1
 
 ‫‪ ‬‬

‫] ﻣﻘﺪﻣﺔ‪.. [:‬‬

‫‪1‬ـ ﲤﻬﻴﺪ‪ :‬ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻭﻓﻖ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ﻓﻬﻲ‬
‫ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﻌﱪ ﻋﻦ ﺍﳍﺪﻑ ﺣﻴﻨﺎ ﻭﺍﻵﻟﻴﺔ ﺣﻴﻨﺎ ﺁﺧﺮ‪ ،‬ﺑﻴﺪ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺗﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ‬
‫ﺑﺘﻔﺼﻴﻼﺗﻪ ﻭﺑﲔ ﻫﺬﺍ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻜﺘﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﳎﺘﻤﻌﺎﺕ ﺃﻭ ﺩﻭﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﺃﻭ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺎ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﲣﺘﺼﺮ ﲜﻤﻠﺔ‪ ):‬ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ‪ -‬ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻷﻣﺔ‪ -‬ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ(‪.‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺃﻬﻧﺎ ﲣﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻪ ﺣﺪﻭﺩ ﻭﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﻐﲑ ﻣﻨﺢ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﻷﻧﺎﺱ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻮﺍﺯﻥ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﳓﻮ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺮﺗﺒﺔ ﺍﳌﻨﻀﺒﻄﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ‬
‫ﻟﺸﺮﻉ ﺍﷲ‪ .‬ﻭﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﺸﺮﻉ ﺍﷲ ﺗﻌﲏ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﰲ ﺗﻘﻴﺲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻫﺬﺍ ﳛﺪﺩ‬
‫ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﰲ ﻣﻬﻤﺔ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﺧﻼﻓﺔ ﺍﻷﺭﺽ‪،‬‬
‫ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻘﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻛﻴﺰﺓ ﺃﻭ ﲣﺘﻔﻲ ﺍﻟﺮﻛﻴﺰﺗﺎﻥ ﻣﻌﺎ ﳒﺪ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﻭﺣﻜﻢ ﺍﳍﻮﻯ‪ ،‬ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ‬
‫)ﺷﻮﻥ ﻵﻱ( ﻣﺜﻼ ﳛﺪﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ) ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ ﻻ ﲣﻄﺄ ﻷﻬﻧﺎ ﻋﻠﻤﻴﺔ( ﻭﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻗﺎﺋﻢ‬
‫ﺃﺻﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ‪ ،‬ﺇﺫﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺧﻄﺄ ﲡﺮﺑﺔ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻓﻘﻪ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻹﺻﻼﺡ ﻣﺴﲑﻬﺗﺎ ﻋﻨﺪ‬
‫ﺗﺒﻴﺎﻬﻧﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺳﻴﺨﻔﻲ ﺿﻴﺎﻉ ﺃﻣﺮﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ﳍﺎ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﻭﻛﻞ ﻗﺮﺍﺭ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻛﻢ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ ﺳﻠﺒﺎ ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﺤﻲ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﳋﻄﺄ ‪...‬ﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻭﻗﻔﺔ ﺗﻔﻜﺮ ﰲ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﳛﺪﺙ ﺗﻘﺪﻣﺎ ﺗﻘﻨﻴﺎ ﻣﺪﻧﻴﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺒﲏ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺭﺍﺳﺨﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺪﻝ‬
‫ﺃﺳﺎﺱ ﰲ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺃﻭ ﻭﺳﺎﺋﻠﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻼﺷﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎ ‪ -‬ﺃﻱ ﺍﻟﻌﺪﻝ ـ‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﺇﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ‪ ...‬ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻷﻋﺮﺝ ﺃﻧﻪ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻳﻌﲏ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻛﺮﻛﻴﺰﺓ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺍﻬﺗﺎﻡ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺍﳌﺸﻮﻫﺔ ﻭﺍﳋﻠﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺪﺛﻪ ﺍﳍﻮﻯ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ‬
‫ﺃﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺇﻥ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻫﻲ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺗﻌﲏ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﻣﺮﻛﺰ ﻭﺭﻗﺎﺑﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺑﺪﻭﻥ‬
‫ﻛﻠﻞ ﺃﻭ ﻣﻠﻞ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ‪ ،‬ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺍﳌﻌﻄﻴﺎﺕ ﻭﺗﺮﻣﻴﻢ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳋﺎﻃﺌﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﳛﺪﺙ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺘﺤﺎﻡ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺣﺎﻛﻤﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﻻ ﳛﺪﺙ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﻤﻮ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺆﺛﺮ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪.‬‬

‫ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﺗﻠﺘﺤﻢ ﺑﺸﻌﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺛﻼﺙ‪ ،‬ﻓﻠﻜﻲ ﲢﺘﺮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥ ﲢﺘﻔﻆ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬

‫ﺍﻷﻭﻝ ‪ :‬ﺿﻤﺎﻥ ﺍﳌﻨﻌﺔ ﻟﻠﻔﺮﺩ ﻭﺍﻷﻣﺔ ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻷﻣﺔ ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﺟﻴﺶ ﻗﺎﺩﺭ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺽ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﲢﻘﻴﻖ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻭﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﳌﻮﻛﻠﺔ ﻟﻸﻣﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﱵ ﺗﻮﻛﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ‬
‫ﺃﻭ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﳐﺎﺑﺮﺍﺗﻴﺔ ﺃﻭ ﲡﺎﺭﻳﺔ ‪...‬ﻭﻏﲑﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻭﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﳌﻌﻨﻴﺔ‬
‫ﺑﺄﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺜﺎﱐ ‪ :‬ﺗﻮﻓﲑ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺩﻱ ﻟﻠﺮﻗﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﻣﻌﻠﻮﻣﺎﰐ‬
‫ﻭﻋﻼﻗﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻐﺬﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻟﻠﻤﻮﺍﺭﺩ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﺑﲔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻣﻦ ﲣﻮﳍﻢ ﻗﻴﺎﺩﻬﺗﺎ ‪،‬ﻭﻫﻲ ﺭﻛﻴﺰﺓ ﻣﻬﻤﺔ ﻻﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻟﻨﻜﺴﺎﺕ‬
‫ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﻤﺪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻫﺬﻩ ﻭﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﻟﺪﻩ ﻓﻘﺪﺍﻬﻧﺎ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻨﺘﻘﺺ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﻭ ﻳﻐﻴﺐ ﻓﻼ ﺗﻌﻮﺩ ﻟﻸﻣﻮﺭ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻒ ﻗﺪ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ‬
‫ﻭﺍﳌﻨﻌﺔ ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﻟﻐﺬﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﳝﻜﻦ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺇﻥ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﻌﺘﱪ‬
‫ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﺑﻘﺖ ﻣﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﻻ ﳝﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻔﻌّﻞ ﻛﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﺴﺘﻤﺮ‬
‫ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻣﺖ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻷﻬﻧﺎ ﺳﺘﻠﺠﺄ ﺇﱃ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﻣﺪﱐ ﳜﺮﺏ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺃﻱ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﻬﺗﺪﺭ ﺍﻟﻌﺪﻝ‬
‫ﻓﻬﻲ ﺗﺘﻔﻜﻚ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﻋﻤﻖ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻓﻜﺮﻱ ﺣﻘﻴﻘﻲ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺄﺕ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻭ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﺘﻼﺯﻣﺘﺎﻥ ﻭﻫﻲ ﺩﻳﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻛﺈﺳﻼﻡ‪،‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻌﺮﻭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻛﻠﻪ‪ ،‬ﻭﻧﺮﻯ ﺍﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﱪﻳﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺭﺍﺳﺨﺔ ﻻ ﻳﺄﰐ ﻬﺑﺎ‬
‫ﻣﺒﺪﺋﻴﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ‪ ،‬ﺑﻴﺪ ﺃﻬﻧﺎ ﺍﻛﱪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﰲ ﺗﻔﺼﻴﻼﻬﺗﺎ ﻻﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺿﻲ ﻗﺪ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻪ‬
‫ﻣﺴﺎﻭﻣﺔ ﺑﲔ ﺭﺅﻯ ﻭﻣﺎ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﻫﻨﺎ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺭﺅﻳﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺭﺅﻯ ﻓﻌﻠﻴﺎ‪ ،‬ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﺇﻻ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ‪ ،‬ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻟﻪ ﻣﻴﺰﺓ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻛﺈﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻓﻜﺮﺓ ﺧﻼﻓﺔ ﻭﺍﻋﻤﺎﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻧﻈﺮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﱃ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻤﺨﻠﻮﻕ ﻣﻜﺮﻡ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻘﻪ ﻟﺼﻔﺘﻪ ﲞﻠﻘﻪ ﻭﻫﻮ‬
‫ﳏﺎﺳﺐ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﷲ ﻓﺮﺩﺍ ﻟﺬﺍ ﻻ ﳚﻮﺯ ﺣﺠﺮ ﺭﺃﻳﻪ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ ﻟﺮﺃﻳﻪ ﺃﻭ ﲢﺪﻳﺪ ﺻﻔﺔ ﻣﻌﺎﻳﺸﺘﻪ‪ -‬ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﻴﻮﻡ‬
‫ﺑﺎﳌﻮﺍﻃﻨﺔ‪ -‬ﻭﻓﻖ ﻣﻌﺘﻘﺪﻩ ﺃﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻀﺮ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻛﻜﻞ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺁﺧﺮ ﲤﺎﻣﺎ‪،‬‬
‫ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﺮﺃﻳﻪ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻀﺮﺭﻩ ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ﻻ ﻳﺒﺎﺩﺉ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ﻻ ﳝﻨﻊ ﻟﻪ ﺣﻖ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪.‬‬

‫‪3‬ـ ﻻ ﻳﻈﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﻣﻨﻊ ﺷﺮﻩ ﻭﺣﺪﺕ ﺗﺄﺛﲑﺍﺗﻪ‪.‬‬

‫ﺭﺍﺑﻌﺎ‪ :‬ﺃﻥ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﺸﺒﻜﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﳛﺪﺩ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻬﺪ ﺍﳌﺘﻮﺍﺿﻊ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ ﻛﺎﻥ‪،‬ﻭﻣﺮﺗﻜﺰﺍ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﻳﺲ ﻭﻗﺪ ﺃﻟﻔﻪ ﻋﺎﻡ ‪،1952‬‬
‫ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻳﺲ ﻗﺪﻡ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﳑﺘﺎﺯﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﻣﻌﺘﺎﺩ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﳔﻄﻮ ﺧﻄﻮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻗﺪ ﺗﺒﺪﻭ ﺍﺳﺘﺒﺎﻗﺎ ﰲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ‬
‫ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺇﱃ ﺟﻬﻮﺩ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻣﺜﻞ ﺟﻬﺪ ﺍﳉﻮﻳﲏ ﳒﺪ ﺍﻧﻪ ﻗﺪ ﺣﻘﻖ ﺧﻄﻮﺓ‪ ،‬ﻭﻓﺘﺢ ﺑﺎﺑﺎ ﻟﻨﺎ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﺃﺿﺤﻴﻨﺎ ﻓﺮﻳﺴﺔ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺔ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ‬
‫ﻻ ﻧﺄﺧﺬ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﳌﻌﺎﳉﺔ ﻟﻈﺮﻑ ﺁﱐ ﻭﻧﻌﺘﱪﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺸﺮﻉ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺟﺮﻯ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﺎﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﱐ ‪-‬‬
‫ﻭﻭﻓﻖ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﻗﻠﲔ ‪ -‬ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻛﺜﺎﺑﺖ ﳓﺮﻡ ﻭﳓﻠﻞ ﻭﻓﻘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺻﻔﺔ ﳊﺎﻟﺔ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪﺓ ﺑﺪﻳﻠﻬﺎ ﺍﻟﺘﺸﺮﺫﻡ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻭﻓﻖ ﺭﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﺟﺘﻬﺪ‪ ،‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﲡﺎﻭﺯ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺑﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻫﻮ ﻇﺮﰲ ﻭﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﳓﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ‬
‫ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﱘ ﻟﻪ ﺑﺸﺮﺡ ﻳﺸﺒﻪ ﻃﺮﺡ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﺍﳌﻨﻔﺼﻠﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻭﻛﻴﻨﻮﻧﺔ‬
‫ﻟﻠﻔﻜﺮﺓ ﲟﺎ ﻳﻔﺴﺢ ﺍﺠﻤﻟﺎﻝ ﻷﻱ ﺑﺎﺣﺚ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻗﺸﻬﺎ ﻛﺄﻓﻜﺎﺭ ﻏﲑ ﻣﺘﺪﺍﺧﻠﺔ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﺍﳌﻮﺣﺪﺓ‬
‫ﺭﻏﻢ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺼﺐ ﲟﻌﲔ ﻭﺍﺣﺪ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﺘﺸﻜﻞ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻳﺴﺄﻝ ﻫﻞ ﻫﺬﺍ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻄﺮﺡ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﰐ ﻣﻦ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﻟﺘﻀﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻟﻪ ﻭﻫﻮ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﻢ ﰲ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﺃﺷﻬﺮ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﰐ‬
‫ﻣﻬﻤﺔ ﻗﺒﻞ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻹﻗﺎﻣﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻭﳌﻠﻤﺔ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺮﻛﻪ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﻜﻦ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺳﻜﻨﻪ‪ ،‬ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻈﻬﺮﺍ ﻣﺪﻧﻴﺎ‬
‫ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻣﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪﻩ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺣﻴﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ‪ ،‬ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﱂ ﻳﻀﻊ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻣﺪﻧﻴﺎ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ‬
‫ﻳﺘﺴﻊ ﻭﻳﻨﺘﺞ ﻭﻳﺘﺒﲎ ﺍﳌﺨﺮﺟﺎﺕ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺑﺴﻼﺳﺔ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻝ ‪ ،‬ﻭﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺑﻞ ﻫﻮ‬
‫ﻣُﻨﺘﺞ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﲑ ﺍﳌﺼﺪﻗﺔ ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﲔ‪ ...‬ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻧﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﻧﺘﻮﺟﻪ ﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﲝﺎﻛﻤﻴﻪ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺄﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳌﺪﱐ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻓﻌﻼ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺄﰐ ﺇﻻ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺼﻮﺭ ﳊﺮﺍﻙ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺍﳌﺴﺒﻖ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﳛﻘﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺑﲔ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻣﺆﺳﺴﺎﰐ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻣﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﻣﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻮﺳﻊ ﻭﻳﻨﻘﺢ ﻭﻳﻄﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺻﻴﻐﺔ‬
‫ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍ ﻓﻘﻬﻴﺎ ﻳﻀﻊ ﻭﻳﻮﺿﺢ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﳊﺮﺍﻡ ﻭﺍﳊﻼﻝ‪ ،‬ﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ‬
‫ﻧﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ )ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ( ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﳌﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﺪﻳﺮ ﻟﻠﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ‬
‫ﺍﻻﻧﺴﻴﺎﰊ )ﻟﻠﻤﺪﻧﻴﺔ( ﻭﻛﻤﺎ ﻋﺮﻑ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ‪،‬ﺇﻥ ﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ ﺣﲔ ﻭﺻﻒ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺇﳕﺎ ﻗﺪﻡ ﻭﺻﻔﺎ ﻟﻴﻌﱪ ﺑﻪ ﻋﻦ‬
‫ﻣﺪﺧﻞ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻫﻮ ﱂ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻬﻧﺎﻳﺔ ﺍﳌﻄﺎﻑ ‪ ،‬ﳓﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﲝﺎﺟﺔ ﻟﺒﻠﻮﺭﺓ‬
‫ﻣﻌﲎ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭﻣﻌﲎ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﳌﺎ ﳚﺮﻱ ﻣﻦ ﺧﻠﻂ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺻﺤﻴﺢ ﺗﺪﺍﻭﻟﻪ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺪﺍﻭﻟﻪ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻻ ﳚﻮﺯ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺩﻭﺍﻋﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻣﺘﻄﻮﺭ ﻣﺪﻧﻴﺎ ﺑﻴﺪ ﺍﻧﻪ ﻣﺘﺨﻠﻒ ﺣﻀﺎﺭﻳﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳉﻨﻮﺡ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ‬
‫ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﳐﺮﺟﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻟﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ‬
‫ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺪﺍﺭﻯ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﻛﺄﻬﻧﺎ ﺟﺬﻭﺭ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ‬
‫ﻭﻏﲑﻫﺎ‪ ) ...‬ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺭﺍﺟﻊ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻣﻮﻗﻊ ﻳﻘﻈﺔ ﻓﻜﺮ ﻭﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ( ‪ ‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﺟﺮﻯ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﳊﺎﺩﺛﺔ‬
‫ﻭﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﻬﺗﺎ )ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﲑﺓ ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﳌﱳ ﺍﻷﻭﻝ ﻧﻈﺮﺓ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻣﺜﻼ ﻭﺣﻞ ﳑﻜﻦ‬
‫ﻟﻠﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﳝﻜﻦ ﲡﺎﻭﺯﻫﺎ ( ﻏﲑ ﺃﱐ ﺣﻴﺪﺕ ﺍﻷﺧﲑﺗﲔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺢ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺓ ﺧﺸﻴﺔ‬
‫ﺗﺸﺘﻴﺖ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ‪ ،‬ﺇﺫﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﻭﺣﻠﻮﻝ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺆﺧﺬ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﻭﺇﳕﺎ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺗﻨﺎﻗﺶ ﻟﻼﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺑﻐﻴﺔ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻃﺮﺡ ﻫﻨﺎ ﻏﺎﻳﺘﻪ ﺍﻟﺘﺤﻔﻴﺰ ﻟﻨﻈﺮﺓ ﺃﻓﻀﻞ‪....‬‬
‫ﻭﻧﺼﻞ ﻟﻮﺿﻊ ﻧﻈﺎﻡ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﻫﻴﻜﻠﻲ ﻛﻤﻘﺘﺮﺡ ﻟﻠﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﲟﺎ ﺃﺭﺍﻩ ﲢﺴﻴﻨﺎ ﻟﻠﻜﻔﺎﺀﺓ ﰲ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ‪....‬ﻭﻟﻌﻞ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﺮﻓﻖ ﺳﺘﻌﻄﻲ ﻓﻬﻤﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﳌﺎ ﰲ ﺍﶈﺘﻮﻯ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻌﺮﻳﻒ‬
‫ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﳌﺪﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻫﻮ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﻣﺪﻟﻮﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺗﺮﺍﻛﻢ‬
‫ﺍﳉﻬﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﺗﺼﺮﻳﻒ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪....‬ﻭﻣﺎ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﺭ ﰲ ﻭﺳﺎﺋﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ‪.‬‬

‫ﻭﺇﱐ ﻷﺷﻜﺮ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺟﺎﺳﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺿﺎﺀ ﲟﻼﺣﻈﺎﺗﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪﺓ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﻬﺬﻩ ﺍﻟﱵ ﺃﺣﺎﻟﺖ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ‪ -‬ﰲ ﻣﺴﻮﺩﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ‪ -‬ﺇﱃ ﻣﺮﻓﻖ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺿﻌﻪ ﺟﻬﺪﺍ ﺍﺳﺄﻝ ﺍﷲ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ‬
‫ﺑﻜﺮﻣﻪ ﻭﺭﲪﺘﻪ ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻟﻌﺒﺪﻩ ﻭﻳﺴﺘﻈﻞ ﺑﻈﻠﻪ ﻳﻮﻡ ﻻ ﻇﻞ ﺇﻻ ﻇﻠﻪ ﻭﻳﺴﻌﻨﺎ ﺑﺮﲪﺘﻪ ﺃﲨﻌﲔ ﺍﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻗﺪﻳﺮ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ﺗﻘﺪﱘ‪ :‬ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﱘ ﺃﺣﺎﻭﻝ ﻭﺿﻊ ﻓﻜﺮﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻔﺼﻮﻝ ﺭﻏﻢ ﺃﻬﻧﺎ ﻟﻦ ﺗﻐﲏ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ‪ ،‬ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﻭﺿﺢ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭﺿﻊ ﺍﻣﺘﻨﺎ ﻻ ﻳﻌﲏ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻧﺮﻛﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬
‫ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻠﺒﺸﺮﻳﺔ ﻛﻲ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﺑﺈﺻﻼﺡ ﻋﺎﻡ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺜﲑﺍ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ‪ ...‬ﻭﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ‬
‫ﻭﲢﻮﻳﺮﻫﺎ ﻭﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻻ ﻣﺮﺗﻜﺰ ﻻﻧﻄﻼﻕ ﻛﺘﺎﺏ ﻻﺣﻖ ﻫﻮ )ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ( ﻭﻫﻮ ﻣﺜﺎﻝ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻣﺘﺎﺡ ﻣﻦ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻭﻟﲑﻯ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻣﺪﻯ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﰲ ﺯﻣﻦ‬
‫ﻗﺼﲑ ﺑﻔﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻜﻨﻨﺎ ﲜﻬﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﻭﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﻋﱪ‬
‫ﺍﳌﺴﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﺑﺰﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺃﻟﺜﻮﺍﻥ ‪ ‬‬

‫ﺇﻥ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﻮﺍﻗﻌﻬﺎ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﻬﺎﻡ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﳕﻬﺪ ﻟﻪ ﻫﻨﺎ ﰲ ﻓﺼﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻭﻗﻔﺎﺕ‬

‫ﻭﻧﻈﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ ﻟﺮﺑﻂ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﻟﻨﺎ ﺗﺄﻣﻼﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﺼـﺪﺭﺍ ﺃﺳﺎﺳـﻴﺎ ﰲ ﺍﻟﻔﻜـﺮ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﳊﻈﺔ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﻤﺆﺷﺮ ﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﰒ‬
‫ﻭﻗﻔﺔ ﻣﻊ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻄﻮﻝ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ ‪..‬‬

‫ﺇﺫﻥ ﻣﻔﺎﺻﻞ ﻣﻬﻤﺔ‪ :‬ﲢﺪﺙ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻘﺮﺃ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻐﻴﺔ‬
‫ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﲡﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ؛ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻧﻘﻄﺔ ﻟﻜﺴﺮ‬
‫ﺍﺧﺘﻼﻑ ﱂ ﻳﻌﺪ ﻟﻪ ﺃﳘﻴﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﳏﺾ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻭﻟﻴﺲ ﺳﲑﺓ ﺃﻭ ﻗﺮﺁﻥ‪ ،‬ﺃﻃﹼﺮ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﻣـﻦ ﺍﻟﺴـﲑﺓ ﻟﺘﻠـﻚ‬
‫ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﱵ ﺑﺪﺃ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﺎﻥ ﺳﲑﺓ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ‪ ،‬ﻭﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ‬
‫ﺗﻔﺼﻴﻞ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻓﻼ ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﻮﻝ‪.‬‬

‫ﻭﻧﻮﻗﺶ ﺑﺎﺳﺘﺮﺳﺎﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﰲ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻭﻫﻨـﺎ ﻳﻨﺒﻐـﻲ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﻭﻣﻀﺎﺕ ﻭﺍﻥ ﻣﺎ ﻳﻬﺪﻡ ﻭﻻ ﻳﻌﺎﰿ ﻳﺘﺮﻙ ﺩﻭﻣﺎ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ‪.‬‬

‫ﺍﺳﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ‪ :‬ﻭﻫﻮ ﺑﻔﺼﻮﻝ ﺛﻼﺙ‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ‪ :‬ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺑﻌﺾ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻛﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﳊﻞ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻓﻘﺪ‬
‫ﺑﺪﺃﺕ ﺭﺣﻠﺘﻬﺎ ﰲ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﻭﺟﺮّﻓﺖ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻭﳚﺮﻱ‬
‫ﲡﺮﻳﻔﺎ ﻣﻌﺎﺩﻻ ﻟﻠﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﲟﺆﺍﻣﺮﺓ ﺃﻭ ﺗﺄﺛﲑﺍﻬﺗﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﺑﻨﺠﺎﺡ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻓﺎﻋﻠﺔ ﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﻬﺎﺟﻢ ﺑﺎﻟﻐﻮﺹ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﺇﱃ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﺮﻳﺪ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﳊﻞ ‪ ،‬ﻫﻞ ﻫﻮ ﳏﺾ ﺷﻌﺎﺭ‪ ،‬ﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺩﺳﺘﻮﺭ ‪ ،‬ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﲑ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﲢﺪﺙ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺭﻛﺎﺋﺰﻫﺎ ﻭﳌﺎﺫﺍ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﺗﻨﺸـﺄ‬
‫ﳎﺘﻤﻌﺎ ﺇﺳﻼﻣﻴﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺪﻳﲏ ﻭﺍﳌﺬﻫﱯ ﻭﻫﻮ ﳏﻜﻮﻡ ﺑﺮﺅﻳﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ‪ .‬ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻝ‬
‫ﳌﺎﺫﺍ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪...‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻫﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪:‬‬

‫ﲢﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﳑﻬﺪﺍ ﻭﺩﺍﺧﻼ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﻌﺸـﺮﻳﻦ ﰲ ﻃـﺮﺡ‬
‫ﺭﺅﻳﺔ ﻭﺣﻠﻮﻝ ﳌﺸﺎﻛﻞ ﻣﻌﺎﺻﺮﺓ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﲤﺘﻠﻚ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺭﺅﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﳑﻜﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣـﻞ‬
‫ﻣﻌﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺣﺎﻻﻬﺗﺎ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺃﻭ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﺘﻐﲑ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‪ :‬ﻫﻮ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺗﻔﺮﻳﻘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﻛﻮﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣﺼﺪﺭﺍ ﻟﻠﺘﺸﺮﻳﻊ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﳓﺪﺍﺭ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﰲ ﳏﺘﻮﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺳﻠﻮﻛﻴﺎﻬﺗﻢ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﻫﺪﻣﺖ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﺍﻟﻨﺄﻱ ﻋﻦ ﺭﻛﻴﺰﺓ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻟﻠﺘﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻗﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳊﺎﱄ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﺃﻭ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺑـﻞ ﺑﻔﻬـﻢ‬
‫ﻟﻠﻤﻘﺎﺻﺪ ﻭﺍﳌﺼﺎﱀ ﻭﻏﲑﳘﺎ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ‪ :‬ﻣﺪﺧﻞ ﺇﱃ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﻭﻟﻜﻲ ﻳﺮﺑﻂ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻣﺎ ﺳﻴﺄﺗﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻞ‬
‫ﺍﻷﺧﲑ‪.‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‪ :‬ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ )‪ (21‬ﻭﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺗﻴﺐ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ‬

‫ﺃﻥ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﻟـﻪ ﺍﻟﺼـﻼﺓ‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﱂ ﺗﻚ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﳌﻌّﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﰲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﲟﺮﺟﻌﻴﺔ ﺇﳍﻴﺔ ﻣﻨﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺍﻟﺰﺍﺧﺮ ﺑﺎﳉﺪﻳﺪ ﺍﳌﺘﺠﺪﺩ‪...‬‬

‫ﻭﺿﻌﺖ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻣﺮﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﱂ ﺃﺟﺪﻩ ﺳﺎﺑﻘﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻭﺭﺑﻄﺘﻪ ﲟﺆﺳﺴـﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣـﺔ ﺃﻭ‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺍﺳﻢ ﻛﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻋﻼﺝ ﳊﺎﺟﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﰲ ﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﰲ ﻧﻮﺍﺣﻲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﺳـﺘﻘﺮﺍﺭﻫﺎ ﻭﻓـﻖ ﻣﻨـﻬﺞ‬
‫ﻣﺪﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻭﻳﻌﺎﰿ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﻛﻞ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﲔ ﻓﻼ ﳛﺼﻞ ﺃﻱ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭﻱ ﺃﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﻘﺺ ﺍﳋﱪﺓ ﺃﻭ ﻓـﺮﺍﻍ‬
‫ﺇﺩﺍﺭﻱ ﻳﻮﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﰲ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﰒ ﺗﻠﻤﻠﻢ ﺍﳋﺎﲤﺔ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻭﺍﷲ ﻭﱄ ﺍﻟﻘﺼﺪ‪.‬‬

‫ﺍﳌﻬﻨﺪﺱ‪/‬ﳏﻤﺪ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﺒﺪ ﺭﺍﱐ‬

‫ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ ‪ ،1431‬ﻣﺎﺭﺱ‪2010 /‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫]ﻣﻔﺎﺻﻞ ﻣﻬﻤﺔ [ ‪..‬‬

‫ﺗﺄﻣﻞ ﺃﻭﻝ‬

‫‪ -‬ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ‪-‬‬

‫ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻭﺗﺄﻣﻼﺕ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻺﻓﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺮﺑﻂ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﺳﺘﺬﻛﺎﺭﺍ ﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ‪.‬‬

‫ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ‪ :‬ﺇ ﹼﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻣﻜﺎﻧﲔ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﳌﻜﻴّﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﳌﻨﻈﻮﻣـﺔ‬
‫ﺟﺪﻳﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺴﺘﻄﻠﻊ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺃﺣﺪﺍﺙ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﲢﺘﺎﺝ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﺇﱃ ﺷﺮﺡ ﻟﺘﻔﻬﻢ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﻣﺎﻡ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﻓﻜﺮﻱ ﻭﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺁﻟﻴﺔ ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻪ ﻓﻤﻦ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﳚﺪ ﺃﻬﻧﻢ ﻻ ﳛﺪﺛﻮﻩ ) ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ( ﻋﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﺩﻳﲏ ) ﻋﺪﺍ ﻗﺮﻳﺶ( ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻦ ﻛﻴﺎﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﺎﺩﻡ ﻻ ﳏﺎﻟﺔ ﻭﻣﺜـﺎﻝ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﺣﻮﺍﺭﻩ ﻣﻊ ﺑﲏ ﻋﺎﻣﺮ ﻭﺑﲏ ﺷﻴﺒﺎﻥ )ﻧﺄﰐ ﻟﺒﻴﺎﻬﻧﺎ ﻻﺣﻘﺎ(‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻗﺮﻳﺶ ﻋﻦ ﺍﳌﻌﺘﻘﺪ ﻓﻸﻥ ﻣﻜﺎﻧﺘـﻬﺎ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ‪ ،‬ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺳﻬﺐ ﺍﳌﺆﺭﺧﻮﻥ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ ﺻﺮﺍﻉ ﺍﳌﻌﺘﻘﺪ ﻭﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﹰﺎ ﻣـﻊ‬
‫ﻣﻨﻬﺞ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﻛﺪﻳﻦ ﻭﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺎﺕ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺟﺎﻣﺪﺓ ﰲ ﺣﲔ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﻌﺎﻧﺎﺓ ﻭﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ( ﻫﻲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻨﺎ ﻟﺘﻤﻴﻴـﺰ ﻣﻨـﻬﺞ ﺍﻻﺟﺘـﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺗﻴﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﺮﻱ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﻱ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﻬﺎﻡ ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ‬
‫ﻬﺑﺎ ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺑﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻭﺿﻌﺖ ﺃﺳﺲ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﺃﺗﻀﺢ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺘﺒﺖ ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ (‬
‫ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﺣﻴﺚ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﲟﺪﺧﻼﻬﺗﺎ ﻭﻣﻌﺎﳉﺎﻬﺗﺎ ﻭﳐﺮﺟﺎﻬﺗﺎ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺘـﻬﺎ ﻣـﻊ‬
‫ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻮﺭﻯ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﺸﲑ ﺇﱃ ﺃﻬﻧﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻣﺼﻮّﺑﺔ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﳍﻮﻯ ﻓﻬﻲ‬
‫ﲢﻤﻞ ﺻﻔﺔ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺟﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﻟﻴﺲ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻷﻥ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻣﻌﻨﹰﺎ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻻ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪9‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﻣﻦ ﺍﳉﺪﻳﺮ ﺫﻛﺮﻩ ﺇﻥ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺮﻭﺡ ﰲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﳌﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻟﻴﺴـﺖ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻟﻪ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﳋﺎﺹ ﳓﻮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﳌﻌﺎﻣﻼﺕ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻵﺧﺮ ﻣـﻦ ﺑـﺎﺏ‬
‫ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﻠﺘﺰﻡ ﺑﺈﺩﺍﺭﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﺳـﺎﺱ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻴﺲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﺃﻣﻮﺭ ﳑﻴﺰﺓ ﻋﻦ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﻭﺍﻟﻌﻬﺪ ﻣﻊ ﺍﷲ ﺑﻞ ﻷﻬﻧﺎ‬
‫ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﻋﺮﻓﻪ ﺍﻷﻋﺮﺍﰊ ﺑﻨﻄﻘﻬﺎ ﺣﲔ ﻗﺎﻝ ) ﺇﻧﻪ ﻷﻣﺮ ﺗﻨﺎﺟﺰ ﻋﻠﻴـﻪ ﻣﻠـﻮﻙ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺠﻢ () ﻭﻗﺎﻝ ﻣﻠﻮﻙ ﻭﱂ ﻳﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻌﺠﻢ( ﻭﺃﺗﻀﺢ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻊ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻟﻜﻦ ﺗـﺄﺛﲑ‬
‫ﺍﳌﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺷﻮﻩ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﲢﻠﻴﻞ‬
‫ﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻥ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﻬﺗﻢ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﱵ ﺃﻧﺸﺄﺕ ﻋﻨﺪﻧﺎ )ﺭﲰﻴﹰﺎ ( ﻋﺎﻡ‬
‫‪ 1924‬ﻡ ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻻﳓﺪﺍﺭ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺇﱃ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﻫﻮ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺣﺎﺻ ﹰ‬

‫ﻼ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) ﺻـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ( ﻭﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻫﻮ ﺭﺃﻱ ﳊﺎﻟﺔ ﻭﻭﺻﻒ ﻭﳜﻄﺎ ﻣﻦ ﳚﻌﻠﻪ ﺣﻜﻤﹰﺎ ﺷﺮﻋﻴﹰﺎ ﻟﻜـﻞ ﺯﻣـﺎﻥ‬
‫ﻭﻣﻜﺎﻥ ﻭﻗﺪ ﺩﺣﺾ ﻓﻬﻢ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﺃﺟﺘﻬﺪ ﻟﺬﺍﺕ ﺍﳌﻌﻀﻠﺔ ﺑﺮﺃﻳﲔ ﻣﻨﺎﺳﺒﲔ ﻭﺍﻗﻌﻬﺎ ﻭﻣﺴـﺘﻨﺒﻄﲔ‬
‫ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﻟﺮﺃﻱ ﺍﻷﻭﻟﲔ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﻞ ﺣﱴ ﰲ ﲡﺴﻴﺪ ﻭﳘﻲ‬
‫ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ ﻓﻬﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﲣﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻋﺠﺰﻫﻢ ﻋﻦ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻊ ﺍﳉﻬﻞ ﺑﺎﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻭﺍﳉﻬﺎﻟﺔ ﺻـﻨﻮﺍﻥ‬
‫ﻣﺘﻼﺯﻣﺎﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﻭﻟﻘﺪ ﲪﻰ ﺍﷲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻘﺮﺁﻥ ﻭﻓﻜﺮ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻟﻜـﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‬
‫ﺣﺮّﻓﺖ ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻇﻨﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺪﻋﻢ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﺑﺘﺠﺬﻳﺮ ﻣﺎ ﻻ ﺟﺬﺭ ﻟﻪ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻭ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺍﱐ ﻷﺭﺍﻫﺎ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﳊﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻬﻢ ﻭﻣﺪﺧﻞ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﻣﻊ ﺍﳉﻬﻞ ﻭﺇﺗﺒـﺎﻉ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﲑﺓ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ( ﱂ ﲤﻨﺢ ﻟﻪ‬ ‫ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ‬
‫ﺃﻭ ﻟﺒﺸﺮ )ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ( ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ( ﳝﻴﺰ ﲤﺎﻣﹰﺎ ﺑﲔ ﻛﻮﻧﻪ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳـﻠﻢ (‬
‫ﺭﺳﻮ ﹰﻻ ﻭﺣﺎﻛﻤﹰﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻋﻰ ﺃﺩﻕ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭﰲ ﺃﺣﺮﺝ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﳏﺎﻓﻈﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﳋﻠـﻂ ﺑـﲔ‬
‫ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻣﺮﻩ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﻓﺄﻋﻄﻰ ﺍﳌﺜﻞ ﺍﳊﻲ ﻟﻜﻞ ﺣﺎﻛﻢ*‪ ،1‬ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻣـﺮ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺔ‬
‫ﻭﺍﺿﺤﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻭﻣﻨﺬ ﻧﻄﻖ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳍﺎ ﺑﻞ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻛﺜﻤﻦ ﻟﻠﺪﻋﻢ ﳓﻮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻋﻦ ﺑﲏ‬
‫ﻋﺎﻣﺮ ﻭﳓﻮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔﹰﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻊ ﻋﺪﺓ ﻣﺬﻛﺮﹰﺍ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻜﻠﻒ ﻭﻟﻴﺲ ﻭﻛﻴﻞ ﻭﻣﻦ ﺧـﻼﻝ‬
‫ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺎﻥ ﺗﺒﲏ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺃﻣﺮ ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺍﳊﺪﻭﺩ ‪ -‬ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻓﻼ ﻳﺘﺨﺬ ﺍﳌﻨـﻬﺞ ﻭﻗـﺖ‬
‫ﺍﻟﺸﺪﺓ ﻓﺘﺘﺤﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻭﺣﻜﻢ ﺍﳍﻮﻯ ﻭﺗﱪﺭ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻣﺎ ﱂ ﳝﻨﺢ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﺣﺴﺎﺱ‪ .‬ﻗﺎﻝ‬
‫ﺗﻌﺎﱃ )) ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻮﻛﻴﻞ ((‪ )) ،‬ﻓﺬﻛﹼﺮ ﺇﳕﺎ ﺃﻧﺖ ﻣﺬﻛﺮ (( ‪ ،‬ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﳝﺎﺕ ﻬﺑﺬﺍ‬
‫ﺍﻻﲡﺎﻩ ﳊﺴﺎﺳﻴﺘﻪ ) ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ(‪ ،‬ﻭﻧﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﺒﻴﻌﺎﺕ ﺍﳌﺘﻜﺮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺃﻣـﺮ ﻳﺴـﺘﺠﺪ ﻭﺍﳌﺸـﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻤﺮﺓ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﱂ ﻳﺴﺘﻌﻦ ﺑﺎﻟﻨﺒﻮﺓ ﰲ ﺇﺛﺒﺎﺕ‬
‫ﺭﺃﻳﻪ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺿﺤﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻐﲑ ﺭﺃﻳﻪ ﻭﻳﻔﻀﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻣﻨﺰّﻝ ﻣﻦ ﺍﷲ‪،‬‬
‫ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺣﺎﺩﺙ ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﺣﺪﺙ ﺗﺄﺭﳜﻲ ﻧﺎﻗﺶ ﺁﻟﻴﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﻣﺪﻧﻴﺎ ﻣﻌﺮﻭﻓﹰﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺟﺪﻳـﺪﹰﺍ ﺃﻭ ﻣﻘﻴـﺪ‬
‫ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺇﻻ ﻣﺎ ﻧﻮﻗﺶ ﺃﺻﻼ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻧﺎﻗﺶ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻔـﺎﺩ ﻷﻧـﻪ‬
‫ﻳﻨﺎﻗﺸﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺍﻗﻊ ﺗﻔﻜﲑﻩ ﻭﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﻭﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺯﻣﻨﻪ ﻭﻳﻔﺴﺮ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﺣﻘﻴﺔ ﻭﻣﻔﺎﺿـﻠﺔ ﻭﺇﻻ ﻛﻴـﻒ‬
‫ﻳﺮﺿﻰ ﻣﻦ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻟﻪ ﺑﺄﻥ ﻏﲑﻩ ﻫﻮ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻭﺇﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﱐ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﻭﺍﳌﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﻳﻘـﺮﺭ ﻭﱂ‬
‫ﻳﻜﻦ ﺣﺮﺻﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﻢ ﺭﻏﺒﺔ ﰲ ﺍﳉﺎﻩ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﻠﹼﻔﻮﺍ ﺑﻪ ﻭﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻭﺗﻜﻠﻴـﻒ ﻓـﺎﻥ‬
‫ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﺻﻠﺢ ﺗﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ﱂ ﻳﺼﻞ ﻟﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻛﺨﻼﻑ ﻭﺇﳕﺎ ﺗﻌﺪﺩ ﻟﻠﺤﻠﻮﻝ ﻭﺇﺫﺍ‬
‫ﺻﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﺣﺪﻫــﻢ ) ﻣﻨّﺎ ﺃﻣﲑ ﻭﻣﻨﻜﻢ ﺃﻣﲑ ( ﻭﻫﻮ ﺗﻌﺒﲑ ﻏﺮﻳﺐ ﻷﻧﻪ ﺧﻼﻑ ﺣﺪﻳﺚ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ ) ﺻﻠﻰ‬
‫ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ( ﺑﻌﺪﻡ ﺟﻮﺍﺯ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﺃﻇﻦ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﹰﺍ ﻛﺎﻥ ﳚﻬﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﻬﻢ ﻛﻬـﺬﺍ ﺃﻣـﺎ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ ﰲ ﺷﺄﻥ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻓﻬﻲ ﺗﺪﺍﺧﻼﺕ ﻭﻻ ﺷﻚ ﻓﺎﻹﻣﺎﻡ ﺗﺮﰉ ﰲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺭﺳـﻮﻝ ﺍﷲ ﻭﺯﻭّﺟـﻪ ﺍﷲ‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺍﻟﺒﺘﻮﻝ ‪ ،‬ﻭﻋﻤﻮﻣﹰﺎ ﻓﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻴﻌﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﻟﻺﺳﻼﻡ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪11‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻼ ﻋﻦ ) ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺼّﻼﰊ ﺹ ‪ ،233‬ﻋﻦ ﺳﲑﺓ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ <‪ >38/2‬ﻭﰲ ﻃﺒﻌـﺔ‬
‫ﻭﻧﻘ ﹰ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﺹ ‪ 66‬ﻣﻦ ﺳﲑﺓ ﺍﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ(ﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﺑﲏ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺻﻌﺼﻌﺔ ﻃﻠﺒﻮﺍ ﺍﻷﻣﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻓﻘﺎﻝ )) ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ‬
‫ﺍﷲ ﻳﻀﻌﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﺸﺎﺀ(( ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﺃﻬﺗﺪﻑ ﳓﻮﺭﻧﺎ ﻟﻠﻌﺮﺏ ﺩﻭﻧﻚ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻇﻬﺮﻙ ﺍﷲ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻐﲑﻧﺎ ! ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳊﻮﺍﺭ‬
‫ﻣﺜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻷﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻬﻧﺎ ﺩﻋﻮﺓ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻭﺣﻜﻢ ﻓﻼ ﳎﺎﻝ ﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺿﻮﺡ ﺍﻟﺴـﲑﺓ ﻭﰲ‬
‫ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﺗﻘﻄﻊ ﻛ ﹼﻞ ﻣﱪﺭ ﻟﺒﺤﺚ ) ﳌﺎﺫﺍ ﱂ ﻳﻮﺻﻲ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ( ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﺃﺷﺎﺭ ﺭﻣـﺰﹰﺍ‬
‫ﻷﺣ ٍﺪ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﲨﻌﲔ‪ (.‬ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﱂ ﻳﻌﻄﻪ ﺍﷲ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺑﻞ‬
‫ﺍﺗﻀﺤﺖ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﻫﻲ ))ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ (( ﺃﻣﺎ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﻄﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ ﺇﱃ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ‬
‫ﺇﱃ ﻣﻜﺎﻥ ﺗﺒﻌﹰﺎ ﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺧﻴﺎﺭﺍﻬﺗﻢ ﻓﻬﺬﻩ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﺘﻄﻮّﺭ ﻭﺗﺘﻐﻴّـﺮ ﰲ ﺻـﻴﻐﻬﺎ ﻭﺗﺮﺗﻴـﺐ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻓﻴﻬـﺎ‬
‫ﻭﺍﻷﺻﻠﺢ ﻣﺘﺒﻌﺎ ﳌﻌﺎﳉﺔ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻀﺎﺭﻬﺗﺎ ﻭﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ؛ ﻭﺃﻋﺠﺐ ﳌﻦ ﻳﺘـﻬﻢ‬
‫ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﻌﺪﻡ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﻭﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺇﻻ ﳉﻬﻠﻨﺎ ﻭﺟﻬﻞ ﻣﻦ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺃﻇـﻦ‬
‫ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﲔ ﺃﺣﺪﺍ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺗﻜﻠﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻷﻏﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻢ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺴﲑﺓ ﻭﺟﺪﺕ ﻛﺘﻄﺒﻴﻖ ﻟﻠﺘﺤﻀﲑ ﻭﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻷﻣـﺮ ﻗﻀـﺎﻩ ﺍﷲ ﺑـﺄﻣﺮ) ﻛـﻦ(‬
‫‪1‬‬

‫ﻭﲟﻌﺠﺰﺍﺕ ﻷﻏﻠﻖ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻷﺻﺒﺢ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻭﺍﳌﻌﺎﻧﺎﺓ ﻓﻮﻕ ﻃﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭ ﻟﻜﺎﻥ ﺩﻳﻨﹰﺎ ﻛﻐﲑﻩ ) ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ(‪ .‬ﻫﻮ ﺩﻳﻦ ﻭﺟـﺪ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﳊﻴـﺎﺓ‬
‫ﻼ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪.‬‬
‫ﻭﻣﺘﻌﺎﻣ ﹰ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺗﺄﻣﻞ ﺛﺎ ٍﻥ‬

‫‪ -‬ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ‪-‬‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻫﺬﺍ ﳛﺘﺎﺝ ﻟﻠﻜﺜﲑ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﳝﻜﻦ ﺗﻮﺣﻴﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ‪ ،‬ﻓﻬﺬﻩ ﺃﻣﺔ ﻭﺿﻌﺖ ﺃﻣـﺎﻡ‬
‫ﻬﻧﻀﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﻭﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺑﺪﻣﻬﺎ ﻭﺣﻴﺎﻬﺗﺎ ﻭﺁﺧﺮﻬﺗﺎ ﻭﺗﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻠﻬﺎ ﻭﲣﻠﹼﻔﻬﺎ ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺸﻜﻠﺔ‬
‫ﺃﻬﻧﻢ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻳﺼﺮّﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﳝﺎﺭﺳﻮﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺑﺄﺑﺸﻊ ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ ‪ ،‬ﻏﲑ ﻣﺪﺭﻛﲔ ﺃﻬﻧﻢ ﻳﺴﻌﻮﻥ‬
‫ﰲ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪ ،‬ﻭﺍﻥ ﻣﺎﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻋﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺷﻌﺎﺭﻫﺎ ﻭﻭﺍﻗﻌﻬﺎ ﺟﺎﻫﻠﻲ )ﳓﻦ ﳓﺐ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﳓﺐ ﺃﻥ ﻧﻈﻠﻢ‬
‫ﻭﻟﻜﻦ ﻧﻜﺮﻩ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺣﲔ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻨﺎ ( ﳍﺬﺍ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻛﺘﺐ ﺁﻣﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳊﻖ ﻭﻳﻨﻈﺮﻭﺍ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‬
‫ﻳﻨﺰﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻬﻮ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ ﻭﻃﺮﻳﻖ ﺍﳋﻼﺹ ﻷﻥ ﲪﻞ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﹾﺜ ِﻘﻞﹸ ﺍﳌﻴﺰﺍﻥ‬
‫‪ .‬ﻭ ﺍﳉﻬﻞ ﻣﻦ ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻥ ﺗﻀﺎﺩ ﻻ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﱃ ﺍﺣﺘﺮﺍﺏ ﻭﺗﻀﺎﺩ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻲ } ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﻮﺩ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﲟﻌﺎﳉﺎﺕ ﻬﺗـﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﺍﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻸُﻣﺔ { ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﳝﻜﻦ ‪ -‬ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ‪ -‬ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻟﻜﻮﻧـﻪ ﳛﻤـﻞ ﻣﺸـﺎﺭﻳﻊ‬
‫ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﲑ ﺇﱃ ﺃﻥ ﻳﺮﺙ ﺍﷲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺎﻟﺪﺳﺘﻮﺭ‪ :‬ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺃﻡ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻗﻊ ﻣﻌﻴّﻦ ﰲ ﺯﻣﻦ ﻣﻌـﻴّﻦ‪.‬‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﺗﺪﻳﺮ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﲣﻀﻊ ﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺗﻌﺪﻳﻞ‪ ،‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﳜﻀﻊ ﻟﻠﺘﻌﺪﻳﻞ‬
‫ﻭﻓﻖ ﺍﳌﺘﻐﻴّﺮﺍﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﺎﻥ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ‪ -‬ﲟﺼﺎﺩﺭﻫﺎ ‪ -‬ﳛﻤﻲ ﺍﻷﻣﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺍﳊﻴﻮﺩ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺭ ﺍﳌﺸﺮّﻉ ﻟﻠﺘﺮﻗﻴﻊ ﻭﺍﻹﻟﻐﺎﺀ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻫﻮ ﺃﻣـﺮ‬
‫ﺣﺎﺻﻞ ﰲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺇﻣﺎﻣﺔ ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻭﺍﺟﺒـﺔ‬
‫ﻭﺗﺆﰒ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﻘﻴﺎﻣﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﳎﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻋﺪﺍ ﻓﺮﻕ ﻓﺮﻋﻴﺔ ﱂ ﻳﻌـﺪ ﳍـﺎ‬
‫ﻭﺟﻮﺩ ﻛﺎﻥ ﺭﺃﻳﻬﺎ ﻛﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﺗﺎﺭﳜﻲ‪ ...‬ﺃﻣﺎ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻭﺿﻌﻪ‪) :‬ﲟﻌﲎ (‪ :‬ﲡﺎﻭﺯﻩ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻛﻲ ﺗﻘﺎﻡ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﳍﺎ ﻣﻊ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﳌﻨﻄﻘﻬﺎ ﻭﺇﺣﺪﺍﺛِﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴـﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑـﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﻤﻜﲔ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻭﺣﻞ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﳌﺘﻔﺎﻗﻤﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻃﺒﺎﺋﻊ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺇﻥ ﺗﻌﺪﺩﺕ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪13‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻣﺴﻤﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﺇﲨﺎﻋﹰﺎ ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻﺣﻘﹰﺎ ﰲ ﺗﻔﺎﺻـﻴﻠﻬﺎ ﻣـﺎﺑﲔ ﺍﻟﺸـﺮﻭﻁ ﺍﻷﺳﺎﺳـﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻞ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ‪ -‬ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺭﻯ ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ ‪ -‬ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺧﻠﻂ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺴـﲑﺓ ﻭﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻣﺎ ﻃﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺁﺭﺍﺀ ﺗﺮﺗﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻭﻫﻲ ﺗﺮﺗﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻭﺗﱪﻳﺮ ﺩﳝﻮﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜـﺎﺭ‬
‫ﺟﻌﻞ ﳍﺎ ﺃﺻﻮﻝ ﻭﻓﺮﻭﻉ‪ ،‬ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﺩﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﻟﻠﺸﺮﺫﻣﺔ ﻭﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻣﻬﻴﺄ ﹰﺓ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺑﻴﺌﺔ ﺻـﺎﳊﺔ‬
‫ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭﻟﻨﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﳓﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻋﻮﳉﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﺑﻄﺮﻕ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﱵ ﻇﻬﺮﺕ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﻭ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ‬
‫ﺣﺼﻮﳍﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﺃﺭﺍﻩ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻨﻈﲑ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻣﺴﺎﻳﺮﺗﻪ ﻭﻳﻨﺒﻐـﻲ ﻋـﺪﻡ‬
‫ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﲟﻘﺎﻡ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺑﻞ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭﺍﳉﻬﻞ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﻬﺑﺎ ﺳـﻮﻯ‬
‫ﺍﻟﻌﺠﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﻓﻖ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﻟﺼﻔﺘﲔ‪ ،‬ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﹸﺃﳋﹼﺺ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻓﻬﻮ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺟﺮﻯ ﺗﻔﻌﻴﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺁﺭﺍﺀ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﺁﻟﻴﺔ ﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﳌﻨﺎﻛﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ‪ :‬ﻭﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺃﻱ ﺍﻹﻣﺎﻣﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﻭﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛـﺜﲑ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳌﺰﺍﻋﻢ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﱂ ﺗﺘﺒﻠﻮﺭ ﺩﻋﻮﻬﺗﻢ ﺍﻟﱵ ﻧﺮﻯ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﰲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳊﺴﲔ ﰲ ﺩﻋﻮﺓ‬
‫ﻼ ﻗﺮﻳﺒﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﱄ ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﻔﻮﻳﺔ ﻭﺭﺃﻱ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻣﺘﻨﻮﻉ ﻧﺬﻛﺮ‬
‫ﻛﻴﺴﺎﻥ ﺍﻟﱵ ﻣ ّﺮ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻭﺍﻟﱵ ﺍﲣﺬﺕ ﺷﻜ ﹰ‬
‫ﻣﻨﻪ‪:‬‬

‫ﺃ ‪ -‬ﺭﺃﻱ ﺍﻷﻣﺎﻣﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ :‬ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﳊﺪ ﺍﻵﻥ ﺻﺎﺭ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺧﺘﻔـﻰ ﻭﻋـﺎﺩ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﺃﺧﲑﺍ ﺇﱃ ﺗﻮﻟﻴﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﺠﻤﻟﺘﻬﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻨﺎﺋﺐ ﻟﻺﻣﺎﻡ‪.‬‬

‫ﺏ ‪ -‬ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ :‬ﺍﻋﺘﺮﻓﻮﺍ ﺑﺎﻟﺒﻴﻌﺔ ﻟﻺﻣﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻫﻢ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﱃ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﰲ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﺣـﺪ ﺃﺑﻨـﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻱ ﺃﻗﺮّﻭﺍ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﰲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺷﺮﻁ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨّﺔ‪ :‬ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﺮﻗﺔ ﺍﲰﻬﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺗﻜﺘﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ ‪ ،‬ﻭﺣﻘﻴﻘـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴّﺰ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﱂ ﺗﺄﰐ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﻜﺮﻱ ) ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻋﺎﻣـﺔ ﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻳﻄﻠﻘـﻮﻥ‬
‫ﺍﺻﻄﻼﺡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ‪ ،‬ﻓﻴﻘﺎﻝ ‪ :‬ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨّﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ‪ ،‬ﻓﻴﺪﺧﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﻛﻞ ﻣﺴـﻠﻢ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ (*‪، 2‬ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﱃ ﻗﺪ ﺃﺟﺎﺯﻭﺍ ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﲟﺼﻨﻔﺎﺕ ﺑﻌﺾ ‪ ‬ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻣﻨﻔﺮﺩﻭﻥ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻻ ﳚﺎﺩﻟﻮﻥ ﰲ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﺃﻓﻀﻠﻴﺘﻬﻢ ﻭﻏﲑﻫﺎ ‪ ،‬ﻭﳍﺬﺍ ﲡـﺪ ﺍﺟﺘـﻬﺎﺩﺍﺕ‬
‫ﻋﻼﺟﻴﺔ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍﻬﺗﻢ ﲟﺎ ﺃﻓﺎﺩ ﺑﺪﺭﺀ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺟﺘـﻬﺎﺩﺍﺕ‬
‫ﻭﻻﻳﺔ ﺍﳌﺘﻐﻠﹼﺐ ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺁﻟﻴﺔ ﻭﺿﻌﺖ ﻟﺰﻣﺎﻬﻧﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻼﻋﺘﺮﺍﻑ ﺃﻭ ﺇﺿﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻌﻀﻮﺽ ﺑﻞ ﻟـﺪﺭﺀ‬
‫ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ‪ ،‬ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﺴﻤّﺎﱐ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺟﻮﺍﺑﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﻇﺮﻓﹰﺎ ﻭﻻ ﻳﻘـﺮ ﺣﻜﻤـﹰﺎ ﻷﻥ‬
‫ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﺃﻣﺎ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﻓﻐﲑ ﺟﺎﺋﺰ ﻭ ﺇ ﹼﻻ ﻟﻜﺎﻥ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﻏﺮﻳﺒﹰﺎ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ‪ :‬ﻣﺎ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺸـﺮﻋﻲ ﰲ ﺃﻣـﺮﻩ ‪-‬‬
‫ﺍﳌﺘﻐﻠﹼﺐ ‪ -‬ﻣﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﺎﺏ ) ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ( ) ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺬﻛﹸ َﺮ ُﺧﹸﻠﻮﱠ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳌﻔﺘﺮﺽ‬
‫ﻃﺎﻋﺘﻪ ‪ ،‬ﻭﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﹸﻦ ﺇﻣﺎ ٌﻡ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﺛﺎﺑﺖ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ‪ ،‬ﻓﻤﻦ ﺗﻐﻠﹼﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﻠﻜﻬﺎ ﻭﺩﻋﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ‪ ،‬ﻭﻗﺎﻡ ﲟﺎ‬
‫ﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﻬﻧﻰ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ‪ ....‬ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﻥ ﻭﻻﻳـﺔ َﻭﻟﱠـﻮﻩُ‬
‫ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺫ ﱠ‬
‫ﺽ‪ ، 3* (...‬ﻭﺭﺃﻯ )ﺍﳉﻮﻳﻨّﻲ ( ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﳌﺆﺩﻱ ﻟﻀﻴﺎﻉ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻣﺮ ﻳﺆﰒ‬
‫ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻭﺣﻜﻤﻪ ﻣﺎ ﹴ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﳍﺬﺍ ﻭﺿﻊ ﺻﻴﻎ ﳑﻜﻦ ﲢﺴﻴﻨﻬﺎ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﻟﺒﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺷـﺮﺡ ﺣﻜﻮﻣـﺔ‬
‫ﺍﲰﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺔ ﺗﻌﲎ ﺑﺴﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻻﺳﺘﺤﺼﺎﻝ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻷﻣﺔ ‪ ،‬ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﻛﻤﺮﺟﻌﻴﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻋﻼﺝ ﻟﺘﺴﻠﹼﻂ ﺍﶈﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﰲ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻬﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣـﺔ ﺃﻱ‬
‫ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ ﳊﻜﺎﻣﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻱ ﺣﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﺗﻔﻌﻴﻠﻪ‪،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻳﻄﺮﺡ ﺭﺃﻳﺎ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﰲ ﳏﺎﻭﻟـﺔ ﻟﺘﺠﻨـﺐ‬
‫ﺍﻹﺧﻔﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻭﺃﺣﺪﺍﺙ ﺗﻐﻴﲑﺍ ﳑﻜﻦ ﺇﺻﻼﺡ ﻧﻮﺍﻗﺼﻪ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺧﻠﻂ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﻣﺎ ﻋﺮﻑ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﺎﻋﻠﻴـﺔ ﰲ ﺗﻄـﺮﻑ ﺍﳌـﺬﺍﻫﺐ ﻭﺍﻵﺭﺍﺀ‬
‫ﻭﺩﺧﻮﳍﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﳉﺪﻝ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﳓﺪﺍﺭ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺭﻗﻴﻬـﺎ‪،‬‬
‫ﻭﻟﻮ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﺑﻔﻬﻢ ﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﺧﲑﺍ ﻛﺜﲑﺍ‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ‪ ،‬ﻫﻮ ﲝﺚ ﻋﻠﻤﻲ ﳜﻀﻊ ﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﰲ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺘﻤـﺪ ﺍﻟﻌﻠـﻮﻡ‬
‫ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﺍﳌﻨﻄﻖ‪ ،‬ﻭﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺗﻌﺪ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﺘﻐﲑ ﻭﺗﻄﻮﺭ ﻭﻓﻖ ﺗﻮﺳﻊ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴـﺔ ﻭﺗﺘﻐـﺎﻳﺮ ﺑـﺎﻟﺜﺒﻮﺕ‬
‫ﻭﺍﻹﺯﺍﺣﺔ ﻟﻠﻔﺮﺿﻴﺎﺕ ﺃﻭ ﲢﻮﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺇﱃ ﻗﻮﺍﻧﲔ ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﺒﻘﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪15‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﻬﻮ ﲝﺚ ﻋﻘﻠﻲ‪ ،‬ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻭﺍﳌﻄﺎﺑﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﻣﺰﺟﻨﺎ ﺑـﲔ‬
‫ﻃﺮﻳﻘﱵ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﻀﻴﻊ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻭﺍﳌﺘﺤﺮﻙ ﺑﻔﺮﺿﻴﺎﺕ ﺗﺸﻜﻚ ﺑﺎﻟﺜﺎﺑﺖ ﻭﺗﺜﺒﺖ ﺍﳌﺘﺤﺮﻙ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﻗـﻊ‬
‫ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻭﻟﻠﺘﺨﻠﻒ ﻣﻨﻬﺞ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﺑﺎﻻﳓﺪﺍﺭ ﻭﺗﻀﺎﺭﺏ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ‬
‫ﻓﺎﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻘﻴﻴﻤﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﻛﺘﺠﺮﺑﺔ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﻔﻴـﺪ ﰲ‬
‫ﻣﻔﺼﻞ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﺻﻞ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻥ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻨﻜﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻣﺎ ﻧﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﰲ ﺗﺴﻴﲑ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ‬
‫ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﻲ ﺃﻥ ﲤﺴﻜﻬﺎ ﲟﺬﺍﻫﺐ ﻭﻃﻮﺍﺋﻒ ﻫﻮ ﺇﺻﺮﺍﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﲤﺴﻜﻬﺎ ﺑﻮﺍﻗﻌﻬﺎ ﺍﳌﺘﺨﻠﻒ‬
‫ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 2‬ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ :‬ﺗﺒﺼﺮﺓ ﺍﻹﻓﻬﺎﻡ ﲢﻘﻴﻖ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﻛﻘﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺻﻔﺤﺔ ‪203‬‬

‫*‪3‬ﺭﻭﺿﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﰲ ﺑﺎﺏ ﺧﻠﻮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻋﻦ ﺇﻣﺎﻡ ﺻﻔﺤﺔ ‪ 77‬ﺟﺰﺀ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳌﺰﻳﺪ ﺭﺍﺟﻊ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻌﺪ ﻫﺪﻡ ﺩﻭﻟـﺔ ﺍﳋﻼﻓـﺔ‬
‫ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ﺃﻋﻼﻩ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪16‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫] ﺗﻘﺪﱘ [ ‪..‬‬

‫‪1‬ـ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ‪ :‬ﺧﻼﺻﺔ ﻛﻤﺪﺧﻞ ﻟﻠﺤﻞ‬

‫‪2‬ـﺎﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ‪ :‬ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﳊﻞ‬

‫‪3‬ـ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪:‬ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫) ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺃﲰﻮﻫﺎ ﺧﻼﻓﺔ ﺃﻭ ﺇﻣﺎﻣﺔ ﻓﺈﳕﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺃﻭ‬ ‫ﻣﺪﺧﻞ‪-:‬‬
‫ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺍﻵﻥ ﺇﻃﻼﻕ ﺃﲰﺎﺀ ﺃﻭ ﺃﻟﻘﺎﺏ ﺃﹸﺧﺮﻯ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ‬
‫ﺍﳊﺪﻳﺚ(‪.‬‬

‫ﻓﺎﳊﻖ ﺃ َﻥﱠ ﻻ ﺟﺪﺍﻝ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺇﳚﺎﺩ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻓﺮﺽ ﻭﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺃﻭ ﺭﻛﻦ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻠﺪﻳﻦ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺼّﺮﺓ ﻭﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻹﰒ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍ‬
‫ﱂ ﺗﻘﻢ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻘﺼﱢﺮﺓ ﰲ ﺣﻖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻣﺼـﻠﺤﺘﻬﺎ ﻭﻣﺼـﲑﻫﺎ‪ ، ...‬ﻓﺎﻷﻣـﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﲤﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﺑﺪﻭﺭ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﻗﺎﺋﻢ‪ ،‬ﻭﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﻣﺼـﲑﻫﺎ‬
‫ﳛﺘﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﺪ ﻭﺣﺪﺓ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺗﻀﻢ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﻭﻗﻮﺍﻫﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺃﻣﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻋﺰﻳﺰﺓ‬
‫ﺑﲔ ﺍﻷُﻣﻢ‪ ،‬ﻭﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺄﻧﻒ ﺭﺳﺎﻟﺘﻬﺎ ﻟﻨﺸﺮ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻟﺮﻗـﻲ‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻹﺧﺎﺀ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‪،‬‬
‫ﻭﻫﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬

‫ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺑﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻄﻮّﺭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ‬
‫ﻟﻺﺳﻼﻡ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ 4*((...‬ﻫﺬﺍ ﻧﺺ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺒﻞ ﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻛﻤﺎ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﻭﳏﺪﺩ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﺑﻄﻴﺌﺎ‪ ،‬ﻭﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﻓﺈﻥ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺨﻄـﻴﻂ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻟﻠﻮﺳﺎﺋﻞ ) ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ( ﻭ ﺇﳕﺎ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﳌﺮﺣﻠﻲ )ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ(‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﺑﺘﻜﺎﺭ‬
‫ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻷﻧﻨﺎ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻨﺎ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﺩﻭﻣﹰﺎ ﻭﻭﺿﻌﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﺍﺳﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻘﻨﻌﹰﺎ ﻟﺘﻀﺎﺭﻬﺑﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‪ ،‬ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﺃﻭﺿـﺢ ﺍﳊـﺎﻝ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺃﻭﺟﺪ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﳏﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﺍﳌﺮﺍﻓﻘﺔ ﳍﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﱂ ﻳﺮﺗﻜﺰﻭﺍ ﺇﱃ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻞ ﺭﻓﻌﻮﺍ ﺍﲰﻪ ﻭﺣﻜﹼﻤﻮﺍ ﺃﻫﻮﺍﺋﻬﻢ ﻭﺃﻫﻮﺍﺀ ) ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ( ﻭﺭﺍﺣـﻮﺍ‬
‫ﻳﻔﺴّﺮﻭﻥ ﺍﻟﻄﻼﺳﻢ ﻭﺍﳍﺎﻻﺕ‪ ،‬ﻭﻻﺷﻚ ﺃﱐ ﻫﻨﺎ ﺃﻋﲏ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﻷﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﺴـﺖ ﻣﺬﻫﺒﻴـﺔ‬
‫ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺤﺐ ﻛ ﱞﻞ ﺑﺎﲡﺎﻩ ﻣﺬﻫﺐ ﻟﻦ ﺗﻌﻮﺩ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻠﺮﺃﻱ ﻏﲑ ﺍﳌﺆﻛﺪ ﻭﻟﻠـﻬﻮﻯ‬
‫ﻧﺎﻫﻴﻚ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﺃﺻﻼ ﻟﻴﺲ ﺷﺮﻋﻴﺎ‪ .‬ﻭ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻤﻪ ﻻﺳﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﻫﻮ ﺍﻟﻔـﺮﻕ‬
‫ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﺓ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻣﻊ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﲡﺎﺭ ﺗﻔﻴﺪ ﻭﻟﻴﺲ ﺛﻮﺍﺑـﺖ‬
‫ﻣﻘﺪﺳﺔ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻳﺲ‬ ‫*‪ 4‬ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪18‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ‬
‫ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻛﻤﺪﺧﻞ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳊﻞ‬
‫ﺇﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻭﻟﻜﻮﻥ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻗﺪ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻮﺍﺋﺐ ﻭﺗﻌﻠﻴﻼﺕ ﻣﻊ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ ‪-‬‬
‫ﻭﻻ ﺃﺳﺘﺜﲏ ﻧﻔﺴﻲ ‪ -‬ﻓﻤﺎ ﻳﻄﺮﺡ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺇ ﹼﻻ ﺭﺅﻳﺔ ﺗﺒﺪﻭ ﺍﻷﻧﺴﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﻣﻀﺎﻓﺎ ﺇﻟﻴﻬـﺎ ﺁﻟﻴـﺎﺕ‬
‫ﻣﺪﻧﻴﺔ ﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺭﻏﻢ ﺃﺷﻮﺍﻙ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﺏ‪ ،‬ﻭﳍﺬﺍ ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺧﻄﻮﻁ ﺭﺋﻴﺴـﺔ ﻟﻠـﺮﺑﻂ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﺲ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﻓﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﺑﺎﷲ ﺍﳌﺴﺘﻌﺎﻥ‪ ،‬ﺃﻥ ﺃﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﺍﻗﻊ ﳛﺘﺎﺝ ﻟﻌﻼﺝ ﻭﺗﻔﺎﻋﻞ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﳓﺪﺩﻩ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺑﻌﻴـﺪﹰﺍ‬
‫ﻭﻟﻌﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺧﻼﻑ ﻭﻟﺮﲟﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻴﺪ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ﺑﺎﲡﺎﻫﲔ ﻟﻠﻔﻬﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ‪:‬‬

‫ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ -:‬ﻫﻨﺎﻟﻚ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﳚﺐ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺒﻠﻎ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺗﻨﻘﻴﺔ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺰﺍﻭﺝ ﻏﲑ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺑﲔ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻛﻤﺼﺪﺭ ﻟﻠﻘﻴﺎﺱ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻟﻠﻤﻮﺍﻗﻒ ﻭﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻨﺒـﻮﺓ ﻣﻨـﺬ‬
‫ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻭﺣﱴ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺇﱃ ﺟﻮﺍﺭ ﺭﺑﻪ‪ ،‬ﻭ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻼ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺍﺙ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﲡﺬﻳﺮ ﻣﻨﺸﺄ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺇﺗﺒﺎﻉ ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﺃﻭ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺃﻟﻘﺴﺮﻱ ﻟﺘﻘﻮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺍﳊﺪ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺘﻨﻮﻳﺮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻭﻧﻘﻠﻪ ﺇﱃ ﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﳌﺜﻘﻒ‬
‫ﺃ ﱠﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻟﻠﺨﻼﺹ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﰲ ﺇﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﳏﺎﻭﻟـﺔ ﺍﻟﺘﱪﻳـﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻭﻫﺎﻡ ﻭﻧﺰﻍ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ‪ ،‬ﻭﲢﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﳌﺒﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ ﺍﳊﻨﻴﻒ ﻭﻟـﻴﺲ ﲜﻨـﻮﺡ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋـﺰ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮ) ﻏﲑ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ( ﻭﺃﻋﲏ ﺃﻭﺭﺑﺎ‬
‫ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺩﻋﻮﻯ ﰲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﺪﺍﺀ ﻭﺇﳕﺎ ﻧﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﺎ ﻟﺮﺩﻋﻬﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻋﺎﻃﻔﻲ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪19‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﺍﻻﺯﺩﻭﺍﺝ ﺣﺎﺻﻞ ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﻜﺮﻩ ﺑﺸﺮﹰﺍ ﻭﻻ ﻧﻌﺎﺩﻳﻪ ﻭﺇﳕﺎ ﻧﺴﺘﻨﻜﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺗﺒﺎﻋﻪ ﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ‪ ).‬ﺍﻟﻜﺮﻩ‬
‫ﻭ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻭﻗﻒ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﻣﺘﺤﺎﺭﺑﺔ( ﻛﻠﹼﻬـﺎ ﺃﻣـﻮﺭ ﻻ‬
‫ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺪﻋﻮﻱ ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻟﻴﺲ ﻭﻛﻴﻞ ﺍﷲ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﳋﻼﻓﺔ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻌﻤـﻮﻡ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺇﳕﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺗﻜﻠﻴﻒ ‪ -‬ﻣﱴ ﻣﺎ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﺷﺮﻭﻃﻪ ‪ -‬ﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻻ ﳝﻨﺤﻪ ﻫﺬﺍ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﱂ ﻳﻌﻄﻬﺎ ﺍﷲ‬
‫ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﲦﹼﺔ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﲤﻨﺢ ﻟﻠﺒﺸﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻡ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻟﻪ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﺃﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺮﰊ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﺟﺎﻝ ﺩﻳﻦ ﺃﻭ ﻣﻌﻨﹰﺎ‬
‫ﻛﻬﻨﻮﺗﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﺇﺗﺒﺎﻉ ﳍﻮﻯ ﺃﻭ ﺭﺃﻱ ﻏﲑ ﻣﺆﺻّﻞ ﻭﺇﻥ ﺻﺪﺭ ﻋﻦ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻢ ﺃﻭ ﻋﺎﱂ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮﻳﺔ ﺑﻞ‬
‫ﻧﺴﻴﺞ ﻣﺘﺠﺎﻧﺲ ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺃﻭ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﻋﻘﺎﺋﺪﻩ ﺃﻭ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻓﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﺍﻋﻴﺔ ﻟﻜـﻞ‬
‫ﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻏﺮﰊ ﻳﻌﲎ ﲝﻘﻮﻕ ﺷـﺮﳛﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﻴﺎﺱ ﳒﺎﺡ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺍﻟﻨﺴﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻗﻴـﺎﺱ‬
‫ﳒﺎﺡ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺩﻭﻣﹰﺎ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﳌﱪﺭ ﻟﻘﺼـﻮﺭ‬
‫ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻻ ﲢﻘﻖ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﱪﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﻌﺎﱐ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﺍﳊﺮﺏ ﺍﻟﺪﻭﻧﻜﻴﺘﺸﻮﺗﻴﺔ ﺿـﺪ ﻣـﺎ ﻳﺴـﻤﻰ‬
‫ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﺸﻞ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ‪.‬‬

‫‪ -7‬ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﳍﻮﻳﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺍﻻﳓﺪﺍﺭ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﳓﻦ ﰲ ﺃﺩﱏ ﻭﺿﻊ‬
‫ﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ‪ .‬ﻭﻣﺎ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺣﻮﻝ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻌﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻟـﻴﺲ‬
‫ﳍﺎ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﻌﻠﻲ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ‪ -:‬ﻳﻌﻴﺶ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﰲ ﺗﻄﻮﺭ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻛﺒﲑ ﻭﺿﻌﻒ ﰲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﲣﻠﹼﻒ ﺣﻀﺎﺭﻱ!! ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ‬
‫ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﺬﺍ ﻭﻬﻧﻀﺘﻨﺎ ﻭﻓﻖ ﺍﻷُﺳﺲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻣﻔﻴﺪﺓ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﻏﲑ ﺃﻥ ﺗﻔﻜﲑﻫﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺤﺮّﻙ ﲜﺪﻟﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻟﻦ ﻳﻔﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺮﻯ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﻫﻮ ﺣﺎﺿـﻨﺔ‬
‫ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ‪ ،‬ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻛﺄﻱ ﳎﺘﻤﻊ ﻣﺘﺨﻠﹼﻒ ﺣﻀﺎﺭﻳﹰﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻭﻳﺘﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺧـﻼﻝ ﺍﻟﺘﻔﺴـﲑﺍﺕ‬
‫ﻼ‪ ،‬ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﱂ ﻳـﺪﺧﻞ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﰲ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻭﻓﻜﺮﺓ ﺻﺮﺍﻉ ﺍﳊﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﳌﺨﻄﻮﺀﺓ ﺗﻔﺼﻴ ﹰ‬
‫ﺻﺮﺍﻋﹰﺎ ﺣﻀﺎﺭﻳﹰﺎ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻟﻶﺧﺮ ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﺁﻓﺎﻕ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻹﻧﺴـﺎﻥ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺍﳋﻴﺎﺭ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﱂ ﻳﺜﺒﺖ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺃﻭ ﺇﺟﺒﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ‪ -‬ﻭﰲ ﺃﺷﺪ ﻓﺘـﺮﺓ ﺍﳓـﺪﺍﺭﻫﻢ‬
‫ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ـ ﻷﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﲑ ﺩﻳﻨﻪ ﻟﻺﺳﻼﻡ‪ ،‬ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﱃ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟـﺬﻱ ﻛﺮّﻣـﻪ‬
‫ﻭﻭﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻣﻜﹼﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ ﻫﻮ ﳎﺮّﺩ ﺟﻬﻞ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﻳﺆﻳﺪﻫﺎ ﺟﻬﻞ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻟﺪﻳﻨﻬﻢ‪ ،‬ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺰ ﺑﻪ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻻ ﻳﻌﺪﻭﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﳕﻂ ﺣﻴـﺎﺓ ﳜﺸـﻰ ﺍﳊﻴـﺎﺓ‬
‫ﻭﺍﳌﺘﻐﻴّﺮﺍﺕ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﻋﺪﻭ ﺩﺍﺋﻢ ﻳﱪﺭ ﻓﺸﻠﻪ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻬﻢ ﰲ ﺃﻱ ﻋﻘـﺪ‬
‫ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﳌﱪﺭ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺃﹸﻛﺮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭﺃﺅﻛﺪﻫﺎ ﻷﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﳛﻠـﻢ‬
‫ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻃﻠﺒﹰﺎ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺫﻛﺮﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻣﻌﲎ ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ ﻟﻔﻘـﺮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴـﺔ‬
‫)ﻻﺣﻆ ﺍﳌﺮﻓﻖ( ﻭﻣﺎ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﺃﻥ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﺮﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻣﻦ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﻌﻤﻞ ﳋﺪﻣـﺔ‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻭﻫﻲ ‪ -‬ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ‪ -‬ﳏﺾ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﻭﻫـﻲ ﻟﻴﺴـﺖ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺭﺑﻂ ﺟﺪﱄ ﺃﻭ ﺟﺬﺭ ﻓﻜﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻭﺟﺪﻧﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻐـﺮﺏ ﺃﻥ‬
‫ﻳﺘﺮﻙ ﳎﺎ ﹰﻻ ﻟﺪﳝﻮﻣﺔ ﻣﺼﺎﳊﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺑﻜﻞ ﻗﻮﺗﻪ ﰲ ﺣﺮﺏ ﻟﻦ ﻳﺮﺑﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺎﳋﻼﻑ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﻮ ﺳـﻮﺀ‬
‫ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻟﻨﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﳘﻴﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻓﻬﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﲢﺴﺲ ﺑـﺎﳋﻄﺮ‬
‫ﳉﻬﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺭﻏﺒﺘﻪ ﺑﺎﳍﻴﻤﻨﺔ *‪5‬ﻭﻣﺎ ﳛﺼﻞ ﻣﻦ ﲣﺒﻂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﲣﻠﹼﻒ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺭﻓـﺾ ﺍﻟـﺮﺃﻱ ﺍﻵﺧـﺮ‬
‫ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻛﻞ ﺫﻱ ﺭﺃﻱ ﻟﺬﻱ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻌﻴﻘﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺧﻠﻞ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻭﲢﺪﻳـﺪ ﻣﻮﻗـﻊ‬
‫ﺍﳌﻨﺎﺿﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻼ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ﳌﻮﻗﻌﻪ ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ ﻭﺍﻟﻌﺠﻠﺔ ﺇﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻻﳓﺮﺍﻑ‬
‫ﺍﳋﻄﲑ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻓﺄﺿﺤﻰ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﻟﺘﺤﻜﻴﻤﻬﻢ ﻫﻮﺍﻫﻢ ﻭﻛﺄﻬﻧﻢ ﺃﺩﻳﺎﻥ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﻟﻴﺴﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ ﻭﺍﺣﺪ‪.‬‬

‫ﺃﻳﻦ ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ‪ -:‬ﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﲞﻂ ﻭﻣﻨﻬﺞ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺇﱃ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫـﻮ‬
‫ﺍﳊﻞ ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﳌﻤﻴﱢﺰ ﻟﻠﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻭﻟﺴﺖ ﺃﺩﺭﻱ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﳛﺪﺙ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ‬
‫ﻼ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﻨﺪ ﻧﺸﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺃﻡ ﺃﻧﻪ ﺯﺍﺩ ‪ -‬ﺇﻧﺎ ﷲ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ ‪ -‬ﻋﻤﻘﹰﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺜـﻞ ﻟﻠﺠﻬﺎﻟـﺔ‬
‫ﺯﺍﺋ ﹰ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺾ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻉ ﻭﺍﻟﻔﺸﻞ ﻭﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻓﻠﻢ ﻧ َﺮ ﻃﺮﺣﹰﺎ ﺇﺳﻼﻣﻴﹰﺎ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻼﻣـﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺿﺢ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻖ ﺟﻬﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺣﲔ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﻠﻤﺎﺀﻫﺎ ﺑﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻳﺘﻌﺼـﺐ ﺍﳉﻤﻴـﻊ‬
‫ﻭﻳﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﺮﺷﺎﺩ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻨﻪ ﻭﻳﺴﺘﺸﺮﻱ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﰲ ﺍﳌﻠﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﳛﻔـﻆ ﻣـﻦ ﺍﻟﻔﺴـﺎﺩ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪21‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﻳﺼﺒﺢ ﻗﺘﻞ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﻭﺍﺳﺘﺤﻼﻝ ﺩﻣﻪ ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻭﻋﺮﺿﻪ ﻣﺒﺎﺣﹰﺎ ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﺭﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﳊﻞ ﻭﺃﻛﺘﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ‬
‫ﻟﻴﺘﻌﺮّﻑ ﻣﻦ ﳚﻬﻞ ‪ -‬ﺇﻥ ﻗﺮﺃ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻭﻋﻰ ‪ -‬ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 5‬ﺍﺳﺘﻨﺒﻂ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺁﺭﺍﺀ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻟﻌﻼﺝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﲢﺖ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻭﻓﻴﻬـﺎ ﻟﻠﺠـﻮﻳﲏ ﺭﺃﻱ ﻃـﺮﺡ‬
‫ﺑﺘﺄﺻﻴﻞ ﺟﻴﺪ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻌﺪ ﻫﺪﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻟﻌﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﻭﻟﻘﺪ ﻓﻬﻤﺘﻪ ﻓﻬﻤﹰﺎ ﻣﻘﺎﺭﺑﹰﺎ ﺑﺄﻥ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺔ ﺗﻘﻮﻡ‬
‫ﲟﻔﺎﻭﺿﺔ ﺍﶈﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭ ﺣﻔﻆ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺭﲟﺎ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﺑﺮﺑﻄﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﻭﻗﻴﺎﺩﺗﻪ ﻟﻠﺼﻮﺍﺏ‬
‫ﰲ ﺣﻞ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺕ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﱃ ﺃﺳـﺎﺱ ﺣﻀـﺎﺭﻱ ﰲ‬
‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻻﺣﻘﺔ ﻭﻻ ﺷﻚ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪22‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﱐ‬

‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫـــــﻮ ﺍﳊﻞ‬

‫ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻴﺰﺓ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻭﺻﻔﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﺳﻊ ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺿﺮﺍﺭ ﺑﺎﻷﺻﻞ ﺑﻞ ﺍﺭﺗﻜﺎﺯﹰﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺩﺳﺘﻮﺭﹰﺍ ﻭﺇﳕﺎ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﲑ ﻭﻋﻠﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺘﻐﻴّﺮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻛﻨﺼﻮﺹ ﻭﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺭﻏﻢ ﻇﻬﻮﺭ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻨﺒﻄﺎﺕ ﺍﳉﺪﻳﺪﺓ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺴﺘﻘﺮﺃ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻴﺰﺓ ﳚﺪ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺑﺘﻨﺎﺳﺐ ﻃﺮﺩﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟـﻮﺟﻲ‬
‫ﻭﺗﻮﺳﻊ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﳍﺬﺍ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻔﻜﺮ ﻛﻬﺬﺍ ﺃﻥ ﻳﺴـﺠﻦ ﺩﺍﺧـﻞ‬
‫ﻗﻮﺍﻟﺐ ﻭﺗﺴﻤﻴﺎﺕ ﲡﻨﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺭﺳﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﹸﻃﺮﻫﺎ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭ ﺣﺎﻛﻤﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻫﻲ ﺃﺳﺲ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﰲ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﺘﺮﻙ ﺃﻣﺮ ﻛﻬﺬﺍ ﺇﻻ ﻟﻘﺒﻮﻟﻪ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﺍﳊﻀـﺎﺭﻱ ﺑـﺎﻟﺘﺮﺍﺙ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﻻ ﺃﺟﺪ ﻋﻠﹼﺔ ﻏﲑ ﻫﺬﻩ ﺣﺪ ﻋﻠﻤﻲ ﻓﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻟﻜﻦ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﺑﺼﺎﳊﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ‬
‫ﺇﻻ ﻟﺰﻣﻦ ﻗﺼﲑ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻣﻔﺼﻠﹼﺔ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﻻ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻭﺿﻊ ﺍﷲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻛﺎﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺇﳕﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻭﺃﺣﺪﺍﺙ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻫﻲ ﻟﻸﺻﻠﺢ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﺃﻣـﺎ ﺗﺄﻛﻴـﺪ ﺣﺼـﺮ‬
‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﰲ ﻗﺮﻳﺶ ‪ -‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻷﻋﻈﻢ ‪ -‬ﻭﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﱃ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ ﰲ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ‪ -‬ﻛﻤـﺎ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ‪ -‬ﻓﻬﻤﺎ ﺃﻣﺮﺍﻥ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻬﺑﻤﺎ ﻓﺎﻟﻴﻮﻡ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻏﲑ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣـﻦ ﺗﺄﻛﻴـﺪ‬
‫ﻟﻸﻧﺴﺎﺏ ﻭﱂ ﻳﺜﺒﺖ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺃﻭ ﲤﻴﻴﺰ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻷﺣﺪ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺑﻌﻴﺪ ﺃﻭ ﺣﱴ ﺫﺍﺗﻪ ﰲ ﺍﳌﺴـﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻭﺍﻟﱵ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺣﻠﹼﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﳑﻜﻨﹰﺎ ﺑﻌﺪ ﻛـﻞ ﻣﻔﺎﺭﻗـﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﳑﻜﻦ ﺍﳊﻞ ﻣﻊ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﺍﳌﻨﺘﻈﺮ ﻭﺍﻟﱵ ﻋﻮﰿ ﻓﺮﺍﻏﻬﺎ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﳌﻦ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﳝﺜﻞ ﺍﻹﻣـﺎﻡ‬
‫ﻧﻴﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺻﻠﺐ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻧﻪ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﺍﳌﺨﺘﻔﻲ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﺍﳌﻨﺘﻈـﺮ‬
‫ﻫﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻭﺇﻥ ﺗﺒﺎﻳﻨﺖ ﰲ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﻓﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻜﻨﻪ ﻏﲑ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ‬
‫ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﻳﻮﻟﺪ ﻭﻳﻌﻴﺶ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭﻳﻜﻠﹼﻒ ﺣﲔ ﺣﻠﻮﻝ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻭﻳﺮﻓﻊ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺇﳕﺎ ﰲ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﺍﳋﺎﺭﻕ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﰲ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳـﺚ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪23‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻨﺎﻗﻠﺔ ﻟﻠﺨﱪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﹰﺎ ﻟﻺﺣﺒﺎﻁ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺩﺍﻓﻊ ﻭﺃﻣﻞ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﳋﻼﻑ ﻟﻼﺧﺘﻼﻑ ﲰﺔ ﻭﻣﻈﻬﺮ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭ ﺇﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺮّﻕ ﻭﺍﻟﻔﺸﻞ‪ .‬ﺇﻥ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﳌﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﺃﻧﻪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻭﻓﻬﻢ ﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺇﱃ ﺻﻠﺐ‬
‫ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻫﻮ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻌﺮﻗﻞ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺘﺄﺻﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﻗﺒﻮﻝ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻗﺒﻮﻝ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﻨﻤﻂ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺭﺃﲰﺎﻟﻴﹰﺎ ﻭﺣـﺎﺭﺏ ﻭﻣـﺎ ﺯﺍﻝ‬
‫ﳛﺎﺭﺏ ﺃﻱ ﻓﻜﺮ ﺁﺧﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻘﻮ ﹰﻻ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﳌﻨﻄﻘﲔ ﻗﻄﻌﹰﺎ ﻭ ﺇﳕﺎ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻫـﻮ ﺗﻌـﺪﺩ ﰲ‬
‫ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟﻜﻨﻪ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﳛﺘﺮﻡ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﻔﻘﻮﺩ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐـﺮﺏ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ‪.‬‬

‫ﺃﹸﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻋﻘﺒﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ‪-:‬‬

‫ﺗﻄﺮﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻟﱵ ﻻﻗﺖ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﻬﺑﺎ‪ ،‬ﻭﱂ ﲡﺪ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻄﺒﻴﻖ‪ ،‬ﻭﳒﺪ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻳﻬﻤﺸﻮﻥ ﻛﻼﻣﻬﻢ ))ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻌّﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻼﺋﻢ ﻟﻮﺍﻗﻌﻨﺎ((‪ ،‬ﺃﻣﺎ‬
‫ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﲑﻭﻥ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺣﻮﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﳊــﻞ ﺍﻷﻣﺜـﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻏﲑﻩ ﻭ))ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻌـﻲ ﻓﻬـﻮ‬
‫ﺿﺪﻱ((‪ ...‬ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻚ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻲ ﺃﳕﺎ ﻫﻮ ﻟﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﹼﺬﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻭﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨـﻘﻞ ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻟﺘﺠـﺎﺭﺏ ﺍﻵﺧــﺮﻳﻦ‬
‫ﺑﺸﻜﻠـﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺩﻭﻥ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﺑﻠﺪﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺎﺩ ﺑﻨﺎﺀﻫﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺑﻞ ﺣﱴ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﳌﺸﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ‪ ...‬ﻓﻤﺜﻼ ﻃﺮﺡ )ﺟﻮﻥ ﻣﺎﻳﻨﺎﺭﺩ ﻛﻨـﺰ(‬
‫ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻋﺎﻡ)‪ ،6*(1936‬ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﳌﻌﻨﻮﻥ"ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻨﻘﺪ"‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 6‬ﻟﻜﻨﺰ ﺭﺅﻯ ﻣﻨﻬﺎ )ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﳝﻜﻨﻬﺎ ﻭﻗﻒ ﺍﻻﻬﻧﻴﺎﺭ ﺇﻣﺎ ﺑﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺃﻭ ﲞﻔﺾ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻭﰲ ﺍﳊﺎﻟﺘﲔ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﺍﺕ‪ ،‬ﻭﻳﺰﻳـﺪ‬
‫ﺇﻧﻔﺎﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ( ﻭﻗﺎﻝ ) ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻋﺠﺰﹰﺍ ﰲ ﻣﻮﺍﺯﻧﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺟﻞ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﳍﺪﻑ( ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻨﺰ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ ﺍﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬
‫ﻫﻮ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺰ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ ﺇﻥ ﺍﳔﻔﺎﺽ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﺳﺒﺐ ﰲ ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﻭﺍﻻﻬﻧﻴﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ) ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ـ‬
‫ﻣﻜﺘﺐ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ ‪ /‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ(‬

‫‪ ‬‬ ‫‪24‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻟﻜﻦ ﲪﻠﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺳﻮﺀ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺭﻳﻐﺎﻥ ﻃﺮﺡ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﻣﺸﺎﻬﺑﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻳـﺪﺭﻱ‬
‫ﺃﻭﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﲡﺎﻩ ﲣﻔﻴﺾ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻷﻛﱪ ﻟﻸﻏﻨﻴﺎﺀ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﻘﻘﺖ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﱂ ﻳﻠﺒﺚ‬
‫ﻃﻮﻳﻼ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺼﲑ ﺃﻳﺔ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﺘﺤﺴﲔ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺘﻄﻮّﺭ ﻋﻦ ﺍﻹﻗﻄﺎﻉ ﻭﺍﻟﹼﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ‬
‫)ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ*‪ ،(7‬ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﳌﺘﺮﺍﺑﻂ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺁﺧﺮ ﻓﺎﻋﻞ ﻣﻌﻪ ﲜﺬﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺸـﺘﺮﻙ ﻓﺘﺒﻘـﻰ‬
‫ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻻ ﻓﺄﻥ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺟﻮﻥ ﻣﻴﻨﺎﺭﺩ ﺃﻭ ﻣﻘﺘﺮﺡ ﺭﻳﻐﺎﻥ ﳘﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﳝﻜﻦ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻈـﺎﻡ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﺂﻟﻴﺎﺕ ﻭﺑﺎﳉﺎﻧﺐ ﺍﻻﳚﺎﰊ ﻭﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ‪.‬‬

‫ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴّﺪﺓ ﻣﺎﺩﻟﲔ ﺃﻭﻟﱪﺍﻳﺖ ﺇﻥ ﻏﺰﻭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻛﺎﻥ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻨﻪ ﻧﻄﻠﻖ ﺳﺆﺍﻟﲔ ﳓﻦ ﺍﻋﺘﱪﻧﺎ ﻣﻨﻈﻮﻣـﺔ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ! ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﳌﺪﱐ ﳛﺼﻞ؟ ﻭﳌﺎﺫﺍ ﺗﺒﺪﻉ ﻛﻮﺍﺩﺭﻧﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﲤﻮﺕ ﻛﻤﺪﹰﺍ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻨﺎ؟؟‬
‫ﳌﺎﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻏﺰﻭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﻭ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ؟‬

‫ﺃﳉﻮﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻟﲔ ﻣﺘﺪﺍﺧﻞ‪:‬‬

‫ﺇﻥ ﻏﺰﻭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ‪ -‬ﺃﺣﺪ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ ‪ -‬ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﻔﺸﻞ‪ ،‬ﺑﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ‬
‫ﻭﻬﺗﺪﺋﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ‪ -‬ﻷﻬﻧﺎ ﻋﺎﺟﺰﺓ ـ‪ -‬ﻋﻦ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻷﻱ ﻧﻈﺎﻡ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻫﻲ ﻟﻠﻨﻔﻌﻴﺔ ﻭﻣﺼﻠﺤﺔ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻸﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻛﺂﻟﻴﺔ ‪ -‬ﻛﻤـﺎ ﻗﻠﻨـﺎ ‪-‬‬
‫ﺍﻗﺘﺮﺍﻉ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﹼﺬﻱ ﻫـﻮ ﻫﻨﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺃﺱ ﺍﳌـﺎﻝ‪ ،‬ﻭﺍﻟﹼﺬﻱ ﻳﻨﺘﺨﺐ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﻫـﻢ‬
‫ﺍﻷﺣـــﺰﺍﺏ ﻭﺗﺒﻘﻰ ﺍﳌﻔﺎﺿﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﺩﻳﻖ ﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻋﻤﻞ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻭﻟﻜـﻦ‪ !...‬ﺃﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻮﺳﻊ‪ ،‬ﻓﺄﻥ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ ﺟﺪﹰﺍ ﻓﻘﺪ ﺃﻧﺘﺠـﺖ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴـﺎ‬
‫ﻛﻌﺎﻣﻞ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﳚﺎﰊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﲨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﻭﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻬﺑﻮﺍﻣﺶ ﻏﺮﻳﺰﻳـﺔ‪ .‬ﺇﻬﻧـﻢ‬
‫ﻗﻄﻌﹰﺎ ﻗﺪ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻧﺮﻯ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣــــﻔﺎﻫﻴﻢ ﻛﺠﺬﻭﺭ ﺗﺜﺒﺖ ﳕﻂ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﺃﻧﺘﺠﻪ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈــﺎﻡ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺳﻄﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜــﺮ ﺗﻘﻮﺩﻫﻢ ﺇﱃ ﺟﻌـﻞ ﺍﻵﻟﻴـﺎﺕ ﺃﻳـﺪﻟـﻮﺟـﻴــﺎﺕ‬
‫)ﻛﺎﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ(‪ .‬ﻭﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﲡﻌﻞ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻣﻬﻤﺔ ﳉﺬﺏ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﳉﺎﻫﺰﺓ ﻭﺍﻟﱵ ﳍﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﲢﺴـﲔ‬
‫ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ‪..‬ﺍﱁ‪ ،‬ﺑﻴﺪ ﺃﻬﻧﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﳌﺜﻠﻲ ﺑﻞ ﺃﻓﺎﺩﺕ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠـﻒ ﰲ ﺍﻟﺒﻠـﺪﺍﻥ‬
‫ﺍﳌﺴﻤﺎﺓ ﺑﺎﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﺑـﻴــﺔ ﺍﳌﻘﻴّﺪﺓ ﻟﻠﻤﺒﺪﻉ‪...‬ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﺷﺮﻛﺔ ﻓﺎﻥ ﺍﳌﻬـﻢ ﻫـﻮ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪25‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﻧﻮﻋﻴﺘﻪ ﻭﺍﻟﺮﺑﺢ ﺃﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺇﱃ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﲢﺘﺎﺝ ﻓﻜﺮﹰﺍ ﻣﻔﻘﻮﺩﹰﺍ ﻓﺎﻟﺘﻔﺼـﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺿـﺢ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻫﻲ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ‪ .‬ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﻮﻓﺮ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻻ ﺍﳊﻴﺎﺓ‬
‫ﺍﳍﺎﺩﺋﺔ‪ ،‬ﻭﺗﻀﻊ ‪ -‬ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻧﻄﺒﺎﻋﺎﻬﺗﺎ ﻭﻣﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﳌﺘﺨﻠﻔﺔ ﻭﺷﻌﻮﺭﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﻘﺺ ـ‪ -‬ﻛﻞ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ؛‬
‫ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ‪،‬ﻭﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﻥ ﳍﺎ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻟﻦ ﻳﺒﻘﻲ ﺍﳌﻌﺎﺩﻟﺔ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﺣﺎﻟﻴـــﹰﺎ ﻭﺃﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﻣﻨﻬﺞ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﻟﻪ ﺫﺍﺕ ﺍﳌﻔﻌﻮﻝ ﻣﻌﻜﻮﺳﹰﺎ ﻓﻠـﻮ‬
‫ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻜﻮﺍﺩﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﶈﻠﻴّﺔ ﺑـ)‪ (4‬ﺩﺭﺟﺎﺕ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﺼﺎﻥ ﻓﺄﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‬
‫ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ )‪ (8‬ﺣﺮّﺓ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﳊﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺃﻳﻠﻮﻝ ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻓﻜﻜـﺖ ﺃﻭﺍﺻـﺮ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻬـﺎ‬
‫ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺗﺘﺠﻪ ﳓﻮ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺍﳌﻌّﺰﺯ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‪.‬ـ‪ -‬ﻫـﺎﻣﺶ‪.‬ﺹ‪ .‬ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪ - 10‬ﻭﲡﺴّﺪﺕ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺩ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﻛﻔﻌـﻞ ﻻ ﻛﺒﺤـﺚ ﺃﻭ ﺩﺭﺍﺳـﺔ‬
‫ﻭﺑﻔﺮﺽ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﺼﺤﺔ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﳊﻞ ﱂ ﻳﻔﻜﺮﻭﺍ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻓﻠﻪ ﻣﻌﻨﹰﺎ ﺁﺧﺮ ﻣﺘﺨﻠﻒ ﻣﺘﻌﻠﹼﻖ ﺑﻔﻬﻢ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ*‪ ،8‬ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻄﻠﺐ ﺍﳊـﻖ ﻟﻜﻨﻨـﺎ‬
‫ﻛﺄﻣﺔ ﻭﺇﻥ ﺃﺩﺭﻛﻨﺎ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ ﻟﻜﻲ ﻧﺘﻮﺟﻪ ﳓﻮ ﺗﻐﻴﲑ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻴﻨﺎ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 7‬ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ‪ :‬ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﺑﺘﻜﺮﻩ ﺍﳌﻔﻜﺮ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻛﺎﺭﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ) ﻣﻮﺟﺰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ‪(..‬‬

‫*‪8‬ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‪ :‬ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﻲ ﻓﺮﺽ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﻗﻮﻬﺗﺎ ﰲ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﻤﻈﻬﺮ ﻬﺑﺬﺍ‪ ،‬ﻭﻟﻠﻤﺰﻳﺪ‪ ..‬ﺭﺍﺟـﻊ ﻛﺘـﺎﺏ ﺍﻟﺸﺨﺼـﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪26‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺇﻧﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﲝﺎﺟﻪ ﺇﱃ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﳓﻦ ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻓﻜﺮ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺳﻨﺠﺪ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺒﲏ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻧﻌﻠﻢ ﺣﻘﺎ ﺃﻬﻧﺎ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ‪..‬‬

‫ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻛﺘﺒﺘﻬﺎ ﺃﻫﺪﻑ ﺇﱃ ﺃﻣﻮﺭ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬

‫‪.1‬ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﻧﻘﻴﻢ ﺃﻓﻜﺎﺭﻧﺎ ﻭﻧﻌﺪﳍﺎ ﻭﻓﻖ ﻣﻨﻬﺞ ﻳﻘﺒﻞ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﲢﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ )ﻻﺣﻆ*‪(10‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻜﺮ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻟﻪ ﺃﻟﻘﺪﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻻﻣﺎﻛﻦ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﺯﻣﺎﻥ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﻻ ﳝﻜـﻦ ﺃﻥ‬
‫ﳛﺼﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﻜﺮ ﺑﺮﺃﻱ ﺃﻭ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﺑﺸﺮﻱ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻟﻦ ﻳﻘﻴّﺪ ﺑﺮﺃﻳﻨﺎ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﺗﻜﺒﻴﻞ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺇﱃ ﺃﻓﻜـﺎﺭ‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻨﺎ ﻭﻧﻈﻦ ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻌﺒﺪ ﺍﷲ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﺫﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﲑ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻝ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﳌﺘﺒﻌﲔ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺴﺠﻦ ﺗﻔﻜﲑﻫﻢ ﻭﳛﺼﺮﻩ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﳌﻐﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺭﻭﺛﺎﺕ‪.‬‬

‫‪ .2‬ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺘﻜﺎﺗﻒ ﰲ ﻣﻨﻊ ﺍﳍﺮﺝ ﻭﺍﳌﺮﺝ ﻭﲢﻠﻴﻞ ﻣﺴﺒﺒﺎﺗﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻘﺪﻭﺭﺍ‪.‬‬

‫‪ .3‬ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﺘﺴﻊ ﳌﻦ ﻳﻮﺍﻓﻘﻪ ﺃﻭ ﳜﺎﻟﻔﻪ‪....‬ﻭﺣﲔ ﻧﻄﻠﻖ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‬
‫ﻟﻠﺘﻐﻴﲑ ﺗﻀﺎﻑ ﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺭﻭﺙ ﻣﻦ ﲢﺪﻳﺎﺕ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ﺍﳋﻼﻓﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪..)) - :‬ﺇﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻠﻮﺍ ﻟﺒﺪﺃ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﳍﺎ ‪ -‬ﺍﳋﻼﻓﺔ ‪ -‬ﻭﻟﻴﺲ‬
‫ﺍﳌﻬﻢ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﻠﻔﻆ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺃﻭ ﺧﻼﻓﺔ ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻬﺗﻤـﻪ ﺍﻷﲰـﺎﺀ ﻭﻻ ﺍﻷﻟﻘـﺎﺏ ﻭﺇﳕـﺎ ﻬﺗﻤـﻪ ﺍﳊﻘﻴﻘـﺔ‬
‫ﻭﺍﳉﻮﻫﺮ‪ 11*((.‬ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺃﺗﺖ ﺑﺎﺟﺘﻬﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻹﳚﺎﺩ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻳﻌﺮّﻑ ﺑﻪ ﻣﻌﲎ ﺍﻹﻣـﺎﺭﺓ‬
‫ﳍﺬﺍ ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺣﺴﺐ ﺗﻄﻮّﺭ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﳌﺼﻠﺤﺔ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺎﺕ ﻓﺄﺣﺴﺐ ﺃﳘﻴﺘﻬﺎ‬

‫ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻟﻐﺮﺽ ﺍﳊﺼﺮ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﺃﻭﺿﺤﻨﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺍﻟﺘـﺒﺲ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‬
‫ﻭﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺃﻳﻀﺎ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻟﺪﻭﺭ ﺟﺪﻳﺪ ﳌﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﹰﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ‪.‬‬

‫ﻑ ﻟﻠﺸﺮﻭﻁ ﻣﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺑـﲔ‬
‫ﺇﻥ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻋﻘﺪ ﻣﺴﺘﻮ ٍ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﺍﻷﻣﺔ‪ .‬ﻓﺎﻷﻣﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﻭ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﺩﺭﻉ ﻭﻭﺍﺟﺐ ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﺪﺭﻉ ﻓﺎﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻋـﻦ ﺍﻷﻣـﺔ ﰲ ﲪﺎﻳـﺔ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪27‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﰲ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻓﻬﻮ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﻓﺮﺽ ﻣﻠﺰﻡ ﻭﻫﻲ ﻣﻔﻬﻮﻣـﺔ‬
‫ﺍﳌﻌﲎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﺫﻛﺮﻧﺎ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﳍﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺩﻭﳕﺎ ﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺭ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﻨﺪ ﻋـﺮﺽ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﺭﻓﻀﺖ ﻗﺮﻳﺶ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﻻ ﻟﻔﻬﻤﻬﻢ ﺃﺷﺮﺍﻃﻬﺎ‪ ،‬ﺇﻥ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﻌﲏ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺗﻜﻠﻴﻒ‬
‫ﻭﺇﻧﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺘﻬﺎ ﻭﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪ ،‬ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻣـﻊ ﺍﻟﺘﻘـﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟـﻮﺟﻲ‬
‫ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﲟﺎ ﲤﻜﻨﻪ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼـﺎﻻﺕ‬
‫ﻣﻦ ﺗﺴﻬﻴﻼﺕ ﻷّﻳ ِﺔ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺌﻮﻬﻧﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺎﻋﻞ ﻭﺳﻼﺳﺔ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺭﺃﻱ‬
‫ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺻﻠﺢ ﻟﺘﻮﻟﹼﻲ ﺃﻣﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭ ﺍﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺼـﺎﱀ‬
‫ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪ .‬ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻦ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺮﺍﻋﻰ ﺃﻣﺎ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻋﻘﺪ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻭﺳﻊ ﲤﻜﻴﻨـﹰﺎ‬
‫ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺗﻔﻴﺪ ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﺎ ﺩﻗ ﹰﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺟﻮﺍﺯﺍ ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻸﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﺒﺤﺚ ﰲ ﻣﱪﺭﺍﺕ ﺍﻗﺘﻀﺎﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺇﳕﺎ ﰲ ﺁﻟﻴﺎﺕ‬
‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻭﻭﻓﻖ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 10‬ﻧﻼﺣﻆ ﺑﻌﺪ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺃﻳﻠﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﲢﺖ ﻣﺴﻤﻰ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻗﻮﺿﺖ ﻬﺑﺎ ﻗﺎﻋﺪﺓ‬
‫ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻮﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﺍﺗﻀﺤﺖ ﻫﺸﺎﺷﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻬﻧﺎ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻠﺤﻖ ﻭﺑﻮﺿﻮﺡ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳌﺴﺘﺒﺪﺓ ﺍﻟﻨﻈـﺎﻡ‬
‫ﻭﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﻮﺛﻖ ﻳﻔﻘﺪﻫﺎ ﻣﻴﺰﺓ ﺍﻷﻣﻞ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻬﺎ ﻭﻋﻨﺪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺣﺬﺕ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺣﺬﻭﻫﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﺭﻙ ﳋﻄﻮﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ‪ .‬ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻋﻤﻮﻣـﹰﺎ ﺍﻟﻨﻈـﺮ‬
‫ﺑﺴﻴﺎﺳﺎﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﺃﻧﺸﺄﻫﺎ ﻓﺎﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺃﻗﺎﻣﺖ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺩﻭﻧﻜﻴﺘﺸﻮﺗﻴﺔ ‪ ...‬ﻭﻫﻢ ﺍﲰﻪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺗﺮﻯ ﻣﺎ ﻟﺬﻱ ﺳـﺘﻔﻌﻠﻪ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﺮﺭ ﺭﺋﻴﺲ ﻻﺣﻖ ﺇﻟﻐﺎﺋﻬﺎ ﺇﻬﻧﺎ ﺳﺘﺠﺪ ﺣﺘﻤﹰﺎ ﻣﺎ ﲢﻤﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻄﺮﻩ ﻛﻲ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻫـﺎ‬
‫ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﲑ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﲢﻤﻞ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺩﻣﺎﺭﻫﺎ ﰲ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﳛﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺩﻣﺎﺭﻫﺎ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺼﻔﻖ‬
‫ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻷﺳﻔﻨﺠﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺪﻣّﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺎ ﺃﺳﺴﻪ ﻋﺒﺎﻗﺮﺓ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺑﻨﻴﺎﻣﲔ ﻓﺮﺍﻛﻠﲔ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﻳﺴﻮﻥ ﻭﻫﺎﻣﻠﺘﻮﻥ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻓﻌـﻞ ﻣـﺎ‬
‫ﻧﺎﺳﺐ ﺯﻣﻨﻬﻢ‪  .‬‬

‫* ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪......‬ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﻳﺲ‬

‫‪11‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪28‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﻥ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺃﻛﱪ ﺣﻈـﹰﺎ‬
‫ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺗﻴﺐ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﻛﺎﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﻌـﺎﻣﻼﺕ‬
‫ﻭﻏﲑﻫﺎ ﳑﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﳊﻜﻢ ﻭﺇﳕﺎ ﺑﺘﺴﻬﻴﻞ ﺷﺌﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﺃﻣـﺎ ﺍﻟﺼـﻴﻎ‬
‫ﺍﻻﲢﺎﺩﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﻏﲑ ﺻﻴﻎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﲣﺘﺎﺭ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﲔ ﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ ﻭﻻ ﺃﺭﻯ‬
‫ﺑﺄﺳﹰﺎ ﺃﻥ ﳜﺘﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺪﺩ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﻛﻤﹰﺎ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﺇﺫﺍ ﺍﺭﺗﻀﻰ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻷﻋﻠـﻰ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺃﻭ ﺃﻗﺮ ّﻩ ﻋﻠﻰ ﻭﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﻭﻻ ﻳﻠﻐﻲ ﺫﻟﻚ ﺣﻖ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻌﺰﻝ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﻓﻮﻻﻳﺘﻪ ﻭﻻﻳﺔ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﺃﻱ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺃﻣﺎ ﻭﻻﻳﺔ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﻣـﺪﱐ‬
‫ﻳﺮﺍﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬ﻭﻻ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﻷﻣﺮ ﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ‪.‬‬

‫ﻭﻗﺪ ﲢﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭﻝ ﻧﺸﻮﺀﻫﺎ ﺇﱃ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻭﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ‪ -‬ﺇﻥ ﱂ ﺗﻌﺘﺮﺽ ﺍﻷﻣﺔ ‪ -‬ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻜﻢ ﺇﲢﺎﺩﻱ ﳊﲔ‬
‫ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﲤﻜﲔ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺇﱃ ﻭﻻﻳـﺔ‬
‫ﺑﺈﻧﻘﺎﺹ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ ﺃﻭ ﺯﻳﺎﺩﻬﺗﺎ ﻭﻓﻖ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺗﻌﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﲟﺎ ﳜﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﻌﺴـﻜﺮﻱ ﻭﺍﳌـﺪﱐ‬
‫ﻭﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺮﻗﻌﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﻭﺣﺎﺟﺎﺕ‪ .‬ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻋﲏ ﻛﻞ ﺍﻷﻣـﺔ ﻭﻟـﻴﺲ‬
‫ﻗﻄﺮﹰﺍ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪29‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‬

‫ﻣﺎﻫﻴّﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ! ﳌﺎﺫﺍ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ؟‬

‫)) ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﳝﻜﻦ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻬﺎ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ‬
‫ﻣﻌﻴﻨﺔ؛ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ‪ ...‬ﻫﻲ ﰲ ﺍﻷﺻﻞ ﻣﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ‪ ((...‬ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺁﺗﻰ ﻃﺒﻴﻌﻴﹰﺎ‪ -‬ﻣﻦ‬
‫ﺩ‪ .‬ﳏﻤﺪ ﺿﻴﺎﺀ ‪ -‬ﺑﻌﺪ ﲢﻠﻴﻞ ﻃﻮﻳﻞ ﻟﻠﻔﺮﻕ ﻭﺍﻵﺭﺍﺀ ﻫﻮ ﰲ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﲤﺎﻡ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔـﻮﺍ ﰲ ﺑﻌـﺾ‬
‫ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ؛ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﳜﺘﻠﻔﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻞ ﺃﲨﻌﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ ﻭﺟﻮﺏ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻜﻮﻬﻧـﺎ‬
‫ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻧﻘﺎﺵ ﻭﻫﻲ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﻭﻫﻲ ﻓﺮﺽ ﺗﻘﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ‪،‬ﺇﺫﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓـﺮﺽ‬
‫ﺗﻘﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺁﻟﻴﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﺎﻡ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺑﺪﺀﹰﺍ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﻭ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ" ﺑﺄﺻﻐﺮ ﻓﺮﻉ ﳌﺆﺳﺴﺔ ﻳﻌﲎ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﳉﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌـﺪﻥ ﻭﺣﺴـﻦ‬
‫ﻣﻈﻬﺮﻫﺎ ﰲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ )ﺍﻟﻜﻮﺷﻜﺎﺕ(‪ .‬ﺇﺫﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺣﻖ ﻭ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﻟﻺﺳﻼﻡ ﺗﺼﻮﺭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﻣـﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻰ )ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺍﳋﻼﻓﺔ( ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺠﻤﻟﺮّﺩ ﺗﻮﱄ ﺍﻹﻣـﺎﻡ؟‪ ،‬ﺇﻥ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ‪ -‬ﻭﻓﻖ ﻓﻬﻤﻲ ‪ -‬ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﳌﻜﻠﹼﻔﲔ ﻭﻟﻴﺲ ﺧﺎﺩﻣﺔ ﳍﻢ ﻓﻘﻂ ﻭﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﺮﻏﻴﺪ ﻫﻮ ﻣـﻦ‬
‫ﳐﺮﺟﺎﺕ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻊ ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻛﻞ ﺍﳌﺨﺮﺟﺎﺕ ﺑﻞ ﺃﻛﱪ ﺟﺰﺀ ﻣـﻦ ﺇﻋـﺎﺩﺓ‬
‫ﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻮ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺳﻮﺍ َﺀ ﻛﺎﻥ ﲞﻠﻖ ﺍﻟﻨﻤـﻮﺫﺝ ﺃﻭ ﺑﺎﺳـﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﳌـﻮﺍﺭﺩ‬
‫ﻭﺍﳌﺨﺮﺟﺎﺕ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﳌﺘﻄﻮﺭﺓ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳉﺰﺀ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻻﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺪ ﻟﻪ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﻭﺃﺳﺎﺗﺬﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻷﻭﱃ‬
‫ﻛﺨﱪﺍﺀ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﳌﻬﺮﺓ ﰲ ﺍﳊﺎﺳﻮﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺒﻜﺎﺕ )ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ(‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻴﺲ ﻭﻃﻨﻪ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﹰﺎ ﻭﺇﳕﺎ‬
‫ﻭﻃﻨﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﺎﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﶈﻜﻮﻡ ﻣﻜﻠﹼﻒ ﳌﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻣﻦ ﺗﻮﺳﻊ ﻭﺗﻜﺎﺗﻒ‪ ،‬ﻭﰲ ﳎﺘﻤﻊ ﻛﻬﺬﺍ ﺗﺼﺒﺢ‬
‫ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺃﻣﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﲟﺼﺪﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﻜﻞ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴـﻒ‬
‫‪ -‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻟﻐﺮﺽ ﲡﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻓﻘﻂ ‪ -‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﳌﻜﻠﹼﻔﺔ ﻓﻬﻲ ﺁﻟﻴﺔ‬
‫ﲢﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻭﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻏﲑ ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﺘﺄﺻﻴﻞ ﻓﻘﻂ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﺃﻭﺍﻓﻖ ﰲ ﻫﺬﺍ‬
‫ﻗﻮﻝ ) ﺃ‪.‬ﺩ‪ .‬ﳏﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﻮﻃﻲ‪ /‬ﺁﺟﺮﻩ ﺍﷲ ( ﰲ ﺷﺮﺣﻪ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪ .‬ﻷﻥ ﺍﷲ ﻫﻮ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﳊﻘـﻮﻕ ﻭﻫـﻮ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﺍﻫﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻧﻈﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﺿﻤﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻭﺃﺗﺒﻌﺖ ﰲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ) ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻓﻘﻬﻴﺔ( ﻭﻫـﺬﺍ‬
‫ﻳﺘﺒﻊ ﻛﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺫﺍ ﻏﺮﺍﺋﺰ ﻭﺣﺎﺟﺎﺕ ﻭﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﺴﺪ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ ﻭﺗﺸﺒﻊ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻠﹼﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻻ‬
‫ﳒﺪﻩ ﺇﻻ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺗﻜﻠﻴﻒ ) ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭ ﺣﺎﻛﻤﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ (‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺷﻌﺎﺭ ﻛﻤﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﻬـﻮﻡ‬
‫)ﺇﱐ ﺟﺎﻋ ﹲﻞ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﺧﻠﻴﻔﺔ ( ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﺧﻠﻴﻘﺔ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻫﻮ ﺍﳌﻨﻜﺮ ﻋﻨﺪ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺮ ‪ -‬ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ ‪-‬‬

‫ﻭ ﻣﻬﻤﺎ ﻗﺴّﻢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﳏﺎﻭﻻﺕ ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﰲ ﳎﺘﻤـﻊ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺿﻴﺢ‪ .‬ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﳓﻦ ﻧﻨﺎﻗﺶ ﺃﻱ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﺃﻥ ﻧﻌﻠـﻢ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺗﻘﺴـﻴﻢ ﺃﻭ‬
‫ﻓﺼﻞ ﻟﻴﺲ ﺑﻐﺮﺽ ﺍﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻭﺍﻹﻓﻬﺎﻡ ﻫﻮ ﺧﻄﺄ ﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﻞ ﻭﺗﺮﺍﺑﻂ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻣﻨﻄﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﺻﻔﺔ ﳑﻴﺰﺓ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺇﻥ ﻛﻨّﺎ ﻛﻄﻼﺏ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻧُﺨﻄﺊ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺠﻤﻟﺎﻝ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺄﺛﲑ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﺍﻟﱵ ُﻳﺴْﻌﻰ ﻟﺘﻐﻴﲑ ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ!‪.‬‬

‫‪ -1-3‬ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺽ‪ )) -:‬ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻔﺮﺽ ‪ -‬ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻭﻩ ‪ -‬ﻫﻮ‪ ):‬ﻛﻞ ﳏﺘﻢ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ‬
‫ﺣﺼﻮﻟﻪ(‪ .‬ﻭﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻫﻮ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﱃ ﻭﺣﺪﻩ‪ ،‬ﻓﻼ ﻣﺼﺪﺭ ﻟﻠﻔﺮﺿﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻻ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ‪((.‬‬
‫ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻋﻨﻴﺘﻪ ﺃﻋﻼﻩ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺑﻂ ﻟﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﻻ ﳛﻴﺪ ﻋﻨﻪ‪ )) .‬ﻭ ﻗـﺪ ﻗﺴّـﻢ‬
‫ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﺇﱃ ﻗﺴﻤﲔ‪ :‬ﻓﺮﻭﺿﹰﺎ )ﻋﻴﻨﻴﺔ( ﻭﻓﺮﻭﺿﹰﺎ ﺃﲰﻮﻫﺎ ) ﻛﻔﺎﺋﻴﺔ ( ﻓﺎﻷﻭﱃ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ‬
‫ﻓﺮﺩ ﺑﻌﻴﻨﻪ‪ .‬ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﳎﻤﻮﻉ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﻮﺣﺪﺓ‪ ،‬ﺩﻭﻥ ﻧﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺑـﺬﻭﺍﻬﺗﻢ((‪ .‬ﻭﺍﻟﻔـﺮﺽ ﰲ‬
‫ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺇﳕﺎ ﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﻓﺮﺽ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﺮﺽ ﻋﲔ ﻋﻨﺪ ﺗﺒﻨﻴﻪ‬
‫ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﺗﺮﻛﻪ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﺮﺽ ﻋﲔ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻭﺽ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴـﺔ ﺫﺍﺕ‬
‫ﺃﳘﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺎﻟﻮﻓﺎﺀ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔﺮﺩ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﳛﻜﻢ ﻣﺼﲑ ﺃﻣﺔ ﺇﺫﺍ ﻬﺗﻴﺄﺕ ﳍﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻇﺮﻭﻓﻪ ﻓﻠـﻴﺲ‬
‫ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﺧﺎﺹ ﻭﺃﻣﺮ ﻋﺎﻡ ﲟﻌﲎ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻞ ﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻘﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﳚﻌﻠﻨﺎ ﻧﻠﻔﺖ ﺍﻟﻨﻈـﺮ‬
‫ﺇﱃ ﺃﳘﻴﺔ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﺮﻭﺽ ﺍﻛﺘﻔﻲ ﺑﺘﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﻭﻫﻲ ‪ :‬ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪،‬ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ‬
‫ﰲ ﺍﳌﻈﺎﱂ؛ﺍﳉﻬﺎﺩ؛ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﻜﺮ ؛ﺍﻟﻘﻴـﺎﻡ ﺑﻌﻠـﻮﻡ ﺍﻟـﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ ؛ﺗـﻮﻓﲑ ﻭﺳـﺎﺋﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪،‬ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪.‬ﻭ ﻧﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﺪﻣﺞ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺑﲔ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭﻗﻴﻤﻬﺎ ﻭﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﻟﻮﺍﺯﻣﻬﺎ ﻭﻫـﻲ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪31‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻣﻮﺭ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﻮﺳّﻊ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻗﺎﺋﻤﹰﺎ ﻭﻓﺎﻋﻞ ﰲ ﺑﻘﻴﺘﻪ ﺑﺮﺑﻂ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤـﻊ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧـﺖ ﲤﻠﺌـﻪ‬
‫ﺍﻟﺸﻮﺍﺋﺐ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻓﺎﻋﻞ ﺿﻤﻦ ﺑﻴﺌﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭﻭﺍﻗﻊ ﲢﺖ ﻣﺆﺛﺮﺍﻬﺗﺎ‪.‬‬

‫‪ -2-3‬ﺑﲔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ‪ :‬ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺛﻼﺙ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﳑﻜﻨﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺭﺍﺑﻄﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻨـﺎﺱ ﻫـﻲ‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻫﻲ‪ :‬ﺍﻟﻌـﺪﻝ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﳊﺎﻛﻢ‪.‬‬

‫‪ -1-2-3‬ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ...)) :‬ﻓﺎﻟﻌﺪﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪...‬ﻭ ﻗﻞ ﺃﻥ ﲢﺪﺙ‬
‫ﺭﺟﺎﻝ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺃﻭ ﺑﺎﺣﺜﻮﻥ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﲢﺪﺙ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﺑـﺎﺣﺜﻮﻩ ﻋـﻦ ﺍﻟﻌـﺪﻝ‪،‬‬
‫ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﻭﻭﺟﻮﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻜﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﱃ ﻭﻻﻳﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺼﺎﱀ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ ﻭﺫﻟـﻚ ﻷﻥ ﺍﻷﻣـﺮ ﻭﺭﺩ‬
‫ﺻﺮﳛﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ‪ ((...‬ﺍﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺿﻴﺎﺀ ﻟﺮﺻﺪ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺃﻬﻧـﺎ ﻭﺍﺭﺩﺓ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﰒ ﻳﻌﻮﺩﻭﺍ ﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﺃﻡ ﺃﻬﻧﺎ ﺃﻗﺮّﺕ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺪﻝ ﻫﻮ ﻣﻘﻴـﺎﺱ ﻟﻨﺠـﺎﺡ‬
‫ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻬﺎ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﻗﺮﺏ ﺁﻟﻴﺎﻬﺗﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﻼﺡ‪ .‬ﻭﺃﻣﺎ ﻋﺪﻡ ﺃﻭ ﻗﻠﹼﺔ ﺗﻄﺮّﻕ ﺍﻟﺒـﺎﺣﺜﻮﻥ ﺇﱃ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ‪ -‬ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﲔ ‪ -‬ﻓﻬﺬﺍ ﻋﺎﺋﺪ ﻷﻥ ﻗﻴﺎﺱ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻟﺮﺿﺎ ﻗﻴﺎﺱ ﻧﺴﱯ‬
‫ﻼ ﻳﺼﻌﺐ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﳝﻜﻦ ﺭﺩﻋﻪ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﰲ ﺍﻷﺻﻞ ﻏﺮﻳﺰﻱ ﻭﺭﺩﻋﻪ ﺑﺎﺑﺘﺪﺍﻉ ﻋﻮﺍﺋﻖ ﲢﻘﻴﻘﻪ ﺃﻭ ﻣـﱪﺭﺍﺕ‬
‫ﺃﺻ ﹰ‬
‫ﻏﺮﻳﺰﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﳛﺼﻞ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻭﴰﺎﻋﺔ ﺍﳌﺆﺍﻣﺮﺓ ﻭﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﻋﺪﻭ ﻣﺎ‪ .‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﳍـﺎ ﻭﺍﻗـﻊ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻣﺮﺍﻓﻖ ﻟﻐﲑ ﺣﻜﻢ ﺍﷲ ﻭﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻓﺎﻥ ﻏﲑ ﺣﻜﻢ ﺍﷲ ﻫﻮ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺷﻌﺎﺭ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪ ﻷﻧـﻪ ﲢﻜـﻴﻢ‬
‫ﻟﻠﻐﺮﻳﺰﺓ ﻭﺗﺴﺨﲑ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻬﺑﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﳑﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺼﻪ ﳓﻦ ﳓﺐ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﳓﺐ ﺃﻥ ﻧﻈﻠﻢ ﻭﻟﻜـﻦ ﻧﻜـﺮﻩ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺣﲔ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻨﺎ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺍﺳﺘﻌﺒﺎﺩﺍ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺑﻜﻞ ﺷﻜﻞ ﻭﺻﻴﻐﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﺧﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺮﺭ‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺒﻮﺩﻳﺘﻪ ﻟﻐﲑ ﺧﺎﻟﻘﻪ ﻓﻴﻀﻴﱢﻊ ﺗﻜﺮﱘ ﺍﷲ ﻟﻪ‪ .‬ﻭﺍﳌﺘﺘﺒﻊ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﳌﺘﻔﻜﺮ ﺑـﻪ ﳚـﺪ ﳎﻤﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﺨﻠﺼﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻭ ﺭﲟﺎ ﻣﻌﺎﳉﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﳊﺎﻻﺕ ﻣﺘﺠﺪﺩﺓ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﻻ‬
‫ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﻞ ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻟﺪﺳﺎﺗﲑ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻟﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎﳉﺎﺗﻪ ﻣﺘﺠﺪﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﳝﻜـﻦ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻘﻮﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻫﻲ ﻣﻴﺰﺓ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﺗﻔﺮّﺩ ﻬﺑﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺩﳝﻮﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﳍـﺬﺍ‬
‫ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﳌﻌﺠﺰ ﺣﻘﹰﺎ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻖ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻮ ﺃﻋﺘﱪ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﻘﺪﺳﹰﺎ‪ -‬ﻭﻛﻤﺎ ﳛﺼﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ‪ -‬ﳌﺎ ﺃﻣﻜﻦ ﻭﺻﻒ ﺃﻳﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻷﻬﻧﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺟﺎﻣﺪﺓ ﻻ ﺃﻣﻞ ﰲ ﺩﳝﻮﻣﺘﻬﺎ ﻭﻋﺪﳍﺎ ﻭﺛﺒﺎﻬﺗـﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻥ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪32‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﻘﺼﻮﺭ ﻫﻢ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ...‬ﻭﻫﺬﻩ ﺑﺪﻳﻬﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﻄﹼﻠﻊ ﻓﺎﻫﻢ ﻟﻺﺳﻼﻡ‪ .‬ﻭﻟﻠﻌـﺪﻝ‬
‫ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻭﻋﻨﺎﻭﻳﻦ ﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ﺍﳌﺴﺎﻭﺍﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‪ :‬ﺍﻟﻜﻞ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻹﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﲝﻴﺚ ﻻ ﳜﻄﺮ ﺑﺒﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺃﻧﻪ ﺃﻗﻞ ﺷﺄﻧﹰﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻭﻟﻘﺪ ﻭﺻﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ )ﺇﳕﺎ ﻫﻠﻚ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺃﻬﻧـﻢ ﻛـﺎﻧﻮﺍ ﺇﺫﺍ‬
‫ﺳﺮﻕ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺗﺮﻛﻮﻩ ﻭﺇﺫﺍ ﺳﺮﻕ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳊﺪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺲ ﳏﻤﺪ ﺑﻴﺪﻩ ﻟﻮ ﺃﻥ ﻓﺎﻃﻤﺔ‬
‫ﺑﻨﺖ ﳏﻤﺪ ﺳﺮﻗﺖ‪ ،‬ﻟﻘﻄﻌﺖ ﻳﺪﻫﺎ(‪ .‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ )‪..‬ﺃﻻ ﺇﻥ ﺃﻗﻮﺍﻛﻢ ﺿﻌﻴﻒ ﻋﻨﺪﻱ ﺣـﱴ‬
‫ﺁﺧﺬ ﺍﳊﻖ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺃﺿﻌﻔﻜﻢ ﻗﻮﻱ ﻋﻨﺪﻱ ﺣﱴ ﺁﺧﺬ ﺍﳊﻖ ﻟﻪ‪ .(..‬ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﻋﻤﺮ )ﺁ ﹺ‬
‫ﺱ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ‬
‫ﰲ ﻭﺟﻬﻚ ﻭﻋﺪﻟﻚ ﻭﳎﻠﺴﻚ‪ ،‬ﺣﱴ ﻻ ﻳﻄﻤﻊ ﺷﺮﻳﻒ ﰲ ﺣﻴﻔﻚ ﻭﻻ ﻳﻴﺄﺱ ﺿﻌﻴﻒ ﻣﻦ ﻋﺪﻟﻚ(‪ .‬ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ‬
‫ﺗﺼﻒ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﺑﺘﻜﺎﻣﻠﻪ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪ :‬ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻳﺜﻤﺮ ﺇﺑﺪﺍﻋﹰﺎ ﻣﺪﻧﻴﹰﺎ ﻣﻊ ﺭﺿﺎ ﻭﺭﻓﺎﻫﻴﺔ ﻭﺃﻭﺭﺩ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ )ﺍﺑﻦ ﺧﻠﺪﻭﻥ()) ﻭﻻ ﲢﺴﱭ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺇﳕﺎ ﺃﺧﺬ ﺍﳌﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﳌﻠﻚ ﻣﻦ ﻳﺪ ﻣﺎﻟﻜﻪ‪ ،‬ﻣﻦ ﻏﲑ ﻋﻮﺽ ﻭﻻ ﺳﺒﺐ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﺑﻞ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺃﻋﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﻣﻠﻚ ﺃﺣﺪ ﺃﻭ ﻏﺼﺒﻪ ﰲ ﻋﻤﻠﻪ ﺃﻭ ﻃﺎﻟﺒﻪ ﺑﻐﲑ ﺣﻖ ﺃﻭ ﻓﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻘﹰﺎ ﱂ ﻳﻔﺮﺿﻪ ﺍﻟﺸـﺮﻉ‪،‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﻇﻠﻤﻪ‪ .‬ﻓﺠﺒﺎﺓ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺑﻐﲑ ﺣﻘﻬﺎ ﻇﻠﻤﺔ ﻭﺍﳌﻨﺘﻬﺒﻮﻥ ﳍﺎ ﻇﻠﻤﺔ ﻭﺍﳌﺎﻧﻌﻮﻥ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻇﻠﻤـﺔ ﻭﺍﳌـﺎﻧﻌﻮﻥ‬
‫ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻇﻠﻤﺔ ﻭﻭﺑﺎﻝ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﺋ ٌﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﲞﺮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪ ...‬ﻗﺎﻝ ﺍﳌﺎﻭﺭﺩﻱ‪ ...‬ﻭﻻ ﺃﻓﺴﺪ ﻟﻀﻤﺎﺋﺮ‬
‫ﺍﳋﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﳉﻮﺭ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ‪((.‬‬

‫‪ )) -3‬ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ((‪ :‬ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔﹰﺎ ﺃﻥ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻲ ﻻ ﻳﻌﺘﻤـﺪ ﺍﻷﻗﻠﻴـﺎﺕ‬
‫ﻭﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﻷﻥ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ‪ -‬ﲟﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻤﲔ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻭ ﺃﺩﻳـﺎﻥ ﻭﺿـﻌﻴﺔ ـ‪-‬‬
‫ﻣﺘﺴﺎ ﹴﻭ ﺑﺎﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ )ﳍﻢ ﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ( ﻓﻬﺬﺍ ﺷﺮﻉ ﺍﷲ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﺴﺎﳏﹰﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﻫـﻮ ﺗﻜﻠﻴـﻒ‬
‫ﻟﻸﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺣﻖ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻫﻮ ﻭﻗﺎﻳﺔ ﻭﲪﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺃﺛﺒﺖ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ ﻭﻛﻔﺎﺀﺗﻪ ﲢﺖ ﳐﺘﻠﻒ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﺟﻮﻫﺮ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﻧﺰﻉ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻭﺣﺼﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮ ﻓﻮﻕ ﻋﺒﺎﺩﻩ ) ﻻ ﺇﻛـﺮﺍﻩ ﰲ ﺍﻟـﺪﻳﻦ(‬
‫ﻭﻗﺒﻮﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﻭﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻥ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ‪ -‬ﻳﻮﺳﻒ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻋﺪ ﻭﻏﲑﻫﺎ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪33‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﳌـﺆﻣﻨﲔ)ﺳـﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸـﻮﺭﻯ‪،‬‬ ‫‪ -2-2-3‬ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ :‬ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻭﺁﻳﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻓﻬﻲ ﺻﻔﺔ‬
‫‪ .(38-36‬ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺻﻐﺮ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻛﱪ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮﺗﻪ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ‪.‬ﻭ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺃﰊ ﻫﺮﻳﺮﺓ )ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ(‪:‬ﱂ ﻳﻜﻦ ﺃﺣﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺸﻮﺭﺓ ﻷﺻـﺤﺎﺑﻪ ﻣـﻦ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻓﻼ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻻ ﰲ ﺻﻐﲑﺓ ﻭﻻ ﰲ ﻛﺒﲑﺓ‪ .‬ﻭﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻟﻴﺴﺖ ﺁﻟﻴﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺣﻀﺎﺭﻱ‬
‫ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﲎ ﺃﻭ ﻳﻨﺘﺞ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﻌﺎﰿ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﻧﻈﻤﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ -3-2-3‬ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﳊﺎﻛﻢ‪ :‬ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻭﻋﻬﺪ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﺎ ﺃﻣﺮ ﺍﷲ ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻪ ﻭﺍﳋﻀﻮﻉ ﻹﺣﻜﺎﻣﻪ‬
‫ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻥ ﺭﻓﻀﻪ ﺍﳋﻀﻮﻉ ﻷﻱ ﺣﻜﻢ ﻣﻮﺟﺐ ﻹﻗﺎﻟﺘﻪ ﻭﻻ ﺗﻌﺬﺭﻩ ﺍﻹﻗﺎﻟﺔ‬
‫ﻋﻦ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﳊﻜﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﺔ ﺗﺆﺩﻱ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﳌﻠﺘﺰﻡ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺑﻜﺎﻓﺔ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﺃﻣﺮﺍﻥ ﳘﺎ ) ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺼـﺮﺓ(‪،‬‬
‫ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺌﻮﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﷲ ﻭﺍﻷﻣﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻓﻮﻕ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﻟﻸﻣﺔ ﺣﻖ ﺗﻘﻮﳝﻪ ﻭﻋﺰﻟـﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺴـﺌﻮﻟﻴﺘﻪ ﺃﻥ‬
‫ﺗﺸﺎﺭﻙ ﻭﺗﻔﻜﺮ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭﻻ ﲢﺘﺞ ﻟﻠﻘﻌﻮﺩ‪.‬‬

‫ﻭﺃﻭﺩ ﻗﺒﻞ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺃﻥ ﺃﻧﺒﻪ ﻷﻣﺮ ﱂ ﺃﺭﻯ ﺃﺑﺪﹰﺍ ﻣﻮﺟﺐ ﻟﻠﺠﺪﻝ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﺪﺛﹰﺎ ﺑـﻞ‬
‫ﻣﻦ ﺻﻠﺐ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﺳﺎﺱ ﻻﻛﺘﻤﺎﻝ ﲤﻜﻴﻨﻪ ) ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻥ ﻣﻜﹼﻨﺎﻫﻢ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺼـﻼﺓ‪ .(..‬ﻭﺃﺣﺎﺩﻳـﺚ‬
‫ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺠﻤﻟﺎﻝ ﺗﻘﻄﻊ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﳉﺪﻝ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬ ‫‪-3-3‬‬

‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪ :‬ﻫﻲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻭﻣﺆﻃﺮﺓ ﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﲤﺜﻞ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻜﻠﹼﻴﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻫـﻮ‬
‫ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﺍﳌﻨﺘﺠﺔ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﲨﻴﻌﻬﺎ؛ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ‪ -‬ﳓﻮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ‪ -‬ﳍـﺎ ﺁﻟﻴـﺎﺕ‬
‫ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﳑﻜﻨﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ؛ ﺗﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﺗﻘﻮﻣﻪ ﻭﺗﻄﺮﺡ ﻟﻪ ﺍﳌﻄﻮّﺭ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﳌﺆﺩﻳﺔ ﻟﻠﺴﲑ‬
‫ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﻳﺪﻳﺮ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﰲ ﺣـﺪﻭﺩ ﺩﺍﺭ ﺣﻜﻤـﻪ‪ .‬ﻭﺩﻭﻟـﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﺴﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺛﻴﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ )ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎﳌﻌﲎ ﺍﻟﻐﺮﰊ( ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺑﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺸـﻮﺭﺓ؛ ﻭﻟﻘـﺪ‬
‫ﺃﺣﺪﺛﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﳌﻨﺘﻘﻠﺔ ﺇﱃ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ﻣﻊ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﳌﺘﺒﻨﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﳍﺰﳝﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻟﺮﻗﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻠﻮﺭﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻻﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻴﺶ ﺇﳘﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻛـﻞ ﻣـﺎ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪34‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻋﺪﻯ ﺍﳉﻴﺶ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺑﺘﻌﺎﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺑﺎﺟﺘﻬﺎﺩ ﻛﺎﻥ ﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﺎ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﺭﺳّﺦ ﺍﳉﻤﻮﺩ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﳋﺮﻭﺝ ﻭﻛﺴﺮ ﺣﺎﺟﺰ ﺍﳉﻬﻞ ﺍﶈﻴﻂ ﻬﺑﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ؛ ﺍﳌﻬﻢ ﻫـﻮ ﺃﻥ‬
‫ﻼ ﺭﺍﻓﻖ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻌﻀﻮﺽ ﻻﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﱃ ﻗﻤﺔ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﳋﻼﺹ ﻭﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﻣﺴّﺒﻖ ﺑـﺄﻥ‬
‫ﺟﻬ ﹰ‬
‫ﺍﳌﻄﺒﻖ ﻫﻮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ؛ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﳉﺎﻫﺰ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﺘﻌﺠﻞ‬
‫ﻟﻠﺨﻼﺹ ﻓﺘﻘﺒّﻞ ﺍﻟﻜﺜﺮ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﺃﺳﻘﻄﻮﺍ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻮﻩ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﺳﻘﺎﻃﹰﺎ‪ .‬ﺑﻞ ﺃﺳﻘﻄﻮﺍ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﱂ ﻳﻔﻜﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻻ ﺗﺄﺧﺬ ﻬﺑﻮﻯ ﺃﺣﺪ ﻭﺃﻥ ﺭﺟـﺎﻝ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﻬﺑﻮﺍﻫﻢ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﰲ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺻﻄﺪﻣﻮﺍ ﲝﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ‬
‫ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻓﺎﻟﺘﺠﺌﻮﺍ ﻟﻠﺘﱪﻳﺮ ﻭﺷﺠﻌﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺳﻄﺤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻲ ﻭﳏﺎﻭﻟـﺔ‬
‫ﻧﺴﺐ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﺮﺡ ﻣﻦ ﺇﳚﺎﺑﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﺴﺘﻮﺭﺩ ﺇﱃ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻫﺬﺍ ﻏﲑ ﺻﺤﻴﺢ ﺣﱴ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻣﺆﺳﺲ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﺘﺼﻮّﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﻨﺎ‬
‫ﺃﻧﻪ ﺟﻮﻫﺮ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﺒﻮﻃﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺇﻥ ﺗﺸـﺎﺑﻪ ﰲ‬
‫ﻃﺮﺡ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻣﻊ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻏﺮﰊ ﻓﻬﻮ ﳜﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ ﰲ) ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺼﺪﺍﻗﻴﺔ( ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺍﻻﺭﺗﺒـﺎﻁ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴـﺪ‬
‫ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ‪.‬‬

‫‪ -1-3-3‬ﺍﻟﺮﺃﻱ‪ )) -:‬ﻫﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺛﻴﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﻭﺗﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ‪(( ...‬‬

‫ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻛﺒﲑ ﺑﲔ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﻤﻴﺎﺕ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻬﻲ ﻣﺘﺮﺍﻭﺣﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻛﻮﻬﻧﺎ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻛﺎﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﺎﰿ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻭ ﻳﺪﻳﺮﻩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺕ ﻏﺮﻳﺰﻳﺔ‪ .‬ﻭﺃﻋﻮﺩ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻻﻓﺘﺮﺍﺽ ﺑﺄﻥ‬
‫ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺟﺬﻭﺭ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺕ ﻭﺭﺅﻯ ﻻ ﺗﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﺗﻨﺤﺮﻑ ﻋﻨﺪ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻷﻬﻧﺎ ﺗﻘﺎﺩ ﻏﺮﻳﺰﻳﹰﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻋﻘﻠﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳝﻜـﻦ ﺃﻥ ﺗﺴـﺘﺨﺪﻡ ﻓﻴـﻪ ﺁﻟﻴـﺎﺕ‬
‫ﻛﺎﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻳﺒﻘﻰ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴـﺔ‬
‫ﻷﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳊﻜﹼﺎﻡ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻓﻤﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳊﻜﹼﺎﻡ ﺑﺂﻟﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻜﻮﻥ‬
‫ﺍﻷﻧﺴﺐ ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﳓﻮ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﺰﻣﻦ ﻗﺼﲑ‬
‫ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﰲ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎﺩﻝ ﺍﻷﻓﻀﻠﻴﺔ ﻭﺗﺴﺎﻭﻱ ﻗـﻮﺓ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪35‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﳊﺠﺔ ﻭﻟﻠﺘﺮﺟﻴﺢ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺍﺏ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳋﱪﺓ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﺭﺃﻱ ﺍﳋـﱪﺓ‬
‫ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻭﺇﻥ ﻗﻞ ﺍﻟﺪﺍﻋﻮﻥ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﺺ ﻻ ﳚﺎﺩﻝ ﻷﻧﻪ ﺿﻤﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺸـﺎﺑﻪ ﻻ ﻳﻌـﲏ ﺃﻧـﻪ‬
‫ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺩﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺁﻟﻴﺔ ﺗﺮﺿﺎﻫﺎ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻛﻤﻔﻬﻮﻡ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻳﻨﺘﺞ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻭﻳﻀﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺃﻭ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ‪...‬ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻘﺎﺱ ﺍﻷﻣﻮﺭ‪ .‬ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﲟﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻣـﻦ ﺍﻟـﻨﻈﻢ‬
‫ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺗﻌﺮﻳﻔﹰﺎ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﺇﳕﺎ ﲡﻬﻴﻞ ﻟﻪ‪ ..‬ﻭﺑﻪ ﻭﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﳌﻔﻜﺮ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺷﺮﺡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﲑﺗﻘﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺫﻫـﻦ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻼ ﻳﻀﻴﻒ ﻟﻪ ﺷﻴﺌﹰﺎ‪ ،‬ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺃﺿـﺎﻑ ﺃﻡ ﱂ‬
‫ﻳﻀﻴﻒ ﻓﻬﻢ ﺃﻡ ﱂ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻓﻬﻲ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﳌﺘﻠﻘﻲ )‪..‬ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻮﻛﻴﻞ(‪.‬‬

‫ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﻲ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻟﻸﻣﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻗﺪﳝﹰﺎ ﻭﺣﺪﻳﺜﹰﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔـﻮﺫ ﻭﰲ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ ﻭﺍﳌﺴـﺘﻘﻄﺐ‬
‫ﻟﻠﺤﺎﳌﲔ ﻭﻫﻢ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ‪.‬‬

‫‪ -2-3-3‬ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ‪] :‬ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻭ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ [ ﻭﻫﻮ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺧﺎﺹ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﳊﻀﺎﺭﺓ ﳏﻔﻮﻇﺔ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﻥ ﻋﺠﺰﺕ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﺍﳓﺪﺭﺕ ﺣﻀﺎﺭﻳﹰﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﺛﺮ‬
‫ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺇﻥ ﲤﻜﻨﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺍﳌﺼﺪﺭ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻳﻀﻴﻒ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠـﺪﻋﻮﻯ‪ ،‬ﺃﻣـﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻓﺒﺎﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﻛﻮﻥ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﺈﻥ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﳏﺴﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻔﻜـﺮ ﻭﺍﻹﺳـﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ‬
‫ﻭﺃﻣﻮﺭﹰﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﺘﺮﻭﻛﺔ ﻟﻠﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﳌﺮﺣﻠﻲ )ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ( ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻣﻬﻢ ﻓﻬﻤﻪ ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫـﻮ ﺍﳊﻴـﺎﺓ‬
‫ﺍﻟﺴﻮﻳﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺇﻳﺼﺎﳍﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻠﻜﹰﺎ ﻷﺣﺪ ﺩﻭﻥ ﺃﺣﺪ‪ ،‬ﻻ ﻋﺪﺍﺀ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﻛﻢ ﲢﻮﻝ ﺃﻋـﺪﺍﺀ ﺇﱃ‬
‫ﺇﺧﻮﺓ ﲨﻌﺘﻬﻢ ﺃﺧﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺒﻞ ﺛﻮﺍﻥ ﻳﺘﺮﺻﺪ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺍﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‬
‫ﻟﻔﻬﻤﻪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺨﻨﺪﻕ ﺍﳊﺎﻭﻱ ﻟﺴﻤﺔ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﳐﺮﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺘﻜﻔﲑ ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟـﺬﻱ‬
‫ﻼ ﻋﻦ ﺍﷲ ﻭﱂ ﻳﻌﻂ ﺍﷲ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ‬
‫ﻧﺮﺍﻩ ﺇﻻ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﲡﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﳐﺘﺮﻗﹰﺎ ﺣﺎﺟﺰﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺮﻯ ﺇﻻ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﻛﻴ ﹰ‬
‫ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻛﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻌﺒﺪ ﺁﺧﺮ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺳﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪36‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻫﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻲ‬

‫ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘـ‪21‬ـﺮﻥ !‬
‫ﺗﻘﺪﳝـ ‪ :‬ﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‬

‫ﺇ ﹼﻥ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﻫﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﺍﻟﺘﻐﲑ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﻣﻌﺎﳉـﺔ ﺍﳌﺴـﺘﺠﺪﺍﺕ‬
‫ﻭﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﳊﻴﺎﺗﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻄﺎﺭﺋﺔ‪ :‬ﻭﻟﻘﺪ ﻭﻟﹼﺪ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﻫﺬﻩ؛ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺮﺍﻫـﺎ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﻭﻫـﻲ‬
‫ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﲡﻌﻞ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻓﺎﻗﺪﺓ ﳌﻌﻨﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻣﻮﺭﺍ ﳝﻜﻦ ﲢﺪﻳﺪﻫﺎ ﲤﺜﻞ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﳌﺸـﻜﻠﺔ ﻭﲢﺘـﺎﺝ‬
‫ﳊﻞ‪.‬‬

‫ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﳌﺸﻜﻠﺔ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻣﺘﻨﺎ ﺃﺳﺎﺳﹰﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺭﺍﻗﻴﺔ ﺟﺪﹰﺍ ﻭﺗﺮﺳّﺦ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﺃﻣـﺮ ﺟـﺬﻭﺭ‬
‫ﻼ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺘﺠﺄﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﺤـﺚ ﻋـﻦ ﺗﺄﺻـﻴﻞ‬
‫ﻭﺃﺻﻮﻝ ﳍﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﱂ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﻛﺤﺎﻻﺕ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺣ ﹰ‬
‫ﳌﺸﺎﻛﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺟﻬﻞ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﻷﺳﺲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺇﳕﺎ ﺷﺎﻋﺖ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﻘﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳍﺎ‪ ،‬ﻭﺑﻔﺎﻋﻠﻴﺔ‬
‫ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺃﺻﺒﺢ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ﻭﳐﺮﺟﺎﻬﺗﺎ ﻭﺃﺿﺤﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻫﻲ ﺍﳍﺪﻑ ﻹﺣـﺪﺍﺙ‬
‫ﺍﻟﺘﻐﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻌﺪ ﻭﺍﺿﺤﹰﺎ ﺑﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﻲ ﺍﳍﺪﻑ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﳍﺬﺍ ﺃﳘﻠﺖ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺃﺿـﺤﺖ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺣﻠﻬﺎ ﻣﻠﺤﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺼﺮ ﺍﳌﺴﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺗﺪﺍﺧﻠﺖ ﺍﻷﻣﻢ ﰲ ﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ‬
‫ﻭﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﳊﻀﺎﺭﺓ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻭﺇﻧﻨﺎ ﺇﺫ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺤﻞ‪ ،‬ﻓﻨﺤﻦ ﲝﺎﺟﺔ‬
‫ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻟﻪ ﲤﻜﻦ ﺷﺮﻳﻌﺘﻪ ﺍﳌﻤﻴﺰﺓ ﻭﺗﻔﻌّﻞ ﳐﺮﺟﺎﺕ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﻬﺗﺎ ﺍﻟﱵ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻜﱪﻯ‪ .‬ﻓﺈﺫﺍ‬
‫ﺃﺭﺩﻧﺎ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﺔ ﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺣﻴﺎﻬﺗﺎ ﻓﻬﻲ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ) ﺗﻔﻴﺪ ﰲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ (‬

‫‪ ‬‬ ‫‪37‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫‪2‬ـ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ )ﻷﻥ ﻛﻞ ﺍﳋﻼﻓﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻟﻠﺘـﺎﺭﻳﺦ ﻭﺟﻌﻠـﻪ‬
‫ﻣﺼﺪﺭ ﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻭﻓﻖ ﺃﻫﻮﺍﺀ ﻭﻫﺎﻻﺕ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺃﻧﺎﺱ ﳍﻢ ﻃﻤﻮﺣﺎﻬﺗﻢ‪ ،‬ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻫﻲ ﻣـﻦ‬
‫ﻳﺴﺘﻤﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺇﻥ ﱂ ﺗﺴﻠﻢ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑﺍﺕ ﺍﳌﻘﺤﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺘﻔﺴﲑﺍﺕ ﺍﻟﺘﱪﻳﺮ‪(.‬‬

‫‪3‬ـ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﳌﻨﻬﺞ ﺍﺣﻜﻢ ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ) ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ (‪.‬‬

‫ﻭﺳﻨﺘﺤﺪﺙ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﰲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪38‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﺴﺘﻨﲑﺓ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳـﺦ ﻭﺍﻟﺴـﲑﺓ‬

‫ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺣﺐ ﻟﺴﻤﺎﻉ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﺍﳊﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺃﻧـﻪ ﺟـﺰﺀ ﻻ‬
‫ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﰲ ﺣﺐ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟـﻪ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﺑﲔ ﺍﳊﺐ ﻣـﻊ ﺍﻟﺸـﻮﻕ ﺇﻟﻴـﻪ‬
‫ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﻪ ﻛﻔﺮﺩ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻷﻫﻢ ﻣﻨﻬﺎ ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺴﺎﱐ ﻋﻘﻠﻲ ﰲ ﺗﻮﺍ ﻓـﻖ ﻣـﻊ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻂ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﺘﺸﻜﻞ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻨـﺪ‬
‫ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻟﻺﻗﺘﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﺄﺳﻲ ﻓﺘﺘﻜﺎﻣﻞ ﺇﱃ ﻣﺒﺘﻐﺎﻫﺎ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻛﻮﺍﻗﻊ ﻣﺌـﻮﻱ‬
‫ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﻣﺘﻮﺍﺟﺪ ﺩﺍﺋﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺎﺽ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﻻ ﺗﻘﺪﻳﺴﹰﺎ ﻟﺸﺨﺼﻪ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺴﻌﻰ‬
‫ﻟﻨﻜﻮﻥ ﻣﺜﻠﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﺗﺄﰐ ﻣﻜﺎﻓﺌﺔ ﺍﳋﺎﻟﻖ ‪ ،‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺣﺐ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟـﻪ ﺍﳋﻄـﻮﺓ‬
‫ـ‪ -‬ﻭﺃﺭﻯ ‪ -‬ﺣﺐ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻬﺑـﺬﺍ ﺍﳌﻌـﲎ‬ ‫ﺟ ﹼﻞ ﻭﻋﻼ‬ ‫ﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﳝﺎﻥ ﺃﻱ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ ﻟﺮﺿﺎ ﺍﷲ‬
‫ﻛﻤﻌﲎ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪﻱ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﳊﺐ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻌﲏ ﺍﻟﺘﺄﺳﻲ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﻱ ﺍﳊﺐ ﺍﻟﻌﻘﻠـﻲ‬
‫ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﺑﻔﻌﻞ ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟـﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﳚﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻭﻃﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﳝﺘﺪﺡ ﻛﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ) ﻣﺜﻞ ﺍﻟﹼﺬﻳﻦ ﲪّﻠﻮﺍ ﺍﻟﺘـﻮﺭﺍﺓ‪( ...‬‬
‫ﺇﺫﻥ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻭﺻﻠﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺗﻄﺒﻴﻘﻚ ﻟﻪ ‪ -‬ﻭﺍﻥ ﻗﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ‪ -‬ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﻼﺳﺘﺰﺍﺩﺓ ﻷﻥ‬
‫ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﳝﺮ ﺑﺰﻣﻦ ﻹﺣﻜﺎﻡ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺻﻔﺔ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺍﶈﺐ ﷲ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻭﺍﻟﺴـﺎﻋﻲ ﻟﻠﺒـﺬﻝ‬
‫ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﻟﻌﻤﻞ ﻳﻘﺮّﺏ ﻣﻦ ﺍﷲ‪ .‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ‬
‫ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬ ‫ﺃﺣﺪﺍﺛﺎ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔﹰ‪ ،‬ﻓﻠﻮﻻ ﺣﻜﻤﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃﻫﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻮﺍﻋﻲ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﳉ ﹶﺔ ﻣﻌﺎﻧﺎﺕ ﻭﳏﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ‬
‫ﻼ ﺑﲔ‬
‫ﻭﺁﻟﻪ ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺑﻜﻦ ﻓﻴﻜﻮﻥ‪ ،‬ﻭﳌﺎ ﺃﺿﺤﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺻﺎﳊﹰﺎ ﻟﻜﻞ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﺩﻳﻦ ﺩﻭﻟﺔ‪ .‬ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻓﺼ ﹰ‬
‫ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ‪ ،‬ﻭﻃﻠﺐ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﻛﺤﺎﻛﻢ ﻭﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻭﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﻭﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﺟـﻮﻉ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻴـﺎﺩﺍﺕ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻣﻬﻢ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪39‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ :‬ﺇ ﹼﻥ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻳﻘﺮﺃ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﳊﺪﺙ ﻟﻴﺲ ﻛﻌﱪﺓ ﻭﺇﳕﺎ ﻛﻤﻌﲎ ﻣﺮﺍﺩ ﻭﻫـﻲ ﺗﻄﺒﻴـﻖ‬
‫ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﳕﻮﺫﺝ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻻﻧﺒﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻜﻴّﻒ ﺍﻟﺴﻠﱯ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺣﺘﻮﺍﺀ ﻭﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﰲ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻘﺪ ﺗﺮﺳـﺦ ﻋﻨـﺪ ﺍﻷﻭﻟـﲔ ﺍﳌﻌـﲎ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺄﺻﺒﺢ ﰲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ‪ ،‬ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺟﻨﻮﺣﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺗﻨﺒﺄ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟـﻪ ﺑـﻪ‬
‫ﻓﻬﺬﺍ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺗﺄﺭﳜﹰﺎ ﺗﺴﲑ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻋﻠ ّﻮ ﻭﻫﺒﻮﻁ ﺍﳌﺪﻧﻴﺎﺕ ﺃﻣﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻼ ﻳﻌﻠﻮ ﻭﻻ ﻳﻬﺒﻂ ﻫﻮ ﻭﻃﻦ ﻟﻸﻭﻟـﲔ‬
‫ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ) ﻫﺬﺍ ﺻﺮﺍﻃﻲ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﹰﺎ ‪ ( ...‬ﻻ ﲨﻮﺩ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﻐﻴﲑ ﰲ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﳍﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ ﻋﻘﻮﻝ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻣﻦ ﺳﻜﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻛﻼﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺇﱃ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﰲ ﻛﻼﻡ ﺍﷲ ﺍﶈﺘـﻮﻯ‬
‫ﺍﳌﻌﲔ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺘﺠﺪﺩ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﳌﺘﺨﻠﻔﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺳﺄﺫﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﺣﺪﺛﲔ ﻟﻨﻔﺮّﻕ ﺑﲔ ) ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ ،‬ﺍﻟﺴﲑﺓ( ﻭﻃﺮﻳﻘـﺔ‬
‫ﲢﻠﻴﻞ ﺍﳊﺪﺙ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻣﻊ ﺑﲏ ﻋﺎﻣﺮ‬

‫‪ -2‬ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻣﻊ ﺑﲏ ﺷﻴﺒﺎﻥ‬

‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ‪ :‬ﻫﺬﺍﻥ ﺍﳊﺪﺛﺎﻥ ﳘﺎ ﺣﺪﺛﺎﻥ ﺗﺎﺭﳜﻴﺎﻥ ﻟﻜﻮﻬﻧﻤﺎ ﺣﺪﺛﺎ ﰲ ﺍﳌﺎﺿﻲ ﻭﻻ ﻳﻌﺎﺩﺍ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻗﻄﻌﹰﺎ ﺣﻴـﺚ‬
‫ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻃﻠﺐ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ‪ ،‬ﻭﺩﻋﺎﻫﻢ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﱂ ﻳﺘﻔﻘﻮﺍ ﰲ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ‬
‫ﻭ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻣﺪﻭﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﻘﻞ ﻭﻗﺪ ﳜﺘﻠﻒ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﲟﺎ ﳛﻤﻞ ﻣﻦ ﻭﺻﻒ ﻭﺗﻔﺼـﻴﻞ ﻟﻠﺤـﺪﺙ‬
‫ﻭﺭﻭﺍﻳﺎﺗﻪ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺴﲑﺓ ‪ :‬ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﻤﻞ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻃﻠﺒﹰﺎ ﻟﻠـﺪﻋﻢ ﻭﺍﻟـﺪﻋﻮﺓ ﻭﻓـﻖ‬
‫ﺃﺳﺎﺳﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺑﻐﲑ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺍﺧﺘﻼﻓﹰﺎ ﰲ ﺍﳌﺪﻯ ﻭﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺑـﲔ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠـﺘﲔ ﻭﻓـﻖ ﺍﻹﺟﺎﺑـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ ﻭ ﻇﺮﻭﻑ ﻛﻞ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﳌﻮﺟﺒﺔ ﻟﻼﻋﺘﺬﺍﺭ ‪ ،‬ﻭﻧﻼﺣﻆ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿـﺎﺕ‬
‫ﻷﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﱂ ﻳﺴﺘﻨﻜﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻱ ﻃﺮﺡ ‪ ،‬ﻭﻫﺬﻩ ﻧﻘﻄﺔ ﺟﺪﻳﺮﺓ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪40‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻣﻔﺎﻭﺿﺔ ﺑﲏ ﻋﺎﻣﺮ‪ -:‬ﻳﻘﻮﻝ ﺩ‪ .‬ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺼﻼﰊ ﰲ ﺍﻟﺴﲑﺓ )) ﺃﻥ ﺑﲏ ﻋﺎﻣﺮ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻘﺎﺗﻠﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﻋﺰﻳـﺰﺓ‬
‫ﺍﳉﺎﻧﺐ (( ‪ ،‬ﻭﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﲢﺎﻟﻔﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻟﻮ ﳒﺢ ﻷﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻄﻮّﻕ ﺛﻘﻴﻒ ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﲢﻠﻴﻞ ﳑﺘﺪ ﺇﱃ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺇﳚﺎﺩ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻷﻥ ﺍﳋﻼﻑ ﻣﻊ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﱂ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﳌﺴﻠﹼﺤﺔ ‪ ،‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﺍﻟﻼﻓﺖ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﻣﺮّﻳﻦ ﺣﻮﻝ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺷﺨﺺ ﻓﺮﺩ ﻣﻄﺎﺭﺩ ﳑﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺣﻜﻢ ‪ ،‬ﻭﺟﻮﺍﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﳍﻢ )) ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﷲ ﻳﻀﻌﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﺸﺎﺀ ‪ (( .‬ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﳌﻦ ﺳﻴﻖ ﺃﻭ‬
‫ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮّﺓ ﺑﻞ ﻫﻲ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻭﻣﺎ ﲣﺘﺎﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺴﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌـﲏ ﺃﻥ ﺍﻟﻈـﺮﻑ ﺍﻵﱐ‬
‫ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺃﻷﺳﺎﺳﻴﺎﺕ ﰲ ﺣﻠﻮﻝ ﺍﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺣﺎﺟﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟـﻪ ﻟﻠﻨﺼﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﺘـﺮﻙ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻔﺘﻮﺣﹰﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻮ ﻓﻌﻞ ﻟﻔﺴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻣﺒﻜﺮﹰﺍ ﻭﺟﻮﺍﻬﺑﻢ ﺑﺘﻘﻴﻴﻢ ﺣﻴﺎﻬﺗﻢ ﺑﻌـ ّﺰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺭﺑﻄﻬﻢ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ ﺃﻓﻘﺪﻫﻢ ﺃﳘﻴﺘﻬﻢ ﻛﺮﻛﻦ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺟﻌﻠﻬﻢ ﺃﻗﺮﺏ ﻟﻠﻤﺮﺗﺰﻗﺔ ﰲ ﻋﺮﺿﻬﻢ ﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻋﻘﻠﻴﺘﻬﻢ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻟﻜﻦ‬
‫ﻣﻌﺎﻳﲑ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺑﻌﺪ ﺣﲔ‪ ،‬ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻔﻴﺪﹰﺍ‪.‬‬

‫ﻣﻔﺎﻭﺿﺔ ﺑﲏ ﺷﻴﺒﺎﻥ ‪ :‬ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺔ ﻣﻊ ﺑﲏ ﺷﻴﺒﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﻭﺿﺔ ﻣﻊ ﻗﻮﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﹰﺎ ﻭﻫﻢ ﲤﻴﺰﻭﺍ ﻋﻦ‬
‫ﻋﺎﻣﺮ ﻓﻮﻕ ﻫﺬﺍ ﲟﺎ ﻳﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ﺃﻬﻧﻢ ﺳﺄﻟﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ"‬

‫‪2‬ـ ﺃﻥ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﺃﻭﻋﺰﻭﺍ ﻬﺑﺎ ﳍﺎﻧﺊ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﱂ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﺃﻭ ﺭﻓﺾ‬

‫‪3‬ـ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﳌﺸﻮﺭﺓ ﻭﳍﺬﺍ ﺗﻜﻠﹼﻢ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﳌﺴﺌﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﳊﺮﺏ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺜﲎ ﺑﻦ ﺣﺎﺭﺙ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻗﺎﻝ ﺃﻬﻧﻢ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺱ‪ ..‬ﻭﺃﻬﻧﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻹﻳﻮﺍﺋﻪ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﺍ ‪ ‬‬

‫)) ﻣﺎ ﺃﺳﺄﰎ ﰲ ﺍﻟﺮﺩ‪ ،‬ﻫﺬﺍ ﻭﺻﻒ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﳍﺬﺍ ﻣﻀﻰ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪ ..‬ﺇﻥ‬
‫ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻟﻦ ﻳﻨﺼﺮﻩ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺣﺎﻃﻪ ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ‪ ،‬ﺃﺭﺃﻳﺘﻢ ﺇﻥ ﱂ ﺗﻠﺒﺜﻮﺍ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻼ‪ ،‬ﺣﱴ ﻳـﻮﺭﺛﻜﻢ ﺍﷲ ﺃﺭﺿـﻬﻢ‬
‫ﻭﺩﻳﺎﺭﻫﻢ‪ ،‬ﻭ ﻳﻔﺮﺷﻜﻢ ﻧﺴﺎﺀﻫﻢ‪ ،‬ﺃﺗﺴﺒﺤﻮﻥ ﺍﷲ ﻭﺗﻘﺪﺳﻮﻧﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺷﺮﻳﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻓﻠﻚ ﺫﺍﻙ (( ‪ ،‬ﻟﻘﺪ‬
‫ﻻﺣﻆ ﺭﻫﺒﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺃﻥ ﺇﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻟﻪ ﻟﻦ ﳝﻨﻌﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻫﺒﺔ ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻝ ﳍﻢ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﳍﻢ ﺍﻟﻌﺰﳝﺔ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬـﺔ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪41‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﻣﻔﺼﻠﻴﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﰲ ﺑﺎﳍﻢ ﻭﻫﻨﺎ ﻧﺮﻯ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﲟﻌﻄﻴﺎﻬﺗﺎ ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﺲ ﺑـﺎﻟﻘﻮﺓ ﻭﺇﳕـﺎ‬
‫ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ‪.‬‬

‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﱪ‪ :‬ﻓﻬﻲ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﲢﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﰲ ﻣﺜﺎﻟﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﱂ ﻳﺄﺗﻪ ﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﺑﺘﻼﺀ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺃﻣﺮ ﺃﺻﺒﺢ‬
‫ﲰﺔ ﻻ ﺗﺘﻌﺐ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺃﻭ ﲡﺪﻩ ﻣﻌﺮﺿﹰﺎ ﻟﻺﺣﺒﺎﻁ‪ ،‬ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﱃ ) ﺃﺣﺴﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺁﻣﻨّﺎ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﻔﺘﻨﻮﻥ‪(...‬‬
‫ﻓﻬﻲ ﺇﺫﻥ ﺻﻔﺔ ﺍﳌﺆﻣﻦ ﻭﻻ ﺗﻌﲏ ﲣﻠﹼﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺇﺭﻫﺎﺻﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭ ﺇﻻ ﻓﻤﺎ ﻣﻌﲎ ﻣﻌﺎﻧﺎﺕ ﺭﺳـﻮﻝ ﺭﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ‪ .‬ﻭﺃﻥ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻻ ﺳﻠﻄﺔ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻻ ﻳﻮﺻﻰ ﻬﺑﺎ ﺃﻭ ﺗ َﻮﺭّﺙ‪.‬‬

‫ﺇﺫﻥ ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻣﺮ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻔﺮﻳﻘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﻓﻤﻌﺮﻛﺔ ﺑﺪﺭ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻭﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻣﻌﺎﺭﻙ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﻳﺆﺧـﺬ‬
‫ﻣﻦ ﺑﺪﺭ ﻭﺃﺣﺪ ﻭﺍﳋﻨﺪﻕ‪ ...‬ﻭﺍﳊﺪﻳﺒﻴﺔ ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﻭﺣﺮﻭﺏ ﺃﻛﱪ ﻭﺃﺷﺪ ﺑﺄﺳﹰﺎ‪ ،‬ﻷﻧﻨﺎ ﻗـﻮﻡ ﺃﻏﺮﻗﻨـﺎ‬
‫ﻼ ﰲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﳌﺘﺨﻠﻒ‪ ،‬ﺑﻞ ﺍﻟﻔﱳ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻲ ﻟﻔﱳ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‬
‫ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻛﻠﹼﻪ ﻣﺘﺒﻌﹰﺎ ﻭﻓﺎﻋ ﹰ‬
‫‪،‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﺎﺷﺮ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺴﲑﺓ‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳋﺎﺿﻊ ﻟﻠﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﻭﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻓﻨﺤﺮّﻑ ﺳﻠﻮﻛﻨﺎ ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺧـﻼﻝ ﺍﻟﺘﻔﺴـﲑ‬
‫ﺍﶈﺮّﻑ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﺠﺰﺕ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺸﺮ ﻋﻦ ﲢﺮﻳﻒ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺃﺭﻯ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪:‬‬

‫ﺏ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻠﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺴﲑﺓ ﰲ ﺍﳊﺪﺙ‪ .‬ﻭﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ‬

‫‪1‬ـ ﺳﻌﻴﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎ ﹺ‬

‫‪2‬ـ ﺇﺷﺎﻋﺔ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﳌﺪﻧﻴـﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻹﺭﻫـﺎﺏ ﻋـﻦ ﺍﻹﺭﻋـﺎﺏ‪ ،‬ﻭﻛـﺬﻟﻚ‬
‫ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ‪ ،‬ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻛﻤﻔﻬﻮﻡ ﺣﻀﺎﺭﻱ ‪.‬‬

‫‪3‬ـ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺇﻋﻼﻣﻨﺎ ﻫﻲ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻣﺸﻮّﻩ ﻋﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻫﻲ ﻧﺘﺎﺝ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ‪ .‬ﻓﻬﻲ ﲢﺘـﺎﺝ‬
‫ﻼ ﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‪ .‬ﻟﺬﺍ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﳘﺎﻝ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﳌﺆﺩﻳﺔ ﻟﺘﻔﻜـﻚ‬
‫ﺇﱃ ﺗﻐﻴﲑ ﻭﺍﺳﻊ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺃﻫ ﹰ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻫﻲ ﳎﺮّﺩ ﺁﺭﺍﺀ ﺟﺮﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺑﺸﻜﻠﻬﺎ ﺍﳌﻘﺪﺱ ﺍﳌﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﺍﳉﻬﻞ ﻭﺣﺐ ﺍﻟﺴـﻴﺎﺩﺓ ﻭ‬
‫ﻼ ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺗﱪﻳـﺮ‬
‫ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻴﺲ ﺳﻬ ﹰ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﻓﻬﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﳉﻬﻞ ﺗﻌ ﱡﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﳌﺆﺩﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪42‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻼ ﻓﻬﻲ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺪﻥ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﻫﻮ ﻣﻮﻗـﻊ‬

‫ﺃﻣﺎ ﺁﻟﻴﺔ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﳐﺮﺟﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻌ ﹰ‬
‫ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺑﺎﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻭﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻖ ﻏﲑ ﺍﳌﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻐﻞ ﺿﻌﻔﻪ ﻟﻠﺼﺪ ﻋـﻦ ﺳـﺒﻴﻠﻪ‬
‫ﻭﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺗﻌﻄﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ‬ ‫ﳓﻮ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻣﺆﺻّﻠـﺔ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺗﻨﻘﺬ ﺍﻷﻣﺔ‬

‫ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ‬

‫) ﻛﺘﺎﺏ ﻓﺼﻠﺖ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﻗﺮﺁﻧﹰﺎ ﻋﺮﺑﻴﺎ ﻟﻘﻮﻡ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ * ﺑﺸﲑﺍ ﻭﻧﺬﻳﺮﺍ ﻓﺄﻋﺮﺽ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ (‬
‫ﺻﺪﻕ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ‬

‫‪ ‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﺩﻳﻦ ﻣﺘﺄﺛﺮﺓ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﺓ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺍﳌﻨﻘﻮﻟﺔ ﻣﻊ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ ‪ ،‬ﻭﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ ﻣﺘﺒﻮﻋﹰﺎ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻟﻶﺧﺮ ‪ ،‬ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﲔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ‬
‫ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﳋﻠﻄﻬﻢ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻣﻊ ﺭﻓﻀﻬﻢ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺫﺍﺕ‬
‫ﺍﻹﺳﻘﺎﻁ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻧﻔﻮﺫ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﳏﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﺍﻟﱵ ﺃﻧﺸﺎﺅﻫﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﺍﻋﻲ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻞ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣﺒﺪﺃ ﰲ ﺣﲔ ﺃﻧﻪ ﳏﺾ ﺁﻟﻴﺔ ﻟﻠﺨﻼﺹ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﳍﻮﻯ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻓﻴـﻪ‬
‫ﺗﺸﺮﻳﻊ ‪ ،‬ﻧﺎﺳﲔ ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﳍﺎ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ‪ ،‬ﻭﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺳﻠﺒﻴﺎﺕ ﻛـﺜﲑﺓ ﻓﻘـﺪ ﻧﻘﻠـﺖ‬
‫ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻟﻶﺧﺮ ﻣﻊ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺑﻌﻜﺴﻪ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﻌﲏ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﻓﻖ ﻧﻔﺲ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻃﺒﻴﻌـﻲ ﻭﻻ‬
‫ﻳﻌﲏ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻵﺧﺮ ‪ ،‬ﻟﺬﺍ ﺑﺮﺯ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻢ ﰲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻧﻼﺣﻈـﻪ ﰲ‬
‫ﺿﻌﻒ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﳌﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭﺍﳌﻨﺤﺪﺭ ﺣﻀﺎﺭﻳﹰﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺍﻗﻌﻬﻢ ﺍﳌﺘﺨﻠﹼﻒ ﺣﻀـﺎﺭﻳﹰﺎ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪43‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﺍﳌﺘﻘﺪﻡ ﻣﺪﻧﻴﹰﺎ‪ ،‬ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﲟﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻋﻦ ﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﻛﺂﻟﻴﺔ ﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺮﺃﻱ ‪،‬‬
‫ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻜﻞ ﻭﺃﻋﻄﻰ ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﲝﻘﻮﻕ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﲪﺎﻳﺔ ﳍـﻢ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﺫ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ ) ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻢ ‪ ،‬ﻭﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ( ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﳌﺄﺳﺎﺓ ﻟﻸﻣﺔ ﰲ ﻓﻠﺴﻄﲔ ـ‪ -‬ﺗﻨﻮﻳﻬﹰﺎ‬
‫ـ‪ -‬ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﻐﻠﺖ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠﺔ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﰲ ﻓﻚ ﺃﻭﺍﺻﺮ ﲨﻌﻬﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺸـﺮﻋﺔ ﻭﻟـﻴﺲ‬
‫ﺑﺘﺴﺎﳏﻪ ﻷﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻳﻌﺘﱪ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺃﻣﺮﺍ ﺷﺎﺫﺍ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻷﺭﺟﺢ ) ﻭﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﻮ ﺣﺮﺻﺖ ﲟﺆﻣﻨﲔ‬
‫‪ -104 (..‬ﻳﻮﺳﻒ‪ .‬ﻭﺁﻳﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻻﲡﺎﻩ‪ ،‬ﻫﻮﺩ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻋﺪ‪ ....‬ﻭﻏﲑﻫﺎ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﹼﺮ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻷﳝـﺎﻥ‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﻛﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺮﺍﻓﻘﻬﺎ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻭﻋﻘﻠﻴﺔ ﻣﺘﻔﻜﺮﺓ ﻷﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻳﻘﻮﺩﻧـﺎ ﺇﱃ ﻃﺮﻳـﻖ ﺍﳍـﻮﻯ‬
‫ﻭﺍﻹﺷﺮﺍﻙ ﺍﳋﻔﻲ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻔﻘﺪﺍﻥ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﳊﺴﻢ ﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ ،‬ﻓﻼ ﲡﺪ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﻔﻜـﺮﻭﻥ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﳌﺆﺩﻳﺔ ﻟﺮﺿﺎ ﺍﷲ ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺯﺍﺋﻞ ﻻ ﻳﻘﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻮ ﺗﻔﻜﺮﻭﺍ ‪ ،‬ﻭﲡﺪﻫﻢ ﻳﺘﺒﻌﻮﻥ ﺭﺃﻱ ﺑﺸـﺮ ﺩﻭﻥ‬
‫ﲤﺤﻴﺺ ﻭﻛﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺳﻴﺼﺪ ﻏﻀﺐ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﳉﻬﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﺩ ﻟﻠﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ) ﻭﻛﺄﻳّﻦ ﻣـﻦ ﺁﻳـﺔ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﳝﺮﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻫﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ ) ‪ ،(106‬ﻭﻣﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﺑﺎﷲ ﺇﻻ ﻭﻫﻢ ﻣﺸـﺮﻛﻮﻥ‬
‫)‪ .(107‬ﻳﻮﺳﻒ‪ .‬ﺇﺫﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﱂ ﳛﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻠﺪﺭﻭﺷﺔ ﻭﺍﳍﻴﺎﻡ ﺑﻞ ﻟﻼﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻄﻠﺒـﻪ ﻣﺴـﲑﺓ‬
‫ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﻣﺘﻐﻴّﺮﺍﺗﻪ‪ .‬ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻟﻠﺮﺅﻳﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻭﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻛﻘﻮﺍﻟﺐ ﺟـﺎﻫﺰﺓ‬
‫ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺣﺒﺲ ﺃﻟﺬﺍﺕ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﻟﻜﻨـﻪ ﻻ‬
‫ﻳﺼﻠﺢ ﻟﺰﻣﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻛﻤﺎ ﳛﺼﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﻴﺚ ﻏﻔﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺑﺎﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﲤﺴﻜﻮﺍ ﺑﺂﻟﻴـﺎﺕ‬
‫ﻓﻘﻬﻴﺔ ﲢﻞ ﺗﺴﺎﺅﻻﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻜﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻌﻠـﻮﻡ ﺃﻥ‬
‫ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﻫﻲ ﻛﻴﻨﻮﻧﺔ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻭﳍﺎ ﺁﻟﻴﺔ ﺗﻔﺎﻫﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻭﺗﺸﺮﻳﻊ ﻗﺒﻮﻝ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﻏﲑﻫﺎ‪ ،‬ﳍﺬﺍ ﻓﺎﻥ ﻣﺬﻫﺒﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﻌﲏ ﺍﳊﻜﻢ ﺑﺎﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺣﺮ‪ ....‬ﻭﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻭﺣﻜﻮﻣﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻭﳏﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺘـﻴﺶ‪ ،‬ﺃﻣـﺎ ﺇﺳـﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﺄﻣﺮ ﺁﺧﺮ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻫـﺬﺍ ﻳﺴـﺘﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨـﻬﻮﺽ‬
‫ﻭﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺔ ﻭﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺣﻠﹼﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻣﺴﺘﻨﺒﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻏﲑ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪ ،‬ﺃﻱ‬
‫ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﳌﺆﻛﺪ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻈﲏ‪ ،‬ﻭﲤﺮﻳﻦ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻹﺷﺮﺍﻙ ﺃﻭ ﺇﺗﺒﺎﻉ ﻏﲑ ﻣـﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﻥ‬
‫ﺑﲔ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﻛﻼﻡ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ ﻭﻓﻴﻪ ﻣﻴﺰﺓ ﺍﻟﺪﳝﻮﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﺁﻥ ﺃﻭﺍﻥ ﻓﻬﻤﻬﺎ ))‪...‬ﺇﻥ ﺩﻳﻦ ﺍﷲ ﻟﻦ ﻳﻨﺼﺮﻩ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺣﺎﻃﻪ‬
‫ﻣﻦ ﲨﻴﻊ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ (( ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺭ ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﺘﺒﻊ ﺍﻟـﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴـﺔ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪44‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺳﺒﻞ ﻻ ﺗﺮﺿﻲ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻔﺸﻞ ﻣﺼﲑ ﳏﺘﻮﻡ ﳌﻦ ﺍﺗﺒﻊ ﻫﻮﺍﻩ ﻭﺷﺮّﻉ ﺃﻭ ﺭﺿﻲ ﺑﻐـﲑ ﺍﻟﻴﻨﺒـﻮﻉ‬
‫ﺍﻟﺼﺎﰲ‪ ،‬ﻭﺷﺘﺎﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﲰﻪ ﺑﻮﻛﺎﻟﺔ ﱂ ﲤﻨﺢ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻣﺜﹼﻞ‬
‫ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﻭﺓ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺽ ﺍﻟﻌﺮﻭﺓ ﳚﻌﻞ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﻏﲑ ﺛﺎﺑﺖ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺃﺣﺪﻫﺎ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺿـﻪ‬
‫ﺟﻌﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﲝﺮﻛﺘﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺗﺮﺧﻲ ﻭﺗﻘﻠﻊ ﺛﺒﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ )) ﻟﺘﻨﻘﻀ ﱠﻦ ﻋﺮﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋـﺮﻭﺓ‪،‬‬
‫ﻋﺮﻭﺓ ﺃﻭﳍﺎ ﺍﳊﻜﻢ ﻭ ﺁﺧﺮﻫﺎ ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ ((...‬ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﳍﻴﺌﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻟﺸـﺮﻉ ﺍﷲ )) ﺍﻟﹼـﺬﻳﻦ ﺇﻥ‬
‫ﻣﻜﹼﻨﺎﻫﻢ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ‪ ((...‬ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﺫﻫﺐ ﺭﲰﻴﹰﺎ ﺑﺰﻭﺍﻝ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻋﺎﻡ ‪ ،1924‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻸﻣـﺔ‬
‫ﻭﻫﻲ ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﺰﻋﺰﻋﺖ ﰲ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺍﻧﺘﻘﻀﺖ ﺭﲰﻴﹰﺎ ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﳊﺴﲔ ﺳﻨﺔ ) ‪ (60‬ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ‬
‫ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺑﺮﻭﺯ ﻵﺭﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺿﻤﻦ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﻋﺮﻭﺓ ﺍﳊﻜﻢ ﳌﻮﺿﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺧﻠﻮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻹﻣـﺎﻡ‬
‫ﻭﻣﺎ ﺃﻋﻄﻲ ﻣﻦ ﺭﺃﻱ ﻓﻬﻮ ﺭﺃﻱ ﻟﺪﺭﺀ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺧﻮﻓﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ‪ ،‬ﻭﻏﲑﻫﺎ ﳑﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺳﺒﺎﺑﹰﺎ ﻫـﻢ‬
‫ﺃﺩﺭﻯ ﻬﺑﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﺎﰿ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﰲ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﺃﻭ ﺗﻐﲏ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﺃﻱ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭ‬
‫ﺣﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪.‬‬

‫ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻴﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻠﻮﻫﻢ ﻭﺣﻮﻟﻮﺍ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﺬﻫﺐ ﻓﻘﻬﻲ ﻟﺴـﺪ‬
‫ﺍﻟﻨﻘﺺ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﺑﺪﻋﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺗﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻋﺎﻃﻔﻲ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﳛﻠﻞ ﺍﳌﺆﺭﺧـﻮﻥ ﺃﻱ ﻣﺴـﺄﻟﺔ ﺗﺎﺭﳜﻴـﺔ‬
‫ﻭﳚﺪﻭﻥ ﳍﺎ ﺃﺳﺒﺎﺑﹰﺎ ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻜﻴﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ ﺳﺒﺒﹰﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻓﻌﻞ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻛ ّﻤﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺔ ﻗﺪ‬
‫ﺩﻋﻢ ﻓﻜﺮﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻟﻘﻔﻞ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻭﺗﻌﻄﻴﻠﻬﺎ ﻭﺗﺄﺧﲑ ﻧﻘﻄﺔ ﺷﺮﻭﻉ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ‪ ،‬ﻻﺑﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻭﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺎﷲ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻭﱂ ﳛﺼﺮ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺄﻣﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﻑ‬
‫ﻟﺘﺒﺪﻳﻞ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﺍﻧﻀﺒﺎﻃﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﷲ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﳉﻬﻞ ﻭﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ‪ -‬ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺭﻯ ‪ -‬ﺳـﺒﺐ ﻛـﺎ ٍ‬
‫ﻟﻠﺴﻘﻮﻁ‪ ،‬ﻭﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﺔ ﺍﳌﻮﺕ ﻻ ﺗﻌﲏ ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻏﺮﻳﺰﻳﺔ ﻭﺇﳕـﺎ‬
‫ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﺎ ﻭﺍﻟﺮﻛﻮﻥ ﳌﻐﺮﻳﺎﻬﺗﺎ ﻭﺧﻮﻑ ﺍﳌﻮﺕ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﳋﺎﺋﻒ‪ ،‬ﻭﺍﳋﺎﺋﻒ ﻻﺷﻚ ﻋـﺎﱂ ﲞﻄﺌـﻪ‬
‫))ﻳﻮﺷﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺪﺍﻋﻰ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺍﻷﻣﻢ ﻛﻤﺎ ﺍﻷﻛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻌﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻗﻴﻞ ﺃﻭﻣﻦ ﻗﻠﹼﺔ ﳓﻦ ﻳﻮﻣﺌ ٍﺬ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ‪ ،‬ﻗـﺎﻝ‪:‬‬
‫ﺑﻞ ﺃﻧﺘﻢ ﻳﻮﻣﺌ ٍﺬ ﻛﺜﲑ ﻭﻟﻜﻨﻜﻢ ﻏﺜﺎﺀ ﻛﻐﺜﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﻞ‪ ..‬ﻳﻨﺰﻉ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﻫﺒﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺏ ﺃﻋﺪﺍﺋﻜﻢ ﻣـﻨﻜﻢ ﻭﻳﻘـﺬﻑ ﰲ‬
‫ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﺍﻟﻮﻫﻦ‪ ،‬ﻗﻴﻞ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻮﻫﻦ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﻗﺎﻝ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻛﺮﺍﻫﺔ ﺍﳌﻮﺕ (( ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻧﻪ ﺍﳉﻬﻞ ﻭﺿـﻌﻒ‬
‫ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﺇﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ ﺍﻟﺰﺍﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭﻫﻲ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ (‬

‫‪ ‬‬ ‫‪45‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﱵ ﳓﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻣﻴﺰﻬﺗﺎ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ‪ -‬ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﻋﻤﻴﺎﺀ ‪ -‬ﻭﻫﻲ ﺍﳌﹸﺨﺮﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﺎﻋﺔ‬
‫ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ )) ﻟﻴﺲ ﻣّﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﻋﺎ ﺇﱃ ﻋﺼﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻨّﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﺗﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺼﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻨّﺎ ﻣﻦ ﻗﹸِﺘ ﹶﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﺼﺒﻴﺔ (( ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻭﺿﻮﺡ ﰲ ﺍﻟﻮﺻﻒ‪ .‬ﺇﻧﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﺇﱃ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻐﺜﺎﺀ ﻣﺜ ﹰ‬
‫ﻼ ﻓﻬﻮ ﻟـﻪ ﻛﻴﻨﻮﻧـﺔ‬
‫ﻭﻣﺮﺗﻔﻊ ﻟﻜﻨﻪ ﺧﺎﻭﻱ ﺍﳉﻮﻑ ﻭﳐﺘﻠﻂ ﺑﺎﻟﻄﲔ ﻭ ﺍﻟﻌﻜﻮﺭﺓ ﻭﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻻﳓﺪﺍﺭ‪ ،‬ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺼـﻔﺎﺕ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘـﺔ‬
‫ﻟﻮﺍﻗﻌﻨﺎ ﻭﺗﺪﺍﻋﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﲡﻬﻞ ﺩﻳﻨﻬﺎ ﻭﺗﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺠﻦ ﻋﻘﻠﻬﺎ ﺑﺎﳌﺎﺿﻲ ﺍﳌﺸَـﻮّﻩ ﻭﺍﻟـﺬﻱ ﻻ‬
‫ﺗﻌﺮﻑ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﻇﻨﺎ‪ .‬ﺇﻥ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﺍﻟﱵ ﺃﹸﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺌﺔ ﻳﻜﺘﻨﻔﻬﺎ ﺍﳉﻬﻞ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬
‫ﺃﻥ ﳚﻌﻠﻮﺍ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺟﺪﹰﺍ ﲝﻴﺚ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻣﻦ ﻣﺪﺧﻼﻬﺗﺎ ﻭﰲ ﻣﻌﺎﳉﺎﻬﺗﺎ ﻭﳐﺮﺟﺎﻬﺗﺎ ﻭﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ﺑﻞ ﰲ‬
‫ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻐﺬﻳﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻟﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﻠﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮﻳﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻨﺘـﻬﺠﻮﻥ‬
‫ﻬﻧﺠﻬﺎ ﺗﺘﻐﻠﻐﻞ ﺍﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﻓﻴﻬﻢ ﻷﻬﻧﻢ ﺛﺎﺋﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺎﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ﺷﻌﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﺣﺪ ) ﳓـﻦ ﳓـﺐ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻢ‪ ........‬ﳓﻮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔﹰﺎ ( ‪ ،‬ﳍﺬﺍ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﻣﻊ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻮﻗـﻊ‬
‫ﺍﻟﻈﻠﻢ ‪ ،‬ﺇﻧﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﲝﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳌﺴﻠﺤﲔ ﺑﺎﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﳌﻌﺎﳉﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻟـﻴﺲ ﻟﻔﻘﻬـﺎﺀ‬
‫ﺽ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺷﺮﻋﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﳝﺜﹼﻞ ﺍﳊﺎﻟـﺔ ﺍﳌﺜﻠـﻰ ‪ ،‬ﻻﺑـﺪ ﻭﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻭﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻭﺍﺟﺘﺮﺍﺭ ﻣﻌﺎﳉﺎﺕ ﳌﺎ ﹴ‬
‫ﲢﺴﺴﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺍﳌﺄﺳﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻻﺷﻚ ﺃﻥ ﺇﺣﺴﺎﺳﻬﺎ ﺑﺎﳊﻞ ﱂ ﻳﻌﺪ ﳜﻄﺄ ﺍﲡﺎﻫﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ‬
‫ﻼ ﳌﺸـﻜﻠﺘﻬﺎ‬
‫ﻏﺒﺶ ﻛﺜﲑ ﻛﻲ ﻧﻌﻄﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺩﻭﳕﺎ ﺗﻌﻤﻴﻢ ‪ ،‬ﺇﳕﺎ ﺍﳋﻄﺮ ﻳﻜﻤﻦ ﻫﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲡﻬﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﱪﻩ ﺣ ﹰ‬
‫ﺑﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﺩ ﲢﺖ ﻟﻮﺍﺀﻩ ﺍﳌﺮﻓﻮﻉ ﻣﻦ ﳚﻬﻠﻪ ﺃﻭ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺃﺻﻮﻟﻪ ﺃﻭ ﳚﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻻ‬
‫ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﻘﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮﻙ ‪ ،‬ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺭﻋﻴﻞ ﻳﺸﺒﻪ ﰲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﺍﻟﺮﻋﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ ‪.‬‬

‫ﻭﻟﻜﻲ ﻧﻔﻬﻢ ﺍﳊﻞ ﺗﺘﻮﺟّﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﳊﻞ ﻛﻔﻜﺮ ﻭ ﺁﻟﻴﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻧﻨﺎﻗﺸﻪ ﰲ‬

‫ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪..‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪46‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ‬

‫ﻣﺪﺧﻞ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ :‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺿﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻓﺈﻬﻧﺎ ﺗﺮﺍﺗﻴﺐ‪ ،‬ﻭﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﺃﻱ ﺗﻨﻈـﻴﻢ ﻣـﺪﱐ‪ ،‬ﺃﻱ‬ ‫ﺃﻭ ﹰﻻ‪ :‬ﺍﻟﺘﺮﺍﺗﻴﺐ‬
‫ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﺘﻄﻮّﺭ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﳜﺘﻠﻒ ﺷﻜﻠﻪ ﻣﻦ ﺯﻣﻦ ﺇﱃ ﺁﺧﺮ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ ﳏﺘﻮﺍﻩ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻗﺎﺋﻤﹰﺎ ﻭﺫﻟـﻚ‬
‫ﻭﻓﻖ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ ﻭﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﻭﺗﻄﻠﺐ ﺍﻹﺿﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻭﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺣﺼﻮﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ ﺃﻥ ﻋـﺪﻡ‬
‫ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﳋﻠﻔﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻭﻥ ﰲ ﺣﻴﺎﻬﺗﻢ ﻷﻬﻧﻢ ﻻ ﺧﻼﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﱂ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺗﺴﺎﺅﻻﺕ ﲢﺘﺎﺝ ﻻﺑﺘﻜـﺎﺭ ﻧﻈـﺎﻡ‬
‫ﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺩﻭﳕﺎ ﺳﺒﺐ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﻋﻀﻮﺽ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﱪﺭﺍﺕ ﺗﻮﺿﻊ ﻟﺘﺠﻨﺐ ﻣﺰﻳﺪﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻬـﺮ‬
‫ﻭﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﳓﻦ ﻧﺮﻳﺪ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﰲ ﻇﻞ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣـﻊ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﻭﰲ ﻇﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ‪.‬‬

‫‪ :-‬ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ :‬ﻫﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴـﻤﻰ ﺃﻱ ﺗﺴـﻤﻴﺔ‬ ‫ﺃﻭ ﹰﻻ‪ -‬ﺃ‬ ‫*‬
‫)ﺧﻠﻴﻔﺔ‪ ،‬ﺇﻣﺎﻡ؛ ﺃﻣﲑ؛ ﺍﳌﺴﺘﺸﺎﺭ‪ ،‬ﺍﳌﺆﲤﻦ‪ ،‬ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ( ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﺍﳌﻠﻚ )ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺠﻤﻟﺮّﺩ ﻛﻮﻧﻪ ﻭﻟﻴﹰﺎ ﻟﻠﻌﻬـﺪ‬
‫ﺑﺮﻏﺒﺔ ﺍﳌﻠﻚ( ﻭﻻ ﺍﻹﻣﱪﺍﻃﻮﺭ ﻭﻻ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺎﺕ ﳍﺎ ﻣﺪﻟﻮﻻﺕ ﺗﻌﲏ ﻧﻈﺎﻡ‪...‬‬
‫ﻭﺃﺫﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﻘﺘﻀﺐ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺎﺕ‪.‬‬

‫ﺍﻹﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺔ‪ :‬ﺗﺘﻜﻮﻥ ﺍﻹﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﲑ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﰲ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﻓﻜـﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺗﻮﺿﻊ ﰲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻷﻡ ﻭﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﳌﺎﻟﻚ ﳌﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﺧﺮﻯ‪،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ‬
‫ﺍﶈﻘﻘﺔ ﻟﻠﻌﺪﻝ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻷﻃﺮﺍﻑ)ﺍﻟﺜﻐﻮﺭ( ﻓﻸﺳﺒﺎﺏ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ؛ﻭﺷﻌﺐ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳـﻼﻡ ﻭﺍﺣـﺪ ﻭﺇﻥ‬
‫ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺃﻋﺮﺍﻗﻪ ﻭﺃﺩﻳﺎﻧﻪ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪47‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ‪ :‬ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻓﺎﻥ ﺍﳉﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻨﻬﺎ) ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ ...‬ﺃﻭ ﺑﺮﳌﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻛﻤﺎ ﰲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺑﻴﺪ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ(‪.‬ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﻘﺮﺏ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳـﻲ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﻟﻠﻮﺯﺍﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻼﺣﻆ‬

‫ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ‪ :‬ﺍﳌﻠﻜﻴﺔ ﻭﺭﺍﺛﻴﺔ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻧﻮﻋﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﻤﻠﻚ‬

‫ﳝﻜﻦ ﳍﺬﺍ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﺎﺳﻢ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﻨﻘﻞ )ﺭﺋﻴﺲ‪ (..‬ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻭﺍﻥ ﻣﺮﺍﺣـﻞ ﻋـﺪﺓ‬
‫ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﲢﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪.‬ﺍﳌﻬﻢ ﺃﻥ ﳛﻤﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳـﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﺳﺒﻞ ﻋﺪﺓ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺃﻭ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺃﻭ ﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﻀـﻰ‬
‫ﺍﻷﻣﺮ ﺣﱴ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ‪...‬‬

‫ﻣﻦ‪:‬ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‪ ،‬ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ‬ ‫ﺗﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺭﻯ‬
‫ﺍﳌﻔﻮّﺽ‪ ،‬ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪ ،‬ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺮﻛﺰﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻮﻻﺓ) ﻣﻌﺎﻭﻧﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﱄ‪ ،‬ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ( ﻭﻫﺬﺍ ﻭﻣﺎ ﻳﻠﻴـﻪ‬
‫ﺑﻠﻮﺭﺓ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﺧﺎﺹ ﳑﻜﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ﻭﲢﻮﻳﺮﻩ ﰲ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻭﺳﺎﻋﺔ‪ .‬ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫـﻮ‬
‫ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﻣﻊ ﻓﺎﺭﻕ ﺃﻥ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻳﺘﻐﻴّﺮ ﻭﳛﺪﺩ ﺯﻣﻦ ﺣﻜﻤﻪ ﻭﻓﻖ ﺁﻟﻴﺔ ﻣﺎ )ﺇﻣـﺎ ﺃﺩﺍﺀﻩ‪،‬‬
‫ﺃﻭ ﻣﺪﺓ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺃﻭﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺣﻠﺘﲔ(ﻭﳜﺘﺎﺭ ﺑﻌﺪﺓ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻭﺫﻛﺮﻧﺎ ﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻣﻮﺿﻊ‬
‫ﺍﺗﻔﺎﻕ‪.‬‬

‫ﻭﳝﺜﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻭ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺘﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ) ﻭﺣـﺪﺓ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺣﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ ،‬ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸـﺮﻋﻴﺔ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ‪(.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪48‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻭ ﹰﻻ‪ -‬ﺏ ‪ :-‬ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ‪:‬‬ ‫*‬

‫ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺬﺑﺬﺏ ﻭﺍﻹﺧﻔﺎﻕ ﳛﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﺗﻐﻴـّﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻳﺴﺒﺒﻪ ﻫـﺬﺍ ﻣـﻦ ﻧﻘـﺺ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ ﺑﻞ ﺇﻥ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﺴﲑﺓ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻟﻴﺲ ﻭﺍﺿﺤﹰﺎ ﺣﱴ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺗﺒﲏ ﺳﻴﺎﺳـﺎﺕ ﺧﺎﺻـﺔ‬
‫ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺜﻞ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻣﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻭﺗﺒﻌﹰﺎ ﻟﺮﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﱐ ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻳﺘﺒﻊ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻘﺘﻀﺒﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﰲ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼـﻬﻴﻮﱐ ﻭﻭﺟـﻮﺩﻩ‬
‫ﻛﺤﻠﻴﻒ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺪﻳﺮﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﺴﲑﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﻠﹼﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻟﺘﻨﺒﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻓﻴﻬـﺎ‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻟﺘﱪﻳﺮﻩ ﻭﲝﺚ ﺳﺒﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﱂ‬
‫ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﲣﻀﻊ ﻟﻠﻌﺸﻮﺍﺋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻜﻢ ﺍﻵﱐ ﻭﻋﻦ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻣﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﳑﻜﻨـﺔ‪ ،‬ﻫﻨﺎﻟـﻚ‬
‫ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﲟﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﺪّﻡ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺁﻓﺎﻕ ﻟﻠﺘﻔﺎﻫﻢ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺒﲎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌـﺎﳌﻲ‪ ،‬ﺃﻣـﻮﺭ‬
‫ﻛﺜﲑﺓ ﲢﺘﺎﺝ ﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﻌﺮّﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺃﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﰐ ﺃﻭ ﺍﻷﻣﲏ ﻟﻜـﻲ‬
‫ﻧﻔﻬﻢ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﻗﺪ ﺗﺒﺪﻭ ﻏﲑ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻨﺎ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴـﺔ ﻬﺗـﺘﻢ‬
‫ﺑﺘﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﺤﻀﲑ ﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺳﻬﻠﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺪﺧﻞ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﺟﻞ‪ .‬ﺃﻥ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻘﺎﻡ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺸﻄﺔ ﻭﰲ ﻏﲑﻫﺎ ﻭﺑﺄﺣﺠﺎﻡ ﳐﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ ‪ :‬ﻫﻲ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺗﺪﺍﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻭﻗﺮﺍﺭﺍﻫﺎ ﺗﺸﺎﻭﺭﻱ ﻭﺍﺳﺘﺸـﺎﺭﻱ ‪،‬‬
‫ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﺘﻘﺪﱘ ﺍﳌﺸﻮﺭﺓ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺟﻬﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺟﻬﺔ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﺗﻘﻴﻴﻢ‬
‫ﻭﺗﻘﻮﱘ‪،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻛﻠﹼﻪ ﻳﺄﰐ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎﺕ ﺗﻘﺪّﻡ ﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺃﻭ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻭﻻﺑﺪ ﻣـﻦ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬـﺎ‬
‫ﻭﲢﺪﻳﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺜﲑ ﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻭﳑﻜﻦ ﻋﺮﺽ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﻮﺍﻓﻘﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ؛ﺃﻭ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻺﻃﻼﻉ ﻭﺍﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪49‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻵﱄ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ‪ :‬ﻳﺘﻜﻮﻥ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﰲ ﺃﺩﺍﺭﺗﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻣﻦ‬

‫‪ .1‬ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳋﱪﺍﺀ ﻭﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﻟﻜﻞ ﺻﻨﻒ ﺭﺋﻴﺲ ﺗﺘﺒﻠﻮﺭ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﻣﻦ ﳎﻤﻮﻉ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺮﺅﺳـﺎﺀ‬
‫ﻳﺘﻜﻮّﻥ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺃﻭ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﻳﺮﺃﺱ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺭﺋﻴﺲ ﲨﻬﻮﺭﻳﺔ ﻣﻨﺘﻬﻴﺔ ﻭﻻﻳﺘﻪ ﺃﻭ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﻣﻨﺼﺒﻪ‬
‫ﺷﺮﰲ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﻳﺼﻮﺕ ﻟﻠﺘﺮﺟﻴﺢ ﺗﻨﺎﻗﺶ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻗﺮّﺕ ﻣﻦ‬
‫ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺎﺕ ﺃﻡ ﱂ ﺗﻘﺮ ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻫﻮﺍﻣﺶ ﻣﻘﺪﻣﻲ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﰒ ﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﳌﻄﺮﻭﺣﺔ ﻭﺻﻴﻐﺔ‬
‫ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﻬﺘﲔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ‪ :‬ﻫﻢ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻭﻣﺜﻘﻔﻮﻥ ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺷﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻣﻬﻨﺪﺳـﻮﻥ‪ ،‬ﺃﻃﺒـﺎﺀ‪ ،‬ﻗـﺎﻧﻮﻧﻴﻮﻥ‪،‬‬
‫ﺳﻴﺎﺳﻴﻮﻥ‪ ،‬ﺗﺮﺑﻮﻳﻮﻥ‪ ....‬ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﻛﺎﻹﻋﻼﻣﻴﲔ ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺜﲔ ﻭﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺼﺢ ﺑﺎﻟﺘﺤـﺪﻳﺚ ﻭﻧﻮﻋﻴـﺔ‬
‫ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﱵ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻀﺎﻑ‪.‬‬

‫**ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮﻛﺰ ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ :‬ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﰲ ) ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ( ﺗﺸﻜﻞ ﻣﻜﺎﺗﺐ ﺑﺄﺣﺠﺎﻡ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﺗﻨﻘـﻞ‬ ‫*‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ ﲟﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠـﺪ‬
‫ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﻭﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺣﺼﻮﻝ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﻌﻤﻞ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺻـﻠﺔ ﲞﺎﺭﺟﻴـﺔ‬
‫ﺍﳌﻀﻴﻒ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ‪ .‬ﻭﻳﺪﺭﺱ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﱴ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﻭﻭﺯﻳـﺮ‬
‫ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻭﺿﻌﻪ ﰲ ﺟﺪﻭﻝ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﻛﻮﺛﻴﻘﺔ‪  .‬‬

‫* ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ)ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ( ﻭﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺪ)ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟـﱪﺍﻣﺞ ﺍﳌﺪﻧﻴـﺔ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ( ﻭﺭﺩﻭﺩ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ‪ ....‬ﺍﱁ ﻭﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﰲ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻭﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ‬
‫ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺔ )ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ( ﻭﻟﻴﺲ ﳍﺆﻻﺀ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻭﺃﻧﻨﺎ ﻧﻘﻞ ﺍﻻﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺕ ﺃﳌﻌـﺰﺯﺓ ﺑـﺎﻟﺮﺃﻱ‬
‫ﺿﺢ ﻓﻴﻪ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﻭﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ‪  .‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﺗﻮ ّ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪50‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫*ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺗﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺃﻭ ﻫﻴﺌﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﳌﻌﺮﻓﺔ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﳌﻨﺘﺴﺒﲔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﻣﻊ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻭﳍﺬﻩ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺃﳘﻴﺔ ﳊﺪﻭﺩ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﰲ ﺍﳍﻴﺌﺔ‪ .‬ﻭﻟﻴﺲ ﻷﻱ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﲑ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺃﻱ‬
‫ﺃﺟﺮﺍﺀ ﻗﺎﻧﻮﱐ ﺃﻭ ﺃﻣﲏ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺑﺎﺩﺭ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺑﻄﻠﺐ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻓﻬﺬﻩ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﳎﻠﺲ ﺷﻮﺭﻯ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺣﺼﺮﹰﺍ‪  .‬‬

‫*ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﹰﺍ ﰲ ﺃﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺘﻐﻴّﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﻟﺘﻮﻃﻴﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﺠﻤﻟﻤﻮﻋﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ ﻛﻴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻠﺘﻬﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻹﺯﺍﻟﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻷﻭﻝ‪ ،‬ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ‪ ،‬ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺴﻤﻴﺎﺕ ﳑﻜﻨﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍﳌﻬﻢ‪:‬‬ ‫ﺃﻭﻻ‪-‬ﺝ‪:-‬ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﳌﻔﻮّﺽ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻟﻸﻣﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺃﻭ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻬﺑﺎ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺗﺘﺴـﻊ ﻣـﻊ‬
‫ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺍﻟﺮﻗﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﺗﻌﻘﹼﺪ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﻟﻮﺍﺯﻣﻬﺎ ﳍﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺗﻔﻮﻳﺾ ) ﺭ‪.‬ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ( ﻳﻌﲏ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ‬
‫ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺗﻘﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺨﻄﻂ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺗﺘﻄﻠﹼﺒﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻮﺽ ﺭ‪ .‬ﺍﻟـﻮﺯﺭﺍﺀ‬
‫ﻭﺯﺭﺍﺀﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻔﻮﺿﻬﻢ ﰲ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻳﻔﻮﺽ ﰲ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻬﺑـﺎ ﻭﻭﺯﻳـﺮ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋـﺔ‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻭﺯﻳﺮ )ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ؛ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ؛ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ( ﻓﺘﻘﺪﻡ ﻧﺴـﺨﺔ ﺗﻘـﺎﺭﻳﺮﻫﻢ ﺇﱃ ﺍﻟـﺮﺋﻴﺲ‬
‫ﻭﺻﻮﺭﻬﺗﺎ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻔﻮّﺽ ﻬﺑﻢ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ‪ ،‬ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻣﻦ ﺭﺋـﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳛﺠﺐ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﳍﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ‪ .‬ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﳚﺘﻤﻊ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﻛﻠﹼﻪ ﺑﺮﻳﺎﺳـﺔ ﺭﺋـﻴﺲ‬
‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮﻩ ﺑﺸﻜﻞ ﺩﻭﺭﻱ ﲢﺪﺩﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﺍﳌﺼﻠﺤﺔ‪.‬‬

‫ﻭﻟﻜﻞ ﻭﺯﻳﺮ ﻭﻛﻼﺀ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﳑﻜﻦ ﺗﻔﻮﻳﻀﻬﻢ ﲜﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﻭﻛﻼﺀ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﻔﻮﻳﻀﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﻭﺍﺟﺒﻬﻢ‬
‫ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺃﻋﻤﺎﳍﺎ ﻭﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻻﺓ ﻭﻫﻢ ﲟﺜﺎﺑﺔ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﻟﻠﻮﺍﱄ‪ ،‬ﺃﻭ ﻳﻜﻠـﻒ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟـﻮﺍﱄ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪51‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺑﻮﻛﺎﻟﺔ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ .‬ﻭ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻮﺍﱄ ﺃﻭ ﻭﻛﻼﺀ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﻫﻢ ﻣﻨﻔﺬﻭﻥ ﻭﺗﻔﻮﻳﻀﻬﻢ ﳏﺪﺩ‬
‫ﲡﻨﺒﹰﺎ ﻟﻠﺘﺪﺍﺧﻞ ﻭﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻭﺑﺴﻼﺳﺔ ﺑﲔ ﺍﳉﻬﺎﺕ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫ﳎﻠﺲ ﳐﺘﺎﺭ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﻭﺍﳋﲑﺓ ﰲ ﻛﻞ ﻭﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺍﺟﺒﻪ‬ ‫ﺃﻭ ﹰﻻ ‪-‬ﺩ‪:-‬ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ‪ ،‬ﻭﻧﻘﻞ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻹﺧﻔﺎﻗﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﰲ ﻗﺮﺍﺭﺍﻬﺗﺎ ﻭﺣﺴﺐ ﺩﺭﺟﺔ ﻭﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻭﻟﻴﺲ‬
‫ﻭﺍﺟﺒﹰﺎ ﻭﻇﻴﻔﻴﹰﺎ؛ ﳜﺘﺎﺭ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺏ ﻣﻦ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻷﻥ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻭﺍﺣـﺪ‪ ،‬ـ‬
‫ﻭﺃﺭﻯ!‪ -‬ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ‪،‬ﺃﻱ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻳﻨﺘﺪﺏ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﳝﺜﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﻛـﻞ‬
‫ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﻫﺬﺍ ﺳﻬﻞ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﳌﻮﺍﺻﻼﺕ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺍﻹﻧﺘﺮﻧﻴﺖ‪،‬ﻭﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺫﻟﻚ ﻳﺮﺳﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻣـﺎ ﱂ‬
‫ﻳﻜﻦ ﻣﺘﻌﻠﻘﹰﺎ ﺑﺄﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻴﺪﺭﺱ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﻭﻳﻨﺎﻗﺶ ﺣﱴ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﲢﺪﺩ‬
‫ﻣﺪﺓ ﻟﺘﺪﺍﺭﺱ ﺍﻷﻣﺮ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﲢﺖ ﻗﺒﺔ ﺍﻟﱪﳌﺎﻥ‪،‬ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻊ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺇﱃ ﺩﻭﺍﻡ ﻭﻇﻴﻔـﻲ ﻭﺍﱃ‬
‫ﳎﺎﻣﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ‪،‬ﺑﻞ ﳜﺘﺼﺮ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﻳﺴﺘﻌﺎﻥ ﺑﺎﳋﱪﺓ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ ﺇﻥ ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺍﻷﻣﺮ‪.‬‬

‫ﻭﻫﻮ ﳎﻠﺲ ﺷﻮﺭﻯ ﻟﻜﻞ ﻭﻻﻳﺔ ﻳﺘﺘﺒﻊ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ‬ ‫ﺃﻭ ﹰﻻ‪-‬ﻫـ‪ -‬ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺇﱃ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﱐ ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻫﻴـﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻷﻣـﻦ‪....‬ﻭﻏﲑﻫـﺎ‬
‫ﻛﻤﻨﺪﻭﺑﲔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻨﺴﻘﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻊ ﻣﻨﺪﻭﰊ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻭﳎﺎﻟﺴﻬﻢ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﺍﻟـﱵ ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﺗﻜـﻮﻥ ﺷـﻌﺒﻴﺔ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻛﻤﺠﺎﻟﺲ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﻲ ﺍﻷﻫﺎﱄ ﻭﻣﻦ ﻳﻨﻄﻖ ﻟﻴﻮﺻﻞ ﺭﺃﻳﻬﻢ ﻭﻳﺴﺪ ﺃﻱ ﺧﻠﻞ ﳏﺘﻤﻞ ﻻﻧﺸـﻐﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﺋـﺐ‬
‫ﺍﳌﻨﺘﺨﺐ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫ﺍﱁ ﻫﻮ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﻳﻨﺴﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻛﻼﺀ ) ﺍﳌﺴﺌﻮﻝ‬ ‫ﺃﻭ ﹰﻻ‪ -‬ﻭ‪ -‬ﺍﻟﻮﺍﱄ‪ :‬ﺃﻭ ﺍﶈﺎﻓﻆ ﺃﻭ‪..‬‬ ‫*‬
‫ﻼ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳـﺔ(‪ .‬ﻭ ﻛـﺬﻟﻚ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ ﻭﻛﻴﻞ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺜ ﹰ‬
‫ﺍﳊﺎﻝ ﻣﻊ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻮﺍﱄ ﺃﻭ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﻫﻮ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺍﳌﻔﻮﺽ ﻭﳑﻜـﻦ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻌﻴّﻦ ﺃﻭ ﻳﻨﺘﺨﺐ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ‪ .‬ﻭ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﲟﺎ ﳛﺪﺩ‬
‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﺑﻪ ﺃﻭ ﻬﺑﻴﺌﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﲤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻷﻭﻝ‪.‬ﻭﻛـﻞ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﺗﺘﻐﲑ ﻭﻓﻖ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭﻩ ﻭﺗﻘﺪﻣﻪ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﻬﻧﻀﺘﻪ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﻜﻢ‬
‫ﻼ ﳌﺮﻛﺰ ﻗﺮﺍﺭ ﻭﺇﻥ ﻛﺜﺮ ﺃﻧﺼﺎﺭﻩ ﻓﻜﻞ ﻫـﺬﻩ ﺍﳌﺮﺍﻛـﺰ ﳛـﻖ‬
‫ﻣﻄﻠﻖ ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻟﻮﺛﻮﻕ ﺑﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﳏﺘ ﹰ‬
‫ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻣﺴﺘﻨﺪﹰﺍ ﻟﻠﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﳌﻤﻨﻮﺡ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻗﺪ ﻳﺮﻯ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ‪.‬‬

‫ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻭﻻ ﺷﻚ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻪ ﳍﺎ ﺍﻟﺼﻔﺔ‬ ‫ﺛﺎﻧﻴﹰﺎ‪ :‬ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ‬
‫ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮّﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﳝﻨﺤﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻞ ﺗﻌـﺪﺩ ﰲ ﺍﳋﻴـﺎﺭﺍﺕ‬
‫ﻭﻻﺑﺘﻜﺎﺭ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺍﳌﺨﺘﺼﺮﺓ ﻣﻊ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﰲ ﻛﻔﺎﺀﻬﺗﺎ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ؛ ﻭﻣﺎ ﻧﻄﺮﺣﻪ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺪﱘ ﺃﻭ ﺟﺪﻳـﺪ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻗﺪﺳﻴﺔ ﻭﺛﺒﺎﺕ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺭﺃﻱ؛ ﻭﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺎﺱ ﳛـﺪﺩﻭﻥ‬
‫ﻭﻓﻖ ﺗﺮﺷﻴﺤﺎﺕ ﺟﻬﻮﻳﺔ ﺃﻭ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺷﺨﺎﺻﹰﺎ ﺃﻭ ﻗﻮﺍﺋﻢ ﻭﻏﲑﻫﺎ‪ ،‬ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﺑﺄﺳﹰﺎ ﰲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﻼ ﳍﺬﻩ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻟﺰﻣﻦ ﻣﺎ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺃﺿﻊ ﻫﻨﺎ ﻣﺜ ﹰ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪53‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﳍﺬﻩ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻣﺪﺓ ﳏﺪﺩﺓ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒـﺪﺍ‬ ‫ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺑﻼ ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﻉ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﻭﺇﳕﺎ ﲢﺪﺩﻩ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺑﺘﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﻄﺎﻗﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﻏﲑﻫﺎ‬
‫ﰲ ﺍﳉﻮﺍﻧﺐ ﺍﳌﺜﲑﺓ ﻟﻠﺠﺪﻝ ﻭﻗﺪ ﺗﺘﺤﺴّﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﰲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻻﺧﺘﻴـﺎﺭ ﻭﺍﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴـﺔ‪ ،‬ﻭﻛـﺄﻱ‬
‫ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﲢﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺗﻴﺐ ﻭﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬

‫* ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺗﻨﻈﻢ ﻭﺗﻀﻊ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﰒ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻹﺧﻔﺎﻗﺎﺕ ﻭﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺎﺕ ﻭﻭﺿﻊ ﺣﻠـﻮﻝ ﳍـﺎ‬
‫ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﺃﻭ ﲢﻮﻳﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺗﻨﺘﺪﺏ ﳑﺜﻠﲔ ﳍﺎ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﺈﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ‪ ...‬ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ‪.‬‬

‫* ﺍﻹﻋﻼﻡ‪ :‬ﻭﻫﻮ ﺇﻋﻼﻡ ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﻬﺗﻢ‪ ،‬ﻭﻳﺸﺮﺡ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‪ ..‬ﻭﻏﲑﻫﺎ‪.‬‬

‫* ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺮﺷﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳑﺘﻠﻚ ﻟﱪﻧﺎﻣﺞ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻄﺮﺣﻪ ﻭﻋﻠـﻰ ﺿـﻮﺀ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﱪﻧـﺎﻣﺞ ﳚـﺮﻱ‬
‫ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ‪.‬ﻭﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﳜﺘﺎﺭﻭﻥ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ‪.‬‬

‫ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ‪ :‬ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻣﻦ )ﺍﳊﻲ؛ ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﺔ؛ ﻭﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ( ﺣﻴﺚ ﳜﺘﺎﺭ ﻋﺪﺩ ﻣـﻦ ﺍﻷﺷـﺨﺎﺹ‬
‫)ﺗﻘﺮﺭﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ( ﻟﻴﺠﺘﻤﻊ ﻫﺆﻻﺀ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﳜﺘﺎﺭﻭﺍ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳜﺮﺟﻮﻬﻧﻢ ﺇﱃ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﱂ ﳜﺘـﺎﺭ‬
‫ﻛﻤﺠﻠﺲ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪.‬‬

‫ﳚﺘﻤﻊ ﺍﳌﺮﺷﺤﻮﻥ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﻳﺼﺒﺢ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻋﻴـﺎﻥ ﻭﻛﺄﻋﻀـﺎﺀ ﺍﺭﺗﺒـﺎﻁ‬
‫ﻭﻣﺸﻮﺭﺓ‪.‬‬

‫ﻳﺮﺷﺢ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﻤﺜﻴﻠﻪ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﻭﻓﻖ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﺭﺍﺳﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪54‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﲔ ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﻌﺪﺩ ﳐﺘﺼﺮ ﻷﻥ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﻟـﻴﺲ ﺇﻻ ﺍﻟﻮﺻـﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﻷﻓﻀـﻞ‬
‫ﻭﺑﺪﻭﺭﺓ ﺃﻭ ﺩﻭﺭﺗﲔ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺪﺓ ﰲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﺃﺩﻧﺎﻩ‬

‫ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﻗﺘﺮﺍﻉ‬ ‫ﺭﺳﻢ ﺗﻮﺿﻴﺤﻲ ﳍﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪55‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺗﺮﺍﺗﻴﺐ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﻣﺘﺪﺍﻭﻟﺔ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺸـﻜﻠﺔ‬ ‫ﺛﺎﻟﺜﹰﺎ‪:‬ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻟـ) ﺗﺮﺍﺗﻴﺐ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ(‪:‬‬
‫ﺍﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﻫﻲ ﺃﺩﳉﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺍﻹﳚـﺎﰊ ﻋﻨـﺪ ﺃﺩﳉﺘـﻬﺎ‪ .‬ﻭﻭﺭﺩ ﺑﻌـﺾ‬
‫ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ )ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‪ ،‬ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ(‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺃﻱ ﺗﺮﺍﺗﻴﺐ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﻫﻲ ﰲ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﺗﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻭﻟﻴﺲ ﺻﻴﻐﺔ‬
‫ﲡﻠﺐ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﳌﺪﱐ؛ ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻟﺘﺮﺍﺗﻴﺐ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻛﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﻣﺼﲑﻳﺔ ﻫـﻮ‬
‫ﺍﳌﻌﻨﻴﺔ‪،‬ﻓﻤﻦ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺃﻥ ﺭﺏ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻳﻜﻔـﻲ‬ ‫ﺟﻬﻞ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﰲ ﻛﻴﻨﻮﻧﺔ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ‬
‫ﻛﺘﺮﺗﻴﺐ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﻣﻊ ﻣﺸﻮﺭﺗﻪ ﻷﺳﺮﺗﻪ ﺃﻥ ﳚﺘﺎﺯ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻌﺸﲑﺓ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻓﻠﻬﺎ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺁﺧﺮ‬
‫ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺇﺩﺍﺭﺍﺕ ﺧﺪﻣﻴﺔ ﻭﺇﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺼﻐﲑﺓ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺈﺩﺍﺭﺓ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﻣـﻊ ﺗﻮﺍﺑﻌﻬـﺎ‬
‫ﺖ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ ﺑﺮﺯﺕ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻗﻮﺓ ﺍﳍﻴﻜﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻷﺟﺪﻯ‬
‫ﻭﻛﻠﻤﺎ َﻧ َﻤ ْ‬
‫ﻭﺍﻷﻓﻀﻞ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻔﻮﻳﺾ‪ .‬ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﻧﻈﻢ ﳉﻤﻊ ﺍﻟﺸﺘﺎﺕ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻛﺎﻻﻗﺘﺼـﺎﺩ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳـﺔ‬
‫ﻭﻫﻲ ﻧﻈﻢ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﺗﺒﺪﺃ ﺑﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﻛﺒﲑﺓ ﰒ ﺗﻘﻠﹼﺺ ﻟﺘﺼﻞ ﺇﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺗﻴﺐ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ )ﳓـﻮ ﺍﻟﺒـﺪﺍ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﻔﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﻓﺎﻟﻔﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﻓﺎﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ (‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺴـﻜﺮﻳﺔ‪ .‬ﻭﻟـﻮ‬
‫ﻻﺣﻈﻨﺎ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﺮﺃﻳﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﲝﺎﻛﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻟﻪ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﻭﻭﻻﺓ‪...‬ﻭﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ؛ ﳍﺬﺍ ﻓﻨﻈـﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟـﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻓﻖ ﻋﻘﺪ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻫﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻮﺣﺪ ﻻ ﻣﺮﻛﺰﻱ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺃﻱ ﻧﻈﺎﻡ ﻟﻪ ﺳﻠﺒﻴﺎﺗﻪ ﻭﺟﻮﺍﻧﺒﻪ ﺍﻹﳚﺎﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻻﻧﻄﺒﺎﻉ ﺍﳌﺘﻜﻮﻥ ﻋـﻦ ﺃﻱ‬ ‫ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﻫﻮ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﳌﻨﻔﺬﻳﻦ ﻟﻪ ﻭ ﺍﳌﺘﻨﻔﺬﻳﻦ ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻘﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﳋﺮﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻳﻌﻄـﻲ ﺍﻟﻔﻜـﺮﺓ ﻋـﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ‪،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﺪﺧﻮﳍﺎ ﻛﻤﺼﻄﻠﺢ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺃﺭﺍﻩ ﳎﺎﺯﻳﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺳﺘﺨﺪﻡ ﻛﻤﺼﻄﻠﺢ ﺳﻴﺎﺳـﻲ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪56‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﻣﺪﻟﻮﻝ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﺳﻠﺒﻴﹰﺎ ﻭﻣﺪﻟﻮﻝ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻗﺒﻮ ﹰﻻ‪ ،‬ﻭﻟﻮ ﺗﻔﺤﺼﻨﺎ ﺍﳊـﺎﻝ ﻟﻮﺟـﺪﻧﺎ ﺃﻥ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺍﳌﺮﻛﺰﻱ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﺑﻞ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻏﲑﻩ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻼ ﺍﳉﻴﺶ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﺮﻛﺰﻳﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻭﻓﻘﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴـﺬ‬
‫ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ‪ ،‬ﻓﻤﺜ ﹰ‬
‫ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﻻ ﻣﺮﻛﺰﻳﹰﺎ ﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﶈﺪﻭﺩ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻭﻻﺗﺴﺎﻉ ﺍﻟﺮﻗﻌﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴـﺔ‬
‫ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻭﻣﻔﻮﺿﺔ ﳊﺪ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻓﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﳉﻴﺶ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﲢﺪﻳﺪ ﻣﻨﺎﻃﻖ‬
‫ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﻭﳏﺎﻭﻻﺕ ﲪﺎﻳﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻭﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﻔﻴﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﻭﺟﻮﺩ ﺇﺩﺍﺭﺍﺕ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺃﻭ ﺿـﻌﻒ‬
‫ﰲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺬﺍﰐ ﻟﻸﺟﺰﺍﺀ‪ ،‬ﻭﺃﻋﲏ ﻫﻨﺎ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﻓﺮﻭﻉ ﻟﻠﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﻬﺗﺎ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻜﻠﻔﹰﺎ‬
‫ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﻗﻴﺎﺳﹰﺎ ﳌﻴﺰﺍﻧﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ‪ .‬ﺇﺫﻥ ﻓﺎﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺃﺳﻠﻮﺑﺎﻥ ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ ﻗﺪ ﳛﻼﻥ ﳏﻞ ﺑﻌﻀـﻴﻬﻤﺎ ﰲ‬
‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺇﺫﺍ ﺗﻐﲑﺕ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﰲ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﻓﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﹰﺎ ﺃﻭ ﻬﻧﺠﹰﺎ ﻓﻜﺮﻳﹰﺎ ﻣﻄﻠﻘﹰﺎ ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﳝﻜـﻦ ﺃﻥ‬
‫ﺗﻘﺴّﻢ ﺇﱃ ﺛﻼﺙ ﺃﻧﻮﺍﻉ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ‪:‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺠﻤّﻊ ﻋﺪﺓ ﺩﻭﻝ ﺻﻐﲑﺓ ﺑﺎﲢﺎﺩ ﺑﻐﺮﺽ ﺍﻟﺘﻜﺎﺗﻒ ﻭﺍﻟﺘﻮﺣﺪ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﳌﺮﺍﻓﻘﻴﺔ‪:‬ﻭﻫﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ ﺣﻮﺍﺟﺰ‪.‬‬

‫‪3‬ـ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‪ :‬ﺃﻭ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪57‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫)) ﻫﻮ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﺍﳌﻤﻨﻮﺣﺔ ﲟﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﳍﺮﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻛﻠﻴﹰﺎ‬ ‫ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﺃﻭ ﺟﺰﺋﻴﹰﺎ ﻭﺣﺴﺒﻤﺎ ﳛﺪﺩﻩ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﻏﲑ ﳏﺼﻮﺭﺓ ﲟﺮﻛﺰ ﻭﻇﻴﻔﻲ ﻣﻌﻴّﻦ ﻷﻏﺮﺍﺽ ﺗﻘﺘﻀﻴﻬﺎ ﻣﺼﻠﺤﺔ‬
‫ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ((* ‪ 11‬ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻟﻠﺘﻔﻮﻳﺾ‪ )) ،‬ﻭ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﺗﺘﻄﻠﹼﺒـﻪ‬
‫ﺳﻌﺔ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﻭﺍﺗﺴﺎﻉ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﲝﻴﺚ ﺗﺼﻌﺐ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﲟﻬﺎﻡ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﻭﺑﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺭﺗﺒـﺎﻁ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﲟﺠﻤﻮﻋﺔ ﺩﻭﻥ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﺻﺐ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﻫﻲ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻗﺎﻧﻮﱐ ﻻﲣﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺃﻭ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻗﺪ ﳜﻮّﻝ ﺍﳌﺪﻳﺮ ﻧﻘﻞ‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ؛ ﺃﻭ ﻗﺪ ﳛﺪﺩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻧﻘﻠﻪ؛ ﻟﻜﻦ ﺍﳌﺨﻮّﻝ ﺑﺎﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﻻ ﻳﺴـﺘﻄﻴﻊ‬
‫ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﱂ ﳜﻮّﻝ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﳌﺮﻋﻴﺔ‪ .‬ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﲡﻬﻨﺎ ﺍﺭﺗﻔﺎﻋﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﳍﺮﻣﻲ ﰲ‬
‫ﻼ ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﹰﺎ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻞ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﻋﺪﺩ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ‪..‬‬
‫ﻼ ﻣﺴﺘﻄﻴ ﹰ‬
‫ﺣﲔ ﺗﺘﺴﺎﻭﻯ ﻋﻨﺪ ﻗﺎﻋﺪﺗﻪ ﺣﱴ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜ ﹰ‬
‫ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻻ ﻳﻌﻔﻲ ﺍﳌﺴﺌﻮﻝ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺘﻪ؛ ﺑﻞ ﻫـﻮ‬
‫ﳎﺮﺩ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﻹﻃﻼﻕ ﺍﻟﻴﺪ‪ 11*((..‬ﻭﻧﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﰲ‬
‫ﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺴّﻤﺘﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ؛ ﻭﻟﻘﺪ ﺃﻭﺿﺤﺘﻪ ﻫﻨـﺎ ﻛﻤﺜـﻞ‬
‫ﻓﻘﻪ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻳﻔﺘﺮﻕ ﻗﻠﻴ ﹰ‬
‫ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﻓﺎﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﳌﻮﺻﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﲏ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳـﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳـﻌﺔ‬
‫ﺍﳌﺪﻯ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻓﻬﻮ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻟﻌﻤﻞ ﻣﺪﱐ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪58‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫* ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ‬

‫ﻳﻘﺴﱢﻢ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺇﱃ ) ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ؛ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ(‪ .‬ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻣﻮﺭﹰﺍ‬
‫ﻣﻬﻤﺔ ﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﺗﻮﺻﻴﻒ ﻫﺬﺍ ﻭﻫﻲ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳜﺘﻠﻒ ‪ -‬ﻭﺇﻥ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ‪ -‬ﰲ ﺃﻣﺮﻳﻦ ﳘﺎ ) ﺍﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﳌﺼﺪﺍﻗﻴﺔ(‬

‫‪2‬ـ ﺃﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳋﻼﻓﺔ ﻫﻮ ﻋﻘﺪ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ‪.‬‬

‫‪3‬ـ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻫﻮ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﻌﺮﺽ ﳌﺴﺎﺋﻠﺘﻬﺎ‪ .‬ﻷﻥ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ‬
‫ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻣﻜﻠﹼﻒ ﻭﻣﻔﻮّﺽ ﲝﺪﻭﺩ ﺍﻟﻌﻘﺪ ‪ -‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻔﺼﻞ ﻣﻬﻢ ‪-‬‬

‫‪4‬ـ ﺃﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ‪ :‬ﺃﻱ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮّﺭ ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﳊﻀـﺎﺭﺓ ﺍﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ‪.‬ﻭﺃﻥ‬
‫ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺑﺎﳊﻀﺎﺭﺓ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻭﺩﺭﺍﺳﺔ ﳊﻴﺜﻴﺎﺗﻪ ﻭﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻛﻔﺘﺢ ﻣﺪﺧﻞ ﻟﻠﻈﻠﻢ ﲟﺎ ﻳﺒﺪﻭﺍ ﺍﺑﺘﺪﺍ ًﺀ ﺃﻧﻪ ﻣﺮﺑﺢ ﻭﻣﻔﻴﺪ‪.‬‬

‫__________________________________________‬
‫*‪ 11‬ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﺳﻴﺔ )ﺹ‪ (46‬ﺗﺄﻟﻴﻒ ﳏﻤﺪ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﺒﺪ ﺭﺍﱐ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ) ﺍﻷﺭﺩﻥ ‪ -‬ﺇﺭﺑﺪ(‪ .‬ﻭﳝﻜﻦ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‬
‫ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻭﺗﺼﻠﻴﺢ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮﻳﺔ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻭﺩﺧﻮﻝ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ‪ -‬ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ‪-‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪59‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺩﺭﺝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻭﻓﺼﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺭﻏـﻢ ﺫﻟـﻚ ﳒـﺪ‬ ‫ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﺍﺧﺘﺮﺍﻗﺎﺕ ﰲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﺩﻋﺎﺀﹰﺍ ﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻟﻜﻲ ﻧﻀﻊ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﺇﺳﻼﻣﻴﹰﺎ ﻣﺪﻧﻴﹰﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑـﺎﻟﻘﻮﻝ‬
‫ﺑﺄﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﲎ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﻭﻧﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﻣـﺪﻧﻴﹰﺎ‬
‫ﻭﺃﻥ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ؛ ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴـﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳـﺔ‬
‫ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺑﲔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﻣﺎ ﺗﻜﻠﻒ ﺑﻪ ﻛﺮﻋﺎﻳﺔ ﻟﻠﻤﺼـﺎﱀ ﻭﺣﻔـﻆ‬
‫ﻟﺸﺮﻉ ﺍﷲ ﻭﻫﻨﺎ ﻣﻔﺼﻞ ﺣﺎﻛﻢ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺎﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺟﻬﺔ ﺿﺎﻣﻨﺔ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻉ ) ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻝ؛ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ( ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺇﳕﺎ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻓﻀـﻤﺎﻥ ﺩﳝﻮﻣﺘـﻬﺎ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ﻫﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﳌﺪﺧﻠﺔ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﺇﻥ ﻣﺎ ﺩﺍﺭ ﻣﻦ ﺟﺪﻝ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﰲ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻫﻮ ﺟﺪﻝ ﺣﻮﻝ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻬﻮ ﺟﺪﻝ ﻋﻘﻴﻢ ﻭﺇﻥ ﺃﳒﺐ ﻓﺄﳒﺐ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭﺍﻻﳓﺪﺍﺭ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﻭﻫـﻮ ﲤـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻟﻮﺍﻗﻌﻨﺎ‪ ....‬ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ؟ ﻭﻣﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ؟‪.‬‬

‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ‪ :‬ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺽ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﻪ‪ ،‬ﻓﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﻌﲏ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺳﻠﻄﺔ ﳎﻤﻮﻋﺔ‬
‫ﻼ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺎﻟﺲ ﺍﳌﻨﺘﺨﺒﺔ ﰲ ﻓﺮﺽ ؟ﺇﺭﺍﺩﻬﺗﺎ‬
‫ﺗﻌﲏ ﻓﺮﺽ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﳎﻤﻮﻋﺔ؛ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻣﺜ ﹰ‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺄﰐ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺃﻭ ﻓﻘﺮﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﺍﻹﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺃﻭ ﺗﻌﻄﻴﻠﻪ ﺇﻬﻧﺎﺀ ﳍـﺬﻩ ﺍﻟﺴـﻠﻄﺔ‬
‫ﻭﻋﺎﺩﺓ" ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﻡ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﻄﻴﻞ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﻀـﺎﺋﻴﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳌﺴﺘﺒﺪﺓ ﲢﺎﻭﻝ ﺩﻭﻣﹰﺎ ﺇﺑﻘﺎﺀ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﳍﺎﺗﲔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺘﲔ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ :‬ﻫﻲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺿﻤﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﰲ ﻣﺴﲑﻬﺗﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺇﻥ ﺗﻐـﲑ ﻧـﻮﻉ‬
‫ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺗﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻧﻮﻉ ﺳﻠﻄﺘﻪ‪.‬‬

‫ﺍﳌﻌﲎ ﺍﳌﻘﺒﻮﻝ ﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ!‪ :‬ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﲏ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺼـﻞ ﺍﻟﺴـﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻬﺎ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﳌﻜﻠﻒ ﻬﺑﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻴـﺎﻡ ﻬﺑـﺎ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪60‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﲨﻴﻌﹰﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﲢﺘﺎﺝ ﳋﱪﺓ ﻭﺩﺭﺍﺳﺔ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻴّﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﺃﻭ ﻳﻀﻊ ﻧﻈـﺎﻡ‬
‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ ﻷﻥ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻳﻌﲏ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻣﻊ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺇﻻ‬
‫ﺇﺫﺍ ﺧﺎﻟﻔﻮﺍ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪،‬ﺃﻭ ﺭﺩ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﻢ ﺍﻟﱵ ﻻ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺗﺼﻠﺢ ﰲ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻟﻠﺒﻼﺩ؛ ﻟﻜﻨـﻪ‬
‫ﻼ‪.-‬‬
‫ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ‪ -‬ﻭﺳﻨﺄﰐ ﻟﻜﻞ ﻫﺬﺍ ﺗﻔﺼﻴ ﹰ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪61‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‬

‫ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺍﻟﻘـ‪21‬ـﺮﻥ‬

‫ﺇﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺇﻥ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﰲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﻣﻊ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﹰﺎ‬
‫ﻭﺇﻥ ﺗﺸﺎﺑﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺭﺃﲰﺎﻟﻴﹰﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺪﱐ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻳﺴﺘﻌﲑ ﻣﻦ‬
‫ﻧﻈﻢ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺃﻭ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻜﻦ ﺗﻄﻮّﺭ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺳﻴﺼﻞ ﺇﱃ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﲤﺎﻣﹰﺎ ﻣﻦ ﺣﻴـﺚ‬
‫ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬﻩ ﺃﻣﻮﺭ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻛﻬﺎ ﻭﳓﻦ ﻧﻀﻊ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻟـﻦ‬
‫ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺯﻟﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻣﻘﺪﺳﹰﺎ ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﻛﻠﻞ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺡ ﻷﻥ ﺍﻟﺮﻛﻮﺩ ﻳﻌﲏ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﺃﺳﺘﻌﲑ ﻣﻦ ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﳍﻴﻜﻠـﺔ‬
‫ﺍﶈﺘﻤﻠﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻄﺮﻭﺡ ﻣﻄﻮّﺭ ﻭﻓﻖ ﺛﻮﺍﺑﺖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻣﻀـﺎﻑ‬
‫ﺇﻟﻴﻪ )ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ( ‪ -‬ﻻﺣﻆ ﺃﻭ ﹰﻻ ‪ -‬ﺏ ‪ -‬ﻑ ‪ -5‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ‬
‫ﻣﺴﺘﻨﺪﹰﺍ ﺇﱃ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺑﻪ ﲢﻮﻳﺮ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﳊﺎﱄ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻫـﻮ‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺪﻓﹰﺎ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻟﻸﻛﺜﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﻟﻠﻘـﻮﺓ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔـﻮﺫ؛‬
‫ﻣﺆﻛﺪﹰﺍ ﺃﻥ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻠﻚ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻘﻮﻡ ﺃﻭ ﳍﺎ ﺣﺪﻭﺩ ﺃﺭﺽ ﻷﻬﻧﺎ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﻟﻠﺠﻬﺪ‬
‫ﻼ ﻭﻓﻖ ﺻﻴﻎ ﻫﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻟﻮﺍﻗـﻊ ﻛـﺎﻥ‬
‫ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ؛ ﻭﻟﻘﺪ ﲡﺎﻭﺯﺕ ﻧﻘﺎﻁ ﺍﳋﻠﻞ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﺆﺳﺲ ﺃﺻ ﹰ‬
‫ﻣﻮﺟﻮﺩﹰﺍ ﻭﺟﺮﻯ ﺗﻄﻮﻳﺮﻩ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﳋﻄﺄ ﻓﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺻـﺎﱀ ﻟﻠﻮﻻﻳـﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤـﺪﺓ‬
‫)ﻛﺠﻤﻠﺔ( ﻭﻫﻮ ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﺍﻵﻥ؛ ﻭﻟﻌـﻞ ﺍﻟﻨﻈـﺎﻡ ﺍﳌﻄـﺮﻭﺡ ﰲ‬
‫ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻗﺪ ﺃﻓﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻋﻨـﺪ ﻧﺸـﺄﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ‬
‫ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ؛ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﺳﺘﻘﻠﹼﺖ ﻋﺎﻡ‪ 1776‬ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﳎﻠﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴـﻲ‬
‫ﺗﺎﺭﳜﻴﹰﺎ ﻋﺎﻡ ‪ 1779‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻧﺘﻮﻗﻊ ﺗﺄﺛﲑ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻭﺇﻥ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻏﻔﻠﻪ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻟﺴﺒﺐ ﺃﻭ ﺁﺧﺮ ﻣﺬﻛﺮﹰﺍ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﻮﻃﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﳜﺘﻠﻒ‬
‫ﻋﻦ ﺷﺒﻴﻬﻪ ) ﺑﺎﳌﺼﺪﺭ ﻭﺍﳌﺼﺪﺍﻗﻴﺔ( ﻭﺃﺫﻛﺮ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﲔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﻨﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﱂ ﺗﺼﻚ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﺑﻦ ﻣـﺮﻭﺍﻥ ﻭﻫﻨﺎﻟـﻚ‬
‫ﻋﺮّﺑﺖ ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ ﻭﻫﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻟﺰﻣﻦ؛ ﺇﻥ ﻣﺜﻠﻨﺎ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻫﻮ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻨﺒﻮّﺓ ﻭﻟـﻴﺲ‬
‫ﺍﳌﻠﻚ ﺍﻟﻌﻀﻮﺽ‪ .‬ﻭﺃﺩﻧﺎﻩ ﺍﳍﻴﻜﻞ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ‪.‬‬

‫ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﺷﲑ ﺇﱃ ﺃﱐ ﺗﻌﻤﺪﺕ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺗﺴﻤﻴﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻟﺬﺍﺕ ﺍﳌﻌﲎ ﰲ ﻛﺘﺎﰊ ﻫﺬﺍ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ‬
‫ﻟﻠﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﳌﺴﻤﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﺪ ﻬﺑﺎ ﻭﻷﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﻘﺎﺩ ﺑﺎﻟﺸـﺮﻉ ﻭﻻ‬
‫ﻳﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﳛﻈﻰ ﺑﺎﻟﻘﺪﺳﻴﺔ ﺍﳌﻄﻠﻘﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪63‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻫﻴﻜﻞ ﺗﻨﻈﻴﻤﻲ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ‬

‫القرآن الكريم‬
‫حاكمية الشريعة‬ ‫والية األمـة‬

‫الدســــتور‬ ‫مجالس التمثيل ‪ ‬‬

‫مركز التخطيط االستشاري ‪ ‬‬

‫مؤسسة اإلمامـة ‪ ‬‬

‫مجالس‪ /‬مكاتب‬
‫ر‪ .‬الوزراء‬
‫القضــــاء ‪ ‬‬

‫القانوني ‪ ‬‬ ‫الدستوري‬ ‫الداخلية‬ ‫العـــــدل ‪ ‬‬

‫الخارجية‬ ‫المالية ‪ ‬‬

‫وزارات التعليم‪....‬البحوث ‪ ‬‬ ‫الحربية‬

‫وزارات أخرى‪/‬الزراعة‪ ،‬النفط ‪......،‬‬

‫ﻧﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺗﺴﻢ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻭﻣﺪﻯ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﰲ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻌﻤﻮﻝ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺑﲔ‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﳌﻘﺘﺮﺡ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻼﺣﻈﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻐﲑ ﺍﳌﺨﺘﺺ‪ .‬ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻔﻴﺪ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻭﺿﻮﺡ ﺍﳌﻨﻈﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﲟﺎ ﲢﺘﻮﻳﻪ‬
‫ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﺍﳌﺪﱐ ﺑﺸﻜﻞ ﺍﻧﺴﻴﺎﰊ‪ .‬ﻭﻧﺪﺭﺝ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻟﺘﺼﻮﺭﻧﺎ ﳍﺬﻩ ﺍﳍﻴﻜﻠﻴﺔ ﻭﻫـﻮ‬
‫ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﳑﻜﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮﻩ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻭﻟﺒﻌﺾ ﺍﳌﻔﺎﺻﻞ ﺍﳌﻬﻤﺔ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪64‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻱ ‘ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺃﺃﺧﺬﺕ ﻫﻲ ﻭﻭﻻﻳﺔ ﻋﺎﻣﺔ‬

‫ﻋﻠﻴﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﺃﻥ ﺍﳋﻼﻓﺔ‪ ،‬ﺍﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻱّ‬ ‫ﻣﺆﺳﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﻣﺎﻣﺔ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﱐ ﻫﻲ)) ﺇﺩﺍﺭﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﳏﻜﻮﻮﻣﺔ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﻴﺎﺕ ﺑﻨﺺ ﺍﻟﺪﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﳌﻨﺒﺜﻖ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﺍﻟﻜﺮﱘ ((‪.‬‬
‫ﺃﻱ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﲑ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺍﳌﺪﱐ‬
‫ﻼﻣﻴﺔ ﻭﲟـﺎ‬
‫ﺗﻜﻠﻴﻒ ﺍﻷﻣﺔ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﻣﻦ ﻣﻬﺎﺎﻡ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳـﻼ‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻣﺪﻯ ﻒ‬
‫ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻳﻄﹼﻠﻊ ﺍﻟﺮﺮﺋﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺎﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣـﻦ‬
‫ﳛﻔﻆ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﳛﻘﻘﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻣﻦ‬
‫ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴـﺔ ﰲ ﻛﻴﻨﻮﻧـﺔ‬
‫ﺕ؛ ﻭﺃﺩﻧﺎﻩ ﺷﺷﻜﻞ ﳝﺜﹼﻞ ﺾ‬
‫ﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻷﻬﻧﺎ ﺃﺳﺎﺱ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺑﺸ‬
‫ﺤﺎﺑﺔ ﺗﻄﻠـﻖ ﺃﻳـﺪﻳﻬﻢ‬
‫ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﺤ‬
‫ﺹ‬ ‫ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺍﶈﺎﻓﻈﺔﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻧﺘﻬﺎ؛ ﻭﻫﻨﺎ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻪ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺄﻥ‬
‫ﺍﻹﻣﺎﻣـﺔ ﻭﻟـﻴﺲ‬
‫ﺔ‬ ‫ـﺔ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮ ﻣﺆﺳﺴـ‬ ‫ﺿﻬﻢ ﳑﻜﻨﹰﺎ ﰲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ؛ ﳍﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﺐ‬
‫ﳚﺐ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻪ‬ ‫ﻓﻴﻘﺼﺮّﻭﻫﺎ ﱂ ﻳﻌﺪ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿ‬
‫ﺍﳌﺪﺓ ﻭﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻟﻠﺘﻌﺘﻌﺎﻗﺪ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺺ‪ ،‬ﻭﻭﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﲢﺪﺪﺩ ﺍﻷﻣﺔ ﺓ‬

‫ﺷﻜﻞ ﻳﻮﺿّﺢ ﻣﻜﻮﻮﻧﺎﺕ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ )ﻣﻘﺘﺮﺮﺡ(‬

‫ﻞ‬

‫الرئيس‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫رئيس دديوان الرياسة‬
‫مككتب اإلدارة‬

‫صاالت )عامة‪،‬‬ ‫مكتب العالقات واالتص‬

‫‪١‬ـ ب‬
‫مركز التخطيط‬
‫ز‬ ‫‪١‬ـ مكتب إلدارة اللداخلية‬ ‫خاصة(‪،‬إعالم؛مؤسسات ممجتمع مدني‬
‫ستشاري‬ ‫االس‬ ‫نواب مجالس‬ ‫) وززارات‪ ،‬مجلس ّ‬ ‫‪٢‬ـ ب‬
‫مكتب االقتصاد والماليية‪)..‬داخلية(‬
‫والييات؛ تنفيذ خطط ااعمار‪(....‬‬
‫لدفاع الذاتي‪.‬‬
‫مجلس األمن العام والد‬
‫‪٣‬ـ س‬
‫‪٢‬ـ مكتب اإلدارة اللخارجية‬
‫‪٤‬ـ ممجلس حماية المؤؤسسات‬
‫) سفارات‪ ،‬مخاببرات(‬
‫‪٣‬ـ مكتب اإلعالم ووالدعوة‬
‫‪٥‬ـ مجلس القضاء األألعلى‪.‬‬
‫جالس أخرى)البيئئة‪ ..‬الرقابة(‬ ‫‪٦‬ـ أية مج‬
‫‪ ‬‬
‫واإلرشاد‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪65‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫*ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﳌﻜﻠﹼﻒ ﻬﺑﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ‪ -:‬ﻧﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺗﺴﻤﲔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﲔ ﺃﻥ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﺍﺗﺼﺎ ﹰﻻ ﻣﺒﺎﺷﺮﹰﺍ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬

‫ﲨﻴﻌﻬﺎ؛ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺇﻣـﺎ‬
‫ﻣﻔﻮﺿﹰﺎ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺃﻭ ﻳﺘﻮﱃ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ‪.‬ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ ﻳﺼﺪﺭ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳـﺔ‬
‫ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺃﻭ ﻳﻠﻐﻴﻬﺎ ﻭﳍﺎ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﳑﻜﻦ ﲪﺎﻳﺘﻬﺎ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻌـﺎﻡ‬
‫ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ ﺣﺼﺮﹰﺍ‪.‬‬

‫ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ‪:‬‬

‫‪1‬ـ ﺭﻓﺾ ﺃﻱ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺳﺒﹰﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﺃﻭ ﺍﳌﻀﻤﻮﻥ‪ ،‬ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﺃﲨﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﳎﻠـﺲ ﺍﻟﻨـﻮﺍﺏ‬
‫ﻭﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﺃﻱ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﺿﺮﻭﺭﻳﹰﺎ ﻟﻸﻣﺔ ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺃﻭ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﺍﳌﺪﱐ‪.‬‬

‫‪3‬ـ ﺩﻋﻮﺓ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻟﻼﻧﻌﻘﺎﺩ ﺃﻭ ﺣﻀﻮﺭ ﺟﻠﺴﺎﺗﻪ‪.‬‬

‫ﺳﻠﻄﺎﺕ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ‪ :‬ﻳﻌﻴّﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ‪ ،‬ﺍﳌﺪﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺎﻣﲔ‪ ،‬ﻗﺎﺩﺓ ﺍﳉـﻴﺶ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻔـﻮ ﺍﳋـﺎﺹ ﺃﻭ‬
‫ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ؛ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﳊﻜﻢ ﺃﻭ ﲣﻔﻴﺾ ﺍﻟﻐﺮﺍﻣﺎﺕ‪...‬ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻣﻔﺎﺻﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ‪.‬‬

‫ﺳﻠﻄﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪ :‬ﻳﻌﻴّﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﺻﻞ ﻭﻏﲑﻫﻢ ﻭﻳﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﺘﻌﲔ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣـﺔ ﺃﻭ‬
‫ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ‪ .‬ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﻴﻨﻬﻢ ﻭﻣﺴﺌﻮﱄ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭﻳﺪﻳﺮ‬
‫ﻭﺯﻳﺮ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺑﺈﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ؛ ﻭﳝﺜﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻼﺩﻩ ﰲ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺌﻮﻝ ﻋﻦ ﲪﺎﻳـﺔ‬
‫ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻪ ﰲ ﺍﳋﺎﺭﺝ‪،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺌﻮﻝ ﻋﻦ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﳝﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻮﺽ ﻣﻦ ﻳﻨﻮﺏ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻭ ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺃﻥ ﻳﻌﻴّﻦ ﻧﺎﺋﺐ ﻟﻪ ﺩﺍﺋﻢ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻋﻨﺪ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ ﺃﻭ ﻳﻔﻮﺽ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺳﺒﹰﺎ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﺨﺼﻲ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻮﻇـﺎﺋﻒ‬
‫ﻛﺜﲑﺓ ﻭﳐﺘﻠﻔﺔ ﰲ ﺍﻷﳘﻴﺔ ﳍﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﺗﻔﻮﺽ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﻳﻌﲏ ﺧﻀﻮﻋﻬﺎ ﻟﻠﻤﺮﺍﻗﺒـﺔ ﻭﺍﶈﺎﺳـﺒﺔ ﻭﻣﻨـﻊ‬
‫ﺍﶈﺴﻮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﳌﻨﺴﻮﺑﻴﺔ‪....‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪66‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻭﻟﻘﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﻣﻘﺘﺮﺡ )ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ( ﳊﻤﺎﻳﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ) ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ( ﻭﺍﻧﺴﻴﺎﺑﻴﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ‬
‫ﺗﻐﲑ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﺮﺷﻴﺪ ﺍﳋﻄﻂ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺣﺪﺓ ﻭ ﻟﻴﺲ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﺍﲢﺎﺩﻳﹰﺎ ﻭﻻ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛـﺬﻟﻚ؛‬ ‫* ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ‪:‬‬
‫ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﳑﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﺳﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ) ﺑﺎﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﳌﻮﺳﱠﻊ(‪ ،‬ﻭﺗﺴﺘﻤﺪ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻭﺍﺳﻊ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻟﻴﺪ ﺃﻱ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺗﻜﺘﻨﻔﻬﺎ ﺍﻟﺴﺮّﻳﺔ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺃﻭ ﳏﺠﻮﺑـﺔ ﻋـﻦ‬
‫ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻭﳎﺮّﺩ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﻜﺬﺍ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻳﻌﲏ ﻭﺟﻮﺩ ﺧﻠﻞ ﻭﻇﻠﻢ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﳍﺬﺍ ﻓﻨﻌﻮﺩ ﺑـﺎﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫ﺃﻣـﺎ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻓﻬﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﲟﻌﲎ ﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺍﳊـﺪﻳﺚ ) ﺭ‪ .‬ﺍﻟﻔﺼـﻞ ﺍﻟﺴـﺎﺑﻖ(‬
‫ﻓﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻛﺒﲑﺓ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﷲ ﻭﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺘﱪﻳﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﳋﻄﺄ ﺍﳌﺨﻔﻲ ﻗﺒﻞ ﺍﳌﻨﻈﻮﺭ‪ .‬ﻭﻻﺑﺪ ﻣـﻦ‬
‫ﺭﺑﻂ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺸﺒﻜﺔ ﺇﻧﺘﺮﻧﻴﺖ ﻭﺃﻧﻮﺍﻉ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻭﻧﻈﻢ ﺍﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻭﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﻣـﻦ‬
‫ﺇﻓﺮﺍﺩ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﻭﻣﻨﻈﻤﺔ ﺗﻨﻈﻴﻤﹰﺎ ﺩﻗﻴﻘﹰﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﻻ ﺑﺄﺱ ﰲ ﺭﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﻟﻔﺮﻭﻉ ﰲ ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﳌﻤﺮﺍﺕ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ ﻭﺍﻧﺴﻴﺎﺑﻴﺘﻬﺎ‪.‬ﻭﺃﺿﻊ ﻫﻨﺎ ﳕﻮﺫﺝ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﻋﺮّﻓﻨﺎ‬
‫ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻰ )ﺑﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ( ﺃﻭ)ﺍﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ( ﰲ ﺍﻟﺴﻄﺮﻳﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﲔ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﳌﻔﻮﺽ ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺃﻱ ﻭﺯﻳﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻏﲑ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻭﺍﻷﺳﺎﺱ ﰲ ﻋﻤـﻞ‬
‫ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻫﻮ) ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻬﺑﺪﻑ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﰲ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ( ﻓﺎﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﻭﺯﺍﺭﺓ‬
‫ﻣﻌﻴّﻨﺔ ﻫﻮ ﺣﺴﻦ ﺃﺩﺍﺀﻫﺎ ﻬﺑﺬﺍ ﺍﻻﲡﺎﻩ‪.‬‬

‫ﻭﻟﻮ ﻻﺣﻈﻨﺎ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﳌﻬﺎﻡ ﺍﳌﻮﻛﻠﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻏﲑ ﻣﻨﻀﻮﻳﺔ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻞ ﻳﺘﺒﻊ‬
‫ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻭﺳﺒﻞ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ‪.‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﻓﺎﻥ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌـﲏ‬
‫ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ؛ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺃﻣﺎ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ) ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻛﻞ ﺍﻷﻣﻼﻙ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟـﱵ ﲤﻠﻜﻬـﺎ‬
‫ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻔﻴﺪﺭﺍﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ‪ .‬ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷﲰﺎﻙ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﱪﻳّﺔ‪ ..‬ﺍﳌﺘﻨﺰﻫﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴـﺔ‪..‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪67‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺧﺸﺐ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ﻭ ﺍﳌﺮﺍﻋﻲ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺀ"ﺑﺎﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻨﻔﻄﻲ ﻭﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻻﺳﺘﺠﻤﺎﻡ‪....‬ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﳌﻮﺍﺭﺩ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ‪...‬ﻭﺗﻨﻈﻢ‬
‫ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻦ‪12*( ..‬‬

‫ﺍﳌﻬﺎﻡ ﺍﳌﻮﺻﻮﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﻻ ﺗﻨﻄﺒﻊ ﰲ ﺫﻫﻨﻨﺎ ﻭﺗﻜﻠﻒ ﻬﺑﺎ ﺭﲟﺎ ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺮﻱ؛ ﺍﳊﻜﻢ‬
‫ﺍﶈﻠﻰ ﺃﻭ ﺍﶈﺎﻓﻈﺎﺕ؛ ﺍﻷﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ‪...‬ﻭﺍﳌﺘﺘﺒﻊ ﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﳚﺪﻫﺎ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﻭﻗﺪ ﳚﺪ‬
‫ﺍﳌﺴﺘﻄﹼﻠﻊ ﳍﺎ ﺳﺮﻳﻌﹰﺎ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﰲ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﳎﻤّﻊ ﻭﻇﺎﺋﻒ‪ ،‬ﻭﺭﲟﺎ ﻟﻮ ﻃﺒﻘﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﰲ ﺑﻠـﺪﺍﻧﻨﺎ‬
‫ﻟﻜﺎﻧﺖ ﻋﺎﻃﻠﺔ ﻭﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻋﺮﻓﺖ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﻳﺘﺒﻊ ﺍﻻﺧﺘﺼـﺎﺹ ﺍﳌﻬـﲏ‬
‫ﺍﳊﺮﰲ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻟﺪﻳﻨﺎ‪ .‬ﻋﻤﻮﻣﹰﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻋﺪﺓ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﲢﺪﺩﻫﺎ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻭﲢﺪﺩ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻬﻢ ﻭﰲ ﻭﻗـﺖ‬
‫ﻣﺒﻜﺮ‪ -‬ﻛﻤﺎ ﺃﺭﻯ‪ -‬ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻳﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻭﺍﻧﺘﺴﺎﻬﺑﺎ ﺇﱃ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﳐﺘﺼﺔ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﳛﺼـﻞ ﰲ‬
‫ﺍﳌﻬﺎﻡ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻀﺨﻢ ﰲ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﺣﺮﻓﻴﺔ ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﺔ ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ‬
‫ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺍﻃﻨﲔ‪ ،‬ﻭﺗﺜﻘﻴﻒ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺷﺮﻭﺣﺎ ﻭﺗﻮﺿـﻴﺤﺎﺕ ﻭﺍﺳﺘﻴﻀـﺎﺣﺎﺕ‬
‫ﻟﻠﻘﻮﺍﻧﲔ ﻗﺒﻞ ﺇﻗﺮﺍﺭﻫﺎ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﻣﺆﻗﺘﺔ ﺗﺘﻐﲑ ﻛﻞ ﻣـﺪﺓ ﻃﺎﻟـﺖ ﺃﻡ‬
‫ﻗﺼﺮﺕ ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﻭﺗﻮﻗﹼﻊ ﺯﻣﻦ ﺳﺮﻳﺎﻬﻧﺎ‪.‬‬

‫ﺃﻣﺎ ﺍﳉﻴﺶ ﻭﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﻓﻤﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺗﺪﺭﻳﺐ ﻋﻤﻮﻡ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻭﲤﻜﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﻨـﻮﻥ ﺍﻟﻘﺘـﺎﻝ‬
‫ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﻭﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﳊﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﳋﺪﻣﻴﺔ ﻭﻛﻞ ﺣﺴﺐ ﻗﺎﺑﻠﻴﺘﻪ؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸـﺒﺎﺏ‬
‫ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺼﻐﺮ ﻓﺘﻨﺸﺄ ﳍﻢ ﻣﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﺗﻨﻈﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﳏﺎﺿﺮﺍﺕ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺗﺮﻓﻴﻬﻴﺔ ﺗﻮﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﳌﻮﺍﻫﺐ ﻭﺗﻜﺘﺸﻒ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻗﺎﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺑﻂ ﺑﲔ ﺍﳌﺨﻴﻤﺎﺕ ﻭﺍﳌﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﺇﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻬﻢ ﻷﻧﻪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﱴ ﻣـﺎ ﻬﺗﻴـﺄﺕ‬
‫ﳌﺨﺮﺟﺎﻬﺗﺎ ﻇﺮﻭﻓﻬﺎ ﻓﺎﻥ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﺃﺛﺮﺍ ﻛﺒﲑ ﻗﺪ ﳛﺪﺙ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﻣﻔﺼﻠﻴﹰﺎ ﺗﺎﺭﳜﻴﹰﺎ ﺳﻠﺒﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﺇﳚﺎﺑﻴـﹰﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻬﺗﻴﺊ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﻛﻮﺍﺩﺭ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﲢﺎﺷﻴﹰﺎ ﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﺃﺧﻄـﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﺳﻠﺒﻴﹰﺎ ﺣﱴ ﻛﺘﺎﺑﱵ ﻫﺬﻩ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪68‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺨﻴﻤﺎﺕ ﺗﻮﻟﺪ ﻃﺎﻗﺎﺕ ﻣﺆﻫﻠﺔ ﻭﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﻧﻮﻋﻴﺔ ﻭﻛﻤﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﲪﺎﻳﺔ ﺳﲑ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺑﺎﻧﺴـﻴﺎﺑﻴﺔ ﺣـﱴ‬
‫ﳜﻒ ﲤﺎﻣﹰﺎ ﻣﻌﲎ ﺍﻟﻄﻮﺍﺭﺉ ﰲ ﻣﺪﻯ ﺗﺄﺛﲑ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪ .‬ﻷﻥ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﻣﺮﻭﺭﻩ ﻭﺗﺄﺛﲑﻩ ﻋﻠـﻰ ﺗﻐـﻴﲑ‬
‫ﺍﳉﻴﻞ ﺳﻴﺄﰐ ﺑﻴﻮﻡ ﻓﻴﻪ ﺃﻣﺔ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﻟﻠﻌﻮﻥ ﻻ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻸﻫﺪﺍﻑ ﻳﺘﻄﻠﹼﺐ ﺟﻬﺎﺯ ﲣﻄﻴﻂ ﻭﺗﻨﺴﻴﻖ ﺻﺎﺭﻡ ﻭﺩﻗﻴﻖ ﻭﻣﺮﻛـﺰﻱ ﰲ ﻛـﻞ ﻭﺯﺍﺭﺓ‬
‫ﻭﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻜﻞ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﲢﺪﻳﺪ ﺁﻟﻴﺔ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﲔ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻋﻨﺪ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ‪.‬ﻭﻛﺨﻼﺻﺔ ﲡﺮﺑـﺔ ﻓـﺎﻥ‬
‫ﺃﻓﻀﻞ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻫﻮ ﺃﳍﺪﰲ ﺍﳌﺪﻋﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺟﻐﺮﺍﰲ ﻻ ﻣﺮﻛﺰﻱ ﺇﺩﺍﺭﻳﹰﺎ ﰲ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ‪.‬ﻭﻣﺜـﺎﻝ ﺫﻟـﻚ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺎﺕ ﺣﻴﺚ ﲢﺪﺩ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﻭﻓﻖ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺧﺪﻣﻴﺔ‪.‬ﺃﻭ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺭﺋﻴﺴﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳـﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﶈﺎﻓﻈـﺎﺕ‬
‫ﻳﺪﻳﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﻭﻛﻴﻞ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﻭﺗﺘﻔﺮﻉ ﺣﺴﺐ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﺍﳌﻨﺴﻘﺔ ﻣﻊ ﺍﳌﺮﻛﺰ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﻧﻮﻫﻨﺎ ﺳﺎﺑﻘﹰﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻮﻳﺾ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ)ﺭ‪ .‬ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﳋﺎﻣﺲ ‪ -‬ﺛﺎﻟﺜﹰﺎ( ﻭﺃﻭﺩ ﻫﻨﺎ ﺗﻮﺿـﻴﺢ ﻣﻨـﻬﺞ‬
‫ﺇﺩﺍﺭﻱ ﳏﺘﻤﻞ ﺍﻟﺘﺒﲏ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻫﻮ)ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﶈﻠﱢﻴﺔ( ﺃﻭ ﺇﺩﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 12‬ﻣﻮﺟﺰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ )ﻣﻨﺸﻮﺭ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺹ ‪78‬ـ‪.( 79‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪69‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫* ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ) ﻭﻻﻳﺎﺕ ﻭﳏﺎﻓﻈﺎﺕ (‬

‫ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻺﻗﻠﻴﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﻮﺣـﺪﺓ‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻳﺼﻒ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺎﻣﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺴﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ)ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑـﲔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴـﻖ(‬
‫ﺹ‪/84 ،83/‬ﺝ ‪ )2 -‬ﻭﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻜﻤﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﶈﻠﻴﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ‪-:‬‬

‫‪ .1‬ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﺮﻗﻌﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﺍﺕ ﺍﶈﻠﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ .2‬ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﶈﻠﹼﻲ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺏ ﺃﻭ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻭ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻌﹰﺎ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﲤﺘﻊ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﶈﻠﻲ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﳌﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﻣﻨﺤﻪ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ﺍﳌﺴﺘﻘﻠﺔ‪.‬‬
‫‪ .4‬ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﺎﺩﺭ ﺍﶈﻠﹼﻲ ﻟﺘﻮﱄ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ .5‬ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮّﺓ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﻭﻫﻴﺌﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ‬
‫ﺍﶈﻠﻴﺔ‪ ((.‬ﻭﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﺿﻴﻒ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﻣﻬﻤﹰﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺼﺎﺩﻗﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺼﻔﺘﻪ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺍﳌﻮﻛﻠﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳـﺔ‬
‫ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻋﺰﻝ ﺍﻟﻮﺍﱄ ‪ -‬ﺭ‪ .‬ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ‪ -‬ﺃﻭ ﺍﶈﺎﻓﻆ ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﺘﺨﺒﹰﺎ ﺇﻥ ﻻﺣﻆ ﺷﻚ ﰲ ﺭﻋﺎﻳﺘﻪ‬
‫ﺍﳌﺼﺎﱀ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﺿﺒﻂ ﻭﺿﻊ ﺑﻠﺪﺗﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻩ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺧﻮﺍﺻـﻪ‪ .‬ﺃﻭ ﲤـﺮﺩﻩ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻣﺆﺳﺴـــﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ‪ .‬ﻭﳝﻜﻦ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﺼﺪﺭ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺑﺘﻔﻮﻳﺾ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺿـﻤﻦ ﻗـﺎﻧﻮﻥ‬
‫ﺧﺎﺹ ﻭﺗﻮﺛﻖ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﹸﺳﻠﻮﺏ ﳑﻜﻦ ﻭﺻﻔﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻧﻈﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣـﺎﺕ ﻭﺷـﺒﻜﺔ‬
‫ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺗﻌﻄﻴﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﰲ ﺃﻣﻮﺭ ﺭﺗﻴﺒﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﱵ ﺃﻭﺿﺤﺘﻬﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ )‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﺳﻴﺔ ( ﺃﻥ ﺗﺒﺴﻴﻂ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻟﻴﺲ ﺑﺈﻟﻐﺎﺀ ﻣﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﺩﻗﺔ ﺍﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﻭﺣﺬﻑ‬
‫ﻭﺇﳕﺎ ﳚﺮﻱ ﺍﻟﺘﺒﺴﻴﻂ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺍﳌﺘﻄﻮﺭﺓ ﻓﻌﺎﺩﺓ" ﻣﺎ ﻧﻼﺣـﻆ ﻧﺸـﻮﺀ‬
‫ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺴﺘﻤﺮّﺓ ﻭﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﻭﻻ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻋـﺪﺩ ﺍﻟﺴـﻜﺎﻥ ﻭﺍﺗﺴـﺎﻉ ﺍﻟﺮﻗﻌـﺔ‬
‫ﻭﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﳌﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻫﺪﺭ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﳍﺬﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺜﺮ ﺍﳌﺮﺍﺟﻌﺎﺕ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﻮﺳـﺎﺋﻞ‬
‫ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ ﺑﻄﻴﺌﺔ ﻭﻣﺰﻋﺠﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﲏ ﺧﻄﺄ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺑﻞ ﻳﻌـﲏ ﺿـﻌﻒ ﺍﻟﻮﺳـﺎﺋﻞ‬
‫ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺣﺬﻑ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻫﻮ ﺍﳋﻄﺄ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﺩ ﺑـﻪ ﻣﻌﺎﳉـﺔ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪70‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﰲ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﳊﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ‪.‬ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻣﻊ ﺗﻄﻮّﺭﻫﺎ‬

‫ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﳛﻞ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻭﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻨﺪﻩ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ‪.‬‬

‫ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ‪ :‬ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻋﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ‬

‫‪ .1‬ﲤﻜﲔ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻭﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑﺎﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻌﻤﺎﳍﺎ ﻭﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ‬
‫ﰲ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﰲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻞ ﺳﻜﹼﺎﻥ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﻭﺇﺣﺴﺎﺱ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ‬
‫ﰲ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ؛ ﻭﺍﻻﻧﻌﻜﺎﺱ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﺮﻭﻑ ﻋﻴﺸﻬﻢ ﻭﻣﻌﺎﺷﻬﻢ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ ﺗﺒﺴﻴﻂ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﰲ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻓﺘﺮﺍﻗﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺪﺓ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻭﺗﺒـﺎﻳﻦ ﺍﻟﻌـﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻔﻬـﻢ‬
‫ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺑﻴﻨﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ .4‬ﺃﺩﻧﺎﻩ ﻣﺮﺗﺴﺎ ﻳﻮﺿﺢ ﺗﺼﻮﺭﺍ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﻭﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﺑﺎﳌﺮﻛﺰ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪71‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻣﺮﺗﺴﻢ ﳝﺜﻞ ﳕﻮﺫﺝ ﻣﻘﺘﺮﺡ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﻻﻳﺔ‬

‫حاكم الوالية‬

‫مجالس ‪/‬األقضية‬ ‫نائب الحاكم‬

‫والنواحي ‪ ‬‬
‫مجلس وكالء الوزارة في الوالية‬
‫مكتب الحاكم ‪ ‬‬
‫) التربية‪ ،‬الري‪ ،‬الزراعة‪......‬الخ( ‪ ‬‬

‫مكتب المالي ة‪/‬موازن ة‪،‬‬

‫اتص ال ب وزارة‬
‫إع داد ودراس ة‬ ‫‪/‬موارد ودخول؛ رقابة‬
‫ال دائرة‬ ‫الدفاع والداخلية‬
‫المش اريع العمراني ة‬ ‫الھندسية‬
‫المجلس المحلي‪:‬مجموعة‬ ‫تخطيط رقابة موازنة‬ ‫الجھ از‬
‫من اللجان‪..‬تخطيط‬ ‫األمني‬
‫ومتابعة‬
‫إقرار المشاريع ‪ ‬‬
‫اللجنة اقتصادية ومراقبة‬ ‫القائمقاميات والنواحــي ‪ ‬‬
‫األسواق‪..‬المنظمات‪...‬الخ‬ ‫ذ‬ ‫تخطيط متابعة تنفي‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المشاريع‬

‫بلدية الوالية وبلديات‬ ‫ط وارئ‪ /‬حماي ة‬ ‫أمن‪ /‬مخابرات‬

‫النواحـي‬ ‫تحليل و دراسات ‪ ‬‬ ‫ة‪/‬‬ ‫خارجي‬
‫استخبارات ‪ ‬‬ ‫س يطرات خارجي ة‬
‫لجنة المھندس األقدم من‬
‫كافة دوائر الوالية لتقديم‬ ‫شـــــــــرطـــــة‬ ‫وتك ون مش تركة‬
‫النجــــدة‬ ‫فيھ ا كاف ة الف روع‬
‫المشورة للبلدية والبلديات‪،‬‬
‫وھي لجنة غير متفرغة ‪ ‬‬ ‫األمنية المذكورة‬
‫قواطــــــع‬

‫الجنسية واألحوال المدنية والمرور السجون‪..‬‬

‫ﺇﻥ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﳌﺼﻠﺤﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻮﻛﻼﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﻭﳑﻜﻦ ﺩﻋﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ‬
‫ﻧﻄﺎﻕ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﳎﻠﺲ ﲣﻄﻴﻂ ﺑﺈﺩﺍﺭﺓ ﻣﻜﺘﺐ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺣﺎﺟﺎﺕ‬
‫ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﻭ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﺘﻄﻮّﺭ ﺍﻟﺘﺪﺭﳚﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ؛ ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻭﻉ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪72‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﻓﻴﻪ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﲝﻴﺚ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻣﺘﺎﺡ ﺳﺪّﻫﺎ ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺭﺷﻴﻘﹰﺎ ﻭﺫﻱ ﻛﻔﺎﺀﺓ‬
‫ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﺮﻧﹰﺎ ﰲ ﻫﻴﻜﻠﻪ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻭﻧﻈﻢ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﲢﻠﻴﻠﻬﺎ ﻟﻺﻓﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻـﺮ ﺍﻟﻘـﻮﺓ ﻭﺭﺃﺏ‬
‫ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻀﻌﻒ‪.‬‬

‫ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻌﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻓﻬﺬﺍ ﺗﺼﻮّﺭ ﺷﺨﺼﻲ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺎﺑﻌﹰﺎ ﻟﻈﺮﻑ‬
‫ﺃﻭ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻘﺘﻀﻴﻬﺎ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﺎ ﱂ ﺗﻌﻤﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﻳﺸﺘﺮﻁ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﳍﻴﻜﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻟﺘﺴﻬﻴﻞ‬
‫ﻣﻌﺎﳉﺔ ﻧﻮﺍﻗﺼﻪ‪.‬‬

‫ﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ‪:‬‬ ‫*‬

‫ﺇﻥ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻌﲏ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻣﻮﺭ ﺍﳊﻴـﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣـﺔ؛ ﺃﻣـﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﳌﺴﺘﺠﺪ ﻭﻣﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻘﻬﻲ ﻓﻬﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﺒﻨﺎﻩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻋﺎﻣﺔ ﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫ﺑﺎﳊﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﳌﺬﻫﺒﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺘﺒﻊ ﺗﻠﻚ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﺪﻭﻟـﺔ ﺗـﺒﲏ‬
‫ﻣﺬﻫﺐ ﻣﻌﻴّﻦ‪ .‬ﻭﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻄﻠﺐ ﻣﺪﱐ ﻭﻳﻌﺘﱪ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺭﺃﻱ ﺍﻷﻣﺔ ﻟﻠﺤـﺎﻛﻢ‬
‫ﻭﺃﻣﻮﺭ ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﰲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻻ ﲢﺘﺎﺝ ﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﻫﻲ ﺁﻟﻴﺔ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﻧﺘﺨﺎﺏ ﺍﳊﺎﻛﻢ؛ ﻭﻗﺪ ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﺪﻭﻟـﺔ‬
‫ﺑﻨﻈﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻟﺘﻌﻮﺩ ﺇﱃ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﻊ ﺗﻮﺳﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺗﻮﺣﺪ ﺷﺘﺎﻬﺗﺎ ﻭﻗﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﻫﻴﺎﻛـﻞ‬
‫ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻭ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﳎﺎﻟﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺁﺧﺮ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳـﺔ‬
‫ﻫﻲ ﺍﳊﻞ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻀﺨﻢ ﺍﳉﻬﺎﺯ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﳌﺴﺘﻄﻠﻊ ﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ ﳚﺪ ﺃﻬﻧﺎ ﺗﺘﺨﺼﺺ ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ ﺍﳌﺪﱐ ﻭﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣـﺮ ﻓﻴـﻪ‬
‫ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻛﺒﲑﺓ ﺣﻴﺚ ﻻ ﳛﺘﻤﻞ ﻭﺭﻭﺩ ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻻﺭﲡﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ‪ ،‬ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﻳﻜـﻮﻥ‬
‫ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﳎﻠﺴﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﳝﺜﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻫﻮ )ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﺔ ( ﻭﺍﻵﺧﺮ ﳝﺜﻞ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻭﻫـﺬﺍ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪73‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻷﺧﲑ ﳝﺜﻞ ﻋﺪﺩﻩ )ﻋﺪﺩ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺃﻭ ﺍﶈﺎﻓﻈﺎﺕ *ﻋﺪﺩ ﻣﻼﺋﻢ( ﺃﻣﺎ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻓﻬﻮ ﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﺘﻤﺜﻴـﻞ ﺍﻟﻨﺴـﱯ‬
‫ﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﻏﲑﺍﳘﺎ ﻟﻜﻦ ﳑﺜﻠـﻲ ﳎﻠـﺲ ﺍﻟﺸـﻴﻮﺥ‬
‫ﻭﺍﳌﺴﻤﻰ ﻫﻨﺎ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﳝﺜﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﶈﻠﻴّﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﺍﳌﺮﻛﺰﻱ ﻣـﻦ ﻧـﻮﺍﺏ‬
‫ﺍﶈﺎﻓﻈﺎﺕ ﻟﻸﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﳋﱪﺓ ﰲ ﻋﻤﻞ ﳎﻠﺲ ﺍﻷﻣﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﻣﻦ ﺍﶈﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻻﺣﻘﹰﺎ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺗﻌﺮّﻑ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﶈﺎﻓﻈﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ ﺍﳌﺮﻛﺰ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﻋﺎﺩ ﹰﺓ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺨﺐ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﰲ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺣﻜﺎﻡ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﳑﺜﻠﺔ ﺿﻤﻨﹰﺎ‪.‬‬
‫‪ .4‬ﻧﻮﺍﺏ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﳍﻢ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﰲ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﳘﻴﺔ ﺃﻱ ﻗﺮﺍﺭ ﻭﻣﺪﻯ ﺗﺄﺛﲑﻩ ﻭﺃﳘﻴﺔ ﲢﻮﻳﺮﻩ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻠـﻪ‬
‫ﻼ ﰲ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻋ ﹰ‬
‫‪ .5‬ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﱐ ﻭﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﲔ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ‪.‬‬
‫‪ .6‬ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺗﻘﻠﻴﺺ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺘﻜﻴّﻒ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﳋﱪﺓ ﻭﺯﻳـﺎﺩﺓ‬
‫ﻋﺪﺩ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﲔ ﺍﳌﺆﻫﻠﲔ ﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ‪.‬‬
‫‪ .7‬ﺗﻨﺸﻴﻄﹰﺎ ﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﻭﺗﺮﺟﻴﺤﺎ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷﻣﺔ‪.‬‬
‫ﺏ ﺗﺘﻼﺀﻡ ﻭﻓﻜﺮﺓ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻌﻴﺪﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻔﻘﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﻜﺘﻼﺕ ﺍﻟﱵ ﻗﺪ‬
‫‪ .8‬ﻫﺬﻩ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﺃﺳﺒﺎ ٌ‬
‫ﲢﺪﺙ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺴﺮﻳﻊ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﳌﺸﺎﺭﻳﻊ ﺃﻭ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻬﻧﺎ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺭﺃﻱ ﻭﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﺮ ﻭﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺔ‬
‫ﻭﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﺻﻮﺏ‪.‬‬

‫ﻭﻟﻘﺪ ﺍﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﱪﳌﺎﱐ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﳌﺸﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻓﻮﺟﺪﺕ ﻣـﺜ ﹰ‬
‫ﻼ ﺃﻥ‬
‫ﻧﺎﺋﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﻮ ﺭﺋﻴﺲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻭﺃﻥ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻫﻮ ﳑﺜﻞ ﻟﻠﺠﻬﺎﺯ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ ﻣﻬﻤـﺎ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﻪ ﺃﻭ ﺗﻌﻴﻴﻨﻪ؛ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻫﻲ ﺑﺮﳌﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺮﺃﻳﺖ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻣﻦ ﻳﻨﻘﻞ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ )ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ (‬
‫ﺇﳕﺎ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﳑﺜﻠﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﳎﺎﻟﺲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﻭﻳﻨﺘﺨﺒﻮﻥ ﻣﻊ ﻫـﺬﻩ ﺍﺠﻤﻟـﺎﻟﺲ ـ‪ -‬ﻭﻳﻔﻀـﻞ ﺃﻥ‬
‫ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﳑﻦ ﳍﻢ ﺧﱪﺓ ﻭﻇﻴﻔﻴﺔ ﻭﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﺍﳋﻤﺴﲔ ‪ -‬ﺃﻣﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﺠﻤﻟﻠﺲ ﻓﻬﻮ ﻛﻤﺎ ﺃﺭﻯ )ﺭﺋﻴﺲ ﳎﻠـﺲ‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ( ﻭﻟﻜﻮﻧﻪ ﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﰲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻬﻮ ﻻ ﳝﻠﻚ ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳـﺔ‪ .‬ﻭﺃﻭﺩ ﺃﻥ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪74‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﺷﲑ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻣﱴ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻣﺘﻮﻓﺮﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﺴﺘﻜﻮﻥ ﺇﱃ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﺮﺣﻨﺎﻩ ﰲ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺑـﻼ‬
‫ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻬﺑﺬﺍ ﻟﻦ ﻳﻌﺮﺽ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺳﺘﺨﺮﺝ ﺍﻷﺷـﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻘـﺎﺩﺓ ‪ -‬ﺍﻟﻔﺼـﻞ‬
‫ﺍﳋﺎﻣﺲ‪ -‬ﺛﺎﻧﻴﹰﺎ‪ .-‬ﻭﻟﻦ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺑﺎﳌﺮﻛﺰ ﺃﻭ ﺑﺘﺄﺛﲑ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﻫﺬﺍ ﺳﻴﺘﻴﺢ ﻧﺸﻮﺀ ﺃﺣﺰﺍﺏ ﺗﻌﺘﻤﺪ‬
‫ﺍﻟﱪﺍﻣﺞ ﺍﳌﺪﺭﻭﺳﺔ ﺑﺪﻗﺔ ﻭﺍﻟﱵ ﺳﺘﻘﺪّﻡ ﺇﱃ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ ﻟﻴﺒﺪﻱ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﰲ ﺃﻧﺴﺒﻬﺎ‬

‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‪:‬‬ ‫*‬
‫ﻻﺣﻈﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺍﻟﺒﻴﺎﱐ ﳍﻴﻜﻞ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻛﻴﺎﻥ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﲟﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ؛ ﻭﻫـﺬﺍ ﺍﻻﺭﺗﺒـﺎﻁ‬
‫ﻣﻬﻢ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻛﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﳍﺎ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﳊﻔﻈﻬﺎ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﻫﻲ ﻣﻘﻴﺎﺱ ﳒﺎﺡ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻟﻴﺲ ﻧﺴﺒﻴﹰﺎ ﳍﺬﺍ ﻳﺘﻀﺢ ﺍﳋﻠﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﰲ‬
‫ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻭﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﺍﳌﻌﲎ ﳊﺎﻛﻤﻴﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺿـﻤﻦ ﺍﳌﻌـﲎ‬
‫ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ ﳍﺎ ﺣﻴﺚ ﳝﺜﻞ )ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻈﺎﱂ( ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﺭﻗﺎﺑﻴﹰﺎ ﺻﺎﺭﻣﹰﺎ ﻭﺍﻧﺒﺜﺎﻗﻪ ﻋﻢ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﳚﻌﻞ ﻟﻪ ﺗﺄﺛﲑ ﺗﺎﻡ ﻭﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻝ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﺍﳊﺪﻳﺜﺔ ﻭﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻩ ﰲ ﺃﺻﻐﺮ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﳛﻘﻖ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ‬
‫ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ))ﻻ ﲡﺸﻤﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﺸﻘﺔ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻟﻄﻠﺐ ﺍﳊﻖ ﺑﻞ ﺍﻃﻠﺒﻮﻩ ﻭﺃﻧـﺘﻢ‬
‫ﻣﻘﻴﻤﻮﻥ ﰲ ﺑﻠﺪﻛﻢ(( ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻈﺎﱂ ﻧﺸﺄ ﰲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺳﻊ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﳌﻈﺎﱂ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟـﻮﻻﺓ‬
‫ﻭﻟﺮﺩﻋﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ‪،‬ﻭﰲ ﺍﹲﻹﺳﻼﻡ ﻧﻈﺎﻡ ﺭﻗﺎﰊ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻻ ﻳﻔﺮّﻕ ﺑـﲔ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻓﻘﺪ ﻓﺮﻗﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﺳﻴﺔ ﻭﺳﺄﺣﺎﻭﻝ ﻭﺻﻒ ﺫﻟﻚ ﻻﺣﻘﹰﺎ ﺣﻴـﺚ ﻳﻌﺘـﱪ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻈﺎﱂ ﻧﻈﺎﻣﹰﺎ ﺭﻗﺎﺑﻴﹰﺎ)ﳝﻨﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﰲ ﺳﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻭﳝﻨﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋـﻦ ﺍﻷﺩﺍﺀ(‪ ،‬ﺃﻣـﺎ‬
‫ﺍﳊﺴﺒﺔ ﻓﻬﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺫﺍ ﻗﻮﺓ ﻭﺗﺄﺛﲑ ﻳﺮﺍﻗﺐ ﺳﲑ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻛﺄﻓﺮﺍﺩ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻭﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﻣﺪﻧﻴـﺔ ﻭﺃﺩﺍﺀ‬
‫ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﻭﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﳋﻠﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻃﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺪ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﻠﻢ‬
‫ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺇﱃ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﳌﻈﺎﱂ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺩ ﺃﻭ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺻﻐﲑﺓ ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴـﺒﺐ‬
‫ﻭﺍﳌﱪﺭ؛ ﻭﰲ ﺍﳊﺴﺒﺔ ﻳﻮﻗﻒ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻗﺒﻞ ﺍﺳﺘﻔﺤﺎﻟﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﳉﻬﺎﺯ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ ﺫﺍﺗﻪ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪75‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻓﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ‪ -‬ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ‪ -‬ﻻ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﺃﻭ ﺭﻓﻀﻬﺎ ﺑﻞ ﲟـﺎ ﺗﻨﺘﺠـﻪ ﻫـﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﻭﺍﻟﺜﻐﺮﺍﺕ ﺍﻟﱵ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﳏﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻐﻞ ﺍﻟﺜﻐﺮﺍﺕ ﻹﺣﺪﺍﺙ ﻇﻠﻢ ﰲ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻭﺇﻗﻼﻕ ﺃﻣﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ .‬ﻭﺩﻳﻮﺍﻥ‬
‫ﺍﳌﻈﺎﱂ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ‪ -‬ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺭﻯ ‪ -‬ﻭﺃﻣﺎ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺃﻭ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﳎﺎﻟﺲ ﻛﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷﻋﻠـﻰ‬
‫ﻭﺍﶈﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭﳏﺎﻛﻢ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ‪،‬ﳏﺎﻛﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﳏﺎﻛﻢ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ‪،‬ﳏﺎﻛﻢ ﺧﺎﺻـﺔ‪ ،‬ﻭﻧﻮﻋﻬـﺎ ﻭﻋـﺪﺩﻫﺎ‬
‫ﻭﺩﺭﺟﺎﺕ ﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﻭﺭﺩ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﺃﻭ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻓﻬﻲ ﺃﻣﻮﺭ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﻮﻥ ﻭﻓﻘﻬﺎﺋﻪ ﻭﳝﻜﻦ ﲢﻮﻳﺮ ﺃﺩﺍﺋﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﺍ‬
‫ﺍﳌﻌﲎ‪ ....‬ﻭﻻ ﺃﺧﻮﺽ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﺑﻞ ﺃﲤﲎ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺳﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﳜﺘﺺ ﻬﺑﺎ ﻣـﻦ ﺍﳊﻘـﻮﻗﻴﲔ‪ ،‬ﻭﻭﺿـﻊ ﻣﻨـﺎﻫﺞ‬
‫ﻟﺘﺪﺭﻳﺴﻬﺎ ﰲ ﺍﳉﺎﻣﻌﺎﺕ ﻭﳏﺎﻭﻟﺔ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﺗﺪﺭﻳﺴﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻻﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﰲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ‬
‫ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻹﺣﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﳉﺮﳝﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﱪﺋﺔ ﺍﺠﻤﻟﺮﻡ ﻭﺇﺩﺍﻧﺔ ﺍﻟﱪﻱﺀ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺍﳌﻮﺟﻮﺩ ﺣﺎﻟﻴﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻋﺠﺰ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﳓﺪﺍﺭﻫﺎ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻻ ﳝﻜﻦ ﳍﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻣـﺎ ﱂ‬
‫ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻗﻀﺎﺀ ﳝﻴّﺰ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﻭﺭﻗﻲ ﰲ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﲝﺮﺹ ﻭﻟﻴﺲ‬
‫ﺑﻔﺮﺽ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﲔ ﻭﺇﳕﺎ ﺑﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺪ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺠﻤﻟﺎﻟﺲ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ‪.‬‬

‫ﻭﺗﻠﺨﻴﺼﹰﺎ ﳌﻔﻬﻮﻣﻲ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﺃﺿﻊ ﺍﳌﺨﺘﺼﺮ ﺍﻟﺘﺎﱄ‪:‬‬

‫ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ‪:‬ـ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺗﻘﻊ ﰲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﰲ ﻬﻧﺎﻳﺘﻪ؛ﻓﺎﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻭﺍﳌﻮﺍﺯﻧﺔ ﺇﱃ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺩﻓﻌﻪ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ ﻓﻴﻪ ﻋﻨﺼﺮ‬
‫ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﲡﺮﻱ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﲢﻮﻳﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﳉﻬﺔ ﺍﳌﻨﻔﺬﺓ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﺘﺨﺪﻡ ﻭﺗﺪﻗﻴﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨـﻮﺍﺣﻲ ﺍﳌﺎﻟﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﺭﻗﺎﰊ ﻟﺬﺍ ﳝﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ) ﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺍﻹﳒﺎﺯ ﻭﺗﺄﺫﻥ ﰲ ﺍﻟﺸـﺮﻭﻉ (‪،‬ﻓﺎﻟﺮﻗﺎﺑـﺔ‬
‫ﺍﺳﺘﺨﺪﺍ ٌﻡ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﰲ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺻﺎﳊﹰﺎ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺬ؛ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻨﻔﺬ ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﺧﻄﻂ ﻟـﻪ‬
‫ﻭﺻﺎﳊﹰﺎ ﻟﻪ ﻭﻣﺪﻯ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﺘﺎﺣﺔ ﻭﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﳊﻴﻮﺩ ﰲ ﺍﻟﻜﻠﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻭﻣـﺪﻯ‬
‫ﺩﻗﺔ ﺍﻟﻜﻮﺍﺩﺭ ﰲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻭﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ ﲢﺴﲔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺇﱃ‬
‫ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ‪ .‬ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺮﻗﺎﰊ‪.‬‬

‫ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ‪ :‬ﺗﻘﻊ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺃﻱ ﺗﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ )ﺍﻟﻌﲔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﳌﺮﺍﻓﻘﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴـﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺧﻄﻮﺓ‪ ،‬ﺧﻄﻮﺓ(‪ .‬ﻭﻫﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﳋﱪﺓ ﰲ ﺭﺻﺪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﺗﺰﻭﻳﺪﻩ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﻭﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ‬
‫ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﱃ ﺍﳍﺪﻑ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻔﻘﺮﺍﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ‪ ،‬ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧـﺖ ﺧﺪﻣﻴـﺔ ﺃﻡ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪76‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺔ ﺍﳌﻨﻔﺬ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻛﻲ‬

‫ﺃﻥ ﲢﺼﻞ ﻰ‬
‫ﺟﻬﺔ ﺗﺴﻬّﻞ ﺍﻷﻣﻣﻮﺭ ﻭﳚﺐ ﻥ‬
‫ﺴﺎﺀ ﻋﺎﺩ ﹰﺓ ﻓﻬﻬﻢ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﳌﺘﺎﺑﺑﻌﺔ ﻓﻬﻲ ﺔ‬
‫ﺇﻧﺘﺎﺟﻴﺔ‪ .‬ﻭﻳﺴ‬
‫ﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻋﻼﺟﻬﺎ‪ ،‬ﻭﳍﺬﺍ ﻳﻳﻔﺘﺮﺽ ﲣﺼﻴﻴﺺ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻣﺮﺍﻋﺎ‬
‫ﻋﺎﺓ ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ‬ ‫ﺗﻜﺸﻒ ﺃﻣﺎﺎﻣﻬﺎ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻓﺘﺘﻤﻜ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﻷﻷﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﻷﻥ ﺍﻷﻟﻔﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﻴﺔ ﳍﺎ ﺩﻭﺭ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﺍﳊﺴﺎﺱ‪.‬‬

‫ﻷﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ‬
‫ﳊﻘﻴﻘﻴﲔ ﺃﻱ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﻭﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻥ‬
‫ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﻣﻮﺿﻌﻴﻬﺎ ﺍﳊﻘ‬
‫ﺍﳉﺪﻳﺮ ﺫﻛﺮﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﳚﺐ ﻥ‬
‫ﺮ‬ ‫ﻭﻣﻦ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺘﲔ ﻹﳒـﺎﺯ‬
‫ﲔ‬ ‫ﻜﺎﻣﻞ‬
‫ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻘﺪ ﺃﳘﻴﺘﻬﻬﺎ ﺑﺎﻧﻘﻄﺎﻋﻬﺎ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﺘﻜﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻣﻦ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﱵ‬
‫ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻳﻔﻘﺪﺪﻫﺎ ﺃﳘﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠ‬
‫ﻳﻮﺿﺢ ﻫﺬﺍ‪:‬‬
‫ﺧﺮﻯ‪ .‬ﻭﺃﺩﻧﺎﻩ ﳐﻄﻂ ﺢ‬
‫ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻷﺧ‬
‫ﻋﻤﻞ ﻣﺘﻜﺎﻣﻣﻞ ﻭﺗﺒﺪﺃ ﻛﻞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺚ‬

‫مموقع الرقابة الثثاني‬ ‫الرقابة األول‬

‫ة‬ ‫موقع‬
‫تدقيق الميزانيةة‪،‬‬
‫النووعية‪ ،‬قبول أو ررفض‬
‫النتائج؛ محاسببة‬ ‫!ـ دراسات‪ ،‬خرائط؛‬
‫وعقوبات‪.‬‬ ‫خطط تصاميمم‪،‬موازنة‬

‫موققع المتابعة‬
‫حلة التنفيذ‬
‫مرح‬
‫نصح‪ ،‬إرشاد‪ ،‬تعديل‬
‫ممسارات‬

‫*ﺩﻭﺭ ﺍﻷﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻮﻫﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻗﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﻌﲏ ﻣﻨﻨﻄﻘﻴﹰﺎ ﻭﻋﻤﻠﻴﹰﺎ ﺣﺎﻟﺘﲔ؛ ﺍﻷﻭﻭﱃ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻡ‬ ‫ﻣﻦ‬
‫ﻼ ﻟﻪ ﺭﺭﻏﻢ ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻐﻐﺮﺏ ﺫﻟﻚ؛ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﲏ ﺗﻨﻨﻮﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ‬
‫ﻼﻡ ﻣﻨﻬﺞ ﱂ ﻳﻳﻈﻬﺮ ﳊﺪ ﺍﻵﻵﻥ ﻣﺜﻴ ﹰ‬
‫ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻭﻫﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﻹﺳﻼ‬
‫ﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﳊﺎﻛﻢﻢ ؛ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﳌﻨﻄﻘﻲ ﺗﻨﻮﻉ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻌﲎ ﺣﻜﻢ ﻭﺳﻴﺎﺩﺩﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻣﻨـﻬﺞ ﰲ‬
‫ﰲ ﺍﳌﻨﻬﺞ ﺍﻟﻮ‬
‫ﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﺴﱯ ﺍﻟﺬﺬﻱ ﱂ ﺗﻌﺪ ﻪﻟﻪ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ‬
‫ﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﻫﺬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﺲ ﺳﺳﺒﺐ ﻣﻦ ﺃﺳﺒ‬
‫ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ‪ ،‬ﻭﺍﳌﻼ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪77‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺭﻓﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﺣﱴ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﳊﺪﻭﺩ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﺑﻞ ﺍﻟﺘﻼﻋـﺐ ﺑﺎﻟﻌﻘﻴـﺪﺓ ‪...‬‬
‫ﻭﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﻳﺒﺪﻭﺍ ﺟﻬﻞ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﺭﻓﺾ ﻟﺘﻌﻠﹼﻤﻪ ﻭﺍﻬﺗﺎﻣﻪ ﺑﺘﻬﻢ ﻻ ﲢﺼﻰ ﻭﻻ ﲡﺪ ﻣﻨـﻬﺎ ﻣـﺎ ﻫـﻮ‬
‫ﺻﺤﻴﺢ‪.‬‬

‫ﻭﻟﻸﺣﺰﺍﺏ ﺩﻭﺭ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺘﺮﺷﻴﺪﻫﺎ ﻭﲢﻮﻳﻠﻬﺎ ﺇﱃ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺩﺭﺍﺳـﺎﺕ ﻷﺧﻄـﺎﺀ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﻣﻌﺎﳉﺔ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﺍﻹﺧﻔﺎﻗﺎﺕ ﻓﻬﻲ ﺑﻘﻴﺎﺩﻬﺗﺎ ﺍﳌﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻭﰲ ﺍﳌﻌﺎﺭﺿـﺔ ﺭﻗﺎﺑـﺔ ﻭﻻ ﺃﺭﻯ‬
‫ﻟﻸﺣﺰﺍﺏ ﺩﻭﺭﺍ ًﺇﻻ ﻭﺿﻊ ﺍﳋﻄﻂ ﻟﻠﺘﻜﺎﻣﻞ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻏﲑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻼ ﺑﺄﺱ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﻃﺮﺣﻬﺎ ﻟﺮﺃﻳﻬﺎ‬
‫ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺑﻼ ﺳﻼﺡ ﻭﺑﻼ ﺍﺗﺼﺎﻻﺕ ﻣﺸﺒﻮﻫﺔ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ‪ -‬ﻓﻬﺬﻩ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻋﺪﺍﺋﻴﺔ ﺣﺮﺑﻴﺔ ﻬﺗﺪﺩ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ‬
‫ـ‪ -‬ﻭﳝﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻬﺑﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺃﺭﻯ ﺃﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﺣﺪﺩﻧﺎ ﻧﻈﺮﺓ" ﻋﺎﻣﺔ ﳝﻜﻦ ﺍﳋﻮﺽ ﰲ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻣﺎ ﱂ ﻳﻔﺼّﻞ ﻭﺗﺼـﻮﻳﺐ ﻣـﺎ ﻳـﺮﻯ‬
‫ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻣﺼﻠﺤﺔ" ﰲ ﺗﺼﻮﻳﺒﻪ‪ ....‬ﻭﺍﷲ ﻭﱄ ﺍﻟﻘﺼﺪ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪78‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﳋﺎﲤﺔ‬
‫ﲢﺪﺛﻨﺎ ﰲ ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ ﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﺍﱃ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﺃﻬﻧﺎ ﳑﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﺠﹰﺎ ﻣـﺪﻧﻴﹰﺎ ﺃﻭ‬
‫ﻼ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻮﺍﺿﻴﻊ ﻓﻴﺠﺮﻱ ﲢﺪﻳﺚ ﻟﻠﻄﺮﺡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺡ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﰲ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻫﺬﺍ ﺟﺎﺋﺰ ﻭﻫـﺬﺍ ﻻ‬
‫ﻣﺪﺧ ﹰ‬
‫ﳚﻮﺯ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﳋﻄﺮ‪ ،‬ﻭﺇﳕﺎ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻘﺪﻳﺲ‬
‫ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﻛﻜﻼﻡ ﺍﷲ‪ .‬ﺇﻥ ﺍﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺒﺎﺩﺭﺓ ﻣﺘﺠﺪﺩﺓ ﺭﺍﻓﻀﺔ‬
‫ﻟﻠﺠﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﲔ ﺷﻴﻮﻉ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﻘﻴﻤﺔ ﺍﳌﻜﺒﻠﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﻭﻫﺠﻤﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼـﻒ‬
‫ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﺍﳉﺎﻫﻞ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺪﻭﻥ ﻛﻴﺘﺸﻮﺕ ﻭﻃﻮﺍﺣﲔ ﺍﳍﻮﺍﺀ‪ .‬ﺇﻥ ﺃﻣﺔ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻌﻼﻗﺎﻬﺗﺎ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺪ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ ﻭﳛـﻮّﻝ‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﱃ ﳐﻠﻮﻕ ﻣﺴﺦ ﻳﺰﺭﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺣﻞ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺟﺎﺀﺕ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺷﻮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﺭﺃﻳﻬـﺎ‬
‫ﻣﺎﺑﲔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﻣﺎ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺁﺭﺍﺀ ﳏﺾ ﺁﺭﺍﺀ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺇﺿﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺈﺣﻴﺎﺀ ﻣﻴﺘﺘﻬﺎ ﻭﻫـﻮ ﻻ ﻳﺼـﺢ‬
‫ﻟﻌﺼﺮﻧﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﺸﻠﻪ ﰲ ﻋﺼﺮﻩ‪ ،‬ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻨﻬﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻓﻬﻲ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﻟﻀﻴﺎﻉ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﲣﻠﹼـﻒ‬
‫ﺃﻓﻘﻬﺎ ﻭﺗﻔﻜﲑﻫﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﺍﻋﺘﱪﻫﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺇﺛﺮﺍﺀ" ﻓﻜﺮﻳﹰﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻜﺮ ﱂ ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻷﻣﺔ ﺇﱃ ﻣﺴﺎﺭﻫﺎ ﻭﺃﺳﻘﻄﻬﺎ ﺳـﻬﻠﺔ ﰲ‬
‫ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻓﻬﻮ ﻫﻮﻯ ﻣﺘﺒﻊ ﻻ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻞ ﺇﻥ ﻗﻔﻞ ﺍﻷﺩﻣﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻌﺔ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﳚﻌﻞ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺧﻴﺎﺭﻳﻦ ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﲡﺘﺮ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺘﺮﺧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﰲ‬
‫ﺑﻴﺖ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻧﺴﺦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻔﻮﻕ ﻋﺪﺩ ﻧﺴﺦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﰲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻠﹼﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻣـﺎ‬
‫ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﺃﻥ ﻫﺮﻭﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻣﺘﻌﺬﺭﹰﺍ ﺑﺎﳉﻬﻞ ﻟﻦ ﻳﻘﻮﺩﻩ ﺇﻻ ﺇﱃ ﺳﻮﺀ ﺍﳌﺼﲑ‪ .‬ﺇﻥ ﺃﻣﺘﻨﺎ‬
‫ﻟﻦ ﺗﺒﲎ ﺑﻼ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﻌﻤّﻘﺔ‪،‬ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺎﱐ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺎﺕ ﺑﻼ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﺴﲑ ﰲ‬
‫ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻓﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻳﺼﻔﻬﺎ ﺃﺩﱏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻤﻘﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻟﻜﻮﻬﻧﺎ ﻣﻔﻀﻮﺣﺔ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﻭﱂ ﻳﻌﺪ ﳍﺎ ﻣﺎ‬
‫ﳝﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻐﻄﹼﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺗﻮﺻﻴﻔﻬﺎ ﻓﻌﺪﺩ ﻛﺒﲑ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﻨﻬﻀﺔ ﻭﺁﺭﺍﺀ ﻛﺜﲑﺓ ﻳﻘﺪﺳﻬﺎ ﻃﺎﺭﺣﻮﻫﺎ؛ﻟﻜﻦ ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨـﺎﺱ‬
‫ﻳﺪﺭﻙ ﺃﳘﻴﺔ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺣﱴ ﻻ ﳜﺮّﺏ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﲢﺖ ﺃﻗﻞ ﺍﺣﺘﻤـﺎﻝ ﻣـﻮﻃﻦ‬
‫ﺿﻌﻒ ﻭﺍﺧﺘﺮﺍﻕ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪79‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﺩﺭﻙ ﲤﺎﻣﹰﺎ ﺃﻥ ﻭﺿﻊ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻹﳚﺎﰊ ﻣﻊ ﻗﻮﻡ ﳛﺎﺭﺑﻮﻙ ﻭﺇﻥ ﺳﺎﳌﺘﻬﻢ ﻭﻳﻜﺮﻫﻮﻙ ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺒﺒﺘﻬﻢ ﻳﺮﻣﻮﻧـﻚ‬
‫ﺑﺎﻻﻬﺗﺎﻣﺎﺕ ﻭﻟﻌﻘﻴﺪﺗﻚ ﻭﺇﻥ ﺟﺎﻣﻠﺘﻬﻢ؛ﻭﻟﻴﺲ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ؛ ﺑﻞ ﻋﻦ ﺟﻬﺎﻟﺔ ﻭﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﺑﺎﳊﻴﺎﺓ‬
‫ﻭﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﺍﳌﺮﺍﻗﺐ ﻟﺘﺼﺮﳛﺎﺕ ﺯﻋﻤﺎﺋﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻢ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﺣﻀﺎﺭﻱ‬
‫ﻭﺍﳓﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﺳﻠﹼﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻢ ﲤﺎﻣﹰﺎ ﻛﺎﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﱵ ﻟﻴﺲ ﳍﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻻ ﺍﻻﺳﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻨﻴﺔ ﻭﺗﻘﻮﺩﻫﻢ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ‬
‫ﻭﺗﺮﻭّﺿﻬﻢ ﺍﳊﺎﺟﺎﺕ‪ .‬ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻻﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺍﳌﺒﺎﺩﺭﺓ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺴﲑ ﳓـﻮ ﻇﻠـﻢ‬
‫ﺗﻀﻴﻖ ﺑﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﲟﺎ ﺭﺣﺒﺖ ﻭﺗﻘﻠﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﳌﻌﺎﻳﲑ‪ .‬ﻭﻟﻘﺪ ﻧﻮﻫﻨﺎ ﺇﱃ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﻋﻦ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﻗﻊ ﻣﺪﱐ‬
‫ﻣﺘﻌﺎﻇﻢ ﰲ ﻣﺸﺎﻛﻠﻪ ﻭﺍﲡﺎﻫﺎ ﺇﱃ ﺻﻨﻊ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺩﻣﺎﺭﻫﺎ ﺑﺈﺣﺪﺍﺙ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﺑﺎﺳﻢ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‪ .‬ﻭﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﳏﺘﻮﻯ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻟﻶﺧﺮ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﳚﻬﺮﻭﻥ ﺑﺮﻏﺒﺘﻬﻢ ‪ -‬ﺍﻟﱵ ﻟﻦ ﺗﻨﺠﺢ ‪ -‬ﰲ ﻧﻘﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺪﻋﻮﻧﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﲢﻤﻠﻬﻢ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﳛﻜﻢ ﺑﻼﺩﻩ؛ ﻓﺎﻥ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻜﺒﲑﺓ ﻭﺍﻟﱵ ﻻ ﲡﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠـﻪ‬
‫ﺳﺘﻬﺪﻡ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻫﺎﺩﺋﺔ ﺣﻴﺚ ﺳﺘﺪﺍﻓﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﻋﻦ ﺃﺳـﺒﺎﺏ‬
‫ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻻ ﻟﺘﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﺑﻞ ﺳﺘﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﲟﺎ ﺗﻮﻓﺮﻩ ﺍﳌﻴﻜﺎﻓﻴﻠﻴﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺃﺭﺿﻴﺔ ﻟﺸﺮﻋﻨﻪ ﻋﻤﻠﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﺘﺤﺮّﻯ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻭﻳﺴﲑ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻣﻠﺘﺰﻡ ﻷﻥ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻣﻦ‬
‫ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﻨﻘﺬ ﺑﻪ ﻭﻟﲑﻯ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺞ ﻟﻪ ﺑﺎﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ‬

‫ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﻳﻬﺎﺟﻢ ﻬﺑﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﺲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻭﺍﳌﺪﻳﺢ ﻭﺇﳕﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﺍﻷﺳﺲ‬
‫ﻛﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺷﺮﺡ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﻟﺮﺑﻂ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺕ ﻋﻠﻤﹰﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﻮ ﺍﳌﺘﻬﻢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺍﳌﺮﺃﺓ‪ :‬ﻭﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ )ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﺳﺮﺓ(‪.‬‬

‫‪ .2‬ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ﻛﺘﻌﺒﲑ ﻣﻬﲔ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﻣﻌﲎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻄﺮﻗﻨﺎ ﺇﱃ ﺑﻌﻀﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪80‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻣﻮﺭﺍ ﺛﻼﺙ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬﻩ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪:‬‬

‫ﺍﻷﻭﻝ‪ :‬ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ؛ ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻧﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺑﺄﻬﻧـﺎ ﳎـﺮﻯ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻏﲑ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﻗﺒﻞ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻭﺑﺪﻗﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﲣﺮﺝ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﰲ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻗﺪ ﺗﺼﻮّﺏ ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺍﻟﻄﺎﺭﺉ ﻓﻘﺪ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﳋﻄﺄ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﺮﻭﺝ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺜﺎﱐ‪:‬ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺔ ﺯﻣﻦ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﻻﺣﺘﻼﻝ ﺃﻭ ﺗﻔﻜﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻊ ﺩﻋﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻫﻴﺌﺔ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻭ ﳎﻠﺲ ﻋﻠﻤﻲ ﺣﻴﺚ ﺗﺪﻳﺮ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻔﺎﻭﺿﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻛﺤﻘـﻮﻕ ﻭﺣﻴـﺎﺓ ﻣﺪﻧﻴـﺔ‬
‫ﻭﺗﺼﻮّﺏ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻫﻲ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﻱ‪ ،‬ﻭﻫﺬﻩ ﺁﻟﻴﺔ ﳑﻜﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﺃﻥ ﺃﻱ ﺍﻣﺔ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻘﻴﻢ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﻊ ﺃﻣﻢ ﺃﺧﺮﻯ ﻻﺑﺪ ﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﺎ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺗﺮﺗﻘﻲ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻲ‬
‫ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﳚﺎﺑﻴﺔ ﻭﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﻭﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﺳﻴﻘﻮﺩ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺇﻫﺎﻧﺔ ﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﳐﺘﻠﻔﺔ ﻭﻫﺪﺭ ﻟﻘﻴﻤﺘﻪ ﻭﲟﺎ ﺗﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﺭ ﻣﺪﱐ ‪ ،‬ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻜـﻼﻡ ﻋـﻦ‬
‫ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺑﻼﺩ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻫﻮ ﺟﻬﻞ ﻣﻄﺒﻖ ﻭﻻ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺗﺪﻋﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺑﻞ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴـﺔ‬
‫ﺃﺧﺮﻯ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﺗﺘﺴﻤﻰ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻞ ﺭﲟﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﺔ ﻭﺳﺒﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ‪،‬‬
‫ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﺍﺿﺢ ﺍﳌﺮﻣﻰ ﳌﻦ ﻳﻌﻴﺶ ﰲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺸـﺮﻕ ‪،‬‬
‫ﻭﻧﻨﺎﻗﺶ ﻫﺬﺍ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﻗﺎﺩﻡ )ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ( ﻭﻫﻮ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ ﺍﳌﺰﻣﻊ ﻭﺿﻌﻪ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ‬
‫ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﺍﷲ ﻭﱄ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﻬﺪﻱ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪81‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻗﺮﺍﺀﺓ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ‬

‫ﺍﳌﺮﻓﻖ‬

‫ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻭﻣﻔﺎﻫﻴﻢ‬
‫ﻋـﻠﻘﺖ ﰲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻜﺘّﺎﺏ ﻭﺍﳌﻔﻜــﺮﻳﻦ ﻣﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺑﲔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺇﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻏﺮﺑﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﺗﻨـﺎﻗﺾ‬
‫ﻼ ‪ -‬ﳍﺎ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﳐﺘﻠﻒ‬
‫ﺃﺳﺴﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳌﺮﺍﺩ ﺗﻘﺪﳝﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ .‬ﻓﻜﻠﻤـــﺔ ) ﺍﳊﺮّﻳﺔ( ‪ -‬ﻣﺜ ﹰ‬
‫ﻋﻦ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻛﻤﺼﻄﻠﺢ ﻣﺪﱐ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻭﺍﻥ ﻇﻦ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻧﻪ ﺛﺎﻧﻮﻱ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻡ )ﻛﺈﺳﻼﻡ( ﻻ ﻳﻌﲏ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻼ ﻭﺳﻴﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﳊﲑﺓ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺤﺪﺭ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﻛﻌﻘﻴﺪﺓ ﺣﻀﺎﺭﻳﺔ‬
‫ﻓﻌ ﹰ‬
‫ﺗﻨﺘﺞ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺑﻴﺴﺮ ﻭﺳﻼﺳﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ‪ .‬ﻭ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺃﺣﺎﻭﻝ ﻭﺿﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟـﱵ‬
‫ﺃﺭﺟﻮﺍ ﺃﻥ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺻﺤﻴﺢ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪ ).‬ﺃ ﹼﻥ ﺩﻗﺔ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪﺍ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﳌﺜﻘﻒ ﻟﻠﻮﺍﻗـﻊ‬
‫ﻭﻭﺿﻊ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﻭﺁﻟﻴﺎﻬﺗﺎ‪ (.‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻫﻨﺎ ﺑﻨﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻘﺪ ﻳﺘﻮﺟﺲ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ‬
‫ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪82‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻭ ﹰﻻ‪:‬ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﻭ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ‪ :‬ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﻣﻨﻘﻮﻝ ﺑﲔ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﳌﻔﻬﻮﻣﲔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻠـﻰ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﺗﻄﻠﹼﺐ ﲢﺪﻳﺪﹰﺍ ﺃﺩﻕ ﳍﺬﻩ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﰲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﻔﺼﻴﻼ ﳑﺎ ﻗﺮﺃﻩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ) ﺍﻟﻨﺒﻬﺎﱐ ( ﺭﲪﻪ‬
‫ﺍﷲ ﻭﺇﺧﻮﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺍﺠﻤﻟﺪﺩﻳﻦ‪.‬‬

‫ﺍﳊﹶﻀـﺎﺭﺓ‪ :‬ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺟﺎﻣﻊ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻓﻜﺮ ﺍﻷﻣﺔ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻀـــﺎﺭﺓ ﻛﻤﻔﻬـﻮﻡ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﰲ ﻛــــﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻨﺘـﺞ ﻋﻨـﻪ ‪ -‬ﻣﻦ ﺣﻠﻮﻝ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ‪ -‬ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ،‬ﻭﺃﻱ ﺣﻠﻮﻝ ﻣﺴـﺘﺤﺪﺛﺔ ﺗـﺮﺗﺒﻂ‬
‫ﺑﺎﳉﺬﻭﺭ ﻭﻻ ﲢﺪﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻐﻴﲑﺍ ﺑﻞ ﺗﺘﺴﻊ *‪ 13‬ﻟﻠﺴﺎﺑﻖ ﻭﺍﻟﻼﺣﻖ ‪ -‬ﻭﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﻳﻌﻄﻲ ﺻﻔﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻗﺪﺭﺗـﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻣﺪﻧﻴﺎﺕ ﻭﻋﺼﻮﺭ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪﺓ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺭﻓﺾ ﻟﻶﺧﺮ ﺑﻞ ﺗﺘﺴـﻊ ﻟﺘﺤﺘﻮﻱ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ‪-‬‬
‫ﻣﺬﺍﻫﺐ ﻭﺍﺩﻳﺎﻥ ﻭﺭﺃﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﳎﺘﻤﻌﻬﺎ‪ -‬ﻭﺍﳊﻀـﺎﺭﺓ ﺗﺘﻮﺳـﻊ ﺑﺎﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻟﻸﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ‬
‫ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﻬﺗﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻓﻌّﻠﺖ ﻛﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﻀـﺎﺭﺓ ﺟﻌﻞ ﺍﷲ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﳝﻜﹼﻦ ﺍﳌﺘﻔﻜﹼﺮ‬
‫ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺩﻭﳕﺎ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﳍﺎ ﺃﻭ ﲢﺪﻳﺪ‪ .‬ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﰲ ﺍﳊﻀﺎﺭﺓ ﲝ ﹲ‬
‫ﺚ ﻋﻘﻠ ٌﻲ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﻠﻢ ﺇﻥ ﻻ ﻳﺮﺿﻰ ﺑﻐﲑ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﺴﻤﻰ ﻭﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﳉﻤﻮﺩ ﻭﻗﺒﻮﻝ ﻋﺒﻮﺩﻳﺘﻪ ﻟﻐﲑ ﺍﷲ ﺑﻄﺎﻋﺔ‬
‫ﻱ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﻮ ﺳـﺎﺋﺮ ﻓﻴﻪ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﺑﻴﻨﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺒﺤﺚ ﻣﱴ ﻣﺎ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻟﻴﻔﻬﻢ ﺃ ّ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻓﻬﻮ ﻏﲑ ﻣﺘﺒﻠﻮﺭ ﻓﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﻲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﺼﻒ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﲣﻤﻦ ﻣﻌﺎﳉﺘﻪ ﻭﻻ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﲜﺬﺭ ﻭﺍﺣﺪ‪،‬‬
‫ﺗﺼﺎﱀ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻻ ﺗﻘﻮﺩﻩ ‪،‬ﳍﺬﺍ ﻫﻲ ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﲢﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ‪ ،‬ﻭﻛﺄﻱ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺿﻌﻲ ﻬﺗﺮﺏ ﻣﻦ ﻓﺸـﻠﻬﺎ ﺑﻠـﻮﻡ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ‪.‬‬

‫ﺍﳌـﺪﻧﻴــﺔ‪ :‬ﻫﻲ ﲡﻤّﻊ ﻭﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﳉﻬﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻣﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﰲ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻭﺍﺳﺘﺤﺪﺍﺙ ﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﳊﻴﺎﺓ‪ ..‬ﻭﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻻ‬
‫ﺗﻨﺘﺞ ﺣﻠﻮﻻ ﺫﺍﺕ ﺟﺬﻭﺭ‪-‬ﻛﻤﺎ ﻧﻮﻫﻨﺎ ‪ -‬ﻭﺇﳕﺎ ﺗﺘﺒﲎ ﺃﻓﻜﺎﺭﺍ ًﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﲡﺮﻳﺒﻴﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ‬
‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻈﺮﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻭﺳﺎﺋﻞ‪ ،‬ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‪ ،‬ﻭﺃﻓﻜﺎﺭ ﻣﺘﺒﻨﺎﺓ‪ ،‬ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻏﲑ ﻭﺍﺿﺤﺔ‬
‫ﻭﻗﺪ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻟﻨﻔﻌﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻜﺮﻳﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﻓﺼﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻴﻬـﺎ‬
‫ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻜﻦ ﺗﺪﻗﻴﻘﺎ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﳎﺮّﺩ ﺁﻟﻴﺔ ﺗﺒﻌﺪ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺑﺎﺳﻢ ﺩﻳﻦ ﻻ ﺷﺮﻳﻌﺔ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻭﻳﻌﺘﱪ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﳍﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺏ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺘﺨﻠﻒ ﻓﺮﻓﻀﻮﻩ ﻬﺑﺬﻩ ﺍﻵﻟﻴـﺔ‪ ،‬ﻭﳑـﺎ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪83‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻳﺆﺳﻒ ﻟﻪ ﻫﻮ ﺿﻴﻖ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﳌﺆﺛﺮ ﻳﺴﻘﻂ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺩﻭﳕﺎ ﻭﻋـﻲ ﺃﻭ ﺗﻔﻜﹼـﺮ ﰲ‬
‫ﳏﺎﻭﻟﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ ﻟﻠﻨﻬﻮﺽ ﺑﺄﻣﺔ ﻻ ﺗﻨﻬﺾ ﺑﺒﺎﻃﻞ ﺃﻭ ﺗﺒﻌﻴﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻭﺍﺟﺒﻬﺎ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﻖ ﻭﻋﺮﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* ‪13‬ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻮﺳـﻊ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺳـﻊ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺗﻌﺎﻇﻢ ﺩﻭﻥ ﺗﻐﻴﲑ ﰲ ﺍﳉﻮﻫﺮ ﺃﻭ ﺍﳌﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﻛﻨﺎﻳـﺔ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺸﺎﺳﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺻﻔﺔ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ‪ -‬ﰲ ﺣﲔ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﺤﻀﺎﺭﺓ ﻫﻮ ﺫﺍﺗﻪ‬
‫ﻭﺍﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﻭﺷﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﺗﻄﺒﻖ ﻭﲢﺪﺙ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻓﻌّﻠﺖ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﰲ ﺩﺍﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ )ﻭﻻﻳـﺔ ﺍﻷﻣـﺔ ﻭﺣﺎﻛﻤﻴـﻪ‬
‫ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ(‪..‬‬

‫ﺇﻥ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﻨﺘﻤﻴﺔ ﺗﻘﻮﺩﻫﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ‪ ،‬ﻣﻠﻚ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﺎ‪ ،‬ﺇﻥ ﳕﻮ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﰲ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﺟﻌﻠـﻬﺎ‬
‫ﺧﻄﺮﺓ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﺗﺖ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻹﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪ ..‬ﻟﻜﲏ ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﺃﻳﻦ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﳌﻼﺋﻤﺔ ﺑﻞ ﺃﻳﻦ ﻣـﻦ‬
‫ﺚ ﻋﻠﻤﻲﱞ‪ ،‬ﺃﻱ ﲡﺮﻳﱯ ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﻔﺘﻪ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ‪.‬‬
‫ﻳﺴﺘﻨﺒﻄﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﻋﲔ ﺇﻟﻴﻬﺎ‪!.‬؟ ﺇﻥ ﲝﺚ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﻫﻮ ﲝ ﹲ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪84‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺛﺎﻧﻴﹰﺎ‪ :‬ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻄﺮّﻑ ‪:‬‬

‫ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ‪ :‬ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﺗﻌﲏ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻟﻼﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﳌﻌﺎﳉﺔ ﺍﳌﺴﺘﺠﺪﺍﺕ‪،‬‬
‫ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ )ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﺣﻠﻮﻝ ﳌﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﺍﳉﺬﻭﺭ ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﰲ ﺃﻱ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ( ‪-‬‬
‫ﻫـﺬﺍ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺣﻀـﺎﺭﻱ‪-‬‬

‫ﺃﻣﺎ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻐﺮﰊ )ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ( ﺗﻌﲏ )ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻭﺭﻓﺾ ﺍﳊﺪﻳﺚ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ‪ ،‬ﺭﻓﺾ ﺍﻵﺧﺮ‪ -‬ﻣﻦ ﻟـﻴﺲ‬
‫ﻣﻌﻲ ﻓﻬﻮ ﺿﺪّﻱ ‪ ،-‬ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﺑﺘﻜﺎﺭ ﻭﺇﳕﺎ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﳏﺪﺩﺓ ﻭﺻﺎﺭﻣﺔ ﻭﻣﻔﺼﻠﺔ ﺑﻨﺼﻮﺹ*‪ (( 14‬ﻭﻧﻼﺣﻆ‬
‫ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﲔ ﻣﻌﲎ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ‪..‬‬

‫ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ‪ :‬ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﳒﺪ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺯ ﻭﺍﳊﺬﺭ ﻟﺪﻓﻊ ﻋﺪﻭّ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﳊﺬﺭ ﻣﻦ ﻣﻌﺼـﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻣـﺎ ﺍﻟﺘﺮﲨـﺔ‬
‫ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻓﻼ ﺗﻌﻄﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﲎ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﻌﲏ ))ﺍﻹﺭﻋﺎﺏ((!‪ .‬ﻭﻫﻲ ﻻ ﺗﻔﻴﺪ ﰲ ﻭﺻﻒ ﻣﻦ ﻳﺼﻔﻮﻬﻧﻢ ﺑﻪ‪ ،‬ﻭﺗﻠﻚ‬
‫ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺇﻻ ﺃﻬﻧﺎ ﻻ ﺗﻨﻔﻚ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺎ ﱂ ﲢﻞ ﻣﺴﺒﺒﺎﻬﺗﺎ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺘﻄﺮّﻑ‪ :‬ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﺍﻟﺘﻄﺮّﻑ ﻭﺻﻔﹰﺎ ﻷﻱ ﻧﺸﺎﻁ ﺇﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻪ ﻣﻦ ﺟﺬﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ‬
‫ﻳﺘﻐﲑ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ‪ ،‬ﺃﻣﺎ) ﺍﻟﺘﻌﺼﺐ( ﻓﻬﻮ ﺁﻓﺔ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﺍﳉﻬﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻧﻘﻠﺖ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺇﱃ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﺃﻣﺮﻳﻦ ﺃﻭﳍﻤﺎ )ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ(‪ ،‬ﻭﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ )ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ(‪ ،‬ﻓﺄﻣـﺎ ﺍﻟﻌﺼـﺒﻴﺔ ﻓﺮﻓﻀـﻬﺎ ﻋـﺎﻡ ﰲ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ)ﻟﻴﺲ ﻣﻨّﺎ ﻣﻦ ﺩﻋﺎ ﺇﱃ ﻋﺼﺒﻴﺔ‪ ....‬ﺍﳊﺪﻳﺚ (‪ ،‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﻄـﻰ ﻟﺮﺳـﻮﻝ ﺍﷲ ﻓﻤـﺎ ﺑﺎﻟـﻚ‬
‫ﺑﻐﲑﻩ)ﺹ(‪ ،‬ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻛﺜﲑﺓ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ) ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻮﻛﻴﻞ( )ﻓﺬﻛﹼﺮ‪ (...‬ﻣﻮﺍﻗﻊ ﻛﺜﲑﺓ !‪ ،‬ﻭﻣﺎ‬
‫ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﻨﺎ ﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﻟﻠﺠﺬﺏ ﳓﻮ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺑﺼﺤﺘﻬﺎ ﻭﻟـﻴﺲ ﻃﻠﺒـﹰﺎ‬
‫ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺍﷲ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺜﹰﺎ‪ :‬ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‪ :‬ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻏﺮﰊ )ﺩﻭﻟﺔ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻧﻔﻮﺫ ﺃﻭ ﺳﻠﻄﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ( ﻭﻫﺬﺍ‬
‫ﻛﻠﻪ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ‪ -‬ﻻﺣﻆ ﺍﳍﺎﻣﺶ ﰲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ‪ -‬ﺃﻣﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻓﻬﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﲟﻌﺎﳉﺎﺕ ﺷﺮﻋﻴﺔ )ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻸﻣﺔ( ﺣﱴ ﻋﻠـﻰ ﻋﻬـﺪ ﺭﺳـﻮﻝ‬
‫ﺍﷲ)ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ(‪ ،‬ﻭ ﻟﻴﺲ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﺟﺎﻝ ﺩﻳﻦ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ )ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺩﻳـﻦ(‪ .‬ﺃﻣـﺎ ﺇﺫﺍ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪85‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺃﻋﻄﻴﺖ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﻧﺎﺱ ﻣﻌﻴﻨﲔ ﻟﺴﻤﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻭ ﻣﻨﺤﻮﺍ ﺍﳊﺎﻛﻤﻴﺔ ﻓﻬﺬﺍ ﻗﻄﻌﹰﺎ ﺧﺮﻭﺝ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻣﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻫﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻭﻓﻖ ﺍﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻭﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬

‫ﺇﻟﺼﺎﻗﻬﺎ ﺃﻭ ﻧﺴﺒﻬﺎ ﻟﻺﺳﻼﻡ‪.‬ﺃﺫﻥ)ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺪﺧﻼﻬﺗﺎ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻭﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻷﻣـﺔ ﻛﻔﺎﺀﻬﺗـﺎ‬
‫ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺃﻭﱄ ﺍﻷﻣﺮ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﳉﺔ ﻭﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺑﻴﺌﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﲟﺎ ﺣﻮﻯ ﻭﺍﺟﺐ ﲢﻘﻴـﻖ ﺍﻟﻌـﺪﻝ‬
‫ﺑﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺍﻧﺘﻤﺎﺀ ﻋﺮﻗﻲ ﺃﻭ ﺩﻳﲏ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﻻﻥ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﳊـﻖ ﻭﻟـﻴﺲ ﺍﻟﺮﺿـﺎ‬
‫ﺍﻟﺘﻔﺎﺿﻠﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺴﱯ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺿﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺴﺎﺩ ﻭﻇﻠﻢ ﻓﻠﻦ ﻳﻌﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘـﺎﺋﻤﲔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﷲ ﺇﺫﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﷲ ﻭﺭﺿﺎﻩ ﻫﻮ ﺍﳌﻌﻴﺎﺭ ﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﻭﺍﳊﺎﻟﺔ ﻫﺬﻩ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺔ‬
‫ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻄﻮﺭ ﻭﺇﺑﺪﺍﻉ ﻟﻠﻮﺳﺎﺋﻞ(‪ .‬ﻻﺣﻆ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 14‬ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺍﺑﺪﻱ ﻫﻨﺎ ﻣﻼﺣﻈﺔ‪...‬ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﳛﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﲎ ﳓﻦ ﺧﻼﺻـﺔ‬
‫ﺣﻜﻤﻪ ﻭﻧﺴﻘﻄﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺎﺭﳜﻨﺎ ﻭﺣﺎﺿﺮﻧﺎ ﺇﺳﻘﺎﻃﹰﺎ ﻭﳒﻠﺪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ‪ ..‬ﺇﻥ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻟﲑﻯ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺍﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﰲ ﺯﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ‬
‫ﻭﺍﺣﺪ ﻭﳚﻬﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﻀﺎﺭﺓ‪ .‬ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺃﳌﻠﻘﻲ ﺑﻈﻼﻟﻪ ﰲ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻟﻺﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﻓﻬﻤﻬﻢ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻻ ﳜﺮﺝ ﻋﻦ‬
‫ﻋﻘﺪﺓ ﺩﻳﻦ ﺑﻼ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻗﺎﺩﻫﻢ ﻟﻠﻈﻼﻡ ﻓﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻻﻥ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻮﻥ ﺑﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﻜﹼﻤﻮﺍ ﺃﻫﻮﺍﺀﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﷲ ﳛﻞ ﻗـﻴﻬﻢ‬
‫ﻓﻜﻼﻣﻬﻢ ﻫﻮ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺍﻟﺮﺏ‪ ...‬ﺃﻣﺎ ﺍﻹﺳﻼﻡ ) ﻓﻬﻮ ﳐﺘﻠﻒ ﲤﺎﻣﹰﺎ( ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺳﺮ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ‪ ،‬ﻋ ّﺰ ﱂ ﻧﺮﻩ ﺑﻐﲑﻩ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪86‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺭﺍﺑﻌﹰﺎ‪ :‬ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪ :‬ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﻤﺼﻄﻠﺢ ﻏﺮﰊ ﻣﻴﻜﺎﻓﻴﻠﻴﺔ ﻫﻲ)) ﻓﻦ ﺍﳌﻤﻜﻦ ﻷﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺇﻗﻨـﺎﻉ ﺍﻵﺧـﺮﻳﻦ‬
‫ﺑﺮﺅﻳﺘﻚ ﻭ ﺍﺳﺘﺤﺼﺎﻝ ﺍﻗﺮﺏ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﻟﺬﺍﻟﻚ‪ .‬ﻭﺗﻮﺻﻒ)ﺍﻟﻘﺬﺭﺓ(ﻷﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺪﺍﻉ ﻭﻧﻔﺎﻕ ﻭﻣﺮﺍﻭﻏﺔ ﻭﲝـﺚ ﻋـﻦ‬
‫ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺿﺮﺍﺭ ﻵﺧﺮﻳﻦ (( ﻭﳑﺎ ﻳﺆﺳﻒ ﻟﻪ ﻓﺄﻥ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﺍﻟﺘﻘﻄﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﻛﻐﲑﻩ ﻭﺍﺩﺧﻠﻮﻩ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ‪ ،‬ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﻟﻀﻌﻒ ﺍﳌﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺻﻔﻮﻥ ﺑﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﺫﻫﺐ ﺍﻟـﺒﻌﺾ‬
‫ﻟﻠﻘﻴﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻟﻴﺼﺪﺭ ﻓﺘﻮﻯ ﻭﺗﺸﺮﻳﻊ ﺑﺘﺤﺮﱘ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ! ﺃﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻗﺬﺭﺓ؟! ﺃﻟـﻴﺲ ﺍﻟـﺪﻳﻦ‬
‫ﻧﻈﻴﻔﺎ؟! ﻓﺤﺮّﻣﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺣﺮّﻣﺖ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻭﻭﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺇﱃ ﺗﻜﻔﲑ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻨﺸﺎﻁ ﺳﻴﺎﺳﻲ‪،‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﳐﺮﺟﺎﺕ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﱵ ﺃﺳﺴﺖ ﻋﻤﻠﻴﹰﺎ ﻣﻊ ﺳﻴﻜﺲ ‪ -‬ﺑﻴﻜﻮ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ‬
‫ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻦ ﲦﺎﻧﻮﻥ ﻋﺎﻣﹰﺎ ﺟﺮﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﻟﻔﻜﺮﺓ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ ﻭﻭﻋﺎﻅ‬
‫ﺍﻟﺴﻼﻃﲔ ﻭﺟﻬﻞ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺪﻳﻨﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺴﻬﺎﻝ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﻔﺘﻮﻩ ﻭﺍﻟﱵ ﺃﻋﻄﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻋﺎﻅ ﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﳏﺒﺒﺔ ﳍﻢ ﺑﻞ ﻇﻦ‬
‫ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﻭﻧﺴﻮﺍ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋ ّﺰﹰﺍ ﺑﻌﺪ ﺯﻭﺍﳍﺎ‪.‬‬

‫ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ) ﺭﻋﺎﻳﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﻣﺼﺎﱀ ﺍﻷﻣﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﳋﺎﺭﺝ( ﻭﻫﻲ ﻭﺍﺟﺐ ﻣﻦ ﺃﺩﻧﺎﻫﺎ )ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ(‬
‫ﺇﱃ ﺍﳌﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺮّﻍ ﻹﻋﻼﺀ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣـﺔ ﻭﺣﺎﻛﻤﻴـﻪ ﺍﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ‬
‫ﻭﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﳍﻮﻯ ﰲ ﺍﳊﻜﻢ ﻭﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ‪15* . ......‬‬

‫ﺧﺎﻣﺴﹰﺎ‪ :‬ﺍﳊﺮﻳّــﺔ‪ :‬ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﻣﻌﻨﹰﺎ ﳐﺘﻠﻒ ﰲ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺎﳊﺮﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ‬
‫ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﲣﺮﺝ ﻋﻦ ) ﻋﻜﺲ ﺍﻟﺮﻕ ﻭﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻱ ﻋﻜﺲ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ (‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻓﺎﻥ ﺍﳊﺮﻳـﺔ‬
‫ﻓﻌﻞ ﻻ ﳛﺪ ﻣﻦ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩﻩ ﺇﻻ ﲤﻜﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻭﺻﻔﻲ ﻳﻌﺪّﻝ ﻋﻨﺪ ﻏﻠﺒﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻟﻴﺴـﺠﻞ‬
‫ﺍﻟﺘﻜﻴﻴﻒ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﳍﺎ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﳌﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺒﺪﻭ ﳐﺘﻠﻔﹰﺎ ﻋﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻬﻮ ﰲ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻓﻌﺎ ﹰﻻ ﻓﻬﻲ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﳌﺒﺪﺃ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪﺗﲔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺘﲔ )ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻹﺑﺎﺣﺔ ﻣـﺎ ﱂ‬
‫ﻳﺮﺩ ﺩﻟﻴﻞ ﲢﺮﱘ( ﻭﻛﺬﻟﻚ ) ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻘﻴّﺪ ﺑﺎﳊﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ (‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﲝﺚ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﰲ ﺍﻹﺳـﻼﻡ‬
‫ﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻬﻴﹰﺎ ﲟﻌﲎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ )ﻛﻤﺎ ﺃﻭﺿﺢ ﺩ‪ .‬ﳏﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺒﻮﻃﻲ ﰲ ﳏﺎﺿـﺮﺍﺕ‬
‫ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﲢﻤﻞ ﺫﺍﺕ ﺍﻻﺳﻢ(‬

‫‪ ‬‬ ‫‪87‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺳﺎﺩﺳﹰﺎ‪ :‬ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮﻳﺔ ‪ :‬ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺩﺧﻠﺖ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﻭﺍﻷﻛﺜﺮﻳـﺔ ﻭﻟـﻴﺲ ﰲ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤـﻊ‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻣﺮ! ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﳌﺘﺒﻊ ﻫﻮ ﺍﻷﻗﺮﺏ ﻟﻠﺼﻮﺍﺏ ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﻣﺆﻳﺪﺓ ﻟﻪ ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﳛﻜﻢ ﻫﻮ‬
‫ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺻﻮﺍﺑﹰﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﺪﺩﹰﺍ ﻭﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺘﻜﺎﻓﺊ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺘﻘﺪﻩ ﺃﻭ ﺟﻨﺴﻪ) ﺫﻛﺮ ﺃﻡ ﺃﻧﺜﻰ ( ﺃﻭ ﻋﺮﻗﻪ ﻭﻫﺬﺍ‬
‫ﻻ ﻳﻌّﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﺃﻋﻄﻲ ﻓﻮﻕ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻈﻢ ﺍﺠﻤﻟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻌﻄـﻲ ﻟﻸﺩﻳـﺎﻥ‬
‫ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺣﻖ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻭﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﻈﺎﻣﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻫﻮ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻌﲏ ﺑﺎﻷﺳﺮﺓ ﻭﻳـﻨﻈﻢ‬
‫ﻋﻼﻗﺎﻬﺗﺎ ﺩﺍﺧﻠﻴﹰﺎ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﹰﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻓﻞ ﺑﺄﻧﻮﺍﻋﻪ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻘﻮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻞ‬
‫ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎﻕ ﺣﱴ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻭﺟﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﹰﻻ ﻭﲡﺎﺭﺓ ﺑﻞ ﺃﻥ ﺇﻧﻔﺎﻕ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻫـﻮ ﺍﻟﻮﺍﺟـﺐ‬
‫ﻭﺇﻧﻔﺎﻕ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﺎ ﺻﺪﻗﺔ ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*‪ 15‬ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﲪﺪ ﰲ ﻣﺴﻨﺪﻩ ﺝ‪ 4‬ﺹ‪ 273‬ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺸﲑ ﻗﺎﻝ‪ :‬ﻛﻨﺎ ﻓﻌﻮﺩﹰﺍ ﰲ ﻣﺴﺠﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ( ﻭﻛﺎﻥ ﺑﺸﲑ ﺭﺟﻞ ﻳﻜﻒ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻓﺠﺎﺀ ﺃﺑﻮ ﺛﻌﻠﺒﺔ ﺃﳋﺸﲏ ﻓﻘﺎﻝ ﻳﺎ ﺑﺸﲑ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺃﲢﻔﻆ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ‬
‫ﻭﺳﻠﻢ ( ﰲ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ‪ :‬ﺃﻧﺎ ﺃﺣﻔﻆ ﺧﻄﺒﺘﻪ ﻓﺠﻠﺲ ﺃﺑﻮ ﺛﻌﻠﺒﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ‪ :‬ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ) ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺳـﻠﻢ ( ))‬
‫ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻓﻴﻜﻢ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺍﷲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ‪ ،‬ﰒ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﰒ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﻼﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﰒ‬
‫ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﰒ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻠﻜﹰﺎ ﻋﻀﺎﺿﹰﺎ ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﰒ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ‪ ،‬ﰒ ﺗﻜـﻮﻥ ﻣﻠﻜـﹰﺎ ﺟﱪﻳـﹰﺎ‬
‫ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﰒ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻌﻬﺎ ﰒ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﻼﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﰒ ﺳﻜﺖ !!(‬

‫‪ ‬‬ ‫‪88‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ‪ :‬ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﻭﻗﻮﺍﻧﲔ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﻭﻫﻴﻤﻨﺘﻪ ﻭﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ‪ ،‬ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻔﻬـﻮﻡ‬
‫ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻭﺇﳕﺎ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺃﻃﻠﻘﻪ ﻛﺎﺭﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻛﻮﺻﻒ ﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺘﻄﻮّﺭ ﻋﻦ ﺍﻹﻗﻄﺎﻉ ﻭﻣﺎ‬
‫ﺗﺒﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻟﺮﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻜﺮﹰﺍ ﻭﺇﳕﺎ ﺗﻌﺒﲑ ﻣﻨﻤﻖ‬
‫ﻋﻦ ﻏﺮﻳﺰﺓ ﺣﺐ ﺍﻟﺘﻤﻠﻚ ‪ ،‬ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﳊﺮﺓ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺣﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻠﻴـﱪﺍﱄ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺃﻣﺮ ﻻ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻲ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﺒﻨﺎﻫﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﳌﺼﺎﱀ ﻭﻛـﺎﻧﻮﺍ ﻛـﺮﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻬﻧﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺂﺭﻬﺑﻢ ﰲ ﲪﺎﻳﺔ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺭﺃﺱ ﺍﳌﺎﻝ ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴـﺔ ﻛﺤﻘﻴﻘـﺔ ‪ ،‬ﻭﻣـﺎ ﻫـﻲ‬
‫ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‪.‬‬

‫ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ‪ :‬ﺇﻥ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻫﻮ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻣﺜﺎﱄ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﺣ ٌﺪ ﻣﺎ ﺍﻟﱪﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ‬
‫ﻋﺮﻓﺖ ﰲ ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻟﻜﻦ ﺍﳊﻜﻢ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺨﺎﺻﺔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﻭﺗﺒﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﻮﻥ ﻭﻛﻞ ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﻬﺗﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺁﻟﻴﺔ‬
‫ﺍﻗﺘﺮﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﳜﺘﺎﺭﻩ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺃﻣﺎ )) ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ (( ﻓﻬﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﻃﻮﺑﺎﻭﻳﺔ ﺭﲟﺎ ﺧﻄﺮﺕ‬
‫ﰲ ﻃﺮﺡ ﺍﳋﻮﺍﺭﺝ ) ﺍﻟﻨﺠﺪﺍﺕ ( ﻛﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ‪ ،‬ﺇﺫﹰﺍ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﳏﺾ ﺁﻟﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻟﺼﺎﱀ ﺭﺏ ﻋﻤﻞ‬
‫ﻭﺣﺴﺐ ﻓﻜﺮﻩ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻋﻴﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺂﻟﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻻ ﻓﻜﺮ ﻋﻘﺪﻱ ﻓﻴﻬـﺎ ‪ .‬ﻭﻧﻼﺣـﻆ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﳎﻤﻮﻋـﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺎﺕ ﺣﱴ ﻋﻨﺪ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ‪ .‬ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺇﻧﺘﺎﺟﻬﺎ‬

‫ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ‪ :‬ﻣﻦ ﺍﳌﻔﻴﺪ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﳎﺘﻤﻊ ﻛﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻭﺭﻏﻢ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ﻓﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ‬
‫ﻋﻦ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻭ ﲡﺬﻳﺮ ﻟﻜﻞ ﺃﻣﺮ ﺣﱴ ﺧﻼﻓﺎﺗﻪ ﻭﲣﻠﹼﻔﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺻﺎﳊﹰﺎ ﻭﺣﱴ ﻋﺠﺰﻩ ﻭﻫﺬﺍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺿـﻌﻒ‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻤّﻖ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭﻟﻘﺪ ﻭﻗﻊ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﳌﻔﻜﺮﻭﻥ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻢ ﺣﱴ ﻗﺎﻟﻮﺍ ‪ -‬ﻭﺑﻌﺪﻣﺎ ﻗﺒﻠﻮﺍ ﺍﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﳌﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﳍﺎ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺗﺴﻠﻴﻤﹰﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﲤﺤﻴﺼﹰﺎ ‪ -‬ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﱄ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﻓﺼﻞ ﺍﻟـﺪﻳﻦ‬
‫ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ‪ ،‬ﻭﻓﺴﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻋﺪﺓ ‪ ،‬ﻭﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﳏﺾ ﺁﻟﻴﺔ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻹﺣـﺪﺍﺙ‬
‫ﺍﻟﺘﻤﺪﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺮﺍﻩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ‪ ،‬ﻭﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺃﻫﻮﺍﺀ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﳌﺘﺨﻠﻔﲔ ﰲ ﺩﻳﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺷـﺮﻳﻌﺔ ﻭﻻ‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺇﳕﺎ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻣﻘﺪﺱ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻹﺗﺒﺎﻉ ‪ -‬ﺃﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻘﻨﻌﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ‪ ،‬ﻓﻔﺼﻞ‬
‫ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺛﻮﺭﺓ ﻟﻠﻤﺪﻧﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ ‪ ،‬ﻭﻧﻈﺮﹰﺍ ﻟﻠﺘﺨﻠﹼﻒ ﺍﳊﻀﺎﺭﻱ ﺍﳌﺴﺘﻤﺮ ﳊﺪ ﺍﻵﻥ ﻓﺎﻥ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻐﺮﺏ‬
‫ﻭﺍﳌﻌﺠﺒﲔ ﺑﻪ ﺃﺳﻘﻄﻮﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺮﺳﻮﺥ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻜﻬﻨﻮﺗﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟـﺪﻳﻦ ‪،‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪89‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﻼ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ ‪ ،‬ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﱃ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻮﻥ‬

‫ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﺪﺭﻛﻮﻥ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﳊﻀﺎﺭﻳﺔ ﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻭﺃﻬﻧﻢ ﻻ ﳚﺪﻭﻥ ﻣﺜ ﹰ‬
‫ﻼ ﻛﺎﻥ ﳕﺎﺫﺝ ﺍﺳﺘﺤﻀﺮ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﻛﻼﻡ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﳏﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻭﻣﺬﲝﺔ ﺍﻟﱪﻭﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﰲ ﺃﻭﺭﺑﺎ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﺜ ﹰ‬
‫ﺑﻞ ﻭﻣﺬﺍﺑﺢ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ‪ .‬ﻭﺫﻛﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﲢﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﻟﻠﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻣـﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﻮﻏﻞ ﻟﻠﻤﺼﺎﱀ ﻏﲑ ﺍﳌﺘﻮﺍﺯﻧﺔ ﺍﻟﱵ ﳛﺘﺞ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺎﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﻟﺘﺤﺼﻴﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﲑ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﻭﻫﻲ‬
‫ﺑﻴﺌﺔ ﳌﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﹼﻒ‪ .‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﳎﺮﺩ ﺁﻟﻴﺔ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺗﻌﺪﻝ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ‬
‫ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﺿﻤﻦ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﻭﺇﻗﺮﺍﺭ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﳊﺎﻝ ﻓﻮﺻﻒ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻠﻴﱪﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬
‫ﻼ ﳓﻦ ﻧﻌﺘﱪ ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﺒﺘﺬﻟﺔ‬
‫ﻫﻮ ﻭﺻﻒ ﳌﺎ ﺗﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ‪ ،‬ﻭﻫﻮ ﳐﺘﻠﻒ ﻛﻘﻴﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺮﺍﻩ‪ ،‬ﻓﻤﺜ ﹰ‬
‫ﻭﻣﺴﺘﻌﺒﺪﺓ ﻭﺃﻬﻧﺎ ﻬﺗﺎﻥ ﺑﺈﺑﺮﺍﺯ ﻣﻔﺎﺗﻨﻬﺎ ﻭﺗﻌﺮﻳﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﺍﶈﺘﺠﺒﺔ ﻫﻲ ﺍﳌﺜﺎﻝ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﺍﶈﺘﺮﻡ‪ ،‬ﻭﻫﺬﺍ ﻟـﻴﺲ ﺧﻼﻓـﹰﺎ‬
‫ﻓﻜﺮﻳﹰﺎ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻋﻦ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻭﻣﺘﺮﺍﺑﻂ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻫﻮ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻟﻨﻈﺎﻡ‬
‫ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻏﲑ ﻓﺎﻋﻞ ﻟﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﻭﻏﺮﺍﺋﺰ ﺍﻟﺒﺸﺮ‪ ،‬ﺃﻣﺎ‬
‫ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﻭﺇﺷﺒﺎﻋﻬﺎ ﻛﻲ ﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻜﺒﻮﺗﺔ ﻭﺗﻀﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ ﻭﺃﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﲢﺪﺙ ﰲ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ) ﻓﺮﻭﻳﺪ ( ﳍﺬﺍ ﳒﺪ ﺃﻥ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻫﻮ ﻛﺒﺖ ﻭﻏﲑ ﺫﻟﻚ‪ ....‬ﻧﻼﺣﻆ‬
‫ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻻ ﳛﻮﻱ ﺩﻭﺍﺀ" ﺃﻭ ﻋﻼﺝ ﺃﻭ ﻓﻜﺮ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻭﺻﻒ ﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ ﻣﺎ ﲢﺎﻭﻝ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﻴﺎﻬﺗﺎ‪ ،‬ﻭﻫـﻮ ﰲ‬
‫ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻛﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺫﺍﻬﺗﺎ ﻗﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻭﻟﺴﺖ ﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺪ ﻭﺇﳕﺎ ﺃﺻﻒ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻮﺍﻗـﻊ‪.‬‬
‫ﻭﰲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻫﻢ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﳌﺘﺨﻠﹼﻒ ﻭ ﳛﺎﻭﻟﻮﻥ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻮﺻﻔﺔ ﺍﻟﱵ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﲦﻦ ﻭﻫﻮ ﺃﻬﻧﻢ ﺃﺣﻖ‬
‫ﻣﻨّﺎ ﲟﺎ ﳕﻠﻚ ﻷﻬﻧﻢ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮﻩ ﻭﳓﻦ ﻧﻌﺒﺚ ﺑﻪ ﻭﻫﻨﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺍﻃﻠﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎﻁ ﺭﺋﻴﺴﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺍﻟﺒﺎﺭﺯ ﻛﻤﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﳌﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬

‫ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ‪ :‬ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﻬﻢ ﻛﻞﹼ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ‪ ،‬ﻭﳓﻘﻘﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﻭﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺍﳉﻤﻴﻊ ‪ -‬ﻟﻮ‬
‫ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﻄﺎﻋﹰﺎ ‪ -‬ﺑﺄﻥ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻲ ﻏﲑ ﻣﺎ ﺗﺮﺑﻴﻨﺎ ﻭﳓﻦ ﻧﺘﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﻏﺮﺑﻴـﺔ ﻭﻣﻘﺎﺭﺑـﺎﺕ ﻭﺍﻥ‬
‫ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﲟﻌﺎﱐ ﺍﻹﺳﻼﻡ‪.‬ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺗﻮﺿـﺢ ﺫﺍﻬﺗـﺎ‬
‫ﻭﲡﺪﺩ ﺁﻟﻴﺎﻬﺗﺎ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﰲ ﻣﻦ ﳛﻤﻞ ﺍﲰﻬﺎ ﺇﻻ ﻟﻨﻘﺺ ﰲ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺗﺸﻮﻳﻪ ﺍﳌﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﲢﺮﻳﻔﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪90‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﱂ ﺃﺑﻎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺎﺑﱵ ﻫﺬﻩ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺷﺮﺡ ﺃﻭ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻭﺇﳕﺎ ﻭﺿﻊ ﺭﺅﻳﺔ ﻭﺣﻞ ﻟﻮﺍﻗﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﳌﺘﻮﺍﺯﻥ‬
‫ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺇﺫﺍ ﳒﺢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﰲ ﻭﺋـﺪ ﻓﺘﻨـﺔ ﻋﺎﻣـﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ‬
‫ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻫﻢ ﱂ ﳛﻤﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻮّﻥ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺘﺤـﺪﻳﺎﺕ ﺍﳌﺴـﺘﺠﺪﺓ ﺣﻴـﺚ‬
‫ﺿﻌﻔﺖ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻭﺍﻧﺸﻐﻠﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻬﺑﺎﻻﺕ ﺍﳌﻮﺍﻗﻊ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻷﻣﺮ ﳌﻦ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻪ ﻓﻜﺎﻥ ﺇﺣﻼﻝ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻴﺔ‬
‫ﻼ ﻃﺒﻴﻌﻴﹰﺎ ﻋﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻻ ﳏﺘﻮﻯ ﳍﺎ ﻭﺍﻗﻌﻲ ﰲ ﻇﻞ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﻪ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻏﲑ‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺑﺪﻳ ﹰ‬
‫ﻭﺍﺿﺢ ﺍﳌﻌﺎﱂ ﻭﺍﻷﺛﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻭﻻﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﺧﺘﻠﻄﺖ ﺑﺎﻷﻫﻮﺍﺀ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﲣﻀﻊ ﻟﺘﻔﺴـﲑ‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﳜﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﳍﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺄﺭﳜﹰﺎ ﻏﲑ ﻣﻠﺰﻡ ﻭﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﳛﺘﺎﺝ ﳌﺮﺍﺟﻌﺔ‪ .‬ﻭﻟﺴـﺖ ﻫﻨـﺎ‬
‫ﺃﺿﻊ ﺭﺃﻳﹰﺎ ﺛﻮﺭﻳﹰﺎ ﺑﻞ ﺃﻗﺮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻏﲑ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺃﻭ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﱂ ﻳﺼﻞ ﱄ ﺇﻗﺮﺍﺭﻫﺎ‪ .‬ﻓﻬﺬﻩ ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﱵ ﺗﺴﻴﻴﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ‬
‫ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺑﻞ ﺇﱃ ﺗﻔﺴﲑ ﺭﺃﻱ ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ﰲ ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﳚﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻜﻤﹰﺎ ﺷـﺮﻋﻴﺎ ًﺑﺪﺭﺟـﺔ‬
‫ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﳍﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﺇﻥ ﺣﻜﻤﺖ ﺳﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﻓﻖ ﺍﳌﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﻛﻤﻴﻪ ﻟﻠﻬﻮﻯ‬
‫ﻼ ﳏﻘﻖ ﻋﻤﻠﻴـﹰﺎ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺸﺮﻉ ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﲏ ﻋﻮﺩﺓ ﶈﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻫﻲ ﻬﺗﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﳍﺬﺍ ﻭﺍﻗﻊ ﻓﻌ ﹰ‬
‫ﺇﻧﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﲝﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﻧﻈﺎﻡ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺇﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﳊﺰﰊ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻲ ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻨﻪ ﻭﻟﻜـﻦ‬
‫ﻳﻔﺮّﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﻣﻨﻬﻞ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﻭﺑﲔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﺘﱪ ﺃﺣﺪﺍﺛﻪ ﺣﻜﻤﹰﺎ ﺷـﺮﻋﻴﹰﺎ ﺇﻥ ﻣـﺎ‬
‫ﺣﺪﺙ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﻟﻠﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﺍﺟﺘﺮﺍﺭ ﻣﺸﻮﻩ ﺗﻘﻮﺩﻩ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰ ﺑﺎﺳﻢ ﺃﻃﻬﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺟﻌﻠﲏ ﺃﺅﻛـﺪ‬
‫ﻓﻜﺮﺓ ﺗﺪﻭﺭ ﰲ ﻋﻘﻠﻲ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺣﻮﻝ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﻭﺍﻗﻌﻲ ﺑﻌﻴﺪﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﳋﺮﺍﻓـﺎﺕ‬
‫ﺃﻭ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻈﻨﻴﺔ‪.‬‬

‫ﰎ ﲝﻤﺪ ﺍﷲ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪91‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ‬ ‫•‬
‫ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻻﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ‬ ‫•‬
‫ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﻼﰊ‬ ‫•‬
‫ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺩﺭﻭﺱ ﻭﻋﱪ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺴﺒﺎﻋﻲ‬ ‫•‬
‫ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﲔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺼﻼﰊ‬ ‫•‬
‫ﺗﺒﺼﺮﻩ ﺍﻹﻓﻬﺎﻡ ﻟﻌﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﺸﺎﻡ‬ ‫•‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻐﺪ ﻫﺪﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﳋﻼﻓﺔ‪...‬ﻛﺬﻟﻚ‬ ‫•‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺩ‪ .‬ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ‬ ‫•‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﳍﻨﺪﺳﻴﺔ‪ ..‬ﳏﻤﺪ ﺻﺎﱀ ﺍﻟﺒﺪ ﺭﺍﱐ‬ ‫•‬
‫ﺍﳌﺴﺎﺭ ﶈﻤﺪ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪ‬ ‫•‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻨﺒﻬﺎﱐ‬ ‫•‬
‫ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻨﺒﻬﺎﱐ‬ ‫•‬
‫ﻣﻌﺎﱂ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﻈﻼﻝ‪ ..‬ﻟﻠﺸﻬﻴﺪ ﺳﻴّﺪ ﻗﻄﺐ‬ ‫•‬
‫ﺳﻴﺎﺳﺘﻨﺎ ﻟﻠﺸﻬﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺑﺎﻗﺮ ﺍﻟﺼﺪﺭ‬ ‫•‬
‫ﻣﻠﺨﺺ ﺍﻟﺴﲑﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﻫﺎﺭﻭﻥ‬ ‫•‬
‫ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩ‪ .‬ﳏﺴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ‬ ‫•‬
‫ﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ‪...‬ﺩ‪ .‬ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﻘﺮﺿﺎﻭﻱ‬ ‫•‬
‫ﺃﺿﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻓﺘﺮﺍﻕ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ‬ ‫•‬
‫ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‪....‬ﺩ‪.‬ﻋﺎﻣﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺴﻲ‬ ‫•‬
‫ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺩ‪ .‬ﳏﻤﺪ ﻋﻤﺎﺭﺓ‪.‬‬ ‫•‬
‫ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬ ‫•‬
‫ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ‬ ‫•‬
‫ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﲡﻤّﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻣﲑ ﳌﻴﻜﺎﻓﻴﻠﻲ‬ ‫•‬
‫‪ THE GOSPEL AND ISLAM‬ﻧﺸﺮ ﺩﺍﺭ‪MARC\1978‬‬ ‫•‬
‫ﻭﺍﳌﺼﺪﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ )ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ( ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﻳﺲ ‪ ‬‬ ‫•‬

‫ﺁﺟﺮ ﺍﷲ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﻭﻣﻦ ﱂ ﻳﺬﻛﺮ ﳑﻦ ﺃﻓﺎﺩﱐ ﺑﻌﻠﻤﻪ‬

‫‪ ‬‬ ‫‪92‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الفھـــــــــــــــــــــــــرست‬
‫الصفحة ‪ ‬‬ ‫المـــوضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوع‬

‫‪  02‬‬ ‫المقــــــــــــــــــــــــدمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ‪ ‬‬

‫‪  09‬‬ ‫مفاصل مھمة‬

‫‪  13‬‬ ‫ثان ‪ -‬اإلمامة ‪-‬‬

‫تأمل ٍ‬
‫‪  17‬‬ ‫النموذج ‪ ‬‬ ‫استخالص‬

‫‪  19‬‬ ‫الحل ‪ ‬‬ ‫الفصل األول‪ /‬خالصـة ما ذكر ‪...‬للوصول إلى‬

‫‪  23‬‬ ‫الحـــــــــــــــــــل ‪ ‬‬ ‫الفصـل الثاني ‪ /‬اإلســــــــــــــــــــالم ھو‬

‫‪  30‬‬ ‫اإلسالم؟ ‪ ‬‬ ‫الفصــل الثالث ‪ /‬ماھية دولة اإلسالم ‪...‬لماذا دولة‬

‫‪  27‬‬ ‫ھل دولة اإلسالم ھي دولة القـ‪21‬ـرن !‬

‫‪  39‬‬ ‫الفصـــل الرابع‪ /‬القراءة المستنيرة للتاريـخ والسـيرة‬

‫‪  47‬‬ ‫الفصل الخامس ‪ /‬مدخل لمنظومة الدولة اإلسالمية‬

‫‪  62‬‬ ‫الفصل السادس ‪ /‬نظام الحكم اإلسالمي في القـ‪21‬ـرن‬

‫‪  80‬‬ ‫الخــــــــــــــاتمـــــــــــــــــــــة ‪ ‬‬

‫‪  83‬‬ ‫المــرفـــــــــــــــــــــــــــــــــــق ‪ ‬‬

‫‪  93‬‬ ‫المـصـــــــــــــــــــــــــــــــــادر ‪ ‬‬

‫‪  96‬‬ ‫الفھـــــــــــرســـــــــــــــــــــــت ‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪93‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫‪ ‬‬

‫تم بحمد ﷲ‬
‫المھندس محمد صالح البدراني‬
‫يقظة فكر‬

‫‪ ‬‬ ‫‪94‬‬
‫‪ ‬‬