Professional Documents
Culture Documents
الشــــــروع في الجريمة
الشــــــروع في الجريمة
إن المجرمين في ضلل وسعر ،يوم يسحبون في النار علي وجوههم ،ذوقوا مس سقر ،إنا كل“
شئ خلقناه بقدر ،وما أمرنا إل واحدة كلمح البصر ” صدق ا العظيم
:مقدمة
إن التشريعات الجنائية المعاصرة تحتفظ أساسا بفكرة الواقعة الجرامية و تقيم فلسفة قانون
العقوبات عليها دون أن تهمل قيمة العوامل الشخصية في تحديد النموذج التشريعي للجريمة في
.تقدير العقوبة
لذلك يعاقب القانون على الفعال المادية التي تتطابق مع نص التجريم و التي تكون ماديات الجريمة
فالقانون ل يعاقب على النوايا مهما كانت إجرامية دون أن يعبر عنها بفعل مادي ملموس ينتج أثره
في العالم الخارجي فالجريمة هي العتداء الذي يصدر من الجاني ضد المجني عليه مخلفا له نتيجة
ضارة و على ذلك نلحظ أن عناصر الركن المادي للجريمة المادية هي السلوك أو الفعل الجرامي
و النتيجة الجرامية المتحققة و أخيرا العلقة التي تربط بين الفعل و النتيجة و تدعى العلقة
السببية و إذا تم و استنفذ الجاني كل نشاطه و أفعاله فإنه يرجو و ينتظر تحقق النتيجة فإذا تحققت
.تمت الجريمة و إذا لم تتحقق تبقى الجريمة ناقصة و بذلك فالنتيجة هي الثر المادي الذي يتحقق
فالجرائم المادية هي التي تتحقق فيها النتيجة الجرامية و يتحقق الضرر للمجني عليه لكن في
بعض الحيان ينفذ الجاني كل نشاطه الجرامي لكن يتعذر عليه تحقيق النتيجة الجرامية هنا تكون
النتيجة القانونية أي الضرر لم يلحق بالمجني عليه و إنما اعتدى عليه و على مصالحه التي
يحميها القانون و هذا ما يطلق بالشروع ،و خذا الخير يعتبر ركن مادي من أركان الجريمة و بما
أن القانون يحمي المصالح و يعاقب على الجرائم التي تلحق أضرار بالمصالح فكذلك يعاقب على
النتيجة والقانون يعاقب على النتيجة التي تتحقق وتسبب الضرر للمجني عليه ،فما حكم الشروع ؟
هل يعاقب عليه ؟ وإن كان خناك عقـــاب فهل هو بنـفس عقـــــوبات الجريمة التامة ؟
:موضوع البحث
تهدف هذه الدراسة للحديث عن الشروع في الجريمة وأحكام الشروع ،ونطاق تطبيقه وأركانه،
:منهجية البحث
اتبعنا في بحثنا هذا منهجية البحث التحليلي المقارن وذلك من خلل مقارنة القوانين العربية مع
القانون الفلسطيني المطبق في الضفة الغربية والقانون الفلسطيني المطبق في قطاع غزة ،وما
:أهمية البحث
تكمن أهمية البحث في بيان الجزاء الذي يقرره قانون العقوبات الفلسطيني بشكل خاص
والتشريعات الجزائية العربية بشكل عام ،علي كل من يرتكب السلوك الجرامي سواء تحققت
.النتيجة الجرامية أم لم تتحقق ،لن في كلتا الحالتين هناك اعتداء وسلوك إجرامي حدث فعلل
ويعتبر الشروع في الجريمة من القواعد الموضوعية التي نظمها قانون العقوبات الفلسطيني ونص
بشكل صريح علي الجزاء ،والهدف من تطبيق هذا الجزاء علي المخالفين وهو تحقيق الردع
.الخاص والعام
:تساؤلت البحث
هل العقاب علي الشروع مثل العقاب علي الجريمة الكاملة ؟ 3-
:خطة البحث
:تمهيد
النسان كائن مزدوج في طبيعته خلق من مادة وروح .وأودع فيه نوعان من القوى ،نوع تأخذ
بيده إلى الخير وأخرى تدفعه إلى الشر وهذه الحقيقة ذكرها القرآن الكريم } ونفس وما سواها
فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها { .نتج عن ذلك أن كان للنسان
نوعان من السلوك ،ما يتفق مع الخلق والقانون والنظام وما يختلف عنها .وغالبا ما يمر كل
النوعين بمرحلتين :مرحلة داخلية نفسية ل علقة لها بالمادة وأخرى خارجية وذات طبيعة مادية
تتحسسها الحواس .وكثيرا ما تسبق المرحلة النفسية المرحلة المادية فل يقوم النسان بتنفيذ عمل
إل بعد التصميم على القيام به .وتسبق كل المرحلتين مرحلة تمهيدية فل يصمم النسان على عمل
.شيء إل بعد التفكير به مليا ،ول يقوم بتنفيذه إل بعد التمهيد لهذا التنفيذ والوصول إلى مبتغاه
فالسلوك بشكل عام هو مجموعة الفعال الداخلية ) الذهنية ( والخارجية ) المادية ( والتي
بواسطتها يحقق النسان ما يريد خيرا ل فخير وإن شرال فشر .فمن يريد إقامة ملجئ لليتام ،لبد أن
يفكر في الموضوع مليا ،موازنا بين حسناته وسيئاته فإذا ما رجحت الحسنات ينتقل إلى مرحلة
أخرى أكثر أهمية أل وهي مرحلة التصميم والعزم على تنفيذ العمل .ومتى بدأ بالتهيئة للتنفيذ
فيكون قد انتقل من المرحلة النفسية إلى المرحلة التمهيدية لمرحلة التنفيذ ،وهي إعداد وتحضير
الوسائل الضرورية .وما أن يفرغ من التمهيد للمرحلة المادية حتى ينتقل الى تنفيذ العمل والوصول
ما قيل بالنسبة للسلوك النافع يقال أيضا في السلوك الضار وما يهدف إليه من نتيجة ضارة أو
جرمية حيث يمر الفاعل بنفس المراحل السابقة .فلو أراد شخص قتل آخر يتعين عليه أن يفكر في
المر ،ويوازن بين ما يحقق رغباته ونزواته وبين ما يلحق به من إضرار .فإذا ما أوصله تفكيره
إلى التيان بفعل القتل فانه ينتقل إلى مرحلة التصميم ليبدأ بعدها بتهيئة وتحضير الوسائل اللزمة
للقيام بجريمة القتل مثل شراء سلح والتدريب عليه ،وما أن يفرغ من المرحلة الخيرة حتى يبدأ
بعد التفكير في الجريمة و التحضير لها قد يتجه الجاني نحو تنفيذها بالفعل و يقال عندئذ بأنه شرع
فيها و لكن فعله ل يصل إلى مرحلة التنفيذ الكامل للجريمة ،و في هذه الحالة يعتد المشرع بفعل
الجاني و يجرمه في الجنايات و بعض الجنح و عليه فإن تعريف الشروع بوجه عام هو من جرائم
الخطر و ليس من جرائم الضرر لن النتيجة لم تتحقق بمفهومها المادي بل المدلول القانوني أو
.بمعنى آخر هو ارتكاب سلوك محظور كله أو بعضه دون اكتمال الركن المادي للجريمة
وعرف المشرع الفلسطيني الشروع أو المحاولة الجرامية بقوله ” يعتبر الشخص بأنه حاول
ارتكاب الجرم إذا ما شرع في تنفيذ نيته علي ارتكاب ذلك الجرم باستعمال وسائل تؤدي إلي
وقوعه ،وأظهر نيته هذه بفعل من الفعال الظاهرة ولكنه لم بتمكن من تنفيذ نيته إلى حد إيقاع
الجرم(1).
وعرف مشروع القانون الجنائي العربي الموحد الشروع بقوله ” كل محاولة ارتكاب جناية ظهرت
بالبدء في تنفيذها أو بأعمال ل لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها ،ولم يوقف تنفيذها أو لم
يحصل الثر المتوخي منها إل لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها تعاقب بعقوبة تتراوح بين نصف
وعرف المشرع الكويتي الشروع بقوله ” هو ارتكاب فعل بقصد تنفيذها إذا لم يستطع الفاعل،
لسباب ل دخل لرادته فيها ،إتمام الجريمة ول يعد شروعا ل في الجريمة مجرد التفكير فيها ،أو
التصميم علي ارتكابها ،ويعد المتهم شارعا سواء استنفذ نشاطه ولم يستطع رغم ذلك إتمام
الجريمة(3)”.
ومما سبق بيانه يتضح أن الشروع يمثل مرحلة من مراحل ارتكاب الجريمة ،وإذا لم تتحقق النتيجة
التي أرادها الجاني بفعله يقوم الشروع ،شريطة توافر جميع عناصر الجريمة التامة باستثناء
النتيجة)(4
والفقه السلمي لم يهتم بوضع نظرية خاصة للشروع أو المحاولة الجرامية ولكنه فرق بين
الجريمة التامة وغير التامة وذلك لن الشروع أو المحاولة الجرامية ل يعاقب عليها بقصاص أو
حد وإنما يعاقب عليها بالتعزير ،فمثلل الشخص الذي ينقب المسكن ثم يضبط قبل أن يتمكن من
يعاقب القانون على الفعال المادية التي تتطابق مع نص التجريم و التي تكون ماديات الجريمة
فالقانون ل يعاقب على النوايا مهما كانت إجرامية دون أن يعبر عنها بفعل مادي ملموس ينتج أثره
في العالم الخارجي فالجريمة هي العتداء الذي يصدر من الجاني ضد المجني عليه مخلفا له نتيجة
ضارة و على ذلك نلحظ أن عناصر الركن المادي للجريمة المادية هي السلوك أو الفعل الجرامي
و النتيجة الجرامية المتحققة و أخيرا العلقة التي تربط بين الفعل و النتيجة و تدعى العلقة
السببية ويسبق السلوك الجرامي مراحل تتولد لدي الجاني تنقسم إلي نفسية مثل مرحلة التفكير
و يراد بها مرحلة النشاط الذهني و النفسي الذي يدور داخل شخصية الجاني فتطرأ فكرة ارتكاب
الجريمة على ذهنه و يراود نفسه بين دوافع القدام على الجريمة و دوافع الحجام عن اقترافها و
و المشرع الفلسطيني والردني والبحريني والليبي والقطري ل يهتم بما يدور في ذهن الشخص و
ل يعاقب عليه ،إل إذا ظهر في صورة نشاط خارجي كالتفاق مع الغير لرتكاب الجرائم ففي هذه
.الحالة يرى المشرع أنه يعد فعل خطيرا يهدد المصالح التي يحميها المشرع فيجرمها
والتشريع ل يعاقب علي أفعال التهديد أو التحريض أو التفاق ،لكنه يعاقب علي تلك السلوكيات
باعتبارها جرائم مستقلة وقائمة بذاتها بصرف النظر عما يحدث بعد ذلك ،فهي جرائم خطر ل يعد
العقاب عليها عقابا علي مجرد التفكير في الجريمة ،بل الجزاء يكون عن جريمة نفذت فعل ل ،أي
بعد العزم على الجريمة يبدأ الستعداد لها بأعمال تحضيرية لتنفيذ الجريمة كأن يشتري سلحا و
يتدرب على استعماله ثم يراقب المجني عليه في مواعيد هو يدرس المكنة التي يرتادها ،فهذه كلها
أفعال تحضيرية ل تعد بدورها شروعا ،و تفلت من العقاب بوصفها مرحلة في الجريمة غير أن
الشارع قد يرى بعض تلك العمال التي تعتبر تحضيرية لرتكاب جريمة معينة ما يمكن أن يكون
فعل خطرا فيجرمه بصفة جريمة مستقلة كمجرد تقليد المفاتيح ،فهو وإن كان عمل تحضيريا
بالنسبة لجريمة السرقة إل أن المشرع رأى بأن هذا الفعل يهدد المصالح التي يحميها القانون
إذا تجاوز الجاني مرحلة التحضير للجريمة بدأ في تنفيذها ،و بذلك يدخل في مرحلة جديدة تسمى
الشروع ،و هذا العمل الذي يقترفه الجاني ينطوي على تهديد للمجتمع بخطر معين مما دفع
المشرع إلى تجريمه إذا ما وقفت الجريمة عند هذه المرحلة و يتم هذا الوقف إما بسبب تدخل عامل
خارجي منع الجاني من الوصول إلى غايته ،أو بسبب فشل الجاني في تنفيذ الجريمة رغم قيامه
بنشاطه كامل ،و عندئذ يكون بصدد الشروع في الجريمة الذي يعاقب عليه المشرع ،و يطلق على
كما اعتبر المشرع الجزائري مرحلة الشروع هي المرحلة التي يتجاوز فيها الجاني مرحلتي التفكير
.والتحضير ليسلك الجريمة ،و لكن ل يصل إلى التنفيذ الكامل للجريمة
.و في هذه الحالة يعتد المشرع بفعل الجاني و الجريمة في الجنايات و بعض الجنح
فمث ل
ل الشخص الذي لم يتمكن من إتلف حواسيب المجني عيه بواسطة نشر فيروسات مدمرة
بسبب تمكن المبرمج من وضع برنامج حماية من الفيروسات لتلك الحواسيب يعتبر أنه حاول
ارتكاب الجريمة ،والشخص الذي لم يتوصل بسلوكه من تدمير منزل غريمه بسبب ل دخل لرادته
فيه وهو عدم انفجار المفرقعات يعتبر مرتكبا لجريمة محاولة إتلف مال الغير(9) .
وقد استقر القضاء الجزائري علي أنه لثبوت المحاولة يجب توافر الشروط التالية ) -1البدء في
التنفيذ -2أن يوقف التنفيذ أو يخيب أثره لسباب ل دخل لرادة الفاعل فيها -3أن يقصد به ارتكاب
هو أن يباشر الجاني أعمال بدء التنفيذ و لكن لحيلولة أسباب لم يكن فيها مختارا لم يستطع إتمام
الجريمة و وقف على عتبتها ،بمعنى آخر يكون الجاني قد بدأ في تنفيذ الجريمة ولم يزل بعد
مستغرقا في تنفيذها حيث أنه لو يستنفذ نشاطه الجرامي ،و لكن النتيجة لم تتحقق بسبب ظروف
خارجية عن إرادته(11).
ومثال ذلك أن يدخل لص أحد المتاجر يريد السرقة فيلفى القبض عليه قبل وصوله إلى المال الذي
كان يرغب في سرقته فالجاني في هذه الحالة قد بدأ نشاطه و لكن لم يستطع إكماله ،أي نشاطه
.أوقف
وهو أن يستنفذ الجاني كل نشاطه المادي لرتكاب الجريمة ولكن النتيجة التي يسعى إليها ل تتحقق
لعوامل خارجية ل دخل لرادته فيها كمن يطلق الرصاص فيخطأ الهدف أو يصيبه في غير مقتل
وينجوا المجني عليه من الموت ،أم المجرم الذي يطعن شخصا بسكين عدة طعنات ،نرى أن الجاني
هنا قد استنفذ كل نشاطه الجرامي لكن النتيجة لم تتحقق وهي الموت وذلك لن المجني عليه أنقذ
.و أسعف بالعلج ،و في هذا النوع من الشروع في بعض الحيان يقترن الروع الخائب بالموقوف
قد يتساءل البعض كيف ؟ نقول :إن صوب الجاني مسدسه نحو المجني عليه و أطلق عدة
رصاصات أصابته ولكن دون مقتل وهو كذلك انتزع منه شخصا آخر المسدس ،إذا خاب أمل الجاني
في قتل المجني عليه وأوقف عمله بسبب انتزاع الشخص المسدس من يد الجاني(12).
:يشترط في الشروع شأنه شأن كل سلوك إجرامي يخضع للعقاب توافر ركنين
الول :الركن المادي :و هو النشاط الخارجي أو السلوك الجرامي الذي يختلف من جريمة إلى
الثاني :الركن المعنوي ” قصد ارتكاب جريمة عمدية ” و يعني اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب
الجريمة مع العلم بعناصرها القانونية أي القصد الجنائي و هذا يعني أن الشروع يفترض أن
حيث أن وضع حد بين العمال التحضيرية التي ل يعاقب عليها القانون يقتضي وضع معيار ثابت
يفصل بين المرحلتين ،و لتحديد معيار فاصل في هذا الشأن ل مفر من الرجوع إلى المعايير الفقهية
السائدة في شأنها و قد جرى الفقه على تصنيف الراء المختلفة التي قيلت في هذه المعايير إلى
:مذهبين
.المذهب الموضوعي ) المادي ( الذي يهتم بالفعل المادي الذي أرتكب فعل و بخطواته الجرامية
ويذهب أنصار هذا المذهب إلى القول أن البدء في التنفيذ هو السلوك الذي يبدأ به الجاني تحقيق
الركن المادي للجريمة ،فالركن المادي في جريمة القتل يتمثل في سلوك يؤدي إلى إزهاق روح
وتجدر الشارة أن هذا التجاه يمتاز بدقته وسهولة تطبيقه ولكنه انتقد علي أساس انه يضيق من
والمذهب الشخصي الذي يهتم بإرادة الجاني واتجاه إرادته إلى السلوك الجرامي وهو المذهب الذي
استقر عليه العمل في القضاء الفرنسي و الذي أخذ منه المشرع الفرنسي ،ويهتم هذا المذهب
ويأخذ الفقه في فرنسا وبريطانيا وألمانيا بهذا المذهب ،حيث يهدف إلى التوسيع من نطاق الشروع
في الجريمة فل يعول علي شكل السلوك الصادر عن الجاني ،بل عما ينم عته هذا السلوك من
خطورة إجرامية لديه ،علي عكس المذهب المادي الذي يركز علي السلوك الجرامي(15).
موقف المشرع والقضاء الفلسطيني من المذهبين /اخذ المشرع الفلسطيني بالمذهب الشخصي
كمعيار للفعل الذي يعد بدءلا في التنفيذ أم ل ،كما قضت محكمة النقض المصرية بأنه ل يشترط
لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من العمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي
لعتبار لته شرع في ارتكاب جريمة أن يبدأ في تنفيذ فعل سابق مباشرة علي تنفيذ الركن المادي
ونحن نري انه ل يشترط أن يؤدي السلوك حالل إلي ارتكاب الجريمة بل يكتفي أن يؤدي مباشرة
إلي ارتكابها ومثال ذلك كمن يرغب في التسبب عمدلا إلي إفساد نظام تشغيل الكتروني ،فهذا الفعل
وان كان ل يؤدي حالل إلي ارتكاب الجريمة إل انه قاطع الدللة علي انعقاد النية علي تنفيذها) .
(17
الفرع الثاني :عدم إتمام الجريمة لسبب ل دخل لرادة الجاني فيه
من شروط الركن المادي للشروع هو وقف التنفيذ أو خيبة أثره و هو أن يقف هذا التنفيذ أو يخب
أثره لسباب ل دخل لرادة الفاعل فيها ،و هذا يعني أنه يجب أل يعدل الجاني باختياره عن تحقيق
وعليه يجب أن يكون العدول عن الجريمة غير إرادي ومثال ذلك ،إذا قاوم المجني عليه الجاني
وتجدر الشارة إلي أن السياسة الجنائية الحديثة تتجه إلي عدم قيام الشروع إذا تحقق العدول
الختياري لن في ذلك تشجيعا علي عدم ارتكاب الجريمة وتدعيم العوامل المانعة من الجرام في
وننوه إلي أن هناك فرضية تقرر أن يكون عدول الجاني مختلطا أي اضطراريا ل من جهة وإراديا من
جهة أخري ومثال ذلك كمن يرغب في تصوير فتاة خلسة ،ويري شخص مقبلل نحوه فيعتقد أنه
قادمال للقبض عليه فيتوقف عن تنفيذ جريمته ،واختلف الفقهاء في هذه المسألة ،فذهب رأي إلي
اعتبار العدول إرادي علي أساس أن البدء في التنفيذ لم يتوقف لسباب خارجة عن إرادة الجاني بل
ولكن هذا الرأي ل يمكن التسليم به لن عدول الجاني لم يكن تلقائيا ل خالصا بل كان سببه وقائع
خارجية(20) .
وذهب رأي للقول بفكرة العدول الغالب فإن كان العدول الرادي هو الغالب يتوافر الشروع في
ولكن هذا الرأي يعيبه صعوبة تطبيقه لعدم دفته حيث أن المنطق يقتضي اعتبار العدول في هذه
الحالة اضطراريال ومثال ذلك من يدخل بطاقة صراف إلي بقصد سلب مال صاحب البطاقة ولكنه لم
يعثر علي مال يكون عدوله غير إراديا ل ويتوافر الشروع في حقه ،بينما يكون العدول اختياريا ل إذا
يشترط في كل جريمة توافر الركن المعنوي و هو ركن القصد الجنائي بمعنى انصراف إرادة الجاني
إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بعناصرها القانونية ،لذلك يشترط أيضا لقيام الشروع توافر هذا
الركن ،و القصد الجنائي اللزم توافره في الشروع هو نقس القصد الجنائي الواجب توافره في
الجريمة التامة ،فالجاني ل يمكن اعتباره شارعا في جريمة إل إذا انصرفت نيته إلى ارتكابها تامة،
فمثل إذا كان القصد الجنائي يتطلب في جريمة القتل نية إزهاق الروح و في اختلس مال مملوك
للغير فهو يتطلب نفس النية بالنسبة للشروع في كل من الجريمتين ،فإذا نجح الجاني فالجريمة
وبالتالي فإن صفة الشروع في الجريمة تلحق بالركن المادي من حيث تحقق أو عدم تحققه ول
وتجدر الشارة أنه إذا لم تتجه إرادة الجاني إلي ارتكاب جريمة تامة ،فل يسأل عن محاولة
اقترفها ،بل يسأل عن الجريمة التي تتكون من السلوكيات التي ارتكبها ومثال ذلك إذا أصاب
شخص شخصال آخر بأذى بليغ وثبت أنه لم تتوافر لديه نية إزهاق روحه فإنه ل يسأل عن محاولة
المصلحة المحمية أو المراد حمايتها من وراء تأثيمها ،وفيـما يلـي نـــــــــــوضح ذلـــــك(24)- :
:أولل /المخالفات
حيث ل شروع في المخالفات وأكد المشرع الفلسطيني علي عدم خضوع المخالفات لفكرة الشروع
ونصت علي ذلك المادة 28من قانون العقوبات رقم 74لسنة ،1936والحكمة من استبعاد
.المخالفات من تطبيق فكرة الشروع هو ضلة المصلحة المحمية من هذا النوع من الجرائم
وهي الجرائم التي يعاقب عليها القانون دون الحاجة إلى توافر القصد لدي فاعلها ويتميز هذا النوع
من الجرائم في أن النتيجة التي تتحقق ل تكون نية الفاعل قد اتجهت إلى تحقيقها(25) .
المبحث الرابع
يقتضي بيان العقاب علي الشروع توضيح الجرائم التي يعاقب القانون علي الشروع فيها ،ومن ثم
قطاع غزة عن قانون العقوبات المطبق في الضفة الغربية ،ففي قانون العقوبات المطبق في قطاع
غزة نص المشرع صراحة في المادة 28من القانون رقم 74لسنة 1936علي أن الشروع ل
ينطبق علي المخالفات مما يعني أن مجال الشروع هو الجنايات والجنح ،أما قانون العقوبات
المطبق في الضفة الغربية فقد أقر مبدأ عدم العقاب علي الشروع في الجنح إل إذا ورد نص خاص
بذلك وكذلك فعل المشرع الجزائري حيث نصت المادة 30من القانون الجزائري علي”المحاولة في
الجنح ل يعاقب عليها إل بنص صريح في القانون” ،أما المخالفات فل عقاب على الشروع فيها
”.طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة “ :31المحاولة في المخالفة ل يعاقب عليها إطلقا
وتفسير هذه القاعدة أنه إذا كانت الجريمة جسيمة فالشروع فيها جسيم بدوره و يستحق العقاب،
فإن قلت جسامة الجريمة قلت خطورة الشروع ،و تطبيقا لذلك فالجنايات جرائم جسيمة لدلك يعاقب
على الشروع فيها أما الجنح فهي أقل درجة لذلك ل يعاقب على الشروع فيها إل بناءا على نص
.خاص
تختلف التشريعات الجنائية في عقاب الشروع فتذهب الغالبية العظمى من التشريعات الجنائية إلى
تقدير عقوبة للشروع أخف من عقوبة الفعل التام ومنها القانون البلجيكي والمجري والدنمركي
.وغيرها وبعض هذه التشريعات ل يميز في عقابه للشروع بين الجريمة الموقوفة والخائبة
و البعض الخر يميز بين هذين النوعين من الجرائم كما يميز في العقاب أيضا بين الشروع و بين
الجريمة التامة ،فيخفف من عقاب الجريمة الموقفة و يفرض أشد العقاب على الجريمة الخائبة ،أما
الجريمة التامة فتلقى أشد من الجريمة الخائبة و تفسير هذا التمييز في عقوبة الشروع و الجريمة
التامة يمكن في أن الشروع ل ينال بالعتداء على الحق الذي يحميه القانون و إنما يقتصر على
مجرد تهديده بالخطر و الخطر أقل إضرارا بالمجتمع من العتداء أي أن الشروع أقل إضرارا من
الجريمة التامة ،غير أن هناك بعض التشريعات القليلة تسوي بين عقاب الجريمة التامة و الشروع
فيها منها القانون الفرنسي و الروسي و البولوني و الجزائري ،و يمكن أن نفسر هذا الموقف أنه
اعتداد بالجانب الشخصي للجريمة في تحديد عقابها و القول بأن الرادة الجرامية تتوافر في
الجريمة التامة ،فإن كانت هذه الرادة أساس العقاب و علته فل مقر من القول بإيجاد هذا الساس
.في الحالتين و من ثم يجب التوحيد لبن عقاب الجريمة التامة و الشروع فيه
لقد أخذ المشرع الفلسطيني بسياسة العقاب علي الشروع ،وعقوبة الشروع أقل من العقوبة
المقررة للجريمة التامة ولقد حددت المادة 29من القانون رقم 74لسنة 1936مقدار العقوبة
.الحبس مدة ل تزيد عن أربع عشرة سنة في حالة الشروع في جريمة القتل عن غير قصد 2-
الحبس مدة ل تتجاوز عشر سنوات في جريمة تستوجب عقوبة الحبس المؤبد غير جريمة 3-
الحبس مدة ل تزيد عن نصف الحد القصى للعقوبة المقررة للجريمة التامة في الحالت 4-
.الخرى
أما قانون العقوبات رقم 16لسنة 1960فرق في مقدار العقوبة بين الشروع الناقص والشروع
الشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من سبع سنوات إلي عشرين سنة إذا كانت عقوبة الجناية 1-
.خمس سنوات علي القل إذا كانت العقوبة الشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة 2-
الشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من عشر سنوات إلي عشرين سنة إذا كانت عقوبة الجناية 1-
سبع سنوات إلي عشرين سنة إذا كانت العقوبة للجريمة التي شرع فيها الشغال الشاقة المؤبدة 2-
:الخاتمة
إن الجدل الفقهي الذي ثار حول هذا الموضوع إن دل على شيء إنما يدل على خطورة هذا الفعل و
أهميته العملية التي نجد تطبيقات كثيرة في العمل القضائي فيما بعد بدءا في التنفيذ يعاقب عليه ،و
اهتمام الفقهاء بالتفرقة بين الجرائم التامة والجرائم غير التامة والعمل التحضيري والبدء في
التنفيذ ،والعدول الختياري والجريمة المستحيلة هذه كلها أمور ساهمت في تحديد العمال التي يعد
من قبيل الشروع وحددت أي شروع يمكن العقاب عليه ،والمشرع الجزائري كغيره من المشرعين
نص على الشروع وعاقب عليه هذا لن الشروع يهدد مصلحة المجتمع لن عمله إذا لم يوقف
:التوصيات
توحيد قانون العقوبات الفلسطيني المطبق في قطاع غزة والضفة الغربية 2-
محاربة الجريمة وتحقيق الردع العام والخاص للمجرمين والعابثين باستقرار المجتمع 3-
كفالة المحاكمة العادلة والعلنية للمتهمين بما يضمن سلمة الحكام القضائية 4-
تطوير نصوص قانون العقوبات الفلسطيني بما يضمن تأثيم الجرائم اللكترونية والحديثة بما 5-
المراجع
القرآن الكريم *
د أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ،ص 85دار النهضة العربية القاهرة **
الدكتور ساهر الوليد ،الحكام العامة في قانون العقوبات الفلسطيني الجزء الول ص 4- 263
الدكتور عبد القادر جرادة مبادئ قانون العقوبات الفلسطيني المجلد الول ص 5- 164
الدكتور أحمد عوض بلل ،مبادئ قانون العقوبات المصري ص ،312دار النهضة العربية 6-
القاهرة
الدكتور محمود نجيب حسني ،علم العقاب ص ،96دار النهضة العربية الطبعة الثالثة 8-
الدكتورة أمال عبد الرحيم عثمان ،شرح قانون العقوبات ص ،206دار النهضة العربية 11-
الدكتور علي بدوي ،الحكام العامة في القانون الجنائي ،الجزء الول ص 25- 481