Professional Documents
Culture Documents
w w w.Olamaa.net
العلمائي
ّ إ�سالمي
ّ النا�شر :املجل�س ال
املراجعة اللغو ّية� :شعبة القلم
العالقات المحرّمة
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
www.Olamaa.net
الفهرس
8 متهيد
.......................................................................................................................................
18 ....................................................... املق ّدمات والأ�سباب التي تُه ِّيئ للحرام وتدعو له
18 -1النظر املح ّرم
..................................................................................................................
21 -4اال�ستمناء
.........................................................................................................................
العالقات المحرّمة
24 منوذجان من غزو ثقافة الغرب
.......................................................................................
43 .................. الو�سائل والتح�صينات التي حتول دون الوقوع يف العالقات املح ّرمة
44 -1الزّواج وكراه ّية العزوب ّية
............................................................................................
45 ال�شهوي
ّ الغ�ض من ال ّنظرّ -3
..........................................................................................
4
49 -9عدم التّ�ش ّبه بالن�ساء �أو بال ّرجال
..............................................................................
56 امل�صادر
...................................................................................................................................
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها العالقات المحرّمة
5
المقدّمة
يف ظالم الآثام وارتكاب املوبقات ،وعندما ت�س ِّول ال ّنف�س ل�صاحبها
�أم ًرا؛ لتجنح به عن ما ر�سمته له ال�سماء من طريق على خطى
اجل ِب ّلة وال ِفطرة ال�سليمة ينفتح ذلك الباب الوا�سع باب الإنابة ِ
والـ ـت ــوبة مـ ـنــاديـ ـًاَ } :ف َ�س ِّب ْح ِب َح ْم ِد َر ِّب َك َو ْ
ا�س َت ْغ ِف ْر ُه �إِ َّن ُه َكانَ
َت َّوا ًبا{ الن�صر.3:
ومن �أبجد ّيات حركة التوبة والأوبة �أنْ يعرف الإن�سان حقيقة
الرجوع ،و�أنْ يعرف �أ�سباب وم�س ّببات ما �آلت �إليه �أمور تلك
6 ال�ساعات والأيام بل تلك ال�سنوات من ال�ضياع يف ّ
حمطات ال ّذنب،
ومن ت�س ّكع على عتبات وموائد االنحراف واالنحالل؛ كي ير ِّكز يف
عقله الواعي ويث ِّبت برامج احل�صانة وال ّردع من مثل ما ُمني به يف
بقلم :الشيخ رائد الستري
ومن هنا ومن �أجل معرفة الطريق بجالء ،ومن �أجل عدم
ال�سقوط يف مهاوي وم�ستنقعات الذنوب جاء هذا البحث؛ لري�سم
ال ّدرب ،وي�ضع النقاط على احلروف من خالل معرفة (العالقات
املح ّرمة� :أ�سبابها و�آثارها وطرق الوقاية منها) ،وليم ِّثل م�شع ًال يف
�سماء العالقات؛ لننتخب معه �أحد الطريقني� :إ ّما طريق ال�سعادة
الأبد ّية ،و�إ ّما طريق ال�شقاء الواهن.
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها العالقات المحرّمة
7
تمهيد
بع�ضا من دون �أنْ جند ملج�أً �أو مهر ًبا فالعالقات � ًإذا هي تلك ِ
احلبال التي ت�ش ّد بع�ضنا ً
منها ،بل نبقى يف حالة من االلتزام وامل�س�ؤول ّية جتاه هذه ال ّروابط والعالقات ،لأنّ بها
نحيا ونعي�ش ،و�إذا �سارت يف م�سارها ال�صحيح كانت عن�ص َر التكامل والتّ�سامي للفرد
واملجتمع؛ لن�صل �إىل جمتمع راقٍ وفا�ضل يف �صفاته ومعنو ّياته.
8 فم�ساحة العالقات يف حياتنا م�ساحة مه ّمة وكبرية ال ميكن لنا �أنْ نتغافلها �أو نهملها،
وكرثة التعاليم الإ�سالم ّية التي جاءت منظمة ملختلف تلك العالقات تعك�س لنا هذه
الأهمية التي حتدثنا عنها.
بقلم :الشيخ رائد الستري
ّ
ويؤكد ضرورة وضعها في سياقها الصحيح • اإلسالم يولي أهمية لعالقاتنا،
اعتنى الإ�سالم احلنيف بالعالقات الب�شر ّية اعتنا ًء بال ًغا ،وجعل لها منظومة متكاملة يف
ي�صب يف �صالح الفرد واملجتمع ،لنجد ح ًّثا من تنظمها ،وتق ّننها تقني ًنا ّ جهاتها املختلفة ّ
الإ�سالم نحو ت�أطري العالقات ب�إطارها ال�صحيح واالبتعاد عن ت�أطريها بالإطار الفا�سد
املنحرف.
فها هو املوىل �سبحانه عندما ي�ستعر�ض العالقة ال�صحيحة بني ال ّذكر والأنثى يجعلها يف
�إطار الزّواج ،باعتباره العالقة امل�شروعة ،وي�صفه ب�أف�ضل الأو�صاف و�أجملها ،ف ـيــقول:
} َو ِمنْ �آَ َيا ِت ِه �أَنْ َخ َلقَ َل ُك ْم ِمنْ َ�أ ْن ُف ِ�س ُك ْم َ�أ ْز َو ًاجا ِلت َْ�س ُك ُنوا ِ�إ َل ْي َها َو َج َع َل َب ْي َن ُك ْم َم َو َّد ًة َو َر ْح َم ًة ِ�إنَّ
يِف َذ ِل َك لآ َي ٍات ِل َق ْو ٍم َي َت َف َّك ُرونَ { الروم.21/
يوحي
عب املوىل �سبحانه عن الزّواج بـ(الآية) ،فهو هبة ونعمة ربان ّية ،وهو تعبري ِ
حيث رّ
خا�ص فيه بجعله ً
رباطا تتوافر أي�ضا بقدا�سة هذا ال ّرباطّ ،
وتدخل العناية الإله ّية ب�شكل ّ � ً
فيه ك ّل �سبل ال ّراحة ،وهدوء النف�س وا�ستقرارها ،والذي ي�ستم ّد من عن�ص َري املو ّدة
وال ّرحمة بني الأزواج ،ويك ّون ً
ن�شاطا نحو مزيد من الألفة وال�سعادة ،وال ِع�شرة الط ّيبة.
هذه هي مكانة العالقة ال�صحيحة يف الإ�سالم بني اجلن�سني ،عالقة مبن ّية على الهدوء
وال�سكينة ،واملح ّبة واملو ّدة التي تبقيهما على مقربة من بع�ضهما يف حالة من التجاذب،
ورحمة و�شفقة مت ّكنهما من امتالك �صدر كبري وقلب عطوف يعطف على الآخر،
(منْ
عب عنها املوىل �سبحانهِ : ويغفر له زالته و�أخطاءه ،لي�صال �إىل حالة من التّكامل رّ
�أَ ْن ُف ِ�س ُك ْم) ،فتكون الزّوجة هي نف�س الزّوج ،ويكون الزّوج هو نف�س الزّوجة ،ويعرب عنها
أحب �إىل اهلل -ع ّز وج ّل -و�أع ّز
ممن وعاها( :ما ُبني يف الإ�سالم بناء � ّ
وهو ّ ال ّن ّ
بي
من التزويج)(.)2
وعندما ننظر يف �إطار عالقة الإن�سان مع املماثل له يف اجلن�س جند و�صف ال�صداقة
والأخوة ،وغري ذلك من التعبريات اجلميلة ،التي ميكن للإن�سان من خاللها �أنْ ينطلق
يف ت�أ�سي�س عالقة �أخو ّية �سليمة ،و�صداقة متقاربة قو ّية.
9
( :ما ا�ستفاد امر�ؤ م�سلم فائدة بعد فائدة الإ�سالم مثل �أخ ي�ستفيده عن ر�سول اهلل
يف اهلل)(.)3
العالقات المحرّمة
وعن �أمري امل�ؤمنني ÷( :ال�صديق �أقرب الأقارب)( ،)4و(الأ�صدقاء نف�س واحدة يف
ج�سوم متفرقة)(.)5
وعن الإمام الباقر ÷( :من ا�ستفاد � ًأخا يف اهلل على �إميان باهلل ووفاء ب�إخائه طل ًبا
�شعاعا من نور اهلل)(.)6
ملر�ضاة اهلل ،فقد ا�ستفاد ً
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
فالعالقة عندما ت�سري يف م�سارها ال�صحيح ،ف�إ ّنها ال تبتني على عالقة التجاذب بني
الأج�ساد والأج�سام ،فتكون بذلك عالقة جوفاء خالية من الروح واملعنى� ،شبيهة بعالقة
الَ ْن َع ِام َب ْل هُ ْم �أَ َ�ض ُّل َ�س ِبي ًال{ الفرقان ،44 /بل هي عالقات
البهائم و�أ�شد �سو ًءا }�إِنْ هُ ْم ِ�إ اَّل َك ْ أ
وابتهاجا
ً الطيف التي تزّين احلياة نو ًرا وجما ًال ميلأ الدنيا �سعادة مليئة باحلياة وب�ألوان ّ
بالنظافة والف�ضيلة وال�سم ّو.
فمِ ن ك ّل ما �سبق ا�ستخل�صنا هذا املعنى ،و�إذا عك�سنا امل�س�ألة كانت النتيجة على نقي�ض
متاما ،ف�إذا �سارت العالقات يف م�سارها املنحرف واملح ّرم ،ف�إ ّنها بال �شك تُو�صل
ذلك ً
املجتمع بك ّل دوائره -ال�صغرية والكبرية � -إىل دمار وخراب وف�ساد.
فاملع�صية واملح ّرم ال ينتجان �إال اخلراب والدمار لك ّل ما هو جميل يف هذه احلياة،
أخروي ،يقول الباري �س ـب ـحــان ــه الدنيوي قبل ال ّ ّ لنعي�ش بعد ذلك يف طور من العذاب
َ
وتعاىلَ } :ظ َه َر ا ْل َف َ�سا ُد يِف ا ْل رَ ِّب َوا ْل َب ْح ِر مِ َبا َك َ�س َب ْت �أ ْي ِدي ال َّن ِ
ا�س ِل ُي ِذي َق ُه ْم َب ْع َ�ض ا َّل ِذي
َعمِ ُلوا َل َع َّل ُه ْم َي ْر ِج ُعونَ { الروم.41/
} َف�أَكْثرَ ُ وا ِفي َها ا ْل َف َ�سا َد * َف َ�ص َّب َع َل ْيهِ ْم َر ُّب َك َ�س ْو َط َع َذ ٍاب{ الفجر.13 ،12/
10 يقول �سبحانهَ } :ك َما �أَ ْر َ�س ْل َنا ِفي ُك ْم َر ُ�س اًول ِم ْن ُك ْم َي ْت ُلو َع َل ْي ُك ْم �آَ َيا ِت َنا َو ُيزَ ِّكي ُك ْم َو ُي َع ِّل ُم ُك ُم
َاب َوالحِْ ْك َم َة َو ُي َع ِّل ُم ُك ْم َما لمَ ْ َت ُكو ُنوا َت ْع َل ُمونَ { البقرة.151/
ا ْل ِكت َ
}هُ ـ َو ا َّلـ ِـذي �أَ ْر َ�س ـ َـل َر ُ�سو َل ُه ِبــا ْلهُدَ ى َو ِد ِين الحْ َ قِّ ِل ُي ْظهِ َر ُه َع َلى الدِّ ِين ُك ِّل ِه َو َل ْو َك ِر َه
بقلم :الشيخ رائد الستري
فمع وجود الهداية الإله ّية جاهزة ومع ّدة ،فما ال ّداعي لالجتهاد َوم ْ�ض َيعة الوقت يف
خو�ض التجارب ،وتنظري ال ّنظريات املناق�ضة ملا دعا له املوىل �سبحانه؟!
11
العالقات المحرّمة
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
الفصل األول
12 • العالقات المحرّمة
العالقات المحرّمة
يكتف بتحرمي الزّنا وفقط ،و�إنمّ ا ح ّرم و�سيت�ضح لك فيما ي�أتي كيف �أنّ الإ�سالم مل ِ
مق ّدماته ،و�أ�سبابه التي ته ِّيئ له ،ومتهد لوقوعه.
والتعبري الآخر الذي ُيعطي الت�أكيد على حرمة هذه العالقة قوله�ِ } :إ َّن ُه َكانَ َف ِاح َ�ش ًة{
«وال ُفح�ش ،والفح�شاء ،والفاح�شة ما عظم قبحه من االفعال والأقوال»( ،)7وقولهَ } :و َ�سا َء أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
( :ملّا �أُ�سري بي مررت بن�سوان مع ّلقات بثديهنّ ،فقلتَ :من ه�ؤالء يا وروي عنه
جربئيل؟ ،فقال :ه�ؤالء ال ّلواتي يورثن �أموال �أزواجهن �أوالد غريهم)(.)11
�شرعي؛ بالإ�ضافة �إىل كونه ّ والزّنا وهو �إقامة العالقة اجلن�س ّية الكاملة من دون عقد
14 ال�شرعي املتم ّثل يف اجللد �إنْ مل يكن حم�ص ًنا ،وبال ّرجم �إنْ ّ حمرما ،فهو موجب للح ّد ً
اج ِلدُوا ُك َّل َو ِاح ٍد ِم ْن ُه َما ِم َئ َة َج ْلدَ ٍة َو اَل َّان َف ْ كان حم�ص ًنا ،يقول تعاىل} :الزَّا ِن َي ُة َوالز يِ
َت�أْ ُخ ْذ ُك ْم بِهِ َما َر ْ�أ َف ٌة يِف ِد ِين اللهَِّ �إِنْ ُك ْنت ُْم ُت�ؤ ِْم ُنونَ ِباللهَِّ َوا ْل َي ْو ِم ْ آ
الَ ِخ ِر َو ْل َي ْ�ش َه ْد َع َذا َب ُه َما
بقلم :الشيخ رائد الستري
وال يعني ذلك جواز ما دون ذلك من ا�ستمتاعات جن�س ّية �أخرى! ،ف�إنّ �سائر اال�ستمتاعات
�شرعا ما دامت العالقة ال�شرع ّية
�ضم� ،أو غري ذلك حرام ً الأخرى من مل�س� ،أو تقبيل� ،أو ّ
مفقودة مع اجلن�س الآخر.
مكاتب تُفتح ،..ومراق�ص تُ�ست�أجر ،..وعقود زواج �شكل ّية تُ�ستجلب بها الباغيات من
ك ّل َحدَ ب و�صوب ،..و�أجور تدفع ،..ومالهي تفتح ،..و�أزواج يدفعون زوجاتهم ،..ك ّل
ذلك مب�س ّميات ب ّراقة تخدع ال ّر�أي العا ّم ،وتت�سرت على ف�ضاعة وقبح هذا الإف�ساد ّ
املنظم
لإف�ساد �شبابنا و�شاباتنا.
فحذا ِر حذا ِر من �أنْ تكون �ضح ّية� ،أو طر ًفا فيما يجري ،وما تقوم به هذه الع�صابات
املنظمة ،فما عذر املر�أة عندما تقف �أمام اهلل �سبحانه يوم القيامة وهي التي � ّأجرت
فرجها وج�سدها لك ّل طالب للزّنا ومع�صية اهلل؟!
وما عذر ال ّرجل وال�شاب الذي ا�ستجلب هذه املر�أةّ ،
ونظم لها �أمر الزّنا� ،أو دفع زوجته
ملمار�سة الزّنا لقاء مال يفنى ،ويفنى �صاحبه.
( :ثالثة ال يدخلون اجل ّنة �أبدً ا :ال ّديوث ،..قيل يا ر�سول اهلل :وما يقول ر�سول اهلل
ال ّديوث؟ قال :الذي تزين امر�أته وهو يعلم)(.)12
15
( :ليلة �أ�سري بي ..ر�أيت امر�أة ُيحرق وجهها ويداها ،وهي ت�أكل وعنه � ً
أي�ضا
�أمعاءها ،..ف�إ ّنها كانت ق ّوادة)(.)13
العالقات المحرّمة
وعن الإمام الباقر ÷( :ثالثة ال يقبل اهلل لهم �صالة :منهم ال ّديوث الذي ُيفجر
بامر�أته)(.)14
ّ
ويتعذرون؟! • يعصون اهلل..
�إنّ م�شكلة فئة من الذين يع�صون اهلل بالزّنا� ،أو بال ِقيادة تتمركز على عذر احلاجة أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
ربر تكاثر وتزايد مواقع البغاء اجلن�سي� ،أو املا ّدي ،بل ّ
ينظر البع�ض وي ّ ّ واال�ضطرار
واملالهي واملراق�ص واخلمور ب�أنّ ذلك مورد ك�سب للبع�ض� ،أو مو�ضع حاجة اقت�صاد ّية
للبلد� ،أو �أ ّنه من مقت�ضيات ال�سياحة ومتطلباتها ،وواقع هذه الأعذار وا ٍه جدًّا �إذ يكفي
الإن�سان �أنْ ينظر �إىل فئة من الذين �آمنوا باهلل واتقوه لريى �أ ّنهم يعي�شون يف حالة �ضيق
�أ�ش ّد و�أق�سى ولكن �إميانهم منعهم من �أنْ يقرتفوا ما يفعل �أولئك.
فامل�شكلة احلقيق ّية هي �ضعف الإميان باهلل �سبحانه وامتالك اجلر�أة وال�شيطنة القرتاف
متاما لل�صابرين املتّقني� ،إذ يقول
إلهي وا�ضح ً
هذه الفاح�شة الكربى ،و�إال ف�إنّ الوعد ال ّ
م َر ًجا * َو َي ْر ُز ْق ُه ِمنْ َح ْيثُ اَل َي ْحت َِ�س ُب َو َمنْاملوىل �سبحانهَ } :و َمنْ َيت َِّق اللهَّ َ َي ْج َع ْل َل ُه خَ ْ
َي َت َو َّك ْل َع َلى اللهَِّ َف ُه َو َح ْ�س ُب ُه ِ�إنَّ اللهَّ َ َبا ِل ُغ �أَ ْم ِر ِه َق ْد َج َع َل اللهَّ ُ ِل ُك ِّل َ�ش ْيءٍ َق ْد ًرا *{ الطالق.3 ،2/
فامل�ؤمن وامل�ؤمنة هما َمن ير�ضيان مبا ق�سمه اهلل لها يف هذه الدنيا من رزق و ِنعم،
�سواء �أكان ً
ب�سيطا �أم كب ًريا ،فالزّواج رزق كغريه من الأرزاق وال ِّنعم الأخرى ،ف�إذا ُمنع
عنك فاقبل مبا لديك من ِنعم �أخرى ،فاحلياة ال تتو ّقف عند م�س�ألة الزّواج وفقط،
فلي�ست ال�سعادة الدنيو ّية والأخرو ّية حم�صورة فيه ،فاحلياة وا�سعة رحبة ،فانطلق يف
�أفقها ورحابتها الوا�سعة ،ودُر يف �أفق وفلك طـ ــاعة اهلل �سـ ــبحانه وطاعة ر�سوله
و�أوليائه ؛ لتظفر بعد ذلك ّ
بال�سعادة التي ال �أمد لها ،وال زوال.
هكذا هي ال�س ّنة الإله ّية ،بالء ..وامتحان ،..ف�إذا كان ال�صرب كان الظفر والفوز ،يقول
الَ ْن ُف ِ�س َوال َّث َم َر ِات
الَ ْم َو ِال َو ْ أ
ْ�ص ِمنَ ْ أ
�سبحانهَ } :و َل َن ْب ُل َو َّن ُك ْم ِب َ�ش ْيءٍ ِمنَ الخْ َ ْو ِف َوالجْ ُ و ِع َو َنق ٍ
ال�صا ِب ِرينَ { البقرة.155/ َو َب ِّ�ش ِر َّ
16
-2ال ّلواط إسراف في معصية اهلل
العالقة الثانية التي ح ّرمها ال�شارع هي ال ّلواط ،وهي عالقة تقوم بني رجل و�آخر� ،إ ّما
بقلم :الشيخ رائد الستري
كال�ضم ،واملعانقة بال�شهوة. ّ مبمار�سة تا ّمة يح�صل فيها الإيقاب� ،أو دون ذلك
وطــا �إِ ْذ َق َال ِل َق ْو ِم ِه َ�أ َت ْ�أ ُتونَ ا ْل َف ِاح َ�ش َة َما َ�س َب َق ُك ْم ِب َها ِمنْ يقول الباري �سبحانهَ } :و ُل ً
ُون ال ِّن َ�سا ِء َب ـ ْـل �أَ ْنـ ـ ُتـ ـ ْـم َق ْو ٌم �أَ َح ٍد ِمنَ ا ْل َعالمَِ َني * ِ�إ َّن ـ ُكـ ْـم َل َت�أْ ُتونَ ال ِّر َج ـ َ
ـال َ�شـ ـ ْهـ ـ َو ًة ِمـ ــنْ د ِ
ُم ْ�س ِر ُفونَ { الأعراف.81 ،80/
وطا �آَ َت ْي َنا ُه ُح ْك ًما َو ِع ْل ًما َونجَ َّ ْي َنا ُه ِمنَ ا ْل َق ْر َي ِة ا َّل ِتي َكا َن ْت َت ْع َم ُل الخْ َ َبا ِئثَ ِ�إ َّن ُه ْم َكا ُنوا َق ْو َم
} َو ُل ً
َ�س ْوءٍ َف ِا�س ِق َني { الأنبياء.74/
وطا ِ�إ ْذ َق َال ِل َق ْو ِم ِه �أَ َت�أْ ُتونَ ا ْل َف ِاح َ�ش َة َو َ�أ ْنت ُْم ُت ْب�صِ ُرونَ * �أَ ِئ َّن ُك ْم َل َت ْ�أ ُتونَ ال ِّر َج َال َ�ش ْه َو ًة } َو ُل ً
ُون ال ِّن َ�سا ِء َب ْل �أَ ْنت ُْم َق ْو ٌم تجَ ْ َه ُلونَ { النمل.54،55 / ِمنْ د ِ
َ َ ْ
وطا ِ�إ ْذ َق َال ِل َق ْو ِم ِه ِ�إ َّن ُك ْم َل َت�أ ُتونَ ا ْل َف ِاح َ�ش َة َما َ�س َب َق ُك ْم ِب َها ِمنْ �أ َح ٍد ِمنَ ا ْل َعالمَِ َني * �أ ِئ َّن ُك ْم } َو ُل ً
اب َق ْو ِم ِه �إِ اَّل �أَنْ ال�س ِب َيل َو َت�أْ ُتونَ يِف َنا ِدي ُك ُم المْ ُ ْن َك َر َف َما َكانَ َج َو َ َل َت�أْ ُتونَ ال ِّر َج َال َو َتق َْط ُعونَ َّ
ال�صا ِد ِقنيَ{ العنكبوت.29 ،28/ اب اللهَِّ ِ�إنْ ُك ْن َت ِمنَ َّ َقا ُلوا ا ْئ ِت َنا ِب َع َذ ِ
هكذا هي فاح�شة ال ّلواط! فقد �شغلت م�ساحة من الآيات القر�آن ّية ال ّناهية عن فعله،
عب عنه بالفاح�شة ،..واملنكر ،..وقطع وا�شتملت على تعبريات قا�سية يف ح ّقه� ،إذ رّ
ال�سبيل ،..والإ�سراف يف املع�صية ،..واخلبائث ،..والف�سق ،والظلم ،..وال�سيئات ،..ثم
بالعاقبة ال�سيئة وال�ش ّدة يف العذاب ،يقول تعاىل�} :إِ َّنا ُم ْن ِز ُلونَ َع َلى �أَ ْه ِل هَ ِذ ِه ا ْل َق ْر َي ِة
ال�س َما ِء مِ َبا َكا ُنوا َيف ُْ�س ُقونَ { العنكبوتَ } ،34/و�أَ ْم َط ْر َنا َع َل ْيهِ ْم َم َط ًرا َفا ْن ُظ ْر َك ْي َف ر ِْجزًا ِمنَ َّ
َ َ
َكانَ َعا ِق َب ُة المْ ُ ْج ِر ِمنيَ{ الأعرافَ } ،84 /ف َل َّما َجا َء �أ ْم ُر َنا َج َع ْل َنا َعا ِل َي َها َ�سا ِف َل َها َو�أ ْم َط ْر َنا َع َل ْي َها
الظالمِِ َني ِب َب ِع ٍيد{ هود.83 ،82/ ِح َجا َر ًة ِمنْ ِ�س ِّج ٍيل َم ْن ُ�ض ٍود * ُم َ�س َّو َم ًة ِع ْندَ َر ِّب َك َو َما ِه َي ِمنَ َّ
العالقات المحرّمة
حال ٌة من التّم ّرد على الفطرة الب�شر ّية التي خلقها اهلل �سبحانه ،وخر ٌق للقوانني التي
ـخ�سف
لزاما على الإرادة الإله ّية �أنْ تتدخل وتبيد هذه القرية ب ٍ
حتفظ الب�شر ّية ،فكان ً
قلب عاليها على �سافلها.
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
كان ي�ست�شرف امل�ستقبل عندما وهكذا هو حال اليوم كحال الأم�س ،وك�أنّ ال ّن ّ
بي
قال�( :إنّ �أخوف ما �أخاف على �أ ّمتي من عمل قوم لوط)( ،)15فاليوم تُعقد احلفالت،
والتّجمعات ،وال�سهرات ال لطاعة اهلل! بل لع�صيانه � -سبحانه وتعاىل -طغيا ًنا وا�ستكبا ًرا،
وتكرب امل�س�ألة وت�أخذ م�سا ًرا يف التّمادي �أكرب لتخرج من ح ّيز مع�صية اهلل �سبحانه حل ّيز
عبادة ال�شيطان ،والتقرب له!!
إ�سراف ،و�إجرا ٌم ،وخبائثُ ترتكب من قوم ن�سوا اهلل فن�سيهم ،لت�أتي بعد ذلك م�شيئة � ٌ
إلهي� ،إذ ه ـ ــي �س ّنة ال تتخ ّلف
اهلل و�إرادته يف �إهالك ه�ؤالء ،و�إر�سـ ــال البالء والعذاب ال ّ
وط ِم ْن ُك ْم ِب َب ِع ٍيد{ هود.89/
} َو َما َق ْو ُم ُل ٍ
• المقدّمات واألسباب التي تهيئ للحرام وتدعو له
معا�ص بحجم مع�صية الزّنا ،وال ّلواط ،وال�سحاق غال ًبا ال حت�صل ب�شكل بطبيعة احلال ٍ
دفعي ومن دون مق ّدمات تُه ِّيئ لهذه املح ّرمات وتمُ ّهد لها ،فاملق ّدمات تعترب الطريق ّ
الذي �إذا بد�أ فيه الإن�سان و�سار �أ ّدت به �إىل نتيجتها ومنتهاها ،فكذلك مق ّدمات احلرام
هي الطرق الذي تتف ّرع من احلرام؛ لتو�صل �سالكيها �إليه.
والإ�سالم عندما منع وحظر املح ّرمات ،ونهى عنها مل مينعها ،وينهى عنها مفردة ،و�إنمّ ا
أي�ضا ،ونهى عنها.حظر ومنع مق ّدماتها املم ِّهدة لها ،وح ّرمها � ً
واملق ّدمات التي تُع ّد امله ِّيئ للعالقات املح ّرمة تتم ّثل فيما يلي:
-1النظر المحرّم
ينقل عن ال�سيد امل�سيح ÷( :ال تكوننّ حديد ال ّنظر �إىل ما لي�س لك ،ف�إ ّنه لن يزين
فرجـ ــك مـ ــا حفظت عينك ،ف�إنْ قدرت �أنْ ال تنظر �إىل ثوب املر�أة التي ال حتل لك
فافعل)(.)16
18 نعم العني لها زنا من حيث �إ ّنها تلتقط املل ّفات وال�صور وتر�سلها للعقل والقلب؛ ليحتفظ
يرمي حباله،خيال وغفل ٍة تمُ ّكن ال�شيطان من �أنْ ِ
بها ويهيم بها �شو ًقا؛ لتعي�ش ال ّنف�س يف ٍ
وي�صطاد �صيده.
بقلم :الشيخ رائد الستري
يقول �أمري امل�ؤمنني ÷( :العيون م�صائد ال�شيطان)( ،)17و(�إذا �أب�صرت العني ال�شهوة
عمي القلب عن العاقبة)(.)18
أي�ضا( :يا بن جندب� ،إنّ عي�سى بن مرمي ÷ قال لأ�صحابه: ويقول ال�صادق ÷ � ً
� ...إ ّياكم وال ّنظرة ،ف�إ ّنها تزرع يف القلب ال�شهوة ،وكفى بها ل�صاحبها فتنة ،طوبى لمِ َن
جعل ب�صره يف قلبه ،ومل يجعل ب�صره يف عينه)(.)19
هكذا هو ال�شيطان! يدعوك لنظرة ،وي�أخذ يف تب�سيط امل�س�ألة وي�ص ُّر عليك قائال� :إ ّنها
جمرد نظرة خاطفة �سريعة تُ�شبع بها نف�سك ،وال يراك فيها �أحد!
�إغواءات باطلة مز ّيفة! لأنّ ال ّنظرة لي�ست جمرد نظرة ،بل هي بداية يف الطريق نحو
احلرام.
وكيف ال يراك �أحد وهو املطلع �سبحانه على خائنة الأعني وما تخفي ال�صدور } َي ْع َل ُم
حبائل وم�صائ ُد ي�صطاد بها ال�شيطان ُ الَ ْعينُِ َو َما تُخْ ِفي ُّ
ال�صدُو ُر{ غافر� ،19/إ ّنها َخا ِئ َن َة ْ أ
�ضح ّيته ،فاحذر!
-2االستماع إلى الغناء
( :على ك ّل نف�س من بني كما �أن العني تزين الأذن تزين � ً
أي�ضا ،فعن ر�سول اهلل
حظ من الزّنا �أدرك ذلك ال حمالة ،فالعني زناها ال ّنظر ..والأذن زناها �آدم كتب ّ
اال�ستماع( ،)20فتحرمي ال�شريعة ال ّنظر ،واال�ستماع لل�صور والق�ص�ص املثرية جن�س ًّيا
ً
اعتباطا. واملحركة لل�شهوة لي�س
وهنا تربز م�س�ألة اال�ستماع للغناء ب�شكل �شاخ�ص معرت�ض يحثّ على الزّنا والفجور
ويدعو له� ،إذ ال�صوت الناعم ال ّرقيق بكلمات الباطل ،املمزوج مع �آالت ال ّلهو امل�صحوب
باملناظر ال�ساقطة ال ّرخي�صة ماذا تريد �أنْ يورث يف قلب ال�شاب وال�شابة؟
هل يورث تقوى؟!
�أم �سم ًّوا يف ال ّذات وحتلي ًقا يف الآفاق!؟
�أو ارتقا ًء يف ملكوت ال ّروح والأن�س والع�شق؟!
( :الغناء رقية الزّنا)( ،)21فهو يحدث ال واهلل ,فكما نطق بها ال�صادق الأمني
19
يف النف�س �شو ًقا للمع�صية ولقيا اجلن�س الآخر ،فكفانا مغالطات نغالط بها �شبابنا
و�شاباتنا؛ ليقعوا بعد ذلك يف احلرام من جراء ذلك.
العالقات المحرّمة
-3االختالط المحرّم
االجتماعات واللقاءات التي تفتقد املوازين ال�شرع ّية ،والتي يجتمع فيها ال�شاب وال�شابة
من دون مراعاة للأحكام ال�شرع ّية هي بال ّ
�شك من تلك املق ّدمات التي ته ِّيئ للحرام،
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
وتدعو للمجون واملع�صية.
النتيجة؟!
وهنا نغالط �أنف�سنا بافرتا�ض الرباءة والطبيعة يف ك ّل هذه املمار�سات ،فما قد يكون
بري ًئا وطبيع ًّيا يف �أ ّول مراحله ال �ضمانة على الإطالق ب�أنْ يبقى كذلك ،بل لن يبقى
خ�صو�صا يف ظ ّل ت�أثريات حتيط بال ّرجل وباملر�أة من ك ّل جانب ومكان.
ً كذلك يقي ًنا
وكفاية الإميان ال ّداخلي والأخالق لعدم الوقوع يف املحذور كلمة حقّ يراد بها باطل،
فالإميان مي ّثل فع ًال احل�صانة احلقيق ّية وال�ضمانة الأكرب ،لك ّنه يحتاج �إىل حت�صني
عملي ومن �أحد �أهم جوانبه وعنا�صره �أنْ ال يقرتب الإن�سانواقعي ويعتمد على برنامج ّ ّ
من مواقع اخلطر ،و�أنْ يتج ّنب املزالق التي ميكن �أنْ ت�سقطه يف � ّأي حلظة ،ف�أنت ال تق ّرب
الورقة من ال ّنار �إال لأنك ال تريدها �أن حترتق ،وال ميكن �أنْ تُلقي ب�إن�سان يف بحر متالطم
حم�ص ًنا مبهارة يف �سباحة ،وغري ذلك. املوج ،وتطلب منه عدم الغرق مهما كان ّ 21
وال ّت�أثريات ال ّنف�س ّية وال�سلوك ّية لي�ست ت�أثريات مبا�شرة و�سريعة ودفع ّية غال ًبا ،بل تتح ّرك
العالقات المحرّمة
كم�ؤثرات خف ّية هادئة يف �أغلب الأحيان ،ال يلتفت فيها الإن�سان �إال وقد �أ�صبح على �شفا
�سقوط يف هاوية عميقة ،وق ّل َمن ي�ستطيع ال ّنجاة منها.
ويف ك ّل موقع حكمت فيه ال�ضرورة باالختالط ،فال ب ّد �أنْ يكون يف حدود مع ّينة ال
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
يتجاوزها ،ومع �ضوابط �صارمة ال يتع ّداها حماية للإن�سان امل�ؤمن رج ًال كان �أو امر�أة
و�صيانة لواقعهما وحت�صي ًنا لإميانهما.
-4االستمناء
وهو و�إن كانت ممار�سة �س ّرية �شخ�ص ّية يعمد فيها ال�شاب �أو ال�شابة بالعبث بنف�سه حتى
ُيلقي ماءه� ،إال �أ ّنها مداعبة لل�شهوة وتغذية لنبتة املع�صية يف القلب ،فالتّ�صورات التي
يجلبها امل�ستم ِني يف عقله؛ ليحرك بها �شهوته تُختَزن يف العقل والقلب ،متح ّينة الفر�صة،
كي تنفجر حال ًال �أو ً
حراما -والعياذ باهلل ،-ومبا �أ ّنها ت�صورات تكون يف احلرام ،فهي
�أقرب للحرام منها للحالل.
اجلن�سي عندما يتزوج ،بل يبقى ّ ولذلك َمن ُيدمن على هذه املمار�سة ال ي�صل للإ�شباع
ميار�س هذه العادة املح ّرمة ،ورمبا حترك نحو احلرام رغم توافر احلالل لديه ،وذلك
�أنّ املخيلة اجلن�س ّية لديه ابتنت على خياالت ال ـ ـع ــالقات املح ّرمة ،بـ ــل حتى احلرام
-والعياذ باهلل -ال ميكن �أنْ ي�شبع هذه املخيلة �أبدً ا ل�سبب ب�سيط وهو �أنّ املخ ّيلة تفوق
ومتنوعا للعالقات
ً يف ت�صوراتها واقع العالقات املح ّرمة ،فاملخلية تر�سم �شك ًال وا�س ًعا
اجلن�سية ال يو ّفره واقع احلرام الذي هو ل ّذة جزئية م�ؤقتة يعقبها ندم �شديد.
22 �شئت �أم �أبيت – يت�أثر ب�صديقه ،كما �أنّ ال�صديقة هي الأخرى تت�أثر فال�صديق – َ
رب وطاعة اهلل ،فاملُعني على ب�صديقتها ،وهنا تربز �ضرورة التنا�صح والت�ساعد على ال ّ
الطاعة هو خري الأ�صحابَ ،ومن كان معك �صاد ًقا ال جمام ًال كاذ ًبا هو ِن ْع َم ّ
ال�صديق، ّ
بقلم :الشيخ رائد الستري
إيجابي يعمد من خاللها لتقومي ال ّنق�ص والعيب يف فهو ميار�س دور ال�صداقة ب�شكل � ّ
�شخ�ص ّيتك لرتقى وت�سمو.
إيجابي �إنمّ ا ميكن �أنْ يقوم به َمن كان مال ًكا للخري ال فاقدً ا له� ،إذ (فاقد ال�شيء والدور ال ّ
ال يعطيه) ،ف َمن كانت نف�سه مليئة بالل�ؤم واملع�صية ال ميكن �أنْ يق ّدم لك زهرة و�شمعة
تل ّون حياتك ومتل�ؤها �ضياء ،فهو �سيقدم لك �شو ًكا يج ّرح بها قلبك ويديك ،ودخا ًنا
يحجب عينيك ،يقول الباري �سبحانه وتعاىلَ } :و َق َّي ْ�ض َنا َل ُه ْم ُق َر َنا َء َفزَ َّي ُنوا َل ُه ْم َما َبينْ َ
�أَ ْي ِديهِ ْم َو َما َخ ْل َف ُه ْم {..ف�صلت ،25 /ويقول الإمام علي ÷�( :صحبة الأ�شرار تك�سب ال�ش ّر
كالريح �إذا مرت بالننت حملت نت ًنا)(.)23
ويقول ال�شيخ نا�صر مكارم ال�شريازي« :ق ّي�ضنا من (قي�ض) على وزن (في�ض) ،وتعني
يف الأ�صل ق�شرة البي�ضة اخلارج ّية ،ثم قيلت لو�صف الأ�شخا�ص الذين ي�سيطرون على
الإن�سان ب�شكل كامل ك�سيطرة الق�شرة على البي�ضة ،وهذه �إ�شارة �إىل �أنّ �أ�صدقاء ال�سوء
وال ّرفاق الفا�سدين يحيطون بهم من ك ّل مكان ،حيث ي�صادرون �أفكارهم ،ويهيمنون
عليهم بحيث يفقدون معه قابل ّية الإدراك والإح�سا�س امل�ستقل ،وعندها �ستكون الأمور
القبيحة ال�س ِّيئة جميلة ح�سنة يف نظرهم ،وبذلك ينتهي الإن�سان �إىل الوقوع يف م�ستنقع
الف�ساد ،وتغلق بوجهه �أبواب النجاة»(.)24
-6الفراغ مفسدة
يقول �أمري امل�ؤمنني ÷�( :إنْ يكن ال�شغل جمهدة ،فات�صال الفراغ مف�سدة)( ،)25ال
ن�شك �أنّ الإن�سان بحاجة بعد زحمة العمل واحلياة �أنْ ي�أخذ لنف�سه راحة ،فلك ّل ع�ضو من ّ
البدن ا�سرتاحة ،و�إنّ ال�سرور يب�سط النف�س ،ويثري الن�شاط ،فلي�س اعرتا�ضنا على �أ�صل
نوعا من العالج لبع�ض الأمرا�ض ال ّراحة واال�ستجمام �إذ هو �أمر مطلوب ،وقد ي�صبح ً
ال ّنف�س ّية ،وال ُعقد ،والأزمات القلب ّية.
كالمنا عن تلك ال ّراحة التي متت ّد وتت�صل لتقلب حياتنا �إىل م�ساحة من الفراغ املت�صل
الذي لي�س له انقطاع ،وا�ستجمام دائم.
فهذا ال ّنوع من الفراغ هو اجلالب للمف�سدة وال ّداعي لها ،وهنا يكمن حتذير ال�شريعة من
الفراغ� ،إذ عندها �سينقلب على �صاحبه ،ويدعوه �إىل احلرام واملع�صية. 23
الغريفي« :احلذر احلذر من االن�سياق وراء �أ�ساليب ّ يقول �سماحة ال�سيد عبد اهلل
العالقات المحرّمة
ال�شيطان ،و�إغراءاته ،وغواياته ،و�إذا كان الإ�سالم قد �سمح للإن�سان امل�سلم �أنْ ير ّفه
عن نف�سه ،ف�إ ّنه مل ي�سمح له �أنْ يعتمد الو�سائل املحرمة ..كاحلفالت العابثة الفا�سقة،
والربامج الالهية ،وال�سفرات غري امللتزمة»(.)26
�سينتج مي ًال نف�س ًّيا نحو املع�صية ،وقبو ًال وجر�أة على ارتكابها بعدما نتلقى عالقة الزّنا
حب ورمان�س ّية مثرية ،ونتابعها ب�شغفمن خالل امل�سل�سالت الهابطة على �أ ّنها عالقة ّ
كبري جدًّا حتى �أ�صبح يزاحم �إمياننا وطاعتنا هلل �سبحانه ،و�صرنا ندفع �أموالنا لرنى
مكان الت�صوير لهذا امل�شهد �أو لذاك� ،أو لهذا البطل �أو لتلك.
وقد كان الغرب و�أعداء الإ�سالم هم الذين ُيع ّدون لهذه امل�سل�سالت وينتجونها� ،أ ّما
اليوم فامل�سلمون �أنف�سهم هم َمن ُير ِّوج لها بعدما تب ّنوها و�آمنوا بها ،ف�أ�صبحوا �أعداء
ال ّداخل.
24
فالقناعة العقل ّية والإميان ّية لدى الإن�سان امل�سلم بقبح الزّنا ،وحترمي العالقات املح ّرمة
يجب �أنْ تبقى قناعة وثقافة حمفوظة على �أ ّنها من �أفظع و�أ�شنع القبائح التي ال ير�ضى
بقلم :الشيخ رائد الستري
بها اهلل �سبحانه ،والإ�صرار على م�شاهدة ثقافة العهر واملجون ولو عن طريق التّلفاز� ،أو
الإنرتنت� ،أو ال�صحف� ،أو ال�سينما يرفع هذه القناعة ويب ّدلها بقناعة جديدة هي (هذه
العالقات املح ّرمة عادية ،و�أ ّنها �أمر م�ألوف).
وعند الت�أ ّمل يف هذه املرو ّيات ونظائرها جندها تق ّدم فكرة مهمة ،وهي� :أنّ تفعيل املو ّدة،
العالقات المحرّمة
والرتاحم ،واملح ّبة ،وك ّل هذه العناوين من �ش�أنها احلفاظ على حالة التّقارب والتّالقي،
االجتماعي؛ لت�ش ّكل من امل�ؤمنني ج�سدً ا حقيق ًّيا يف وحدته املعنو ّية،
ّ وتق ِّوي حالة الترّ ابط
لن�صل �إىل و�ضع يكون فيه ت�أ ّثر �أحد الأع�ضاء يعني ت�أ ّثر بقية �أع�ضاء اجل�سم لوجود
الرتابط والوحدة.
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
حب
احلب يف معناه اخلا�ص واملتداول بني النا�س� ،أعني ّ
ولكن دعونا نقف وقفة مع ّ
اجلن�س الآخر؟!
احلب هذا ميكن تف�سريها ب�أ ّنها حالة من االجنذاب يعي�شها طرف جتاه
�إنّ حقيقة ّ
طرف �آخر ،وحالة االجنذاب هذه ميكن �أنْ نعزوها �إىل �سببني ونوعني:
األول :حبّ العقل للعقل والقيم
النوع الأول من االجنذاب هو الناجت عن الإعجاب بفكر الطرف الآخر� ،أو روحه� ،أو
ثقافته� ،أو نـحو ذلك� ،إذ �أ ّننا جند �أنف�سنا منجذبني نحو ال�شخ�ص ّيات العلمائ ّية واملث ّقفة
واملجاهدة ونحو ذلك اجنذا ًبا للفكر وال ّروح ،والثقافة التي تتمتّع بها هذه ال�شخ�ص ّيات
احلب وبقا�ؤه مبدى ا�ستمرار وبقاء عنا�صر الإعجاب هذه ،وهذا بحيث يرتبط وجود ّ
�شرعا� ،إذ �أ ّنه يقع يف دائرة العالقات
مرفو�ضا ال عر ًفا وال ً
ً النوع من االجنذاب لي�س
الطبيع ّية والإن�سان ّية ،بل �إنّ هذا النوع من االجنذاب ميكن توظيفه ب�شكل ج ّيد بحيث
املحب ،فيكون مدعاة له لالرتقاء مب�ستوى روحه، ّ ت�صبح له ت�أثريات �إيجاب ّية على
و�أخالقه ،وثقافته.
احلب مرتبط مبا لدى الطرف الآخر من مقومات جمال ّية، �إ ّننا جند �أنّ وجود هذا ّ
الغريزي يتال�شى تب ًعا له ذلك االجنذاب
ّ فعندما يفقد الطرف الآخر مق ّومات االجنذاب
واحلب ،فلذلك حر�ص الإ�سالم على �أنْ تكون العالقة بني ال ّنا�س ال على هذا الأ�سا�س ّ
وفقط ،ففي عالقة الإن�سان باجلن�س املماثل كال ّذكر بال ّذكر� ،أو الأنثى بالأنثى يرف�ض
متاما -وكما ب ّينا �ساب ًقا � -أنْ يكون ال ّدافع يف التقارب هو الغريزة.
ً
�أ ّما يف عالقة اجلن�س باجلن�س الآخر ،ف�إنّ الإ�سالم �أراد �أنْ ي�سمو بهذه العالقة ،فح ّبب
من امل�ؤمن �أنْ ينظر للمق ّومات الفكر ّية والثقاف ّية يف الطرف الآخر ،و�أنْ يعتني بها ،لأنّ
تغليب هذا ال ّنظر من �ش�أنه �أنْ يوجد اجنذا ًبا يف ال ّنف�س ،وح ًّبا تكون له القابل ّية الأكرث
( :تنكح املر�أة لأربع ،جلمالها يف اال�ستمرار والبقاء ،لذا ورد عن الر�سول الأكرم
وملالها وحل�سبها ولدينها ،فاظفر بذات الدين تربت يداك )(.)29
ولكن رغم ذلك مل مينع ال ّنظر �إىل املق ّومات اجل�سد ّية واجلمال ّية -يف �إطار العالقة
احلب و�سموه،
الزّوج ّية ال�شرع ّية طب ًعا ،لأنّ �إلتقاء هذا اجلانب مع ذاك يعني تكامل ّ
احلب واالجنذاب مرفو�ض ،لأ ّنه يقود �أ ّما خارج ال ّدائرة الزّوج ّية ،ف�إنّ هذا النوع من ّ
الإن�سان �إىل االنـحراف عن اجلا ّدة التي ر�سمها له الباري �سبحانه وتعاىل.
االجتماعي ،فهو زاخر ب�أمثلة كثرية ،ومن ذلك
ّ ولع ّلنا ميكن �أنْ ندعم ذلك بالواقع
نفهم ال�س ّر خلف كرثة التّ�شريعات التي وردت يف ال�شريعة ال�سمحاء والتي تبينّ �ضوابط
العالقة بني اجلن�سني.
العالقات المحرّمة
غريزي ال ي�ساهم يف ذلك ،ف�إذا �أردنا �أنْ نك ّون
ّ حتريك العالقات وبنائها على �أ�سا�س
ال�شرعي �صو ًنا لأنف�سنا وملجتمعنا ،وال نخادع �أنف�سنا
ّ عالقة ما فلنجعلها يف �إطارها
برباءة العالقة تارة ،وب�أخو ّيتها تارة �أخرى ،فالرباءة والأخو ّية رمبا تكونان حمفوظتني
بني ّ
الطفل واجل ّد� ،أ ّما بني �شاب و�شابة فع ّز وجودهما ،وندر وقوعهما ،بل هما بداية نحو
العالقة التي �إذا مل يجمعهما احلالل جمعهما احلرام -والعياذ باهلل .- أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
وامل�شكلة تكمن يف هذه الفا�صلة التي تف�صل بني احلر ّية مبعناها ال�صحيح واحلر ّية
حتجر الإ�سالم وت�صادمه
كالما حول ّ مبعناها اخلاطئ ،وكث ًريا ما ن�سمع هنا �أو هناك ً
مع حر ّية الإن�سان ،وال �سيما تلك الأبواق التي تعلو بني الفينة والأخرى مطالبة بتحرير
الإن�سان ونحو ذلك من �شعارات ب ّراقة �أخذت ت�سري وتنت�شر يف و�سائل الإعالم
واملنتديات ،وغري ذلك.
فالإ�سالم دعا �إىل حر ّية م�س�ؤولة؛ ليكون دور التحرير دو ًرا ايجاب ًّيا يجلب البناء للفرد
واملجتمع ولي�س جال ًبا لل ّدمار واخلراب والقتل� ،إذ �أنّ احلر ّية املطلقة مل جتلب �سوى
ّ
املنحطة واملت�سافلة �أي معاين ال ّدمار واخلراب وال ّدعارة وال ِبغاء هذه املفاهيم والآثار
أ�سا�سا يف احلركة لرفع ك ّل القيود التي تتنافى
واجلرمية ،وغري ذلك� ،إذ هي تعتمد ال ّلذة � ً
28 و�شهوة ولذة الإن�سان.
وتوجيهه نحو اخليار الأنفع له وملجتمعه ون�س�أله ع ّما اختاره ،ف�إ ّننا بذلك رفعنا الإرغام
�سلبي.
إيجابي ال ّواال�ستبداد ولكن بنحو يعود على الفرد واملجتمع بنحو � ٍّ
وم�س�ألة احلجاب -مث ًال -يجب �أنْ تدر�س يف هذا الإطار� ،أي �إطار احلر ّية امل�س�ؤولة،
فاملر�أة م�س�ؤولة ومطالبة ب�أنْ تبني جمتمعها وحتافظ عليه ،ف�إذا هي �أ�سفرت وتربجت
حتجبت وتق ّيدت وم�شت يف طريق الإغواء ،فهي تهدم املجتمع وحترف �شبابه� ،أ ّما �إذا هي ّ
ال�شرعي ،فهي ت�ساهم �إيجا ًبا يف بناء جمتمعها واحلفاظ على �شبابه. ّ بقيود ال�سرت
هكذا هو الإ�سالم الذي يدعو لهذا النوع من احلرية امل�س�ؤولة الب ّناءة.
وهكذا كانت كلمة الإمام الكاظم ÷ دقيقة يف م�ضمونها وا�سعة يف معانيها ،عندما
�شر) يف بغداد ،و�أ�صوات الغناء واملجون تتعاىل من داره:
�س�أل اجلارية يف خارج دار ( ِب ٍ
�صاحب هذه الدار ح ٌّر� ،أم عبد؟ ف�أجابت اخلادمة من منطلق الر�ؤية الأر�ضية املادية
(�صدقت لو كان عبدً ا خلاف من مواله� )..إذ �أنّ
ِ دون مواربة :بل هو ح ٌر ،فقال ÷:
ما ي ّدعونه من حر ّية لي�س من احلر ّية يف �شيئ ،فاحلر ّية هي حر ّية الفكر والعقل لريى
ب�شكل �سليم و�صحيح دون �أن تكون لأغالل العقل واملادة والنف�س والروح دور يف تلبيد
�شر) ترتعد فرائ�صه يف حلظة الر�ؤية لديه ،وت�شويه النظرة عنده ،وهذا ما جعل ( ِب ٍ
يقظة �إلهية ،و�إذا به يك�سر املعازف والدفوف ويطرد الراق�صات واملاجنات ،ويرك�ض
نادما �سائ ًال� :سيدي هل يل من توبة؟.
حاف ًيا خلف الإمام ÷ ً
العالقات المحرّمة
والعقل قد ي�ستنتج ذلك ويحد�سه ،يقول ال�سيد ال�شهيد ال�صدر (قده)�« :إنّ الأحكام
ال�شرع ّية تابعة للم�صالح واملفا�سد واملالكات التي يق ّدرها املوىل وفق حكمته ورعايته
لعباده ،ولي�ست جزا ًفا �أو ت�شه ًيا ،وعليه ف�إذا ح ّرم ال�شارع �شي ًئا ،كاخلمر – مث ًال ،-ومل
ين�ص على املالك واملناط يف حترميه ،فقد ي�ستنتجه العقل ويحد�س به»(.)30 َّ
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
فتحرمي العالقات التي ذكرناها �ساب ًقا خا�ضع لهذا النوع من ال ّنظام التي ت�سري عليه
الإرادة الإله ّية ،فمنظومة الأحكام مت ّثل احلكمة الإله ّية والعقل ال ّ
إلهي الكامل الالمتناهي
يف الدِّ قة وال ّنظم ال�سليم.
عب عن هذه العالقات بتعبريات قا�سية جدًّا ،كالتعبري عنها �إنّ ال�شارع املق ّد�س رّ
بالفاح�شة واملنكر واجلرمية و�سوء ال�سبيل وغريها.
وق�سوة هذه التعبريات تق ّدم لنا �إ�ضاءة مه ّمة تُر�شدنا �إىل �ش ّدة املف�سدة التي تكتنفها
نق�سم �آثارها �إىل �أق�سام هذه العالقات املح ّرمة ،وميكننا �أنْ ن�ستعر�ض ً
بع�ضا منها ،و�أنْ ّ
ثالثة:
-1الآثار واملفا�سد التي ت�ض ّر بالفرد.
-2الآثار واملفا�سد التي ت�ض ّر بالأ�سرة.
-3الآثار واملفا�سد التي ت�ض ّر باملجتمع.
العالقات المحرّمة
واال�ضطراب ،ويفقد الإرادة والعزم؛ لتَفتح املع�صية ك ّل �أبوابها ،وتقول( :هيت لك).
-2آثار العالقات المحرّمة في تدمير األسرة
�إذا مت ّكنت العالقات املح ّرمة من الأ�سرة �سواء يف ذلك تلك التّامة كالزّنا� ،أو ال ّلواط،
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
وامل�ساحقة� ،أم تلك التي تتم ّثل بال ّنظر وال ّلبا�س غري املحت�شم وغريه ،ف�إنّ ذلك يعني
خراب الأ�سرة ودمارها ،وفتح باب املع�صية مب�صراعيه بك ّل �أنواعها و�صنوفها ،ف ُترتَك
َعم الفو�ضى داخل الأ�سرة ،وتَف�سد عالقات ال�صال ُة ،وتُه َمل الواجباتُ ال�شرع ّي ُة ،وت ّ
الداخل بني الأب وابنه ،وبني الإخوة وتكرث اخليانات والتعديات على املحارم وتنعدم
الثقة والإحرتام.
ممن
حللم �ضحايا ل�شراهة اجلن�س و�شذوذه لدى البع�ض ّ �صبية و�صبيات مل يبلغنَ ا ُ
تع ّودوا على احلرام و�أدمنوه ،ه�ؤالء ال�ضحايا ماذا قد ُفعل بهم يا ترى؟ وما ذن ُبهم؟
لكل النا�س ،فكانت املكافئة لهم الأكل لأج�سادهمحل َّب ِّ
هل لأ ّنهم �أعطوا الأمن وا ُ
والتحطيم لطفولتهم؟!
الطفل املجروح، �إنّ احلرام �إذا مور�س مع الطفل ،ف�إ ّنه ُيحدث �أث ًرا بال ًغا يف نف�س ّية هذا ّ
و�صدمة ال يفيق من هولها �إال مب�ساعدة وعالج �صحيح� ،إذ �أ ّنها تحُ دث حر ًفا مل�سرية هذا
ّ
الطفل يف احلياة.
فحياته الطبيع ّية يف �س ّنه املبكرة �أنْ يعي�ش براءة الطفولة بعيدً ا عن يقظة ال�شهوة
وال ّرجولة ،ف�إذا به يدفع دف ًعا نحو مرحلة �أكرب من حجمه وعقله ،فتكون ر ّدة الفعل � -إنْ
مل نعده وبقي ُيجرب ويقهر على �أنْ يبقى ميار�س دو ًرا ال يدركه رج ًال �أو امر�أة -هو �أن
يبقى بعد ذلك نف�س ًا ّ
حمطمة �شا ّذة م ّيالة �إىل املع�صية ،حاقدة على ك ّل ما هو جميل يف
تك�سر و�ضاع.
احلياة ،لأنّ جمال حياتها قد ّ
خا�صة عندما ُيعتدى على الأطفال.فما �أفظع احلرام ّ
• لقطاء ضيعتهم جناية غيرهم
مكب للنفايات، لقيان عند ّ من دون رحمة ،ومن دون �شفقة ،ت ّ
ُلف طفلة �أو طفل ر�ضيع ،ل ُي ِ
�أو على قارعة طريق ،وبال حول وال قوة ي�ستغيث هذا الر�ضيع بق ّوة بكائه ،وحرارة دموع
متفطر من هول املفاج�أة التي ا�صطدم بها ،فبد ًال من الأ ّم
تهطل ك�سيل املطر ،وقلب ّ
احلنون التي تلف ولدها بذراعيها العطوفني �إذا هي �أ ّم تقذف بولدها من دون رحمة،
وال �شفقة.
واقع م�ؤمل ناجت عن �شهوة ملري�ضني مار�ساها من دون ال ّنظر يف عواقبها ،فكانت ال�ضح ّية 33
هذه امل ّرة طف ًال� ،أو طفلة بريئة ُيقذف بهما ،ل ُيو�صما بعد ذلك يف املجتمع بو�صمة قا�سية
ت�أرقهما (لقيط) مع �أنّ املوىل يقولَ } :و اَل ت َِز ُر َوا ِز َر ٌة ِو ْز َر �أُخْ َرى{ الأنعام.164/
العالقات المحرّمة
فذنب الأبوين هذين قد حت ّمله هذا الطفل الربيء منهما ،واجلرمية هذه ال تتوقف عند
ُوجه وتَن�صح وتع ّلم هذا
هذا احل ّد ،لأنّ بفعلتهما قد �أ�ضاعا الأ�سرة التي ميكن �أنْ تُر ّبي وت ّ
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
الطفل ،بل و�أ�ضاعا حتى ح ّقه يف �أنْ يحمل ا�سميهما ،فتت�ضاءل فر�ص ال�صالح والهداية؛
قدما رغمممن ا�ستقوى و�ش ّد عزمه نحو امل�ضي ً ليعي�ش يف �ضياع دائم �إال من ُرحم ّ
ال�صعوبات؛ ليفوز بنف�سه ،وبربه ،ودنياه ،و�آخرته.
العائلي ،وانقطاع العالقة بني الأبناء
ّ ف�آثار الزّنا هنا كانت ب�إثارة الفو�ضى يف ال ّنظام
و�آبائهم.
و�أ ّما العذابات الأخرو ّية ،فهي �سوء احل�ساب ،وطول املكث ،وال ّدقة املتناهية يف �إح�صاء
معا�صيه �إذ �أ ّنه ال ينال ال رحمة من اهلل �سبحانه ،وال �شفاعة من ال�شافعني ،ثم
34 �سخط اهلل �سبحانه هو الذي ينزل عليه ،ليلقى يف العذاب الثالث الذي ال ُيرفع عنه
ويبقى فيه خالدً ا وهو نار اجلحيم.
بقلم :الشيخ رائد الستري
هناك �آثا ٌر �أخرى وبالإ�ضافة �إىل هذه الآثار والعذابات التي ذكرها ال ّر�سول الأكرم
كالزّالزل ،والفي�ضانات والآفات ال�سماو ّية من انقطاع ال َقطر ،وتف�شي الوباء ،وظهور
�أمرا�ض جديدة ،وكرثة موت الفج�أة ،وغريها.
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها العالقات المحرّمة
35
ِ
الفصل ال ّثاني
36
• نظرة إلى واقع عالقاتنا
بقلم :الشيخ رائد الستري
هذه امل�ساحة من املو�ضوع تثري حفيظتنا ،ونهرب من الإجابة عليها ،لأ ّننا نخ�شى الواقع
امل�صدوم ،فرنى �أنف�سنا دائ ًما ن ّركز على تلك العالقات ال�صحيحة ،و ُن�شيح بنظرنا عن
تلك العالقات ذات البقع ال�سوداء ،ملاذا؟!
هل �أنّ �إ�شاحة ال ّنظر عن العالقات املح ّرمة التي حتدث هنا �أو هناك ت�ساعد يف ح ّل
امل�شكلة؟
والقبيح جمي ًال؟
َ �أو �أ ّنها تقلب الظالم نو ًرا،
طب ًعا ال و� ُ 37
ألف ال؟
�إنّ ال�سكوت عن ك ّل ما يجري �أبدً ا ال ميكن له �أنْ يعالج امل�س�ألة ف�ض ًال عن �أ ّنه ي�ساعد يف
العالقات المحرّمة
تفاقم امل�شكلة وتعاظمها.
وال ينبغي �أنْ نفهم من هذا الكالم على �أ ّننا ندعو �إىل تلك املعاجلات اخلاطئة التي
تعتمد ف�ضح ال ّنا�س ،وتتبع عرثاتهم و�سيلة وطريقة يف العالج؟!
�إنّ امل�س�ألة �أكرب من ذلك بكثري ،وحتتاج �إىل حكمة عالية ،ووعي كبري يفرز معاجلة
�صحيحة ال ت�ض ّر باملجتمع ،وال تهدم �سمعة الفرد. أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
فدعونا ن�ستعر�ض واقع عالقاتنا ومن ّثم نتح ّدث عن طرق املعاجلة لها �سواء تلك التي
تناط بالفرد �أم التي تناط م�س�ؤول ّيتها باملجتمع.
ولو �ألقينا نظرة على واقع �أُ�سرنا �سنجد �أنّ هناك �ضو ًءا جمي ًال تعي�شه بع�ض الأ�سر -وهلل
احلمد ،-ولكن هذا ال�ضوء بد�أ يخفت وي�ضعف حيث تكاثرت الأ�سر التي ال تبايل مبا
يفعله �أبنا�ؤها وبناتها من �أفعال وممار�سات داخل الأ�سرة نف�سها ،ف�ض ًال عن خارجها،
خا�ص تلك العالقات املح ّرمة بني �أفراد الأ�سرة.
وبوجه ّ
ول�سنا ن ّدعي ذلك جزا ًفا ،فاملتتبع واملط ّلع على ق�ضايا وم�شاكل العالقات املح ّرمة يجد
ك ًّما ال ب�أ�س به من هذه العالقات تمُ ار�س داخل �أفراد الأ�سرة ،فهناك حاالت من عالقة
والعم كذلك وغري ذلك من عالقاتالأب بابنته �أو بابنه ،واخلال ببنت �أخته �أو ابنهاّ ،
املحارم ببع�ضهم البع�ض� ،أو عالقة الأقارب ببع�ضهم البع�ض ،كعالقة بنت الأخ بابن
الأخ ،وغريها.
38
و�إذا غابت العالقات املح ّرمة التّا ّمة ،فهناك التّح ّر�شات التي حتدث من تقبيل� ،أو
تل ّم�س� ،أو غريها.
بقلم :الشيخ رائد الستري
واقع م�ؤمل لدى بع�ض الأ�سر ُينتج �ضحايا ال تُبايل بعد ذلك بالفح�شاء ،ذلك لأ ّنها افتقدت
ممن كانت ترجو منه الأمن واال�ستقرار. الأمن ّ
العالقات المحرّمة
ال ّدرا�سة وحت�صيل العلم ،ولكن جتد يف بع�ض دوائر العمل وال ّدرا�سة املختلطة يف بع�ض
املحال وال ّدوائر وال�شركات عالقات م�شبوهة ت�ؤول �إىل احلرام -والعياذ باهلل ،-وكذلك
الأمر يف اجلامعات.
وهذه البقعة واملنطقة (العمل وال ّدرا�سة) تُع ّد من �أكرث املناطق التي حتت�ضن العالقات أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
املح ّرمة -والعياذ باهلل ،-وذلك لأ ّنها عالقات طويلة ومتكثرّ ة قد تفر�ض على بع�ض
انفتاحا وجتاو ًزا ُيعطي الفر�صة التي يتح ّينها القتنا�ص احلرام ،في�صطاد
ً الأطراف
�أبلي�س فرائ�سه.
فالالمباالة التي ميار�سها البع�ض حتت م�سميات �أ ّنها كـ(�أختي� ،أو �أخي) ،ثم ما تلبث
تنقلب �إىل م�سمى �آخر كـ(الع�شيق ،واحلبيب) مغالطة يقوم بها البع�ض م ّنا من دون
تنظم عالقتنا بالطرف�أنْ نلتفت �أو نراعي ما ر�سمه املوىل �سبحانه ،وق ّرره من �أحكام ّ
الآخر ،وت�ضبطها وفق �ضوابط مت ّثل احل�صانة للعالقة من �أنْ تقع يف احلرام.
-4العالقة في إطار السفر
�أ�سفارنا يف هذا الزّمان كثرُ ت وتن ّوعت ،ويكاد ي�صبح ال�سفر يف ك ّل عام �ضرورة عرف ّية،
و�إفرا ًزا طبيع ًّيا لإرهاق العمل ،وهو حقّ طبيعي لل ّنف�س واجل�سد.
«ومن الوا�ضح �أنّ التّخفيف من �أتعاب البدن يج ّدد للإن�سان طاقته وحيو ّيته ون�شاطه ،يف
ين ّ
يعطل قدرات الإن�سان ،ويج ّمد فعالياته»(.)32 حني �أنّ الإرهاق البد ّ
وامل�شكلة ال تكمن هنا ولكن تكمن يف ذلك ال ّنوع من الرتفيه والأ�سفار �إىل ٍ
بالد الغر�ض
منها ممار�سة احلرام ب�أنواعه املختلفة يف �سياحة �ساقطة مبتذلة يقوم بها البع�ض من
�أبناء جلدتنا.
وغ�ضبه!!
ما يقوم به البعض في أسفارهم
و�إذا مل ت�صل امل�س�ألة �إىل هذا الأمر ،ف�إ ّنها ت�صل ال �أقل �إىل اختالل يف الإميان لدى
البع�ض� ،إذ قد ي�سافر �إىل ّ
املحطات والأماكن ال ّدين ّية ،ولكن ال ميلك الإميان فيها ،فيقوم
بتلويث تلك املناطق ب�أفعاله ال ّدنيئة ،فال يفقد الإميان من نف�سه فح�سب بل ُيفقد الإميان
أي�ضا ،وهنا يكمن عظم امل�شكلة ،فال نحرتم والأجواء ال ّدين ّية يف تلك املناطق املق ّد�سة � ً
�أنف�سنا وال من نحن يف وفاد ِت ِة و�ضيافته ،فيا لها من م�صيبة ،وفعلة �شنيعة نقوم بها.
العالقات المحرّمة
ما هو جديد يف �إف�ساد �شبابنا و�شاباتنا من برامج تلفزيون الواقع ،وبرامج مناف�سات
الغناء ،وبرامج ال ّرق�ص ،وبرامج عر�ض الأج�ساد واملفاتن بدعوى املو�ضة والأزياء،
والأفالم وامل�سل�سالت املاجنة ،وغري ذلك.
برامج كثرية ال ع ّد لها وال ح�صر ،ال تبني وال بقدر �أمنلة ،وال حتى بحجر على حجر، أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
ين يهدف يف حركة منظمة لقتل فهي ال ّدمار ل�شبابنا و�شاباتنا ،و�إغواء و�إلهاء �شيطا ّ
ك ّل تلك القيم اجلميلة التي متتلئ بها قلوب �أبنائنا وبناتنا ،وا�ستبدالها بثقافة ّ
العري
واخلالعة.
�أ ّيها الأح ّبة ،ال نحتاج لأكرث من وقفة �صريحة مع ال ّذات؛ لنجعلها تق ّيم ما نراه ،ون�شاهده
على هذه القنوات من برامج ،وم�سل�سالت.
�إ ّننا ال ندعو ج ًربا �أنْ متلأ جميع م�شاهداتك ومطالعاتك بالربامج اجلادة!
وم�سرتاحا ترتاح فيه وت�أن�س ،ولكن فتّ�ش ع ّما ت�أن�س به من دون �أنْ
ً رواحا
فاجعل لنف�سك ً
ُيهدم ال�ضياء من قلبك ،و ُي�سلب الإميان من روحك.
�أال جتد نف�سك و�أنت ت�شاهد مثل هذه الربامج �أنّ نف�سك تتوق لل ّذة اجلن�س ّية ،وت�شتاق
لها ولو يف الزّنا واحل ّرام؟ �أال جتد �أنّ املفاهيم بد�أت تتق ّلب وتتعاك�س ،في�صبح مفهوم
ال ُقبلة والعالقة مع الآخر -خارج ال�شرع -عالقة عاد ّية ال �ضري فيها؟
�أمل تتح ّرك بعد ذلك لإيجاد عالقات من هذا ال ّنوع؟
ديني� ،أو كلمة هدى وترخ�ص لها؟! ،بينما يف املقابل هناك حرب �شعواء على ك ّل �شعار ّ ِّ
تو�ضع هنا �أو هناك ،ومتار�س �شتّى و�سائل الرتهيب �ض ّد �أي �إعالن يو�ضع على �أطراف
ال�شوارع -حتى ولو كانت �شوارع داخل ّية -يذ ِّكر ال ّنا�س بالآخرة� ،أو مي ِّث ُل �إحياء لقيم
الدين و�شعائره ،بل و�صل التّع ّدي ال�سافر حتى �إىل جدران امل�ساجد واحل�سين ّيات؛ لتزال
وبوقاحة ك ّل كلمة هدى ور�شاد!
�إعالنات ،وجمالت ب�صور فا�ضحة جدًّا ،وعر�ض لأج�ساد ومفاتن الإغراء التي ال ميكن
للإن�سان �أنْ يحجب فطرته ،وطبيعته عندما ينظر �إليها لوال الإميان!!
وما ُي�ضحك الإن�سان هو ما ي ّدعيه مر ّوجو هذه الإعالنات واملجالت و ُم ّالكها من كونه
ترويجا للمنتجات� ،أو للمو�ضوعات ،وهو يف الواقع ترويج لالنحرافات وللزّنا ولل ُعهر
ً
ولل ُمجون ،هذا واقع الأمر بال زيادة وال نقي�صة.
فكيف واحلال هذه تقبل لنف�سك �أنْ ت�شرتي هذا النوع من املجالت؟
�أو �أنْ تُ�شاهد هذه ال�صور؟
عليك �أنْ تبقى بعيدً ا عن هذا ال ّنوع من املجالت؛ كي تبقى يف �سالمة من دينك ،فهي
الطاعون الذي يفتك بكل َمن يقرتب منه. كوباء ّ
• اإلنترنت سالح ذو حدين
من �أقوى و�سائل الثورة والطفرة التّكنولوج ّية هي ال�شبكة العنكبوت ّية (الإنرتنت) حيث
ق ّربت من امل�سافات وال ّثقافات ،وم ّكنت من االطالع على ك ّل ما هو جديد و�أينما كان يف
�سرعة كبرية.
ويحوي الإنرتنت الكثري من املواقع املفيدة والب ّناءة يف جماالت �شتّى خمتلفة كمجال
ال ّدين والإ�سالم ،وكتلك التي تعتني بالقر�آن ،والفقه ،والعقيدة ،وغريها ،ويف جمال
الطب ،والف�ضاء ،وال ّريا�ض ّيات ،وغريها.
العلوم املختلفة كمجال ّ
وبجانب ك ّل هذا اجلمال هناك ح ّد وجانب مظلم يف الإنرتنت ،فهو قناة ميكن �أنْ ت�ستفيد
منها يف اخلري وال�صالح ،كما وميكن ا�ستخدامها يف احلرام والف�ساد.
ُ
البع�ض ي�ضج بتلك املواقع الإباح ّية ،ومواقع ال ّدعارة وال ُعهر ،وي�ستغل
فالإنرتنت ّ 43
هذه ال�شبكة املعلومات ّية يف تكوين العالقات املح ّرمة عرب التح ّدث بـ(املا�سنجر� ،أو
العالقات المحرّمة
البالتوك).
وهذا ال ّنهي لي�س من�ص ًّبا ومر ّكزً ا على العزوب ّية كعزوب ّية وفقط ،و�إنمّ ا ال ّنهي عنها ناظر
�إىل ما يرتتّب عليها من �آثار ومفا�سد تُف�سد �صاحبها ،فالإ�سالم «حكم بكراه ّية العزوبة،
وال�سلوكي الناجم عن كبت الرغبات،
ّ العقلي ،وال ّن ّ
ف�سي، ّ لأ ّنها ت�ؤدِّي �إىل خلق اال�ضطراب
وقمع امل�شاعر ،وتعطيل احلاجات الأ�سا�س ّية يف الإن�سان� ،سيما احلاجة �إىل الإ�شباع
واجلن�سي»(.)35
ّ العاطفي،
ّ
44
اجلن�سي
ّ فالزّواج ح�صانة للفرد واملجتمع باعتبار �أ ّنه يو ِّفر اجل َّو املالئم للإ�شباع
الفطري يف م�ساره ال�صحيح �أن يبتعد ب�صاحبه
ّ والعاطفي ،ومي ّكن مع تفريغ هذا ّ
ال�شحن ّ
بقلم :الشيخ رائد الستري
بالإ�ضافة �إىل �أنّ الزّواج ت�شكيل لأ�سرة ،والأ�سرة تفر�ض على راعيها (الزّوج والزّوجة)
التزامات تُبعدهما عن م�ساحات الفراغ ،وتك ّبلهما بقيود الرتبية والأ�سرة التي جتربهما
على االبتعاد عن م�ساحة الال م�س�ؤول ّية من العالقات املح ّرمة.
وتبتني منظومة املحارم على �إيجاد �إ�شارة قو ّية للعقل مفادها �أنّ هذه ال ّدائرة من
العالقة بال ّن�ساء ال ميكن لها �أنْ حتدث �أبدً ا ،ليرُ �سل العقل بعد ذلك ر�سالة �أخرى لك ّل
مكامن الغريزة ّ
وال�شهوة يف ال ّنف�س؛ لتحجب نف�سها عن � ّأي ممار�سة جن�س ّية جتاه هذه
الأطراف ،فتتعطل الغريزة املنحرفة داخل الأ�سرة ،ويح�صل الأمن املطلوب.
حت�صن الإن�سان من الوقوع يف املع�صية ،وال يجوز فتحرمي املحارم يع ّد ح�صانة مه ّمة ّ
للإن�سان �أنْ يف ِّكر �أبدً ا يف هدم هذه احل�صانة.
45
فمن اخلط�أ جدًّا �أنْ ُيخاطب الإن�سان نف�سه – مث ًال -بهكذا خطاب (لو مل تكن ابنتي
أمني الذي
يحطم ال�سياج ال ّ �أو خالتي لتز ّوجتها) ،هذا احلديث ال ّنف�سي من �ش�أنه �أنْ ِّ
العالقات المحرّمة
فر�ضه اهلل �سبحانه.
وليكن احلديث ال ّنف�سي( :هي حرام ّ
علي ال يجوز يل �أنْ �أقاربها� ،أو �أقربه) حديثَ
حا�سم ،وقاطع يقطع الطريق �أمام املع�صية ،وخياالتها.
يقول املوىل �سبحانه وتعاىل لل ّرجالُ } :ق ْل ِل ْل ُم�ؤ ِْم ِن َني َي ُغ ُّ�ضوا ِمنْ �أَ ْب َ�صار ِِه ْم َو َي ْح َف ُظوا
أي�ضاَ } :و ُق ْلري مِ َبا َي ْ�ص َن ُعونَ { النور ،30/ولل ّن�ساء � ً وج ُه ْم َذ ِل َك �أَ ْز َكى َل ُه ْم �إِنَّ اللهَّ َ َخ ِب ٌ
ُف ُر َ
ات َيغ ُْ�ض ْ�ضنَ ِمنْ �أَ ْب َ�صار ِِهنَّ {..النور.31/ ِل ْل ُم�ؤ ِْم َن ِ
حاول ،وحاويل �أنْ ال تنظرا للآخر نظ ًرا �شهو ًّيا تلتذا به� ،أو تنظرا �إىل الأماكن التي ال
يجوز لكما ال ّنظر �إليها ،وك ّلما وجدمتا �أنّ ال ّنظرة حت ّولت جلهة ّ
ال�شهوة� ،أو تلك الأماكن
الكف عن هذا ال ّنوع منتذ ّكرا هذه الآية ،و�أم َر اهلل �سبحانه؛ لتكبحا �أعينكما ،لأنّ ّ
ولك من الوقوع يف العالقات املح ّرمة. لك ِ ال ّنظر ميث ّل ح�صانة َ
غ�ض الب�صر يف�سرها }ذ ِل َك �أَ ْز َكى َل ُه ْم {..ي�شري �إىل احلكمة من وراء ّ
فتعبري املوىلَ :
املطهري ،فيقول�«:إنّ الإ�سالم ال يريد للنا�س �أنْ تن�شغل �أذهانهم ،وتتوافر ال�شهيد ّ
مما ت�ستوجبه الطبيعة يف �إ�شباع الغريزة اجلن�س ّية،
�أمامهم �أ�سباب �إثارة �شهوتهم �أكرث ّ
فكف ال ّنظر مي ِّثل ح�صانة مهمة.
فك ّل ما ال يراه الإن�سان ال يفكر فيه»(ّ ،)36
ويف�صل �أع�ضاء البدن يف �إثارة تُفقد الهدف والغاية من احلجاب ب� -أنْ ال يحكي ّ
ال�شرعي.
ّ وال�سرت
ال�شهوات.ت� -أنْ ال يكون ملفتًا بزينة جتلب الأنظار ،وتثري ّ
فقد ت�سرت املر�أة متام بدنها ،ولكن تبقى الأعينُ ال�شهو ّية تالحقها �أينما ذهبت ،ذلك �أ ّنها
�سرتت ،ولكن ب�ش ّد و�ضيق� ،أو ب�ألوان زاهية ملفتة تربز مفاتنها ،وتكون عام ًال م�ساعدً ا
لتحريك مكامن الفتنة والإثارة عند من ينظر �إليها وي�شاهدها.
العالقات المحرّمة
كانت ال ّن�ساء تلب�س اخللخال يف ال ِّر ْجل ،وكانت بع�ض الن�ساء ت�ضرب برجلها الأر�ض؛
ليعلم �أ ّنها ذات ِخلخال ،وهو يف واقع الأمر فعل الغر�ض منه �إغراء ال ّرجال ،و�إيقاد
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
اخللخال مكامن ّ
ال�شهوة يف نفو�سهم؛ ليتن ّبه ال ّرجل للمر�أة هذه ،ويلتفت ويت�ص ّور حال ِ ِ
املخ َّب�أ ،وغري ذلك من خياالت جن�س ّية قد تذهب بها ّ
ال�شهوة بعيدً ا.
وهنا تظهر لنا د ّقة الإ�سالم ،فهو مل يهمل هذا الفعل ،بل ونهى عنه ،ومنه نفهم �أنّ ك ّل
منهي عنها يف ال�شريعة ال�سمحاء.
فعل� ،أو حركة ج�سد ّية �إغرائ ّية ،فهي ٌّ
والآية الثانية يف قولهَ ( :فلاَ تَخْ َ�ض ْعنَ ِبا ْل َق ْو ِل َف َي ْط َم َع ا َّل ِذي يِف َق ْل ِب ِه َم َر ٌ�ض )..هي يف
الإطار ذاته ،فاخل�ضوع يف القول حرام ،وهو« :ترقيق الكالم ،وتليينه مع ال ّرجال بحيث
ال�شهوة ،فيطمع الذي يف قلبه مر�ض وهو الفاقد لق ّوة الإميان يدعو �إىل ال ّريبة ،ويثري ّ
التي تردعه عن امليل �إىل الفح�شاء»(.)37
فاالتزان يف حركة الأج�ساد ،ويف الكالم �أمر مطلوب للح ّد من العالقات املح ّرمة
وامل�شبوهة ،بعيدً ا عن كل �ألوان الإثارات اجل�سدية �أو الكالمية من خ�ضوع يف الكالم
وغزل ومتايل يف م�شية �أو�ضحك وقهقهات.
ّ
بالعفة والحياء ِّ
التحلي -6
احا َحتَّى ُي ْغ ِن َي ُه ُم اللهَّ ُ ِمنْيقول املوىل �سبحانهَ } :و ْل َي ْ�س َت ْع ِف ِف ا َّل ِذينَ اَل َي ِجدُونَ ِنـ ـ َك ً
َف ْ�ض ِل ِه )..النورَ ( ،32/ف َجا َء ْت ُه �إِ ْحدَ اهُ َما تمَ ْ �شِ ي َع َلى ْ
ا�س ِت ْح َياءٍ {..الق�ص�ص.25/
أحب العفاف �إىل اهلل تعاىل عفاف البطن ،والفرج)( ،)38وعن ّ �( : وعن ر�سول اهلل
أي�ضا ÷�( :أال و�إنّ القناعة، علي ÷( :الع ّفة ت�ضعف ال�شهوة)( ،)39وعنه � ًالإمام ٍّ
ال�شهوة من �أكرب العفاف)( ،)40وعنه ÷( :العفاف ي�صون ال ّنف�س ،وينزّهها وغلبة ّ
عن ال ّدنايا)( ،)41وعنه ÷( :احلياء ي�ص ّد عن الفعل القبيح)(.)42
48 الع ّفة واحلياء مي ِّثالن حجاب القلب وال ّروح ،فاحلجاب املتم ِّثل يف ال�سرت مي ِّثل احلجاب
يتم �إ ّال بحجاب لل ّنف�س وال ّروح مينعها من احلرام ،فال�سياج
اهري ،وهو ال ميكن �أنْ ّ
الظ ّ ّ
داخلي هو الع ّفة واحلياء.
ّ خارجي هو ال�سرت واحلجاب ،و�سياج
ّ �سياجان� :سياج
بقلم :الشيخ رائد الستري
وهما عبارة عن الوازع والرتبية ال ّنف�س ّية وال ّروح ّية على القناعة مبا لديك ،و�صرف
ال ّذهن عن احلرام ،وكبح � ّأي حركة ّ
لل�شهوة خارج م�سارها.
اجلن�سي
ّ خا�ص َمن مل يتوافر على الإ�شباع خطوات مه ّمة يجب �أنْ يتّبعها اجلميع وبوجه ٍّ
ُ للهَّ بعدُ ،ولذلك �أمرهم املوىلَ ( :و ْل َي ْ�س َت ْع ِف ِف ا َّل ِذينَ اَل َي ِجدُونَ ِن َك ً
احا َحتَّى ُي ْغ ِن َي ُه ُم ا ِمنْ
اجلن�سي حاجة ت ُّلح على الإن�سان ،وهي واقع الأمر عبارة عن �أزمة ّ َف ْ�ض ِل ِه ،)..فالإ�شباع
نف�س ّية جن�س ّية �شديدة ال ينبغي �أنْ ن�ست�سلم لها ،فتهيم النف�س يف خياالت اجلن�س ،فنقع
يف القلق والإرباك ال ّدائم.
ويكون �إيقاف جماح ال�شهوة ب�إقناع ال ّنف�س مبا ق�سمه اهلل يل يف هذه الدنيا من ت� ّأخر
مفتوحا ِل َف َر ٍج من اهلل
ً مو�ضوع الزّواج� ،أو عدم ح�صوله عند البع�ض ،ولكن لأُبقي الأمل
(حتَّى ُي ْغ ِن َي ُه ُم اللهَّ ُ ِمنْ َف ْ�ض ِل ِه.)...
ي�أتي َ
فالعفة واحلياء ح�صانة �أخرى يف غاية الأهمية.
-7االبتعاد عن المصافحة وال ّلمس للجنس اآلخر
ال�شهوي� ،أو املبا�شر لبدن الأجنب ّية بال ّن�سبة لل ّرجل ،و َبدَ ن ال ّ
أجنبي ّ ُيح ّرم الإ�سالم ال ّلم�س
ال�شهوي حتى لبدن املما ِثل يف اجلن�س.
ّ بالن�سبة للمر�أة ،بل ويح ّرم ال ّلم�س
وتع ّد امل�صافحة املبا�شرة للجن�س الآخر من مظاهر حرمة ال ّلم�س ،ونهي ال�شارع عنها
يقع يف �سياق حترمي ما قد يحدث يف ال ّنف�س من انفعاالت تنقلها اليد وال ّلم�س.
ربر ظروف العمل ومتطلبات العالقات االجتماع ّية ،بل وال حتى حفالت تكرمي وال ت ّ
املتف ّوقني ذلك التالم�س ،والأمر �سا ٍر وحت ّقق الأثر جا ٍر حتى مع لب�س (ق ّفاز)� ،أو ما
�شابهه.
ومن هنا ال ب ّد من االنتباه التّام �إىل ذلك.
العالقات المحرّمة
الذي ي�ستلزم الوقوع يف احلرام ولو من جهة ال ّنظرة املح ّرمة� ،أو الكالم املح ّرم ونحوه.
ومقت�ضيات العمل ،وجل�سات احلوار� ،أو النقا�ش وغريها من الأعذار الواهية يف ظل
ربر اخللوة مطل ًقا.
الظروف املوجودة وعوامل الت�أثري املحتملة جدًّا؛ ال ت ّ
فابتعد عن اخللوة هذه ،وال ت�ضع نف�سك يف اختبار ال تقدر عليه ،وافتح ال�سبل لقطعها
دوما.
ً أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
رجل ولكن يلب�س مالب�س ال ّن�ساء ،ومي�شي م�شيتهنَّ ،وي�ضع (البودرة) وم�ساحيق التّجميل،
وامر�أة تلب�س مالب�س ال ّرجال ،وتت�صرف كال ّرجال.
حاالت �شا ّذة ّ
ت�شجع على العالقة املثل ّية من لواط وم�ساحقة حم ّرمني حتر ًميا بال ًغا يف
ال�شريعة ،وال�شارع نهى عن هذه املظاهر ودعا �إىل مواجهة و�إ�صالح هذه الفئة املنحرفة
ممن متار�س فعل قوم لوط. يف املجتمع ّ
وتكون هذه الفئة مف�ضوحة مبا تلب�س ،ومبا متار�سه من �سلوك ٍّ
�شاذ حتاول من خالله
التّ�شبه باجلن�س الآخر.
وتبد�أ امل�شكلة عا ّدة بالظهور يف فرتة املراهقة حيث ال يتوافر الإ�شباع للغريزة عا ّدة
بالطرق املح ّرمة مع اجلن�سبالطرق امل�شروعة ،في�سري �ضعاف ال ّنا�س �إىل ممار�ستها ّ
املماثل ،وعندها تتب ّدل الأدوار ،ويلعب �أحدهم دور ال ّرجل والآخر دور الأنثى ،وملّا تتكرر
املمار�سة اجلن�س ّية وتتكاثر يحدث يف ال ّنف�س ميل و�شذوذ جلعل ال�شهوة ت�سري يف هذا
امل�سار املخالف للفطرة التي فطر اهلل ال ّنا�س عليها.
وتوجه و�إال كانت العواقب
فمرحلة املراهقة من املحطات احليات ّية التي يجب �أنْ تُراقبّ ،
50 وخيمة.
-10التفريق بين ّ
الذكر واألنثى في المضاجع
بقلم :الشيخ رائد الستري
ف�إنْ كانوا �صبي ًة� ،أو �صبيات فباعد بني م�ضاجعهم و ُفر�شهم ،و�إنْ كانوا �صبية و�صبيات
فاجعل لل�صبية غرفة ولل�صبيات غرفة ،هكذا متنع من االحتكاكات اجل�سد ّية التي قد
ال�شهوة قبل �أوانها ،وقبل ن�ضج العقل والإميان ال ّلذين مينعانها ،فيقعون فيما ال
توقظ ّ
ير�ضاه اهلل �سبحانه.
-11العقوبات الصارمة
�ش ّرع الإ�سـ ــالم عقوبات تتنا�سب وقباحة العالقات اجلن�س ّية ،و�آثارها اله ّدامة ،فنقر�أ:
اج ِلدُوا ُك َّل َو ِاح ٍد ِم ْن ُه َما ِم َئ َة َج ْلدَ ٍة َو اَل َت�أْ ُخ ْذ ُك ْم بِهِ َما َر�أْ َف ٌة يِف ِد ِين اللهَِّ َّان َف ْ }الزَّا ِن َي ُة َوالز يِ
الَ ِخ ِر َو ْل َي ْ�ش َه ْد َع َذا َب ُه َما َطا ِئ َف ٌة ِمنَ المْ ُ�ؤ ِْم ِننيَ{ النور.2/ �إِنْ ُك ْنت ُْم ُت�ؤ ِْم ُنونَ ِباللهَِّ َوا ْل َي ْو ِم ْ آ
ج�سدي قد ي�صل يف مثل املُح�صن لل ّرجم ،وللزّاين باملحرم للقتل بح ّد ال�سيف، ّ عذاب
نف�سي ب�أنْ يط ّلع ال ّنا�س ،ويح�ضروا �إقامة احل ّد عليهما. وعذاب ّ
وكذلك جعل لبق ّية العالقات من لواط ،وم�ساحقة ،وقيادة ،ومل�س ،وتقبيل ،وغريها حدودًا
وتعزيرات �شديد ًة رادعة لو ط ّبقت لأوجدت خو ًفا وخ�شية تردع عن ارتكاب املح ّرم.
ٍ
وجر�أة على الع�صيان بد ًال من�أ ّما القوانني اليوم ب�ضعفها وبثغراتها تُوجد ج�سارة ُ
الإطاعة ،فها هي املمار�سات التي تقوم بني �أطراف بر�ضاهم ال يعاقبون عليها ،فغري
ق�ضايا االعتداء ال ت�صل �إىل �أروقة املحاكم ،وال ّداعرات لو �أُم�سكنْ ،ف�أق�صى عقوبة
تط ّبق عليهنّ التّ�سفري �إىل �أوطانهنّ !!
هل هذه القوانني قو ّية كفاية لردع املنح ّلني والق�ضاء على االنحالل ،والعهر؟!
51
العالقات المحرّمة
المسؤولية في مواجهة العالقات المحرّمة
* النهوض بفريضة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر
�إنّ املجتمع حلقات مرتابطة بع�ضها ببع�ض ،وال ميكن لنا �أنْ ُنهمل ما يقوم به بع�ض
الأفراد من مع�صية ،ومن ممار�سة للعالقات املح ّرمة ،ونقابل �أفعالهم بالالمباالة
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
اعتمادًا على مبد�أ (ال ّنار �إذا مل تكن يف داري ،فال �أبايل)!!
�إنّ � ّأي انحراف يف �أفراد املجتمع يجب �أنْ يعالج �سري ًعا و�إال �سرى يف ج�سد املجتمع
ليق�ضي عليه كال ّنار التي يف دار جارك ،فهي يف داره وبعد قليل تكون يف دارك ما مل
تُخمد.
والإ�سالم مل ُيهمل املمار�سات املنحرفة التي يقوم بها البع�ض ،ف�أوجب فري�ضة (الأمر
باملعروف وال ّنهي عن املنكر) يقول تعاىلَ } :و ْل َت ُكنْ ِم ْن ُك ْم �أُ َّم ٌة َي ْد ُعونَ �إِلىَ الخْ َ يرِْ َو َي�أْ ُم ُرونَ
وف َو َي ْن َه ْونَ َع ِن المْ ُ ْن َك ِر َو�أُو َل ِئ َك هُ ُم المْ ُ ْف ِل ُحونَ { �آل عمران.104/
ِبالمْ َ ْع ُر ِ
علي ÷( :قوام ال�شريعة :الأمر باملعروف وال ّنهي عن املنكر)(.)47 وورد عن الإمام ّ
وهي فري�ضة تُع ّد و�سيلة مه ّمة جدًّا يف مواجهة الإنحراف واملع�صية يف مواقع املجتمع
املختلفة ،ومت ِّثل ح�صانة و�إطا ًرا ّ
يحجم املع�صية ،ويحول دون انت�شارها.
52 فالأبوان ال ب ّد لهما �أنْ يمُ ار�سا دورهما يف رقابة �أبنائهما وبناتهما رقابة حتول دون
وقوع الأبناء والبنات يف براثن املعا�صي وال ّذنوب ،وعلى الإخوة �أنْ ميار�سوا دور االلتزام
بال ّن�صيحة والت�سديد لبع�ضهم البع�ض داخل الأ�سرة ال �أنْ نكون يف مركب واحد وك ٌّل م ّنا
بقلم :الشيخ رائد الستري
يفعل ما ي�شاء ،يقول الباري �سبحانهَ } :يا �أَ ُّي َها ا َّل ِذينَ �آَ َم ُنوا ُقوا �أَ ْن ُف َ�س ُك ْم َو َ�أ ْه ِلي ُك ْم َنا ًرا
َو ُقودُهَ ا ال َّن ُ
ا�س َوالحِْ َجا َر ُة {..التحرمي.6/
ي�ضلعوا ّثم على ال ُنخب الواعية واملث ّقفة من علماء وخطباء و�أ�ساتذة وتربويني �أنْ ّ
بدور التّثقيف والإر�شاد والتوجيه ل�شبابنا و�شاباتنا بعدما تكالبت علينا ثقافة الإغراء
واالنحراف من الغرب من ك ّل حدب و�صوب ،فق ّوة الهجمة يجب �أنْ تواجه بق ّوة الوحدة
والتعاون على اخلري ،يقول تعاىلَ } :والمْ ُ�ؤ ِْم ُنونَ َوالمْ ُ�ؤ ِْم َناتُ َب ْع ُ�ض ُه ْم �أَ ْو ِل َيا ُء َب ْع ٍ�ض َي�أْ ُم ُرونَ
وف َو َي ْن َه ْونَ َع ِن المْ ُ ْن َك ِر {..التوبةَ } ،71/و َت َعا َو ُنوا َع َلى ا ْل رِ ِّب َوال َّت ْق َوى {..املائدة.2/ِبالمْ َ ْع ُر ِ
فما �أعجب من وحدة املنحرفني على انحرافهم و�ضاللتهم ،وفرقة امل�ؤمنني على ح ّقهم
و�إميانهم!!
• مسؤولية الدول والحكومات
�إنّ انت�شار الف�ساد واالنحراف ،و�شيوع العهر واملجون تتحمل ال ّدول واحلكومات جز ًءا
كب ًريا من م�س�ؤول ّيته ،فهي التي ت�س ّهل يف كثري من الأحيان ا�ستقدام العاهرات من �شتى
ُنظم�أنحاء العامل ،وتُبيح �شرب اخلمرة يف الفنادق ،وتُ�ص ّرح للمراق�ص ،وت�شجع لها ،وت ِّ
حلفالت الغناء للمطربات وال ّراق�صات ،وغري ذلك.
«فمن الغباء واحلماقة �أنْ نت�ص ّور �أنّ هذه «املمار�سات العابثة» تتح ّرك يف غفل ٍة من
ال�سلطات» ،و�إ ّنه من البالهة و� ّأي بالهة �أنْ نح ّمل امل�س�ؤول ّية
«�أجهزة احلكم» ،و«رقابة ُّ
�إدارة فندق هنا �أو فندق هناك� ،إ ّننا يجب �أنْ منلك ال�صراحة واجلر�أة وال�شجاعة؛
«ال�سلطة» م�س�ؤول ّية هذا االنتهاك اخلطري لقيم ال ّدين ،وم�شاعر امل�سلمني و�إال لنح ّمل ُّ
ف�سوف ن�ضحك على �أنف�سنا» (.)48
فال ّدول واحلكومات مطالبة ب�أنْ تالحق الف�ساد ،وتتح ّرك لتنفيذ القوانني ،وتعمل على
ت�شريع العقوبات ال ّرادعة التي تردع ك ّل العابثني ب�سالمة املجتمع ،وعالقاته.
53
العالقات المحرّمة
أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
خاتمة
نعم التوبة هلل ع ّز وج ّل ذلك الباب املفتوح الذي ي�أتي منه ال�شعاع وال�ضياء لدنيا املذنب
ون�صحح امل�سار ،ون�سري نحو درب اال�ستقامة ّ املظلمة هي الفر�صة؛ لنعود لل�ضياء وال ّنور،
هلل �سبحانه.
رب عطوف رحيم بعباده ع�صاه ال ِعباد واجرت�ؤوا عليه ،ومل يقيموا وز ًنا لربوب ّيته ،و�أ�سرفوا ّ
يف الع�صيان والطغيان ،ف�أهلكوا احلرث والن�سل ،وبعد ك ّل هذا الع�صيان ف�إذا بجواب
54 اهلل لهم جميعاَ } :وتُو ُبوا �إِلىَ اللهَِّ َجمِ ي ًعا �أَ ُّي َها المْ ُ�ؤ ِْم ُنونَ َل َع َّل ُك ْم ُت ْف ِل ُحونَ { النور.31/
ات َو َي ْع َل ُم َما َت ْف َع ُلونَ { ال�شورى.25/ال�س ِّي َئ ِ
} َوهُ َو ا َّل ِذي َي ْق َب ُل ال َّت ْو َب َة َعنْ ِع َبا ِد ِه َو َي ْع ُفو َع ِن َّ
}َ ..وهُ َو ا ْل َغ ُفو ُر ال َّر ِح ُيم{ الأحقاف.8/
بقلم :الشيخ رائد الستري
ال داعي للي�أ�س ،بل لي�س لك �أنْ تي�أ�س وتقنط من رحمة اهلل وهو الذي يقولُ } :ق ْل َيا
ِع َبا ِد َي ا َّل ِذينَ �أَ ْ�س َر ُفوا َع َلى �أَ ْن ُف ِ�سهِ ْم اَل َت ْق َن ُطوا ِمنْ َر ْح َم ِة اللهَِّ �إِنَّ اللهَّ َ َي ْغ ِف ُر ال ُّذ ُن َ
وب َجمِ ي ًعا
�إِ َّن ُه هُ َو ا ْل َغ ُفو ُر ال َّر ِح ُيم * َو�أَ ِني ُبوا �إِلىَ َر ِّب ُك ْم َو�أَ ْ�س ِل ُموا َلهُ { ...الزمر.54 - 53/
(� )1إ�شارة �إىل قوله تعاىل} :كال �إذا بلغت الرتاقي{ القيامة.26 :
( )2ميزان احلكمة ،الري�شهري ،ج � - 2ص .1178
( )3ميزان احلكمة ،الري�شهري ،ج � - 1ص 40
( )4ميزان احلكمة ،ج � - 2ص .1582
( )5امل�صدر ال�سابق.
( )6ميزان احلكمة ،ج � - 1ص .40
( )7مفردات غريب القر�آن ،الراغب الأ�صفهانى� ،ص 374 - 373
( )8ميزان احلكمة -ج � - 2ص 1160
( )9الو�سائل ،العاملي ،ج ،18الباب ،27ح.1
( )10ميزان احلكمة -ج � - 2ص 1161 - 1160
(( )11م.ن).
( )12ميزان احلكمة -ج � - 1ص 430
( )13ميزان احلكمة -ج � - 2ص 1163
(( )14م.ن).
( )15ميزان احلكمة -ج � - 4ص .2806
( )16ميزان احلكمة -ج � - 2ص .1162 55
( )17ميزان احلكمة -ج � - 4ص .3288
( )18ميزان احلكمة -ج � - 4ص .3288
العالقات المحرّمة
(( )19م.ن)
( )20ميزان احلكمة -ج � - 2ص .1162 – 1161
( )21ميزان احلكمة -ج � - 3ص .2313
( )22ميزان احلكمة -ج � - 2ص 1582
(( )23م،ن).
( )24الأمثل يف تف�سري كتاب اهلل املنزل -ال�شيخ نا�صر مكارم ال�شريازي -ج � - 15ص .392 أسبابها وآثارها وطرق الوقاية منها
( )25ميزان احلكمة -ج � - 3ص .2412
( )26حديث اجلمعة ،39ال�سيد عبداهلل الغريفي ،موقعه الإلكرتوين.www.alghuraifi.org :
( )27ميزان احلكمة ،2837/4حممد الري�شهري ،الطبعة الأوىل ،حتقيق وطبع ون�شر :دار احلديث.
( )28الكايف ،127/2ال�شيخ الكليني ،حتقيق وت�صحيح وتعليق :علي �أكرب الغفاري ،الطبعة الرابعة 1365
�ش ،دار الكتب الإ�سالم ّية ،طهران – �إيران.
( )29كنز العمال ،296 /16املتقي الهندي ،حتقيق و�ضبط وتف�سري :ال�شيخ بكري حياتي ،ت�صحيح وفهر�سة:
ال�شيخ �صفا ال�سقا� ،سنة الطبع 1409هـ1989 -م ،م�ؤ�س�سة الر�سالة ،بريوت – لبنان.
( )30درو�س يف علم الأ�صول -ال�سيد حممد باقر ال�صدر -ج � - 1ص .326
( )31ميزان احلكمة -ج � - 2ص .1161
( )32حديث اجلمعة ،39ال�سيد عبداهلل الغريفي ،موقعه الإلكرتوين.www.alghuraifi.org :
(( )33م،ن)
( )34ميزان احلكمة -ج � - 2ص .1180
(� )35آداب الأ�سرة يف الإ�سالم -مركز الر�سالة � -ص .14
( )36تف�سري �سورة النور ،مطهري ،دار النبالء ،ط� ،1ص.62
( )37تف�سري امليزان -ال�سيد الطباطبائي -ج � - 16ص .309
( )38ميزان احلكمة -ج � - 3ص .2007
(( )39م،ن)
(( )40م،ن)
( )41امل�صدر ال�سابق ،ج� ،2ص.1447
( )42امل�صدر ال�سابق ،ج� ،1ص.717
( )43امل�صدر ال�سابق ،ج� ،2ص.1233
( )44و�سائل ال�شيعة ،احلر العاملي ،ج � ،5ص . 28
(( )45م،ن).
( )46الطفل بني الوراثة والرتبية -ال�شيخ حممد تقي فل�سفي -ج � - 2ص ،277بت�ص ّرف.
( )47ميزان احلكمة ،1940/3حممد الري�شهري ،الطبعة الأوىل ،حتقيق وطبع ون�شر :دار احلديث.
( )48حديث اجلمعة ،39ال�سيد عبداهلل الغريفي ،موقعه الإلكرتوين.www.alghuraifi.org :
56
المصادر
بقلم :الشيخ رائد الستري
-1القر�آن الكرمي.
-2مفردات غريب القر�آن ،الراغب الأ�صفهانى ،دفرت ن�شر الكتاب� ،إيران ،ط.2
-3الو�سائل ،العاملي ،دار �إحياء الرتاث العربي ،لبنان ،ط.)20-1( ،5
-4ميزان احلكمة ،الري�شهري ،دار احلديث� ،إيران ،ط.)4-1( ،1
-5تف�سري امليزان ،ال�سيد الطباطبائي ،جماعة مدر�سني� ،إيران.)20-1( ،
-6الأمثل يف تف�سري كتاب اهلل املنزل ،ال�شيخ نا�صر مكارم ال�شريازي ،م�ؤ�س�سة البعثة� ،إيران.)20-1( ،
-7تف�سري �سورة النور ،مطهري ،دار النبالء ،لبنان ،ط.1
-8الطفل بني الوراثة والرتبية ،ال�شيخ حممد تقي فل�سفي ،دار �سبط النبي� ،إيران ،ط.)2-1( ،2
� -9آداب الأ�سرة يف الإ�سالم ،مركز الر�سالة� ،ستارة� ،إيران ،ط.1
-10حديث اجلمعة ،39ال�سيد عبداهلل الغريفي ،موقعه الإلكرتوينwww.alghuraifi.org :
ﻰ ﻠﻋ ﻞﺼ ﺣ ا
ﺘﺨﻧﺴ
�ن ﻚا
Ablution
...�ﻗﺮﻳﺒ
...�ﻗﺮﻳﺒ
(ﺰﻳﺔ
ﻴ ﻠ ﺴﺳﻠ
ا�ﻧﺠﻠ
- اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ- ﻘ ّﺮرات اﻟﺤﻠﻘﺔ ا�وﻟﻰ ﻣ ﺔ
�أبجد ّيات حرك���ة التوبة من
والأوب���ة �أنْ يعرف الإن�سان حقيقة
الرج���وع ،و�أنْ يع���رف �أ�سب���اب
وم�س ّبب���ات ما �آلت �إلي���ه �أمور تلك
ال�ساعات والأيام بل تلك ال�سنوات
حمط���ات ال ّذنب،م���ن ال�ضياع يف ّ
وم���ن ت�س ّك���ع على عتب���ات وموائد
االنح���راف واالنح�ل�ال؛ كي ير ِّكز
يف عقل���ه الواع���ي ويث ِّب���ت برام���ج
احل�صان���ة وال��� ّردع م���ن مث���ل ما
ُمن���ي ب���ه يف الف�ت�رة املن�صرم���ة،
�إذ احلي���اة طريقها ّ
�ش���اق وطويل
حمف���وف بامل���كارِه واملخاط���ر
ً
مفرو�شا بالورد واملوبقات ،ولي����س
خا�ص���ة لأولئك الذين واليا�سمني ّ
يتوقون ويتط ّلعون �إىل ر�ضوان من
اهلل �سبحانه.