النّاسي وال ّ
سهو إن وقع في ترك مأمور لم - 35النّسيان أو ال ّ
يسقط ،بل يجب تداركه .فمن نسي صلةً أو صوماً
أو زكاةً أو كّفارةً أو نذرا ً وجب عليه الداء إن
أمكن ،أو أن يتداركه بالقضاء بل خلف ،لقول
ن نسي صلةً أو م ْ ي صلى الله عليه وسلم َ « : النّب ّ
نام عنها ،فكّفارتُها أن يصلّيها إذا ذ َكََرها » .
ة في الوقت ، صلة أداءً إذا أدّى منها ركع ً وتكون ال ّ
أو التّحريمة على الخلف في ذلك .
وإذا فات الوقت تداركها بالقضاء .وينظر تفصيل
ذلك في ( :صلة ،صوم ،زكاة ) .
صوم
ٍ تدارك من أفسد عبادة ً شرع فيها من صلةٍ أو
أو حٍج :
ن من أفسد عبادة - 36ل خلف بين الفقهاء في أ ّ
مفروضة وجب عليه أداؤها إن كان وقتها يسعها
صلة ،أو القضاء إن خرج الوقت أو كان ل يسعها كال ّ
ج لعدم صيام والح ّ صلة إن خرج الوقت ،وكال ِّ كال ّ
اتساع الوقت .
شروع فيه عند أما التطوع بالعبادة فإنها تلزم بال ّ
الحنفية والمالكية ،ويجب إتمامها ،وعند الشافعية
شروع ،ويستحب التمام فيما والحنابلة :ل تجب بال ّ
شروع ،ويجب ج والعمرة فيلزمان بال ّ عدا الح ّ
إتمامهما ،وعلى ذلك فمن دخل في عبادة تطوّع
وأفسدها وجب عليه قضاؤها عند الحنفية والمالكية
مالَكُم } . َ
لقوله تعالى { :ول تُبْطِلُوا أع ْ َ
ول يجب القضاء عند الشافعية والحنابلة في غير
ج والعمرة لما روت « عائشة رضي الله تعالى الح ّ
468
ي رسول الله صلى الله عليه عنها قالت :دخل عل َّ
وسلم فقال :هل عندك شيء ؟ فقلت :ل ،فقال :
ي يوما ً آخر فقال :هل إنّي إذا ً أصوم ،ثم دخل عل َّ
عندك شيء ؟ فقلت :نعم ،فقال :إذا ً أفطر ،وإن
كنت قد فرضت الصوم » .
ج والعمرة فيجب قضاؤهما إذا أفسدهما ، أما الح ّ
لن الوصول إليهما ل يحصل في الغالب إل بعد كلفة
شروع . عظيمة ،ولهذا يجبان بال ّ
تدارك المرتد ّ لما فاته :
- 37ما فات المرتد ّ من العبادات أيّام الّردّة ل يجب
عليه قضاؤه ،إذا تاب ورجع إلى السلم ،لنّه غير
شريعة ،ولقوله تعالى { :قُ ْ
ل مخاطب بفروع ال ّ
َ
سلَف } ، ن يَنْتَهُوا يُغَْفْر لَهم ما قَد َ لِل ّذِي َ
ن كََفُروا إ ِ ْ
بج ُّم يَ ُي صلى الله عليه وسلم « :السل ُ ولقول النّب ّ
ما قَبْلَه » .وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ،
شافعيّة يجب عليه قضاء ما فاته أيّام ردّته وعند ال ّ
ن المرتد ّ كان مقّرا ً بإسلمه ولنّه ل من عبادات ،ل ّ
يستحقّ التّخفيف .
- 38وما فاته أيّام إسلمه من عبادات قبل ردّته
وحال إسلمه ،يجب عليه قضاؤه بعد توبته من
الّردّة ،لستقرار هذه العبادات عليه حال إسلمه ،
شافعيّة والحنابلة . وهذا عند الحنفيّة وال ّ
وعند المالكيّة :ل يطالب بما فاته قبل ردّته ،
فالّردّة تسقط ما كان عليه من صلة وصيام إل ّ الح ّ
ج
الّذي تقدّم منه ،فإنّه ل يبطل ،ويجب عليه إعادته
إذا أسلم ،لبقاء وقته وهو العمر .
- 39وإذا رجع المرتد ّ إلى السلم وأدرك وقت صلة
،أو أدرك جزءا ً من رمضان وجب عليه أداؤه .
===============
469
تذكية *
التّعريف :
- 1التّذكية في اللّغة :مصدر ذكّى ،والسم
شيء والذ ّبح .ومنه ( الذ ّكاة ) ومعناها :إتمام ال ّ
مهقوله عليه الصلة والسلم « :ذكاة الجنين ذكاة أ ّ
».
ل أكل صل لح ّ سبب المو ّ وفي الصطلح :هي ال ّ
الحيوان البّريّ اختيارا ً .
هذا تعريف الجمهور ،ويعرف عند الحنفيّة :بأنّه
ل أكله شرعيّة لبقاء طهارة الحيوان ،وح ّ سبيل ال ّ ال ّ
ل النتفاع بجلده وشعره إن كان إن كان مأكول ً ،وح ّ
غير مأكول .
أنواع التّذكية :
م ،يشمل :الذ ّبح ،والنّحر ، التّذكية لفظ عا ّ
ل موطنه على النّحو التّالي : صيد ،ولك ّ والعقر ،وال ّ
أ -الذ ّبح :
شقّ .وعند الفقهاء :قطع ة :ال ّ - 2الذ ّبح لغ ً
الحلقوم من باطن عن المفصل بين العنق والّرأس
ص من .ويستعمل في ذكاة الختيار ،فهو أخ ّ
التّذكية ،حيث إنّها تشمل ذكاة الختيار والضطرار .
ب -النّحر :
- 3نحر البعير :طعنه في منحره حيث يبدأ الحلقوم
صدر ،قال في المغني :معنى النّحر أن من أعلى ال ّ
يضرب البعير بالحربة أو نحوها في الوهدة الّتي بين
أصل عنقها وصدرها .فهو قطع العروق في أسفل
ن
صدر ،وبهذا يفترق عن الذ ّبح ،ل ّ العنق عند ال ّ
القطع في أعلى العنق .والنّحر نوع آخر من أنواع
التّذكية الختياريّة .
ج -العقر :
470
- 4العقر :هو الجرح .
ويستعمله الفقهاء في :تذكية حيوان غير
مقدورعليه بالطّعن في أيّ موضع وقع من البدن.
وبهذا يختلف عن الذ ّبح والنّحر ،لنّهما تذكية
اختيارا ً ،والعقر تذكية ضرورةً .
صيد : د -ال ّ
ري
صيد :هو إزهاق روح الحيوان الب ّ ّ - 5ال ّ
حش ،بإرسال نحو سهم أو كلب أو صقر. المتو ّ
ي:الحكم الجمال ّ
- 6التّذكية سبب لباحة أكل لحم الحيوان غير
المحّرم والّذي من شأنه الذ ّبح ،سواء أكانت بالذ ّبح
ما ما ليس من شأنه الذ ّبح أم النّحر أم العقر .أ ّ
سمك والجراد فيحّلن بل ذكاة .ويشترط في كال ّ
المذكّي عند الفقهاء :أن يكون مسلما ً أو كتابيّا ً ،
كما يشترط عند الجمهور - :الحنفيّة والمالكيّة
شافعيّة : -أن يكون والحنابلة ،وهو رواية عند ال ّ
المذكّي مميّزا ً ،ليعقل التّسمية والذ ّبح .وفي
شافعيّة :ل يشترط التّمييز . الظهر عند ال ّ
-7وجمهور الفقهاء -الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة -
على أنّه تشترط التّسمية وقت التّذكية إل ّ إذا نسيها
شافعيّة باستحباب التّسمية وقت التّذكية . .وقال ال ّ
ل محدّد يجرح ،كحديد ونحاس وذهب ل الذ ّبح بك ّ ويح ّ
ن والظّفر س ّوخشب وحجر وزجاج ،ول يجوز بال ّ
القائمين اتّفاقا ً .
ما إذا كانا منفصلين ففيه خلف ،وتفصيله في أ ّ
مصطلح ( :ذبائح ) .
مواطن البحث :
471
صيد - 8ذكر الفقهاء أحكام التّذكية في أبواب ال ّ
والذ ّبائح والضحيّة ،وذكر المالكيّة أحكامها في باب
الذ ّكاة .
================
تذكّر *
التّعريف :
ي، س َ - 1التّذكير والتّذكّر :من مادّة ذ َكََر ،ضد ّ ن َ ِ
شيء بعد نسيان ،وذكرته بلساني ، يقال :ذكرت ال ّ
وقلبي ،وتذكّرته ،وأذكرته غيري ،وذكّرته تذكيرا ً .
ي ل يخرج عن المعنى شرع ّ وهو في الصطلح ال ّ
اللّغويّ .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
سهو : أ -ال ّ
شيء والغفلة عنه سهو في اللّغة :نسيان ال ّ - 2ال ّ
صلة : سهو عن ال ّ وذهاب القلب إلى غيره ،فال ّ
سهو من الغفلة عن شيء منها ،قال ابن الثير :ال ّ
سهو عنه :تركه مع شيء :تركه عن غير علم ،وال ّ ال ّ
صلتِهم ن هم عن َ العلم ،ومنه قوله تعالى { :الّذي َ
ساهُون } .واصطلحا ً ،قال صاحب المواقف : َ
صورة عن المدركة مع بقائها في سهو زوال ال ّ ال ّ
شيء ،بحيث لو الحافظة ،وقيل :هو الذ ّهول عن ال ّ
نبّه له أدنى تنبيه لتنبّه .
سهو لو نبّه صاحبه لم يتنبّه . ن ال ّوفي المصباح :إ ّ
ب -النّسيان :
- 3النّسيان :ضد ّ الذ ّكر والحفظ ،يقال :نسيه نسياً
شيء عن ذهول وغفلة ، ،ونسيانا ً ،وهو ترك ال ّ
ويطلق مجازا ً على التّرك عن عمد ،ومنه قوله
تعالى {:نسوا اللّه فنسيهم } أي تركوا أمر اللّه
فحرمهم رحمته .ويقال :رجل نسيان أي :كثير
472
النّسيان والغفلة .واصطلحا ً :هو الذ ّهول عن
شيء شيء ،لكن ل يتنبّه له بأدنى تنبيه ،لكون ال ّ ال ّ
قد زال من المدركة والحافظة معا ً ،فيحتاج إلى
سبب جديد .
ي:الحكم الجمال ّ
تذكّر المصلّي لصلته بعد الكل فيها :
- 4قال الحنابلة والمالكيّة :ل تبطل صلة من أكل
ن اللّه وضع ناسيا ً وإن كثر ،واستدلّوا بحديث « :إ ّ
متي الخطأ ،والنّسيان ،وما استكرهوا عليه » عن أ ّ
صلة ناسياً .وذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا أكل في ال ّ
شافعيّة بين القليل ل .وفّرق ال ّ بطلت صلته ،وإن ق ّ
والكثير ،فإن كان ناسيا ً فل تبطل صلته إذا كان
قليل ً .وينظر تفصيل ذلك في ( :صلة ) ( ونسيان )
.
سهو المام :
- 5قال الحنفيّة :إذا أخبره عدلن بعدم التمام ل
ما إذا أخبره يعتبر شكّه ،وعليه الخذ بقولهم .أ ّ
عدل في صلة رباعيّة مثل ً أنّه ما صلّى أربعا ً ،وش ّ
ك
ما إذا كذ ّبه ،فل في صدقه وكذبه أعاد احتياطا ً .أ ّ
يعيد .وإن اختلف المام والقوم فإن كان على يقين
لم يعد ،وإل ّ أعاد بقولهم .وقال المالكيّة :إذا
أخبرته جماعة مستفيضة ،يفيد خبرهم العلم
ضروريّ بتمام صلته أو نقصها ،فإنّه يجب عليه ال ّ
الّرجوع لخبرهم ،سواء كانوا من مأموميه أو من
غيرهم ،وإن تيّقن كذبهم .وإن أخبره عدلن فأكثر
فإنّه يعمل بالخبر إن لم يتيّقن خلف ذلك ،وكانا من
مأموميه .فإن لم يكونا من مأموميه فل يرجع
لخبرهما ،بل يعمل على يقينه .
473
ما المنفرد والمأموم فل يرجعان لخبر العدلين ، أ ّ
وإن أخبر المام واحد ،فإن أخبر بالتّمام فل يرجع
ما إذا أخبره لخبره ،بل يبني على يقين نفسه ،أ ّ
بالنّقص رجع لخبره .
ك هل صلّى ثلثا ً أو ن المام إذا ش ّ شافعيّة :إ ّ وقال ال ّ
ل ،ول يعمل بتذكير غيره ،ولو أربعا ً ؟ أخذ بالق ّ
كانوا جمعا ً غفيرا ً كانوا يرقبون صلته .ول فرق
عندهم بين أن يكون التّذكير من المأمومين أو من
ك أحدُكم في غيرهم .واستدلّوا بخبر « :إذا ش ّ
صلته فلم يَد ْ ِر أصلّى ثلثا ً أم أربعا ً ؟ فليطرح
ن على ما استيقن » .وقد أجابوا عن ْ ش ّ ال ّ
ك ،وليَب ِ
المراجعة بين الّرسول صلى الله عليه وسلم
صلة في خبر ذي اليدين ،بأنّه صحابة ،وعوده لل ّ وال ّ
لم يكن من باب الّرجوع إلى قول الغير ،وإنّما هو
محمول على تذكّره بعد مراجعته لهم ،أو لنّهم
بلغوا حد ّ التّواتر الّذي يفيد اليقين ،أي العلم
ضروريّ ،فرجع إليهم . ال ّ
وذهب الحنابلة إلى أنّه :إذا سبّح اثنان يثق بقولهما
لتذكيره ،لزمه القبول والّرجوع لخبرهما ،سواء
ن
غلب على ظنّه صوابهما أو خلفه .وقالوا :إ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :رجع إلى قول
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في حديث « ذي
ق ما قال ذو اليدين ؟ فقال : ما سألهما :أح ّ اليدين ل ّ
نعم » مع أنّه كان شاكّا ً فيما قاله ذو اليدين بدليل
ين النّب ّ
حة قوله ،ول ّ أنّه أنكره ،وسألهما عن ص ّ
صلى الله عليه وسلم أمر بالتّسبيح ليذكّروا المام ،
ويعمل بقولهم .ولحديث ابن مسعود رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم :صلّى فزاد أو ن النّب ّ «أ ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّ
نقص » ...الحديث ،وفيه أ ّ
474
وسلم قال « :إنّما أنا بشر أنسى كما تنسون ،فإذا
نسيت فذكّروني » .
وإن سبّح واحد لتذكيره لم يرجع إلى قوله ،إل ّ أن
يغلب على ظنّه صدقه ،فيعمل بغالب ظنّه ،ل
ي صلى الله عليه وسلم لم ن النّب ّبتسبيح الغير ،ل ّ
يقبل قول ذي اليدين وحده .
ن
ة بالتّسبيح لم يرجع إلى قولهم ،ل ّ وإن ذكّره فَ َ
سَق ٌ
شرع .قولهم غير مقبول في أحكام ال ّ
صائم لصومه وهو يأكل : تذكّر ال ّ
ن من أكل أو شرب وهو - 6يرى جمهور الفقهاء أ ّ
م تذكّر وأمسك لم يفطر ،لما روى أبو صائم ،ث ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « : هريرة أ ّ
م صومه ،فإنّما من أكل ناسيا ً وهو صائم ،فليت ّ
أطعمه اللّه وسقاه » .وفي رواية أخرى « :من
أكل أو شرب ناسيا ً فل يفطر ،فإنّما هو رزق رزقه
اللّه » .
ي رضي الله عنه :ل شيء على من أكل وقال عل ّ
ناسيا ً وهو صائم .
صوم عبادة ذات تحريم وتحليل ،فكان من ن ال ّ
ول ّ
صلة ،وهو محظوراته ما يخالف عمده سهوه كال ّ
يقول أبي هريرة وابن عمر ،وطاووس والوزاع ّ
والثّوريّ وإسحاق .
وقال بعض الفقهاء :يشترط أن يكون الكل أو
شرب قليل ً ،فإن كان كثيرا ً أفطر . ال ّ
وعند المالكيّة :إن أكل أو شرب ناسيا ً فقد أفطر ،
وينظر التّفصيل في مصطلح ( :صوم ) .
تذكّر القاضي لحكم قضاه :
ن القاضي إذا رأى - 7ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
خطأ ً في حكمه ،لم يعتمد عليه في إمضاء الحكم
475
حتّى يتذكّر ،لنّه حكم حاكم لم يعلمه ،ولنّه يجوز
فيه التّزوير عليه وعلى ختمه ،فلم يجز إنفاذه إلّ
ببيّنة كحكم غيره .
ي وأحمد شافع ّ وإلى هذا ذهب المام :أبو حنيفة وال ّ
في إحدى روايتين عنه .
وفي رواية عن أحمد :إذا كان الحكم عنده ،وتحت
يده جاز العتماد عليه ،لنّه في هذه الحالة ل
مد بن يحتمل التّغيير فيه ،وأجاز أبو يوسف ومح ّ
ط إذا عرف أنّه خطّه ،ولو لم الحسن العمل بالخ ّ
ن الغلط ط بيده ،ل ّ يتذكّر الحادثة ،وإن لم يكن الخ ّ
نادر في مثل ذلك ،وأثر التّغيير يمكن الطّلع عليه ،
ل وجه ،فإذا تيّقن أنّه ط من ك ّوقلّما يتشابه الخ ّ
ة على النّاس . خطّه جاز العتماد عليه ،توسع ً
ن هذا حكمه ما إذا شهد عدلن عند القاضي :بأ ّ أ ّ
ولم يتذكّر ،فقد اختلف الفقهاء في العمل بقولهما :
مد بن الحسن :يلزمه فقال المالكيّة وأحمد ومح ّ
العمل بذلك وإمضاء الحكم .
وقالوا :إنّه لو شهدا عنده بحكم غيره قبل ،فكذلك
يقبل إذا شهدا عنده بحكم نفسه .ولنّهما شهدا
شافعيّة بحكم حاكم ،فيجب قبول شهادتهما .وقال ال ّ
:إنّه ل يعمل بقولهما حتّى يتذكّر.
شهادة وعدمه : تذكّر ال ّ
شاهد ال ّ
شاهد بخطّه شهادةً أدّاها عند حاكم ، - 8إذا رأى ال ّ
شافعيّة ،وهي ولم يتذكّر الحادثة ،فعند المالكيّة وال ّ
إحدى روايتين عن أحمد :لم يشهد على مضمونها
حتّى يتذكّر ،وإن كان الكتاب محفوظا ً عنده لمكان
التّزوير .
وفي رواية أخرى عن أحمد :أنّه إذا عرف خطّه
شهد به ،وهو رأي أبي يوسف من الحنفيّة.
476
تذكّر الّراوي للحديث وعدمه :
شخص أن يروي ما رواية الحديث ،فإنّه يجوز لل ّ -9أ ّ
ط المحفوظ عنده ، مضمون خطّه اعتمادا ً على الخ ّ
لعمل العلماء به سلفا ً وخلفا ً .وقد يتساهل في
الّرواية ،لنّها تقبل من المرأة والعبد ،بخلف
شافعيّة .شهادة .هذا عند ال ّ ال ّ
طوقال المام أبو حنيفة :ل يعمل بها لمشابهة الخ ّ
ط ،وخالفه صاحباه . بالخ ّ
===============
تراب المعادن *
التّعريف :
ما التّراب : ي،أ ّ - 1تراب المعادن :مركّب إضاف ّ
ما المعادن : فهو ظاهر الرض ،وهو اسم جنس .وأ ّ
فهي جمع معدن -بكسر الدّال -وهو كما قال اللّيث
ل شيء يكون فيه أصله ومبدؤه كمعدن :مكان ك ّ
ضة .
الذ ّهب والف ّ
ي وابن
ما عند الفقهاء فهو ،كما عّرفه الّزيلع ّ وأ ّ
ة .وقالعابدين :اسم لما يكون في الرض خلق ً
ن المعدن له إطلقان :أحدهما ي:إ ّ شافع ّ ي ال ّالّرمل ّ
على المستخرج ،والخر على المخرج منه .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
صاغة : أ -تراب ال ّ
- 2وهو -كما عّرفه المالكيّة -الّرماد الّذي يوجد
صاغة ،ول يدرى ما فيه .والفرق بين في حوانيت ال ّ
صاغة ن تراب ال ّ صاغة وتراب المعدن ،هو أ ّ تراب ال ّ
هو المتساقط من المعدن مختلطا ً بتراب أو رمل أو
ما تراب المعدن فهو ما يتساقط من نحوهما ،أ ّ
جوهر المعدن نفسه دون أن يختلط بجوهر آخر .
ب -الكنز :
477
- 3هو في الصل مصدر كنز ،ومعناه في اللّغة :
جمع المال وادّخاره ،وجمع التّمر في وعائه ،
ة بالمصدر ، والكنز أيضا ً :المال المدفون تسمي ً
والجمع كنوز كفلس وفلوس .
ما عند الفقهاء فهو :اسم لمدفون العباد . وأ ّ
ج -الّرِكاز :
- 4الّركاز معناه في اللّغة :المال المدفون في
الجاهليّة ،وهو على وزن فعال ،بمعنى مفعول
كالبساط بمعنى المبسوط ،ويقال هو المعدن .
ما عند الفقهاء فهو :اسم لما يكون تحت الرض وأ ّ
م من ة أو بدفن العباد .فالّركاز بهذا المعنى أع ّ خلق ً
ة فيهما مشتركا ً معنويّا ً ، المعدن والكنز ،فكان حقيق ً
شافعيّة بكونه دفين صا ً بالدّفين .وقيّده ال ّ
وليس خا ّ
الجاهليّة .
أنواع المعادن :
- 5للمعادن أنواع ثلثة :
ضة والحديد -أ -جامد يذوب وينطبع ،كالذ ّهب والف ّ
صفر .والّرصاص وال ّ
ص والنّورة ،والكحل -ب -جامد ل يذوب ،كالج ّ
والّزرنيخ .
مد ،كالماء والقير والنّفط . -ج -مائع ل يتج ّ
ي ومواطن البحث : الحكم الجمال ّ
صة بتراب المعادن في ذكر الفقهاء الحكام الخا ّ
مواطن نجملها فيما يلي :
أ -تغيّر الماء بتراب المعادن :
ن تغيّر الماء - 6ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ
المطلق بتراب المعدن ل يضّر ،ويجوز التّطهّر به ،
شافعيّة لنّه تغيّر بما هو من أجزاء الرض .وذهب ال ّ
ن الماء المتغيّر بما ل يمكن صونه والحنابلة إلى :أ ّ
478
عنه من تراب المعادن ،بأن يكون في مقّره أو
ممّره ل يمنع التّطهّر به ،ول يكره استعماله فيه .
والتّفصيل في مصطلح ( :مياه ) .
مم بتراب المعادن : ب -حكم التّي ّ
مم ح التّي ّشافعيّة والحنابلة إلى :أنّه ل يص ّ - 7ذهب ال ّ
إل ّ بتراب طاهر ،أو برمل فيه غبار يعلق باليد ،وأ ّ
ما
ممح التّي ّصخر وسائر المعادن فل يص ّ ما ل غبار له كال ّ
بها ،لنّها ليست في معنى التّراب .ويجوز عند أبي
ل ما ل ينطبع ول يلين من المعادن ، مم بك ّ حنيفة التّي ّ
ص والنّورة والكحل والّزرنيخ ،سواء التصق كالج ّ
على يده شيء منها أو لم يلتصق .
ما المعادن الّتي تلين وتنطبع ،كالحديد والنّحاس وأ ّ
مم بها إل ّ في محالّها ضة ،فل يجوز التّي ّ والذ ّهب والف ّ
مم حينئذ ن التّي ّ
،بشرط أن يغلب عليها التّراب ،ل ّ
يكون بالتّراب ل بها ،ولنّها ليست من جنس الرض
.
مم إل ّ بالتّراب ما عند أبي يوسف :فل يجوز التّي ّ وأ ّ
والّرمل في رواية ،أو بالتّراب فقط في رواية أخرى
مم بالمعادن المنطبعة .ويجوز عند المالكيّة التّي ّ
وغير المنطبعة ما لم تنقل من محالّها ،لنّها من
أجزاء الرض باستثناء معدن النّقدين ،وهما :تبر
ضة .والجواهر النّفيسة كالياقوت الذ ّهب ونقار الف ّ
ما ل يقع به التّواضع للّه واللّؤلؤ والّزمّرد والمرجان م ّ
مم ) . .والتّفصيل في مصطلح ( :تي ّ
ج -زكاة تراب المعادن :
ن الّزكاة تجب في معدني : - 8اتّفق الفقهاء على أ ّ
ما غيرهما من المعادن ،ففي ضة .أ ّ الذ ّهب والف ّ
وجوب الّزكاة فيه ووقت وجوبها ،تفصيل ينظر في
مصطلح ( :زكاة ) .
479
د -بيع بعضه ببعض :
ما أن يكون من صنف واحد ، - 9تراب المعادن :إ ّ
ما أن يصّفى ما أن يكون من أصناف متعدّدة ،وإ ّ وإ ّ
ويميّز ما فيه أو ل .فإن كان من صنف واحد ،فل
يجوز بيع بعضه ببعض ،كتراب ذهب بتراب ذهب
عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة للجهل بالمماثلة .
ضة ،فإنّه وإن كان من أصناف كتراب ذهب بتراب ف ّ
يجوز بيعه عند الحنفيّة والمالكيّة لخّفة الغرر فيه ،
ولعدم لزوم العلم بالمماثلة ،ويكره بيعه عند
الحنابلة لنّه مجهول .
شافعيّة :فل يجوز عندهم بيع تراب المعدن ما ال ّوأ ّ
ضة منه ،سواء أباعه قبل تصفيته وتمييز الذ ّهب والف ّ
ن المقصود النّقد وهو ضة أم بغيرهما ،ل ّ بذهب أم بف ّ
مجهول أو مستور بما ل مصلحة له فيه في العادة ،
ح بيعه فيه ،كبيع اللّحم في الجلد بعد الذ ّبح فلم يص ّ
سلخ .والتّفصيل في مصطلح ( :بيع ) وقبل ال ّ
( وربا ً ) ( وصرف ) .
================
تراب *
التّعريف :
- 1التّراب :ما نعم من أديم الرض .بهذا عّرفه
المعجم الوسيط ،وهو اسم جنس ،وقال المبّرد :
هو جمع واحده ترابة ،وجمعه أتربة وتربان ،وتربة
الرض :ظاهرها .
شيء :وضعت عليه التّراب ،وتّربته تتريباً وأتربت ال ّ
فتتّرب :أي تلطّخ بالتّراب .ويقال :تَرِب الّرجل :
إذا افتقر ،كأنّه لصق بالتّراب ،وفي الحديث « :
ت يَداك » وليس المراد به ن تَرِب َ ْ فاظَْفْر بذا ِ
ت الدّي ِ
480
ث والتّحريض .ويقال :أترب الّرجل الدّعاء ،بل الح ّ
:أي استغنى ،كأنّه صار له من المال بقدر التّراب .
وفي المصطلحات العلميّة والفنّيّة :أنّه جزء الرض
ي المتجانس التّركيب ،أو الّذي تتناوله آلت سطح ّ ال ّ
الحراثة .
ي عن المعنى اللّغويّ . ول يخرج المعنى الصطلح ّ
ن الّرمل مم أ ّ ويفهم من كلم الفقهاء في باب التّي ّ
صخر ليسا من التّراب ،وإن أعطيا حكمه ونحاتة ال ّ
في بعض المذاهب .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
صعيد : ال ّ
صعيد :وجه الرض ترابا ً كان أو غيره ،قال - 2ال ّ
جاج :ول أعلم اختلفا ً بين أهل اللّغة في ذلك . الّز ّ
م من التّراب . صعيد أع ّ وعلى هذا يكون ال ّ
ي: الحكم التّكليف ّ
مم : أ -في التّي ّ
ل تراب ح بك ّ
مم يص ّ ن التّي ّ - 3اتّفق الفقهاء على أ ّ
موام ُطاهر فيه غبار يعلق باليد ،لقوله تعالى { :فَتَي َ َّ
جوهِكم وأَيدِيْكم منه } حوا بِو ُ س ُم َ صعِيدا ً طَيِّبَا ً فَا ْ َ
ولقوله صلى الله عليه وسلم :
ُ
لن أحد ٌ قبلي :كان ك ّ سا ً لم يُعْطَه ّ م َ خ ْت َ « أعطي ُ
ل أحمَر ت إلى ك ّ ة ،وبُعث ُ ص ًإلى قومه خا ّ ي يُبعث نب ّ
ح َّ َ ُ
ل لحد قَبْلي ، م ولم ت َ ِ ت لي الغنائ ُ وأسود َ ،وأحل ّ ْ
ة طهورا ً ومسجدا ً ،فأيّما ض طيّب ً ت لي الر ُ جعل ْ و ُ
تصلة صلّى حيث كان ،ونُصر ُ ل أدركته ال ّ رج ٍ
ة
شفاع َ ت ال ّ يدي مسيرة شهر ،وأعطي ُ ّ بالُّرع ْب بين
مم بما عدا التّراب ، حة التّي ّ » .واختلفوا في ص ّ
كالنّورة والحجارة والّرمل والحصى والطّين الّرطب
ما هو من جنس صص ،وغير ذلك م ّ والحائط المج ّ
481
ممحة التّي ّ الرض :فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى ص ّ
شافعيّة والحنابلة بهذه الشياء المذكورة .ويرى ال ّ
ح إل ّ بالتّراب الطّاهر ذي الغبار مم ل يص ّ ن التّي ّأ ّ
شافعيّة ، ح برمل فيه غبار عند ال ّ العالق .وكذا يص ّ
وفي قول القاضي من الحنابلة .والتّفاصيل يرجع
مم ) .إليها في مصطلح ( تي ّ
ب -في إزالة النّجاسة :
ن ما نجس شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ - 4ذهب ال ّ
بملقاة شيء ،من كلب أو خنزير أو ما تولّد منهما
ن بالتّراب أو من أحدهما ،يغسل سبع مّرات :إحداه ّ
.سواء كان ذلك لعابه أو بوله أو سائر رطوباته أو
ي صلى أجزاءه الجافّة إذا لقت رطبا ً ،لقول النّب ّ
الله عليه وسلم :
« طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله
ن بالتّراب » وفي رواية « : سبع مّرات ،أوله ّ
ن بالتّراب » وفي أخرى { وعّفروه الثّامن َ
ة خراه أُ
ّ
بالتّراب } وألحق الخنزير بالكلب لنّه أسوأ حال ً .
خنزير
ٍ م ولهذا قال اللّه تعالى في حّقه { :أو لح َ
س}. ج ٌ فإنَّه رِ ْ
ة أخرى بوجوب غسل وروي عن المام أحمد رواي ً
ن
نجاسة الكلب والخنزير ثماني مّرات إحداه ّ
البصري ،لقوله ّ بالتّراب ،وإلى هذا ذهب الحسن
صلى الله عليه وسلم في بعض روايات الحديث « :
م التّراب ة بالتّراب » ويشترط أن يع ّ وعّفروه الثّامن َ
ل ،وأن يكون طاهرا ً ،وأن يكون قدرا ً يكدّر المح ّ
الماء ،ويكتفي بوجود التّراب في واحدة من
ب أن يكون في غير سبع ،ولكن يستح ّ الغسلت ال ّ
الخيرة ،وجعله في الولى أولى .
482
والظهر تعيّن التّراب جمعا ً بين نوعي الطّهور .فل
يكفي غيره ،كأشنان وصابون .
ومقابله أنّه ل يتعيّن التّراب .ويقوم ما ذكر ونحوه
مقامه .
وهناك رأي ثالث :بأنّه يقوم مقام التّراب عند فقده
ضرورة ،ول يقوم عند وجوده . لل ّ
وفي قول رابع :أنّه يقوم مقامه فيما يفسده التّراب
،كالثّياب دون ما ل يفسده .
ن الخنزير ليس كالكلب ، ويرى بعض ال ّ
شافعيّة :أ ّ
بل يكفي لزالة نجاسته غسلة واحدة من دون تراب
ن الوارد في ،كغيره من النّجاسات الخرى ،ل ّ
ما الحنفيّة
التّتريب إنّما هو في الكلب فقط .أ ّ
والمالكيّة :فيرون الكتفاء بغسل ما ولغ الكلب فيه
ن
جتهم في ذلك أ ّ من الواني من غير تتريب ،وح ّ
روايات التّتريب في الحديث مضطربة حيث وردت
ن » ،في رواية ،وفي أخرى بلفظ بلفظ « :إحداه ّ
ن»، ن » ،وفي ثالثة بلفظ « :أخراه ّ « :أوله ّ
وفي رابعة :
سابعة بالتّراب » ،وفي خامسة « وعّفروه « ال ّ
الثّامنة بالتّراب » ،والضطراب قادح فيجب طرحها
ل الّروايات .ن ذكر التّراب لم يثبت في ك ّ مإ ّ.ث ّ
والتّفاصيل يرجع إليها في مصطلح ( :نجاسة ،
وطهارة ،وصيد ،وكلب ) .
-5ويرى جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة ،وهو
ف والنّعل إذا أصابتهما ن الخ ّ رواية عن المام أحمد أ ّ
نجاسة لها جرم كالّروث فمسحهما بالتّراب
يطهّرهما .
الخدري رضي
ّ واستدلّوا لذلك بما رواه أبو سعيد
الله عنه { :أنّه صلى الله عليه وسلم صلّى يوما ً ،
483
ما
صلة ،فخلع القوم نعالهم ،فل ّ فخلع نعليه في ال ّ
فرغ سألهم عن ذلك ،فقالوا :رأيناك خلعت
نعليك ،فقال عليه الصلة والسلم :أتاني جبريل
م
ن بهما أذ ًى فخلعتهما ،ث ّ عليه السلم وأخبرني أ ّ
قال :إذا أتى أحدكم المسجد فليقلّب نعليه ،فإن
ن الرض لهما كان بهما أذ ًى فليمسحهما بالرض ،فإ ّ
طهور } .
ما ما ل جرم له من النّجاسة كالبول ففيه تفصيل وأ ّ
ينظر في مصطلح ( :نجاسة ) (،وقضاء الحاجة ) .
ن
شافعيّة ،وهو الّراجح عند الحنابلة ،فيرون أ ّ ما ال ّ أ ّ
ف أو النّعل ،وأنّه يجب غسلهما التّراب ل يطهّر الخ ّ
إذا أريد تطهيرهما .
صوم :ج -في ال ّ
ن أكل التّراب والحصاة - 6اتّفق الفقهاء على أ ّ
صوم ،وكذلك إذا وصل إلى ونحوهما عمدا ً يبطل ال ّ
الجوف عن طريق النف أو الذن أو نحوهما عمدا ً ،
ل ما يصل إلى الجوف صوم هو المساك عن ك ّ ن ال ّ ل ّ
،وفي وجوب الكّفارة في هذه الحالة عند الحنفيّة
والمالكيّة خلف وتفصيل ينظر في مبحث ( كّفارة )
.
ما الغبار الّذي يصل إلى الجوف عن طريق النف أ ّ
أو نحوه بصورة غير مقصودة فل يفطر باتّفاق
شافعيّة العلماء لمشّقة الحتراز عنه .ويرى بعض ال ّ
صائم لو فتح فاه عمدا ً حتّى دخل التّراب ن ال ّ
:أ ّ
جوفه لم يفطر لنّه معفوّ عن جنسه .والتّفاصيل
في مصطلح ( :صوم ) .
د -في البيع :
484
- 7يرى جمهور الفقهاء من المالكيّة والحنابلة وهو
من حازه ن بيع التّراب م ّشافعيّة -أ ّ الظهر عند ال ّ
جائز لظهور المنفعة فيه .
شافعيّة :ح عند ال ّ ويرى الحنفيّة ،وهو مقابل الص ّ
أنّه ل يجوز بيع التّراب لنّه ليس بمال ول مرغوب
فيه ،ولنّه يمكن تحصيل مثله بل تعب ول مؤنة .
ن الحنفيّة قيّدوه بأن ل يعرض له ما يصير به مالً لك ّ
معتبرا ً كالنّقل والخلط بغيره .والتّفاصيل في
مصطلح ( :بيع ) .
هـ -في الكل :
شافعيّة إلى حرمة أكل التّراب لمن - 8ذهب ال ّ
يضّره ،وإلى هذا ذهب المالكيّة في الّراجح عندهم .
ويرى الحنفيّة والحنابلة وبعض المالكيّة كراهة أكله .
والتّفاصيل في مصطلح ( :أطعمة ) .
==================
تربّع *
التّعريف :
- 1التّربّع في اللّغة :ضرب من الجلوس ،وهو
خلف الجثوّ والقعاء .
شخص على وركيه ،ويمد ّ ركبته وكيفيّته :أن يقعد ال ّ
اليمنى إلى جانب يمينه ،وقدمه اليمنى إلى جانب
يساره .واليسرى بعكس ذلك .واستعمله الفقهاء
بهذا المعنى .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
- 2التّربّع :غير الحتباء :والفتراش ،والِفضاء ،
والِقعاء ،والتّوّرك .
فالحتباء :أن يجلس على أليتيه ،رافعا ً ركبتيه
محتويا ً عليهما بيديه أو غيرهما .والفتراش :أن
يثني رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها ،
485
وينصب قدمه اليمنى ويخرجها من تحته ،ويجعل
بطون أصابعه على الرض معتمدا ً عليها لتكون
أطراف أصابعها إلى القبلة .
صلة هو :أن يلصق والفضاء في الجلوس في ال ّ
أليته بالرض ،وينصب رجله اليمنى وظاهر إبهامها
ما يلي الرض ،ويثني رجله اليسرى . م ّ
والقعاء :أن يلصق أليتيه بالرض ،وينصب ساقيه ،
ويضع يديه على الرض .
أو أن يجعل أليتيه على عقبيه ،ويضع يديه على
الرض .
شافعيّة :القعاء المكروه :أن يجلس ص ال ّ وفي ن ّ
شخص على وركيه ناصبا ً ركبتيه .والتّوّرك :أن ال ّ
ينصب اليمنى ويثني رجله اليسرى ،ويقعد على
الرض .
ولتمام الفائدة تنظر هذه اللفاظ في مصطلحاتها .
حكم التّربّع :
صلة : أوّل ً -التّربّع في ال ّ
أ -التّربّع في الفريضة لعذر :
ن من ل يطيق القيام ،له - 3أجمع أهل العلم على أ ّ
ي صلى الله عليه أن يصلّي جالسا ً ،وقد « قال النّب ّ
ل قائماً وسلم لعمران بن حصين رضي الله عنه :ص ّ
،فإِن لم تستطع فقاعدا ً ،فإِن لم تستطع فعلى
جنْب » وفي رواية « :فإن لم تستطع فمستلقيا ً » . َ
ن الطّاعة بحسب القدرة لقول اللّه تعالى { :ل ول ّ
سا ً إل ّ وُ ْ
سعَها } . ف الل ّ ُ
ه نَْف َ يُكَل ِّ ُ
- 4واختلفوا في هيئة الجلوس إذا عجز المصلّي عن
القيام كيف يقعد ؟
486
شافعيّة فذهب المالكيّة في المشهور عندهم ،وال ّ
في قول ،والحنابلة إلى :أنّه إذا قعد المعذور يندب
له أن يجلس متربّعا ً ،وهو رواية عن أبي يوسف .
مد عنه وهي ما ويرى أبو حنيفة -في رواية مح ّ
صلة يجلس ن المعذور إذا افتتح ال ّ ي-أ ّححها العين ّ ص ّ
ن عذر المرض يسقط الركان عنه ، كيفما شاء ،ل ّ
فلن يسقط عنه الهيئات أولى .
وروى الحسن عن أبي حنيفة :أنّه يتربّع ،وإذا ركع
يفترش رجله اليسرى ويجلس عليها .ويرى
شافعيّة في الظهر من القولين -وهو قول زفر ال ّ
من الحنفيّة -أنّه يقعد مفترشا ً .وذهب المالكيّة في
ن المعذور خرون -أ ّ قول -وهو ما اختاره المتأ ّ
يجلس كما يجلس للتّشهّد .وهناك تفاصيل فيمن له
أن يصلّي جالسا ً ،وفي هيئة الّذي ل يقدر على
الجلوس ول على القيام تنظر في مصطلحات :
( صلة المريض ،عذر ،وقيام ) .
ب -التّربّع في الفريضة بغير عذر :
- 5التّربّع مخالف للهيئة المشروعة في الفريضة
في التّشهّدين جميعا ً .
وقد صّرح الحنفيّة بكراهة التّربّع من غير عذر ،لما
ن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما رأى ابنه روي أ ّ
يتربّع في صلته ،فنهاه عن ذلك ،فقال :رأيتك
ن
ي ل تحملني .ول ّ ن رجل ّ تفعله يا أبت ،فقال :إ ّ
الجلوس على الّركبتين أقرب إلى الخشوع ،فكان
أولى .
وهذا ما يفهم من عبارات المالكيّة أيضا ً ،لنّهم
صلة ، يعدّون الفضاء في الجلوس من مندوبات ال ّ
صلة ويعتبرون ترك سنّة خفيفة عمدا ً من سنن ال ّ
مكروها ً .
487
صلة التّوّرك ، شافعيّة في قعود آخر ال ّ ن عند ال ّويس ّ
وفي أثنائها الفتراش .
ويقول الحنابلة بسنّيّة الفتراش في التّشهّد الوّل ،
والتّوّرك في التّشهّد الثّاني .
ونقل ابن عبد البّر إجماع العلماء على عدم جواز
صحيح في الفريضة . التّربّع لل ّ
ل المراد بكلم ابن ي :لع ّ وقال ابن حجر العسقلن ّ
عبد البّر بنفي الجواز إثبات الكراهة .
ج -التّربّع في صلة التّطوّع :
- 6ل خلف في جواز التّطوّع قاعدا ً مع القدرة على
ي صلى ن القيام أفضل ،لقول النّب ّ القيام ،ول في أ ّ
الله عليه وسلم « :من صلّى قائما ً فهو أفضل ،
ومن صلّى قاعدا ً فله نصف أجر القائم » وقالت
ي صلى الله عليه ن النّب ّعائشة رضي الله عنها « :إ ّ
وسلم لم يمت حتّى كان كثير من صلته وهو جالس
».
ما كيفيّة القعود في التّطوّع فقد اختلف فيها : -7أ ّ
شافعيّة في قول -وهو فذهب المالكيّة والحنابلة وال ّ
بمد -إلى أنّه يستح ّ رواية عن أبي يوسف ومح ّ
للمتطوّع جالسا ً أن يكبّر للحرام متربّعا ً ويقرأ ،ث ّ
م
سجود على اختلف بينهم ، يغيّر هيئته للّركوع أو ال ّ
وروي ذلك عن ابن عمر وأنس رضي الله عنهم .
كما روي عن ابن سيرين ومجاهد وسعيد بن جبير
والثّوريّ وإسحاق رحمهم الله .
ي عنه - مد -فيما نقله الكرخ ّ ويرى أبو حنيفة ومح ّ
تخيير المتطوّع في حالة القراءة بين القعود والتّربّع
والحتباء
وعن أبي يوسف أنّه يحتبي ،هذا ما اختاره المام
مة صلة رسول اللّه صلى الله ن عا ّخواهر زاده ،ل ّ
488
عليه وسلم في آخر العمر كان محتبيا ً ،ولنّه يكون
جها ً بأعضائه إلى القبلة .وقال زفر :يقعد في أكثر تو ّ
صلة كما في التّشهّد ،هذا ما اختاره جميع ال ّ
ي.
سرخس ّ ال ّ
وقال الفقيه أبو اللّيث :وعليه الفتوى لنّه المعهود
صلة .شرعا ً في ال ّ
ن المتطوّع يقعد ح القوال :إ ّ شافعيّة في أص ّ وقال ال ّ
مفترشا ً .
ثانيا ً -التّربّع عند تلوة القرآن :
ل حال :قائما ً أو - 8ل بأس بقراءة القرآن في ك ّ
جالسا ً ،متربّعا ً أو غير متربّع ،أو مضطجعا ً أو راكباً
ي صلى أو ماشيا ً ،لحديث « عائشة قالت :كان النّب ّ
م يقرأ الله عليه وسلم يتّكئ في حجري وأنا حائض ث ّ
القرآن » وعنها قالت " :إنّي لقرأ القرآن وأنا
مضطجعة على سريري " .
================
ترتيب *
التّعريف :
ل شيء في مرتبته . - 1التّرتيب في اللّغة :جعل ك ّ
واصطلحا ً :هو جعل الشياء الكثيرة بحيث يطلق
عليها اسم الواحد ،ويكون لبعض أجزائه نسبة إلى
خر .
البعض بالتّقدّم والتّأ ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
التّتابع والموالة :
- 2التّتابع :مصدر تتابع ،يقال :تتابعت الشياء
والمطار والمور ،إذا جاء واحد منها خلف واحد
على أثره بشرط عدم القطع .
صيام :بأن ل يفطر سر الفقهاء التّتابع في ال ّ وف ّ
صيام .وعلى ذلك ،فالتّتابع المرء في أيّام ال ّ
489
والموالة متقاربان في المعنى ،إل ّ أ ّ
ن الفقهاء
صيام يستعملون التّتابع غالبا ً في العتكاف وكّفارة ال ّ
ونحوهما ،ويستعملون الموالة غالبا ً في الطّهارة
مم والغسل . من الوضوء والتّي ّ
ن
ويختلف التّرتيب عن التّتابع والموالة في أ ّ
التّرتيب يكون لبعض الجزاء نسبة إلى البعض
خر ،بخلف التّتابع والموالة ،ومن جهة بالتّقدّم والتّأ ّ
ن التّتابع والموالة يشترط فيهما عدم أخرى فإ ّ
القطع والتّفريق ،فيضّرهما التّراخي ،بخلف
التّرتيب .
ي: الحكم الجمال ّ
- 3التّرتيب إنّما يكون بين أشياء مختلفة كالعضاء
لفي الوضوء ،والجمرات الثّلث ،فإن اتّحد المح ّ
ي، ولم يتعدّد فل معنى للتّرتيب كما يقول الّزركش ّ
م لم يجب التّرتيب في الغسل ،لنّه فرض ومن ث ّ
يتعلّق بجميع البدن ،تستوي فيه العضاء كلّها .
سجود الواحد ل يظهر فيه وكذلك الّركوع الواحد وال ّ
سجود ظهر أثره أثر التّرتيب ،فإذا اجتمع الّركوع وال ّ
.
ميّة التّرتيب في هذا ،وقد بيّن الفقهاء حكم وأه ّ
صلة ، مباحث العبادات من :الطّهارة ،وأركان ال ّ
ج ،والكّفارات في النّذور واليمان ونحوها ونسك الح ّ
.
واتّفقوا على فرضيّة التّرتيب في بعض العبادات ،
صلة من القيام والّركوع كالتّرتيب في أركان ال ّ
سجود ،واختلفوا في بعضها ،نذكر منها ما يلي : وال ّ
أ -التّرتيب في الوضوء :
شافعيّة - 4التّرتيب في أعمال الوضوء فرض عند ال ّ
ة ،قال اللّه
والحنابلة ،لنّها وردت في الية مرتّب ً
490
جوهَكم سلُوا و ُصلةِ فاغْ ِ متم إلى ال َّ تعالى { :إذا قُ ْ
سكم وأرجلَكم حوا برءو ِ س ُ ق وام َ وأيديَكم إلى المراف ِ
ن إدخال الممسوح " أي الّرأس " إلى الكَعْبَين } ل ّ
بين المغسولت " أي اليدي والرجل " قرينة على
أنّه أريد به التّرتيب ،فالعرب ل تقطع النّظير عن
النّظير إل ّ لفائدة ،والفائدة هاهنا التّرتيب .
وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى عدم وجوب التّرتيب
ن اللّه تعالى في الوضوء ،بل هو سنّة عندهم ،ل ّ
أمر بغسل العضاء ،وعطف بعضها على بعض بواو
الجمع ،وهي ل تقتضي التّرتيب .وروي عن ابن
بأي
ّ مسعود رضي الله عنه أنّه قال ":ما أبالي
أعضائي بدأت " .والتّرتيب إنّما يكون في عضوين
مختلفين ،فإن كانا في حكم العضو الواحد لم
يجب ،ولهذا ل يجب التّرتيب بين اليمنى واليسرى
في الوضوء اتّفاقا ً .
ي صلى الله عليه وسلم كان ن « النّب ّ ن،ل ّ ولكن يس ّ
ب التّيامن » . يح ّ
ب -التّرتيب في قضاء الفوائت :
- 5جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة
صلوات الفائتة ،وبينها قالوا بوجوب التّرتيب بين ال ّ
صلة الوقتيّة إذا اتّسع الوقت .فمن فاتته وبين ال ّ
صلة أو صلوات وهو في وقت أخرى ،فعليه أن يبدأ
صلة الوقتيّة ،إلّ م يؤدّي ال ّ ة،ث ّ بقضاء الفوائت مرتّب ً
إذا كان الوقت ضيّقا ً ل يتّسع لكثر من الحاضرة
م يقضي الفوائت على التّرتيب . فيقدّمها ،ث ّ
ن المالكيّة يقولون بوجوب التّرتيب في قضاء على أ ّ
يسير الفوائت مع صلة حاضرة ،وإن خرج وقتها .
ن ترتيب شافعيّة :ل يجب ذلك ،بل يس ّ وقال ال ّ
صبح قبل الظّهر ،والظّهر الفوائت ،كأن يقضي ال ّ
491
ن تقديم الفوائت على قبل العصر .وكذلك يس ّ
الحاضرة محاكاة ً للداء ،فإن خاف فوت الحاضرة
ة.بدأ بها وجوبا ً لئل ّ تصير فائت ً
هذا ،ويسقط التّرتيب عند الحنفيّة والحنابلة
بالنّسيان ،وخوف فوت الوقتيّة ،وزاد الحنفيّة
مسقطا ً آخر هو زيادة الفوائت على خمس .
وفي المسألة خلف وتفصيل يرجع إليه في ( قضاء
الفوائت ) .
صلة :ج -التّرتيب في صفوف ال ّ
- 6صّرح الفقهاء بأنّه :لو اجتمع الّرجال والنّساء
صبيان ،فأرادوا أن يصطّفوا لصلة الجماعة ، وال ّ
صبيان م ال ّما يلي المام ،ث ّ يقوم الّرجال صّفا ً م ّ
م الناث . بعدهم ث ّ
وإذا تقدّمت النّساء على الّرجال فسدت صلة من
ن من صفوف الّرجال عند الحنفيّة ،خلفاً وراءه ّ
صلة حينئذ لجمهور الفقهاء حيث صّرحوا بكراهة ال ّ
صل في مصطلح ( :اقتداء دون الفساد ،كما هو مف ّ
،صلة الجماعة ) .
مواطن البحث :
ة إلى ما سبق - يرد ذكر التّرتيب عند الفقهاء -إضاف ً
في مواضع مختلفة منها :
أ -التّرتيب في الجنائز :
- 7إذا كانت أكثر من واحدة ،فإذا اجتمعت جنائز
صلة عليها ،فإنّه صبيان حين ال ّ الّرجال والنّساء وال ّ
صبيان ، ف ال ّمص ّ ما يلي المام ،ث ّ ف الّرجال م ّ يص ّ
ف النّساء ،وكذلك التّرتيب في وضع الموات مص ّ ث ّ
صل الفقهاء هذه المسائل في في قبر واحد ،ويف ّ
أبواب الجنائز .
ج:ب -التّرتيب في الح ّ
492
ج وما يترتّب على الخلل - 8التّرتيب في أعمال الح ّ
ج.
صله الفقهاء في كتاب الح ّ به ،ف ّ
( ر :إحرام ) .
ج -الدّيون :
- 9التّرتيب في قضاء الدّيون ،وما يجب تقديمه
صلهمنها على غيره ،وما يتعلّق بحقوق العباد ،ف ّ
الفقهاء في باب الّرهن والنّفقة والكّفارة وغيرها ( ر
:دين ) .
د -أدلّة الثبات :
شهادة - 10التّرتيب في أدلّة الثبات من القرار وال ّ
والقرائن ونحوها يذكره الفقهاء في كتاب الدّعوى .
هـ -النّكاح :
- 11ترتيب الولياء في النّكاح وحقّ القصاص وسائر
الحقوق كالرث والحضانة وغيرهما مذكور في
أبوابها من كتب الفقه ،وتفصيله في مصطلحاتها .
و -الكّفارات :
- 12التّرتيب بين أنواع الكّفارات في اليمان والنّذور
وغيرها أورده الفقهاء في باب الكّفارة .وتفصيل
هذه المسائل يرجع إليه في مصطلحاتها .
================
ترجيع *
التّعريف :
صوت في قراءة - 1التّرجيع في اللّغة هو :ترديد ال ّ
ما يُتَرنّم به .وفيأو أذان أو غناء أو غير ذلك م ّ
شهادتين الصطلح هو :أن يخفض المؤذ ّن صوته بال ّ
م يعود فيرفع صوته بهما . مع إسماعه الحاضرين ،ث ّ
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
التّثويب :
ة :العود إلى العلم بعد العلم . - 2التّثويب لغ ً
493
صبح بعد واصطلحا ً :قول المؤذ ّن في أذان ال ّ
الحيعلتين ،أو بعد الذان وقبل القامة -كما يقول
صلة خير من النّوم ،مّرتين . بعض الفقهاء -ال ّ
ويختلف التّثويب عن التّرجيع -بالمعنى الوّل -في
ن التّثويب يكون في أذان الفجر بعد الحيعلتين أو أ ّ
ما التّرجيع فيكون في التيان بعد الذان ،وأ ّ
ل أذان . شهادتين في ك ّ بال ّ
ي:الحكم الجمال ّ
صحيح من المذهب - 3يرى الحنفيّة والحنابلة على ال ّ
-وهو قول الثّوريّ وإسحاق -أنّه ل ترجيع في الذان
« ،لحديث عبد اللّه بن زيد من غير ترجيع .فقال
ق إن شاء ي صلى الله عليه وسلم :إنّها ح ّ له النّب ّ
اللّه ،فقم مع بلل فألق عليه ما رأيت ،فليؤذ ّن به ،
فإنّه أندى صوتا ً منك .فقمت مع بلل ،فجعلت
ألقيه عليه ويؤذ ّن به » .
ص المام أحمد على أنّه ل فإذا رجع المؤذ ّن ،فقد ن ّ
بأس به ،واعتبر الختلف في التّرجيع من
الختلفات المباحة ،وقال ابن نجيم :الظّاهر من
ن التّرجيع مباح ليس بسنّة عبارات مشايخ الحنفيّة أ ّ
ي صلى ح عن النّب ّ ن كل المرين ص ّ ول مكروه ،ل ّ
ي عن ملتقى البحر الله عليه وسلم ونقل الحصكف ّ
كراهة التّرجيع في الذان ،وحملها ابن عابدين على
صحيح الكراهة التّنزيهيّة .ويرى المالكيّة ،وهو ال ّ
ن التّرجيع في الذان ،لما شافعيّة :أنّه يس ّ عند ال ّ
ي
ن النّب ّروي عن أبي محذورة رضي الله عنه « أ ّ
صلى الله عليه وسلم ألقى عليه التّأذين هو بنفسه ،
فقال له :قل :اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه
أكبر ،أشهد أن ل إله إل ّ اللّه ،أشهد أن ل إله إلّ
مداً
ن مح ّ مدا ً رسول اللّه ،أشهد أ ّ ن مح ّ اللّه ،أشهد أ ّ
494
م قال : م قال :ارجع فامدد صوتك ،ث ّ رسول اللّه ،ث ّ
قل :أشهد أن ل إله إل ّ اللّه ،أشهد أن ل إله إل ّ اللّه
مداًن مح ّ مدا ً رسول اللّه ،أشهد أ ّ ن مح ّ ،أشهد أ ّ
رسول اللّه ..إلخ » .
ن
شافعيّة حكاه الخراسانيّون :أ ّ وهناك وجه لل ّ
ح الذان إل ّ به .قال القاضي التّرجيع ركن ل يص ّ
ي :أنّه إن شافع ّ ي عن المام ال ّ حسين :نقل البيهق ّ
ح أذانه . ترك التّرجيع ل يص ّ
ل التّرجيع :مح ّ
- 4التّرجيع يكون كما تقدّم في حديث أبي محذورة
شهادة جع ال ّ شهادتين معا ً ،فل ير ّ بعد التيان بال ّ
شهادة الثّانية . الولى قبل التيان بال ّ
حكمة التّرجيع :
- 5حكمة التّرجيع هي تدبّر كلمتي الخلص ،
جيتين من الكفر ،المدخلتين في لكونهما المن ّ
السلم ،وتذكّر خفائهما في أوّل السلم ث ّ
م
ظهورهما .
==============
ترجيل *
التّعريف :
شعر وتنظيفه وتحسينه . ة :تسريح ال ّ - 1التّرجيل لغ ً
شطته .وقد جلته ترجيل ً :إذا سّرحته وم ّ يقال :ر ّ
ص من التّمشيط ،لنّه يراعى فيه يكون التّرجيل أخ ّ
ما التّسريح فهو : شعر .أ ّالّزيادة في تحسين ال ّ
شعر وحلّه قبل المشط ،وعلى هذا فيكون إرسال ال ّ
التّسريح مغايرا ً للتّرجيل ،ومضادّا ً للتّمشيط .وقال
شعر ترجيله ،وتخليص بعضه الزهريّ :تسريح ال ّ
من بعض بالمشط .فعلى المعنى الوّل يكون
مغايرا ً للتّرجيل ،وعلى الثّاني يكون مرادفا ً .
495
ول يخرج استعمال الفقهاء للفظ التّرجيل عن معناه
اللّغويّ .
ي: الحكم التّكليف ّ
شعر الستحباب ،لما روى - 2الصل في ترجيل ال ّ
أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
ي
ن النّب ّ مه » ول ّ مرفوعا ً « :من كان له شعر فَلْيُكْر ْ
ب التّرجيل ،وكان صلى الله عليه وسلم كان يح ّ
جله عائشة رضي الله عنها جل نفسه تارة ً ،وتر ّ ير ّ
تارة ً أخرى فقد روت
يي صلى الله عليه وسلم كان يصغي إل ّ ن النّب ّ«أ ّ
جله وأنا حائض سه وهو مجاور في المسجد ،فأر ِّ رأ َ
».
وهناك حالت يختلف فيها حكم التّرجيل باختلف
الشخاص والوقات منها :
أ -ترجيل المعتكف :
- 3يرى جمهور الفقهاء :أنّه ل يكره للمعتكف إل ّ ما
يكره فعله في المسجد ،فيجوز له ترجيل شعره ،
لما روي عن « عائشة رضي الله عنها أنّها قالت :
سه ، ي رأ َ ي صلى الله عليه وسلم يصغي إل ّ كان النّب ّ
جله وأنا حائض » . وهو مجاور في المسجد ،فأر ّ
وقال المالكيّة :ل بأس بأن يدني المعتكف رأسه
لمن هو خارج المسجد لترجيل شعره ،كأنّهم يرون
ن التّرجيل ل يخلو كراهة التّرجيل في المسجد ،ل ّ
شعر شعر ،والخذ من ال ّ من سقوط شيء من ال ّ
في المسجد مكروه عندهم .وللتّفصيل يرجع إلى
مصطلح ( :اعتكاف ) .
ب -ترجيل المحرم :
- 4ذهب الحنفيّة إلى عدم جواز التّرجيل للمحرم -
وهو قول المالكيّة إذا كان التّرجيل بالدّهن -لقول
496
فلث الت َّ ِشع ُ ج ال َّي صلى الله عليه وسلم « :الحا ّ النّب ّ
ج فل يجمعه شعث انتشار شعر الحا ّ » .والمراد بال ّ
بالتّسريح والدّهن والتّغطية ونحوه .
شافعيّة بكراهية التّرجيل للمحرم لنّه أقرب وقال ال ّ
شعر .إلى نتف ال ّ
ن التّرجيل في حالة الحرام ل بأس ويرى الحنابلة أ ّ
به ،ما لم يؤد ّ إلى إبانة شعره .
شعر بالتّرجيل فل ما إذا تيّقن المحرم سقوط ال ّ أ ّ
خلف بين الفقهاء في حرمته حينئذ .وتفصيل ذلك
في ( :إحرام ) .
ج -ترجيل المحدَّة :
- 5ل خلف بين الفقهاء في عدم جواز التّرجيل
للمحدّة بشيء من الطّيب أو بما فيه زينة .أ ّ
ما
سدر وشبهه التّرجيل بغير مواد ّ الّزينة والطّيب -كال ّ
ما ل يختمر في الّرأس -فقد أجازه المالكيّة م ّ
م سلمة رضي الله شافعيّة والحنابلة ،لما روت أ ّ وال ّ
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : عنها « أ ّ
ل تمتشطي بالطّيب ول بالحنّاء فإنّه خضاب ،قالت
سدر تغلّفين :قلت :بأيّ شيء أمتشط ؟ قال :بال ّ
به رأسك » ولنّه يراد للتّنظيف ل للتّطيّب .
وقال الحنفيّة بعدم جواز ترجيل المحدّة -وإن كان
بغير طيب -لنّه زينة ،فإن كان فبمشط ذي أسنان
منفرجة دون المضمومة .وقيّد صاحب الجوهرة
جواز ترجيل المحدّة بأسنان المشط الواسعة بالعذر
.وينظر التّفصيل في ( إحداد ،وامتشاط ) .
كيفيّة التّرجيل :
ب التّيامن في التّرجيل ،لحديث عائشة - 6يستح ّ
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ
رضي الله عنها « أ ّ
497
جله وطهوره ،وفي كان يعجبه التّيامن في تنعّله وتر ّ
شأنه كلّه » .
الغباب في التّرجيل :
شعر ودهنه غبّا ً ،فالستكثار من ن ترجيل ال ّ يس ّ
التّرجيل والمداومة عليه مكروه إل ّ لحاجة ،لحديث
ن رسول اللّه عبد اللّه بن مغّفل رضي الله عنه « أ ّ
جل إل ّ غبّا ً » . صلى الله عليه وسلم نهى عن التّر ّ
الحميري عن بعض ّ ولما روى حميد بن عبد الّرحمن
ي صلى الله عليه وسلم « :نهى رسول أصحاب النّب ّ
ل يوم اللّه صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا ك ّ
».
===================
حم *تر ّ
التّعريف :
حم :من الّرحمة ،ومن معانيها :الّرقة ، - 1التّر ّ
والعطف ،والمغفرة .
حم :طلب الّرحمة ،وهو أيضا ً الدّعاء والتّر ّ
ت عليه :أي حم ُ بالّرحمة ،كقولك :رحمه اللّه .وتر ّ
حم عليه :قال له : قلت له :رحمة اللّه عليك ،ور َّ
رحمة اللّه عليك .
وتراحم القوم :رحم بعضهم بعضا ً .ول يخرج
استعمال الفقهاء عن هذا المعنى .
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
ضي : أ -التََّر ِّ
سخط ، ضي من الّرضا ،وهو ضد ّ ال ّ - 2التّر ّ
ضي أيضا ً :أن تقول ضي :طلب الّرضا ،والتّر ّ والتّر ّ
:رضي اللّه عنه .ول يخرج استعمال الفقهاء عن
حم ضي دعاء بالّرضوان ،والتّر ّ هذا المعنى ،فالتّر ّ
ضي ) . دعاء بالّرحمة .وللتّفصيل ر ( :تر ّ
498
ب -التّبريك :
- 3التّبريك :الدّعاء بالبركة ،وهي بمعنى الّزيادة
والنّماء ،يقال :بارك اللّه فيك وعليك ولك وباركك ،
كلّها بمعنى :زادك خيرا ً ،ومنه قوله تعالى { :فَل َ َّ
ما
حوْلَها } ن َ ن في النَّارِ و َ
م ْ م ْ
ك َ ن بُورِ َيأ ْجاءَها نُود ِ َ َ
من . وتبّرك به :أي تي ّ
حم فالتّبريك بمعنى :الدّعاء بالبركة ،يتّفق مع التّر ّ
في نفس هذا المعنى ،أي الدّعاء .
ي: الحكم التّكليف ّ
حم على - 4ل خلف بين الفقهاء في استحباب التّر ّ
الوالدين أحياءً وأمواتا ً ،وعلى التّابعين من العلماء
صالحين ،وعلى سائر الخيار ،أحياءً والعبّاد ال ّ
وأمواتا ً .
ي صلى الله عليه وسلم في حم على النّب ّ ما التّر ّ وأ ّ
صلة وخارجها ،ففيه خلف وتفصيل على النّحو ال ّ
التي :
ي صلى الله عليه وسلم وعلى حم على النّب ّ أ -التّر ّ
صلة : آله في ال ّ
ما أن يكون في التّشهّد أو خارجه . - 5وهو إ ّ
حم على الّرسول صلى الله عليه وسلم وقد ورد التّر ّ
ي
سلم عليك أيّها النّب ّ في التّشهّد ،وهو عبارة " :ال ّ
ورحمة اللّه وبركاته " وتفصيل أحكام التّشهّد في
مصطلحه .
ي صلى الله عليه وسلم خارج حم على النّب ّ ما التّر ّ أ ّ
التّشهّد ،فقد ذهب الحنفيّة ،وبعض المالكيّة ،
شافعيّة إلى استحباب زيادة " :وارحم وبعض ال ّ
ي صلى صلة على النّب ّ مد " في ال ّ مدا ً وآل مح ّ مح ّ
صلة . الله عليه وسلم في ال ّ
499
مص ّ
ل ي :اللّه ّ وعبارة الّرسالة لبن أبي زيد القيروان ّ
مدا ً وآل مد ،وارحم مح ّ مد وعلى آل مح ّ على مح ّ
مد ،كما صلّيت ورحمت وباركت على إبراهيم . مح ّ
واستدلّوا بحديث أبي هريرة :قال :قلنا « :يا
رسول اللّه :قد علمنا كيف نسلّم عليك ،فكيف
م اجعل صلواتك نصلّي عليك ؟ قال :قولوا :اللّه ّ
مد ،كما مد وعلى آل مح ّ ورحمتك وبركاتك على مح ّ
جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد
مجيد » .قال الحافظ ابن حجر :فهذه الحاديث -
وإن كانت ضعيفة السانيد -إل ّ أنّها يشد ّ بعضها بعضاً
ن للّزيادة أصلً ل مجموعها على أ ّ ،أقواها أوّلها ،ويد ّ
ضعيف يعمل به في فضائل العمال .وما .وأيضا ً ال ّ
صلة عليه جمهور الفقهاء القتصار على صيغة ال ّ
حم ) كما ورد في الّروايات دون إضافة ( التّر ّ
صحيحين وغيرهما ،بل ذهب بعض المشهورة في ال ّ
ووي
ّ ي والن ّ ي المالك ّ الحنفيّة وأبو بكر بن العرب ّ
مدا ً ...إلخ " ن زيادة " وارحم مح ّ وغيرهم إلى أ ّ
ي في إنكار بدعة ل أصل لها ،وقد بالغ ابن العرب ّ
ن
ذلك وتخطئة ابن أبي زيد ،وتجهيل فاعله ،ل ّ
صلة . ي صلى الله عليه وسلم علّمنا كيفيّة ال ّ النّب ّ
ي صلى الله فالّزيادة على ذلك استقصار لقول النّب ّ
عليه وسلم واستدراك عليه .وانتصر لهم بعض
من جمع بين الفقه والحديث ،فقال : خرين م ّ المتأ ّ
ج بالحاديث الواردة ،فإنّها كلّها واهية جدّا ً . ول يحت ّ
إذ ل يخلو سندها من كذ ّاب أو متّهم بالكذب .
ل العمل بالحديث ن مح ّ ي:أ ّ سبك ّ
ويؤيّده ما ذكره ال ّ
ضعيف ما لم يشتد ّ ضعفه . ال ّ
صلة : حم في التّسليم من ال ّ ب -التّر ّ
500
ن
شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ - 6ذهب الحنفيّة وال ّ
صلة أن يقول : الكمل في التّسليم في ال ّ
سلم عليكم ورحمة اللّه ،عن يمينه ويساره ، « ال ّ
لحديث ابن مسعود وجابر بن سمرة وغيرهما رضي
سلم عليكم -ولم الله تعالى عنهم » .فإن قال :ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال : ن النّب ّ يزد -يجزئه ،ل ّ
« تحليلها التّسليم » .
ن ذكر الّرحمة والتّحليل يحصل بهذا القول ،ول ّ
تكرير للثّناء فلم يجب ،كقوله :وبركاته .
وقال ابن عقيل من الحنابلة -وهو المعتمد في
ح أنّه ل يجزئه القتصار على : المذهب -الص ّ
ي صلى الله صحيح « عن النّب ّ ن ال ّ سلم عليكم ،ل ّ ال ّ
سلم عليكم ورحمة عليه وسلم أنّه كان يقول :ال ّ
صلة ورد مقروناً سلم في ال ّ ن ال ّ اللّه وبركاته » ،ول ّ
ي
بالّرحمة ،فلم يجز بدونها ،كالتّسليم على النّب ّ
صلى الله عليه وسلم في التّشهّد .
شافعيّة والحنابلة :والولى ترك " وبركاته " قال ال ّ
ن زيادة كما في أكثر الحاديث .وصّرح المالكيّة :بأ ّ
صلة ، " ورحمة اللّه " ل يضّر ،لنّها خارجة عن ال ّ
وظاهر كلم أهل المذهب أنّها غير سنّة ،وإن ثبت
بها الحديث ،لنّها لم يصحبها عمل أهل المدينة ،
ن الولى القتصار على : وذكر بعض المالكيّة أ ّ
ن زيادة :ورحمة اللّه وبركاته هنا سلم عليكم ،وأ ّ ال ّ
خلف الولى.
ي صلى الله عليه وسلم خارج حم على النّب ّ ج -التّر ّ
صلة : ال ّ
ي
حم على النّب ّ - 7اختلف الفقهاء في جواز التّر ّ
صلة ،فذهب بعضهم صلى الله عليه وسلم خارج ال ّ
ن الّرحمة جهه بعض الحنفيّة :بأ ّ إلى المنع مطلقا ً وو ّ
501
إنّما تكون غالبا ً عن فعل يلم عليه ،ونحن أمرنا
ل على التّعظيم ، حم ما يد ّ بتعظيمه ،وليس في التّر ّ
صلة ،ولهذا يجوز أن يدعى بها لغير النبياء مثل ال ّ
والملئكة عليهم السلم .
ما هو صلى الله عليه وسلم فمرحوم قطعا ً ، أ ّ
فيكون من باب تحصيل الحاصل ،وقد استغنينا عن
ل مقامه عن صلة ،فل حاجة إليها ،ولنّه يج ّ هذه بال ّ
الدّعاء بها .
قال ابن دحية :ينبغي لمن ذكره صلى الله عليه
حم عليه ، وسلم أن يصلّي عليه ،ول يجوز أن يتر ّ
ل بَيْنَك ُ ْ
م سو ِجعَلُوا دُع َاءَ الَّر ُ
لقوله تعالى { :ل ت َ ْ
ضا ً } . ضك ُ ْ
م بَعْ َ كَدُع َاءِ بَعْ ِ
ي ،كما صيدلن ّ ونقل مثله عن ابن عبد البّر ،وال ّ
ي ولم يتعّقبه . حكاه عنه الّرافع ّ
ي في فتاواه ، وصّرح أبو زرعة ابن الحافظ العراق ّ
ن المنع أرجح لضعف الحاديث الّتي استند إليها ، بأ ّ
فيفهم من قوله :حرمته مطلقا ً .
وذهب بعض الفقهاء إلى الجواز مطلقا ً :أي ولو
بدون انضمام صلة أو سلم .
البخاري وهو
ّ ي فيما رواه واستدلّوا بقول العراب ّ
مدا ً ،ول ترحم م ارحمني ،وارحم مح ّ قوله « :اللّه ّ
معنا أحدا ً لتقريره صلى الله عليه وسلم على قوله :
مدا ً ،ولم ينكر عليه سوى م ارحمني وارحم مح ّ اللّه ّ
قوله :ول ترحم معنا أحدا ً » .
ي صلى حم على النّب ّ ي :ل بأس بالتّر ّ سرخس ّ وقال ال ّ
ن الثر ورد به من طريق أبي الله عليه وسلم ،ل ّ
ن أحدا ً وإن هريرة وابن عبّاس رضي الله عنهم ،ول ّ
ل قدره ل يستغني عن رحمة اللّه .كما روي عن ج ّ
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :لن يدخل النّب ّ
502
أحدا ً عمله الجنّة ،قالوا :ول أنت يا رسول اللّه ؟
مدني اللّه برحمته » . قال :ول أنا إل ّ أن يتغ ّ
ي صلى الله عليه وسلم كان من أشوق ن النّب ّ ول ّ
العبّاد إلى مزيد رحمة اللّه تعالى ،ومعناها معنى
صلة ،فلم يوجد ما يمنع ذلك .ول ينافي الدّعاء ال ّ
ن الّرحمة له بالّرحمة أنّه عليه الصلة والسلم عَي ْ ُ
َ
ن
مين } ل ّ ة لِلعَال َ ِ
م ًح َ ك إل ّ َر ْ سلْنَا َ
ما أْر َص{:و َ بن ّ
حصول ذلك ل يمنع طلب الّزيادة له ،إذ فضل اللّه
ل يتناهى ،والكامل يقبل الكمال .
ن ذكرها خرين ،فقال بالحرمة إ ّ صل بعض المتأ ّ وف ّ
ي رحمه الله استقلل ً :كأن يقول المتكلّم :قال النّب ّ
صلة ة إلى ال ّ .وبالجواز إن ذكرها تبعا ً :أي مضموم ً
مد وارحم ل على مح ّ مص ّ سلم ،فيجوز :اللّه ّ وال ّ
صلة ، مدا ً ،بدون ال ّ مدا ً .ول يجوز :ارحم مح ّ مح ّ
لنّها وردت في الحاديث الّتي وردت فيها على
ل على صلة والبركة ،ولم يرد ما يد ّ سبيل التّبعيّة لل ّ
ب شيء يجوز تبعا ً ،ل استقلل ً . وقوعها مفردة ً ،ور ّ
وبه أخذ جمع من العلماء ،بل نقله القاضي عن
صحيح . ي :وهو ال ّ الجمهور ،وقال القرطب ّ
صحابة رضي الله عنهم والتّابعين حم على ال ّ د -التّر ّ
ومن بعدهم من الخيار :
صحابة ، حم على ال ّ - 8اختلف الفقهاء في جواز التّر ّ
صحابة الولى أن فذهب بعضهم إلى أنّه عند ذكر ال ّ
يقال :رضي اللّه عنهم .
ما عند ذكر التّابعين ومن بعدهم من العلماء ، وأ ّ
والعبّاد ،وسائر الخيار فيقال :رحمهم اللّه .قال
صحابة بالّرضى ، ي :الولى أن يدعو لل ّ الّزيلع ّ
وللتّابعين بالّرحمة ،ولمن بعدهم بالمغفرة
صحابة كانوا يبالغون في طلب ن ال ّ والتّجاوز ،ل ّ
503
الّرضى من اللّه تعالى ،ويجتهدون في فعل ما
يرضيه ،ويرضون بما يلحقهم من البتلء من جهته
أشد ّ الّرضى ،فهؤلء أحقّ بالّرضى ،وغيرهم ل
يلحق أدناهم ولو أنفق ملء الرض ذهبا ً .
ي على الّراجح وذكر ابن عابدين نقل ً عن القرمان ّ
حم عنده :أنّه يجوز عكسه أيضا ً ،وهو التّر ّ
ضي للتّابعين ومن بعدهم .وإليه صحابة ،والتّر ّ لل ّ
ضي ب التّر ّ ووي في الذكار ،وقال :يستح ّ ّ مال الن ّ
صحابة والتّابعين فمن بعدهم من حم على ال ّ والتّر ّ
العلماء والعبّاد وسائر الخيار .فيقال :رضي اللّه
عنه ،أو رحمه اللّه ونحو ذلك .
ن قوله :رضي اللّه ما ما قاله بعض العلماء :إ ّ وأ ّ
صحابة ،ويقال في غيرهم :رحمه عنه مخصوص بال ّ
اللّه فقط فليس كما قال ،ول يوافق عليه ،بل
صحيح الّذي عليه الجمهور استحبابه ،ودلئله أكثر ال ّ
من أن تحصر .وذكر في النّهاية نقل ً عن المجموع :
حم بغيرهم صحابة والتّر ّ ضي بال ّ ن اختصاص التّر ّ أ ّ
ضعيف .
حم على الوالدين : هـ -التّر ّ
حم على الوالدين قوله - 9الصل في وجوب التّر ّ
مةِ وقُ ْ
ل ح َل من الَّر ْ ح الذ ُّ ِّ جنَا َ
ض لهما َ خِف ْ تعالى َ { :وا ْ
مهُما } حيث أمر اللّه سبحانه وتعالى عباده ح ْب اْر َ َر ِّ
ل طلب حم على آبائهم والدّعاء لهم .ومح ّ بالتّر ّ
ما إن كانا حم لهما إن كانا مؤمنين ،أ ّ الدّعاء والتّر ّ
ين لِلنَّب ِ ّ
ما كا َ كافرين فيحرم ذلك لقوله تعالى َ { :
ن ولو كانوا شرِكِي َ م ْستَغِفُروا لل ُ
ن يَ ْ ن آمنُوا أ ْ والّذي َ
أُولِي قُْربَى } .
حم في التّحيّة بين المسلمين : و -التّر ّ
504
ن الفضل أن يقول - 10ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
سلم عليكم ورحمة المسلم للمسلم في التّحيّة :ال ّ
سلم اللّه وبركاته ،ويقول المجيب أيضا ً :وعليكم ال ّ
ورحمة اللّه وبركاته ،لما روى عمران بن الحصين
ي صلى الله عليه أنّه قال « :جاء رجل إلى النّب ّ
م جلس ، سلم عليكم ،فرد ّ عليه ،ث ّ وسلم فقال :ال ّ
م جاء ي صلى الله عليه وسلم :عشر .ث ّ فقال النّب ّ
سلم عليكم ورحمة اللّه ،فردّ آخر ،فقال :ال ّ
م جاء آخر ، م جلس ،فقال :عشرون .ث ّ عليه ،ث ّ
سلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته ،فردّ فقال :ال ّ
عليه ،فجلس ،فقال :ثلثون » قال التّرمذيّ :
حديث حسن .وهذا التّعميم مخصوص بالمسلمين ،
سلم عند الكثرين حم على كافر لمنع بدئه بال ّ فل تر ّ
تحريما ً ،لحديث « :ل تبدءوا اليهود ول النّصارى
سلم » . بال ّ
ي ،فل بأس بالّرد ّ ، ولو سلّم اليهوديّ والنّصران ّ
ولكن ل يزيد على قوله " :وعليك " .
سلم ،صّرحوا بالقتصار جوزوا ابتداءهم بال ّ والّذين ّ
سلم عليك " دون الجمع ،ودون أن على " :ال ّ
يقول " :ورحمة اللّه " لما روي عن أنس رضي الله
عنه ،قال « :قال رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم :إذا سلّم عليكم أهل الكتاب ،فقولوا :
وعليكم أو عليكم » بغير واو .
حم على الكّفار : ز -التّر ّ
- 11صّرح النّوويّ في كتابه الذكار بأنّه ل يجوز أن
ي بالمغفرة وما أشبهها في حال حياته م ّ يدعى للذ ّ ّ
ما ل يقال للكّفار ،لكن يجوز أن يدعى له م ّ
حة البدن والعافية وشبه ذلك .لحديث بالهداية ،وص ّ
ي صلى أنس رضي الله عنه قال « :استسقى النّب ّ
505
ي
الله عليه وسلم فسقاه يهوديّ ،فقال له النّب ّ
ملك اللّه » فما رأى صلى الله عليه وسلم :ج ّ
شيب حتّى مات . ال ّ
ما بعد وفاته فيحرم الدّعاء للكافر بالمغفرة وأ ّ
ي والّذي َ
ن ن لِلنَّب ِ ِ ّما كَا َونحوها ،لقول اللّه تعالى َ { :
ن ولو كَانُوا أُولِي قُْربَى شرِكِي َم ْ ستَغِْفُروا لِل ُ ن يَ ْ منُوا أ ْ آ َ
حيم ِ } وقد جاء ج ِ
ب ال َ حا ُص َن لَهم أنَّهم أ ْ ما تَبَي َّ َ ن بَعْد ِ َ م ْ ِ
الحديث بمعناه ،وأجمع المسلمون عليه .
ة ونطقا ً عند القراءة : حم كتاب ً ح -التزام التّر ّ
ينبغي لكاتب الحديث وراويه أن يحافظ على كتابة
صحابة والعلماء وسائر حم على ال ّ ضي والتّر ّ التّر ّ
الخيار ،والنّطق به ،ول يسأم من تكراره ،ول
يتقيّد فيه بما في الصل إن كان ناقصا ً .
===============
سل * تر ّ
التّعريف :
سل في اللّغة معان ،منها :التّمهّل والتّأنّي - 1للتّر ّ
سل في قراءته بمعنى :تمهّل واتّأد فيها .يقال :تر ّ
سل الّرجل في كلمه ومشيه :إذا لم يعجل . .وتر ّ
سل وفي حديث عمر رضي الله عنه « إذا أذ ّنت فتر ّ
ن ول تعجل .ول يخرج معناه اصطلحا ً عن » :أي تأ ّ
هذا ،فقالوا :إنّه في الذان :التّمهّل والتّأنّي وترك
ل جملتين من جمل العجلة ،ويكون بسكتة بين ك ّ
د
الذان تسع الجابة ،وذلك من غير تمطيط ول م ّ
مفرط .
سل ،وله في اللّغة معان منها - 2والحدر يقابل التّر ّ
:السراع في القراءة .يقال :حدر الّرجل الذان
والقامة والقراءة وحدر فيها كلّها حدرا ً من باب قتل
:إذا أسرع .
506
سل ،وإذا أقمت وفي حديث الذان « :إذا أذ ّنت فتر ّ
فاحدر » أي أسرع ول يخرج معناه في الصطلح
عن ذلك .
والحدر سنّة في القامة ،مكروه في الذان .لما
ي صلى الله عليه ن النّب ّ
روى جابر رضي الله عنه « أ ّ
وسلم قال لبلل رضي الله عنه :يا بلل إذا أذ ّنت
سل ،وإذا أقمت فاحدر » . فتر ّ
سل : ي للتّر ّ
الحكم الجمال ّ
سل أحكام تعتريه .فهو في الذان مسنون . - 3للتّر ّ
وصفته :أن يتمهّل المؤذ ّن فيه بسكتة بين ك ّ
ل
سامع له ،وذلك من غير جملتين منه تسع إجابة ال ّ
تمطيط ول مد ّ مفرط ول تطريب ،لما روى جابر
ي صلى الله عليه وسلم ن النّب ّ
رضي الله عنه « أ ّ
سل » ،وما روي قال لبلل :يا بلل إذا أذ ّنت فتر ّ
ن عمر رضي عن أبي الّزبير مؤذ ّن بيت المقدس أ ّ
ن
سل » وما روي أ ّ الله عنه قال « :إذا أذ ّنت فتر ّ
رجل ً قال لبن عمر :إنّي لحبّك في اللّه .قال :
"وأنا أبغضك في اللّه .إنّك تغنّي في أذانك ".
سل في القامة مكروه ، هذا ما عليه الفقهاء .والتّر ّ
صلة أن يسرع فيها ول ن لمن يقيم ال ّ وذلك أنّه يس ّ
سابقة . سل ،للحاديث ال ّ يتر ّ
هذا ،والذان قد شرع للعلم بدخول الوقت وتنبيه
ما
صلة .أ ّ الغائبين إليه ودعوتهم إلى الحضور لل ّ
القامة فقد شرعت لعلم الحاضرين بالتّأهّب
سل في الذان صلة والقيام لها ،ولذا كان التّر ّ لل ّ
ما القامة فل حاجة فيها إلى أبلغ في العلم ،أ ّ
سل . التّر ّ
ولذا ثُنّي الذان وأفردت القامة ،لما روي عن أنس
رضي الله عنه قال « :أمر بلل أن يشفع الذان
507
ماد في حديثه " إل ّ القامة ويوتر القامة » .زاد ح ّ
ب أن يكون الذان في مكان عال بخلف " ،واستح ّ
صوت في الذان أرفع منه في القامة ،وأن يكون ال ّ
ة،القامة ،وأن يكون الذان مرتّل ً والقامة مسرع ً
صلة مّرتين في القامة ، ن تكرار قد قامت ال ّ وس ّ
لنّها المقصودة من القامة بالذ ّات ( .ر :أذان ،
إقامة ) .
=================
تسبيح *
التّعريف :
- 1من معاني التّسبيح في اللّغة :التّنزيه .تقول :
سبّحت اللّه تسبيحا ً :أي نّزهته تنزيهاً .ويكون بمعنى
صلة .يقال :فلن يسبّح اللّه :أي يذكره الذ ّكر وال ّ
بأسمائه نحو سبحان اللّه .وهو يسبّح أي يصلّي
صلة ذِكْراً ميت ال ّ سبحة وهي النّافلة .وس ّ ال ّ
ن اللّهِحا َ سب َ لشتمالها عليه ،ومنه قوله تعالى { :فَ ُ
صبِحون } أي اذكروا اللّه . ن تُ ْن وحي َ سو َ م ُن تُ ْحي َ
خَر لنا س َّ
ن الّذي َ حا َ سب ْ َ
ويكون بمعنى التّحميد نحو { ُ
هذا } وسبحان ربّي العظيم .أي الحمد للّه .
ي عن هذه المعاني ،فقد ول يخرج معناه الصطلح ّ
ي بأنّه :تنزيه الحقّ عن نقائص عّرفه الجرجان ّ
الِمكان والحدوث .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
ذّكْر :أ -ال ِ
صلة للّه والدّعاء - 2الذ ّكر من معانيه في اللّغة :ال ّ
إليه والثّناء عليه .
ي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث « :كان النّب ّ
حَزبَه أمر صلّى » . إذا َ
508
وفي اصطلح الفقهاء قول سيق لثناء أو دعاء وقد
ل قول يثاب قائله ،فالذ ّكر شامل يستعمل شرعا ً لك ّ
م من التّسبيح . للدّعاء فهو أع ّ
ب -التّهليل :
- 3هو قول ل إله إل ّ اللّه :يقال :هلّل الّرجل أي
من الهيللة ،من قول ل إله إل ّ اللّه .
ي عن هذا .فالتّسبيح ول يخرج المعنى الصطلح ّ
ن التّسبيح تنزيه اللّه عّز وج ّ
ل م من التّهليل ،ل ّ أع ّ
شريك . ما التّهليل فهو تنزيهه عن ال ّ ل نقص .أ ّ عن ك ّ
ج -التّقديس :
ل عن ك ّ
ل - 4من معانيه في اللّغة تنزيه اللّه عّز وج ّ
ما ل يليق به .
والتّقديس :التّطهير والتّبريك .وتقدّس أي تطهّر ،
س لك } مدك وَنُقدِّ ُ ح ْ ح بِ َ
ن نُسب ِّ ُوفي التّنزيل { ونح ُ
جاج :معنى نقدّس لك :أي نطهّر أنفسنا قال الّز ّ
لك ،وكذلك نفعل بمن أطاعك ،والرض المقدّسة
ي ل يخرج عن هذا . أي المطهّرة .ومعناه الصطلح ّ
ص من التّسبيح ،لنّه تنزيه مع تبريك والتّقديس أخ ّ
وتطهير .
حكمة مشروعيّة التّسبيح :
- 5حكمة التّسبيح استحضار العبد عظمة الخالق ،
ة فيخشع ول يغيب ،فينبغي أن ليمتلئ قلبه هيب ً
يكون ذلك هو مقصود الذ ّاكر ،سواء أكان في
صلة أم في غيرها ،فيحرص على تحصيله ، ال ّ
ويتدبّر ما يذكر ،ويتعّقل معناه ،فالتّدبّر في الذ ّكر
مطلوب ،كما هو مطلوب في القراءة لشتراكهما
في المعنى المقصود ،ولنّه يوقظ القلب ،فيجمع
مه إلى الفكر ،ويصرف سمعه إليه ،ويطرد ه ّ
النّوم ،ويزيد النّشاط .
509
آداب التّسبيح :
- 6آدابه كثيرة :منها أنّه ينبغي أن يكون الذ ّاكر
صفات ،فإن كان جالسا ً في المسبّح على أكمل ال ّ
شعاً موضع استقبل القبلة ،وجلس متذلّل ً متخ ّ
بسكينة ووقار مطرقا ً رأسه ،ولو ذكر على غير هذه
قه .لكن إن كان بغير الحوال جاز ول كراهة في ح ّ
عذر كان تاركا ً للفضل ،والدّليل على عدم الكراهة
ت موَا ِس َق ال َّ ن في َ ْ قول اللّه تبارك وتعالى { :إ َّ
خل ِ
بت لولي اللبا ِ ل والنّهارِ ليا ٍ ف اللّي ِ ختِل ِض وا ْ والر ِ
جنُوبهم ما ً وَقُعُودَا ً وعلى ُ ه قِيَا َن الل ّ َ الّذي ََ
ن يَذ ْكُرو َ
ض}. ق ال َّ ن في َ ْ فك ّرو َ
ت والر ِ سموا ِ خل ِ وَيَت َ َ
وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت :إنّي لقرأ
سرير .وصيغه حزبي ،وأنا مضطجعة على ال ّ
كثيرة ،منها ما ينبغي أن يكون كما وردت به
سنّة ،كما هو الحال في تسبيحات الّركوع ال ّ
صلوات . سجود ودبر ال ّ وال ّ
ب ،وهو ما كان في غير ذلك ومنها ما هو مستح ّ
كالتّسبيحات ليل ً ونهاًرا .
ي: حكمه التّكليف ّ
ي للتّسبيح بحسب موضعه - 7يختلف الحكم التّكليف ّ
وسببه على التّفصيل التي :
التّسبيح على طهر :
- 8أجمع العلماء على جواز الذ ّكر بالقلب واللّسان
للمحدث والجنب والحائض والنّفساء ،وذلك في
صلة على التّسبيح والتّهليل والتّحميد والتّكبير وال ّ
ي صلى الله عليه وسلم والدّعاء وغير ذلك .فقد النّب ّ
روت عائشة رضي الله عنها قالت « :كان رسول
ل أحيانه اللّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه على ك ّ
ن ذكر اللّه على طهارة سواء أكان تسبيحاً » .على أ ّ
510
ي صلى ن النّب ّ
أم غيره ،أولى وأفضل لحديث « :إ ّ
صحابة فلم يردّ الله عليه وسلم سلّم عليه أحد ال ّ
م قال :كرهت أن سلم ،ث ّ مم فرد ّ ال ّ عليه ،حتّى تي ّ
أذكر اللّه إل ّ على طهر » .
صوت في التّسبيح : سط في رفع ال ّ التّو ّ
صوت في التّسبيح وغيره سط في رفع ال ّ -9التّو ّ
مة الفقهاء ،لقوله تعالى { :وَل ب عند عا ّ مستح ّ
سبِيل ً } ن ذلك َ ت بها وابْتَغ بي َ خافِ ْ ك وَل ت ُ َ صلت ِ َ جهَْر ب ِ َ
تَ ْ
ي صلى الله عليه وسلم يفعله .فعن أبي وكان النّب ّ
ن رسول اللّه صلى الله قتادة رضي الله عنه « أ ّ
ة فإذا هو بأبي بكر رضي الله عليه وسلم خرج ليل ً
عنه يصلّي يخفض من صوته .قال :ومّر بعمر
رضي الله عنه وهو يصلّي رافعا ً صوته قال :فل ّ
ما
ي صلى الله عليه وسلم قال :يا أبا اجتمعا عند النّب ّ
بكر مررت بك وأنت تصلّي تحفض صوتك ؟ قال :
ت يا رسول اللّه .قال :فارفع ت من ناجي ُ قد أسمع ُ
قليل ً وقال لعمر :مررت بك وأنت تصلّي رافعاً
صوتك ؟ فقال :يا رسول اللّه :أوقظ الوسنان
شيطان .قال :اخفض من صوتك شيئا ً » . وأطرد ال ّ
وقال أبو سعيد رضي الله عنه « اعتكف رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم في المسجد ،فسمعهم
ن
ستر وقال :أل إ ّ يجهرون بالقراءة ،فكشف ال ّ
ن بعضكم بعضا ً ،ول يرف ْ
ع كلّكم مناج ربّه ،فل يؤذي ّ
صلة بعضكم على بعض في القراءة ،أو قال في ال ّ
سط أن يزيد على أدنى ما يسمع » .والمراد بالتّو ّ
نفسه من غير أن تبلغ تلك الّزيادة سماع من يليه .
ما يجوز به التّسبيح :
- 10أجاز الفقهاء التّسبيح باليد والحصى والمسابح
ما في صلة ،كعدّه بقلبه أو بغمزه أنامله .أ ّ خارج ال ّ
511
صلة ،فإنّه يكره لنّه ليس من أعمالها .وعن أبي ال ّ
مد :أنّه ل بأس بذلك في الفرائض يوسف ومح ّ
والنّوافل جميعا ً مراعاة ً لسنّة القراءة والعمل بما
سنّة .فعن « سعد بن أبي وقّاص رضي جاءت به ال ّ
الله عنه أنّه دخل مع رسول اللّه صلى الله عليه
صى تسبّح نوى أو ح ً
وسلم على امرأة ،وبين يديها ً
به ،فقال :أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو
أفضل .فقال :سبحان اللّه عدد ما خلق في
سماء ،وسبحان اللّه عدد ما خلق في الرض ، ال ّ
وسبحان اللّه عدد ما بين ذلك ،وسبحان اللّه عدد
ما هو خالق ،والحمد للّه مثل ذلك ،واللّه أكبر مثل
ذلك ،ول إله إل ّ اللّه مثل ذلك ،ول حول ول قوّة إلّ
باللّه مثل ذلك » فلم ينهها عن ذلك ،وإنّما أرشدها
إلى ما هو أيسر وأفضل ،ولو كان مكروها ً لبيّن لها
صحابيّة المهاجرة رضي الله ذلك .وعن بسيرة ال ّ
ن أن ي صلى الله عليه وسلم أمره ّ ن النّب ّعنها « أ ّ
يراعين بالتّكبير والتّقديس والتّهليل ،وأن يعقدن
ن مسئولت مستنطقات » .وعن عبد بالنامل فإنّه ّ
اللّه بن عمر رضي الله عنهما قال « :رأيت رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم يعقد التّسبيح » وفي
رواية « بيمينه » .
حطاوي عن ابن حجر قوله :الّروايات ّ ونقل الط ّ
صحابة في بالتّسبيح بالنّوى والحصى كثيرة عن ال ّ
مهات المؤمنين ،بل رأى ذلك صلى الله عليه بعض أ ّ
وسلم وأقّر عليه .وعقد التّسبيح بالنامل أفضل من
سبحة ،وقيل :إن أمن الغلط فهو أولى ،وإلّ ال ّ
فهي أولى .
ب منها :أوقاته وما يستح ّ
512
- 11ليس للذ ّكر -ومنه التّسبيح -وقت معيّن ،بل
ل الوقات .روي عن عائشة هو مشروع في ك ّ
رضي الله عنها أنّها قالت « :كان رسول اللّه صلى
ل أحيانه » .وفي الله عليه وسلم يذكر اللّه على ك ّ
ما ً وَقُعُودَاً
ه قِيَا َن الل ّ َ
ن يَذ ْكُرو َقوله تعالى { :الّذي َ
ل على استحباب الذ ّكر في م } ما يد ّ جنُوبِه ْوعلى ُ
جميع الحوال الّتي يكون عليها النسان من يومه
وليله .
شرع باستثنائها :كالخلء ن أحوال ً منها ورد ال ّ إل ّ أ ّ
عند قضاء الحاجة ،وفي حالة الجماع ،وفي حالة
الخطبة لمن يسمع صوت الخطيب ،وفي الماكن
ما يكره المستقذرة والدّنسة ،وما أشبه ذلك م ّ
الذ ّكر معه .ولكن ورد في بعض الخبار استحباب
صة ،من ذلك ما روي عن التّسبيح في أوقات خا ّ
أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم قال :
ل صلةٍ ثلثا ً وثلثين ، « من سبّح اللّه في دُبُرِ ك ِّ
وحمد اللّه ثلثا ً وثلثين ،وكبّر اللّه ثلثا ً وثلثين ،
فتلك تسعة وتسعون ،وقال تمام المائة :ل إله إلّ
اللّه وحده ل شريك له ،له الملك ،وله الحمد ،وهو
ل شيء قدير ،غفرت خطاياه ،وإن كانت على ك ّ
ب التّسبيح في الصباح مثل زبد البحر » ويستح ّ
والمساء ،لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « :من
قال حين يصبح وحين يمسي :سبحان اللّه وبحمده
ما جاء مائة مّرة ،لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل م ّ
به ،إل ّ أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه » وفي
رواية أبي داود « سبحان اللّه العظيم وبحمده » .
ب التّسبيح ونحوه عند الكسوف والخسوف ، ويستح ّ
513
لما روي عن عبد الّرحمن بن سمرة رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم وقد قال « :أتيت النّب ّ
صلة رافع يديه ، شمس وهو قائم في ال ّ كسفت ال ّ
فجعل يسبّح ويهلّل ويكبّر ويحمد ويدعو حتّى حسر
ما حسر عنها قرأ سورتين وصلّى ركعتين » عنها .فل ّ
.
صلة : التّسبيح في افتتاح ال ّ
شافعيّة والحنابلة . - 12هو سنّة عند الحنفيّة وال ّ
ما المالكيّة فإنّهم ل يرونه ،بل كرهوه في افتتاحها أ ّ
.
ي صلى الله عليه ل الجمهور بما روي عن النّب ّ واستد ّ
صلة فارفعوا وسلم أنّه قال « :إذا قمتم إلى ال ّ
م قولوا :اللّه أكبر ، أيديكم ،ول تخالف آذانكم ،ث ّ
م وبحمدك ،وتبارك اسمك وتعالى سبحانك اللّه ّ
جدّك ،ول إله غيرك » .
وبما روت عائشة رضي الله عنها قالت « :كان
صلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا استفتح ال ّ
م وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى قال :سبحانك اللّه ّ
جدّك ول إله غيرك » .
ل المالكيّة بما روي عن « أنس رضي الله واستد ّ
ي صلى الله عليه وسلم عنه قال :صلّيت خلف النّب ّ
وأبي بكر وعمر وعثمان ،وكانوا يستفتحون بالحمد
ب العالمين » . للّه ر ّ
صلة ل من ولم يذكروا التّسبيح في افتتاح ال ّ
سنن . الفرائض ول من ال ّ
التّسبيح في الّركوع :
- 13التّسبيح في الّركوع سنّة عند الحنفيّة في
شافعيّة ،ب عند ال ّ المشهور ،وقيل واجب .ومستح ّ
ومندوب عند المالكيّة .وواجب عند الحنابلة
514
ل المسنون سنّة الثّلث .وأق ّبتسبيحة واحدة ،وال ّ
شافعيّة : ب عند ال ّ عند الحنفيّة والحنابلة .والمستح ّ
ثلث تسبيحات .لما رواه ابن مسعود رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم قال :إذا ركع ن النّب ّ عنه « أ ّ
أحدكم فقال :سبحان ربّي العظيم ثلثا ً ،فقد ت ّ
م
ركوعه ،وذلك أدناه »
بأي
ّ صوا على أنّه يندب التّسبيح ما المالكيّة فقد ن ّ وأ ّ
لفظ كان بركوع وسجود .
ب في الّركوع سبحان جزي على أنّه يستح ّ ّ ص ابنون ّ
ربّي العظيم ثلث مّرات .
ما نزل قول اللّه تبارك وتعالى ودليله ما ورد أنّه « ل ّ
ك العظيم } قال صلى الله عليه سم ِ رب ِّ َ ح با ْ
{ :فسب ّ ْ
وسلم :اجعلوها في ركوعكم » والتّسبيح فيه ل
يتحدّد بعدد ،بحيث إذا نقص عنه يفوته الثّواب ،بل
إذا سبّح مّرة ً يحصل له الثّواب ،وإن كان يزاد
الثّواب بزيادته .
والّزيادة على هذه التّسبيحات أفضل إلى خمس أو
سبع أو تسع بطريق الستحباب عند الحنفيّة .وفي
منية المصلّي :أدناه ثلث ،وأوسطه خمس ،
وأكمله سبع .
م
شافعيّة في التّسبيح ثلث ث ّ وأدنى الكمال عند ال ّ
م إحدى عشرة وهو الكمل م تسع ث ّ م سبع ث ّ خمس ث ّ
.وهذا للمنفرد ولمام قوم محصورين رضوا
بالتّطويل .
ما غيره فيقتصر على الثّلث ،ول يزيد عليها أ ّ
للتّخفيف على المقتدين .
ويزيد المنفرد وإمام قوم محصورين على ذلك :
م لك ركعت ،وبك آمنت إلخ . اللّه ّ
515
قال في الّروضة :وهذا مع الثّلث أفضل من مجّرد
أكمل التّسبيح .
والّزيادة على التّسبيحة الواحدة مستحبّة عند
الحنابلة ،فأعلى الكمال في حقّ المام يزاد إلى
عشر تسبيحات ،لما روي عن « أنس رضي الله
عنه أنّه قال :ما رأيت أحدا ً أشبه صلةً بصلة
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى -
يعني عمر بن عبد العزيز -فحزرنا في ركوعه عشر
تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات » .وقال
م سبع ، ن التّسبيح التّا ّ
أحمد :جاء عن الحسن أ ّ
والوسط خمس ،وأدناه ثلث .وأعلى التّسبيح في
ق المنفرد العرف ،وقيل :ما لم يخف سهوا ً ، ح ّ
وقيل :بقدر قيامه ،وقيل :سبع .
سجود : التّسبيح في ال ّ
سجود ما قيل في الّركوع ،من - 14يقال في ال ّ
صفة والعدد والختلف في ذلك .فالتّسبيح حيث ال ّ
سجود سنّة عند الحنفيّة في المشهور ،وقيل في ال ّ
ب عندواجب .ومندوب عند المالكيّة .ومستح ّ
شافعيّة .وواجب عند الحنابلة في أقلّه ،وهو ال ّ
الواحدة ،وسنّة في الثّلث ،كما في الّركوع .ول
سجود أن يقول :سبحان ن تسبيح ال ّ خلف إل ّ في أ ّ
ما في الّركوع فيقول :سبحان ربّي ربّي العلى ،أ ّ
العظيم .
تسبيح المقتدي تنبيها ً للمام :
- 15لو عرض للمام شيء في صلته سهوا ً منه
كان للمأموم تنبيهه بالتّسبيح استحبابا ً ،إن كان رجلً
شافعيّة ،وبالتّصفيق إن كانت أنثى عند الحنفيّة وال ّ
والحنابلة .
516
ق للنّساء ،ومن نَابَه شيء لحديث « :إنّما التّصفي ُ
ل سبحان اللّه » . في صلته فلْيُق ْ
صلةما المالكيّة فكرهوا للمرأة التّصفيق في ال ّ وأ ّ
مطلقا ً ،وقالوا :إنّها تسبّح لعموم حديث « :من
نابه شيء في صلته فليقل سبحان اللّه » ووجه
ن ( من ) من ألفاظ العموم فيشمل الستدلل أ ّ
النّساء .
تنبيه المصلّي غيره بالتّسبيح :
- 16إذا أتى المصلّي بذكر مشروع يقصد به تنبيه
غيره إلى أنّه في صلة ،كأن يستأذن عليه إنسان
صلة ،أو يخشى المصلّي يريد الدّخول وهو في ال ّ
على إنسان الوقوع في بئر أو هلكة ،أو يخشى أن
يتلف شيئا ً ،كان للمصلّي استحبابا ً أن يسبّح تنبيهاً
سابق بيانه .له ،وتصّفق المرأة على الخلف ال ّ
للحديث المذكور آنفا ً ،ولقوله عليه الصلة والسلم
« :من نابه شيء في صلته فليقل :سبحان اللّه ،
فإنّه ل يسمعه أحد يقول سبحان اللّه إل ّ التفت »
ي رضي الله عنه « :كان لي وفي المسند عن عل ّ
من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه
فيها فإذا أتيته استأذنته إن وجدته يصلّي فسبّح
دخلت ،وإن وجدته فارغا ً أذن لي » .
حض التّسبيح صلة إذا م ّ وعند الحنيفة تبطل ال ّ
جب أو نحو ذلك ..ومذهب للعلم ،أو قصد به التّع ّ
صلة " ل تضّر إل ّ ما ن التّسبيحات في ال ّ شافعيّة أ ّال ّ
كان فيه خطاب لمخلوق غير رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم .
ل ذلك ل يؤثّر في نك ّ ومذهب المالكيّة والحنابلة أ ّ
صلة . حة ال ّص ّ
التّسبيح أثناء الخطبة :
517
- 17قال الحنفيّة بكراهة التّسبيح لمستمع الخطبة ،
لنّه يشغله عن سماعها .
فإن كان بعيدا ً عن الخطيب ول يسمعه فل بأس به
سّرا ً عند بعض الحنفيّة ،والمعتمد في المذهب
سامع وغيره . المنع مطلقا ً للقريب والبعيد ال ّ
وعند المالكيّة يجوز الذ ّكر -على أنّه خلف الولى
على المعتمد عندهم -من تسبيح وتهليل وغير ذلك ،
سّر ،ويحرم الكثير مطلقا ً ،كما إن كان قليل ً وبال ّ
شافعيّة والحنابلة لم يحرم القليل إذا كان جهرا ً .وال ّ
يتعّرضوا للتّسبيح بخصوصه ،لكن تعّرضوا للذ ّكر
سامع للخطبة أثناء الخطبة ،فقالوا :الولى لغير ال ّ
سامع فل يشتغل ما ال ّأن يشتغل بالتّلوة والذ ّكر .وأ ّ
ي صلى الله صلة على النّب ّ بشيء من ذلك إل ّ بال ّ
عليه وسلم إذا سمع ذكره .
التّسبيح في افتتاح صلة العيدين وبين تكبيرات
الّزوائد فيها :
- 18الثّناء عقب تكبيرة الفتتاح في صلة العيدين
ب عند سنّة عند الحنفيّة والحنابلة ،مستح ّ
صلة على نحو ما شافعيّة ،وهو كما في افتتاح ال ّ ال ّ
سبق بيانه .
والتّسبيح بين التّكبيرات الّزوائد في صلة العيدين
ب عند سنّة كذلك عند الحنفيّة والحنابلة ومستح ّ
شافعيّة ،ول يقول به المالكيّة ،بل كرهوه ،أو أنّه ال ّ
خلف الولى عندهم ،فل يفصل المام بين آحاده إلّ
م ،بل قول من تسبيح وتحميد بقدر تكبير المؤت ّ
وتهليل وتكبير .
وليس فيه عند الحنفيّة ذكر مسنون بين هذه
التّكبيرات ،ول بأس بأن يقول :سبحان اللّه والحمد
518
للّه ول إله إل ّ اللّه واللّه أكبر .وهو أولى من
ي. سكوت ،كما في القهستان ّ ال ّ
ل تكبيرتين بالمأثور شافعيّة :يذكر اللّه بين ك ّ وعند ال ّ
،وهو عند الكثرين منهم :سبحان اللّه ،والحمد للّه
،ول إله إل ّ اللّه ،واللّه أكبر .ويجوز عند الحنابلة أن
ل تكبيرتين من هذه التّكبيرات :اللّه يقول بين ك ّ
أكبر كبيرا ً ،والحمد للّه كثيرا ً ،وسبحان اللّه بكرةً
ي وآله وسلّم مد النّب ّوأصيل ً ،وصلّى اللّه على مح ّ
تسليما ً كثيرا ً ،لقول عقبة بن عامر سألت ابن
ما يقوله بين تكبيرات العيد مسعود رضي الله عنه م ّ
فقال :يحمد اللّه ويثني عليه ويصلّي على النّب ّ
ي
ج به صلى الله عليه وسلم رواه الثرم وحرب واحت ّ
أحمد .
صلة :التّسبيح للعلم بال ّ
صلة بين - 19اختلف في تسبيح المؤذ ّنين للعلم بال ّ
ة على خلف سبق في ة ،أو مكروه ً ة حسن ً كونه بدع ً
مصطلح ( :أذان ) .
صلة التّسبيح :
حته - 20ورد في صلة التّسبيح حديث اختلف في ص ّ
.
وللفقهاء خلف وتفصيل ينظر في مصطلح ( صلة
التّسبيح ) .
أماكن ينهى عن التّسبيح فيها :
ما كان التّسبيح نوعا ً من الذ ّكر ،وهو مكروه - 21ل ّ
في الماكن التّالية ،كان التّسبيح مكروها ً كذلك فيها
ص ،وذلك تنزيهاً م نهي عن الخا ّ ن النّهي عن العا ّ ،ل ّ
لسم اللّه عن الذ ّكر في هذه الماكن المستقذرة
طبعا ً .فيكره التّسبيح وغيره من الذ ّكر في الخلء
عند قضاء الحاجة ،وفي مواضع النّجاسات
519
والقاذورات ،والمواضع الدّنسة بنجاسة أو قذارة ،
مام والمغتسل ،وما أشبه وعند الجماع ،وفي الح ّ
ما بالقلب فقط فإنّه ل ذلك متى كان باللّسان .أ ّ
يكره .وما لم تكن هناك ضرورة له كإنقاذ أعمى
من الوقوع في بئر أو غيره ،أو تحذير معصوم من
هلكة كغافل أو ما أشبه ذلك .والولى التّحذير بغير
التّسبيح والذ ّكر في مثل هذه الحالت .كما يكره
الذ ّكر -ومنه التّسبيح -لمن يسمع صوت الخطيب
في الجمعة لما تقدّم.
جب بلفظ التّسبيح : التّع ّ
صحيحين جب بلفظ التّسبيح .ففي ال ّ - 22يجوز التّع ّ
ي صلى الله ن النّب ّ عن أبي هريرة رضي الله عنه « أ ّ
عليه وسلم لقي أبا هريرة ،وأبو هريرة جنب ،
ي صلى الله ل ،فذهب فاغتسل ،فتفّقده النّب ّ فانس ّ
ما جاء قال :أين كنت يا أبا هريرة ؟ عليه وسلم فل ّ
قال :يا رسول اللّه لقيتني وأنا جنب ،فكرهت أن
أجالسك حتّى أغتسل .فقال :سبحان اللّه ! ،إ ّ
ن
المؤمن ل ينجس » .وفي صحيح مسلم عن أنس
م حارثة جرحت ن أخت الّربيّع أ ّ رضي الله عنه « أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم إنسانا ً ،فاختصموا إلى النّب ّ
م الّربيّع :يا فقال :القصاص القصاص فقالت أ ّ
ص منها .قت َ ُّص من فلنة ؟ واللّه ل ي ُ ْ رسول اللّه أتقت ّ
ي صلى الله عليه وسلم :القصاص كتاب فقال النّب ّ
م الّربيّع ! » . اللّه .سبحان اللّه يا أ ّ
التّسبيح أمام الجنازة :
شافعيّة - 23يكره عند الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
والحنابلة لمشيّع الجنازة رفع صوته بالذ ّكر
والتّسبيح ،لنّه من البدع المنكرات ،ول كراهة في
ذلك لو كان في نفسه سّرا ً ،بحيث يسمع نفسه ،
520
ب له أن يشغل نفسه بذكر اللّه والتّفكير ويستح ّ
ن هذا عاقبة أهل الدّنيا . فيما يلقاه الميّت ،وأ ّ
ويتجنّب ذكر ما ل فائدة فيه من الكلم ،فعن قيس
بن عبادة رضي الله عنه أنّه قال « :كان أصحاب
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع
صوت عند الجنائز ،وعند القتال ،وعند الذ ّكر » ، ال ّ
ولنّه تشبّه بأهل الكتاب فكان مكروها ً .
التّسبيح عند الّرعد :
ب عند الحنفيّة - 24التّسبيح عند الّرعد مستح ّ
شافعيّة والحنابلة ،فيقول سامعه عند والمالكيّة وال ّ
سماعه :سبحان من يسبّح الّرعد بحمده والملئكة
م ل تقتلنا بغضبك ،ول تهلكنا بعذابك من خيفته ،اللّه ّ
،وعافنا من قبل ذلك .فقد روى مالك في الموطّأ
عن عبد اللّه بن الّزبير رضي الله عنهما « أنّه كان
إذا سمع الّرعد ترك الحديث وقال :سبحان الّذي
يسبّح الّرعد بحمده والملئكة من خيفته » ،وعن
ابن عبّاس رضي الله عنهما قال « :كنّا مع عمر
رضي الله عنه في سفر ،فأصابنا رعد وبرق وبرد ،
فقال لنا كعب رضي الله عنه :من قال حين يسمع
الّرعد :سبحان من يسبّح الّرعد بحمده والملئكة
من خيفته -ثلثا ً -عوفي من ذلك الّرعد ،فقلنا
فعوفينا »
قطع التّسبيح :
ن المسبِّح وغيره من - 25الفقهاء متّفقون على أ ّ
الذ ّاكرين ،أو التّالين لكتاب اللّه ،إذا سمعوا المؤذ ّن
-وهو يؤذ ّن أذانا ً مسنونا ً -يقطعون تسبيحهم ،
وذكرهم وتلوتهم ،ويجيبون المؤذ ّن .وهو مندوب
عند الجمهور .وهناك قول عند الحنفيّة بالوجوب .
ثواب التّسبيح :
521
- 26ثواب التّسبيح عظيم ،لما روي عن أبي هريرة
ن رسول اللّه صلى الله عليه رضي الله عنه :أ ّ
وسلم قال « :من قال سبحان اللّه وبحمده في
َّ
ت خطاياه ،ولو كانت مثل زبد حط ْ يوم مائة مّرة ُ
البحر » وفي الباب أحاديث كثيرة .
=================
تسنيم *
التّعريف :
-1التسنيم في اللغة :رفع الشيء ،يقال سنم
الناء :إذا مله حتى صار الحب فوقه كالسنام ،
وكل شيء عل شيئا ً فقد تسنمه .وسنام البعير
والناقة :أعلى ظهرها ،والجمع أسنمة ،وفي
خت » . َ
مة الب ُ ْ الحديث « :نساء على رؤوسهن كأ ْ
سن ِ َ
سنِيم } قالوا :هو ماء ن تَ ْ
م ْ
جه ِ
مَزا ُ وقوله تعالى { و ِ
في الجنة ،سمي بذلك لنه يجري فوق الغرف
والقصور .
والتسنيم في اصطلح الفقهاء :رفع القبر عن
الرض مقدار شبر أو أكثر قليل ً .
وفي النظم المستعذب :التنسيم أن يجعل أعلى
القبر مرتفعا ً ،ويجعل جانباه ممسوحين مسنَدين ،
مأخوذ من سنام البعير .ويقابله تسطيح القبر ،وهو
:أن يجعل منبسطا ً متساوي
الجزاء ،ل ارتفاع فيه ول انخفاض كسطح البيت .
الحكم الجمالي :
-2ل خلف بين الفقهاء في استحباب رفع التراب
فوق القبر قدر شبر ،ول بأس بزيادته عن ذلك قليلً
على ما عليه بعض فقهاء الحنفية ،ليعرف أنه قبر ،
فيتوقى ويترحم على صاحبه .فعن جابر رضي الله
عنه « أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن
522
الرض قدر شبر » وعن القاسم بن محمد قال
لعائشة رضي الله عنها « :اكشفي لي عن قبر
النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ،فكشفت عن
ثلثة قبور ،ل مشرفة ول لطئة ،مبطوحة
ببطحاء العرصة الحمراء »
واختلفوا هل يسنم القبر أو يسطح ؟ فذهب الحنفية
والمالكية والحنابلة إلى أنه :يندب تسنيمه كسنام
البعير ،لما روى البخاري عن سفيان التمار أنه «
رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما ً » وعن
الحسن مثله .
وما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال « :أخبرني
من رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي
بكر وعمر رضي الله عنهما أنها مسنمة عليها فلق
مدر بيض »
وما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله
عنهما « أن جبريل عليه السلم صلى بالملئكة على
آدم وجعل قبره مسنما ً »
وكرهوا تسطيح القبر ،لن التسطيح يشبه أبنية أهل
الدنيا ،وهو أشبه بشعار أهل البدع ،
فكان مكروها ً لذلك عندهم ،ولما روي أن « النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن تربيع القبور » وذهب
الشافعية إلى أنه يندب تسطيحه ( أي تربيعه ) وأنه
أفضل من تسنيمه ،لما روي « أن إبراهيم ابن
النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي جعل الرسول
صلى الله عليه وسلم قبره مسطحا ً » ول يخالف
ذلك قول علي رضي الله عنه « :أمرني رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن ل تدع تمثال ً إل طمسته ،
ول قبرا ً مشرفا ً إل سويته » لنه لم يرد تسويته
523
بالرض ،وإنما أراد تسطيحه جمعا ً بين الخبار .هذا
إذا دفن المسلم في دار السلم .
-3أما إن دفن المسلم في غير دار السلم ،بأن
دفن في بلد الكفار أو دار حرب ،وتعذر نقله إلى
دار السلم ،فالولى تسوية قبره بالرض ،وإخفاؤه
أولى من إظهاره وتسنيمه خوفا ً من أن ينبش فيمثل
به ،وفي ذلك صيانة له عنهم .
وألحق به الذرعي :المكنة التي يخاف نبشها
لسرقة كفنه أو لعداوة ونحوهما .
وانظر باقي الحكام المتعلقة بالقبر في مصطلح
( قبر ) .
=================
تسوية *
التّعريف :
ة :العدل والنّصفة ،والجور أو الظّلم - 1التّسوية لغ ً
ضد ّ العدل ،واستوى القوم في المال مثل ً :إذا لم
شيء : يفضل أحد منهم غيره في المال .وسواء ال ّ
غيره ومثله -من الضداد -وتساوت المور :
شيئان وتساويا :تماثل . تماثلت ،واستوى ال ّ
ي عن المعنى اللّغويّ . ول يخرج المعنى الصطلح ّ
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
القسم :
شيء يقسمه قسما ً َ :
جّزأه ، - 2وهو مصدر قسم ال ّ
شيء ويقال : والقسم :نصيب النسان من ال ّ
ل شريك شركاء ،وأعطيت ك ّ شيء بين ال ّ قسمت ال ّ
قسمه .
ومنه التّقسيم والقسمة قد تكون بالتّساوي ،وقد
تكون بالتّفاضل .
ي: الحكم التّكليف ّ
524
يختلف حكم التّسوية باعتبار ما يتعلّق به على الوجه
التي :
صلة : صفوف في ال ّ تسوية ال ّ
سنن المؤكّدة تسوية ن من ال ّ - 3اتّفق العلماء على أ ّ
صفوف في صلة الجماعة ،بحيث ل يتقدّم بعض ال ّ
صفوف ص في ال ّ المصلّين على البعض الخر ،والتّرا ّ
،بحيث ل يكون فيها فرجة ،للحاديث الكثيرة الّتي
ث عليها :منها قوله صلى الله عليه وردت في الح ّ
ف من ص ّ ن تسوية ال ّ سووا صفوفكم ،فإ ّ ّ وسلم « :
صفوف ن تسوية ال ّ صلة » وفي رواية « فإ ّ تَمام ال ّ
صلة » .وقوله صلى الله عليه وسلم : من إقامة ال ّ
صوا ،فإنّي أراكم من وراء « أقيموا صفوفكم وترا ّ
سوُّ َّ
ن ظهري » وقوله صلى الله عليه وسلم « :لَت ُ َ
ن اللّه بين وجوهكم » .وبيان ما صفوفَكم أو ليخالَف َّ
صفوف ينظر في مصطلح ( تتحّقق به التّسوية في ال ّ
صلة الجماعة ) .
تسوية الظّهر في الّركوع :
ن أكمل الّركوع هو أن - 4اتّفق الفقهاء على أ ّ
ينحني المصلّي ،بحيث يستوي ظهره وعنقه ،بأن
صحيفة الواحدة ،وينصب يمدّهما حتّى يصيرا كال ّ
ساقيه وفخذيه إلى الحقو ،ول يثني ركبتيه حتّى ل
ي
ن ذلك ثبت عن النّب ّ يفوت استواء الظّهر به .ل ّ
ساعدي
ّ صلى الله عليه وسلم ،فعن أبي حميد ال ّ
رضي الله عنه قال « :رأيت رسول اللّه صلى الله
حذ ْوَ منكبيه ،وإذا ركع عليه وسلم إذا كبّر جعل يديه َ
م هصر ظهره » وفي رواية أمكن يديه من ركبتيه ،ث ّ
م حنى غير مقنّع رأسه ول مصوّبه » وعن عائشة «ث ّ
رضي الله عنها قالت « :كان رسول اللّه صلى الله
صلة بالتّكبير إلى أن قالت : عليه وسلم يفتتح ال ّ
525
وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوّبه ،ولكن
يبين ذلك » .وفي حديث المسيء صلته قال النّب ّ
صلى الله عليه وسلم له « :فإذا ركعت فاجعل
راحتيك على ركبتيك ،وامدد ظهرك ،ومكّن ركوعك
».
سنّة في الّركوع قال المام البغويّ رحمه الله :ال ّ
مة العلماء :أن يضع راحتيه على ركبتيه ، عند عا ّ
ويفّرج بين أصابعه ،ويجافي مرفقيه عن جنبيه ،
ويسوّي ظهره وعنقه ورأسه .
التّسوية في إعطاء الّزكاة بين الصناف الثّمانية :
- 5اختلف العلماء في وجوب التّسوية في الّزكاة
بين الصناف الثّمانية ،فذهب الحنفيّة والمالكيّة
والحنابلة إلى جواز القتصار على صنف واحد من
الصناف الثّمانية ،وإلى جواز أن يعطيها شخصاً
صنف الواحد ،فل يجب على المام -إن واحدا ً من ال ّ
كان هو الّذي يوّزع -ول على المالك أن يستوعب
ل صنف . جميع الصناف ،ول آحاد ك ّ
واستدلّوا لذلك بأدلّة منها « :قوله صلى الله عليه
ن عليهم
وسلم لمعاذ رضي الله عنه :أعلمهم أ ّ
ة تؤخذ من أغنيائهم فترد ّ على فقرائهم » ففيه صدق ً
المر برد ّ جملتها في الفقراء ،وهم صنف واحد ،
ولم يذكر سواهم .
م أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان غير ث ّ
الفقراء ،وهم المؤلّفة قلوبهم :القرع بن حابس ،
وعيينة بن حصن ،وعلقمة بن علقة ،وزيد الخير .
ي بن حيث قسم فيهم الذ ّهيبة الّتي بعث بها إليه عل ّ
أبي طالب رضي الله عنه من اليمن .
صدقة قال ابن قدامة :وإنّما يؤخذ من أهل اليمن ال ّ
ي رضي الله .وفي حديث سلمة بن صخر البياض ّ
526
عنه « أنّه صلى الله عليه وسلم أمر له بصدقة
قومه بقوله عليه الصلة والسلم :فانطلق إلى
صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك » .
لكنّهم مع ذلك يرون أنّه من الفضل في القسمة أن
ة ،فالّذي يليه .
يقدّم الكثر حاج ً
فعن عمر رضي الله عنه أنّه كان إذا جمع صدقات
المواشي من البقر والغنم ،نظر منها ما كان منيحة
اللّبن ،فيعطيها لهل بيت واحد على قدر ما يكفيهم
م يقول : ،وكان يعطي العشرة للبيت الواحد ث ّ
عطيّة تكفي خير من عطيّة ل تكفي .
ي رحمه الله إلى أنّه إن كان وذهب المام النّخع ّ
المال كثيرا ً يحتمل الصناف قسمه عليهم ،وإن كان
قليل ً جاز وضعه في صنف واحد .
شافعيّة ،وهو قول عكرمة إلى وجوب وذهب ال ّ
استيعاب الصناف الثّمانية إن كان المام أو نائبه هو
الّذي يقسم ،فإن فقد بعض الصناف فعلى
الموجودين .وكذا يجب على المالك إن تولّى بنفسه
سبعة غير العامل القسمة أن يستوعب الصناف ال ّ
إن انحصر المستحّقون في البلد ،بأن سهل عادةً
ضبطهم ومعرفة عددهم .وإن لم ينحصروا فيجب
ن اللّه تعالىل صنف ،ل ّ إعطاء ثلثة فأكثر من ك ّ
أضاف إليهم الّزكوات بلفظ الجمع ،وأقلّه ثلثة .
سم -6وتجب التّسوية بين الصناف الثّمانية سواء ق ّ
ن
المام أو المالك ،وإن كانت حاجة بعضهم أشد ّ ،ل ّ
اللّه سبحانه وتعالى جمع بينهم بواو التّشريك ،
فاقتضى أن يكونوا سواءً « .ولقوله صلى الله عليه
ن اللّه لم يرض بحكم وسلم لرجل سأله من الّزكاة إ ّ
صدقات ،حتّى حكم هو فيها ، ي ول غيره في ال ّ نب ّ
527
فجّزأها ثمانية أجزاء ،فإن كنت من تلك الجزاء
أعطيتك »
صنف -7كما يجب على المام أن يسوّي بين آحاد ال ّ
ن عليه ة،ل ّ الواحد ،إذا كانت حاجاتهم متساوي ً
التّعميم فتلزمه التّسوية ،ولنّه نائبهم فيحرم عليه
التّفضيل .
ما إذا اختلفت حاجاتهم فعليه أن يراعيها . أ ّ
صنف ول يجب على المالك التّسوية بين آحاد ال ّ
الواحد لعدم انضباط الحاجات الّتي من شأنها
ن له التّسوية إن تساوت حاجاتهم التّفاوت ،لكن يس ّ
ب التّفاوت بقدرها . ،فإن تفاوتت استح ّ
التّسوية بين الّزوجات في القسم :
ن القسم بين الّزوجات - 8اتّفق الفقهاء على أ ّ
واجب على الّرجل وإن كان مريضا ً أو مجبوبا ً أو
ن من مقاصد القسم النس ،وهو حاصل عنّينا ً ،ل ّ
ن
من ل يطأ .فقد روت عائشة رضي الله عنها « أ ّ م ّ
ما كان في رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ل ّ
مرضه جعل يدور على نسائه ،ويقول :أين أنا
غدا ً ؟ أين أنا غدا ً ؟ » .
ويقسم للمريضة ،والحائض ،والنّفساء ،والّرتقاء ،
والقرناء ،والمحرمة ،ومن آلى منها أو ظاهر ،
شابّة ،والعجوز ،والقديمة ،والحديثة .لقوله وال ّ
ن ل تَعْدِلُوا فَوَا ِ فت َ
حدَةً } الية . مأ ْ خ ْ ُ ْن ِتعالى { :فَإ ِ ْ
ي صلى الله عليه وسلم كان يعدل ن النّب ّ وروي « أ ّ
سمي م هذا قَ ْ بين نسائه في القسم ويقول :اللّه ّ
ت ول أَملك » فيما أملك ،فل تؤاخذني فيما تملك أن َ
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم أنّه قال « :من كان له
528
امرأتان ،فمال إلى إحداهما دون الخرى ،جاء يوم
قه مائل » . القيامة وش ّ
ويسوّي في القسم بين المسلمة والكتابيّة لما ذكرنا
من الدّلئل من غير فضل ،ولنّهما يستويان في
سبب وجوب القسم وهو النّكاح ،فيستويان في
القسم .
سفر ، وتفصيل القسم بين الّزوجات في الحضر وال ّ
ص به العروس عند وفي بدء القسم ،وما يخت ّ
الدّخول وغير ذلك ،يرجع فيه إلى مصطلح ( القسم
بين الّزوجات ) .
التّسوية بين المتخاصمين في التّقاضي :
ن على القاضي العدل بين - 9اتّفق الفقهاء أ ّ
ل شيء من المجلس ،والخطاب ، الخصمين في ك ّ
واللّحظ ،واللّفظ ،والشارة ،والقبال ،والدّخول
عليه ،والنصات إليهما ،والستماع منهما ،والقيام
لهما ،ورد ّ التّحيّة عليهما ،وطلقة الوجه لهما ،
ي صلى الله للحاديث الكثيرة الّتي ثبتت عن النّب ّ
عليه وسلم في ذلك منها :
قوله صلى الله عليه وسلم « :من ابتلي بالقضاء
بين المسلمين ،فليعدل بينهم في لفظه وإشارته
ومقعده ،ول يرفع صوته على أحد الخصمين ما ل
سوِّ بينهم في يرفعه على الخر » وفي رواية « :فَلْي ُ َ
النّظر والمجلس والشارة » .
الشعري
ّ وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى
س بين النّاس في وجهك رضي الله عنه" أن آ ِ
وعدلك ومجلسك ،حتّى ل يطمع شريف في
حيفك ،ول ييأس ضعيف من عدلك ".
ن مخالفة ذلك يوهم الخصم الخر ميل القاضي ول ّ
جته ،ولإلى خصمه ،فيضعفه ذلك عن القيام بح ّ
529
جته ،ول قنه ح ّ
يساّر أحدهما دون الخر ،ول يل ّ
ن في ذلك كلّه مخالف ً
ة يضحك في وجهه ،ل ّ
للمساواة المطلوبة .
شريف والوضيع والب والبن ، ويشمل هذا ال ّ
صغير والكبير والّرجل والمرأة .كما اتّفقوا على وال ّ
تقديم الوّل فالوّل ،إذا حضر القاضي خصوم
سابق ،فإن جهل السبق ن الحقّ لل ّ وازدحموا ،ل ّ
منهم ،أو جاءوا معا ً أقرع بينهم ،وقدّم من خرجت
جح إل ّ بها .فإن حضر مسافرون قرعته ،إذ ل مر ّ
ومقيمون :فإن كان المسافرون قليل ً ،بحيث ل
يضّر تقديمهم على المقيمين قدّمهم ،لنّهم على
سفر ،ولئل ّ يتضّرروا بالتّخلّف . جناح ال ّ
ن ماوكذلك النّسوة يقدّمن على الّرجال طلبا ً لستره ّ
ن أيضا ً . لم يكثر عدده ّ
- 10ولكنّهم اختلفوا في حكم تسوية المسلم مع
خصمه الكافر .
فذهب الحنفيّة والمالكيّة ،وهو قول مرجوح عند
شافعيّة :إلى وجوب المساواة بينهما في ك ّ
ل ال ّ
ن تفضيل المسلم على المور المذكورة آنفا ً ،ل ّ
الكافر ورفعه عليه في مجلس القضاء كسر لقلبه ،
وترك للعدل الواجب التّطبيق بين النّاس جميعا ً .
شافعيّة في الّراجح عندهم ،والحنابلة :إلى وذهب ال ّ
جواز رفع المسلم على خصمه الكافر ،لما روي عن
سوق ، ي رضي الله عنه من أنّه« خرج إلى ال ّ عل ّ
فوجد درعه مع يهوديّ ،فعرفها فقال :درعي
سقطت وقت كذا فقال اليهوديّ :درعي وفي يدي
بيني وبينك قاضي المسلمين .فارتفعا إلى شريح
ما رآه شريح قام من مجلسه ، رضي الله عنه ،فل ّ
وأجلسه في موضعه ،وجلس مع اليهوديّ بين يديه ،
530
ن خصمي لو كان مسلما ً لجلست معه ي:إ ّ فقال عل ّ
بين يديك ،ولكنّي سمعت رسول اللّه صلى الله
عليه وسلم يقول « :ل تساووهم في المجالس »
ي وبينه يا شريح .والحديث « :السلم اقض بين ّ
يعلو ول يعلى » .
التّسوية بين الولد في العطيّة :
- 11اختلف العلماء في وجوب التّسوية بين الولد
في العطيّة .
ن التّسوية شافعيّة إلى أ ّ فذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
ن
ة.ل ّ بينهم في العطايا مستحبّة ،وليست واجب ً
ضل عائشة رضي الله عنها صدّيق رضي الله عنه ف ّ ال ّ
ضل عمر رضي على غيرها من أولده في هبة ،وف ّ
الله عنه ابنه عاصما ً بشيء من العطيّة على غيره
من أولده .
ن في قوله صلى الله عليه وسلم في بعض ول ّ
روايات حديث النّعمان بن بشير رضي الله عنهما :
ل على الجواز . « فأشهد على هذا غيري » ما يد ّ
وذهب الحنابلة ،وأبو يوسف من الحنفيّة ،وهو قول
ابن المبارك ،وطاووس ،وهو رواية عن المام
مالك رحمه الله :إلى وجوب التّسوية بين الولد
في الهبة .
ص بعضهم بعطيّة ،أو فاضل بينهم فيها أثم ، فإن خ ّ
ضلما رد ّ ما ف ّ ووجبت عليه التّسوية بأحد أمرين :إ ّ
ما إتمام نصيب الخر ،لخبر به البعض ،وإ ّ
صحيحين عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما ال ّ
مي عمرة بنت ة .فقالت أ ّ قال « :وهبني أبي هب ً
رواحة رضي الله عنها :ل أرضى حتّى تشهد رسول
اللّه صلى الله عليه وسلم فأتى رسول اللّه صلى
م هذا نأ ّ الله عليه وسلم فقال :يا رسول اللّه :إ ّ
531
أعجبها أن أشهدك على الّذي وهبت لبنها ،فقال
صلى الله عليه وسلم يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟
قال :نعم .قال :كلّهم وهبت له مثل هذا ؟ قال :
ل .قال :فأرجعه » .وفي رواية قال « :اتّقوا
اللّه ،واعدلوا بين أولدكم » وفي رواية أخرى « ل
ن لبنيك من الحقّ أن تعدل تشهدني على جور .إ ّ
بينهم » وفي رواية « :فأشهد على هذا غيري » .
ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال « : وروي عن النّب ّ
سووا بين أولدكم في العطيّة ،ولو كنت مؤثرا ً أحداً ّ
لثرت النّساء على الّرجال » .
- 12واختلفوا كذلك في معنى التّسوية بين الذ ّكر
والنثى من الولد .
ن معنى التّسوية بين فذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ
الذ ّكر والنثى من الولد :العدل بينهم في العطيّة
ن الحاديث الواردة في ذلك لم بدون تفضيل ،ل ّ
تفّرق بين الذ ّكر والنثى .
مد بن الحسن من وذهب الحنابلة ،والمام مح ّ
نشافعيّة إلى أ ّ الحنفيّة ،وهو قول مرجوح عند ال ّ
المشروع في عطيّة الولد القسمة بينهم على قدر
ن اللّه
ظ النثيين ،ل ّ ميراثهم :أي للذ ّكر مثل ح ّ
سبحانه وتعالى قسم لهم في الرث هكذا ،وهو خير
الحاكمين ،وهو العدل المطلوب بين الولد في
الهبات والعطايا .
ضلها عليه ،أو سوى بين الذ ّكر والنثى ،أو ف ّ ّ وإن
ضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض ،أو ف ّ
ص بعضهم بالوقف دون بعض ،فقال أحمد في خ ّ
مد بن الحكم :إن كان على طريق الثرة رواية مح ّ
ن بعضهم له عيال وبه فأكرهه ،وإن كان على أ ّ
حاجة يعني فل بأس به .
532
ص المشتغلين وعلى قياس قول المام أحمد :لو خ ّ
بالعلم من أولده بوقفه تحريضا ً لهم على طلب
ساق ،أو المريض ،أو العلم ،أو ذا الدّين دون الف ّ
من له فضل من أجل فضيلته فل بأس .
شفعة بين المستحّقين : التّسوية في ال ّ
شفعة بين - 13اختلف الفقهاء في التّسوية في ال ّ
المستحّقين لها .
شافعيّة والحنابلة :إلى أنّهم فذهب المالكيّة وال ّ
شفعة على قدر حصصهم من الملك ، يأخذون بال ّ
لنّه حقّ مستحقّ بالملك على قدره ،فلو كانت
شركاء مثل ً :لواحد نصفها ، أرض بين ثلثة من ال ّ
ولخر ثلثها ،ولثالث سدسها ،فباع الوّل -وهو
صته أخذ الثّاني سهمين ،والثّالث صاحب النّصف -ح ّ
سهما ً واحدا ً .
شافعيّة ،وذهب الحنفيّة ،وهو قول مرجوح عند ال ّ
خرين :إلى وبعض الحنابلة ،واختاره جمع من المتأ ّ
شقص على قدر رءوسهم ، شركاء يقتسمون ال ّ ن ال ّ أ ّ
سابق بين وعلى هذا يقسم النّصف في المثال ال ّ
شفعة هو أصل ن سبب ال ّ شريكين سواءً بسواء ،ل ّ ال ّ
شركة ،وهم مستوون فيها ،فيجب التّسوية بينهم ال ّ
في اقتسام المشفوع فيه .
مة : التّسوية بين النّاس في المرافق العا ّ
مة -من ن المرافق العا ّ - 14اتّفق الفقهاء على أ ّ
شوارع والطّرق ،وأفنية الملك ،والّرحاب بين ال ّ
العمران ،وحريم المصار ،ومنازل السفار ،
ومقاعد السواق ،والجوامع والمساجد ،والنهار
الّتي أجراها اللّه سبحانه وتعالى ،والعيون الّتي أنبع
اللّه ماءها ،والمعادن الظّاهرة وهي الّتي خرجت
بدون عمل النّاس كالملح والماء والكبريت والكحل
533
ن هذه الشياء من وغيرها والكل -اتّفقوا على أ ّ
المنافع المشتركة بين النّاس ،فهم فيها سواسية ،
فيجوز النتفاع بها للمرور والستراحة والجلوس
سقاية ،شرب وال ّ والمعاملة والقراءة والدّراسة وال ّ
وغير ذلك من وجوه النتفاع .
ولكن ل يجوز اقتطاعها لحد من النّاس ،ول
ن فيه ضرراً احتجازها دون المسلمين ،ل ّ
ق فيها بالمسلمين وتضييقا ً عليهم .ويكون الح ّ
سابق حتّى يرتحل عنها ،لقوله صلى الله عليه لل ّ
منَاخ من سبق إليها » .ويشترط منًى ُ
وسلم ِ « :
بأي
ّ عدم الضرار ،فإذا تضّرر به النّاس لم يجز ذلك
حال ،لقوله صلى الله عليه وسلم « ل ضرر ول
ضرار » .
تسوية القبر :
شافعيّة والحنابلة - 15ذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ
إلى استحباب رفع القبر مقدار شبر من الرض ،أو
أكثر منه بقليل إن لم يخش نبشه من كافر أو
حم على نحوه ،وذلك ليعلم أنّه قبر فيزار ،ويتر ّ
صاحبه ،ويحترم .
ن قبر الّرسول صلى الله ح من أ ّ واستدلّوا بما ص ّ
عليه وسلم رفع نحو شبر فعن جابر رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن ن النّب ّ
«أ ّ
الرض قدر شبر » .
مد بن أبي بكر رضي الله عنهم وعن القاسم بن مح ّ
مهقال « :قلت لعائشة رضي الله عنها :يا أ ّ
اكشفي لي عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم وصاحبيه ،فكشفت لي عن ثلثة قبور ،ل
ة ببطحاء العرصة الحمراء ة مبطوح ً ة ول لطئ ً مشرف ً
».
534
ي رحمه الله أنّه قال :أخبرني وعن إبراهيم النّخع ّ
من رأى قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقبر
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنّها مسنّمة .
ن عبد اللّه بن عبّاس رضي الله عنهما وروي أيضا ً أ ّ
مد بن الحنفيّة ما مات بالطّائف ،صلّى عليه مح ّ ل ّ
رحمه الله ،وكبّر عليه أربعا ً ،وجعل له لحدا ً ،
وأدخله القبر من قبل القبلة ،وجعل قبره مسنّما ً ،
وضرب عليه فسطاطا ً .
ن تسطيح القبر شافعيّة أ ّ صحيح عند ال ّ ن ال ّ
ولك ّ
ح عن وتسويته بالرض أولى من تسنيمه ،لما ص ّ
مته عائشة رضي الله نع ّ مد من « أ ّ القاسم بن مح ّ
عنها كشفت له عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم وقبر صاحبيه فإذا هي مسطّحة مبطوحة
ببطحاء العرصة الحمراء » .
شبر - 16ويكره عند الجمهور ما زاد عن مقدار ال ّ
زيادة ً كبيرةً ،إن لم يكن لحاجة كخوف نبش قبر
ي صلى الله عليه المؤمن من نحو كافر ،لقول النّب ّ
ي رضي الله عنه « ل تدع تمثال ً إلّ وسلم لعل ّ
سويته » .والمشرف ّ طمسته ،ول قبرا ً مشرفا ً إل ّ
ما رفع كثيرا ً بدليل « قول القاسم في صفة قبر
ي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه :ل مشرفة النّب ّ
ول لطئة » .
================
تسويد *
التّعريف :
-1التّسويد مصدر سوّد ،يقال :سوّد تسويدا ً .
سواد -وهو ضدّ والتّسويد يأتي بمعنى التّلوين بال ّ
شيء أي :جعله أسود . البياض -يقال :سوّد ال ّ
535
سيادة ،فيكون بمعنى : ويأتي التّسويد من ال ّ
التّشريف ،يقال :سوّده قومه تسويدا ً أي :جعلوه
سيّدا ً عليهم .وفي المصباح :ساد يسود سيادةً ،
شرف ،فهو سيّد سؤدد ،وهو :المجد وال ّ والسم ال ّ
والنثى سيّدة .
سواد أي الجماعة ،وينسب إلى سيّد :المتولّي لل ّ وال ّ
ما كان من شرط ذلك فيقال :سيّد القوم .ول ّ
المتولّي للجماعة أن يكون مهذ ّب النّفس ،قيل لك ّ
ل
من كان فاضل ً في نفسه :سيّد .ويطلق ال ّ
سيّد
ب ،والمالك ،والحليم ،ومحتمل أذى قومه على الّر ّ
،والّزوج ،والّرئيس ،والمقدّم .ويأتي التّسويد -
أيضا ً -لنوع من المداواة ،قال في اللّسان نقل ً عن
أبي عبيد :ويقال :سوّد الِبل تسويدا ً :إذا دقّ
مسح البالي من شعر فداوى به أدبارها . ال ِ
والتّسويد في الصطلح يريد به الفقهاء المعنيين
الولين غالبا ً .ّ
صلة :اللفاظ ذات ال ّ
أ -التّبييض :
شيء أي - 2التّبييض :مصدر بيّض ،يقال :بيّض ال ّ
جعله أبيض ،ضد ّ سوّده .
سواد ،والبيّاض :الّرجل الّذي يبيّض والبياض ضد ّ ال ّ
الثّياب .والمبيِّضة :أصحاب البياض ،وهم فرقة من
موا كذلك لتبييضهم الثّياب ،مخالف ً
ة الثّنويّة س ّ
للمسوّدة من العبّاسيّين .
ب -التّعظيم :
- 3التّعظيم :مصدر عظّم ،يقال :عظّمه تعظيماً
خمه . أي :كبّره وف ّ
والتّعظيم يكون باعتبار الوصف والكيفيّة ،ويقابله
التّحقير فيهما بحسب المنزلة والّرتبة .
536
ج -التّفضيل :
ضلته على ضل ،يقال :ف ّ - 4التّفضيل :مصدر ف ّ
ضله أي غيره تفضيل ً أي :صيّرته أفضل منه ،وف ّ
سيادة -مّزاه .والتّفضيل دون التّسويد -بمعنى ال ّ
لكنّه سبب له وطريق إليه .
د -التّكريم :
- 5التّكريم :أن يوصل إلى النسان نفع ل يلحقه
فيه غضاضة ،أو أن يجعل ما يوصل إلى النسان
شيئا ً كريما ً أي شريفا ً .وهو مصدر كّرم ،يقال :
كّرمه تكريما ً أي عظّمه ونّزهه .والكرام والتّكريم
بمعنًى ،والكرم ضد ّ اللّؤم .
ي: الحكم التّكليف ّ
- 6يختلف حكم التّسويد باختلف معناه ومبحثه
ي.الفقه ّ
سيادة ،ويبحث حكمه في فالتّسويد يأتي بمعنى :ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم مواطن منها :تسويد النّب ّ
صلة وفي غيرها ،وتسويد غيره صلى الله في ال ّ
عليه وسلم وتسويد المنافق .ويأتي التّسويد بمعنى
سواد ،ويبحث حكمه في مواطن منها : :التّلوين بال ّ
التّعزير ،والخضاب ،والحداد ،والتّعزية ،واللّباس
والعمامة ،وشعر المبيع .
أوّلً
سيادة التّسويد من ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم : تسويد النّب ّ
ي صلى الله اختلف الفقهاء في حكم تسويد النّب ّ
صلة ،وحكم تسويده صلى الله عليه وسلم في ال ّ
صلة . عليه وسلم في غير ال ّ
صلة : أ -في ال ّ
537
صلوات البراهيميّة في كتب الحديث - 7ورد لفظ ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم من والفقه مأثورا ً عن النّب ّ
غير ذكر " سيّدنا " قبل اسمه عليه الصلة والسلم
.
ما إضافة لفظ " سيّدنا " فرأى من لم يقل وأ ّ
بزيادتها اللتزام بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم
ن فيه امتثال ً لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ل ّ
من غير زيادة في الذكار واللفاظ المأثورة عنه ،
صلة البراهيميّة . كالذان والقامة والتّشهّد وال ّ
صلةما بخصوص زيادة " سيّدنا " في ال ّ وأ ّ
البراهيميّة بعد التّشهّد ،فقد ذهب إلى استحباب
سلم خرين كالعّز بن عبد ال ّ ذلك بعض الفقهاء المتأ ّ
شافعيّة ،شرقاويّ من ال ّ ي وال ّ ي والقليوب ّ والّرمل ّ
ي
ة للّرمل ّ ي وابن عابدين من الحنفيّة متابع ً والحصكف ّ
ي ،كما صّرح باستحبابه النّفراويّ من شافع ّ ال ّ
ن ذلك من قبيل الدب ،ورعاية المالكيّة .وقالوا :إ ّ
الدب خير من المتثال ،كما قال العّز بن عبد
سلم .ال ّ
صلة : ب -في غير ال ّ
ي صلى سيادة للنّب ّ
- 8أجمع المسلمون على ثبوت ال ّ
سيادة .قال الله عليه وسلم وعلى ع َل َ ِ
ميَّتِه في ال ّ
شرقاويّ :فلفظ " سيّدنا " علم عليه صلى الله ال ّ
عليه وسلم .
سيّد لن لفظ ال ّ ومع ذلك خالف بعضهم وقالوا :إ ّ
يطلق إل ّ على اللّه تعالى ،لما روي عن أبي نضرة
عن مطّرف قال :قال أبي « :انطلقت في وفد
ي صلى الله عليه وسلم فقلنا : بني عامر إلى النّب ّ
سيّد اللّه تبارك وتعالى .قلنا : أنت سيّدنا ،فقال :ال ّ
وأفضلنا فضل ً وأعظمنا طول ً ،قال :قولوا بقولكم
538
شيطان » .وفي أو بعض قولكم ،ول يسخر بكم ال ّ
حديث آخر
« أنّه جاءه رجل فقال :أنت سيّد قريش ،فقال
سيّد اللّه » .
صلى الله عليه وسلم :ال ّ
قال ابن الثير في النّهاية :أي هو الّذي يحقّ له
بسيادة ،كأنّه كره أن يحمد في وجهه ،وأح ّ ال ّ
التّواضع .ومنه الحديث لما قالوا :أنت سيّدنا ،قال
« :قولوا بقولكم » أي ادعوني نبيّا ً ورسول ً كما
مونموني سيّدا ً كما تس ّ ماني اللّه ،ول تس ّ س ّ
من يسودكم في رؤساءكم ،فإنّي لست كأحدهم م ّ
أسباب الدّنيا .
سيّد يطلق على وأضاف ابن مفلح إلى ما سبق :وال ّ
شريف ،والفاضل ،والحكيم ، ب ،والمالك ،وال ّ الّر ّ
مل أذى قومه ،والّزوج ،والّرئيس ،والمقدّم . ومتح ّ
ي صلى الله عليه وسلم وقال أبو منصور :كره النّب ّ
ب التّواضع للّه تعالى ، أن يمدح في وجهه وأح ّ
سيادة للّذي ساد الخلق أجمعين .وليس وجعل ال ّ
هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ رضي الله عنه
حين قال لقومه النصار « :قوموا إلى سيّدكم »
ما صفة اللّه ج ّ
ل أراد أنّه أفضلكم رجل ً وأكرمكم .وأ ّ
سيّد فمعناه :أنّه مالك الخلق والخلق كلّهم ذِكْره بال ّ
سيّد بهذا المعنى على عبيده -أي فل يطلق لفظ ال ّ
غير اللّه تعالى -وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم
« :أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ول فخر » أراد أنّه
أوّل شفيع ،وأوّل من يفتح له باب الجنّة ،قال ذلك
سودد ،ما أكرمه اللّه به من الفضل وال ّ إخبارا ً ع ّ
وتحدّثا ً بنعمة اللّه عنده ،وإعلما ً منه ،ليكون
إيمانهم به على حسبه وموجبه ،ولهذا أتبعه بقوله :
ن هذه الفضيلة الّتي نلتها كرام ً
ة « ول فخر » أي أ ّ
539
من اللّه تعالى ،لم أنلها من قبل نفسي ،ول بلغتها
بقوّتي ،فليس لي أن أفتخر بها .
سخاويّ :إنكاره صلى الله عليه وسلم وقال ال ّ
يحتمل أن يكون تواضعا ً منه صلى الله عليه وسلم
ن ذلك ة ،أو ل ّ ة منه أن يحمد ويمدح مشافه ً وكراه ً
كان من تحيّة الجاهليّة ،أو لمبالغتهم في المدح ،
ح قوله صلى الله عليه وسلم « :أنا سيّد ولد وقد ص ّ
ن ابني هذا آدم » وقوله للحسن رضي الله عنه « :إ ّ
سيّد » وورد قول سهل بن حنيف رضي الله عنه
ي صلى الله عليه وسلم « :يا سيّدي » في للنّب ّ
ي في عمل اليوم واللّيلة ،وقول حديث عند النّسائ ّ
ل على سيّد المرسلين ". مص ّ ابن مسعود " :اللّه ّ
ل هذا دللة واضحة وبراهين لئحة على جواز وفي ك ّ
ذلك ،والمانع يحتاج إلى إقامة دليل ،سوى ما تقدّم
سابقة . ،لنّه ل ينهض دليل ً مع الحتمالت ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم : تسويد غير النّب ّ
سيّد على - 9اختلف الفقهاء في جواز إطلق لفظ ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم : غير النّب ّ
سيّد على فذهب جمهورهم إلى جواز إطلق لفظ ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم واستدلّوا بقول اللّه غير النّب ّ
صوَراًح ُ سي ِّدَا ً وَ َتعالى في يحيى عليه السلم َ { :و َ
ة
ة ونزاه ً ن } أي أنّه فاق غيره عّف ً حي َ ن ال َّ
صال ِ ِ م َ وَنَبِيَّا ً ِ
ل في امرأة العزيز : عن الذ ّنوب .وقوله عّز وج ّ
سيِّدَها لَدَى الباب } أي زوجها وبما روي « فيَا َ { َوأَل ْ َ
سيّد ؟ ي صلى الله عليه وسلم سئل :من ال ّ ن النّب ّ أ ّ
قال :يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
متك من سيّد ؟ قال : عليهم السلم قالوا :فما في أ ّ
ة ،فأدّى بلى ،من آتاه اللّه مال ً ،ورزق سماح ً
شكره ،وقلّت شكايته في النّاس » وبقوله صلى
540
الله عليه وسلم للنصار وبني قريظة « :قوموا إلى
سيّدكم » يعني سعد بن معاذ .وقوله صلى الله
ي رضي الله عنهما - عليه وسلم في الحسن بن عل ّ
ن ابني هذا سيّد ،ولع ّ
ل صحيحين « -إ ّ كما ورد في ال ّ
اللّه يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين »
وكذلك كان .وقوله صلى الله عليه وسلم للنصار :
خله « من سيّدكم ؟ قالوا :الجد ّ بن قيس على أنّا نب ّ
،قال صلى الله عليه وسلم :وأيّ داء أدوى من
البخل » .
ل بني آدم سيّد ، وبقوله صلى الله عليه وسلم «:ك ّ
فالّرجل سيّد أهله ،والمرأة سيّدة بيتها ».
م الدّرداء رضي الله عنها :حدّثني ومنه حديث أ ّ
سيّدي أبو الدّرداء .
ما سئل :من الّذي إلى وبقول عمر رضي الله عنه ل ّ
ي بن كعب جانبك ،فأجاب :هذا سيّد المسلمين أب ّ
رضي الله عنه .
وقالوا :إنّه لم يرد في القرآن الكريم ول في حديث
ن إطلق سيّد من أسماء اللّه تعالى ،ول ّ ن ال ّ
متواتر أ ّ
ل لكونه سبحانه مالك سيّد على اللّه عّز وج ّ لفظ ال ّ
الخلق أجمعين ،ول مالك لهم سواه ،وإطلق هذا
اللّفظ على غير اللّه تعالى ل يكون بهذا المعنى
الجامع الكامل ،بل بمعان قاصرة عن ذلك .
سيّد ل يطلق إل ّ على اللّه ن لفظ ال ّوقال بعضهم :إ ّ
سبحانه وتعالى ،لما ورد في حديث مطّرف الّذي
سيّد ول ي :ل يقال ال ّ سبق ذكره .وقال الخطّاب ّ
المولى على الطلق من غير إضافة إل ّ في صفة
اللّه تعالى .
سيّد يجوز إطلقه على ن لفظ ال ّوقال بعضهم :إ ّ
مالك العبد أو مالكته ،لما روي عن أبي هريرة
541
ن رسول اللّه صلى الله عليه رضي الله عنه « أ ّ
ن أحدكم :عبدي وأمتي ،ول وسلم قال :ل يقول ّ
ن المملوك :ربّي وربّتي ،وليقل المالك :فتاي يقول ّ
وفتاتي .وليقل المملوك :سيّدي وسيّدتي ،فإنّهم
ب :اللّه تعالى » قال صاحب المملوكون ،والّر ّ
عون المعبود :كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا ،
سيّد ، ويكره أن يخاطب أحدا ً بلفظه أو كتابته بال ّ
ويتأكّد هذا إذا كان المخاطب غير تق ّ
ي.
من يستحقّ التّسويد :
سؤدد ،وهو :المجد سيّد مشتقّ من ال ّ - 10لفظ ال ّ
شرف ،ويطلق على المتولّي للجماعة .ومن وال ّ
شرطه وشأنه أن يكون مهذ ّب النّفس شريفا ً .
وعلى من قام به بعض خصال الخير من الفضل
شرف والعبادة والورع والحلم والعقل والنّزاهة وال ّ
والعّفة والكرم ونحو ذلك .
سيّد على المنافق : إطلق لفظ ال ّ
- 11المنافق ليس من هذه الخصال في شيء ،لنّه
كاذب مدلّس خائن ،ل توافق سريرته علنيته .وفي
العقيدة :يبطن الكفر ويظهر السلم .وقد ورد
سيّد على المنافق فيما النّهي عن إطلق لفظ ال ّ
روي عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال « :قال
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :ل تقولوا
للمنافق سيّد ،فإنّه إن يك سيّدكم فقد أسخطتم
ل»ربّكم عّز وج ّ
سؤدد ،أي للسباب سيّد هو المستحقّ لل ّ ن ال ّ
وذلك ل ّ
العالية الّتي تؤهّله لذلك ،فأ ّ
ما المنافق فإنّه
موصوف بالنّقائص ،فوصفه بذلك وضع له في
مكان لم يضعه اللّه فيه ،فل يبعد أن يستحقّ
واضعه بذلك سخط اللّه .وقيل معناه :إن يك سيّداً
542
لكم فتجب عليكم طاعته ،فإذا أطعتموه في نفاق
فقد أسخطتم ربّكم .وقال ابن الثير :ل تقولوا
للمنافق سيّد ،فإنّه إن كان سيّدكم وهو منافق
فحالكم دون حاله ،واللّه ل يرضى لكم ذلك .
ثانياً
سوادالتّسويد من ال ّ
أ -التّسويد بالخضاب :
ن
- 12ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أ ّ
سواد مكروه في غير الجهاد في خضاب الّرجل بال ّ
الجملة .وللحنفيّة والمالكيّة في ذلك تفصيل :
سواد أي لغير قال ابن عابدين :يكره الخضاب بال ّ
سوادما الخضاب بال ّ الحرب ،قال في الذ ّخيرة :أ ّ
للغزو -ليكون أهيب في عين العدوّ -فهو محمود
بالتّفاق .
مة
وإن كان ليزيّن نفسه للنّساء فمكروه ،وعليه عا ّ
المشايخ .وبعضهم جوّزه بل كراهة .روي عن أبي
يوسف أنّه قال :كما يعجبني أن تتزيّن لي يعجبها
أن أتزيّن لها .
سواد إذا كان للتّغرير وقال المالكيّة :الخضاب بال ّ
فهو حرام .كمن أراد نكاح امرأة فصبغ شعر لحيته
العدو
ّ سواد .وإن كان للجهاد حتّى يوهم البيض ،بال ّ
شباب ندب . ال ّ
ب كره .وإن كان مطلقا ً فقولن : وإن كان للتّشا ّ
بالكراهة والجواز .
سواد حرام في ن الخضاب بال ّ شافعيّة :إ ّ وقال ال ّ
الجملة ،ولهم في ذلك تفصيل وخلف .
م خضاب قال النّوويّ في المجموع :اتّفقوا على ذ ّ
ي
م قال :قال :الغزال ّ الّرأس واللّحية بال ّ
سواد ،ث ّ
543
في الحياء ،والبغويّ في التّهذيب ،وآخرون من
الصحاب :هو مكروه .
صحيح - وظاهر عبارتهم أنّه مكروه كراهة تنزيه ،وال ّ
صواب -أنّه حرام . بل ال ّ
صلة من صّرح بتحريمه صاحب الحاوي في باب ال ّ وم ّ
بالنّجاسة ،قال :إل ّ أن يكون في الجهاد ،وقال في
سلطانيّة يمنع المحتسب النّاس آخر كتاب الحكام ال ّ
سواد إل ّ المجاهد ،ودليل شيب بال ّ من خضاب ال ّ
تحريمه حديث جابر رضي الله عنه قال « :أتي
صدّيق رضي الله عنهما بأبي قحافة والد أبي بكر ال ّ
يوم فتح مكّة ورأسه ولحيته كالثّغامة بياضا ً فقال
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :غيّروا هذا ،
سواد » ،وعن ابن عبّاس رضي الله واجتنبوا ال ّ
عنهما قال « :قال رسول اللّه صلى الله عليه
سواد ضبون في آخر الّزمان بال ّ وسلم :يكون قوم يخ ّ
كحواصل الحمام ،ل يريحون رائحة الجنّة » ،ول
سواد بين الّرجل فرق في المنع من الخضاب بال ّ
والمرأة ..هذا مذهبنا ،وحكي عن إسحاق بن
خص فيه للمرأة تتزيّن به لزوجها . راهويه أنّه ر ّ
ووي في روضة الطّالبين :خضاب المرأة ّ وقال الن ّ
ة من الّزوج وفعلته فهو حرام ، سواد إن كانت خلي ّ ً بال ّ
ة وفعلته بإذنه فجائز على المذهب ، وإن كانت زوج ً
ي :يحرم شعر .وقال الّرمل ّ وقيل :وجهان كوصل ال ّ
سواد ،فإن أذن لها زوجها على المرأة الخضاب بال ّ
ن له غرضا ً في تزيّنها له ،كما في في ذلك جاز ،ل ّ
الّروضة وأصلها ،وهو الوجه .
ماسواد ،أ ّشعر بال ّهذا في خضب الّرجل والمرأة ال ّ
صفرة سواد ،كالحمرة وال ّ شعر بغير ال ّ خضبهما ال ّ
544
شعر كاليدين والّرجلين ففيه مثل ً ،وخضبهما غير ال ّ
تفصيل يذكر في موطنه .
خص ن من العلماء من ر ّ وقال الحافظ في الفتح :إ ّ
خص سواد مطلقا ً ،ومنهم من ر ّ في الختضاب بال ّ
فيه للّرجال دون النّساء .وتفصيل ذلك في مصطلح
( :اختضاب ) .
سواد في الحداد : ب -لبس ال ّ
- 13اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للمتوفّى عنها
سواد من الثّياب ...ول يجب عليها زوجها لبس ال ّ
ذلك ،بل لها أن تلبس غيره .
واختلف فقهاء الحنفيّة في المدّة الّتي يجوز لها أن
سواد ،فقال بعضهم :ل تجاوز ثلثة تلبس فيها ال ّ
ن فقهاء المذهب -ومنهم ابن عابدين - أيّام .ولك ّ
سواد وتلبسه حملوا ذلك على ما تصبغه الّزوجة بال ّ
سواد قبل ما ما كان مصبوغا ً بال ّ سفا ً على زوجها ،أ ّ تأ ّ
موت زوجها ،فيجوز لها أن تلبسه مدّة الحداد كلّها
سواد في الحداد على غير .ومنع الحنفيّة لبس ال ّ
الّزوج.
ن المحد ّ يجوز لها أن تلبس السود وقال المالكيّة :إ ّ
،إل ّ إذا كانت ناصعة البياض ،أو كان السود زينة
قومها .
شافعيّة :إذا كان السود عادة ي من ال ّ وقال القليوب ّ
قومها في التّزيّن به حرم لبسه ،ونقل النّوويّ عن
الماورديّ أنّه أورد في " الحاوي " وجها ً يلزمها
سواد في الحداد . ال ّ
سواد في التّعزية : ج -لبس ال ّ
ن تسويد الوجه حزنا ً على - 14اتّفق الفقهاء على أ ّ
الميّت -من أهله أو من المعّزين ل يجوز -لما فيه
من إظهار للجزع وعدم الّرضا بقضاء اللّه وعلى
545
ما ورد النّهي عنه في الحاديث سخط من فعله ،م ّ ال ّ
.وتسويد الثّياب للتّعزية مكروه للّرجال ،ول بأس
سفاً ما صبغ الثّياب أسود أو أكهب تأ ّ به للنّساء ،أ ّ
سابق .على الميّت فل يجوز على التّفصيل ال ّ
سواد في اللّباس والعمامة : د -ال ّ
سواد عند الحنفيّة ،قال ابن - 15يندب لبس ال ّ
مدا ً ذكر في ن مح ّ سواد ،ل ّ عابدين :ندب لبس ال ّ
ن
ل على أ ّ سير الكبير في باب الغنائم حديثا ً يد ّ ال ّ
ب. سواد مستح ّ لبس ال ّ
صبغ بالسود ،ولبس المصبوغ به فنقل عن ما ال ّ أ ّ
أبي حنيفة :أنّه ل بأس به .
شافعيّة :يندب لمام الجمعة أن يزيد في وقال ال ّ
سواد مة والرتداء ،وترك لبس ال ّ حسن الهيئة والع ّ
له أولى من لبسه ،إل ّ إن خشي مفسدةً تترتّب
على تركه من سلطان أو غيره ،
سلم في فتاويه :المواظبة على وقال ابن عبد ال ّ
لبسه بدعة ،فإن منع الخطيب أن يخطب إل ّ به
ي صلى الله عليه ن « النّب ّ فليفعل وقالوا :نقل أ ّ
سوداء » ، وسلم لبس العمامة البيضاء والعمامة ال ّ
ن الفضل في لونها البياض لعموم الخبر ولك ّ
صحيح المر بلبس البياض ،وأنّه خير اللوان في ال ّ
الحياة والموت .
ي
ن النّب ّ سواد ولو للجند ،ل ّ وقال الحنابلة :يباح ال ّ
صلى الله عليه وسلم « دخل مكّة عام الفتح وعليه
عمامة سوداء » .
هـ -تسويد الوجه في التّعزير :
- 16ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل يجوز في
التّعزير تسخيم الوجه ،أي دهن وجه المعّزر
546
سواد الّذي يتعلّق بأسفل القدر سخام ،وهو ال ّ بال ّ
ومحيطه من كثرة الدّخان .
شافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تسويد وذهب ال ّ
ن المام يجتهد في جنس ما الوجه في التّعزير ،ل ّ
ل معّزر ما يليق بهيعّزر به وفي قدره ،ويفعل بك ّ
وبجنايته ،مع مراعاة التّرتيب والتّدريج ،فل يرقى
لمرتبة وهو يرى ما دونها كافيا ً
===================.
تشبيك *
التّعريف :
ل - 1التّشبيك في اللّغة :المداخلة ،فيقال لك ّ
متداخلين أنّهما مشتبكان .ومنه :شبّاك الحديد ،
وتشبيك الصابع -وهو المراد هنا -لدخول بعضها
شبك :الخلط والتّداخل ،فيقال : في بعض .وال ّ
شيء يشبكه شبكا :إذا خلطه وأنشب بعضه شبك ال ّ
في بعض .
ي عن وتشبيك الصابع ل يخرج في معناه الصطلح ّ
هذا ،قال ابن عابدين :تشبيك الصابع :أن يدخل
شخص أصابع إحدى يديه بين أصابع الخرى . ال ّ
ي:الحكم الجمال ّ
صلة ن تشبيك الصابع في ال ّ - 2أجمع الفقهاء على أ ّ
مكروه ،لما روي عن كعب بن عجرة رضي الله
ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأى عنه « أ ّ
صلة ،ففّرج رسول اللّه رجل قد شبّك أصابعه في ال ّ
صلى الله عليه وسلم بين أصابعه » .وقال ابن عمر
رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو يشبّك أصابعه
« تلك صلة المغضوب عليهم »
ما تشبيكها في المسجد في غير صلة ،وفي وأ ّ
انتظارها أي حيث جلس ينتظرها ،أو ماشيا إليها ،
547
شافعيّة والحنابلة بكراهة فقد قال الحنفيّة وال ّ
صلة هو في حكم ن انتظار ال ّ التّشبيك حينئذ ،ل ّ
صحيحين « ل يزال أحدكم في صلة لحديث ال ّ ال ّ
سه » ولما روى أحمد وأبو حب ِ ُ
صلة ُ ت َ ْ صلة ما دامت ال ّ
ضأ أحدكم فأحسن داود وغيرهما مرفوعا « إذا تو ّ
م خرج عامدا ً إلى المسجد ،فل يشبّك بين وضوءه ث ّ
ن
يديه فإنّه في صلة » وما روى أبو سعيد الخدريّ أ ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال « :إذا كان أحدكم النّب ّ
ن التّشبيك من ن ،فإ ّ في المسجد فل يشبّك ّ
ن أحدكم ل يزال في صلة ما دام في شيطان ،وإ ّ ال ّ
المسجد حتّى يخرج منه »
وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال :سمعت
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول
صلة ،فل م خرج عامدا إلى ال ّ ضأ أحدكم ث ّ « إذا تو ّ
ن بين يديه ،فإنّه في صلة » . يشبّك ّ
- 3وقد اختلف في الحكمة في النّهي عن التّشبيك
ن النّهي عنه لما فيه من في المسجد ،فقيل :إ ّ
شيطان . العبث .وقيل :لما فيه من التّشبّه بال ّ
شيطان على ذلك .وفي حاشية وقيل :لدللة ال ّ
الطّحاويّ على مراقي الفلح :حكمة النّهي عن
شيطان ،وأنّه يجلب النّوم ، التّشبيك :أنّه من ال ّ
ن الحدث ،ولما نبّه عليه في حديث والنّوم من مظا ّ
ابن عمر رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو
يشبّك أصابعه تلك صلة المغضوب عليهم فكره ذلك
ي
صلة ،حتّى ل يقع في المنه ّ لما هو في حكم ال ّ
صلة أشد ّ . عنه .وكراهته في ال ّ
ول يكره عند الجمهور التّشبيك بعد الفراغ ولو كان
في المسجد ،لحديث ذي اليدين رضي الله عنه
الّذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه -قال « صلّى
548
بنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إحدى صلتي
ماها أبو هريرة ،ولكن ي -قال ابن سيرين :س ّ ش ّ العَ ِ
م سلّم ، نسيت أنا -قال :فصلّى بنا ركعتين ،ث ّ
فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتّكأ عليها
كأنّه غضبان ،ووضع يده اليمنى على اليسرى ،
وشبّك بين أصابعه ،ووضع خدّه اليمن على ظهر
ن من أبواب سْرعا ُ ت ال ُّج ِ خَر َكّفه اليسرى ،و َ
صلة ،وفي القوم صرت ال ّ المسجد ،فقالوا :قُ ِ
أبو بكر وعمر فهابا أن يكلّماه ،وفي القوم رجل في
يديه طول يقال له ذو اليدين قال :يا رسول اللّه
صلة ؟ قال لم أنس ولم تقصر ت أم قصرت ال ّ أنسي َ
فقال :أكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا :نعم .فتقدّم
م كبّر وسجد مثل م سلّم ،ث ّ فصلّى ما ترك ،ث ّ
م كبّر وسجد م رفع رأسه وكبّر ،ث ّ سجوده أو أطول ث ّ
م رفع رأسه وكبّر .فربّما مثل سجوده -أو أطول ،ث ّ
ن عمران بن م سلّم ؟ فيقول :نبّئت أ ّ سألوه :ث ّ
م سلّم » . حصين قال :ث ّ
ول بأس به عند المالكيّة في غير صلة حتّى ولو في
صلة ن كراهته عندهم إنّما هي في ال ّ المسجد ،ل ّ
شرح فقط ،إّل أنّه خلف الولى على نحو ما ورد بال ّ
صهالكبير وجواهر الكليل .وفي مواهب الجليل ما ن ّ
صلة فالتّشبيك ل بأس به حتّى ما بالنّسبة لغير ال ّ :وأ ّ
في المسجد .قال ابن عرفة :وسمع ابن القاسم -
أي من مالك : -ل بأس بتشبيك الصابع يعني في
المسجد في غير صلة .وأومأ داود بن قيس ليد
مالك مشبّكا ً أصابعه به -أي بالمسجد -ليطلقه
صلة . وقال :ما هذا ؟ فقال مالك :إنّما يكره في ال ّ
ح في حديث ذي اليدين تشبيكه وقال ابن رشد :ص ّ
صلى الله عليه وسلم بين أصابعه في المسجد .
549
صلة فيما ليس من توابعها ما تشبيكها خارج ال ّ - 4وأ ّ
:بأن لم يكن في حال سعي إليها ،أو جلوس في
المسجد لجلها ،فإن كان لحاجة نحو إراحة الصابع
ث بل لغرض صحيح -فإنّه في هذه -وليس لعب ٍ
ح عنه صلى الله الحالة ل يكره عند الحنفيّة ،فقد ص ّ
عليه وسلم أنّه قال « :المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد ّ بعضه بعضا ً » وشبّك بين أصابعه .فإنّه لفادة
صورة تمثيل المعنى ،وهو التّعاضد والتّناصر بهذه ال ّ
سيّة .الح ّ
فلو شبّك لغير حاجة على سبيل العبث كره تنزيها .
شافعيّة :أنّه إذا وفي حاشية الشبراملسي من ال ّ
صلة بل لغيرها ،كحضور جلس في المسجد ل لل ّ
درس أو كتابة ،فل يكره ذلك في حّقه لنّه لم
ما إذا انتظرهما صلة .وأ ّ يصدق عليه أنّه ينتظر ال ّ
معا فينبغي الكراهة ،لنّه يصدق عليه أنّه ينتظر
ما المالكيّة فقد رأوا كراهة التّشبيك صلة .وأ ّ ال ّ
صة ولو في غير مسجد ،ول بأس به للمصلّي خا ّ
صلة ولو في المسجد ،لقول عندهم في غير ال ّ
صلة حين أومأ داود بن قيس مالك :يكره في ال ّ
ليده مشبّكا ً أصابعه ليطلقه وقال :ما هذا ؟ .
- 5والتّشبيك حال خطبة الجمعة يكره عند غير
ن مستمع الخطبة في انتظار مة ،ل ّ
المالكيّة من الئ ّ
صلة لما سبق . صلة ،فهو كمن في ال ّ ال ّ
ن الكراهة عندهم وعند المالكيّة :غير مكروه ،ل ّ
صلة فقط ولو كان في المسجد ،وإن كان في ال ّ
هذا هو خلف الولى كما تقدّم .
==================
تشبّه *
التّعريف :
550
- 1التّشبّه لغة :مصدر تشبّه ،يقال :تشبّه فلن :
بفلن إذا تكلّف أن يكون مثله والمشابهة بين
شيئين :الشتراك بينهما في معنى من المعاني ، ال ّ
ومنه :أشبه الولد أباه :إذا شاركه في صفة من
صفاته .ول يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن
غوي .
ّ المعنى الل ّ
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
سي والتّقليد وقد تقدّم الكلم - 2منها :التّباع والتّأ ّ
فيها تحت عنوان ( :اتّباع ) .
- 3ومنها :الموافقة ،وهي :مشاركة أحد
شخصين للخر في صورة قول أو فعل أو ترك أو ال ّ
اعتقاد أو غير ذلك ،سواء أكان ذلك من أجل ذلك
الخر أم ل لجله .
م من التّشبّه . فالموافقة أع ّ
الحكام المتعلّقة بالتّشبّه :
أوّل ً -التّشبّه بالكّفار في اللّباس :
مالكيّةصحيح عندهم ،وال ِ - 4ذهب الحنفيّة على ال ّ
ن التّشبّه شافعيّة إلى :أ ّعلى المذهب ،وجمهور ال ّ
بالكّفار في اللّباس -الّذي هو شعار لهم به يتميّزون
عن المسلمين -يحكم بكفر فاعله ظاهرا ،أي في
أحكام الدّنيا ،فمن وضع قلنسوة المجوس على
رأسه يكفر ،إل إذا فعله لضرورة الكراه أو لدفع
الحّر أو البرد .وكذا إذا لبس زنّار النّصارى إّل إذا
فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين .أو
شبَّه بقوم فهو منهم » نحو ذلك لحديث « :من ت َ َ
ص بالكّفار علمة الكفر ،ول يلبسه ن اللّباس الخا ّ ل ّ
إّل من التزم الكفر ،والستدلل بالعلمة والحكم بما
شرع .فلو علم أنّه دلّت عليه مقّرر في العقل وال ّ
551
شد ّ الّزنّار ل لعتقاد حقيقة الكفر ،بل لدخول دار
الحرب لتخليص السارى مثل لم يحكم بكفره .
ما ذكره ابن ويرى الحنفيّة في قول -وهو ما يؤخذ م ّ
ن من يتشبّه بالكافر في ط من المالكيّة -أ ّ شا ّ
ال ّ
ص به ل يعتبر كافرا ً ،إل أن يعتقد الملبوس الخا ّ
حد بلسانه مصدّق بجنانه .وقد معتقدهم ،لنّه مو ّ
قال المام أبو حنيفة رحمه الله :ل يخرج أحد من
اليمان إّل من الباب الّذي دخل فيه ،والدّخول
بالقرار والتّصديق ،وهما قائمان .
وذهب الحنابلة إلى حرمة التّشبّه بالكّفار في اللّباس
ي :إن تزيّا مسلم الّذي هو شعار لهم .قال البهوت ّ
مة ،أو علّق صليبا بصدره بما صار شعارا لهل ذ ّ
حرم ،ولم يكفر بذلك كسائر المعاصي .ويرى
ن من لبس الّزنّار ونحوه ل شافعيّة أ ّ ووي من ال ّ
ّ الن ّ
يكفر إذا لم تكن نيّة .
أحوال تحريم التّشبّه :
وبتتبع عبارات الفقهاء يتبين أنهم يقيدون كفر من
يتشبه بالكفار في اللباس الخاص بهم بقيود منها :
ي: - 5أن يفعله في بلد السلم ،قال أحمد الّرمل ّ
كون التّزيّي بزيّ الكّفار ردّة محلّه إذا كان في دار
ما في دار الحرب فل يمكن القول بكونه السلم .أ ّ
ردّة ،لحتمال أنّه لم يجد غيره كما هو الغالب ،أو
أن يكره على ذلك .
ن المسلم بدار حرب أو دار كفر قال ابن تيميّة :لو أ ّ
غير حرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم ( للكّفار )
ضرر بل في الهدي الظّاهر ،لما عليه في ذلك من ال ّ
ب للّرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا قد يستح ّ
في هديهم الظّاهر ،إذا كان في ذلك مصلحة دينيّة ،
من دعوتهم إلى الدّين والطّلع على باطن أمورهم
552
لخبار المسلمين بذلك ،أو دفع ضررهم عن
ما
المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الحسنة .فأ ّ
في دار السلم والهجرة الّتي أعّز اللّه فيها دينه ،
صغار والجزية ففيها وجعل على الكافرين فيها ال ّ
شرعت المخالفة .
- 6أن يكون التّشبّه لغير ضرورة ،فمن فعل ذلك
ضرورة ل يكفر ،فمن شد ّ على وسطه زنّاراً لل ّ
ودخل دار الحرب لتخليص السرى ،أو فعل ذلك
خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين ل يكفر .
وكذلك إن وضع قلنسوة المجوس على رأسه
لضرورة دفع الحّر والبرد ل يكفر - 7 .أن يكون
ي
ص بالكافر ،كبرنيطة النّصران ّ التّشبّه فيما يخت ّ
وطرطور اليهوديّ .
ويشترط المالكيّة لتحّقق الّردّة بجانب ذلك :أن
يكون المتشبّه قد سعى بذلك للكنيسة ونحوها.
- 8أن يكون التّشبّه في الوقت الّذي يكون اللّباس
المعيّن شعارا للكّفار ،وقد أورد ابن حجر حديث
أنس رضي الله عنه أنّه رأى قوما ً عليهم الطّيالسة ،
م قال ابن حجر :وإنّما فقال ":كأنّهم يهود خيبر" ث ّ
صة اليهود في الوقت الّذي تكون يصلح الستدلل بق ّ
الطّيالسة من شعارهم ،وقد ارتفع ذلك فيما بعد ،
فصار داخل في عموم المباح .
- 9أن يكون التّشبّه ميل للكفر ،فمن تشبّه على
سخرية لم يرتد ّ ،بل يكون فاسقا وجه اللّعب وال ّ
يستحقّ العقوبة ،وهذا عند المالكيّة .
- 10هذا ،والتّشبّه في غير المذموم وفيما لم يقصد
به التّشبّه ل بأس به .
ن التّشبّه بأهل الكتاب ل قال صاحب الدّّر المختار :إ ّ
ل شيء ،بل في المذموم وفيما يقصد يكره في ك ّ
553
به التّشبّه .قال هشام :رأيت أبا يوسف لبساً
نعلين مخصوفين بمسامير فقلت أترى بهذا الحديد
بأسا ؟ قال :ل ،قلت :سفيان وثور بن يزيد كرها
ن فيه تشبّها بالّرهبان ،فقال « :كان رسول ذلك ل ّ
اللّه صلى الله عليه وسلم يلبس النّعال الّتي لها
شعر وإنّها من لباس الّرهبان » .
ن صورة المشابهة فيما تعلّق به فقد أشار إلى أ ّ
ما ل يمكن قطع ن الرض م ّ صلح العباد ل يضّر ،فإ ّ
المسافة البعيدة فيها إّل بهذا النّوع .وللتّفصيل ر ( :
ردّة ،كفر ) .
ثانيا ً -التّشبّه بالكّفار في أعيادهم :
- 11ل يجوز التّشبّه بالكّفار في أعيادهم ،لما ورد
في الحديث « من تشبّه بقوم فهو منهم » ،ومعنى
ل ما ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكّفار في ك ّ
ضى عن َ
ك ن تَْر َ صوا به .قال اللّه تعالى { :وَل َ ْ اخت ّ
ن هُدى اللّهِ ل إ َّ ملّتَهم ق ْ صارى حتّى تَتَّبِعَ ِ اليهود ُ وَل الن َّ َ
َ
نم َك ِ ت أهواءَهم بَعْد َ الّذي َ
جا َء َ ن اتَّبع َهو الهُدَى وَلئ ْ
صيرٍ } ي ول ن َ ِ ن ول ٍ ّ م ْ ن اللّهِ ِم َ ك ِ ما ل َ َ
العلم ِ َ
ي عن عمر رضي الله عنه أنّه قال :ل وروى البيهق ّ
تعلّموا رطانة العاجم ،ول تدخلوا على المشركين
سخطة تنزل ن ال ّ في كنائسهم يوم عيدهم ،فإ ّ
عليهم .
وروي عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّه
قال :من مّر ببلد العاجم فصنع نيروزهم
ومهرجانهم وتشبّه بهم حتّى يموت وهو كذلك ،
حشر معهم يوم القيامة .
شرع والمناهج والمناسك ن العياد من جملة ال ّ ول ّ
جعَلْنا ُ
ل أ َّالّتي قال اللّه سبحانه وتعالى { :لِك ِّ
مةٍ َ
صيام فل صلة ،وال ّ سكُوه } كالقبلة وال ّ م نَا ِ سكا ً ه ْ من ْ َ
َ
554
فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في
ن الموافقة في جميع العيد سائر المباهج ،فإ ّ
موافقة في الكفر ،والموافقة في بعض فروعه
موافقة في بعض شعب الكفر ،بل العياد من
شرائع ومن أظهر ما لها من ص ما تتميّز به ال ّأخ ّ
ص شرائع شعائر ،فالموافقة فيها موافقة في أخ ّ ال ّ
الكفر وأظهر شعائره .قال قاضيخان :رجل اشترى
يوم النّيروز شيئا ً لم يشتره في غير ذلك اليوم :إن
أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظّمه الكفرة يكون
سرف والتّنعّم لكفرا ً ،وإن فعل ذلك لجل ال ّ
لتعظيم اليوم ل يكون كفرا ً .وإن أهدى يوم النّيروز
إلى إنسان شيئا ولم يرد به تعظيم اليوم ،إنّما فعل
ذلك على عادة النّاس ل يكون كفرا ً .وينبغي أن ل
يفعل في هذا اليوم ما ل يفعله قبل ذلك اليوم ول
بعده ،وأن يحترز عن التّشبّه بالكفرة .
وكره ابن القاسم -من المالكيّة -للمسلم أن يهدي
ي في عيده مكافأة ،ورآه من تعظيم إلى النّصران ّ
عيده وعونا له على كفره .وكما ل يجوز التّشبّه
ن المسلم المتشبّه بهم في بالكّفار في العياد ل يُعَا ُ
ذلك بل ينهى عن ذلك ،فمن صنع دعوة مخالفة
للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته ،ومن أهدى من
المسلمين هديّة في هذه العياد ،مخالفة للعادة في
سائر الوقات غير هذا العيد لم تقبل هديّته ،
ما يستعان بها على خصوصا إن كانت الهديّة م ّ
شمع ونحوه في عيد التّشبّه بهم ،مثل إهداء ال ّ
الميلد .
هذا وتجب عقوبة من يتشبّه بالكّفار في أعيادهم .
ما ما يبيعه الكّفار في السواق في أعيادهم فل وأ ّ
ص عليه أحمد في رواية مهنّا . بأس بحضوره ،ن ّ
555
وقال :إنّما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم
ما ما يباع في السواق من المأكل فل وكنائسهم ،فأ ّ
،وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لجلهم .
وللتّفصيل ( ر :عيد ) .
ثالثا ً -التّشبّه بالكّفار في العبادات :
يكره التّشبّه بالكّفار في العبادات في الجملة ،ومن
أمثلة التّشبّه بهم في هذا المجال :
صلة في أوقات الكراهة : أ -ال ّ
صلة ي صلى الله عليه وسلم عن ال ّ - 12نهى النّب ّ
في أوقات الكراهة منها للتّشبّه بعبادة الكّفار .فقد
أخرج مسلم من حديث عمرو بن عنبسة رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم قال « :ص ّ
ل ن النّب ّ عنه أ ّ
صلة حتّى تطلع م أقصر عن ال ّ صبح ،ث ّ صلة ال ّ
شمس حتّى ترتفع ،فإنّها تطلع حين تطلع بين ال ّ
لمص ّ قرني شيطان ،وحينئذ يسجد لها الكّفار .ث ّ
ل الظ ّ ّ
ل صلة مشهودة محضورة حتّى يستق ّ ن ال ّ فإ ّ
ن حينئذ تسجر صلة فإ ّ م أقصر عن ال ّ بالّرمح .ث ّ
صلة مشهودة ن ال ّل فإ ّ جهنّم ،فإذا أقبل الفيء فص ّ
صلة م أقصر عن ال ّ محضورة حتّى تصلّي العصر .ث ّ
ي شيطان شمس فإنّها تغرب بين قَْرن َ ْ حتّى تغرب ال ّ
وحينئذ يسجد لها الكّفار » .وللتّفصيل في الحكام
المتعلّقة بأوقات الكراهة ( ر :الموسوعة الفقهيّة 7
صلة ف ) 23 180أوقات ال ّ
صلة :ب -الختصار في ال ّ
- 13ل خلف بين الفقهاء في كراهة الختصار في
ن اليهود تكثر من فعله ،فنهي عنه كراهة صلة ل ّ ال ّ
البخاري ومسلم واللّفظ له ّ للتّشبّه بهم ،فقد أخرج
عن أبي هريرة رضي الله عنه « نهى رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم أن يصلّي الّرجل مختصرا ً »
556
وأخرج البخاريّ أيضا ً في ذكر بني إسرائيل من
ضحى عن مسروق عن عائشة رضي رواية أبي ال ّ
الله عنها أنّها كانت تكره أن يضع يده على
ن اليهود تفعله "
خاصرته ،تقول ":إ ّ
صلة » زاد ابن أبي شيبة في رواية له « :في ال ّ
وفي رواية أخرى « ل تشبّهوا باليهود » وللتّفصيل
( ر :صلة ) .
صوم : ج -وِصال ال ّ
شافعيّة - 14ذهب الحنفيّة ،وجمهور المالكيّة ،وال ّ
في أحد الوجهين ،والحنابلة إلى كراهة وصال
البخاري من حديث أنس رضي ّ صوم ،لما روى ال ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال « ل ن النّب ّالله عنه أ ّ
ت كأحد تواصلوا ،قالوا :إنّك تواصل ،قال لس ُ
منكم ،إنّي أطعم وأسقى أو إنّي أبيت أطعم
وأسقى » .وقوله صلى الله عليه وسلم « ل
تواصلوا » نهي وأدناه يقتضي الكراهة .وعلّة النّهي
التّشبّه بالنّصارى كما صّرح به في حديث بشير بن
الخصاصية رضي الله عنه الّذي أخرجه أحمد
ي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن والطّبران ّ
أبي حاتم في تفسيرهما بإسناد صحيح إلى « ليلى
امرأة بشير بن الخصاصية قالت :أردت أن أصوم
ي
ن النّب ّ
يومين مواصلة ،فمنعني بشير وقال :إ ّ
صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا ،وقال :يفعل
ذلك النّصارى ،ولكن صوموا كما أمركم اللّه ،أت ّ
موا
صيام إلى اللّيل ،فإذا كان اللّيل فأفطروا » ال ّ
وذهب أحمد وجماعة من المالكيّة إلى جواز الوصال
سحر ،وبهذا قال إسحاق وابن المنذر وابن إلى ال ّ
شافعيّة في الوجه الخر ،وهو ما خزيمة .ويرى ال ّ
557
ي من المالكيّة :تحريم وصال ححه ابن العرب ّ ص ّ
صوم .وللتّفصيل ( ر :صوم ) . ال ّ
صوم : د -إفراد يوم عاشوراء بال ّ
- 15ذهب الحنفيّة -وهو مقتضى كلم أحمد كما
يقول ابن تيميّة -إلى كراهة إفراد يوم عاشوراء
صوم للتّشبّه باليهود .فقد روى مسلم عن ابن بال ّ
عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال « :حين صام
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء
وأمر بصيامه قالوا :يا رسول اللّه ،إنّه يوم تعظّمه
اليهود والنّصارى .فقال رسول اللّه صلى الله عليه
وسلم :فإذا كان العام المقبل إن شاء اللّه صمنا
اليوم التّاسع » قال :فلم يأت العام المقبل حتّى
توفّي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
قال النّوويّ ،نقل عن بعض العلماء في تعليقه على
سبب في صوم التّاسع مع العاشر ل ال ّ الحديث :لع ّ
أن ل يتشبّه باليهود في إفراد العاشر ،وفي الحديث
إشارة إلى هذا .
شافعيّة والحنابلة صوم عاشوراء - ب ال ّ هذا ،واستح ّ
وهو العاشر من المحّرم -وتاسوعاء -وهو التّاسع
ب أن يصوم قبل منه -ويرى الحنفيّة أنّه يستح ّ
عاشوراء يوما ً وبعده يوما ً .وقال المالكيّة :ندب
صوم عاشوراء وتاسوعاء والثّمانية قبله .
وتفصيل ر ( :صوم ،وعاشوراء ) .
رابعا ً :التّشبّه بالَف َ
سَقة :
ص أهل الفسوق والمجون ي :لو خ ّ - 16قال القرطب ّ
ن به من ل يعرفه بلباس منع لبسه لغيرهم ،فقد يظ ّ
سوء فيأثم الظّا ّ
ن ن ال ّن به ظ ّ أنّه منهم ،فيظ ّ
والمظنون فيه بسبب العون عليه .وللتّفصيل ر :
( شهادة ،فسق ) .
558
خامسا ً -تشبّه الّرجال بالنّساء وعكسه :
- 17ذهب جمهور العلماء إلى تحريم تشبّه النّساء
بالّرجال والّرجال بالنّساء .
فقد روي البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما
أنّه قال « :لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
المتشبّهين من الّرجال بالنّساء ،والمتشبّهات من
النّساء بالّرجال » .
شافعيّة في قول ،وجماعة من الحنابلة إلى وذهب ال ّ
كراهة تشبّه الّرجال بالنّساء وعكسه .والتّشبّه
سكنات والتّصنّعيكون في اللّباس والحركات وال ّ
بالعضاء والصوات .
ومثال ذلك :تشبّه الّرجال بالنّساء في اللّباس
ص بالنّساء ،مثل لبس المقانع والّزينة الّتي تخت ّ
والقلئد والمخانق والسورة والخلخل والقرط ونحو
ن
ما ليس للّرجال لبسه .وكذلك التّشبّه به ّ ذلك م ّ
في الفعال الّتي هي مخصوصة بها كالنخناث في
الجسام والتّأنّث في الكلم والمشي .كذلك تشبّه
النّساء بالّرجال في زيّهم أو مشيهم أو رفع صوتهم
أو غير ذلك.
ل بلد ،فقد وهيئة اللّباس قد تختلف باختلف عادة ك ّ
زي رجالهم لكن تمتاز ّ ل يفترق زيّ نسائهم عن
ن
النّساء بالحتجاب والستتار .قال السنويّ :إ ّ
ل من النّوعين -حتّى يحرم وزي ك ّّ العبرة في لباس
التّشبّه به فيه -بعرف ك ّ
ل ناحية .
مدص بمن تع ّ م التّشبّه بالكلم والمشي فمخت ّ ما ذ ّ
وأ ّ
ما من كان ذلك من أصل خلقته فإنّما يؤمر ذلك ،وأ ّ
بتكلّف تركه والدمان على ذلك بالتّدريج ،فإن لم
م ،ول سيّما إن بدا منه ما يفعل وتمادى دخله الذ ّ ّ
ل على الّرضا به . يد ّ
559
هذا ويجب إنكار التّشبّه باليد ،فإن عجز فباللّسان
مع أمن العاقبة ،فإن عجز فبقلبه كسائر المنكرات
.ويترتّب على هذا أنّه يجب على الّزوج أن يمنع
ما تقع فيه من التّشبّه بالّرجال في لبسة أو زوجته م ّ
مشية أو غيرهما ،امتثال ً لقوله تعالى { :قُوا
م نَارا ً } أي بتعليمهم وتأديبهم َ َ
سكم َوأهليك ْ أنْف َ
وأمرهم بطاعة ربّهم ونهيهم عن معصيته .
مة بالمسلمين : سادسا ً :تشبّه أهل الذ ّ ّ
مة بإظهار علمات يعرفون بها ، - 18يؤخذ أهل الذ ّ ّ
ول يتركون يتشبّهون بالمسلمين في لباسهم
ن عمر ومراكبهم وهيئاتهم .والصل فيه ما روي" أ ّ
بن عبد العزيز رحمه الله مّر على رجال ركوب ذوي
هيئة ،فظنّهم مسلمين فسلّم عليهم ،فقال له رجل
من أصحابه :أصلحك اللّه تدري من هؤلء ؟ فقال :
ما أتى منزله من هم ؟ فقال :نصارى بني تغلب .فل ّ
ي إل عقد أمر أن ينادى في النّاس أن ل يبقى نصران ّ
ناصيته وركب الكاف " .ولم ينقل أنّه أنكر عليه أحد
سلم من شعائر السلم ن ال ّ
،فيكون كالجماع .ول ّ
شعائر عند فيحتاج المسلمون إلى إظهار هذه ال ّ
مةاللتقاء ،ول يمكنهم ذلك إّل بتمييز أهل الذ ّ ّ
بالعلمة .
هذا ،وإذا وجب التّمييز وجب أن يكون فيه صغار ل
ن إذللهم واجب بغير أذى من ضرب أو إعزاز ،ل ّ
صفع بل سبب يكون منه ،بل المراد اتّصافه بهيئة
صة .خا ّ
مة عن نساء وكذا يجب أن يتميّز نساء أهل الذ ّ ّ
المسلمين في حال المشي في الطّريق ،وتجعل
ص به على دورهم علمة كي ل يعاملوا بما يخت ّ
المسلمون ،ول يمنعون من أن يسكنوا في أمصار
560
المسلمين في غير جزيرة العرب يبيعون ويشترون ،
مة شرع ليكون وسيلة لهم إلى السلم ن عقد الذ ّ ّ ل ّ
.وتمكينهم من المقام أبلغ إلى هذا المقصود .
مة فيه وللتّفصيل في المور الّتي يمنع تشبّه أهل الذ ّ ّ
مة من كتب بالمسلمين تنظر أبواب الجزية وعقد الذ ّ ّ
الفقه .
================
تشريك *
التّعريف :
- 1التّشريك في اللّغة :مصدر شّرك .يقال :شّرك
فلن فلنا .إذا أدخله في المر وجعله شريكا ً له فيه
.ويقال :شّرك غيره في ما اشتراه ليدفع الغير
بعض الثّمن ،ويصير شريكا ً له في المبيع .ويقال
أيضا :شّرك نعله تشريكا :إذا حمل له شراكا ،
شراك :سير النّعل الّذي على ظهرها . وال ّ
ي :إدخال الغير في شرع ّوالتّشريك في الصطلح ال ّ
شراء ونحوه ،ليكون شريكا له فيه . السم كال ّ
صلة :
اللفاظ ذات ال ّ
الشراك :
- 2الشراك بمعنى التّشريك .وإذا قيل :أشرك
الكافر باللّه ،فالمراد أنّه جعل غير اللّه شريكا له ،
تعالى اللّه عن ذلك ( .ر :إشراك ) .
حكم التّشريك :
شراء ونحوه جائز ،وتشريك غير - 3التّشريك في ال ّ
عبادة في نيّة العبادة أو تشريك عبادتين في نيّة
واحدة جائز على التّفصيل التي :
أ -تشريك ما ل يحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة :
- 4ل نعلم خلفا بين الفقهاء في جواز تشريك ما ل
جيحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة ،كالتّجارة مع الح ّ
561
جالً ك رِ َ ج يَأْتُو َ ح ِّ
س بِال َ ِ ان في الن َّ ْ ّ ذ
ِ
لقوله تعالى { :وأ َ
َ
ن ك ُ ِّ ْ وع َلى ك ُ ِّ
شهَدُوا ميق لِي ْ ج عَ ِل فَ ٍ ّ م ْن ِ مرٍ يَأتِي َ ضا ِ ل َ
َ
ت... ما ٍ معْلُو َ م اللّهِ في أيَّام ٍ َ منَافِعَ لَهم َويَذ ْكُروا اس َ َ
حجنَا ٌ
م ُ س ع َليك ْ ج أيضا { :لَي َ } وقوله في شأن الح ّ
م } نزلت في التّجارة مع ً َ أَ
ن َربِّك ْ ْ م
ِ ضلْ ف ُوا غَ تْ بَ ت نْ
حة ،والوضوء مع نيّة ص ّ صوم مع قصد ال ّ ج .وال ّ الح ّ
ن هذه صلة مع نيّة دفع الغريم ،ل ّ التّبّرد ،وال ّ
الشياء تحصل بغير نيّة فلم يؤثّر تشريكها في نيّة
العبادة ،وكالجهاد مع قصد حصول الغنيمة .جاء في
ي: مواهب الجليل نقل عن الفروق للقراف ّ
من يجاهد لتحصيل طاعة اللّه بالجهاد ،وليحصل له
المال من الغنيمة ،فهذا ل يضّره ول يحرم عليه
ن اللّه تعالى جعل له هذا في هذه بالجماع ،ل ّ
العبادة .ففّرق بين جهاده ليقول النّاس :هذا شجاع
،أو ليعظّمه المام ،فيكثر عطاءه من بيت المال .
فهذا ونحوه رياء حرام .وبين أن يجاهد لتحصيل
العدو مع أنّه قد شّرك . ّ الغنائم من جهة أموال
ن الّرياء أن يعمل ليراه ول يقال لهذا رياء ،بسبب أ ّ
غير اللّه من خلقه .ومن ذلك أن يجدّد وضوءا
ليحصل له التّبّرد أو التّنظّف ،وجميع هذه الغراض
ل يدخل فيها تعظيم الخلق ،بل هي لتشريك أمور
من المصالح ليس لها إدراك ،ول تصلح للدراك ول
للتّعظيم ،ذلك ل يقدح في العبادات ،فظهر الفرق
بين قاعدة الّرياء في العبادات وبين قاعدة التّشريك
فيها .وجاء في مغني المحتاج :من نوى بوضوئه
تبّردا أو شيئا يحصل بدون قصد كتنظّف ،ولو في
أثناء وضوئه ( مع نيّة معتبرة ) أي مستحضرا عند
نيّة التّبّرد أو نحوه نيّة الوضوء أجزأه ذلك على
ل نوى صحيح ،لحصول ذلك من غير نيّة ،كمص ّ ال ّ
562
ن اشتغاله عن صلة ودفع الغريم فإنّها تجزئه ،ل ّ ال ّ
الغريم ل يفتقر إلى نيّة .والقول الثّاني يضّر ،لما
في ذلك من التّشريك بين قربة وغيرها ،فإن فقد
النّيّة المعتبرة ،كأن نوى التّبّرد أو نحوه وقد غفل
ح غسل ما غسله بنيّة التّبّرد ونحوه ، عنها ،لم يص ّ
ويلزمه إعادته دون استئناف الطّهارة .قال
ما الثّواب حة .أ ّ
ص ّ
ي :وهذا الخلف في ال ّ الّزركش ّ
ي فيما إذا فالظّاهر عدم حصوله ،وقد اختار الغزال ّ
شّرك في العبادة غيرها من أمر دنيويّ اعتبار
نيوي هو
ّ الباعث على العمل ،فإن كان القصد الد ّ
ي
الغلب لم يكن فيه أجر ،إن كان القصد الدّين ّ
أغلب فله بقدره ،وإن تساويا تساقطا .واختار ابن
سلم أنّه ل أجر فيه مطلقا ،سواء أتساوى عبد ال ّ
القصدان أم اختلفا .وانظر أيضا مصطلح ( :نيّة ) .
ب -تشريك عبادتين في نيّة :
- 5إن أشرك عبادتين في النّيّة ،فإن كان مبناهما
على التّداخل كغسلي الجمعة والجنابة ،أو الجنابة
والحيض ،أو غسل الجمعة والعيد ،أو كانت
إحداهما غير مقصودة كتحيّة المسجد مع فرض أو
ن مبنى سنّة أخرى ،فل يقدح ذلك في العبادة ،ل ّ
الطّهارة على التّداخل ،والتّحيّة وأمثالها غير
مقصودة بذاتها ،بل المقصود شغل المكان
ما التّشريك بين صلة ،فيندرج في غيره .أ ّ بال ّ
حعبادتين مقصودتين بذاتها كالظّهر وراتبته ،فل يص ّ
تشريكهما في نيّة واحدة ،لنّهما عبادتان مستقلّتان
ل تندرج إحداهما في الخرى .
وانظر أيضا مصطلح ( :نيّة ) .
ج -التّشريك في المبيع :
563
- 6يجوز التّشريك في العقد ،كأن يقول المشتري
لعالم بالثّمن :أشركتك في هذا المبيع ويقبل الخر ،
ل اتّفاق بين الفقهاء فإن أشركه في قدر وهذا مح ّ
معلوم كالنّصف والّربع فله ذلك في المبيع ،وإن
شركة المطلقة تقتضي ن ال ّ
أطلق فله النّصف ،ل ّ
المساواة ،وهو كالبيع والتّولية في أحكامه
وشروطه .
د -التّشريك بين نسوة في طَلْقة :
ن طلقة وقع - 7إذا قال لنسائه الربع :أوقعت عليك ّ
ن الطّلقة ل تتجّزأ . ل واحدة طلقة ،ل ّ على ك ّ
ولو قال :طلقتين أو ثلثا ً أو أربعا ً ،وقع على ك ّ
ل
ل طلقة واحدة طلقة فقط ،إل أن يريد توزيع ك ّ
ل واحدة ن ،فيقع في " طلقتين " على ك ّ عليه ّ
طلقتان ،وفي " ثلث وأربع " ،ثلث .
=================
تشميت *
- 1من معاني التّشميت لغة :الدّعاء بالخير والبركة
شين مت بال ّ مت ومس ّ ش ِّم َ ل داع لحد بخير فهو ُ .وك ّ
شين أعلى وأفشى في كلمهم .وك ّ
ل سين ،وال ّ وال ّ
ي
دعاء بخير فهو تشميت .وفي حديث« تزويج عل ّ
مت عليهما » :أي دعا بفاطمة رضي الله عنهما :ش ّ
مت لهما بالبركة .وفي حديث العطاس « :فش ّ
مت الخر » .فالتّشميت والتّسميت أحدهما ولم يش ّ
:الدّعاء بالخير والبركة .وتشميت العاطس أو
ميته :أن يقول له متى كان مسلما :يرحمك س ِ
تَ ْ
ي عن هذا اللّه .وهو ل يخرج في الصطلح الفقه ّ
المعنى .
ي:الحكم التّكليف ّ
564
- 2اتّفق العلماء على أنّه يشرع للعاطس عقب
عطاسه أن يحمد اللّه ،فيقول :الحمد للّه ،ولو زاد
ب العالمين كان أحسن كفعل ابن مسعود .ولو :ر ّ
ل حال كان أفضل كفعل ابن قال :الحمد للّه على ك ّ
عمر .وقيل يقول :الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا
ي
مباركا فيه ،كفعل غيرهما .وروى أحمد والنّسائ ّ
من حديث سالم بن عبيد مرفوعا « إذا عَطَس
ل حال أو الحمد أحدكم فليقل :الحمد للّه على ك ّ
ب العالمين » وفي حديث أبي هريرة رضي للّه ر ّ
ي صلى الله عليه وسلم قال « : الله عنه عن النّب ّ
ل حال إذا عطس أحدكم فليقل :الحمد للّه على ك ّ
» ومتى حمد اللّه بعد عطسته كان حّقا على من
سمعه من إخوانه المسلمين غير المصلّين أن
مته " يرحمك اللّه " فقد روى البخاريّ من حديث يش ّ
أبي هريرة رضي الله عنه « إذا عطس أحدكم
ل مسلم سمعه أن يقول : فحمد اللّه فحقّ على ك ّ
يرحمك اللّه » .
البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ّ وفي صحيح
ي صلى الله عليه وسلم قال « :إذا عطس عن النّب ّ
أحدكم فليقل :الحمد للّه .وليقل له أخوه أو
صاحبه :يرحمك اللّه .فإذا قال له :يرحمك اللّه
فليقل :يهديكم اللّه ويصلح بالكم » .
ق
ي صلى الله عليه وسلم قال « :ح ّ وعن النّب ّ
سلم ،وعيادة المسلم على المسلم خمس :رد ّ ال ّ
المريض واتّباع الجنائز ،وإجابة الدّعوة ،وتشميت
ق المسلم على العاطس » وفي رواية لمسلم « ح ّ
ت :إذا لقيته فسلّم عليه ،وإذا دعاك المسلم س ّ
فأجبه ،وإذا استنصحك فانصح له ،وإذا عطس
مته ،وإذا مرض فعده ،وإذا فحمد اللّه تعالى فش ّ
565
مات فاتّبعه » .وإن لم يحمد اللّه بعد عطسته فل
الشعري رضي الله عنه ّ مت .فعن أبي موسى يش ّ
متوه ، مرفوعا ً « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فش ّ
متوه » . فإن لم يحمد اللّه فل تش ّ
وعن أنس رضي الله عنه قال « :عطس رجلن
مت أحدهما ولم ي صلى الله عليه وسلم فش ّ عند النّب ّ
مته :عطس فلن مت الخر .فقال الّذي لم يش ّ يش ّ
ن هذا متني فقال :إ ّ متَّه ،وعطست فلم تش ّ ش ّ فَ َ
حمد اللّه تعالى ،وإنّك لم تحمد اللّه تعالى » وهذا
م وليس مخصوصا بالّرجل الّذي وقع له الحكم عا ّ
ذلك .يؤيّد العموم ما جاء في حديث أبي موسى
متوه ،وإن لم « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فش ّ
متوه » .يحمد اللّه فل تش ّ
فالتّشميت قد شرع لمن حمد اللّه دون من لم
ن العاطس حمد اللّه سامع أ ّ يحمده ،فإذا عرف ال ّ
مته ،كأن سمعه يحمد اللّه ،وإن بعد عطسته ش ّ
سمع العطسة ولم يسمعه يحمد اللّه ،بل سمع من
مت ذلك العاطس ،فإنّه يشرع له التّشميت ش ّ
ووي
ّ لعموم المر به لمن عطس فحمد ،وقال الن ّ
مته من سمعه دون غيره . المختار أنّه يش ّ
شافعيّة .وفي قول وهذا التّشميت سنّة عند ال ّ
للحنابلة وعند الحنفيّة هو واجب .
وقال المالكيّة ،وهو المذهب عند الحنابلة بوجوبه
ن الشهر أنّه فرض على الكفاية .ونقل عن البيان أ ّ
ل مسلم سمعه أن عين ،لحديث « كان حّقا على ك ّ
يقول له :يرحمك اللّه » .
ب لمن فإن عطس ولم يحمد اللّه نسيانا استح ّ
مته .حضره أن يذكّره الحمد ليحمد فيش ّ
ي. وقد ثبت ذلك عن إبراهيم النّخع ّ
566
مته :فيقول - 3ويندب للعاطس أن يرد ّ على من ش ّ
له :يغفر اللّه لنا ولكم ،أو يهديكم اللّه ويصلح
بالكم ،وقيل :يجمع بينهما ،فيقول :يرحمنا اللّه
وإيّاكم ويغفر لنا ولكم .فقد روي عن ابن عمر أنّه
كان إذا عطس فقيل له :يرحمك اللّه .قال ":
يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر اللّه لنا ولكم " .قال ابن
أبي جمرة :في الحديث دليل على عظيم نعمة اللّه
ما رتّب عليه من الخير على العاطس .يؤخذ ذلك م ّ
.وفيه إشارة إلى عظيم فضل اللّه على عبده .فإنّه
م شرع له ضرر بنعمة العطس ،ث ّ أذهب عنه ال ّ
م الدّعاء بالخير بعد الدّعاء الحمد الّذي يثاب عليه ،ث ّ
بالخير وشرع هذه النّعم المتواليات في زمن يسير
فضل منه وإحسانا ً .
فإذا قيل للعاطس :يرحمك اللّه ،فمعناه :جعل
سلمة ،وفيه إشارة إلى اللّه لك ذلك لتدوم لك ال ّ
تنبيه العاطس على طلب الّرحمة والتّوبة من الذ ّنب
م شرع به الجواب بقوله :غفر اللّه لنا ولكم ،ومن ث َ َّ
وقوله :ويصلح بالكم أي شأنكم .وقوله تعالى :
م } أي شأنهم .وهذا ما لم ح بَالَه ْ
صل ِ ُ
م وَي ُ ْ
سيَهْدِيه ْ
{ َ
يكن في صلته أو خلئه .
ما ينبغي للعاطس مراعاته :
- 4من آداب العاطس :أن يخفض بالعطس صوته
ويرفعه بالحمد .وأن يغطّي وجهه لئّل يبدو من فيه
أو أنفه ما يؤذي جليسه .ول يلوي عنقه يمينا ً ول
ي :الحكمة شمال ً لئل يتضّرر بذلك .قال ابن العرب ّ
ن رفعه إزعاجاً صوت بالعطاس :أ ّ في خفض ال ّ
للعضاء .
وفي تغطية الوجه :أنّه لو بدر منه شيء آذى
جليسه .ولو لوى عنقه صيانة لجليسه لم يأمن من
567
اللتواء ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال « :
ي صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع كان النّب ّ
ض بها صوته » . يده أو ثوبه على فيه ،وخفض أو غ ّ
حكمة مشروعيّة التّشميت :
- 5قال ابن دقيق العيد :من فوائد التّشميت
تحصيل المودّة ،والتّأليف بين المسلمين ،وتأديب
العاطس بكسر النّفس عن الكبر ،والحمل على
التّواضع لما في ذكر الّرحمة من الشعار بالذ ّنب
الّذي ل يعرى عنه أكثر المكلّفين .
التّشميت أثناء الخطبة :
- 6كره الحنفيّة والمالكيّة التّشميت أثناء الخطبة ،
ن الكلم عند الخطبة شافعيّة في الجديد :أ ّ وعند ال ّ
ن النصات ،ول فرق في ذلك بين ل يحرم ،ويس ّ
ل بما روى أنس رضي الله التّشميت وغيره ،واستد ّ
ي صلى الله عليه عنه قال « :دخل رجل والنّب ّ
وسلم قائم على المنبر يوم الجمعة فقال :متى
ساعة ؟ فأشار النّاس إليه أن اسكت فقال له ال ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عند الثّالثة :ما
ب اللّه ورسوله قال :إنّك مع أعددت لها ؟ قال :ح َّ
ت » وإذ جاز هذا في الخطبة جاز تشميت من أحبب َ
العاطس أثناءها .
ن
شافعيّة :أ ّوعند المالكيّة ،وهو القديم عند ال ّ
النصات لسماع الخطبة واجب .لما روى جابر
رضي الله عنه قال « :دخل ابن مسعود رضي الله
ي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس عنه والنّب ّ
ي رضي الله عنه فسأله عن شيء فلم يردّ إلى أب ّ
ي صلى الله عليه عليه ،فسكت حتّى صلّى النّب ّ
ي ؟ فقال :إنّك وسلم فقال له :ما منعك أن ترد ّ عل ّ
لم تشهد معنا الجمعة .قال :ولم ؟ قال :لنّك
568
ي صلى الله عليه وسلم يخطب ،فقام تكلّمت والنّب ّ
ي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فدخل على النّب ّ
ي » وإذا كان النصات فذكر له ،فقال :صدق أب ّ
واجبا ً كان ما خالفه من تشميت العاطس أثناء
الخطبة حراما .وللحنابلة روايتان :إحداهما :الجواز
مطلقا أخذا ً من قول الثرم :سمعت أبا عبد اللّه أي
سلم يوم الجمعة المام أحمد -سئل :يرد ّ الّرجل ال ّ
مت العاطس ؟ فقال : ؟ فقال :نعم .قال :ويش ّ
نعم .والمام يخطب .وقال أبو عبد اللّه قد فعله
خص في من ر ّ غير واحد .قال ذلك غير مّرة ،وم ّ
وري
ّ ي وقتادة والث ّ ي والنّخع ّ شعب ّ ذلك الحسن وال ّ
وإسحاق .
مت العاطس ، والثّانية :إن كان ل يسمع الخطبة ش ّ
وإن كان يسمع لم يفعل ،قال أبو طالب :قال
أحمد :إذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ول تقرأ
مت مت ،وإذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وش ّ ول تش ّ
سلم .وقال أبو داود :قلت لحمد :ير ّد ورد ّ ال ّ
مت العاطس ؟ قال : سلم والمام يخطب ويش ّ ال ّ
إذا كان ليس يسمع الخطبة فيرد ّ ،وإذا كان يسمع
فل لقول اللّه تعالى :
َ
صتُوا } وروي نحو ذلك عن ابن معُوا لَه وأن ْ ِ { فَا ْ
ست َ ِ
عمر رضي الله عنهما .
ن في الخلء لقضاء حاجته : م ْتشميت َ
مت - 7يكره لمن في الخلء لقضاء حاجته أن يش ّ
عاطسا ً سمع عطسته .
بذلك قال فقهاء المذاهب الربعة .كما كرهوا له إن
عطس في خلئه أن يحمد اللّه بلسانه ،وأجازوا له
ذلك في نفسه دون أن يحّرك به لسانه .وعن
يالمهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال « :أتيت النّب ّ
569
صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلّمت عليه ،فلم
ي وقال :إنّي كرهت أن م اعتذر إل ّ
ضأ ،ث ّ يرد ّ حتّى تو ّ
أذكر اللّه تعالى إل على طهر أو قال :على طهارة
»
تشميت المرأة الجنبيّة للّرجل والعكس :
- 8إن كانت المرأة شابّة يخشى الفتنان بها كره
مت الّرجل إذا عطس ،كما يكره لها أن لها أن تش ّ
مت لها لو عطست هي .بخلف لو ترد ّ على مش ّ
مت كانت عجوزا ً ول تميل إليها النّفوس فإنّها تش ّ
مت متى حمدت اللّه ،بذلك قال المالكيّة وتش ّ
شرعيّة ومثلهم في ذلك الحنابلة .جاء في الداب ال ّ
شابّةمت الّرجل ال ّ لبن مفلح عن ابن تميم :ل يش ّ
مته .
ول تش ّ
مت الّرجل المرأة إذا سامريّ :يكره أن يش ّ وقال ال ّ
عطست ول يكره ذلك للعجوز .
وقال ابن الجوزيّ :وقد روينا عن أحمد بن حنبل
رضي الله عنه أنّه كان عنده رجل من العبّاد
فعطست امرأة أحمد ،فقال لها العابد :يرحمك
اللّه .فقال أحمد رحمه الله .عابد جاهل .وقال
مت المرأة إذا حرب :قلت لحمد :الّرجل يش ّ
عطست ؟ فقال :إن أراد أن يستنطقها ليسمع
ن الكلم فتنة ،وإن لم يرد ذلك فل كلمها فل ،ل ّ
ن.مته ّ بأس أن يش ّ
مت وقال أبو طالب :إنّه سأل أبا عبد اللّه :يش ّ
مت الّرجل المرأة إذا عطست ؟ قال :نعم قد ش ّ
أبو موسى امرأته .قلت :فإن كانت امرأة تمّر أو
متها ؟ قال :نعم .وقال جالسة فعطست أش ّ
مت الّرجل المرأة البرزة ويكره القاضي :ويش ّ
مت المرأة البرزة شابّة .وقال ابن عقيل :يش ّ لل ّ
570
شيخ مته ،وقال ال ّ شابّة ول تش ّمت ال ّ مته ول يش ّوتش ّ
عبد القادر :يجوز للّرجل تشميت المرأة البرزة
شابّة ،وفي هذا تفريق بين والعجوز ،ويكره لل ّ
ال ّ
شابّة وغيرها .
وعند الحنفيّة ذكر صاحب الذ ّخيرة :أنّه إذا عطس
متته المرأة ،فإن عجوزا ً رد ّ عليها وإل ر ّد الّرجل فش ّ
في نفسه .قال ابن عابدين :وكذا لو عطست هي
كما في الخلصة .
تشميت المسلم للكافر :
- 9لو عطس كافر وحمد اللّه عقيب عطاسه
مته بقوله :هداك وسمعه مسلم كان عليه أن يش ّ
اللّه أو عافاك اللّه ،فقد أخرج أبو داود من حديث
الشعري قال « :كانت اليهود ّ أبي موسى
ي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتعاطسون عند النّب ّ
يقول يرحمكم اللّه ،فكان يقول :يهديكم اللّه
ويصلح بالكم » .وفي قوله :يهديكم اللّه ويصلح
بالكم .تعريض لهم بالسلم :أي اهتدوا وآمنوا
يصلح اللّه بالكم .فلهم تشميت مخصوص ،وهو
الدّعاء لهم بالهداية وإصلح البال .بخلف تشميت
المسلمين ،فإنّهم أهل للدّعاء بالّرحمة بخلف
الكّفار .وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال « :
ي صلى الله اجتمع اليهود والمسلمون فعطس النّب ّ
مته الفريقان جميعا ً ،فقال عليه وسلم فش ّ
للمسلمين يغفر اللّه لكم ويرحمنا وإيّاكم .وقال
لليهود :يهديكم اللّه ويصلح بالكم »
تشميت المصلّي غيره :
صلة وسمع عاطسا حمد اللّه - 10من كان في ال ّ
ن تشميته له مته بطلت صلته ،ل ّ عقب عطاسه فش ّ
بقوله :يرحمك اللّه يجري في مخاطبات النّاس ،
571
فكان من كلمهم ،فقد روي عن معاوية بن الحكم
رضي الله عنه قال « :بينا أنا مع رسول اللّه صلى
صلة إذ عطس رجل من الله عليه وسلم في ال ّ
القوم ،فقلت :يرحمك اللّه ،فحدّقني القوم
ماه ،ما لكم تنظرون ُ
بأبصارهم ،فقلت :واثكل أ ّ
ما
ي ؟ فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم ،فل ّ إل ّ
انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دعاني
ت معلّما ً أحسن تعليما ً منه ، مي هو ،ما رأي ُ بأبي وأ ّ
واللّه ما ضربني صلى الله عليه وسلم ول كهرني ث ّ
م
ن صلتنا هذه ل يصلح فيها شيء من كلم قال :إ ّ
الدميّين ،إنّما هي التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن
».
هذا قول الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والمشهور عند
شافعيّة ،وإن كان تعبير الحنفيّة بالفساد وتعبير ال ّ
ن البطلن والفساد في ذلك غيرهم بالبطلن ،إّل أ ّ
بمعنى .
مت نفسه فإن عطس هو في صلته فحمد اللّه وش ّ
في نفسه دون أن يحّرك بذلك لسانه بأن قال :
ما لميرحمك اللّه يا نفسي ل تفسد صلته ،لنّه ل ّ
يكن خطابا لغيره لم يعتبر من كلم النّاس كما إذا
قال :يرحمني اللّه .قال به الحنفيّة والحنابلة
المالكيّة .
تشميت العاطس فوق ثلث :
- 11من تكّرر عطاسه فزاد على الثّلث فإنّه ل
مت فيما زاد عنها ،إذ هو بما زاد عنها مزكوم . يش ّ
مت فعن سلمة بن الكوع رضي الله عنه « :ش ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجل ً عطس
م قال عنه في الثّالثة : مّرتين بقوله :يرحمك اللّه ث ّ
هذا رجل مزكوم » .
572
شافعيّة أنّه قال : وذكر ابن دقيق العيد عن بعض ال ّ
يكّرر التّشميت إذا تكّرر العطاس ،إل أن يعرف أنّه
شفاء .وعند هذا سقط المر مزكوم فيدعو له بال ّ
ن التّعليل بهبالتّشميت عند العلم بالّزكام ،ل ّ
ن به زكاما ً أصل ً ، مت من علم أ ّ يقتضي أن ل يش ّ
فةلكونه مرضا ً ،وليس عطاسا ً محمودا ً ناشئا ً عن خ ّ
شبع .م وعدم الغاية في ال ّ البدن وانفتاح المسا ّ
==============
تشمير *
التّعريف :
- 1للتّشمير في اللّغة معان :منها :الّرفع يقال :
مر الزار والثّوب تشميرا ً :إذا رفعه ،ويقال : ش ّ
ف فيه مر في أمره :أي خ ّ مر عن ساقه ،وش ّ ش ّ
مر :قلّصه فتقلّص ، شيء فتش ّ مر ال ّ وأسرع ،وش ّ
مر أي :تهيّأ .وفي الصطلح ل يخرج عن وتش ّ
معنى رفع الثّوب .
صلة : اللفاظ ذات ال ّ
سدل : أ -ال ّ
سدل في اللّغة :إرخاء الثّوب . - 2من معاني ال ّ
يقال :سدلت الثّوب سدل ً :إذا أرخيته وأرسلته من
م جانبيه .
غير ض ّ
وسدل الثّوب يسدله ويسدله سدل ً ،وأسدله :
ي رضي الله عنه ":أنّه أرخاه وأرسله .وعن عل ّ
خرج فرأى قوما يصلّون قد سدلوا ثيابهم ،فقال :
كأنّهم اليهود خرجوا من فهورهم "
شخص ثوبه على رأسه ،أو واصطلحا :أن يجعل ال ّ
على كتفيه ،ويرسل أطرافه من جوانبه من غير أن
مها ،أو يرد ّ أحد طرفيه على الكتف الخرى . يض ّ
573
صلة مكروه بالتّفاق .لما روي عن أبي وهو في ال ّ
ي صلى الله عليه ن النّب ّهريرة رضي الله عنه « أ ّ
صلة . » . . سدل في ال ّ وسلم نهى عن ال ّ
ب -السبال :
- 3السبال في اللّغة :الرخاء والطالة .يقال :
أسبل إزاره :إذا أرخاه .وأسبل فلن ثيابه :إذا
نطوّلها وأرسلها إلى الرض ،وفي الحديث « :أ ّ
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال :ثلثة ل
يكلّمهم اللّه يوم القيامة ول ينظر إليهم ول يزكّيهم .
قال :قلت :ومن هم ؟ خابوا وخسروا .فأعادها
رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلث مّرات :
المسبل ،والمنّان ،والمنّفق سلعته بالحلف الكاذب
ي وغيره :المسبل :الّذي يطوّل » قال ابن العراب ّ
ثوبه ويرسله إلى الرض إذا مشى ،وإنّما يفعل ذلك
كبرا واختيال .
وهو في الصطلح ل يخرج عن هذا المعنى .
ي صلى الله عليه ن النّب ّوحكمه الكراهة ،لما روي أ ّ
وسلم قال « :من جّر ثوبه من الخيلء لم ينظر اللّه
إليه » وعن ابن مسعود قال :سمعت رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم يقول « :من أسبل إزاره في
ل ول ل ذكره في ح ّ صلته خيلء فليس من اللّه ج ّ
حرام » .
وحديث أبي سعيد الخدريّ يرفعه « ل ينظر اللّه يوم
القيامة إلى من جّر إزاره بطرا ً » .وللتّفصيل ر :
( صلة -عورة -إسبال ) .
ي:الحكم الجمال ّ
صلة مكروه اتّفاقا ً ،لما ورد أ ّ
ن - 4التّشمير في ال ّ
ف الثّياب ي صلى الله عليه وسلم « نهى عن ك ّ النّب ّ
574
ن المالكيّة قالوا بكراهته فيها إذا
شعر » .إل أ ّ وال ّ
كان فعله لجلها .
ما فعله خارجها ،أو فيها ل لجلها ،فل كراهة فيه وأ ّ
ساق :فإن .ومثل ذلك عندهم تشمير الذ ّيل عن ال ّ
صلة ،فصلّى وهو فعله لجل شغل ،فحضرت ال ّ
كذلك فل كراهة .
وظاهر المدوّنة أنّه سواء عاد لشغله ،أم ل .
ي على ما إذا عاد لشغله ،وصوّبه ابن وحملها ال ّ
شبيب ّ
ناجي .وللتّفصيل ر ( :صلة ،عورة ،لباس ) .
=================
الفهرس العام
575