‫النافصال الهاديء‬

‫تصادقناا ثم تحاببناا فتزوجناا‪,‬‏ وأناضجت عشرة الربعة عشر عاما حبناا فصار عميقا بليغا‪ ..‬لكناه‬
‫مناذ لحظة ميلد ابناناا الول تفجرت خلفاتناا واستمرت ثم تعاظمت مع ميلد صغيرتناا‬
‫هي عجيبة الطباع‪,‬‏ فما طلبت مناها شيئا إل ووافقتناي عليه ثم فعلت عكسه تماما‪,‬‏ تفطم ابناناا‬
‫فجأة ودون أي مبرر في شهره السادس‪,‬‏ فيصبح نازيل شبه دائم في المستشفي للتغذي‬
‫بالمحاليل وعلجات سوء التغذية‪,‬‏ تتسبب له مرتين في كسر بعظم الفخذ وهو بعد في عامه‬
‫الول‪,‬‏ تناام ملء جفنايها وأحد أطفالناا يعاناي الحمي‪,‬‏ ل تبالي بتصحيح أخطاء ناطق أي من‬
‫الطفلين فكبرا يعانايان عيوب الناطق‪,‬‏ لزمت النازلة الشعبية أحدهما لمدة سبع سناوات بسبب‬
‫إهمالها المستمر لتجفيف جسمه وتعريضه مباشرة لهواء أجهزة التكييف‪,‬‏ والغريب أناها لم‬
‫تكن لديها أي اهتمامات أخري فهي ل تعمل وليس لها هوايات ول تقرأ من الجريدة سوي‬
‫صفحة الوفيات والحظ وعنااوين الحوادث‪,‬‏ ول تهتم كثيرا بملبسها أو الموضة مثل‪,‬‏ تقول شيئا‬
‫وتفعل غيره‪,‬‏ ناتفق علي أمر وتأتي بناقيضه‪ ..‬وغير ذلك ما ل حصر له من الفعال غير‬
‫المعقولة‪,‬‏ غير المفهومة‪ ..‬وفي كل مرة كنات أسأل زوجتي عن شيء من تصرفاتها كنات ل‬
‫أحصل مناها إل علي إجابة واحدة تزيدناي حيرة فوق حيرة ـ وهي ل أعرف لماذا فعلت ذلك مع‬
‫وعد جديد بعدم التكرار‪ ...‬ثم يكون التكراروالتكرار والتكرار‪.‬‬
‫كنات في باديء المر أتحاور معها في هدوء‪,‬‏ ثم صرت أرفع صوتي‪,‬‏ ثم تماديت فكنات‬
‫أخاصمها ليوم أو يومين ول فائدة ثم تحرك لساناي بالسباب ويدي بالضرب بعد أن بلغت قمم‬
‫الغليان والغيظ ووصلت ـ أو كدت أصل الي الناهيار‪,‬‏ أصبت بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم‬
‫وأصبحت شديد العصبية والتوتر وسريع النافعال‪ ..‬قاطعتها مقاطعة تامة‪,‬‏ واناتهيت الي هجر‬
‫الفراش لمدد وصلت الي سناة كاملة وهي كجلمود صخر‪ ..‬ل تتغير!‏‬
‫أناا مهنادس معماري أعمل بالتصميم‪,‬‏ عملي يتطلب التركيز الكامل‪,‬‏ فمفتاح الناجاح والستمرار‬
‫فيه هو دوام الخلق وإفراز البتكار الجميل‪ ..‬وكما هو الحال مع أي فناان‪,‬‏ تناعكس حالته‬
‫النافسية ومنااخه السري علي أعماله‪,‬‏ فتدهور عملي من سييء لسوأ حتي توقف تماما‪.‬‬
‫لم يكن هنااك حل إل النافصال‪,‬‏ وتم ذلك مع قدر ل بأس به من السلم والتحضر والن‪,‬‏ تأتي‬
‫زوجتي لزيارتناا مرة كل شهر فتثناي ـ ل تتعجب لذلك علي حال الولد بعد انافصالها عناهم‬
‫وتؤكد لي استمرار حبها لي‪,‬‏ وأؤكد أناا استمرار حبي لها وإناها ـ ربما للمرة الوحيدة طوال‬
‫حياتناا الزوجية ـ قد أفلحت في تنافيذ مااتفقناا عليه!‏‬
‫أعيش الن مع الطفلين‪,‬‏ أقوم بأعمال ربة البيت بكفاءة بعد أن تعلمتها علي مدي العام وناصف‬
‫العام الماضيين‪,‬‏ استنافدت معظم مدخراتي مناذ تعثر عملي قبل أربع سناوات وأحاول الن البدء‬
‫فيه من جديد‪.‬‬
‫أختتم رسالتي برجائك أل تسألناي لماذا أحبها‪ ..‬فأناا ل أعرف!‏‬

‫»»ولكاتب هذه الرسالة أقول««‬

‫لن أسألك لماذا تحبها لن الحب ل مناطق له في أغلب الحيان‪ ..‬لكناي سوف أسألك ولماذا‬
‫يستمر هذا النافصال بيناكما وكل مناكما يحب الخر‪ ..‬وتقوم بيناكما هذه العلقة الودية الهادئة ؟‬
‫لقد عرفت عيوبها وناقاط ضعفها وصبرت عليها السناين الطوال‪,‬‏ ثم ضقت ذات مرة بما تناكره‬
‫عليها فاتفقتما علي النافصال في هدوء‪,‬‏ وها قد مضي عام وناصف العام علي هذا النافصال‬
‫الهاديء ومازالت زوجتك السابقة تحبك وتفتقدك ومازلت أنات كذلك تحبها وتفتقدها‪,‬‏ فلماذا ل‬
‫تستأنافان إذن حياتكما الزوجية مرة أخري علي أن تتعامل مع عيوبها وهنااتها بتسامح أكبر‬
‫وتحاول أنات درء أخطاء هذه العيوب علي الطفال بقدر الطاقة؟!‏ إن وجودها بين أطفالها‬
 ‫أفضل لهم تربويا ونافسيا وإناسانايا بالرغم من كل أوجه قصورها‪,‬‏ من بعدها عناهم وأنات‬
‫تستطيع كما تعلمت خلل فترة النافصال القيام بأعمال البيت ورعاية الطفال‪,‬‏ ان تكون صمام‬
‫المان الذي يحول دون أي مضاعفات تناتج عن ضعف شخصيتها وسوء تدبيرها وضعف‬
‫التزامها بما تعد به أو تتفق عليه معك‪ ..‬فأعدها إلي عصمتك وأعف نافسك من عنااء الوحدة‬
‫ورعاية الطفال‪,‬‏ لكي تتفرغ لعملك من جديد‪,‬‏ فأما عيوبها فإناك تستطيع السيطرة عليها‪ ..‬أو‬
‫علي القل تحملها والتجاوز عناها‪ ..‬لكي تظل السفيناة طافية فوق السطح‪ ..‬ول يحرم الطفال‬
‫من أمهم التي تمثل بالناسبة لهم نابع الحب والحناان مهما يكن سوء تدبيرها‪.‬‬
‫ياصديقي إناها قدرك الذي ل ناجاة لك مناه‪,‬‏ فتحمل أقدارك بشجاعة وأعد زوجتك الي عصمتك‬
‫عسي أن تكون قد تعلمت من تجربة النافصال بعض مالم تكن تعلم وشكرا‪.‬‬