You are on page 1of 575

‫موسوعة فقه العبادات= اعتكاف – تشمير‬

‫ف*‬
‫اعتكا ٌ‬
‫التعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬الفتعال ‪ ،‬من عكف على‬ ‫‪ - 1‬العتكاف لغ ً‬
‫شيء عكوفا ً وعكفا ً ‪ .‬من بابي ‪ :‬قعد ‪ ،‬وضرب ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شيء ‪ :‬حبسته ‪.‬‬ ‫إذا لزمه وواظب عليه ‪ ،‬وعكفت ال ّ‬
‫ومنه قوله تعالى ‪ { :‬هم الّذين كفروا وصدّوكم عن‬
‫المسجد الحرام والهدي معكوفا ً أن يبلغ محلّه } ‪.‬‬
‫وعكفته عن حاجته ‪ :‬منعته ‪.‬‬
‫والعتكاف ‪ :‬حبس النّفس عن التّصّرفات العاديّة ‪.‬‬
‫ة مخصوصةٍ‬ ‫وشرعا ً ‪ :‬اللّبث في المسجد على صف ٍ‬
‫بنيّةٍ ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬الخلوة ‪:‬‬
‫‪ - 2‬الخلوة من خل المكان ‪ ،‬إذا لم يكن فيه أحد ٌ ‪،‬‬
‫ل ‪ ،‬ومنه خلوة الّرجل بنفسه‬ ‫ول شيء فيه ‪ ،‬وهو خا ٍ‬
‫إذا انفرد ‪ .‬والعتكاف قد يكون مع الخرين بنفس‬
‫المكان المعد ّ لذلك ‪ ،‬فالمعتكف قد ينفرد بنفسه ‪،‬‬
‫وقد ل ينفرد ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الّرباط والمرابطة ‪:‬‬
‫العدو‬
‫ّ‬ ‫ل خيف هجوم‬ ‫‪ - 3‬الّرباط هو ‪ :‬الحراسة بمح ٍّ‬
‫شّر‬ ‫منه ‪ ،‬أو المقام في الثّغور لعزاز الدّين ودفع ال ّ‬
‫عن المسلمين ‪ .‬والعتكاف يكون في الثّغور وغيرها‬
‫‪ ،‬والّرباط ل يكون إل ّ في الثّغور ‪ ،‬ويكون في‬
‫المسجد وغيره ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الجوار ‪:‬‬
‫مى‬ ‫سكنى ‪ ،‬ويس ّ‬ ‫‪ - 4‬الجوار هو ‪ :‬الملصقة في ال ّ‬
‫العتكاف جوارا ً ‪ ،‬لقول عائشة رضي الله عنها عن‬

‫‪1‬‬
‫اعتكاف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬وهو‬
‫مجاوٌر في المسجد » ‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد ٍ رضي الله عنه مرفوعا ً ‪ « :‬كنت‬
‫م قد بدا لي أن‬ ‫أجاور هذه العشر ‪ -‬يعني الوسط ‪ -‬ث ّ‬
‫أجاور هذه العشر الواخر ‪ ،‬فمن كان اعتكف معي‬
‫فليثبت في معتكفه » ‪.‬‬
‫ك ‪ :‬العتكاف والجوار سواءٌ إل ّ من نذر ‪،‬‬ ‫قال مال ٌ‬
‫مثل جوار مكّة ‪ ،‬يجاور النّهار ‪ ،‬وينقلب اللّيل إلى‬
‫منزله ‪ ،‬قال ‪ :‬فمن جاور مثل هذا الجوار الّذي‬
‫ينقلب فيه اللّيل إلى منزله ‪ ،‬فليس عليه في جواره‬
‫م من العتكاف ‪ ،‬لنّه‬ ‫م ‪ .‬فالجوار على هذا أع ّ‬ ‫صيا ٌ‬
‫صيام وبدونه‬ ‫يكون في المسجد وغيره ‪ ،‬ويكون مع ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫حكمة العتكاف ‪:‬‬
‫‪ - 5‬العتكاف فيه تسليم المعتكف نفسه بالكلّيّة إلى‬
‫عبادة اللّه تعالى طلب الّزلفى ‪ ،‬وإبعاد النّفس من‬
‫ما يطلبه العبد من‬ ‫ةع ّ‬ ‫شغل الدّنيا الّتي هي مانع ٌ‬
‫صلة‬‫القربى ‪ ،‬وفيه استغراق المعتكف أوقاته في ال ّ‬
‫ي من‬ ‫ن المقصد الصل ّ‬ ‫ة أو حكما ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ما حقيق ً‬ ‫إ ّ‬
‫صلة في الجماعات ‪،‬‬ ‫شرعيّة العتكاف انتظار ال ّ‬
‫وتشبيه المعتكف نفسه بالملئكة الّذين ل يعصون‬
‫اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ‪ ،‬ويسبّحون‬
‫اللّيل والنّهار ل يفترون ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫حكمه التّكليف ّ‬
‫ة ‪ ،‬ول يلزم إل ّ بالنّذر ‪ ،‬لكن اختلف‬ ‫‪ - 6‬العتكاف سن ّ ٌ‬
‫سنّيّة ‪.‬‬
‫الفقهاء في مرتبة هذه ال ّ‬
‫ة مؤكّدة ٌ في العشر الواخر‬ ‫فقال الحنفيّة ‪ :‬إنّه سن ّ ٌ‬
‫ب فيما عدا ذلك ‪ .‬وفي‬ ‫من رمضان ‪ ،‬ومستح ٌّ‬

‫‪2‬‬
‫ب مؤكّد ٌ وليس‬ ‫المشهور عند المالكيّة ‪ ،‬أنّه مندو ٌ‬
‫بسنّةٍ ‪.‬‬
‫ب‬
‫ة في رمضان ومندو ٌ‬ ‫وقال ابن عبد البّر ‪ :‬إنّه سن ّ ٌ‬
‫في غيره ‪.‬‬
‫ة مؤكّدةٌ ‪ ،‬في جميع‬ ‫شافعيّة إلى أنّه سن ّ ٌ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫الوقات ‪ ،‬وفي العشر الواخر من رمضان آكد ‪«،‬‬
‫اقتداءً برسول اللّه صلى الله عليه وسلم وطلباً‬
‫للّيلة القدر »‪.‬‬
‫ت ‪ ،‬وآكده في‬ ‫ل وق ٍ‬ ‫ة في ك ّ‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬إنّه سن ّ ٌ‬
‫رمضان ‪ ،‬وآكده في العشر الخير منه ‪ .‬قال ابن‬
‫ة‪،‬ل‬ ‫ن العتكاف سن ّ ٌ‬ ‫المنذر ‪ :‬أجمع أهل العلم على أ ّ‬
‫يجب على النّاس فرضا ً ‪ ،‬إل ّ أن يوجب المرء على‬
‫نفسه العتكاف نذرا ً ‪ ،‬فيجب عليه ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ة« فعل النّب ّ‬ ‫ل على أنّه سن ّ ٌ‬ ‫ما يد ّ‬ ‫وم ّ‬
‫وسلم ومداومته عليه تقّربا ً إلى اللّه تعالى ‪ ،‬وطلباً‬
‫لثوابه ‪ ،‬واعتكاف أزواجه معه وبعده »‪.‬‬
‫ي‬
‫ن أصحاب النّب ّ‬ ‫ب فل ّ‬ ‫ن العتكاف غير واج ٍ‬ ‫ما أ ّ‬‫أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم لم يلتزموا العتكاف كلّهم ‪،‬‬
‫صحابة فعله ‪ .‬وأيضا ً فإ ّ‬
‫ن‬ ‫ح عن كثيرٍ من ال ّ‬ ‫وإن ص ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه‬ ‫النّب ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫بالعتكاف إل ّ من أراده ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫وسلم ‪ « :‬من كان اعتكف معي ‪ ،‬فليعتكف العشر‬
‫الواخر » ‪ -‬أي من شهر رمضان ‪ -‬ولو كان واجبا ً لما‬
‫علّقه بالرادة ‪ .‬ويلزم العتكاف بالنّذر ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫ي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من نذر أن يطيع اللّه‬
‫فليطعه » وعن عمر رضي الله عنه أنّه قال ‪ :‬يا‬
‫ة في المسجد‬ ‫رسول اللّه ‪ :‬إنّي نذرت أن أعتكف ليل ً‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أوف‬ ‫الحرام ‪ «،‬فقال النّب ّ‬
‫بنذرك » ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أقسام العتكاف ‪:‬‬
‫ب عند‬‫ب ‪ ،‬ومندو ٍ‬ ‫‪ - 7‬ينقسم العتكاف إلى واج ٍ‬
‫الجمهور ‪ ،‬وزاد الحنفيّة المسنون ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬العتكاف المندوب ‪ :‬وهو أن ينوي العتكاف‬
‫م‪،‬‬
‫ة ‪ ،‬أو يو ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬أو ساع ٌ‬ ‫تطوّعا ً للّه تعالى ‪ .‬وأقلّه لحظ ٌ‬
‫ة حسب اختلف الفقهاء ‪.‬‬ ‫م وليل ٌ‬ ‫أو يو ٌ‬
‫يوم‬
‫ٍ‬ ‫ن أل ّ ينقص عن‬ ‫ت ‪ ،‬ويس ّ‬ ‫ل وق ٍ‬ ‫ة في ك ّ‬ ‫وهو سن ّ ٌ‬
‫وليلةٍ ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬العتكاف الواجب ‪:‬‬
‫جزاً‬ ‫‪ - 8‬ل يجب العتكاف إل ّ بالنّذر عند الجمهور من ّ‬
‫شروع في العتكاف المسنون عند‬ ‫أو معلّقا ً ‪ ،‬وبال ّ‬
‫المالكيّة ‪ ،‬ومقابل الظّاهر عند الحنفيّة ‪ ،‬وسيأتي في‬
‫( ف ‪ ) 13 /‬وهل يشترط التّلّفظ بالنّذر أم يكفي‬
‫النّيّة في القلب ؟ صّرح الجميع بوجوب التّلّفظ‬
‫بالنّيّة ‪ ،‬ول يكفي نيّة القلب ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬العتكاف المسنون ‪:‬‬
‫‪ - 9‬زاد الحنفيّة قسما ً ثالثا ً للعتكاف ‪ ،‬وهو ما‬
‫ة مؤكّدة ٌ " أي سنّة كفايةٍ في‬ ‫أطلقوا عليه " سن ّ ٌ‬
‫العشر الخير من شهر رمضان ‪ ،‬فإذا قام بها بعض‬
‫المسلمين سقط الطّلب عن الباقين ‪ ،‬فلم يأثموا‬
‫ن‬
‫عذر ‪ ،‬ولو كان سنّة عي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بالمواظبة على التّرك بل‬
‫سنّة المؤكّدة إثما ً دون إثم ترك‬ ‫لثموا بترك ال ّ‬
‫الواجب ‪.‬‬
‫أركان العتكاف ‪:‬‬
‫ة‪:‬‬ ‫‪ - 10‬أركان العتكاف عند الجمهور أربع ٌ‬
‫وهي المعتكف ‪ ،‬والنّيّة ‪ ،‬والمعتكف فيه ‪ ،‬واللّبث في‬
‫المسجد ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ن ركن العتكاف هو اللّبث في‬ ‫وذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ف ل أركا ٌ‬ ‫ط وأطرا ٌ‬ ‫المسجد فقط ‪ ،‬والباقي شرو ٌ‬
‫صوم ‪.‬‬‫وزاد المالكيّة ركنا ً آخر وهو ‪ :‬ال ّ‬
‫المعتكف ‪:‬‬
‫ح العتكاف من‬ ‫‪ - 11‬اتّفق الفقهاء على أنّه يص ّ‬
‫حة‬ ‫ي المميّز ‪ ،‬واشترطوا لص ّ‬ ‫صب ّ‬ ‫الّرجل والمرأة وال ّ‬
‫العتكاف الواجب والمندوب ما يلي ‪:‬‬
‫ح العتكاف من الكافر ‪ ،‬لنّه‬ ‫‪ - 1‬السلم ‪ :‬فل يص ّ‬
‫ليس من أهل العبادة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬العقل ‪.‬‬
‫ح العتكاف من المجنون‬ ‫‪ - 3‬التّمييز ‪ :‬فل يص ّ‬
‫سكران والمغمى عليه ومن غير المميّز ‪ ،‬إذ ل نيّة‬ ‫وال ّ‬
‫ي العاقل‬ ‫صب ّ‬‫ما ال ّ‬
‫ة‪.‬أ ّ‬‫لهم ‪ ،‬والنّيّة في العتكاف واجب ٌ‬
‫ح منه العتكاف ‪ ،‬لنّه من أهل العبادة ‪،‬‬ ‫المميّز فيص ّ‬
‫ح منه صوم التّطوّع ‪.‬‬ ‫كما يص ّ‬
‫ح العتكاف‬ ‫‪ - 4‬النّقاء من الحيض والنّفاس ‪ ،‬فل يص ّ‬
‫من الحائض والنّفساء ‪ ،‬لنّهما ممنوعتان عن‬
‫ح العتكاف إل ّ في مسجدٍ ‪.‬‬ ‫المسجد ‪ ،‬ول يص ّ‬
‫ح العتكاف من‬ ‫‪ - 5‬الطّهارة من الجنب ‪ :‬فل يص ّ‬
‫الجنب ‪ ،‬لنّه ممنوع ٌ من اللّبث في المسجد ‪.‬‬
‫اعتكاف المرأة ‪:‬‬
‫شروط‬ ‫ح اعتكاف المرأة باتّفاق الفقهاء بال ّ‬ ‫‪ - 12‬يص ّ‬
‫المتقدّمة ‪ ،‬ويشترط للمتزوّجة أن يأذن لها زوجها ‪،‬‬
‫ح من‬ ‫لنّها ل ينبغي لها العتكاف إل ّ بإذنه ‪ -‬أي يص ّ‬
‫غير إذنه مع الثم في الفتيات عليه ‪ -‬فإن أذن لها‬
‫الّزوج بالعتكاف واجبا ً أو نفل ً ‪ ،‬فل ينبغي له أن‬
‫ح منعه ‪.‬‬ ‫يطأها ‪ ،‬فإن منعها زوجها بعد إذنه لها ل يص ّ‬
‫هذا قول الحنفيّة ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وذهب المالكيّة إلى أنّه ل يحقّ للّزوج أن يمنع زوجته‬
‫بعد إذنه لها بالعتكاف المنذور ‪ ،‬سواءٌ أدخلت في‬
‫العبادة أم لم تدخل ‪ ،‬إل ّ إذا كان النّذر مطلقا ً غير‬
‫ن للّزوج حينئذٍ أن يمنع زوجته‬ ‫مقيّد ٍ بأيّام ٍ معيّنةٍ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫من العتكاف حتّى ولو دخلت في العبادة ‪ ،‬ومن‬
‫ن‪.‬‬ ‫ً‬
‫ب أولى ما إذا نذرت بغير إذنه معيّنا أو غير معي ّ ٍ‬ ‫با ٍ‬
‫نذر ‪ ،‬فل يقطعه‬ ‫ٍ‬ ‫ما إذا أذن لها في العتكاف بدون‬ ‫أ ّ‬
‫عليها إن دخلت في العتكاف ‪ ،‬فإن لم تدخل فيه‬
‫كان له منعها ‪ .‬والعتكاف للمرأة مكروهٌ تنزيها ً عند‬
‫الحنفيّة ‪ ،‬وجعلوه نظير حضورها الجماعات ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬ل يجوز اعتكاف المرأة إل ّ بإذن‬ ‫وقال ال ّ‬
‫قه‬ ‫ق الّزوج ‪ .‬وح ّ‬ ‫ن التّمتّع بالّزوجة من ح ّ‬ ‫زوجها ‪ ،‬ل ّ‬
‫على الفور بخلف العتكاف ‪ .‬نعم إن لم تفوّت‬
‫ة ‪ ،‬كأن حضرت المسجد‬ ‫الّزوجة على زوجها منفع ً‬
‫بإذنه ‪ ،‬فنوت العتكاف فإنّه يجوز ‪ .‬ويكره عندهم‬
‫اعتكاف المرأة الجميلة ذات الهيئة قياسا ً على‬
‫خروجها لصلة الجماعة ‪.‬‬
‫وللّزوج إخراج زوجته من العتكاف المسنون سواءٌ‬
‫ي‬
‫ي الحنبل ّ‬ ‫ل البهوت ّ‬ ‫أكان العتكاف بإذنه أم ل ‪ ،‬واستد ّ‬
‫بحديث ‪ « :‬ل تصوم المرأة وزوجها شاهد ٌ يوما ً من‬
‫غير رمضان إل ّ بإذنه » ‪ ،‬وقال ‪ :‬وضرر العتكاف‬
‫أعظم ‪ .‬وكذا يجوز للّزوج إخراجها من العتكاف‬
‫المنذور إل ّ إذا أذن لها بالعتكاف وشرعت فيه ‪،‬‬
‫سواءٌ أكان زمن العتكاف معيّنا ً أم كان متتابعا ً أم ل‬
‫شروع في زمن العتكاف‬ ‫‪ .‬أو إذا كان الذن أو ال ّ‬
‫شروع فيه فقط وكان‬ ‫المعيّن أو أذن في ال ّ‬
‫شروع‬ ‫العتكاف متتابعا ً ‪ ،‬وذلك لذن الّزوج بال ّ‬
‫ن الذن في النّذر المعيّن‬ ‫مباشرة ً أو بواسطةٍ ‪ ،‬ل ّ‬
‫شروع فيه ‪ ،‬والمعيّن ل يجوز تأخيره ‪،‬‬ ‫ن في ال ّ‬ ‫إذ ٌ‬

‫‪6‬‬
‫والمتتابع ل يجوز الخروج منه ‪ ،‬لما فيه من إبطال‬
‫عذر‬
‫ٍ‬ ‫العبادة الواجبة بل‬
‫شافعيّة فيما تقدّم ‪ ،‬إل ّ في مسألة‬ ‫والحنابلة كال ّ‬
‫اعتكاف المرأة الجميلة ‪ ،‬فلم يذكروا أنّه مكروهٌ ‪.‬‬
‫ب لها أن تستتر بخباءٍ‬ ‫وإذا اعتكفت المرأة استح ّ‬
‫ونحوه ‪ «،‬لفعل عائشة وحفصة وزينب في عهده‬
‫صلى الله عليه وسلم » وتجعل خباءها في مكان ل‬
‫يصلّي فيه الّرجال ‪ ،‬لنّه أبعد في التّحّفظ لها ‪ .‬نقل‬
‫أبو داود عن أحمد قوله ‪ « :‬يعتكفن في المسجد ‪،‬‬
‫ن فيه بالخيم » ‪.‬‬ ‫ويضرب له ّ‬
‫ول بأس أن يستتر الّرجال أيضا ً ‪ «،‬لفعله صلى الله‬
‫عليه وسلم »‪،‬ولنّه أخفى لعملهم ‪ .‬ونقل إبراهيم ‪:‬‬
‫ل ‪ .‬إل ّ لبرد ٍ شديدٍ ‪.‬‬
‫النّيّة في العتكاف ‪:‬‬
‫شافعيّة‬ ‫ن للعتكاف عند المالكيّة وال ّ‬ ‫‪ - 13‬النّيّة رك ٌ‬
‫ن‬
‫ط له عند الحنفيّة ‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬وشر ٌ‬
‫ة فيه ‪ ،‬فل‬ ‫العتكاف عبادة ٌ مقصودةٌ ‪ ،‬فالنّيّة واجب ٌ‬
‫ف بدون نيّةٍ ‪ .‬سواءٌ أكان العتكاف‬ ‫ح اعتكا ٌ‬ ‫يص ّ‬
‫مسنونا ً أم واجبا ً ‪ ،‬كما يجب التّمييز بين نيّة الفرض‬
‫سنّة ‪.‬‬‫والنّفل في العتكاف ‪ ،‬ليتميّز الفرض من ال ّ‬
‫م خرج من المسجد‬ ‫وإذا نوى العتكاف المسنون ‪ ،‬ث ّ‬
‫‪ ،‬فهل يحتاج إلى تجديد نيّته إذا رجع ؟ ذهب الحنفيّة‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى‬ ‫في الظّاهر من المذهب ‪ ،‬وال ّ‬
‫أنّه إذا خرج من العتكاف المسنون فقد انقطع‬
‫ف‬ ‫اعتكافه ‪ ،‬وإذا رجع فل بد ّ من تجديد نيّة اعتكا ٍ‬
‫ن الخروج من المسجد منه‬ ‫ب آخر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫مندو ٍ‬
‫للعتكاف المندوب ‪ ،‬ل مبطل له‬
‫وذهب المالكيّة ‪ ،‬وهو مقابل الظّاهر عند الحنفيّة‬
‫ن المندوب يلزمه إذا نواه قليل ً كان أو كثيراً‬ ‫إلى أ ّ‬

‫‪7‬‬
‫شروع فيه‬ ‫ن النّفل يلزم كماله بال ّ‬ ‫بدخوله معتكفه ‪ ،‬ل ّ‬
‫‪ ،‬فإن لم يدخل معتكفه فل يلزمه ما نواه ‪ .‬فإذا‬
‫م قطع لزمه القضاء وإن اشترط عدم القضاء‬ ‫دخل ث ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫‪ .‬والظّاهر من مذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫أنّه ل يلزمه التمام ول قضاء عليه ‪.‬‬
‫مكان العتكاف ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مكان العتكاف للّرجل ‪:‬‬
‫ح اعتكاف الّرجل‬ ‫‪ - 14‬أجمع الفقهاء على أنّه ل يص ّ‬
‫والخنثى إل ّ في مسجد ٍ ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ { :‬وأنتم‬
‫ي صلى‬ ‫ن النّب ّ‬‫عاكفون في المساجد } وللتباع ‪ «،‬ل ّ‬
‫الله عليه وسلم لم يعتكف إل ّ في المسجد »‪.‬‬
‫ن المساجد الثّلثة أفضل من غيرها ‪،‬‬ ‫واتّفقوا على أ ّ‬
‫م‬‫م المسجد النّبويّ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫والمسجد الحرام أفضل ‪ ،‬ث ّ‬
‫المسجد القصى ‪.‬‬
‫ح فيه‬ ‫ن المسجد الجامع يص ّ‬ ‫واتّفقوا على أ ّ‬
‫العتكاف ‪ ،‬وهو أولى من غيره بعد المساجد‬
‫الثّلثة ‪ ،‬ويجب العتكاف فيه إذا نذر العتكاف مد ّ ً‬
‫ة‬
‫تصادفه فيها صلة الجمعة ‪ ،‬لئل ّ يحتاج إلى الخروج‬
‫وقت صلة الجمعة ‪ ،‬إل ّ إذا اشترط الخروج لها عند‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ح فيها‬ ‫م اختلفوا في المساجد الخرى الّتي يص ّ‬ ‫ث ّ‬
‫العتكاف ‪.‬‬
‫ح العتكاف إلّ‬ ‫فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه ل يص ّ‬
‫ح‬
‫في مسجد جماعةٍ ‪ .‬وعن أبي حنيفة أنّه ل يص ّ‬
‫صلوات‬ ‫العتكاف إل ّ في مسجد ٍ تقام فيه ال ّ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫ن العتكاف عبادة انتظار ال ّ‬ ‫الخمس ‪ ،‬ل ّ‬
‫ححه بعضهم ‪ .‬وقال‬ ‫ن يصلّى فيه ‪ ،‬وص ّ‬ ‫ص بمكا ٍ‬ ‫فيخت ّ‬
‫ححه‬ ‫ل مسجدٍ وص ّ‬ ‫ح في ك ّ‬ ‫مد ٌ ‪ :‬يص ّ‬
‫أبو يوسف ومح ّ‬
‫ي ‪ .‬وعن أبي يوسف أنّه فّرق بين العتكاف‬ ‫سروج ّ‬ ‫ال ّ‬

‫‪8‬‬
‫الواجب والمسنون ‪ ،‬فاشترط للعتكاف الواجب‬
‫ما النّفل فيجوز في أيّ مسجدٍ‬ ‫مسجد الجماعة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫م‬
‫كان ‪ .‬ويعني الحنفيّة بمسجد الجماعة ما له إما ٌ‬
‫صلوات الخمس أو ل ‪.‬‬ ‫ن ‪ ،‬أدّيت فيه ال ّ‬ ‫ومؤذ ّ ٌ‬
‫حة العتكاف في المسجد أن‬ ‫واشترط الحنابلة لص ّ‬
‫تقام الجماعة في زمن العتكاف الّذي هو فيه ‪ ،‬ول‬
‫يضّر عدم إقامتها في الوقت الّذي ل يعتكف فيه ‪،‬‬
‫ي ومن هو‬ ‫صب ّ‬‫وخرج من ذلك المرأة والمعذور وال ّ‬
‫ن الممنوع ترك‬ ‫في قريةٍ ل يصلّي فيها غيره ‪ ،‬ل ّ‬
‫ة هنا ‪ .‬والمذهب عند‬ ‫الجماعة الواجبة ‪ ،‬وهي منتفي ٌ‬
‫أي‬
‫ح العتكاف في ّ‬ ‫شافعيّة أنّه يص ّ‬ ‫المالكيّة وال ّ‬
‫مسجد ٍ كان ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬مكان اعتكاف المرأة ‪:‬‬
‫‪ - 15‬اختلفوا في مكان اعتكاف المرأة ‪:‬‬
‫ي في المذهب الجديد إلى‬ ‫شافع ّ‬ ‫فذهب الجمهور وال ّ‬
‫ح اعتكافها إل ّ في المسجد ‪،‬‬ ‫أنّها كالّرجل ل يص ّ‬
‫ح اعتكافها في مسجد بيتها ‪ ،‬لما‬ ‫وعلى هذا فل يص ّ‬
‫س ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬أنّه سئل‬ ‫ورد عن ابن عبّا ٍ‬
‫عن امرأةٍ جعلت عليها ( أي نذرت ) أن تعتكف في‬
‫ة ‪ ،‬وأبغض العمال إلى‬ ‫مسجد بيتها ‪ ،‬فقال ‪ " :‬بدع ٌ‬
‫اللّه البدع "‪ .‬فل اعتكاف إل ّ في مسجدٍ تقام فيه‬
‫ة ول‬ ‫ن مسجد البيت ليس بمسجدٍ حقيق ً‬ ‫صلة ‪ .‬ول ّ‬ ‫ال ّ‬
‫حكما ً ‪ ،‬فيجوز تبديله ‪ ،‬ونوم الجنب فيه ‪ ،‬وكذلك لو‬
‫مهات المؤمنين ‪ -‬رضي الله عنهن ‪ -‬ولو‬ ‫جاز لفعلته أ ّ‬
‫مّرة ً تبيينا ً للجواز ‪.‬‬
‫ح اعتكاف‬ ‫ي ‪ :‬أنّه يص ّ‬‫شافع ّ‬ ‫وفي المذهب القديم لل ّ‬
‫المرأة في مسجد بيتها ‪ ،‬لنّه مكان صلتها ‪ .‬قال‬
‫ة هذا‬ ‫ووي ‪ :‬قد أنكر القاضي أبو الطّيّب وجماع ٌ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬

‫‪9‬‬
‫القديم ‪ .‬وقالوا ‪ :‬ل يجوز في مسجد بيتها قول ً واحداً‬
‫وغلّطوا من قال ‪ :‬فيه قولن ‪.‬‬
‫وذهب الحنفيّة إلى جواز اعتكاف المرأة في مسجد‬
‫بيتها ‪ ،‬لنّه هو الموضع لصلتها ‪ ،‬فيتحّقق انتظارها‬
‫فيه ‪ ،‬ولو اعتكفت في مسجد الجماعة جاز مع‬
‫الكراهة التّنزيهيّة ‪ ،‬والبيت أفضل من مسجد حيّها ‪،‬‬
‫ي أفضل لها من المسجد العظم ‪.‬‬ ‫ومسجد الح ّ‬
‫وليس للمرأة أن تعتكف في غير موضع صلتها من‬
‫صلة‬ ‫ن متّخذ ٌ لل ّ‬ ‫بيتها ‪ .‬وإن لم يكن لها في البيت مكا ٌ‬
‫ل يجوز لها العتكاف في بيتها ‪ ،‬وليس لها أن تخرج‬
‫من بيتها الّذي اعتكفت فيه اعتكافا ً واجبا ً عليها ‪.‬‬
‫اللّبث في المسجد ‪:‬‬
‫‪ - 16‬اللّبث في المسجد هو ركن العتكاف عند‬
‫الجميع ‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في مقدار اللّبث المجزئ في‬
‫ن أقلّه‬‫العتكاف المسنون ‪ .‬فذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫مدٍ ‪ ،‬وهو ظاهر‬ ‫ل أو نهارٍ عند مح ّ‬ ‫ة من لي ٍ‬ ‫ساع ٌ‬
‫الّرواية عن أبي حنيفة ‪ ،‬لبناء النّفل على‬
‫المسامحة ‪ ،‬وبه يفتى ‪ .‬وهو المذهب عند الحنابلة ‪.‬‬
‫قال في النصاف ‪ :‬أقلّه إذا كان تطوّعا ً أو نذراً‬
‫مى به معتكفا ً لبثا ً ‪ .‬قال في الفروع ‪:‬‬ ‫مطلقا ً ما يس ّ‬
‫ب‬
‫ة ‪ ،‬والمذهب ما تقدّم ‪ .‬والمستح ّ‬ ‫ظاهره ولو لحظ ً‬
‫عندهم أل ّ ينقص العتكاف عن يوم وليلةٍ ‪ ،‬خروجاً‬
‫ٍ‬
‫من خلف من يقول ‪ :‬أقلّه ذلك ‪ .‬واختلف المالكيّة‬
‫ل المكث في المسجد ‪ .‬فذهب بعضهم إلى‬ ‫في أق ّ‬
‫ة ‪ ،‬سوى وقت خروجه لما يتعيّن عليه‬ ‫م وليل ٌ‬‫أنّه يو ٌ‬
‫الخروج لجله ‪ ،‬من البول والغائط والوضوء وغسل‬
‫الجنابة ‪ ،‬والمقصود بليلة اليوم ‪ :‬اللّيلة الّتي قبله ‪.‬‬
‫م فما فوقه إذا كان‬ ‫ن أقلّه يو ٌ‬
‫وذهب آخرون إلى أ ّ‬

‫‪10‬‬
‫ن أوّل‬ ‫دخوله في العتكاف مع الفجر ‪ ،‬باعتبار أ ّ‬
‫اليوم الفجر ‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬بل اشترطوا‬ ‫شافعيّة ل يقدّر اللّبث بزما ٍ‬ ‫وعند ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬ولو‬ ‫مى عكوفا ً وإقام ً‬ ‫في اللّبث أن يكون قدرا ً يس ّ‬
‫ن بحيث يكون زمنه فوق زمن الطّمأنينة‬ ‫بل سكو ٍ‬
‫في الّركوع ونحوه ‪ ،‬فيكفي التّردّد فيه ل المرور بل‬
‫ن‬‫ث ‪ .‬ويندب عندهم أن يكون يوما ً ‪ ،‬لنّه لم يرد أ ّ‬ ‫لب ٍ‬
‫ل من يوم ٍ ‪،‬‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم اعتكف أق ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫صحابة ‪.‬‬ ‫ول أحد ٌ من ال ّ‬
‫صوم في العتكاف ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫صوم في العتكاف ‪،‬‬ ‫‪ - 17‬اختلف العلماء في ال ّ‬
‫فمنهم من رآه واجبا ً ‪ ،‬ومنهم من استحبّه ‪ ،‬إل ّ إن‬
‫نذره مع العتكاف فيجب ‪ ،‬وفيما يلي تفصيل حكم‬
‫صوم ‪:‬‬ ‫صوم في العتكاف غير المنذور فيه ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صوم مع العتكاف ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬القول الوّل بوجوب ال ّ‬
‫ح العتكاف إل ّ بصوم ٍ ‪ ،‬وبه قال أبو حنيفة في‬ ‫ل يص ّ‬
‫رواية الحسن عنه ‪ ،‬ومن مشايخ الحنفيّة من اعتمد‬
‫هذه الّرواية ‪ ،‬وهو مذهب المالكيّة ‪ ،‬وبه قال ابن‬
‫زهري‬
‫ّ‬ ‫س وعائشة وعروة بن الّزبير وال ّ‬ ‫عمر وابن عبّا ٍ‬
‫ي عن‬ ‫م محك ٌّ‬ ‫وري ‪ ،‬وهو قو ٌ‬
‫ل قدي ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ي والث ّ‬‫والوزاع ّ‬
‫ح العتكاف إل ّ بصوم ٍ ‪ .‬قال‬ ‫ي ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ل يص ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صوم‬ ‫ض ‪ :‬وهو قول جمهور العلماء ‪ .‬وال ّ‬ ‫القاضي عيا ٌ‬
‫ن للعتكاف كالنّيّة وغيرها ‪.‬‬ ‫عند المالكيّة رك ٌ‬
‫واستدلّوا بحديث عائشة رضي الله عنها عن النّب ّ‬
‫ي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬ل اعتكاف إلّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم « اعتكف‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫بصيام ٍ » وبأ ّ‬
‫هو وأصحابه رضي الله عنهم صياما ً في رمضان » ‪،‬‬
‫وعن ابن عمر ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬عن عمر أنّه «‬
‫ف عليه‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم عن اعتكا ٍ‬ ‫سأل النّب ّ‬

‫‪11‬‬
‫فأمره أن يعتكف ويصوم » والّذي ذكر عن أبي‬
‫صوم‬ ‫حنيفة في رواية الحسن عنه في وجوب ال ّ‬
‫مطلقا ً مع العتكاف لم يكن هو المعتمد في‬
‫المذهب كما في الدّّر المختار وحاشية ابن عابدين‬
‫صوم‬ ‫ن ال ّ‬ ‫والفتاوى الهنديّة وغيرها ‪ ،‬فإنّهم قالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫ط في العتكاف المندوب ‪ ،‬كما في ظاهر‬ ‫ليس بشر ٍ‬
‫الّرواية عن أبي حنيفة ‪ ،‬وهو قول أبي يوسف‬
‫مدٍ ‪.‬‬
‫ومح ّ‬
‫صوم مع العتكاف ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬القول الثّاني ‪ :‬أفضليّة ال ّ‬
‫صوم‬ ‫شافعيّة والحنابلة إلى أنّه ل يشترط ال ّ‬ ‫ذهب ال ّ‬
‫للعتكاف مطلقا ً ‪ ،‬سواءٌ أكان واجبا ً أم مندوبا ً ‪،‬‬
‫صوم ليس شرطا ً للعتكاف عندهم ول ركنا ً فيه ‪.‬‬ ‫فال ّ‬
‫ثور وداود وابن المنذر‬ ‫ٍ‬ ‫البصري وأبو‬
‫ّ‬ ‫وبه قال الحسن‬
‫ي وابن مسعودٍ ‪ .‬إل ّ أنّهم‬ ‫‪ ،‬وهو مرويٌّ عن عل ٍ ّ‬
‫صوم أفضل من‬ ‫ن العتكاف مع ال ّ‬ ‫صّرحوا بأ ّ‬
‫م أفطر عامداً‬ ‫العتكاف بدونه ‪ ،‬فلو اعتكف صائما ً ث ّ‬
‫حة‬
‫عذر ل يبطل اعتكافه ‪ ،‬ول شيء عليه ‪ ،‬لص ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بغير‬
‫جوا لما ذهبوا إليه بحديث‬ ‫اعتكافه بغير صوم ٍ ‪ ،‬واحت ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم اعتكف‬ ‫ن النّب ّ‬‫عائشة ‪ « :‬أ ّ‬
‫م ‪ ،‬وهذا يتناول‬ ‫ل » رواه مسل ٌ‬ ‫شوا ٍ‬‫ّ‬ ‫العشر الول من‬
‫صوم‬ ‫ن ال ّ‬ ‫حته أ ّ‬ ‫اعتكاف يوم العيد ‪ ،‬ويلزم من ص ّ‬
‫جوا أيضا ً بحديث « عمر رضي‬ ‫ط ‪ ،‬واحت ّ‬ ‫ليس بشر ٍ‬
‫ي‬
‫ة ‪ ،‬فقال له النّب ّ‬ ‫الله عنه أنّه نذر أن يعتكف ليل ً‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أوف بنذرك » ‪.‬‬
‫صوم للعتكاف المنذور ‪:‬‬ ‫نيّة ال ّ‬
‫صوم الواجب‬ ‫‪ - 18‬اختلف الحنفيّة والمالكيّة في ال ّ‬
‫ن العتكاف‬ ‫مع العتكاف ‪ ،‬فذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫ح مع صوم‬ ‫ب ‪ ،‬ول يص ّ‬ ‫ح إل ّ بصوم ٍ واج ٍ‬ ‫الواجب ل يص ّ‬
‫التّطوّع ‪ ،‬فلو نذر اعتكاف شهر رمضان لزمه‬

‫‪12‬‬
‫وأجزأه صوم رمضان عن صوم العتكاف ‪ ،‬فإن لم‬
‫يعتكفه قضى شهرا ً متتابعا ً غيره ‪ ،‬لنّه التزم‬
‫العتكاف في شهرٍ بعينه ‪ .‬وقد فاته ‪ ،‬فيقضيه‬
‫متتابعا ً بصوم ٍ مقصود ٍ ‪ ،‬فلم يجز في رمضان آخر ‪،‬‬
‫ب آخر ‪ ،‬سوى قضاء رمضان الوّل ‪ ،‬لنّه‬ ‫ول في واج ٍ‬
‫ف عنه ‪.‬‬
‫خل ٌ‬
‫م نذر اعتكاف ذلك‬ ‫وعلى هذا فلو صام تطوّعا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫ح العتكاف ‪ ،‬لعدم استيعاب العتكاف‬ ‫اليوم لم يص ّ‬
‫للنّهار ‪ .‬مثاله ‪ :‬لو أصبح صائما ً متطوّعا ً ‪ ،‬أو غير ٍ‬
‫ناو‬
‫ي أن اعتكف هذا اليوم ‪ ،‬ل‬ ‫م قال ‪ :‬للّه عل ّ‬ ‫صوم ‪ ،‬ث ّ‬ ‫لل ّ‬
‫صوم ‪،‬‬‫ح منه نيّة ال ّ‬ ‫ت تص ّ‬ ‫ح ‪ ،‬وإن كان في وق ٍ‬ ‫يص ّ‬
‫لعدم استيعاب النّهار بالعتكاف ‪ ،‬وعدم استيعابه‬
‫صوم الواجب ‪ .‬وعند أبي يوسف أقلّه أكثر النّهار ‪،‬‬ ‫بال ّ‬
‫فإن كان قاله قبل نصف النّهار لزمه ‪ ،‬فإن لم‬
‫يعتكفه قضاه ‪.‬‬
‫ن العتكاف بقسميه الواجب‬ ‫وذهب المالكيّة إلى أ ّ‬
‫ن‬
‫بأي صوم ٍ كان سواءٌ قيّد بزم ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫والمسنون يص ّ‬
‫ة ونذرٍ ‪ ،‬أو أطلق‬ ‫ب ككّفار ٍ‬ ‫كرمضان ‪ ،‬أو سب ٍ‬
‫ح العتكاف من مفطرٍ ‪ ،‬ولو لعذرٍ ‪،‬‬ ‫كتطوٍّع ‪ ،‬فل يص ّ‬
‫ح اعتكافه ‪.‬‬ ‫صوم ل يص ّ‬ ‫فمن ل يستطيع ال ّ‬
‫نذر العتكاف ‪:‬‬
‫‪ - 19‬إذا نذر العتكاف لزمه أداؤه ‪ ،‬سواءٌ أكان‬
‫جزا ً أم معلّقا ً ‪ ،‬وينقسم إلى متتابٍع وغير متتابٍع ‪،‬‬ ‫من ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫أو نذر مدّةً معيّن ً‬
‫أ ‪ -‬النّذر المتتابع ‪:‬‬
‫ة ‪ ،‬أو شهراً‬ ‫‪ - 20‬وذلك كأن ينذر عشرة أيّام ٍ متتابع ً‬
‫متتابعا ً مثل ً ‪ ،‬فإنّه يلزمه متتابعا ً في قولهم جميعا ً ‪،‬‬
‫فلو أفسده وجب استثناؤه بفوات التّتابع ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬النّذر المطلق والمدّة المعيّنة ‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ - 21‬وهو أن ينذر اعتكاف يوم ٍ أو أيّام ٍ غير متتابعةٍ ‪،‬‬
‫ة عند‬ ‫فإن نوى أيّاما ً غير متتابعةٍ ‪ ،‬فإنّها تلزمه متتابع ٌ‬
‫ن إيجاب العبد‬ ‫الحنفيّة ‪ ،‬وعلّله في المبسوط بأ ّ‬
‫معتبٌر بإيجاب اللّه تعالى ‪ ،‬وما أوجب اللّه تعالى‬
‫متتابعا ً إذا أفطر فيه يوما ً لزمه الستقبال ‪ ،‬كصوم‬
‫الظّهار والقتل ‪ .‬والطلق في العتكاف كالتّصريح‬
‫صوم ‪ ،‬والفرق‬ ‫بالتّتابع ‪ ،‬بخلف الطلق في نذر ال ّ‬
‫ن العتكاف يدوم باللّيل والنّهار ‪ ،‬فكان‬ ‫بينهما أ ّ‬
‫متّصل الجزاء ‪ ،‬وما كان متّصل الجزاء ل يجوز‬
‫صوم ‪ ،‬فإنّه ل‬ ‫تفريقه إل ّ بالتّنصيص عليه ‪ ،‬بخلف ال ّ‬
‫يوجد ليل ً ‪ ،‬فكان متفّرقا ً ‪ ،‬وما كان متفّرقا ً في نفسه‬
‫ل يجب الوصل فيه إل ّ بالتّنصيص ‪ .‬وكذلك عند‬
‫ة ‪ ،‬ول‬ ‫ة فتجب متفّرق ً‬ ‫المالكيّة إل ّ إذا نذرها متفّرق ً‬
‫يلزمه التّتابع ‪.‬‬
‫ن النّذر المطلق عندهم ل يلزم فيه‬ ‫شافعيّة فإ ّ‬ ‫ما ال ّ‬‫أ ّ‬
‫التّتابع ‪ ،‬فيجوز أداؤه مفّرقا ً ‪.‬‬
‫وعلى هذا لو خرج من معتكفه خلل أيّام النّذر‬
‫المطلق ‪ ،‬إن لم يعزم على العود احتاج إلى‬
‫رز أم‬‫استئناف نيّة العتكاف ‪ ،‬سواءٌ أخرج لتب ّ ٍ‬
‫ة ‪ ،‬وهو يريد اعتكافاً‬ ‫م ٌ‬
‫ن ما مضى عبادة ٌ تا ّ‬ ‫لغيره ‪ ،‬ل ّ‬
‫جديدا ً ‪ ،‬فإن عزم على العود كانت هذه العزيمة‬
‫صواب كما في المجموع ‪.‬‬ ‫ة مقام النّيّة ‪ ،‬وهو ال ّ‬ ‫قائم ً‬
‫ة فكذلك عند الحنفيّة والمالكيّة‬ ‫ما إذا نوى مدّة ً معيّن ً‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة ل يلزمه التّتابع ‪ ،‬لكن إن خرج لغير‬ ‫‪ ،‬وعند ال ّ‬
‫قضاء الحاجة احتاج إلى استئناف النّيّة ‪.‬‬
‫ن تعيين مدّةٍ للعتكاف كشهرٍ بعينه‬ ‫وعند الحنابلة أ ّ‬
‫يلزمه التّتابع ‪ ،‬وإن نذر شهرا ً مطلقا ً لزمه ‪ ،‬ولهم‬
‫قولن في التّتابع وعدمه ‪ .‬أحدهما كالحنفيّة ‪،‬‬
‫ححها ابن‬ ‫ري وص ّ‬ ‫شافعيّة اختارها الج ّ ّ‬ ‫والثّاني كال ّ‬

‫‪14‬‬
‫شاف القناع على‬ ‫ص صاحب ك ّ‬ ‫ب وغيره ‪ .‬ون ّ‬ ‫شها ٍ‬
‫شافعيّة في النّذر‬ ‫وجوب التّتابع ‪ .‬والتّتابع عند ال ّ‬
‫المطلق أفضل من التّفريق ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬لو نذر يوما ً لم يجز فيه‬ ‫وعند ال ّ‬
‫التّفريق ‪ .‬ولو نذر يوما ً من وسط النّهار لزمه‬
‫ي‬
‫العتكاف من ذلك الوقت إلى مثله ليتحّقق مض ّ‬
‫ما اللّيل فل يلزمه بنذر‬ ‫يوم ٍ من ذلك الوقت ‪ .‬وأ ّ‬
‫اعتكاف النّهار لنّه ليس من اليوم عندهما ‪ .‬وقال‬
‫شافعيّة ‪ :‬يدخل اللّيل مع اليوم بالنّيّة ‪ .‬وإذا نذر‬ ‫ال ّ‬
‫ماً‬
‫شهر بعينه وأطلق لزمه ليل ً ونهارا ً ‪ ،‬تا ّ‬ ‫ٍ‬ ‫اعتكاف‬
‫ف عند‬ ‫شهر أو ناقصا ً ويجزئه النّاقص بل خل ٍ‬ ‫كان ال ّ‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫زمن دخول العتكاف الواجب ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أنّه‬ ‫‪ - 22‬ذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫يدخل معتكفه إذا نوى يوما ً قبل الفجر ‪ ،‬وعند‬
‫شافعيّة والحنابلة إذا نوى ليل ً قبل غروب‬ ‫ال ّ‬
‫ح عندهم نذر‬ ‫ن الحنفيّة والمالكيّة ل يص ّ‬ ‫شمس ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫اللّيل وحده ‪ ،‬لنّه ل صيام فيه ‪ ،‬لكن لو نذر ليلة ّ‬
‫أي‬
‫ن أقلّه‬ ‫ليلةٍ كانت عند المالكيّة لزمته مع نهارها ‪ ،‬ل ّ‬
‫ة‪،‬‬‫ة ‪ .‬واللّيل تابعٌ للنّهار إذا نذر أيّاما ً متتابع ً‬ ‫م وليل ٌ‬ ‫يو ٌ‬
‫كمن نذر اعتكاف العشر الواخر من شهر رمضان ‪.‬‬
‫صوم مع العتكاف المنذور ‪:‬‬ ‫نذر ال ّ‬
‫ح عندهم‬ ‫ن الحنفيّة والمالكيّة ل يص ّ‬ ‫‪ - 23‬سبق أ ّ‬
‫العتكاف الواجب والمسنون إل ّ بصوم ٍ واختلفوا في‬
‫المندوب ‪.‬‬
‫ه عند‬ ‫صوم مع العتكاف ففيه أوج ٌ‬ ‫ما نذر ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫أ ‪ -‬اتّفقوا على أنّه إذا نذر صوما ً واعتكافا ً ل يلزمه‬
‫الجمع بينهما ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ب ‪ -‬اتّفقوا على أنّه إذا نذر أن يعتكف صائما ً لزماه‬
‫‪.‬‬
‫ج ‪ -‬واختلفوا فيما إذا نذر أن يصوم معتكفا ً ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة أنّهما يلزمانه ‪.‬‬ ‫صحيح عند ال ّ‬ ‫فال ّ‬
‫ح‬‫صوم يص ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫صورة الثّالثة والثّانية بأ ّ‬ ‫وفّرقوا بين ال ّ‬
‫صوم ‪.‬‬ ‫ح وصفا ً لل ّ‬ ‫وصفا ً للعتكاف ‪ ،‬والعتكاف ل يص ّ‬
‫صلة في العتكاف ‪:‬‬ ‫نذر ال ّ‬
‫ن من نذر أن يعتكف‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫‪ - 24‬ذهب ال ّ‬
‫صلة ل تلزمه ‪.‬‬ ‫مصلّيا ً فال ّ‬
‫وعند الحنابلة يلزمه الجمع بينهما ‪ ،‬لقوله صلى الله‬
‫م إل ّ أن‬ ‫عليه وسلم ‪ « :‬ليس على المعتكف صيا ٌ‬
‫ت‪،‬‬ ‫يجعله على نفسه » ‪ .‬والستثناء من النّفي إثبا ٌ‬
‫ً‬
‫صلة‬ ‫ن كل ّ من ال ّ‬ ‫صوم ‪ ،‬ول ّ‬ ‫صلة على ال ّ‬ ‫وتقاس ال ّ‬
‫ة مقصودة ٌ في العتكاف فلزمت‬ ‫صوم صف ٌ‬ ‫وال ّ‬
‫بالنّذر ‪ ،‬لكن ل يلزمه أن يصلّي جميع الّزمان ‪،‬‬
‫صلة‬ ‫ة أو ركعتان بناءً على ما لو نذر ال ّ‬ ‫ويكفيه ركع ٌ‬
‫صا ً في هذه‬ ‫وأطلق ‪ .‬هذا ولم أر للحنفيّة والمالكيّة ن ّ‬
‫المسألة والظّاهر عدم الوجوب ‪ .‬واللّه أعلم ‪.‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫نذر العتكاف في مكان معي ّ ٍ‬
‫‪ - 25‬اتّفق الفقهاء على أنّه إذا نذر العتكاف في‬
‫أحد المساجد الثّلثة ‪ -‬المسجد الحرام ‪ ،‬ومسجد‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والمسجد القصى ‪-‬‬ ‫النّب ّ‬
‫لزمه النّذر وعليه الوفاء ‪ ،‬ول يجزئه العتكاف في‬
‫غيرها من المساجد ‪ ،‬لفضل العبادة فيها على غيرها‬
‫م‬
‫‪ ،‬فتتعيّن بالتّعيين ‪ .‬وأفضلها المسجد الحرام ‪ ،‬ث ّ‬
‫م المسجد‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ث ّ‬ ‫مسجد النّب ّ‬
‫القصى ‪ .‬وإلحاق غير الثّلثة بها ممتنعٌ لثبوت فضلها‬
‫ص ‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم ‪« :‬‬ ‫على غيرها بالن ّ ّ‬
‫ة فيما‬ ‫صلة ٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صل ٍ‬

‫‪16‬‬
‫سواه إل ّ المسجد الحرام ‪ ،‬وصلةٌ في المسجد‬
‫الحرام أفضل من مائة ألف صلةٍ فيما سواه » ‪.‬‬
‫صلة بالمسجد القصى بخمسمائةٍ‬ ‫ن ال ّ‬‫وورد « أ ّ‬
‫صلةٍ »‪.‬‬
‫فإذا عيّن الفضل في نذره لم يجزئه العتكاف فيما‬
‫دونه ‪ ،‬لعدم مساواته له ‪ .‬فإن عيّن بنذره المسجد‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫الحرام ل يجزئه في مسجد النّب ّ‬
‫ي‬
‫وسلم ول المسجد القصى ‪ .‬وإن عيّن مسجد النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ل يجزئه المسجد القصى ‪،‬‬
‫ح ‪ ،‬فإن عيّن المسجد القصى جاز‬ ‫والعكس صحي ٌ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وفي‬ ‫في مسجد النّب ّ‬
‫ي جاز في‬ ‫المسجد الحرام ‪ ،‬وإن عيّن مسجد النّب ّ‬
‫ما إذا نذر العتكاف في غير‬ ‫المسجد الحرام ‪ .‬وأ ّ‬
‫المساجد الثّلثة فهل يلزم ؟ ذهب المالكيّة وهو‬
‫صحيح عند الحنابلة إلى‬ ‫شافعيّة وال ّ‬‫المذهب عند ال ّ‬
‫أنّه ل يلزمه ‪ ،‬وله فعله في غيره ‪.‬‬
‫ما إذا كان المسجد يحتاج إلى شد ّ الّرحال إليه‬ ‫وأ ّ‬
‫ل للمالكيّة بين الذ ّهاب‬ ‫فيخيّر عند الحنابلة ‪ ،‬وهو قو ٌ‬
‫وعدمه عند القاضي أبي يعلى وغيره ‪ ،‬واختار‬
‫يجوزه ابن‬‫ّ‬ ‫سفر القصير ‪ ،‬ولم‬ ‫بعضهم الباحة في ال ّ‬
‫ي الدّين ابن تيميّة ‪ ،‬وكذلك يخيّر‬ ‫شيخ تق ّ‬ ‫ل وال ّ‬‫عقي ٍ‬
‫د‬
‫صحيح من المذهب إن كان ل يحتاج إلى ش ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫ل بين الذ ّهاب وغيره ‪ .‬لكن قال في الواضح ‪:‬‬ ‫رح ٍ‬
‫الوفاء أفضل ‪ ،‬قال في الفروع ‪ :‬وهذا أظهر ‪.‬‬
‫الشتراط في العتكاف ‪:‬‬
‫حته في‬ ‫شرط وص ّ‬ ‫‪ - 26‬ذهب الجمهور إلى جواز ال ّ‬
‫العتكاف الواجب ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪:‬‬ ‫وذهب المالكيّة وهو مقابل الظهر عند ال ّ‬
‫شرط ‪.‬‬ ‫إلى إلغاء ال ّ‬

‫‪17‬‬
‫ح أن يدخل تحت‬ ‫ن الجمهور اختلفوا فيما يص ّ‬ ‫إل ّ أ ّ‬
‫شرط أو ل يدخل ‪ .‬فقال الحنفيّة ‪ :‬لو اشترط‬ ‫ال ّ‬
‫ض وصلة جنازةٍ‬ ‫وقت النّذر أن يخرج لعيادة مري ٍ‬
‫وحضور مجلس علم ٍ جاز ذلك ‪ .‬وهذا على قول‬
‫صاحبين فالمر‬ ‫ما على قول ال ّ‬ ‫المام أبي حنيفة ‪ ،‬أ ّ‬
‫ما المالكيّة فقد قالوا في المعتمد ‪ :‬لو‬ ‫أوسع ‪ .‬أ ّ‬
‫اشترط المعتكف لنفسه سقوط القضاء عنه ‪ -‬على‬
‫ل ‪ -‬ل ينفعه اشتراط‬ ‫عذر أو مبط ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فرض حصول‬
‫سقوط القضاء ‪ ،‬وشرطه لغوٌ ‪ ،‬ويجب عليه القضاء‬
‫ل آخر‬ ‫ح ‪ .‬ولهم قو ٌ‬ ‫إن حصل موجبه ‪ ،‬واعتكافه صحي ٌ‬
‫ث بالتّفصيل بين‬ ‫ل ثال ٌ‬‫بأنّه ل ينعقد ‪ ،‬وقو ٌ‬
‫الشتراطات قبل الدّخول في العتكاف فل ينعقد‬
‫شرط ‪ .‬وقال‬ ‫العتكاف ‪ ،‬أو بعد الدّخول فيلغو ال ّ‬
‫ن العتكاف‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إ ّ‬ ‫الحنابلة وهو الظهر عند ال ّ‬
‫لزم بالتزامه فيجب بحسب ما التزمه ‪ .‬فإذا اشترط‬
‫ف‬
‫ض مباٍح مقصودٍ غير منا ٍ‬ ‫المعتكف الخروج لعار ٍ‬
‫ص من‬ ‫شرط ‪ .‬فإن اشترطه لخا ٍّ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫للعتكاف ص ّ‬
‫الغراض ‪ ،‬كعيادة المرضى خرج له دون غيره ‪ ،‬وإن‬
‫ل‬
‫م ٍ كشغ ٍ‬ ‫م منه ‪ .‬وإن اشترطه لمرٍ عا ّ‬ ‫كان غيره أه ّ‬
‫ي كالجمعة والجماعة ‪،‬‬ ‫م ٍ دين ٍ ّ‬‫ل مه ّ‬‫يعرض له خرج لك ّ‬
‫ي مباٍح ‪ ،‬كاقتضاء الغريم ‪ ،‬فليس له الخروج‬ ‫أو دنيو ٍ ّ‬
‫لجل الحرام ‪ .‬وخرج بقوله " مقصودٍ " ما لو شرطه‬
‫‪ ،‬أو لغير مقصود ٍ كنزهةٍ أو فرجةٍ ‪ ،‬كإتيان أهله ‪ ،‬فإذا‬
‫اشترط الخروج لشيءٍ من ذلك فإنّه ل ينعقد نذره ‪.‬‬
‫شراء أو‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬لو اشترط الخروج للبيع وال ّ‬
‫ح‬
‫صناعة في المسجد لم يص ّ‬ ‫سب بال ّ‬ ‫الجارة ‪ ،‬أو التّك ّ‬
‫ف ‪ .‬ولو قال ‪ :‬متى مرضت أو عرض‬ ‫شرط بل خل ٍ‬ ‫ال ّ‬
‫صحيح من‬ ‫ض خرجت فله شرطه على ال ّ‬ ‫لي عار ٌ‬
‫ل ذلك في العتكاف المتتابع عند‬ ‫المذهب ‪ .‬ومح ّ‬

‫‪18‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬ول يلزمه تدارك ما فاته ‪ ،‬فكأنّه قال ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫شهر إل ّ كذا ‪ .‬فيكون المنذور شهرا ً ‪،‬‬ ‫نذرت هذا ال ّ‬
‫ن‬‫ما عند الحنابلة فإ ّ‬ ‫والمشروط مستثنًى منه ‪ .‬أ ّ‬
‫شرط عندهم سقوط القضاء في المدّة‬ ‫فائدة ال ّ‬
‫ما لو نذر شهرا ً متتابعا ً ‪ ،‬فل يجوز الخروج‬ ‫المعيّنة ‪ .‬أ ّ‬
‫ض ‪ ،‬وعليه قضاء زمن المرض ‪ ،‬لمكان‬ ‫منه إل ّ لمر ٍ‬
‫حمل شرطه هنا على نفي التّتابع فقط ‪ ،‬فنّزل على‬
‫شرط قد أفاد هنا البناء مع سقوط‬ ‫ل ‪ ،‬ويكون ال ّ‬ ‫الق ّ‬
‫القضاء‬
‫ما يفسد العتكاف ‪:‬‬
‫يفسد العتكاف ما يلي ‪:‬‬
‫الوّل ‪ -‬الجماع ودواعيه ‪:‬‬
‫ن الجماع في العتكاف‬ ‫‪ - 27‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫ل له ‪ ،‬ليل ً كان أو نهارا ً ‪ ،‬إن كان عامدا ً ‪.‬‬ ‫م ومبط ٌ‬ ‫حرا ٌ‬
‫وكذا إن فعله ناسيا ً لعتكافه عند الجمهور ‪ ،‬لقوله‬
‫ن وأنتم عاكفون في‬ ‫تعالى ‪ { :‬ول تباشروه ّ‬
‫المساجد } ‪.‬‬
‫ن حرمة الجماع وإفساده ‪.‬‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫للعتكاف ل يكون إل ّ من عالم ٍ بتحريمه ذاكرٍ‬
‫للعتكاف ‪ ،‬سواءٌ أجامع في المسجد أم خارجه عند‬
‫خروجه لقضاء الحاجة أو نحوها ‪ ،‬لمنافاته العبادة‬
‫ما‬
‫البدنيّة ‪ .‬والبطلن إنّما هو بالنّسبة للمستقبل ‪ ،‬أ ّ‬
‫ف‬ ‫ما مضى فإنّه ل يبطل في الجملة ‪ ،‬على خل ٍ‬
‫ل يعرف في كتب الفقه ‪.‬‬ ‫وتفصي ٍ‬
‫ما دواعي الجماع كاللّمس والقبلة ‪ ،‬فإنّها تفسد‬ ‫وأ ّ‬
‫العتكاف عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو الظهر‬
‫شافعيّة إذا أنزل ‪ ،‬فإن لم ينزل لم يفسد‬ ‫لل ّ‬
‫شافعيّة أنّه يبطل‬ ‫اعتكافه ‪ ،‬والقولن الخران لل ّ‬
‫مطلقا ً ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ل يبطل ‪ .‬قال المالكيّة ‪ :‬إنّه إذا قبّل‬

‫‪19‬‬
‫وقصد اللّذ ّة ‪ ،‬أو لمس ‪ ،‬أو باشر بقصدها ‪ ،‬أو وجدها‬
‫بطل اعتكافه ‪ ،‬واستأنفه من أوّله ‪ ،‬فلو قبّل صغيرةً‬
‫ل تشتهى ‪ ،‬أو قبّل زوجته لوداٍع أو رحمةٍ ‪ ،‬ولم‬
‫ن اشتراط‬ ‫مإ ّ‬‫يقصد لذّةً ول وجدها لم يبطل ‪ .‬ث ّ‬
‫ما إذا‬ ‫شهوة في القبلة إذا كانت في غير الفم ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شهوة على الظّاهر ‪ ،‬لنّه‬ ‫كانت فيه فل تشترط ال ّ‬
‫يبطله من مقدّمات الوطء ما يبطل الوضوء ‪.‬‬
‫صوا على تحريم الوطء في المسجد مطلقاً‬ ‫وقد ن ّ‬
‫لكرامته ‪ ،‬ووطء المعتكفة مفسد ٌ لعتكافها ‪ .‬وذهب‬
‫ن الجماع المفسد للعتكاف المنذور‬ ‫الجمهور إلى أ ّ‬
‫المتتابع من المعتكف الذ ّاكر له العالم بتحريمه ل‬
‫تلزمه الكّفارة ‪ .‬قال ابن المنذر ‪ :‬أكثر أهل العلم‬
‫على أنّه ل كّفارة عليه ‪ ،‬وهو قول أهل المدينة‬
‫شام والعراق ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫الماوردي هو قول جميع الفقهاء إل ّ الحسن‬ ‫ّ‬ ‫قال‬
‫زهري ‪ ،‬فقال ‪ :‬عليه كّفارة الواطئ في‬ ‫ّ‬ ‫البصريّ وال ّ‬
‫ة أخرى هي أنّه‬ ‫صوم رمضان ‪ .‬وعن الحسن رواي ٌ‬
‫ة ‪ ،‬فإن عجز تصدّق‬ ‫ة ‪ ،‬فإن عجز أهدى بدن ً‬ ‫يعتق رقب ً‬
‫بعشرين صاعا ً من تمرٍ ‪ .‬وقال القاضي أبو يعلى ‪:‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫هي كّفارة الظهار ‪ ،‬وقال أبو بكرٍ ‪ :‬هي كّفارة يمي ٍ‬
‫‪.‬‬
‫الثّاني ‪ -‬الخروج من المسجد ‪:‬‬
‫ن الخروج من المسجد‬ ‫‪ - 28‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫للّرجل والمرأة ( وكذلك خروج المرأة من مسجد‬
‫بيتها عند الحنفيّة ) إذا كان لغير حاجةٍ فإنّه يفسد‬
‫العتكاف الواجب ‪ ،‬وألحق المالكيّة وأبو حنيفة ‪ -‬في‬
‫رواية الحسن عنه ‪ -‬بالواجب العتكاف المندوب‬
‫ما إذا‬ ‫أيضا ً ‪ ،‬سواءٌ أكان الخروج يسيرا ً أم كثيرا ً ‪ .‬أ ّ‬
‫كان الخروج لحاجةٍ فل يبطل العتكاف في قولهم‬

‫‪20‬‬
‫جميعا ً إل ّ أنّهم اختلفوا في الحاجة الّتي ل تقطع‬
‫العتكاف ول تفسده على النّحو التّالي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الخروج لقضاء الحاجة والوضوء والغسل الواجب‬
‫‪:‬‬
‫‪ - 29‬اتّفق الفقهاء على أنّه ل يضّر الخروج لقضاء‬
‫ما ل يفسد العتكاف ‪.‬‬ ‫الحاجة والغسل الّذي وجب م ّ‬
‫لكن إن طال مكثه بعد ذلك فسد اعتكافه ‪.‬‬
‫ن للمعتكف‬ ‫قال ابن المنذر ‪ :‬أجمع أهل العلم على أ ّ‬
‫ما ل‬ ‫ن هذا م ّ‬ ‫أن يخرج من معتكفه للغائط والبول ‪ ،‬ل ّ‬
‫بد ّ منه ‪ ،‬ول يمكن فعله في المسجد ‪ ،‬فلو بطل‬
‫ن‬‫ح لحدٍ العتكاف ‪ ،‬ول ّ‬ ‫العتكاف بخروجه له لم يص ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف ‪ ،‬وقد علمنا‬ ‫النّب ّ‬
‫ي‬‫ن « النّب ّ‬ ‫أنّه كان يخرج لحاجته ‪ .‬وروت عائشة أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم كان ل يدخل البيت إل ّ لحاجةٍ‬
‫إذا كان معتكفا ً » وله الغسل والوضوء والغتسال‬
‫في المسجد إذا لم يلوّث المسجد عند الحنفيّة‬
‫شافعيّة إن أمكنه الوضوء في‬ ‫والحنابلة ‪ .‬وعند ال ّ‬
‫ح ‪ ،‬والثّاني‬ ‫المسجد ل يجوز له الخروج في الص ّ‬
‫يجوز ‪ .‬وذهب المالكيّة إلى كراهة دخول منزل أهله‬
‫وبه أهله ‪ -‬أي زوجته ‪ -‬إذا خرج لقضاء الحاجة ‪ ،‬لئلّ‬
‫يطرأ عليه منهما ما يفسد اعتكافه ‪.‬‬
‫شافعيّة‬ ‫ما إذا كان له منزلن فيلزمه أقربهما عند ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫والحنابلة ‪ ،‬واختلف الحنفيّة في ذلك ‪ .‬وإذا كانت‬
‫هناك ميضأة ٌ يحتشم منها ل يكلّف التّطهّر منها ‪ ،‬ول‬
‫يكلّف الطّهارة في بيت صديقه ‪ ،‬لما في ذلك من‬
‫ما إذا‬ ‫صدّيق بالمنّة بها ‪ .‬أ ّ‬ ‫خرم المروءة ‪ ،‬وتزيد دار ال ّ‬
‫كان ل يحتشم من الميضأة فيكلّفها ‪ .‬وألحقوا‬
‫بالخروج لما تقدّم الخروج للقيء وإزالة النّجاسة ‪،‬‬
‫فل يفسد العتكاف أيضا ً في قولهم جميعا ً ‪ .‬ول‬

‫‪21‬‬
‫يكلّف الّذي خرج لحاجةٍ السراع ‪ ،‬بل له المشي‬
‫على عادته ‪.‬‬
‫شرب ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬الخروج للكل وال ّ‬
‫ن‬
‫‪ - 30‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أ ّ‬
‫شرب يفسد اعتكافه إذا كان هناك‬ ‫الخروج للكل وال ّ‬
‫ما إذا لم‬ ‫ضرورة إلى الخروج ‪ ،‬أ ّ‬ ‫من يأتيه به لعدم ال ّ‬
‫د‬
‫ج لما ل ب ّ‬ ‫يجد من يأتيه به فله الخروج ‪ ،‬لنّه خرو ٌ‬
‫منه ‪.‬‬
‫شافعيّة والقاضي من الحنابلة إلى أنّه يجوز‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ن الكل في المسجد يستحيا‬ ‫له الخروج للكل ‪ ،‬ل ّ‬
‫شرب إذا لم يكن في المسجد ماءٌ ‪.‬‬ ‫منه ‪ .‬وكذا لل ّ‬
‫شافعيّة جواز الخروج للكل إذا كان اعتكافه‬ ‫ص ال ّ‬‫وخ ّ‬
‫ما إذا كان المسجد مهجوراً‬ ‫ق‪،‬أ ّ‬ ‫في مسجد ٍ مطرو ٍ‬
‫فل يحقّ له الخروج ‪.‬‬
‫ت ‪ -‬الخروج لغسل الجمعة والعيد ‪:‬‬
‫ن للمعتكف الخروج لغسل‬ ‫‪ - 31‬ذهب المالكيّة إلى أ ّ‬
‫الجمعة والعيد ولحّرٍ أصابه فل يفسد العتكاف خلفاً‬
‫شافعيّة والحنابلة بأنّه ل يجوز‬ ‫للجمهور ‪ .‬وصّرح ال ّ‬
‫ل وليس‬ ‫الخروج لغسل الجمعة والعيد ‪ ،‬لنّه نف ٌ‬
‫ضرورة ‪ .‬فإن اشترط ذلك‬ ‫ب وليس من باب ال ّ‬ ‫بواج ٍ‬
‫جاز ‪.‬‬
‫ث ‪ -‬الخروج لصلة الجمعة ‪:‬‬
‫‪ - 32‬من وجبت عليه الجمعة ‪ ،‬وكان اعتكافه‬
‫متتابعا ً ‪ ،‬واعتكف في مسجد ٍ ل تقام فيه الجمعة فهو‬
‫ض‬
‫م ‪ ،‬ويجب عليه الخروج لصلة الجمعة ‪ ،‬لنّها فر ٌ‬ ‫آث ٌ‬
‫‪ .‬فإذا خرج للجمعة فقد ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى‬
‫ج لما‬ ‫ن خروجه للجمعة ل يفسد اعتكافه ‪ ،‬لنّه خرو ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫ل بد ّ منه ‪ ،‬كالخروج لقضاء الحاجة ‪ .‬وبه قال سعيد‬
‫ي وأحمد وعبد‬ ‫البصري والنّخع ّ‬
‫ّ‬ ‫بن جبيرٍ والحسن‬

‫‪22‬‬
‫الملك بن الماجشون وابن المنذر ‪ .‬وذهب المالكيّة‬
‫ن خروج‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬‫في المشهور عندهم وال ّ‬
‫المعتكف لصلة الجمعة يفسد اعتكافه وعليه‬
‫الستئناف ‪ ،‬لنّه يمكنه الحتراز من الخروج ‪ ،‬بأن‬
‫يعتكف في المسجد الجامع ‪ ،‬فإذا لم يفعل وخرج‬
‫شافعيّة ما لو شرط‬ ‫بطل اعتكافه ‪ ،‬واستثنى ال ّ‬
‫ن شرطه‬ ‫الخروج في اعتكافه لصلة الجمعة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ح ‪ ،‬ول يبطل اعتكافه بخروجه ‪ .‬وذهب الحنفيّة‬ ‫يص ّ‬
‫ن الخروج لصلة الجمعة يكون وقت الّزوال ‪،‬‬ ‫إلى أ ّ‬
‫ما‬
‫ت يدركها ‪ .‬أ ّ‬ ‫ومن بعد مسجد اعتكافه خرج في وق ٍ‬
‫الحنابلة فإنّهم قالوا بجواز التّبكير إليها ‪ .‬واتّفقوا‬
‫ب بعد صلة الجمعة التّعجيل‬ ‫ن المستح ّ‬ ‫على أ ّ‬
‫بالّرجوع إلى مكان العتكاف ‪ .‬لكن ل يجب عليه‬
‫ل للعتكاف ‪ ،‬وكره تنزيها ً المكث‬ ‫التّعجيل لنّه مح ٌّ‬
‫بعد صلة الجمعة لمخالفة ما التزمه بل ضرورةٍ ‪.‬‬
‫ج ‪-‬الخروج لعيادة المرضى وصلة الجنازة ‪:‬‬
‫‪ 33‬اتّفق الفقهاء على عدم جواز الخروج لعيادة‬
‫ضرورة إلى‬ ‫المريض وصلة الجنازة لعدم ال ّ‬
‫الخروج ‪ ،‬إل ّ إذا اشترط الخروج لهما عند الحنفيّة‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫ل ذلك ما إذا خرج لقصد العيادة وصلة الجنازة‬ ‫ومح ّ‬
‫ض‬‫م عرج على مري ٍ‬ ‫ما إذا خرج لقضاء الحاجة ث ّ‬ ‫‪.‬أ ّ‬
‫ط ألّ‬
‫لعيادته ‪ ،‬أو لصلة الجنازة ‪ ،‬فإنّه يجوز بشر ٍ‬
‫يطول مكثه عند المريض ‪ ،‬أو بعد صلة الجنازة عند‬
‫الجمهور ‪ ،‬بأن ل يقف عند المريض إل ّ بقدر‬
‫سلم ‪ ،‬لقول عائشة رضي الله عنها ‪ « :‬إن كنت‬ ‫ال ّ‬
‫أدخل البيت للحاجة ‪ ،‬والمريض فيه فما أسأل عنه‬
‫إل ّ وأنا ماّرة ٌ » ‪ .‬وفي سنن أبي داود مرفوعا ً عنها ‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫« أنّه عليه الصلة والسلم كان يمّر بالمريض ‪ ،‬وهو‬
‫ف ‪ ،‬فيمّر كما هو ول يعّرج يسأل عنه » ‪.‬‬ ‫معتك ٌ‬
‫فإن طال وقوفه عرفا ً ‪ ،‬أو عدل عن طريقه وإن ق ّ‬
‫ل‬
‫مدٍ ل ينتقض‬ ‫لم يجز ‪ ،‬وعند أبي يوسف ومح ّ‬
‫ما‬
‫العتكاف إذا لم يكن أكثر من نصف النّهار ‪ .‬أ ّ‬
‫المالكيّة فإنّهم مع الجمهور في فساد العتكاف‬
‫لخروج عيادة المريض وصلة الجنازة ‪ ،‬إل ّ أنّهم‬
‫أوجبوا الخروج لعيادة أحد البوين المريضين أو‬
‫كليهما ‪ ،‬وذلك لبّرهما فإنّه آكد من العتكاف المنذور‬
‫‪ ،‬ويبطل اعتكافه به ويقضيه ‪.‬‬
‫ح ‪ -‬الخروج في حالة النّسيان ‪:‬‬
‫ن الخروج من‬ ‫‪ - 34‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ‬
‫المسجد عمدا ً أو سهوا ً يبطل العتكاف ‪ .‬وعلّلوا‬
‫ن حالة العتكاف مذكّرة ٌ ‪ ،‬ووقوع ذلك نادٌر ‪،‬‬ ‫ذلك بأ ّ‬
‫وإنّما يعتبر العذر فيما يغلب وقوعه ‪ .‬وذهب‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى عدم البطلن إذا خرج‬ ‫ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬عفي‬ ‫ناسيا ً ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫متي عن الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه » ‪.‬‬ ‫ل ّ‬
‫شهادة ‪:‬‬ ‫خ ‪ -‬الخروج لداء ال ّ‬
‫ن الخروج لجل‬ ‫‪ - 35‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ‬
‫شهادة مفسد ٌ للعتكاف ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ن من وجبت عليه شهادةٌ ‪ ،‬بألّ‬ ‫وصّرح المالكيّة بأ ّ‬
‫م النّصاب إل ّ به ‪ ،‬ل يخرج‬ ‫يكون هناك غيره ‪ ،‬أو ل يت ّ‬
‫من المسجد لدائها ‪ ،‬بل يجب أن يؤدّيها في‬
‫ما بحضور القاضي ‪ ،‬أو تنقل عنه ‪ .‬وذهب‬ ‫المسجد إ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أنّه يلزمه الخروج لداء‬ ‫ال ّ‬
‫شهادة متى تعيّنت عليه ويأثم بعدم الخروج ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫شهادة إذا تعيّن ‪ ،‬فيجوز له الخروج‬ ‫مل لل ّ‬ ‫وكذلك التّح ّ‬
‫ب‬‫ج واج ٌ‬ ‫ول يبطل اعتكافه بذلك الخروج ‪ ،‬لنّه خرو ٌ‬

‫‪24‬‬
‫ما إذا لم تتعيّن عليه ‪،‬‬ ‫شافعيّة ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ح عند ال ّ‬
‫على الص ّ‬
‫فيبطل اعتكافه بالخروج ‪.‬‬
‫د ‪ -‬الخروج للمرض ‪:‬‬
‫المرض على قسمين ‪:‬‬
‫‪-36‬أ ‪ -‬المرض اليسير الّذي ل تشقّ معه القامة في‬
‫مى خفيفةٍ وغيرهما ل يجوز معه‬ ‫المسجد كصداٍع وح ّ‬
‫الخروج من المسجد إذا كان اعتكافه منذوراً‬
‫متتابعا ً ‪ ،‬فإن خرج فسد اعتكافه لنّه غير مضطّرٍ‬
‫إليه ‪.‬‬
‫شديد الّذي يتعذ ّر معه البقاء‬ ‫ما المرض ال ّ‬ ‫‪- 37‬ب‪ -‬أ ّ‬
‫في المسجد ‪ ،‬أو ل يمكن البقاء معه في المسجد ‪،‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫ش أو مراجعة طبي ٍ‬ ‫بأن يحتاج إلى خدمةٍ أو فرا ٍ‬
‫ن خروجه مفسد ٌ لعتكافه ‪،‬‬ ‫فقد ذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫ة بعذر المرض‬ ‫ففي الفتاوى الهنديّة ‪ :‬إذا خرج ساع ً‬
‫فسد اعتكافه ‪ .‬هكذا في الظّهيريّة ‪ .‬علما ً بأ ّ‬
‫ن‬
‫مد ٍ اعتبار نصف النّهار كما‬ ‫مذهب أبي يوسف ومح ّ‬
‫تقدّم ‪ .‬وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّه ل يبطل ول‬
‫ينقطع به التّتابع ‪ ،‬ويبني على ما مضى إذا شفي ‪،‬‬
‫شافعيّة ‪ .‬وكذلك إذا كان المرض‬ ‫ح عند ال ّ‬
‫وهو الص ّ‬
‫ما يتلوّث به المسجد كالقيء ونحوه فإنّه ل ينقطع‬ ‫م ّ‬
‫به التّتابع ‪.‬‬
‫ما الخروج حالة الغماء فإنّه ل يقطع العتكاف في‬ ‫أ ّ‬
‫قولهم جميعا ً ‪ ،‬لنّه لم يخرج باختياره ‪ .‬قال‬
‫م‬‫ي ‪ :‬وإن أغمي عليه أيّاما ً ‪ ،‬أو أصابه لم ٌ‬ ‫الكاسان ّ‬
‫ن ) فسد اعتكافه ‪ ،‬وعليه إذا برأ أن يستقبل ‪،‬‬ ‫( جنو ٌ‬
‫ن المرض‬ ‫شافعيّة أ ّ‬ ‫لنّه لزمه متتابعا ً ‪ .‬وعند ال ّ‬
‫والغماء يحسبان من العتكاف ‪ .‬وفي معنى المرض‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫ق عند ال ّ‬ ‫ص أو حري ٍ‬ ‫هذا ‪ ،‬الخوف من ل ٍّ‬
‫ذ ‪ -‬الخروج لنهدام المسجد ‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ - 38‬إذا انهدم المسجد فخرج منه ليقيم اعتكافه في‬
‫ح ذلك عند الحنفيّة استحسانا ً ‪،‬‬ ‫مسجد ٍ آخر ص ّ‬
‫وكذلك عند غيرهم ‪.‬‬
‫ر ‪ -‬الخروج حالة الكراه ‪:‬‬
‫ن الخروج بسبب الكراه‬ ‫‪ - 39‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫لحكومةٍ ل يفسد العتكاف قبل تمام العتكاف ‪ .‬إلّ‬
‫ن الكراه ل يفسد‬ ‫ن الحنفيّة أطلقوا القول بأ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫العتكاف إذا دخل المعتكف مسجدا ً آخر من ساعته‬
‫ما إذا لم يدخل مسجداً‬ ‫ب منهم ‪ ،‬أ ّ‬ ‫‪ .‬وهذا استحبا ٌ‬
‫آخر ‪ ،‬فيبقى الحكم على أصل القياس وهو البطلن‬
‫‪.‬‬
‫عذر ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ز ‪ -‬خروج المعتكف بغير‬
‫ي‬
‫بعذر طبيع ٍ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ن خروج المعتكف إن كان‬ ‫‪ - 40‬تقدّم أ ّ‬
‫ما‬‫ف في ذلك ‪ .‬أ ّ‬ ‫ي جاز له الخروج على خل ٍ‬ ‫أو شرع ٍ ّ‬
‫إذا خرج المعتكف بدون عذرٍ فسد اعتكافه ‪ -‬حسب‬
‫اعتبار الفقهاء للعذر وعدمه ‪ -‬ولو كان زمن الخروج‬
‫مدٍ من الحنفيّة ‪،‬‬ ‫يسيرا ً ‪ ،‬إل ّ عند أبي يوسف ومح ّ‬
‫فإنّهما قيّدا زمن المفسد بأكثر من نصف النّهار ‪.‬‬
‫س ‪ -‬حد ّ الخروج من المسجد ‪:‬‬
‫‪ - 41‬حد ّ الخروج من المسجد أن يخرج بجميع‬
‫جسده ‪ ،‬فإن خرج ببعضه لم يضّر ‪ ،‬لقول عائشة‬
‫رضي الله عنها ‪ « :‬كان رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫جل‬
‫ي رأسه وأنا في حجرتي ‪ ،‬فأر ّ‬ ‫وسلم يدني إل ّ‬
‫ض»‪.‬‬ ‫رأسه وأنا حائ ٌ‬
‫ش ‪ -‬ما يعتبر من المسجد وما ل يعتبر ‪:‬‬
‫ن المراد بالمسجد الّذي‬ ‫‪ - 42‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫صلة فيه ‪.‬‬ ‫ح فيه العتكاف ‪ ،‬ما كان بنا ًء معدّا ً لل ّ‬ ‫يص ّ‬
‫ما رحبة المسجد ‪ ،‬وهي ساحته الّتي زيدت بالقرب‬ ‫أ ّ‬
‫جرا ً عليها ‪ ،‬فالّذي‬ ‫من المسجد لتوسعته ‪ ،‬وكانت مح ّ‬

‫‪26‬‬
‫يفهم من كلم الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في‬
‫صحيح من المذهب أنّها ليست من المسجد ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫صحيح عندهم أنّها من المسجد ‪ ،‬وجمع أبو‬ ‫ومقابل ال ّ‬
‫ب‬ ‫ن الّرحبة المحوطة وعليها با ٌ‬ ‫يعلى بين الّروايتين بأ ّ‬
‫ن رحبة‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬‫هي من المسجد ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫ح‬
‫المسجد من المسجد ‪ ،‬فلو اعتكف فيها ص ّ‬
‫ما سطح المسجد فقد قال ابن قدامة ‪:‬‬ ‫اعتكافه ‪ ،‬وأ ّ‬
‫يجوز للمعتكف صعود سطح المسجد ‪ ،‬ول نعلم فيه‬
‫خلفا ً ‪.‬‬
‫ما المنارة فإن كانت في المسجد أو بابها فيه فهي‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ .‬وإن‬ ‫من المسجد عند الحنفيّة وال ّ‬
‫كان بابها خارج المسجد أو في رحبته فهي منه ‪،‬‬
‫شافعيّة ‪ .‬وإن كان بابها‬ ‫ح فيها العتكاف عند ال ّ‬ ‫ويص ّ‬
‫خارج المسجد فيجوز أذان المعتكف فيها ‪ ،‬سواءٌ‬
‫شافعيّة‬ ‫ما عند ال ّ‬‫أكان مؤذ ّنا ً أم غيره عند الحنفيّة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫فقد فّرقوا بين المؤذ ّن الّراتب وغيره ‪ ،‬فيجوز‬
‫ف دون غيره ‪ ،‬قال‬ ‫للّراتب الذان فيها وهو معتك ٌ‬
‫ح‪.‬‬‫ووي ‪ :‬وهو الص ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬
‫الثّالث من المفسدات ‪ -‬الجنون ‪:‬‬
‫‪ - 43‬إذا طرأ على المعتكف الجنون ‪ ،‬وكان زمنه‬
‫قليل ً فإنّه ل يفسد العتكاف في قول الفقهاء جميعاً‬
‫ما إذا طال الجنون فالجمهور على أنّه ل يقطع‬ ‫‪.‬أ ّ‬
‫ن‬
‫العتكاف ‪ ،‬ومتى أفاق بنى ‪ .‬وذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫القياس سقوط القضاء قياسا ً على سقوط قضاء‬
‫ن الستحسان أنّه يقضي إذا‬ ‫ن ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬‫صوم إذا ج ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن سقوط‬ ‫ة فأكثر ‪ ،‬وجه الستحسان أ ّ‬ ‫طال جنونه سن ً‬
‫ن‬
‫القضاء في صوم رمضان إنّما كان لدفع الحرج ‪ ،‬ل ّ‬
‫الجنون إذا طال قلّما يزول ‪ ،‬فيتكّرر عليه صوم‬

‫‪27‬‬
‫رمضان فيحرج في قضائه ‪ ،‬وهذا المعنى ل يتحّقق‬
‫في العتكاف ‪.‬‬
‫واختلف الحنابلة فيه ‪ ،‬هل يبني أو يبتدئ ؟ بناءً على‬
‫صوم ‪.‬‬ ‫خلفهم في بطلن ال ّ‬
‫الّرابع ‪ -‬الّردّة ‪:‬‬
‫‪ - 44‬يبطل العتكاف بالّردّة على قولهم جميعا ً ‪،‬‬
‫لكن إذا تاب وأسلم هل يجب استئناف العتكاف ؟‬
‫ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى عدم وجوب‬
‫ما بطل‬ ‫الستئناف بعد توبته ‪ ،‬فيسقط عنه القضاء ل ّ‬
‫بردّته ‪ ،‬ول يبني على ما مضى ‪ .‬لقوله تعالى ‪ { :‬قل‬
‫للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف }‬
‫ب ما‬ ‫وقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬السلم يج ّ‬
‫كان قبله » ‪.‬‬
‫شافعيّة وجوب الستئناف ‪.‬‬ ‫ومذهب ال ّ‬
‫سكر ‪:‬‬ ‫الخامس ‪ -‬ال ّ‬
‫سكر بالحرام مفسدٌ‬ ‫ن ال ّ‬‫‪ - 45‬ذهب الحنابلة إلى أ ّ‬
‫ب‬
‫شافعيّة إذا كان بسب ٍ‬ ‫للعتكاف ‪ ،‬وعليه المالكيّة وال ّ‬
‫ما إن‬ ‫حرام ٍ ‪ .‬ولم يره الحنفيّة مفسدا ً إن وقع ليل ً ‪ ،‬أ ّ‬
‫صوم فيبطل العتكاف ‪،‬‬ ‫كان في النّهار فإنّه يبطل ال ّ‬
‫لنّه كالغماء ل يقطع التّتابع ‪ .‬وألحق المالكيّة‬
‫سكر الحرام استعمال المخدّر إذا خدّره ‪.‬‬ ‫بال ّ‬
‫سادس ‪ :‬الحيض والنّفاس ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪ - 46‬يجب على الحائض والنّفساء الخروج من‬
‫ن الحيض‬ ‫المسجد ‪ ،‬إذ يحرم عليهما المكث فيه ‪ ،‬ول ّ‬
‫صيام ‪.‬‬‫والنّفاس يقطعان ال ّ‬
‫والحائض والنّفساء يبنيان وجوبا ً وفورا ً ‪ -‬في نذر‬
‫خرتا‬‫العتكاف المتتابع ‪ -‬بمجّرد زوال العذر ‪ ،‬فإذا تأ ّ‬
‫بطل العتكاف ‪ .‬ول يحسب زمن الحيض والنّفاس‬
‫ما المستحاضة ‪ ،‬فإنّها إن أمنت‬ ‫من العتكاف ‪ .‬وأ ّ‬

‫‪28‬‬
‫التّلويث لم تخرج عن اعتكافها ‪ ،‬فإن خرجت بطل‬
‫شافعيّة لعدم انقطاع العتكاف‬ ‫اعتكافها ‪ .‬وشرط ال ّ‬
‫بالحيض والنّفاس أل ّ تكون مدّة العتكاف بحيث‬
‫تخلو عن الحيض ‪ ،‬فإن كانت مدّة العتكاف بحيث‬
‫تخلو عن الحيض انقطع التّتابع في الظهر ‪ ،‬لمكان‬
‫الموالة بشروعها عقب الطّهر ‪ ،‬والقول الثّاني ‪ :‬ل‬
‫ما يتكّرر في الجملة ‪،‬‬ ‫ن جنس الحيض م ّ‬ ‫ينقطع ‪ ،‬ل ّ‬
‫فل يؤثّر في التّتابع كقضاء الحاجة ‪ .‬وقال الحنابلة ‪:‬‬
‫تخرج المرأة للحيض والنّفاس إلى بيتها إن لم يكن ‪،‬‬
‫ل ينظر في كتبهم ‪.‬‬ ‫ة على تفصي ٍ‬ ‫للمسجد رحب ٌ‬
‫ما يباح للمعتكف وما يكره له ‪:‬‬
‫‪ - 47‬كره العلماء للمعتكف فضول القول والعمل مع‬
‫اختلفهم فيما يعتبر مكروها ً أو مباحا ً على التّفصيل‬
‫التّالي ‪:‬‬
‫شرب والنّوم ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬الكل وال ّ‬
‫شرب والنّوم في المسجد‬ ‫يباح للمعتكف الكل وال ّ‬
‫ن اعتكاف من ل‬ ‫في قولهم جميعا ً ‪ .‬وزاد المالكيّة أ ّ‬
‫شراب مكروهٌ ‪.‬‬ ‫يجد من يأتيه بحاجته من الطّعام وال ّ‬
‫ن خروجه‬ ‫ما النّوم للمعتكف فمحلّه المسجد ‪ ،‬ل ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ن الخروج للنّوم‬ ‫للنّوم ليس بعذرٍ ‪ ،‬ولم يذكر أحد ٌ أ ّ‬
‫جائٌز ‪.‬‬
‫صنائع في المسجد ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬العقود وال ّ‬
‫‪ - 48‬يباح عقد البيع وعقد النّكاح والّرجعة ‪ ،‬وبذلك‬
‫شافعيّة إذا احتاج إليه لنفسه أو‬ ‫صّرح الحنفيّة وال ّ‬
‫عياله ‪ ،‬فلو لتجارةٍ كره ‪ ،‬وعند الحنابلة ل يجوز‬
‫شراء إل ّ لما ل بد ّ له منه خارج‬ ‫للمعتكف البيع وال ّ‬
‫ما إذا خرج لجلها‬ ‫ف لذلك ‪ .‬أ ّ‬ ‫المسجد من غير وقو ٍ‬
‫فسد اعتكافه في قولهم جميعا ً ‪ .‬وعند المالكيّة‬
‫يجوز أن ينكح لنفسه ‪ ،‬وأن ينكح من في وليته في‬

‫‪29‬‬
‫ل ول طول مدّةٍ ‪،‬‬ ‫مجلسه داخل المسجد بغير انتقا ٍ‬
‫ن إحضار المبيع في‬ ‫وإل ّ كره ‪ .‬وصّرح الحنفيّة بأ ّ‬
‫ن المسجد محّرٌز عن‬ ‫المسجد مكروهٌ تحريما ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫مثل ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 49‬وذهب المالكيّة إلى كراهة الكتابة للمعتكف‬
‫وإن كان مصحفا ً أو علما ً إن كثر ‪ ،‬ول بأس باليسير‬
‫ب أنّه يجوز له‬ ‫وإن كان تركه أولى ‪ .‬وعن ابن وه ٍ‬
‫كتابة المصحف للثّواب ل للجرة ‪ ،‬بل ليقرأ فيه‬
‫شافعيّة إلى أنّه ل‬ ‫وينتفع من كان محتاجا ً ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫صنائع في المسجد كالخياطة‬ ‫يكره للمعتكف ال ّ‬
‫والكتابة ما لم يكثر منها ‪ ،‬فإن أكثر منها كرهت‬
‫لحرمته ‪ ،‬إل ّ كتابة العلم ‪ ،‬فل يكره الكثار منها ‪ ،‬لنّها‬
‫ة لتعليم العلم ‪.‬‬ ‫طاع ٌ‬
‫ما إذا احترف الخياطة والمعاوضات من بيٍع وشراءٍ‬ ‫أ ّ‬
‫بل حاجةٍ فتكره وإن قلّت ‪ .‬وقال الحنابلة ‪ :‬يحرم‬
‫صنعة في المسجد ‪ ،‬كالخياطة وغيرها‬ ‫سب بال ّ‬ ‫التّك ّ‬
‫والكثير والقليل والمحتاج وغيره سواءٌ ‪.‬‬
‫صمت ‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬ال ّ‬
‫صمت مكروهٌ تحريماً‬ ‫ن ال ّ‬‫‪ - 50‬ذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫ما إذا لم يعتقده‬ ‫ة‪،‬أ ّ‬ ‫حالة العتكاف إن اعتقده قرب ً‬
‫صمت‬ ‫ة فل ‪ ،‬لحديث « من صمت نجا » ويجب ال ّ‬ ‫قرب ً‬
‫شعر القبيح وترويج سلعةٍ وغير‬ ‫عن الغيبة وإنشاد ال ّ‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫صمت ليس من‬ ‫ن التّقّرب بال ّ‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬إ ّ‬
‫صمت إلى‬ ‫ل ‪ :‬يكره ال ّ‬ ‫شريعة السلم ‪ .‬قال ابن عقي ٍ‬
‫اللّيل ‪ .‬وقال الموفّق والمجد ‪ :‬ظاهر الخبار تحريمه‬
‫‪ ،‬وجزم به في الكافي ‪ ،‬قال في الختيارات ‪:‬‬
‫من ترك‬ ‫صمت أنّه إن طال حتّى تض ّ‬ ‫والتّحقيق في ال ّ‬
‫صمت‬ ‫مد بال ّ‬‫الكلم الواجب صار حراما ً ‪ ،‬وكذا إن تع ّ‬

‫‪30‬‬
‫ب ‪ ،‬والكلم المحّرم يجب‬ ‫عن الكلم المستح ّ‬
‫صمت عنها ‪،‬‬ ‫صمت عنه ‪ ،‬وفضول الكلم ينبغي ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي قال ‪:‬‬ ‫صمت لم يف به ‪ ،‬لحديث عل ٍ ّ‬ ‫وإن نذر ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪« :‬‬ ‫حفظت من النّب ّ‬
‫ل صمات يوم ٍ إلى اللّيل » ‪.‬‬
‫د ‪ -‬الكلم ‪:‬‬
‫‪ - 51‬ينبغي للمعتكف أل ّ يتكلّم إل ّ بخيرٍ ‪ ،‬وأن يشتغل‬
‫صلة على رسول اللّه صلى الله‬ ‫بالقرآن والعلم وال ّ‬
‫ة في طاعةٍ ‪،‬‬ ‫عليه وسلم والذ ّكر ‪ ،‬لنّه طاع ٌ‬
‫وكتدريس سيرة الّرسول عليه الصلة والسلم‬
‫صالحين ‪.‬‬ ‫وقصص النبياء وحكايات ال ّ‬
‫بخير‬
‫ٍ‬ ‫قال الحنفيّة ‪ :‬يكره للمعتكف تحريما ً التّكلّم إل ّ‬
‫ن الشتغال‬ ‫‪ ،‬وهو ما ل إثم فيه ‪ .‬وعند المالكيّة أ ّ‬
‫ما هذه الثّلثة‬ ‫صلة مكروهٌ ‪ ،‬أ ّ‬ ‫بغير الذ ّكر والتّلوة وال ّ‬
‫ب‪.‬‬‫ففعلها مستح ٌّ‬
‫ب له اجتناب ما ل يعنيه من‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬يستح ّ‬
‫ل ومراءٍ وكثرة كلم ٍ وغيره ‪ ،‬لقوله عليه الصلة‬ ‫جدا ٍ‬
‫والسلم « من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيه‬
‫» ‪ ،‬لنّه مكروه ٌ في غير العتكاف ففيه أولى ‪ .‬روى‬
‫الخلّل عن عطاءٍ قال ‪ ( :‬كانوا يكرهون فضول‬
‫الكلم ‪ ،‬وكانوا يعدّون فضول الكلم ‪ :‬ما عدا كتاب‬
‫ف ‪ ،‬أو نهيا ً عن منكرٍ ‪،‬‬ ‫اللّه أن تقرأه ‪ ،‬أو أمرا ً بمعرو ٍ‬
‫أو تنطق في معيشتك بما ل بد ّ لك منه ) ‪.‬‬
‫ويكره عند المالكيّة والحنابلة للمعتكف الشتغال‬
‫بتدريس العلم ومناظرة الفقهاء ونحو ذلك من غير‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬‫ص نفعها به ‪ ،‬ل ّ‬ ‫العبادات الّتي يخت ّ‬
‫عليه وسلم كان يعتكف ‪ ،‬فلم ينقل عنه الشتغال‬
‫ب من‬ ‫صة به ‪ .‬وعند ابن وه ٍ‬ ‫بغير العبادات المخت ّ‬

‫‪31‬‬
‫المالكيّة ‪ ،‬وأبي الخطّاب من الحنابلة استحباب ذلك‬
‫لنّه من أنواع البّر إذا قصد الطّاعة ل المباهاة ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬الطّيب واللّباس ‪:‬‬
‫‪- 52‬يجوز للمعتكف أن يتطيّب بأنواع الطّيب في لي ٍ‬
‫ل‬
‫شافعيّة ‪ ،‬سواءٌ أكان رجل ً أم‬ ‫أو نهارٍ عند المالكيّة وال ّ‬
‫امرأةً عند المالكيّة ‪ ،‬وهو المشهور في مذهبهم ‪.‬‬
‫شافعيّة أخذ الظّفر‬ ‫وكذا يجوز عند المالكيّة وال ّ‬
‫شارب ‪ ،‬وقيّد المالكيّة الجواز بكونه خارج‬ ‫وال ّ‬
‫ما حلق الّرأس ‪ ،‬فقال‬ ‫المسجد إذا خرج لعذرٍ ‪ .‬أ ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫المالكيّة ‪ :‬يكره مطلقا ً إل ّ أن يتضّرر ‪ .‬وزاد ال ّ‬
‫التّصريح بجواز لبس الثّياب الحسنة ‪ ،‬لصل الباحة ‪.‬‬
‫ب للمعتكف ترك لبس رفيع‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬يستح ّ‬
‫الثّياب ‪ ،‬والتّلذ ّذ بما يباح له قبل العتكاف ‪ ،‬ويكره‬
‫له الطّيب ‪ .‬قال أحمد ‪ :‬ل يعجبني أن يتطيّب ‪.‬‬
‫====================‬
‫يجوز العتكاف في جميع المساجد‬
‫يسألونك في الدين والحياة ‪( -‬ج ‪ / 3‬ص ‪)170‬‬
‫يجوز العتكاف في جميع المساجد‬
‫يقول السائل ‪ :‬ما قولكم فيما ذهب إليه بعض أهل‬
‫العلم من أن العتكاف ل يجوز إل في المساجد‬
‫الثلثة التي تشد إليها الرحال ؟‬
‫الجواب ‪ :‬العتكاف من السنن الثابتة عن النبي ?‬
‫وقد صح أن النبي ? اعتكف في رمضان في العشر‬
‫الواخر منه ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫ويشترط لصحة العتكاف أن يكون في المسجد‬
‫ن‬ ‫وقد قال الله تعالى ‪ (:‬ول تباشروهُ َ َ‬
‫فو َ‬ ‫م عَاك ِ ُ‬‫ن َوأنْت ُ ْ‬
‫ّ‬ ‫َُ ِ ُ‬
‫جد ِ ) سورة البقرة الية ‪ . 187‬ولم يعتكف‬ ‫سا ِ‬
‫م َ‬‫فِي ال ْ َ‬
‫النبي ? إل في المسجد فل يصح العتكاف في‬
‫البيوت ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫واتفق العلماء على أن العتكاف في المساجد‬
‫الثلثة التي تشد إليها الرحال أفضل من العتكاف‬
‫في غيرها من المساجد وجمهور أهل العلم ل يرون‬
‫أن العتكاف خاص بالمساجد الثلثة كما ذهب إلى‬
‫ذلك بعض العلماء ونصره الشيخ العلمة ناصر الدين‬
‫اللباني ودافع عنه في أكثر من كتاب من كتبه ‪.‬‬
‫قال الشيخ اللباني ‪ [:‬ثم وقفت على حديث صحيح‬
‫صريح يخصص المساجد المذكورة في الية‬
‫بالمساجد الثلثة ‪ :‬المسجد الحرام والمسجد النبوي‬
‫والمسجد القصى وهو قوله ? ‪ (:‬ل اعتكاف إل في‬
‫المساجد الثلثة ) وقد قال به من السلف فيما‬
‫اطلعت حذيفة بن اليمان وسعيد بن المسيب‬
‫وعطاء إل أنه لم يذكر المسجد القصى وقال‬
‫غيرهم بالمسجد الجامع مطلقا ً وخالف آخرون‬
‫فقالوا ‪ :‬ولو في مسجد بيته ول يخفى أن الخذ بما‬
‫وافق الحديث منها هو الذي ينبغي المصير إليه والله‬
‫سبحانه وتعالى أعلم ] قيام رمضان لللباني ص ‪36‬‬
‫‪.‬‬
‫وقال الشيخ اللباني أيضا ً ‪ [:‬واعلم أن العلماء‬
‫اختلفوا في شرطية المسجد للعتكاف وصفته كما‬
‫تراه مبسوطا ً في ( المصنفين ) المذكورين و‬
‫( المحلى ) وغيرهما وليس في ذلك ما يصح‬
‫ن فِي‬ ‫َ‬
‫فو َ‬‫م عَاك ِ ُ‬
‫الحتجاج به سوى قوله تعالى ‪َ (:‬وأنْت ُ ْ‬
‫جد ِ ) سورة البقرة الية ‪ . 187‬وهذا الحديث‬ ‫سا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م َ‬
‫الصحيح والية عامة والحديث خاص ومقتضى‬
‫الصول أن يحمل العام على الخاص وعليه فالحديث‬
‫مخصص للية ومبين لها وعليه يدل كلم حذيفه‬
‫وحديثه والثار في ذلك مختلفة أيضا ً فالولى الخذ‬
‫بما وافق الحديث منها كقول سعيد بن المسيب ‪:‬ل‬

‫‪33‬‬
‫اعتكاف إل في مسجد نبي ‪.‬أخرجه ابن أبي شيبة‬
‫وابن حزم بسند صحيح عنه ] سلسلة الحاديث‬
‫الصحيحة المجلد السادس القسم الول ص ‪.670‬‬
‫وقد تابع الشيخ اللباني بعض تلميذه كما جاء في‬
‫كتاب صفة صوم النبي ?في رمضان ص ‪ [:93‬ل‬
‫يشرع العتكاف إل في المساجد لقوله تعالى ‪ (:‬وََل‬
‫تباشروهُ َ َ‬
‫جدِ ) وليست‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن فِي ال ْ َ‬‫فو َ‬‫م ع َاك ِ ُ‬
‫ن َوأنْت ُ ْ‬
‫ّ‬ ‫َُ ِ ُ‬
‫هذه المساجد على الطلق فقد ورد تقييدها في‬
‫صحيح السنة المشرفة وذلك قوله ? ‪ (:‬ل اعتكاف‬
‫إل في المساجد الثلثة ) ] ‪.‬‬
‫وقد أطال الشيخ اللباني الكلم على الحديث‬
‫السابق في الموقع المشار إليه في السلسلة‬
‫الصحيحة وحكم على الحديث بالصحة ورأى أنه‬
‫مخصص لعموم الية السابقة ‪.‬‬
‫وما ذهب إليه جمهور أهل العلم من عدم اشتراط‬
‫المساجد الثلثة لصحة العتكاف هو القول الراجح‬
‫بل هو القول الصحيح من حيث الدليل وبيان ذلك‬
‫فيما يلي ‪:‬‬
‫ن فِي‬ ‫إن قوله تعالى ‪ (:‬وَل تباشروهُ َ َ‬
‫فو َ‬
‫م عَاك ِ ُ‬
‫ن َوأنْت ُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ َُ ِ ُ‬
‫جد ِ ) عام في كل مسجد ول يصلح الحديث‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬‫ال ْ َ‬
‫المذكور سابقا ً لتخصيص الية لنه يشترط في‬
‫المخصص من السنة أن يكون صحيحا ً ل شك فيه‬
‫والحديث المذكور محل خلف بين المحدثين فمنهم‬
‫من صححه ومنهم من ضعفه ومنهم من أوَّله كما‬
‫سيأتي وما كان حاله كذلك ل يصلح أن يكون‬
‫مخصصا ً لعموم الكتاب ‪.‬‬
‫قال المام مالك ‪ [:‬المر عندنا الذي ل اختلف فيه‬
‫أنه ل يكره العتكاف في كل مسجد يجمع فيه ول‬
‫أراه كره العتكاف في المساجد التي ل يجمع فيها‬

‫‪34‬‬
‫إل كراهية أن يخرج المعتكف من مسجده الذي‬
‫اعتكف فيه إلى الجمعة أو يدعها فإن كان مسجدا ً ل‬
‫يجمع فيه الجمعة ول يجب على صاحبه إتيان‬
‫الجمعة في مسجد سواه فإني ل أرى بأساً‬
‫م‬ ‫َ‬
‫بالعتكاف فيه لن الله تبارك وتعالى قال ‪َ (:‬وأنْت ُ ْ‬
‫م الله المساجد كلها ولم‬ ‫جدِ ) فع َّ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬‫ن فِي ال ْ َ‬ ‫فو َ‬ ‫ع َاك ِ ُ‬
‫يخص شيئا ً منها قال مالك ‪ :‬فمن هنالك جاز له أن‬
‫يعتكف في المساجد التي ل يجمع فيها الجمعة ]‬
‫الموطأ ‪. 1/285‬‬
‫وقال المام البخاري ‪ [:‬باب العتكاف في العشر‬
‫الواخر والعتكاف في المساجد كلها لقوله تعالى‬
‫جدِ تِل ْ َ‬ ‫‪(:‬وَل تباشروهُ َ َ‬
‫ك‬ ‫سا ِ‬ ‫ن ِفي َال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫فو َ‬ ‫م ع َاك ِ ُ‬
‫ن وَأنْت ُ ْ‬‫ّ‬ ‫َ َُ َِ ُ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫حدُود ُ الل ّهِ فََل تَْقَربُوهَا كَذَل ِ َ‬
‫ه ءَايَاتِهِ لِلن ّا ِ‬ ‫ك يُبَي ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ن ) ]‪.‬‬ ‫قو َ‬‫م يَت َّ ُ‬
‫لَعَل ّهُ ْ‬
‫قال الحافظ ابن حجر ‪ [:‬قوله باب العتكاف في‬
‫العشر الواخر والعتكاف في المساجد كلها أي‬
‫مشروطية المسجد له من غير تخصيص بمسجد‬
‫دون مسجد …‪ .‬واتفق العلماء على مشروطية‬
‫المسجد للعتكاف إل محمد بن لبابة المالكي‬
‫فأجازه في كل مكان ‪ .‬وأجاز الحنفية للمرأة أن‬
‫تعتكف في مسجد بيتها وهو المكان المعد للصلة‬
‫فيه وفيه قول للشافعي قديم وفي وجه لصحابه‬
‫وللمالكية يجوز للرجال والنساء لن التطوع في‬
‫البيوت أفضل وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه‬
‫بالمساجد التي تقام فيها الصلوات وخصه أبو‬
‫يوسف بالواجب منه وأما النفل ففي كل مسجد‬
‫وقال الجمهور بعمومه من كل مسجد إل لمن تلزمه‬
‫الجمعة فاستحب له الشافعي في الجامع وشرطه‬
‫مالك لن العتكاف عندهما ينقطع بالجمعة ويجب‬

‫‪35‬‬
‫بالشروع عند مالك وخصه طائفة من السلف‬
‫كالزهري بالجامع مطلقا ً ‪ .‬وأومأ إليه الشافعي في‬
‫القديم وخصه حذيفة بن اليمان بالمساجد الثلثة‬
‫وعطاء بمسجد مكة والمدينة وابن المسيب بمسجد‬
‫المدينة ] فتح الباري ‪. 5/176‬‬
‫وقال العيني ‪ [:‬وقالت طائفة العتكاف يصح في كل‬
‫مسجد روي ذلك عن النخعي وأبي سلمة وأبي ثور‬
‫وداود وهو قول مالك في الموطأ وهو قول الجمهور‬
‫والبخاري أيضا ً حيث استدل بعموم الية في سائر‬
‫المساجد ] عمدة القاري ‪. 8/286‬‬
‫وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن سعيد بن جبير أنه‬
‫اعتكف في مسجد قومه ومثله عن همام بن‬
‫الحارث ومثله عن إبراهيم النخعي وعن أبي‬
‫الحوص وعن يحيى بن أبي سلمة وعن عامر‬
‫الشعبي ‪.‬‬
‫وروى ابن أبي شيبة أيضا ً بإسناده عن شداد بن‬
‫الزمع قال اعتكف رجل في المسجد العظم‬
‫وضرب خيمته فحصبه الناس فبلغ ذلك ابن مسعود‬
‫سن ذلك ]‬ ‫فأرسل إليه رجل ً فكف الناس عنه وح َّ‬
‫انظر المصنف ‪ . 91-3/9‬وانظر أيضا ً مصنف عبد‬
‫الرزاق ‪. 348- 4/346‬‬
‫قال المام النووي ‪ [:‬فرع في مذاهب العلماء في‬
‫مسجد العتكاف قد ذكرنا أن مذهبنا اشتراط‬
‫المسجد لصحة العتكاف وأنه يصح في كل مسجد‬
‫وبه قال مالك وداود وحكى ابن المنذر عن سعيد‬
‫ابن المسيب أنه قال إنه ل يصح إل في مسجد النبي‬
‫?وما أظن أن هذا يصح عنه وحكى هو وغيره عن‬
‫حذيفه بن اليمان الصحابي أنه ل يصح إل في‬
‫المساجد الثلثة المسجد الحرام ومسجد المدينة‬

‫‪36‬‬
‫والقصى وقال الزهري والحكم وحماد ول يصح إل‬
‫في الجامع وقال أبو حنيفة وأحمد وإسحق وأبو ثور‬
‫يصح في كل مسجد يصلى فيه الصلوات كلها وتقام‬
‫فيه الجماعة واحتج لهم بحديث عن جويبر عن‬
‫الضحاك عن حذيفة?ه عن النبي ? قال ‪ (:‬كل‬
‫مسجد له مؤذن وإمام فالعتكاف فيه يصلح ) رواه‬
‫الدارقطني وقال ‪ :‬الضحاك لم يسمع من حذيفه‬
‫قلت وجويبر ضعيف باتفاق أهل الحديث فهذا‬
‫الحديث مرسل ضعيف فل يحتج به ‪ ،‬واحتج أصحابنا‬
‫ن فِي‬ ‫بقوله تعالى ‪ (:‬وَل تباشروهُ َ َ‬
‫فو َ‬ ‫م عَاك ِ ُ‬
‫ن وَأنْت ُ ْ‬
‫ّ‬ ‫َ َُ ِ ُ‬
‫جد ِ ) ووجه الدللة من الية لشتراط المسجد‬ ‫سا ِ‬
‫م َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫أنه لو صح العتكاف في غير المسجد لم يخص‬
‫تحريم المباشرة بالعتكاف في المسجد لنها منافية‬
‫للعتكاف فعلم أن المعنى بيان أن العتكاف إنما‬
‫يكون في المساجد وإذا ثبت جوازه في المساجد‬
‫صح في كل مسجد ول يقبل تخصيص من خصه‬
‫ببعضها إل بدليل ولم يصح في التخصيص شيء‬
‫صريح ] المجموع ‪. 6/483‬‬
‫وقال ابن حزم الظاهري ‪ [:‬والعتكاف جائز في كل‬
‫شُروهُ َّ‬
‫ن‬ ‫مسجد … وبرهان ذلك قوله تعالى ‪ (:‬وََل تُبَا ِ‬
‫َ‬
‫م الله تعالى ولم‬ ‫جدِ ) فع َّ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬‫ن فِي ال ْ َ‬ ‫فو َ‬
‫م ع َاك ِ ُ‬ ‫َوأنْت ُ ْ‬
‫يخص ] ‪.‬‬
‫ثم قال ابن حزم ‪ [:‬أما من حد َّ مسجد المدينة وحده‬
‫أو مسجد مكة ومسجد المدينة أو المساجد الثلثة أو‬
‫المسجد الجامع فأقوال ل دليل على صحتها فل‬
‫م‬ ‫َ‬
‫معنى لها وهو تخصيص لقوله تعالى ‪ (:‬وَأنْت ُ ْ‬
‫جدِ ) … فإن قيل فأين أنتم ع َّ‬
‫ما‬ ‫سا ِ‬ ‫ن فِي ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫فو َ‬ ‫ع َاك ِ ُ‬
‫رويتموه من طريق سعيد بن منصور… ‪ :‬قال حذيفه‬
‫لعبد الله بن مسعود قد علمت أن رسول الله ? قال‬

‫‪37‬‬
‫‪ (:‬ل اعتكاف إل في المساجد الثلثة ) أو قال ‪(:‬‬
‫مسجد جماعة ) ؟ ‪ .‬قلنا ‪ :‬هذا شك من حذيفه أو‬
‫ممن دونه ول يقطع على رسول الله ? بشك ولو أنه‬
‫عليه السلم قال ‪ (:‬ل اعتكاف إل في المساجد‬
‫الثلثة ) لحفظه الله تعالى علينا ولم يدخل فيه شكاً‬
‫‪ .‬فصح يقينا ً أنه عليه السلم لم يقله قط ] المحلى‬
‫‪. 431 - 3/428‬‬
‫وقال الشوكاني معلقا ً على حديث حذيفه أنه قال‬
‫لبن مسعود ‪ [:‬لقد علمت أن رسول الله ? قال ‪(:‬‬
‫ل اعتكاف إل في المساجد الثلثة أو قال في مسجد‬
‫جماعة )‬
‫قال الشوكاني ‪ [:‬الحديث الول أخرجه ابن أبي‬
‫شيبة ولكن لم يذكر المرفوع منه واقتصر على‬
‫المراجعة التي فيه بين حذيفه وابن مسعود ولفظه‬
‫‪ (:‬إن حذيفه جاء إلى عبد الله فقال ‪ :‬أل أعجبك من‬
‫قوم عكوف بين دارك ودار الشعري يعني المسجد‬
‫قال عبد الله ‪:‬فلعلهم أصابوا وأخطأت ) فهذا يدل‬
‫على أنه لم يستدل على ذلك بحديث عن النبي ?‬
‫وآله وعلى أن عبد الله يخالفه ويجوز العتكاف في‬
‫كل مسجد ولو كان ثم حديث عن النبي ? ما خالفه‬
‫وأيضا ً الشك الواقع في الحديث مما يضعف‬
‫الحتجاج أحد شقيه ‪ .‬وقد استشهد بعضهم لحديث‬
‫حذيفه بحديث أبي سعيد وأبي هريرة وغيرهما‬
‫مرفوعا ً بلفظ ‪ (:‬ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد‬
‫مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد القصى )‬
‫وهو متفق عليه ولكن ليس فيه ما يشهد لحديث‬
‫حذيفة لن أفضلية المساجد الثلثة واختصاصها بشد‬
‫الرحال إليها ل تستلزم اختصاصها بالعتكاف وقد‬

‫‪38‬‬
‫حكى في الفتح عن حذيفة أن العتكاف يختص‬
‫بالمساجد الثلثة ] نيل الوطار ‪4/301‬‬
‫وقال العلمة صديق حسن خان ‪ [:‬وإنما اختلفوا هل‬
‫يجزئ العتكاف في كل مسجد ؟ أم في الثلثة‬
‫المساجد فقط ؟ أو في المسجد الحرام فقط ؟‬
‫والظاهر أنه يجزئ في كل مسجد قال تعالى ‪(:‬‬
‫َ‬
‫جدِ ) ول حجة في قول‬ ‫سا ِ‬ ‫ن فِي ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫فو َ‬ ‫م ع َاك ِ ُ‬ ‫َوأنْت ُ ْ‬
‫عائشة ول في قول حذيفه في هذا الباب ] الروضة‬
‫الندية ‪. 2/41‬‬
‫وقال العلمة محمد بن صالح العثيمين ‪ [:‬فكل‬
‫مساجد الدنيا يسن فيها العتكاف وليس خاصاً‬
‫بالمساجد الثلثة كما روي ذلك عن حذيفه بن‬
‫اليمان? أن النبي ? قال ‪ (:‬لاعتكاف إل في‬
‫المساجد الثلثة ) فإن هذا الحديث ضعيف ‪.‬ويدل‬
‫على ضعفه أن ابن مسعود ? وهنه حين ذكر له‬
‫حذيفه ? أن قوما ً يعتكفون في مسجد بين بيت‬
‫حذيفه وبيت ابن مسعود ? فجاء إلى ابن مسعود‬
‫زائرا ً له وقال إن قوما ً كانوا معتكفين في المسجد‬
‫الفلني فقال له ابن مسعود ? ‪ [:‬لعلهم أصابوا‬
‫فأخطأت وذكروا فنسيت ] فأوهن هذا حكما ً ورواية‬
‫‪.‬أما حكما ً ففي قوله ‪ [:‬أصابوا فأخطأت ] وأما رواية‬
‫‪ [:‬فذكروا ونسيت ] والنسان معرض للنسيان وإن‬
‫صح هذا الحديث فالمراد به ‪ :‬ل اعتكاف تام أي أن‬
‫المساجد الخرى العتكاف فيها دون المساجد‬
‫الثلث كما أن الصلة في المساجد فيها دون الصلة‬
‫في المساجد الثلثة ‪ .‬ويدل على أنه عام في كل‬
‫ن‬ ‫مسجد قوله تعالى ‪ (:‬وَل تباشروهُ َ َ‬
‫فو َ‬ ‫م عَاك ِ ُ‬
‫ن وَأنْت ُ ْ‬
‫ّ‬ ‫َ َُ ِ ُ‬
‫جد ِ ) ‪ .‬فقوله ‪ :‬في المساجد ( ال ) هنا‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫فِي ال ْ َ‬
‫للعموم فلو كان العتكاف ل يصح إل في المساجد‬

‫‪39‬‬
‫الثلثة لقلنا ‪ :‬إن ( ال ) هنا للعهد الذهني ولكن أين‬
‫الدليل ؟ وإذا لم يقم دليل على أن ( ال ) للعهد‬
‫الذهني فهي للعموم هذا الصل ثم كيف يكون هذا‬
‫الحكم في كتاب الله للمة من مشارق الرض‬
‫ومغاربها ثم نقول ل يصح إل في المساجد الثلثة‬
‫فهذا بعيد أن يكون حكم مذكور على سبيل العموم‬
‫للمة السلمية ثم نقول ‪ :‬إن هذه العبادة ل تصح إل‬
‫في المساجد الثلثة كالطواف ل يصح إل في‬
‫المسجد الحرام ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬أنه عام في كل مسجد لكن ل شك أن‬
‫العتكاف في المساجد الثلثة أفضل كما أن الصلة‬
‫في المساجد الثلثة أفضل ] الشرح الممتع على زاد‬
‫المستقنع ‪. 505-6/504‬‬
‫ويضاف لما سبق أن اللجنة الدائمة للفتاء السعودية‬
‫قد اختارت أن العتكاف يصح في كل مسجد تقام‬
‫فيه صلة الجماعة ‪ .‬انظر فتاوى اللجنة الدائمة‬
‫‪. 10/410‬‬
‫وخلصة المر أن العتكاف يصح في كل مسجد‬
‫تقام فيه صلة الجماعة وليس مقصورا ً على‬
‫المساجد الثلثة التي تشد إليها الرحال ‪.‬‬
‫===============‬
‫ش*‬
‫افترا ٌ‬
‫التعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬بسطه ‪ .‬يقال ‪ :‬افترش‬ ‫شيء لغ ً‬ ‫‪ - 1‬افتراش ال ّ‬
‫ذراعيه إذا بسطهما على الرض ‪ ،‬كالفراش له ‪.‬‬
‫والفتراش أيضا ً ‪ :‬وطء ما فرشه ‪ ،‬ومنه افتراش‬
‫البساط وطؤه والجلوس عليه ‪ ،‬وافتراش المرأة ‪:‬‬
‫ل من الّزوجين فراشاً‬ ‫ة ‪ ،‬ولذلك سمي ك ٌّ‬ ‫اتّخاذها زوج ً‬
‫ّ‬

‫‪40‬‬
‫للخر ‪ .‬والفقهاء يطلقون " الفتراش " على هذين‬
‫المعنيين ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫أ ‪ -‬افتراش اليدين والقدمين ‪:‬‬
‫‪ - 2‬كره الفقهاء للّرجل ‪ -‬دون المرأة ‪ -‬أن يفترش‬
‫سجود ‪ ،‬لورود النّهي عن‬ ‫ذراعيه على الرض في ال ّ‬
‫ذلك ‪ ،‬لحديث « ل يفترش أحدكم ذراعيه افتراش‬
‫الكلب » ‪.‬‬
‫سجود ‪.‬‬ ‫ويكره للّرجل افتراش أصابع قدميه في ال ّ‬
‫صلة افتراش قدميه‬ ‫وكره البعض للّرجل في قعود ال ّ‬
‫ن له أن يجلس‬ ‫والجلوس على عقبيه ‪ ،‬ولكن يس ّ‬
‫مفترشا ً رجله اليسرى ‪ ،‬ويجلس عليها ‪ ،‬وينصب‬
‫اليمنى ‪.‬‬
‫صلة عند الكلم على‬ ‫وتفصيل ذلك في كتاب ال ّ‬
‫سجود والقعود فيها ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة على الثّوب المفروش على النّجاسة ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬ال ّ‬
‫صلة على الثّوب‬ ‫‪ - 3‬اتّفق الفقهاء على جواز ال ّ‬
‫المفروش على النّجاسة إذا كان يمنع نفوذ النّجاسة‬
‫إلى العلى ‪ ،‬وظاهر كلم أحمد الجواز مع الكراهة ‪،‬‬
‫صل‬‫صلة عليه ‪ .‬وف ّ‬ ‫وفي روايةٍ عنه ‪ :‬ل تجوز ال ّ‬
‫ة أو‬‫ما أن تكون طري ّ ً‬ ‫ن النّجاسة إ ّ‬ ‫الحنفيّة فقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫ب‬‫ة وفرش عليها ثو ٌ‬ ‫ة ‪ ،‬فإن كانت النّجاسة طري ّ ً‬ ‫يابس ً‬
‫صلة عليه ‪ ،‬أن‬ ‫‪ ،‬فإنّه يشترط فيه حتّى تجوز ال ّ‬
‫يكون الثّوب غليظا ً يمكن فصله إلى طبقتين ‪ ،‬وألّ‬
‫سفلى إلى‬ ‫تكون النّجاسة قد نفذت من الطّبقة ال ّ‬
‫ة‪،‬‬‫ما إن كانت النّجاسة يابس ً‬ ‫الطّبقة العليا ‪ .‬أ ّ‬
‫فيشترط في الثّوب المفروش عليها حتّى تص ّ‬
‫ح‬
‫صلة عليه أن يكون غليظا ً بحيث يمنع لون‬ ‫ال ّ‬
‫النّجاسة ورائحتها ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ج ‪ -‬افتراش الحرير ‪:‬‬
‫‪ - 4‬اتّفق الفقهاء على جواز افتراش النّساء للحرير ‪.‬‬
‫ما بالنّسبة للّرجال فذهب جمهور المالكيّة‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى تحريمه ‪ ،‬لقول حذيفة ‪« :‬‬ ‫وال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية‬ ‫نهانا النّب ّ‬
‫ضة ‪ ،‬وأن نأكل فيها ‪ ،‬وأن نلبس الحرير‬ ‫الذ ّهب والف ّ‬
‫والدّيباج ‪ ،‬وأن نجلس عليه » ‪.‬‬
‫شافعيّة وابن الماجشون من‬ ‫وذهب الحنفيّة وبعض ال ّ‬
‫خص ابن‬ ‫المالكيّة إلى جواز ذلك مع الكراهة ‪ .‬ور ّ‬
‫ي من المالكيّة للّرجل أن يجلس وينام على‬ ‫العرب ّ‬
‫فراش الحرير مع زوجته ‪.‬‬
‫================‬
‫اقتداء *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬مصدر اقتدى به ‪ ،‬إذا فعل مثل‬ ‫‪ - 1‬القتداء لغ ً‬
‫سيا ً ‪ ،‬ويقال ‪ :‬فلن قدوة ‪ :‬أي يقتدى به ‪،‬‬ ‫فعله تأ ّ‬
‫سى بأفعاله ‪.‬‬ ‫ويتأ ّ‬
‫ويستعمله الفقهاء بالمعنى اللّغويّ ‪ ،‬وهو إذا كان في‬
‫م المام في أفعال‬ ‫صلة يعّرفونه بأنّه ‪ :‬اتّباع المؤت ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ط‬‫م بالمام بشرو ٍ‬ ‫صلة ‪ .‬أو هو ربط صلة المؤت ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شرع ‪ ،‬وبيّنها الفقهاء في كتاب‬ ‫صةٍ جاء بها ال ّ‬ ‫خا ّ‬
‫صلة عند الكلم عن صلة الجماعة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬الئتمام ‪:‬‬
‫‪ - 2‬الئتمام ‪ :‬بمعنى القتداء ‪ .‬يقول ابن عابدين ‪ :‬إذا‬
‫ربط صلته بصلة إمامه حصل له صفة القتداء‬
‫والئتمام ‪ ،‬وحصل لمامه صفة المامة ‪.‬‬
‫م من الئتمام ‪،‬‬ ‫والقتداء في استعمال الفقهاء أع ّ‬
‫صلة وغيرها ‪.‬‬ ‫لنّه يكون في ال ّ‬

‫‪42‬‬
‫ب ‪ -‬التّباع ‪:‬‬
‫‪ - 3‬من معاني التّباع في اللّغة ‪ :‬المشي خلف الغير‬
‫ق كما في الية‬ ‫‪ ،‬ومنه اتّباع الجنائز ‪ ،‬والمطالبة بالح ّ‬
‫{ فمن عفي له من أخيه شيء فاتّباع بالمعروف }‬
‫م به‬ ‫ويأتي بمعنى الئتمام ‪ ،‬يقال ‪ :‬اتّبع القرآن ‪ :‬ائت ّ‬
‫وعمل بما فيه ‪.‬‬
‫واستعمله الفقهاء بهذه المعاني ‪ ،‬كما استعملوه‬
‫جة ‪ ،‬فهو بهذا‬ ‫ل ثبتت عليه ح ّ‬ ‫بمعنى الّرجوع إلى قو ٍ‬
‫ص من القتداء ‪.‬‬ ‫المعنى أخ ّ‬
‫سي ‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬التّأ ّ‬
‫سي في اللّغة ‪ :‬من السوة بمعنى القدوة ‪،‬‬ ‫‪ - 4‬التّأ ّ‬
‫سي‬ ‫سيت به وائتسيت ‪ :‬أي اقتديت ‪ .‬فالتّأ ّ‬ ‫يقال ‪ :‬تأ ّ‬
‫سي ‪ :‬التّعّزي ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫بمعنى القتداء ‪ .‬ومن معاني التّأ ّ‬
‫ما‬‫صلة ‪ ،‬أ ّ‬ ‫التّصبّر ‪ .‬وأكثر ما يكون القتداء في ال ّ‬
‫سي فيستعمل في غير ذلك ‪.‬‬ ‫التّأ ّ‬
‫د ‪ -‬التّقليد ‪:‬‬
‫جةٍ ول‬ ‫‪ - 5‬التّقليد عبارة عن ‪ :‬قبول قول الغير بل ح ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫دلي ٍ‬
‫أقسام القتداء ‪:‬‬
‫م‬‫‪ - 6‬القتداء على أقسام ٍ ‪ ،‬منها ‪ :‬اقتداء المؤت ّ‬
‫سجود‬ ‫بالمام في أفعاله من القيام والّركوع وال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬فهو‬ ‫وغيرها ‪ .‬ومنها ‪ :‬القتداء في غير ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫مة بالنّب ّ‬
‫سي ‪ ،‬كاقتداء ال ّ‬ ‫بمعنى التّأ ّ‬
‫وسلم في أقواله وأفعاله ‪ ،‬واتّباع سنّته ‪ ،‬وغير ذلك‬
‫كما سيأتي ‪.‬‬
‫صلة‬ ‫القتداء في ال ّ‬
‫م‬
‫صلة هو ‪ :‬ربط صلة المؤت ّ‬ ‫‪ - 7‬القتداء في ال ّ‬
‫بصلة المام كما سبق ‪ ،‬فل بد ّ أن يكون هناك إمام‬
‫ل من تنعقد به الجماعة ‪-‬‬ ‫ومقتد ٍ ‪ ،‬ولو واحدا ً ‪ .‬وأق ّ‬

‫‪43‬‬
‫في غير العيدين والجمعة ‪ -‬اثنان ‪ ،‬وهو أن يكون مع‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬ ‫المام واحد ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫الثنان فما فوقهما جماعة » ولفعله عليه الصلة‬
‫س وحده » ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والسلم حين « صلى بابن عبّا ٍ‬
‫وسواء كان ذلك الواحد رجل ً أو امرأةً أو صبيّاً‬
‫مى‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم س ّ‬ ‫ن النّب ّ‬‫يعقل ‪ ،‬ل ّ‬
‫ي الّذي‬ ‫صب ّ‬ ‫ما المجنون وال ّ‬ ‫ة ‪ .‬وأ ّ‬ ‫الثنين مطلقا ً جماع ً‬
‫صلة‬ ‫ل يعقل فل عبرة بهما ‪ ،‬لنّهما ليسا من أهل ال ّ‬
‫‪ .‬هذا ‪ ،‬وهناك شروط ل بد ّ من توفّرها في القتداء‬
‫ص المقتدي أي‬ ‫والمقتدى به ( المام ) ‪ ،‬وحالت تخ ّ‬
‫( المأموم ) نذكرها فيما يلي ‪:‬‬
‫شروط المقتدى به ( المام ) ‪:‬‬
‫‪ - 8‬يشترط في المام في الجملة ‪ :‬السلم والعقل‬
‫اتّفاقا ً ‪ ،‬والبلوغ عند الجمهور ‪ ،‬وكذلك الذ ّكورة إذا‬
‫سلمة من العذار ‪-‬‬ ‫كان المقتدون ذكورا ً ‪ ،‬وال ّ‬
‫حاء ‪،‬‬ ‫ف وسلس البول ‪ -‬إذا اقتدى به أص ّ‬ ‫كرعا ٍ‬
‫ة وتمتمةٍ ‪ -‬إذا‬ ‫سلمة من عاهات اللّسان ‪ -‬كفأفأ ٍ‬ ‫وال ّ‬
‫سلمة من فقد‬ ‫سليم منهما ‪ ،‬وكذا ال ّ‬ ‫اقتدى به ال ّ‬
‫ط كطهارةٍ وستر عورةٍ ‪.‬‬ ‫شر ٍ‬
‫ف في بعضها يذكر في مصطلح ‪:‬‬ ‫ل وخل ٍ‬ ‫على تفصي ٍ‬
‫( إمامة ) ‪.‬‬
‫شروط القتداء ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬النّيّة ‪:‬‬
‫م القتداء بالمام‬ ‫ن نيّة المؤت ّ‬‫‪ - 9‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫حة القتداء ‪ ،‬إذ المتابعة عمل يفتقر إلى‬ ‫شرط لص ّ‬
‫النّيّة ‪ .‬والمعتبر في النّيّة عمل القلب الّلزم‬
‫ب التّلّفظ بها عند الحنفيّة‬ ‫للرادة ‪ ،‬ويستح ّ‬
‫ج‪.‬‬‫شافعيّة ‪ ،‬وهو قول للحنابلة قياسا ً على الح ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ن التّلّفظ بها بدعة ‪ ،‬لنّه لم يرد‬ ‫وذكر جماعة إلى أ ّ‬

‫‪44‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ول عن أحدٍ من‬ ‫عن النّب ّ‬
‫صحابة والتّابعين ‪ .‬ويشترط في النّيّة أن تكون‬ ‫ال ّ‬
‫ة عليها بشرط أل ّ يفصل‬ ‫ة للتّحريمة ‪ ،‬أو متقدّم ً‬ ‫مقارن ً‬
‫ي ‪ ،‬وعلى ذلك فل‬ ‫بينها وبين التّحريمة فاصل أجنب ّ‬
‫صلة بعدما أحرم‬ ‫ح نيّة القتداء في خلل ال ّ‬ ‫تص ّ‬
‫منفردا ً عند جمهور الفقهاء ‪ ( :‬الحنفيّة ‪ ،‬والمالكيّة ‪،‬‬
‫وهو رواية عند الحنابلة )‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو رواية عند الحنابلة ‪ :‬يجوز‬ ‫وقال ال ّ‬
‫للّذي أحرم منفردا ً أن يجعل نفسه مأموما ً ‪ ،‬بأن‬
‫تحضر جماعة فينوي الدّخول معهم بقلبه في‬
‫صلة أم قد صلّى‬ ‫صلتهم ‪ ،‬سواء أكان في أوّل ال ّ‬
‫ة فأكثر ‪ .‬ول فرق في اشتراط النّيّة للمأموم‬ ‫ركع ً‬
‫صلوات عند المالكيّة ‪ ،‬وهو‬ ‫بين الجمعة وسائر ال ّ‬
‫صحيح عند ال ّ‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شافعيّة ‪:‬‬‫صحيح عند ال ّ‬ ‫وعند الحنفيّة ‪ ،‬وهو مقابل ال ّ‬
‫ل يشترط في الجمعة نيّة القتداء وكذلك العيدان ‪،‬‬
‫ح بدون الجماعة ‪ ،‬فكان التّصريح‬ ‫ن الجمعة ل تص ّ‬ ‫ل ّ‬
‫بنيّة الجمعة أو العيد مغنيا ً عن التّصريح بنيّة الجماعة‬
‫‪ .‬ول يجب تعيين المام باسمه كزيدٍ ‪ ،‬أو صفته‬
‫كالحاضر ‪ ،‬أو الشارة إليه ‪ ،‬بل تكفي نيّة القتداء‬
‫بالمام ‪ ،‬فإن عيّنه وأخطأ بطلت صلته ‪ ،‬لربط‬
‫صلته بمن لم ينو القتداء به ‪.‬‬
‫حة القتداء أن يكون المام قد‬ ‫هذا ‪ ،‬ول يشترط لص ّ‬
‫نوى المامة عند جمهور الفقهاء خلفا ً للحنابلة ‪.‬‬
‫حة اقتداء‬ ‫واشترط الحنفيّة نيّة الّرجل المامة لص ّ‬
‫النّساء به ‪.‬‬
‫وتفصيله في مصطلح ( إمامة )‬
‫ب ‪ -‬عدم التّقدّم على المام ‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫حة القتداء أل ّ يتقدّم المقتدي إمامه‬ ‫‪ - 10‬يشترط لص ّ‬
‫في الموقف عند جمهور الفقهاء ‪ ( :‬الحنفيّة‬
‫شافعيّة والحنابلة ) لحديث ‪ « :‬إنّما جعل المام‬ ‫وال ّ‬
‫م به » والئتمام التّباع ‪ ،‬والمتقدّم غير تابٍع ‪،‬‬ ‫ليؤت ّ‬
‫ولنّه إذا تقدّم المام يشتبه عليه حال المام ‪،‬‬
‫ت ليتابعه ‪ ،‬فل‬ ‫ل وق ٍ‬ ‫ومحتاج إلى النّظر وراءه في ك ّ‬
‫يمكنه المتابعة ‪.‬‬
‫ط ‪ ،‬ويجزئه التّقدّم إذا‬ ‫وقال مالك ‪ :‬هذا ليس بشر ٍ‬
‫ن القتداء يوجب المتابعة‬ ‫أمكنه متابعة المام ‪ ،‬ل ّ‬
‫صلة ‪ .‬لكنّه يندب‬ ‫صلة ‪ ،‬والمكان ليس من ال ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫أن يكون المام متقدّما ً على المأموم ‪ ،‬ويكره‬
‫التّقدّم على المام ومحاذاته إل ّ لضرورةٍ ‪.‬‬
‫والعتبار في التّقدّم وعدمه للقائم بالعقب ‪ ،‬وهو‬
‫مؤخر القدم ل الكعب ‪ ،‬فلو تساويا في العقب‬
‫وتقدّمت أصابع المأموم لطول قدمه لم يضّر ‪.‬‬
‫وكذلك إذا كان المأموم طويل ً وسجد قدّام المام ‪،‬‬
‫ة على المام حالة القيام ‪،‬‬ ‫إذا لم تكن عقبه مقدّم ً‬
‫خرت أصابعه‬ ‫ما لو تقدّمت عقبه وتأ ّ‬ ‫صلة ‪ ،‬أ ّ‬ ‫حت ال ّ‬ ‫ص ّ‬
‫فيضّر ‪ ،‬لنّه يستلزم تقدّم المنكب ‪ ،‬والعبرة في‬
‫التّقدّم باللية للقاعدين ‪ ،‬وبالجنب للمضطجعين ‪.‬‬
‫‪ - 11‬فإذا كان المأموم امرأة ً أو أكثر من واحدٍ يقف‬
‫خلف المام ‪ ،‬وإذا كان واحدا ً ذكرا ً ‪ -‬ولو صبيّا ً ‪ -‬يقف‬
‫على يمين المام مساويا ً له عند الجمهور ‪ ،‬وذهب‬
‫خره‬ ‫ب تأ ّ‬ ‫مد بن الحسن إلى أنّه يستح ّ‬ ‫شافعيّة ومح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عن المام قليل ً ‪.‬‬
‫ن محاذاة المرأة للّرجال تفسد‬ ‫وصّرح الحنفيّة بأ ّ‬
‫ي ‪ :‬فإن حاذته امرأة‬ ‫ي الحنف ّ‬‫صلتهم ‪ .‬يقول الّزيلع ّ‬
‫مشتهاة في صلةٍ مطلقةٍ ‪ -‬وهي الّتي لها ركوع‬
‫ة وأداءً في مكان‬ ‫وسجود ‪ -‬مشتركةٍ بينهما تحريم ً‬

‫‪46‬‬
‫شروع‬ ‫ل ‪ ،‬ونوى المام إمامتها وقت ال ّ‬ ‫واحد ٍ بل حائ ٍ‬
‫ن من‬ ‫خروه ّ‬ ‫بطلت صلته دون صلتها ‪ ،‬لحديث ‪ « :‬أ ّ‬
‫ن اللّه » وهو المخاطب به دونها ‪ ،‬فيكون‬ ‫خره ّ‬ ‫حيث أ ّ‬
‫هو التّارك لفرض القيام ‪ ،‬فتفسد صلته دون صلتها‬
‫‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة )‬ ‫وجمهور الفقهاء ‪ ( :‬المالكيّة وال ّ‬
‫ن محاذاة المرأة للّرجال ل تفسد‬ ‫يقولون ‪ :‬إ ّ‬
‫ف الّرجال‬ ‫صلة ‪ ،‬ولكنّها تكره ‪ ،‬فلو وقفت في ص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫لم تبطل صلة من يليها ول من خلفها ول من أمامها‬
‫صلة ‪ ،‬والمر‬ ‫‪ ،‬ول صلتها ‪ ،‬كما لو وقفت في غير ال ّ‬
‫في الحديث بالتّأخير ل يقتضي الفساد مع عدمه ‪.‬‬
‫صلة حول الكعبة في المسجد الحرام‬ ‫هذا ‪ ،‬وفي ال ّ‬
‫حة القتداء عند الجمهور عدم تقدّم‬ ‫يشترط لص ّ‬
‫المأموم على المام في نفس الجهة ‪ ،‬حتّى إذا‬
‫تقدّمه في غير جهتهما لم يضّر اتّفاقا ً ‪ .‬وتفصيل هذه‬
‫صلة داخل الكعبة يرجع فيه إلى‬ ‫المسألة وكيفيّة ال ّ‬
‫مصطلحي ‪ ( :‬صلة الجماعة ‪ ،‬واستقبال القبلة ) ‪.‬‬
‫ت ‪ -‬أل ّ يكون المقتدي أقوى حال ً من المام ‪:‬‬
‫حة القتداء عند جمهور الفقهاء‬ ‫‪ - 12‬يشترط لص ّ‬
‫( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) أل ّ يكون المقتدي‬
‫ي‪،‬‬ ‫م ٍّ‬‫ئ بأ ّ‬ ‫أقوى حال ً من المام ‪ ،‬فل يجوز اقتداء قار ٍ‬
‫ض ‪ ،‬ول‬ ‫ي في فر ٍ‬ ‫ل ‪ ،‬ول بالٍغ بصب ٍ ّ‬ ‫ض بمتنّف ٍ‬ ‫ول مفتر ٍ‬
‫قادرٍ على ركوٍع وسجود ٍ بعاجزٍ عنهما ‪ ،‬وكذلك ل‬
‫ل ‪ ،‬ول‬ ‫بمعذور ‪ ،‬كمن به سلس بو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ح اقتداء سالم ٍ‬ ‫يص ّ‬
‫مستور عورةٍ بعارٍ عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬ويكره‬
‫ذلك عند المالكيّة ‪.‬‬
‫ن‬
‫وقد ذكر الحنفيّة في ذلك قاعدةً فقالوا ‪ :‬الصل أ ّ‬
‫حال المام إن كان مثل حال المقتدي أو فوقه‬
‫ل ‪ ،‬وإن كان دون حال المقتدي‬ ‫جازت صلة الك ّ‬

‫‪47‬‬
‫ح صلة المقتدي ‪ .‬إل ّ إذا‬ ‫حت صلة المام ‪ .‬ول تص ّ‬ ‫ص ّ‬
‫ميّا ً والمقتدي قارئا ً ‪ ،‬أو كان المام‬ ‫كان المام أ ّ‬
‫سع‬‫ح صلة المام أيضا ً ‪ .‬وقد تو ّ‬ ‫أخرس فل يص ّ‬
‫الحنفيّة في تطبيق هذا الصل على كثيرٍ من‬
‫المسائل ‪ ،‬ووافقهم المالكيّة والحنابلة في هذه‬
‫ل في بعض المسائل ‪.‬‬ ‫ف وتفصي ٍ‬
‫القاعدة مع خل ٍ‬
‫شافعيّة في أكثر المسائل كما سيأتي‬ ‫وخالفهم ال ّ‬
‫بيانه عند الكلم في ‪ ( :‬اختلف صفة المام‬
‫والمقتدي ) ‪.‬‬
‫ث ‪ -‬اتّحاد صلتي المقتدي والمام ‪:‬‬
‫‪ - 13‬يشترط في القتداء اتّحاد صلتي المام‬
‫ن القتداء بناء‬ ‫والمأموم سببا ً وفعل ً ووصفا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫التّحريمة على التّحريمة ‪ ،‬فالمقتدي عقد تحريمته‬
‫ل ما تنعقد له‬ ‫ما انعقدت له تحريمة المام ‪ ،‬فك ّ‬ ‫ل ّ‬
‫تحريمة المام جاز البناء عليه من المقتدي ‪ ،‬وعلى‬
‫ح ظهر خلف عصرٍ أو غيره ول عكسه ‪،‬‬ ‫ذلك فل تص ّ‬
‫ح صلة ظهرٍ قضاءً خلف ظهرٍ أداءً ‪ ،‬ول‬ ‫ول تص ّ‬
‫سبت‬ ‫ظهرين من يومين مختلفين ‪ ،‬كظهر يوم ال ّ‬
‫خلف ظهر الحد الماضيين ‪ ،‬إذ ل بد ّ من التّحاد في‬
‫صلة وصفتها وزمنها ‪ ،‬وهذا عند جمهور‬ ‫عين ال ّ‬
‫الفقهاء ‪ ( :‬الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) وذلك لقوله‬
‫م به فل‬ ‫عليه السلم ‪ « :‬إنّما جعل المام ليؤت ّ‬
‫تختلفوا عليه » ‪.‬‬
‫حة القدوة توافق‬ ‫شافعيّة ‪ :‬من شروط ص ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫نظم صلتيهما في الفعال الظّاهرة ‪ ،‬ول يشترط‬
‫ح قدوة من يؤدّي‬ ‫صلتين ‪ .‬وعلى ذلك تص ّ‬ ‫اتّحاد ال ّ‬
‫صلة بمن يقضيها ‪ ،‬والمفترض بالمتنّفل ‪ ،‬ومؤدّي‬ ‫ال ّ‬
‫الظّهر بالعصر ‪ ،‬وبالمعكوس ‪ .‬أي القاضي‬
‫بالمؤدّي ‪ ،‬والمتنّفل بالمفترض ‪ ،‬وفي العصر بالظّهر‬

‫‪48‬‬
‫صلة وإن اختلفت النّيّة ‪.‬‬ ‫‪ ،‬نظرا ً لتّفاق الفعل في ال ّ‬
‫صبح والمغرب ‪ ،‬وتجوز‬ ‫وكذا يجوز الظّهر والعصر بال ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وله‬ ‫صبح خلف الظّهر في الظهر عند ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫حينئذ ٍ الخروج بنيّة المفارقة أو النتظار ليسلّم مع‬
‫المام وهو الفضل ‪ .‬لكن الولى فيها النفراد ‪ .‬فإن‬
‫ح‬
‫ف أو جنازةٍ ‪ ،‬لم يص ّ‬ ‫اختلف فعلهما كمكتوبةٍ وكسو ٍ‬
‫صحيح ‪ ،‬لمخالفته النّظم ‪،‬‬ ‫القتداء في ذلك على ال ّ‬
‫وتعذ ّر المتابعة معها ‪.‬‬
‫ما اقتداء المتنّفل خلف المفترض فجائز عند جميع‬ ‫أ ّ‬
‫الفقهاء ‪.‬‬
‫ج‪ -‬عدم الفصل بين المقتدي والمام ‪:‬‬
‫حة القتداء أل ّ يكون بين المقتدي‬ ‫‪ -14‬يشترط لص ّ‬
‫والمام فاصل كبير ‪.‬‬
‫ق بين فقهاء المذاهب في‬ ‫ل اتّفا ٍ‬‫شرط مح ّ‬ ‫وهذا ال ّ‬
‫الجملة ‪ ،‬وإن اختلفوا في بعض الفروع والتّفاصيل‬
‫على النّحو التّالي ‪:‬‬
‫بُعْد المسافة ‪:‬‬
‫‪ - 15‬فّرق جمهور الفقهاء بين المسجد وغير‬
‫المسجد فيما يتعلّق بالمسافة بين المام والمقتدي ‪،‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬إذا كان المأموم‬ ‫فقال الحنفيّة وال ّ‬
‫يرى المام أو من وراءه ‪ ،‬أو يسمع التّكبير وهما في‬
‫ما‬ ‫ح القتداء ‪ ،‬وإن بعدت المسافة ‪ .‬أ ّ‬ ‫مسجد ٍ واحد ٍ ص ّ‬
‫في خارج المسجد فإذا كانت المسافة قدر ما يسع‬
‫حة القتداء عند الحنفيّة ‪ ،‬إلّ‬ ‫فين فإنّها تمنع من ص ّ‬ ‫ص ّ‬
‫في صلة العيدين ‪ ،‬وفي صلة الجنازة خلف عندهم‬
‫‪ .‬ول يمنع القتداء بعد المسافة في خارج المسجد‬
‫شافعيّة ‪.‬‬‫إذا لم يزد عن ثلثمائة ذراٍع عند ال ّ‬
‫حة القتداء خارج المسجد‬ ‫واشترط الحنابلة في ص ّ‬
‫ح‬
‫رؤية المأموم للمام أو بعض من وراءه ‪ .‬فل يص ّ‬

‫‪49‬‬
‫القتداء إن لم ير المأموم أحدهما ‪ ،‬وإن سمع‬
‫التّكبير ‪ ،‬ومهما كانت المسافة ‪.‬‬
‫ولم يفّرق المالكيّة بين المسجد وغيره ول بين قرب‬
‫حة القتداء إذا أمكن‬ ‫المسافة وبعدها ‪ ،‬فقالوا بص ّ‬
‫مٍع ‪.‬‬
‫رؤية المام أو المأموم أو سماع المام ولو بمس ّ‬
‫صور ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫وجود الحائل ‪ ،‬وله عدّة‬
‫‪ - 16‬الولى ‪ :‬إن كان بين المقتدي والمام نهر كبير‬
‫سفن ( ولو زورقا ً عند الحنفيّة ) ل يص ّ‬
‫ح‬ ‫تجري فيه ال ّ‬
‫القتداء ‪ ،‬وهذا باتّفاق المذاهب ‪ ،‬وإن اختلفوا في‬
‫صغير ‪ .‬فقال الحنفيّة والحنابلة‬ ‫تحديد النّهر الكبير وال ّ‬
‫سفن ‪ ،‬وقال‬ ‫صغير هو ما ل تجري فيه ال ّ‬ ‫‪ :‬النّهر ال ّ‬
‫المالكيّة ‪ :‬هو ما ل يمنع من سماع المام ‪ ،‬أو بعض‬
‫المأمومين ‪ ،‬أو رؤية فعل أحدهما ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬هو النّهر الّذي يمكن العبور من‬ ‫وقال ال ّ‬
‫أحد طرفيه إلى الخر من غير سباحةٍ بالوثوب فوقه‬
‫‪ ،‬أو المشي فيه ‪ ،‬وفي حكمه النّهر المحوج إلى‬
‫صحيح ‪.‬‬ ‫شافعيّة على ال ّ‬ ‫سباحةٍ عند ال ّ‬
‫‪ - 17‬الثّانية ‪ :‬يمنع من القتداء طريق نافذ يمكن أن‬
‫تجري فيه عجلة ‪ ،‬وليس فيه صفوف متّصلة عند‬
‫الحنفيّة والحنابلة ‪ .‬قال الحنفيّة ‪ :‬لو كان على‬
‫الطّريق مأموم واحد ل يثبت به التّصال ‪ ،‬وبالثّلث‬
‫يثبت ‪ ،‬وفي المثنّى خلف ‪ .‬ول يضّر الطّريق إذا لم‬
‫يمنع من سماع المام أو بعض المأمومين أو رؤية‬
‫صحيح عند‬ ‫فعل أحدهما عند المالكيّة ‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬ولهذا صّرحوا بجواز صلة الجماعة لهل‬ ‫ال ّ‬
‫السواق وإن فّرقت الطّرق بينهم وبين إمامهم ‪.‬‬
‫شافعيّة يضّر ‪ ،‬لنّه قد تكثر‬ ‫والّرواية الثّانية عند ال ّ‬
‫فيه الّزحمة فيعسر الطّلع على أحوال المام ‪.‬‬
‫ق في صلة‬ ‫هذا ‪ ،‬وأجاز أكثر الفقهاء الفصل بطري ٍ‬

‫‪50‬‬
‫الجمعة والعيدين وصلة الخوف ونحوها ‪ ،‬والتّفصيل‬
‫في مواضعها ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو رواية‬ ‫‪ - 18‬الثّالثة ‪ :‬صّرح الحنفيّة وال ّ‬
‫عن الحنابلة ‪ ،‬بأنّه إذا كان بين المام والمأموم جدار‬
‫كبير أو باب مغلق يمنع المقتدي من الوصول إلى‬
‫ح‬
‫ح القتداء ‪ ،‬ويص ّ‬ ‫إمامه لو قصد الوصول إليه ل يص ّ‬
‫إذا كان صغيرا ً ل يمنع ‪ ،‬أو كبيرا ً وله ثقب ل يشتبه‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬
‫ة ‪ ،‬لما روي أ ّ‬ ‫عليه حال المام سماعا ً أو رؤي ً‬
‫صلى الله عليه وسلم « كان يصلّي في حجرة‬
‫عائشة رضي الله عنها والنّاس في المسجد يصلّون‬
‫بصلته » ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬فإن حال ما يمنع المرور ل الّرؤية‬ ‫قال ال ّ‬
‫شبّاك أو يمنع الّرؤية ل المرور كالباب المردود‬ ‫كال ّ‬
‫فوجهان ‪.‬‬
‫وعلى هذا القتداء في المساكن المتّصلة بالمسجد‬
‫الحرام وأبوابها من خارجه صحيح ‪ ،‬إذا لم يشتبه‬
‫ة ‪ ،‬ولم يتخلّل إل ّ الجدار ‪،‬‬ ‫حال المام لسماٍع أو رؤي ٍ‬
‫مة فيمن صلّى على سطح بيته‬ ‫كما ذكره شمس الئ ّ‬
‫المتّصل بالمسجد أو في منزله بجنب المسجد وبينه‬
‫وبين المسجد حائط مقتديا ً بإمام ٍ في المسجد وهو‬
‫يسمع التّكبير من المام أو من المكبّر تجوز صلته ‪.‬‬
‫سطح بمن هو في‬ ‫ح اقتداء الواقف على ال ّ‬ ‫ويص ّ‬
‫البيت ‪ ،‬ول يخفى عليه حاله ‪.‬‬
‫ولم يفّرق المالكيّة ‪ ،‬وهو رواية عند الحنابلة بين ما‬
‫إذا كان الجدار كبيرا ً أو صغيرا ً ‪ ،‬فقالوا بجواز‬
‫القتداء إذا لم يمنع من سماع المام أو بعض‬
‫المأمومين أو رؤية فعل أحدهما ‪.‬‬
‫ح ‪ -‬اتّحاد المكان ‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫حة القتداء أن يجمع المقتدي‬ ‫‪ - 19‬يشترط لص ّ‬
‫والمام موقف واحد ‪ ،‬إذ من مقاصد القتداء اجتماع‬
‫جمٍع في مكان ‪ ،‬كما عهد عليه الجماعات في‬
‫العصر الخالية ‪ ،‬ومبنى العبادات على رعاية التّباع‬
‫شعار ‪ .‬وللفقهاء في تطبيق هذا‬ ‫فيشترط ليظهر ال ّ‬
‫شرط تفصيل ‪ ،‬وفي بعض الفروع خلف كالتي ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫أوّل ً ‪ -‬البنية المختلفة ‪:‬‬
‫‪ - 20‬تقدّم ما يتعلّق بالبنية المنفصلة ‪.‬‬
‫سفن المختلفة ‪:‬‬ ‫ثانيا ً ‪ -‬القتداء في ال ّ‬
‫‪ - 21‬يشترط في القتداء أل ّ يكون المقتدي في‬
‫سفينةٍ والمام في سفينةٍ أخرى غير مقترنةٍ بها عند‬
‫الحنفيّة ‪ ،‬وهو المختار عند الحنابلة ‪ ،‬لختلف‬
‫ي‪.‬‬‫ح اتّفاقا ً ‪ ،‬للتّحاد الحكم ّ‬
‫المكان ‪ ،‬ولو اقترنتا ص ّ‬
‫سفينتين ‪ ،‬وقيل‬ ‫سة ال ّ‬‫والمراد بالقتران ‪ :‬مما ّ‬
‫ربطهما ‪.‬‬
‫ن‬‫سع المالكيّة في جواز اقتداء ذوي سف ٍ‬ ‫وتو ّ‬
‫سفينتين ‪ ،‬ول‬ ‫متقاربةٍ ‪ ،‬ولم يشترطوا ربط ال ّ‬
‫سة ‪ ،‬ولم يحدّدوا المسافة حيث قالوا ‪ :‬جاز‬ ‫المما ّ‬
‫ن متقاربةٍ في المرسى بإمام ٍ واحدٍ‬ ‫اقتداء ذوي سف ٍ‬
‫في بعضها يسمعون أقواله أو أقوال من معه في‬
‫سفينته من مأمومين ‪ ،‬أو يرون أفعاله أو أفعال من‬
‫معه في سفينته من مأمومين ‪ .‬وكذلك لو كانت‬
‫سلمة‬ ‫ن الصل ال ّ‬ ‫سفن سائرة ً على المشهور ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صوا‬‫من طروء ما يفّرقها من ريٍح أو غيره ‪ .‬لكنّهم ن ّ‬
‫سفينة الّتي‬‫على استحباب أن يكون المام في ال ّ‬
‫تلي القبلة ‪.‬‬
‫ح اقتداء‬‫شافعيّة ‪ :‬لو كانا في سفينتين ص ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫أحدهما بالخر وإن لم تكونا مكشوفتين ‪ ،‬ولم تربط‬
‫إحداهما بالخرى ‪ ،‬بشرط أل ّ تزيد المسافة على‬

‫‪52‬‬
‫ثلثمائة ذراٍع ‪ ،‬وعدم الحائل ‪ ،‬والماء بينهما كالنّهر‬
‫ة ولم‬ ‫بين المكانين ‪ ،‬بمعنى أنّه يمكن اجتيازه سباح ً‬
‫يشترطوا اللتصاق ول الّربط ‪ ،‬خلفا ً للحنفيّة ‪،‬‬
‫والمختار عند الحنابلة ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬علوّ موقف المقتدي على المام أو عكسه ‪:‬‬
‫‪ - 22‬يجوز أن يكون موقف المأموم عاليا ً ‪ -‬ولو‬
‫بسطٍح ‪ -‬عن المام عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو رأي‬
‫ح اقتداء من‬ ‫المالكيّة في غير صلة الجمعة ‪ .‬فص ّ‬
‫بسطح المسجد بالمام الّذي يصلّي بالمسجد ‪،‬‬
‫لمكان المتابعة ‪.‬‬
‫ويكره أن يكون موقف المام عاليا ً عن موقف‬
‫المأموم ‪.‬‬
‫شافعيّة بين ارتفاع موقف المام‬ ‫ولم يفّرق ال ّ‬
‫والمأموم ‪ ،‬فشرطوا في هذه الحال ‪ ،‬محاذاة بعض‬
‫بدن المأموم بعض بدن المام ‪ ،‬والعبرة في ذلك‬
‫ووي يكره ارتفاع المأموم‬ ‫ّ‬ ‫العادي ‪ ،‬وقال الن ّ‬
‫ّ‬ ‫بالطّول‬
‫على إمامه حيث أمكن وقوفهما بمستوًى واحدٍ ‪،‬‬
‫صلة ‪ ،‬كتبليٍغ‬ ‫وعكسه كذلك ‪ ،‬إل ّ لحاجةٍ تتعلّق بال ّ‬
‫يتوقّف عليه إسماع المأمومين وتعليمهم صفة‬
‫ب ارتفاعهما لذلك ‪ ،‬تقديما ً لمصلحة‬ ‫صلة ‪ ،‬فيستح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ما الجبل الّذي يمكن‬ ‫وهذا الكلم في البناء ونحوه ‪ .‬أ ّ‬
‫س فالعبرة‬ ‫صفا أو المروة أو جبل أبي قبي ٍ‬ ‫صعوده كال ّ‬
‫فيه بالمسافة الّتي سبق القول فيها وهي ثلثمائة‬
‫ذراٍع ‪ .‬فالقتداء فيه صحيح وإن كان المأموم أعلى‬
‫من المام ‪.‬‬
‫سط النّساء بين المام والمأموم ‪:‬‬ ‫خ ‪ -‬عدم تو ّ‬
‫حة القتداء عند الجمهور عدم‬ ‫‪ - 23‬يشترط لص ّ‬
‫ف الّرجل‬ ‫سط النّساء ‪ ،‬فإن وقفت المرأة في ص ّ‬ ‫تو ّ‬

‫‪53‬‬
‫كره ‪ ،‬ولم تبطل صلتها ‪ ،‬ول صلة من يليها ‪ ،‬ول‬
‫من خلفها ‪ .‬لنّها لو وقفت في غير صلةٍ لم تبطل‬
‫ن « عائشة‬ ‫صلة ‪ ،‬وقد ثبت أ ّ‬ ‫صلته ‪ ،‬فكذلك في ال ّ‬
‫رضي الله عنها كانت تعترض بين يدي رسول اللّه‬
‫ة وهو يصلّي » ‪ .‬والنّهي‬ ‫صلى الله عليه وسلم نائم ً‬
‫للكراهة ‪ ،‬ولهذا ل تفسد صلتها فصلة من يليها‬
‫م من النّساء ‪،‬‬ ‫ف تا ّ‬‫أولى ‪ .‬وهكذا إن كان هناك ص ّ‬
‫ن من الّرجال ‪.‬‬ ‫فإنّه ل يمنع اقتداء من خلفه ّ‬
‫حة القتداء ألّ‬ ‫وذهب الحنفيّة إلى أنّه يشترط لص ّ‬
‫ل‬
‫ف من النّساء بل حائ ٍ‬ ‫يكون بين المقتدي والمام ص ّ‬
‫قدر ذراٍع ‪ ،‬وبهذا قال أبو بكرٍ من الحنابلة ‪ ،‬والمراد‬
‫ف عند الحنفيّة ما زاد على الثّلث ‪ ،‬وفي رواي ٍ‬
‫ة‬ ‫ص ّ‬‫بال ّ‬
‫ف الثّلث ‪ ،‬وعلى هذا قالوا ‪:‬‬ ‫ص ّ‬‫المراد بال ّ‬
‫‪ - 1 -‬المرأة الواحدة تفسد صلة ثلثةٍ ‪ ،‬واحدٍ عن‬
‫يمينها وآخر عن يسارها وآخر خلفها ‪ ،‬ول تفسد أكثر‬
‫من ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 2 -‬والمرأتان تفسدان صلة أربعةٍ من الّرجال ‪،‬‬
‫واحد ٍ عن يمينهما ‪ ،‬وآخر عن يسارهما ‪ ،‬وصلة اثنين‬
‫خلفهما ‪.‬‬
‫ن‪،‬‬‫ن ثلثا ً أفسدن صلة واحدٍ عن يمينه ّ‬ ‫‪ - 3 -‬وإن ك ّ‬
‫صفوف ‪.‬‬ ‫ن وثلثةٍ ثلثةٍ إلى آخر ال ّ‬ ‫وآخر عن يساره ّ‬
‫وهذا جواب ظاهر الّرواية ‪ .‬وفي رواية الثّلث‬
‫ن إلى آخر‬ ‫صفوف خلفه ّ‬ ‫ل ال ّ‬‫ف ‪ ،‬تفسد صلة ك ّ‬ ‫ص ّ‬‫كال ّ‬
‫ن الثّلثة جمع كامل ‪.‬‬ ‫صفوف ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن الثّنتين كالثّلث ‪ .‬وفي‬ ‫وفي روايةٍ عن أبي يوسف أ ّ‬
‫روايةٍ أخرى جعل الثّلث كالثنتين ‪.‬‬
‫د ‪ -‬العلم بانتقالت المام ‪:‬‬
‫‪ - 24‬يشترط في القتداء علم المأموم بانتقالت‬
‫المام ‪ ،‬بسماٍع أو رؤيةٍ للمام أو لبعض المقتدين به‬

‫‪54‬‬
‫‪ ،‬لئل ّ يشتبه على المقتدي حال المام فل يتمكّن من‬
‫متابعته ‪ ،‬فلو جهل المأموم أفعال إمامه الظّاهرة‬
‫ح‬‫سجود ‪ ،‬أو اشتبهت عليه لم تص ّ‬ ‫كالّركوع وال ّ‬
‫ن القتداء متابعة ‪ ،‬ومع الجهل أو الشتباه‬ ‫صلته ‪ ،‬ل ّ‬
‫شرط متّفق عليه عند‬ ‫ل تمكن المتابعة ‪ ،‬وهذا ال ّ‬
‫الفقهاء ‪ .‬زاد الحنفيّة ‪ :‬وكذا علمه بحال إمامه من‬
‫إقامةٍ أو سفرٍ قبل الفراغ أو بعده ‪ ،‬وهذا فيما لو‬
‫صلّى الّرباعية ركعتين في مصرٍ أو قريةٍ ‪.‬‬
‫ن الحنابلة ل يجوّزون القتداء خارج‬ ‫هذا ‪ ،‬وقد تقدّم أ ّ‬
‫سماع وحده ‪ .‬بل يشترطون في إحدى‬ ‫المسجد بال ّ‬
‫الّروايتين رؤية المأموم للمام أو بعض المقتدين‬
‫ن يصلّين في حجرتها ‪ ":‬ل‬ ‫به ‪ ،‬لقول عائشة لنساءٍ ك ّ‬
‫ب"‬ ‫ن دونه في حجا ٍ‬ ‫تصلّين بصلة المام فإنّك ّ‬
‫ولنّه ل يمكنه المتابعة في الغالب ‪.‬‬
‫ما على الّرواية الخرى فالحنابلة يكتفون بالعلم‬ ‫وأ ّ‬
‫سماع أو بالّرؤية ‪.‬‬ ‫بانتقالت المام بال ّ‬
‫حة صلة المام ‪:‬‬ ‫ذ‪-‬ص ّ‬
‫حة صلة المام ‪ ،‬فلو‬ ‫حة القتداء ص ّ‬ ‫‪ - 25‬يشترط لص ّ‬
‫ح القتداء ‪ ،‬قال الحنفيّة ‪ :‬لو تبيّن‬ ‫تبيّن فسادها ل يص ّ‬
‫سقا ً منه ‪ ،‬أو نسيانا ً لمض ّ‬
‫ي‬ ‫فساد صلة المام ‪ ،‬فِ ْ‬
‫مدّة المسح ‪ ،‬أو لوجود الحدث أو غير ذلك ‪ ،‬لم‬
‫حة البناء ‪ ،‬وكذلك لو‬ ‫ح صلة المقتدي لعدم ص ّ‬ ‫تص ّ‬
‫ة في زعم المام فاسدةً في زعم‬ ‫كانت صحيح ً‬
‫المقتدي لبنائه على الفاسد في زعمه ‪.‬‬
‫ن أو‬
‫ل برك ٍ‬ ‫والمراد بالفسق هنا ‪ :‬الفسق الّذي يخ ّ‬
‫صلة ‪ ،‬كأن يصلّي وهو سكران ‪ ،‬أو هو‬ ‫ط في ال ّ‬ ‫شر ٍ‬
‫ما الفسق في العقيدة ‪ ،‬أو‬ ‫مدا ً ‪ .‬أ ّ‬ ‫محدث متع ّ‬
‫بارتكاب المحّرمات ‪ ،‬فهي مسألة خلفيّة ‪ ،‬وقد شدّد‬
‫فيها المام أحمد ‪ ،‬وقال ‪ :‬إنّه إذا كان داعيا ً إلى‬

‫‪55‬‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫بدعته ‪ ،‬وعلم بذلك المقتدي ‪ ،‬فعليه إعادة ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬وهذه الّرواية‬ ‫حتّى لو علم بذلك بعد ال ّ‬
‫ما إذا كان ل يدعو إلى‬ ‫المعتمدة في المذهب ‪ .‬أ ّ‬
‫بدعته ‪ ،‬وهو مستور الحال ‪ ،‬فالظّاهر أنّه ل إعادة‬
‫على من اقتدى به ‪ ،‬وفي روايةٍ ‪ :‬عليه العادة ‪.‬‬
‫صلة خلف الفاسق‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫مكروهة ‪ ،‬ول إعادة فيها ‪ .‬لحديث ‪ « :‬صلّوا خلف‬
‫ن ابن عمر كان يصلّي‬ ‫من قال ل إله إل ّ اللّه » ‪ .‬ول ّ‬
‫ن الحسن والحسين كانا يصلّيان‬ ‫جاج ‪ .‬وأ ّ‬‫خلف الح ّ‬
‫خلف مروان ووراء الوليد بن عقبة ‪ .‬ومثله ما ذهب‬
‫ح القتداء بإمام ٍ تبيّن‬ ‫إليه المالكيّة حيث قالوا ‪ :‬ل يص ّ‬
‫صلة أو بعدها أنّه كافر ‪ ،‬أو امرأة ‪ ،‬أو‬ ‫في ال ّ‬
‫ف فيه ) أو ظهر أنّه‬ ‫مجنون ‪ ،‬أو فاسق ( على خل ٍ‬
‫م بحدثه في‬ ‫مد الحدث أو علم المؤت ّ‬ ‫محدث ‪ ،‬إن تع ّ‬
‫صلة أو قبلها ‪ ،‬أو اقتدى به بعد العلم ولو ناسيا ً ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ح اقتداؤه بمن يعلم‬ ‫شافعيّة ‪ :‬ل يص ّ‬ ‫وكذا قال ال ّ‬
‫بطلن صلته ‪ ،‬كمن علم بكفره أو حدثه أو نجاسة‬
‫ثوبه ‪ ،‬لنّه ليس في صلةٍ فكيف يقتدي به ‪ ،‬وكذا ل‬
‫ح القتداء بإمام ٍ يعتقد المقتدي بطلن صلته ‪.‬‬ ‫يص ّ‬
‫ح القتداء بكافرٍ ولو ببدعةٍ‬ ‫وصّرح الحنابلة بأنّه ل يص ّ‬
‫م تبيّن له ‪.‬‬ ‫مكّفرةٍ ولو أسّره وجهل المأموم كفره ث ّ‬
‫ن كفره أو حدثه ‪ ،‬ولو بان خلف ذلك‬ ‫وكذلك من ظ ّ‬
‫فيعيد المأموم ‪ ،‬لعتقاده بطلن صلته ‪ .‬لكن‬
‫المالكيّة قالوا ‪ :‬لو علم المقتدي بحدث إمامه بعد‬
‫ن الحنابلة صّرحوا بأنّه لو‬ ‫صلة فل بطلن ‪ .‬كما أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫صلّى خلف من يعلمه مسلما ً ‪ ،‬فقال بعد ال ّ‬
‫هو كافر ‪ ،‬لم يؤثّر في صلة المأموم لنّها كانت‬
‫حتها ‪.‬‬‫محكوما ً بص ّ‬

‫‪56‬‬
‫ما المام فلو أخطأ أو نسي لم يؤاخذ بذلك‬ ‫وأ ّ‬
‫ي صلى‬ ‫ن النّب ّ‬
‫البخاري وغيره ‪ ،‬أ ّ‬
‫ّ‬ ‫المأموم ‪ ،‬كما في‬
‫متكم يصلّون لكم ولهم ‪،‬‬ ‫الله عليه وسلم قال ‪ « :‬أئ ّ‬
‫فإن أصابوا فلكم ولهم ‪ ،‬وإن أخطئوا فلكم وعليهم‬
‫» ‪ .‬فجعل خطأ المام على نفسه دونهم ‪ ،‬وقد صلّى‬
‫صحابة رضي الله عنهم وهو جنب‬ ‫عمر وغيره من ال ّ‬
‫ناسيا ً للجنابة ‪ ،‬فأعاد ولم يأمر المأمومين بالعادة ‪،‬‬
‫ي‬‫شافع ّ‬ ‫ك وال ّ‬ ‫وهذا مذهب جمهور العلماء ‪ ،‬كمال ٍ‬
‫وأحمد في المشهور عنه ‪.‬‬
‫وكذلك لو فعل المام ما يسوغ عنده ‪ ،‬وهو عند‬
‫صلة ‪ ،‬مثل أن يفتصد ويصلّي ول‬ ‫المأموم يبطل ال ّ‬
‫س ذكره ‪ ،‬أو يترك البسملة ‪ ،‬وهو‬ ‫ضأ ‪ ،‬أو يم ّ‬ ‫يتو ّ‬
‫ح مع ذلك ‪ ،‬والمأموم يعتقد أنّها‬ ‫ن صلته تص ّ‬ ‫يعتقد أ ّ‬
‫حة صلة‬ ‫ح مع ذلك ‪ ،‬فجمهور العلماء على ص ّ‬ ‫ل تص ّ‬
‫ك وأحمد في أظهر‬ ‫المأموم ‪ ،‬كما هو مذهب مال ٍ‬
‫صهما عنه ‪ .‬وهو أحد الوجهين‬ ‫الّروايتين ‪ ،‬بل في أن ّ‬
‫ي ‪ ،‬اختاره القّفال وغيره ‪.‬‬ ‫شافع ّ‬ ‫في مذهب ال ّ‬
‫صحابة ‪-‬‬ ‫ن ال ّ‬
‫ل المام أحمد لهذا التّجاه بأ ّ‬ ‫واستد ّ‬
‫ض‬ ‫ّ‬
‫رضوان الله عليهم ‪ -‬كان يصلي بعضهم خلف بع ٍ‬
‫ن المسائل الخلفيّة ل‬ ‫على اختلفهم في الفروع ‪ .‬وأ ّ‬
‫ما أن يصيب المجتهد فيكون له أجران ‪ :‬أجر‬ ‫تخلو إ ّ‬
‫اجتهاده وأجر إصابته ‪ ،‬أو أن يخطئ فله أجر واحد‬
‫وهو أجر اجتهاده ‪ ،‬ول إثم عليه في الخطأ ‪.‬‬
‫أحوال المقتدي ‪:‬‬
‫ما مدرك ‪ ،‬أو مسبوق ‪ ،‬أو لحق ‪،‬‬ ‫‪ - 26‬المقتدي إ ّ‬
‫ة مع المام ‪ ،‬أي‬ ‫فالمدرك ‪ :‬من صلّى الّركعات كامل ً‬
‫أدرك جميع ركعاتها معه ‪ ،‬سواء أأدرك معه التّحريمة‬
‫أو أدركه في جزءٍ من ركوع الّركعة الولى إلى أن‬
‫قعد معه القعدة الخيرة ‪ ،‬وسواء أسلّم معه أم قبله‬

‫‪57‬‬
‫‪ .‬والمدرك يتابع إمامه في أفعاله وأقواله ‪ ،‬إل ّ في‬
‫صةٍ تذكر في كيفيّة القتداء ‪.‬‬ ‫ت خا ّ‬ ‫حال ٍ‬
‫ل الّركعات بأن‬ ‫‪ - 27‬والمسبوق ‪ :‬من سبقه المام بك ّ‬
‫اقتدى بالمام بعد ركوع الخيرة ‪ ،‬أو ببعض الّركعات‬
‫‪ .‬وقد اختلفوا في حكمه ‪ ،‬فقال أبو حنيفة والحنابلة‬
‫‪ :‬ما أدركه المسبوق فهو آخر صلته قول ً وفعل ً ‪،‬‬
‫فإن أدركه فيما بعد الّركعة الولى كالثّانية أو الثّالثة‬
‫لم يستفتح ‪ ،‬ولم يستعذ ‪ ،‬وما يقضيه فهو أوّل صلته‬
‫سورة‬ ‫‪ ،‬يستفتح فيه ‪ ،‬ويتعوّذ ‪ ،‬ويقرأ الفاتحة وال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫كالمنفرد ‪ ،‬لما روي عن النّب ّ‬
‫قال ‪ « :‬ما أدركتم فصلّوا ‪ ،‬وما فاتكم فاقضوا »‬
‫ي هو الفائت ‪ ،‬فيكون على صفته ‪ ،‬لكن لو‬ ‫والمقض ّ‬
‫ة ‪ ،‬تشهّد عقب قضاء‬ ‫ب ركع ً‬ ‫أدرك من رباعيّةٍ أو مغر ٍ‬
‫ركعةٍ أخرى عند الحنابلة كما قال به سائر الفقهاء ‪،‬‬
‫صلة ‪ ،‬لنّه لو‬ ‫غير أبي حنيفة ‪ ،‬لئل ّ يلزم تغيير هيئة ال ّ‬
‫تشهّد عقب ركعتين لزم قطع الّرباعيّة على وترٍ ‪،‬‬
‫صلة ممكنة ‪ ،‬وقال‬ ‫والثّلثيّة شفعا ً ‪ ،‬ومراعاة هيئة ال ّ‬
‫ي يقضي‬ ‫أبو حنيفة ‪ :‬لو أدركه في ركعة الّرباع ّ‬
‫م يأتي بفاتحةٍ‬ ‫م يتشهّد ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ركعتين بفاتحةٍ وسورةٍ ث ّ‬
‫صةٍ ‪ ،‬ليكون القضاء بالهيئة الّتي فاتت ‪.‬‬ ‫خا ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬ما أدركه المسبوق مع المام فهو‬ ‫وقال ال ّ‬
‫أوّل صلته ‪ ،‬وما يفعله بعد سلم إمامه آخرها ‪،‬‬
‫لقوله عليه الصلة والسلم ‪ « :‬فما أدركتم فصلّوا ‪،‬‬
‫شيء ل يكون إل ّ بعد‬ ‫موا » وإتمام ال ّ‬ ‫وما فاتكم فأت ّ‬
‫أوّله ‪ ،‬وعلى ذلك إذا صلّى مع المام الّركعة الثّانية‬
‫صبح ‪ ،‬وقنت المام فيها يعيد في الباقي‬ ‫من ال ّ‬
‫ة من المغرب مع المام‬ ‫القنوت ‪ ،‬ولو أدرك ركع ً‬
‫تشهّد في الثّانية ‪ .‬وذهب المالكيّة ‪ ،‬وأبو يوسف‬
‫ن‬
‫مد من الحنفيّة ‪ ،‬وهو المعتمد في المذهب ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ومح ّ‬

‫‪58‬‬
‫ق القراءة ‪،‬‬ ‫المسبوق يقضي أوّل صلته في ح ّ‬
‫ق التّشهّد ‪ ،‬فمدرك ركعةٍ من غير فجرٍ‬ ‫وآخرها في ح ّ‬
‫يأتي بركعتين بفاتحةٍ وسورةٍ وتشهّدٍ بينهما ‪ ،‬وبرابعة‬
‫ض‬‫ي بفاتحةٍ فقط ‪ ،‬ول يعقد قبلهما ‪ ،‬فهو قا ٍ‬ ‫الّرباع ّ‬
‫ق القول عمل ً برواية ‪ « :‬وما فاتكم فاقضوا »‬ ‫في ح ّ‬
‫ق الفعل عمل ً برواية ‪« :‬‬ ‫ن على صلته في ح ّ‬ ‫لكنّه با ٍ‬
‫موا » وذلك تطبيقا ً لقاعدة الصوليّين ‪:‬‬ ‫وما فاتكم فأت ّ‬
‫مع ) فحملنا رواية‬ ‫ج ِ‬
‫( إذا أمكن الجمع بين الدّليلين ُ‬
‫التمام على الفعال ‪ ،‬ورواية القضاء على القوال ‪.‬‬
‫‪ - 28‬والّحق ‪ :‬هو من فاتته الّركعات كلّها أو بعضها‬
‫ث‬‫ة ‪ ،‬وسبق حد ٍ‬ ‫بعد اقتدائه بعذرٍ ‪ ،‬كغفلةٍ وزحم ٍ‬
‫ونحوها ‪ ،‬أو بغير عذرٍ كأن سبق إمامه في ركوٍع أو‬
‫سجود ٍ ‪ ،‬كما عّرفه الحنفيّة ‪ ،‬وهو المتخلّف عن‬
‫ن أو أكثر ‪ ،‬كما عبّر عنه غير الحنفيّة ‪.‬‬ ‫المام برك ٍ‬
‫م ٍ ‪ ،‬ل يأتي بقراءةٍ ول‬ ‫وحكم الّحق عند الحنفيّة كمؤت ّ‬
‫سجود سهوٍ ‪ ،‬ول يتغيّر فرضه بنيّة إقامةٍ ‪ ،‬ويبدأ‬
‫م يتابع المام إن لم يكن قد‬ ‫بعذر ‪ ،‬ث ّ‬
‫ٍ‬ ‫بقضاء ما فاته‬
‫فرغ ‪ ،‬عكس المسبوق ‪ .‬وقال الجمهور ‪ ( :‬المالكيّة‬
‫شافعيّة والحنابلة ) إن تخلّف عن المام بركعةٍ‬ ‫وال ّ‬
‫فأكثر بعذرٍ ‪ ،‬من نوم ٍ أو غفلةٍ ‪ ،‬تابع إمامه فيما بقي‬
‫من صلته ‪ ،‬ويقضي ما سبقه المام به بعد سلم‬
‫عذر‬
‫ٍ‬ ‫المام كالمسبوق ‪ ،‬وإن تخلّف بركنين بغير‬
‫د‬
‫ن واح ٍ‬ ‫ّ‬
‫بطلت صلته عندهم ‪ .‬وكذلك لو تخلف برك ٍ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬ول‬ ‫عمدا ً عند المالكيّة ‪ ،‬وهو رواية عند ال ّ‬
‫ح عندهم ‪.‬‬ ‫تبطل في الص ّ‬
‫ن المأموم يفعل‬ ‫لعذر فإ ّ‬ ‫ن أو ركنين‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫وإن تخلف برك ٍ‬
‫ما سبقه به إمامه ويدركه إن أمكن ‪ ،‬فإن أدركه فل‬
‫شيء عليه ‪ ،‬وإل ّ تبطل هذه الّركعة فيتداركها بعد‬
‫سلم المام ‪ .‬وهذا في الجملة ‪ ،‬وفي المسألة‬

‫‪59‬‬
‫تفصيل ‪ ،‬وفي بعض الفروع خلف يرجع إليه في‬
‫مصطلح ( لحق ) ‪.‬‬
‫كيفيّة القتداء‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫أوّل ً ‪ -‬في أفعال ال ّ‬
‫صلة هو متابعة المام ‪ ،‬والمتابعة‬ ‫‪ - 29‬القتداء في ال ّ‬
‫واجبة في الفرائض والواجبات من غير تأخير‬
‫ب ‪ ،‬ما لم يعارضها واجب آخر ‪ ،‬فإن عارضها‬ ‫واج ٍ‬
‫م يتابعه‬ ‫واجب آخر فل ينبغي أن يفوته ‪ ،‬بل يأتي به ث ّ‬
‫ن التيان به ل يفوّت المتابعة بالكلّيّة ‪ ،‬وإنّما‬ ‫‪،‬ل ّ‬
‫خرها ‪ ،‬وتأخير أحد الواجبين مع التيان بهما أولى‬ ‫يؤ ّ‬
‫من ترك أحدهما بالكلّيّة ‪ ،‬بخلف ما إذا كان ما‬
‫سنّة ويتابع المام‬ ‫يعارض المتابعة سنّة ‪ ،‬فإنّه يترك ال ّ‬
‫سنّة أولى من تأخير الواجب ‪.‬‬ ‫ن ترك ال ّ‬ ‫بل تأخيرٍ ‪ ،‬ل ّ‬
‫وعلى ذلك فلو رفع المام رأسه من الّركوع أو‬
‫م المأموم التّسبيحات الثّلث‬ ‫سجود قبل أن يت ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وجب متابعته ‪ ،‬وكذا عكسه ‪ .‬بخلف سلم المام أو‬
‫قيامه لثالثةٍ قبل إتمام المأموم التّشهّد ‪ ،‬فإنّه ل‬
‫م التّشهّد لوجوبه ‪.‬‬ ‫يتابعه ‪ ،‬بل يت ّ‬
‫هذا ‪ ،‬ومقتضى القتداء والمتابعة أل ّ يحصل فعل من‬
‫صل الفقهاء‬ ‫أفعال المقتدي قبل فعل المام ‪ ،‬وقد ف ّ‬
‫بين الفعال الّتي يسبّب فيها سبق المأموم فعل‬
‫إمامه أو مقارنته له بطلن القتداء ‪ ،‬وبين غيرها من‬
‫الفعال ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إن تقدّم المأموم إمامه في‬
‫حة‬‫ح القتداء أصل ً ‪ ،‬لعدم ص ّ‬ ‫تكبيرة الحرام لم يص ّ‬
‫البناء ‪ ،‬وهذا باتّفاق المذاهب ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪،‬‬ ‫وجمهور الفقهاء ‪ ( :‬المالكيّة وال ّ‬
‫ن‬
‫وهو رواية عن أبي يوسف من الحنفيّة ) على أ ّ‬
‫مقارنة المأموم للمام في تكبيرة الحرام تضّر‬
‫بالقتداء وتبطل صلة المقتدي ‪ ،‬عمدا ً كان أو‬

‫‪60‬‬
‫م به ‪ ،‬فل‬ ‫سهوا ً ‪ ،‬لحديث ‪ « :‬إنّما جعل المام ليؤت ّ‬
‫تختلفوا عليه ‪ ،‬فإذا كبّر فكبّروا ‪ ،‬وإذا ركع فاركعوا »‬
‫ف‬
‫لكن المالكيّة قالوا ‪ :‬إن سبقه المام ولو بحر ٍ‬
‫حت ‪ ،‬إن ختم المقتدي معه أو بعده ‪ ،‬ل قبله ‪.‬‬ ‫ص ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو المفهوم من كلم‬ ‫واشترط ال ّ‬
‫خر جميع تكبيرة المقتدي عن تكبيرة‬ ‫الحنابلة ‪ ،‬تأ ّ‬
‫المام ‪.‬‬
‫ول تضّر مقارنة تكبيرة المقتدي لتكبير المام عند‬
‫ن المقارنة هي‬ ‫أبي حنيفة ‪ ،‬حتّى نقل عنه القول بأ ّ‬
‫سنّة ‪ ،‬قال في البدائع ‪ :‬ومنها ( أي من سنن‬ ‫ال ّ‬
‫الجماعة ) أن يكبّر المقتدي مقارنا ً لتكبير المام فهو‬
‫ن القتداء‬ ‫أفضل باتّفاق الّروايات عن أبي حنيفة ‪ ..‬ل ّ‬
‫مشاركة ‪ ،‬وحقيقة المشاركة المقارنة ‪ ،‬إذ بها‬
‫تتحّقق المشاركة في جميع أجزاء العبادة ‪.‬‬
‫ن المقتدي يتابع المام في‬ ‫واتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫سلم ‪ ،‬بأن يسلّم بعده ‪ ،‬وصّرح الحنفيّة ‪ :‬أنّه لو‬ ‫ال ّ‬
‫سلّم المام قبل أن يفرغ المقتدي من الدّعاء الّذي‬
‫يكون بعد التّشهّد ‪ ،‬أو قبل أن يصلّي على النّب ّ‬
‫ي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فإنّه يتابع المام في التّسليم‬
‫ما عند الجمهور فلو سلّم المام قبل أن يصلّي‬ ‫‪.‬أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم فإنّه‬ ‫المأموم على النّب ّ‬
‫صلة على‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م يسلّم من صلته ‪ ،‬ل ّ‬ ‫يصلّي عليه ‪ ،‬ث ّ‬
‫صلة ‪ .‬ولو‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم من أركان ال ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫سلّم قبل المام سهوا ً فإنّه يعيد ‪ ،‬ويسلّم بعده ‪ ،‬ول‬
‫ما إن سلّم قبل المام عمدا ً فإنّه‬ ‫شيء عليه ‪ ،‬أ ّ‬
‫تبطل صلته عند الجمهور ‪ ،‬إل ّ أن ينوي المفارقة‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫عند بعض ال ّ‬
‫سلم فل تضّر عند‬ ‫ما مقارنة المقتدي للمام في ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫جمهور الفقهاء ‪ ،‬إل ّ أنّها مكروهة عند ال ّ‬

‫‪61‬‬
‫ما المالكيّة فقالوا ‪ :‬مساواته للمام‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬أ ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫تبطل ال ّ‬
‫ول تضّر مقارنة المأموم للمام في سائر الفعال ‪،‬‬
‫ف‬
‫سجود مع الكراهة أو بدونها على خل ٍ‬ ‫كالّركوع وال ّ‬
‫بين الفقهاء ‪ ،‬فإن تقدّمه في ركوٍع أو سجودٍ ينبغي‬
‫البقاء فيهما حتّى يدركه المام ‪ ،‬ولو رفع المقتدي‬
‫سجود قبل المام ينبغي أن‬ ‫رأسه من الّركوع أو ال ّ‬
‫يعود ول يعتبر ذلك ركوعين أو سجودين اتّفاقا ً ‪،‬‬
‫وفي المسألة تفصيل ينظر في ( صلة ) ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫ثانيا ً ‪ -‬القتداء في أقوال ال ّ‬
‫حة القتداء متابعة المام في‬ ‫‪ - 30‬ل يشترط لص ّ‬
‫سلم ‪،‬‬ ‫صلة غير تكبيرة الحرام وال ّ‬ ‫سائر أقوال ال ّ‬
‫كالتّشهّد والقراءة والتّسبيح ‪ ،‬فيجوز فيها التّقدّم‬
‫خر والموافقة ‪.‬‬ ‫والتّأ ّ‬
‫اختلف صفة المقتدي والمام ‪:‬‬
‫مم ‪:‬‬ ‫ضئ بالمتي ّ‬ ‫أ ‪ -‬اقتداء المتو ّ‬
‫مم عند جمهور‬ ‫ضئ بالمتي ّ‬ ‫‪ - 31‬يجوز اقتداء المتو ّ‬
‫الفقهاء ‪ ( .‬المالكيّة والحنابلة وأبي حنيفة وأبي‬
‫يوسف ) ‪ ،‬لما ورد في حديث « عمرو بن العاص أنّه‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أميرا ً على سريّةٍ ‪،‬‬ ‫بعثه النّب ّ‬
‫مم لخوف البرد ‪،‬‬ ‫فأجنب ‪ ،‬وصلّى بأصحابه بالتّي ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرهم‬ ‫وعلم النّب ّ‬
‫بالعادة » ‪.‬‬
‫ن‬‫ل الحنفيّة للجواز كذلك على أصلهم بأ ّ‬ ‫واستد ّ‬
‫ل وجهٍ ‪ ،‬ما بقي‬ ‫مم يرفع الحدث مطلقا ً من ك ّ‬ ‫التّي ّ‬
‫شرطه ‪ ،‬وهو العجز عن استعمال الماء ‪ ،‬ولهذا‬
‫مم ٍ واحدٍ عندهم ‪.‬‬ ‫تجوز الفرائض المتعدّدة بتي ّ‬
‫ن‬
‫مم ‪ ،‬كما أ ّ‬ ‫ضئ بالمتي ّ‬ ‫وكره المالكيّة اقتداء المتو ّ‬
‫ضئ أولى من إمامة‬ ‫ن إمامة المتو ّ‬ ‫الحنابلة صّرحوا بأ ّ‬

‫‪62‬‬
‫مم ل يرفع الحدث ‪ ،‬بل يستباح به‬ ‫ن التّي ّ‬ ‫مم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫المتي ّ‬
‫ضرورة ‪.‬‬ ‫صلة لل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬ل يجوز القتداء بمن تلزمه العادة‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ما‬‫مم ٍ ‪ ،‬ولو كان المقتدي مثله ‪ ،‬أ ّ‬ ‫مم ٍ بمتي ّ‬ ‫كمتي ّ‬
‫ضئ‬ ‫مم الّذي ل إعادة عليه فيجوز اقتداء المتو ّ‬ ‫المتي ّ‬
‫ن عن العادة ‪.‬‬ ‫ل مغ ٍ‬
‫به ‪ ،‬لنّه قد أتى عن طهارته ببد ٍ‬
‫ح اقتداء‬ ‫مد بن الحسن من الحنفيّة ‪ :‬ل يص ّ‬ ‫وقال مح ّ‬
‫مم مطلقا ً في غير صلة الجنازة ‪،‬‬ ‫ضئ بالمتي ّ‬ ‫المتو ّ‬
‫ضعيف ‪.‬‬ ‫للزوم بناء القويّ على ال ّ‬
‫اقتداء الغاسل بالماسح ‪:‬‬
‫ل بماسٍح‬ ‫‪ - 32‬اتّفق الفقهاء على جواز اقتداء غاس ٍ‬
‫ف مانع سراية الحدث‬ ‫ن الخ ّ‬ ‫ف أو جبيرةٍ ‪ ،‬ل ّ‬ ‫على خ ٍ ّ‬
‫ق‬
‫ف يرفعه المسح ‪ ،‬فهو با ٍ‬ ‫ل بالخ ّ‬ ‫إلى القدم ‪ ،‬وما ح ّ‬
‫ن صلته‬ ‫على كونه غاسل ً ‪ ،‬كما علّله الحنفيّة ‪ ،‬ول ّ‬
‫ن المسح يرفع‬ ‫مغنية عن العادة لرتفاع حدثه ‪ ،‬ل ّ‬
‫جهه الخرون ‪.‬‬ ‫الحدث كما و ّ‬
‫اقتداء المفترض بالمتنّفل ‪:‬‬
‫‪ - 33‬جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة وهو المختار‬
‫عند الحنابلة ) على عدم جواز اقتداء المفترض‬
‫بالمتنّفل ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬إنّما‬
‫م به ‪ ،‬فل تختلفوا عليه » ولقوله‬ ‫جعل المام ليؤت ّ‬
‫عليه السلم ‪ « :‬المام ضامن » ومقتضى الحديثين‬
‫أل ّ يكون المام أضعف حال ً من المقتدي ‪ ،‬ول ّ‬
‫ن‬
‫صلة المأموم ل تؤدّى بنيّة المام ‪ ،‬فأشبهت صلة‬
‫الجمعة خلف من يصلّي الظّهر ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو الّرواية الثّانية عند الحنابلة ‪:‬‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ح اقتداء المفترض بالمتنّفل بشرط توافق نظم‬ ‫يص ّ‬
‫ن معاذا ً كان‬ ‫صحيحين ‪ « :‬أ ّ‬ ‫صلتيهما ‪ ،‬لما ورد في ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عشاء‬ ‫يصلّي مع النّب ّ‬

‫‪63‬‬
‫صلة‬ ‫م يرجع إلى قومه فيصلّي بهم تلك ال ّ‬ ‫الخرة ‪ ،‬ث ّ‬
‫»‪.‬‬
‫ف أو جنازةٍ ‪ ،‬لم‬ ‫فإن اختلف فعلهما كمكتوبةٍ وكسو ٍ‬
‫صحيح لمخالفته النّظم‬ ‫ح القتداء في ذلك على ال ّ‬ ‫يص ّ‬
‫وتعذ ّر المتابعة ‪.‬‬
‫ي‬
‫صب ّ‬ ‫‪ - 34‬ويتفّرع على هذه المسألة اقتداء البالغ بال ّ‬
‫في الفرض ‪ ،‬فإنّه ل يجوز عند جمهور الفقهاء‬
‫ي‪:‬ل‬ ‫( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ) لقول ال ّ‬
‫شعب ّ‬
‫ي‬ ‫صب ّ‬ ‫م الغلم حتّى يحتلم ‪ .‬ولنّه ل يؤمن من ال ّ‬ ‫يؤ ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫ط من شرائط ال ّ‬ ‫الخلل بشر ٍ‬
‫ي‬‫صب ّ‬‫ح اقتداء البالغ الحّر بال ّ‬ ‫شافعيّة ‪ :‬يص ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫صلة فرضا ً ‪ ،‬للعتداد بصلته ‪،‬‬ ‫المميّز ‪ ،‬ولو كانت ال ّ‬
‫م قومه على عهد‬ ‫ن« عمرو بن سلمة كان يؤ ّ‬ ‫ل ّ‬
‫ت أو‬ ‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو ابن س ّ‬
‫ي‬
‫صب ّ‬ ‫سبع سنين »‪ .‬لكنّهم صّرحوا بكراهة القتداء بال ّ‬
‫المميّز ‪.‬‬
‫ما في النّافلة فجاز اقتداء‬ ‫هذا في صلة الفريضة ‪ ،‬أ ّ‬
‫ي عند بعض الحنفيّة ‪ ،‬وهو المشهور عند‬ ‫صب ّ‬‫البالغ بال ّ‬
‫المالكيّة ‪ ،‬ورواية عند الحنابلة ‪ .‬وفي المختار عند‬
‫الحنفيّة ‪ ،‬ورواية عند المالكيّة والحنابلة ‪ :‬ل يجوز‬
‫صغير دون نفل البالغ ‪ ،‬حيث ل يلزمه‬ ‫ن نفل ال ّ‬ ‫ل ّ‬
‫ضعيف ‪،‬‬ ‫القوي على ال ّ‬
‫ّ‬ ‫القضاء بالفساد ‪ ،‬ول يبنى‬
‫كما علّله الحنفيّة ‪..‬‬
‫اقتداء المفترض بمن يصلّي فرضا ً آخر ‪:‬‬
‫‪ - 35‬جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة )‬
‫على أنّه ل يجوز اقتداء مفترض بمن يصلّي فرضاً‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫ح اقتداء من يصلي‬ ‫آخر غير فرض المأموم ‪ ،‬فل يص ّ‬
‫ظهرا ً خلف من يصلّي عصرا ً أو غيره ‪ ،‬ول عكسه ‪،‬‬
‫ول اقتداء من يصلّي أداءً بمن يصلّي قضاءً ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬

‫‪64‬‬
‫القتداء بناء تحريمة المقتدي على تحريمة المام ‪،‬‬
‫وهذا يقتضي اتّحاد صلتيهما ‪ ،‬كما سبق في شروط‬
‫شافعيّة إذا توافق نظم‬ ‫القتداء ‪ .‬ويجوز ذلك عند ال ّ‬
‫ح اقتداء من‬ ‫صلتيهما في الفعال الظّاهرة ‪ ،‬فيص ّ‬
‫يصلّي فرضا ً من الوقات الخمسة بمن يصلّي فرضاً‬
‫ل ذكر في موضعه‬ ‫آخر منهما أداءً وقضاءً ‪ ،‬مع تفصي ٍ‬
‫‪.‬‬
‫اقتداء المقيم بالمسافر وعكسه ‪:‬‬
‫‪ - 36‬يجوز اقتداء المقيم بالمسافر في الوقت‬
‫م المام‬ ‫وخارج الوقت باتّفاق الفقهاء ‪ ،‬فإذا أت ّ‬
‫موا صلتكم‬ ‫المسافر صلته يقول للمصلّين خلفه ‪ :‬أت ّ‬
‫فإنّي مسافر ‪ .‬فيقوم المقتدي المقيم ليكمل صلته‬
‫‪ .‬ويعتبر في هذه الحالة كالمسبوق عند أكثر الفقهاء‬
‫‪.‬‬
‫كذلك يجوز اقتداء المسافر بالمقيم في الوقت بل‬
‫ف ‪ ،‬وحينئذ ٍ يجب عليه إتمام صلته أربعا ً متابع ً‬
‫ة‬ ‫خل ٍ‬
‫ما اقتداء المسافر بالمقيم خارج الوقت فل‬ ‫للمام ‪ .‬أ ّ‬
‫ن المسافر‬ ‫يجوز في صلةٍ رباعيّةٍ عند الحنفيّة ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن فرضه ركعتان فيكون‬ ‫بعد فوات الوقت تقّرر أ ّ‬
‫ل في حقّ قعدةٍ أو قراءةٍ‬ ‫ض بمتنّف ٍ‬‫اقتداء مفتر ٍ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ل أو ثا ٍ‬ ‫باقتدائه في شفٍع أوّ ٍ‬
‫سليم بالمعذور ‪:‬‬ ‫اقتداء ال ّ‬
‫‪ - 37‬يرى جمهور الفقهاء ‪ ( :‬الحنفيّة والحنابلة ‪،‬‬
‫شافعيّة ) أنّه ل يجوز اقتداء‬ ‫ح عند ال ّ‬ ‫ومقابل الص ّ‬
‫سليم بالمعذور ‪ ،‬كمن به سلس البول ‪ ،‬واستطلق‬ ‫ال ّ‬
‫سائل ‪،‬‬ ‫البطن ‪ ،‬وانفلت الّريح ‪ ،‬وكذا الجرح ال ّ‬
‫ن أصحاب العذار‬ ‫والّرعاف ‪ ،‬والمستحاضة ‪ ،‬ل ّ‬
‫ة ‪ ،‬لكن جعل الحدث‬ ‫يصلّون مع الحدث حقيق ً‬
‫الموجود في حّقهم كالمعدوم ‪ ،‬للحاجة إلى الداء فل‬

‫‪65‬‬
‫صحيح‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ضرورة تقدّر بقدرها ‪ ،‬ول ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫يتعدّاهم ‪ ،‬ل ّ‬
‫أقوى حال ً من المعذور ‪ ،‬ول يجوز بناء القويّ على‬
‫ن المام ضامن ‪ ،‬بمعنى أنّه تضمن‬ ‫ضعيف ‪ ،‬ول ّ‬ ‫ال ّ‬
‫من ما هو‬ ‫شيء ل يتض ّ‬ ‫صلته صلة المقتدي ‪ ،‬وال ّ‬
‫فوقه ‪.‬‬
‫سليم‬ ‫ح اقتداء ال ّ‬ ‫ح ‪ :‬يص ّ‬ ‫شافعيّة في الص ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫سلس ‪ ،‬والطّاهرة بالمستحاضة غير‬ ‫بصاحب ال ّ‬
‫حة صلتهم من غير إعادةٍ ‪.‬‬ ‫المتحيّرة ‪ ،‬لص ّ‬
‫سليم بالمعذور هو قول المالكيّة في‬ ‫وجواز اقتداء ال ّ‬
‫المشهور ‪ ،‬لنّه إذا عفي عن العذار في حقّ صاحبها‬
‫ق غيره ‪ .‬لكنّهم صّرحوا بكراهة‬ ‫عفي عنها في ح ّ‬
‫حاء ‪ .‬وقد نقل في التّاج‬ ‫إمامة أصحاب العذار للص ّ‬
‫والكليل عن المالكيّة في جواز أو عدم جواز اقتداء‬
‫ن عمر‬ ‫ل للجواز بأ ّ‬ ‫سليم بالمعذور قولين ‪ .‬واستد ّ‬ ‫ال ّ‬
‫كان إماما ً وأخبر أنّه يجد ذلك ( أي سلس المذي )‬
‫ول ينصرف ويجوز اقتداء صاحب العذر بمثله‬
‫مطلقا ً ‪ ،‬أي ولو اختلف العذر ‪ ،‬أو إن اتّحد عذرهما‬
‫ل يذكر في مصطلح ( عذر ) ‪.‬‬ ‫على تفصي ٍ‬
‫اقتداء المكتسي بالعاري ‪:‬‬
‫‪ - 38‬صّرح جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة‬
‫شافعيّة ) بعدم‬ ‫ح عند ال ّ‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬وهو مقابل الص ّ‬
‫حة اقتداء المكتسي ( أي مستور العورة ) بالعاري‬ ‫ص ّ‬
‫ن المقتدي أقوى حال ً من المام ‪ ،‬فيلزم اقتداء‬ ‫‪،‬ل ّ‬
‫ضعيف ‪.‬‬ ‫القوي بال ّ‬
‫ّ‬
‫ط يقدر عليه المأموم ‪ ،‬فأشبه‬ ‫ولنّه تارك لشر ٍ‬
‫اقتداء المعافى بمن به سلس البول ‪.‬‬
‫ن المالكيّة قالوا ‪ :‬إن وجدوا ثوبا ً صلّوا به‬ ‫حتّى إ ّ‬
‫مهم به أحد ‪.‬‬ ‫أفذاذا ً ل يؤ ّ‬

‫‪66‬‬
‫ح إلى جواز اقتداء‬ ‫شافعيّة في الص ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫المستور بالعاري ‪ ،‬بناءً على أصلهم في جواز اقتداء‬
‫ما اقتداء العاري بالعاري فيجوز‬ ‫سليم بالمعذور ‪ .‬أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن المالكيّة قيّدوا الجواز بما‬ ‫مة الفقهاء ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫عند عا ّ‬
‫إن اجتمعوا بظلم ‪ ،‬وإل ّ تفّرقوا وصلّوا أفذاذاً‬
‫ٍ‬
‫متباعدين ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫م ّ‬‫اقتداء القارئ بال ّ‬
‫ي عند جمهور‬ ‫م ّ‬ ‫‪ - 39‬ل يجوز اقتداء القارئ بال ّ‬
‫الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ‪ ،‬والجديد من‬
‫مل‬ ‫ن المام ضامن ويتح ّ‬ ‫شافعيّة ) ل ّ‬ ‫مذهب ال ّ‬
‫ي‪،‬‬‫م ّ‬ ‫القراءة عن المأموم ‪ ،‬ول يمكن ذلك في ال ّ‬
‫ط‬
‫لعدم قدرته على القراءة ‪ ،‬ولنّهما تاركان لشر ٍ‬
‫ي هنا عند‬ ‫م ّ‬‫يقدران عليه بتقديم القارئ ‪ ،‬والمراد بال ّ‬
‫الفقهاء ‪ :‬من ل يحسن القراءة الّتي تتوقّف عليها‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي في القديم من مذهب‬ ‫م ّ‬ ‫ويجوز اقتداء القارئ بال ّ‬
‫سّريّة دون الجهريّة ‪ ،‬وذهب‬ ‫صلة ال ّ‬ ‫شافعيّة ‪ ،‬في ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫حة القتداء به مطلقا ً ‪.‬‬ ‫ي إلى ص ّ‬ ‫المزن ّ‬
‫وجمهور العلماء على بطلن صلة القارئ إذا اقتدى‬
‫ي‪،‬‬ ‫م ّ‬‫حة بناء صلته على صلة ال ّ‬ ‫ي ‪ ،‬لعدم ص ّ‬ ‫م ّ‬ ‫بال ّ‬
‫م القارئ عند‬ ‫ي الّذي أ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫كذلك تبطل صلة ال ّ‬
‫ط‬
‫شافعيّة في الجديد لفقد شر ٍ‬ ‫الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫يقدران عليه ‪.‬‬
‫م‬‫صلوا في الموضوع فقالوا ‪ :‬إن أ ّ‬ ‫ما الحنابلة فقد ف ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ي‬
‫م ّ‬‫ميّا ً وقارئا ً ‪ ،‬فإن كانا عن يمينه ‪ ،‬أو كان ال ّ‬ ‫يأ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫أ ّ‬
‫حت صلة المام‬ ‫عن يمينه والقارئ عن يساره ص ّ‬
‫ي المأموم ‪ ،‬وبطلت صلة القارئ لقتدائه‬ ‫م ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ي ‪ .‬وإن كانا خلفه ‪ ،‬أو القارئ وحده عن يمينه ‪،‬‬ ‫م ٍّ‬ ‫بأ ّ‬
‫ي عن يساره فسدت صلة القارئ لقتدائه‬ ‫م ّ‬ ‫وال ّ‬

‫‪67‬‬
‫ي المأموم لكونه فذ ّاً‬ ‫م ّ‬‫ي ‪ ،‬وتبطل صلة ال ّ‬ ‫م ّ‬‫بال ّ‬
‫صلة‬ ‫خلف المام أو عن يساره ‪ ،‬وذلك مبطل لل ّ‬
‫عندهم ‪.‬‬
‫ف عند‬‫ي بمثله بل خل ٍ‬ ‫م ّ‬
‫هذا ‪ ،‬ويجوز اقتداء ال ّ‬
‫الفقهاء ‪.‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫اقتداء القادر بالعاجز عن رك ٍ‬
‫ن ‪ ،‬كالّركوع أو‬ ‫‪ - 40‬ل يجوز اقتداء من يقدر على رك ٍ‬
‫سجود أو القيام ‪ ،‬بمن ل يقدر عليه عند المالكيّة‬ ‫ال ّ‬
‫ن المام‬ ‫مد ٍ من الحنفيّة ‪ ،‬ل ّ‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬وهو قول مح ّ‬
‫ح القتداء‬ ‫صلة فلم يص ّ‬ ‫ن من أركان ال ّ‬ ‫عجز عن رك ٍ‬
‫به كالعاجز عن القراءة إل ّ بمثله ‪ ،‬ولعدم جواز‬
‫ن الحنابلة‬ ‫ضعيف كما مّر ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫القوي بال ّ‬
‫ّ‬ ‫اقتداء‬
‫ي المرجوّ زوال علّته ‪ ،‬وفي هذه‬ ‫استثنوا إمام الح ّ‬
‫ح أن يصلّي المقتدرون وراءه جلوسا ً أو‬ ‫الحالة يص ّ‬
‫قياما ً عندهم ‪.‬‬
‫ويجوز اقتداء قائم ٍ بقاعد ٍ يركع ويسجد عند أبي‬
‫شافعيّة ولو لم‬ ‫حنيفة وأبي يوسف ‪ ،‬وجاز ذلك عند ال ّ‬
‫سجود ‪ ،‬لحديث‬ ‫يكن القاعد قادرا ً على الّركوع أو ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬
‫عائشة رضي الله عنها أ ّ‬
‫وسلم « صلّى آخر صلته قاعدا ً والقوم خلفه قيام »‬
‫‪.‬‬
‫واختلفوا في اقتداء المستوي خلف الحدب ‪ ،‬فقال‬
‫شافعيّة بجوازه ‪ ،‬وقيّده بعض الحنفيّة بألّ‬ ‫الحنفيّة وال ّ‬
‫تبلغ حدبته حد ّ الّركوع ‪ ،‬ويميّز قيامه عن ركوعه ‪،‬‬
‫وقال المالكيّة بجوازه مع الكراهة ‪ ،‬ومنعه الحنابلة‬
‫مطلقا ً ‪.‬‬
‫ما إذا كان المام يصلّي باليماء فل يجوز اقتداء‬ ‫أ ّ‬
‫ساجد خلفه عند الجمهور‬ ‫القائم أو الّراكع أو ال ّ‬
‫( الحنفيّة عدا زفر ‪ ،‬والمالكيّة والحنابلة ) خلفاً‬

‫‪68‬‬
‫شافعيّة الّذين قاسوا المضطجع والمستلقي على‬ ‫لل ّ‬
‫القاعد ‪.‬‬
‫ويجوز اقتداء المومئ بمثله عند الجمهور خلفاً‬
‫ن اليماء ل ينضبط ‪ ،‬فقد‬ ‫للمالكيّة في المشهور ‪ ،‬ل ّ‬
‫يكون إيماء المأموم أخفض من إيماء المام ‪ ،‬وقد‬
‫يسبقه المأموم في اليماء ‪ ،‬وهذا يضّر ‪.‬‬
‫القتداء بالفاسق ‪:‬‬
‫‪ - 41‬الفاسق ‪ :‬من فعل كبيرة ً ‪ ،‬أو داوم على‬
‫شافعيّة بجواز‬ ‫صغيرةٍ ‪ .‬وقد صّرح الحنفيّة وال ّ‬
‫ما الجواز فلما ورد‬ ‫القتداء بالفاسق مع الكراهة ‪ ،‬أ ّ‬
‫ر وفاجرٍ » ‪ ،‬ولما‬ ‫ل ب ٍّ‬ ‫في الحديث ‪ « :‬صلّوا خلف ك ّ‬
‫ن ابن عمر " كان يصلّي خلف‬ ‫رواه ال ّ‬
‫شيخان أ ّ‬
‫ما الكراهة فلعدم الوثوق به‬ ‫جاج على ظلمه ‪ .‬وأ ّ‬ ‫الح ّ‬
‫شروط ‪.‬‬ ‫في المحافظة على ال ّ‬
‫ح‬‫وقال الحنابلة ‪ -‬وهو رواية عند المالكيّة ‪ : -‬ل تص ّ‬
‫خمر‬
‫ٍ‬ ‫ق وشارب‬ ‫ن وسار ٍ‬ ‫ل ‪ ،‬كزا ٍ‬ ‫ق بفع ٍ‬ ‫إمامة فاس ٍ‬
‫ي ولو‬ ‫ي أو رافض ٍ ّ‬ ‫مام ٍ ونحوه ‪ ،‬أو اعتقاد ٍ ‪ ،‬كخارج ٍ ّ‬ ‫ون ّ‬
‫كان مستورا ً ‪ .‬لقوله تعالى ‪ { :‬أفمن كان مؤمناً‬
‫كمن كان فاسقا ً ل يستوون } ‪ ،‬ولما روي عن جابرٍ‬
‫ي مهاجراً‬ ‫من امرأة رجل ً ‪ ،‬ول أعراب ّ‬ ‫مرفوعا ً ‪ « :‬ل تؤ ّ‬
‫ن يخاف‬ ‫‪ ،‬ول فاجر مؤمنا ً إل ّ أن يقهره بسلطا ٍ‬
‫صل المالكيّة في الّرواية‬ ‫سوطه وسيفه » ‪ .‬وف ّ‬
‫ن وشارب‬ ‫الخرى المعتمدة بين الفاسق بجارحةٍ كزا ٍ‬
‫صلة ‪ ،‬كأن يقصد‬ ‫خمرٍ ‪ ،‬وبين من يتعلّق فسقه بال ّ‬
‫ط ‪ ،‬أو سنّةٍ‬ ‫ن أو شر ٍ‬ ‫ل برك ٍ‬ ‫بتقدّمه الكبر ‪ ،‬أو يخ ّ‬
‫عمدا ً ‪ ،‬فقالوا بجواز القتداء بالوّل دون الثّاني ‪.‬‬
‫ما في الجمع‬ ‫صلوات الخمس ‪ ،‬أ ّ‬ ‫وهذا كلّه في ال ّ‬
‫والعياد فيجوز القتداء بالفاسق اتّفاقا ً ‪ ،‬لنّهما‬

‫‪69‬‬
‫صان بإمام ٍ واحد ٍ ‪ ،‬فالمنع منهما خلفه يؤدّي إلى‬ ‫يخت ّ‬
‫صلوات ‪.‬‬ ‫تفويتهما دون سائر ال ّ‬
‫م والخرس ‪:‬‬ ‫القتداء بالعمى والص ّ‬
‫حة القتداء بالعمى‬ ‫‪ - 42‬ل خلف بين الفقهاء في ص ّ‬
‫صمم ل يخّلن بشي ٍء من‬ ‫ن العمى وال ّ‬ ‫م‪،‬ل ّ‬ ‫والص ّ‬
‫صلة ‪ ،‬ول بشروطها ‪ .‬لكن الحنفيّة‬ ‫أفعال ال ّ‬
‫والحنابلة صّرحوا بكراهة إمامة العمى ‪ ،‬كما صّرح‬
‫المالكيّة بأفضليّة إمامة البصير المساوي للعمى‬
‫في الفضل ‪ ،‬لنّه أشد ّ تحّفظا ً من النّجاسات ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬العمى والبصير سواء لتعارض‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ن العمى ل ينظر ما يشغله فهو‬ ‫فضليهما ‪ ،‬ل ّ‬
‫أخشع ‪ ،‬والبصير ينظر الخبث فهو أقدر على تجنّبه ‪،‬‬
‫ما إذا تبذ ّل أي ترك‬ ‫وهذا إذا كان العمى ل يتبذ ّل ‪ ،‬أ ّ‬
‫صيانة عن المستقذرات ‪ ،‬كأن لبس ثياب البذلة ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ما الخرس فل يجوز‬ ‫كان البصير أولى منه ‪ .‬أ ّ‬
‫صلة من التّحريمة‬ ‫القتداء به ‪ ،‬لنّه يترك أركان ال ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة صّرحوا بعدم‬ ‫ن ال ّ‬
‫والقراءة ‪ .‬حتّى إ ّ‬
‫جواز القتداء بالخرس ‪ ،‬ولو كان المقتدي مثله ‪،‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫ن الخرس أسوأ حال ً من ال ّ‬
‫م ّ‬ ‫وصّرح الحنفيّة أ ّ‬
‫ي على التّحريمة دون الخرس ‪ ،‬فل يجوز‬ ‫م ّ‬‫لقدرة ال ّ‬
‫ي بالخرس ‪ ،‬ويجوز العكس ‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫اقتداء ال ّ‬
‫القتداء بمن يخالفه في الفروع ‪:‬‬
‫بإمام‬
‫ٍ‬ ‫حة القتداء‬‫‪ - 43‬ل خلف بين الفقهاء في ص ّ‬
‫يخالف المقتدي في الفروع ‪ ،‬إذا كان المام يتحامى‬
‫ضأ من الخارج النّجس من‬ ‫مواضع الخلف ‪ ،‬بأن يتو ّ‬
‫سبيلين كالفصد مثل ً ‪ ،‬ول ينحرف عن القبلة‬ ‫غير ال ّ‬
‫انحرافا ً فاحشا ً ‪ ،‬ويراعي الدّلك والموالة في‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫الوضوء ‪ ،‬والطّمأنينة في ال ّ‬

‫‪70‬‬
‫ف في المذهب إذا‬ ‫ح القتداء بإمام ٍ مخال ٍ‬ ‫وكذلك يص ّ‬
‫صلة عند‬ ‫كان ل يعلم منه التيان بما يفسد ال ّ‬
‫صحابة والتّابعين ومن بعدهم‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن‪،‬ل ّ‬‫المقتدي بيقي ٍ‬
‫ض مع‬ ‫من المسلمين لم يزل بعضهم يقتدي ببع ٍ‬
‫ف‬
‫ص ّ‬‫اختلفهم في الفروع ‪ ،‬ولما فيه من وحدة ال ّ‬
‫وقوّة المسلمين ‪.‬‬
‫حة‬‫ن المام أتى بمانٍع لص ّ‬ ‫ما إذا علم المقتدي أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫صلة في مذهب المأموم ‪ ،‬وليس مانعا ً في مذهبه‬ ‫ال ّ‬
‫‪ ،‬كترك الدّلك والموالة في الوضوء ‪ ،‬أو ترك شرطاً‬
‫صلة عند المأموم ‪ ،‬فقد صّرح المالكيّة‬ ‫في ال ّ‬
‫حة القتداء‬ ‫شافعيّة ‪ -‬بص ّ‬ ‫والحنابلة ‪ -‬وهو رواية عند ال ّ‬
‫صلة مذهب المام ل‬ ‫ن المعتبر في شروط ال ّ‬ ‫‪،‬ل ّ‬
‫صلة‬ ‫المأموم ‪ ،‬ما لم يكن المتروك ركنا ً داخل ً في ال ّ‬
‫ح‬
‫عند المالكيّة ‪ ،‬كترك الّرفع من الّركوع ‪ .‬وفي الص ّ‬
‫ح القتداء اعتبارا ً بنيّة المقتدي ‪،‬‬ ‫شافعيّة ل يص ّ‬ ‫عند ال ّ‬
‫لنّه يعتقد فساد صلة إمامه ‪ ،‬فل يمكن البناء عليه ‪.‬‬
‫وقال الحنفيّة ‪ :‬إن تيّقن المقتدي ترك المام مراعاة‬
‫ح القتداء ‪ ،‬وإن علم‬ ‫الفروض عند المقتدي لم يص ّ‬
‫ما إن علم منه ترك‬ ‫تركه للواجبات فقط يكره ‪ ،‬أ ّ‬
‫ن الجماعة واجبة ‪،‬‬ ‫سنن فينبغي أن يقتدي به ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬‫فتقدّم على ترك كراهة التّنزيه ‪ ،‬وهذا بناء على أ ّ‬
‫ح ‪ -‬وقيل ‪ :‬لرأي‬ ‫العبرة لرأي المقتدي ‪ -‬وهو الص ّ‬
‫المام ‪ ،‬وعليه جماعة ‪ .‬قال في النّهاية ‪ :‬وهو‬
‫ح القتداء ‪ ،‬وإن كان المام ل‬ ‫القيس ‪ ،‬وعليه فيص ّ‬
‫يحتاط ‪.‬‬
‫صلة‬ ‫القتداء في غير ال ّ‬
‫سي‬ ‫صلة ‪ -‬بمعنى التّأ ّ‬ ‫‪ - 44‬القتداء في غير ال ّ‬
‫والتّباع ‪ -‬يختلف حكمه باختلف المقتدى به ‪،‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم في أمور‬ ‫فالقتداء بالنّب ّ‬

‫‪71‬‬
‫شريعة واجب أو مندوب‬ ‫الدّين وما يتعلّق بال ّ‬
‫( بحسب حكم ذلك الفعل ) ‪ ،‬والقتداء بأفعاله صلى‬
‫الله عليه وسلم الجبلّيّة حكمه الباحة ‪ ،‬والقتداء‬
‫بالمجتهد فيما اجتهد فيه من المسائل الفقهيّة‬
‫مطلوب لمن ليس له أهليّة الجتهاد عند الصوليّين ‪.‬‬
‫ي ‪ ،‬وانظر‬ ‫وتفصيل هذه المسائل في الملحق الصول ّ‬
‫سي ) ‪.‬‬ ‫مصطلحي ( اتّباع ‪ ،‬وتأ ّ‬
‫=================‬
‫اكتحال *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬مصدر اكتحل ‪ .‬يقال اكتحل ‪ :‬إذا‬ ‫‪ - 1‬الكتحال لغ ً‬
‫وضع الكحل في عينه ‪ .‬وهو في الصطلح مستعمل‬
‫بهذا المعنى ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫شافعيّة الكتحال وترا ً ‪،‬‬ ‫ب الحنابلة وال ّ‬ ‫‪ - 2‬استح ّ‬
‫لقوله عليه الصلة والسلم ‪ « :‬من اكتحل فليوتر‬
‫» ‪ ،‬وأجازه مالك في أحد قوليه للّرجال ‪ ،‬وكرهه في‬
‫قوله الخر للتّشبّه بالنّساء ‪.‬‬
‫ما الحنفيّة ‪ ،‬فقالوا بالجواز إذا لم يقصد به الّرجل‬ ‫أ ّ‬
‫ن الممنوع هو التّزيّن‬ ‫الّزينة ‪ ،‬وأوضح بعض الحنفيّة أ ّ‬
‫للتّكبّر ‪ ،‬ل بقصد الجمال والوقار ‪ .‬ول خلف في‬
‫جواز الكتحال للنّساء ولو بقصد الّزينة ‪ ،‬وكذلك‬
‫للّرجال بقصد التّداوي ‪ .‬وللتّفصيل ينظر مصطلح‬
‫( تزيّن ) ‪.‬‬
‫جس ‪:‬‬ ‫الكتحال بالمتن ّ‬
‫‪ - 3‬ينبغي أن يكون ما يكتحل به طاهرا ً حلل ً ‪ ،‬أ ّ‬
‫ما‬
‫الكتحال بالنّجس أو المحّرم فهو غير جائزٍ لعموم‬
‫ما إذا كان الكتحال لضرورةٍ فقد‬ ‫النّهي عن ذلك ‪ .‬أ ّ‬

‫‪72‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬ومنعه المالكيّة‬ ‫أجازه الحنفيّة وال ّ‬
‫‪.‬‬
‫الكتحال في الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 4‬أجاز الحنفيّة الكتحال بالثمد للمحرم بغير‬
‫ب وفعله‬ ‫ب ‪ ،‬فإذا كان بطي ٍ‬ ‫كراهةٍ ما دام بغير طي ٍ‬
‫مّرة ً أو مّرتين فعليه صدقة ‪ ،‬فإن كان أكثر فعليه دم‬
‫ب ‪ ،‬إل ّ إذا‬
‫‪ .‬ومنعه المالكيّة وإن كان من غير طي ٍ‬
‫كان لضرورةٍ ‪ ،‬فإن اكتحل فعليه الفدية ‪ .‬وأجازه‬
‫شافعيّة والحنابلة مع الكراهة ‪ ،‬واشترط الحنابلة‬ ‫ال ّ‬
‫عدم قصد الّزينة به ‪ ( .‬ر ‪ -‬إحرام ) ‪.‬‬
‫صوم ‪:‬‬ ‫الكتحال في ال ّ‬
‫صائم بما يصل إلى جوفه فعند‬ ‫‪ - 5‬إذا اكتحل ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ -‬وهو اختيار ابن تيميّة ‪ -‬ل يفسد‬ ‫الحنفيّة وال ّ‬
‫صومه ‪ ،‬وإن وجد طعمه في حلقه ‪ ،‬ولونه في‬
‫نخامته ‪ ،‬لنّه لم يصل إلى الجوف من منفذٍ مباشرٍ ‪،‬‬
‫م ‪ .‬وقال المالكيّة ‪ ،‬وهو المذهب‬ ‫بل بطريق المسا ّ‬
‫عند الحنابلة ‪ :‬إنّه يفسد صومه إذا وصل إلى الحلق‬
‫‪ .‬وللتّفصيل ينظر ( صوم ) ‪.‬‬
‫الكتحال للمعتدّة من الوفاة ‪:‬‬
‫‪ - 6‬إذا كان الكتحال بما ل يتزيّن به عادةً فل بأس‬
‫ما يتزيّن‬ ‫به عند الفقهاء ليل ً أو نهارا ً ‪ .‬أ ّ‬
‫ما إذا كان م ّ‬
‫به كالثمد ‪ ،‬فالصل عدم جوازه إل ّ لحاجةٍ ‪ ،‬فإن‬
‫ن‬
‫دعت الحاجة إلى ذلك جاز ‪ .‬وصّرح المالكيّة أ ّ‬
‫المراد ‪ -‬في هذه الحال ‪ -‬تكتحل ليل ً وتغسله نهاراً‬
‫وجوبا ً ‪.‬‬
‫الكتحال للمعتدّة من الطّلق ‪:‬‬
‫‪ - 7‬اتّفق الفقهاء على إباحة الكتحال للمعتدّة من‬
‫ي ‪ .‬بل صّرح المالكيّة بأنّه يفرض على‬ ‫ق رجع ٍ ّ‬ ‫طل ٍ‬
‫زوج المعتدّة ثمن الّزينة الّتي تستضّر بتركها ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫ن ‪ .‬قال الحنفيّة ‪،‬‬ ‫ق بائ ٍ‬ ‫واختلفوا في المعتدّة من طل ٍ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬يجب عليها ترك‬ ‫وهو رأي لل ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪:‬‬ ‫ي لل ّ‬ ‫الكتحال والّزينة ‪ ،‬وفي رأ ٍ‬
‫يستحسن لها ذلك ‪.‬‬
‫ما المالكيّة فعندهم الباحة مطلقا ً للمطلّقة ( ر ‪-‬‬ ‫أ ّ‬
‫عدّة ) ‪.‬‬
‫الكتحال في العتكاف ‪:‬‬
‫شافعيّة على الّزينة في العتكاف‬ ‫‪ - 8‬تكلّم ال ّ‬
‫والكتحال فيه ‪ ،‬وصّرحوا بأنّه ل يضّر فيه الكتحال‬
‫ول الّزينة ‪ .‬وقواعد المذاهب الخرى ل تنافيه ‪ ( .‬ر ‪-‬‬
‫اعتكاف ) ‪.‬‬
‫الكتحال في يوم عاشوراء ‪:‬‬
‫‪ - 9‬تكلّم الحنفيّة على الكتحال في يوم عاشوراء‬
‫ص‬‫وعلى استحبابه ‪ ،‬وأبانوا بأنّه لم يرد في ذلك ن ّ‬
‫صحيح ‪ ،‬وقال بعضهم ‪ :‬بأنّه بدعة ‪ ( .‬ر ‪ -‬بدعة ) ‪.‬‬
‫=================‬
‫اليّام البيض *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬اليّام البيض هي ‪ :‬اليوم الثّالث عشر والّرابع‬
‫ميت‬ ‫ي ‪ .‬وس ّ‬ ‫شهر عرب ٍ ّ‬‫ٍ‬ ‫عشر والخامس عشر من ك ّ‬
‫ل‬
‫بيضا ً لبيضاض لياليها بالقمر ‪ ،‬لنّه يطلع فيها من‬
‫صواب أن‬ ‫ي ‪ :‬ال ّ‬ ‫أوّلها إلى آخرها ‪ .‬ولذلك قال ابن بّر ٍ ّ‬
‫ن البيض من صفة‬ ‫يقال ‪ :‬أيّام البيض ‪ ،‬بالضافة ل ّ‬
‫اللّيالي ‪ -‬أي أيّام اللّيالي البيضاء ‪ .‬وقال المط ّ ّ‬
‫رزي ‪:‬‬
‫سرها باليّام فقد أبعد ‪.‬‬ ‫من ف ّ‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫سود ‪:‬‬ ‫اليّام ال ّ‬

‫‪74‬‬
‫سود ‪ :‬هي الثّامن‬ ‫سود أو أيّام اللّيالي ال ّ‬ ‫‪ - 2‬اليّام ال ّ‬
‫ن القمر في هذه‬ ‫والعشرون وتالياه ‪ ،‬باعتبار أ ّ‬
‫اللّيالي يكون في تمام المحاق ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫ل شهرٍ ‪ ،‬لكثرة‬ ‫ب صوم اليّام البيض من ك ّ‬ ‫‪ - 3‬يستح ّ‬
‫ي‬‫الحاديث الواردة في ذلك ‪ ،‬ومنها ما روي عن النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬من صام من ك ّ‬
‫ل‬
‫ة أيّام ٍ فذاك صيام الدّهر » وعن ملحان‬ ‫شهرٍ ثلث َ‬
‫ي قال ‪ « :‬كان رسول اللّه صلى الله عليه‬ ‫القيس ّ‬
‫وسلم يأمرنا أن نصوم البيض ‪ :‬ثلث عشرة وأربع‬
‫عشرة وخمس عشرة ‪ ،‬وقال ‪ :‬هو كهيئة الدّهر »‬
‫ل شهور العام عدا شهر ذي‬ ‫وهذا ينطبق على ك ّ‬
‫جة ‪ ،‬فل يصام فيه اليوم الثّالث عشر ‪ ،‬لنّه من‬ ‫الح ّ‬
‫أيّام التّشريق الّتي ورد النّهي عن صومها ‪.‬‬
‫سادس عشر‬ ‫شافعيّة أن يصام ال ّ‬ ‫والوجه كما يقول ال ّ‬
‫جة ‪.‬‬‫من ذي الح ّ‬
‫شافعيّة‬‫ب عند الحنفيّة وال ّ‬ ‫وصوم هذه اليّام مستح ّ‬
‫والحنابلة ‪.‬‬
‫وكان مالك يصوم أوّل يومه ‪ ،‬وحادي عشره ‪،‬‬
‫وحادي عشرينه ‪.‬‬
‫وكره المالكيّة كونها الثّلثة اليّام البيض ‪ ،‬مخافة‬
‫اعتقاد وجوبها وفرارا ً من التّحديد ‪.‬‬
‫ما إن كان على‬ ‫وهذا إذا قصد صومها بعينها ‪ ،‬وأ ّ‬
‫سبيل التّفاق فل كراهة‬
‫===============‬
‫الجحفة *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الجحفة موضع على الطّريق بين المدينة ومكّة ‪،‬‬
‫سيل‬‫مهِيعَة ‪ ،‬فأجحف ال ّ‬ ‫مهْيَعَة ‪ ،‬أو َ‬
‫وكان اسمها َ‬

‫‪75‬‬
‫ميت جحفة ‪ ،‬وبما أنّه لم يبق بها الن إلّ‬ ‫بأهلها فس ّ‬
‫رسوم خفيّة ل يكاد يعرفها إل ّ سكّان البوادي ‪ ،‬فلذا‬
‫مى‬ ‫اختار النّاس الحرام احتياطا من المكان المس ّ‬
‫برابغ الّذي على يسار الذ ّاهب إلى مكّة وقبل‬
‫الجحفة بنصف مرحلة أو قريب من ذلك ‪.‬‬
‫شام ومصر والمغرب ‪ .‬وهي أحد‬ ‫وهي ميقات أهل ال ّ‬
‫المواقيت الخمسة الّتي ل يجوز تجاوزها لقاصد‬
‫ج والعمرة إل ّ محرما ‪ ،‬وقد جمعت في قوله ‪:‬‬ ‫الح ّ‬
‫عرق العراق يلملم اليمن وبذي الحليفة يحرم‬
‫شام جحفة إن مررت بها ولهل نجد قرن‬ ‫ي لل ّ‬
‫المدن ّ‬
‫فاستبن‬
‫ي وموطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫ن الجحفة ميقات أهل‬ ‫‪ - 2‬أجمع أهل العلم على أ ّ‬
‫شام ومصر والمغرب ومن مّر بها من غير أهلها‬ ‫ال ّ‬
‫لما رواه ابن عبّاس رضي الله عنه قال ‪ « :‬وقّت‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم لهل المدينة‬
‫شام الجحفة ولهل نجد قرن‬ ‫ذا الحليفة ‪ ،‬ولهل ال ّ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن له ّ‬
‫المنازل ‪ ،‬ولهل اليمن يلملم ‪ ،‬وقال ‪ :‬فه ّ‬
‫ج‬
‫ن لمن كان يريد الح ّ‬ ‫ن من غير أهله ّ‬ ‫ولمن أتى عليه ّ‬
‫صل الفقهاء الكلم حول تجاوزها‬ ‫أو العمرة » وقد ف ّ‬
‫ج عند الكلم عن المواقيت‬ ‫بغير إحرام في كتاب الح ّ‬
‫‪.‬‬
‫===============‬
‫الحجر السود‬
‫التّعريف‬
‫‪ - 1‬الحجر السود كتلة من الحجر ضارب إلى‬
‫سواد شبه بيضاويّ في شكله ‪ ،‬يقع في أصل بناء‬ ‫ال ّ‬
‫ي منها ‪ ،‬يستلمه‬ ‫شرق ّ‬ ‫ي ال ّ‬‫الكعبة في الّركن الجنوب ّ‬
‫ي)‪:‬‬ ‫الطّائفون عند طوافهم ( الحكم الجمال ّ‬

‫‪76‬‬
‫ن استلم الحجر‬ ‫‪ - 2‬يتّفق الفقهاء على أنّه يس ّ‬
‫السود باليد وتقبيله للطّائف لمن يقدر ‪ ،‬لما روي‬
‫ن رجل سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن‬ ‫{أ ّ‬
‫استلم الحجر فقال ‪ :‬رأيت رسول اللّه صلى الله‬
‫عليه وسلم يستلمه ويقبّله } ‪ .‬ولما روى ابن عمر‬
‫رضي الله عنهما قال ‪ :‬قبّل عمر بن الخطّاب الحجر‬
‫م قال ‪ :‬أما واللّه لقد علمت أنّك حجر ولول أنّي‬ ‫ث ّ‬
‫رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما‬
‫ن أصحاب رسول اللّه صلى الله‬ ‫قبّلتك ‪ .‬وروي أ ّ‬
‫م يقبّلونه ‪،‬‬‫عليه وسلم كانوا يستلمون الحجر ث ّ‬
‫ب‬
‫ما ل يكون بالّرأي ‪ .‬ويستح ّ‬ ‫فيلتزم فعلهم ‪ ،‬لنّه م ّ‬
‫أن يستفتح الستلم بالتّكبير ‪ ،‬لما روى ابن عبّاس‬
‫ي صلى الله‬ ‫رضي الله عنهما قال ‪ { :‬طاف النّب ّ‬
‫عليه وسلم بالبيت على بعير كلّما أتى الّركن أشار‬
‫إليه بشيء كان عنده وكبّر } ‪ .‬ويرفع يديه عند‬
‫التّكبير ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ { :‬ترفع‬
‫اليدي في سبعة مواطن وذكر من جملتها‬
‫ما عند المالكيّة‬ ‫الحجر } ‪ ، ،‬وهذا عند الجمهور ‪ .‬وأ ّ‬
‫ب استلم الحجر‬ ‫فل يرفع يديه عند التّكبير ‪ .‬ويستح ّ‬
‫ن ابن عمر رضي الله‬ ‫ل طواف ‪ ،‬ل ّ‬ ‫السود في ك ّ‬
‫عنهما ‪ ،‬قال ‪ { :‬كان رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫ي والحجر في‬ ‫وسلم ل يدع أن يستلم الّركن اليمان ّ‬
‫ل طوفة } قال نافع ‪ :‬وكان ابن عمر يفعله ‪ .‬وإن‬ ‫ك ّ‬
‫لم يتمكّن من تقبيل الحجر استلمه بيده وقبّل يده ‪،‬‬
‫ن الستلم‬ ‫وهذا عند المالكيّة والحنابلة حيث قالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫باليد يكون بعد العجز عن الستلم بالفم ‪ .‬لحديث‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬‫ابن عبّاس رضي الله عنهما { أ ّ‬
‫عليه وسلم استلمه وقبّل يده } وفعله أصحاب‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وتبعهم أهل العلم على‬ ‫النّب ّ‬

‫‪77‬‬
‫ن الستلم‬ ‫شافعيّة فقالوا ‪ :‬إ ّ‬ ‫ما الحنفيّة وال ّ‬ ‫ذلك ‪ .‬وأ ّ‬
‫م إن عجز عن الستلم‬ ‫باليد كالستلم بالفم ‪ .‬ث ّ‬
‫م يقبّله ‪،‬‬ ‫س الحجر بشيء في يده كالعصا مثل ث ّ‬ ‫يم ّ‬
‫لما روي عن أبي الطّفيل ‪ ،‬قال ‪ { :‬رأيت رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم‬
‫الّركن بمحجن معه ويقبّل المحجن } ‪ .‬وإن لم‬
‫سه بشيء فإنّه‬ ‫يستطع أن يستلم الحجر بيده ‪ ،‬أو يم ّ‬
‫يستقبله من بعد ويشير إليه بباطن كّفه كأنّه واضعها‬
‫م يقبّله ويهلّل ويكبّر ‪ ،‬لما روى البخاريّ عن‬ ‫عليه ‪ ،‬ث ّ‬
‫ي‬
‫ابن عبّاس رضي الله عنهما ‪ ،‬قال ‪ { :‬طاف النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم على بعير كلّما أتى الّركن‬
‫ن أن يقبّل الحجر من غير‬ ‫أشار إليه وكبّر } ‪ .‬ويس ّ‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬‫صوت يظهر للقبلة ‪ ،‬لحديث ابن عمر { أ ّ‬
‫م وضع‬ ‫صلى الله عليه وسلم استقبل الحجر ث ّ‬
‫م التفت فإذا هو بعمر بن‬ ‫شفتيه عليه يبكي طويل ‪ ،‬ث ّ‬
‫الخطّاب يبكي ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا عمر هاهنا تسكب‬
‫صوت قولن ‪:‬‬ ‫العبرات } ‪ .‬قال الحطّاب ‪ :‬وفي ال ّ‬
‫شيخ زّروق في شرح الرشاد ‪ :‬وفي كراهة‬ ‫قال ال ّ‬
‫جح غير واحد الجواز ‪،‬‬ ‫التّصويت بالتّقبيل قولن ‪ :‬ور ّ‬
‫ب الطّبريّ جاءه‬ ‫شيخ المح ّ‬ ‫ن ال ّ‬‫وذكر ابن رشد أ ّ‬
‫مستفت يسأله عن تقبيل الحجر أبصوت أو دونه ؟‬
‫ب‬‫فذكر له التّقبيل من غير تصويت ‪ .‬ول يستح ّ‬
‫للنّساء استلم الحجر ول تقبيله إل ّ عند خلوّ المطاف‬
‫في اللّيل أو غيره ‪.‬‬
‫البداءة في الطّواف من الحجر السود ‪:‬‬
‫مد بن‬ ‫شافعيّة والحنابلة ومح ّ‬ ‫‪ - 3‬ذهب المالكيّة وال ّ‬
‫الحسن من الحنفيّة إلى أنّه يتعيّن البداءة في‬
‫شوط لما‬ ‫الطّواف من الحجر السود ليحسب ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم افتتح‬ ‫ن النّب ّ‬
‫روي { أ ّ‬

‫‪78‬‬
‫الطّواف من يمين الحجر ل من يساره } ‪ ،‬وذلك‬
‫ج ‪ ،‬وقد‬ ‫تعليم منه صلى الله عليه وسلم مناسك الح ّ‬
‫قال عليه الصلة والسلم ‪ { :‬خذوا عنّي‬
‫ي صلى‬ ‫مناسككم } فتجب البداءة بما بدأ به النّب ّ‬
‫الله عليه وسلم ولو افتتح الطّواف من غير الحجر‬
‫شوط إل ّ أن يصير إلى الحجر فيبتدئ‬ ‫لم يعتد ّ بذلك ال ّ‬
‫ما عند الحنفيّة في ظاهر الّرواية‬ ‫منه الطّواف ‪ .‬وأ ّ‬
‫ن البداءة في الطّواف من الحجر السود‬ ‫ومالك أ ّ‬
‫سنّة ‪ ،‬ولو بدأ الطّواف من مكان غير الحجر السود‬
‫بدون عذر أجزأه مع الكراهة لقوله تعالى ‪:‬‬
‫{ وليطّوّفوا بالبيت العتيق } مطلقا عن شرط‬
‫البتداء بالحجر السود ‪.‬‬
‫استلم الحجر وتقبيله في الّزحام ‪:‬‬
‫‪ - 4‬إذا كان في الطّواف زحام وخشي الطّائف إيذاء‬
‫النّاس فالولى أن يترك تقبيل الحجر السود‬
‫ن استلم الحجر السود سنّة وترك‬ ‫واستلمه ‪ ،‬ل ّ‬
‫سنّة ‪،‬‬
‫إيذاء النّاس واجب فل يهمل الواجب لجل ال ّ‬
‫ي صلى‬ ‫ن النّب ّ‬‫وقد ورد عن عمر رضي الله عنه { أ ّ‬
‫الله عليه وسلم قال له ‪ :‬يا عمر إنّك رجل قويّ ل‬
‫ضعيف ‪ ،‬إن وجدت‬ ‫تزاحم على الحجر فتؤذي ال ّ‬
‫خلوة فاستلمه ‪ ،‬وإل ّ فاستقبله وهلّل وكبّر } ‪.‬‬
‫سجود على الحجر السود ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪ - 5‬حكى ابن المنذر عن عمر بن الخطّاب وابن‬
‫ب بعد‬ ‫ي وأحمد أنّه يستح ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫عبّاس وطاوس وال ّ‬
‫سجود عليه بالجبهة ‪ ،‬وقد‬ ‫تقبيل الحجر السود ال ّ‬
‫ي عن ابن عبّاس موقوفا "‬ ‫ي والبيهق ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫أخرج ال ّ‬
‫أنّه كان يقبّل الحجر السود ويسجد عليه ‪ .‬وكره‬
‫ي‬
‫سجود وتمريغ الوجه عليه ‪ ،‬ونقل الكاسان ّ‬ ‫مالك ال ّ‬
‫عن مالك أنّه بدعة ‪ ،‬ونقل ابن الهمام عن قوام‬

‫‪79‬‬
‫ي قال ‪ :‬وعندنا الولى أن ل يسجد لعدم‬ ‫الدّين الكاك ّ‬
‫الّرواية من المشاهير ‪.‬‬
‫الدّعاء عند استلم الحجر ‪:‬‬
‫ب أن يقول‬ ‫‪ - 6‬ذهب أكثر الفقهاء إلى أنّه يستح ّ‬
‫الطّائف عند استلم الحجر ‪ ،‬أو استقباله بوجهه إذا‬
‫ق عليه استلمه ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ‪،‬‬ ‫ش ّ‬
‫م إيمانا بك ‪ ،‬وتصديقا بكتابك ‪،‬‬ ‫واللّه أكبر ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫مد صلى الله‬ ‫ووفاء بعهدك ‪ ،‬واتّباعا لسنّة نبيّك مح ّ‬
‫ن‬
‫عليه وسلم ‪ .‬لما روى جابر رضي الله عنه { أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم استلم الّركن الّذي فيه‬ ‫النّب ّ‬
‫م وفاء بعهدك وتصديقا‬ ‫م قال ‪ :‬اللّه ّ‬ ‫الحجر وكبّر ث ّ‬
‫بكتابك } ‪ .‬وزاد ابن الهمام ‪ :‬ل إله إل ّ اللّه ‪ ،‬اللّه‬
‫م إليك بسطت يدي ‪ ،‬وفيما عندك‬ ‫أكبر ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫عظمت رغبتي فاقبل دعوتي وأقلني عثرتي ‪ ،‬وارحم‬
‫تضّرعي ‪ ،‬وجد لي بمغفرتك ‪ ،‬وأعذني من مضّلت‬
‫ي في البدائع ‪ :‬ولم يذكر عن‬ ‫الفتن ‪ .‬وذكر الكاسان ّ‬
‫ن الدّعوات ل تحصى ‪.‬‬ ‫أصحابنا فيه دعاء بعينه ‪ ،‬ل ّ‬
‫==============‬
‫الخلصة في تكرار العمرة‬
‫وفي المجموع ‪:‬‬
‫مَرةِ ‪ .‬قَدْ‬ ‫ت الْعُ ْ‬ ‫ماءِ فِي وَقْ ِ‬ ‫ب الْعُل َ َ‬ ‫مذ َاه ِ ِ‬ ‫( فَْرع ٌ ) فِي َ‬
‫ذ َك َرنا أ َ‬
‫سنَةِ ‪ ,‬وََل تُكَْرهُ‬ ‫ميِع ال َّ‬ ‫ج ِ‬ ‫جواُزهَا فِي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ‬
‫مد ُ وَدَاوُد ‪,‬‬ ‫َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫منْهَا ‪ ,‬وَبِهَذ َا قَا َ‬ ‫فِي َ‬
‫ح َ‬ ‫ك وَأ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫يءٍ ِ‬ ‫ش ْ‬
‫ل أَبُو‬ ‫ور الُْفَقهَاءِ ‪َ ,‬وقَا َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مه‬
‫ج ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ي عَ‬ ‫ماوَْرد ِ ُّ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫قل َ ُ‬ ‫وَن َ َ‬
‫حابُنَا بأ َ َّ َ‬ ‫ة ‪ ,‬تك ْره الْعمرة ُ ‪ ,‬واحت َ َ‬
‫ص َ‬
‫ل‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫ِ‬ ‫ص َ‬ ‫جأ ْ‬ ‫َ ْ َ ّ‬ ‫حنِيَف َ ُ َ ُ ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫م يَثْب ُ ْ‬ ‫ي ‪ ,‬وَل َ ْ‬ ‫ع ُّ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ت النَّهي ال َّ‬ ‫حتَّى يَثْب ُ َ‬ ‫م الْكََراهَةِ َ‬ ‫عَد َ ُ‬
‫ْ ُ‬
‫ة بَِل‬ ‫جوُز الِْقَرا ُ‬ ‫َ‬
‫ن فِي يَوْم ِ عََرفَ َ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫خبَُر ; وَِلن َّ ُ‬ ‫هَذ َا ال ْ َ‬
‫ميِع‬ ‫ج ِ‬ ‫ما فِي َ‬ ‫مَرةِ فِيهِ ك َ َ‬ ‫كََراهَةٍ ‪ ,‬فََل يُكَْره ُ إفَْراد ُ الْعُ ْ‬
‫ة‬
‫مَر ِ‬ ‫ة الْعُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ستِدَا َ‬ ‫ت َل يُكَْرهُ فِيهِ ا ْ‬ ‫ل وَقْ ٍ‬ ‫ن ك ُ َّ‬ ‫سنَةِ ; وَِل َ َّ‬ ‫ال َّ‬

‫‪80‬‬
‫ما ) قَوْ ُ‬
‫ل‬ ‫سنَةِ ‪ ( .‬وَأ َ َّ‬ ‫شاؤُهَا كَبَا ِقي ال َّ‬ ‫َل يُكَْره ُ فِيهِ إن ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جوَدُهَا أن َّ ُ‬
‫ه‬ ‫جوِبَةٍ أ ْ‬ ‫ه بِأ ْ‬ ‫حابُنَا ع َن ْ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ب)أ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫ة ( فَأ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ع َائ ِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م َّ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫م يَذ ْكُْرهُ ع َنْهَا أ َ‬ ‫ف ع َنْهَا ‪ ,‬وَل َ ْ‬ ‫ل َل يُعَْر ُ‬ ‫بَاط ِ ٌ‬
‫شتَهَْر ‪ ,‬فََل‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ي لَ ْ‬ ‫حاب ِ ٍ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن قَوْ ُ‬ ‫ح لَكَا َ‬ ‫ص َّ‬ ‫مد ُ ‪ ,‬وَلَوْ َ‬ ‫يُعْت َ َ‬
‫شتُهَِر لَكَا َ‬
‫ن‬ ‫ح َوا ْ‬ ‫ص َّ‬ ‫حيِح ‪ ,‬وَلَوْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ة فِيهِ ع َلَى ال َّ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫م‪:‬‬ ‫ما ) قَوْلُهُ ْ‬ ‫ج ( وَأ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫سا بِال ْ َ‬ ‫متَلَب ِّ ً‬ ‫ن ُ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫موًل ع َلَى َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫مَرةُ ‪ ,‬فَدَعْوَى بَاطِل َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ت فِيهَا الْعُ ْ‬ ‫ج فَكُرِهَ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫إنَّهَا أيَّا ُ‬
‫م فِي تَك ْ َ ِ‬
‫رار‬ ‫مذ َاهِبِهِ ْ‬ ‫ة لَهَا ‪ ( .‬فَْرع ٌ ) ‪ :‬فِي َ‬ ‫شبْهَ َ‬ ‫َل ُ‬
‫ه َل يُكَْرهُ ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ك بَ ْ‬ ‫مذْهَبُنَا أن َّ ُ‬ ‫سنَةِ ‪َ .‬‬ ‫مَرةِ فِي ال َّ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫ل أَبو حنِيَف َ َ‬
‫ماءِ‬ ‫مهُوُر الْعُل َ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫مد ُ َو ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ة َوأ ْ‬ ‫ب ‪َ ,‬وبِهِ قَا َ ُ َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ور‬
‫مهُ ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫حكَاهُ عَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َّ‬ ‫ف ‪ ,‬وَ ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ف َوال ْ َ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫منْذِ ِر‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫حكَاهُ اب ْ ُ‬ ‫ي َوالْعَبْدَرِيُّ ‪ ,‬وَ َ‬ ‫س ُّ‬ ‫خ ِ‬ ‫سَر ْ‬ ‫ماوَْردِيُّ وَال َّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫س‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي ب ْن أَبِي ط َ‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ن عَل ِ ٍ ّ ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬
‫م رضي الله عنهما ‪,‬‬ ‫ة وَع َطَاءٍ َوغَيْرِه ِ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫س وَع َائ ِ َ‬ ‫َوأن َ ٍ‬
‫ك ‪ :‬تُكَْر ُ‬
‫ه‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫سيرِي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫صرِيُّ وَاب ْ ُ‬ ‫ن الْب َ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫َوقَا َ‬
‫مَّرةٍ ; ِلَنَّهَا ِ‬ ‫سنة أ َ‬
‫م ُ‬
‫ل‬ ‫شت َ ِ‬ ‫عبَادَةٌ ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫مَرة ُ فِي ال َّ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫الْعُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫مَّر ً‬
‫ة‬ ‫سنَةِ إ ّل َ‬ ‫ل فِي ال َّ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ي فََل ت ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫س‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ع َلَى الط‬
‫َ‬ ‫ج ال َّ‬
‫منْذِ ِر‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ب َواب ْ ُ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ي َواْل ْ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫حت َ َّ‬ ‫ج ‪َ ,‬وا ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫كَال ْ َ‬
‫ة‬‫ش َ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫حيِح { أ َ َّ‬ ‫ص ِ‬ ‫ث ال َّ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫ت فِي ال ْ َ‬ ‫ما ثَب َ َ‬ ‫خَلئِقُ ب ِ َ‬ ‫وَ َ‬
‫جةِ الْوَدَاِع ‪,‬‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫مَرةٍ عَا َ‬ ‫ت بِعُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حَر َ‬ ‫رضي الله عنها أ ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫مَرهَا النَّب ِ ُّ‬ ‫فَحاضت ‪ ,‬فَأ َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ف‬‫موَاقِ َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ة َووَقََف ْ‬ ‫ارن َ ً‬ ‫ت قَ ِ‬ ‫صاَر ْ‬ ‫ت ‪ ,‬وَ َ‬ ‫فعَل َ ْ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حرِ َ‬ ‫تُ ْ‬
‫ي صلى‬ ‫ل لَهَا النَّب ِ ُّ‬ ‫ت فََقا َ‬ ‫سعَ ْ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ت طَافَ ْ‬ ‫ما طَهَُر ْ‬ ‫‪ ,‬فَل َ َّ‬
‫ك‪,‬‬ ‫مَرت ِ ِ‬ ‫ك وَعُ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫حلَل ْ ِ‬ ‫الله عليه وسلم قَد ْ َ‬
‫َ‬
‫مَرهَا‬ ‫ن يُعْ ِ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أ ْ‬ ‫ن النَّب ِ َ ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫فَطَلَب َ ْ‬
‫مَرةً‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ عُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫مَر ْ‬ ‫ن لَهَا فَاع ْت َ َ‬ ‫خَرى ‪ ,‬فَأذ ِ َ‬ ‫مَرة ً أ ُ ْ‬ ‫عُ ْ‬
‫قلْته‬ ‫مطَوًَّل ‪َ ,‬ون َ َ‬ ‫رواه ُ الْب ُ َ‬ ‫أُ‬
‫م ُ‬ ‫سل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫خارِيُّ وَ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫}‬ ‫رى‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫ْ‬
‫مَرتُهَا فِي ذِي‬ ‫ت عُ ْ‬ ‫ي ‪ :‬وَكَان َ ْ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫صًرا ‪ .‬قَا َ‬ ‫خت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫خَرى فِي ذِي ال ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫مَرة َ اْل ْ‬ ‫َ‬
‫جةِ ‪,‬‬ ‫ح َّ‬ ‫مَرهَا الْعُ ْ‬ ‫م أع ْ َ‬ ‫جةِ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ح َّ‬ ‫ال ْ ِ‬

‫‪81‬‬
‫ش َ َ‬ ‫ن فِي ذِي ال ْ ِ‬
‫ضا‬‫ة أي ْ ً‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫جةِ ‪ .‬وَع َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫مَرتَا ِ‬ ‫ن لَهَا ع ُ ْ‬ ‫فَكَا َ‬
‫" أَنَها اع ْتمرت في سنة مَرتي َ‬
‫ي‬‫ن أيْ بَعْد َ َوفَاةِ النَّب ِ ِ ّ‬ ‫َ َ ٍ َ ّ َْ ِ‬ ‫َ َ َ ْ ِ‬ ‫َّ‬
‫ن‬
‫مَر ‪ ,‬وَعَ ْ‬ ‫ث عُ َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم " وَفِي ِر َوايَةٍ ثََل ُ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫رت‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫زب‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ما‬ ‫ا‬ ‫ْو‬ ‫ع‬ ‫ابن ع ُمر أَن َه اع ْتمر أ َ‬
‫ِ ّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ ّ ُ‬ ‫ْ ِ‬
‫م‬ ‫ي ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫ه اْلثَار كُل ّها ال َّ‬ ‫ل ع َام ٍ ‪ ,‬ذ َكََر هَذ ِ ِ‬ ‫فِي ك ُ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الْبيهق ُ َ‬
‫ث ال ّذِي ذ َكََر ُ‬
‫ه‬ ‫حدِي ُ‬ ‫ما ) ال ْ َ‬ ‫ما ‪ ( .‬وَأ َ َّ‬ ‫سانِيدِه ِ َ‬ ‫ي بِأ َ‬ ‫ََْ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫م تَُق ْ‬ ‫ة ظَاهَِرةٌ ; ِلنَّهَا ل َ ْ‬ ‫س فِيهِ دََلل َ ٌ‬ ‫ف فَلَي ْ َ‬ ‫صن ِّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫حت َ َّ‬
‫ج‬ ‫حدَةٍ َوا ْ‬ ‫سنَةٍ َوا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫شوَّا ٍ‬ ‫قعْدَةِ وَ َ‬ ‫مَر فِي ذِي ال ْ ِ‬ ‫اع ْت َ َ‬
‫ث أَبِي هَُريَْرةَ أ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫حدِي ِ‬ ‫سألَةِ ب ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضا فِي ال ْ َ‬ ‫حابُنَا أي ْ ً‬ ‫ص َ‬ ‫أ ْ‬
‫مَرةُ إلَى‬ ‫ل ‪ { :‬الْعُ ْ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم قَا َ‬ ‫النَّب ِ َّ‬
‫م‪,‬‬ ‫سل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ي وَ ُ‬ ‫خارِ ُّ‬ ‫رواه ُ الْب ُ َ‬ ‫ما } َ َ‬ ‫ما بَيْنَهُ َ‬ ‫مَرةِ كََّفاَرة ٌ ل ِ َ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫س ْ‬ ‫ن لَي ْ َ‬ ‫ج ‪ ,‬وَلَك ِ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ل كِتَا ِ‬ ‫سبَقَ ذِكُْره ُ ِفي أوَّ ِ‬ ‫َو َ‬
‫جوا‬ ‫حت َ ُّ‬ ‫ي َوغَيُْرهُ قَد ْ ا ْ‬ ‫ن الْبَيْهَِق ُّ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫ه ظَاهَِرة ٌ ‪َ ,‬وإ ِ ْ‬ ‫دََللَت ُ ُ‬
‫َ‬
‫حابِنَا ‪:‬‬ ‫ص َ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫ل بَعْ ُ‬ ‫ب ‪ ,‬فََقا َ‬ ‫ي الْبَا َ‬ ‫صدََّر بِهِ الْبَيْهَِق ُّ‬ ‫بِهِ ‪َ ,‬و َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م يَُفّرِقْ بَي ْ َ‬ ‫ه صلى الله عليه وسلم ل َ ْ‬ ‫ه دََللَتِهِ أن َّ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫وَ ْ‬
‫َ‬
‫ن ‪ ,‬وَهَذ َا تَعْلِيقٌ‬ ‫سنَتَي ْ ِ‬ ‫سنَةٍ أوْ َ‬ ‫ن فِي َ‬ ‫ِ‬ ‫مَرتَي ْ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫كَوْ ِ‬
‫صَلةِ فََقالُوا ‪:‬‬ ‫س ع َلَى ال َّ‬ ‫ا‬ ‫قي‬ ‫ضا بِال ْ‬ ‫ي‬ ‫ج أَ‬ ‫حت َ َّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ف ‪ .‬وَا ْ‬ ‫ضعِي ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫سنَةِ‬ ‫م يُكَْره ْ تَكَْراُرهَا فِي ال َّ‬ ‫مؤَقّتَةٍ ‪ ,‬فَل َ ْ‬ ‫عبَادَة ٌ غَيُْر ُ‬ ‫ِ‬
‫ل ‪َ :‬ل‬ ‫ن قَا َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫صرِ ‪:‬‬ ‫خت َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي فِي ال ْ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫صَلةِ ‪ ,‬قَا َ‬ ‫كَال َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫سن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫سنَةِ إ َ ّ ُ‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫مُر فِي ال َّ‬ ‫يَعْت َ ِ‬
‫ق‬
‫ساب ِ َ‬ ‫ة ال َّ‬ ‫ش َ‬ ‫ث عَائ ِ َ‬ ‫حدِي َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم يَعْنِي َ‬
‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫ة أ َّ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ش َ‬ ‫ث عَائ ِ َ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫ت فِي َ‬ ‫ل ) قَد ْ ثَب َ َ‬ ‫ن قِي َ‬ ‫( فَإ ِ ْ‬
‫ك‬ ‫مَرت َ ِ‬ ‫ضي عُ ْ‬ ‫ل لَهَا ‪ { :‬اُْرفُ ِ‬ ‫صلى الله عليه وسلم قَا َ‬
‫َ‬
‫ت‪,‬‬ ‫مَر ْ‬ ‫م اعْت َ َ‬ ‫ت ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫فعَل َ َ ْ‬ ‫ج } فَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شطِي وَأهِل ِّي بِال ْ َ‬ ‫مت َ ِ‬ ‫َوا ْ‬
‫َ‬
‫حدَةً (‬ ‫مَرةً َوا ِ‬ ‫ل لَهَا إ ّل عُ ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫وَهَذ َا ظَاهُِره ُ أن َّ ُ‬
‫ضهَا ‪ ,‬يَعْنِي ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫منْهَا‬ ‫ج ِ‬ ‫خُرو َ‬ ‫م تَْرفُ ْ‬ ‫ب ) أنَّهَا ل َ ْ‬ ‫جوَا ُ‬ ‫فَال ْ َ‬
‫ما‬ ‫منْهُ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ج َل ي ُ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫مَرةَ وَال ْ َ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫ض ع َنْهَا ; ِل َ َّ‬ ‫َواْلِعَْرا َ‬
‫َ‬
‫مالِهَا‬ ‫ض أعْ َ‬ ‫ضهَا َرفْ َ‬ ‫ما َرفْ ُ‬ ‫ف َوإِن َّ َ‬ ‫خَل ٍ‬ ‫خُروِج بَِل ِ‬ ‫بِنِيَّةِ ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫ارن َ ً‬ ‫ت قَ ِ‬ ‫صاَر ْ‬ ‫ج ‪ ,‬فَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ت بَعْدَهَا بِال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حَر َ‬ ‫ة ; ِلَنَّهَا أ ْ‬ ‫قل ّ ً‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬

‫‪82‬‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ضيهَا " أ ْ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬اُْرفُ ِ‬ ‫ل النَّب ِ ُّ‬ ‫فََقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج(‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫جهَا فِي أفْعَا ِ‬ ‫ة ِلنْدَِرا ِ‬ ‫قل ّ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مالَهَا ال ْ ُ‬ ‫اُتُْركِي أع ْ َ‬
‫ضي أَبُو‬ ‫ل الَْقا ِ‬ ‫ة فِيهِ ‪ .‬قَا َ‬ ‫شاطُهَا ‪ ,‬فََل دََلل َ َ‬ ‫مت ِ َ‬ ‫ما ) ا ْ‬ ‫َوأ َ َّ‬
‫ب َوغَيُْرهُ ; ِل َ َّ‬ ‫َّ‬
‫عنْدَنَا‬ ‫ه ِ‬ ‫جوُز ل َ ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫الط ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫جاِج َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫جوَا ُ‬ ‫ما ) ال ْ َ‬ ‫ط ( َوأ َّ‬ ‫شا ُ‬ ‫مت ِ َ‬ ‫اِل ْ‬
‫صوَُّر‬ ‫ت َل يُت َ َ‬ ‫مؤَقّ ٌ‬
‫َ‬
‫ج ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ج ‪ ,‬فَهُوَ أ َ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫س ع َلَى ال ْ َ‬ ‫قيَا ِ‬ ‫بِال ْ ِ‬
‫َ‬
‫صوَِّر‬ ‫مؤَقّتَةٍ ‪ ,‬فَت ُ َ‬ ‫مَرة ُ غَيُْر ُ‬ ‫سنَةِ َو َالْعُ ْ‬ ‫تَكَْراُرهُ فِي ال َّ‬
‫صَلة واَلل ّ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫ه أع ْل َ ُ‬ ‫تَكَْراُرهَا كَال َّ ِ َ ُ‬
‫ستَوْطِنًا أ َ ْو عَابَِر‬ ‫( ال ْمسأَل َة الثَّانية ) إذ َا كَان بمك َّ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫َِ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص عَلَيْهِ‬ ‫ل ‪ ,‬ن َ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ه أدْنَى ال ْ ِ‬ ‫ميَقات ُ ُ‬ ‫مَرة َ فَ ِ‬ ‫ل وَأَراد َ الْعُ ْ‬ ‫سبِي ٍ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال َّ‬
‫حابُنَا ‪:‬‬ ‫ص َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ب ‪ ,‬قَا َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ي َواتََّفقَ ع َلَيْهِ اْل ْ‬ ‫شافِعِ ُّ‬
‫حدة م َ‬
‫ي‬
‫نأ ْ‬ ‫ة َوا ِ َ ٍ ِ ْ‬ ‫خطْوَ ٍ‬ ‫ل وَلَوْ ب ِ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل ِفي ال ْ ِ‬ ‫صو ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫يَكِْفيهِ ال ْ ُ‬
‫ب‬ ‫ج ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ميَقا ُ‬ ‫ل ‪ ,‬هَذ َا هُوَ ال ْ ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫جهَا ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت كَا َ‬ ‫جهَا ِ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫صرِ ‪:‬‬ ‫خت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي فِي ال ْ ُ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫ب فََقا َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ) ال ْ ُ‬ ‫‪َ ( .‬وأ َ َّ‬
‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫جعَْرانَةِ ِل َ َّ‬ ‫ح ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫مَر ِ‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫بأ ْ‬ ‫أ ِ ّ‬
‫يم‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ن الت َّ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫عليه وسلم اع ْتمر منها فَإن أ َخطَأ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ْ ْ‬ ‫َ َ َ ِ َْ‬
‫منْهَا‬ ‫مَر عَائ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫‪ِ ,‬ل َ َّ‬
‫ة ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أعْ َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ك فَ ِ‬ ‫خطَأَهُ ذَل ِ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ت ‪ ,‬فَإ ِ ْ‬ ‫ل إلَى الْبَي ْ ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ب ال ْ ِ‬ ‫ي أقَْر ُ‬
‫َ‬
‫وَه ِ َ‬
‫َّ‬ ‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫حدَيْبِيَةِ ‪ِ ,‬ل َ َّ‬
‫صلى بِهَا‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ضيلَةِ التَّنْعِي ُ‬
‫م‬ ‫جعَْرانَةِ َوبَعْدَهَا فِي الَْف ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضلُهَا ِ‬ ‫‪ ,‬وَأفْ َ‬
‫ب عَلَى‬ ‫َ‬
‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ق اْل ْ‬ ‫ص ع َلَيْهِ ُ ‪َ ,‬واتََّف َ‬ ‫ما ن ُ َّ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫حدَيْبِي َ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫يءٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ف ِفي َ‬ ‫خَل َ‬ ‫ق وََل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل الط ُّر‬ ‫صرِيِح بِهَذ َا ِفي ك ُ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫الت َّ‬
‫َ‬ ‫شي َ َ‬ ‫ه ِل َ َّ‬
‫ب‬‫مذْهَ ُ‬ ‫ضيهِ ال ْ َ‬ ‫قت َ ِ‬ ‫ل ‪ :‬ال ّذِي ي َ ْ‬ ‫مد ٍ قَا َ‬ ‫حا ِ‬ ‫خ أبَا َ‬ ‫ن ال َّ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫أ َ َّ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ة أف ْ َ‬ ‫جعَْران َ ِ‬ ‫حدَيْبِيَةِ بَعْد َ ال ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ماَر ِ‬ ‫ن اِلع ْت ِ َ‬
‫ل‬ ‫ما ) قَوْ ُ‬ ‫ة ع َلَى التَّنْعِيم ِ ‪َ ( .‬وأ َ َّ‬ ‫حدَيْبِي َ َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫التَّنْعِيم ِ ‪ ,‬فََقد َّ َ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ال ْمصن ِف في التَنبيه ‪ :‬اْلَفْض ُ َ‬
‫ْ‬ ‫م بِهَا ِ‬ ‫حرِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّْ ِ‬ ‫ُ َ ّ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن يُتَأوَّ َ‬
‫ل‬ ‫ب إ ّل أ ْ‬ ‫مذْهَ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫منْكٌَر َل يُعَد ُّ ِ‬ ‫ط وَ ُ‬ ‫التَّنْعِيم فَغَل َ ٌ‬
‫َِ‬
‫هَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ,‬فَإِن ّ ُ‬ ‫ل الت ّنْعِي َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل أدْنَى ال ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ه إذ َا أَراد َ أفْ َ‬ ‫ع َلَى أن َّ ُ‬
‫م‬ ‫ل ‪ ,‬واْلَفْض ُ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ج إلَى أَدْنَى ال ْ ِ‬ ‫ل أَوًَّل ‪َ :‬‬ ‫قَا َ‬
‫حرِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خَر َ‬

‫‪83‬‬
‫شبه َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ما أ ْ َ َ ُ‬ ‫ه بِهَذ َا وَ َ‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ ‪ ,‬فَاِلع ْتِذ َاُر ع َن ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة لِيُعْذََر‬ ‫ة أوْ غَرِيب َ ً‬ ‫في َّ ً‬ ‫خ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫سأل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫خطِئَتِهِ ‪ ,‬وَلَي ْ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ي لِْل ِ ْ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫ل ‪ ,‬ال َّ‬ ‫ستَد َ َّ‬ ‫فِي الْغَل َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫حَرام ِ ِ‬ ‫ط فِيهَا ‪َ ,‬وا ْ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫حدَيْبِيَةِ بَعْد َ التَّنْعِيم ِ بِأ َ َّ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ح‬‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬ ‫منْهَا ‪ ,‬وَهَذ َا َ‬ ‫مَرتِهِ ِ‬ ‫ل لِعُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫صل ّى بِهَا َوأَراد َ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ستَد َ َّ‬ ‫ما ‪ ,‬وَكَذَل ِ َ‬
‫ل‬ ‫كا ْ‬ ‫ن َوغَيْرِه ِ َ‬ ‫حي ْ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ف فِي ال َّ‬ ‫معُْرو ٌ‬ ‫َ‬
‫ستِدَْلل هُوَ ال َّ‬ ‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫صوَا ُ‬ ‫ب ‪ .‬وَهَذ َا اِل ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫حِّقُقو اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ل غَيْرِهِ ‪:‬‬ ‫ط ‪َ ,‬وقَوْ ُ‬ ‫سي ِ‬ ‫ي فِي الْب َ ِ‬ ‫ل الْغََزال ِ ِ ّ‬ ‫ما ) قَوْ ُ‬ ‫( وَأ َّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫مَرةِ ِ‬ ‫حَرام ِ بِالْعُ ْ‬ ‫م بِاْل ِ ْ‬ ‫ه صلى الله عليه وسلم هَ َّ‬ ‫إن َّ ُ‬
‫ي‬
‫خارِ ِ ّ‬ ‫حيِح الْب ُ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ت فِ‬ ‫َ‬ ‫ل ثَب َ‬ ‫ح ‪ ,‬بَ ْ‬ ‫صرِي ٌ‬ ‫َ‬ ‫حدَيْبِيَةِ فَغَل َ ٌ‬
‫ط‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ َ‬ ‫َازي { أ َ َّ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫سو‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مغ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫فِي كِتَا ِ‬
‫حلَي ْ َ‬ ‫َ‬
‫فةِ }‬ ‫ن ذِي ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حدَيْبِيَةِ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫مَرةِ ع َا َ‬ ‫م بِالْعُ ْ‬ ‫حَر َ‬ ‫وسلم أ ْ‬
‫ب‬ ‫حا‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫شا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫‪:‬‬ ‫)‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫(‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْل‬ ‫ع‬ ‫واَلل َّه أ َ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫جعَْرانَةِ أفْ َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرةِ ِ‬ ‫م بِالْعُ ْ‬ ‫حَرا َ‬ ‫ن اْل ِ ْ‬ ‫‪ :‬إ َّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫مَر النَّب ِ ُّ‬ ‫التَنعِيم ‪ ,‬فَكَي َ َ‬
‫ف أع ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّْ ِ‬
‫َ‬
‫ه صلى الله‬ ‫ب ) أن َّ ُ‬ ‫جوَا ُ‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ ؟ ( فَال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ع َائ ِ َ‬
‫عليه وسلم إن َما أ َ‬
‫ن‬
‫ت عَ ْ‬ ‫ق الْوَقْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ّ َ‬
‫يم‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫جهَا إلَى الت َّ‬ ‫رو‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ه‬ ‫من‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬‫خروج إلَى أ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ُ ُ ِ‬
‫ي صلى‬ ‫م ‪َ ,‬ووَاعَدَهَا النَّب ِ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫صَرافِه‬ ‫ج َوان ْ ِ‬ ‫حا ِ ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫حي ِ‬ ‫عنْد َ َر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ق ‪ ,‬هَكَذ َا ثَب َ َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ضٍع فِي الط ّرِي‬ ‫موْ ِ‬ ‫الله عليه وسلم إلَى َ‬
‫ن أَدْنَى‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫از‬
‫َ ِ‬ ‫جو‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ضا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ل أَ‬ ‫م ُ‬ ‫حت َ َ‬ ‫ن ‪ ,‬وَي ُ ْ‬ ‫حي ْ َ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬ ‫فِي ال َّ‬
‫َ‬
‫م‪..‬‬ ‫ه أع ْل َ ُ‬ ‫ل ‪َ ,‬واَلل ّ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫وفي الشباه والنظائر ‪:‬‬
‫ُّ َ َ‬
‫ه النَّوَ ِويُّ ‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َّ‬ ‫ما َ‬ ‫قبْلَةِ ع َلَى َ‬ ‫م أدِل ّةِ ال ْ ِ‬ ‫منْهَا ‪ :‬تَعَل ُ‬ ‫وَ ِ‬
‫صَلةُ‬ ‫منْهَا ‪َ :‬‬ ‫جهٍ ‪ .‬وَ ِ‬ ‫صَلة ُ الْعِيد ِ ع َلَى وَ ْ‬ ‫منْهَا ‪َ :‬‬ ‫وَ ِ‬
‫م بِهِ‬ ‫جَز َ‬ ‫حاوِي َو َ‬ ‫حكَاه ُ فِي ال ْ َ‬ ‫جهٍ َ‬ ‫ف ع َلَى وَ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫الْك ُ ُ‬
‫سَقاءِ عَلَى‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫صَلةُ اِل ْ‬ ‫منْهَا ‪َ :‬‬ ‫ل ‪ .‬وَ ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ف فِي ال ْ ِ‬ ‫خَّفا ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‬‫حيَاءُ الْكَعْبَةِ ك ُ ُّ‬ ‫منْهَا ‪ :‬إ ْ‬ ‫حكَاه ُ فِي الْكَِفايَةِ وَ ِ‬ ‫ه‪َ ,‬‬ ‫ج ٍ‬ ‫وَ ْ‬
‫ي ‪ :‬هَكَذ َا أَطْلَُقوهُ ‪ ,‬وَيَنْبَغِي‬ ‫ل الَّرافِعِ ُّ‬ ‫ج ‪ .‬قَا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫سنَةٍ بِال ْ َ‬ ‫َ‬

‫‪84‬‬
‫صَلةِ ِفي‬ ‫َ‬
‫ف َوال َّ‬ ‫ل اِلعْتِكَا ِ‬ ‫ج ‪ ,‬بَ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫مَرة ُ كَال ْ َ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫ن تَكُو َ‬ ‫أ ْ‬
‫ص ُ‬
‫ل‬ ‫ح ُ‬ ‫قعَةِ ي َ ْ‬ ‫حيَاءَ الْب ُ ْ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫ن التَّعْظِي َ‬ ‫حَرام ِ فَإ ِ َّ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‬ ‫ص ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ك َل ي ُ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫يُ بِأ َ َّ‬ ‫ه النَّوَوِ ّ‬ ‫ستَدَْرك َ ُ‬ ‫ك ‪ ,‬وَا ْ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫بِك ُ ِّ‬
‫ف‬ ‫ي وَالْوُقُو ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل ع َلَى الَّر‬ ‫م ُ‬ ‫شت َ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ج ‪ ,‬فَإن َّ‬
‫ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫صود َ ال ْ َ‬ ‫مْق ُ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫ت‬‫ك الْبَِقاِع بِالطاعَا ِ‬ ‫حيَاءِ تِل ْ َ‬ ‫منًى وَإ ِ ْ‬ ‫ة وَ ِ‬ ‫مْزدَلَِف َ‬ ‫ت بِ ُ‬ ‫مبِي ِ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ي َل‬ ‫م النَّوَوِ ِ ّ‬ ‫ت ‪ :‬وَكََل ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫مهِ َّ‬ ‫ل فِي ال ْ ُ‬ ‫ك ‪ .‬قَا َ‬ ‫َوغَيْرِ ذَل ِ َ‬
‫حيَاءِ الْكَعْبَةِ َل‬ ‫م فِي إ ْ‬ ‫ن الْكََل َ‬ ‫ي فَإ ِ َّ‬ ‫م الَّرافِعِ ِ ّ‬ ‫يَُلقِي كََل َ‬
‫ه فِي‬ ‫ج ُ‬ ‫مت َّ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫ل ‪ :‬وَإ ِ ْ‬ ‫حيَاءِ هَذِهِ الْبَِقاِع قَا َ‬ ‫فِي إ ْ‬
‫ما‬ ‫س فِيهِ َ‬ ‫ه لَي ْ َ‬ ‫ما ذ َكََره ُ النَّوَوِيُّ فَإِن َّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫صَلةِ وَاِلع ْتِكَا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫م‬ ‫ف دَا ِ َ‬ ‫ن اِلع ْتِكَا ُ‬ ‫و كَا َ‬ ‫حيَاءُ الْكَعْبَةِ وَل َ‬
‫خلهَا لِعَد َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫إ ْ‬
‫مَرةِ ‪.‬‬ ‫ف كَالْعُ ْ‬ ‫ن الط ّوَا َ‬ ‫ه أ َّ‬ ‫ج ُ‬ ‫مت َّ ِ‬ ‫ل ‪َ :‬وال ْ ُ‬ ‫ص ‪ ,‬قَا َ‬ ‫ِ‬ ‫صا‬ ‫َ‬ ‫خت ِ‬ ‫اِل ْ‬
‫صودَ‬ ‫مْق ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ي ‪ :‬بِأ َ َّ‬ ‫ث الَّرافِعِ ِ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫قين ِ ُّ‬ ‫ب الْبُل ْ ِ‬ ‫جا َ‬ ‫َوأ َ‬
‫َ‬
‫خَل ِ‬
‫ف‬ ‫حيَاؤُهُ بِهِ ب ِ ِ‬ ‫نإ ْ‬ ‫ج ‪ ,‬فَكَا َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ت ‪ :‬ال ْ َ‬ ‫م بِبِنَاءِ الْبَي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫اْلَع ْظ َ‬
‫َ‬
‫شْرِح‬ ‫ل فِي َ‬ ‫ف قَا َ‬ ‫صَلةِ َوالط ّوَا ِ‬ ‫ف وَال َّ‬ ‫مَرةِ وَاِلع ْتِكَا ِ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫ال ْ ُ َ‬
‫ض‬‫ل الَْفْر ُ‬ ‫ص بَ ْ‬ ‫صو ٌ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ط عَدَد ٌ َ‬ ‫شتََر ُ‬ ‫ب ‪ :‬وََل ي ُ ْ‬ ‫مهَذ ّ ِ‬
‫ه‬
‫ج ُ‬ ‫مت َّ ِ‬ ‫سنَوِيُّ َوغَيُْرهُ ‪ :‬ال ْ ُ‬ ‫ل اْل ِ ْ‬ ‫ملَةِ وَقَا َ‬ ‫ج ْ‬ ‫جهَا فِي ال ْ ُ‬ ‫ح ُّ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن ‪ :‬اْلوَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫اع ْتِبَاُر عَدَد ٍ يَظْهَُر بِهِ ال ّ ِ‬
‫ل ‪ :‬عُل ِ َ‬ ‫شعَاُر تَنْبِيهَا ِ‬
‫ض‬‫ج فَْر ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫سنَةٍ بِال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫حيَاءَ الْكَعْبَةِ ك ُ َّ‬ ‫نإ ْ‬ ‫ما تََقَّرَر ‪ :‬أ َ َّ‬ ‫م َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م بِهِ زِيَادَةٌ ع َلَى َ‬ ‫ض الْكَِفايَةِ إذ َا قَا َ‬ ‫ن فَْر َ‬ ‫كَِفايَةٍ َوأ َّ‬
‫فًل ‪,‬‬ ‫َ‬ ‫سِقط ُه فَالْك ُ ُّ‬
‫ج نَ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫صوَُّر وُقُوعُ ال ْ َ‬ ‫ه َل يُت َ َ‬ ‫ض أن َّ ُ‬ ‫ل فَْر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫شُروِع "‬ ‫ه بِال ُّ‬ ‫م‬ ‫ما‬ ‫إت‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫"‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫وأ َ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫شاَرةُ إلي ْ ِ‬ ‫ت ال ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما تََقد َّ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ثَب َ َ‬ ‫ضةٍ الث ّانِي إ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫غَيُْر َ‬
‫ل فِي‬ ‫شكَا ُ‬ ‫ل اْل ِ ْ‬ ‫حيَاءُ َزا َ‬ ‫ل بِهَا اْل ِ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫مَرة َ َل ي َ ْ‬ ‫ن الَْعُ ْ‬ ‫ن أ َ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫متَطَوِِّع‬ ‫َ‬
‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫قعُ ِ‬ ‫منْهَا لِكَوْنِهَا ت َ َ‬
‫َّ‬
‫ل ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ف أف ْ َ‬ ‫ن الط ّوَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫كَو‬
‫ْ‬ ‫نْفًل ‪ ,‬وم َ‬
‫مَرةِ ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫ن الط َ َ َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ل بَي ْ َ‬ ‫ضي ِ‬ ‫ة التَّْف ِ‬ ‫سأل َ ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫يُ كِتَابًا قَا َ‬
‫ل‬ ‫ب الط ّبَرِ ّ‬ ‫ح ُّ‬ ‫م ِ‬ ‫ف فِيهَا ال ْ ُ‬ ‫ف فِيهَا َوأَل ّ َ‬ ‫ختَل َ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫مَرةِ‬ ‫ل الْعُ ْ‬ ‫ضي ِ‬ ‫صرِنَا إلَى تَْف ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل عَ‬ ‫ِ‬ ‫ن أهْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫م ِ‬ ‫ب قَوْ ٌ‬ ‫فِيهِ ‪ :‬ذَهَ َ‬
‫َ‬ ‫ورأَوا أ َ‬
‫ف وَذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ن الط ّوَا ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ض‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫َا‬ ‫غ‬ ‫ِ‬ ‫شت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ََ ْ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫ة ال َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫خطَأ ظاهٌِر َوأد َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫سل ِ‬ ‫خالَف ُ‬ ‫م َ‬ ‫خطئِهِ ُ‬ ‫ل ع َلى َ‬ ‫ل دَلِي ٍ‬ ‫َ‬

‫‪85‬‬
‫ي صلى‬ ‫ن النَّب ِ ِ ّ‬ ‫مَرةِ ع َ ْ‬ ‫ل تَكَْراُر الْعُ ْ‬ ‫م يُنَْق ْ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫صالِِح ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫ال َّ‬
‫ن َوقَد ْ َروَى‬ ‫حابَةِ وَ َالتَّابِعِي َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫الله عليه وسلم وََل ع َ ْ‬
‫ك‬ ‫ن ع ُمر بن ع َبد الْعزيز سأ َ َ‬ ‫ي أ َ َّ‬ ‫اْلَْزَرقِ ُّ‬
‫مال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س بْ َ‬ ‫ل أن َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ ِ َ ِ ِ َ‬
‫ف أَفْض ُ َ‬ ‫َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ل ‪ :‬الط ّوَا ُ‬ ‫مَرة ُ ؟ فََقا َ‬ ‫م الْعُ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ :‬الط ّوَا ُ‬
‫َّ‬
‫ما أَد ْ ِري ‪:‬‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫رو‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫س ‪ :‬ال‬ ‫ل طَاوُ ٌ‬ ‫َوقَا َ‬
‫ل ‪ِ :‬ل َ َ َ‬ ‫يؤ ْجرو َ‬
‫م‬
‫حدَهُ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫ّ‬ ‫م ؟ قَا َ‬ ‫ل ‪ :‬لِ َ‬ ‫ن ؟ قِي َ‬ ‫م يُعَذَّبُو َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‪,‬‬ ‫ميَا ٍ‬ ‫ج إلَى أْربَعَةِ أ ْ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ت ‪ ,‬وَي َ ْ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫يَدَع ُ الط ّوَا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ام‬
‫ي العَ ِ‬ ‫مد ُ إلَى كََراهَةِ تَكَْرارِهَا فِ‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫بأ ْ‬ ‫جيءُ َوقَد ْ ذَهَ َ‬ ‫وَي َ ِ‬
‫ول َم يذْهَب أ َحد إلَى ك َراهَة تك ْرار الط ّواف ب ْ َ‬ ‫َ‬
‫معُوا‬ ‫ج َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫َ َ ِ َ َ ِ‬ ‫ْ َ ٌ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ض ُ‬
‫ل‬ ‫ن يَُف ِّ‬ ‫م ْ‬ ‫ختَاَرهُ َ‬ ‫حبَابِهِ ‪ .‬وَهَذ َا ال ّذِي ا ْ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫ع َلَى ا ْ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫سَلم ِ َوأَبُو‬ ‫ن ع َبْدِ ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫اب‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫‪,‬‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫الط َ‬
‫و‬
‫ت‬‫ماَل ٍ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ل بَيْنَه‬ ‫ِ‬ ‫ضي‬ ‫م ِفي التَّْف ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ضه‬ ‫حكَى بَعْ ُ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫شا‬ ‫َ‬
‫ثَالِثُها ‪ :‬إن استغْرقَ زمان اِلع ْت ِمار ‪ ,‬فَالطَّوا ُ َ‬
‫ض ُ‬
‫ل‬ ‫ف أف ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬ ‫ل فِي ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن يَُقا َ‬
‫ل‬ ‫لأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حت َ َ‬ ‫خادِم ِ ‪ :‬ي ُ ْ‬ ‫ل َوقَا َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ي أفْ َ‬ ‫َوإ ِ ّل ‪ ,‬فَهِ َ‬
‫حَّققُ ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َل تَت َ َ‬ ‫ضي ِ‬ ‫ف فِي التَّْف ِ‬ ‫خَل ِ‬ ‫ة ال ْ ِ‬ ‫حكَاي َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫‪ :‬إ َّ‬
‫ب ; فََل‬ ‫ب َوالنَّد ْ ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫ن فِي الْوُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ساويَي ْ‬ ‫ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫قعُ بَي ْ َ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫إن َّ َ‬
‫مَرةَ َل‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫ك أ َ َّ‬ ‫ش َّ‬ ‫ب ‪ .‬وََل َ‬ ‫منْدُو ٍ‬ ‫ب َوَ َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ن وَا ِ‬ ‫ل بَي ْ َ‬ ‫ضي َ‬ ‫تَْف ِ‬
‫م فِي‬ ‫ة ‪ ,‬وَالْكََل ُ‬ ‫ض كَِفاي َ ٍ‬ ‫متَطَوِِّع إ ّل فَْر َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫قعُ ِ‬ ‫تَ َ‬
‫َ‬
‫حيَاءَ الْكَعْبَةِ‬ ‫نإ ْ‬ ‫ن قُلْنَا إ َّ‬ ‫مإ ْ‬ ‫ن ‪ .‬نَعَ ْ‬ ‫سنُو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ال ْ َ َ‬ ‫الط ّوَا ِ‬
‫مارِ وَقَعَ‬ ‫ج وَاِلعْت ِ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِال ْ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ف كَ َ‬ ‫ل بِالط ّوَا ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ح َُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ل‬‫ه بَعِيد ٌ ا هـ ‪ .‬قَا َ‬ ‫ض كَِفايَةٍ لَكِن َّ‬ ‫ضا فَْر‬ ‫َ‬ ‫الط ّوَا ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف أي ْ ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ض َ‬ ‫ف أف ْ َ‬ ‫ن الط ّوَا ِ‬ ‫ْ ِ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫را‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫ب الط ِ ّ َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ح ُّ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫اْلكْثَار منه دو ُ‬
‫جود ٌ فِي‬ ‫موْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حدٍ ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫سبُوٍع وَا ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ُ ِ ْ ُ ُ َ‬
‫شرح ال ْ ُ َ‬ ‫مَرةِ وَ ِزيَادَة ٌ قُلْت ‪ :‬وَنَظِيُره ُ َ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫ب‬‫مهَذ ّ ِ‬ ‫ما فِي َ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫‪ :‬أ َ َّ‬
‫مَراد ُ بِهِ‬ ‫صوْم ِ ‪َ ,‬ال ْ ُ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫صَلة ُ أفْ َ‬ ‫ن قَوْلَنَا ‪ :‬ال َّ‬
‫م‬
‫م يَوْ ٍ‬ ‫صوْ ُ‬ ‫ة عَلَيْهِ ‪َ ,‬وإ ِ ّل فَ َ‬ ‫ن غَالِب َ ً‬ ‫ث تَكُو ُ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫منْهَا ب ِ َ‬ ‫اْلِكْثَاُر ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ش ٍّ‬ ‫ن بَِل َ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫رك‬ ‫ة‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ض‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وفي الغرر البهية ‪:‬‬

‫‪86‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫و‬
‫ما فِيهِ ) ‪ ,‬أ ْو هُ َ‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫ن َ‬ ‫ما يَكُو ُ‬ ‫ن يَعْتَكَِفا يَوْ ً‬ ‫( وَنَاذٌِر لِل ّهِ أ ْ‬
‫ما ( فِي‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫ه) َ‬ ‫ه ( ع ُكُوفُ ُ‬ ‫م فِيهِ ( كََفى ) ل َ ُ‬ ‫صائ ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل اعْتِكَافًا‬ ‫ما ب َ ْ‬ ‫صوْ ً‬ ‫م َ‬ ‫م يَلْتَزِ ْ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫ن ) ‪ ,‬أ ْو غَيْرِهِ ; ِلن َّ ُ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫َر َ‬
‫حدَهُ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫ن ذ َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫جَزاءُ َ‬ ‫متَنَعْ إ ْ‬ ‫ت ( وَا ْ‬ ‫جد َ ْ‬ ‫فةٍ وَقَد ْ ُو ِ‬ ‫ص َ‬ ‫بِ ِ‬
‫صوْم ِ ‪,‬‬ ‫ن ال َّ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫حدَهُ ِ‬ ‫قعُ وَ ْ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫جَزا ُء َ‬ ‫ي‪:‬إ ْ‬ ‫قعْ ) أ ْ‬ ‫يَ َ‬
‫ف‬ ‫ملْتََزم ِ ( وَنَاذٌِر لِِلعْتِكَا ِ‬ ‫ف لِعَدَم ِ الْوَفَاءِ بِال ْ ُ‬ ‫َواِلع ْتِكَا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ما ) أ ْ‬ ‫ه كَِلهُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه يَلَْز ُ‬ ‫س ُ‬ ‫صوْم ٍ ( وَع َك ْ ُ‬ ‫ما ) ‪ ,‬أ ْو ب ِ َ‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫َ‬
‫ما فََل يَكِْفي‬ ‫َ‬
‫مهُ َ‬ ‫ه الْتََز َ‬ ‫ف ; ِلن َّ ُ‬ ‫م ‪َ ,‬واِلع ْتِكَا ُ‬ ‫صوْ ُ‬ ‫ال َّ‬
‫معُ )‬ ‫ج ْ‬ ‫ه ( ال ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ( وَ ) يَلَْز ُ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ما فِي َر َ‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫ه َ‬ ‫اع ْتِكَافُ ُ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫م ُ‬ ‫ل َل يَلَْز ُ‬ ‫م بِالنَّذ ْرِ كَالْوََلءِ وَقِي َ‬ ‫ة فَلَزِ َ‬ ‫ه قُْرب َ ٌ‬ ‫ما ; ِلن َّ ُ‬ ‫بَيْنَهُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سألَةِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما فِي ال ْ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫فتَا ِ‬ ‫ختَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫عبَادَتَا ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ما ; ِلنَّهُ َ‬ ‫معُهُ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن الثَّانِيَةِ ; ِل َّ‬ ‫ه فِي اْلولَى دُو َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫م ُ‬ ‫ل يَلَْز ُ‬ ‫اْلتِيَةِ وَقِي َ‬
‫َ‬
‫سنُونَاتِهِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ف ; ِلن َّ ُ‬ ‫صًفا لِِلع ْتِكَا ِ‬ ‫ح َو ْ‬ ‫صل ُ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫صوْ َ‬ ‫ال َّ‬
‫ث لَوْ نَذََر اعْتِكَا َ‬ ‫ل ‪َ ,‬والثَّال ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫س فَعَلَى اْلوَّ ِ‬ ‫ف العَك ْ ِ‬
‫خَل ِ ْ‬ ‫بِ ِ‬
‫ما‬ ‫ستِئْنَافُهُ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫م ُ‬ ‫معَ لَيًْل لَزِ َ‬ ‫جا َ‬ ‫ما وَ َ‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫متَوَالِيَةٍ َ‬ ‫مدَّةٍ ُ‬ ‫ُ‬
‫ه كَالعِيدِ‬ ‫ْ‬ ‫م ُ‬ ‫صوْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ص ُّ‬ ‫ن َوقْتًا ل ي َ ِ‬ ‫َ‬ ‫مِع وَلوْ ع َي َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ْ‬
‫ِلنْتَِفاءِ ال َ‬
‫ي ( َل بِنَذ ِْر‬ ‫م ُّ‬ ‫ه الدَّارِ ِ‬ ‫م قَال َ ُ‬ ‫صوْ َ‬ ‫ضي ال َّ‬ ‫ه وََل يَْق ِ‬ ‫اع ْتَكََف ُ‬
‫ن‬‫معُ وَإ ِ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ) فََل يَلَْز ُ‬ ‫صل ِّيًا ‪ ,‬وَالْعَك ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ف ُ‬ ‫اِلع ْتِكَا ِ‬
‫ب‬‫س ُ‬ ‫صَلة ُ لِكَوْنِهَا فِعًْل َل تُنَا ِ‬ ‫ما إذ ْ ال َّ‬ ‫ه كَِلهُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫لَزِ َ‬
‫ن‬‫ما فَإ ِ َّ‬ ‫صوْم ِ لِتََقاُربِهِ َ‬ ‫معَ ال َّ‬ ‫خَلفِهِ َ‬ ‫ف لِكَوْنِهِ كًَّفا ب ِ ِ‬ ‫اِلع ْتِكَا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل أَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ ًّ‬
‫ه‬
‫ُ ُ‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫و‬
‫ِ َ‬ ‫خر‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫فا‬ ‫ً‬ ‫ص‬
‫َ َ ْ‬ ‫و‬ ‫ما‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ك‬
‫ن‬ ‫ضعَي ْ ِ‬ ‫موْ ِ‬ ‫ف فِي ال ْ َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫ك َوإِلَى ال ْ ِ‬ ‫ما ِفي تَيْن ِ َ‬ ‫معُ ك َ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مِع‬ ‫ج ْ‬ ‫ف ) فِي لُُزوم ِ ال ْ َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫معَ ِ‬ ‫َ‬ ‫قوْلِهِ (‬ ‫ن زِيَادَتِهِ ب ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫شاَر ِ‬ ‫أَ َ‬
‫َ‬
‫ما ذ ُكَِر‬ ‫صَلةِ فِي َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مهِ هُنَا ‪َ ,‬وال ّلزِ ُ‬ ‫ك وَعَدَم ِ لُُزو ِ‬ ‫هُنَا َ‬
‫ركْعتان ك َما لَو أَفْردهَا بالنَذ ْر فَلَو نذ َر اعْتِكَا َ َ‬
‫ف أي َّ ٍ‬
‫ام‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ ِ ّ ِ‬ ‫َ ََ ِ َ ْ‬
‫مصل ِّيًا لَزمه ركْعَتَان ك ُ َّ‬
‫م َ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيُْر ُ‬
‫ه‬ ‫جَز َ‬ ‫ل يَوْم ٍ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫َ‬
‫ضي‬ ‫قت َ ِ‬ ‫ظ يَ ْ‬ ‫ن ظَاهَِر الل ّْف ِ‬ ‫ي بِأ َّ‬ ‫ه الَّرافِعِ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫شكَل َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫َوا ْ‬
‫َ‬
‫م اُعْتُبَِر تَكْرِيُر الَْقد ْ ِر‬ ‫ن تََركْنَا الظ ّاهَِر فَل ِ َ‬ ‫ب فَإ ِ ْ‬ ‫ستِيعَا َ‬ ‫اِل ْ‬
‫َ‬ ‫صَلةِ ك ُ َّ‬
‫ه تََر َ‬
‫ك‬ ‫ه بِأن َّ ُ‬ ‫ب عَن ْ ُ‬ ‫جا ُ‬ ‫ل يَوْم ٍ وَي ُ َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ال ْ َ‬

‫‪87‬‬
‫َ‬
‫ك بِالنَّذ ِْر‬ ‫سل ُ َ‬ ‫ن التَّكْرِيرِ لِي َ ْ‬ ‫ب دُو َ‬ ‫ستِيعَا ِ‬ ‫الظ ّاهَِر ِفي اِل ْ‬
‫ة َل‬ ‫ض ُ‬ ‫مْفُرو َ‬ ‫صَلة ُ ال ْ َ‬ ‫شْرِع إذ ْ ال َّ‬ ‫جب ال َّ‬ ‫سل َ َ‬
‫ك َوا ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫متَوَل ِّي ‪ :‬وَلَوْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ل يَوْم ٍ قَا َ‬ ‫م َوتَتَكََّرُر ك ُ ّ‬ ‫ب اْليَّا َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ستَوْ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما فِي‬ ‫ه كَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ما فَ ُ‬ ‫حرِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫شَرة َ أيَّام ٍ ُ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫ن يَعْتَك ِ َ‬ ‫نَذََر أ ْ‬
‫ماهُ وََل‬ ‫صل ِّيًا لَزِ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫صو َ‬ ‫ن يَ ُ‬
‫َ‬
‫صَلةِ وَلَوْ نَذََر أ ْ‬ ‫سأَلَةِ ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫يل ْزمه جمعهما باِلتَِفاق ولَو نذ َر أ َن يصل ِّي صَلةً يْقرأُ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ ْ ُ ُ َ ِ ّ ِ َ ْ َ َ ْ ُ َ‬
‫خَل ُ‬
‫ف‬ ‫ما ال ْ ِ‬ ‫معِهِ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ماه ُ َوفِي لُُزوم ِ َ‬ ‫معَيَّنَةٍ لَزِ َ‬ ‫سوَرةٍ ُ‬ ‫فِيهَا ب ِ ُ‬
‫موِع‬ ‫ج ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك فِي ال ْ َ‬ ‫ما ذ َكََر ذَل ِ َ‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫ف َ‬ ‫ن نَذََر اِلع ْتِكَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫فِي َ‬
‫خيَرةِ‬ ‫مِع فِي اْل َ ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ل لُُزوم ِ ال ْ َ‬ ‫مَقاب ِ ِ‬ ‫ل بِ ُ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫خَفى بُعْد ُ ال ْ َ‬ ‫وََل ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫خ ) ظَاهره أ َ‬ ‫جَزاءُ إل َ ْ‬
‫س‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ص‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ِ ُ ُ‬ ‫متَنَعَ إ ْ‬ ‫ه ‪ :‬وَا ْ‬ ‫( قَوْل ُ ُ‬
‫منْذ ُورِ أ َ ْو‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫ن نَوَى اِلع ْتِكَا َ‬ ‫هإ ْ‬ ‫ما يَأتِي بَعْد ُ أن َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫م ُ‬ ‫ه ‪ :‬يَلَْز ُ‬ ‫ح ( قَوْل ُ ُ‬ ‫ص ُّ‬ ‫منْذ ُوُر َل ي َ ِ‬ ‫قيَّد ِ بِهِ ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫صوْم ِ ع َ ْ‬ ‫ال َّ‬
‫ملِهَا َوقَد ْ اُلْتُزِ َ‬
‫م‬ ‫ل قَيْد ٌ فِي عَا ِ‬ ‫حا َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫خ ) ; ِل َ َّ‬ ‫ما إل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫كَِلهُ‬
‫َ‬
‫ضيهِ إطَْلقُ الل ّْف ِ‬
‫ظ‬ ‫قت َ ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫قيَّد ٌ ك َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ث هُوَ ُ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫قيَّد ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ما‬ ‫ضا َوبِهَذ َا فَاَرقَ َ‬ ‫قيْد ُ أي ْ ً‬ ‫ف فَلَزِ َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ه تُ َ‬ ‫ة لَ ُ‬ ‫ث َل نِي َّ َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫شْر ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫منْذ ُوًرا ب َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ك لَي ْ َ‬ ‫م هُنَا َ‬ ‫صوْ َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫ه ; ِل َ َّ‬ ‫قَبْل َ ُ‬
‫ة لِلْيَوْم ِ ‪ .‬ا هـ ‪َ .‬‬ ‫َ‬
‫خنَا ذ‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫صَف ً‬ ‫ه وَقَعَ ِ‬ ‫حةِ ; ِلن َّ ُ‬ ‫ص َّ‬ ‫لِل ِّ‬
‫َ‬ ‫حهِ ال َّ‬ ‫عبَاَرةُ اْلِْر َ‬
‫ن‬‫ن نَذََر أ ْ‬ ‫جرٍ وَإ ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صغِيرِ ل ِ َ‬ ‫شْر ِ‬ ‫شاد ِ وَ َ‬ ‫وَ ِ‬
‫معْتَكًِفا‬ ‫ف صائ ِما أَو يصوم أَو ع َك ْس َ‬
‫م ُ‬ ‫صو َ‬ ‫ي ‪ :‬يَ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫يَعْتَك ِ َ َ ً ْ َ ُ َ ْ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ما وَهُوَ‬ ‫ف يَوْ ً‬ ‫ن يَعْتَك ِ َ‬ ‫معُ أوْ أ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ماه ُ ‪َ ,‬وال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ف لَز‬ ‫أوْ بِاع ْتِكَا ٍ‬
‫َّ‬ ‫صائم كَأ َ‬
‫ما أَنَا أَوْ أَنَا‬ ‫ْ ً‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ْت‬ ‫ع‬ ‫ي أ َن أ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ ِ ٌ‬
‫خرِِج ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫م ِفي اعْتِكَافِهِ ال ْ ُ‬ ‫صوْ َ‬ ‫ط ال َّ‬ ‫شتََر َ‬ ‫ما ْ‬ ‫صائ ِ ٌ‬ ‫فِيهِ َ‬
‫ن أ َ ْو‬ ‫ضا ُ‬ ‫م َ‬ ‫جَزأهُ َر َ‬
‫ك لَكن أ َ َ‬
‫ه كَذَل ِ َ ِ ْ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ه الْتََز َ‬
‫َ‬
‫ن نَذ ِْرهِ ; ِلن َّ ُ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬ ‫غَيُْره ُ وَلَوْ نَْفًل ع َلَى اْلَوْ َ‬
‫ل‬‫ما ب َ ْ‬ ‫صوْ ً‬ ‫م َ‬ ‫م يَلْتَزِ ْ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫جهِ ; ِلن َّ ُ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫م َ‬ ‫صائ ِ ٌ‬ ‫ت َوفَاَرقَ وَأنَا َ‬ ‫جد َ ْ‬ ‫فةٍ وَ ًقَد ْ ُو ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫اع ْتِكَافُ ُ‬
‫ْ‬ ‫ل بأ َ‬ ‫معَ أ َ َّ‬
‫ت قَيْدًا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫حا ٌ‬ ‫ن ك ُ ّل َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ساب‬ ‫ال َّ‬
‫َ‬
‫معْنَى ال ّذِي‬ ‫جهَةِ ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ة وَقَعَ َْ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ف ‪ ,‬وَال ْ ُ‬ ‫لِِلع ْتِكَا ِ‬
‫ه‬
‫ف فِي ِ‬ ‫ه قَيْدًا لِلْيَوْم ِ ال ّذِي وَقَعَ اِلعْتِكَا ُ‬ ‫ُ‬ ‫قي‬ ‫عيهِ الَْف ِ‬ ‫يَُرا ِ‬
‫ف فَتَأ َ َّ‬ ‫َ‬
‫ه ( قَوْل ُ ُ‬
‫ه‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫مظُْرو ِ‬ ‫ف َل لِل ْ َ‬ ‫ت قَيْد ٌ لِلظ ّْر ِ‬ ‫ي بِالذَّا ِ‬ ‫فَهِ َ‬

‫‪88‬‬
‫ن النَّذ ِْر‬ ‫‪ :‬ويل ْزمه ال ْجمع بينهما ) فَيل ْزم َ‬
‫م عَ ْ‬ ‫صو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫َ ْ ُ ََُْ َ‬ ‫ََ َ ُ ُ‬
‫حتَّى فِي‬ ‫ة َ‬ ‫حظ َ ً‬ ‫ن النَّذ ْرِ َولَوْ ل َ ْ‬ ‫ف فِيهِ ع َ ْ‬ ‫ما َويَعْتَك ِ َ‬ ‫يَوْ ً‬
‫شيخ ال ْجوهَري حي ُ َ‬
‫ب‬‫ج َ‬ ‫ث أو ْ َ‬ ‫َ ْ ِ ِّ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫خَلفًا لِل َّ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ِ‬ ‫صوَرةِ الْعَك ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫فا‬ ‫معْتَك ِ ً‬ ‫م ُ‬ ‫صائ ِ ٌ‬ ‫ه ََ‬ ‫صدُقَ أن َّ ُ‬ ‫صوْم ِ لِي َ ْ‬ ‫ف يَوْم ِ ال َّ‬ ‫فِيهَا اع ْتِكَا َ‬
‫ل‬‫حظَةِ ب َ ْ‬ ‫ف الل ّ ْ‬ ‫معَ اع ْتِكَا ِ‬ ‫صدُقُ وَلَوْ َ‬ ‫ن هَذ َا ي َ ْ‬ ‫َوفِيهِ أ َ َّ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫ف َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫معْتَكًِفا ب ِ ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫م يَوْ ً‬ ‫صو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م لَوْ نَذََر أ ْ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫كَذَل ِ َ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫ه اعْتِكَا ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه يَلَْز ُ‬ ‫ما فَإِن َّ ُ‬ ‫صائ ِ ً‬ ‫ما َ‬ ‫ف يَوْ ً‬ ‫ن يَعْتَك ِ َ‬ ‫إذ َا نَذََر أ ْ‬
‫ص فِيهِ عَلَى الْيَوْم ِ وَفَاَرقَ َ‬
‫ما‬ ‫صي ِ‬ ‫ما لِلتَّن ْ ِ‬ ‫جْز ً‬ ‫صوْم ِ َ‬ ‫يَوْم ِ ال َّ‬
‫ص فِيهِ كََل‬ ‫صي‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫الت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫رور‬ ‫ض‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫قَبل َه بأ َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ُ ِ‬
‫ن‬
‫صائِم ٍ ع َ ْ‬ ‫ن النَّذ ْرِ وَهُوَ غَيُْر َ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫ن اع ْتَك َ َ‬ ‫ص فَإ ِ ْ‬ ‫صي َ ٍ‬ ‫تَن ْ ِ‬
‫َ‬
‫قعْ‬ ‫م يَ َ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫حدُهُ َ‬ ‫لأ َ‬ ‫م يَنْعَِقد ْ وَإِذ َا بَط َ َ‬ ‫سهِ ل َ ْ‬ ‫النَّذ ِْر أوْ ع َك ْ ِ‬
‫ل‬‫ب ‪ :‬إذ َا بَط َ َ‬ ‫شْرِح الْعُبَا ِ‬ ‫ل فِي َ‬ ‫ل قَا َ‬ ‫ن النَّذ ْرِ ب َ ْ‬ ‫خُر ع َ ْ‬ ‫اْل َ‬
‫ل اِلع ْتِكَا ُ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫س إذ ْ لَي ْ َ‬ ‫ي ‪َ :‬ل الْعَك ْ ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫م بَط َ َ‬ ‫صوْ ُ‬ ‫ال َّ‬
‫خنَا ذ ( قَوْل ُ ً ُ‬
‫ه‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫ف ‪ .‬ا هـ ‪َ .‬‬ ‫ن اِلع ْتِكَا ِ‬ ‫ت بُطَْل ُ‬ ‫مْفطَِرا ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن ك ُ ّل‬ ‫ما ; ِل َ َّ‬ ‫ة فَلَزم إل َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫سبِهِ َ‬ ‫معَ تَنَا ُ‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫خ)أ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ه قُْرب َ ٌ‬ ‫‪ِ ; :‬لن َّ ُ‬
‫م‬ ‫ف أَ‬ ‫خَلف ما لَو نذ َر أ َ‬ ‫ما ك َ ّ‬
‫صو َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ ْ َ َ‬ ‫ف بِ ِ‬ ‫منْهُ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫مِع بَيْنَهُ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مانِهِ دُو َ‬ ‫ما يَلَْز َ‬ ‫ه فَإِنَّهُ َ‬ ‫س ُ‬ ‫صل ِّيًا أوْ ع َك ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫صَلة ُ أفْعَا ٌ‬ ‫َ‬
‫سيَذ ْكُُر ُ‬
‫ه‬ ‫ما َ‬ ‫شَرةٌ ك َ َ‬ ‫مبَا َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ب إذ ْ ال َّ‬ ‫س ِ‬ ‫لِعَدَم ِ التَّنَا ُ‬
‫ن‬‫مي ْ ِ‬ ‫صَلةِ يَوْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫معُ بَي ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن ) وََل ي ُ ْ‬ ‫ه َركْعَتَا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ‪ :‬لَزِ َ‬ ‫( قَوْل ُ ُ‬
‫ل يَوْم ٍ نَذٌْر‬ ‫صَلةَ ك ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫حدَةٍ ; ِل َ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫فَأ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ َ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫معُ الْك ُ ِّ‬ ‫ستَِق ٌّ‬
‫ت بَِقدْرِهَا ‪ .‬ا‬ ‫ما ٍ‬ ‫سلِي َ‬ ‫ل فِي يَوْم ٍ بِت َ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل وَل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ب)أ ْ‬ ‫ستِيعَا َ‬ ‫ضي اِل ْ‬ ‫قت َ ِ‬ ‫ه ‪ :‬يَ ْ‬ ‫خنَا ذ ( قَوْل ُ‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫هـ ‪َ .‬‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫جا َ‬ ‫ب)أ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫ه ‪ :‬وَي ُ َ‬ ‫صَلةِ ( قَوْل ُ ُ‬ ‫ب الْيَوْم ِ بِال َّ‬ ‫ستِيعَا َ‬ ‫ا ْ‬
‫ن أيَّام ٍ وَهِ َ‬
‫ي‬ ‫لم َ‬
‫حا ٌ ِ ْ‬ ‫صل ِّيًا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ب بِأ َ َّ‬ ‫شْرِح الْعُبَا ِ‬ ‫جٌر ِفي َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫صَلةٍ فِي‬ ‫ُ‬
‫ل عَلَى وُقُوِع َ‬ ‫فِي قُوَّةِ يَوْم ٍ وَيَوْم ٍ وَيَوْم ٍ فَتَد ُ ّ‬
‫منْها وأَقَ ُّ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ل عَلَيْهِ ( قَوْل ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن فَ ُ‬ ‫جبِهَا َركْعَتَا ِ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫ل ِ َ َ‬ ‫ك ُ ٍّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شرة ُ أ َ‬
‫مار‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْت‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ا‬
‫ّ َُ‬
‫ي‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫سم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫)‬ ‫ما‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫حر‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ام‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫عَ ْ َ‬
‫ت‬ ‫حلل ٍ‬ ‫معُهَا ِفي يَوْم ٍ بِت َ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫جوُز َ‬ ‫مَرة ٌ وَي َ ُ‬ ‫ل يَوْم ٍ ع ُ ْ‬ ‫لِك ُ ِّ‬
‫ن‬‫مكَا ِ‬ ‫حدَةٌ لِعَدَم ِ إ ْ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ه فِي ال ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫بَِقدْرِهَا وَلَزِ َ‬

‫‪89‬‬
‫َ‬
‫ت بِعَدَدِهَا ‪.‬‬ ‫جا ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫حتَّى يَلَْز َ‬ ‫ف َ‬ ‫تَكَُّررِهِ فِي أيَّام ِ اِلع ْتِكَا ِ‬
‫جواب وتَتَك ََرر ك ُ َّ‬ ‫ضى قَول ال َّ‬
‫ل‬ ‫ّ ُ‬ ‫شْرِح فِي ال ْ َ َ ِ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫قت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ا هـ ‪ .‬وَ ُ‬
‫ب‬ ‫جوَا ِ‬ ‫ك عَلَى َ‬ ‫ن يَظْهَُر ذَل ِ َ‬ ‫مَرةِ لَك ِ َْ‬ ‫م تَكَْرارِ الْعُ ْ‬ ‫يَوْم ٍ عَد َ ُ‬
‫َ‬
‫ما‬‫حرِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه إذ َا قَا َ‬ ‫سابًِقا ‪ ,‬وَالظ ّاهُِر أن َّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫منُْقو ِ‬ ‫جرٍ ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ما فِي ال َّ‬
‫ن فِي‬ ‫م إ َّ‬ ‫حَّرَرهُ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫خيَُّر َ‬ ‫ق يَت َ َ‬ ‫شْرِح وَأطْل َ َ‬ ‫كَ َ‬
‫حتَّى‬ ‫ل يَوْم ٍ َ‬ ‫ب ك ُ َّ‬ ‫ج ُ‬ ‫مَرةَ َل ت َ ِ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫ن تَوَقًُّفا ; ِل َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫سأَل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ِ‬
‫شْرِع ‪,‬‬ ‫جب ال َّ‬ ‫سل َ َ‬ ‫سلُوكًا بِهِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫يَكُو َ‬
‫ك وَا ِ َِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬
‫ن الْعَ َ‬ ‫َ‬
‫شَرةُ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫ن بِأ ْ‬ ‫مك ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫َوالتَّكَُّرُر فِي أيَّام ِ اِلع ْتِكَا ِ‬
‫شر سنِين ( قَول ُه ‪ :‬لَزماه ) فَيل ْزم َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ن عَ ْ ِ ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫أيَّام ٍ ِ‬
‫ص‬ ‫صو‬ ‫خ‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫سو‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ي ُصل ِّي ركْعَتَي ْن َل أَقَ َّ‬
‫ل‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ُ‬
‫خنَا ذ ( قَوْل ُ‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫قيَام ِ وَلوْ ِفي َركْعَةٍ ‪ .‬ا هـ ‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫مَّر‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫ق دُو َ‬ ‫ه اِلتَِّفا ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ق ) يُنْظَُر َو ْ‬ ‫بِاِلتَِّفا ِ‬
‫وفي مواهب الجليل ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوأ َ َّ‬
‫مرِ وَأطْل َ َ‬
‫ق‬ ‫مَّرةً فِي الْعُ ْ‬ ‫مؤ َك ّدَة ٌ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫سن َّ ٌ‬ ‫ي ُ‬ ‫مَرةُ فَهِ َ‬ ‫ما الْعُ ْ‬
‫مَّرةً فِي‬ ‫ة َ‬ ‫سن َّ ٌ‬ ‫ف ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬فِي قَوْلِهِ ‪ :‬إنَّهَا ُ‬ ‫صن ِّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫الْعمر وَل بد َ من زيادة كَونها مؤ َك َّ‬
‫ح بِهِ‬ ‫صَّر َ‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ُ ْ ِ َ ُ ّ ِ ْ َِ َ ِ َِْ ُ‬
‫سالَةِ ‪:‬‬ ‫حد م َ‬
‫ل ِفي الّرِ َ‬ ‫ب ‪ ,‬قَا َ‬ ‫مذْهَ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ن أهْ َِ‬ ‫غَيُْر َوا ِ ٍ ِ ْ‬
‫ل فِي‬ ‫مرِ َوقَا َ‬ ‫مَّرة ً فِي الْعُ ْ‬ ‫مؤ َك ّدَة ٌ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫سن َّ ٌ‬ ‫مَرة ُ ُ‬ ‫َوالْعُ ْ‬
‫ة كَالْوِتْرِ َل‬ ‫جب َ ٌ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫سن َّ ٌ‬ ‫مَرة ُ ُ‬ ‫ك ‪ :‬الْعُ ْ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫النَّوَاد ِ ِر ‪ :‬قَا َ‬
‫ي‬
‫سكِهِ هِ َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ج فِي َ‬ ‫حا ِ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل اب ْ َ ُ‬ ‫يَنْبَغِي تَْركُهَا انْتَهَى ‪ .‬وَقَا َ‬
‫مَرةُ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫ك‬‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ط‬ ‫مو‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫أَ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ص فِي تَْركِهَا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خ َ‬ ‫ن َر ّ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حدًا ِ‬ ‫مأ َ‬ ‫ة وَل نَعْل ُ‬ ‫سن ّ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ك فِي‬ ‫م قَوْ َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫انْتَهَى ‪ .‬قَا َ‬
‫مال ِ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ل بَعْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مَر ‪َ :‬‬ ‫ل أبُو ع ُ َ‬
‫َ‬ ‫ن َر َّ‬ ‫َ‬
‫ض‬ ‫ص ِفي تَْركِهَا عَلَى أنَّهَا فَْر ٌ‬ ‫خ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫موَط ّإ ِ َل نَعْل َ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫سكِهِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ج فِي َ‬ ‫حا ِ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل َاب ْ ُ‬ ‫ه انْتَهَى ‪ .‬وَقَا َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫جهْ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫وَذَل ِ َ‬
‫ض‬
‫ت بَِفْر ٍ‬ ‫س ْ‬ ‫مؤ َك ّدَةٌ وَلَي ْ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫سن َّ ٌ‬ ‫مَرة ُ ُ‬ ‫ك ‪ :‬الْعُ ْ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫‪ :‬قَا َ‬
‫ن قوله‬ ‫ل ‪ :‬إ َّ‬ ‫ن الْوِتْرِ وَقَد ْ قِي َ‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫كَال ْحج وهي أ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ِّ َ ِ َ ْ‬
‫َ‬
‫ج‬ ‫ح َّ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫مَرة َ لِل ّهِ } بَعْد َ قَوْلِهِ { وَأت ِ ُّ‬ ‫تعالى { ال ْ َعُ ْ‬
‫ت بِالَّرفِْع ‪,‬‬ ‫ف َوقَد ْ قُرِئ َ ْ‬ ‫مؤ ْتَن َ ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫مَرة َ لِل ّهِ } كََل ٌ‬ ‫َوالْعُ ْ‬

‫‪90‬‬
‫ن‬ ‫ل فِيهَا ‪َ ,‬وقَا َ‬ ‫خ َ‬ ‫ل ‪ :‬إن َ ُ‬ ‫َوقِي َ‬
‫ل اب ْ ُ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مهَا َ‬ ‫ما ِ‬ ‫مَر بِإِت ْ َ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫ّ َ‬
‫َ‬
‫ج ‪ ,‬وَبِهِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ض كَال ْ َ‬ ‫ي فَْر ٌ‬ ‫جهْم ِ ‪ :‬ه ِ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ب وَأبُو بَكْرِ ب ْ ُ‬ ‫حبِي ٍ‬ ‫َ‬
‫ةم َ‬ ‫ل ال َّ‬
‫مدِينَةِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫ماع َ ٌ ِ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َ‬ ‫ي وَبِهِ قَا َ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫قَا َ‬
‫قوْلِهِ عليه الصلة والسلم ‪:‬‬ ‫ل ; لِ َ‬ ‫شهُوُر اْلَوَّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫مذِيُّ َوقَا َ‬ ‫رواهُ التِّْر ِ‬ ‫مَرة ُ تَطَوُّع ٌ } َ َ‬ ‫جهَاد ٌ وَالْعُ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ُّ‬ ‫{ ال ْ َ‬
‫ح‬‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫ض الّرِوَايَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن ‪ ,‬وَفِي بَعْ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ث َ‬ ‫حدِي ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ك غَيُْر‬ ‫س ٌ‬ ‫حهِ ; وَِلنَّهَا ن ُ ُ‬ ‫حي ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ي فِي ت َ ْ‬ ‫ه النَّوَوِ ُّ‬ ‫وَنَاَزع َ ُ‬
‫ف الت ّطوُِّع وَلِعَد َ ِ‬
‫م‬ ‫ة كَطَوَا ِ َ َ‬ ‫جب َ ً‬ ‫ن وَا ِ‬ ‫ت فََل تَكُو ُ‬ ‫مؤَقَّ ٍ‬ ‫ُ‬
‫س ‪ ,‬انْتَهَى ‪.‬‬ ‫م ٍ‬ ‫خ ْ‬ ‫م عَلَى َ‬ ‫سَل ُ‬ ‫ي اْل ِ ْ‬ ‫ث بُن ِ َ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫ذِكْرِهَا فِي َ‬
‫ض عَلَى‬ ‫ي فَْر ٌ‬ ‫ب ‪ :‬هِ َ‬ ‫حبِي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ث عَ ْ‬ ‫حارِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ُ‬ ‫ل اب ْ‬ ‫َوقَا َ‬
‫َ‬
‫شافِعِيَّةِ ‪ :‬كَرِ َ‬
‫ه‬ ‫من ال َّ‬
‫ي ِ ْ‬ ‫ش ُّ‬ ‫ل الَّزْرك َ ِ‬ ‫ة وَقَا َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ِ‬ ‫غَيْرِ أَهْ‬
‫َ‬
‫ل ‪ :‬يَا‬ ‫ن بِهَا وَقَا َ‬ ‫َ‬ ‫جاوِ ِري‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ة وَال ْ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ماَر ِلَهْ‬ ‫َ‬ ‫ك اِلع ْت ِ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أَهْ َ‬
‫ف‬
‫م الطوَا ُ‬ ‫مَرتُك ُ ْ‬ ‫ما عُ ْ‬ ‫مَرةٌ إن َّ َ‬ ‫م عُ ْ‬ ‫س ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫ة لَي ْ َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬
‫ف غَيْرِهِ ْ‬
‫م‬ ‫خَل ِ‬ ‫س بِ ِ‬ ‫ل ع َطاءٍ وَطاوُ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ‪ ,‬وَهُوَ قَوْ ُ‬ ‫بِالْبَي ْ ِ‬
‫ب َل‬ ‫م انْتَهَى ‪ ( .‬قُلْت ) ‪ :‬وَهُوَ غَرِي ٌ‬ ‫ة ع َلَيْهِ ْ‬ ‫جب َ ٌ‬ ‫فَإِنَّهَا َوا ِ‬
‫ن فِي‬ ‫حو ٍ‬ ‫ن فَْر ُ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ك قَا َ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫مذْهَ ِ‬ ‫ف فِي ال ْ َ‬ ‫يُعَْر ُ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫مَر ُ‬ ‫ل ‪ :‬الْعُ ْ‬ ‫ه قَا َ‬ ‫ن ع َطَاءٍ أن َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب ‪ :‬وَع َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬‫ِ‬ ‫حا‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫شْرِح اب ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م يَطُوفُو َ‬
‫ن‬ ‫ة ; ِلنَّهُ ْ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س إ ّل ع َلَى أهْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ة ع َلَى النَّا‬ ‫جب َ ٌ‬ ‫َوا ِ‬
‫ب بِالنَّذ ِْر‬ ‫خَل َ َ‬
‫ج ُ‬ ‫ف أن َّ َهَا ت َ ِ‬ ‫ه ) وََل ِ‬ ‫ت انْتَهَى ‪ ( .‬تَنْبِي ٌ‬ ‫بِالْبَي ْ ِ‬
‫شروع فيها واَلل ّ َ‬
‫مهَا‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫م ‪ .‬وَ ُ‬ ‫ه أعْل َ ُ‬ ‫مهَا بَعْد َ ال ُّ ُ ِ ِ َ َ ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫ب إت ْ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫وَي َ ِ‬
‫َ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫خ أبُو ال ْ َ‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫ب قَا َ‬ ‫حبَا ُ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫مَّرةِ اْلولَى اِل ْ‬ ‫بَعْد َ ال ْ َ‬
‫خر كتاب ال ْحج الثَّانِي قَا َ َ‬ ‫َ‬
‫مدٍ ‪:‬‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫الْكَبِيُر فِي أ َوا ِ ِ ِ َ ِ‬
‫ة مؤ َكَّدة ٌ مَرة ً في الْعمر ‪ ,‬وأ َ َ َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ما أكْثَُر ِ‬ ‫ُ ْ ِ َ ّ‬ ‫َ َ ّ ِ‬ ‫سن َّ ٌ ُ‬ ‫مَرة ُ ُ‬ ‫َوالْعُ ْ‬
‫حب َّ ً‬
‫ة‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫مَّرةٍ فَيَنْتَِفي ع َنْهَا التَّأْكِيد ُ وَتَبَْقى بَعْد َ ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫مَّرةً وَيُكَْرهُ تَكَْراُرهَا‬ ‫سنَةٍ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ب فِي ك ُ ِّ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫انْتَهَى ‪ .‬وَي ُ ْ‬
‫ك فِي‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ور َوقَال َ ُ‬ ‫شهُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حدِ ع َلَى ال ْ َ‬ ‫فِي الْعَام ِ الْوَا ِ‬
‫َ‬
‫م يُكَّرِْرهَا فِي‬ ‫ه عليه الصلة والسلم ل َ ْ‬ ‫مدَوَّنَةِ ; ِلن َّ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ماع َ ٌ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك َوقَد ْ كَرِهَ ُ‬ ‫معَ قُدَْرتِهِ ع َلَى ذَل ِ َ‬ ‫حدٍ َ‬ ‫ع َام ٍ َوا ِ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ن َوقَا َ‬ ‫شو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ف َواب ْ ُ‬ ‫مطَّرِ ٌ‬ ‫ك ُ‬ ‫جاَز ذَل ِ َ‬ ‫ف َوأ َ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫ال َّ‬

‫‪91‬‬
‫ل أَبُو‬ ‫ْ‬
‫مَّرةٌ ‪ ,‬وَقَا َ‬ ‫شهْرٍ َ‬ ‫ل َ‬ ‫س بِهَا ِفي ك ُ ِّ‬ ‫ب ‪َ :‬ل بَأ َ‬ ‫حبِي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫ة رضي الله عنها فِي‬ ‫ش ُ‬ ‫ت ع َائ ِ َ‬ ‫ن َوغَيُْره ُ ‪َ :‬وفََّرط َ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ي‬
‫رو َ‬ ‫حدٍ وَ ُ ِ‬ ‫ضتْهَا فِي عَام ٍ َوا ِ‬ ‫م قَ َ‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫سنِي َ‬ ‫سبْعَ ِ‬ ‫مَرةِ َ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫مَّرةٌ َوُروِ َ‬
‫ي‬ ‫شهْرٍ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ي رضي الله عنه ‪ :‬فِي ك ُ ِّ‬ ‫ن عَل ِ ٍ ّ‬ ‫عَ ْ‬
‫ة‬
‫ج ً‬ ‫ح َّ‬ ‫ح َّ‬ ‫مَر أل ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَر أن َّ‬
‫ن َ‬ ‫ستِّي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫مَرةٍ َو َ‬ ‫ْ‬ ‫ف عُ‬ ‫َ‬ ‫ه اع ْت َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن عُ‬ ‫ِ‬ ‫ن اب ْ‬ ‫ْ‬ ‫عَ‬
‫َ‬
‫ل الل ّهِ وَأَعْتَقَ أَل ْ َ‬
‫ف‬ ‫سبِي ِ‬ ‫س فِي َ‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ل ع َلَى أَل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ح ِ‬ ‫َو ُ‬
‫ك تَكَُّرَرهَا فِي‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫سنَد ٌ ‪ :‬كَرِه َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫َرقَبَةٍ انْتَهَى ‪ .‬وَقَا َ‬
‫َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ;‬ ‫سيًا بِالنَّب ِ ِ ّ‬ ‫حدَةِ تَأ ِّ‬ ‫وا ِ‬ ‫سنَةِ ال ْ َ‬ ‫ال َّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ك عَ ْ‬ ‫ة ذَل ِ َ‬ ‫حكَى كََراهَ َ‬ ‫مَّرةً وَ َ‬ ‫ل ع َام ٍ َ‬ ‫مَر فِي ك ُ ِّ‬ ‫ه اع ْت َ َ‬ ‫ِلن َّ ُ‬
‫مر ك ُ َّ‬
‫ل‬ ‫ن يَعْت َ ُِ‬ ‫ن عَلِيًّا كَا َ‬ ‫ي أ َ َّ‬ ‫ما ُروِ َ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫كَثِيرٍ ِ‬
‫ام‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل يوم من أ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫يوم وأ َ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ ْ ٍ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ ٍ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جهٍ‬ ‫ن نَذ ْرٍ أوْ لِوَ ْ‬ ‫ضاءً عَ ْ‬ ‫ن قَ َ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حت َ َ‬ ‫ن الُّزبَيْرِ فَي ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اب ْ‬
‫سبْعَ‬ ‫مَرةِ َ‬ ‫ت فِي الْعُ ْ‬ ‫ة فََّرط َ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫رويَ أ َ َّ‬ ‫ما ُ ِ‬ ‫َرآه ُ ‪ ,‬ك َ َ‬
‫حبًّا‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫حدٍ ‪ ,‬وَلَوْ كَا َ‬ ‫ضتْهَا فِي ع َام ٍ َوا ِ‬ ‫ن فََق َ‬ ‫سنِي َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ه عليه الصلة والسلم وَاْلَئ ِ َّ‬
‫ب إلَيْهِ‬ ‫ة بَعْدَهُ أ ْو نَد َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫فعَل َ ُ‬ ‫لَ َ‬
‫صا ‪َ .‬ونََق َ‬
‫ل‬ ‫خ ً‬ ‫مل َ َّ‬ ‫جهٍ يَْقطَعُ الْعُذَْر ‪ ,‬انْتَهَى ُ‬ ‫ع َلَى َو ْ‬
‫ف وَابْن ال ْ َ َّ‬ ‫َ‬
‫جوَاَز تَكَْرارِهَا ِفي‬ ‫موازِ َ‬ ‫مطَّرِ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫م ُّ‬ ‫خ ِ‬ ‫الل ّ ْ‬
‫ف فِي‬ ‫مطَّرِ ٌ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه ‪ :‬قَا َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ختَاَرهُ َون َ ُّ‬ ‫مَراًرا َوا ْ‬ ‫سنَةِ ِ‬ ‫ال َّ‬
‫كتاب ابن حبيب ‪َ :‬ل بأ ْ‬
‫مَراًرا ‪,‬‬ ‫سنَةِ ِ‬ ‫مَرةِ فِي ال َّ‬ ‫ْ‬ ‫س بِالْعُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َِ ِ ْ ِ َ ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قَا َ َ‬
‫ي ‪ :‬وََل‬ ‫م ُّ‬ ‫خ ِ‬ ‫ل الل ّ ْ‬ ‫س ‪ ,‬قَا َ‬ ‫ٌ‬ ‫ن بِهِ بَأ‬ ‫ن َل يَكُو َ‬ ‫جو أ ْ‬ ‫ل ‪ :‬أْر ُ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َرى أ َن يمنع أ َحد من أ َ‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ى‬ ‫إل‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ َ َ ٌ ِ ْ‬
‫م‬ ‫ضٍع ل َ ْ‬ ‫موْ ِ‬ ‫خيْرِ فِي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن اِلْزدِيَاد ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت وََل ِ‬ ‫الط ّاع َا ِ‬
‫م أ َ َّ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ن اب ْ َ‬ ‫ه يُوه ِ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ص ‪ ,‬انْتَهَى ‪ .‬وَكََل ُ‬ ‫ه ن َ ٌّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫منِْع ِ‬ ‫ت بِال ْ َ‬ ‫يَأ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مَراًرا ‪ ,‬وَظاهُِر ك َلمِ‬ ‫مارِ ِ‬ ‫ك ِفي اِلع ْت ِ َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫موَّازِ قَا َ‬
‫ابن ال ْ َ َ‬
‫ل فِي‬ ‫ط ‪ ,‬قَا َ‬ ‫مَّرتَي ْن فََق ْ‬ ‫ه فِي ال ْ َ‬ ‫ما قَال َ ُ‬ ‫ه إن َّ َ‬ ‫موازِ أن َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ ِ‬
‫ب وَفِي كََراهَةِ تَك ْ َ ِ‬
‫رار‬ ‫ج ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل اب ْ ِ‬ ‫عنْد َ قَوْ ِ‬ ‫ضيِح ِ‬ ‫التَّوْ ِ‬
‫شهُوُر‬ ‫م ْ‬ ‫ن ‪ :‬ال ْ َ‬ ‫حدَةِ قَوَْل ِ‬ ‫سنَةِ الْوَا ِ‬ ‫مَرةِ فِي ال َّ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫ف‬‫مطَّرِ ٍ‬ ‫شاذ ُّ ل ِ ُ‬ ‫مدَوَنَةِ ‪ ,‬وال َّ‬
‫َ‬ ‫ب ال ْ ُ ّ‬ ‫مذْهَ ُ‬ ‫ة ‪ ,‬وَهُوَ َ‬ ‫الْكََراهَ ُ‬
‫مواز ; ِلَن َه قَا َ َ‬
‫جو‬ ‫ل ‪ :‬أْر ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ن ال ْ َ َّ ِ‬ ‫حوِهِ ِلب ْ ِ‬ ‫جاَزةُ تَكَْرارِهَا َون َ ْ‬ ‫إ َ‬

‫‪92‬‬
‫ْ‬ ‫ن بِال ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن َ‬ ‫أَ‬
‫س وَقَ ْ‬
‫د‬ ‫سنَةٍ بَأ ٌ‬ ‫ن فِي َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫رت‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫حدٍ وَفَعَل ُ‬
‫ن‬ ‫ه اب ْ ُ‬ ‫ن فِي ع َام ٍ َوا ِ‬ ‫مَّرتَي ْ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ت ع َائ ِ َ‬ ‫مَر ْ‬ ‫اع ْت َ َ‬
‫شهْرٍ‬ ‫ن فِي َ‬ ‫مَرتَي ْ ِ‬ ‫ة عُ ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ت ع َائ ِ َ‬ ‫منْكَدِرِ وَكَرِهَ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مَر َواب ْ ُ‬ ‫عُ َ‬
‫ب‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫ما ذ َكََرهُ َ‬ ‫مد ٍ انْتَهَى ‪ .‬وَ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ه الَْقا ِ‬ ‫‪ ,‬وَكَرِهَ ُ‬
‫ك فِي النَّوَادِ ِر وَهُوَ‬ ‫موازِ هُوَ كَذَل ِ َ‬ ‫ن ال ْ َ َّ‬ ‫ن اب ْ َِ‬ ‫ضيِح ع َ ْ‬ ‫التَّوْ ِ‬
‫ص النَّوَادِرِ قَا َ‬ ‫ه الل ّ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ل اب ْ ُ‬ ‫ي ‪َ .‬ون َ ُّ‬ ‫م ُّ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما قَال َ ُ‬ ‫م َّ‬ ‫أوْلَى ِ‬
‫ك أَ‬
‫سنَةٍ‬ ‫ن فِي َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫رت‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫موَّازِ ‪ :‬وَكَرِه َ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جو أ ْ‬ ‫مد ٌ ‪َ :‬وأْر ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه قَا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل لَزِ َ‬ ‫ن فَعَ َ‬ ‫حدَةٍ يُرِيد ُ فَإ ِ ْ‬ ‫َوا ِ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫شهُورِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س انْتَهَى ‪ ( .‬فَْرع ٌ ) وَعَلَى ال ْ َ‬ ‫ن بِهِ بَأ ٌ‬ ‫يَكُو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م بِثَانِيَةٍ‬ ‫حَر َ‬ ‫حدَةِ فَلَوْ أ ْ‬ ‫سنَةِ الْوَا ِ‬ ‫ن يُكَْره َ تَكَْراُرهَا فِي ال َّ‬ ‫أ ْ‬
‫ك‬‫م ذَل ِ َ‬ ‫سنَد ٌ وَغَيُْرهُ وَتََقد َّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ماع ًا ‪ ,‬قَال َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫هإ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫انْعََقد َ إ ْ‬
‫ه‬
‫م ُ‬ ‫ل لَزِ َ‬ ‫ن فَعَ َ‬ ‫ل ‪ :‬يُرِيد ُ فَإ ِ ْ‬ ‫ث قَا َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫از َ‬ ‫موَّ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫فِي ك َلم ِ اب ْ ِ‬
‫َ‬
‫ي‬‫ما هِ َ‬ ‫سنَةِ إن َّ َ‬ ‫مَرةُ فِي ال َّ‬ ‫مدَوَّنَةِ ‪ :‬وَالْعُ ْ‬ ‫ل فِي ال ْ ُ‬ ‫‪ ,‬وَقَا َ‬
‫ت اْلُولَى فِي‬ ‫ه كَان َ ْ‬ ‫مت ْ ُ‬ ‫مَر بَعْدَهَا لَزِ َ‬ ‫حدَةٌ وَلَوْ اع ْت َ َ‬ ‫مَّرة ٌ َوا ِ‬ ‫َ‬
‫م َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫كأ ْ‬ ‫مهِ ذَل ِ َ‬ ‫ن عَا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َل أَراد َ ال ْ َ‬ ‫جأ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬
‫سكِهِ ‪ :‬وَعَلَى‬ ‫منَا ِ‬ ‫ف فِي َ‬ ‫صن ِّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ه ) قَا َ‬ ‫انْتَهَى ‪ ( .‬تَنْبِي ٌ‬
‫َ‬
‫د‬
‫ح ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه يُكَْرهُ تَكَْراُرهَا ِفي الْعَام ِ ال ْ َ‬ ‫ن أن َّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شهُورِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫خرِ‬ ‫مَر ِفي أ َ َوا ِ‬ ‫ن اعْت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جوُز ل ِ َ‬ ‫م فَي َ ُ‬ ‫حَّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫سنَةِ ال ْ ُ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫فَأَوَّ ُ‬
‫ذي ال ْح َ َ‬
‫ل‬ ‫ك ‪ ,‬قَا َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫حَّرم ِ قَال َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مَر فِي ال ْ ُ‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫جةِ أ ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫ِ‬
‫ب إل َ َّ‬ ‫ك وقَا َ َ‬
‫ي‬ ‫ح ُّ‬ ‫ل‪:‬أ َ‬ ‫مال ِ ٌ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قل َ ُ‬ ‫ستَث ْ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫سم ِ ‪ :‬ث ُ َّ‬ ‫ن الَْقا ِ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫مأ ْ‬ ‫حَّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫حتَّى يَد ْ ُ‬ ‫مَر َ‬ ‫ن َل يَعْت َ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ن أقَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫لِ َ‬
‫َ‬
‫ستَثَْق َ‬
‫ل‬ ‫ه أيْ ا ْ‬ ‫قل َ ُ‬ ‫ستَث ْ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ث ُ َّ‬ ‫ن انْتَهَى ‪ .‬وَقَوْل ُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ب الَّز َ‬ ‫لَُقْر ِ‬
‫رم‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫مُر فِي ال ْ‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ة‬ ‫َ‬
‫ج‬ ‫ح‬ ‫خرِ ذِي ال ْ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫أ َن يعتمر في أ َ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ََْ ِ َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َل‬ ‫حدَةً ‪ ,‬وَإِذ َا كَا َ‬ ‫ل إ ّل َوا ِ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ي فََل ي َ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ب َالَّز َ‬
‫م‬ ‫لَُقْر ِ‬
‫خرِ ذِي‬ ‫ن فِي أَوَا ِ‬ ‫ن تَكُو َ‬ ‫ل اْلَوْلَى أ ْ‬
‫َ‬ ‫حدَةً فَهَ ْ‬ ‫ل إ ّل َوا ِ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ي لمن أَقَام بمك ّةَ‬ ‫جة أَو ال ْمحَرم ؟ قَا َ َ‬
‫َ ِ َ َ‬ ‫ب إل َ َّ ِ َ ْ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ل‪:‬أ َ‬ ‫ح َّ ِ ْ ُ َ ّ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫أَ‬
‫ك‬‫مال ِ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ن كََل ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫حت‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ستِثَْقا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫مَر ٍ‬ ‫ن بِعُ ْ‬ ‫ل الِتْيَا ُ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫حدَاهُ َ‬ ‫ن‪:‬إ ْ‬ ‫ِ‬ ‫سألتَي ْ‬ ‫م ْ‬ ‫الث ّانِي َ‬
‫حَّرم ِ ‪َ ,‬والثَّانِي َ ُ‬
‫ة‬ ‫م َ‬ ‫خَرى ِفي ال ْ ُ‬ ‫م أُ ْ‬ ‫جةِ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ح َّ‬ ‫فِي ذِي ال ْ َ‬

‫‪93‬‬
‫است ِحباب أ َن تكُون الْعمرة ُ في ال ْمحَرم ل ِم َ‬
‫ن أقَا َ‬
‫م‬ ‫َ ُ ْ َ ِ َ ُ َ ّ ِ َ ْ‬ ‫ْ ْ َ ُ ْ َ‬
‫م ْ َ‬ ‫قلَهَا التَّادَل ِ ُّ‬ ‫ة وَكَذَل ِ َ‬ ‫ب َ‬
‫ل فِي‬ ‫ن وَقَا َ‬ ‫سألتَي ْ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ك نَ َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬
‫ث هَ ْ‬
‫ل‬ ‫مَرةِ ‪ ,‬الث ّال ِ ُ‬ ‫ف فِيهَا فِي الْعُ ْ‬ ‫ختَل َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضِع ال ْ ُ‬ ‫موَا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مال ِ ٌ‬
‫ك‬ ‫ل َ‬ ‫حَّرم ِ أ َ ْو َل ؟ قَا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن فِي ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫ْ‬
‫ب لِل ْحاج أ َ‬
‫َ ِّ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ن فِعْلَهَا فِي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حَّرم ِ ; ِل َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن فِي ال ْ ُ‬ ‫ن تَكُو َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ب إل َ َّ‬ ‫ح ُّ‬ ‫‪:‬أ َ‬
‫شهر ال ْح َ‬ ‫َ‬
‫جهِ ‪,‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫ه فِعْلُهَا بَعْد َ َ‬ ‫ل ُ‪ :‬ل َ ُ‬ ‫ه َوقِي َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ج أف ْ َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫غَيْرِ أ ْ ُ‬
‫شهر ال ْح َ‬ ‫جة كُل ّه م َ‬
‫م‬‫جأ ْ‬ ‫ن أ ْ ُ ِ َ ِّ‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫ح َّ ِ‬ ‫ل ذ ُو ال ْ َ‬ ‫ف هَ ْ‬ ‫خَل ِ‬ ‫ب ال ْ ِ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫َو َ‬
‫خَرى‬ ‫مَر أ ُ ْ‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫هأ ْ‬
‫ل لَ َ‬
‫جهِ هَ ْ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫مَر بَعْد َ َ‬ ‫َل ‪ .‬الَّرابِعُ إذ َا اع ْت َ َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫قوْل ُ ُ‬ ‫ن ‪ ,‬انْتَهَى ‪ .‬فَ َ‬ ‫ك رِ َوايَتَا ِ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫حَّرم ِ ع َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫فِي ال ْ ُ‬
‫ب‬‫حبَا ُ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ط َوأ َ َّ‬ ‫ل فََق ْ‬ ‫ستِثَْقا ِ‬ ‫ل اِل ْ‬ ‫ن ; تَعْلِي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب الَّز َ‬
‫م‬ ‫لُِقْر ِ‬
‫ج عَلَى‬ ‫َ‬
‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ن فِي غَيْرِ أ ْ‬ ‫حَّرم ِ فَلْتَك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫كَوْنِهَا ِفي ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫صن ِّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ن قَوْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫فهَ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ي وََل يَنْبَغِي أ ْ‬ ‫ه التَّادَل ِ ُّ‬ ‫ما قَال َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫م إل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ن فِي أوَّ ِ‬ ‫خ أ َّ‬ ‫حَّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫سنَةِ ال ْ ُ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫شهُورِ فَأوَّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وَع َلَى ال ْ َ‬
‫ل هُو ال ْمحَر َ‬
‫جةِ ؟ إذ ْ لَي ْ َ َ‬
‫س‬ ‫ح َّ‬ ‫م أ ْو ذ ُو ال ْ َ‬ ‫خَلفًا هَ ْ َ ُ َ ّ ُ‬ ‫سنَةِ ِ‬ ‫ال َّ‬
‫ك َوإ ِ ّل‬ ‫مهِ ما يَد ُ ُّ‬
‫مال ِ ٍ‬ ‫ك وََل فِي كََلم ِ َ‬ ‫ل ع َلَى ذَل ِ َ‬ ‫ي كََل ِ َ‬ ‫َ‬
‫فِ‬
‫مَرةِ فِي‬ ‫ْ‬ ‫حَّرم ِ بَعْد َ الْعُ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫مَرة َ فِي ال ْ‬ ‫ْ‬ ‫ه الْعُ‬ ‫ُ‬ ‫ستِثَْقال َ‬ ‫لا ْ‬ ‫لَعَل ّ َ‬
‫َ‬ ‫جةِ بِأ َ َّ‬
‫ما عَل ّل َ ُ‬
‫ه‬ ‫حدَةٍ ‪ ,‬وَهَذ َا إن َّ َ‬ ‫سنَةٍ وَا ِ‬ ‫ك فِي َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ذِي ال ْ َ‬
‫راز َوإِذ َا َراعَيْنَا‬ ‫ب الط ِّ َ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن َوقَا َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب الَّز َ‬ ‫بُِقْر ِ‬
‫ج‬
‫ح ِّ‬ ‫ج إلَى ال ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ل هِ َ‬ ‫مَّرةً فَهَ ْ‬ ‫سنَةِ َ‬ ‫مَرة َ فِي ال َّ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ف فِيهِ قَوْ ُ‬ ‫ختُل ِ َ‬ ‫حَّرم ِ ؟ َوا ْ‬ ‫م َ‬ ‫حَّرم ِ إلَى ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫أوْ ِ‬
‫َ‬ ‫ل في ال ْموَازيَة ‪ :‬وَل بأ ْ‬
‫مَر بَعْدَ‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫سأ ْ‬ ‫َ ّ ِّ ِ َ َ َ‬ ‫ك قَا َ ِ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫َ‬
‫رم‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ة‬ ‫َ‬
‫ج‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫خر‬ ‫ِ‬ ‫آ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ام‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫أَ‬
‫ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ع‬
‫ج َ‬ ‫م َر َ‬ ‫مَّرةً ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫سنَةٍ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫صيُر فِي ك ِّ‬ ‫خَرى فَي َ ِ‬ ‫مَرة ً أ ْ‬ ‫عُ ْ‬
‫ي ل ِمن أَقَا َ‬ ‫فََقا َ َ‬
‫ج‬
‫ح ِّ‬ ‫مَر بَعْد َ ال ْ َ‬ ‫ن َل يَعْت َ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ب إل َ َّ َ ْ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ل‪:‬أ َ‬
‫ج‬‫ح ِّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مُر قَب ْ َ‬ ‫م فَعَلَى هَذ َا يَعْت َ ِ‬ ‫حَّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫حتَّى يَد ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ج ‪ ,‬وَعَلَى‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ت فِعْ ِ‬ ‫مَرةِ وَقْ َ‬ ‫ن انْتِهَاءُ الْعُ ْ‬ ‫وَبَعْدَهُ وَيَكُو ُ‬
‫حتَّى يَد ْ ُ‬ ‫ج فََل يَعْت َ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫خ َ‬
‫ل‬ ‫مُر بَعْدَهُ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫مَر قَب ْ َ‬ ‫ل إذ َا اع ْت َ َ‬ ‫اْلوَّ ِ‬
‫َ‬ ‫ه غَيُْر ظَاهِرٍ وَلَي ْ َ‬ ‫ما قَال َ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫س فِي ك َ ِ‬
‫لم‬ ‫م انْتَهَى ‪ .‬وَ َ‬ ‫حَّر ُ‬ ‫م َ‬
‫ل‬ ‫م عَلَى ك ُ ِّ‬ ‫حَّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫سنَةِ ال ْ ُ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫ل ع َلَيْهِ فَأَوَّ ُ‬ ‫ك ما يَد ُ ُّ‬
‫مال ِ ٍ َ‬ ‫َ‬

‫‪94‬‬
‫حال واَلل َّ َ‬
‫ن كََرا َهَةِ تَك ْ َ ِ‬
‫رار‬ ‫م ْ‬ ‫ستَثْنَى ِ‬ ‫م ‪ ( .‬فَْرع ٌ ) ي ُ ْ‬ ‫ه أع ْل َ ُ‬ ‫َ ٍ َ ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ه إلَى َ َ‬ ‫خول ُ ُ‬ ‫ن تَكََّرَر د ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سنَةِ َ‬ ‫مَرةِ فِي ال َّ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫م أََر‬ ‫ه وَهُوَ الظ ّاهُِر وَل َ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫ب ع َلَيْهِ اْل ِ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ضٍع ي َ ِ‬ ‫موْ ِ‬ ‫َ‬
‫م قَب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح بِهِ ; ِلن َّ‬
‫ل‬ ‫حَر َ‬ ‫ج فََقد ْ أ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫هإ ْ‬ ‫ُ‬ ‫صَّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ َّ‬
‫ه‬‫حَرام ٍ ‪َ ,‬والل ُ‬ ‫ل ع َلَيْهِ بِغَيْرِ إ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫م دَ َ‬ ‫حرِ ْ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫َوقْتِهِ وَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مَر‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ك ‪ :‬وََل بَأ َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫م ‪ ( .‬فَْرع ٌ ) قَا َ‬ ‫أع ْل َ ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ك أ َ َّ‬ ‫ج انْتَهَى ‪ .‬وَيَعْنِي بِذَل ِ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫لأ ْ‬
‫صرورة َ قَب َ َ‬
‫ْ‬ ‫ال َّ ُ َ‬
‫شهر ال ْحج وهُو صرورةٌ فََل يتعي َ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫حرِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َََ ّ ُ‬ ‫َ ِّ َ َ َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫م فِي أ ْ ُ‬ ‫قَد ِ َ‬
‫صُروَرةَ‬ ‫م ال َّ‬ ‫ما إذ َا قَد َّ َ‬ ‫مَر ‪ ,‬وَأ َ َّ‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫هأ ْ‬
‫ل يجوز ل َ َ‬
‫ج بَ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫م‬‫حَرا ُ‬ ‫مئِذٍ اْل ِ ْ‬ ‫ه يَوْ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫مطْلُو ُ‬ ‫َ‬ ‫ج فَال ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫قَب ْ َ‬
‫خَلف ‪ ,‬واَلل َّ َ‬
‫م ‪ ( .‬فَْرعٌ ) قَا َ‬
‫ل‬ ‫ه أعْل َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ن غَيْرِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫مَرةِ ِ‬ ‫بِالْعُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫خُر َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫مًرا أ ْ‬ ‫معْت َ ِ‬ ‫ة ُ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جوُز ل ِ َ‬ ‫فِي الط َِّرازِ ‪ :‬وَي َ ُ‬
‫ب‬ ‫ح ُّ‬ ‫ب أُ ِ‬ ‫حبِي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ب اب ْ َِ‬ ‫مَرتِهِ َوفِي كِتَا ِ‬ ‫ضاءِ ع ُ ْ‬ ‫بَعْد َ انِْق َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫موَط ِإ‬ ‫ة ‪َ ,‬وفِي ال ْ ُ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫مَرتِهِ ثََلثًا ب ِ َ‬ ‫م لِعُ ْ‬ ‫قي َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫مرِ أ ْ‬ ‫معْت َ ِ‬ ‫لِل ْ ُ‬
‫حلَتِهِ‬ ‫ن َرا ِ‬ ‫ط عَ ْ‬ ‫حط ِ ْ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫مَر ل َ ْ‬ ‫ن إذ َا اع ْت َ َ‬ ‫ه كَا َ‬ ‫ُ‬ ‫ن أَن َّ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫ن ع ُث ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف ‪ :‬فَْر ُ‬
‫ض‬ ‫صن ِّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫م ‪ .‬وَقَوْ ُ‬ ‫ه أع ْل َ ُ‬ ‫جعَ ‪ ,‬وَاَلل ّ ُ‬ ‫حتَّى يَْر ِ‬ ‫َ‬
‫سِخ‬ ‫ب الن ُّ َ‬ ‫جودَة ُ ِفي غَال ِ ِ‬ ‫موْ ُ‬ ‫مَرةِ ال ْ َ‬ ‫ة الْعُ ْ‬ ‫سن َّ ُ‬ ‫ج وَ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مَرةُ عَلَى النِّيَابَةِ‬ ‫ج وَالْعُ ْ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ل وَُرفِعَ ال ْ َ‬ ‫فعُو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫بِالْبِنَاءِ لِل ْ َ‬
‫ل‬ ‫فعُو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَّرةً ع َلَى النِّيَابَةِ عَلَى ال ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ص َ‬ ‫ل َون ُ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫لِلَْفا ِ‬
‫ن‬‫ج ; ِل َ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ه لِل ْ َ‬ ‫مثْل ُ ُ‬ ‫مَرة ُ َويَُقدَُّر ِ‬ ‫ل فِيهِ الْعُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ق َوالْعَا ِ‬ ‫ِ‬
‫مطْل َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ج مصد َران يَُقد َّر ك ُ ُّ‬
‫ن‬‫ما بِأ ْ‬ ‫منْهُ َ‬ ‫حدٍ ِ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫ح َّ َ ْ َ ِ َ ُ‬ ‫مَرة َ وَال ْ َ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫ج مَرةً وس َ َ‬
‫مَر‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ح َّ َ ّ َ ُ ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ض بِأ ْ‬ ‫معْنَى فُرِ َ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫فعْ ِ‬ ‫َوال ْ ِ‬
‫مَرة ً وَل يص ُ َ‬
‫ت;‬ ‫سن َّ ْ‬ ‫ض وَ ُ‬ ‫ل فِيهِ فُرِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن الْعَا ِ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫حأ ْ‬ ‫َ ّ َ َ ِ ّ‬
‫من ال َّ‬ ‫سن َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شارِِع‬ ‫ة َوقَعَ ِ ْ‬ ‫ض وَال ُّ‬ ‫ن الَْفْر َ‬ ‫ما يُِفيد ُ أ َّ‬ ‫ه إن َّ َ‬ ‫ِلن َّ ُ‬
‫مطْل َ َ‬
‫ق‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫فعُو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مَراد َ ; ِل َ َّ‬ ‫معْنَى ال ْ ُ‬ ‫مَّرة ً وََل يُِفيد ُ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ميِيزِ‬ ‫مَّرةً عَلَى الت َّ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن يُن ْ َ‬ ‫جوُز أ ْ‬ ‫ملِهِ َوي َ ُ‬ ‫قَيْد ٌ فِي ع َا ِ‬
‫ض‬ ‫معْنَى فُرِ َ‬ ‫ل وَال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن الَْفا ِ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫ن النَّائ ِ ِ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫حوَّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫جد ُ ِفي‬ ‫ة وَيُو َ‬ ‫مَر ِ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرة ُ ِ‬ ‫سنَّةِ الْعُ ْ‬ ‫ج وَ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مَّرة ُ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن الَّراءِ‬ ‫سكُو ِ‬ ‫فتِْح الَْفاء وَ ُ‬ ‫ج بِ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫سِخ فَْر ُ‬ ‫ض الن ُّ َ‬ ‫بَعْ ِ‬

‫‪95‬‬
‫سن َّ ٌ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫مْرفُوع ٌ بِاِلبْتِدَاءِ ‪ ,‬وَيُْرفَعُ ُ‬ ‫صدٌَر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع َلَى أن َّ ُ‬
‫مَّرةٌ‬ ‫ضافَةِ ‪ ,‬وَ َ‬ ‫مَرةُ بِاْل ِ َ‬ ‫ج َوالْعُ ْ‬ ‫ح ُّ‬ ‫جُّر ال ْ َ‬ ‫ف ع َلَيْهِ وَي ُ َ‬ ‫بِالْعَط ْ ِ‬
‫َ‬
‫ي ‪َ .‬ويَتَعَي َّ ُ‬
‫ن‬ ‫ساط ِ ِ ّ‬ ‫ح الْب ِ َ‬ ‫شْر ُ‬ ‫خبٌَر وَع َلَيْهَا َ‬ ‫ه َ‬ ‫مْرفُوع ٌ ع َلَى أن َّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ل‪,‬أ ْ‬ ‫فعُو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سم ِ ال ْ َ‬ ‫معْنَى ا ْ‬ ‫صدَُر ب ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫حينَئِذ ٍ أ ْ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫مَر ِ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سنُّو َ‬ ‫م ِ‬ ‫مَّرة ٌ ‪َ ,‬وال ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫مْفُرو َُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م هُنَا ; ِل َ َّ‬ ‫مَرة ٌ ‪ ,‬واَلل ّه أَع ْل َم ‪ .‬وإن َ َ‬
‫ه‬
‫ن هَذِ ِ‬ ‫ما أطَلْت الْكََل َ‬ ‫َ ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ّ‬
‫ح عَلَيْهَا‬ ‫شارِ ُ‬ ‫ه ال َّ‬ ‫م يُنَب ِّ ْ‬ ‫ج إلَيْهَا وَل َ ْ‬ ‫حتَا ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫سائ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫وفي الفتاوى الهندية ‪:‬‬
‫حَرام ِ إلَى‬ ‫ضافَةِ اْل ِ ْ‬ ‫شَر فِي إ َ‬ ‫ي عَ َ‬ ‫َ‬ ‫حاد ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫( الْبَا ُ‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫را‬ ‫ح‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫اْلحرام ) يجب أ َن يعل َم بأ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ ْ َ ِ َ ِ ُ ْ ُْ َ ِ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْحج أ َ‬
‫معَ بَي َْنَهُ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن إذ َا َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫را‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫إ‬ ‫و‬
‫َ ِّ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫م ُه َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ة وَأبِي يُو ُ‬ ‫حنِيَف َ‬ ‫عنْد َ أبِي َ‬ ‫متَاهُ ِ‬ ‫لَزِ َ‬
‫ما‬‫حدَاهُ َ‬ ‫هإ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫مد ٍ رحمه الله تعالى تَلَْز ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫عنْد َ ُ‬ ‫تَعَالَى ‪ ,‬وَ ِ‬
‫ة وَأَبِي‬ ‫حنِيَف َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إَّل أ َ‬
‫عنْد َ أبِي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫إ‬ ‫ض‬
‫ْ َ َِ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫ن اْلولَى‬ ‫ُ‬ ‫ه تَعَالَى ‪ -‬فَإِذ َا فََرغَ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما الل ّ ُ‬ ‫مهُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ‪َ -‬ر ِ‬ ‫س َ‬ ‫يُو ُ‬
‫ة فِي الْعَام ِ الثَّانِي وَفِي‬ ‫ضي الثَّانِي َ َ‬ ‫ج يَْق ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫فِي فَ ْ‬
‫ك الْعَام ِ ; ِل َ َّ‬
‫ن‬ ‫ة فِي ذَل ِ َ‬ ‫ضي الثَّانِي َ َ‬ ‫مَرةِ يَْق ِ‬ ‫ل الْعُ ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫فَ ْ‬
‫ج‬ ‫ح ِّ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫جائٌِز ب ِ ِ‬ ‫حدَةٍ َ‬ ‫سنَةٍ َوا ِ‬ ‫مَرةِ فِي َ‬ ‫تَكَْراَر الْعُ ْ‬
‫وفي سبل السلم ‪:‬‬
‫َ َّ‬ ‫ن أَبِي هَُريَْرة َ رضي الله عنه أ َ َّ‬
‫سول اللهِ صلى‬ ‫ن َر ُ‬ ‫عَ ْ‬
‫مَرةِ كََّفاَرةٌ‬ ‫مَرةُ إلَى ال ْ َعُ ْ‬ ‫ل ‪ { :‬الْعُ ْ‬ ‫الله عليه وسلم قَا َ‬
‫ل ‪ :‬هُوَ ال ّذِي َل‬ ‫مبُْروُر } قِي َ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ما َوال ْ َ‬ ‫ما بَيْنَهُ َ‬ ‫لِ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ي وَقِي َ‬ ‫ه النَّوَوِ ُّ‬ ‫ح ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ن اْلِثْم ِ وََر َّ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫يءٌ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬ ‫خالِط ُ‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫حبِهِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ه عَلَى َ‬ ‫مَرت ُ ُ‬ ‫ل ‪ :‬هُوَ ال ّذِي تَظْهَُر ث َ َ‬ ‫ل ‪ ,‬وَقِي َ‬ ‫قبُو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ج‬
‫خَر َ‬ ‫ه َوأ َ ْ‬ ‫حالِهِ قَبْل َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خيًْرا ِ‬ ‫ه بَعْدَه ُ َ‬ ‫حال ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫بِأ ْ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫سو َ‬ ‫ل ‪ :‬يَا َر ُ‬ ‫جابِرٍ { قِي َ‬ ‫ث َ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬ ‫حاك ِ‬ ‫مد ُ وَال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫أ ْ‬
‫شاءُ‬ ‫م الطَّعَام ِ وَإِفْ َ‬ ‫ل ‪ :‬إطْعَا ُ‬ ‫ج ؟ قَا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ما بُِّر ال ْ َ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ن بِ ِ‬ ‫ت لَتَعَي َّ َ‬ ‫ف َولَوْ ثَب َ َ‬ ‫ضعْ ٌ‬
‫َ‬
‫سنَادِهِ َ‬ ‫سَلم ِ } وَفِي إ ْ‬ ‫ال َّ‬
‫متََّفقٌ عَلَيْهِ )‬ ‫ة" ُ‬ ‫جن َّ َ‬ ‫جَزاءٌ إ ّل ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫سيُر ( لَي ْ َ‬ ‫التَّْف ِ‬

‫‪96‬‬
‫شْرِع‬ ‫ل ‪ :‬الَْقصد ُ ‪ .‬و ِفي ال َّ‬ ‫ة الّزِيَاَرةُ َوقِي َ‬ ‫مَرة ُ لُغَ ً‬ ‫الْعُ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف وحل ْ َ‬
‫ك‬ ‫ت بِذَل ِ َ‬ ‫مي َ ْ‬ ‫س ِّ‬ ‫صيٌر ُ‬ ‫ق أوْ تَْق ِ‬ ‫ي وَطَوَا ٌ َ َ ٌ‬ ‫سعْ ٌ‬ ‫م وَ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫إ ْ‬
‫َ‬
‫مَرةُ‬ ‫صد ُ وَفِي قَوْلِهِ { الْعُ ْ‬ ‫ت َويُْق َ‬ ‫ه يَُزاُر بِهَا الْبَي ْ ُ‬ ‫; ِلن َّ ُ‬
‫ه َل كََراهَ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫مَرةِ َوأن َّ ُ‬ ‫ل ع َلَى تَكَْرارِ الْعُ ْ‬ ‫مَرةِ } دَلِي ٌ‬ ‫إلَى الْعُ ْ‬
‫ة يُكَْر ُ‬
‫ه‬ ‫مالِكِي َّ ُ‬ ‫ت ) ال ْ َُ‬ ‫ت ( وَقَال َ ْ‬ ‫حدِيد َ بِوَقْ ٍ‬ ‫ك وََل ت َ ْ‬ ‫فِي ذَل ِ َ‬
‫سنة أَكْث َر من عمرة واحدة واستدل ّوا ل َ َ‬
‫ه بِأن َّ ُ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ ْ ُ ْ َ ٍ َ ِ َ ٍ َ ْ َ َ‬
‫َ‬
‫فِي ال َّ َ ِ‬
‫سنَةٍ إلَى‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫فعَلْهَا إ ّل ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ل َ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫عنْدَهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه صلى الله عليه وسلم ت ُ ْ‬ ‫سنَةٍ َوأفْعَال ُ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه عُل ِ َ‬ ‫ه بِأن َّ ُ‬ ‫ب ) عَن ْ ُ‬ ‫جي َ‬ ‫ب ( وَأ ِ‬ ‫ب أوْ النَّد ْ ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫ع َلَى الْوُ ُ‬
‫يءَ‬ ‫ش‬‫ك ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫أ َحوالِه صلى الله عليه وسلم أ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ ِ‬
‫ن اْل َّ‬ ‫ُ‬ ‫شَّق َ‬
‫مةِ وَقَ ْ‬
‫د‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه لِيَْرفَعَ ال ْ َ‬ ‫ب فِعْل َ ُ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫وَهُوَ ي َ ْ‬
‫م‬
‫مو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ث عُ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫ل ‪ .‬وَظَاهُِر ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫قو‬ ‫ك بِال ْ َ‬ ‫ب إلَى ذَل ِ َ‬ ‫نَد َ َ‬
‫َ‬
‫ل ‪ :‬إ ّل‬ ‫مهُوُر َوقِي َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫عيَّتِهَا َوإِلَيْهِ ذَهَ َ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ت فِي َ‬ ‫اْل َ ْوقَا ِ‬
‫َ‬ ‫ل إَّل أ َ‬
‫م‬
‫ل ‪ :‬وَيَوْ ُ‬ ‫ق َوقِي َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫شر‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫الت‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ج وَقِي َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫س بِال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫متَلَب ِّ‬ ‫ُ‬ ‫لِل ْ‬
‫ن‬ ‫قار‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫مت‬ ‫مت‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫َي‬ ‫غ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ل ‪ :‬إَّل أ َ‬ ‫ة وَقِي َ‬ ‫عََرفَ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ُ َ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه صلى الله عليه‬ ‫مطْلًَقا وَفِعْل ُ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫شُروع َ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫َواْلظْهَُر أنَّهَا َ‬
‫ل بِكََراهَتِهَا‬ ‫ن قَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ج يَُرد ُّ قَوْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫وسلم لَهَا ِفي أ َ ْ‬
‫مَرةَ‬ ‫مْر عُ ْ‬ ‫م يَعْت َ ِ‬ ‫ه صلى الله عليه وسلم ل َ ْ‬ ‫فِيهَا فَإِن َّ َ ُ‬
‫ت‬ ‫ن كَان َ ْ‬ ‫م َوإ ِ ْ‬ ‫معْلُو ٌ‬ ‫ما هُوَ َ‬ ‫ج كَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫اْلَْربَِع إ ّل فِي أ َ ْ‬
‫ه صلى الله عليه وسلم‬ ‫ُ‬ ‫جهِ فَإن َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة فِي َ‬ ‫مَرة ُ الَّرابِعَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫الْعُ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ة‬ ‫م ُ‬ ‫ب اْلَئ ِ َّ‬ ‫ة وَإِلَيْهِ ذَهَ َ‬ ‫ت ع َلَيْهِ اْلَدِل ّ ُ‬ ‫ما تَظَاهََر ْ‬ ‫ارنًا ك َ َ‬ ‫ج َقَ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫جل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫اْل ِ‬
‫وفي رد المحتار ‪:‬‬
‫شوْطًا )‬ ‫مَرتِهِ وَلَوْ َ‬ ‫ف لِعُ ْ‬ ‫مهِ ( طَا َ‬ ‫حك ْ ِ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ي ) وَ َ‬ ‫كّ ٌّ‬ ‫م ِ‬ ‫( َ‬
‫َ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫أَي أَقَ َّ‬
‫جوبًا‬ ‫ه ) ُو ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ج َرفَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م بِال ْ َ‬ ‫حَر َ‬ ‫شوَاطِهَا ( فَأ ْ‬ ‫ْ‬
‫م)‬ ‫ما ( وَعَلَيْهِ د َ ٌ‬ ‫مِع بَيْنَهُ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫مكِّ ِ ّ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ق لِنَهْ‬ ‫ِ‬
‫حل ْ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫ت ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِل َ ْ‬
‫ج‪,‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫ه كََفائ ِ ِ‬ ‫مَرة ٌ ) ِلن َّ ُ‬ ‫ج وَع ُ ْ‬ ‫ح ٌّ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ل ( الَّرفْ ِ‬ ‫ج ِ‬
‫ضهَا‬ ‫مَرةُ ‪َ ,‬ولَوْ َرفَ َ‬ ‫ت الْعُ ْ‬ ‫سَقط َ ْ‬ ‫سنَتِهِ َ‬ ‫ج فِي َ‬ ‫ح َّ‬ ‫حتَّى لَوْ َ‬ ‫َ‬

‫‪97‬‬
‫َ‬ ‫ص َّ‬ ‫ط ( فَلَوْ أَت َ َّ‬ ‫ضاهَا فََق ْ‬
‫و‬
‫ح ) وَهُ َ‬ ‫سا َء ( وَذ َب َ َ‬ ‫ح ) وَأ َ‬ ‫مهَا َ‬ ‫قَ َ‬
‫شك ْ ٍ‬
‫ر‬ ‫م ُ‬ ‫ي دَ ُ‬ ‫جبْرٍ ‪ ,‬وَفِي اْلفَاقِ ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫دَ ُ‬
‫مِع‬ ‫ج ْ‬ ‫شُروعٌ فِي ال ْ َ‬ ‫خ) ُ‬ ‫مَرتِهِ إل َ ْ‬ ‫ف لِعُ ْ‬ ‫ي طَا َ‬ ‫مكِّ ٌّ‬ ‫ه َ‬ ‫( قَوْل ُ ُ‬
‫معْنَاهُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي وَ َ‬ ‫مكِّ ِ ّ‬ ‫قّ ال ْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ‪ ,‬وَهُوَ فِي َ‬
‫َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫حَرا َ‬ ‫نإ ْ‬ ‫بَي ْ َ‬
‫مَرةِ إلَى‬ ‫حَرام ِ الْعُ ْ‬ ‫ضافَةِ إ ْ‬ ‫ي إ ّل ِفي إ َ‬ ‫ن اْلفَا ِق ِ ّ‬ ‫ة دُو َ‬ ‫جنَاي َ ٌ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ار‬
‫ت ‪َ ,‬وبِاِلعْتِب َ َ ِ‬ ‫جنَايَا ِ‬ ‫ل ذ َكََره ُ فِي ال ْ ِ‬ ‫ج فَبِاِلع ْتِبَارِ اْلوَّ ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م أ َّ‬
‫ن‬ ‫م اعْل َ ْ‬ ‫حدَةٍ ‪ .‬ث ُ َّ‬ ‫ه فِي الْكَنْزِ بَابًا ع َلَى ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫الثَّانِي َ‬
‫مَرةِ ‪,‬‬ ‫ج عَلَى الْعُ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫حَرام ِ ال ْ َ‬ ‫لإ ْ‬ ‫خا ُ‬ ‫ة ‪ :‬إد ْ َ‬ ‫ه أَْربَعَ ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫سا َ‬ ‫أقْ َ‬
‫َ‬
‫مَرةِ‬ ‫مثْلِهَا ‪َ ,‬والْعُ ْ‬ ‫مَرةِ ع َلَى ِ‬ ‫مثْلِهِ ‪ ,‬وَالْعُ ْ‬ ‫ج ع َلَى ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫جنَايَةِ ‪,‬‬ ‫ل فِي ال ْ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ل لِكَوْنِهِ أَد ْ َ‬ ‫م اْلَوَّ ُ‬ ‫ج ; قُدِّ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ع َلَى ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫سُق ْ‬
‫ما‬‫دّ ً‬ ‫مَق ِ‬ ‫ي ُ‬ ‫م ذ َكََر الث ّان ِ َ‬ ‫ل ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫حا ٍ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ط بِهِ الد َّ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫وَلِذ َا ل َ ْ‬
‫ما هُوَ فَْر ٌ‬
‫ض‬ ‫مالِهِ عَلَى َ‬ ‫شت ِ َ‬ ‫حالِهِ ِل ْ‬ ‫قوَّةِ َ‬ ‫ه لِ ُ‬ ‫ه ع َلَى غَيْرِ ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫ق فِي‬ ‫ن اِلتَِّفا َِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما فِيهِ ِ‬ ‫ث ع َلَى الَّرابِِع ل ِ َ‬ ‫م الثَّال ِ َ‬ ‫‪ ,‬ث ُ َّ‬
‫شاَر إلَى‬ ‫مهِ ) أ َ‬ ‫حك ْ ِ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ميَّةِ نَهٌْر ( قَوْل ُ ُ‬ ‫فيَّةِ وَالْك َ ِّ‬ ‫الْكَي ْ ِ‬
‫ي‪,‬‬ ‫ي غَيُْر اْلفَاقِ ِ ّ‬ ‫مكِّ ِ ّ‬ ‫مَراد َ بِال ْ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن أ َ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما فِي النَّهْرِ ِ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫َ‬ ‫ل كُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫فَ َ‬
‫حل ِ ِ ّ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫مواقِي ِ‬ ‫ل ال َ َ‬ ‫ن دَا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ش ِ‬
‫َ‬
‫ي ِلن َّ ُ‬
‫ه‬ ‫ن اْلفَاقِ ِ ّ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫كّ ِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫حتَِراُز بِال ْ َ‬ ‫م ‪ ,‬فَاِل ْ‬ ‫ي فَافْهَ ْ‬ ‫م ِّ‬ ‫حَر ِ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫حدا منهما غَير أَن َه إ َ‬
‫ل‬ ‫ف بَعْد َ فِعْ ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫نأ َ‬ ‫َْ ّ ُ ْ‬ ‫ض َوا ِ ً ِ ْ َُ َ‬ ‫َل يَْرفُ ُ‬
‫ك فِي‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫متِّعٌ إ ْ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن قَارِنًا وَإ ِ ّل فَهُوَ ُ‬ ‫ل كَا َ‬ ‫اْلَقَ ِّ‬
‫شوَاطِهَا )‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫ج ك َما مَر نَهر ( قَول ُه أَي أَقَ َّ‬
‫ْ ُ ْ‬ ‫ح ِّ َ َ ّ ْ ٌ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ما إذ َا‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫قيد ‪ ,‬وأ َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫شو‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫يفيد أ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حرِ عَ ْ‬ ‫ما ِفي الْب َ ْ‬ ‫ج أوْ َل ك َ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ن ِفي أ ْ‬ ‫كَا َ‬
‫ف اْلَكْثََر‬ ‫فتِْح ‪ :‬وَلَوْ طَا َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ط ‪َ .‬وفِي النَّهْرِ ع َ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫مب ْ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن عَلَيْهِ الد َّ َ‬
‫م‬ ‫ط أ َ َّ‬ ‫سو ِ‬ ‫مب ْ ُ‬ ‫ج ‪ ,‬فَِفي ال ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫فِي غَيْرِ أيَّام ِ ال ْ َ‬
‫َ‬
‫أَيضا ِلَن َ َ‬
‫مَرةِ ‪,‬‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الَْفَراِغ ِ‬ ‫ج قَب ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م بِال ْ َ‬ ‫حَر َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ْ ً‬
‫ولَيس لِل ْمكّ َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫معًا ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫صاَر َ‬ ‫ما ‪ ,‬فَإِذ َا َ‬ ‫معَ بَيْنَهُ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫يأ ْ‬ ‫َ ِ ِّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َ‬
‫مَرةِ‬ ‫ضا قَيْد ٌ بِالْعُ ْ‬ ‫م ‪ .‬ا هـ ‪ .‬وَفِيهِ أي ْ ً‬ ‫ن ع َلَيْهِ الد َّ ُ‬ ‫جهٍ كَا َ‬ ‫وَ ْ‬
‫ِلَن َّه لَو أهَ َّ‬ ‫َ‬
‫ضهَا‬ ‫مَرةِ َرفَ َ‬ ‫م بِالْعُ ْ‬ ‫ه ث ُ َّ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ج وَطَا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِال ْ َ‬ ‫ُ ْ‬
‫َ‬ ‫م يَط ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ضا‬ ‫ضهَا أي ْ ً‬ ‫ف َرفَ َ‬ ‫ه لَوْ ل َ ْ‬ ‫ف ِلن َّ ُ‬ ‫اتَِّفاقًا ‪ ,‬وَبِكَوْنِهِ طَا َ‬

‫‪98‬‬
‫ل ِلَن َه لَو أَتى باْلَكْثَر رفَض َ‬ ‫َ‬
‫ج‬‫ح َّ‬ ‫ه أيْ ال ْ َ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫اتَِّفاقًا ‪ ,‬وَبِاْلقَ ِّ ّ ُ ْ َ ِ‬
‫َ‬
‫ما ‪,‬‬ ‫منْهُ َ‬ ‫حدًا ِ‬ ‫ض َوا ِ‬ ‫ه َل يَْرفُ ُ‬ ‫ط أن َّ ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫مب ْ ُ‬ ‫اتَِّفاقًا ‪ .‬وَفِي ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ه)أ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ه َرفَ َ‬ ‫ي ظَاهَِر الّرِ َوايَةِ ( قَوْل ُ ُ‬ ‫جاب ِ ُّ‬ ‫سبِي َ‬ ‫ه اْل ِ ْ‬ ‫جعَل َ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ب ‪ ,‬وَهَذ َا‬ ‫مغْرِ ِ‬ ‫ما فِي ال ْ ُ‬ ‫ب كَ َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ب طَل َ َ‬ ‫ن بَا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫تََرك َ ُ‬
‫ما اْلَوْلَى‬ ‫عنْدَهُ َ‬ ‫مام ِ ‪ .‬وَ ِ‬ ‫عنْد َ اْل ِ َ‬ ‫ج أَوْلَى ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ :‬أَيْ َرفْ‬
‫َ َ‬ ‫ه أ َ َّ‬ ‫َ‬
‫مهَا تَأك ّ َ‬
‫د‬ ‫حَرا َ‬ ‫نإ ْ‬ ‫حاًل ‪ .‬وَل َ ُ‬ ‫ة ِلَنَّهَا أدْنَى َ‬ ‫مَر ِ‬ ‫ض الْعُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َرفْ‬
‫شيءٍ من أَع ْمالِها ‪ ,‬ورفْض غَير ال ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫سُر‬ ‫متَأكِّدِ أي ْ َ‬ ‫ُ ْ ِ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫بِأدَا ِء َ ْ ِ ْ‬
‫متِنَاع ًا‬ ‫ضهِ ا ْ‬ ‫ل وَفِي َرفْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل الْعَ َ‬ ‫ضهَا إبْطَا َ‬ ‫ن فِي َرفْ ِ‬ ‫وَِل َ َّ‬
‫ع َن َ‬
‫ما فِي‬ ‫ف لِ َ‬ ‫خال ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫جوبًا ) ُ‬ ‫ه ُو ُ‬ ‫حرِ ( قَوْل ُ ُ‬ ‫ه أفَادَهُ فِي الْب َ ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫َ‬
‫مَّر ‪َ ,‬وقَد ْ ظَهََر أ َّ‬
‫ن َرفْ َ‬
‫ض‬ ‫ما َ‬ ‫ل بَعْد َ َ‬ ‫ث قَا َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫حرِ َ‬ ‫الْب َ ْ‬
‫َ‬
‫ض‬ ‫ب َرفْ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما الْوَا ِ‬ ‫ب ا هـ أيْ وَإِن َّ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ب َل َوا ِ‬ ‫ح ٌّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل فِي‬ ‫مثًَل ‪ .‬قَا َ‬ ‫َ‬ ‫حل ْ‬ ‫ه بِال ْ‬ ‫ما َل بِعَيْنِهِ ( قَوْل ُ‬ ‫أَ‬
‫ي َ‬ ‫ق)أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ح‬‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ضا ‪ ,‬وَيَنْبَغِي أ ْ‬ ‫ن َرافِ ً‬ ‫ماذ َا يَكُو ُ‬ ‫م يَذ ْكُْر ب ِ َ‬ ‫حرِ ‪ :‬وَل َ ْ‬ ‫الْب َ ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫غ‬ ‫را‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫مث‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يكُون الَرفْض بال ْفعل بأ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِ ِ ْ ِ ِ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫قو َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫جعَل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َأوْ بِالنِّيَّةِ ِلن َّ ُ‬ ‫مَرةِ ُوََل يَكِْفي بِال ْ َ ْ ِ‬ ‫ل الْعُ ْ‬ ‫أفْعَا ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫يءٍ ِ‬ ‫ش ُْ‬ ‫ل َ‬ ‫فعْ ِ‬ ‫ن إ ّل ب ِ ِ‬ ‫حل ًّل وَهُوَ َل يَكُو ُ‬ ‫فِي الْهِدَايَةِ ت َ َ‬
‫ل‬ ‫حرام ‪ .‬ا هـ ‪ .‬قُلْت ‪ :‬و ِفي الل ّبَاب ‪ :‬ك ُ ُّ‬ ‫ت اْل ِ ْ‬ ‫حظُوَرا ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حتَا ُ َ‬ ‫ن ع َلَيْهِ الَّرفْ ُ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض إل َ‬ ‫ج إلى نِيَّةِ َالَّرفْ ِ‬ ‫ض يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ن قَب ْ َ‬
‫ل‬ ‫مَرتَي ْ ِ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫ف أ ْو بَي ْ َ‬ ‫ت الْوُقُو ِ‬ ‫ل فَوَا ِ‬ ‫ن قَب ْ َ‬ ‫جتَي ْ ُِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن َ‬ ‫بَي ْ َ‬
‫ن ال ُّ‬ ‫سعْ ِ ْ َ‬ ‫ال َّ‬
‫ض‬‫ن تُْرتََف ُ‬ ‫صوَرتَي ْ ِ‬ ‫ي ل ِلولى ‪ ,‬فَِفي هَاتَي ْ ِ‬
‫سيْرِ إلَى‬ ‫ما بِال َّ‬ ‫ن إ َّ‬ ‫ض ‪ ,‬لَك ِ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ن غَيْرِ نِيَّةِ َرفْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫حدَاهُ َ‬ ‫إ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة أو ال ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ا هـ ‪ .‬فَعُ َل ِ َ‬ ‫حدِهِ َ‬ ‫لأ َ‬ ‫ماُ ِ‬ ‫شُروِع ِفي أع ْ َ‬ ‫مك ّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫فعْ ِ‬ ‫ل إ ّل ب ِ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه َل ي َ ْ‬ ‫ب أن َّ ُ‬ ‫حرِ وَالل ّبَا ِ‬ ‫ما ِفي الْب َ ْ‬ ‫موِع َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ض بِهِ ‪,‬‬ ‫معَ نِيَّةِ الَّرفْ َِ‬ ‫حَرام ِ َ‬ ‫ت اْل ِ ْ‬ ‫حظُوَرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ٍء ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ك أكْثَرِهِ‬ ‫عنْد َ قَوْلِهِ وَبِتَْر ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫جنَايَا ِ‬ ‫ل ال ْ ِ‬ ‫منَاه ُ أ َ َوائ ِ َ‬ ‫ما قَد َّ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫رام‬
‫ح َ ِ‬ ‫ض اْل ِ ْ‬ ‫م إذ َا نَوَى َرفْ َ‬ ‫حرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن أ َ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫حرِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ي ُ‬ ‫بَِق َ‬
‫ما َل‬ ‫حوِهِ َ‬ ‫ق وَن َ ْ‬ ‫حل ٍ‬
‫ن لُب ْس وَ َ ْ‬
‫ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫حَل ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫صنَعُ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫صنَعَ َ‬ ‫فَ َ‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪,‬‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ض‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫خرج به من اْلحرام وأ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫يَ ْ ُ ُ ِ ِ ِ ْ ِ ْ َ ِ َ‬
‫ما‬ ‫ض كَ َ‬ ‫موًرا بِالَّرفْ ِ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫ما إذ َا ل َ ْ‬ ‫ل ع َلَى َ‬ ‫مو ٌ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬

‫‪99‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ق بَعْد َ الَْفَراِغ ِ‬ ‫ِ‬
‫حل ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك ‪ ,‬وَقُيِّد َ بِكَوْ ِ‬ ‫نَبَّهْنَا ع َلَيْهِ هُنَا َ‬
‫ه ِلَن ّ َُ‬ ‫مهَا ( قَوْل ُُ‬ ‫َ َّ‬
‫ه‬ ‫حَرا ِ‬ ‫ة ع َلَى إ ْ‬ ‫جنَاي َ ً‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫مَرةِ لِئ‬ ‫ْ‬ ‫الْعُ‬
‫م يأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫كََفائ ِت ال ْحج ) وحك ْم َ‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫حل ِ ْ َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ن يَت َ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬ ‫َ ِّ‬ ‫ِ‬
‫ة لِلتَّعْلِي ِ‬
‫ل‬ ‫ج ) غَاي َ ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫حتَّى لَوْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ط ( قَوْل ُ ُ‬ ‫ن قَاب ِ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫َ‬
‫ضاه ُ فِي‬ ‫ه قَ َ‬ ‫مِفيد ِ أن َّ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ذ‬
‫حينَئ ِ ٍ‬ ‫ه ِ‬ ‫ُ‬ ‫مَرةُ ) ِلَن َّ‬ ‫ْ‬ ‫ت الْعُ‬ ‫ْ‬ ‫سَقط َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬ ‫مهِ ط ( قَوْل ُ‬ ‫غَيْرِ ع َا ِ‬
‫حل َّ َ‬
‫ل‬ ‫صرِ إذ َا ت َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل كَال ْ ُ‬ ‫ج بَ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫معْنَى فَائ ِ ِ‬ ‫س فِي َ‬ ‫لَي ْ َ‬
‫ب عَلَيْهِ‬ ‫ج ُ‬ ‫حينَئِذ ٍ َل ت َ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سنَةِ ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫ك ال َّ‬ ‫ن تِل ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫ه‬‫حٌر ( قَوْل ُ ُ‬ ‫ة ط وَب َ ْ‬ ‫سن َ ُ‬ ‫ت ال َّ‬ ‫حوَّلَ َ ْ‬ ‫ما إذ َا ت َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫مَرة ٌ ‪ ,‬ب ِ ِ‬ ‫عُ ْ‬
‫ل عَلَيْهَا‬ ‫ف لَهَا َوأد ْ َ‬ ‫َ‬ ‫مَرة َ ال ّتِي طَا َ‬ ‫َ‬
‫خ َ‬ ‫ي الْعُ ْ‬ ‫ضهَا ) أ ْ‬ ‫وَلَوْ َرفَ َ‬
‫ن‬ ‫ك الْعَام ِ ِل َ َّ‬ ‫و فِي ذَل ِ َ‬ ‫ضاهَا ) أَيْ وَل َْ‬ ‫ه قَ َ‬ ‫ج ( قَوْل ُ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ج‪,‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫جائٌِز ب ِ ِ‬ ‫حدَةٍ َ‬ ‫سنَةٍ َوا ِ‬ ‫مَرةِ فِي َ‬ ‫تَكَْراَر الْعُ ْ‬
‫حب الْهنديَة ط ( قَول ُه فََق ْ َ‬ ‫َ‬
‫ط ) أيْ لَي ْ َ‬
‫س‬ ‫ْ ُ‬ ‫ِ ْ ِّ ِ‬ ‫صا ِ ُ‬ ‫أفَادَه ُ َ‬
‫ي‬‫مَرادُهُ نَْف َ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ‪ ,‬وَلَي ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ما فِي ال ْ َ‬ ‫خَرى ك َ َ‬ ‫مَرة ٌ أ ُ ْ‬ ‫ع َلَيْهِ ع ُ ْ‬
‫َ‬
‫ما َرفَ َ‬
‫ض‬ ‫ض أي ُّ ُه َ‬ ‫م ب ِ َالَّرفْ ِ‬ ‫ل الْهِدَايَةِ ‪ :‬وَع َلَيْهِ د َ ٌ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫الدَّم ِ ‪ .‬ل ِ َ‬
‫ح ) ِلَن َ َ‬
‫م‬ ‫ما الْتََز َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ه أدَّى أفْعَالَهُ َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ص َّ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ .‬ا هـ ‪ .‬ح ( قَوْل ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫حوا بِهِ ِ‬ ‫صَّر ُ‬ ‫ما َْ‬ ‫معَ اْلِثْم ِ ‪ ,‬ل ِ َ‬ ‫ساءَ ) أيْ َ‬ ‫ه َوأ َ‬ ‫نَهٌْر ( قَوْل ُ ُ‬
‫َ‬ ‫أ َ َّ‬
‫م بِهِ ‪,‬‬ ‫ه يَأث َ ُ‬ ‫ما وَأن َّ ُ‬ ‫مِع بَيْنَهُ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫منْهِ ٌّ‬ ‫ي َ‬ ‫كّ َّ‬ ‫م ِ‬‫ن ال ْ َ‬
‫ن الْكََراهَةِ‬ ‫ساءَةَ دُو َ‬ ‫ن اْل ِ َ‬ ‫ف فِي أ َ َّ‬ ‫ختَِل َ‬ ‫منَا اِل ْ‬ ‫َوقَد َّ ْ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ح)أ ْ‬ ‫ه وَذ َب َ َ‬ ‫م ( قَوْل ُ ُ‬ ‫ما فَافْهَ ْ‬ ‫َوفَوْقَهَا َوالتَّوْفِيقَ بَيْنَهُ َ‬
‫ه‬ ‫ه ِلَن ّ َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لتمك ُّ‬
‫ي عَن ُْ‬ ‫َ ِ ِّ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫رت‬ ‫ِ ْ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫سك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ن‬‫َ ِ‬ ‫صا‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫الن‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫َِ َ‬
‫َ‬
‫ل اْلَكْثَرِ فِي أ ْ‬ ‫َ‬
‫ج‬‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ف بَعْد َ فِعْ ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ن ‪ ,‬وَل َ ْ‬ ‫قَارِ ٌ‬
‫مَّر ‪ ,‬وَهَذ َا‬ ‫ما َ‬ ‫ي كَ َ‬ ‫كّ ٍ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫متُّعَ وََل قَِرا َ‬ ‫متِّعٌ ‪ ,‬وََل ت َ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫فَ ُ‬
‫كّ ٍ ّ‬
‫ي‬ ‫م ِ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫متُِّع وَالِْقَرا ِ‬ ‫ي الت َّ َ‬ ‫ن نَْف َ‬ ‫ل إ َّ‬ ‫ن قَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫يُؤ َيِّد ُ قَوْ َ‬
‫َ‬
‫حةِ ‪.‬‬ ‫ص َّ‬ ‫ي ال ِّ‬ ‫ي َل نَْف ُ‬ ‫مَّر نَهٌْر ‪ :‬أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ل كَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ي ال ْ ِ‬ ‫معْنَاه ُ نَْف ُ‬ ‫َ‬
‫منَا هُنَا َ‬
‫ك‬ ‫متُِّع ‪ ,‬وَقَد َّ ْ‬ ‫ب الت َّ َ‬ ‫ك فِي بَا ِ‬ ‫مَّر ذَل ِ َ‬ ‫قُلْت ‪َ :‬وقَد ْ َ‬
‫ه‬ ‫ي بَاط ِ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تحقيق قَول ثَال ِث ‪ ,‬وهُو أ َ‬
‫ل َوقَِران َ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ّ‬ ‫مت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ََ َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ْ ِ َ ْ ٍ‬
‫م‬
‫ه وَهُوَ د َ ُ‬ ‫جعَةِ ‪ ( .‬قَوْل ُ ُ‬ ‫مَرا َ‬ ‫جائِزٍ فَتَذ َك ّْره ُ بِال ْ ُ‬ ‫ح غَيُْر َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ن ك ُ َّ‬ ‫َ‬
‫ض‪,‬‬ ‫مِع أ ْو الَّرفْ ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل دَم ٍ ي َ ِ‬ ‫جبْرٍ ) ِل َّ‬ ‫َ‬

‫‪100‬‬
‫ن كَا َ‬
‫ن‬ ‫ه َوإ ِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫مَقا َ‬ ‫م َ‬ ‫صوْ ُ‬ ‫م ال َّ‬ ‫قو ُ‬ ‫جبْرٍ وَكََّفاَرةٌ فََل ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫فَهُوَ د َ ُ‬
‫ه‬
‫م ُ‬ ‫ن يُطْعِ َ‬
‫َ‬
‫ه وََل أ ْ‬ ‫من ْ ُُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن يَأْك ُ َ‬ ‫هأ ْ‬
‫معسرا ‪ ,‬وَل يجوز ل َ َ‬
‫َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ُ ْ ِ ً‬
‫ف دَم ال ُّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ح الل ّبَا ِ‬ ‫شْر ُ‬ ‫شكْرِ ‪َ ,‬‬ ‫ِ‬ ‫خَل ِ‬ ‫غَنِيًّا ‪ ,‬ب ِ ِ‬
‫وفي الموسوعة الفقهية ‪:‬‬
‫ف الُْفَقهَاءُ‬ ‫ختَل َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن اْل َ‬
‫ي ‪ - 30 :‬ا ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫رام‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫مكَا ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل لْلحرام بالْعمرة لمن كَان ب َ‬ ‫ح ّ َ‬ ‫َ‬
‫مك ّ َ‬
‫ة‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ض ُ ِ ِ ْ َ ِ ِ ُ ْ َ ِ ِ َ ْ‬ ‫ل أف ْ َ‬ ‫ي ال ْ ِ ِ‬ ‫فِي أ ِ ّ‬
‫َ‬
‫حنَابِلَةِ‬ ‫عنْد َ ال ْ َ‬ ‫ب ِ‬ ‫مذْهَ ُ‬ ‫فيَّةِ وَهُوَ ال ْ َ‬ ‫حن َ ِ‬ ‫حَرم ِ ‪ .‬فَعِنْد َ ال ْ َ‬ ‫أوْ ال ْ َ‬
‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫ل { ; ِل َ َّ‬ ‫َ‬ ‫أ َ َّ‬
‫ي صلى‬ ‫ض ُ‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ أفْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حَرا َ‬ ‫ن اْل ِ ْ‬
‫َ‬ ‫الله عليه وسلم أ َمر ع َبد الَرحمن ب َ‬
‫ن أبِي بَكْرٍ أ ْ‬
‫ن‬ ‫َ َ ْ َ ّ ْ َ ِ ْ َ‬
‫َ‬
‫ما لِدََللَةِ‬ ‫ل تَْقدِي ً‬ ‫ض ُ‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ } فَهُوَ أفْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ش َ‬ ‫مَر ع َائ ِ َ‬ ‫يُعْ ِ‬
‫م‬‫حَرا َ‬ ‫ة يَلِي اْل ِ ْ‬ ‫حنَابِل َ ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ل ‪ .‬وَقَا َ‬ ‫فعْ ِ‬ ‫ل ع َلَى دََللَةِ ال ْ ِ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جعَْرانَةِ ث ُ َّ‬
‫م‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫ضلِيَّةِ اْل ِ ْ‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ ِفي اْلَفْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫جهٍ ‪:‬‬ ‫ة فِي وَ ْ‬ ‫حنَابِل َ ُ‬ ‫ة َوال ْ َ‬ ‫شافِعِي َّ ُ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫حدَيْبِيَةِ ‪َ .‬وقَا َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن التَّنْعِيم ِ ث ُ َّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ض ُ‬ ‫جعَْرانَةِ أفْ َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫اْل ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ن { النَّب ِ َّ‬ ‫حدَيْبِيَةِ ; ِل َ َّ‬
‫م‬
‫حَر َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أ ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫من ال ْجعرانة وأ َ‬
‫ن التَّنْعِيم ِ َوبَعْدَ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫مار‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْت‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َائ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫ِ ْ َ َ ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫ِ ْ‬
‫ل‬
‫خو ِ‬ ‫م بِالد ُّ ُ‬ ‫حدَيْبِيَةِ هَ َّ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫فةِ ع َا َ‬ ‫حلَي ْ َ‬ ‫مهِ بِهَا بِذِي ال ْ ُ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫إ ْ‬
‫م‬‫ن عَنْهَا } ‪ ,‬فََقد َّ َ‬ ‫شرِكُو َ‬ ‫م ْ‬ ‫صدَّه ُ ال ْ ُ‬ ‫حدَيْبِيَةِ فَ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫إلَيْهَا ِ‬
‫َ‬ ‫ال َّ‬
‫مَر‬ ‫ما أ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه صلى الله عليه وسلم ث ُ َّ‬ ‫ما فَعَل َ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫شافِعِ ُّ‬
‫م به ‪ .‬وقَا َ َ‬
‫م‬‫مالِكِيَّةِ ‪ :‬التَّنْعِي ُ‬ ‫ل أكْثَُر ال ْ َ‬ ‫ما هَ َّ ِ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫بِهِ ث ُ َّ‬
‫ما عَلَى‬ ‫َ‬
‫منْهُ َ‬ ‫حدٍ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫ضلِي َّ َ‬ ‫ن ‪َ ,‬ل أفْ َ‬ ‫ساويَا ِ‬ ‫مت َ َ ِ‬ ‫ة ُ‬ ‫جعَْران َ ُ‬ ‫َوال ْ ِ‬
‫ل‬ ‫ه ظَاهٌِر ‪ ,‬وَهُوَ ُوُرود ُ اْلَثَرِ فِي ك ُ ٍّ‬ ‫جيهُ ُ‬ ‫خرِ ‪ ,‬وَتَوْ ِ‬ ‫اْل َ‬
‫ما ‪.‬‬ ‫منْهُ َ‬ ‫ِ‬
‫مَرةِ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب اْلِكْثَاُر ِ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫مَرةِ ‪ - 31 :‬ي ُ ْ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫اْلِكْثَاُر ِ‬
‫ور‬
‫مهُ ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫عنْد َ ال ْ ُ‬ ‫حدَةِ ِ‬ ‫سنَةِ الْوَا ِ‬ ‫‪ ,‬وََل يُكَْرهُ تَكَْراُرهَا فِي ال َّ‬
‫ن‬ ‫مطَّرِ ٍ‬ ‫حنَابِلَةِ وَ ُ‬ ‫شافِعِيَّةِ وَال ْ َ‬ ‫فيَّةِ وال َّ‬ ‫( ال ْ َ‬
‫ف َواب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫حن َ ِ‬
‫مَر‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ي َواب ْ ِ‬ ‫ل عَل ِ ٍ ّ‬ ‫مالِكِيَّةِ ) وَهُوَ قَوْ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫شو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ة رضي الله تعالى عنهم‬ ‫ش َ‬ ‫س وَع َائ ِ َ‬ ‫ن‬ ‫وابن ع َبَاس وأ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ِ ّ ٍ َ‬
‫ة رحمهم الله ‪ ,‬وتَد ُ ُّ‬
‫م‬‫ل لَهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫عكْرِ َ‬ ‫س وَ ِ‬ ‫وَع َطاءٍ وَطاوُ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫‪101‬‬
‫ث عَلَيْهَا ‪,‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫مَرةِ ‪َ ,‬وال ْ َ‬ ‫ل الْعُ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫وارِدَة ُ فِي فَ ْ‬ ‫ث ال ْ َ‬ ‫حادِي ُ‬ ‫اْل َ َ‬
‫ث عَلَيْهِ ‪.‬‬ ‫ح ُّ‬ ‫مَرةِ ت َ ُ‬ ‫ة تَتَنَاوَل تَكَْراَر الْعُ ْ‬ ‫مطْلََق ٌ‬ ‫فَإِنَّهَا ُ‬
‫ل ‪ :‬قَا َ‬
‫ل‬ ‫ب فِيهِ اْلِكْثَاُر فََقا َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫ن قُدَا َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫َوفَ َّ‬
‫شهر مَرةً ‪ ,‬وكَان أ َ‬ ‫ي رضي الله عنه فِي ك ُ ِّ‬ ‫عَل ِ ٌّ‬
‫س‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ َ‬ ‫ل َ ْ ٍ َ ّ‬
‫ْ‬
‫مُر‬ ‫ة ‪ :‬يَعْت َ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫عكْرِ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫مَر ‪َ ,‬وقَا َ‬ ‫ج فَاع ْت َ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬ ‫م َرأ َ‬ ‫م َ‬ ‫ح َّ‬ ‫إذ َا َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ل عَطَاءٌ ‪ :‬إ ْ‬ ‫شعْرِهِ ‪ ,‬وَقَا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سى ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مك َ َ‬ ‫إذ َا أ ْ‬
‫شهر مَرتين ‪ ,‬وقَا َ َ‬ ‫مَر فِي ك ُ ِّ‬
‫مد ُ ‪ :‬إذ َا‬ ‫ح َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل َ ْ ٍ َ ّ َْ‬ ‫شاءَ اع ْت َ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫اع ْتمر فََل بد َ أ َن يحل ِ َ‬
‫شَرةِ أي َّ َ ٍ‬
‫ام‬ ‫صَر َوفِي عَ َ‬ ‫ق أ ْو يَُق ِّ‬ ‫ُ ّ ْ َ ْ َ‬
‫يمكن حلْق الَرأ ْ‬
‫َ َ َ‬
‫ن‬‫ن قَدََر أ ْ‬ ‫ي‪:‬إ ْ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫س ‪ .‬وَقَا َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ْ ِ ُ َ ُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مر فِي ال َّ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫حبَبْت ل َ ُ‬ ‫ن أ ْو ثََلثًا أ ْ‬ ‫مَّرتَي ْ ِ‬ ‫شهْرِ َ‬ ‫يَعْت َ ِ َ‬
‫مَرةِ ِفي‬ ‫مالِكِيَّةِ ‪ :‬يُكَْره ُ تَكَْراُر الْعُ ْ‬ ‫عنْد َ ال ْ َ‬ ‫شهُوُر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ن‪,‬‬ ‫سيرِي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن َواب ْ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ن ‪ ,‬وَهُوَ قَوْ ُ‬ ‫مَّرتَي ْ ِ‬ ‫سنَةِ َ‬ ‫ال َّ‬
‫خَر ‪.‬‬ ‫ن فِي عَام ٍ آ َ‬ ‫مَّرةِ لَك ِ ْ‬ ‫ب الّزِيَادَة ُ ع َلَى ال ْ َ‬ ‫وَتُنْد َ ُ‬
‫ة ‪ ,‬فَل َ ْ‬
‫و‬ ‫جرِي َّ ُ‬ ‫ة الْهِ ْ‬ ‫سن َ ُ‬ ‫مَراد ُ بِالتَّكَْرارِ فِي الْعَام ِ ال َّ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ه‬‫حَّرم ِ َل يُكَْرهُ ; ِلن َّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م فِي ال ْ ُ‬ ‫قعْدَةِ ث ُ َّ‬ ‫مَر فِي ذِي ال ْ َ‬ ‫اع ْت َ َ‬
‫ل كََراهَةِ التَّكَْرارِ فِي‬ ‫ح ُّ‬ ‫َ‬ ‫مَر فِي ال َّ‬
‫م َ‬ ‫سنَةِ الث ّانِيَةِ ‪ .‬وَ َ‬ ‫اع ْت َ َ‬
‫َ‬
‫ضٍع‬ ‫موْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خو ُ‬ ‫م يَتَكََّرْر د ُ ُ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫حدِ َ‬ ‫الْعَام ِ الْوَا ِ‬
‫ع‬
‫ج َ‬ ‫م َر َ‬ ‫جيِج ث ُ َّ‬ ‫ح ِ‬ ‫معَ ال ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ما لَوْ َ‬ ‫م ‪ ,‬كَ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ع َلَيْهِ فِيهِ إ ْ‬
‫مَرةٍ ; ِل َ َّ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م بِعُ ْ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ج ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ة قَب ْ َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫إلَى َ‬
‫ستَد َ َّ‬
‫ل‬ ‫مكُْروهٌ ‪َ .‬وقَد ْ ا ْ‬ ‫شهُرِهِ َ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫ج قَب ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م بِال ْ َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫اْل ِ ْ‬
‫م يُكَّرِْرهَا فِي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫والسلم‬ ‫الصلة‬ ‫عليه‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ال ْمالكي َة بأ َ‬
‫ْ‬ ‫َ ِ ِّ ُ ِ ُ‬
‫ّ‬
‫ور‬
‫شهُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مَقاب ِ ُ‬ ‫ك ‪ .‬وَ ُ‬ ‫معَ قُدَْرتِهِ ع َلَى ذَل ِ َ‬ ‫حدٍ َ‬ ‫ع َام ٍ َوا ِ‬
‫از‬
‫جو ِ‬ ‫ن َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫شو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ف َواب ْ‬ ‫مطَّرِ ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫مالِكِيَّةِ قَوْ ُ‬ ‫عنْد َ ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫ل‬‫س بِهَا فِي ك ُ ِّ‬ ‫ب ‪َ :‬ل بَأ َ‬ ‫حبِي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫ل قَا َ‬ ‫التَّكَْرارِ ‪ ,‬ب َ ْ‬
‫عندهُم م َ‬
‫ه يُكَْرهُ‬ ‫ن أن َّ ُ‬ ‫شهُور ِ ْ َ ْ ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مَّرة ً ‪ .‬وَع َلَى ال ْ َ‬ ‫شهْرٍ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م بِثَانِيَةٍ انْعََقدَ‬ ‫حَر َ‬ ‫حدَةِ لَوْ أ ْ‬ ‫سنَةِ الْوَا ِ‬ ‫تَكَْراُرهَا فِي ال َّ‬
‫م ُ‬
‫ل‬ ‫ش َ‬ ‫سنَد ٌ َوغَيُْرهُ ‪ .‬وَي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ماع ًا ‪ ,‬قَال َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫هإ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫إ ْ‬
‫َ‬
‫ج;‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهَُر ال ْ َ‬ ‫ب تَكَْرارِهَا أ ْ‬ ‫حبَا ُ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫مَرةِ َوا ْ‬ ‫ب الْعُ ْ‬ ‫حبَا ُ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫مَر فِيهَا } ‪,‬‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم اعْت َ َ‬ ‫ن { النَّب ِ َّ‬ ‫ِل َ َّ‬

‫‪102‬‬
‫مَرةَ ِفي‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫جاهِلِيَّةِ أ َ َّ‬ ‫ل لَِزع ْم ِ ال ْ َ‬ ‫ك إبْطَا ٌ‬ ‫َوفِي ذَل ِ َ‬
‫شهر ال ْحج م َ‬ ‫َ‬
‫مَراتِهِ صلى‬ ‫ن ُ عُ ُ‬ ‫ل إ َّ‬ ‫جور ‪ ,‬ب َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫جرِ الُْف ُ‬ ‫ن أف ْ َ‬ ‫أ ْ ُ ِ َ ِّ ِ ْ‬
‫ر‬
‫شهُ ِ‬ ‫ت كُل ّهَا فِي أ َ ْ‬ ‫ي أْربَعٌ ‪ -‬كَان َ ْ‬
‫َ‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬ه ِ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫س رضي الله عنه ‪ { :‬أ َّ‬ ‫ن‬ ‫ال ْحج ك َما ثَبت ع َن أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِّ َ َ َ َ‬
‫مَر ‪,‬‬ ‫َ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله‬ ‫سو َ‬
‫مَر أْربَعَ عُ َ‬ ‫عليه وسلم اعْت َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َر ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫مَرةً ِ‬ ‫جتِهِ ‪ :‬عُ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫معَ َ‬ ‫ة إ ّل ال ّتِي َ‬ ‫قعْد َ ِ‬ ‫ن فِي ذِي ال ْ َ‬ ‫كُلَّهُ َّ‬
‫حدَيْبِيَةِ فِي ذِي ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫مَرةً‬ ‫قعْدَةِ ‪ ,‬وَعُ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫حدَيْبِيَةِ أوْ َز َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ة‬
‫جعَْران َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرةً ِ‬ ‫قعْدَةِ وَعُ ْ‬ ‫ل فِي ذِي ال ْ َ‬ ‫قب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الْعَام ِ ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫معَ‬ ‫مَرةً َ‬ ‫قعْدَةِ ‪ ,‬وَعُ ْ‬ ‫ن فِي ذِي ال ْ َ‬ ‫حنَي ْ ٍ‬ ‫م ُ‬ ‫م غَنَائ ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ث قَ َّ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن هَذ َا‬ ‫ض بَي ْ َ‬ ‫ما قَد ْ يُْفهَ ُ‬ ‫ح َّ‬
‫ن تَعَاُر ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫جتِهِ } ‪ .‬وَدَْرءًا ل ِ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ن قَا َ‬
‫ل‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫مَرةِ ِفي َر َ‬ ‫ضلِيَّةِ الْعُ ْ‬ ‫ن أف ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سبَقَ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫وَ َ‬
‫ن رمضا َ‬
‫صهِ‬ ‫صي ِ‬ ‫ل بِتَن ْ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ن أف ْ َ‬ ‫مام ِ ‪ :‬إ َّ َ َ َ َ‬ ‫ن ال ْ ُه َ‬ ‫ل بْ ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫الْك َ َ‬
‫ك‬ ‫ه لِذَل ِ َ‬ ‫ك ‪َ ,‬وتَْرك ُ ُ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ع َلَى ذَل ِ َ‬
‫لقْترانه بأ َ‬
‫خَرى فِي‬ ‫ت أُ ْ‬ ‫شتِغَالِهِ بِعِبَادَا ٍ‬ ‫ه كَا ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ص‬‫ُ‬ ‫خ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫مر‬ ‫ِ َِ ِ ِ ِ ْ‬
‫مَر‬ ‫ه لَوْ اعْت َ َ‬ ‫متِهِ ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫شقَّ ع َلَى أ ُ َّ‬ ‫ن َل ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن تَبَتًُّل ‪َ ,‬وأ ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫َر َ‬
‫َ‬
‫خبََر‬ ‫ما ‪ ,‬وَقَد ْ أ ْ‬ ‫حي ً‬ ‫م َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن بِه‬ ‫ه ‪ ,‬وَلََقد ْ كَا َ‬ ‫ُ‬ ‫معَ‬ ‫َ‬ ‫جوا‬ ‫خَر ُ‬ ‫فِيهِ ل َ َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫شقَّ عَلَيْهِ ْ‬ ‫ه لَهَا ; لِئََّل ي َ ُ‬ ‫ن تَْرك َ ُ‬ ‫ت أ َ َّ‬ ‫ض الْعِبَادَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫فِي بَعْ‬
‫ن‬ ‫حبَّتِهِ َل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِفي َر َ‬ ‫قيَام ِ بِهِ ْ‬ ‫حبَّتِهِ لَهَا كَال ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ي َل يَغْلِبَهُ ْ‬ ‫ه كَ ْ‬ ‫م تََرك َ ُ‬ ‫م ث ُ َّ‬ ‫مَز َ‬ ‫سَقاةِ َز ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫سهِ َ‬ ‫ي بِنَْف ِ‬ ‫سِق َ‬ ‫يَ ْ‬
‫مْر عليه الصلة‬ ‫م يَعْت َ ِ‬ ‫م َ ‪ { ,‬وَل َ ْ‬ ‫سَقايَتِهِ ْ‬ ‫س ع َلَى ِ‬ ‫النَّا ُ‬
‫ل‬‫ما ُ‬ ‫ه الْك َ َ‬ ‫ما قَال َ ُ‬ ‫مَّرة ً } ‪ .‬وَ َ‬ ‫سنَةِ إ ّل َ‬ ‫والسلم فِي ال َّ‬
‫ن دََلل َ َ‬
‫ة‬ ‫ن أ َ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‪ِ ,‬‬ ‫صولِيِّي َ‬
‫ُ‬
‫عنْد َ اْل ُ‬ ‫مَقَّرٌر ِ‬ ‫ما هُوَ ُ‬ ‫يَتَِّفقُ وَ َ‬
‫ستَثْنَى‬ ‫نا ْ‬ ‫ل ‪ .‬لَك ِ ْ‬ ‫فعْ ِ‬ ‫ة ع َلَى دََللَةِ ال ْ ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫مَقد َّ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ي‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫كّ‬
‫م ِ‬ ‫ج لِل ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ماَر فِي أ َ ْ‬ ‫ك اِلع ْت ِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ة ِ‬ ‫في َّ ُ‬ ‫حن َ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‪,‬‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن بَيْنَهَا وَبَي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫موَاقِي ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قيم ِ بِهَا ‪ ,‬وَِلهْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫فيَّةِ ;‬ ‫حن َ ِ‬ ‫عنْد َ ال ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ماُر فِي أ َ ْ‬ ‫فَيُكَْره ُ لِهَؤَُلءِ اِلع ْت ِ َ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫مت‬ ‫مت‬ ‫ن‬ ‫حو‬ ‫صب‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪,‬‬ ‫ن‬ ‫جو‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن الْغَال ِب ع َلَيهم أ َ‬ ‫ِل َ َّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِْ ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عنْدَ‬ ‫ما ِ‬ ‫فيَّةِ ‪ .‬أ َ َّ‬ ‫حن َ ِ‬ ‫عنْد َ ال ْ َ‬ ‫ن فَعَلُوه ُ ِ‬ ‫جَزاءً إ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م دَ ٌ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫‪ ,‬وَيَلَْز ُ‬

‫‪103‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫جيُزو َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ك ; ِلنَّهُ ْ‬ ‫م ِفي ذَل ِ َ‬ ‫ج ع َلَيْهِ ْ‬ ‫حَر َ‬ ‫ور فََل َ‬ ‫ِ‬ ‫مهُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ضا ‪ ( .‬ر ‪:‬‬ ‫متُِّع أي ْ ً‬ ‫م الت َّ َ‬ ‫م دَ َ‬ ‫ن ع َنْهُ ْ‬ ‫سِقطُو َ‬ ‫متُّعَ ‪َ ,‬وي ُ ْ‬ ‫م الت َّ َ‬ ‫لَهُ ْ‬
‫متُّعٌ ف ‪) 12 11‬‬ ‫تَ َ‬
‫وفي المحلى ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ - 832‬مسأ َ‬
‫ما‬ ‫ة ‪ -‬إ َّ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫مَرةَ ‪ -‬وَهُوَ ب ِ َ‬ ‫ن أَراد َ الْعُ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬
‫ج‬
‫خُر َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ض عَلَيْهِ أ ْ‬ ‫ن غَيْرِ أهْلِهَا فََفْر ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ن أهْلِهَا ‪ ,‬أ ْو ِ‬ ‫ِ ْ‬
‫ي ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ح ِّ‬ ‫ج إلَى أ ِ ّ‬ ‫خُر َ‬
‫َ َ‬
‫ل وََل بُد َّ فَي َ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫حَرام ِ بِهَا إلَى ال ْ ِ‬ ‫لِْل ِ ْ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫سو‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ل بِهَا { فَِل َ َّ‬ ‫شاءَ ‪ ,‬ويُه ُّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫خُروِج ِ‬ ‫ن أَبِي بَكْرٍ بِال ْ ُ‬ ‫ن بْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫مَر ع َبْد َ الَّر ْ‬ ‫وسلم أ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫مَر عليه‬ ‫ه } { وَاعْت ََ‬ ‫من ُْ‬ ‫مَر ِ‬ ‫ة إلَى التَّنْعِيم ِ لِيَعْت َ ِ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫َ‬
‫مَرةِ‬ ‫ك ِفي الْعُ ْ‬ ‫ب ذَل ِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ة } فَوَ َ‬ ‫جعَْران َ ِ‬ ‫ن َال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫السلم ِ‬
‫ن‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫حدَّثَنَا عَبْد ُ الَّر ْ‬ ‫ة ‪ -‬وَبِاَلل ّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ‪َ .‬‬ ‫ص ً‬ ‫خا َّ‬ ‫َ‬
‫مد َ نَا الَْفَربْرِ ُّ‬ ‫خالِد نا إبراهيم ب َ‬ ‫َّ‬
‫ي‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن َ ٍ َ َْ ِ ُ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ن ع َبْد ِ الل‬ ‫بْ ُ‬
‫خاريُ نا ع َمرو بن عَل ِ َ َ‬
‫ن‬
‫ما ُ‬ ‫صم ٍ نَا عُث ْ َ‬ ‫ي أنَا أبُو عَا ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ ُ ْ ُ‬ ‫نَا الْب ُ َ ِ ّ َ‬
‫ش َ ُ‬ ‫بن اْل َسود نا اب َ‬
‫ن‬
‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ِ ال ْ ُ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ملَيْك َ َ‬ ‫ن أبِي ُ‬ ‫ْ َ ِ َ َُْ‬ ‫ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مَر عَبْدَ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم أ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫{ أ َّ‬
‫ن التَّنْعِيم ِ َوانْتَظََرهَا عليه‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫خاهَا أ َ‬ ‫َ‬ ‫الَرحمن أ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ْ َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت}‪.‬‬ ‫جاءَ ْ‬ ‫حتَّى َ‬ ‫ة َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫السلم بِأع ْلَى َ‬
‫جاءَ إلَى‬ ‫ما م َ‬ ‫َ‬ ‫‪ - 833‬م َ‬
‫ه إذ َا َ‬ ‫ج فَإِن َّ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن أَراد َ ال ْ َ‬ ‫ة ‪ :‬وَأ َّ َ ْ‬ ‫سأل َ ٌ‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬
‫ه هَدْيٌ ‪,‬‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خلُو ِ‬ ‫ما ذ َكَْرنَا فََل ي َ ْ‬ ‫ت كَ َ‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫قرِ ‪,‬‬ ‫ل ‪ ,‬أ َ ْو الْب َ َ‬ ‫ن اْلِب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه هَدْيٌ ‪َ ,‬والْهَدْيُ إ َّ‬ ‫معَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫أوْ لَي ْ َ‬
‫َ‬
‫أَ‬
‫ل‪-‬‬ ‫ض ُ‬ ‫ه ‪ -‬وَهَذ َا هُوَ اْلَفْ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َن‬ ‫غ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جوُز‬ ‫مْفَردَةٍ وَل بُد ّ ل ي َ ُ‬ ‫مَرةٍ ُ‬ ‫م بِعُ ْ‬ ‫حرِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ض ع َليْهِ أ ْ‬ ‫فََفْر ٌ‬
‫َ‬ ‫ك ; فَإ َ‬
‫ة‬
‫مَر ٍ‬ ‫ج وَعُ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ; أ ْو بِِقَرا ِ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ه غَيُْر ذَل ِ َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ح ُّ‬ ‫َ‬
‫ل إذ َا‬ ‫مَرةٍ ي َ ِ‬ ‫ك بِعُ ْ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫خ إهَْلل َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن يَْف َ‬ ‫ض ع َلَيْهِ أ ْ‬ ‫فََفْر ٌ‬
‫ل منها ابتدأَ‬ ‫َ‬ ‫أَت َ َّ‬
‫ح َّ ِ ْ َ ْ َ َ‬ ‫م إذ َا أ َ‬ ‫ك ; ث ُ َّ‬ ‫ه غَيُْر ذَل ِ َ‬ ‫جزِئ ُ ُ‬ ‫مهَا ‪َ ,‬ل ي ُ ْ‬
‫ل بال ْحج مْفردا من مك َّ‬
‫متِّعًا ‪.‬‬ ‫مت ََ‬ ‫ُ‬ ‫‪:‬‬ ‫مى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫َا‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫اْلِهَْل َ ِ َ ِ ّ ُ َ ً ِ ْ َ‬
‫ب لَ َ‬
‫ن‬
‫هأ ْ‬ ‫ح ُّ ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫سهِ فَن َ ْ‬ ‫معَ نَْف ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ساقَ ُ‬ ‫ه هَدْيٌ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫َوإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ضرِب َ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ل ‪ ,‬وَهُوَ أ ْ‬ ‫ن اْلِب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫هإ ْ‬ ‫شعَِر هَدْي َ ُ‬ ‫يُ ْ‬

‫‪104‬‬
‫حتَّى يُد ْ ِ‬ ‫جان ِب اْل َ‬
‫ه ث ُ َّ‬
‫م‬ ‫مي َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سدِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫حدِيدَةٍ ِفي ال ْ َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ل َويُعَلُِقهَا فِي عُن ُ ِ‬ ‫حب ْ ٍ‬ ‫ط نَعًْل فِي َ‬ ‫ن يَْرب ِ َ‬ ‫قل ِّدَه ُ ‪ ,‬وَهُوَ أ ْ‬ ‫يُ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ن الْهَد ْ ُ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫ن ‪ ,‬فَإ ِ ْ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫ج ٍّ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫جل ّل َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ي َوإ ِ ْ‬ ‫الْهَد ْ ِ‬
‫قهِ‬ ‫جلْدٍ فِي عُن ُ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫قل ِّدُه ُ ُرقْعَ َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫شعَاَر فِيهِ لَك ِ ْ‬ ‫الْغَنَم ِ فََل إ ْ‬
‫ت لَ ُ‬
‫ه‬ ‫قلِيد َ كَان َ ْ‬ ‫شعَاَر فِيهِ وََل ت َ ْ‬ ‫قرِ فََل إ ْ‬ ‫ن الْب َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫; فَإ ِ ْ‬
‫ل ‪ :‬لَبَّي ْ َ‬ ‫أ َسن ِم ٌ َ‬
‫معًا‬ ‫ج َ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫مَر ٍ‬ ‫ك بِعُ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن ‪ .‬ث ُ َّ‬ ‫م تَك ُ ْ‬ ‫ة أوْ ل َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ج‬
‫ح ٍّ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ل ‪ :‬لَبَّي ْ َ‬ ‫ن قَا َ‬ ‫ك وََل بُد َّ ; وَإ ِ ْ‬ ‫ه إ ّل ذَل ِ َ‬ ‫جزِئ ُ ُ‬ ‫‪َ ,‬ل ي ُ ْ‬
‫مَرةً ; أ َ ْو‬ ‫ة وَعُ ْ‬ ‫ج ً‬ ‫ح َّ‬ ‫جا ‪ ,‬أ ْو َ‬
‫َ‬ ‫ح ًّ‬ ‫مَرة ً وَ َ‬ ‫ك عُ ْ‬ ‫مَرةٍ ; أ َ ْو لَبَّي ْ َ‬ ‫وَع ُ ْ‬
‫ك‬‫ل ذَل ِ َ‬ ‫سهِ ‪ ,‬ول َم يَنْطِق بهِ فَك ُ ُّ‬ ‫ك فِي نَْف ِ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫نَوى ك ُ َّ‬
‫ْ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ساقَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ‪ .‬وَ َ‬ ‫مى ‪ :‬الِْقَرا َ‬ ‫س َّ‬ ‫جائٌِز ; وَهَذ َا ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫قلِيدِ َ‬ ‫ار ‪ ,‬وَالت َّ ْ‬ ‫شعَ ِ‬ ‫ن اْل ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل فِيهِ ِ‬ ‫ن الْهَدْيَ فَعَ َ‬ ‫مرِي َ‬ ‫معْت َ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫شتَرِ َ‬ ‫َ‬
‫ط فَيَُقو َ‬
‫ل‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ما ذ َكَْرنَا أ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ِفي ك ُ ِّ‬ ‫ب َل َ ُ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ذ َكَْرنَا ; َون ُ ِ‬
‫ن‬ ‫سنِي ‪ ,‬فَإ ِ ْ‬ ‫حب ِ ُ‬ ‫ث تَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫حل ِّي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م إ َّ‬ ‫عنْد َ إهَْللِهِ ‪ :‬الل ّهُ َّ‬ ‫ِ‬
‫ك فَأصاب َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ج لَ ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ما َ‬ ‫مام ِ َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫ما يَعُوقُ ُ‬ ‫مٌر َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫قَا َ‬
‫يءَ عَلَيْهِ ; َل هَدْيَ وََل‬ ‫ل وََل َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬ ‫من ح َ‬
‫شُ ْ‬ ‫مَرةٍ أ َ‬ ‫ج َ أ ْو ع ُ ْ‬ ‫ِ ْ َ ٍّ‬
‫َ‬
‫مَر فَعَلَيْهِ أ ْ‬
‫ن‬ ‫ط وََل اعْت َ َ‬ ‫ج قَ ّ‬ ‫ح َّ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫ضاءَ إ ّل إ ْ‬ ‫قَ َ‬
‫ما‬ ‫ما ذ َكَْرنَا ‪َ : -‬‬ ‫ن َ‬ ‫ه ‪ .‬بُْرهَا ُ‬ ‫مَرت َ ُ‬ ‫سَلم ِ وَع ُ ْ‬ ‫ة اْل ِ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن‬ ‫رويناه من طَريق مسلِم نا اب َ‬
‫فيَا ُ‬ ‫س ْ‬ ‫مَر نَا ُ‬ ‫ن أبِي عُ َ‬ ‫ِ ِ ُ ْ ٍ َ ْ ُ‬ ‫ُ ِّ َ ُ ِ ْ‬
‫ت{‬ ‫ة قَال َ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫ن عُْروَةَ عَ ْ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ن الُّزهْرِ َ ِ ّ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ن ع ُيَيْن َ َ‬ ‫بْ ُ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم فََقا َ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫جنَا َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫َ‬
‫مَرةٍ فَلْي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن يُه َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ل ‪ ,‬وَ َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫ج ‪ ,‬أو ْ ع ُ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ن أَراد َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ن يُهِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫مَرةٍ‬ ‫ل بِعُ ْ‬ ‫ن أَراد َ أ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ج‬‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫را‬ ‫َ‬
‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ة ‪ :‬فَأهَ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سول اللهِ صلى الله‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫ت ع َائ ِ َ‬ ‫ل ‪ ,‬قَال ْ‬ ‫فَليُهِ ّ‬
‫ل بهِ نَاس معَه وأَهَ َّ‬ ‫َ َ‬
‫س‬
‫ل نَا ٌ‬ ‫ٌ َ ُ َ‬ ‫ج ‪ ,‬وَأهَ ّ ِ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫عليه وسلم ب ِ َ‬
‫ل‬‫ل نَاس بعُمرةٍ وكُن ْت فِيمن أَهَ َّ‬ ‫ج والْعُمرةِ ; وأَهَ َّ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ ِ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ح ِّ َ‬
‫مد ‪ :‬فَهذ َا أَوَ ُ َ‬ ‫بالْعمرة } ‪ .‬قَا َ َ‬
‫مرِهِ عليه‬ ‫لأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ح َّ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫ِ ُ ْ َ ِ‬
‫م‬‫م َوإَِرادَتِهِ َْ‬ ‫مهِ ْ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫عنْد َ ابْتِدَاءِ إ ْ‬ ‫فةِ ِ‬ ‫حلَي ْ َ‬ ‫السلم بِذِي ال ْ ُ‬
‫ث ‪ : -‬نَا عَبْد ُ الل ّهِ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ك ‪ ,‬إذ ْ هُوَ ن َ ُّ‬ ‫ش ٍّ‬ ‫ل بَِل َ‬ ‫اْلِهَْل َ‬
‫َ‬
‫سى‬ ‫عي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ب بْ ُ‬ ‫ن فَتٍْح نَا ع َبْد ُ الْوَهَّا ِ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف نَا أ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن يُو ُ‬ ‫بْ ُ‬

‫‪105‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫م بْ ُ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ي نَا ُ‬ ‫ن عَل ِ ٍ ّ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مد ٍ نَا أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نَا أ ْ‬
‫َ‬
‫ن‪-‬‬ ‫ن دُكَي ْ ٍ‬ ‫ل بْ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ميْرٍ نَا أبُو نُعَيْم ٍ هُوَ الَْف ْ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫ُ‬ ‫جاِج نَا اب ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫مَرةٍ‬ ‫متِّعًا بِعُ ْ‬ ‫مت َ َ‬ ‫مك ّة ُ‬ ‫مت َ‬ ‫ل ‪ ( :‬قَد ِ ْ‬ ‫ن نَافٍِع قَا َ‬ ‫سى ب ْ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫نَا ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جتُك‬ ‫ح َّ‬ ‫صيُر َ‬ ‫س ‪ :‬تَ ِ‬ ‫ل النَّا ُ‬ ‫ل التَّْروِيَةِ بِأْربَعَةِ أيَّام ٍ فََقا َ‬ ‫قَب ْ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن أَبِي َربَاٍح فََقا َ‬ ‫ِ‬ ‫خلْت ع َلَى ع َطَاءِ ب ْ‬ ‫ة ) فَد َ َ‬ ‫كّي َّ ً‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬ ‫اْل َ‬
‫ن‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ع َبْد ِ الل ّهِ أن َّ ُ‬ ‫جابُِر ب ْ ُ‬ ‫حدَّثَنِي َ‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ,‬وَقَ ْ‬
‫د‬ ‫معَ ُ‬ ‫ساقَ ال ْ َهَدْيَ َ‬ ‫م َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ع َا َ‬
‫َ ُّ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫سو ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ِ ُُ َ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫أهَل‬
‫ن‬
‫ت ‪َ ,‬وبَي ْ َ‬ ‫م فَطُوفُوا بِالْبَي ْ ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫نإ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حل ّوا ِ‬ ‫وسلم ‪ { :‬أ َ ِ‬
‫ن‬ ‫حتَّى إذ َا كَا َ‬ ‫حَلًل َ‬ ‫موا َ‬ ‫ُ‬ ‫صُروا وَأَقِي‬ ‫روةِ ‪َ ,‬وقَ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫صَفا وَال ْ‬ ‫ال َّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫م بِهَا‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫جعَلُوا ال ّذِي قَدِ ْ‬ ‫ج َوا ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م التَّْروِيَةِ فَأهِل ّوا بِال ْ َ‬ ‫يَوْ ُ‬
‫ن َراهْوَيْهِ ‪-‬‬ ‫حاقُ هُوَ اب ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫سلِم ٍ نَا إ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة } ‪َ .‬وبِهِ إلَى ُ‬ ‫متْعَ ً‬ ‫ُ‬
‫ي‬‫ن عَل ِ ِ ّ‬ ‫مدِ َ ب ْ َِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فرِ ب ْ ِ‬ ‫جعْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫نإ ْ‬ ‫ِ‬ ‫حاتِم ِ ب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬ ‫بن ال ْحسين ع َ َ‬
‫ه‬
‫خبََر ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ن ع َبْدِ الل ّهِ أن َّ ُ‬ ‫جابِرِ ب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن أبِيهِ ع َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ْ ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫حتَّى‬ ‫ل{‪َ :‬‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم فََقا َ‬ ‫جةِ النَّب ِ ِ ّ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ل عليه السلم‬ ‫مْروَةِ ‪ ,‬قَا َ‬ ‫ف ع َلَى ال ْ َ‬ ‫خَر طَوَا ٍ‬ ‫نآ ِ‬ ‫إذ َا كَا َ‬
‫ق‬ ‫قبل ْت من أ َمري ما استدبرت ل َ َ‬ ‫‪ :‬لَو أ َ‬
‫س ْ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ْ َ َْْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ست‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫معَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫م لَي ْ َ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرة ً فَ َ‬ ‫جعَلْتُهَا ع ُ ْ‬ ‫ي َو َ‬ ‫الْهَد ْ َ‬
‫ك‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫سَراقَ ُ‬ ‫مَرةً فََقا َ‬ ‫جعَلْهَا ع ُ‬ ‫ل وَلْي َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫هَدْيٌ فَلْي َ ِ‬
‫ن َ‬ ‫ة بْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫ل ‪ :‬يا رسو َ َ َ‬
‫م‬ ‫منَا هَذ َا أ ْ‬ ‫ل الل ّهِ ألِعَا ِ‬ ‫شم ٍ فََقا َ َ َ ُ‬ ‫جعْ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ب ْ َِ‬
‫ُ َّ‬ ‫شب َّ َ‬ ‫لِْلبَد ِ ؟ فَ َ‬
‫سول اللهِ صلى الله عليه وسلم‬ ‫ك َر ُ‬
‫ة‬
‫حد َ ً‬ ‫ه َوا ِ‬ ‫َ‬
‫صابِعَ ُ‬ ‫أ َ‬
‫ن‪,‬‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫رت‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ج‬‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫مَرةُ فِي ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ت ال ْ‬ ‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫‪:‬‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫رى‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫فِي اْل ُ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل ِلَبد أ َ‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫}‬ ‫ٍ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َل ب َ ْ َ ٍ‬
‫ي نَا‬ ‫خارِ ُّ‬ ‫مد َ نَا الَْفَربْرِيُّ نَا الْب ُ َ‬ ‫خالِد نا إبراهيم ب َ‬
‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ ٍ َ َْ ِ ُ ْ ُ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫خالِدٍ ‪ -‬نَا أيُّو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ب هُوَ اب ْ ُ‬ ‫ل نَا وُهَي ْ ٍ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫نإ ْ‬ ‫سى ب ْ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ن أبِي قَِلب َ َ‬ ‫َ‬ ‫ختِيَان ِ ُّ‬
‫مال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س بْ ِ‬ ‫ن أن َ ِ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ي ‪ -‬عَ‬ ‫س ْ‬ ‫هُوَ ال ِّ‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫قَا َ‬
‫سول اللهِ صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬ ‫صلى َر ُ‬ ‫َ‬ ‫ل{‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صَر بِذِي‬ ‫مدِينَةِ ‪ -‬الظ ّهَْر أْربَعًا َوالْعَ ْ‬ ‫ه بِال ْ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫وَن َ ْ‬

‫‪106‬‬
‫ب‬ ‫م َرك ِ َ‬ ‫صبِْح ث ُ َّ‬ ‫حتَّى ال ُّ‬ ‫ت بِهَا َ‬ ‫َ‬ ‫م بَا‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫ِ‬ ‫فةِ َركْعَتَي ْ‬ ‫حلَي ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َّ‬
‫ح‬‫سب َّ َ‬ ‫مد َ الل َ َ َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ح ِ‬ ‫ه ع َلَى الْبَيْدَاءِ َ‬ ‫حلَت ُ ُ‬ ‫ت بِهِ َرا ِ‬ ‫ستَوَ ْ‬ ‫حتَّى ا ْ‬ ‫َ‬
‫ما ‪ ,‬فَل َ َّ‬ ‫ج وع ُمرةٍ وأَهَ َّ‬ ‫م أَهَ َّ‬
‫ما‬ ‫س بِهِ َ‬ ‫ل النَّا ُ‬ ‫ح ٍّ َ ُ ْ َ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫وَكَبََّر ث ُ َّ‬
‫قَدمنا أ َ‬
‫م التَّْروِيَةِ‬ ‫ن يَوْ ُ‬ ‫حتَّى إذ َا كَا َ‬ ‫حل ّوا َ‬ ‫س فَ َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الن‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ِ ْ َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ‬
‫ن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫‪.‬‬ ‫}‬ ‫ج‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫أهَل‬
‫َ‬
‫ن‬‫خالِدٍ نَا عُبَيْد ُ ب ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ي نَا أ ْ‬ ‫ج َّ‬ ‫ي الْبَا ِ‬ ‫ن عَل ِ ٍ ّ‬ ‫مد ِ ب ْ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ي نَا عَبْدِ‬ ‫حذ َافِ ُّ‬ ‫ف ال ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن يُو ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ي نَا ُ‬ ‫شوَرِ ُّ‬ ‫مد ٍ الْك َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫روةَ ع َ ْ‬ ‫ن عُ ْ َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ن الُّزهْرِ ِ ّ‬ ‫مٌر ع َ ْ‬ ‫معْ َ‬ ‫ك ‪ ,‬وَ َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ق نَا َ‬ ‫الَّرَّزا ِ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫م َعَ النَّب ِ ِ ّ‬ ‫جنَا َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ت‪َ {:‬‬ ‫ة قَال َ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ع َائ ِ َ‬
‫ل النَّب ِ ُّ‬
‫ي‬ ‫م قَا َ‬ ‫مَرةٍ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫جةِ الْوَدَاِع فَأهْلَلْنَا بِعُ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫وسلم ع َا َ‬
‫ن معَه هَدْي فَلْيُه َّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ن كَا َ َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪َ :‬‬
‫ح َّ‬ ‫حتَّى ي َ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫مَرةِ وََل ي َ ِ‬
‫ميعًا } ‪.‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ما َ‬ ‫منْهُ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ل َ‬ ‫معَ الْعُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫ن‬ ‫ث الثَّابِتَةِ بُْرهَا ُ‬ ‫حادِي ِ‬ ‫مدٍ ‪ :‬فَِفي هَذِهِ اْل َ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ل أَبُو‬ ‫قَا َ‬
‫ل ما قُلْنا ولِل ّه تعالَى ال ْحمد وهي أ َربع ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ك ُ ِّ‬
‫ث‪:-‬‬ ‫حادِي َ‬ ‫ةأ َ‬ ‫َ ْ ُ َ ِ َ ْ ََ‬ ‫َ َ ِ ََ‬ ‫َ‬
‫ي صلى‬ ‫مَر النَّب ِ ُّ‬ ‫فَفي اْلَوَل الَّذي من طَريق جابر أ َ‬
‫ِ ِ َ ِ ٍ َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الله عليه وسلم من أهَ َّ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫معَ ُ‬ ‫فَردٍ وََل هَدْيَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫َ ْ‬
‫م يُه َّ‬ ‫ح َّ‬ ‫بأ َ‬
‫م التَّْروِي َ ِ‬
‫ة‬ ‫ج يَوْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫‪,‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫مَرةٍ وَ َ‬
‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ث الذِي ِ‬ ‫ث الثَّال ِ ِ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫متِّعًا ‪ .‬وَ ِفي ال ْ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫صيُر ُ‬ ‫فَي َ ِ‬
‫ل‬‫طَريق أَن َس أ َمره صلى الله عليه وسلم من أَهَ َّ‬
‫َ ْ‬ ‫ٍ ْ ُ ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫مَرةٍ وََل بُدَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل بِعُ ْ‬ ‫ن يُهِ ّ‬ ‫هأ ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫مَرةٍ قَارِنًا وََل هَدْيَ َ‬ ‫ج وَع ُ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫بِ َ‬
‫َ‬ ‫م يُه َّ‬
‫متِّعًا ‪.‬‬ ‫مت َ َ‬ ‫ضا ُ‬ ‫صيُر أي ْ ً‬ ‫م التَّْروِيَةِ فَي َ ِ‬ ‫ج يَوْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫; ث ُ َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ه‬
‫مُر ُ‬ ‫جابِرٍ أ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ن ط َِ‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ث الثَّانِي ال‬ ‫حدِي ِ‬ ‫َوفِي ال ْ َ‬
‫صلى الله عليه وسلم ك ُ ُّ‬
‫ما‬ ‫مو ً‬ ‫ه عُ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َل هَدْيَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬
‫صَفا‬ ‫مرِهِ عَلَى ال َّ‬ ‫ن هَذ َا هُو آ ِ َ‬ ‫مَرةٍ ‪ ,‬وَأ َ َّ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫خُر أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل بِعُ ْ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫بِأ ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫متُّعَ أفْ َ‬
‫َ‬
‫ن الت َّ َ‬ ‫خبََر بِأ َ َّ‬ ‫ه عليه السلم أ َ ْ‬ ‫ة ; وَأن َّ ُ‬
‫َ‬ ‫مك ّ َ‬
‫ب َ‬
‫ِ َ‬
‫َ‬
‫ك هُوَ ‪,‬‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ف إذ ْ ل َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ه ‪ ,‬وَتَأ َّ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ق الْهَد ْ ِ‬ ‫سوْ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫مةِ ‪ ,‬وَ َ‬ ‫قيَا َ‬ ‫ق إلَى يَوْم ِ ال ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫م ( هُوَ ) بَا‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ن هَذ َا ال ْ ُ‬ ‫َوأ َّ‬
‫خ‬ ‫س َ‬ ‫خ أَبدا ; وم َ‬ ‫َ‬ ‫كَان هَكَذ َا فََقد أ َمنَا أ َ‬
‫جاَز ن َ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ْ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ‬ ‫سو ِ‬ ‫خبَرِ َر ُ‬ ‫ب عَلَى َ‬ ‫جاَز الْكَذ ِ َ‬ ‫ه فََقد ْ أ َ‬ ‫فت ُ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ما هَذِهِ ِ‬ ‫َ‬

‫‪107‬‬
‫جَّرد ٌ ; َوفِيهِ‬ ‫م َ‬ ‫مدُهُ كُْفٌر ُ‬ ‫صلى الله عليه وسلم وَهَذ َا تَعَ ُّ‬
‫ج ‪ -‬وَهَذ َا هُوَ قَوْلُنَا ِل َ َّ‬
‫ن‬ ‫ح ِّ‬ ‫ت فِي ال ْ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫مَرة َ قَد ْ د َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن الْعُ‬ ‫أ َ َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫متِّعًا‬ ‫مت ََ‬ ‫َِ ُ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مت‬ ‫جوُز إ ِ ْ َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ج َل ي َ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ث‬ ‫حدِي ِ‬ ‫مزِيد َ ‪َ .‬وفِي ال ْ َ‬ ‫ه وََل َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫مْقُرونَةٍ َ‬ ‫مَر َةٍ َ‬ ‫أوْ بِعُ ْ‬
‫ة أ ُم ال ْمؤْمنِي َ‬ ‫ن طَرِي‬
‫ه‬
‫مُر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ش َ ِّ ُ ِ َ‬ ‫ق ع َائ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الَّرابِِع ال ّذِي ِ‬
‫ن‬ ‫صلى الله عليه وسلم من معه هَد َ‬
‫ن بَي ْ َ‬ ‫ن يَْقُر َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ْ ٌ‬
‫جاهِد ٌ ‪,‬‬ ‫م َ‬ ‫س ‪ ,‬وَ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ن عَبَّا‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫مَرةِ ‪ : -‬وَبِهِ ي َ ُ‬ ‫ج ‪ ,‬وَالْعُ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َراهْوَيْهِ ‪ ,‬وَغَيُْرهُ ‪ : -‬نَا أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫حاقُ ب ْ‬ ‫س َ‬ ‫وَع َطَاءٌ ‪َ ,‬وإ ِ ْ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ع ُمر ب َ‬
‫ل نَا‬ ‫ٍ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫سي‬ ‫َ‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫س نَا ع َبْد ُ الل‬ ‫ن أن َ ٍ‬ ‫َ َ ْ ِ‬
‫ن‬ ‫مد َ َب ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫يُ نَا ُ‬ ‫مد ٍ الدِّينَوَرِ ّ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫إبَْراهِي ُ‬
‫َ‬
‫د‬
‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل نَا أ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫نإ ْ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫جهْم ِ نَا أبُو إ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬
‫ن يَزِيد َ ‪ -‬ع َ ْ‬ ‫س هُوَ اب ْ ُ‬ ‫حدَّثَنِي يُون ُ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫س ُ‬ ‫صالٍِح نَا ع َنْب َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫بْ ُ‬
‫َ‬ ‫ب أَن َّ‬
‫ه‬‫س أن َّ َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫اب‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ن كَُري ْ ٍ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫شهَا ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫اب ْ ِ‬
‫جا إ ّل‬ ‫حا ًّ‬ ‫ن َ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫تإ ْ‬ ‫ل بِالْبَي ْ ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫ما طَا َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫كَا َ‬
‫ه هَدْيٌ ‪ ,‬وََل طَا َ‬ ‫ح َّ‬
‫ه‬‫معَ ُ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫مَرةٍ إذ َا ل َ ْ‬ ‫ل بِعُ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫م ْ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫هَدْيٌ إ ّل ا ْ‬
‫ن ط َرِي ِ‬ ‫مَرةٌ ‪ .‬وَ ِ‬ ‫ة ‪ ,‬وَعُ ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ه‪َ :‬‬ ‫معَ ْ‬ ‫جت َ َ‬
‫ن َراهْوَيْهِ ‪ -‬أنَا‬ ‫حاقُ هُوَ اب ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫جاِج نَا إ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫سلِم ِ ب ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫خبََرنِي عَطَاءٌ قَا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ :‬كَا َ‬
‫ن‬ ‫جَريٍْج أ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن بَكْرٍ أنَا اب ْ ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ج‬‫حا ٍ ّ‬ ‫ج وََل غَيُْر َ‬ ‫حا ٌّ‬ ‫ت َ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫ل ‪َ :‬ل يَطُو ُ‬ ‫س يَُقو ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ن ع َبَّا‬ ‫اب َْ ُ‬
‫قلْت لِعطَاءٍ ‪ :‬م َ‬ ‫ح َّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ك ؟ قَا َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ن تَُقو ُ‬ ‫ن أي ْ َُ‬ ‫ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪ .‬فَ ُ‬ ‫إ ّل َ‬
‫َّ‬
‫ت‬ ‫حل ّهَا إلَى الْبَي ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ّ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫{‬ ‫‪:‬‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ل الل‬ ‫ن قَوْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ف ؟ قَا َ‬ ‫معََّر ِ‬ ‫ك بَعْد َ ال ْ ُ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ق } ‪ .‬قُلْت ‪ :‬فَإ ِ َّ‬ ‫العَتِي ِ‬
‫ْ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ف وَقَبْل َ ُ‬ ‫معََّر ِ‬ ‫ل ‪ :‬هُوَ بَعْد َ ال ْ َُ‬ ‫قو ُ‬ ‫س يَ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ن ع َبَّا‬ ‫ن اب ْ ْ ُ‬ ‫كَا َ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫ك من أ َ‬
‫سو ِ‬ ‫مرِ َر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫خذ ُ ذَل ِ َ ِ‬ ‫ن يَأ ُ‬ ‫وَكَا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫حين أ َمرهُ َ‬
‫ن‬‫َ ِ ْ َ ْ‬‫م‬
‫ِ‬ ‫و‬ ‫‪-‬‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫وا‬ ‫حل‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫وسلم ِ َ َ َ ْ‬
‫مُر‬ ‫ن يَأ ُ‬ ‫س كَا َ‬ ‫ن عَبَّا ٍ‬ ‫ن اب ْ َ‬ ‫جاهِد ٍ ‪ :‬أ َ َّ‬ ‫م َ‬ ‫ق ع َطَاءٍ ‪ ,‬وَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫طَرِي‬
‫الَْقار َ‬
‫مَرة ً إذ َا ل َ ْ‬
‫م‬ ‫جعَلَهَا ع ُ ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ َ‬
‫ن‬‫ِ‬ ‫ن اب ْ‬ ‫ْ‬ ‫س عَ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ق طَاو‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ي ‪ -‬وَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ق الْهَد ْ‬ ‫سا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫يَك ُ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫َ‬
‫متْعَةٍ إ ّل‬ ‫ط إ ّل ب ِ ُ‬ ‫لق‬ ‫ج ٍ‬ ‫ة َر ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫ت َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ت َ َّ‬ ‫س ‪ :‬وَاَلل ّهِ َ‬ ‫ع َبَّا ٍ‬

‫‪108‬‬
‫َ‬
‫ن َربِيٍع‬ ‫سنَةِ ‪ : -‬نَا عَبْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫ط ال َّ‬ ‫س ِ‬ ‫مَر فِي َو َ‬ ‫ل اع ْت َ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫َر ُ‬
‫ن‬ ‫ح َّ‬ ‫ن ُ‬ ‫َ‬ ‫ح َّ‬
‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب نَا ُ‬ ‫شعَي ْ ٍ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ة نَا أ ْ‬ ‫اوي َ َ‬ ‫معَ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫نَا ُ‬
‫و‬
‫ن هُ َ‬ ‫فيَا ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ي نَا ُ‬ ‫مهْد ِ ٍ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫مثَنَّى نَا ع َبْد ُ الَّر ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫شهَا ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫ق بْ ِ‬ ‫ن طَارِ ِ‬ ‫سلِم ٍ ع َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫سَ ب ْ ِ‬ ‫ن قَي ْ ِ‬ ‫يُ ‪ -‬ع َ ْ‬ ‫الث ّوْرِ ّ‬
‫ع َن أ َ‬
‫ت عَلَى‬ ‫م ُ‬ ‫ل { ‪ :‬قَدِ ْ‬ ‫ي قَا َ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫سى‬ ‫َ‬ ‫مو‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫حاءِ‬ ‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالبَط َ‬ ‫سو ِ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫ل‪:‬ب َ‬
‫ي صلى‬ ‫ل النَّب ِ ِ ّ‬ ‫ت بِإِهَْل ِ‬ ‫ت ‪ :‬أهْلَل ْ ُ‬ ‫ت ؟ قُل ْ ُ‬ ‫م أهْلَل ْ َ‬ ‫فََقا َ ِ َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ي ؟ قُل ْ ُ‬ ‫ن هَد ْ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫سْق َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ل ‪ :‬هَ ْ‬ ‫الله عليه وسلم قَا َ‬
‫ح َّ‬
‫ل‪,‬‬ ‫م ِ‬ ‫مْروَةِ ث ُ َّ‬ ‫صَفا وَال ْ َ‬ ‫ت وَبِال َّ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫ل ‪ :‬طُ ْ‬ ‫َل ‪ ,‬قَا َ‬
‫م أَتيت امرأ َ‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫مْروَةِ ث ُ َّ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫صَفا وَال ْ َ‬ ‫ت وَبِال َّ‬ ‫ت بِالْبَي ْ ِ‬ ‫فَطُْف ُ‬
‫ت أُفْتِي‬ ‫سي } فَكُن ْ ُ‬ ‫ت َرأ ِ‬
‫ْ‬
‫سل َ ْ‬ ‫شطَتْنِي َوغ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫مي فَ َ‬ ‫قَوْ ِ‬
‫َ‬
‫مَر ; فَإِنِّي‬ ‫ماَرةِ عُ َ‬ ‫ماَرةِ أبِي بَكْرٍ ‪ ,‬وَإ ِ َ‬ ‫ك فِي إ َ‬ ‫س بِذَل ِ َ‬ ‫النَّا َ‬
‫ك َل تَدْرِي‬ ‫ل ‪ :‬إن َّ َ‬ ‫ل فََقا َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫جاءَنِي َر ُ‬ ‫سم ِ إذ ْ َ‬ ‫موْ ِ‬ ‫م بِال ْ َ‬ ‫لََقائ ِ ٌ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫شأ ْ‬ ‫ما أ َحد َ َ‬
‫ت ‪ :‬يَا‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫؟‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الن‬ ‫ن‬‫ن فِي َ ِ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ميُر ال ْ ُ‬ ‫ثأ ِ‬ ‫َ ْ َ‬
‫شيءٍ فَلْيتَئِد فَإ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ميَر‬ ‫نأ ِ‬ ‫َّ ْ ِ ّ‬ ‫ن كُنَّا أفْتَيْنَا َه ُ ب ِ َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫أيُّهَا النَّا ُ‬
‫ت ‪ :‬يَا‬ ‫م قُل ْ ُ‬ ‫ما قَدِ َ‬ ‫موا بِهِ ‪ ,‬فَل َ َّ‬
‫َ‬
‫م فَأت َ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫م ع َلَيْك ُ‬ ‫ن قَاد ِ ٌ‬ ‫َ‬ ‫منِي‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال ْ‬
‫شأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ت فِي َ‬ ‫َ‬ ‫حدَث ْ‬ ‫ما ( هَذ َا ) ال ّذِي أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫منِي‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ميَر ال ْ‬ ‫أ ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ب الل ّهِ تَعَالَى فإ ِ ّ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫خذ ْ بِكِتَا‬ ‫ن نَأ ُ‬ ‫ل‪:‬إ ْ‬ ‫ك ؟ قَا َ‬ ‫س ِ‬ ‫الن ُّ ُ‬
‫ْ‬ ‫ل ‪ { :‬وَأَت ِ ُّ‬
‫خذْ‬ ‫ن نَأ ُ‬ ‫َِ ْ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫}‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫مَرةَ لِل‬ ‫ج َوالْعُ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫تَعَالَى قَا َ‬
‫حتَّى‬ ‫ح َّ‬
‫ل َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫سنَّةِ نَبِي ِّنَا صلى الله عليه وسلم فَإِن َّ ُ‬ ‫بِ ُ‬
‫َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬ ‫حَر الْهَدْيَ ‪ .‬قَا َ‬
‫سى قَدْ‬ ‫مو َ‬ ‫مد ٍ ‪ :‬هَذ َا أبُو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫نَ َ‬
‫ة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫ماَر ِ‬ ‫َ‬ ‫نإ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫را‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ٍ َ‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫د‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ف‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫شاءَ الل ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ه لِ َ‬ ‫س تَوَقُّف ُ‬ ‫مَر رضي الله عنهما ‪ ,‬وَلي ْ َ‬ ‫عُ َ‬
‫ن يَتَوَقَّ َ‬ ‫َ‬
‫ن النَّب َ ِ ِ ّ‬
‫ي‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ما ُروِ َ‬ ‫ة ع َلَى َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫تَعَالَى أ ْ‬
‫ما ال ّذِي‬ ‫مَر َ‬ ‫ه لِعُ َ‬ ‫سبُنَا قَوْل ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم َو َ‬
‫مُر ‪َ .‬وأ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫شأ ْ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ر‬‫َْ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫؟‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الن‬ ‫ن‬ ‫ت فِي َ ِ‬ ‫حدَث ْ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ه تَعَالَى ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ل الل ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫مَر رضي الله عنه فَي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل عُ‬ ‫قَوْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫{ َوأَت ِ ُّ‬
‫ما إ ّل‬ ‫م لَهُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫مَرة َ لِل ّهِ } فََل إت ْ َ‬ ‫ج َ َوالْعُ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫موا ال ْ َ‬
‫َ‬
‫و‬
‫س وَهُ َ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم النَّا َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ه َر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َل ّ َ‬

‫‪109‬‬
‫ما أُنْزِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ن َ‬ ‫مَر بِبَيَا ِ‬ ‫ة ‪ ,‬وَأ ِ‬ ‫ت ع َلَيْهِ هَذِهِ اْلي َ ُ‬ ‫ال ّذِي أنْزِل َ ْ‬
‫حتَّى‬ ‫ل َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ه عليه السلم ل َ ْ‬ ‫ما كَوْن ُ ُ‬ ‫ك ‪ .‬وَأ َ َّ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َلَيْهِ ِ‬
‫ة رضي الله‬ ‫ص ُ‬ ‫حْف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ابْنَت َ ُ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ن أ ُ َّ‬ ‫حَر الْهَدْيَ فَإ ِ َّ‬ ‫نَ َ‬
‫ن‬‫ي صلى الله عليه وسلم بَيَا َ‬ ‫ن النَّب ِ ِ ّ‬ ‫ت عَ ْ‬ ‫عنها َروَ ْ‬
‫ن‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ن نَافٍِع عَ ْ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫ما ُروِّينَا ِ‬ ‫فِعْلِهِ ك َ َ‬
‫ل‬‫سو ِ‬ ‫ت لَِر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن أَنَّهَا قَال َ‬ ‫َ‬ ‫منِي‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ة أ ِّ‬
‫ع ُمر ع َن { حْفص َ ُ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حل ّوا وَل َ ْ‬
‫م‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫ن النَّا‬ ‫شأ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َ‬
‫ْ‬ ‫ح َّ َ‬
‫سي‬ ‫ت َرأ ِ‬ ‫ل ‪ :‬إنِّي لَبَّد ْ ُ‬ ‫ك ؟ قَا َ‬ ‫مَرت ِ َ‬ ‫ن عُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ل أن ْ َ‬ ‫َ‬
‫تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫َوقَل ّدْت هَدْيِي فََل أ َ ِ‬
‫ضا‬‫رواهُ أي ْ ً‬ ‫حَر } ‪َ .‬و َ َ‬ ‫حتَّى أن ْ َ‬ ‫ل َ‬
‫خبََرنِي‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬‫ْ‬
‫ي ك َما روينا من طَريق أ َ‬
‫عَل ِ ٌّ َ ُ ِّ َ ِ ْ َ ِ ِ‬
‫ج‬
‫جا ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن نَا َ‬ ‫م َعِي ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫حيَى ب ْ ُ‬ ‫شعَرِيُّ نَا ي َ ْ‬ ‫صالٍِح اْل ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ة بْ ُ‬ ‫معَاوِي َ ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫حاقَ‬ ‫س َ‬ ‫س يَعْنِي أبَا إ ْ‬ ‫مد ٍ اْلع ْوَرِ ‪ -‬نَا يُون ُ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫يَعْنِي اب ْ َ‬
‫ي ‪ -‬عَ َ‬
‫ن‬
‫ب ‪ -‬عَ ْ‬ ‫ن عَازِ ٍ‬ ‫ن الْبََراءِ هُوَ اب ْ َ ُ‬ ‫ن أبِيهِ ع َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫سبِيعِ َّ‬ ‫ال َّ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ب { أ َ َّ‬ ‫ن أبِي طَال ِ ٍ‬
‫عَل ِي ب َ‬
‫ِّ ْ ِ‬
‫ت ‪ ,‬لَ ْ‬
‫و‬ ‫ت الْهَدْيَ وَقََرن ْ ُ‬ ‫سْق ُ‬ ‫ه ‪ :‬إنِّي ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫وسلم قَا َ‬
‫قبل ْت م َ‬
‫م‪,‬‬ ‫ما فَعَلْت ُ ْ‬ ‫ت كَ َ‬ ‫فعَل ْ ُ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫ستَدْبَْر ُ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫مرِي َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ست َ ْ َ ُ ِ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن يُتَّبَعَ‬ ‫ت } ‪ .‬فَهَذ َا أوْلَى أ ْ‬ ‫ي وَقََرن ْ ُ‬ ‫ت الْهَد ْ َ‬ ‫سْق ُ‬ ‫وَلَكِنِّي ُ‬
‫ص َّ‬ ‫من رأ ْ‬
‫ه ; وَقَ ْ‬
‫د‬ ‫ُ‬ ‫ه عَن ْ‬ ‫ُ‬ ‫جوعُ‬ ‫ه ُر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ح ع َن ْ‬ ‫َ‬ ‫مُر قَد ْ‬ ‫َ‬ ‫ي َرآهُ ع ُ‬ ‫ِ ْ َ ٍ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫شاءَ الل ُ‬
‫ه‬ ‫ن َ‬ ‫ما نَذ ْكُُر بَعْد َ هَذ َا إ ْ‬ ‫ضا ك َ َ‬ ‫خالَُفوه ُ فِيهِ أي ْ ً‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ق ع َبْد ِ الَّرَّزا َِ‬ ‫م ْ َ‬ ‫تَعَالَى ‪ .‬وَ ِ‬
‫ن بْ ِ‬ ‫فيَا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ق عَ ْ‬ ‫ن طرِي ِ‬
‫ب‬ ‫ل فِي كِتَا ِ‬ ‫ن أبِيهِ قَا َ‬ ‫مد ٍ ع َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فرِ ب ْ ِ‬ ‫جعْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ع ُيَيْن َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‬‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫معَ بَي ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫شاءَ أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب‪َ :‬‬ ‫ن أبِي طَال ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ي بْ‬ ‫عَل ِ ِ ّ‬
‫َ‬
‫د‬
‫م ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ‪ : -‬نَا أ ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سقْ هَدْي َ ُ‬ ‫مَرةِ فَلْي َ ُ‬ ‫َوال ْ َعُ ْ‬
‫ي نا ابن مَفرج نا إبراهيم بن أ َ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫منْك ِ ُّ َ ْ ُ ُ ّ ِ ٍ َ ْ َ ِ ُ ْ ُ‬ ‫الط ّل ْ َ‬
‫ن‬
‫سعِيد ُ ب ْ ُ‬ ‫صائِغُ نَا َ‬ ‫ن َزيْد ٍ ال َّ‬ ‫ي بْ ِ‬ ‫ن عَل ِ ِ ّ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫س نَا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫فَِرا‬
‫شي َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫مرِ ‪ -‬قَا َ‬ ‫معْت َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫صوٌر هُوَ اب ْ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م أنَا َ‬ ‫صورٍ نَا هُ َ ْ ٌ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ام‬ ‫ه فِي ذَل ِ َ ْ‬ ‫يُ َو َ‬ ‫ن الْب َ ْ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫ح َّ‬
‫ك العَ َِ‬ ‫معَ ُ‬ ‫جت َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صرِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ :‬يَا أبَا‬ ‫ن فََقا َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل إلَى ال ْ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫جاءَ َر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫منَا َ‬ ‫ما قَد ِ ْ‬ ‫فَل َ َّ‬
‫ن وَإِنِّي‬ ‫قة م َ‬ ‫ل بَعِيد ُ ال ُّ َ‬ ‫ج ٌ‬
‫سا َ‬ ‫خَرا َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫ش ّ ِ ِ ْ‬ ‫سعِيد ٍ إنِّي َر ُ‬ ‫َ‬

‫‪110‬‬
‫ً‬
‫مَرةً‬ ‫جعَلْهَا عُ ْ‬ ‫ن‪:‬ا ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ج ؟ فََقا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫مهِ ّل بِال ْ َ‬ ‫مت ُ‬ ‫قَد ِ ْ‬
‫شاعَ قَوْل ُ ُ‬
‫ه‬ ‫ن َو َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫س ع َلَى ال ْ َ‬ ‫ك النَّا ُ‬ ‫ل فَأَنْكََر ذَل ِ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َوأ َ ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ه فََقا َ‬ ‫ك ل َُ‬ ‫ن أَبِي َربَاٍح فَذ َكََر ذَل ِ َ‬ ‫ب‬ ‫ء‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َط‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫ت‬‫بمك َّة فَأ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صدَقَ ال َّ‬
‫ل أبُو‬ ‫ك قَا َ‬ ‫م بِذَل ِ َ‬ ‫ن نَتَكَل ّ َ‬ ‫خ ‪َ ,‬ولَكِنَّا نَْفُرقُ أ ْ‬ ‫شي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫مد ٍ ‪:‬‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّهِ تَعَالَى‬ ‫سن َ ِ‬ ‫ة ع َلَى ُ‬ ‫ج ً‬ ‫ح َّ‬ ‫ل ُ‬ ‫جهْ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫س إنْكَاُر أهْ ِ‬ ‫لَي ْ َ‬
‫ق عَبْدِ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫سولِهِ صلى الله عليه وسلم وَ ِ‬ ‫َوَر ُ‬
‫ن‬ ‫ل ‪ :‬من أَهَ َّ‬ ‫ن ع َطَاءٍ قَا َ‬ ‫الَّرَّزا‬
‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫جَريٍْج ع َ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن اب ْ‬ ‫ق َع َ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫جةٍ‬ ‫ح َّ‬ ‫صا أ ْو ب ِ َ‬ ‫خال ِ ً‬ ‫ج َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة بِال ْ َ‬ ‫متْعَ ٌ‬ ‫ه َُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َّ‬ ‫ق الل ّهِ تَعَالَى ِ‬ ‫خل ِ‬
‫َ ْ‬
‫سولِهِ صلى‬ ‫سنَّةِ الل ّهِ تَعَالَى َوَر ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫متْعَ ُ‬ ‫ي ُ‬ ‫مَرةٍ فَهِ َ‬ ‫وَع ُ ْ‬
‫ن‬
‫مرٍ ع ََ ْ‬ ‫معْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ق عَ ْ‬ ‫الله عليه وسلم َوَبِهِ َإلَى ع َب َْد ِ الَّرَّزا ِ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ِ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ن قَوْ ِ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫سأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن أبِيهِ أن َّ ُ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ن طاوُ ٍ‬
‫َ‬
‫اب ْ ِ‬
‫مَرةُ فِي‬ ‫ت الْعُ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم { د َ َ‬
‫ح فََقدْ‬ ‫ج وَيَذ ْب َ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫فرِد ُ ال ْ َ‬ ‫ل يُ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل ‪ :‬هُوَ الَّر ُ‬ ‫ج ؟ } فََقا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ميعًا ‪ .‬وَ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫جبَتَا ل َ ُ‬ ‫ج فَوَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫مَرة ٌ فِي ال ْ َ‬ ‫ه عُ ْ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫دَ َ‬
‫َ‬
‫جاهِدًا‬ ‫م َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ذَّرٍ ‪ :‬أن َّ ُ‬ ‫مُر ب ْ ُ‬ ‫ق نَا ع ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ق ع َبْد ِ الَّرَّزا‬ ‫ِ‬ ‫طَرِي‬
‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫مَرةٌ َ‬ ‫ه عُ ْ‬ ‫جا فَأهْدَى هَدْيًا فَل َ ُ‬ ‫حا ًّ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن‬
‫ب بْ ُ‬ ‫صورٍ نَا عَتَّا ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫سعِيد ِ ب ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫جةٍ ‪ .‬وَ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن عَبَّا ٍ‬
‫س‬ ‫ن اب ْ َ‬ ‫جاهِدٍ أ َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ع َطَاءٍ وَ ُ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫صي ْ ٌ‬ ‫خ َ‬ ‫شيرٍ نَا ُ‬ ‫بَ ِ‬
‫كَان يأمر الَْقار َ‬ ‫ْ‬
‫ساقَ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ يَك ُ ْ‬ ‫مَرةً إذ َا ل َ ْ‬ ‫جعَلَهَا ع ُ ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫ك‬‫حا ُ‬ ‫ض َّ‬ ‫جاهِدٍ فَأتَاهُ ال َّ‬ ‫م َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ف ‪ :‬وَكُنْت َ‬ ‫صي ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫خ‬‫ل ُ‬ ‫ي قَا َ‬ ‫َ‬ ‫الْهَد ْ‬
‫ل لَ ُ‬
‫ه‬ ‫جاهِدًا ؟ فََقا َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫سأ َ َ‬ ‫جا فَ َ‬ ‫حا ًّ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫سلَيْم ٍ وَقَد ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫بْ ُ‬
‫جت‬ ‫ج ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ‪ :‬هَذ َا أَوَّ ُ‬ ‫مَرة ً ‪ ,‬فََقا َ‬ ‫جعَلْهَا ع ُ ْ‬ ‫جاهِد ٌ ‪ :‬ا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فََل ت ُ َ‬
‫مك ُ َ‬
‫ث‬ ‫نأ ْ‬ ‫م؟أ ْ‬ ‫ك تََرى أت َ َّ‬ ‫سي فَأيُّ ذَل ِ َ‬ ‫شايِعُنِي نَْف ِ‬
‫كَ َ َ َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫قلْت ل َ ُ‬ ‫ف ‪ :‬فَ ُ‬ ‫صي ْ ٌ‬ ‫خ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫مَرة ً ؟ قَا َ‬ ‫جعَلَهَا ع ُ ْ‬ ‫ما أنَا أ ْو أ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَظ ُ ُّ‬
‫ت ؟ فََرفَعَ‬ ‫ما أن ْ َ‬ ‫ث كَ َ‬ ‫مك ُ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫جك أ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن هَذ َا أت َ َّ‬
‫ن هَذ َا ‪,‬‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ت‬‫ل ‪ :‬ما هو بأ َ‬ ‫ض وَقَا َ‬ ‫َْ‬
‫َْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ِ‬ ‫ن الْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫جاهِد ٌ تَبِن َ ً‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ل عُبَيْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫ن َراهْوَيْهِ ‪َ .‬وقَا َ‬ ‫حاقَ ب ْ َِ‬ ‫س َ‬ ‫لإ ْ‬ ‫وَهُوَ قَوْ ُ‬
‫ج‬‫ح ِّ‬ ‫سِخ ال ْ َ‬ ‫حةِ فَ ْ‬ ‫ل بِإِبَا َ‬ ‫حنْب َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ضي ‪َ ,‬وأ ْ‬ ‫ن الَْقا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ َ‬

‫‪111‬‬
‫ي‬‫شافِعِ ُّ‬ ‫ك ‪ ,‬وال َّ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫َل بإيجابه ‪ -‬ومنع من َ‬
‫َ‬ ‫ة ‪ َ ,‬وَ َ‬ ‫حنِيَف َ‬ ‫ه أبُو َ‬ ‫ِِ َ ِ ِ َ َ َ َ ِ ْ ُ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫َ‬ ‫ل عَل ِ ٌّ‬ ‫‪ .‬قَا َ‬
‫سو ِ‬ ‫مَر َر ُ‬ ‫روى أ ْ‬ ‫ي‪َ َ :‬‬
‫ل‬‫ح َّ‬ ‫مَرةٍ وَي َ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫س َ‬ ‫وسلم من َل هَدي ل َ َ‬
‫ه بِعُ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ن يَْف َ‬
‫َ‬
‫هأ ْ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ن‪,‬‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫من‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َائ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫الل‬ ‫د‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫جاب‬ ‫مر‬ ‫بأَوكَد أ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ ِ‬
‫ة بِنْت‬ ‫م ُ‬ ‫ك ) ‪ ,‬وَفَاط ِ َ‬ ‫ن ( كَذَل ِ َ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ة أ َّ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫حْف‬ ‫وَ َ‬
‫ماءُ‬ ‫س َ‬ ‫ي ‪ ,‬وَأ ْ‬
‫َ‬ ‫سول اللَّه صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬وَعَل ِ ٌّ‬ ‫َر ُ‬
‫ي ‪ ,‬وَأَبُو‬ ‫شعَرِ ُّ‬ ‫سى اْل َ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ق ‪ ,‬وَأبُو ُ‬
‫َ‬
‫َ ِ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ص‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫بنت أ َ‬
‫ِْ ُ‬
‫مَر ‪,‬‬ ‫ن عُ َ‬ ‫س ‪َ ,‬واب ْ ُ‬ ‫ن ع َبَّا ٍ‬ ‫س َواب ْ ُ‬ ‫ي ‪ ,‬وَأن َ ٌ‬ ‫خدْرِ ِ ّ‬ ‫سعِيد ٍ ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ة بْ ُ‬ ‫سَراقَ ُ‬ ‫ب ‪َ ,‬و ُ‬ ‫ن ع َازِ ٍ‬ ‫معْبَد ٍ ‪ ,‬وَالْبََراءُ ب ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سبَْرةُ ب ْ ُ‬ ‫َو َ‬
‫حابَةِ‬ ‫ص َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫شَر ِ‬ ‫ة عَ َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫سارٍ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ل بْ ُ‬ ‫معِْق ُ‬ ‫ك ‪ ,‬وَ َ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫شُرو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف وَ ِ‬ ‫ن هَؤَُلءِ نَي ِّ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫رواه ُ ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رضي الله عنهم ; َو‬
‫َ َ‬
‫صيهِ إ ّل الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َل ي ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن هَؤَُلءِ َ‬ ‫رواه ُ ع َ ْ‬ ‫ن ; َو َ َ‬ ‫ن التَّابِعِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫حدًا ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‬ ‫حت َ َّ‬ ‫ن هَذ َا ‪َ .‬وا ْ‬ ‫ج عَ ْ‬ ‫خُرو ُ‬ ‫سعْ أ َ‬ ‫م يَ َ‬ ‫ل ‪ ,‬فَل َ ْ‬ ‫ج ّ‬ ‫عََّز وَ َ‬
‫ف ك ُ َّ‬
‫يءٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫م فِي َ‬ ‫ة لَهُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ت َل ُ‬ ‫ضا ٍ‬ ‫ل هَذ َا بِاع ْتَِرا َ‬ ‫خال َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫م ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫ق َ‬ ‫ن طرِي ِ‬ ‫روينَاهُ ِ‬ ‫خبًَرا ُ ِّ‬ ‫م ذ َكَُروا َ‬ ‫منْهَا أنَّهُ ْ‬ ‫منْهَا ; ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ل عَ ْ‬ ‫ن نَوْفَ ٍ‬ ‫ن بْ َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ع َبْد ِ الَّر ْ‬ ‫مد ِ ب ْ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫سوَد ِ ُ‬ ‫ن أبِي اْل ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫جنَا َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ة{ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫عُْروَة َ ع َ ْ‬
‫منَّا من أَهَ َّ‬
‫مَرةٍ ‪,‬‬ ‫ل بِعُ ْ‬ ‫جةِ الْوَدَاِع فَ ِ َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫عليه وسلم ع َا َ‬
‫ج‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِال ْ َ‬ ‫منَّا من أَهَ َّ‬ ‫منَّا من أَهَ َّ‬
‫ْ‬ ‫مَرةٍ ; وَ ِ َ‬ ‫ج وَع ُ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ل بِ َ‬
‫َ‬ ‫وَ ِ َ ْ‬
‫َ‬ ‫وأَهَ َّ‬
‫ما‬ ‫ج ‪ ,‬فَأ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم بِال ْ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪ ,‬وَأ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معَ‬ ‫ج َ‬ ‫ج أوْ َ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ن أهَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ح ّ‬ ‫مَرةٍ فَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ل بِعُ‬ ‫ن أهَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫حرِ }‬ ‫م الن ّ ْ‬ ‫ن يَوْ ُ‬ ‫حت ّى كَا َ‬ ‫حلوا َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫مَرةِ فَل ْ‬ ‫ج َوالعُ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال َ‬ ‫بَي ْ َ‬
‫ن‬ ‫م ْ َ‬
‫مرِو ب ْ ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫ن وَهْ ٍ‬ ‫ق اب ْ ِ‬ ‫ن َطرِي ِ‬ ‫خبَرٍ ُروِّينَاهُ ِ‬ ‫‪ .‬وَب ِ َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ن أَبِي ا ْ‬ ‫ث عَ ْ‬ ‫حارِ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ل ذ َكََر { ع َ ْ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫ن عُْروَة َ ‪ ,‬وَقَد ْ ذ ُكَِر ل َ ُ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫نَوْفَ ٍ‬
‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫ل}‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫ه طَا َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أن َّ ُ‬ ‫النَّب ِ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ت عَ ْ‬ ‫ث ‪ :‬قَال َ ْ‬ ‫حدِي ٍ‬ ‫ة فِي َ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫روَةُ ع َ ْ‬ ‫ل ع ُ َْ‬ ‫فََقا َ‬
‫يءٍ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫رسول الل ّه صلى الله عليه وسلم " أَن َه أ َ‬
‫ْ‬ ‫ّ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬
‫َ‬ ‫بَدَأ َ بِهِ ِ‬
‫م‬‫ت ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫م طَا َ‬ ‫ضأ ث ُ َّ‬ ‫ه تَوَ َّ‬ ‫ة أن َّ ُ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن قَد ِ َ‬ ‫حي َ‬

‫‪112‬‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫يءٍ بَدَأ َ بِهِ الط ّوَا َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أَوَّ ُ‬ ‫ج أبُو بَكْرٍ فَكَا َ‬
‫ح َ َ‬
‫َ ّ‬
‫ن‬‫ما ُ‬ ‫ج عُث ْ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ك ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫مُر ِ‬ ‫َ‬ ‫م عُ‬ ‫ن غَيُْره ُ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫م يَك ُ‬ ‫ْ‬ ‫م لَ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫فََرأَيْته أَوَّ ُ‬
‫م‬ ‫ّ ْ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫‪,‬‬ ‫)‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫يءٍ بَدَأ بِهِ الط َ َ ِ‬
‫ب‬ ‫(‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ش ْ‬
‫م‬‫مَر ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ة ‪ ,‬وَع َبْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫معَاوِي َ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ن غَيُْره ُ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫يَك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حججت مع الُزبير أَبي فَكَان أ َ‬
‫يءٍ بَدَأ بِهِ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َ ّ‬ ‫َ َ ّ َْ ِ ِ‬ ‫َ َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م َرأيْت‬ ‫ن غَيُْرهُ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ت ث ُ َّ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫الط ّوَا َ‬
‫َ‬
‫ن غَيُْر ُ‬
‫ه‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ك ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫فعَلُو َ‬ ‫صاَر ي َ ْ‬ ‫ن َواْلن ْ َ‬ ‫جرِي َ‬ ‫مهَا ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫حي َ‬ ‫يءٍ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ما ) كَانُوا يَبْدَءُو َ‬ ‫َ‬ ‫ضى (‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬‫م َّ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫وََل أ َ‬
‫َ‬ ‫م أَوَّ َ‬ ‫يضعو َ‬
‫م َل‬ ‫ت ث ُ َّ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫ن الط ّوَا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ن أقْدَا َ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫آ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫خال‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪,‬‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫رأ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪,‬‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫حل‬ ‫يَ ِ‬
‫م َل‬ ‫َ‬
‫ن بِهِ ث ُ َّ‬ ‫ت تَطُوفَا ِ‬ ‫ن الْبَي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫يءٍ أوَّ َ‬ ‫شَ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ختُهَا‬ ‫ي وَأ ُ ْ‬ ‫ت هِ َ‬ ‫مي أنَّهَا أ ُقْبَل َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خبََرتْنِي أ ِّ‬ ‫ن ‪َ ,‬وقَد ْ أ َ ْ‬ ‫ح ّل ِ‬ ‫تَ ِ‬
‫حوا الُّرك ْ َ‬
‫ن‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫ما َ‬ ‫ط فَل َ َّ‬ ‫مَرةٍ قَ ّ‬ ‫ن بِعُ ْ‬ ‫ن وَفَُل ٌ‬ ‫َوالُّزبَيُْر وَفَُل ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ه‬ ‫ا‬‫َ‬
‫َ ِ ٍ ُ ِّ ُ‬ ‫ين‬ ‫رو‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫خب‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫"‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُك‬ ‫ذ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫وا‬ ‫حل‬ ‫َ‬
‫شيرٍ الْعَبْدِ ِ ّ‬
‫ي‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مدِ ب ْ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫شيْب َ َ‬ ‫ن أَبِي َ‬ ‫ق اب ْ ِ‬ ‫ن طرِي ِ‬
‫م ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ن عَبْدِ‬ ‫حيَى ب ْ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ع َلَْق َ‬ ‫مرِو ب ْ ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫مد ِ ب ْ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫عَ ْ‬
‫معَ‬ ‫جنَا َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ت‪َ ":‬‬ ‫ة قَال َ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫حاط ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن بْ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ح‬‫الَّر ْ‬
‫ن‬‫م ذ َكَْرت أ َ َّ‬ ‫ج ث ُ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم لِل ْ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫منْهم أَهَ َّ‬
‫ج فَل َ ْ‬
‫م‬ ‫ح ٍّ‬ ‫مَرةٍ وَ َ‬ ‫مْفَرد ٍ ‪ ,‬أ ْو بِعُ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ن ِ ُ ْ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مَرةٍ‬ ‫ل بِعُ ْ‬ ‫ن أهَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫منَا ِ‬ ‫ضى َ‬ ‫حتَّى قَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫حل ِ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫حتَّى‬ ‫ح َّ‬
‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫مْروَةِ ث ُ َّ‬ ‫صَفا وَال ْ َ‬ ‫ت وَبِال َّ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫مْفَردَةٍ طَا َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬ ‫جا " ‪ .‬قَا َ‬ ‫ح ًّ‬ ‫قب ِ َ‬
‫سوَدِ‬ ‫ث أبِي ال ْ‬ ‫حدِي ُ‬ ‫مدٍ ‪َ :‬‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن عَبْدِ‬ ‫ِ‬ ‫حيَى ب ْ‬ ‫ث يَ ْ‬ ‫حدِي ُ‬ ‫ة ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫روة َ ع َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن عُ‬ ‫ْ‬ ‫عَ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫عنْد َ أهْ ِ‬ ‫خطَأ ِ‬ ‫ن ‪ ,‬وَ َ‬ ‫منْكََرا ِ‬ ‫ب ع َنْهَا ُ‬ ‫حاط ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ن بْ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ح َ‬ ‫الَّر ْ‬
‫الْعِلْم بال ْحديث ‪ .‬نا أ َحمد بن ع ُمر ب َ‬
‫س نَا عَبْدُ‬ ‫ن َ أن َ ٍ‬ ‫َ َ ْ ِ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ ُ‬ ‫ِ ِ َ ِ ِ‬
‫ح َّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫مدِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ُب‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫ٍ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ن‬‫ََ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫سي‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬
‫م‬
‫سل ِ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫فرٍ نَا ُ‬ ‫جعْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ي نَا أ ْ‬ ‫سَقط ِ ُّ‬ ‫ال َّ‬
‫جوْهَرِ ُّ‬
‫ي‬ ‫سى ال ْ َ‬ ‫عي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫مد ِ ب ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫مُر ب ْ ُ‬ ‫ي نَا ع ُ َ‬ ‫ختَّل ِ ُّ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫حنْب َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م نَا أ ْ‬ ‫مدٍ اْلثَْر ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ي نَا أ ْ‬ ‫سدَّان ِ ُّ‬ ‫ال ُّ‬

‫‪113‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث مال ِك ع َ َ‬
‫سوَدِ ال ّذِي ذ َكَْرنَا آنًِفا‬ ‫ن أبِي اْل ْ‬ ‫ْ‬ ‫حدِي َ َ ٍ‬ ‫فَذ َكََر َ‬
‫فََقا َ َ‬
‫ب؟‬ ‫ج ِ‬ ‫ن الْعَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫ش فِي هَذ َا ال ْ َ‬ ‫مد ُ ‪ :‬إي َِ‬ ‫ح َ‬ ‫لأ ْ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ز‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫قل‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫‪,‬‬ ‫هذ َا خطَأ ٌ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‪,‬‬ ‫َ‬ ‫خَلفِهِ ؟ قَا َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬
‫مد ُ ‪ :‬نَعَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ة بِ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫عُْروَة َ ع َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سوَدِ‬ ‫مدٍ ‪ :‬وَِلبِي اْل ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫ن عُْروَةَ ‪ .‬قَا َ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫شا ُ‬ ‫وَه ِ َ‬
‫ه‪,‬‬ ‫سادِ ِ‬ ‫خَفاءَ بَِف َ‬ ‫ب َل َ‬ ‫خُر فِي هَذ َا الْبَا ِ‬ ‫ثآ َ‬ ‫حدِي ٌ‬ ‫ور َ‬ ‫ِ‬ ‫مذ ْك ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ق الْب ُ َ‬ ‫ن طَرِي‬
‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ي نَا أ ْ‬ ‫خار ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خبٌَر ُروِّينَاه ُ ِ‬ ‫وَهُوَ َ‬
‫ن أَبِي‬ ‫ْ‬ ‫ث عَ‬ ‫حارِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫مُرو ب ْ‬ ‫ْ‬ ‫ب أَنَا ع َ‬ ‫ن وَهْ ٍ‬ ‫صالٍِح نَا اب ْ ُ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن عَبْد َ اللهِ‬ ‫ل أ َّ‬ ‫ن نَوْفَ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ن بْ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ح َ‬ ‫ن ع َبْد ِ الَّر ْ‬ ‫ِ‬ ‫مد ِ ب ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫سوَد ِ ُ‬ ‫اْل ْ‬
‫ل ‪ :‬حدَث َ َ‬ ‫ت أَبِي بَكْرٍ قَا َ‬ ‫َ‬
‫ه كَا َ‬
‫ن‬ ‫ه أن َّ ُ‬ ‫ََ ّ ُ‬ ‫ماءَ بِن ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫موْلَى أ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫مَّر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ل كُل ّ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ت أبِي بَكْرٍ ت َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ماءَ بِن ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫معُ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫س‬‫يَ ْ‬
‫ه‬
‫معَ ُ‬ ‫سولِهِ لََقد ْ نََزلْنَا َ‬ ‫ه ع َلَى َر ُ‬ ‫صل ّى الل ّ ُ‬ ‫ن‪َ :‬‬ ‫جو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫ة أَْزوَادُنَا‬ ‫ل ظَهُْرنَا قَلِيل َ ٌ‬ ‫ف قَلِي ٌ‬ ‫خَفا ٌ‬ ‫ن يَوْمئِذ ٍ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫هَاهُنَا ‪َ ,‬ون َ ْ‬
‫ن‪,‬‬ ‫ة ‪ ,‬وَالُّزبَيُْر ‪َ ,‬وفَُل ٌ‬ ‫ش ُ‬ ‫ختِي ع َائ ِ َ‬ ‫مْرت أَنَا َوأ ُ ْ‬ ‫فَاع ْت َ َ‬
‫ما مسحنا الْبيت أ َحلَلْنا ث ُ َ َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫م أهْلَلْنَا ِ‬ ‫َْ َ ْ َ ّ‬ ‫ن ; فَل َ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َوفَُل ٌ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خَل ٍ‬ ‫ل بَِل ِ‬ ‫ي ‪ :‬وَهَذ َا بَاط ِ ٌ‬ ‫ل عَل ِ ٌّ‬ ‫ج ‪ .‬قَا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ي بِال ْ َ‬ ‫ش ِّ‬ ‫الْعَ ِ‬
‫َام‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ة رضي الله عنها ل َ‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َائ‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫حدٍ ; ِل َ‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫صًل ; ِلَنَّهَا د َ َ‬ ‫ل ال ْح َ‬
‫ي‬
‫ت ‪َ -‬وَهِ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫جأ ْ‬ ‫َ ِّ‬ ‫جةِ الْوَدَاِع قَب ْ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ت إ ّل بَعْد َ أ ْ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫م تَط ُ ْ‬ ‫ف وَل َ ْ‬ ‫سَر ٍ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ض ْ‬ ‫حا َ‬ ‫ض‪َ -‬‬ ‫حائ ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س;‬ ‫َِ‬ ‫م‬ ‫ش ْ‬ ‫شهَْرةِ ال ّ‬ ‫مٌر فِي ُ‬ ‫حرِ هَذ َا أ ْ‬ ‫م الن َّ ْ‬ ‫ت يَوْ َ‬ ‫طَهَُر ْ‬
‫ن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أ ْ‬ ‫النَّب ِ ِ ّ‬ ‫ن‬‫ْ‬
‫يعمرها بعد ال ْحج فَأ َ‬
‫م‬
‫ت ِ‬ ‫ك َرِغب َ ْ‬ ‫وَلِذَل ِ َ‬
‫ضاءِ‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ بَعْد َ انِْق َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ ْ ُ َ َ َ ْ َ َ ِّ‬
‫َّ‬ ‫أَ‬
‫ه‬
‫ن ع َبْدِ اللهِ ‪َ ,‬وَروَا ُ‬ ‫جابُِر ب ْ ُ‬ ‫رواه ُ َ‬ ‫ق كُل ِّهَا َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫شر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الت‬ ‫ِ‬ ‫ام‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬
‫س‪,‬‬ ‫مدٍ ‪ ,‬وَطاوُ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ة ‪ :‬عُْروَةُ ‪َ ,‬والَقا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ة ‪ .‬وَبَلِي َّ ٌ‬
‫ة‬ ‫ملَيْك َ َ‬ ‫ومجاهد ‪ ,‬واْل َسود بن زيد واب َ‬
‫ن أبِي ُ‬ ‫ْ َ ُ ْ ُ َ ْ ٍ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ َ ِ ٌ َ‬
‫خبر وهي قَول ُه فيه ‪ :‬ث ُ َ َ‬ ‫أُ ْ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫م أهْلَلْنَا ِ‬ ‫ّ‬ ‫خَرى فِي هَذ َا ال ْ َ َ ِ َ ِ َ ْ ُ ِ ِ‬
‫م‬‫ة أ ُ َّ‬ ‫ش َ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫ف ‪ِ ,‬ل َ َّ‬ ‫خَل ٍ‬ ‫ل بَِل ِ‬ ‫ج ‪ ,‬وَهَذ َا بَاط ِ ٌ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ي بِال ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الْعَ ِ‬
‫ش‬
‫ن‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫ال ْمؤ ْمنِين ; وجابر بن ع َبد اللَّه وأ َ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ َ َِ ْ َ ْ ِ‬ ‫ُ ِ َ‬
‫حَل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫خولِهِ ْ‬ ‫م دُ ُ‬ ‫ن يَوْ َ‬ ‫ل كَا َ‬ ‫ن اْل ِ ْ‬ ‫م َروَ ْوا ‪ :‬أ َّ‬ ‫س ‪ ,‬كُل ّهُ ْ‬ ‫ع َبَّا ٍ‬

‫‪114‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم َوأ َ َّ‬ ‫َ‬
‫ن إهَْللَهُ ْ‬
‫م‬ ‫معَ النَّب ِ ِ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ن يَوْ ِ‬ ‫منًى ‪ -‬وَبَي ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫م التَّْروِيَةِ ‪ -‬وَهُوَ يَوْ ُ‬ ‫ن يَوْ َ‬ ‫ج كَا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫ل‬‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ك ; ِل َ َّ‬ ‫ش ٍّ‬ ‫ة أَيَّام ٍ بَِل َ‬ ‫م ثََلث َ َ‬ ‫م إهَْللِهِ ْ‬ ‫م يَوْ َ‬ ‫ح ََللِهِ ْ‬ ‫إ ْ‬
‫ح َّ‬ ‫َ‬ ‫الل ّهِ صلى الله عليه وسلم د َ َ‬
‫جةِ‬ ‫ة فِي َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬
‫ث ِفي‬ ‫حادِي ُ‬ ‫جةِ ‪ ,‬وَاْل َ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن ذِي ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ح َرابِعَةٍ ِ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫الْوَدَاِع ُ‬
‫شهُوَرةٌ قَد ْ ذ َكَْرنَاهَا فِي كُتُبِنَا وَذ َكََرهَا النَّا ُ‬
‫س‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫سنَد ِ ; فَظَهََر ع ََواُر ِر َوايَةِ أَبِي‬ ‫م ْ‬ ‫معَ فِي ال ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬
‫وك ُ ُّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫سوَد ِ ‪.‬‬ ‫اْل ْ‬
‫َ‬
‫مَر النَّب ِ ِ ّ‬
‫ي‬ ‫ة{أ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫روة َ ع َ ْ‬ ‫ن عُ ْ َ‬ ‫يُ ع َ ْ‬ ‫َوقَد ْ َروَى الُّزهْرِ ّ‬
‫ج}‬ ‫ح ِّ‬ ‫سِخ ال ْ َ‬ ‫ه بَِف ْ‬ ‫ي لَ ُ‬ ‫ن َل هَد ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم َ‬
‫ي‪:-‬‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ز‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫سو‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ه‬ ‫خو‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫وأ َ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ِ ِ ّ َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ث‬ ‫ن بُكيْرٍ نَا اللي ْ ُ‬ ‫حيَى ب ْ ُ‬ ‫ي نَا ي َ ْ‬ ‫خارِ ِ ّ‬ ‫ق الب ُ َ‬ ‫ن طرِي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُروِّينَا ِ‬
‫شهاب‬ ‫ن ِ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫خالِدٍ عَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل بْ ِ‬ ‫قي ْ ِ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫سعْد ٍ ‪ -‬ع َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫هُوَ اب ْ ُ‬
‫َ ٍ َّ‬ ‫ل ‪ :‬قَا َ‬ ‫مَر قَا َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل عَبْد ُ اللهِ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ن ع َبْد ِ اللهِ ب ْ ِ‬ ‫سالِم ِ ب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫جةِ النَّب ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫فةِ َ‬ ‫ص َ‬ ‫مَر فِي ِ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫بْ ُ‬
‫َ‬ ‫م النَّب ِ ُّ‬ ‫فَل َ َّ‬
‫ل‬ ‫ة قَا َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم َ‬ ‫ما قَد ِ َ‬
‫ح ُّ‬ ‫ه َل ي َ ِ‬ ‫لِلنَاس { ‪ :‬من كَان منك ُ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫م أهْدَى فَإِن َّ ُ‬ ‫َ ِ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ ِ‬
‫م يَك ُ ْ‬
‫ن‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫ي َ‬ ‫ض َ‬ ‫حتَّى يَْق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫حُر َ‬ ‫ي ٍء َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫مْروَةِ ‪-‬‬ ‫صَفا َوال ْ َ‬ ‫ت َوبِال َّ‬ ‫ف بِالْبَي ْ ِ‬ ‫م أَهْدَى فَلْيَط ُ ْ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫م لِيُه َّ‬
‫جد ْ هَدْيًا‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ج فَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِال ْ َ‬ ‫ل ث ُ َّ ِ‬ ‫حل ِ ْ‬ ‫صُر وَلْي َ ْ‬ ‫وَيَُق ِّ‬
‫جعَ إلَى‬ ‫َ‬
‫ة إذ َا َر َ‬ ‫سبْعَ ً‬ ‫ج وَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة أيَّام ٍ فِي ال ْ َ‬ ‫م ثََلث َ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫فَلْي َ ُ‬
‫ه‬
‫خبََرت ْ ُ‬ ‫ة أَ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫ن عُْروَةَ ‪ :‬إ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫ِ ّ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬
‫ز‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫;‬ ‫}‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫أَ‬
‫ه‬
‫مت ّعِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ) فِي ت َ َ‬ ‫ن النَّب ِ ِ ّ‬ ‫( عَ ْ‬
‫ه‬
‫خبََر ب ِ ِ‬ ‫ما أ َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫معَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫متَّعَ النَّا ُ‬ ‫ج فَت َ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫مَرةِ إلَى ال ْ َ‬ ‫بِالْعُ ْ‬
‫ن َل يُذ ْكَُر‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫سال ِم ع َ َ‬
‫م ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ش َ‬ ‫ضا ع َ ْ‬ ‫رواه ُ أي ْ ً‬ ‫ن أبِيهِ ‪َ .‬و َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ٌ‬
‫م‬‫س ُ‬ ‫م ‪ :‬الَْقا ِ‬ ‫ب وَهُ ْ‬ ‫حاط ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َب ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ع َبْد ِ الَّر ْ‬ ‫حيَى ب ْ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن يَزِيد َ ‪ ,‬وَذ َكْوَا ُ‬
‫ن‬ ‫سوَد ُ ب ْ ُ‬ ‫ن أبِي بَكْرٍ ; َواْل ْ‬ ‫مدِ ب ْ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫بْ ُ‬
‫حمن ‪ ,‬وك ُ ُّ‬ ‫ن يَؤ ُ ُّ‬ ‫موَْلهَا وَكَا َ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت ع َبْدِ الَّر ْ َ‬ ‫مَرةَ بِن ْ َ‬ ‫مهَا ‪ ,‬وَع َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ضب َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ط َوأوْث َ ُ‬
‫ق‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫ة َوأعْل َ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ص بِعَائ ِ َ‬ ‫خ ُّ‬ ‫ن هَؤَُلءِ أ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حد ٍ ِ‬ ‫َوا ِ‬

‫‪115‬‬
‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫ن ‪ُ : -‬روِّينَا ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ح َ‬ ‫ن ع َبْد ِ الَّر ْ‬ ‫ِ‬ ‫حيَى ب ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ن ع ُبَيْد ِ الل ّهِ الْغَيَْلن ِ ُّ‬ ‫َ‬
‫ي نَا أبُو‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫سلَي ْ َ‬ ‫حدَّثَنِي ُ‬ ‫سلِم ٍ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫يُ نَا ع َبْد ُ الْعَزِيزِ ب ْ ُ‬ ‫مَر الْعََقد ِ ّ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ك بْ ُ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫مرٍ ع َبْد ُ ال ْ َ‬ ‫ع َا ِ‬
‫سم‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫من ب ْن ال ْ‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫شو‬ ‫ُ‬ ‫ج‬ ‫ما‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫سل‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫مد ع َن أ َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ن قَال ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َائ‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫{‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ح َّ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫بْ‬
‫َ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم فَذ َكََر‬ ‫ِ‬ ‫سو‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫َ‬ ‫جنَا‬ ‫خَر ْ‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫سو‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ة قَا َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫منَا َ‬ ‫ما قَد ِ ْ‬ ‫ث ‪ :‬وَفِيهِ فَل َ َّ‬ ‫حدِي َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫مَرةً‬ ‫جعَلُوهَا عُ ْ‬ ‫حابِهِ ‪ :‬ا ْ‬ ‫ص َ‬ ‫صلى الله عليهَ وسلم ِل ْ‬
‫ي‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪,‬‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫الن‬ ‫ح َّ‬
‫ل‬ ‫فَأ َ‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم َوأبِي بَكْرٍ ‪,‬‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫َ‬
‫ُ َ َ ُّ‬
‫حوا } ‪.‬‬ ‫ن َرا ُ‬ ‫حي َ‬ ‫م أهَلوا ِ‬ ‫ةث ّ‬ ‫ساَر ِ‬ ‫مَر ‪ ,‬وَذ َوِي الْي َ َ‬ ‫وَع ُ َ‬
‫ن طَ‬ ‫خبَاَر الث َّ َ‬ ‫ن هَذِهِ اْل َ‬ ‫َ‬ ‫ل هَذ َا أ َ‬ ‫ن ك ُ ِّ‬
‫ق‬
‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لث‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫م ْ‬ ‫وَيَكِْفي ِ‬
‫أَبي اْل َ‬
‫ي‬ ‫ما هِ َ‬ ‫ن إن َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫حي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ف إذ َا‬ ‫ف فَكَي ْ َ‬ ‫موْقُو ٍ‬ ‫ة فِي َ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫سنَدَة ٌ ‪ ,‬وََل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة َل ُ‬ ‫موْقُوفَ ٌ‬ ‫َ‬
‫شَر‬ ‫ة عَ َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ن التَّابِعِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة وَ ِ‬ ‫ضعَ ٌ‬ ‫َروَى ب ِ ْ‬
‫َ‬
‫حدِيث َ ْ‬
‫ي‬ ‫جوهِ ل ِ َ‬ ‫م الْوُ ُ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ك ؟ وَأ ْ‬ ‫ف ذَل ِ َ‬ ‫خَل َ‬ ‫حابَةِ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَبِي ا ْ‬
‫نأ ْ‬ ‫َ ُِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫حي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫ِ َ َّ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ج ع َلَى أ َ َّ‬
‫ج‪,‬‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ن أهَلوا ب ِ َ‬ ‫ن الذِي َ‬ ‫قوْلِهَا ‪ :‬إ ّ‬ ‫مَراد َ ب ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫خَّر َ‬ ‫يُ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ما كَانُوا َ‬ ‫حرِ إن َّ َ‬ ‫حل ّوا إلَى يَوْم ِ الن َّ ْ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫مَرةٍ ل َ ْ‬ ‫ج وَع ُ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫أوْ َ‬
‫ْ‬ ‫ل بهما جميعا أَو أ َ‬ ‫ن معَه هَدْي فَأَهَ َّ‬
‫مَرةَ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ضا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِِ َ‬ ‫ٌ‬ ‫كَا َ َ ُ‬
‫ة‬
‫ش َ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ن الُّزهْرِ ِ ّ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫روى َ‬ ‫ما َ َ‬ ‫ج كَ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫إلَى ال ْ َ‬
‫ه‬
‫حينَئِذٍ هَذِ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم فَت َ ْ‬ ‫ن النَّب ِ ّ‬ ‫عَ ْ‬
‫ة‬
‫ة عَنْهَا فِيهِ زِيَاد َ ٌ‬ ‫ماع َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ما َروَت ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ة ِل َ َّ‬ ‫م ً‬ ‫سال ِ َ‬ ‫خبَاُر َ‬ ‫اْل َ ْ‬
‫ل َم يَذ ْك ُرهَا أَبُو اْل َ‬
‫ن لَ ْ‬
‫و‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬‫ْ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫حي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫سوَد ِ ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫م ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫سنَدًا ؟ َون َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َولَي ْ َ‬ ‫سنَدًا فَكَي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫رويَا ُ‬ ‫ما َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كَا َ‬
‫ج أَبِي بَكْرٍ ‪,‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن عُْروَةَ فِي َ‬ ‫سوَد ِ ع َ ْ‬ ‫ث أبِي اْل ْ‬
‫َ‬ ‫حدي َ َ‬
‫َ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫سوقُو َ‬ ‫م كَانُوا ي َ ُ‬ ‫ن ذ َكَْرنَا ع َلَى أنَّهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سائِرِ َ‬ ‫مَر ‪َ ,‬و َ‬ ‫وَع ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي فَتَتَِّفقُ اْل ْ‬
‫مَر ‪,‬‬ ‫ي عُ َ‬ ‫ضا بِنَهْ ِ‬ ‫جوا أي ْ ً‬ ‫حت َ ُّ‬ ‫خبَاُر ‪ .‬وَا ْ‬ ‫الْهَد ْ َ‬
‫ك ‪ .‬قَا َ َ‬
‫م َل لَهُ ْ‬
‫م‬ ‫مدٍ ‪ :‬هَذ َا عَلَيْهِ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫وَع ُث ْ َ‬

‫‪116‬‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫ص َّ‬ ‫ة فََقد ْ َ‬ ‫ج ً‬ ‫ح َّ‬ ‫ما رضي الله عنهما ُ‬ ‫ن نَهْيُهُ َ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫هإ ْ‬ ‫ِلن َّ ُ‬
‫ما فِي‬ ‫خالُِفونَهُ َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ج ‪َ ,‬وَهُ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫متْعَةِ ال ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ما النَّهْ ُ‬ ‫ع َنْهُ َ‬
‫َ‬
‫مَفّرٍِج نَا‬ ‫ن ُ‬ ‫ي نَا اب ْ ُ‬ ‫منْك ِ ُّ‬ ‫مد ِ الط ّل ْ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ك ‪ : -‬نَا أ ْ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫َ‬ ‫إبراهيم بن أ َ‬
‫ن َزيْدٍ‬ ‫ِّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫س‬
‫ٍ‬ ‫را‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َْ ِ ُ ْ ُ‬
‫د‬
‫ن َزي ْ ٍ‬ ‫ماد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م ‪َ ,‬و َ‬ ‫شي ْ ٌ‬ ‫صورٍ نَا هُ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سعِيد ُ ب ْ ُ‬ ‫صائِغُ نَا َ‬ ‫ال َّ‬
‫ن‬ ‫ماد ٌ ‪ :‬ع َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫ل َ‬ ‫حذَّاءُ ‪ -‬وَقَا َ‬ ‫خالِد ُ هُوَ ال ْ َ‬ ‫م ‪ :‬أَنَا َ‬ ‫شي ْ ٌ‬ ‫ل هُ َ‬ ‫قَا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ما عَ ْ‬ ‫خالِد ٌ كَِلهُ َ‬ ‫ب ‪َ ,‬و َ‬
‫ْ َّ‬
‫ق أيُّو ُ‬ ‫َ‬ ‫م اتََّف‬ ‫ي ث ُ َّ‬ ‫ختِيَان ِ ُّ‬ ‫س ْ‬ ‫ب ال ِّ‬ ‫أيُّو َ‬
‫ن كَانَتَا‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫مت‬ ‫ُ‬ ‫‪:‬‬ ‫ب‬ ‫خط ِ‬ ‫ا‬ ‫ن ال َ‬ ‫مُر ب ْ ُ‬ ‫ل عُ َ‬ ‫ل ‪ :‬قَا َ‬ ‫ة قَا َ‬ ‫أَبِي قَِلب َ َ‬
‫َ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َوأَنَا‬ ‫سو ِ‬ ‫ع َلَى عَهْد ِ َر ُ‬
‫أُنهي ع َنهما وأ َضرب ع َلَيهما ; هَذ َا لَْف ُ َ‬
‫ب ; َوفِي‬ ‫ظ أيُّو َ‬ ‫ِْ َ‬ ‫ُْ َ َ ْ ِ ُ‬ ‫ِْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫متْعَ ُ‬ ‫ما ‪ُ :‬‬ ‫ب عَلَيْهِ َ‬ ‫ما ‪َ ,‬وأعَاقِ ُ‬ ‫خالِد ٍ ‪ :‬أنَا أن ْ ِهي ع َنْهُ َ‬ ‫ِروَايَةِ َ‬
‫صورٍ نَا‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سعِيدِ ب ْ ِ‬ ‫ج ‪َ .‬وبِهِ إلَى َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫متْعَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ساء ‪ ,‬و‬ ‫الن ِّ َ‬
‫ح َّ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫َّ‬ ‫شيم أ َ‬
‫مدٍ ‪:‬‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫سم‬ ‫ِ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َو‬ ‫ع‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫هُ َ ْ ٌ‬
‫ج ‪ -‬وَبِهِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫متْعَ َ‬ ‫متْعَةِ ‪ -‬يَعْ َنِي ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن نَهَى ع َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن ع ُث ْ َ‬ ‫أ َ َّ‬
‫خبََرنِي‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫ن وَهْ ٍ‬ ‫صورٍ نَا ع َبْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫سعِيد ِ ب ْ‬ ‫إلَى َ‬
‫ع َمرو بن ال ْحارث ع َن ع َبد الْعزيز بن نبيه ع َ َ‬
‫ن أبِيهِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ِ َ ِ ِ ْ ِ َِ ٍ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ْ ُ ْ ُ‬
‫ج‬ ‫جًل يُه ُّ‬ ‫ن ب ْن ع َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ح ٍّ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫مَر ٍ‬ ‫ل بِعُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ُث‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫م ٍ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫ه ‪ .‬قَا َ‬ ‫حلَق ُ‬ ‫ه َو َ‬ ‫ضَرب َ ُ‬ ‫ل ; فَ َ‬ ‫مهِ ِّ‬ ‫ي بِال ْ ُ‬ ‫ل ‪ :‬ع َل َ َّ‬ ‫فََقا َ‬
‫عنْد َ أَبِي‬ ‫حتَّى أَنَّهَا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫متْعَ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫جيُزو َ‬ ‫ما َوي ُ ِ‬ ‫خالُِفونَهُ َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫‪ :‬وَهُ ْ‬
‫َ‬ ‫ة ‪ ,‬وال َّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ن اْلِفَْرادِ ‪ ,‬فَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ي أف ْ َ‬ ‫شافِعِ ِ ّ‬ ‫حنِيَف َ َ‬ ‫َ‬
‫سِخ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫ن رضي الله عنهما ع َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫مَر ‪ ,‬وَع ُث ْ َ‬ ‫ي عُ َ‬ ‫ل نَهْ َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫َ‬
‫ج‬ ‫ح ِّ‬ ‫متْعَةِ ال ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما ع َ ْ‬ ‫ل نَهْيَهُ َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ة وَل َ ْ‬ ‫ج ً‬ ‫ح َّ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن قَالُوا ‪ :‬قَ ْ‬
‫د‬ ‫ب فَإ ِ ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن هَذ َا لَعَ َ‬ ‫ة إ َّ‬ ‫ج ً‬ ‫ح َّ‬ ‫ما ع َلَيْهَا ُ‬ ‫ضْرب َ ُه َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫حها سعْد ُ ب ْن أَبي وقَّ‬ ‫أَ‬
‫ب‬ ‫ج َ‬ ‫ص َوغَيُْرهُ ؟ قُلْنَا ‪ :‬وَقَد ْ أوْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ب‬
‫جوا‬ ‫ُ‬ ‫حت َ ّ‬ ‫س وَغَيُْره ُ وَل فَْرقَ ‪َ : -‬وا ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ع َبَّا‬ ‫ُ‬ ‫ج اب ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫خ ال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫فَ ْ‬
‫ْ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫خطا ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫مُر ب ْ ُ‬ ‫زار نَا عُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ق الْب َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ما ُروِّينَاه ُ أي ْ ً‬ ‫بِ َ‬
‫حدَّثَنِي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي نَا الِْفْريَاب ِ ُّ‬ ‫ستَان ِ ُّ‬
‫حازم ٍ َ‬ ‫ن أبِي َ ِ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫ي نَا أبَا ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ال ِّ‬
‫ل ‪ :‬يَا‬ ‫مَر قَا َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ‬
‫ن عُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ن‬
‫ْ َ ِ َّ‬
‫ْ‬ ‫اب‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ص‬
‫ٍ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫سول اللهِ صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن َر ُ‬ ‫َ‬ ‫س‪,‬إ ّ‬ ‫أيُّهَا النَّا ُ‬

‫‪117‬‬
‫ق أَبِي ذ َ ّ ٍر‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ن طَ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫مهَا ع َل َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫مت‬ ‫ُ‬ ‫ل لَنَا ال ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫أَ‬
‫َ‬
‫مدٍ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ة لَنَا أ ْ‬ ‫ص ً‬ ‫خ َ‬ ‫ج ُر ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة فِي ال ْ َ‬ ‫متْعَ ُ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫كَان َ ْ‬
‫ة‬ ‫متْعَ ُ‬ ‫ت ُُ‬ ‫ن ‪ :‬كَان َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن ع ُث ْ َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم وَع َ ْ‬
‫َ‬
‫خالََف ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫مدٍ ‪ :‬هَذ َا كُل ّ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫م ‪ .‬قَا َ‬ ‫ت لَك ُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ج لَنَا لَي ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ن ‪ ,‬وال َّ‬
‫م‬ ‫ن ‪ِ ,‬لنَّهُ ْ‬ ‫شافِعِيُّو َ‬ ‫َ‬ ‫مالِكِيُّو َ‬ ‫ن ‪ ,‬وَال ْ َ‬ ‫فيُّو َ‬ ‫حن َ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مَر‬ ‫ث عُ َ‬ ‫حدِي ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ج ‪َ -‬وأ َ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫متْعَةِ ال ْ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ع َلَى إبَا َ‬ ‫قو َ‬ ‫متَِّف ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ح عَن ْ ُ‬ ‫ص َّ‬ ‫ه قَد ْ َ‬ ‫ك ‪ِ ,‬لن َّ ُ‬ ‫ش ٍّ‬ ‫ساءِ بَِل َ‬ ‫متْعَةِ الن ِّ َ‬ ‫ما هُوَ فِي ُ‬ ‫فَإِن َّ َ‬
‫ن‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ج ; وَهَؤَُلءِ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِهَا فِي ال ْ َ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫جوع ُ إلَى ال ْ َ‬ ‫الُّر ُ‬
‫ج‪.‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫متْعَةِ ال ْ َ‬ ‫م عَلَى ُ‬ ‫عنْدَهُ ْ‬ ‫موًل ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫خبَرِ إ ْ‬ ‫لِهَذ َا ال ْ َ‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫ل عَ‬ ‫ٍ‬ ‫ن كُهَي ْ‬ ‫ة بْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫سل َ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫ة عَ‬ ‫شعْب َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫ُروِّينَا ِ‬
‫ْ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫خطا ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫مُر ب ْ ُ‬ ‫ل عُ َ‬ ‫ل ‪ :‬قَا َ‬ ‫س قَا َ‬ ‫ن ع َبَّا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫طاوُ ٍ‬
‫معَ‬ ‫جعَلْت َ‬ ‫جت ل َ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫مَّرتَي ْ ِ‬ ‫سنَةٍ َ‬ ‫مْرت ِفي َ‬ ‫‪ :‬لَوْ اع ْت َ َ‬
‫ن‬ ‫ن طَ‬ ‫جتِي ع ُمرةً ‪ .‬ورويناه أ َ‬ ‫ح َّ‬
‫ن عَ ْ‬ ‫فيَا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ضا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ ُ ِّ َ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل عَ ْ َ‬ ‫سل َ َ‬
‫مَر‬ ‫ن عُ َ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ن عَبَّا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ن طاوُ ٍ‬ ‫َ‬
‫ن كُهَي ْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ة بْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ما ُروِّينَا ُ‬ ‫جوا ب ِ َ‬ ‫حت َ ُّ‬ ‫ق ‪َ .‬وا ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ن طُُر‬ ‫م ْ‬ ‫ضا ِ‬ ‫روينَاه ُ أي ْ ً‬ ‫مثْلِهِ ‪ -‬وَ ُ ّ‬
‫ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫من طَريق ال ْمرقَّ‬ ‫أَ‬
‫ل ‪ :‬كَا َ‬
‫ن‬ ‫ه قَا َ‬ ‫ن أبِي ذَّرٍ أن َّ ُ‬ ‫َ ِ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ضا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم لنَا‬ ‫ّ‬ ‫سو ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫خ ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫فَ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫سوَدِ عَ ْ‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫نَ ب ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ق ع َبْد ِ الَّر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫ة ‪ .‬وَ ِ‬ ‫ص ً‬ ‫خا َّ‬ ‫َ‬
‫ج‬‫ح َّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل فِ َي َ‬ ‫ن أبَا ذَّرٍ قَا َ‬ ‫سوَد ِ أ َ َّ‬ ‫ن اْل ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫سلَيْم ِ ب ْ‬ ‫ن أ ْو ُ‬
‫سلَيما َ‬
‫ُ ْ َ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ب ال ّذِي َ‬ ‫ك إ ّل لِلَّرك ْ ِ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫مَرة ً ‪ َ :‬ل َ ْ‬ ‫خهَا ع ُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ; وَ ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫كَانُوا َ‬
‫ن أَبِي‬ ‫ن َزيْدٍ ع َ ْ‬ ‫ب بْ ِ‬ ‫ن يَعُْقو َ‬ ‫ن ع ُبَيْدَة َ ع َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫سى ب ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ِ‬ ‫طَرِي‬
‫َ‬
‫مَرةً‬ ‫ه عُ ْ‬ ‫جت َ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫ل َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫حد ٍ بَعْدَنَا أ ْ‬ ‫ن ِل َ َ‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫ل ‪ :‬لَ ْ‬ ‫ذَّرٍ قَا َ‬
‫خص ً َ‬
‫مدٍ صلى الله عليه‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ت لَنَا ُر ْ َ‬ ‫ما كَان َ ْ‬ ‫إن َّ َ‬
‫ن‬ ‫ل أَبِي ذَّرٍ إ َّ‬ ‫ن قَوْ ُ‬ ‫م يَك ُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫مد ٍ ‪ :‬إ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬
‫وسلم ‪ .‬قَا َ َ‬
‫س َ‬
‫خ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫ه ‪ :‬إ َّ‬ ‫س قَوْل ُ ُ‬ ‫ة فَلَي ْ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫م ُ‬ ‫ة لَهُ ْ‬ ‫ص ً‬ ‫خا َّ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫متْعَ َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫سنَاد ُ عَن ْ ُ‬ ‫ك اْل ِ ْ‬ ‫ما وَذَل ِ َ‬ ‫سي َّ َ‬ ‫ة ; َل ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫م ُ‬ ‫ة لَهُ ْ‬ ‫ص ً‬ ‫خا َّ‬ ‫ج َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن أَبِيهِ ;‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الت‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫را‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫إب‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫اي‬ ‫و‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ح ; ِل َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَرقِّع ‪,‬‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ة ; ِلنَّهَا ع َ ْ‬ ‫ه َواهِي َ ٌ‬ ‫سانِيد ُ ع َن ْ ُ‬ ‫وَهَذِهِ اْل َ‬

‫‪118‬‬
‫وسلَيما َ‬
‫سى‬ ‫مو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ‪ .‬وَع َ ْ‬ ‫جهُوَل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫سلَيْم ٍ ‪ ,‬وَهُ َ‬ ‫ن أوْ ُ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬
‫خالََف ُ‬
‫ه‬ ‫ف َوقَد ْ َ‬ ‫ف ‪ -‬فَكَي ْ َ‬ ‫ضعِي ٌ‬ ‫ي ‪ -‬وَهُوَ َ‬ ‫ن ع ُبَيْدَة َ الَّربَذِ ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫بْ‬
‫ة ‪ .‬وََل‬ ‫َ‬
‫ص ً‬ ‫خا َّ‬ ‫ك َ‬ ‫م يََريَا ذَل ِ َ‬ ‫سى ؟ فَل َ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫س ‪ ,‬وَأبُو ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ن ع َبَّا‬ ‫اب ْ ُ‬
‫ن‬ ‫خا َّ‬ ‫سنَّةٍ ثَابِتَةٍ أنَّهَا َ‬ ‫َ‬ ‫ن يَُقا َ‬ ‫َ‬
‫قوْم ٍ دُو َ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫ل فِي ُ‬ ‫جوُز أ ْ‬ ‫يَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬‫مَر النَّب ِ ِ ّ‬ ‫ن أ َوا ِ‬ ‫حةٍ ; ِل َّ‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬ ‫سنَّةٍ َ‬ ‫ن أ ْو ُ‬ ‫ص قُْرآ ٍ‬ ‫قَوْم ٍ إ ّل بِن َ ِّ‬
‫ن‪,‬‬ ‫ج ِّ‬ ‫س ‪َ ,‬وال ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫صلى الله عليه وسلم ع َلى لُزوم ِ الِن ْ ِ‬
‫َ ُ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ل ‪ :‬هَذ َا َل يَُقا ُ‬ ‫ن قِي َ‬ ‫ل بِهَا ‪ .‬فَإ ِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ة لَهَا وَالْعَ َ‬ ‫الط ّاع َ ُ‬
‫َ‬ ‫بالَرأ ْ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫جد َ أ َ‬ ‫متَى وُ ِ‬ ‫ب ع َلَى هَذ َا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ي ؟ قُلْنَا ‪ :‬فَي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ةأ ْ‬ ‫خ ٌ‬ ‫سو َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ة أوْ َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫صو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل فِي آيَةٍ أنَّهَا َ‬ ‫حابَةِ يَُقو ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ال َّ‬
‫متْعَةِ ‪ :‬إنَّهَا‬ ‫م فِي ال ْ ُ‬ ‫ك قَوْلَهُ ْ‬ ‫قوْلِهِ ; وَأَقََّر بِذَل ِ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫يَُقا َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫روينَاهُ ِ‬ ‫ما ُ ِّ‬ ‫جوا ب ِ َ‬ ‫حت َ ُّ‬ ‫ك ‪َ .‬وا ْ‬ ‫خالَُفوا ذَل ِ َ‬ ‫ة ‪ ,‬وَقَد ْ َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫خا َّ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫ل بْ ِ‬ ‫ن بَِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث بْ‬ ‫حارِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ي { عَ‬ ‫ِ‬ ‫ة الَّرأ‬ ‫ق َربِيعَ َ‬ ‫ِ‬ ‫طَرِي‬
‫ج لَنَا‬ ‫ْ‬ ‫ل اللَّه أ َ‬ ‫ال ْحارث ع َ َ‬
‫َ ِّ‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫خ‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُ‬ ‫ن أبِيهِ قُل ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫ل أَبُو‬ ‫ة } ‪ .‬قَا َ‬ ‫ص ً‬ ‫خا َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬لَك ُ ْ‬ ‫ن بَعْدَنَا ؟ قَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة أ ْو ل ِ َ‬
‫ص ً َ‬ ‫خا َّ‬ ‫َ‬
‫خر َ‬
‫حد ٌ هَذ َا‬ ‫جأ َ‬ ‫م يُ َ ِّ ْ‬ ‫ل وَل َ ْ‬ ‫جهُو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن بَِل ٍ‬ ‫ث بْ ُ‬ ‫حارِ ُ‬ ‫مد ٍ ال ْ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن;‬ ‫خلفُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ص َّ‬ ‫ث ; َوقَد ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫قي ٍ‬ ‫ه بِي َ ِ‬
‫َ‬
‫ح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫حيِح ال َ‬ ‫ص ِ‬ ‫خبََر فِي َ‬
‫َ‬
‫ال َ‬
‫سَراقَ َ‬
‫ة‬ ‫ن ُ‬ ‫ن عَبْدِ الل ّهِ { أ َّ‬ ‫ر بْ ِ‬ ‫جاب ِ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ما أ ْوَردْنَا ِ‬ ‫َ‬ ‫كَ‬
‫ل اللَّه صلى الله عليه وسلم إذْ‬ ‫سو ِ‬ ‫ل لَِر ُ‬ ‫ك قَا َ‬ ‫مال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫بْ َ‬
‫م‬ ‫مَرهُ‬ ‫أَ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫منَا هَذ َا‬ ‫ل الل ّهِ ‪ ,‬لِعَا ِ‬ ‫سو‬ ‫مَرةٍ ‪ :‬يَا َر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ج فِي ع ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫سِخ ال ْ َ‬ ‫بَِف ْ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م ِلَبَد ٍ ؟ فََقا َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ل َر ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ِلَبَد ِ اْلَبَد ِ }‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن هُوَ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ي نَا أبُو النُّعْ َ‬ ‫خار ِ ّ‬ ‫ق الْب ُ َ ِ‬ ‫ن طرِي ِ‬
‫م ْ َ‬ ‫وَ ِ‬
‫ن‬
‫ك بْ ِ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ن عََبْدِ ال ْ َ‬ ‫ن َزيْد ٍ عَ ْ‬ ‫ماد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م ‪ -‬نَا َ‬ ‫ل ع َارِ ٌ‬ ‫ض ِ‬ ‫الَْف ْ‬
‫ن ع َبْدِ الل ّهِ ‪ ,‬وَع َ ْ‬
‫ن‬ ‫جابِرِ ب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ع َطَاءٍ ع َ ْ‬ ‫جَريٍْج ع َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫سو ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ميعًا ‪ { :‬قَدِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫س قَاَل َ‬ ‫ن ع َبَّا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ط َاوُ ٍ‬
‫َ‬
‫جةِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن ذِي ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ح َرابِعَةٍ ِ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫الل ّ ُهِ صلى الله عليه وسلم ُ‬
‫َ‬ ‫يءٌ ; فَل َ َّ‬
‫مَرنَا‬ ‫منَا أ َ‬ ‫ما قَدِ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫خلِط ُ ُ‬ ‫ج َل ي َ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن بِال ْ َ‬ ‫يُهِل ّو َ‬
‫ح َّ‬ ‫َ‬
‫ت فِي‬ ‫ش ْ‬ ‫سائِنَا فََف َ‬ ‫ل إلَى ن ِ َ‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫مَرة ً ‪ ,‬وَأ ْ‬ ‫جعَلْنَاهَا ع ُ ْ‬ ‫فَ َ‬

‫‪119‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ك النَّب ِ َّ‬ ‫ة فَبَلَغَ ذَل ِ َ‬ ‫ك الَْقال َ ُ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫َ‬
‫ن كَذ َا وَكَذ َا وَاَلل ّهِ َلَنَا أَبَُّر‬ ‫ما يَُقولُو َ‬ ‫ن قَوْ ً‬ ‫ل ‪ :‬بَلَغَنِي أ َ َّ‬ ‫فََقا َ‬
‫قبل ْت م َ‬ ‫وأَتَقى لِل ّه منهم ‪ ,‬ول َ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫مرِي َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ست َ ْ َ ُ ِ ْ‬ ‫و أنِّي ا ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِ ِ ُْ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫معِي الْهَد ْ َ‬
‫ي‬ ‫ن َ‬ ‫ت ‪ ,‬وَلَوَْل أ َّ‬ ‫ما أهْدَي ْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ستَدْبَْر ُ‬ ‫ا ْ‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫شم ٍ فََقا َ‬ ‫جعْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َل َ‬
‫ل ‪ :‬يَا َر ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ق‬ ‫را‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫م‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫؟‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫حل‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي لَنَا أ َ ْو لِْلَبَد ِ ؟ قَا َ‬ ‫َ‬
‫ل أبُو‬ ‫ل ل ِلبَدِ } ‪ .‬قَا َ‬ ‫ل ‪ :‬ل بَ ْ‬ ‫الل ّهِ ه ِ َ‬
‫مدِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫س ‪ ,‬وَ ُ‬ ‫ن عَبَّا َ ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫جاهِد ٌ ع َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫رواه ُ ُ‬ ‫مد ٍ ‪ :‬وَهَكَذ َا َ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫مدٍ ‪:‬‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫جابِرٍ ‪ : -‬قَا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫سي ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي بْ‬ ‫ن عَل ِ ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫بْ‬
‫ك أَبَدًا ‪,‬‬ ‫ن ] ذَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن[ ِ‬ ‫م َ‬ ‫خ َوأ ِ‬
‫خصيص والن َس ُ ُ‬
‫ُ َ ّ ْ‬ ‫ل الت َّ ْ ِ‬ ‫فَبَط َ َ‬
‫م عَارض أ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫سو‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫خب‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫َا‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫َووَالل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه كََل ُ‬ ‫حدٍ وَلَوْ أن َّ ُ‬ ‫الل ّهِ صلى الله عليه وسلم بِكََلم ِ أ َ‬
‫َ‬ ‫أ ُ َّ‬
‫ما رضي‬ ‫ة ‪ ,‬وَأبَوَيْهِ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ة ‪ ,‬وَع َائ ِ َ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫حْف‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫منِي‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ي ال ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫سِج الْعَنْكَبُو ِ‬ ‫ت كَن َ ْ‬ ‫ف بِأكْذ ُوبَا ٍ‬ ‫ك ; فَكَي ْ َ‬ ‫الله عنهم لَهَال ِ ٌ‬
‫ل‪,‬‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ث‬ ‫حار‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫؟‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫الَّذي هُو أ َ‬
‫ِ ِ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫وال ْمرقَّع ‪ ,‬وسلَيما َ‬
‫م‬
‫ن َهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َل يُدَْرى َ‬ ‫سلَيْم ٍ ال ّذِي َ‬ ‫ن أوْ ُ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬ ‫َ ُ َ ِ‬
‫هّ‬
‫سبُنَا الل ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ي ‪ ,‬وَكََفاك وَ َ‬ ‫سى الَّربَذ ِ ِ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫ق ‪ ,‬وَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫خل‬ ‫فِي ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫قوْلِهِ عليه‬ ‫صَر ب ِ َ‬ ‫قت َ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫حدٍ أ ْ‬ ‫س ِل َ َ‬ ‫ل ‪ ,‬وَلَي ْ َ‬ ‫م الْوَكِي ُ‬ ‫وَنِعْ َ‬
‫مةِ }‬ ‫قيَا َ‬ ‫ج إلَى يَوْم ِ ال ْ ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫مَرة ُ ِفي ال ْ َ‬ ‫ت الْعُ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫السلم { د َ َ‬
‫ما بَيَّن َ ُ‬
‫ه‬ ‫ن َ‬ ‫ج دُو َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫جوَاَزهَا فِي أ َ ْ‬ ‫ه أَراد َ َ‬
‫ع َلَى أَن َ َ‬
‫ّ ُ‬
‫َ‬ ‫ن ع َبَّا‬
‫ن يَكُو َ‬
‫ن‬ ‫ن إنْكَارِهِ عليه السلم أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ٍَ‬ ‫جابٌِر ‪َ ,‬واب ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ن فَعَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫م دُو َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫مه‬ ‫ة أوْ لِعَا ِ‬ ‫ص ً‬ ‫خا َّ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫خ لَه‬ ‫س ُ‬ ‫الَْف ْ‬
‫َ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫سو ِ‬ ‫ب ع َلَى َر ُ‬ ‫ك فََقد ْ كَذ َ َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫مةٍ ‪,‬‬ ‫م بِطَا َّ‬ ‫َ‬ ‫ح َّ‬ ‫وسلم جهارا ‪ .‬قَا َ َ‬
‫ضهُ ْ‬ ‫مدٍ ‪َ :‬وأتَى بَعْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫ِ َ ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي أَن َّ‬
‫م كَانُوا‬ ‫س أنَّهُ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َب‬ ‫ع‬ ‫َِ‬‫ن‬ ‫ْ‬ ‫اب‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اب‬ ‫ّ‬ ‫الث‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫خب‬ ‫َ‬ ‫ه ذ َكََر ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫وَه ِ َ‬
‫جور فِي‬ ‫جرِ الُْف ُ َ ِ‬ ‫ن أفْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫مَرة َ فِي أ َ ْ‬ ‫ن الْعُ ْ‬ ‫يََروْ َ‬
‫ه‬
‫حاب ُ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ي صلى الله َعليه وسلم َوأ ْ‬ ‫م النَّب ِ ُّ‬ ‫ض فََقد ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫اْلَْر‬
‫جعَلُوهَا‬ ‫جة فَأمرهُ َ‬ ‫ن ذِي ال ْ ِ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة َرابِعَةٍ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫صبِي َ‬ ‫َ‬
‫يُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫م ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ أ ّ‬ ‫سو َ‬ ‫م فََقالوا ‪ :‬يَا َر ُ‬ ‫عن ُْدَهُ ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫مَرة ً فَتَعَاظ َ‬ ‫عُ ْ‬
‫ل قَائِلُهم ‪ :‬إن َ َ‬ ‫ح ُّ‬
‫م‬
‫مَرهُ ْ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ه " فََقا َ‬ ‫ل كُل ّ ُ‬ ‫ل ‪ :‬ال ْ ِ‬ ‫ل ؟ قَا َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ ِ‬

‫‪120‬‬
‫مَرةِ فِي‬ ‫از الْعُ ْ‬ ‫جوَ ِ‬ ‫م ع َلَى َ‬ ‫ك لِيُوقَِفهُ ْ‬ ‫عليه السلم بِذَل ِ َ‬
‫ح َّ‬ ‫شهر ال ْحج قَوًل وع َمًل ‪ .‬قَا َ َ‬ ‫َ‬
‫مدٍ ‪ :‬وَهَذِهِ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫أ ْ ُ ِ َ ِّ ْ َ َ‬
‫ل ذَل ِ َ َ‬ ‫ة ; أَوَّ ُ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ب ع َلَى النَّب ِ ِ ّ‬ ‫ه كَذ ِ ٌ‬ ‫ك أن َّ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫عَظِي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫ح ِّ‬ ‫سِخ ال ْ َ‬ ‫م بَِف ْ‬ ‫مَرهُ ْ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ه إن َّ َ‬ ‫م أن َّ ُ‬ ‫عليه وسلم فِي دَع ْوَاهُ ْ‬
‫َ‬
‫ج ‪ .‬ث ُ َّ‬
‫م‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫ة فِي أ ْ‬ ‫مَر ِ‬ ‫ْ‬ ‫جواَز الْعُ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫مه‬ ‫َ‬ ‫مَرةٍ لِيُعَل ِّ‬ ‫ْ‬ ‫فِي ع ُ‬
‫ك ومعاذ َ اللَّه م َ‬
‫ن‬‫نأ ْ‬ ‫ِ ِ ْ‬ ‫ن ذَل ِ َ َ َ َ‬ ‫ك لَوْ كَا َ‬ ‫م ‪ :‬هَب ْ َ‬ ‫ل لَهُ ْ‬ ‫يَُقا ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يكُو َ‬
‫ل‬ ‫ن قَالُوا ‪ :‬بِبَاط ِ ٍ‬ ‫ل ؟ فَإ ِ ْ‬ ‫م بِبَاط ِ ٍ‬ ‫مرٍ أ ْ‬ ‫قأ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن أب ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫مُرهُ عليه‬ ‫نأ ْ‬ ‫ق ؟ قُلْنَا ‪ :‬فَلْيَك ُ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ن قَالُوا ‪ :‬ب ِ َ‬ ‫كََفُروا ‪َ ,‬وإ ِ ْ‬
‫ك ِل َ‬
‫م‬ ‫جبًا ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫حًّقا َوا ِ‬ ‫صاَر َ‬ ‫ن قَد ْ َ‬ ‫جهٍ كَا َ‬ ‫ي وَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫السلم بِذَل ِ َ‬
‫ن‬‫معْنًى كَا َ‬ ‫ن هَذ َا الْهوس الَّذِي قَالُوه فَِل َ‬ ‫لَوْ كَا َ‬
‫ي َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ساقَ ؟‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ي دُو َ‬ ‫ق الْهَد ْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ص بِذَل ِ َ‬ ‫خ ُّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ك قَ ْ‬
‫د‬ ‫ل بِذَل ِ َ‬ ‫ل الَْقائ ِ َ‬ ‫جاه ِ َ‬ ‫ن هَذ َا ال ْ َ‬ ‫ن هَذ َا كُل ِّهِ أ َ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫َوأَط َ ُّ‬
‫م فِي‬ ‫مَر بِهِ ْ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم اعْت َ َ‬ ‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫م أ َ َّ‬ ‫عَل ِ َ‬
‫مَر فِي‬ ‫م اعْت َ َ‬ ‫فتِْح ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ما بَعْد َ ع َام ٍ قَب ْ َ‬ ‫قعْدَةِ ع َا ً‬ ‫ذِي ال ْ َ‬
‫جةِ الْوَدَاِع‬ ‫ح َّ‬ ‫م فِي َ‬ ‫ل لَهُ ْ‬ ‫م قَا َ‬ ‫فتِْح ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫قعْدَةِ ع َا َ‬ ‫ذِي ال ْ َ‬
‫ن يُه َّ‬ ‫شاءَ منك ُم أ َ‬ ‫حلَي ْ َ‬
‫مَرةٍ‬ ‫ل بِعُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫فةِ ‪َ :‬‬ ‫فِي ذِي ال ْ ُ‬
‫ل‪,‬‬ ‫فعَ ْ‬ ‫مَرةٍ فَلْي َ ْ‬ ‫ن يُه َّ‬ ‫شاءَ أ َ‬ ‫ن َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫فَلْي َ ْ‬
‫ج وَعُ ْ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ ,‬وَ َ‬
‫ك‪,‬‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫فعَلُوا ك ُ َّ‬ ‫ل ; فَ َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫ج فَلْي َ ْ‬ ‫ن يُه َّ‬ ‫شاءَ أ َ‬ ‫ن َ‬
‫ح ٍّ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ن أَبَلَغَ ال َّ‬ ‫َ‬
‫ة رضي الله عنهم‬ ‫حاب َ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فَيَا لِل ّهِ وَيَا لِل ْ ُ‬
‫من الْبَلدة ‪ ,‬والْبلَه ‪ ,‬وال ْجه َ‬
‫معَ هَذ َا‬ ‫ن َل يَعْرِفُوا َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ِ ْ َ َ ِ َ َ ِ َ َ ْ ِ‬
‫ملُوهَا‬ ‫ج ؟ َوقَد ْ عَ ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫جائَِزة ٌ فِي أ َ ْ‬ ‫مَرة َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫كُل ِّه أ َ‬
‫ِ‬
‫ر‬ ‫َ‬
‫ما بَعْد َ ع َام ٍ بَعْد َ عَام ٍ [ فِي أ ْ‬
‫شهُ ِ‬ ‫َ‬
‫ه عليه السلم ع َا ً‬ ‫معَ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫مَر ٍ‬ ‫عُ ْ‬ ‫م فِي‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫جه‬ ‫ح َّ‬ ‫خ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن يَْف َ‬ ‫ج إلَى أ ْ‬ ‫حتَا َ‬ ‫حتَّى ي َ ْ‬ ‫ج] َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ك ‪ ,‬تَاللَّهِ إ َّ‬
‫ميَِّز الط ّرِي َ‬
‫ق‬ ‫ميَر لِت ُ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫جوَاَز ذَل ِ َ‬ ‫موا َ‬ ‫لِيَعْل َ ُ‬
‫جْرأَةُ عَلَى‬ ‫م وَال ْ ُ‬ ‫م هَذ َا اْلِقْدَا ُ‬ ‫ن هَذ َا ; فَك َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫من أَقَ َّ‬
‫ِ ْ‬
‫مدَافَعَةِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ب‬‫مَّرةً بِالْكَذ ِ ِ‬ ‫قلِيد ِ ؟ َ‬ ‫صرِ الت َّ ْ‬ ‫ن الث ّابِتَةِ فِي ن َ ْ‬ ‫سن َ ِ‬ ‫ال ُّ‬
‫مَّر ً‬
‫ة‬ ‫ة ‪ ,‬وَ َ‬ ‫شهُوَر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ماقَ َةِ ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫مَّرة ً بِال ْ َ‬ ‫ضوِح ‪ ,‬وَ َ‬ ‫مْف ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫د‬
‫م ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ‪َ ,‬وال ْ َ‬ ‫م الْوَكِي ُ‬ ‫ه َونِعْ َ‬ ‫سبُنَا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫بِالْغَثَاثَةِ َوالْبَْرد ِ ‪َ -‬‬

‫‪121‬‬
‫از اْلِفَْرا ِد‬ ‫جوَ ِ‬ ‫م فِي َ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ج بَعْ ُ‬ ‫حت َ َّ‬ ‫مةِ ‪َ .‬وا ْ‬ ‫سَل َ‬ ‫لِلَّهِ ع َلَى ال َّ‬
‫َ‬
‫ن َالنَّب ِ ِ ّ‬
‫ي‬ ‫ق أبِي هَُريَْرةَ ع َ ْ‬ ‫رِي ِ‬
‫ن طَ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ت ِ‬ ‫خبَرِ الثَّاب ِ ِ‬ ‫ج بِال ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫بِال ْ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫ن‬ ‫ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫سي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫صلى الله عليه وسلم { وَال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما }‬ ‫مًرا أوْ لَيَثْنِيَنَّهُ َ‬ ‫معْت َ ِ‬ ‫جا أوْ ُ‬ ‫حا ًّ‬ ‫حا ِء َ‬ ‫ج الَّروْ َ‬ ‫م بَِف ِ ّ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫ي‬‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫ك ِفي أ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫سلِم ٍ فََل ي َ ُ‬ ‫مد ٍ ‪ :‬ك ُ ُّ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬ ‫‪ .‬قَا َ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫ل أبُو‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ن الل ّهِ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫م هَذ َا إ‬ ‫م يَعْل َ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ل َ ْ‬
‫ش َّ‬ ‫صًل ; وََل َ‬ ‫َ‬ ‫ج َّ‬
‫ك فِي‬ ‫ن غَيُْر هَذ َا أ ْ‬ ‫مك ِ ُ‬ ‫ل إلَي َْهِ َل ي ُ ْ‬ ‫عََّز وَ َ‬
‫ل َل‬ ‫ج َّ‬ ‫ه عََّز وَ َ‬ ‫ك ِلن َّ ُ‬
‫ش ٍّ َ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ل َل يُتَْر ُ‬ ‫ج َّ‬ ‫ي الل ّهِ عََّز وَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َو ْ‬ ‫أ َ َّ‬
‫ل أَبِي هَُريَْرةَ أ َ ْو‬ ‫ن َقِب َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬
‫ش َّ‬ ‫ن هَذ َا ال َّ‬ ‫ح أ َ َّ‬ ‫ص َّ‬ ‫ك ‪ ,‬فَ َ‬
‫ش ُّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫سو ِ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ن قِب َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َل ِ‬ ‫ن دُون َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ن قِبَلِهِ عليه السلم لَكَا َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ه ِ‬ ‫ح أن َّ ُ‬ ‫ص َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م لَو‬ ‫وسلم ‪ ,‬ث ُ َّ‬
‫م نس َ َ‬
‫ه عليه‬ ‫مرِ ِ‬ ‫خ بِأ ْ‬ ‫حا ‪ ,‬ث ُ َّ ُ ِ‬ ‫مبَا ً‬ ‫ن اْلِفَْراد ُ ُ‬ ‫ك إذ ْ كَا َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ه‬
‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫متْعَةِ وََل بُد َّ ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ه بِال ْ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن َل هَد ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫السلم َ‬
‫قُ‬
‫ح ّ‬ ‫ي ‪ :‬فَظَهََر ال ْ َ‬ ‫ل عَل ِ ٌّ‬ ‫ن وََل بُد َّ ‪ .‬قَا َ‬ ‫ِ‬ ‫ي بِالِْقَرا‬ ‫ُ‬ ‫الْهَد ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ك‪:‬‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ب‬
‫ّ‬ ‫مد ُ لِل َ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ح ْ‬ ‫حا وَال ْ َ‬ ‫ض ً‬ ‫َوا ِ‬
‫قنَا هُو وال َّ‬ ‫َ‬
‫فةِ‬ ‫ص َ‬ ‫ي فِي ِ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ل ‪َ ,‬و َوافَ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫اْلِفَْراد ُ أفْ َ‬
‫متِّعًا ‪,‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الت َمت ُع وال ْقران ل ِمن أ َراد أ َ‬
‫مت َ َ‬ ‫ارنًا أوْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ّ َ ِّ َ ِ َ ِ َ ْ َ َ‬
‫وك ُ ُّ‬
‫م‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي وَل ِ َ‬ ‫ساقَ الْهَد ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ل ِ َ‬ ‫عنْدَهُ َ‬ ‫جائٌِز ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مَّرةً‬ ‫ل ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫مَّرة ً ‪ :‬اْلِفَْراد ُ أفْ َ‬ ‫ي َ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ه ‪ .‬وَقَا َ‬ ‫سْق ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ل ‪ :‬ال ْقرا َ‬ ‫َ‬
‫ل;‬ ‫ض ُ‬ ‫ن أفْ َ‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫مَّرة ً قَا َ‬ ‫ل ‪ ,‬وَ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫متُّعُ أفْ َ‬ ‫ل ‪ :‬الت َّ َ‬ ‫قَا َ‬
‫ه‬‫ة فَإن ّ َُ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫حن‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ما أ َ‬ ‫َ‬ ‫عنده جائ ِز ك َما ذ َك َرنا ‪ .‬وأ َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫وك ُ ُّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ك ِ ْ َ ُ َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫م الِفَْراد ُ ‪ ,‬وَك ُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫مت ّعُ ث ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل ث ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫م الت ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫ن أف ْ َ‬ ‫ل ‪ :‬الِقَرا ُ‬ ‫قَا َ‬
‫َ َ‬
‫ه إ ّل أن َّ ُ‬
‫ه‬ ‫سْق ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ساقَ الْهَدْيَ َول ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫عنْدَهُ ل ِ َ‬ ‫جائٌِز ِ‬ ‫َ‬
‫ما نَذ ْكُُر بَعْ َ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫ن عَلَى‬ ‫ِ‬ ‫متُِّع وَالِْقَرا‬ ‫َ‬ ‫فةِ الت َّ‬ ‫ص َ‬ ‫ف فِي ِ‬ ‫خال َ َ‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫ما اْل ِ ْ‬ ‫ه تَعَالَى ‪َ .‬وأ َ َّ‬ ‫َ‬
‫ن عَبْد َ اللهِ‬ ‫شعَاُر ‪ :‬فَإ ِ َّ‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫هَذ َا إ ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن َربِيٍع نَا قَا َ‬
‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ة نَا أ ْ‬ ‫معَاوِي َ َ‬ ‫نَ ُ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬نَا ُ‬ ‫بْ َ‬
‫َ‬
‫سعِيدٍ‬ ‫ن َ‬ ‫حيَى ب ْ ُ‬ ‫س نَا ي َ ْ‬ ‫ي الَْف ّل ُ‬ ‫ن عَل ِ ٍ ّ‬ ‫مُرو ب ْ ُ‬ ‫ب أنَا ع َ ْ‬ ‫شعَي ْ َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ن اْلعَْرِج‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سا َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن أبِي َ‬ ‫ن قَتَادَةَ ع َ ْ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫شعْب َ ُ‬ ‫ن نَا ُ‬ ‫الَْقط ّا ُ‬
‫ما‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ل َ َّ‬ ‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫س { أ َ َّ‬ ‫ن ع َبَّا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫عَ ْ‬

‫‪122‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫مهَا ِ‬ ‫سنَا ِ‬ ‫شعََر ِفي َ‬ ‫مَر بِبَدَنَتِهِ فَأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫فة أ َ‬
‫حلَي ْ َ ِ‬ ‫ن بِذِي ال ْ ُ‬ ‫كَا َ‬
‫ن}‬ ‫ي‬ ‫م ع َنْهَا وَقَلَّدَهَا نَعْل َ‬ ‫ت الد َّ َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫ق اْلي ْ َ‬
‫َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ش ِّ‬
‫ي نَا وَكِيعٌ‬ ‫ن عَل ِ ٍ ّ‬ ‫ِ‬ ‫مرِو ب ْ‬ ‫خبَرِ ‪ .‬وَبِهِ إلَى ع َ ْ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫وَذ َكََر بَاقِ َ‬
‫ن أَبِي‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫سم‬ ‫ِ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ٍ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫مي‬ ‫َ‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫حدَثَنِي أ َ‬
‫َ ّ‬
‫ل الل ّهِ صلى‬ ‫ُ‬
‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن { أ َّ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ِ ال ْ ُ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫بَكْرٍ ع َ ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫الله عليه وسلم أ َ ْ‬
‫م ْ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ه } ‪َ .‬وُروِّينَاهُ أي ْ ً‬ ‫شعََر بُدْن َ ُ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن َالنَّب ِ ِ ّ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خَر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سوَرِ ب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ال ْ ِ‬ ‫طرِي ِ‬
‫َ‬
‫خالِدٍ نَا‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ع َبْد ِ الل ّهِ ب ْ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ح َ‬ ‫وسلم نَا ع َبْد ُ الَّر ْ‬
‫خاريُّ نَا أَبُو‬ ‫يُ نَا الْب ُ َ ِ‬ ‫مد َ نَا الَْفَربْرِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬
‫إبراهيم ب َ‬
‫َْ ِ ُ ْ ُ‬
‫حدِ‬ ‫م ‪ -‬نَا ع َبْد ُ الْوَا ِ‬ ‫ل ع َارِ ٌ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن الَْف ْ‬ ‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن هُوَ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫النُّعْ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الن‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫را‬ ‫ْ‬ ‫إب‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫هُو اب ْن زيَاد ٍ ‪ -‬نَا اْل َ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اْل َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ن قَال ْ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫م ِ ال ُ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫ن يَزِيد َ ع َ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ْ‬
‫قلِدُّ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم فَي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ل الَقلئِد َ لِلن ّب ِ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫كُنْت أفْت ِ ُ‬
‫م ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬‫ن طرِي ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫حَلًل ‪َ .‬وُروِّينَاهُ أي ْ ً‬ ‫م فِي أهْلِهِ َ‬ ‫قي ُ‬ ‫م وَي ُ ِ‬ ‫الْغَن َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‪,‬‬ ‫ن عُتَيْب َ َ‬ ‫حكَم ِ َب ْ ِ‬ ‫ش ‪َ ,‬وال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن اْلع ْ َ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫معَاوِي َ َ‬ ‫أبِي ُ‬
‫ة‬
‫ش َ‬ ‫ن عَائ ِ َ‬ ‫سوَدِ ع َ ْ‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫ْ‬ ‫م عَ‬ ‫ن إبَْراهِي َ‬ ‫ْ‬ ‫م عَ‬ ‫صور ‪ ,‬كُل ِّهِ ْ‬ ‫من ْ ُ ٍ‬ ‫وَ َ‬
‫قر‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫أُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫شاءَ‬ ‫ن َ‬ ‫ما نَذ ْكُر بَعْد َ هَذ َا ‪ -‬إ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن هَذ َا ‪ ,‬وروينَا ك‬ ‫م ْ‬ ‫ي ٌء ِ‬ ‫شَ ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ َ ُ ِّ َ َ َّ‬
‫سول اللهِ صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ه تَعَالَى ‪ -‬أ ّ‬ ‫ُ‬ ‫الل ّ‬
‫ص َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أ َمر عليًا بأ َ‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫;‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫و‬
‫ِ َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫حو‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َِّ ِ‬
‫َ‬ ‫م ْ َ‬
‫ن‬
‫ة عَ ْ‬ ‫شيْب َ َ‬ ‫ن أبِي َ‬ ‫ق اب ْ ِ‬ ‫ن ط َرِي ِ‬ ‫ل فِيهَا ‪َ .‬وُروِّينَا ِ‬ ‫جلِي ُ‬ ‫الت َّ ْ‬
‫ن‬
‫ن نَافٍِع ع َ ْ‬ ‫مَر ع َ ْ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ع ُبَيْد ِ الل ّهِ ب ْ‬ ‫ْ‬ ‫سهَرٍ ع َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي بْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫عَل ِ‬
‫ف‬ ‫شعََر وَ َوقَ َ‬ ‫ما قَلَّد َ وَأ َ ْ‬ ‫ل ‪َ :‬ل هَدْيَ إ ّل َ‬
‫َ‬ ‫مَر قَا َ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫اب ْ ِ‬
‫ن‬ ‫س بْ ِ‬ ‫ن قَي ْ َ ِ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مادِ ب ْ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ق َ‬ ‫ن طرِي ِ‬
‫م ْ َ‬ ‫ة ‪ .‬وَ ِ‬ ‫بِعََرفَ َ‬
‫شعِْر ‪,‬‬ ‫شئْت فَأ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫س‪:‬إ ْ‬ ‫ن ع َبَّا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ن ع َطَاءٍ ع َ ْ‬ ‫سعْد ٍ ع َ ْ‬ ‫َ‬
‫شئْت‬ ‫ن ِ‬ ‫قل ِّد ْ ‪ ,‬وَإ ِ ْ‬ ‫شئْت فَ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫شعِْر ‪َ ,‬وإ ِ ْ‬ ‫شئْت فََل ت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫َوإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن طَرِي‬
‫ة‬
‫معَاوِي َ َ‬ ‫ن أبِي ُ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫شيْب َ َ‬ ‫ن أبِي َ‬ ‫ِ‬ ‫ق اب ْ‬ ‫ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قل ِّد ْ ‪ .‬وَ ِ‬ ‫فََل ت ُ َ‬
‫ل إلَى‬ ‫س َ‬ ‫ع َن اْلَع ْمش ع َن إبراهيم ع َن اْل َسود أَن َ َ‬
‫ه أْر َ‬ ‫ْ َ ِ ّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ ِ َ‬ ‫َُ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ت‪:‬إ ْ‬ ‫َ‬
‫ار البَدَنَةِ ؟ فََقال ْ‬ ‫ْ‬ ‫شعَ ِ‬ ‫ن فِي إ ْ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ِ ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫ش َ‬ ‫ع َائ ِ َ‬

‫‪123‬‬
‫د‬
‫ق ع َب ْ ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ن طَ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫م أَن َّ‬ ‫شعُِر لِيُعْل َ َ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫شئْت ‪ ,‬إن َّ َ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫ق‬‫ِ‬ ‫الَّرَّزا‬
‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ن عَبْد ِ الل‬ ‫ِ‬ ‫سالِم ِ ب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ن الُّزهْرِ ِ ّ‬ ‫مرٍ ع َ ْ‬ ‫معْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ِ‬ ‫قّ اْلي ْ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫شعُِر فِي ال ّ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ه كَا َ‬ ‫ن أبِيهِ أن َّ ُ‬ ‫مَر ع َ ْ‬ ‫عُ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ة عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫مادِ ب ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫م ‪ .‬وَ ِ‬ ‫حرِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫يُرِيد ُ أ ْ‬
‫من اْل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شام بن ع ُروة َ ع َن أ َ‬
‫ن‪-‬‬ ‫َِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫هِ َ ِ ْ ِ ْ َ‬
‫َ‬
‫ل ‪َ :‬رأيْت‬ ‫ميْدٍ ‪ -‬قَا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ح هُوَ اب ْ ُ‬ ‫ق وَكِيٍع نَا أفْل َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫و‬
‫ن ‪ -‬وَهُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب اْلي ْ َ‬
‫َ‬
‫جان ِ ِ‬ ‫شعََرهَا فِي ال ْ َ‬ ‫مدٍ أ َ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م بْ َ‬ ‫س َ‬ ‫الَْقا ِ‬
‫م ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ل ال َّ‬
‫ق عَبْدِ‬ ‫ن طرِي َِ‬ ‫ن ; وَ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سلَي ْ َ‬ ‫ي ; َوأبِي ُ‬ ‫شافِعِ ِ ّ‬ ‫قَوْ ُ‬
‫ل ‪َ :‬رأيْت‬ ‫ن أَبِي َربَاٍح قَا َ‬ ‫ن ذَّرٍ ب ْ ِ‬ ‫مَر ب ْ ِ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ق عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫الَّرَّزا‬
‫ة أُ‬
‫معَهَا‬ ‫ساقُ َ‬ ‫ل الَْقَلئِد َ لِلْغَنَم ِ ت ُ َ‬ ‫فت ِ ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ش َ‬ ‫ع َائ ِ َ‬
‫ي‬ ‫ة نا اب َ‬ ‫ن أَبِي َ‬ ‫م ْ َ‬
‫ن أبِي عَدِ ٍ ّ‬ ‫شيْب َ َ َ ْ ُ‬ ‫ق اب ْ ِ‬ ‫ن طرِي ِ‬ ‫هَدْيًا ‪ .‬وَ ِ‬
‫ل ‪ :‬لََق ْ‬
‫د‬ ‫س قَا َ‬ ‫ٍ‬ ‫ن عَبَّا‬ ‫ِ‬ ‫مد ِ ب ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫نَ ُ‬ ‫مرٍو ع َ ْ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫مد ِ ب ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫عَ ْ‬
‫ن أَبِي‬ ‫ق اب ْ ِ‬ ‫ن طرِي ِ‬
‫م ْ َ‬ ‫قل ّدَة ً ‪ .‬وَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م يُؤ ْتَى بِهَا ُ‬ ‫َرأيْت الْغَن َ َ‬
‫َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن عَطَاءٍ قَا َ‬ ‫ن بُْردٍ َع َ ْ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ن َوْردَا َ‬ ‫م بْ ُ‬ ‫حات ِ ُ‬ ‫ة نَا َ‬ ‫شيْب َ َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سو ِ‬ ‫ب َر ُ‬
‫َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫َرأيْت نَا ً‬
‫ة‬
‫م َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مادِ ب ْ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن َ‬ ‫قل ّدَة ً ‪ .‬وَعَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن الْغَن َ َ‬ ‫سوقُو َ‬ ‫وسلم ي َ ُ‬
‫َ‬
‫ل ‪َ :‬رأيْت الْكِبَا َ‬
‫ش‬ ‫ن ع َطَاءٍ قَا َ‬ ‫سعْد ٍ ع َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫س بْ‬ ‫ِ‬ ‫ن قَي ْ‬ ‫عَ َ ْ‬
‫سام ع َ َ‬
‫مدِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فرِ ب ْ َ ِ‬ ‫جعْ َ‬ ‫ن أبِي َ‬ ‫ن ب َ َّ ٍ ْ‬ ‫ن وَكِيٍع ع َ ْ‬ ‫قل ّد ُ ; وَع َ ْ‬ ‫تُ َ‬
‫قل ّد ُ ‪-‬‬ ‫َ‬
‫ش تُ َ‬ ‫ل ‪َ :‬رأيْت الْكِبَا َ‬ ‫ن قَا َ‬ ‫ِ‬ ‫سي ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ي بْ ِ‬ ‫ن عَل ِ ِ ّ‬ ‫بْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ل ‪َ :‬رأيْت الْغَن َ َ‬ ‫ن أبِيهِ قَا َ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫ن طاوُ ٍ‬
‫َ‬
‫ق اب ْ ِ‬ ‫ن طرِي ِ‬
‫م ْ َ‬
‫َ‬
‫وَ ِ‬
‫ن‬ ‫ن بْ ِ‬ ‫فيَا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫صور َع َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫سعِيد ِ ب ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ن طَرِي‬ ‫م ْ‬ ‫قل ّد ُ ‪ .‬وَ ِ‬ ‫تُ َ‬
‫د‬ ‫فيان الثَّوري ع َن ع ُبيد الل ّه ب َ‬
‫ن أبِي يَزِي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ْ َْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫س ْ َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ة عَ‬ ‫ع ُيَيْن َ َ‬
‫قلَّدةً ‪ .‬قَا َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫م ٍ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫م َ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م تَْقد ُ ُ‬ ‫ل ‪َ :‬رأيْت الْغَن َ َ‬ ‫قَا َ‬
‫ل أَبو حنِيَف َ َ‬
‫ة ‪ :‬أكَْر ُ‬
‫ه‬ ‫س فِي هَذ َا فََقا َ ُ َ‬ ‫ف النَّا ُ‬ ‫ختَل َ َ‬ ‫‪َ :‬وا ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫ي ‪ :‬هَذِهِ طَا َّ‬ ‫ل عَل ِ ٌّ‬ ‫ة ‪ -‬قَا َ‬ ‫مثْل َ ٌ‬ ‫شعَاَر ‪ ,‬وَهُوَ ُ‬ ‫اْل ِ ْ‬
‫ه النَّب ِ ُّ‬ ‫طَوام الْعالَم أ َ‬
‫ي صلى‬ ‫يءٍ فَعَل َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫مث‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫َ ِّ َ ِ‬
‫ُ‬
‫ل‬‫سو ِ‬ ‫م َر ُ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ب‪ُ -‬‬ ‫ل يَتَعََّق ُ‬ ‫ل عَْق ٍ‬ ‫ف لِك ُ ِّ‬ ‫الله عليه وسلم أ ٍ ّ‬
‫ن ال ْ ِ‬ ‫اللَّه صلى الله عليه وسلم ويل ْزم َ‬
‫ة‬
‫م ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن تَكُو َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ََ َ ُ ُ‬ ‫ِ‬

‫‪124‬‬
‫َ‬
‫ن يَكُو َ‬
‫ن‬ ‫ك ‪ ,‬وَأ ْ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫منَعُ ِ‬ ‫ه فَي ُ ْ‬ ‫مثْل َ ُ‬ ‫ق‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ح الْعِْر‬ ‫‪ ,‬وَفَت ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ن قَطِْع اْلَن ْ ِ‬
‫جدِْع‬ ‫ن ‪َ ,‬و َ‬ ‫سنَا ِ‬ ‫ف ‪ ,‬وَقَلِْع اْل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫صا ُ‬ ‫الِْق َ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫ب‪:‬‬ ‫حارِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ق وَال ْ ُ‬ ‫سارِ ِ‬ ‫ن قَطْعُ ال َّ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫ة ; وَأ ْ‬ ‫مثْل َ ٌ‬ ‫ن‪ُ :‬‬ ‫الذ ُنَي ْ ِ‬
‫ب‬ ‫صل ْ ُ‬ ‫ة ‪ ,‬وَال َّ‬ ‫مثْل َ ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫م لِلَّزانِي ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫ة ; وَالَّر ْ‬
‫ج‬ ‫مثْل َ ً‬ ‫ُ‬
‫َّ‬
‫ه‬
‫س ُ‬ ‫ن بَلغَ نَْف َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ة فِعْ ُ‬ ‫مثْل َ ُ‬ ‫ما ال ْ َُ‬ ‫ة ‪ ,‬إن َّ َ‬ ‫مثْل َ ً‬ ‫ب‪ُ :‬‬ ‫حارِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫لِل ْ ُ‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم‬ ‫سو ِ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫مبْلَغَ انْتَِقا َد ِ فِعْ ِ‬ ‫َ‬
‫سهِ ; َواْل ِ ْ‬ ‫َ‬
‫جةِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ن فِي َ‬ ‫شعَاُر كَا َ‬ ‫ل بِنَْف ِ‬ ‫مث ّ َ‬ ‫فَهَذ َا هُوَ ال ّذِي َ‬
‫ل قيام ذَل َ َ‬
‫ام‬
‫ك َ بِأع ْوَ ٍ‬ ‫ن قَب ْ َ ِ َ ِ ِ‬ ‫مثْلَةِ كَا َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫الْوَدَاِع وَالنَّهْ ُ‬
‫; فَص َ َ‬
‫م ِلبِي‬ ‫ة ‪َ :‬ل يُعْل َ ُ‬ ‫ة وَهَذِهِ قَوْل َ ٌ‬ ‫مثْل َ ً‬ ‫س ُ‬ ‫ه لَي ْ َ‬ ‫ح أن َّ ُ‬ ‫َ ّ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫موَافِقٌ ِ‬ ‫ف ‪ ,‬وَ ََل ُ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫مَ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫متََقدِّ ٌ‬ ‫ة فِيهَا ُ‬ ‫حنِيَف َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫قلِيدِهِ وَنَعُوذُ‬ ‫ه بِت َ ْ‬ ‫ن ابْتََله ُ الل ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه إ ّل َ‬ ‫صرِ ِ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫فَُق َهَاءِ أهْ ِ‬
‫ن‬ ‫ح َّ‬ ‫باَلل ّه من الْبَلءِ ‪ -‬وقَا َ َ‬
‫مد ُ ب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ف ‪ ,‬وَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل أبُو يُو ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ ْ َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫سرِ ‪ .‬قَا َ‬ ‫ب اْلي ْ َ‬ ‫جان ِ ِ‬ ‫شعُِر فِي ال ْ َ‬ ‫ك ‪ :‬يُ ْ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ن ‪ ,‬وَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن قَالُوا ‪:‬‬ ‫َ‬
‫ما ذ َكَْرنَا فَإ ِ ْ‬ ‫سنَّةِ ك َ َ‬ ‫ف ال ُّ‬ ‫خَل ُ‬ ‫مد ٍ ‪ :‬وَهَذ َا ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫أبُو ُ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ن إذ َا كَان َ ْ‬ ‫ه كَا َ‬ ‫مَر أن َّ ُ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن اب ْ‬ ‫ن نَافٍِع ع َ ْ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫رويْت ُ ْ‬ ‫قَد ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫حدة ٌ أ َ‬
‫ت‬ ‫سرِ َوإِذ َا كَان َ ْ‬ ‫ب اْلي ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جان‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ة َوا ِ َ‬ ‫بَدَن َ ٌ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خَرى‬ ‫ن ‪َ ,‬واْل ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ب اْلي ْ َ‬ ‫جان ِ ِ‬ ‫ما ِفي ال ْ َ‬ ‫حدَاهُ َ‬ ‫ن قَل ّد َ إ ْ‬ ‫بَدَنَتَي ْ َِ‬
‫شعَاَر‬ ‫ن اْل ِ ْ‬ ‫حبُّو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫جاهِد ٍ كَانُوا ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫سرِ ‪ .‬وَع َ ْ‬ ‫فِي اْلي ْ َ‬
‫ما ا ُ ْ‬ ‫سرِ ؟ قُلْنَا ‪ :‬هَذ َا ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ف فِيهِ عَ ْ‬ ‫ختُل ِ َ‬ ‫م َّ‬ ‫ب اْلي ْ َ‬ ‫جان ِ ِ‬ ‫فِي ال ْ َ‬
‫م‬
‫سال ِ ٌ‬ ‫م ‪ ,‬وَ َ‬ ‫س هُوَ قَوْلُك ُ ْ‬ ‫ل فَلَي ْ َ‬ ‫حا ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫مَر ; وَع َلَى ك ُ ِّ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫اب ْ ِ‬
‫ه اْل ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ج ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شعَاَر‬ ‫ن نَافٍِع َروَى عَن ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م بِهِ ِ‬ ‫ل وَأع ْل َ ُ‬ ‫ه أوْثَقُ َوأ َ‬ ‫ابْن ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ة فِي قَوْ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫ما أ ْوَردْنَا ‪ ,‬وََل ُ‬ ‫ن َك َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب اْلي ْ َ‬ ‫جان ِ ِ‬ ‫فِي ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ج ُ‬ ‫ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َوالْعَ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫حدٍ دُو َ‬ ‫أ َ‬
‫ه فِيهِ‬ ‫ف عَن ْ ُ‬ ‫ختُل ِ َ‬ ‫ل قَد ْ ا ُ ْ‬ ‫مَر فِي فِعْ ٍ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫م بِاب ْ ِ‬ ‫جهِ ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫خالَُفوا قَ َوْل َ ُ‬
‫ه‬
‫َ‬
‫م قَد ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫م ‪ ,‬وَهُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫س لَه‬ ‫َ‬ ‫مَّرةً لَي ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مو‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫مَّرةً ع َلَيْه‬ ‫فَ َ َ‬
‫ف ع َنه فيه م َ‬
‫ما قَل ّدَ‬ ‫ه َل هَدْيَ إ ّل َ‬ ‫ن أن َّ ُ‬ ‫ختَل ِ ْ ْ ُ ِ ِ ِ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ال ّذِي ل َ ْ‬
‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ل أَ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫خال‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫َا‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫وأ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‪:‬‬ ‫قولوا أنْت ُ ْ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫مل‬ ‫َ‬ ‫ل ‪ :‬فَل ِ‬ ‫ن قِي َ‬ ‫ما ذ َكَْرنَا ‪ .‬فَإ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫مدِينَةِ ك َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ما أ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫رويْت ُ ْ‬ ‫ث ال ّذِي َ َ‬ ‫حدِي ِ‬ ‫شعََر ؟ لِل ْ َ‬ ‫ن هَدْيًا إ ّل َ‬ ‫ه َل يَكُو ُ‬ ‫بِأن َّ ُ‬

‫‪125‬‬
‫مَر‬ ‫آنًِفا ع َن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم { أَن َ َ‬
‫هأ َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َُ ُ ِ‬
‫س فِي هَذ َا‬ ‫مهَا } ؟ قُلْنَا ‪ :‬لَي ْ َ‬ ‫سنَا ِ‬ ‫شعَِر فِي َ‬ ‫بِبَدَنَتِهِ فَأ ْ‬
‫َ‬
‫جابِهِ‬ ‫قلْنَا بِإِي َ‬ ‫ن فِيهِ ل َ ُ‬ ‫شعَارِ ‪ ,‬وَلَوْ كَا َ‬ ‫مٌر بِاْل ِ ْ‬ ‫خبَرِ أ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫شعََر فِي‬ ‫مَر بِبَدَنَتِهِ فَأ َ ْ‬ ‫هأ َ‬
‫عين ‪ ,‬وإن َما فيه أَن َ َ‬
‫َ ِّ َ ِ ِ ّ ُ‬ ‫سارِ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ت إلَيْهِ فَأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شعََر ِفي‬ ‫مَر بِهَا فَأدْن ِ َي َ ْ‬ ‫هأ َ‬ ‫ضاهُ أن َّ ُ‬ ‫قت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مهَا فَ ُ‬ ‫سنَا ِ‬ ‫َ‬
‫ه هُوَ عليه السلم تَوَل ّى بِيَدِهِ إ ْ‬ ‫َ‬
‫شعَاَرهَا ‪,‬‬ ‫مهَا ; ِلن َّ ُ‬ ‫سنَا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ح اْلثَُر ع َن ْ ُ‬
‫ه‬ ‫ص َّ‬ ‫ك َ‬ ‫بِذَل ِ َ‬
‫عليه السلم ك َما ذ َك َرنا ‪ .‬وروينا ع َ ُ‬
‫ب‪,‬‬ ‫ن كَعْ ٍ‬ ‫ي بْ ِ‬ ‫ن أب َ ِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ِّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫مَر‬ ‫َ‬ ‫شعَاَر الْب َ َ‬ ‫مَر إ ْ‬
‫ن عُ َ َ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫متِهَا ‪ .‬وَع َ ْ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫قرِ فِي أ ْ‬
‫َ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫َواب ْ ِ‬
‫َ‬ ‫‪ :‬ال َّ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫سو ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫حدٍ دُو َ‬ ‫ة فِي أ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َّ‬ ‫قل ّد ُ ‪ .‬وََل ُ‬ ‫شاةُ َل ت ُ َ‬
‫ما‬ ‫مَر ك َ َ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫خالَُفوا اب ْ َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم َوقَد ْ َ‬
‫أَ‬
‫ن الْبَاط ِ ِ‬
‫ل‬ ‫م ْ‬ ‫ي ‪ ,‬فَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫فا‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫آن‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬
‫فتِهِ ‪َ .‬وُروِّينَا‬ ‫خال َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ فِي ُ‬ ‫ة ع َلَيْهِ ْ‬ ‫مؤ ْن َ َ‬ ‫ن َل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫جهُ ْ‬ ‫جا ُ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ا ْ‬
‫م َل‬ ‫شعَُر ‪ ,‬وَالْغَن َ ُ‬ ‫قل ّد ُ ‪ ,‬وَت ُ ْ‬ ‫ل تُ َ‬ ‫جبَيْرٍ ‪ :‬اْلِب ِ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ِ‬ ‫سعِيد ِ ب ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ َ ْ‬
‫َ‬
‫ل أَبُو‬ ‫شعَُر ‪ -‬وَقَا َ‬ ‫قل ّد ُ ‪ ,‬وََل ت ُ ْ‬ ‫شعَُر ‪َ ,‬والْبََقُر ت ُ َ‬ ‫قل ّد ُ ‪ ,‬وََل ت ُ ْ‬ ‫تُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شعَاَر‬ ‫كإ ْ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫م ‪َ -‬وَرأى َ‬ ‫قل ّد ُ الْغَن َ ُ‬ ‫ك ‪َ :‬ل ‪ -‬ت ُ َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ة ‪ ,‬وَ َ‬ ‫حنِيَف َ‬ ‫َ‬
‫ي ‪ :‬وهذ َا خطَأٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ل عَل ِ ٌّ‬ ‫ة ‪ .‬قَا َ‬ ‫م ٌ‬ ‫َ‬ ‫سن ِ‬ ‫ت لَهَا أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن كَان َ‬ ‫قرِ إ ْ‬ ‫الْب َ َ‬
‫َ‬ ‫قلَّد ُ ‪ ,‬وَت ُ ْ‬
‫قل ّ ُ‬
‫د‬ ‫شعَُر ; وَالْبََقُر ‪َ :‬ل ت ُ َ‬ ‫ل ‪ :‬تُ َ‬ ‫ل اْلِب ِ ُ‬ ‫ب ; بَ ْ‬ ‫قلُو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ل أَبُو‬ ‫شعَُر ‪ .‬وَقَا َ‬ ‫قل ّد ُ ‪ ,‬وََل ت ُ ْ‬ ‫م ‪ :‬تُ َ‬ ‫شعَُر ‪َ َ ,‬والْغ ََن َ ُ‬ ‫‪ ,‬وََل ت ُ ْ‬
‫ن ‪ ,‬وَالتَّطَوُِّع‬ ‫متْعَةِ ‪ َ ,‬وَالِْقَرا ِ‬ ‫قل ّد ُ إ ّل هَدْيُ ال ْ ُ‬ ‫ة ‪َ :‬ل ي ُ َ‬ ‫حنِيَف َ‬ ‫َ‬
‫صارِ ‪,‬‬ ‫ح َ‬ ‫قل ّد ُ ‪ :‬هَدْيُ اْل ِ ْ‬ ‫ط ‪ :‬وََل ي ُ َ‬ ‫قرِ فََق ْ‬ ‫ل ‪ ,‬وَالْب َ َ‬ ‫ن اْلِب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ك‪,‬‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫صيْد ِ ‪َ .‬وقَا َ‬ ‫جَزاءِ ال َّ‬ ‫ماِع ‪ ,‬وََل َ‬ ‫َ‬ ‫ج‬
‫ِ‬ ‫وََل ال ْ‬
‫ي وَي ُ ْ‬ ‫قلَّد ُ ك ُ ُّ‬ ‫شافِعِ ُّ‬ ‫وال َّ‬
‫شعَُر ; وَهَذ َا هُوَ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ي ‪ :‬يُ َ‬ ‫َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬ ‫ل النَّب ِ ِ ّ‬ ‫موم ِ فِعْ ِ‬ ‫ب لِعُ ُ‬ ‫صوَا ُ‬ ‫ال َّ‬
‫ص َّ‬ ‫ل بعض من أَع ْماه الْهوى وأ َ‬
‫َّ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫ي ‪ :‬وَقَا َ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ل عَل ِ ٌّ‬ ‫قَا َ‬
‫قلدَةً‬ ‫م َ‬ ‫ي الْغَنَم ِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن هَد ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ع َائ ِ َ‬ ‫رويَ ع َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫معْنَى َ‬ ‫ما َ‬ ‫إن َّ َ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫; إن َما هُو أَنَها فَتل َت قََلئِد الْهدي من الْغَنم ‪ -‬أ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ َ ْ ِ ِ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ َ‬
‫ل‬ ‫سهَا ٌ‬ ‫ح َّ‬ ‫َ‬ ‫ف الْغَنَم ِ ‪ : -‬قَا َ‬
‫ست ِ ْ‬ ‫مدٍ ‪ :‬وَهَذ َا ا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل أبُو ُ‬ ‫صو ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫س عَنْهَا ِ‬ ‫ما َروَاهُ النَّا ُ‬ ‫ف لِ َ‬ ‫خَل ٌ‬ ‫ت وَ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ب الْب َ ْ‬ ‫لِلْكَذ ِ ِ‬

‫‪126‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قل ّدَةً ‪ -‬وَنَعُوذ ُ بِاَلل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه عليه السلم الْغَن َ َ‬ ‫إهْدَائ ِ ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫خذَْل ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الْعَظِيم ِ ِ‬
‫وفي المغني ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة إذ َا أَرادُوا‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ‪َ ( :‬وأهْ ُ‬ ‫ة ‪ :‬قَا َ‬ ‫سأل َ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫( ‪َ ) 2266‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة)‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ‪ ,‬فَ ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ل ‪ ,‬وَإِذ َا أَرادُوا ال ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرة َ ‪ ,‬فَ ِ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫ما بِهَا أَوْ غَيَْر‬ ‫َ‬ ‫أَهْ ُ‬
‫قي ً‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫سوَا ٌء كَا َ‬ ‫ن بِهَا ‪َ ,‬‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة‪َ ,‬‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬
‫لم َ‬ ‫َ‬ ‫مِقيم ٍ ; ِل َ َّ‬
‫ه‪,‬‬ ‫ميَقاتًا ل َ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت كَا َ‬ ‫ميَقا ٍ‬ ‫ن أتَى ع َلَى ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن كُ ّ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ج ; َوإ ِ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ه لِل ْ َ‬ ‫ميَقات ُ ُ‬ ‫ي ِ‬ ‫ة فَ ِه َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ك كُ ّ‬ ‫فَكَذَل ِ َ‬
‫خَلفًا ‪.‬‬ ‫َ‬
‫م فِي هَذ َا ِ‬ ‫ل ‪َ .‬ل نَعْل َ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرة َ فَ ِ‬ ‫أَراد َ الْعُ ْ‬
‫مَر النَّب ِ ُّ‬ ‫َ‬ ‫وَلِذَل ِ َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عَبْدَ‬ ‫ك{أ َ‬
‫ن التَّنْعِيم ِ } ‪.‬‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َائ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الَرحمن بن أَبي بكْر أ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ْ َ ِ ْ َ ِ َ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل فِي هَذ َا‬ ‫ص ُ‬ ‫مئِذٍ ‪ ,‬وَاْل ْ‬ ‫ة يَوْ َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫متََّفقٌ ع َلَيْهِ ‪ .‬وَكَان َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ل مك ّةَ‬ ‫َ‬
‫حتَّى أهْ ُ َ َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪َ { :‬‬ ‫ل النَّب ِ ِ ّ‬ ‫قَوْ ُ‬
‫ل أَ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ن‬‫ن كَا َ‬ ‫َ َ ْْ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫ضا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪.‬‬ ‫ج‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫}‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫من‬‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫يُهِل‬
‫حت َّ‬ ‫َ‬
‫ي‬‫ى يَأت ِ َ‬ ‫ئ‪َ ,‬‬ ‫ش ُ‬ ‫ث يُن ْ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫ت فَ ِ‬
‫م‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ه دُو َ‬ ‫أهْل ُ ُ‬
‫ما فِي‬ ‫ج ‪ .‬فَأ َ َّ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ة ) ‪ .‬وَهَذ َا فِي ال ْ َ‬ ‫مك ّ َ‬
‫َ‬
‫ل َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ك ع َلَى أ َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ل‪,‬م َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫ب‬ ‫جوَان ِ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ن أ ِّ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ح ِّقهِ ْ‬ ‫ميَقاتُهَا فِي َ‬ ‫مَرةِ فَ ِ‬ ‫الْعُ ْ‬
‫َ‬ ‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫شاءَ ; ِل َ َّ‬
‫مَر‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أ َ‬ ‫حَرم ِ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫مك ّ َ‬
‫ة‬ ‫ل إلَى َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن التَّنْعِيم ِ ‪ ,‬وَهُوَ أَدْنَى ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ش َ‬ ‫مارِ ع َائ ِ َ‬ ‫بِإِع ْ َ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النَّب ِ َّ‬ ‫ن ‪ :‬بَلَغَنِي { أ َ َّ‬ ‫سيرِي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫‪ .‬وَقَا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫م } ‪َ .‬وقَا َ‬ ‫ة التَّنْعِي َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت َِلهْ ِ‬ ‫عليه وسلم َوقّ َ‬
‫ة‪,‬م َ‬ ‫ع َبَاس ‪ :‬يا أ َ‬
‫مَرةَ ‪,‬‬ ‫م الْعُ ْ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ن أتَى ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ّ ٍ َ‬
‫َ‬
‫م بِهَا‬ ‫حَر َ‬ ‫سرٍ ‪ .‬يَعْنِي إذ َا أ ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه وَبَيْنَهَا بَط ْ َ‬ ‫ل بَيْن َ ُ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫فَلْي َ ْ‬
‫ل‪,‬‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫م اْل ِ ْ‬ ‫ما لَزِ َ‬ ‫فةِ ‪ .‬وَإِن َّ َ‬ ‫مْزدَل ِ َ‬ ‫حيَةِ ال ْ ُ‬ ‫ن نَا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫م‬
‫حَر َ‬ ‫ه لَوْ أ ْ‬ ‫حَرم ِ ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ك بَي ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫مع فِي الن ُّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫لِي َ ْ‬
‫مَرةِ‬ ‫ل الْعُ ْ‬ ‫ن أَفْعَا َ‬ ‫ما فِيهِ ‪ِ ,‬ل َ َّ‬ ‫معَ بَيْنَهُ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ما َ‬ ‫حَرم ِ ‪ ,‬ل َ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مَْ‬ ‫ِ‬
‫فتَِقُر إلَى‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ج ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫حَرم ِ ‪ ,‬ب ِ ِ‬ ‫كُل ّهَا فِي ال ْ َ‬
‫ل وَال ْ َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫ه ال ْ ِ‬
‫م‪,‬‬ ‫حَر ُ‬ ‫معُ ل َ ُ‬ ‫جت َ ِ‬ ‫ة ‪ ,‬فَي َ ْ‬ ‫خُروِج إلَى عََرفَ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ح ّ َ‬ ‫ك ‪ .‬وم َ‬
‫جاَز ‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫حَر َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ي ال ْ ِ ِ‬ ‫ن أ ِّ‬ ‫َ ِ ْ‬ ‫ف ذَل ِ َ‬ ‫خَل ِ‬ ‫مَرة ُ ب ِ ِ‬ ‫َوالْعُ ْ‬

‫‪127‬‬
‫ن‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم عَائ ِ َ‬ ‫مَر النَّب ِ ُّ‬ ‫وإن َ َ‬
‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ش َ‬
‫َ‬
‫ما أع ْ َ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫رويَ عَ ْ‬ ‫ة ‪ .‬وَقَد ْ ُ ِ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل إلَى َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ب ال ْ ِ‬
‫ُ َّ‬
‫التَّنْعِيم ِ ; ِلنَّهَا أقَْر ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ُ َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ر‬‫ْ َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫ي ‪ ,‬كل َ‬ ‫مكِّ ِ ّ‬ ‫مد َ ‪ ,‬فِي ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫ما إ َ‬ ‫ي ع َلَى قَد ْ ِر تَعَبِهَا ‪ .‬وَأ َ َّ‬ ‫أَع ْظ َم لِْل َ‬
‫ن أَرادَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫جر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خبَرِ ال ّذِي ذ َكَْرنَا‬ ‫ة ; لِل ْ َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ‪ ,‬فَ ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م بِال ْ َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫ي اْل ِ ْ‬ ‫كّ ُّ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ما‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ل َ َّ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫الن‬ ‫ب‬ ‫حا‬ ‫ص‬ ‫ن أَ‬ ‫َ‬ ‫‪ ,‬وِل َ‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جابٌِر‬ ‫ل َ‬ ‫ة ‪ .‬قَا َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫موا ِ‬ ‫حَر ُ‬ ‫م فَأ ْ‬ ‫مَرهُ ْ‬ ‫ج‪,‬أ َ‬ ‫ح َّ‬ ‫خوا ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حلَلْنَا ‪ ,‬أ ْ‬
‫ن‬ ‫ما َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ل َ َّ‬ ‫مَرنَا النَّب ِ ُّ‬ ‫‪{:‬أ َ‬
‫م ‪ .‬وَهَذ َا‬ ‫سل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫رواهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن اْلَبْطَِح } ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫جهْنَا ِ‬ ‫م إذ َا تَوَ َّ‬ ‫حرِ َ‬ ‫نُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يَد ُ ُّ‬
‫ن غَيْرِه ِ ْ‬
‫م‬ ‫ة وَبَي ْ َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن قَاطِنِي َ‬ ‫ه َل فَْرقَ بَي ْ َ‬ ‫ل ع َلَى أن َّ ُ‬
‫ح َّ‬
‫ه بِهَا‬ ‫ج ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫خ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ ,‬وَ َ‬ ‫متِِّع إذ َا َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن هُوَ بِهَا ‪ ,‬كَال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫شهُرِ ال ْ َ‬ ‫مَر فِي أ ْ‬ ‫ن اع ْت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مد َ فِي َ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ل َع َ ْ‬ ‫‪ .‬وَنُِق َ‬
‫ة ‪ ,‬أَن َّه يُه ُّ‬ ‫أَ‬
‫ن لَ َ ْ‬
‫م‬ ‫ت ‪ ,‬فَإ ِ ْ‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل بِال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ه‬
‫ت‬ ‫ما دَل ْ‬ ‫ّ‬ ‫ف هَذ َا ; ل ِ َ‬ ‫خل ُ‬ ‫َ‬ ‫ح ِ‬ ‫حي ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬ ‫م ‪َ .‬وال ّ‬ ‫ل ‪ ,‬فَعَلَيْهِ د َ ٌ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن أ َحمد إن َ َ‬ ‫ة ‪ .‬ويحتم ُ َ‬
‫ما أَرادَ‬ ‫ل أ َّ ْ َ َ ّ َ‬ ‫ح ُ ََ ْ َ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ث ال َّ‬ ‫حادِي ُ‬ ‫ع َلَيْهِ اْل َ َ‬
‫ت‪,‬‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ج إلَى ال ْ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫م إذ َا َ‬ ‫ه الد َّ ُ‬ ‫ط ع َن ْ ُ‬ ‫سُق ُ‬ ‫متِّعَ ي َ ْ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫أ َ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‪,‬‬ ‫كّ َ ِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ة ‪ .‬وَهَذ َا فِي غَيْرِ ال ْ َ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫ط إذ َا أ ْ‬ ‫سُق ُ‬ ‫وََل ي َ ْ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫قوْ ِ‬ ‫ل ; لِ َ‬ ‫حا ٍ‬ ‫متْعَةٍ ب ِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ب ع َلَيْهِ د َ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ي فََل ي َ ِ‬ ‫كّ ُّ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫أ َ َّ‬
‫ك ل ِمن ل َم يك ُ َ‬
‫جدِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضرِي ال ْ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن أهْل ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫تَعَالَى ‪ { :‬ذَل ِ َ َ ْ ْ َ‬
‫َ‬
‫ج‬‫ح ُّ‬ ‫ة يَ ُ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضي فِي َ‬ ‫حَرام ِ } ‪ .‬وَذ َكََر الَْقا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫خ َ‬
‫ل‬ ‫سهِ ‪ ,‬أ َ ْو د َ َ‬ ‫مَر بَعْدَهُ لِنَْف ِ‬ ‫ن يَعْت َ ِ‬
‫َ‬
‫م أَراد َ أ ْ‬
‫ع َن غَيره ‪ ,‬ث ُ َ َ‬
‫ّ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬
‫ل‬‫خ َ‬ ‫مَر لِغَيْرِهِ ‪ ,‬أوْ د َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سهِ ‪ ,‬ث ُ َّ‬ ‫ح ُّ‬
‫ن يَعْت َ ِ‬ ‫م أَراد َ أ ْ‬ ‫ج لِنَْف ِ‬ ‫يَ ُ‬
‫مَر لِغَيْرِهِ ‪ ,‬أ َ ْو‬ ‫ج أوْ يَعْت َ ِ‬
‫م أ َراد أ َن يح َ َ‬
‫سهِ ‪ ,‬ث ُ َّ َ َ ْ َ ُ ّ‬ ‫مَرةٍ لِنَْف ِ‬ ‫بِعُ ْ‬
‫م أ َراد أ َن يح َ َ‬
‫ه‬
‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫مَر لِن َ ْ‬ ‫ج أ ْو يَعْت َ ِ‬ ‫مَرةٍ لَغَيْرِهِ ‪ ,‬ث ُ َّ َ َ ْ َ ُ ّ‬ ‫ل بِعُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫دَ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫ت ‪ ,‬فَي ُ ْ‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ج إلَى ال ْ ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫ميِع ذَل ِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه فِي َ‬ ‫‪ ,‬أن َّ ُ‬
‫ل ‪ :‬وقَد قَا َ َ‬
‫مد ُ ‪:‬‬ ‫ح َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫م ‪ .‬قَا َ‬ ‫ل ‪ ,‬فَعَلَيْهِ د َ ٌ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن لَ‬ ‫‪ ,‬فَإ ِ ْ‬
‫في رواية ع َبد اللَّه ‪ :‬إذ َا اع ْتمر عَن غَيره ‪ ,‬ث ُ َ َ‬
‫م أَرادَ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ َ ِ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مَر ع َ ْ‬ ‫ت ‪ ,‬أ ْو اعْت َ َ‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ج إلَى ال ْ ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫سهِ ‪ ,‬ي َ ْ‬ ‫ج لِنَْف ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ر‬
‫ة بِغَي ْ ِ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫ت ‪ ,‬وَإ ِ ْ‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ج إلَى ال ْ ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫سهِ ‪ ,‬ي َ ْ‬ ‫نَْف ِ‬

‫‪128‬‬
‫إحرام ‪ ,‬ث ُ َ َ‬
‫ج‬ ‫حت َ َّ‬ ‫ت ‪َ .‬وا ْ‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ج إلَى ال ْ ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ج ‪ ,‬يَ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م أَراد َ ال ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ ٍ‬
‫َ‬
‫ك ‪ ,‬غَيَْر‬ ‫س ِ‬ ‫مرِيدًا لِلن ُّ ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ميَقا َ‬ ‫جاوََز ال ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ضي ‪ ,‬بِأن َّ ُ‬ ‫ه الَْقا ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫َ‬
‫جاوَز‬
‫ن َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ‪ ,‬كَ َ‬ ‫م دُون َ ُ‬ ‫حَر َ‬ ‫م إذ َا أ ْ‬ ‫ه دَ ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫سهِ ‪ ,‬فَلَزِ َ‬ ‫حرِم ٍ لِنَْف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ص‬‫خ ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ج عَ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫حرِم ٍ ‪ .‬وَع َلَى هَذ َا لَوْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت غَيَْر ُ‬ ‫ميَقا َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ج أ َ ْو‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫سا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫إن‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْت‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫خر ‪ ,‬أ َ‬
‫نآ َ َ‬ ‫مَر ع َ ْ‬ ‫َواع ْت َ َ‬
‫ه َل‬ ‫َ‬
‫ي أن َّ ُ‬ ‫خَرقِ ِ ّ‬ ‫ك ‪ .‬وَظَاهُِر كََلم ِ ال ْ ِ‬ ‫خَر ‪ ,‬فَكَذَل ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫مَر ع َ ْ‬ ‫اع ْت َ َ‬
‫ت فِي هَذ َا‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ج إلَى ال ْ ِ‬ ‫خُرو ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫يَلَْز ُ‬
‫ْ‬ ‫ل من كَان ب َ‬ ‫َ‬ ‫ن أ َ َّ‬
‫ن‬ ‫ة كََالَقاط ِ ِ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ن كُ ّ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ما ذ َكَْرنَا ِ‬
‫م‬ ‫كُل ِّهِ ; ل ِ َ‬
‫مبَاٍح ‪ ,‬فَأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل بمك َّ‬
‫ه‬
‫شب ََ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ه‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ص ٌ ِ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫بِهَا ‪ ,‬وَهَذ َا َ‬
‫ل عَلَيْهِ َ‬ ‫حك ّم َل يَد ُ ُّ‬ ‫ُ‬
‫خبٌَر ‪,‬‬ ‫ضي ت َ َ ٌ‬ ‫ما ذ َكََره ُ الَْقا ِ‬ ‫ي ‪ .‬وَ َ‬ ‫مكِّ َّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫شهد ل َ َ‬
‫ه‬
‫جو ٍ‬ ‫سد ٌ لِوُ ُ‬ ‫معْنَى فَا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ذ َكََره ُ ِ‬ ‫ه أثٌَر ‪ ,‬وَ َ‬ ‫وََل ي َ ْ َ ُ ُ‬
‫‪ :‬أ َحدهَا ‪ ,‬أَن َه َل يل ْز َ‬
‫ن‬
‫ك عَ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫مرِيدًا لِلن ُّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫د‬
‫ه بَعْ َ‬ ‫ه قَد ْ يَبْدُو ل َ ُ‬ ‫ت ‪ ,‬فَإِن َّ ُ‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫جاوَزةِ ال ْ ِ‬ ‫م َ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫حا َ‬ ‫سهِ َ‬ ‫نَْف ِ‬
‫لم َ‬ ‫ك ‪ .‬الثَّانِي ‪ ,‬أ َ َّ‬
‫ن غَيْرِهِ ‪.‬‬ ‫م عَ ْ‬ ‫حَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن هَذ َا َل يَتَنَاوَ ُ َ ْ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫َ‬ ‫الثَّال ِ ُ‬
‫ت‪,‬‬ ‫ميَقا ِ‬ ‫ج إلَى ال ْ ِ‬ ‫خُرو ُ‬ ‫ب بِهَذ َا ال ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه لَوْ َو َ‬ ‫ث ‪ ,‬أن َّ ُ‬
‫جاوَزا ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ت‪,‬‬ ‫ميَقا َ‬ ‫ما ت َ َ َ‬ ‫فرِد َ َ; ِلنَّهُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫متِّعَ وَال ْ ُ‬ ‫مت َ َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫لَلَزِ َ‬
‫ن‬‫ه ‪ .‬الَّرابِعُ ‪ ,‬أ َ َّ‬ ‫ما ب ِ ِ‬ ‫حَر َ‬
‫َ‬
‫ك ال ّذِي أ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ن لِغَيْرِ الن ُّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫مرِيدَي ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حرِم ٍ ‪ ,‬أن َّ ُ‬
‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫ت غَيَْر ُ‬ ‫ميَقا َ‬ ‫جاوُِز ال ْ ِ‬ ‫معْنَى فِي ال ّذِي ي ُ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ُّ‬
‫ب‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫ك اْل ِ ْ‬ ‫ه ‪ ,‬وَتََر َ‬ ‫ه فِعْل ُ ُ‬
‫َ‬
‫ل لَ ُ‬ ‫ما َل ي َ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫فَعَ َ‬
‫ن دُونِهِ ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫ضعِهِ ‪ ,‬فَأ ْ‬ ‫موْ ِ‬ ‫ع َلَيْهِ فِي َ‬
‫===============‬
‫سنَن الّرواتب *‬ ‫ال ُّ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬المنهج والطّريقة سواء أكانت‬ ‫سنّة لغ ً‬ ‫‪ - 1‬ال ّ‬
‫ة ‪ .‬ومن ذلك قوله صلى الله‬ ‫محمودة ً أم مذموم ً‬
‫ة فله‬ ‫ة حسن ً‬ ‫ن في السلم سن ّ ً‬ ‫عليه وسلم ‪ « :‬من س ّ‬
‫أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص‬
‫ة‬
‫ن في السلم سن ّ ً‬ ‫من أجورهم شيء ‪ ،‬ومن س ّ‬

‫‪129‬‬
‫ة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده‬ ‫سيّئ ً‬
‫من غير أن ينقص من أوزارهم شيء » ‪.‬‬
‫سنّة في الطّريقة المحمودة‬ ‫م غلب استعمال ال ّ‬ ‫ث ّ‬
‫المستقيمة ‪.‬‬
‫سنّة اصطلحا ً سيأتي في بحث ( سنّة ) ‪.‬‬ ‫وتعريف ال ّ‬
‫شيء رتوبا ً ‪،‬‬ ‫ما الّرواتب فهو جمع راتبة من رتب ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫سنن‬‫ميت ال ّ‬ ‫أي ‪ :‬استقّر ودام فهو راتب ‪ ،‬وس ّ‬
‫الّرواتب بذلك لمشروعيّة المواظبة عليها ‪.‬‬
‫سنن التّابعة‬ ‫سنن الّرواتب هي ‪ :‬ال ّ‬ ‫شافعيّة ‪ :‬ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫لغيرها ‪ ،‬أو الّتي تتوقّف على غيرها أو على ما له‬
‫ضحى والتّراويح ‪.‬‬ ‫وقت معيّن كالعيدين وال ّ‬
‫صلوات المسنونة قبل‬ ‫ويطلقها الفقهاء على ال ّ‬
‫الفرائض وبعدها ‪ ،‬لنّها ل يشرع أداؤها وحدها بدون‬
‫سنن الّرواتب‬ ‫شافعيّة ال ّ‬ ‫تلك الفرائض ‪ .‬ولم يقصر ال ّ‬
‫صوم سننا ً رواتب‬ ‫ن لل ّ‬‫صلة فقد صّرحوا بأ ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫ت من شوّال ‪.‬‬ ‫كصيام س ّ‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬سنن الّزوائد ‪:‬‬
‫ة ول يتعلّق بتركها‬ ‫‪ - 2‬هي الّتي تكون إقامتها حسن ً‬
‫سواك ‪.‬‬ ‫كراهة ول إساءة ‪ ،‬كأذان المنفرد وال ّ‬
‫ب ‪ -‬النّوافل ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬ما زاد على‬ ‫‪ - 3‬النّوافل جمع نافلة ‪ ،‬والنّافلة لغ ً‬
‫ق أو الفرض ‪ ،‬أو ما يعطيه‬ ‫النّصيب المقدّر ‪ ،‬أو الح ّ‬
‫المام للمجاهد زيادة ً عن سهمه ‪.‬‬
‫سنّة ‪ ،‬لنّها تنقسم ‪ :‬إلى معيّنة ‪،‬‬ ‫م من ال ّ‬ ‫والنّافلة أع ّ‬
‫سنن الّرواتب ‪ ،‬ومطلقة كصلة اللّيل ‪.‬‬ ‫ومنها ال ّ‬
‫سنن الّرواتب ‪:‬‬ ‫ي لداء ال ّ‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫‪ - 4‬يرى جمهور الفقهاء استحباب المواظبة على‬
‫سنن الّرواتب ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪130‬‬
‫وذهب مالك في المشهور عنه ‪ :‬إلى أنّه ل توقيت‬
‫ة للفرائض ‪ ،‬لكن ل يمنع من تطوّع بما‬ ‫في ذلك حماي ً‬
‫شاء إذا أمن ذلك ‪.‬‬
‫سنن الّرواتب يستوجب‬ ‫ن تارك ال ّ‬ ‫وصّرح الحنفيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫سر ابن عابدين استيجاب‬ ‫ة ‪ .‬وف ّ‬ ‫إساءة ً وكراهي ً‬
‫الساءة بالتّضليل واللّوم ‪ .‬وقال صاحب كشف‬
‫السرار ‪ :‬الساءة دون الكراهة ‪ .‬وقال ابن نجيم ‪:‬‬
‫الساءة أفحش من الكراهة ‪ .‬وفي التّلويح ‪ :‬ترك‬
‫سنّة المؤكّدة قريب من الحرام ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وقال الحنابلة بكراهة ترك الّرواتب بل عذر ‪ .‬هذا‬
‫في الحضر ‪.‬‬
‫سفر يرى جمهور الفقهاء‪ :‬استحباب صلة‬ ‫وفي ال ّ‬
‫سنن الّرواتب أيضا ً لكنّها في الحضر آكد‪ .‬واستدلّوا‬ ‫ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي‬ ‫ن « النّب ّ‬ ‫بأ ّ‬
‫جهت به » ‪.‬‬ ‫سفر حيث تو ّ‬ ‫النّوافل على راحلته في ال ّ‬
‫وبحديث « أبي قتادة أنّهم كانوا مع رسول اللّه صلى‬
‫صبح‬‫الله عليه وسلم في سفر فناموا عن صلة ال ّ‬
‫شمس ‪ ،‬فساروا حتّى ارتفعت‬ ‫حتّى طلعت ال ّ‬
‫م نزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫شمس ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة فصلّى رسول اللّه‬ ‫م أذ ّن بلل بال ّ‬ ‫ضأ ‪ ،‬ث ّ‬
‫فتو ّ‬
‫م صلّى الغداة‬ ‫صلى الله عليه وسلم ركعتين ‪ ،‬ث ّ‬
‫ل يوم » ‪.‬‬ ‫فصنع كما كان يصنع ك ّ‬
‫سنن ‪ ،‬والمختار‬ ‫وجوز بعض الحنفيّة للمسافر ترك ال ّ‬ ‫ّ‬
‫عندهم أنّه ل يأتي بها في حال الخوف ‪ ،‬ويأتي بها‬
‫في حال القرار والمن ‪.‬‬
‫وعند الحنابلة يخيّر المسافر بين فعل الّرواتب ‪،‬‬
‫وتركها إل ّ في سنّة الفجر والوتر فيحافظ عليهما‬
‫سفرا ً وحضرا ً ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫سفر وهو‬ ‫وقالت طائفة ‪ :‬ل يصلّي الّرواتب في ال ّ‬
‫صحيحين ‪ ،‬قال‬ ‫مذهب ابن عمر ثبت عنه في ال ّ‬
‫حفص بن عاصم ‪ « :‬صحبت ابن عمر في طريق‬
‫م أقبل وأقبلنا معه‬ ‫مكّة فصلّى لنا الظّهر ركعتين ث ّ‬
‫حتّى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه‬
‫التفاتة نحو حيث صلّى ‪ ،‬فرأى ناسا ً قياما ً فقال ‪ :‬ما‬
‫يصنع هؤلء ؟ قلت ‪ :‬يسبّحون ‪ .‬قال ‪ :‬لو كنت‬
‫مسبّحا ً لتممت صلتي ‪ ،‬يا ابن أخي ‪ :‬إنّي صحبت‬
‫سفر فلم‬ ‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في ال ّ‬
‫يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه ‪ ،‬وصحبت أبا بكر‬
‫فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه ‪ ،‬وصحبت‬
‫عمر فلم يزد على ركعتين ‪ ،‬حتّى قبضه اللّه ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬
‫صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه‬
‫م فِي‬ ‫ن لَك ُ ْ‬
‫اللّه‪ ،‬وقد قال اللّه تعالى ‪ { :‬لََقد ْ كَا َ‬
‫َ ُ‬
‫ة}»‪.‬‬ ‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫ل الل ّهِ أ ْ‬
‫سوَة ٌ َ‬ ‫سو ِ‬‫َر ُ‬
‫هذا وقال بعض الفقهاء ‪ :‬بسقوط عدالة المواظب‬
‫سفر ‪ .‬ينظر‬ ‫سنن الّرواتب في غير ال ّ‬ ‫على ترك ال ّ‬
‫تفصيل المسألة في مصطلح ( عدالة ) ‪.‬‬
‫سنن الّرواتب ‪:‬‬ ‫عدد ركعات ال ّ‬
‫سنن‬‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬عدد ركعات ال ّ‬ ‫‪ - 5‬قال ال ّ‬
‫الّرواتب عشر ركعات وهو أدنى الكمال عند‬
‫شافعيّة ‪ ،‬ركعتان قبل الظّهر وركعتان بعدها ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫وركعتان بعد المغرب ‪ ،‬وركعتان بعد العشاء ‪،‬‬
‫وركعتان قبل الفجر ‪ .‬لقول عائشة ‪ -‬رضي الله عنها‬
‫‪ « : -‬كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي‬
‫م يخرج فيصلّي بالنّاس‬ ‫في بيته قبل الظّهر أربعا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫م يدخل فيصلّي ركعتين ‪ ،‬وكان يصلّي بالنّاس‬ ‫ث ّ‬
‫م يدخل فيصلّي ركعتين ‪ ،‬ويصلّي بالنّاس‬ ‫المغرب ث ّ‬
‫العشاء ويدخل بيتي فيصلّي ركعتين » ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬الكمل في الّرواتب غير الوتر‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬ركعتان قبل الفجر ‪ ،‬وأربع قبل‬ ‫ثماني عشرة ركع ً‬
‫الظّهر ‪ ،‬وثنتان بعدها ‪ ،‬وأربع قبل العصر ‪ ،‬وثنتان‬
‫بعد المغرب ‪ ،‬وأربع قبل العشاء وثنتان بعدها ‪.‬‬
‫سنن‬ ‫شافعيّة والحنابلة الوتر من ال ّ‬ ‫ل من ال ّ‬ ‫وعدّد ك ّ‬
‫الّرواتب ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬أفضل الّرواتب الوتر ‪،‬‬ ‫وقال ال ّ‬
‫صحيح‬ ‫وركعتا الفجر ‪ ،‬وأفضلهما الوتر على الجديد ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وفي وجه هما سواء وتأتي بعد ذلك‬ ‫عند ال ّ‬
‫عند الحنابلة سنّة المغرب ‪.‬‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫قالت عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ « : -‬إ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من‬
‫النّوافل أشد ّ منه تعاهدا ً على ركعتي الفجر » ‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬ل تدعوا‬
‫ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل » ‪.‬‬
‫سنن الّرواتب اثنتا‬‫وقال الحنفيّة ‪ :‬عدد ركعات ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬ركعتان قبل الفجر ‪ ،‬وأربع قبل الظّهر‬ ‫عشرة ركع ً‬
‫بتسليمة واحدة ‪ ،‬وركعتان بعدها وركعتان بعد‬
‫المغرب ‪ ،‬وركعتان بعد العشاء ‪ ،‬بدليل قوله صلى‬
‫ة‬
‫الله عليه وسلم ‪ « .‬من ثابر على ثنتي عشرة ركع ً‬
‫سنّة بنى اللّه له بيتًا في الجنّة ‪ ،‬أربع ركعات‬ ‫في ال ّ‬
‫قبل الظّهر ‪ ،‬وركعتين بعدها ‪ ،‬وركعتين بعد‬
‫المغرب ‪ ،‬وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر‬
‫»‪.‬‬
‫سنن‬‫ب زيادةً على ال ّ‬‫ويرى الحنفيّة أنّه يستح ّ‬
‫الّرواتب ‪ :‬أربع قبل العصر ‪ ،‬وأربع قبل العشاء وأربع‬
‫ت بعد المغرب ‪.‬‬ ‫بعدها ‪ ،‬منها ركعتان مؤكّدتان وس ّ‬

‫‪133‬‬
‫سنن‬ ‫وقال المالكيّة ‪ :‬ل تحديد لعدد ركعات ال ّ‬
‫الّرواتب ‪ ،‬فيكفي في تحصيل النّدب ركعتان في ك ّ‬
‫ل‬
‫وقت ‪ ،‬وإن كان الولى أربع ركعات إل ّ المغرب‬
‫ت ركعات ‪ ،‬فيصلّي قبل الظّهر وبعدها‪ ،‬وقبل‬ ‫فس ّ‬
‫العصر ‪ ،‬وبعد المغرب ‪ ،‬وبعد العشاء ‪ .‬وسنّة الفجر‬
‫رغيبة ‪ -‬أي مرغّب فيها ‪ -‬ووقتها بعد طلوع الفجر ‪.‬‬
‫سنّة الجمعة ‪:‬‬
‫صلة قبل‬ ‫ن ال ّ‬‫شافعيّة ‪ :‬تس ّ‬ ‫‪ - 6‬قال الحنفيّة وال ّ‬
‫الجمعة وبعدها ‪ ،‬فعند الحنفيّة ‪ :‬سنّة الجمعة القبليّة‬
‫شافعيّة ‪:‬‬ ‫سنّة البعديّة أربع كذلك ‪ ،‬وقال ال ّ‬ ‫أربع ‪ ،‬وال ّ‬
‫سنّة ركعتان قبلها وركعتان بعدها ‪ ،‬والكمل‬ ‫ل ال ّ‬‫أق ّ‬
‫أربع قبلها وأربع بعدها ‪.‬‬
‫لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من كان منكم‬
‫ل أربعا ً » ‪.‬‬‫مصلّيا ً بعد الجمعة فليص ّ‬
‫وقال المالكيّة والحنابلة ‪ :‬يصلّي قبلها دون التّقيّد‬
‫سنّة يوم‬ ‫ن أكثر من قال بصلة ال ّ‬ ‫بعدد معيّن ‪ ،‬على أ ّ‬
‫الجمعة حملها على تحيّة المسجد ‪ ،‬ومن كره صلة‬
‫سنّة يوم الجمعة كرهها لنّها توافق وقت الستواء‬ ‫ال ّ‬
‫خرت بعد ذلك فل شيء‬ ‫غالبا ً ‪ ،‬لكن لو تقدّمت أو تأ ّ‬
‫فيها ‪.‬‬
‫الوتر هل هو سنّة راتبة أو واجب ؟‬
‫شافعيّة ‪ ،‬والحنابلة ‪،‬‬ ‫‪ - 7‬قال المالكيّة ‪ ،‬وال ّ‬
‫صاحبان ورواية ثالثة عن أبي حنيفة ‪ :‬الوتر سنّة‬ ‫وال ّ‬
‫سنن‬ ‫شافعيّة بعد ّ الوتر من ال ّ‬ ‫مؤكّدة ‪ .‬وصّرح ال ّ‬
‫ي ‪ :‬الوتر قسم من‬ ‫شربين ّ‬‫الّرواتب ‪ .‬قال الخطيب ال ّ‬
‫الّرواتب كما في الّروضة على المعتمد ‪،‬وقيل ‪ :‬هو‬
‫سنن‪ .‬وقال جمهور‬ ‫قسيم لها ‪ ،‬والوتر أفضل ال ّ‬
‫الفقهاء ما عدا الحنفيّة ‪ :‬أقلّه ركعة وأكثره إحدى‬
‫ة‪.‬‬‫عشرة ركع ً‬

‫‪134‬‬
‫ل الكمال فيه عند الحنفيّة ثلث ركعات بتسليمة‬ ‫وأق ّ‬
‫واحدة في الوقات كلّها ‪ ،‬وأكثره إحدى عشرة ركع ً‬
‫ة‬
‫يقنت في الّركعة الخيرة ‪.‬‬
‫ن الوتر‬
‫وذهب أبو حنيفة في الّراجح عنه إلى أ ّ‬
‫واجب ‪ .‬وقال ُزفَر وهو رواية ثانية عند أبي حنيفة‬
‫هو فرض ‪ .‬والتّفصيل في ( صلة الوتر ) ‪.‬‬
‫قيام رمضان ‪:‬‬
‫سنن الّرواتب قيام‬ ‫شافعيّة في ال ّ‬ ‫‪ - 8‬أورد ال ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه‬ ‫رمضان ‪ « ،‬فقد س ّ‬
‫وسلم قيام رمضان »‬
‫ن قيام رمضان سنّة‬ ‫وذهب جمهور الفقهاء ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫ة تؤدّى بعد سنّة العشاء ‪،‬‬ ‫مؤكّدة وهو عشرون ركع ً‬
‫وتعتبر من الّرواتب لنّها تؤدّى بعد الفريضة ‪ ،‬يسلّم‬
‫ل أربع ركعات‬ ‫ل ركعتين ‪ ،‬ويتروّح ك ّ‬ ‫على رأس ك ّ‬
‫م تصلّى الوتر‬ ‫بجلسة خفيفة يذكر فيها اللّه تعالى ‪،‬ث ّ‬
‫ن قيام‬‫ة بعد ذلك‪ .‬وذكر بعض المالكيّة ‪ :‬أ ّ‬ ‫جماع ً‬
‫ل ركعتين ‪،‬‬ ‫ة يسلّم ك ّ‬‫ت وثلثون ركع ً‬ ‫رمضان س ّ‬
‫ن لها الجماعة ‪ ،‬كما كان عليه الحال في خلفة‬ ‫ويس ّ‬
‫عمر بن عبد العزيز ‪.‬‬
‫وينظر التّفصيل في ( صلة التّراويح ) ‪.‬‬
‫سنن الّرواتب ‪:‬‬ ‫وقت ال ّ‬
‫سنن الّرواتب مقترنة بالفرائض ‪ ،‬فمنها ما‬ ‫‪ - 9‬ال ّ‬
‫يصلّى قبل الفريضة ‪ ،‬مثل سنّة الفجر وسنّة الظّهر‬
‫القبليّة ‪ ،‬ومنها ما يصلّى بعد الفريضة مثل سنّة‬
‫الظّهر البعديّة ‪ ،‬وسنّة المغرب والعشاء ‪ ،‬والوتر‬
‫وقيام رمضان ‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن دقيق العيد تفسيرا ً لطيفا ً في تقديم‬
‫ما‬
‫النّوافل على الفرائض وتأخيرها عنها فقال ‪ " :‬أ ّ‬
‫ن النّفوس لشتغالها بأسباب الدّنيا‬ ‫في التّقديم فل ّ‬

‫‪135‬‬
‫بعيدة عن حالة الخشوع والحضور الّتي هي روح‬
‫العبادة ‪ ،‬فإذا قدّمت النّوافل على الفرائض أنست‬
‫النّفس بالعبادة ‪ ،‬وتكيّفت بحالة تقرب من‬
‫ن‬‫ما في تأخيرها عنها ‪ ،‬فقد ورد « أ ّ‬ ‫الخشوع ‪ ،‬وأ ّ‬
‫النّوافل جابرة لنقص الفرائض » ‪ ،‬فإذا وقع الفرض‬
‫ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الّذي يقع فيه ‪.‬‬
‫ولكن ل ينوي فيه نيّة الجبر " ‪.‬‬
‫سنن قبل الفريضة فوقتها يبدأ‬ ‫وما كان من هذه ال ّ‬
‫صلة إذا‬ ‫من دخول وقت الفريضة وينتهي بإقامة ال ّ‬
‫صلة فل‬ ‫كانت تؤدّى في جماعة ‪ ،‬لنّه إذا أقيمت ال ّ‬
‫ن الفرائض تقدّم على‬ ‫صلة إل ّ المكتوبة ‪ ،‬حيث إ ّ‬
‫النّوافل دائما ً عند التّعارض ‪ ،‬إل ّ إذا أيقن المرء أ ّ‬
‫ن‬
‫بإمكانه أداء النّافلة ‪ ،‬وإدراك الجماعة مع المام فل‬
‫ما إذا كان المرء يؤدّي‬ ‫بأس عندئذ من أدائها ‪ ،‬أ ّ‬
‫سنّة يستمّر حتّى يشرع في‬ ‫صلة منفردا ً فوقت ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الفريضة ‪.‬‬
‫صلة الدّخول مع المام‬ ‫والولى للمرء إذا أقيمت ال ّ‬
‫في الفريضة ‪ ،‬وتدرك النّافلة بعد النتهاء من‬
‫ل من سنّة الفجر وسنّة‬ ‫الفريضة ‪ ،‬ويظهر هذا في ك ّ‬
‫الظّهر القبليّة ‪.‬‬
‫سنن البعديّة ‪ :‬مثل سنّة الظّهر البعديّة‬ ‫ما ال ّ‬
‫أ ّ‬
‫ل منها من بعد النتهاء‬ ‫والمغرب والعشاء ‪ ،‬فوقت ك ّ‬
‫من الفريضة إلى خروج وقت المكتوبة ودخول وقت‬
‫سنن البعديّة‬ ‫الخرى ‪ ،‬فإذا خرج الوقت ولم يؤد ّ ال ّ‬
‫ة‪.‬‬‫فإنّها تعتبر فائت ً‬
‫ما صلة‬ ‫ومثل ذلك يقال في سنّة الجمعة البعديّة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫الوتر فوقتها يبدأ من بعد النتهاء من سنّة العشاء‬
‫البعديّة ‪ ،‬ويستمّر حتّى قبيل أذان الفجر ‪ ،‬وإن كان‬
‫الفضل تأخيرها إلى ثلث اللّيل الخير ‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫ما صلة التّراويح فوقتها يبدأ من بعد النتهاء من‬ ‫وأ ّ‬
‫سنّة العشاء ‪ ،‬ويستمّر إلى قبيل الفجر بالقدر الّذي‬
‫خرها إذا‬ ‫ضل أن ل يؤ ّ‬ ‫يسع صلة الوتر بعدها ‪ ،‬ويف ّ‬
‫سنّة أن‬‫كان في التّأخير فوات الجماعة ‪ ،‬إذ من ال ّ‬
‫تصلّى في جماعة كما مّر آنفا ً ‪ ،‬وبعد النتهاء منها‬
‫تصلّى الوتر في جماعة في رمضان فقط ‪ .‬وتكره‬
‫الجماعة للوتر في غيره ‪.‬‬
‫سنن الّرواتب ‪:‬‬ ‫ب وما يكره في ال ّ‬ ‫ما يستح ّ‬
‫سنن الّرواتب ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬القراءة في ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬والحنابلة‬ ‫‪ - 10‬ذهب الجمهور المالكيّة ‪ ،‬وال ّ‬
‫ن القراءة في النّفل والوتر ‪ .‬والقراءة‬ ‫‪ :‬إلى أنّه تس ّ‬
‫م سورة إلى الفاتحة ‪ ،‬ومن‬ ‫المرادة هنا هي ض ّ‬
‫سنّة تخفيف القراءة في سنّة الفجر ‪ ،‬لما روي «‬ ‫ال ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها سورة‬ ‫أ ّ‬
‫الكافرون والخلص ‪ ،‬وأطال القراءة في صلة‬
‫الفجر » ‪.‬‬
‫ولحديث عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬قالت ‪ « :‬كان‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي ركعتي‬
‫م‬
‫ة حتّى أنّي لقول ‪ :‬هل قرأ فيهما بأ ّ‬ ‫فف ً‬‫الفجر مخ ّ‬
‫القرآن ؟ » ‪.‬‬
‫ب السرار بالقراءة إذا كانت النّافلة نهاراً‬ ‫ويستح ّ‬
‫اعتبارا ً بصلة النّهار ‪ ،‬ويتخيّر بين الجهر والسرار في‬
‫صلة اللّيليّة إذا كان منفردا ً ‪ ،‬والجهر أفضل بشرط‬ ‫ال ّ‬
‫ما إذا كانت النّافلة أو‬ ‫أن ل يشوّش على غيره ‪ ،‬أ ّ‬
‫ة فيجهر بها المام ليسمع من‬ ‫الوتر تؤدّى جماع ً‬
‫سط المنفرد بالجهر ‪.‬‬ ‫خلفه ‪ ،‬ويتو ّ‬
‫ن القراءة واجبة في جميع‬ ‫وذهب الحنفيّة ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫ة‬
‫ل شفع منه يعتبر صل ً‬ ‫نك ّ‬ ‫ركعات النّفل والوتر ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪137‬‬
‫على حدة ‪ ،‬والقيام إلى الثّالثة كتحريمة مبتدأة ‪.‬‬
‫ما الوتر فللحتياط ‪.‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ب ‪ -‬فعلها في البيت ‪:‬‬
‫ن الفضل أداء‬ ‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬إلى أ ّ‬ ‫‪ - 11‬ذهب ال ّ‬
‫ن‬
‫النّوافل في البيت ‪ ،‬وهناك قول عند الحنابلة ‪ :‬إ ّ‬
‫أداء الّرواتب في المسجد أفضل ‪ .‬وذلك اقتداءً‬
‫بفعله صلى الله عليه وسلم فقد روت عائشة ‪-‬‬
‫رضي الله عنها ‪ « -‬أنّه صلى الله عليه وسلم ‪ :‬كان‬
‫م يخرج فيصلّي‬ ‫يصلّي في بيته قبل الظّهر أربعا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫م يدخل فيصلّي ركعتين ‪ ،‬وكان يصلّي‬ ‫بالنّاس ‪ ،‬ث ّ‬
‫م يدخل فيصلّي ركعتين ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬ ‫بالنّاس المغرب ‪ ،‬ث ّ‬
‫يصلّي بالنّاس العشاء ويدخل بيتي فيصلّي ركعتين‬
‫»‪ .‬ول فرق في ذلك بين مساجد المصار المختلفة ‪،‬‬
‫والمساجد الّتي تشد ّ إليها الّرحال ‪ :‬وهي المسجد‬
‫الحرام ‪ ،‬والمسجد النّبويّ ‪ ،‬والمسجد القصى ‪ ،‬وإن‬
‫كان الجر يتضاعف في هذه المساجد ‪ .‬قال رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬صلة المرء في بيته‬
‫أفضل من صلته في مسجدي هذا إل ّ في المكتوبة‬
‫»‪.‬‬
‫سنن‬ ‫مة ال ّ‬‫ن الفضل أداء عا ّ‬ ‫وذهب الحنفيّة ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫والنّوافل في البيت ‪ ،‬إل ّ أن يخشى أن يتشاغل عنها‬
‫إذا رجع ‪.‬‬
‫ة‬
‫ويجوز أداء النّوافل في المسجد ‪ ،‬سواء كانت راتب ً‬
‫أم غير راتبة ‪ ،‬والفضل أداؤها في المسجد إذا كانت‬
‫تؤدّى في جماعة كما في صلة التّراويح والوتر‬
‫بعدها ‪ ،‬وذلك حتّى يدرك المرء فضل الجماعة ‪.‬‬
‫وفي قول عند الحنفيّة ورواية عند الحنابلة ‪ :‬التّسوية‬
‫بين أدائها في المسجد وفي البيت ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬صلة الّرواتب في جماعة أو فرادى ‪:‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ - 12‬قال الحنفيّة ‪ :‬تكره الجماعة في صلة النّوافل‬
‫‪.‬‬
‫وقال المالكيّة كذلك ‪ :‬تكره الجماعة في النّوافل ‪،‬‬
‫ن شأن النّفل النفراد به ‪ ،‬كما تكره صلة النّفل‬ ‫ل ّ‬
‫في جمع قليل بمكان مشتهر بين النّاس ‪ ،‬وإن لم‬
‫تكن الجماعة كثيرة ً والمكان مشتهرا ً فل تكره ‪.‬‬
‫ب الجماعة في التّراويح‬ ‫شافعيّة ‪ :‬تستح ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ب فعل سائر الّرواتب‬ ‫والوتر في رمضان ‪ ،‬ول يستح ّ‬
‫ة‪.‬‬‫جماع ً‬
‫ة ومنفردا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬يجوز التّطوّع جماع ً‬
‫ي صلى الله عليه وسلم فعل المرين كليهما ‪،‬‬ ‫النّب ّ‬
‫وكان أكثر تطوّعه منفردا ً ‪ ،‬وصلّى بابن عبّاس مّرةً ‪،‬‬
‫م أصحابه في بيت عتبان‬ ‫مه واليتيم مّرةً وأ ّ‬ ‫وبأنس وأ ّ‬
‫مّرة ً ‪ ،‬فعن عتبان بن مالك ‪ -‬رضي الله عنه ‪ « -‬أنّه‬
‫سيول لتحول بيني وبين‬ ‫ن ال ّ‬‫قال ‪ :‬يا رسول اللّه إ ّ‬
‫ب أن تأتيني فتصلّي في مكان‬ ‫مسجد قومي ‪ ،‬فأح ّ‬
‫ما دخل‬ ‫من بيتي أتّخذه مسجدا ً ‪ ،‬فقال ‪ :‬سنفعل ‪ ،‬فل ّ‬
‫قال ‪ :‬أين تريد ؟ فأشرت إلى ناحية من البيت ‪،‬‬
‫فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فصففنا‬
‫خلفه ‪ ،‬فصلّى بنا ركعتين » ‪.‬‬
‫ة بل‬ ‫ص ً‬ ‫سنن الّرواتب خا ّ‬ ‫وكره جمهور الفقهاء ترك ال ّ‬
‫ما إذا كان عذر فل بأس بتركها‪ .‬وبعض هذه‬ ‫عذر ‪ ،‬أ ّ‬
‫الّرواتب آكد من بعض كسنة الفجر والمغرب والوتر‬
‫وسنّة الظّهر ‪ ،‬وهي في حقّ المنفرد آكد لفتقاره‬
‫إلى تكميل الثّواب الّذي فاته بترك الجماعة ‪.‬‬
‫سفر ‪:‬‬ ‫صلة الّرواتب في ال ّ‬
‫ب أداء‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إلى أنّه يستح ّ‬ ‫‪ - 13‬ذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫ملت للفرائض‬ ‫سفر ‪ ،‬لنّها مك ّ‬ ‫النّوافل في ال ّ‬
‫ولمداومته صلى الله عليه وسلم على فعلها في‬

‫‪139‬‬
‫جميع أحواله وأسفاره ‪ ،‬وصلته لها أحيانا ً راكبا ً ‪،‬‬
‫ضحى يوم الفتح ‪ ،‬وصلته سنّة‬ ‫ومن ذلك« صلته ال ّ‬
‫الفجر ليلة التّعريس»‪ .‬ولعموم الحاديث الواردة في‬
‫ث على فعل الّرواتب عموما ً ‪ ،‬والمر بعد ذلك‬ ‫الح ّ‬
‫مته وورعه ‪.‬‬ ‫متروك للمكلّف وه ّ‬
‫سنن الّرواتب إل ّ في‬ ‫قال الحنابلة ‪ :‬يكره ترك ال ّ‬
‫سفر فيخيّر بين فعلها وتركها إل ّ الفجر والوتر‬ ‫ال ّ‬
‫سفر كالحضر لتأكّدهما ‪.‬‬ ‫فيفعلن في ال ّ‬
‫حكم قضائها إذا فاتت ‪:‬‬
‫سنن الّرواتب عموما ً إذا فاتت‬ ‫‪ - 14‬قال الحنفيّة ‪ :‬ال ّ‬
‫فإنّها ل تقضى ‪ ،‬إل ّ سنّة الفجر إذا فاتت مع الفريضة‬
‫ما إذا فاتته‬ ‫شمس ‪ ،‬أ ّ‬ ‫فإنّها تقضى معها بعد ارتفاع ال ّ‬
‫شمس ‪ ،‬لنّها من‬ ‫وحدها فل يقضيها قبل طلوع ال ّ‬
‫صبح إلى أن ترتفع‬ ‫مطلق النّفل ‪ ،‬وهو مكروه بعد ال ّ‬
‫شمس ‪ ،‬ولم يثبت أنّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫ال ّ‬
‫أدّاهما في غير وقتهما على النفراد ‪ « ،‬وإنّما‬
‫قضاهما تبعا ً للفرض غداة ليلة التّعريس » ‪.‬‬
‫وعند أبي حنيفة وأبي يوسف ل يقضيهما بعد‬
‫مد بن الحسن أنّه يقضيهما إلى‬ ‫ارتفاعها‪ ،‬وعند مح ّ‬
‫وقت الّزوال لفعله صلى الله عليه وسلم حيث‬
‫شمس غداة ليلة التّعريس ‪،‬‬ ‫قضاهما بعد ارتفاع ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫وليلة التّعريس كانت حين قفل النّب ّ‬
‫وسلم راجعا ً من غزوة خيبر ‪.‬‬
‫ما سنّة الظّهر القبليّة إذا فاتت فإنّها تؤدّى بعد‬ ‫وأ ّ‬
‫سنّة‬
‫الفرض ‪ ،‬وقد اختلف في تقديمها على ال ّ‬
‫البعديّة وتأخيرها عنها ‪ ،‬فعند أبي حنيفة وأبي يوسف‬
‫مد يؤدّيهما قبل‬ ‫سنّة البعديّة ‪ ،‬وعند مح ّ‬ ‫يؤدّيهما بعد ال ّ‬
‫سنّة البعديّة ‪.‬‬‫ال ّ‬

‫‪140‬‬
‫سنن الّرواتب إذا فاتت مع فرائضها ‪،‬‬ ‫ما بقيّة ال ّ‬
‫وأ ّ‬
‫فقد اختلف فيها فقهاء الحنفيّة ‪ ،‬فقال بعضهم ‪ :‬ل‬
‫ح‪.‬‬‫تقضى تبعا ً كما ل تقضى قصدا ً وهو الص ّ‬
‫وقال البعض الخر ‪ :‬تقضى تبعا ً للفرض بناءً على‬
‫جعل الوارد في قضاء سنّة الفجر واردا ً في غيرها‬
‫سنن الفائتة مع فرائضها إلغاءً لخصوص‬ ‫من ال ّ‬
‫ل‪.‬‬‫المح ّ‬
‫ل أبو حنيفة وأبو يوسف على عدم قضاء‬ ‫وقد استد ّ‬
‫سنّة عموما ً ل‬ ‫ن ال ّ‬
‫سنّة الفجر إذا فاتت وحدها ‪ :‬بأ ّ‬
‫ن القضاء‬ ‫تقضى لختصاص القضاء بالواجب ‪ ،‬ل ّ‬
‫تسليم مثل ما وجب بالمر ‪ .‬والحديث ورد في‬
‫قضائها تبعا ً للفرض ‪ ،‬فبقي ما وراءه على الصل ‪،‬‬
‫وإنّما تقضى تبعا ً له ‪ .‬وهو ل يصلّي بالجماعة أو‬
‫وحده إلى وقت الّزوال ‪.‬‬
‫م سلمة ‪ -‬رضي الله عنها ‪-‬‬ ‫وبالحديث الّذي روته أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم العصر ‪،‬‬ ‫قالت ‪ « :‬صلّى النّب ّ‬
‫م دخل بيتي فصلّى ركعتين ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول اللّه‬ ‫ث ّ‬
‫ي مال‬ ‫صلّيت صلةً لم تكن تصلّيها ؟ فقال ‪ :‬قدم عل ّ‬
‫فشغلني عن الّركعتين كنت أركعهما بعد الظّهر ‪،‬‬
‫فصلّيتهما الن فقلت ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬أفنقضيهما إذا‬
‫فاتتا ؟ فقال ‪ :‬ل » ‪.‬‬
‫وقال المالكيّة ‪ :‬ل يقضي من النّوافل إل ّ سنّة الفجر‬
‫صبح أم ل‪ ،‬ونقل عن‬ ‫فقط ‪ ،‬سواء كانت مع صلة ال ّ‬
‫بعضهم القول بحرمة قضاء النّوافل ما عدا سنّة‬
‫الفجر ‪.‬‬
‫ب‬‫شافعيّة في الظهر من المذهب ‪ :‬يستح ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫سنن‬ ‫ن ال ّ‬‫قضاء النّوافل المؤقّتة ‪ ،‬ومقابل الظهر أ ّ‬
‫المؤقّتة ل تقضى إذا فاتت ‪ ،‬لنّها نوافل ‪ ،‬فهي تشبه‬
‫النّوافل غير المؤقّتة ‪ ،‬وهذه ل تقضى إذا فاتت ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬إن لم يتبع النّفل‬ ‫وفي قول ثالث لل ّ‬
‫ضحى قضي لشبهه بالفرض في‬ ‫المؤقّت غيره كال ّ‬
‫الستقلل ‪ ،‬وإن تبع غيره كالّرواتب فل تقضى ‪.‬‬
‫واستدلّوا للظهر بعموم قوله صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ « :‬من نسي صلة ً أو نام عنها فكّفارتها أن يصلّيها‬
‫إذا ذكرها » « ولقضائه صلى الله عليه وسلم سنّة‬
‫الفجر ليلة التّعريس » ‪ .‬ولقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ « :‬من نام عن وتره أو نسيه فليصلّه إذا‬
‫ذكره » ‪.‬‬
‫سابق ‪.‬‬ ‫م سلمة ال ّ‬ ‫وبحديث أ ّ‬
‫سنن الّرواتب الفائتة مع‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬تقضى ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬فإذا كانت كثيرةً فالولى‬ ‫الفرائض إذا كانت قليل ً‬
‫تركها ‪ ،‬إل ّ سنّة الفجر فإنّها تقضى ولو كثرت ‪.‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫جوا لولويّة ترك ما كثر « بفعل النّب ّ‬ ‫واحت ّ‬
‫عليه وسلم يوم الخندق » ‪ ،‬لم ينقل عنه أنّه صلّى‬
‫ن الشتغال بالفرض‬ ‫بين الفرائض المقضيّة ‪ ،‬ول ّ‬
‫أولى ‪.‬‬
‫صا ً فعل‬ ‫قال الحنابلة ‪ :‬للّزوجة ‪ ،‬والجير ولو خا ّ‬
‫سنن الّرواتب مع الفرض لنّها تابعة له ول يجوز‬ ‫ال ّ‬
‫ن زمنها مستثنى شرعاً‬ ‫سنن ل ّ‬ ‫منعهما من ال ّ‬
‫ً‬
‫كالفرائض ‪.‬‬
‫================‬
‫صلة الوسطى *‬ ‫ال ّ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫صلة ‪ :‬انظر ‪ :‬صلة ‪ .‬والوسطى مؤنّث‬ ‫‪ - 1‬تعريف ال ّ‬
‫شيء ما بين طرفيه ‪ ،‬وهو من‬ ‫الوسط ‪ ،‬وأوسط ال ّ‬
‫ي‬
‫أوسط قومه ‪ :‬من خيارهم ‪ « ،‬وفي صفة النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أنّه من أوسط قومه » ‪ ،‬أي‬
‫شيء ‪ ،‬ما بين طرفيه ‪،‬‬ ‫خيارهم ‪ ،‬والوسط ‪ :‬وسط ال ّ‬

‫‪142‬‬
‫ل شيء ‪ ،‬والعدل ‪ ،‬والخير ‪ ،‬يوصف‬ ‫والمعتدل من ك ّ‬
‫م‬‫جعَلْنَاك ُ ْ‬
‫ك َ‬ ‫به المفرد وغيره ‪ ،‬وفي التّنزيل ‪ { :‬وَكَذَل ِ َ‬
‫سطا ً } ‪ ،‬أي خيارا ً عدول ً ‪.‬‬ ‫ة وَ َ‬ ‫أ ُ َّ‬
‫م ً‬
‫صلة الوسطى ‪:‬‬ ‫تحديد ال ّ‬
‫صلة الوسطى الوارد‬ ‫اختلف الفقهاء في تحديد ال ّ‬
‫ت‬‫صلَوَا ِ‬
‫حافِظُوا ْ عَلَى ال َّ‬ ‫ذكرها في قوله تعالى ‪َ { :‬‬
‫ن } وذلك على‬ ‫موا ْ لِلّهِ قَانِتِي َ‬‫سطَى َوقُو ُ‬ ‫صلَةِ الْوُ ْ‬ ‫وال َّ‬
‫الوجه التي ‪:‬‬
‫صبح ‪ ،‬وهذا قول مالك وهو‬ ‫‪ - 2‬قيل ‪ :‬إنّها صلة ال ّ‬
‫ص‬‫ي‪،‬ن ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫المشهور في مذهبه ‪ ،‬وهو قول ال ّ‬
‫م وغيره ‪ ،‬ونقل الواحديّ هذا القول عن‬ ‫عليه في ال ّ‬
‫عمر ومعاذ بن جبل وابن عبّاس وابن عمر وجابر ‪-‬‬
‫رضي الله تعالى عنهم ‪ -‬وعطاء ومجاهد والّربيع بن‬
‫أنس ‪ -‬رحمهم اللّه تعالى ‪ -‬وهو قول علماء المدينة‬
‫‪.‬‬
‫صبح قبلها صلتا ليل‬ ‫ن صلة ال ّ‬ ‫ومستند هؤلء ‪ :‬أ ّ‬
‫ن‬
‫يجهر فيهما ‪ ،‬وبعدها صلتا نهار يسّر فيهما ؛ ول ّ‬
‫وقتها يدخل والنّاس نيام ‪ ،‬والقيام إليها شاقّ في‬
‫صيف لقصر‬ ‫زمن البرد لشدّة البرد ‪ ،‬وفي زمن ال ّ‬
‫صت بالمحافظة عليها ‪ ،‬حتّى ل يتغافل‬ ‫اللّيل ‪ ،‬فخ ّ‬
‫عنها بالنّوم ‪ .‬ويستدلّون على ذلك بقوله تعالى ‪:‬‬
‫ن } فقرنها بالقنوت ‪ ،‬ول قنوت‬ ‫موا ْ لِلّهِ قَانِتِي َ‬
‫{ َوقُو ُ‬
‫صبح ‪ ،‬قال أبو رجاء ‪ :‬صلّى بنا ابن عبّاس ‪-‬‬ ‫إل ّ في ال ّ‬
‫رضي الله تعالى عنهما ‪ -‬صلة الغداة بالبصرة فقنت‬
‫ما فرغ قال ‪ :‬هذه‬ ‫فيها قبل الّركوع ‪ ،‬ورفع يديه ‪ ،‬فل ّ‬
‫صلة الوسطى الّتي أمرنا اللّه تعالى أن نقوم فيها‬ ‫ال ّ‬
‫ة ‪ :‬يطلق على طول القيام‬ ‫قانتين ‪ .‬والقنوت لغ ً‬
‫وعلى الدّعاء ‪ ،‬فعن جابر بن عبد اللّه ‪ -‬رضي الله‬

‫‪143‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪« :‬‬ ‫ن النّب ّ‬
‫عنهما ‪ -‬أ ّ‬
‫صلة طول القنوت » ‪.‬‬ ‫أفضل ال ّ‬
‫جاج ‪ :‬المشهور في اللّغة‬ ‫وقال أبو إسحاق الّز ّ‬
‫ن القنوت ‪ :‬العبادة والدّعاء للّه تعالى‬ ‫والستعمال أ ّ‬
‫في حال القيام ‪ ،‬قال الواحديّ ‪ :‬فتظهر الدّللة‬
‫صبح ؛ لنّه ل فرض يكون‬ ‫ن الوسطى ال ّ‬ ‫ي‪:‬أ ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫لل ّ‬
‫فيه الدّعاء قائما ً غيرها ‪.‬‬
‫‪ - 3‬وقيل ‪ :‬إنّها العصر لنّها بين صلتين من صلة‬
‫اللّيل ‪ ،‬وصلتين من صلة النّهار ‪ ،‬وهو مذهب‬
‫الحنفيّة والحنابلة وهو قول ابن حبيب من المالكيّة ‪.‬‬
‫ي في قبسه ‪ ،‬وابن عطيّة في‬ ‫واختاره ابن العرب ّ‬
‫تفسيره وقال ‪ :‬وعلى هذا القول الجمهور من‬
‫ي وابن‬ ‫الواحدي عن عل ّ‬
‫ّ‬ ‫النّاس وبه أقول ‪ ،‬ونقله‬
‫مسعود وأبي هريرة ‪ -‬رضي الله تعالى عنهم ‪-‬‬
‫ي ومقاتل‬ ‫حاك والكلب ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫ي والحسن وقتادة وال ّ‬ ‫والنّخع ّ‬
‫النصاري وأبي‬
‫ّ‬ ‫‪ ،‬ونقله ابن المنذر عن أبي أيّوب‬
‫سعيد الخدريّ ‪ ،‬وابن عمر وابن عبّاس ‪ -‬رضي الله‬
‫ي ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪-‬‬ ‫سلمان ّ‬ ‫تعالى عنهم ‪ -‬وعبيدة ال ّ‬
‫صحابة‬ ‫رمذي عن أكثر العلماء من ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ونقله الت ّ‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫ي‪-‬‬‫والدّليل على أنّها صلة العصر ما روي عن عل ّ‬
‫رضي الله تعالى عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول اللّه صلى‬
‫صلة‬‫الله عليه وسلم يوم الحزاب ‪ « :‬شغلونا عن ال ّ‬
‫الوسطى صلة العصر ‪ ،‬مل اللّه بيوتهم وقبورهم‬
‫ناًرا » ‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود ‪ -‬رضي الله تعالى عنه ‪ -‬قال ‪:‬‬
‫قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬صلة‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫الوسطى صلة العصر » ‪ .‬ول ّ‬
‫عليه وسلم قال ‪ « :‬الّذي تفوته صلة العصر كأنّما‬

‫‪144‬‬
‫وتر أهله وماله » ‪ .‬وقال ‪ « :‬من ترك صلة العصر‬
‫فقد حبط عمله » ‪.‬‬
‫صلة عرضت على من كان‬ ‫ن هذه ال ّ‬ ‫وقال ‪ « :‬إ ّ‬
‫قبلكم فضيّعوها ‪ ،‬فمن حافظ عليها كان له أجره‬
‫شاهد ‪ ،‬يعني‬ ‫مّرتين‪ ،‬ول صلة بعدها حتّى يطلع ال ّ‬
‫النّجم » ‪.‬‬
‫ووي في المجموع ‪ :‬الّذي تقتضيه الحاديث‬ ‫ّ‬ ‫وقال الن ّ‬
‫صلة الوسطى هي العصر ‪ ،‬وهو‬ ‫ن ال ّ‬ ‫صحيحة ‪ :‬إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ص‬
‫م قال ‪ :‬قال صاحب الحاوي ‪ :‬ن ّ‬ ‫المختار ‪ .‬ث ّ‬
‫حت الحاديث أنّها العصر ‪،‬‬ ‫صبح ‪ ،‬وص ّ‬ ‫ي أنّها ال ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ومذهبه اتّباع الحديث ‪ ،‬فصار مذهبه أنّها العصر ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬ول يكون في المسألة قولن ‪ ،‬كما وهم بعض‬
‫أصحابنا ‪.‬‬
‫شيخ أبو‬ ‫صبح والعصر معا ً ‪ ،‬قاله ال ّ‬ ‫‪ - 4‬وقيل ‪ :‬إنّها ال ّ‬
‫البهري من المالكيّة واختاره ابن أبي جمرة ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بكر‬
‫مدِ َرب ِّ َ‬
‫ك‬ ‫ح ْ‬
‫ح بِ َ‬
‫سب ِّ ْ‬ ‫والدّليل على ذلك قوله تعالى ‪ { :‬وَ َ‬
‫ل طُلُوع ال َّ‬
‫ب } يعني صلة‬ ‫ل الْغُُرو ِ‬ ‫س َوقَب ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ِ‬ ‫قَب ْ َ‬
‫الفجر والعصر ‪ .‬وروى جرير بن عبد اللّه قال ‪ « :‬كنّا‬
‫ي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى‬ ‫جلوسا ً عند النّب ّ‬
‫ما إنّكم سترون ربّكم كما‬ ‫القمر ليلة البدر فقال ‪ :‬أ ّ‬
‫ترون هذا ‪ ،‬ل تضامون ‪ .‬في رؤيته ‪ ،‬فإن استطعتم‬
‫شمس وقبل‬ ‫أن ل تغلبوا على صلة قبل طلوع ال ّ‬
‫م قرأ جرير‬ ‫غروبها ‪ ،‬يعني العصر والفجر فافعلوا ‪ ،‬ث ّ‬
‫ل‬‫س وَقَب ْ َ‬ ‫ل طُلُوع ال َّ‬ ‫ك قَب ْ َ‬‫مدِ َرب ِّ َ‬
‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ِ‬ ‫ح ْ‬‫ح بِ َ‬ ‫سب ِّ ْ‬‫‪َ { :‬و َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬ ‫غُُروبِهَا } » وقال النّب ّ‬
‫يتعاقبون فيكم ملئكة باللّيل وملئكة بالنّهار ‪،‬‬
‫م يعرج‬ ‫ويجتمعون في صلة الفجر وصلة العصر ‪ ،‬ث ّ‬
‫الّذين باتوا فيكم ‪ ،‬فيسألهم ‪ -‬وهو أعلم بهم ‪ -‬كيف‬

‫‪145‬‬
‫تركتم عبادي ؟ فيقولون ‪ :‬تركناهم وهم يصلّون ‪،‬‬
‫وأتيناهم وهم يصلّون » ‪.‬‬
‫وروى عمارة بن رؤيبة قال ‪ :‬سمعت رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ‪ « :‬لن يلج النّار أحد‬
‫شمس وقبل غروبها ‪ ،‬يعني‬ ‫صلّى قبل طلوع ال ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله‬ ‫الفجر والعصر » وعنه أ ّ‬
‫عليه وسلم قال ‪ « :‬من صلّى البردين دخل الجنّة »‬
‫ميتا البردين لنّهما يفعلن في وقت البرد ‪.‬‬ ‫وس ّ‬
‫صلة الوسطى صلة العتمة‬ ‫ن ال ّ‬
‫‪ -5‬وقيل ‪ :‬إ ّ‬
‫ي ‪ :‬ذكره ابن مقسم في‬ ‫صبح ‪ ،‬قال الدّمياط ّ‬ ‫وال ّ‬
‫تفسيره ‪ .‬وقال أبو الدّرداء ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬في‬
‫مرضه الّذي مات فيه ‪ :‬اسمعوا وبلّغوا من خلفكم ‪:‬‬
‫صلتين ‪ -‬يعني في جماعة ‪-‬‬ ‫حافظوا على هاتين ال ّ‬
‫صبح ‪ ،‬ولو تعلمون ما فيهما لتيتموهما‬ ‫العشاء وال ّ‬
‫ولو حبوا ً على مرافقكم وركبكم ‪ .‬وقاله عمر‬
‫وعثمان ‪ -‬رضي الله تعالى عنهما ‪ -‬وورد عن رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬ليس صل ً‬
‫ة‬
‫أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ‪ ،‬ولو‬
‫يعلمون ما فيها لتوهما ولو حبوا ً » ‪.‬‬
‫صبح في جماعة قيام ليلة ‪ ،‬والعتمة‬ ‫وجعل لمصلّي ال ّ‬
‫نصف ليلة ‪ ،‬حيث قال رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ « :‬من صلّى العشاء في جماعة فكأنّما قام‬
‫صبح في جماعة فكأنّما‬ ‫نصف اللّيل ‪ ،‬ومن صلّى ال ّ‬
‫صلّى اللّيل كلّه » ‪.‬‬
‫‪ -6‬وقيل ‪ :‬هي الظّهر ؛ لنّها وسط النّهار ‪ ،‬والنّهار‬
‫ن الظّهر هي‬ ‫من قال إ ّ‬ ‫أوّله من طلوع الفجر ‪ ،‬وم ّ‬
‫الخدري‬
‫ّ‬ ‫صلة الوسطى ‪ :‬زيد بن ثابت ‪ ،‬وأبو سعيد‬ ‫ال ّ‬
‫‪ ،‬وأسامة بن زيد ‪ ،‬وعبد اللّه بن عمر ‪ ،‬وعائشة ‪-‬‬

‫‪146‬‬
‫رضي الله عنهم ‪ -‬ونقله ابن المنذر عن عبد اللّه بن‬
‫شدّاد ‪.‬‬
‫ل على أنّها وسطى ‪ :‬ما قالته عائشة‬ ‫ما يد ّ‬ ‫وم ّ‬
‫صلوات‬ ‫وحفصة حين أملتا ‪ " :‬حافظوا على ال ّ‬
‫صلة الوسطى وصلة العصر " بالواو ‪ ،‬وروي ‪:‬‬ ‫وال ّ‬
‫أنّها كانت أشقّ على المسلمين لنّها كانت تجيء‬
‫في الهاجرة وهم قد نفهتهم أعمالهم في أموالهم ‪،‬‬
‫وورد عن زيد بن ثابت قال ‪ « :‬كان رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم يصلّي الظّهر بالهاجرة ‪ ،‬ولم‬
‫تكن صلة أشد ّ على أصحاب رسول اللّه صلى الله‬
‫صلَوَا ِ‬
‫ت‬ ‫حافِظُوا ْ عَلَى ال َّ‬ ‫عليه وسلم منها ‪ ،‬فنزلت ‪َ { :‬‬
‫سطَى } » ‪.‬‬ ‫ة الْوُ ْ‬
‫صل َ ِ‬
‫وال َّ‬
‫‪ -7‬وقيل ‪ :‬إنّها المغرب قال بذلك قبيصة بن ذؤيب‬
‫ن الولى هي‬ ‫في جماعة ‪ ،‬وابن قتيبة وقتادة ؛ ل ّ‬
‫ل‬‫الظّهر ‪ ،‬فتكون المغرب الثّالثة ‪ ،‬والثّالثة من ك ّ‬
‫خمس هي الوسطى ؛ ولنّها وسطى في عدد‬
‫الّركعات ووسطى في الوقات ‪ ،‬فعدد ركعاتها ثلث‬
‫فهي وسطى بين الربع والثنين ووقتها في آخر‬
‫صلة بأنّها الوتر‬ ‫صت من بين ال ّ‬ ‫النّهار وأوّل اللّيل ‪ ،‬خ ّ‬
‫ب الوتر ‪ ،‬وبأنّها تصلّى في أوّل وقتها‬ ‫‪ ،‬واللّه وتر يح ّ‬
‫في جميع المصار والعصار ‪ ،‬ويكره تأخيرها عنه‪،‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫وكذلك صّلها جبريل بالنّب ّ‬
‫مة‬‫في اليومين لوقت واحد ‪ ،‬ولذلك ذهب بعض الئ ّ‬
‫ي صلى‬ ‫إلى أنّها ليس لها إل ّ وقت واحد ‪ ،‬وقال النّب ّ‬
‫متي بخير ‪ -‬أو قال ‪:‬‬ ‫الله عليه وسلم ‪ « :‬ل تزال أ ّ‬
‫خروا المغرب إلى أن تشتبك‬ ‫على الفطرة ‪ -‬ما لم يؤ ّ‬
‫النّجوم » وروي من حديث عائشة ‪ -‬رضي الله عنها‬
‫ن أفضل‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬إ ّ‬ ‫‪ -‬عن النّب ّ‬
‫صلوات عند اللّه صلة المغرب لم يحطّها عن‬ ‫ال ّ‬

‫‪147‬‬
‫مسافر ول مقيم ‪ ،‬فتح اللّه بها صلة اللّيل وختم بها‬
‫صلة النّهار فمن صلّى المغرب وصلّى بعدها ركعتين‬
‫بنى اللّه له قصرا ً في الجنّة ومن صلّى بعدها أربع‬
‫ة ‪ -‬أو قال ‪-‬‬ ‫ركعات غفر اللّه له ذنب عشرين سن ً‬
‫ة»‪.‬‬ ‫أربعين سن ً‬
‫صلة الوسطى هي صلة العشاء ؛‬ ‫ن ال ّ‬ ‫‪ -8‬وقيل ‪ :‬إ ّ‬
‫ب تأخيرها ‪،‬‬ ‫لنّها بين صلتين ل تقصران ‪ ،‬ويستح ّ‬
‫وذلك شاقّ ‪ ،‬فوقع التّأكيد في المحافظة عليها ‪.‬‬
‫صلة الوسطى هي العشاء أحمد بن‬ ‫ن ال ّ‬ ‫من ذكر أ ّ‬ ‫وم ّ‬
‫ة‬
‫يسابوري ‪ .‬وروى ابن عمر قال‪ « :‬مكثنا ليل ً‬ ‫ّ‬ ‫ي الن ّ‬
‫عل ّ‬
‫ننتظر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لصلة‬
‫العشاء الخرة فخرج إلينا حين ذهب ثلث اللّيل أو‬
‫بعده ‪ .‬فقال ‪ :‬إنّكم لتنتظرون صلةً ما ينتظرها أهل‬
‫متي لصلّيت بهم‬ ‫دين غيركم ‪ ،‬ولول أن يثقل على أ ّ‬
‫ساعة » وقال ‪ « :‬ليس صلة أثقل على‬ ‫هذه ال ّ‬
‫المنافقين من الفجر والعشاء ‪ ،‬ولو يعلمون ما فيهما‬
‫لتوهما ولو حبوا ً » ‪.‬‬
‫صلة الوسطى غير معيّنة ‪ ،‬فهي‬ ‫ن ال ّ‬ ‫‪ -9‬وقيل ‪ :‬إ ّ‬
‫صلوات الخمس ليجتهد في الجميع كما‬ ‫مبهمة في ال ّ‬
‫ساعة الّتي في يوم الجمعة ‪ ،‬قاله‬ ‫في ليلة القدر وال ّ‬
‫الّربيع بن خيثم ‪ ،‬وحكي عن ابن المسيّب ‪ ،‬وقاله‬
‫نافع عن ابن عمر ‪ ،‬فخبّأها اللّه تعالى ‪ .‬كما خبّأ ليلة‬
‫القدر ‪ ،‬وساعة يوم الجمعة ‪ ،‬وساعات اللّيل‬
‫المستجاب فيها الدّعاء ليقوموا باللّيل في الظّلمات‬
‫حة أنّها‬
‫ل على ص ّ‬ ‫ما يد ّ‬ ‫لمناجاة عالم الخفيّات وم ّ‬
‫مبهمة غير معيّنة ما ورد عن البراء بن عازب قال ‪:‬‬
‫صلوات وصلة‬ ‫« نزلت هذه الية ‪ ( :‬حافظوا على ال ّ‬
‫م نسخها اللّه‬ ‫العصر ) ‪ ،‬فقرأناها ما شاء اللّه ث ّ‬
‫صل َ ِ‬
‫ة‬ ‫ت وال َّ‬ ‫صلَوَا ِ‬
‫حافِظُوا ْ ع َلَى ال َّ‬ ‫فنزلت { َ‬

‫‪148‬‬
‫سطَى } ‪ ،‬فقال رجل ‪ :‬هي إذن صلة العصر؟‬ ‫الْوُ ْ‬
‫فقال البراء ‪ :‬قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها‬
‫اللّه » فلزم من هذا أنّها بعد أن عيّنت نسخ تعيينها‬
‫وأبهمت فارتفع التّعيين ‪ ،‬وهذا اختيار مسلم ‪ .‬وقال‬
‫ي‪:‬‬
‫خرين ‪ ،‬قال القرطب ّ‬ ‫به غير واحد من العلماء المتأ ّ‬
‫صحيح إن شاء‬ ‫وهو ‪ -‬أي إبهامها وعدم تعيينها ‪ -‬ال ّ‬
‫اللّه تعالى لتعارض الدلّة وعدم التّرجيح ‪ ،‬فلم يبق‬
‫إل ّ المحافظة على جميعها ‪ ،‬وأداؤها في أوقاتها ‪.‬‬
‫الماوردي في‬
‫ّ‬ ‫‪ - 10‬وقيل ‪ :‬إنّها صلة الجمعة ‪ ،‬حكاه‬
‫صت بالجمع لها والخطبة‬ ‫ن الجمعة خ ّ‬ ‫تفسيره ؛ ل ّ‬
‫ي ‪ ،‬وورد عن‬ ‫فيها ‪ ،‬جعلت عيدا ً ذكره ابن حبيب ومك ّ ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫عبد اللّه بن مسعود « أ ّ‬
‫وسلم قال لقوم يتخلّفون عن الجمعة ‪ :‬لقد هممت‬
‫م أحّرق على رجال‬ ‫أن آمر رجل ً يصلّي بالنّاس ث ّ‬
‫يتخلّفون عن الجمعة بيوتهم » ‪.‬‬
‫صلوات الخمس بجملتها ‪ ،‬ذكره‬ ‫‪ - 11‬وقيل ‪ :‬إنّها ال ّ‬
‫ن قوله‬ ‫النّّقاش في تفسيره ‪ ،‬وقاله معاذ بن جبل ل ّ‬
‫م الفرض‬ ‫ت } ‪ ،‬يع ّ‬ ‫صلَوَا ِ‬ ‫حافِظُوا ْ ع َلَى ال َّ‬ ‫تعالى ‪َ { :‬‬
‫ص الفرض بالذ ّكر ‪.‬‬ ‫مخ ّ‬ ‫والنّفل ‪ ،‬ث ّ‬
‫وقد ذكر الحطّاب أقوال ً أخرى سوى ما تقدّم ‪ .‬يرجع‬
‫إليه فيها ‪.‬‬
‫ي وسبب إفرادها بالذ ّكر ‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫صلة الوسطى‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سابقة يتبيّن أ ّ‬ ‫‪ - 12‬من القوال ال ّ‬
‫صلوات‬ ‫صلوات الخمس في الجملة‪ .‬وال ّ‬ ‫هي إحدى ال ّ‬
‫ل مكلّف ‪ -‬كما هو معلوم ‪-‬‬ ‫الخمس فرض على ك ّ‬
‫وقد أمر اللّه سبحانه وتعالى بالمحافظة عليها في‬
‫م عطف‬ ‫ت}‪.‬ث ّ‬ ‫صلَوَا ِ‬‫حافِظُوا ْ ع َلَى ال َّ‬ ‫قوله تعالى { َ‬
‫سطَى } ‪.‬‬ ‫صلَةِ الْوُ ْ‬ ‫عليها قوله تعالى ‪ { :‬وال َّ‬

‫‪149‬‬
‫صلة‬ ‫ي ‪ :‬وأفرد اللّه سبحانه وتعالى ال ّ‬ ‫يقول القرطب ّ‬
‫الوسطى بالذ ّكر ‪ ،‬وقد دخلت قبل في عموم‬
‫صلوات ؛ تشريفا ً لها ‪ ،‬كما في قوله تعالى ‪ { :‬وَإِذْ‬ ‫ال ّ‬
‫من نُّوٍح } وقوله ‪:‬‬ ‫من َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ك وَ ِ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫ميثَاقَهُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫الن‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ْن‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫َ‬
‫ن}‪.‬‬ ‫ما ٌ‬‫ل وَُر َّ‬‫خ ٌ‬ ‫ة َون َ ْ‬ ‫ما فَاكِهَ ٌ‬ ‫{ فِيهِ َ‬
‫صلوات ‪.‬‬ ‫ل كذلك على أنّها آكد ال ّ‬ ‫وإفرادها بالذ ّكر يد ّ‬
‫صلة‬‫ن ال ّ‬ ‫ووي ‪ :‬اتّفق العلماء على أ ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقول الن ّ‬
‫صلوات الخمس واختلفوا في‬ ‫الوسطى آكد ال ّ‬
‫تحديدها ‪.‬‬
‫===============‬
‫صلة على الّراحلة " أو الدّابّة " *‬ ‫ال ّ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫صلة ينظر تعريفها في مصطلح ( صلة ) ‪.‬‬ ‫‪ - 1‬ال ّ‬
‫القوي على السفار‬ ‫ّ‬ ‫والّراحلة من البل ‪ :‬البعير‬
‫والحمال ‪ ،‬وهي الّتي يختارها الّرجل لمركبه ورحله‬
‫على النّجابة وتمام الخلق وحسن المنظر ‪ ،‬وإذا‬
‫كانت في جماعة البل تبيّنت وعرفت‪ .‬والّراحلة عند‬
‫ل بعير نجيب سواء أكان ذكرا ً أم أنثى ‪،‬‬ ‫العرب ‪ :‬ك ّ‬
‫والجمع رواحل ‪ ،‬ودخول الهاء في الّراحلة للمبالغة‬
‫ة ؛ لنّها ذات رحل ‪.‬‬ ‫ميت راحل ً‬ ‫صفة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬س ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫ب على الرض ‪ .‬وقد غلب هذا‬ ‫ل ما يد ّ‬ ‫والدّابّة ‪ :‬ك ّ‬
‫السم على ما يركب من الحيوان من إبل وخيل‬
‫وبغال وحمير ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫سفينة ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬
‫سفينة ‪ :‬الفلك ‪ ،‬والعلقة بينها وبين الّراحلة أ ّ‬ ‫‪ - 2‬ال ّ‬
‫صلة على الّراحلة‬ ‫ن لل ّ‬‫كّل ً منهما يركب ‪ ،‬وكما أ ّ‬
‫سفينة أحكاماً‬ ‫صلة في ال ّ‬ ‫ة ‪ ،‬فكذلك لل ّ‬ ‫ص ً‬ ‫أحكاما ً خا ّ‬
‫ة تنظر في مصطلح ( سفينة ) ‪.‬‬ ‫ص ً‬ ‫خا ّ‬

‫‪150‬‬
‫صلة على الّراحلة ‪:‬‬ ‫الحكام الّتي تتعلّق بال ّ‬
‫أ ‪ -‬صلة النّفل ‪:‬‬
‫‪ - 3‬اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للمسافر صلة‬
‫جهت به ‪ .‬والدّليل على‬ ‫النّفل على الّراحلة حيثما تو ّ‬
‫ب‬
‫مغْرِ ُ‬‫شرِقُ َوال ْ َ‬ ‫ذلك قول ُ اللّه تعالى ‪َ { :‬ولِلّهِ ال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ه اللّهِ } قال ابن عمر ‪ -‬رضي‬ ‫ما تُوَل ّوا ْ فَث َ َّ‬ ‫َ‬
‫ج ُ‬
‫م َو ْ‬ ‫فَأيْن َ َ‬
‫ة ‪ ،‬وعن‬ ‫ص ً‬‫الله تعالى عنهما ‪ : -‬نزلت في التّطوّع خا ّ‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫ابن عمر رضي الله تعالى عنهما « أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يسبّح على ظهر راحلته‬
‫حيث كان وجهه » وعن جابر ‪ -‬رضي الله عنه ‪« -‬‬
‫كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي على‬
‫جهت ‪ ،‬فإذا أراد الفريضة نزل‬ ‫راحلته حيث تو ّ‬
‫فاستقبل القبلة » ‪.‬‬
‫ن صلة التّطوّع على الّراحلة في‬ ‫وأجمعواعلى أ ّ‬
‫ما‬
‫صلة جائزة‪ .‬وأ ّ‬ ‫سفر الطّويل الّذي تقصر فيه ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬‫سفر القصير ‪ ،‬وهو ما ل يباح فيه القصر فإ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫صلة على الّراحلة جائزة عند الحنفيّة وال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي واللّيث والحسن بن‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬وهو قول الوزاع ّ‬
‫ي‪.‬‬‫حي ّ‬
‫وقال مالك ‪ :‬ل يباح إل ّ في سفر طويل ؛ لنّه رخصة‬
‫ل الوّلون‬ ‫ص بالطّويل كالقصر ‪ .‬واستد ّ‬ ‫سفر فاخت ّ‬
‫بالية المذكورة ‪ ،‬وقول ابن عمر فيها ‪ ،‬وحديثه الّذي‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫قال فيه ‪ « :‬إ ّ‬
‫كان يوتر على البعير » ‪.‬‬
‫سفر وإنّما‬ ‫والمشهور عند الحنفيّة ‪ :‬أنّه ل يشترط ال ّ‬
‫قيّدوا جواز النّفل على الّراحلة بما إذا كان المصلّي‬
‫ل الّذي يجوز‬ ‫ل القصر‪ ،‬أي في المح ّ‬ ‫خارج المصر مح ّ‬
‫صلة فيه‪ .‬وأجاز أبو يوسف من‬ ‫للمسافر قصر ال ّ‬
‫الحنفيّة التّنّفل على الّراحلة في المصر وقال ‪:‬‬

‫‪151‬‬
‫ماه ‪ -‬عن سالم عن ابن عمر ‪-‬‬ ‫حدّثني فلن ‪ -‬وس ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النّب ّ‬
‫رضي الله عنهما ‪ « -‬أ ّ‬
‫ركب الحمار في المدينة يعود سعد بن عبادة ‪-‬‬
‫رضي الله تعالى عنهما ‪ -‬وكان يصلّي وهو راكب » ‪.‬‬
‫مد مع الكراهة مخافة الغلط لما في‬ ‫وأجاز ذلك مح ّ‬
‫المصر من كثرة اللّغط ‪.‬‬
‫كما أجاز التّنّفل على الدّابّة في المصر بعض‬
‫شافعيّة كأبي سعيد الصطخريّ والقاضي حسين‬ ‫ال ّ‬
‫وغيرهما ‪ ،‬وكان أبو سعيد الصطخريّ محتسب‬
‫سكك وهو يصلّي على دابّته ‪.‬‬ ‫بغداد يطوف ال ّ‬
‫‪ - 4‬والتّطوّع الجائز على الّراحلة يشمل النّوافل‬
‫سنن الّرواتب والمعيّنة والوتر وسجود‬ ‫المطلقة وال ّ‬
‫التّلوة ‪ ،‬وهذا عند جمهور الفقهاء ( المالكيّة‬
‫شافعيّة والحنابلة ) ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان‬ ‫ن النّب ّ‬‫واستدلّوا « بأ ّ‬
‫يوتر على بعيره ‪ ،‬وكان يسبّح على بعيره إلّ‬
‫الفرائض » ‪.‬‬
‫وعند الحنفيّة ما يعتبر واجبا ً عندهم من غير‬
‫الفرائض كالوتر ل يجوز على الّراحلة بدون عذر ‪،‬‬
‫وكذلك سجدة التّلوة ‪.‬‬
‫وعن أبي حنيفة ‪ :‬أنّه ينزل عن دابّته لسنّة الفجر ؛‬
‫صلة‬ ‫سنن الّرواتب ‪ .‬وتجوز ال ّ‬ ‫لنّها آكد من سائر ال ّ‬
‫للمسافر على البعير والفرس والبغل والحمار ونحو‬
‫ذلك ‪ ،‬ولو كان الحيوان غير مأكول اللّحم ‪ ،‬ول‬
‫ن‬
‫ح«أ ّ‬ ‫كراهة هنا لمسيس الحاجة إليه ‪ ،‬ولنّه ص ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي على حماره‬ ‫النّب ّ‬
‫النّفل » ‪ .‬غير أنّه يشترط أن يكون ما يلقي بدن‬
‫سرج ‪ ،‬والمتاع ‪،‬‬ ‫المصلّي على الّراحلة وثيابه من ال ّ‬
‫واللّجام طاهرا ً ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫مة مشايخ‬ ‫شافعيّة ‪ ،‬والحنابلة ‪ ،‬وعا ّ‬ ‫وهذا كما يقول ال ّ‬
‫الحنفيّة كما ذكر في الصل ‪.‬‬
‫رازي ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫مد بن مقاتل ال ّ‬ ‫وعن أبي حفص البخاريّ ومح ّ‬
‫أنّه إذا كانت النّجاسة في موضع الجلوس أو في‬
‫موضع الّركابين أكثر من قدر الدّرهم ل تجوز ‪ ،‬ولو‬
‫سرج نجاسة فسترها لم يضّر ‪.‬‬ ‫كان على ال ّ‬
‫سفر‬ ‫صلة على الّراحلة تطوّع ًا في ال ّ‬ ‫‪ -5‬وتجوز ال ّ‬
‫الواجب والمندوب والمباح ‪ ،‬كسفر التّجارة ونحوه ‪،‬‬
‫ي‪.‬‬ ‫شافع ّ‬ ‫عند أبي حنيفة ومالك وال ّ‬
‫ول يباح في سفر المعصية ‪ :‬كقطع الطّريق ‪،‬‬
‫والتّجارة في الخمر والمحّرمات عند مالك‬
‫خص شرع للعانة على‬ ‫ن التّر ّ‬ ‫ي وأحمد ؛ ل ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫وال ّ‬
‫تحصيل المباح فل يناط بالمعصية ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬له ذلك ؛ لنّه‬ ‫وري والوزاع ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقال أبو حنيفة والث ّ‬
‫خص كالمطيع ‪.‬‬ ‫مسافر ‪ ،‬فأبيح له التّر ّ‬
‫ب ‪ -‬صلة الفريضة ‪:‬‬
‫ن صلة الفريضة على الّراحلة ل تجوز‬ ‫‪ - 6‬الصل أ ّ‬
‫إل ّ لعذر ‪ ،‬فعن جابر بن عبد اللّه ‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي على‬ ‫ن النّب ّ‬
‫«أ ّ‬
‫راحلته نحو المشرق فإذا أراد أن يصلّي المكتوبة‬
‫نزل فاستقبل القبلة »‬
‫قال ابن بطّال ‪ :‬أجمع العلماء على أنّه ل يجوز لحد‬
‫أن يصلّي الفريضة على الدّابّة من غير عذر ‪.‬‬
‫ن أداء الفرائض على الدّابّة مع القدرة على‬ ‫ول ّ‬
‫النّزول ل يجوز ‪.‬‬
‫ن شرط الفريضة المكتوبة أن يكون المصلّي‬ ‫ول ّ‬
‫ح من‬ ‫مستقبل القبلة مستقّرا ً في جميعها ‪ ،‬فل تص ّ‬
‫ل بقيام أو استقبال ‪.‬‬ ‫الّراكب المخ ّ‬

‫‪153‬‬
‫صلة على‬ ‫‪ -7‬وقد عدّد الفقهاء العذار الّتي تبيح ال ّ‬
‫الّراحلة ‪.‬‬
‫ومن ذلك ‪ :‬الخوف على النّفس أو المال من عدوّ أو‬
‫سبع ‪ ،‬أو خوف النقطاع عن الّرفقة ‪ ،‬أو التّأذ ّي‬
‫بالمطر والوحل ؛ ففي مثل هذه الحوال تجوز صلة‬
‫الفريضة على الّراحلة باليماء من غير ركوع وسجود‬
‫ن عند اعتراض هذه العذار عجزا ً عن تحصيل‬ ‫؛ل ّ‬
‫هذه الركان ‪.‬‬
‫قال ابن قدامة ‪ :‬إذا اشتد ّ الخوف ‪ ،‬بحيث ل يتمكّن‬
‫صلة إلى القبلة ‪ ،‬أو عجز عن بعض أركان‬ ‫من ال ّ‬
‫ما لهرب مباح من عدوّ ‪ ،‬أو سيل ‪ ،‬أو سبع‬ ‫صلة ‪ :‬إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ما ل يمكنه التّخلّص منه‬ ‫‪ ،‬أو حريق ‪ ،‬أو نحو ذلك م ّ‬
‫إل ّ بالهرب ‪ ،‬أو المسابقة ‪ ،‬أو التحام الحرب والحاجة‬
‫ضرب والمطاردة فله أن‬ ‫إلى الكّر والفّر والطّعن وال ّ‬
‫يصلّي على حسب حاله راجل ً وراكبا ً إلى القبلة إن‬
‫أمكن‪ ،‬أو إلى غيرها إن لم يمكن ‪ ،‬وإذا عجز عن‬
‫سجود أكثر‬ ‫سجود أومأ بهما وينحني إلى ال ّ‬ ‫الّركوع وال ّ‬
‫من الّركوع على قدر طاقته ‪ ،‬وإن عجز عن اليماء‬
‫سقط ‪ ،‬وإن عجز عن القيام ‪ ،‬أو القعود ‪ ،‬أو غيرهما‬
‫ضرب والكّر والفّر‬ ‫سقط ‪ ،‬وإن احتاج إلى الطّعن وال ّ‬
‫صلة عن وقتها لقول اللّه‬ ‫خر ال ّ‬ ‫فعل ذلك ول يؤ ّ‬
‫َ‬
‫جال ً أ ْو ُركْبَانا ً } ‪.‬‬‫م فَرِ َ‬
‫فت ُ ْ‬
‫خ ْ‬ ‫تعالى ‪ { :‬فَإ ْ‬
‫ن ِ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫وحديث يعلى بن أميّة ‪ « :‬أ ّ‬
‫وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على‬
‫سماء من فوقهم والبلّة من أسفل منهم‬ ‫راحلته وال ّ‬
‫م تقدّم‬‫صلة فأمر المؤذ ّن فأذ ّن وأقام ث ّ‬ ‫فحضرت ال ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على راحلته‬
‫سجود أخفض من‬ ‫فصلّى بهم يومئ إيما ًء يجعل ال ّ‬
‫الّركوع » ‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫وينظر تفصيل ذلك في مصطلحي ‪ ( :‬صلة الخوف ‪،‬‬
‫واستقبال ف ‪. ) 38/‬‬
‫‪ -8‬وإذا كانت صلة الفرض على الّراحلة ل تجوز إلّ‬
‫ن شرط الفريضة المكتوبة أن يكون‬ ‫لعذر ؛ ل ّ‬
‫المصلّي مستقبل القبلة مستقّرا ً في جميعها‬
‫ن من أمكنه صلة‬ ‫ومستوفيا ً شروطها وأركانها ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل شروطها‬ ‫الفريضة على الّراحلة مع التيان بك ّ‬
‫حت صلته وذلك كما يقول‬ ‫وأركانها ‪ ،‬ولو بل عذر ص ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ -‬وهو الّراجح المعتمد عند‬ ‫ال ّ‬
‫المالكيّة ‪. -‬‬
‫قال الحنابلة ‪ :‬وسواء أكانت الّراحلة سائرةً أم‬
‫شافعيّة قيّدوا ذلك بما إذا كان في‬ ‫ة ‪ ،‬لكن ال ّ‬ ‫واقف ً‬
‫ما لو‬‫ة‪.‬أ ّ‬ ‫نحو هودج وهي واقفة ‪ ،‬وإن لم تكن معقول ً‬
‫ن سيرها منسوب إليه‬ ‫كانت سائرة ً فل يجوز ؛ ل ّ‬
‫بدليل جواز الطّواف عليها ‪ .‬ولو كان للدّابّة من يلزم‬
‫لجامها ويسيّرها ‪ ،‬بحيث ل تختلف الجهة جاز ذلك ‪،‬‬
‫صلة‬‫وقال سحنون من المالكيّة ‪ :‬ل يجزئ إيقاع ال ّ‬
‫على الدّابّة قائما ً وراكعا ً وساجدا ً لدخوله على الغرر‬
‫‪.‬‬
‫قبلة المصلّي على الّراحلة ‪:‬‬
‫‪ - 9‬مصلّي النّافلة على الّراحلة ل يلزمه استقبال‬
‫جهت الدّابّة أو صوب‬ ‫القبلة ‪ ،‬بل يصلّي حيثما تو ّ‬
‫سفره كما يقول المالكيّة ‪ ،‬وتكون هذه عوضا ً عن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫القبلة ‪ ،‬وقد « كان النّب ّ‬
‫جهت به ‪ ،‬أي جهة‬ ‫يصلّي على راحلته حيث تو ّ‬
‫مقصده ‪ ،‬فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة » ‪.‬‬
‫ن النّاس‬ ‫والحكمة في التّخفيف على المسافر ‪ :‬أ ّ‬
‫محتاجون إلى السفار ‪ .‬فلو شرط فيها الستقبال‬
‫لدّى إلى ترك أورادهم أو مصالح معايشهم ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫صلة إلى‬ ‫ن المصلّي إذا أمكنه افتتاح ال ّ‬ ‫‪ - 10‬غير أ ّ‬
‫ة غير مقطورة بأن‬ ‫القبلة ‪ ،‬وهذا إذا كانت الدّابّة سهل ً‬
‫ة أو سائرةً وزمامها بيده فإنّه يجب عليه‬ ‫كانت واقف ً‬
‫شافعيّة ‪.‬‬‫استقبال القبلة عند الحرام‪ ،‬وهذا عند ال ّ‬
‫وهو رواية عند الحنابلة ورأي ابن حبيب من المالكيّة‬
‫‪ ،‬ورواية ابن المبارك من الحنفيّة ‪ -‬واستدلّوا بما‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫رواه أنس ‪ « :‬أ ّ‬
‫كان إذا سافر فأراد أن يتطوّع استقبل بناقته القبلة‬
‫جهه ركابه » ؛ ولنّه أمكنه‬ ‫م صلّى حيث و ّ‬ ‫فكبّر ث ّ‬
‫صلة فلزمه ذلك‬ ‫استقبال القبلة في ابتداء ال ّ‬
‫صلة كلّها ‪.‬‬ ‫كال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬يشترط الستقبال في‬ ‫وفي قول عند ال ّ‬
‫صلة فاشترط‬ ‫سلم ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬لنّه آخر طرفي ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫فيه ذلك ‪.‬‬
‫والّرواية الثّانية عند الحنابلة ‪ -‬وهو قول عند‬
‫ن‬
‫سلم ل ّ‬ ‫شافعيّة ‪ : -‬ل يلزمه ذلك يعني في ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة فأشبه سائر أجزائها ؛‬ ‫الفتتاح جزء من أجزاء ال ّ‬
‫ن ذلك ل يخلو من مشّقة فسقط شرط‬ ‫ول ّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫الستقبال في ال ّ‬
‫ب ذلك ول يجب ‪ ،‬وإن لم يسهل‬ ‫وعند الحنفيّة يستح ّ‬
‫استقبال القبلة بأن كانت الدّابّة سائرةً وهي‬
‫مقطورة ‪ ،‬ولم يسهل انحرافه عليها أو كانت جموحاً‬
‫ل يسهل تحريفها فل يجب الستقبال ؛ لما في ذلك‬
‫سير عليه ‪ ،‬فيحرم إلى‬ ‫من المشّقة واختلل أمر ال ّ‬
‫جهة سيره ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬يجب عليه الستقبال‬ ‫وفي قول عند ال ّ‬
‫مطلقا ً سواء سهل عليه ذلك أم ل ‪ ،‬فإن تعذ ّر لم‬
‫ح صلته ‪.‬‬ ‫تص ّ‬

‫‪156‬‬
‫‪ - 11‬وإن كان المصلّي على الّراحلة في مكان واسع‬
‫صلة إلى القبلة‬ ‫كمحمل واسع وهودج ويتمكّن من ال ّ‬
‫سجود فعليه استقبال القبلة في صلته‬ ‫والّركوع وال ّ‬
‫ويسجد على ما هو عليه إن أمكنه ذلك ؛ لنّه كراكب‬
‫سفينة ‪ ،‬وقال أبو الحسن المديّ ‪ :‬يحتمل أن ل‬ ‫ال ّ‬
‫م‬
‫مة تع ّ‬ ‫ن الّرخصة العا ّ‬ ‫يلزمه شيء من ذلك كغيره ل ّ‬
‫ما وجدت فيه المشّقة وغيره ‪ .‬هذا بالنّسبة‬
‫ما بالنّسبة للفريضة فإنّه يجوز ترك‬ ‫للتّطوّع ‪ ،‬أ ّ‬
‫الستقبال للعذر ‪ -‬فقط ‪ -‬على ما سبق بيانه‪.‬‬
‫صلة على الّراحلة ‪:‬‬ ‫كيفيّة ال ّ‬
‫صلة على الّراحلة فإنّه يومئ‬ ‫‪ - 12‬من جازت له ال ّ‬
‫سجود ‪ ،‬ويجعل سجوده‬ ‫في صلته بالّركوع وال ّ‬
‫أخفض من ركوعه ‪ ،‬قال جابر ‪ « :‬بعثني رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلّي‬
‫سجود أخفض من‬ ‫على راحلته نحو المشرق ‪ ،‬وال ّ‬
‫الّركوع » ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النّب ّ‬‫وروى البخاريّ ‪ « :‬أ ّ‬
‫جهت به‬ ‫سفر على راحلته حيث تو ّ‬ ‫كان يصلّي في ال ّ‬
‫يومئ إيماء صلة اللّيل إل ّ الفرائض » ‪.‬‬
‫قال ابن عرفة من المالكيّة ‪ :‬من تنّفل في محمله‬
‫فقيامه تربّع ‪ ،‬ويركع كذلك ويداه على ركبتيه فإذا‬
‫سجود وقد ثنى رجليه ‪ ،‬فإن‬ ‫رفع رفعهما ‪ ،‬ويومئ بال ّ‬
‫لم يقدر أومأ متربّعا ً ‪.‬‬
‫صلة‬ ‫م نزل في أثناء ال ّ‬ ‫ومن افتتح التّطوّع راكبا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫فإنّه يستقبل القبلة ويبني على ما سبق من صلته‬
‫مها بالرض راكعا ً وساجدا ً ‪ ،‬قال المالكيّة ‪ :‬إلّ‬ ‫ويت ّ‬
‫صحيح غير‬ ‫على قول من يجوّز اليماء في النّافلة لل ّ‬
‫م صلته على دابّته باليماء إذا دخل‬ ‫المسافر فإنّه يت ّ‬
‫المدينة ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫وقال أبو يوسف من الحنفيّة ‪ :‬يستقبل صلته ول‬
‫ن أوّل صلته باليماء وآخرها‬ ‫يبني على ما سبق ؛ ل ّ‬
‫ضعيف ‪.‬‬ ‫بركوع وسجود ؛ فل يجوز بناء القويّ على ال ّ‬
‫مد ‪ :‬أنّه إذا نزل بعد ما صلّى ركع ً‬
‫ة‬ ‫وروي عن مح ّ‬
‫ن ما قبل أداء الّركعة مجّرد تحريمة‬ ‫استقبل ؛ ل ّ‬
‫ضعيف كان شرطاً‬ ‫شرط المنعقد لل ّ‬ ‫وهي شرط ‪ ،‬فال ّ‬
‫ضعيف‬ ‫ة فقد تأكّد فعل ال ّ‬ ‫ما إذا صلّى ركع ً‬ ‫للقويّ ‪ ،‬وأ ّ‬
‫القوي‬
‫ّ‬ ‫فل يبنى عليه‬
‫مه راكبا ً ‪،‬‬ ‫‪ - 13‬وإن ركب ماش وهو في صلة نفل أت ّ‬
‫كما يقول الحنابلة وزفر من الحنفيّة ‪ .‬وعند الحنفيّة‬
‫ن الّركوب عمل كثير ‪ .‬ومن افتتح‬ ‫‪ :‬ل يبني ؛ ل ّ‬
‫م دخل المصر ‪ ،‬أو نوى‬ ‫التّطوّع خارج المصر ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬ ‫النّزول ببلد دخله نزل عن دابّته لنقطاع سفره وأت ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫صلته مستقبل ً القبلة ‪ .‬وهذا عند ال ّ‬
‫م على‬ ‫‪ ،‬وهو ما عليه الكثر عند الحنفيّة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يت ّ‬
‫الدّابّة بإيماء ‪.‬‬
‫ولو ركب المسافر النّازل وهو في صلة نافلة بطلت‬
‫ن حالته إقامة فيكون ركوبه فيها كالعمل‬ ‫صلته ؛ ل ّ‬
‫مد من الحنفيّة ‪ :‬يبني‬ ‫الكثير من المقيم ‪ ،‬وقال مح ّ‬
‫على صلته ‪.‬‬
‫==============‬
‫ي صلى الله عليه وسلم *‬ ‫صلَة ُ ع َلَى النَّب ِ ِ ّ‬‫ال َّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫‪ - 1‬المقصود بال ّ‬
‫وسلم ‪ :‬الدّعاء له بصيغة مخصوصة والتّعظيم لمره‬
‫ي من اللّه ‪:‬‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫ي ‪ :‬ال ّ‬ ‫‪ .‬قال القرطب ّ‬
‫رحمته ‪ ،‬ورضوانه ‪ ،‬وثناؤه عليه عند الملئكة ‪ ،‬ومن‬
‫مة ‪ :‬الدّعاء‬ ‫الملئكة ‪ :‬الدّعاء له والستغفار ‪ ،‬ومن ال ّ‬
‫له ‪ ،‬والستغفار ‪ ،‬والتّعظيم لمره ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫الحكام المتعلّقة بال ّ‬
‫وسلم ‪:‬‬
‫صلة على‬ ‫‪ - 2‬ل خلف بين الفقهاء في مشروعيّة ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬للمر بها‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬ ‫النّب ّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي يَا أيُّهَا الذِي َ‬
‫ن‬ ‫ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ‬ ‫صل ّو َ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫مَلئِكَت َ ُ‬ ‫ن الل ّ ُ َ‬
‫ه وَ َ‬ ‫{ إ ِ َّ‬
‫سلِيما ً } قال ابن كثير في‬ ‫موا ت َ ْ‬ ‫صل ّوا ع َلَيْهِ َو َ‬
‫سل ِّ ُ‬ ‫منُوا َ‬ ‫آ َ‬
‫ن اللّه ‪-‬‬ ‫تفسير الية ‪ :‬المقصود من هذه الية ‪ :‬أ ّ‬
‫سبحانه وتعالى‪ -‬أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيّه عنده‬
‫في المل العلى ؛ بأنّه يثني عليه عند الملئكة‬
‫م أمر ج ّ‬
‫ل‬ ‫ن الملئكة تصلّي عليه ‪ .‬ث ّ‬ ‫المقّربين ‪ ،‬وأ ّ‬
‫صلة والتّسليم عليه ؛ ليجتمع الثّناء عليه من‬ ‫شأنه بال ّ‬
‫ي والعلويّ جميعا ً ‪ ،‬وجاءت‬ ‫سفل ّ‬ ‫أهل العاَلَمين ‪ :‬ال ّ‬
‫الحاديث المتواترة عن رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫صلة عليه ‪.‬‬ ‫صلة عليه ‪ ،‬وكيفيّة ال ّ‬ ‫وسلم بالمر بال ّ‬
‫فقد روى البخاريّ عند تفسير هذه الية ‪ « :‬قيل‬
‫لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ :‬يا رسول اللّه ‪،‬‬
‫سلم عليك فقد عرفناه ‪ ،‬فكيف نصلّي عليك ؟‬ ‫ما ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫مد‪ ،‬وعلى آل‬ ‫ل على مح ّ‬ ‫مص ّ‬ ‫قال ‪ :‬قولوا ‪ :‬اللّه ّ‬
‫مد ‪ ،‬كما صلّيت على آل إبراهيم ‪ ،‬إنّك حميد‬ ‫مح ّ‬
‫مد ‪،‬‬‫مد ‪ ،‬وعلى آل مح ّ‬ ‫م بارك على مح ّ‬ ‫مجيد ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫كما باركت على آل إبراهيم ‪ ،‬إنّك حميد مجيد » ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫صلة على‬ ‫‪ - 3‬ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم في مواطن ‪،‬‬ ‫النّب ّ‬
‫واستحبابها في مواطن ‪ .‬واختلفوا في مواطن‬
‫الوجوب ‪.‬‬
‫ي‬
‫صلة على النّب ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫‪ - 4‬فقال الحنفيّة ‪ ،‬والمالكيّة ‪ :‬إ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم في التّشهّد الخير سنّة ‪،‬‬
‫صلة عليه صلى الله‬ ‫وليس بواجب ‪ .‬وقالوا ‪ :‬تجب ال ّ‬

‫‪159‬‬
‫عليه وسلم في العمر مّرةً للمر بها في قوله تعالى‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫سلِيما ً }‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫موا‬ ‫ّ‬
‫َ َ ُ‬‫ِ‬ ‫سل‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫وا‬ ‫صل‬
‫َ‬ ‫وا‬‫ُ‬ ‫من‬ ‫آ‬
‫َ َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫‪ { :‬يَا أَيُّهَا ال‬
‫‪.‬‬
‫وقال الطّحاويّ ‪ :‬تجب كلّما ذ ُكَِر صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫واستدلّوا على عدم الوجوب في التّشهّد الخير «‬
‫بقوله صلى الله عليه وسلم ‪ -‬في تعليم التّشهّد ‪-‬‬
‫بعد أن ذكر ألفاظ التّشهّد ‪ :‬إذا قلت هذا ‪ ،‬أو‬
‫مت صلتك ‪ ،‬إن شئت أن تقوم فقم ‪،‬‬ ‫فعلت ‪ ،‬فقد ت ّ‬
‫وإن شئت أن تقعد فاقعد » ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬وإلى هذا ذهب أهل المدينة ‪ ،‬وأهل‬
‫الكوفة ‪ ،‬وجملة من أهل العلم ‪.‬‬
‫صلة عليه صلى الله عليه وسلم في التّشهّد‬ ‫ما ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫الوّل فليس بمشروع عندهم ‪ ،‬وبه قال الحنابلة فإن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عامداً‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫أتى بال ّ‬
‫في التّشهّد الوّل كره ‪ ،‬وتجب عليه العادة ‪ .‬أو‬
‫سهو عند الحنفيّة ‪.‬‬ ‫ساهيا ً وجبت عليه سجدتا ال ّ‬
‫مد بإتيانها ‪.‬‬ ‫وتفسد صلته عند المالكيّة إن تع ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬إنّها تجب في التّشهّد‬ ‫‪ -5‬وقال ال ّ‬
‫ل صلة ‪ ،‬وبعد التّكبيرة الثّانية في صلة‬ ‫الخير من ك ّ‬
‫الجنازة ‪ ،‬وفي خطبتي الجمعة ‪ ،‬والعيدين ‪ ،‬ول تجب‬
‫خارج ذلك ‪.‬‬
‫صلة على نبيّه صلى‬ ‫ّ‬ ‫ن اللّه تعالى فرض ال‬ ‫وقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫َ َّ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ن الل‬‫الله عليه وسلم في قوله تعالى ‪ { :‬إ ِ ّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ومَلئِكَته يصلُّون ع َلَى النَبي يا أ َ‬
‫صلوا‬ ‫َ‬ ‫وا‬ ‫ُ‬ ‫من‬ ‫َ َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ّ ِ ِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫صلة عليه‬ ‫سلِيما ً } فلم يكن فرض ال ّ‬ ‫موا ت َ ْ‬ ‫سل ِّ ُ‬‫ع َلَيْهِ َو َ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫صلة عليه في ال ّ‬ ‫في موضع أولى من ال ّ‬
‫ووجدنا الدّللة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫صلة على رسول اللّه صلى‬ ‫ن ال ّ‬ ‫بما وصفنا ؛ من أ ّ‬

‫‪160‬‬
‫صلة ‪ ،‬ل في خارجها ‪.‬‬ ‫الله عليه وسلم فرض في ال ّ‬
‫فقد جاء في حديث « أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬‬
‫أنّه قال ‪ :‬يا رسول اللّه ؛ كيف نصلّي عليك ؟ يعني‬
‫مد‬‫ل على مح ّ‬ ‫مص ّ‬ ‫صلة ‪ .‬فقال ‪ :‬تقولون ‪ :‬اللّه ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫مد ‪ ،‬كما صلّيت على إبراهيم ‪ .‬وبارك‬ ‫‪ ،‬وعلى آل مح ّ‬
‫مد ‪ ،‬كما باركت على إبراهيم ‪،‬‬ ‫مد ‪ ،‬وآل مح ّ‬ ‫على مح ّ‬
‫ي»‪.‬‬ ‫م تسلّمون عل ّ‬ ‫ث ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫وعن كعب بن عجرة عن « النّب ّ‬
‫ل على‬ ‫مص ّ‬ ‫صلة ‪ :‬اللّه ّ‬ ‫وسلم ‪ :‬أنّه كان يقول في ال ّ‬
‫مد ‪ ،‬كما صلّيت على إبراهيم ‪،‬‬ ‫مد ‪ ،‬وعلى آل مح ّ‬ ‫مح ّ‬
‫وعلى آل إبراهيم ‪ ،‬إنّك حميد مجيد » ‪.‬‬
‫ن رسول اللّه صلى الله‬ ‫ما روي أ ّ‬ ‫ي ‪ :‬فل ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫صلة‪ ،‬وروي‬ ‫عليه وسلم كان يعلّمهم التّشهّد في ال ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علّمهم كيف‬ ‫أ ّ‬
‫صلة ‪ ،‬لم يجز ‪ -‬واللّه أعلم ‪ -‬أن‬ ‫يصلّون عليه في ال ّ‬
‫ي غير‬‫صلة على النّب ّ‬ ‫نقول ‪ :‬التّشهّد واجب ‪ ،‬وال ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫واجبة ‪ ،‬والخبر فيهما عن النّب ّ‬
‫وسلم زيادة فرض القرآن ‪.‬‬
‫ل مسلم ‪ -‬وجبت عليه‬ ‫وقال ‪ -‬رحمه الله ‪ : -‬فعلى ك ّ‬
‫ي‬
‫صلة على النّب ّ‬ ‫الفرائض ‪ -‬أن يتعلّم التّشهّد ‪ ،‬وال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ .‬ومن صلّى صلةً لم يتشهّد‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬ ‫فيها ‪ ،‬ويصلّي على النّب ّ‬
‫وهو يحسن التّشهّد ‪ -‬فعليه إعادتها ‪ .‬وإن تشهّد ولم‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أو صلّى عليه‬ ‫ل على النّب ّ‬ ‫يص ّ‬
‫ولم يتشهّد ‪ ،‬فعليه العادة حتّى يجمعهما جميعا ً ‪.‬‬
‫وإن كان ل يحسنهما على وجههما أتى بما أحسن‬
‫منهما ‪ ،‬ولم يجزه إل ّ بأن يأتي باسم تشهّد ‪ ،‬وصلة‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وإن أحسنهما‬ ‫على النّب ّ‬

‫‪161‬‬
‫فأغفلهما ‪ ،‬أو عمد بتركهما فسدت صلته ‪ ،‬وعليه‬
‫العادة فيهما جميعا ً ‪.‬‬
‫صحابة ومن بعدهم ‪.‬‬ ‫وقد قال بهذا جماعة من ال ّ‬
‫صحابة ‪ :‬عبد اللّه بن مسعود ‪ ،‬وأبو مسعود‬ ‫فمن ال ّ‬
‫البدريّ ‪ ،‬وعبد اللّه بن عمر ‪.‬‬
‫ي‪،‬‬‫مد بن عل ّ‬ ‫ومن التّابعين ‪ :‬أبو جعفر مح ّ‬
‫ي ‪ ،‬ومقاتل بن حيّان ‪ .‬ومن أرباب المذاهب‬ ‫شعب ّ‬‫وال ّ‬
‫المتبوعين ‪ :‬إسحاق بن راهويه ‪ ،‬وأحمد في إحدى‬
‫صلة‬ ‫ما ال ّ‬‫روايتيه ‪ ،‬وهي المشهورة في المذهب ‪ .‬أ ّ‬
‫عليه صلى الله عليه وسلم في التّشهّد الوّل ‪ ،‬في‬
‫صلة الّرباعيّة والثّلثيّة ‪ ،‬فهي سنّة في القول‬ ‫ال ّ‬
‫ري‬
‫ي ‪ ،‬وهو اختيار ابن هبيرة ‪ ،‬والج ّ ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫الجديد لل ّ‬
‫صلة بتركه ولو عمدا ً ‪،‬‬ ‫من الحنابلة ‪ ،‬ول تبطل ال ّ‬
‫سهو إن تركه ‪.‬‬ ‫ويجبر بسجود ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم خارج‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة عليه صلى الله عليه وسلم خارج‬ ‫ب ال ّ‬
‫‪ - 6‬تستح ّ‬
‫ل الوقات ‪ ،‬وتتأكّد في مواطن منها ‪:‬‬ ‫صلة في ك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صباح ‪ ،‬وعند المساء ‪،‬‬ ‫يوم الجمعة وليلتها ‪ ،‬وعند ال ّ‬
‫وعند دخول المسجد ‪ ،‬والخروج منه ‪ ،‬وعند قبره‬
‫صلى الله عليه وسلم وعند إجابة المؤذ ّن ‪ ،‬وعند‬
‫صفا والمروة ‪،‬‬ ‫سعي بين ال ّ‬ ‫الدّعاء ‪ ،‬وبعده وعند ال ّ‬
‫وعند اجتماع القوم ‪ ،‬وتفّرقهم ‪ ،‬وعند ذكر اسمه‬
‫صلى الله عليه وسلم وعند الفراغ من التّلبية ‪ ،‬وعند‬
‫استلم الحجر ‪ ،‬وعند القيام من النّوم ‪ ،‬وعقب ختم‬
‫شدائد ‪ ،‬وطلب المغفرة ‪،‬‬ ‫م وال ّ‬ ‫القرآن ‪ ،‬وعند اله ّ‬
‫وعند تبليغ العلم إلى النّاس ‪ ،‬وعند الوعظ ‪ ،‬وإلقاء‬
‫الدّرس ‪ ،‬وعند خطبة الّرجل المرأة في النّكاح ‪.‬‬
‫ل موطن يجتمع فيه لذكر اللّه تعالى ‪.‬‬ ‫وفي ك ّ‬

‫‪162‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫ألفاظ ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ -‬في‬ ‫‪ - 7‬روي عن النّب ّ‬
‫صلة عليه ‪ -‬صيغ مختلفة في بعض ألفاظها ‪ .‬قال‬ ‫ال ّ‬
‫ي‬
‫صلة على النّب ّ‬ ‫ن أفضل صيغ ال ّ‬ ‫صاحب المهذ ّب ‪ :‬إ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أن يقول المصلّي عليه ‪" :‬‬
‫مد ‪ ،‬كما‬ ‫مد ‪ ،‬وعلى آل مح ّ‬ ‫ل على مح ّ‬ ‫مص ّ‬ ‫اللّه ّ‬
‫باركت على إبراهيم ‪ ،‬وعلى آل إبراهيم ‪ .‬إنّك حميد‬
‫مجيد " ‪.‬‬
‫البخاري ومسلم عن كعب بن عجرة‬ ‫ّ‬ ‫ومنها ‪ :‬ما رواه‬
‫‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال ‪ « :‬خرج علينا رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم فقلنا ‪ :‬قد علمنا ‪ -‬أو عرفنا ‪-‬‬
‫كيف نسلّم عليك ‪ ،‬فكيف نصلّي عليك ؟ قال ‪:‬‬
‫مد ‪،‬‬ ‫مد ‪ ،‬وعلى آل مح ّ‬ ‫ل على مح ّ‬ ‫مص ّ‬ ‫قولوا ‪ :‬اللّه ّ‬
‫كما صلّيت على آل إبراهيم ‪ .‬إنّك حميد مجيد ‪ .‬اللّه ّ‬
‫م‬
‫مد ‪ ،‬كما باركت على‬ ‫مد وعلى آل مح ّ‬ ‫بارك على مح ّ‬
‫للبخاري‬
‫ّ‬ ‫إبراهيم‪ .‬إنّك حميد مجيد » وفي لفظ‬
‫مد ‪ ،‬وعلى‬ ‫ل على مح ّ‬ ‫مص ّ‬ ‫ومسلم ‪ « :‬قولوا ‪ :‬اللّه ّ‬
‫أزواجه ‪ ،‬وذّريّته ‪ ،‬كما صلّيت على آل إبراهيم ‪.‬‬
‫مد ‪ ،‬وعلى أزواجه ‪ ،‬وذّريّته‪ ،‬كما‬ ‫وبارك على مح ّ‬
‫باركت على آل إبراهيم ‪ .‬إنّك حميد مجيد » ‪.‬‬
‫مص ّ‬
‫ل‬ ‫ل ما يجزئ هو ‪ :‬اللّه ّ‬ ‫وهناك صيغ أخرى ‪ .‬وأق ّ‬
‫مد ‪.‬‬ ‫على مح ّ‬
‫صلة على سائر النبياء ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫ما سائر النبياء والمرسلين فيصلّى عليهم‬ ‫‪-8‬أ ّ‬
‫م عَلَى نُوٍح فِي‬ ‫سَل ٌ‬
‫ويسلّم ‪ .‬قال تعالى في نوح ‪َ { :‬‬
‫م‪،‬‬‫م عَلَى إِبَْراهِي َ‬ ‫سَل ٌ‬‫ن } وفي إبراهيم ‪َ { :‬‬ ‫مي َ‬ ‫الْعَال َ ِ‬
‫ن } وفي موسى وهارون ‪:‬‬ ‫سنِي َ‬‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫جزِي ال ْ ُ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫كَذَل ِ َ‬
‫ن}‪.‬‬ ‫سى وَهَاُرو َ‬ ‫مو َ‬ ‫م ع َلَى ُ‬ ‫سَل ٌ‬ ‫{ َ‬

‫‪163‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬صلّوا‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫وروي أ ّ‬
‫ن اللّه بعثهم كما بعثني »‬ ‫على أنبياء اللّه ورسله ‪ ،‬فإ ّ‬
‫‪.‬‬
‫صلة على‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وقد حكى غير واحد الجماع على أ ّ‬
‫جميع النّبيّين مشروعة ‪.‬‬
‫صلة على غير النبياء ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة على غير النبياء ؛ فإن كانت على‬ ‫ما ال ّ‬ ‫‪-9‬أ ّ‬
‫سابقة ‪« :‬‬‫سبيل التّبعيّة ‪ ،‬كما جاء في الحاديث ال ّ‬
‫مد » فهذا‬ ‫مد ‪ ،‬وعلى آل مح ّ‬ ‫ل على مح ّ‬ ‫مص ّ‬ ‫اللّه ّ‬
‫جائز بالجماع ‪.‬‬
‫صلة عليهم ‪.‬‬ ‫واختلفوا فيما إذا أفرد غير النبياء بال ّ‬
‫جوا بقول اللّه تعالى‬ ‫فقال قائلون ‪ :‬يجوز ذلك ‪ ،‬واحت ّ‬
‫َ‬
‫ه } وقوله ‪:‬‬ ‫مَلئِكَت ُ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫صل ِّي ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫‪ { :‬هُوَ ال ّذِي ي ُ َ‬
‫ص ِّ‬
‫ل‬ ‫م } وقوله ‪ { :‬وَ َ‬ ‫من َّرب ِّهِ ْ‬ ‫ت ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫صلَوَا‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ك ع َلَيْه‬ ‫{ أُولَئ ِ َ‬
‫َ َّ‬
‫م}‪.‬‬ ‫نل ُ ْ‬
‫ه‬ ‫سك ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صلَت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إ ِ َّ‬ ‫ع َلَيْهِ ْ‬
‫وبخبر عبد اللّه بن أبي أوفى قال ‪ « :‬كان رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم‬
‫ل عليهم فأتاه أبي بصدقته ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫مص ّ‬ ‫قال ‪ :‬اللّه ّ‬
‫ل على آل أبي أوفى » ‪.‬‬ ‫مص ّ‬ ‫اللّه ّ‬
‫وقال الجمهور من العلماء ‪ :‬ل يجوز إفراد غير‬
‫ن هذا شعار للنبياء إذا ذكروا ‪،‬‬ ‫صلة ؛ ل ّ‬ ‫النبياء بال ّ‬
‫فل يلحق بهم غيرهم ‪ ،‬فل يقال ‪ :‬قال أبو بكر صلى‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫الله عليه وسلم ‪ ،‬أو قال ‪ :‬عل ّ‬
‫وسلم ‪ ،‬وإن كان المعنى صحيحا ً ‪ ،‬كما ل يقال ‪:‬‬
‫ن هذا من‬ ‫ل ‪ ،‬وإن كان عزيزا ً جليل ً ؛ ل ّ‬ ‫مد عّز وج ّ‬ ‫مح ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫شعار ذكر اللّه عّز وج ّ‬
‫شيخ أبي‬ ‫سلم ‪ ،‬فقد نقل ابن كثير عن ال ّ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة ‪ -‬أنّه في معنى‬ ‫ي ‪ -‬من ال ّ‬ ‫مد الجوين ّ‬ ‫مح ّ‬

‫‪164‬‬
‫صلة ‪ ،‬فل يستعمل في الغائب ‪ ،‬ول يفرد به غير‬ ‫ال ّ‬
‫النبياء ‪ ،‬وسواء في ذلك الحياء والموات ‪.‬‬
‫ما الحاضر فيخاطَب به ‪ ،‬فيقال ‪ :‬سلم عليكم ‪،‬‬ ‫وأ ّ‬
‫وسلم عليك ‪ ،‬وهذا مجمع عليه ‪.‬‬
‫وقد روي عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه قال ‪ :‬ل‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫صلة على أحد إل ّ على النّب ّ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫تص ّ‬
‫وسلم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالمغفرة‬
‫‪.‬‬
‫============‬
‫صلوات الخمس المفروضة *‬ ‫ال ّ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫صلوات مفردها صلة ‪ ،‬ولتعريفها ‪ :‬ينظر‬ ‫‪ - 1‬ال ّ‬
‫مصطلح ‪ ( :‬صلة ) ‪.‬‬
‫صلوات الخمس الّتي تؤدّى‬ ‫والمراد بالمفروضة ‪ :‬ال ّ‬
‫ل يوم وليلة ‪ ،‬وهي ‪ :‬الظّهر والعصر والمغرب‬ ‫ك ّ‬
‫سنّة‬ ‫والعشاء والفجر ثبتت فرضيّتها بالكتاب وال ّ‬
‫ضرورة ‪ ،‬يكفر‬ ‫والجماع ‪ ،‬وهي معلومة من الدّين بال ّ‬
‫جاحدها ‪.‬‬
‫صلوات الخمس ‪ :‬هي آكد الفروض وأفضلها بعد‬ ‫وال ّ‬
‫شهادتين ‪ ،‬وهي الّركن الثّاني من أركان السلم‬ ‫ال ّ‬
‫الخمس ‪ ( .‬ر ‪ :‬صلة ) ‪.‬‬
‫صلوات‬ ‫ل صلة من هذه ال ّ‬ ‫وقد ثبت عدد ركعات ك ّ‬
‫بسنّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قول ً وفعلً‬
‫ي‬‫ي ‪ :‬عرفنا ذلك بفعل النّب ّ‬ ‫وبالجماع ‪ .‬قال الكاسان ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم وقوله ‪ « :‬صلّوا كما رأيتموني‬
‫أصلّي » ‪ ،‬وهذا لنّه ليس في كتاب اللّه عدد ركعات‬
‫ة في‬ ‫صلوات فكانت نصوص الكتاب العزيز مجمل ً‬ ‫ال ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫م زال الجمال ببيان النّب ّ‬ ‫المقدار ‪ ،‬ث ّ‬
‫عليه وسلم قول ً وفعل ً ‪ .‬وأداؤها بالجماعة سنّة‬

‫‪165‬‬
‫مؤكّدة عند الجمهور خلفا ً لبعض الحنفيّة ومن معهم‬
‫حيث قالوا بوجوبها ‪ ( .‬ر ‪ :‬صلة الجماعة ) ‪.‬‬
‫صلوات حسب التّرتيب الّذي‬ ‫وفيما يلي بيان هذه ال ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫ذهب إليه جمهور الفقهاء ‪ -‬من المالكيّة وال ّ‬
‫صبح‬ ‫والحنابلة ‪ -‬خلفا ً للحنفيّة ‪ ،‬حيث بدءوا بصلة ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫أوّل ً ‪ -‬صلة الظّهر ‪:‬‬
‫‪ - 2‬الظّهر ‪ :‬ساعة الّزوال ووقته ‪ ،‬ولهذا يجوز فيه‬
‫التّأنيث والتّذكير ‪ ،‬فيقال ‪ :‬حان الظّهر أي وقت‬
‫الّزوال ‪ ،‬وحانت الظّهر أي ساعته ‪.‬‬
‫سماء إلى‬ ‫شمس عن كبد ال ّ‬ ‫والمراد بالّزوال ‪ :‬ميل ال ّ‬
‫المغرب فصلة الظّهر هي الّتي تجب بدخول وقت‬
‫الظّهر ‪ ،‬وتفعل في وقت الظّهيرة ‪.‬‬
‫مى صلة الظّهر ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬بالولى ؛ لنّها أوّل‬ ‫وتس ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫صلة صّلها جبريل عليه السلم بالنّب ّ‬
‫عليه وسلم ‪ .‬فعن ابن عبّاس ‪ -‬رضي الله عنهما ‪-‬‬
‫مني جبريل‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬أ ّ‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫أ ّ‬
‫‪ -‬عليه السلم ‪ -‬عند البيت مّرتين ‪ ،‬فصلّى الظّهر‬
‫م‬
‫شراك ‪ ،‬ث ّ‬ ‫في الولى منهما حين كان الفيء مثل ال ّ‬
‫ل شيء مثل ظلّه ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬ ‫صلّى العصر حين كان ك ّ‬
‫صائم ‪،‬‬ ‫شمس وأفطر ال ّ‬ ‫صلّى المغرب حين وجبت ال ّ‬
‫م صلّى الفجر‬ ‫شفق ‪ ،‬ث ّ‬ ‫م صلّى العشاء حين غاب ال ّ‬ ‫ث ّ‬
‫صائم ‪ ،‬وصلّى‬ ‫حين برق الفجر وحرم الطّعام على ال ّ‬
‫ل شيء مثله ‪،‬‬ ‫لك ّ‬ ‫المّرة الثّانية الظّهر حين كان ظ ّ‬
‫م صلّى العصر حين كان‬ ‫لوقت العصر بالمس ‪ ،‬ث ّ‬
‫م صلّى المغرب لوقته‬ ‫ل شيء مثليه ‪ ،‬ث ّ‬ ‫لك ّ‬ ‫ظ ّ‬
‫م صلّى العشاء الخرة حين ذهب ثلث اللّيل‬ ‫الوّل ‪ ،‬ث ّ‬
‫م التفت‬ ‫صبح حين أسفرت الرض ‪ ،‬ث ّ‬ ‫م صلّى ال ّ‬ ‫‪،‬ث ّ‬
‫مد ‪ ،‬هذا وقت النبياء من‬ ‫ي جبريل فقال ‪ :‬يا مح ّ‬ ‫إل ّ‬

‫‪166‬‬
‫قبلك ‪ ،‬والوقت فيما بين هذين الوقتين » ‪ .‬وهي‬
‫أوّل صلة ظهرت في السلم ‪.‬‬
‫مى بالهجيرة قال أبو برزة ‪ « :‬كان رسول‬ ‫كما تس ّ‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي الهجيرة الّتي‬
‫شمس ‪ ،‬أو تزول » ‪.‬‬ ‫يدعونها الولى حين تدحض ال ّ‬
‫أوّل وقت الظّهر وآخره ‪:‬‬
‫ن أوّل وقت صلة‬ ‫‪ - 3‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫شمس ‪ ،‬أي ميلها عن وسط‬ ‫الظّهر هو زوال ال ّ‬
‫ن التّكليف‬ ‫سماء ‪ ،‬وذلك بحسب ما يظهر لنا ؛ ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫إنّما يتعلّق به ‪ ،‬ول يشترط أن يكون في الواقع‬
‫كذلك ‪.‬‬
‫ما آخر وقت الظّهر فقد اختلف الفقهاء فيه ‪،‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ن آخره هو بلوغ الظ ّ ّ‬
‫ل‬ ‫فذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫مثله غير فيء الّزوال ‪.‬‬
‫ن آخر وقت الظّهر إذا‬ ‫والمشهور عن أبي حنيفة ‪ :‬أ ّ‬
‫ل شيء مثليه سوى فيء الّزوال ‪.‬‬ ‫لك ّ‬ ‫صار ظ ّ‬
‫ولمعرفة الّزوال وتفصيل الخلف في آخر الظّهر ‪،‬‬
‫وأدلّة الفقهاء في ذلك ينظر مصطلح ‪ ( :‬أوقات‬
‫صلة ف ‪. ) 8 /‬‬ ‫ال ّ‬
‫البراد بصلة الظّهر ‪:‬‬
‫‪ - 4‬ذهب جمهور الفقهاء إلى ‪ :‬أنّه إذا كان الحّر‬
‫ن تأخير صلة الظّهر إلى البراد‪ .‬قال‬ ‫شديدا ً يس ّ‬
‫صلة من أوّل‬ ‫خر ال ّ‬ ‫ووي ‪ :‬حقيقة البراد أن يؤ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬
‫وقتها بقدر ما يحصل للحيطان فيء يمشي فيه‬
‫خر عن نصف القامة ‪.‬‬ ‫طالب الجماعة ‪ ،‬ول يؤ ّ‬
‫وقريب منه ما ذهب إليه المالكيّة والحنابلة ‪.‬‬
‫ب عندهم تأخير الظّهر في‬ ‫ما الحنفيّة فيستح ّ‬ ‫أ ّ‬
‫صيف مطلقا ً أي بل اشتراط شدّة الحّر وحرارة‬ ‫ال ّ‬

‫‪167‬‬
‫البلد ‪ .‬ولتفصيل الموضوع ينظر مصطلح ‪ ( :‬أوقات‬
‫صلة ف ‪. ) 16/‬‬ ‫ال ّ‬
‫قصر الظّهر وجمعها مع العصر ‪:‬‬
‫‪ - 5‬اتّفق الفقهاء على مشروعيّة قصر صلة الظّهر‬
‫سفر ( ر ‪ :‬صلة المسافر ) ‪.‬‬ ‫في ال ّ‬
‫كما اتّفقوا على مشروعيّة الجمع بين صلتي الظّهر‬
‫والعصر في عرفة جمع تقديم ‪ ،‬بأن يصلّيهما في‬
‫وقت الظّهر ‪ .‬واختلفوا فيما عدا يوم عرفة ‪:‬‬
‫سفر‬‫فذهب الجمهور إلى جواز الجمع بينهما بعذر ال ّ‬
‫جمع تقديم أو تأخير ‪ ،‬بأن تصلّى العصر في وقت‬
‫الظّهر أو بالعكس ‪ ،‬خلفا ً للحنفيّة ‪.‬‬
‫صلوات )‬ ‫وتفصيل الموضوع في مصطلح ‪ ( :‬جمع ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫ب قراءته في الظّهر ‪:‬‬ ‫ما يستح ّ‬
‫ب في الظّهر عند جمهور الفقهاء ‪ :‬أن يقرأ‬ ‫‪ - 6‬يستح ّ‬
‫المام أو المنفرد إذا كان مقيما ً طوال المف ّ‬
‫صل‬
‫ن الظّهر‬ ‫كصلة الفجر ‪ ،‬وذهب بعض الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫صل ‪.‬‬ ‫ن فيه أوساط المف ّ‬ ‫كالعصر ‪ ،‬فيس ّ‬
‫صبح في‬ ‫ن الظّهر كال ّ‬ ‫وورد في عبارات المالكيّة أ ّ‬
‫القراءة من الطّوال أو دون ذلك قليل ً ‪.‬‬
‫واتّفق فقهاء المذاهب على أنّه يسّر بالقراءة في‬
‫ة أم‬ ‫جميع ركعات الظّهر ‪ ،‬سواء أصّلها جماع ً‬
‫انفرادا ً ‪ ،‬وتفصيل المسألة في مصطلح ‪ ( :‬إسرار ‪،‬‬
‫صلة ‪ ،‬قراءة ) ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ -‬صلة العصر ‪:‬‬
‫ي إلى‬ ‫‪ - 7‬العصر يطلق على معان منها ‪ :‬العش ّ‬
‫شمس ‪ ،‬وهو آخر ساعات النّهار ‪ ،‬كما‬ ‫احمرار ال ّ‬
‫صلة الّتي تؤدّى في آخر النّهار ‪ ،‬قال‬ ‫يطلق على ال ّ‬

‫‪168‬‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫صلة " مؤنّثة " مع ال ّ‬ ‫ي ‪ :‬العصر اسم ال ّ‬ ‫الفيّوم ّ‬
‫وبدونها تذكّر وتؤنّث ‪.‬‬
‫مى‬ ‫ويقال ‪ :‬أذ ّن للعصر ‪ .‬أي لصلة العصر ‪ .‬وتس ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ي ) لنّها تصلّى عشي ّ ً‬ ‫صلة العصر ب ( العش ّ‬
‫أوّل وقت العصر وآخره ‪:‬‬
‫شافعيّة ‪،‬‬ ‫‪ - 8‬ذهب جمهور الفقهاء ‪ :‬المالكيّة ‪ ،‬وال ّ‬
‫ن أوّل وقت‬ ‫صاحبان من الحنفيّة إلى أ ّ‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬وال ّ‬
‫ل شيء مثله غير فيء‬ ‫لك ّ‬ ‫العصر إذا صار ظ ّ‬
‫الّزوال ‪ ،‬وهذا رواية عن أبي حنيفة أيضا ً ‪.‬‬
‫ويستدلّون « بحديث إمامة جبريل ‪ -‬عليه الصلة‬
‫م صلّى العصر حين كان ك ّ‬
‫ل‬ ‫والسلم ‪ -‬وفيه ‪ :‬ث ّ‬
‫شيء مثل ظلّه » ‪.‬‬
‫ن أوّل وقت العصر إذا‬ ‫والمشهور عن أبي حنيفة ‪ :‬أ ّ‬
‫ل شيء مثليه غير فيء الّزوال ( ر ‪:‬‬ ‫لك ّ‬ ‫صار ظ ّ‬
‫صلة ) ‪.‬‬ ‫أوقات ال ّ‬
‫‪ -9‬وهل يوجد وقت مهمل بين آخر الظّهر وأوّل‬
‫العصر ؟ اختلفت الّروايات عن الفقهاء ‪ :‬فيشترط‬
‫شافعيّة والحنابلة لدخول أوّل العصر أن‬ ‫بعض ال ّ‬
‫ل شيء مثله ‪ ،‬وزاد أدنى زيادةً ‪ .‬قال‬ ‫لك ّ‬ ‫يصير ظ ّ‬
‫ي ‪ :‬وإذا زاد شيئا ً وجبت العصر ومثله ما نقله‬ ‫الخرق ّ‬
‫ن وقت‬ ‫شافعيّة وجملته ‪ :‬أ ّ‬ ‫ي عن بعض ال ّ‬ ‫شربين ّ‬ ‫ال ّ‬
‫العصر من حين الّزيادة على المثل أدنى زيادةً‬
‫متّصل بوقت الظّهر ل نصلّي بينهما ‪ .‬كما حّرره ابن‬
‫قدامة في المغني ‪.‬‬
‫ل‬‫وروي عن أبي حنيفة ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬قوله ‪ :‬إذا بلغ الظ ّ ّ‬
‫طوله سوى فيء الّزوال خرج وقت الظّهر ‪ ،‬ول‬
‫يدخل وقت العصر إلى الطّولين ‪.‬‬
‫وعلى هذا يكون بين الظّهر والعصر وقت مهمل ‪،‬‬
‫كما بين الفجر والظّهر ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه ل يشترط حدوث زيادة‬ ‫صحيح عند ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫شربين ّ‬‫فاصلة بينه وبين وقت الظّهر ‪ ،‬كما قال ال ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ومثله ما نقله ابن قدامة عن الحنابلة عدا الخرق ّ‬
‫ي ‪ :‬من غير فصل بينهما ‪ ،‬ول اشتراك ‪.‬‬ ‫قال البهوت ّ‬
‫ن أوّل العصر وآخر‬ ‫والمشهور عند المالكيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫الظّهر يشتركان بقدر إحداهما ‪ ،‬أي ‪ :‬بقدر أربع‬
‫سفر ‪ ،‬فآخر‬ ‫ركعات في الحضر ‪ ،‬وركعتين في ال ّ‬
‫ل شيء مثله بعد‬ ‫لك ّ‬ ‫وقت الظّهر ‪ :‬أن يصير ظ ّ‬
‫ل الّزوال ‪ ،‬وهو بعينه أوّل وقت العصر‬ ‫طرح ظ ّ‬
‫فيكون وقتا ً لهما ممتزجا ً بينهما ‪ .‬ويؤيّده ظاهر «‬
‫حديث إمامة جبريل حيث جاء فيه ‪ :‬صلّى المّرة‬
‫ل شيء مثله لوقت‬ ‫لك ّ‬ ‫الثّانية الظّهر حين كان ظ ّ‬
‫العصر بالمس » ‪.‬‬
‫شمس‬ ‫ما آخر وقت العصر فهو ما لم تغرب ال ّ‬ ‫‪ - 10‬أ ّ‬
‫شمس ‪.‬‬ ‫‪ .‬أي قبيل غروب ال ّ‬
‫صلة ) ‪.‬‬ ‫( ر ‪ :‬أوقات ال ّ‬
‫ب قراءته في العصر ‪:‬‬ ‫ما يستح ّ‬
‫ن أن يقرأ في‬ ‫شافعيّة بأنّه يس ُّ‬ ‫‪ - 11‬صّرح الحنفيّة وال ّ‬
‫صل ‪.‬‬ ‫صلة العصر بأوساط المف ّ‬
‫سور مثل ‪:‬‬ ‫وقال المالكيّة ‪ :‬يقرأ فيها بالقصار من ال ّ‬
‫حى } و { إِنَّا أَنَزلْنَاه ُ } ‪ ،‬ونحوهما ‪.‬‬ ‫ض َ‬‫{ َوال ُّ‬
‫ب عند الحنابلة أن تكون القراءة في العصر‬ ‫ويستح ّ‬
‫على النّصف من الظّهر ‪.‬‬
‫ن السرار في القراءة سنّة‬ ‫وجمهور الفقهاء على أ ّ‬
‫في العصر والظّهر ‪ ،‬بينما يقول الحنفيّة ‪ :‬بأنّه واجب‬
‫‪ .‬وتفصيل الموضوع في مصطلح ‪ ( :‬إسرار ‪،‬‬
‫وقراءة ) ‪.‬‬
‫التّنّفل بعد صلة العصر ‪:‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ - 12‬اتّفق الفقهاء في الجملة على عدم جواز‬
‫شمس ؛‬ ‫التّنّفل بعد صلة العصر إلى أن تغرب ال ّ‬
‫لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬ل صلة بعد العصر‬
‫شمس » ‪.‬‬ ‫حتّى تغيب ال ّ‬
‫وتشمل ذلك ما لو صلّيت العصر في وقت الظّهر‬
‫جمع تقديم كذلك ‪ ،‬كما صّرح به فقهاء المذاهب ‪،‬‬
‫وللتّفصيل ينظر مصطلح ‪ ( :‬صلة التّطوّع ) ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ -‬صلة المغرب ‪:‬‬
‫شمس إذا‬ ‫‪ - 13‬المغرب في الصل ‪ :‬من غربت ال ّ‬
‫غابت وتوارت ‪.‬‬
‫ويطلق في اللّغة على وقت الغروب ومكانه ‪ ،‬وعلى‬
‫صلة الّتي تؤدّى في هذا الوقت ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫أوّل وقت المغرب وآخره ‪:‬‬
‫ن أوّل وقت صلة المغرب‬ ‫‪ - 14‬أجمع الفقهاء على أ ّ‬
‫شمس وتكامل غروبها ‪ .‬وهذا‬ ‫يدخل إذا غابت ال ّ‬
‫صحاري ‪ .‬ويعرف في العمران بزوال‬ ‫ظاهر في ال ّ‬
‫شعاع من رءوس الجبال ‪ ،‬وإقبال الظّلم من‬ ‫ال ّ‬
‫المشرق وآخر وقتها عند الجمهور ما لم يغب‬
‫شفق ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫والمشهور عند المالكيّة ‪ -‬وهو الجديد عند ال ّ‬
‫ن للمغرب وقتا ً واحدا ً وهو بقدر ما يتطهّر‬ ‫‪-‬أ ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫المصلّي ويستر عورته ويؤذ ّن ويقيم لل ّ‬
‫صلة ) ‪.‬‬ ‫للتّفصيل ( ر ‪ :‬أوقات ال ّ‬
‫تسمية المغرب بالعشاء ‪:‬‬
‫شافعيّة إلى كراهة تسمية‬ ‫‪ - 15‬ذهب المالكيّة وال ّ‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬‫يأ ّ‬‫المغرب عشاءً لما رواه عبد اللّه المزن ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬ل تغلبنّكم العراب‬
‫على اسم صلتكم المغرب ‪ .‬قال ‪ :‬وتقول العراب‬
‫هي العشاء » ول يكره تسميتها بالعشاء على‬

‫‪171‬‬
‫صحيح من المذهب عند الحنابلة ‪ ،‬ولكن تسميتها‬ ‫ال ّ‬
‫بالمغرب أولى ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ -‬صلة العشاء ‪:‬‬
‫‪ - 16‬العِشاء بكسر العين والمد ّ ‪ :‬اسم لوّل الظّلم‬
‫صلة بذلك لنّها‬ ‫ميت ال ّ‬ ‫من المغرب إلى العتمة ‪ ،‬وس ّ‬
‫تفعل في هذا الوقت ‪.‬‬
‫والعَشاء بالفتح والمد ّ ‪ :‬طعام هذا الوقت ويجوز أن‬
‫يقال لها ‪ :‬العشاء الخرة ‪ ،‬والعشاء ‪ -‬فقط ‪ -‬من‬
‫صَلةِ‬
‫من بَعْدِ َ‬‫غير وصف بالخرة قال تعالى ‪ { :‬وَ ِ‬
‫شاء } ‪.‬‬ ‫الْعِ َ‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬أيّما امرأة أصابت‬
‫بخورا ً فل تشهد معنا العشاء الخرة » ‪.‬‬
‫تسمية صلة العشاء بالعتمة ‪:‬‬
‫‪ - 17‬أجاز أكثر الفقهاء تسمية صلة العشاء بالعتمة‬
‫لورودها في كثير من الحاديث ‪ ،‬منها ما رواه‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫البخاريّ أ ّ‬
‫صبح لتوهما ولو حبواً‬ ‫« لو يعلمون ما في العتمة وال ّ‬
‫» ومنها قول عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ « : -‬كان‬
‫شفق إلى ثلث‬ ‫يصلّون العتمة فيما بين أن يغيب ال ّ‬
‫اللّيل الوّل » والعتمة هي شدّة الظّلمة كما يقول‬
‫ي‪.‬‬‫البهوت ّ‬
‫شافعيّة والمالكيّة تسميتها بالعتمة‬ ‫‪ - 18‬وكره بعض ال ّ‬
‫لما ورد من النّهي عن ذلك في حديث مسلم عن‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬‫ابن عمر رضي الله عنهما ‪ -‬أ ّ‬
‫وسلم قال ‪ « :‬ل تغلبنّكم العراب على اسم‬
‫صلتكم ‪ ،‬أل إنّها العشاء وهم يعتمون بالبل » معناه‬
‫مونها العتمة لكونهم يعتمون بحلب البل‬ ‫‪ :‬أنّهم يس ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫خرونه إلى شدّة الظّّلم وصّرح بعض ال ّ‬ ‫أي يؤ ّ‬
‫ن النّهي للتّنزيه ‪.‬‬ ‫أ ّ‬

‫‪172‬‬
‫ن هذا الستعمال ورد في نادر‬ ‫قال النّوويّ ‪ :‬إ ّ‬
‫الحوال لبيان الجواز فإنّه ليس بحرام ‪ ،‬أو أنّه‬
‫خوطب به من قد يشتبه عليه العشاء بالمغرب ‪،‬‬
‫فلو قيل ‪ :‬العشاء لتوهّم إرادة المغرب ؛ لنّها كانت‬
‫ما العتمة فصريحة في‬ ‫ة عندهم بالعشاء ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫معروف ً‬
‫العشاء الخرة ‪.‬‬
‫وللمالكيّة في تسميتها قولن آخران ‪ :‬أحدهما ‪:‬‬
‫الجواز من غير كراهة ‪ ،‬وثانيهما ‪ :‬الحرمة‬
‫أوّل وقت العشاء وآخره ‪:‬‬
‫ن أوّل وقت صلة‬ ‫‪ - 19‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫شفق ‪ ،‬وإنّما اختلفوا في‬ ‫العشاء يدخل من غيبوبة ال ّ‬
‫شفق ‪ .‬فالجمهور على أنّه ‪ :‬الحمرة ‪ ،‬وأبو حنيفة‬ ‫ال ّ‬
‫وزفر يقولن ‪ :‬هو البياض بعد الحمرة ‪.‬‬
‫صادق ؛ لقوله صلى‬ ‫وآخر وقت العشاء إلى الفجر ال ّ‬
‫الله عليه وسلم ‪ « :‬آخر وقت العشاء ما لم يطلع‬
‫الفجر » ‪.‬‬
‫سم جمهور الفقهاء الوقت إلى‬ ‫هذا ‪ ،‬وقد ق ّ‬
‫وضروري ‪ ،‬وتفصيله في مصطلح ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫اختياريّ ‪،‬‬
‫صلة ) ‪.‬‬ ‫( أوقات ال ّ‬
‫صلة فاقد العشاء ‪:‬‬
‫صلة‬ ‫ن سبب وجوب ال ّ‬ ‫‪ - 20‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫المفروضة هو الوقت ‪ ،‬وذكروا حكم من ل يأتي‬
‫سنة أو كلّها ‪ ،‬هل‬ ‫عليهم العشاء في بعض أيّام ال ّ‬
‫تجب عليهم صلة العشاء أم ل ؟ وإذا وجبت فكيف‬
‫يؤدّونها ؟ فذهب الجمهور إلى أنّه تجب عليهم صلة‬
‫شفق بأقرب‬ ‫العشاء ويقدّرون وقتها قدر ما يغيب ال ّ‬
‫ن من ل‬ ‫البلد إليهم ‪ .‬وفي رأي عند بعض الحنفيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫يأتي عليه العشاء ل يكلّف بصلتها لعدم سبب‬

‫‪173‬‬
‫وجوبها ‪ .‬وللتّفصيل ينظر مصطلح ‪ ( :‬أوقات‬
‫صلة ) ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫تأخير صلة العشاء ‪:‬‬
‫‪ - 21‬ذهب جمهور الفقهاء ‪ -‬الحنفيّة ‪ ،‬والحنابلة ‪،‬‬
‫ن تأخير العشاء‬ ‫شافعيّة ‪ -‬إلى أ ّ‬ ‫وهو قول عند ال ّ‬
‫ي ‪ :‬قد ورد في‬ ‫ب إلى ثلث اللّيل ‪ ،‬قال الّزيلع ّ‬ ‫مستح ّ‬
‫تأخير العشاء أخبار كثيرة صحاح ‪ .‬وهو مذهب أكثر‬
‫صحابة والتّابعين ‪ ،‬ومن الحاديث‬ ‫أهل العلم من ال ّ‬
‫الّتي يستدلّون بها على استحباب تأخير العشاء قوله‬
‫متي‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬لول أن أشقّ على أ ّ‬
‫خروا العشاء إلى ثلث اللّيل أو نصفه‬ ‫لمرتهم أن يؤ ّ‬
‫»‪.‬‬
‫شتاء ‪،‬‬ ‫وقيّد بعض الحنفيّة استحباب تأخير العشاء بال ّ‬
‫صيف فيندب تعجيلها عندهم ‪ .‬وذهب المالكيّة‬ ‫ما ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ن الفضل للفذ ّ والجماعة الّتي ل تنتظر غيرها‬ ‫إلى أ ّ‬
‫صلوات ‪ ،‬ولو عشاءً في أوّل وقتها المختار‬ ‫تقديم ال ّ‬
‫بعد تحّقق دخوله ‪ ،‬ول ينبغي تأخير العشاء إلى ثلث‬
‫م ‪ ،‬كعمله في‬ ‫اللّيل إل ّ لمن يريد تأخيرها لشغل مه ّ‬
‫حرفته ‪ ،‬أو لجل عذر ‪ ،‬كمرض ونحوه ‪ .‬لكن‬
‫خرها أهل المساجد قليل ً لجتماع‬ ‫ب أن يؤ ّ‬ ‫يستح ّ‬
‫صلوات لوّل وقتها ولو‬ ‫النّاس ‪ ،‬وأفضليّة تقديم ال ّ‬
‫ووي‬
‫ّ‬ ‫شافعيّة ‪ .‬قال الن ّ‬ ‫عشاءً هو ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬قول آخر لل ّ‬
‫ن تقديمها أفضل‬ ‫ح من القولين عند أصحابنا أ ّ‬ ‫‪ :‬والص ّ‬
‫م قال ‪ :‬وتفضيل التّأخير أقوى دليل ً ‪.‬‬ ‫‪،‬ث ّ‬
‫كراهة النّوم قبل صلة العشاء والحديث بعدها ‪:‬‬
‫‪ - 22‬ذهب الفقهاء إلى أنّه يكره النّوم قبل صلة‬
‫العشاء والحديث بعدها لما رواه أبو برزة ‪ -‬رضي‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫الله عنه ‪ -‬قال ‪ « :‬كان النّب ّ‬

‫‪174‬‬
‫يكره النّوم قبلها والحديث بعدها» قال النّفراويّ ‪:‬‬
‫ة من النّوم قبلها ‪.‬‬ ‫الحديث بعدها أشد ّ كراه ً‬
‫والدّليل على كراهة النّوم قبلها ‪ :‬هو خشية فوت‬
‫وقتها ‪ ،‬أو فوت الجماعة فيها ‪.‬‬
‫لكن الحنفيّة قالوا ‪ :‬إذا وكّل لنفسه من يوقظه في‬
‫ي عن‬ ‫وقتها فمباح له النّوم ‪ ،‬كما نقله الّزيلع ّ‬
‫الطّحاويّ ‪.‬‬
‫وكره المالكيّة النّوم قبل صلة العشاء ولو وكّل من‬
‫يوقظه ؛ لحتمال نوم الوكيل أو نسيانه فيفوت وقت‬
‫الختيار ‪.‬‬
‫ما كراهة الحديث بعد صلة العشاء ‪ :‬فلنّه ربّما‬ ‫أ ّ‬
‫صبح ‪ ،‬أو لئل ّ يقع في‬ ‫يؤدّي إلى سهر يفوت به ال ّ‬
‫كلمه لغو ‪ ،‬فل ينبغي ختم اليقظة به ‪ ،‬أو لنّه يفوت‬
‫صلة الّتي‬ ‫به قيام اللّيل لمن له به عادة ؛ ولتقع ال ّ‬
‫هي أفضل العمال خاتمة عمله والنّوم أخو الموت ‪،‬‬
‫وربّما مات في نومه‪ .‬وهذا إذا كان الحديث لغير‬
‫مة فل بأس ‪ .‬وكذا‬ ‫ما إذا كان لحاجة مه ّ‬ ‫حاجة ‪ ،‬أ ّ‬
‫قراءة القرآن ‪ ،‬وحديث الّرسول صلى الله عليه‬
‫صالحين ‪،‬‬ ‫وسلم ومذاكرة الفقه وحكايات ال ّ‬
‫سفر ونحوها‬ ‫ضيف ‪ ،‬أو القادم من ال ّ‬ ‫والحديث مع ال ّ‬
‫فل كراهة في شيء من ذلك ؛ لنّه خير ناجز فل‬
‫ووي وعن عمر‬ ‫ّ‬ ‫يترك لمفسدة متوهّمة ‪ ،‬كما قال الن ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال ‪ « :‬كان النّب ّ‬
‫عليه وسلم يسمر مع أبي بكر في أمر من أمور‬
‫المسلمين وأنا معهما » ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ -‬صلة الفجر ‪:‬‬
‫شفق ‪ ،‬والمراد به ضوء‬ ‫‪ - 23‬الفجر في الصل هو ال ّ‬
‫مي به لنفجار الظّلمة به بسبب حمرة‬ ‫صباح ‪ ،‬س ّ‬ ‫ال ّ‬

‫‪175‬‬
‫شمس في سواد اللّيل ‪ .‬والفجر في آخر اللّيل‬ ‫ال ّ‬
‫شفق في أوّله ‪.‬‬ ‫كال ّ‬
‫والفجر اثنان ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الفجر الوّل ‪ :‬وهو الفجر الكاذب ‪ ،‬وهو البياض‬
‫مى‬ ‫سماء وهو المس ّ‬ ‫المستطيل يبدو في ناحية من ال ّ‬
‫م ينكتم ‪.‬‬ ‫سرحان ( الذ ّئب ) ‪ ،‬ث ّ‬ ‫عند العرب بذنب ال ّ‬
‫م يعقبه‬ ‫مى فجرا ً كاذبا ً ‪ ،‬لنّه يبدو نوره ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ولهذا يس ّ‬
‫الظّلم ‪.‬‬
‫صادق ‪ :‬وهو البياض‬ ‫ب ‪ -‬الفجر الثّاني أو الفجر ال ّ‬
‫المستطير المعترض في الفق ‪ ،‬ل يزال يزداد نوره‬
‫مى هذا فجرا ً صادقا ً ؛ لنّه‬ ‫شمس ‪ ،‬ويس ّ‬ ‫حتّى تطلع ال ّ‬
‫إذا بدا نوره ينتشر في الفق وفي الحديث ‪ « :‬ل‬
‫يمنعنّكم من سحوركم أذان بلل ول الفجر‬
‫المستطيل ‪ ،‬ولكن الفجر المستطير في الفق » ‪.‬‬
‫قال النّوويّ ‪ :‬والحكام كلّها متعلّقة بالفجر الثّاني ‪،‬‬
‫صبح ‪ ،‬ويخرج وقت العشاء ‪،‬‬ ‫فبه يدخل وقت صلة ال ّ‬
‫صائم ‪ ،‬وبه ينقضي‬ ‫شراب على ال ّ‬ ‫ويحّرم الطّعام وال ّ‬
‫اللّيل ويدخل النّهار ‪ .‬ويطلق الفجر على صلة الفجر‬
‫؛ لنّها تؤدّى في هذا الوقت ‪ ،‬وقد وردت هذه‬
‫التّسمية في القرآن الكريم في قوله تعالى ‪:‬‬
‫شهُودا ً } ‪،‬‬‫م ْ‬
‫ن َ‬‫جرِ كَا َ‬‫ن الَْف ْ‬
‫ن قُْرآ َ‬‫جرِ إ ِ َّ‬‫ن الَْف ْ‬‫{ َوقُْرآ َ‬
‫صبح والفجر في الحاديث‬ ‫كما وردت تسميتها بال ّ‬
‫النّبويّة ‪ ،‬كقوله عليه الصلة والسلم ‪ « :‬من أدرك‬
‫شمس فقد أدرك‬ ‫ة قبل أن تطلع ال ّ‬ ‫صبح ركع ً‬ ‫من ال ّ‬
‫صبح » ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫تسمية صلة الفجر بالغداة ‪:‬‬
‫‪ - 24‬جمهور الفقهاء على أنّه ل تكره تسمية صلة‬
‫الفجر بالغداة ‪ ،‬كما صّرح به المالكيّة والحنابلة‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫ققو ال ّ‬ ‫ومح ّ‬

‫‪176‬‬
‫ب أن‬ ‫م ‪ :‬أح ّ‬ ‫ي قوله في ال ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫ونقل النّوويّ عن ال ّ‬
‫صبح‬ ‫مى إل ّ بأحد هذين السمين " أي الفجر وال ّ‬ ‫ل تس ّ‬
‫مى الغداة ‪ .‬قال النّوويّ ‪ :‬وهذا ل‬ ‫ب أن تس ّ‬ ‫" ‪ ،‬ول أح ّ‬
‫ن المكروه ما ثبت فيه نهي‬ ‫ل على الكراهة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫يد ّ‬
‫غير جازم ‪ ،‬ولم يرد بل اشتهر استعمال لفظ الغداة‬
‫صحابة ‪ -‬رضي الله عنهم ‪-‬‬ ‫فيها في الحديث وكلم ال ّ‬
‫صبح ‪.‬‬ ‫لكن الفضل الفجر وال ّ‬
‫شافعيّة كالمهذ ّب وغيره‬ ‫وذكر في بعض كتب ال ّ‬
‫كراهة هذه التّسمية ‪.‬‬
‫صلة الوسطى ‪:‬‬ ‫تسميتها بال ّ‬
‫صلة‬ ‫ن المراد بال ّ‬ ‫‪ - 25‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫صلَوَا ِ‬
‫ت‬ ‫حافِظُوا ْ عَلَى ال َّ‬ ‫الوسطى في قوله تعالى ‪َ { :‬‬
‫سطَى } صلة العصر كما وردت في‬ ‫صلَةِ الْوُ ْ‬ ‫وال َّ‬
‫صحيحة ‪.‬‬‫الحاديث ال ّ‬
‫ص‬
‫ين ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫والمشهور عند المالكيّة ‪ -‬وهو قول ال ّ‬
‫صلة الوسطى هي الفجر ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م‪-‬أ ّ‬ ‫عليه في ال ّ‬
‫فراوي‬
‫ّ‬ ‫مونها الوسطى ‪ ،‬قال الن ّ‬ ‫ن المالكيّة يس ّ‬ ‫حتّى إ ّ‬
‫صبح ‪ ،‬والفجر ‪ ،‬والوسطى ‪،‬‬ ‫‪ :‬لها أربعة أسماء ‪ :‬ال ّ‬
‫صلة‬ ‫والغداة ‪ .‬وللتّفصيل ينظر مصطلح ‪ ( :‬ال ّ‬
‫الوسطى ) ‪.‬‬
‫أوّل وقت الفجر وآخره ‪:‬‬
‫ن أوّل وقت صلة‬ ‫‪ - 26‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫صادق ‪،‬‬ ‫الفجر هو طلوع الفجر الثّاني أي الفجر ال ّ‬
‫ن‬‫شمس ‪ ،‬لقوله ‪ « :‬إ ّ‬ ‫وآخر وقتها إلى طلوع ال ّ‬
‫ن أوّل وقت الفجر حين يطلع‬ ‫صلة أوّل ً وآخرا ً ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫لل ّ‬
‫شمس » ‪.‬‬ ‫ن آخر وقتها حين تطلع ال ّ‬ ‫الفجر ‪ ،‬وإ ّ‬
‫سم بعض الفقهاء وقت الفجر إلى ‪ :‬وقت‬ ‫وقد ق ّ‬
‫اختيار ‪ ،‬وضرورة ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬ينظر تفصيله في‬
‫صلة ) ‪.‬‬ ‫مصطلح ‪ ( :‬أوقات ال ّ‬

‫‪177‬‬
‫القراءة في الفجر ‪:‬‬
‫ن في صلة الفجر‬ ‫‪ - 27‬اتّفق الفقهاء على أنّه يس ّ‬
‫صل قال‬ ‫تطويل قراءتها ‪ ،‬بأن يقرأ فيها طوال المف ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫أبو برزة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ « : -‬كان النّب ّ‬
‫ستّين إلى‬ ‫عليه وسلم يقرأ في الفجر ما بين ال ّ‬
‫ن‬
‫ي ‪ :‬والحكمة في ذلك ‪ :‬أ ّ‬ ‫شربين ّ‬‫ة » قال ال ّ‬ ‫المائة آي ً‬
‫صلة ركعتان فحسن‬ ‫صبح طويل وال ّ‬ ‫وقت ال ّ‬
‫تطويلهما ‪.‬‬
‫سفر فيقرأ مع فاتحة‬ ‫ما في ال ّ‬ ‫وهذا في الحضر ‪ .‬أ ّ‬
‫ي صلى‬ ‫ن النّب ّ‬‫الكتاب أيّ سورة شاء ‪ ،‬وقد ثبت « أ ّ‬
‫صبح في سفره‬ ‫الله عليه وسلم قرأ في صلة ال ّ‬
‫بالمعوّذتين » ‪.‬‬
‫وتفصيل الموضوع في مصطلح ‪ ( :‬قراءة ) ‪.‬‬
‫منع النّافلة بعد صلة الفجر وقبلها ‪:‬‬
‫‪ - 28‬ل خلف بين الفقهاء في عدم جواز صلة‬
‫شمس ‪ ،‬كما‬ ‫النّافلة بعد صلة الفجر إلى أن تطلع ال ّ‬
‫ن جمهور الفقهاء ل يجيزون التّنّفل قبل صلة‬ ‫أ ّ‬
‫الفجر ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬إل ّ ركعتي الفجر ‪ ،‬لقوله عليه الصلة‬
‫والسلم ‪ « :‬إذا طلع الفجر فل صلة إل ّ ركعتي‬
‫الفجر » ‪.‬‬
‫وينظر تفصيل الموضوع في مصطلح ‪ ( :‬تطوّع ‪،‬‬
‫صلة ) ‪.‬‬‫وأوقات ال ّ‬
‫التّغليس أو السفار بالفجر ‪:‬‬
‫ن التّغليس ‪ :‬أي أداء‬ ‫‪ - 29‬يرى جمهور الفقهاء أ ّ‬
‫صلة الفجر بغلس أفضل من السفار بها؛ لقوله‬
‫صلة في‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬أفضل العمال ال ّ‬
‫أوّل وقتها » ‪.‬‬
‫وقال الحنفيّة ‪ :‬ندب تأخير الفجر إلى السفار ‪،‬‬
‫لقوله عليه الصلة والسلم ‪ « :‬أسفروا بالفجر فإنّه‬

‫‪178‬‬
‫خرها بحيث يقع‬ ‫ي ‪ :‬ول يؤ ّ‬ ‫أعظم للجر » قال الّزيلع ّ‬
‫شمس ‪ ،‬بل يسفر بها بحيث لو‬ ‫ك في طلوع ال ّ‬ ‫ش ّ‬‫ال ّ‬
‫ظهر فساد صلته يمكنه أن يعيدها في الوقت‬
‫بقراءة مستحبّة ‪ .‬ويستثنى من السفار صلة الفجر‬
‫ب فيها التّغليس‬ ‫بمزدلفة يوم النّحر ‪ ،‬حيث يستح ّ‬
‫عند الجميع ‪ .‬وتفصيل الموضوع في مصطلح ‪:‬‬
‫صلة ف ‪. ) 15/‬‬ ‫( أوقات ال ّ‬
‫القنوت في صلة الفجر ‪:‬‬
‫شافعيّة إلى مشروعيّة‬ ‫‪ - 30‬ذهب المالكيّة وال ّ‬
‫صبح ‪ .‬قال المالكيّة ‪ :‬وندب قنوت‬ ‫القنوت في ال ّ‬
‫صلوات قبل الّركوع ‪،‬‬ ‫سّرا ً بصبح فقط دون سائر ال ّ‬
‫عقب القراءة بل تكبير قبله ‪.‬‬
‫ن القنوت في اعتدال ثانية‬ ‫شافعيّة ‪ :‬يس ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫صبح ‪ ،‬يعني بعد ما رفع رأسه من الّركوع في‬ ‫ال ّ‬
‫الّركعة الثّانية ‪ ،‬ولم يقيّدوه بالنّازلة ‪.‬‬
‫وقال الحنفيّة ‪ ،‬والحنابلة ‪ :‬ل قنوت في صلة الفجر‬
‫إل ّ في النّوازل وذلك لما رواه ابن مسعود وأبو‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬
‫هريرة ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ « : -‬أ ّ‬
‫عليه وسلم قنت شهرا ً يدعو على أحياء من أحياء‬
‫م تركه » ‪ ،‬وعن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله‬ ‫العرب ث ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان‬ ‫عنه ‪ « - :‬أ ّ‬
‫صبح إل ّ أن يدعو لقوم أو على‬ ‫ل يقنت في صلة ال ّ‬
‫ن مشروعيّة القنوت في الفجر‬ ‫قوم» ومعناه أ ّ‬
‫منسوخة في غير النّازلة ‪.‬‬
‫هذا وفي ألفاظ القنوت وكيفيّته خلف وتفصيل‬
‫ينظر في مصطلح ‪ ( :‬قنوت ) ‪.‬‬
‫==================‬
‫العشر الواخر من رمضان *‬
‫التّعريف ‪:‬‬

‫‪179‬‬
‫‪ - 1‬العشر الواخر من رمضان في اصطلح الفقهاء‬
‫‪ :‬تبدأ من بداية ليلة الحادي والعشرين من شهر‬
‫ما ً كان أو ناقصاً‬ ‫رمضان ‪ ،‬وتنتهي بخروج رمضان ‪ ،‬تا ّ‬
‫‪ ،‬فإذا نقص فهي تسع ‪ ،‬وعليه فإطلق العشر‬
‫ن‬
‫الواخر عليها بطريق التّغليب للتّمام ‪ ،‬لصالته ‪ ،‬ل ّ‬
‫شهر ‪،‬‬ ‫ما بين العشرين إلى آخر ال ّ‬ ‫العشر عبارة ع ّ‬
‫ل‬‫وهي اسم للّيالي مع اليّام ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ { :‬وَلَيَا ٍ‬
‫شرٍ } ‪.‬‬ ‫عَ ْ‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫‪ - 2‬اتّفق الفقهاء على استحباب مضاعفة الجهد في‬
‫الطّاعات في العشر الواخر من رمضان ‪ ،‬بالقيام‬
‫صدقات وتلوة القرآن‬ ‫في لياليها ‪ ،‬والكثار من ال ّ‬
‫الكريم ومدارسته ‪ ،‬بأن يقرأ عليه أو يقرأ هو على‬
‫غيره ‪ ،‬وزيادة فعل المعروف وعمل الخير ‪ ،‬وذلك‬
‫م‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لما روي عن أ ّ‬ ‫سيا ً بالنّب ّ‬
‫تأ ّ‬
‫المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ‪ » :‬كان‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر‬
‫أحيا اللّيل ‪ ،‬وأيقظ أهله ‪ ،‬وجد ّ وشد ّ المئزر «‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫وفي رواية ‪ » :‬كان النّب ّ‬
‫يجتهد في العشر الواخر ما ل يجتهد في غيره « ‪.‬‬
‫سع على‬ ‫ب للّرجل أن يو ّ‬ ‫قال العلماء ‪ :‬ويستح ّ‬
‫عياله ‪ ،‬وأن يحسن إلى أرحامه وإلى جيرانه في‬
‫شهر رمضان ‪ ،‬ول سيّما في العشر الواخر منه ‪.‬‬
‫ن العتكاف يتأكّد‬ ‫‪ - 3‬كما اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫استحبابه في العشر الواخر من رمضان ‪ ،‬وأنّه‬
‫ب لمن يريد العتكاف في العشر الواخر أن‬ ‫يستح ّ‬
‫شمس من ليلة الحادي‬ ‫يدخل المسجد قبل غروب ال ّ‬
‫م يبيت ليلة العيد فيغدو‬ ‫والعشرين من رمضان ‪ ،‬ث ّ‬
‫كما هو إلى مصلّى العيد ‪ ،‬لفعله صلى الله عليه‬

‫‪180‬‬
‫ي ‪ :‬كانوا يحبّون لمن‬ ‫وسلم ‪ ،‬قال إبراهيم النّخع ّ‬
‫اعتكف العشر الواخر من رمضان أن يبيت ليلة‬
‫م يغدو إلى المصلّى من‬ ‫الفطر في المسجد ‪ ،‬ث ّ‬
‫المسجد ‪ ،‬لئل ّ يفوته شيء من العشر الواخر ‪ ،‬ت ّ‬
‫م‬
‫ن رسول اللّه صلى‬ ‫شهر أو نقص ‪ ،‬ولما ثبت ‪ » :‬أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الله عليه وسلم ‪ :‬كان يعتكف العشر الواخر من‬
‫م اعتكف أزواجه‬ ‫رمضان حتّى توفّاه اللّه تعالى ‪ ،‬ث ّ‬
‫من بعده « ‪.‬‬
‫ولقوله صلى الله عليه وسلم ‪ » :‬من كان اعتكف‬
‫معي فليعتكف العشر الواخر « ‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك في مصطلح ‪ ( :‬اعتكاف ‪ ،‬مسجد ) ‪.‬‬
‫ن ليلة القدر باقية‬ ‫‪ - 4‬كما ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫إلى يوم القيامة ولم ترفع ‪ ،‬وأنّها في شهر رمضان‬
‫ن أرجاها ليالي الوتار‬ ‫وفي العشر الواخر منه ‪ ،‬وأ ّ‬
‫من العشر الواخر لقوله صلى الله عليه وسلم ‪» :‬‬
‫التمسوها في العشر الواخر من رمضان ‪ ،‬ليلة‬
‫القدر في تاسعة تبقى ‪ ،‬في سابعة تبقى ‪ ،‬في‬
‫خامسة تبقى « ‪.‬‬
‫ن رسول اللّه صلى‬ ‫وعن عائشة رضي الله عنها أ ّ‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ » :‬تحّروا ليلة القدر في الوتر‬
‫من العشر الواخر من رمضان « ‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك في مصطلح ‪ ( :‬ليلة القدر ) ‪.‬‬
‫=================‬
‫َ‬
‫المؤل ّفة قلوبهم *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ف وهو اسم‬ ‫‪ - 1‬المؤلّفة في اللغة ‪ :‬جمع مؤل ّ ٍ‬
‫ل من اللفة ‪ ,‬يقال ‪ :‬ألّفت بينهم تأليفا ً إذا‬ ‫مفعو ٍ‬
‫ق ‪ ,‬والمراد بتأليف قلوبهم ‪:‬‬ ‫جمعت بينهم بعد تفر ٍ‬
‫استمالة قلوبهم بالحسان والمودّة ‪ .‬والمؤلّفة‬

‫‪181‬‬
‫قلوبهم في الصطلح ‪ :‬هم الّذين يراد تأليف قلوبهم‬
‫بالستمالة إلى السلم ‪ ,‬أو تقريرا ً لهم على السلم‬
‫‪ ,‬أو كف شّرهم عن المسلمين ‪ ,‬أو نصرهم على‬
‫عدوٍّ لهم ‪ ,‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫حكمة تأليف القلوب ‪:‬‬
‫ث السلم أتباعه بالحسان إلى خصومهم‬ ‫‪-2‬ح ّ‬
‫وأعدائهم ‪ ,‬وبذلك يفتح السلم القلوب بالحسان ‪,‬‬
‫جة والبرهان ‪ ,‬قال اللّه تعالى‬ ‫كما يفتح العقول بالح ّ‬
‫َّ‬
‫ة ادْفَعْ بِالتِي ه ِ َ‬
‫ي‬ ‫سي ِّئ َ ُ‬ ‫ة وََل ال َّ‬
‫سن َ ُ‬ ‫ستَوِي ال ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫‪ { :‬وََل ت َ ْ‬
‫ن}‪.‬‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫أَ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ً‬
‫ولذلك شرع السلم نصيبا من مال الّزكاة لتأليف‬
‫خرين ‪:‬‬ ‫القلوب ‪ ,‬قال القرطبي ‪ :‬قال بعض المتأ ّ‬
‫اختلف في صفة المؤلّفة قلوبهم ‪ ،‬فقيل ‪ :‬هم صنف‬
‫من الكّفار يعطون ليتألّفوا على السلم ‪ ,‬وكانوا ل‬
‫سيف ‪ ,‬ولكن يسلمون بالعطاء‬ ‫يسلمون بالقهر وال ّ‬
‫والحسان ‪ ,‬وقيل ‪ :‬هم قوم من عظماء المشركين‬
‫لهم أتباع يعطون ليتألّفوا أتباعهم على السلم ‪ ,‬قال‬
‫‪ :‬هذه القوال متقاربة ‪ ,‬والقصد بجميعها العطاء‬
‫ة إل بالعطاء فكأنّه‬ ‫لمن ل يتمكّن إسلمه حقيق ً‬
‫ضرب من الجهاد ‪.‬‬
‫ف ‪ :‬صنف يرجع بإقامة‬ ‫وقال ‪ :‬المشركون ثلثة أصنا ٍ‬
‫البرهان ‪ ,‬وصنف بالقهر ‪ ,‬وصنف بالحسان ‪ ,‬والمام‬
‫ف ما يراه‬ ‫ل صن ٍ‬‫النّاظر للمسلمين يستعمل مع ك ّ‬
‫سببا ً لنجاته وتخليصه‬
‫من الكفر ‪ ,‬وقد فّقه الّرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫مته في تأليف النّاس على السلم بقوله ‪ « :‬إنّي‬ ‫أ ّ‬
‫ب‬‫ي منه خشية أن يُك ّ‬ ‫لعطي الّرجل وغيره أحب إل ّ‬
‫في النّار على وجهه » ‪.‬‬
‫سهم المؤلّفة قلوبهم ‪:‬‬

‫‪182‬‬
‫صص‬ ‫‪ - 3‬اختلف الفقهاء في سهم الّزكاة المخ ّ‬
‫للمؤلّفة قلوبهم ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫فجمهور الفقهاء من المالكيّة وال ّ‬
‫ق‪.‬‬‫ن سهمهم با ٍ‬ ‫على أ ّ‬
‫ن سهمهم منقطع لعّز السلم ‪,‬‬ ‫وذهب بعضهم إلى أ ّ‬
‫لكن إذا احتيح إلى تألفهم أعطوا ‪.‬‬
‫وقال الحنفيّة بسقوط سهم المؤلّفة قلوبهم ‪.‬‬
‫م اختلف الفقهاء في أقسامهم ‪:‬‬ ‫‪-4‬ث ّ‬
‫فقال المالكيّة ‪ :‬المؤلّفة قلوبهم كّفار يتألّفون ‪.‬‬
‫سهم لكافر‬ ‫شافعيّة ‪ :‬ل يعطى من هذا ال ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫أصل ً ‪.‬‬
‫وجوز الحنابلة العطاء لمؤلّف مسلما ً كان أو كافرا ً ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وقال ابن قدامة ‪ :‬المؤلّفة قلوبهم ضربان ‪ :‬كّفار‬
‫ومسلمون ‪ ,‬والكّفار صنفان ‪ ,‬والمسلمون أربعة‬
‫ف‪.‬‬ ‫أصنا ٍ‬
‫والتّفصيل في مصطلح ‪ ( :‬زكاة ف ‪. ) 168 - 167‬‬
‫================‬
‫حَرام *‬
‫جد ال َ‬‫س ِ‬
‫الم ْ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المسجد ‪ -‬بكسر الجيم ‪ -‬في اللغة ‪ :‬موضع‬
‫صلة ‪ .‬والمسجد‬ ‫السجود من بدن النسان ‪ ,‬وبيت ال ّ‬
‫شرعا ً هو كل موضع من الرض لقوله صلّى اللّه‬
‫عليه وسلّم « جعلت لي الرض طهورا ً ومسجدا ً » ‪,‬‬
‫صص المسجد بالمكان المهيّأ‬ ‫ن العرف خ ّ‬ ‫مإ ّ‬ ‫ث ّ‬
‫صلوات الخمس ‪ .‬والمسجد الحرام في الصطلح‬ ‫لل ّ‬
‫‪ -‬كما قال النّووي ‪ -‬قد يراد به الكعبة فقط ‪ ,‬وقد‬
‫يراد به المسجد حولها معها ‪ ,‬وقد يراد به مكّة كلها‬
‫شرع بهذه‬ ‫مع الحرم حولها ‪ ,‬وقد جاءت نصوص ال ّ‬
‫القسام ‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫مي المسجد حراما ً لنّه ل يحل انتهاكه فل يصاد‬ ‫وس ّ‬
‫عنده ول حوله ول يختلى ما عنده من الحشيش ‪.‬‬
‫قال العلماء ‪ :‬وأريد بتحريم البيت سائر الحرم ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬المسجد النّبوي ‪:‬‬
‫‪ - 2‬المسجد النّبوي هو المسجد الّذي بناه رسول‬
‫اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في موقعه المعروف‬
‫بالمدينة حين قدم مهاجرا ً إليها من مكّة ‪ ,‬وهو ثاني‬
‫شريفين ‪.‬‬ ‫الحرمين ال ّ‬
‫ن كل ً من المسجد الحرام والمسجد الن ّ ّ‬
‫بوي‬ ‫صلة أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫من المساجد الّتي تشد إليها الّرحال ويضاعف فيها‬
‫الجر ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬المسجد القصى ‪:‬‬
‫‪ - 3‬المسجد القصى هو المسجد المعروف في‬
‫مى‬ ‫مدينة القدس وقد بني على سفح الجبل ‪ ,‬ويس ّ‬
‫بيت المقدس أي البيت المطهّر الّذي يتطهّر فيه من‬
‫الذنوب ‪.‬‬
‫( ر ‪ :‬المسجد القصى ) ‪.‬‬
‫ن كل ً من المسجد الحرام والمسجد‬ ‫صلة أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫القصى من المساجد الّتي تشد إليها الّرحال‬
‫ويضاعف فيها الجر ‪.‬‬
‫بناء المسجد الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 4‬أوّل مسجد وضع على الرض المسجد الحرام ‪,‬‬
‫ن أَوَّ َ‬
‫ل‬ ‫وهو مسجد مكّة ‪ ,‬كما قال اللّه تعالى ‪ { :‬إ ِ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مبَاَركًا وَهُدًى‬ ‫س لَل ّذِي بِبَك ّ َ‬
‫ة ُ‬ ‫َ‬
‫ضعَ لِلن ّا ِ‬ ‫ت وُ ِ‬ ‫بَي ْ ٍ‬
‫ن } ‪ ,‬وعن « أبي ذر رضي اللّه عنه قال‬ ‫مي َ‬‫ل ِّلْعَال َ ِ‬
‫قلت يا رسول اللّه أي مسجد وضع في الرض أوّل‬
‫م أي قال ‪ :‬المسجد‬ ‫فقال ‪ :‬المسجد الحرام قلت ث ّ‬
‫القصى قلت وكم بينهما قال أربعون عاما ً » ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫ن المسجد الحرام كان صغيراً‬ ‫الجوزي ‪ :‬إ ّ‬
‫ّ‬ ‫قال ابن‬
‫ة به ‪,‬‬
‫ولم يكن عليه جدار إنّما كانت الدور محدق ً‬
‫ل ناحية فضاق‬ ‫وبين الدور أبواب يدخل النّاس من ك ّ‬
‫على النّاس المسجد فاشترى عمر بن الخطّاب‬
‫م أحاط عليه جداراً‬ ‫رضي اللّه عنه دورا ً فهدمها ‪ ,‬ث ّ‬
‫سع المسجد عثمان بن عّفان رضي‬ ‫مو ّ‬ ‫قصيرا ً ‪ ,‬ث ّ‬
‫م زاد ابن الزبير رضي‬ ‫اللّه عنه واشترى من قوم ‪ ,‬ث ّ‬
‫اللّه عنهما في المسجد واشترى دورا ً وأدخلها فيه ‪,‬‬
‫ساج‬ ‫وأوّل من نقل إليه أساطين الرخام وسقفه بال ّ‬
‫م زاد المنصور‬ ‫المزخرف الوليد بن عبد الملك ‪ ,‬ث ّ‬
‫م زاد المهدي ‪ ,‬وكانت الكعبة‬ ‫يث ّ‬‫شام ّ‬ ‫في شّقه ال ّ‬
‫ب أن تكون وسطا ً فاشترى من‬ ‫في جانب فأح ّ‬
‫النّاس الدور ووسطها ‪.‬‬
‫م توالت الّزيادات فيه إلى يومنا هذا ‪.‬‬ ‫ث ّ‬
‫المفاضلة بين المسجد الحرام وغيره من المساجد ‪:‬‬
‫ة‬
‫ن أعظم المساجد حرم ً‬ ‫‪ - 5‬صّرح الحنفيّة بأ ّ‬
‫م مسجد بيت‬ ‫م مسجد المدينة ث ّ‬ ‫المسجد الحرام ث ّ‬
‫م مساجد‬ ‫م مساجد المحا ّ‬
‫لث ّ‬ ‫م الجوامع ث ّ‬ ‫المقدس ث ّ‬
‫م مساجد البيوت ‪.‬‬ ‫شوارع ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن مسجد المدينة‬ ‫ويرى المالكيّة على المشهور أ ّ‬
‫أفضل المساجد ويليه مسجد مكّة ويليه مسجد بيت‬
‫المقدس ‪.‬‬
‫شد الّرحال إلى المسجد الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 6‬المسجد الحرام هو أحد المساجد الثّلثة الّتي‬
‫تشد إليها الّرحال ‪ ,‬وفي الحديث ‪ « :‬ل تشد الّرحال‬
‫إّل إلى ثلثة مساجد ‪ :‬المسجد الحرام ‪ ,‬ومسجد‬
‫الّرسول صلّى اللّه عليه وسلّم والمسجد القصى »‬
‫‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫هذا الحديث يدل على فضيلة هذه المساجد ومزيّتها‬
‫ن‬
‫سلم ‪ ,‬ول ّ‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫لكونها مساجد النبياء عليهم ال ّ‬
‫المسجد الحرام قبلة النّاس وإليه حجهم ‪ ,‬ومسجد‬
‫سس على التّقوى‬ ‫الّرسول صلّى اللّه عليه وسلّم أ ّ‬
‫سابقة ‪ ,‬وأولى‬ ‫والمسجد القصى كان قبلة المم ال ّ‬
‫القبلتين ‪.‬‬
‫تحيّة المسجد الحرام ‪:‬‬
‫ن أوّل ما يبدأ به داخل‬ ‫‪ - 7‬ذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫المسجد الحرام الطّواف محرما ً أو غير محرم دون‬
‫صلة إّل أن يكون عليه فائتة ‪ ,‬أو خاف فوت‬ ‫ال ّ‬
‫ة ‪ ,‬أو فوت الجماعة ‪,‬‬ ‫ة راتب ً‬
‫الوقتيّة ولو الوتر ‪ ,‬أو سن ّ ً‬
‫صلة في هذه الصور على الطّواف ‪.‬‬ ‫فيقدّم ال ّ‬
‫قال المنل علي ‪ :‬من دخل المسجد الحرام ل‬
‫شريف هي‬ ‫ن تحيّة هذا المسجد ال ّ‬ ‫يشتغل بتحيّة ل ّ‬
‫الطّواف لمن عليه الطّواف أو أراده ‪ ,‬بخلف من لم‬
‫يرده ‪ ,‬أو أراد أن يجلس فل يجلس حتّى يصلّي‬
‫ركعتين تحيّة المسجد إّل أن يكون الوقت مكروها ً ‪.‬‬
‫واستظهر ابن عابدين أنّه ل يصلّي مريد الطّواف‬
‫ل وجهه اندراجها‬ ‫للتّحيّة أصل ً ل قبله ول بعده ‪ ,‬ولع ّ‬
‫في ركعتيه ‪.‬‬
‫ق‬
‫ن تحيّة المسجد الحرام في ح ّ‬ ‫ويرى المالكيّة أ ّ‬
‫ي ‪ ,‬وكذلك المكّي المأمور بالطّواف الطّواف ‪,‬‬ ‫الفاق ّ‬
‫ما المكّي الّذي لم يؤمر بطواف ولم يدخله لجل‬ ‫وأ ّ‬
‫صلة أو لقراءة القرآن‬ ‫الطّواف ‪ ,‬بل للمشاهدة أو لل ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫قه ال ّ‬ ‫‪ ,‬فتحيّة المسجد في ح ّ‬
‫صلة وتحيّة‬ ‫ن تحيّة المسجد ال ّ‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إ ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫البيت الطّواف ‪ ,‬وليس الطّواف تحيّة المسجد ‪,‬‬
‫ولكن تدخل التّحيّة في ركعتيه وإن لم ينوها ‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫صلة‬ ‫ن تحيّة المسجد الحرام ال ّ‬ ‫وصّرح الحنابلة بأ ّ‬
‫وتجزئ عنها الّركعتان بعد الطّواف ‪.‬‬
‫ونقل ابن مسدي في " إعلم النّاسك " عن أحمد‬
‫م يقصد‬ ‫وغيره أنّه يحيّي المسجد أوّل ً بركعتين ث ّ‬
‫الطّواف ‪.‬‬
‫صلة في المسجد الحرام ‪:‬‬ ‫فضل ال ّ‬
‫ن صلةً في المسجد الحرام أفضل من مائة‬ ‫‪-8‬إ ّ‬
‫ألف صلة فيما سواه من المساجد ‪ ,‬روى جابر بن‬
‫عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال ‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ « :‬صلة في مسجدي أفضل‬
‫من ألف صلة فيما سواه إّل المسجد الحرام وصلة‬
‫في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلة فيما‬
‫سواه » ‪.‬‬
‫ن التّضعيف المذكور يرجع إلى الثّواب ول يتعدّى‬ ‫مإ ّ‬‫ث ّ‬
‫إلى الجزاء باتّفاق العلماء كما نقله النّووي وغيره‬
‫فلو كان عليه صلتان فصلّى في أحد المسجدين "‬
‫المسجد الحرام أو المسجد النّبويّ " صلةً لم تجزئ‬
‫إّل عن واحدة ‪.‬‬
‫‪ - 9‬والفقهاء متّفقون على فضيلة الفرض في‬
‫المسجد الحرام على الفرض في غيره وإنّما اختلفوا‬
‫في شمول هذا الفضل الفرض والنّفل ‪.‬‬
‫ن الفضل يختص بالفرض‬ ‫قال الفاسي المالكي ‪ :‬إ ّ‬
‫وهو مشهور مذهبنا ومذهب أبي حنيفة ‪ ,‬ونقل ابن‬
‫ي من غير أن يعّقب عليه ‪,‬‬ ‫عابدين قول الفاس ّ‬
‫ونسب العيني هذا القول إلى الطّحاويّ أيضا ً ‪.‬‬
‫ن‬‫شافعيّة في المذهب والحنابلة إلى أ ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫المضاعفة ل تختص بالفريضة بل تعم النّفل‬
‫والفرض ‪ ,‬قال الّزركشي بعد أن ذكر مذهب‬
‫شافعيّة في المسألة ‪ :‬وهو لزم للصحاب من‬ ‫ال ّ‬

‫‪187‬‬
‫استثنائهم النّفل بمكّة من الوقت المكروه لجل‬
‫زيادة الفضيلة ‪.‬‬
‫ن‬
‫شيخ مجد الدّين الحنبلي ‪ :‬ظاهر الخبار أ ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫سلم ‪:‬‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫النّفل في البيت أفضل ‪ ,‬قال عليه ال ّ‬
‫صلة صلة المرء في بيته إّل المكتوبة » ‪,‬‬ ‫« أفضل ال ّ‬
‫قال ‪ :‬وينبغي أن يكون مرادهم إّل النّساء ل ّ‬
‫ن‬
‫ن أفضل ‪ ,‬والخبار مشهورة في‬ ‫ن في بيوته ّ‬ ‫صلته ّ‬
‫ذلك وهو ظاهر كلم أصحابنا وغيرهم ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫المراد بالمسجد الحرام الّذي تضاعف فيه ال ّ‬
‫‪ - 10‬ذهب الحنفيّة في المشهور والمالكيّة‬
‫ن المضاعفة تعم جميع حرم مكّة‪,‬‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫فقد ورد من حديث عطاء بن أبي رباح قال ‪ « :‬بينما‬
‫ابن الزبير يخطبنا إذ قال قال رسول اللّه صلّى اللّه‬
‫عليه وسلّم صلة في مسجدي هذا أفضل من ألف‬
‫صلة فيما سواه إّل المسجد الحرام وصلة في‬
‫المسجد الحرام تفضل بمائة قال عطاء فكأنّه مائة‬
‫مد هذا الفضل الّذي يذكر‬ ‫ألف قال قلت يا أبا مح ّ‬
‫في المسجد الحرام وحده أو في الحرم قال بل في‬
‫ن الحرم كلّه مسجد » ‪.‬‬ ‫الحرم فإ ّ‬
‫وقال ابن مفلح ‪ :‬ظاهر كلمهم في المسجد الحرام‬
‫أنّه نفس المسجد ‪ ,‬ومع هذا فالحرم أفضل من‬
‫صلة فيه أفضل ‪.‬‬ ‫ل ‪ ,‬فال ّ‬‫الح ّ‬
‫صل في المراد بالمسجد‬ ‫وقال الّزركشي ‪ :‬يتح ّ‬
‫صلة سبعة أقوال ‪.‬‬ ‫الحرام الّذي تضاعف فيه ال ّ‬
‫الوّل ‪ :‬أنّه المكان الّذي يحرم على الجنب القامة‬
‫فيه ‪.‬‬
‫الثّاني ‪ :‬أنّه مكّة ‪.‬‬
‫الثّالث ‪ :‬أنّه الحرم كله إلى الحدود الفارقة بين‬
‫ل والحرم ‪ ,‬قاله عطاء وقد سبق مثله عن‬ ‫الح ّ‬

‫‪188‬‬
‫ضل الحرم‬ ‫الماورديّ وغيره ‪ ,‬وقال الروياني ‪ :‬ف ّ‬
‫صلة فيه في جميع‬ ‫خص في ال ّ‬ ‫على سائر البقاع فر ّ‬
‫الوقات لفضيلة البقعة وحيازة الثّواب المضاعف ‪,‬‬
‫وقال الّزركشي ‪ :‬وهذا فيه تصريح بهذا القول ‪.‬‬
‫الّرابع ‪ :‬أنّه الكعبة ‪ ,‬قال الّزركشي وهو أبعدها ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬أنّه الكعبة والمسجد حولها ‪ ,‬وهو الّذي‬
‫قاله النّووي في استقبال القبلة ‪.‬‬
‫سادس ‪ :‬أنّه جميع الحرم وعرفة ‪ ,‬قاله ابن حزم ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫سابع ‪ :‬أنّه الكعبة وما في الحجر من البيت ‪ ,‬وهو‬ ‫ال ّ‬
‫شافعيّة‪.‬‬‫قول صاحب البيان من أصحاب ال ّ‬
‫وحكى المحب الطّبريّ خلف الفقهاء في مكان‬
‫ن المضاعفة‬ ‫جح أ ّ‬
‫صلة ‪ ,‬ور ّ‬ ‫المضاعفة بالنّسبة إلى ال ّ‬
‫تختص بمسجد الجماعة ‪.‬‬
‫تقدم المأموم على المام في المسجد الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 11‬ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه إذا صلّى المام‬
‫خارج الكعبة وتحلّق المقتدون حولها جاز لمن في‬
‫غير جهته أن يكون أقرب إليها منه ‪ ,‬ل لمن كان في‬
‫ن التّقدم والتّأخر إنّما يظهر عند اتّحاد‬ ‫جهته ‪ ,‬ل ّ‬
‫الجهة ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬يستحب للمام أن يقف خلف‬ ‫وقال ال ّ‬
‫المقام ‪ ,‬ويقف المأمومون مستديرين بالكعبة ‪,‬‬
‫بحيث يكون المام أقرب إلى الكعبة منهم ‪ ,‬فإن‬
‫كان بعضهم أقرب إليها منه وهو في جهة المام‬
‫حة صلته قولن ‪ :‬الجديد بطلنها ‪ ,‬والقديم‬ ‫ففي ص ّ‬
‫حتها ‪.‬‬
‫ص ّ‬
‫وإن كان في غير جهته فطريقان ‪ :‬المذهب ‪ :‬القطع‬
‫م وبه قطع الجمهور ‪.‬‬ ‫حتها وهو نصه في ال ّ‬ ‫بص ّ‬
‫والثّاني فيه القولن ‪ ,‬حكاه الصحاب عن أبي‬
‫إسحاق المروزيّ ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫المرور بين يدي المصلّي في المسجد الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 12‬ذهب الحنفيّة إلى أنّه ل يمنع المار داخل‬
‫المسجد الحرام ‪ ,‬لما روي عن المطّلب ابن أبي‬
‫ي صلّى اللّه‬ ‫وداعة رضي اللّه عنه ‪ « :‬أنّه رأى النّب ّ‬
‫ما يلي باب بني سهم والنّاس‬ ‫عليه وسلّم يصلّي م ّ‬
‫يمرون بين يديه وليس بينهما سترة » ‪ ,‬وهو محمول‬
‫ن الطّواف صلة فصار‬ ‫على الطّائفين فيما يظهر ل ّ‬
‫كمن بين يديه صفوف من المصلّين ‪.‬‬
‫وقال المالكيّة ‪ :‬إن كان في المسجد الحرام حرم‬
‫المرور إن كان له مندوحة وصلّى لسترة ‪ ,‬وإّل جاز ‪,‬‬
‫ما هو فل يحرم‬ ‫هذا إذا كان المار غير طائف ‪ ,‬وأ ّ‬
‫م إن كان له سترة كره حيث كان‬ ‫عليه مطلقا ً ‪ ,‬ث ّ‬
‫للطّائف مندوحة ‪.‬‬
‫صر المصلّي ‪ ,‬بأن وقف‬ ‫ص الّرملي على أنّه لو ق ّ‬ ‫ون ّ‬
‫ق أو نحو‬ ‫ّ‬
‫في قارعة الطريق أو بشارع أو درب ضي ّ ٍ‬
‫ل الّذي يغلب مرور النّاس به في‬ ‫باب مسجد كالمح ّ‬
‫صلة ولو في المسجد كالمطاف ‪ ,‬وكأن ترك‬ ‫وقت ال ّ‬
‫ف إمامه فاحتيج للمرور بين يديه‬ ‫ة في ص ّ‬ ‫فرج ً‬
‫لفرجة قبله فل يحرم المرور في جميع ذلك ‪ ,‬ولو‬
‫في حريم المصلّى وهو قدر إمكان سجوده ‪ ,‬خلفاً‬
‫ي ‪ ,‬بل ول يكره عند التّقصير ‪.‬‬ ‫للخوارزم ّ‬
‫وقال الحنابلة ‪ :‬المصلّي بمكّة المشّرفة ل يرد الماّر‬
‫ن مكّة ليست كغيرها ل ّ‬
‫ن‬ ‫بين يديه ‪ ,‬قال أحمد ‪ :‬ل ّ‬
‫النّاس يكثرون بها ويزدحمون فمنعهم تضييق عليهم‬
‫‪ ,‬ولنّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى بمكّة والنّاس‬
‫يمرون بين يديه وليس بينهما ستر ‪.‬‬
‫وألحق الموفّق بمكّة سائر الحرم لمشاركته لها في‬
‫الحرمة ‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫شى كلم الموفّق في زمن‬ ‫وقال الّرحيباني ‪ :‬إنّما يتم ّ‬
‫ما‬‫حاج لكثرة النّاس واضطرارهم إلى المرور ‪ ,‬وأ ّ‬
‫ج فل حاجة للمرور بين يدي‬ ‫في غير أيّام الح ّ‬
‫المصلّي للستغناء عنه ‪ ,‬وكلم أحمد يمكن حمله‬
‫ه‪.‬‬ ‫صلة في المطاف أو قريبا ً منه وهو متّج ٌ‬ ‫على ال ّ‬
‫أفضليّة صلة العيد بالمسجد الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 13‬ذهب الفقهاء في الجملة إلى ندب إيقاع صلة‬
‫صحراء ‪ ,‬وقيّد ال ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫العيد بالمصلّى في ال ّ‬
‫صحراء بما إذا كان مسجد البلد‬ ‫صلة في ال ّ‬ ‫أفضليّة ال ّ‬
‫ضيّقا ً ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة من هذا‬ ‫واستثنى المالكيّة وال ّ‬
‫الحكم صلة العيد بمكّة ‪ ,‬فمن كان بمكّة فإيقاعه‬
‫صلة العيد بالمسجد الحرام أفضل للمزايا الّتي تقع‬
‫فيه لمن يصلّي العيد وهي النّظر والطّواف‬
‫المعدومان في غيره ‪ ,‬لخبر « ينّزل اللّه على أهل‬
‫ة‬
‫ل يوم عشرين ومائة رحم ً‬ ‫المسجد مسجد مكّة ك ّ‬
‫ستّين منها للطّائفين وأربعين للمصلّين وعشرين‬
‫منها للنّاظرين » ‪.‬‬
‫نذر التيان إلى المسجد الحرام ‪:‬‬
‫مد والحنابلة‬ ‫‪ - 14‬ذهب المالكيّة وأبو يوسف ومح ّ‬
‫ن من نذر إتيان‬ ‫ح الطّريقين إلى أ ّ‬ ‫شافعيّة في أص ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ج أو عمرة لحديث‬ ‫المسجد الحرام ينعقد نذره بح ّ‬
‫عقبة بن عامر ‪ « :‬نذرت أختي أن تمشي إلى بيت‬
‫ي صلّى اللّه عليه‬ ‫اللّه وأمرتني أن أستفتي لها النّب ّ‬
‫وسلّم فاستفتيته فقال صلّى اللّه عليه وسلّم لتمش‬
‫ن مطلق كلم النّاذرين محمول على‬ ‫ولتركب » ‪ ,‬ول ّ‬
‫شرع ‪ ,‬والعرف قصد المسجد‬ ‫ما ثبت له أصل في ال ّ‬
‫ج والعمرة فيحمل نذره عليه ‪.‬‬ ‫الحرام بالح ّ‬

‫‪191‬‬
‫وقيّد المالكيّة لزوم المشي إلى المسجد الحرام بما‬
‫ج أو عمرة ‪ ,‬أو لصلة‬ ‫إذا نذر النّاذر المشي له لح ّ‬
‫فيه فرضا ً كانت أو نفل ً ‪.‬‬
‫وقال المالكيّة ‪ :‬إذا لزمه المشي مشى من حيث‬
‫نذر المشي منه ‪ ,‬وإن لم ينو محل ً مخصوصا ً فمن‬
‫المكان المعتاد لمشي الحالفين بالمشي ‪ ,‬وإن لم‬
‫يكن مكانا ً معتادا ً للحالفين فمن حيث حلف أو نذر‬
‫وأجزأ المشي من مثله في المسافة ‪ ,‬وجاز ركوب‬
‫لحاجة كأن يرجع لشيء نسيه أو احتاج إليه كما‬
‫يجوز له الركوب في الطّريق لبحر أعتيد ركوبه‬
‫للحالفين أو أضطّر إلى ركوبه ‪ ,‬ويستمر ماشياً‬
‫سعي إن كان سعيه‬ ‫لتمام طواف الفاضة أو تمام ال ّ‬
‫بعد الفاضة ‪.‬‬
‫ي المشي إلى‬ ‫ن من قال ‪ :‬عل ّ‬ ‫وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ‬
‫ن التزام الحرام‬ ‫المسجد الحرام ل شيء عليه ل ّ‬
‫بهذه العبارة غير متعارف عليه ‪ ,‬ول يمكن إيجابه‬
‫باعتبار اللّفظ فامتنع أصل ً ‪ .‬وللتّفصيل ( ر ‪ :‬نذر ) ‪.‬‬
‫حاضر المسجد الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 15‬قال القرطبي ‪ :‬اختلف النّاس في حاضري‬
‫ن أهل مكّة وما‬ ‫المسجد الحرام ‪ -‬بعد الجماع على أ ّ‬
‫اتّصل بها من حاضريه ‪ -‬وقال الطّبريّ ‪ :‬بعد الجماع‬
‫على أهل الحرم ‪.‬‬
‫قال ابن عطيّة ‪ :‬وليس كما قال ‪ -‬فقال بعض‬
‫العلماء ‪ :‬من كان يجب عليه الجمعة فهو حضري ‪,‬‬
‫ومن كان أبعد من ذلك فهو بدوي ‪ ,‬فجعل اللّفظة‬
‫من الحضارة والبداوة ‪.‬‬
‫وعند أبي حنيفة وأصحابه ‪ :‬هم أهل مكّة ومن في‬
‫حكمهم من أهل داخل المواقيت ‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫ن‬‫ح المعتمد المختار إلى أ ّ‬ ‫شافعيّة في الص ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫حاضري المسجد الحرام من مساكنهم دون‬
‫مرحلتين من الحرم ‪.‬‬
‫ح ‪ :‬حاضرو المسجد‬ ‫وفي القول المقابل للص ّ‬
‫الحرام من مساكنهم دون مرحلتين من مكّة ‪ .‬وقال‬
‫ابن المنذر في الشراف ‪ :‬حاضرو المسجد الحرام‬
‫هم أهل مكّة وأهل ذي طوًى ‪ :‬وقال مجاهد‬
‫وطاووس ‪ :‬هم أهل الحرم ‪.‬‬
‫دخول الكافر المسجد الحرام ‪:‬‬
‫مد بن الحسن‬ ‫شافعيّة والحنابلة ومح ّ‬ ‫‪ - 16‬ذهب ال ّ‬
‫ن الكافر ليس له دخول المسجد‬ ‫شيباني إلى أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫منُوا ْ إِن َّ َ‬
‫نآ َ‬ ‫الحرام بحال لقوله تعالى ‪ { :‬يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬
‫م بَعْدَ‬
‫حَرا َ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س فَل َ يَْقَربُوا ْ ال ْ َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫شرِكُو َ‬
‫ن نَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م هَذ َا } ‪.‬‬ ‫مهِ ْ‬‫ع َا ِ‬
‫ويقرب من هذا ما ذهب إليه المالكيّة إذ أنّهم يرون‬
‫ن الكافر يمنع من دخول المسجد مطلقا ً وإن أذن‬ ‫أ ّ‬
‫له مسلم ما لم تدع ضرورة لدخوله كعمارة ‪ ,‬وقالوا‬
‫م‬
‫مهِ ْ‬ ‫م بَعْد َ عَا ِ‬ ‫حَرا َ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الية ‪ { :‬فَل َ يَْقَربُوا ْ ال ْ َ‬ ‫‪:‬إ ّ‬
‫مة في سائر المشركين وسائر المساجد ‪,‬‬ ‫هَذ َا } عا ّ‬
‫ماله ‪ ,‬ونزع‬ ‫وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى ع ّ‬
‫في كتابه بهذه الية ‪ ,‬ويؤيّد ذلك قوله تعالى { فِي‬
‫بيوت أَذن الل َّ َ‬
‫ه}‪,‬‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ه أن تُْرفَعَ وَيُذ ْكََر فِيهَا ا ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ٍ ِ َ‬
‫ودخول الكّفار فيها مناقض لترفيعها ‪.‬‬
‫مة‬‫وصّرح الحنفيّة بأنّه ل بأس بدخول أهل الذ ّ ّ‬
‫المسجد الحرام وسائر المساجد ‪.‬‬
‫=================‬
‫ي*‬ ‫جد النّبوِ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫الم ْ‬
‫التّعريف ‪:‬‬

‫‪193‬‬
‫ة ‪ -‬بكسر الجيم ‪ -‬الموضع الّذي‬ ‫‪ - 1‬المسجد ‪ -‬لغ ً‬
‫جاج ‪ :‬كل موضع يُتَعبَّد فيه فهو‬ ‫يسجد فيه ‪ ,‬قال الّز ّ‬
‫جد بالفتح موضع وقوع الجبهة على‬ ‫جد ‪ ,‬والمس َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫الرض ‪.‬‬
‫وشرعا ً ‪ :‬عّرفه الّزركشي بأنّه ‪ :‬كل موضع من‬
‫جعلت لي‬ ‫الرض لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم « ُ‬
‫مة‬‫الرض مسجدا ً » قال ‪ :‬وهذا من خصائص هذه ال ّ‬
‫صص المسجد بالمكان‬ ‫ن العرف خ ّ‬ ‫م قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫‪,‬ث ّ‬
‫صلوات الخمس حتّى يخرج المصلّى‬ ‫المهيّأ لل ّ‬
‫المجتمع فيه للعياد ونحوها فل يعطى حكمه ‪.‬‬
‫والمسجد النّبوي ‪ :‬هو المسجد الّذي بناه رسول اللّه‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم في موقعه المعروف بالمدينة‬
‫حين قدم مهاجرا ً إليها من مكّة ‪ ,‬وهو ثاني الحرمين‬
‫شريفين ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬المسجد الحرام ‪:‬‬
‫سلم‬ ‫‪ - 2‬وهو المسجد الّذي بناه إبراهيم عليه ال ّ‬
‫ومعه ابنه إسماعيل ‪ ,‬في مكّة المكّرمة ‪ ,‬وهو‬
‫س‬ ‫ا‬‫ضعَ لِلن َّ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ن أَ‬ ‫المقصود بقوله تعالى ‪ {:‬إ ِ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن }‪.‬‬ ‫مي‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ا‬‫ً‬ ‫رك‬ ‫ا‬ ‫مب‬ ‫ة‬ ‫لَلَّذي ببك َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ َِ‬
‫ب ‪ -‬المسجد القصى ‪:‬‬
‫مى بيت المقدس ‪ ,‬وهو المقصود بقوله‬ ‫‪ - 3‬ويس ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫سَرى بِعَبْدِهِ لَيْل ً ِّ‬
‫م َ‬ ‫ن ال ّذِي أ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫تعالى ‪ُ { :‬‬
‫َ‬
‫صى } ‪.‬‬ ‫جد ِ القْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حَرام ِ إِلَى ال ْ َ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن كل ً من المسجد الحرام والمسجد الن ّ ّ‬
‫بوي‬ ‫صلة أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫والمسجد القصى من المساجد الّتي تشد إليها‬
‫الّرحال ويضاعف فيها الجر ‪.‬‬
‫بوي ‪:‬‬
‫تأسيس المسجد الن ّ ّ‬

‫‪194‬‬
‫‪ - 4‬قدم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة مهاجراً‬
‫إليها من مكّة حين اشتد ّ الضحى من يوم الثنين‬
‫ة مضت من شهر ربيع الوّل ‪ -‬على‬ ‫لثنتي عشرة ليل ً‬
‫جار والنّووي‬ ‫ححه ابن الجوزيّ وجزم به ابن الن ّ ّ‬ ‫ما ص ّ‬
‫فمكث في بني عمرو بن عوف أيّام الثنين والثلثاء‬
‫والربعاء والخميس وبنى فيهم مسجد قباء وصلّى‬
‫م ركب يوم الجمعة فمّر‬ ‫فيه إلى بيت المقدس ‪ ,‬ث ّ‬
‫على بني سالم فجمع بهم وبمن كان معه من‬
‫المسلمين في مسجدهم فكانت أوّل جمعة صّلها‬
‫النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة وأصبح ذلك‬
‫م ركب‬ ‫مى مسجد الجمعة إلى اليوم ‪ ,‬ث ّ‬ ‫المسجد يس ّ‬
‫من بني سالم فجعل كلّما مّر دارا ً من دور النصار‬
‫يدعونه إلى المقام عندهم يقولون يا رسول اللّه‬
‫م إلى القوّة والمنعة فيقول صلّى اللّه عليه وسلّم‬ ‫هل ّ‬
‫‪ « :‬خلوا سبيلها يعني ناقته القصواء فإنّها مأمورة »‬
‫‪ ,‬وقد أرخى زمامها وما يحّركها وهي تنظر يميناً‬
‫وشمال ً حتّى إذا أتت موضع المسجد بركت ‪ -‬وهو‬
‫م ثارت النّاقة‬ ‫يومئذ مربد للتّمر لغلمين يتيمين ‪ -‬ث ّ‬
‫والنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم عليها حتّى بركت على‬
‫م ثارت‬ ‫باب دار أبي أيوب النصاريّ رضي اللّه عنه ث ّ‬
‫منه وبركت في مبركها الوّل وألقت جرانها ‪ -‬أي‬
‫باطن عنقها ‪ -‬بالرض وأرزمت أي صوّتت من غير‬
‫أن تفتح فاها ‪ -‬فنزل عنها رسول اللّه صلّى اللّه‬
‫عليه وسلّم وقال ‪ « :‬هذا المنزل إن شاء اللّه تعالى‬
‫» ‪ ,‬واحتمل أبو أيوب رحله صلّى اللّه عليه وسلّم‬
‫وأدخله في بيته ‪ ,‬فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه‬
‫ي عن‬ ‫وسلّم ‪ « :‬المرء مع رحله » ‪ .‬ونقل السيوط ّ‬
‫ابن سعد في الطّبقات عن الزهريّ قال ‪ « :‬بركت‬
‫ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند موضع‬

‫‪195‬‬
‫المسجد ‪ -‬وهو يومئذ يصلّي فيه رجال من‬
‫المسلمين ‪ ,‬وكان مربدا ً لسهل وسهيل ‪ -‬غلمين‬
‫يتيمين من النصار وكانا في حجر أبي أمامة ‪ :‬أسعد‬
‫بن زرارة ‪ ,‬فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم‬
‫بالغلمين فساومهما بالمربد ليتّخذه مسجدا ً ‪ ,‬فقال ‪:‬‬
‫بل نهبه لك يا رسول اللّه ‪ ,‬فأبى النّبي صلّى اللّه‬
‫عليه وسلّم حتّى ابتاعه منهما بعشرة دنانير وأمر أبا‬
‫بكر أن يعطيهما ذلك ‪ ,‬فأمر رسول اللّه صلّى اللّه‬
‫عليه وسلّم بالنّخل الّذي في الحديقة وبالغرقد الّذي‬
‫فيه أن يقطع ‪ ,‬وأمر باللّبن فضرب ‪ ,‬وكان في‬
‫المربد قبور جاهليّة فأمر بها رسول اللّه صلّى اللّه‬
‫عليه وسلّم فنبشت ‪ ,‬وأمر بالعظام أن تغيّب ‪,‬‬
‫ما يلي القبلة إلى‬ ‫سسوا المسجد فجعلوا طوله م ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫خره مائة ذراع ‪ ,‬وفي هذين الجانبين مثل ذلك‬ ‫مؤ ّ‬
‫ل من المائة وجعلوا‬ ‫فهو مربّع ‪ ,‬ويقال كان أق ّ‬
‫الساس قريبا ً من ثلثة أذرع على الرض بالحجارة‬
‫م بنوه باللّبن ‪ ,‬وبناه رسول اللّه صلّى اللّه عليه‬ ‫ث ّ‬
‫وسلّم وأصحابه وجعل ينقل الحجارة معهم بنفسه‬
‫ويقول ‪:‬‬
‫م ل عيش إّل عيش الخرة فاغفر للنصار‬ ‫« اللّه ّ‬
‫والمهاجرة » ‪.‬‬
‫خره ‪ ,‬وبابا ً يقال‬
‫وجعل له ثلثة أبواب ‪ ,‬بابا ً في مؤ ّ‬
‫له باب الّرحمة وهو الباب الّذي يدعى باب عاتكة ‪,‬‬
‫والباب الثّالث الّذي يدخل منه رسول اللّه صلّى اللّه‬
‫عليه وسلّم وهو الباب الّذي يلي آل عثمان وجعل‬
‫ة ‪ ,‬وعمده الجذوع ‪ ,‬وسقفه‬ ‫طول الجدار بسط ً‬
‫ش كعريش‬ ‫جريدا ً فقيل له أل تسقفه ؟ فقال ‪ :‬عري ٌ‬
‫شأن أعجل من ذلك ‪,‬‬ ‫موسى خشيبات وتمام ال ّ‬
‫وبنى بيوتا ً إلى جنبه باللّبن وسقفها بجذوع النّخل‬

‫‪196‬‬
‫والجريد وكانت تلك البيوت مكان حجرته اليوم ‪,‬‬
‫ما توفّيت أزواجه خلطت البيوت والحجر بالمسجد‬ ‫فل ّ‬
‫في زمن عبد الملك بن مروان » ‪.‬‬
‫توسعة المسجد وعمارته ‪:‬‬
‫‪ - 5‬قال الّزركشي ‪ :‬روى البخاري في صحيحه عن‬
‫ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما قال ‪ « :‬كان‬
‫المسجد على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم‬
‫مبنيا ً باللّبن وسقفه الجريد وعمده خشب النّخل »‬
‫فلم يزد فيه أبو بكر رضي اللّه عنه شيئا ً ‪ ,‬وزاد فيه‬
‫عمر رضي اللّه عنه وبناه على بنائه في عهد رسول‬
‫اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم باللّبن والجريد وأعاد‬
‫م غيّره عثمان رضي اللّه عنه فزاد‬ ‫عمده خشبا ً ‪ ,‬ث ّ‬
‫فيه زيادة ً كبيرة ً وبنى جداره بالحجارة المنقوشة‬
‫صة ‪ ,‬وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه‬ ‫والق ّ‬
‫ساج ‪ ,‬وقال خارجة بن زيد‪ :‬بنى رسول اللّه صلّى‬ ‫بال ّ‬
‫اللّه عليه وسلّم مسجده سبعين ذراعا ً في ستّين‬
‫سير ‪ :‬جعل عثمان طول‬ ‫ذراعا ً أو يزيد ‪ ,‬قال أهل ال ّ‬
‫ة وخمسين‬ ‫ة وستّين ذراعا ً وعرضه مائ ً‬ ‫المسجد مائ ً‬
‫م‬
‫ة كما كانت في زمن عمر ث ّ‬ ‫ذراعا ً وجعل أبوابه ست ّ ً‬
‫زاد فيه الوليد بن عبد الملك فجعل طوله مائتي‬
‫ة‬
‫خره مائ ً‬ ‫ذراع وعرضه في مقدّمه مائتين وفي مؤ ّ‬
‫م زاد فيه المهدي مائة ذراع من جهة‬ ‫وثمانين ث ّ‬
‫شام فقط دون الجهات الثّلث ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شريفة ‪:‬‬ ‫الّروضة ال ّ‬
‫شريفة عدّة أحاديث ‪,‬‬ ‫‪ - 6‬ورد في فضل الّروضة ال ّ‬
‫شيخان عن أبي هريرة رضي اللّه‬ ‫من ذلك ما رواه ال ّ‬
‫ن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ‪« :‬‬ ‫عنه أ ّ‬
‫ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة ‪,‬‬
‫ومنبري على حوضي » ‪ ,‬وما أخرجه أحمد عن جابر‬

‫‪197‬‬
‫بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال ‪ :‬قال رسول اللّه‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ « :‬ما بين منبري إلى حجرتي‬
‫ن منبري على ترعة من‬ ‫روضة من رياض الجنّة وإ ّ‬
‫ترع الجنّة » وفي رواية من حديث عبد اللّه بن زيد ‪:‬‬
‫« ما بين هذه البيوت ‪ -‬يعني بيوته صلّى اللّه عليه‬
‫وسلّم ‪ -‬إلى منبري روضة من رياض الجنّة » ‪.‬‬
‫قال النّووي ‪ :‬ذكروا في معنى قوله صلّى اللّه عليه‬
‫وسلّم ‪ « :‬ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض‬
‫ن ذلك الموضع بعينه ينقل‬ ‫الجنّة » قولين ‪ :‬أحدهما أ ّ‬
‫ن العبادة فيه تؤدّي إلى الجنّة ‪,‬‬ ‫إلى الجنّة ‪ ,‬والثّاني أ ّ‬
‫ما‬‫وقال محب الدّين الطّبريّ قال بعض العلماء ‪ :‬ل ّ‬
‫كان جلوسه وجلوس النّاس إليه يتعلّمون القرآن‬
‫والدّين واليمان هناك شبّه ذلك الموضع بالّروضة‬
‫لكرم ما يجتنى فيه ‪ ,‬وأضافه إلى الجنّة لنّها تؤوّل‬
‫إلى الجنّة ‪ ,‬كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم ‪:‬‬
‫« الجنّة تحت ظلل السيوف » ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫ّ‬ ‫أساطين المسجد النّبويّ الصل‬
‫َ‬
‫‪ - 7‬من أساطين المسجد النّبويّ أسطوانة المخل ّق‬
‫شريف ‪ ,‬فعن سلمة‬ ‫الّتي هي علم على المصلّى ال ّ‬
‫بن الكوع رضي اللّه تعالى عنه قال ‪ « :‬رأيت‬
‫صلة‬‫رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتحّرى ال ّ‬
‫عندها » ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أسطوانة القرعة وتعرف بأسطوانة عائشة‬
‫رضي اللّه تعالى عنها وبأسطوانة المهاجرين أيضا ً ‪,‬‬
‫ن عبد اللّه بن الزبير واثنين معه‬ ‫روي عن ابن زبّالة أ ّ‬
‫دخلوا على عائشة رضي اللّه تعالى عنها فتذاكروا‬
‫ة من‬‫المسجد فقالت عائشة إنّي لعلم ساري ً‬
‫صلة إليها‬ ‫سواري المسجد لو يعلم النّاس ما في ال ّ‬
‫لضطربوا عليها بالسهمان ‪ ,‬فخرج الّرجلن وبقي‬

‫‪198‬‬
‫م خرج ابن الزبير مسرعا ً فصلّى إلى‬ ‫ابن الزبير ‪ ,‬ث ّ‬
‫ن‬‫سارية ‪ ,‬وعن ابن زبّالة أيضا ً ‪ :‬وبلغنا أ ّ‬ ‫هذه ال ّ‬
‫الدعاء فيها مستجاب ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أسطوانة التّوبة وتعرف بأسطوانة أبي لبابة‬
‫رضي اللّه تعالى عنه وهي الّتي ربط أبو لبابة نفسه‬
‫إليها حتّى نزلت توبته ‪.‬‬
‫سرير وهي الّتي كان يوضع‬ ‫ومنها ‪ :‬أسطوانة ال ّ‬
‫عندها سرير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا‬
‫اعتكف ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أسطوانة الحرس وهي الّتي كان يجلس‬
‫علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه في‬
‫ما يلي باب رسول اللّه‬ ‫صفحتها الّتي تلي القبر م ّ‬
‫ي صلّى اللّه عليه‬ ‫صلّى اللّه عليه وسلّم يحرس النّب ّ‬
‫وسلّم ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أسطوانة الوفود وهي الّتي كان يجلس‬
‫رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليها لوفود العرب‬
‫إذا جاءته ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أسطوانة التّهجد وهي الّتي كان رسول اللّه‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم يخرج إذا انكّفت النّاس‬
‫فيصلّي عندها صلة اللّيل ‪.‬‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم ‪:‬‬ ‫حجرات أزواج النّب ّ‬
‫ما بنى رسول اللّه صلّى اللّه‬ ‫جار ‪ :‬ل ّ‬ ‫‪ - 8‬قال ابن الن ّ ّ‬
‫عليه وسلّم مسجده بنى بيتين لزوجتيه عائشة‬
‫وسودة ‪ -‬رضي اللّه عنهما ‪ -‬على نعت بناء المسجد‬
‫ما تزوّج صلّى اللّه عليه‬ ‫من لبن وجريد النّخل ‪ ,‬ول ّ‬
‫ن حجرا ً وهي تسعة أبيات وهي‬ ‫وسلّم نساءه بنى له ّ‬
‫ما بين بيت عائشة رضي اللّه عنها إلى الباب الّذي‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ ,‬وقال أهل‬ ‫يلي باب النّب ّ‬
‫سير ‪ :‬ضرب النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم الحجرات‬ ‫ال ّ‬

‫‪199‬‬
‫ي ولم‬ ‫شام ّ‬ ‫شرق إلى ال ّ‬ ‫ما بينه وبين القبلة وال ّ‬
‫ة من المسجد مديرةً به‬ ‫يضربها غربيّه ‪ ,‬وكانت خارج ً‬
‫ة في المسجد ‪.‬‬ ‫إّل من المغرب وكانت أبوابها شارع ً‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم‬ ‫وكان بيت فاطمة بنت النّب ّ‬
‫خلف بيته عن يسار المصلّى إلى الكعبة وكان فيه‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم « وكان‬ ‫خوخة إلى بيت النّب ّ‬
‫إذا قام من اللّيل إلى المخرج اطّلع منها يعلم‬
‫ل صباح فيأخذ بعضادتيه‬ ‫خبرهم ‪ ,‬وكان يأتي بابها ك ّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ب ع َنك ُ ُ‬ ‫ما يُرِيد ُ الل ّ ُ‬
‫ه لِيُذْه ِ َ‬ ‫صلة ‪ { :‬إِن َّ َ‬ ‫ويقول ‪ :‬ال ّ‬
‫م تَطْهِيًرا } » ‪.‬‬ ‫ت وَيُطَهَِّرك ُ ْ‬ ‫ل الْبَي ْ ِ‬‫س أَهْ َ‬
‫ج َ‬ ‫الّرِ ْ‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم ‪:‬‬ ‫منبر النّب ّ‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬ ‫ق متعدّدة أ ّ‬ ‫‪ - 9‬وردت عدّة روايات من طر ٍ‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا أراد أن يخطب وأطال‬
‫القيام يسند ظهره إلى إحدى سواري مسجده ‪-‬‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ -‬الّتي كانت من جذوع النّخل‬
‫‪ ,‬وكان يشقّ عليه طول قيامه فأتي بجذع فحفر له‬
‫فصار يخطب إلى جنبه وإذا طال قيامه ‪ -‬صلّى اللّه‬
‫صحابة‬ ‫ما رأى ال ّ‬ ‫عليه وسلّم ‪ -‬استند فاتّكأ عليه ‪ ,‬ول ّ‬
‫أنّه ‪ -‬صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ -‬يشكو ضعفا ً في رجليه‬
‫ق عليه طول القيام عملوا له منبرا ً من خشب‬ ‫ويش ّ‬
‫ث«‬ ‫الطّرفاء وكان بمرقاتين ‪ -‬أي درجتين أو ثل ٍ‬
‫ما تحوّل صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المنبر يخطب‬ ‫فل ّ‬
‫عليه سمع لذلك الجذع حنين كصوت العشار فأتى‬
‫مه‬‫النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم إليه فاحتضنه وض ّ‬
‫فسكن » ‪.‬‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم وصاحبيه ‪:‬‬ ‫موضع قبر النّب ّ‬
‫ي صلّى‬ ‫ما فرغ من جهاز النّب ّ‬ ‫‪ - 10‬قال ابن هشام ‪ :‬ل ّ‬
‫اللّه عليه وسلّم يوم الثلثاء وضع على سريره في‬
‫بيته وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال‬

‫‪200‬‬
‫قائل ندفنه في مسجده ‪ ,‬وقال قائل بل ندفنه مع‬
‫أصحابه ‪ ,‬فقال أبو بكر إنّي سمعت رسول اللّه‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم يقول‪ « :‬ما قبض نبي إّل دفن‬
‫حيث قبض » ‪ ,‬فرفع فراش رسول اللّه صلّى اللّه‬
‫م دخل‬ ‫عليه وسلّم الّذي توفّي عليه فحفر له تحته ث ّ‬
‫النّاس على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم‬
‫ة بعد جماعة ‪. -‬‬ ‫يصلون عليه أرسال ً ‪ -‬جماع ً‬
‫صلة‬ ‫وقال ابن كثير ‪ :‬قد علم بالتّواتر أنّه عليه ال ّ‬
‫سلم دفن في حجرة عائشة الّتي كانت تختص‬ ‫وال ّ‬
‫ي مسجده في الّزاوية الغربيّة القبليّة من‬ ‫بها شرق ّ‬
‫م عمر رضي‬ ‫م دفن بعده فيها أبو بكر ث ّ‬ ‫الحجرة ‪ ,‬ث ّ‬
‫اللّه عنهما ‪.‬‬
‫صَّفة ‪:‬‬
‫مكان أهل ال ُ‬
‫صاد المشدّدة وتشديد الفاء ‪-‬‬ ‫م ال ّ‬‫ة ‪ :‬بض ّ‬ ‫صّف ُ‬
‫‪ - 11‬ال ُ‬
‫خر المسجد النّبويّ وإليها ينسب‬ ‫مكان مظلّل في مؤ ّ‬
‫أهل الصّفة ‪ ,‬وهم أناس من فقراء المسلمين ‪,‬‬
‫من لم يكن لهم منازل ول‬ ‫وأكثرهم من المهاجرين م ّ‬
‫مأوى ‪ ,‬أنزلهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم المسجد‬ ‫ً‬
‫ماهم أهل الصّفة‪ ,‬وكان صلّى اللّه عليه وسلّم‬ ‫وس ّ‬
‫يجالسهم ويأنس بهم ‪ ,‬وكان إذا جاءته هديّة أصاب‬
‫صدقة أرسل بها‬ ‫منها وبعث إليهم منها ‪ ,‬وإذا جاءته ال ّ‬
‫إليهم ولم يصب منها ‪.‬‬
‫ن‬
‫صحيح أ ّ‬ ‫جار ‪ :‬روى البخاري في ال ّ‬ ‫قال ابن الن ّ ّ‬
‫أصحاب الصّفة كانوا فقراء ‪ ,‬وروي ‪ -‬أيضاً‪ -‬عن أبي‬
‫هريرة رضي اللّه عنه قال ‪ « :‬رأيت سبعين من أهل‬
‫ما كساء‬ ‫ما إزار وإ ّ‬‫الصّفة ما منهم رجل عليه رداء ‪ ,‬إ ّ‬
‫قد ربطوه في أعناقهم ‪ ,‬فمنها ما يبلغ نصف‬
‫ساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهة‬ ‫ال ّ‬
‫أن ترى عورته » ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫بوي ‪:‬‬
‫آداب دخول المسجد الن ّ ّ‬
‫بوي أن يقول‬ ‫‪ - 12‬يستحب لمن دخل المسجد الن ّ ّ‬
‫الذ ّكر الوارد في ذلك عند دخول المساجد ‪ ,‬فيقدّم‬
‫ل على‬ ‫مص ّ‬ ‫رجله اليمنى ويقول ‪ " :‬بسم اللّه اللّه ّ‬
‫ب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك‬ ‫مد ر ّ‬‫مح ّ‬
‫"‪.‬‬
‫وعند الخروج يقدّم رجله اليسرى ويقول ذلك ‪,‬‬
‫ولكن بلفظ ‪ " :‬وافتح لي أبواب فضلك " ‪ ,‬ويصلّي‬
‫عند الدخول ركعتين تحيّة المسجد والمسجد النّبوي‬
‫وغيره من المساجد في ذلك سواء إّل المسجد‬
‫ن تحيّته الطّواف ‪.‬‬ ‫الحرام فإ ّ‬
‫ي صلّى‬ ‫شريفة الّتي فيها قبر النّب ّ‬ ‫م يقصد الحجرة ال ّ‬ ‫ث ّ‬
‫اللّه عليه وسلّم فيستقبل القبر ويستدبر القبلة ‪,‬‬
‫ويدعو بالدعاء الوارد في ذلك ‪.‬‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم‬ ‫ر ‪ :‬مصطلح ( زيارة قبر النّب ّ‬
‫ف‪.)7/‬‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم‬ ‫صة بمسجد النّب ّ‬ ‫الحكام الخا ّ‬
‫‪:‬‬
‫للمسجد النّبويّ ما للمساجد من أحكام ‪ ,‬ويختص‬
‫بأحكام منها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬شد الّرحال إليه ‪:‬‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫‪ - 13‬فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أ ّ‬
‫ل إّل‬
‫شد َّ الّرحا ُ‬ ‫صلّى اللّه عليه وسلّم قال ‪ « :‬ل ت ُ َ‬
‫إلى ثلثة مساجد ‪ :‬المسجد الحرام ‪ ,‬ومسجد‬
‫الّرسول ‪ -‬صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ -‬ومسجد القصى‬
‫»‪.‬‬
‫بوي أحد‬
‫ن المسجد الن ّ ّ‬ ‫وفي الحديث دليل على أ ّ‬
‫المساجد الثّلثة الّتي تختص بمزيّة جواز شد ّ الّرحال‬
‫إليها ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيّتها على‬
‫ن الوّل قبلة‬‫غيرها لكونها مساجد َ النبياء ‪ ,‬ول ّ‬
‫سالفة ‪,‬‬ ‫النّاس وإليه حجهم والثّاني كان قبلة المم ال ّ‬
‫سس على التّقوى ‪ .‬واختلف في شدّ‬ ‫والثّالث أ ّ‬
‫صالحين‬ ‫الّرحال إلى غيرها كالذ ّهاب إلى زيارة ال ّ‬
‫أحياءً وأمواتا ً ‪ ,‬وإلى المواضع الفاضلة لقصد التّبرك‬
‫مد الجويني ‪ :‬يحرم‬ ‫صلة فيها ‪ ,‬فقال أبو مح ّ‬ ‫بها وال ّ‬
‫شد الّرحال إلى غيرها عمل ً بظاهر هذا الحديث وبه‬
‫قال عياض وطائفة ‪.‬‬
‫شافعيّة أنّه‬ ‫صحيح عند إمام الحرمين وغيره من ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ل يحرم ‪.‬‬
‫صلة في المسجد النّبويّ فرضا ً ونفل ً ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬ثواب ال ّ‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫‪ - 14‬عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أ ّ‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم قال ‪ « :‬صلة في مسجدي‬
‫هذا خير من ألف صلة فيما سواه من المساجد إّل‬
‫المسجد الحرام » ‪.‬‬
‫ول خلف بين العلماء في حصول هذه الفضليّة‬
‫ومضاعفة الثّواب الواردة في الحديث لصلة الفرض‬
‫‪.‬‬
‫ما في صلة النّفل فيرى الحنفيّة والمالكيّة ‪ -‬على‬ ‫أ ّ‬
‫ن الفضليّة ومضاعفة الثّواب‬ ‫صحيح ‪ -‬والحنابلة ‪ :‬أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صة بالفرائض دون النّوافل ‪,‬‬ ‫الواردة في الحديث خا ّ‬
‫ن صلة النّافلة في البيت أفضل وأقرب إلى‬ ‫ل ّ‬
‫الخلص وأبعد عن الّرياء ‪ ,‬لقوله صلّى اللّه عليه‬
‫وسلّم ‪ « :‬صلة المرء في بيته أفضل من صلته في‬
‫مسجدي هذا إّل المكتوبة » ‪ ,‬وقوله صلّى اللّه عليه‬
‫صلة في مسجده‬ ‫وسلّم ‪ « :‬إذا قضى أحدكم ال ّ‬
‫ن اللّه جاعل في‬ ‫فليجعل لبيته نصيبا ً من صلته فإ ّ‬
‫بيته من صلته خيرا ً » ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫ن المالكيّة فّرقوا بين من كان من أهل المدينة‬ ‫لك ّ‬
‫ن صلة أهل‬ ‫وبين من كان من الغرباء عنها ‪ ,‬فقالوا إ ّ‬
‫المدينة النّفل المطلق في بيوتهم أفضل من فعلها‬
‫في المسجد بخلف الّرواتب وما تسن له الجماعة‬
‫ن فعلها في المسجد أفضل ‪.‬‬ ‫فإ ّ‬
‫ن صلتهم النّافلة في‬ ‫ما الغرباء عن المدينة فإ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫مسجده صلّى اللّه عليه وسلّم أفضل من صلتهم‬
‫لها في بيوتهم وسواء أكانت النّافلة من الّرواتب أم‬
‫كانت نفل ً مطلقا ً ‪.‬‬
‫ن المراد بالغريب عن المدينة وهو من ل‬ ‫وقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫ن المجاور بها حكمه حكم أهلها حيث‬ ‫يعرف فيها ‪ ,‬وإ ّ‬
‫كان يعرف‬
‫ن‬
‫شافعيّة ‪ -‬ومطّرف من المالكيّة ‪ -‬أ ّ‬ ‫ويرى ال ّ‬
‫التّفضيل الوارد بالحديث يعم صلة الفرض وصلة‬
‫النّفل ‪.‬‬
‫ن مذهبنا أنّه ل يختص هذا‬ ‫قال النّووي ‪ :‬واعلم أ ّ‬
‫صلة في هذين المسجدين ‪ -‬أي المسجد‬ ‫التّفضيل بال ّ‬
‫الحرام والمسجد النّبويّ ‪ -‬بالفريضة بل يعم الفرض‬
‫ك‪,‬‬ ‫والنّفل جميعا ً ‪ ,‬وبه قال مطّرف من أصحاب مال ٍ‬
‫ن‬
‫وقال الّزركشي ‪ :‬ذكر في شرح المهذ ّب أ ّ‬
‫ن صلة النّفل في بيته أفضل من‬ ‫التّحقيق ‪ :‬أ ّ‬
‫المسجد ‪.‬‬
‫بوي ‪:‬‬
‫ج ‪ -‬حكم ما زيد في بناء المسجد الن ّ ّ‬
‫‪ - 15‬طرأت على بناء المسجد النّبويّ توسعة‬
‫ي‬
‫ما كان عليه في عصر النّب ّ‬ ‫وزيادات في بنائه ع ّ‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ ,‬وقد بحث العلماء حكم هذه‬
‫الّزيادة من جهة نيل الثّواب ‪ ,‬فمنهم من قال إ ّ‬
‫ن‬
‫الفضل الثّابت لمسجده صلّى اللّه عليه وسلّم ثابت‬
‫لما زيد فيه ‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫بري ‪ :‬عن ابن عمر قال زاد‬ ‫ّ‬ ‫قال محب الدّين الط ّ‬
‫عمر بن الخطّاب في المسجد من شاميّه وقال ‪" :‬‬
‫لو زدنا فيه حتّى تبلغ الجبّانة كان مسجد رسول اللّه‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم " ‪ ,‬وعن أبي هريرة رضي‬
‫اللّه عنه قال ‪ :‬قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه‬
‫وسلّم ‪ « :‬لو بني هذا المسجد إلى صنعاء كان‬
‫مسجدي » ‪ ,‬وكان أبو هريرة رضي اللّه عنه يقول ‪:‬‬
‫ظهر المسجد كقعره ‪.‬‬
‫وإلى هذا ذهب الحنفيّة والحنابلة وهو اختيار ابن‬
‫تيميّة ‪ ,‬قال ابن عابدين ‪ " :‬ومعلوم أنّه قد زيد في‬
‫م‬
‫م عثمان ث ّ‬ ‫بوي ‪ ,‬فقد زاد فيه عمر ث ّ‬ ‫المسجد الن ّ ّ‬
‫م المهدي ‪ ,‬والشارة بهذا إلى المسجد‬ ‫الوليد ث ّ‬
‫ن‬
‫كأ ّ‬ ‫المضاف إليه صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ ,‬ول ش ّ‬
‫مى مسجده صلّى‬ ‫جميع المسجد الموجود الن يس ّ‬
‫اللّه عليه وسلّم ‪ ,‬فقد اتّفقت الشارة والتّسمية‬
‫على شيء واحد فلم تلغ التّسمية فتحصل‬
‫المضاعفة المذكورة في الحديث ‪ ,‬فيما زيد فيه " ‪.‬‬
‫ونقل الجراعي عن ابن رجب مثل ذلك ‪ ,‬وأنّه قد‬
‫سلف في ذلك خلف ‪ .‬وروي‬ ‫قيل إنّه ل يعلم عن ال ّ‬
‫عن المام أحمد التّوقّف ‪.‬‬
‫ن ما زيد في‬ ‫سمهودي ‪ -‬من المالكيّة ‪ -‬أ ّ‬ ‫جح ال ّ‬ ‫ور ّ‬
‫بوي داخل في الفضليّة الواردة بالحديث‬ ‫المسجد الن ّ ّ‬
‫ك أنّه سئل عن حد ّ المسجد‬ ‫‪ ,‬ونقل عن المام مال ٍ‬
‫الّذي جاء فيه الخبر هل هو على ما كان في عهد‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم أو هو على ما عليه الن‬ ‫النّب ّ‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬
‫؟ فقال بل هو على ما هو الن ‪ ,‬وقال ل ّ‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم أخبر بما يكون بعده وزويت له‬
‫الرض فأري مشارق الرض ومغاربها ‪ ,‬وتحدّث بما‬
‫يكون بعده فحفظ ذلك من حفظه في ذلك الوقت‬

‫‪205‬‬
‫ونسي ذلك من نسيه ‪ ,‬ولول هذا ما استجاز الخلفاء‬
‫صحابة‬‫الّراشدون المهديون أن يزيدوا فيه بحضرة ال ّ‬
‫ولم ينكر عليهم ذلك منكر ‪.‬‬
‫لكن قال البي في شرح الحديث ‪ « :‬صلة في‬
‫ن التّفضيل‬ ‫مسجدي هذا خير من ألف صلة ‪ » . . .‬إ ّ‬
‫ص بمسجده الّذي كان في زمانه صلّى اللّه‬ ‫مخت ٌّ‬
‫عليه وسلّم دون ما زيد فيه بعد ذلك‪ ,‬فل يتناول‬
‫التّفضيل ما زاد فيه عثمان لنّه من اتّخاذه ‪ ,‬ويدل‬
‫على أنّه من اتّخاذه احتجاجه حين أنكر عليه فيه‬
‫الّزيادة بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ « :‬من بنى‬
‫مسجدا ً بنى اللّه له بيتا ً في الجنّة » ‪ ,‬فجعله من‬
‫بنائه لنفسه ‪.‬‬
‫صة بنفس‬ ‫ن هذه الفضيلة مخت ّ‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫مسجده صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي كان في زمانه‬
‫دون ما زيد فيه بعده ‪.‬‬
‫الجوزي وجمع من‬‫ّ‬ ‫وإلى هذا ذهب ابن عقيل وابن‬
‫الحنابلة ‪.‬‬
‫د ‪ -‬نذر المشي إلى المسجد النّبويّ ‪:‬‬
‫‪ - 16‬اختلف الفقهاء في حكم الوفاء على من نذر‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم ‪,‬‬ ‫المشي إلى مسجد النّب ّ‬
‫ن من‬ ‫فيرى الحنفيّة أنّه ل يلزمه الوفاء به ‪ ,‬ل ّ‬
‫ة مقصودةً وأن‬ ‫شروط النّذر عندهم أن يكون قرب ً‬
‫يكون من جنسه واجب أو فرض ‪ ,‬والذ ّهاب إلى‬
‫بوي غير واجب بخلف ما لو نذر المشي‬ ‫المسجد الن ّ ّ‬
‫إلى المسجد الحرام فإنّه يلزمه الوفاء به ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪.‬‬‫وإلى ذلك ذهب ال ّ‬
‫ويرى المالكيّة وجوب الوفاء بالنّذر إن نوى صلةً أو‬
‫صوما ً أو اعتكافا ً ‪ ,‬لكن ل يلزمه المشي وله أن‬
‫يذهب راكبا ً‬

‫‪206‬‬
‫ويرى الحنابلة لزوم الوفاء بالنّذر ماشيا ً ‪ ,‬واستدلوا‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ « :‬ل تشد‬ ‫بقول النّب ّ‬
‫الّرحال إّل إلى ثلثة مساجد ‪ :‬المسجد الحرام‬
‫ومسجدي هذا ‪ ,‬والمسجد القصى » ‪ .‬وقالوا إنّه‬
‫يلزمه ‪ -‬حينئذ ‪ -‬أن يصلّي في المسجد ركعتين ل ّ‬
‫ن‬
‫القصد بالنّذر القربة والطّاعة‪ ,‬وإنّما يكون تحصيل‬
‫من ذلك نذره كما يلزم ناذر‬ ‫صلة فتض ّ‬ ‫ذلك بال ّ‬
‫المشي إلى بيت اللّه الحرام أحد النسكين ‪.‬‬
‫وللتّفصيل ينظر مصطلح ‪ ( :‬نذر )‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم‬ ‫هـ ‪ -‬زيارة قبر النّب ّ‬
‫ي‬
‫ن زيارة قبر النّب ّ‬ ‫‪ - 17‬ذهب جمهور العلماء إلى أ ّ‬
‫صلّى اللّه عليه وسلّم مستحبّة ‪ ,‬وقالت طائفة إنّها‬
‫سنّة مؤكّدة تقرب من درجة الواجبات ‪ ,‬وهو المفتى‬
‫به عند طائفة من الحنفيّة ‪ .‬وذهب الفقيه المالكي‬
‫أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي إلى أنّها واجبة‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫ومن أدلّة مشروعيّتها قوله تعالى ‪ { :‬وَلَوْ أنَّهُ ْ‬
‫م إِذ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ستَغَْفَر لَهُ ُ‬
‫م‬ ‫ه َوا ْ‬ ‫ستَغَْفُروا ْ الل ّ َ‬ ‫ك فَا ْ‬ ‫جآؤُو َ‬ ‫م َ‬ ‫سهُ ْ‬‫موا ْ أنُف َ‬ ‫ظ ّل َ ُ‬
‫ما } ‪ ,‬وقوله صلّى‬ ‫حي ً‬‫وابًا َّر ِ‬ ‫جدُوا ْ الل ّ َ‬
‫ه ت َ َّ‬ ‫ل لَوَ َ‬ ‫الَّر ُ‬
‫سو ُ‬
‫اللّه عليه وسلّم ‪ « :‬من زارني بعد موتي فكأنّما‬
‫زارني في حياتي » ‪.‬‬
‫ي صلّى اللّه‬ ‫وللتّفصيل ‪ :‬ر ‪ :‬مصطلح ( زيارة النّب ّ‬
‫عليه وسلّم ف ‪. ) 2 /‬‬
‫بوي ‪:‬‬
‫آداب وداع المسجد الن ّ ّ‬
‫‪ - 18‬يستحب لمن عزم على الرجوع إلى بلده أن‬
‫ب وأن يأتي‬ ‫يودّع المسجد بصلة ويدعو بعدها بما أح ّ‬
‫ي صلّى اللّه عليه‬ ‫شريف فيسلّم على النّب ّ‬ ‫القبر ال ّ‬
‫ب ويسأله سبحانه أن‬ ‫وسلّم ويدعو اللّه بما أح ّ‬
‫يوصله إلى أهله سالما ً غانما ً ويقول ‪ :‬غير مودّع يا‬

‫‪207‬‬
‫رسول اللّه ‪ ,‬ويسأل اللّه تعالى أن يردّه إلى حرمه‬
‫مد صلّى اللّه عليه وسلّم في عافية‬ ‫وحرم نبيّه مح ّ‬
‫===============‬
‫وَرة *‬‫من َ ّ‬
‫مدِينة ال ُ‬
‫ال َ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬المصر الجامع ‪ ,‬على وزن فعيلة ‪,‬‬ ‫‪ - 1‬المدينة لغ ً‬
‫مدَن بالمكان أي ‪ :‬أقام فيه ‪ ,‬وقيل ‪:‬‬ ‫مأخوذة من َ‬
‫مدُن ‪ ,‬ومدائن ‪.‬‬ ‫فعَلة لنّها من دان ‪ ,‬والجمع ‪ُ :‬‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫وغلب إطلق " المدينة " معّرفا ً بأل لدى المسلمين‬
‫على مدينة الّرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬ويكثر‬
‫أن يقال ‪ " :‬المدينة المنوّرة " إشارةً إلى أنّها منوّرة‬
‫سلم ‪.‬‬‫صلة وال ّ‬ ‫بأنوار ساكنها عليه أفضل ال ّ‬
‫أسماء المدينة المنوّرة ‪:‬‬
‫مى قبل السلم يثرب ‪,‬‬ ‫‪ - 2‬كانت المدينة تس ّ‬
‫ماها النّبي صلى الله عليه وسلم " المدينة "‬ ‫فس ّ‬
‫وقال ‪ « :‬أمرت بقرية تأكل القرى ‪ ،‬يقولون يثرب‬
‫وهي المدينة ‪ ،‬تنفي النّاس كما ينفي الكير خبث‬
‫الحديد » ‪.‬‬
‫مى يثرب ‪ ,‬فقد روي أنّه صلى الله‬ ‫ونهى أن تس ّ‬
‫مى المدينة يثرب‬ ‫عليه وسلم قال ‪ « :‬من س ّ‬
‫فليستغفر اللّه ‪ ,‬هي طابة ‪ ,‬هي طابة » ‪.‬‬
‫ومن أسماء المدينة المشهورة " طيبْة " بسكون‬
‫الياء ‪ ,‬ويقال أيضا ً ‪ " :‬طيِّبة " مشدّدة الياء و " دار‬
‫الهجرة " وغير ذلك من أسماءٍ ‪ ,‬قيل ‪ :‬إنّها تبلغ‬
‫الربعين ‪.‬‬
‫ي المدينة‬ ‫وتقع المدينة بين حّرتين ‪ :‬إحداهما ‪ :‬شرق ّ‬
‫وهي حّرة واقم ٍ ‪ ,‬والخرى ‪ :‬غربيّها وهي حّرة الوبرة‬
‫‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫والحّرة ‪ :‬أرض مكتسية بحجارة سوداء بركانيّةٍ ‪,‬‬
‫شمال جبل أحدٍ ‪ ,‬ومن الجنوب‬ ‫ويحيط بها من ال ّ‬
‫جبل عيرٍ ‪.‬‬
‫وتبعد عن مكّة عشر مراحل ‪ ,‬ويحرم أهلها ومن مّر‬
‫بها من ذي الحليفة ‪.‬‬
‫فضل المدينة ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وفيها‬ ‫‪ - 3‬المدينة مهاجر النّب ّ‬
‫مثواه صلى الله عليه وسلم ومنها انتشر السلم‬
‫مها بإيجاز ‪:‬‬ ‫في العالم ‪ ,‬ولها فضائل كثيرة ‪ ,‬من أه ّ‬
‫س رضي الله عنه‬ ‫أ ‪ -‬مضاعفة البركة فيها فعن أن ٍ‬
‫قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬اللّه ّ‬
‫م‬
‫ضعَْفي ما بمكّة من البركة » ‪.‬‬ ‫اجعل بالمدينة ِ‬
‫ب ‪ -‬تفضيل القامة فيها على غيرها فعن سفيان بن‬
‫أبي زهيرٍ رضي الله عنه قال ‪ :‬سمعت رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ‪ « :‬تُفتح اليمن ‪ ,‬فيأتي‬
‫ملون بأهليهم ومن أطاعهم ‪,‬‬ ‫سون فيتح ّ‬ ‫قوم يَب ُ ّ‬
‫شام‬ ‫والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ‪ ,‬وتُفتح ال ّ‬
‫ملون بأهليهم ومن أطاعهم ‪,‬‬ ‫سون فيتح ّ‬ ‫فيأتي قوم يَب ُ ّ‬
‫والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ‪ ،‬وتُفتح العراق‬
‫ملون بأهليهم ومن أطاعهم‬ ‫سون ‪ ,‬فيتح ّ‬ ‫فيأتي قوم يَب ُ ّ‬
‫‪ ,‬والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون » ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تغليظ ذنب من يكيد أهلها ‪ :‬فعن سعد بن أبي‬
‫ص رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول اللّه صلى‬ ‫وقّا ٍ‬
‫الله عليه وسلم ‪ « :‬من أراد أهل المدينة بسوء‬
‫أذابه اللّه كما يذوب الملح في الماء » ‪.‬‬
‫جال والطّاعون ‪ :‬فعن أبي‬ ‫د ‪ -‬حمايتها من دخول الد ّ ّ‬
‫هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول اللّه صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ « :‬على أنقاب المدينة ملئكة ‪ ,‬ل‬
‫جال »‪ .‬هـ ‪ -‬إنّها مجمع‬ ‫يدخلها الطّاعون ول الد ّ ّ‬

‫‪209‬‬
‫ن رسول‬ ‫اليمان فعن أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ‬
‫ن اليمان ليأرز‬ ‫اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬إ ّ‬
‫إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها » ‪.‬‬
‫ض فيها ‪.‬‬ ‫ويأرز أي ‪ :‬ينضم ويجتمع بعضه إلى بع ٍ‬
‫حرم المدينة ‪:‬‬
‫ن المدينة حرم مثل‬ ‫‪ - 4‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫مكّة ‪ ,‬فيحرم صيدها ول يقطع شجرها إل ما استنبت‬
‫للقطع ‪.‬‬
‫ن المدينة ليس لها حرم ‪ ,‬فل‬ ‫وذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫ل من‬ ‫يمنع أحد من أخذ صيدها وشجرها ‪ ,‬ولك ّ‬
‫الفريقين أدلّته ‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك في مصطلح ‪ ( :‬حرم ف ‪. ) 28‬‬
‫شافعيّة والحنابلة على إثبات صفة‬ ‫‪ - 5‬وقد فّرع ال ّ‬
‫الحرم للمدينة أنّه يكره نقل تراب الحرم وأحجاره‬
‫ن الولى أن ل يدخل‬ ‫إلى سائر البقاع ‪ ,‬وقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫ن المدينة‬ ‫ل وأحجاره الحرم ‪ ,‬وعلّة ذلك أ ّ‬ ‫تراب الح ّ‬
‫ما جعلها اللّه حرما ً آمنا ً حرم بذلك كل شيءٍ ثابت‬ ‫ل ّ‬
‫ن الولى عدم إدخال تراب الح ّ‬
‫ل‬ ‫ما أ ّ‬
‫مستقر فيها ‪ ,‬وأ ّ‬
‫وأحجاره فلئل تحدث لها حرمة لم تكن‬
‫س الحاجة إلى إدخالها إلى الحرم ‪,‬‬ ‫وهذا إذا لم تم ّ‬
‫لمثل بناءٍ أو غيره ‪.‬‬
‫المفاضلة بين مكّة والمدينة ‪:‬‬
‫‪ - 6‬ذهب الجمهور إلى تفضيل مكّة على المدينة‬
‫بوي ‪.‬‬
‫وتفضيل المسجد الحرام على المسجد الن ّ ّ‬
‫المنورة على‬
‫ّ‬ ‫وذهب المام مالك إلى تفضيل المدينة‬
‫مكّة المكّرمة ‪ ,‬وتفضيل المسجد النّبويّ على‬
‫المسجد الحرام وهو قول عمر بن الخطّاب رضي‬
‫الله عنه ‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫ل الجمهور على تفضيل مكّة وحرمها بأدلّة‬ ‫وقد استد ّ‬
‫منها ‪:‬‬
‫ما ورد عن عبد اللّه بن عديّ بن حمراء رضي الله‬
‫عنه قال ‪ « :‬رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫واقفا ً على الحزورة فقال ‪ :‬واللّه إنّك لخير أرض‬
‫ُ‬
‫ت‬‫اللّه وأحب أرض اللّه إلى اللّه ‪ ,‬ولول أنّي أخرِج ُ‬
‫منك ما خرجت » ‪.‬‬
‫س رضي الله عنهما قال ‪ :‬قال‬ ‫ّ‬
‫وعن عبد الله بن عبّا ٍ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمكّة ‪ « :‬ما‬
‫ن قومي‬ ‫ي ‪ ,‬ولول أ ّ‬
‫أطيبك من بلدٍ وأحبّك إل ّ‬
‫أخرجوني منك ما سكنت غيرك » ‪.‬‬
‫فهذان الحديثان يدلن على تفضيل مكّة على سائر‬
‫البلدان ومنها المدينة ‪.‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ‬
‫عليه وسلم قال ‪ « :‬صلة في مسجدي هذا خير من‬
‫ألف صلةٍ فيما سواه إل المسجد الحرام » ‪.‬‬
‫وفي حديث عبد اللّه بن الزبير رضي الله عنهما‬
‫زيادة ‪ « :‬وصلة في المسجد الحرام أفضل من‬
‫مائة صلةٍ في مسجدي هذا » وهذا دليل على‬
‫تفضيل المسجد الحرام بمكّة على المسجد الن ّ ّ‬
‫بوي‬
‫شريف ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ل مالك بأدلّة في فضل المدينة منها ما سبق‬ ‫واستد ّ‬
‫ن اليمان ليأرز إلى المدينة » وأنّها القرية الّتي‬ ‫‪«:‬إ ّ‬
‫تأكل القرى ‪ ,‬فإنّه يدل على زيادة فضل المدينة‬
‫على غيرها ‪ ,‬ومنها قوله صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬
‫م حبّب إلينا المدينة كحبّنا لمكّة أو أشد ّ » ‪.‬‬ ‫اللّه ّ‬
‫ن اللّه تعالى اختارها لنبيّه صلى الله‬ ‫واستدلوا بأ ّ‬
‫صحابة ‪ ,‬ول‬ ‫عليه وسلم وخلفائه الّراشدين وفضلء ال ّ‬
‫يختار لهم إل أفضل البقاع ‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫ن الخلف ليس في الكعبة المعظّمة ‪,‬‬ ‫وقد صّرحوا بأ ّ‬
‫مت‬ ‫فإنّها أفضل من المدينة كلّها ‪ ,‬إل البقعة الّتي ض ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫شريف للنّب ّ‬ ‫أعضاء الجسد ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫ن القاضي عياض نقل‬ ‫شربيني الخطيب أ ّ‬ ‫وذكر ال ّ‬
‫ن موضع قبره صلى الله عليه وسلم‬ ‫الجماع على أ ّ‬
‫أفضل الرض ‪ ,‬والخلف فيما سواه ‪.‬‬
‫مشاهد المدينة ‪:‬‬
‫ل ‪ ,‬ومأثرة‬
‫‪ - 7‬مشاهد المدينة مواضع ذات فض ٍ‬
‫تاريخيّة ‪ ,‬استحب العلماء زيارتها ‪ ,‬وهي نحو ثلثين‬
‫مها ما يلي ‪:‬‬ ‫موضعا ً يعرفها أهل المدينة ومن أه ّ‬
‫أ ‪ -‬المسجد النّبوي ‪:‬‬
‫‪ - 8‬وهو ثاني مسجد ٍ بني في السلم بعد مسجد‬
‫صلة في أيّ مسجدٍ‬ ‫صلة فيه أفضل من ال ّ‬ ‫قباءٍ ‪ ,‬وال ّ‬
‫بوي‬
‫آخر سوى المسجد الحرام ‪ ,‬وفي المسجد الن ّ ّ‬
‫شريفة والمنبر والمحراب ‪,‬‬ ‫معالم منها ‪ :‬الّروضة ال ّ‬
‫م رفاته صلى‬ ‫شريفة الّتي تشّرفت بض ّ‬ ‫والحجرة ال ّ‬
‫الله عليه وسلم ورفات صاحبيه أبي بكرٍ وعمر‬
‫رضي الله عنهما ‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك كلّه ينظر في ‪ ( :‬المسجد النّبوي ‪,‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ف ‪. ) 4‬‬ ‫وزيارة النّب ّ‬
‫ب ‪ -‬مسجد قباءٍ ‪:‬‬
‫‪ - 9‬وهو أوّل مسجد ٍ وضع في السلم ‪ ,‬وأوّل من‬
‫وضع أساسه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫مي باسم قباءٍ ‪ ,‬قريةٍ تبعد عن المدينة قدر ثلثة‬ ‫س ّ‬
‫ل تقريبا ً ‪.‬‬‫أميا ٍ‬
‫ل أسبوٍع‬ ‫صلة فيه ك ّ‬ ‫ويستحب زيارة مسجد قباءٍ وال ّ‬
‫سبت ‪ ,‬لحديث عبد اللّه بن عمر‬ ‫‪ ,‬وأفضله يوم ال ّ‬

‫‪212‬‬
‫رضي الله عنهما قال ‪ « :‬كان النّبي صلى الله عليه‬
‫ت راكبا ً وماشيا ً » ‪.‬‬ ‫ل سب ٍ‬ ‫وسلم ‪ :‬يأتي مسجد قباءٍ ك ّ‬
‫صلة‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬ال ّ‬ ‫وورد عن النّب ّ‬
‫في مسجد قباءٍ كعمرة » ‪.‬‬
‫وعن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه كان يأتي‬
‫قباء يوم الثنين ويوم الخميس ‪ ,‬وقال ‪ « :‬والّذي‬
‫نفسي بيده لقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم وأبا بكرٍ في أصحابه ينقلون حجارته على‬
‫سسه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫بطونهم ويؤ ّ‬
‫‪.»...‬‬
‫ج ‪ -‬البقيع ‪:‬‬
‫‪ - 10‬ويقال له ‪ :‬بقيع الغرقد ‪ ,‬لوجود شجر الغرقد‬
‫شرق‬ ‫فيه ‪ ,‬وكان مقبرة أهل المدينة وهو يقع إلى ال ّ‬
‫بوي ‪ ,‬وقد ورد فيه أحاديث ‪ ,‬من‬ ‫من المسجد الن ّ ّ‬
‫ن‬‫حها حديث عائشة رضي الله عنها عنها ‪ « :‬أ ّ‬ ‫أص ّ‬
‫ن‬‫ي صلى الله عليه وسلم فقال ‪ :‬إ ّ‬ ‫جبريل أتى النّب ّ‬
‫ربّك يأمرك أن تأتي أهل بقيع الغرقد فتستغفر لهم ‪.‬‬
‫‪.»..‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها أيضا ً قالت ‪ « :‬كان‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كلّما كان ليلتها‬
‫من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر‬
‫قوم‬
‫ٍ‬ ‫سلم عليكم دار‬ ‫اللّيل إلى البقيع فيقول ‪ :‬ال ّ‬
‫جلون ‪ ,‬وإنّا إن‬ ‫مؤمنين ‪ ,‬وأتاكم ما توعدون غدا ً مؤ ّ‬
‫م اغفر لهل بقيع الغرقد‬ ‫شاء اللّه بكم لحقون ‪ ,‬اللّه ّ‬
‫»‪.‬‬
‫يوم‬
‫ٍ‬ ‫قال النّووي ‪ :‬يستحب أن يخرج زائر المدينة ك ّ‬
‫ل‬
‫إلى البقيع خصوصا ً يوم الجمعة ‪ ,‬ويكون ذلك بعد‬
‫سلم على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪213‬‬
‫صحابة والتّابعين ومن بعدهم‬ ‫وفي البقيع قبور أجلّة ال ّ‬
‫ن أهل‬ ‫‪ ,‬كانت قد بنيت عليهم قباب ‪ ,‬وقد أزيلت ‪ ,‬لك ّ‬
‫الخبرة يعرفون مواضعهم ‪ ,‬منهم ‪ :‬عثمان بن عّفان‬
‫‪ ,‬والعبّاس بن عبد المطّلب رضي الله عنهما إلى‬
‫ي رضي الله‬ ‫الغرب ‪ ,‬وشرقيه قبر الحسن بن عل ٍ ّ‬
‫د‬
‫عنهما وزين العابدين وبعض أهل البيت في قبرٍ واح ٍ‬
‫ي صلى الله‬ ‫مة النّب ّ‬ ‫‪ ,‬كقبر صفيّة رضي الله عنها ع ّ‬
‫عليه وسلم وإبراهيم رضي الله عنه ابنه إلى جنب‬
‫ن ‪ ,‬وإلى جنبه عبد الّرحمن بن‬ ‫عثمان بن مظعو ٍ‬
‫مة موضع قبور من دفن‬ ‫ف رضي الله عنهما وث ّ‬ ‫عو ٍ‬
‫مهات المؤمنين جميعا ً ‪.‬‬ ‫بالبقيع من أ ّ‬
‫د ‪ -‬جبل أحد ٍ وقبور الشهداء عنده ‪:‬‬
‫مي بذلك‬ ‫‪ - 11‬أحد جبل عظيم يطل على المدينة س ّ‬
‫ل أخر هناك ‪ ,‬وباسمه‬ ‫لتوحده وانقطاعه عن جبا ٍ‬
‫بدر‬
‫ٍ‬ ‫ميت الغزوة الكبيرة الّتي جاءت بعد غزوة‬ ‫س ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم جعل ظهر‬ ‫ن النّب ّ‬‫الكبرى ‪ ,‬ل ّ‬
‫جيشه إلى جبل أحدٍ ‪.‬‬
‫وورد أنّه صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬أحد جبل‬
‫يحبنا ونحبه » ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم صعد‬ ‫ن النّب ّ‬
‫كما جاء ‪ « :‬أ ّ‬
‫أحدا ً وأبو بكرٍ وعمر وعثمان ‪ ,‬فرجف بهم ‪ ,‬فقال ‪:‬‬
‫أثْبُت أحد ‪ ,‬فإنّما عليك نبي وصدّيق وشهيدان » ‪.‬‬
‫وتستحب زيارة شهداء أحدٍ رضي الله عنهم وقد‬
‫أحيطت ‪ ,‬قبورهم بسياج ‪ ,‬وأعلم على قبر سيّد‬
‫الشهداء حمزة رضي الله عنه بعلمة قبرٍ كبيرةٍ ‪,‬‬
‫ش‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومعه في القبر المجدّع في الله عبد الله بن جح ٍ‬
‫رضي الله عنه قيل له ‪ :‬المجدّع لنّه دعا يوم أحدٍ‬
‫أن يقاتل ويستشهد ويقطع أنفه وأذنه ويمثّل به في‬
‫اللّه تعالى ‪ ,‬فاستجاب اللّه دعاءه ‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫وإلى جانبه مصعب بن عميرٍ رضي الله عنه داعية‬
‫مة باقي الشهداء ‪ ,‬ول يعرف‬ ‫السلم في المدينة وث ّ‬
‫ن الظّاهر أنّهم حول حمزة في‬ ‫قبر أحد ٍ منهم ‪ ,‬لك ّ‬
‫بقعة الموقعة رضي الله عنهم وعدّتهم سبعون ‪:‬‬
‫أربعة من المهاجرين والباقي من النصار ‪ ,‬منهم‬
‫سيل الملئكة ‪ ,‬وأنس بن‬ ‫حنظلة بن أبي عامرٍ غ ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ك خادم النّب ّ‬ ‫النّضر ‪ ,‬عم أنس بن مال ٍ‬
‫ن والد‬ ‫عليه وسلم وسعد بن الّربيع ‪ ,‬ومالك بن سنا ٍ‬
‫الخدري ‪ ,‬وعبد اللّه بن حرام ٍ والد جابر‬ ‫ّ‬ ‫أبي سعيد ٍ‬
‫ابن عبد اللّه وغيرهم ‪ ,‬رضي الله عنهم جميعا ً ‪.‬‬
‫صيغة الواردة على أهل القبور ‪,‬‬ ‫ويسلّم عليهم بال ّ‬
‫سلم على أهل البقيع ‪.‬‬ ‫نحو ما ذكرناه في ال ّ‬
‫===============‬
‫صى *‬ ‫جد القْ َ‬‫س ِ‬ ‫م ْ‬‫ال َ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المسجد القصى هو المسجد المعروف في‬
‫مى‬ ‫مدينة القدس ‪ ,‬وقد بني على سفح الجبل ويس ّ‬
‫بيت المقدس ‪ ,‬أي البيت المطهّر الّذي يتطهّر فيه‬
‫من الذنوب ‪.‬‬
‫شريفين ‪,‬‬ ‫وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين ال ّ‬
‫مد صلّى اللّه عليه‬ ‫ومسرى رحمة اللّه للعالمين مح ّ‬
‫وسلّم ‪ ,‬واحد المساجد الثّلثة الّتي ل تشد الّرحال‬
‫إّل إليها ‪ ,‬والمسجد الّذي بارك اللّه حوله كما جاء‬
‫في القرآن الكريم ‪.‬‬
‫مى القصى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام ‪,‬‬ ‫ويس ّ‬
‫وكان أبعد مسجد عن أهل مكّة في الرض يعظّم‬
‫بالّزيارة ‪.‬‬
‫أسماء المسجد القصى ‪:‬‬

‫‪215‬‬
‫‪ - 2‬للمسجد القصى أسماء عدّة ذكر الّزركشي منها‬
‫مها ‪:‬‬ ‫سبعة عشر من أه ّ‬
‫الوّل ‪ :‬مسجد إيلياء ‪ :‬وقيل في معناه ‪ :‬بيت اللّه ‪,‬‬
‫مى بإيلياء ‪ ,‬ولكن‬ ‫وعن كعب الحبار أنّه كره أن يس ّ‬
‫بيت اللّه المقدّس ‪ ,‬وقد حكى ذلك الواسطي في‬
‫فضائله ‪.‬‬
‫مْقدس ‪ :‬بفتح الميم وإسكان القاف ‪-‬‬ ‫الثّاني ‪ :‬بيت ال َ‬
‫أي المكان الّذي يطّهر فيه من الذنوب ‪ ,‬والمقدس ‪:‬‬
‫المطهّر‬
‫م الميم وفتح القاف‬ ‫مَقدّس ‪ - :‬بض ّ‬ ‫الثّالث ‪ :‬البيت ال ُ‬
‫والدّال المشدّدة ‪ -‬أي المطهّر ‪ ,‬وتطهيره إخلؤُه من‬
‫الصنام ‪ ,‬وغيرها من السماء ‪ ,‬وقد أوصلها‬
‫الجراعي إلى اثنين وعشرين اسماً‪ ,‬في كتابه تحفة‬
‫ساجد ‪.‬‬ ‫الّراكع وال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬المسجد النّبوي ‪:‬‬
‫سسه رسول‬ ‫‪ - 3‬المسجد النّبوي هو المسجد الّذي أ ّ‬
‫اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المدينة المنوّرة ‪,‬‬
‫صلة فيه‬ ‫شريفين ‪ ,‬وثواب ال ّ‬ ‫وهو ثاني الحرمين ال ّ‬
‫صلة في غيره بألف صلة إّل المسجد‬ ‫يربو على ال ّ‬
‫ن كل ً من المسجد القصى‬ ‫صلة بينهما أ ّ‬ ‫الحرام ‪ ,‬وال ّ‬
‫والمسجد النّبويّ من المساجد الثّلثة الّتي ل تشد‬
‫الّرحال إّل إليها ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬المسجد الحرام ‪:‬‬
‫‪ - 4‬المسجد الحرام هو بيت اللّه الحرام بمكّة‬
‫المكّرمة ‪ ,‬وهو أوّل مسجد وضع على الرض‪ ,‬كما‬
‫س‬ ‫َ‬
‫ضعَ لِلن ّا ِ‬‫ت وُ ِ‬
‫ل بَي ْ ٍ‬ ‫ن أَوَّ َ‬ ‫جاء في قوله تعالى ‪ { :‬إ ِ َّ‬
‫ن}‪.‬‬ ‫مي‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫رك‬ ‫ا‬ ‫مب‬ ‫ة‬ ‫لَلَّذي ببك َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ َِ‬

‫‪216‬‬
‫صلة‬ ‫وهو أوّل الحرمين وثاني القبلتين ‪ ,‬وفضل ال ّ‬
‫ن كل ً من‬ ‫صلة أ ّ‬ ‫ما سواه ‪ ,‬وال ّ‬ ‫فيه بمائة ألف صلة ع ّ‬
‫المسجد القصى والمسجد الحرام من المساجد‬
‫الثّلثة الّتي ل تشد الّرحال إّل إليها‪.‬‬
‫فضائل المسجد القصى ومكانته في السلم‬
‫وخصائصه ‪:‬‬
‫للمسجد القصى فضائل أهمها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أنّه القبلة الولى للمسلمين ‪:‬‬
‫ص بها المسجد القصى ‪,‬‬ ‫‪ - 5‬من الفضائل الّتي أخت ّ‬
‫أن جعله اللّه تعالى أولى القبلتين ‪ ,‬فإليه كان‬
‫جهون في صلتهم قبل أن تحوّل‬ ‫المسلمون يتو ّ‬
‫القبلة إلى الكعبة المشّرفة ‪.‬‬
‫ن هذا البيت شّرفه اللّه‬ ‫وفي ذلك دللة على أ ّ‬
‫جه أنظار المسلمين إليه فترةً من‬ ‫وكّرمه ‪ ,‬فو ّ‬
‫الّزمن ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬السراء إليه والمعراج منه ‪:‬‬
‫ي صلّى‬ ‫‪ - 6‬إلى المسجد القصى كان إسراء النّب ّ‬
‫اللّه عليه وسلّم قبل الهجرة ‪ ,‬ونزل في ذلك قوله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫سَرى بِعَبْدِهِ لَيْل ً ِّ‬ ‫ن ال ّذِي أ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬‫تعالى ‪ُ { :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صى ال ّذِي بَاَركْنَا‬ ‫جد ِ القْ َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬‫حَرام ِ إِلَى ال ْ َ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه}‪.‬‬ ‫حوْل َ ُ‬ ‫َ‬
‫وهذه الية هي المعظّمة لقدره بإسراء سيّدنا رسول‬
‫اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليه قبل عروجه إلى‬
‫سماء ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ودخل النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم ومعه جبريل بيت‬
‫المقدس فصلّى فيه ركعتين ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬شد الّرحال إليه ‪:‬‬
‫‪ - 7‬جعل السلم هذا المسجد أحد ثلثة مساجد تشد‬
‫إليها الّرحال ‪ ,‬فقال صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ « :‬ل‬

‫‪217‬‬
‫تشد الّرحال إّل إلى ثلثة مساجد ‪ ,‬المسجد الحرام‬
‫ومسجدي هذا ‪ ,‬والمسجد القصى » ‪.‬‬
‫صلة فيه ‪:‬‬ ‫د ‪ -‬فضل ال ّ‬
‫‪ - 8‬ومن خصائص المسجد القصى وفضله ‪,‬‬
‫صلة فيه ‪ ,‬وقد اختلفت الحاديث في‬ ‫مضاعفة ال ّ‬
‫صلة فيه‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مقدارها ‪ ,‬قال الجراعي ‪ :‬ورد أ ّ‬
‫ي الدّين ابن تيميّة ‪ :‬إنّه‬ ‫شيخ تق ّ‬ ‫بخمسمائة ‪ ,‬وقال ال ّ‬
‫صواب ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫هـ ‪ -‬مباركة الرض حوله ‪:‬‬
‫‪ - 9‬أخبر اللّه تعالى عن المسجد القصى أنّه بارك‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سَرى بِعَبْدِهِ‬ ‫ن ال ّذِي أ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬‫حوله في قوله تعالى ‪ُ { :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صى ال ّذِي‬ ‫جدِ القْ َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫حَرام ِ إِلَى ال ْ َ‬‫جد ِ ال ْ َ‬
‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫لَيْل ً ِّ‬
‫م َ‬
‫ه } ‪ ,‬وفي الية تأويلن ‪ :‬أحدهما أنّه‬ ‫حوْل َ ُ‬
‫بَاَركْنَا َ‬
‫مبارك بمن دفن حوله من النبياء المصطفين الخيار‬
‫‪ ,‬والثّاني ‪ :‬بكثرة الثّمار ومجاري النهار ‪.‬‬
‫و ‪ -‬كونه ثاني مسجد في الرض ‪:‬‬
‫‪ - 10‬أوّل مسجد وضع على الرض هو المسجد‬
‫م المسجد القصى ‪.‬‬ ‫الحرام ث ّ‬
‫فعن « أبي ذر رضي اللّه عنه قال سألت رسول‬
‫اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أوّل مسجد وضع في‬
‫م أي قال ‪:‬‬ ‫الرض قال ‪ :‬المسجد الحرام قلت ث ّ‬
‫المسجد القصى قلت وكم بينهما قال أربعون عاماً‬
‫صلة فص ّ‬
‫ل‬ ‫م الرض لك مسجدا ً فحيثما أدركتك ال ّ‬ ‫ث ّ‬
‫» ‪ ,‬وقال البخاري في بعض طرقه ‪ « :‬أينما أدركتك‬
‫ن الفضل فيه » ‪.‬‬ ‫ل فيه فإ ّ‬ ‫صلة فص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وقد أشكل هذا الحديث على بعض العلماء كابن‬
‫ن سليمان بن داود هو‬ ‫الجوزيّ فقال ‪ :‬إنّه معلوم أ ّ‬
‫الّذي بنى القصى كما رواه النّسائي بإسناد صحيح‬
‫ن سليمان‬ ‫من حديث عبد اللّه بن عمرو يرفعه ‪ « :‬أ ّ‬

‫‪218‬‬
‫ما بنى بيت المقدس سأل اللّه ثلثا ً سأل‬ ‫بن داود ل ّ‬
‫ل حكما ً يصادف حكمه فأوتيه وسأل اللّه‬ ‫اللّه عّز وج ّ‬
‫ل ملكا ً ل ينبغي لحد من بعده فأوتيه وسأل‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ل حين فرغ من بناء المسجد القصى أّل‬ ‫اللّه عّز وج ّ‬
‫صلة فيه أن يخرجه‬ ‫يأتيه أحد ل ينهزه يحّركه إّل ال ّ‬
‫من خطيئته كيوم ولدته أمه » ‪.‬‬
‫وسليمان بعد إبراهيم كما قال أهل التّاريخ بأكثر من‬
‫ن سليمان عليه‬ ‫ألف عام ‪ ,‬وأجاب الّزركشي ‪ :‬بأ ّ‬
‫سلم إنّما كان له من المسجد القصى تجديده ل‬ ‫ال ّ‬
‫سسه هو يعقوب بن إسحاق بعد‬ ‫تأسيسه ‪ ,‬والّذي أ ّ‬
‫بناء إبراهيم الكعبة بهذا القدر ‪.‬‬
‫أحكامه ‪:‬‬
‫‪ - 11‬تتعلّق بالمسجد القصى أحكام سبق ذكر‬
‫صلة فيه ‪ ,‬واستحباب شدّ‬ ‫بعضها كمضاعفة أجر ال ّ‬
‫شريف كما تقدّم ‪.‬‬ ‫الّرحال إليه للحديث ال ّ‬
‫ومنها ما يأتي ‪:‬‬
‫الوّل ‪ :‬استحباب ختم القرآن فيه وعن أبي مجلزٍ‬
‫قال كانوا يستحبون لمن أتى المساجد الثّلثة أن‬
‫يختم بها القرآن قبل أن يخرج ‪ ,‬المسجد الحرام ‪,‬‬
‫ي صلّى اللّه عليه وسلّم ‪ ,‬ومسجد بيت‬ ‫ومسجد النّب ّ‬
‫المقدس ‪.‬‬
‫ن سفيان الثّوريّ كان يختم به القرآن ‪.‬‬ ‫كما روي أ ّ‬
‫ج والعمرة منه ذكره‬ ‫الثّاني ‪ :‬استحباب الحرام بالح ّ‬
‫الّزركشي وقال ‪ :‬ففي سنن أبي داود وغيره من‬
‫م سلمة قالت ‪ :‬قال رسول اللّه صلّى اللّه‬ ‫حديث أ ّ‬
‫جة أو عمرة من المسجد‬ ‫ل بح ّ‬‫عليه وسلّم ‪ « :‬من أه ّ‬
‫القصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من‬
‫خر » أو « وجبت له الجنّة » ‪.‬‬ ‫ذنبه وما تأ ّ‬

‫‪219‬‬
‫سلف منه ‪ ,‬كابن عمر ومعاذ‬ ‫وأحرم جماعة من ال ّ‬
‫وكعب الحبار وغيرهم ‪.‬‬
‫سيّئات‬
‫ن ال ّ‬‫سلف أ ّ‬ ‫الثّالث ‪ :‬حكي عن بعض ال ّ‬
‫تضاعف في المسجد القصى روي ذلك عن كعب‬
‫الحبار ‪ ,‬وذكر أبو بكر الواسطي عن نافع قال ‪ :‬قال‬
‫ن‬
‫لي ابن عمر ‪ :‬أخرج بنا من هذا المسجد فإ ّ‬
‫سيّئات تضاعف فيه كما تضاعف الحسنات ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وذكر الّزركشي عن كعب الحبار أنّه كان يأتي من‬
‫صلة فيه فإذا صار منه قدر ميل اشتغل‬ ‫حمص لل ّ‬
‫بالذ ّكر والتّلوة والعبادة حتّى يخرج عنه بقدر ميل‬
‫سيّئات تضاعف فيه ‪ " ,‬أي تزداد‬ ‫أيضا ً ويقول ‪ :‬ال ّ‬
‫ن المعاصي في زمان أو مكان‬ ‫قبحا ً وفحشا ً ل ّ‬
‫شريف أشد جرأةً وأقل خوفا ً من اللّه تعالى " ‪.‬‬
‫الّرابع ‪ :‬أنّه يحذ ّر من اليمين الفاجرة فيه وكذلك في‬
‫ن عقوبتها عاجلة ‪ .‬الخامس ‪ :‬يكره‬ ‫المسجدين فإ ّ‬
‫استقبال بيت المقدس واستدباره بالبول والغائط ول‬
‫شيخ محيي الدّين في الّروضة من‬ ‫يحرم قاله ال ّ‬
‫شافعي وأكثر‬ ‫زوائده تبعا ً لغيره ‪ ,‬ولم يتعّرض له ال ّ‬
‫الصحاب ‪ .‬والتّفصيل في مصطلح ( قضاء الحاجة‬
‫ف‪.)5/‬‬
‫ن إقامة صلة العيد‬ ‫سادس ‪ :‬ذهب الفقهاء إلى أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫في المصلّى أولى منها في المسجد إّل في مسجد‬
‫صيدلني به مسجد‬ ‫مكّة ‪ ,‬قال الّرافعي ‪ :‬وألحق ال ّ‬
‫بيت المقدس ‪.‬‬
‫صيام فيه فقد روي ‪ « :‬صوم‬ ‫سابع ‪ :‬استحباب ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫يوم في بيت المقدس براءة من النّار » ‪ .‬الثّامن ‪:‬‬
‫قال الّزركشي ‪ ,‬قال الدّارمي ‪ :‬ل يجوز الجتهاد‬
‫ة ول يسرةً إلحاقا ً له‬ ‫بمحراب بيت المقدس يمن ً‬
‫بمسجد المدينة ‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫================‬
‫انقطاع *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ن عدّةٍ منها ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يأتي النقطاع في اللّغة بمعا ٍ‬
‫التّوقّف والتّفّرق ‪.‬‬
‫ويستعمله الفقهاء بهذه المعاني ‪ ،‬كما يطلقون لفظ‬
‫مه من بني آدم ‪.‬‬ ‫صغير الّذي فقد أ ّ‬ ‫المنقطع على ال ّ‬
‫والنقطاع عند المحدّثين ‪ :‬عدم اتّصال سند‬
‫الحديث ‪ ،‬سواء سقط ذكر الّراوي من أوّل السناد‬
‫أو وسطه أو آخره ‪ ،‬وسواء أكان الّراوي واحدا ً أم‬
‫أكثر ‪ ،‬على التّوالي أو غيره ‪ ،‬فيشمل المرسل ‪،‬‬
‫ن الغالب‬ ‫والمعلّق ‪ ،‬والمعضل ‪ ،‬والمدلّس ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ي‬
‫صحاب ّ‬ ‫ي عن ال ّ‬ ‫استعماله في رواية من دون التّابع ّ‬
‫ك عن ابن عمر ‪.‬‬ ‫كمال ٍ‬
‫وهذا أحد معانيه ‪ ،‬وله بعض المعاني يتكلّم عنها‬
‫سنّة ( المرسل ) ‪.‬‬ ‫الصوليّون في مبحث ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫النقراض ‪:‬‬
‫شيء الّذي لم يوجد‬ ‫‪ - 2‬يعبّر الفقهاء بالنقطاع عن ال ّ‬
‫ما النقراض‬ ‫أصل ً كالوقف على منقطع الوّل ‪ ،‬أ ّ‬
‫م انعدمت ‪.‬‬ ‫فيكون في الشياء الّتي وجدت ث ّ‬
‫ي‪:‬‬
‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 3‬يختلف الحكم في النقطاع باختلف ما يضاف‬
‫إليه ‪ ،‬ففي انقطاع دم الحيض أو النّفاس يكون‬
‫الحكم كالتي ‪:‬‬
‫اتّفق الفقهاء على حرمة وطء الحائض والنّفساء‬
‫قبل انقطاع دمهما ‪ ،‬واختلفوا هل يكون الغسل‬
‫ل الستمتاع بعد انقطاع الدّم ‪ ،‬أو يكفي‬ ‫شرطا ً لح ّ‬
‫أن تكون في حكم الطّاهرات ؟ ‪ .‬فذهب الجمهور‬

‫‪221‬‬
‫مم إن كانت‬ ‫إلى تحريم الوطء حتّى تغتسل أو تتي ّ‬
‫أهل ً له ‪ ،‬وقال أبو حنيفة ‪ :‬إن انقطع دمها لكثر‬
‫ل الوطء في‬ ‫الحيض وهو عشرة أيّام ٍ عنده ح ّ‬
‫ل حتّى تغتسل أو‬ ‫الحال ‪ ،‬وإن انقطع لقلّه لم يح ّ‬
‫متها ‪ ،‬بأن يمضي‬ ‫صلة دينا ً في ذ ّ‬ ‫مم ‪ ،‬أو تصير ال ّ‬ ‫تتي ّ‬
‫مم‬‫وقت بعد انقطاع الدّم يتّسع للغسل أو التّي ّ‬
‫صلة ‪ ،‬وتفصيل ذلك في باب الحيض والنّفاس ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫انقطاع القتداء بنيّة المفارقة ‪:‬‬
‫صلة من جانب المأموم إن‬ ‫‪ - 4‬ينقطع القتداء في ال ّ‬
‫صلة مع المفارقة‬ ‫نوى مفارقة إمامه ‪ ،‬وفي كون ال ّ‬
‫ة خلف بين الفقهاء ‪ ،‬منهم من يرى‬ ‫ة أو باطل ً‬
‫صحيح ً‬
‫أنّها صحيحة مطلقا ً ‪ ،‬ومنهم من يرى أنّها باطلة‬
‫مطلقا ً ‪ ،‬ويفّرق البعض بين نيّة المفارقة مع العذر‬
‫وبدونه ‪ ،‬فهي مع العذر صحيحة ‪ ،‬وباطلة بدونه ‪.‬‬
‫صل الفقهاء ذلك في صلة الجماعة والقتداء ‪.‬‬ ‫ويف ّ‬
‫وكذلك تنقطع القدوة بخروج المام من صلته ومع‬
‫خروجه تنشأ بعض الحكام ‪ ،‬فقد تبطل صلته وصلة‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫ح ال ّ‬ ‫المأمومين ‪ ،‬وقد يستخلف وتص ّ‬
‫صل الفقهاء ذلك في ( صلة الجماعة ‪،‬‬ ‫ويف ّ‬
‫واستخلف ) ‪.‬‬
‫مواطن البحث ‪:‬‬
‫‪ - 5‬يذكر الفقهاء النقطاع في المواضع التية ‪ :‬في‬
‫انقطاع التّتابع في صوم الكّفارات الّتي يجب فيها‬
‫التّتابع ‪ ،‬ككّفارة القتل والظّهار والفطار في رمضان‬
‫ح‬
‫‪ .‬وفي الوقف في شرط الموقوف عليه ‪ ،‬وهل يص ّ‬
‫الوقف إن كان على منقطع الوّل أو الخر أو‬
‫الوسط ؟ ‪.‬‬
‫وفي إحياء الموات ‪ ،‬وحقوق الرتفاق أو المنافع‬
‫المشتركة ‪ :‬أثناء الكلم عن بذل مياه البار إذا كانت‬

‫‪222‬‬
‫ما إذا حفر بئرا ً فانقطع به‬ ‫تنقطع أو تستخلف ‪ ،‬وع ّ‬
‫ماء بئر جاره ‪.‬‬
‫وفي النّكاح ‪ :‬عند الكلم عن الغيبة المنقطعة ‪،‬‬
‫ونقل الولية بسببها ‪.‬‬
‫وفي القضاء ‪ :‬عند الكلم على انقطاع النسان‬
‫للقضاء والفتيا ‪ ،‬ورزق القاضي للمنقطع لهما ‪ ،‬وعند‬
‫الكلم عن انقطاع الخصومة باليمين ‪.‬‬
‫==============‬
‫بحر *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬البحر ‪ :‬الماء الكثير ‪ ،‬ملحا ً كان أو عذبا ً ‪ ،‬وهو‬
‫مي البحر بحرا ً لسعته‬ ‫خلف البّر ‪ ،‬وإنّما س ّ‬
‫وانبساطه ‪ ،‬وقد غلب استعماله في الماء الملح‬
‫ل في العذب ‪.‬‬ ‫حتّى ق ّ‬
‫صلة‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬النّهر ‪:‬‬
‫‪ - 2‬النّهر ‪ :‬الماء الجاري ‪ ،‬يقال ‪ :‬نهر الماء إذا جرى‬
‫ل كثيرٍ جرى فقد نهر ‪ ،‬واستنهر ول‬ ‫في الرض ‪ ،‬وك ّ‬
‫يستعمل النّهر غالبا ً إل ّ في الماء العذب ‪ ،‬خلفاً‬
‫للبحر ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬العين ‪:‬‬
‫‪ - 3‬العين ‪ :‬ينبوع الماء الّذي ينبع من الرض ويجري‬
‫‪ .‬وهي من اللفاظ المشتركة ‪ ،‬لنّها تطلق على‬
‫ن أخرى ‪ :‬كالجاسوس ‪ ،‬والذ ّهب ‪ ،‬والعين‬ ‫معا ٍ‬
‫الباصرة ‪.‬‬
‫الحكام المتعلّقة بالبحر ‪:‬‬
‫يتعلّق بالبحر أحكام منها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ماء البحر ‪:‬‬

‫‪223‬‬
‫‪ - 4‬اتّفق جمهور العلماء على طهوريّة ماء البحر‬
‫وجواز التّطهّر به ‪ ،‬لما روى أبو هريرة رضي الله‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫عنه قال ‪ « :‬سأل رجل النّب ّ‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول اللّه إنّا نركب البحر ونحمل معنا‬
‫ضأ‬
‫ضأنا به عطشنا ‪ .‬أفنتو ّ‬ ‫القليل من الماء ‪ ،‬فإن تو ّ‬
‫بماء البحر ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫ح ُّ‬ ‫َ‬
‫ه»‪.‬‬ ‫ميْتَت ُ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ماؤُه ‪ ،‬ال ِ‬ ‫‪ :‬هو الط ّهُوُر َ‬
‫وروي عن عمر رضي الله عنه أنّه قال " من لم‬
‫ق على‬ ‫يطهّره ماء البحر فل طهّره اللّه "ولنّه ماء با ٍ‬
‫أصل خلقته ‪ ،‬فجاز الوضوء به كالعذب ‪ .‬وحكي عن‬
‫عبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن عمرٍو أنّهما قال في‬
‫الماوردي‬
‫ّ‬ ‫مم أعجب إلينا منه "‪ ،‬وحكاه‬ ‫البحر ‪ ":‬التّي ّ‬
‫عن سعيد بن المسيّب ‪ :‬أي كانوا ل يرون جواز‬
‫الوضوء به ‪ ( .‬ر ‪ :‬طهارة ‪ ،‬ماء ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬صيد البحر ‪:‬‬
‫‪ - 5‬ذهب جمهور الفقهاء إلى إباحة صيد جميع‬
‫حيوانات البحر ‪ ،‬سواء كانت سمكا ً أو غيره ‪ .‬لقول‬
‫مه } أي‬ ‫صيد ُ البحرِ وَطَعا ُ‬ ‫ل لكم َ‬ ‫اللّه تعالى ‪ { :‬أ ُ ِ‬
‫ح َّ‬
‫مصيده ومطعومه ‪.‬‬
‫ما سئل عن ماء‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ل ّ‬ ‫وقول النّب ّ‬
‫ل ميتته »‪ .‬واستثنى‬ ‫البحر ‪ «:‬هو الطّهور ماؤه الح ّ‬
‫ضفدع ‪ ،‬للنّهي عن‬ ‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬التّمساح وال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬
‫ضفدع ‪ ،‬فقد ثبت أ ّ‬ ‫قتل ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله »‬ ‫« النّب ّ‬
‫ضفادع ‪،‬‬ ‫وروي عن ابن عمرٍو أنّه قال ‪ ":‬ل تقتلوا ال ّ‬
‫ن نقيقها تسبيح "‪ .‬وللستخباث في التّمساح ‪،‬‬ ‫فإ ّ‬
‫ولنّه يتقوّى بنابه ويأكل النّاس ‪ .‬وزاد الحنابلة ‪:‬‬
‫شافعيّة بتحريمها‬ ‫الماوردي من ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحيّة ‪ ،‬وصّرح‬
‫شافعيّة‬ ‫سموم البحريّة ‪ ،‬وقصر ال ّ‬ ‫وغيرها من ذوات ال ّ‬

‫‪224‬‬
‫التّحريم على الحيّة الّتي تعيش في البحر والبّر ‪،‬‬
‫ما الحيّة الّتي ل تعيش إل ّ في الماء فحلل ‪.‬‬ ‫وأ ّ‬
‫سمك من صيد البحر‬ ‫وذهب الحنفيّة إلى إباحة ال ّ‬
‫فقط دون غيره من الحيوانات البحريّة ‪ .‬وللتّفصيل‬
‫انظر مصطلح ( أطعمة ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ميتة البحر ‪:‬‬
‫‪ - 6‬ذهب جمهور الفقهاء إلى إباحة ميتة البحر ‪،‬‬
‫سواء كانت سمكا ً أو غيره من حيوانات البحر ‪،‬‬
‫مه }‬ ‫ل لكم صيد ُ البحرِ وطعا ُ‬
‫ح َّ‬‫لقول اللّه تعالى ‪ { :‬أ ُ ِ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬هو الطّهور‬ ‫وقول النّب ّ‬
‫ل ميتته » ‪ ،‬وعن أبي بكرٍ رضي الله عنه‬ ‫ماؤه الح ّ‬
‫ل دابّةٍ تموت في البحر فقد ذكّاها اللّه‬ ‫أنّه قال ‪ ":‬ك ّ‬
‫لكم "‪.‬‬
‫سمك الّذي مات بآفةٍ ‪،‬‬ ‫ولم يبح الحنفيّة إل ّ ميتة ال ّ‬
‫ف ‪ ،‬فليس‬ ‫ما الّذي مات حتف أنفه ‪ ،‬وكان غير طا ٍ‬ ‫وأ ّ‬
‫بمباٍح ‪ .‬وحد ّ الطّافي عندهم ‪ :‬ما كان بطنه من فوق‬
‫ف فيؤكل ‪.‬‬ ‫‪ ،‬فلو كان ظهره من فوق ‪ ،‬فليس بطا ٍ‬
‫وللتّفصيل انظر مصطلح ( أطعمة ) ‪.‬‬
‫سفينة ‪:‬‬ ‫صلة في ال ّ‬ ‫د ‪ -‬ال ّ‬
‫سفينة من‬ ‫صلة في ال ّ‬ ‫‪ - 7‬اتّفق الفقهاء على جواز ال ّ‬
‫حيث الجملة ‪ ،‬شريطة أن يكون المصلّي مستقبلً‬
‫صلة ‪ ،‬وأن يدور إلى جهة القبلة‬ ‫للقبلة عند افتتاح ال ّ‬
‫سفينة لغيرها إن أمكنه ذلك ‪ ،‬لوجوب‬ ‫إن دارت ال ّ‬
‫الستقبال ‪ .‬ول فرق في ذلك بين الفريضة والنّافلة‬
‫سر استقباله ‪ .‬وخالف الحنابلة في النّافلة ‪،‬‬ ‫لتي ّ‬
‫وقصروا وجوب الدّوران إلى القبلة على الفريضة‬
‫قة‬
‫فقط ‪ ،‬ول يلزمه أن يدور في النّفل للحرج والمش ّ‬
‫‪ ،‬وأجازوا كذلك للمّلح ‪ :‬أل ّ يدور في الفرض أيضاً‬

‫‪225‬‬
‫سفينة ‪ .‬وللتّفصيل انظر مصطلح‬ ‫لحاجته لتسيير ال ّ‬
‫( قبلة ) ‪.‬‬
‫سفينة ‪:‬‬
‫هـ – حكم من مات في ال ّ‬
‫ن من مات في سفينة في‬ ‫‪ - 8‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫البحر ‪ ،‬وأمكن دفنه لقرب البّر ‪ ،‬ول مانع ‪ ،‬لزمهم‬
‫التّأخير ليدفنوه فيه ‪ ،‬ما لم يخافوا عليه الفساد ‪،‬‬
‫سل وكّفن وصلّي عليه وألقي في البحر ‪.‬‬ ‫وإل ّ غ ّ‬
‫صلة عليه بين‬ ‫شافعيّة ‪ :‬أنّه يوضع بعد ال ّ‬ ‫وزاد ال ّ‬
‫ساحل ‪،‬‬ ‫لوحين لئل ّ ينتفخ ‪ ،‬ويلقى لينبذه البحر إلى ال ّ‬
‫ساحل‬ ‫لعلّه يقع إلى قوم ٍ يدفنونه ‪ .‬فإن كان أهل ال ّ‬
‫كّفارا ً ثّقل بشيءٍ ليرسب ‪.‬‬
‫فإن لم يوضع بين لوحين ثّقل بشيءٍ لينزل إلى‬
‫القرار ‪ ،‬وإلى تثقيله ذهب الحنابلة أيضا ً ‪.‬‬
‫و ‪ -‬الموت غرقا ً في البحر ‪:‬‬
‫‪ - 9‬ذهب العلماء إلى أنّه من مات في البحر غرقا ً ‪،‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬ ‫فإنّه شهيد ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫شهداء خمسة ‪ :‬المطعون ‪ ،‬والمبطون ‪ ،‬والغريق ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫شهيد في سبيل اللّه » ‪.‬‬ ‫وصاحب الهدم ‪ ،‬وال ّ‬
‫سل ويكّفن ويصلّى عليه‬ ‫وإذا وجد الغريق فإنّه يغ ّ‬
‫ت آخر ‪ ،‬وإذا لم يعثر عليه فيصلّى عليه صلة‬ ‫كأيّ مي ّ ٍ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬وكرهها المالكيّة ‪،‬‬ ‫الغائب عند ال ّ‬
‫ومنعها الحنفيّة لشتراطهم لصلة الجنازة حضور‬
‫الميّت أو حضور أكثر بدنه أو نصفه مع رأسه ‪ ( .‬ر ‪:‬‬
‫غسل )‬
‫================‬
‫بخار *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة واصطلحا ً ‪ :‬ما يتصاعد من الماء أو‬ ‫‪ - 1‬البخار لغ ً‬
‫ة رطبةٍ تتعّرض للحرارة ‪ .‬ويطلق‬ ‫النّدى أو أيّ ماد ّ ٍ‬

‫‪226‬‬
‫البخار أيضا ً على ‪ :‬دخان العود ونحوه ‪ .‬وعلى ‪ :‬ك ّ‬
‫ل‬
‫ن أو غيره ‪.‬‬ ‫رائحةٍ ساطعةٍ من نت ٍ‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫البخر ‪:‬‬
‫‪ - 2‬البخر هو ‪ :‬الّرائحة المتغيّرة من الفم ‪ .‬قال أبو‬
‫حنيفة ‪ :‬البخر ‪ :‬النّتن يكون في الفم وغيره ‪ ،‬وهو‬
‫أبخر ‪ ،‬وهي بخراء ‪.‬‬
‫واستعمال الفقهاء للبخر مخصوص بالّرائحة الكريهة‬
‫في الفم فقط ‪.‬‬
‫الحكام المتعلّقة بالبخار ‪:‬‬
‫صة ‪ ،‬فقد يكون طاهرا ً ‪ ،‬وقد يكون‬ ‫للبخار أحكام خا ّ‬
‫نجسا ً ‪ ،‬وينبني عليه جواز أو عدم جواز التّطهّر بما‬
‫تقاطر من البخار ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬رفع الحدث بما جمع من النّدى ‪:‬‬
‫‪ - 3‬ذهب الفقهاء إلى جواز التّطهّر بالنّدى ‪ ،‬وهو‬
‫شجر إذا جمع ‪ ،‬لنّه ماء‬ ‫مع على أوراق ال ّ‬ ‫المتج ّ‬
‫ن النّدى ‪:‬‬ ‫ما ما ورد عن بعض الفقهاء من أ ّ‬ ‫مطلق ‪ .‬أ ّ‬
‫م فهل هو طاهر أو‬ ‫نفس دابّةٍ في البحر ‪ ،‬ومن ث ّ‬
‫نجس ؟ فل يعوّل عليه ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬رفع الحدث بما جمع من البخار ‪:‬‬
‫‪ - 4‬ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التّطهّر من‬
‫الحدث وتطهير النّجس بما جمع من بخار الماء‬
‫ي بوقود ٍ طاهرٍ ‪ ،‬لنّه ماء مطلق ‪ ،‬وهو‬ ‫الطّاهر المغل ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬خلفا ً لما ذهب إليه الّرافع ّ‬
‫ي‬ ‫المعتمد عند ال ّ‬
‫مى ماءً ‪،‬‬ ‫منهم إلى أنّه ل يرفع الحدث ‪ ،‬لنّه ل يس ّ‬
‫بل هو بخار ‪.‬‬
‫ما البخار المتأثّر بدخان النّجاسة فهو مختلف في‬ ‫أ ّ‬
‫طهارته ‪ ،‬بنا ًء على اختلف الفقهاء في دخان‬
‫النّجاسة ‪ ،‬هل هو طاهر أم نجس ؟ ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫فذهب الحنفيّة على المفتى به ‪ ،‬والمالكيّة في‬
‫ن دخان النّجاسة‬ ‫المعتمد ‪ ،‬وبعض الحنابلة إلى ‪ :‬أ ّ‬
‫ن ذلك على سبيل‬ ‫وبخارها طاهران ‪ ،‬قال الحنفيّة ‪ :‬إ ّ‬
‫ن البخار‬ ‫الستحسان دفعا ً للحرج ‪ .‬وبناءً على هذا فإ ّ‬
‫المتصاعد من الماء النّجس طهور يزيل الحدث‬
‫والنّجس ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وأبو يوسف من الحنفيّة ‪ ،‬وهو‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ن دخان النّجاسة نجس‬ ‫المذهب عند الحنابلة إلى ‪ :‬أ ّ‬
‫كأصلها ‪ ،‬وعلى هذا فالبخار المتأثّر بدخان النّجاسة‬
‫شافعيّة إلى‬ ‫ح الطّهارة به ‪ ،‬لكن ذهب ال ّ‬ ‫نجس ل تص ّ‬
‫أنّه يعفى عن قليله ‪.‬‬
‫مامات وغيرها ‪-‬‬ ‫ما البخار المتصاعد من الح ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫كالغازات الكريهة المتصاعدة من النّجاسة ‪ -‬إذا‬
‫صحيح من‬ ‫علقت بالثّوب ‪ ،‬فإنّه ل ينجس على ال ّ‬
‫مذهب الحنفيّة ‪ ،‬تخريجا ً على الّريح الخارجة من‬
‫النسان ‪ ،‬فإنّها ل تنجس ‪ ،‬سواء أكانت سراويله‬
‫ن بقيّة المذاهب ل تخالف‬ ‫ة أم ل ‪ ،‬والظّاهر أ ّ‬ ‫مبتل ّ ً‬
‫مذهب الحنفيّة في هذا ‪.‬‬
‫=============‬
‫بدنة *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ ،‬ويطلق هذا‬ ‫‪ - 1‬البدنة في اللّغة ‪ :‬من البل خا ّ‬
‫ص ً‬
‫ميت‬ ‫اللّفظ على الذ ّكر والنثى ‪ ،‬والجمع البدن ‪ .‬وس ّ‬
‫ة لضخامتها ‪.‬‬ ‫بدن ً‬
‫قال في المصباح المنير ‪ :‬والبدنة قالوا ‪ :‬هي ناقة أو‬
‫بقرة ‪ ،‬وزاد الزهريّ ‪ :‬أو بعير ذكر ‪ .‬قال ‪ :‬ول تطلق‬
‫البدنة على ال ّ‬
‫شاة ‪.‬‬
‫ص به البل ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ن‬ ‫وفي الصطلح ‪ :‬البدنة اسم تخت ّ‬
‫شريعة في حكم البدنة‬ ‫ما صارت في ال ّ‬ ‫البقرة ل ّ‬

‫‪228‬‬
‫قامت مقامها ‪ ،‬وذلك لما قال جابر بن عبد اللّه ‪« :‬‬
‫ل اللّه صلى الله عليه وسلم عا َ‬
‫م‬ ‫حْرنا مع رسو ِ‬ ‫نَ َ‬
‫ة عن سبعةٍ ‪ ،‬والبقرةَ عن سبعةٍ »‬ ‫الحديبيةِ البدن َ‬
‫فصار البقر في حكم البدن مع تغايرهما لوجود‬
‫العطف بينهما ‪ ،‬والعطف يقتضي المغايرة ‪.‬‬
‫ومع هذا فقد أطلق بعض الفقهاء " البدنة " على‬
‫البل والبقر ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫صة منها ‪:‬‬‫تتعلّق بالبدن أحكام خا ّ‬
‫أ ‪ -‬بول البدن وَروْثها ‪:‬‬
‫شافعيّة إلى نجاسة بول وروث‬ ‫‪ - 2‬ذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫ما يؤكل لحمه أم ل ‪ ،‬ومن‬ ‫الحيوان ‪ ،‬سواء أكان م ّ‬
‫البخاري « أنّه صلى الله‬
‫ّ‬ ‫الحيوان ‪ :‬البدن ‪ .‬لما روى‬
‫ما جيء له بحجرين َوَروْثَةٍ ليستنجي بها‬ ‫عليه وسلم ل ّ‬
‫‪ ،‬أخذ الحجرين ورد َّ الّروثة ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا ركس »‬
‫ما نجاسة البول فلعموم قوله‬ ‫والّركس ‪ :‬النّجس ‪ .‬وأ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬تَنََّزهوا من البول ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن‬
‫ب القبرِ منه » حيث يدخل فيه جميع أنواع‬ ‫ة عذا ِ‬ ‫عا َّ‬
‫م َ‬
‫البوال ‪.‬‬
‫وذهب المالكيّة والحنابلة إلى طهارة بول وروث ما‬
‫يؤكل لحمه ‪ ،‬لنّه « صلى الله عليه وسلم أمر‬
‫صدقة ‪ ،‬فَي َ ْ‬
‫شَربُوا من‬ ‫ل ال ّ‬ ‫حُقوا بإِب ِ‬ ‫العَُرنيّين أن يَل ْ َ‬
‫أبوالها وألبانها » والنّجس ل يباح شربه ‪ ،‬ولنّه «‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يصلّي في مرابض‬
‫صلة فيها » ‪.‬‬ ‫الغنم ‪ ،‬وأمر بال ّ‬
‫ب ‪ -‬نقض الوضوء ‪:‬‬
‫ن أكل لحم الجزور ‪-‬‬ ‫‪ - 3‬ذهب جمهور العلماء إلى أ ّ‬
‫وهو لحم البل ‪ -‬ل ينقض الوضوء ‪ ،‬لما روى ابن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪« :‬‬ ‫س عن النّب ّ‬ ‫عبّا ٍ‬

‫‪229‬‬
‫ما دخل » ‪ ،‬ولما روى جابر‬ ‫ما خرج ل م ّ‬ ‫الوضوءُ م ّ‬
‫قال ‪ « :‬كان آخُر المرين عن رسول اللّه صلى الله‬
‫ت النّار » ولنّه‬ ‫س ِ‬
‫م ّ‬ ‫ما َ‬‫ك الوضوءِ م ّ‬ ‫عليه وسلم تر ُ‬
‫مأكول أشبه سائر المأكولت ‪.‬‬
‫صدّيق وعمر‬ ‫وهذا القول مرويّ عن أبي بكرٍ ال ّ‬
‫ب وأبي‬ ‫ي بن كع ٍ‬ ‫ي وابن مسعود ٍ وأب ّ‬ ‫وعثمان وعل ٍ ّ‬
‫س وعامر بن ربيعة‬ ‫طلحة وأبي الدّرداء وابن عبّا ٍ‬
‫وأبي أمامة ‪ ،‬وبه قال جمهور التّابعين ‪ ،‬وهو مذهب‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫صحيح من مذهب ال ّ‬ ‫الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وال ّ‬
‫ي في القديم إلى وجوب‬ ‫شافع ّ‬ ‫وذهب الحنابلة ‪ ،‬وال ّ‬
‫ل ‪ ،‬نيئا ً أو‬‫ل حا ٍ‬ ‫الوضوء من أكل لحم الجزور على ك ّ‬
‫مطبوخا ً ‪ ،‬عالما ً كان أو جاهل ً ‪ .‬وبه قال إسحاق بن‬
‫الماوردي عن‬
‫ّ‬ ‫راهويه ويحيى بن يحيى ‪ .‬وحكاه‬
‫ت وابن عمر‬ ‫صحابة ‪ ،‬منهم ‪ :‬زيد بن ثاب ٍ‬ ‫جماعةٍ من ال ّ‬
‫شافعيّة أبو‬ ‫وأبو موسى وأبو طلحة ‪ ،‬واختاره من ال ّ‬
‫ي إلى‬ ‫بكر بن خزيمة وابن المنذر ‪ ،‬وأشار البيهق ّ‬
‫ترجيحه واختياره ‪ ،‬وقوّاه النّوويّ في المجموع ‪.‬‬
‫ب قال ‪ « :‬سئل‬ ‫واستدلّوا بحديث البراء بن عاز ٍ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن لحوم البل ‪،‬‬
‫ضئوا منها ‪ ،‬وسئل عن لحوم الغنم ‪ ،‬فقال‬ ‫فقال ‪ :‬تو ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ضأ منها » وبقول النّب ّ‬ ‫‪ :‬ل يُتو ّ‬
‫ضئوا من لحوم‬ ‫ضئوا من لحوم البل ‪ ،‬ول تتو ّ‬ ‫‪ { :‬تو ّ‬
‫الغنم } ‪.‬‬
‫ما ألبان البل ‪ ،‬فعند الحنابلة روايتان في نقض‬ ‫أ ّ‬
‫الوضوء بشربها ‪:‬‬
‫حضير‬
‫ٍ‬ ‫إحداهما ‪ :‬ينقض الوضوء ‪ ،‬لما روى أسيد بن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫ن النّب ّ‬
‫أ ّ‬
‫ضئوا من لحوم البل وألبانها » ‪.‬‬ ‫« تو ّ‬

‫‪230‬‬
‫صحيح إنّما‬ ‫ن الحديث ال ّ‬ ‫والثّانية ‪ :‬ل وضوء فيه ‪ ،‬ل ّ‬
‫شاف‬ ‫جح هذا القول صاحب ك ّ‬ ‫ورد في اللّحم ‪ ،‬ور ّ‬
‫القناع ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬سؤر البدنة ‪:‬‬
‫‪ - 4‬اتّفق الفقهاء على طهارة سؤر البدنة ‪ ،‬وسائر‬
‫البل والبقر والغنم ‪ ،‬ول كراهة في أسآرها ما لم‬
‫تكن جّلل ً‬
‫ة‪.‬‬
‫ن سؤر ما‬ ‫قال ابن المنذر ‪ :‬أجمع أهل العلم على أ ّ‬
‫أكل لحمه يجوز شربه والوضوء به ‪.‬‬
‫صلة في أعطان البل ومرابض البقر ‪:‬‬ ‫د ‪ -‬ال ّ‬
‫صلة في‬ ‫‪ - 5‬ذهب جمهور العلماء إلى كراهة ال ّ‬
‫معاطن البل ‪.‬‬
‫وقد ألحق الحنفيّة بالبل البقر في الكراهة ‪.‬‬
‫ن البقر كالغنم في‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إ ّ‬‫وقال المالكيّة وال ّ‬
‫صلة في مرابضها ‪.‬‬ ‫جواز ال ّ‬
‫صلة في أعطان‬ ‫حة ال ّ‬‫وذهب الحنابلة إلى عدم ص ّ‬
‫البل ‪ ،‬وهي ‪ :‬ما تقيم فيه وتأوي إليه ‪.‬‬
‫صلة فيه ‪.‬‬ ‫ما مواضع نزولها في سيرها فل بأس بال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫هـ – الدّماء الواجبة ‪:‬‬
‫‪ – 6‬تجزئ البدنة عن سبعةٍ في حالتي القران‬
‫والتّمتّع ‪ ،‬وفي الضحيّة ‪ ،‬وفي فعل بعض‬
‫المحظورات أو ترك بعض الواجبات حال الحرام‬
‫ج أو عمرةٍ ‪.‬‬ ‫بح ٍ ّ‬
‫وتجب عند الحنفيّة بدنة كاملة على الحائض‬
‫والنّفساء إذا طافتا ‪.‬‬
‫كما تجب بدنة كاملة إذا قتل المحرم صيدا ً كبيرا ً ‪،‬‬
‫صل في‬ ‫كالّزرافة والنّعامة ‪ ،‬على التّخيير المف ّ‬
‫موضعه ‪ .‬وتجب أيضا ً على من جامع حال الحرام‬
‫ج والعمرة قبل التّحلّل الصغر ‪ ،‬على خل ٍ‬
‫ف‬ ‫بالح ّ‬

‫‪231‬‬
‫ل يرجع إليه في المصطلحات التّالية ‪:‬‬ ‫وتفصي ٍ‬
‫ج ‪ ،‬وهدي ‪ ،‬وصيد )‪.‬‬ ‫( إحرام ‪ ،‬وح ّ‬
‫و‪ -‬الهدي ‪:‬‬
‫ن الهدي سنّة ‪ ،‬ول يجب إلّ‬ ‫‪ - 7‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫بالنّذر ‪ .‬ويكون من البل والبقر والغنم ‪ ،‬ول يجزئ‬
‫مل خمس سنين ودخل‬ ‫ي من البل ‪ ،‬وهو ما ك ّ‬ ‫إل ّ الثّن ّ‬
‫سادسة ‪.‬‬ ‫في ال ّ‬
‫صحيحين ‪ « :‬أنّه صلى الله عليه وسلم أهدى‬ ‫ففي ال ّ‬
‫جة الوداع مائة بدنةٍ » ‪.‬‬ ‫في ح ّ‬
‫ب أن يكون ما يهديه سمينا ً حسنا ً ‪ ،‬لقوله‬ ‫ويستح ّ‬
‫شعائَر اللّه فإنّها من تَْقوى‬ ‫م َ‬‫ن يُعَظ ِّ ْ‬
‫م ْ‬‫تعالى ‪ { :‬وَ َ‬
‫س بالستسمان‬ ‫سرها ابن عبّا ٍ‬ ‫ب}ف ّ‬ ‫القلو ِ‬
‫ب تقليد البدنة في الهدي ‪.‬‬ ‫والستحسان ‪ .‬ويستح ّ‬
‫ج ‪ ،‬وهدي ‪،‬‬ ‫وهناك تفصيلت تنظر في مصطلح ( ح ّ‬
‫وإحرام ‪ ،‬وقران ‪ ،‬وتمتّع ) ‪.‬‬
‫ز ‪ -‬ذكاة البدنة ‪:‬‬
‫ص البل ‪ -‬ومنها البدنة ‪ -‬بالنّحر ‪ ،‬فقد ذهب‬ ‫‪ - 8‬تخت ّ‬
‫جمهور الفقهاء إلى سنّيّة نحر البل ‪ .‬وذهب المالكيّة‬
‫إلى وجوب نحرها ‪ ،‬وألحقوا بها الّزرافة ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪،‬‬ ‫ما ذبحها ‪ ،‬فقد قال بجوازه ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫وكرهه الحنفيّة كراهة تنزيهٍ ‪ ،‬على ما نقله ابن‬
‫سعود عن الدّيريّ ‪.‬‬ ‫عابدين عن أبي ال ّ‬
‫وقال المالكيّة ‪ :‬جاز الذ ّبح في البل ‪ ،‬والنّحر في‬
‫م النّحر ‪ -‬كما قال ابن عابدين ‪-‬‬ ‫ضرورة ‪ .‬ث ّ‬ ‫غيرها لل ّ‬
‫ما‬‫صدر ‪ ،‬أ ّ‬‫هو قطع العروق في أسفل العنق عند ال ّ‬
‫الذ ّبح فقطعها في أعله تحت اللّحيين ‪ .‬وال ّ‬
‫سنّة‬
‫ة يدها اليسرى ‪ ،‬لما ورد عن عبد‬ ‫ة معقول ً‬ ‫نحرها قائم ً‬
‫ط‪:‬‬
‫الّرحمن بن ساب ٍ‬

‫‪232‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫«أ ّ‬
‫ة على ما بقي‬ ‫ينحرون البدنة معقولة اليسرى ‪ ،‬قائم ً‬
‫ت‬
‫جب َ ْ‬
‫من قوائمها » وفي قوله تعالى ‪ { :‬فإذا وَ َ‬
‫ة ‪ .‬وكيفيّته ‪ :‬أن‬ ‫جنُوبها } دليل على أنّها تنحر قائم ً‬ ‫ُ‬
‫يطعنها بالحربة في الوهدة الّتي بين أصل العنق‬
‫صدر ‪.‬‬‫وال ّ‬
‫ج ‪ -‬الدّيات ‪ :‬الدّية بدل النّفس ‪:‬‬
‫‪ - 9‬وقد اتّفق الفقهاء على جواز الدّية في ‪ :‬البل‬
‫ضة ‪ ،‬واختلفوا في الخيل والبقر والغنم‬ ‫والذ ّهب والف ّ‬
‫‪ .‬وللتّفصيل ينظر مصطلح ( دية ) ‪.‬‬
‫=============‬
‫براجم *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬جمع برجمةٍ ‪ ،‬وهي ‪ :‬المفاصل‬ ‫‪ - 1‬البراجم لغ ً‬
‫والعقد الّتي تكون في ظهور الصابع ‪ ،‬ويجتمع فيها‬
‫الوسخ ‪ .‬ومعنى الكلمة في الصطلح ل يخرج عن‬
‫غوي ‪.‬‬‫ّ‬ ‫المعنى الل ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 2‬يندب غسل البراجم في الطّهارة ‪ -‬في الوضوء‬
‫والغسل ‪ -‬وفي غيرهما ‪ ،‬لحديث رسول اللّه صلى‬
‫الله عليه وسلم « عشر من الفطرة ‪ ...‬وعد ّ منها ‪:‬‬
‫غسل البراجم » ‪.‬‬
‫ويلحق بالبراجم المواطن الّتي يجتمع فيها الوسخ‬
‫وأي موضٍع من‬ ‫ّ‬ ‫عادة ً ‪ :‬كالذن والنف والظافر‬
‫البدن ‪.‬‬
‫هذا إذا كان الوسخ ل يمنع وصول الماء إلى‬
‫ما إن منع وصول الماء إليها ‪ ،‬فإنّه يجب‬ ‫البشرة ‪ ،‬أ ّ‬
‫إزالته في الجملة ‪ ،‬ليصل الماء إلى العضو في‬
‫الطّهارة ‪ .‬هذا ويتكلّم الفقهاء عن البراجم وغيرها‬

‫‪233‬‬
‫من خصال الفطرة في الوضوء ‪ ،‬والغسل ‪ ،‬وخصال‬
‫الفطرة ‪.‬‬
‫==============‬
‫براز *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬اسم للفضاء الواسع ‪.‬‬ ‫‪ -1‬البراز ( بالفتح ) لغ ً‬
‫وكنّوا به عن قضاء الحاجة ‪ .‬كما كنّوا عنه بالخلء ‪،‬‬
‫لنّهم كانوا يتبّرزون إل ّ في المكنة الخالية من‬
‫النّاس ‪ .‬يقال ‪ :‬برز إذا خرج إلى البراز ‪ ،‬وهو الغائط‬
‫‪ ،‬وتبّرز الّرجل ‪ :‬خرج إلى البراز للحاجة ‪ .‬وهو بكسر‬
‫الباء مصدر من المبارزة في الحرب ‪ ،‬ويكنّى به‬
‫ي ل يخرج‬ ‫أيضا ً عن الغائط وهو بمعناه الصطلح ّ‬
‫ي ‪ ،‬إذ هو ثفل الغذاء ‪ ،‬وهو الغائط‬ ‫عن المعنى الكنائ ّ‬
‫الخارج على الوجه المعتاد ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬الغائط ‪:‬‬
‫‪ - 2‬الغائط ‪ :‬أصله ما انخفض من الرض ‪ ،‬والجمع‬
‫ميت غوطة دمشق ‪،‬‬ ‫الغيطان والغواط ‪ .‬وبه س ّ‬
‫صنف من المواضع لقضاء‬ ‫وكانت العرب تقصد هذا ال ّ‬
‫مي الحدث‬ ‫مس ّ‬ ‫حاجتها تستّرا ً عن أعين النّاس ‪ .‬ث ّ‬
‫الخارج من النسان غائطا ً للمقارنة ‪.‬‬
‫وهو بهذا المعنى يتّفق مع البراز ‪ -‬بالفتح ‪ -‬كنائيّا ً في‬
‫ن كّل ً منهما كناية عن ثفل الغذاء‬ ‫الدّللة ‪ ،‬من حيث إ ّ‬
‫وفضلته الخارجة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬البول ‪:‬‬
‫‪ - 3‬البول ‪ :‬واحد البوال ‪ .‬يقال ‪ :‬بال النسان‬
‫والدّابّة ‪ ،‬يبول بول ً ومبال ً ‪ ،‬فهو بائل ‪.‬‬
‫م استعمل البول في العين ‪ .‬أي في الماء الخارج‬ ‫ث ّ‬
‫ل‪.‬‬‫من القبل ‪ ،‬وجمع على أبوا ٍ‬

‫‪234‬‬
‫وهو بهذا المعنى يأخذ حكم البراز ( بالفتح ) كنائيّا ً ‪،‬‬
‫ن كّل ً منهما نجس ‪ ،‬وإن اختلفا مخرجا ً ‪.‬‬ ‫من حيث إ ّ‬
‫ج ‪ -‬النّجاسة ‪:‬‬
‫ل مستقذرٍ ‪.‬‬ ‫ة‪:‬ك ّ‬ ‫‪ - 4‬النّجاسة لغ ً‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬صفة حكميّة توجب لموصوفها منع‬
‫صلة ونحوها ‪.‬‬ ‫استباحة ال ّ‬
‫م من البراز ( بالفتح ) مكنّيا ً إذ‬ ‫وهي بهذا المعنى أع ّ‬
‫تشمله وغيره من النجاس ‪ ،‬كالدّم والبول والمذي‬
‫والودي والخمر وغير ذلك من النجاس الخرى ‪.‬‬
‫ي ومواطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 5‬أجمع الفقهاء على نجاسة البراز ‪ .‬وأنّه تتعلّق به‬
‫جس للبدن والثّوب والمكان ‪.‬‬ ‫أحكام منها ‪ :‬أنّه من ّ‬
‫ن تطهير ذلك واجب ‪ ،‬سواء أكان ذلك بالستنجاء‬ ‫وأ ّ‬
‫صل في موطنه ‪.‬‬ ‫أو الغسل ‪ ،‬على ما هو مف ّ‬
‫واختلفوا في المقدار المعفوّ عنه منه ‪ ،‬وفي جواز‬
‫بيعه ‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك في أبواب الطّهارات وفي مصطلح‬
‫( قضاء الحاجة ) ‪.‬‬
‫================‬
‫برد *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬ضد ّ الحّر ‪ ،‬والبرودة نقيض الحرارة ‪.‬‬ ‫‪ - 1‬البرد لغ ً‬
‫ول يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن المعنى‬
‫اللّغويّ في الجملة ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫إبراد ‪:‬‬
‫‪ - 2‬من معاني البراد في اللّغة ‪ :‬الدّخول في البرد‬
‫والدّخول في آخر النّهار ‪.‬‬
‫وعند الفقهاء ‪ :‬تأخير الظّهر إلى وقت البرد ‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫ي ومواطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫مم والجمعة‬ ‫‪ - 3‬تكلّم الفقهاء عن البرد في التّي ّ‬
‫صلة‬‫صلوات والحدود والتّعازير وال ّ‬ ‫والجماعة وجمع ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫مم ‪ :‬أجاز المالكيّة وال ّ‬ ‫أ ‪ -‬ففي التّي ّ‬
‫مم للحدث الكبر والصغر‬ ‫‪ -‬وهو رأي للحنفيّة ‪ -‬التّي ّ‬
‫شديد مع وجود الماء ‪ ،‬إذا لم يجد ما‬ ‫في البرد ال ّ‬
‫ضرر ‪ .‬وأجاز الحنفيّة ‪ -‬في‬ ‫خنه وخشي ال ّ‬ ‫يس ّ‬
‫مم للحدث الكبر دون الصغر‬ ‫المشهور ‪ -‬عندهم التّي ّ‬
‫ضرر في الصغر غالبا ً ‪ ،‬لكن لو‬ ‫‪ ،‬لعدم تحّقق ال ّ‬
‫ضرر جاز فيه أيضا ً اتّفاقا ً ‪ ،‬كما قّرره ابن‬ ‫تحّقق ال ّ‬
‫ص ‪ ،‬وهو‬‫ن الحرج مدفوع بالن ّ ّ‬ ‫عابدين ‪ ،‬قال ‪ :‬ل ّ‬
‫ظاهر إطلق المتون ‪.‬‬
‫شديد المسبّب برودة‬ ‫مم للبرد ال ّ‬ ‫وأجاز المالكيّة التّي ّ‬
‫صحيح الحاضر أو المسافر خروج‬ ‫الماء ‪ ،‬إذا خاف ال ّ‬
‫صلة بطلبه الماء وتسخينه ‪.‬‬ ‫وقت ال ّ‬
‫ب ‪ -‬وفي صلة الجمعة والجماعة ‪ :‬أجاز الفقهاء في‬
‫شديد التّخلّف عن صلة الجمعة ‪ ،‬وعن صلة‬ ‫البرد ال ّ‬
‫الجماعة نهارا ً أو ليل ً ‪.‬‬
‫صلوات ‪ :‬أجاز المالكيّة ‪ ،‬وهو رأي‬ ‫ج ‪ -‬وفي جمع ال ّ‬
‫للحنابلة الجمع بين العشاءين فقط جمع تقديم ٍ في‬
‫شديد ‪ ،‬حاّل ً أو متوقّعا ً ‪.‬‬ ‫البرد ال ّ‬
‫شافعيّة الجمع بين الظّهر والعصر ‪ ،‬وبين‬ ‫وأجاز ال ّ‬
‫ط مدوّنةٍ في مواطنها ‪ .‬ومنع‬ ‫المغرب والعشاء بشرو ٍ‬
‫صلوات تقديما ً أو تأخيرا ً في‬ ‫الحنفيّة الجمع بين ال ّ‬
‫صرهم الجمع على موطنين هما ‪ :‬مزدلفة‬ ‫البرد ‪ ،‬لَق ْ‬
‫وعرفة ‪.‬‬
‫د ‪ -‬وفي الحدود والتّعازير ‪ :‬أوجب الحنفيّة والمالكيّة‬
‫شافعيّة في الجملة منع إقامة الحدود والتّعازير‬ ‫وال ّ‬

‫‪236‬‬
‫شديد ‪ ،‬حتّى يعتدل‬ ‫فيما دون النّفس في البرد ال ّ‬
‫ن إقامتها مهلكة ‪ ،‬وليس ردعا ً ‪.‬‬ ‫الّزمان ‪ ،‬ل ّ‬
‫صلة ‪ :‬أجاز الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة‬ ‫هـ ‪ -‬وفي ال ّ‬
‫صلة على الرض‬ ‫سجود على كور العمامة أثناء ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضرورة ‪.‬‬ ‫المكشوفة الباردة لل ّ‬
‫==============‬
‫بسملة *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬البسملة في اللّغة والصطلح ‪ :‬قول ‪ :‬بسم اللّه‬
‫ة ‪ :‬إذا قال ‪،‬‬ ‫مل َ ً‬
‫س َ‬‫ل بَ ْ‬ ‫م َ‬‫س َ‬ ‫الّرحمن الّرحيم ‪ .‬يقال ‪ :‬ب َ ْ‬
‫أو كتب ‪ :‬بسم اللّه ‪ .‬ويقال ‪ :‬أكثَر من البسملة ‪ ،‬أي‬
‫أكثر من قول ‪ :‬بسم اللّه ‪.‬‬
‫ن اللّه ‪ -‬تعالى ذكره ‪ ،‬وتقدّست‬ ‫قال الطّبريّ ‪ :‬إ ّ‬
‫مدا ً صلى الله عليه وسلم‬ ‫أسماؤه ‪ -‬أدّب نبيّه مح ّ‬
‫بتعليمه ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله ‪،‬‬
‫ة يستنّون بها ‪ ،‬وسبيلً‬ ‫وجعل ذلك لجميع خلقه سن ّ ً‬
‫يتّبعونه عليها ‪ ،‬فقول القائل ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن‬
‫ن مراده‬ ‫الّرحيم إذا افتتح تاليا ً سورةً ‪ ،‬ينبئ عن أ ّ‬
‫أقرأ باسم اللّه ‪ ،‬وكذلك سائر الفعال ‪ .‬البسملة‬
‫جزء من القرآن الكريم ‪:‬‬
‫ن البسملة جزء من آيةٍ في‬ ‫‪ - 2‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫ن وإنّه بسم ِ اللّه‬ ‫قوله تعالى ‪ { :‬إنّه من سليما َ‬
‫ن الّرحيم ِ }‬ ‫الّرحم ِ‬
‫ة‪.‬‬‫ل سور ٍ‬ ‫واختلفوا في أنّها أيّة من الفاتحة ‪ ،‬ومن ك ّ‬
‫ح عند الحنابلة ‪ ،‬وما‬ ‫والمشهور عند الحنفيّة ‪ ،‬والص ّ‬
‫ة من‬ ‫ن البسملة ليست آي ً‬ ‫قال به أكثر الفقهاء هو ‪ :‬أ ّ‬
‫ل سورةٍ ‪ ،‬وأنّها آية واحدة من القرآن‬ ‫الفاتحة ومن ك ّ‬
‫سور ‪ ،‬وذكرت في أوّل‬ ‫كلّه ‪ ،‬أنزلت للفصل بين ال ّ‬
‫الفاتحة ‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬‫ومن أدلّتهم ما رواه أبو هريرة أ ّ‬
‫ت‬
‫م ُ‬ ‫عليه وسلم قال ‪ « :‬يقول اللّه تعالى ‪ :‬قَ َ‬
‫س ْ‬
‫صفين ‪ ،‬فإذا قال العبد ‪:‬‬ ‫ن ع َبْدي ن ِ ْ‬‫صلة َ بيني وبي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن } ‪ ،‬قال اللّه تعالى ‪:‬‬ ‫ب العالمي َ‬ ‫{ الحمد ُ للّه ر ِّ‬
‫حمدني عبدي ‪ ،‬فإذا قال ‪ { :‬الّرحمن الّرحيم } ‪،‬‬
‫جدني عبدي ‪ ،‬وإذا قال ‪ { :‬مالك‬ ‫قال اللّه تعالى ‪ :‬م ّ‬
‫ي عبدي ‪،‬‬ ‫يوم الدّين } ‪ ،‬قال اللّه تعالى ‪ :‬أثنى عل ّ‬
‫وإذا قال ‪ { :‬إيّاك نعبد وإيّاك نستعين } ‪ ،‬قال اللّه‬
‫تعالى ‪ :‬هذا بيني وبين عبدي نصفين ‪ ،‬ولعبدي ما‬
‫ب‬‫سأل » فالبداءة بقوله ‪ { :‬الحمد للّه ر ّ‬
‫ة من‬ ‫ن التّسمية ليست آي ً‬ ‫العالمين } ‪ ،‬دليل على أ ّ‬
‫ة من الفاتحة لبدأ بها ‪،‬‬ ‫أوّل الفاتحة ‪ .‬إذ لو كانت آي ً‬
‫ة منها لم تتحّقق‬ ‫وأيضا ً ‪ :‬لو كانت البسملة آي ً‬
‫ت‬‫المناصفة ‪ ،‬فإنّه يكون في النّصف الوّل أربع آيا ٍ‬
‫سلف‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ص على المناصفة ‪ ،‬ول ّ‬ ‫إل ّ نصفا ً ‪ ،‬وقد ن ّ‬
‫ت ‪ .‬وهي ثلث‬ ‫ن سورة الكوثر ثلث آيا ٍ‬ ‫اتّفقوا على أ ّ‬
‫ب من‬ ‫ل مذه ٍ‬ ‫ت بدون البسملة ‪ .‬وورد في ك ّ‬ ‫آيا ٍ‬
‫المذاهب الثّلثة غير ما سبق ‪ .‬ففي المذهب الحنف ّ‬
‫ي‬
‫مد ٍ ‪ :‬التّسمية آية من‬ ‫ن المعلّى قال ‪ :‬قلت لمح ّ‬ ‫أ ّ‬
‫القرآن أم ل ؟ قال ‪ :‬ما بين الدّفّتين كلّه قرآن ‪،‬‬
‫سور ‪،‬‬ ‫مد ٍ بيان أنّها آية للفصل بين ال ّ‬ ‫فهذا عن مح ّ‬
‫مد ‪ :‬يكره‬ ‫ط على حدةٍ ‪ .‬وقال مح ّ‬ ‫ولهذا كتبت بخ ٍّ‬
‫للحائض والجنب قراءة التّسمية على وجه قراءة‬
‫ن من ضرورة كونها قرآنا ً حرمة قراءتها‬ ‫القرآن ‪ ،‬ل ّ‬
‫على الحائض والجنب ‪ ،‬وليس من ضرورة كونها‬
‫س أنّه‬ ‫ً‬
‫قرآنا الجهر بها كالفاتحة ‪ ...‬وروى ابن عبّا ٍ‬
‫قال لعثمان ‪ :‬لم لم تكتب التّسمية بين ‪ ،‬التّوبة‬
‫ن التّوبة من آخر ما نزل ‪،‬‬ ‫والنفال ‪ ،‬قال ‪ :‬ل ّ‬
‫فرسول اللّه صلى الله عليه وسلم توفّي ‪ ،‬ولم يبيّن‬

‫‪238‬‬
‫لنا شأنها ‪ ،‬فرأيت أوّلها يشبه أواخر النفال ‪،‬‬
‫فألحقتها بها ‪ ،‬فهذا بيان منهما على أنّها كتبت‬
‫ن‬
‫سور ‪ .‬والمشهور عند المالكيّة ‪ :‬أ ّ‬ ‫للفصل بين ال ّ‬
‫ة من القرآن إل ّ في سورة النّمل ‪،‬‬ ‫البسملة ليست آي ً‬
‫ض‪-‬‬ ‫فإنّها جزء من آيةٍ ‪ ،‬ويكره قراءتها بصلة فر ٍ‬
‫للمام وغيره ‪ -‬قبل فاتحةٍ أو سورةٍ بعدها ‪ ،‬وقيل‬
‫عند المالكيّة بإباحتها ‪ ،‬وندبها ‪ ،‬ووجوبها في الفاتحة‬
‫ن البسملة من الفاتحة ‪،‬‬ ‫‪ .‬وروي عن المام أحمد أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النّب ّ‬‫لما رواه أبو هريرة أ ّ‬
‫ب العالمين } ‪،‬‬ ‫قال ‪ { :‬إذا قرأتم ‪ { :‬الحمد للّه ر ّ‬
‫م القرآن‬ ‫فاقرءوا ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم فإنّها أ ّ‬
‫سبع المثاني وبسم اللّه الّرحمن الّرحيم آية‬ ‫وال ّ‬
‫صحابة أثبتوها في المصاحف‬ ‫ن ال ّ‬ ‫منها } ول ّ‬
‫بخطّهم ‪ ،‬ولم يثبتوا بين الدّفّتين سوى القرآن ‪ ،‬وما‬
‫روي عن نعيم ٍ المجمر قال ‪ :‬صلّيت وراء أبي هريرة‬
‫م‬
‫م قرأ بأ ّ‬ ‫‪ ،‬فقرأ ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى‬ ‫القرآن ‪ .‬وما رواه ابن المنذر { أ ّ‬
‫صلة ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن‬ ‫الله عليه وسلم قرأ في ال ّ‬
‫ة ‪ { ،‬والحمد‬ ‫م القرآن ‪ ،‬وعدّها آي ً‬ ‫م قرأ بأ ّ‬ ‫الّرحيم ‪ ،‬ث ّ‬
‫ب العالمين } آيتين } ‪ .‬وقال ابن المبارك ‪:‬‬ ‫للّه ر ّ‬
‫من ترك بسم اللّه الّرحمن الّرحيم فقد ترك مائ ً‬
‫ة‬
‫ن‬‫ة وروي عن المام أحمد ‪ :‬أ ّ‬ ‫وثلث عشرة آي ٍ‬
‫ل سورتين‬ ‫البسملة آية مفردة ‪ ،‬كانت تنزل بين ك ّ‬
‫سور ‪ .‬وعنه أيضا ً ‪ :‬أنّها بعض آيةٍ من‬ ‫فصل ً بين ال ّ‬
‫سورة النّمل ‪ ،‬وما أنزلت إل ّ فيها ‪ .‬وعنه أيضا ً ‪:‬‬
‫البسملة ليست بآيةٍ إل ّ من الفاتحة وحدها ‪.‬‬
‫ن البسملة آية كاملة من‬ ‫شافعيّة ‪ :‬أ ّ‬ ‫‪ - 3‬ومذهب ال ّ‬
‫م سلمة رضي‬ ‫ة ‪ ،‬لما روت أ ّ‬ ‫ل سور ٍ‬ ‫الفاتحة ومن ك ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قرأ‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫الله عنها ‪ { :‬أ ّ‬

‫‪239‬‬
‫صلة ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ‪ ،‬فعدّها آي ً‬
‫ة‬ ‫في ال ّ‬
‫منها } ‪ ،‬ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه ‪:‬‬
‫ن { رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬الحمد‬ ‫أ ّ‬
‫ن بسم اللّه الّرحمن الّرحيم }‬ ‫ت ‪ ،‬إحداه ّ‬ ‫للّه سبع آيا ٍ‬
‫سورة‬ ‫ي رضي الله عنه كان إذا افتتح ال ّ‬ ‫‪ .‬وعن عل ٍ ّ‬
‫صلة يقرأ ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ‪ .‬وروي‬ ‫في ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال‬ ‫عن أبي هريرة عن النّب ّ‬
‫ب العالمين } ‪،‬‬ ‫‪ { :‬إذا قرأتم ‪ { :‬الحمد للّه ر ّ‬
‫م القرآن‬ ‫فاقرءوا ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ‪ ،‬إنّها أ ّ‬
‫سبع المثاني ‪ ،‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم إحدى‬ ‫وال ّ‬
‫صحابة أثبتوها فيما جمعوا من‬ ‫ن ال ّ‬
‫آياتها } ‪ ،‬ول ّ‬
‫سور ‪ ،‬وأنّها مكتوبة بخ ّ‬
‫ط‬ ‫القرآن في أوائل ال ّ‬
‫ب‬ ‫ل ما ليس من القرآن فإنّه غير مكتو ٍ‬ ‫القرآن ‪ ،‬وك ّ‬
‫ن ما بين‬ ‫ط القرآن ‪ ،‬وأجمع المسلمون على أ ّ‬ ‫بخ ّ‬
‫الدّفّتين كلم اللّه تعالى ‪ ،‬والبسملة موجودة بينهما ‪،‬‬
‫فوجب جعلها منه ‪ .‬واتّفق أصحاب المذاهب الربعة‬
‫د‬
‫سور ل يع ّ‬ ‫ن من أنكر أنّها آية في أوائل ال ّ‬ ‫على أ ّ‬
‫سابق في المذاهب ‪.‬‬ ‫كافرا ً ‪ .‬للخلف ال ّ‬
‫حكم قراءة البسملة لغير المتطهّر ‪:‬‬
‫ن البسملة من القرآن‬ ‫‪ - 4‬ل خلف بين العلماء في أ ّ‬
‫‪ ،‬وذهب الجمهور إلى حرمة قراءتها على الجنب‬
‫رمذي‬
‫ّ‬ ‫والحائض والنّفساء بقصد التّلوة ‪ ،‬لحديث الت ّ‬
‫وغيره ‪ { :‬ل يقرأ الجنب ول الحائض شيئا ً من‬
‫ي‪،‬‬‫القرآن } ‪ .‬ورويت كراهة ذلك عن عمر وعل ٍ ّ‬
‫ي من رواية عبد اللّه‬ ‫وروى أحمد وأبو داود والنّسائ ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ي قال ‪ { :‬كان النّب ّ‬ ‫بن سلمة عن عل ٍ ّ‬
‫عليه وسلم ل يحجبه ‪ -‬وربّما قال ل يحجزه ‪ -‬من‬
‫القرآن شيء ليس الجنابة } ‪ .‬وورد عن ابن عمر‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ { :‬ل تقرأ‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫أ ّ‬

‫‪240‬‬
‫الحائض ول الجنب شيئا ً من القرآن } ‪ .‬فلو قصد‬
‫الدّعاء أو الثّناء أو افتتاح أمرٍ تبّركا ً ‪ ،‬ولم يقصد‬
‫القراءة ‪ ،‬فل بأس ‪ .‬وفي أحد قولين للمالكيّة ‪ :‬ل‬
‫ي‪.‬‬‫يحرم قراءة آيةٍ للتّعوّذ أو الّرقية ‪ ،‬ولو آية الكرس ّ‬
‫كما ذهب المالكيّة إلى أنّه ل يمنع الحيض والنّفاس‬
‫قراءة القرآن ‪ ،‬ما دامت المرأة حائضا ً أو نفساء‬
‫بقصد التّعلّم أو التّعليم ‪ ،‬لنّها غير قادرةٍ على إزالة‬
‫ل لها‬ ‫ما إذا انقطع ولم تتطهّر ‪ ،‬فل تح ّ‬ ‫المانع ‪ ،‬أ ّ‬
‫ل للجنب ‪ .‬والدّليل على استثناء‬ ‫قراءته كما ل تح ّ‬
‫ن لهم ذكر اللّه ‪ ،‬ويحتاجون‬ ‫التّسمية من التّحريم ‪ :‬أ ّ‬
‫إلى التّسمية عند اغتسالهم ‪ ،‬ول يمكنهم التّحّرز عنها‬
‫ي‬
‫‪ ،‬لما روى مسلم عن عائشة قالت ‪ { :‬كان النّب ّ‬
‫ل أحيانه } ‪.‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه في ك ّ‬
‫وإن قصدوا بها القراءة ‪ ،‬ففيه روايتان ‪ :‬إحداهما ل‬
‫ي رضي الله عنه أنّه سئل‬ ‫يجوز ‪ ،‬لما روي عن عل ٍ ّ‬
‫عن الجنب يقرأ القرآن ؟ فقال ‪ :‬ل ولو حرفا ً ‪،‬‬
‫لعموم الخبر في النّهي ‪ ،‬والثّانية ‪ :‬ل يمنع منه ‪ ،‬لنّه‬
‫ل يحصل به العجاز ‪ ،‬ويجوز إذا لم يقصد به القرآن‬
‫‪ ( .‬ر ‪ :‬الجنابة ‪ ،‬والحيض ‪ ،‬والغسل ‪ ،‬والنّفاس ) ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫البسملة في ال ّ‬
‫‪ - 5‬اختلف الفقهاء في حكم قراءة البسملة بالنّسبة‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫للمام والمأموم والمنفرد ‪ ،‬في ركعات ال ّ‬
‫ل سورةٍ ‪.‬‬ ‫لختلفهم في أنّها آية من الفاتحة ومن ك ّ‬
‫ن قراءة‬ ‫وحاصل مذهب الحنفيّة في ذلك ‪ :‬أنّه يس ّ‬
‫البسملة سّرا ً للمام والمنفرد في أوّل الفاتحة من‬
‫سورة‬ ‫ن قراءتها بين الفاتحة وال ّ‬ ‫ل ركعةٍ ‪ ،‬ول يس ّ‬ ‫ك ّ‬
‫ن البسملة‬ ‫مطلقا ً عند أبي حنيفة وأبي يوسف ‪ ،‬ل ّ‬
‫ليست من الفاتحة ‪ ،‬وذكرت في أوّلها للتّبّرك ‪ .‬قال‬
‫ن هذا أقرب إلى الحتياط لختلف‬ ‫المعلّى ‪ :‬إ ّ‬

‫‪241‬‬
‫ة من الفاتحة ‪ ،‬وروى ابن‬ ‫العلماء والثار في كونها آي ً‬
‫ن قراءة البسملة‬ ‫مدٍ أنّه قال ‪ :‬يس ّ‬ ‫أبي رجاءٍ عن مح ّ‬
‫صلة الجهريّة ‪،‬‬ ‫سورة والفاتحة في غير ال ّ‬ ‫سّرا ً بين ال ّ‬
‫ن هذا أقرب إلى متابعة المصحف ‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫ل ّ‬
‫سورة‬ ‫القراءة جهرا ً فل يؤتى بالبسملة بين ال ّ‬
‫ة‬
‫والفاتحة ‪ ،‬لنّه لو فعل لخفى ‪ ،‬فيكون ذلك سكت ً‬
‫في وسط القراءة ‪ ،‬وليس ذلك مأثورا ً ‪ .‬وفي قو ٍ‬
‫ل‬
‫آخر في المذهب ‪ :‬تجب بداية القراءة بالبسملة في‬
‫صلة ‪ ،‬لنّها آية من الفاتحة ‪ .‬وحكم المقتدي عند‬ ‫ال ّ‬
‫الحنفيّة أنّه ل يقرأ لحمل إمامه عنه ‪ ،‬ول تكره‬
‫سورة المقروءة سّراً‬ ‫التّسمية اتّفاقا ً بين الفاتحة وال ّ‬
‫ن البسملة‬ ‫أو جهرا ً ‪ .‬والمشهور عند المالكيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫ليست من الفاتحة ‪ ،‬فل تقرأ في المكتوبة سّرا ً أو‬
‫جهرا ً من المام أو المأموم أو المنفرد ‪ ،‬لما ورد عن‬
‫س أنّه قال ‪ { :‬صلّيت خلف رسول اللّه صلى الله‬ ‫أن ٍ‬
‫ي ‪ ،‬فكانوا‬ ‫عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعل ٍ ّ‬
‫ب العالمين ‪ ،‬ول‬ ‫يفتتحون القراءة بالحمد للّه ر ّ‬
‫يذكرون بسم اللّه الّرحمن الّرحيم في أوّل قراء ٍ‬
‫ة‬
‫ض قبل الفاتحة‬ ‫ول في آخرها } ‪ .‬ويكره قراءتها بفر ٍ‬
‫ل عند المالكيّة ‪:‬‬ ‫سورة الّتي بعدها ‪ ،‬وفي قو ٍ‬ ‫أو ال ّ‬
‫يجب ‪ ،‬وهناك قول بالجواز ‪ .‬وفي روايةٍ في مذهب‬
‫ك أنّه يجوز قراءة البسملة في صلة‬ ‫المام مال ٍ‬
‫ل ركعةٍ سّرا ً أو‬ ‫سورة في ك ّ‬ ‫النّفل قبل الفاتحة وال ّ‬
‫جهرا ً ‪ .‬وللخروج من الخلف في حكم قراءة‬
‫ي ‪ :‬الورع البسملة‬ ‫صلة ‪ ،‬قال القراف ّ‬ ‫البسملة في ال ّ‬
‫ل كراهة التيان بالبسملة‬ ‫أوّل الفاتحة ‪ ،‬وقال ‪ :‬مح ّ‬
‫إذا لم يقصد الخروج من الخلف الوارد في المذهب‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه‬ ‫‪ ،‬فإن قصده فل كراهة ‪ .‬والظهر عند ال ّ‬
‫يجب على المام والمأموم والمنفرد قراءة البسملة‬

‫‪242‬‬
‫صلة في قيامها قبل‬ ‫ل ركعةٍ من ركعات ال ّ‬ ‫في ك ّ‬
‫صلة فرضا ً أم نفل ً ‪،‬‬ ‫فاتحة الكتاب ‪ ،‬سواء أكانت ال ّ‬
‫ن‬
‫ث رواه أبو هريرة ‪ :‬أ ّ‬ ‫ة ‪ ،‬لحدي ٍ‬ ‫ة أو جهري ّ ً‬ ‫سري ّ ً‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪ { :‬فاتحة‬
‫ن ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن‬ ‫ت ‪ ،‬إحداه ّ‬ ‫الكتاب سبع آيا ٍ‬
‫الّرحيم } وللخبر ‪ { :‬ل صلة لمن لم يقرأ بفاتحة‬
‫ل على دخول المأمومين في العموم‬ ‫الكتاب } ويد ّ‬
‫ح عن عبادة ‪ { :‬كنّا نخلف رسول اللّه صلى‬ ‫ما ص ّ‬
‫الله عليه وسلم في صلة الفجر ‪ ،‬فثقلت عليه‬
‫ما فرغ قال ‪ :‬لعلّكم تقرءون خلف‬ ‫القراءة ‪ ،‬فل ّ‬
‫إمامكم ‪ ،‬قلنا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬ل تفعلوا إل ّ بفاتحة‬
‫الكتاب ‪ ،‬فإنّه ل صلة لمن لم يقرأ بها } وتقرأ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫ل سورةٍ في ركعات ال ّ‬ ‫البسملة عند ابتداء ك ّ‬
‫سورة ‪ ،‬وكذا‬ ‫ويجهر بها في حالة الجهر بالفاتحة وال ّ‬
‫ن البسملة آية من‬ ‫يسّر بها معهما ‪ ،‬على القول بأ ّ‬
‫ح عند الحنابلة ‪ :‬ل يجب‬ ‫سور ‪ .‬وعلى الص ّ‬ ‫سائر ال ّ‬
‫ة في‬ ‫ل سور ٍ‬ ‫قراءة البسملة مع الفاتحة ومع ك ّ‬
‫ة من الفاتحة ومن‬ ‫صلة ‪ ،‬لنّها ليست آي ً‬ ‫ركعات ال ّ‬
‫صلة بيني وبين‬ ‫ل سورةٍ ‪ ،‬لحديث { قسمت ال ّ‬ ‫ك ّ‬
‫صحابة أثبتوها في‬ ‫ن ال ّ‬ ‫عبدي نصفين ‪ } ...‬ول ّ‬
‫المصاحف بخطّهم ‪ ،‬ولم يثبتوا بين الدّفّتين سوى‬
‫ن قراءة البسملة مع‬ ‫ح ‪ :‬يس ّ‬ ‫القرآن ‪ .‬وعلى الص ّ‬
‫ل صلةٍ ‪،‬‬ ‫فاتحة الكتاب في الّركعتين الوليين من ك ّ‬
‫سورة بعد الفاتحة ‪ ،‬ويسّر بها ‪ ،‬لما‬ ‫ويستفتح بها ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يسّر‬ ‫ن { النّب ّ‬ ‫ورد أ ّ‬
‫صلة } ‪ .‬وعلى‬ ‫ببسم اللّه الّرحمن الّرحيم في ال ّ‬
‫الّرواية الخرى عن أحمد في قرآنيّة البسملة يجب‬
‫على المام والمنفرد والمأموم قراءة البسملة مع‬
‫صلة ‪ .‬هذا ‪ ،‬وتقرأ البسملة بعد‬ ‫الفاتحة في ال ّ‬

‫‪243‬‬
‫ما‬
‫التّكبير والستفتاح والتّعوّذ في الّركعة الولى ‪ ،‬أ ّ‬
‫فيما بعدها فإنّه يقرؤها بعد تكبير القيام إلى تلك‬
‫الّركعة ‪ ،‬وتقرأ البسملة في حال القيام ‪ ،‬إل ّ إذا‬
‫لعذر ‪ ،‬فيقرؤها قاعدا ً وللتّفصيل ر ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫صلّى قاعدا ً‬
‫صلة )‬‫( ال ّ‬
‫مواطن أخرى للبسملة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التّسمية عند دخول الخلء ‪:‬‬
‫‪ - 6‬اتّفق الفقهاء على مشروعيّة التّسمية على‬
‫سبيل النّدب ‪ ،‬وذلك قبل دخول الخلء لقضاء‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫الحاجة ‪ ،‬لما ورد عن النّب ّ‬
‫{ أنّه كان يقول إذا دخل الخلء ‪ :‬بسم اللّه ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫م‬
‫إنّي أعوذ بك من الخبث والخبائث } وانظر للتّفصيل‬
‫مصطلح ‪ ( :‬قضاء الحاجة ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّسمية عند الوضوء ‪:‬‬
‫‪ - 7‬ذهب الحنفيّة ‪ ،‬والمالكيّة في المشهور عندهم ‪،‬‬
‫ن التّسمية سنّة عند ابتداء الوضوء ‪،‬‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ن آية الوضوء مطلقة عن‬ ‫وسندهم فيما قالوا ‪ :‬أ ّ‬
‫ضئ‬
‫شرط التّسمية ‪ ،‬والمطلوب من المتو ّ‬
‫ن الماء‬ ‫الطّهارة ‪ ،‬وترك التّسمية ل يقدح فيها ‪ ،‬ل ّ‬
‫خلق طهورا ً في الصل ‪ ،‬فل تتوقّف طهوريّته على‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫صنع العبد ‪ ،‬وما رواه ابن مسعودٍ أ ّ‬
‫ضأ وذكر اسم‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ { :‬من تو ّ‬
‫ضأ ولم‬ ‫اللّه عليه كان طهورا ً لجميع بدنه ‪ ،‬ومن تو ّ‬
‫يذكر اسم اللّه كان طهورا ً لما أصاب من بدنه }‬
‫ضئ التّسمية في أوّل الوضوء ‪،‬‬ ‫وإن نسي المتو ّ‬
‫وذكرها في أثنائه ‪ ،‬أتى بها ‪ ،‬حتّى ل يخلو الوضوء‬
‫ن‬‫من اسم اللّه تعالى ‪ .‬وذهب الحنابلة ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫التّسمية في الوضوء واجبة ‪ ،‬وهي قول ( باسم‬
‫اللّه ) ل يقوم غيرها مقامها ‪ ،‬واستدلّوا لوجوبها بما‬

‫‪244‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه‬ ‫رواه أبو هريرة عن النّب ّ‬
‫قال ‪ { :‬ل صلة لمن ل وضوء له ‪ ،‬ول وضوء لمن‬
‫لم يذكر اسم اللّه عليه } وتسقط التّسمية حالة‬
‫متي‬ ‫سهو تجاوزا ً ‪ ،‬لحديث ‪ { :‬تجاوز اللّه عن أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه } ‪ .‬فإن ذكر‬
‫مى وبنى ‪،‬‬ ‫ضئ التّسمية في أثناء الوضوء س ّ‬ ‫المتو ّ‬
‫ح طهارته ‪ ،‬لنّه لم يذكر اسم‬ ‫وإن تركها عمدا ً لم تص ّ‬
‫اللّه على طهارته ‪ ،‬والخرس والمعتقل لسانه يشير‬
‫بها ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التّسمية عند الذ ّبح ‪:‬‬
‫‪ - 8‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في المشهور‬
‫ن التّسمية واجبة عند الذ ّبح ‪ .‬لقوله‬ ‫عندهم إلى أ ّ‬
‫ما لم يذكر اسم اللّه عليه }‬ ‫تعالى ‪ { :‬ول تأكلوا م ّ‬
‫س ‪ ،‬ول أخرس ‪ ،‬ول مكرهٍ‬ ‫ول تجب التّسمية على نا ٍ‬
‫ن‬
‫سماء ‪ ،‬ل ّ‬ ‫‪ ،‬ويكفي من الخرس أن يومئ إلى ال ّ‬
‫شافعيّة ‪،‬‬ ‫إشارته تقوم مقام نطق النّاطق ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫ن التّسمية سنّة عند الذ ّبح‬ ‫وهو رواية عن أحمد إلى أ ّ‬
‫‪ ،‬وصيغتها أن يقول ‪ ( :‬باسم اللّه ) عند الفعل ‪ ،‬لما‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ي في صفة ذبح النّب ّ‬ ‫روى البيهق ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫حى النّب ّ‬ ‫وسلم لضحيّته ‪ { :‬ض ّ‬
‫وسلم أتى بكبشين أملحين أقرنين عظيمين‬
‫موجوأين ‪ ،‬فأضجع أحدهما فقال ‪ :‬بسم اللّه واللّه‬
‫م أضجع الخر فقال ‪:‬‬ ‫مدٍ ‪ ،‬ث ّ‬‫م هذا عن مح ّ‬ ‫أكبر ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫مته‬‫مدٍ وأ ّ‬‫م هذا عن مح ّ‬ ‫بسم اللّه واللّه أكبر ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫من شهد لك بالتّوحيد ‪ ،‬وشهد لي بالبلغ } ‪ .‬ويكره‬ ‫م ّ‬
‫مد ترك التّسمية ‪ ،‬ولكن لو تركها‬ ‫شافعيّة تع ّ‬ ‫عند ال ّ‬
‫ن اللّه تعالى أباح‬ ‫ل ما ذبحه ويؤكل ‪ ،‬ل ّ‬ ‫عمدا ً يح ّ‬
‫ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى ‪ { :‬وطعام الّذين‬
‫ل لكم } وهم ل يذكرونها‬ ‫أوتوا الكتاب ح ّ‬

‫‪245‬‬
‫ما لم‬ ‫ما قوله تعالى ‪ { :‬ول تأكلوا م ّ‬ ‫( التّسمية ) ‪ ،‬وأ ّ‬
‫يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسق } فالمراد ما ذكر‬
‫عليه غير اسم اللّه ‪ ،‬أي ما ذبح للصنام ‪ ،‬بدليل‬
‫ل لغير اللّه به } وسياق الية‬ ‫قوله تعالى ‪ { :‬وما أه ّ‬
‫ل عليه ‪ ،‬فإنّه قال ‪ { :‬وإنّه لفسق } والحالة الّتي‬ ‫دا ّ‬
‫يكون فيها فسقا ً هي الهلل لغير اللّه تعالى ‪.‬‬
‫صيد ‪:‬‬‫د ‪ -‬التّسمية على ال ّ‬
‫‪ - 9‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى وجوب التّسمية عند‬
‫صيد ما يؤكل لحمه ‪ ،‬والمراد بها ‪ :‬ذكر اللّه من‬
‫حيث هو ‪ ،‬ل خصوص ( باسم اللّه ) والفضل باسم‬
‫اللّه واللّه أكبر ‪ ،‬ول يزيد في البسملة ‪ :‬الّرحمن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫الّرحيم ول ال ّ‬
‫ويشترط عند الّرمي أو الرسال للمعلّم إن ذكر‬
‫وقدر ‪ ،‬لنّه وقت الفعل من الّرامي والمرسل ‪،‬‬
‫ل‬‫فتعتبر عنده ‪ .‬فإن تركها ناسيا ً أو عجزا ً يح ّ‬
‫ويؤكل ‪ ،‬وإن تركها عمدا ً مع القدرة عليها فل ‪،‬‬
‫ما لم يذكر اسم اللّه‬ ‫لقوله تعالى ‪ { :‬ول تأكلوا م ّ‬
‫ما تركت التّسمية‬ ‫عليه } على معنى ول تأكلوا م ّ‬
‫عليه عمدا ً مع القدرة ‪ ،‬وخالف ابن رشدٍ من‬
‫حة‬‫ط في ص ّ‬ ‫المالكيّة وقال ‪ :‬التّسمية ليست بشر ٍ‬
‫ما لم‬ ‫ن معنى قوله تعالى ‪ { :‬ول تأكلوا م ّ‬ ‫الذ ّكاة ‪ ،‬ل ّ‬
‫يذكر اسم اللّه عليه } ل تأكلوا الميتة الّتي لم تقصد‬
‫ن‬
‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫ذكاتها ‪ ،‬لنّها فسق ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫صيد سنّة ‪ ،‬وصيغتها أن يقول عند‬ ‫التّسمية عند ال ّ‬
‫الفعل ‪ :‬باسم اللّه والكمل ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن‬
‫شيخان في الذ ّبح للضحيّة ‪،‬‬ ‫الّرحيم ‪ ،‬لما رواه ال ّ‬
‫مد ترك التّسمية ‪.‬‬ ‫وقيس بما فيه غيره ‪ ،‬ويكره تع ّ‬
‫ل ويؤكل للدّليل المبيّن‬ ‫فلو تركها ‪ -‬ولو عمدا ً ‪ -‬يح ّ‬
‫في التّسمية عند الذ ّبح ‪ .‬ولمزيدٍ من التّفصيل ( ر ‪:‬‬

‫‪246‬‬
‫ذبائح ) ‪ .‬وذهب الحنابلة إلى اشتراط التّسمية في‬
‫صيد عند إرسال الجارح المعلّم ‪ ،‬وهي ‪ :‬باسم‬ ‫ل ال ّ‬‫ح ّ‬
‫ن إطلق التّسمية ينصرف إلى ذلك ‪ ،‬ولو‬ ‫اللّه ‪ ،‬ل ّ‬
‫قال ‪ :‬باسم اللّه واللّه أكبر ‪ ،‬فل بأس لوروده ‪ ،‬فإن‬
‫ترك التّسمية عمدا ً أو سهوا ً لم يبح على التّحقيق ‪،‬‬
‫ما لم يذكر اسم اللّه‬ ‫لقوله تعالى ‪ { :‬ول تأكلوا م ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم فيما رواه‬ ‫عليه } وقول النّب ّ‬
‫ميت فكل ‪،‬‬ ‫عديّ بن حاتم ٍ ‪ { :‬إذا أرسلت كلبك وس ّ‬
‫قلت ‪ :‬فإن أخذ معه آخر ؟ قال ‪ :‬ل تأكل ‪ ،‬فإنّك‬
‫م على الخر } ‪،‬‬ ‫ميت على كلبك ‪ ،‬ولم تس ّ‬ ‫س ّ‬
‫صيد في التّسمية عند الحنابلة‬ ‫والفرق بين الذ ّبح وال ّ‬
‫ن الذ ّبح وقع في محلّه ‪ ،‬فجاز أن يتسامح فيه‬ ‫‪:‬أ ّ‬
‫صيد ‪ ،‬فل‬ ‫بالنّسبة لنسيان التّسمية ‪ ،‬بخلف ال ّ‬
‫يتسامح في نسيانها فيه ‪ ،‬ونقل عن المام أحمد ‪:‬‬
‫صيد يباح ويؤكل ‪ ،‬وعنه‬ ‫أنّه إن نسي التّسمية عند ال ّ‬
‫سهم أبيح ‪ ،‬وإن نسيها على‬ ‫أيضا ً ‪ :‬إن نسيها على ال ّ‬
‫الجارحة لم يبح ‪ .‬ولمزيد ٍ من التّفصيل ( ر ‪ :‬صيد ) ‪.‬‬
‫هـ ‪ ( -‬التّسمية عند الكل ) ‪:‬‬
‫ن التّسمية عند البدء في‬ ‫‪ - 10‬ذهب الفقهاء إلى أ ّ‬
‫سنن ‪ .‬وصيغتها ‪ :‬بسم اللّه وبسم اللّه‬ ‫الكل من ال ّ‬
‫مى في‬ ‫الّرحمن الّرحيم ‪ ،‬فإن نسيها في أوّله س ّ‬
‫باقيه ‪ ،‬ويقول ‪ :‬باسم اللّه أوّله وآخره لحديث‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫عائشة رضي الله عنها عن النّب ّ‬
‫وسلم قال ‪ { :‬إذا أكل أحدكم فليذكر اسم اللّه‬
‫تعالى ‪ ،‬فإن نسي أن يذكر اسم اللّه في أوّله فليقل‬
‫‪ :‬باسم اللّه أوّله وآخره } ‪.‬‬
‫مم ‪:‬‬ ‫و ‪ -‬التّسمية عند التّي ّ‬
‫مم مشروعة ‪ :‬سنّة عند‬ ‫‪ - 11‬التّسمية عند التّي ّ‬
‫الحنفيّة ‪ ،‬ومندوبة عند المالكيّة ‪ ،‬ومستحبّة عند‬

‫‪247‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وصيغتها ‪ :‬بسم اللّه والكمل عند‬ ‫ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ‪ ،‬وإن نسي‬ ‫ال ّ‬
‫مم وذكرها في أثنائه أتى بها ‪،‬‬ ‫التّسمية في أوّل التّي ّ‬
‫مم ‪ ،‬وإن فعلها يثاب ‪.‬‬ ‫وإن تركها عمدا ً ل يبطل التّي ّ‬
‫مم واجبة‬ ‫ن التّسمية عند التّي ّ‬ ‫وذهب الحنابلة إلى أ ّ‬
‫وهي ‪ :‬باسم اللّه ‪ ،‬ل يقوم غيرها مقامها ‪ ،‬ووقتها‬
‫أوّله ‪ ،‬وتسقط سهوا ً لحديث ‪ { :‬تجاوز اللّه عن‬
‫متي الخطأ والنّسيان ‪ } ...‬وإن ذكرها في أثنائه‬ ‫أ ّ‬
‫مى وبنى ‪ ،‬وإن تركها عمدا ً حتّى مسح بعض‬ ‫س ّ‬
‫ح طهارته ‪،‬‬ ‫أعضائه ‪ ،‬ولم يستأنف ما فعله ‪ ،‬لم تص ّ‬
‫لنّه لم يذكر اسم اللّه على طهارته ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬‫ل أمرٍ ذي با ٍ‬ ‫ز ‪ -‬التّسمية لك ّ‬
‫ن التّسمية مشروعة‬ ‫‪ - 12‬اتّفق أكثر الفقهاء على أ ّ‬
‫ل ‪ ،‬عبادةٍ أو غيرها ‪ ،‬فتقال عند البدء‬ ‫ل أمرٍ ذي با ٍ‬‫لك ّ‬
‫في تلوة القرآن الكريم والذكار ‪ ،‬وركوب سفينةٍ‬
‫ودابّةٍ ‪ ،‬ودخول المنزل ومسجد ٍ ‪ ،‬أو خروٍج منه ‪،‬‬
‫وعند إيقاد مصباٍح أو إطفائه ‪ ،‬وقبل وطءٍ مباٍح ‪،‬‬
‫ب منبرا ً ‪ ،‬ونوم ٍ ‪ ،‬والدّخول في صلة‬ ‫وصعود خطي ٍ‬
‫النّفل ‪ ،‬وتغطية الناء ‪ ،‬وفي أوائل الكتب ‪ ،‬وعند‬
‫ت ولحده في قبره ‪ ،‬ووضع اليد على‬ ‫تغميض مي ّ ٍ‬
‫موضع ألم ٍ بالجسد ‪ ،‬وصيغتها ( باسم اللّه ) والكمل‬
‫( بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ) فإن نسي التّسمية أو‬
‫ما ورد ‪:‬‬ ‫تركها عمدا ً فل شيء ‪ ،‬ويثاب إن فعل ‪ .‬وم ّ‬
‫ل ل يبدأ فيه باسم اللّه فهو‬ ‫أمر ذي با ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حديث { ك ّ‬
‫ل‬
‫أبتر } ‪ ،‬وفي روايةٍ { فهو أقطع } وفي أخرى‬
‫{ فهو أجذم } ‪ ،‬وما ورد عن رسول اللّه صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ { :‬ضع يدك على الّذي تألّم من جسدك‬
‫‪ ،‬وقل ‪ :‬باسم اللّه ثلثا ً ‪ } ...‬الحديث ‪ .‬وحديث ‪:‬‬
‫شيطان ل يفتح‬ ‫ن ال ّ‬‫{ أغلق بابك واذكر اسم اللّه ‪ ،‬فإ ّ‬

‫‪248‬‬
‫بابا ً مغلقا ً ‪ ،‬وأطفئ مصباحك واذكر اسم اللّه ‪،‬‬
‫مر إناءك ‪ } ...‬وحديث ‪ { :‬إذا عثرت بك الدّابّة‬ ‫وخ ّ‬
‫شيطان ‪ ،‬فإنّه يتعاظم ‪ ،‬حتّى يصير‬ ‫فل تقل ‪ :‬تعس ال ّ‬
‫بقوتي صرعته ‪ ،‬ولكن قل ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫مثل البيت ‪ ،‬ويقول ‪:‬‬
‫بسم اللّه الّرحمن الّرحيم ‪ ،‬فإنّه يتصاغر ‪ ،‬حتّى‬
‫يصير مثل الذ ّباب } ‪.‬‬
‫===============‬
‫بصاق‬
‫التّعريف‬
‫‪ - 1‬البصاق ‪ :‬ماء الفم إذا خرج منه ‪ .‬يقال ‪ :‬بصق‬
‫يبصق بصاقا ً ‪ .‬ويقال فيه أيضا ً ‪ :‬البزاق ‪ ،‬والبساق ‪.‬‬
‫وهو من البدال ‪.‬‬
‫صلة ) ‪:‬‬‫( اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّفل ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬البصق ‪ .‬يقال ‪ :‬تفل يتفل ويتفل تفلً‬ ‫‪ - 2‬التّفل لغ ً‬
‫‪ :‬بصق ‪ .‬والتّفل بالفم ‪ :‬نفخ معه شيء من الّريق ‪.‬‬
‫ق فهو النّفث ‪ .‬والتّفل شبيه‬ ‫ً‬
‫فإذا كان نفخا بل ري ٍ‬
‫م‬
‫م التّفل ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ل منه ‪ .‬أوّله البزق ‪ ،‬ث ّ‬ ‫بالبزاق ‪ ،‬وهو أق ّ‬
‫النّفخ ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اللّعاب ‪:‬‬
‫‪ - 3‬اللّعاب ‪ :‬الّريق الّذي يسيل من الفم ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 4‬الصل في ماء فم النسان طهوريّته ما لم‬
‫جسه نجس ‪ .‬وللبصاق أحكام تتعلّق به ‪ .‬فهو حرام‬ ‫ين ّ‬
‫في المسجد ومكروه على حيطانه ‪ .‬فإذا بصق‬
‫المصلّي في المسجد كان عليه أن يدفنه ‪ ،‬إذ البصق‬
‫فيه خطيئة ‪ ،‬وكّفارتها دفنه ‪ ،‬كما جاء في الحديث {‬
‫البصاق في المسجد خطيئة ‪ ،‬وكّفارتها دفنها } ‪.‬‬
‫والمشهور في ذلك أن يدفنه في تراب المسجد‬

‫‪249‬‬
‫ورمله ‪ ،‬إن كان له تراب أو رمل ونحوهما ‪ .‬فإن لم‬
‫يكن أخذه بعود ٍ أو خرقةٍ أو نحوهما أو بيده وأخرجه‬
‫منه ‪ .‬كما ل يبصق على حيطانه ‪ ،‬ول بين يديه على‬
‫الحصى ‪ ،‬ول فوق البواري ( أي الحصر ) ول تحتها ‪.‬‬
‫ض ‪ ،‬ول‬ ‫ك بعضه ببع ٍ‬ ‫ب ويح ّ‬‫ولكن يأخذه بطرف ثو ٍ‬
‫صلة إل ّ أن يتوالى ويكثر ‪ .‬وإن كان قد‬ ‫تبطل به ال ّ‬
‫بصق في تراب المسجد فعليه أن يدفنه ‪ .‬فإن‬
‫اضطّر إلى ذلك ‪ ،‬كان اللقاء فوق الحصير أهون من‬
‫ة‪،‬‬ ‫ن البواري ليست بمسجدٍ حقيق ً‬ ‫اللقاء تحته ‪ .‬ل ّ‬
‫ة ‪ .‬وإن لم يكن فيه البواري‬ ‫وما تحتها مسجد حقيق ً‬
‫يدفنه في التّراب ‪ ،‬ول يتركه على وجه الرض ‪ .‬وإن‬
‫كان في غير المسجد لم يبصق تلقاء وجهه ‪ ،‬ول عن‬
‫يمينه ‪ ،‬بل يبصق تحت قدمه اليسرى ‪ ،‬أو عن‬
‫يساره ‪ .‬ومن رأى من يبصق في المسجد لزمه‬
‫النكار عليه ومنعه منه إن قدر ‪ .‬ومن رأى بصاقاً‬
‫سنّة أن يزيله بدفنه أو‬‫ونحوه في المسجد فال ّ‬
‫ما ما يفعله‬ ‫ب له تطييب محلّه ‪ .‬وأ ّ‬ ‫إخراجه ‪ ،‬ويستح ّ‬
‫كثير من النّاس إذا بصق أو رأى بصاقا ً دلكه بأسفل‬
‫مداسه الّذي داس به النّجاسة والقذار فحرام ‪ ،‬لنّه‬
‫تنجيس للمسجد وتقذير له ‪ .‬وعلى من رآه يفعل‬
‫ذلك النكار عليه بشرطه ‪ .‬ول يسوغ مسح لوح‬
‫القرآن أو بعضه بالبصاق ‪ .‬ويتعيّن على معلّم‬
‫صبيان أن يمنعهم من ذلك ‪ .‬ومن أحكامه بالنّسبة‬ ‫ال ّ‬
‫ن من ابتلع ريق نفسه ‪ ،‬وهو في فيه قبل‬ ‫صائم ‪ :‬أ ّ‬
‫لل ّ‬
‫خروجه منه ‪ ،‬فإنّه ل يفطر ‪ ،‬حتّى لو جمعه في الفم‬
‫وابتلعه ‪ .‬وإن صار خارج فيه وانفصل عنه ‪ ،‬وأعاده‬
‫إليه بعد انفصاله وابتلعه ‪ ،‬فسد صومه ‪ .‬كما لو ابتلع‬
‫بزاق غيره ‪ .‬ومن ترطّبت شفتاه بلعابه عند الكلم‬
‫أو القراءة أو غير ذلك ‪ ،‬فابتلعه ل يفسد صومه‬

‫‪250‬‬
‫ضرورة ‪ .‬ولو بقي بلل في فمه بعد المضمضة‬ ‫لل ّ‬
‫ل الخيّاط خيطاً‬ ‫فابتلعه مع البزاق لم يفطّره ‪ .‬ولو ب ّ‬
‫م ردّه إلى فيه على عادتهم حال الفتل ‪ ،‬فإن‬ ‫بريقه ث ّ‬
‫لم تكن على الخيط رطوبة تنفصل لم يفطر بابتلع‬
‫ريقه ‪ ،‬بخلف ما إذا كانت تنفصل ‪.‬‬
‫================‬
‫بقر‬
‫التّعريف‬
‫س ‪ .‬قال ابن سيده ‪ :‬ويطلق‬ ‫‪ - 1‬البقر ‪ :‬اسم جن ٍ‬
‫ي ‪ ،‬وعلى الذ ّكر والنثى ‪،‬‬ ‫ي والوحش ّ‬ ‫على الهل ّ‬
‫وواحده بقرة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إنّما دخلته الهاء لنّه واحد من‬
‫الجنس ‪ .‬والجمع ‪ :‬بقرات ‪ ،‬وقد سوّى الفقهاء‬
‫س‬
‫الجاموس بالبقر في الحكام ‪ ،‬وعاملوهما كجن ٍ‬
‫واحد ٍ ‪ .‬زكاة البقر ‪:‬‬
‫سنّة‬‫ما ال ّ‬‫سنّة والجماع ‪ .‬أ ّ‬ ‫‪ - 2‬زكاة البقر واجبة بال ّ‬
‫ن‬‫فما روى البخاريّ عن أبي ذّرٍ رضي الله عنه أ ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪ { :‬والّذي‬
‫نفسي بيده ‪ ،‬أو والّذي ل إله غيره ‪ -‬أو كما حلف ‪-‬‬
‫ل تكون له إبل أو بقر أو غنم ل يؤدّي‬ ‫ما من رج ٍ‬
‫حّقها إل ّ أتى بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه‬
‫‪ ،‬تطؤه بأخفافها ‪ ،‬وتنطحه بقرونها ‪ ،‬كلّما جازت‬
‫أخراها ردّت عليه أولها حتّى يقضى بين النّاس } ‪.‬‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬ ‫قأ ّ‬ ‫ي والتّرمذيّ عن مسرو ٍ‬ ‫وما روى النّسائ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم { بعث معاذا ً إلى اليمن ‪،‬‬
‫ل حالم ٍ دينارا ً ‪ ،‬ومن البقر من‬ ‫وأمره أن يأخذ من ك ّ‬
‫ة}‪.‬‬ ‫ل أربعين مسن ّ ً‬ ‫ة ‪ ،‬ومن ك ّ‬‫ل ثلثين تبيعا ً أو تبيع ً‬‫ك ّ‬
‫صحابة ومن بعدهم على وجوب الّزكاة‬ ‫وقد أجمع ال ّ‬
‫في النعام ‪ ،‬ولم يخالف في ذلك أحد ‪ ،‬والبقر صنف‬

‫‪251‬‬
‫من النعام ‪ ،‬فوجبت الّزكاة فيها كالبل والغنم ‪،‬‬
‫شروط كما سيأتي ‪.‬‬ ‫وإنّما كان الخلف في بعض ال ّ‬
‫شروط وجوب الّزكاة في البقر ‪:‬‬
‫‪ - 3‬يشترط في وجوب الّزكاة في البقر شروط‬
‫صة‬‫مة تفصيلها في الّزكاة ‪ ،‬وهناك شروط خا ّ‬ ‫عا ّ‬
‫سوم ‪:‬‬ ‫بيانها فيما يلي ‪ :‬اشتراط ال ّ‬
‫سوم في زكاة الماشية ‪ :‬أن ترعى‬ ‫‪ - 4‬المراد بال ّ‬
‫سنة في كل ٍ مباٍح ‪ ،‬سواء أكانت‬ ‫الماشية أكثر أيّام ال ّ‬
‫ترعى بنفسها أم براٍع يرعاها ‪ ،‬هذا وقد ذهب‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫جمهور العلماء من الحنفيّة وال ّ‬
‫سوم في زكاة الماشية ‪،‬‬ ‫وغيرهم إلى أنّه يشترط ال ّ‬
‫سوم‬ ‫ومن بين تلك الماشية البقر ‪ ،‬فيشترط فيها ال ّ‬
‫ما البقر العوامل والمعلوفة فل زكاة فيها ‪،‬‬ ‫أيضا ً ‪ ،‬وأ ّ‬
‫سوم ‪ .‬وقال المام مالك ‪ :‬ل يشترط‬ ‫لنتفاء ال ّ‬
‫سوم في زكاة البقر ‪ ،‬فالبقر العوامل والمعلوفة‬ ‫ال ّ‬
‫ل المام مالك لما‬ ‫تجب فيها الّزكاة عنده ‪ .‬استد ّ‬
‫ذهب إليه بالطلق في الحاديث الموجبة لزكاة‬
‫البقر ‪ ،‬وهو الّذي استقّر عليه عمل أهل المدينة ‪،‬‬
‫ل‬‫وعمل أهل المدينة أحد أصول المالكيّة ‪ .‬واستد ّ‬
‫سوم في زكاة الماشية بما روي‬ ‫القائلون باشتراط ال ّ‬
‫ي رضي الله عنه ‪ ،‬قال الّراوي أحسبه عن‬ ‫عن عل ٍ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم في صدقة البقر قال ‪:‬‬ ‫النّب ّ‬
‫{ وليس في العوامل شيء } ‪ ،‬وأيضا ً بما روي عن‬
‫ي صلى‬ ‫ب عن أبيه عن جدّه عن النّب ّ‬ ‫عمرو بن شعي ٍ‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ { :‬ليس في البقر العوامل‬
‫شيء } وقد حمل الجمهور النّصوص المطلقة في‬
‫سوم الواردة في‬ ‫البقر على النّصوص المقيّدة بال ّ‬
‫البل والغنم ‪ ،‬كما استدلّوا بقياس البقر على البل‬
‫ن صفة النّماء‬ ‫سوم ‪ .‬وأيضا ً فإ ّ‬ ‫والغنم في اشتراط ال ّ‬

‫‪252‬‬
‫ما‬‫سائمة ‪ ،‬أ ّ‬‫معتبرة في الّزكاة ‪ ،‬فل توجد إل ّ في ال ّ‬
‫البقر العوامل فصفة النّماء مفقودة فيها ‪ ،‬ومثلها‬
‫ن علفها يستغرق‬ ‫المعلوفة فل نماء فيها أيضا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫نماءها ‪ ،‬إل ّ أن يعدّها للتّجارة ‪ ،‬فيزكّيها زكاة عروض‬
‫التّجارة ‪.‬‬
‫الّزكاة في بقر الوحش ‪:‬‬
‫‪ - 5‬ذهب أكثر العلماء إلى عدم وجوب الّزكاة في‬
‫بقر الوحش ‪ ،‬وعند الحنابلة روايتان ‪ ،‬فالمذهب‬
‫ن مطلق الخبر الّذي‬ ‫عندهم وجوب الّزكاة فيها ‪ ،‬ل ّ‬
‫أوجب الّزكاة في البقر ‪ -‬والّذي سبق ذكره ‪ -‬يتناولها‬
‫‪ .‬والّرواية الثّانية عندهم عدم وجوب الّزكاة فيها ‪.‬‬
‫ح ‪ ،‬وهو قول أكثر أهل‬ ‫قال ابن قدامة ‪ :‬وهي أص ّ‬
‫ن‬
‫العلم في عدم وجوب الّزكاة في بقر الوحش ‪ ،‬ل ّ‬
‫اسم البقر عند الطلق ل ينصرف إليها ول يفهم منه‬
‫مى بقرا ً بدون الضافة ‪ ،‬فيقال ‪ :‬بقر‬ ‫إذ كانت ل تس ّ‬
‫ب منها‬ ‫ن العادة تنفي وجود نصا ٍ‬ ‫الوحش ‪ ،‬ول ّ‬
‫سوم حول ً كامل ً ‪ ،‬ولنّها حيوان ل‬ ‫موصوفا ً بصفة ال ّ‬
‫يجزئ نوعه في الضحيّة والهدي ‪ ،‬فل تجب فيها‬
‫الّزكاة كالظّباء ‪ ،‬ولنّها ليست من بهيمة النعام ‪ ،‬فل‬
‫سّر في ذلك‬ ‫تجب فيها الّزكاة كسائر الوحوش ‪ ،‬وال ّ‬
‫ن الّزكاة إنّما وجبت في بهيمة النعام دون غيرها‬ ‫أ ّ‬
‫لكثرة النّماء فيها ‪ ،‬من دّرها ونسلها وكثرة النتفاع‬
‫ص بها ‪،‬‬ ‫بها لكثرتها وخّفة مئونتها ‪ ،‬وهذا المعنى يخت ّ‬
‫صت الّزكاة بها دون غيرها ‪.‬‬ ‫فاخت ّ‬
‫ي‪:‬‬
‫ي والهل ّ‬ ‫زكاة المتولّد بين الوحش ّ‬
‫‪ - 6‬ذهب الحنابلة إلى وجوب الّزكاة في المتولّد بين‬
‫ي هو الفحل‬ ‫ي ‪ ،‬سواء أكان الوحش ّ‬ ‫ي والهل ّ‬ ‫الوحش ّ‬
‫ن المتولّد بين الوحش ّ‬
‫ي‬ ‫جوا لذلك بأ ّ‬‫م ‪ ،‬واحت ّ‬‫أم ال ّ‬
‫ي متولّد بين الّذي تجب فيه الّزكاة وبين ما ل‬ ‫والهل ّ‬

‫‪253‬‬
‫جح جانب الوجوب ‪ ،‬قياسا ً على‬ ‫تجب فيه ‪ ،‬فير ّ‬
‫سائمة والمعلوفة ‪ ،‬فتجب فيه الّزكاة ‪،‬‬ ‫المتولّد بين ال ّ‬
‫ي ‪ .‬وعلى هذا‬ ‫ي والهل ّ‬ ‫فكذلك المتولّد بين الوحش ّ‬
‫ي في وجوب‬ ‫م إلى جنسها من الهل ّ‬ ‫القول تض ّ‬
‫مل بها نصابها ‪ ،‬وتكون كأحد أنواعه ‪.‬‬ ‫الّزكاة ‪ ،‬ويك ّ‬
‫ة‬
‫مهات أهلي ّ ً‬ ‫وقال أبو حنيفة ومالك ‪ :‬إن كانت ال ّ‬
‫ل لهذا القول‬ ‫وجبت الّزكاة فيها ‪ ،‬وإل ّ فل ‪ .‬واستد ّ‬
‫م‬
‫ن ال ّ‬ ‫م في الحيوان هو المعتبر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ن جانب ال ّ‬ ‫بأ ّ‬
‫في الحيوان هي الّتي تقوم وحدها برعاية ابنها ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬ل زكاة فيه مطلقا ً ‪ ،‬سواء أكانت‬ ‫شافع ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫م‪.‬‬
‫الوحشيّة من قبل الفحل أم من قبل ال ّ‬
‫ما النّصاب فقد اختلف‬ ‫اشتراط تمام النّصاب ‪ :‬أ ّ‬
‫ل ‪ ،‬من أشهرها اتّجاهان ‪:‬‬ ‫الفقهاء فيه على أقوا ٍ‬
‫ب‬ ‫ي بن أبي طال ٍ‬ ‫‪ - 8‬التّجاه الوّل ‪ :‬وهو قول عل ّ‬
‫الخدري رضي الله عنهم‬ ‫ّ‬ ‫ل وأبي سعيد ٍ‬ ‫ومعاذ بن جب ٍ‬
‫ب وطاووس وعمر‬ ‫ي وشهر بن حوش ٍ‬ ‫شعب ّ‬ ‫وقال به ال ّ‬
‫بن عبد العزيز والحسن البصريّ ‪ ،‬ونقله الّزهريّ عن‬
‫شام ‪ ،‬وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد بن‬ ‫أهل ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ليس فيما دون الثّلثين‬ ‫شافع ّ‬ ‫ل وال ّ‬ ‫حنب ٍ‬
‫من البقر شيء ‪ ،‬فإذا بلغتها ففيها تبيع أو تبيعة ‪،‬‬
‫( والتّبيع هو الّذي له سنتان ‪ ،‬أو الّذي له سنة وطعن‬
‫م‬
‫أشهر ‪ ،‬والتّبيعة مثله ) ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ٍ‬ ‫في الثّانية ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ستّة‬
‫ل شيء فيها حتّى تبلغ أربعين ‪ ،‬فإذا بلغتها ففيها‬
‫م ل شيء فيها حتّى تبلغ ستّين ‪ ،‬فإذا‬ ‫بقرة مسنّة ‪ .‬ث ّ‬
‫م ل شيء فيها حتّى‬ ‫بلغتها ففيها تبيعان أو تبيعتان ‪ .‬ث ّ‬
‫ل ثلثين من‬ ‫تبلغ عشرا ً زائدة ً ‪ ،‬فإذا بلغتها ففي ك ّ‬
‫ن أو‬ ‫ل أربعين مس ّ‬ ‫ذلك العدد تبيع أو تبيعة وفي ك ّ‬
‫مسنّة ‪ ،‬ففي سبعين تبيع ومسنّة ‪ ،‬وفي ثمانين‬
‫مسنّتان ‪ ،‬وفي تسعين ثلثة أتبعةٍ ‪ ،‬وفي مائةٍ مسنّة‬

‫‪254‬‬
‫وتبيعان ‪ ،‬وفي مائةٍ وعشرٍ مسنّتان وتبيع ‪ ،‬وفي‬
‫ت أو أربعة أتبعةٍ ‪ ،‬فالمالك‬ ‫مائةٍ وعشرين ثلث مسنّا ٍ‬
‫مخيّر بين إخراج التبعة أو المسنّات ‪ ،‬وإن كان‬
‫م‬
‫الولى النّظر إلى حاجة الفقراء والصلح لهم ‪ .‬ث ّ‬
‫ج أصحاب‬ ‫يتغيّر الواجب كلّما زاد العدد عشرا ً ‪ .‬واحت ّ‬
‫ن‬
‫هذا القول بما روي عن معاذ ٍ رضي الله عنه { أ ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى‬
‫ل حالم ٍ دينارا ً ‪ ،‬ومن البقر‬ ‫اليمن أمره أن يأخذ من ك ّ‬
‫ل أربعين‬ ‫ة ‪ ،‬ومن ك ّ‬ ‫ل ثلثين تبيعا ً أو تبيع ً‬
‫من ك ّ‬
‫ة } ‪ .‬وروى ابن أبي ليلى والحكم بن عتيبة عن‬ ‫مسن ّ ً‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عن‬ ‫{ معاذ ٍ أنّه سأل النّب ّ‬
‫الوقاص ‪ :‬ما بين الثّلثين إلى الربعين ‪ ،‬وما بين‬
‫الربعين إلى الخمسين ؟ قال ‪ :‬ليس فيها شيء } ‪.‬‬
‫جوا أيضا ً بما جاء في كتاب رسول اللّه صلى‬ ‫واحت ّ‬
‫الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم ٍ ‪ { :‬فرائض‬
‫البقر ليس فيما دون الثّلثين من البقر صدقة ‪ ،‬فإذا‬
‫بلغت ثلثين ففيها عجل رائع جذع ‪ ،‬إلى أن تبلغ‬
‫أربعين ‪ ،‬فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنّة ‪ .‬إلى‬
‫ن فيها بقرةً وعجل ً جذعا ً ‪ ،‬فإذا‬ ‫أن تبلغ سبعين ‪ ،‬فإ ّ‬
‫م على هذا‬ ‫بلغت ثمانين ففيها مسنّتان ‪ ،‬ث ّ‬
‫الحساب } ‪ .‬هذا ‪ ،‬ولتفصيل أحكام ما بين‬
‫مى بالوقص ‪-‬‬ ‫الفريضتين في الّزكاة ‪ -‬وهو المس ّ‬
‫ينظر مصطلح ‪ ( :‬أوقاص ) ‪.‬‬
‫زهري‬
‫ّ‬ ‫‪ -9‬التّجاه الثّاني ‪ :‬قول سعيد بن المسيّب وال ّ‬
‫ن نصاب البقر هو نصاب البل‬ ‫وأبي قلبة وغيرهم ‪ :‬أ ّ‬
‫‪ ،‬وأنّه يؤخذ في زكاة البقر ما يؤخذ من البل ‪ ،‬دون‬
‫اعتبارٍ للسنان الّتي اشترطت في البل ‪ ،‬من بنت‬
‫قةٍ وجذعةٍ ‪ ،‬وروي هذا عن‬ ‫ن وح ّ‬ ‫ض وبنت لبو ٍ‬ ‫مخا ٍ‬
‫كتاب عمر بن الخطّاب في الّزكاة ‪ ،‬وعن جابر بن‬

‫‪255‬‬
‫صدقات‬ ‫عبد اللّه رضي الله عنهم ‪ ،‬وشيوٍخ أدّوا ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وروى أبو‬ ‫على عهد النّب ّ‬
‫ن في كتاب عمر بن الخطّاب ( في الّزكاة )‬ ‫عبيد ٍ ‪ :‬أ ّ‬
‫ن البقر يؤخذ منها مثل ما يؤخذ من البل ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫أ ّ‬
‫وقد سئل عنها غيرهم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬فيها ما في البل ‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن حزم ٍ بسنده عن الّزهريّ وقتادة كلهما‬
‫النصاري رضي الله عنهما‬‫ّ‬ ‫عن جابر بن عبد اللّه‬
‫عشر‬
‫ٍ‬ ‫س من البقر شاة ‪ ،‬وفي‬ ‫ل خم ٍ‬ ‫قال ‪ :‬في ك ّ‬
‫شاتان ‪ ،‬وفي خمس عشرة ثلث شياهٍ ‪ ،‬وفي‬
‫زهري ‪ :‬فرائض البقر‬ ‫ّ‬ ‫عشرين أربع شياهٍ ‪ .‬قال ال ّ‬
‫ن فيها ‪ :‬فإذا كانت البقر‬ ‫مثل فرائض البل غير أسنا ٍ‬
‫س وسبعين ‪،‬‬ ‫ً‬
‫خمسا وعشرين ففيها بقرة إلى خم ٍ‬
‫س وسبعين ففيها بقرتان إلى‬ ‫فإذا زادت على خم ٍ‬
‫مائةٍ وعشرين ‪ ،‬فإذا زادت على مائةٍ وعشرين ففي‬
‫ن قولهم ‪:‬‬ ‫ل أربعين بقرة ‪ .‬قال الّزهريّ ‪ :‬وبلغنا أ ّ‬ ‫ك ّ‬
‫ن ذلك‬ ‫ل أربعين بقرة ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ل ثلثين تبيع ‪ ،‬وفي ك ّ‬ ‫في ك ّ‬
‫م كان بعد ذلك ل يروى ‪.‬‬ ‫كان تخفيفا ً لهل اليمن ‪ ،‬ث ّ‬
‫وروي أيضا ً عن عكرمة بن خالدٍ قال ‪ :‬استعملت ‪-‬‬
‫ك ) فلقيت أشياخاً‬ ‫أي ولّيت ‪ -‬على صدقات ( ع ّ‬
‫صدقة ) على عهد‬ ‫من صدّق ( أخذت منهم ال ّ‬ ‫م ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فاختلفوا عل ّ‬
‫فمنهم من قال اجعلها مثل صدقة البل ‪ ،‬ومنهم من‬
‫قال ‪ :‬في ثلثين تبيع ‪ ،‬ومنهم من قال ‪ :‬في أربعين‬
‫بقرة مسنّة ‪ .‬وذكر ابن حزم ٍ أيضا ً بسنده عن ابن‬
‫المسيّب وأبي قلبة وآخرين مثل ما نقل عن‬
‫الّزهريّ ‪ ،‬ونقل عن عمر بن عبد الّرحمن بن خلدة‬
‫ن صدقة البقر صدقة البل ‪ ،‬غير أنّه ل‬ ‫النصاريّ ‪ :‬أ ّ‬
‫أسنان فيها ‪.‬‬
‫ما يجزئ في الضحيّة ‪:‬‬

‫‪256‬‬
‫‪ - 10‬ل يجزئ في الضحيّة سوى النّعم ‪ ،‬وهي البل‬
‫بأي‬
‫ّ‬ ‫والبقر والغنم ‪ ،‬خلفا ً لمن قال ‪ :‬يجوز التّضحية‬
‫شي ٍء من مأكول اللّحم من النّعم أو من غيرها ‪.‬‬
‫ن‬
‫وتفصيله في ( الضحيّة ) ‪ .‬واتّفق العلماء على أ ّ‬
‫حى بالبقرة الواحدة عن نفسه فقط‬ ‫شخص إذا ض ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ة أم‬ ‫ن الضحيّة تقع له ‪ ،‬وسواء أكانت واجب ً‬ ‫فإ ّ‬
‫متطوّعا ً بها ‪.‬‬
‫ما الشتراك في التّضحية بالبقرة الواحدة‬ ‫‪ - 11‬وأ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪،‬‬ ‫ففيه خلف ‪ :‬فذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫ن البقرة الواحدة تجزئ عن‬ ‫وأكثر أهل العلم ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫ص ‪ ،‬فيجوز لهم الشتراك في البقرة‬ ‫سبعة أشخا ٍ‬
‫ت واحدٍ ‪ ،‬أم أهل‬ ‫الواحدة ‪ ،‬وسواء أكانوا أهل بي ٍ‬
‫ة أم‬ ‫ة واجب ً‬ ‫بيتين ‪ ،‬أم متفّرقين ‪ ،‬وسواء أكانت أضحي ّ ً‬
‫متطوّعا ً بها ‪ ،‬وسواء أراد بعضهم القربة أم أراد‬
‫ل واحد ٍ منهم ما قصد ‪ .‬إل ّ أنّه عند‬ ‫اللّحم ‪ ،‬فيقع لك ّ‬
‫الحنفيّة ل بد ّ أن يريد كلّهم القربة ‪ ،‬فلو أراد أحدهم‬
‫ل عندهم ‪ .‬وقال مالك ‪:‬‬ ‫اللّحم لم تجزئ عن الك ّ‬
‫يجزئ الّرأس الواحد من البل أو البقر أو الغنم عن‬
‫واحد ٍ ‪ ،‬وعن أهل البيت وإن كثر عددهم وكانوا أكثر‬
‫من سبعةٍ ‪ ،‬إذا أشركهم فيها تطوّعا ً ‪ ،‬ول تجزئ إذا‬
‫شركة ‪ ،‬ول على أجنبيّين فصاعدا ً ‪.‬‬ ‫اشتروها بينهم بال ّ‬
‫ج أصحاب القول الوّل بما رواه جابر قال ‪:‬‬ ‫واحت ّ‬
‫{ نحرنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم البدنة‬
‫عن سبعةٍ ‪ ،‬والبقرة عن سبعةٍ } وعنه قال ‪:‬‬
‫{ خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫مهلّين ‪ ،‬فأمرنا أن نشترك في البل والبقر ‪ ،‬ك ّ‬
‫ل‬
‫ما مالك فقد أخذ بما روي‬ ‫سبعةٍ منّا في بدنةٍ } ‪ .‬وأ ّ‬
‫عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّه كان يقول ‪ :‬البدنة‬
‫شاة عن واحدٍ ل‬ ‫عن واحد ٍ والبقرة عن واحد ٍ ‪ ،‬وال ّ‬

‫‪257‬‬
‫أعلم شركا ً ‪ .‬وقد روي هذا أيضا ً عن غير ابن عمر‬
‫ن النّفس الواحدة ل‬ ‫مد بن سيرين فإنّه يرى أ ّ‬ ‫كمح ّ‬
‫س واحدةٍ فقط ‪.‬‬ ‫تجزئ إل ّ عن نف ٍ‬
‫البقر في الهدي ‪:‬‬
‫‪ - 12‬حكم البقرة في الهدي كحكمها في الضحيّة ‪،‬‬
‫باستثناء ما يتّصل بالتّضحية عن الّرجل وأهل بيته ‪،‬‬
‫ما إشعار البقر‬ ‫ج ‪ ،‬والهدي ) ‪ .‬أ ّ‬ ‫وتفصيله في ( الح ّ‬
‫في الهدي فقد اتّفق العلماء ( سوى أبي حنيفة )‬
‫ب ‪ ،‬وقد فعله‬ ‫ن الشعار سنّة ‪ ،‬وأنّه مستح ّ‬ ‫على أ ّ‬
‫صحابة من بعده ‪،‬‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم وال ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫ن الشعار سنّة في البل ‪ ،‬سواء‬ ‫واتّفقوا أيضا ً على أ ّ‬
‫أكان لها سنام أم لم يكن لها سنام ‪ ،‬فإن لم يكن‬
‫ما البقر‬ ‫سنام ‪ .‬وأ ّ‬‫لها سنام فإنّها تشعر في موضع ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬الشعار فيها مطلقا ً ‪ ،‬سواء‬ ‫فمذهب ال ّ‬
‫أكان لها سنام أم لم يكن لها سنام ‪ ،‬فهي عندهم‬
‫ن البقر إذا كان لها‬ ‫كالبل ‪ .‬وقد ذهب مالك إلى أ ّ‬
‫ما إذا لم يكن لها سنام فإنّها ل‬ ‫سنام فإنّها تشعر ‪ ،‬أ ّ‬
‫تشعر‬
‫( حكم التّقليد ) ‪:‬‬
‫‪ - 13‬التّقليد ‪ :‬جعل القلدة في العنق ‪ ،‬وتقليد الهدي‬
‫‪ :‬أن يعلّق في عنقه قطعة من جلدٍ ‪ ،‬ليعرف أنّه‬
‫ن التّقليد‬‫هدي فل يتعّرض له ‪ .‬واتّفق العلماء على أ ّ‬
‫ما الغنم فقد ذهب‬ ‫ب في البل والبقر ‪ .‬وأ ّ‬ ‫مستح ّ‬
‫شافعيّة إلى استحباب التّقليد فيها كالبل والبقر ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وذهب أبو حنيفة ومالك إلى عدم استحباب التّقليد‬
‫ما‬
‫فيها ‪ .‬وتقليد البل والبقر يكون بالنّعال ونحوها م ّ‬
‫يشعر أنّها هدي ‪.‬‬
‫ذكاة البقر ‪:‬‬

‫‪258‬‬
‫‪ - 14‬ذكاة البقر كذكاة الغنم ‪ ،‬فإذا أريد تذكية البقرة‬
‫فإنّها تضجع على جنبها اليسر ‪ ،‬وتشد ّ قوائمها‬
‫الثّلث ‪ :‬اليد اليمنى واليسرى والّرجل اليسرى ‪،‬‬
‫وتترك الّرجل اليمنى بل شدٍّ لتحّركها عند الذ ّبح ‪،‬‬
‫ويمسك الذ ّابح رأسها بيده اليسرى ‪ ،‬ويمسك‬
‫م يبدأ الذ ّبح بعد أن يقول ‪:‬‬ ‫سكّين بيده اليمنى ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫باسم اللّه واللّه أكبر وبعد أن يتّجه هو وذبيحته نحو‬
‫ما البل فإنّها تنحر بطعنها في اللّبّة ‪ ،‬أي‬ ‫القبلة ‪ .‬وأ ّ‬
‫أسفل العنق ‪ ،‬وهي قائمة معقولة الّركبة اليسرى ‪.‬‬
‫استعمال البقر للّركوب ‪:‬‬
‫ن ما يركب من النعام‬ ‫‪ - 15‬اتّفق العلماء على أ ّ‬
‫ما البقر فإنّه لم يخلق‬ ‫ويحمل عليه هو البل ‪ .‬وأ ّ‬
‫للّركوب ‪ ،‬وإنّما خلق لينتفع به في حرث الرض ‪،‬‬
‫ما الغنم‬ ‫وغير ذلك من المنافع سوى الّركوب ‪ .‬وأ ّ‬
‫ن لكم‬ ‫فهي للدّّر والنّسل واللّحم لقوله تعالى ‪ { :‬وإ ّ‬
‫ما في بطونها ولكم فيها‬ ‫في النعام لعبرة ً نسقيكم م ّ‬
‫منافع كثيرة ومنها تأكلون ‪ ،‬وعليها وعلى الفلك‬
‫تحملون } ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ { :‬اللّه الّذي جعل لكم‬
‫النعام لتركبوا منها ومنها تأكلون } ‪ ،‬وقوله تعالى ‪:‬‬
‫ما‬
‫{ وجعل لكم من الفلك والنعام ما تركبون } ‪ .‬وأ ّ‬
‫ن النعام تركب فهي محمولة عند‬ ‫اليات الّتي تذكر أ ّ‬
‫العلماء على بعض النعام ‪ ،‬وهي البل ‪ ،‬وهو من‬
‫ن‬
‫ل على أ ّ‬ ‫ما يد ّ‬ ‫ص ‪ .‬وم ّ‬ ‫م الّذي أريد به الخا ّ‬ ‫العا ّ‬
‫ق ما رواه مسلم في‬ ‫استعمال البقر للّركوب غير لئ ٍ‬
‫صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬قال‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ { :‬بينما رجل‬
‫يسوق بقرة ً له قد حمل عليها ‪ ،‬التفتت إليه البقرة‬
‫فقالت ‪ :‬إنّي لم أخلق لهذا ‪ ،‬ولكنّي إنّما خلقت‬
‫جبا ً وفزعا ً ‪-‬‬ ‫للحرث ‪ ،‬فقال النّاس ‪ :‬سبحان اللّه ‪ -‬تع ّ‬

‫‪259‬‬
‫أبقرة تكلّم ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬فإنّي أومن به وأبو بكرٍ وعمر } ‪.‬‬
‫بول وروث البقر ‪:‬‬
‫‪ - 16‬اتّفق الفقهاء على نجاسة بول وروث ما ل‬
‫ما بول‬ ‫يؤكل لحمه ‪ ،‬سواء أكان إنسانا ً أم غيره ‪ .‬وأ ّ‬
‫وروث ما يؤكل لحمه كالبل والبقر والغنم ففيه‬
‫ي إلى‬ ‫شافع ّ‬ ‫الخلف فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف وال ّ‬
‫نجاسة البوال والرواث كلّها ‪ ،‬من مأكول اللّحم‬
‫سلف ‪،‬‬ ‫وغيره ‪ .‬وذهب مالك وأحمد وطائفة من ال ّ‬
‫شافعيّة ابن خزيمة وابن المنذر وابن‬ ‫ووافقهم من ال ّ‬
‫مد‬‫ي ‪ ،‬ومن الحنفيّة مح ّ‬ ‫والصطخري والّرويان ّ‬
‫ّ‬ ‫حبّان‬
‫بن الحسن إلى طهارة بول ما يؤكل لحمه ‪ .‬وانظر‬
‫للتّفصيل والستدلل مصطلح ( نجاسة ) ‪.‬‬
‫حكم البقر في الدّية ‪:‬‬
‫‪ - 17‬اختلف العلماء في اعتبار البقر أصل ً في الدّية‬
‫ي في‬ ‫شافع ّ‬ ‫على قولين ‪ :‬فذهب أبو حنيفة ومالك وال ّ‬
‫ل ‪ :‬البل ‪ ،‬والذ ّهب ‪،‬‬ ‫ن الدّية ثلثة أصو ٍ‬ ‫القديم إلى أ ّ‬
‫ضة ‪ ،‬وليس أصل ً ‪ .‬وذهب صاحبا أبي حنيفة‬ ‫والف ّ‬
‫مد بن الحسن ) والثّوريّ وأحمد بن‬ ‫( أبو يوسف ومح ّ‬
‫ل ‪ :‬البل ‪ ،‬والذ ّهب ‪،‬‬ ‫ن الدّية خمسة أصو ٍ‬ ‫ل إلى أ ّ‬ ‫حنب ٍ‬
‫صاحبان ‪ :‬الحلل ‪،‬‬ ‫ضة ‪ ،‬والبقر ‪ ،‬والغنم ‪ .‬وزاد ال ّ‬ ‫والف ّ‬
‫س وفقهاء المدينة‬ ‫وهو قول عمر وعطاءٍ وطاوو ٍ‬
‫سبعة ‪ ،‬فعلى هذا القول تعتبر البقر أصل ً من‬ ‫ال ّ‬
‫صاحبين ‪-‬‬ ‫أصول الدّية ‪ ،‬ويجوز لصحابها ‪ -‬كما عند ال ّ‬
‫ي‬
‫شافع ّ‬ ‫دفعها ابتداءً ‪ ،‬ول يكلّفون غيرها ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫ن الدّية ليس لها إل ّ أصل واحد ‪،‬‬ ‫في الجديد إلى أ ّ‬
‫وهو البل ‪ ،‬فإذا فقدت فالواجب قيمتها من نقد‬
‫ة ما بلغت ‪ .‬فليست البقر أصل ً على هذا‬ ‫البلد بالغ ً‬
‫القول كذلك ‪ .‬وانظر للتّفصيل مصطلح ( دية ) ‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫===============‬
‫بُّر *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬على القمح ‪ ،‬والواحدة‬ ‫م يطلق لغ ً‬ ‫ض ّ‬‫‪ - 1‬البّر بال ّ‬
‫منه ( بّرة ) ‪ ،‬وهو في الصلح بهذا المعنى ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬
‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 2‬البّر ‪ -‬من حيث كونه حبّا ً خارجا ً من الرض ‪-‬‬
‫ق عند الجمهور‬ ‫وجبت فيه الّزكاة إذا بلغ خمسة أوس ٍ‬
‫مد ‪ .‬وأوجبها أبو حنيفة في‬ ‫‪ ،‬ومنهم أبو يوسف ومح ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ً‬
‫الخارج مطلقا ‪ ،‬ولو لم يبلغ خمسة أوس ٍ‬
‫ونسبة الواجب إذا سقيت الرض سيحا ً أو بماء‬
‫سماء ‪ :‬العشر ‪ ،‬وإذا سقيت بآلةٍ ‪ :‬نصف العشر ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ة ففيها‬ ‫ق ‪ .‬وإذا كانت الرض خراجي ّ ً‬ ‫وهذا باتّفا ٍ‬
‫الخراج دون العشر عند الحنفيّة ‪ .‬والبّر من الجناس‬
‫المجزئة في صدقة الفطر الواجبة ‪ ،‬والقدر المجزئ‬
‫منه صاع عند الجمهور ‪ ،‬ونصفه عند الحنفيّة ‪.‬‬
‫وتفصيله في صدقة الفطر ‪.‬‬
‫قوم كالعروض ‪،‬‬ ‫وإذا قصد في البّر التّجارة ّ‬
‫وأخرجت عنه الّزكاة كما تخرج عنها ‪ .‬وتفصيله في‬
‫الّزكاة ‪.‬‬
‫ويعد ّ البّر من الماليّات المتقوّمة الّتي يجوز بيعها‬
‫سلم فيها ‪ ،‬ويدخله الّربا إذا بيع بمثله ‪.‬‬ ‫وهبتها وال ّ‬
‫فيشترط له ‪ :‬المماثلة والحلول والتّقابض ‪ .‬لقول‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ضة ‪ ،‬والبّر بالبّر ‪...‬‬ ‫ضة بالف ّ‬
‫« الذ ّهب بالذ ّهب ‪ ،‬والف ّ‬
‫»‪.‬‬
‫ة في الجملة ‪ ،‬وهي ‪ :‬بيع‬ ‫كما ل يجوز بيعه محاقل ً‬
‫الحنطة في سنبلها بمثلها من الحنطة ولو خرصا ً ‪،‬‬
‫صلح والّزرع‬ ‫ول مخاضرةً ‪ ،‬وهي ‪ :‬البيع قبل بدوّ ال ّ‬

‫‪261‬‬
‫أخضر ‪ ،‬خلفا ً لبعض الحنفيّة ‪ .‬والتّفصيل في‬
‫ي عنه ) ‪.‬‬ ‫( البيع ‪ ،‬والّربا ‪ ،‬والبيع المنه ّ‬
‫=============‬
‫تبّرج *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬مصدر تبّرج ‪ ،‬يقال تبّرجت المرأة ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬التّبّرج لغ ً‬
‫إذا أبرزت محاسنها للّرجال ‪.‬‬
‫وفي الحديث « كان يكره عشر خلل ‪ ،‬منها ‪ :‬التّبّرج‬
‫بالّزينة لغير محلّها » والتّبّرج ‪ :‬إظهار الّزينة للّرجال‬
‫ما للّزوج فل ‪ ،‬وهو معنى‬ ‫الجانب وهو المذموم ‪ .‬أ ّ‬
‫قوله لغير محلّها ‪.‬‬
‫ي ل يخرج عن هذا ‪ .‬قال‬ ‫شرع ّ‬ ‫وهو في معناه ال ّ‬
‫متبّرِجات‬ ‫ي في تفسير قوله تعالى ‪ { :‬غيَر ُ‬ ‫القرطب ّ‬
‫بِزِينَةٍ } أي غير مظهرات ول متعّرضات بالّزينة‬
‫ن ذلك من أقبح الشياء وأبعدها عن‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫لينظر إليه ّ‬
‫شف والظّهور للعيون ‪.‬‬ ‫الحقّ ‪ .‬وأصل التّبّرج ‪ :‬التّك ّ‬
‫ن تَبَُّر َ‬
‫ج‬ ‫ج َ‬‫وقال في تفسير قوله تعالى { ول تَبََّر ْ‬
‫الجاهليّةِ الُولى } حقيقة التّبّرج ‪ :‬إظهار ما ستره‬
‫أحسن ‪.‬‬
‫قيل ما بين نوح وإبراهيم عليهما السلم ‪ :‬كانت‬
‫المرأة تلبس الدّرع من اللّؤلؤ غير مخيط الجانبين ‪،‬‬
‫وتلبس الثّياب الّرقاق ول تواري بدنها ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫التّزيّن ‪:‬‬
‫‪ - 2‬التّزيّن ‪ :‬اتّخاذ الّزينة ‪ ،‬وهي ما يستعمل استجلباً‬
‫ي وغيره ‪ ،‬ومنه قوله تعالى‬ ‫لحسن المنظر من الحل ّ‬
‫ت } أي‬ ‫ض ُزخرفَها واَّزيَّن َ ْ‬ ‫ت الر ُ‬ ‫{ حتّى إذا أخذ ِ‬
‫ما التّبّرج ‪ :‬فهو إظهار‬ ‫حسنت وبهجت بالنّبات ‪ .‬فأ ّ‬
‫ل له النّظر إليها ‪.‬‬ ‫تلك الّزينة لمن ل يح ّ‬

‫‪262‬‬
‫ما يعتبر إظهاره تبّرجا ً ‪:‬‬
‫‪ - 3‬التّبّرج ‪ :‬إظهار الّزينة والمحاسن ‪ ،‬سواء أكانت‬
‫فيما يعتبر عورة ً من البدن ‪ :‬كعنق المرأة وصدرها‬
‫وشعرها ‪ ،‬وما على ذلك من الّزينة ‪ .‬أو كان فيما ل‬
‫فين ‪ ،‬إل ّ ما ورد الذن به‬ ‫يعتبر عورة ً ‪ :‬كالوجه والك ّ‬
‫سوار ‪ ،‬على ما روي‬ ‫شرعا ً كالكحل ‪ ،‬والخاتم ‪ ،‬وال ّ‬
‫عن ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى ‪ { :‬ول يُبْدين‬
‫ن إل ّ ما ظهَر منها } قال ‪ :‬ما ظهر منها ‪:‬‬ ‫زينَتَه ّ‬
‫سوار ‪ .‬ولنّها تحتاج إلى كشف‬ ‫الكحل ‪ ،‬والخاتم وال ّ‬
‫ن في‬ ‫ذلك في المعاملت فكان فيه ضرورة ‪ ،‬على أ ّ‬
‫فين من العورة خلفا ً ينظر في‬ ‫اعتبار الوجه والك ّ‬
‫مصطلح ( عورة ) ‪.‬‬
‫ي للتّبّرج ‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫تبّرج المرأة ‪:‬‬
‫‪ - 4‬تبّرج المرأة على أشكاله المختلفة ‪ ،‬سواء ما‬
‫ل‬‫كان منه بإظهار الّزينة والمحاسن لغير من ل يح ّ‬
‫له نظر ذلك ‪ ،‬أو ما كان بالتّبختر والختيال ‪ ،‬والتّثنّي‬
‫في المشي ‪ ،‬ولبس الّرقيق من الثّياب الّذي يصف‬
‫ما‬
‫بشرتها ‪ ،‬ويبيّن مقاطع جسمها ‪ ،‬إلى غير ذلك ‪ -‬م ّ‬
‫شهوة ‪ -‬حرام‬ ‫يبدو منها مثيرا ً للغرائز ومحّركا ً لل ّ‬
‫إجماعا ً لغير الّزوج ‪ ،‬لقول اللّه تبارك وتعالى‬
‫ج الجاهليّة الُولى‬ ‫ن تبّر َ‬ ‫ن ول تَبََّر ْ‬
‫ج َ‬ ‫ن في بيوتِك َّ‬ ‫{ وقَْر َ‬
‫خِفين من‬ ‫م ما ي ُ ْ‬
‫ن لِيُعْل َ‬
‫جلِه ّ‬ ‫ن بأر ُ‬ ‫ضرِب ْ َ‬ ‫} وقوله { ول ي َ ْ‬
‫ن‬ ‫ن النّساء في الجاهليّة الولى ك ّ‬ ‫ن } وذلك أ ّ‬ ‫زينته ّ‬
‫ة من الدّّلل‬ ‫ن ويمشين مشي ً‬ ‫يخرجن في أجود زينته ّ‬
‫ن ‪ .‬حتّى‬ ‫ة لمن ينظر إليه ّ‬ ‫والتّبختر ‪ ،‬فيكون ذلك فتن ً‬
‫من ل‬ ‫نم ّ‬ ‫ن العجائز ونحوه ّ‬ ‫القواعد من النّساء ‪ ،‬وه ّ‬
‫ن قوله تعالى‬ ‫ن ‪ ،‬نزل فيه ّ‬ ‫رغبة للّرجال فيه ّ‬
‫{ والقواعد ُ من النّساء الّلتي ل يَْرجون نكاحا ً فليس‬

‫‪263‬‬
‫ن غيَر متبَّرِجات بزينةٍ }‬ ‫ن ثيابَه ّ‬
‫ضعْ َ‬ ‫ح أن ي َ َ‬‫جنا ٌ‬ ‫ن ُ‬ ‫عليه َّ‬
‫ن وضع الخمار ‪ ،‬وكشف الّرأس ونحوه ‪،‬‬ ‫فأباح له ّ‬
‫ن مع ذلك عن التّبّرج ‪.‬‬ ‫ونهاه ّ‬
‫تبّرج الّرجل ‪:‬‬
‫ما‬
‫ما بإظهار عورته أو تزيّنه ‪ ،‬والتّزيّن إ ّ‬ ‫تبّرج الّرجل إ ّ‬
‫شريعة ‪ ،‬أو مخالفا ً لها ‪.‬‬ ‫أن يكون موافقا ً لل ّ‬
‫أ ‪ -‬التّبّرج بإظهار العورة ‪:‬‬
‫‪ - 5‬يحرم على الّرجل كشف عورته أمام الّرجال‬
‫والنّساء غير زوجته ‪ ،‬أو لحاجة التّداوي والختان ‪،‬‬
‫على خلف بين الفقهاء في تحديد العورة ‪ .‬ينظر‬
‫إليه في مصطلح ( عورة ) ‪ .‬ويجوز للمرأة أن تنظر‬
‫من الّرجل إلى ما ينظر الّرجل إليه من الّرجل إذا‬
‫شهوة ‪ ،‬لستواء الّرجل والمرأة في النّظر‬ ‫أمنت ال ّ‬
‫إلى ما ليس بعورة ‪ ،‬وذهب بعض الفقهاء إلى‬
‫التّحريم ‪ .‬كما يكره نظر الّرجل إلى فرجه عبثا ً من‬
‫غير حاجة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّبّرج بإظهار الّزينة ‪:‬‬
‫‪ - 6‬إظهار الّزينة من الّرجل قد يكون موافقاً‬
‫شريعة ‪ ،‬وقد يكون مخالفا ً لها ‪.‬‬ ‫لل ّ‬
‫شريعة ‪ ،‬كالخذ من أطراف‬ ‫فالتّزيّن المخالف لل ّ‬
‫الحاجب تشبّها ً بالنّساء ‪ ،‬وكوضع المساحيق على‬
‫الوجه تشبّها ً بالنّساء ‪ ،‬وكالتّزيّن بلبس الحرير‬
‫والذ ّهب والتّختّم به وما إلى ذلك ‪ ،‬وهناك صور من‬
‫التّزيّن اختلف في حكمها ‪ .‬تنظر في ( اختضاب )‬
‫ما التّزيّن الّذي أباحته‬ ‫وفي ( لحية وتزيّن ) ‪ .‬وأ ّ‬
‫ضت عليه ‪ :‬كتزيّن الّزوج‬ ‫شريعة ‪ ،‬ومنه تزيّن ح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شعر أو حلقه ‪ ،‬لكن‬ ‫لزوجته كتزيّنها له ‪ ،‬وتسريح ال ّ‬
‫شيب إلى الحمرة‬ ‫ن تغيير ال ّ‬ ‫يكره القزع ‪ ،‬ويس ّ‬
‫ن‬‫ضة ‪ « ،‬ل ّ‬ ‫صفرة ‪ .‬ويجوز التّزيّن بالتّختّم بالف ّ‬ ‫وال ّ‬

‫‪264‬‬
‫ضة »‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم اتّخذ خاتما ً من الف ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫ن الفقهاء اختلفوا في مقدار الخاتم وينظر في‬ ‫‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫مصطلح ( تختّم ) ‪.‬‬
‫تبّرج الذ ّ ّ‬
‫ميّة ‪:‬‬
‫ميّة الحّرة عورتها كعورة المسلمة الحّرة ‪،‬‬ ‫‪ - 7‬الذ ّ ّ‬
‫حيث لم يفّرق الفقهاء في إطلقهم للحّرة بين‬
‫المسلمة وغيرها ‪ ،‬كما أنّهم لم يفّرقوا بين عورة‬
‫الّرجل المسلم والكافر ‪ ،‬وهذا يقتضي تحريم النّظر‬
‫ي رجل ً كان أو أنثى ‪ ،‬وعلى ذلك‬ ‫م ّ‬‫إلى عورة الذ ّ ّ‬
‫ميّة ستر عورتها والمتناع عن التّبّرج‬ ‫يجب على الذ ّ ّ‬
‫ة على الداب‬ ‫المثير للفتنة ‪ ،‬درءا ً للفساد ومحافظ ً‬
‫مة ‪.‬‬ ‫العا ّ‬
‫من يطلب منه منع التّبّرج ؟‬
‫صغيرة عن التّبّرج إذا‬ ‫‪ - 8‬على الب أن يمنع بنته ال ّ‬
‫سها والنّظر إليها‬
‫كانت تشتهى ‪ ،‬حيث ل يباح م ّ‬
‫والحالة هذه لخوف الفتنة ‪ ،‬وكذلك عليه ذلك‬
‫بالنّسبة لبنته الّتي لم تتزوّج متى كانت في وليته ‪،‬‬
‫إذ ينبغي له أن يأمرها بجميع المأمورات ‪ ،‬وينهاها‬
‫عن جميع المنهيّات ‪ ،‬ومثل الب في ذلك وليّها عند‬
‫عدمه ‪ .‬وعلى الّزوج منع زوجته عنه ‪ ،‬لنّه معصية ‪،‬‬
‫ل معصية ل‬ ‫فله تأديبها وضربها ضربا ً غير مبّرح في ك ّ‬
‫حد ّ فيه ‪ ،‬إذا لم تستجب لنصحه ووعظه ‪ ،‬متى كان‬
‫ي المر أن‬ ‫ي ‪ .‬وعلى ول ّ‬‫شرع ّ‬ ‫شيا ً مع المنهج ال ّ‬ ‫متم ّ‬
‫ينهى عن التّبّرج المحّرم ‪ ،‬وله أن يعاقب عليه ‪،‬‬
‫وعقوبته التّعزير ‪ ،‬والمراد به التّأديب ‪ ،‬ويكون‬
‫ضرب أو بالحبس أو بالكلم العنيف ‪ ،‬أو ليس فيه‬ ‫بال ّ‬
‫تقدير ‪ ،‬بل هو مفوّض إلى رأي من يقوم به وفق‬
‫مقتضيات الحوال الّتي يطلب فيها التّعزير ‪ .‬وانظر‬
‫مصطلح ( تعزير ) ‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫=================‬
‫تبّرك *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬طلب البركة ‪ ،‬والبركة هي ‪ :‬النّماء‬ ‫‪ - 1‬التّبّرك لغ ً‬
‫والّزيادة ‪ ،‬والتّبريك ‪ :‬الدّعاء للنسان بالبركة ‪ .‬وبارك‬
‫شيء وبارك فيه وعليه ‪ :‬وضع فيه البركة ‪،‬‬ ‫اللّه ال ّ‬
‫ب أَنزلْناه مباَرك }‬ ‫وفي التّنزيل ‪ { :‬وهذا كتا ٌ‬
‫ي‪:‬‬ ‫منت به ‪ .‬قال الّراغب الصفهان ّ‬ ‫وتبّركت به تي ّ‬
‫شيء ‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬ ‫ي في ال ّ‬ ‫البركة ثبوت الخير الله ّ‬
‫حنا عليهم‬ ‫فت َ ْ‬‫قوْا ل َ َ‬ ‫ل القرى آمنوا وات َّ َ‬ ‫ن أه َ‬ ‫{ ولو أ َّ‬
‫سماء والرض } { وهذا ذِكْر مبارك‬ ‫ت من ال ّ‬ ‫بركا ٍ‬
‫أنزلناه } تنبيها ً على ما يفيض به من الخيرات‬
‫ي للتّبّرك هو ‪:‬‬ ‫اللهيّة ‪ .‬وعلى هذا فالمعنى الصطلح ّ‬
‫شيء ‪.‬‬ ‫ي في ال ّ‬ ‫طلب ثبوت الخير الله ّ‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫سل ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬التّو ّ‬
‫سل العبد إلى‬ ‫ة ‪ :‬التّقّرب ‪ .‬يقال ‪ :‬تو ّ‬ ‫سل لغ ً‬ ‫‪ - 2‬التّو ّ‬
‫ربّه بوسيلة إذا تقّرب إليه بعمل ‪.‬‬
‫ة}‪.‬‬ ‫وفي التّنزيل ‪ { :‬وابْتَغُوا إليه الوسيل َ‬
‫شفاعة ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬ال ّ‬
‫ة من مادّة شفع ‪ ،‬ويقال ‪:‬‬ ‫شفاعة ‪ :‬لغ ً‬ ‫‪ - 3‬ال ّ‬
‫شفاعة ‪ .‬وقال الّراغب‬ ‫استشفعت به ‪ :‬طلبت منه ال ّ‬
‫شفاعة النضمام إلى آخر ناصرا ً له‬ ‫ي ‪ :‬ال ّ‬ ‫الصفهان ّ‬
‫شفاعة ‪،‬‬ ‫وسائل ً عنه ‪ ،‬وشّفع وتشّفع ‪ :‬طلب ال ّ‬
‫شفيع للملك في حاجة يسألها‬ ‫شفاعة ‪ :‬كلم ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫شافع ‪ :‬الطّالب لغيره ‪ ،‬وشفع إليه في‬ ‫لغيره ‪ ،‬وال ّ‬
‫معنى ‪ :‬طلب إليه قضاء حاجة المشفوع له ‪.‬‬
‫سؤال في التّجاوز عن‬ ‫ضراعة وال ّ‬ ‫وفي الصطلح ‪ :‬ال ّ‬
‫ذنوب المشفوع له أو قضاء حاجته ‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫ج ‪ -‬الستغاثة ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬طلب الغوث ‪ ،‬وفي التّنزيل ‪:‬‬ ‫‪ - 4‬الستغاثة لغ ً‬
‫ة ‪ :‬إذا أعانة‬ ‫{ إذ ْ تستغيثون ربَّكم } وأغاثه إغاث ً‬
‫ونصره ‪ ،‬فهو مغيث ‪ ،‬وأغاثهم اللّه برحمته ‪ :‬كشف‬
‫شدّتهم ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم التّكليف ّ‬
‫التّبّرك مشروع في الجملة على التّفصيل التّالي ‪:‬‬
‫مدَلَة ‪:‬‬
‫ح ْ‬
‫‪ - 1 -‬التّبّرك بالبسملة وال َ‬
‫ل أمر‬ ‫‪ - 5‬ذهب بعض أهل العلم إلى سنّيّة ابتداء ك ّ‬
‫م به شرعا ً ‪ -‬بحيث ل يكون محّرماً‬ ‫ذي بال يهت ّ‬
‫لذاته ‪ ،‬ول مكروها ً لذاته ‪ ،‬ول من سفاسف المور‬
‫ل في موضعه‬ ‫ومحّقراتها ‪ -‬بالبسملة والحمدلة ‪ ،‬ك ّ‬
‫على سبيل التّبّرك ‪.‬‬
‫وجرى العلماء في افتتاح كلماتهم وخطبهم‬
‫مة بالبسملة عمل ً بما‬ ‫ل أعمالهم المه ّ‬ ‫ومؤلّفاتهم وك ّ‬
‫ل أمر‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬ك ّ‬ ‫روي عن النّب ّ‬
‫ذي بال ل يبدأ فيه ببسم اللّه فهو أبتر أو أقطع أو‬
‫ل أمر ذي بال ل يبدأ‬ ‫أجذم » وفي رواية أخرى ‪ « :‬ك ّ‬
‫فيه بالحمد للّه فهو أبتر أو أقطع أو أجذم » ومن‬
‫شرب ‪،‬‬ ‫هذا الباب التيان بالبسملة عند الكل ‪ ،‬وال ّ‬
‫والجماع ‪ ،‬والغتسال ‪ ،‬والوضوء ‪ ،‬والتّلوة ‪،‬‬
‫مم ‪ ،‬والّركوب والنّزول وما إلى ذلك ‪.‬‬ ‫والتّي ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫‪ - 2 -‬التّبّرك بآثار النّب ّ‬
‫ي‬
‫‪ - 6‬اتّفق العلماء على مشروعيّة التّبّرك بآثار النّب ّ‬
‫سيرة‬‫صلى الله عليه وسلم وأورد علماء ال ّ‬
‫شمائل والحديث أخبارا ً كثيرةً تمثّل تبّرك‬ ‫وال ّ‬
‫صحابة الكرام رضي الله عنهم بأنواع متعدّدة من‬ ‫ال ّ‬
‫آثاره صلى الله عليه وسلم نجملها فيما يأتي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬في وضوئه ‪:‬‬

‫‪267‬‬
‫ضأ‬‫ي صلى الله عليه وسلم إذا تو ّ‬ ‫‪ « - 7‬كان النّب ّ‬
‫كادوا يقتتلون على وضوئه » ‪ ،‬لفرط حرصهم على‬
‫سه صلى الله عليه وسلم ببدنه‬ ‫التّبّرك بما م ّ‬
‫شريف ‪ ،‬وكان من لم يصب من وضوئه يأخذ من‬ ‫ال ّ‬
‫بلل يد صاحبه ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬في ريقه ونخامته ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ل يبصق‬ ‫‪ « - 8‬كان النّب ّ‬
‫ة إل ّ تلّقوها ‪ ،‬وأخذوها من‬ ‫خم نخام ً‬ ‫بصاقا ً ول يتن ّ‬
‫ف رجل منهم ‪ ،‬فدلكوا بها‬ ‫الهواء ‪ ،‬ووقعت في ك ّ‬
‫وجوههم وأجسادهم ‪ ،‬ومسحوا بها جلودهم‬
‫وأعضاءهم تبّركا ً بها » ‪ « .‬وكان يتفل في أفواه‬
‫ج ريقه في اليادي ‪ ،‬وكان يمضغ‬ ‫الطفال ‪ ،‬ويم ّ‬
‫شخص » ‪ « ،‬وكان‬ ‫جه في فم ال ّ‬ ‫الطّعام فيم ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫صحابة يأتون بأطفالهم ليحنّكهم النّب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عليه وسلم رجاء البركة » ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬في دمه صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫صحابة شربوا دمه صلى الله‬ ‫ن بعض ال ّ‬ ‫‪ - 9‬ثبت أ ّ‬
‫عليه وسلم على سبيل التّبّرك ‪ ،‬فعن عبد اللّه بن‬
‫ي صلى الله‬ ‫الّزبير رضي الله عنه « أنّه أتى النّب ّ‬
‫ما فرغ قال ‪ :‬يا عبد اللّه‬ ‫عليه وسلم وهو يحتجم ‪ ،‬فل ّ‬
‫اذهب بهذا الدّم فأهرقه حيث ل يراك أحد فشربه ‪،‬‬
‫ما رجع ‪ ،‬قال ‪ :‬يا عبد اللّه ما صنعت ؟ قال ‪:‬‬ ‫فل ّ‬
‫ي عن‬ ‫جعلته في أخفى مكان علمت أنّه مخف ّ‬
‫النّاس ‪ ،‬قال ‪ :‬لعلّك شربته ؟ قلت ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫ويل للنّاس منك ‪ ،‬وويل لك من النّاس » فكانوا‬
‫ن القوّة الّتي به من ذلك الدّم ‪ .‬وفي رواية «‬ ‫يرون أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال له ‪ :‬من خالط‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫أ ّ‬
‫سه النّار » ‪.‬‬ ‫دمه دمي لم تم ّ‬
‫د ‪ -‬في شعره صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬

‫‪268‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم يوّزع شعره‬ ‫‪ « - 10‬كان النّب ّ‬
‫شريف » ‪ ،‬وكان‬ ‫صحابة عندما يحلق رأسه ال ّ‬ ‫بين ال ّ‬
‫صلوا‬‫صحابة رضي الله عنهم يحرصون على أن يح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شيئا ً من شعره صلى الله عليه وسلم ويحافظون‬
‫على ما يصل إلى أيديهم منه للتّبّرك به ‪ .‬فعن أنس‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه‬ ‫رضي الله عنه « أ ّ‬
‫م أتى منزله‬ ‫وسلم أتى منًى فأتى الجمرة فرماها ث ّ‬
‫م قال ‪ :‬للحّلق ‪ :‬خذ وأشار إلى جانبه‬ ‫بمنًى ونحر ‪ ،‬ث ّ‬
‫م جعل يعطيه النّاس » ‪.‬‬ ‫م اليسر ‪ ،‬ث ّ‬ ‫اليمن ث ّ‬
‫ما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق‬ ‫وفي رواية ‪ « :‬ل ّ‬
‫م دعا أبا طلحة‬ ‫ناول الحّلق شّقه اليمن ‪ ،‬فحلقه ‪ ،‬ث ّ‬
‫م ناوله‬ ‫النصاريّ رضي الله عنه فأعطاه إيّاه ‪ ،‬ث ّ‬
‫شقّ اليسر فقال ‪ :‬احلق ‪ ،‬فحلقه ‪ ،‬فأعطاه أبا‬ ‫ال ّ‬
‫طلحة ‪ ،‬فقال ‪ :‬اقسمه بين النّاس » ‪ .‬وفي رواية ‪:‬‬
‫شعرتين‬ ‫شعرة وال ّ‬ ‫شقّ اليمن فوّزعه ال ّ‬ ‫« فبدأ بال ّ‬
‫م قال باليسر فصنع به مثل ذلك » ‪.‬‬ ‫بين النّاس ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن خالد بن الوليد رضي الله عنه ‪ :‬فقد‬ ‫وروي « أ ّ‬
‫قلنسوة ً له يوم اليرموك ‪ ،‬فطلبها حتّى وجدها ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬اعتمر رسول اللّه فحلق رأسه فابتدر النّاس‬
‫جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في‬
‫هذه القلنسوة ‪ ،‬فلم أشهد قتال ً وهي معي إل ّ رزقت‬
‫النّصر » ‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه قال ‪ « :‬لقد رأيت رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم والحّلق يحلقه وأطاف به‬
‫أصحابه ‪ ،‬فما يريدون أن تقع شعرة إل ّ في يد رجل‬
‫»‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬في سؤره وطعامه صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫صحابة رضي الله عنهم كانوا‬ ‫ن ال ّ‬ ‫‪ - 11‬ثبت أ ّ‬
‫يتنافسون في سؤره صلى الله عليه وسلم ليحوز‬

‫‪269‬‬
‫ل واحد منهم البركة الّتي حلّت في الطّعام أو‬ ‫ك ّ‬
‫شراب من قبل الّرسول صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ن رسول‬ ‫فعن سهل بن سعد رضي الله عنه ‪ « :‬أ ّ‬
‫اللّه أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلم ‪ ،‬وعن‬
‫يساره الشياخ فقال للغلم ‪ :‬أتأذن لي أن أعطي‬
‫هؤلء ؟ فقال الغلم ‪ - :‬وهو ابن عبّاس رضي الله‬
‫عنهما ‪ : -‬واللّه يا رسول اللّه ل أوثر بنصيبي منك‬
‫أحدا ً ‪ ،‬فتلّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في‬
‫يده » ‪.‬‬
‫وعن عميرة بنت مسعود رضي الله عنها ‪ « :‬أنّها‬
‫ي صلى الله عليه وسلم هي‬ ‫دخلت على النّب ّ‬
‫ن خمس ‪ ،‬فوجدته يأكل‬ ‫وأخواتها يبايعنه ‪ ،‬وه ّ‬
‫م ناولني القديدة ‪،‬‬ ‫ن قديدةً ‪ ،‬ث ّ‬ ‫قديده ‪ ،‬فمضغ له ّ‬
‫ة ‪ ،‬فلقين اللّه وما‬ ‫ة قطع ً‬ ‫ل واحدة قطع ً‬ ‫فمضغتها ك ّ‬
‫ن خلوف » ‪ .‬وفي حديث خنس بن‬ ‫وجد لفواهه ّ‬
‫عقيل ‪ « :‬سقاني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫ة من سويق شرب أوّلها وشربت آخرها ‪ ،‬فما‬ ‫شرب ً‬
‫برحت أجد شبعها إذا جعت ‪ ،‬وريّها إذا عطشت ‪،‬‬
‫وبردها إذا ظمئت » ‪.‬‬
‫و ‪ -‬في أظافره صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪ - 12‬ثبت أنّه صلى الله عليه وسلم قلّم أظافره ‪،‬‬
‫وقسمها بين النّاس للتّبّرك بها ‪ ،‬فقد ذكر المام‬
‫ن أباه‬‫مد بن زيد أ ّ‬ ‫أحمد رحمه الله ‪ ،‬من حديث مح ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم على‬ ‫حدّثه ‪ « :‬أنّه شهد النّب ّ‬
‫ي ‪ ،‬فلم‬ ‫المنحر ورجل ً من قريش ‪ ،‬وهو يقسم أضاح ّ‬
‫يصبه منها شيء ول صاحبه ‪ ،‬فحلق رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه ‪ ،‬فأعطاه‬
‫فقسم منه على رجال ‪ ،‬وقلّم أظافره فأعطاه‬

‫‪270‬‬
‫م قلّم أظافره وقسمها‬ ‫صاحبه » ‪ .‬وفي رواية « ث ّ‬
‫بين النّاس » ‪.‬‬
‫ز ‪ -‬في لباسه صلى الله عليه وسلم وأوانيه ‪:‬‬
‫صحابة رضي الله عنهم كانوا‬ ‫ن ال ّ‬ ‫‪ - 13‬ثبت كذلك أ ّ‬
‫يحرصون على اقتناء ملبسه وأوانيه للتّبّرك بها‬
‫والستشفاء ‪ .‬فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله‬
‫ن‬
‫ة وقالت ‪ :‬إ ّ‬ ‫ة طيالس ً‬ ‫عنهما ‪ « :‬أنّها أخرجت جب ّ ً‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يلبسها فنحن‬
‫نغسلها للمرضى يستشفى بها » ‪ .‬وفي رواية ‪« :‬‬
‫فنحن نغسلها نستشفي بها » ‪.‬‬
‫ي قال ‪ « :‬كانت عندنا‬ ‫مد الباج ّ‬ ‫وروي عن أبي مح ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم فكنّا‬ ‫قصعة من قصاع النّب ّ‬
‫نجعل فيها الماء للمرضى ‪ ،‬يستشفون بها ‪،‬‬
‫فيشفون بها » ‪.‬‬
‫ح ‪ -‬في ما لمسه صلى الله عليه وسلم ومصّله ‪:‬‬
‫صحابة رضي الله عنهم يتبّركون فيما‬ ‫‪ - 14‬كان ال ّ‬
‫شريفة صلى الله عليه وسلم ‪ .‬ومن‬ ‫تلمس يده ال ّ‬
‫ذلك « بركة يده فيما لمسه وغرسه لسلمان رضي‬
‫الله عنه حين كاتبه مواليه على ثلثمائة ودية وهو‬
‫صغار النّخل يغرسها لهم كلّها ‪ ،‬تعلّق وتطعم ‪ ،‬وعلى‬
‫أربعين أوقيّة من ذهب ‪ ،‬فقام صلى الله عليه وسلم‬
‫وغرسها له بيده ‪ ،‬إل ّ واحدة ً غرسها غيره ‪ ،‬فأخذت‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫كلّها إل ّ تلك الواحدة ‪ ،‬فقلعها النّب ّ‬
‫وسلم وردّها فأخذت » وفي رواية ‪ « :‬فأطعم النّخل‬
‫من عامه إل ّ الواحدة ‪ ،‬فقلعها رسول اللّه صلى الله‬
‫عليه وسلم وغرسها فأطعمت من عامها ‪ ،‬وأعطاه‬
‫مثل بيضة الدّجاجة من ذهب ‪ ،‬بعد أن أدارها على‬
‫لسانه ‪ ،‬فوزن منها لمواليه أربعين أوقيّة ‪ ،‬وبقي‬
‫عنده مثل ما أعطاهم » ‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫شريفة صلى الله عليه وسلم على‬ ‫« ووضع يده ال ّ‬
‫رأس حنظلة بن حذيم وبّرك عليه ‪ ،‬فكان حنظلة‬
‫شاة قد ورم ضرعها‬ ‫يؤتى بالّرجل قد ورم وجهه ‪ ،‬وال ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ف النّب ّ‬
‫‪ ،‬فيوضع على موضع ك ّ‬
‫وسلم فيذهب الورم » ‪.‬‬
‫« وكان يؤتى إليه صلى الله عليه وسلم بالمرضى‬
‫وأصحاب العاهات والمجانين فيمسح عليهم بيده‬
‫شريفة صلى الله عليه وسلم فيزول ما بهم من‬ ‫ال ّ‬
‫مرض وجنون وعاهة » ‪.‬‬
‫ي صلى‬ ‫وكذلك كانوا يحرصون على أن يصلّي النّب ّ‬
‫الله عليه وسلم في مكان من بيوتهم ‪ ،‬ليتّخذوه‬
‫ً‬
‫ي صلى‬ ‫مصل ّى لهم بعد ذلك ‪ ،‬وتحصل لهم بركة النّب ّ‬
‫الله عليه وسلم ‪ .‬فعن عتبان بن مالك رضي الله‬
‫من شهد بدرا ً ‪ -‬قال ‪ « :‬كنت أصلّي‬ ‫عنه ‪ -‬وهو م ّ‬
‫لقومي بني سالم ‪ ،‬وكان يحول بيني وبينهم واد إذا‬
‫ي اجتيازه قبل‬ ‫جاءت المطار ‪ ،‬فيشقّ عل ّ‬
‫مسجدهم ‪ ،‬فجئت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫ن الوادي الّذي‬ ‫فقلت له ‪ :‬إنّي أنكرت بصري ‪ ،‬وإ ّ‬
‫بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت المطار فيشقّ‬
‫ي اجتيازه ‪ ،‬فوددت أنّك تأتي فتصلّي في بيتي‬ ‫عل ّ‬
‫ً‬
‫مكانا ً أتّخذه مصل ّى ‪ ،‬فقال رسول اللّه صلى الله‬
‫ي رسول‬ ‫عليه وسلم ‪ :‬سأفعل إن شاء اللّه فغدا عل ّ‬
‫اللّه وأبو بكر رضي الله عنه بعدما اشتد ّ النّهار ‪،‬‬
‫واستأذن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأذنت‬
‫ب أن أصلّي من‬ ‫له ‪ ،‬فلم يجلس حتّى قال ‪ :‬أين تح ّ‬
‫ب أن يصلّي‬ ‫بيتك ؟ فأشرت له إلى المكان الّذي أح ّ‬
‫فيه ‪ ،‬فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فكبّر‬
‫م سلّم ‪ ،‬وسلّمنا حين‬ ‫وصففنا وراءه فصلّى ركعتين ث ّ‬
‫سلّم » ‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫‪ - 3 -‬التّبّرك بماء زمزم ‪:‬‬
‫‪ - 15‬ذهب العلماء إلى سنّيّة شرب ماء زمزم‬
‫لمطلوبه في الدّنيا والخرة ‪ ،‬لنّها مباركة ‪ ،‬لقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬ماء زمزم لما شرب له »‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 4 -‬التّبّرك ببعض الزمنة والماكن في النّكاح ‪:‬‬
‫‪ - 16‬ذهب جمهور العلماء إلى استحباب مباشرة‬
‫عقد النّكاح في المسجد ‪ ،‬وفي يوم الجمعة للتّبّرك‬
‫بهما ‪ ،‬فقد قال الّرسول صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬
‫أعلنوا هذا النّكاح ‪ ،‬واجعلوه في المساجد ‪ ،‬واضربوا‬
‫عليه بالدّفوف »‬
‫================‬
‫تبكير *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّبكير ‪ :‬مصدر بكّر بالتّشديد ‪ ،‬وأصله من‬
‫الخروج بُكْرة أوّل النّهار ‪ ،‬ويكون أيضا ً بمعنى ‪:‬‬
‫التّعجيل والسراع أيّ وقت كان ‪ ،‬يقال ‪ :‬بكّر‬
‫صلة أي ‪ :‬صّلها لوّل وقتها ‪ ،‬ويقال ‪ :‬بكّروا‬ ‫بال ّ‬
‫بصلة المغرب أي ‪ :‬صلّوها عند سقوط القرص ‪،‬‬
‫ل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه ‪ .‬ولم يخرج‬ ‫وك ّ‬
‫الفقهاء في استعمالهم عن هذين المعنيين ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّغليس ‪:‬‬
‫‪ - 2‬التّغليس في صلة الفجر ‪ :‬فعلها أوّل طلوع‬
‫ضوء ‪.‬‬‫الفجر قبل انتشار ال ّ‬
‫ب ‪ -‬السفار ‪:‬‬
‫‪ - 3‬السفار معناه ‪ :‬الوضوح والظّهور ‪ ،‬يقال ‪ :‬أسفر‬
‫صبح في‬ ‫صبح ‪ :‬انكشف وأضاء ‪ ،‬والسفار بصلة ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عرف الفقهاء هو ‪ :‬فعلها عند انتشار ضوء الفجر ‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم التّكليف ّ‬
‫ب‬
‫‪ - 4‬التّبكير بأداء العبادات في أوّل أوقاتها مستح ّ‬
‫ي صلى‬ ‫لتحصيل الفضل والثّواب ‪ ،‬لما روي عن النّب ّ‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬حين سئل عن أفضل العمال ‪-‬‬
‫صلة في أوّل وقتها » وهذا على الجملة‬ ‫قال ‪ « :‬ال ّ‬
‫عند الفقهاء ‪.‬‬
‫ص على تأخيره‬ ‫‪ -5‬ويستثنى من هذا الحكم ما ن ّ‬
‫لسبب ‪ ،‬كالبراد بصلة الظّهر في وقت الحّر ‪ ،‬لقول‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬إذا اشتد ّ الحّر‬ ‫النّب ّ‬
‫صلة » ‪.‬‬ ‫فأبردوا بال ّ‬
‫كذلك استثنى الحنابلة والحنفيّة صلة العشاء ‪ ،‬لما‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪« :‬‬ ‫روي عن النّب ّ‬
‫لول أن أشقّ على المؤمنين لمرتهم بتأخير العشاء‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وزاد‬ ‫» وهو أيضا ً قول عند المالكيّة وال ّ‬
‫الحنفيّة صلة العصر ‪.‬‬
‫ما التّبكير بمعنى الخروج أوّل النّهار فهو وارد‬ ‫‪ -6‬أ ّ‬
‫ب التّبكير‬ ‫في صلة الجمعة والعيدين ‪ .‬فقد استح ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪،‬‬ ‫لهما من أوّل النّهار الحنفيّة وال ّ‬
‫سل يوم‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من غ ّ‬ ‫لقول النّب ّ‬
‫ل خطوة‬ ‫الجمعة واغتسل ‪ ،‬وبكّر وابتكر كان له بك ّ‬
‫يخطوها أجر سنة ‪ ،‬صيامها وقيامها » وقال المام‬
‫ب التّبكير خشية الّرياء ‪.‬‬ ‫مالك ‪ :‬ل يستح ّ‬
‫التّبكير لطلب الّرزق ‪:‬‬
‫ب التّبكير بطلب الّرزق والتّجارة فقد روي‬ ‫‪ - 7‬يستح ّ‬
‫عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت ‪ :‬قال رسول‬
‫للغدو في‬
‫ّ‬ ‫اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬باكروا‬
‫الغدو بركة ونجاح » ‪ .‬قال ابن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫طلب الّرزق ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن ما بعد‬ ‫ي ‪ :‬يروى عن ابن عبّاس وغيره أ ّ‬ ‫العرب ّ‬
‫صبح وقت يقسم اللّه فيه الّرزق بين العباد ‪،‬‬ ‫صلة ال ّ‬

‫‪274‬‬
‫م أعط‬ ‫وثبت أنّه وقت ينادي فيه الملك ‪ « :‬اللّه ّ‬
‫منفقا ً خلفا ً ‪ ،‬وأعط ممسكا ً تلفا ً » ‪ .‬وهو وقت ابتداء‬
‫الحرص ونشاط النّفس وراحة البدن وصفاء الخاطر‬
‫‪ ،‬فيقسم لجل ذلك كلّه وأمثاله ‪.‬‬
‫التّبكير بالتّعليم ‪:‬‬
‫صبيان ما فرض اللّه على‬ ‫‪ - 8‬ينبغي التّبكير بتعليم ال ّ‬
‫العباد من قول وفعل ‪ ،‬لكي يأتي عليهم البلوغ وقد‬
‫تمكّن ذلك في قلوبهم ‪ ،‬وسكنت إليه أنفسهم ‪،‬‬
‫وأنست بما يعلمون به من ذلك جوارحهم ‪ .‬وقد قال‬
‫مهات‬ ‫صحيح أنّه يجب على الباء وال ّ‬ ‫ووي ‪ :‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫الن ّ‬
‫صغار ما سيتعيّن عليهم بعد البلوغ‬ ‫تعليم الولد ال ّ‬
‫صوم ‪ ،‬وتحريم الّزنى‬ ‫صلة ‪ ،‬وال ّ‬ ‫من ‪ :‬الطّهارة ‪ ،‬وال ّ‬
‫سرقة وشرب المسكر ‪ ،‬والكذب ‪،‬‬ ‫واللّواط وال ّ‬
‫ونحوها ‪.‬‬
‫ل على ذلك بقوله تعالى ‪ { :‬يا أيّها الّذين‬ ‫واستد ّ‬
‫ي بن أبي‬ ‫سكم وأهليكم نارا ً } قال عل ّ‬ ‫آمنوا قوا أنف َ‬
‫طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة ‪ :‬معناه‬
‫علّموهم ما ينجون به من النّار ‪.‬‬
‫صبيان يرد ّ العذاب الواقع بإرادة اللّه تعالى‬ ‫وتعليم ال ّ‬
‫من تسبّب في تعليمهم ‪ ،‬أو عن‬ ‫عن آبائهم ‪ ،‬أو ع ّ‬
‫معلّمهم ‪ ،‬أو عنهم فيما يستقبل ‪ ،‬أو عن المجموع ‪،‬‬
‫أو يرد ّ العذاب عموما ً ‪.‬‬
‫================‬
‫تتابع *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬من معاني التّتابع في اللّغة ‪ :‬الموالة ‪ .‬يقال تابع‬
‫صلة وبين القراءة ‪ :‬إذا والى بينهما ‪،‬‬ ‫فلن بين ال ّ‬
‫ففعل هذا على أثر هذا بل مهلة بينهما ‪ .‬وتتابعت‬
‫الشياء ‪ :‬تبع بعضها بعضا ً ‪ .‬وتابع بين المور متابع ً‬
‫ة‬

‫‪275‬‬
‫ي‬‫وتباعا ً ‪ :‬واتر ووالى ‪ .‬ول يخرج معناه الصطلح ّ‬
‫عن ذلك ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 2‬التّتابع يكون في صوم الكّفارات ‪ ،‬ويكون في‬
‫مى‬ ‫العتكاف ‪ ،‬ويكون في الوضوء والغسل ‪ ،‬ويس ّ‬
‫غالبا ً ( الموالة ) وتنظر أحكامه في ( الوضوء‬
‫والغسل ) ‪.‬‬
‫صوم في كّفارة اليمين ‪:‬‬ ‫التّتابع في ال ّ‬
‫‪ - 3‬إذا لم يجد الحانث في يمينه ما يكّفر به عنها ‪،‬‬
‫من إطعام عشرة مساكين ‪ ،‬أو كسوتهم ‪ ،‬أو تحرير‬
‫رقبة أو عجز عن ذلك ‪ ،‬كان عليه أن ينتقل إلى‬
‫صوم ‪ ،‬فيصوم ثلثة أيّام ‪ .‬والصل في ذلك قول‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫َ‬
‫ه بالل ّغْوِ في‬ ‫خذ ُكم الل ّ ُ‬ ‫اللّه تبارك وتعالى ‪ { :‬ل يؤا ِ‬
‫ن فكّفارتُه‬ ‫خذ ُكم بما عََّقدْتُم اليما َ‬ ‫ن يؤا ِ‬ ‫أيمانِكم ولك ْ‬
‫ط ما تُطْعمون‬ ‫ن من أوس ِ‬ ‫شَرةِ مساكي َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫إطعا ُ‬
‫جدْ‬
‫سوتهم أو تحريُر َرقبةٍ فمن لم ي َ ِ‬ ‫أهليكم أو ك ِ ْ‬
‫فتُم } ‪.‬‬ ‫حل َ ْ‬ ‫ة أيّام ٍ ذلك كّفارةُ أيمانِكم إذا َ‬ ‫م ثلث ِ‬ ‫فصيا ُ‬
‫واختلف الفقهاء في التّتابع ‪ ،‬فذهب الحنفيّة وهو‬
‫شافعيّة ‪ :‬إلى‬ ‫ح عند الحنابلة ‪ ،‬وهو قول لل ّ‬ ‫الص ّ‬
‫شاذ ّة لبن مسعود فصيام‬ ‫وجوب التّتابع ‪ ،‬للقراءة ال ّ‬
‫ثلثة أيّام متتابعات ‪ .‬وذهب المالكيّة ‪ -‬وهو قول‬
‫ة‪.‬ر‪:‬‬ ‫ة أو متفّرق ً‬ ‫شافعيّة ‪ -‬إلى جواز صومها متتابع ً‬ ‫لل ّ‬
‫( كّفارة اليمين ) ‪.‬‬
‫صوم في كّفارة الظّهار ‪:‬‬ ‫التّتابع في ال ّ‬
‫صوم في المرتبة الثّانية بعد العتق في‬ ‫‪ - 4‬يأتي ال ّ‬
‫ن‬‫كّفارة الظّهار ‪ ،‬كما في قوله تعالى ‪ { :‬والّذي َ‬
‫حرِيُر‬ ‫ما قالوا فَت َ ْ‬ ‫ن لِ َ‬‫م يَعُودو َ‬ ‫يُظَاهُِرون من نسائِهم ث ّ‬
‫ه بما‬ ‫ن به والل ّ ُ‬ ‫م تُوعظو َ‬ ‫سا ذلك ْ‬ ‫ن يَتَما َّ‬
‫ن قَبْل أ ْ‬ ‫م ْ‬‫َرقَبَةٍ ِ‬
‫متَتَابعين‬ ‫م شهرين ُ‬ ‫جد ْ فصيا ُ‬ ‫ن لم ي َ ِ‬ ‫ن خبيٌر ‪ .‬فم ْ‬ ‫تعملو َ‬

‫‪276‬‬
‫ن‬
‫م ستّي َ‬ ‫ن لم يستطعْ فإطعا ُ‬ ‫سا فم ْ‬ ‫ما َّ‬ ‫ل أن يَت َ َ‬ ‫من قب ِ‬
‫سكينا ً ذلك لِتُؤمنوا باللّهِ ورسولِهِ وتلك حدود ُ اللّهِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫م } ‪ .‬فإن لم يجد المظاهر ما‬ ‫ب ألي ٌ‬ ‫ن عذا ٌ‬ ‫وللكافري َ‬
‫صيام ‪،‬‬ ‫يعتق كما في الية الولى انتقل إلى ال ّ‬
‫فيصوم شهرين متتابعين كما في صدر الية الثّانية ‪،‬‬
‫ليس فيهما رمضان ‪ ،‬ويوما العيد ‪ ،‬وأيّام التّشريق ‪،‬‬
‫سا ‪ .‬فإن جامعها في‬ ‫وذلك من قبل أن يتما ّ‬
‫شهرين ليل ً أو نهارا ً عامدا ً أو ناسيا ً بعذر أو بغير‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬‫لأ ْ‬ ‫ن قب ِ‬‫م ْ‬
‫عذر استقبل ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ِ { :‬‬
‫سا } ‪.‬‬ ‫ما َّ‬ ‫يَت َ َ‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫وبهذا أخذ الحنفيّة ‪ ،‬والمالكيّة ‪ ،‬وال ّ‬
‫شافعيّة قالوا ‪ :‬إذا‬ ‫في وجوب التّتابع ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫جامعها ليل ً قبل أن يكّفر يأثم ول يبطل التّتابع ‪ .‬ر ‪( :‬‬
‫كّفارة الظّهار ) ‪.‬‬
‫صوم في كّفارة الفطر في نهار رمضان‬ ‫التّتابع في ال ّ‬
‫‪:‬‬
‫‪ - 5‬تجب الكّفارة بالجماع في نهار رمضان باتّفاق ‪.‬‬
‫شرب عمدا ً عند الحنفيّة والمالكيّة‬ ‫وتجب بالكل أو ال ّ‬
‫صوم أو الطعام ‪.‬‬ ‫‪ ،‬والكّفارة تكون بالعتق أو ال ّ‬
‫صوم بعد العتق عند الحنفيّة‬ ‫وتأتي مرتبة ال ّ‬
‫شافعيّة وجمهور الحنابلة ‪ ،‬وفي رواية عن أحمد‬ ‫وال ّ‬
‫صيام والطعام وبأيّها‬ ‫أنّها على التّخيير بين العتق وال ّ‬
‫ن أو للتّخيير لما روى‬ ‫كّفر أجزأه ‪ ،‬وهذا بناءً على أ ّ‬
‫ن رجل ً أفطر في رمضان ‪ ،‬فأمره‬ ‫أبو هريرة « أ ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يكّفر بعتق‬
‫رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستّين‬
‫مسكينا ً » ‪.‬‬
‫وعند المالكيّة كّفارته على التّخيير أيضا ً ‪ ،‬ولكنّهم‬
‫ضلوا الطعام على العتق فجعلوه أوّل ً ‪ ،‬لنّه أكثر‬ ‫ف ّ‬

‫‪277‬‬
‫ضلوا العتق على‬ ‫نفعا ً لتعدّيه لفراد كثيرة ‪ ،‬وف ّ‬
‫صوم‬ ‫صوم ‪ ،‬فال ّ‬ ‫ن نفعه متعد ّ للغير دون ال ّ‬ ‫صوم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عندهم في المرتبة الثّالثة ‪.‬‬
‫ن صوم كّفارة الفطر‬ ‫وسواء كان هذا أو ذاك ‪ ،‬فإ ّ‬
‫مة الربعة ‪ .‬لما‬ ‫في رمضان شهران متتابعان عند الئ ّ‬
‫روى أبو هريرة رضي الله عنه قال ‪ « :‬بينما نحن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه‬ ‫جلوس عند النّب ّ‬
‫رجل ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ :‬هلكت ‪ ،‬قال ‪ :‬ما‬
‫لك ؟ قال ‪ :‬وقعت على امرأتي وأنا صائم ‪ .‬فقال‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ :‬هل تجد رقب ً‬
‫ة‬
‫تعتقها ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال فهل تستطيع أن تصوم‬
‫شهرين متتابعين ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬فهل تجد إطعام‬
‫ي صلى‬ ‫ستّين مسكينا ً ؟ قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬فمكث النّب ّ‬
‫ي النّب ُّ‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك ‪ ،‬أت ِ َ‬
‫صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر ‪ -‬والعرق ‪:‬‬
‫سائل ؟ فقال ‪ :‬أنا ‪ .‬قال ‪ :‬خذ‬ ‫المكتل ‪ -‬قال ‪ :‬أين ال ّ‬
‫هذا فتصدّق به ‪ .‬فقال الّرجل ‪ :‬على أفقر منّي يا‬
‫رسول اللّه ؟ فواللّه ما بين لبَتَيْها ‪ -‬يريد الحّرتين ‪-‬‬
‫ي صلى‬ ‫ل بيت أفقر من أهل بيتي ‪ .‬فضحك النّب ّ‬ ‫أه ُ‬
‫َ‬
‫مه‬ ‫م قال ‪ :‬أطْعِ ْ‬ ‫الله عليه وسلم حتّى بدت أنيابه ‪ ،‬ث ّ‬
‫ك»‪.‬‬ ‫أهل َ َ‬
‫صوم في كّفارة القتل ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪ - 6‬يأتي في المرتبة الثّانية بعد العجز عن العتق ‪،‬‬
‫ل مؤْمنا ً خطَأً‬
‫َ‬ ‫ن َقت َ ُ‬ ‫كما في قوله تعالى ‪ { :‬وم ْ‬
‫ة إلى أهلِهِ إل ّ أ ْ‬
‫ن‬ ‫سل ّ َ‬
‫م ٌ‬ ‫م َ‬‫ة ُ‬‫فتحريُر رقبةٍ مؤمنةٍ وَدِي َ ٌ‬
‫م‬
‫م يجد ْ فصيا ُ‬ ‫نل ْ‬ ‫صدَّقُوا } إلى قوله تعالى ‪ { :‬فم ْ‬ ‫ي َ َّ‬
‫ه عليماً‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ة من اللّهِ وكا َ‬ ‫ن تَوْب َ ً‬ ‫َ‬
‫ن متتابعي ِ‬‫شهْري ِ‬
‫حكيما ً } ‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫شهرين واجب اتّفاقا ً ‪ .‬ر ‪:‬‬ ‫فالتّتابع في صيام هذين ال ّ‬
‫( كّفارة القتل ) ‪.‬‬
‫التّتابع في صوم النّذر ‪:‬‬
‫ة ‪ ،‬ولم‬ ‫‪ - 7‬إن نذر أن يصوم أيّاما ً ‪ ،‬أو شهرا ً ‪ ،‬أو سن ً‬
‫يعيّن ‪ ،‬وشرط التّتابع لزمه اتّفاقا ً ‪ ،‬وكذا لو نذر أن‬
‫يصوم شهرا ً معيّنا ً كرجب ‪ ،‬أو سنة معيّنة ‪ ،‬لزمه‬
‫ما لو نذر شهرا ً ‪ ،‬أو سن ً‬
‫ة‬ ‫التّتابع في صيامها كذلك ‪ .‬أ ّ‬
‫غير معيّنين ‪ ،‬ولم يشترط التّتابع ‪ ،‬فقد ذهب الحنفيّة‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو رواية عند الحنابلة إلى ‪:‬‬ ‫والمالكيّة وال ّ‬
‫أنّه ل يلزمه التّتابع ‪ ،‬وفي رواية أخرى عند الحنابلة‬
‫يلزمه التّتابع ‪ ،‬وروي عن أحمد كذلك فيمن قال ‪:‬‬
‫ة‪.‬‬‫ي أن أصوم عشرة أيّام ‪ :‬يصومها متتابع ً‬ ‫للّه عل ّ‬
‫وانظر للتّفصيل مصطلح ‪ ( :‬نذر ) ‪.‬‬
‫التّتابع في العتكاف ‪:‬‬
‫ن من أوجب على نفسه‬ ‫‪ - 8‬مذهب الحنفيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫اعتكاف أيّام ‪ ،‬بأن قال ‪ :‬عشرة أيّام مثل ً ‪ ،‬لزمه‬
‫ة ‪ ،‬وإن لم يشترط التّتابع ‪،‬‬ ‫اعتكافها بلياليها متتابع ً‬
‫ن مبنى العتكاف على التّتابع ‪ .‬وكذا لو قال ‪:‬‬ ‫ل ّ‬
‫شهرا ً ‪ ،‬ولم ينوه بعينه ‪ ،‬لزمه متتابعا ً ليله ونهاره ‪،‬‬
‫يفتتحه متى شاء بالعدد ‪ ،‬ل هلليّا ً ‪ ،‬وإن عيّن شهراً‬
‫شهر بالهلل ‪ ،‬وإن فّرق العتكاف استأنفه‬ ‫يعتبر ال ّ‬
‫متتابعا ً ‪ .‬وقال زفر في نذر اعتكاف شهر ‪ :‬إن شاء‬
‫فّرق العتكاف وإن شاء تابعه ‪ .‬وإن نوى اليّام‬
‫ن حقيقة اليوم‬ ‫حت نيّته ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ة أي دون اللّيل ص ّ‬ ‫ص ً‬
‫خا ّ‬
‫بياض النّهار ‪.‬‬
‫وعند المالكيّة كذلك ‪ ،‬يلزم تتابع العتكاف المنذور‬
‫فيما إذا كان مطلقا ً ‪ ،‬أي غير مقيّد بتتابع ول عدمه ‪.‬‬
‫ن من نذر اعتكاف شهر أو ثلثين يوما ً فل يفّرق‬ ‫وأ ّ‬

‫‪279‬‬
‫ذلك ‪ .‬وهذا بخلف من نذر أن يصوم شهرا ً أو أيّاما ً ‪،‬‬
‫فإنّه ل يلزمه التّتابع في ذلك ‪.‬‬
‫صوم إنّما يؤدّى في النّهار دون اللّيل‬ ‫ن ال ّ‬ ‫والفرق ‪ :‬أ ّ‬
‫فكيفما فعل أصاب ‪ ،‬متتابعا ً أو مفّرقا ً ‪ .‬والعتكاف‬
‫يستغرق الّزمانين اللّيل والنّهار ‪ ،‬فكان حكمه‬
‫يقتضي التّتابع ‪.‬‬
‫والمراد بالمطلق ‪ :‬الّذي لم يشترط في التّتابع لفظاً‬
‫‪ ،‬ولم يحصل فيه نيّة التّتابع ‪ ،‬ول نيّة عدمه ‪ .‬فإن‬
‫حصل فيه نيّة أحدهما عمل بها ‪ .‬ويلزم المعتكف ما‬
‫شروع ‪ ،‬وهو حين‬ ‫نواه من تتابع أو تفريق وقت ال ّ‬
‫ن النّيّة‬
‫دخوله فيه ‪ ،‬ول يلزمه بنيّته فقط ‪ ،‬ل ّ‬
‫بمجّردها ل توجب شيئا ً ‪.‬‬
‫ن من نذر أن يعتكف شهرا ً فإن‬ ‫شافعيّة قالوا ‪ :‬إ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫عيّن شهرا ً لزمه اعتكافه متتابعا ً ليل ً ونهارا ً ‪ ،‬سواء‬
‫ما بين‬ ‫شهر عبارة ع ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ما ً أو ناقصا ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫شهر تا ّ‬ ‫كان ال ّ‬
‫شهر‬ ‫م أو نقص ‪ .‬وإن نذر اعتكاف نهار ال ّ‬ ‫الهللين ‪ ،‬ت ّ‬
‫ص النّهار فلم يلزمه‬ ‫لزمه النّهار دون اللّيل ‪ ،‬لنّه خ ّ‬
‫شهر ولم يعتكف فيه‬ ‫العتكاف باللّيل ‪ ،‬فإن فاته ال ّ‬
‫لزمه قضاؤه ‪ ،‬ويجوز أن يقضيه متتابعا ً ومتفّرقا ً ‪،‬‬
‫ن التّتابع في أدائه بحكم الوقت ‪ ،‬فإذا فات سقط‬ ‫ل ّ‬
‫التّتابع في صوم رمضان ‪ .‬وإن نذر أن يعتكف متتابعاً‬
‫ن التّتابع هنا بحكم النّذر ‪،‬‬ ‫لزمه قضاؤه متتابعا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫فلم يسقط بفوات الوقت ‪.‬‬
‫وإن نذر اعتكاف شهر غير معيّن ‪ ،‬واعتكف شهراً‬
‫شهر‬ ‫ن اسم ال ّ‬ ‫شهر أو نقص ‪ ،‬ل ّ‬ ‫م ال ّ‬‫بالهلّة أجزأه ‪ ،‬ت ّ‬
‫يقع عليه ‪ ،‬وإن اعتكف شهرا ً بالعدد لزمه ثلثون‬
‫ن شرط‬ ‫شهر بالعدد ثلثون يوما ً ‪ .‬فإ ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫يوما ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫التّتابع لزمه متتابعا ً ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم «‬
‫مى » وإن شرط‬ ‫مى فعليه الوفاء بما س ّ‬ ‫ن نَذََر وس ّ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬

‫‪280‬‬
‫أن يكون متفّرقا ً جاز أن يكون متفّرقا ً ومتتابعا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬
‫المتتابع أفضل من المتفّرق ‪ ،‬وإن أطلق النّذر جاز‬
‫متفّرقا ً ومتتابعا ً ‪ ،‬كما لو نذر صوم شهر‬
‫ن من نذر اعتكاف أيّام‬ ‫ما الحنابلة فقد ذهبوا إلى أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫متتابعة يصومها فأفطر يوما ً أفسد تتابعه ‪ ،‬ووجب‬
‫عليه الستئناف ‪ ،‬لخلله بالتيان بما نذره على‬
‫صفته ‪.‬‬
‫وإن نذر اعتكاف شهر لزمه شهر بالهلّة أو ثلثون‬
‫يوما ً ‪ ،‬والتّتابع فيه على وجهين ‪ :‬أحدهما ل يلزمه ‪،‬‬
‫والثّاني يلزمه ‪ ،‬وقال القاضي ‪ :‬يلزمه التّتابع قولً‬
‫واحدا ً ‪ ،‬لنّه معنًى يحصل في اللّيل والنّهار ‪ ،‬فإذا‬
‫أطلقه اقتضى التّتابع ‪ .‬ر ‪ ( :‬اعتكاف ) ‪.‬‬
‫ما يقطع التّتابع في صيام الكّفارات ‪:‬‬
‫ينقطع التّتابع في صوم الكّفارة بأمور ذكرها الفقهاء‬
‫وهي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الفطر بإكراه أو نسيان ونحوهما ‪:‬‬
‫ن الفطار بعذر أو بغير عذر يقطع‬ ‫‪ - 9‬يرى الحنفيّة أ ّ‬
‫التّتابع ‪ ،‬باستثناء عذر المرأة في الحيض ‪ ،‬ولم‬
‫يفّرقوا في ذلك بين عذر المرض أو غيره ‪ ،‬وهو‬
‫يتناول الكراه ‪.‬‬
‫ما لو أكل ناسيا ً في كّفارة الظّهار فقد ذكر‬ ‫وأ ّ‬
‫صاحب الفتاوى الهنديّة ‪ :‬أنّه ل يضّر ‪.‬‬
‫ول يجزئ عن الكّفارة صيام تسعة وخمسين يوماً‬
‫ما إذا صام شهرين باعتبار‬ ‫بغير اعتبار الهلّة ‪ ،‬أ ّ‬
‫ة‬
‫ح حتّى ولو كان ثماني ً‬ ‫ن صومه يص ّ‬ ‫الهلّة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫وخمسين يوما ً ‪.‬‬
‫ن الفطر بالكراه بمؤلم من قتل أو‬ ‫ويرى المالكيّة أ ّ‬
‫ضرب ل يقطع التّتابع ‪ ،‬ول يقطعه أيضا ً فطر من‬
‫ك‬ ‫ش ّ‬‫شمس بخلف ال ّ‬ ‫ن بقاء اللّيل ‪ ،‬أو غروب ال ّ‬ ‫ظ ّ‬

‫‪281‬‬
‫شمس فإنّه يقطعه ‪ ،‬وكذا ل يقطع‬ ‫في غروب ال ّ‬
‫ة وخمسين يوما ً ‪،‬‬ ‫التّتابع عندهم فطر من صام تسع ً‬
‫م أصبح مفطرا ً ظانّا ً الكمال ‪ .‬ول يقطع التّتابع‬ ‫ث ّ‬
‫شرب ناسيا ً على المشهور ‪ ،‬ول‬ ‫عندهم الكل وال ّ‬
‫يقطعه جماع غير المظاهر منها نهارا ً نسيانا ً ‪ ،‬أو ليلً‬
‫ولو عمدا ً ‪.‬‬
‫ن الكراه على الكل يبطل‬ ‫شافعيّة ‪ :‬أ ّ‬ ‫وذكر ال ّ‬
‫صوم على‬ ‫ن الكراه عليه يبطل ال ّ‬ ‫التّتابع ‪ ،‬بناءً على أ ّ‬
‫القول به ‪ ،‬لنّه سبب نادر ‪ .‬هذا هو المذهب في‬
‫صورتين ‪ ،‬كما جاء في الّروضة ‪ ،‬وبه قطع الجمهور‬ ‫ال ّ‬
‫ج كالمرض ‪ ،‬وكذا إذا استنشق‬ ‫‪ ،‬وجعلهما ابن ك ّ‬
‫فوصل الماء إلى دماغه ‪ ،‬ففي انقطاع التّتابع‬
‫الخلف ‪ ،‬بناءً على القول بأنّه يفطر ‪ ،‬وقال النّوويّ ‪:‬‬
‫لو أوجر الطّعام مكرها ً لم يفطر ولم ينقطع تتابعه ‪،‬‬
‫ل الطّرق ‪.‬‬‫قطع به الصحاب في ك ّ‬
‫ن التّتابع ل يقطع بالفطر بسبب‬ ‫وذكر الحنابلة أ ّ‬
‫صحيح من‬ ‫الكراه أو الخطأ أو النّسيان على ال ّ‬
‫متي الخطأ‬ ‫ن اللّه وضع عن أ ّ‬ ‫المذهب ‪ ،‬لحديث ‪ « :‬إ ّ‬
‫والنّسيان وما استكرهوا عليه » ل إن أفطر لجهل‬
‫ن‬ ‫ظ‬ ‫كمن‬ ‫فإنه ل يعذر به ‪ ،‬وأما الّذي أفطر خطأ ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بقاء اللّيل أو الغروب فبان خلفه فل ينقطع تتابع‬
‫شهرين‬ ‫ن تمام ال ّ‬ ‫ما الّذي أفطر على ظ ّ‬ ‫صيامه ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن‬
‫نأ ّ‬‫فبان خلفه فإنّه ينقطع تتابع صيامه ‪ ،‬أو ظ ّ‬
‫الواجب شهر واحد فأفطر ‪ ،‬أو أفطر ناسيا ً لوجوب‬
‫التّتابع ‪ ،‬أو أفطر لغير عذر انقطع تتابع صيامه‬
‫لقطعه إيّاه ‪ ،‬ول يعذر بالجهل ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الحيض والنّفاس ‪:‬‬
‫ن الحيض ل يقطع التّتابع‬ ‫‪ - 10‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫في الكّفارة الّتي توجب صيام شهرين على المرأة ‪،‬‬

‫‪282‬‬
‫ككّفارة القتل ‪ ،‬لنّه ل بد ّ منه فيهما ‪ ،‬ولنّها ل يد لها‬
‫صوم ‪ ،‬وفي تأخير التّكفير إلى‬ ‫فيه ‪ ،‬ولنّه ينافي ال ّ‬
‫شافعيّة قال‬ ‫ن المتولّي من ال ّ‬ ‫ن اليأس خطر ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫س ّ‬
‫ن المرأة إذا كانت لها عادة في الطّهر تسع صوم‬ ‫‪:‬إ ّ‬
‫الكّفارة فصامت في غيرها ‪ ،‬أي في وقت يحدث‬
‫فيه الحيض ‪ ،‬فإنّه يقطع التّتابع ‪.‬‬
‫ن الحيض‬ ‫ما تتابع صوم أيّام كّفارة اليمين ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫يقطعه ‪ ،‬بنا ًء على وجوب التّتابع فيها كما ذكر‬
‫شافعيّة على أحد القولين في وجوب‬ ‫الحنفيّة ‪ ،‬وال ّ‬
‫شهرين ‪ .‬هذا ‪ ،‬وذكر‬ ‫تتابعها ‪ ،‬لقلّة أيّامها ‪ ،‬بخلف ال ّ‬
‫ووي في الّروضة ‪ :‬أنّنا إذا أوجبنا التّتابع في كّفارة‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬
‫اليمين فحاضت في أثنائها ‪ ،‬ففي انقطاع تتابعها‬
‫شهرين ‪ ،‬ويشبه‬ ‫القولن في الفطر بالمرض في ال ّ‬
‫أن يكون فيه طريق جازم بانقطاع التّتابع ‪.‬‬
‫ما النّفاس فإنّه يقطع التّتابع في صوم الكّفارة‬ ‫‪ - 11‬أ ّ‬
‫صحيح الّذي حكاه أبو‬ ‫عند الحنفيّة ‪ ،‬وعلى مقابل ال ّ‬
‫شافعيّة لندرته ‪ ،‬ولمكانها‬ ‫ي من ال ّ‬ ‫سرخس ّ‬ ‫الفرج ال ّ‬
‫اختيار شهرين خاليين منه ‪ .‬وذهب المالكيّة‬
‫ن‬
‫صحيح ‪ ،‬والحنابلة إلى ‪ :‬أ ّ‬ ‫شافعيّة على ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫النّفاس ل يقطع التّتابع ‪ ،‬قياسا ً على الحيض ‪ ،‬ولنّها‬
‫ل يد لها فيه ‪.‬‬
‫ت ‪ -‬دخول رمضان والعيدين وأيّام التّشريق ‪:‬‬
‫ن دخول شهر رمضان وعيد‬ ‫‪ - 12‬ذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫الفطر أو عيد الضحى وأيّام التّشريق يقطع صوم‬
‫الكّفارة لوجوب صوم رمضان وحرمة صوم الباقي ‪،‬‬
‫ن في استطاعته أن يجد شهرين ليس فيهما ما‬ ‫ول ّ‬
‫شافعيّة في صوم‬ ‫ذكر ‪ ،‬وهذا أيضا ً هو ما ذهب إليه ال ّ‬
‫ما السير إذا صام باجتهاده ‪ ،‬فدخل‬ ‫غير السير ‪ .‬وأ ّ‬
‫شهرين ‪ ،‬ففي‬ ‫عليه رمضان أو العيد قبل تمام ال ّ‬

‫‪283‬‬
‫انقطاع تتابعه الخلف في انقطاعه بإفطار المريض‬
‫‪.‬‬
‫مد فطر يوم العيد‬ ‫ن تع ّ‬
‫ما المالكيّة فذكروا ‪ :‬أ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫مد صوم ذي‬ ‫يقطع تتابع صوم الكّفارة ‪ ،‬كما إذا تع ّ‬
‫جة عن كّفارة ظهاره مع علمه‬ ‫القعدة وذي الح ّ‬
‫بدخول العيد في أثنائه ‪ .‬بخلف ما إذا جهله فإنّه ل‬
‫جة هو المحّرم ‪،‬‬ ‫ن شهر ذي الح ّ‬ ‫نأ ّ‬ ‫يقطع ‪ ،‬كما إذا ظ ّ‬
‫فصامه مع ما بعده ظانّا ً أنّه صفر ‪ ،‬فبان خلفه ‪.‬‬
‫وجهل دخول رمضان عندهم كجهل العيد على‬
‫الرجح عند ابن يونس ‪ ،‬والمراد بجهل العيد كما في‬
‫ي ‪ :‬جهله في كونه يأتي في الكّفارة ‪ ،‬ل جهل‬ ‫الخرش ّ‬
‫ن المراد‬ ‫حكمه ‪ ،‬خلفا ً لبي الحسن ‪ ،‬حيث ذكر أ ّ‬
‫بالجهل جهل الحكم وهو أظهر ‪ .‬ومثل العيد عندهم‬
‫ن صومه‬ ‫ما ثالث أيّام التّشريق فإ ّ‬ ‫اليومان بعده ‪ .‬وأ ّ‬
‫يجزئ ‪ ،‬وفطره يقطع التّتابع اتّفاقا ً ‪ ،‬كما جاء في‬
‫ن صوم‬ ‫ما الحنابلة فذهبوا إلى أ ّ‬ ‫ي ‪ .‬وأ ّ‬ ‫الخرش ّ‬
‫الكّفارة ل يقطع بذلك مطلقا ً ‪ ،‬لوجوب صوم‬
‫ن فطر العيدين وأيّام‬ ‫شرع ‪ ،‬ول ّ‬ ‫رمضان بإيجاب ال ّ‬
‫ن ذلك‬ ‫شرع ‪ ،‬أي إ ّ‬ ‫التّشريق واجب أيضا ً بإيجاب ال ّ‬
‫شرع من صومه كاللّيل ‪.‬‬ ‫الّزمن منعه ال ّ‬
‫سفر ‪:‬‬ ‫ث ‪ -‬ال ّ‬
‫سفر عند الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وقول عند‬ ‫‪ - 13‬ال ّ‬
‫ن الفطار‬ ‫شافعيّة ‪ :‬يقطع التّتابع إن أفطر فيه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عندهم بعذر أو بغير عذر يقطعه ‪ .‬والقول الخر‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه كالمرض ‪.‬‬ ‫لل ّ‬
‫سفر الّذي يباح فيه الفطر ل يقطع التّتابع عند‬ ‫وال ّ‬
‫الحنابلة ‪.‬‬
‫ج – فطر الحامل والمرضع ‪:‬‬

‫‪284‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬كما جاء‬ ‫‪ - 14‬فطر الحامل والمرضع عند ال ّ‬
‫في الّروضة خوفا ً على الولد ‪ .‬قيل ‪ :‬هو كالمرض ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬يقطع قطعا ً ‪ ،‬لنّه فعل اختياريّ ‪.‬‬
‫ن فطر الحامل والمرضع خوفاً‬ ‫ما الحنابلة فيرون أ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫على أنفسهما أو ولديهما ل يقطع التّتابع ‪ ،‬لنّه فطر‬
‫أبيح لعذر عن غير جهتهما ‪ ،‬فأشبه المرض ‪ .‬وما‬
‫ن الفطر بعذر أو بغير عذر‬ ‫ذهب إليه الحنفيّة ‪ -‬من أ ّ‬
‫يقطع التّتابع ‪ -‬والمالكيّة ‪ -‬من القول بقطعه بك ّ‬
‫ل‬
‫سفر مثل ً ‪ -‬مقتضاه قطع التّتابع‬ ‫فعل اختياريّ ‪ ،‬كال ّ‬
‫بفطرهما خوفا ً على أنفسهما أو ولديهما ‪.‬‬
‫ح ‪ -‬المرض ‪:‬‬
‫‪ - 15‬المرض يقطع تتابع صوم الكّفارة عند الحنفيّة ‪،‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة في الظهر ‪ ،‬وهو الجديد ‪ ،‬ل ّ‬ ‫وعند ال ّ‬
‫الحنفيّة لم يفّرقوا بين الفطر بعذر مرض أو غيره‬
‫ن‬‫في قطع التّتابع ‪ ،‬باستثناء المرأة في الحيض ‪ ،‬ول ّ‬
‫صوم ‪ ،‬وإنّما‬ ‫شافعيّة ل ينافي ال ّ‬ ‫المرض كما ذكر ال ّ‬
‫ن‬
‫شافعيّة في القديم إلى أ ّ‬ ‫قطعه باختياره ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫المرض ل يقطع تتابع صوم الكّفارة ‪ ،‬لنّه ل يزيد‬
‫على أصل وجوب صوم رمضان ‪ ،‬وهو يسقط‬
‫بالمرض ‪ .‬وهذا أيضا ً هو ما ذهب إليه الحنابلة ‪ ،‬وإن‬
‫كان المرض غير مخوف ‪ ،‬لنّه ل يد له فيه‬
‫كالحيض ‪ ،‬ومثله الجنون والغماء ‪.‬‬
‫خ ‪ -‬نسيان النّيّة في بعض اللّيالي ‪:‬‬
‫ن نسيان النّيّة في بعض‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫‪ - 16‬ذهب ال ّ‬
‫اللّيالي يقطع التّتابع كتركها عمدا ً ‪ ،‬ول يجعل‬
‫النّسيان عذرا ً في ترك المأمور به ‪ ،‬وهذا بناءً على‬
‫ح‬
‫ل ليلة ‪ ،‬على مقابل الص ّ‬ ‫وجوب اشتراطها في ك ّ‬
‫مش ّ‬
‫ك‬ ‫شهرين ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ما لو صام أيّاما ً من ال ّ‬ ‫عندهم ‪ .‬أ ّ‬
‫بعد فراغه من صوم يوم ‪ ،‬هل نوى فيه أم ل ؟ لم‬

‫‪285‬‬
‫ووي ‪ ،‬ول‬‫ّ‬ ‫صحيح كما قال الن ّ‬ ‫يلزمه الستئناف على ال ّ‬
‫ي في‬ ‫ك بعد الفراغ من اليوم ‪ ،‬ذكره الّرويان ّ‬ ‫ش ّ‬‫أثر لل ّ‬
‫كتاب الحيض في مسائل المتحيّرة ‪.‬‬
‫د ‪ -‬الوطء ‪:‬‬
‫ن المظاهر إذا وطئ من‬ ‫‪ - 17‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫ن فعله هذا يقطع‬ ‫ظاهر منها في النّهار عامدا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ما إذا وطئها في اللّيل عامدا ً أو ناسيا ً ‪ ،‬أو‬ ‫التّتابع ‪ ،‬وأ ّ‬
‫وطئها في النّهار ناسيا ً ‪ ،‬ففيه الخلف ‪ .‬فذهب أبو‬
‫ن المظاهر إذا جامع الّتي ظاهر‬ ‫مد إلى أ ّ‬ ‫حنيفة ومح ّ‬
‫ن ذلك يقطع‬ ‫منها باللّيل عامدا ً أو بالنّهار ناسيا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫صوم أن يكون خاليا ً من‬ ‫شرط في ال ّ‬ ‫ن ال ّ‬‫التّتابع ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن التّتابع ل يقطع‬ ‫المسيس ‪ ،‬وقال أبو يوسف ‪ :‬إ ّ‬
‫صوم ‪ ،‬وهو وإن كان تقديمه‬ ‫بذلك إذ ل يفسد به ال ّ‬
‫ن فيما ذهبنا إليه تقديم‬ ‫على المسيس شرطا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل عنه ‪ .‬وذهب‬ ‫البعض ‪ ،‬وفيما قلتم تأخير الك ّ‬
‫ن وطء المظاهر منها يقطع‬ ‫المالكيّة والحنابلة إلى أ ّ‬
‫التّتابع مطلقا ً ‪ ،‬سواء أكان باللّيل أم بالنّهار ‪ ،‬وسواء‬
‫أكان عالما ً أو ناسيا ً أم جاهل ً أم غالطا ً ‪ ،‬أو بعذر يبيح‬
‫ن‬
‫لأ ْ‬ ‫ن قَب ْ ِ‬
‫م ْ‬
‫الفطر كسفر ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ِ { :‬‬
‫سا } ‪.‬‬ ‫يَتَما َّ‬
‫ن وطأه باللّيل ل يقطع‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫التّتابع ‪ ،‬ويعتبر عاصيا ً ‪ .‬هذا ‪ ،‬ووطء غير المظاهر‬
‫منها في النّهار عامدا ً يقطع التّتابع ‪ ،‬كما صّرح به‬
‫صاحب العناية من الحنفيّة ‪ ،‬بخلف ما لو وطئها‬
‫ن ذلك ل‬ ‫باللّيل عامدا ً ‪ ،‬أو ناسيا ً ‪ ،‬أو بالنّهار ناسيا ً فإ ّ‬
‫يقطع التّتابع ‪ ،‬كما صّرح به الحنفيّة والمالكيّة‬
‫ن ذلك غير محّرم عليه ‪.‬‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬ل ّ‬
‫ومثل ذلك ما لو وطئها بسبب عذر يبيح الفطر كما‬
‫صّرح به الحنابلة ‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫ذ ‪ -‬قضاء ما لم ينقطع به التّتابع ‪:‬‬
‫ن تتابع صوم الكّفارة يقطعه‬ ‫‪ - 18‬قال المالكيّة ‪ :‬إ ّ‬
‫تأخير قضاء اليّام الّتي أفطرها في صيامه ‪ ،‬والّتي‬
‫خر‬‫ة بصيامه ‪ ،‬فإن أ ّ‬ ‫يجب عليه أن يقضيها متّصل ً‬
‫صوم ‪ .‬وشبّهوا ذلك بمن نسي‬ ‫قضاءها انقطع تتابع ال ّ‬
‫م تذكّره‬‫شيئا ً من فرائض الوضوء أو الغسل ‪ ،‬ث ّ‬
‫أثناءه فلم يغسله ‪ ،‬أي لم يأت به حين تذكّره فإنّه‬
‫مده ‪ .‬بخلف‬ ‫يبتدئ الطّهارة ‪ ،‬نسي ذلك أم تع ّ‬
‫صلة فإنّه ل يؤثّر‬ ‫نسيان النّجاسة بعد تذكّرها قبل ال ّ‬
‫فتها ‪.‬‬
‫لخ ّ‬
‫ولم نجد لغير المالكيّة تصريحا ً في هذه المسألة ‪.‬‬
‫==============‬
‫تتريب *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫شيء‬ ‫‪ - 1‬التّتريب ‪ :‬مصدر تّرب ‪ ،‬يقال ‪ :‬تّربت ال ّ‬
‫تتريبا ً فتتّرب ‪ ،‬أي لطّخته فتلطّخ بالتّراب ‪ .‬وأتربت‬
‫شيء ‪ :‬جعلت عليه التّراب ‪ ،‬وتّربت الكتاب تتريبا ً ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫وتّربت القرطاس فأنا أتّربه ‪ ،‬أي أضع عليه التّراب‬
‫ص ما زاد من الحبر ‪.‬‬ ‫ليمت ّ‬
‫ة واصطلحا ً ‪ :‬جعل‬ ‫شيء لغ ً‬ ‫وعلى هذا ‪ ،‬فتتريب ال ّ‬
‫التّراب عليه ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 2‬استعمال التّراب في التّطهير من نجاسة الكلب‬
‫‪:‬‬
‫التّراب الطّاهر قد يستعمل في التّطهير ‪ ،‬كما إذا‬
‫ولغ الكلب في إناء ‪ ،‬فإنّه كي يطهر هذا الناء يجب‬
‫ن بالتّراب ‪ ،‬هذا عند الحنابلة‬ ‫غسله سبعا ً إحداه ّ‬
‫ن‬
‫شافعيّة ‪ ،‬لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬إذا وَلَغَ‬

‫‪287‬‬
‫ب في إناء أحدكم فَلْيغسله سبعا ً » متّفق عليه ‪،‬‬ ‫الكل ُ‬
‫ن بالتّراب » ‪ .‬ولما روى عبد اللّه‬ ‫زاد مسلم « أوله ّ‬
‫بن مغّفل أنّه عليه الصلة والسلم قال ‪ « :‬إذا ولغ‬
‫فروه‬ ‫الكلب في الناء فاغسلوه سبع مّرات ‪ ،‬وعَ ِّ‬
‫ة بالتّراب » ‪.‬‬ ‫الثّامن َ‬
‫ب أن يجعل التّراب في الغسلة الولى ‪،‬‬ ‫والمستح ّ‬
‫لموافقته لفظ الخبر ‪ ،‬أو ليأتي الماء عليه بعده‬
‫فينظّفه ‪ .‬ومتى غسل به أجزأه ‪ ،‬لنّه روي في‬
‫ن بالتّراب » وفي حديث ‪« :‬‬ ‫حديث ‪ « :‬إحداه ّ‬
‫ل على‬ ‫ن » وفي حديث ‪ « :‬في الثّامنة » فيد ّ‬ ‫أوله ّ‬
‫ل التّراب من الغسلت غير مقصود ‪ .‬فإن‬ ‫ن مح ّ‬ ‫أ ّ‬
‫صابون‬ ‫جعل مكان التّراب غيره من الشنان وال ّ‬
‫ح أنّه ل‬ ‫ة ‪ ،‬فالص ّ‬
‫ة ثامن ً‬
‫ونحوهما ‪ ،‬أو غسله غسل ً‬
‫يجزئ ‪ ،‬لنّه طهارة أمر فيها بالتّراب تعبّدا ً ‪ ،‬ولذا لم‬
‫يقم غيره مقامه ‪ .‬ولبعض الحنابلة ‪ :‬يجوز العدول‬
‫عن التّراب إلى غيره عند عدم التّراب ‪ ،‬أو إفساد‬
‫ضرر‬ ‫ما مع وجوده وعدم ال ّ‬ ‫ل المغسول به ‪ .‬فأ ّ‬ ‫المح ّ‬
‫فل ‪ .‬وهذا قول ابن حامد ‪.‬‬
‫وعند المالكيّة ‪ :‬يندب غسل الناء سبعا ً بولوغ الكلب‬
‫فيه ‪ ،‬بأن يدخل فمه في الماء ويحّرك لسانه فيه ‪،‬‬
‫ول تتريب مع الغسل بأن يجعل في الولى ‪ ،‬أو‬
‫ن التّتريب لم يثبت في ك ّ‬
‫ل‬ ‫ن‪.‬ل ّ‬ ‫الخيرة ‪ ،‬أو إحداه ّ‬
‫الّروايات ‪ ،‬وإنّما ثبت في بعضها ‪ ،‬وذلك البعض الّذي‬
‫ثبت فيه ‪ ،‬وقع فيه اضطراب ‪ .‬وللحنفيّة قول بغسله‬
‫ثلثا ً ‪ ،‬لحديث « يغسل الناء من ولوغ الكلب ثلثا ً »‬
‫ل بغسله ثلثا ً أو خمسا ً أو سبعا ً ‪ .‬لما روى‬ ‫‪ .‬وقو ٌ‬
‫ي‬
‫ي عن العرج عن أبي هريرة « عن النّب ّ‬ ‫الدّارقطن ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم في الكلب ‪ ،‬يلغ في الناء أنّه‬
‫يغسله ثلثا ً أو خمسا ً أو سبعا ً » وورد في حاشية‬

‫‪288‬‬
‫الطّحطاويّ على مراقي الفلح ‪ :‬يندب التّسبيع‬
‫ن بالتّراب ‪.‬‬ ‫وكون إحداه ّ‬
‫===============‬
‫تثاؤب *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫شخص فيفتح‬ ‫‪ - 1‬التّثاؤب ‪ ( :‬بالمد ّ ) ‪ :‬فترة تعتري ال ّ‬
‫عندها فمه ‪.‬‬
‫ي في هذا ل يخرج عن المعنى‬ ‫والمعنى الصطلح ّ‬
‫اللّغويّ ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫حكمه التّكليف ّ‬
‫‪ - 2‬صّرح العلماء بكراهة التّثاؤب ‪ .‬فمن اعتراه‬
‫ذلك ‪ ،‬فليكظمه ‪ ،‬وليردّه قدر الطّاقة ‪ .‬لقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ « :‬فليردّه ما استطاع » كأن يطبق‬
‫شفتيه أو نحو ذلك ‪ .‬فإذا لم يستطع وضع يده على‬
‫فمه ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬إذا تثاءب‬
‫ن‬
‫شيطا َ‬‫ن ال ّ‬‫مسك بيده على فمه ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫أحدكم فلْي ُ ْ‬
‫ل ما يستر الفم كخرقة‬ ‫ل » ويقوم مقام اليد ك ّ‬ ‫خ ُ‬‫يَد ْ ُ‬
‫م يخفض صوته‬ ‫ما يحصل به المقصود ‪ .‬ث ّ‬ ‫أو ثوب م ّ‬
‫ول يعوي ‪ ،‬لما رواه ابن ماجه من طريق عبد اللّه‬
‫بن سعيد المقبريّ عن أبيه عن رسول اللّه صلى‬
‫الله عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬إذا تثاءب أحدكم فليضع‬
‫شيطان يضحك منه‬ ‫ن ال ّ‬
‫يده على فيه ‪ ،‬ول يعوي ‪ ،‬فإ ّ‬
‫م يمسك عن التّمطّي والتّلوّي الّذي يصاحب‬ ‫»ث ّ‬
‫شيطان ‪ .‬وقد روي ‪ « :‬أنّه‬ ‫بعض النّاس ‪ ،‬لنّه من ال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم كان ل يتمطّى ‪ ،‬لنّه من‬
‫شيطان » ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬‫التّثاؤب في ال ّ‬
‫صلة مكروه ‪ ،‬لخبر مسلم ‪ « :‬إذا‬ ‫‪ - 3‬التّثاؤب في ال ّ‬
‫ن‬
‫صلة فليكظمه ما استطاع ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫تثاءب أحدكم في ال ّ‬

‫‪289‬‬
‫شيطان يدخل منه » ‪ ،‬وهذا إذا أمكن دفعه ‪ ،‬فإذا‬ ‫ال ّ‬
‫لم يمكن دفعه فل كراهة ‪ ،‬ويغطّي فمه بيده‬
‫اليسرى ‪ ،‬وقيل ‪ :‬بإحدى يديه ‪ .‬وهو رأي الحنفيّة‬
‫شافعيّة ‪ .‬ول شيء فيه عند المالكيّة والحنابلة ‪،‬‬ ‫وال ّ‬
‫صلة ما استطاع ‪ ،‬فإذا‬ ‫ويندب كظم التّثاؤب في ال ّ‬
‫لم يستطع وضع يده على فمه للحديث ‪.‬‬
‫التّثاؤب في قراءة القرآن ‪:‬‬
‫‪ - 4‬ذكر الفقهاء من آداب قراءة القرآن أل ّ يقرأ‬
‫القرآن في حال شغل قلبه وعطشه ونعاسه ‪ ،‬وأن‬
‫يغتنم أوقات نشاطه ‪ ،‬وإذا تثاءب ينبغي أن يمسك‬
‫م يقرأ ‪ ،‬لئلّ‬ ‫عن القراءة حتّى ينقضي التّثاؤب ‪ ،‬ث ّ‬
‫ل‬‫يتغيّر نظم قراءته ‪ ،‬قال مجاهد ‪ :‬وهو حسن ويد ّ‬
‫عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه‬
‫قال ‪ :‬قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬إذا‬
‫ن‬‫تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه ‪ ،‬فإ ّ‬
‫شيطان يدخل » ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫================‬
‫تثليث *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّثليث ‪ :‬مصدر ثلّث ‪ ،‬ويختلف معناه في اللّغة‬
‫شيء ‪:‬‬ ‫باختلف مواضع استعماله ‪ ،‬يقال ‪ :‬ثلّث ال ّ‬
‫سمه ثلثة أقسام ‪ ،‬وثلّث الّزرع ‪ :‬سقاه‬ ‫جّزأه وق ّ‬
‫شراب ‪ :‬طبخه حتّى ذهب ثلثه أو‬ ‫الثّالثة ‪ ،‬وثلّث ال ّ‬
‫ما في‬ ‫ة بنفسه ‪ .‬أ ّ‬ ‫ثلثاه ‪ ،‬وثلّث الثنين ‪ :‬صيّرهما ثلث ً‬
‫اصطلح الفقهاء ‪ :‬فيطلقونه على تكرار المر ثلث‬
‫مّرات ‪ ،‬وعلى العصير الّذي ذهب بالطّبخ ثلثه أو‬
‫ثلثاه ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬
‫الحكم الجمال ّ‬

‫‪290‬‬
‫يختلف حكم التّثليث باختلف مواطنه على النّحو‬
‫التّالي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التّثليث في الوضوء ‪:‬‬
‫مة الثّلثة ‪،‬‬‫ن التّثليث في الوضوء عند الئ ّ‬ ‫‪ - 2‬يس ّ‬
‫وهو رواية عن المالكيّة ‪ ،‬وذلك بتكرار غسل الوجه‬
‫واليدين والّرجلين إلى ثلث مّرات مستوعبات ‪ .‬وهو‬
‫ب في المشهور من مذهب المالكيّة ‪ .‬وقيل ‪:‬‬ ‫مستح ّ‬
‫الغسلة الثّانية سنّة ‪ ،‬والثّالثة فضيلة ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫ما الّرجلن ففي تثليث غسلهما في‬ ‫العكس ‪ .‬أ ّ‬
‫الوضوء عند المالكيّة قولن مشهوران ‪:‬‬
‫ن الّرجلين كالوجه واليدين ‪ ،‬فتغسل ك ّ‬
‫ل‬ ‫الوّل ‪ :‬أ ّ‬
‫واحدة ثلثا ً وهو المعتمد ‪.‬‬
‫ن فرض الّرجلين في الوضوء‬ ‫والقول الثّاني ‪ :‬أ ّ‬
‫النقاء من غير تحديد ‪.‬‬
‫ن التّثليث في مسح الّرأس عند الحنفيّة ‪،‬‬ ‫ول يس ّ‬
‫ما عند المالكيّة‬ ‫صحيح من مذهب الحنابلة ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫وفي ال ّ‬
‫ة في مسح الّرأس ل فضيلة‬ ‫فقيل ‪ :‬رد ّ اليدين ثالث ً‬
‫ة‬
‫ن رد ّ اليدين ثالث ً‬‫فيه ‪ ،‬وذهب أكثر علمائهم إلى أ ّ‬
‫فضيلة إذا كان في اليدين بلل ‪ ،‬ول يستأنف الماء‬
‫للثّانية ول للثّالثة ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة ‪ ،‬والحنابلة في رواية إلى أ ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ن التّثليث‬‫ن في مسح الّرأس ‪ ،‬بل يس ّ‬ ‫التّثليث يس ّ‬
‫شافعيّة في المسح على الجبيرة ‪ ،‬والعمامة ‪،‬‬ ‫عند ال ّ‬
‫سنن إلّ‬ ‫سواك ‪ ،‬والتّسمية ‪ ،‬وكذا في باقي ال ّ‬ ‫وفي ال ّ‬
‫ف ‪ ،‬وكذا تثليث النّيّة في قول‬ ‫في المسح على الخ ّ‬
‫شافعيّة ‪ .‬وذهب ابن سيرين إلى مسح‬ ‫لبعض ال ّ‬
‫الّرأس مّرتين ‪.‬‬
‫والصل فيما ذكر ‪ ،‬ما رواه ابن عبّاس رضي الله‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ضأ النّب ّ‬‫عنهما ‪ ،‬قال ‪ « :‬تو ّ‬

‫‪291‬‬
‫مّرة ً مّرة ً » أخرجه البخاريّ ‪ .‬وروى عثمان رضي‬
‫ضأ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم « تو ّ‬ ‫ن النّب ّ‬
‫الله عنهما أ ّ‬
‫ثلثا ً ثلثا ً » ‪.‬‬
‫م الّزيادة على الثّلث المستوعبة مع اعتقاد سنّيّة‬ ‫ث ّ‬
‫صحيح‬ ‫الثّلث ل بأس بها عند الحنفيّة في رواية ‪ .‬وال ّ‬
‫مة الثّلثة ‪ ،‬وهو رواية عن الحنفيّة ‪ :‬أنّها‬ ‫عند الئ ّ‬
‫تكره ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّثليث في الغسل ‪:‬‬
‫مة الثّلثة‬ ‫ن التّثليث في الغسل عند الئ ّ‬ ‫‪ - 3‬يس ّ‬
‫قه اليمن‬ ‫مش ّ‬ ‫كالوضوء ‪ ،‬فيغسل رأسه ثلثا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫م شّقه اليسر ثلثا ً ‪.‬‬ ‫ثلثا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫ب في‬ ‫ن التّثليث مستح ّ‬ ‫وذهب المالكيّة إلى أ ّ‬
‫الغسل ‪ ،‬وإن لم تكف الثّلث زاد إلى الكفاية ‪.‬‬
‫والصل في هذا الباب ‪ ،‬ما روته عائشة رضي الله‬
‫ي صلى الله عليه وسلم إذا‬ ‫تعالى عنها « كان النّب ّ‬
‫ضأ وضوءه‬ ‫اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلثا ً ‪ ،‬وتو ّ‬
‫ن أنّه قد‬ ‫م يخلّل شعره بيده ‪ ،‬حتّى إذا ظ ّ‬ ‫صلة ‪ ،‬ث ّ‬ ‫لل ّ‬
‫م غسل‬ ‫روى بشرته أفاض الماء عليه ثلث مّرات ‪ ،‬ث ّ‬
‫سائر جسده » ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التّثليث في غسل الميّت ‪:‬‬
‫مة‬‫ب التّثليث في غسل الميّت عند الئ ّ‬ ‫‪ - 4‬يستح ّ‬
‫ن عند الحنفيّة ‪ ،‬واتّفقوا على جواز‬ ‫الثّلثة ‪ ،‬ويس ّ‬
‫ن المقصود في غسل الميّت‬ ‫الّزيادة عليه ‪ ،‬ل ّ‬
‫النّظافة والنقاء ‪ ،‬فإن لم يحصل التّنظيف بالغسلت‬
‫الثّلث زيد عليها حتّى يحصل ‪ ،‬مع جعل الغسلت‬
‫وترا ً ‪.‬‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫شيخين ‪ « :‬أ ّ‬ ‫والصل فيما ذكر ‪ ،‬خبر ال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال لغاسلت ابنته زينب‬
‫رضي الله تعالى عنها ‪ :‬ابدأن بميامنها ومواضع‬

‫‪292‬‬
‫الوضوء منها ‪ ،‬واغسلنها ثلثا ً أو خمسا ً أو سبعا ً ‪ ،‬أو‬
‫ن ذلك بماء وسدر ‪ ،‬واجعلن‬ ‫أكثر من ذلك إن رأيت ّ‬
‫في الخرة كافورا ً ‪ ،‬أو شيئا ً من كافور » ‪ .‬وكذا‬
‫ب التّثليث ‪ ،‬وتجوز الّزيادة عليه عند جمهور‬ ‫يستح ّ‬
‫الفقهاء في تجمير الميّت وكفن الميّت ‪ ،‬والميّت‬
‫عند موته ‪ ،‬وسريره الّذي يوضع فيه ‪.‬‬
‫والصل فيما ذكر ‪ ،‬ما روي عنه عليه الصلة‬
‫والسلم « إذا أجمرتم الميّت فأجمروه ثلثا ً » ‪.‬‬
‫ي‪«:‬‬ ‫وفي لفظ « فأوتروا » ‪ .‬وفي لفظ البيهق ّ‬
‫مروا كفن الميّت ثلثا ً » ‪.‬‬ ‫ج ِّ‬
‫د ‪ -‬التّثليث في الستجمار والستبراء ‪:‬‬
‫ن الواجب في‬ ‫‪ - 5‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ‬
‫الستجمار النقاء دون العدد ‪ .‬ومعنى النقاء هنا هو‬
‫إزالة عين النّجاسة وبلّتها ‪ ،‬بحيث يخرج الحجر نقيّا ً ‪،‬‬
‫ما التّثليث‬ ‫وليس عليه أثر إل ّ شيئا ً يسيرا ً ‪ .‬وأ ّ‬
‫ب عندهم وإن حصل النقاء باثنين ‪ ،‬بينما‬ ‫فمستح ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة في الستجمار أمرين ‪:‬‬ ‫يشترط ال ّ‬
‫النقاء وإكمال الثّلثة ‪ ،‬أيّهما وجد دون صاحبه لم‬
‫يكف ‪ ،‬والحجر الكبير الّذي له ثلث شعب يقوم‬
‫مقام ثلثة أحجار ‪.‬‬
‫ب نتر الذ ّكر‬ ‫كذلك قال جمهور الفقهاء ‪ :‬بأنّه يستح ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ثلثا ً بعد البول لما روي عن النّب ّ‬
‫وسلم أنّه قال ‪ « :‬إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلثا ً »‬
‫‪.‬‬
‫وتفصيل أحكام الستجمار والستبراء في مصطلحي‬
‫( استنجاء ) و( استبراء ) ‪.‬‬
‫ب التّثليث عند جمهور الحنفيّة في‬ ‫هذا ‪ ،‬ويستح ّ‬
‫غسل النّجاسات غير المرئيّة ‪ ،‬وكذلك إزالة‬

‫‪293‬‬
‫النّجاسات المرئيّة عند بعض الحنفيّة ‪ ،‬وهو رواية‬
‫عن الحنابلة ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬والحنابلة في رواية فل‬ ‫ما المالكيّة وال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫يشترطون العدد فيما سوى نجاسة ولوغ الكلب ‪.‬‬
‫ونجاسة الخنزير كنجاسة الكلب في ذلك عند‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫سجود ‪:‬‬ ‫هـ – التّثليث في تسبيحات الّركوع وال ّ‬
‫مة الثّلثة في تسبيح‬ ‫ن التّثليث عند الئ ّ‬ ‫‪ – 6‬يس ّ‬
‫الّركوع ‪ ،‬وهو " سبحان ربّي العظيم " ‪ .‬وتسبيح‬
‫ب‬ ‫سجود ‪ ،‬وهو " سبحان ربّي العلى " ‪ .‬وتستح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عندهم الّزيادة على الثّلث بعد أن يختم على وتر ‪،‬‬
‫خمس ‪ ،‬أو سبع ‪ ،‬أو تسع عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬أو‬
‫شافعيّة ‪ .‬هذا إذا كان منفردا ً ‪،‬‬ ‫إحدى عشرة عند ال ّ‬
‫ل‬‫ما المام فل ينبغي له أن يطوّل على وجه يم ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫شافعيّة تكره للمام الّزيادة على‬ ‫القوم ‪ ،‬وعند ال ّ‬
‫الثّلث ‪.‬‬
‫والصل في هذا ما رواه ابن مسعود رضي الله‬
‫تعالى عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه‬
‫قال ‪ « :‬إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه ‪ :‬سبحان‬
‫م ركوعه ‪ ،‬وذلك أدناه ‪ .‬ومن‬ ‫ربّي العظيم ثلثا ً فقد ت ّ‬
‫قال في سجوده ‪ :‬سبحان ربّي العلى ثلثا ً فقد ت ّ‬
‫م‬
‫ما عند المالكيّة فيندب‬ ‫سجوده ‪ ،‬وذلك أدناه » ‪ .‬وأ ّ‬
‫بأي لفظ كان ‪ ،‬ولم‬ ‫ّ‬ ‫سجود‬ ‫التّسبيح في الّركوع وال ّ‬
‫يحدّوا فيه حدّا ً ‪ ،‬ول دعاءً مخصوصا ً ‪.‬‬
‫و ‪ -‬التّثليث في الستئذان ‪:‬‬
‫ن أنّه لم‬
‫‪ - 7‬إذا استأذن شخص على آخر وظ ّ‬
‫ن‬
‫يسمع ‪ ،‬فاتّفق الفقهاء على جواز التّثليث ‪ ،‬ويس ّ‬
‫مة الثّلثة ‪.‬‬ ‫عدم الّزيادة على الثّلث عند الئ ّ‬

‫‪294‬‬
‫وقال المام مالك ‪ :‬له الّزيادة على الثّلث حتّى‬
‫يتحّقق من سماعه ‪.‬‬
‫ما إذا استأذن فتحّقق أنّه لم يسمع ‪ ،‬فاتّفقوا على‬ ‫وأ ّ‬
‫جواز الّزيادة على الثّلث وتكرير الستئذان حتّى‬
‫يتحّقق إسماعه ‪.‬‬
‫=================‬
‫تثويب *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّثويب ‪ :‬مصدر ثوّب يثوب ‪ ،‬وثلثيّه ثاب يثوب ‪،‬‬
‫ت‬ ‫بمعنى ‪ :‬رجع ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬وإذ ْ جعلْنا البي َ‬
‫منا ً } أي مكانا ً يرجعون إليه ‪ .‬ومنه‬ ‫َ‬
‫ة للنّاس وأ ْ‬ ‫مثاب ً‬‫َ‬
‫قولهم ‪ :‬ثاب إلى فلن عقله ‪ :‬أي رجع ‪ .‬ومنه أيضا ً ‪:‬‬
‫شخص تعود إليه ‪.‬‬ ‫ن منفعة عمل ال ّ‬ ‫الثّواب ‪ ،‬ل ّ‬
‫صوت وترديده ‪ ،‬ومنه‬ ‫والتّثويب ‪ :‬بمعنى ترجيع ال ّ‬
‫التّثويب في الذان ‪.‬‬
‫صلة‬‫والتّثويب في الصطلح ‪ :‬العود إلى العلم بال ّ‬
‫صلة خير من النّوم " أو‬ ‫بعد العلم الوّل بنحو ‪ " :‬ال ّ‬
‫صلة حاضرة " أو نحو ذلك‬ ‫صلة " أو " ال ّ‬ ‫صلة ال ّ‬‫" ال ّ‬
‫مى تثويبا ً في العهد‬ ‫بأيّ لسان كان ‪ ،‬وقد كانت تس ّ‬
‫ن فيه تكريرا ً لمعنى‬ ‫صحابة ‪ .‬ل ّ‬ ‫النّبويّ وعهد ال ّ‬
‫ي‬‫صلة بقوله ‪ :‬ح ّ‬ ‫ث على ال ّ‬ ‫ما ح ّ‬
‫الحيعلتين ‪ ،‬أو لنّه ل ّ‬
‫ي على الفلح ‪ ،‬عاد إلى‬ ‫م قال ‪ :‬ح ّ‬ ‫صلة ‪ ،‬ث ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫صلة خير من النّوم "‬ ‫صلة بقوله ‪ " :‬ال ّ‬ ‫ث على ال ّ‬ ‫الح ّ‬
‫‪.‬‬
‫وللتّثويب عند الفقهاء ثلثة إطلقات ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التّثويب القديم ‪ ،‬أو التّثويب الوّل ‪ ،‬وهو ‪ :‬زيادة "‬
‫صلة خير من النّوم " في أذان الفجر ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪295‬‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫ي على ال ّ‬ ‫ب ‪ -‬التّثويب المحدث وهو ‪ :‬زيادة ح ّ‬
‫ي على الفلح ‪ ،‬أو عبارة أخرى ‪ .‬حسب ما تعارفه‬ ‫ح ّ‬
‫ل بلدة بين الذان والقامة ‪.‬‬ ‫أهل ك ّ‬
‫ص به بعض من يقوم بأمور‬ ‫ج ‪ -‬ما كان يخت ّ‬
‫المسلمين ومصالحهم من تكليف شخص بإعلمهم‬
‫صلة ‪ ،‬فذلك العلم أو النّداء يطلق عليه‬ ‫بوقت ال ّ‬
‫أيضا ً ( تثويب ) ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬النّداء ‪:‬‬
‫صوت بما له معنًى‬ ‫‪ - 2‬النّداء بمعنى ‪ :‬الدّعاء ورفع ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الدّعاء ‪:‬‬
‫صوت‬ ‫‪ - 3‬الدّعاء بمعنى ‪ :‬الطّلب ‪ ،‬ويكون برفع ال ّ‬
‫وخفضه ‪ ،‬كما يقال ‪ :‬دعوته من بعيد ‪ ،‬ودعوت اللّه‬
‫م من النّداء والتّثويب ‪.‬‬ ‫في نفسي ‪ .‬فهو أع ّ‬
‫ج ‪ -‬التّرجيع ‪:‬‬
‫شهادتين مّرةً‬ ‫جع في أذانه إذا أتى بال ّ‬ ‫‪ - 4‬يقال ‪ :‬ر ّ‬
‫خفضا ً ومّرةً رفعا ً ‪ ،‬فالتّثويب والتّرجيع يتّفقان في‬
‫ن مح ّ‬
‫ل‬ ‫العود والتّكرير ‪ ،‬ولكنّهما يختلفان في أ ّ‬
‫صلة خير من النّوم‬ ‫التّثويب وهو قول المؤذ ّن ‪ " :‬ال ّ‬
‫ما التّرجيع‬
‫" في أذان الفجر عند أكثر الفقهاء ‪ ،‬أ ّ‬
‫شهادتين فذلك في الذان لجميع‬ ‫بمعنى تكرار ال ّ‬
‫صلوات عند من يقول به ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي ومواطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫ي للتّثويب باختلف‬ ‫‪ - 5‬يختلف الحكم الجمال ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫إطلقاته وباختلف أوقات ال ّ‬
‫ما التّثويب في القديم ‪ ،‬أو التّثويب الوّل ‪ ،‬وهو‬ ‫أ ّ‬
‫صلة خير من النّوم " مّرتين بعد‬ ‫زيادة عبارة ‪ " :‬ال ّ‬
‫ح عند‬ ‫الحيعلتين في أذان الفجر أو بعده ( على الص ّ‬

‫‪296‬‬
‫بعض الحنفيّة ) فسنّة عند جميع الفقهاء ‪ ،‬وجائزة‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫في العشاء عند بعض الحنفيّة وبعض ال ّ‬
‫شافعيّة في جميع الوقات ‪.‬‬ ‫وأجازه بعض ال ّ‬
‫ما عند المالكيّة والحنابلة فمكروه في غير الفجر ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة ‪.‬‬‫وهو المذهب عند الحنفيّة وال ّ‬
‫التّثويب في أذان الفجر ‪:‬‬
‫مد‬‫‪ - 6‬من المقّرر عند الفقهاء ‪ -‬عدا أبي حنيفة ومح ّ‬
‫ن المشروع للفجر أذانان ‪ :‬أحدهما‬ ‫بن الحسن ‪ -‬أ ّ‬
‫ووي ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫قبل وقتها والثّاني عند وقتها ‪ .‬وقد قال الن ّ‬
‫ل أذان‬ ‫ظاهر إطلق الصحاب أنّه يشرع في ك ّ‬
‫البغوي في‬
‫ّ‬ ‫صبح سواء ما قبل الفجر وبعده ‪ .‬وقال‬ ‫لل ّ‬
‫التّهذيب ‪ :‬إن ثوّب في الذان الوّل لم يثوّب في‬
‫ح الوجهين ‪ .‬ومن مراجعة كتب بقيّة‬ ‫الثّاني في أص ّ‬
‫الفقهاء القائلين بمشروعيّة أذانين للفجر تبيّن أنّهم‬
‫ن التّثويب يشرع في الذان الوّل أو‬ ‫لم يصّرحوا بأ ّ‬
‫الثّاني أو في كليهما ‪ ،‬فالظّاهر أنّه يكون في الذانين‬
‫ووي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كما استظهر الن ّ‬
‫ما التّثويب المحدث وهو الّذي استحدثه علماء‬ ‫‪ -7‬وأ ّ‬
‫ي على‬ ‫الكوفة من الحنفيّة ‪ ،‬وهو زيادة عبارة " ح ّ‬
‫ي على الفلح مّرتين " بين الذان‬ ‫صلة ‪ ،‬ح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫والقامة في الفجر أو زيادة عبارة بحسب ما‬
‫صلة "‬ ‫صلة ال ّ‬ ‫ل بلدة بالتّنحنح أو " ال ّ‬ ‫يتعارفه أهل ك ّ‬
‫أو " قامت ‪ ،‬قامت " أو غير ذلك فمستحسن عند‬
‫خرين‬ ‫ن المتأ ّ‬ ‫متقدّمي الحنفيّة في الفجر فقط ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ما تخصيص‬ ‫صلوات كلّها ‪ .‬وأ ّ‬ ‫منهم استحسنوه في ال ّ‬
‫من يقوم بأمور المسلمين ومصالحهم كالمام‬
‫صلة‬ ‫ونحوه بتكليف شخص ليقوم بإعلمه بوقت ال ّ‬
‫فجائز عند أبي يوسف من الحنفيّة ‪ ،‬وهو قول‬
‫شافعيّة وبعض المالكيّة ‪ ،‬وكذلك عند الحنابلة إن‬ ‫لل ّ‬

‫‪297‬‬
‫مد‬‫لم يكن المام ونحوه قد سمع الذان وكرهه مح ّ‬
‫بن الحسن وبعض المالكيّة ‪.‬‬
‫=================‬
‫تجديد *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ -1‬التّجديد في اللّغة مصدر ‪ :‬جدّد ‪ ،‬والجديد ‪ :‬خلف‬
‫القديم ‪ .‬ومنه ‪ :‬جدّد وضوءه ‪ ،‬أو عهده أو ثوبه ‪ :‬أي‬
‫ي ل يخرج عن هذا‬ ‫شرع ّ‬ ‫صيّره جديدا ً ‪ .‬والصطلح ال ّ‬
‫المعنى ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬
‫الحكم التّكليف ّ‬
‫‪ -2‬يختلف حكم التّجديد باختلف موضعه ‪ :‬فتجديد‬
‫ب على‬ ‫الوضوء سنّة عند جمهور الفقهاء ‪ ،‬أو مستح ّ‬
‫حهما‬ ‫اختلف اصطلحاتهم ‪ .‬وعن أحمد روايتان ‪ :‬أص ّ‬
‫توافق الجمهور ‪ ،‬والخرى أنّه ل فضل فيه ‪.‬‬
‫شافعيّة للستحباب ‪ :‬أن يصلّي بالوّل‬ ‫واشترط ال ّ‬
‫ن‬
‫ل به صلةً فل يس ّ‬ ‫صلة ً ولو ركعتين ‪ ،‬فإن لم يص ّ‬
‫ح وضوءه ‪ ،‬لنّه‬ ‫التّجديد ‪ ،‬فإن خالف وفعل لم يص ّ‬
‫غير مطلوب ‪.‬‬
‫ويشترط الحناف أن يفصل بين الوضوءين بمجلس‬
‫أو صلة ‪ ،‬فإن لم يفصل بذلك كره ‪ ،‬ونقل عن‬
‫بعضهم مشروعيّة التّجديد ‪ ،‬وإن لم يفصل بصلة أو‬
‫مجلس ‪.‬‬
‫واشترط المالكيّة لستحباب التّجديد أن يفعل بالوّل‬
‫صلة ‪ ،‬ودليل مشروعيّته‬ ‫عبادة ً ‪ :‬كالطّواف أو ال ّ‬
‫ضأ على طهر كتب له عشر‬ ‫حديث ‪ « :‬من تو ّ‬
‫ل صلة ‪،‬‬ ‫ضئون لك ّ‬ ‫حسنات » وقد كان الخلفاء يتو ّ‬
‫ي رضي الله عنه يفعله ويتلو قوله تعالى ‪:‬‬ ‫وكان عل ّ‬
‫سلُوا‬‫صلة فاغْ ِ‬‫{ يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى ال ّ‬
‫وجوهَكم ‪ } ...‬الية ولنّه كان يجب الوضوء في أوّل‬

‫‪298‬‬
‫ل صلة فنسخ وجوبه ‪ ،‬وبقي أصل‬ ‫السلم لك ّ‬
‫الطّلب ر ‪ :‬مصطلح ( وضوء ) ‪.‬‬
‫تجديد الماء لمسح الذنين ‪:‬‬
‫ن تجديد الماء لمسح‬ ‫ي إلى أ ّ‬ ‫شافع ّ‬‫‪ - 3‬ذهب ال ّ‬
‫صحيح‬ ‫سنّة إل ّ به ‪ ،‬وهو ال ّ‬‫الذنين سنّة ‪ ،‬ول تحصل ال ّ‬
‫ل من الحنابلة والمالكيّة ‪.‬‬ ‫عند ك ّ‬
‫سنّة هي ‪ :‬مسحهما بماء‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫الّرأس في المشهور من المذهب ‪.‬‬
‫تجديد العصابة والحشو للستحاضة ‪:‬‬
‫ح عندهم إلى أنّه يجب‬ ‫شافعيّة في الص ّ‬ ‫‪ - 4‬ذهب ال ّ‬
‫على المستحاضة تجديد العصابة والحشو عند ك ّ‬
‫ل‬
‫صلة ‪ ،‬قياسا ً على الوضوء ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ل تجب عليها ‪،‬‬
‫لنّه ل معنى لزالة النّجاسة مع استمرارها ‪ ،‬وهذا إذا‬
‫لم يظهر الدّم على جوانب العصابة ‪ ،‬ولم تزل‬
‫ما إذا ظهر الدّم على جوانب‬ ‫العصابة عن محلّها ‪ .‬أ ّ‬
‫العصابة أو زالت عن محلّها ‪ ،‬فإنّه يجب التّجديد قولً‬
‫واحدا ً عندهم ‪.‬‬
‫وعند الحنابلة ‪ :‬ل يلزمها إعادة شد ّ العصابة وغسل‬
‫شد ّ ‪ .‬وصّرح‬‫ل صلة ‪ ،‬إذا لم تفّرط في ال ّ‬ ‫الدّم لك ّ‬
‫بعض فقهاء الحنفيّة باستحباب الحشو أو العصابة‬
‫في المستحاضة وغيرها من أصحاب العذار تقليلً‬
‫صوا على مسألة التّجديد ‪،‬‬ ‫للنّجاسة ‪ ،‬ولم ين ّ‬
‫ومقتضاه عدم وجوبه لعدم وجوب أصل العصابة ‪.‬‬
‫ولم نجد للمالكيّة تصريحا ً بهذه المسألة‬
‫تجديد نكاح المرتدّة ‪:‬‬
‫ن المرأة إذا ارتدّت ‪ ،‬ولم‬ ‫‪ - 5‬ذهب الجمهور إلى أ ّ‬
‫ترجع إلى السلم بعد الستتابة تقتل ‪ ،‬وقال الحنفيّة‬
‫‪ :‬ل تقتل ‪ ،‬بل تحبس إلى أن تموت ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫وذهب بعض فقهاء الحنفيّة إلى أنّه إذا ارتدّت المرأة‬
‫المتزوجة ‪ ،‬تجبر على السلم وتجديد النّكاح مع‬ ‫ّ‬
‫زوجها ‪ ،‬ولو بغير رضاها ‪ ،‬إذا رغب زوجها في ذلك ‪.‬‬
‫ول يجوز لها إذا رجعت إلى السلم أن تتزوّج غيره ‪،‬‬
‫ل قاض أن يجدّد النّكاح بمهر يسير ‪ .‬والتّفصيل‬ ‫ولك ّ‬
‫في مصطلح ( ردّة ) ‪.‬‬
‫وإذا ارتد ّ أحد الّزوجين عن السلم بعد الدّخول‬
‫انفسخ النّكاح من حين الّردّة عند الحنفيّة‬
‫والمالكيّة ‪ ،‬فإن عاد المرتد ّ منهما إلى السلم ‪،‬‬
‫ة وجب تجديد العقد ‪ .‬وذهب‬ ‫وكانت العدّة قائم ً‬
‫ن النّكاح موقوف إلى‬ ‫شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫انقضاء العدّة ‪ ،‬فإن عاد المرتد ّ منهما إلى السلم ‪،‬‬
‫وهي في العدّة فهما على النّكاح الوّل ‪ .‬وإن لم يعد‬
‫انفسخ النّكاح من حين الّردّة ‪ ،‬وتبدأ العدّة منذ الّردّة‬
‫‪ .‬وتفصيل ذلك في مصطلح ( ردّة ) ‪.‬‬
‫=============‬
‫تجهيز *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬تهيئة ما يحتاج إليه ‪ .‬يقال ‪ :‬جهّزت‬ ‫‪ - 1‬التّجهيز لغ ً‬
‫المسافر ‪ :‬إذا هيّأت له جهاز سفره ‪ .‬ويطلق أيضاً‬
‫على تجهيز العروس والميّت والغزاة ‪ ،‬ويقال ‪:‬‬
‫جهّزت على الجريح ‪ -‬بالتّثقيل ‪ -‬إذا أتممت عليه‬
‫وأسرعت قتله ‪ ،‬وذلك للمبالغة ( ومثله أجهزت )‬
‫وفعله من باب نفع ‪ ،‬ويأتي على وزن أفعل ‪ .‬ول‬
‫غوي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يخرج استعمال الفقهاء عن المعنى الل ّ‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬العداد ‪:‬‬
‫م من‬ ‫‪ - 2‬العداد ‪ :‬التّهيئة والحضار ‪ .‬فالتّجهيز أع ّ‬
‫ن التّجهيز يشمل العداد وغيره ‪.‬‬ ‫العداد ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪300‬‬
‫ب ‪ -‬التّزويد ‪:‬‬
‫زودته أعطيته زادا ً ‪ ،‬فهو أخ ّ‬
‫ص‬ ‫‪ - 3‬التّزويد ‪ :‬مصدر ّ‬
‫ن التّجهيز يكون بالطّعام وغيره ‪ ،‬أ ّ‬
‫ما‬ ‫من التّجهيز ‪ .‬ل ّ‬
‫التّزويد فهو بإعداد الّزاد أو إعطائه ‪.‬‬
‫الحكام المتعلّقة بالتّجهيز ‪:‬‬
‫ويتكلّم الفقهاء في تجهيز العروس والمجاهدين‬
‫والميّت ‪ ،‬على من يجب ‪ ،‬والحكم فيه ‪ ،‬ومقداره ‪،‬‬
‫وبيان ذلك فيما يأتي ‪:‬‬
‫تجهيز العروس ‪:‬‬
‫ي ‪ :‬عدم إجبار المرأة على الجهاز‬ ‫شافع ّ‬ ‫‪ - 4‬مذهب ال ّ‬
‫‪ ،‬وهو المفهوم من نصوص الحنابلة ‪ ،‬فل تجبر هي‬
‫ول غيرها على التّجهيز ‪ ،‬فقد جاء في منتهى‬
‫مى ‪ ،‬ولها‬ ‫الرادات ‪ :‬وتملك زوجة بعقد جميع المس ّ‬
‫نماء معيّن كدار والتّصّرف فيه ‪.‬‬
‫ي عن الّزاهديّ في‬ ‫ما الحنفيّة ‪ :‬فقد نقل الحصكف ّ‬ ‫أ ّ‬
‫القنية ‪ :‬أنّه لو زفّت الّزوجة إلى الّزوج بل جهاز يليق‬
‫به فله مطالبة الب بالنّقد ‪ .‬وزاد في البحر عن‬
‫المنتقى ‪ :‬إل ّ إذا سكت طويل ً فل خصومة له ‪ .‬لكن‬
‫صحيح أنّه ل يرجع على‬ ‫في النّهر عن البّزازيّة ‪ :‬ال ّ‬
‫ن المال في النّكاح غير مقصود ‪.‬‬ ‫الب بشيء ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن هذا إذا‬ ‫ن الب هو الّذي يجهّز ‪ ،‬لك ّ‬ ‫ومفهوم هذا أ ّ‬
‫كان هو الّذي قبض المهر ‪ ،‬فإن كانت الّزوجة هي‬
‫الّتي قبضته فهي الّتي تطالب به على القول بوجوب‬
‫الجهاز ‪ ،‬وهو بحسب العرف والعادة ‪.‬‬
‫ل من صداقها قبل‬ ‫وقال المالكيّة ‪ :‬إذا قبضت الحا ّ‬
‫بناء الّزوج بها فإنّه يلزمها أن تتجهّز به على العادة‬
‫من حضر أو بدو ‪ ،‬حتّى لو كان العرف شراء دار‬
‫لزمها ذلك ‪ ،‬ول يلزمها أن تتجهّز بأزيد منه ‪ .‬ومثل‬
‫جل وكان نقدا ً ‪.‬‬ ‫جل لها المؤ ّ‬ ‫صداق ما إذا ع ّ‬ ‫ل ال ّ‬‫حا ّ‬

‫‪301‬‬
‫خر القبض عن البناء لم يلزمها التّجهيز سواء‬ ‫وإن تأ ّ‬
‫ل ‪ ،‬إل ّ لشرط أو عرف ‪ ( .‬أي فإنّه‬ ‫أكان حاّل ً أم ح ّ‬
‫شرط أو العرف ) ‪.‬‬ ‫يلزمها التّجهيز لل ّ‬
‫تجهيز الغزاة ‪:‬‬
‫‪ - 5‬يجب على المسلمين أن ل يعطّلوا الجهاد في‬
‫سبيل اللّه ‪ ،‬وأن يجهّزوا لذلك الغزاة بما يلزمهم من‬
‫عدّة وعتاد وزاد ‪ ،‬لقول اللّه تعالى ‪ { :‬وأَنِْفُقوا في‬
‫ل اللّهِ ول تُلقوا بأيديكم إلى التَّهْلُكَةِ } وقوله عّز‬ ‫سبي ِ‬
‫عدُّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ ومن‬ ‫ل ‪ { :‬وأ َ ِ‬ ‫وج ّ‬
‫خرين‬ ‫ل تُْرهبون به عدوَّ اللّه وعدوَّكم وآ َ‬ ‫ط الخي ِ‬ ‫ِربا ِ‬
‫ه يَعْلَمهم وما تُنفقوا من‬ ‫مونهم الل ّ ُ‬ ‫من دونهم ل تَعْل َ ُ‬
‫ف إليكم وأنتم ل تُظْلمون }‬ ‫ل اللّه يُوَ َّ‬ ‫شيء في سبي ِ‬
‫وتجهيز الغزاة واجب المسلمين جميعا ً ‪ ،‬حكّاماً‬
‫ي‬
‫ومحكومين ‪ ،‬وهو من أعظم القرب لقول النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من جهّز غازيا ً في سبيل‬
‫اللّه فقد غزا » ومن المصادر الّتي يمكن تجهيز‬
‫الغزاة منها ‪ :‬الّزكاة من صنف ( سبيل اللّه ) ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ‬ ‫وقد ذهب المالكيّة وال ّ‬
‫الغزاة يعطون من الّزكاة مطلقا ً ‪ ،‬ولو كانوا أغنياء ‪.‬‬
‫من يجب‬ ‫ن المالكيّة قيّدوه بأن يكون المعطون م ّ‬ ‫لك ّ‬
‫عليهم الجهاد ‪.‬‬
‫شافعيّة بأل ّ تكون أسماؤهم في ديوان الجند‬ ‫وقيّده ال ّ‬
‫ن الغازي يعطى من الّزكاة إذا‬ ‫‪ .‬وذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫كان من منقطعي الغزاة ‪ ،‬وهم الّذين عجزوا عن‬
‫اللتحاق بجيش السلم لفقرهم ‪.‬‬
‫وسبب اختلفهم في هذا هو اختلفهم في تفسير‬
‫صدقات ‪ { :‬وفي سبيل‬ ‫قوله تعالى في مصارف ال ّ‬
‫اللّه } وفي ذلك تفصيل يرجع إليه في مصطلح‬
‫( زكاة ) ‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫تجهيز الميّت ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫‪ - 6‬يجب تجهيز الميّت ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن سترته واجبة في الحياة ‪ ،‬فهي‬ ‫وسلم أمر به ‪ ،‬ول ّ‬
‫واجبة كذلك بالكفن في الممات ‪.‬‬
‫ن تجهيز الميّت فرض كفاية إذا‬ ‫واتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫قام به البعض سقط عن الباقين ‪ .‬ونفقات التّجهيز‬
‫تكون من تركة الميّت إن ترك مال ً ‪ ،‬وتقدّم على‬
‫ديونه ووصيّته وإرثه ‪ ،‬إل ّ أعيان التّركة الّتي تعلّق بها‬
‫ق للغير ‪ ،‬كعين الّرهن والمبيع ونحوهما ‪ .‬فإن لم‬ ‫ح ّ‬
‫يكن له مال ‪ ،‬وجب تجهيزه على من تجب عليه‬
‫نفقته في حال حياته ‪ ،‬فإن لم يوجد أحد من هؤلء ‪،‬‬
‫وجب تجهيزه في بيت مال المسلمين إن وجد ‪ ،‬فإن‬
‫لم يوجد أو كان موجودا ً ولم يمكن الخذ فتجهيزه‬
‫على المسلمين فرض كفاية ‪.‬‬
‫ول يجب على الّزوجة تجهيز زوجها المتوفّى عنها بل‬
‫خلف ‪ .‬وفي وجوب تجهيز الّزوج لزوجته المتوفّاة ‪،‬‬
‫خلف يرجع إليه مع تفصيل البحث في مصطلح ‪:‬‬
‫( جنائز ) ‪.‬‬
‫==============‬
‫تجويد *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫شيء جيّدا ً ‪ .‬والجيّد ‪ :‬ضدّ‬ ‫ة ‪ :‬تصيير ال ّ‬ ‫‪ -1‬التّجويد لغ ً‬
‫الّرديء ‪ ،‬يقال ‪ :‬جوّد فلن كذا ‪ :‬أي فعله جيّدا ً ‪،‬‬
‫ة من الّرداءة في‬ ‫وجوّد القراءة ‪ :‬أي أتى بها بريئ ً‬
‫النّطق ‪.‬‬
‫قه ومستحّقه ‪.‬‬ ‫ل حرف ح ّ‬ ‫واصطلحا ً ‪ :‬إعطاء ك ّ‬
‫صفة الذ ّاتيّة الثّابتة له‬ ‫والمراد بحقّ الحرف ‪ :‬ال ّ‬
‫شدّة والستعلء ‪ ،‬والمراد بمستحقّ الحرف ‪ :‬ما‬ ‫كال ّ‬
‫صفات الذ ّاتيّة الّلزمة كالتّفخيم ‪،‬‬ ‫ينشأ عن تلك ال ّ‬

‫‪303‬‬
‫ل من الستعلء والتّكرير ‪ ،‬لنّه‬ ‫فإنّه ناشئ عن ك ّ‬
‫يكون في الحرف حال سكونه وتحريكه بالفتح‬
‫م فقط ‪ ،‬ول يكون في حال الكسر ‪ .‬وهذا كلّه‬ ‫ض ّ‬
‫وال ّ‬
‫ل حرف من مخرجه ‪ .‬واعتبره بعضهم‬ ‫بعد إخراج ك ّ‬
‫غير داخل في تعريف التّجويد ‪ ،‬لنّه مطلوب لحصول‬
‫ي القاريّ ‪ :‬ول‬ ‫شيخ عل ّ‬ ‫أصل القراءة ‪ ،‬لكن قال ال ّ‬
‫ن إخراج الحرف من مخرجه أيضا ً داخل في‬ ‫يخفى أ ّ‬
‫الجزري في كتاب‬
‫ّ‬ ‫تعريف التّجويد ‪ ،‬كما صّرح به ابن‬
‫ن المعّرف هو القراءة المجوّدة ‪،‬‬ ‫التّمهيد ‪ ،‬أي ل ّ‬
‫وليس مطلق القراءة ‪ ،‬وتجويد القراءة ل يكون إلّ‬
‫ل حرف من مخرجه ‪ .‬قال ابن الجزريّ ‪:‬‬ ‫بإخراج ك ّ‬
‫التّجويد ‪ :‬إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها مراتبها ‪،‬‬
‫ورد ّ الحرف إلى مخرجه وأصله وإلحاقه بنظيره ‪،‬‬
‫وتصحيح لفظه وتلطيف النّطق به على حال صيغته‬
‫سف ول إفراط‬ ‫وكمال هيئته ‪ ،‬من غير إسراف ول تع ّ‬
‫ول تكلّف ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّلوة ‪ ،‬والداء ‪ ،‬والقراءة ‪:‬‬
‫‪ - 2‬التّلوة اصطلحا ً ‪ :‬قراءة القرآن متتابعا ً كالجزاء‬
‫والسداس ‪.‬‬
‫سماع منهم أو‬ ‫شيوخ بال ّ‬ ‫ما الداء فهو ‪ :‬الخذ عن ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫القراءة بحضرتهم ‪.‬‬
‫م من التّلوة والداء ‪.‬‬ ‫ما القراءة فهي أع ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن التّجويد أمر زائد على هذه اللفاظ‬ ‫ول يخفى أ ّ‬
‫ص منها جميعها ‪.‬‬ ‫الثّلثة ‪ ،‬فهو أخ ّ‬
‫ب ‪ -‬التّرتيل ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬مصدر رتّل ‪ ،‬يقال ‪ :‬رتّل فلن‬ ‫‪ - 3‬التّرتيل لغ ً‬
‫كلمه ‪ :‬إذا أتبع بعضه بعضا ً على مكث وتفهّم من‬
‫غير عجل ‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هو رعاية مخارج الحروف وحفظ‬
‫ي رضي الله عنه حيث‬ ‫الوقوف ‪ .‬وروي نحوه عن عل ّ‬
‫قال ‪ :‬التّرتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف ‪.‬‬
‫ن التّرتيل وسيلة من‬ ‫فالفرق بينه وبين التّجويد ‪ :‬أ ّ‬
‫ن التّجويد يشمل ما يتّصل‬ ‫وسائل التّجويد ‪ ،‬وأ ّ‬
‫صفات الذ ّاتيّة للحروف ‪ ،‬وما يلزم عن تلك‬ ‫بال ّ‬
‫ما التّرتيل فيقتصر على رعاية مخارج‬ ‫صفات ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الحروف وضبط الوقوف لعدم الخلط بين الحروف‬
‫سريعة ‪ ،‬ولذلك أطلق العلماء‬ ‫في القراءة ال ّ‬
‫( التّرتيل ) على مرتبة من مراتب القراءة من حيث‬
‫إتمام المخارج والمدود ‪ ،‬وهو يأتي بعد مرتبة‬
‫مى‬ ‫( التّحقيق ) وأدنى منهما مرتبة وسطى تس ّ‬
‫م ( الحدر ) وهو المرتبة الخيرة ‪.‬‬ ‫( التّدوير ) ث ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫ن الشتغال بعلم التّجويد فرض‬ ‫‪ - 4‬ل خلف في أ ّ‬
‫كفاية ‪.‬‬
‫ما العمل به ‪ ،‬فقد ذهب المتقدّمون من علماء‬ ‫أ ّ‬
‫ن الخذ بجميع أصول‬ ‫القراءات والتّجويد إلى أ ّ‬
‫التّجويد واجب يأثم تاركه ‪ ،‬سواء أكان متعلّقا ً بحفظ‬
‫ما يغيّر مبناها أو يفسد معناها ‪ -‬أم تعلّق‬ ‫الحروف ‪ -‬م ّ‬
‫ما أورده العلماء في كتب التّجويد ‪،‬‬ ‫بغير ذلك م ّ‬
‫كالدغام ونحوه ‪.‬‬
‫الجزري في النّشر نقل ً عن المام‬
‫ّ‬ ‫مد بن‬ ‫قال مح ّ‬
‫شيرازي ‪ :‬حسن الداء فرض في القراءة ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نصر ال ّ‬
‫ق تلوته ‪.‬‬ ‫ويجب على القارئ أن يتلو القرآن ح ّ‬
‫خرون إلى التّفصيل بين ما هو واجب‬ ‫وذهب المتأ ّ‬
‫ي من مسائل التّجويد ‪ ،‬وهو ما يؤدّي تركه إلى‬ ‫شرع ّ‬
‫تغيير المبنى أو فساد المعنى ‪ ،‬وبين ما هو واجب‬
‫ي أي أوجبه أهل ذلك العلم لتمام إتقان‬ ‫صناع ّ‬

‫‪305‬‬
‫القراءة ‪ ،‬وهو ما ذكره العلماء في كتب التّجويد من‬
‫مسائل ليست كذلك ‪ ،‬كالدغام والخفاء إلخ ‪ .‬فهذا‬
‫النّوع ل يأثم تاركه عندهم ‪.‬‬
‫ن مخارج‬ ‫ي القاريّ بعد بيانه أ ّ‬ ‫شيخ عل ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫الحروف وصفاتها ‪ ،‬ومتعلّقاتها معتبرة في لغة‬
‫العرب ‪ :‬فينبغي أن تراعى جميع قواعدهم وجوباً‬
‫فيما يتغيّر به المبنى ويفسد المعنى ‪ ،‬واستحبابا ً فيما‬
‫يحسن به اللّفظ ويستحسن به النّطق حال الداء ‪.‬‬
‫ي الّذي ل يعرفه إل ّ مهرة‬ ‫م قال عن اللّحن الخف ّ‬ ‫ث ّ‬
‫القّراء ‪ :‬ل يتصوّر أن يكون فرض عين يترتّب‬
‫العقاب على قارئه لما فيه من حرج عظيم ‪ .‬ولما‬
‫الجزري في منظومته في التّجويد ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مد بن‬‫قال مح ّ‬
‫ن لم‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫وفي الطّيّبة أيضا ً ‪ :‬والخذ بالتّجويد حت ٌ‬
‫م لز ُ‬
‫م‬‫يجوِّد الُقرآن آث ِ ُ‬
‫قال ابنه أحمد في شرحها ‪ :‬ذلك واجب على من‬
‫ن اللّه تعالى أنزل به كتابه‬ ‫م قال ‪ :‬ل ّ‬ ‫يقدر عليه ‪ ،‬ث ّ‬
‫المجيد ‪ ،‬ووصل من نبيّه صلى الله عليه وسلم‬
‫متواترا ً بالتّجويد ‪.‬‬
‫الجزري هذا التّقييد بالقدرة‬‫ّ‬ ‫مد بن‬ ‫وكّرر أحمد بن مح ّ‬
‫ل لذلك الحديث الّذي رواه‬ ‫أكثر من مّرة ‪ .‬ويد ّ‬
‫شيخان عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬الماهُر‬
‫سَفرة الكرام البررة ‪ ،‬والّذي يقرأُ‬
‫ِ ِ ََ َ ِ‬ ‫ن مع ال َّ َ ِ‬ ‫بالقرآ ِ‬
‫ن » وقد‬ ‫ن ويُتَعْتِعُ فيه ‪ ،‬وهو عليه شاقٌّ له أجرا ِ‬ ‫القرآ َ‬
‫غازي في شرحه للجزريّة من الواجب‬ ‫ّ‬ ‫اعتبر ابن‬
‫ل ما كان من مسائل الخلف من‬ ‫ي‪:‬ك ّ‬ ‫صناع ّ‬‫ال ّ‬
‫ل قارئ من القّراء المشهورين ‪،‬‬ ‫الوجوه المختارة لك ّ‬
‫حيث يرى بعضهم التّفخيم ويرى غيره التّرقيق في‬
‫موطن واحد ‪ ،‬فهذا ل يأثم تاركه ‪ ،‬ول يتّصف‬

‫‪306‬‬
‫بالفسق ‪ .‬وكذلك ما كان من جهة الوقف ‪ ،‬فإنّه ل‬
‫ل معيّن بحيث لو‬ ‫يجب على القارئ الوقف على مح ّ‬
‫تركه يأثم ‪ ،‬ول يحرم الوقف على كلمة بعينها إل ّ إذا‬
‫ة وقصدها ‪ ،‬فإن اعتقد المعنى الموهم‬ ‫كانت موهم ً‬
‫للكفر كفر ‪ -‬والعياذ باللّه ‪ -‬كأن وقف على قوله‬
‫ن اللّه ل يستحي } دون قوله ‪ { :‬أن‬ ‫تعالى ‪ { :‬إ ّ‬
‫يضرب مثل ً ما } ‪ .‬أو على قوله ‪ { :‬وما من إله }‬
‫ما قول علماء القراءة ‪ :‬الوقف‬ ‫دون { إل ّ اللّه } ‪ .‬أ ّ‬
‫ل ‪ ،‬أو‬ ‫على هذا واجب ‪ ،‬أو لزم ‪ ،‬أو حرام ‪ ،‬أو ل يح ّ‬
‫نحو ذلك من اللفاظ الدّالّة على الوجوب أو التّحريم‬
‫ما يثاب‬ ‫فل يراد منه ما هو مقّرر عند الفقهاء ‪ ،‬م ّ‬
‫على فعله ‪ ،‬ويعاقب على تركه ‪ ،‬أو عكسه ‪ ،‬بل‬
‫المراد ‪ :‬أنّه ينبغي للقارئ أن يقف عليه لمعنًى‬
‫يستفاد من الوقف عليه ‪ ،‬أو لئل ّ يتوهّم من الوصل‬
‫تغيير المعنى المقصود ‪ ،‬أو ل ينبغي الوقف عليه ول‬
‫البتداء بما بعده ‪ ،‬لما يتوهّم من تغيير المعنى أو‬
‫رداءة التّلّفظ ونحو ذلك ‪ .‬وقولهم ‪ :‬ل يوقف على‬
‫ة‪،‬‬‫كذا ‪ ،‬معناه ‪ :‬أنّه ل يحسن الوقف عليه صناع ً‬
‫ن الوقف عليه حرام أو مكروه ‪ ،‬بل‬ ‫وليس معناه أ ّ‬
‫مد قاصدا ً المعنى الموهم ‪.‬‬ ‫خلف الولى ‪ ،‬إل ّ إن تع ّ‬
‫م تطّرق ابن غازيّ إلى حكم تعلّم التّجويد بالنّسبة‬ ‫ث ّ‬
‫لمريد القراءة ‪ ،‬فقّرر عدم وجوب ذلك على من أخذ‬
‫القراءة على شيخ متقن ‪ ،‬ولم يتطّرق اللّحن إليه ‪،‬‬
‫من غير معرفة علميّة بمسائله ‪ ،‬وكذلك عدم وجوب‬
‫ي الفصيح الّذي ل يتطّرق اللّحن‬ ‫تعلّمه على العرب ّ‬
‫ن‬
‫إليه ‪ ،‬بأن كان طبعه على القراءة بالتّجويد ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ما من أخ ّ‬
‫ل‬ ‫تعلّم هذين للحكام أمر صناع ّ‬
‫ي‪.‬أ ّ‬
‫بشيء من الحكام المجمع عليها ‪ ،‬أو لم يكن عربيّاً‬
‫فصيحا ً ‪ ،‬فل بد ّ في حّقه من تعلّم الحكام والخذ‬

‫‪307‬‬
‫بمقتضاها من أفواه المشايخ ‪.‬‬
‫مة‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كأ ّ‬‫جَزريّ في النّشر ‪ :‬ول ش ّ‬ ‫قال المام ال َ‬
‫كما هم متعبّدون بفهم معاني القرآن وإقامة‬
‫حدوده ‪ ،‬كذلك هم متعبّدون بتصحيح ألفاظه وإقامة‬
‫مة القراءة‬ ‫صفة المتلّقاة من أئ ّ‬ ‫حروفه على ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫والمتّصلة بالنّب ّ‬
‫ما يتناوله التّجويد من أمور ‪:‬‬
‫‪ - 5‬التّجويد علم من علوم القرآن ‪ ،‬ولكنّه يتميّز عن‬
‫غيره من تلك العلوم المتّصلة بالقرآن بأنّه يحتاج‬
‫مة ‪ ،‬لحاجتهم إلى تلوة كتاب اللّه‬ ‫صة والعا ّ‬ ‫إليه الخا ّ‬
‫تعالى كما أنزل ‪ ،‬حسبما نقل عن رسول اللّه صلى‬
‫ما أن يحصل بالتّعلّم‬ ‫الله عليه وسلم ‪ .‬وهو إ ّ‬
‫د‬
‫لمسائله ‪ ،‬أو يؤخذ بالتّلّقي من أفواه العلماء ‪ ،‬ول ب ّ‬
‫في الحالين من التّمرين والتّكرار ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬ليس بين التّجويد وتركه إلّ‬ ‫قال أبو عمرو الدّان ّ‬
‫الجزري ‪ :‬ل‬
‫ّ‬ ‫رياضة لمن تدبّره بفكه ‪ .‬وقال أحمد بن‬
‫أعلم سببا ً لبلوغ نهاية التقان والتّجويد ووصول غاية‬
‫التّصحيح والتّسديد مثل رياضة اللسن والتّكرار على‬
‫اللّفظ المتلّقى من فم المحسن ‪.‬‬
‫مها ‪:‬‬ ‫ويشتمل علم التّجويد على أبحاث كثيرة أه ّ‬
‫ل حرف‬ ‫صل إلى إخراج ك ّ‬ ‫أ ‪ -‬مخارج الحروف ‪ ،‬للتّو ّ‬
‫صحيح ‪.‬‬ ‫من مخرجه ال ّ‬
‫ب ‪ -‬صفات الحروف ‪ ،‬من جهر وهمس مع معرفة‬
‫صفة ‪.‬‬ ‫الحروف المشتركة في ال ّ‬
‫ج ‪ -‬التّفخيم والتّرقيق وما يتّصل بذلك من أحكام‬
‫لبعض الحروف كالّراء والّلم ‪.‬‬
‫ساكنة ‪.‬‬ ‫ساكنة والتّنوين والميم ال ّ‬ ‫د ‪ -‬أحوال النّون ال ّ‬
‫هـ ‪ -‬المد ّ والقصر وأنواع المد ّ ‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫و ‪ -‬الوقف والبتداء والقطع وما يتّصل بذلك من‬
‫أحكام ‪.‬‬
‫ز ‪ -‬أحكام البتداء بالقراءة ‪ ،‬من تعوّذ وبسملة‬
‫وأحكام ختم القرآن وآداب التّلوة ‪.‬‬
‫وموطن تفصيل ذلك هو كتب علم التّجويد ‪ ،‬وكذلك‬
‫كتب القراءات في آخر أبحاثها كما في منظومة‬
‫ي ‪ ،‬أو في أوائلها كما في "‬ ‫شاطب ّ‬ ‫حرز الماني لل ّ‬
‫مد بن الجزريّ ‪ ،‬وفي بعض المطوّلت‬ ‫الطّيّبة " لمح ّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫من كتب علوم القرآن كالبرهان للّزركش ّ‬
‫ي‪.‬‬‫سيوط ّ‬ ‫والتقان لل ّ‬
‫ل بالتّجويد ‪ ،‬وحكمه ‪:‬‬ ‫ما يخ ّ‬
‫ما‬‫ما في أداء الحروف ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫‪ - 6‬يقع الخلل بالتّجويد إ ّ‬
‫صوتيّة المخالفة‬ ‫فيما يلبس القراءة من التّغييرات ال ّ‬
‫لكيفيّة النّطق المأثورة ‪.‬‬
‫مى ( اللّحن ) أي الخطأ والميل عن‬ ‫فالنّوع الوّل يس ّ‬
‫ي ‪ .‬واللّحن الجل ّ‬
‫ي‬ ‫ي وخف ّ‬ ‫صواب ‪ ،‬وهو نوعان ‪ :‬جل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل بعرف القراءة ‪،‬‬ ‫‪ :‬خطأ يطرأ على اللفاظ فيخ ّ‬
‫مي جليّا ً لنّه‬‫ل ‪ .‬وس ّ‬‫ل بالمعنى أم لم يخ ّ‬ ‫سواء أخ ّ‬
‫ل إخلل ً ظاهرا ً يشترك في معرفته علماء القرآن‬ ‫يخ ّ‬
‫وغيرهم ‪ ،‬وهو يكون في مبنى الكلمة كتبديل حرف‬
‫بآخر ‪ ،‬أو في حركتها بتبديلها إلى حركة أخرى أو‬
‫سكون ‪ ،‬سواء أتغيّر المعنى بالخطأ فيها أم لم يتغيّر‬
‫‪ .‬وهذا النّوع يحرم على من هو قادر على تلفيه ‪،‬‬
‫سواء أوهم خلل المعنى أو اقتضى تغيير العراب ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬فهو خطأ يطرأ على اللّفظ ‪،‬‬ ‫ما اللّحن الخف ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫مي خفيّاً‬ ‫ل بالمعنى ‪ .‬وس ّ‬ ‫ل بعرف القراءة ول يخ ّ‬ ‫فيخ ّ‬
‫ص بمعرفته علماء القرآن وأهل التّجويد ‪.‬‬ ‫لنّه يخت ّ‬
‫ي‬‫وهو يكون في صفات الحروف ‪ ،‬وهذا اللّحن الخف ّ‬
‫قسمان ‪:‬‬

‫‪309‬‬
‫أحدهما ‪ :‬ل يعرفه إل ّ علماء القراءة كترك الخفاء ‪،‬‬
‫وهو ليس بفرض عين يترتّب عليه عقاب كما سبق ‪،‬‬
‫بل فيه خوف العتاب والتّهديد ‪.‬‬
‫والثّاني ‪ :‬ل يعرفه إل ّ مهرة القّراء كتكرير الّراءات‬
‫وتغليظ الّلمات في غير محلّها ‪ ،‬ومراعاة مثل هذا‬
‫مستحبّة تحسن في حال الداء ‪.‬‬
‫ما النّوع الثّاني من الخلل فهو ما يحصل من‬ ‫وأ ّ‬
‫الّزيادة والنّقص عن الحد ّ المنقول من أوضاع التّلوة‬
‫‪ ،‬سواء في أداء الحرف أو الحركة عند القراءة ‪،‬‬
‫جعة‬ ‫وسبب الخلل القراءة باللحان المطربة المر ّ‬
‫كترجيع الغناء ‪ ،‬وهو ممنوع لما فيه من إخراج‬
‫صحيحة ‪ ،‬وتشبيه القرآن‬ ‫التّلوة عن أوضاعها ال ّ‬
‫بالغاني الّتي يقصد بها الطّرب ‪.‬‬
‫واستدلّوا لمنع ذلك بحديث عابس رضي الله عنه‬
‫قال ‪ :‬إنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫سفهاء ‪،‬‬ ‫يقول ‪ « :‬بادروا بالموت ستّا ً ‪ :‬إمرة ال ّ‬
‫شرط ‪ ،‬وبيع الحكم ‪ ،‬واستخفافا ً بالدّم ‪،‬‬ ‫وكثرة ال ّ‬
‫شوا ً يتّخذون القرآن مزامير‬ ‫وقطيعة الّرحم ‪ ،‬ون َ ْ‬
‫ل منهم فقها ً » ‪ .‬قال‬ ‫يقدّمونه يغنّيهم ‪ ،‬وإن كان أق ّ‬
‫شيخ زكريّا النصاريّ ‪ :‬والمراد بلحون العرب ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫سليقة كما جبلوا عليه من غير‬ ‫القراءة بالطّبع وال ّ‬
‫زيادة ول نقص ‪ ،‬والمراد بلحون أهل الفسق‬
‫والكبائر ‪ :‬النغام المستفادة من علم الموسيقى ‪،‬‬
‫والمر في الخبر محمول على النّدب ‪ ،‬والنّهي على‬
‫حة ألفاظ‬ ‫الكراهة إن حصلت المحافظة على ص ّ‬
‫الحروف ‪ ،‬وإل ّ فعلى التّحريم ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬المكروه أن يفّرط في المد ّ وفي‬ ‫قال الّرافع ّ‬
‫إشباع الحركات ‪ ،‬حتّى يتولّد من الفتحة ألف ومن‬
‫ن الفراط‬ ‫صحيح أ ّ‬ ‫مة واو ‪ ...‬إلخ قال النّوويّ ‪ :‬ال ّ‬ ‫ض ّ‬
‫ال ّ‬

‫‪310‬‬
‫على الوجه المذكور حرام يفسق به القارئ ويأثم به‬
‫المستمع ‪ ،‬لنّه عدل به عن منهجه القويم ‪ ،‬وهذا‬
‫ي بالكراهة ‪ .‬وقد أورد علماء التّجويد‬ ‫شافع ّ‬ ‫مراد ال ّ‬
‫مى بالتّرقيص ‪،‬‬ ‫نماذج من ذلك ‪ ،‬فمنها ما يس ّ‬
‫والتّحزين ‪ ،‬والتّرعيد ‪ ،‬والتّحريف ‪ ،‬والقراءة باللّين‬
‫والّرخاوة في الحروف ‪ ،‬والنّقر بالحروف وتقطيعها‬
‫‪ ...‬إلخ ‪ .‬وتفصيل المراد بذلك في مراجعه ‪ ،‬ومنها‬
‫شروح الجزريّة ‪ ،‬ونهاية القول المفيد ‪ ،‬وقد أورد‬
‫أبياتا ً في ذلك من منظومة للمام علم الدّين‬
‫ل حرف‬ ‫م نقل عن شرحها قوله ‪ :‬فك ّ‬ ‫سخاويّ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫له ميزان يعرف به مقدار حقيقته ‪ ،‬وذلك الميزان‬
‫هو مخرجه وصفته ‪ ،‬وإذا خرج عن مخرجه معطًى‬
‫صفات على وجه العدل في ذلك من غير‬ ‫ما له من ال ّ‬
‫إفراط ول تفريط فقد وزن بميزانه ‪ ،‬وهذا هو حقيقة‬
‫التّجويد ‪ .‬وسبيل ذلك التّلّقي من أفواه القّراء‬
‫المتقنين ‪.‬‬
‫===============‬
‫تحّري *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّحّري في اللّغة ‪ :‬القصد والبتغاء ‪ ،‬كقول‬
‫القائل ‪ :‬أتحّرى مسّرتك ‪ ،‬أي أطلب مرضاتك ‪ ،‬ومنه‬
‫شدا ً } أي قصدوا‬ ‫حَّروا َر َ‬‫قوله تعالى ‪ { :‬فأولئك ت َ َ‬
‫ي صلى الله‬ ‫خوه ‪ .‬ومنه حديث النّب ّ‬ ‫طريق الحقّ وتو ّ‬
‫عليه وسلم ‪ « :‬تحّروا ليلة القدر في الوتر من‬
‫العشر الواخر ‪ » ...‬الحديث ‪ .‬أي اعتنوا بطلبها ‪.‬‬
‫وفي الصطلح ‪ :‬بذل المجهود في طلب المقصود ‪،‬‬
‫ن عند عدم الوقوف‬ ‫شيء بغالب الظ ّ ّ‬ ‫أو طلب ال ّ‬
‫على حقيقته ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬

‫‪311‬‬
‫أ ‪ -‬الجتهاد ‪:‬‬
‫‪ - 2‬الجتهاد والتّحّري لفظان متقاربا المعنى ‪،‬‬
‫ومعناهما ‪ :‬بذل المجهود في طلب المقصود ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ن‬
‫لفظ الجتهاد صار في عرف العلماء مخصوصا ً ببذل‬
‫شريعة ‪،‬‬ ‫المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام ال ّ‬
‫وبذل المجهود في تعّرف حكم الحادثة من الدّليل ‪.‬‬
‫ما التّحّري فقد يكون بدليل ‪ ،‬وقد يكون بمجّرد‬ ‫أ ّ‬
‫ل اجتهاد تحّر ‪،‬‬ ‫شهادة القلب من غير أمارة ‪ .‬فك ّ‬
‫ل تحّر اجتهاد ‪.‬‬ ‫وليس ك ّ‬
‫خي ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬التّو ّ‬
‫خي مأخوذ من الوخى ‪ ،‬بمعنى القصد ‪،‬‬ ‫‪ - 3‬التّو ّ‬
‫خي‬‫ن لفظ التّو ّ‬ ‫خي سواء ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫فالتّحّري والتّو ّ‬
‫يستعمل في المعاملت ‪ .‬كما قال صلى الله عليه‬
‫وسلم للّرجلين اللّذين اختصما في المواريث ‪« :‬‬
‫ل واحد منكما‬ ‫خيا ‪ ،‬واستهما ‪ ،‬وليحلل ك ّ‬ ‫اذهبا وتو ّ‬
‫صاحبه » ‪.‬‬
‫ما التّحّري فيستعمل غالبا ً في العبادات ‪ .‬كما قال‬ ‫وأ ّ‬
‫ك أحدكم في‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬إذا ش ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫صواب » ‪.‬‬ ‫صلة فليتحّر ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬الظ ّ ّ‬
‫ن ‪ :‬هو إدراك الطّرف الّراجح مع احتمال‬ ‫‪ - 4‬الظ ّ ّ‬
‫ن يكون ترجيح أحد المرين على‬ ‫النّقيض ‪ ،‬ففي الظ ّ ّ‬
‫الخر ‪ ،‬فإن كان بغير دليل فهو مذموم ‪ ،‬ويكون‬
‫صل‬ ‫التّرجيح في التّحّري بغالب الّرأي ‪ ،‬وهو دليل يتو ّ‬
‫صل به إلى ما‬ ‫به إلى طرف العلم وإن كان ل يتو ّ‬
‫ن بمعنى‬ ‫يوجب حقيقة العلم ‪ ،‬وقد يستعمل الظ ّ ّ‬
‫اليقين كقوله تعالى ‪ { :‬الّذين يظنّون أنّهم ملقو‬
‫ربّهم } ‪.‬‬
‫ك‪:‬‬ ‫ش ّ‬ ‫د ‪ -‬ال ّ‬

‫‪312‬‬
‫ك ‪ :‬تردّد بين احتمالين مستويين ‪ ،‬أي من‬ ‫ش ّ‬ ‫‪ - 5‬ال ّ‬
‫ك‪.‬‬‫شا ّ‬ ‫غير رجحان لحدهما على الخر عند ال ّ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ش ّ‬ ‫فالتّحّري وسيلة لزالة ال ّ‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم التّكليف ّ‬
‫‪ - 6‬التّحّري مشروع والعمل به جائز ‪ ،‬والدّليل على‬
‫ما الكتاب ‪ :‬فقوله‬ ‫سنّة والمعقول ‪ :‬أ ّ‬ ‫ذلك الكتاب وال ّ‬
‫ت‬‫تعالى ‪ { :‬يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنا ُ‬
‫ن فإِن‬
‫م بإِيمانه ّ‬ ‫ن اللّه أعل ُ‬ ‫ت فامتحنوه ّ‬ ‫مهاجرا ٍ‬
‫ن إلى الكّفار } ‪.‬‬ ‫مؤ ْمنات فل تَْرجعوه ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫متُموه َّ‬ ‫عَل ِ ْ‬
‫وذلك يكون بالتّحّري وغالب الّرأي ‪ ،‬وأطلق عليه‬
‫العلم ‪.‬‬
‫سابقان عند الكلم عن‬ ‫سنّة ‪ :‬فالحديثان ال ّ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫خي ‪.‬‬ ‫التّو ّ‬
‫ن الجتهاد في‬ ‫ل عليه من المعقول ‪ :‬فهو أ ّ‬ ‫ما ما يد ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫شرعيّة جائز للعمل به ‪ ،‬وذلك عمل بغالب‬ ‫الحكام ال ّ‬
‫شرع ‪،‬‬ ‫م جعل مدركا ً من مدارك أحكام ال ّ‬ ‫الّرأي ‪ ،‬ث ّ‬
‫وإن كانت الحكام ل تثبت به ابتداءً ‪ ،‬فكذلك التّحّري‬
‫صل إلى أداء العبادات وإن‬ ‫مدرك من مدارك التّو ّ‬
‫كانت العبادة ل تثبت به ابتداءً ‪.‬‬
‫شرع ورد في مواضع‬ ‫هذا ‪ ،‬والتّحّري في أحكام ال ّ‬
‫كثيرة ‪ ،‬ويختلف حكمه باختلف مواطنه ‪ :‬أوّل ً ‪:‬‬
‫التّحّري لمعرفة الطّاهر من غيره حالة الختلط ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬اختلط الواني ‪:‬‬
‫‪ - 7‬إذا اختلطت الواني الّتي فيها ماء طاهر بالواني‬
‫الّتي فيها ماء نجس ‪ ،‬واشتبه المر ‪ ،‬ولم يكن معه‬
‫ماء طاهر سوى ذلك ‪ ،‬ول يعرف الطّاهر من النّجس‬
‫‪:‬‬
‫فإن كانت الغلبة للواني الطّاهرة ‪ ،‬يتحّرى عند‬
‫ن الحكم للغالب ‪،‬‬ ‫الحنفيّة وبعض الحنابلة ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪313‬‬
‫وباعتبار الغالب لزمه استعمال الماء الطّاهر ‪،‬‬
‫ن جهة الباحة قد‬ ‫وإصابته بتحّريه مأمولة ‪ ،‬ول ّ‬
‫جحت ‪ .‬وإن كانت الغلبة للواني النّجسة أو كانا‬ ‫تر ّ‬
‫شرب حالة‬ ‫متساويين ‪ ،‬فليس له أن يتحّرى إل ّ لل ّ‬
‫ن له‬‫ضرورة ‪ ،‬إذ ل بديل له ‪ ،‬بخلف الوضوء فإ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫بديل ً ‪.‬‬
‫وظاهر كلم أحمد وأكثر أصحابه عدم جواز التّحّري ‪،‬‬
‫وإن كثر عدد الواني الطّاهرة ‪.‬‬
‫ضأ‬
‫شافعيّة يجوز التّحّري في الحالين ‪ ،‬فيتو ّ‬ ‫وعند ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬فجاز التّحّري من أجله‬ ‫بالغلب ‪ ،‬لنّه شرط لل ّ‬
‫كالقبلة ‪.‬‬
‫وذهب المالكيّة إلى أنّه إذا كان عنده ثلثة أوان‬
‫جسة واثنان طهوران ‪ ،‬واشتبهت هذه‬ ‫نجسة أو متن ّ‬
‫ضأ ثلثة وضوآت من ثلثة أوان عدد‬ ‫بهذه ‪ ،‬فإنّه يتو ّ‬
‫ضأ وضوءا ً رابعا ً من إناء رابع ‪،‬‬ ‫الواني النّجسة ‪ ،‬ويتو ّ‬
‫ل وضوء صلة ً ‪.‬‬ ‫ويصلّي بك ّ‬
‫وحكى ابن الماجشون من المالكيّة قول ً آخر ‪ ،‬وهو‬
‫ل واحد من الواني وضوءا ً ويصلّي‬ ‫ضأ من ك ّ‬ ‫أنّه يتو ّ‬
‫به ‪ .‬والتّفصيل في مصطلح ( اشتباه ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اختلط الثّياب ‪:‬‬
‫شخص ثياب طاهرة بنجسة ‪،‬‬ ‫‪ - 8‬إذا اشتبهت على ال ّ‬
‫وتعذ ّر التّمييز بينها ‪ ،‬وليس معه ثوب طاهر بيقين‬
‫غيرها ‪ ،‬ول ما يغسلها به ‪ ،‬ول يعرف الطّاهر من‬
‫صلة ‪ ،‬فإنّه يتحّرى عند‬ ‫النّجس ‪ ،‬واحتاج إلى ال ّ‬
‫شافعيّة ما‬ ‫الحنفيّة ‪ ،‬وهو المشهور عند المالكيّة وال ّ‬
‫ي ‪ ،‬ويصلّي في الّذي يقع تحّريه على أنّه‬ ‫عدا المزن ّ‬
‫طاهر ‪ ،‬سواء أكانت الغلبة للثّياب النّجسة أم‬
‫الطّاهرة ‪ ،‬أو كانا متساويين ‪ .‬وقال الحنابلة ‪ ،‬وابن‬
‫الماجشون من المالكيّة ‪ :‬ل يجوز التّحّري ‪ ،‬ويصلّي‬

‫‪314‬‬
‫في ثياب منها بعدد النّجس منها ‪ ،‬ويزيد صلةً في‬
‫ثوب آخر ‪.‬‬
‫ح‬
‫وقال ابن عقيل من الحنابلة ‪ :‬يتحّرى في أص ّ‬
‫الوجهين دفعا ً للمشّقة ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬ل يصلّي في شيء منها ‪،‬‬ ‫وقال أبو ثور والمزن ّ‬
‫كقولهما في الواني ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬اختلط المذكّاة بالميتة ‪:‬‬
‫‪ - 9‬إذا اختلطت المذكّاة بالميتة ‪ ،‬فذهب الحنفيّة‬
‫إلى أنّه يجوز التّحّري في حالة الضطرار مطلقا ً ‪،‬‬
‫أي سواء أكانت الغلبة للمذكّاة أم للميتة أو تساويا ‪.‬‬
‫وفي حالة الختيار ل يجوز التّحّري إل ّ إذا كانت الغلبة‬
‫للحلل ‪.‬‬
‫مة الثّلثة فل يجوز عندهم التّحّري مطلقاً‬ ‫ما الئ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫في هذا المجال ‪.‬‬
‫د ‪ -‬التّحّري في الحيض ‪:‬‬
‫‪ - 10‬إذا نسيت امرأة عدد أيّام حيضها وموضعها ‪،‬‬
‫واشتبه عليها حالها في الحيض والطّهر فالمتبادر من‬
‫ن عليها أن تتحّرى ‪ ،‬فإن وقع‬ ‫أقوال جمهور الفقهاء أ ّ‬
‫أكبر رأيها على أنّها حائض أعطيت حكمه ‪ ،‬وإن وقع‬
‫أكبر رأيها على أنّها طاهرة أعطيت حكم‬
‫شرعيّة ‪.‬‬ ‫ن من الدلّة ال ّ‬‫ن غلبة الظ ّ ّ‬ ‫الطّاهرات ‪ ،‬ل ّ‬
‫ما إذا تحيّرت ولم يغلب على ظنّها شيء ‪ ،‬فهي‬ ‫وأ ّ‬
‫المتحيّرة أو المضلّة ‪ ،‬فعليها الخذ بالحوط في‬
‫الحكام ‪ .‬ولتفصيل أحكامها يرجع إلى مصطلح‬
‫( حيض ‪ ،‬استحاضة ) ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬معرفة القبلة بالستدلل والتّحّري ‪:‬‬
‫ن المصلّي إذا كان قادرا ً على استقبال‬ ‫‪ - 11‬إ ّ‬
‫القبلة ‪ ،‬وكان بمكّة وفي حال مشاهدة الكعبة‬
‫ن عليه‬‫ومعاينته لها ‪ ،‬فل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬

‫‪315‬‬
‫جه إلى عين الكعبة ‪ ،‬ومقابلة ذاتها ‪ .‬وإن كان‬ ‫التّو ّ‬
‫نائيا ً عن الكعبة غائبا ً عنها ‪ :‬فذهب الحنفيّة إلى أنّه‬
‫يكفيه استقبال جهة الكعبة باجتهاد ‪ ،‬وليس عليه‬
‫إصابة العين ‪ ،‬وهو الظهر عند المالكيّة والحنابلة ‪،‬‬
‫ي‪.‬‬‫شافع ّ‬ ‫وهو قول لل ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو قول للمالكيّة ‪ ،‬ورواية‬ ‫والظهر عند ال ّ‬
‫عن الحنابلة ‪ :‬أنّه تلزمه إصابة العين ‪ .‬ول يجوز‬
‫الجتهاد عند جمهور الفقهاء مع وجود محاريب‬
‫صحابة ‪ ،‬وكذلك محاريب المسلمين الّتي تكّررت‬ ‫ال ّ‬
‫صلوات إليها ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫كما أنّه ل يجوز الجتهاد إذا كان بحضرته من يسأله‬
‫من أهل المكان العالم بها ‪ ،‬بشرط كونه مقبول‬
‫يل‬ ‫صب ّ‬
‫ي والجاهل والفاسق وال ّ‬ ‫م ّ‬‫شهادة ‪ ،‬فالذ ّ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫يعتد ّ بإخباره في هذا المجال ‪.‬‬
‫جه‬‫فإذا عجز المصلّي عن إصابة عين الكعبة والتّو ّ‬
‫إلى جهتها استدلل ً بالمحاريب المنصوبة القديمة ‪،‬‬
‫من تقبل شهادته‬ ‫أو سؤال من هو عالم بالقبلة ‪ ،‬م ّ‬
‫من أهل المكان ‪ :‬فإن كان من أهل الجتهاد في أمر‬
‫القبلة ‪ ،‬فعليه الجتهاد ‪ .‬والمجتهد في القبلة هو ‪:‬‬
‫شمس ‪ ،‬والقمر ‪،‬‬ ‫العالم بأدلّتها وهي ‪ :‬النّجوم ‪ ،‬وال ّ‬
‫والّرياح ‪ ،‬والجبال ‪ ،‬والنهار وغير ذلك من الوسائل‬
‫نك ّ‬
‫ل‬ ‫شرع ‪ .‬فإ ّ‬ ‫والمعالم ‪ ،‬وإن كان جاهل ً بأحكام ال ّ‬
‫من علم بأدلّة شيء كان من المجتهدين فيه ‪ ،‬وإن‬
‫جهل غيره ‪ .‬وإن كان غير عالم بأدلّتها ‪ ،‬أو كان‬
‫أعمى فهو مقلّد وإن علم غيرها ‪ .‬فالمصلّي القادر‬
‫على الجتهاد إن صلّى بغير اجتهاد ‪ ،‬فالمتبادر من‬
‫أقوال جمهور الفقهاء أنّه ل تجوز صلته ‪ ،‬وإن وقعت‬
‫إلى القبلة ‪ ،‬وكذلك إذا أدّاه الجتهاد إلى جهة فصلّى‬
‫م تبيّن أنّه صلّى إلى الكعبة ‪ ،‬فصلته‬ ‫إلى غيرها ‪ ،‬ث ّ‬

‫‪316‬‬
‫مة الربعة ‪ ،‬لتركه الواجب ‪ ،‬كما لو‬ ‫باطلة عند الئ ّ‬
‫م تبيّن أنّه متطهّر ‪ .‬ولتفصيل‬ ‫صلّى ظانّا ً أنّه محدث ث ّ‬
‫ذلك يرجع إلى مصطلح ‪ ( :‬استقبال ) ‪.‬‬
‫‪ - 12‬من عجز عن معرفة القبلة بالستدلل ‪ ،‬بأن‬
‫خفيت عليه الدلّة لحبس أو غيم ‪ ،‬أو التبست عليه‬
‫أو تعارضت ‪ ،‬ولم يكن هناك من يخبره اختلف‬
‫الفقهاء في ذلك ‪ ،‬فذهب الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو‬
‫ح‬
‫ن عليه التّحّري وتص ّ‬ ‫المعتمد عند المالكيّة ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫ن التّكليف بحسب الوسع والمكان ‪،‬‬ ‫صلته ‪ ،‬ل ّ‬
‫وليس في وسعه إل ّ التّحّري ‪ .‬والمشهور عند‬
‫شافعيّة أنّه يصلّي كيف كان لحرمة الوقت ‪ ،‬سواء‬ ‫ال ّ‬
‫أكان في الوقت سعة أم ل ‪ ،‬ويقضي لندرة حصول‬
‫ذلك ‪ .‬والصل في هذا الباب ما روي عن عامر بن‬
‫ربيعة أنّه قال ‪ « :‬كنّا مع رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم في ليلة مظلمة ‪ ،‬فلم ندر أين القبلة ‪ ،‬فصلّى‬
‫ما أصبحنا ذكرنا ذلك‬ ‫ل رجل منّا على خياله ‪ ،‬فل ّ‬ ‫ك ّ‬
‫لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم فنزل قول اللّه‬
‫ه اللّه } » وقال عل ّ‬
‫ي‬ ‫م وج ُ‬ ‫تعالى ‪ { :‬فأينما تُوَلُّوا فَث َ َّ‬
‫رضي الله تعالى عنه ‪ ":‬قبلة المتحّري جهة قصده‬
‫"‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬التّحّري في ال ّ‬
‫صلة فل يدري كم صلّى ‪ ،‬فعند‬ ‫ك في ال ّ‬ ‫‪ - 13‬من ش ّ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫ك كثيرا ً في ال ّ‬
‫ش ّ‬ ‫الحنفيّة إن كان يعرض له ال ّ‬
‫وكان له رأي تحّرى ‪ ،‬وبنى على أكبر رأيه ‪ ،‬لقوله‬
‫عليه الصلة والسلم ‪:‬‬
‫صواب » ‪.‬‬ ‫صلة فليتحّر ال ّ‬ ‫ك في ال ّ‬ ‫« من ش ّ‬
‫ك فيه‬ ‫ل ‪ ،‬ويأتي بما ش ّ‬ ‫وعند المالكيّة يبني على الق ّ‬
‫مطلقا ً ‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫صلة‬ ‫ك في أثناء ال ّ‬ ‫شافعيّة إلى أنّه إذا ش ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ك بعد‬ ‫سهو ‪ .‬ولو ش ّ‬ ‫ل ‪ ،‬ويسجد لل ّ‬ ‫فعليه الخذ بالق ّ‬
‫سلم فقولن عندهم ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫أحدهما ‪ :‬أن يقوم إلى التّدارك ‪ ،‬كأنّه لم يسلّم ‪.‬‬
‫والثّاني ‪ :‬أنّه ل يعتبر بعد الفراغ لما فيه من العسر ‪.‬‬
‫ما الحنابلة فيفّرقون بين المام والمنفرد في‬ ‫وأ ّ‬
‫ك فلم‬ ‫المشهور من مذهبهم ‪ .‬فمن كان إماما ً وش ّ‬
‫يدر كم صلّى تحّرى وبنى على غالب ظنّه ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ما‬
‫ل ) ‪ ،‬وفي رواية‬ ‫المنفرد فيبني على اليقين ( الق ّ‬
‫يبني على غالب ظنّه كالمام ‪ ،‬هذا إذا كان له رأي ‪،‬‬
‫ما إذا استوى عنده المران بنى على اليقين إماماً‬ ‫أ ّ‬
‫كان أو منفردا ً ‪.‬‬
‫صوم ‪:‬‬‫رابعا ً ‪ :‬التّحّري في ال ّ‬
‫‪ - 14‬من كان محبوسا ً أو كان في بعض النّواحي‬
‫النّائية عن المصار ‪ ،‬أو بدار حرب بحيث ل يمكنه‬
‫التّعّرف على الشهر بالخبر واشتبه عليه شهر‬
‫رمضان ‪ :‬فقد اتّفق الفقهاء على أنّه يجب عليه‬
‫التّحّري والجتهاد في معرفة شهر رمضان ‪ ،‬لنّه‬
‫أمكنه تأدية فرض بالتّحّري والجتهاد ‪ ،‬فلزمه‬
‫كاستقبال القبلة ‪.‬‬
‫فإذا غلب على ظنّه عن أمارة تقوم في نفسه‬
‫م إن تبيّن أنّه أصاب‬ ‫دخول شهر رمضان صامه ‪ ،‬ث ّ‬
‫شهر رمضان ‪ ،‬أو لم ينكشف له الحال أجزأه في‬
‫مة الفقهاء ‪ ،‬لنّه أدّى فرضه بالجتهاد ‪،‬‬ ‫قول عا ّ‬
‫وأدرك ما هو المقصود بالتّحّري ‪.‬‬
‫مة الثّلثة ‪،‬‬ ‫وإن تبيّن أنّه صام شهرا ً قبله ‪ ،‬فذهب الئ ّ‬
‫صحيح من المذهب أنّه ل يجزئه ‪،‬‬ ‫شافعيّة في ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫لنّه أدّى العبادة قبل وجود سبب وجوبها فلم تجزئه‬
‫شافعيّة قول في‬ ‫كمن صلّى قبل الوقت ‪ .‬وعند ال ّ‬

‫‪318‬‬
‫القديم في حالة تبيّن المر بعد رمضان أنّه يجزئ ‪،‬‬
‫سنة مّرة ً ‪ ،‬فجاز أن يسقط‬ ‫لنّه عبادة تفعل في ال ّ‬
‫فرضها بالفعل قبل الوقت عند الخطأ ‪.‬‬
‫ما إن تبيّن أنّه صام شهرا ً بعده ‪ ،‬جاز عند جمهور‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وذلك‬ ‫صحيح عند ال ّ‬ ‫الفقهاء ‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫بشرطين ‪ :‬إكمال العدّة ‪ ،‬وتبييت النّيّة لشهر‬
‫رمضان ‪ ،‬لنّه قضاء ‪ ،‬وفي القضاء يعتبر هذان‬
‫ن‬
‫شافعيّة أنّه أداء للعذر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫شرطان ‪ ،‬وفي قول لل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫العذر قد يجعل غير الوقت وقتا ً كما في الجمع بين‬
‫صلتين ‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫شهر الّذي صامه ناقصا ً ‪،‬‬ ‫وعلى هذا فإن كان ال ّ‬
‫ما ً ‪ ،‬صام يوما ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫ورمضان الّذي صامه النّاس تا ّ‬
‫صوم شهر آخر بعده يكون قضاءً ‪ ،‬والقضاء يكون‬
‫على قدر الفائت ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ -‬بأنّه يقع أداءً ‪ -‬يجزئه‬ ‫وعلى القول الثّاني لل ّ‬
‫ما ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫ولو صامه ناقصا ً وصام النّاس رمضان تا ّ‬
‫شهر يقع ما بين الهللين ‪ .‬وكذلك إن وافق بعض‬ ‫ال ّ‬
‫رمضان دون بعض ‪ ،‬فما وافق رمضان أو بعده‬
‫أجزأه ‪ ،‬وما وافق قبله لم يجزئه ‪.‬‬
‫شهر لم يدخل فصام لم يجزئه ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬
‫نأ ّ‬ ‫ما إن ظ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ك في دخوله ولم يغلب على‬ ‫ولو أصاب ‪ ،‬وكذا لو ش ّ‬
‫ظنّه دخوله ‪ .‬وإن صام من اشتبهت عليه الشهر بل‬
‫اجتهاد وهو قادر عليه ‪ ،‬وبل تحّر ‪ ،‬ل يجزئه كمن‬
‫خفيت عليه القبلة ‪.‬‬
‫ك في الغروب في يوم غيم ولم يتحّر ل يح ّ‬
‫ل‬ ‫ومن ش ّ‬
‫ن الصل بقاء النّهار ‪.‬‬ ‫له الفطر ‪ ،‬ل ّ‬
‫خامسا ً ‪ :‬التّحّري في معرفة مستحّقي الّزكاة ‪:‬‬
‫ك في حال من يدفع له الّزكاة لزمه‬ ‫‪ - 15‬من ش ّ‬
‫التّحّري ‪ :‬فإن وقع في أكبر رأيه أنّه فقير دفع إليه ‪،‬‬

‫‪319‬‬
‫فإذا ظهر أنّه فقير أو لم يظهر من حاله شيء جاز‬
‫بالتّفاق ‪ ،‬وإن ظهر أنّه كان غنيّا ً فكذلك في قول‬
‫مد ‪ ،‬وهو قول أبي يوسف الوّل ‪،‬‬ ‫أبي حنيفة ومح ّ‬
‫ي‬
‫شافع ّ‬ ‫وفي قوله الخر تلزمه العادة ‪ ،‬وهو قول لل ّ‬
‫‪.‬‬
‫وعند المالكيّة ‪ :‬إن دفع الّزكاة باجتهاد لغير مستحقّ‬
‫ي ‪ ،‬أو كافر مع ظنّه أنّه مستحقّ ‪ ،‬لم‬ ‫في الواقع كغن ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة فروايتان ‪:‬‬‫ما عند ال ّ‬‫تجزه ‪ .‬أ ّ‬
‫إحداهما يجزئه ‪ ،‬والخرى ل يجزئه ‪ .‬ولمعرفة‬
‫تفصيل أحكام ذلك يرجع إلى مصطلح ‪ ( :‬زكاة ) ‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬التّحّري بين القيسة المتعارضة ‪:‬‬
‫‪ - 16‬إذا وقع التّعارض بين القياسين ‪ ،‬ولم يكن هناك‬
‫دليل لترجيح أحدهما على الخر ‪ ،‬ولم يقع اختياره‬
‫على أحدهما بالعمل به ‪ ،‬فيجب التّحّري ‪ ،‬خلفاً‬
‫ي ‪ ،‬فإنّه يقول ‪ :‬ل يجب التّحّري ‪ ،‬بل‬ ‫للمام ال ّ‬
‫شافع ّ‬
‫للمجتهد أن يعمل بأيّهما شاء ‪ ،‬وعلى هذا الخلف ‪،‬‬
‫جيّة قول‬ ‫التّحّري في قول صحابيّين عند من يقول بح ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫ي ‪ ،‬والتّفصيل في الملحق الصول ّ‬ ‫صحاب ّ‬‫ال ّ‬
‫مواطن البحث ‪:‬‬
‫‪ - 17‬ورد ذكر التّحّري في فصول كثيرة من كتب‬
‫صلة عند الكلم عن استقبال‬ ‫الفقه منها ‪ :‬كتاب ال ّ‬
‫سهو ‪ ،‬وأبواب الحيض والطّهارة ‪،‬‬ ‫القبلة ‪ ،‬وسجدة ال ّ‬
‫صص صاحب المبسوط للتّحّري كتاباً‬ ‫صوم ‪ ،‬وخ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫مستقّل ً بعنوان ( كتاب التّحّري ) ‪ ،‬كما أنّه يرجع‬
‫لتفصيل أحكامه إلى مصطلحات ( استقبال ‪،‬‬
‫واستحاضة ‪ ،‬واشتباه ) ‪.‬‬
‫==============‬
‫تحلية *‬
‫التّعريف ‪:‬‬

‫‪320‬‬
‫ي ‪ ،‬أو اتّخاذه لها‬‫ة ‪ :‬إلباس المرأة الحل ّ‬ ‫‪ - 1‬التّحلية لغ ً‬
‫ي أو‬‫لتلبسه ‪ .‬ويقال ‪ :‬تحلّت المرأة ‪ :‬لبست الحل ّ‬
‫ي ‪ ،‬أو‬‫اتّخذته ‪ .‬وحلّيتها بالتّشديد ‪ :‬ألبستها الحل ّ‬
‫اتّخذته لها لتلبسه ‪ .‬والتّحلية ل تخرج في معناها‬
‫ي عن هذا التّعريف ‪.‬‬ ‫شرع ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫تزيين ‪:‬‬
‫‪ - 2‬التّزيين من الّزينة ‪ ،‬والّزينة اسم جامع لك ّ‬
‫ل‬
‫م من التّحلية ‪ ،‬لتناوله‬ ‫شيء يتزيّن به ‪ .‬فالتّزيّن أع ّ‬
‫شعر والختضاب‬ ‫ة كالكتحال وتسريح ال ّ‬ ‫ما ليس حلي ً‬
‫‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫‪ - 3‬يختلف حكم التّحلية بحسب الحوال ‪.‬‬
‫ة كستر العورة ‪ ،‬وتزيّن‬ ‫فقد تكون التّحلية واجب ً‬
‫الّزوجة لزوجها متى طلب منها ذلك ‪.‬‬
‫ة كتحلّي الّرجل للجمعة والعيدين‬ ‫وقد تكون مستحب ّ ً‬
‫شيب للّرجل‬ ‫ومجامع النّاس ولقاء الوفود وخضاب ال ّ‬
‫والمرأة بصفرة أو حمرة كما هو عند الحنفيّة ‪.‬‬
‫ة كلبس المعصفر والمزعفر‬ ‫وقد تكون مكروه ً‬
‫للّرجال كما هو عند الحنفيّة ‪ ،‬وخضاب الّرجل يديه‬
‫ورجليه للتّشبّه بالنّساء عندهم أيضا ً ‪.‬‬
‫وقد تكون حراما ً كتحلّي الّرجال بحلية النّساء ‪،‬‬
‫وتحلّي النّساء بحلية الّرجال ‪ ،‬وكتحلّي الّرجال‬
‫بالذ ّهب ‪.‬‬
‫السراف في التّحلية ‪:‬‬
‫‪ - 4‬التّحلية المباحة أو المستحبّة إذا أسرف فيها‬
‫تصبح محظورة ً ‪ ،‬وقد تصل إلى مرتبة التّحريم ‪.‬‬
‫والسراف ‪ :‬هو مجاوزة حد ّ الستواء ‪ ،‬فتارةً يكون‬
‫بمجاوزة الحلل إلى الحرام ‪ ،‬وتارةً يكون بمجاوزة‬

‫‪321‬‬
‫من قال اللّه تعالى فيهم‬ ‫الحد ّ في النفاق ‪ ،‬فيكون م ّ‬
‫ن } والسراف‬ ‫ن ال َّ‬ ‫{ إ َّ‬
‫شياطي ِ‬ ‫خوا َ‬‫ن المبذِّرِين كانوا إ ِ ْ‬
‫سط‬ ‫وضدّه من القتار مذمومان ‪ ،‬والستواء هو التّو ّ‬
‫َ‬
‫سرفوا ولم‬ ‫قال اللّه تعالى ‪ { :‬والّذين إذا أنفقوا لم ي ُ ْ‬
‫قتُروا وكان بين ذلك قَوَاما ً } ‪.‬‬ ‫يَ ْ‬
‫تحلية المحدَّة ‪:‬‬
‫‪ - 5‬المحدّة من النّساء هي ‪ :‬المرأة الّتي تترك‬
‫ي والطّيب بعد وفاة زوجها للعدّة ‪،‬‬ ‫الّزينة والحل ّ‬
‫والحداد تركها ذلك ‪ .‬وإحدادها في اصطلح الفقهاء ‪:‬‬
‫ة‬
‫امتناعها عن الّزينة وما في معناها مدّةً مخصوص ً‬
‫في أحوال مخصوصة حزنا ً على فراق زوجها ‪ ،‬سواء‬
‫أكان بالموت ‪ -‬وهو بالجماع ‪ -‬أم بالطّلق البائن ‪،‬‬
‫وهو مذهب الحنفيّة على خلف‬
‫‪ -6‬وقد أجمع الفقهاء على أنّه يحرم على المحدّة أن‬
‫ل صوره ‪ ،‬فيلزمها نزعه حين‬ ‫تستعمل الذ ّهب بك ّ‬
‫تعلم بموت زوجها ‪ ،‬ل فرق في ذلك بين الساور‬
‫ي من الجواهر ‪،‬‬ ‫والدّمالج والخواتم ‪ ،‬ومثله الحل ّ‬
‫ضة‬
‫ويلحق به ما يتّخذ للحلية من غير الذ ّهب والف ّ‬
‫ي من‬ ‫كالعاج وغيره ‪ .‬وجوّز بعض الفقهاء لبس الحل ّ‬
‫ضة ‪ ،‬ولكنّه قول مردود ‪ ،‬لعموم النّهي عن لبس‬ ‫الف ّ‬
‫ي على المحدّة في قوله صلى الله عليه وسلم‬ ‫الحل ّ‬
‫ضة ‪ ،‬فحرم‬ ‫ن الّزينة تحصل بالف ّ‬ ‫ي » ول ّ‬ ‫‪ « :‬ول الحل ّ‬
‫ي‬‫عليها لبسها والتّحلّي بها كالذ ّهب ‪ .‬وقصر الغزال ّ‬
‫ما‬
‫ضة ‪ ،‬لنّه ليس م ّ‬ ‫الباحة على لبس الخاتم من الف ّ‬
‫ص النّساء بحلّه ‪ ،‬ويحرم عليها أن تتحلّى‬ ‫تخت ّ‬
‫لتتعّرض للخطاب بأيّ وسيلة من الوسائل تلميحا ً أو‬
‫ي صلى الله عليه وسلم فيما رواه‬ ‫تصريحا ً لقول النّب ّ‬
‫ي وأبو داود ‪ « :‬ول تلبس المعصفر من الثّياب‬ ‫النّسائ ّ‬
‫ي»‪.‬‬ ‫ول الحل ّ‬

‫‪322‬‬
‫التّحلّي في الحرام ‪:‬‬
‫ج أو عمرة أو‬ ‫من يريده بح ّ‬ ‫ما أن يكون م ّ‬ ‫‪ - 7‬وهو إ ّ‬
‫من أحرم بهما فعل ً ‪.‬‬ ‫م ّ‬
‫وتحلّي المرأة المحرمة بالذ ّهب وغيره من الحل ّ‬
‫ي‬
‫مباح ‪ ،‬سواء أكان سوارا ً أم غيره ‪ ،‬لقول ابن عمر‬
‫رضي الله عنهما « نهى رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫ن عن القّفازين والنّقاب ‪،‬‬ ‫وسلم النّساء في إحرامه ّ‬
‫س الورس والّزعفران من الثّياب ‪ ،‬وليلبسن‬ ‫وما م ّ‬
‫بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثّياب ‪ ،‬من معصفر أو‬
‫ي»‪.‬‬ ‫خّز أو حل ّ‬
‫ي‬
‫ما الخلخال وما أشبهه من الحل ّ‬ ‫قال ابن قدامة ‪ :‬فأ ّ‬
‫ي ‪ :‬أنّه ل‬‫سوار والدّملوج فظاهر كلم الخرق ّ‬ ‫مثل ال ّ‬
‫يجوز لبسه ‪ .‬وقد قال أحمد ‪ :‬المحرمة والمتوفّى‬
‫عنها زوجها يتركان الطّيب والّزينة ‪ ،‬ولهما ما سوى‬
‫ذلك ‪ ،‬وروي عن عطاء ‪ :‬أنّه كان يكره للمحرمة‬
‫ي ‪ .‬وكرهه الثّوريّ وأبو ثور ‪ .‬وروي عن‬ ‫الحرير والحل ّ‬
‫قتادة أنّه كان ل يرى بأسا ً أن تلبس المرأة الخاتم‬
‫سوارين والدّملجين‬ ‫والقرط وهي محرمة ‪ ،‬وكره ال ّ‬
‫والخلخالين ‪.‬‬
‫وظاهر مذهب أحمد ‪ :‬الّرخصة فيه ‪ .‬وهو قول ابن‬
‫عمر وعائشة رضي الله عنهما وأصحاب الّرأي ‪ .‬قال‬
‫ي‬
‫أحمد في رواية حنبل ‪ :‬تلبس المحرمة الحل ّ‬
‫والمعصفر ‪ .‬وقال عن نافع ‪ :‬كان نساء ابن عمر‬
‫ن محرمات ل‬ ‫ي والمعصفر وه ّ‬ ‫وبناته يلبسن الحل ّ‬
‫ينكر ذلك عبد اللّه ‪ .‬وروى أحمد في المناسك عن‬
‫عائشة رضي الله عنها أنّها قالت ‪ :‬تلبس المحرمة‬
‫ما تلبس وهي حلل من خّزها وقّزها وحليّها ‪.‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫وقد ذكرنا حديث ابن عمر أنّه سمع النّب ّ‬
‫عليه وسلم قال ‪ « :‬ولْتلبس بعد ذلك ما أَحبّت من‬

‫‪323‬‬
‫ي » قال ابن‬ ‫ب من معصفر أو خّز أو حل ّ‬ ‫ن الثّيا ِ‬
‫ألوا ِ‬
‫جة ‪ ،‬ويحمل كلم‬ ‫المنذر ‪ :‬ل يجوز المنع منه بغير ح ّ‬
‫ي في المنع على الكراهة لما فيه من‬ ‫أحمد والخرق ّ‬
‫الّزينة ‪.‬‬
‫ضة للّرجال والنّساء جائز عند‬ ‫ولبس خاتم الف ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬ول يجوز عند المالكيّة‬ ‫الحنفيّة وال ّ‬
‫للّرجل وفيه الفداء ‪ ،‬ويجوز للمرأة ‪.‬‬
‫‪ -8‬ومن التّحلّي في الحرام أن يتطيّب في بدنه ‪.‬‬
‫ن‬
‫وهو وإن كان من محظورات الحرام ‪ ،‬لكنّه س ّ‬
‫استعدادا ً له عند الجمهور ‪ ،‬وكره المالكيّة الحرام‬
‫بمطيّب ‪ ،‬وندبوه بغيره ‪ .‬والتّطيّب في ثوب الحرام‬
‫شافعيّة في‬ ‫قبل الحرام منعه الجمهور ‪ ،‬وأجازه ال ّ‬
‫ن‬
‫ما بعد الحرام فإ ّ‬ ‫القول المعتمد عندهم ‪ .‬وأ ّ‬
‫التّحلية بالطّيب وما في معناه هو من محظورات‬
‫ما لبس المرأة حليّها في الحرام فل‬ ‫الحرام ‪ ،‬وأ ّ‬
‫بأس به ما لم يكن فيه إغراء ر ‪ ( :‬إحرام ) ‪.‬‬
‫===============‬
‫تحليق *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬من معاني التّحليق في اللّغة ‪ :‬الستدارة وجعل‬
‫شيء كالحلقة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شعر ‪ ،‬يقال ‪ :‬حلق رأسه‬ ‫ومن معانيه أيضا ً ‪ :‬إزالة ال ّ‬
‫يحلقه حلقا ً ‪ ،‬وتحلقا ً ‪ :‬أزال شعره ‪ ،‬كحلّقه واحتلقه‬
‫سكم } ‪ ،‬وفي‬ ‫ن رءو َ‬ ‫‪ .‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬محل ِّقي َ‬
‫م اغفر للمحل ِّقين » والتّحليق خلف‬ ‫الحديث ‪ « :‬اللّه ّ‬
‫ص ‪ .‬وخلف‬ ‫شعر بالمق ّ‬ ‫التّقصير ‪ ،‬وهو ‪ :‬الخذ من ال ّ‬
‫شعر من أصوله ‪ .‬ويرد في‬ ‫النّتف ‪ ،‬وهو ‪ :‬نزع ال ّ‬
‫اصطلح الفقهاء بالمعنيين المذكورين ‪.‬‬
‫ي ومواطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬

‫‪324‬‬
‫التّحليق بمعنى الستدارة في التّشهّد ‪:‬‬
‫‪ - 2‬يرد التّحليق بمعنى ‪ :‬الستدارة في التّشهّد في‬
‫صلة ‪ ،‬سواء التّشهّد الوّل أو الخير ‪ .‬وصفته ‪ :‬أن‬ ‫ال ّ‬
‫يقبض المصلّي الخنصر والبنصر من يده اليمنى ‪،‬‬
‫سبّابة ‪ -‬وهي‬ ‫ويحلق بإبهامه مع الوسطى ويشير بال ّ‬
‫الصبع الّتي تلي البهام ‪ -‬عند لفظ الجللة رافعا ً لها‬
‫وهذا عند الحنابلة ‪ ،‬وهو القول الثّاني عند‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وقول للحنفيّة ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إنّه المفتى به ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫والتّحليق على الوجه المذكور سنّة ‪.‬‬
‫صلة أن‬ ‫ن من مندوبات ال ّ‬ ‫وذكر عند المالكيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫يعقد المصلّي في تشهّده من أصابع يده اليمنى‬
‫الخنصر والبنصر والوسطى وهي موضوعة على‬
‫فخذها اليمن ‪ ،‬وأطرافها على اللّحمة الّتي تحت‬
‫سبّابة والبهام ‪،‬‬ ‫البهام على صفة تسعة ‪ ،‬وأن يمد ّ ال ّ‬
‫والبهام بجانبها على الوسطى ممدودة على صورة‬
‫العشرين ‪ ،‬فتكون الهيئة صفة التّسعة والعشرين ‪،‬‬
‫سبّابة يميناً‬ ‫وهذا هو قول الكثر ‪ ،‬وندب أن يحّرك ال ّ‬
‫موا‬ ‫وشمال ً تحّركا ً وسطا ً في جميع التّشهّد ‪ .‬ولم يس ّ‬
‫ذلك تحليقا ً ‪ .‬والتّفصيل موطنه مصطلح ‪ ( :‬تشهّد ) ‪.‬‬
‫شعر ‪:‬‬ ‫التّحليق بمعنى إزالة ال ّ‬
‫ن الحلق من المحظورات‬ ‫‪ - 3‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫المتعلّقة ببدن الحرم ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ { :‬ول ت َ ْ‬
‫حلُِقوا‬
‫َ‬
‫ن كان منكم‬ ‫م ْ‬‫حل ّه فَ َ‬ ‫سكم حتّى يَبْلُغَ الهديُ َ‬
‫م ِ‬ ‫رءو َ‬
‫َ‬
‫صيام ٍ أو‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ِ‬ ‫سه فَِفدْي َ ٌ‬‫ن رأ ِ‬ ‫مريضا ً أو به أذ َى م ْ‬
‫ك } فيحظر على المحرم حلق رأسه‬ ‫س ٍ‬‫صدَقَةٍ أو ن ُ ُ‬‫َ‬
‫شعر كذلك يحظر‬ ‫أو رأس محرم غيره ‪ ،‬وقليل ال ّ‬
‫حلقه أو قطعه ‪ ،‬وإن حلق المحرم شعره أثناء‬
‫ص ‪ .‬والحلق للتّحلّل من‬ ‫إحرامه فعليه الفدية للن ّ ّ‬
‫الحرام أفضل من التّقصير ‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫روي عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أ ّ‬
‫ن‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫صرين يا‬ ‫م ارحم المحلّقين ‪ ،‬قالوا ‪ :‬والمق ّ‬ ‫« اللّه ّ‬
‫م ارحم المحل ِّقين ‪ ،‬قالوا ‪:‬‬ ‫رسول اللّه ‪ ،‬قال ‪ :‬اللّه ّ‬
‫صرين » ‪.‬‬ ‫صرين يا رسول اللّه ‪ ،‬قال ‪ :‬والمق ّ‬ ‫والمق ِّ‬
‫وفي دعاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫ن‬
‫صرين مّرةً دليل على أ ّ‬ ‫للمحلّقين ثلثا ً ‪ ،‬وللمق ّ‬
‫ج والعمرة أفضل من التّقصير ‪ ،‬هذا‬ ‫الحلق في الح ّ‬
‫إذا كان محرما ً بالعمرة وحدها من غير إرادة تمتّع ‪،‬‬
‫فإن كان متمتّعا ً ‪ ،‬وأراد التّحلّل من عمرته ‪،‬‬
‫فالفضل له التّقصير ‪ ،‬ليتوفّر الحلق للتّحلّل من‬
‫ج‪.‬‬‫الح ّ‬
‫ن التّقصير يجزئ عن‬ ‫وأجمع أهل العلم على أ ّ‬
‫ن التّقصير ‪ ،‬لما روي عن‬ ‫ن النّساء سنّته ّ‬ ‫الّرجال ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬ليس على‬ ‫النّب ّ‬
‫ن التّقصير » ‪ ،‬ول خلف في‬ ‫حلْق ‪ ،‬إنّما عليه ّ‬ ‫النّساء َ‬
‫ج نسك ‪ .‬والحلق ‪ -‬أو‬ ‫ن حلق الّرأس في الح ّ‬ ‫أ ّ‬
‫التّقصير ‪ -‬في ذاته واجب إذا كان على الّرأس‬
‫ما إذا لم يكن على رأسه شعر ‪ -‬كالقرع‬ ‫شعر ‪ ،‬أ ّ‬
‫ومن برأسه قروح ‪ -‬فإنّه يجب إمرار الموسى على‬
‫ب ذلك‬ ‫رأسه عند الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬واستح ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ .‬وبعد فراغ الحلق يقول ‪ :‬اللّه‬ ‫ال ّ‬
‫م هذه ناصيتي بيدك ‪ ،‬فاجعل‬ ‫أكبر ثلث مّرات ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫ل شعرة نورا ً يوم القيامة ‪ ،‬واغفر لي ذنبي يا‬ ‫لي ك ّ‬
‫واسع المغفرة ‪.‬‬
‫والتّفصيل موطنه مصطلح ‪ ( :‬إحرام ) ( حلق ) ‪.‬‬
‫تحلّل *‬
‫التّعريف ‪:‬‬

‫‪326‬‬
‫ل ) في‬ ‫ل ‪ .‬وأصل معنى ( ح ّ‬ ‫‪ - 1‬التّحلّل ثلثيّة من ح ّ‬
‫ك العقدة ‪ ،‬ويكون بفعل‬ ‫شيء وف ّ‬ ‫اللّغة ‪ :‬فتح ال ّ‬
‫النسان ما يخرج به من الحرمة ‪ ،‬ويختلف باختلف‬
‫موضعه ‪ ،‬فإن كان من إحرام فهو الخروج منه‬
‫بالطّريق الموضوع له شرعا ً ‪ ،‬وإن كان من يمين‬
‫فيخرج منها بالبّر أو الكّفارة بشرطها ‪ ،‬وإن كان‬
‫سلم ‪ ،‬وتفصيله في‬ ‫صلة فيكون بال ّ‬ ‫التّحلّل من ال ّ‬
‫صلة ‪.‬‬
‫باب ال ّ‬
‫ول يخرج استعماله شرعا ً عن ذلك ‪.‬‬
‫ي ومواطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫التّحلّل من الحرام ‪:‬‬
‫ل ما كان‬ ‫والمراد به ‪ :‬الخروج من الحرام ‪ .‬وح ّ‬
‫محظورا ً على المحرم قسمان ‪:‬‬
‫مى أيضا ً ‪ :‬التّحلّل الوّل ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬التّحلّل الصغر ‪ ،‬ويس ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة بفعل أمرين من‬ ‫‪ - 2‬ويكون عند ال ّ‬
‫ثلثة ‪ :‬رمي جمرة العقبة ‪ ،‬والنّحر ‪ ،‬والحلق أو‬
‫ل شيء‬ ‫التّقصير ‪ .‬ويباح بهذا التّحلّل لبس الثّياب وك ّ‬
‫ما عدا النّساء ( بالجماع ) والطّيب عند البعض ‪،‬‬
‫صيد عند المالكيّة ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫ما الحنفيّة فيحصل التّحلّل الصغر عندهم برمي‬ ‫أ ّ‬
‫ل له‬‫الجمرة والحلق والتّقصير ‪ ،‬فإذا فعل ذلك ح ّ‬
‫ل شيء إل ّ النّساء ‪ .‬وما ورد في بعض كتب‬ ‫ك ّ‬
‫صيد أيضا ً ضعيف ‪.‬‬ ‫الحنفيّة من استثناء الطّيب وال ّ‬
‫هذا ‪ ،‬ويجب الذ ّبح بين الّرمي والحلق للمتمتّع‬
‫ن التّرتيب واجب‬ ‫والقارن لمن قدر على ذلك ‪ ،‬ل ّ‬
‫بين هذه النّسك عند الحنفيّة ‪.‬‬
‫والصل في هذا الخلف ما ورد عن عائشة رضي‬
‫ي صلى الله‬ ‫الله عنها أنّها قالت ‪ « :‬كنت أطيّب النّب َّ‬
‫م النّحر قبل أن‬ ‫عليه وسلم قبل أن يحرم ‪ ،‬ويو َ‬

‫‪327‬‬
‫يطوف بالبيت بطيب فيه مسك » ‪ .‬وقد جاء في‬
‫ل له‬ ‫بعض الحاديث أنّه إذا رمى جمرة العقبة فقد ح ّ‬
‫ل شيء إل ّ النّساء والطّيب ‪ ،‬لما أخرجه مالك في‬ ‫ك ّ‬
‫الموطّأ عن عمر رضي الله عنه أنّه خطب النّاس‬
‫ج ‪ ،‬وقال لهم فيما قال ‪« :‬‬ ‫بعرفة ‪ ،‬وعلّمهم أمر الح ّ‬
‫ل له ما حرم‬ ‫إذا جئتم منًى فمن رمى الجمرة فقد ح ّ‬
‫ج إل ّ النّساء والطّيب » ‪.‬‬ ‫على الحا ّ‬
‫صيد أيضا ً ‪ :‬فإنّه‬ ‫ما ما ذهب إليه مالك من تحريم ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫صيد َ وأنتم‬ ‫قتُلوا ال ّ‬ ‫أخذ بعموم قوله تعالى ‪ { :‬ل ت َ ْ‬
‫ج يعتبر محرماً‬ ‫ن الحا ّ‬ ‫م } ووجه الستدلل بالية أ ّ‬ ‫حُر ٌ‬‫ُ‬
‫ما دليل إباحة لبس‬ ‫ما لم يطف طواف الفاضة ‪ .‬وأ ّ‬
‫ل شيء بعد رمي جمرة العقبة ‪ ،‬فهو‬ ‫الثّياب وك ّ‬
‫ل شيء إلّ‬ ‫لك ّ‬ ‫حديث ‪ « :‬إذا رميتم الجمرة فقد ح ّ‬
‫سابق ‪.‬‬ ‫النّساء » ‪ ،‬وحديث عائشة ال ّ‬
‫مى أيضا ً التّحلّل الثّاني ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬التّحلّل الكبر ‪ -‬ويس ّ‬
‫‪ - 3‬هذا التّحلّل هو الّذي يباح به جميع محظورات‬
‫ح أفعال‬ ‫الحرام دون استثناء ‪ ،‬ويبدأ الوقت الّذي تص ّ‬
‫التّحلّل الكبر فيه عند الحنفيّة والمالكيّة من طلوع‬
‫فجر يوم النّحر ‪ ،‬ويحصل عندهما بطواف الفاضة ‪-‬‬
‫بشرط الحلق أو التّقصير ‪ -‬هنا باتّفاقهما ‪ ،‬فلو أفاض‬
‫ولم يحلق لم يتحلّل حتّى يحلق عند الحنفيّة‬
‫والمالكيّة ‪.‬‬
‫سعي ‪،‬‬ ‫وزاد المالكيّة أن يكون الطّواف مسبوقا ً بال ّ‬
‫سعي ركن عند‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل به حتّى يسعى ‪ ،‬ل ّ‬ ‫وإل ّ ل يح ّ‬
‫سعي في‬ ‫المالكيّة ‪ ،‬وقال الحنفيّة ‪ :‬ل مدخل لل ّ‬
‫ل ‪ ،‬ونهاية وقت التّحلّل‬ ‫التّحلّل ‪ ،‬لنّه واجب مستق ّ‬
‫الكبر بحسب ما يتحلّل به عندهما ‪ ،‬وهو الطّواف ‪،‬‬
‫وهو ل يفوت ‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫شافعيّة والحنابلة يبدأ وقت التّحلّل الكبر من‬ ‫وعند ال ّ‬
‫منتصف ليلة النّحر ‪ ،‬ويحصل التّحلّل الكبر عندهما‬
‫باستكمال أفعال التّحلّل الّتي ذكرت ‪ ،‬وهي ‪ :‬ثلثة‬
‫ن الحلق نسك ‪ ،‬واثنان على القول‬ ‫على القول بأ ّ‬
‫الخر غير المشهور أنّه ليس بنسك ‪ ،‬ونهاية التّحلّل‬
‫شافعيّة والحنابلة بحسب ما يتحلّل به‬ ‫الكبر عند ال ّ‬
‫عندهما إن توقّف التّحلّل الكبر على الطّواف أو‬
‫ما الّرمي فإنّه مؤقّت بغروب‬ ‫سعي ‪ ،‬أ ّ‬ ‫الحلق أو ال ّ‬
‫شمس آخر أيّام التّشريق ‪ ،‬فإذا توقّف عليه التّحلّل‬
‫ولم يرم حتّى آخر أيّام التّشريق فات وقت الّرمي‬
‫ل عند الحنابلة بمجّرد فوات الوقت ‪،‬‬ ‫بالكلّيّة ‪ ،‬فيح ّ‬
‫وإن بقي عليه الفداء مقابل ذلك ‪ ،‬وهذا قول عند‬
‫ح عندهم أنّه بفوات وقت‬ ‫ن الص ّ‬ ‫شافعيّة ‪ ،‬لك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل حتّى‬‫الّرمي ينتقل التّحلّل إلى كّفارته ‪ ،‬فل يح ّ‬
‫يؤدّيها ‪.‬‬
‫وحصول التّحلّل الكبر باستكمال الفعال الثّلثة ‪:‬‬
‫رمي جمرة العقبة ‪ ،‬والحلق ‪ ،‬وطواف الفاضة‬
‫ل اتّفاق الفقهاء ‪ ،‬وبه تباح‬‫سعي مح ّ‬ ‫المسبوق بال ّ‬
‫جميع محظورات الحرام بالجماع‪.‬‬
‫التّحلّل من إحرام العمرة ‪:‬‬
‫ن للعمرة بعد أدائها‬ ‫‪ - 4‬اتّفق جمهور الفقهاء على أ ّ‬
‫تحلّل ً واحدا ً تباح به للمحرم جميع محظورات‬
‫الحرام ‪ ،‬ويحصل هذا التّحلّل بالحلق أو التّقصير‬
‫باتّفاق المذاهب ‪ ،‬والتّفصيل في مصطلح ( عمرة )‬
‫‪.‬‬
‫التّحلّل من اليمين ‪:‬‬
‫ن اليمين المنعقدة المؤكّدة‬ ‫‪ - 5‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫ل بفعل ما يوجب الحنث ‪ ،‬وهو‬ ‫ث أو المنع تنح ّ‬ ‫للح ّ‬
‫ما بفعل‬ ‫المخالفة لما انعقدت عليه اليمين ‪ ،‬وذلك إ ّ‬

‫‪329‬‬
‫ما بترك ما حلف على‬ ‫ما حلف على أل ّ يفعله ‪ ،‬وإ ّ‬
‫فعله ‪ ،‬إذا علم أنّه قد تراخى عن فعل ما حلف على‬
‫فعله إلى وقت ليس يمكنه فيه فعله ‪ ،‬وذلك في‬
‫اليمين بالتّرك المطلق ‪ ،‬مثل أن يحلف ‪ :‬لتأكلن هذا‬
‫الّرغيف ‪ ،‬فيأكله غيره ‪ .‬أو إلى وقت هو غير الوقت‬
‫الّذي اشترط وجود الفعل فيه ‪ ،‬وذلك في الفعل‬
‫المشترط فعله في زمان محدّد ‪ ،‬مثل أن يقول ‪:‬‬
‫واللّه لفعلن اليوم كذا ‪ ،‬فإنّه إذا انقضى النّهار ولم‬
‫ن الكّفارة في‬ ‫يفعل حنث ضرورةً ‪ ،‬واتّفقوا على أ ّ‬
‫اليمان هي الربعة النواع الواردة في قوله تعالى ‪:‬‬
‫خذكم‬ ‫ن يُؤا ِ‬ ‫ولك‬ ‫كم‬ ‫ِ‬ ‫مان‬ ‫ي‬‫{ ل يؤاخذ ُكم الل ّه باللَّغو في أ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫شَرةِ مساكي َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ن فكَّفارتُه إطعا ُ‬ ‫بما عََّقدْتُم اليما َ‬
‫م َ‬
‫سوَتُهم أو تحريُر‬ ‫ن أهليكم أو ك ِ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ط ما تُطْعِ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ن أوْ َ‬
‫ِ ْ‬
‫م ثلثةِ أيَّام ٍ ذلك كَّفارةُ‬ ‫صيا ُ‬ ‫جد ْ فَ ِ‬ ‫ن لم ي َ ِ‬ ‫َرقَبَةٍ فم ْ‬
‫فتُم } ‪.‬‬ ‫حل َ ْ‬‫أيمانِكم إذا َ‬
‫ن الحالف إذا حنث مخيّر بين‬ ‫وجمهور الفقهاء على أ ّ‬
‫الثّلثة الول أي ‪ :‬الطعام أو الكسوة أو العتق ‪ ،‬وأنّه‬
‫صيام إل ّ إذا عجز عن الثّلثة ‪ ،‬لقوله‬ ‫ل يجوز له ال ّ‬
‫م ثلثةِ أيَّام ٍ } ‪.‬‬ ‫جد ْ فصيا ُ‬ ‫م يَ ِ‬‫نل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫تعالى ‪ { :‬ف َ‬
‫والتّفصيل موطنه مصطلح ( أيمان ) ‪.‬‬
‫والتّحلّل في اليمين ‪ :‬الستثناء منها بقوله ‪ :‬إن شاء‬
‫اللّه ‪ ،‬واختلف العلماء في الستثناء أيشترط اتّصاله‬
‫أو ل يشترط ؟ والتّفصيل موطنه مصطلح ( أيمان ‪،‬‬
‫طلق ) ‪.‬‬
‫===============‬
‫تحميد *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّحميد في اللّغة ‪ :‬كثرة الثّناء بالمحامد الحسنة‬
‫‪ ،‬وهو أبلغ من الحمد ‪ .‬والتّحميد في الطلق‬

‫‪330‬‬
‫ي يراد به كثرة الثّناء على اللّه تعالى ‪ ،‬لنّه‬ ‫شرع ّ‬ ‫ال ّ‬
‫هو مستحقّ الحمد على الحقيقة ‪ .‬والحسن التّحميد‬
‫صلة بقوله ‪:‬‬ ‫بسورة الفاتحة ‪ ،‬وبما يثنى عليه في ال ّ‬
‫م وبحمدك ‪.‬‬ ‫سبحانك اللّه ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫شكر ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬ال ّ‬
‫شكر في اللّغة ‪ :‬الثّناء على المحسن بما قدّم‬ ‫‪ - 2‬ال ّ‬
‫لغيره من معروف ‪.‬‬
‫شكر كما‬ ‫ي عن ذلك ‪ .‬وال ّ‬ ‫ول يخرج المعنى الصطلح ّ‬
‫شكر مجازاة‬ ‫يكون باللّسان يكون باليد والقلب ‪ .‬وال ّ‬
‫للمحسن على إحسانه ‪ ،‬وقد يوضع الحمد مكان‬
‫شكر ‪ ،‬تقول ‪ :‬حمدته على شجاعته ‪ ،‬يعني أثنيت‬ ‫ال ّ‬
‫على شجاعته ‪ ،‬كما تقول ‪ :‬شكرته على شجاعته ‪،‬‬
‫م ‪ ،‬لنّك تحمد على‬ ‫ن الحمد أع ّ‬ ‫وهما متقاربان ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ل على الفرق ‪.‬‬ ‫صفات ول تشكر ‪ ،‬وذلك يد ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ب ‪ -‬المدح ‪:‬‬
‫‪ - 3‬المدح من معانيه في اللّغة ‪ :‬الثّناء الحسن تقول‬
‫‪ :‬مدحته مدحا ً من باب نفع ‪ :‬أثنيت عليه بما فيه من‬
‫ة ‪ .‬والمدح‬ ‫ة كانت أو اختياري ّ ً‬ ‫صفات الجميلة ‪ ،‬خلقي ّ ً‬ ‫ال ّ‬
‫في الصطلح ‪ :‬هو الثّناء باللّسان على الجميل‬
‫م من الحمد ‪.‬‬ ‫الختياريّ قصدا ً ‪ .‬ولهذا كان المدح أع ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 4‬مواطن التّحميد في حياة النسان متعدّدة ‪ .‬فهو‬
‫مطالب به عرفانا ً منه بنعم اللّه تعالى وثناءً عليه بما‬
‫هو أهله ‪ ،‬على ما أوله من نعم ل حصر لها ‪ ،‬قال‬
‫صوها } فل‬ ‫ة اللّهِ ل ت ُ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫م َ‬‫ن تَعُدُّوا نِعْ َ‬
‫تعالى ‪ { :‬وإ ْ‬
‫طاقة على عدّها ‪ ،‬ول قدرة على حصرها لكثرتها ‪،‬‬
‫سمع والبصر وغير ذلك من العافية والّرزق ‪،‬‬ ‫كال ّ‬
‫وهي نعم منه سبحانه ‪ ،‬ولذا هيّأ للنسان من‬

‫‪331‬‬
‫السباب ما يعينه على القيام بحمده والثّناء عليه بما‬
‫هو أهله ‪.‬‬
‫والتّحميد تارة ً يكون واجبا ً كما في خطبة الجمعة ‪.‬‬
‫ة مؤكّدة ً كما هو بعد العطاس ‪ .‬وتارةً‬ ‫وتارةً يكون سن ّ ً‬
‫يكون مندوبا ً كما في خطبة النّكاح ‪ ،‬وفي ابتداء‬
‫ل أكل‬ ‫ل أمر ذي بال ‪ ،‬وبعد ك ّ‬ ‫الدّعاء ‪ ،‬وفي ابتداء ك ّ‬
‫وشرب ونحو ذلك ‪ .‬وتارةً يكون مكروها ً كما في‬
‫الماكن المستقذرة ‪ .‬وتارةً يكون حراما ً كما في‬
‫الفرح بالمعصية ‪ .‬وتفصيل ذلك كما يأتي ‪:‬‬
‫التّحميد في خطبتي الجمعة ‪:‬‬
‫‪ - 5‬التّحميد في خطبتي الجمعة مطلوب شرعا ً ‪،‬‬
‫على خلف بين الفقهاء في فرضيّته أو ندبه ‪.‬‬
‫والبداءة به فيهما مستحبّة ‪ ،‬لما روى أبو هريرة‬
‫ل كلم ل يبدأ فيه‬ ‫رضي الله عنه مرفوعا ً ‪ « :‬ك ّ‬
‫بالحمد فهو أجذم » ‪ ،‬ولما روى جابر رضي الله عنه‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يخطب النّاس‬ ‫ن النّب َّ‬‫« أ َّ‬
‫يحمد اللّه ويثني عليه بما هو أهله » ‪.‬‬
‫والتّفصيل في ( صلة الجمعة ) ‪.‬‬
‫التّحميد في خطبة النّكاح ‪:‬‬
‫ب التّحميد في خطبة النّكاح قبل إجراء‬ ‫‪ - 6‬يستح ّ‬
‫العقد ‪ ،‬لما ورد فيها من لفظه عليه الصلة والسلم‬
‫‪ « :‬الحمد للّه نحمده ‪ ،‬ونستعينه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ‬
‫باللّه من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده‬
‫ل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له ‪ .‬وأشهد‬ ‫اللّه فل مض ّ‬
‫أن ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أ ّ‬
‫ن‬
‫س اتَُّقوا ربَّكم‬ ‫مدا ً عبده ورسوله { يا أيّها النّا ُ‬ ‫مح ّ‬
‫جها‬ ‫خلَقَ منها زو َ‬ ‫س واحدةٍ وَ َ‬ ‫ن نف ٍ‬ ‫قكم م ْ‬ ‫خل َ َ‬
‫الّذي َ‬
‫ه الّذي‬‫جال ً كثيرا ً ونساءً واتَُّقوا الل ّ َ‬ ‫ث منهما رِ َ‬ ‫وَب َّ‬
‫ه كان عليكم َرقِيبا ً }‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫م إ َّ‬
‫ن به والرحا َ‬ ‫ساءلُو َ‬ ‫تَ َ‬

‫‪332‬‬
‫موت ُ َّ‬
‫ن‬ ‫ق تَُقاتِه ول ت َ ُ‬ ‫منُوا اتَُّقوا الل ّ َ‬
‫ه ح َّ‬ ‫{ يا أيّها الّذين آ َ‬
‫َ‬
‫ن } { يا أيّها الّذين آمنوا اتَُّقوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫إل ّ وأنْتُم مسلمو َ‬
‫ح لكم أعمالَكم ويَغِْفْر لكم‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫سديدا ً ي ُ ْ‬ ‫وقُولُوا قول ً َ‬
‫ه ورسولَه فقد فاَز فوزاً‬ ‫ذنوبَكم ومن يُطِِع الل ّ َ‬
‫عظيما ً } » ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫التّحميد في افتتاح ال ّ‬
‫صلة ‪ -‬وهو المعبّر عنه‬ ‫‪ - 7‬التّحميد في افتتاح ال ّ‬
‫بدعاء الستفتاح ‪ -‬سنّة ‪ :‬فقد « كان رسول اللّه‬
‫م رفع‬ ‫صلة كبّر ‪ ،‬ث ّ‬ ‫صلى الله عليه وسلم إذا افتتح ال ّ‬
‫م يقول ‪ :‬سبحانك‬ ‫يديه حتّى يحاذي بإبهاميه أذنيه ‪ ،‬ث ّ‬
‫م وبحمدك ‪ ،‬وتبارك اسمك ‪ ،‬وتعالى جدّك ‪ ،‬ول‬ ‫اللّه ّ‬
‫إله غيرك » وذلك متّفق عليه بين الحنفيّة‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫صلة‬ ‫والتّحميد عند استواء الّرفع من الّركوع في ال ّ‬
‫ن‬
‫ي«أ ّ‬ ‫واجب عند الحنابلة ‪ ،‬لما روى الدّارقطن ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال لبريدة رضي الله‬ ‫النّب ّ‬
‫عنه ‪ :‬يا بريدة إذا رفعت رأسك من الّركوع فقل ‪:‬‬
‫سمع اللّه لمن حمده ‪ ،‬ربّنا ولك الحمد » وسنّة عند‬
‫شافعيّة للمأموم والمنفرد ‪ ،‬فإنّهما‬ ‫الحنفيّة وال ّ‬
‫يجمعان بين التّسميع والتّحميد ‪ ،‬ويكتفي المأموم‬
‫بالتّحميد اتّفاقا ً للمر به ‪ ،‬لما روى أنس وأبو هريرة‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫رضي الله عنهما « أ ّ‬
‫قال ‪ :‬إذا قال المام ‪ :‬سمع اللّه لمن حمده ‪ ،‬فقولوا‬
‫‪ :‬ربّنا ولك الحمد » ولما في صحيح البخاريّ عن‬
‫ي رضي الله عنه قال ‪ « :‬كنّا‬ ‫رفاعة بن رافع الّزرق ّ‬
‫ما‬‫ي صلى الله عليه وسلم فل ّ‬ ‫يوما ً نصلّي وراء النّب ّ‬
‫رفع رأسه من الّركعة قال ‪ :‬سمع اللّه لمن حمده‬
‫فقال رجل وراءه ‪ :‬ربّنا ولك الحمد حمدا ً كثيرا ً طيّباً‬
‫ما انصرف قال ‪ :‬من المتكلّم ؟ قال‬ ‫مباركا ً فيه ‪ .‬فل ّ‬

‫‪333‬‬
‫ة وثلثين ملكا ً يبتدرونها ‪.‬‬ ‫‪ :‬أنا ‪ .‬قال ‪ :‬رأيت بضع ً‬
‫أيّهم يكتبها أوّل » ‪.‬‬
‫وهذا التّحميد بعد قول المام أو قول الفرد ‪ :‬سمع‬
‫اللّه لمن حمده ‪ ،‬مندوب عند المالكيّة ‪.‬‬
‫صلة عقيب التّسليم ‪:‬‬ ‫التّحميد لمن فرغ من ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ .‬لما روى ابن الّزبير‬ ‫ب عند ال ّ‬ ‫‪ - 8‬هو مستح ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه‬ ‫رضي الله عنهما « أ ّ‬
‫ل صلة فيقول ‪ :‬ل إله إلّ‬ ‫وسلم كان يهلّل في إثر ك ّ‬
‫اللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك ‪ ،‬وله الحمد ‪ ،‬وهو‬
‫ل شيء قدير ‪ ،‬ول حول ول قوّة إل ّ باللّه ‪ ،‬ول‬ ‫على ك ّ‬
‫نعبد إل ّ إيّاه ‪ ،‬وله النّعمة ‪ ،‬وله الفضل ‪ ،‬وله الثّناء‬
‫الحسن ‪ ،‬ل إله إل ّ اللّه ‪ ،‬مخلصين له الدّين ولو كره‬
‫الكافرون » ‪.‬‬
‫وسنّة عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه‬
‫ل صلة ثلثاً‬ ‫وسلم ‪ « :‬من سبّح اللّه في دبر ك ّ‬
‫وثلثين ‪ ،‬وحمد اللّه ثلثا ً وثلثين ‪ ،‬وكبّر اللّه ثلثاً‬
‫وثلثين ‪ ،‬فتلك تسعة وتسعون ‪ ،‬وقال في تمام‬
‫المائة ‪ :‬ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك‬
‫ل شيء قدير ‪ ،‬غفرت‬ ‫وله الحمد ‪ ،‬وهو على ك ّ‬
‫خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر » ‪.‬‬
‫عنّي‬ ‫ن عندهم أن يقول بعد ذلك ‪ « :‬اللّه ّ‬
‫مأ ِ‬ ‫ويس ّ‬
‫ن عبادتِك » ويختم ذلك‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫شكرك و ُ‬ ‫على ذِكْرك و ُ‬
‫ما يصفون ‪،‬‬ ‫ب العّزة ع ّ‬ ‫بقوله ‪ « :‬سبحان ربّك ر ّ‬
‫ب العالمين »‬ ‫وسلم على المرسلين ‪ ،‬والحمد للّه ر ّ‬
‫وزاد الحنابلة على ما استدلّوا به الحديث الّذي‬
‫شافعيّة ‪ .‬والولى البدء بالتّسبيح لنّه‬ ‫استد ّ‬
‫ل به ال ّ‬
‫م التّحميد لنّه من باب التّحلية ‪،‬‬ ‫من باب التّخلية ‪ ،‬ث ّ‬
‫م التّكبير لنّه تعظيم ‪.‬‬ ‫ث ّ‬
‫التّحميد في صلة العيدين بعد التّحريمة ‪:‬‬

‫‪334‬‬
‫م ‪ ،‬فيثني‬ ‫‪ - 9‬هو سنّة عند الحنفيّة للمام والمؤت ّ‬
‫م وبحمدك ‪ ،‬وتبارك‬ ‫ويحمد مستفتحا ً " سبحانك اللّه ّ‬
‫اسمك ‪ ،‬وتعالى جدّك ‪ ،‬ول إله غيرك " وذلك مقدّم‬
‫على تكبيرات الّزوائد ‪.‬‬
‫وهو سنّة بين التّكبيرات عند الحنابلة ‪ ،‬فيقول بينها ‪:‬‬
‫اللّه أكبر كبيرا ً ‪ ،‬والحمد للّه كثيرا ً ‪ ،‬وسبحان اللّه‬
‫ي وآله‬‫مد النّب ّ‬ ‫بكرة ً وأصيل ً ‪ ،‬وصلّى اللّه على مح ّ‬
‫وسلّم تسليما ً كثيرا ً ‪.‬‬
‫لما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال ‪« :‬‬
‫ما يقوله بين‬ ‫سألت ابن مسعود رضي الله عنه ع ّ‬
‫تكبيرات العيد ؟ قال ‪ :‬يحمد اللّه ويثني عليه ويصلّي‬
‫م يدعو ويكبّر » ‪.‬‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ث ّ‬ ‫على النّب ّ‬
‫التّحميد في صلة الستسقاء وصلة الجنازة ‪:‬‬
‫‪ - 10‬التّحميد في خطبة صلة الستسقاء سنّة عند‬
‫ب عند الحنفيّة‬ ‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬ومستح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫والمالكيّة ‪ .‬وهو صلة الجنازة بعد التّكبيرة الولى‬
‫سنّة عند الحنفيّة ‪ .‬فيقول المصلّي ‪ :‬سبحانك اللّه ّ‬
‫م‬
‫وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ول إله غيرك ‪.‬‬
‫التّحميد في تكبيرات التّشريق ‪:‬‬
‫‪ - 11‬التّحميد في تكبيرات التّشريق سنّة عند الحنفيّة‬
‫ي صلى‬ ‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬فيقول كما قال النّب ّ‬ ‫وال ّ‬
‫الله عليه وسلم ‪ « :‬اللّه أكبر اللّه أكبر ‪ ،‬ل إله إلّ‬
‫اللّه واللّه أكبر وللّه الحمد » ‪ .‬وقد روي أنّه صلى‬
‫صفا ‪ :‬اللّه أكبر ‪ .‬اللّه‬ ‫الله عليه وسلم « قال على ال ّ‬
‫أكبر ‪ .‬اللّه أكبر ‪ .‬اللّه أكبر كبيرا ً والحمد للّه كثيرا ً ‪،‬‬
‫وسبحان اللّه بكرة ً وأصيل ً ‪ ،‬ل إله إل ّ اللّه ول نعبد إلّ‬
‫إيّاه ‪ ،‬مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون ‪ ،‬ل إله‬
‫إل ّ اللّه وحده ‪ ،‬صدق وعده ‪ ،‬ونصر عبده ‪ ،‬وهزم‬
‫الحزاب وحده ‪ .‬ل إله إل ّ اللّه واللّه أكبر » ‪ .‬والجمع‬

‫‪335‬‬
‫بين التّكبير والتّهليل والتّحميد في أيّام التّشريق‬
‫أفضل وأحسن عند المالكيّة ‪ ،‬فيقول إن أراد الجمع‬
‫‪ :‬اللّه أكبر ‪ ،‬اللّه أكبر ‪ ،‬ل إله إل ّ اللّه واللّه أكبر ‪.‬‬
‫اللّه أكبر ‪ ،‬وللّه الحمد ‪ .‬وقد روي عن مالك هذا ‪.‬‬
‫التّحميد للعاطس في غير صلة ‪:‬‬
‫ن للعاطس إذا‬ ‫‪ - 12‬اتّفق العلماء على أنّه يس ّ‬
‫عطس أن يحمد اللّه ‪ ،‬فيقول عقبه ‪ :‬الحمد للّه ‪.‬‬
‫ب العالمين ‪ ،‬أو الحمد للّه‬ ‫ولو قال ‪ :‬الحمد للّه ر ّ‬
‫ل حال كان أفضل ‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي‬ ‫على ك ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪« :‬‬ ‫الله عنه عن النّب ّ‬
‫إذا عطس أحدكم فليقل ‪ :‬الحمد للّه ‪ .‬وليقل له‬
‫أخوه أو صاحبه ‪ :‬يرحمك اللّه » وعنه رضي الله عنه‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬إذا عطس‬ ‫عن النّب ّ‬
‫ل حال » وعن‬ ‫أحدكم فليقل ‪ :‬الحمد للّه على ك ّ‬
‫أنس رضي الله عنه قال ‪ « :‬عطس رجلن عند‬
‫ت أحدَهما ‪ ،‬ولم‬ ‫م َ‬ ‫ش َّ‬‫ي صلى الله عليه وسلم ف َ‬ ‫النّب ّ‬
‫مته ‪ :‬عطس فلن‬ ‫مت الخر ‪ .‬فقال الّذي لم يش ّ‬ ‫يش ّ‬
‫متْني ؟ فقال ‪ :‬هذا حمد‬ ‫ت فلم ت ُ َ‬
‫ش ِّ‬ ‫متَّه ‪ ،‬وعطس ُ‬ ‫فش َّ‬
‫اللّه تعالى ‪ ،‬وإنّك لم تحمد اللّه تعالى » ‪ .‬وعن أبي‬
‫موسى الشعريّ رضي الله عنه قال ‪ :‬سمعت‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول ‪ { :‬إذا‬
‫متوه ‪ ،‬فإن لم‬ ‫عطس أحدكم فحمد اللّه تعالى فش ّ‬
‫متوه } ‪.‬‬ ‫يحمد اللّه فل تش ّ‬
‫التّحميد للخارج من الخلء بعد قضاء حاجته ‪:‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وسنّة‬ ‫‪ - 13‬وهو مندوب عند المالكيّة وال ّ‬
‫عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬فيقول ‪ « :‬غفرانك » «‬
‫الحمد للّه الّذي أذهب عنّي الذى وعافاني » ‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي الله عنهما ما قال ‪ « :‬كان‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا خرج من‬

‫‪336‬‬
‫الخلء يقول ‪ :‬الحمد للّه الّذي أذاقني لذ ّته ‪ ،‬وأبقى‬
‫في قوّته ‪ ،‬وأذهب عنّي أذاه » ‪.‬‬
‫التّحميد لمن أكل أو شرب ‪:‬‬
‫ب لقوله صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬ ‫‪ - 14‬هو مستح ّ‬
‫ن اللّه ليرضى من العبد أن يأكل الكلة أو يشرب‬ ‫إ ّ‬
‫شربة فيحمده عليها » ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ولما رواه أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال ‪« :‬‬
‫كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو‬
‫شرب قال ‪ :‬الحمد للّه الّذي أطعمنا وسقانا وجعلنا‬
‫ي رضي الله‬ ‫مسلمين » وروى معاذ بن أنس الجهن ّ‬
‫عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪« :‬‬
‫من أكل طعاما ً فقال ‪ :‬الحمد للّه الّذي أطعمني هذا‬
‫ورزقنيه من غير حول منّي ول قوّة غفر له ما تقدّم‬
‫من ذنبه » ‪ .‬ولما روى أبو أيّوب خالد بن زيد‬
‫النصاريّ رضي الله عنه قال ‪ « :‬كان رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال ‪ :‬الحمد‬
‫للّه الّذي أطعم وسقى وسوّغه وجعل له مخرجا ً » ‪.‬‬
‫ي « أنّه حدّثه‬ ‫ولما روى عبد الّرحمن بن جبير التّابع ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ثماني‬ ‫رجل خدم النّب ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫سنوات أنّه كان يسمع النّب ّ‬
‫إذا قّرب إليه طعاما ً يقول ‪ :‬بسم اللّه ‪ .‬فإذا فرغ من‬
‫ت‬
‫ت وأقني َ‬ ‫ت وأغني َ‬‫ت وسقي َ‬ ‫م أطعم َ‬ ‫طعامه قال ‪ :‬اللّه ّ‬
‫ت ‪ ،‬فلك الحمد على ما أعطيت » ‪.‬‬ ‫ت وأحسن َ‬ ‫وهدي َ‬
‫التّحميد لمن سمع بشارةً تسّره ‪ ،‬أو تجدّدت له نعمة‬
‫‪ ،‬أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة ‪:‬‬
‫شخص أن يحمده سبحانه ‪ ،‬ويثني‬ ‫ب لل ّ‬ ‫‪ - 15‬يستح ّ‬
‫عليه بما هو أهله ‪ ،‬وفي هذا قول اللّه تبارك وتعالى‬
‫حَزن } وهو ما‬ ‫‪ { :‬الحمد للّه الّذي أذهب عنّا ال َ‬
‫يقوله أهل الجنّة ‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫صة داود وسليمان عليهما الصلة والسلم‬ ‫وفي ق ّ‬
‫ضلَنا على كثير من عباده‬ ‫{ وقال الحمد للّه الّذي فَ َّ‬
‫المؤمنين } ‪ .‬وقول إبراهيم عليه الصلة والسلم ‪:‬‬
‫{ الحمد للّه الّذي وهب لي على الكبر إسماعيل‬
‫ن عمر رضي‬ ‫وإسحاق } ‪ .‬وفي صحيح البخاريّ أ ّ‬
‫الله عنه أرسل ابنه عبد اللّه إلى عائشة رضي الله‬
‫ما أقبل عبد‬ ‫عنها يستأذنها أن يدفن مع صاحبيه ‪ .‬فل ّ‬
‫ب يا أمير‬ ‫اللّه قال عمر ‪ :‬ما لديك ؟ قال ‪ :‬الّذي تح ّ‬
‫المؤمنين ‪ ،‬أذنت ‪ .‬قال ‪ :‬الحمد للّه ‪ ،‬ما كان شيء‬
‫ي من ذلك ‪ .‬وعن أبي هريرة رضي الله عنه‬ ‫م إل ّ‬ ‫أه ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به‬ ‫ن النّب ّ‬‫«أ ّ‬
‫بقدحين من خمر ولبن ‪ ،‬فنظر إليهما ‪ ،‬فأخذ اللّبن ‪،‬‬
‫فقال له جبريل عليه السلم ‪ :‬الحمد للّه الّذي هداك‬
‫متك » ‪.‬‬ ‫تأ ّ‬ ‫للفطرة ‪ ،‬لو أخذت الخمر غَوَ ْ‬
‫التّحميد للقائم من المجلس ‪:‬‬
‫ب ‪ .‬فقد‬ ‫‪ - 16‬التّحميد للقائم من المجلس مستح ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى‬ ‫روى أبو هريرة رضي الله عنه أ ّ‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ « :‬من جلس في مجلس فَكَثُر‬
‫فيه لَغَطُه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ‪ :‬سبحانك‬
‫م وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ّ أنت ‪ ،‬أستغفرك‬ ‫اللّه ّ‬
‫وأتوب إليك إل ّ غفر له ما كان في مجلسه ذلك » ‪.‬‬
‫ج‪:‬‬‫التّحميد في أعمال الح ّ‬
‫ما أثر‬‫ب ‪ ،‬وم ّ‬ ‫ج مستح ّ‬ ‫‪ - 17‬التّحميد في أعمال الح ّ‬
‫من صيغه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عند‬
‫م لك الحمد حمدا ً يوافي نعمك‬ ‫الملتََزم قوله ‪ « :‬اللّه ّ‬
‫‪ ،‬ويكافئ مزيدك ‪ ،‬أحمدك بجميع محامدك ‪ ،‬ما‬
‫مص ّ‬
‫ل‬ ‫ل حال ‪ .‬اللّه ّ‬ ‫علمت منها وما لم أعلم وعلى ك ّ‬
‫م أعذني‬ ‫مد ‪ .‬اللّه ّ‬ ‫مد وعلى آل مح ّ‬ ‫وسلّم على مح ّ‬
‫ل سوء ‪،‬‬ ‫شيطان الّرجيم ‪ ،‬وأعذني من ك ّ‬ ‫من ال ّ‬

‫‪338‬‬
‫م اجعلني‬ ‫وقنّعني بما رزقتني ‪ ،‬وبارك لي فيه ‪ .‬اللّه ّ‬
‫من أكرم وفدك عليك ‪ ،‬وألزمني سبيل الستقامة‬
‫ب العالمين » ‪.‬‬ ‫حتّى ألقاك يا ر ّ‬
‫التّحميد لمن لبس ثوبا ً جديدا ً ‪:‬‬
‫ب ‪ .‬فعن‬ ‫‪ - 18‬التّحميد لمن لبس ثوبا ً جديدا ً مستح ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫معاذ بن أنس أ ّ‬
‫قال ‪ « :‬من لبس ثوبا ً جديدا ً فقال ‪ :‬الحمد للّه الّذي‬
‫كساني هذا ‪ ،‬ورزقنيه من غير حول منّي ول قوّة‬
‫غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه » ‪.‬‬
‫التّحميد لمن استيقظ من نومه ‪:‬‬
‫ب ‪ .‬فقد‬ ‫‪ - 19‬التّحميد لمن استيقظ من نومه مستح ّ‬
‫« كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول إذا‬
‫استيقظ ‪ :‬الحمد للّه الّذي أحيانا بعد ما أماتنا ‪ ،‬وإليه‬
‫النّشور » ‪.‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّب ّ‬
‫عليه وسلم قال ‪ « :‬إذا استيقظ أحدكم فليقل ‪:‬‬
‫ي روحي ‪ ،‬وعافاني في‬ ‫الحمد للّه الّذي رد ّ عل ّ‬
‫جسدي ‪ ،‬وأذن لي بذكره » ‪.‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫وعن عائشة رضي الله عنها عن النّب ّ‬
‫عليه وسلم قال ‪ « :‬ما من عبد يقول عند رد ّ اللّه‬
‫تعالى روحه ‪ :‬ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬له‬
‫ل شيء قدير إلّ‬ ‫الملك ‪ ،‬وله الحمد ‪ ،‬وهو على ك ّ‬
‫غفر اللّه تعالى له ذنوبه ‪ ،‬ولو كانت مثل زبد البحر‬
‫»‪.‬‬
‫التّحميد لمن يأوي إلى فراشه ‪:‬‬
‫ب‪.‬‬‫‪ - 20‬التّحميد لمن يأوي إلى فراشه للنّوم مستح ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى‬ ‫ي رضي الله عنه أ ّ‬ ‫« فعن عل ّ‬
‫الله عليه وسلم قال له ولفاطمة رضي الله عنهما ‪:‬‬
‫إذا أويتما إلى فراشكما ‪ ،‬أو إذا أخذتما مضاجعكما‬

‫‪339‬‬
‫فكبّرا ثلثا ً وثلثين ‪ ،‬وسبّحا ثلثا ً وثلثين ‪ ،‬واحمدا‬
‫ثلثا ً وثلثين » وفي رواية التّسبيح « أربعا ً وثلثين »‬
‫‪ .‬وفي رواية التّكبير « أربعا ً وثلثين » ‪.‬‬
‫ي فما تركته منذ سمعته من رسول اللّه‬ ‫قال عل ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫التّحميد لمن يشرع في الوضوء ‪ ،‬ولمن فرغ منه ‪:‬‬
‫ب ‪ .‬فيقول‬ ‫‪ - 21‬التّحميد في الوضوء مستح ّ‬
‫ضئ بعد التّسمية ‪ :‬الحمد للّه الّذي جعل الماء‬ ‫المتو ّ‬
‫ي صلى‬ ‫سلف ‪ ،‬وقيل عن النّب ّ‬ ‫طهورا ً ‪ .‬وروي عن ال ّ‬
‫الله عليه وسلم في لفظها ‪ « :‬باسم اللّه العظيم ‪،‬‬
‫والحمد للّه على دين السلم » ‪.‬‬
‫ب ‪ .‬فيقول‬ ‫والتّحميد لمن فرغ من الوضوء مستح ّ‬
‫بعد الفراغ منه ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ّ اللّه وحده ل‬
‫مدا ً عبده ورسوله ‪ .‬اللّه ّ‬
‫م‬ ‫ن مح ّ‬ ‫شريك له ‪ ،‬وأشهد أ ّ‬
‫وابين ‪ ،‬واجعلني من المتطهّرين ‪.‬‬ ‫اجعلني من الت ّ ّ‬
‫م وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ّ أنت ‪،‬‬ ‫سبحانك اللّه ّ‬
‫أستغفرك وأتوب إليك ‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم‬
‫م قال عند فراغه من‬ ‫ضأ فأسبغ الوضوء ث ّ‬ ‫‪ « :‬من تو ّ‬
‫م وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن ل إله إلّ‬ ‫وضوئه ‪ :‬سبحانك اللّه ّ‬
‫أنت ‪ ،‬أستغفرك وأتوب إليك ختم عليها بخاتم‬
‫فوضعت تحت العرش ‪ ،‬فلم يكسر إلى يوم القيامة‬
‫»‪.‬‬
‫التّحميد للمسئول عن حاله ‪:‬‬
‫ب ‪ .‬ففي‬ ‫‪ - 22‬والتّحميد للمسئول عن حاله مستح ّ‬
‫صحيح البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما «‬
‫ن عليّا ً رضي الله عنه خرج من عند رسول اللّه‬ ‫أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم في وجعه الّذي توفّي فيه ‪،‬‬
‫فقال النّاس ‪ :‬يا أبا حسن ‪ :‬كيف أصبح رسول اللّه‬

‫‪340‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ؟ فقال ‪ :‬أصبح بحمد اللّه‬
‫تعالى بارئا ً » ‪.‬‬
‫‪ - 23‬كذلك التّحميد لمن رأى مبتلًى بمرض أو غيره‬
‫ي‬
‫ب ‪ .‬فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّب ّ‬ ‫مستح ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬من رأى مبتلًى فقال‬
‫ضلني‬ ‫ما ابتلك به ‪ ،‬وف ّ‬ ‫‪ :‬الحمد للّه الّذي عافاني م ّ‬
‫من خلق تفضيل ً ‪ ،‬لم يصبه ذلك البلء »‬ ‫على كثير م ّ‬
‫‪.‬‬
‫قال النّوويّ ‪ :‬قال العلماء ‪ :‬ينبغي أن يقول هذا‬
‫سمعه المبتلى‬ ‫الذ ّكر سّرا ً بحيث يسمع نفسه ‪ ،‬ول ي َ ْ‬
‫ة فل‬ ‫لئل ّ يتألّم قلبه بذلك ‪ ،‬إل ّ أن تكون بليّته معصي ً‬
‫بأس أن يسمعه ذلك إن لم يخف من ذلك مفسدةً ‪.‬‬
‫ب ‪ .‬فعن‬ ‫سوق مستح ّ‬ ‫‪ -24‬كذلك التّحميد لمن دخل ال ّ‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أ ّ‬
‫سوق‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬من دخل ال ّ‬
‫فقال ‪ :‬ل إله إل ّ اللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك‬
‫ي ل يموت ‪ ،‬بيده‬ ‫وله الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت وهو ح ّ‬
‫ل شيء قدير ‪ ،‬كتب اللّه له ألف‬ ‫الخير وهو على ك ّ‬
‫ألف حسنة ‪ ،‬ومحا عنه ألف ألف سيّئة ‪ ،‬ورفع له‬
‫ألف ألف درجة » ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫التّحميد لمن عطس في ال ّ‬
‫صلة مكروه إذا جهر‬ ‫‪ - 25‬التّحميد لمن عطس في ال ّ‬
‫به عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬ول بأس به إن أسّر به‬
‫شافعيّة ‪،‬‬ ‫في نفسه من غير تلّفظ ‪ .‬وحرام عند ال ّ‬
‫لما روى معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال ‪« :‬‬
‫بينما أنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في‬
‫صلة إذ عطس رجل من القوم فقلت ‪ :‬يرحمك‬ ‫ال ّ‬
‫اللّه ‪ ،‬فحدّقني القوم بأبصارهم ‪ .‬فقلت ‪ :‬واثكل‬
‫ي ؟ فضرب القوم بأيديهم‬ ‫ماه ما لكم تنظرون إل ّ‬ ‫أ ّ‬

‫‪341‬‬
‫ما انصرف رسول اللّه صلى الله‬ ‫على أفخاذهم ‪ ،‬فل ّ‬
‫مي هو ‪ ،‬ما رأيت معلّماً‬ ‫عليه وسلم دعاني ‪ ،‬بأبي وأ ّ‬
‫أحسن تعليما ً منه ‪ ،‬واللّه ما ضربني صلى الله عليه‬
‫ن صلتنا هذه ل يصلح‬ ‫م قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫وسلم ول كهرني ث ّ‬
‫فيها شيء من كلم الدميّين ‪ ،‬إنّما هي التّسبيح‬
‫والتّكبير وقراءة القرآن » ‪ .‬هذا ويكره التّحميد لمن‬
‫يقضي حاجته في الخلء وعطس ‪ ،‬إل ّ أن يكون ذلك‬
‫ي‬
‫في نفسه من غير تلّفظ به بلسانه ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫ت أن أذكر اللّه تعالى‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬كره ُ‬
‫إل ّ على طهر » ‪.‬‬
‫===============‬
‫تحويل *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫شيء ‪ ،‬وتدور‬ ‫ة ‪ :‬مصدر حوّل ال ّ‬ ‫‪ - 1‬التّحويل لغ ً‬
‫معانيه على النّقل والتّغيير والتّبديل ‪.‬‬
‫وحوّلته تحويل ً ‪ :‬نقلته من موضع إلى موضع ‪،‬‬
‫ل طرف إلى موضع الخر ‪.‬‬ ‫وحوّلت الّرداء ‪ :‬نقلت ك ّ‬
‫حوالة ‪ :‬بالفتح مأخوذة من النّقل ‪ ،‬فتقول ‪ :‬أحلته‬ ‫وال َ‬
‫مة أخرى ‪.‬‬ ‫بدينه أي ‪ :‬نقلته إلى ذ ّ‬
‫ول يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن معانيه‬
‫اللّغويّة ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬النّقل ‪:‬‬
‫شيء من موضع إلى موضع ‪،‬‬ ‫‪ - 2‬النّقل ‪ :‬تحويل ال ّ‬
‫والصل فيه النّقل من مكان إلى مكان ‪ .‬وقد‬
‫يستعمل في المور المعنويّة ‪ ،‬كالنّقل من صفة إلى‬
‫ي إلى‬‫صفة ‪ ،‬وكنقل اللّفظ من الستعمال الحقيق ّ‬
‫الستعمال المجازيّ ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّبديل والبدال والتّغيير ‪:‬‬

‫‪342‬‬
‫شيء شيء آخر ‪ ،‬أو‬ ‫‪ - 3‬وهي أن يجعل مكان ال ّ‬
‫تحوّل صفته إلى صفة أخرى ‪.‬‬
‫ن هذه اللفاظ متقاربة في المعنى ‪،‬‬ ‫ومن هنا يتبيّن أ ّ‬
‫ن التّحويل ل يستعمل في تبديل ذات بذات‬ ‫إل ّ أ ّ‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫أحكام التّحويل ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تحويل النّيّة في الوضوء ‪:‬‬
‫ن النّيّة من‬
‫شافعيّة إلى أ ّ‬‫‪ - 4‬ذهب المالكيّة وال ّ‬
‫فروض الوضوء ‪.‬‬
‫حته ‪.‬‬‫وذهب الحنابلة إلى أنّها شرط في ص ّ‬
‫وذهب الحنفيّة إلى أنّها سنّة مؤكّدة ‪ ،‬وليست شرطاً‬
‫حة الوضوء ‪ ،‬وإنّما هي شرط في وقوعه‬ ‫في ص ّ‬
‫عبادة ً ‪ .‬فمن حيث الجملة إذا حوّل النّيّة في الوضوء‬
‫من نيّة رفع الحدث إلى نيّة التّبّرد أو التّنظّف ‪ ،‬فل‬
‫أثر لذلك في إفساد الوضوء عند الحنفيّة ‪ ،‬لعدم‬
‫اعتبارهم النّيّة فرضا ً ‪ .‬وإنّما يظهر أثر التّحويل في‬
‫عدم اعتبار الوضوء عبادةً ‪ ،‬وفي هذا يقول ابن‬
‫ح عندنا بالوضوء ‪ ،‬ولو لم يكن‬ ‫صلة تص ّ‬ ‫عابدين ‪ :‬ال ّ‬
‫ن النّيّة في الوضوء ليكون عبادةً ‪،‬‬ ‫منويّا ً ‪ ،‬وإنّما تس ّ‬
‫حت‬ ‫مى عبادة ً مأمورا ً بها ‪ ..‬وإن ص ّ‬ ‫فإنّه بدونها ل يس ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫به ال ّ‬
‫فالوضوء مع النّيّة أو بدونها أو مع تحويلها صحيح‬
‫ح‬
‫صلة ‪ ،‬وإن كان ل يص ّ‬ ‫حة ال ّ‬‫باعتباره شرطا ً لص ّ‬
‫عبادة بدون النّيّة أو مع تحويلها ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬فيظهر أثر تحويل‬ ‫ما المالكيّة وال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫النّيّة عندهم في إفساد الوضوء وعدم اعتباره شرعاً‬
‫من حيث الجملة ‪ .‬وفي ذلك تفصيل ‪ :‬فعند المالكيّة‬
‫‪ :‬رفض النّيّة في أثناء الوضوء ل يضّر ‪ ،‬إذا رجع‬
‫مله بالنّيّة الولى على الفور ‪ ،‬بأن ينوي رفع‬ ‫وك ّ‬

‫‪343‬‬
‫مله أو‬ ‫ما إذا لم يك ّ‬‫الحدث ‪ -‬على الّراجح عندهم ‪ -‬أ ّ‬
‫مله بنيّة أخرى كنيّة التّبّرد أو التّنظيف ‪ ،‬فإنّه يبطل‬ ‫ك ّ‬
‫بل خلف ‪ ،‬وكذلك لو أكمله بالنّيّة الولى ‪ ،‬ولكن بعد‬
‫طول فصل ‪ ،‬فإنّه يبطل ‪.‬‬
‫م نوى بغسل‬ ‫ةث ّ‬‫ة صحيح ً‬ ‫شافعيّة ‪ :‬من نوى ني ّ ً‬ ‫وعند ال ّ‬
‫الّرجل ‪ -‬مثل ً ‪ -‬التّبّرد أو التّنظّف فله حالن ‪:‬‬
‫الحالة الولى ‪ :‬أن ل تحضره نيّة الوضوء في حال‬
‫غسل الّرجل ‪ ،‬ففيه وجهان ‪:‬‬
‫ح غسل‬ ‫صحيح ‪ :‬أنّه ل يص ّ‬ ‫الوجه الوّل ‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫الّرجلين ‪.‬‬
‫ح لبقاء حكم النّيّة الولى ‪.‬‬ ‫والوجه الثّاني ‪ :‬أنّه يص ّ‬
‫الحالة الثّانية ‪ :‬أن تحضره نيّة الوضوء مع نيّة التّبّرد‬
‫‪ -‬كما لو نوى أوّل الطّهارة الوضوء مع التّبّرد ‪ -‬ففيه‬
‫وجهان ‪:‬‬
‫ن‬
‫ن الوضوء صحيح ‪ ،‬ل ّ‬ ‫صحيح ‪ :‬أ ّ‬ ‫الوجه الوّل ‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫نيّة رفع الحدث حاصلة ‪.‬‬
‫ح غسل الّرجلين ‪ ،‬وذلك‬ ‫الوجه الثّاني ‪ :‬ل يص ّ‬
‫لتشريكه بين قربة وغيرها ‪.‬‬
‫ن من غسل بعض أعضائه بنيّة‬ ‫ما عند الحنابلة ‪ :‬فإ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ح إل ّ إذا‬‫الوضوء ‪ ،‬وغسل بعضها بنيّة التّبّرد ‪ ،‬فل يص ّ‬
‫أعاد فعل ما نوى به التّبّرد بنيّة الوضوء ‪ ،‬بشرط أن‬
‫ل يفصل فصل ً طويل ً فيكون وضوءه صحيحا ً ‪ ،‬وذلك‬
‫لوجود النّيّة مع الموالة ‪.‬‬
‫فإن طال الفصل بحيث تفوت الموالة بطل الوضوء‬
‫لفواتها ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬تحويل النّيّة في ال ّ‬
‫‪ - 5‬للفقهاء في أثر تحويل النّيّة تفصيل ‪:‬‬
‫صلة ل تبطل بنيّة النتقال‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫إلى غيرها ول تتغيّر ‪ ،‬بل تبقى كما نواها قبل‬

‫‪344‬‬
‫التّغيير ‪ ،‬ما لم يكبّر بنيّة مغايرة ‪ ،‬بأن يكبّر ناوياً‬
‫شروع في الفرض أو عكسه ‪ ،‬أو‬ ‫النّفل بعد ال ّ‬
‫القتداء بعد النفراد وعكسه ‪ ،‬أو الفائتة بعد الوقتيّة‬
‫وعكسه ‪.‬‬
‫ول تفسد حينئذ إل ّ إن وقع تحويل النّيّة قبل الجلوس‬
‫سلم‬ ‫الخير بمقدار التّشهّد ‪ ،‬فإن وقع بعده وقبيل ال ّ‬
‫ل تبطل ‪ .‬وعند المالكيّة ‪ :‬نقل النّيّة سهوا ً من فرض‬
‫إلى فرض آخر أو إلى نفل سهوا ً ‪ ،‬دون طول قراءة‬
‫ول ركوع ‪ ،‬مغتفر‬
‫ن المصلّي إن حوّل‬ ‫قال ابن فرحون من المالكيّة ‪ :‬إ ّ‬
‫نيّته من فرض إلى نفل ‪ ،‬فإن قصد بتحويل نيّته رفع‬
‫الفريضة ورفضها بطلت ‪ ،‬وإن لم يقصد رفضها لم‬
‫ن النّفل مطلوب‬ ‫ة للولى ‪ .‬ل ّ‬ ‫تكن نيّته الثّانية منافي ً‬
‫شارع ‪ ،‬ومطلق الطّلب موجود في الواجب ‪،‬‬ ‫لل ّ‬
‫ة‪.‬‬
‫صص ً‬ ‫فتصير نيّة النّفل مؤكّدة ً ل مخ ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬لو قلب المصلّي صلته الّتي هو‬ ‫وعند ال ّ‬
‫فيها صلةً أخرى عالما ً عامدا ً بطلت ‪ ،‬فإن كان له‬
‫حت صلته ‪ ،‬وانقلبت نفل ً ‪.‬‬ ‫عذر ص ّ‬
‫م‬
‫وذلك كظنّه دخول الوقت ‪ ،‬فأحرم بالفرض ‪ ،‬ث ّ‬
‫تبيّن له عدم دخول الوقت فقلب صلته نفل ً ‪ ،‬أو‬
‫ة ‪ .‬لكن لو‬ ‫قلب صلته المنفردة نفل ً ليدرك جماع ً‬
‫ما إذا‬ ‫ح‪.‬أ ّ‬ ‫ضحى لم تص ّ‬ ‫قلبها نفل ً معيّنا ً كركعتي ال ّ‬
‫حوّل نيّته بل سبب أو غرض صحيح فالظهر عندهم‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫بطلن ال ّ‬
‫صلة مقيّد بما إذا حوّل‬ ‫ن بطلن ال ّ‬ ‫وعند الحنابلة ‪ :‬أ ّ‬
‫نيّته من فرض إلى فرض ‪ ،‬وتنقلب في هذه الحال‬
‫نفل ً ‪ .‬وإن انتقل من فرض إلى نفل فل تبطل ‪ ،‬لكن‬
‫تكره ‪ ،‬إل ّ إن كان النتفال لغرض صحيح فل تكره ‪،‬‬
‫ة‬
‫ح ‪ ،‬كمن أدرك جماع ً‬ ‫وفي رواية ‪ :‬أنّها ل تص ّ‬

‫‪345‬‬
‫ة وهو منفرد ‪ ،‬فسلم من ركعتين ليدركها ‪،‬‬ ‫مشروع ً‬
‫ن له أن يقلبها نفل ً ‪ ،‬وأن يسلّم من‬ ‫فإنّه يس ّ‬
‫منت نيّة النّفل ‪ ،‬فإذا‬ ‫ن نيّة الفرض تض ّ‬ ‫ركعتين ‪ ،‬ل ّ‬
‫قطع نيّة الفرض بقيت نيّة النّفل ‪.‬‬
‫ن‬
‫ومن هذا التّفصيل يتبيّن اتّفاق الفقهاء على أ ّ‬
‫صلة من نفل إلى فرض ل أثر له في‬ ‫تحويل نيّة ال ّ‬
‫القوي على‬ ‫ّ‬ ‫ن فيه بناء‬ ‫ل نفل ً ‪ ،‬وذلك ل ّ‬ ‫نقلها ‪ ،‬وتظ ّ‬
‫ضعيف ‪ ،‬وهو غير صحيح ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صوم ‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬تحويل النّيّة في ال ّ‬
‫ن صوم الفرض‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إلى أ ّ‬ ‫‪ - 6‬ذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫ل يبطل بنيّة النتقال إلى النّفل ‪ ،‬ول ينقلب نفل ً ‪.‬‬
‫ح من وجهين في‬ ‫شافعيّة على الص ّ‬ ‫وهذا عند ال ّ‬
‫المذهب ‪.‬‬
‫وعلى الوجه الخر ‪ ،‬ينقلب نفل ً إذا كان في غير‬
‫ن شهر‬ ‫ما في رمضان فل يقبل النّفل ‪ ،‬ل ّ‬ ‫رمضان ‪ ،‬أ ّ‬
‫ح فيه‬ ‫رمضان يتعيّن لصوم فرض رمضان ول يص ّ‬
‫غيره ‪.‬‬
‫ن من كان صائما ً عن نذر ‪،‬‬ ‫شافعيّة على ى أ ّ‬ ‫ص ال ّ‬‫ون ّ‬
‫فحوّل نيّته إلى كّفارة أو عكسه ‪ ،‬ل يحصل له الّذي‬
‫ن من شرط‬ ‫انتقل إليه ‪ -‬بل خلف عندهم ‪ -‬ل ّ‬
‫الكّفارة التّبييت من اللّيل ‪.‬‬
‫صوم الّذي نواه أوّل ً فعلى وجهين ‪ :‬الوّل ‪:‬‬ ‫ما ال ّ‬
‫أ ّ‬
‫يبقى على ما كان ول يبطل ‪.‬‬
‫الثّاني ‪ :‬يبطل ‪ .‬ول ينقلب نفل ً على الظهر ‪ .‬ويقابله‬
‫ل من‬ ‫‪ :‬أنّه ينقلب نفل ً إذا كان في غير رمضان ‪ .‬ولك ّ‬
‫المالكيّة والحنابلة تفصيل ‪:‬‬
‫ن من تحوّلت نيّته إلى‬ ‫ما المالكيّة ‪ :‬فذهبوا إلى أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫نافلة ‪ ،‬وهو في فريضة ‪ ،‬فإن فعل هذا عبثا ً عمدا ً فل‬

‫‪346‬‬
‫ما إن فعله‬ ‫خلف ‪ -‬عندهم ‪ -‬أنّه يفسد صومه ‪ .‬أ ّ‬
‫سهوا ً فخلف في المذهب ‪.‬‬
‫م‬‫ما عند الحنابلة ‪ :‬فإن نوى خارج رمضان قضاءً ‪ ،‬ث ّ‬ ‫أ ّ‬
‫حوّل نيّة القضاء إلى النّفل بطل القضاء لقطعه نيّته‬
‫حة نفل من عليه قضاء‬ ‫ح نفل ً لعدم ص ّ‬ ‫‪ ،‬ولم يص ّ‬
‫ما في‬‫رمضان قبل القضاء ‪ ،‬كذا في القناع ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ح نفل ً ‪ ،‬وإن كان في‬ ‫الفروع والتّنقيح والمنتهى فيص ّ‬
‫ح‪.‬‬‫م نوى نفل ً ص ّ‬ ‫صوم نذر أو كّفارة فقطع نيّته ث ّ‬
‫ن من قلب نيّة القضاء إلى‬ ‫ص الحنابلة على أ ّ‬ ‫ون ّ‬
‫النّفل بطل القضاء ‪ ،‬وذلك لتردّده في نيّته أو قطعها‬
‫حة نفل من عليه قضاء‬ ‫ح النّفل لعدم ص ّ‬ ‫‪ ،‬ولم يص ّ‬
‫رمضان قبل القضاء ‪.‬‬
‫د ‪ -‬تحويل المحتضر إلى القبلة ‪:‬‬
‫ن تحويل المحتضر إلى‬ ‫‪ - 7‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫جه إلى القبلة على‬ ‫القبلة مندوب ‪ ،‬وذلك بأن يو ّ‬
‫سر ذلك لضيق الموضع ‪ ،‬أو‬ ‫شّقه اليمن ‪ ،‬إل ّ إذا تع ّ‬
‫ليّ سبب آخر ‪ ،‬فيلقى على قفاه ‪ ،‬ورجله إلى‬
‫القبلة ‪ .‬ودليل تحويله إلى القبلة ‪ :‬حديث أبي قتادة‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النّب ّ‬‫رضي الله عنه « أ ّ‬
‫حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور رضي‬
‫الله عنه فقالوا ‪ :‬توفّي ‪ ،‬وأوصى بثلثه لك يا رسول‬
‫ما احتضر ‪ .‬فقال‬ ‫جه إلى القبلة ل ّ‬ ‫اللّه ‪ ،‬وأوصى أن يو ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أصاب الفطرة ‪،‬‬
‫م ذهب فصلّى عليه ‪،‬‬ ‫وقد رددت ثلثه على ولده ‪ ،‬ث ّ‬
‫م اغفر له ‪ ،‬وارحمه ‪ ،‬وأدخله جنّتك ‪ .‬وقد‬ ‫وقال ‪ :‬اللّه ّ‬
‫فعلت » ‪.‬‬
‫هـ – تحويل الّرداء في الستسقاء ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪،‬‬ ‫‪ - 8‬ذهب الجمهور ‪ -‬المالكيّة وال ّ‬
‫مد من الحنفيّة وهو المفتى به عندهم ‪ -‬إلى‬ ‫ومح ّ‬

‫‪347‬‬
‫استحباب تحويل الّرداء في الستسقاء ‪ ،‬وخالف أبو‬
‫حنيفة ‪ ،‬فل يحوّل الّرداء عنده في الستسقاء ‪ .‬لنّه‬
‫دعاء ل صلة فيه عنده ‪ .‬وعن أبي يوسف روايتان ‪.‬‬
‫ومعنى تحويل الّرداء ‪ :‬أن يجعل ما على عاتقه‬
‫اليمن على عاتقه اليسر ‪ ،‬وبالعكس ‪.‬‬
‫صحيح‬ ‫شافعيّة ‪ -‬على القول الجديد ال ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫عندهم ‪ -‬إلى استحباب التّنكيس كذلك ‪ .‬وهو ‪ :‬أن‬
‫يجعل أعلى الّرداء أسفله وبالعكس ‪ ،‬خلفا ً للمالكيّة‬
‫ل تحويل‬ ‫والحنابلة فإنّهم ل يقولون بالتّنكيس‪ .‬ومح ّ‬
‫جه إلى القبلة للدّعاء ‪ ،‬وهو عند‬ ‫الّرداء عند التّو ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة أثناء الخطبة ‪ .‬وعند‬ ‫الحنفيّة وال ّ‬
‫المالكيّة بعد الفراغ من الخطبتين ‪ .‬ودليل تحويل‬
‫سنّة ‪ :‬حديث عبد اللّه بن زيد رضي الله‬ ‫الّرداء من ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم خرج‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫عنه « أ ّ‬
‫م‬
‫جه إلى القبلة يدعو وحوّل رداءه ‪ ،‬ث ّ‬ ‫يستسقي ‪ ،‬فتو ّ‬
‫صلّى ركعتين جهر فيهما بالقراءة » ‪.‬‬
‫ن الحكمة من تحويل الّرداء التّفاؤل‬ ‫وقد قيل ‪ :‬إ ّ‬
‫سعة ‪.‬‬ ‫بتغيير الحال إلى الخصب وال ّ‬
‫ب تحويل الّرداء للمام والمأمومين عند‬ ‫ويستح ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬خلفا ً للحنفيّة فل‬ ‫المالكيّة وال ّ‬
‫يحوّل رداءه إل ّ المام في القول المفتى به ‪.‬‬
‫و ‪ -‬تحويل الدّين ‪:‬‬
‫ة‪،‬‬‫‪ - 9‬عّرف الفقهاء الحوالة بالدّين تعريفات متقارب ً‬
‫مة أخرى في‬ ‫مة إلى ذ ّ‬ ‫ق من ذ ّ‬‫منها ‪ :‬تحوّل الح ّ‬
‫مة‬
‫المطالبة ‪ .‬ومنها ‪ :‬نقل الدّين وتحويله من ذ ّ‬
‫مة المحال عليه ‪ .‬ومشروعيّتها ثابتة‬ ‫المحيل إلى ذ ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫بالجماع ‪ .‬ومستندها قول النّب ّ‬
‫ي ظلم ‪ ،‬وإذا أحيل أحدكم على‬ ‫وسلم ‪ « :‬مطل الغن ّ‬
‫مليء فليتبع » ‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫ويظهر أثر الحوالة في نقل المال المحال به من‬
‫مة المحال عليه ‪.‬‬ ‫مة المحيل إلى ذ ّ‬ ‫ذ ّ‬
‫فيبرأ بالحوالة المحيل عن دين المحال ‪ ،‬ويبرأ‬
‫المحال عليه عن دين المحيل ‪ ،‬ويتحوّل حقّ المحال‬
‫مة المحال عليه ‪ ،‬هذا في الحوالة المقيّدة ‪،‬‬ ‫إلى ذ ّ‬
‫وهي الغلب حيث يكون المحيل دائنا ً للمحال عليه ‪.‬‬
‫ما في الحوالة المطلقة ‪ ،‬وهي ‪ :‬إذا لم يكن المحيل‬ ‫أ ّ‬
‫ن البراءة تحصل للمحيل فقط‬ ‫دائنا للمحال عليه ‪ ،‬فإ ّ‬
‫‪ .‬وللتّفصيل ينظر مصطلح ‪ ( :‬حوالة ) ‪.‬‬
‫==============‬
‫تحوّل *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّحوّل في اللّغة مصدر تحوّل ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬التّن ّ‬
‫قل‬
‫من موضع إلى آخر ‪ ،‬ومن معانيه أيضا ً ‪ :‬الّزوال ‪،‬‬
‫شيء أي ‪ :‬زال عنه إلى‬ ‫كما يقال ‪ :‬تحوّل عن ال ّ‬
‫غيره ‪.‬‬
‫وكذلك ‪ :‬التّغيّر والتّبدّل ‪ .‬والتّحويل مصدر حوّل ‪،‬‬
‫وهو ‪ :‬النّقل ‪ ،‬فالتّحوّل مطاوع وأثر للتّحويل ‪.‬‬
‫ويقصد الفقهاء بالتّحوّل ما يقصد به في اللّغة ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫الستحالة ‪:‬‬
‫شيء عن‬ ‫ة ‪ :‬تغيّر ال ّ‬
‫‪ - 2‬من معاني الستحالة لغ ً‬
‫طبعه ووصفه ‪ ،‬أو عدم المكان ‪ .‬فالستحالة قد‬
‫تكون بمعنى التّحوّل ‪ ،‬كاستحالة العيان النّجسة من‬
‫العذرة والخمر والخنزير وتحوّلها عن أعيانها وتغيّر‬
‫أوصافها ‪ ،‬وذلك بالحتراق ‪ ،‬أو بالتّخليل ‪ ،‬أو بالوقوع‬
‫في شيء ‪ ،‬كما سيأتي تفصيله ‪.‬‬
‫أحكام التّحوّل ‪:‬‬

‫‪349‬‬
‫للتّحوّل أحكام تعتريه ‪ ،‬وهي تختلف باختلف‬
‫مها ما يلي ‪:‬‬ ‫مواطنها ‪ ،‬أه ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬تحوّل العين وأثره في الطّهارة والح ّ‬
‫‪ - 3‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وهو رواية عن أحمد‬
‫ن نجس العين يطهر بالستحالة ‪ ،‬فرماد‬ ‫إلى ‪ :‬أ ّ‬
‫النّجس ل يكون نجسا ً ‪ ،‬ول يعتبر نجسا ً ملح كان‬
‫حمارا ً أو خنزيرا ً أو غيرهما ‪ ،‬ول نجس وقع في بئر‬
‫فصار طينا ً ‪ ،‬وكذلك الخمر إذا صارت خّل ً سواء‬
‫بنفسها أو بفعل إنسان أو غيره ‪ ،‬لنقلب العين ‪،‬‬
‫شرع رتّب وصف النّجاسة على تلك‬ ‫ن ال ّ‬‫ول ّ‬
‫الحقيقة ‪ ،‬فينتفي بانتقائها ‪ .‬فإذا صار العظم واللّحم‬
‫ن الملح غير العظم واللّحم‬ ‫ملحا ً أخذا حكم الملح ‪ ،‬ل ّ‬
‫‪.‬‬
‫شرع كثيرة منها ‪ :‬العلقة فإنّها‬ ‫ونظائر ذلك في ال ّ‬
‫نجسة ‪ ،‬فإذا تحوّلت إلى المضغة تطهر ‪ ،‬والعصير‬
‫طاهر فإذا تحوّل خمرا ً ينجس ‪.‬‬
‫ن استحالة العين تستتبع زوال‬ ‫فيتبيّن من هذا ‪ :‬أ ّ‬
‫الوصف المرتّب عليها ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬والحنابلة في ظاهر المذهب‬ ‫والصل عند ال ّ‬
‫ن نجس العين ل يطهر بالستحالة ‪ ،‬فالكلب أو‬ ‫‪:‬أ ّ‬
‫غيره يلقى في المّلحة فيصير ملحا ً ‪ ،‬والدّخان‬
‫المتصاعد من وقود النّجاسة ‪ ،‬وكذلك البخار‬
‫المتصاعد منها إذا اجتمعت منه نداوة على جسم‬
‫م قطّر ‪ ،‬نجس ‪.‬‬ ‫صقيل ‪ ،‬ث ّ‬
‫م استثنوا من ذلك الخمر إذا انقلبت بنفسها خّلً‬ ‫‪-4‬ث ّ‬
‫ن علّة النّجاسة السكار وقد‬ ‫فتطهر بالتّخلّل ‪ ،‬ل ّ‬
‫مر غالبا ً ‪،‬‬‫ن العصير ل يتخلّل إل ّ بعد التّخ ّ‬ ‫زالت ‪ ،‬ول ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫فلو لم يحكم بالطّهارة تعذ ّر الحصول على الخ ّ‬
‫وهو حلل بالجماع‬

‫‪350‬‬
‫ما إن خلّلت بطرح شيء فيها بفعل إنسان فل‬ ‫وأ ّ‬
‫تطهر عندهم ‪.‬‬
‫شافعيّة بأنّها لو تخلّلت بإلقاء الّريح فل‬ ‫وصّرح ال ّ‬
‫تطهر عندهم أيضا ً ‪ ،‬سواء أكان له دخل في التّخليل‬
‫كبصل وخبز حاّر ‪ ،‬أم ل كحصاة ‪ .‬وكذلك ل فرق بين‬
‫ة ‪ .‬وفي‬ ‫أن تكون العين الملقاة طاهرة ً أو نجس ً‬
‫الموضوع تفصيل أكثر يرجع فيه إلى مصطلح ‪:‬‬
‫( تخليل واستحالة ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تطهير الجلد بالدّباغ ‪:‬‬
‫‪ - 5‬ل خلف بين الفقهاء في نجاسة جلد الميتة قبل‬
‫الدّباغ ‪ ،‬وإنّما اختلفوا في طهارته بعده على‬
‫اتّجاهات كثيرة ‪ .‬وفي الموضوع فروع كثيرة وخلف‬
‫صله الفقهاء عند الكلم عن‬ ‫بين المذاهب ‪ ،‬ف ّ‬
‫النّجاسة وكيفيّة تطهيرها ‪ ،‬ويراجع فيه أيضا ً مصطلح‬
‫‪ ( :‬دباغة ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تحوّل الوصف أو الحالة ‪:‬‬
‫تحوّل الماء الّراكد إلى الماء الجاري ‪:‬‬
‫ن الماء النّجس الّراكد إذا‬ ‫‪ - 6‬المختار عند الحنفيّة أ ّ‬
‫تحوّل إلى جار يطهر بمجّرد جريانه ‪ ،‬والجاري ما‬
‫يعدّه النّاس جاريا ً بأن يدخل الماء من جانب ويخرج‬
‫ل الخارج ‪ ،‬لنّه‬ ‫من جانب آخر حال دخوله ‪ ،‬وإن ق ّ‬
‫ك في‬ ‫ش ّ‬‫ة ‪ ،‬وبخروج بعضه وقع ال ّ‬ ‫صار جاريا ً حقيق ً‬
‫ك ‪ .‬وفيه قولن‬ ‫ش ّ‬‫بقاء النّجاسة ‪ ،‬فل تبقى مع ال ّ‬
‫ضعيفان عند الحنفيّة ‪.‬‬
‫الوّل ‪ :‬ل يطهر بمجّرد التّحوّل ‪ ،‬بل ل بد ّ من خروج‬
‫قدر ما فيه ‪.‬‬
‫والثّاني ‪ :‬ل بد ّ من خروج ثلثة أمثاله ‪.‬‬
‫ويظهر الفرق بين القول المختار والقولين الخرين‬
‫ن الخارج من الحوض يكون طاهرا ً بمجّرد‬ ‫في ‪ :‬أ ّ‬

‫‪351‬‬
‫خروجه ‪ ،‬بناءً على القول المختار ‪ .‬ول يكون طاهراً‬
‫قبل الحكم بطهارة الماء الّراكد على القولين‬
‫مام‬‫الخرين ‪ .‬وعلى هذا الخلف ‪ :‬البئر وحوض الح ّ‬
‫والواني ‪.‬‬
‫ما المالكيّة فعندهم يتحوّل الماء الكثير النّجس‬ ‫وأ ّ‬
‫ب ماء مطلق‬ ‫طهورا ً بزوال التّغيّر ‪ ،‬سواء أكان بص ّ‬
‫عليه ‪ ،‬قليل أو كثير ‪ ،‬أو ماء مضاف مقيّد انتفت‬
‫نجاسته ‪ ،‬أم بإلقاء شيء فيه كتراب أو طين ‪ ،‬ولم‬
‫يظهر فيه أحد أوصاف ما ألقي فيه ‪.‬‬
‫جسه إنّما كان لجل التّغيّر وقد زال ‪ ،‬والحكم‬ ‫ن تن ّ‬ ‫ل ّ‬
‫يدور مع علّته وجودا ً وعدما ً ‪ ،‬كالخمر إذا صارت‬
‫خّل ً ‪ ،‬وفي تغيّره بنفسه ‪ ،‬أو بنزح بعضه قولن ‪.‬‬
‫ن الماء إذا بلغ قلّتين ل ينجس‬ ‫شافعيّة ‪ :‬أ ّ‬‫ومذهب ال ّ‬
‫ُ َّ‬
‫بملقاة نجس ‪ ،‬لحديث « إذا كان الماء قلتين لم‬
‫ث » أي ل يقبل النّجس ‪ .‬هذا ما لم يتغيّر‬ ‫خب َ َ‬
‫يحمل ال َ‬
‫ن الماء‬ ‫لونه أو طعمه أو ريحه فينجس لحديث ‪ « :‬إ ّ‬
‫مه أو‬ ‫جسه شيء إل ّ ما غيّر لونَه أو طع َ‬ ‫طَهوٌر ل ين ّ‬
‫حه » ‪.‬‬ ‫ري َ‬
‫جس ‪ ،‬فإن زال‬ ‫فإن تغيّر وصف من هذه الوصاف تن ّ‬
‫م إليه طهر ‪ .‬وما دون‬ ‫تغيّره بنفسه أو بماء انض ّ‬
‫القلّتين ينجس بالملقاة ‪ ،‬فإن بلغهما بماء ول تغيّر‬
‫به فطهور ‪.‬‬
‫ولو كوثر بإيراد طهور فلم يبلغ قلّتين لم يطهر ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬هو طاهر ل طهور ‪.‬‬
‫جس‬ ‫وعند الحنابلة ‪ :‬يختلف تطهير الماء المتن ّ‬
‫بالمكاثرة باختلف أحوال ثلث للماء ‪ :‬أن يكون دون‬
‫القلّتين ‪ ،‬أو وفق القلّتين ‪ ،‬أو زائدا ً عنهما ‪.‬‬
‫‪ - 1 -‬فإن كان دون القلّتين فتطهيره بالمكاثرة بماء‬
‫آخر ‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫ل نجس وإن‬ ‫فإن اجتمع نجس إلى نجس ‪ ،‬فالك ّ‬
‫ن اجتماع النّجس إلى النّجس ل يتولّد بينهما‬ ‫كثر ‪ ،‬ل ّ‬
‫طاهر ‪ ،‬كالمتولّد بين الكلب والخنزير ‪ ،‬ويتخّرج أن‬
‫يطهر إذا زال التّغيّر وبلغ القلّتين ‪ ،‬لحديث ‪ « :‬إذا‬
‫بلغ الماء قلّتين لم يحمل الخبث » وحديث ‪ « :‬إ ّ‬
‫ن‬
‫جسه شيء إل ّ ماء غيّر لونه أو‬ ‫الماء طهور ل ين ّ‬
‫طعمه أو ريحه » ‪ .‬وجميع النّجاسات في هذا سواء ‪،‬‬
‫ن أكثر‬ ‫إل ّ بول الدميّين وعذرتهم المائعة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫جس الماء الكثير ‪ ،‬إل ّ أن‬ ‫الّروايات عن أحمد أنّها تن ّ‬
‫يبلغ حدّا ً ل يمكن نزحه كالغدران ‪ ،‬فذلك الّذي ل‬
‫جسه شيء ‪.‬‬ ‫ين ّ‬
‫‪ - 2 -‬فإن كان وفق القلّتين ‪ :‬وإن كان غير متغيّر‬
‫فيطهر بالمكاثرة المذكورة ‪.‬‬
‫وإن كان متغيّرا ً يطهر بالمكاثرة إذا أزالت التّغيّر ‪ ،‬أو‬
‫بتركه حتّى يزول تغيّره بطول المكث ‪ - 3 - .‬وإن‬
‫كان أكثر من القلّتين ‪ :‬فإن كان نجسا ً بغير التّغيّر‬
‫فل طريق إلى تطهيره بغير المكاثرة ‪ .‬وإن كان‬
‫ما بالمكاثرة ‪ ،‬أو‬ ‫نجسا ً متغيّرا ً بالنّجاسة فتطهيره إ ّ‬
‫زوال تغيّره بمكثه ‪ ،‬أو أن ينزح منه ما يزول به‬
‫التّغيّر ‪ ،‬ويبقى بعد ذلك قلّتان فصاعدا ً ‪.‬‬
‫وفي الموضوع تفصيل يرجع إليه في مصطلح ‪:‬‬
‫( طهارة ) ‪.‬‬
‫التّحوّل إلى القبلة أو عنها ‪:‬‬
‫ن المصلّي إذا كان معايناً‬ ‫‪ - 7‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫صلة إلى عينها بجميع بدنه ‪ ،‬بأن‬ ‫للكعبة ‪ ،‬ففرضه ال ّ‬
‫ل يخرج شيء منه عن الكعبة ولو عضوا ً ‪ ،‬فلو تحوّل‬
‫ما في‬ ‫بغير عذر إلى جهة أخرى بطلت صلته ‪ .‬وأ ّ‬
‫تحويل الوجه ‪ :‬فذهب الحنفيّة إلى أنّه لو انحرف‬

‫‪353‬‬
‫وجهه عن عين الكعبة انحرافا ً ل تزول فيه المقابلة‬
‫بالكلّيّة ‪ ،‬جاز مع الكراهة ‪.‬‬
‫صدر عن القبلة بغير عذر فمفسد‬ ‫ما تحويل ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫صلة ‪ .‬وعند المالكيّة والحنابلة ‪ :‬من التفت‬ ‫لل ّ‬
‫بجسده كلّه عن القبلة لم تفسد صلته ‪ ،‬إن بقيت‬
‫قدماه إلى القبلة ‪.‬‬
‫ن التّحوّل إلى جهة أخرى عامداً‬ ‫شافعيّة أ ّ‬ ‫ويرى ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬وإن فعله ناسيا ً لم تبطل ‪ .‬وفي‬ ‫مبطل لل ّ‬
‫الموضوع خلف وتفصيل يرجع فيه إلى مصطلح ‪:‬‬
‫( استقبال ) ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫التّحوّل من القيام إلى القعود في ال ّ‬
‫‪ - 8‬التّحوّل من القيام إلى القعود ‪ ،‬ومنه إلى‬
‫الستلقاء أو الضطجاع من فروع قاعدة ‪:‬‬
‫" المشّقة تجلب التّيسير " والصل فيها قوله تعالى‬
‫سر }‬‫سَر ول يُريد ُ بكم العُ ْ‬ ‫ه بكم الي ُ ْ‬ ‫‪ { :‬يُريد ُ الل ّ ُ‬
‫ن من‬ ‫ل عليكم في الدّي ِ‬ ‫جعَ َ‬‫وقوله تعالى ‪ { :‬وما َ‬
‫ن من ل‬ ‫حَرٍج } ‪ ،‬ولذلك أجمع أهل العلم على أ ّ‬ ‫َ‬
‫صلة أو أثناءها‬ ‫يطيق القيام ‪ ،‬وتعذ ّر عليه قبل ال ّ‬
‫ة أو حكما ً ‪ ،‬بأن خاف زيادة مرض ‪ ،‬أو بطء‬ ‫حقيق ً‬
‫برئه ‪ ،‬أو دوران رأسه ‪ ،‬أو وجد لقيامه ألما ً شديداً‬
‫ونحوه ‪ ،‬له أن يصلّي جالسا ً ‪ ،‬وإن لم يستطع أومأ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫مستلقيا ً ‪ « ،‬لقول النّب ّ‬
‫ل قائما ً ‪ ،‬فإن لم تستطع‬ ‫لعمران بن حصين ‪ :‬ص ّ‬
‫ي‬
‫جنْب » زاد النّسائ ّ‬ ‫فقاعدا ً ‪ ،‬فإن لم تستطع فعلى َ‬
‫‪ « :‬فإن لم تستطع فمستلقيا ً » ‪ .‬ويزاد في النّافلة ‪:‬‬
‫ن له التّحوّل من القيام إلى القعود بل عذر ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫صلة‬ ‫وفي الموضوع تفصيل يرجع فيه إلى كتاب ال ّ‬
‫عند الكلم في صلة المريض ‪.‬‬
‫تحوّل المقيم إلى مسافر وعكسه ‪:‬‬

‫‪354‬‬
‫أ ‪ -‬تحوّل المقيم إلى مسافر ‪:‬‬
‫‪ - 9‬يصير المقيم مسافرا ً بأحد أمرين ‪:‬‬
‫أوّلهما ‪ :‬إذا جاوز بيوت مقامه ‪ ،‬وجاوز ما اتّصل به‬
‫سفر ‪ ،‬قاصدا ً المسافة الّتي‬ ‫من توابع البلد بنيّة ال ّ‬
‫سفر الّذي تتغيّر به الحكام ‪ .‬والمعتبر‬ ‫يتحّقق بها ال ّ‬
‫في النّيّة نيّة المتبوع ل التّابع ‪ ،‬حتّى تصير الّزوجة‬
‫ل من‬ ‫والجندي بنيّة القائد ‪ ،‬وك ّ‬
‫ّ‬ ‫مسافرة ً بنيّة الّزوج ‪،‬‬
‫سلطان وأمير الجيش ‪.‬‬ ‫لزمه طاعة غيره كال ّ‬
‫سير بعد القامة ‪ .‬ولتفصيل‬ ‫ثانيهما ‪ :‬إذا أنشأ ال ّ‬
‫الموضوع يرجع إلى ( صلة المسافر ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تحوّل المسافر إلى مقيم ‪:‬‬
‫‪ - 10‬يصير المسافر مقيما ً بأحد المور التّالية ‪:‬‬
‫ي ‪ ،‬ولو لم ينو‬ ‫الوّل ‪ :‬العود إلى الوطن الصل ّ‬
‫القامة فيه ‪.‬‬
‫ضبط فيه ‪ :‬أن يعود إلى الموضع الّذي شرط‬ ‫وال ّ‬
‫سفر منه ‪ .‬الثّاني ‪:‬‬ ‫الفقهاء مفارقته في إنشاء ال ّ‬
‫الوصول إلى الموضع الّذي يسافر إليه ‪ ،‬إذا عزم‬
‫خص ‪ ،‬وكان‬ ‫على القامة فيه القدر المانع من التّر ّ‬
‫خص خلفيّة‬ ‫صالحا ً للقامة ‪ .‬والمدّة المانعة من التّر ّ‬
‫يرجع فيها إلى ( صلة المسافر ) ‪.‬‬
‫الثّالث ‪ :‬إذا تزوّج المسافر ببلد ‪ ،‬وإن لم يتّخذه وطناً‬
‫‪ ،‬ولم ينو القامة ‪.‬‬
‫الّرابع ‪ :‬نيّة القامة في الطّريق ‪ :‬ول بد ّ فيه من‬
‫أربعة أشياء ‪ :‬نيّة القامة ‪ ،‬ونيّة مدّة القامة ‪ ،‬واتّحاد‬
‫المكان ‪ ،‬وصلحيّته للقامة ‪.‬‬
‫سفر بنيّة‬ ‫ما المفازة ونحوها ففي انقطاع ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫القامة فيها خلف وتفصيل ينظر في ( صلة‬
‫المسافر ) ‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫الخامس ‪ :‬القامة بطريق التّبعيّة ‪ :‬وهو أن يصير‬
‫الصل مقيما ً ‪ ،‬فيصير التّبع أيضا ً مقيما ً ‪ ،‬بإقامة‬
‫الصل ‪.‬‬
‫التّحوّل عن الواجب إلى البدل ‪:‬‬
‫الكلم على التّحوّل عن الواجب إلى البدل يكون في‬
‫مواضع منها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الّزكاة ‪:‬‬
‫‪ - 11‬ذهب الحنفيّة إلى جواز التّحوّل عن الواجب‬
‫وري‬
‫ّ‬ ‫ي والث ّ‬ ‫إلى البدل في الّزكاة ‪ ،‬وإليه ذهب الوزاع ّ‬
‫‪ ،‬وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن‬
‫البصريّ ‪.‬‬
‫فيجوز للمالك أن يدفع العين أو القيمة من النّقدين‬
‫والعروض وغير ذلك ‪ ،‬ولو مع وجود المنصوص‬
‫ة}‪.‬‬ ‫صدَقَ ً‬
‫خذ ْ من أموالِهم َ‬‫عليه ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ُ { :‬‬
‫ل جنس‬ ‫ة ) وك ّ‬
‫ن المراد بالمأخوذ ( صدق ً‬ ‫ص على أ ّ‬ ‫ن ّ‬
‫يأخذه فهو صدقة ‪ .‬ولقول معاذ لهل اليمن حين‬
‫ي صلى الله عليه وسلم إليهم ‪ « :‬ائتوني‬ ‫بعثه النّب ّ‬
‫صدقة مكان‬ ‫بعرض ثياب خميص أو لبيس في ال ّ‬
‫ي‬
‫شعير والذ ّرة ‪ ،‬أهون عليكم وخير لصحاب النّب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم بالمدينة ‪ ،‬وكان يأتي به‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ول ينكر عليه » ‪.‬‬
‫ن المقصود إيصال الّرزق الموعود‬ ‫والفقه فيه ‪ :‬أ ّ‬
‫إلى الفقير ‪ ،‬ودفع حاجة المسكين ‪ ،‬وهو يحصل‬
‫ن اللّه‬ ‫بالقيمة أيضا ً ‪ .‬قال عليه الصلة والسلم ‪ « :‬إ ّ‬
‫ماه‬ ‫تعالى فرض على الغنياء قوت الفقراء ‪ ،‬وس ّ‬
‫زكاةً » ‪.‬‬
‫وفي اعتبار القيمة هل تدفع القيمة يوم الداء أم‬
‫ما‬ ‫يوم الوجوب ؟ خلف يرجع فيه إلى موطنه‪ .‬وأ ّ‬
‫عند المالكيّة والحنابلة ‪ :‬فيجوز التّحوّل عن الواجب‬

‫‪356‬‬
‫إلى البدل في الدّنانير والدّراهم فقط ‪ ،‬فيجوز‬
‫للمزكّي أن يخرج في زكاة الدّنانير دراهم بقيمتها ‪،‬‬
‫ضة ذهبا ً بقيمته ‪ ،‬قلّت القيمة أو‬ ‫ويخرج عن الف ّ‬
‫ن ذلك معاوضة في حّقه ‪ ،‬فكانت بالقيمة‬ ‫كثرت ‪ ،‬ل ّ‬
‫كسائر المعاوضات ‪ ،‬وهما كجنس واحد ‪ .‬ولم يجز‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫ذلك ال ّ‬
‫ما في المواشي ‪ :‬فعند الحنفيّة جائز ‪ ،‬بناءً على‬ ‫وأ ّ‬
‫ل شيء ‪.‬‬ ‫قاعدتهم بجواز القيمة في ك ّ‬
‫شافعيّة ‪ .‬ويكره عند المالكيّة‬ ‫صحيح عند ال ّ‬ ‫وهو ال ّ‬
‫التّحوّل عن الواجب إلى البدل ‪ ،‬لما في ذلك من‬
‫صدقة ‪ ،‬ولئل ّ تكون القيمة أق ّ‬
‫ل‬ ‫معنى الّرجوع في ال ّ‬
‫ما عليه ‪ ،‬فيكون قد بخس الفقراء حّقهم ‪ ،‬إل ّ إذا‬ ‫م ّ‬
‫ساعي المزكّي على أن يأخذ منه دراهم فيما‬ ‫أجبر ال ّ‬
‫وجب عليه من صدقته ‪ ،‬فيجزئ عنه ‪ ،‬إذا كان فيه‬
‫وفاء بقيمة ما وجب عليه ‪ ،‬وكان عند محلّها ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬ل يجزئ إن نقصت قيمته‬ ‫وفي وجه عند ال ّ‬
‫شاة ‪ .‬ووجه ثالث ‪ :‬أنّه إن كانت البل‬ ‫عن قيمة ال ّ‬
‫مراضا ً ‪ ،‬أو قليلة القيمة لعيب أجزأ البعير النّاقص‬
‫ة لم‬ ‫شاة ‪ ،‬وإن كانت صحاحا ً سليم ً‬ ‫عن قيمة ال ّ‬
‫يجزئ النّاقص ‪ .‬وفي الموضوع تفصيل يرجع إليه‬
‫في ( الّزكاة ) ‪.‬‬
‫ما الحنابلة فل يجوز عندهم التّحوّل في الماشية‬ ‫وأ ّ‬
‫من جنس إلى آخر ول إلى القيمة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬زكاة الفطر ‪:‬‬
‫‪ - 12‬التّحوّل عن العين إلى القيمة في صدقة الفطر‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وكذلك في ظاهر‬ ‫ل يجوز عند المالكيّة وال ّ‬
‫المذهب عند الحنابلة ‪ .‬ويجوز عند الحنفيّة ‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫ما التّحوّل من جنس إلى آخر من أجناس‬ ‫وأ ّ‬
‫القوات ‪ ،‬أو التّحوّل من الدنى إلى العلى وعكسه‬
‫ففيه خلف وتفصيل ينظر في ( زكاة الفطر ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬العشور ‪:‬‬
‫‪ - 13‬ذهب المالكيّة والحنابلة إلى عدم جواز التّحوّل‬
‫عن الواجب إلى البدل في العشور ‪ .‬وذهب الحنفيّة‬
‫إلى جواز التّحوّل عن الواجب إلى البدل في‬
‫العشور ‪ ،‬وذلك للدلّة الّتي سبق ذكرها ‪ ،‬وكذلك‬
‫يجوز التّحوّل من الواجب إلى العلى فقط عند‬
‫شافعيّة إذا كانت الحبوب والثّمار نوعا ً واحدا ً ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ل نوع‬ ‫وإن اختلفت النواع ‪ :‬أخذ الواجب من ك ّ‬
‫سر ‪ ،‬فإن عسر أخذ الواجب من‬ ‫صة إن لم يتع ّ‬ ‫بالح ّ‬
‫ل ثمرها ففيه أوجه ‪:‬‬ ‫ل نوع بأن كثرت ‪ ،‬وق ّ‬ ‫ك ّ‬
‫صحيح ‪ :‬أنّه يخرج من الوسط‬ ‫الوجه الوّل ‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫ة للجانبين ‪.‬‬ ‫رعاي ً‬
‫ل نوع بقسطه ‪.‬‬ ‫والثّاني ‪ :‬يؤخذ من ك ّ‬
‫والثّالث ‪ :‬من الغالب ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يؤخذ الوسط قطعا ً ‪.‬‬
‫وفي الموضوع تفصيل ينظر في مصطلح ‪ ( :‬عشر )‬
‫‪.‬‬
‫د ‪ -‬الكّفارات ‪:‬‬
‫‪ - 14‬ذهب الجمهور إلى أنّه ل يجوز التّحوّل عن‬
‫الواجب المنصوص عليه إلى غيره في الكّفارات ‪،‬‬
‫فإن كان معيّنا ً تعيّن ‪ ،‬وإن كان مخيّرا ً تخيّر في‬
‫شارع‪ .‬ويرى الحنفيّة جواز‬ ‫ص عليها ال ّ‬‫الخصال الّتي ن ّ‬
‫التّحوّل عن الواجب إن كان ماليّا ً إلى البدل في‬
‫الكّفارات ‪.‬‬
‫وفي ذلك خلف وتفصيل ينظر إليه في مصطلح ‪:‬‬
‫( كّفارات ) ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬النّذور ‪:‬‬

‫‪358‬‬
‫‪ - 15‬المذهب عند المالكيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو الوجه‬
‫ن من نذر نذرا ً معيّنا ً وغير‬ ‫صحيح لدى ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ما عيّنه ‪ ،‬ول يجوز العدول‬ ‫مطلق فعليه إخراجه م ّ‬
‫ة ‪ .‬وفي ذلك خلف‬ ‫عن المعيّن إلى غيره بدل ً أو قيم ً‬
‫وتفصيل ينظر في ( النّذر ) ‪.‬‬
‫ويرى الحنفيّة جواز ذلك مطلقا ً ‪ ،‬كما يجوز عندهم‬
‫العدول عن الواجب إلى القيمة في النّذور ‪،‬‬
‫واستثنوا نذر العتق والهدي والضحيّة ‪.‬‬
‫صوم إلى فدية ‪:‬‬ ‫تحوّل فريضة ال ّ‬
‫شيخ الهرم الّذي‬ ‫ن ال ّ‬‫مة الفقهاء على أ ّ‬ ‫‪ - 16‬اتّفق عا ّ‬
‫صوم ‪ ،‬أو تلحقه به مشّقة شديدة ل صوم‬ ‫ل يطيق ال ّ‬
‫عليه ‪ ،‬واختلفوا في وجوب الفدية عليه ‪:‬‬
‫شافعيّة‬‫فذهب الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو الظهر عند ال ّ‬
‫‪ ،‬وقول غير مشهور عند المالكيّة ‪ :‬إلى أنّه تجب‬
‫عليه الفدية ‪.‬‬
‫ويرى المالكيّة في المشهور من المذهب ‪ ،‬وهو غير‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه ل فدية عليه ‪ .‬وفي‬ ‫الظهر عند ال ّ‬
‫وجوب الفدية على الحامل والمرضع خافت على‬
‫نفسها أو ولدها ‪ ،‬والمريض الّذي ل يرجى برؤه‬
‫خلف وتفصيل ‪ ،‬يرجع فيه إلى مصطلح ‪ ( :‬صوم‬
‫وفدية ) ‪.‬‬
‫تحوّل العقد الّذي لم تستكمل شرائطه إلى عقد‬
‫آخر ‪:‬‬
‫‪ - 17‬ذهب الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو الظهر من‬
‫ن الهبة إذا كانت‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إلى أ ّ‬ ‫المذهب عند ال ّ‬
‫ح العقد ويتحوّل إلى بيع ‪ ،‬فيثبت‬ ‫بشرط العوض يص ّ‬
‫شفعة ‪ ،‬ويلزم قبل القبض ‪ ،‬ويردّ‬ ‫فيه الخيار وال ّ‬
‫بالعيب وخيار الّرؤية ‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬يبطل العقد ‪ ،‬لنّه شرط في‬ ‫وفي قول لل ّ‬
‫الهبة ما ينافي مقتضاها ‪.‬‬
‫ن هبة الثّواب بيع ابتداءً ‪ ،‬ولذا‬ ‫وذهب المالكيّة إلى ‪ :‬أ ّ‬
‫ل تبطل بموت الواهب قبل حيازة الهبة ‪ ،‬ول يجوز‬
‫ة أو العكس ‪ ،‬لما يلزم عليه‬ ‫ض ً‬‫أن يثاب عن الذ ّهب ف ّ‬
‫خر ‪ ،‬ما لم يحدث التّقابض في‬ ‫صرف المؤ ّ‬ ‫من ال ّ‬
‫المجلس ‪ .‬وفي كون العوض معلوما ً أو مجهول ً ‪،‬‬
‫وكذلك في كونها بيعا ً ابتداءً أو انتهاءً تفصيل يرجع‬
‫فيه إلى مصطلح ‪ ( :‬هبة ) ‪.‬‬
‫ولتحوّل العقد الّذي لم تستكمل شرائطه إلى عقد‬
‫صحيحة‬ ‫آخر أمثلة أخرى منها ‪ :‬تحوّل المضاربة ال ّ‬
‫إلى وكالة بالنّسبة لتصّرفات المضارب ‪ ،‬ولذلك يرى‬
‫ن تصّرفات المضارب‬ ‫جمهور الفقهاء في الجملة ‪ :‬أ ّ‬
‫منوطة بالمصلحة كالوكيل ‪.‬‬
‫وإلى شركة إن ربح المضارب ‪ ،‬وإلى إجارة فاسدة‬
‫إن فسدت ‪.‬‬
‫سلم إلى بيع مطلقا ً ‪ ،‬إذا كان‬ ‫ومنها ‪ :‬تحوّل ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ .‬وإلى هبة‬ ‫المسلم فيه عينا ً في قول عند ال ّ‬
‫لو قال ‪ :‬بعت بل ثمن ‪ ،‬والظهر البطلن ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬تحوّل الستصناع سلما ً إذا ضرب فيه الجل‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫عند بعض الحنفيّة ‪ ،‬حتّى تعتبر فيه شرائط ال ّ‬
‫ل من المثلة المتقدّمة خلف وتفصيل ينظر‬ ‫وفي ك ّ‬
‫في مصطلحات ( عقد ‪ ،‬وسلم ‪ ،‬ومضاربة ‪،‬‬
‫وشركة ‪ ،‬واستصناع ) ‪.‬‬
‫تحوّل العقد الموقوف إلى نافذ ‪:‬‬
‫شافعيّة ‪،‬‬ ‫‪ - 18‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وهو قول لل ّ‬
‫ي ينعقد‬ ‫ن بيع الفضول ّ‬ ‫ورواية عند الحنابلة ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫موقوفا ً على إجازة المالك ‪ ،‬فإذا أجازه المالك أصبح‬
‫نافذا ً ‪ ،‬وإل ّ فل ‪ ،‬وإليه ذهب إسحاق بن راهويه ‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫شافعيّة في القول الجديد ‪ ،‬وهو رواية‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ن هذا البيع باطل ويجب‬ ‫أخرى عند الحنابلة إلى ‪ :‬أ ّ‬
‫صل‬‫ردّه ‪ ،‬وإليه ذهب أبو ثور وابن المنذر ‪ .‬وقد ف ّ‬
‫ي الكلم حوله ‪ ،‬ويرجع‬ ‫القائلون بانعقاد بيع الفضول ّ‬
‫فيه إلى مصطلحات ‪ ( :‬عقد ‪ ،‬وموقوف ‪،‬‬
‫ي)‪.‬‬‫وفضول ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫تحوّل الدّين الجل إلى حا ّ‬
‫ل في مواطن منها ‪:‬‬ ‫يتحوّل الدّين الجل إلى حا ّ‬
‫أ ‪ -‬الموت ‪:‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو رواية‬ ‫‪ - 19‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫ن الدّين الجل يتحوّل بالموت‬ ‫عند الحنابلة ‪ :‬إلى أ ّ‬
‫مة الميّت وتعذ ّر المطالبة ‪ .‬وبه‬ ‫ل ‪ ،‬لنعدام ذ ّ‬ ‫إلى حا ّ‬
‫ي ‪ ،‬والثّوريّ ‪ .‬وذهب الحنابلة‬ ‫ي والنّخع ّ‬ ‫شعب ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫ل إذا وثّقه الورثة ‪،‬‬ ‫في رواية أخرى ‪ :‬إلى أنّه ل يح ّ‬
‫وهو قول ابن سيرين وعبد اللّه بن الحسن وإسحاق‬
‫وأبي عبيد أيضا ً ‪ .‬وفي لحاق المرتد ّ بدار الحرب هل‬
‫يتقّرر موته ‪ ،‬وتثبت الحكام المتعلّقة به ؟ خلف بين‬
‫الفقهاء ينظر في مواطنه من كتب الفقه ‪،‬‬
‫ومصطلح ‪ ( :‬ردّة ) ‪ .‬ومصطلح أجل ( ف ‪ 95:‬ج ‪) 2‬‬
‫‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّفليس ‪:‬‬
‫مد من‬ ‫‪ - 20‬المتبادر من أقوال أبي يوسف ومح ّ‬
‫الحنفيّة القائلين بجواز الحجر للفلس ‪ ،‬وهو الظهر‬
‫ن الدّين‬
‫شافعيّة ‪ ،‬والمذهب عند الحنابلة ‪ :‬أ ّ‬ ‫عند ال ّ‬
‫ق للمفلّس‬ ‫ن الجل ح ّ‬ ‫ل بالتّفليس ‪ ،‬ل ّ‬ ‫جل ل يح ّ‬ ‫المؤ ّ‬
‫فل يسقط بفلسه ‪ ،‬كسائر حقوقه ‪ ،‬ولنّه ل يوجب‬
‫حلول ماله ‪ ،‬فل يوجب حلول ما عليه ‪.‬‬
‫ما عند أبي حنيفة فل يتأتّى هذا ‪ ،‬لنّه ل يجوز عنده‬ ‫وأ ّ‬
‫الحجر على الحّر العاقل البالغ بسبب الدّين ‪ .‬وذهب‬

‫‪361‬‬
‫شافعيّة في قول ‪ ،‬وهو رواية‬ ‫المالكيّة ‪ ،‬وكذلك ال ّ‬
‫ن من حجر‬ ‫عند الحنابلة ذكرها أبو الخطّاب إلى ‪ :‬أ ّ‬
‫ن‬
‫ل‪،‬ل ّ‬ ‫عليه لفلسه يتحوّل دينه الجل إلى حا ّ‬
‫التّفليس يتعلّق به الدّين بالمال ‪ ،‬فيسقط الجل‬
‫كالموت ‪ .‬وتفصيل ذلك في مصطلح ‪ ( :‬حجر ) ‪.‬‬
‫تحوّل الوقف عند انقطاع الموقوف عليه ‪:‬‬
‫ن التّأبيد شرط في‬ ‫مة الفقهاء إلى أ ّ‬ ‫‪ - 21‬ذهب عا ّ‬
‫حته ‪ :‬ما‬ ‫ن الوقف الّذي ل خلف في ص ّ‬ ‫الوقف ‪ ،‬وأ ّ‬
‫كان معلوم البتداء والنتهاء غير منقطع ‪ ،‬مثل أن‬
‫يجعل نهايته إلى جهة ل تنقطع ‪ ،‬كأن يجعل آخره‬
‫على المساكين ‪ ،‬أو طائفة منهم ‪ ،‬فإنّه يمتنع بحكم‬
‫العادة انقراضهم ‪ .‬واختلفوا فيما لو انقطع الموقوف‬
‫عليهم ‪ :‬فذهب أبو يوسف والمالكيّة ‪ ،‬وهو قول عند‬
‫شافعيّة ‪ ،‬ورأي للحنابلة ‪ :‬إلى أنّه يرجع إلى‬ ‫ال ّ‬
‫الواقف ‪ ،‬أو إلى ورثته ‪ ،‬إل ّ أن يقول ‪ :‬صدقة‬
‫موقوفة ينفق منها على فلن ‪ ،‬وعلى فلن فإذا‬
‫مى كانت للفقراء والمساكين ‪.‬‬ ‫انقرض المس ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬والمذهب عند الحنابلة ‪ :‬أنّه‬ ‫والظهر عند ال ّ‬
‫يبقى وقفا ً ‪ ،‬وينصرف إلى أقرب النّاس إلى الواقف‬
‫شافعيّة في مصرف هذا‬ ‫‪ .‬وهناك أقوال أخرى عند ال ّ‬
‫النّوع من الوقف ‪.‬‬
‫ويرجع إلى تفصيل الموضوع في مصطلح ‪ ( :‬وقف )‬
‫‪.‬‬
‫مة من الباحة إلى الملكيّة‬ ‫تحوّل الملكيّة العا ّ‬
‫صة وعكسه ‪:‬‬ ‫الخا ّ‬
‫بأي‬
‫ّ‬ ‫صة‬‫مة إلى الخا ّ‬ ‫‪ - 22‬قد تتحوّل الملكيّة من العا ّ‬
‫سبب من أسباب التّملّك ‪ ،‬كالقطاع من أراضي بيت‬
‫المال‬

‫‪362‬‬
‫فللمام أن يعطي الرض من بيت المال على وجه‬
‫التّمليك ‪ ،‬كما يعطي المال حيث رأى المصلحة ‪ ،‬إذ‬
‫ل فرق بين الرض والمال في الدّفع للمستحقّ ‪.‬‬
‫ص‬
‫وراجع مصطلح ‪ ( :‬إقطاع ) ‪ .‬ويتحوّل الملك الخا ّ‬
‫م إذا مات عنه أربابه ‪ ،‬ولم يستحّقه وارثه‬ ‫إلى العا ّ‬
‫بفرض ول تعصيب ‪ ،‬فينتقل إلى بيت المال ميراثاً‬
‫لكافّة المسلمين ‪ .‬وذكر أبو يعلى أنّه ينتقل إلى بيت‬
‫المال مصروفا ً في مصالح المسلمين ‪ ،‬ل على‬
‫طريق الميراث ‪.‬‬
‫م ‪ ،‬في نحو البيت‬ ‫ص إلى عا ّ‬ ‫ويتحوّل الملك الخا ّ‬
‫المملوك إذا احتيج إليه للمسجد ‪ ،‬أو توسعة الطّريق‬
‫‪ ،‬أو للمقبرة ونحوها من مصالح المسلمين ‪ ،‬بشرط‬
‫التّعويض ‪.‬‬
‫تحوّل الولية في عقد النّكاح ‪:‬‬
‫ي‬
‫ي القرب إلى الول ّ‬ ‫‪ - 23‬تتحوّل الولية من الول ّ‬
‫البعد في مواطن منها ‪:‬‬
‫ي القرب ‪ ،‬وكذلك إذا أسر أو حبس ‪.‬‬ ‫‪ -‬إذا فقد الول ّ‬
‫ن الولية‬ ‫فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أ ّ‬
‫ي القرب إلى البعد ‪.‬‬ ‫تتحوّل من الول ّ‬
‫شافعيّة فالولية عندهم تنتقل إلى الحاكم ‪.‬‬ ‫ما ال ّ‬
‫وأ ّ‬
‫ة‬
‫ة منقطع ً‬ ‫ي غيب ً‬‫ي ‪ ،‬فإذا غاب الول ّ‬ ‫‪ -‬ومنها غيبة الول ّ‬
‫تنتقل الولية من القرب إلى البعد عند الحنفيّة‬
‫ن‬
‫والحنابلة ‪ .‬وعند المالكيّة تنتقل إلى الحاكم ‪ ،‬ل ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬إل ّ إذا‬ ‫ي الغائب ‪ .‬وكذلك عند ال ّ‬ ‫الحاكم ول ّ‬
‫سم ماله بين‬ ‫ي القرب وق ّ‬ ‫حكم القاضي بموت الول ّ‬
‫ورثته ‪ ،‬فتنتقل عندهم إلى البعد ‪ .‬ومنها ‪ :‬العضل ‪،‬‬
‫ي مولّيته من زواج الكفء ‪ .‬فذهب‬ ‫وهو ‪ :‬منع الول ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو رواية عن أحمد ‪:‬‬ ‫الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫ي القرب إذا عضلها انتقلت الولية إلى‬ ‫ن الول ّ‬ ‫إلى أ ّ‬

‫‪363‬‬
‫سلطان ‪ ،‬وهو اختيار أبي بكر رضي الله عنه ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وذكر ذلك عن عثمان بن عّفان رضي الله تعالى عنه‬
‫وشريح ‪ .‬وذهب الحنابلة في المنصوص من المذهب‬
‫إلى أنّها تنتقل إلى البعد ‪ .‬وانظر لتفصيل ذلك‬
‫والخلف فيه مصطلح ‪ ( :‬ولية النّكاح ) ‪.‬‬
‫ق الحضانة ‪:‬‬ ‫تحوّل ح ّ‬
‫م أولى النّاس‬ ‫ن ال ّ‬
‫‪ - 24‬الصل في الحضانة أ ّ‬
‫شروط ‪ ،‬لما روى عبد‬ ‫بحضانة الطّفل إذا كملت ال ّ‬
‫ن‬‫اللّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما « أ ّ‬
‫ن ابني هذا كان‬ ‫امرأةً قالت ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬إ ّ‬
‫حواءً ‪،‬‬‫سقاءً ‪ ،‬وحجري له ِ‬ ‫بطني له وِعاءً ‪ ،‬وثديي له ِ‬
‫ن أباه طلّقني ‪ ،‬وأراد أن ينزعه منّي ‪ ،‬فقال‬ ‫وإ ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أنت أحقّ به ما‬
‫لم تَنْكحي » ‪.‬‬
‫م من أهل الحضانة لفقدان جميع‬ ‫فإن لم تكن ال ّ‬
‫شروط فيها أو بعضها ‪ ،‬أو امتنعت من الحضانة ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫فهي كالمعدومة ‪ ،‬وتنتقل الحضانة إلى من يليها ‪،‬‬
‫وهكذا تتحوّل من القرب إلى البعد في الستحقاق‬
‫‪ .‬على تفصيل ينظر في مصطلح ‪ ( :‬حضانة ) ‪.‬‬
‫تحوّل المعتدّة من عدّة الطّلق إلى عدّة الوفاة ‪:‬‬
‫‪ - 25‬إذا مات الّزوج والمرأة في عدّة طلقه ‪ ،‬فإن‬
‫كان الطّلق رجعيّا ً سقطت عنها عدّة الطّلق ‪،‬‬
‫وانتقلت إلى عدّة الوفاة ‪ ،‬أي أربعة أشهر وعشرة‬
‫أيّام من حين الوفاة ‪ ،‬بل خلف‪ .‬قال ابن المنذر ‪:‬‬
‫ل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك ‪،‬‬ ‫أجمع ك ّ‬
‫ن المطلّقة رجعيّا ً زوجة يلحقها طلقه ‪،‬‬ ‫وذلك ل ّ‬
‫وينالها ميراثه ‪ ،‬فعليها أن تعتد ّ عدّة الوفاة‬
‫وإذا مات مطلّق البائن ‪ ،‬وهي في العدّة ‪ ،‬وكان‬
‫حته ‪ ،‬أو طلّقها بطلبها ‪ ،‬بنت‬ ‫الطّلق في حال ص ّ‬

‫‪364‬‬
‫ما إذا طلّقها في‬ ‫على مدّة الطّلق ‪ ،‬وهذا بالتّفاق ‪ .‬أ ّ‬
‫مرض موته بغير طلب منها ‪ ،‬فهذه خلفيّة ‪ :‬فذهب‬
‫مد بن الحسن إلى‬ ‫وري ومح ّ‬
‫ّ‬ ‫أبو حنيفة وأحمد والث ّ‬
‫أنّها تعتد ّ بأبعد الجلين احتياطا ً لشبهة قيام الّزوجيّة ‪،‬‬
‫ي وأبو عبيد‬ ‫شافع ّ‬ ‫باعتبار إرثها منه ‪ .‬وذهب مالك وال ّ‬
‫وأبو يوسف وابن المنذر إلى أنّها تبني على عدّة‬
‫ل وجه ‪.‬‬ ‫الطّلق لنقطاع الّزوجيّة من ك ّ‬
‫تحوّل العدّة من الشهر إلى القراء وعكسه ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تحوّل العدّة من الشهر إلى القراء ‪:‬‬
‫صغيرة الّتي لم‬ ‫ن ال ّ‬ ‫‪ - 26‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫تحض ‪ ،‬وكذلك البالغة الّتي لم تحض ‪ ،‬إذا اعتدّت‬
‫ن‬‫ببعض الشهر ‪ ،‬فحاضت قبل انقضاء عدّتها ‪ ،‬أ ّ‬
‫ن‬
‫عدّتها تتحوّل من الشهر إلى القراء ‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫شهور بدل عن القراء ‪ ،‬وقد ثبتت القدرة على‬ ‫ال ّ‬
‫المبدل ‪ ،‬والقدرة على المبدل ‪ ،‬قبل حصول‬
‫المقصود بالبدل تبطل حكم البدل كالقدرة على‬
‫مم ‪ ،‬فيبطل حكم الشهر ‪،‬‬ ‫الوضوء في حقّ المتي ّ‬
‫وتنتقل عدّتها إلى القراء ‪.‬‬
‫م رأت الدّم‬ ‫وكذا اليسة إذا اعتدّت ببعض الشهر ‪ ،‬ث ّ‬
‫‪ ،‬فتتحوّل عدّتها إلى القراء عند بعض الحنفيّة ‪،‬‬
‫وذلك على الّرواية الّتي لم يقدّروا فيها للياس سنّاً‬
‫ما عند المالكيّة ‪:‬‬ ‫شافعيّة ‪ .‬وأ ّ‬‫ة ‪ .‬وكذلك عند ال ّ‬ ‫معيّن ً‬
‫سبعين ‪-‬‬ ‫فإذا رأت الدّم بعد الخمسين وقبل ال ّ‬
‫ستّين ‪-‬‬ ‫وكذلك عند الحنابلة بعد الخمسين وقبل ال ّ‬
‫يكون دما ً مشكوكا ً فيه يرجع فيه إلى النّساء ‪.‬‬
‫ن المرأة إن‬ ‫ن ابن قدامة من الحنابلة قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫إل ّ أ ّ‬
‫رأت الدّم بعد الخمسين على العادة الّتي كانت تراه‬
‫صحيح ‪ .‬وذهب الحنفيّة على‬ ‫فيها ‪ ،‬فهو حيض على ال ّ‬
‫ن ما رأته‬ ‫الّرواية الّتي وقّتوا للياس فيها وقتا ً ‪ :‬إلى أ ّ‬

‫‪365‬‬
‫من الدّم بعدها ليس بحيض في ظاهر المذهب ‪ ،‬إلّ‬
‫إذا كان دما ً خالصا ً فحيض ‪ ،‬حتّى يبطل به العتداد‬
‫بالشهر ‪.‬‬
‫ولتفصيل الموضوع يرجع إلى مصطلحي ‪ ( :‬إياس ‪،‬‬
‫وعدّة ) ‪.‬‬
‫ما من انقطع حيضها بعد أن رأت الدّم ‪،‬‬ ‫‪ - 27‬وأ ّ‬
‫ن اليأس ‪ -‬وهي المرتابة ‪ -‬فذهب‬ ‫وقبل أن تبلغ س ّ‬
‫جميع الفقهاء إلى أنّه إذا كان انقطاع الدّم بسبب‬
‫معروف كرضاع ونفاس أو مرض يرجى برؤه ‪ ،‬فإنّها‬
‫ن‬
‫تصبر حتّى تحيض ‪ ،‬فتعتد ّ بالقراء ‪ ،‬أو تبلغ س ّ‬
‫ن اليأس ‪ ،‬ول عبرة‬ ‫اليأس ‪ ،‬فتعتد ّ بالشهر بعد س ّ‬
‫جعل بعد‬ ‫ن العتداد بالشهر ُ‬ ‫بطول مدّة النتظار ‪ ،‬ل ّ‬
‫ص ‪ ،‬فلم يجز العتداد بالشهر قبله ‪.‬‬ ‫اليأس بالن ّ ّ‬
‫ما من انقطع حيضها ل لعلّة تعرف ‪ .‬فذهب‬ ‫أ ّ‬
‫ي في القديم ‪ ،‬وهو‬ ‫شافع ّ‬ ‫المالكيّة ‪ ،‬وهو قول لل ّ‬
‫المذهب عند الحنابلة ‪ :‬إلى أنّها تتربّص تسعة‬
‫م تعتد ّ بثلثة أشهر ‪ ،‬فهذه سنة ‪ .‬وعلّلوه‬ ‫أشهر ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن الغلب في مدّة الحمل تسعة أشهر ‪ ،‬فإذا‬ ‫بأ ّ‬
‫مضت تبيّنت براءة الّرحم ‪ ،‬فتعتد ّ بالشهر ‪ ،‬وهو‬
‫البصري أيضا ً ‪ ،‬وقضى به عمر‬‫ّ‬ ‫مرويّ عن الحسن‬
‫صحابة رضي الله عنهم أجمعين ‪.‬‬ ‫بمحضر من ال ّ‬
‫ي في القديم أيضا ً أنّها تتربّص‬ ‫شافع ّ‬ ‫وروي عن ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬وروي عنه أيضا ً في القديم ‪:‬‬ ‫م ثلث ً‬‫ستّة أشهر ث ّ‬
‫م تعتد ّ بثلثة أشهر ‪.‬‬
‫أنّها تتربّص أربع سنين ث ّ‬
‫تحوّل الرض العشريّة إلى خراجيّة والعكس ‪:‬‬
‫ن الرض الخراجيّة ل‬ ‫‪ - 28‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫ة أصل ً ‪ ،‬وكذلك ل تتحوّل الرض‬ ‫تصير عشري ّ ً‬
‫العشريّة إلى خراجيّة ‪ .‬وذهب أبو حنيفة وزفر إلى‬

‫‪366‬‬
‫ن الرض العشريّة تتحوّل إلى خراجيّة إذا اشتراها‬ ‫أ ّ‬
‫ي‪.‬‬‫م ّ‬ ‫ذ ّ‬
‫وفي كتاب الخراج لبي يوسف ‪ :‬للمام أن يصيّر‬
‫ة ‪ ،‬إل ّ ما‬ ‫ة ‪ ،‬والخراجيّة عشري ّ ً‬ ‫الرض العشريّة خراجي ّ ً‬
‫كان من أرض الحجاز والمدينة ومكّة واليمن ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن‬
‫ل للمام أن يغيّر ذلك ‪،‬‬ ‫هنالك ل يقع خراج ‪ ،‬فل يح ّ‬
‫ما جرى عليه أمر رسول اللّه صلى الله‬ ‫ول يحوّله ع ّ‬
‫عليه وسلم وحكمه ‪ .‬ولتفصيل ذلك يرجع إلى‬
‫مصطلحات ‪ ( :‬أرض ‪ ،‬وعشر ‪ ،‬وخراج ) ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫م ّ‬‫تحوّل المستأمن إلى ذ ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫‪ - 29‬ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفيّة وال ّ‬
‫ن غير المسلم ل يمكّن من القامة‬ ‫والحنابلة ) إلى أ ّ‬
‫ة أو أكثر‬ ‫ة في دار السلم ‪ ،‬فإذا أقام فيها سن ً‬ ‫سن ً‬
‫ميّا ً ‪ .‬وظاهر‬ ‫تفرض عليه الجزية ‪ ،‬ويصير بعدها ذ ّ‬
‫ن قول المام ‪ :‬إن‬ ‫يأ ّ‬‫المتون في المذهب الحنف ّ‬
‫ل من ذلك وضعنا عليك الجزية ‪،‬‬ ‫ة أو أق ّ‬‫أقمت سن ً‬
‫ة ‪ ،‬أو‬ ‫ميّا ً ‪ ،‬فعلى هذا لو أقام سن ً‬ ‫شرط لصيرورته ذ ّ‬
‫ميّا ً ‪.‬‬
‫أكثر من غير أن يقول المام له ذلك ل يصير ذ ّ‬
‫ي بالتّبعيّة ‪ :‬كما لو‬ ‫م ّ‬
‫وكذلك يتحوّل المستأمن إلى ذ ّ‬
‫دخل مع امرأته ‪ ،‬ومعهما أولد صغار وكبار ‪ ،‬فصار‬
‫صغار تبع له بخلف الكبار ‪ .‬وتترتّب على‬ ‫ميّا ً ‪ ،‬فال ّ‬
‫ذ ّ‬
‫ميّا ً أحكام عدّة ‪ ،‬يرجع لتفصيلها‬ ‫صيرورة المستأمن ذ ّ‬
‫مة ‪ ،‬ومستأمن ) ‪.‬‬ ‫إلى مصطلحي ‪ ( :‬أهل الذ ّ ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫تحوّل المستأمن إلى حرب ّ‬
‫ن المستأمن يصير حربيّاً‬ ‫‪ - 30‬يرى جمهور الفقهاء أ ّ‬
‫بأمور ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لحق بدار الحرب ‪ ،‬ولو بغير بلده بنيّة القامة ‪،‬‬
‫فإن دخل تاجرا ً أو رسول ً أو متنّزها ً ‪ ،‬أو لحاجة‬

‫‪367‬‬
‫م يعود إلى دار السلم ‪ ،‬فهو على أمانه‬ ‫يقضيها ‪ ،‬ث ّ‬
‫في نفسه وماله ‪.‬‬
‫مة المسلمين أو‬ ‫‪ -‬وإذا نقض المان ‪ :‬كأن يقاتل عا ّ‬
‫يغلب على قرية أو حصن لجل حربنا ‪ ،‬أو يقدم على‬
‫عمل مخالف لمقتضى المان ‪ ،‬انتقض عهده وصار‬
‫حربيّا ً ‪ .‬وفيما ينتقض به المان والعهد خلف‬
‫وتفصيل ينظر في مصطلحي ‪ ( :‬أهل الحرب‬
‫ومستأمن ) ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫ي إلى حرب ّ‬ ‫م ّ‬‫تحوّل الذ ّ ّ‬
‫ي يتحوّل إلى‬ ‫م ّ‬ ‫ن الذ ّ ّ‬‫‪ - 31‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫ي باللّحاق بدار الحرب مختارا ً طائعا ً والقامة‬ ‫حرب ّ‬
‫ل دمه وماله ‪ .‬وفي‬ ‫مته ‪ ،‬فيح ّ‬ ‫فيها ‪ ،‬أو بنقض عهد ذ ّ‬
‫محاربته جوازا ً أو وجوبا ً ‪ -‬بعد بلوغ مأمنه ‪ -‬خلف‬
‫مة تفصيل‬ ‫بينهم ‪ ،‬وكذلك فيما ينتقض به عقد الذ ّ ّ‬
‫مة )‬‫ينظر في مصطلحي ‪ ( :‬أهل الحرب ‪ ،‬وأهل الذ ّ ّ‬
‫‪.‬‬
‫ي إلى مستأمن ‪:‬‬ ‫تحوّل الحرب ّ‬
‫ي مستأمنا ً بالحصول على أمان‬ ‫‪ - 32‬يصير الحرب ّ‬
‫من له حقّ إعطاء المان ‪ ،‬على خلف بين الفقهاء‬ ‫م ّ‬
‫ذكر في مواطنه من كتب الفقه ‪ ،‬وانظر أيضاً‬
‫مصطلحي ‪ ( :‬أمان ‪ ،‬ومستأمن ) ‪.‬‬
‫تحوّل دار السلم إلى دار الحرب وعكسه ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أنّه متى ارتد ّ أهل‬ ‫‪ - 33‬ذهب ال ّ‬
‫بلد وجرت فيه أحكامهم صارت الدّار دار حرب ‪،‬‬
‫ن أبا بكر‬ ‫وعلى المام قتالهم بعد النذار والعذار ‪ ،‬ل ّ‬
‫صدّيق رضي الله عنه قاتل أهل الّردّة بجماعة‬ ‫ال ّ‬
‫صحابة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ن دار السلم ل تصير‬ ‫‪ - 34‬وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ‬
‫دار حرب إل ّ بأمور ثلثة ‪:‬‬

‫‪368‬‬
‫شرك على الشتهار ‪،‬‬ ‫أ ‪ -‬أن تجري فيها أحكام أهل ال ّ‬
‫ما لو أجريت‬ ‫وأن ل يحكم فيها بحكم أهل السلم ‪ ،‬أ ّ‬
‫شرك ‪ ،‬فل تكون‬ ‫أحكام المسلمين ‪ ،‬وأحكام أهل ال ّ‬
‫دار حرب ‪.‬‬
‫ة ( أي مجاورةً ) لدار الحرب ‪،‬‬ ‫ب ‪ -‬أن تكون متاخم ً‬
‫بأن ل تتخلّل بينهما بلدة من بلد السلم ‪.‬‬
‫ي آمنا ً بالمان الوّل‬ ‫م ّ‬‫ج ‪ -‬أن ل يبقى فيها مسلم أو ذ ّ‬
‫الّذي كان ثابتا ً قبل استيلء الكّفار ‪ ،‬للمسلم بإسلمه‬
‫مد‬‫ما أبو يوسف ومح ّ‬ ‫مة ‪ .‬وأ ّ‬‫ي بعقد الذ ّ ّ‬
‫م ّ‬‫‪ ،‬وللذ ّ ّ‬
‫فيقولن بشرط واحد ل غير ‪ ،‬وهو ‪ :‬إظهار حكم‬
‫الكفر ‪ ،‬وهو القياس ‪ .‬وتترتّب على دار الّردّة أحكام‬
‫‪ ،‬اختلف الفقهاء فيها ‪ ،‬تنظر في مظانّها ‪ ،‬وفي‬
‫مصطلح ‪ ( :‬ردّة ) ‪.‬‬
‫‪ - 35‬وتتحوّل دار الحرب إلى إسلم بإجراء أحكام‬
‫أهل السلم فيها كجمعة وعيد ‪ ،‬وإن بقي فيها كافر‬
‫ي ‪ ،‬وإن لم تتّصل بدار السلم ‪.‬‬ ‫أصل ّ‬
‫التّحوّل من دين إلى آخر ‪:‬‬
‫‪ - 36‬التّحوّل من دين إلى آخر ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫القسم الوّل ‪ :‬التّحوّل من دين باطل إلى دين باطل‬
‫ن دين‬‫م ْ‬‫ما أن يكون ِ‬ ‫‪ ،‬وهو على ثلثة أضرب ‪ :‬لنّه إ ّ‬
‫ي‬‫يَُقُّر أهله عليه إلى ما يقّر أهله عليه ‪ ،‬كتهوّد نصران ّ‬
‫أو عكسه ‪.‬‬
‫ما يقّر عليه إلى ما ل يقّر عليه ‪،‬‬ ‫ما أن يكون م ّ‬ ‫وإ ّ‬
‫ما أن‬ ‫ي إلى الوثنيّة ‪ .‬وإ ّ‬ ‫كانتقال يهوديّ أو نصران ّ‬
‫ي‬
‫ما ل يقّر عليه إلى ما يقّر عليه ‪ ،‬كتهوّد وثن ّ‬ ‫يكون م ّ‬
‫صره ‪.‬‬ ‫أو تن ّ‬
‫ففي هذه الحالت هل يقّر على ما انتقل إليه‬
‫بالجزية أم ل ؟ خلف وتفصيل ينظر في مواطنه من‬

‫‪369‬‬
‫كتب الفقه ‪ ،‬وانظر أيضا ً مصطلحي ‪ ( :‬تبديل ‪ ،‬وردّة‬
‫)‪.‬‬
‫القسم الثّاني ‪ :‬التّحوّل من دين السلم إلى باطل ‪،‬‬
‫وهو ردّة المسلم ‪ -‬والعياذ باللّه ‪ -‬فل يقبل منه إلّ‬
‫السلم ‪ .‬وتفصيله في مصطلح ‪ ( :‬ردّة ) ‪.‬‬
‫والقسم الثّالث ‪ :‬التّحوّل من دين باطل إلى السلم‬
‫‪ ،‬فتترتّب عليه أحكام مختلفة تنظر في مظانّها من‬
‫صة ‪ ،‬وينظر‬ ‫كتب الفقه ‪ ،‬وفي المصطلحات الخا ّ‬
‫أيضا ً مصطلحي ‪ ( :‬تبديل ‪ ،‬إسلم ) ‪.‬‬
‫===============‬
‫تحيّة *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ ،‬أصله في اللّغة ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬التّحيّة مصدر حيّاه يحيّيه تحي ّ ً‬
‫الدّعاء بالحياة ‪ ،‬ومنه " التّحيّات للّه " أي البقاء ‪،‬‬
‫م كثر حتّى استعمل في ما يحيّا به‬ ‫وقيل ‪ :‬الملك ‪ ،‬ث ّ‬
‫من سلم ونحوه ‪ ،‬وتحيّة اللّه الّتي جعلها في الدّنيا‬
‫سلم ‪ ،‬فقد شرع لهم إذا‬ ‫والخرة لمؤمني عباده ال ّ‬
‫تلقوا ودعا بعضهم لبعض بأجمع الدّعاء أن يقولوا ‪:‬‬
‫سلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته ‪ .‬قال اللّه تعالى‬ ‫ال ّ‬
‫ن منها أو ُردُّوها }‬ ‫حي ِّيتُم بِتحيّةٍ فحيّوا بأحس َ‬
‫‪ { :‬وإذا ُ‬
‫‪.‬‬
‫سلم‬ ‫واستعمل الفقهاء عبارة ( التّحيّة ) في غير ال ّ‬
‫لتحيّة المسجد ‪.‬‬
‫ي ومواطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 2‬حكم التّحيّة النّدب بل خلف بين جمهور‬
‫الفقهاء ‪ ،‬وهي تختلف في الداء كما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التّحيّة بين الحياء ‪:‬‬
‫سلم سنّة‬ ‫ن البتداء بال ّ‬ ‫‪ - 3‬أجمع العلماء على أ ّ‬
‫مرغّب فيها ‪ ،‬وردّه فريضة لقوله تعالى ‪:‬‬

‫‪370‬‬
‫ن منها أو ُردُّوها } ‪.‬‬‫حيُّوا بأحس َ‬ ‫حيِّيتُم بتحيّةٍ فَ َ‬
‫{ وإذا ُ‬
‫وللتّفصيل ر ‪ ( :‬سلم ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تحيّة الموات ‪:‬‬
‫سلم ‪ ،‬فإذا مّر المسلم‬ ‫‪ - 4‬تحيّة من في القبور ال ّ‬
‫ب أن يقول ما ورد وهو ‪« :‬‬ ‫بالقبور أو زارها استح ّ‬
‫سلم عليكم أهل الدّيار من المؤمنين‬ ‫ال ّ‬
‫والمسلمين ‪ ،‬وإنّا إن شاء اللّه بكم لَلحقون ‪ ،‬نسأل‬
‫اللّه لنا ولكم العافية » وفي حديث عائشة ‪« :‬‬
‫ويرحم اللّه المستقدمين منّا ‪ ،‬والمستأخرين » ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬تحيّة المسجد ‪:‬‬
‫ل من يدخل‬ ‫ن لك ّ‬‫‪ - 5‬يرى جمهور الفقهاء أنّه يس ّ‬
‫مسجدا ً غير المسجد الحرام ‪ -‬يريد الجلوس به ل‬
‫ضئا ً ‪ -‬أن يصلّي ركعتين أو‬ ‫المرور فيه ‪ ،‬وكان متو ّ‬
‫أكثر قبل الجلوس ‪ .‬والصل فيه حديث رواه أبو‬
‫ن رسول اللّه صلى الله‬ ‫قتادة رضي الله عنه ‪ « :‬أ ّ‬
‫عليه وسلم قال ‪ :‬إذا دخل أحدكم المسجد فل‬
‫يجلس حتّى يركع ركعتين » ومن لم يتمكّن منهما‬
‫لحدث أو غيره يقول ندبا ً ‪ :‬سبحان اللّه ‪ ،‬والحمد للّه‬
‫‪ ،‬ول إله إل ّ اللّه ‪ ،‬واللّه أكبر ‪ ،‬ول حول ول قوّة إلّ‬
‫ي العظيم ‪ .‬فإنّها تعدل ركعتين كما في‬ ‫باللّه العل ّ‬
‫صالحات ‪ ،‬والقرض الحسن‬ ‫الذكار ‪ ،‬وهي الباقيات ال ّ‬
‫صلة أن يقوم فيصلّي ‪،‬‬ ‫ن لمن جلس قبل ال ّ‬ ‫‪ .‬ويس ّ‬
‫لما روى جابر رضي الله عنه قال ‪ « :‬جاء سليك‬
‫ي ‪ ،‬ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫الغطفان ّ‬
‫يخطب ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوّز‬
‫فيهما » فإنّها ل تسقط بالجلوس ‪.‬‬
‫ن تحيّة المسجد تتأدّى‬ ‫كما أنّه ل خلف بينهم في أ ّ‬
‫بفرض أو نفل ‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫ما إذا تكّرر دخوله ‪ ،‬فذهب الحنفيّة والمالكيّة ‪-‬‬ ‫‪ -6‬وأ ّ‬
‫شافعيّة في قول‬ ‫إن قرب رجوعه له عرفا ً ‪ -‬وال ّ‬
‫ل يوم مّرةً ‪.‬‬ ‫ح عندهم ‪ :‬إلى أنّه تكفيه لك ّ‬ ‫مقابل الص ّ‬
‫شافعيّة تكّرر التّحيّة بتكّرر الدّخول‬ ‫ح عند ال ّ‬ ‫والص ّ‬
‫على قرب كالبعد ‪.‬‬
‫ن التّحيّة لك ّ‬
‫ل‬ ‫ة ‪ ،‬فتس ّ‬ ‫وإذا كانت المساجد متلصق ً‬
‫واحد منها ‪.‬‬
‫‪ - 7‬وكذلك اختلف الفقهاء بالنّسبة لمن دخل‬
‫المسجد والمام يخطب ‪ :‬فذهب الحنفيّة والمالكيّة‬
‫إلى أنّه يجلس ويكره له أن يركع ركعتين ‪ ،‬لقوله‬
‫صلة تفوّت‬ ‫َ‬
‫صتُوا } ‪ ،‬وال ّ‬ ‫معُوا له وأن ْ ِ‬ ‫تعالى ‪ { :‬فاست ِ‬
‫الستماع والنصات ‪ ،‬فل يجوز ترك الفرض لقامة‬
‫ي‬
‫سنّة ‪ ،‬وإليه ذهب شريح ‪ ،‬وابن سيرين والنّخع ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وقتادة والثّوريّ واللّيث ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أنّه يركع ركعتين‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ي المتقدّم ‪.‬‬ ‫يوجز فيهما ‪ ،‬لحديث سليك الغطفان ّ‬
‫وبهذا قال الحسن وابن عيينة ومكحول وإسحاق‬
‫وأبو ثور وابن المنذر ‪.‬‬
‫د ‪ -‬تحيّة الكعبة ‪:‬‬
‫‪ - 8‬إذا وصل المحرم مكّة ودخل المسجد ورأى‬
‫م زد هذا البيت‬ ‫البيت ‪ ،‬يرفع يديه ويقول ‪ « :‬اللّه ّ‬
‫ة ‪ ،‬وزد من شّرفه‬ ‫تشريفا ً وتعظيما ً وتكريما ً ومهاب ً‬
‫جه أو اعتمره تشريفا ً وتكريماً‬ ‫من ح ّ‬ ‫وعظّمه م ّ‬
‫ي ويقول‬ ‫ي والبيهق ّ‬‫شافع ّ‬ ‫وتعظيما ً » ‪ .‬لحديث رواه ال ّ‬
‫سلم فحيّنا ربّنا‬ ‫سلم ‪ ،‬ومنك ال ّ‬ ‫م أنت ال ّ‬ ‫‪ « :‬اللّه ّ‬
‫سلم » ‪ .‬وعند الحنفيّة يقول ذلك ‪ ،‬ولكن ل يرفع‬ ‫بال ّ‬
‫يديه ‪.‬‬
‫هـ – تحيّة المسجد الحرام ‪:‬‬

‫‪372‬‬
‫ن تحيّة المسجد‬ ‫‪ – 9‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫الحرام الطّواف للقادم لمكّة ‪ ،‬سواء كان تاجرا ً أو‬
‫جا ً أو غيرهما ‪ ،‬لقول عائشة رضي الله عنها عنها‬ ‫حا ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكّة‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫‪«:‬إ ّ‬
‫م طاف بالبيت » وركعتا تحيّة المسجد‬ ‫ضأ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫تو ّ‬
‫الحرام تجزئ عنهما الّركعتان بعد الطّواف ‪.‬‬
‫إل ّ إذا كان للدّاخل فيه عذر مانع ‪ ،‬أو لم يرد‬
‫الطّواف ‪ ،‬فيصلّي ركعتين إن لم يكن وقت كراهة ‪.‬‬
‫وإذا خاف فوات المكتوبة أو جماعتها ‪ ،‬أو الوتر ‪ ،‬أو‬
‫ة قدّمها على الطّواف ‪ ،‬إل ّ أنّه ل تحصل بها‬ ‫ة راتب ً‬ ‫سن ّ ً‬
‫تحيّة المسجد الحرام ‪ ،‬بخلف سائر المساجد ‪.‬‬
‫ي الّذي لم يؤمر بطواف ‪ ،‬ولم يدخله‬ ‫ما المك ّ ّ‬ ‫‪ - 10‬وأ ّ‬
‫صلة أو لقراءة القرآن أو‬ ‫لجل الطّواف ‪ ،‬بل لل ّ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫للعلم ‪ ،‬فتحيّة المسجد الحرام في حّقه ال ّ‬
‫ن الطّواف‬ ‫ص أحمد على أ ّ‬ ‫كتحيّة سائر المساجد ‪ .‬ون ّ‬
‫صلة في المسجد الحرام ‪.‬‬ ‫لغريب أفضل من ال ّ‬
‫ن الطّواف لهل العراق ‪،‬‬ ‫وعن ابن عبّاس ‪ :‬أ ّ‬
‫صلة لهل مكّة ‪ ،‬وإليه ذهب عطاء ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫وينظر للتّفصيل مصطلح ‪ ( :‬طواف ) ‪.‬‬
‫و ‪ -‬تحيّة المسجد النّبويّ ‪:‬‬
‫بوي‬
‫ن من دخل المسجد الن ّ ّ‬ ‫‪ - 11‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫سر له ‪ -‬وهي ما‬ ‫ب له أن يقصد الّروضة إن تي ّ‬ ‫يستح ّ‬
‫بين القبر والمنبر ‪ -‬ويصلّي ركعتين تحيّة المسجد‬
‫بجنب المنبر ‪ ،‬لحديث جابر قال ‪ « :‬جاء سليك ‪» ...‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ويقول ‪:‬‬ ‫م يأتي قبر النّب ّ‬ ‫ث ّ‬
‫م يسلّم على أبي بكر‬ ‫سلم عليك يا رسول اللّه‪ ،‬ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫م على عمر رضي الله عنه ‪.‬‬ ‫رضي الله عنه ‪ ،‬ث ّ‬
‫سلم للمسلم ‪:‬‬ ‫حكم التّحيّة بغير ال ّ‬

‫‪373‬‬
‫سلم‬ ‫ن التّحيّة بغير ال ّ‬ ‫مة العلماء إلى أ ّ‬ ‫‪ - 12‬ذهب عا ّ‬
‫سعادة ‪،‬‬ ‫للمسلم ‪ ،‬كنحو ‪ :‬صبّحك اللّه بالخير ‪ ،‬أو ال ّ‬
‫أو طاب حماك ‪ ،‬أو قوّاك اللّه ‪ ،‬من اللفاظ الّتي‬
‫يستعملها النّاس في العادة ل أصل لها ‪ ،‬ول يجب‬
‫الّرد ّ على قائلها ‪ ،‬لكن لو دعا له مقابل ذلك كان‬
‫حسنا ً ‪.‬‬
‫ن الّرد ّ على من‬ ‫مة أهل العلم يرون أ ّ‬ ‫ن عا ّ‬ ‫‪ - 13‬كما أ ّ‬
‫سلم غير واجب ‪ ،‬سواء أكانت تحيّته‬ ‫حيّا بغير ال ّ‬
‫ف أو الّرأس ‪ ،‬إلّ‬ ‫بلفظ ‪ ،‬أم بإشارة بالصبع ‪ ،‬أو الك ّ‬
‫م ‪ ،‬فيجب الّرد ّ بالشارة مع‬ ‫إشارة الخرس أو الص ّ‬
‫ن إشارته قائمة مقام‬ ‫اللّفظ ‪ ،‬ليحصل به الفهام ‪ ،‬ل ّ‬
‫العبارة ‪.‬‬
‫سلم ‪،‬‬ ‫سلم على من ألقى ال ّ‬ ‫ما الّرد ّ بغير ال ّ‬ ‫‪ - 14‬وأ ّ‬
‫مة أهل العلم يرون أنّه ل يجزئ ‪ ،‬ول يسقط الّردّ‬ ‫فعا ّ‬
‫الواجب ‪ ،‬لنّه يجب أن يكون بالمثل ‪ .‬لقوله تعالى ‪:‬‬
‫ن منها أو ُردُّوها } ‪.‬‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫{ وإذا حييتم بتحيَة فَحيُوا بأ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ّ ُ َِ ِ ّ ٍ َ ّ‬
‫سلم لغير المسلم ‪:‬‬ ‫حكم التّحيّة بال ّ‬
‫سلم عليكم‬ ‫‪ - 15‬حكم التّحيّة لغير المسلم بال ّ‬
‫ي‬
‫ممنوع على سبيل الحرمة أو الكراهة ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬ل تبدءوا اليهود ول‬
‫سلم ‪ ،‬وإذا سلّموا هم على مسلم قال‬ ‫النّصارى بال ّ‬
‫في الّرد ّ ‪ :‬وعليكم ‪ .‬ول يزيد على هذا » ‪.‬‬
‫‪ - 16‬قال ابن القيّم ‪ :‬هذا كلّه إذا تحّقق أنّه قال ‪:‬‬
‫سامع‬ ‫ك فيما قال ‪ ،‬فلو تحّقق ال ّ‬ ‫سام عليكم ‪ ،‬أو ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ك فيه ‪،‬‬ ‫ي قال له ‪ " :‬سلم عليكم " ل ش ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن الذ ّ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫سلم ‪ ،‬أو يقتصر على‬ ‫فهل له أن يقول ‪ :‬وعليك ال ّ‬
‫شرعيّة‬ ‫قوله ‪ :‬وعليك ؟ فالّذي تقتضيه الدلّة ال ّ‬
‫ن‬
‫سلم ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫شريعة أن يقال له ‪ :‬وعليك ال ّ‬ ‫وقواعد ال ّ‬
‫هذا من باب العدل ‪ ،‬واللّه يأمر بالعدل والحسان ‪،‬‬

‫‪374‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫حيُّوا بِأحس َ‬ ‫حي ِّيتُم بِتَحيّةٍ فَ َ‬‫وقد قال تعالى ‪ { :‬وإذا ُ‬
‫منها أو ُردُّوها } ‪.‬‬
‫فندب إلى الفضل ‪ ،‬وأوجب العدل ‪ ،‬ول ينافي هذا‬
‫شيئا ً من أحاديث الباب بوجه ما ‪ ،‬فإنّه صلى الله‬
‫عليه وسلم إنّما أمر بالقتصار على قول الّراد ّ "‬
‫سبب المذكور الّذي كانوا‬ ‫وعليكم " ‪ ،‬بناءً على ال ّ‬
‫يعتمدونه في تحيّتهم ‪ ،‬وأشار إليه في حديث عائشة‬
‫رضي الله عنها فقال « أل ترينني قلت ‪ :‬وعليكم ‪،‬‬
‫م قال ‪ :‬إذا سلّم عليكم‬ ‫سام عليكم ‪ .‬ث ّ‬ ‫ما قالوا ‪ :‬ال ّ‬ ‫ل ّ‬
‫أهل الكتاب فقولوا ‪ :‬وعليكم »‬
‫والعتبار وإن كان لعموم اللّفظ فإنّما يعتبر عمومه‬
‫في نظير المذكور ل فيما يخالفه ‪ .‬قال تعالى { وإذا‬
‫ن في‬ ‫ه ‪ ،‬ويقولو َ‬ ‫ك به الل ّ ُ‬ ‫حي ِّ َ‬
‫م يُ َ‬ ‫ك بما ل ْ‬ ‫حيَّوْ َ‬
‫ك َ‬ ‫جاءو َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ل } فإذا زال هذا‬ ‫ه بما نقو ُ‬ ‫سهم لول يُعَذِّبُنا الل ّ ُ‬ ‫أنُْف ِ‬
‫ي ‪ :‬سلم عليكم ورحمة اللّه ‪،‬‬ ‫سبب وقال الكتاب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫فالعدل في التّحيّة يقتضي أن يرد ّ عليه نظير سلمه‬
‫‪ .‬وباللّه التّوفيق ‪.‬‬
‫سلم للكافر ‪ ،‬فيرى‬ ‫ما حكم التّحيّة بغير ال ّ‬ ‫‪ - 17‬وأ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬أنّها‬ ‫الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وبعض ال ّ‬
‫مكروهة ما لم تكن لعذر ‪ ،‬أو غرض كحاجة أو جوار‬
‫أو قرابة ‪ ،‬فإذا كانت لعذر فل كراهة فيها ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة في الّراجح عندهم ‪ ،‬إلى‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫حرمة تحيّة الكّفار ولو بغير ال ّ‬
‫=============‬
‫تختّم *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّختّم مصدر تختّم ‪ ،‬يقال ‪ :‬تختّم بالخاتم أي‬
‫ي ختم ‪.‬‬ ‫لبسه ‪ ،‬وأصله الثّلث ّ‬

‫‪375‬‬
‫ومن معاني الختم أيضا ً ‪ :‬الثر الحاصل عن النّقش ‪،‬‬
‫شيء والمنع منه ‪،‬‬ ‫ويتجوّز به في الستيثاق من ال ّ‬
‫اعتبارا ً لما يحصل من المنع بالختم على الكتب‬
‫والبواب ‪.‬‬
‫شيء ‪ :‬إنهاؤه ‪ ،‬ومنه ‪ :‬ختم القرآن وخاتم‬ ‫وختم ال ّ‬
‫د‬
‫مد ٌ أبا أح ٍ‬
‫ن مح ّ‬‫الّرسل ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬ما كا َ‬
‫م النّبيّين } أي ‪:‬‬ ‫ل اللّهِ وخات َ َ‬‫ن رسو َ‬ ‫من رجالِكم ولك ْ‬
‫آخرهم ‪ ،‬لنّه ختمت به النّبوّة والّرسالت ‪ .‬ومن‬
‫ي للصبع ‪ ،‬كالخاتم ‪-‬‬ ‫المجاز ‪ :‬لبس الخاتم ‪ ،‬وهو حل ّ‬
‫بكسر التّاء ‪ -‬ويطلق على الخاتم أيضا ً والخاتم‬
‫مة ألفاظ أخرى‬ ‫والختم والخاتام والخيتام ‪ ،‬وث ّ‬
‫مشتّقة من هذه المادّة بالمعنى نفسه ‪ ،‬وصل‬
‫بعضهم بها إلى عشرة ألفاظ ‪.‬‬
‫ي كأنّه أوّل وهلة ختم به ‪ ،‬فدخل‬ ‫والخاتم من الحل ّ‬
‫م كثر استعماله لذلك ‪ ،‬وإن‬ ‫بذلك في باب الطّابع ‪ ،‬ث ّ‬
‫أعد ّ الخاتم لغير الطّبع ‪ .‬ول يخرج استعمال الفقهاء‬
‫للتّختّم عن معناه اللّغويّ ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّزيّن ‪:‬‬
‫‪ - 2‬التّزيّن ‪ :‬مصدر تزيّن ‪ ،‬يقال ‪ :‬تزيّنت المرأة ‪ :‬أي‬
‫لبست الّزينة أو اتّخذتها ‪ ،‬وتزيّنت الرض بالنّبات ‪:‬‬
‫أي حسنت وبهجت ‪ ،‬والّزينة اسم جامع لما يتزيّن به‬
‫‪ ،‬ومعنى الّزينة عند الّراغب ‪ :‬ما ل يشين النسان‬
‫في شيء من أحواله ل في الدّنيا ول في الخرة ‪،‬‬
‫م من‬ ‫وهي نفسيّة وبدنيّة وخارجيّة ‪ .‬والتّزيّن أع ّ‬
‫التّختّم ‪ ،‬لنّه يكون بالتّختّم وبغيره ‪.‬‬
‫خة ‪:‬‬
‫فت ْ َ‬
‫ب ‪ -‬ال َ‬
‫‪ - 3‬الفتخة قريبة في المعنى والستعمال من الخاتم‬
‫ي ‪ ،‬وقد تعدّدت القوال في‬ ‫‪ ،‬فهي مثله من الحل ّ‬

‫‪376‬‬
‫معناها ‪ .‬فقيل ‪ :‬هي خاتم كبير يكون في اليد‬
‫والّرجل ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هي كالخاتم أيّا ً كان ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هي‬
‫ص ‪ ،‬وقيل‬ ‫ص وبغير ف ّ‬ ‫خاتم يكون في اليد والّرجل بف ّ‬
‫‪ .‬هي حلقة تلبس في الصبع كالخاتم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هي‬
‫ص‬
‫ص فيها ‪ ،‬فإذا كان فيها ف ّ‬ ‫ضة ل ف ّ‬ ‫حلقة من ف ّ‬
‫فهي الخاتم ‪ ،‬وروي عن عائشة رضي الله عنها في‬
‫ن إل ّ ما‬ ‫ن ِزينَتَه َّ‬‫تفسير قول اللّه تعالى ‪ { :‬ول يُبْدِي ْ َ‬
‫ظَهََر منها } أنّها قالت ‪ :‬المراد بالّزينة في الية‬
‫ضة‬‫القلب والفتخة ‪ ،‬وقالت ‪ :‬الفتخ ‪ :‬حلق من ف ّ‬
‫يكون في أصابع الّرجلين ‪ ،‬قال ابن بّريّ ‪ :‬حقيقة‬
‫الفتخة أن تكون في أصابع الّرجلين ‪ .‬فيتّفق الخاتم‬
‫ل منهما ‪ ،‬ويختلفان في‬ ‫والفتخة في أنّه يتزيّن بك ّ‬
‫ل منهما ‪ ،‬وفي المادّة الّتي يصنع‬ ‫موضع لبس ك ّ‬
‫منها ‪ ،‬وفي شكله ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التّسوّر ‪:‬‬
‫‪ - 4‬التّسوّر مصدر تسوّر ‪ ،‬ويأتي في اللّغة بمعنى‬
‫العلوّ والتّسلّق ‪ ،‬يقال ‪ :‬تسوّرت الحائط إذا علوته‬
‫سوار والتّحلّي به ‪،‬‬ ‫وتسلّقته ‪ ،‬وبمعنى التّزيّن بال ّ‬
‫ي‬ ‫سوار من الحل ّ‬ ‫سورته أي ألبسته ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫يقال ‪:‬‬
‫َ‬
‫ك الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫سوَِّر َ‬‫ن يُ َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫سُّر َ‬ ‫فتسوّر ‪ ،‬وفي الحديث ‪ « :‬أي َ ُ‬
‫م القيامةِ سوارين من نار » ‪ .‬فيتّفق التّختّم‬ ‫بهما يو َ‬
‫مع التّسوّر في أنّهما من الّزينة ‪ ،‬ويختلفان في‬
‫صنعة وموضع اللّبس ‪.‬‬ ‫شكل وال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫د ‪ -‬التّدملج ‪:‬‬
‫‪ - 5‬التّدملج مصدر تدملج ‪ ،‬يقال ‪ :‬تدملج أي لبس‬
‫مها ‪ -‬أو الدّملوج وهو‬ ‫الدّملج ‪ -‬بفتح اللم وض ّ‬
‫ي ‪ ،‬وهو ما يلبس في العضد ‪،‬‬ ‫ضد من الحل ّ‬ ‫المع ّ‬
‫ويقال أيضا ً ‪ :‬ألقى عليه دماليجه ‪ .‬فالتّدملج كالتّختّم‬

‫‪377‬‬
‫ل منهما ‪ ،‬غير أنّهما يختلفان في‬ ‫في أنّه يتزيّن بك ّ‬
‫صنعة وموضع اللّبس ‪.‬‬ ‫شكل وال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫هـ ‪ -‬التّطوّق ‪:‬‬
‫‪ - 6‬التّطوّق مصدر تطوّق ‪ ،‬يقال ‪ :‬تطوّق أي لبس‬
‫ل شيء استدار فهو‬ ‫ي للعنق ‪ ،‬وك ّ‬ ‫الطّوق ‪ ،‬وهو حل ّ‬
‫طوق ‪ ،‬كطوق الّرحى الّذي يدير القطب ونحو ذلك ‪.‬‬
‫ل منهما ‪،‬‬ ‫فالتّطوّق كالتّختّم في أنّه يتحلّى ويتزيّن بك ّ‬
‫صنعة والموضع الّذي‬ ‫شكل وال ّ‬ ‫لكنّهما يختلفان في ال ّ‬
‫ل منهما ‪.‬‬ ‫يلبس فيه ك ّ‬
‫و ‪ -‬التّنطّق ‪:‬‬
‫‪ - 7‬التّنطّق مصدر تنطّق ‪ ،‬يقال ‪ :‬تنطّق الّرجل‬
‫وانتطق أي لبس المنطق ‪ ،‬والمنطق والنّطاق‬
‫ل ما شددت به وسطك ‪ ،‬وقيل لسماء‬ ‫والمنطقة ‪ :‬ك ّ‬
‫بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما ذات النّطاقين‬
‫‪ :‬لنّها كانت تطارق ( أي تطابق ) نطاقا ً على‬
‫ي صلى‬ ‫نطاق ‪ ،‬أو لنّها شّقت نطاقها ليلة خروج النّب ّ‬
‫الله عليه وسلم إلى الغار ‪ ،‬فجعلت واحدةً لزاد‬
‫ة له‬‫مال ً‬‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم والخرى ح ّ‬
‫فالنّطاق كالخاتم في الحاطة ‪ ،‬لكنّهما يختلفان مادّةً‬
‫وشكل ً وحجما ً وموضعا ً ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم التّكليف ّ‬
‫ي للتّختّم باختلف موضعه ‪:‬‬ ‫يختلف الحكم التّكليف ّ‬
‫أوّل ً ‪ :‬التّختّم بالذ ّهب ‪:‬‬
‫‪ - 8‬اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للنّساء التّختّم‬
‫ن‬
‫بالذ ّهب ‪ ،‬ويحرم على الّرجال ذلك ‪ ،‬لما روي أ ّ‬
‫ح َّ‬
‫ل‬ ‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال « أ ُ ِ‬
‫ُ‬
‫م على ذكورِها » ‪.‬‬ ‫حّرِ َ‬‫متي ‪ ،‬و ُ‬ ‫ثأ ّ‬ ‫ب والحريُر لِنا ِ‬ ‫الذَّه ُ‬
‫ي بالذ ّهب ‪:‬‬ ‫صب ّ‬ ‫واختلفوا في تختّم ال ّ‬

‫‪378‬‬
‫ن تختّم‬ ‫فذهب المالكيّة ‪ -‬في الّراجح عندهم ‪ -‬إلى أ ّ‬
‫ي بالذ ّهب مكروه ‪ ،‬والكراهة على من ألبسه أو‬ ‫صب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫على وليّه ‪ ،‬ومقابل الّراجح عند المالكيّة الحرمة ‪.‬‬
‫ص الحنابلة ‪ -‬وهو قول مرجوح للمالكيّة ‪ -‬على‬ ‫ون ّ‬
‫ي الذ ّهب ‪ ،‬ومنه الخاتم ‪ .‬وأطلق‬ ‫صب ّ‬ ‫حرمة إلباس ال ّ‬
‫الحنفيّة هنا الكراهة في التّحريم ‪ ،‬واستدلّوا بحديث‬
‫جابر رضي الله عنه قال ‪ « :‬كنّا ننزعه عن الغلمان‬
‫شافعيّة في‬ ‫ونتركه على الجواري » وذهب ال ّ‬
‫ن‬
‫ح ‪ -‬إلى أ ّ‬ ‫المعتمد عندهم ‪ -‬وعبّر بعضهم بالص ّ‬
‫ي غير البالغ مثل المرأة في جواز التّختّم‬ ‫صب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي من الذ ّهب أو‬ ‫ي تزيينه بالحل ّ‬ ‫ن للول ّ‬ ‫بالذ ّهب ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ضة ‪ ،‬ولو في غير يوم عيد ‪.‬‬ ‫الف ّ‬
‫ضة ‪:‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬التّختّم بالف ّ‬
‫ضة ‪.‬‬ ‫‪ - 9‬اتّفق الفقهاء على جواز تختّم المرأة بالف ّ‬
‫ضة فعلى التّفصيل التي ‪:‬‬ ‫ما تختّم الّرجل بالف ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ضة ‪،‬‬‫ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز للّرجل التّختّم بالف ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم اتّخذ‬ ‫ن « النّب ّ‬
‫لما روي أ ّ‬
‫م كان في يد أبي‬ ‫خاتما ً من ورق ‪ ،‬وكان في يده ‪ ،‬ث ّ‬
‫م كان في يد عمر رضي الله‬ ‫بكر رضي الله عنه ‪ ،‬ث ّ‬
‫م كان في يد عثمان رضي الله عنه ‪ ،‬حتّى‬ ‫عنه ‪ ،‬ث ّ‬
‫مد رسول اللّه » ‪.‬‬ ‫وقع في بئر أريس ‪ .‬نقشه ‪ :‬مح ّ‬
‫سلطان‬ ‫ن التّختّم سنّة لمن يحتاج إليه ‪ ،‬كال ّ‬ ‫وقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫سلطان‬ ‫والقاضي ومن في معناهما ‪ ،‬وتركه لغير ال ّ‬
‫والقاضي وذي حاجة إليه أفضل ‪.‬‬
‫ضة ‪،‬‬‫وذهب المالكيّة إلى أنّه ل بأس بالخاتم من الف ّ‬
‫فيجوز اتّخاذه ‪ ،‬بل يندب بشرط قصد القتداء‬
‫برسول اللّه صلى الله عليه وسلم ول يجوز لبسه‬
‫عجبا ً ‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫ضة ‪،‬‬‫ل للّرجل الخاتم من الف ّ‬ ‫شافعيّة ‪ :‬يح ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ل لبسه ‪ ،‬بل‬ ‫سواء من له ولية وغيره ‪ ،‬فيجوز لك ّ‬
‫ن ‪ .‬وقال الحنابلة ‪ :‬يباح للذ ّكر الخاتم من‬ ‫يس ّ‬
‫ضة ‪ ،‬لنّه صلى الله عليه وسلم « اتّخذ خاتما ً من‬ ‫الف ّ‬
‫ضة للّرجل ‪ :‬ليس‬ ‫ورق » ‪ ،‬قال أحمد في خاتم الف ّ‬
‫ن ابن عمر رضي الله عنهما كان‬ ‫ج بأ ّ‬ ‫به بأس ‪ ،‬واحت ّ‬
‫له خاتم ‪ ،‬وظاهر ما نقل عن أحمد أنّه ل فضل فيه ‪.‬‬
‫ب‪،‬‬‫وجزم به في التّلخيص وغيره ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يستح ّ‬
‫قدّمه في الّرعاية ‪ .‬وقيل ‪ :‬يكره لقصد الّزينة ‪ .‬جزم‬
‫ضة فجائز عند‬ ‫ي بالف ّ‬ ‫صب ّ‬
‫ما تختّم ال ّ‬ ‫به ابن تميم ‪ .‬وأ ّ‬
‫الفقهاء ‪.‬‬
‫ضة ‪:‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬التّختّم بغير الذ ّهب والف ّ‬
‫‪ - 10‬ذهب المالكيّة ‪ -‬في المعتمد عندهم ‪ -‬والحنابلة‬
‫ن التّختّم بالحديد والنّحاس والّرصاص مكروه‬ ‫إلى أ ّ‬
‫ن رجل ً جاء إلى‬ ‫للّرجال والنّساء ‪ ،‬لما روي « أ ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عليه خاتم شبه ‪-‬‬
‫نحاس أصفر ‪ -‬فقال له ‪ :‬إنّي أجد منك ريح الصنام‬
‫م جاء وعليه خاتم حديد فقال ‪ :‬ما لي‬ ‫فطرحه ‪ .‬ث ّ‬
‫أرى عليك حلية أهل النّار فطرحه ‪ .‬فقال ‪ :‬يا رسول‬
‫اللّه ‪ :‬من أيّ شيء أتّخذه ؟ قال ‪ :‬اتّخذه من ورق‬
‫مه مثقال ً » ‪.‬‬ ‫ول تت ّ‬
‫ن التّختّم بالجلد والعقيق والقصدير‬ ‫وقال المالكيّة ‪ :‬إ ّ‬
‫والخشب جائز للّرجال والنّساء ‪.‬‬
‫وقال الحنابلة ‪ :‬إنّه يباح للّرجل والمرأة التّحلّي‬
‫بالجوهر والّزمّرد والّزبرجد والياقوت والفيروز‬
‫ب تختّمهما به ‪،‬‬ ‫ما العقيق فقيل ‪ :‬يستح ّ‬ ‫واللّؤلؤ ‪ ،‬أ ّ‬
‫وقيل ‪ :‬يباح التّختّم بالعقيق لما في رواية مهنّا ‪ ،‬وقد‬
‫سنّة ؟ يعني في التّختّم ‪،‬‬ ‫سئل المام أحمد ‪ :‬ما ال ّ‬
‫ضة ‪.‬‬‫فأجاب بقوله ‪ :‬لم تكن خواتيم القوم إل ّ من الف ّ‬

‫‪380‬‬
‫شاف القناع ‪ :‬الدّملج في معنى الخاتم‬ ‫قال صاحب ك ّ‬
‫‪.‬‬
‫ضة ‪.‬‬ ‫واختلف الحنفيّة في التّختّم بغير الذ ّهب والف ّ‬
‫ضة‬ ‫ن التّختّم بالف ّ‬
‫والحاصل كما قال ابن عابدين ‪ :‬أ ّ‬
‫صفر‬ ‫حلل للّرجال بالحديث ‪ ،‬وبالذ ّهب والحديد وال ّ‬
‫حرام عليهم بالحديث ‪ ،‬وبالحجر حلل على اختيار‬
‫مة وقاضي خان أخذا ً من قول الّرسول‬ ‫شمس الئ ّ‬
‫ما‬‫ل العقيق ل ّ‬ ‫نح ّ‬ ‫وفعله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل سائر الحجار لعدم الفرق بين‬ ‫ثبت بهما ثبت ح ّ‬
‫حجر وحجر ‪ ،‬وحرام على اختيار صاحب الهداية‬
‫صغير ‪ :‬ول يتختّم‬ ‫والكافي أخذا ً من عبارة الجامع ال ّ‬
‫ضة ‪ .‬فإنّها يحتمل أن يكون القصر فيها‬ ‫إل ّ بالف ّ‬
‫بالضافة إلى الذ ّهب ‪ ،‬ول يخفى ما بين المأخذين‬
‫من التّفاوت ‪.‬‬
‫شافعيّة أيضا ً في التّختّم بغير الذ ّهب‬ ‫واختلف ال ّ‬
‫ضة ‪ ،‬وقد ورد في المجموع طرف من هذا‬ ‫والف ّ‬
‫الخلف ‪ ،‬وهو ‪ :‬قال صاحب البانة ‪ :‬يكره الخاتم من‬
‫حديد أو شبه ‪ -‬نوع من النّحاس ‪ -‬وتابعه صاحب‬
‫البيان ‪ ،‬وأضاف إليهما الخاتم من رصاص ‪ ،‬وقال‬
‫مة ‪ :‬ل يكره الخاتم من حديد أو رصاص‬ ‫صاحب التّت ّ‬
‫لحديث الواهبة نفسها ‪ ،‬ففيه قوله للّذي أراد تزوّجها‬
‫‪ « :‬انظر ولو خاتما ً من حديد » ‪.‬‬
‫ضة‬ ‫ي ‪ :‬ول بأس بلبس غير الف ّ‬ ‫وفي حاشية القليوب ّ‬
‫من نحاس أو غيره ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬موضع التّختّم ‪:‬‬
‫‪ - 11‬لم يختلف الفقهاء في موضع التّختّم بالنّسبة‬
‫للمرأة ‪ ،‬لنّه تزيّن في حّقها ‪ ،‬ولها أن تضع خاتمها‬
‫في أصابع يديها أو رجليها أو حيث شاءت ‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫ن الفقهاء اختلفوا في موضع التّختّم للّرجل ‪ ،‬بل‬ ‫ولك ّ‬
‫ن فقهاء بعض المذاهب اختلفوا فيما بينهم في ذلك‬ ‫إ ّ‬
‫‪ :‬فذهب بعض الحنفيّة إلى أنّه ينبغي أن يكون تختّم‬
‫الّرجل في خنصر يده اليسرى ‪ ،‬دون سائر أصابعه ‪،‬‬
‫ودون اليمنى ‪.‬‬
‫وذهب بعضهم إلى أنّه يجوز أن يجعل خاتمه في يده‬
‫اليمنى ‪ ،‬وسوّى الفقيه أبو اللّيث في شرح الجامع‬
‫صغير بين اليمين واليسار ‪ ،‬لنّه قد اختلفت‬ ‫ال ّ‬
‫الّروايات عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في‬
‫ذلك ‪ ،‬وقول بعضهم ‪ :‬إنّه في اليمين من علمات‬
‫صحيح عن «‬ ‫ن النّقل ال ّ‬
‫أهل البغي ليس بشيء ‪ ،‬ل ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ينفي ذلك » ‪.‬‬
‫والمختار عند مالك رحمه الله التّختّم في اليسار‬
‫على جهة النّدب ‪ ،‬وجعل الخاتم في الخنصر ‪ ،‬وكان‬
‫ي في‬ ‫مالك يلبسه في يساره ‪ ،‬قال أبو بكر بن العرب ّ‬
‫ح عن‬ ‫القبس شرح الموطّأ ‪ :‬ص ّ‬
‫« رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه تختّم في‬
‫يمينه وفي يساره ‪ ،‬واستقّر الكثر على أنّه كان‬
‫يتختّم في يساره » ‪ ،‬فالتّختّم في اليمين مكروه ‪،‬‬
‫سنّة عنه صلى‬ ‫ويتختّم في الخنصر ‪ ،‬لنّه بذلك أتت ال ّ‬
‫ن كونه في‬ ‫الله عليه وسلم والقتداء به حسن ‪ .‬ول ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬يجوز‬ ‫اليسار أبعد عن العجاب ‪ .‬وقال ال ّ‬
‫ضة في خنصر يمينه ‪ ،‬وإن شاء‬ ‫للّرجل لبس خاتم الف ّ‬
‫ي صلى‬ ‫ح فعله عن النّب ّ‬ ‫في خنصر يساره ‪ ،‬كلهما ص ّ‬
‫صحيح المشهور أنّه في‬ ‫ن ال ّ‬‫الله عليه وسلم لك ّ‬
‫اليمين أفضل لنّه زينة ‪ ،‬واليمين أشرف ‪.‬‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬في اليسار أفضل ‪ .‬وفي سنن أبي‬
‫ن ابن عمر رضي الله عنهما‬ ‫داود بإسناد صحيح أ ّ‬
‫ن ابن عبّاس‬ ‫كان يتختّم في يساره ‪ ،‬وبإسناد حسن أ ّ‬

‫‪382‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة أ ّ‬ ‫رضي الله عنهما تختّم في يمينه‪ .‬وعند ال ّ‬
‫ي عنه لما ورد‬ ‫سبّابة منه ّ‬ ‫التّختّم في الوسطى وال ّ‬
‫ي رضي الله تعالى عنه قال ‪ « :‬نهاني رسول‬ ‫عن عل ّ‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم أن أتختّم في أصبعي هذه‬
‫أو هذه قال ‪ :‬فأومأ إلى الوسطى والّتي تليها » ‪.‬‬
‫وقال الحنابلة ‪ :‬لبس الخاتم في خنصر اليسار‬
‫ص عليه في‬ ‫أفضل من لبسه في خنصر اليمين ‪ ،‬ن ّ‬
‫رواية صالح ‪ ،‬وضعّف في رواية الثرم وغيره التّختّم‬
‫ن‬
‫ي وغيره ‪ :‬المحفوظ أ ّ‬ ‫في اليمنى ‪ ،‬قال الدّارقطن ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يتختّم في يساره ‪،‬‬ ‫النّب ّ‬
‫وأنّه إنّما كان في الخنصر لكونه طرفا ً ‪ ،‬فهو أبعد‬
‫عن المتهان فيما تتناوله اليد ‪ ،‬ولنّه ل يشغل اليد‬
‫ما تتناوله ‪ .‬وعند الحنابلة أنّه يكره لبس الخاتم في‬ ‫ع ّ‬
‫صحيح عن ذلك ‪.‬‬ ‫سبّابة ووسطى للنّهي ال ّ‬
‫وظاهره ل يكره لبسه في البهام والبنصر ‪ ،‬وإن‬
‫ص‪.‬‬ ‫كان الخنصر أفضل اقتصارا ً على الن ّ ّ‬
‫خامسا ً ‪ :‬وزن خاتم الّرجل ‪:‬‬
‫‪ - 12‬اختلف الفقهاء في الوزن المباح لخاتم الّرجل ‪:‬‬
‫ي ‪ :‬ل يزيد الّرجل خاتمه‬ ‫فعند الحنفيّة ‪ ،‬قال الحصكف ّ‬
‫جح ابن عابدين قول صاحب‬ ‫على مثقال ‪ .‬ور ّ‬
‫ن‬‫ل بما روي أ ّ‬ ‫الذ ّخيرة أنّه ل يبلغ به المثقال ‪ ،‬واستد ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قائل ً ‪ :‬من‬ ‫« رجل ً سأل النّب ّ‬
‫أيّ شيء أتّخذه ؟ ‪ -‬يعني الخاتم ‪ -‬فقال صلى الله‬
‫مه مثقال ً » ‪.‬‬ ‫عليه وسلم ‪ :‬اتّخذه من ورق ‪ ،‬ول تت ّ‬
‫ضة إن‬ ‫وقال المالكيّة ‪ :‬يجوز للذ ّكر لبس خاتم الف ّ‬
‫ل ‪ ،‬فإن زاد عن‬ ‫كان وزن درهمين شرعيّين أو أق ّ‬
‫درهمين حرم ‪.‬‬
‫شافعيّة وزنا ً للخاتم المباح ‪ ،‬قال‬ ‫ولم يحدّد ال ّ‬
‫ي ‪ :‬لم يتعّرض الصحاب لمقدار‬ ‫شربين ّ‬ ‫الخطيب ال ّ‬

‫‪383‬‬
‫الخاتم المباح ‪ ،‬ولعلّهم اكتفوا فيه بالعرف ‪ ،‬أي‬
‫عرف البلد وعادة أمثاله فيها ‪ ،‬فما خرج عن ذلك‬
‫ي‪:‬‬‫كان إسرافا ً ‪ ...‬هذا هو المعتمد ‪ ،‬وإن قال الذرع ّ‬
‫صواب ضبطه بدون مثقال ‪ ،‬لما في صحيح ابن‬ ‫ال ّ‬
‫ي‬‫ن النّب ّ‬
‫حبّان وسنن أبي داود عن أبي هريرة « أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال للبس الخاتم الحديد ‪ :‬ما‬
‫لي أرى عليك حلية أهل النّار فطرحه وقال ‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه من أيّ شيء أتّخذه ؟ قال ‪ :‬اتّخذه من‬
‫مه مثقال ً » قال ‪ :‬وليس في كلمهم ما‬ ‫ورق ول تت ّ‬
‫ن ذلك كان‬ ‫يخالفه ‪ .‬وهذا ل ينافي ما ذكر لحتمال أ ّ‬
‫عرف بلده وعادة أمثاله ‪.‬‬
‫وقال الحنابلة ‪ :‬ل بأس بجعله مثقال ً فأكثر ‪ ،‬لنّه لم‬
‫يرد فيه تحديد ‪ ،‬ما لم يخرج عن العادة ‪ ،‬وإل ّ حرم‬
‫ن الصل التّحريم ‪ ،‬وإنّما خرج المعتاد‬ ‫( قالوا ) ل ّ‬
‫صحابة ‪.‬‬ ‫لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل ال ّ‬
‫سادسا ً ‪ :‬عدد خواتم الّرجل ‪:‬‬
‫‪ - 13‬اختلف الفقهاء في حكم تعدّد خواتم الّرجل ‪:‬‬
‫ص المالكيّة على أنّه ل يباح للّرجل أكثر من خاتم‬ ‫فن ّ‬
‫واحد ‪ ،‬فإن تعدّد الخاتم حرم ولو كان في حدود‬
‫الوزن المباح شرعا ً ‪.‬‬
‫شافعيّة في تعدّد الخاتم ‪ ،‬ونقل‬ ‫واختلف فقهاء ال ّ‬
‫صاحب مغني المحتاج جانبا ً من هذا الخلف في‬
‫قوله ‪ :‬وفي الّروضة وأصلها ‪ :‬ولو اتّخذ الّرجل‬
‫خواتيم كثيرة ً ليلبس الواحد منها بعد الواحد جاز ‪،‬‬
‫فظاهره الجواز في التّخاذ دون اللّبس ‪ ،‬وفيه خلف‬
‫مشهور ‪ ،‬والّذي ينبغي اعتماده فيه أنّه جائز ما لم‬
‫يؤد ّ إلى سرف ‪.‬‬
‫وقال الحنابلة ‪ :‬لو اتّخذ الّرجل لنفسه عدّة خواتيم ‪،‬‬
‫فالظهر جوازه إن لم يخرج عن العادة ‪ ،‬والظهر‬

‫‪384‬‬
‫جواز لبس الّرجل خاتمين فأكثر جميعا ً إن لم يخرج‬
‫عن العادة ‪.‬‬
‫ولم نجد كلما ً للحنفيّة في هذه المسألة ‪.‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬النّقش على الخاتم ‪:‬‬
‫‪ - 14‬اتّفق الفقهاء على جواز النّقش على الخاتم ‪،‬‬
‫وعلى أنّه يجوز نقش اسم صاحب الخاتم عليه ‪،‬‬
‫ذّكْر ‪:‬‬
‫واختلفوا في نقش لفظ الجللة أو ال ِ‬
‫شافعيّة ‪ :‬يجوز أن ينقش لفظ‬ ‫فقال الحنفيّة وال ّ‬
‫الجللة أو ألفاظ الذ ّكر على الخاتم ‪ ،‬ولكنّه يجعله‬
‫مه إن دخل الخلء ‪ ،‬وفي يمينه إذا استنجى ‪.‬‬ ‫في ك ّ‬
‫وقال الحنابلة ‪ :‬يكره أن يكتب على الخاتم ذكر اللّه‬
‫صا ً ‪ ،‬قال إسحاق بن‬ ‫تعالى من القرآن أو غيره ن ّ‬
‫راهويه ‪ :‬ل يدخل الخلء به ‪ ،‬وقال في الفروع ‪:‬‬
‫ل أحمد كرهه لذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬ولم أجد للكراهة‬ ‫ولع ّ‬
‫دليل ً سوى هذا ‪ ،‬وهي تفتقر إلى دليل والصل عدمه‬
‫‪ .‬وقال الحنابلة أيضا ً ‪ :‬يحرم أن ينقش عليه صورة‬
‫صورة عليه كالثّوب المصوّر‬ ‫حيوان ‪ ،‬ويحرم لبسه وال ّ‬
‫‪ ،‬ولم ير بعض الحنفيّة بأسا ً في نقش ذلك إذا كان‬
‫صغيرا ً بحيث ل يبصر عن بعد ‪.‬‬
‫ص الخاتم ‪:‬‬ ‫ثامنا ً ‪ :‬ف ّ‬
‫‪ - 15‬ذهب الفقهاء في الجملة إلى أنّه يجوز أن‬
‫ضيّة أو‬‫ص من مادّته الف ّ‬ ‫يكون لخاتم الّرجل المباح ف ّ‬
‫من مادّة أخرى على التّفصيل التي ‪:‬‬
‫ص خاتمه‬ ‫قال الحنفيّة ‪ :‬يجوز للّرجل أن يجعل ف ّ‬
‫عقيقا ً أو فيروزجا ً أو ياقوتا ً أو نحوه ‪ ،‬ول بأس بسدّ‬
‫ص ‪ ،‬لنّه‬‫ص بمسمار الذ ّهب ليحفظ به الف ّ‬ ‫ثقب الف ّ‬
‫قليل ‪ ،‬فأشبه العلم في الثّوب فل يعد ّ لبسا ً له ‪،‬‬
‫ص خاتمه إلى بطن كّفه بخلف‬ ‫ويجعل الّرجل ف ّ‬
‫ن دون الّرجال ‪ .‬وقال‬ ‫النّساء ‪ ،‬لنّه للّزينة في حّقه ّ‬

‫‪385‬‬
‫م‬
‫ضة في حلية الخاتم ‪ ...‬ث ّ‬ ‫المالكيّة ‪ :‬ل بأس بالف ّ‬
‫شرح ‪ ،‬فقال بعضهم ‪ :‬تكون الحلية‬ ‫اختلفوا في ال ّ‬
‫ضة في خاتم من شيء جائز غير الحديد‬ ‫من الف ّ‬
‫ما‬‫والنّحاس والّرصاص ‪ ،‬كالجلد والعود أو غير ذلك م ّ‬
‫ص فيه ‪.‬‬ ‫يجوز ‪ ،‬فيجعل الف ّ‬
‫ضة لما في‬ ‫وقال بعضهم ‪ :‬يكون الخاتم كلّه من الف ّ‬
‫صحيح مسلم ‪ « :‬كان خاتم رسول اللّه صلى الله‬
‫صه حبشيّا ً » أي كان‬ ‫عليه وسلم من ورق ‪ ،‬وكان ف ّ‬
‫صانعه حبشيّا ً ‪ ،‬أو كان مصنوعا ً كما يصنعه أهل‬
‫صه منه ‪.‬‬ ‫نف ّ‬ ‫الحبشة فل ينافي رواية ‪ :‬أ ّ‬
‫وقال المالكيّة ‪ :‬ل يجوز للذ ّكر خاتم بعضه ذهب ولو‬
‫ل‪.‬‬‫ق ّ‬
‫ف ‪ ،‬لنّه‬‫ما يلي الك ّ‬ ‫ص الخاتم م ّ‬ ‫وقالوا ‪ :‬يجعل ف ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫سنّة عن النّب ّ‬ ‫بذلك أتت ال ّ‬
‫والقتداء به حسن ‪ ،‬فإذا أراد الستنجاء خلعه كما‬
‫يخلعه عند إرادة الخلء ‪.‬‬
‫ص‪،‬‬ ‫ص وبغير ف ّ‬ ‫شافعيّة ‪ :‬يجوز الخاتم بف ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ص من باطن كّفه أو‬ ‫وأضاف النّوويّ ‪ :‬ويجعل الف ّ‬
‫صحيحة فيه ‪.‬‬ ‫ظاهرها ‪ ،‬وباطنها أفضل للحاديث ال ّ‬
‫ص الخاتم داخل‬ ‫ن جعل ف ّ‬ ‫ي ‪ :‬ويس ّ‬ ‫وقال القليوب ّ‬
‫ص خاتمه منه‬ ‫ف ‪ .‬وقال الحنابلة ‪ :‬للّرجل جعل ف ّ‬ ‫الك ّ‬
‫ن في البخاريّ من حديث أنس‬ ‫أو من غيره ‪ ،‬ل ّ‬
‫صه منه » ولمسلم « كان‬ ‫رضي الله عنه « كان ف ّ‬
‫صه حبشيّا ً » ‪ .‬وقالوا ‪ :‬يباح للذ ّكر من الذ ّهب ف ّ‬
‫ص‬ ‫ف ّ‬
‫خاتم إذا كان يسيرا ً ‪ ...‬اختاره أبو بكر عبد العزيز‬
‫ي الدّين ابن تيميّة ‪ ،‬وهو‬ ‫ومجد الدّين ابن تيميّة وتق ّ‬
‫ظاهر كلم المام أحمد ‪ ،‬وإليه ميل ابن رجب ‪ ،‬قال‬
‫صواب وهو المذهب ‪ ،‬وفي‬ ‫في النصاف ‪ :‬وهو ال ّ‬
‫الفتاوى المصريّة ‪ :‬يسير الذ ّهب التّابع لغيره‬

‫‪386‬‬
‫ح من مذهب المام‬ ‫كالطّراز ونحوه جائز في الص ّ‬
‫أحمد ‪.‬‬
‫واختار القاضي وأبو الخطّاب التّحريم ‪ ،‬وقطع به في‬
‫شرح المنتهى في باب النية ‪.‬‬
‫ص الخاتم‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬الفضل أن يجعل الّرجل ف ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫ن النّب ّ‬
‫ما يلي ظهر كّفه ل ّ‬ ‫م ّ‬
‫« كان يفعل ذلك » وكان ابن عبّاس رضي الله‬
‫ما يلي ظهر كّفه ‪.‬‬ ‫عنهما وغيره يجعله م ّ‬
‫تاسعا ً ‪ :‬تحريك الخاتم في الوضوء ‪:‬‬
‫‪ - 16‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يجب في الوضوء‬
‫تحريك الخاتم أثناء غسل اليد ‪ ،‬إن كان ضيّقا ً ول‬
‫يعلم وصول ماء الوضوء إلى ما تحته ‪ ،‬فإن كان‬
‫الخاتم واسعا ً ‪ ،‬أو كان ضيّقا ً وعلم وصول الماء إلى‬
‫ن تحريكه ل يجب ‪ ،‬بل يكون مستحبّا ً ‪.‬‬ ‫ما تحته فإ ّ‬
‫وذهب المالكيّة إلى أنّه ل يجب تحويل خاتم‬
‫ضئ من موضعه ولو كان ضيّقا ً إن كان مأذوناً‬ ‫المتو ّ‬
‫ضئ إزالة غير المأذون فيه إن كان‬ ‫فيه ‪ ،‬وعلى المتو ّ‬
‫يمنع وصول الماء للبشرة وإل ّ فل ‪ ،‬وليس الحكم‬
‫صا ً بالخاتم‬
‫بإزالة ما يمنع وصول الماء للبشرة خا ّ‬
‫ل حائل كشمع‬ ‫م في ك ّ‬ ‫غير المأذون فيه ‪ ،‬بل هو عا ّ‬
‫وزفت ووسخ ‪.‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬تحريك الخاتم في الغسل ‪:‬‬
‫ما يتحّقق به الغسل‬ ‫‪ - 17‬قال جمهور الفقهاء ‪ :‬م ّ‬
‫مم بدنه بالغسل ‪ ،‬حتّى ما تحت خاتم‬ ‫المجزئ أن يع ّ‬
‫ونحوه ‪ ،‬فيحّركه ليتحّقق وصول الماء إلى ما تحته ‪،‬‬
‫ولو كان الخاتم ضيّقا ً ل يصل الماء إلى ما تحته‬
‫نزعه وجوبا ً ‪.‬‬

‫‪387‬‬
‫وقال المالكيّة ‪ :‬يجب غسل ظاهر الجسد في‬
‫ما الخاتم فل يلزم تحريكه ‪ ،‬كالوضوء ‪.‬‬ ‫الغسل ‪ ،‬وأ ّ‬
‫المواز خلفا ً لبن رشد ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ص عليه ابن‬ ‫كما ن ّ‬
‫مم ‪:‬‬‫حادي عشر ‪ :‬نزع الخاتم في التّي ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أنّه‬ ‫‪ - 18‬ذهب المالكيّة وال ّ‬
‫مم نزع خاتمه ليصل التّراب‬ ‫يجب على من يريد التّي ّ‬
‫إلى ما تحته عند المسح ‪ ،‬ول يكفي تحريك الخاتم ‪،‬‬
‫ن التّراب كثيف ل يسري إلى ما تحت الخاتم‬ ‫ل ّ‬
‫بخلف الماء في الوضوء ‪ .‬وقال الحنفيّة ‪ :‬يجب‬
‫مم أن يستوعب بالمسح وجهه ويديه‬ ‫على المتي ّ‬
‫فينزع الخاتم أو يحّركه ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬
‫ثاني عشر ‪ :‬العبث بالخاتم في ال ّ‬
‫صلة‬ ‫ن العبث في ال ّ‬ ‫‪ - 19‬ذهب الفقهاء إلى أ ّ‬
‫ل فعل ليس بمفيد‬ ‫مكروه ‪ ،‬والعبث ‪ :‬هو ك ّ‬
‫للمصلّي ‪ ،‬ومنه كّفه لثوبه وعبثه به وبجسده‬
‫وبالحصى وبالخاتم ‪ ،‬وتفصيله والخلف فيه ينظر في‬
‫صلة عند الكلم عن المكروهات والمبطلت ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ثالث عشر ‪ :‬التّختّم في الحرام ‪:‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة والحنابلة على أ ّ‬ ‫‪ - 20‬اتّفق الحنفيّة وال ّ‬
‫ن التّختّم‬‫للمحرم التّختّم بخاتمه حال إحرامه ‪ ،‬ل ّ‬
‫ة ‪ ،‬وقد روي عن عبد اللّه بن‬ ‫ليس لبسا ً ول تغطي ً‬
‫عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنّه قال ‪ :‬أوثقوا‬
‫عليكم نفقاتكم ‪ -‬أي بشد ّ الهميان في الوسط وفيه‬
‫خص في الخاتم والهميان للمحرم‬ ‫كيس النّفقة ‪ -‬ور ّ‬
‫‪ .‬وقال المالكيّة ‪ :‬يحرم على الّرجل المحرم لبس‬
‫ة زنته درهمان ‪ ،‬وفيه‬ ‫ض ً‬
‫الخاتم في الحرام ولو ف ّ‬
‫الفدية إن طال ‪.‬‬
‫رابع عشر ‪ :‬زكاة الخاتم ‪:‬‬

‫‪388‬‬
‫شافعيّة ‪ -‬في الظهر عندهم ‪-‬‬ ‫‪ - 21‬اتّفق المالكيّة وال ّ‬
‫ن الحلية المباحة ‪ -‬ومنها خاتم‬ ‫والحنابلة على أ ّ‬
‫ضة المباح‬ ‫ضة للمرأة ‪ ،‬وخاتم الف ّ‬ ‫الذ ّهب أو الف ّ‬
‫للّرجل ‪ -‬ل زكاة فيه ‪ ،‬لنّه مصروف عن جهة النّماء‬
‫إلى استعمال مباح ‪ ،‬فأشبه ثياب البذلة وعوامل‬
‫الماشية ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪:‬‬ ‫وقال الحنفيّة ‪ ،‬وهو مقابل الظهر عند ال ّ‬
‫ضة المباح للّرجل الّزكاة ‪ -‬بشرط‬ ‫في خاتم الف ّ‬
‫ضة خلقت ثمنا ً ‪ ،‬فيزكّيها كيف‬ ‫ن الف ّ‬ ‫النّصاب ‪ -‬ل ّ‬
‫كانت ‪ .‬وتفصيله في الّزكاة ‪.‬‬
‫شهيد وغيره ‪:‬‬ ‫خامس عشر ‪ :‬دفن الخاتم مع ال ّ‬
‫‪ - 22‬ينزع عن الميّت قبل دفنه ما عليه من الحلية‬
‫ن دفنه مع الميّت إضاعة للمال ‪،‬‬ ‫من خاتم وغيره ل ّ‬
‫شهيد فقد اتّفق الحنفيّة‬ ‫ما ال ّ‬‫ي عنه ‪ .‬أ ّ‬ ‫وهو منه ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة على أنّه ينزع عنه عند دفنه‬ ‫وال ّ‬
‫ف والمنطقة‬ ‫سلح والفرو والحشو والخ ّ‬ ‫الجلد وال ّ‬
‫ل ما ل يعتاد لبسه غالبا ً ‪ ،‬والخاتم مثل‬ ‫والقلنسوة وك ّ‬
‫هذه بل أولى ‪ ،‬لحديث ابن عبّاس رضي الله تعالى‬
‫عنهما ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن‬ ‫ن النّب ّ‬
‫«أ ّ‬
‫ينزع عنهم الحديد والجلود ‪ ،‬وأن يدفنوا في ثيابهم‬
‫شهيد يترك ليكون‬ ‫ن ما يترك على ال ّ‬ ‫بدمائهم » ول ّ‬
‫ستر ‪ ،‬والخاتم ل يلبس‬ ‫كفنا ً ‪ ،‬والكفن ما يلبس لل ّ‬
‫شهيد‬ ‫ستر فينزع ‪ .‬وقال المالكيّة ‪ :‬ندب دفن ال ّ‬ ‫لل ّ‬
‫صه‬‫لف ّ‬ ‫ل ثمنها ‪ ،‬وبخاتم ق ّ‬ ‫ف وقلنسوة ومنطقة ق ّ‬ ‫بخ ّ‬
‫ص‪.‬‬ ‫أي قيمته ‪ ،‬فل ينزع إل ّ أن يكون نفيس الف ّ‬
‫===============‬
‫صر *‬ ‫تخ ّ‬
‫التّعريف ‪:‬‬

‫‪389‬‬
‫صر في اللّغة معان ‪ ،‬منها ‪ :‬أنّه وضع اليد‬ ‫‪ - 1‬للتّخ ّ‬
‫على الخصر ‪ ،‬ومثله الختصار ‪ .‬والخصر من النسان‬
‫‪ :‬وسطه وهو المستدقّ فوق الوركين ‪ ،‬والجمع‬
‫خصور ‪ ،‬مثل فلس وفلوس ‪ .‬والخصران‬
‫والخاصرتان ‪ :‬معروفان‬
‫صر ‪ :‬أن يضع الّرجل يده على‬ ‫والختصار والتّخ ّ‬
‫صلة أو غيرها من التّكاء على‬ ‫خصره في ال ّ‬
‫المخصرة ‪ ،‬وهي ‪ :‬ما يتوكّأ عليه من عصا ً ونحوها ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم « أنّه‬ ‫وفي رواية عن النّب ّ‬
‫صرا ً » ‪.‬‬
‫نهى أن يصلّي الّرجل مختصرا ً ومتخ ّ‬
‫قيل ‪ :‬هو من المخصرة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬معناه أن يصلّي‬
‫الّرجل وهو واضع يده على خاصرته ‪ ،‬وجاء في‬
‫صلة راحة أهل النّار »‬ ‫الحديث ‪ « :‬الختصار في ال ّ‬
‫أي أنّه فعل اليهود في صلتهم ‪ .‬وهم أهل النّار قال‬
‫ابن منظور ‪ :‬ليس الّراحة المنسوبة لهل النّار هي‬
‫راحتهم في النّار ‪ ،‬إذ ل راحة لهم فيها ‪ ،‬وإنّما هي‬
‫راحتهم في صلتهم في الدّنيا ‪ .‬يعني أنّه إذا وضع‬
‫ماهم أهل‬ ‫يده على خصره كأنّه استراح بذلك ‪ ،‬وس ّ‬
‫ن ذلك راحتهم في النّار ‪.‬‬ ‫النّار لمصيرهم إليها ‪ ،‬ل ل ّ‬
‫صر في الصطلح ل يخرج عن ذلك ‪.‬‬ ‫وهو ‪ :‬أي التّخ ّ‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫صلة‬ ‫صر في ال ّ‬ ‫ن التّخ ّ‬
‫‪ - 2‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫مكروه ‪ ،‬أي تنزيها ً ‪.‬‬
‫وذهب الحنفيّة إلى أنّه مكروه تحريما ً ‪ ،‬لمنافاته هيئة‬
‫ي‬
‫صلة المأثورة ‪ ،‬والتّشبّه بالجبابرة ‪ ،‬وقد نهى النّب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم عن ذلك ‪ .‬روى أبو هريرة‬
‫ي صلى الله عليه وسلم «‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫رضي الله عنه أ ّ‬
‫نهى أن يصلّي الّرجل مختصرا ً » وعنه رضي الله‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن‬ ‫عنه « أ ّ‬

‫‪390‬‬
‫صلة » والمراد وضع اليد على‬ ‫الخصر في ال ّ‬
‫الخاصرة ‪ .‬وفي رواية ‪ « :‬نهى أن يصلّي الّرجل‬
‫صاد ‪ -‬وهو أن يضع يده على‬ ‫صرا ً » ‪ -‬بتشديد ال ّ‬ ‫متخ ّ‬
‫خاصرته ‪ -‬وهو يصلّي ‪ -‬ما لم تكن به حاجة تدعو‬
‫إلى وضعها ‪ .‬فإن كان به عذر كمن وضع يده على‬
‫خاصرته لوجع في جنبه أو تعب في قيام اللّيل ‪،‬‬
‫صر ‪ ،‬جاز له ذلك في حدود ما تقتضي به الحاجة‬ ‫فتخ ّ‬
‫‪ ،‬ويقدّر ذلك بقدرها ‪.‬‬
‫صرون يوم القيامة على‬ ‫وفيه ورد حديث ‪ « :‬المتخ ّ‬
‫وجوههم النّور » ‪ .‬وقال ثعلب ‪ :‬أي المصلّون‬
‫باللّيل ‪ ،‬فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم ‪.‬‬
‫سر الحديث بغير ذلك ‪.‬‬ ‫وتابعه صاحب القاموس فف ّ‬
‫ي من طريق سعيد بن زياد‬ ‫وروى أبو داود والنّسائ ّ‬
‫يدي‬
‫ّ‬ ‫قال ‪ « :‬صلّيت إلى جنب ابن عمر فوضعت‬
‫صلب في‬ ‫ما صلّى قال ‪ :‬هذا ‪ .‬ال ّ‬ ‫ي ‪ .‬فل ّ‬‫على خاصرت ّ‬
‫صلة ‪ ،‬وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬ ‫ال ّ‬
‫ينهى عنه » ‪.‬‬
‫صلة فقد جاء في تنوير البصار‬ ‫صر خارج ال ّ‬ ‫ما التّخ ّ‬‫وأ ّ‬
‫وشرحه ‪ :‬أنّه مكروه تنزيها ً ‪.‬‬
‫صلة‬ ‫صلة ‪ :‬مكروهات ال ّ‬ ‫لنّه فعل المتكبّرين ( ر ‪ :‬ال ّ‬
‫)‪.‬‬
‫صلة على‬ ‫ما الختصار بمعنى التّكاء في ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫المخصرة أو غيرها فقد سبق تفصيل حكمه في‬
‫مصطلح ( استناد ) ‪.‬‬
‫التّكاء على المخصرة ونحوها في خطبة الجمعة ‪:‬‬
‫‪ - 3‬توكّؤ الخطيب على المخصرة في حال خطبة‬
‫الجمعة مندوب عند المالكيّة ‪ ،‬وهو أيضا ً من سنن‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ .‬ويجعلها بيمينه عند‬ ‫الخطبة عند ال ّ‬
‫شافعيّة أن يجعلها في‬ ‫ب عند ال ّ‬ ‫المالكيّة ‪ ،‬ويستح ّ‬

‫‪391‬‬
‫سيف‬ ‫ضرب بال ّ‬ ‫يده اليسرى كعادة من يريد ال ّ‬
‫والّرمي بالقوس ‪ ،‬ويشغل يده اليمنى بحرف المنبر‬
‫‪.‬‬
‫شاف القناع من كتب الحنابلة ‪ :‬أن‬ ‫وجاء في ك ّ‬
‫ن صاحب الفروع ذكر أنّه‬ ‫يجعلها بإحدى يديه ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫جه باليسرى ويعتمد بالخرى على حرف المنبر ‪،‬‬ ‫يتو ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫فإن لم يجد شيئا ً يعتمد عليه ‪ ،‬فقد ذكر ال ّ‬
‫أنّه يجعل اليمنى على اليسرى أو يرسلهما ول يعبث‬
‫بهما ‪.‬‬
‫وذهب الحنفيّة ‪ -‬كما جاء في الفتاوى الهنديّة ‪ -‬إلى‬
‫كراهة اتّكاء الخطيب على قوس أو عصا ً في أثناء‬
‫الخطبة من يوم الجمعة ‪ ،‬وإنّما يتقلّد الخطيب‬
‫ل بلدة فتحت به ‪ .‬ومثل العصا عند‬ ‫سيف في ك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سيف ‪،‬‬ ‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬القوس وال ّ‬ ‫المالكيّة وال ّ‬
‫سيف عند المالكيّة ‪،‬‬ ‫والعصا أولى من القوس وال ّ‬
‫ي قوس‬ ‫والمراد بالقوس كما جاء في الدّسوق ّ‬
‫النّشاب ‪ ،‬وهي القوس العربيّة لطولها واستقامتها ‪،‬‬
‫ل العجميّة لقصرها وعدم استقامتها ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة على ما ذهبوا‬ ‫ل المالكيّة وال ّ‬ ‫واستد ّ‬
‫إليه من اتّكاء الخطيب على المخصرة في حال‬
‫الخطبة من يوم الجمعة بما رواه أبو داود عن الحكم‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫بن حزن ‪ :‬قال ‪ « :‬وفدت على النّب ّ‬
‫وسلم فشهدنا معه الجمعة ‪ ،‬فقام متوكّئا ً على‬
‫سيف أو قوس أو عصا مختصرا ً » ‪ .‬قال مالك ‪:‬‬
‫مة أصحاب المنابر أن يخطبوا‬ ‫ب للئ ّ‬ ‫ما يستح ّ‬ ‫وذلك م ّ‬
‫يوم الجمعة ومعهم العصا ‪ ،‬يتوكّئون عليها في‬
‫قيامهم ‪ ،‬وهو الّذي رأينا وسمعنا ‪.‬‬
‫=============‬
‫تخطّي الّرقاب*‬

‫‪392‬‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬يقال في اللّغة ‪ :‬تخطّى النّاس واختطاهم أي ‪:‬‬
‫جاوزهم ‪ .‬ويقال ‪ :‬تخطّيت رقاب النّاس إذا‬
‫تجاوزتهم ‪ .‬قال ابن المنير ‪ :‬التّفرقة بين اثنين‬
‫ي عنها بقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬فلم‬ ‫المنه ّ‬
‫يفّرِق بين اثنين » تتناول القعود بينهما وإخراج‬
‫أحدهما والقعود مكانه ‪.‬‬
‫وقد يطلق على مجّرد التّخطّي ‪ .‬وفي التّخطّي زيادة‬
‫رفع رجليه على رءوسهما أو أكتافهما ‪ ،‬وربّما تعلّق‬
‫ما في رجليه ‪ .‬ول يخرج في معناه‬ ‫بثيابهما شيء م ّ‬
‫ي عن هذا ‪.‬‬ ‫الصطلح ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫حكمه الجمال ّ‬
‫‪ - 2‬لتخطّي الّرقاب أحكام تختلف باختلف حالته ‪.‬‬
‫ما أن يكون المتخطّي هو المام أو‬ ‫ففي الجمعة إ ّ‬
‫غيره ‪.‬‬
‫فإن كان المتخطّي هو المام ‪ ،‬ولم يكن له طريق‬
‫إل ّ أن يتخطّى رقاب النّاس ليصل إلى مكانه ‪ ،‬جاز‬
‫له ذلك بغير كراهة ‪ ،‬لنّه موضع حاجة ‪.‬‬
‫ما أن يكون‬ ‫وإن كان غير المام ‪ :‬فعند الحنفيّة ‪ :‬إ ّ‬
‫دخوله المسجد قبل أن يشرع المام في الخطبة أو‬
‫شروع فيها ‪.‬‬ ‫بعد ال ّ‬
‫فإن كان قبله ‪ :‬فإنّه ل بأس بالتّخطّي إن كان ل يجد‬
‫ضرورة ‪ ،‬ما لم يؤذ‬ ‫ة أمامه ‪ ،‬فيتخطّى إليها لل ّ‬ ‫إل ّ فرج ً‬
‫بذلك أحدا ً ‪ ،‬لنّه يندب للمسلم أن يتقدّم ويدنو من‬
‫المحراب إذا لم يكن أثناء الخطبة ‪ ،‬ليتّسع المكان‬
‫لمن يجيء بعده ‪ ،‬وينال فضل القرب من المام ‪.‬‬
‫فإذا لم يفعل الوّل ذلك فقد ضيّع المكان من غير‬
‫عذر ‪ ،‬فكان للّذي جاء بعده أن يأخذ ذلك المكان‬
‫ن عليه‬‫وإن كان دخوله المسجد والمام يخطب ‪ :‬فإ ّ‬

‫‪393‬‬
‫ن مشيه في‬ ‫أن يستقّر في أوّل مكان يجده ‪ ،‬ل ّ‬
‫ي عنه ‪ ،‬لقول‬ ‫المسجد وتقدّمه في حالة الخطبة منه ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬فلم يفّرق بين اثنين‬ ‫النّب ّ‬
‫ة مسلم ‪ ،‬ولم يؤذ أحداً‬ ‫ط َرقَب َ َ‬‫» وقوله ‪ « :‬ولم يتخ ّ‬
‫» وقوله « للّذي جاء يتخطّى رقاب النّاس ‪ :‬اجلس ‪:‬‬
‫فقد آذيت وآنيت » ‪.‬‬
‫وعند المالكيّة يجوز لداخل المسجد أن يتخطّى‬
‫صفوف لفرجة قبل جلوس الخطيب على المنبر ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ول يجوز التّخطّي بعده ولو لفرجة ‪.‬‬
‫شافعيّة على أنّه إن لم يكن‬ ‫ص الحنفيّة وال ّ‬ ‫وقد ن ّ‬
‫للدّاخل موضع وبين يديه فرجة ل يصل إليها إلّ‬
‫بتخطّي رجل أو رجلين لم يكره له ذلك ‪ ،‬لنّه يسير‬
‫‪ .‬وإن كان بين يديه خلق كثير ‪ ،‬فإن رجا إذا قاموا‬
‫صلة أن يتقدّموا جلس حتّى يقوموا ‪ ،‬وإن لم‬ ‫إلى ال ّ‬
‫يرج أن يتقدّموا جاز أن يتخطّى ليصل إلى الفرجة ‪،‬‬
‫لنّه موضع حاجة ‪ ،‬وهذه إحدى الّروايتين عن أحمد ‪،‬‬
‫ة ل يصل‬ ‫ن للدّاخل إذا رأى فرج ً‬ ‫وفي رواية أخرى أ ّ‬
‫إليها إل ّ بالتّخطّي جاز له ذلك ‪.‬‬
‫م بدت له حاجة أو احتاج‬ ‫‪ - 3‬وإذا جلس في مكان ‪ ،‬ث ّ‬
‫الوضوء فله الخروج ولو بالتّخطّي ‪ « .‬قال عقبة ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم بالمدينة‬ ‫صلّيت وراء النّب ّ‬
‫م قام مسرعا ً فتخطّى رقاب النّاس‬ ‫العصر فسلّم ‪ ،‬ث ّ‬
‫إلى بعض حجر نسائه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ذكرت شيئا ً من تِب ْ ٍ‬
‫ر‬
‫عندنا ‪ ،‬فكرهت أن يحبسني ‪ ،‬فأمرت بقسمته »‬
‫ق به ‪،‬‬‫م رجع إليه فهو أح ّ‬ ‫فإذا قام من مجلسه ث ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من قام من‬ ‫لقول النّب ّ‬
‫م رجع إليه فهو أحقّ به » وحكمه في‬ ‫مجلسه ث ّ‬
‫التّخطّي إلى موضعه حكم من رأى بين يديه فرج ً‬
‫ة‬
‫على نحو ما مّر ‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫صلة ‪ ،‬ولو‬ ‫‪ - 4‬ويجوز التّخطّي بعد الخطبة وقبل ال ّ‬
‫صفوف ولو حال الخطبة‬ ‫لغير فرجة ‪ ،‬كمشي بين ال ّ‬
‫سؤال كرهه‬ ‫‪ .‬قال به المالكيّة ‪ .‬والتّخطّي لل ّ‬
‫سائل بين يدي المصلّي ‪ ،‬ول‬ ‫الحنفيّة ‪ ،‬فل يمّر ال ّ‬
‫يتخطّى رقاب النّاس ‪ ،‬ول يسأل النّاس إلحافا ً إل ّ إذا‬
‫كان لمر ل بد ّ منه ‪.‬‬
‫ويجوز تخطّي رقاب الّذين يجلسون على أبواب‬
‫المساجد حيث ل حرمة لهم ‪ ،‬على ما هو المشهور‬
‫عند الحنابلة‬
‫صلة من مجامع‬ ‫‪ - 5‬ويكره التّخطّي في غير ال ّ‬
‫النّاس بل أذ ًى ‪ ،‬فإن كان فيه أذ ًى حرم ‪.‬‬
‫‪ - 6‬ويحرم إقامة شخص ‪ ،‬ولو في غير المسجد ‪،‬‬
‫ليجلس مكانه ‪ ،‬لما روى ابن عمر رضي الله عنهما‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬ل يقيم‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫أ ّ‬
‫م يجلس فيه ولكن‬ ‫الّرجل الّرجل من مجلسه ‪ ،‬ث ّ‬
‫سعوا » وقال صلى الله عليه‬ ‫سحوا وتو ّ‬ ‫يقول تف ّ‬
‫سبَق إلى ما لم يسبق إليه مسلم‬ ‫وسلم ‪ « :‬من َ‬
‫فهو له » وكان ابن عمر يكره أن يقوم الّرجل من‬
‫م يجلس مكانه ‪ .‬فإن قعد واحد من‬ ‫مجلسه ‪ ،‬ث ّ‬
‫النّاس في موضع من المسجد ‪ ،‬ل يجوز لغيره أن‬
‫يقيمه حتّى يقعد مكانه ‪ ،‬لما روى مسلم عن أبي‬
‫ي صلى الله‬ ‫الّزبير عن جابر رضي الله عنه عن النّب ّ‬
‫ن أحدكم أخاه يوم‬ ‫عليه وسلم قال ‪ « :‬ل يقيم ّ‬
‫م ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه ‪ ،‬ولكن‬ ‫الجمعة ‪ ،‬ث ّ‬
‫يقول ‪ :‬افسحوا » قال تعالى ‪ { :‬يا أيّها الّذين آمنوا‬
‫سِح‬‫حوا يَْف َ‬‫س ُ‬‫س فافْ َ‬ ‫حوا في المجال ِ‬ ‫إذا قيل لكم تََف َّ‬
‫س ُ‬
‫ه لكم } فإن قام رجل وأجلسه مكانه باختياره‬ ‫الل ّ ُ‬
‫جاز له أن يجلس ‪.‬‬

‫‪395‬‬
‫ما صاحب الموضع فإنّه إن كان الموضع الّذي‬ ‫وأ ّ‬
‫ينتقل إليه مثل الوّل في سماع كلم المام لم يكره‬
‫له ذلك ‪ ،‬وإن كان الموضع الّذي انتقل إليه دون‬
‫الّذي كان فيه في القرب من المام كره له ذلك ‪،‬‬
‫لنّه آثر غيره في القربة ‪ ،‬وفيه تفويت حظّه ‪.‬‬
‫‪ - 7‬وإذا أمر إنسان إنسانا ً أن يبكّر إلى الجامع فيأخذ‬
‫له مكانا ً يقعد فيه ل يكره ‪ ،‬فإذا جاء المر يقوم من‬
‫ن ابن سيرين كان يرسل غلمه‬ ‫الموضع ‪ ،‬لما روي أ ّ‬
‫إلى مجلس له في يوم الجمعة ‪ ،‬فيجلس له فيه ‪،‬‬
‫فإذا جاء قام له منه ‪.‬‬
‫===============‬
‫تخليل *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة يأتي بمعان ‪ ،‬منها ‪ :‬تفريق شعر‬ ‫‪ - 1‬التّخليل لغ ً‬
‫اللّحية وأصابع اليدين والّرجلين ‪ ،‬يقال ‪ :‬خلّل الّرجل‬
‫لحيته ‪ :‬إذا أوصل الماء إلى خللها ‪ ،‬وهو البشرة‬
‫شعر ‪.‬‬ ‫الّتي بين ال ّ‬
‫شيء ‪ ،‬وهو‬ ‫شيء في خلل ال ّ‬ ‫وأصله من إدخال ال ّ‬
‫شخص أسنانه تخليل ً ‪ :‬إذا‬ ‫وسطه ‪ .‬ويقال ‪ :‬خلّل ال ّ‬
‫أخرج ما يبقى من المأكول بينها ‪ .‬وخلّلت النّبيذ‬
‫تخليل ً ‪ :‬جعلته خل ً ‪.‬‬
‫ويستعمل الفقهاء كلمة التّخليل بهذه المعاني‬
‫اللّغويّة ‪.‬‬
‫أحكام التّخليل بأنواعه ‪:‬‬
‫أوّل ً ‪ :‬التّخليل في الطّهارة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تخليل الصابع في الوضوء والغسل ‪:‬‬
‫‪ - 2‬إيصال الماء بين أصابع اليدين والّرجلين بالتّخليل‬
‫ممات الغسل ‪ ،‬فهو فرض في‬ ‫أو غيره من مت ّ‬
‫الوضوء والغسل عند جميع الفقهاء ‪ ،‬لقوله تعالى ‪:‬‬

‫‪396‬‬
‫حوا‬ ‫{ فاغ ْسلُوا وجوهَكم وأ َ‬
‫س ُ‬‫م َ‬‫ق وا ْ‬
‫ِ‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫را‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫إلى‬ ‫كم‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ن}‪.‬‬ ‫َ‬
‫سكم وأرجلكم إلى الكعبي ِ‬ ‫برءو ِ‬
‫ما التّخليل بعد دخول الماء خلل الصابع ‪ ،‬فعند‬ ‫أ ّ‬
‫ن‬
‫شافعيّة والحنابلة " أ ّ‬ ‫جمهور الفقهاء " الحنفيّة وال ّ‬
‫تخليل الصابع في الوضوء سنّة ‪ « ،‬لقوله صلى الله‬
‫قيط بن صبرة ‪ :‬أسبغ الوضوء ‪ ،‬وخلّل‬ ‫عليه وسلم لِل َ ِ‬
‫بين الصابع » ‪ ،‬وقد صّرح الحنفيّة بأنّه سنّة مؤكّدة ‪،‬‬
‫ن التّخليل في أصابع الّرجلين آكد ‪،‬‬ ‫والحنابلة يرون أ ّ‬
‫وعلّلوا استحباب التّخليل بأنّه أبلغ في إزالة الدّرن‬
‫والوسخ من بين الصابع ‪.‬‬
‫وذهب المالكيّة في المشهور عندهم إلى وجوب‬
‫التّخليل في أصابع اليدين واستحبابه في أصابع‬
‫الّرجلين ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إنّما وجب تخليل أصابع اليدين‬
‫دون أصابع الّرجلين لعدم شدّة التصاقها ‪ ،‬فأشبهت‬
‫العضاء المستقلّة ‪ ،‬بخلف أصابع الّرجلين لشدّة‬
‫التصاقها ‪ ،‬فأشبه ما بينها الباطن ‪ .‬وفي القول الخر‬
‫عندهم ‪ :‬يجب التّخليل في الّرجلين كاليدين ‪.‬‬
‫ومراد المالكيّة بوجوب التّخليل إيصال الماء للبشرة‬
‫بالدّلك ‪.‬‬
‫ن تخليل أصابع اليدين والّرجلين في‬ ‫‪ - 3‬وكذلك يس ّ‬
‫الغسل عند الحنفيّة ‪ ،‬وهو المفهوم من كلم‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬حيث ذكروا في بيان الغسل‬ ‫ال ّ‬
‫ضأ‬
‫سنن أن يتو ّ‬ ‫الكامل المشتمل على الواجبات وال ّ‬
‫كامل ً قبل أن يحثو على رأسه ثلثا ً ‪ ،‬لقوله صلى الله‬
‫صلة » وقد‬ ‫ضأ لل ّ‬ ‫ضأ كما يتو ّ‬ ‫م يتو ّ‬ ‫عليه وسلم ‪ « :‬ث ّ‬
‫ن تخليل الصابع سنّة عندهم في الوضوء ‪،‬‬ ‫سبق أ ّ‬
‫فكذلك في الغسل‪ .‬وذهب المالكيّة في المعتمد‬
‫عندهم إلى وجوب تخليل أصابع الّرجلين كأصابع‬
‫اليدين في الغسل ‪،‬لنّه يتأكّد فيه المبالغة على‬

‫‪397‬‬
‫خلف ما قالوا في الوضوء من استحباب تخليل‬
‫أصابع الّرجلين‪.‬‬
‫مم ‪:‬‬‫ب ‪ -‬تخليل الصابع في التّي ّ‬
‫ن مسح الوجه‬ ‫‪ - 4‬ل خلف بين فقهاء المذاهب في أ ّ‬
‫مم ‪ ،‬لقوله تعالى ‪:‬‬ ‫واليدين فرض في التّي ّ‬
‫جوهِكُم وأَيْدِيْكُم منه } ‪.‬‬ ‫حوا بِو ُ‬
‫س ُ‬
‫م َ‬‫{ فَا ْ‬
‫ل الفرض بغير‬ ‫كذلك يجب تعميم واستيعاب مح ّ‬
‫خلف بين المذاهب الربعة ‪ ،‬ولهذا صّرحوا بوجوب‬
‫سوار إذا كانا ضيّقين يخشى عدم‬ ‫نزع الخاتم وال ّ‬
‫ن المالكيّة قالوا‬ ‫وصول الغبار إلى ما تحتهما ‪ ،‬حتّى إ ّ‬
‫بوجوب نزع الخاتم ‪ ،‬ولو كان واسعا ً ‪ ،‬وإل ّ كان حائلً‬
‫مم إن‬ ‫‪ .‬وعلى ذلك يجب تخليل أصابع اليدين في التّي ّ‬
‫لم يدخل بينها غبار ‪ ،‬أو لم تمسح باتّفاق الفقهاء ‪.‬‬
‫ما تخليل أصابع اليدين بعد مسحهما ‪ ،‬فقد صّرح‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة باستحبابه احتياطا ً ‪ ،‬وهو عند‬ ‫ال ّ‬
‫ضربتين ‪ ،‬فإن لم‬ ‫شافعيّة إن فّرق أصابعه في ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫يفّرقها فيهما ‪ ،‬أو فّرقها في الولى دون الثّانية وجب‬
‫التّخليل ‪ .‬ويفهم من كلم الحنفيّة ما يوافق ما صّرح‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬حيث قيّد الحنفيّة وجوب‬ ‫به ال ّ‬
‫التّخليل بعدم وصول الغبار إلى الصابع ‪.‬‬
‫وذهب المالكيّة في الّراجح عندهم إلى أنّه يلزم‬
‫تعميم يديه لكوعيه مع تخليل أصابعه مطلقا ً ‪.‬‬
‫كيفيّة تخليل الصابع ‪:‬‬
‫ن تخليل أصابع اليدين‬ ‫شافعيّة بأ ّ‬ ‫‪ - 5‬صّرح الحنفيّة وال ّ‬
‫يكون بالتّشبيك بينهما ‪.‬‬
‫وقال المالكيّة والحنابلة ‪ :‬يدخل أصابع إحداهما بين‬
‫أصابع الخرى ‪ ،‬سواء أدخل من الظّاهر أو الباطن ‪،‬‬
‫ول يكرهون التّشبيك في الوضوء ‪.‬‬

‫‪398‬‬
‫وقال بعض المالكيّة بكراهة التّشبيك ‪ ،‬مستدلّين‬
‫ي صلى‬ ‫ن النّب ّ‬‫بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ‬
‫ضأ أحدكم في بيته ‪،‬‬ ‫الله عليه وسلم قال ‪ « :‬إذا تو ّ‬
‫م أتى المسجد ‪ ،‬كان في صلة حتّى يرجع ‪ ،‬فل‬ ‫ث ّ‬
‫يفعل هكذا ‪ ،‬وشبّك بين أصابعه » ‪.‬‬
‫ب فيه أن يبدأ‬ ‫ما تخليل أصابع الّرجل ‪ ،‬فيستح ّ‬ ‫أ ّ‬
‫بخنصر الّرجل اليمنى ‪ ،‬ويختم بخنصر الّرجل‬
‫ل اتّفاق بين‬ ‫اليسرى ليحصل التّيامن ‪ ،‬وهو مح ّ‬
‫الفقهاء ‪ ،‬لحديث المستورد بن شدّاد قال ‪ « :‬رأيت‬
‫ضأ فخلّل أصابع‬ ‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تو ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬‫رجليه بخنصره » ولما ورد « أ ّ‬
‫ب التّيامن في وضوئه » إل ّ أ ّ‬
‫ن‬ ‫عليه وسلم كان يح ّ‬
‫الحنفيّة والحنابلة قالوا ‪ :‬التّخليل يكون بخنصر يده‬
‫اليسرى ‪ ،‬لنّها معدّة لزالة الوسخ والدّرن من باطن‬
‫شافعيّة ‪ :‬يكون بخنصر‬ ‫رجليه ‪ ،‬لنّه أبلغ ‪ .‬وقال ال ّ‬
‫يده اليمنى أو اليسرى ‪ .‬وعند المالكيّة يكون‬
‫بسبّابتيه ‪.‬‬
‫شعر ‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬تخليل ال ّ‬
‫‪ - 1 -‬تخليل اللّحية ‪:‬‬
‫‪ - 6‬اللّحية الخفيفة ‪ -‬وهي الّتي تظهر البشرة تحتها‬
‫ول تسترها عن المخاطب ‪ -‬يجب غسل ظاهرها‬
‫وإيصال الماء إلى ما تحتها في الوضوء والغسل ‪،‬‬
‫ول يكفي مجّرد تخليلها بغير خلف ‪ ،‬وذلك لفرضيّة‬
‫غسل الوجه بعموم الية في قوله تعالى ‪:‬‬
‫جوهَكم‬ ‫سلُوا و ُ‬ ‫{ فَاغ ْ ِ‬
‫ما اللّحية الكثيفة ‪ -‬وهي الّتي ل تظهر‬ ‫‪ ...‬الية } ‪ .‬أ ّ‬
‫البشرة تحتها ‪ -‬فيجب غسل ظاهرها ‪ ،‬ولو كانت‬
‫ة عند المالكيّة ‪ ،‬وهو المشهور عند‬ ‫مسترسل ً‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وظاهر مذهب الحنابلة ‪ .‬وعند الحنفيّة ‪-‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪399‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬ورواية عند الحنابلة ‪ -‬أنّه‬ ‫وهو قول آخر لل ّ‬
‫ل يجب غسل ما استرسل من اللّحية ‪ ،‬لنّه خارج‬
‫عن دائرة الوجه ‪ ،‬فأشبه ما نزل من شعر الّرأس ‪.‬‬
‫ن اللّه تعالى أمر بغسل الوجه ‪ ،‬وهو ما تحصل به‬ ‫ول ّ‬
‫المواجهة ‪ ،‬وفي اللّحية الكثيفة تحصل المواجهة‬
‫شعر الظّاهر ‪.‬‬ ‫بال ّ‬
‫ما باطنها فل يجب غسله اتّفاقا ً بين فقهاء المذاهب‬ ‫أ ّ‬
‫ضأ‬
‫البخاري « أنّه صلى الله عليه وسلم تو ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬لما روى‬
‫ة من ماء فمضمض بها‬ ‫فغسل وجهه ‪ ،‬أخذ غرف ً‬
‫ة من ماء فجعل بها هكذا ‪:‬‬ ‫م أخذ غرف ً‬ ‫واستنشق ‪ ،‬ث ّ‬
‫أضافها إلى يده الخرى ‪ ،‬فغسل بها وجهه » وكانت‬
‫ة ‪ ،‬وبالغرفة الواحدة ل يصل‬ ‫لحيته الكريمة كثيف ً‬
‫الماء إلى باطنها غالبا ً ‪ ،‬ويعسر إيصال الماء إليه ‪.‬‬
‫ن تخليل اللّحية الكثيفة عند الحنفيّة ‪،‬‬ ‫‪ -7‬ويس ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬لما روي عن أنس رضي الله‬ ‫وال ّ‬
‫ضأ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان إذا تو ّ‬ ‫ن النّب ّ‬
‫عنه « أ ّ‬
‫َ‬
‫ت حنكِه فخل ّ َ‬
‫ل به لحيتَه ‪ ،‬وقال ‪:‬‬ ‫أخذ كّفا ً من ماءٍ تح َ‬
‫هكذا أمرني ربِّي » ‪.‬‬
‫وعند المالكيّة في تخليل شعر اللّحية الكثيفة ثلثة‬
‫أقوال ‪ :‬الوجوب ‪ ،‬والكراهة والستحباب ‪ ،‬أظهرها‬
‫مق ‪.‬‬ ‫الكراهة لما في ذلك من التّع ّ‬
‫ما في الغسل فل يكفي مجّرد التّخليل ‪ ،‬بل‬ ‫‪ -8‬أ ّ‬
‫يجب إيصال الماء إلى أصول شعر اللّحية ولو كثيف ً‬
‫ة‬
‫اتّفاقا ً بين المذاهب ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫شعر وأنقوا‬ ‫ل شعرة جنابة ‪ ،‬فاغسلوا ال ّ‬ ‫« تحت ك ّ‬
‫البشرة » ‪.‬‬
‫شعر‬ ‫ولكي يتأكّد من وصول الماء إلى أصول ال ّ‬
‫ويتجنّب السراف قالوا ‪ :‬يدخل المغتسل أصابعه‬
‫م يفيض الماء‬ ‫شعر ‪ ،‬ث ّ‬ ‫العشر يروي بها أصول ال ّ‬

‫‪400‬‬
‫ليكون أبعد عن السراف في الماء ‪ .‬ومن عبّر‬
‫بوجوب تخليل اللّحية كالمالكيّة ‪ ،‬أراد بذلك أيضاً‬
‫شعر ‪.‬‬‫إيصال الماء إلى أصول ال ّ‬
‫‪ - 2 -‬تخليل شعر الّرأس ‪:‬‬
‫‪ - 9‬اتّفق الفقهاء على أنّه يجب إرواء أصول شعر‬
‫شعر خفيفا ً أو‬ ‫الّرأس في الغسل ‪ ،‬سواء كان ال ّ‬
‫كثيفا ً ‪ ،‬لما روت « أسماء رضي الله عنها أنّها سألت‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عن غسل الجنابة فقال‬ ‫النّب ّ‬
‫ن ماءَها وسدرتَها فتطهِّر فتحسن‬ ‫‪ :‬تأخذ إحداك ّ‬
‫ب على رأسها فتدلكه ‪ ،‬حتّى تبلغ‬ ‫م تص ّ‬ ‫الطّهور ‪ ،‬ث ّ‬
‫ي‬
‫م تفيض عليها الماء » ‪ ،‬وعن عل ّ‬ ‫شؤون رأسها ‪ ،‬ث ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال‬ ‫رضي الله عنه عن النّب ّ‬
‫‪ « :‬من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل‬
‫م عاديت‬ ‫ي ‪ :‬فمن ث َ َّ‬
‫به من النّار كذا وكذا » ‪ ،‬قال عل ّ‬
‫شعر‬ ‫شعري " وعلى ذلك فل يجزي مجّرد تخليل ال ّ‬
‫في الغسل عند الفقهاء ‪.‬‬
‫وقد صّرح فقهاء المالكيّة بوجوب تخليل شعر‬
‫الّرأس ولو كثيفا ً ‪ ،‬للتّأكّد من وصول الماء إلى‬
‫أصوله ‪ ،‬حيث قالوا ‪ :‬ويجب تخليل شعر ولو كثيفاً‬
‫مه بالماء‬ ‫وضغث مضفوره ‪ -‬أي جمعه وتحريكه ‪ -‬ليع ّ‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وهو المعتمد عند ال ّ‬
‫شعر بالنّسبة للمحرم وغير‬ ‫ول يختلف حكم ال ّ‬
‫ن المحرم يخلّل‬ ‫المحرم عند جمهور الفقهاء ‪ ،‬لك ّ‬
‫شعر ‪ .‬وقال الحنفيّة ‪ :‬يكره‬ ‫برفق لئل ّ يتساقط ال ّ‬
‫التّخليل للمحرم ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬تخليل السنان ‪:‬‬
‫سواك سنّة من سنن‬ ‫‪ - 10‬تنظيف السنان بال ّ‬
‫الفطرة ‪ ،‬وينظر تفصيله في مصطلح ‪ ( :‬استياك ) ‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫ما تخليلها بعد الكل بالخلل لخراج ما بينها‬ ‫‪ - 11‬أ ّ‬
‫من الطّعام ‪ ،‬فقد ذكره الفقهاء في آداب الكل ‪.‬‬
‫ب أن يخلّل أسنانه إن‬ ‫ي ‪ :‬يستح ّ‬ ‫ي الحنبل ّ‬‫قال البهوت ّ‬
‫علق بها شيء من الطّعام ‪ ،‬قال في المستوعب ‪:‬‬
‫روي عن ابن عمر رضي الله عنهما ‪ :‬ترك الخلل‬
‫يوهن السنان ‪ .‬وروي ‪ « :‬تخلّلوا من الطّعام ‪ ،‬فإنّه‬
‫ليس شيء أشد ّ على الملكين أن يريا بين أسنان‬
‫صاحبهما طعاما ً وهو يصلّي » ‪ .‬قال الطبّاء ‪ :‬وهو‬
‫نافع أيضا ً للّثة ومن تغيّر النّكهة ‪.‬‬
‫ول يخلّل أسنانه في أثناء الطّعام ‪ ،‬بل إذا فرغ ‪.‬‬
‫ومثله ما ذكر في كتب سائر المذاهب ‪.‬‬
‫ما تخلّل به السنان ‪:‬‬
‫سواك وبعده ‪ ،‬ومن أثر‬ ‫ن التّخليل قبل ال ّ‬ ‫‪ - 12‬يس ّ‬
‫الطّعام ‪ ،‬وكون الخلل من عود ‪ ،‬ويكره بالحديد‬
‫مان وآس ‪ ،‬ول يخلّل بما‬ ‫ونحوه ‪ ،‬وبعود يضّره كر ّ‬
‫ما يضّره ‪ ،‬وكذا ما يجرحه كما‬ ‫يجهله لئل ّ يكون م ّ‬
‫صّرح به الفقهاء ‪.‬‬
‫شعر بآلة من الذ ّهب أو‬ ‫ول يجوز تخليل السنان أو ال ّ‬
‫ضة ‪ ،‬وهذا باتّفاق المذاهب الربعة ‪ ،‬وتفصيله في‬ ‫الف ّ‬
‫مصطلح ‪ ( :‬آنية ) ‪.‬‬
‫واختلفت عبارات الفقهاء في جواز بلع ما يخرج من‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬يلقي ما‬ ‫خلل السنان ‪ :‬فقال ال ّ‬
‫أخرجه الخلل ‪ ،‬ويكره أن يبتلعه ‪ ،‬وإن قلعه بلسانه‬
‫لم يكره ابتلعه كسائر ما بفمه ‪ .‬وقال المالكيّة ‪:‬‬
‫يجوز بلع ما بين السنان إل ّ لخلطه بدم ‪ ،‬فليس‬
‫مجّرد التّغيّر يصيّره نجسا ً خلفا ً لما قيل ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬تخليل الخمر ‪:‬‬
‫ن الخمر إذا تخلّلت بغير‬ ‫‪ - 13‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫علج ‪ ،‬بأن تغيّرت من المرارة إلى الحموضة وزالت‬

‫‪402‬‬
‫ل حلل طاهر ‪ ،‬لقوله صلى‬ ‫ن ذلك الخ ّ‬ ‫أوصافها ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل»‪،‬‬ ‫خ ُّ‬ ‫م ال َ‬ ‫ُ‬
‫م أو الِدَا ُ‬‫م الد ْ ُ‬ ‫الله عليه وسلم ‪ « :‬نِعْ َ‬
‫ن علّة النّجاسة والتّحريم السكار ‪ ،‬وقد زالت ‪،‬‬ ‫ول ّ‬
‫والحكم يدور مع علّته وجودا ً وعدما ً ‪.‬‬
‫ل‬ ‫وكذلك إذا تخلّلت بنقلها من شمس إلى ظ ّ‬
‫وعكسه عند جمهور الفقهاء‪ :‬الحنفيّة والمالكيّة وهو‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وبه قال الحنابلة إذا كان‬ ‫ح عند ال ّ‬ ‫الص ّ‬
‫النّقل لغير قصد التّخليل ‪.‬‬
‫‪ - 14‬واختلفوا في جواز تخليل الخمر بإلقاء شيء‬
‫ل والبصل والملح ونحوه ‪ .‬فقال‬ ‫فيها ‪ ،‬كالخ ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو رواية ابن القاسم عن‬ ‫ال ّ‬
‫ل تخليل الخمر بالعلج ‪ ،‬ول تطهر‬ ‫مالك ‪ :‬إنّه ل يح ّ‬
‫بذلك ‪ ،‬لحديث مسلم عن أنس رضي الله عنه قال ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عن الخمرِ تُتَّخذُ‬ ‫ل النّب ُّ‬‫سئ ِ َ‬ ‫« ُ‬
‫خل ً ‪ ،‬قال ‪ :‬ل » ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أمر بإهراقها »‪.‬‬ ‫ن النّب ّ‬‫« ول ّ‬
‫ن الخمر نجسة أمر اللّه تعالى باجتنابها ‪ ،‬وما‬ ‫ول ّ‬
‫جس بأوّل الملقاة ‪ ،‬وما يكون‬ ‫يلقى في الخمر يتن ّ‬
‫نجسا ً ل يفيد الطّهارة ‪.‬‬
‫وصّرح الحنفيّة ‪ -‬وهو الّراجح عند المالكيّة بجواز‬
‫تخليل الخمر ‪ ،‬فتصير بعد التّخليل طاهرةً حللً‬
‫م‬
‫م الِدَا ُ‬ ‫عندهم ‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم ‪ « :‬نِعْ َ‬
‫ن بالتّخليل إزالة‬ ‫ل » فيتناول جميع أنواعها ‪ ،‬ول ّ‬ ‫خ ُّ‬ ‫ال َ‬
‫صلح ‪ ،‬والصلح مباح كما‬ ‫الوصف المفسد وإثبات ال ّ‬
‫ن الدّباغ يطهّره ‪ ،‬لقوله صلى الله‬ ‫في دبغ الجلد ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ما إِهَاب دُبِغَ فقد طَهَُر » ‪.‬‬ ‫َ‬
‫عليه وسلم ‪ « :‬أي ُّ َ‬
‫وتفصيله في مصطلح ‪ ( :‬خمر ) ‪.‬‬
‫================‬
‫تخنّث *‬

‫‪403‬‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫سر ‪،‬‬ ‫‪ - 1‬التّخنّث في اللّغة بمعنى ‪ :‬التّثنّي والتّك ّ‬
‫خنَّث ‪.‬‬
‫م َ‬‫خنَّث الّرجل إذا فعل فعل ال ُ‬ ‫وت َ َ‬
‫وخنّث الّرجل كلمه ‪ :‬إذا شبّهه بكلم النّساء ليناً‬
‫ة‪.‬‬ ‫ورخام ً‬
‫والتّخنّث اصطلحا ً كما يؤخذ من تعريف ابن عابدين‬
‫ن في‬ ‫بزي النّساء والتّشبّه به ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمخنّث ‪ :‬هو التّزيّي‬
‫تليين الكلم عن اختيار ‪ ،‬أو الفعل المنكر ‪ .‬وقال‬
‫صاحب الدّّر ‪ :‬المخنّث بالفتح من يفعل الّرديء ‪.‬‬
‫سر المتليّن في أعضائه وكلمه‬ ‫ما بالكسر فالمتك ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ي أنّه ل فرق بين الفتح‬ ‫وخلقه ‪ .‬ويفهم من القليوب ّ‬
‫والكسر في المعنى ‪ ،‬فهو عنده المتشبّه بحركات‬
‫النّساء ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 2‬يحرم على الّرجال التّخنّث والتّشبّه بالنّساء في‬
‫ص بالنّساء ‪ ،‬وكذلك في‬ ‫اللّباس والّزينة الّتي تخت ّ‬
‫الكلم والمشي ‪ ،‬لما روي عن ابن عبّاس رضي الله‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫عنهما أنّه قال ‪ « :‬لعن النّب ّ‬
‫جلت من النّساء » وفي‬ ‫المخنّثين من الّرجال والمتر ِّ‬
‫رواية أخرى ‪:‬‬
‫« لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المتشبّهين‬
‫من الّرجال بالنّساء ‪ ،‬والمتشبّهات من النّساء‬
‫ص‬
‫بالّرجال » قال ابن حجر في الفتح ‪ :‬والنّهي مخت ّ‬
‫ما من كان أصل خلقته ‪ ،‬فإنّما‬ ‫مد ذلك ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫بمن تع ّ‬
‫يؤمر بتكلّف تركه والدمان على ذلك بالتّدريج ‪ ،‬فإن‬
‫م ‪ ،‬ول سيّما إذا بدا منه ما‬ ‫لم يفعل وتمادى دخله الذ ّ ّ‬
‫ن‬
‫ما إطلق من قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل على الّرضا به ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫يد ّ‬
‫م ‪ ،‬فمحمول على ما‬ ‫ة ل يتّجه عليه الذ ّ ّ‬ ‫المخنّث خلق ً‬

‫‪404‬‬
‫سر في المشي‬ ‫إذا لم يقدر على ترك التّثنّي والتّك ّ‬
‫والكلم بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك ‪.‬‬
‫إمامة المخنّث ‪:‬‬
‫‪ - 3‬المخنّث بالخلقة ‪ ،‬وهو من يكون في كلمه لين‬
‫ة ‪ ،‬ولم يشتهر بشيء من‬ ‫سر خلق ً‬ ‫وفي أعضائه تك ّ‬
‫الفعال الّرديئة ل يعتبر فاسقا ً ‪ ،‬ول يدخله الذ ّ ّ‬
‫م‬
‫ح إمامته ‪ ،‬لكنّه‬ ‫واللّعنة الواردة في الحاديث ‪ ،‬فتص ّ‬
‫يؤمر بتكلّف تركه والدمان على ذلك بالتّدريج ‪ ،‬فإذا‬
‫ما المتخلّق‬ ‫لم يقدر على تركه فليس عليه لوم ‪ .‬أ ّ‬
‫ن في‬ ‫ة ‪ ،‬والّذي يتشبّه به ّ‬ ‫ة وهيئ ً‬ ‫بخلق النّساء حرك ً‬
‫ن ذلك عادة‬ ‫سر العضاء عمدا ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫تليين الكلم وتك ّ‬
‫قبيحة ومعصية ويعتبر فاعلها آثما ً وفاسقا ً ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو‬ ‫والفاسق تكره إمامته عند الحنفيّة وال ّ‬
‫رواية عند المالكيّة ‪.‬‬
‫وقال الحنابلة ‪ ،‬والمالكيّة في رواية أخرى ‪ ،‬ببطلن‬
‫إمامة الفاسق ‪ ،‬كما هو مبيّن في مصطلح ‪ ( :‬إمامة‬
‫البخاري عن الّزهريّ قوله ‪ :‬ل نرى أن‬ ‫ّ‬ ‫) ‪ .‬ونقل‬
‫يصلّى خلف المخنّث إل ّ من ضرورة ل بد ّ منها ‪.‬‬
‫شهادة المخنّث ‪:‬‬
‫ن المخنّث الّذي ل تقبل شهادته‬ ‫‪ - 4‬صّرح الحنفيّة أ ّ‬
‫مد ذلك‬ ‫سر ‪ ،‬إذا كان يتع ّ‬ ‫هو الّذي في كلمه لين وتك ّ‬
‫ما إذا كان في كلمه لين ‪ ،‬وفي‬ ‫تشبّها ً بالنّساء ‪ .‬وأ ّ‬
‫ة ‪ ،‬ولم يشتهر بشيء من الفعال‬ ‫سر خلق ً‬ ‫أعضائه تك ّ‬
‫شهادة ‪.‬‬ ‫الّرديئة ‪ ،‬فهو عدل مقبول ال ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة التّشبّه بالنّساء محّرماً‬ ‫واعتبر ال ّ‬
‫مد‬
‫ن المراد بالتّشبّه التّع ّ‬ ‫شهادة ‪ ،‬ول يخفى أ ّ‬ ‫ترد ّ به ال ّ‬
‫‪ ،‬ل المشابهة الّتي تأتي طبعا ً ‪.‬‬
‫شهادة ‪ ،‬ومن‬ ‫ما ترد ّ به ال ّ‬ ‫واعتبر المالكيّة المجون م ّ‬
‫المجون التّخنّث ‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫ة في التّفصيل الّذي‬ ‫وعليه تكون المذاهب متّفق ً‬
‫أورده الحنفيّة ‪ ،‬وتفصيله في ( شهادة ) ‪.‬‬
‫نظر المخنّث للنّساء ‪:‬‬
‫‪ - 5‬المخنّث بالمعنى المتقدّم ‪ ،‬والّذي له أرب في‬
‫النّساء ‪ ،‬ل خلف في حرمة اطّلعه على النّساء‬
‫ن ‪ ،‬لنّه فحل فاسق ‪ -‬كما قال ابن‬ ‫ونظره إليه ّ‬
‫عابدين ‪.‬‬
‫ما إذا كان مخنّثا ً بالخلقة ‪ ،‬ول إرب له في النّساء ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫فقد صّرح المالكيّة والحنابلة وبعض الحنفيّة بأنّه‬
‫ن‬
‫خص بترك مثله مع النّساء ‪ ،‬ول بأس بنظره إليه ّ‬ ‫ير ّ‬
‫ل لهم النّظر إلى‬ ‫‪ ،‬استدلل ً بقوله تعالى فيمن يح ّ‬
‫ل للنّساء الظّهور أمامهم متزيّنات ‪،‬‬ ‫النّساء ‪ ،‬ويح ّ‬
‫ن غَي ْ ِ‬
‫ر‬ ‫حيث عد ّ منهم أمثال هؤلء ‪ ،‬وهو { أو التَّابِعي َ‬
‫ل ‪}...‬‬ ‫ُ‬
‫جا ِ‬‫أولي الِْربَةِ من الّرِ َ‬
‫ن المخنّث ‪ -‬ولو‬ ‫شافعيّة وأكثر الحنفيّة إلى أ ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫كان ل إرب له في النّساء ‪ -‬ل يجوز نظره إلى‬
‫النّساء ‪ ،‬وحكمه في هذا كالفحل ‪ :‬استدلل ً بحديث‬
‫ن»‪.‬‬ ‫ن هؤلءِ عليك َّ‬ ‫« ل يَدخل َّ‬
‫عقوبة المخنّث ‪:‬‬
‫‪ - 6‬المخنّث بالختيار من غير ارتكاب الفعل القبيح‬
‫معصية ل حد ّ فيها ول كّفارة ً ‪ ،‬فعقوبته عقوبة‬
‫تعزيريّة تناسب حالة المجرم وشدّة الجرم ‪ .‬وقد‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عّزر المخنّثين‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫ورد « أ ّ‬
‫بالنّفي ‪ ،‬فأمر بإخراجهم من المدينة ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫صحابة من‬ ‫أخرجوهم من بيوتكم » وكذلك فعل ال ّ‬
‫ما إن صدر منه مع تخنّثه تمكين الغير من‬ ‫بعده ‪ .‬أ ّ‬
‫فعل الفاحشة به ‪ ،‬فقد اختلف في عقوبته ‪ ،‬فذهب‬
‫كثير من الفقهاء إلى أنّه تطبّق عليه عقوبة الّزنى ‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫ن عقوبته تعزيريّة قد تصل‬ ‫وذهب أبو حنيفة إلى أ ّ‬
‫إلى القتل أو الحراق أو الّرمي من شاهق جبل مع‬
‫صحابة اختلفهم في‬ ‫ن المنقول عن ال ّ‬ ‫التّنكيس ‪ ،‬ل ّ‬
‫هذه العقوبة ‪ ،‬ويراجع في هذا مصطلح ‪ (:‬حد ّ عقوبة‬
‫‪ ،‬تعزير ‪ ،‬ولواط )‬
‫مواطن البحث ‪:‬‬
‫‪ - 7‬يذكر الفقهاء أحكام التّخنّث في مباحث خيار‬
‫العيب إذا كان العبد المبيع مخنّثا ً ‪ ،‬ويذكرونها في‬
‫شهادة ‪ ،‬والنّكاح ‪ ،‬والنّظر إلى المرأة الجنبيّة‬ ‫بحث ال ّ‬
‫‪ ،‬وفي مسائل اللّباس والّزينة وأبواب الحظر‬
‫والباحة ونحوها ‪.‬‬
‫===============‬
‫تخيير *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬مصدر خيّر ‪ ،‬يقال خيّرته بين‬ ‫‪ - 1‬التّخيير لغ ً‬
‫شيء ‪:‬‬ ‫شيئين ‪ ،‬أي ‪ :‬فوّضت إليه الخيار ‪ ،‬وتخيّر ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫اختاره ‪ ،‬والختيار ‪ :‬الصطفاء وطلب خير المرين ‪،‬‬
‫وكذلك التّخيّر ‪ .‬والستخارة ‪ :‬طلب الخيرة في‬
‫شيء ‪ ،‬وخار اللّه لك أي ‪ :‬أعطاك ما هو خير لك ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫والخيرة ‪ -‬بسكون الياء ‪ -‬السم منه ‪.‬‬
‫وفي الصطلح ‪ :‬ل يخرج استعمال الفقهاء لمصطلح‬
‫( تخيير ) عن معناه اللّغويّ ‪.‬‬
‫فهو عندهم ‪ :‬تفويض المر إلى اختيار المكلّف في‬
‫انتقاء خصلة من خصال معيّنة شرعا ً ‪ ،‬ويوكل إليه‬
‫تعيين أحدها ‪ ،‬بشروط معلومة ‪ ،‬كتخييره بين خصال‬
‫الكّفارة ‪ ،‬وتخييره بين القصاص والعفو ‪ ،‬وتخييره‬
‫في جنس ما يخرج في الّزكاة ‪ ،‬وتخييره في فدية‬
‫ج ‪ ،‬وتخييره في التّصّرف في السرى ‪ ،‬وتخييره‬ ‫الح ّ‬
‫في حد ّ المحارب ‪ ،‬وغيرها من الحكام ‪ .‬والتّخيير‬

‫‪407‬‬
‫شريعة ويسرها ومراعاتها‬ ‫بهذا دليل على سماحة ال ّ‬
‫ما‬
‫لمصالح العباد فيما فوّضت إليهم اختياره ‪ ،‬م ّ‬
‫ضّر عنهم ‪.‬‬‫يجلب النّفع لهم ويدفع ال ّ‬
‫التّخيير عند الصوليّين ‪:‬‬
‫‪ - 2‬يتكلّم الصوليّون على التّخيير في المباح ‪،‬‬
‫سع ‪،‬‬‫والمندوب ‪ ،‬والواجب المخيّر ‪ ،‬والواجب المو ّ‬
‫والنّهي على جهة التّخيير ‪ ،‬والّرخصة ‪ .‬وتفصيل ذلك‬
‫ي‪.‬‬‫في الملحق الصول ّ‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬الباحة ‪:‬‬
‫‪ - 3‬الباحة في اللّغة ‪ :‬الحلل ‪ ،‬يقال ‪ :‬أبحتك‬
‫شيء أي ‪ :‬أحللته لك ‪ ،‬والمباح خلف المحظور ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وفي اصطلح الفقهاء ‪ :‬الذن بالتيان بالفعل حسب‬
‫مشيئة الفاعل في حدود الذن ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّفويض ‪:‬‬
‫‪ - 4‬التّفويض مصدر فوّض ‪ ،‬يقال ‪ :‬فوّض إليه‬
‫شيئين ‪ ،‬فاختار أحدهما ‪ ،‬ومنه تفويض‬ ‫الختيار بين ال ّ‬
‫الّزوج إلى زوجته طلق نفسها أو بقاءها في عصمته‬
‫‪.‬‬
‫أحكام التّخيير ‪:‬‬
‫شريعة السلميّة نبيّنها‬ ‫صة في ال ّ‬ ‫للتّخيير أحكام خا ّ‬
‫فيما يلي ‪:‬‬
‫صلة في الوقت‬ ‫أوّل ً ‪ :‬تخيير المصلّي في أداء ال ّ‬
‫سع ‪:‬‬‫المو ّ‬
‫‪ - 5‬اتّفق الفقهاء على القول بتخيير المصلّي في‬
‫سع ‪ ،‬وهو الوقت الّذي‬ ‫صلة في الوقت المو ّ‬ ‫أداء ال ّ‬
‫صلة فيه لختيار المصلّي ‪ ،‬فإن شاء‬ ‫وكّل إيقاع ال ّ‬
‫أوقعها في أوّله ‪ ،‬أو في وسطه ‪ ،‬أو في آخره ‪ ،‬ول‬
‫إثم عليه فيما يختار ‪ .‬وذهب بعض الفقهاء إلى‬

‫‪408‬‬
‫خر إلى وقت الكراهة في بعض‬ ‫القول بالثم إن أ ّ‬
‫صلة ) ‪.‬‬ ‫الوقات ‪ .‬وتفصيل ذلك في ( أوقات ال ّ‬
‫صلة عند الجمهور بأوّل الوقت وجوباً‬ ‫‪ -6‬وتجب ال ّ‬
‫خرها‬ ‫سعا ً ‪ ،‬بمعنى أنّه ل يأثم بتأخيرها ‪ .‬فلو أ ّ‬ ‫مو ّ‬
‫عازما ً على فعلها من غير عذر ‪ ،‬فمات في أثناء‬
‫الوقت لم يأثم ‪ ،‬لنّه فعل ما يجوز له فعله ‪ ،‬إذ هو‬
‫أي جزء من وقتها ‪،‬‬ ‫صلة في ّ‬ ‫بالخيار في أداء ال ّ‬
‫والموت ليس من فعله ‪ ،‬فل يأثم بالتّخيّر ‪ .‬إل ّ أن‬
‫ن الموت ‪ ،‬ولم يؤد ّ حتّى مات ‪ ،‬فإنّه يموت‬ ‫يظ ّ‬
‫عاصيا ً ‪.‬‬
‫سع صار‬ ‫ن المو ّ‬ ‫وكذا إذا تخلّف ظنّه فلم يمت ‪ ،‬ل ّ‬
‫قه مضيّقا ً ‪ ،‬وانتفى بذلك اختياره ‪.‬‬ ‫في ح ّ‬
‫خرها غير عازم على الفعل أثم بالتّأخير ‪ ،‬وإن‬ ‫فإن أ ّ‬
‫خرها بحيث لم يبق من الوقت ما يتّسع لجميع‬ ‫أ ّ‬
‫صلة ل تجب‬ ‫صلة أثم أيضا ً ‪ .‬وعند الحنفيّة أ ّ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫في أوّل الوقت على التّعيين ‪ ،‬وإنّما تجب في جزء‬
‫من الوقت غير معيّن ‪ ،‬والتّعيين للمصلّي باختياره‬
‫من حيث الفعل ‪.‬‬

‫فإذا شرع في أوّل الوقت يجب في ذلك الوقت ‪،‬‬


‫وكذا إذا شرع في وسطه أو آخره ‪.‬‬
‫ومتى لم يعيّن بالفعل حتّى بقي من الوقت مقدار‬
‫صلة يجب عليه تعيين ذلك الوقت للداء‬ ‫ما يسع ال ّ‬
‫فعل ً ‪ ،‬حتّى يأثم بترك التّعيين ‪ ،‬لنّه ل خيار له في‬
‫غيره ‪.‬‬
‫سع‬
‫صلة في الوقت المو ّ‬ ‫‪ -7‬ودليل التّخيير في أداء ال ّ‬
‫حديث جبريل ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬الّذي يرويه ابن عبّاس‬
‫ي صلى الله عليه‬‫‪ -‬رضي الله عنهما ‪ « -‬عن النّب ّ‬
‫منِي جبريل عند البيت مّرتين ‪ ،‬فصلّى‬ ‫وسلم قال ‪ :‬أ َ َّ‬

‫‪409‬‬
‫الظّهر في الولى منهما حين كان الفيء مثل‬
‫ل شيء مثل‬ ‫م صلّى العصر حين كان ك ّ‬ ‫شراك ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شمس وأفطر‬ ‫م صلّى المغرب حين وجبت ال ّ‬ ‫ظلّه ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬‫شفق ‪ ،‬ث ّ‬ ‫م صلّى العشاء حين غاب ال ّ‬ ‫صائم ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلّى الفجر حين برق الفجر وحرم الطّعام على‬
‫صائم ‪ ،‬وصلّى المّرة الثّانية الظّهر حين كان ظ ّ‬
‫ل‬ ‫ال ّ‬
‫م صلّى‬ ‫ل شيء مثله ‪ ،‬لوقت العصر بالمس ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ك ّ‬
‫م صلّى‬ ‫ل شيء مثليه ‪ ،‬ث ّ‬ ‫لك ّ‬ ‫العصر حين كان ظ ّ‬
‫م صلّى العشاء الخرة حين‬ ‫المغرب لوقته الوّل ‪ ،‬ث ّ‬
‫صبح حين أسفرت‬ ‫م صلّى ال ّ‬ ‫ذهب ثلث اللّيل ‪ ،‬ث ّ‬
‫مد هذا‬ ‫ي جبريل وقال ‪ :‬يا مح ّ‬ ‫م التفت إل ّ‬ ‫الرض ‪ ،‬ث ّ‬
‫وقت النبياء من قبلك ‪ ،‬والوقت فيما بين هذين‬
‫الوقتين » ‪.‬‬
‫وفي حديث بريدة عن مسلم ‪ « :‬وقت صلتكم بين‬
‫ما رأيتم » ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬التّخيير في نوع ما يجب إخراجه في الّزكاة‬
‫ة‬
‫ن البقر إذا بلغت مائ ً‬ ‫‪ - 8‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫وعشرين يخيّر في أخذ زكاتها بين ثلث مسنّات أو‬
‫ساعي عند المالكيّة‬ ‫أربع تبيعات ‪ .‬والخيار في ذلك لل ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬وللمالك عند الحنفيّة ‪ ،‬وهكذا‬ ‫وال ّ‬
‫كلّما أمكن أداء الواجب من التبعة أو المسنّات ‪.‬‬
‫ة وإحدى وعشرين ‪ ،‬فعند‬ ‫ما البل فإذا بلغت مائ ً‬ ‫أ ّ‬
‫المالكيّة زكاتها حّقتان أو ثلث بنات لبون ‪ ،‬والخيار‬
‫ساعي ‪.‬‬ ‫فيه لل ّ‬
‫ب‬ ‫صنفين ‪ ،‬وكان عند ر ّ‬ ‫ساعي أحد ال ّ‬ ‫فإن اختار ال ّ‬
‫صنف الخر أفضل أجزأه ما أخذه‬ ‫المال من ال ّ‬
‫ب له إخراج شيء زائد ‪ .‬وعند‬ ‫ساعي ‪ ،‬ول يستح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة زكاتها ثلث بنات لبون بل تخيير ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪410‬‬
‫وعند الحنفيّة تستأنف الفريضة ‪ ،‬وتفصيل ذلك في‬
‫مصطلح ( زكاة ) ‪.‬‬
‫ة من جنس واحد‬ ‫مت أنواعا ً مختلف ً‬ ‫ما إذا ض ّ‬
‫‪ -9‬أ ّ‬
‫م العراب إلى‬ ‫سائمة ‪ ،‬كأن تض ّ‬ ‫لتكميل نصاب ال ّ‬
‫ضأن‬‫ي من البل ‪ ،‬والجواميس إلى البقر ‪ ،‬وال ّ‬ ‫البخات ّ‬
‫ساعي‬ ‫إلى المعز من الغنم ‪ :‬فعند المالكيّة يخيّر ال ّ‬
‫في الخذ من أيّها شاء إذا تساوى النّوعان‬
‫المضمومان ‪ ،‬وإذا لم يتساويا أخذ من الكثر إذ‬
‫شافعيّة ثلثة أقوال في‬ ‫الحكم للغلب ‪ .‬وعند ال ّ‬
‫المذهب ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أنّه يؤخذ من الغلب ‪ ،‬فإن استويا يؤخذ من‬
‫الغبط للمساكين على المذهب ‪ ،‬وذلك باعتبار‬
‫القيمة ‪ ،‬كاجتماع الحقاق وبنات اللّبون ‪.‬‬
‫والقول الثّاني ‪ :‬أنّه يؤخذ من العلى ‪ ،‬كما لو‬
‫انقسمت إلى صحاح ومراض ‪.‬‬
‫والقول الثّالث ‪ :‬أنّه يؤخذ من الوسط كما في الثّمار‬
‫‪ ،‬وهو مذهب الحنفيّة ‪.‬‬
‫وعند الحنابلة أنّه يؤخذ من أحدهما على قدر قيمة‬
‫المالين المزكّيين ‪ ،‬فإذا كان النّوعان سواءً ‪ ،‬وقيمة‬
‫المخرج من أحدهما اثنا عشر ‪ ،‬والمخرج من الخر‬
‫خمسة عشر ‪ ،‬أخرج من أحدهما ما قيمته ثلثة‬
‫عشر ونصف ‪.‬‬
‫‪ - 10‬فإن اتّفق في نصاب فرضان ‪ ،‬كالمائتين من‬
‫البل ‪ ،‬وهي نصاب خمس بنات لبون ونصاب أربع‬
‫حقاق ‪ ،‬فيخيّر بينهما ‪ ،‬فإن شاء أخرج أربع حقاق ‪،‬‬
‫وإن شاء أخرج خمس بنات لبون ‪ ،‬لحديث ‪ « :‬فإذا‬
‫كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون »‬
‫ل نوع منهما ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ولنّه وجد ما يقتضي إخراج ك ّ‬

‫‪411‬‬
‫والخيار في هذا للمالك ‪ ،‬وهذا باتّفاق الفقهاء ‪،‬‬
‫ي في القديم أنّه تجب أربع حقاق ‪ ،‬لنّه إذا‬ ‫شافع ّ‬ ‫ولل ّ‬
‫ن ‪ ،‬لم يغيّر بالعدد ‪.‬‬ ‫س ّ‬ ‫أمكن تغيّر الفرض بال ّ‬
‫ثالثا ً ‪ :‬التّخيير في فدية الجناية على الحرام في‬
‫ج‬ ‫الح ّ‬
‫ن المحرم إذا جنى على‬ ‫‪ - 11‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫إحرامه بأن حلق شعره ‪ ،‬أو قلّم أظفاره ‪ ،‬أو‬
‫تطيّب ‪ ،‬أو لبس مخيطا ً ‪ ،‬أنّه تجب عليه الفدية وهي‬
‫ما أن يهدي شاةً ‪،‬‬ ‫على التّخيير بين خصال ثلث ‪ :‬فإ ّ‬
‫أو يطعم ستّة مساكين ‪ ،‬أو يصوم ثلثة أيّام ‪.‬‬
‫وتفصيل موجب الفدية تقدّم في مصطلح ‪:‬‬
‫( إحرام ) ‪.‬‬
‫منْكم‬ ‫ن ِ‬ ‫ن كا َ‬ ‫‪ - 12‬ودليل ذلك قوله تعالى ‪ { :‬فَ َ‬
‫م ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫صيَام ٍ أو‬ ‫ن ِ‬
‫ةم ْ‬ ‫سه فَِفدْي َ ٌ‬‫ن َرأ ِ‬ ‫ضا ً أو به أذ ًى م ْ‬ ‫مرِي ْ َ‬‫َ‬
‫سك } ‪ .‬ولحديث كعب بن عجرة ‪ -‬رضي‬ ‫صدَقَةٍ أو ن ُ ُ‬‫َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال له‬ ‫ن النّب ّ‬
‫الله عنه ‪ « -‬أ ّ‬
‫م رأسك ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم يا رسول‬ ‫‪ :‬لعلّك آذاك هوا ّ‬
‫اللّه ‪ ،‬فقال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬احلق رأسك‬
‫ة ‪ ،‬أو أطعم ستّة مساكين ‪ ،‬أو انسك شاةً‬ ‫وصم ثلث ً‬
‫»‪.‬‬
‫وقصر الحنفيّة التّخيير في الفدية على أصحاب‬
‫ما غير المعذور فيفدي بذبح شاة ‪ ،‬ول‬ ‫العذار ‪ ،‬أ ّ‬
‫خيار له في غيرها ‪ .‬ولم يفّرق الجمهور بينهما ‪.‬‬
‫ن الية واردة‬ ‫ودليل الحنفيّة على ما ذهبوا إليه ‪ ،‬أ ّ‬
‫سرة‬ ‫في المعذور بدليل حديث كعب بن عجرة المف ّ‬
‫للية ‪ ،‬فجاء في رواية ‪ « :‬قال ‪ :‬حملت إلى رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى ‪ ،‬أو ما‬
‫كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى ‪ .‬أتجد شاةً ؟ فقلت‬

‫‪412‬‬
‫‪ :‬ل ‪ ،‬فقال ‪ :‬صم ثلثة أيّام ‪ ،‬أو أطعم ستّة مساكين‬
‫ل على أنّه كان‬ ‫ل مسكين نصف صاع » ‪ .‬فد ّ‬ ‫لك ّ‬
‫معذورا ً وحملت الية عليه ‪.‬‬
‫ودليل الجمهور ما تقدّم في الية والحديث من‬
‫التّخيير بلفظ " أو " ‪.‬‬
‫‪ - 13‬والحكم ثابت في غير المعذور بطريق التّنبيه‬
‫ل كّفارة ثبت التّخيير فيها مع‬ ‫نك ّ‬ ‫تبعا ً للمعذور ‪ ،‬ل ّ‬
‫العذر ثبت مع عدمه ‪.‬‬
‫صيد في‬ ‫‪ - 14‬كما يثبت التّخيير في كّفارة قتل ال ّ‬
‫الحرم ‪.‬‬
‫ما أن يهدي‬ ‫ويخيّر فيه قاتله بين ثلث خصال ‪ :‬فإ ّ‬
‫مثل ما قتله من النَّعَم لفقراء الحرم ‪ ،‬إن كان ال ّ‬
‫صيد‬
‫له مثل من البل أو البقر أو الغنم ‪ .‬أو أن يقوّمه‬
‫بالمال ‪ ،‬ويقوّم المال طعاما ً ‪ ،‬ويتصدّق بالطّعام‬
‫شافعيّة‬ ‫على الفقراء ‪ .‬وهذا مذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫صيد يقوّم‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ما المالكيّة فذهبوا إلى أ ّ‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬أ ّ‬
‫م اشترى به‬ ‫ابتداءً بالطّعام ‪ ،‬ولو قوّمه بالمال ث ّ‬
‫طعاما ً أجزأه ‪ .‬والخصلة الثّالثة الّتي يخيّر فيها قاتل‬
‫ل مد ّ من الطّعام يوما ً ‪ .‬ودليل‬ ‫صيد أن يصوم عن ك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫التّفاق على التّخيير في كّفارة صيد الحرم قوله‬
‫م مساكين‬ ‫تعالى ‪ { :‬هَدْيَا ً بَالِغَ الكعبَةِ أو كّفارةٌ طعا ُ‬
‫ما ً } و" أو " تفيد التّخيير ‪.‬‬ ‫ل ذلك صيا َ‬ ‫أو عَد ْ ُ‬
‫رابعا ً ‪ :‬من أسلم على أكثر من أربع نسوة ‪:‬‬
‫مد بن‬ ‫شافعيّة والحنابلة والمالكيّة ومح ّ‬ ‫‪ - 15‬ذهب ال ّ‬
‫الحسن إلى تخيير من أسلم وتحته أكثر من أربع‬
‫ن‬
‫ل له الجمع بينه ّ‬ ‫نسوة ‪ ،‬أو أختان ‪ ،‬أو من ل يح ّ‬
‫ن‪،‬‬ ‫بنسب أو رضاع ‪ ،‬فيخيّر في إمساك من أراد منه ّ‬
‫ل ‪ ،‬أو أن يمسك إحدى‬ ‫بأن يمسك أربعا ً أو أق ّ‬
‫من سوى من‬ ‫الختين ‪ ،‬وهكذا ‪ .‬ويفسخ نكاحه م ّ‬

‫‪413‬‬
‫ن ‪ .‬وذلك لحديث قيس بن الحارث قال ‪« :‬‬ ‫اختاره ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ت وتحتي ثمان نسوة ‪ ،‬فأتيت النّب ّ‬ ‫أسلم ُ‬
‫ن‬
‫عليه وسلم فذكرت له ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬اختر منه ّ‬
‫ن‬
‫ي‪«:‬أ ّ‬ ‫مد بن سويد الثّقف ّ‬ ‫أربعا ً » ‪ .‬ولحديث مح ّ‬
‫غيلن بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة ‪ ،‬فأسلمن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أن يختار‬ ‫معه ‪ ،‬فأمره النّب ّ‬
‫ن أربعا ً » ‪.‬‬‫منه ّ‬
‫ن الكافر إذا‬ ‫وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أ ّ‬
‫أسلم وتحته خمس نسوة فصاعدا ً أو أختان بطل‬
‫ن بعقد واحد ‪ ،‬فإن كان‬ ‫تزوجه ّ‬‫ّ‬ ‫ن ‪ ،‬إن كان قد‬ ‫نكاحه ّ‬
‫قد رتّب فالخر هو الّذي يبطل ‪ .‬ودليلهم على ما‬
‫ن هذه العقود فاسدة ‪ ،‬ولكنّا ل نتعّرض‬ ‫ذهبوا إليه أ ّ‬
‫لهم ‪ ،‬لنّا أمرنا بتركهم وما يدينون ‪ ،‬فإذا أسلموا‬
‫بطلت النكحة الفاسدة ‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ - 16‬ومن أحكام التّخيير في هذا الباب وآثاره ‪ :‬أ ّ‬
‫صريح كأن يقول ‪ :‬اخترت‬ ‫الختيار يحصل باللّفظ ال ّ‬
‫ن ‪ ،‬كما يحصل بأن‬ ‫نكاح هؤلء ‪ ،‬أو اخترت إمساكه ّ‬
‫ن الطّلق ل يكون إل ّ لزوجة ‪ .‬كما‬ ‫ن‪،‬ل ّ‬ ‫يطلّق بعضه ّ‬
‫ل يتعيّن الربع‬ ‫يحصل إذا وطئها ‪ ،‬وإذا وطئ الك ّ‬
‫ن يتعيّن للتّرك ‪.‬‬ ‫الول للمساك ‪ ،‬وما عداه ّ‬
‫ن‬‫شافعيّة في اعتبار الوطء اختيارا ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫وخالف ال ّ‬
‫ح ابتداء النّكاح‬ ‫الختيار رهنا ً كالبتداء ‪ ،‬ول يص ّ‬
‫واستدامته إل ّ بالقول ‪ .‬وإذا لم يختر أجبر على‬
‫ن‬‫ضرب وغيره ‪ ،‬ل ّ‬ ‫الختيار بالحبس أو بالتّعزير بال ّ‬
‫ق عليه ‪ ،‬فألزم بالخروج منه إن امتنع‬ ‫الختيار ح ّ‬
‫كسائر الحقوق ‪.‬‬
‫شافعيّة أنّه ل يضرب مع‬ ‫وعن ابن أبي هريرة من ال ّ‬
‫الحبس ‪ ،‬بل يشدّد عليه الحبس ‪ ،‬فإن أصّر عّزر ثانياً‬
‫وثالثا ً إلى أن يختار ‪ .‬وإذا حبس ل يعّزر على الفور ‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫خر ليفكّر فيتخيّر بعد رويّة وإمعان نظر ‪.‬‬ ‫فلعلّه يؤ ّ‬
‫ومدّة المهال ثلثة أيّام ‪ .‬وليس للحاكم أن يختار‬
‫ق لغير معيّن ‪ ،‬وهو اختيار‬ ‫ن الح ّ‬ ‫على الممتنع ‪ ،‬ل ّ‬
‫رغبة ‪ ،‬فكان من حقّ الّزوج ‪.‬‬
‫ومن الحكام كذلك ‪ :‬أنّه إذا أسلم بعض زوجاته ‪،‬‬
‫وليس البواقي كتابيّات ‪ ،‬فينحصر تخييره في‬
‫المسلمات فقط ‪ ،‬وليس له أن يختار من لم يسلمن‬
‫ن له ‪.‬‬ ‫‪ ،‬لعدم حلّه ّ‬
‫ن في‬ ‫ومن الحكام أنّه يلزم الّزوج النّفقة لجميعه ّ‬
‫ن محبوسات لجله ‪،‬‬ ‫مدّة التّخيير إلى أن يختار ‪ ،‬لنّه ّ‬
‫ن في حكم الّزوجات ‪.‬‬ ‫وه ّ‬
‫خامسا ً ‪ :‬تخيير الطّفل في الحضانة ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى تخيير المحضون‬ ‫‪ - 17‬ذهب ال ّ‬
‫مه إذا تنازعا فيه على ما يأتي من‬ ‫بين أبيه وأ ّ‬
‫التّفصيل ‪ ،‬فيلحق بأيّهما اختار ‪ .‬فإن اتّفقا على أن‬
‫شافعيّة‬ ‫يكون المحضون عند أحدهما جاز ‪ ،‬وعند ال ّ‬
‫يبقى التّخيير وإن أسقط أحدهما حّقه قبل التّخيير ‪-‬‬
‫ي ‪ -‬ول فرق في التّخيير بين‬ ‫خلفا ً للماورديّ والّرويان ّ‬
‫الذ ّكر والنثى ‪.‬‬
‫وعند الحنابلة ‪ :‬يخيّر الغلم إذا بلغ سبع سنين‬
‫شرع فيها بمخاطبته‬ ‫ن الّتي أمر ال ّ‬ ‫س ّ‬‫عاقل ً ‪ ،‬لنّها ال ّ‬
‫شافعيّة بالتّمييز بأن يأكل وحده ‪،‬‬ ‫صلة ‪ .‬وحدّه ال ّ‬ ‫بال ّ‬
‫سابعة حدّا ً ‪،‬‬‫ويشرب وحده ‪ ،‬ولم يعتبروا بلوغه ال ّ‬
‫مه ‪ ،‬ول فرق‬ ‫سبع بل تمييز بقي عند أ ّ‬ ‫فلو جاوز ال ّ‬
‫في هذا بين الذ ّكر والنثى ‪ .‬وهذا يخالف في ظاهره‬
‫صلة إذا بلغ سبع سنين ‪ ،‬وعدم‬ ‫ما ورد من أمره بال ّ‬
‫ن‬
‫أمره بها قبل أن يبلغها وإن ميّز ‪ .‬والفرق بينهما أ ّ‬
‫ة ‪ ،‬فخّفف عنه‬ ‫سبع مشّق ً‬ ‫صلة قبل ال ّ‬ ‫في أمره بال ّ‬
‫ن المدار في التّخيير على‬ ‫ذلك ‪ .‬بخلف الحضانة ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪415‬‬
‫معرفة ما فيه صلح نفسه وعدمه ‪ ،‬فيقيّد بالتّمييز ‪،‬‬
‫سبع ‪.‬‬ ‫وإن لم يجاوز ال ّ‬
‫ي إذا‬
‫صب ّ‬ ‫وفّرق الحنابلة بين الذ ّكر والنثى ‪ ،‬فيخيّر ال ّ‬
‫ما البنت فتكون في حضانة والدها‬ ‫بلغ سبع سنين ‪ ،‬أ ّ‬
‫ن البلوغ ‪ ،‬وبعد‬ ‫م لها سبع سنين ‪ ،‬حتّى س ّ‬ ‫إذا ت ّ‬
‫البلوغ تكون عند الب أيضا ً إلى الّزفاف وجوبا ً ‪ ،‬ولو‬
‫ن الغرض من الحضانة‬ ‫م بحضانتها ‪ ،‬ل ّ‬ ‫تبّرعت ال ّ‬
‫الحفظ ‪ ،‬والب أحفظ لها ‪ .‬ولنّها تخطب منه ‪،‬‬
‫فوجب أن تكون تحت نظره ‪.‬‬
‫سلمة من‬ ‫‪ - 18‬والتّخيير في الحضانة مشروط بال ّ‬
‫الفساد ‪ ،‬فإذا علم أنّه يختار أحدهما ليمكّنه من‬
‫الفساد ‪ ،‬ويكره الخر لما سيلزمه به من أدب ‪ ،‬لم‬
‫شهوة ‪،‬‬ ‫ي على ال ّ‬ ‫يعمل بمقتضى اختياره ‪ ،‬لنّه مبن ّ‬
‫فيكون فيه إضاعة له ‪.‬‬
‫كما أنّه مشروط بأن يظهر للحاكم معرفته بأسباب‬
‫الختيار ‪.‬‬
‫‪ - 19‬ودليل التّخيير ما رواه أبو هريرة ‪ -‬رضي الله‬
‫ي صلى الله‬ ‫عنه ‪ -‬قال ‪ « :‬جاءت امرأة إلى النّب ّ‬
‫ن زوجي يريد أن يذهب‬ ‫عليه وسلم فقالت ‪ :‬إ ّ‬
‫بابني ‪ ،‬وقد سقاني من بئر أبي عنبة ونفعني ‪ ،‬فقال‬
‫مك ‪،‬‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬هذا أبوك وهذه أ ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫مه ‪ ،‬فانطلقت به »‬ ‫فخذ بيد أيّهما شئت ‪ ،‬فأخذ بيد أ ّ‬
‫وما ورد من قضاء عمر بذلك‬
‫‪ - 20‬ومن أحكام التّخيير ‪ :‬أنّه لو امتنع المختار من‬
‫كفالة المحضون كفله الخر ‪ ،‬فإن رجع الممتنع منها‬
‫م ‪ ،‬خيّر بين‬ ‫أعيد التّخيير ‪ .‬وإن امتنعا أي الب وال ّ‬
‫الجد ّ والجدّة ‪ ،‬وإل ّ أجبر عليها من تلزمه نفقته ‪ ،‬لنّها‬
‫من جملة الكفالة ‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫ن المميّز الّذي ل أب له‬ ‫‪ - 21‬ومن أحكامه كذلك أ ّ‬
‫م وإن علت وجد ّ وإن عل ‪ ،‬عند فقد من‬ ‫يخيّر بين أ ّ‬
‫هو أقرب منه ‪ ،‬أو قيام مانع به لوجود الولدة في‬
‫ل‪.‬‬‫الك ّ‬
‫ن المميّز إن اختار أحد‬ ‫‪ - 22‬ومن أحكامه كذلك أ ّ‬
‫م اختار الخر حوّل إليه ‪ ،‬لنّه قد يظهر‬ ‫البوين ‪ ،‬ث ّ‬
‫المر على خلف ما ظنّه ‪ ،‬أو يتغيّر حال من اختاره‬
‫أوّل ً ‪.‬‬
‫ن سبب اختياره للخر قلّة عقله ‪،‬‬ ‫إل ّ إذا ظهر أ ّ‬
‫مه وإن بلغ ‪ ،‬كما قبل التّمييز ‪.‬‬ ‫فيجعل عند أ ّ‬
‫ن المحضون إذا اختار‬ ‫‪ - 23‬ومن الحكام كذلك ‪ :‬أ ّ‬
‫ما إذا لم‬
‫جح ‪ .‬أ ّ‬‫أبويه معا ً أقرع بينهما لنتفاء المر ّ‬
‫م أولى ‪ ،‬لنّها‬ ‫شافعيّة ال ّ‬‫يختر واحدا ً منهما ‪ ،‬فعند ال ّ‬
‫أشفق واستصحابا ً لما كان عليه ‪ .‬وعند الحنابلة ‪:‬‬
‫يقرع بينهما ‪ ،‬لنّه ل أولويّة حينئذ لحدهما ‪ ،‬وهو قول‬
‫شافعيّة ‪ .‬فإذا اختار المحضون غير من قدّم‬ ‫لل ّ‬
‫بالقرعة رد ّ إليه ‪ ،‬كما لو اختاره ابتداءً ‪.‬‬
‫ول يخيّر الغلم إذا كان أحد أبويه ليس من أهل‬
‫الحضانة ‪ ،‬لنّه غير أهل فيكون وجوده كعدمه ‪،‬‬
‫ويتعيّن أن يكون الغلم عند الخر ‪ .‬وإن اختار ابن‬
‫م ‪ ،‬لحاجته إلى من‬ ‫م زال عقله رد ّ إلى ال ّ‬ ‫سبع أباه ث ّ‬
‫صغير ‪ ،‬وبطل اختياره لنّه ل حكم لكلمه‬ ‫يتعهّده كال ّ‬
‫‪.‬‬
‫صغير‬ ‫ما الحنفيّة والمالكيّة فذهبوا إلى أنّه ل خيار لل ّ‬ ‫أ ّ‬
‫م أحقّ بهما‪ .‬وعند الحنفيّة‬ ‫ن ال ّ‬‫ذكرا ً كان أو أنثى ‪ ،‬وأ ّ‬
‫مه إلى أن يستغني بنفسه ‪ ،‬بأن‬ ‫ي عند أ ّ‬ ‫صب ّ‬ ‫يبقى ال ّ‬
‫يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده ويلبس‬
‫وحده ‪ .‬وعند المالكيّة إلى البلوغ في المشهور من‬

‫‪417‬‬
‫ن‬‫المذهب ‪ ،‬ويقابل المشهور ما قاله ابن شعبان ‪ :‬إ ّ‬
‫أمد الحضانة في الذ ّكر حتّى يبلغ عاقل ً غير زمن ‪.‬‬
‫مها إلى أن‬ ‫ما البنت فعند الحنفيّة تبقى حضانة أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫تحيض ‪ .‬وبعد البلوغ تحتاج إلى التّحصين والحفظ‬
‫ن البنت‬ ‫مد بن الحسن أ ّ‬ ‫والب فيه أقوى ‪ .‬وعن مح ّ‬
‫شهوة ‪ ،‬لتحّقق الحاجة‬ ‫تدفع إلى الب إذا بلغت حد ّ ال ّ‬
‫مها إلى‬ ‫ما عند المالكيّة فتبقى عند أ ّ‬ ‫صيانة ‪ .‬أ ّ‬
‫إلى ال ّ‬
‫أن يدخل بها زوجها ‪ ،‬لنّها تحتاج إلى معرفة آداب‬
‫النّساء ‪ ،‬والمرأة على ذلك أقدر ‪.‬‬
‫‪ - 24‬والعلّة في عدم تخيير المحضون عند الحنفيّة‬
‫والمالكيّة هي ‪ :‬قصور عقله الدّاعي إلى قصور‬
‫اختياره ‪ .‬فقد يختار من عنده الدّعة والتّخلية بينه‬
‫وبين اللّعب ‪ ،‬فل يتحّقق المقصود من الحضانة وهو‬
‫النّظر في مصالح المحضون‬
‫وما ورد من أحاديث تفيد تخيير الطّفل ‪ ،‬جاء فيها أ ّ‬
‫ن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أن‬ ‫اختياره كان لدعاء النّب ّ‬
‫يهديه إلى الصلح ‪ .‬كما جاء في حديث « رافع بن‬
‫سنان أنّه أسلم ‪ ،‬وأبت امرأته أن تسلم فقالت ‪:‬‬
‫ي‬
‫ابنتي وهي فطيم ‪ ،‬وقال رافع ‪ :‬ابنتي ‪ .‬فأقعد النّب ّ‬
‫ة‪،‬‬‫ة ‪ ،‬والب ناحي ً‬ ‫م ناحي ً‬ ‫صلى الله عليه وسلم ال ّ‬
‫ة وقال لهما ‪ :‬ادعواها فمالت‬ ‫صبيّة ناحي ً‬‫وأقعد ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫مها ‪ ،‬فقال النّب ّ‬ ‫صبيّة إلى أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫م اهدها " فمالت إلى أبيها فأخذها » ‪.‬‬ ‫‪ ":‬اللّه ّ‬
‫وجاء في رواية أنّه ابنهما وليست بنتهما ‪ ،‬ولعلّهما‬
‫قضيّتان مختلفتان ‪.‬‬
‫كما يحمل ما ورد في تخيير الغلم على أنّه كان‬
‫بالغا ً ‪ ،‬بدليل أنّه كان يستسقي من بئر أبي عنبة ‪،‬‬
‫ومن يكون دون البلوغ ل يرسل إلى البار للخوف‬
‫سقوط ‪.‬‬ ‫عليه من ال ّ‬

‫‪418‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬تخيير المام في السرى ‪:‬‬
‫شافعيّة والمالكيّة والحنابلة على تخيير‬ ‫‪ - 25‬اتّفق ال ّ‬
‫إمام المسلمين في أسرى الحرب بين خمس‬
‫ما‬
‫ما أن يقتلهم ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ما أن يسترقّهم ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫خصال ‪ :‬فإ ّ‬
‫ما أن يطلب الفدية مقابل‬ ‫أن يأخذ الجزية منهم ‪ ،‬وإ ّ‬
‫إعتاقهم سواء بالمال ‪ ،‬أو بمفاداتهم بأسرى‬
‫ن‬ ‫المسلمين الّذين في أيدي الكّفار ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ما أن يم ّ‬
‫عليهم فيعتقهم ‪ .‬واستثنى الحنفيّة الخصلتين‬
‫ن ‪ ،‬فقالوا بعدم جواز‬ ‫الخيرتين ‪ ،‬وهما الفداء والم ّ‬
‫ن ‪ ،‬وعدم جواز المفاداة بالمال في المشهور من‬ ‫الم ّ‬
‫ما المفاداة بأسرى المسلمين فل يجوز‬ ‫المذهب ‪ ،‬أ ّ‬
‫صاحبين ‪،‬‬ ‫في قول لبي حنيفة ‪ ،‬وجائز في قول ال ّ‬
‫وهو قول لبي حنيفة كذلك ‪ .‬وفي المسألة تفصيلت‬
‫يرجع إليها في بحث ( أسرى ) ‪.‬‬
‫ودليل جواز أخذ الجزية قوله تعالى ‪ { :‬حتّى يُعْطُوا‬
‫صاِغُرون } ‪.‬‬ ‫ة عن يَدٍ وهم َ‬ ‫جْزي َ َ‬
‫ال ِ‬
‫ن عمر رضي الله عنه فعل ذلك في‬ ‫وكذلك ما جاء أ ّ‬
‫سواد ‪.‬‬ ‫أهل ال ّ‬
‫‪ - 26‬وما تقدّم من تخيير المام في السرى محلّه‬
‫صبيان فل خيار‬ ‫ما النّساء وال ّ‬‫في الّرجال البالغين ‪ ،‬أ ّ‬
‫فيهم ‪ ،‬ول يحكم فيهم إل ّ بالسترقاق ‪ ،‬وحكمهم‬
‫حكم سائر أموال الغنيمة ‪ .‬كما في سبايا هوازن‬
‫وخيبر وبني المصطلق ‪ .‬وجاء عنه صلى الله عليه‬
‫وسلم أنّه « نهى عن قتل النّساء والولدان » ‪ .‬وعند‬
‫المالكيّة ‪ :‬للمام الخيرة فيهم بين السترقاق‬
‫والفداء ‪ - 27 .‬وتخيير المام بين هذه الخصال مقيّد‬
‫بما يظهر له من المصلحة الّراجحة في أحدها ‪،‬‬
‫فيختار الصلح للمسلمين من بينها ‪ .‬فإن كان السير‬
‫ذا قوّة وشوكة فقتله هو المصلحة ‪ ،‬وإن كان ضعيفاً‬

‫‪419‬‬
‫صاحب مال كانت المصلحة في أخذ الفدية منه ‪،‬‬
‫ن عليه تقريباً‬ ‫من يرجى إسلمه فيم ّ‬ ‫وإن كان م ّ‬
‫وتأليفا ً لقلبه على السلم ‪ .‬وإن تردّد نظر المام‬
‫ورأيه في اختيار الصلح ‪ ،‬فعند الحنابلة القتل أولى‬
‫لما فيه من كفاية شّرهم ‪.‬‬
‫شافعيّة يحبسهم حتّى يظهر له الصلح ‪.‬‬ ‫وعند ال ّ‬
‫فالتّخيير في تصّرف المام في السرى مقيّد‬
‫بالمصلحة بخلف التّخيير في خصال الكّفارة ‪ ،‬إذ هو‬
‫أي خصلة‬ ‫تخيير مطلق أبيح للحانث بموجبه أن يختار ّ‬
‫دون النّظر إلى المصلحة ‪.‬‬
‫ة بعد الجتهاد وتقليب‬ ‫ما إذا اختار المام خصل ً‬ ‫‪ - 28‬أ ّ‬
‫ن المصلحة‬ ‫م ظهر له بالجتهاد أ ّ‬ ‫وجوه المصالح ‪ ،‬ث ّ‬
‫في غيرها ‪ ،‬فقد قال ابن حجر في تحفة المحتاج ‪:‬‬
‫الّذي يظهر لي في ذلك تفصيل ل بد ّ منه أوّل ً ‪ :‬فإن‬
‫كانت رقّا ً لم يجز له الّرجوع عنها مطلقا ً ‪ ،‬سواء‬
‫ن أهل‬ ‫استرقّهم لسبب أم لغير سبب ‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫الخمس ملكوهم بمجّرد ضرب الّرقّ ‪ ،‬فلم يملك‬
‫إبطاله عليهم إل ّ برضا من دخلوا في ملكهم ‪ .‬وإن‬
‫اختار القتل جاز له الّرجوع عنه تغليبا ً لحقن الدّماء ‪،‬‬
‫كما في جواز رجوع المقّر بالّزنى وسقوط القتل‬
‫ن الّرجوع عن قتل السير أولى ‪ ،‬لنّه‬ ‫عنه ‪ ،‬بل إ ّ‬
‫ما حد ّ الّزنا ففيه شائبة حقّ‬ ‫محض حقّ للّه تعالى ‪ ،‬أ ّ‬
‫ي‪.‬‬‫آدم ّ‬
‫ن أو الفداء‬ ‫ما إذا كان ما اختاره المام أوّل ً هو الم ّ‬ ‫أ ّ‬
‫فل يرجع عنه باجتهاد آخر ‪ ،‬لنّه من قبيل نقض‬
‫ن الحاكم‬ ‫الجتهاد بالجتهاد من غير موجب ‪ ،‬كما أ ّ‬
‫إذا اجتهد في قضيّة فل ينقض اجتهاده باجتهاد آخر ‪.‬‬
‫سبب ‪،‬‬ ‫م زال ذلك ال ّ‬ ‫ما إذا اختار أحدهما لسبب ‪ ،‬ث ّ‬ ‫أ ّ‬
‫وظهرت المصلحة في اختيار الثّاني لزمه العمل بما‬

‫‪420‬‬
‫أدّاه إليه اجتهاده ثانيا ً ‪ ،‬وليس هذا من قبيل نقض‬
‫الجتهاد بالجتهاد ‪ ،‬لنّه انتقال إلى الختيار الثّاني‬
‫لزوال موجب الختيار الوّل ‪ .‬ويشترط في‬
‫ل على اختيارهما ‪ ،‬ول‬ ‫السترقاق والفداء اللّفظ الدّا ّ‬
‫ة‪.‬‬‫ة صريح ً‬ ‫ل عليه دلل ً‬ ‫يكفي مجّرد الفعل ‪ ،‬لنّه ل يد ّ‬
‫ما في غيرهما من الخصال ‪ ،‬فيكفي الفعل لدللته‬ ‫أ ّ‬
‫صريحة على اختيارها ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫سابعا ً ‪ :‬تخيير المام في حد ّ المحارب ‪:‬‬
‫ن حد ّ المحارب‬ ‫شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ‬ ‫‪ - 29‬ذهب ال ّ‬
‫ل جناية عقوبتها ‪ ،‬كما‬ ‫يختلف باختلف الجناية ‪ ،‬فلك ّ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫حاربُو َ‬‫ن يُ َ ِ‬ ‫جَزاءُ الّذي َ‬ ‫ما َ‬ ‫في قوله تعالى ‪ { :‬إن َّ َ‬
‫قتَّلُوا أو‬ ‫سادَا ً أ ْ‬
‫ن يُ َ‬ ‫ض فَ َ‬ ‫الر ِ‬ ‫ن في‬ ‫سعَو َ‬‫سولَه َوي َ ْ‬‫وَر ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ف أو يُنَْفوا‬ ‫خل ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫جلُهم م ْ‬ ‫صل ّبُوا أو تَُقط ّعَ أيْدِيهِم وأْر ُ‬ ‫يُ َ‬
‫خْزيٌ في الدّنيا ولهم في الخرةِ‬ ‫ض ذلك لهم ِ‬ ‫ن الر ِ‬ ‫م ْ‬
‫م}‪.‬‬ ‫ب عظي ٌ‬ ‫عذا ٌ‬
‫ن المام مخيّر في بعض جنايات‬ ‫وذهب الحنفيّة إلى أ ّ‬
‫المحارب دون بعضها على تفصيل عندهم ‪ .‬وذهب‬
‫ن المام بالخيار في المحارب بين‬ ‫المالكيّة إلى أ ّ‬
‫أربعة أمور ‪:‬‬
‫أن يقتله بل صلب ‪ ،‬أو أن يصلبه مع القتل ‪ ،‬أو أن‬
‫ينفي الذ ّكر الحّر البالغ العاقل في مكان بعيد‬
‫ويسجن حتّى تظهر توبته أو يموت ‪ ،‬أو أن تقطع يده‬
‫اليمنى ورجله اليسرى ‪.‬‬
‫ما النّساء فل يصلبن‬ ‫وهذه الربعة في حقّ الّرجال ‪ ،‬أ ّ‬
‫ن القتل أو القطع ‪ .‬وتخيير المام‬ ‫ول ينفين ‪ ،‬وحدّه ّ‬
‫بين هذه المور يكون على أساس المصلحة ‪.‬‬
‫ثامنا ً ‪ :‬تخيير ملتقط اللّقطة بعد التّعريف بها ‪:‬‬
‫ن الملتقط مخيّر‬ ‫‪ - 30‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ‬
‫بين أن يتملّك ما التقطه وينتفع به ‪ ،‬أو يتصدّق به ‪،‬‬

‫‪421‬‬
‫ة إلى أن يظهر صاحب اللّقطة‬ ‫أو يحفظه أمان ً‬
‫فيدفعها إليه ‪ ،‬وهذا بعد التّعريف بها ‪ .‬وذهب الحنابلة‬
‫ن الملتقط يملك ما‬ ‫شافعيّة في قول إلى أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫التقطه حتما ً ‪ -‬كالميراث ‪ -‬بمجّرد تمام التّعريف بها ‪،‬‬
‫على التّفصيل المذكور في مصطلح ‪ ( :‬لقطة ) ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو قول أبي الخطّاب‬ ‫ح عند ال ّ‬ ‫وفي الص ّ‬
‫من الحنابلة ‪ :‬أنّه ل يملك اللّقطة حتّى يختار التّملّك‬
‫بلفظ صريح أو كناية مع النّيّة ‪ ،‬وفي وجه آخر عند‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه يملك بمجّرد النّيّة بعد التّعريف ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ودليل التّملّك والنتفاع بمجّرد التّعريف ما جاء في‬
‫ي رضي الله‬ ‫روايات الحديث عن زيد بن خالد الجهن ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ي النّب ّ‬‫عنه قال ‪ « :‬جاء أعراب ّ‬
‫م‬
‫ة‪،‬ث ّ‬ ‫ما يلتقطه فقال ‪ :‬عّرفها سن ً‬ ‫وسلم فسأله ع ّ‬
‫اعرف عفاصها ووكاءها ‪ ،‬فإن جاء أحد يخبرك بها ‪،‬‬
‫وإل ّ فاستنفقها » وفي أخرى ‪ « :‬وإل ّ فهي كسبيل‬
‫م كلها » وفي لفظ ‪:‬‬ ‫مالك » وفي لفظ ‪ « :‬ث ّ‬
‫« فانتفع بها » وفي لفظ ‪ « :‬فشأنك بها »‬
‫ما دليل أنّه ل يتملّك حتّى يختار فما ورد في‬ ‫‪ - 31‬أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬‫يأ ّ‬ ‫حديث زيد بن خالد الجهن ّ‬
‫وسلم قال ‪ « :‬فإن جاء صاحبها وإل ّ فشأنك بها »‬
‫فجعله إلى اختياره ‪ ،‬ولنّه تملّك ببدل فاعتبر فيه‬
‫اختيار التّملّك كالملك بالبيع ‪ .‬وإنّما جاز للملتقط‬
‫ن فيه إيصال ً للحقّ إلى المستح ّ‬
‫ق‬ ‫اختيار التّصدّق ‪ ،‬ل ّ‬
‫ما أن يكون بإيصال‬ ‫‪ ،‬وهو واجب بقدر المكان ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ما أن يكون بإيصال العوض عند‬ ‫العين لصاحبها ‪ ،‬وإ ّ‬
‫تعذ ّره ‪ ،‬وهو الثّواب على اعتبار إجازة صاحب‬
‫اللّقطة التّصدّق بها ‪ .‬ولهذا كان له الخيار عند‬
‫ضمان على‬ ‫صدقة أو الّرجوع بال ّ‬ ‫ظهوره بين إمضاء ال ّ‬

‫‪422‬‬
‫الملتقط ‪ .‬وفي المسألة تفصيلت أخرى تنظر في (‬
‫لقطة ) ‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬التّخيير في كّفارة اليمين ‪:‬‬
‫‪ - 32‬اتّفق الفقهاء على التّخيير في كّفارة اليمين‬
‫بين أربع خصال ‪ :‬إطعام عشرة مساكين ‪ ،‬أو‬
‫كسوتهم ‪ ،‬أو عتق رقبة ‪ ،‬فإن لم يجد ما يكّفر به‬
‫من هذه الثّلثة ‪ -‬بأن عجز عن الطعام والكسوة‬
‫والعتق ‪ -‬صام ثلثة أيّام ‪.‬‬
‫فهي كّفارة على التّخيير في الثّلثة الولى ‪ ،‬وعلى‬
‫التّرتيب بينها وبين الخصلة الّرابعة ‪ .‬والصل في‬
‫خذ ُكُم‬ ‫التّخيير في كّفارة اليمين قوله تعالى ‪ { :‬ل يُؤَا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما عََّقدْتُم‬ ‫خذ ُكُم ب ِ َ‬ ‫ن يُؤَا ِ‬ ‫مانِكُم ولك ْ‬ ‫ه بِالل ّغْوِ في أي ْ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫شرة مساكين م َ‬ ‫َ‬
‫ط‬‫س ِ‬ ‫ن أ ْو َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫م عَ َ َ ِ َ َ ِ‬ ‫ن فَكََّفاَرتُه إِطْعَا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫الي ْ َ‬
‫ما تطْعِمو َ‬
‫حرِيُر َرقَبَةٍ ‪.‬‬ ‫سوَتُهم أو ت َ ْ‬ ‫ن أهْلِيكُم أو ك ِ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫مانِكُم إذا‬ ‫م ثَلثَةِ أيَّام ٍ ذلك كََّفاَرةُ أي ْ َ‬ ‫صيَا ُ‬ ‫جد ْ فَ ِ‬‫ن لم ي َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فَ َ‬
‫فتم واحَفظُوا أ َ‬
‫ه لكم آياتِه‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫كذلك‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫مان‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫حل َ ْ ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫شكُُرون } ‪.‬‬ ‫لعل ّكُم ت َ ْ‬
‫ن للمكّفر أن‬ ‫والمقصود بالتّخيير في كّفارة اليمين أ ّ‬
‫يأتي بأيّ خصلة شاء ‪ ،‬وأن ينتقل عنها إلى غيرها‬
‫بحسب ما يراه ويميل إليه وما يراه السهل في‬
‫ن اللّه سبحانه وتعالى ما خيّره إل ّ لطفا ً به‬ ‫حّقه ‪ ،‬فإ ّ‬
‫‪ .‬وهذا ما يفترق به التّخيير في كّفارة اليمين عن‬
‫التّخيير في حد ّ المحارب والتّصّرف بالسرى حيث‬
‫قيّدا بالمصلحة ‪.‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬التّخيير بين القصاص والدّية والعفو ‪:‬‬
‫ي الدّم مخيّر في‬ ‫ن ول ّ‬
‫‪ - 33‬أجمع الفقهاء على أ ّ‬
‫ما أن‬ ‫الجناية على النّفس بين ثلث خصال ‪ :‬فإ ّ‬
‫ص من القاتل ‪ ،‬أو يعفو عنه إلى الدّية أو بعضها ‪،‬‬ ‫يقت ّ‬

‫‪423‬‬
‫أو أن يصالحه على مال مقابل العفو ‪ ،‬أو يعفو عنه‬
‫مطلقا ً ‪.‬‬
‫منُوا كُت ِ َ‬
‫ب‬ ‫نآ َ‬ ‫ودليل ذلك قوله تعالى ‪ { :‬يا أيُّها الّذِي َ‬
‫حّرِ والعَبْد ُ بالعَبْدِ‬ ‫حُّر بال ُ‬ ‫قتْلَى ال ُ‬ ‫ص في ال َ‬ ‫صا ُ‬ ‫عليكم الِق َ‬
‫شيءٌ فَاتِّبَا ٌ‬
‫ع‬ ‫خيه َ‬ ‫َ‬
‫نأ ِ‬ ‫م‬ ‫له‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫والُنْثَى بال ُ‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬
‫ن َربِّكم‬ ‫َ‬
‫فم ْ‬ ‫في ْ ٌ‬
‫خ ِ‬ ‫ن ذلك ت َ ْ‬ ‫سا ٍ‬
‫ح َ‬‫ف وأدَاءٌ إليه بِإ ِ ْ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫بِال َ‬
‫مة } الية ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ { :‬وكَتَبْنَا عليهم فيها‬ ‫ح َ‬ ‫َوَر ْ‬
‫ص‬‫صا ٌ‬ ‫ح قِ َ‬‫جُرو َ‬ ‫س } إلى قوله { وال ُ‬ ‫َ‬
‫س بالن ّْف ِ‬ ‫ن النَّْف َ‬ ‫أ َ َّ‬
‫صدَّقَ به فهو كََّفاَرة ٌ له } الية ‪ :‬أي كّفارة‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فَ َ‬
‫للعافي بصدقته على الجاني ‪ .‬وفي الحديث عن أبي‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫هريرة رضي الله عنه عن النّب ّ‬
‫ل فهو بخير النَّظََرين ‪:‬‬ ‫ل له قتي ٌ‬ ‫وسلم قال ‪ « :‬من قُت ِ َ‬
‫ما أن يقاد »‬ ‫ما أن يودي ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫وعن أنس ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال ‪ « :‬ما رأيت‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء‬
‫ن‬‫فيه قصاص إل ّ أمر فيه بالعفو » ‪ .‬وفي الحديث أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫النّب ّ‬
‫« إنّكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا الّرجل من‬
‫هذيل ‪ ،‬وإنّي عاقله ‪ ،‬فمن قتل له قتيل بعد اليوم‬
‫ما أن يقتلوا ‪ ،‬أو يأخذوا العقل‬ ‫فأهله بين خيرتين ‪ :‬إ ّ‬
‫»‪.‬‬
‫ي الدّم في أخذ‬ ‫واختلف الفقهاء في توقّف تخيير ول ّ‬
‫الدّية على رضا الجاني ‪.‬‬
‫فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل يجوز أن يعفو‬
‫ي الدّم إلى الدّية إل ّ برضا الجاني ‪ ،‬وأنّه ليس‬ ‫ول ّ‬
‫ي الدّم جبر الجاني على دفع الدّية إذا سلّم‬ ‫لول ّ‬
‫شافعيّة في الظهر ‪،‬‬ ‫نفسه للقصاص ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫ن موجب القتل العمد‬ ‫والحنابلة في المعتمد إلى أ ّ‬
‫ن الدّية بدل عنه عند سقوطه ‪ .‬فإذا‬ ‫هو القود ‪ ،‬وأ ّ‬

‫‪424‬‬
‫عفا عن القصاص واختار الدّية وجبت دون توقّف‬
‫على رضا الجاني ‪ .‬وهو قول أشهب من المالكيّة ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو رواية عند الحنابلة‬ ‫وفي قول آخر لل ّ‬
‫ن موجب القتل العمد هو القصاص أو الدّية أحدهما‬ ‫أ ّ‬
‫ي الدّم في تعيين أحدهما ‪.‬‬ ‫ل بعينه ‪ ،‬ويتخيّر ول ّ‬
‫ما دليل الحنفيّة والمالكيّة فيما ذهبوا إليه فهو‬ ‫‪ - 34‬أ ّ‬
‫ما ورد من نصوص توجب القصاص ‪ ،‬كقوله تعالى ‪:‬‬
‫ص في‬ ‫صا ُ‬ ‫ب عليكم الِق َ‬ ‫منُوا كُت ِ َ‬ ‫نآ َ‬‫{ يا أيُّها الّذي َ‬
‫ما يعيّن القصاص‪ .‬فهو إخبار عن كون‬ ‫قتْلى } م ّ‬ ‫ال َ‬
‫ن الدّية‬ ‫القصاص هو الواجب ‪ ،‬وهذا يبطل القول بأ ّ‬
‫ما كان القتل ل يقابل بالجمع بين‬ ‫واجبة كذلك ‪ .‬ول ّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫القصاص والدّية ‪ ،‬كان القصاص هو عين حقّ الول ّ‬
‫والدّية بدل حّقه ‪ ،‬وليس لصاحب الحقّ أن يعدل من‬
‫ق‪،‬‬ ‫عين الحقّ إلى بدله من غير رضا من عليه الح ّ‬
‫ولهذا ل يجوز اختيار الدّية من غير رضا القاتل ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة فهو ما تقدّم من أدلّة‬ ‫ما دليل ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫جواز العفو إلى الدّية ‪ ،‬وقوله تعالى ‪:‬‬
‫ف‬‫معُْرو ِ‬ ‫شيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِال َ‬‫خيه َ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ي له م ْ‬ ‫ن عُِف َ‬ ‫{ فَ َ‬
‫م ْ‬
‫ن } فأوجب سبحانه على القاتل‬ ‫َ‬
‫سا ٍ‬‫ح َ‬ ‫وأدَاءٌ إليه بِإ ِ ْ‬
‫ي مطلقا ً عن شرط الّرضا ‪ ،‬دفعاً‬ ‫أداء الدّية إلى الول ّ‬
‫للهلك عن نفسه ‪.‬‬
‫ما كان المقصود من تشريع القصاص والدّية هو‬ ‫ول ّ‬
‫الّزجر ‪ ،‬فكان ينبغي الجمع بينهما ‪ ،‬كما في شرب‬
‫ن الدّية بدل‬ ‫ي ‪ ،‬إل ّ أنّه تعذ ّر الجمع ‪ ،‬ل ّ‬ ‫م ّ‬‫خمر الذ ّ ّ‬
‫النّفس ‪ ،‬وفي القصاص معنى البدليّة كما في قوله‬
‫س } والباء تفيد البدليّة ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ن النَّْف َ‬ ‫تعالى ‪ { :‬أ َّ‬
‫س بالن ّْف ِ‬
‫فيؤدّي إلى الجمع بين البدلين ‪ ،‬وهو غير جائز ‪،‬‬
‫ي الدّم بينهما ‪.‬‬ ‫فخيّر ول ّ‬
‫==================‬

‫‪425‬‬
‫تداخل *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّداخل في اللّغة ‪ :‬تشابه المور والتباسها‬
‫ودخول بعضها في بعض ‪.‬‬
‫وفي الصطلح ‪ :‬دخول شيء في شيء آخر بل‬
‫زيادة حجم ومقدار ‪ .‬وتداخل العددين أن يعد ّ أقلّهما‬
‫الكثر ‪ ،‬أي يفنيه ‪ ،‬مثل ثلثة وتسعة ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬الندراج ‪:‬‬
‫‪ - 2‬الندراج مصدر اندرج ‪ ،‬ومن معانيه في اللّغة ‪:‬‬
‫النقراض ‪ .‬ويستعمله الفقهاء بمعنى دخول أمر في‬
‫م منه ‪ ،‬كالحدث الصغر مع الجنابة في‬ ‫أمر آخر أع ّ‬
‫الطّهارة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّباين ‪:‬‬
‫‪ - 3‬معنى التّباين في اللّغة ‪ :‬التّهاجر والتّباعد ‪ .‬وفي‬
‫شيئين إلى‬ ‫ما إذا نسب أحد ال ّ‬ ‫الصطلح ‪ :‬عبارة ع ّ‬
‫ما صدق عليه‬ ‫الخر لم يصدق أحدهما على شيء م ّ‬
‫الخر ‪ ،‬فإن لم يتصادقا على شيء أصل ً فبينهما‬
‫ي ‪ ،‬وإن صدقا في الجملة فبينهما التّباين‬ ‫التّباين الكل ّ ّ‬
‫ي ‪ .‬كالحيوان والبيض وبينهما العموم من وجه‬ ‫الجزئ ّ‬
‫‪ .‬والفرق بينه وبين التّداخل واضح ‪ ،‬إذ التّداخل إنّما‬
‫ما التّباين‬
‫يكون في المور المتشابهة والمتقاربة ‪ ،‬أ ّ‬
‫فيكون في المور المتفاوتة كلّيّا ً أو جزئيّا ً ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التّماثل ‪:‬‬
‫‪ - 4‬التّماثل ‪ :‬مصدر تماثل ‪ ،‬ومادّة مثل في اللّغة‬
‫شيء وذاته‪.‬‬ ‫شبه ‪ ،‬وبمعنى نفس ال ّ‬ ‫تأتي بمعنى ال ّ‬
‫والفقهاء يستعملون التّماثل بمعنى التّساوي ‪ ،‬كما‬
‫في تماثل العددين في مسائل الرث‪.‬‬
‫د ‪ -‬التّوافق ‪:‬‬

‫‪426‬‬
‫‪ - 5‬معنى التّوافق في اللّغة ‪ :‬التّفاق والتّظاهر ‪.‬‬
‫وتوافق العددين ‪ :‬أل ّ يعد ّ أقلّهما الكثر ‪ ،‬ولكن‬
‫يعدّهما عدد ثالث ‪ ،‬كالثّمانية مع العشرين ‪ ،‬يعدّهما‬
‫ن العدد العادّ‬ ‫أربعة ‪ ،‬فهما متوافقان بالّربع ‪ ،‬ل ّ‬
‫مخرج لجزء الوفق ‪.‬‬
‫ل التّداخل ‪:‬‬ ‫مح ّ‬
‫ما أن يكون في‬ ‫ن التّداخل ‪ :‬إ ّ‬ ‫‪ - 6‬ذكر الحنفيّة أ ّ‬
‫ما أن يكون في الحكام ‪ .‬والليق‬ ‫السباب ‪ :‬وإ ّ‬
‫بالعبادات الوّل ‪ ،‬وبالعقوبات الثّاني ‪ ،‬وذلك ما جاء‬
‫ن التّداخل في العبادات إذا كان في‬ ‫في العناية ‪ :‬أ ّ‬
‫ة على تعدّدها‬ ‫سبب كانت السباب باقي ً‬ ‫الحكم دون ال ّ‬
‫سبب الموجب للعبادة بدون‬ ‫‪ ،‬فيلزم وجود ال ّ‬
‫العبادة ‪ ،‬وفي ذلك ترك الحتياط فيما يجب فيه‬
‫الحتياط ‪ ،‬فقلنا بتداخل السباب فيها ليكون جميعها‬
‫بمنزلة سبب واحد ترتّب عليه حكمه إذا وجد دليل‬
‫ما العقوبات فليس‬ ‫الجمع وهو اتّحاد المجلس ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ما يحتاط فيها ‪ ،‬بل في درئها احتياط فيجعل‬ ‫م ّ‬
‫التّداخل في الحكم ‪ ،‬ليكون عدم الحكم مع وجود‬
‫الموجب مضافا ً إلى عفو اللّه وكرمه ‪ ،‬فإنّه هو‬
‫الموصوف بسبوغ العفو وكمال الكرم ‪.‬‬
‫وفائدة ذلك تظهر فيما لو تل آية سجدة في مكان‬
‫م تلها فيه مّرات فإنّه يكفيه تلك‬ ‫فسجدها ‪ ،‬ث ّ‬
‫سبب‬ ‫الواقعة أوّل ً ‪ ،‬إذ لو لم يكن التّداخل في ال ّ‬
‫سجدة سببا ً ‪ ،‬وحكمه قد‬ ‫لكانت التّلوة الّتي بعد ال ّ‬
‫ما في العقوبات ‪ :‬فإنّه لو‬ ‫تقدّم ‪ ،‬وذلك ل يجوز ‪ .‬وأ ّ‬
‫ن عليه‬ ‫ة قبل أن يحد ّ الولى ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫م زنى ثاني ً‬ ‫زنى ‪ ،‬ث ّ‬
‫م زنى فإنّه‬ ‫حدّا ً واحدا ً ‪ ،‬بخلف ما لو زنى فحد ّ ‪ ،‬ث ّ‬
‫يحد ّ ثانيا ً ‪.‬‬

‫‪427‬‬
‫ن التّداخل محلّه‬ ‫وذكر صاحب الفروق من المالكيّة أ ّ‬
‫السباب ل الحكام ‪ ،‬ولم يفّرق في ذلك بين‬
‫صيام والكّفارات‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫الطّهارات والعبادات ‪ ،‬كال ّ‬
‫والحدود والموال ‪.‬‬
‫ن الحدود المتماثلة إن اختلفت أسبابها‬ ‫بل ذكر أ ّ‬
‫كالقذف وشرب الخمر ‪ ،‬أو تماثلت كالّزنى مراراً‬
‫شرب مرارا ً قبل إقامة الحد ّ عليه‬ ‫سرقة مرارا ً وال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ن تكّررها‬ ‫‪ ،‬فإنّها من أولى السباب بالتّداخل ‪ ،‬ل ّ‬
‫ما ذكره الحنابلة في الطّهارات‬ ‫مهلك ‪ .‬ويظهر م ّ‬
‫صيام ‪ ،‬فيما لو تكّرر منه الجماع في يوم‬ ‫وكّفارة ال ّ‬
‫واحد قبل التّكفير ‪ ،‬وفي الحدود إن كانت من جنس‬
‫ن التّداخل عندهم أيضا ً إنّما يكون‬ ‫واحد أو أجناس أ ّ‬
‫في السباب دون الحكام ‪.‬‬
‫ن‬
‫ي في المنثور أ ّ‬ ‫ما ذكره الّزركش ّ‬ ‫هذا ويظهر م ّ‬
‫التّداخل إنّما يكون في الحكام دون السباب ‪ ،‬ول‬
‫فرق في ذلك بين العبادات والعقوبات والتلفات ‪.‬‬
‫آثار التّداخل الفقهيّة ومواطنه ‪:‬‬
‫ن التّداخل وقع في‬ ‫ي في الفروق أ ّ‬ ‫‪ - 7‬ذكر القراف ّ‬
‫شريعة في ستّة أبواب ‪ ،‬وهي الطّهارات‬ ‫ال ّ‬
‫صيام والكّفارات والحدود والموال ‪.‬‬ ‫صلوات وال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ي في المنثور أنّه يدخل في ضروب ‪،‬‬ ‫وذكر الّزركش ّ‬
‫وهي ‪ :‬العبادات والعقوبات والتلفات ‪ .‬وذكر‬
‫ي وابن نجيم أنّه إذا اجتمع أمران من جنس‬ ‫سيوط ّ‬ ‫ال ّ‬
‫واحد ‪ ،‬ولم يختلف مقصودهما ‪ ،‬دخل أحدهما في‬
‫الخر غالبا ً ‪ ،‬كالحدث مع الجنابة ‪ .‬هذا والتّداخل‬
‫ج‪،‬‬
‫صوم والح ّ‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫يذكره الفقهاء في الطّهارة وال ّ‬
‫والفدية والكّفارة والعدد ‪ ،‬والجناية على النّفس‬
‫والطراف والدّيات ‪ ،‬والحدود والجزية ‪ ،‬وفي‬
‫حساب المواريث ‪ .‬وبيان ذلك فيما يلي ‪:‬‬

‫‪428‬‬
‫أوّل ً ‪ -‬الطّهارات ‪:‬‬
‫ن من سنن الغسل ‪:‬‬ ‫‪ - 8‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫الوضوء قبله ‪ ،‬لنّه صفة غسل النّب ّ‬
‫وسلم كما في حديث عائشة وميمونة رضي الله‬
‫ن‬
‫ص حديث عائشة رضي الله عنها « أ ّ‬ ‫عنهما ون ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من‬ ‫النّب ّ‬
‫م يفرغ بيمينه على‬ ‫الجنابة يبدأ فيغسل يديه ‪ ،‬ث ّ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫ضأ وضوءه لل ّ‬ ‫م يتو ّ‬ ‫شماله فيغسل فرجه ‪ ،‬ث ّ‬
‫شعر ‪،‬‬ ‫م يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول ال ّ‬ ‫ث ّ‬
‫حتّى إذا رأى أن قد استبرأ ‪ ،‬حفن على رأسه ثلث‬
‫م غسل‬ ‫م أفاض على سائر جسده ‪ ،‬ث ّ‬ ‫حثيات ‪ ،‬ث ّ‬
‫رجليه » ‪.‬‬
‫ما الجزاء فيرى الحنفيّة‬ ‫سنّة ‪ .‬أ ّ‬
‫هذا عن تحصيل ال ّ‬
‫ن الطّهارات كالوضوء والغسل إذا‬ ‫والمالكيّة أ ّ‬
‫تكّررت أسبابهما المختلفة كالحيض والجنابة ‪ ،‬أو‬
‫ن تلك‬ ‫المتماثلة كالجنابتين ‪ ،‬والملمستين ‪ ،‬فإ ّ‬
‫السباب تتداخل ‪ ،‬فيكفي في الجنابتين ‪ ،‬أو في‬
‫الحيض والجنابة ‪ ،‬أو في الجنابة والملمسة غسل‬
‫واحد ‪ ،‬ل يحتاج بعده إلى وضوء ‪،‬لندراج سببه في‬
‫ي في‬ ‫سبب الموجب للغسل‪ .‬وذكر الّزركش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن الفعلين في العبادات ‪ ،‬إن كانا في واجب‬ ‫المنثور أ ّ‬
‫ولم يختلفا في القصد ‪ ،‬تداخل ‪ ،‬كغسل الحيض مع‬
‫م حاضت ‪ ،‬كفى لهما غسل‬ ‫الجنابة ‪ ،‬فإذا أجنبت ث ّ‬
‫واحد ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة في تداخل الوضوء‬ ‫هذا وقد ذكر ال ّ‬
‫م أجنب أو‬ ‫والغسل إذا وجبا عليه ‪ -‬كما لو أحدث ث ّ‬
‫شافعيّة بأوّلها ‪،‬‬ ‫عكسه ‪ -‬أربعة أوجه ‪ ،‬انفرد ال ّ‬
‫واتّفقوا مع الحنابلة في الباقي ‪ .‬أحدهما ‪ ،‬وهو‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وقد انفردوا فيه عن‬ ‫المذهب عند ال ّ‬

‫‪429‬‬
‫ن ابن تيميّة اختاره ‪ :‬أنّه يكفيه الغسل ‪،‬‬ ‫الحنابلة ‪ ،‬لك ّ‬
‫ة‬
‫نوى الوضوء معه أو لم ينوه ‪ ،‬غسل العضاء مرتّب ً‬
‫أم ل ‪ ،‬لنّهما طهارتان ‪ ،‬فتداخلتا ‪.‬‬
‫والثّاني ‪ ،‬وذهب إليه أيضا ً الحنابلة في إحدى‬
‫الّروايات عن أحمد ‪ ،‬وهو من مفردات المذهب‬
‫عندهم ‪ :‬أنّه يجب عليه الوضوء والغسل ‪ ،‬لنّهما‬
‫حّقان مختلفان يجبان بسببين مختلفين ‪ ،‬فلم يدخل‬
‫سرقة ‪ ،‬فإن نوى‬ ‫أحدهما في الخر كحد ّ الّزنى وال ّ‬
‫الوضوء دون الغسل أو عكسه ‪ ،‬فليس له غير ما‬
‫نوى ‪.‬‬
‫الثّالث ‪ ،‬واختاره أيضا ً أبو بكر من الحنابلة ‪ ،‬وقطع‬
‫به في المبهج ‪ :‬أنّه يأتي بخصائص الوضوء ‪ ،‬بأن‬
‫م يغسل سائر البدن ‪ ،‬لنّهما متّفقان‬ ‫ضأ مرتّبا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫يتو ّ‬
‫في الغسل ومختلفان في التّرتيب ‪ ،‬فما اتّفقا فيه‬
‫تداخل ‪ ،‬وما اختلفا فيه لم يتداخل ‪.‬‬
‫ي من‬ ‫الّرابع ‪ ،‬وهو ما حكاه أبو حاتم القزوين ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو المذهب مطلقا ً عند الحنابلة ‪ ،‬وعليه‬ ‫ال ّ‬
‫جماهير أصحابهم ‪ ،‬وقطع به كثير منهم ‪ :‬أنّهما‬
‫يتداخلن في الفعال دون النّيّة ‪ ،‬لنّهما عبادتان‬
‫صغرى في‬ ‫متجانستان صغرى وكبرى ‪ ،‬فدخلت ال ّ‬
‫ج والعمرة ‪ .‬هذا‬ ‫الكبرى في الفعال دون النّيّة ‪ ،‬كالح ّ‬
‫ينوري في وجه حكاه ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬وجاء في النصاف عن الد ّ‬
‫م أجنب فل تداخل ‪ ،‬وجاء فيه أيضاً‬ ‫أنّه إن أحدث ث ّ‬
‫م أحدث يكفيه‬ ‫م أجنب ‪ ،‬أو أجنب ث ّ‬ ‫ن من أحدث ث ّ‬ ‫أ ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫ح ‪ ،‬وهو مماثل لما حكاه ال ّ‬ ‫الغسل على الص ّ‬
‫في الوجه الوّل ‪.‬‬
‫صلة وله أمثلة ‪:‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬التّداخل في ال ّ‬
‫أ ‪ -‬تداخل تحيّة المسجد وصلة الفرض ‪:‬‬

‫‪430‬‬
‫ي في‬ ‫‪ - 9‬ذكر ابن نجيم في الشباه ‪ ،‬والقراف ّ‬
‫ن تحيّة المسجد تدخل في صلة الفرض‬ ‫الفروق ‪ :‬أ ّ‬
‫ن سبب التّحيّة هو دخول‬ ‫مع تعدّد سببهما ‪ ،‬فإ ّ‬
‫المسجد ‪ ،‬وسبب الظّهر مثل ً هو الّزوال ‪ ،‬فيقوم‬
‫سبب الّزوال مقام سبب الدّخول ‪ ،‬فيكتفي به ‪.‬‬
‫ن التّداخل في‬ ‫ي في المنثور أ ّ‬ ‫وذكر الّزركش ّ‬
‫العبادات إن كان في مسنون ‪ ،‬وكان ذلك المسنون‬
‫من جنس المفعول ‪ ،‬دخل تحته ‪ ،‬كتحيّة المسجد مع‬
‫صلة الفرض ‪.‬‬
‫ن تحيّة المسجد تدخل في‬ ‫وذهب الحنابلة إلى أ ّ‬
‫سنّة الّراتبة ‪.‬‬ ‫الفرض وال ّ‬
‫سهو ‪:‬‬‫ب ‪ -‬تداخل سجود ال ّ‬
‫‪ - 10‬جاء صريحا ً في حاشية ابن عابدين ‪ -‬من كتب‬
‫الحنفيّة ‪ -‬فيمن تكّرر سهوه بحيث أدّى ذلك إلى‬
‫صلة ‪ ،‬فإنّه ل يلزمه إلّ‬ ‫ترك جميع واجبات ال ّ‬
‫سجدتان ‪.‬‬
‫وقريب من ذلك ما جاء في المدوّنة من كتب‬
‫المالكيّة فيمن نسي تكبيرة ً أو تكبيرتين ‪ ،‬أو نسي "‬
‫سمع اللّه لمن حمده " مّرة ً أو مّرتين ‪ ،‬أو نسي‬
‫التّشهّد أو التّشهّدين ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة أ ّ‬ ‫وجاء في المنثور والشباه من كتب ال ّ‬
‫صلة تتداخل لتّحاد الجنس ‪ ،‬فسجود‬ ‫جبرانات ال ّ‬
‫ن القصد بسجود‬ ‫سهو وإن تعدّد سجدتان ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سجدتين‬ ‫شيطان ‪ ،‬وقد حصل بال ّ‬ ‫سهو إرغام أنف ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬بخلف جبرانات الحرام فل تتداخل ‪،‬‬ ‫آخر ال ّ‬
‫ن القصد جبر النّسك وهو ل يحصل إل ّ بالتّعدّد ‪.‬‬ ‫ل ّ‬
‫وقال صاحب المغني ‪ :‬إذا سها سهوين أو أكثر من‬
‫جنس كفاه سجدتان للجميع ‪ ،‬ل نعلم أحدا ً خالف‬
‫سهو من جنسين ‪ ،‬فكذلك ‪ ،‬حكاه‬ ‫فيه ‪ .‬وإن كان ال ّ‬

‫‪431‬‬
‫ابن المنذر قول ً لحمد ‪ ،‬وهو قول أكثر أهل العلم ‪،‬‬
‫ي‬
‫شافع ّ‬ ‫ي والثّوريّ ومالك واللّيث وال ّ‬ ‫منهم ‪ :‬النّخع ّ‬
‫وأصحاب الّرأي ‪ .‬وذكر أبو بكر من الحنابلة فيه‬
‫وجهين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬ما ذكرنا ‪ .‬والثّاني ‪ :‬يسجد‬
‫ي وابن أبي حازم وعبد‬ ‫سجودين ‪ ،‬قال الوزاع ّ‬
‫العزيز بن أبي سلمة ‪ :‬إذا كان عليه سجودان ‪،‬‬
‫سلم ‪ ،‬والخر بعده سجدهما في‬ ‫أحدهما قبل ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬ ‫محلّيهما ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫ل واحد‬ ‫ل سهو سجدتان » ‪ .‬وهذان سهوان ‪ ،‬فلك ّ‬ ‫لك ّ‬
‫ل سهو يقتضي سجودا ً ‪،‬‬ ‫نك ّ‬ ‫منهما سجدتان ‪،‬ول ّ‬
‫وإنّما تداخل في الجنس الواحد لتّفاقهما ‪ ،‬وهذان‬
‫مختلفان‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التّداخل في سجود التّلوة ‪:‬‬
‫ن سجدة التّلوة مبناها على‬ ‫‪ - 11‬ذكر الحنفيّة أ ّ‬
‫التّداخل دفعا ً للحرج ‪.‬‬
‫سبب دون الحكم ‪ ،‬لنّها‬ ‫والتّداخل فيها تداخل في ال ّ‬
‫ما بعدها ‪ ،‬ول‬ ‫ما قبلها وع ّ‬ ‫عبادة ‪ ،‬فتنوب الواحدة ع ّ‬
‫يتكّرر وجوبها إل ّ باختلف المجلس أو اختلف التّلوة‬
‫ة واحدةً في‬ ‫سماع ‪ ،‬فمن تل آي ً‬ ‫( أي الية ) أو ال ّ‬
‫مجلس واحد مرارا ً تكفيه سجدة واحدة وأداء‬
‫سجدة بعد القراءة الولى أولى ‪ .‬والصل في ذلك‬ ‫ال ّ‬
‫ن جبريل عليه السلم كان ينزل بالوحي‬ ‫ما روي « أ ّ‬
‫سجدة على رسول اللّه صلى الله عليه‬ ‫فيقرأ آية ال ّ‬
‫وسلم ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يسمع‬
‫م يقرأ على أصحابه ‪ ،‬وكان ل يسجد إلّ‬ ‫ويتلّقن ‪ ،‬ث ّ‬
‫مّرة ً واحدةً » ‪.‬‬
‫م دخل في‬ ‫صلة فسجد ‪ ،‬ث ّ‬ ‫وإن تلها في غير ال ّ‬
‫صلة فتلها فيها ‪ ،‬سجد أخرى ‪ .‬ولو لم يسجد أوّلً‬ ‫ال ّ‬
‫صلتيّة أقوى من غيرها ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كفته واحدة ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪432‬‬
‫فتستتبع غيرها وإن اختلف المجلس ‪ .‬ولو لم يسجد‬
‫ح‪.‬‬ ‫صلة سقطتا في الص ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫ما المالكيّة فقاعدة المذهب عندهم تكرير سجدة‬ ‫وأ ّ‬
‫التّلوة ‪ ،‬إن كّرر حزبا ً فيه سجدةً ‪ ،‬ول تكفيه‬
‫سجود ‪،‬‬‫سجدة الولى ‪ ،‬لوجود المقتضي لل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫باستثناء المعلّم والمتعلّم فقط عند المام مالك‬
‫المازري ‪ ،‬خلفا ً لصبغ وابن‬
‫ّ‬ ‫وابن القاسم ‪ ،‬واختاره‬
‫سجود عليهما ول في‬ ‫عبد الحكم القائلين بعدم ال ّ‬
‫أوّل مّرة ‪.‬‬
‫ي إذا حصل‬ ‫ل الخلف كما في حاشية الدّسوق ّ‬ ‫ومح ّ‬
‫ما قارئ القرآن‬ ‫التّكرير لحزب فيه سجدة ‪ ،‬وأ ّ‬
‫صلة‬ ‫بتمامه فإنّه يسجد جميع سجداته في غير ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬حتّى لو قرأه كلّه في ركعة واحدة ‪،‬‬ ‫وفي ال ّ‬
‫سواء أكان معلّما ً أم متعلّما ً اتّفاقا ً ‪ .‬وجاء في‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه إذا قرأ آيات‬ ‫الّروضة وغيرها من كتب ال ّ‬
‫ل واحدة ‪،‬‬ ‫سجدات في مكان واحد ‪ ،‬سجد لك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ومثل ذلك قراءته الية الواحدة في مجلسين ‪ .‬فلو‬
‫كّرر الية الواحدة في المجلس الواحد نظر ‪ ،‬إن لم‬
‫يسجد للمّرة الولى كفاه سجود واحد ‪ ،‬وإن سجد‬
‫حها يسجد مّرةً أخرى لتجدّد‬ ‫للولى فثلثة أوجه ‪ :‬أص ّ‬
‫سبب ‪ ،‬والثّاني تكفيه الولى ‪ ،‬والثّالث إن طال‬ ‫ال ّ‬
‫الفصل سجد أخرى ‪ ،‬وإل ّ فتكفيه الولى ‪ .‬ولو كّرر‬
‫صلة ‪ ،‬فإن كان في ركعة‬ ‫الية الواحدة في ال ّ‬
‫فكالمجلس الواحد ‪ ،‬وإن كان في ركعتين‬
‫صلة ‪ ،‬ومّرةً‬ ‫فكالمجلسين ‪ .‬ولو قرأ مّرة ً في ال ّ‬
‫خارجها في المجلس الواحد وسجد للولى ‪ ،‬فلم ير‬
‫صا ً للصحاب ‪ ،‬وإطلقهم يقتضي طرد‬ ‫ووي فيه ن ّ‬
‫ّ‬ ‫الن ّ‬
‫الخلف فيه ‪.‬‬

‫‪433‬‬
‫ن سجود التّلوة يتكّرر‬ ‫وتذكر كتب الحنابلة أيضا ً أ ّ‬
‫بتكّرر التّلوة ‪ ،‬حتّى في طواف مع قصر فصل ‪.‬‬
‫وذكر صاحب النصاف وجهين في إعادة سجود من‬
‫جه في تحيّة المسجد إن‬ ‫قرأ بعد سجوده ‪ ،‬وكذا يتو ّ‬
‫تكّرر دخوله‬
‫م قرأها‬ ‫وقال ابن تميم ‪ :‬وإن قرأ سجدةً فسجد ‪ ،‬ث ّ‬
‫سجود ‪ ،‬فهل يعيد‬ ‫في الحال مّرةً أخرى ‪ ،‬ل لجل ال ّ‬
‫سجود ؟ على وجهين ‪ .‬وقال القاضي في تخريجه‬ ‫ال ّ‬
‫م صلّى فقرأها فيها أعاد‬ ‫صلة ث ّ‬ ‫‪ :‬إن سجد في غير ال ّ‬
‫م قرأها في غير‬ ‫سجود ‪ ،‬وإن سجد في صلة ث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلة لم يسجد ‪ .‬وقال ‪ :‬إذا قرأ سجدةً في ركعة‬
‫سجود ‪،‬‬ ‫م قرأها في الثّانية ‪ ،‬فقيل يعيد ال ّ‬ ‫فسجد ‪ ،‬ث ّ‬
‫وقيل ل ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬تداخل صوم رمضان وصوم العتكاف ‪:‬‬
‫‪ - 12‬من المقّرر عند المالكيّة والحنفيّة ‪ ،‬وفي رواية‬
‫حة العتكاف مطلقا ً ‪،‬‬ ‫صوم لص ّ‬ ‫عن أحمد اشتراط ال ّ‬
‫ن صوم العتكاف‬ ‫يأ ّ‬‫وبنا ًء على ذلك ذكر القراف ّ‬
‫ن العتكاف سبب‬ ‫يدخل في صوم رمضان ‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫صوم ‪ ،‬ورؤية هلل رمضان هي سبب‬ ‫جه المر بال ّ‬ ‫لتو ّ‬
‫سبب الّذي هو‬ ‫جه المر بصوم رمضان ‪ ،‬فيدخل ال ّ‬ ‫تو ّ‬
‫سبب الخر وهو رؤية الهلل فيكتفي‬ ‫العتكاف في ال ّ‬
‫به ويتداخل العتكاف ورؤية الهلل ‪.‬‬
‫سعي للقارن ‪:‬‬ ‫رابعا ً ‪ :‬تداخل الطّواف وال ّ‬
‫شافعيّة والمام أحمد فيما‬ ‫‪ - 13‬ذهب المالكيّة وال ّ‬
‫ج والعمرة في‬ ‫ن من قرن بين الح ّ‬ ‫اشتهر عنه إلى أ ّ‬
‫إحرام واحد ‪ ،‬فإنّه يطوف لهما طوافا ً واحدا ً ‪،‬‬
‫ويسعى لهما سعيا ً واحدا ً ‪ ،‬وهو قول ابن عمر وجابر‬
‫بن عبد اللّه رضي الله عنهم ‪ ،‬وبه قال عطاء بن‬
‫أبي رباح والحسن ومجاهد وطاوس وإسحاق وأبو‬

‫‪434‬‬
‫ثور ‪ ،‬لحديث عائشة رضي الله عنها قالت ‪« :‬‬
‫خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في‬
‫جة الوداع فأهللنا بعمرة ‪ . » ...‬الحديث ‪ .‬وفيه ‪:‬‬ ‫ح ّ‬
‫ج والعمرة فإنّما طافوا‬ ‫ما الّذين جمعوا بين الح ّ‬ ‫« وأ ّ‬
‫ج والعمرة عبادتان من‬ ‫ن الح ّ‬ ‫طوافا ً واحدا ً » ‪ .‬ول ّ‬
‫صغرى في‬ ‫جنس واحد ‪ ،‬فإذا اجتمعتا دخلت أفعال ال ّ‬
‫الكبرى كالطّهارتين ‪.‬‬
‫ن الجامع بينهما ناسك يكفيه حلق واحد‬ ‫وأيضا ً فإ ّ‬
‫ورمي واحد ‪ ،‬فكفاه طواف واحد وسعي واحد‬
‫كالفرد ‪ .‬وذهب الحنفيّة والمام أحمد في رواية‬
‫ن عليه طوافين وسعيين ‪،‬‬ ‫أخرى لم تشتهر إلى أ ّ‬
‫ي وابن مسعود رضي‬ ‫وقد روي هذا القول عن عل ّ‬
‫ي وابن أبي ليلى‬ ‫شعب ّ‬‫الله عنهما ‪ ،‬وبه قال ال ّ‬
‫مَرةَ‬ ‫ح َّ‬
‫ج والعُ ْ‬ ‫موا ال َ‬‫مستدلّين بقوله تعالى ‪ { :‬وأَت ِ ُّ‬
‫للّه } وتمامهما أن يأتي بأفعالهما على الكمال بل‬
‫فرق بين القارن وغيره ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪:‬‬ ‫وبما روي عن النّب ّ‬
‫ج والعمرة فعليه طوافان »‬ ‫« من جمع بين الح ّ‬
‫ولنّهما نسكان ‪ ،‬فكان لهما طوافان ‪ ،‬كما لو كانا‬
‫منفردين ‪ .‬وأثر هذا الخلف يظهر في القارن إذا‬
‫قتل صيدا ً فإنّه يلزمه جزاء واحد عند القائلين‬
‫بالتّداخل ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬تداخل الفدية ‪:‬‬
‫ن الفدية تتداخل ‪ .‬وقد‬ ‫شافعيّة أ ّ‬ ‫‪ - 14‬ذكر الحنفيّة وال ّ‬
‫ن من قلّم أظافر يديه ورجليه في‬ ‫صّرح الحنفيّة بأ ّ‬
‫ن عليه دما ً واحدا ً ‪،‬‬ ‫مجلس واحد ‪ ،‬وهو محرم ‪ ،‬فإ ّ‬
‫لنّها من المحظورات ‪ ،‬لما فيه من قضاء التّفث ‪،‬‬
‫وهي من نوع واحد ‪ ،‬فل يزاد على دم واحد ‪.‬‬

‫‪435‬‬
‫مد ‪،‬‬ ‫وإن كان قلّمها في مجالس ‪ ،‬فكذلك عند مح ّ‬
‫ن مبناها على التّداخل ككّفارة الفطر ‪ .‬وعند أبي‬ ‫ل ّ‬
‫ل رجل دم‬ ‫ل يد دم ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫حنيفة وأبي يوسف يجب لك ّ‬
‫ن الغالب في الفدية معنى‬ ‫إذا تعدّد المجلس ‪ ،‬ل ّ‬
‫العبادة فيتقيّد التّداخل باتّحاد المجلس كما في آية‬
‫ة ‪ ،‬وإنّما‬ ‫ن هذه العضاء متباينة حقيق ً‬ ‫سجدة ‪ ،‬ول ّ‬ ‫ال ّ‬
‫جعلت الجناية ‪ -‬وهي تقليم الظافر في مجلس‬
‫ة واحدة ً في المعنى لتّحاد المقصود وهو‬ ‫واحد ‪ -‬جناي ً‬
‫الّرفق ‪.‬‬
‫شافعيّة بمثل ذلك فيمن فعل شيئا ً من‬ ‫وصّرح ال ّ‬
‫ن فدية‬ ‫مقدّمات الجماع ‪ ،‬وجامع بعده ‪ ،‬فقد ذكروا أ ّ‬
‫المقدّمة تدخل في البدنة الواجبة جزاءً عن الجماع ‪.‬‬
‫وقريب من ذلك ما ذكره الحنابلة فيمن حلق شعر‬
‫ح‬
‫ة واحدةً في أص ّ‬ ‫ن عليه فدي ً‬ ‫رأسه وبدنه ‪ ،‬بأ ّ‬
‫صحيح من المذهب أيضاً‬ ‫الّروايتين عن أحمد ‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫ن شعر الّرأس والبدن واحد ‪ ،‬وفي رواية أخرى‬ ‫‪،‬ل ّ‬
‫ل منهما حكما ً منفردا ً ‪ .‬وكذا لو لبس أو‬ ‫ن لك ّ‬ ‫عنه ‪ :‬إ ّ‬
‫تطيّب في ثوبه وبدنه ففيه الّروايتان والمنصوص‬
‫ة واحدة ً ‪.‬‬ ‫ن عليه فدي ً‬ ‫عن أحمد أ ّ‬
‫ما المالكيّة فإنّهم وإن لم يصّرحوا بتداخل الفدية ‪،‬‬ ‫وأ ّ‬
‫إل ّ أنّهم أوردوا أربع صور تتّحد فيها الفدية وهي أن‬
‫ن الفاعل الباحة ‪:‬‬ ‫يظ ّ‬
‫ل‬‫أ ‪ -‬بأن يعتقد أنّه خرج من إحرامه فيفعل أمورا ً ك ّ‬
‫منها يوجب الفدية ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أو يتعدّد موجبها من لبس وتطيّب وقلم أظفار‬
‫ب بفور ‪.‬‬ ‫وقتل دوا ّ‬
‫ج ‪ -‬أو يتراخى ما بين الفعلين ‪ ،‬لكنّه عند الفعل‬
‫الوّل أو إرادته نوى تكرار الفعل الموجب لها ‪.‬‬

‫‪436‬‬
‫د ‪ -‬أو يتراخى ما بين الفعلين ‪ ،‬إل ّ أنّه لم ينو التّكرار‬
‫م‪،‬‬‫عند الفعل الوّل منهما ‪ ،‬لكنّه قدّم ما نفعه أع ّ‬
‫سراويل ‪.‬‬ ‫كتقديمه لبس الثّوب على لبس ال ّ‬
‫ج من كتب الفقه ‪.‬‬ ‫وتفصيله في محظورات الح ّ‬
‫سادسا ً ‪ :‬تداخل الكّفارات ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تداخلها في إفساد صوم رمضان بالجماع ‪:‬‬
‫‪ - 15‬ل خلف بين الفقهاء في وجوب كّفارة واحدة‬
‫على من تكّرر منه الجماع في يوم واحد من أيّام‬
‫ن الفعل الثّاني لم يصادف صوما ً ‪ ،‬وإنّما‬ ‫رمضان ‪ ،‬ل ّ‬
‫الخلف بينهم فيمن تكّرر منه ذلك الفعل في‬
‫يومين ‪ ،‬أو في رمضانين ‪ ،‬ولم يكّفر للوّل ‪ ،‬فذهب‬
‫زهري‬
‫ّ‬ ‫مد من الحنفيّة ‪ ،‬والحنابلة في وجه ‪ ،‬وال ّ‬ ‫مح ّ‬
‫ي إلى أنّه تكفيه كّفارة واحدة ‪ ،‬لنّها جزاء‬ ‫والوزاع ّ‬
‫عن جناية تكّرر سببها قبل استيفائها ‪ ،‬فتتداخل‬
‫كالحد ّ ‪ .‬وذهب الحنفيّة في ظاهر الّرواية الّذي‬
‫صحيح ‪ ،‬والمالكيّة‬ ‫اختاره بعضهم للفتوى وهو ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو أيضا ً المذهب عند الحنابلة ‪ :‬إلى‬ ‫وال ّ‬
‫ن الكّفارة الواحدة ل تجزئه ‪ ،‬بل عليه كّفارتان ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫ل يوم عبادة منفردة ‪ ،‬فإذا وجبت الكّفارة‬ ‫نك ّ‬ ‫ل ّ‬
‫جتين ‪ ،‬والتّفصيل‬ ‫بإفساده لم تتداخل كالعمرتين والح ّ‬
‫في مصطلح ‪ ( :‬كّفارة ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تداخل الكّفارات في اليمان ‪:‬‬
‫ن من حلف يمينا ً فحنث فيها‬ ‫‪ - 16‬ل خلف في أ ّ‬
‫وأدّى ما وجب عليه من الكّفارة ‪ ،‬أنّه لو حلف يميناً‬
‫أخرى وحنث فيها تجب عليه كّفارة أخرى ‪ ،‬ول تغني‬
‫الكّفارة الولى عن كّفارة الحنث في هذه اليمين‬
‫الثّانية ‪ ،‬وإنّما الخلف فيمن حلف أيمانا ً وحنث فيها ‪.‬‬
‫م أراد التّكفير ‪ ،‬هل تتداخل الكّفارات فتجزئه‬ ‫ث ّ‬
‫ل يمين‬ ‫كّفارة واحدة ؟ أو ل تتداخل فيجب عليه لك ّ‬

‫‪437‬‬
‫كّفارة ؟ تتداخل الكّفارات على أحد القولين عند‬
‫الحنفيّة ‪ ،‬وأحد القوال عند الحنابلة ‪ ،‬ول تتداخل‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وتفصيل ذلك في‬ ‫عند المالكيّة ول ال ّ‬
‫الكّفارات ‪.‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬تداخل العدّتين ‪:‬‬
‫‪ - 17‬معنى التّداخل في العدد ‪ :‬أن تبتدئ المرأة‬
‫عدّة ً جديدة ً وتندرج بقيّة العدّة الولى في العدّة‬
‫ما أن تكونا من جنس واحد لرجل‬ ‫الثّانية ‪ ،‬والعدّتان إ ّ‬
‫ما أن تكونا من جنسين كذلك أي‬ ‫واحد أو رجلين ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ن المرأة إذا‬ ‫لرجل واحد أو رجلين ‪ ،‬وعلى هذا فإ ّ‬
‫لزمها عدّتان من جنس واحد ‪ ،‬وكانتا لرجل واحد ‪،‬‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫فإنّهما تتداخلن عند الحنفيّة وال ّ‬
‫لتّحادهما في الجنس والقصد ‪ .‬مثال ذلك ‪ :‬ما لو‬
‫م تزوّجها في العدّة ووطئها ‪،‬‬ ‫طلّق زوجته ثلثا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫ل لي ‪ .‬أو طلّقها بألفاظ الكناية‬ ‫وقال ‪ :‬ظننت أنّها تح ّ‬
‫ن العدّتين تتداخلن ‪ ،‬فتعتدّ‬ ‫‪ ،‬فوطئها في العدّة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ثلثة أقراء ابتدا ًء من الوطء الواقع في العدّة ‪،‬‬
‫ويندرج ما بقي من العدّة الولى في العدّة الثّانية ‪.‬‬
‫ما إذا كانتا لرجلين فإنّهما تتداخلن عند الحنفيّة ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫ن المقصود التّعّرف على فراغ الّرحم ‪ ،‬وقد حصل‬ ‫ل ّ‬
‫بالواحدة فتتداخلن‬
‫ومثاله ‪ :‬المتوفّى عنها زوجها إذا وطئت بشبهة ‪،‬‬
‫فهاتان عدّتان من رجلين ومن جنسين ‪ .‬ومثال‬
‫العدّتين من جنس واحد ومن رجلين ‪ :‬المطلّقة إذا‬
‫تزوّجت في عدّتها فوطئها الثّاني ‪ ،‬وفّرق بينهما ‪،‬‬
‫تتداخلن وتعتد ّ من بدء التّفريق ‪ ،‬ويندرج ما بقي من‬
‫شافعيّة‬‫ما عند ال ّ‬ ‫العدّة الولى في العدّة الثّانية ‪ .‬وأ ّ‬
‫والحنابلة فل تتداخلن ‪ ،‬لنّهما حّقان مقصودان‬
‫ن العدّة احتباس‬ ‫لدميّين ‪ ،‬فلم يتداخل كالدّينين ‪ ،‬ول ّ‬

‫‪438‬‬
‫يستحّقه الّرجال على النّساء ‪ ،‬فلم يجز أن تكون‬
‫المرأة المعتدّة في احتباس رجلين كاحتباس الّزوجة‬
‫‪.‬‬
‫ما إذا اختلفت العدّتان في الجنس ‪ ،‬وكانتا لرجلين‬ ‫وأ ّ‬
‫ن كل ً منهما‬ ‫‪ ،‬فإنّهما تتداخلن أيضا ً عند الحنفيّة ‪ ،‬ل ّ‬
‫أجل ‪ ،‬والجال تتداخل ‪.‬‬
‫ن كلً‬ ‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ول تداخل بينهما عند ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬فعليها أن تعتد ّ للوّل‬ ‫ق مقصود للدم ّ‬ ‫منهما ح ّ‬
‫م تعتد ّ للثّاني ‪ ،‬ول تتقدّم عدّة الثّاني على‬ ‫لسبقه ‪ ،‬ث ّ‬
‫عدّة الوّل إل ّ بالحمل ‪.‬‬
‫وإن كانتا من جنسين لشخص واحد تداخلتا أيضا ً عند‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وفي‬ ‫ح الوجهين عند ال ّ‬ ‫الحنفيّة ‪ ،‬وفي أص ّ‬
‫أحد الوجهين عند الحنابلة ‪ ،‬لنّهما لرجل واحد ‪ .‬ول‬
‫شافعيّة ‪،‬‬ ‫ح عند ال ّ‬ ‫تداخل بينهما على مقابل الص ّ‬
‫وعلى الوجه الثّاني عند الحنابلة لختلفهما في‬
‫الجنس ‪.‬‬
‫ص ابن جزيّ مذهبهم في‬ ‫ما المالكيّة فقد لخ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫تداخل العدد بقوله ‪ :‬فروع في تداخل العدّتين ‪:‬‬
‫م مات‬ ‫الفرع الوّل ‪ :‬من طلقت طلقا ً رجعيّا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن‬
‫زوجها في العدّة انتقلت إلى عدّة الوفاة ‪ ،‬ل ّ‬
‫ي بخلف البائن ‪.‬‬ ‫الموت يهدم عدّة الّرجع ّ‬
‫م ارتجعها في العدّة‬ ‫الفرع الثّاني ‪ :‬إن طلّقها رجعيّا ً ث ّ‬
‫م طلّقها ‪ ،‬استأنفت العدّة من الطّلق الثّاني ‪،‬‬ ‫‪،‬ث ّ‬
‫ن الّرجعة تهدم العدّة ‪،‬‬ ‫سواء كان قد وطئها أم ل ‪ ،‬ل ّ‬
‫ت‬‫ة في العدّة من غير رجعة بَن َ ْ‬ ‫ولو طلّقها ثاني ً‬
‫م راجعها في العدّة‬ ‫ةث ّ‬ ‫ة ثاني ً‬‫اتّفاقا ً ‪ ،‬ولو طلّقها طلق ً‬
‫ت على عدّتها‬ ‫م طلّقها قبل المسيس بَن َ ْ‬ ‫أو بعدها ‪ ،‬ث ّ‬
‫الولى ‪ ،‬ولو طلّقها بعد الدّخول استأنفت من‬
‫الطّلق الثّاني ‪.‬‬

‫‪439‬‬
‫الفرع الثّالث ‪ :‬إذا تزوّجت في عدّتها من الطّلق ‪،‬‬
‫م فّرق بينهما ‪ ،‬اعتدّت بقيّة‬ ‫فدخل بها الثّاني ‪ ،‬ث ّ‬
‫م اعتدّت من الثّاني ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬ ‫عدّتها من الوّل ‪ ،‬ث ّ‬
‫تعتد ّ من الثّاني وتجزيها عنهما ‪ ،‬وإن كانت حاملً‬
‫فالوضع يجزي عن العدّتين اتّفاقا ً ‪ .‬والتّفصيل في‬
‫مصطلح ‪ ( :‬عدّة ) ‪.‬‬
‫ثامنا ً ‪ :‬تداخل الجنايات على النّفس والطراف ‪:‬‬
‫ن الجنايات على النّفس‬ ‫‪ - 18‬ذكر الحنفيّة أ ّ‬
‫والطراف إذا تعدّدت ‪ ،‬كما لو قطع عضوا ً من‬
‫م قتله ‪ ،‬فإنّها ل تتداخل إل ّ في حالة‬ ‫أعضائه ‪ ،‬ث ّ‬
‫اجتماع جنايتين على واحد ‪ ،‬ولم يتخلّلهما برء ‪،‬‬
‫ت عشرة ‪ ،‬كما ذكر ابن نجيم في‬ ‫وصورها س ّ‬
‫ما أن يكونا‬
‫م قتل ‪ ،‬فإ ّ‬
‫الشباه ‪ ،‬لنّه إذا قطع ث ّ‬
‫ً‬
‫عمدين أو خطأين ‪ ،‬أو أحدهما عمدا ً والخر خطأ ‪،‬‬
‫ل من‬ ‫ما على واحد أو اثنين ‪ ،‬وك ّ‬ ‫ل من الربعة إ ّ‬ ‫وك ّ‬
‫ما أن يكون الثّاني قبل البرء أو بعده ‪.‬‬ ‫الثّمانية ‪ .‬إ ّ‬
‫ن الجناية على الطّرف تندرج في‬ ‫وذكر المالكيّة أ ّ‬
‫مدها‬ ‫الجناية على النّفس ‪ ،‬أي في القصاص ‪ ،‬إن تع ّ‬
‫الجاني ‪ ،‬سواء أكان الطّرف للمقتول أم لغيره بأن‬
‫قطع يد شخص عمدا ً ‪ ،‬وفقأ عين آخر عمدا ً ‪ ،‬فيقتل‬
‫فقط ول يقطع شيء من أطرافه ول تفقأ عينه ‪ ،‬إن‬
‫ة ‪ -‬أي‬ ‫لم يقصد الجاني بجنايته على الطّرف مثل ً‬
‫تمثيل ً وتشويها ً ‪ -‬فإن قصدها فل يندرج الطّرف في‬
‫ص من الطّرف ‪ ،‬ث ّ‬
‫م يقتل ‪.‬‬ ‫القتل ‪ ،‬فيقت ّ‬
‫مد الجاني الجناية على الطّرف ‪ ،‬فإنّها‬ ‫ما إذا لم يتع ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ل تندرج في الجناية على النّفس ‪ ،‬كما لو قطع يد‬
‫م قتله عمدا ً عدوانا ً ‪ ،‬فإنّه يقتل به ‪،‬‬ ‫ً‬
‫شخص خطأ ‪ ،‬ث ّ‬
‫ودية اليد على عاقلته ‪.‬‬

‫‪440‬‬
‫ن الجناية على النّفس والطراف‬ ‫شافعيّة أ ّ‬ ‫وذكر ال ّ‬
‫إذا اتّفقتا في العمد أو الخطأ ‪ ،‬وكانت الجناية على‬
‫النّفس بعد اندمال الجناية على الطّرف وجبت دية‬
‫ما إذا كانت الجناية على النّفس‬ ‫الطّرف بل خلف ‪ .‬أ ّ‬
‫حهما‬ ‫قبل اندمال الجناية على الطّرف فوجهان ‪ ،‬أص ّ‬
‫‪ :‬دخول الجناية على الطّرف في الجناية على‬
‫النّفس ‪ ،‬بحيث ل يجب إل ّ ما يجب في النّفس‬
‫سراية ‪ .‬وثانيهما ‪ :‬عدم التّداخل بين الجنايتين ‪،‬‬ ‫كال ّ‬
‫خّرجه ابن سريج ‪ ،‬وبه قال الصطخريّ ‪ ،‬واختاره‬
‫ما إذا كانت إحداهما عمدا ً والخرى‬ ‫إمام الحرمين ‪ .‬أ ّ‬
‫خطأ ً ‪ ،‬وقلنا بالتّداخل عند التّفاق ‪ ،‬فهنا وجهان ‪:‬‬
‫حهما ‪ :‬ل ‪ ،‬لختلفهما ‪.‬‬ ‫أحدهما التّداخل أيضا ً ‪ .‬وأص ّ‬
‫والحنابلة يقولون ‪ :‬التّداخل في القصاص في إحدى‬
‫الّروايتين عن أحمد فيما لو جرح رجل رجل ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬
‫ي القصاص ‪،‬‬ ‫قتله قبل اندمال جرحه ‪ ،‬واختار الول ّ‬
‫ي إل ّ ضرب عنقه‬ ‫فعلى هذه الّرواية ليس للول ّ‬
‫سيف ‪ .‬لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬ل قَوَد َ إلّ‬ ‫بال ّ‬
‫ن‬‫ف » ‪ ،‬وليس له جرحه أو قطع طرفه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫سي ِ‬ ‫بال ّ‬
‫القصاص أحد بدلي النّفس ‪ ،‬فدخل الطّرف في‬
‫ي أن‬ ‫ن للول ّ‬ ‫حكم الجملة كالدّية‪ .‬والّرواية الثّانية ‪ :‬أ ّ‬
‫ن‬
‫يفعل بالجاني مثلما فعل ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ { :‬وإ ْ‬
‫ما إذا عفا‬ ‫ل ما ع ُوقِبْتُم به } ‪ .‬أ ّ‬ ‫مث ْ ِ‬‫ع َاقَبْتُم فَعَاقِبُوا ب ِ ِ‬
‫ي عن القصاص ‪ ،‬أو صار المر إلى الدّية لكون‬ ‫ّ‬ ‫الول‬
‫الفعل خطأ ً أو شبه عمد ‪ ،‬فالواجب حينئذ دية واحدة‬
‫‪ ،‬لنّه قتل قبل استقرار الجرح ‪ ،‬فدخل أرش‬
‫الجراحة في أرش النّفس والتّفصيل في مصطلح ‪( :‬‬
‫جناية ) ‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬تداخل الدّيات ‪:‬‬

‫‪441‬‬
‫ن الدّيات قد‬ ‫‪ - 19‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫تتداخل ‪ ،‬فيدخل الدنى منها في العلى ‪ ،‬ومن ذلك‬
‫دخول دية العضاء والمنافع في دية النّفس ‪،‬‬
‫ودخول أرش الموضحة المذهبة للعقل في دية‬
‫العقل ‪ ،‬ودخول حكومة الثّدي في دية الحلمة إلى‬
‫غير ذلك من الفروع ‪.‬‬
‫والتّفصيل في مصطلح ‪ ( :‬دية ) ‪.‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬تداخل الحدود ‪:‬‬
‫ن الحدود ‪ -‬كحد ّ الّزنى‬ ‫‪ - 20‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫شرب ‪ -‬إذا اتّفقت في الجنس‬ ‫سرقة وال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫والموجب أي الحد ّ فإنّها تتداخل ‪ ،‬فمن زنى مرارا ً ‪،‬‬
‫أو سرق مرارا ً ‪ ،‬أو شرب مرارا ً ‪ ،‬أقيم عليه ح ّ‬
‫د‬
‫سرقة المتكّررة ‪.‬‬ ‫واحد للّزنى المتكّرر ‪ ،‬وآخر لل ّ‬
‫ن ما تكّرر من هذه‬ ‫شرب المتكّرر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫وآخر لل ّ‬
‫الفعال هو من جنس ما سبقه ‪ ،‬فدخل تحته ‪ .‬ومثل‬
‫ذلك حد ّ القذف إذا قذف شخصا ً واحدا ً مرارا ً ‪ ،‬أو‬
‫د‬
‫ة بكلمة واحدة ‪ ،‬فإنّه يكتفي فيه بح ّ‬ ‫قذف جماع ً‬
‫ة بكلمات ‪ ،‬أو‬ ‫واحد اتّفاقا ً ‪ ،‬بخلف ما لو قذف جماع ً‬
‫ل واحد منهم بقذف ‪.‬‬ ‫صك ّ‬ ‫خ ّ‬
‫ن من زنى أو سرق أو‬ ‫واتّفق الفقهاء أيضا ً على أ ّ‬
‫م صدر منه أحد هذه‬ ‫شرب ‪ ،‬فأقيم عليه الحد ّ ‪ ،‬ث ّ‬
‫الفعال مّرة ً أخرى ‪ ،‬فإنّه يحد ّ ثانيا ً ‪ ،‬ول يدخل تحت‬
‫الفعل الّذي سبقه ‪ ،‬واتّفقوا أيضا ً على عدم التّداخل‬
‫بين هذه الفعال عند اختلفها في الجنس والقدر‬
‫الواجب فيها ‪ ،‬فمن زنى وسرق وشرب حد ّ لك ّ‬
‫ل‬
‫فعل من هذه الفعال ‪ ،‬لختلفها في الجنس والقدر‬
‫ما إذا اتّحدت في القدر‬ ‫الواجب فيها ‪ ،‬فل تتداخل ‪ .‬أ ّ‬
‫شرب‬ ‫الواجب واختلفت في الجنس ‪ ،‬كالقذف وال ّ‬
‫ما عند‬ ‫مثل ً ‪ ،‬فل تداخل بينها عند غير المالكيّة ‪ ،‬وأ ّ‬

‫‪442‬‬
‫المالكيّة فتتداخل ‪ ،‬لتّفاقها في القدر الواجب فيها ‪،‬‬
‫ن الواجب في القذف ثمانون جلدةً‬ ‫وهو الحد ّ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫شرب أيضا ً مثله ‪ ،‬فإذا أقيم عليه أحدهما‬ ‫وفي ال ّ‬
‫سقط عنه الخر ‪ .‬ولو لم يقصد عند إقامة الحد ّ إلّ‬
‫م ثبت أنّه شرب أو قذف ‪ ،‬فإنّه‬ ‫واحدا ً فقط ‪ ،‬ث ّ‬
‫ما ثبت ‪.‬‬
‫يكتفي بما ضرب له ع ّ‬
‫ومثل ذلك عندهم ‪ -‬أي المالكيّة ‪ -‬ما لو سرق وقطع‬
‫يمين آخر ‪ ،‬فإنّه يكتفي فيه بحد ّ واحد ‪ .‬وهذا كلّه إذا‬
‫لم يكن في تلك الحدود القتل ‪ ،‬فإن كان فيها‬
‫القتل ‪ ،‬فإنّه يكتفي به عند الحنفيّة والمالكيّة‬
‫والحنابلة ‪ ،‬لقول ابن مسعود ‪ :‬ما كانت حدود فيها‬
‫ن المقصود الّزجر‬ ‫قتل إل ّ أحاط القتل بذلك كلّه ‪ ،‬ول ّ‬
‫وقد حصل ‪ .‬واستثنى المالكيّة من ذلك حد ّ القذف ‪،‬‬
‫فقد ذكروا أنّه ل يدخل في القتل ‪ ،‬بل ل بد ّ من‬
‫استيفائه قبله ‪.‬‬
‫شافعيّة فإنّهم ل يكتفون بالقتل ‪ ،‬ولم يقولوا‬ ‫ما ال ّ‬
‫وأ ّ‬
‫م‬‫فث ّ‬ ‫بالتّداخل في هذه المسألة ‪ ،‬بل يقدّمون الخ ّ‬
‫ف ‪ ،‬فمن سرق وزنى وهو بكر ‪ ،‬وشرب ولزمه‬ ‫الخ ّ‬
‫قتل بردّة ‪ ،‬أقيمت عليه الحدود الواجبة فيها بتقديم‬
‫ف‪.‬‬‫م الخ ّ‬ ‫فث ّ‬ ‫الخ ّ‬
‫الحادي عشر ‪ :‬تداخل الجزية ‪:‬‬
‫ن الجزية تتداخل كما إذا‬ ‫‪ - 21‬ذهب أبو حنيفة إلى أ ّ‬
‫ي جزية عامين ‪ ،‬فل يؤخذ منه إلّ‬ ‫م ّ‬‫اجتمع على الذ ّ ّ‬
‫ة للّه تعالى‬ ‫ن الجزية وجبت عقوب ً‬ ‫جزية عام واحد ‪ ،‬ل ّ‬
‫ي على وجه الذلل ‪ .‬والعقوبات‬ ‫م ّ‬ ‫تؤخذ من الذ ّ ّ‬
‫الواجبة للّه تعالى إذا اجتمعت ‪ ،‬وكانت من جنس‬
‫واحد ‪ ،‬تداخلت كالحدود ‪ ،‬ولنّها وجبت بدل ً عن‬
‫القتل في حّقهم وعن النّصرة في حّقنا ‪ ،‬لكن في‬
‫ن القتل إنّما يستوفى‬ ‫المستقبل ل في الماضي ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪443‬‬
‫لحراب قائم في الحال ‪ ،‬ل لحراب ماض ‪ ،‬وكذا‬
‫ن الماضي وقعت الغُنْية‬ ‫النّصرة في المستقبل ل ّ‬
‫عنه ‪.‬‬
‫مد إلى‬ ‫شافعيّة والحنابلة وأبو يوسف ومح ّ‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ي‬‫ن مض ّ‬ ‫ي المدّة ‪ ،‬ل ّ‬ ‫أنّها ل تتداخل ‪ ،‬ول تسقط بمض ّ‬
‫المدّة ل تأثير له في إسقاط الواجب كالدّيون ‪.‬‬
‫ما خراج الرض فقيل على هذا الخلف ‪ ،‬وقيل ل‬ ‫وأ ّ‬
‫تداخل فيه بالتّفاق ‪.‬‬
‫ما المالكيّة فإنّهم لم يصّرحوا بتداخل الجزية ‪،‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ولكن يفهم التّداخل من قول أبي الوليد ابن رشد ‪:‬‬
‫ومن اجتمعت عليه جزية سنين ‪ ،‬فإن كان ذلك‬
‫لفراره بها أخذت منه لما مضى ‪ ،‬وإن كان لعسره‬
‫لم تؤخذ منه ‪ ،‬ول يطالب بها بعد غناه ‪ .‬والتّفصيل‬
‫في مصطلح ‪ ( :‬جزية ) ‪.‬‬
‫الثّاني عشر ‪ :‬تداخل العددين في حساب المواريث‬
‫‪:‬‬
‫ما أن يكونا‬ ‫‪ - 22‬العددان في حساب المواريث إ ّ‬
‫ما أن يكونا مختلفين ‪.‬‬ ‫متماثلين ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ما‬‫ل ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ما أن يفنى الكثر بالق ّ‬ ‫وفي حال اختلفهما إ ّ‬
‫ما أن ل يفنيهما إل ّ واحد‬ ‫أن يفنيهما عدد ثالث ‪ ،‬وإ ّ‬
‫ليس بعدد ‪ ،‬بل هو مبدؤه ‪ ،‬فهذه أربعة أقسام ‪.‬‬
‫وقد وقع التّداخل في القسم الثّاني منها ‪ ،‬وهو ما‬
‫ل عند إسقاطه من الكثر‬ ‫إذا اختلفا وفني الكثر بالق ّ‬
‫مّرتين فأكثر منهما ‪ ،‬فيقال حينئذ ‪ :‬إنّهما متداخلن ‪،‬‬
‫ستّة‬‫ن ال ّ‬ ‫كثلثة مع ستّة أو تسعة أو خمسة عشر ‪ ،‬فإ ّ‬
‫تفنى بإسقاط الثّلثة مّرتين ‪ ،‬والتّسعة بإسقاطها‬
‫ثلث مّرات ‪ ،‬والخمسة عشر بإسقاطها خمس‬
‫ميا متداخلين لدخول‬ ‫مّرات ‪ ،‬لنّها خمسها ‪ ،‬وس ّ‬

‫‪444‬‬
‫ل في الكثر ‪ .‬وحكم العداد المتداخلة ‪ :‬أنّه‬ ‫الق ّ‬
‫يكتفى فيها بالكبر ويجعل أصل المسألة ‪.‬‬
‫ما في القسام الخرى ‪ ،‬وهي الوّل والثّالث‬ ‫أ ّ‬
‫ن العددين‬ ‫والّرابع ‪ ،‬فل تداخل بين العددين فيها ‪ ،‬ل ّ‬
‫إن كانا متماثلين ‪ -‬كما في القسم الوّل ‪ -‬فإنّه‬
‫يكتفى بأحدهما ‪ ،‬فيجعل أصل ً للمسألة كالثّلثة‬
‫ن حقيقة‬ ‫والثّلثة مخرجي الثّلث والثّلثين ‪ ،‬ل ّ‬
‫المتماثلين إذا سلّط أحدهما على الخر أفناه مّرةً‬
‫واحدةً ‪ .‬وإن كانا مختلفين ‪ ،‬ول يفنيهما إل ّ عدد ثالث‬
‫‪ -‬وهو القسم الثّالث ‪ -‬فهما متوافقان ‪ ،‬ول تداخل‬
‫ن الفناء حصل بغيرهما ‪ ،‬كأربعة‬ ‫بينهما أيضا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫وستّة بينهما موافقة بالنّصف ‪ ،‬لنّك إذا سلّطت‬
‫ستّة يبقى منهما اثنان ‪ ،‬سلّطهما على‬ ‫الربعة على ال ّ‬
‫الربعة مّرتين تفنى بهما ‪ ،‬فقد حصل الفناء باثنين‬
‫ستّة ‪ ،‬فهما متوافقان بجزء‬ ‫وهو عدد غير الربعة وال ّ‬
‫الثنين وهو النّصف ‪.‬‬
‫وحكم المتوافقين ‪ :‬أن تضرب وفق أحدهما في‬
‫كامل الخر ‪ ،‬والحاصل أصل المسألة ‪.‬‬
‫وإن كانا مختلفين ل يفنى أكثرهما بأقلّهما ول بعدد‬
‫ثالث ‪ ،‬بأن لم يفنهما إل ّ الواحد كما في القسم‬
‫الّرابع فهما متباينان ‪ ،‬ول تداخل بينهما أيضا ً كثلثة‬
‫وأربعة ‪ ،‬لنّك إذا أسقطت الثّلثة من الربعة يبقى‬
‫واحد ‪ ،‬فإذا سلّطته على الثّلثة فنيت به ‪ .‬وحكم‬
‫المتباينين أنّك تضرب أحد العددين في الخر ‪.‬‬
‫والتّفصيل في باب حساب الفرائض ‪ ،‬وينظر‬
‫مصطلح ‪ ( :‬إرث ) ‪.‬‬
‫================‬
‫تدارك *‬
‫التّعريف ‪:‬‬

‫‪445‬‬
‫‪ - 1‬التّدارك ‪ :‬مصدر تدارك ‪ ،‬وثلثيّه ‪ :‬درك ‪،‬‬
‫ومصدره الدّرك بمعنى ‪ :‬اللّحاق والبلوغ ‪ .‬ومنه‬
‫الستدراك وللستدراك في اللّغة استعمالن ‪:‬‬
‫شيء بال ّ‬
‫شيء ‪.‬‬ ‫الوّل ‪ :‬أن يتستدرك ال ّ‬
‫الثّاني ‪ :‬أن يتلفى ما فّرط في الّرأي أو المر من‬
‫الخطأ أو النّقص ‪.‬‬
‫وللستدراك في الصطلح معنيان أيضا ً ‪:‬‬
‫الوّل ‪ ،‬للصوليّين والنّحويّين ‪ :‬وهو رفع ما يتوهّم‬
‫ثبوته ‪ ،‬أو إثبات ما يتوهّم نفيه ‪.‬‬
‫والثّاني ‪ :‬يرد في كلم الفقهاء ‪ :‬وهو إصلح ما حصل‬
‫في القول أو العمل من خلل أو قصور أو فوات ‪.‬‬
‫وقد ورد في كلم الفقهاء التّعبير بالتّدارك في‬
‫شيء‬ ‫موضع الستدراك ‪ ،‬الّذي هو بمعنى فعل ال ّ‬
‫المتروك بعد محلّه ‪ ،‬سواء أترك سهوا ً أم عمدا ً ‪،‬‬
‫ي ‪ :‬إذا سلّم المام من صلة‬ ‫ومن ذلك قول الّرمل ّ‬
‫الجنازة ‪ ،‬تدارك المسبوق باقي التّكبيرات بأذكارها ‪.‬‬
‫وقوله ‪ :‬لو نسي تكبيرات صلة العيد فتذكّرها قبل‬
‫مد تركها بالولى ‪ -‬وشرع في القراءة‬ ‫ركوعه ‪ ،‬أو تع ّ‬
‫م فاتحته ‪ -‬فاتت في الجديد فل يتداركها ‪.‬‬ ‫وإن لم يت ّ‬
‫ي ‪ ،‬من أنّه لو دفن‬ ‫ومن ذلك أيضا ً ما ذكره البهوت ّ‬
‫الميّت قبل الغسل ‪ ،‬وقد أمكن غسله ‪ ،‬لزم نبشه ‪،‬‬
‫سل ‪ ،‬تداركا ً لواجب غسله ‪.‬‬ ‫وأن يخرج ويغ ّ‬
‫وعلى هذا يمكن تعريف التّدارك في الصطلح‬
‫ي بأنّه ‪ :‬فعل العبادة ‪ ،‬أو فعل جزئها إذا ترك‬ ‫الفقه ّ‬
‫المكلّف فعل ذلك في محلّه المقّرر شرعا ً ما لم‬
‫يفت ‪.‬‬
‫وبالتّتبّع وجدنا الفقهاء ل يطلقون التّدارك إل ّ على ما‬
‫كان استدراكا ً في العبادة ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬

‫‪446‬‬
‫‪ - 2‬منها القضاء والعادة والستدراك ‪ ،‬وكذلك‬
‫الصلح في اصطلح المالكيّة وقد سبق بيان معانيها‬
‫‪ ،‬والتّفريق بينها وبين التّدارك في مصطلح‬
‫( استدراك ) ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬
‫الحكم التّكليف ّ‬
‫ن تدارك ركن العبادة المفروضة فرض ‪،‬‬ ‫‪ - 3‬الصل أ ّ‬
‫وذلك إن فات الّركن لعذر ‪ -‬كنسيان أو جهل ‪ -‬مع‬
‫القدرة عليه ‪ ،‬أو فعل على وجه غير مجزئ ‪.‬‬
‫ول يحصل الثّواب المرتّب على الّركن مع تركه ‪،‬‬
‫لعدم المتثال ‪.‬‬
‫ح العبادة إل ّ بالتّدارك ‪ .‬فإن لم يتدارك الّركن‬ ‫ول تص ّ‬
‫في الوقت الّذي يمكن تداركه فيه فسدت العبادة ‪،‬‬
‫ووجب الستدراك باستئناف العبادة أو قضائها ‪،‬‬
‫ما تدارك الواجبات‬ ‫بحسب اختلف الحوال ‪ .‬وأ ّ‬
‫سنن ففيه تفصيل ‪ .‬ويتّضح ذلك من المثلة‬ ‫وال ّ‬
‫المختلفة ‪،‬وبها يتبيّن الحكم ‪.‬‬
‫التّدارك في الوضوء ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التّدارك في أركان الوضوء ‪:‬‬
‫‪ - 4‬أركان الوضوء يتحتّم التيان بها ‪ ،‬فإن ترك غسل‬
‫عضو من الثّلثة أو جزءا ً منه ‪ ،‬أو ترك مسح‬
‫الّرأس ‪ ،‬فإنّه ل بد ّ من تداركه ‪ ،‬بالتيان بالفائت من‬
‫م التيان بما بعده ‪ ،‬فمن نسي‬ ‫غسل أو مسح ث ّ‬
‫غسل اليدين ‪ ،‬وتذكّره بعد غسل الّرجلين ‪ ،‬لم يص ّ‬
‫ح‬
‫وضوءه حتّى يعيد غسل اليدين ويمسح برأسه‬
‫ويغسل رجليه ‪.‬‬
‫وهذا على قول من يجعل التّرتيب فرضا ً في الوضوء‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وعلى القول المقدّم عند الحنابلة‬ ‫‪ ،‬وهم ال ّ‬
‫ما من أجازوا الوضوء دون ترتيب ‪ ،‬وهم الحنفيّة‬ ‫‪.‬أ ّ‬

‫‪447‬‬
‫والمالكيّة ‪ ،‬فيجزئ عندهم التّدارك بغسل المتروك‬
‫ب ‪ ،‬وليس واجبا ً ‪.‬‬ ‫وحده ‪ .‬وإعادة ما بعده مستح ّ‬
‫ولو ترك غسل اليمنى من اليدين أو الّرجلين ‪،‬‬
‫وتذكّره بعد غسل اليسرى ‪ ،‬أجزأه غسل اليمنى‬
‫فقط ‪ ،‬ول يلزمه غسل اليسرى اتّفاقا ً ‪ ،‬لنّهما‬
‫بمنزلة عضو واحد ‪.‬‬
‫وإنّما يجزئ التّدارك بالتيان بالفائت وما بعده ‪ ،‬أو‬
‫بالفائت وحده ‪ -‬على القولين المذكورين ‪ -‬إن لم‬
‫تفت الموالة عند من أوجبها ‪ ،‬فإن طال الفصل ‪،‬‬
‫وفاتت الموالة ‪ ،‬فل بد ّ من إعادة الوضوء كلّه ‪ .‬أ ّ‬
‫ما‬
‫من لم يوجب الموالة ‪ -‬وذلك مذهب الحنفيّة‬
‫شافعيّة ‪ -‬فإنّه يجزئ عندهم التّدارك بغسل‬ ‫وال ّ‬
‫الفائت وحده ‪ .‬وفي المسألة تفصيلت يرجع إليها‬
‫في ( وضوء ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّدارك في واجبات الوضوء ‪:‬‬
‫‪ - 5‬ليس للوضوء ول للغسل واجبات عند بعض‬
‫الفقهاء ‪.‬‬
‫ومن واجبات الوضوء عند الحنابلة مثل ً التّسمية في‬
‫أوّله ‪ -‬وليست ركنا ً في الوضوء عندهم ‪ -‬قالوا ‪:‬‬
‫وتسقط لو تركها سهوا ً ‪ .‬وإن ذكرها في أثناء‬
‫مى وبنى ‪ ،‬أي فل يلزمه الستئناف ‪.‬‬ ‫الوضوء س ّ‬
‫سهو في جملة‬ ‫ما عفي عنها مع ال ّ‬ ‫قالوا ‪ :‬لنّه ل ّ‬
‫الطّهارة ‪ ،‬ففي بعضها أولى ‪ .‬وهو المذهب خلفا ً لما‬
‫ححه في النصاف ‪.‬‬ ‫ص ّ‬
‫ج ‪ -‬التّدارك في سنن الوضوء ‪:‬‬
‫شافعيّة‬ ‫ما سنن الوضوء فقد صّرح المالكيّة وال ّ‬ ‫‪-6‬أ ّ‬
‫والحنابلة بعدم مشروعيّة تداركها إذا فات محلّها ‪.‬‬
‫ن سنّة الوضوء يطالب بإعادتها لو‬ ‫فيرى المالكيّة أ ّ‬
‫ما لو‬ ‫نكّسها سهوا ً أو عمدا ً ‪ ،‬طال الوقت أو قصر ‪ .‬أ ّ‬

‫‪448‬‬
‫تركها بالكلّيّة عمدا ً أو سهوا ً ‪ -‬وذلك منحصر عندهم‬
‫في المضمضة والستنشاق ومسح الذنين ‪ -‬قال‬
‫الدّردير ‪ :‬يفعلها استنانا ً دون ما بعدها طال التّرك أو‬
‫سنن‬ ‫ل ‪ .‬وإنّما لم تجب إعادة ما بعده لندب ترتيب ال ّ‬
‫في نفسها ‪ ،‬أو مع الفرائض ‪.‬‬
‫ي ‪ -‬إذا فات ل يؤمر‬ ‫والمندوب ‪ -‬كما قال الدّسوق ّ‬
‫بفعله لعدم التّشديد فيه ‪ ،‬وإنّما يتداركها لما يستقبل‬
‫صلوات ‪ ،‬ل إن أراد مجّرد البقاء على طهارة ‪،‬‬ ‫من ال ّ‬
‫إل ّ أن يكون بالقرب ‪ ،‬أي بحضرة الماء وقبل فراغه‬
‫من الوضوء ‪.‬‬
‫خرا ً ‪ ،‬كأن‬‫شافعيّة ‪ :‬لو قدّم مؤ ّ‬ ‫وكذلك عند ال ّ‬
‫استنشق قبل المضمضة ‪ -‬وهما عندهم سنّتان ‪ -‬قال‬
‫ي ‪ :‬يحتسب ما بدأ به ‪ ،‬وفات ما كان محلّه‬ ‫الّرمل ّ‬
‫ح في الّروضة ‪ ،‬خلفا ً لما في‬ ‫قبله على الص ّ‬
‫المجموع ‪ ،‬أي فل يتداركه بعد ذلك ‪ ،‬وهذا قولهم‬
‫مة ‪ ،‬فيحسب منها ما‬ ‫في سنن الوضوء بصفة عا ّ‬
‫أوقعه أوّل ً ‪ ،‬فكأنّه ترك غيره ‪ ،‬فل يعتد ّ بفعله بعد‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫لكن في التّسمية في أوّل الوضوء ‪ -‬وهي سنّة‬
‫عندهم ‪ -‬قالوا ‪ :‬إن تركها عمدا ً أو سهوا ً ‪ -‬أو في‬
‫أوّل طعام أو شراب كذلك ‪ -‬يأتي بها في أثنائه‬
‫تداركا ً لما فاته ‪ ،‬فيقول ‪ :‬بسم اللّه أوّله وآخره ‪ ،‬ول‬
‫يأتي بها بعد فراغه من الوضوء ‪ ،‬بخلف الكل ‪ ،‬فإنّه‬
‫يأتي بها بعده ‪ .‬وشبيه بهذا ما عند الحنفيّة ‪ .‬حيث‬
‫مى في خلل الوضوء ل‬ ‫قالوا ‪ :‬لو نسيها ‪ ،‬فس ّ‬
‫سنّة ‪ ،‬بل المندوب ‪ ،‬فيأتي بها لئل ّ يخلو‬ ‫تحصل ال ّ‬
‫سنّة في‬ ‫ما في الطّعام فتحصل ال ّ‬ ‫وضوءه منها ‪ .‬وأ ّ‬
‫باقيه ‪ .‬وهل تكون التّسمية أثناءه استدراكا ً لما‬
‫فات ‪ ،‬فتحصل فيه ‪ ،‬أم ل تحصل ؟ ‪.‬‬

‫‪449‬‬
‫قال شارح المنية ‪ :‬الولى أنّها استدراك ‪ ،‬لقول‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬إذا أكل أحدكم‬ ‫النّب ّ‬
‫م‬‫فلْيذكر اسم اللّه تعالى ‪ ،‬فإن نسي أن يذكَر اس َ‬
‫أوله وآخره » ‪.‬وقال‬ ‫اللّه في أوّله فليقل ‪ :‬بسم اللّه ّ‬
‫ابن عابدين ‪ :‬إذا قال في الوضوء بسم اللّه أوّله‬
‫ص‪.‬‬‫سنّة أيضاً‪ ،‬بدللة الن ّ ّ‬‫وآخره ‪ ،‬حصل استدراك ال ّ‬
‫ما المضمضة والستنشاق في الوضوء عند‬ ‫‪ -7‬أ ّ‬
‫ن الفم والنف من أجزاء‬ ‫الحنابلة ففعلهما فرض ‪ ،‬ل ّ‬
‫الوجه ‪ ،‬وليسا من سنن الوضوء ‪ ،‬ولذا فل يجب‬
‫التّرتيب فيما بينهما ‪.‬‬
‫ويجب أن يتدارك المضمضة بعد الستنشاق ‪ ،‬أو بعد‬
‫غسل الوجه ‪ ،‬وحتّى بعد غسل سائر العضاء ‪ ،‬إلّ‬
‫أنّه إن تذكّرهما بعد غسل اليدين تداركهما وغسل ما‬
‫بعدهما كما تقدّم ‪.‬‬
‫التّدارك في الغسل ‪:‬‬
‫‪ - 8‬التّرتيب والموالة في الغسل غير واجبين عند‬
‫جمهور الفقهاء ‪.‬‬
‫وقال اللّيث ‪ :‬ل بد ّ من الموالة ‪ .‬واختلف فيه عن‬
‫المام مالك ‪ ،‬والمقدّم عند أصحابه ‪ :‬وجوب الموالة‬
‫ي ‪ .‬فعلى قول‬ ‫‪ ،‬وفيه وجه لصحاب المام ال ّ‬
‫شافع ّ‬
‫ضأ مع الغسل لم يلزم التّرتيب بين‬ ‫الجمهور ‪ :‬إذا تو ّ‬
‫أعضاء الوضوء ‪ .‬من أجل ذلك فإنّه لو ترك غسل‬
‫عضو أو لمعة من عضو ‪ ،‬سواء أكان في أعضاء‬
‫الوضوء أم في غيرها ‪ ،‬تدارك المتروك وحده بعد ‪،‬‬
‫طال الوقت أو قصر ‪ ،‬ولو غسل بدنه إل ّ أعضاء‬
‫الوضوء تداركها ‪ ،‬ولم يجب التّرتيب بينها ‪ .‬ومن أجل‬
‫شافعيّة ‪ :‬لو ترك الوضوء في الغسل ‪ ،‬أو‬ ‫ذلك قال ال ّ‬
‫ب له أن‬ ‫المضمضة أو الستنشاق كره له ‪ ،‬ويستح ّ‬
‫يأتي به ولو طال الفصل دون إعادة للغسل ‪.‬‬

‫‪450‬‬
‫ويجب تداركهما عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬إذ هما‬
‫واجبان في الغسل عندهم ‪ ،‬بخلفهما في الوضوء ‪،‬‬
‫فهما فيه سنّة عند الحنفيّة ‪ ،‬وليسا بواجبين ‪.‬‬
‫تدارك غسل الميّت ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة لو دفن الميّت‬ ‫‪ - 9‬عند المالكيّة وال ّ‬
‫دون غسل ‪ ،‬وقد أمكن غسله ‪ ،‬لزم نبشه وأن يخرج‬
‫سل ‪ ،‬تداركا ً لواجب غسله ‪ .‬أي ما لم يخش‬ ‫ويغ ّ‬
‫شافعيّة ‪ .‬وكذلك‬ ‫تغيّره ‪ ،‬كما صّرح به المالكيّة وال ّ‬
‫صلة عليه يجب تداركهما بنبشه ‪ .‬قال‬ ‫تكفينه وال ّ‬
‫الدّردير ‪ :‬وتدورك ندبا ً بالحضرة ‪ -‬وهي ما قبل‬
‫تسوية التّراب عليه ‪ -‬ومثال المخالفة الّتي تتدارك ‪:‬‬
‫تنكيس رجليه موضع رأسه ‪ ،‬أو وضعه غير مستقبل‬
‫صلة‬ ‫القبلة ‪ ،‬أو على ظهره ‪ ،‬وكترك الغسل ‪ ،‬أو ال ّ‬
‫عليه ‪ ،‬ودفن من أسلم بمقبرة الكّفار ‪ ،‬فيتدارك إن‬
‫لم يخف عليه التّغيّر ‪.‬‬
‫ما عند الحنفيّة ‪ :‬فل ينبش الميّت إذا أهيل عليه‬ ‫أ ّ‬
‫ق اللّه تعالى ‪ ،‬كما لو دفن دون غسل أو‬ ‫التّراب لح ّ‬
‫صلة ‪ ،‬ويصلّى على قبره دون غسل ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫التّدارك في ال ّ‬
‫‪ - 10‬إذا ترك المصلّي شيئا ً من صلته ‪ ،‬أو فعله على‬
‫ن في مشروعيّة تداركه تفصيلً‬ ‫وجه غير مجزئ ‪ ،‬فإ ّ‬
‫‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تدارك الركان ‪:‬‬
‫‪ - 11‬إن كان المتروك ركنا ً ‪ ،‬وكان تركه عمدا ً ‪،‬‬
‫بطلت صلته حال ً لتلعبه ‪ .‬وإن تركه سهوا ً أو ش ّ‬
‫ك‬
‫ح الّركعة‬ ‫في تركه وجب تداركه بفعله ‪ ،‬وإل ّ لم تص ّ‬
‫ن الّركن ل يسقط عمدا ً ول‬ ‫الّتي ترك ركنا ً منها ‪ ،‬فإ ّ‬
‫سهوا ً ول جهل ً ول غلطا ً ‪ ،‬ويعيد ما بعد المتروك‬
‫لوجوب التّرتيب ‪ .‬وفي كيفيّة تداركه اختلف‬

‫‪451‬‬
‫وتفصيل بين أصحاب المذاهب يرجع إليه في‬
‫سهو ) ‪ .‬وقد يشرع سجود‬ ‫صلة وسجود ال ّ‬ ‫( أركان ال ّ‬
‫سهو من‬ ‫سهو مع تداركه ‪ ،‬على ما في سجود ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الخلف ‪ ،‬في كونه واجبا ً أو مستحبّا ً على ما هو‬
‫سهو ‪.‬‬ ‫صل في سجود ال ّ‬ ‫مف ّ‬
‫ب ‪ -‬تدارك الواجبات ‪:‬‬
‫صلة‬ ‫شافعيّة واجبات لل ّ‬ ‫‪ - 12‬ليس عند المالكيّة وال ّ‬
‫غير الركان ‪.‬‬
‫صلة‬ ‫صلة ل تفسد ال ّ‬ ‫وعند الحنفيّة واجبات ال ّ‬
‫سهو إن كان تركه سهوا ً ‪،‬‬ ‫بتركها ‪ ،‬بل يجب سجود ال ّ‬
‫وتجب إعادتها إن كان عمدا ً مع الحكم بإجزاء الولى‬
‫‪.‬‬
‫صلة ‪ -‬كالتّشهّد الوّل ‪،‬‬ ‫ما عند الحنابلة ‪ :‬فواجبات ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫سجود ‪ -‬فإن‬ ‫والتّكبير للنتقال ‪ ،‬وتسبيح الّركوع وال ّ‬
‫ترك شيئا ً من ذلك عمدا ً بطلت صلته ‪ .‬وإن تركه‬
‫م تذكّره ‪ ،‬فإنّه يجب تداركه ما لم يفت محلّه‬ ‫سهوا ً ث ّ‬
‫‪ ،‬بانتقاله بعده إلى ركن مقصود ‪ ،‬إذ ل يعود بعده‬
‫لواجب ‪ .‬فيرجع إلى تسبيح ركوع قبل اعتدال ل‬
‫بعده ‪ ،‬ويرجع إلى التّشهّد الوّل ما لم يشرع في‬
‫ل الواجب ‪-‬‬ ‫م إن فات مح ّ‬ ‫قراءة الّركعة الثّالثة ‪ .‬ث ّ‬
‫كما لو شرع في القراءة من ترك التّشهّد الوّل ‪ -‬لم‬
‫يجز الّرجوع إليه ‪ .‬وفي كل الحالين يجب سجود‬
‫سهو ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫ت ‪ -‬تدارك سنن ال ّ‬
‫صلة بتركها ولو عمدا ً ‪ ،‬ول‬ ‫سنن ل تبطل ال ّ‬ ‫‪ - 13‬ال ّ‬
‫تجب العادة ‪ ،‬وإنّما حكم تركها ‪ :‬كراهة التّنزيه ‪،‬‬
‫كما صّرح به الحنفيّة ‪.‬‬
‫صلة‬‫ة من سنن ال ّ‬ ‫وعند المالكيّة ‪ :‬إن نسي سن ّ ً‬
‫يستدركها ما لم يفت محلّها ‪ ،‬فلو ترك التّشهّد‬

‫‪452‬‬
‫الوسط ‪ ،‬وتذكّر قبل مفارقته الرض بيديه وركبتيه ‪،‬‬
‫يرجع للتيان به ‪ ،‬وإل ّ فقد فات ‪.‬‬
‫سهو بترك سنّة ‪ ،‬فعندهم في ذلك‬ ‫سجود لل ّ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫سنن‬ ‫سهو )‪ .‬وال ّ‬ ‫تفصيلت يرجع إليها في( سجود ال ّ‬
‫شافعيّة نوعان ‪ :‬نوع هو أبعاض يشرع سجود‬ ‫عند ال ّ‬
‫سهو لتركها عمدا ً أو سهوا ً ‪ ،‬كالقنوت ‪ ،‬وقيامه ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي صلى‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫والتّشهّد الوّل ‪ ،‬وقعوده ‪،‬وال ّ‬
‫سجود لتركه ‪،‬‬ ‫الله عليه وسلم فيه‪ .‬ونوع ل يشرع ال ّ‬
‫سجود ‪ ،‬فإن سجد لشيء منها‬ ‫كأذكار الّركوع وال ّ‬
‫صلة من جنس‬ ‫عامدا ً بطلت صلته ‪ ،‬لنّه زاد على ال ّ‬
‫أفعالها ما ليس منها ‪ ،‬إل ّ أن يعذر بجهله ‪.‬‬
‫ل حال فل يتدارك شيء من ذلك عندهم إذا‬ ‫وعلى ك ّ‬
‫فات محلّه ‪ ،‬كالستفتاح إذا شرع في القراءة ‪ .‬وكذا‬
‫سنن إذا فات محلّها ‪ ،‬كما‬ ‫عند الحنابلة ل تتدارك ال ّ‬
‫إذا ترك الستفتاح حتّى تعوّذ ‪ ،‬أو ترك التّعوّذ حتّى‬
‫بسمل ‪ ،‬أو ترك البسملة حتّى شرع في القراءة ‪ ،‬أو‬
‫سورة ‪ .‬لكن إن لم‬ ‫ترك التّأمين حتّى شرع في ال ّ‬
‫يكن استعاذ في الولى عمدا ً أو نسيانا ً يستعيذ في‬
‫الّركعة الثّانية ‪ .‬وليس ذلك من باب تدارك التّعوّذ‬
‫الفائت ‪ ،‬ولكن إنّما يستعيذ للقراءة الثّانية‬
‫سنن إذا فات محلّها ‪ ،‬فكذلك ل‬ ‫وكما ل تتدارك ال ّ‬
‫سجود لترك شيء منها سهوا ً أو عمدا ً ‪،‬‬ ‫يشرع ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬وإن سجد لذلك فل بأس ‪.‬‬ ‫ة كانت أو فعلي ّ ً‬ ‫قولي ّ ً‬
‫صلة مع‬ ‫ث ‪ -‬تدارك المسبوق ما فاته من ال ّ‬
‫الجماعة ‪:‬‬
‫خرا ً عن تكبيرة الحرام ‪ ،‬فدخل مع‬ ‫‪ - 14‬من جاء متأ ّ‬
‫المام ‪ ،‬ل يتدارك ما فاته من الّركعة معه إن أدركه‬
‫قبل الّرفع من الّركوع ‪ ،‬فإن أدركه في الّرفع من‬

‫‪453‬‬
‫الّركوع أو بعد ذلك فاتته الّركعة ووجب عليه تداركها‬
‫‪.‬‬
‫وفي ذلك تفصيل وأحكام مختلفة تنظر في صلة‬
‫الجماعة ( صلة المسبوق ) ‪.‬‬
‫سهو ‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬تدارك سجود ال ّ‬
‫م انصرف من‬ ‫‪ - 15‬لو نسي من سها في صلته ‪ ،‬ث ّ‬
‫م تذكّره عن‬ ‫سهو حتّى سلّم ‪ ،‬ث ّ‬ ‫غير أن يسجد لل ّ‬
‫قرب ‪ ،‬يتداركه ‪ .‬وفي ذلك خلف وتفصيل ينظر في‬
‫سهو ) ‪.‬‬ ‫باب ( سجود ال ّ‬
‫ح ‪ -‬تدارك النّاسي للتّكبير في صلة العيد ‪:‬‬
‫‪ - 16‬إذا نسي تكبيرات صلة العيد حتّى شرع في‬
‫القراءة ‪ ،‬فاتت فل يتداركها في الّركعة نفسها ‪ ،‬لنّها‬
‫سنّة فات محلّها ‪ ،‬كما لو نسي الستفتاح أو التّعوّذ ‪،‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ .‬ولنّه إن أتى‬ ‫وهذا قول ال ّ‬
‫م عاد إلى القراءة ‪ ،‬فقد ألغى القراءة‬ ‫بالتّكبيرات ث ّ‬
‫ح أن يعتد ّ به ‪ ،‬وإن لم يعد‬ ‫الولى ‪ ،‬وهي فرض يص ّ‬
‫إلى القراءة فقد حصلت التّكبيرات في غير محلّها ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة ‪ -‬كما قال الشبراملسي ‪ -‬يس ّ‬ ‫لكن عند ال ّ‬
‫إذا نسي تكبيرات الّركعة الولى أن يتداركها في‬
‫الّركعة الثّانية مع تكبيراتها ‪ ،‬كما في قراءة سورة‬
‫( الجمعة ) في الّركعة الولى من صلة الجمعة ‪،‬‬
‫ن له أن يقرأها مع سورة‬ ‫فإنّه إذا تركها فيها س ّ‬
‫( المنافقون ) في الّركعة الثّانية ‪ .‬وعند الحنفيّة ‪:‬‬
‫يتدارك التّكبيرات إذا نسيها ‪ ،‬سواء أذكرها أثناء‬
‫القراءة أم بعد القراءة أثناء الّركوع ‪ .‬فإن نسيها‬
‫حتّى رفع رأسه من الّركوع فاتت فل يكبّر ‪.‬‬
‫غير أنّه إن ذكر أثناء قراءة الفاتحة وبعدها ‪ ،‬قبل أن‬
‫سورة ‪ ،‬يعيد بعد التّكبير قراءة الفاتحة‬ ‫م إليها ال ّ‬ ‫يض ّ‬
‫سورة كبّر ولم يعد‬ ‫م ال ّ‬ ‫وجوبا ً ‪ ،‬وإن ذكر بعد ض ّ‬

‫‪454‬‬
‫مت فل يحتمل النّقض ‪.‬‬ ‫ن القراءة ت ّ‬ ‫القراءة ‪ ،‬ل ّ‬
‫وقول المالكيّة في هذه المسألة قريب من قول‬
‫ن ناسي التّكبير كّل ً أو‬ ‫الحنفيّة ‪ ،‬فإنّهم يقولون ‪ :‬إ ّ‬
‫بعضا ً يكبّر حيث تذكّر في أثناء القراءة أو بعدها ما‬
‫سهو ‪،‬‬ ‫لم يركع ‪ .‬ويعيد القراءة استحبابا ً ‪ ،‬ويسجد لل ّ‬
‫ن القراءة الولى وقعت في غير محلّها ‪ .‬فإن ركع‬ ‫ل ّ‬
‫ل التّدارك ‪،‬‬ ‫قبل أن يتذكّر التّكبير تمادى لفوات مح ّ‬
‫ول يرجع للتّكبير ‪ ،‬فإن رجع فالظّاهر البطلن‪.‬‬
‫خ ‪ -‬تدارك المسبوق تكبيرات صلة العيد ‪:‬‬
‫‪ - 17‬عند الحنفيّة يتدارك المسبوق ما فاته من‬
‫تكبيرات صلة العيد ‪ ،‬فيكبّر للفتتاح قائما ً ‪ ،‬فإن‬
‫أمكنه أن يأتي بالتّكبيرات ويدرك الّركوع فعل ‪ ،‬وإن‬
‫لم يمكنه ركع ‪ ،‬واشتغل بالتّكبيرات وهو راكع عند‬
‫مد ‪ ،‬خلفا ً لبي يوسف ‪ ،‬وإن رفع‬ ‫أبي حنيفة ومح ّ‬
‫المام رأسه سقط عنه ما بقي من التّكبير ‪ ،‬وإن‬
‫أدركه بعد رفع رأسه قائما ً ل يأتي بالتّكبير ‪ ،‬لنّه‬
‫يقضي الّركعة مع تكبيراتها ‪ .‬وعند المالكيّة ‪:‬‬
‫يتداركها إن أدرك القراءة مع المام ‪ ،‬ل إذا أدركه‬
‫م إن أدركه في أثناء التّكبيرات يتابع المام‬ ‫راكعا ً ‪ .‬ث ّ‬
‫م يأتي بما فاته ‪.‬‬ ‫فيما أدركه معه ‪ ،‬ث ّ‬
‫ول يكبّر ما فاته خلل تكبير المام ‪ .‬وإن أدركه في‬
‫القراءة كبّر أثناء قراءة المام ‪.‬‬
‫شافعيّة في الجديد ‪ ،‬والحنابلة ‪ :‬إن حضر‬ ‫وعند ال ّ‬
‫المأموم ‪ ،‬وقد سبقه المام بالتّكبيرات أو ببعضها ‪،‬‬
‫ما فاته ‪ ،‬لنّه ذكر مسنون فات‬ ‫لم يتدارك شيئا ً م ّ‬
‫محلّه ‪.‬‬
‫ن محلّه القيام‬ ‫شافعيّة يقضي ‪،‬ل ّ‬ ‫وفي القديم عند ال ّ‬
‫شيرازيّ ‪ :‬وليس بشيء‪.‬‬ ‫وقد أدركه ‪ .‬قال ال ّ‬
‫ج‪:‬‬‫التّدارك في الح ّ‬

‫‪455‬‬
‫أ ‪ -‬التّدارك في الحرام ‪:‬‬
‫ج الميقات دون أن‬ ‫‪ - 18‬إن تجاوز الّذي يريد الح ّ‬
‫يحرم ‪ ،‬فعليه دم إن أحرم من مكانه ‪.‬‬
‫لكن إن تدارك ما فاته بالّرجوع إلى الميقات‬
‫والحرام منه فل دم عليه ‪.‬‬
‫ما إن أحرم‬ ‫وهذا باتّفاق إن رجع قبل أن يحرم ‪ ،‬أ ّ‬
‫م رجع إليه ‪ ،‬فقد قيل ‪:‬‬ ‫من مكانه دون الميقات ‪ ،‬ث ّ‬
‫يستقّر الدّم عليه ول ينفعه التّدارك ‪ .‬وقيل ‪ :‬ينفعه ‪.‬‬
‫وفي ذلك تفصيل وخلف يرجع إليه في مصطلح‬
‫( إحرام ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّدارك في الطّواف ‪:‬‬
‫‪ - 19‬إن ترك جزءا ً من الطّواف المشروع ‪ ،‬كما لو‬
‫ح حتّى يأتي‬ ‫جر بعض طوافه ‪ ،‬لم يص ّ‬ ‫ح ْ‬
‫طاف داخل ال ِ‬
‫شافعيّة ‪ :‬في وقت‬ ‫بما تركه ‪ ،‬قال الحنابلة وبعض ال ّ‬
‫قريب ‪ ،‬لشتراط الموالة بين الطّوافات ‪.‬‬
‫من قال ذلك ‪:‬‬ ‫ولم يشترط البعض الموالة ‪ ،‬وم ّ‬
‫ص‬
‫ب ‪ .‬ون ّ‬ ‫شافعيّة ‪ ،‬بل هو عندهم مستح ّ‬ ‫سائر ال ّ‬
‫ك في شيء من شروط‬ ‫شافعيّة على أنّه إن ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ك بعد‬‫ش ّ‬ ‫جه يجب التّدارك ما لم يتحلّل ‪ ،‬ول يؤثّر ال ّ‬ ‫ح ّ‬
‫الفراغ ‪.‬‬
‫وعند الحنفيّة غير ابن الهمام ‪ :‬الفرض في الطّواف‬
‫ما عند‬ ‫أكثره ‪ -‬وهو أربع طوفات ‪ -‬وما زاد واجب ‪ ،‬أ ّ‬
‫سبع كلّها فرض ‪ ،‬كقول جمهور‬ ‫ابن الهمام فال ّ‬
‫الفقهاء ‪ .‬وعلى قول جمهور الحنفيّة إن ترك ثلث‬
‫ح طوافه‬ ‫لص ّ‬ ‫طوفات من طواف الّزيارة أو أق ّ‬
‫لفرضه ‪ ،‬وعليه دم لما نقص من الواجب ‪ .‬لكن إن‬
‫ح وسقط عنه الدّم‬ ‫تدارك فطاف الشواط الباقية ص ّ‬
‫‪ ،‬ولو كان طوافه بعد فترة ‪ ،‬بشرط أن يكون إيقاع‬
‫ممة قبل آخر أيّام التّشريق ‪.‬‬ ‫الطّوفات المت ّ‬

‫‪456‬‬
‫ج طواف القدوم ‪ ،‬أو تبيّن أنّه طاف‬ ‫وإن ترك الحا ّ‬
‫للقدوم على غير طهارة ‪ ،‬فل يلزمه التّدارك عند‬
‫ب غير واجب بالنّسبة للمفرد ‪،‬‬ ‫الجمهور ‪ ،‬لنّه مستح ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬وفي فواته بالتّأخير ‪ -‬أي عن قدوم‬ ‫قال ال ّ‬
‫حهما ‪ :‬ل يفوت إل ّ بالوقوف‬ ‫مكّة ‪ -‬وجهان ‪ ،‬أص ّ‬
‫بعرفة ‪ ،‬وإذا فات فل يقضى ‪ .‬على أنّه ينبغي‬
‫ن من ترك طواف القدوم ‪ ،‬أو طافه ولم‬ ‫ملحظة أ ّ‬
‫ح له ‪ ،‬كأن طافه محدثا ً ولم يتداركه ‪ ،‬فعليه‬ ‫يص ّ‬
‫سعي أن‬ ‫حة ال ّ‬ ‫ل من شرط لص ّ‬ ‫سعي عند ك ّ‬ ‫إعادة ال ّ‬
‫يتقدّمه الطّواف ‪ ،‬وقد صّرح بذلك المالكيّة ( ر ‪:‬‬
‫سعي ) ‪.‬‬
‫وقال الحنفيّة ‪ :‬إن طاف للقدوم ‪ ،‬أو تطوّعا ً على‬
‫غير طهارة ‪ ،‬فعليه دم إن كان جنبا ً ‪ ،‬لوجوب‬
‫شروع فيه ‪ ،‬وإن كان محدثا ً فعليه صدقة‬ ‫الطّواف بال ّ‬
‫ل غير ‪ .‬ويمكنه التّدارك بإعادة الطّواف ‪ ،‬فيسقط‬
‫صدقة ‪ .‬والحكم عند الحنفيّة كذلك‬ ‫عنه الدّم أو ال ّ‬
‫ما الّرمل والضطباع في‬ ‫في طواف الوداع ‪ .‬أ ّ‬
‫ق الّرجال ‪ ،‬في الشواط‬ ‫الطّواف فهما سنّتان في ح ّ‬
‫ة ‪ ،‬فلو تركهما‬ ‫ص ً‬‫الثّلثة الولى من طواف القدوم خا ّ‬
‫فل شيء عليه ‪ ،‬ول يشرع له تداركهما ‪ ،‬ومثلهما‬
‫سعي‬ ‫ترك الّرمل بين الميلين ( الخضرين ) في ال ّ‬
‫صفا والمروة ‪ .‬وهذا مذهب الحنابلة ‪ ،‬وهو‬ ‫بين ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو ظاهر كلم‬ ‫ح أو الظهر عند ال ّ‬ ‫الص ّ‬
‫الحنفيّة ‪ ،‬قال ابن الهمام ‪ :‬إن ترك الّرمل في‬
‫أشواط الطّواف الولى ل يرمل بعد ذلك ‪ .‬وقال‬
‫شافعيّة ‪،‬‬‫المالكيّة ‪ ،‬وهو قول خلف الظهر عند ال ّ‬
‫وقول القاضي من الحنابلة ‪ :‬أنّه يقضي الضطباع‬
‫في طواف الفاضة ‪.‬‬
‫سعي ‪:‬‬ ‫ت ‪ -‬التّدارك في ال ّ‬

‫‪457‬‬
‫ج المفرد إن لم يسع بعد طواف القدوم‬ ‫‪ - 20‬الحا ّ‬
‫سعي ‪ ،‬فيسعى بعد طواف‬ ‫وجب عليه تدارك ال ّ‬
‫جه عند الجمهور ‪،‬‬ ‫حح ّ‬ ‫الفاضة ول بد ّ ‪ ،‬وإل ّ لم يص ّ‬
‫سعي عندهم ركن ‪.‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل ّ‬
‫وهو عند الحنفيّة ‪ ،‬وفي قول القاضي من الحنابلة ‪:‬‬
‫م‪.‬‬ ‫جه تا ّ‬ ‫واجب فقط ‪ ،‬فإن لم يتداركه يجبر بدم وح ّ‬
‫سعي كلّه أو أكثره ‪ ،‬فإن‬ ‫وهذا إن كان المتروك ال ّ‬
‫ل فليس عليه عند‬ ‫كان المتروك ثلثة أشواط أو أق ّ‬
‫ل شوط ‪،‬‬ ‫الحنفيّة إل ّ التّصدّق بنصف صاع عن ك ّ‬
‫ل هذا عندهم إن كان التّرك بل عذر ‪ ،‬فإن كان‬ ‫وك ّ‬
‫ج‪.‬‬‫بعذر فل شيء عليه ‪ ،‬وهذا في جميع واجبات الح ّ‬
‫صفا والمروة فترك بعض الشواط‬ ‫ولو سعى بين ال ّ‬
‫عمدا ً أو نسيانا ً ‪ ،‬أو ترك في بعضها أن يصل إلى‬
‫ح سعيه ‪ ،‬ولو كان ما‬ ‫صفا أو إلى المروة لم يص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫تركه ذراعا ً واحدا ً ‪ ،‬وعليه أن يتدارك ما فاته ‪،‬‬
‫ويمكن التّدارك بالتيان بالبعض الّذي تركه ولو بعد‬
‫أيّام ‪.‬‬
‫ن الموالة غير‬ ‫سعي كلّه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ول يلزمه إعادة ال ّ‬
‫مشترطة فيه بخلف الطّواف بالبيت ‪.‬‬
‫سعي أيضا ً ‪ ،‬وهو أحد‬ ‫وقيل ‪ :‬هي مشترطة في ال ّ‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫قولي ال ّ‬
‫ومثل ذلك ‪ :‬ما لو سعى مبتدئا ً بالمروة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن « النّب ّ‬ ‫شوط الوّل ل يعتبر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صَفا والمروةَ‬ ‫ن ال َّ‬‫وسلم قرأ قول اللّه تعالى ‪ { :‬إ َّ‬
‫م قال ‪ :‬نبدأ بما بدأ اللّه به‬ ‫ن شعائرِ اللّهِ } الية ث ّ‬ ‫م ْ‬
‫» وفي رواية « ابدءوا بما بدأ اللّه به » ‪.‬‬
‫ث ‪ -‬الخطأ في الوقوف ‪:‬‬
‫‪ - 21‬إذا وقف الحجيج يوم العاشر من شهر ذي‬
‫جة ‪ ،‬وتبيّن خطؤهم ‪ ،‬فالحنفيّة والمالكيّة‬ ‫الح ّ‬

‫‪458‬‬
‫شافعيّة أنّه‬‫ح عند ال ّ‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬وهو مقابل الص ّ‬
‫شديد ‪،‬‬ ‫أجزأهم الوقوف ول يعيدون ‪ ،‬دفعا ً للحرج ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬إنّه يجزئهم الوقوف إل ّ أن يقلّوا‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ج‬‫على خلف العادة في الحجيج ‪ ،‬فيقضون هذا الح ّ‬
‫مة ‪.‬‬ ‫ح ‪ ،‬لنّه ليس في قضائهم مشّقة عا ّ‬ ‫في الص ّ‬
‫م علموا بخطئهم ‪،‬‬ ‫ما إذا وقفوا في اليوم الثّامن ‪ ،‬ث ّ‬ ‫أ ّ‬
‫وأمكنهم التّدارك قبل الفوات ‪ ،‬أعادوا عند الجمهور‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو رواية أيضا ً عند‬ ‫( الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫الحنابلة ) والّرواية الخرى عند الحنابلة أنّه يجزئهم‬
‫الوقوف دون تدارك ‪ ،‬لنّهم لو أعادوا الوقوف‬
‫شيخ ابن تيميّة ‪.‬‬ ‫لتعدّد ‪ ،‬وهو بدعة ‪ ،‬كما قال ال ّ‬
‫ما لو علموا بخطئهم ‪ ،‬بحيث ل يمكنهم التّدارك ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫للفوات ‪ ،‬فالحكم في المعتمد عند المالكيّة ‪،‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه ل يجزئهم هذا الوقوف ‪،‬‬ ‫ح عند ال ّ‬‫والص ّ‬
‫ج ‪ .‬وفّرقوا بين تأخير‬ ‫ويجب عليهم القضاء لهذا الح ّ‬
‫ن التّأخير أقرب‬ ‫العبادة عن وقتها وتقديمها عليه بأ ّ‬
‫ن اللّفظ في التّقديم‬ ‫إلى الحتساب من التّقديم ‪ ،‬وبأ ّ‬
‫يمكن الحتراز عنه ‪ ،‬لنّه يقع الغلط في الحساب ‪،‬‬
‫شهود الّذين شهدوا بتقديم الهلل ‪،‬‬ ‫أو الخلل في ال ّ‬
‫والغلط بالتّأخير قد يكون بالغيم المانع من رؤية‬
‫الهلل ‪ ،‬ومثل ذلك ل يمكن الحتراز عنه ‪ .‬وهذا أحد‬
‫التّخريجين عن الحنفيّة ‪.‬‬
‫وعند الحنابلة ‪ ،‬وهو التّخريج الخر عند الحنفيّة ‪ :‬أنّه‬
‫ن الوقوف مّرتين في‬ ‫يجزئهم ‪ ،‬ول قضاء عليهم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن القول‬ ‫عام واحد بدعة ‪ -‬كما يقول الحنابلة ‪ -‬ول ّ‬
‫بعدم الجزاء فيه حرج بيّن ‪ -‬كما يقول الحنفيّة ‪. -‬‬
‫ج ‪ -‬التّدارك في وقوف عرفة ‪:‬‬

‫‪459‬‬
‫ج الوقوف بعرفة عمدا ً أو نسيانا ً أو‬ ‫‪ - 22‬لو ترك الحا ّ‬
‫جه ‪ ،‬فل‬ ‫حح ّ‬ ‫جهل ً حتّى طلع فجر يوم النّحر لم يص ّ‬
‫ل بعمرة ‪.‬‬ ‫يمكن التّدارك بعد ذلك ‪ ،‬وعليه أن يح ّ‬
‫م دفع قبل الغروب ‪ ،‬فقد أتى‬ ‫ولو وقف نهارا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫بالّركن ‪ ،‬وترك واجب الوقوف في جزء من اللّيل ‪،‬‬
‫فيكون عليه دم وجوبا ً عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬وهو‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫قول عند ال ّ‬
‫شافعيّة استحباب إراقة الدّم ‪،‬‬ ‫ن الّراجح عند ال ّ‬ ‫لك ّ‬
‫ن أخذ جزء من اللّيل على هذا القول سنّة ل غير ‪،‬‬ ‫ل ّ‬
‫ب الدّم خروجا ً من خلف من أوجبه ‪.‬‬ ‫وإنّما يستح ّ‬
‫ولو تدارك ما فاته بالّرجوع إلى عرفة قبل غروب‬
‫شمس ‪ ،‬وبقي إلى ما بعد الغروب سقط عنه الدّم‬ ‫ال ّ‬
‫اتّفاقا ً ‪ .‬ولو رجع بعد الغروب وقبل طلوع الفجر‬
‫ن‬‫سقط عنه الدّم عند الجمهور ‪ ،‬خلفا ً للحنفيّة ‪ ،‬ل ّ‬
‫الدّم عندهم لزمه بالدّفع من عرفة ‪ ،‬فل يسقط‬
‫بالّرجوع إليها ‪.‬‬
‫ج من عرفة إل ّ بعد‬ ‫ما عند المالكيّة فل يدفع الحا ّ‬ ‫أ ّ‬
‫شمس ‪ ،‬فإن دفع قبل الغروب فعليه العود‬ ‫غروب ال ّ‬
‫ليل ً ( تداركا ً ) وإل ّ بطل ح ّ‬
‫جه ‪.‬‬
‫ح ‪ -‬تدارك الوقوف بالمزدلفة ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة الوجود بمزدلفة واجب‬ ‫‪ - 23‬عند ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬بشرط أن يكون ذلك في النّصف الثّاني‬ ‫ولو لحظ ً‬
‫من اللّيل بعد الوقوف بعرفة ‪ ،‬ول يشترط المكث ‪،‬‬
‫بل يكفي مجّرد المرور بها‪ .‬ومن دفع من مزدلفة‬
‫قبل منتصف اللّيل ‪ ،‬وعاد إليها قبل الفجر فل شيء‬
‫عليه ‪ ،‬لنّه أتى بالواجب ‪ ،‬فإن لم يعد بعد نصف‬
‫اللّيل حتّى طلع الفجر فعليه دم على الرجح ‪.‬‬
‫ما عند الحنفيّة ‪ :‬فيجب الوقوف بمزدلفة بعد طلوع‬ ‫أ ّ‬
‫شمس ‪ ،‬وعليه أن يقف في ذلك‬ ‫الفجر إلى طلوع ال ّ‬

‫‪460‬‬
‫ة ‪ ،‬فإن ترك الوقوف لعذر فل شيء‬ ‫الوقت ولو لحظ ً‬
‫عليه ‪ ،‬والعذر كأن يكون به ضعف أو علّة أو كانت‬
‫امرأة تخاف الّزحام ‪ ،‬وإن أفاض من مزدلفة قبل‬
‫ذلك ل لعذر فعليه دم ‪ .‬وظاهر أنّه إن تدارك‬
‫شمس‬ ‫الوقوف بالّرجوع إلى مزدلفة قبل طلوع ال ّ‬
‫سقط عنه الدّم ‪ .‬وعند المالكيّة ‪ :‬النّزول بمزدلفة‬
‫ط بالفعل ‪ -‬واجب ‪،‬‬ ‫ط الّرحال ‪ -‬وإن لم تح ّ‬ ‫بقدر ح ّ‬
‫ط الّرحال حتّى طلع الفجر‬ ‫فإن لم ينزل بها بقدر ح ّ‬
‫فالدّم واجب عليه إل ّ لعذر ‪ ،‬فإن ترك النّزول لعذر‬
‫فل شيء عليه ‪.‬‬
‫خ ‪ -‬تدارك رمي الجمار ‪:‬‬
‫ن من ترك رمي‬ ‫شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ‬ ‫‪ - 24‬ذهب ال ّ‬
‫يوم أو يومين ‪ -‬عمدا ً أو سهوا ً ‪ -‬تداركه في باقي‬
‫أيّام التّشريق على الظهر ‪ ،‬ويكون ذلك أداءً ‪ ،‬وفي‬
‫قول قضاءً ‪ ،‬ول دم مع التّدارك ‪ .‬ومذهب الحنفيّة ‪:‬‬
‫خر الّرمي في اليوم الوّل والثّاني من أيّام‬ ‫ن من أ ّ‬
‫أ ّ‬
‫التّشريق إلى اللّيل ‪ ،‬فرمى قبل طلوع الفجر جاز‬
‫ن اللّيل وقت للّرمي في أيّام‬ ‫ول شيء عليه ‪ ،‬ل ّ‬
‫ما رمي جمرة العقبة ‪ ،‬فمذهب أبي‬ ‫الّرمي ‪ .‬وأ ّ‬
‫شمس ‪ ،‬فإن لم يرم‬ ‫حنيفة أنّه يمتد ّ إلى غروب ال ّ‬
‫شمس ‪ ،‬فرمى قبل طلوع الفجر من‬ ‫حتّى غربت ال ّ‬
‫اليوم الثّاني أجزأه ‪ ،‬ول شيء عليه ‪.‬‬
‫ن تأخير الّرمي إلى اللّيل يكون‬ ‫ومذهب المالكيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫تداركه قضاءً ‪ ،‬وعليه دم واحد ‪.‬‬
‫د ‪ -‬تدارك طواف الفاضة ‪:‬‬
‫ن من‬ ‫شافعيّة ‪ :‬أ ّ‬‫‪ - 25‬مذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫طاف بعد عرفة طوافا ً صحيحا ً ‪ -‬سواء أكان واجبا ً أم‬
‫نفل ً ‪ -‬وقع عن طواف الفاضة وإن لم ينوه ‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫ما من ترك الطّواف بعد عرفة ‪ ،‬وخرج إلى بلده ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫فعليه أن يرجع محرما ً ليطوف طواف الفاضة ‪،‬‬
‫ويبقى محرما ً بالنّسبة إلى النّساء حتّى يطوف‬
‫طوافا ً صحيحا ً ‪.‬‬
‫وهناك تفصيلت في بعض المذاهب يرجع إليها في‬
‫ج ‪ .‬ومذهب الحنابلة ‪ :‬أنّه من ترك طواف‬ ‫الح ّ‬
‫صدر ( الوداع ) أو‬ ‫الفاضة ‪ ،‬لكنّه طاف طواف ال ّ‬
‫ما نواه ‪ ،‬ول يقع عن‬ ‫طواف نفل ‪ ،‬وقع الطّواف ع ّ‬
‫طواف الفاضة ‪ ،‬حتّى لو رجع إلى بلده بعد هذا‬
‫الطّواف عليه أن يرجع محرما ً ‪ ،‬ليطوف طواف‬
‫الفاضة لنّه ركن ‪ ،‬ويبقى محرما ً أيضا ً بالنّسبة إلى‬
‫النّساء ‪.‬‬
‫ذ ‪ -‬تدارك طواف الوداع ‪:‬‬
‫‪ - 26‬طواف الوداع واجب على غير الحائض يجبر‬
‫تركه بدم ‪ ،‬ولو كان تركه لنسيان أو جهل ‪ ،‬وهذا‬
‫شافعيّة ‪.‬‬‫قول الحنابلة ‪ ،‬وهو أحد قولي ال ّ‬
‫والثّاني عندهم ‪ :‬هو سنّة ل يجب جبره ‪ ،‬فعلى قول‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬إن خرج بل وداع‬ ‫الوجوب قال ال ّ‬
‫وجب عليه الّرجوع لتداركه إن كان قريبا ً ‪ ،‬أي دون‬
‫مسافة القصر ‪ ،‬فإن عاد قبل مسافة القصر فطاف‬
‫للوداع سقط عنه الثم والدّم ‪ ،‬وإن تجاوز مسافة‬
‫القصر استقّر عليه الدّم ‪ ،‬فلو تداركه بعدها لم‬
‫يسقط الدّم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يسقط‬
‫وعند الحنفيّة ‪ :‬طواف الوداع واجب ‪ ،‬ويجزئ عنه ما‬
‫سفر ‪ ،‬فإن سافر ولم يكن‬ ‫لو طاف نفل ً بعد إرادة ال ّ‬
‫فعل ذلك وجب عليه الّرجوع لتداركه ما لم يجاوز‬
‫الميقات ‪ ،‬فيخيّر بين إراقة الدّم وبين الّرجوع‬
‫م بطواف‬ ‫بإحرام جديد بعمرة ‪ ،‬فيبتدئ بطوافها ث ّ‬
‫الوداع ‪ ،‬فإن فعل ذلك فل شيء عليه لتأخيره ‪.‬‬

‫‪462‬‬
‫وعند المالكيّة ‪ :‬طواف الوداع مندوب ‪ ،‬فلو تركه‬
‫وخرج ‪ ،‬أو طافه طوافا ً باطل ً يرجع لتداركه ما لم‬
‫يخف فوت رفقته الّذين يسير بسيرهم ‪ ،‬أو خاف‬
‫منعا ً من الكراء أو نحو ذلك ‪.‬‬
‫تدارك المجنون والمغمى عليه للعبادات ‪:‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫أوّل ً ‪ -‬بالنّسبة لل ّ‬
‫‪ - 27‬ل تدارك لما فات من صلة حال الجنون أو‬
‫شافعيّة لعدم الهليّة وقت‬ ‫الغماء عند المالكيّة وال ّ‬
‫ي ‪ .‬صلى الله عليه وسلم ‪« :‬‬ ‫الوجوب ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫ظ‪،‬‬ ‫رفع القلم عن ثلثة ‪ :‬عن النّائم حتّى يستيق َ‬
‫ِ‬
‫قل »‬ ‫ب ‪ ،‬وعن المعتوه حتّى يَعْ ِ‬ ‫ي حتّى يش ّ‬ ‫صب ّ‬‫وعن ال ّ‬
‫‪.‬‬
‫ن أو أغمي عليه خمس صلوات ‪-‬‬ ‫وعند الحنفيّة إن ج ّ‬
‫ن أو أغمي‬ ‫مد ‪ -‬قضاها ‪ ،‬وإن ج ّ‬ ‫أو ستّا ً على قول مح ّ‬
‫عليه أكثر من ذلك فل قضاء عليه نفيا ً للحرج ‪ ،‬وقال‬
‫بشر ‪ :‬الغماء ليس بمسقط ‪ ،‬ويلزمه القضاء وإن‬
‫طالت مدّة الغماء ‪.‬‬
‫وفّرق الحنابلة بين الجنون والغماء ‪ ،‬فلم يوجبوا‬
‫القضاء على ما فات حال الجنون ‪ ،‬وأوجبوه فيما‬
‫ن الغماء ل تطول مدّته غالبا ً ‪،‬‬ ‫فات حال الغماء ‪ ،‬ل ّ‬
‫مارا ً رضي الله عنه أغمي عليه ثلثا ً ‪،‬‬ ‫نع ّ‬‫ولما روي أ ّ‬
‫ت منذ‬ ‫ت ؟ قالوا ‪ :‬ما صلّي َ‬‫م أفاق فقال ‪ :‬هل صلّي ُ‬ ‫ث ّ‬
‫ضأ وصلّى تلك الثّلث ‪ .‬وعن عمران بن‬ ‫م تو ّ‬‫ثلث ‪ ،‬ث ّ‬
‫حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما نحوه ‪،‬‬
‫ولم يعرف لهم مخالف ‪ ،‬فكان كالجماع ‪.‬‬
‫ن أو‬ ‫مج ّ‬ ‫‪ - 28‬ومن أدرك جزءا ً من الوقت وهو أهل ث ّ‬
‫أغمي عليه ‪ ،‬فإن كان ما أدركه ل يسع الفرض فل‬
‫يجب عليه القضاء عند الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وهو‬
‫شافعيّة ‪ .‬وعند الحنابلة يجب عليه‬ ‫المذهب عند ال ّ‬

‫‪463‬‬
‫القضاء ‪ .‬وإن كان ما أدركه يسع الفرض فعند‬
‫ن الوجوب يتعيّن في آخر‬ ‫الحنفيّة ل يجب القضاء ‪ ،‬ل ّ‬
‫الوقت إذا لم يوجد الداء قبله ‪ ،‬فيستدعي الهليّة‬
‫فيه لستحالة اليجاب على غير الهل ‪ ،‬ولم يوجد ‪،‬‬
‫فلم يكن عليه القضاء ‪ ،‬وهو أيضا ً رأي المالكيّة خلفاً‬
‫لبعض أهل المدينة وابن عبد البّر ‪ ،‬حيث القضاء‬
‫عندهم أحوط ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة والحنابلة يجب عليه القضاء ‪،‬ل ّ‬ ‫وعند ال ّ‬
‫الوجوب يثبت في أوّل الوقت فلزم القضاء‪- 29 .‬‬
‫وإن أفاق المجنون أو المغمى عليه في آخر الوقت‬
‫فللحنفيّة قولن ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ ،‬وهو قول زفر ‪ :‬ل يصبح مدركا ً للفرض إلّ‬
‫إذا بقي من الوقت مقدار ما يمكن فيه أداء الفرض‬
‫‪.‬‬
‫ي وأكثر المحّققين ‪ ،‬وهو المختار ‪:‬‬ ‫والثّاني ‪ ،‬للكرخ ّ‬
‫أنّه يجب الفرض ويصير مدركا ً إذا أدرك من الوقت‬
‫ما يسع التّحريمة فقط ‪ ،‬وهو قول الحنابلة وبعض‬
‫شافعيّة ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وعند المالكيّة ‪ :‬يجب الفرض إذا بقي من الوقت‬
‫مقدار ركعة من زمن يسع الطّهر ‪ ،‬وهو قول بعض‬
‫شافعيّة ‪ :‬إذا بقي مقدار‬ ‫شافعيّة ‪ .‬وفي قول آخر لل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ركعة فقط ‪.‬‬
‫صوم ‪:‬‬‫ثانيا ً ‪ :‬بالنّسبة لل ّ‬
‫‪ - 30‬إذا استوعب الجنون شهر رمضان بأكمله فل‬
‫قضاء على المجنون سواء ‪ ،‬أكان الجنون أصليّا ً أم‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬لحديث ‪:‬‬ ‫عارضا ً عند الحنفيّة وال ّ‬
‫« رفع القلم عن ثلث ‪ » ...‬وإذا استوعب الغماء‬
‫شهر كلّه وجب القضاء على المغمى عليه إل ّ عند‬ ‫ال ّ‬
‫الحسن البصريّ ‪ ،‬ودليل وجوب القضاء قوله تعالى‬

‫‪464‬‬
‫ن كان منكم مريضا ً أو على سفرٍ فَعِدَّةٌ من‬ ‫‪ { :‬فم ْ‬
‫خر } والغماء مرض ‪ .‬وعند المالكيّة ‪ :‬يجب‬ ‫أيَّام ٍ أ ُ َ‬
‫سابقة ‪،‬‬ ‫القضاء على المجنون بعد إفاقته للية ال ّ‬
‫والجنون مرض ‪ ،‬وعن المام أحمد مثل ذلك بالنّسبة‬
‫للمجنون ‪.‬‬
‫شهر كان‬ ‫وإن أفاق المجنون في أيّ يوم من أيّام ال ّ‬
‫شهر استحسانا ً عند‬ ‫عليه قضاء ما مضى من ال ّ‬
‫الحنفيّة ‪ ،‬والقياس أنّه ل يلزمه ‪ ،‬وهو قول زفر ‪.‬‬
‫مد فقال ‪ :‬ل قضاء لما فات في الجنون‬ ‫وفّرق مح ّ‬
‫ي ‪ ،‬ويجب القضاء إذا كان الجنون عارضا ً ‪.‬‬ ‫الصل ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ل قضاء لما فات زمن‬ ‫وعند ال ّ‬
‫الجنون للحديث المتقدّم ‪ -‬ويجب القضاء عند‬
‫المالكيّة ‪ .‬ويجب القضاء على المغمى عليه لما فات‬
‫عند الجميع ‪.‬‬
‫ن أو أغمي عليه فيه ‪ ،‬فإنّه‬ ‫ما اليوم الّذي ج ّ‬ ‫‪ - 31‬أ ّ‬
‫صيام‬ ‫يعتبر مدركا ً لصيام هذا اليوم إن كان نوى ال ّ‬
‫من اللّيل ‪ ،‬ول قضاء عليه ‪ ،‬وهذا عند الحنفيّة ‪.‬‬
‫ن أو أغمي عليه بعد الفجر ‪،‬‬ ‫وعند المالكيّة ‪ :‬إن ج ّ‬
‫واستمّر الجنون أو الغماء أكثر اليوم فعليه القضاء ‪،‬‬
‫وإن كان بعد الفجر ولم يستمّر نصف يوم فأق ّ‬
‫ل‬
‫أجزأه ‪ ،‬ول قضاء عليه ‪ .‬وإن كان الغماء أو الجنون‬
‫مع الفجر أو قبله فالقضاء مطلقا ً ‪ ،‬لزوال العقل‬
‫شافعيّة في الظهر ‪ ،‬وهو قول‬ ‫وقت النّيّة ‪ .‬وعند ال ّ‬
‫ة‬
‫ن الغماء ل يضّر صومه إذا أفاق لحظ ً‬ ‫الحنابلة ‪ :‬أ ّ‬
‫أي لحظة كانت ‪ ،‬اكتفاءً بالنّيّة مع الفاقة‬ ‫من نهار ‪ّ ،‬‬
‫في جزء ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬يضّر مطلقا ً ‪ ،‬والثّالث ‪ :‬ل يضّر‬ ‫والثّاني لل ّ‬
‫إذا أفاق أوّل النّهار ‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫ن ففيه قولن ‪ :‬في الجديد‬ ‫مج ّ‬ ‫صوم ث ّ‬
‫وإن نوى ال ّ‬
‫صلة‬ ‫صوم ‪ ،‬لنّه عارض يسقط فرض ال ّ‬ ‫يبطل ال ّ‬
‫صوم ‪ ،‬وقال في القديم ‪ :‬هو كالغماء ‪.‬‬ ‫فأبطل ال ّ‬
‫وعند الحنابلة ‪ :‬الجنون كالغماء يجزئ صومه إذا‬
‫كان مفيقا ً في أيّ لحظة منه مع تبييت النّيّة ‪.‬‬
‫ما اليوم الّذي تحدث فيه الفاقة من الجنون أو‬ ‫‪ - 32‬أ ّ‬
‫الغماء ‪ ،‬فعند الحنفيّة ‪ :‬أن المجنون جنونا ً عارضا ً لو‬
‫صوم أجزأه ‪.‬‬ ‫أفاق في النّهار قبل الّزوال ‪ ،‬فنوى ال ّ‬
‫ي خلف ‪ ،‬ويجزئ في الغماء بل‬ ‫وفي الجنون الصل ّ‬
‫خلف ‪.‬‬
‫وعند المالكيّة ‪ :‬إن أفاق قبل الفجر أجزأ ذلك اليوم‬
‫صيام بالنّسبة للمجنون والمغمى عليه ‪ ،‬وإن‬ ‫عن ال ّ‬
‫سابق ‪.‬‬ ‫كانت الفاقة بعد الفجر فهو على التّفصيل ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬إن أفاق المجنون في النّهار فعلى‬ ‫وعند ال ّ‬
‫ب له المساك ‪ ،‬وهذا‬ ‫ح ل قضاء عليه ‪ ،‬ويستح ّ‬ ‫الص ّ‬
‫في وجه ‪ .‬وفي الوجه الثّاني ‪ :‬يجب القضاء ‪ ،‬أ ّ‬
‫ما‬
‫المغمى عليه فإذا أفاق أجزأه ‪ .‬وعند الحنابلة في‬
‫قضاء اليوم الّذي أفاق فيه المجنون وإمساكه‬
‫ح صومه إن أفاق‬ ‫ما المغمى عليه فيص ّ‬ ‫روايتان ‪ ،‬أ ّ‬
‫في جزء من النّهار ‪.‬‬
‫ج‪:‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬بالنّسبة للح ّ‬
‫م‬
‫ج ‪ ،‬وطرأ عليه جنون أو إغماء ث ّ‬ ‫‪ - 33‬من أحرم بالح ّ‬
‫ج‬
‫أفاق منه قبل الوقوف بعرفة ‪ ،‬ووقف ‪ ،‬أجزأه الح ّ‬
‫ج لجنون أو‬ ‫باتّفاق ‪ .‬وكذلك من لم يحرم بالح ّ‬
‫إغماء ‪ ،‬ولكنّه أفاق من قبل الوقوف ‪ ،‬وأحرم ووقف‬
‫بعرفة أجزأه ‪ ،‬على تفصيل في وجوب الجزاء عليه ‪.‬‬
‫ومثل ذلك أيضا ً المجنون الّذي أحرم عنه وليّه ‪ ،‬أو‬
‫المغمى عليه ‪ -‬عند من يقول بجواز الحرام عنه‬
‫شافعيّة ‪ -‬إذا أفاقا قبل الوقوف‬ ‫كالحنفيّة وبعض ال ّ‬

‫‪466‬‬
‫ج ‪ ،‬ومن وقف بعرفة وهو مجنون‬ ‫ووقفا أجزأهما الح ّ‬
‫مى عليه بعد أن أحرم وهو مفيق ‪ ،‬أو أحرم‬ ‫أو مغ ً‬
‫شافعيّة ‪ :‬كان‬ ‫وليّه عنه فعند المالكيّة وبعض ال ّ‬
‫جهما صحيحا ً ‪ ،‬مع الختلف بين وقوعه فرضا ً أو‬ ‫ح ّ‬
‫ج المغمى عليه صحيحا ً ‪،‬‬ ‫نفل ً ‪ .‬وعند الحنفيّة كان ح ّ‬
‫وفي المجنون خلف ‪.‬‬
‫وينظر تفصيل جميع ما مّر في العبادات في ‪:‬‬
‫ج ‪ ،‬جنون ‪ ،‬إغماء ) ‪.‬‬ ‫( صلة ‪ ،‬صوم ‪ ،‬ح ّ‬
‫تدارك المريض العاجز عن اليماء ‪:‬‬
‫صلة برأسه لركوعه‬ ‫‪ - 34‬من عجز عن اليماء في ال ّ‬
‫وسجوده أومأ بطرفه ( عينه ) ونوى بقلبه ‪ ،‬لحديث‬
‫ي رضي الله عنه ‪ « :‬يصلّي المريض قائما ً ‪ ،‬فإن‬ ‫عل ّ‬
‫لم يستطع صلّى جالسا ً ‪ ،‬فإن لم يستطع صلّى على‬
‫جنبه مستقبل القبلة ‪ ،‬فإن لم يستطع صلّى مستلقياً‬
‫على قفاه ‪ ،‬ورجله إلى القبلة ‪ ،‬وأومأ بطرفه » ‪.‬‬
‫وهذا متّفق عليه بين الفقهاء ‪ .‬فإن عجز عن اليماء‬
‫صلة‬ ‫بطرفه أومأ بأصبعه ‪ ،‬فإن لم يستطع أتى بال ّ‬
‫بقدر ما يطيق ولو بنيّة أفعالها ‪ ،‬ول تسقط عنه أبداً‬
‫صلة بأن‬ ‫ما دام معه شيء من عقل ‪ ،‬ويأتي بال ّ‬
‫صلة بقلبه مستحضرا ً الفعال والقوال إن‬ ‫يقصد ال ّ‬
‫ف الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫عجز عن النّطق ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ { :‬ل يُكَل ِّ ُ‬
‫سا ً إل ّ و ْ‬
‫سعَها } ‪.‬‬ ‫نَْف َ‬
‫شافعيّة والحنابلة وزفر من‬ ‫وهذا عند المالكيّة وال ّ‬
‫الحنفيّة ‪.‬‬
‫وعند الحنفيّة غير زفر ‪ :‬اليماء يكون بالّرأس فقط‬
‫سجود‬ ‫ن فرض ال ّ‬ ‫ول يكون بعينيه أو جبينه أو قلبه ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل يتأتّى بهذه الشياء ‪ ،‬بخلف الّرأس لنّه يتأدّى به‬
‫خر‬ ‫سجود ‪ ،‬فمن عجز عن اليماء برأسه أ ّ‬ ‫فرض ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬وإن مات على ذلك الحال ل شيء عليه ‪،‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪467‬‬
‫صحيح أنّه يلزمه قضاء يوم وليلة ل غير‬ ‫وإن برأ فال ّ‬
‫نفيا ً للحرج ‪.‬‬
‫ساهي ‪:‬‬ ‫تدارك النّاسي وال ّ‬
‫سهو إن وقع في ترك مأمور لم‬ ‫‪ - 35‬النّسيان أو ال ّ‬
‫يسقط ‪ ،‬بل يجب تداركه ‪ .‬فمن نسي صلةً أو صوماً‬
‫أو زكاةً أو كّفارةً أو نذرا ً وجب عليه الداء إن‬
‫أمكن ‪ ،‬أو أن يتداركه بالقضاء بل خلف ‪ ،‬لقول‬
‫ن نسي صلةً أو‬ ‫م ْ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪َ « :‬‬ ‫النّب ّ‬
‫نام عنها ‪ ،‬فكّفارتُها أن يصلّيها إذا ذ َكََرها » ‪.‬‬
‫ة في الوقت ‪،‬‬ ‫صلة أداءً إذا أدّى منها ركع ً‬ ‫وتكون ال ّ‬
‫أو التّحريمة على الخلف في ذلك ‪.‬‬
‫وإذا فات الوقت تداركها بالقضاء ‪ .‬وينظر تفصيل‬
‫ذلك في ‪ ( :‬صلة ‪ ،‬صوم ‪ ،‬زكاة ) ‪.‬‬
‫صوم‬
‫ٍ‬ ‫تدارك من أفسد عبادة ً شرع فيها من صلةٍ أو‬
‫أو حٍج ‪:‬‬
‫ن من أفسد عبادة‬ ‫‪ - 36‬ل خلف بين الفقهاء في أ ّ‬
‫مفروضة وجب عليه أداؤها إن كان وقتها يسعها‬
‫صلة ‪ ،‬أو القضاء إن خرج الوقت أو كان ل يسعها‬ ‫كال ّ‬
‫ج لعدم‬ ‫صيام والح ّ‬ ‫صلة إن خرج الوقت ‪ ،‬وكال ِّ‬ ‫كال ّ‬
‫اتساع الوقت ‪.‬‬
‫شروع فيه عند‬ ‫أما التطوع بالعبادة فإنها تلزم بال ّ‬
‫الحنفية والمالكية ‪ ،‬ويجب إتمامها ‪ ،‬وعند الشافعية‬
‫شروع ‪ ،‬ويستحب التمام فيما‬ ‫والحنابلة ‪ :‬ل تجب بال ّ‬
‫شروع ‪ ،‬ويجب‬ ‫ج والعمرة فيلزمان بال ّ‬ ‫عدا الح ّ‬
‫إتمامهما ‪ ،‬وعلى ذلك فمن دخل في عبادة تطوّع‬
‫وأفسدها وجب عليه قضاؤها عند الحنفية والمالكية‬
‫مالَكُم } ‪.‬‬ ‫َ‬
‫لقوله تعالى ‪ { :‬ول تُبْطِلُوا أع ْ َ‬
‫ول يجب القضاء عند الشافعية والحنابلة في غير‬
‫ج والعمرة لما روت « عائشة رضي الله تعالى‬ ‫الح ّ‬

‫‪468‬‬
‫ي رسول الله صلى الله عليه‬ ‫عنها قالت ‪ :‬دخل عل َّ‬
‫وسلم فقال ‪ :‬هل عندك شيء ؟ فقلت ‪ :‬ل ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫ي يوما ً آخر فقال ‪ :‬هل‬ ‫إنّي إذا ً أصوم ‪ ،‬ثم دخل عل َّ‬
‫عندك شيء ؟ فقلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ‪ :‬إذا ً أفطر ‪ ،‬وإن‬
‫كنت قد فرضت الصوم » ‪.‬‬
‫ج والعمرة فيجب قضاؤهما إذا أفسدهما ‪،‬‬ ‫أما الح ّ‬
‫لن الوصول إليهما ل يحصل في الغالب إل بعد كلفة‬
‫شروع ‪.‬‬ ‫عظيمة ‪ ،‬ولهذا يجبان بال ّ‬
‫تدارك المرتد ّ لما فاته ‪:‬‬
‫‪ - 37‬ما فات المرتد ّ من العبادات أيّام الّردّة ل يجب‬
‫عليه قضاؤه ‪ ،‬إذا تاب ورجع إلى السلم ‪ ،‬لنّه غير‬
‫شريعة ‪ ،‬ولقوله تعالى ‪ { :‬قُ ْ‬
‫ل‬ ‫مخاطب بفروع ال ّ‬
‫َ‬
‫سلَف } ‪،‬‬ ‫ن يَنْتَهُوا يُغَْفْر لَهم ما قَد َ‬ ‫لِل ّذِي َ‬
‫ن كََفُروا إ ِ ْ‬
‫ب‬‫ج ُّ‬‫م يَ ُ‬‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬السل ُ‬ ‫ولقول النّب ّ‬
‫ما قَبْلَه » ‪ .‬وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ‪،‬‬
‫شافعيّة يجب عليه قضاء ما فاته أيّام ردّته‬ ‫وعند ال ّ‬
‫ن المرتد ّ كان مقّرا ً بإسلمه ولنّه ل‬ ‫من عبادات ‪ ،‬ل ّ‬
‫يستحقّ التّخفيف ‪.‬‬
‫‪ - 38‬وما فاته أيّام إسلمه من عبادات قبل ردّته‬
‫وحال إسلمه ‪ ،‬يجب عليه قضاؤه بعد توبته من‬
‫الّردّة ‪ ،‬لستقرار هذه العبادات عليه حال إسلمه ‪،‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪.‬‬ ‫وهذا عند الحنفيّة وال ّ‬
‫وعند المالكيّة ‪ :‬ل يطالب بما فاته قبل ردّته ‪،‬‬
‫فالّردّة تسقط ما كان عليه من صلة وصيام إل ّ الح ّ‬
‫ج‬
‫الّذي تقدّم منه ‪ ،‬فإنّه ل يبطل ‪ ،‬ويجب عليه إعادته‬
‫إذا أسلم ‪ ،‬لبقاء وقته وهو العمر ‪.‬‬
‫‪ - 39‬وإذا رجع المرتد ّ إلى السلم وأدرك وقت صلة‬
‫‪ ،‬أو أدرك جزءا ً من رمضان وجب عليه أداؤه ‪.‬‬
‫===============‬

‫‪469‬‬
‫تذكية *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّذكية في اللّغة ‪ :‬مصدر ذكّى ‪ ،‬والسم‬
‫شيء والذ ّبح ‪ .‬ومنه‬ ‫( الذ ّكاة ) ومعناها ‪ :‬إتمام ال ّ‬
‫مه‬‫قوله عليه الصلة والسلم ‪ « :‬ذكاة الجنين ذكاة أ ّ‬
‫»‪.‬‬
‫ل أكل‬ ‫صل لح ّ‬ ‫سبب المو ّ‬ ‫وفي الصطلح ‪ :‬هي ال ّ‬
‫الحيوان البّريّ اختيارا ً ‪.‬‬
‫هذا تعريف الجمهور ‪ ،‬ويعرف عند الحنفيّة ‪ :‬بأنّه‬
‫ل أكله‬ ‫شرعيّة لبقاء طهارة الحيوان ‪ ،‬وح ّ‬ ‫سبيل ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل النتفاع بجلده وشعره إن كان‬ ‫إن كان مأكول ً ‪ ،‬وح ّ‬
‫غير مأكول ‪.‬‬
‫أنواع التّذكية ‪:‬‬
‫م ‪ ،‬يشمل ‪ :‬الذ ّبح ‪ ،‬والنّحر ‪،‬‬ ‫التّذكية لفظ عا ّ‬
‫ل موطنه على النّحو التّالي ‪:‬‬ ‫صيد ‪ ،‬ولك ّ‬ ‫والعقر ‪ ،‬وال ّ‬
‫أ ‪ -‬الذ ّبح ‪:‬‬
‫شقّ ‪ .‬وعند الفقهاء ‪ :‬قطع‬ ‫ة ‪ :‬ال ّ‬ ‫‪ - 2‬الذ ّبح لغ ً‬
‫الحلقوم من باطن عن المفصل بين العنق والّرأس‬
‫ص من‬ ‫‪ .‬ويستعمل في ذكاة الختيار ‪ ،‬فهو أخ ّ‬
‫التّذكية ‪ ،‬حيث إنّها تشمل ذكاة الختيار والضطرار ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬النّحر ‪:‬‬
‫‪ - 3‬نحر البعير ‪ :‬طعنه في منحره حيث يبدأ الحلقوم‬
‫صدر ‪ ،‬قال في المغني ‪ :‬معنى النّحر أن‬ ‫من أعلى ال ّ‬
‫يضرب البعير بالحربة أو نحوها في الوهدة الّتي بين‬
‫أصل عنقها وصدرها ‪ .‬فهو قطع العروق في أسفل‬
‫ن‬
‫صدر ‪ ،‬وبهذا يفترق عن الذ ّبح ‪ ،‬ل ّ‬ ‫العنق عند ال ّ‬
‫القطع في أعلى العنق ‪ .‬والنّحر نوع آخر من أنواع‬
‫التّذكية الختياريّة ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬العقر ‪:‬‬

‫‪470‬‬
‫‪ - 4‬العقر ‪ :‬هو الجرح ‪.‬‬
‫ويستعمله الفقهاء في ‪ :‬تذكية حيوان غير‬
‫مقدورعليه بالطّعن في أيّ موضع وقع من البدن‪.‬‬
‫وبهذا يختلف عن الذ ّبح والنّحر ‪ ،‬لنّهما تذكية‬
‫اختيارا ً ‪ ،‬والعقر تذكية ضرورةً ‪.‬‬
‫صيد ‪:‬‬ ‫د ‪ -‬ال ّ‬
‫ري‬
‫صيد ‪ :‬هو إزهاق روح الحيوان الب ّ ّ‬ ‫‪ - 5‬ال ّ‬
‫حش‪ ،‬بإرسال نحو سهم أو كلب أو صقر‪.‬‬ ‫المتو ّ‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 6‬التّذكية سبب لباحة أكل لحم الحيوان غير‬
‫المحّرم والّذي من شأنه الذ ّبح ‪ ،‬سواء أكانت بالذ ّبح‬
‫ما ما ليس من شأنه الذ ّبح‬ ‫أم النّحر أم العقر ‪ .‬أ ّ‬
‫سمك والجراد فيحّلن بل ذكاة ‪ .‬ويشترط في‬ ‫كال ّ‬
‫المذكّي عند الفقهاء ‪ :‬أن يكون مسلما ً أو كتابيّا ً ‪،‬‬
‫كما يشترط عند الجمهور ‪- :‬الحنفيّة والمالكيّة‬
‫شافعيّة ‪ : -‬أن يكون‬ ‫والحنابلة ‪ ،‬وهو رواية عند ال ّ‬
‫المذكّي مميّزا ً ‪ ،‬ليعقل التّسمية والذ ّبح ‪ .‬وفي‬
‫شافعيّة ‪ :‬ل يشترط التّمييز ‪.‬‬ ‫الظهر عند ال ّ‬
‫‪ -7‬وجمهور الفقهاء ‪ -‬الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ‪-‬‬
‫على أنّه تشترط التّسمية وقت التّذكية إل ّ إذا نسيها‬
‫شافعيّة باستحباب التّسمية وقت التّذكية ‪.‬‬ ‫‪ .‬وقال ال ّ‬
‫ل محدّد يجرح ‪ ،‬كحديد ونحاس وذهب‬ ‫ل الذ ّبح بك ّ‬ ‫ويح ّ‬
‫ن والظّفر‬ ‫س ّ‬‫وخشب وحجر وزجاج ‪ ،‬ول يجوز بال ّ‬
‫القائمين اتّفاقا ً ‪.‬‬
‫ما إذا كانا منفصلين ففيه خلف ‪ ،‬وتفصيله في‬ ‫أ ّ‬
‫مصطلح ‪ ( :‬ذبائح ) ‪.‬‬
‫مواطن البحث ‪:‬‬

‫‪471‬‬
‫صيد‬ ‫‪ - 8‬ذكر الفقهاء أحكام التّذكية في أبواب ال ّ‬
‫والذ ّبائح والضحيّة ‪ ،‬وذكر المالكيّة أحكامها في باب‬
‫الذ ّكاة ‪.‬‬
‫================‬
‫تذكّر *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫س َ‬‫‪ - 1‬التّذكير والتّذكّر ‪ :‬من مادّة ذ َكََر ‪ ،‬ضد ّ ن َ ِ‬
‫شيء بعد نسيان ‪ ،‬وذكرته بلساني ‪،‬‬ ‫يقال ‪ :‬ذكرت ال ّ‬
‫وقلبي ‪ ،‬وتذكّرته ‪ ،‬وأذكرته غيري ‪ ،‬وذكّرته تذكيرا ً ‪.‬‬
‫ي ل يخرج عن المعنى‬ ‫شرع ّ‬ ‫وهو في الصطلح ال ّ‬
‫اللّغويّ ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫سهو ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬ال ّ‬
‫شيء والغفلة عنه‬ ‫سهو في اللّغة ‪ :‬نسيان ال ّ‬ ‫‪ - 2‬ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫سهو عن ال ّ‬ ‫وذهاب القلب إلى غيره ‪ ،‬فال ّ‬
‫سهو من‬ ‫الغفلة عن شيء منها ‪ ،‬قال ابن الثير ‪ :‬ال ّ‬
‫سهو عنه ‪ :‬تركه مع‬ ‫شيء ‪ :‬تركه عن غير علم ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صلتِهم‬ ‫ن هم عن َ‬ ‫العلم ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬الّذي َ‬
‫ساهُون } ‪ .‬واصطلحا ً ‪ ،‬قال صاحب المواقف ‪:‬‬ ‫َ‬
‫صورة عن المدركة مع بقائها في‬ ‫سهو زوال ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شيء ‪ ،‬بحيث لو‬ ‫الحافظة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هو الذ ّهول عن ال ّ‬
‫نبّه له أدنى تنبيه لتنبّه ‪.‬‬
‫سهو لو نبّه صاحبه لم يتنبّه ‪.‬‬ ‫ن ال ّ‬‫وفي المصباح ‪ :‬إ ّ‬
‫ب ‪ -‬النّسيان ‪:‬‬
‫‪ - 3‬النّسيان ‪ :‬ضد ّ الذ ّكر والحفظ ‪ ،‬يقال ‪ :‬نسيه نسياً‬
‫شيء عن ذهول وغفلة ‪،‬‬ ‫‪ ،‬ونسيانا ً ‪ ،‬وهو ترك ال ّ‬
‫ويطلق مجازا ً على التّرك عن عمد ‪ ،‬ومنه قوله‬
‫تعالى ‪ {:‬نسوا اللّه فنسيهم } أي تركوا أمر اللّه‬
‫فحرمهم رحمته ‪ .‬ويقال ‪ :‬رجل نسيان أي ‪ :‬كثير‬

‫‪472‬‬
‫النّسيان والغفلة ‪ .‬واصطلحا ً ‪ :‬هو الذ ّهول عن‬
‫شيء‬ ‫شيء ‪ ،‬لكن ل يتنبّه له بأدنى تنبيه ‪ ،‬لكون ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫قد زال من المدركة والحافظة معا ً ‪ ،‬فيحتاج إلى‬
‫سبب جديد ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫تذكّر المصلّي لصلته بعد الكل فيها ‪:‬‬
‫‪ - 4‬قال الحنابلة والمالكيّة ‪ :‬ل تبطل صلة من أكل‬
‫ن اللّه وضع‬ ‫ناسيا ً وإن كثر ‪ ،‬واستدلّوا بحديث ‪ « :‬إ ّ‬
‫متي الخطأ ‪ ،‬والنّسيان ‪ ،‬وما استكرهوا عليه »‬ ‫عن أ ّ‬
‫صلة ناسياً‬ ‫‪ .‬وذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا أكل في ال ّ‬
‫شافعيّة بين القليل‬ ‫ل ‪ .‬وفّرق ال ّ‬ ‫بطلت صلته ‪ ،‬وإن ق ّ‬
‫والكثير ‪ ،‬فإن كان ناسيا ً فل تبطل صلته إذا كان‬
‫قليل ً ‪ .‬وينظر تفصيل ذلك في ‪ ( :‬صلة ) ( ونسيان )‬
‫‪.‬‬
‫سهو المام ‪:‬‬
‫‪ - 5‬قال الحنفيّة ‪ :‬إذا أخبره عدلن بعدم التمام ل‬
‫ما إذا أخبره‬ ‫يعتبر شكّه ‪ ،‬وعليه الخذ بقولهم ‪ .‬أ ّ‬
‫عدل في صلة رباعيّة مثل ً أنّه ما صلّى أربعا ً ‪ ،‬وش ّ‬
‫ك‬
‫ما إذا كذ ّبه ‪ ،‬فل‬ ‫في صدقه وكذبه أعاد احتياطا ً ‪ .‬أ ّ‬
‫يعيد ‪ .‬وإن اختلف المام والقوم فإن كان على يقين‬
‫لم يعد ‪ ،‬وإل ّ أعاد بقولهم ‪ .‬وقال المالكيّة ‪ :‬إذا‬
‫أخبرته جماعة مستفيضة ‪ ،‬يفيد خبرهم العلم‬
‫ضروريّ بتمام صلته أو نقصها ‪ ،‬فإنّه يجب عليه‬ ‫ال ّ‬
‫الّرجوع لخبرهم ‪ ،‬سواء كانوا من مأموميه أو من‬
‫غيرهم ‪ ،‬وإن تيّقن كذبهم ‪ .‬وإن أخبره عدلن فأكثر‬
‫فإنّه يعمل بالخبر إن لم يتيّقن خلف ذلك ‪ ،‬وكانا من‬
‫مأموميه ‪ .‬فإن لم يكونا من مأموميه فل يرجع‬
‫لخبرهما ‪ ،‬بل يعمل على يقينه ‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫ما المنفرد والمأموم فل يرجعان لخبر العدلين ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫وإن أخبر المام واحد ‪ ،‬فإن أخبر بالتّمام فل يرجع‬
‫ما إذا أخبره‬ ‫لخبره ‪ ،‬بل يبني على يقين نفسه ‪ ،‬أ ّ‬
‫بالنّقص رجع لخبره ‪.‬‬
‫ك هل صلّى ثلثا ً أو‬ ‫ن المام إذا ش ّ‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إ ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ل ‪ ،‬ول يعمل بتذكير غيره ‪ ،‬ولو‬ ‫أربعا ً ؟ أخذ بالق ّ‬
‫كانوا جمعا ً غفيرا ً كانوا يرقبون صلته ‪ .‬ول فرق‬
‫عندهم بين أن يكون التّذكير من المأمومين أو من‬
‫ك أحدُكم في‬ ‫غيرهم ‪ .‬واستدلّوا بخبر ‪ « :‬إذا ش ّ‬
‫صلته فلم يَد ْ ِر أصلّى ثلثا ً أم أربعا ً ؟ فليطرح‬
‫ن على ما استيقن » ‪ .‬وقد أجابوا عن‬ ‫ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ك ‪ ،‬وليَب ِ‬
‫المراجعة بين الّرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫صلة في خبر ذي اليدين ‪ ،‬بأنّه‬ ‫صحابة ‪ ،‬وعوده لل ّ‬ ‫وال ّ‬
‫لم يكن من باب الّرجوع إلى قول الغير ‪ ،‬وإنّما هو‬
‫محمول على تذكّره بعد مراجعته لهم ‪ ،‬أو لنّهم‬
‫بلغوا حد ّ التّواتر الّذي يفيد اليقين ‪ ،‬أي العلم‬
‫ضروريّ ‪ ،‬فرجع إليهم ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وذهب الحنابلة إلى أنّه ‪ :‬إذا سبّح اثنان يثق بقولهما‬
‫لتذكيره ‪ ،‬لزمه القبول والّرجوع لخبرهما ‪ ،‬سواء‬
‫ن‬
‫غلب على ظنّه صوابهما أو خلفه ‪ .‬وقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ :‬رجع إلى قول‬
‫أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في حديث « ذي‬
‫ق ما قال ذو اليدين ؟ فقال ‪:‬‬ ‫ما سألهما ‪ :‬أح ّ‬ ‫اليدين ل ّ‬
‫نعم » مع أنّه كان شاكّا ً فيما قاله ذو اليدين بدليل‬
‫ي‬‫ن النّب ّ‬
‫حة قوله ‪ ،‬ول ّ‬ ‫أنّه أنكره ‪ ،‬وسألهما عن ص ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم أمر بالتّسبيح ليذكّروا المام ‪،‬‬
‫ويعمل بقولهم ‪ .‬ولحديث ابن مسعود رضي الله عنه‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬صلّى فزاد أو‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫«أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬
‫نقص ‪ » ...‬الحديث ‪ ،‬وفيه أ ّ‬

‫‪474‬‬
‫وسلم قال ‪ « :‬إنّما أنا بشر أنسى كما تنسون ‪ ،‬فإذا‬
‫نسيت فذكّروني » ‪.‬‬
‫وإن سبّح واحد لتذكيره لم يرجع إلى قوله ‪ ،‬إل ّ أن‬
‫يغلب على ظنّه صدقه ‪ ،‬فيعمل بغالب ظنّه ‪ ،‬ل‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لم‬ ‫ن النّب ّ‬‫بتسبيح الغير ‪ ،‬ل ّ‬
‫يقبل قول ذي اليدين وحده ‪.‬‬
‫ن‬
‫ة بالتّسبيح لم يرجع إلى قولهم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫وإن ذكّره فَ َ‬
‫سَق ٌ‬
‫شرع ‪.‬‬‫قولهم غير مقبول في أحكام ال ّ‬
‫صائم لصومه وهو يأكل ‪:‬‬ ‫تذكّر ال ّ‬
‫ن من أكل أو شرب وهو‬ ‫‪ - 6‬يرى جمهور الفقهاء أ ّ‬
‫م تذكّر وأمسك لم يفطر ‪ ،‬لما روى أبو‬ ‫صائم ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪« :‬‬ ‫هريرة أ ّ‬
‫م صومه ‪ ،‬فإنّما‬ ‫من أكل ناسيا ً وهو صائم ‪ ،‬فليت ّ‬
‫أطعمه اللّه وسقاه » ‪ .‬وفي رواية أخرى ‪ « :‬من‬
‫أكل أو شرب ناسيا ً فل يفطر ‪ ،‬فإنّما هو رزق رزقه‬
‫اللّه » ‪.‬‬
‫ي رضي الله عنه ‪ :‬ل شيء على من أكل‬ ‫وقال عل ّ‬
‫ناسيا ً وهو صائم ‪.‬‬
‫صوم عبادة ذات تحريم وتحليل ‪ ،‬فكان من‬ ‫ن ال ّ‬
‫ول ّ‬
‫صلة ‪ ،‬وهو‬ ‫محظوراته ما يخالف عمده سهوه كال ّ‬
‫ي‬‫قول أبي هريرة وابن عمر ‪ ،‬وطاووس والوزاع ّ‬
‫والثّوريّ وإسحاق ‪.‬‬
‫وقال بعض الفقهاء ‪ :‬يشترط أن يكون الكل أو‬
‫شرب قليل ً ‪ ،‬فإن كان كثيرا ً أفطر ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وعند المالكيّة ‪ :‬إن أكل أو شرب ناسيا ً فقد أفطر ‪،‬‬
‫وينظر التّفصيل في مصطلح ‪ ( :‬صوم ) ‪.‬‬
‫تذكّر القاضي لحكم قضاه ‪:‬‬
‫ن القاضي إذا رأى‬ ‫‪ - 7‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫خطأ ً في حكمه ‪ ،‬لم يعتمد عليه في إمضاء الحكم‬

‫‪475‬‬
‫حتّى يتذكّر ‪ ،‬لنّه حكم حاكم لم يعلمه ‪ ،‬ولنّه يجوز‬
‫فيه التّزوير عليه وعلى ختمه ‪ ،‬فلم يجز إنفاذه إلّ‬
‫ببيّنة كحكم غيره ‪.‬‬
‫ي وأحمد‬ ‫شافع ّ‬ ‫وإلى هذا ذهب المام ‪ :‬أبو حنيفة وال ّ‬
‫في إحدى روايتين عنه ‪.‬‬
‫وفي رواية عن أحمد ‪ :‬إذا كان الحكم عنده ‪ ،‬وتحت‬
‫يده جاز العتماد عليه ‪ ،‬لنّه في هذه الحالة ل‬
‫مد بن‬ ‫يحتمل التّغيير فيه ‪ ،‬وأجاز أبو يوسف ومح ّ‬
‫ط إذا عرف أنّه خطّه ‪ ،‬ولو لم‬ ‫الحسن العمل بالخ ّ‬
‫ن الغلط‬ ‫ط بيده ‪ ،‬ل ّ‬ ‫يتذكّر الحادثة ‪ ،‬وإن لم يكن الخ ّ‬
‫نادر في مثل ذلك ‪ ،‬وأثر التّغيير يمكن الطّلع عليه ‪،‬‬
‫ل وجه ‪ ،‬فإذا تيّقن أنّه‬ ‫ط من ك ّ‬‫وقلّما يتشابه الخ ّ‬
‫ة على النّاس ‪.‬‬ ‫خطّه جاز العتماد عليه ‪ ،‬توسع ً‬
‫ن هذا حكمه‬ ‫ما إذا شهد عدلن عند القاضي ‪ :‬بأ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ولم يتذكّر ‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء في العمل بقولهما ‪:‬‬
‫مد بن الحسن ‪ :‬يلزمه‬ ‫فقال المالكيّة وأحمد ومح ّ‬
‫العمل بذلك وإمضاء الحكم ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬إنّه لو شهدا عنده بحكم غيره قبل ‪ ،‬فكذلك‬
‫يقبل إذا شهدا عنده بحكم نفسه ‪ .‬ولنّهما شهدا‬
‫شافعيّة‬ ‫بحكم حاكم ‪ ،‬فيجب قبول شهادتهما ‪.‬وقال ال ّ‬
‫‪ :‬إنّه ل يعمل بقولهما حتّى يتذكّر‪.‬‬
‫شهادة وعدمه ‪:‬‬ ‫تذكّر ال ّ‬
‫شاهد ال ّ‬
‫شاهد بخطّه شهادةً أدّاها عند حاكم ‪،‬‬ ‫‪ - 8‬إذا رأى ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهي‬ ‫ولم يتذكّر الحادثة ‪ ،‬فعند المالكيّة وال ّ‬
‫إحدى روايتين عن أحمد ‪ :‬لم يشهد على مضمونها‬
‫حتّى يتذكّر ‪ ،‬وإن كان الكتاب محفوظا ً عنده لمكان‬
‫التّزوير ‪.‬‬
‫وفي رواية أخرى عن أحمد ‪ :‬أنّه إذا عرف خطّه‬
‫شهد به ‪،‬وهو رأي أبي يوسف من الحنفيّة‪.‬‬

‫‪476‬‬
‫تذكّر الّراوي للحديث وعدمه ‪:‬‬
‫شخص أن يروي‬ ‫ما رواية الحديث ‪ ،‬فإنّه يجوز لل ّ‬ ‫‪-9‬أ ّ‬
‫ط المحفوظ عنده ‪،‬‬ ‫مضمون خطّه اعتمادا ً على الخ ّ‬
‫لعمل العلماء به سلفا ً وخلفا ً ‪ .‬وقد يتساهل في‬
‫الّرواية ‪ ،‬لنّها تقبل من المرأة والعبد ‪ ،‬بخلف‬
‫شافعيّة ‪.‬‬‫شهادة ‪ .‬هذا عند ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ط‬‫وقال المام أبو حنيفة ‪ :‬ل يعمل بها لمشابهة الخ ّ‬
‫ط ‪ ،‬وخالفه صاحباه ‪.‬‬ ‫بالخ ّ‬
‫===============‬
‫تراب المعادن *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ما التّراب ‪:‬‬ ‫ي‪،‬أ ّ‬ ‫‪ - 1‬تراب المعادن ‪ :‬مركّب إضاف ّ‬
‫ما المعادن ‪:‬‬ ‫فهو ظاهر الرض ‪ ،‬وهو اسم جنس ‪ .‬وأ ّ‬
‫فهي جمع معدن ‪ -‬بكسر الدّال ‪ -‬وهو كما قال اللّيث‬
‫ل شيء يكون فيه أصله ومبدؤه كمعدن‬ ‫‪ :‬مكان ك ّ‬
‫ضة ‪.‬‬
‫الذ ّهب والف ّ‬
‫ي وابن‬
‫ما عند الفقهاء فهو ‪ ،‬كما عّرفه الّزيلع ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ة ‪ .‬وقال‬‫عابدين ‪ :‬اسم لما يكون في الرض خلق ً‬
‫ن المعدن له إطلقان ‪ :‬أحدهما‬ ‫ي‪:‬إ ّ‬ ‫شافع ّ‬ ‫ي ال ّ‬‫الّرمل ّ‬
‫على المستخرج ‪ ،‬والخر على المخرج منه ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫صاغة ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬تراب ال ّ‬
‫‪ - 2‬وهو ‪ -‬كما عّرفه المالكيّة ‪ -‬الّرماد الّذي يوجد‬
‫صاغة ‪،‬ول يدرى ما فيه‪ .‬والفرق بين‬ ‫في حوانيت ال ّ‬
‫صاغة‬ ‫ن تراب ال ّ‬ ‫صاغة وتراب المعدن ‪ ،‬هو أ ّ‬ ‫تراب ال ّ‬
‫هو المتساقط من المعدن مختلطا ً بتراب أو رمل أو‬
‫ما تراب المعدن فهو ما يتساقط من‬ ‫نحوهما ‪ ،‬أ ّ‬
‫جوهر المعدن نفسه دون أن يختلط بجوهر آخر ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الكنز ‪:‬‬

‫‪477‬‬
‫‪ - 3‬هو في الصل مصدر كنز ‪ ،‬ومعناه في اللّغة ‪:‬‬
‫جمع المال وادّخاره ‪ ،‬وجمع التّمر في وعائه ‪،‬‬
‫ة بالمصدر ‪،‬‬ ‫والكنز أيضا ً ‪ :‬المال المدفون تسمي ً‬
‫والجمع كنوز كفلس وفلوس ‪.‬‬
‫ما عند الفقهاء فهو ‪ :‬اسم لمدفون العباد ‪.‬‬ ‫وأ ّ‬
‫ج ‪ -‬الّرِكاز ‪:‬‬
‫‪ - 4‬الّركاز معناه في اللّغة ‪ :‬المال المدفون في‬
‫الجاهليّة ‪ ،‬وهو على وزن فعال ‪ ،‬بمعنى مفعول‬
‫كالبساط بمعنى المبسوط ‪ ،‬ويقال هو المعدن ‪.‬‬
‫ما عند الفقهاء فهو ‪ :‬اسم لما يكون تحت الرض‬ ‫وأ ّ‬
‫م من‬ ‫ة أو بدفن العباد ‪ .‬فالّركاز بهذا المعنى أع ّ‬ ‫خلق ً‬
‫ة فيهما مشتركا ً معنويّا ً ‪،‬‬ ‫المعدن والكنز ‪ ،‬فكان حقيق ً‬
‫شافعيّة بكونه دفين‬ ‫صا ً بالدّفين ‪ .‬وقيّده ال ّ‬
‫وليس خا ّ‬
‫الجاهليّة ‪.‬‬
‫أنواع المعادن ‪:‬‬
‫‪ - 5‬للمعادن أنواع ثلثة ‪:‬‬
‫ضة والحديد‬ ‫‪ -‬أ ‪ -‬جامد يذوب وينطبع ‪ ،‬كالذ ّهب والف ّ‬
‫صفر ‪.‬‬‫والّرصاص وال ّ‬
‫ص والنّورة ‪ ،‬والكحل‬ ‫‪ -‬ب ‪ -‬جامد ل يذوب ‪ ،‬كالج ّ‬
‫والّزرنيخ ‪.‬‬
‫مد ‪ ،‬كالماء والقير والنّفط ‪.‬‬ ‫‪ -‬ج ‪ -‬مائع ل يتج ّ‬
‫ي ومواطن البحث ‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫صة بتراب المعادن في‬ ‫ذكر الفقهاء الحكام الخا ّ‬
‫مواطن نجملها فيما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تغيّر الماء بتراب المعادن ‪:‬‬
‫ن تغيّر الماء‬‫‪ - 6‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أ ّ‬
‫المطلق بتراب المعدن ل يضّر ‪ ،‬ويجوز التّطهّر به ‪،‬‬
‫شافعيّة‬ ‫لنّه تغيّر بما هو من أجزاء الرض ‪ .‬وذهب ال ّ‬
‫ن الماء المتغيّر بما ل يمكن صونه‬ ‫والحنابلة إلى ‪ :‬أ ّ‬

‫‪478‬‬
‫عنه من تراب المعادن ‪ ،‬بأن يكون في مقّره أو‬
‫ممّره ل يمنع التّطهّر به ‪ ،‬ول يكره استعماله فيه ‪.‬‬
‫والتّفصيل في مصطلح ‪ ( :‬مياه ) ‪.‬‬
‫مم بتراب المعادن ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬حكم التّي ّ‬
‫مم‬ ‫ح التّي ّ‬‫شافعيّة والحنابلة إلى ‪ :‬أنّه ل يص ّ‬ ‫‪ - 7‬ذهب ال ّ‬
‫إل ّ بتراب طاهر ‪ ،‬أو برمل فيه غبار يعلق باليد ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ما‬
‫مم‬‫ح التّي ّ‬‫صخر وسائر المعادن فل يص ّ‬ ‫ما ل غبار له كال ّ‬
‫بها ‪ ،‬لنّها ليست في معنى التّراب ‪ .‬ويجوز عند أبي‬
‫ل ما ل ينطبع ول يلين من المعادن ‪،‬‬ ‫مم بك ّ‬ ‫حنيفة التّي ّ‬
‫ص والنّورة والكحل والّزرنيخ ‪ ،‬سواء التصق‬ ‫كالج ّ‬
‫على يده شيء منها أو لم يلتصق ‪.‬‬
‫ما المعادن الّتي تلين وتنطبع ‪ ،‬كالحديد والنّحاس‬ ‫وأ ّ‬
‫مم بها إل ّ في محالّها‬ ‫ضة ‪ ،‬فل يجوز التّي ّ‬ ‫والذ ّهب والف ّ‬
‫مم حينئذ‬ ‫ن التّي ّ‬
‫‪ ،‬بشرط أن يغلب عليها التّراب ‪ ،‬ل ّ‬
‫يكون بالتّراب ل بها ‪ ،‬ولنّها ليست من جنس الرض‬
‫‪.‬‬
‫مم إل ّ بالتّراب‬ ‫ما عند أبي يوسف ‪ :‬فل يجوز التّي ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫والّرمل في رواية ‪ ،‬أو بالتّراب فقط في رواية أخرى‬
‫مم بالمعادن المنطبعة‬ ‫‪ .‬ويجوز عند المالكيّة التّي ّ‬
‫وغير المنطبعة ما لم تنقل من محالّها ‪ ،‬لنّها من‬
‫أجزاء الرض باستثناء معدن النّقدين ‪ ،‬وهما ‪ :‬تبر‬
‫ضة ‪ .‬والجواهر النّفيسة كالياقوت‬ ‫الذ ّهب ونقار الف ّ‬
‫ما ل يقع به التّواضع للّه‬ ‫واللّؤلؤ والّزمّرد والمرجان م ّ‬
‫مم ) ‪.‬‬ ‫‪ .‬والتّفصيل في مصطلح ‪ ( :‬تي ّ‬
‫ج ‪ -‬زكاة تراب المعادن ‪:‬‬
‫ن الّزكاة تجب في معدني ‪:‬‬ ‫‪ - 8‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫ما غيرهما من المعادن ‪ ،‬ففي‬ ‫ضة ‪ .‬أ ّ‬ ‫الذ ّهب والف ّ‬
‫وجوب الّزكاة فيه ووقت وجوبها ‪ ،‬تفصيل ينظر في‬
‫مصطلح ‪ ( :‬زكاة ) ‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫د ‪ -‬بيع بعضه ببعض ‪:‬‬
‫ما أن يكون من صنف واحد ‪،‬‬ ‫‪ - 9‬تراب المعادن ‪ :‬إ ّ‬
‫ما أن يصّفى‬ ‫ما أن يكون من أصناف متعدّدة ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫وإ ّ‬
‫ويميّز ما فيه أو ل ‪ .‬فإن كان من صنف واحد ‪ ،‬فل‬
‫يجوز بيع بعضه ببعض ‪ ،‬كتراب ذهب بتراب ذهب‬
‫عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة للجهل بالمماثلة ‪.‬‬
‫ضة ‪ ،‬فإنّه‬ ‫وإن كان من أصناف كتراب ذهب بتراب ف ّ‬
‫يجوز بيعه عند الحنفيّة والمالكيّة لخّفة الغرر فيه ‪،‬‬
‫ولعدم لزوم العلم بالمماثلة ‪ ،‬ويكره بيعه عند‬
‫الحنابلة لنّه مجهول ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬فل يجوز عندهم بيع تراب المعدن‬ ‫ما ال ّ‬‫وأ ّ‬
‫ضة منه ‪ ،‬سواء أباعه‬ ‫قبل تصفيته وتمييز الذ ّهب والف ّ‬
‫ن المقصود النّقد وهو‬ ‫ضة أم بغيرهما ‪ ،‬ل ّ‬ ‫بذهب أم بف ّ‬
‫مجهول أو مستور بما ل مصلحة له فيه في العادة ‪،‬‬
‫ح بيعه فيه ‪ ،‬كبيع اللّحم في الجلد بعد الذ ّبح‬ ‫فلم يص ّ‬
‫سلخ ‪ .‬والتّفصيل في مصطلح ‪ ( :‬بيع )‬ ‫وقبل ال ّ‬
‫( وربا ً ) ( وصرف ) ‪.‬‬
‫================‬
‫تراب *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّراب ‪ :‬ما نعم من أديم الرض ‪ .‬بهذا عّرفه‬
‫المعجم الوسيط ‪ ،‬وهو اسم جنس ‪ ،‬وقال المبّرد ‪:‬‬
‫هو جمع واحده ترابة ‪ ،‬وجمعه أتربة وتربان ‪ ،‬وتربة‬
‫الرض ‪ :‬ظاهرها ‪.‬‬
‫شيء ‪ :‬وضعت عليه التّراب ‪ ،‬وتّربته تتريباً‬ ‫وأتربت ال ّ‬
‫فتتّرب ‪ :‬أي تلطّخ بالتّراب ‪ .‬ويقال ‪ :‬تَرِب الّرجل ‪:‬‬
‫إذا افتقر ‪ ،‬كأنّه لصق بالتّراب ‪ ،‬وفي الحديث ‪« :‬‬
‫ت يَداك » وليس المراد به‬ ‫ن تَرِب َ ْ‬ ‫فاظَْفْر بذا ِ‬
‫ت الدّي ِ‬

‫‪480‬‬
‫ث والتّحريض ‪ .‬ويقال ‪ :‬أترب الّرجل‬ ‫الدّعاء ‪ ،‬بل الح ّ‬
‫‪ :‬أي استغنى ‪ ،‬كأنّه صار له من المال بقدر التّراب ‪.‬‬
‫وفي المصطلحات العلميّة والفنّيّة ‪ :‬أنّه جزء الرض‬
‫ي المتجانس التّركيب ‪ ،‬أو الّذي تتناوله آلت‬ ‫سطح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الحراثة ‪.‬‬
‫ي عن المعنى اللّغويّ ‪.‬‬ ‫ول يخرج المعنى الصطلح ّ‬
‫ن الّرمل‬ ‫مم أ ّ‬ ‫ويفهم من كلم الفقهاء في باب التّي ّ‬
‫صخر ليسا من التّراب ‪ ،‬وإن أعطيا حكمه‬ ‫ونحاتة ال ّ‬
‫في بعض المذاهب ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫صعيد ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫صعيد ‪ :‬وجه الرض ترابا ً كان أو غيره ‪ ،‬قال‬ ‫‪ - 2‬ال ّ‬
‫جاج ‪ :‬ول أعلم اختلفا ً بين أهل اللّغة في ذلك ‪.‬‬ ‫الّز ّ‬
‫م من التّراب ‪.‬‬ ‫صعيد أع ّ‬ ‫وعلى هذا يكون ال ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫مم ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬في التّي ّ‬
‫ل تراب‬ ‫ح بك ّ‬
‫مم يص ّ‬ ‫ن التّي ّ‬ ‫‪ - 3‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫موا‬‫م ُ‬‫طاهر فيه غبار يعلق باليد ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ { :‬فَتَي َ َّ‬
‫جوهِكم وأَيدِيْكم منه }‬ ‫حوا بِو ُ‬ ‫س ُ‬‫م َ‬ ‫صعِيدا ً طَيِّبَا ً فَا ْ‬ ‫َ‬
‫ولقوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ُ‬
‫ل‬‫ن أحد ٌ قبلي ‪ :‬كان ك ّ‬ ‫سا ً لم يُعْطَه ّ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬‫ت َ‬ ‫« أعطي ُ‬
‫ل أحمَر‬ ‫ت إلى ك ّ‬ ‫ة ‪ ،‬وبُعث ُ‬ ‫ص ً‬‫إلى قومه خا ّ‬ ‫ي يُبعث‬ ‫نب ّ‬
‫ح َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل لحد قَبْلي ‪،‬‬ ‫م ولم ت َ ِ‬ ‫ت لي الغنائ ُ‬ ‫وأسود َ ‪ ،‬وأحل ّ ْ‬
‫ة طهورا ً ومسجدا ً ‪ ،‬فأيّما‬ ‫ض طيّب ً‬ ‫ت لي الر ُ‬ ‫جعل ْ‬ ‫و ُ‬
‫ت‬‫صلة صلّى حيث كان ‪ ،‬ونُصر ُ‬ ‫ل أدركته ال ّ‬ ‫رج ٍ‬
‫ة‬
‫شفاع َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫يدي مسيرة شهر ‪ ،‬وأعطي ُ‬ ‫ّ‬ ‫بالُّرع ْب بين‬
‫مم بما عدا التّراب ‪،‬‬ ‫حة التّي ّ‬ ‫» ‪ .‬واختلفوا في ص ّ‬
‫كالنّورة والحجارة والّرمل والحصى والطّين الّرطب‬
‫ما هو من جنس‬ ‫صص ‪ ،‬وغير ذلك م ّ‬ ‫والحائط المج ّ‬

‫‪481‬‬
‫مم‬‫حة التّي ّ‬ ‫الرض ‪ :‬فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى ص ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫بهذه الشياء المذكورة ‪ .‬ويرى ال ّ‬
‫ح إل ّ بالتّراب الطّاهر ذي الغبار‬ ‫مم ل يص ّ‬ ‫ن التّي ّ‬‫أ ّ‬
‫شافعيّة ‪،‬‬ ‫ح برمل فيه غبار عند ال ّ‬ ‫العالق ‪ .‬وكذا يص ّ‬
‫وفي قول القاضي من الحنابلة ‪ .‬والتّفاصيل يرجع‬
‫مم ) ‪.‬‬‫إليها في مصطلح ( تي ّ‬
‫ب ‪ -‬في إزالة النّجاسة ‪:‬‬
‫ن ما نجس‬ ‫شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ‬ ‫‪ - 4‬ذهب ال ّ‬
‫بملقاة شيء ‪ ،‬من كلب أو خنزير أو ما تولّد منهما‬
‫ن بالتّراب‬ ‫أو من أحدهما ‪ ،‬يغسل سبع مّرات ‪ :‬إحداه ّ‬
‫‪ .‬سواء كان ذلك لعابه أو بوله أو سائر رطوباته أو‬
‫ي صلى‬ ‫أجزاءه الجافّة إذا لقت رطبا ً ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫« طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله‬
‫ن بالتّراب » وفي رواية ‪« :‬‬ ‫سبع مّرات ‪ ،‬أوله ّ‬
‫ن بالتّراب » وفي أخرى { وعّفروه الثّامن َ‬
‫ة‬ ‫خراه‬ ‫أُ‬
‫ّ‬
‫بالتّراب } وألحق الخنزير بالكلب لنّه أسوأ حال ً ‪.‬‬
‫خنزير‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ولهذا قال اللّه تعالى في حّقه ‪ { :‬أو لح َ‬
‫س}‪.‬‬ ‫ج ٌ‬ ‫فإنَّه رِ ْ‬
‫ة أخرى بوجوب غسل‬ ‫وروي عن المام أحمد رواي ً‬
‫ن‬
‫نجاسة الكلب والخنزير ثماني مّرات إحداه ّ‬
‫البصري ‪ ،‬لقوله‬ ‫ّ‬ ‫بالتّراب ‪ ،‬وإلى هذا ذهب الحسن‬
‫صلى الله عليه وسلم في بعض روايات الحديث ‪« :‬‬
‫م التّراب‬ ‫ة بالتّراب » ويشترط أن يع ّ‬ ‫وعّفروه الثّامن َ‬
‫ل ‪ ،‬وأن يكون طاهرا ً ‪ ،‬وأن يكون قدرا ً يكدّر‬ ‫المح ّ‬
‫الماء ‪ ،‬ويكتفي بوجود التّراب في واحدة من‬
‫ب أن يكون في غير‬ ‫سبع ‪ ،‬ولكن يستح ّ‬ ‫الغسلت ال ّ‬
‫الخيرة ‪ ،‬وجعله في الولى أولى ‪.‬‬

‫‪482‬‬
‫والظهر تعيّن التّراب جمعا ً بين نوعي الطّهور ‪ .‬فل‬
‫يكفي غيره ‪ ،‬كأشنان وصابون ‪.‬‬
‫ومقابله أنّه ل يتعيّن التّراب ‪ .‬ويقوم ما ذكر ونحوه‬
‫مقامه ‪.‬‬
‫وهناك رأي ثالث ‪ :‬بأنّه يقوم مقام التّراب عند فقده‬
‫ضرورة ‪ ،‬ول يقوم عند وجوده ‪.‬‬ ‫لل ّ‬
‫وفي قول رابع ‪ :‬أنّه يقوم مقامه فيما يفسده التّراب‬
‫‪ ،‬كالثّياب دون ما ل يفسده ‪.‬‬
‫ن الخنزير ليس كالكلب ‪،‬‬ ‫ويرى بعض ال ّ‬
‫شافعيّة ‪ :‬أ ّ‬
‫بل يكفي لزالة نجاسته غسلة واحدة من دون تراب‬
‫ن الوارد في‬ ‫‪ ،‬كغيره من النّجاسات الخرى ‪ ،‬ل ّ‬
‫ما الحنفيّة‬
‫التّتريب إنّما هو في الكلب فقط ‪ .‬أ ّ‬
‫والمالكيّة ‪ :‬فيرون الكتفاء بغسل ما ولغ الكلب فيه‬
‫ن‬
‫جتهم في ذلك أ ّ‬ ‫من الواني من غير تتريب ‪ ،‬وح ّ‬
‫روايات التّتريب في الحديث مضطربة حيث وردت‬
‫ن » ‪ ،‬في رواية ‪ ،‬وفي أخرى بلفظ‬ ‫بلفظ ‪ « :‬إحداه ّ‬
‫ن»‪،‬‬ ‫ن » ‪ ،‬وفي ثالثة بلفظ ‪ « :‬أخراه ّ‬ ‫‪ « :‬أوله ّ‬
‫وفي رابعة ‪:‬‬
‫سابعة بالتّراب » ‪ ،‬وفي خامسة « وعّفروه‬ ‫« ال ّ‬
‫الثّامنة بالتّراب » ‪ ،‬والضطراب قادح فيجب طرحها‬
‫ل الّروايات ‪.‬‬‫ن ذكر التّراب لم يثبت في ك ّ‬ ‫مإ ّ‬‫‪.‬ث ّ‬
‫والتّفاصيل يرجع إليها في مصطلح ‪ ( :‬نجاسة ‪،‬‬
‫وطهارة ‪ ،‬وصيد ‪ ،‬وكلب ) ‪.‬‬
‫‪ -5‬ويرى جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وهو‬
‫ف والنّعل إذا أصابتهما‬ ‫ن الخ ّ‬ ‫رواية عن المام أحمد أ ّ‬
‫نجاسة لها جرم كالّروث فمسحهما بالتّراب‬
‫يطهّرهما ‪.‬‬
‫الخدري رضي‬
‫ّ‬ ‫واستدلّوا لذلك بما رواه أبو سعيد‬
‫الله عنه ‪ { :‬أنّه صلى الله عليه وسلم صلّى يوما ً ‪،‬‬

‫‪483‬‬
‫ما‬
‫صلة ‪ ،‬فخلع القوم نعالهم ‪ ،‬فل ّ‬ ‫فخلع نعليه في ال ّ‬
‫فرغ سألهم عن ذلك ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬رأيناك خلعت‬
‫نعليك ‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم ‪ :‬أتاني جبريل‬
‫م‬
‫ن بهما أذ ًى فخلعتهما ‪ ،‬ث ّ‬ ‫عليه السلم وأخبرني أ ّ‬
‫قال ‪ :‬إذا أتى أحدكم المسجد فليقلّب نعليه ‪ ،‬فإن‬
‫ن الرض لهما‬ ‫كان بهما أذ ًى فليمسحهما بالرض ‪ ،‬فإ ّ‬
‫طهور } ‪.‬‬
‫ما ما ل جرم له من النّجاسة كالبول ففيه تفصيل‬ ‫وأ ّ‬
‫ينظر في مصطلح ‪ ( :‬نجاسة ) ‪ (،‬وقضاء الحاجة ) ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو الّراجح عند الحنابلة ‪ ،‬فيرون أ ّ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ف أو النّعل ‪ ،‬وأنّه يجب غسلهما‬ ‫التّراب ل يطهّر الخ ّ‬
‫إذا أريد تطهيرهما ‪.‬‬
‫صوم ‪:‬‬‫ج ‪ -‬في ال ّ‬
‫ن أكل التّراب والحصاة‬ ‫‪ - 6‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫صوم ‪ ،‬وكذلك إذا وصل إلى‬ ‫ونحوهما عمدا ً يبطل ال ّ‬
‫الجوف عن طريق النف أو الذن أو نحوهما عمدا ً ‪،‬‬
‫ل ما يصل إلى الجوف‬ ‫صوم هو المساك عن ك ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل ّ‬
‫‪ ،‬وفي وجوب الكّفارة في هذه الحالة عند الحنفيّة‬
‫والمالكيّة خلف وتفصيل ينظر في مبحث ( كّفارة )‬
‫‪.‬‬
‫ما الغبار الّذي يصل إلى الجوف عن طريق النف‬ ‫أ ّ‬
‫أو نحوه بصورة غير مقصودة فل يفطر باتّفاق‬
‫شافعيّة‬ ‫العلماء لمشّقة الحتراز عنه ‪ .‬ويرى بعض ال ّ‬
‫صائم لو فتح فاه عمدا ً حتّى دخل التّراب‬ ‫ن ال ّ‬
‫‪:‬أ ّ‬
‫جوفه لم يفطر لنّه معفوّ عن جنسه ‪ .‬والتّفاصيل‬
‫في مصطلح ‪ ( :‬صوم ) ‪.‬‬
‫د ‪ -‬في البيع ‪:‬‬

‫‪484‬‬
‫‪ - 7‬يرى جمهور الفقهاء من المالكيّة والحنابلة وهو‬
‫من حازه‬ ‫ن بيع التّراب م ّ‬‫شافعيّة ‪ -‬أ ّ‬ ‫الظهر عند ال ّ‬
‫جائز لظهور المنفعة فيه ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪:‬‬‫ح عند ال ّ‬ ‫ويرى الحنفيّة ‪ ،‬وهو مقابل الص ّ‬
‫أنّه ل يجوز بيع التّراب لنّه ليس بمال ول مرغوب‬
‫فيه ‪ ،‬ولنّه يمكن تحصيل مثله بل تعب ول مؤنة ‪.‬‬
‫ن الحنفيّة قيّدوه بأن ل يعرض له ما يصير به مالً‬ ‫لك ّ‬
‫معتبرا ً كالنّقل والخلط بغيره ‪ .‬والتّفاصيل في‬
‫مصطلح ‪ ( :‬بيع ) ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬في الكل ‪:‬‬
‫شافعيّة إلى حرمة أكل التّراب لمن‬ ‫‪ - 8‬ذهب ال ّ‬
‫يضّره ‪ ،‬وإلى هذا ذهب المالكيّة في الّراجح عندهم ‪.‬‬
‫ويرى الحنفيّة والحنابلة وبعض المالكيّة كراهة أكله ‪.‬‬
‫والتّفاصيل في مصطلح ‪ ( :‬أطعمة ) ‪.‬‬
‫==================‬
‫تربّع *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّربّع في اللّغة ‪ :‬ضرب من الجلوس ‪ ،‬وهو‬
‫خلف الجثوّ والقعاء ‪.‬‬
‫شخص على وركيه ‪ ،‬ويمد ّ ركبته‬ ‫وكيفيّته ‪ :‬أن يقعد ال ّ‬
‫اليمنى إلى جانب يمينه ‪ ،‬وقدمه اليمنى إلى جانب‬
‫يساره ‪ .‬واليسرى بعكس ذلك ‪ .‬واستعمله الفقهاء‬
‫بهذا المعنى ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫‪ - 2‬التّربّع ‪ :‬غير الحتباء ‪ :‬والفتراش ‪ ،‬والِفضاء ‪،‬‬
‫والِقعاء ‪ ،‬والتّوّرك ‪.‬‬
‫فالحتباء ‪ :‬أن يجلس على أليتيه ‪ ،‬رافعا ً ركبتيه‬
‫محتويا ً عليهما بيديه أو غيرهما ‪ .‬والفتراش ‪ :‬أن‬
‫يثني رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها ‪،‬‬

‫‪485‬‬
‫وينصب قدمه اليمنى ويخرجها من تحته ‪ ،‬ويجعل‬
‫بطون أصابعه على الرض معتمدا ً عليها لتكون‬
‫أطراف أصابعها إلى القبلة ‪.‬‬
‫صلة هو ‪ :‬أن يلصق‬ ‫والفضاء في الجلوس في ال ّ‬
‫أليته بالرض ‪ ،‬وينصب رجله اليمنى وظاهر إبهامها‬
‫ما يلي الرض ‪ ،‬ويثني رجله اليسرى ‪.‬‬ ‫م ّ‬
‫والقعاء ‪ :‬أن يلصق أليتيه بالرض ‪ ،‬وينصب ساقيه ‪،‬‬
‫ويضع يديه على الرض ‪.‬‬
‫أو أن يجعل أليتيه على عقبيه ‪ ،‬ويضع يديه على‬
‫الرض ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬القعاء المكروه ‪ :‬أن يجلس‬ ‫ص ال ّ‬ ‫وفي ن ّ‬
‫شخص على وركيه ناصبا ً ركبتيه ‪ .‬والتّوّرك ‪ :‬أن‬ ‫ال ّ‬
‫ينصب اليمنى ويثني رجله اليسرى ‪ ،‬ويقعد على‬
‫الرض ‪.‬‬
‫ولتمام الفائدة تنظر هذه اللفاظ في مصطلحاتها ‪.‬‬
‫حكم التّربّع ‪:‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫أوّل ً ‪ -‬التّربّع في ال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّربّع في الفريضة لعذر ‪:‬‬
‫ن من ل يطيق القيام ‪ ،‬له‬ ‫‪ - 3‬أجمع أهل العلم على أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫أن يصلّي جالسا ً ‪ ،‬وقد « قال النّب ّ‬
‫ل قائماً‬ ‫وسلم لعمران بن حصين رضي الله عنه ‪ :‬ص ّ‬
‫‪ ،‬فإِن لم تستطع فقاعدا ً ‪ ،‬فإِن لم تستطع فعلى‬
‫جنْب » وفي رواية ‪ « :‬فإن لم تستطع فمستلقيا ً » ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن الطّاعة بحسب القدرة لقول اللّه تعالى ‪ { :‬ل‬ ‫ول ّ‬
‫سا ً إل ّ وُ ْ‬
‫سعَها } ‪.‬‬ ‫ف الل ّ ُ‬
‫ه نَْف َ‬ ‫يُكَل ِّ ُ‬
‫‪ - 4‬واختلفوا في هيئة الجلوس إذا عجز المصلّي عن‬
‫القيام كيف يقعد ؟‬

‫‪486‬‬
‫شافعيّة‬ ‫فذهب المالكيّة في المشهور عندهم ‪ ،‬وال ّ‬
‫في قول ‪ ،‬والحنابلة إلى ‪ :‬أنّه إذا قعد المعذور يندب‬
‫له أن يجلس متربّعا ً ‪ ،‬وهو رواية عن أبي يوسف ‪.‬‬
‫مد عنه وهي ما‬ ‫ويرى أبو حنيفة ‪ -‬في رواية مح ّ‬
‫صلة يجلس‬ ‫ن المعذور إذا افتتح ال ّ‬ ‫ي‪-‬أ ّ‬‫ححها العين ّ‬ ‫ص ّ‬
‫ن عذر المرض يسقط الركان عنه ‪،‬‬ ‫كيفما شاء ‪ ،‬ل ّ‬
‫فلن يسقط عنه الهيئات أولى ‪.‬‬
‫وروى الحسن عن أبي حنيفة ‪ :‬أنّه يتربّع ‪ ،‬وإذا ركع‬
‫يفترش رجله اليسرى ويجلس عليها ‪ .‬ويرى‬
‫شافعيّة في الظهر من القولين ‪ -‬وهو قول زفر‬ ‫ال ّ‬
‫من الحنفيّة ‪ -‬أنّه يقعد مفترشا ً ‪ .‬وذهب المالكيّة في‬
‫ن المعذور‬ ‫خرون ‪ -‬أ ّ‬ ‫قول ‪ -‬وهو ما اختاره المتأ ّ‬
‫يجلس كما يجلس للتّشهّد ‪ .‬وهناك تفاصيل فيمن له‬
‫أن يصلّي جالسا ً ‪ ،‬وفي هيئة الّذي ل يقدر على‬
‫الجلوس ول على القيام تنظر في مصطلحات ‪:‬‬
‫( صلة المريض ‪ ،‬عذر ‪ ،‬وقيام ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّربّع في الفريضة بغير عذر ‪:‬‬
‫‪ - 5‬التّربّع مخالف للهيئة المشروعة في الفريضة‬
‫في التّشهّدين جميعا ً ‪.‬‬
‫وقد صّرح الحنفيّة بكراهة التّربّع من غير عذر ‪ ،‬لما‬
‫ن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما رأى ابنه‬ ‫روي أ ّ‬
‫يتربّع في صلته ‪ ،‬فنهاه عن ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬رأيتك‬
‫ن‬
‫ي ل تحملني ‪ .‬ول ّ‬ ‫ن رجل ّ‬ ‫تفعله يا أبت ‪ ،‬فقال ‪ :‬إ ّ‬
‫الجلوس على الّركبتين أقرب إلى الخشوع ‪ ،‬فكان‬
‫أولى ‪.‬‬
‫وهذا ما يفهم من عبارات المالكيّة أيضا ً ‪ ،‬لنّهم‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫يعدّون الفضاء في الجلوس من مندوبات ال ّ‬
‫صلة‬ ‫ويعتبرون ترك سنّة خفيفة عمدا ً من سنن ال ّ‬
‫مكروها ً ‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫صلة التّوّرك ‪،‬‬ ‫شافعيّة في قعود آخر ال ّ‬ ‫ن عند ال ّ‬‫ويس ّ‬
‫وفي أثنائها الفتراش ‪.‬‬
‫ويقول الحنابلة بسنّيّة الفتراش في التّشهّد الوّل ‪،‬‬
‫والتّوّرك في التّشهّد الثّاني ‪.‬‬
‫ونقل ابن عبد البّر إجماع العلماء على عدم جواز‬
‫صحيح في الفريضة ‪.‬‬ ‫التّربّع لل ّ‬
‫ل المراد بكلم ابن‬ ‫ي ‪ :‬لع ّ‬ ‫وقال ابن حجر العسقلن ّ‬
‫عبد البّر بنفي الجواز إثبات الكراهة ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التّربّع في صلة التّطوّع ‪:‬‬
‫‪ - 6‬ل خلف في جواز التّطوّع قاعدا ً مع القدرة على‬
‫ي صلى‬ ‫ن القيام أفضل ‪ ،‬لقول النّب ّ‬ ‫القيام ‪ ،‬ول في أ ّ‬
‫الله عليه وسلم ‪ « :‬من صلّى قائما ً فهو أفضل ‪،‬‬
‫ومن صلّى قاعدا ً فله نصف أجر القائم » وقالت‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬‫عائشة رضي الله عنها ‪ « :‬إ ّ‬
‫وسلم لم يمت حتّى كان كثير من صلته وهو جالس‬
‫»‪.‬‬
‫ما كيفيّة القعود في التّطوّع فقد اختلف فيها ‪:‬‬ ‫‪ -7‬أ ّ‬
‫شافعيّة في قول ‪ -‬وهو‬ ‫فذهب المالكيّة والحنابلة وال ّ‬
‫ب‬‫مد ‪ -‬إلى أنّه يستح ّ‬ ‫رواية عن أبي يوسف ومح ّ‬
‫للمتطوّع جالسا ً أن يكبّر للحرام متربّعا ً ويقرأ ‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬
‫سجود على اختلف بينهم ‪،‬‬ ‫يغيّر هيئته للّركوع أو ال ّ‬
‫وروي ذلك عن ابن عمر وأنس رضي الله عنهم ‪.‬‬
‫كما روي عن ابن سيرين ومجاهد وسعيد بن جبير‬
‫والثّوريّ وإسحاق رحمهم الله ‪.‬‬
‫ي عنه ‪-‬‬ ‫مد ‪ -‬فيما نقله الكرخ ّ‬ ‫ويرى أبو حنيفة ومح ّ‬
‫تخيير المتطوّع في حالة القراءة بين القعود والتّربّع‬
‫والحتباء‬
‫وعن أبي يوسف أنّه يحتبي ‪ ،‬هذا ما اختاره المام‬
‫مة صلة رسول اللّه صلى الله‬ ‫ن عا ّ‬‫خواهر زاده ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪488‬‬
‫عليه وسلم في آخر العمر كان محتبيا ً ‪،‬ولنّه يكون‬
‫جها ً بأعضائه إلى القبلة‪ .‬وقال زفر ‪ :‬يقعد في‬ ‫أكثر تو ّ‬
‫صلة كما في التّشهّد ‪ ،‬هذا ما اختاره‬ ‫جميع ال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫سرخس ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وقال الفقيه أبو اللّيث ‪ :‬وعليه الفتوى لنّه المعهود‬
‫صلة ‪.‬‬‫شرعا ً في ال ّ‬
‫ن المتطوّع يقعد‬ ‫ح القوال ‪ :‬إ ّ‬ ‫شافعيّة في أص ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫مفترشا ً ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ -‬التّربّع عند تلوة القرآن ‪:‬‬
‫ل حال ‪ :‬قائما ً أو‬ ‫‪ - 8‬ل بأس بقراءة القرآن في ك ّ‬
‫جالسا ً ‪ ،‬متربّعا ً أو غير متربّع ‪ ،‬أو مضطجعا ً أو راكباً‬
‫ي صلى‬ ‫أو ماشيا ً ‪ ،‬لحديث « عائشة قالت ‪ :‬كان النّب ّ‬
‫م يقرأ‬ ‫الله عليه وسلم يتّكئ في حجري وأنا حائض ث ّ‬
‫القرآن » وعنها قالت ‪ " :‬إنّي لقرأ القرآن وأنا‬
‫مضطجعة على سريري " ‪.‬‬
‫================‬
‫ترتيب *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ل شيء في مرتبته ‪.‬‬ ‫‪ - 1‬التّرتيب في اللّغة ‪ :‬جعل ك ّ‬
‫واصطلحا ً ‪ :‬هو جعل الشياء الكثيرة بحيث يطلق‬
‫عليها اسم الواحد ‪ ،‬ويكون لبعض أجزائه نسبة إلى‬
‫خر ‪.‬‬
‫البعض بالتّقدّم والتّأ ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫التّتابع والموالة ‪:‬‬
‫‪ - 2‬التّتابع ‪ :‬مصدر تتابع ‪ ،‬يقال ‪ :‬تتابعت الشياء‬
‫والمطار والمور ‪ ،‬إذا جاء واحد منها خلف واحد‬
‫على أثره بشرط عدم القطع ‪.‬‬
‫صيام ‪ :‬بأن ل يفطر‬ ‫سر الفقهاء التّتابع في ال ّ‬ ‫وف ّ‬
‫صيام ‪ .‬وعلى ذلك ‪ ،‬فالتّتابع‬ ‫المرء في أيّام ال ّ‬

‫‪489‬‬
‫والموالة متقاربان في المعنى ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ن الفقهاء‬
‫صيام‬ ‫يستعملون التّتابع غالبا ً في العتكاف وكّفارة ال ّ‬
‫ونحوهما ‪ ،‬ويستعملون الموالة غالبا ً في الطّهارة‬
‫مم والغسل ‪.‬‬ ‫من الوضوء والتّي ّ‬
‫ن‬
‫ويختلف التّرتيب عن التّتابع والموالة في أ ّ‬
‫التّرتيب يكون لبعض الجزاء نسبة إلى البعض‬
‫خر ‪ ،‬بخلف التّتابع والموالة ‪ ،‬ومن جهة‬ ‫بالتّقدّم والتّأ ّ‬
‫ن التّتابع والموالة يشترط فيهما عدم‬ ‫أخرى فإ ّ‬
‫القطع والتّفريق ‪ ،‬فيضّرهما التّراخي ‪ ،‬بخلف‬
‫التّرتيب ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم الجمال ّ‬
‫‪ - 3‬التّرتيب إنّما يكون بين أشياء مختلفة كالعضاء‬
‫ل‬‫في الوضوء ‪ ،‬والجمرات الثّلث ‪ ،‬فإن اتّحد المح ّ‬
‫ي‪،‬‬ ‫ولم يتعدّد فل معنى للتّرتيب كما يقول الّزركش ّ‬
‫م لم يجب التّرتيب في الغسل ‪ ،‬لنّه فرض‬ ‫ومن ث ّ‬
‫يتعلّق بجميع البدن ‪ ،‬تستوي فيه العضاء كلّها ‪.‬‬
‫سجود الواحد ل يظهر فيه‬ ‫وكذلك الّركوع الواحد وال ّ‬
‫سجود ظهر أثره‬ ‫أثر التّرتيب ‪ ،‬فإذا اجتمع الّركوع وال ّ‬
‫‪.‬‬
‫ميّة التّرتيب في‬ ‫هذا ‪ ،‬وقد بيّن الفقهاء حكم وأه ّ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫مباحث العبادات من ‪ :‬الطّهارة ‪ ،‬وأركان ال ّ‬
‫ج ‪ ،‬والكّفارات في النّذور واليمان ونحوها‬ ‫ونسك الح ّ‬
‫‪.‬‬
‫واتّفقوا على فرضيّة التّرتيب في بعض العبادات ‪،‬‬
‫صلة من القيام والّركوع‬ ‫كالتّرتيب في أركان ال ّ‬
‫سجود ‪ ،‬واختلفوا في بعضها ‪ ،‬نذكر منها ما يلي ‪:‬‬ ‫وال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّرتيب في الوضوء ‪:‬‬
‫شافعيّة‬ ‫‪ - 4‬التّرتيب في أعمال الوضوء فرض عند ال ّ‬
‫ة ‪ ،‬قال اللّه‬
‫والحنابلة ‪ ،‬لنّها وردت في الية مرتّب ً‬

‫‪490‬‬
‫جوهَكم‬ ‫سلُوا و ُ‬‫صلةِ فاغْ ِ‬ ‫متم إلى ال َّ‬ ‫تعالى ‪ { :‬إذا قُ ْ‬
‫سكم وأرجلَكم‬ ‫حوا برءو ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ق وام َ‬ ‫وأيديَكم إلى المراف ِ‬
‫ن إدخال الممسوح " أي الّرأس "‬ ‫إلى الكَعْبَين } ل ّ‬
‫بين المغسولت " أي اليدي والرجل " قرينة على‬
‫أنّه أريد به التّرتيب ‪ ،‬فالعرب ل تقطع النّظير عن‬
‫النّظير إل ّ لفائدة ‪ ،‬والفائدة هاهنا التّرتيب ‪.‬‬
‫وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى عدم وجوب التّرتيب‬
‫ن اللّه تعالى‬ ‫في الوضوء ‪ ،‬بل هو سنّة عندهم ‪ ،‬ل ّ‬
‫أمر بغسل العضاء ‪ ،‬وعطف بعضها على بعض بواو‬
‫الجمع ‪ ،‬وهي ل تقتضي التّرتيب ‪ .‬وروي عن ابن‬
‫بأي‬
‫ّ‬ ‫مسعود رضي الله عنه أنّه قال ‪ ":‬ما أبالي‬
‫أعضائي بدأت "‪ .‬والتّرتيب إنّما يكون في عضوين‬
‫مختلفين ‪ ،‬فإن كانا في حكم العضو الواحد لم‬
‫يجب ‪ ،‬ولهذا ل يجب التّرتيب بين اليمنى واليسرى‬
‫في الوضوء اتّفاقا ً ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان‬ ‫ن « النّب ّ‬ ‫ن‪،‬ل ّ‬ ‫ولكن يس ّ‬
‫ب التّيامن » ‪.‬‬ ‫يح ّ‬
‫ب ‪ -‬التّرتيب في قضاء الفوائت ‪:‬‬
‫‪ - 5‬جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة‬
‫صلوات الفائتة ‪ ،‬وبينها‬ ‫قالوا بوجوب التّرتيب بين ال ّ‬
‫صلة الوقتيّة إذا اتّسع الوقت ‪ .‬فمن فاتته‬ ‫وبين ال ّ‬
‫صلة أو صلوات وهو في وقت أخرى ‪ ،‬فعليه أن يبدأ‬
‫صلة الوقتيّة ‪ ،‬إلّ‬ ‫م يؤدّي ال ّ‬ ‫ة‪،‬ث ّ‬ ‫بقضاء الفوائت مرتّب ً‬
‫إذا كان الوقت ضيّقا ً ل يتّسع لكثر من الحاضرة‬
‫م يقضي الفوائت على التّرتيب ‪.‬‬ ‫فيقدّمها ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن المالكيّة يقولون بوجوب التّرتيب في قضاء‬ ‫على أ ّ‬
‫يسير الفوائت مع صلة حاضرة ‪ ،‬وإن خرج وقتها ‪.‬‬
‫ن ترتيب‬ ‫شافعيّة ‪ :‬ل يجب ذلك ‪ ،‬بل يس ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫صبح قبل الظّهر ‪ ،‬والظّهر‬ ‫الفوائت ‪ ،‬كأن يقضي ال ّ‬

‫‪491‬‬
‫ن تقديم الفوائت على‬ ‫قبل العصر ‪ .‬وكذلك يس ّ‬
‫الحاضرة محاكاة ً للداء ‪ ،‬فإن خاف فوت الحاضرة‬
‫ة‪.‬‬‫بدأ بها وجوبا ً لئل ّ تصير فائت ً‬
‫هذا ‪ ،‬ويسقط التّرتيب عند الحنفيّة والحنابلة‬
‫بالنّسيان ‪ ،‬وخوف فوت الوقتيّة ‪ ،‬وزاد الحنفيّة‬
‫مسقطا ً آخر هو زيادة الفوائت على خمس ‪.‬‬
‫وفي المسألة خلف وتفصيل يرجع إليه في ( قضاء‬
‫الفوائت ) ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫ج ‪ -‬التّرتيب في صفوف ال ّ‬
‫‪ - 6‬صّرح الفقهاء بأنّه ‪ :‬لو اجتمع الّرجال والنّساء‬
‫صبيان ‪ ،‬فأرادوا أن يصطّفوا لصلة الجماعة ‪،‬‬ ‫وال ّ‬
‫صبيان‬ ‫م ال ّ‬‫ما يلي المام ‪ ،‬ث ّ‬ ‫يقوم الّرجال صّفا ً م ّ‬
‫م الناث ‪.‬‬ ‫بعدهم ث ّ‬
‫وإذا تقدّمت النّساء على الّرجال فسدت صلة من‬
‫ن من صفوف الّرجال عند الحنفيّة ‪ ،‬خلفاً‬ ‫وراءه ّ‬
‫صلة حينئذ‬ ‫لجمهور الفقهاء حيث صّرحوا بكراهة ال ّ‬
‫صل في مصطلح ‪ ( :‬اقتداء‬ ‫دون الفساد ‪ ،‬كما هو مف ّ‬
‫‪ ،‬صلة الجماعة ) ‪.‬‬
‫مواطن البحث ‪:‬‬
‫ة إلى ما سبق ‪-‬‬ ‫يرد ذكر التّرتيب عند الفقهاء ‪ -‬إضاف ً‬
‫في مواضع مختلفة منها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬التّرتيب في الجنائز ‪:‬‬
‫‪ - 7‬إذا كانت أكثر من واحدة ‪ ،‬فإذا اجتمعت جنائز‬
‫صلة عليها ‪ ،‬فإنّه‬ ‫صبيان حين ال ّ‬ ‫الّرجال والنّساء وال ّ‬
‫صبيان ‪،‬‬ ‫ف ال ّ‬‫مص ّ‬ ‫ما يلي المام ‪ ،‬ث ّ‬ ‫ف الّرجال م ّ‬ ‫يص ّ‬
‫ف النّساء ‪ ،‬وكذلك التّرتيب في وضع الموات‬ ‫مص ّ‬ ‫ث ّ‬
‫صل الفقهاء هذه المسائل في‬ ‫في قبر واحد ‪ ،‬ويف ّ‬
‫أبواب الجنائز ‪.‬‬
‫ج‪:‬‬‫ب ‪ -‬التّرتيب في الح ّ‬

‫‪492‬‬
‫ج وما يترتّب على الخلل‬ ‫‪ - 8‬التّرتيب في أعمال الح ّ‬
‫ج‪.‬‬
‫صله الفقهاء في كتاب الح ّ‬ ‫به ‪ ،‬ف ّ‬
‫( ر ‪ :‬إحرام ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الدّيون ‪:‬‬
‫‪ - 9‬التّرتيب في قضاء الدّيون ‪ ،‬وما يجب تقديمه‬
‫صله‬‫منها على غيره ‪ ،‬وما يتعلّق بحقوق العباد ‪ ،‬ف ّ‬
‫الفقهاء في باب الّرهن والنّفقة والكّفارة وغيرها ( ر‬
‫‪ :‬دين ) ‪.‬‬
‫د ‪ -‬أدلّة الثبات ‪:‬‬
‫شهادة‬ ‫‪ - 10‬التّرتيب في أدلّة الثبات من القرار وال ّ‬
‫والقرائن ونحوها يذكره الفقهاء في كتاب الدّعوى ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬النّكاح ‪:‬‬
‫‪ - 11‬ترتيب الولياء في النّكاح وحقّ القصاص وسائر‬
‫الحقوق كالرث والحضانة وغيرهما مذكور في‬
‫أبوابها من كتب الفقه ‪ ،‬وتفصيله في مصطلحاتها ‪.‬‬
‫و ‪ -‬الكّفارات ‪:‬‬
‫‪ - 12‬التّرتيب بين أنواع الكّفارات في اليمان والنّذور‬
‫وغيرها أورده الفقهاء في باب الكّفارة ‪ .‬وتفصيل‬
‫هذه المسائل يرجع إليه في مصطلحاتها ‪.‬‬
‫================‬
‫ترجيع *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫صوت في قراءة‬ ‫‪ - 1‬التّرجيع في اللّغة هو ‪ :‬ترديد ال ّ‬
‫ما يُتَرنّم به ‪ .‬وفي‬‫أو أذان أو غناء أو غير ذلك م ّ‬
‫شهادتين‬ ‫الصطلح هو ‪ :‬أن يخفض المؤذ ّن صوته بال ّ‬
‫م يعود فيرفع صوته بهما ‪.‬‬ ‫مع إسماعه الحاضرين ‪ ،‬ث ّ‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫التّثويب ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬العود إلى العلم بعد العلم ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬التّثويب لغ ً‬

‫‪493‬‬
‫صبح بعد‬ ‫واصطلحا ً ‪ :‬قول المؤذ ّن في أذان ال ّ‬
‫الحيعلتين ‪ ،‬أو بعد الذان وقبل القامة ‪ -‬كما يقول‬
‫صلة خير من النّوم ‪ ،‬مّرتين ‪.‬‬ ‫بعض الفقهاء ‪ -‬ال ّ‬
‫ويختلف التّثويب عن التّرجيع ‪ -‬بالمعنى الوّل ‪ -‬في‬
‫ن التّثويب يكون في أذان الفجر بعد الحيعلتين أو‬ ‫أ ّ‬
‫ما التّرجيع فيكون في التيان‬ ‫بعد الذان ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ل أذان ‪.‬‬ ‫شهادتين في ك ّ‬ ‫بال ّ‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫صحيح من المذهب‬ ‫‪ - 3‬يرى الحنفيّة والحنابلة على ال ّ‬
‫‪ -‬وهو قول الثّوريّ وإسحاق ‪ -‬أنّه ل ترجيع في الذان‬
‫‪ « ،‬لحديث عبد اللّه بن زيد من غير ترجيع ‪ .‬فقال‬
‫ق إن شاء‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬إنّها ح ّ‬ ‫له النّب ّ‬
‫اللّه ‪ ،‬فقم مع بلل فألق عليه ما رأيت ‪ ،‬فليؤذ ّن به ‪،‬‬
‫فإنّه أندى صوتا ً منك ‪ .‬فقمت مع بلل ‪ ،‬فجعلت‬
‫ألقيه عليه ويؤذ ّن به » ‪.‬‬
‫ص المام أحمد على أنّه ل‬ ‫فإذا رجع المؤذ ّن ‪ ،‬فقد ن ّ‬
‫بأس به ‪ ،‬واعتبر الختلف في التّرجيع من‬
‫الختلفات المباحة ‪ ،‬وقال ابن نجيم ‪ :‬الظّاهر من‬
‫ن التّرجيع مباح ليس بسنّة‬ ‫عبارات مشايخ الحنفيّة أ ّ‬
‫ي صلى‬ ‫ح عن النّب ّ‬ ‫ن كل المرين ص ّ‬ ‫ول مكروه ‪ ،‬ل ّ‬
‫ي عن ملتقى البحر‬ ‫الله عليه وسلم ونقل الحصكف ّ‬
‫كراهة التّرجيع في الذان ‪ ،‬وحملها ابن عابدين على‬
‫صحيح‬ ‫الكراهة التّنزيهيّة ‪ .‬ويرى المالكيّة ‪ ،‬وهو ال ّ‬
‫ن التّرجيع في الذان ‪ ،‬لما‬ ‫شافعيّة ‪ :‬أنّه يس ّ‬ ‫عند ال ّ‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬‫روي عن أبي محذورة رضي الله عنه « أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ألقى عليه التّأذين هو بنفسه ‪،‬‬
‫فقال له ‪ :‬قل ‪ :‬اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه‬
‫أكبر ‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ّ اللّه ‪ ،‬أشهد أن ل إله إلّ‬
‫مداً‬
‫ن مح ّ‬ ‫مدا ً رسول اللّه ‪ ،‬أشهد أ ّ‬ ‫ن مح ّ‬ ‫اللّه ‪ ،‬أشهد أ ّ‬

‫‪494‬‬
‫م قال ‪:‬‬ ‫م قال ‪ :‬ارجع فامدد صوتك ‪ ،‬ث ّ‬ ‫رسول اللّه ‪ ،‬ث ّ‬
‫قل ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ّ اللّه ‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ّ اللّه‬
‫مداً‬‫ن مح ّ‬ ‫مدا ً رسول اللّه ‪ ،‬أشهد أ ّ‬ ‫ن مح ّ‬ ‫‪ ،‬أشهد أ ّ‬
‫رسول اللّه ‪ ..‬إلخ » ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة حكاه الخراسانيّون ‪ :‬أ ّ‬ ‫وهناك وجه لل ّ‬
‫ح الذان إل ّ به ‪ .‬قال القاضي‬ ‫التّرجيع ركن ل يص ّ‬
‫ي ‪ :‬أنّه إن‬ ‫شافع ّ‬ ‫ي عن المام ال ّ‬ ‫حسين ‪ :‬نقل البيهق ّ‬
‫ح أذانه ‪.‬‬ ‫ترك التّرجيع ل يص ّ‬
‫ل التّرجيع ‪:‬‬‫مح ّ‬
‫‪ - 4‬التّرجيع يكون كما تقدّم في حديث أبي محذورة‬
‫شهادة‬ ‫جع ال ّ‬ ‫شهادتين معا ً ‪ ،‬فل ير ّ‬ ‫بعد التيان بال ّ‬
‫شهادة الثّانية ‪.‬‬ ‫الولى قبل التيان بال ّ‬
‫حكمة التّرجيع ‪:‬‬
‫‪ - 5‬حكمة التّرجيع هي تدبّر كلمتي الخلص ‪،‬‬
‫جيتين من الكفر ‪ ،‬المدخلتين في‬ ‫لكونهما المن ّ‬
‫السلم ‪ ،‬وتذكّر خفائهما في أوّل السلم ث ّ‬
‫م‬
‫ظهورهما ‪.‬‬
‫==============‬
‫ترجيل *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫شعر وتنظيفه وتحسينه ‪.‬‬ ‫ة ‪ :‬تسريح ال ّ‬ ‫‪ - 1‬التّرجيل لغ ً‬
‫شطته ‪ .‬وقد‬ ‫جلته ترجيل ً ‪ :‬إذا سّرحته وم ّ‬ ‫يقال ‪ :‬ر ّ‬
‫ص من التّمشيط ‪،‬لنّه يراعى فيه‬ ‫يكون التّرجيل أخ ّ‬
‫ما التّسريح فهو ‪:‬‬ ‫شعر‪ .‬أ ّ‬‫الّزيادة في تحسين ال ّ‬
‫شعر وحلّه قبل المشط ‪ ،‬وعلى هذا فيكون‬ ‫إرسال ال ّ‬
‫التّسريح مغايرا ً للتّرجيل ‪ ،‬ومضادّا ً للتّمشيط ‪ .‬وقال‬
‫شعر ترجيله ‪ ،‬وتخليص بعضه‬ ‫الزهريّ ‪ :‬تسريح ال ّ‬
‫من بعض بالمشط ‪ .‬فعلى المعنى الوّل يكون‬
‫مغايرا ً للتّرجيل ‪ ،‬وعلى الثّاني يكون مرادفا ً ‪.‬‬

‫‪495‬‬
‫ول يخرج استعمال الفقهاء للفظ التّرجيل عن معناه‬
‫اللّغويّ ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫شعر الستحباب ‪ ،‬لما روى‬ ‫‪ - 2‬الصل في ترجيل ال ّ‬
‫أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬ ‫مه » ول ّ‬ ‫مرفوعا ً ‪ « :‬من كان له شعر فَلْيُكْر ْ‬
‫ب التّرجيل ‪ ،‬وكان‬ ‫صلى الله عليه وسلم كان يح ّ‬
‫جله عائشة رضي الله عنها‬ ‫جل نفسه تارة ً ‪ ،‬وتر ّ‬ ‫ير ّ‬
‫تارة ً أخرى فقد روت‬
‫ي‬‫ي صلى الله عليه وسلم كان يصغي إل ّ‬ ‫ن النّب ّ‬‫«أ ّ‬
‫جله وأنا حائض‬ ‫سه وهو مجاور في المسجد ‪ ،‬فأر ِّ‬ ‫رأ َ‬
‫»‪.‬‬
‫وهناك حالت يختلف فيها حكم التّرجيل باختلف‬
‫الشخاص والوقات منها ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ترجيل المعتكف ‪:‬‬
‫‪ - 3‬يرى جمهور الفقهاء ‪ :‬أنّه ل يكره للمعتكف إل ّ ما‬
‫يكره فعله في المسجد ‪ ،‬فيجوز له ترجيل شعره ‪،‬‬
‫لما روي عن « عائشة رضي الله عنها أنّها قالت ‪:‬‬
‫سه ‪،‬‬ ‫ي رأ َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم يصغي إل ّ‬ ‫كان النّب ّ‬
‫جله وأنا حائض » ‪.‬‬ ‫وهو مجاور في المسجد ‪ ،‬فأر ّ‬
‫وقال المالكيّة ‪ :‬ل بأس بأن يدني المعتكف رأسه‬
‫لمن هو خارج المسجد لترجيل شعره ‪ ،‬كأنّهم يرون‬
‫ن التّرجيل ل يخلو‬ ‫كراهة التّرجيل في المسجد ‪ ،‬ل ّ‬
‫شعر‬ ‫شعر ‪ ،‬والخذ من ال ّ‬ ‫من سقوط شيء من ال ّ‬
‫في المسجد مكروه عندهم ‪ .‬وللتّفصيل يرجع إلى‬
‫مصطلح ‪ ( :‬اعتكاف ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ترجيل المحرم ‪:‬‬
‫‪ - 4‬ذهب الحنفيّة إلى عدم جواز التّرجيل للمحرم ‪-‬‬
‫وهو قول المالكيّة إذا كان التّرجيل بالدّهن ‪ -‬لقول‬

‫‪496‬‬
‫فل‬‫ث الت َّ ِ‬‫شع ُ‬ ‫ج ال َّ‬‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬الحا ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫ج فل يجمعه‬ ‫شعث انتشار شعر الحا ّ‬ ‫» ‪ .‬والمراد بال ّ‬
‫بالتّسريح والدّهن والتّغطية ونحوه ‪.‬‬
‫شافعيّة بكراهية التّرجيل للمحرم لنّه أقرب‬ ‫وقال ال ّ‬
‫شعر ‪.‬‬‫إلى نتف ال ّ‬
‫ن التّرجيل في حالة الحرام ل بأس‬ ‫ويرى الحنابلة أ ّ‬
‫به ‪ ،‬ما لم يؤد ّ إلى إبانة شعره ‪.‬‬
‫شعر بالتّرجيل فل‬ ‫ما إذا تيّقن المحرم سقوط ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫خلف بين الفقهاء في حرمته حينئذ ‪ .‬وتفصيل ذلك‬
‫في ‪ ( :‬إحرام ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬ترجيل المحدَّة ‪:‬‬
‫‪ - 5‬ل خلف بين الفقهاء في عدم جواز التّرجيل‬
‫للمحدّة بشيء من الطّيب أو بما فيه زينة ‪ .‬أ ّ‬
‫ما‬
‫سدر وشبهه‬ ‫التّرجيل بغير مواد ّ الّزينة والطّيب ‪ -‬كال ّ‬
‫ما ل يختمر في الّرأس ‪ -‬فقد أجازه المالكيّة‬ ‫م ّ‬
‫م سلمة رضي الله‬ ‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬لما روت أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫عنها « أ ّ‬
‫ل تمتشطي بالطّيب ول بالحنّاء فإنّه خضاب ‪ ،‬قالت‬
‫سدر تغلّفين‬ ‫‪ :‬قلت ‪ :‬بأيّ شيء أمتشط ؟ قال ‪ :‬بال ّ‬
‫به رأسك » ولنّه يراد للتّنظيف ل للتّطيّب ‪.‬‬
‫وقال الحنفيّة بعدم جواز ترجيل المحدّة ‪ -‬وإن كان‬
‫بغير طيب ‪ -‬لنّه زينة ‪ ،‬فإن كان فبمشط ذي أسنان‬
‫منفرجة دون المضمومة ‪ .‬وقيّد صاحب الجوهرة‬
‫جواز ترجيل المحدّة بأسنان المشط الواسعة بالعذر‬
‫‪ .‬وينظر التّفصيل في ( إحداد ‪ ،‬وامتشاط ) ‪.‬‬
‫كيفيّة التّرجيل ‪:‬‬
‫ب التّيامن في التّرجيل ‪ ،‬لحديث عائشة‬ ‫‪ - 6‬يستح ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النّب ّ‬
‫رضي الله عنها « أ ّ‬

‫‪497‬‬
‫جله وطهوره ‪ ،‬وفي‬ ‫كان يعجبه التّيامن في تنعّله وتر ّ‬
‫شأنه كلّه » ‪.‬‬
‫الغباب في التّرجيل ‪:‬‬
‫شعر ودهنه غبّا ً ‪ ،‬فالستكثار من‬ ‫ن ترجيل ال ّ‬ ‫يس ّ‬
‫التّرجيل والمداومة عليه مكروه إل ّ لحاجة ‪ ،‬لحديث‬
‫ن رسول اللّه‬ ‫عبد اللّه بن مغّفل رضي الله عنه « أ ّ‬
‫جل إل ّ غبّا ً » ‪.‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم نهى عن التّر ّ‬
‫الحميري عن بعض‬ ‫ّ‬ ‫ولما روى حميد بن عبد الّرحمن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬نهى رسول‬ ‫أصحاب النّب ّ‬
‫ل يوم‬ ‫اللّه صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا ك ّ‬
‫»‪.‬‬
‫===================‬
‫حم *‬‫تر ّ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫حم ‪ :‬من الّرحمة ‪ ،‬ومن معانيها ‪ :‬الّرقة ‪،‬‬ ‫‪ - 1‬التّر ّ‬
‫والعطف ‪ ،‬والمغفرة ‪.‬‬
‫حم ‪ :‬طلب الّرحمة ‪ ،‬وهو أيضا ً الدّعاء‬ ‫والتّر ّ‬
‫ت عليه ‪ :‬أي‬ ‫حم ُ‬ ‫بالّرحمة ‪ ،‬كقولك ‪ :‬رحمه اللّه ‪ .‬وتر ّ‬
‫حم عليه ‪ :‬قال له ‪:‬‬ ‫قلت له ‪ :‬رحمة اللّه عليك ‪ ،‬ور َّ‬
‫رحمة اللّه عليك ‪.‬‬
‫وتراحم القوم ‪ :‬رحم بعضهم بعضا ً ‪ .‬ول يخرج‬
‫استعمال الفقهاء عن هذا المعنى ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫ضي ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬التََّر ِّ‬
‫سخط ‪،‬‬ ‫ضي من الّرضا ‪ ،‬وهو ضد ّ ال ّ‬ ‫‪ - 2‬التّر ّ‬
‫ضي أيضا ً ‪ :‬أن تقول‬ ‫ضي ‪ :‬طلب الّرضا ‪ ،‬والتّر ّ‬ ‫والتّر ّ‬
‫‪ :‬رضي اللّه عنه ‪ .‬ول يخرج استعمال الفقهاء عن‬
‫حم‬ ‫ضي دعاء بالّرضوان ‪ ،‬والتّر ّ‬ ‫هذا المعنى ‪ ،‬فالتّر ّ‬
‫ضي ) ‪.‬‬ ‫دعاء بالّرحمة ‪ .‬وللتّفصيل ر ‪ ( :‬تر ّ‬

‫‪498‬‬
‫ب ‪ -‬التّبريك ‪:‬‬
‫‪ - 3‬التّبريك ‪ :‬الدّعاء بالبركة ‪ ،‬وهي بمعنى الّزيادة‬
‫والنّماء ‪ ،‬يقال ‪ :‬بارك اللّه فيك وعليك ولك وباركك ‪،‬‬
‫كلّها بمعنى ‪ :‬زادك خيرا ً ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬فَل َ َّ‬
‫ما‬
‫حوْلَها }‬ ‫ن َ‬ ‫ن في النَّارِ و َ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬
‫ك َ‬ ‫ن بُورِ َ‬‫يأ ْ‬‫جاءَها نُود ِ َ‬ ‫َ‬
‫من ‪.‬‬ ‫وتبّرك به ‪ :‬أي تي ّ‬
‫حم‬ ‫فالتّبريك بمعنى ‪ :‬الدّعاء بالبركة ‪ ،‬يتّفق مع التّر ّ‬
‫في نفس هذا المعنى ‪ ،‬أي الدّعاء ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫حم على‬ ‫‪ - 4‬ل خلف بين الفقهاء في استحباب التّر ّ‬
‫الوالدين أحياءً وأمواتا ً ‪ ،‬وعلى التّابعين من العلماء‬
‫صالحين ‪ ،‬وعلى سائر الخيار ‪ ،‬أحياءً‬ ‫والعبّاد ال ّ‬
‫وأمواتا ً ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم في‬ ‫حم على النّب ّ‬ ‫ما التّر ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫صلة وخارجها ‪ ،‬ففيه خلف وتفصيل على النّحو‬ ‫ال ّ‬
‫التي ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وعلى‬ ‫حم على النّب ّ‬ ‫أ ‪ -‬التّر ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫آله في ال ّ‬
‫ما أن يكون في التّشهّد أو خارجه ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬وهو إ ّ‬
‫حم على الّرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫وقد ورد التّر ّ‬
‫ي‬
‫سلم عليك أيّها النّب ّ‬ ‫في التّشهّد ‪ ،‬وهو عبارة ‪ " :‬ال ّ‬
‫ورحمة اللّه وبركاته " وتفصيل أحكام التّشهّد في‬
‫مصطلحه ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم خارج‬ ‫حم على النّب ّ‬ ‫ما التّر ّ‬ ‫أ ّ‬
‫التّشهّد ‪ ،‬فقد ذهب الحنفيّة ‪ ،‬وبعض المالكيّة ‪،‬‬
‫شافعيّة إلى استحباب زيادة ‪ " :‬وارحم‬ ‫وبعض ال ّ‬
‫ي صلى‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫مد " في ال ّ‬ ‫مدا ً وآل مح ّ‬ ‫مح ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫الله عليه وسلم في ال ّ‬

‫‪499‬‬
‫مص ّ‬
‫ل‬ ‫ي ‪ :‬اللّه ّ‬ ‫وعبارة الّرسالة لبن أبي زيد القيروان ّ‬
‫مدا ً وآل‬ ‫مد ‪ ،‬وارحم مح ّ‬ ‫مد وعلى آل مح ّ‬ ‫على مح ّ‬
‫مد ‪ ،‬كما صلّيت ورحمت وباركت على إبراهيم ‪.‬‬ ‫مح ّ‬
‫واستدلّوا بحديث أبي هريرة ‪ :‬قال ‪ :‬قلنا ‪ « :‬يا‬
‫رسول اللّه ‪ :‬قد علمنا كيف نسلّم عليك ‪ ،‬فكيف‬
‫م اجعل صلواتك‬ ‫نصلّي عليك ؟ قال ‪ :‬قولوا ‪ :‬اللّه ّ‬
‫مد ‪ ،‬كما‬ ‫مد وعلى آل مح ّ‬ ‫ورحمتك وبركاتك على مح ّ‬
‫جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد‬
‫مجيد » ‪ .‬قال الحافظ ابن حجر ‪ :‬فهذه الحاديث ‪-‬‬
‫وإن كانت ضعيفة السانيد ‪ -‬إل ّ أنّها يشد ّ بعضها بعضاً‬
‫ن للّزيادة أصلً‬ ‫ل مجموعها على أ ّ‬ ‫‪ ،‬أقواها أوّلها ‪،‬ويد ّ‬
‫ضعيف يعمل به في فضائل العمال‪ .‬وما‬ ‫‪ .‬وأيضا ً ال ّ‬
‫صلة‬ ‫عليه جمهور الفقهاء القتصار على صيغة ال ّ‬
‫حم ) كما ورد في الّروايات‬ ‫دون إضافة ( التّر ّ‬
‫صحيحين وغيرهما ‪ ،‬بل ذهب بعض‬ ‫المشهورة في ال ّ‬
‫ووي‬
‫ّ‬ ‫ي والن ّ‬ ‫ي المالك ّ‬ ‫الحنفيّة وأبو بكر بن العرب ّ‬
‫مدا ً ‪ ...‬إلخ "‬ ‫ن زيادة " وارحم مح ّ‬ ‫وغيرهم إلى أ ّ‬
‫ي في إنكار‬ ‫بدعة ل أصل لها ‪ ،‬وقد بالغ ابن العرب ّ‬
‫ن‬
‫ذلك وتخطئة ابن أبي زيد ‪ ،‬وتجهيل فاعله ‪ ،‬ل ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم علّمنا كيفيّة ال ّ‬ ‫النّب ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫فالّزيادة على ذلك استقصار لقول النّب ّ‬
‫عليه وسلم واستدراك عليه ‪ .‬وانتصر لهم بعض‬
‫من جمع بين الفقه والحديث ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫خرين م ّ‬ ‫المتأ ّ‬
‫ج بالحاديث الواردة ‪ ،‬فإنّها كلّها واهية جدّا ً ‪.‬‬ ‫ول يحت ّ‬
‫إذ ل يخلو سندها من كذ ّاب أو متّهم بالكذب ‪.‬‬
‫ل العمل بالحديث‬ ‫ن مح ّ‬ ‫ي‪:‬أ ّ‬ ‫سبك ّ‬
‫ويؤيّده ما ذكره ال ّ‬
‫ضعيف ما لم يشتد ّ ضعفه ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫حم في التّسليم من ال ّ‬ ‫ب ‪ -‬التّر ّ‬

‫‪500‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أ ّ‬ ‫‪ - 6‬ذهب الحنفيّة وال ّ‬
‫صلة أن يقول ‪:‬‬ ‫الكمل في التّسليم في ال ّ‬
‫سلم عليكم ورحمة اللّه ‪ ،‬عن يمينه ويساره ‪،‬‬ ‫« ال ّ‬
‫لحديث ابن مسعود وجابر بن سمرة وغيرهما رضي‬
‫سلم عليكم ‪ -‬ولم‬ ‫الله تعالى عنهم » ‪ .‬فإن قال ‪ :‬ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫يزد ‪ -‬يجزئه ‪ ،‬ل ّ‬
‫« تحليلها التّسليم » ‪.‬‬
‫ن ذكر الّرحمة‬ ‫والتّحليل يحصل بهذا القول ‪ ،‬ول ّ‬
‫تكرير للثّناء فلم يجب ‪ ،‬كقوله ‪ :‬وبركاته ‪.‬‬
‫وقال ابن عقيل من الحنابلة ‪ -‬وهو المعتمد في‬
‫ح أنّه ل يجزئه القتصار على ‪:‬‬ ‫المذهب ‪ -‬الص ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫صحيح « عن النّب ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سلم عليكم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سلم عليكم ورحمة‬ ‫عليه وسلم أنّه كان يقول ‪ :‬ال ّ‬
‫صلة ورد مقروناً‬ ‫سلم في ال ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫اللّه وبركاته » ‪ ،‬ول ّ‬
‫ي‬
‫بالّرحمة ‪ ،‬فلم يجز بدونها ‪ ،‬كالتّسليم على النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم في التّشهّد ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬والولى ترك " وبركاته "‬ ‫قال ال ّ‬
‫ن زيادة‬ ‫كما في أكثر الحاديث ‪ .‬وصّرح المالكيّة ‪ :‬بأ ّ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫" ورحمة اللّه " ل يضّر ‪ ،‬لنّها خارجة عن ال ّ‬
‫وظاهر كلم أهل المذهب أنّها غير سنّة ‪ ،‬وإن ثبت‬
‫بها الحديث ‪ ،‬لنّها لم يصحبها عمل أهل المدينة ‪،‬‬
‫ن الولى القتصار على ‪:‬‬ ‫وذكر بعض المالكيّة أ ّ‬
‫ن زيادة ‪ :‬ورحمة اللّه وبركاته هنا‬ ‫سلم عليكم ‪،‬وأ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫خلف الولى‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم خارج‬ ‫حم على النّب ّ‬ ‫ج ‪ -‬التّر ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي‬
‫حم على النّب ّ‬ ‫‪ - 7‬اختلف الفقهاء في جواز التّر ّ‬
‫صلة ‪ ،‬فذهب بعضهم‬ ‫صلى الله عليه وسلم خارج ال ّ‬
‫ن الّرحمة‬ ‫جهه بعض الحنفيّة ‪ :‬بأ ّ‬ ‫إلى المنع مطلقا ً وو ّ‬

‫‪501‬‬
‫إنّما تكون غالبا ً عن فعل يلم عليه ‪ ،‬ونحن أمرنا‬
‫ل على التّعظيم ‪،‬‬ ‫حم ما يد ّ‬ ‫بتعظيمه ‪ ،‬وليس في التّر ّ‬
‫صلة ‪ ،‬ولهذا يجوز أن يدعى بها لغير النبياء‬ ‫مثل ال ّ‬
‫والملئكة عليهم السلم ‪.‬‬
‫ما هو صلى الله عليه وسلم فمرحوم قطعا ً ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫فيكون من باب تحصيل الحاصل ‪ ،‬وقد استغنينا عن‬
‫ل مقامه عن‬ ‫صلة ‪ ،‬فل حاجة إليها ‪ ،‬ولنّه يج ّ‬ ‫هذه بال ّ‬
‫الدّعاء بها ‪.‬‬
‫قال ابن دحية ‪ :‬ينبغي لمن ذكره صلى الله عليه‬
‫حم عليه ‪،‬‬ ‫وسلم أن يصلّي عليه ‪ ،‬ول يجوز أن يتر ّ‬
‫ل بَيْنَك ُ ْ‬
‫م‬ ‫سو ِ‬‫جعَلُوا دُع َاءَ الَّر ُ‬
‫لقوله تعالى ‪ { :‬ل ت َ ْ‬
‫ضا ً } ‪.‬‬ ‫ضك ُ ْ‬
‫م بَعْ َ‬ ‫كَدُع َاءِ بَعْ ِ‬
‫ي ‪ ،‬كما‬ ‫صيدلن ّ‬ ‫ونقل مثله عن ابن عبد البّر ‪ ،‬وال ّ‬
‫ي ولم يتعّقبه ‪.‬‬ ‫حكاه عنه الّرافع ّ‬
‫ي في فتاواه ‪،‬‬ ‫وصّرح أبو زرعة ابن الحافظ العراق ّ‬
‫ن المنع أرجح لضعف الحاديث الّتي استند إليها ‪،‬‬ ‫بأ ّ‬
‫فيفهم من قوله ‪ :‬حرمته مطلقا ً ‪.‬‬
‫وذهب بعض الفقهاء إلى الجواز مطلقا ً ‪ :‬أي ولو‬
‫بدون انضمام صلة أو سلم ‪.‬‬
‫البخاري وهو‬
‫ّ‬ ‫ي فيما رواه‬ ‫واستدلّوا بقول العراب ّ‬
‫مدا ً ‪ ،‬ول ترحم‬ ‫م ارحمني ‪ ،‬وارحم مح ّ‬ ‫قوله ‪ « :‬اللّه ّ‬
‫معنا أحدا ً لتقريره صلى الله عليه وسلم على قوله ‪:‬‬
‫مدا ً ‪ ،‬ولم ينكر عليه سوى‬ ‫م ارحمني وارحم مح ّ‬ ‫اللّه ّ‬
‫قوله ‪ :‬ول ترحم معنا أحدا ً » ‪.‬‬
‫ي صلى‬ ‫حم على النّب ّ‬ ‫ي ‪ :‬ل بأس بالتّر ّ‬ ‫سرخس ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫ن الثر ورد به من طريق أبي‬ ‫الله عليه وسلم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن أحدا ً وإن‬ ‫هريرة وابن عبّاس رضي الله عنهم ‪ ،‬ول ّ‬
‫ل قدره ل يستغني عن رحمة اللّه ‪ .‬كما روي عن‬ ‫ج ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬لن يدخل‬ ‫النّب ّ‬

‫‪502‬‬
‫أحدا ً عمله الجنّة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ول أنت يا رسول اللّه ؟‬
‫مدني اللّه برحمته » ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬ول أنا إل ّ أن يتغ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان من أشوق‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫ول ّ‬
‫العبّاد إلى مزيد رحمة اللّه تعالى ‪ ،‬ومعناها معنى‬
‫صلة ‪ ،‬فلم يوجد ما يمنع ذلك ‪ .‬ول ينافي الدّعاء‬ ‫ال ّ‬
‫ن الّرحمة‬ ‫له بالّرحمة أنّه عليه الصلة والسلم عَي ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مين } ل ّ‬ ‫ة لِلعَال َ ِ‬
‫م ً‬‫ح َ‬ ‫ك إل ّ َر ْ‬ ‫سلْنَا َ‬
‫ما أْر َ‬‫ص‪{:‬و َ‬ ‫بن ّ‬
‫حصول ذلك ل يمنع طلب الّزيادة له ‪ ،‬إذ فضل اللّه‬
‫ل يتناهى ‪ ،‬والكامل يقبل الكمال ‪.‬‬
‫ن ذكرها‬ ‫خرين ‪ ،‬فقال بالحرمة إ ّ‬ ‫صل بعض المتأ ّ‬ ‫وف ّ‬
‫ي رحمه الله‬ ‫استقلل ً ‪ :‬كأن يقول المتكلّم ‪ :‬قال النّب ّ‬
‫صلة‬ ‫ة إلى ال ّ‬ ‫‪ .‬وبالجواز إن ذكرها تبعا ً ‪ :‬أي مضموم ً‬
‫مد وارحم‬ ‫ل على مح ّ‬ ‫مص ّ‬ ‫سلم ‪ ،‬فيجوز ‪ :‬اللّه ّ‬ ‫وال ّ‬
‫صلة ‪،‬‬ ‫مدا ً ‪ ،‬بدون ال ّ‬ ‫مدا ً ‪ .‬ول يجوز ‪ :‬ارحم مح ّ‬ ‫مح ّ‬
‫لنّها وردت في الحاديث الّتي وردت فيها على‬
‫ل على‬ ‫صلة والبركة ‪ ،‬ولم يرد ما يد ّ‬ ‫سبيل التّبعيّة لل ّ‬
‫ب شيء يجوز تبعا ً ‪ ،‬ل استقلل ً ‪.‬‬ ‫وقوعها مفردة ً ‪ ،‬ور ّ‬
‫وبه أخذ جمع من العلماء ‪ ،‬بل نقله القاضي عن‬
‫صحيح ‪.‬‬ ‫ي ‪ :‬وهو ال ّ‬ ‫الجمهور ‪ ،‬وقال القرطب ّ‬
‫صحابة رضي الله عنهم والتّابعين‬ ‫حم على ال ّ‬ ‫د ‪ -‬التّر ّ‬
‫ومن بعدهم من الخيار ‪:‬‬
‫صحابة ‪،‬‬ ‫حم على ال ّ‬ ‫‪ - 8‬اختلف الفقهاء في جواز التّر ّ‬
‫صحابة الولى أن‬ ‫فذهب بعضهم إلى أنّه عند ذكر ال ّ‬
‫يقال ‪ :‬رضي اللّه عنهم ‪.‬‬
‫ما عند ذكر التّابعين ومن بعدهم من العلماء ‪،‬‬ ‫وأ ّ‬
‫والعبّاد ‪،‬وسائر الخيار فيقال ‪ :‬رحمهم اللّه‪ .‬قال‬
‫صحابة بالّرضى ‪،‬‬ ‫ي ‪ :‬الولى أن يدعو لل ّ‬ ‫الّزيلع ّ‬
‫وللتّابعين بالّرحمة ‪ ،‬ولمن بعدهم بالمغفرة‬
‫صحابة كانوا يبالغون في طلب‬ ‫ن ال ّ‬ ‫والتّجاوز ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪503‬‬
‫الّرضى من اللّه تعالى ‪ ،‬ويجتهدون في فعل ما‬
‫يرضيه ‪ ،‬ويرضون بما يلحقهم من البتلء من جهته‬
‫أشد ّ الّرضى ‪ ،‬فهؤلء أحقّ بالّرضى ‪ ،‬وغيرهم ل‬
‫يلحق أدناهم ولو أنفق ملء الرض ذهبا ً ‪.‬‬
‫ي على الّراجح‬ ‫وذكر ابن عابدين نقل ً عن القرمان ّ‬
‫حم‬ ‫عنده ‪ :‬أنّه يجوز عكسه أيضا ً ‪ ،‬وهو التّر ّ‬
‫ضي للتّابعين ومن بعدهم ‪ .‬وإليه‬ ‫صحابة ‪ ،‬والتّر ّ‬ ‫لل ّ‬
‫ضي‬ ‫ب التّر ّ‬ ‫ووي في الذكار ‪ ،‬وقال ‪ :‬يستح ّ‬ ‫ّ‬ ‫مال الن ّ‬
‫صحابة والتّابعين فمن بعدهم من‬ ‫حم على ال ّ‬ ‫والتّر ّ‬
‫العلماء والعبّاد وسائر الخيار ‪ .‬فيقال ‪ :‬رضي اللّه‬
‫عنه ‪ ،‬أو رحمه اللّه ونحو ذلك ‪.‬‬
‫ن قوله ‪ :‬رضي اللّه‬ ‫ما ما قاله بعض العلماء ‪ :‬إ ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫صحابة ‪ ،‬ويقال في غيرهم ‪ :‬رحمه‬ ‫عنه مخصوص بال ّ‬
‫اللّه فقط فليس كما قال ‪ ،‬ول يوافق عليه ‪ ،‬بل‬
‫صحيح الّذي عليه الجمهور استحبابه ‪ ،‬ودلئله أكثر‬ ‫ال ّ‬
‫من أن تحصر ‪ .‬وذكر في النّهاية نقل ً عن المجموع ‪:‬‬
‫حم بغيرهم‬ ‫صحابة والتّر ّ‬ ‫ضي بال ّ‬ ‫ن اختصاص التّر ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ضعيف ‪.‬‬
‫حم على الوالدين ‪:‬‬ ‫هـ ‪ -‬التّر ّ‬
‫حم على الوالدين قوله‬ ‫‪ - 9‬الصل في وجوب التّر ّ‬
‫مةِ وقُ ْ‬
‫ل‬ ‫ح َ‬‫ل من الَّر ْ‬ ‫ح الذ ُّ ِّ‬ ‫جنَا َ‬
‫ض لهما َ‬ ‫خِف ْ‬ ‫تعالى ‪َ { :‬وا ْ‬
‫مهُما } حيث أمر اللّه سبحانه وتعالى عباده‬ ‫ح ْ‬‫ب اْر َ‬ ‫َر ِّ‬
‫ل طلب‬ ‫حم على آبائهم والدّعاء لهم ‪ .‬ومح ّ‬ ‫بالتّر ّ‬
‫ما إن كانا‬ ‫حم لهما إن كانا مؤمنين ‪ ،‬أ ّ‬ ‫الدّعاء والتّر ّ‬
‫ي‬‫ن لِلنَّب ِ ّ‬
‫ما كا َ‬ ‫كافرين فيحرم ذلك لقوله تعالى ‪َ { :‬‬
‫ن ولو كانوا‬ ‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬‫ستَغِفُروا لل ُ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫ن آمنُوا أ ْ‬ ‫والّذي َ‬
‫أُولِي قُْربَى } ‪.‬‬
‫حم في التّحيّة بين المسلمين ‪:‬‬ ‫و ‪ -‬التّر ّ‬

‫‪504‬‬
‫ن الفضل أن يقول‬ ‫‪ - 10‬ذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫سلم عليكم ورحمة‬ ‫المسلم للمسلم في التّحيّة ‪ :‬ال ّ‬
‫سلم‬ ‫اللّه وبركاته ‪ ،‬ويقول المجيب أيضا ً ‪ :‬وعليكم ال ّ‬
‫ورحمة اللّه وبركاته ‪ ،‬لما روى عمران بن الحصين‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫أنّه قال ‪ « :‬جاء رجل إلى النّب ّ‬
‫م جلس ‪،‬‬ ‫سلم عليكم ‪ ،‬فرد ّ عليه ‪ ،‬ث ّ‬ ‫وسلم فقال ‪ :‬ال ّ‬
‫م جاء‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬عشر ‪ .‬ث ّ‬ ‫فقال النّب ّ‬
‫سلم عليكم ورحمة اللّه ‪ ،‬فردّ‬ ‫آخر ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال ّ‬
‫م جاء آخر ‪،‬‬ ‫م جلس ‪ ،‬فقال ‪ :‬عشرون ‪ .‬ث ّ‬ ‫عليه ‪ ،‬ث ّ‬
‫سلم عليكم ورحمة اللّه وبركاته ‪ ،‬فردّ‬ ‫فقال ‪ :‬ال ّ‬
‫عليه ‪ ،‬فجلس ‪ ،‬فقال ‪ :‬ثلثون » قال التّرمذيّ ‪:‬‬
‫حديث حسن ‪ .‬وهذا التّعميم مخصوص بالمسلمين ‪،‬‬
‫سلم عند الكثرين‬ ‫حم على كافر لمنع بدئه بال ّ‬ ‫فل تر ّ‬
‫تحريما ً ‪ ،‬لحديث ‪ « :‬ل تبدءوا اليهود ول النّصارى‬
‫سلم » ‪.‬‬ ‫بال ّ‬
‫ي ‪ ،‬فل بأس بالّرد ّ ‪،‬‬ ‫ولو سلّم اليهوديّ والنّصران ّ‬
‫ولكن ل يزيد على قوله ‪ " :‬وعليك " ‪.‬‬
‫سلم ‪ ،‬صّرحوا بالقتصار‬ ‫جوزوا ابتداءهم بال ّ‬ ‫والّذين ّ‬
‫سلم عليك " دون الجمع ‪ ،‬ودون أن‬ ‫على ‪ " :‬ال ّ‬
‫يقول ‪ " :‬ورحمة اللّه " لما روي عن أنس رضي الله‬
‫عنه ‪ ،‬قال ‪ « :‬قال رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬إذا سلّم عليكم أهل الكتاب ‪ ،‬فقولوا ‪:‬‬
‫وعليكم أو عليكم » بغير واو ‪.‬‬
‫حم على الكّفار ‪:‬‬ ‫ز ‪ -‬التّر ّ‬
‫‪ - 11‬صّرح النّوويّ في كتابه الذكار بأنّه ل يجوز أن‬
‫ي بالمغفرة وما أشبهها في حال حياته‬ ‫م ّ‬ ‫يدعى للذ ّ ّ‬
‫ما ل يقال للكّفار ‪ ،‬لكن يجوز أن يدعى له‬ ‫م ّ‬
‫حة البدن والعافية وشبه ذلك ‪ .‬لحديث‬ ‫بالهداية ‪ ،‬وص ّ‬
‫ي صلى‬ ‫أنس رضي الله عنه قال ‪ « :‬استسقى النّب ّ‬

‫‪505‬‬
‫ي‬
‫الله عليه وسلم فسقاه يهوديّ ‪ ،‬فقال له النّب ّ‬
‫ملك اللّه » فما رأى‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ج ّ‬
‫شيب حتّى مات ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ما بعد وفاته فيحرم الدّعاء للكافر بالمغفرة‬ ‫وأ ّ‬
‫ي والّذي َ‬
‫ن‬ ‫ن لِلنَّب ِ ِ ّ‬‫ما كَا َ‬‫ونحوها ‪ ،‬لقول اللّه تعالى ‪َ { :‬‬
‫ن ولو كَانُوا أُولِي قُْربَى‬ ‫شرِكِي َ‬‫م ْ‬ ‫ستَغِْفُروا لِل ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫منُوا أ ْ‬ ‫آ َ‬
‫حيم ِ } وقد جاء‬ ‫ج ِ‬
‫ب ال َ‬ ‫حا ُ‬‫ص َ‬‫ن لَهم أنَّهم أ ْ‬ ‫ما تَبَي َّ َ‬ ‫ن بَعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫الحديث بمعناه ‪ ،‬وأجمع المسلمون عليه ‪.‬‬
‫ة ونطقا ً عند القراءة ‪:‬‬ ‫حم كتاب ً‬ ‫ح ‪ -‬التزام التّر ّ‬
‫ينبغي لكاتب الحديث وراويه أن يحافظ على كتابة‬
‫صحابة والعلماء وسائر‬ ‫حم على ال ّ‬ ‫ضي والتّر ّ‬ ‫التّر ّ‬
‫الخيار ‪ ،‬والنّطق به ‪ ،‬ول يسأم من تكراره ‪ ،‬ول‬
‫يتقيّد فيه بما في الصل إن كان ناقصا ً ‪.‬‬
‫===============‬
‫سل *‬ ‫تر ّ‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫سل في اللّغة معان ‪ ،‬منها ‪ :‬التّمهّل والتّأنّي‬ ‫‪ - 1‬للتّر ّ‬
‫سل في قراءته بمعنى ‪ :‬تمهّل واتّأد فيها‬ ‫‪ .‬يقال ‪ :‬تر ّ‬
‫سل الّرجل في كلمه ومشيه ‪ :‬إذا لم يعجل ‪.‬‬ ‫‪ .‬وتر ّ‬
‫سل‬ ‫وفي حديث عمر رضي الله عنه « إذا أذ ّنت فتر ّ‬
‫ن ول تعجل ‪ .‬ول يخرج معناه اصطلحا ً عن‬ ‫» ‪ :‬أي تأ ّ‬
‫هذا ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إنّه في الذان ‪ :‬التّمهّل والتّأنّي وترك‬
‫ل جملتين من جمل‬ ‫العجلة ‪ ،‬ويكون بسكتة بين ك ّ‬
‫د‬
‫الذان تسع الجابة ‪ ،‬وذلك من غير تمطيط ول م ّ‬
‫مفرط ‪.‬‬
‫سل ‪ ،‬وله في اللّغة معان منها‬ ‫‪ - 2‬والحدر يقابل التّر ّ‬
‫‪ :‬السراع في القراءة ‪ .‬يقال ‪ :‬حدر الّرجل الذان‬
‫والقامة والقراءة وحدر فيها كلّها حدرا ً من باب قتل‬
‫‪ :‬إذا أسرع ‪.‬‬

‫‪506‬‬
‫سل ‪ ،‬وإذا أقمت‬ ‫وفي حديث الذان ‪ « :‬إذا أذ ّنت فتر ّ‬
‫فاحدر » أي أسرع ول يخرج معناه في الصطلح‬
‫عن ذلك ‪.‬‬
‫والحدر سنّة في القامة ‪ ،‬مكروه في الذان ‪ .‬لما‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬
‫روى جابر رضي الله عنه « أ ّ‬
‫وسلم قال لبلل رضي الله عنه ‪ :‬يا بلل إذا أذ ّنت‬
‫سل ‪ ،‬وإذا أقمت فاحدر » ‪.‬‬ ‫فتر ّ‬
‫سل ‪:‬‬ ‫ي للتّر ّ‬
‫الحكم الجمال ّ‬
‫سل أحكام تعتريه ‪ .‬فهو في الذان مسنون ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬للتّر ّ‬
‫وصفته ‪ :‬أن يتمهّل المؤذ ّن فيه بسكتة بين ك ّ‬
‫ل‬
‫سامع له ‪ ،‬وذلك من غير‬ ‫جملتين منه تسع إجابة ال ّ‬
‫تمطيط ول مد ّ مفرط ول تطريب ‪ ،‬لما روى جابر‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن النّب ّ‬
‫رضي الله عنه « أ ّ‬
‫سل » ‪ ،‬وما روي‬ ‫قال لبلل ‪ :‬يا بلل إذا أذ ّنت فتر ّ‬
‫ن عمر رضي‬ ‫عن أبي الّزبير مؤذ ّن بيت المقدس أ ّ‬
‫ن‬
‫سل » وما روي أ ّ‬ ‫الله عنه قال ‪ « :‬إذا أذ ّنت فتر ّ‬
‫رجل ً قال لبن عمر ‪ :‬إنّي لحبّك في اللّه ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫"وأنا أبغضك في اللّه ‪.‬إنّك تغنّي في أذانك "‪.‬‬
‫سل في القامة مكروه ‪،‬‬ ‫هذا ما عليه الفقهاء ‪ .‬والتّر ّ‬
‫صلة أن يسرع فيها ول‬ ‫ن لمن يقيم ال ّ‬ ‫وذلك أنّه يس ّ‬
‫سابقة ‪.‬‬ ‫سل ‪ ،‬للحاديث ال ّ‬ ‫يتر ّ‬
‫هذا ‪ ،‬والذان قد شرع للعلم بدخول الوقت وتنبيه‬
‫ما‬
‫صلة ‪ .‬أ ّ‬ ‫الغائبين إليه ودعوتهم إلى الحضور لل ّ‬
‫القامة فقد شرعت لعلم الحاضرين بالتّأهّب‬
‫سل في الذان‬ ‫صلة والقيام لها ‪ ،‬ولذا كان التّر ّ‬ ‫لل ّ‬
‫ما القامة فل حاجة فيها إلى‬ ‫أبلغ في العلم ‪ ،‬أ ّ‬
‫سل ‪.‬‬ ‫التّر ّ‬
‫ولذا ثُنّي الذان وأفردت القامة ‪ ،‬لما روي عن أنس‬
‫رضي الله عنه قال ‪ « :‬أمر بلل أن يشفع الذان‬

‫‪507‬‬
‫ماد في حديثه " إل ّ القامة‬ ‫ويوتر القامة » ‪ .‬زاد ح ّ‬
‫ب أن يكون الذان في مكان عال بخلف‬ ‫" ‪ ،‬واستح ّ‬
‫صوت في الذان أرفع منه في‬ ‫القامة ‪ ،‬وأن يكون ال ّ‬
‫ة‪،‬‬‫القامة ‪ ،‬وأن يكون الذان مرتّل ً والقامة مسرع ً‬
‫صلة مّرتين في القامة ‪،‬‬ ‫ن تكرار قد قامت ال ّ‬ ‫وس ّ‬
‫لنّها المقصودة من القامة بالذ ّات ‪ ( .‬ر ‪ :‬أذان ‪،‬‬
‫إقامة ) ‪.‬‬
‫=================‬
‫تسبيح *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬من معاني التّسبيح في اللّغة ‪ :‬التّنزيه ‪ .‬تقول ‪:‬‬
‫سبّحت اللّه تسبيحا ً ‪ :‬أي نّزهته تنزيهاً‪ .‬ويكون بمعنى‬
‫صلة ‪ .‬يقال ‪ :‬فلن يسبّح اللّه ‪ :‬أي يذكره‬ ‫الذ ّكر وال ّ‬
‫بأسمائه نحو سبحان اللّه ‪ .‬وهو يسبّح أي يصلّي‬
‫صلة ذِكْراً‬ ‫ميت ال ّ‬ ‫سبحة وهي النّافلة ‪ .‬وس ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن اللّهِ‬‫حا َ‬ ‫سب َ‬ ‫لشتمالها عليه ‪ ،‬ومنه قوله تعالى ‪ { :‬فَ ُ‬
‫صبِحون } أي اذكروا اللّه ‪.‬‬ ‫ن تُ ْ‬‫ن وحي َ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬‫ن تُ ْ‬‫حي َ‬
‫خَر لنا‬ ‫س َّ‬
‫ن الّذي َ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬
‫ويكون بمعنى التّحميد نحو { ُ‬
‫هذا } وسبحان ربّي العظيم ‪ .‬أي الحمد للّه ‪.‬‬
‫ي عن هذه المعاني ‪ ،‬فقد‬ ‫ول يخرج معناه الصطلح ّ‬
‫ي بأنّه ‪ :‬تنزيه الحقّ عن نقائص‬ ‫عّرفه الجرجان ّ‬
‫الِمكان والحدوث ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫ذّكْر ‪:‬‬‫أ ‪ -‬ال ِ‬
‫صلة للّه والدّعاء‬ ‫‪ - 2‬الذ ّكر من معانيه في اللّغة ‪ :‬ال ّ‬
‫إليه والثّناء عليه ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ففي الحديث ‪ « :‬كان النّب ّ‬
‫حَزبَه أمر صلّى » ‪.‬‬ ‫إذا َ‬

‫‪508‬‬
‫وفي اصطلح الفقهاء قول سيق لثناء أو دعاء وقد‬
‫ل قول يثاب قائله ‪ ،‬فالذ ّكر شامل‬ ‫يستعمل شرعا ً لك ّ‬
‫م من التّسبيح ‪.‬‬ ‫للدّعاء فهو أع ّ‬
‫ب ‪ -‬التّهليل ‪:‬‬
‫‪ - 3‬هو قول ل إله إل ّ اللّه ‪ :‬يقال ‪ :‬هلّل الّرجل أي‬
‫من الهيللة ‪ ،‬من قول ل إله إل ّ اللّه ‪.‬‬
‫ي عن هذا ‪ .‬فالتّسبيح‬ ‫ول يخرج المعنى الصطلح ّ‬
‫ن التّسبيح تنزيه اللّه عّز وج ّ‬
‫ل‬ ‫م من التّهليل ‪ ،‬ل ّ‬ ‫أع ّ‬
‫شريك ‪.‬‬ ‫ما التّهليل فهو تنزيهه عن ال ّ‬ ‫ل نقص ‪ .‬أ ّ‬ ‫عن ك ّ‬
‫ج ‪ -‬التّقديس ‪:‬‬
‫ل عن ك ّ‬
‫ل‬ ‫‪ - 4‬من معانيه في اللّغة تنزيه اللّه عّز وج ّ‬
‫ما ل يليق به ‪.‬‬
‫والتّقديس ‪ :‬التّطهير والتّبريك ‪ .‬وتقدّس أي تطهّر ‪،‬‬
‫س لك }‬ ‫مدك وَنُقدِّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬
‫ن نُسب ِّ ُ‬‫وفي التّنزيل { ونح ُ‬
‫جاج ‪ :‬معنى نقدّس لك ‪ :‬أي نطهّر أنفسنا‬ ‫قال الّز ّ‬
‫لك ‪ ،‬وكذلك نفعل بمن أطاعك ‪ ،‬والرض المقدّسة‬
‫ي ل يخرج عن هذا ‪.‬‬ ‫أي المطهّرة ‪ .‬ومعناه الصطلح ّ‬
‫ص من التّسبيح ‪ ،‬لنّه تنزيه مع تبريك‬ ‫والتّقديس أخ ّ‬
‫وتطهير ‪.‬‬
‫حكمة مشروعيّة التّسبيح ‪:‬‬
‫‪ - 5‬حكمة التّسبيح استحضار العبد عظمة الخالق ‪،‬‬
‫ة فيخشع ول يغيب ‪ ،‬فينبغي أن‬ ‫ليمتلئ قلبه هيب ً‬
‫يكون ذلك هو مقصود الذ ّاكر ‪ ،‬سواء أكان في‬
‫صلة أم في غيرها ‪ ،‬فيحرص على تحصيله ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ويتدبّر ما يذكر ‪ ،‬ويتعّقل معناه ‪ ،‬فالتّدبّر في الذ ّكر‬
‫مطلوب ‪ ،‬كما هو مطلوب في القراءة لشتراكهما‬
‫في المعنى المقصود ‪ ،‬ولنّه يوقظ القلب ‪ ،‬فيجمع‬
‫مه إلى الفكر ‪ ،‬ويصرف سمعه إليه ‪ ،‬ويطرد‬ ‫ه ّ‬
‫النّوم ‪ ،‬ويزيد النّشاط ‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫آداب التّسبيح ‪:‬‬
‫‪ - 6‬آدابه كثيرة ‪ :‬منها أنّه ينبغي أن يكون الذ ّاكر‬
‫صفات ‪ ،‬فإن كان جالسا ً في‬ ‫المسبّح على أكمل ال ّ‬
‫شعاً‬ ‫موضع استقبل القبلة ‪ ،‬وجلس متذلّل ً متخ ّ‬
‫بسكينة ووقار مطرقا ً رأسه ‪ ،‬ولو ذكر على غير هذه‬
‫قه ‪ .‬لكن إن كان بغير‬ ‫الحوال جاز ول كراهة في ح ّ‬
‫عذر كان تاركا ً للفضل ‪ ،‬والدّليل على عدم الكراهة‬
‫ت‬ ‫موَا ِ‬‫س َ‬‫ق ال َّ‬ ‫ن في َ ْ‬ ‫قول اللّه تبارك وتعالى ‪ { :‬إ َّ‬
‫خل ِ‬
‫ب‬‫ت لولي اللبا ِ‬ ‫ل والنّهارِ ليا ٍ‬ ‫ف اللّي ِ‬ ‫ختِل ِ‬‫ض وا ْ‬ ‫والر ِ‬
‫جنُوبهم‬ ‫ما ً وَقُعُودَا ً وعلى ُ‬ ‫ه قِيَا َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫الّذي ََ‬
‫ن يَذ ْكُرو َ‬
‫ض}‪.‬‬ ‫ق ال َّ‬ ‫ن في َ ْ‬ ‫فك ّرو َ‬
‫ت والر ِ‬ ‫سموا ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫وَيَت َ َ‬
‫وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ :‬إنّي لقرأ‬
‫سرير ‪ .‬وصيغه‬ ‫حزبي ‪ ،‬وأنا مضطجعة على ال ّ‬
‫كثيرة ‪ ،‬منها ما ينبغي أن يكون كما وردت به‬
‫سنّة ‪ ،‬كما هو الحال في تسبيحات الّركوع‬ ‫ال ّ‬
‫صلوات ‪.‬‬ ‫سجود ودبر ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ب ‪ ،‬وهو ما كان في غير ذلك‬ ‫ومنها ما هو مستح ّ‬
‫كالتّسبيحات ليل ً ونهاًرا ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫حكمه التّكليف ّ‬
‫ي للتّسبيح بحسب موضعه‬ ‫‪ - 7‬يختلف الحكم التّكليف ّ‬
‫وسببه على التّفصيل التي ‪:‬‬
‫التّسبيح على طهر ‪:‬‬
‫‪ - 8‬أجمع العلماء على جواز الذ ّكر بالقلب واللّسان‬
‫للمحدث والجنب والحائض والنّفساء ‪ ،‬وذلك في‬
‫صلة على‬ ‫التّسبيح والتّهليل والتّحميد والتّكبير وال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم والدّعاء وغير ذلك ‪ .‬فقد‬ ‫النّب ّ‬
‫روت عائشة رضي الله عنها قالت ‪ « :‬كان رسول‬
‫ل أحيانه‬ ‫اللّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه على ك ّ‬
‫ن ذكر اللّه على طهارة سواء أكان تسبيحاً‬ ‫» ‪ .‬على أ ّ‬

‫‪510‬‬
‫ي صلى‬ ‫ن النّب ّ‬
‫أم غيره ‪ ،‬أولى وأفضل لحديث ‪ « :‬إ ّ‬
‫صحابة فلم يردّ‬ ‫الله عليه وسلم سلّم عليه أحد ال ّ‬
‫م قال ‪ :‬كرهت أن‬ ‫سلم ‪ ،‬ث ّ‬ ‫مم فرد ّ ال ّ‬ ‫عليه ‪ ،‬حتّى تي ّ‬
‫أذكر اللّه إل ّ على طهر » ‪.‬‬
‫صوت في التّسبيح ‪:‬‬ ‫سط في رفع ال ّ‬ ‫التّو ّ‬
‫صوت في التّسبيح وغيره‬ ‫سط في رفع ال ّ‬ ‫‪ -9‬التّو ّ‬
‫مة الفقهاء ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ { :‬وَل‬ ‫ب عند عا ّ‬ ‫مستح ّ‬
‫سبِيل ً }‬ ‫ن ذلك َ‬ ‫ت بها وابْتَغ بي َ‬ ‫خافِ ْ‬ ‫ك وَل ت ُ َ‬ ‫صلت ِ َ‬ ‫جهَْر ب ِ َ‬
‫تَ ْ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم يفعله ‪ .‬فعن أبي‬ ‫وكان النّب ّ‬
‫ن رسول اللّه صلى الله‬ ‫قتادة رضي الله عنه « أ ّ‬
‫ة فإذا هو بأبي بكر رضي الله‬ ‫عليه وسلم خرج ليل ً‬
‫عنه يصلّي يخفض من صوته ‪ .‬قال ‪ :‬ومّر بعمر‬
‫رضي الله عنه وهو يصلّي رافعا ً صوته قال ‪ :‬فل ّ‬
‫ما‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬يا أبا‬ ‫اجتمعا عند النّب ّ‬
‫بكر مررت بك وأنت تصلّي تحفض صوتك ؟ قال ‪:‬‬
‫ت يا رسول اللّه ‪ .‬قال ‪ :‬فارفع‬ ‫ت من ناجي ُ‬ ‫قد أسمع ُ‬
‫قليل ً وقال لعمر ‪ :‬مررت بك وأنت تصلّي رافعاً‬
‫صوتك ؟ فقال ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ :‬أوقظ الوسنان‬
‫شيطان ‪ .‬قال ‪ :‬اخفض من صوتك شيئا ً » ‪.‬‬ ‫وأطرد ال ّ‬
‫وقال أبو سعيد رضي الله عنه « اعتكف رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم في المسجد ‪ ،‬فسمعهم‬
‫ن‬
‫ستر وقال ‪ :‬أل إ ّ‬ ‫يجهرون بالقراءة ‪ ،‬فكشف ال ّ‬
‫ن بعضكم بعضا ً ‪ ،‬ول يرف ْ‬
‫ع‬ ‫كلّكم مناج ربّه ‪ ،‬فل يؤذي ّ‬
‫صلة‬ ‫بعضكم على بعض في القراءة ‪ ،‬أو قال في ال ّ‬
‫سط أن يزيد على أدنى ما يسمع‬ ‫» ‪ .‬والمراد بالتّو ّ‬
‫نفسه من غير أن تبلغ تلك الّزيادة سماع من يليه ‪.‬‬
‫ما يجوز به التّسبيح ‪:‬‬
‫‪ - 10‬أجاز الفقهاء التّسبيح باليد والحصى والمسابح‬
‫ما في‬ ‫صلة ‪ ،‬كعدّه بقلبه أو بغمزه أنامله ‪ .‬أ ّ‬ ‫خارج ال ّ‬

‫‪511‬‬
‫صلة ‪ ،‬فإنّه يكره لنّه ليس من أعمالها ‪ .‬وعن أبي‬ ‫ال ّ‬
‫مد ‪ :‬أنّه ل بأس بذلك في الفرائض‬ ‫يوسف ومح ّ‬
‫والنّوافل جميعا ً مراعاة ً لسنّة القراءة والعمل بما‬
‫سنّة ‪ .‬فعن « سعد بن أبي وقّاص رضي‬ ‫جاءت به ال ّ‬
‫الله عنه أنّه دخل مع رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫صى تسبّح‬ ‫نوى أو ح ً‬
‫وسلم على امرأة ‪ ،‬وبين يديها ً‬
‫به ‪ ،‬فقال ‪ :‬أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو‬
‫أفضل ‪ .‬فقال ‪ :‬سبحان اللّه عدد ما خلق في‬
‫سماء ‪ ،‬وسبحان اللّه عدد ما خلق في الرض ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫وسبحان اللّه عدد ما بين ذلك ‪ ،‬وسبحان اللّه عدد‬
‫ما هو خالق ‪ ،‬والحمد للّه مثل ذلك ‪ ،‬واللّه أكبر مثل‬
‫ذلك ‪ ،‬ول إله إل ّ اللّه مثل ذلك ‪ ،‬ول حول ول قوّة إلّ‬
‫باللّه مثل ذلك » فلم ينهها عن ذلك ‪ ،‬وإنّما أرشدها‬
‫إلى ما هو أيسر وأفضل ‪ ،‬ولو كان مكروها ً لبيّن لها‬
‫صحابيّة المهاجرة رضي الله‬ ‫ذلك ‪ .‬وعن بسيرة ال ّ‬
‫ن أن‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أمره ّ‬ ‫ن النّب ّ‬‫عنها « أ ّ‬
‫يراعين بالتّكبير والتّقديس والتّهليل ‪ ،‬وأن يعقدن‬
‫ن مسئولت مستنطقات » ‪ .‬وعن عبد‬ ‫بالنامل فإنّه ّ‬
‫اللّه بن عمر رضي الله عنهما قال ‪ « :‬رأيت رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم يعقد التّسبيح » وفي‬
‫رواية « بيمينه » ‪.‬‬
‫حطاوي عن ابن حجر قوله ‪ :‬الّروايات‬ ‫ّ‬ ‫ونقل الط ّ‬
‫صحابة في‬ ‫بالتّسبيح بالنّوى والحصى كثيرة عن ال ّ‬
‫مهات المؤمنين ‪ ،‬بل رأى ذلك صلى الله عليه‬ ‫بعض أ ّ‬
‫وسلم وأقّر عليه ‪ .‬وعقد التّسبيح بالنامل أفضل من‬
‫سبحة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن أمن الغلط فهو أولى ‪ ،‬وإلّ‬ ‫ال ّ‬
‫فهي أولى ‪.‬‬
‫ب منها ‪:‬‬‫أوقاته وما يستح ّ‬

‫‪512‬‬
‫‪ - 11‬ليس للذ ّكر ‪ -‬ومنه التّسبيح ‪ -‬وقت معيّن ‪ ،‬بل‬
‫ل الوقات ‪ .‬روي عن عائشة‬ ‫هو مشروع في ك ّ‬
‫رضي الله عنها أنّها قالت ‪ « :‬كان رسول اللّه صلى‬
‫ل أحيانه » ‪ .‬وفي‬ ‫الله عليه وسلم يذكر اللّه على ك ّ‬
‫ما ً وَقُعُودَاً‬
‫ه قِيَا َ‬‫ن الل ّ َ‬
‫ن يَذ ْكُرو َ‬‫قوله تعالى ‪ { :‬الّذي َ‬
‫ل على استحباب الذ ّكر في‬ ‫م } ما يد ّ‬ ‫جنُوبِه ْ‬‫وعلى ُ‬
‫جميع الحوال الّتي يكون عليها النسان من يومه‬
‫وليله ‪.‬‬
‫شرع باستثنائها ‪ :‬كالخلء‬ ‫ن أحوال ً منها ورد ال ّ‬ ‫إل ّ أ ّ‬
‫عند قضاء الحاجة ‪ ،‬وفي حالة الجماع ‪ ،‬وفي حالة‬
‫الخطبة لمن يسمع صوت الخطيب ‪ ،‬وفي الماكن‬
‫ما يكره‬ ‫المستقذرة والدّنسة ‪ ،‬وما أشبه ذلك م ّ‬
‫الذ ّكر معه ‪ .‬ولكن ورد في بعض الخبار استحباب‬
‫صة ‪ ،‬من ذلك ما روي عن‬ ‫التّسبيح في أوقات خا ّ‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله‬
‫عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫ل صلةٍ ثلثا ً وثلثين ‪،‬‬ ‫« من سبّح اللّه في دُبُرِ ك ِّ‬
‫وحمد اللّه ثلثا ً وثلثين ‪ ،‬وكبّر اللّه ثلثا ً وثلثين ‪،‬‬
‫فتلك تسعة وتسعون ‪ ،‬وقال تمام المائة ‪ :‬ل إله إلّ‬
‫اللّه وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك ‪ ،‬وله الحمد ‪ ،‬وهو‬
‫ل شيء قدير ‪ ،‬غفرت خطاياه ‪ ،‬وإن كانت‬ ‫على ك ّ‬
‫ب التّسبيح في الصباح‬ ‫مثل زبد البحر » ويستح ّ‬
‫والمساء ‪ ،‬لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫قال ‪ :‬قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من‬
‫قال حين يصبح وحين يمسي ‪ :‬سبحان اللّه وبحمده‬
‫ما جاء‬ ‫مائة مّرة ‪ ،‬لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل م ّ‬
‫به ‪ ،‬إل ّ أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه » وفي‬
‫رواية أبي داود « سبحان اللّه العظيم وبحمده » ‪.‬‬
‫ب التّسبيح ونحوه عند الكسوف والخسوف ‪،‬‬ ‫ويستح ّ‬

‫‪513‬‬
‫لما روي عن عبد الّرحمن بن سمرة رضي الله عنه‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وقد‬ ‫قال ‪ « :‬أتيت النّب ّ‬
‫صلة رافع يديه ‪،‬‬ ‫شمس وهو قائم في ال ّ‬ ‫كسفت ال ّ‬
‫فجعل يسبّح ويهلّل ويكبّر ويحمد ويدعو حتّى حسر‬
‫ما حسر عنها قرأ سورتين وصلّى ركعتين »‬ ‫عنها ‪ .‬فل ّ‬
‫‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫التّسبيح في افتتاح ال ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪.‬‬ ‫‪ - 12‬هو سنّة عند الحنفيّة وال ّ‬
‫ما المالكيّة فإنّهم ل يرونه ‪ ،‬بل كرهوه في افتتاحها‬ ‫أ ّ‬
‫‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ل الجمهور بما روي عن النّب ّ‬ ‫واستد ّ‬
‫صلة فارفعوا‬ ‫وسلم أنّه قال ‪ « :‬إذا قمتم إلى ال ّ‬
‫م قولوا ‪ :‬اللّه أكبر ‪،‬‬ ‫أيديكم ‪ ،‬ول تخالف آذانكم ‪ ،‬ث ّ‬
‫م وبحمدك ‪ ،‬وتبارك اسمك وتعالى‬ ‫سبحانك اللّه ّ‬
‫جدّك ‪ ،‬ول إله غيرك » ‪.‬‬
‫وبما روت عائشة رضي الله عنها قالت ‪ « :‬كان‬
‫صلة‬ ‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا استفتح ال ّ‬
‫م وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى‬ ‫قال ‪ :‬سبحانك اللّه ّ‬
‫جدّك ول إله غيرك » ‪.‬‬
‫ل المالكيّة بما روي عن « أنس رضي الله‬ ‫واستد ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫عنه قال ‪ :‬صلّيت خلف النّب ّ‬
‫وأبي بكر وعمر وعثمان ‪ ،‬وكانوا يستفتحون بالحمد‬
‫ب العالمين » ‪.‬‬ ‫للّه ر ّ‬
‫صلة ل من‬ ‫ولم يذكروا التّسبيح في افتتاح ال ّ‬
‫سنن ‪.‬‬ ‫الفرائض ول من ال ّ‬
‫التّسبيح في الّركوع ‪:‬‬
‫‪ - 13‬التّسبيح في الّركوع سنّة عند الحنفيّة في‬
‫شافعيّة ‪،‬‬‫ب عند ال ّ‬ ‫المشهور ‪ ،‬وقيل واجب ‪ .‬ومستح ّ‬
‫ومندوب عند المالكيّة ‪ .‬وواجب عند الحنابلة‬

‫‪514‬‬
‫ل المسنون‬ ‫سنّة الثّلث ‪ .‬وأق ّ‬‫بتسبيحة واحدة ‪ ،‬وال ّ‬
‫شافعيّة ‪:‬‬ ‫ب عند ال ّ‬ ‫عند الحنفيّة والحنابلة ‪ .‬والمستح ّ‬
‫ثلث تسبيحات ‪ .‬لما رواه ابن مسعود رضي الله‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬إذا ركع‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫عنه « أ ّ‬
‫أحدكم فقال ‪ :‬سبحان ربّي العظيم ثلثا ً ‪ ،‬فقد ت ّ‬
‫م‬
‫ركوعه ‪ ،‬وذلك أدناه »‬
‫بأي‬
‫ّ‬ ‫صوا على أنّه يندب التّسبيح‬ ‫ما المالكيّة فقد ن ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫لفظ كان بركوع وسجود ‪.‬‬
‫ب في الّركوع سبحان‬ ‫جزي على أنّه يستح ّ‬ ‫ّ‬ ‫ص ابن‬‫ون ّ‬
‫ربّي العظيم ثلث مّرات ‪.‬‬
‫ما نزل قول اللّه تبارك وتعالى‬ ‫ودليله ما ورد أنّه « ل ّ‬
‫ك العظيم } قال صلى الله عليه‬ ‫سم ِ رب ِّ َ‬ ‫ح با ْ‬
‫‪ { :‬فسب ّ ْ‬
‫وسلم ‪ :‬اجعلوها في ركوعكم » والتّسبيح فيه ل‬
‫يتحدّد بعدد ‪ ،‬بحيث إذا نقص عنه يفوته الثّواب ‪ ،‬بل‬
‫إذا سبّح مّرة ً يحصل له الثّواب ‪ ،‬وإن كان يزاد‬
‫الثّواب بزيادته ‪.‬‬
‫والّزيادة على هذه التّسبيحات أفضل إلى خمس أو‬
‫سبع أو تسع بطريق الستحباب عند الحنفيّة ‪ .‬وفي‬
‫منية المصلّي ‪ :‬أدناه ثلث ‪ ،‬وأوسطه خمس ‪،‬‬
‫وأكمله سبع ‪.‬‬
‫م‬
‫شافعيّة في التّسبيح ثلث ث ّ‬ ‫وأدنى الكمال عند ال ّ‬
‫م إحدى عشرة وهو الكمل‬ ‫م تسع ث ّ‬ ‫م سبع ث ّ‬ ‫خمس ث ّ‬
‫‪ .‬وهذا للمنفرد ولمام قوم محصورين رضوا‬
‫بالتّطويل ‪.‬‬
‫ما غيره فيقتصر على الثّلث ‪ ،‬ول يزيد عليها‬ ‫أ ّ‬
‫للتّخفيف على المقتدين ‪.‬‬
‫ويزيد المنفرد وإمام قوم محصورين على ذلك ‪:‬‬
‫م لك ركعت ‪ ،‬وبك آمنت إلخ ‪.‬‬ ‫اللّه ّ‬

‫‪515‬‬
‫قال في الّروضة ‪ :‬وهذا مع الثّلث أفضل من مجّرد‬
‫أكمل التّسبيح ‪.‬‬
‫والّزيادة على التّسبيحة الواحدة مستحبّة عند‬
‫الحنابلة ‪ ،‬فأعلى الكمال في حقّ المام يزاد إلى‬
‫عشر تسبيحات ‪ ،‬لما روي عن « أنس رضي الله‬
‫عنه أنّه قال ‪ :‬ما رأيت أحدا ً أشبه صلةً بصلة‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى ‪-‬‬
‫يعني عمر بن عبد العزيز ‪ -‬فحزرنا في ركوعه عشر‬
‫تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات » ‪ .‬وقال‬
‫م سبع ‪،‬‬ ‫ن التّسبيح التّا ّ‬
‫أحمد ‪ :‬جاء عن الحسن أ ّ‬
‫والوسط خمس ‪ ،‬وأدناه ثلث ‪ .‬وأعلى التّسبيح في‬
‫ق المنفرد العرف ‪ ،‬وقيل ‪ :‬ما لم يخف سهوا ً ‪،‬‬ ‫ح ّ‬
‫وقيل ‪ :‬بقدر قيامه ‪ ،‬وقيل ‪ :‬سبع ‪.‬‬
‫سجود ‪:‬‬ ‫التّسبيح في ال ّ‬
‫سجود ما قيل في الّركوع ‪ ،‬من‬ ‫‪ - 14‬يقال في ال ّ‬
‫صفة والعدد والختلف في ذلك ‪ .‬فالتّسبيح‬ ‫حيث ال ّ‬
‫سجود سنّة عند الحنفيّة في المشهور ‪ ،‬وقيل‬ ‫في ال ّ‬
‫ب عند‬‫واجب ‪ .‬ومندوب عند المالكيّة ‪ .‬ومستح ّ‬
‫شافعيّة ‪ .‬وواجب عند الحنابلة في أقلّه ‪ ،‬وهو‬ ‫ال ّ‬
‫الواحدة ‪ ،‬وسنّة في الثّلث ‪ ،‬كما في الّركوع ‪ .‬ول‬
‫سجود أن يقول ‪ :‬سبحان‬ ‫ن تسبيح ال ّ‬ ‫خلف إل ّ في أ ّ‬
‫ما في الّركوع فيقول ‪ :‬سبحان ربّي‬ ‫ربّي العلى ‪ ،‬أ ّ‬
‫العظيم ‪.‬‬
‫تسبيح المقتدي تنبيها ً للمام ‪:‬‬
‫‪ - 15‬لو عرض للمام شيء في صلته سهوا ً منه‬
‫كان للمأموم تنبيهه بالتّسبيح استحبابا ً ‪ ،‬إن كان رجلً‬
‫شافعيّة‬ ‫‪ ،‬وبالتّصفيق إن كانت أنثى عند الحنفيّة وال ّ‬
‫والحنابلة ‪.‬‬

‫‪516‬‬
‫ق للنّساء ‪ ،‬ومن نَابَه شيء‬ ‫لحديث ‪ « :‬إنّما التّصفي ُ‬
‫ل سبحان اللّه » ‪.‬‬ ‫في صلته فلْيُق ْ‬
‫صلة‬‫ما المالكيّة فكرهوا للمرأة التّصفيق في ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫مطلقا ً ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إنّها تسبّح لعموم حديث ‪ « :‬من‬
‫نابه شيء في صلته فليقل سبحان اللّه » ووجه‬
‫ن ( من ) من ألفاظ العموم فيشمل‬ ‫الستدلل أ ّ‬
‫النّساء ‪.‬‬
‫تنبيه المصلّي غيره بالتّسبيح ‪:‬‬
‫‪ - 16‬إذا أتى المصلّي بذكر مشروع يقصد به تنبيه‬
‫غيره إلى أنّه في صلة ‪ ،‬كأن يستأذن عليه إنسان‬
‫صلة ‪ ،‬أو يخشى المصلّي‬ ‫يريد الدّخول وهو في ال ّ‬
‫على إنسان الوقوع في بئر أو هلكة ‪ ،‬أو يخشى أن‬
‫يتلف شيئا ً ‪ ،‬كان للمصلّي استحبابا ً أن يسبّح تنبيهاً‬
‫سابق بيانه ‪.‬‬‫له ‪ ،‬وتصّفق المرأة على الخلف ال ّ‬
‫للحديث المذكور آنفا ً ‪ ،‬ولقوله عليه الصلة والسلم‬
‫‪ « :‬من نابه شيء في صلته فليقل ‪ :‬سبحان اللّه ‪،‬‬
‫فإنّه ل يسمعه أحد يقول سبحان اللّه إل ّ التفت »‬
‫ي رضي الله عنه ‪ « :‬كان لي‬ ‫وفي المسند عن عل ّ‬
‫من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه‬
‫فيها فإذا أتيته استأذنته إن وجدته يصلّي فسبّح‬
‫دخلت ‪ ،‬وإن وجدته فارغا ً أذن لي » ‪.‬‬
‫حض التّسبيح‬ ‫صلة إذا م ّ‬ ‫وعند الحنيفة تبطل ال ّ‬
‫جب أو نحو ذلك ‪ ..‬ومذهب‬ ‫للعلم ‪ ،‬أو قصد به التّع ّ‬
‫صلة " ل تضّر إل ّ ما‬ ‫ن التّسبيحات في ال ّ‬ ‫شافعيّة أ ّ‬‫ال ّ‬
‫كان فيه خطاب لمخلوق غير رسول اللّه صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫ل ذلك ل يؤثّر في‬ ‫نك ّ‬ ‫ومذهب المالكيّة والحنابلة أ ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫حة ال ّ‬‫ص ّ‬
‫التّسبيح أثناء الخطبة ‪:‬‬

‫‪517‬‬
‫‪ - 17‬قال الحنفيّة بكراهة التّسبيح لمستمع الخطبة ‪،‬‬
‫لنّه يشغله عن سماعها ‪.‬‬
‫فإن كان بعيدا ً عن الخطيب ول يسمعه فل بأس به‬
‫سّرا ً عند بعض الحنفيّة ‪ ،‬والمعتمد في المذهب‬
‫سامع وغيره ‪.‬‬ ‫المنع مطلقا ً للقريب والبعيد ال ّ‬
‫وعند المالكيّة يجوز الذ ّكر ‪ -‬على أنّه خلف الولى‬
‫على المعتمد عندهم ‪ -‬من تسبيح وتهليل وغير ذلك ‪،‬‬
‫سّر ‪ ،‬ويحرم الكثير مطلقا ً ‪ ،‬كما‬ ‫إن كان قليل ً وبال ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة لم‬ ‫يحرم القليل إذا كان جهرا ً ‪ .‬وال ّ‬
‫يتعّرضوا للتّسبيح بخصوصه ‪ ،‬لكن تعّرضوا للذ ّكر‬
‫سامع للخطبة‬ ‫أثناء الخطبة ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬الولى لغير ال ّ‬
‫سامع فل يشتغل‬ ‫ما ال ّ‬‫أن يشتغل بالتّلوة والذ ّكر ‪ .‬وأ ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫صلة على النّب ّ‬ ‫بشيء من ذلك إل ّ بال ّ‬
‫عليه وسلم إذا سمع ذكره ‪.‬‬
‫التّسبيح في افتتاح صلة العيدين وبين تكبيرات‬
‫الّزوائد فيها ‪:‬‬
‫‪ - 18‬الثّناء عقب تكبيرة الفتتاح في صلة العيدين‬
‫ب عند‬ ‫سنّة عند الحنفيّة والحنابلة ‪ ،‬مستح ّ‬
‫صلة على نحو ما‬ ‫شافعيّة ‪ ،‬وهو كما في افتتاح ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سبق بيانه ‪.‬‬
‫والتّسبيح بين التّكبيرات الّزوائد في صلة العيدين‬
‫ب عند‬ ‫سنّة كذلك عند الحنفيّة والحنابلة ومستح ّ‬
‫شافعيّة ‪ ،‬ول يقول به المالكيّة ‪ ،‬بل كرهوه ‪ ،‬أو أنّه‬ ‫ال ّ‬
‫خلف الولى عندهم ‪ ،‬فل يفصل المام بين آحاده إلّ‬
‫م ‪ ،‬بل قول من تسبيح وتحميد‬ ‫بقدر تكبير المؤت ّ‬
‫وتهليل وتكبير ‪.‬‬
‫وليس فيه عند الحنفيّة ذكر مسنون بين هذه‬
‫التّكبيرات ‪ ،‬ول بأس بأن يقول ‪ :‬سبحان اللّه والحمد‬

‫‪518‬‬
‫للّه ول إله إل ّ اللّه واللّه أكبر ‪ .‬وهو أولى من‬
‫ي‪.‬‬ ‫سكوت ‪ ،‬كما في القهستان ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل تكبيرتين بالمأثور‬ ‫شافعيّة ‪ :‬يذكر اللّه بين ك ّ‬ ‫وعند ال ّ‬
‫‪ ،‬وهو عند الكثرين منهم ‪ :‬سبحان اللّه ‪ ،‬والحمد للّه‬
‫‪ ،‬ول إله إل ّ اللّه ‪ ،‬واللّه أكبر ‪ .‬ويجوز عند الحنابلة أن‬
‫ل تكبيرتين من هذه التّكبيرات ‪ :‬اللّه‬ ‫يقول بين ك ّ‬
‫أكبر كبيرا ً ‪ ،‬والحمد للّه كثيرا ً ‪ ،‬وسبحان اللّه بكرةً‬
‫ي وآله وسلّم‬ ‫مد النّب ّ‬‫وأصيل ً ‪ ،‬وصلّى اللّه على مح ّ‬
‫تسليما ً كثيرا ً ‪ ،‬لقول عقبة بن عامر سألت ابن‬
‫ما يقوله بين تكبيرات العيد‬ ‫مسعود رضي الله عنه م ّ‬
‫فقال ‪ :‬يحمد اللّه ويثني عليه ويصلّي على النّب ّ‬
‫ي‬
‫ج به‬ ‫صلى الله عليه وسلم رواه الثرم وحرب واحت ّ‬
‫أحمد ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬‫التّسبيح للعلم بال ّ‬
‫صلة بين‬ ‫‪ - 19‬اختلف في تسبيح المؤذ ّنين للعلم بال ّ‬
‫ة على خلف سبق في‬ ‫ة ‪ ،‬أو مكروه ً‬ ‫ة حسن ً‬ ‫كونه بدع ً‬
‫مصطلح ‪ ( :‬أذان ) ‪.‬‬
‫صلة التّسبيح ‪:‬‬
‫حته‬‫‪ - 20‬ورد في صلة التّسبيح حديث اختلف في ص ّ‬
‫‪.‬‬
‫وللفقهاء خلف وتفصيل ينظر في مصطلح ( صلة‬
‫التّسبيح ) ‪.‬‬
‫أماكن ينهى عن التّسبيح فيها ‪:‬‬
‫ما كان التّسبيح نوعا ً من الذ ّكر ‪ ،‬وهو مكروه‬ ‫‪ - 21‬ل ّ‬
‫في الماكن التّالية ‪ ،‬كان التّسبيح مكروها ً كذلك فيها‬
‫ص ‪ ،‬وذلك تنزيهاً‬ ‫م نهي عن الخا ّ‬ ‫ن النّهي عن العا ّ‬ ‫‪،‬ل ّ‬
‫لسم اللّه عن الذ ّكر في هذه الماكن المستقذرة‬
‫طبعا ً ‪ .‬فيكره التّسبيح وغيره من الذ ّكر في الخلء‬
‫عند قضاء الحاجة ‪ ،‬وفي مواضع النّجاسات‬

‫‪519‬‬
‫والقاذورات ‪ ،‬والمواضع الدّنسة بنجاسة أو قذارة ‪،‬‬
‫مام والمغتسل ‪ ،‬وما أشبه‬ ‫وعند الجماع ‪ ،‬وفي الح ّ‬
‫ما بالقلب فقط فإنّه ل‬ ‫ذلك متى كان باللّسان ‪ .‬أ ّ‬
‫يكره ‪ .‬وما لم تكن هناك ضرورة له كإنقاذ أعمى‬
‫من الوقوع في بئر أو غيره ‪ ،‬أو تحذير معصوم من‬
‫هلكة كغافل أو ما أشبه ذلك ‪ .‬والولى التّحذير بغير‬
‫التّسبيح والذ ّكر في مثل هذه الحالت ‪ .‬كما يكره‬
‫الذ ّكر ‪ -‬ومنه التّسبيح ‪ -‬لمن يسمع صوت الخطيب‬
‫في الجمعة لما تقدّم‪.‬‬
‫جب بلفظ التّسبيح ‪:‬‬ ‫التّع ّ‬
‫صحيحين‬ ‫جب بلفظ التّسبيح ‪ .‬ففي ال ّ‬ ‫‪ - 22‬يجوز التّع ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫عن أبي هريرة رضي الله عنه « أ ّ‬
‫عليه وسلم لقي أبا هريرة ‪ ،‬وأبو هريرة جنب ‪،‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫ل ‪ ،‬فذهب فاغتسل ‪ ،‬فتفّقده النّب ّ‬ ‫فانس ّ‬
‫ما جاء قال ‪ :‬أين كنت يا أبا هريرة ؟‬ ‫عليه وسلم فل ّ‬
‫قال ‪ :‬يا رسول اللّه لقيتني وأنا جنب ‪ ،‬فكرهت أن‬
‫أجالسك حتّى أغتسل ‪ .‬فقال ‪ :‬سبحان اللّه ! ‪ ،‬إ ّ‬
‫ن‬
‫المؤمن ل ينجس » ‪ .‬وفي صحيح مسلم عن أنس‬
‫م حارثة جرحت‬ ‫ن أخت الّربيّع أ ّ‬ ‫رضي الله عنه « أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫إنسانا ً ‪ ،‬فاختصموا إلى النّب ّ‬
‫م الّربيّع ‪ :‬يا‬ ‫فقال ‪ :‬القصاص القصاص فقالت أ ّ‬
‫ص منها ‪.‬‬‫قت َ ُّ‬‫ص من فلنة ؟ واللّه ل ي ُ ْ‬ ‫رسول اللّه أتقت ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬القصاص كتاب‬ ‫فقال النّب ّ‬
‫م الّربيّع ! » ‪.‬‬ ‫اللّه ‪ .‬سبحان اللّه يا أ ّ‬
‫التّسبيح أمام الجنازة ‪:‬‬
‫شافعيّة‬ ‫‪ - 23‬يكره عند الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫والحنابلة لمشيّع الجنازة رفع صوته بالذ ّكر‬
‫والتّسبيح ‪ ،‬لنّه من البدع المنكرات ‪ ،‬ول كراهة في‬
‫ذلك لو كان في نفسه سّرا ً ‪ ،‬بحيث يسمع نفسه ‪،‬‬

‫‪520‬‬
‫ب له أن يشغل نفسه بذكر اللّه والتّفكير‬ ‫ويستح ّ‬
‫ن هذا عاقبة أهل الدّنيا ‪.‬‬ ‫فيما يلقاه الميّت ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ويتجنّب ذكر ما ل فائدة فيه من الكلم ‪ ،‬فعن قيس‬
‫بن عبادة رضي الله عنه أنّه قال ‪ « :‬كان أصحاب‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع‬
‫صوت عند الجنائز ‪ ،‬وعند القتال ‪ ،‬وعند الذ ّكر » ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ولنّه تشبّه بأهل الكتاب فكان مكروها ً ‪.‬‬
‫التّسبيح عند الّرعد ‪:‬‬
‫ب عند الحنفيّة‬ ‫‪ - 24‬التّسبيح عند الّرعد مستح ّ‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ ،‬فيقول سامعه عند‬ ‫والمالكيّة وال ّ‬
‫سماعه ‪ :‬سبحان من يسبّح الّرعد بحمده والملئكة‬
‫م ل تقتلنا بغضبك ‪ ،‬ول تهلكنا بعذابك‬ ‫من خيفته ‪ ،‬اللّه ّ‬
‫‪ ،‬وعافنا من قبل ذلك ‪ .‬فقد روى مالك في الموطّأ‬
‫عن عبد اللّه بن الّزبير رضي الله عنهما « أنّه كان‬
‫إذا سمع الّرعد ترك الحديث وقال ‪ :‬سبحان الّذي‬
‫يسبّح الّرعد بحمده والملئكة من خيفته » ‪ ،‬وعن‬
‫ابن عبّاس رضي الله عنهما قال ‪ « :‬كنّا مع عمر‬
‫رضي الله عنه في سفر ‪ ،‬فأصابنا رعد وبرق وبرد ‪،‬‬
‫فقال لنا كعب رضي الله عنه ‪ :‬من قال حين يسمع‬
‫الّرعد ‪ :‬سبحان من يسبّح الّرعد بحمده والملئكة‬
‫من خيفته ‪ -‬ثلثا ً ‪ -‬عوفي من ذلك الّرعد ‪ ،‬فقلنا‬
‫فعوفينا »‬
‫قطع التّسبيح ‪:‬‬
‫ن المسبِّح وغيره من‬ ‫‪ - 25‬الفقهاء متّفقون على أ ّ‬
‫الذ ّاكرين ‪ ،‬أو التّالين لكتاب اللّه ‪ ،‬إذا سمعوا المؤذ ّن‬
‫‪ -‬وهو يؤذ ّن أذانا ً مسنونا ً ‪ -‬يقطعون تسبيحهم ‪،‬‬
‫وذكرهم وتلوتهم ‪ ،‬ويجيبون المؤذ ّن ‪ .‬وهو مندوب‬
‫عند الجمهور ‪ .‬وهناك قول عند الحنفيّة بالوجوب ‪.‬‬
‫ثواب التّسبيح ‪:‬‬

‫‪521‬‬
‫‪ - 26‬ثواب التّسبيح عظيم ‪ ،‬لما روي عن أبي هريرة‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه‬ ‫رضي الله عنه ‪ :‬أ ّ‬
‫وسلم قال ‪ « :‬من قال سبحان اللّه وبحمده في‬
‫َّ‬
‫ت خطاياه ‪ ،‬ولو كانت مثل زبد‬ ‫حط ْ‬ ‫يوم مائة مّرة ُ‬
‫البحر » وفي الباب أحاديث كثيرة ‪.‬‬
‫=================‬
‫تسنيم *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ -1‬التسنيم في اللغة ‪ :‬رفع الشيء ‪ ،‬يقال سنم‬
‫الناء ‪ :‬إذا مله حتى صار الحب فوقه كالسنام ‪،‬‬
‫وكل شيء عل شيئا ً فقد تسنمه ‪ .‬وسنام البعير‬
‫والناقة ‪ :‬أعلى ظهرها ‪ ،‬والجمع أسنمة ‪ ،‬وفي‬
‫خت » ‪.‬‬ ‫َ‬
‫مة الب ُ ْ‬ ‫الحديث ‪ « :‬نساء على رؤوسهن كأ ْ‬
‫سن ِ َ‬
‫سنِيم } قالوا ‪ :‬هو ماء‬ ‫ن تَ ْ‬
‫م ْ‬
‫جه ِ‬
‫مَزا ُ‬ ‫وقوله تعالى { و ِ‬
‫في الجنة ‪ ،‬سمي بذلك لنه يجري فوق الغرف‬
‫والقصور ‪.‬‬
‫والتسنيم في اصطلح الفقهاء ‪ :‬رفع القبر عن‬
‫الرض مقدار شبر أو أكثر قليل ً ‪.‬‬
‫وفي النظم المستعذب ‪ :‬التنسيم أن يجعل أعلى‬
‫القبر مرتفعا ً ‪ ،‬ويجعل جانباه ممسوحين مسنَدين ‪،‬‬
‫مأخوذ من سنام البعير ‪ .‬ويقابله تسطيح القبر ‪ ،‬وهو‬
‫‪ :‬أن يجعل منبسطا ً متساوي‬
‫الجزاء ‪ ،‬ل ارتفاع فيه ول انخفاض كسطح البيت ‪.‬‬
‫الحكم الجمالي ‪:‬‬
‫‪ -2‬ل خلف بين الفقهاء في استحباب رفع التراب‬
‫فوق القبر قدر شبر ‪ ،‬ول بأس بزيادته عن ذلك قليلً‬
‫على ما عليه بعض فقهاء الحنفية ‪ ،‬ليعرف أنه قبر ‪،‬‬
‫فيتوقى ويترحم على صاحبه ‪ .‬فعن جابر رضي الله‬
‫عنه « أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن‬

‫‪522‬‬
‫الرض قدر شبر » وعن القاسم بن محمد قال‬
‫لعائشة رضي الله عنها ‪ « :‬اكشفي لي عن قبر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ‪ ،‬فكشفت عن‬
‫ثلثة قبور ‪ ،‬ل مشرفة ول لطئة ‪ ،‬مبطوحة‬
‫ببطحاء العرصة الحمراء »‬
‫واختلفوا هل يسنم القبر أو يسطح ؟ فذهب الحنفية‬
‫والمالكية والحنابلة إلى أنه ‪ :‬يندب تسنيمه كسنام‬
‫البعير ‪ ،‬لما روى البخاري عن سفيان التمار أنه «‬
‫رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما ً » وعن‬
‫الحسن مثله ‪.‬‬
‫وما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال ‪ « :‬أخبرني‬
‫من رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي‬
‫بكر وعمر رضي الله عنهما أنها مسنمة عليها فلق‬
‫مدر بيض »‬
‫وما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما « أن جبريل عليه السلم صلى بالملئكة على‬
‫آدم وجعل قبره مسنما ً »‬
‫وكرهوا تسطيح القبر ‪ ،‬لن التسطيح يشبه أبنية أهل‬
‫الدنيا ‪ ،‬وهو أشبه بشعار أهل البدع ‪،‬‬
‫فكان مكروها ً لذلك عندهم ‪ ،‬ولما روي أن « النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم نهى عن تربيع القبور » وذهب‬
‫الشافعية إلى أنه يندب تسطيحه ( أي تربيعه ) وأنه‬
‫أفضل من تسنيمه ‪ ،‬لما روي « أن إبراهيم ابن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي جعل الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم قبره مسطحا ً » ول يخالف‬
‫ذلك قول علي رضي الله عنه ‪ « :‬أمرني رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أن ل تدع تمثال ً إل طمسته ‪،‬‬
‫ول قبرا ً مشرفا ً إل سويته » لنه لم يرد تسويته‬

‫‪523‬‬
‫بالرض ‪ ،‬وإنما أراد تسطيحه جمعا ً بين الخبار ‪ .‬هذا‬
‫إذا دفن المسلم في دار السلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬أما إن دفن المسلم في غير دار السلم ‪ ،‬بأن‬
‫دفن في بلد الكفار أو دار حرب ‪ ،‬وتعذر نقله إلى‬
‫دار السلم ‪ ،‬فالولى تسوية قبره بالرض ‪ ،‬وإخفاؤه‬
‫أولى من إظهاره وتسنيمه خوفا ً من أن ينبش فيمثل‬
‫به ‪ ،‬وفي ذلك صيانة له عنهم ‪.‬‬
‫وألحق به الذرعي ‪ :‬المكنة التي يخاف نبشها‬
‫لسرقة كفنه أو لعداوة ونحوهما ‪.‬‬
‫وانظر باقي الحكام المتعلقة بالقبر في مصطلح‬
‫( قبر ) ‪.‬‬
‫=================‬
‫تسوية *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ة ‪ :‬العدل والنّصفة ‪ ،‬والجور أو الظّلم‬ ‫‪ - 1‬التّسوية لغ ً‬
‫ضد ّ العدل ‪ ،‬واستوى القوم في المال مثل ً ‪ :‬إذا لم‬
‫شيء ‪:‬‬ ‫يفضل أحد منهم غيره في المال ‪ .‬وسواء ال ّ‬
‫غيره ومثله ‪ -‬من الضداد ‪ -‬وتساوت المور ‪:‬‬
‫شيئان وتساويا ‪ :‬تماثل ‪.‬‬ ‫تماثلت ‪ ،‬واستوى ال ّ‬
‫ي عن المعنى اللّغويّ ‪.‬‬ ‫ول يخرج المعنى الصطلح ّ‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫القسم ‪:‬‬
‫شيء يقسمه قسما ً ‪َ :‬‬
‫جّزأه ‪،‬‬ ‫‪ - 2‬وهو مصدر قسم ال ّ‬
‫شيء ويقال ‪:‬‬ ‫والقسم ‪ :‬نصيب النسان من ال ّ‬
‫ل شريك‬ ‫شركاء ‪ ،‬وأعطيت ك ّ‬ ‫شيء بين ال ّ‬ ‫قسمت ال ّ‬
‫قسمه ‪.‬‬
‫ومنه التّقسيم والقسمة قد تكون بالتّساوي ‪ ،‬وقد‬
‫تكون بالتّفاضل ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬

‫‪524‬‬
‫يختلف حكم التّسوية باعتبار ما يتعلّق به على الوجه‬
‫التي ‪:‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫صفوف في ال ّ‬ ‫تسوية ال ّ‬
‫سنن المؤكّدة تسوية‬ ‫ن من ال ّ‬ ‫‪ - 3‬اتّفق العلماء على أ ّ‬
‫صفوف في صلة الجماعة ‪ ،‬بحيث ل يتقدّم بعض‬ ‫ال ّ‬
‫صفوف‬ ‫ص في ال ّ‬ ‫المصلّين على البعض الخر ‪ ،‬والتّرا ّ‬
‫‪ ،‬بحيث ل يكون فيها فرجة ‪ ،‬للحاديث الكثيرة الّتي‬
‫ث عليها ‪ :‬منها قوله صلى الله عليه‬ ‫وردت في الح ّ‬
‫ف من‬ ‫ص ّ‬ ‫ن تسوية ال ّ‬ ‫سووا صفوفكم ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسلم ‪« :‬‬
‫صفوف‬ ‫ن تسوية ال ّ‬ ‫صلة » وفي رواية « فإ ّ‬ ‫تَمام ال ّ‬
‫صلة » ‪ .‬وقوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫من إقامة ال ّ‬
‫صوا ‪ ،‬فإنّي أراكم من وراء‬ ‫« أقيموا صفوفكم وترا ّ‬
‫سوُّ َّ‬
‫ن‬ ‫ظهري » وقوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬لَت ُ َ‬
‫ن اللّه بين وجوهكم » ‪ .‬وبيان ما‬ ‫صفوفَكم أو ليخالَف َّ‬
‫صفوف ينظر في مصطلح (‬ ‫تتحّقق به التّسوية في ال ّ‬
‫صلة الجماعة ) ‪.‬‬
‫تسوية الظّهر في الّركوع ‪:‬‬
‫ن أكمل الّركوع هو أن‬ ‫‪ - 4‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫ينحني المصلّي ‪ ،‬بحيث يستوي ظهره وعنقه ‪ ،‬بأن‬
‫صحيفة الواحدة ‪ ،‬وينصب‬ ‫يمدّهما حتّى يصيرا كال ّ‬
‫ساقيه وفخذيه إلى الحقو ‪ ،‬ول يثني ركبتيه حتّى ل‬
‫ي‬
‫ن ذلك ثبت عن النّب ّ‬ ‫يفوت استواء الظّهر به ‪ .‬ل ّ‬
‫ساعدي‬
‫ّ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فعن أبي حميد ال ّ‬
‫رضي الله عنه قال ‪ « :‬رأيت رسول اللّه صلى الله‬
‫حذ ْوَ منكبيه ‪ ،‬وإذا ركع‬ ‫عليه وسلم إذا كبّر جعل يديه َ‬
‫م هصر ظهره » وفي رواية‬ ‫أمكن يديه من ركبتيه ‪ ،‬ث ّ‬
‫م حنى غير مقنّع رأسه ول مصوّبه » وعن عائشة‬ ‫«ث ّ‬
‫رضي الله عنها قالت ‪ « :‬كان رسول اللّه صلى الله‬
‫صلة بالتّكبير إلى أن قالت ‪:‬‬ ‫عليه وسلم يفتتح ال ّ‬

‫‪525‬‬
‫وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوّبه ‪ ،‬ولكن‬
‫ي‬‫بين ذلك » ‪ .‬وفي حديث المسيء صلته قال النّب ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم له ‪ « :‬فإذا ركعت فاجعل‬
‫راحتيك على ركبتيك ‪ ،‬وامدد ظهرك ‪ ،‬ومكّن ركوعك‬
‫»‪.‬‬
‫سنّة في الّركوع‬ ‫قال المام البغويّ رحمه الله ‪ :‬ال ّ‬
‫مة العلماء ‪ :‬أن يضع راحتيه على ركبتيه ‪،‬‬ ‫عند عا ّ‬
‫ويفّرج بين أصابعه ‪ ،‬ويجافي مرفقيه عن جنبيه ‪،‬‬
‫ويسوّي ظهره وعنقه ورأسه ‪.‬‬
‫التّسوية في إعطاء الّزكاة بين الصناف الثّمانية ‪:‬‬
‫‪ - 5‬اختلف العلماء في وجوب التّسوية في الّزكاة‬
‫بين الصناف الثّمانية ‪ ،‬فذهب الحنفيّة والمالكيّة‬
‫والحنابلة إلى جواز القتصار على صنف واحد من‬
‫الصناف الثّمانية ‪ ،‬وإلى جواز أن يعطيها شخصاً‬
‫صنف الواحد ‪ ،‬فل يجب على المام ‪ -‬إن‬ ‫واحدا ً من ال ّ‬
‫كان هو الّذي يوّزع ‪ -‬ول على المالك أن يستوعب‬
‫ل صنف ‪.‬‬ ‫جميع الصناف ‪ ،‬ول آحاد ك ّ‬
‫واستدلّوا لذلك بأدلّة منها ‪ « :‬قوله صلى الله عليه‬
‫ن عليهم‬
‫وسلم لمعاذ رضي الله عنه ‪ :‬أعلمهم أ ّ‬
‫ة تؤخذ من أغنيائهم فترد ّ على فقرائهم » ففيه‬ ‫صدق ً‬
‫المر برد ّ جملتها في الفقراء ‪ ،‬وهم صنف واحد ‪،‬‬
‫ولم يذكر سواهم ‪.‬‬
‫م أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان غير‬ ‫ث ّ‬
‫الفقراء ‪ ،‬وهم المؤلّفة قلوبهم ‪ :‬القرع بن حابس ‪،‬‬
‫وعيينة بن حصن ‪ ،‬وعلقمة بن علقة ‪ ،‬وزيد الخير ‪.‬‬
‫ي بن‬ ‫حيث قسم فيهم الذ ّهيبة الّتي بعث بها إليه عل ّ‬
‫أبي طالب رضي الله عنه من اليمن ‪.‬‬
‫صدقة‬ ‫قال ابن قدامة ‪ :‬وإنّما يؤخذ من أهل اليمن ال ّ‬
‫ي رضي الله‬ ‫‪ .‬وفي حديث سلمة بن صخر البياض ّ‬

‫‪526‬‬
‫عنه « أنّه صلى الله عليه وسلم أمر له بصدقة‬
‫قومه بقوله عليه الصلة والسلم ‪ :‬فانطلق إلى‬
‫صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك » ‪.‬‬
‫لكنّهم مع ذلك يرون أنّه من الفضل في القسمة أن‬
‫ة ‪ ،‬فالّذي يليه ‪.‬‬
‫يقدّم الكثر حاج ً‬
‫فعن عمر رضي الله عنه أنّه كان إذا جمع صدقات‬
‫المواشي من البقر والغنم ‪ ،‬نظر منها ما كان منيحة‬
‫اللّبن ‪ ،‬فيعطيها لهل بيت واحد على قدر ما يكفيهم‬
‫م يقول ‪:‬‬ ‫‪ ،‬وكان يعطي العشرة للبيت الواحد ث ّ‬
‫عطيّة تكفي خير من عطيّة ل تكفي ‪.‬‬
‫ي رحمه الله إلى أنّه إن كان‬ ‫وذهب المام النّخع ّ‬
‫المال كثيرا ً يحتمل الصناف قسمه عليهم ‪ ،‬وإن كان‬
‫قليل ً جاز وضعه في صنف واحد ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وهو قول عكرمة إلى وجوب‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫استيعاب الصناف الثّمانية إن كان المام أو نائبه هو‬
‫الّذي يقسم ‪ ،‬فإن فقد بعض الصناف فعلى‬
‫الموجودين ‪ .‬وكذا يجب على المالك إن تولّى بنفسه‬
‫سبعة غير العامل‬ ‫القسمة أن يستوعب الصناف ال ّ‬
‫إن انحصر المستحّقون في البلد ‪ ،‬بأن سهل عادةً‬
‫ضبطهم ومعرفة عددهم ‪ .‬وإن لم ينحصروا فيجب‬
‫ن اللّه تعالى‬‫ل صنف ‪ ،‬ل ّ‬ ‫إعطاء ثلثة فأكثر من ك ّ‬
‫أضاف إليهم الّزكوات بلفظ الجمع ‪ ،‬وأقلّه ثلثة ‪.‬‬
‫سم‬‫‪ -6‬وتجب التّسوية بين الصناف الثّمانية سواء ق ّ‬
‫ن‬
‫المام أو المالك ‪ ،‬وإن كانت حاجة بعضهم أشد ّ ‪،‬ل ّ‬
‫اللّه سبحانه وتعالى جمع بينهم بواو التّشريك ‪،‬‬
‫فاقتضى أن يكونوا سواءً ‪ « .‬ولقوله صلى الله عليه‬
‫ن اللّه لم يرض بحكم‬ ‫وسلم لرجل سأله من الّزكاة إ ّ‬
‫صدقات ‪،‬حتّى حكم هو فيها ‪،‬‬ ‫ي ول غيره في ال ّ‬ ‫نب ّ‬

‫‪527‬‬
‫فجّزأها ثمانية أجزاء ‪،‬فإن كنت من تلك الجزاء‬
‫أعطيتك »‬
‫صنف‬ ‫‪ -7‬كما يجب على المام أن يسوّي بين آحاد ال ّ‬
‫ن عليه‬ ‫ة‪،‬ل ّ‬ ‫الواحد ‪ ،‬إذا كانت حاجاتهم متساوي ً‬
‫التّعميم فتلزمه التّسوية ‪ ،‬ولنّه نائبهم فيحرم عليه‬
‫التّفضيل ‪.‬‬
‫ما إذا اختلفت حاجاتهم فعليه أن يراعيها ‪.‬‬ ‫أ ّ‬
‫صنف‬ ‫ول يجب على المالك التّسوية بين آحاد ال ّ‬
‫الواحد لعدم انضباط الحاجات الّتي من شأنها‬
‫ن له التّسوية إن تساوت حاجاتهم‬ ‫التّفاوت ‪ ،‬لكن يس ّ‬
‫ب التّفاوت بقدرها ‪.‬‬ ‫‪ ،‬فإن تفاوتت استح ّ‬
‫التّسوية بين الّزوجات في القسم ‪:‬‬
‫ن القسم بين الّزوجات‬ ‫‪ - 8‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫واجب على الّرجل وإن كان مريضا ً أو مجبوبا ً أو‬
‫ن من مقاصد القسم النس ‪ ،‬وهو حاصل‬ ‫عنّينا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬
‫من ل يطأ ‪ .‬فقد روت عائشة رضي الله عنها « أ ّ‬ ‫م ّ‬
‫ما كان في‬ ‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ل ّ‬
‫مرضه جعل يدور على نسائه ‪ ،‬ويقول ‪ :‬أين أنا‬
‫غدا ً ؟ أين أنا غدا ً ؟ » ‪.‬‬
‫ويقسم للمريضة ‪ ،‬والحائض ‪ ،‬والنّفساء ‪ ،‬والّرتقاء ‪،‬‬
‫والقرناء ‪ ،‬والمحرمة ‪ ،‬ومن آلى منها أو ظاهر ‪،‬‬
‫شابّة ‪ ،‬والعجوز ‪ ،‬والقديمة ‪ ،‬والحديثة ‪ .‬لقوله‬ ‫وال ّ‬
‫ن ل تَعْدِلُوا فَوَا ِ‬ ‫فت َ‬
‫حدَةً } الية ‪.‬‬ ‫مأ ْ‬ ‫خ ْ ُ ْ‬‫ن ِ‬‫تعالى ‪ { :‬فَإ ِ ْ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم كان يعدل‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫وروي « أ ّ‬
‫سمي‬ ‫م هذا قَ ْ‬ ‫بين نسائه في القسم ويقول ‪ :‬اللّه ّ‬
‫ت ول أَملك »‬ ‫فيما أملك ‪ ،‬فل تؤاخذني فيما تملك أن َ‬
‫‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬من كان له‬

‫‪528‬‬
‫امرأتان ‪ ،‬فمال إلى إحداهما دون الخرى ‪ ،‬جاء يوم‬
‫قه مائل » ‪.‬‬ ‫القيامة وش ّ‬
‫ويسوّي في القسم بين المسلمة والكتابيّة لما ذكرنا‬
‫من الدّلئل من غير فضل ‪ ،‬ولنّهما يستويان في‬
‫سبب وجوب القسم وهو النّكاح ‪ ،‬فيستويان في‬
‫القسم ‪.‬‬
‫سفر ‪،‬‬ ‫وتفصيل القسم بين الّزوجات في الحضر وال ّ‬
‫ص به العروس عند‬ ‫وفي بدء القسم ‪ ،‬وما يخت ّ‬
‫الدّخول وغير ذلك ‪ ،‬يرجع فيه إلى مصطلح ( القسم‬
‫بين الّزوجات ) ‪.‬‬
‫التّسوية بين المتخاصمين في التّقاضي ‪:‬‬
‫ن على القاضي العدل بين‬ ‫‪ - 9‬اتّفق الفقهاء أ ّ‬
‫ل شيء من المجلس ‪ ،‬والخطاب ‪،‬‬ ‫الخصمين في ك ّ‬
‫واللّحظ ‪ ،‬واللّفظ ‪ ،‬والشارة ‪ ،‬والقبال ‪ ،‬والدّخول‬
‫عليه ‪ ،‬والنصات إليهما ‪ ،‬والستماع منهما ‪ ،‬والقيام‬
‫لهما ‪ ،‬ورد ّ التّحيّة عليهما ‪ ،‬وطلقة الوجه لهما ‪،‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫للحاديث الكثيرة الّتي ثبتت عن النّب ّ‬
‫عليه وسلم في ذلك منها ‪:‬‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من ابتلي بالقضاء‬
‫بين المسلمين ‪ ،‬فليعدل بينهم في لفظه وإشارته‬
‫ومقعده ‪ ،‬ول يرفع صوته على أحد الخصمين ما ل‬
‫سوِّ بينهم في‬ ‫يرفعه على الخر » وفي رواية ‪ « :‬فَلْي ُ َ‬
‫النّظر والمجلس والشارة » ‪.‬‬
‫الشعري‬
‫ّ‬ ‫وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى‬
‫س بين النّاس في وجهك‬ ‫رضي الله عنه" أن آ ِ‬
‫وعدلك ومجلسك ‪ ،‬حتّى ل يطمع شريف في‬
‫حيفك ‪ ،‬ول ييأس ضعيف من عدلك "‪.‬‬
‫ن مخالفة ذلك يوهم الخصم الخر ميل القاضي‬ ‫ول ّ‬
‫جته ‪ ،‬ول‬‫إلى خصمه ‪ ،‬فيضعفه ذلك عن القيام بح ّ‬

‫‪529‬‬
‫جته ‪ ،‬ول‬ ‫قنه ح ّ‬
‫يساّر أحدهما دون الخر ‪ ،‬ول يل ّ‬
‫ن في ذلك كلّه مخالف ً‬
‫ة‬ ‫يضحك في وجهه ‪ ،‬ل ّ‬
‫للمساواة المطلوبة ‪.‬‬
‫شريف والوضيع والب والبن ‪،‬‬ ‫ويشمل هذا ال ّ‬
‫صغير والكبير والّرجل والمرأة ‪ .‬كما اتّفقوا على‬ ‫وال ّ‬
‫تقديم الوّل فالوّل ‪ ،‬إذا حضر القاضي خصوم‬
‫سابق ‪ ،‬فإن جهل السبق‬ ‫ن الحقّ لل ّ‬ ‫وازدحموا ‪ ،‬ل ّ‬
‫منهم ‪ ،‬أو جاءوا معا ً أقرع بينهم ‪ ،‬وقدّم من خرجت‬
‫جح إل ّ بها ‪ .‬فإن حضر مسافرون‬ ‫قرعته ‪ ،‬إذ ل مر ّ‬
‫ومقيمون ‪ :‬فإن كان المسافرون قليل ً ‪ ،‬بحيث ل‬
‫يضّر تقديمهم على المقيمين قدّمهم ‪ ،‬لنّهم على‬
‫سفر ‪ ،‬ولئل ّ يتضّرروا بالتّخلّف ‪.‬‬ ‫جناح ال ّ‬
‫ن ما‬‫وكذلك النّسوة يقدّمن على الّرجال طلبا ً لستره ّ‬
‫ن أيضا ً ‪.‬‬ ‫لم يكثر عدده ّ‬
‫‪ - 10‬ولكنّهم اختلفوا في حكم تسوية المسلم مع‬
‫خصمه الكافر ‪.‬‬
‫فذهب الحنفيّة والمالكيّة ‪ ،‬وهو قول مرجوح عند‬
‫شافعيّة ‪ :‬إلى وجوب المساواة بينهما في ك ّ‬
‫ل‬ ‫ال ّ‬
‫ن تفضيل المسلم على‬ ‫المور المذكورة آنفا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫الكافر ورفعه عليه في مجلس القضاء كسر لقلبه ‪،‬‬
‫وترك للعدل الواجب التّطبيق بين النّاس جميعا ً ‪.‬‬
‫شافعيّة في الّراجح عندهم ‪ ،‬والحنابلة ‪ :‬إلى‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫جواز رفع المسلم على خصمه الكافر ‪ ،‬لما روي عن‬
‫سوق ‪،‬‬ ‫ي رضي الله عنه من أنّه« خرج إلى ال ّ‬ ‫عل ّ‬
‫فوجد درعه مع يهوديّ ‪ ،‬فعرفها فقال ‪ :‬درعي‬
‫سقطت وقت كذا فقال اليهوديّ ‪ :‬درعي وفي يدي‬
‫بيني وبينك قاضي المسلمين ‪ .‬فارتفعا إلى شريح‬
‫ما رآه شريح قام من مجلسه ‪،‬‬ ‫رضي الله عنه ‪ ،‬فل ّ‬
‫وأجلسه في موضعه ‪ ،‬وجلس مع اليهوديّ بين يديه ‪،‬‬

‫‪530‬‬
‫ن خصمي لو كان مسلما ً لجلست معه‬ ‫ي‪:‬إ ّ‬ ‫فقال عل ّ‬
‫بين يديك ‪ ،‬ولكنّي سمعت رسول اللّه صلى الله‬
‫عليه وسلم يقول ‪ « :‬ل تساووهم في المجالس »‬
‫ي وبينه يا شريح ‪ .‬والحديث ‪ « :‬السلم‬ ‫اقض بين ّ‬
‫يعلو ول يعلى » ‪.‬‬
‫التّسوية بين الولد في العطيّة ‪:‬‬
‫‪ - 11‬اختلف العلماء في وجوب التّسوية بين الولد‬
‫في العطيّة ‪.‬‬
‫ن التّسوية‬ ‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫فذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫ن‬
‫ة‪.‬ل ّ‬ ‫بينهم في العطايا مستحبّة ‪ ،‬وليست واجب ً‬
‫ضل عائشة رضي الله عنها‬ ‫صدّيق رضي الله عنه ف ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضل عمر رضي‬ ‫على غيرها من أولده في هبة ‪ ،‬وف ّ‬
‫الله عنه ابنه عاصما ً بشيء من العطيّة على غيره‬
‫من أولده ‪.‬‬
‫ن في قوله صلى الله عليه وسلم في بعض‬ ‫ول ّ‬
‫روايات حديث النّعمان بن بشير رضي الله عنهما ‪:‬‬
‫ل على الجواز ‪.‬‬ ‫« فأشهد على هذا غيري » ما يد ّ‬
‫وذهب الحنابلة ‪ ،‬وأبو يوسف من الحنفيّة ‪ ،‬وهو قول‬
‫ابن المبارك ‪ ،‬وطاووس ‪ ،‬وهو رواية عن المام‬
‫مالك رحمه الله ‪ :‬إلى وجوب التّسوية بين الولد‬
‫في الهبة ‪.‬‬
‫ص بعضهم بعطيّة ‪ ،‬أو فاضل بينهم فيها أثم ‪،‬‬ ‫فإن خ ّ‬
‫ضل‬‫ما رد ّ ما ف ّ‬ ‫ووجبت عليه التّسوية بأحد أمرين ‪ :‬إ ّ‬
‫ما إتمام نصيب الخر ‪ ،‬لخبر‬ ‫به البعض ‪ ،‬وإ ّ‬
‫صحيحين عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما‬ ‫ال ّ‬
‫مي عمرة بنت‬ ‫ة ‪ .‬فقالت أ ّ‬ ‫قال ‪ « :‬وهبني أبي هب ً‬
‫رواحة رضي الله عنها ‪ :‬ل أرضى حتّى تشهد رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم فأتى رسول اللّه صلى‬
‫م هذا‬ ‫نأ ّ‬ ‫الله عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ :‬إ ّ‬

‫‪531‬‬
‫أعجبها أن أشهدك على الّذي وهبت لبنها ‪ ،‬فقال‬
‫صلى الله عليه وسلم يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬كلّهم وهبت له مثل هذا ؟ قال ‪:‬‬
‫ل ‪ .‬قال ‪ :‬فأرجعه » ‪ .‬وفي رواية قال ‪ « :‬اتّقوا‬
‫اللّه ‪ ،‬واعدلوا بين أولدكم » وفي رواية أخرى « ل‬
‫ن لبنيك من الحقّ أن تعدل‬ ‫تشهدني على جور ‪ .‬إ ّ‬
‫بينهم » وفي رواية ‪ « :‬فأشهد على هذا غيري » ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أنّه قال ‪« :‬‬ ‫وروي عن النّب ّ‬
‫سووا بين أولدكم في العطيّة ‪ ،‬ولو كنت مؤثرا ً أحداً‬ ‫ّ‬
‫لثرت النّساء على الّرجال » ‪.‬‬
‫‪ - 12‬واختلفوا كذلك في معنى التّسوية بين الذ ّكر‬
‫والنثى من الولد ‪.‬‬
‫ن معنى التّسوية بين‬ ‫فذهب جمهور الفقهاء إلى أ ّ‬
‫الذ ّكر والنثى من الولد ‪ :‬العدل بينهم في العطيّة‬
‫ن الحاديث الواردة في ذلك لم‬ ‫بدون تفضيل ‪ ،‬ل ّ‬
‫تفّرق بين الذ ّكر والنثى ‪.‬‬
‫مد بن الحسن من‬ ‫وذهب الحنابلة ‪ ،‬والمام مح ّ‬
‫ن‬‫شافعيّة إلى أ ّ‬ ‫الحنفيّة ‪ ،‬وهو قول مرجوح عند ال ّ‬
‫المشروع في عطيّة الولد القسمة بينهم على قدر‬
‫ن اللّه‬
‫ظ النثيين ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ميراثهم ‪ :‬أي للذ ّكر مثل ح ّ‬
‫سبحانه وتعالى قسم لهم في الرث هكذا ‪ ،‬وهو خير‬
‫الحاكمين ‪ ،‬وهو العدل المطلوب بين الولد في‬
‫الهبات والعطايا ‪.‬‬
‫ضلها عليه ‪ ،‬أو‬ ‫سوى بين الذ ّكر والنثى ‪ ،‬أو ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإن‬
‫ضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض ‪ ،‬أو‬ ‫ف ّ‬
‫ص بعضهم بالوقف دون بعض ‪ ،‬فقال أحمد في‬ ‫خ ّ‬
‫مد بن الحكم ‪ :‬إن كان على طريق الثرة‬ ‫رواية مح ّ‬
‫ن بعضهم له عيال وبه‬ ‫فأكرهه ‪ ،‬وإن كان على أ ّ‬
‫حاجة يعني فل بأس به ‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫ص المشتغلين‬ ‫وعلى قياس قول المام أحمد ‪ :‬لو خ ّ‬
‫بالعلم من أولده بوقفه تحريضا ً لهم على طلب‬
‫ساق ‪ ،‬أو المريض ‪ ،‬أو‬ ‫العلم ‪ ،‬أو ذا الدّين دون الف ّ‬
‫من له فضل من أجل فضيلته فل بأس ‪.‬‬
‫شفعة بين المستحّقين ‪:‬‬ ‫التّسوية في ال ّ‬
‫شفعة بين‬ ‫‪ - 13‬اختلف الفقهاء في التّسوية في ال ّ‬
‫المستحّقين لها ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة ‪ :‬إلى أنّهم‬ ‫فذهب المالكيّة وال ّ‬
‫شفعة على قدر حصصهم من الملك ‪،‬‬ ‫يأخذون بال ّ‬
‫لنّه حقّ مستحقّ بالملك على قدره ‪ ،‬فلو كانت‬
‫شركاء مثل ً ‪ :‬لواحد نصفها ‪،‬‬ ‫أرض بين ثلثة من ال ّ‬
‫ولخر ثلثها ‪ ،‬ولثالث سدسها ‪ ،‬فباع الوّل ‪ -‬وهو‬
‫صته أخذ الثّاني سهمين ‪ ،‬والثّالث‬ ‫صاحب النّصف ‪ -‬ح ّ‬
‫سهما ً واحدا ً ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪،‬‬‫وذهب الحنفيّة ‪ ،‬وهو قول مرجوح عند ال ّ‬
‫خرين ‪ :‬إلى‬ ‫وبعض الحنابلة ‪ ،‬واختاره جمع من المتأ ّ‬
‫شقص على قدر رءوسهم ‪،‬‬ ‫شركاء يقتسمون ال ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫سابق بين‬ ‫وعلى هذا يقسم النّصف في المثال ال ّ‬
‫شفعة هو أصل‬ ‫ن سبب ال ّ‬ ‫شريكين سواءً بسواء ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شركة ‪ ،‬وهم مستوون فيها ‪ ،‬فيجب التّسوية بينهم‬ ‫ال ّ‬
‫في اقتسام المشفوع فيه ‪.‬‬
‫مة ‪:‬‬ ‫التّسوية بين النّاس في المرافق العا ّ‬
‫مة ‪ -‬من‬ ‫ن المرافق العا ّ‬ ‫‪ - 14‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫شوارع والطّرق ‪ ،‬وأفنية الملك ‪ ،‬والّرحاب بين‬ ‫ال ّ‬
‫العمران ‪ ،‬وحريم المصار ‪ ،‬ومنازل السفار ‪،‬‬
‫ومقاعد السواق ‪ ،‬والجوامع والمساجد ‪ ،‬والنهار‬
‫الّتي أجراها اللّه سبحانه وتعالى ‪ ،‬والعيون الّتي أنبع‬
‫اللّه ماءها ‪ ،‬والمعادن الظّاهرة وهي الّتي خرجت‬
‫بدون عمل النّاس كالملح والماء والكبريت والكحل‬

‫‪533‬‬
‫ن هذه الشياء من‬ ‫وغيرها والكل ‪ -‬اتّفقوا على أ ّ‬
‫المنافع المشتركة بين النّاس ‪ ،‬فهم فيها سواسية ‪،‬‬
‫فيجوز النتفاع بها للمرور والستراحة والجلوس‬
‫سقاية ‪،‬‬‫شرب وال ّ‬ ‫والمعاملة والقراءة والدّراسة وال ّ‬
‫وغير ذلك من وجوه النتفاع ‪.‬‬
‫ولكن ل يجوز اقتطاعها لحد من النّاس ‪ ،‬ول‬
‫ن فيه ضرراً‬ ‫احتجازها دون المسلمين ‪ ،‬ل ّ‬
‫ق فيها‬ ‫بالمسلمين وتضييقا ً عليهم ‪ .‬ويكون الح ّ‬
‫سابق حتّى يرتحل عنها ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه‬ ‫لل ّ‬
‫منَاخ من سبق إليها » ‪ .‬ويشترط‬ ‫منًى ُ‬
‫وسلم ‪ِ « :‬‬
‫بأي‬
‫ّ‬ ‫عدم الضرار ‪ ،‬فإذا تضّرر به النّاس لم يجز ذلك‬
‫حال ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم « ل ضرر ول‬
‫ضرار » ‪.‬‬
‫تسوية القبر ‪:‬‬
‫شافعيّة والحنابلة‬ ‫‪ - 15‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة وال ّ‬
‫إلى استحباب رفع القبر مقدار شبر من الرض ‪ ،‬أو‬
‫أكثر منه بقليل إن لم يخش نبشه من كافر أو‬
‫حم على‬ ‫نحوه ‪ ،‬وذلك ليعلم أنّه قبر فيزار ‪ ،‬ويتر ّ‬
‫صاحبه ‪ ،‬ويحترم ‪.‬‬
‫ن قبر الّرسول صلى الله‬ ‫ح من أ ّ‬ ‫واستدلّوا بما ص ّ‬
‫عليه وسلم رفع نحو شبر فعن جابر رضي الله عنه‬
‫ي صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن‬ ‫ن النّب ّ‬
‫«أ ّ‬
‫الرض قدر شبر » ‪.‬‬
‫مد بن أبي بكر رضي الله عنهم‬ ‫وعن القاسم بن مح ّ‬
‫مه‬‫قال ‪ « :‬قلت لعائشة رضي الله عنها ‪ :‬يا أ ّ‬
‫اكشفي لي عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم وصاحبيه ‪ ،‬فكشفت لي عن ثلثة قبور ‪ ،‬ل‬
‫ة ببطحاء العرصة الحمراء‬ ‫ة مبطوح ً‬ ‫ة ول لطئ ً‬ ‫مشرف ً‬
‫»‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫ي رحمه الله أنّه قال ‪ :‬أخبرني‬ ‫وعن إبراهيم النّخع ّ‬
‫من رأى قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقبر‬
‫أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنّها مسنّمة ‪.‬‬
‫ن عبد اللّه بن عبّاس رضي الله عنهما‬ ‫وروي أيضا ً أ ّ‬
‫مد بن الحنفيّة‬ ‫ما مات بالطّائف ‪ ،‬صلّى عليه مح ّ‬ ‫ل ّ‬
‫رحمه الله ‪ ،‬وكبّر عليه أربعا ً ‪ ،‬وجعل له لحدا ً ‪،‬‬
‫وأدخله القبر من قبل القبلة ‪ ،‬وجعل قبره مسنّما ً ‪،‬‬
‫وضرب عليه فسطاطا ً ‪.‬‬
‫ن تسطيح القبر‬ ‫شافعيّة أ ّ‬ ‫صحيح عند ال ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ولك ّ‬
‫ح عن‬ ‫وتسويته بالرض أولى من تسنيمه ‪ ،‬لما ص ّ‬
‫مته عائشة رضي الله‬ ‫نع ّ‬ ‫مد من « أ ّ‬ ‫القاسم بن مح ّ‬
‫عنها كشفت له عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم وقبر صاحبيه فإذا هي مسطّحة مبطوحة‬
‫ببطحاء العرصة الحمراء » ‪.‬‬
‫شبر‬ ‫‪ - 16‬ويكره عند الجمهور ما زاد عن مقدار ال ّ‬
‫زيادة ً كبيرةً ‪ ،‬إن لم يكن لحاجة كخوف نبش قبر‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫المؤمن من نحو كافر ‪ ،‬لقول النّب ّ‬
‫ي رضي الله عنه « ل تدع تمثال ً إلّ‬ ‫وسلم لعل ّ‬
‫سويته » ‪ .‬والمشرف‬ ‫ّ‬ ‫طمسته ‪ ،‬ول قبرا ً مشرفا ً إل ّ‬
‫ما رفع كثيرا ً بدليل « قول القاسم في صفة قبر‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ‪ :‬ل مشرفة‬ ‫النّب ّ‬
‫ول لطئة » ‪.‬‬
‫================‬
‫تسويد *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ -1‬التّسويد مصدر سوّد ‪ ،‬يقال ‪ :‬سوّد تسويدا ً ‪.‬‬
‫سواد ‪ -‬وهو ضدّ‬ ‫والتّسويد يأتي بمعنى التّلوين بال ّ‬
‫شيء أي ‪ :‬جعله أسود ‪.‬‬ ‫البياض ‪ -‬يقال ‪ :‬سوّد ال ّ‬

‫‪535‬‬
‫سيادة ‪ ،‬فيكون بمعنى ‪:‬‬ ‫ويأتي التّسويد من ال ّ‬
‫التّشريف ‪ ،‬يقال ‪ :‬سوّده قومه تسويدا ً أي ‪ :‬جعلوه‬
‫سيّدا ً عليهم ‪ .‬وفي المصباح ‪ :‬ساد يسود سيادةً ‪،‬‬
‫شرف ‪ ،‬فهو سيّد‬ ‫سؤدد ‪ ،‬وهو ‪ :‬المجد وال ّ‬ ‫والسم ال ّ‬
‫والنثى سيّدة ‪.‬‬
‫سواد أي الجماعة ‪ ،‬وينسب إلى‬ ‫سيّد ‪ :‬المتولّي لل ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ما كان من شرط‬ ‫ذلك فيقال ‪ :‬سيّد القوم ‪ .‬ول ّ‬
‫المتولّي للجماعة أن يكون مهذ ّب النّفس ‪ ،‬قيل لك ّ‬
‫ل‬
‫من كان فاضل ً في نفسه ‪ :‬سيّد ‪ .‬ويطلق ال ّ‬
‫سيّد‬
‫ب ‪ ،‬والمالك ‪ ،‬والحليم ‪ ،‬ومحتمل أذى قومه‬ ‫على الّر ّ‬
‫‪ ،‬والّزوج ‪ ،‬والّرئيس ‪ ،‬والمقدّم ‪ .‬ويأتي التّسويد ‪-‬‬
‫أيضا ً ‪ -‬لنوع من المداواة ‪ ،‬قال في اللّسان نقل ً عن‬
‫أبي عبيد ‪ :‬ويقال ‪ :‬سوّد الِبل تسويدا ً ‪ :‬إذا دقّ‬
‫مسح البالي من شعر فداوى به أدبارها ‪.‬‬ ‫ال ِ‬
‫والتّسويد في الصطلح يريد به الفقهاء المعنيين‬
‫الولين غالبا ً ‪.‬‬‫ّ‬
‫صلة ‪:‬‬‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّبييض ‪:‬‬
‫شيء أي‬ ‫‪ - 2‬التّبييض ‪ :‬مصدر بيّض ‪ ،‬يقال ‪ :‬بيّض ال ّ‬
‫جعله أبيض ‪ ،‬ضد ّ سوّده ‪.‬‬
‫سواد ‪ ،‬والبيّاض ‪ :‬الّرجل الّذي يبيّض‬ ‫والبياض ضد ّ ال ّ‬
‫الثّياب ‪ .‬والمبيِّضة ‪ :‬أصحاب البياض ‪ ،‬وهم فرقة من‬
‫موا كذلك لتبييضهم الثّياب ‪ ،‬مخالف ً‬
‫ة‬ ‫الثّنويّة س ّ‬
‫للمسوّدة من العبّاسيّين ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التّعظيم ‪:‬‬
‫‪ - 3‬التّعظيم ‪ :‬مصدر عظّم ‪ ،‬يقال ‪ :‬عظّمه تعظيماً‬
‫خمه ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬كبّره وف ّ‬
‫والتّعظيم يكون باعتبار الوصف والكيفيّة ‪ ،‬ويقابله‬
‫التّحقير فيهما بحسب المنزلة والّرتبة ‪.‬‬

‫‪536‬‬
‫ج ‪ -‬التّفضيل ‪:‬‬
‫ضلته على‬ ‫ضل ‪ ،‬يقال ‪ :‬ف ّ‬ ‫‪ - 4‬التّفضيل ‪ :‬مصدر ف ّ‬
‫ضله أي‬ ‫غيره تفضيل ً أي ‪ :‬صيّرته أفضل منه ‪ ،‬وف ّ‬
‫سيادة ‪-‬‬‫مّزاه ‪ .‬والتّفضيل دون التّسويد ‪ -‬بمعنى ال ّ‬
‫لكنّه سبب له وطريق إليه ‪.‬‬
‫د ‪ -‬التّكريم ‪:‬‬
‫‪ - 5‬التّكريم ‪ :‬أن يوصل إلى النسان نفع ل يلحقه‬
‫فيه غضاضة ‪ ،‬أو أن يجعل ما يوصل إلى النسان‬
‫شيئا ً كريما ً أي شريفا ً ‪ .‬وهو مصدر كّرم ‪ ،‬يقال ‪:‬‬
‫كّرمه تكريما ً أي عظّمه ونّزهه ‪ .‬والكرام والتّكريم‬
‫بمعنًى ‪ ،‬والكرم ضد ّ اللّؤم ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬ ‫الحكم التّكليف ّ‬
‫‪ - 6‬يختلف حكم التّسويد باختلف معناه ومبحثه‬
‫ي‪.‬‬‫الفقه ّ‬
‫سيادة ‪ ،‬ويبحث حكمه في‬ ‫فالتّسويد يأتي بمعنى ‪ :‬ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫مواطن منها ‪ :‬تسويد النّب ّ‬
‫صلة وفي غيرها ‪ ،‬وتسويد غيره صلى الله‬ ‫في ال ّ‬
‫عليه وسلم وتسويد المنافق ‪ .‬ويأتي التّسويد بمعنى‬
‫سواد ‪ ،‬ويبحث حكمه في مواطن منها ‪:‬‬ ‫‪ :‬التّلوين بال ّ‬
‫التّعزير ‪ ،‬والخضاب ‪ ،‬والحداد ‪ ،‬والتّعزية ‪ ،‬واللّباس‬
‫والعمامة ‪ ،‬وشعر المبيع ‪.‬‬
‫أوّلً‬
‫سيادة‬ ‫التّسويد من ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫تسويد النّب ّ‬
‫ي صلى الله‬ ‫اختلف الفقهاء في حكم تسويد النّب ّ‬
‫صلة ‪ ،‬وحكم تسويده صلى الله‬ ‫عليه وسلم في ال ّ‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫عليه وسلم في غير ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬في ال ّ‬

‫‪537‬‬
‫صلوات البراهيميّة في كتب الحديث‬ ‫‪ - 7‬ورد لفظ ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم من‬ ‫والفقه مأثورا ً عن النّب ّ‬
‫غير ذكر " سيّدنا " قبل اسمه عليه الصلة والسلم‬
‫‪.‬‬
‫ما إضافة لفظ " سيّدنا " فرأى من لم يقل‬ ‫وأ ّ‬
‫بزيادتها اللتزام بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم‬
‫ن فيه امتثال ً لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم‬ ‫ل ّ‬
‫من غير زيادة في الذكار واللفاظ المأثورة عنه ‪،‬‬
‫صلة البراهيميّة ‪.‬‬ ‫كالذان والقامة والتّشهّد وال ّ‬
‫صلة‬‫ما بخصوص زيادة " سيّدنا " في ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫البراهيميّة بعد التّشهّد ‪ ،‬فقد ذهب إلى استحباب‬
‫سلم‬ ‫خرين كالعّز بن عبد ال ّ‬ ‫ذلك بعض الفقهاء المتأ ّ‬
‫شافعيّة ‪،‬‬‫شرقاويّ من ال ّ‬ ‫ي وال ّ‬ ‫ي والقليوب ّ‬ ‫والّرمل ّ‬
‫ي‬
‫ة للّرمل ّ‬ ‫ي وابن عابدين من الحنفيّة متابع ً‬ ‫والحصكف ّ‬
‫ي ‪ ،‬كما صّرح باستحبابه النّفراويّ من‬ ‫شافع ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن ذلك من قبيل الدب ‪ ،‬ورعاية‬ ‫المالكيّة ‪ .‬وقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫الدب خير من المتثال ‪ ،‬كما قال العّز بن عبد‬
‫سلم ‪.‬‬‫ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬في غير ال ّ‬
‫ي صلى‬ ‫سيادة للنّب ّ‬
‫‪ - 8‬أجمع المسلمون على ثبوت ال ّ‬
‫سيادة ‪ .‬قال‬ ‫الله عليه وسلم وعلى ع َل َ ِ‬
‫ميَّتِه في ال ّ‬
‫شرقاويّ ‪ :‬فلفظ " سيّدنا " علم عليه صلى الله‬ ‫ال ّ‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫سيّد ل‬‫ن لفظ ال ّ‬ ‫ومع ذلك خالف بعضهم وقالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫يطلق إل ّ على اللّه تعالى ‪ ،‬لما روي عن أبي نضرة‬
‫عن مطّرف قال ‪ :‬قال أبي ‪ « :‬انطلقت في وفد‬
‫ي صلى الله عليه وسلم فقلنا ‪:‬‬ ‫بني عامر إلى النّب ّ‬
‫سيّد اللّه تبارك وتعالى ‪ .‬قلنا ‪:‬‬ ‫أنت سيّدنا ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال ّ‬
‫وأفضلنا فضل ً وأعظمنا طول ً ‪ ،‬قال ‪ :‬قولوا بقولكم‬

‫‪538‬‬
‫شيطان » ‪ .‬وفي‬ ‫أو بعض قولكم ‪ ،‬ول يسخر بكم ال ّ‬
‫حديث آخر‬
‫« أنّه جاءه رجل فقال ‪ :‬أنت سيّد قريش ‪ ،‬فقال‬
‫سيّد اللّه » ‪.‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ال ّ‬
‫قال ابن الثير في النّهاية ‪ :‬أي هو الّذي يحقّ له‬
‫ب‬‫سيادة ‪ ،‬كأنّه كره أن يحمد في وجهه ‪ ،‬وأح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫التّواضع ‪ .‬ومنه الحديث لما قالوا ‪ :‬أنت سيّدنا ‪ ،‬قال‬
‫‪ « :‬قولوا بقولكم » أي ادعوني نبيّا ً ورسول ً كما‬
‫مون‬‫موني سيّدا ً كما تس ّ‬ ‫ماني اللّه ‪ ،‬ول تس ّ‬ ‫س ّ‬
‫من يسودكم في‬ ‫رؤساءكم ‪ ،‬فإنّي لست كأحدهم م ّ‬
‫أسباب الدّنيا ‪.‬‬
‫سيّد يطلق على‬ ‫وأضاف ابن مفلح إلى ما سبق ‪ :‬وال ّ‬
‫شريف ‪ ،‬والفاضل ‪ ،‬والحكيم ‪،‬‬ ‫ب ‪ ،‬والمالك ‪ ،‬وال ّ‬ ‫الّر ّ‬
‫مل أذى قومه ‪ ،‬والّزوج ‪ ،‬والّرئيس ‪ ،‬والمقدّم ‪.‬‬ ‫ومتح ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫وقال أبو منصور ‪ :‬كره النّب ّ‬
‫ب التّواضع للّه تعالى ‪،‬‬ ‫أن يمدح في وجهه وأح ّ‬
‫سيادة للّذي ساد الخلق أجمعين ‪ .‬وليس‬ ‫وجعل ال ّ‬
‫هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ رضي الله عنه‬
‫حين قال لقومه النصار ‪ « :‬قوموا إلى سيّدكم »‬
‫ما صفة اللّه ج ّ‬
‫ل‬ ‫أراد أنّه أفضلكم رجل ً وأكرمكم ‪ .‬وأ ّ‬
‫سيّد فمعناه ‪ :‬أنّه مالك الخلق والخلق كلّهم‬ ‫ذِكْره بال ّ‬
‫سيّد بهذا المعنى على‬ ‫عبيده ‪ -‬أي فل يطلق لفظ ال ّ‬
‫غير اللّه تعالى ‪ -‬وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ « :‬أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ول فخر » أراد أنّه‬
‫أوّل شفيع ‪ ،‬وأوّل من يفتح له باب الجنّة ‪ ،‬قال ذلك‬
‫سودد ‪،‬‬‫ما أكرمه اللّه به من الفضل وال ّ‬ ‫إخبارا ً ع ّ‬
‫وتحدّثا ً بنعمة اللّه عنده ‪ ،‬وإعلما ً منه ‪ ،‬ليكون‬
‫إيمانهم به على حسبه وموجبه ‪ ،‬ولهذا أتبعه بقوله ‪:‬‬
‫ن هذه الفضيلة الّتي نلتها كرام ً‬
‫ة‬ ‫« ول فخر » أي أ ّ‬

‫‪539‬‬
‫من اللّه تعالى ‪ ،‬لم أنلها من قبل نفسي ‪ ،‬ول بلغتها‬
‫بقوّتي ‪ ،‬فليس لي أن أفتخر بها ‪.‬‬
‫سخاويّ ‪ :‬إنكاره صلى الله عليه وسلم‬ ‫وقال ال ّ‬
‫يحتمل أن يكون تواضعا ً منه صلى الله عليه وسلم‬
‫ن ذلك‬ ‫ة ‪ ،‬أو ل ّ‬ ‫ة منه أن يحمد ويمدح مشافه ً‬ ‫وكراه ً‬
‫كان من تحيّة الجاهليّة ‪ ،‬أو لمبالغتهم في المدح ‪،‬‬
‫ح قوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬أنا سيّد ولد‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ن ابني هذا‬ ‫آدم » وقوله للحسن رضي الله عنه ‪ « :‬إ ّ‬
‫سيّد » وورد قول سهل بن حنيف رضي الله عنه‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬يا سيّدي » في‬ ‫للنّب ّ‬
‫ي في عمل اليوم واللّيلة ‪ ،‬وقول‬ ‫حديث عند النّسائ ّ‬
‫ل على سيّد المرسلين "‪.‬‬ ‫مص ّ‬ ‫ابن مسعود ‪ " :‬اللّه ّ‬
‫ل هذا دللة واضحة وبراهين لئحة على جواز‬ ‫وفي ك ّ‬
‫ذلك ‪ ،‬والمانع يحتاج إلى إقامة دليل ‪ ،‬سوى ما تقدّم‬
‫سابقة ‪.‬‬ ‫‪ ،‬لنّه ل ينهض دليل ً مع الحتمالت ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫تسويد غير النّب ّ‬
‫سيّد على‬ ‫‪ - 9‬اختلف الفقهاء في جواز إطلق لفظ ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫غير النّب ّ‬
‫سيّد على‬ ‫فذهب جمهورهم إلى جواز إطلق لفظ ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم واستدلّوا بقول اللّه‬ ‫غير النّب ّ‬
‫صوَراً‬‫ح ُ‬ ‫سي ِّدَا ً وَ َ‬‫تعالى في يحيى عليه السلم ‪َ { :‬و َ‬
‫ة‬
‫ة ونزاه ً‬ ‫ن } أي أنّه فاق غيره عّف ً‬ ‫حي َ‬ ‫ن ال َّ‬
‫صال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وَنَبِيَّا ً ِ‬
‫ل في امرأة العزيز ‪:‬‬ ‫عن الذ ّنوب ‪ .‬وقوله عّز وج ّ‬
‫سيِّدَها لَدَى الباب } أي زوجها وبما روي «‬ ‫فيَا َ‬ ‫{ َوأَل ْ َ‬
‫سيّد ؟‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم سئل ‪ :‬من ال ّ‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫أ ّ‬
‫قال ‪ :‬يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم‬
‫متك من سيّد ؟ قال ‪:‬‬ ‫عليهم السلم قالوا ‪ :‬فما في أ ّ‬
‫ة ‪ ،‬فأدّى‬ ‫بلى ‪ ،‬من آتاه اللّه مال ً ‪ ،‬ورزق سماح ً‬
‫شكره ‪ ،‬وقلّت شكايته في النّاس » وبقوله صلى‬

‫‪540‬‬
‫الله عليه وسلم للنصار وبني قريظة ‪ « :‬قوموا إلى‬
‫سيّدكم » يعني سعد بن معاذ ‪ .‬وقوله صلى الله‬
‫ي رضي الله عنهما ‪-‬‬ ‫عليه وسلم في الحسن بن عل ّ‬
‫ن ابني هذا سيّد ‪ ،‬ولع ّ‬
‫ل‬ ‫صحيحين ‪ « -‬إ ّ‬ ‫كما ورد في ال ّ‬
‫اللّه يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين »‬
‫وكذلك كان‪ .‬وقوله صلى الله عليه وسلم للنصار ‪:‬‬
‫خله‬ ‫« من سيّدكم ؟ قالوا ‪ :‬الجد ّ بن قيس على أنّا نب ّ‬
‫‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬وأيّ داء أدوى من‬
‫البخل » ‪.‬‬
‫ل بني آدم سيّد ‪،‬‬ ‫وبقوله صلى الله عليه وسلم ‪ «:‬ك ّ‬
‫فالّرجل سيّد أهله ‪،‬والمرأة سيّدة بيتها »‪.‬‬
‫م الدّرداء رضي الله عنها ‪ :‬حدّثني‬ ‫ومنه حديث أ ّ‬
‫سيّدي أبو الدّرداء ‪.‬‬
‫ما سئل ‪ :‬من الّذي إلى‬ ‫وبقول عمر رضي الله عنه ل ّ‬
‫ي بن كعب‬ ‫جانبك ‪ ،‬فأجاب ‪ :‬هذا سيّد المسلمين أب ّ‬
‫رضي الله عنه ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬إنّه لم يرد في القرآن الكريم ول في حديث‬
‫ن إطلق‬ ‫سيّد من أسماء اللّه تعالى ‪ ،‬ول ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫متواتر أ ّ‬
‫ل لكونه سبحانه مالك‬ ‫سيّد على اللّه عّز وج ّ‬ ‫لفظ ال ّ‬
‫الخلق أجمعين ‪ ،‬ول مالك لهم سواه ‪ ،‬وإطلق هذا‬
‫اللّفظ على غير اللّه تعالى ل يكون بهذا المعنى‬
‫الجامع الكامل ‪ ،‬بل بمعان قاصرة عن ذلك ‪.‬‬
‫سيّد ل يطلق إل ّ على اللّه‬ ‫ن لفظ ال ّ‬‫وقال بعضهم ‪ :‬إ ّ‬
‫سبحانه وتعالى ‪ ،‬لما ورد في حديث مطّرف الّذي‬
‫سيّد ول‬ ‫ي ‪ :‬ل يقال ال ّ‬ ‫سبق ذكره ‪ .‬وقال الخطّاب ّ‬
‫المولى على الطلق من غير إضافة إل ّ في صفة‬
‫اللّه تعالى ‪.‬‬
‫سيّد يجوز إطلقه على‬ ‫ن لفظ ال ّ‬‫وقال بعضهم ‪ :‬إ ّ‬
‫مالك العبد أو مالكته ‪ ،‬لما روي عن أبي هريرة‬

‫‪541‬‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه‬ ‫رضي الله عنه « أ ّ‬
‫ن أحدكم ‪ :‬عبدي وأمتي ‪ ،‬ول‬ ‫وسلم قال ‪ :‬ل يقول ّ‬
‫ن المملوك ‪ :‬ربّي وربّتي ‪ ،‬وليقل المالك ‪ :‬فتاي‬ ‫يقول ّ‬
‫وفتاتي ‪ .‬وليقل المملوك ‪ :‬سيّدي وسيّدتي ‪ ،‬فإنّهم‬
‫ب ‪ :‬اللّه تعالى » قال صاحب‬ ‫المملوكون ‪ ،‬والّر ّ‬
‫عون المعبود ‪ :‬كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا ‪،‬‬
‫سيّد ‪،‬‬ ‫ويكره أن يخاطب أحدا ً بلفظه أو كتابته بال ّ‬
‫ويتأكّد هذا إذا كان المخاطب غير تق ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫من يستحقّ التّسويد ‪:‬‬
‫سؤدد ‪ ،‬وهو ‪ :‬المجد‬ ‫سيّد مشتقّ من ال ّ‬ ‫‪ - 10‬لفظ ال ّ‬
‫شرف ‪،‬ويطلق على المتولّي للجماعة‪ .‬ومن‬ ‫وال ّ‬
‫شرطه وشأنه أن يكون مهذ ّب النّفس شريفا ً ‪.‬‬
‫وعلى من قام به بعض خصال الخير من الفضل‬
‫شرف والعبادة والورع والحلم والعقل والنّزاهة‬ ‫وال ّ‬
‫والعّفة والكرم ونحو ذلك ‪.‬‬
‫سيّد على المنافق ‪:‬‬ ‫إطلق لفظ ال ّ‬
‫‪ - 11‬المنافق ليس من هذه الخصال في شيء ‪ ،‬لنّه‬
‫كاذب مدلّس خائن ‪ ،‬ل توافق سريرته علنيته ‪ .‬وفي‬
‫العقيدة ‪ :‬يبطن الكفر ويظهر السلم ‪ .‬وقد ورد‬
‫سيّد على المنافق فيما‬ ‫النّهي عن إطلق لفظ ال ّ‬
‫روي عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال ‪ « :‬قال‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ل تقولوا‬
‫للمنافق سيّد ‪ ،‬فإنّه إن يك سيّدكم فقد أسخطتم‬
‫ل»‬‫ربّكم عّز وج ّ‬
‫سؤدد ‪ ،‬أي للسباب‬ ‫سيّد هو المستحقّ لل ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫وذلك ل ّ‬
‫العالية الّتي تؤهّله لذلك ‪ ،‬فأ ّ‬
‫ما المنافق فإنّه‬
‫موصوف بالنّقائص ‪ ،‬فوصفه بذلك وضع له في‬
‫مكان لم يضعه اللّه فيه ‪ ،‬فل يبعد أن يستحقّ‬
‫واضعه بذلك سخط اللّه ‪ .‬وقيل معناه ‪ :‬إن يك سيّداً‬

‫‪542‬‬
‫لكم فتجب عليكم طاعته ‪ ،‬فإذا أطعتموه في نفاق‬
‫فقد أسخطتم ربّكم ‪ .‬وقال ابن الثير ‪ :‬ل تقولوا‬
‫للمنافق سيّد ‪ ،‬فإنّه إن كان سيّدكم وهو منافق‬
‫فحالكم دون حاله ‪ ،‬واللّه ل يرضى لكم ذلك ‪.‬‬
‫ثانياً‬
‫سواد‬‫التّسويد من ال ّ‬
‫أ ‪ -‬التّسويد بالخضاب ‪:‬‬
‫ن‬
‫‪ - 12‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أ ّ‬
‫سواد مكروه في غير الجهاد في‬ ‫خضاب الّرجل بال ّ‬
‫الجملة ‪ .‬وللحنفيّة والمالكيّة في ذلك تفصيل ‪:‬‬
‫سواد أي لغير‬ ‫قال ابن عابدين ‪ :‬يكره الخضاب بال ّ‬
‫سواد‬‫ما الخضاب بال ّ‬ ‫الحرب ‪ ،‬قال في الذ ّخيرة ‪ :‬أ ّ‬
‫للغزو ‪ -‬ليكون أهيب في عين العدوّ ‪ -‬فهو محمود‬
‫بالتّفاق ‪.‬‬
‫مة‬
‫وإن كان ليزيّن نفسه للنّساء فمكروه ‪ ،‬وعليه عا ّ‬
‫المشايخ ‪ .‬وبعضهم جوّزه بل كراهة ‪ .‬روي عن أبي‬
‫يوسف أنّه قال ‪ :‬كما يعجبني أن تتزيّن لي يعجبها‬
‫أن أتزيّن لها ‪.‬‬
‫سواد إذا كان للتّغرير‬ ‫وقال المالكيّة ‪ :‬الخضاب بال ّ‬
‫فهو حرام ‪ .‬كمن أراد نكاح امرأة فصبغ شعر لحيته‬
‫العدو‬
‫ّ‬ ‫سواد ‪ .‬وإن كان للجهاد حتّى يوهم‬ ‫البيض ‪ ،‬بال ّ‬
‫شباب ندب ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ب كره ‪ .‬وإن كان مطلقا ً فقولن ‪:‬‬ ‫وإن كان للتّشا ّ‬
‫بالكراهة والجواز ‪.‬‬
‫سواد حرام في‬ ‫ن الخضاب بال ّ‬ ‫شافعيّة ‪ :‬إ ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫الجملة ‪ ،‬ولهم في ذلك تفصيل وخلف ‪.‬‬
‫م خضاب‬ ‫قال النّوويّ في المجموع ‪ :‬اتّفقوا على ذ ّ‬
‫ي‬
‫م قال ‪ :‬قال ‪ :‬الغزال ّ‬ ‫الّرأس واللّحية بال ّ‬
‫سواد ‪ ،‬ث ّ‬

‫‪543‬‬
‫في الحياء ‪ ،‬والبغويّ في التّهذيب ‪ ،‬وآخرون من‬
‫الصحاب ‪ :‬هو مكروه ‪.‬‬
‫صحيح ‪-‬‬ ‫وظاهر عبارتهم أنّه مكروه كراهة تنزيه ‪ ،‬وال ّ‬
‫صواب ‪ -‬أنّه حرام ‪.‬‬ ‫بل ال ّ‬
‫صلة‬ ‫من صّرح بتحريمه صاحب الحاوي في باب ال ّ‬ ‫وم ّ‬
‫بالنّجاسة ‪ ،‬قال ‪ :‬إل ّ أن يكون في الجهاد ‪ ،‬وقال في‬
‫سلطانيّة يمنع المحتسب النّاس‬ ‫آخر كتاب الحكام ال ّ‬
‫سواد إل ّ المجاهد ‪ ،‬ودليل‬ ‫شيب بال ّ‬ ‫من خضاب ال ّ‬
‫تحريمه حديث جابر رضي الله عنه قال ‪ « :‬أتي‬
‫صدّيق رضي الله عنهما‬ ‫بأبي قحافة والد أبي بكر ال ّ‬
‫يوم فتح مكّة ورأسه ولحيته كالثّغامة بياضا ً فقال‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪ :‬غيّروا هذا ‪،‬‬
‫سواد » ‪ ،‬وعن ابن عبّاس رضي الله‬ ‫واجتنبوا ال ّ‬
‫عنهما قال ‪ « :‬قال رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫سواد‬ ‫ضبون في آخر الّزمان بال ّ‬ ‫وسلم ‪ :‬يكون قوم يخ ّ‬
‫كحواصل الحمام ‪ ،‬ل يريحون رائحة الجنّة » ‪ ،‬ول‬
‫سواد بين الّرجل‬ ‫فرق في المنع من الخضاب بال ّ‬
‫والمرأة ‪ ..‬هذا مذهبنا ‪ ،‬وحكي عن إسحاق بن‬
‫خص فيه للمرأة تتزيّن به لزوجها ‪.‬‬ ‫راهويه أنّه ر ّ‬
‫ووي في روضة الطّالبين ‪ :‬خضاب المرأة‬ ‫ّ‬ ‫وقال الن ّ‬
‫ة من الّزوج وفعلته فهو حرام ‪،‬‬ ‫سواد إن كانت خلي ّ ً‬ ‫بال ّ‬
‫ة وفعلته بإذنه فجائز على المذهب ‪،‬‬ ‫وإن كانت زوج ً‬
‫ي ‪ :‬يحرم‬ ‫شعر‪ .‬وقال الّرمل ّ‬ ‫وقيل ‪ :‬وجهان كوصل ال ّ‬
‫سواد ‪ ،‬فإن أذن لها زوجها‬ ‫على المرأة الخضاب بال ّ‬
‫ن له غرضا ً في تزيّنها له ‪ ،‬كما في‬ ‫في ذلك جاز ‪ ،‬ل ّ‬
‫الّروضة وأصلها ‪ ،‬وهو الوجه ‪.‬‬
‫ما‬‫سواد ‪ ،‬أ ّ‬‫شعر بال ّ‬‫هذا في خضب الّرجل والمرأة ال ّ‬
‫صفرة‬ ‫سواد ‪ ،‬كالحمرة وال ّ‬ ‫شعر بغير ال ّ‬ ‫خضبهما ال ّ‬

‫‪544‬‬
‫شعر كاليدين والّرجلين ففيه‬ ‫مثل ً ‪ ،‬وخضبهما غير ال ّ‬
‫تفصيل يذكر في موطنه ‪.‬‬
‫خص‬ ‫ن من العلماء من ر ّ‬ ‫وقال الحافظ في الفتح ‪ :‬إ ّ‬
‫خص‬ ‫سواد مطلقا ً ‪ ،‬ومنهم من ر ّ‬ ‫في الختضاب بال ّ‬
‫فيه للّرجال دون النّساء ‪ .‬وتفصيل ذلك في مصطلح‬
‫‪ ( :‬اختضاب ) ‪.‬‬
‫سواد في الحداد ‪:‬‬ ‫ب ‪ -‬لبس ال ّ‬
‫‪ - 13‬اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للمتوفّى عنها‬
‫سواد من الثّياب ‪ ...‬ول يجب عليها‬ ‫زوجها لبس ال ّ‬
‫ذلك ‪ ،‬بل لها أن تلبس غيره ‪.‬‬
‫واختلف فقهاء الحنفيّة في المدّة الّتي يجوز لها أن‬
‫سواد ‪ ،‬فقال بعضهم ‪ :‬ل تجاوز ثلثة‬ ‫تلبس فيها ال ّ‬
‫ن فقهاء المذهب ‪ -‬ومنهم ابن عابدين ‪-‬‬ ‫أيّام ‪ .‬ولك ّ‬
‫سواد وتلبسه‬ ‫حملوا ذلك على ما تصبغه الّزوجة بال ّ‬
‫سواد قبل‬ ‫ما ما كان مصبوغا ً بال ّ‬ ‫سفا ً على زوجها ‪ ،‬أ ّ‬ ‫تأ ّ‬
‫موت زوجها ‪ ،‬فيجوز لها أن تلبسه مدّة الحداد كلّها‬
‫سواد في الحداد على غير‬ ‫‪.‬ومنع الحنفيّة لبس ال ّ‬
‫الّزوج‪.‬‬
‫ن المحد ّ يجوز لها أن تلبس السود‬ ‫وقال المالكيّة ‪ :‬إ ّ‬
‫‪ ،‬إل ّ إذا كانت ناصعة البياض ‪ ،‬أو كان السود زينة‬
‫قومها ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬إذا كان السود عادة‬ ‫ي من ال ّ‬ ‫وقال القليوب ّ‬
‫قومها في التّزيّن به حرم لبسه ‪ ،‬ونقل النّوويّ عن‬
‫الماورديّ أنّه أورد في " الحاوي " وجها ً يلزمها‬
‫سواد في الحداد ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫سواد في التّعزية ‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬لبس ال ّ‬
‫ن تسويد الوجه حزنا ً على‬ ‫‪ - 14‬اتّفق الفقهاء على أ ّ‬
‫الميّت ‪ -‬من أهله أو من المعّزين ل يجوز ‪ -‬لما فيه‬
‫من إظهار للجزع وعدم الّرضا بقضاء اللّه وعلى‬

‫‪545‬‬
‫ما ورد النّهي عنه في الحاديث‬ ‫سخط من فعله ‪ ،‬م ّ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ .‬وتسويد الثّياب للتّعزية مكروه للّرجال ‪ ،‬ول بأس‬
‫سفاً‬ ‫ما صبغ الثّياب أسود أو أكهب تأ ّ‬ ‫به للنّساء ‪ ،‬أ ّ‬
‫سابق ‪.‬‬‫على الميّت فل يجوز على التّفصيل ال ّ‬
‫سواد في اللّباس والعمامة ‪:‬‬ ‫د ‪ -‬ال ّ‬
‫سواد عند الحنفيّة ‪ ،‬قال ابن‬ ‫‪ - 15‬يندب لبس ال ّ‬
‫مدا ً ذكر في‬ ‫ن مح ّ‬ ‫سواد ‪ ،‬ل ّ‬ ‫عابدين ‪ :‬ندب لبس ال ّ‬
‫ن‬
‫ل على أ ّ‬ ‫سير الكبير في باب الغنائم حديثا ً يد ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫سواد مستح ّ‬ ‫لبس ال ّ‬
‫صبغ بالسود ‪ ،‬ولبس المصبوغ به فنقل عن‬ ‫ما ال ّ‬ ‫أ ّ‬
‫أبي حنيفة ‪ :‬أنّه ل بأس به ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬يندب لمام الجمعة أن يزيد في‬ ‫وقال ال ّ‬
‫سواد‬ ‫مة والرتداء ‪ ،‬وترك لبس ال ّ‬ ‫حسن الهيئة والع ّ‬
‫له أولى من لبسه ‪ ،‬إل ّ إن خشي مفسدةً تترتّب‬
‫على تركه من سلطان أو غيره ‪،‬‬
‫سلم في فتاويه ‪ :‬المواظبة على‬ ‫وقال ابن عبد ال ّ‬
‫لبسه بدعة ‪ ،‬فإن منع الخطيب أن يخطب إل ّ به‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن « النّب ّ‬ ‫فليفعل وقالوا ‪ :‬نقل أ ّ‬
‫سوداء » ‪،‬‬ ‫وسلم لبس العمامة البيضاء والعمامة ال ّ‬
‫ن الفضل في لونها البياض لعموم الخبر‬ ‫ولك ّ‬
‫صحيح المر بلبس البياض ‪ ،‬وأنّه خير اللوان في‬ ‫ال ّ‬
‫الحياة والموت ‪.‬‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬ ‫سواد ولو للجند ‪ ،‬ل ّ‬ ‫وقال الحنابلة ‪ :‬يباح ال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم « دخل مكّة عام الفتح وعليه‬
‫عمامة سوداء » ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬تسويد الوجه في التّعزير ‪:‬‬
‫‪ - 16‬ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه ل يجوز في‬
‫التّعزير تسخيم الوجه ‪ ،‬أي دهن وجه المعّزر‬

‫‪546‬‬
‫سواد الّذي يتعلّق بأسفل القدر‬ ‫سخام ‪ ،‬وهو ال ّ‬ ‫بال ّ‬
‫ومحيطه من كثرة الدّخان ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تسويد‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫ن المام يجتهد في جنس ما‬ ‫الوجه في التّعزير ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل معّزر ما يليق به‬‫يعّزر به وفي قدره ‪ ،‬ويفعل بك ّ‬
‫وبجنايته ‪ ،‬مع مراعاة التّرتيب والتّدريج ‪ ،‬فل يرقى‬
‫لمرتبة وهو يرى ما دونها كافيا ً‬
‫===================‪.‬‬
‫تشبيك *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫ل‬‫‪ - 1‬التّشبيك في اللّغة ‪ :‬المداخلة ‪ ،‬فيقال لك ّ‬
‫متداخلين أنّهما مشتبكان ‪ .‬ومنه ‪ :‬شبّاك الحديد ‪،‬‬
‫وتشبيك الصابع ‪ -‬وهو المراد هنا ‪ -‬لدخول بعضها‬
‫شبك ‪ :‬الخلط والتّداخل ‪ ،‬فيقال ‪:‬‬ ‫في بعض ‪ .‬وال ّ‬
‫شيء يشبكه شبكا ‪ :‬إذا خلطه وأنشب بعضه‬ ‫شبك ال ّ‬
‫في بعض ‪.‬‬
‫ي عن‬ ‫وتشبيك الصابع ل يخرج في معناه الصطلح ّ‬
‫هذا ‪ ،‬قال ابن عابدين ‪ :‬تشبيك الصابع ‪ :‬أن يدخل‬
‫شخص أصابع إحدى يديه بين أصابع الخرى ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫صلة‬ ‫ن تشبيك الصابع في ال ّ‬ ‫‪ - 2‬أجمع الفقهاء على أ ّ‬
‫مكروه ‪ ،‬لما روي عن كعب بن عجرة رضي الله‬
‫ن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأى‬ ‫عنه « أ ّ‬
‫صلة ‪ ،‬ففّرج رسول اللّه‬ ‫رجل قد شبّك أصابعه في ال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم بين أصابعه » ‪ .‬وقال ابن عمر‬
‫رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو يشبّك أصابعه‬
‫« تلك صلة المغضوب عليهم »‬
‫ما تشبيكها في المسجد في غير صلة ‪ ،‬وفي‬ ‫وأ ّ‬
‫انتظارها أي حيث جلس ينتظرها ‪ ،‬أو ماشيا إليها ‪،‬‬

‫‪547‬‬
‫شافعيّة والحنابلة بكراهة‬ ‫فقد قال الحنفيّة وال ّ‬
‫صلة هو في حكم‬ ‫ن انتظار ال ّ‬ ‫التّشبيك حينئذ ‪ ،‬ل ّ‬
‫صحيحين « ل يزال أحدكم في‬ ‫صلة لحديث ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سه » ولما روى أحمد وأبو‬ ‫حب ِ ُ‬
‫صلة ُ ت َ ْ‬ ‫صلة ما دامت ال ّ‬
‫ضأ أحدكم فأحسن‬ ‫داود وغيرهما مرفوعا « إذا تو ّ‬
‫م خرج عامدا ً إلى المسجد ‪ ،‬فل يشبّك بين‬ ‫وضوءه ث ّ‬
‫ن‬
‫يديه فإنّه في صلة » وما روى أبو سعيد الخدريّ أ ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬إذا كان أحدكم‬ ‫النّب ّ‬
‫ن التّشبيك من‬ ‫ن ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫في المسجد فل يشبّك ّ‬
‫ن أحدكم ل يزال في صلة ما دام في‬ ‫شيطان ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المسجد حتّى يخرج منه »‬
‫وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال ‪ :‬سمعت‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‬
‫صلة ‪ ،‬فل‬ ‫م خرج عامدا إلى ال ّ‬ ‫ضأ أحدكم ث ّ‬ ‫« إذا تو ّ‬
‫ن بين يديه ‪ ،‬فإنّه في صلة » ‪.‬‬ ‫يشبّك ّ‬
‫‪ - 3‬وقد اختلف في الحكمة في النّهي عن التّشبيك‬
‫ن النّهي عنه لما فيه من‬ ‫في المسجد ‪ ،‬فقيل ‪ :‬إ ّ‬
‫شيطان ‪.‬‬ ‫العبث ‪ .‬وقيل ‪ :‬لما فيه من التّشبّه بال ّ‬
‫شيطان على ذلك ‪ .‬وفي حاشية‬ ‫وقيل ‪ :‬لدللة ال ّ‬
‫الطّحاويّ على مراقي الفلح ‪ :‬حكمة النّهي عن‬
‫شيطان ‪ ،‬وأنّه يجلب النّوم ‪،‬‬ ‫التّشبيك ‪ :‬أنّه من ال ّ‬
‫ن الحدث ‪ ،‬ولما نبّه عليه في حديث‬ ‫والنّوم من مظا ّ‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو‬
‫يشبّك أصابعه تلك صلة المغضوب عليهم فكره ذلك‬
‫ي‬
‫صلة ‪ ،‬حتّى ل يقع في المنه ّ‬ ‫لما هو في حكم ال ّ‬
‫صلة أشد ّ ‪.‬‬ ‫عنه ‪ .‬وكراهته في ال ّ‬
‫ول يكره عند الجمهور التّشبيك بعد الفراغ ولو كان‬
‫في المسجد ‪ ،‬لحديث ذي اليدين رضي الله عنه‬
‫الّذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه ‪ -‬قال « صلّى‬

‫‪548‬‬
‫بنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إحدى صلتي‬
‫ماها أبو هريرة ‪ ،‬ولكن‬ ‫ي ‪ -‬قال ابن سيرين ‪ :‬س ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫العَ ِ‬
‫م سلّم ‪،‬‬ ‫نسيت أنا ‪ -‬قال ‪ :‬فصلّى بنا ركعتين ‪ ،‬ث ّ‬
‫فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتّكأ عليها‬
‫كأنّه غضبان ‪ ،‬ووضع يده اليمنى على اليسرى ‪،‬‬
‫وشبّك بين أصابعه ‪ ،‬ووضع خدّه اليمن على ظهر‬
‫ن من أبواب‬ ‫سْرعا ُ‬ ‫ت ال ُّ‬‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬‫كّفه اليسرى ‪ ،‬و َ‬
‫صلة ‪ ،‬وفي القوم‬ ‫صرت ال ّ‬ ‫المسجد ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬قُ ِ‬
‫أبو بكر وعمر فهابا أن يكلّماه ‪ ،‬وفي القوم رجل في‬
‫يديه طول يقال له ذو اليدين قال ‪ :‬يا رسول اللّه‬
‫صلة ؟ قال لم أنس ولم تقصر‬ ‫ت أم قصرت ال ّ‬ ‫أنسي َ‬
‫فقال ‪ :‬أكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬فتقدّم‬
‫م كبّر وسجد مثل‬ ‫م سلّم ‪ ،‬ث ّ‬ ‫فصلّى ما ترك ‪ ،‬ث ّ‬
‫م كبّر وسجد‬ ‫م رفع رأسه وكبّر ‪ ،‬ث ّ‬ ‫سجوده أو أطول ث ّ‬
‫م رفع رأسه وكبّر ‪ .‬فربّما‬ ‫مثل سجوده ‪ -‬أو أطول ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن عمران بن‬ ‫م سلّم ؟ فيقول ‪ :‬نبّئت أ ّ‬ ‫سألوه ‪ :‬ث ّ‬
‫م سلّم » ‪.‬‬ ‫حصين قال ‪ :‬ث ّ‬
‫ول بأس به عند المالكيّة في غير صلة حتّى ولو في‬
‫صلة‬ ‫ن كراهته عندهم إنّما هي في ال ّ‬ ‫المسجد ‪ ،‬ل ّ‬
‫شرح‬ ‫فقط ‪ ،‬إّل أنّه خلف الولى على نحو ما ورد بال ّ‬
‫صه‬‫الكبير وجواهر الكليل ‪ .‬وفي مواهب الجليل ما ن ّ‬
‫صلة فالتّشبيك ل بأس به حتّى‬ ‫ما بالنّسبة لغير ال ّ‬ ‫‪ :‬وأ ّ‬
‫في المسجد ‪ .‬قال ابن عرفة ‪ :‬وسمع ابن القاسم ‪-‬‬
‫أي من مالك ‪ : -‬ل بأس بتشبيك الصابع يعني في‬
‫المسجد في غير صلة ‪ .‬وأومأ داود بن قيس ليد‬
‫مالك مشبّكا ً أصابعه به ‪ -‬أي بالمسجد ‪ -‬ليطلقه‬
‫صلة ‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬ما هذا ؟ فقال مالك ‪ :‬إنّما يكره في ال ّ‬
‫ح في حديث ذي اليدين تشبيكه‬ ‫وقال ابن رشد ‪ :‬ص ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم بين أصابعه في المسجد ‪.‬‬

‫‪549‬‬
‫صلة فيما ليس من توابعها‬ ‫ما تشبيكها خارج ال ّ‬ ‫‪ - 4‬وأ ّ‬
‫‪ :‬بأن لم يكن في حال سعي إليها ‪ ،‬أو جلوس في‬
‫المسجد لجلها ‪ ،‬فإن كان لحاجة نحو إراحة الصابع‬
‫ث بل لغرض صحيح ‪ -‬فإنّه في هذه‬ ‫‪ -‬وليس لعب ٍ‬
‫ح عنه صلى الله‬ ‫الحالة ل يكره عند الحنفيّة ‪ ،‬فقد ص ّ‬
‫عليه وسلم أنّه قال ‪ « :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان‬
‫يشد ّ بعضه بعضا ً » وشبّك بين أصابعه ‪ .‬فإنّه لفادة‬
‫صورة‬ ‫تمثيل المعنى ‪ ،‬وهو التّعاضد والتّناصر بهذه ال ّ‬
‫سيّة ‪.‬‬‫الح ّ‬
‫فلو شبّك لغير حاجة على سبيل العبث كره تنزيها ‪.‬‬
‫شافعيّة ‪ :‬أنّه إذا‬ ‫وفي حاشية الشبراملسي من ال ّ‬
‫صلة بل لغيرها ‪ ،‬كحضور‬ ‫جلس في المسجد ل لل ّ‬
‫درس أو كتابة ‪ ،‬فل يكره ذلك في حّقه لنّه لم‬
‫ما إذا انتظرهما‬ ‫صلة ‪ .‬وأ ّ‬ ‫يصدق عليه أنّه ينتظر ال ّ‬
‫معا فينبغي الكراهة ‪ ،‬لنّه يصدق عليه أنّه ينتظر‬
‫ما المالكيّة فقد رأوا كراهة التّشبيك‬ ‫صلة ‪ .‬وأ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صة ولو في غير مسجد ‪ ،‬ول بأس به‬ ‫للمصلّي خا ّ‬
‫صلة ولو في المسجد ‪ ،‬لقول‬ ‫عندهم في غير ال ّ‬
‫صلة حين أومأ داود بن قيس‬ ‫مالك ‪ :‬يكره في ال ّ‬
‫ليده مشبّكا ً أصابعه ليطلقه وقال ‪ :‬ما هذا ؟ ‪.‬‬
‫‪ - 5‬والتّشبيك حال خطبة الجمعة يكره عند غير‬
‫ن مستمع الخطبة في انتظار‬ ‫مة ‪ ،‬ل ّ‬
‫المالكيّة من الئ ّ‬
‫صلة لما سبق ‪.‬‬ ‫صلة ‪ ،‬فهو كمن في ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن الكراهة عندهم‬ ‫وعند المالكيّة ‪ :‬غير مكروه ‪ ،‬ل ّ‬
‫صلة فقط ولو كان في المسجد ‪ ،‬وإن كان‬ ‫في ال ّ‬
‫هذا هو خلف الولى كما تقدّم ‪.‬‬
‫==================‬
‫تشبّه *‬
‫التّعريف ‪:‬‬

‫‪550‬‬
‫‪ - 1‬التّشبّه لغة ‪ :‬مصدر تشبّه ‪ ،‬يقال ‪ :‬تشبّه فلن ‪:‬‬
‫بفلن إذا تكلّف أن يكون مثله والمشابهة بين‬
‫شيئين ‪ :‬الشتراك بينهما في معنى من المعاني ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ومنه ‪ :‬أشبه الولد أباه ‪ :‬إذا شاركه في صفة من‬
‫صفاته ‪ .‬ول يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن‬
‫غوي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعنى الل ّ‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫سي والتّقليد وقد تقدّم الكلم‬ ‫‪ - 2‬منها ‪ :‬التّباع والتّأ ّ‬
‫فيها تحت عنوان ‪ ( :‬اتّباع ) ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ومنها ‪ :‬الموافقة ‪ ،‬وهي ‪ :‬مشاركة أحد‬
‫شخصين للخر في صورة قول أو فعل أو ترك أو‬ ‫ال ّ‬
‫اعتقاد أو غير ذلك ‪ ،‬سواء أكان ذلك من أجل ذلك‬
‫الخر أم ل لجله ‪.‬‬
‫م من التّشبّه ‪.‬‬ ‫فالموافقة أع ّ‬
‫الحكام المتعلّقة بالتّشبّه ‪:‬‬
‫أوّل ً ‪ -‬التّشبّه بالكّفار في اللّباس ‪:‬‬
‫مالكيّة‬‫صحيح عندهم ‪ ،‬وال ِ‬ ‫‪ - 4‬ذهب الحنفيّة على ال ّ‬
‫ن التّشبّه‬ ‫شافعيّة إلى ‪ :‬أ ّ‬‫على المذهب ‪ ،‬وجمهور ال ّ‬
‫بالكّفار في اللّباس ‪ -‬الّذي هو شعار لهم به يتميّزون‬
‫عن المسلمين ‪ -‬يحكم بكفر فاعله ظاهرا ‪ ،‬أي في‬
‫أحكام الدّنيا ‪ ،‬فمن وضع قلنسوة المجوس على‬
‫رأسه يكفر ‪ ،‬إل إذا فعله لضرورة الكراه أو لدفع‬
‫الحّر أو البرد ‪ .‬وكذا إذا لبس زنّار النّصارى إّل إذا‬
‫فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين ‪ .‬أو‬
‫شبَّه بقوم فهو منهم »‬ ‫نحو ذلك لحديث ‪ « :‬من ت َ َ‬
‫ص بالكّفار علمة الكفر ‪ ،‬ول يلبسه‬ ‫ن اللّباس الخا ّ‬ ‫ل ّ‬
‫إّل من التزم الكفر ‪ ،‬والستدلل بالعلمة والحكم بما‬
‫شرع ‪ .‬فلو علم أنّه‬ ‫دلّت عليه مقّرر في العقل وال ّ‬

‫‪551‬‬
‫شد ّ الّزنّار ل لعتقاد حقيقة الكفر ‪ ،‬بل لدخول دار‬
‫الحرب لتخليص السارى مثل لم يحكم بكفره ‪.‬‬
‫ما ذكره ابن‬ ‫ويرى الحنفيّة في قول ‪ -‬وهو ما يؤخذ م ّ‬
‫ن من يتشبّه بالكافر في‬ ‫ط من المالكيّة ‪ -‬أ ّ‬ ‫شا ّ‬
‫ال ّ‬
‫ص به ل يعتبر كافرا ً ‪ ،‬إل أن يعتقد‬ ‫الملبوس الخا ّ‬
‫حد بلسانه مصدّق بجنانه ‪ .‬وقد‬ ‫معتقدهم ‪ ،‬لنّه مو ّ‬
‫قال المام أبو حنيفة رحمه الله ‪ :‬ل يخرج أحد من‬
‫اليمان إّل من الباب الّذي دخل فيه ‪ ،‬والدّخول‬
‫بالقرار والتّصديق ‪ ،‬وهما قائمان ‪.‬‬
‫وذهب الحنابلة إلى حرمة التّشبّه بالكّفار في اللّباس‬
‫ي ‪ :‬إن تزيّا مسلم‬ ‫الّذي هو شعار لهم ‪ .‬قال البهوت ّ‬
‫مة ‪ ،‬أو علّق صليبا بصدره‬ ‫بما صار شعارا لهل ذ ّ‬
‫حرم ‪ ،‬ولم يكفر بذلك كسائر المعاصي ‪ .‬ويرى‬
‫ن من لبس الّزنّار ونحوه ل‬ ‫شافعيّة أ ّ‬ ‫ووي من ال ّ‬
‫ّ‬ ‫الن ّ‬
‫يكفر إذا لم تكن نيّة ‪.‬‬
‫أحوال تحريم التّشبّه ‪:‬‬
‫وبتتبع عبارات الفقهاء يتبين أنهم يقيدون كفر من‬
‫يتشبه بالكفار في اللباس الخاص بهم بقيود منها ‪:‬‬
‫ي‪:‬‬‫‪ - 5‬أن يفعله في بلد السلم ‪ ،‬قال أحمد الّرمل ّ‬
‫كون التّزيّي بزيّ الكّفار ردّة محلّه إذا كان في دار‬
‫ما في دار الحرب فل يمكن القول بكونه‬ ‫السلم ‪ .‬أ ّ‬
‫ردّة ‪ ،‬لحتمال أنّه لم يجد غيره كما هو الغالب ‪ ،‬أو‬
‫أن يكره على ذلك ‪.‬‬
‫ن المسلم بدار حرب أو دار كفر‬ ‫قال ابن تيميّة ‪ :‬لو أ ّ‬
‫غير حرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم ( للكّفار )‬
‫ضرر بل‬ ‫في الهدي الظّاهر ‪ ،‬لما عليه في ذلك من ال ّ‬
‫ب للّرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا‬ ‫قد يستح ّ‬
‫في هديهم الظّاهر ‪ ،‬إذا كان في ذلك مصلحة دينيّة ‪،‬‬
‫من دعوتهم إلى الدّين والطّلع على باطن أمورهم‬

‫‪552‬‬
‫لخبار المسلمين بذلك ‪ ،‬أو دفع ضررهم عن‬
‫ما‬
‫المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الحسنة ‪ .‬فأ ّ‬
‫في دار السلم والهجرة الّتي أعّز اللّه فيها دينه ‪،‬‬
‫صغار والجزية ففيها‬ ‫وجعل على الكافرين فيها ال ّ‬
‫شرعت المخالفة ‪.‬‬
‫‪ - 6‬أن يكون التّشبّه لغير ضرورة ‪ ،‬فمن فعل ذلك‬
‫ضرورة ل يكفر ‪ ،‬فمن شد ّ على وسطه زنّاراً‬ ‫لل ّ‬
‫ودخل دار الحرب لتخليص السرى ‪ ،‬أو فعل ذلك‬
‫خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين ل يكفر ‪.‬‬
‫وكذلك إن وضع قلنسوة المجوس على رأسه‬
‫لضرورة دفع الحّر والبرد ل يكفر ‪ - 7 .‬أن يكون‬
‫ي‬
‫ص بالكافر ‪ ،‬كبرنيطة النّصران ّ‬ ‫التّشبّه فيما يخت ّ‬
‫وطرطور اليهوديّ ‪.‬‬
‫ويشترط المالكيّة لتحّقق الّردّة بجانب ذلك ‪:‬أن‬
‫يكون المتشبّه قد سعى بذلك للكنيسة ونحوها‪.‬‬
‫‪ - 8‬أن يكون التّشبّه في الوقت الّذي يكون اللّباس‬
‫المعيّن شعارا للكّفار ‪ ،‬وقد أورد ابن حجر حديث‬
‫أنس رضي الله عنه أنّه رأى قوما ً عليهم الطّيالسة ‪،‬‬
‫م قال ابن حجر ‪ :‬وإنّما‬ ‫فقال ‪ ":‬كأنّهم يهود خيبر" ث ّ‬
‫صة اليهود في الوقت الّذي تكون‬ ‫يصلح الستدلل بق ّ‬
‫الطّيالسة من شعارهم ‪ ،‬وقد ارتفع ذلك فيما بعد ‪،‬‬
‫فصار داخل في عموم المباح ‪.‬‬
‫‪ - 9‬أن يكون التّشبّه ميل للكفر ‪ ،‬فمن تشبّه على‬
‫سخرية لم يرتد ّ ‪ ،‬بل يكون فاسقا‬ ‫وجه اللّعب وال ّ‬
‫يستحقّ العقوبة ‪ ،‬وهذا عند المالكيّة ‪.‬‬
‫‪ - 10‬هذا ‪ ،‬والتّشبّه في غير المذموم وفيما لم يقصد‬
‫به التّشبّه ل بأس به ‪.‬‬
‫ن التّشبّه بأهل الكتاب ل‬ ‫قال صاحب الدّّر المختار ‪ :‬إ ّ‬
‫ل شيء ‪ ،‬بل في المذموم وفيما يقصد‬ ‫يكره في ك ّ‬

‫‪553‬‬
‫به التّشبّه ‪ .‬قال هشام ‪ :‬رأيت أبا يوسف لبساً‬
‫نعلين مخصوفين بمسامير فقلت أترى بهذا الحديد‬
‫بأسا ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قلت ‪ :‬سفيان وثور بن يزيد كرها‬
‫ن فيه تشبّها بالّرهبان ‪ ،‬فقال ‪ « :‬كان رسول‬ ‫ذلك ل ّ‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم يلبس النّعال الّتي لها‬
‫شعر وإنّها من لباس الّرهبان » ‪.‬‬
‫ن صورة المشابهة فيما تعلّق به‬ ‫فقد أشار إلى أ ّ‬
‫ما ل يمكن قطع‬ ‫ن الرض م ّ‬ ‫صلح العباد ل يضّر ‪ ،‬فإ ّ‬
‫المسافة البعيدة فيها إّل بهذا النّوع ‪ .‬وللتّفصيل ر ‪( :‬‬
‫ردّة ‪ ،‬كفر ) ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ -‬التّشبّه بالكّفار في أعيادهم ‪:‬‬
‫‪ - 11‬ل يجوز التّشبّه بالكّفار في أعيادهم ‪ ،‬لما ورد‬
‫في الحديث « من تشبّه بقوم فهو منهم » ‪ ،‬ومعنى‬
‫ل ما‬ ‫ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكّفار في ك ّ‬
‫ضى عن َ‬
‫ك‬ ‫ن تَْر َ‬ ‫صوا به ‪ .‬قال اللّه تعالى ‪ { :‬وَل َ ْ‬ ‫اخت ّ‬
‫ن هُدى اللّهِ‬ ‫ل إ َّ‬ ‫ملّتَهم ق ْ‬ ‫صارى حتّى تَتَّبِعَ ِ‬ ‫اليهود ُ وَل الن َّ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫ت أهواءَهم بَعْد َ الّذي َ‬
‫جا َء َ‬ ‫ن اتَّبع َ‬‫هو الهُدَى وَلئ ْ‬
‫صيرٍ }‬ ‫ي ول ن َ ِ‬ ‫ن ول ٍ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن اللّهِ ِ‬‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ما ل َ َ‬
‫العلم ِ َ‬
‫ي عن عمر رضي الله عنه أنّه قال ‪ :‬ل‬ ‫وروى البيهق ّ‬
‫تعلّموا رطانة العاجم ‪ ،‬ول تدخلوا على المشركين‬
‫سخطة تنزل‬ ‫ن ال ّ‬ ‫في كنائسهم يوم عيدهم ‪ ،‬فإ ّ‬
‫عليهم ‪.‬‬
‫وروي عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّه‬
‫قال ‪ :‬من مّر ببلد العاجم فصنع نيروزهم‬
‫ومهرجانهم وتشبّه بهم حتّى يموت وهو كذلك ‪،‬‬
‫حشر معهم يوم القيامة ‪.‬‬
‫شرع والمناهج والمناسك‬ ‫ن العياد من جملة ال ّ‬ ‫ول ّ‬
‫جعَلْنا‬ ‫ُ‬
‫ل أ َّ‬‫الّتي قال اللّه سبحانه وتعالى ‪ { :‬لِك ِّ‬
‫مةٍ َ‬
‫صيام فل‬ ‫صلة ‪ ،‬وال ّ‬ ‫سكُوه } كالقبلة وال ّ‬ ‫م نَا ِ‬ ‫سكا ً ه ْ‬ ‫من ْ َ‬
‫َ‬

‫‪554‬‬
‫فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في‬
‫ن الموافقة في جميع العيد‬ ‫سائر المباهج ‪ ،‬فإ ّ‬
‫موافقة في الكفر ‪ ،‬والموافقة في بعض فروعه‬
‫موافقة في بعض شعب الكفر ‪ ،‬بل العياد من‬
‫شرائع ومن أظهر ما لها من‬ ‫ص ما تتميّز به ال ّ‬‫أخ ّ‬
‫ص شرائع‬ ‫شعائر ‪ ،‬فالموافقة فيها موافقة في أخ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الكفر وأظهر شعائره ‪ .‬قال قاضيخان ‪ :‬رجل اشترى‬
‫يوم النّيروز شيئا ً لم يشتره في غير ذلك اليوم ‪ :‬إن‬
‫أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظّمه الكفرة يكون‬
‫سرف والتّنعّم ل‬‫كفرا ً ‪ ،‬وإن فعل ذلك لجل ال ّ‬
‫لتعظيم اليوم ل يكون كفرا ً ‪ .‬وإن أهدى يوم النّيروز‬
‫إلى إنسان شيئا ولم يرد به تعظيم اليوم ‪ ،‬إنّما فعل‬
‫ذلك على عادة النّاس ل يكون كفرا ً ‪ .‬وينبغي أن ل‬
‫يفعل في هذا اليوم ما ل يفعله قبل ذلك اليوم ول‬
‫بعده ‪ ،‬وأن يحترز عن التّشبّه بالكفرة ‪.‬‬
‫وكره ابن القاسم ‪ -‬من المالكيّة ‪ -‬للمسلم أن يهدي‬
‫ي في عيده مكافأة ‪ ،‬ورآه من تعظيم‬ ‫إلى النّصران ّ‬
‫عيده وعونا له على كفره ‪ .‬وكما ل يجوز التّشبّه‬
‫ن المسلم المتشبّه بهم في‬ ‫بالكّفار في العياد ل يُعَا ُ‬
‫ذلك بل ينهى عن ذلك ‪ ،‬فمن صنع دعوة مخالفة‬
‫للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته ‪ ،‬ومن أهدى من‬
‫المسلمين هديّة في هذه العياد ‪ ،‬مخالفة للعادة في‬
‫سائر الوقات غير هذا العيد لم تقبل هديّته ‪،‬‬
‫ما يستعان بها على‬ ‫خصوصا إن كانت الهديّة م ّ‬
‫شمع ونحوه في عيد‬ ‫التّشبّه بهم ‪ ،‬مثل إهداء ال ّ‬
‫الميلد ‪.‬‬
‫هذا وتجب عقوبة من يتشبّه بالكّفار في أعيادهم ‪.‬‬
‫ما ما يبيعه الكّفار في السواق في أعيادهم فل‬ ‫وأ ّ‬
‫ص عليه أحمد في رواية مهنّا ‪.‬‬ ‫بأس بحضوره ‪ ،‬ن ّ‬

‫‪555‬‬
‫وقال ‪ :‬إنّما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم‬
‫ما ما يباع في السواق من المأكل فل‬ ‫وكنائسهم ‪ ،‬فأ ّ‬
‫‪ ،‬وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لجلهم ‪.‬‬
‫وللتّفصيل ( ر ‪ :‬عيد ) ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ -‬التّشبّه بالكّفار في العبادات ‪:‬‬
‫يكره التّشبّه بالكّفار في العبادات في الجملة ‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة التّشبّه بهم في هذا المجال ‪:‬‬
‫صلة في أوقات الكراهة ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬ال ّ‬
‫صلة‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم عن ال ّ‬ ‫‪ - 12‬نهى النّب ّ‬
‫في أوقات الكراهة منها للتّشبّه بعبادة الكّفار ‪ .‬فقد‬
‫أخرج مسلم من حديث عمرو بن عنبسة رضي الله‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬ص ّ‬
‫ل‬ ‫ن النّب ّ‬ ‫عنه أ ّ‬
‫صلة حتّى تطلع‬ ‫م أقصر عن ال ّ‬ ‫صبح ‪ ،‬ث ّ‬ ‫صلة ال ّ‬
‫شمس حتّى ترتفع ‪ ،‬فإنّها تطلع حين تطلع بين‬ ‫ال ّ‬
‫ل‬‫مص ّ‬ ‫قرني شيطان ‪ ،‬وحينئذ يسجد لها الكّفار ‪ .‬ث ّ‬
‫ل الظ ّ ّ‬
‫ل‬ ‫صلة مشهودة محضورة حتّى يستق ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫ن حينئذ تسجر‬ ‫صلة فإ ّ‬ ‫م أقصر عن ال ّ‬ ‫بالّرمح ‪ .‬ث ّ‬
‫صلة مشهودة‬ ‫ن ال ّ‬‫ل فإ ّ‬ ‫جهنّم ‪ ،‬فإذا أقبل الفيء فص ّ‬
‫صلة‬ ‫م أقصر عن ال ّ‬ ‫محضورة حتّى تصلّي العصر ‪ .‬ث ّ‬
‫ي شيطان‬ ‫شمس فإنّها تغرب بين قَْرن َ ْ‬ ‫حتّى تغرب ال ّ‬
‫وحينئذ يسجد لها الكّفار » ‪ .‬وللتّفصيل في الحكام‬
‫المتعلّقة بأوقات الكراهة ( ر ‪ :‬الموسوعة الفقهيّة ‪7‬‬
‫صلة ف ‪) 23‬‬ ‫‪ 180‬أوقات ال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬‫ب ‪ -‬الختصار في ال ّ‬
‫‪ - 13‬ل خلف بين الفقهاء في كراهة الختصار في‬
‫ن اليهود تكثر من فعله ‪ ،‬فنهي عنه كراهة‬ ‫صلة ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫البخاري ومسلم واللّفظ له‬ ‫ّ‬ ‫للتّشبّه بهم ‪ ،‬فقد أخرج‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه « نهى رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم أن يصلّي الّرجل مختصرا ً »‬

‫‪556‬‬
‫وأخرج البخاريّ أيضا ً في ذكر بني إسرائيل من‬
‫ضحى عن مسروق عن عائشة رضي‬ ‫رواية أبي ال ّ‬
‫الله عنها أنّها كانت تكره أن يضع يده على‬
‫ن اليهود تفعله "‬
‫خاصرته ‪ ،‬تقول ‪ ":‬إ ّ‬
‫صلة »‬ ‫زاد ابن أبي شيبة في رواية له ‪ « :‬في ال ّ‬
‫وفي رواية أخرى « ل تشبّهوا باليهود » وللتّفصيل‬
‫( ر ‪ :‬صلة ) ‪.‬‬
‫صوم ‪:‬‬ ‫ج ‪ -‬وِصال ال ّ‬
‫شافعيّة‬ ‫‪ - 14‬ذهب الحنفيّة ‪ ،‬وجمهور المالكيّة ‪ ،‬وال ّ‬
‫في أحد الوجهين ‪ ،‬والحنابلة إلى كراهة وصال‬
‫البخاري من حديث أنس رضي‬ ‫ّ‬ ‫صوم ‪ ،‬لما روى‬ ‫ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال « ل‬ ‫ن النّب ّ‬‫الله عنه أ ّ‬
‫ت كأحد‬ ‫تواصلوا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬إنّك تواصل ‪ ،‬قال لس ُ‬
‫منكم ‪ ،‬إنّي أطعم وأسقى أو إنّي أبيت أطعم‬
‫وأسقى » ‪ .‬وقوله صلى الله عليه وسلم « ل‬
‫تواصلوا » نهي وأدناه يقتضي الكراهة ‪ .‬وعلّة النّهي‬
‫التّشبّه بالنّصارى كما صّرح به في حديث بشير بن‬
‫الخصاصية رضي الله عنه الّذي أخرجه أحمد‬
‫ي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن‬ ‫والطّبران ّ‬
‫أبي حاتم في تفسيرهما بإسناد صحيح إلى « ليلى‬
‫امرأة بشير بن الخصاصية قالت ‪ :‬أردت أن أصوم‬
‫ي‬
‫ن النّب ّ‬
‫يومين مواصلة ‪ ،‬فمنعني بشير وقال ‪ :‬إ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا ‪ ،‬وقال ‪ :‬يفعل‬
‫ذلك النّصارى ‪ ،‬ولكن صوموا كما أمركم اللّه ‪ ،‬أت ّ‬
‫موا‬
‫صيام إلى اللّيل ‪ ،‬فإذا كان اللّيل فأفطروا »‬ ‫ال ّ‬
‫وذهب أحمد وجماعة من المالكيّة إلى جواز الوصال‬
‫سحر ‪ ،‬وبهذا قال إسحاق وابن المنذر وابن‬ ‫إلى ال ّ‬
‫شافعيّة في الوجه الخر ‪ ،‬وهو ما‬ ‫خزيمة ‪ .‬ويرى ال ّ‬

‫‪557‬‬
‫ي من المالكيّة ‪ :‬تحريم وصال‬ ‫ححه ابن العرب ّ‬ ‫ص ّ‬
‫صوم ‪ .‬وللتّفصيل ( ر ‪ :‬صوم ) ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫صوم ‪:‬‬ ‫د ‪ -‬إفراد يوم عاشوراء بال ّ‬
‫‪ - 15‬ذهب الحنفيّة ‪ -‬وهو مقتضى كلم أحمد كما‬
‫يقول ابن تيميّة ‪ -‬إلى كراهة إفراد يوم عاشوراء‬
‫صوم للتّشبّه باليهود ‪ .‬فقد روى مسلم عن ابن‬ ‫بال ّ‬
‫عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال ‪ « :‬حين صام‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء‬
‫وأمر بصيامه قالوا ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬إنّه يوم تعظّمه‬
‫اليهود والنّصارى ‪ .‬فقال رسول اللّه صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬فإذا كان العام المقبل إن شاء اللّه صمنا‬
‫اليوم التّاسع » قال ‪ :‬فلم يأت العام المقبل حتّى‬
‫توفّي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫قال النّوويّ ‪ ،‬نقل عن بعض العلماء في تعليقه على‬
‫سبب في صوم التّاسع مع العاشر‬ ‫ل ال ّ‬ ‫الحديث ‪ :‬لع ّ‬
‫أن ل يتشبّه باليهود في إفراد العاشر ‪ ،‬وفي الحديث‬
‫إشارة إلى هذا ‪.‬‬
‫شافعيّة والحنابلة صوم عاشوراء ‪-‬‬ ‫ب ال ّ‬ ‫هذا ‪ ،‬واستح ّ‬
‫وهو العاشر من المحّرم ‪ -‬وتاسوعاء ‪ -‬وهو التّاسع‬
‫ب أن يصوم قبل‬ ‫منه ‪ -‬ويرى الحنفيّة أنّه يستح ّ‬
‫عاشوراء يوما ً وبعده يوما ً ‪ .‬وقال المالكيّة ‪ :‬ندب‬
‫صوم عاشوراء وتاسوعاء والثّمانية قبله ‪.‬‬
‫وتفصيل ر ‪ ( :‬صوم ‪ ،‬وعاشوراء ) ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬التّشبّه بالَف َ‬
‫سَقة ‪:‬‬
‫ص أهل الفسوق والمجون‬ ‫ي ‪ :‬لو خ ّ‬ ‫‪ - 16‬قال القرطب ّ‬
‫ن به من ل يعرفه‬ ‫بلباس منع لبسه لغيرهم ‪ ،‬فقد يظ ّ‬
‫سوء فيأثم الظّا ّ‬
‫ن‬ ‫ن ال ّ‬‫ن به ظ ّ‬ ‫أنّه منهم ‪ ،‬فيظ ّ‬
‫والمظنون فيه بسبب العون عليه ‪ .‬وللتّفصيل ر ‪:‬‬
‫( شهادة ‪ ،‬فسق ) ‪.‬‬

‫‪558‬‬
‫خامسا ً ‪ -‬تشبّه الّرجال بالنّساء وعكسه ‪:‬‬
‫‪ - 17‬ذهب جمهور العلماء إلى تحريم تشبّه النّساء‬
‫بالّرجال والّرجال بالنّساء ‪.‬‬
‫فقد روي البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما‬
‫أنّه قال ‪ « :‬لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‬
‫المتشبّهين من الّرجال بالنّساء ‪ ،‬والمتشبّهات من‬
‫النّساء بالّرجال » ‪.‬‬
‫شافعيّة في قول ‪ ،‬وجماعة من الحنابلة إلى‬ ‫وذهب ال ّ‬
‫كراهة تشبّه الّرجال بالنّساء وعكسه ‪ .‬والتّشبّه‬
‫سكنات والتّصنّع‬‫يكون في اللّباس والحركات وال ّ‬
‫بالعضاء والصوات ‪.‬‬
‫ومثال ذلك ‪ :‬تشبّه الّرجال بالنّساء في اللّباس‬
‫ص بالنّساء ‪ ،‬مثل لبس المقانع‬ ‫والّزينة الّتي تخت ّ‬
‫والقلئد والمخانق والسورة والخلخل والقرط ونحو‬
‫ن‬
‫ما ليس للّرجال لبسه ‪ .‬وكذلك التّشبّه به ّ‬ ‫ذلك م ّ‬
‫في الفعال الّتي هي مخصوصة بها كالنخناث في‬
‫الجسام والتّأنّث في الكلم والمشي‪ .‬كذلك تشبّه‬
‫النّساء بالّرجال في زيّهم أو مشيهم أو رفع صوتهم‬
‫أو غير ذلك‪.‬‬
‫ل بلد ‪ ،‬فقد‬ ‫وهيئة اللّباس قد تختلف باختلف عادة ك ّ‬
‫زي رجالهم لكن تمتاز‬ ‫ّ‬ ‫ل يفترق زيّ نسائهم عن‬
‫ن‬
‫النّساء بالحتجاب والستتار ‪ .‬قال السنويّ ‪ :‬إ ّ‬
‫ل من النّوعين ‪ -‬حتّى يحرم‬ ‫وزي ك ّ‬‫ّ‬ ‫العبرة في لباس‬
‫التّشبّه به فيه ‪ -‬بعرف ك ّ‬
‫ل ناحية ‪.‬‬
‫مد‬‫ص بمن تع ّ‬ ‫م التّشبّه بالكلم والمشي فمخت ّ‬ ‫ما ذ ّ‬
‫وأ ّ‬
‫ما من كان ذلك من أصل خلقته فإنّما يؤمر‬ ‫ذلك ‪ ،‬وأ ّ‬
‫بتكلّف تركه والدمان على ذلك بالتّدريج ‪ ،‬فإن لم‬
‫م ‪ ،‬ول سيّما إن بدا منه ما‬ ‫يفعل وتمادى دخله الذ ّ ّ‬
‫ل على الّرضا به ‪.‬‬ ‫يد ّ‬

‫‪559‬‬
‫هذا ويجب إنكار التّشبّه باليد ‪ ،‬فإن عجز فباللّسان‬
‫مع أمن العاقبة ‪ ،‬فإن عجز فبقلبه كسائر المنكرات‬
‫‪ .‬ويترتّب على هذا أنّه يجب على الّزوج أن يمنع‬
‫ما تقع فيه من التّشبّه بالّرجال في لبسة أو‬ ‫زوجته م ّ‬
‫مشية أو غيرهما ‪ ،‬امتثال ً لقوله تعالى ‪ { :‬قُوا‬
‫م نَارا ً } أي بتعليمهم وتأديبهم‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سكم َوأهليك ْ‬ ‫أنْف َ‬
‫وأمرهم بطاعة ربّهم ونهيهم عن معصيته ‪.‬‬
‫مة بالمسلمين ‪:‬‬ ‫سادسا ً ‪ :‬تشبّه أهل الذ ّ ّ‬
‫مة بإظهار علمات يعرفون بها ‪،‬‬ ‫‪ - 18‬يؤخذ أهل الذ ّ ّ‬
‫ول يتركون يتشبّهون بالمسلمين في لباسهم‬
‫ن عمر‬ ‫ومراكبهم وهيئاتهم ‪ .‬والصل فيه ما روي" أ ّ‬
‫بن عبد العزيز رحمه الله مّر على رجال ركوب ذوي‬
‫هيئة ‪ ،‬فظنّهم مسلمين فسلّم عليهم ‪ ،‬فقال له رجل‬
‫من أصحابه ‪ :‬أصلحك اللّه تدري من هؤلء ؟ فقال ‪:‬‬
‫ما أتى منزله‬ ‫من هم ؟ فقال ‪ :‬نصارى بني تغلب ‪ .‬فل ّ‬
‫ي إل عقد‬ ‫أمر أن ينادى في النّاس أن ل يبقى نصران ّ‬
‫ناصيته وركب الكاف "‪ .‬ولم ينقل أنّه أنكر عليه أحد‬
‫سلم من شعائر السلم‬ ‫ن ال ّ‬
‫‪ ،‬فيكون كالجماع ‪ .‬ول ّ‬
‫شعائر عند‬ ‫فيحتاج المسلمون إلى إظهار هذه ال ّ‬
‫مة‬‫اللتقاء ‪ ،‬ول يمكنهم ذلك إّل بتمييز أهل الذ ّ ّ‬
‫بالعلمة ‪.‬‬
‫هذا ‪ ،‬وإذا وجب التّمييز وجب أن يكون فيه صغار ل‬
‫ن إذللهم واجب بغير أذى من ضرب أو‬ ‫إعزاز ‪ ،‬ل ّ‬
‫صفع بل سبب يكون منه ‪ ،‬بل المراد اتّصافه بهيئة‬
‫صة ‪.‬‬‫خا ّ‬
‫مة عن نساء‬ ‫وكذا يجب أن يتميّز نساء أهل الذ ّ ّ‬
‫المسلمين في حال المشي في الطّريق ‪ ،‬وتجعل‬
‫ص به‬ ‫على دورهم علمة كي ل يعاملوا بما يخت ّ‬
‫المسلمون ‪ ،‬ول يمنعون من أن يسكنوا في أمصار‬

‫‪560‬‬
‫المسلمين في غير جزيرة العرب يبيعون ويشترون ‪،‬‬
‫مة شرع ليكون وسيلة لهم إلى السلم‬ ‫ن عقد الذ ّ ّ‬ ‫ل ّ‬
‫‪ .‬وتمكينهم من المقام أبلغ إلى هذا المقصود ‪.‬‬
‫مة فيه‬ ‫وللتّفصيل في المور الّتي يمنع تشبّه أهل الذ ّ ّ‬
‫مة من كتب‬ ‫بالمسلمين تنظر أبواب الجزية وعقد الذ ّ ّ‬
‫الفقه ‪.‬‬
‫================‬
‫تشريك *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التّشريك في اللّغة ‪ :‬مصدر شّرك ‪ .‬يقال ‪ :‬شّرك‬
‫فلن فلنا ‪ .‬إذا أدخله في المر وجعله شريكا ً له فيه‬
‫‪ .‬ويقال ‪ :‬شّرك غيره في ما اشتراه ليدفع الغير‬
‫بعض الثّمن ‪ ،‬ويصير شريكا ً له في المبيع ‪ .‬ويقال‬
‫أيضا ‪ :‬شّرك نعله تشريكا ‪ :‬إذا حمل له شراكا ‪،‬‬
‫شراك ‪ :‬سير النّعل الّذي على ظهرها ‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫ي ‪ :‬إدخال الغير في‬ ‫شرع ّ‬‫والتّشريك في الصطلح ال ّ‬
‫شراء ونحوه ‪ ،‬ليكون شريكا له فيه ‪.‬‬ ‫السم كال ّ‬
‫صلة ‪:‬‬
‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫الشراك ‪:‬‬
‫‪ - 2‬الشراك بمعنى التّشريك ‪ .‬وإذا قيل ‪ :‬أشرك‬
‫الكافر باللّه ‪ ،‬فالمراد أنّه جعل غير اللّه شريكا له ‪،‬‬
‫تعالى اللّه عن ذلك ‪ ( .‬ر ‪ :‬إشراك ) ‪.‬‬
‫حكم التّشريك ‪:‬‬
‫شراء ونحوه جائز ‪ ،‬وتشريك غير‬ ‫‪ - 3‬التّشريك في ال ّ‬
‫عبادة في نيّة العبادة أو تشريك عبادتين في نيّة‬
‫واحدة جائز على التّفصيل التي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬تشريك ما ل يحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة ‪:‬‬
‫‪ - 4‬ل نعلم خلفا بين الفقهاء في جواز تشريك ما ل‬
‫ج‬‫يحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة ‪ ،‬كالتّجارة مع الح ّ‬

‫‪561‬‬
‫جالً‬ ‫ك رِ َ‬ ‫ج يَأْتُو َ‬ ‫ح ِّ‬
‫س بِال َ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬‫ن في الن َّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬
‫لقوله تعالى ‪ { :‬وأ َ‬
‫َ‬
‫ن ك ُ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫وع َلى ك ُ ِّ‬
‫شهَدُوا‬ ‫ميق لِي ْ‬ ‫ج عَ ِ‬‫ل فَ ٍ ّ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫مرٍ يَأتِي َ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ل َ‬
‫َ‬
‫ت‪...‬‬ ‫ما ٍ‬ ‫معْلُو َ‬ ‫م اللّهِ في أيَّام ٍ َ‬ ‫منَافِعَ لَهم َويَذ ْكُروا اس َ‬ ‫َ‬
‫ح‬‫جنَا ٌ‬
‫م ُ‬ ‫س ع َليك ْ‬ ‫ج أيضا ‪ { :‬لَي َ‬ ‫} وقوله في شأن الح ّ‬
‫م } نزلت في التّجارة مع‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫ن َربِّك ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ضل‬‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ُوا‬ ‫غ‬‫َ‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫ْ‬
‫حة ‪ ،‬والوضوء مع نيّة‬ ‫ص ّ‬ ‫صوم مع قصد ال ّ‬ ‫ج ‪ .‬وال ّ‬ ‫الح ّ‬
‫ن هذه‬ ‫صلة مع نيّة دفع الغريم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫التّبّرد ‪ ،‬وال ّ‬
‫الشياء تحصل بغير نيّة فلم يؤثّر تشريكها في نيّة‬
‫العبادة ‪ ،‬وكالجهاد مع قصد حصول الغنيمة ‪ .‬جاء في‬
‫ي‪:‬‬ ‫مواهب الجليل نقل عن الفروق للقراف ّ‬
‫من يجاهد لتحصيل طاعة اللّه بالجهاد ‪ ،‬وليحصل له‬
‫المال من الغنيمة ‪ ،‬فهذا ل يضّره ول يحرم عليه‬
‫ن اللّه تعالى جعل له هذا في هذه‬ ‫بالجماع ‪ ،‬ل ّ‬
‫العبادة ‪ .‬ففّرق بين جهاده ليقول النّاس ‪ :‬هذا شجاع‬
‫‪ ،‬أو ليعظّمه المام ‪ ،‬فيكثر عطاءه من بيت المال ‪.‬‬
‫فهذا ونحوه رياء حرام ‪ .‬وبين أن يجاهد لتحصيل‬
‫العدو مع أنّه قد شّرك ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الغنائم من جهة أموال‬
‫ن الّرياء أن يعمل ليراه‬ ‫ول يقال لهذا رياء ‪ ،‬بسبب أ ّ‬
‫غير اللّه من خلقه ‪ .‬ومن ذلك أن يجدّد وضوءا‬
‫ليحصل له التّبّرد أو التّنظّف ‪ ،‬وجميع هذه الغراض‬
‫ل يدخل فيها تعظيم الخلق ‪ ،‬بل هي لتشريك أمور‬
‫من المصالح ليس لها إدراك ‪ ،‬ول تصلح للدراك ول‬
‫للتّعظيم ‪ ،‬ذلك ل يقدح في العبادات ‪ ،‬فظهر الفرق‬
‫بين قاعدة الّرياء في العبادات وبين قاعدة التّشريك‬
‫فيها ‪ .‬وجاء في مغني المحتاج ‪ :‬من نوى بوضوئه‬
‫تبّردا أو شيئا يحصل بدون قصد كتنظّف ‪ ،‬ولو في‬
‫أثناء وضوئه ( مع نيّة معتبرة ) أي مستحضرا عند‬
‫نيّة التّبّرد أو نحوه نيّة الوضوء أجزأه ذلك على‬
‫ل نوى‬ ‫صحيح ‪ ،‬لحصول ذلك من غير نيّة ‪ ،‬كمص ّ‬ ‫ال ّ‬

‫‪562‬‬
‫ن اشتغاله عن‬ ‫صلة ودفع الغريم فإنّها تجزئه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الغريم ل يفتقر إلى نيّة ‪ .‬والقول الثّاني يضّر ‪ ،‬لما‬
‫في ذلك من التّشريك بين قربة وغيرها ‪ ،‬فإن فقد‬
‫النّيّة المعتبرة ‪ ،‬كأن نوى التّبّرد أو نحوه وقد غفل‬
‫ح غسل ما غسله بنيّة التّبّرد ونحوه ‪،‬‬ ‫عنها ‪ ،‬لم يص ّ‬
‫ويلزمه إعادته دون استئناف الطّهارة ‪ .‬قال‬
‫ما الثّواب‬ ‫حة ‪ .‬أ ّ‬
‫ص ّ‬
‫ي ‪ :‬وهذا الخلف في ال ّ‬ ‫الّزركش ّ‬
‫ي فيما إذا‬ ‫فالظّاهر عدم حصوله ‪ ،‬وقد اختار الغزال ّ‬
‫شّرك في العبادة غيرها من أمر دنيويّ اعتبار‬
‫نيوي هو‬
‫ّ‬ ‫الباعث على العمل ‪ ،‬فإن كان القصد الد ّ‬
‫ي‬
‫الغلب لم يكن فيه أجر ‪ ،‬إن كان القصد الدّين ّ‬
‫أغلب فله بقدره ‪ ،‬وإن تساويا تساقطا ‪ .‬واختار ابن‬
‫سلم أنّه ل أجر فيه مطلقا ‪ ،‬سواء أتساوى‬ ‫عبد ال ّ‬
‫القصدان أم اختلفا ‪ .‬وانظر أيضا مصطلح ‪ ( :‬نيّة ) ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تشريك عبادتين في نيّة ‪:‬‬
‫‪ - 5‬إن أشرك عبادتين في النّيّة ‪ ،‬فإن كان مبناهما‬
‫على التّداخل كغسلي الجمعة والجنابة ‪ ،‬أو الجنابة‬
‫والحيض ‪ ،‬أو غسل الجمعة والعيد ‪ ،‬أو كانت‬
‫إحداهما غير مقصودة كتحيّة المسجد مع فرض أو‬
‫ن مبنى‬ ‫سنّة أخرى ‪ ،‬فل يقدح ذلك في العبادة ‪ ،‬ل ّ‬
‫الطّهارة على التّداخل ‪ ،‬والتّحيّة وأمثالها غير‬
‫مقصودة بذاتها ‪ ،‬بل المقصود شغل المكان‬
‫ما التّشريك بين‬ ‫صلة ‪ ،‬فيندرج في غيره ‪ .‬أ ّ‬ ‫بال ّ‬
‫ح‬‫عبادتين مقصودتين بذاتها كالظّهر وراتبته ‪ ،‬فل يص ّ‬
‫تشريكهما في نيّة واحدة ‪ ،‬لنّهما عبادتان مستقلّتان‬
‫ل تندرج إحداهما في الخرى ‪.‬‬
‫وانظر أيضا مصطلح ‪ ( :‬نيّة ) ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التّشريك في المبيع ‪:‬‬

‫‪563‬‬
‫‪ - 6‬يجوز التّشريك في العقد ‪ ،‬كأن يقول المشتري‬
‫لعالم بالثّمن ‪ :‬أشركتك في هذا المبيع ويقبل الخر ‪،‬‬
‫ل اتّفاق بين الفقهاء فإن أشركه في قدر‬ ‫وهذا مح ّ‬
‫معلوم كالنّصف والّربع فله ذلك في المبيع ‪ ،‬وإن‬
‫شركة المطلقة تقتضي‬ ‫ن ال ّ‬
‫أطلق فله النّصف ‪ ،‬ل ّ‬
‫المساواة ‪ ،‬وهو كالبيع والتّولية في أحكامه‬
‫وشروطه ‪.‬‬
‫د ‪ -‬التّشريك بين نسوة في طَلْقة ‪:‬‬
‫ن طلقة وقع‬ ‫‪ - 7‬إذا قال لنسائه الربع ‪ :‬أوقعت عليك ّ‬
‫ن الطّلقة ل تتجّزأ ‪.‬‬ ‫ل واحدة طلقة ‪ ،‬ل ّ‬ ‫على ك ّ‬
‫ولو قال ‪ :‬طلقتين أو ثلثا ً أو أربعا ً ‪ ،‬وقع على ك ّ‬
‫ل‬
‫ل طلقة‬ ‫واحدة طلقة فقط ‪ ،‬إل أن يريد توزيع ك ّ‬
‫ل واحدة‬ ‫ن ‪ ،‬فيقع في " طلقتين " على ك ّ‬ ‫عليه ّ‬
‫طلقتان ‪ ،‬وفي " ثلث وأربع " ‪ ،‬ثلث ‪.‬‬
‫=================‬
‫تشميت *‬
‫‪ - 1‬من معاني التّشميت لغة ‪ :‬الدّعاء بالخير والبركة‬
‫شين‬ ‫مت بال ّ‬ ‫مت ومس ّ‬ ‫ش ِّ‬‫م َ‬ ‫ل داع لحد بخير فهو ُ‬ ‫‪ .‬وك ّ‬
‫شين أعلى وأفشى في كلمهم ‪ .‬وك ّ‬
‫ل‬ ‫سين ‪ ،‬وال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ي‬
‫دعاء بخير فهو تشميت ‪ .‬وفي حديث« تزويج عل ّ‬
‫مت عليهما » ‪ :‬أي دعا‬ ‫بفاطمة رضي الله عنهما ‪ :‬ش ّ‬
‫مت‬ ‫لهما بالبركة‪ .‬وفي حديث العطاس ‪ « :‬فش ّ‬
‫مت الخر » ‪ .‬فالتّشميت والتّسميت‬ ‫أحدهما ولم يش ّ‬
‫‪ :‬الدّعاء بالخير والبركة ‪ .‬وتشميت العاطس أو‬
‫ميته ‪ :‬أن يقول له متى كان مسلما ‪ :‬يرحمك‬ ‫س ِ‬
‫تَ ْ‬
‫ي عن هذا‬ ‫اللّه ‪ .‬وهو ل يخرج في الصطلح الفقه ّ‬
‫المعنى ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم التّكليف ّ‬

‫‪564‬‬
‫‪ - 2‬اتّفق العلماء على أنّه يشرع للعاطس عقب‬
‫عطاسه أن يحمد اللّه ‪ ،‬فيقول ‪ :‬الحمد للّه ‪ ،‬ولو زاد‬
‫ب العالمين كان أحسن كفعل ابن مسعود ‪ .‬ولو‬ ‫‪:‬ر ّ‬
‫ل حال كان أفضل كفعل ابن‬ ‫قال ‪ :‬الحمد للّه على ك ّ‬
‫عمر ‪ .‬وقيل يقول ‪ :‬الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا‬
‫ي‬
‫مباركا فيه ‪ ،‬كفعل غيرهما ‪ .‬وروى أحمد والنّسائ ّ‬
‫من حديث سالم بن عبيد مرفوعا « إذا عَطَس‬
‫ل حال أو الحمد‬ ‫أحدكم فليقل ‪ :‬الحمد للّه على ك ّ‬
‫ب العالمين » وفي حديث أبي هريرة رضي‬ ‫للّه ر ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪« :‬‬ ‫الله عنه عن النّب ّ‬
‫ل حال‬ ‫إذا عطس أحدكم فليقل ‪ :‬الحمد للّه على ك ّ‬
‫» ومتى حمد اللّه بعد عطسته كان حّقا على من‬
‫سمعه من إخوانه المسلمين غير المصلّين أن‬
‫مته " يرحمك اللّه " فقد روى البخاريّ من حديث‬ ‫يش ّ‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه « إذا عطس أحدكم‬
‫ل مسلم سمعه أن يقول ‪:‬‬ ‫فحمد اللّه فحقّ على ك ّ‬
‫يرحمك اللّه » ‪.‬‬
‫البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه‬ ‫ّ‬ ‫وفي صحيح‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬إذا عطس‬ ‫عن النّب ّ‬
‫أحدكم فليقل ‪ :‬الحمد للّه ‪ .‬وليقل له أخوه أو‬
‫صاحبه ‪ :‬يرحمك اللّه ‪ .‬فإذا قال له ‪ :‬يرحمك اللّه‬
‫فليقل ‪ :‬يهديكم اللّه ويصلح بالكم » ‪.‬‬
‫ق‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قال ‪ « :‬ح ّ‬ ‫وعن النّب ّ‬
‫سلم ‪ ،‬وعيادة‬ ‫المسلم على المسلم خمس ‪ :‬رد ّ ال ّ‬
‫المريض واتّباع الجنائز ‪ ،‬وإجابة الدّعوة ‪ ،‬وتشميت‬
‫ق المسلم على‬ ‫العاطس » وفي رواية لمسلم « ح ّ‬
‫ت ‪ :‬إذا لقيته فسلّم عليه ‪ ،‬وإذا دعاك‬ ‫المسلم س ّ‬
‫فأجبه ‪ ،‬وإذا استنصحك فانصح له ‪ ،‬وإذا عطس‬
‫مته ‪ ،‬وإذا مرض فعده ‪ ،‬وإذا‬ ‫فحمد اللّه تعالى فش ّ‬

‫‪565‬‬
‫مات فاتّبعه » ‪ .‬وإن لم يحمد اللّه بعد عطسته فل‬
‫الشعري رضي الله عنه‬ ‫ّ‬ ‫مت ‪ .‬فعن أبي موسى‬ ‫يش ّ‬
‫متوه ‪،‬‬ ‫مرفوعا ً « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فش ّ‬
‫متوه » ‪.‬‬ ‫فإن لم يحمد اللّه فل تش ّ‬
‫وعن أنس رضي الله عنه قال ‪ « :‬عطس رجلن‬
‫مت أحدهما ولم‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم فش ّ‬ ‫عند النّب ّ‬
‫مته ‪ :‬عطس فلن‬ ‫مت الخر ‪ .‬فقال الّذي لم يش ّ‬ ‫يش ّ‬
‫ن هذا‬ ‫متني فقال ‪ :‬إ ّ‬ ‫متَّه ‪ ،‬وعطست فلم تش ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫فَ َ‬
‫حمد اللّه تعالى ‪ ،‬وإنّك لم تحمد اللّه تعالى » وهذا‬
‫م وليس مخصوصا بالّرجل الّذي وقع له‬ ‫الحكم عا ّ‬
‫ذلك ‪ .‬يؤيّد العموم ما جاء في حديث أبي موسى‬
‫متوه ‪ ،‬وإن لم‬ ‫« إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فش ّ‬
‫متوه » ‪.‬‬‫يحمد اللّه فل تش ّ‬
‫فالتّشميت قد شرع لمن حمد اللّه دون من لم‬
‫ن العاطس حمد اللّه‬ ‫سامع أ ّ‬ ‫يحمده ‪ ،‬فإذا عرف ال ّ‬
‫مته ‪ ،‬كأن سمعه يحمد اللّه ‪ ،‬وإن‬ ‫بعد عطسته ش ّ‬
‫سمع العطسة ولم يسمعه يحمد اللّه ‪ ،‬بل سمع من‬
‫مت ذلك العاطس ‪ ،‬فإنّه يشرع له التّشميت‬ ‫ش ّ‬
‫ووي‬
‫ّ‬ ‫لعموم المر به لمن عطس فحمد ‪ ،‬وقال الن ّ‬
‫مته من سمعه دون غيره ‪.‬‬ ‫المختار أنّه يش ّ‬
‫شافعيّة ‪ .‬وفي قول‬ ‫وهذا التّشميت سنّة عند ال ّ‬
‫للحنابلة وعند الحنفيّة هو واجب ‪.‬‬
‫وقال المالكيّة ‪ ،‬وهو المذهب عند الحنابلة بوجوبه‬
‫ن الشهر أنّه فرض‬ ‫على الكفاية ‪ .‬ونقل عن البيان أ ّ‬
‫ل مسلم سمعه أن‬ ‫عين ‪ ،‬لحديث « كان حّقا على ك ّ‬
‫يقول له ‪ :‬يرحمك اللّه » ‪.‬‬
‫ب لمن‬ ‫فإن عطس ولم يحمد اللّه نسيانا استح ّ‬
‫مته ‪.‬‬‫حضره أن يذكّره الحمد ليحمد فيش ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫وقد ثبت ذلك عن إبراهيم النّخع ّ‬

‫‪566‬‬
‫مته ‪ :‬فيقول‬ ‫‪ - 3‬ويندب للعاطس أن يرد ّ على من ش ّ‬
‫له ‪ :‬يغفر اللّه لنا ولكم ‪ ،‬أو يهديكم اللّه ويصلح‬
‫بالكم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬يجمع بينهما ‪ ،‬فيقول ‪ :‬يرحمنا اللّه‬
‫وإيّاكم ويغفر لنا ولكم ‪ .‬فقد روي عن ابن عمر أنّه‬
‫كان إذا عطس فقيل له ‪ :‬يرحمك اللّه ‪ .‬قال ‪":‬‬
‫يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر اللّه لنا ولكم "‪ .‬قال ابن‬
‫أبي جمرة ‪ :‬في الحديث دليل على عظيم نعمة اللّه‬
‫ما رتّب عليه من الخير‬ ‫على العاطس ‪ .‬يؤخذ ذلك م ّ‬
‫‪ .‬وفيه إشارة إلى عظيم فضل اللّه على عبده ‪ .‬فإنّه‬
‫م شرع له‬ ‫ضرر بنعمة العطس ‪ ،‬ث ّ‬ ‫أذهب عنه ال ّ‬
‫م الدّعاء بالخير بعد الدّعاء‬ ‫الحمد الّذي يثاب عليه ‪ ،‬ث ّ‬
‫بالخير وشرع هذه النّعم المتواليات في زمن يسير‬
‫فضل منه وإحسانا ً ‪.‬‬
‫فإذا قيل للعاطس ‪ :‬يرحمك اللّه ‪ ،‬فمعناه ‪ :‬جعل‬
‫سلمة ‪ ،‬وفيه إشارة إلى‬ ‫اللّه لك ذلك لتدوم لك ال ّ‬
‫تنبيه العاطس على طلب الّرحمة والتّوبة من الذ ّنب‬
‫م شرع به الجواب بقوله ‪ :‬غفر اللّه لنا ولكم‬ ‫‪ ،‬ومن ث َ َّ‬
‫وقوله ‪ :‬ويصلح بالكم أي شأنكم ‪ .‬وقوله تعالى ‪:‬‬
‫م } أي شأنهم ‪ .‬وهذا ما لم‬ ‫ح بَالَه ْ‬
‫صل ِ ُ‬
‫م وَي ُ ْ‬
‫سيَهْدِيه ْ‬
‫{ َ‬
‫يكن في صلته أو خلئه ‪.‬‬
‫ما ينبغي للعاطس مراعاته ‪:‬‬
‫‪ - 4‬من آداب العاطس ‪ :‬أن يخفض بالعطس صوته‬
‫ويرفعه بالحمد ‪ .‬وأن يغطّي وجهه لئّل يبدو من فيه‬
‫أو أنفه ما يؤذي جليسه ‪ .‬ول يلوي عنقه يمينا ً ول‬
‫ي ‪ :‬الحكمة‬ ‫شمال ً لئل يتضّرر بذلك ‪ .‬قال ابن العرب ّ‬
‫ن رفعه إزعاجاً‬ ‫صوت بالعطاس ‪ :‬أ ّ‬ ‫في خفض ال ّ‬
‫للعضاء ‪.‬‬
‫وفي تغطية الوجه ‪ :‬أنّه لو بدر منه شيء آذى‬
‫جليسه ‪ .‬ولو لوى عنقه صيانة لجليسه لم يأمن من‬

‫‪567‬‬
‫اللتواء ‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪« :‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع‬ ‫كان النّب ّ‬
‫ض بها صوته » ‪.‬‬ ‫يده أو ثوبه على فيه ‪ ،‬وخفض أو غ ّ‬
‫حكمة مشروعيّة التّشميت ‪:‬‬
‫‪ - 5‬قال ابن دقيق العيد ‪ :‬من فوائد التّشميت‬
‫تحصيل المودّة ‪ ،‬والتّأليف بين المسلمين ‪ ،‬وتأديب‬
‫العاطس بكسر النّفس عن الكبر ‪ ،‬والحمل على‬
‫التّواضع لما في ذكر الّرحمة من الشعار بالذ ّنب‬
‫الّذي ل يعرى عنه أكثر المكلّفين ‪.‬‬
‫التّشميت أثناء الخطبة ‪:‬‬
‫‪ - 6‬كره الحنفيّة والمالكيّة التّشميت أثناء الخطبة ‪،‬‬
‫ن الكلم عند الخطبة‬ ‫شافعيّة في الجديد ‪ :‬أ ّ‬ ‫وعند ال ّ‬
‫ن النصات ‪ ،‬ول فرق في ذلك بين‬ ‫ل يحرم ‪ ،‬ويس ّ‬
‫ل بما روى أنس رضي الله‬ ‫التّشميت وغيره ‪ ،‬واستد ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫عنه قال ‪ « :‬دخل رجل والنّب ّ‬
‫وسلم قائم على المنبر يوم الجمعة فقال ‪ :‬متى‬
‫ساعة ؟ فأشار النّاس إليه أن اسكت فقال له‬ ‫ال ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عند الثّالثة ‪ :‬ما‬
‫ب اللّه ورسوله قال ‪ :‬إنّك مع‬ ‫أعددت لها ؟ قال ‪ :‬ح َّ‬
‫ت » وإذ جاز هذا في الخطبة جاز تشميت‬ ‫من أحبب َ‬
‫العاطس أثناءها ‪.‬‬
‫ن‬
‫شافعيّة ‪ :‬أ ّ‬‫وعند المالكيّة ‪ ،‬وهو القديم عند ال ّ‬
‫النصات لسماع الخطبة واجب ‪ .‬لما روى جابر‬
‫رضي الله عنه قال ‪ « :‬دخل ابن مسعود رضي الله‬
‫ي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس‬ ‫عنه والنّب ّ‬
‫ي رضي الله عنه فسأله عن شيء فلم يردّ‬ ‫إلى أب ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫عليه ‪ ،‬فسكت حتّى صلّى النّب ّ‬
‫ي ؟ فقال ‪ :‬إنّك‬ ‫وسلم فقال له ‪ :‬ما منعك أن ترد ّ عل ّ‬
‫لم تشهد معنا الجمعة ‪ .‬قال ‪ :‬ولم ؟ قال ‪ :‬لنّك‬

‫‪568‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم يخطب ‪ ،‬فقام‬ ‫تكلّمت والنّب ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ابن مسعود فدخل على النّب ّ‬
‫ي » وإذا كان النصات‬ ‫فذكر له ‪ ،‬فقال ‪ :‬صدق أب ّ‬
‫واجبا ً كان ما خالفه من تشميت العاطس أثناء‬
‫الخطبة حراما ‪ .‬وللحنابلة روايتان ‪ :‬إحداهما ‪ :‬الجواز‬
‫مطلقا أخذا ً من قول الثرم ‪ :‬سمعت أبا عبد اللّه أي‬
‫سلم يوم الجمعة‬ ‫المام أحمد ‪ -‬سئل ‪ :‬يرد ّ الّرجل ال ّ‬
‫مت العاطس ؟ فقال ‪:‬‬ ‫؟ فقال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬ويش ّ‬
‫نعم ‪ .‬والمام يخطب ‪ .‬وقال أبو عبد اللّه قد فعله‬
‫خص في‬ ‫من ر ّ‬ ‫غير واحد ‪ .‬قال ذلك غير مّرة ‪ ،‬وم ّ‬
‫وري‬
‫ّ‬ ‫ي وقتادة والث ّ‬ ‫ي والنّخع ّ‬ ‫شعب ّ‬ ‫ذلك الحسن وال ّ‬
‫وإسحاق ‪.‬‬
‫مت العاطس ‪،‬‬ ‫والثّانية ‪ :‬إن كان ل يسمع الخطبة ش ّ‬
‫وإن كان يسمع لم يفعل ‪ ،‬قال أبو طالب ‪ :‬قال‬
‫أحمد ‪ :‬إذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ول تقرأ‬
‫مت‬ ‫مت ‪ ،‬وإذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وش ّ‬ ‫ول تش ّ‬
‫سلم ‪ .‬وقال أبو داود ‪ :‬قلت لحمد ‪ :‬ير ّد‬ ‫ورد ّ ال ّ‬
‫مت العاطس ؟ قال ‪:‬‬ ‫سلم والمام يخطب ويش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫إذا كان ليس يسمع الخطبة فيرد ّ ‪ ،‬وإذا كان يسمع‬
‫فل لقول اللّه تعالى ‪:‬‬
‫َ‬
‫صتُوا } وروي نحو ذلك عن ابن‬ ‫معُوا لَه وأن ْ ِ‬ ‫{ فَا ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫عمر رضي الله عنهما ‪.‬‬
‫ن في الخلء لقضاء حاجته ‪:‬‬ ‫م ْ‬‫تشميت َ‬
‫مت‬ ‫‪ - 7‬يكره لمن في الخلء لقضاء حاجته أن يش ّ‬
‫عاطسا ً سمع عطسته ‪.‬‬
‫بذلك قال فقهاء المذاهب الربعة ‪ .‬كما كرهوا له إن‬
‫عطس في خلئه أن يحمد اللّه بلسانه ‪ ،‬وأجازوا له‬
‫ذلك في نفسه دون أن يحّرك به لسانه ‪ .‬وعن‬
‫ي‬‫المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال ‪ « :‬أتيت النّب ّ‬

‫‪569‬‬
‫صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلّمت عليه ‪ ،‬فلم‬
‫ي وقال ‪ :‬إنّي كرهت أن‬ ‫م اعتذر إل ّ‬
‫ضأ ‪ ،‬ث ّ‬ ‫يرد ّ حتّى تو ّ‬
‫أذكر اللّه تعالى إل على طهر أو قال ‪ :‬على طهارة‬
‫»‬
‫تشميت المرأة الجنبيّة للّرجل والعكس ‪:‬‬
‫‪ - 8‬إن كانت المرأة شابّة يخشى الفتنان بها كره‬
‫مت الّرجل إذا عطس ‪ ،‬كما يكره لها أن‬ ‫لها أن تش ّ‬
‫مت لها لو عطست هي ‪ .‬بخلف لو‬ ‫ترد ّ على مش ّ‬
‫مت‬ ‫كانت عجوزا ً ول تميل إليها النّفوس فإنّها تش ّ‬
‫مت متى حمدت اللّه ‪ ،‬بذلك قال المالكيّة‬ ‫وتش ّ‬
‫شرعيّة‬ ‫ومثلهم في ذلك الحنابلة ‪ .‬جاء في الداب ال ّ‬
‫شابّة‬‫مت الّرجل ال ّ‬ ‫لبن مفلح عن ابن تميم ‪ :‬ل يش ّ‬
‫مته ‪.‬‬
‫ول تش ّ‬
‫مت الّرجل المرأة إذا‬ ‫سامريّ ‪ :‬يكره أن يش ّ‬ ‫وقال ال ّ‬
‫عطست ول يكره ذلك للعجوز ‪.‬‬
‫وقال ابن الجوزيّ ‪ :‬وقد روينا عن أحمد بن حنبل‬
‫رضي الله عنه أنّه كان عنده رجل من العبّاد‬
‫فعطست امرأة أحمد ‪ ،‬فقال لها العابد ‪ :‬يرحمك‬
‫اللّه ‪ .‬فقال أحمد رحمه الله ‪ .‬عابد جاهل ‪ .‬وقال‬
‫مت المرأة إذا‬ ‫حرب ‪ :‬قلت لحمد ‪ :‬الّرجل يش ّ‬
‫عطست ؟ فقال ‪ :‬إن أراد أن يستنطقها ليسمع‬
‫ن الكلم فتنة ‪ ،‬وإن لم يرد ذلك فل‬ ‫كلمها فل ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‪.‬‬‫مته ّ‬ ‫بأس أن يش ّ‬
‫مت‬ ‫وقال أبو طالب ‪ :‬إنّه سأل أبا عبد اللّه ‪ :‬يش ّ‬
‫مت‬ ‫الّرجل المرأة إذا عطست ؟ قال ‪ :‬نعم قد ش ّ‬
‫أبو موسى امرأته‪ .‬قلت ‪ :‬فإن كانت امرأة تمّر أو‬
‫متها ؟ قال ‪ :‬نعم‪ .‬وقال‬ ‫جالسة فعطست أش ّ‬
‫مت الّرجل المرأة البرزة ويكره‬ ‫القاضي ‪ :‬ويش ّ‬
‫مت المرأة البرزة‬ ‫شابّة ‪ .‬وقال ابن عقيل ‪ :‬يش ّ‬ ‫لل ّ‬

‫‪570‬‬
‫شيخ‬ ‫مته ‪ ،‬وقال ال ّ‬ ‫شابّة ول تش ّ‬‫مت ال ّ‬ ‫مته ول يش ّ‬‫وتش ّ‬
‫عبد القادر ‪ :‬يجوز للّرجل تشميت المرأة البرزة‬
‫شابّة ‪ ،‬وفي هذا تفريق بين‬ ‫والعجوز ‪ ،‬ويكره لل ّ‬
‫ال ّ‬
‫شابّة وغيرها ‪.‬‬
‫وعند الحنفيّة ذكر صاحب الذ ّخيرة ‪ :‬أنّه إذا عطس‬
‫متته المرأة ‪ ،‬فإن عجوزا ً رد ّ عليها وإل ر ّد‬ ‫الّرجل فش ّ‬
‫في نفسه ‪ .‬قال ابن عابدين ‪ :‬وكذا لو عطست هي‬
‫كما في الخلصة ‪.‬‬
‫تشميت المسلم للكافر ‪:‬‬
‫‪ - 9‬لو عطس كافر وحمد اللّه عقيب عطاسه‬
‫مته بقوله ‪ :‬هداك‬ ‫وسمعه مسلم كان عليه أن يش ّ‬
‫اللّه أو عافاك اللّه ‪ ،‬فقد أخرج أبو داود من حديث‬
‫الشعري قال ‪ « :‬كانت اليهود‬ ‫ّ‬ ‫أبي موسى‬
‫ي صلى الله عليه وسلم رجاء أن‬ ‫يتعاطسون عند النّب ّ‬
‫يقول يرحمكم اللّه ‪ ،‬فكان يقول ‪ :‬يهديكم اللّه‬
‫ويصلح بالكم » ‪ .‬وفي قوله ‪ :‬يهديكم اللّه ويصلح‬
‫بالكم ‪ .‬تعريض لهم بالسلم ‪ :‬أي اهتدوا وآمنوا‬
‫يصلح اللّه بالكم ‪ .‬فلهم تشميت مخصوص ‪ ،‬وهو‬
‫الدّعاء لهم بالهداية وإصلح البال ‪ .‬بخلف تشميت‬
‫المسلمين ‪ ،‬فإنّهم أهل للدّعاء بالّرحمة بخلف‬
‫الكّفار ‪ .‬وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ‪« :‬‬
‫ي صلى الله‬ ‫اجتمع اليهود والمسلمون فعطس النّب ّ‬
‫مته الفريقان جميعا ً ‪ ،‬فقال‬ ‫عليه وسلم فش ّ‬
‫للمسلمين يغفر اللّه لكم ويرحمنا وإيّاكم ‪ .‬وقال‬
‫لليهود ‪ :‬يهديكم اللّه ويصلح بالكم »‬
‫تشميت المصلّي غيره ‪:‬‬
‫صلة وسمع عاطسا حمد اللّه‬ ‫‪ - 10‬من كان في ال ّ‬
‫ن تشميته له‬ ‫مته بطلت صلته ‪ ،‬ل ّ‬ ‫عقب عطاسه فش ّ‬
‫بقوله ‪ :‬يرحمك اللّه يجري في مخاطبات النّاس ‪،‬‬

‫‪571‬‬
‫فكان من كلمهم ‪ ،‬فقد روي عن معاوية بن الحكم‬
‫رضي الله عنه قال « ‪ :‬بينا أنا مع رسول اللّه صلى‬
‫صلة إذ عطس رجل من‬ ‫الله عليه وسلم في ال ّ‬
‫القوم ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يرحمك اللّه ‪ ،‬فحدّقني القوم‬
‫ماه ‪ ،‬ما لكم تنظرون‬ ‫ُ‬
‫بأبصارهم ‪ ،‬فقلت ‪ :‬واثكل أ ّ‬
‫ما‬
‫ي ؟ فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم ‪ ،‬فل ّ‬ ‫إل ّ‬
‫انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دعاني‬
‫ت معلّما ً أحسن تعليما ً منه ‪،‬‬ ‫مي هو ‪ ،‬ما رأي ُ‬ ‫بأبي وأ ّ‬
‫واللّه ما ضربني صلى الله عليه وسلم ول كهرني ث ّ‬
‫م‬
‫ن صلتنا هذه ل يصلح فيها شيء من كلم‬ ‫قال ‪ :‬إ ّ‬
‫الدميّين ‪ ،‬إنّما هي التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن‬
‫»‪.‬‬
‫هذا قول الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والمشهور عند‬
‫شافعيّة ‪ ،‬وإن كان تعبير الحنفيّة بالفساد وتعبير‬ ‫ال ّ‬
‫ن البطلن والفساد في ذلك‬ ‫غيرهم بالبطلن ‪ ،‬إّل أ ّ‬
‫بمعنى ‪.‬‬
‫مت نفسه‬ ‫فإن عطس هو في صلته فحمد اللّه وش ّ‬
‫في نفسه دون أن يحّرك بذلك لسانه بأن قال ‪:‬‬
‫ما لم‬‫يرحمك اللّه يا نفسي ل تفسد صلته ‪ ،‬لنّه ل ّ‬
‫يكن خطابا لغيره لم يعتبر من كلم النّاس كما إذا‬
‫قال ‪ :‬يرحمني اللّه ‪ .‬قال به الحنفيّة والحنابلة‬
‫المالكيّة ‪.‬‬
‫تشميت العاطس فوق ثلث ‪:‬‬
‫‪ - 11‬من تكّرر عطاسه فزاد على الثّلث فإنّه ل‬
‫مت فيما زاد عنها ‪ ،‬إذ هو بما زاد عنها مزكوم ‪.‬‬ ‫يش ّ‬
‫مت‬ ‫فعن سلمة بن الكوع رضي الله عنه ‪ « :‬ش ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجل ً عطس‬
‫م قال عنه في الثّالثة ‪:‬‬ ‫مّرتين بقوله ‪ :‬يرحمك اللّه ث ّ‬
‫هذا رجل مزكوم » ‪.‬‬

‫‪572‬‬
‫شافعيّة أنّه قال ‪:‬‬ ‫وذكر ابن دقيق العيد عن بعض ال ّ‬
‫يكّرر التّشميت إذا تكّرر العطاس ‪ ،‬إل أن يعرف أنّه‬
‫شفاء ‪ .‬وعند هذا سقط المر‬ ‫مزكوم فيدعو له بال ّ‬
‫ن التّعليل به‬‫بالتّشميت عند العلم بالّزكام ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن به زكاما ً أصل ً ‪،‬‬ ‫مت من علم أ ّ‬ ‫يقتضي أن ل يش ّ‬
‫فة‬‫لكونه مرضا ً ‪ ،‬وليس عطاسا ً محمودا ً ناشئا ً عن خ ّ‬
‫شبع ‪.‬‬‫م وعدم الغاية في ال ّ‬ ‫البدن وانفتاح المسا ّ‬
‫==============‬
‫تشمير *‬
‫التّعريف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬للتّشمير في اللّغة معان ‪ :‬منها ‪ :‬الّرفع يقال ‪:‬‬
‫مر الزار والثّوب تشميرا ً ‪ :‬إذا رفعه ‪ ،‬ويقال ‪:‬‬ ‫ش ّ‬
‫ف فيه‬ ‫مر في أمره ‪ :‬أي خ ّ‬ ‫مر عن ساقه ‪ ،‬وش ّ‬ ‫ش ّ‬
‫مر ‪ :‬قلّصه فتقلّص ‪،‬‬ ‫شيء فتش ّ‬ ‫مر ال ّ‬ ‫وأسرع ‪ ،‬وش ّ‬
‫مر أي ‪ :‬تهيّأ ‪ .‬وفي الصطلح ل يخرج عن‬ ‫وتش ّ‬
‫معنى رفع الثّوب ‪.‬‬
‫صلة ‪:‬‬ ‫اللفاظ ذات ال ّ‬
‫سدل ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬ال ّ‬
‫سدل في اللّغة ‪ :‬إرخاء الثّوب ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬من معاني ال ّ‬
‫يقال ‪ :‬سدلت الثّوب سدل ً ‪ :‬إذا أرخيته وأرسلته من‬
‫م جانبيه ‪.‬‬
‫غير ض ّ‬
‫وسدل الثّوب يسدله ويسدله سدل ً ‪ ،‬وأسدله ‪:‬‬
‫ي رضي الله عنه ‪ ":‬أنّه‬ ‫أرخاه وأرسله ‪ .‬وعن عل ّ‬
‫خرج فرأى قوما يصلّون قد سدلوا ثيابهم ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫كأنّهم اليهود خرجوا من فهورهم "‬
‫شخص ثوبه على رأسه ‪ ،‬أو‬ ‫واصطلحا ‪ :‬أن يجعل ال ّ‬
‫على كتفيه ‪ ،‬ويرسل أطرافه من جوانبه من غير أن‬
‫مها ‪ ،‬أو يرد ّ أحد طرفيه على الكتف الخرى ‪.‬‬ ‫يض ّ‬

‫‪573‬‬
‫صلة مكروه بالتّفاق ‪ .‬لما روي عن أبي‬ ‫وهو في ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬‫هريرة رضي الله عنه « أ ّ‬
‫صلة ‪. » . .‬‬ ‫سدل في ال ّ‬ ‫وسلم نهى عن ال ّ‬
‫ب ‪ -‬السبال ‪:‬‬
‫‪ - 3‬السبال في اللّغة ‪ :‬الرخاء والطالة ‪ .‬يقال ‪:‬‬
‫أسبل إزاره ‪ :‬إذا أرخاه ‪ .‬وأسبل فلن ثيابه ‪ :‬إذا‬
‫ن‬‫طوّلها وأرسلها إلى الرض ‪ ،‬وفي الحديث ‪ « :‬أ ّ‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬ثلثة ل‬
‫يكلّمهم اللّه يوم القيامة ول ينظر إليهم ول يزكّيهم ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬قلت ‪ :‬ومن هم ؟ خابوا وخسروا ‪ .‬فأعادها‬
‫رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلث مّرات ‪:‬‬
‫المسبل ‪ ،‬والمنّان ‪ ،‬والمنّفق سلعته بالحلف الكاذب‬
‫ي وغيره ‪ :‬المسبل ‪ :‬الّذي يطوّل‬ ‫» قال ابن العراب ّ‬
‫ثوبه ويرسله إلى الرض إذا مشى ‪ ،‬وإنّما يفعل ذلك‬
‫كبرا واختيال ‪.‬‬
‫وهو في الصطلح ل يخرج عن هذا المعنى ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ن النّب ّ‬‫وحكمه الكراهة ‪ ،‬لما روي أ ّ‬
‫وسلم قال ‪ « :‬من جّر ثوبه من الخيلء لم ينظر اللّه‬
‫إليه » وعن ابن مسعود قال ‪ :‬سمعت رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ‪ « :‬من أسبل إزاره في‬
‫ل ول‬ ‫ل ذكره في ح ّ‬ ‫صلته خيلء فليس من اللّه ج ّ‬
‫حرام » ‪.‬‬
‫وحديث أبي سعيد الخدريّ يرفعه « ل ينظر اللّه يوم‬
‫القيامة إلى من جّر إزاره بطرا ً » ‪ .‬وللتّفصيل ر ‪:‬‬
‫( صلة ‪ -‬عورة ‪ -‬إسبال ) ‪.‬‬
‫ي‪:‬‬‫الحكم الجمال ّ‬
‫صلة مكروه اتّفاقا ً ‪ ،‬لما ورد أ ّ‬
‫ن‬ ‫‪ - 4‬التّشمير في ال ّ‬
‫ف الثّياب‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم « نهى عن ك ّ‬ ‫النّب ّ‬

‫‪574‬‬
‫ن المالكيّة قالوا بكراهته فيها إذا‬
‫شعر » ‪ .‬إل أ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫كان فعله لجلها ‪.‬‬
‫ما فعله خارجها ‪ ،‬أو فيها ل لجلها ‪ ،‬فل كراهة فيه‬ ‫وأ ّ‬
‫ساق ‪ :‬فإن‬ ‫‪ .‬ومثل ذلك عندهم تشمير الذ ّيل عن ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬فصلّى وهو‬ ‫فعله لجل شغل ‪ ،‬فحضرت ال ّ‬
‫كذلك فل كراهة ‪.‬‬
‫وظاهر المدوّنة أنّه سواء عاد لشغله ‪ ،‬أم ل ‪.‬‬
‫ي على ما إذا عاد لشغله ‪ ،‬وصوّبه ابن‬ ‫وحملها ال ّ‬
‫شبيب ّ‬
‫ناجي ‪ .‬وللتّفصيل ر ‪ ( :‬صلة ‪ ،‬عورة ‪ ،‬لباس ) ‪.‬‬
‫=================‬

‫الفهرس العام‬

‫‪575‬‬

You might also like