You are on page 1of 35

‫‪5‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫المقدمة‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول‬
‫الله وعلى آله وصحبه ومن واله‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فإن الليل مدرسة الزاهدين‪ ..‬وخلوة‬
‫العابدين‪ ..‬وشرف الصالحين‪ ..‬وسلوان‬
‫المؤمنين‪ ..‬يجددون فيه اليمان‪ ..‬ويحيون‬
‫فيه الجنان‪ ..‬ويقمعون به الشيطان‪..‬‬
‫فساعاته مباركة‪ ..‬ولحظاته طيبة‪..‬‬
‫ونسماته تتدفق بالرحمة والسكينة واللذة‬
‫والطمأنينة‪.‬‬
‫فهو دأب الصالحين‪ ..‬ووقت تضرع‬
‫المحتاجين‪ ..‬واستغفار التائبين‪ ..‬وقضاء‬
‫حوائج الراغبين‪.‬‬
‫يحيون ليلهم بطاعة ربهم‬
‫بتلوة وتضرع وسؤال‬
‫وعيونهم تجري بفيض‬
‫مثل انهمال الوابل الهطال‬ ‫دموعهم‬
‫في الليل رهبان وعند‬
‫لعدوهم من أشجع البطال‬ ‫جهادهم‬

‫فطوبى لمن أحياه بالقيام‪ ..‬وآثره على‬


‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪6‬‬

‫المنام‪ ..‬فحاز به شرف الدنيا وحسن‬


‫الختام!‬
‫فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله ‪» :‬أفضل الصيام بعد رمضان‬
‫شهر الله المحرم‪ ،‬وأفضل الصلة‬
‫بعد الفريضة صلة الليل« ]رواه‬
‫وعن جابر ‪ ‬قال‪ :‬سئل رسول الله ‪:‬‬
‫أي الصلة أفضل؟ قال‪» :‬طول القنوت«‬
‫]رواه مسلم[‪.‬‬
‫فتعال – أخي – نطلع على فوائد القيام‬
‫وفضائله‪ ..‬ونتنسم من عبير السلف نسمات‬
‫تحيي في النفوس همة التبتل والعبادة‪..‬‬
‫والطاعة والزهادة‪..‬‬
‫فضائل قيام الليل‬
‫لحظات السحر‪ ..‬لحظات خير وفضيلة‪..‬‬
‫ومغفرة ووسيلة‪ ..‬وعبادة جليلة‪.‬‬
‫ففيها تتنزل البركات‪ ..‬وتتغشى العابدين‬
‫الرحمات‪ ..‬وتستجاب السؤالت‪ ..‬ويتجاوز‬
‫فيه الله سبحانه عن الزلت والخطيئات‪.‬‬
‫بل وينزل سبحانه إلى السماء الدنيا‬
‫نزول ً يليق بجلل وجهه وعظيم ذاته‪ ،‬إكرا ً‬
‫ما‬
‫‪7‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫للسائلين‪ ..‬وإيقا ً‬
‫ظا لهمم العارفين‪ ..‬وتسلية‬
‫لعباده المؤمنين‪.‬‬
‫فعن أبي هريرة ‪ ‬أن رسول الله ‪‬‬
‫قال‪» :‬ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء‬
‫الدنيا‪ ،‬حين يبقى ثلث الليل الخير‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬من يدعوني فأستجيب له؟‬
‫من يسألني فأعطيه؟ من‬
‫يستغفرني فأغفر له؟« ]رواه البخاري‬
‫ومسلم[‪.‬‬

‫فيا لها من لحظات ساكنة‪ ..‬ويا له من‬


‫ي!‬
‫جود عريض‪ ..‬وكرم سخي‪ ..‬وإحسان وف ّ‬
‫فأين من يستثمر تلك اللحظات في‬
‫دعوة صادقة‪ ،‬وتوبة ناصحة ‪ ،‬يصلح الله له‬
‫بها أمر دينه؛ فل ينثلم‪ ،‬وأمر رزقه فل‬
‫دا‪.‬‬
‫ينعدم‪ ،‬وأمر مآله فل يخيب أب ً‬
‫فيا أيها النسان ما أجهلك‪ ..‬وما أعجلك‬
‫تؤثر نوم ساعة على نيل راحة خالدة‪!..‬‬
‫ويا أيها النسان ما أظلمك‪ ...‬تعصي‬
‫ويعرض عليك الغفران فتأبى!‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪8‬‬

‫وسبحانك ربي ما أرحمك وأحلمك‪..‬‬


‫تبسط يدك بالليل ليتوب مسيء النهار‬
‫وتبسط يدك بالنهار ليتوب مسيء الليل!‬
‫يا نائم الليل كم ترقد‬
‫قم يا صديقي قد دنا الموعد‬
‫وخذ من الليل وأوقاته‬
‫دا إذا ما هجع الرقد‬
‫ور ً‬
‫من نام حتى ينقضي ليله‬
‫متى يبلغ المنزل أو يسعد‬
‫‪9‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫ومن أج ّ‬
‫ل فوائد القيام‪:‬‬
‫‪ -1‬خلوة السحر‪:‬‬
‫فخلوة السحر سكينة النفوس‪..‬‬
‫وطمأنينة القلوب‪ ..‬تنساب فيها دموع‬
‫المخلصين على خدودهم تترى‪ ..‬قبل‬
‫دخولهم على الله بالصلة‪ ..‬ويحصل بها‬
‫هدوء الطبع‪ ..‬وسمت الخُلق‪ ..‬وسكون‬
‫العضاء منسجمة في سكونها مع سبات‬
‫الليل الهاديء‪ ..‬وصماته الهامد‪!..‬‬
‫وإن المستيقظ من فراش المنام‪ ..‬إلى‬
‫رحاب القيام‪ ..‬ليستيقظ يقظة ليس من‬
‫نومه فقط وإنما من غفلة طالما حجبت‬
‫قلبه عن الله‪ ..‬وحرمته من لذة لقاه‪ ..‬فهو‬
‫بقومته الليلة يجلو ظلمات نهارية تخللته‬
‫في يومه‪ ..‬ولزمته في يقظته ونومه‪..‬‬
‫فاستيقظ يغسل قلبه‪ ..‬ويذهب ذنبه‪..‬‬
‫ويستغفر ربه‪ ..‬ليحيى حياة من جديد‬
‫وُزل َ ً‬
‫فا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪‬وأ َ‬
‫ر َ‬ ‫ِ‬ ‫ها‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫ة‬‫ل‬ ‫ص‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫هب ْ َ‬ ‫ت ي ُذْ ِ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ل إِ ّ‬‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ِ‬
‫ن‪] ‬هود‪:‬‬ ‫ري َ‬ ‫ذاك ِ ِ‬‫ك ِذك َْرى ِلل ّ‬ ‫ت ذَل ِ َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫‪.[114‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪10‬‬

‫وهذه الخلوة هي – والله – مدرسة‬


‫الخلص‪ ..‬فيها ينشأ وينمو‪ ..‬وفيها يكبر‬
‫ويزهو‪ ..‬وبها يحفظ ويربو‪ ..‬لنها عبادة غائبة‬
‫عن أعين الناس‪ ..‬وعن مديح الناس‪ ..‬فل‬
‫يقدم عليها إل مخلص يبتغي بها وجه الله‬
‫والدار الخرة‪.‬‬
‫ولذا فإن لها حلوة أيما حلوة! ولذاذة‬
‫أيما لذاذة!‬
‫فالخالي في السحار‪ ..‬بالتبتل والذكار‪..‬‬
‫والدعوات والستغفار‪ ..‬ل يشعر بغربة في‬
‫نفسه ول بوحدة في حسه‪ ..‬بل هو في‬
‫أنس الله يرتعي‪ ..‬وفي اجتماعه به ينعم‪..‬‬
‫وبقربه يتسلى‪ ..‬وبحبه يتلذذ‪ ..‬وبمعيته‬
‫يسعد‪ ..‬وبالخضوع الصادق يتعبد‪.‬‬
‫مثل ما وجدت أنا‬ ‫اطلبوا لنفسكم‬
‫ليس في هواه‬ ‫قد وجدت لي‬
‫عنا‬
‫وإن قربت منه‬ ‫سكنا‬
‫بعدت قربني‬ ‫إن‬
‫دنا‬
‫ومن عظيم حب المخلص في القيام‬
‫للقيام؛ أنه يشتاق لليل إذا حل النهار‪..‬‬
‫ويظل ينتظر من النهار أفوله‪ ..‬ومن الليل‬
‫حلوله‪ ..‬لما يجده في تلك الخلوات من‬
‫‪11‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫متعة العبادة ونشوة وسعادة‪ ..‬بل إنه‬


‫يستثقل في نفسه كثرة المخالطة بالناس‪..‬‬
‫ول يحصل له النس ول السكينة إل في‬
‫خلوة السحر السكينة!‬
‫وقف الهوى بي حيث أنت‬
‫فليس لي متأخر عنكم ول متقدم‬
‫أجد الملمة في هواك‬
‫وم‬
‫حًبا لذكرك فليلمني الل ّ‬ ‫لذيذة‬

‫ول تزال تلك الخلوة تؤتي أكلها حتى‬


‫تدفع المؤمن إلى العزوف عن الدنيا‬
‫وأوحالها‪ ..‬وترك الشتغال بأزبالها‪..‬‬
‫فإنما هي جيفة مستحيلة‬
‫عليها كلب همهن اجتذابها‬
‫ما‬
‫فإن تجتنبها كنت سل ً‬
‫وإن تجتذبها نافستك كلبها‬ ‫لهلها‬

‫ول تزال تلك الخلوة بالمؤمن حتى‬


‫تهذب لسانه وتقوم مقاله وتزين فعاله‪..‬‬
‫وتطهر نفسه وترقق حسه‪ ..‬فإذا به حيي‬
‫كريم رفيق رحيم‪.‬‬
‫ول تزال به حتى تكسوه نضارة الوجه‪..‬‬
‫وحلوة البشر‪ ..‬ومهابة القدوم‪ ..‬ورفعة‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪12‬‬

‫الشأن‪ ،‬فإذا به يخطو نحو الكمال‪.‬‬


‫فأين ساعة غطيط وشخير‪ ..‬من هذه‬
‫الفوائد الذهبية‪ ..‬في خلوة السحر!!‬
‫ضا‪:‬‬
‫ومن فوائدها أي ً‬
‫‪ -1‬أنها ساعة مباركة‪ُ ..‬يكثر الله فيها‬
‫القليل‪ ..‬وُيربي فيها الضئيل‪ ..‬ويجزي على‬
‫العبادة فيها خيًرا كثيًرا‪.‬‬
‫‪ -2‬أنها تمرس العبد على الصدق مع‬
‫الله‪ ..‬وعلى عدم التزين للمخلوق‪ ،‬وتشغله‬
‫بخاصة نفسه‪ ..‬ومطالعة عيبه والستغفار‬
‫لذنبه‪..‬‬
‫‪ -3‬أنها تعلمه الزهد في الدنيا وتميت‬
‫الطمع والحرص عليها في قلبه‪ ،‬وتجعله‬
‫مقبل ً على الله مدبًرا عن الدنيا‪.‬‬
‫‪ -4‬أنها تورثه رقة القلب‪ ..‬ورفق الطبع‪..‬‬
‫والتواضع والخلق‪..‬‬
‫‪ -5‬أنها ترغبه في العزلة المحمودة‪،‬‬
‫والنس بالله على كل حال‪ ،‬فإن حلوة‬
‫أنسه بالله في خلوة الليل تدفعه إلى طلبها‬
‫في النهار فيستثقل الجتماع بالناس في‬
‫‪13‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫غير ذكر الله تعالى‪.‬‬


‫ليس للناس موضع في‬
‫ه‬
‫زاد فيه هواك حتى مل ُ‬ ‫فؤادي‬

‫‪ -2‬استجابة الدعوات‪:‬‬
‫وقيام الليل هو مفتاح استجابة الدعاء‪..‬‬
‫وقضاء الحوائج‪ ..‬ونزول العطاء‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫»إن في الليل لساعة ل يوافقها‬
‫رجل مسلم يسأل الله خيًرا من أمر‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬إل أعطاه إياه‪ ،‬وذلك‬
‫كل ليلة« ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫ت – ممن عرفت – رجل ً ديًنا‬ ‫ولقد عرف ُ‬
‫خلوًقا كان يملك محل ً تجارًيا مرموًقا‪ ..‬وقع‬
‫أن جّرنا الحديث إلى الكلم عن دعوات‬
‫السحر وأن الله جل وعل يستجيبها‬
‫ويتعاهدها بالقبول‪ ..‬فما كان من ذلك‬
‫الرجل الصالح إل أن هش وبش بالفرح ثم‬
‫قال لي‪:‬‬
‫والله لقد كنت قبل شهرين في غم وهم‬
‫وكنت أتجول في السواق النائية البعيدة‪..‬‬
‫وربما منعني البعد من الرجوع إلى البيت‬
‫فأنام على الرض هرًبا من تكاليف‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪14‬‬

‫الفنادق‪ ..‬ولم يكن لي من التجارة إل بضعة‬


‫أكياس زهيدة الثمن ل أربح من بيعها إل ما‬
‫يعولني أنا وعيالي لبضعة أيام‪..‬‬
‫وفي يوم خرجت قبل الفجر بنحو ساعة‬
‫ونصف كعادتي في الخروج إلى السوق‪..‬‬
‫وتأخرت حافلة النقل‪ ..‬فنظرت عن يمينى‬
‫دا‪ ..‬ورأيت محل ً‬
‫ثم عن شمالي فلم أر أح ً‬
‫تجارًيا وسط الشارع‪ ..‬فنظر إلى السماء ثم‬
‫قلت مبتهل ً باكًيا‪ :‬اللهم يسر لي في محل‬
‫كهذا أقوت به عيالي‪ ..‬وأتخلص من عذاب‬
‫هذا السفر ومفارقتي للسرة والولد‪..‬‬
‫ثم لبثت ما شاء الله أدعو – حتى أذن‬
‫الفجر – فصليت وانطلقت إلى السوق‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ثم نسيت أمر دعائي‪ ..‬حتى‬
‫ذكرت ذلك وأنا أبيع في هذا المحل‪ ..‬وهو‬
‫المحل الذي كنت نظرت إليه في ذلك‬
‫السحر‪ ..‬ومن وقتها عظم شأن السحر‬
‫دا‪.‬‬
‫عندي فل أترك فيه الدعاء أب ً‬
‫أتهزأ بالدعاء وتزدريه‬
‫ول تدري ما صنع الدعاء‬
‫سهام الليل ل تخطى ولكن‬
‫‪15‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫لها أمد وللمد انقضاء‬

‫وعن عمرو بن عبسة ‪ ‬أنه سمع‬


‫رسول الله ‪ ‬يقول‪» :‬أقرب ما يكون‬
‫العبد من ربه في سجوده‪ ،‬وإذا قام‬
‫يصلي في ثلث الليل الخير‪ ،‬فإن‬
‫استطعت أن تكون ممن يذكر الله‬
‫في تلك الساعة فكن«)‪.(1‬‬
‫‪ -3‬غفران الذنوب‪:‬‬
‫وقد تقدم في الحديث أن الله جل وعل‬
‫ينزل في الثلث الخير من الليل إلى سماء‬
‫الدنيا فيقول‪» :‬من يدعوني فأستجيب‬
‫له؟ من يسألني فأعطيه؟ من‬
‫يستغفرني فأغفر له؟« ]رواه البخاري‬
‫ومسلم[‪.‬‬
‫ويد الله سبحانه وتعالى مبسوطة‬
‫للمستغفرين بالليل والنهار‪ ..‬ولكن استغفار‬
‫الليل يفضل استغفار النهار بفضيلة الوقت‬
‫وبركة السحر‪ .‬ولذلك مدح الله جل وعل‬
‫المستغفرين بالليل فقال‪:‬‬
‫َ‬
‫ر‪] ‬آل‬‫حا ِ‬ ‫ن ِباْل ْ‬
‫س َ‬ ‫ري َ‬
‫ف ِ‬
‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫)( رواه الترمذي والنسائي والحاكم وصححه‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪16‬‬

‫عمران‪.[17 :‬‬
‫وذلك لن الستغفار بالسحر‪ ..‬فيه من‬
‫المشقة ما يكون سبًبا لتعظيم الله له‪..‬‬
‫وفيه من عنت ترك الفراش ولذاذة النوم‬
‫والنعاس‪ ..‬ما يجعله أولى بالستجابة‬
‫والقبول‪ ..‬لسيما مع مناسبة نزول المولى‬
‫جل وعل إلى سماء الدنيا وقربه من‬
‫المستغفرين‪ ..‬فل شك أن لهذا النزول بركة‬
‫تفيض على دعوات السائلين وتوبة‬
‫المستغفرين وابتهالت المبتهلين!!‬
‫فعن أبي موسى عبد الله بن قيس‬
‫الشعري ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬إن الله‬
‫تعالى يبسط يده بالليل ليتوب‬
‫مسيء النهار‪ ،‬ويبسط يده بالنهار‬
‫ليتوب مسيء الليل حتى تطلع‬
‫الشمس من مغربها« ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫ورجال وصلوه‬ ‫قطع الليل رجال‬
‫وأناس شهدوه‬ ‫رقدوا فيه أناس‬
‫م ول يستعذبوه‬ ‫ل يميلون إلى‬
‫لم يكونوا يعرفوه‬ ‫النو‬
‫فكأن النوم شيء‬

‫وقد امتدح الله جل وعل عباده‬


‫‪17‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل‬ ‫قِليًل ِ‬
‫م َ‬ ‫كاُنوا َ‬‫الصالحين فقال‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫ر ُ‬‫حا ِ‬ ‫وِباْل ْ‬
‫س َ‬ ‫ن* َ‬ ‫عو َ‬
‫ج ُ‬
‫ه َ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫َ‬
‫ن‪‬‬‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬‫يَ ْ‬
‫]الذاريات‪.[18 ،17 :‬‬
‫قال الحسن‪ :‬كابدوا الليل ومدوا الصلة‬
‫إلى السحر‪ ،‬ثم جلسوا في الدعاء‬
‫والستكانة والستغفار‪.‬‬
‫ن‬
‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫جُنوب ُ ُ‬‫فى ُ‬ ‫جا َ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ت َت َ َ‬
‫عا‬
‫م ً‬‫وط َ َ‬‫فا َ‬ ‫و ً‬
‫خ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ع ي َدْ ُ‬‫ج ِ‬
‫ضا ِ‬
‫م َ‬‫ال ْ َ‬
‫ن‪] ‬السجدة‪:‬‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ي ُن ْ ِ‬
‫ه ْ‬‫قَنا ُ‬‫ما َرَز ْ‬
‫م ّ‬‫و ِ‬‫َ‬
‫‪.[16‬‬
‫فل يستقربهم حال‪ ،‬ول يثبت لهم نوم‪..‬‬
‫ول يغمض لهم جفن لخوفهم من الوعيد‬
‫ورجاءهم فيما عند الله من النعيم‪.‬‬
‫و‬ ‫َ‬
‫ه َ‬‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫وقد صدق الله جل وعل‪ :‬أ ْ‬
‫َ‬
‫حذَُر‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫قائ ِ ً‬ ‫و َ‬‫دا َ‬ ‫ج ً‬ ‫سا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ت آَناءَ الل ّي ْ ِ‬ ‫قان ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬
‫ل‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه ُ‬‫ة َرب ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫ح َ‬ ‫جو َر ْ‬ ‫وي َْر ُ‬ ‫خَرةَ َ‬ ‫اْل َ ِ‬
‫ن َل‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ن يَ ْ‬‫ذي َ‬ ‫وي ال ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‪‬‬ ‫ما ي َت َذَك ُّر أوُلو اْلل َْبا ِ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫]الزمر‪.[9 :‬‬
‫وكيف يستوي من تحمل مشقة السهر‪..‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪18‬‬

‫ومؤنة الوقوف‪ ..‬وآثَر على المنام لذةَ‬


‫ف وعيد ورجاء موعود‪ ..‬كيف‬ ‫القيام خو َ‬
‫ما‪ ..‬لم‬
‫ما هائ ً‬
‫يستوي هو ومن ضيع ليله نائ ً‬
‫يرغبه وعد ول أخافه وعيد‪.‬‬
‫بهذا الليل فلتفرح فإنه‬
‫لما ترجوه من خير مظنه‬
‫وفي جلبابه إن تدر عنه‬
‫جّنه‬
‫لكل مخافة درع و ُ‬
‫فخذه مرسل ً فيه جفوًنا‬
‫كأن دموعها سحب مزنه‬
‫وقم فيه ولو تحت‬
‫المواضي وقف فيه ولو فوق السّنه‬
‫وأنت بقلب محزون أثارت‬
‫به الحزان ناًرا مستكنه‬

‫‪ -4‬دخول الجنة‪:‬‬
‫فعن أبي يوسف عبد الله بن سلم ‪‬‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪» :‬يا‬
‫أيها الناس أفشوا السلم‪ ،‬وأطعموا‬
‫الطعام‪ ،‬وصلوا الرحام‪ ،‬وصلوا‬
‫والناس نيام تدخلوا الجنة بسلم«)‪.(1‬‬

‫)( رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪19‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫ول شك أن إفشاء السلم وإطعام‬


‫الطعام وصلة الرحام أقل مشقة من‬
‫القيام‪ ،‬بل إن مفتاح تلك العبادات هو قيام‬
‫الليل لنه يهذب النفس فتسلم ويزكيها‬
‫بالرقة والرحمة فتصل الرحم وتطعم!‬
‫ومن هنا كان قيام الليل مفتاح الخير‬
‫الكبير‪ ،‬وسبًبا للفوز بالجنان ورضى‬
‫الرحمن!‬
‫ويروى عن ثابت أنه قال‪ :‬كان أبي من‬
‫القوامين لله في سواد الليل‪ ،‬قال‪ :‬رأيت‬
‫ذات ليلة في منامي امرأة ل تشبه النساء‪،‬‬
‫فقلت لها‪ :‬من أنت؟ فقالت‪ :‬حوراء أمة‬
‫الله‪ ،‬فقلت لها‪ :‬زوجيني نفسك‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫اخطبني من عند ربي وأمهرني‪ .‬فقلت‪ :‬وما‬
‫مهرك؟ فقالت‪ :‬طول التهجد )‪.(1‬‬
‫يا خاطب الحور في خدرها‬
‫وطالًبا ذاك على قدرها‬
‫انهض بجد ل تكن وانًيا‬
‫وجاهد النفس عن صبرها‬
‫وجانب الناس وافضهم‬
‫)( التذكرة في أحوال الموتى وأمور الخرة لبي عبببد‬ ‫‪1‬‬

‫الله القرطبي ‪.2/274‬‬


‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪20‬‬

‫وحالف الوحدة في ذكرها‬


‫وقم إذا الليل بدا وجهه‬
‫وصم نهاًرا فهو مهرها‬
‫فلو رأت عيناك إقبالها‬
‫وقد بدت رمانتا صدرها‬
‫وهي تماشي بين أترابها‬
‫وعقدها يشرق في نحرها‬
‫لهان في نفسك هذا الذي‬
‫تراه في دنياك من زهرها‬
‫وقال مالك بن دينار‪ :‬كان لي أحزاب‬
‫أقرؤها كل ليلة‪ ،‬فنمت ذات ليلة‪ ،‬فإذا أنا‬
‫في المنام بجارية ذات حسن وجمال‪،‬‬
‫وبيدها رقعة‪ ،‬فقالت أتحسن أن تقرأ؟‬
‫فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فدفعت إلى الرقعة‪ ،‬فإذا‬
‫مكتوب هذه البيات‪:‬‬
‫لهاك النوم عن طلب‬
‫وعن تلك الوانس في‬ ‫الماني‬
‫الجنان‬
‫موت فيها‬ ‫دا ل‬‫تعيش مخل ً‬
‫وتلهو في الخيام مع‬
‫الحسانخيًرا‬
‫تنبه من منامك إن‬
‫)‪(1‬‬
‫من النوم التهجد بالقرآن‬

‫)( التذكرة ‪.2/275‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪21‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫أخي الكريم‪..‬‬
‫فل يفوتنك ربح القيام‪ ..‬ول يستهوينك‬
‫المنام‪ ..‬فإنما الدنيا أسواق لكتساب‬
‫الخرة‪ ..‬وسوق الليل تجارة ل تبور‪..‬‬
‫فجاهد نفسك في تحصيله‪ ..‬واحفظ لليل‬
‫دقائقه الغالية‪ ..‬فإنها أوقات مباركة‬
‫تستجاب فيها دعوتك‪ ..‬وتقضى فيها‬
‫حاجتك‪..‬‬
‫فاحرص على إحياءها بقراءة القرآن‪..‬‬
‫ومناجاة الرحمن فإنها ساعة تفيض فيها‬
‫النفحات على الرواح‪ ..‬وتنساب عليها‬
‫السكينة فترتاح‪..‬‬
‫ولك في رسول الله ‪ ‬أسوة حسنة‪..‬‬
‫ما لليل حتى تفطرت قدماه‬ ‫فلقد كان قوا ً‬
‫‪ ‬فقيل له‪ :‬أتكلف هذا وقد غفر الله لك‬
‫ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال‪» :‬أفل‬
‫دا شكوًرا« ]رواه البخاري‬‫أكون عب ً‬
‫ومسلم[‪.‬‬
‫وتذكر أن التوفيق لهذه العبادة الجليلة‬
‫منحة ربانية يهبها الله جل وعل للصالحين‬
‫من عباده‪ ،‬لذا فهي تقتضي تهذيب النفس‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪22‬‬

‫والخذ بالسباب حتى يوفق إلى نيلها العبد‬


‫المسلم‪.‬‬
‫وإليك جملة من السباب النافعة المعينة‬
‫على قيام الليل‪.‬‬

‫* * *‬
‫‪23‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫أسباب تعين على قيام الليل‬


‫أخي الكريم‪...‬‬
‫قيام الليل عبادة جليلة وقربة عظيمة ل‬
‫ينالها إل من جاهد نفسه فأصلحها‪ ،‬ودافع‬
‫دنياه فودعها‪ ،‬ودحر شيطانه فغلبه‪ ،‬وردع‬
‫هواه فجانبه‪ ،‬وهيأ نفسه باتخاذ أسباب‬
‫اليقظة والستيقاظ أمل ً في التهجد في تلك‬
‫الدقائق الغالية!‬
‫وأما السباب المعينة على القيام‪،‬‬
‫فتنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫*‬ ‫* أسباب ظاهرة‪.‬‬
‫وأسباب باطنة‪.‬‬
‫ل‪ :‬السباب الظاهرة‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫وهي أربعة أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬قلة الكل والشرب‪ :‬فإن كثرة الكل‬
‫تدعو إلى غلبة النوم لسيما أكل العشاء‬
‫هذا إذا كان الكل حلل ً أما إذا كان الكل‬
‫ما‪ ،‬فل بركة فيه قليل ً كان أم كثيًرا لنه‬
‫حرا ً‬
‫من مثبطات القيام وموانعه‪ .‬قال احد‬
‫السلف‪ :‬حرمت قيام الليل خمسة أشهر‬
‫بسبب ذنب أصبته‪.‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪24‬‬

‫وأما السراف في الحلل والشبع‬


‫المفرط منه فإنه يثقل عن الطاعة عامة‬
‫وعن قيام الليل خاصة‪ ،‬لنه يكون أشق‬
‫على من كان شبعه مفر ً‬
‫طا‪ .‬ولقد قيل‪:‬‬
‫البطنة تذهب الفطنة‪.‬‬
‫وهي قاعدة طبية صحيحة‪ :‬فإن الدم‬
‫الذي يؤهل النسان إلى النتباه من النوم‬
‫والغفلة يكون في الرأس‪ ،‬لكنه ينزل إلى‬
‫الجهاز الهضمي في حالة الشبع لتسهيل‬
‫هضم الطعام فينتج عن ذلك قلة النتباه‪.‬‬
‫مع أن كثرة الكل توسع مجاري‬
‫الشيطان‪ ،‬فإنه يجري من ابن آدم مجرى‬
‫الدم‪ ،‬وفي الحديث‪» :‬ما مل آدمي وعاء‬
‫شًرا من بطنه‪ ،‬بحسب ابن آدم‬
‫لقيمات يقمن صلبه‪ ،‬فإن كان لبد‬
‫فاعل ً فثلث لطعامه‪ ،‬وثلث لشرابه‪،‬‬
‫وثلث لنفسه«)‪.(1‬‬
‫»ويحكى أن إبليس – لعنه الله – عرض‬
‫ليحيى بن زكريا عليهما السلم‪ ،‬فقال له‬
‫يحيى‪ :‬هل نلت مني شيًئا قط؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬إل‬
‫)( رواه الترمذي‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الجببامع‬ ‫‪1‬‬

‫رقم )‪.(5674‬‬
‫‪25‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫أنه قدم إليك الطعام ليلة فشهيته إليك‬


‫حتى شبعت منه‪ ،‬فنمت عن وردك‪ ،‬فقال‬
‫دا‪.‬‬
‫يحيى‪ :‬لله علي أن ل اشبع من طعام أب ً‬
‫فقال إبليس‪ :‬وأنا لله علي أن ل أنصح‬
‫دا )‪.(1‬‬
‫آدمًيا أب ً‬
‫فاحرص – أخي الكريم – على قلة الكل‬
‫وكثرة الصوم لتكون خفيف الدم رقيق‬
‫الحسن فل يفوتك القيام‪.‬‬
‫‪ -2‬تنظيم النوم‪ :‬وتنظيم النوم يزيل‬
‫أضراره ويبقي منافعه‪ ،‬وضرر النوم يتعلق‬
‫بشيئين‪ :‬بمدة النوم وبوقته‪.‬‬
‫فكثرة النوم تورث الغفلة والخمول‬
‫وفساد المزاج وانحراف النفس‪.‬‬
‫كما أن النوم في طرقي النهار ضرره‬
‫أكثر من نفعه‪ ،‬وأفضله نوم وسط النهار‪..‬‬
‫ومن هذه المقدمة يتبين أن أعدل النوم ما‬
‫كان في نصف الليل الول وسدسه الخير‪،‬‬
‫ثم إذا تخلل هذه الفترة انقطاع كالقيام‬
‫وقراءة القرآن ونحوه‪ ،‬يستعان على‬
‫تعويضه بالقيلولة في وسط النهار‪.‬‬
‫)( مدارج السالكين لبن القيم ‪.1/453‬‬ ‫‪1‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪26‬‬

‫وقد امتدح الله جل وعل عباده بإحياء‬


‫قِليًل‬
‫كاُنوا َ‬‫الليل بالقيام والذكار فقال‪َ  :‬‬
‫ن‪] ‬الذاريات‪[17 :‬‬ ‫عو َ‬
‫ج ُ‬
‫ه َ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫م َ‬
‫ِ‬
‫وفيه الترغيب في مدافعة النوم ومغالبته‬
‫من أجل العبادة والقيام‪ ،‬ول يعني هذا تركه‬
‫بالكلية أو تعويضه بالنهار بالكلية‪ .‬بل العدل‬
‫والتوازن مطلوب في كل شيء‪ .‬فينبغي‬
‫تقسيم الليل بحسب حاجة النسان في‬
‫الليل والتعود على ذلك شيًئا فشيًئا مع‬
‫الستعانة بنوم وسط النهار‪ ،‬وقلة الكل‪،‬‬
‫وإل فإن مدافعة النوم جملة وإطالة السهر‬
‫قد يتلف الدماغ والصحة‪.‬‬
‫‪ -3‬تجنب التعب الذي ل فائدة منه‪ :‬لن‬
‫الرهاق يؤدي إلى انهماك الجسم‪،‬‬
‫ويضطره إلى النوم بحيث ل يستطيع معه‬
‫القيام‪ ،‬ولكن الذي ينبغي تجنبه ليس هو‬
‫التعب المحمود من أجل لقمة العيش‬
‫وكسب الرزق أو طلب العلم أو الدعوة في‬
‫سبيل الله أو غيرها من الفضائل‪ ،‬وإنما‬
‫التعب الذي ل يرجى منه مصلحة كالفراط‬
‫في المشي لغير حاجة أو السباحة أو غيرها‬
‫مما يجهد الجسم ويهده‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫ولكي ل يتمكن التعب من جسدك –‬


‫أخي الكريم – وتكون أقوى على مدافعته‬
‫لجل قيام الليل ينبغي لك المحافظة على‬
‫ذكر عظيم الفائدة كثير النفع‪.‬‬
‫فقد علم النبي ‪ ‬ابنته فاطمة وعلًيا‬
‫رضي الله عنهما أن يسبحا كل ليلة إذا أخذا‬
‫مضاجعهما ثلثا وثلثين‪ ،‬ويحمدا ثلًثا‬
‫وثلثين‪ ،‬ويكبرا أربًعا وثلثين لما سألته‬
‫الخادمة‪ ،‬وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن‬
‫والسعي والخدمة‪ ،‬فعلمها ذلك‪ ،‬وقال‪» :‬إنه‬
‫خير لكما من خادم« ]رواه البخاري‬
‫ومسلم[‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله‪ :‬فقيل‪ :‬إن من‬
‫داوم على ذلك؛ وجد قوة في يومه مغنية‬
‫عن خادم!)‪.(1‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪:‬‬
‫بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات‪ ،‬لم‬
‫يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل وغيره )‪.(2‬‬
‫وقد حكي عن غير واحد من أهل العلم‬

‫)( صحيح الوابل الصيب لبن القيم‪ ،‬ص ‪.144‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المرجع السابق نفسه‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫‪2‬‬


‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪28‬‬

‫أن لهذا الذكر سًرا عجيًبا في تقوية الجسم‬


‫والتخلص من العياء والفشل لسيما عند‬
‫المداومة عليه‪ ،‬فل يجدر بمن كان القيام‬
‫هدفه أن يتركه ليلة واحدة رغبة في تنشيط‬
‫الجسم وإذهاب الوهن‪.‬‬
‫‪ -4‬البعد عن المحرمات‪ :‬فإنها توجب‬
‫الضرار والعقوبات‪ ،‬ومن عقوباتها الحرمان‬
‫من الطاعة‪ ،‬فإن المعصية تدعو إلى أختها‪،‬‬
‫وتصد عن الطاعة‪.‬‬
‫ومن المثبطات عن الطاعة؛ التهاون‬
‫بالوامر‪ ،‬فإنك إذا تهاونت بالمر إذا حضر‬
‫وقته ثبطك الله وأقعدك عن مراضيه‬
‫ن‬
‫فإ ِ ْ‬‫وأوامره عقوبة لك‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫ف ٍ‬ ‫طائ ِ َ‬ ‫ه إ َِلى َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫َر َ‬
‫جوا‬‫خُر ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ل لَ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ج َ‬ ‫خُرو ِ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬ ‫ست َأ ْذَُنو َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وا‬‫عد ُ ّ‬‫ي َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬‫قات ُِلوا َ‬ ‫ن تُ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ي أب َ ً‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫م ِبال ْ ُ‬
‫ة‬
‫مّر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫عوِد أ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ضيت ُ ْ‬ ‫م َر ِ‬ ‫إ ِن ّك ُ ْ‬
‫ن‪] ‬التوبة‪[83 :‬‬ ‫في َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ع ُ‬‫ق ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ومن هنا وجب على المسلم إذا أحس‬

‫)( انظر بدائع الفوائد لبن القيم )‪.(2/180‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪29‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫من نفسه استثقال ً على القيام في الليل‪،‬‬


‫أن يبادر إلى التفكير في عيوبه ومحاسبة‬
‫نفسه‪ ،‬وأن يبادر بالتوبة النصوح ويكثر من‬
‫الستغفار بالنهار ليرحمه الله جل وعل‬
‫ويمكنه من القيام بالليل‪.‬‬
‫وقد تقدم أنه حكي عن بعض السلف أنه‬
‫حرم قيام الليل بسبب ذنب واحد خمسة‬
‫أشهر! فما بالنا نحن وذنوبنا أكثر من ذلك!‬
‫ء قد استجار‬ ‫مولي جئتك‬
‫ظني كان‬
‫بحسنبها ما‬
‫تمحو‬ ‫والرجافواضلك‬
‫أبغي‬
‫مني‬
‫إلهي واعف‬ ‫يا‬ ‫التي‬
‫فانظر إلي بحق‬
‫عني‬‫لطفكالسباب الباطنة‪:‬‬
‫ثانيا‪:‬‬
‫ً‬
‫وهي كذلك أربعة أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬الوقوف على فضائل القيام‪ :‬فإن‬
‫معرفة فواضله وفوائده تنشط النفس إليه‬
‫وتشجع على ابتغائه وتحصيله‪ ،‬فإن من‬
‫أحب شيًئا بذل في سبيله الجهد وصابر‬
‫التعب والنصب لجله‪.‬‬
‫ولو لم يكن من القيام في الظلمات إل‬
‫أنه سبب للفوز بالجنات لكان كافًيا وداعًيا‬
‫إلى التشمير إليه‪ ،‬ونيله وتحصيله‪ ،‬وقد بينا‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪30‬‬

‫في أول هذا الكتاب جملة من فضائله‬


‫العظيمة‪.‬‬
‫وروي عن يحيى بن عيسى بن صرار‬
‫السعدي وكان قد بكى شوًقا إلى الله‬
‫ما قال‪ :‬رأيت كأن ضفة نهر يجري‬‫ستين عا ً‬
‫بالمسك الذخر‪ ،‬حافتاه شجر اللؤلؤ ونبت‬
‫من قضبان الذهب‪ ،‬فإذا بجوار مزينات‬
‫يقلن بصوت واحد‪:‬‬
‫سبحان المسبح بكل لسان‪ ،‬سبحان‬
‫الموجود بكل مكان )‪ (1‬سبحان الدائم في‬
‫كل زمان‪ ،‬سبحانه سبحانه‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪:‬‬
‫من أنتن؟ قلن‪ :‬خلق من خلق الله سبحانه‪،‬‬
‫قلت‪ :‬وما تصنعن ها هنا؟ قلن‪:‬‬
‫يناجون رب العالمين‬
‫وتسرى هموم القوم‬ ‫لحقهم‬
‫رب نوم‬
‫محمد‬ ‫والناس‬
‫ذرانا إله الناس‬
‫لقوم على القدام بالليل‬
‫قوم‬
‫فقلت‪ :‬بخ‪ ،‬بخ‪ ،‬لهو من هؤلء‪ ،‬لقد أقر‬
‫الله أعينهم‪.‬‬
‫فقلن‪ :‬أما تعرفهم‪.‬‬
‫)( أي بعلمه ومعيته ل بذاته‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪31‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫فقلت‪ :‬والله ما أعرفهم‪.‬‬


‫قلن‪ :‬هؤلء المتهجدون بالليل أصحاب‬
‫السهر )‪.(1‬‬
‫‪ -2‬سلمة الصدر من الحقاد‪ :‬فإن الحقد‬
‫يوجع القلب ويزعج النفس‪ ،‬ويسبب‬
‫القسوة‪ ،‬وغالًبا ما يكون سببه التنافس في‬
‫الدنيا أو الحسد‪ ،‬ومن كان هذا خلقه‪ ،‬لم‬
‫يكن الله مبتغاه‪ ،‬لن القلب ل يحتمل‬
‫متعلقين‪ ،‬فإما التعلق بالدنيا أو التعلق‬
‫بالخرة‪.‬‬
‫ومن غلب تعلق قلبه بالدنيا فنافس‬
‫عليها ووالى وعادى عليها حرم النس بالله‪،‬‬
‫وفاته القيام إذا أراده إل أن يتوب‪.‬‬
‫ومن خلط في ذلك فعلق قلبه بالدنيا‬
‫ل‪ ،‬جزاه الله بحسب‬‫قليل ً وبالله قلي ً‬
‫تخليطه‪ ،‬فتارة يقوم وتارة يخذل‪.‬‬
‫صّفي له!‬‫ومن صّفى ُ‬
‫قال مالك بن دينار‪ :‬خرج أهل الدنيا من‬
‫الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها‪ ،‬قيل‪:‬‬

‫)( التذكرة ‪.2/276‬‬ ‫‪1‬‬


‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪32‬‬

‫وما هو؟ قال‪ :‬معرفة الله تعالى )‪.(2‬‬


‫ول خير في الدنيا لمن لم‬
‫من الله في دار المقام‬ ‫يكن له‬
‫نصيبرجال ً فإنه‬
‫فإن تعجب الدنيا‬
‫متاع قليل والزوال قريب‬

‫‪ -3‬الخوف من الله جل وعل‪ :‬فقد أخبر‬


‫الله جل وعل أن الخوف منه والطمع في‬
‫رحمته هو ما جعل عباده الصالحين يتقلبون‬
‫ليل ً في الفراش كأنهم على مقلة‪ ،‬ل‬
‫يغمض لهم جفن ول يهدأ لهم بال‪:‬‬
‫ع‬‫ج ِ‬‫ضا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ع ِ‬‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫جُنوب ُ ُ‬‫فى ُ‬ ‫جا َ‬‫‪‬ت َت َ َ‬
‫ما‬‫م ّ‬‫و ِ‬
‫عا َ‬ ‫م ً‬‫وط َ َ‬‫فا َ‬‫و ً‬ ‫خ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫ن‪] ‬السجدة‪.[16 :‬‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬
‫م ي ُن ْ ِ‬ ‫ه ْ‬‫قَنا ُ‬ ‫َرَز ْ‬
‫قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين‬
‫أقدامهم وجباههم‪ ،‬فبين صارخ وباكي‪ ..‬وبين‬
‫متأوه وشاكي‪ ،‬يعجبون إلى ربهم من مقام‬
‫ندم واعتراف‪ ..‬ويجأرون إليه‪ :‬ربنا‪ ..‬ربنا‪..‬‬
‫يطلبون فكاك رقابهم‪.‬‬
‫ينظر الله إليهم في جوف الليل منحنية‬
‫أصلبهم على أجزاء القرآن‪ ،‬قد أكلت‬

‫)( مدارج السالكين ‪.2/233‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪33‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫الرض ركبهم وأيديهم وجباههم‪ ،‬واستقلوا‬


‫ذلك في جنب الله«)‪.(1‬‬
‫أخي الكريم‪...‬‬
‫وهذا الخوف من أهم أسباب القيام‪ ،‬فهو‬
‫يولد في النفس القدرة على القيام‪ ،‬بل‬
‫ويفزعها للقيام كما تفزع من شيء تخاف‬
‫ضرره في الدنيا‪.‬‬
‫إذا ما الليل أظلم كابدوه‬
‫فيسفر عنهم وهم ركوع‬
‫أطار الخوف نومهم فقاموا‬
‫وأهل المن في الدنيا‬
‫هجوع‬
‫‪ -4‬حب الله جل وعل‪ :‬وهو أقوى دوافع‬
‫قيام الليل‪ ،‬والتبتل في خلوة السحار‬
‫بالصلة والستغفار‪ ..‬فإذا أدت الناس إلى‬
‫بيوتها‪ ،‬وغلقت المحلت أبوابها‪ ،‬وأسلمت‬
‫النفس أرواحها وخل كل حبيب بحبيبه‪ ،‬قام‬
‫أهل الليل‪ ،‬فأبواب السماء لهم مفتحة‪،‬‬
‫وعين الرحمن لهم ناظرة‪.‬‬

‫)( من كلم أبي حمزة الخارجي‪ .‬انظر عمل المسببلم‬ ‫‪1‬‬

‫فببي اليببوم والليلببة‪ ،‬محمببد طببارق محمببد صببالح‪ ،‬ص‬


‫‪.294‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪34‬‬

‫»أل وإن لليل أهل! هم في ليلهم ألذ من‬


‫أهل اللهو في لهوهم«)‪.(2‬‬
‫فقيام الليل دافعه حب العبد لله‪ ،‬وثمرته‬
‫حب الله للعبد‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قال‪:‬‬
‫قال رسول الله ‪» :‬إن الله تعالى‬
‫قال‪ :‬من عادى لي ولًيا فقد آذنته‬
‫بالحرب وما تقرب إلي عبد بشيء‬
‫أحب إلي مما افترضته عليه ول يزال‬
‫عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى‬
‫أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي‬
‫يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به ويده‬
‫التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي‬
‫بها وإن سألني لعطينه ولئن‬
‫استعاذني لعيذنه« ]رواه البخاري[‪.‬‬
‫مالي شغل سواه مالي‬
‫ما يصرف عن هواه قلبي‬ ‫شغل‬
‫عذلوخاب‬
‫ما أضع إن جفا‬
‫مني بدل ومالي منه بدل‬ ‫المل‬
‫نسمات من قيام السلف‬
‫وإليك – أخي – نبذة عن حال السلف‬

‫)( عمل المسلم في اليوم والليلة‪ ،‬ص ‪.294‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪35‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫في القيام‪:‬‬
‫إذا استيقظ أحدهم‪ ،‬فأول ما يجري على‬
‫لسانه ذكر الله جل وعل والتوجه إليه‬
‫واستعطافه والخشوع بين يديه والستعانة‬
‫به أن ل يخلي بينه وبين نفسه‪ ،‬وأن ل يكله‬
‫إليها فيكله إلى ضعة وعجز وذنب وخطيئة‪..‬‬
‫فأول ما يبدأ به »الحمد لله الذي أحيانا‬
‫بعدما أماتنا وإليه النشور«)‪ (1‬ثم يدعو‬
‫ويتضرع ثم يقوم إلى الوضوء بقلب حاضر‬
‫مستصحب لما فيه‪ ،‬ثم يصلي ما كتب الله‬
‫صلة محب ناصح لمحبوبه متذلل منكسر‬
‫بين يديه‪ ،‬ل صلة مدل بها عليها‪ ،‬يرى من‬
‫أعظم نعم محبوبه عليه أن أقامه وأنام‬
‫هله‪ ،‬وحرم‬ ‫غيره‪ ،‬واستزاره وطرد غيره‪ ،‬وأ ّ‬
‫غيره‪ ،‬فهو يزداد بذلك محبة إلى محبة‬
‫ويرى أن قرة عينه وحياة قلبه وخبة روحه‬
‫ونعيمه ولذته وسروره في تلك الصلة‪ .‬فهو‬
‫يتمنى طول ليله‪.‬‬
‫يود أن ظلم الليل دام له‬
‫وزيد فيه سواد القلب‬
‫والبصر‬
‫فهو يخشع في صلته إلى موله‪ ،‬معطيا‬
‫)( حديث مرفوع رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪36‬‬

‫لكل آية حظها من العبودية‪ ،‬فتجذب روحه‬


‫وقلبه آيات المحبة والوداد‪ ،‬وآيات النعام‬
‫والحسان‪ ،‬وآيات السماء والصفات‪ ،‬وآيات‬
‫الرحمة والغفران‪ ،‬وتقلقه‪ :‬آيات الخوف‬
‫والعدل والنتقام فيزداد خوفه وخشيته من‬
‫الله سبحانه‪.‬‬
‫فإذا صلى ما كتب الله‪ ،‬جلس مطرًقا‬
‫ل‪ ،‬واستغفره‬ ‫بين يدي ربه هيبة له وإجل ً‬
‫استغفار من قد تيقن أنه هالك إن لم يغفر‬
‫له ويرحمه‪ ..‬فإن قضى من الستغفار‬
‫دا لفريضة‬‫اضطجع على شقه اليمن استعدا ً‬
‫الفجر‪.‬‬
‫دا الصف‬ ‫ثم ينهض إلى صلة الصبح قاص ً‬
‫الول عن يمين المام أو خلف قفاه‪ ،‬أو‬
‫قربه ما أمكن فإن للقرب من المام تأثيًرا‬
‫في صلة الفجر خاصة‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫ن‬
‫كا َ‬‫ر َ‬ ‫ج ِ‬‫ف ْ‬ ‫قْرآ َ َ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫ن ُ‬
‫ر إِ ّ‬
‫ج ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫قْرآ َ َ‬‫و ُ‬‫‪َ ‬‬
‫دا‪] ‬السراء‪ .[78 :‬فإذا فرغ من‬ ‫هو ً‬ ‫ش ُ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫صلة الفجر أقبل لكليته على ذكر الله‬
‫دا ل‬
‫والتوجه بأذكار أول النهار فيجعلها ور ً‬
‫دا‪ .‬ثم يزيد عليها ما شاء الله من‬ ‫ل بها أب ً‬ ‫ُيخ ّ‬
‫الذكار الفاضلة‪ ،‬أو قراءة القرآن حتى‬
‫‪37‬‬ ‫دقائق الليل الغالية‬

‫تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين إن شاء‬


‫دا شاكًرا )‪.(1‬‬
‫وينصرف حام ً‬

‫***‬

‫)( باختصار من طريق الهجرتين وباب السعادتين لبن‬ ‫‪1‬‬

‫القيم ص ‪.332-325‬‬
‫دقائق الليل الغالية‬ ‫‪38‬‬

‫الفهرس‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‪5...............‬‬


‫المقدمة‪5....................................‬‬
‫فضائل قيام الليل‪6........................‬‬
‫ل فوائد القيام‪9...............:‬‬ ‫ومن أج ّ‬
‫‪ -1‬خلوة السحر‪9...................:‬‬
‫‪ -2‬استجابة الدعوات‪13...........:‬‬
‫‪ -3‬غفران الذنوب‪15...............:‬‬
‫‪ -4‬دخول الجنة‪18..................:‬‬
‫* * *‪22....................................‬‬
‫أسباب تعين على قيام الليل‪23.........‬‬
‫ل‪ :‬السباب الظاهرة‪23............:‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانًيا‪ :‬السباب الباطنة‪29..............:‬‬
‫نسمات من قيام السلف‪34..............‬‬
‫الفهرس‪38..................................‬‬

‫***‬

You might also like