You are on page 1of 5

‫اإلمام أبو حنيفة والشعر‬

‫د‪ .‬عبدالحكيم األنيس‬

‫مقاالت متعلقة‬

‫تاريخ اإلضافة‪ 2014/11/26 :‬ميالدي ‪ 1436/2/3 -‬هجري‬


‫زيارة‪14755 :‬‬

‫اإلمام أبو حنيفة والشعر‬

‫ل موضوع التوسل بالنبي‬ ‫سبَ في بعض الكتب الحديثة التي تتناو ُ‬ ‫نُ ِ‬
‫صلى هللا عليه وسلم إلى اإلمام أبي حنيفة (‪150 -70‬هـ) قصيد ٌة‪،‬‬
‫فيها هذه األبيات‪:‬‬
‫يا سيّد السادات جئتك قاصدًا‬
‫أرجو رضاك وأحتمي بحماكا‬
‫خير الخالئق إن لي‬‫وهللا يا َ‬
‫قلبًا مشوقًا ال يرو ُم سواكا‬
‫ق جاهك إنني بك مغرم‬ ‫ووح ّ ِّ‬
‫وهللا يعلم أنني أهواكا‬
‫أنتَ الذي لوالك ما خلق امرؤ‬
‫كال وال خ ِّلق الورى لوالكا‬
‫البدر اكتسى‬
‫ُ‬ ‫نورك‬
‫أنتَ الذي من ِّ‬
‫والشمس مشرقة بنور بهاكا‬
‫أنتَ الذي ل ّما ُرفعت إلى السما‬
‫بك قد سمتْ وتزينتْ لسراكا‬
‫استغربت هذه النسبة‪ ،‬ولغة القصيدة ال تشبه لغة القرن‬ ‫ُ‬ ‫وقد‬
‫ل شعراً‪،‬‬
‫ورجعت إلى عد ٍد من تراجمه‪ ،‬فلم أجد فيها أنه قا َ‬‫ُ‬ ‫الثاني‪،‬‬
‫ومن الكتب التي راجع ُتها‪:‬‬
‫‪1-‬أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري (ت‪436 :‬هـ‪)[1].‬‬
‫‪2-‬االنتقاء في فضائل الثالثة األئمة الفقهاء البن عبد البر (ت‪:‬‬
‫‪463‬هـ‪).‬‬
‫‪3-‬وفيات األعيان البن خلكان (ت‪681:‬هـ)‪).405 /5( ،‬‬
‫‪4-‬تاريخ اإلسالم للذهبي (ت‪748:‬هـ) (‪).990 /3‬‬
‫‪5-‬سير أعالم النبالء له (‪).390 /6‬‬
‫‪6-‬البداية والنهاية البن كثير (ت‪774:‬هـ)‪).137 /10( ،‬‬
‫‪7-‬الجواهر المضية في طبقات الحنيفة لعبد القادر القرشي (ت‪:‬‬
‫‪775‬هـ) (‪)[2].26 /1‬‬
‫َن ص َّنف في طبقات الحنفية‪.‬‬ ‫والقرشي أول م ْ‬

‫كتاب كبي ٌر مفر ٌد س ّ‬


‫ماه ‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫وكان معتنياً بترجمة اإلمام‪ ،‬وله عنه‬
‫"البستان في مناقب إمامنا النعمان"‪ ،‬وقد أشا َر إليه في " الجواهر‬
‫المضية‪".‬‬

‫‪8-‬الخيرات الحسان في مناقب اإلمام األعظم أبي حنيفة النعمان‬


‫البن حجر الهيتمي (ت‪973 :‬هـ‪)[3].‬‬
‫‪9-‬سلم الوصول إلى طبقات الفحول للحاج خليفة (ت‪1067:‬هـ)‪/3( ،‬‬
‫‪).372‬‬
‫‪10-‬األعالم للزركلي (ت‪1396 :‬هـ)‪).36 /8( ،‬‬
‫♦♦♦♦‬

‫تمثل بالشعر‪ ،‬ففي "الخيرات‬ ‫َّ‬ ‫ابن حجر الهيتمي أنّه‬‫ُ‬ ‫•وقد ذكر‬
‫الحسان" ص ‪:633‬‬
‫بخير‬
‫ٍ‬ ‫ة‪ ،‬فقيل له‪ :‬ال ي ُ‬
‫َزال هذا المصر ‪ -‬أي الكوفة ‪-‬‬ ‫"وأجاب في مسأل ٍ‬
‫ما أبقاك هللا تعالى فيه‪ .‬فقال‪:‬‬
‫مسو ِّد‬
‫َّ‬ ‫غير‬
‫َ‬ ‫الديار فسدتُ‬
‫ُ‬ ‫خلت‬
‫سؤد ِّد "‬
‫تفردي بال ُّ‬
‫ومن العناء ُّ‬

‫•وفيه ‪-‬أي" الخيرات الحسان‪"-‬ص‪:73‬‬


‫ب إليه ما ليس فيه‪،‬‬ ‫نس ُ‬‫س ُد‪ ،‬و ُي َ‬ ‫ابن عبدالبر‪ :‬كان أبو حنيفة ُي ْ‬
‫ح َ‬ ‫"قال ُ‬
‫مفكّراً‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ع فرآه مطرقاً‬
‫ختلق عليه ماال يليق به‪ .‬وقد أقبل عليه وكي ٌ‬ ‫ُ‬ ‫و ُي‬
‫فقال له‪ :‬من أين؟ فقال‪ :‬من عند شريك‪ .‬فأنشأ يقول‪:‬‬
‫إن يحسدوني فإني غير الئمه ْم‬
‫قبلي من الناس أهل الفضل قد ُحسِّدوا‬
‫فدام لي ولهم ما بي وما به ُم‬
‫أكثرنا غي ًظا بما يج ُد ‪"[4].‬‬
‫ُ‬ ‫وماتَ‬
‫والبيت األول( خلت الديار )لحارثة بن بدر ُ‬
‫الغداني التابعي‪[5].‬‬

‫والبيتان اآلخران منسوبان إلى خمسة شعراء‪ ،‬وهم الكميت بن‬


‫معروف األسدي‪ ،‬ومحمد بن عبيدهللا العرزمي‪ ،‬ولبيد بن عطارد‪،‬‬
‫وبشار بن برد‪ ،‬وأبو تمام]‪ ،[6‬ولعل الراجح أنهما لمحمد بن عبيدهللا‬
‫العرزمي (ت‪155:‬هـ‪).‬‬
‫♦♦♦♦‬

‫وبع ُد‪:‬‬
‫سألت األستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ‪ -‬رحمه هللا ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫فقد كنت‬
‫عن القصيدة المشار إليها في أول هذ المقال‪ ،‬فقال‪( :‬ال تصح‪ .‬وهو‬
‫م الشعر‪ ،‬ولكنه لم ُي ْعر ْ‬
‫َف عنه أنّه قاله‪).‬‬ ‫س َت ْب َع ٍد عليه نظ ُ‬
‫غير ُم ْ‬
‫ثم رأي ُتها ضمن قصيد ٍة نسبها األبشيهي (ت‪852:‬هـ) لنفسه في‬
‫كتابه "المستطرف" (‪)[7].493-491 /1‬‬
‫♦♦♦♦‬

‫ل تقي الدين التميمي الغزي (المتوفى سنة‬ ‫مستغرب قو ُ‬


‫ومن ال ُ‬
‫‪1010‬هـ) في "الطبقات السنية في تراجم الحنفية‪":‬‬
‫(وأما ما ُينسب إلى أبي حنيفة من الشعر فكثي ٌر‪ ،‬منه قوله‪:‬‬
‫ْ‬
‫ئمهم‪...‬‬ ‫يحس ُدوني فإنِ ّي غ ْي ُر ال َ‬
‫ُ‬ ‫إن‬

‫البيتين السابقين‪[8].‬‬

‫ُ‬
‫اإلمام‬ ‫ومنه قوله ‪-‬وقد اتفق له مع شيطان الطاق في الح ّ‬
‫مام لما رآه‬
‫َ‬
‫مكشوف العورة‪ ،‬ونهاه عن ذلك‪ ،‬ما هو مشهور‪ ،-‬وهو‪:‬‬
‫وحكمة‬ ‫أقول وفي قولي بالغ ِّ‬
‫وما قلتُ قَ ْوالً جئتُ فيه ب ُمنك َِّر‬
‫أال يا عباد هللا َخافُوا إل َهك ْم‬
‫ئزر‬ ‫فال تدخلوا الح َّما َم إالَّ ِّ‬
‫بم ِّ‬

‫وأما ما كان يتمثل به أبو حنيفة من الشعر‪ ،‬وما ُمدح به رضي هللا‬
‫تعالى عنه من النظم‪ ،‬فكثي ٌر ال يدخل تحت الحصر!)‬
‫♦♦♦♦‬

‫قلت‪ :‬والذي وجد ُت ُه منسوبًا إلى أبي حنيفة ما ذكره اإلما ُم الرافعي‬
‫(ت‪623 :‬هـ) في" األمالي الشارحة "في المجلس (‪ )28‬إذ قال‪:‬‬
‫( ُيذكر أن أبا حنيفة أنشد لنفسه‪:‬‬
‫طلب العل َم للمعا ِّد‬
‫َ‬ ‫َم ْن‬
‫فاز بفض ٍل من الرشا ِّد‬
‫فيا لخسران طالبي ِّه‬
‫لني ِّل فض ٍل من العبا ِّد‬

‫ش ُد كثيرًا‪:‬‬
‫وأنه كان ُين ِ‬
‫كفى حزنًا ّأال حياةَ هنيئة‬
‫وال عمل يرضى به هللاُ صال ُح ‪).‬‬
‫♦♦♦♦‬

‫وجاء في" تنوير بصائر المقلدين في مناقب األئمة المجتهدين "‬


‫للكرمي (ت‪1033:‬هـ) ص‪:92‬‬

‫(قال محمد بن الحسن‪ :‬إن أبا حنيفة قال لعيسى بن موسى أمير‬
‫الكوفة‪:‬‬
‫كسرةُ خبز وقعب ماء‬
‫ب مع السالم ْه‬ ‫وفر ُد ثو ٍ‬
‫نعيم‬
‫خير من العيش في ٍ‬
‫يكونُ ِّم ْن بعده ندام ْه‬

‫ه أي ً‬
‫ضا‪:‬‬ ‫ومن كالم ِ‬
‫ومن المروءة للفتى‬
‫فاخر ْه‬
‫ما عاش دار ِّ‬
‫فاشكر إذا أوتيتَها‬
‫ْ‬
‫اآلخر ْه ‪).‬‬
‫لدار ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫واعم‬

‫ُ‬
‫التثبت من نسبة هذه األبيات إليه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ويجب‬
‫وليت القراء يتابعون البحث في تراجم اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬السيما‬
‫تراجمه المفردة ككتاب الصالحي والسيوطي‪ ،‬وغيرهما‪.‬‬

‫]‪[1‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1986 ،،‬م‪.‬‬


‫]‪[2‬دائرة المعارف النظامية‪ ،‬الهند‪1332 ،‬هـ‪.‬‬
‫]‪[3‬المطبعة الخيرية‪ ،‬مصر‪1304 ،‬هـ‪.‬‬
‫]‪[4‬والخبر في "تاريخ بغداد" (‪ )367 /13‬وغيره‪ ،‬ولم أجده في‬
‫"االنتقاء‪".‬‬
‫ع شعرَه الدكتور حاتم الضامن في كتاب‪ ،‬واستنزله عنه‬ ‫م َ‬
‫]‪[5‬وقد ج َ‬
‫الدكتور نوري حمودي القيسي‪ ،‬وأخذه ونش َر َه في كتابه " شعراء‬
‫أمويون"‪( .‬بغداد ‪1396‬هـ‪1976-‬م‪).‬‬
‫سبا إليه في "غرر الخصائص الواضحة"‪ ،‬ولكن ذكرهما أبو تمام‬ ‫]‪[6‬نُ ِ‬
‫في" الحماسة"‪ ،‬ولم ينسبهما إلى نفسه‪ ،‬فنسبتهما إليه ال تصح‪.‬‬
‫]‪[7‬وقد جاء فيها‪:‬‬
‫(أنا طامع في الجود منك ولم يكن‬
‫البن الخطيب من األنام سواكا )‬
‫بعض الناس قوله‪( :‬البن الخطيب من) فجعله‪( :‬ألبي حنيفة‬ ‫ُ‬ ‫وغيَّر‬
‫في!!)‬
‫]‪[8‬والصحيح َّ‬
‫أن اإلمام تمثل بهما وليسا له‪.‬‬

‫رابط الموضوع‪: http://www.alukah.net/literature_language/0/78994/#ixzz52ZjMTPNd‬‬

You might also like