You are on page 1of 3

‫الدارة المريكية بين القبلت اليرانية واللكمات‬

‫العربية ‪ /‬عصام زيدان‬


‫التاريخ‪ 3/4/1430 :‬الموافق ‪ | 2009-03-30‬الزيارات‪291 :‬‬
‫المختصر ‪/‬‬
‫المختصر ‪ /‬من البديهي في علم السياسة أن الدولة ل تتعامل بوتيرة‬
‫واحدة مع العالم الخارجي القريب منه والبعيد على حد سواء‪,‬ولكن‬
‫تتعامل مع المخاطر والتهديدات المنبعثة من هذا العالم على‬
‫حسب قدرتها على تهديد المن القومي لها‪.‬‬
‫ومن المفترض أنه كلما تعاظمت المخاطر من دولة ما وقلت فرص الستفادة‬
‫منها كلما استدعى ذلك سياسة متشددة ومرواحة ما بين الدبلوماسية‬
‫والستراتيجية‪ ,‬وتقل فرصة استخدام أو التلويح بهذه اللة العسكرية كلما قلت‬
‫المخاطر المتولدة من الدولة‪.‬‬
‫والمتأمل لتوجهات الدارة المريكية القديمة منها والجديدة سيجد أنها تتعامل‬
‫بمنطق معكوس مع دول الشرق الوسط‪ ,‬وربما يتبدى المر في عقد مقارنة‬
‫سريعة بين تعاملتها مع إيران وتعاملها مع بقية الدول العربية‪ ,‬فقد حظيت‬
‫الولى بسياسة القبلت‪ ,‬في حين استقبلت الثانية كثيرا من اللكمات وما زالت‪.‬‬
‫ونعقد مقارنة أولى بين البرنامج النووي اليراني ونظيره في‬
‫الدول العربية‪ ,‬فقد اكتفت الوليات المتحدة وحتى اللحظة‬
‫بعقوبات رخوة على النظام اليراني كي ينهي بصورة سلمية هذا‬
‫البرنامج المثير للجدل‪ ,‬الذي شككته في سلميته وكالة الطاقة الذرية‪,‬وقدم‬
‫الغرب وخاصة الوليات المتحدة كثيرا من "الجزر" ليران كي يثنيها عن المضي‬
‫في هذا البرنامج فما زادتها "العقوبات الطيبة" ول "الجزر الكثير" إل تصلبا في‬
‫موقفها واستهزاء بمبادرات الغرب‪.‬‬
‫أما عن الدول العربية فقد أعطت الوليات المتحدة الضوء الخضر‬
‫للطيران السرائيلي لتدمير المفاعل النووي العراقي‪ ,‬وامتدت يد‬
‫إسرائيل الطولى إلى علماء مصر النوويين اغتيال لتدمير الحلم‬
‫قبل أن يبدأ‪ ,‬بل وكانت هذه الطائرات السرائيلية سباقة في تدمير‬
‫"ما يشتبه" أنه نواه لمفاعل نووي سوري في موقع دير الزور‪.‬‬
‫وملف آخر قريب يوحى بتناقض الدارة المريكية في تعاملها مع الدول العربية‬
‫من ناحية ومع إيران من ناحية أخرى‪ ,‬وهو ما يتعلق بدعم المقاومة وتسليحها‪,‬‬
‫فمن المسلمات التي ل تحتاج إلى برهان ذلك الدعم اليراني‬
‫لحزب الله اللبناني سواء بالمال أو السلح‪ ,‬وخاصة أثناء‬
‫الشتباكات التي وقعت في العام ‪ 2006‬بينه وبين "إسرائيل"‪ ,‬وهو‬
‫الدعم الذي لم يتوقف حتى اللحظة‪ ,‬ورغم ذلك لم نسمع عن ضربات اجهاضية‬
‫لهذه المحاولت أو حصار مفروض على إيران لمنع تهريب السلحة إلى حزب‬
‫الله‪.‬‬
‫ولكن وعلى الجانب الخر ورغم أن مصر لم يثبت يوما أنها تمد‬
‫المقاومة الفلسطينية بالسلح أو المال‪ ,‬ولكن عكس ذلك هو‬
‫الحادث‪ ,‬إل أن أصابع التهامات توجهت لها أبان العدوان‬
‫السرائيلي على قطاع غزة بدعوى عدم ضبط حدودها مع القطاع‪,‬‬
‫وتلقت الرغبة المريكية والسرائيلية ليجاد قوات غربية على الراضي المصرية‬
‫لمنع تهريب السلحة‪ ,‬وهي الدعوة التي واجهتها مصر بقوة رفض عالية أفشلت‬
‫هذه المؤامرة قبل أن تبدأ‪.‬‬
‫أما عن سوريا فقد استقبلت أراضيها ضربات متوالية من الطائرات المريكية‬
‫تحت ستار محاربة تهريب السلحة والمجاهدين إلى العراق‪ ,‬ودخلت علقتها مع‬
‫الوليات المتحدة مرحلة خطرة ومتأزمة في عهد الرئيس السبق جورج بوش‬
‫على خلفية اتهامها بالتغاضي عن مراقبة حدودها مع العراق‪ ,‬وأخيرا تلقت‬
‫السودان ضربات "إسرائيلية" بموافقة أمريكية خلفت مئات القتلى بدعوى‬
‫وقف تهريب السلحة لحركة المقاومة )حماس( في غزة‪.‬‬
‫وهذا ملف ثالث متلق بالتهديدات اليرانية لدول الجوار وعبثها بالمن الخليجي‬
‫ورغبتها في تغيير خريطته الجوسياسية‪ ,‬بما له من اثر مباشر على المن‬
‫القومي المريكي‪ ,‬فقد احتلت الجزر الماراتية منذ سنوات وترفض‬
‫بإصرار التفاوض بشأنها أو النسحاب مها‪ ,‬أو حتى عرضها على‬
‫محكمين دوليين‪ ,‬وامتدت تطلعاتها إلى البحرين التي يتركز بها‬
‫السطول السادس المريكي واعتبرتها المحافظة الرابعة عشر في‬
‫دولة فارس القديمة‪ ,‬ودورها في العراق وإثارة الحروب الطائفية لم يعد‬
‫خافيا‪ ,‬وكذا عبثها باليمن من خلل تمرد الحوثيين‪ ,‬ودعمها لشيعة المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ,‬ومع هذا وغيره لم تحرك الوليات المتحدة إزاء هذه‬
‫التهديدات ساكنا‪.‬‬
‫وعلى الجانب الخر سنرى أنها حركت جيوشها لمواجهة المحاولة‬
‫العراقية الفاشلة لحتلل الكويت في تسعينيات القرن‬
‫الماضي‪,‬وكررت عزوها للعراق غي العام ‪ 2003‬بدعة خطورة هذا النظام‬
‫على المن العالمي والمن المريكي على وجه الخصوص‪,‬وتحرك أسطولها‬
‫لضرب ليبيا بدعوى خطورتها في العهد الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون‬
‫وكذلك انتهكت الراضي السودانية وضرب معمل الشفاء بدعوى خطورتها على‬
‫المن المريكي في العهد ذاته‪.‬‬
‫والملف الرابع والخير هو التتبع المريكي للملفات الداخلية‬
‫واستغللها في الضغط على النظمة‪ ,‬فلم نسمع يوما عن ضغوط‬
‫خارجية أمريكية بشأن حقوق العرب الحواز في إيران‪ ,‬ول حقوق‬
‫السنة في طهران‪ ,‬ولم تعر الوليات المتحدة أي اهتمام للضطهاد‬
‫اليراني لهذه القليات مفسحة الطريق لنظام المللي والحوزات‬
‫يفعل ما يريد‪.‬‬
‫ونجدها قد لحقت نظام الرئيس السوداني عمر البشير ودفعت‬
‫المحكمة الجنائية لصدار مذكرة لعتقاله بزعم ارتكاب جرائم حرب‬
‫في إقليم دارفور ‪ ,‬ووجهت لنظام الرئيس العراقي السابق صدام‬
‫حسين اتهامات مماثلة بحق الكراد وفرضت منطقة محظورة‬
‫الطيران على القوات العراقية وفرضت حمايتها على مناطق‬
‫الكراد ومهدت لسلخها عن العراق‪.‬‬
‫فهل التفاوت في معالجة هذه الملفات من قبل الدارات المريكية المختلفة‬
‫محض صدفة وخبط عشواء‪ ,‬أم يدل على توجهات محددة تربط علقة إيران‬
‫بالوليات المتحدة كسياسية ثابتة مستقرة مع تعاقب الدارات وفي مناظرها‬
‫توجد سياسية أخرى مناظرة وهي سياسة اللكمات كاستراتيجية ثابتة في‬
‫مواجهة الدول العربية؟‬
‫نرى أن النماذج الربعة السابقة كفيلة بمنطوقها على الجابة على هذا السؤال‪..‬‬
‫المصدر‪ :‬مفكرة السلم‬

You might also like