Professional Documents
Culture Documents
للسائلين ..وإيقا ً
ظا لهمم العارفين ..وتسلية
لعباده المؤمنين.
فعن أبي هريرة أن رسول الله
قال» :ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء
الدنيا ،حين يبقى ثلث الليل الخير،
فيقول :من يدعوني فأستجيب له؟
من يسألني فأعطيه؟ من
يستغفرني فأغفر له؟« ]رواه البخاري
ومسلم[.
ومن أج ّ
ل فوائد القيام:
-1خلوة السحر:
فخلوة السحر سكينة النفوس..
وطمأنينة القلوب ..تنساب فيها دموع
المخلصين على خدودهم تترى ..قبل
دخولهم على الله بالصلة ..ويحصل بها
هدوء الطبع ..وسمت الخُلق ..وسكون
العضاء منسجمة في سكونها مع سبات
الليل الهاديء ..وصماته الهامد!..
وإن المستيقظ من فراش المنام ..إلى
رحاب القيام ..ليستيقظ يقظة ليس من
نومه فقط وإنما من غفلة طالما حجبت
قلبه عن الله ..وحرمته من لذة لقاه ..فهو
بقومته الليلة يجلو ظلمات نهارية تخللته
في يومه ..ولزمته في يقظته ونومه..
فاستيقظ يغسل قلبه ..ويذهب ذنبه..
ويستغفر ربه ..ليحيى حياة من جديد
وُزل َ ً
فا َ َ َ وأ َ
ر َ ِ ها
َ ّ نال يِ ف ر
َ ط َ ةل صّ ال ِ م ق
ِ َ
ن
هب ْ َ ت ي ُذْ ِ سَنا ِ ح َ ن ال ْ َ ل إِ ّن الل ّي ْ ِ م َ
ِ
ن] هود: ري َ ذاك ِ ِك ِذك َْرى ِلل ّ ت ذَل ِ َ سي َّئا ِ ال ّ
.[114
دقائق الليل الغالية 10
-2استجابة الدعوات:
وقيام الليل هو مفتاح استجابة الدعاء..
وقضاء الحوائج ..ونزول العطاء ..قال :
»إن في الليل لساعة ل يوافقها
رجل مسلم يسأل الله خيًرا من أمر
الدنيا والخرة ،إل أعطاه إياه ،وذلك
كل ليلة« ]رواه مسلم[.
ت – ممن عرفت – رجل ً ديًنا ولقد عرف ُ
خلوًقا كان يملك محل ً تجارًيا مرموًقا ..وقع
أن جّرنا الحديث إلى الكلم عن دعوات
السحر وأن الله جل وعل يستجيبها
ويتعاهدها بالقبول ..فما كان من ذلك
الرجل الصالح إل أن هش وبش بالفرح ثم
قال لي:
والله لقد كنت قبل شهرين في غم وهم
وكنت أتجول في السواق النائية البعيدة..
وربما منعني البعد من الرجوع إلى البيت
فأنام على الرض هرًبا من تكاليف
دقائق الليل الغالية 14
عمران.[17 :
وذلك لن الستغفار بالسحر ..فيه من
المشقة ما يكون سبًبا لتعظيم الله له..
وفيه من عنت ترك الفراش ولذاذة النوم
والنعاس ..ما يجعله أولى بالستجابة
والقبول ..لسيما مع مناسبة نزول المولى
جل وعل إلى سماء الدنيا وقربه من
المستغفرين ..فل شك أن لهذا النزول بركة
تفيض على دعوات السائلين وتوبة
المستغفرين وابتهالت المبتهلين!!
فعن أبي موسى عبد الله بن قيس
الشعري عن النبي قال» :إن الله
تعالى يبسط يده بالليل ليتوب
مسيء النهار ،ويبسط يده بالنهار
ليتوب مسيء الليل حتى تطلع
الشمس من مغربها« ]رواه مسلم[.
ورجال وصلوه قطع الليل رجال
وأناس شهدوه رقدوا فيه أناس
م ول يستعذبوه ل يميلون إلى
لم يكونوا يعرفوه النو
فكأن النوم شيء
ن الل ّي ْ ِ
ل قِليًل ِ
م َ كاُنوا َالصالحين فقالَ :
َ
م
ه ْ
ر ُحا ِ وِباْل ْ
س َ ن* َ عو َ
ج ُ
ه َ ما ي َ ْ
َ
نفُرو َ غ ِ
ست َ ْيَ ْ
]الذاريات.[18 ،17 :
قال الحسن :كابدوا الليل ومدوا الصلة
إلى السحر ،ثم جلسوا في الدعاء
والستكانة والستغفار.
ن
ع ِ م َ ه ْجُنوب ُ ُفى ُ جا َ وقال تعالى :ت َت َ َ
عا
م ًوط َ َفا َ و ً
خ ْم َ ه ْ ن َرب ّ ُ عو َ ع ي َدْ ُج ِ
ضا ِ
م َال ْ َ
ن] السجدة: قو َ ف ُ م ي ُن ْ ِ
ه ْقَنا ُما َرَز ْ
م ّو َِ
.[16
فل يستقربهم حال ،ول يثبت لهم نوم..
ول يغمض لهم جفن لخوفهم من الوعيد
ورجاءهم فيما عند الله من النعيم.
و َ
ه َن ُم ْ م َ وقد صدق الله جل وعل :أ ْ
َ
حذَُر
ما ي َ ْ قائ ِ ً و َدا َ ج ً سا ِ ل َ ت آَناءَ الل ّي ْ ِ قان ِ ٌ َ
ه ْ
ل ل َ ق ْ ه ُة َرب ّ ِ م َ
ح َ جو َر ْ وي َْر ُ خَرةَ َ اْل َ ِ
ن َل ذي َ وال ّ ِن َ مو َ عل َ ُن يَ ْذي َ وي ال ّ ِ ست َ ِيَ ْ
َ ُ
ب ما ي َت َذَك ُّر أوُلو اْلل َْبا ِ ن إ ِن ّ َمو َ عل َ ُ يَ ْ
]الزمر.[9 :
وكيف يستوي من تحمل مشقة السهر..
دقائق الليل الغالية 18
-4دخول الجنة:
فعن أبي يوسف عبد الله بن سلم
قال :سمعت رسول الله يقول» :يا
أيها الناس أفشوا السلم ،وأطعموا
الطعام ،وصلوا الرحام ،وصلوا
والناس نيام تدخلوا الجنة بسلم«).(1
أخي الكريم..
فل يفوتنك ربح القيام ..ول يستهوينك
المنام ..فإنما الدنيا أسواق لكتساب
الخرة ..وسوق الليل تجارة ل تبور..
فجاهد نفسك في تحصيله ..واحفظ لليل
دقائقه الغالية ..فإنها أوقات مباركة
تستجاب فيها دعوتك ..وتقضى فيها
حاجتك..
فاحرص على إحياءها بقراءة القرآن..
ومناجاة الرحمن فإنها ساعة تفيض فيها
النفحات على الرواح ..وتنساب عليها
السكينة فترتاح..
ولك في رسول الله أسوة حسنة..
ما لليل حتى تفطرت قدماه فلقد كان قوا ً
فقيل له :أتكلف هذا وقد غفر الله لك
ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال» :أفل
دا شكوًرا« ]رواه البخاريأكون عب ً
ومسلم[.
وتذكر أن التوفيق لهذه العبادة الجليلة
منحة ربانية يهبها الله جل وعل للصالحين
من عباده ،لذا فهي تقتضي تهذيب النفس
دقائق الليل الغالية 22
* * *
23 دقائق الليل الغالية
رقم ).(5674
25 دقائق الليل الغالية
في القيام:
إذا استيقظ أحدهم ،فأول ما يجري على
لسانه ذكر الله جل وعل والتوجه إليه
واستعطافه والخشوع بين يديه والستعانة
به أن ل يخلي بينه وبين نفسه ،وأن ل يكله
إليها فيكله إلى ضعة وعجز وذنب وخطيئة..
فأول ما يبدأ به »الحمد لله الذي أحيانا
بعدما أماتنا وإليه النشور«) (1ثم يدعو
ويتضرع ثم يقوم إلى الوضوء بقلب حاضر
مستصحب لما فيه ،ثم يصلي ما كتب الله
صلة محب ناصح لمحبوبه متذلل منكسر
بين يديه ،ل صلة مدل بها عليها ،يرى من
أعظم نعم محبوبه عليه أن أقامه وأنام
هله ،وحرم غيره ،واستزاره وطرد غيره ،وأ ّ
غيره ،فهو يزداد بذلك محبة إلى محبة
ويرى أن قرة عينه وحياة قلبه وخبة روحه
ونعيمه ولذته وسروره في تلك الصلة .فهو
يتمنى طول ليله.
يود أن ظلم الليل دام له
وزيد فيه سواد القلب
والبصر
فهو يخشع في صلته إلى موله ،معطيا
)( حديث مرفوع رواه البخاري. 1
دقائق الليل الغالية 36
***
القيم ص .332-325
دقائق الليل الغالية 38
الفهرس
***