Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
لقد صنف علماؤنا القدامى كثيا من الرسائل ف بيان معن ل إله إل اللّه وف إعرابا.
وقد اطلعت ف مكتبة عارف حكمت بالدينة النورة على عدد من الرسائل الخطوطة
ف ذلك ،وهي:
-رسالة ف إعراب ل إله إل اللّه .لبن هشام النصاري .التوف سنة 761هـ.
-رسالة ف إعراب ل إله إل اللّه .للزركشي التوف سنة 794هـ.
-رسالة ف إعراب ل إله إل ال .وتسمى التجريد ف إعراب كلمة التوحيد لصنفها
علي بن سلطان القاري .التوف سنة 1014هـ.
-إنباه النباه على تقيق إعراب ل إله إل اللّه ،لصنفها إبراهيم بن حسن الكوران،
التوف سنة 1101هـ.
ول يطبع من هذه الرسائل -فيما أعلم -سوى رسالة واحدة بعنوان "معن ل إله إل
ال"للمام الزركشي.
وهذه رسالة أخرى أقـوم بتحقيقها ف إعراب ل إله إل ال ،منسوبة إل ابن هشام
النصاري ،اطلعت عليها ف قسم الخطوطات بكتبة عارف حكمت ،فرأيتها تشتمل
على فوائد قيّمة وتوجيهات عديدة ل أجدها ف غيها من الصنفات .وهذا ما دعان إل
الهتمام با وتقيقها ،على الرغم من أنا نسخة فريدة.
وقد عانيت كثيا ف إقامة النص ،وتقوي العبارات الضطربة ،وشرح الوجوه الختلفة،
ونسبة الراء إل أصحابا .ول أدّعي الكمال ف ذلك ،وحسب أنن بذلت جهدي.
واللّه أسأل أن يوفقنا ويسدد خطانا ،ويهدينا سواء السبيل ،والمد للّه رب العالي.
هو أبو محمد عبد اللّه بن يوسف بن أحمد بن عبد ال بن هشام النصاري جمال
الدين المشهور بابن هشام [. ]1
ولد في القاهرة خامس ذي القعدة سنة 708هـ ،وتلقّى على عدد من علماء
عصره ،حتى فاق أقرانه ،وتخرج به جماعة من أهل مصر وغيرهم.
قالت ابن خلدون" :ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية
يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه".
وقد ترك ابن هشام عددا من المصنفات ما بين مطبوع ومخطوط ومفقود ،ومن
أشهر مصنفاته :مغني اللبيب عن كتب العاريب ،أوضح المسالك إلى ألفية ابن
مالك ،شرح شذور الذهب ،شرح قطر الندى ،شرح اللمحة البدرية ،التذكرة.
وقد توفي ابن هشام ليلة الجمعة خامس ذي القعدة سنة 7 6 1هـ .رحمه اللّه.
نسبة هذه الرسالة إلى ابن هشام:
اطلعت على هذه الرسالة ،منسوبة إلى ابن هشام ،في مخطوطة فريدة ،بمكتبة
عارف حكمت ،برقم ( )88مجاميع .وقد ورد في هذه المخطوطة نسبتها إلى ابن
هشام مرتين ،مرة في العنوان ،ومرة في مقدمة الرسالة.
ولم أجد أحدا ممن ترجم لبن هشام ذكر له هذه الرسالة ،ولم أعثر على نسخة
أخرى تؤكد نسبتها إليه.
ولكّن الدكتور علي فودة نيل يؤكد نسبتها إلى ابن هشام للسباب التالية:
(ملخصة):
-1أن ما جاء في مقدمتها من قول المؤلف "أما بعد حمد اللّه"...هو المألوف في
تقديم معظم مصنفاته.
-2أن منهج التأليف في هذه الرسالة من العرض الشامل للراء المختلفة
ومناقشتها لبيان الراجح والمرجوح شبيه بمنهج ابن هشام.
-3أن بعض ما ذكر في هذه الرسالة من آراء مذكور في كتاب المغني.
-4أن العتـداد في هذه الرسالة بآراء بعض العلماء السابقين ،كابن عمرون،
ملحوظ في بعض رسائل أُخر لبن هشام [. ]2
ومما يقوي نسبتها إلى ابن هشام أنها ضمن مجموعة من الرسائل مكتوبة بخط
عالم مشهور ،هو العلمة محمد بن أحمد بن علي البهوتي الشهير بالخلوتي،
وهو فقيه حنبلي مصري توفي سنة 1088هـ [. ]3
وعلى الرغم من قوة السباب التي تنسب هذه الرسالة إلى ابن هشام ،فإنّي لست
على ثقة من نسبتها إليه ،ومما رابني في ذلك أمور ،منها:
-1أن هذه الرسالة لم ترد في مصنفات ابن هشام ،ولم يذكرها أحد ممّن ترجم
له.
-2أن هذه الرسالة تشير إلى علقة طيبة بين مصنفها وأبي حيان النحوي
الندلسي المشهور .فقد قال فيها المصنف" :وكنت عرضت هذا النظر على شيخنا
أبي حيان ،فقال."...
ومن المعروف أن ابن هشام لم يكن على وفاق مع أبي حيان ،بل كان كثير
المخالفة له ،شديد النحراف عنه [. ]4
ومهما يكن من أمر فستبقى هذه الرسالة تذكر لبن هشام حتى يثبت خلف ذلك
بأدّلة قاطعة .واللّه أعلم.
موضوع الرسالـة
هذه رسالة قيّمة تكتسب قيمتها من أهمية الموضوع الذي تعالجه ،وهو إعراب
السم الواقع بعد إل من كلمة التوحيد ،في قولنا" :ل إله إل اللّه".
وقد ذكر المصنّف في هذه الرسالة جواز الرفع والنصب في السم الواقع بعد
"إل"من كلمة التوحيد ،فقال :يجوز الرفع فيما بعد إل والنصب .والول أكثر ،نص
على ذلك جماعة منهم العلمة ابن عمرون في شرحه على المفصّل .وظاهر كلم
ابن عصفور والبذيَ يقتضي أن النصب على الستثناء أفصح ،أو مساو للرفع
على بعض الوجوه...
وقـد فصّـل المصنّف كثيرا في بيان أوجه الرفع والنصب ،مع المناقشة
والستدلل والترجيح ،فذكر للرفع ستة أوجه وللنصب وجهين .وهذا موجز
للوجه المختلفة:
فأما الرفع فمن ستة أوجه ،وهي:
-1أن خبر "ل"محذوف ،و"إل ال"بدل من موضع لمع اسمها ،أو من موضع
اسمها قبل دخولها .وهذا هو العراب المشهور لدى المتقدمين وأكثر المتأخرين.
-2أن خبر ل محذوف ،كـما سبق ،والبدال من الضمـير المستكن فيه.
وهـذا العراب اختاره بعض.
-3أن الخبر محذوف أيضا ،و"إل اللّه "صفة لـ "إله"على الموضع ،أي موضع
ل مع اسمها ،أو موضع اسمها قبل دخول "ل".
-4أن يكون الستثناء مفزعا ،و"إله"اسم "ل"بني معها ،و"إل اللّه"الخبر .وهذا
العراب منقول عن الشلوبين ،ونقله ابن عمرون عن الزمخشري.
-5أن "ل إله"في موضع الخبر ،و"إل اللّه"في موضع المبتدأ .وهذا العراب
منسوب للزمخشري.
-6أن تكـون "ل"مبنية مع اسمهـا ،و"إل ال"مرفوع بـ "إلـه"ارتفاع السم
بالصفة ،واستغني بالمرفوع عن الخبر ،كـما في مسألة :ما مضروبٌ الزّيدان،
وما قا ِئمٌ ال َعمْران.
وأما نصب ما بعد "إل"فمن وجهـين:
-1أن يكون على الستثناء ،إذا قدر الخبر محذوفا ،أي ل إله في الوجود إل اللّه
عز وجل.
-2أن يكون الخبر محذوفا ،كـما سبق ،و"إل اللّه" صفة لسم "ل"على اللفظ ،أو
على الموضع بعد دخول "ل"لن موضعه النصب.
ثم ختم المصنف الرسالة بقوله :وقد تلخّـص في "ل إله إل اللّه"عشرة أوجه،
غير أن في البدل من الموضع إما من موضع اسم ل قبل الدخول ،وإما من ل مع
اسمها ،فيتقدر سبعة .والنصب من وجهين إل أن في وجه الصفة إما أنه صفة
للفظ اسم ل إجراء لحركة البناء مجرى حركة الِعراب ،وإما أن يكون صفة
لموضعه بعد دخول ل ،فيتقدر ثلثة مع السبعة ،فتلك عشرة كاملة .والذي في
كلم ابن عصفور من ذلك أربعة أوجه ،وهو أكثر من وسع في إل من الوجه...
بعد الفراغ من تحقيق هذه الرسالة ،قمت بدراسة وصفية ،تتبعت فيها ما أمكن
من الشواهد اللغوية لحالت السم الواقع بعد إل ،في نصوص القرآن الكَريم
والحديث النبوي والشعـر العربي التي جاءت على نمط "ل إله إل ال" ،للمقارنة
بين الواقع اللغوي لهذه النصوص ،وما ورد في هذه الرسالة من جواز الرفع
والنصب ،فكانت النتيجة أن رفع السم الواقع بعد إل هو الفصيح الغالب في
اللغة ،بل لم يرد في القرآن الكَريم والحديث النبوي غيره ،وأما النصب فقد ورد
في بعض البيات الشعرية على قلّة.
وقد جاءت الدراسة على النحو التالي:
( )1في القرآن الكريم :تتبعت اليات القرآنية التي وردت فيها "ل إله إل ال"أو
ما كان على وفق هذا السلوب ،فوجدتها كلها جاءت برفع السم الواقـع بعد
"إل" ،ولم تأت قراءة واحدة ،ولو شاذة؟ بالنصب.
وهذه هي اليات مع السور التي وردت فيها في القرآن الكريم:
أ{ -ل ِإَلهَ إِلّ اللّه} :الصافات ( ،)35محمد (.)19
ب{ -ل إِ َلهَ إِلّ ُهوَ} :البقرة ( ،)255 ، 163آل عمران ( ،)1 8 ،6 ،2النسا ء (
)87والنعـام ( ،)106 ، 102العراف ( ،)158التوبـة ( ،)129 ،31هود (
،)14الرعد ( ،)30طه ( ،)98 ،8المـؤمنـون ( ،)116الـنـمـل (،)26
القصص ( ،)88 ،7 0فاطر ( ،)3الزمر ( ،)6غافر ( ،)65 ،62 ،3الدخان ( ،)8ا
لحشر ( ،)23 ،22التغابن ( ،)13المزمل (.)9
جـ_ {ل إِ َلهَ إِلّ َأنَا} :النحل ( ،)2طه ( ،)14النبياء (.)25
د{ -ل ِإَلهَ إِلّ َأنْتَ} :النبياء (.)87
شفَ َلهُ إِلّ ُهوَ} :النعام ( ،)17يونس (.)107
هـ _ {فَل كَا ِ
ق قال أبو جعفر النحاس في قوله تعالى{ :الّلهُ ل ِإَلهَ إِلّ ُهوَ} [ : ]5ويجوز في
غير القرآن :ل إله إل إياه ،نصب على الستثناء [. ]6
وكرر هذه العبارة بعينها القرطبي عند حديثه عن هذه الية [. ]7
وقال الزجاج [ : ]8ولو قيل :ل رجل عندك إل زيدا جاز .ول إله إل الّلهَ جاز.
ولكن الجود ما في القرآن ،وهو أجود أيضا في الكلم .قال اللّه عز وجلِ{ :إ ّنهُمْ
ستَ ْكبِرُونَ} [ . ]9فإذا نصبت بعد إل فإنما
كَانُوا إِذَا قِيلَ َلهُمْ ل ِإَلهَ إِلّ الّلهُ َي ْ
نصبت على الستثناء.
( )2في الحديث النبـوي:
وردت كلمة الشهادة (ل إله إل اللّه) في مواضع كثيرة من الحديث ،وجاءت كلها
بالرفع ،ومن ذلك:
أ -في صحيح البخاري ،ومعه فتح الباري (.)129( ،)1/103
ب -في صحيح مسلم بشرح النووي (.)206( ،)197( ،)188( ،)183 /1
جـ -ومن ذلك قوله صلى ال عليه وسلم" :ل صلة بعد الِقامة إل المكتوبة".
قال أبو البقاء العكـبري [ : ]10الوجه هو الرفع على البدل من موضع ل،
والنصب ضعيف ،وقد بين ذلك في مسائل النحو ،ومثل ذلك :ل إله إل اللّه.
د -وقوله صلى ال عليه وسلم" :ل شفاءَ إل شفاؤك".
قال العكبري [" : ]11شفاؤك"مرفوع بدل من موضع "ل شفاء"ومثله ل إله إل
اللّه.
لهذه الرسالة نسخة خطية فريدة تقع في اثنتي عشرة صفحة ،ضمن مجموع
يضم 15رسالة بمكتبة عارف حكـمت برقم 88مجاميع .وهي الرسالة التاسعة
في المجموع ،وتقع من ورقة .34 -29وقد كـتبت بخط نسخي عادي ،بخط
العلمة محمد بن أحمد بن علي البهوتي الحنبلي الشهير بالخلوتي .وفي الصفحة
نحو 27سطرا وفي السطر 10كـلمات تقريبا.
وقد ورد في آخر الرسالة الولى ورقة :3وعلقه لنفسه أفقر العباد ،وأحوجهم
إلى عفو ربه العلي محمد بن أحمد البهوتي الحنبلي ،في يوم الجمعة المبارك
ثاني عشر ذي القعدة من شهور سنة 1038من الهجرة النبوية.
والنسخـة كاملة واضحة ،ولكنها ل تخلو من التحريف والضطراب والغموض
في بعض المواضيع.
وقـد عملت على خدمـة النصر وضبطه وتوثيق محا شيه ،والتعليق عليه ،ما
أمكن ،لتوضيح الجوانب الدقيقة لكل مسألة.
وباللّه التوفيق ،والحمد للّه أول وآخرا.
فهرس المصادر
_1ابن هشام النصاري /آثاره ومذهبه النحوي /د .علي فودة نيل .منشورات
جامعة الملك سعود -الرياض 1406هـ.1985 /
_2أحكام الميراث في الشريعة الِسلمية :د.جمعة برّاج .دار الفكر للنشر
والتوزيع .عمان ،الطبعة الولى 1401هـ1981 /م.
_3أخبار النحويين البصريين :السيرافي ،تحقيق د .محمد البنا ،دار العتصام
الطبعة الولى 1405هـ1985/م.
_4ارتشاف الضرب :أبو حيان الندلسي ،تحقيق د .مصطفى النماس.
_5الستغناء في أحكام الستثناء :شهاب الدين القرافي ،تحقيق د .طه محسن.
_6أسرار العربية :النباري ،تحقيق محمد بهجة البيطار ،دمشق 1377هـ/
1957م.
_7إشارة التعين :عبد الباقي اليماني ،تحقيق د .عبد المجيد دياب ،الطبعة
الولى 1406هـ.
_8اشتقاق أسماء اللّه :الزجاجي ،تحقيق د .عبد الحسـين المبارك ،مؤسسة
الرسالة ،الطبعة الثانية 1406هـ1986 /م.
_9الشباه والنظائر :السيوطي ،تحقيق د .عبد العال سالم مكرم ،مؤسسة
الرسالة.
_10الصول في النحو :ابن السرّاج ،تحقيق د .عبد الحسين الفتلي.
_11أعجب العجب في شرح لمية العرب :الزمخشري ،الطبعة الولى بالجوائب
1300هـ.
_12إعراب الحديث النبوي :العكبري ،تحقيق د.حسن موسى الشاعر ،الطبعة
الثانية 1408هـ 1987/م.
_13إعراب القرآن الكريم :النحاس ،تحقيق د .زهير غازي زاهد ،الطبعة الثانية
1405هـ1 985 /م.
_14إعـراب لمية الشنفري :العكبري ،تحقيق محمد أديب جمران ،المكتب
الِسلمي ،الطبعة الولى 1404هـ1984 /م.
_15العلم :الزركلي ،دار العلم للمليين.
_16إنباه الرواة :القفطي ،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ،الطبعة الولى.
_17النصاف في مسائل الخلف :النباري ،تحقيقَ المرحوم الشيخ محي الدين
عبد الحميد.
_18أوضح المسالك :ابن هشام النصاري ،تحقيق المرحوم الشيخ محي الدين
عبد الحميد ،الطبعة الخامسة -بيروت.
_19إيضاح المكنون :إسماعيل باشا البغدادي.
_20اليضاح في شرح المفصّل :ابن الحاجب ،تحقيق د .موسى بناي العليلي،
مطبعة العاني -بغداد 1982م.
_21البحر المحيط :أبو حيان الندلسي.
_22البدر الطالع :الشوكاني ،مطبعة السعادة ،الطبعة الولى 1348هـ.
_23البلغة في تاريخ أئمة اللغة :الفيروز أبادي ،تحقيق محمد المصري ،دمشق
1392هـ 1972/م.
_24بغية الوعاة :السيوطي ،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ،مطبعة الحلب