Professional Documents
Culture Documents
∞√e
Ö˘]
<
^
È÷
Ê˘]
<
hàu
<
∞◊âÜ
π]
<Ç
Èäe
<
∞nÈ
«j
äπ]
<
∞√∂_
<
‰f
vëÊ
<‰
÷a
<
Ó◊¬
Ê<‹
◊âÊ
<‰
È◊
¬<
!]<
Ó◊
ë
<
‰e
<
–v◊
⁄
<
›¯¬˘]<
Ì√
eÖ˘]
<Ì
€Ò˘]
Ê<
Ìe
^ví÷]
<
l^m
^«
jâ]
<0^í÷]
<
^„
À ◊
âÊ<
^
„iÊ
ÇŒÊ
<Ì⁄
˘]<
^€◊
¬Ê
<ÃÈ
֓
<
Ífi
^„
ffl
÷]
<
ÿȬ
^5c<ÃâÁ
Ë
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على أشرف
األنبياء والمرسلين سيدنا وموالنا محمد وعلى آله وصحبه،
وبعد فإن هلل تعالى بين عباده أولياء ،هم حجة اهلل على خلقه،
والدعاة إلى دينه انهم العلماء العاملين ،الذين أخبر عنهم النبى
rفقا":علماء أمتى كأنبياء بنى اسرائيل ،من رآهم اُخِ َذ
بأنوارهم ،وجميل صفاتهم..
انظر مثال إلى األمير شكيب أرسالن ،لما قابل السيد
الشريف السنوسى وعايشه عن قرب كتب عنه مابين للجاهل
أنه مبالغة ،بل إنه يقول ان لم يوف السيد حقه لذلك فهو بصدد
كتابة مؤلف كبير عنه ،ويختم هذا الفصل الذى اسماه" بقية
السلف الصالح وخاتمة المجاهدين سيدى أحمد الشريف
لالسنوسى رض اهلل عنه" بهذا الدعاء :اللهم إن كان من أج ّ
العارفين بك ،وأبر القائمين بأوامرك ونواهيك ،وأشد المحبين
لعيالك خلق اهلل ،وأصلب المتمسكين بكلمتك الحق ،وانه كان
القدوة المثلى بين خالئقك ،والحجة الوثقى بحقائقك ،والرجل
الذى أدى إلى آخر نفس من أنفاسه جميع الواجب عليه لدينه
ولقوله ولناسه ولالنسانية التى كان لها مثاالً ،فأعل درجته
يارب فى جوار قدسك ونور وحشة قبره بأنسك(.أنظر حاضر
العالم االسالمى 393/4ط دار الفكر العربى بيروت)
والشيخ عبد الرازق البيطار بعد أن أطنب فى وصف مآثر
وفضائل األمير عبد القادر الجزائرى يعترف بعجز قلمه عن
وصف صفاته ويقول :فهيهات أن يصفه الواصف وإن أطال
الكالم ،أو أن يحكيه العارف وإن مأل بطون الدفاتر وبرى
أسنة األقالم (أنظر حليه البشر فى تاريخ القرن الثالث عشر للشيخ
عبد الرازق البيطار 884/2طبعة دار صادر بيروت)
وهذا القاضى حسن عاكسن يقول عن السيد أحمد بن
3
أدريس :وكان رضى اهلل عنه سلفاً من السلف ..يقصر عن
التعبير عن شرح فضائله قلمى ولسانى ..وعلى الجملة فإنه
ملك العلم بأزمته ،والعرفان بلكيانه وجزئياته ،وأيم اهلل الذى
خلقه فى أحسن تقويم ،وحباه هذا الفضل أنه ما شاهدته
خصوصاً إذا خاطبته إال رأيت العلم والعرفان يلوحان من
شمائله ،ورأيت علماء الدهر عياالً على فضله ،وقرأت نسخة
التقوى من وجهه وألحاظه فاقتنصت شوارد الفادة من ألفاظ
وذكرت قول ابن الرومى:
اوال عجائب صنع اهلل ما ثبتث ملك الفضائل فى لحم وفى
عصب
(انظر المنتقى النفيس فى مناقب سيدى أحمد بن أدريس للشيخ صالح
الجعفرى ص 38ط .دار جوامع الكلم القاهرة)
وهذا ابن تيمية يقول البن عطاء اهلل السكندرى :أشهد أنى
ما رأيت مثلك فى مصر وال فى الشام حباً هلل او فناءً فيه ،أو
نصياعاً ألوامره ونواهية 0.انظر مناظرات ابن تيمية مع
فقهاء عصره للدكتور سيد الجميلى ط دار الكتاب العربى
بيروت)
والشيخ تقى الدين بن دقيق العيد يقول عن الشيخ أبو
الحسن الشاذلى رضى اهلل عنه(طبقات الشعرانى )4/2
وهذا جعفر الخلدى يصف اإلمام الجنيد فيقول :لم تر فى
شيوخنا من اجتمع له علم وحال غير أبى القاسم الجنيد ،كانت
له حال خطيرة وعلم غزير ،فإذا رأيت حاله رجحته على
علمه،وإذا رايت علمه رجحته على حاله(انظر صفة الصفوة
البن الجوزى 414/2ط دار المعرفة بيروت)
وسفيان الثورى كان إذا ذُكر داود الطائى قال:أبصر
الطائى أمره(صفة الصفوة )134/3ولما سعى الوشاه بذى
النون المصرى لدى الخليفة المتوكل وأمر بإحضاره من
4
مصر إلى بغداد ،فلما رآه أخذ بحاله ،وكان المتوكل بعد ذلك
إذا ذكر بين يديه أهل الورع يبكى ويقول:إذا ذكر أهل الورع
فحيهال بذى النون (انظر الرسالة القشيرية 54/1تحقيق د.
عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف ط دار الكتب الحديثة
القاهرة)
وهذا بشر الحافى كانوا يقولون ان اسمه بين الناس كأنه
اسم نبى .
(انظر حلية االولياء لحافظ أبى نعيم 333/8ط دار مكتبة
الخانجى القاهرة)
وقال مخلد بن الحسين ـ وقد ذكر عتبة الغالم وصاحبه
يحيى الواسطى ـ فقال :كأنما ربَّتهم األنبياء(الحلية )235/3
وهذا معروف الكرخى وقد ذُكر فى مجلس اإلمام أحمد بن
حنبل فقال بعض من حضره :هو قصير العلم ،فقال اإلمام
أحمد :أمسك عافاك اهلل ،وهل يراد من العلم إال ما وصل إليه
معروف؟ (انظر طبقات الحنابلة القاضى ابن أبى يعلى
382/1ط دار احياء الكتب العربية القاهرة)
وهذا الربيع بن خيثم كان عبد اهلل بن مسعود رضى اهلل
عنه إذا نظر إليه قال :لو رآك رسول اهلل rألحبك وألوسع لك
إلى جبنه ،ثم يقول{:وبشر المخبتين} (صفة الصفوة )30/3
إن من عرفهم ـ ولو بالقراءة عن أخبارهم فى الكتب ـ
اليملك إال أن يتساءل فى دهشة عظيمة ،إن كان هؤالء هكذا،
فكيف كان سيدهم ،وقدوتهم ،والنور الذى أضاء لهم؟ كيف
كان إذن رسول اهلل r؟
هذا ماال يحيط به علم الناس وال تطبقه مداركهم ،فإن
الصالحين منذ بدء الخلق إلى يوم القيامه مجتمعون اليعدلون
قطرة واحدة فى بحر صفاته وعلومه وأنواره صلى اهلل عليه
5
وآلله وسللم ،وكيف يصفون من كان خلقه القرآن ،والقرآن
التنقص عجائبه والتغنى فضائله ،كيف يعرفون قدر من
مدحه ربه سبحانه وتعالى فقال {وإنك لعلى خلق عظيم}
وأعطاه ما لم يعط أحداً من العالمين {ولسوف يعطيك ربك
فترضى} كيف يصف الناس مقام هذا النبى العظيم ،وكيف
يمكنهم مدحه مهما قالوا وهم من ضعف خلقوا وبالعجز
وُصفوا .كيف توزن كلماتهم فى ذلك مهما بلغت مع كالم اهلل
عز وعال.
وفى مدحه كتب من اهلل أخالى من يحص مديح محمد
تقرأ
عليه فكيف االمدح من أيُمدح من أثنى اإلله بنفسه
بعد ينشأ
إن قصارى ما يمكن أن يصفه الناس به هو قول األمام
البوصيرى:
حد فيعرب عنه ناطق فإن فضل رسول اهلل ليسر له
بفم
لذلك كانت أشنع كلمة قالها عالم مسلم هى كلمة ابن تيمية
لما قال عن كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى rللقاضى
:غال هذا r عياض الذى يبين فيه بعضاً من فضائل النبى
(*)
المغيربى
وماذا عن القاضى عياض ـ أو أهل األرض جميعاً لو
تحولوا إلى مداح له rـ أن يقولوا حتى يقول قائل :بالغ الناس
فى وصف فضائله .rواهلل لو وقر فى القلب عظمة اهلل تبارك
3
وتعالى لو قر فيه أيضا عظمه كالمه ،وال ستقر فى القلب
عظمة من قيل فيه هذا الكالم.
كذلك ادعى ابن تيمية أن السفر لزيارة النبى rمحرم
باالجماع (!) وأن الصالة التقصر فيه لعصيان المسافر به،
(**)
وأن سائر األحاديث الواردة فى فضل الزيارة موضوعه
وكذلك منع ابن تيمية االستغاثة برسول اهلل ، rوقد كتب
اإلمام ابن حجر الهيثمى كتابا للرد عليه اسمه الجوهر المنظم
قال فيه :من خرافات ابن تيمية التى لم يقلها عالم قبله وصار
بها بين الناس أهل االسالم مثلة أنه أنكر االستغاثة والتوسل
به ،rوليس ذلك كما أفتى به ،بل التوسل به rحسن فى كل
حال قبل خلقه وبعد خلقه فى الدنيا واآلخرة(انظر شواهد
الحق )133
وقد حدث لقاء بين ابن تيمية وابن عطاء اهلل السكندرى
الذى قال له :أما آن لك يافقيه أن تعترف أن االستغاثة هى
الوسيلة والشفاعة ،وأن الرسول rيستغاث ويتوسل به
ويستشفع؟ فقال ابن تيمية :أما االستغاثة ففيها شبهة الشرك
باهلل تعالى .فقال له ابن عطاء اهلل :إنك كمن أفتى بتحريم
العنب ألنه ذريعة إلى الخمر ،ونخص الذكور غير
المتزوجين سدًا الذريعة إلى الزنا
(انظر مناظرات ابن تيمية مع فقهاء عصره للدكتور
الجميلى نشر دار الكتاب العربى بيروت)
(**) كتب االمام التقى السبكى كتاباً فى الرد على ابن تيمية فى موضوع
الزيارة اسمه"شفاء السقام فى زيارة قبر النبى عليه الصالة والسالم طبع
عدة طبعات ،وطبع حديثا بالقاهرة بدار جوامع الكلم فارجع إليه()4
4
وقد تصدى البن تيمية كثيرون من علماء عصره،
وآخرون انتصروا له ،وفى هذا يقول الكتانى:وهو من األفراد
الذين كثر الخبط فى شأنهم بين مكفّر وبين ذاهب به إلى
منزلة المعصومين ،وااالنصاف منه قول الحافظ ابن
كثير":كان من كبار العلماء وممن يخطئ ويصيب ،لكن
خطأه بالنسبة إلى صوابه كنقطة فى بحر لجى ،وخطأه أيضا
مغفور له كما فى الصحيح أهـ" وقال الحافظ الذهبى فى حقه
من تذكرة الحافظ بعدما أطراه":رأيت له بعد موته ضامات
حسنة ،وقد انفرد بفتاوى نيل من عرضه ألجلها ،وهى
مغمورة فى بحر علمه ،فاهلل يسامحه ويرضى عنه ،فما رأيت
مثله ،وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك أهـ"
(فهرس الفهارس للكتانى )243/1
وقد كان من الممكن لهذه الهفات أن تنس مع الزمن وال
يذكر له إال حسناته الكثيرة وعلومه الجمة لوال أن قيض اهلل ـ
جلت حكمته ـ لهذه الهفات من استخرجها من بين متون
الكتب ،ووصصفها تحت المجهر المكبِّر ،وجعل منها قاعدة
بنى عليها دينه كله ،ومقياسًا يحكم به على عقيدة األمة.
يقول العالمة الشيخ أحمد زينى رحالن :كان الشيخ ابن
عبد الوهاب صاحب الدعوة الوهابية يخطب للجمعة فى
مسجد الدرعية ويقول فى كل حطبة :ومن توسل بالنبى فقد
كفر(انظر الدرر السنية فى الرد على الوهابية ص 134ط دار جوامع
الكلم بالقاهرة)
وقد كفر هو وفرقته األمة بسبب االستغاثة برسول اهلل ، r
وزيارة قبره الشريف ،واالحتفال بالمولد النبوى،وقراءة
البردة ودالئل الخيرات وغيرها من المدائح النبوية وكتب
الصالة على النبى ،rوكذلك الصالة على النبى عقب األذان
8
وفى تكبيرات العيد ،وإطالق لفظ السيادة على سيد األولين
واآلخرين rوغير ذلك مما هو هذا القبيل .
وقد تصدى كثير من العلماء لهذه الدعوة فى نشأتها،
وردوا على صاحبها وكان ممن تولى الرد عليه أحد أشياخه
وهو الشيخ محمد بن سليمان الكردى الذى قال له فى رسالة
بعث بها إليه :يا ابن عبد الوهاب سالم على من اتبع الهدى،
فإنى انصحك هلل تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين والسبيل
لك إلى تكفير السواد األعظم من المسلمين وأنت شاذ عن
السواد األعظم ،فنسبة الكفر إلى من شاذ عن السواد األعظم
أقرب ألنه أتبع غير سبيل المؤمنين(انظر شواهد الحق )143
واليزال إلى يومنا هذا يحمل هذا الميراث المقيت أناس
قاموا على شئون الدعوة واإلرشاد والفتوى فى أرض
الحرمين الشريفين ،يكفرون المسلمين بحجة المحافظة على
التوحيد ،وليس من جريمة ترتكب على ظهر األرض إال
وهى مستترة وراء زخرف من القول.
ولما طبع الشيخ السيد محمد بن علوى المالكى كتابه القيم:
"الذخائر المحمدية"(*) وجمع فيه شذرات من كتب السلف
فى فضل رسول اهلل rوبعض ما وهبه اهلل تعالى له ،وضمنه
أيضاً بعض ابحاث متعلقة بذلك هاجمه القائمون على الدعوة
واإلرشاد فى المملكة أشد هجوم ،بل كتبوا كتاباً عنوانه
"حوار مع المالكى فى رد منكراته وضاللته" طبعت منه
أعداد كبيرة ووُزع مجاناً على حجاج بيت اهلل الحرام ،وجاء
فى مقدمته التى كتبها الرئيس العام إلدارة البحوث العلمية
واالفتاء والدعوة واألرشاد هذا الكالم:
9
وقد ساءنى كثيراً وقوع هذه المنكرات الشنيعة والتى
بعضها كفر بواح من محمد علوى المذكور ،كما أثار بما
نشره فى كتبه من ضالالت وشركيات وبدع منكرة كثيراً من
أهل العلم وفى مقدمتهم هيئة كبار العلماء حيث أصدروا
قرارهم رقم 83بتاريخ 1401/11/11هـ
باستنكار ما اتجه إليه مذكور من الدعوة إلى الشرك باهلل
سبحانه وتعالى والدعوة إلى البدع والمنكرات والضالالت
والبعد عما عليه سلف هذه األمة من سالمة العقيده(**) ..
وقال مؤلف الكتاب فى تقديمه :لقد تتابعت سموم هذا
الضال المضل على العقيدة السلفية بما ينشره من مؤلفات
أطمها وأغمها وأكثرها بالء ومقتا وفحشا كتابه"الذخائر
المحمدية"وآخرها فيما علمنا ونرجوا أن يكون آخرها فى
مجال الدعوة إلى البدع والضالالت رسالته البتراء
المسماه"حول األحتفال بالمولد النبوى الشريف" (ص)8
()4
مدخل إلى هذا الكتاب
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا الكتاب الذى بين يديك هو
جزء من كتاب اإلمام النبهانى شواهد الحق فى االستغاثة بسيد
الخلق rوهو من الكتب التى تقوم شاهداً لصاحبها على صدق
نيته وعلو همته ومن أولى بذلك منه وهو من عُرف ممن ملك
حب اهلل ورسوله عليه قلبه ،ولقد صدق أمير الشعراء أحمد
شوقى لما قال فى قصيدته نهج البردة":وصادق الحب يملى
صادق الكلم" وقد قرظ هذا الكتاب أئمة العلماء من ذلك من
(**) حوار مع المالكى تأليف عبد اهلل ابن سليمان بن منيع ،طبع على
نفقة بعض المحسنين ،وقف هلل تعالى 1403هـ ـ 1983م
10
قاله العالمة الشيخ الببالوى المالكى شيخ الجامع األزهر
ن بيده الخير والهداية إلى طريق اإلرشاد الشابق :وقد م ّ
باطالعى على هذا الكتاب الذى أرجو أن يكون وسيلة لمؤلفه
فى بلوغ الدرجات العالية والمنازل الرفيعة {يوم تبيض وجوه
وتسود وجوه} فإنه على ما أرى أحسن ما وألف فى هذا
الموضوع الذى كثر النزاع والتخاصم فيه فى هذه األيام،
فجزى اهلل مؤلفه أحسن الجزاء وكتب العالمة شيخ مشايخ
الحنفية ومفتى الديار المصرية سابقاً الشيخ عبد القادر
الرافعى فقال :اطلعت على الكتاب المسمى بشواهد الحق فى
االستغاثة بسيد الخلق rلمؤلفه العالمة الهمام الشيخ يوسف
ال نبهانى فإذا هو عين الصواب مؤيدًا بالسنة والكتاب ،دالئله
معضدة وبراهينه مشيده ،فيجب االستظالل بظله الظليل،
ويكون حقًا عليه التعويل ألنه الحق الذى يرجع إليه فجزى اهلل
مؤلفه أحسن الجزاء(شواهد الحق ،)12وقال شيخ األسالم
شيخ الجامع األزهر الشيخ عبد الرحمن الشربنى :وقفت على
كتاب شواهد الحق فى االستغاثة بسيد الخلق فإذا هو شاهد
عدل آت بالقول الحق والكالم الفصل ،جدير بأن يوسم كما
وسمه مؤلفه بشواهد الحق حجة قائمة على طائفة الضالين
المضلين ،صارم فى نحر المبتدعة الملحدين ،تحيا به السنة
وتموت به البدعة (شواهد الحق )12
وقد كتب المؤلف فى المقدمة تعريف موجز بالكتاب
وفصوله فقال:
أما بعد :فهذا كتاب فى بابه فريد ،ما على حسنه من مزيد.
أسأل اهلل العظيم رب العرش الكريم أن يجعله خالصا لوجهه
الكريم ،ويكفنى وإياه كل ذى فهم سقيم وخلق ذميم ورأى فى
الدين غير مستقيم ،وأن ينفعل به النفع التام العام ويجعله من
11
أعظم الوسائل إلى سعادتى فى الدنيا والبرزخ ويوم القيامة،
ولكثرة ماحواه من الشواهد والشهود على مشروعية
االستغاثة بصاحب المقام المحمود r ،سميته:
شواهد الحق فى االستغاثة بسيد الخلق
{ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق } ولم أتعرض
فى األسم لذكر الزيارة ،ألنها من جملة أنواع االستغاثة
وأفضلها وأنفعها وأكملها فهى داخله فيها ،وقد رتبته على
مقدمة وثمانية أبواب وخاتمة.
وذكر ما تحتويه المقدمة والفصول الثملنية فمن شاء فليراجع
الكتاب.
***
وقد طبع حزب االستغاثة بسيد السادات rعدة طبقات
معظمها ضمن كتاب مفرج الكروب الذى يشتمل على الحزب
وثالث كتب آخر .أما هذه الطبعة فهى تحتوى على حزب
االستغاثات واحده ،ولكنا اعقبناه بفصلين نقلنا فيه بعض
الحكايات من الباب السادس من شواهد الحق ،ثم فصل آخر
به بعض االستغاثات الشعرية لعدد من الصحابة واألئمة
واألعالم وعلماء األمة وسلفها الصالح مأخوذة فى معظمها
من الفصل الثامن من شواهد الحق ،وقد رأينا إتماماً للفائدة أن
نضيف فصالً جديداً فيه تعريف بأصحاب االستغاثات
الشعرية فيما عدا الصحابة واألئمة أصحاب المذاهب الفقهية
المعمول بها فى األمة ،ألنهم ليسوا فى حاجة إلى التعريف
بهم حتى يدرك القارئ أن االستغاثة برسول اهلل rوهو نهج
األمة الذى صارت عليه منذ كان رسول اهلل rيروح ويغدو
12
(*)
بينهم وبعد وفاته r
ولعل خير ما نختم به هذه المقدمة هذه السطور من مقدمة
اإلمام النبهانى رضى اهلل عنه لكتاب شواهد الحق .وقال:
فاعلم أيها المؤمن المقصر مثلى فى األعمال وقد حمل من
األوزار أثقال كالجبال أنا معاشر المؤمنين المقصرين
المذنبين الخاطئين ليس لنا وسيلة إلى رب العالمين بعد كرمه
الذى عم الخالئق أجمعين إال عبده األكرم حبيبه األعظم سيدنا
محمد ، rفنسأله تعالى بهذا النبى الكريم الرؤف الرحيم أن
يغفر ذنوبنا ويفرج كروبنا ويبلغنا من كل خير فى الدنيا
واآلخرة مطلوبا .وينعم علينا فى الدارين من جالئل نعمه
الغرر بما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب
بشر ،اللهم أنا نتوسل بجاهه لديك أن تجعلنا من أحب عبيدك
إليه وإليك وأنت ترزقنا رضاك ورضاه فى جملة المؤمنين
واألمنين فى الدنيا والبرزخ ويوم الدين ،وأن تفعل مثل ذلك
ومحبينا جميع أصولنا وفروعنا بمشايخنا وذرارينا
وحواشينا.
اللهم أرضى عن اإلمام النبهانى وجزاه عنى وعن اإلسالم
والمسلمين خير الجزاء ،وصلى اللهم وسلم وبارك على
حبيبك سيدنا محمد وآله كما أنت أهله ،وسالم على المرسلين
والحمد هلل رب العالمين.
(*) جاء فى البداية والنهاية البن كثير ،وتاريخ الرسول والملوك للطبرى
والكامل البن األثير أن شعار المسلمين يوم اليمامة كان"يامحمداه"
13
( )2قصة فى العودة إلى الحق
(*)
عن مذهب المبتدعين
(*) من كتاب التوابين لإلمام موفق الدين ابم قدامه المقدسى ص194
طبعة دار الكتب العلمية بيروت تحقيق عبد القادر األرناؤوط،
والهوامش المثبتة هنا منقوله عنه)1( :هو هارون(الواثق باهلل)بن
محمد(المعتصم باهلل) بن هارون الرشيد العباسى ،أبو جعفر ( 200ـ
)232من خلفاء العباسية بالعراق ،ولد ببغداد،وولى الخالفة بعد وفاة
أبيه سنة(224هـ)فامتحن الناس فى خلق القرآن،وسجن جماعة،
والظاهر أنه تاب عن ذلك فى آخر عمره ،ومات فى سامراء ،وكالن
كثير االحسان ألهل الحرمين ،حتى قيل :إنه لم يوجد بالحرمين فى أيامه
سائل.
()2هو محمد بن هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد،
أبو عبد اهلل المهتدى باهلل العباسى من خلفاء الدولة
العباسية(222ـ253هـ)ولد فى القاطول بسامراء ،وبويع له بعد خلع
المعتز سنة(255هـ) .وكان حميد السيرة ،فيه شجاعة ،بأخذ إخذ عمر
بن عبد العزيز فى الصالح ،مدة خالفته أحد عشر شهراً وأيام.
14
وإذا شُغِل نظرت.فقال لى :ياصالح! قلت :لبَّيك ياأمير
المؤمنين! وقمت قائما .فقال :فى نفسك منّا شئ تريد ـ أو قال
ـ تحبّ أن تقوله؟ قلت :ننعم ياسيدى ! فقال لى :عد إلى
موضعك .فَعُ ْدتُ؛ حتّى إذا قام ،قال للحاجب :اليبرح صالح.
فانصرف الناس؛ ثم أذِنَ لى فدخلت فدعوتُ له ،فقال لى:
اجلس .فجلستُ ،فقال :ياصالح تقول لى ما دار فى نفسك أو
اقول أنا ما دار فى نفسى أنَّه دار فى نفسك؟ قلت :يا أمير
المؤمنين! ما تعزم عليه وتأمر به ،قال :أقول أنا :إنه دار فى
نفسى أنّك استحسنت ما رأيت منّا ،فقلت أى خليفةٍ خليفتُنا إن
لم يكن يقول:القرآنُ مخلوقٌ ؟ فورد على قلى أمر عظيم؛ ث ّم
قلتُ :يانفس! هل تموتين قبل أجلك؟ وهل تموتين إالّ مرّة؟
وهل يجوز الكذب فى جدّ أو هزل؟ فقلتُ :ياأمير المؤمنين! ما
دار فى نفسى إالّ ما قلتَ .ثم أطرق مليّاً وقال :ويحك! اسمع
سرّى عنّى فقلت: منى ما أقول ،فواهللِ لتسمعنّ الحق ،ف ُ
ياسيدى! ومن أولى بقول الحق منك وأنت خليفة رب
العالممين وابن عم سيد المُرسَلين؟ فقال :ما زلت اقول :إن
القرآن مخلوق صدراً من أيام الوثائق ،حتى أقدم أحمد بن ابى
داود( )1علينا شيخنا من أهل الشام من أهل "ذَنَةَ"( )2فادخل
الشيخ على الواثق مقيَّداً ،وهو جميل الوجه تام القامة حسن
الشيبة .فرأيت الواثق قد استحيى منه ورق له .فما زال يدنيه
( )1هو أحمد بن ابى دوَاد بن جرير بن مالك اإليادى أبو عبد
اهلل(130ـ240هـ) أحد القضاة المشهورين من المعتزلة ،وحامل لواء
محنة القرآن ،كان عارفاً باألخبار واألنساب ،شديد الدهاء ،محباً للخير.
توفى مفلوجاً فى بغداد.
( )2أذنة بوزن حسنة أو خشنة:بلد من الثغور الشامية قرب المصيصة،
مشهور،خرج منه جماعة من أهل العلم.
15
ويقربه حتى قرب منه .فسلم الشيخ فأحسن ،ودعا فأبلغ .فقال
له الواثق :اجلس ،فجلس ،فقال له الشيخ! ناظر ابن أبى داود
على ما يناظرك عليه .فقال الشيخ :يأمير المؤمنين! ابن أبى
داود يصبى ويضعف عن المناظرة .فغضب الواثق وعاد
مكان الرقة غضباً عليه .قال الواثق :أبو عبد اهلل بن أبى داود
يصبى ويضعف عن مناظرتك أنت؟ فقال الشيخ :هوِّن عليك
ياأمير المؤمنين مابك ،فائذَنْ فى مناظرته .فقال الواثق:
ت
مادعوتك إالللمناظرة .فقال الشيخ :ياأمير المؤمنين! إن رأي َ
أن تحفظ على وعليه ما نقول .قال :أفعلُ.
قال الشيخ :يا أحمد! أَخْ ِبرْنى عن مقالتك هذه ،هى مقالة
واجبة داخلة فى عقد الدِّين فال يكون الدِّين كامالً حتى يُقال
فيه بما قلتَ؟ قال :نعم .قال الشيخ :يا أحمد! أخبرنى عن
رسول اهلل rحين بعثه اهلل إلى عباده ،هل ستر شيئاً مما أمره
اهلل به فى أمر دينهم؟ قال :ال .فقال الشيخ :فدعا رسول اهلل r
األمة إلى مقالتك هذه؟ فسكت ابن أبى داود .فقال الشيخ تكلم!
فالتفت إلى الواثق ،فقال :يا أمير المؤمنين! واحدة .فقال
الواثق :واحدة.
فقال الشيخ :يا أحمد! أخبرنى عن اهلل عز وجلل حين أنزل
القرآن على رسول اهلل rفقال{:اليَوْمَ أَكْ َم ْلتُ لَكُم دِينَك ْم
ضتُ لَكُم اإلسالمَ دِيناً}[،المائدة ]3/ علَيكمْ نِعْمتَى َورَ ِ
َواَتمْمتُ َ
هل كان اهلل تعالى الصادق فى إكمال دينه أو أنت الصادق فى
نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك هذه؟ فسكت ابن أبى داود .فقال
الشيخ :أَجبْ يا أحمد! فلم يُجبْ؛ فقال الشيخ :يا أمير
المؤمنين! اثنتان .فقال الواثق .اثنتان ،فقال الشيخ :يا أحمد!
أخببنى عن مقالتك هذه ،هل علمها رسول اهلل rأم جهلها؟
13
فقال ابن أبى داود :علمها .قال :فدعا الناس إليها؟ فسكت؛
فقال الشيخ :يا أمير المؤمنين! ثالث .فقال الواثق :ثالث .فقال
الشيخ :يا أحمد ! فاتَّسعَ لرسول اهلل rأَن علمها وأمسك عنها
كما زعمت ولم يطالب أمته بها؟ قال :نعم .قال الشيخ :واتَّسع
ألبى بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان
وعلىّ بن أبى طالب رضى اهلل عنهم؟ قال ابن أبى داود :نعم.
فأعرض الشيخ عنه وأقبل على الواثق ،فقال :يا أمير
المؤمنين! قد قدّمتُ القول :إنّ أحمدَ يصبى ويضعف عن
المناظرة؛ يا أمير المؤمنين! إن لم يتسع لنا من اإلمساك عن
هذه المقالة بما زعم هذا انه اتَّسع لرسول اهلل rوألَبى بكر
وعمر وعثمان وعلىّ ،فال وّسع اهلل على من لم يتَّسع له ما
اتَّسع لهم .فقال الواثق :نعم ،إن لم يتَّسع لنا من اإلمساك عن
هذه المقالة ما اتَّسع لرسول اهلل rوألبى بكر وعمر وعثمان
وعلىّ فال وسّع اهلل علينا؛ اقطعوا قيد الشيخ! فلما قُطع القيد
ضرب الشيخ بيدهه إلى القيد حتى يأخذه ،فجاذبه الحدّاد عليه.
فقال الواثق :دع الشيخ يأخذه! فأخذه فوضعه فى كمّه .فقال له
الواثق :ياشيخ! لِمَ جاذبت الحدّاد عليه؟ قال :ألنى نويت أن
أتقدّم إلى من أُصى إليه إذا أنا متّ أن يجعله بينى وبين كفنى
حتى أخاصم به هذا الظالم عند اهلل يوم القيامة ،وأقول :ياربّ!
حق
سلْ عبدك هذا لِمَ قيَّدنى وروَّع اهلى وولدى وإخوانى بال ٍّ
أوجبَ ذلك علىّ .وبكى الشيخ وبكى الواثق وبكينا .ثم سأله
الواثق أن يجعله فى حِلٍّ َوسَعةٍ بما ناله .فقال الشيخ :واهللِ يا
أمير المؤمنين ،لقد جعلتك فى حلٍّ وسَعة منن أوّل يوم إكرامًا
لرسول اهلل ،rإذ كنت رجالً من أهله .فقال الواثق :لى إليك
حاجة .فقال الشيخ :إن كانت ممكنة فعلتُ .فقال له الواثق :يُقي ُم
14
قِبَلنا فننتفع بك وتنتفع بنا .فقال الشيخ :يا أمير المؤمنين! إن
ردَّك إياى إلى الموضع الذى أخرجنى عنه هذا الظالم أنفع لك
من مقامى عليك؛ وأُخبرك بما فى ذلك :أصير إلى أهلى
وولدى فأكف دعاءهم عليك ،فقد خلَّفتهم على ذلك .فقال له
الواثق :فتقبل منا صلةً تستعين بها على دهرك؟ فقال :يا أمير
المؤمنين! التَحلُّ لى ،أنا عنها غنىِّ وذو مِرةًّ سوىٌ( .)1فقال:
سلْ حاجة .فقال :أو تقضيها يا أمير المؤمنين؟ قال :نعم .قال:
تأذن أن يُخلى لى السبيل الساعة إلى الثغر .قال :قد أذنت لك
فسلم وخرج.
َّ
قال المهتدى باهلل :فرجعتُ عن هذه المقالة ،وأظنّ أن
الواثق رجع عنها( )2منذ ذلك الوقت.
18
عليه الصالة والسالم الشيخ يوسف بن اسماعيل بن يوسف بن
اسماعيل النبهانى نسبة لبنى نبهان قوم من عرب البادية
توطنوا منذ أزمان قرية إجزم الواقعة فى فلسطين من البالد
المقدسة ،وولد بها سنة ،1235وقرأ القرآن على والده الشيخ
الصالح الحافظ المتقن لكتاب اهلل الشيخ اسماعيل النبهانى ،ثم
ذهب إلى مصر لطلب العلم باألزهر الشريف سنة 1283إلى
سنة 1289حيث درس العلوم الشرعية على استاتذته من
الشيوخ المحققتين وجهابذة العلماء الراسخين ـ يقول هو عنهم
من لو انفرد كل واحد منهم فى إقليم لكان قائد أهله إلى جنة
النعيم ،وكفاهم ممن كل من عداه فى جميع العلوم ،وما
يحتاجون إليه من منطوق ومفهوم( ..قال العالمة المحدث الشيخ
محمد حبيب اهلل الشنقيطى فى ترجمته للنبهانى التى تصدرت كتاب
شواهد الحق)
وقال الكتانى:
أخذ طرق الصوفية عن مشايخ الوقت ،فاألدريسية عن
الشيخ اسماعيل النواب نزيل مكة ،والرفاعية عن الشيخ عبد
القادر أبى ،رباح الدجانى اليافى ،والخلوتية عن الشيخ حسن
رضوان الصعيدى ،والشاذلية عن الشمس محمد بن مسعود
الفاسى وعلى نور الدين اليشرطى ،والنقشبندية عن غياث
الدين اإلربلى وإمداد اهلل الهندى ،والقادرية عن حسن بن
حالوة الغزى وغيرهم.
وجال فى بالد الشرق العربى وبر الترك ،فدخل األستانة
والموصل وحلب وديار بكر وشهرزور وبغداد وسامرا وبيت
المقدس والحجاز ،ولما نبه ذكره وعالصيته اختير للقضاء
فى واليات الشام حتى صار رئيسا لمحكمة الحقوق العليا فى
بيروت .وأول ما ظهر من مؤلفاته كتاب الشرف المؤبد آلل
19
سيدنا محمد (rطبع فى بيروت سنة )1309ثم همزيته وبها
اشتهر ،وتناقل الناس مااله من خبر لبالغتها وانسجامها
وطالوتها ،ثم عظم ذكره بما وصنف ونظم ونثر وطبع ونشر
خصوصاً فى الجناب المحمدى األعظم.
وذكر زكى مجاهد انه فى سنة 1910م زار القاهرة،
وقرر الخديوى عباس حلمى الثانى له عشرة جنيهات راتبًا
شهرياً لمناسبة سعة اطالعه فى العلوم الشرعية.
وقال عنه الكتانى :بوصيرى العصر ،األديب الشاعر
المغلق الطائر الصيت المحب الصادق ،نادرة العصر ،وقال:
وهو ممن خدم السيرة المحمدية والجناب النبوى أرفع
الخدمات ،وأوقف حياته على ذلك ،فنشر وكتب مالم يتيسر
لغيره فى عصرنا هذا وال عشر معشاره(فهرس الفهارس للكتانى
1104/2ط دار الغرب االسالمى بيروت)
وأثنى عليه الشيخ عبد الرزاق البيطار ثناءاً طويالً منه قوله:
إن هذا اإلمام والشهم األديب الهمام قد طلعت فضائل محاسنه
طلوع النجوم الزواهر وسعدت مطالع شمائله بآدابه المعجبة
البواهر ،فهو األلمعى المشهور بقوة اإلدراك ،واللوذعى
المستوى مقامة على ذروة األفالك ..فلعمرى لقد أصبح فى
الفضل وحيداً ،ولم تجد عنه النباهة محيصا وال محيداً،
وناهيك بمحاسن قلدها ،ومناقب أثبتها وخلدها ،إذا تليت فى
المجامع اهتزت لها األعطاف وتشنّفتَ المسامع(..حلية البشر
فى تاريخ القرن الثالث عشر للبيطار 1314/3ط دار صادر بيروت)
قال الشيخ الشنقيطى :أما عبادة الشيخ فقد شاهدت منها
بالمدينة المنورة ماال يتفق إال لمن خرق اهلل له العادة من
أوليائه وأصفيائه ،وقدمات رحمه اهلل فى بيروت فى أوائل
شهر رمضان المعظم من سنة 1350هجرية وهو على عادته
20
من مالزمة أداء الفرائض مع كثرة النوافل والصالة على
النبى ،rوكان نور العبادة واالتباع للسنة ظاهراً على وجهه
المستنير ،تقبل اهلل منا ومنه وحشرنا فى زمرة شفيع المذنبين
رسول اهلل rوعلى آله وأصحابه اجمعين.
مــؤلفـــاتــه
قال الشيخ الشنقيطى :أما مصنفاته فهى كثيرة جداً ،وجلها
أو كلها فى الحديث ومتعلقاته كالسيرة النبوية والمديح ،وعلم
األسانيد ،وتراجم أعيان علماء األمة ،والصالة على النبى ،r
وتدوين المدائح التى مدحه بها أو مدحه بها غيره من األقدمين
والمتأخرين من سائر أهل المذاهب األربعة وأكابر المحدثين،
ولنذكر ما وقفت عليه من مصنفاته فى الحديث وغيره،
فأعظمها وأنفعها كتابه المسمى:
1ـ الفتح الكبير فى ضم الزيادة إلى الجامع الصغير :وهو
كتاب جمع فيه بين"الجامع الصغير" وذيله المسمى"زيادة
الجامع الصغير" وقد اشتمال على أربعة عشر ألف حديث
وأربعمائة وخمسين حديثا .وقد طبع هذا الكتاب فى ثالث
مجلدات فى شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى
وأوالده .وما تم طبعه إال بعد وفاة المؤلف بنحو سنه .وهو
كتاب التستغنى عنه خزانة محدث إذا لم يوجد من
المطبوعات فى الحديث مرتبا على حروف المعجم اليوم أكثر
منه فيما وقفت عليه ،واهلل أعلم ،مع التزام تخريج كل حديث
وضبطه بالشكل الكامل.
2ـ منتخب الصحيحين مضبوط بالشكلل الكامل وقد اشتمل
على ثالثة آالف وعشرة أحاديث وقد ذيله بتعليقة سماها قرة
العين على منتخب الصحيحين.
21
3ـ وسائل الوصول إلى شمائل الرسول . r
4ـ أفضل الصلوات على سيد السادات . r
5ـ األحاديث األربعين فى وجوب طاعة أممير المؤمنين.
3ـ النظم البديع فى مولد الشفيع . r
4ـالهمزية األلفية (طيبة العزاء)فى مدح سيد األنبياء .r
8ـ األحاديث األربعين فى فضائل سيد المرسلين .r
9ـ األحاديث األربعين فى أمثال أفصح العالمين . r
10ـ قصيدة سعادة المعاد فى موازنة بانت سعاد.
11ـ مثال نعله الشريف . r
12ـ حجة اهلل على العالمين فى معجزات سيد المرسلين . r
13ـ سعادة الدارين فى الصالة على سيد الكونين .r
14ـ السابقات الجياد فى مدح سيد العباد ( rوهى المعشرات)
15ـ خالصة الكالم فى ترجيح دين اإلسالم.
13ـ هادى المريد إلى طريق األسانيد.
14ـ الفضائل المحمدية.
18ـ الورد الشافى يشتمل على األدعية واألذكار النبوية.
19ـ المزدوجة الغراء فى االستغاثة بأسماء اهلل الحسنى .
20ـ المجموعة النبهانية فى المدائح النبوية واسماء
رجالها(أربع مجلدات)
21ـ نجوم المهتدين فى معجزاته rوالرد على أعدائه اخوان
الشياطين.
22ـ إشاد الحيارى فى تحذير المسلمين من مدارس
النصارى.
22
23ـ جامع الثناء على اهلل.
24ـ مفرج الكروب ومفرج القلوب.
25ـ حزب االستغاثات بسيد السادات . r
23ـ أحسن الوسائل فى نظمم أسماء النبى الكامل . r
24ـ األسماء فيما لسيدنا محمد rمن األسماء.
28ـ البرهان المسدد فى إثبات نبوة سيدنا محمد . r
29ـ دليل التجار إلى أخالق األخيار.
30ـ الرحمة المهداة فى فضل الصالة.
31ـ حسن الشرعة فى مشروعية صالة الظهر بعد الجمعة.
32ـ رسالة التحذير من اتخاذ الصور والتصوير.
33ـ تنبيه األفكار لحكمة إقبال الدنيا على الكفار.
34ـ سبيل النجاة فى الحب فى اهلل والبغض فى اهلل.
35ـ القصيدة الرائية الكبرى.
33ـ سعادة األنام فى اتباع دين اإلسالم.
34ـ مختصر إرشادا الحيارى .
38ـ الرائية الصغرى فى ذم البدعة(الوهابية) ومدح السنة
الغراء.
39ـ جواهر البحار فى فضائل النبى . r
40ـ تهذيب النفوس فى ترتيب الدروس .
41ـ اتحاف المسلم بما ذكره صاحب الترغيب والترهيب من
أحاديث البخارى ومسلم.
42ـ جامع كرمات األولياء .
43ـ ديوان المدائح المسمى العقود اللؤلؤية فى المدائح
النبوية.
44ـ األربعين أربعين من أحاديث سيد المرسلين . r
23
45ـ الدالالت الواضحات(شرح دالئل الخيرات).
43ـ المبشرات المنامية .
44ـ صلوات الثناء على سيد األنبياء . r
48ـ القول الحق فى مدح سيد الخلق . r
49ـ الصلوات األلفية فى الكماالت المحمدية .
50ـ رياض الجنة فى أذكار الكتاب والسنة .
51ـ االستغاثة الكبرى بأسماء اهلل الحسنى .
52ـ جامع الصلوات على سيد السادات . r
53ـ الشرف المؤبد آلل محمد . r
54ـ األنوار المحمدية (مختصر المواهب اللدنية) .
55ـ صلوات األخيار على النبى المختار . r
53ـ تفسير قرة العين من اللبيضاوى والجاللين .
54ـ البشاير االيمانية فى المبشرات المنامية .
58ـ شواهد الحق فى االستغاثة بسيد الخلق . r
59ـ األساليب البديعة فى فضل الصحابة وإقناع الشيعة .
30ـ طيبة الفراء فى مدح األنبياء .
(هذه القائمة مأخوذة عن قائمة مؤلفات النبهانى الواردة فى
كل من مقدمة كتاب شواهد الحق وترجمته فى األعالم أنه
بعض األربعينات فى الحديث وغيرها ،وكذلك خمس رسائل
برقم 1133كتانى من تأليفه بخط يده كل رساله تشمتل على
403حديثا األولى فى فضل عثمان ،والثانية فى فضل أبى
بكر وعمر وغيرهما ،والثالثة فى فضل أبى بكر ،والرابعة
فى فضائل عمر ،والخامسة فى فضائل على)
كذلك عثرت بطريق الصدفة على كتاب له بإسم "غزوات
24
الرسول "rطَبْع دار المعارف بتونس ،وهذا يبين أنه ربما
كانت هناك مؤلفات أخرى له غير معروفه بعد نسأل اهلل
تبارك وتاعلى أن يقيض لهذا اإلمام العالم العامل من يعرف
به وبأعماله الجليلة ألن مثله من يُرجى النفع بسيرته وأعماله.
واهلل الموفق ،اليوفق إال هو(.ع)
25
..
.
...
r
( 1)
: .
. : ...
(2)
. : ... :
( 3)
: ... :
( 4)
... : .
(1)
.
(2)
)
: (
( )
r =
: :
"
(3)
:
r
إلى قوله :آمين .والخامس )5(:اللهم إنى أسألك بمحمد
نبيك ...إلى قوله ياأرحم الراحمين .وسميته :ـ
حزب االستغاثات بسيد السادات صلى اهلل عليه وسلم
وذكرته فى كتابى شواهد الحق فى االستغاثة بسيد
الخلق )*( rمن جملة البراهين التى التحصى وال تعد
على جواز واستحسان االغاثة إلى اهلل تعالى بهذا
العبد الكريم والسيد السند صلى اهلل عليه وسلم وشرَّف
ومجَّد وقد رأيت أن أفرده هنا لينتفع به المُحِبُّون
للحضرة النبوية فتقضى بقراءته حاجاتهم الدنيوية
واالخروية إال أنى زدتُ هنا االسماء الحسنى فى أوله
وحذفتُ مما اشتمل عليه هناك تخريج هذه االحاديث
اضجعها فى لحدها ودعا لها فقال ": rاهلل الذى يحيى ويميت وهو حى
اليموت .اغفر ألمى فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك
واآلنبياء الذين من قبلى فإنك أرحم الراحمين"
( )4حديث نبوى رواه الديلمى عن عمر وعلى رضى اهلل عنهما وهو
قول النبى " : rإذا شجاك شيطان أو سلطان فقل":يامن يكفى من كل
أحد..إلى آخره" ذكره السيوطى فى الجامع الكبير.
( )5حديث ذكره ابو طالب المكى فى الفصل الخامس من قوت القلوب
وذكر ان النبى rعلّمه ألبى بكر رضى اهلل عنه.
(هذه الهوامش من 1ـ 5نقال عن كتاب شواهد الحق للنبهانى ص )334
(* ) طُبع فى شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأوالده
بمصر سنة 1988وقد طبع مؤخراً عدّة طبقات فى القاهرة وبيروت
وهو كتاب جليل عظيم الفائدة فارجع إليه (ع).
24
والصيغتين الواردتين عن الشيخ أبى المواهب الشاذلى
وخليفته الشيخ إبراهيم المواهبى المخاطَب بهما النبى
rالنهما مخصوصتان فى وقت زيارته عليه الصالة
والسالم وبقراءتهما هنا يتغير أسلوب الدعاء الن
ت
المخاطَبْ فى جميع االستغاثات هو اهلل تعالى وحذف ُ
أيضاً لهذا السبب استغاثة شيخنا الشيخ حسن العدوى
الختالف أسلوبها النه ذكر اهلل تعالى بصيغة الغيبة
وحذفت أيضاً استغاثة سيدى عبد الغنى النابلسى ألنها
نفس الحديث النبوى المذكور فى االول وقد زدت هنا
مما لم يذكر هناك استغاثة سيدى الشيخ محمود
الكردى الشيخانى المدنى واستغاثة سيدى الشيخ محمد
تقى الدين الحنبلى الدمشقى وها أنا اذكرهم على
ترتيب ذكر استغاثتهم فى الحزب وأذكر مع كل واحد
نفس العدد المذكور قبل دعائه فيه وأبين هنا اسم
الكتاب الذى نقلته منه فمن شاء معرفة صاحب دعاء
منها فليراجع اسمه هنا وهى :ـ
1ـ دعاء لزين العابدين ابن الحسين من جملة دعاء
طويل يقرأ يوم عرفة رواه بسنده شارح االحياء فى
كتاب الحج.
2ـ دعاءان ذكرهما الغزالى فى االحياء .
3ـ ادعية للجيالنى فى مواضع من صالته الكبرى
والدعاء األخير من الغنية.
4ـ دعاء للشيخ االكبر فى صالة التوسل.
28
5ـ صالة الدسوقى المشهورة والتوسل بعدها من حزبه
حزب المشايخ .
3ـ أدعية للشاذلى فى حزب الكفاية وحزب الدائرة
وحزب الطمس ودعاء آخر .
4ـ دعاءان البن أبى جمرة نقلهما صاحب المدخل.
8ـ دعاء البن الحاج فى المدخل .
9ـ دعاء للديرينى فى طهارة القلوب .
10ـ دعاء للتاج السبكى فى حزبه .
11ـ دعاء البى الحسن السخاوى فى حزبه .
12ـ ثالث صلوات لمحمد وفا االولى مذكورة فى
حزب الفردانية البى المواهب الشاذلى.
13ـ دعاءان لعلى وفا األول فى صالته وهو فى
حزب الفردانية البى المواهب أيض ًا والثانى فى حزب
النجاة.
14ـ دعاء للجزولى فى دالئل الخيرات وهو حديث مع
زيادة.
15ـ دعاء البن عباد فى آخر شرح الحكم وعبارته
بضمير الغيبة فحولتها للخطاب.
13ـ أدعية البى المواهب الشاذلى األول فى حزب
الفردانية والثانى فى حزب التنزيه والثالث فى حزب
الحفظ.
14ـ صالة البى العباس المشرعى اليمنى.
29
18ـ دعاء لخير الدين بن ظهيرة المكى فى آخر
صالته.
19ـ دعاء عبد الجليل بن عظوم القيراونى فى أواخر
كتابه تنبيه االنام .
20ـ دعاء لناصر الدين بن سويدان فى حزبه .
21ـ دعاء لعمر زين الدين الحالدى الشاذلى فى حزبه.
22ـ دعاءان للشيخ ابى الحسن البكرى المصرى
االول فى حزب له لم يذكر اسمه والثانى فى حزبه
الكبير المسمى حقائق الكماالت .
23ـ دعاءان لمحمد البكرى الكبير االول فى إحدى
صلواته والثانى فى حزب االنوار .
24ـ دعاء لزين العابدين البكرى فى حزبه.
25ـ دعاء للشهاب الرملى فى آخر كتابه القول التام
فى احكام المأموم واالمام.
23ـ دعاء للشيخ محمد بن عنان فى دعاء النصر.
24ـ دعاء للشيخ محمد الذاكر المصرى فى حزب
التنزيه .
28ـ دعاء للشيخ الشعرانى فى حزب المناجاة الذى
يقول فيه إلهى إلهى.
29ـ الصالة التفريجية للتازى.
30ـ دعاء للبركوى فى الطريقة المحمدية.
31ـ دعاء للشيخ محمود الكردى الشيخانى المدنى فى
كتابيه أدل الخيرات وكفاية المؤمنين.
30
32ـ دعاء للشيخ محمد تقى الدين الحنبلى الدمشقى
المشهور بأبى شعر وشعير وهو من أكابر االولياء
كان فى أواسط القرن الثالث عشر نقلت هذا الدعاء
من الجزء االول من صلواته على النبى rوهى جزآن
فى نحو أربعين كراسا وفيها من االستغاثات بسيدنا
محمد rوبجاهه وبحقه وما أشبه ذلك من العبارات
شئ كثير مع إنه حنبلى المذهب وأهل البدع الذين
يمنعون ذلك أكثرهم حنابلة.
33ـ صالة الشيخ محمد البديرى الدمياطى.
34ـ دعاءان للسيد مصطفى البكرى االول فى مقدمة
صلواته البرية والثانى فى حزب الجواهر الثمينة
لراكب السفينة.
35ـ دعاء للشيخ محمد عقيلة المكى فى آخر صلواته.
33ـ صالة لسيدى احمد بن إدريس.
34ـ ثالثة أدعية للسيد محمد عثمان الميرغنى االول
فى صلواته فتح الرسول والثانى فى صالته باب
الفيض والمدد والثالث فى صالته الجواهر.
38ـ دعاء للشيخ خالد النقشبندى فى صلواته جالية
االكدار.
39ـ دعاء لشيخنا الشيخ محمد الفاسى الشاذلى فى
صالته الياقوتية.
31
40ـ دعاء للشيخ محمد الشنوانى فى آخر حاشيته على
مختصر البخارى البن أبى جمرة رضى اهلل عنهم
أجمعين .
إذا علمت ذلك تعلم أنه حزب النظير له فى بابه
بيقين .وكيف الوقد اشترك به أربعون وليا من أكابر
العارفين فكل من أقبل عليه بالقبول سينال إن شاء اهلل
غاية المأمول،وهو هـــــذا:
33
السُّوءَ كُلَّهِ عَاجِلَهُ وَآجِلَهُ مَاعَلِمْتُ مِنْهُ وَمَاَلمْ
سأَُلكَ وَأَ َتوَجَّهُ إِلَ ْيكَ بِنَب ِِّيكَ
أَعَْلمْ .أَللهُمَّ إِنِّى أَ ْ
َمدُ إِنِّى الرحْمَةِيَاس َِّيدَنَا يَا ُمح َّ
َمدٍ rنَبِىِّ َّ ُمح َّ
أَ َتوَجَّهُ ِبكَ إِلى رَبِّى فِى حَاجَتِى ه ِذهِ لِتُ ْقضَى
لِى.أَللّهُمَّ شَفِّعْهُ فِىَّ (ويـذكــر حــاجتــه)أَللهُمَّ
َمدٍ أَللّهُمَّ إِنِّى
َمدٍ وَعَلَى آلِ ُمح َّ صَلِّ عَلَى ُمح َّ
َمدٍ أَنْ تَكْفِينَى شَرَّ َمدٍ وَآلِ ُمح َّ سأَُلكَ ِبحَقِّ ُمح َّ أَ ْ
حذَرُ أَللهُم (افعل بى كـــذا مَا َأخَافُ وأ ْ
وكــــذا) ِبحَقِّ نَب ِِّيكَ وَاألَنْبِيَاءِ َّالذِينَ مِنْ قَبْلِهِ
حمُ الرَّاحِميِن .يَامَن يَكْفِى مِنْ كُلِّ َإنكَ أَ ْر َ
ف َّ
حدَ لهُ يَاسَ َندَ مَنْ السَ َندَ لَهُ حدَ مَنْ الَأ َ حدٍ يَا َأ َ
َأ َ
الرجَاءُ إِال مِ ْنكَ نَجِّنِى مِمَّا أَنَا فِيهِ طعَ َّ انْ َق َ
ل بى وَأَعِنِّى عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ مِمَّا َقدْ نَزَ َ
َمدٍ عَلَ ْيكَ ِبجَاهِ َوجْ ِهكَ الْكَرِيمِ وَ ِبحَقِّ ُمح َّ
َمدٍ نَب ِِّيكَ سأَلُكَ بِ ُمح َّ آمِينَ .أَللّهُمَّ إِنىِ أَ ْ
ِجيكَ وَكَلِي ِمكَ وَإِبْرَاهيمَ خَلِيِلكَ وَمُوسَى ن ِّ
المِ مُوسَى حكَ وَكَلِم ِتكَ وَبِ َك َ وَعيِسَى رُو ِ
َمدٍ rوَإِ ْنجِيل عيِسَى وَزَبُو ِردَا َودَ وَفُرْقَانِ ُمح َّ
34
حىٍ َأ ْوحَيْتَهُ َأوْ َقضَاءٍ قَضيْتَهُ َأوْ وَكُلِّ َو ْ
عطَيْتَهُ َأوْ غَ ِنىٍ اَقْيَنْتَهُ َأوْ فَقِيرٍ أَغْنَيْتَهُسَائِلٍ أَ ْ
سأَُلكَ بِأسْ ِمكَ الذِّى أَنْزَلْتَهُ َأوْ ضَالٍ َهدَيْتَهُ .وَأَ ْ
سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ المُ .وَأَ ْ الس َ
عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ َّ
سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ الذِّى ثَبَّتَّ بِهِ أَرْزَاقَ الْع ِبَادِ .وَأَ ْ
َّالذِى َوضَعْتَهُ عَلَى األَ ْرضِ فَاسْتَقَرَّتْ.
سأَُلكَ بِاسْمكَ الَّذى َوضَعْتَهُ عَلَى وَأَ ْ
سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ َّالذِى السَّموَاتِ فَاسْتَقَلَّتْ .وَأَ ْ
سأَُلكَ َوضَعْتَهُ عَلَى ا ْلجِبَالِ َفأَرْسَتْ .وَأَ ْ
سأَُلكَشكَ .وَأَ ْ بِاسْ ِمكَ َّالذِى اسْتَقَلَّ بِ ِه عَرْ ُ
حدِ الصَّ َمدِ الوِتْرِ أل َ
بِاسْ ِمكَ الطُّهْرِ الطَّاهِرِ ا َ
المُنَزَّلِ فِى كِتَا ِبكَ مِنْ َلدُ ْنكَ مِنَ النُّورِ
سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ َّالذِى َوضَعْتَهُ عَلَى الْمُبِينِ .وَأَ ْ
النَّهَارِ فَاسْتَنَارَ وَعَلَى اللَّيْلِ َفَأظَْلمَ وَبِ َعظَمَ ِتكَ
وَكِبْرِيَا ِئكَ وَبِنُورِ َوجْ ِهكَ أَنْ ُتصَِّلىَ عَلَى
َمدٍ نَب ِِّيكَ وَعَلَى آلِهِ وَأَنْ تَرْزُقَنِى الْقُرْآنَ ُمح َّ
وَالْعِ ْلمَ وَ َتخِْلطَهُ بَِلحْمِى َودَمِى وَسَمْعِى
حوِْلكَ سدِى ِب َ وَ َبصَرِى وَتَسْتَعْمِلَ بِهِ جَ َ
35
حمَُوةَ إِال ِبكَ يَاأَ ْر َ حوْلَ وَالق َّ وَقُوَّ ِتكَ َفإِنَّ ُه الَ َ
الرَّاحِمِيِنَ .
() 1
صطَفَيْتَهُ ن خَلْ ِقكَ وَمَنْ ا ْ جاِه مَنِ انْ َتخَبْتَهُ مِ ْ ِب َ
سكَ ِ .بحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَهُ مِنْ بَرِيَّ ِتكَ وَمَنْ لِنَفْ ِ
شأْ ِنكََ .و َوصَلْتَ طَاعَتَهُ ِبطَاعَ ِتكَ َأحْبَبْتَهُ لِ َ
وَمَ ْعصِيتَهُ بِمَ ْعصِي ِتكَ .وَقَرَنْتَ ُموَاالَتَهُ
َمدْنى بِ ُموَاال ِتكَ وَ ُنطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَا ِتكَ .تَغ َّ
َم ُد بِهِ مَنْ جَاءَ إِلَ ْيكَ فِى َيوْمِى هذَا بِمَا تَتَغ َّ
َلنىِ بِمَا َصالً .وَعَاذَ بِاسْتِغْفَا ِركَ تَائِباً وَ َتو َّ مُنَت ِّ
تَ َتوَلَّى بِهِ َأهْلَ طَاعَ ِتكَ .وَالزُّلْفَى َلدَ ْيكَ
خذْنِى بِتَفْرِيطِى فىِ وَالمْكَانَةِ مِ ْنكَ .وَالَ ُتؤَا ِ
حدُو ِدكَ وَ ُمجَاوَ َزةِ طوْرِى فِى ُ جَنْ ِبكَ وَتَعَدِّى َ
َأحْ َكاِ َمكَ .وَافْتَحْ لِى أَ ْبوَابَ قُرْبَ ِتكَ وَ َرحْمَ ِتكَ
سعِ إِنِّى إِلَ ْيكَ مِنَ وَرِأْفَ ِتكَ وَرَزْ ِقكَ ا ْلوَا ِ
الرَّاغِبينََ .وأَتْ ِممْ لِى إِنْعَا َمكَ أَنْتَ خَيْرُ
الْمُنْعِمينَ يَارَبَّ الْعَالَمِينََ .وصَلَّى اهللُ عَلَى
َمدِ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرِينَ. سَ ِيدِنَا ُمح َّ
33
المُ عَلَيْهِ وَعَلَيْ ِهمْ أَ َبدَ اآل ِبدِينَ .
َالس َ
و َّ
() 2
أَللَّهُمَّ إ َِّنكَ قُلْتَ وَ َقوُْلكَ ا ْلحَقُّ (وََلوْ أَنَّ ُهمْ ِإذْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَ ُهمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اهللَ
جدُوا اهللَ تَوَّاباً واسْتَغْفَرَلَ ُهمُ الرَّسُولُ َل َو َ
َرحِيِماً) أَللَّهُمَّ إِنَّا َقدْ سَمِعْنَا َقوَْلكَ وََأطَعْنَا
صدْنَا نَب َِّيكَ مُتَشَفِّعِينَ بِهِ إِلَ ْيكَ فِى أَمْ َركَ وَ َق َ
ذُنُوبِنَا وَمَا أَثْقَلَ ظُهُورَنَا مِنْ َأوْزَارِنَا تَائِبِينَ
خطَايَانَا وَتَ ْقصِيرِنَا، مِنْ زَلَلِنَا مُعْتَرِفِينَ ِب َ
فَتُبِ اللّهُمَّ عَلَيْنَا وَش َِّفعْ نَب َِّيكَ فِينَا وَارْفَعْنَا
بِمَنْزِلَتِهِ عِ ْن َدكَ َوحَقِّهِ عَلَ ْيكَ .أَللّهُمَّ اِغْفِرْ
خوَانِنَاإل ْ لِلْمُهَاجِرِينَ واألَ ْنصَارِ وَاغْفِر لَنَا وَ ِ
َّالذِينَ سَبَقُونَا بِاإلِيمَانِ .إِلهِى إِنْ كُنْتَ
حمُ إِال َأهْلَ طَاعَ ِتكَ َفإِلَى مَنْ يَفْزَعُ الَتَ ْر َ
الْ ُمذْنِبُونَ .إِلهِى َتجَنَّبْتُ عَنْ طَاعَ ِتكَ عَمْداً
وَ َتوَجَّهْتُ إِلَى مَ ْعصِيَ ِتكَ َقصْداً .فَسُ ْبحَا َنكَ مَا
ظمَ حُجَّ َتكَ عَلَىَّ وَأَكْرمَ عَ ْف َوكَ عَنِّى عَ أَ ْ
فَ ِب ُوجُوبِ حُجَّ ِتكَ عَلَىَّ وَانْ ِقطَاعِ حُجَّتِى عَ ْنكَ
34
ت لِى وَفَقْرِى إِل ْيكَ وَغِنَاكَ عَنِّى إِالَّ غَفَرْ َ
يَاخيْرَ مَنْ دَعَاهُ دَاعٍ وَأَ ْفضَلَ مَنْ َرجَاهُ رَاجٍ
الةُ
الص َ
َمدٍ عَلَيْهِ َّ المِ وَ ِبذِمَّةِ ُمح َّ
سَ ِبحُرْمَةِ اإلِ ْ
المُ.أَ َتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ فَاغفِرْ لِى جَمِيعَ َالس َ
و َّ
ذُنُوبِى.
() 3
أَللهُمَّ صَلِّ وَسَِّلمْ عَلَى بَ ْهجَةِ الكَمَالِ .وَتَاجِ
جالَلِ .وَبَهَاءِ ا ْلجَمَالِ .وَشَ ْمسِ ا ْلوِصَالِ. ا ْل َ
وَعَ َبقِ ا ْل ُوجُودَِ .وحَيَاةِ كُلِّ َم ْوجُودٍ .عِزِّ
جَاللِ سَ ْلطَنَ ِتكَ .وَجالَلِ عِزِّ مَمْلَكَ ِتكَ .وَمَلِيكِ
صُ ْنعِ ُقدْرَ ِتكََ .وطِرَازِ صَ ْف َوةِ الصَّ ْف َوةِ مِنْ
الصَةِ ا ْلخَاصَّةِ مِنْ َأهْلِ خََأهْلِ صَ ْفوَ ِتكََ .و ُ
ظمَِ .وحَبِيبِ اهللِ األَكْ َرمِ. عَقُرْ ِبكَ.سِرِّ اهللِ اَألَ ْ
َمدٍ r َرمِ س َِّيدِنَا وَ َموْالَنَا ُمح َّ
َوخَلِيلِ اهللِ الْمُك َّ
أَللّهُمَّ إِنَّا نَ َتوَسَّلُ بِهِ إِلَ ْيكَ وَنَتَش ََّفعُ بِهِ َلدَ ْيكَ
صَاحِبِ الشَّفَاعَةِ الْكُبْرى .وَا ْلوَسِيلَةِ
َرا .وَالْمَكَانَةِ الْعُلْيَا.
الْ ُعظْمَى .وَالشَّرِيعَةِ الْغ َّ
وَالْمَنْزِلَةِ الزُّلْفَى .وَقَابِ َقوْسَيْنِ َأوْ َأدْنَى أَنْ
38
ُتحَقِّقَنَا بِهِ ذَاتاً َوصِفَاتٍ وَأَسْمَاءً وأَفْعَاالً
وَآثَارًا حَتَّى الَ نَرَى وَالَنَسْ َمعَ وَالَ ُنحِسَّ والَ
جدَ إِالَّ إِيَّاكَ .إِلهِى وَس َِّيدِى بِ َفضِْلكَ َن ِ
سأَُلكَ أَنْ َتجْعَلَ ُهوِيَّتَنَا عَيْنَ وَ َرحْمَ ِتكَ أَ ْ
ُهوِيَّتِهِ فِى َأوَائِلِهِ وَنِهَايَتِهِ وَ ِبوُدِّ خُلَّتِهِ َوصَفَاء
جوَا ِمعِ َمحَبَّتِهِ وَ َفوَاتِحَ أَ ْنوَارِ َبصِيرَتِهِ َو َ
أَسْرارِ سَرِيرَتِهِ وَ َرحِيمِ َرحْمَائِهِ وَنَعِيمِ
سأَُلكَ ِبجَاهِ نَب ِِّيكَ س َِّيدِنَا
نَعْمَائِهِ .أَللهُمَّ إِنَّا نَ ْ
ْرضَا وَالْقَبُولَ قَبُوالً تَامًّا َمدٍ rالْمَغِفْ َرةَ وال ُِّمح َّ
الَتَكِلْنَا فِيهِ إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ يَانِ ْعمَ
الْ ُمجِيبُ فَ َقدْ َدخَلَ الدَّخيِلُ يَا َموْالَىَ ِبجَاهِ
َمدٍ صَلَّى اهللُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسََّلمَ َفإِنَّ نَبيِّكَ ُمح َّ
غُفْرَانَ ذُنُوبِ ا ْلخَ ْلقِ ِبَأجْمَعِ ِهمْ أَوَّلِ ِهمْ
َر ِهمْ وَفَاجِ ِر ِهمْ كَقطْ َرةٍ فِى َبحْرِ وَآخِ ِر ِهمْ ب ِّ
سعِ َّالذِىِ السَاحِلَ لَهُ فَ َقدْ ْقُلْتَ جُو ِدكَ ا ْلوَا ِ
وَقَوُلكَ ا ْلحَقُّ الْمُبيِنُ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِالَّ َرحْمَةً
صحْبِهِ لِلْعَالَميِنَ) صَلَّى اهلل عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ َو َ
َأجْمَعيِن .أَلّلهُمَّ إِنَّا نَ َتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ بِنُو ِرهِ
39
السَّارِى فِى ا ْل ُوجُودِ أَنْ ُتحْ ِيىَ قُلُوبَنَا بِنُورِ
شئٍ َرحْمَةً وَعِلْمًا حَياةِ قَلْبِهِ ا ْلوَاسِع لِكُلِّ َ
َو ُهدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمينَ .وَأَنْ تَشْرَحَ
َرطْنَا فِى صدْ ِرهِ ا ْلجَا ِمعِ مَا ف َّ صدُورَنَا بِنُورِ َ ُ
شئٍ َوضِيَاءً وَذكْرَى لِلْمُتَّقِينَ الْكِتَابِ مِنْ َ
وَ ُتطَهِّر نُفُوسَنَا ِبطَهَا َرةِ نَفْسِهِ الزَّكِيَّةِ
شئٍ الْمَ ْرضِيَّةِ وَتُعَلِّمَنَا ِبأَ ْنوَا ِر عُلُومِ (وَكُلَّ َ
حصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُبِينٍ) .وَتُسْرِىَ سَرَائِ َرهُ َأ ْ
فِينَا بَِلوَا ِمعِ أَ ْنوَا ِركَ حَتَّى تُفْنِيَنَا عَنَّا فِى حَقِّ
حَقِيقَتِهِ فَيَكُونُ ُهوَ ا ْلحَىُّ الْقَيُّومُ فِينَا بِقَيُّومِيَّ ِتكَ
السَّرْ َمدِيَّةْ فَنَع ِيشُ بِرُوحِهِ عَ ْيشَ ا ْلحَيَاةِ
صحْبِهِ األَ َبدِيَّةْ صَلَّى اهللُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ َو َ
وَسََّلمَ تَسْلِيمًا كَثيِراً آمين .بِ َفضِْلكَ وَ َرحْمَ ِتكَ
عَلَيْنَا يَاحَنَّانُ َياَمَنَّانُ يَا َرحْمنُ .أَللّهُمَّ إِنَّا
سأَُلكَ وَنَ َتوَجَّهُ إِل ْيكَ بِكِتَا ِبكَ نَ َتوَسَّلُ ِبكَ وَنَ ْ
الْعَزِيزِ وَنَب ِِّيكَ الْكَرِيمِ س َِّيدِنَا مُح َّمدٍ rوَبِشَرَفِهِ
الْ َمجِيدِ وَبأَ َبوَيْهِ إِبْرَاه ِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَ ِبصَاحِبيْهِ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ َوذِى النُّورَيْنِ
40
حسَنِ عُثْمَانَ وَآلِهِ فَاطِمَةَ وَعَِّلىٍ َووََلدَيْهِمَا ا ْل َ
وَالحُسَيْنِ وَعَمَّيْهِ حَمْ َزةَ وَالْعَبَّاسِ وَ َز ْوجَتَيْهِ
خدِيجَةَ وَعَائِشَةَ .أَللّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلَيْهِ َ
وَعَلَى أَ َبوَيْهِ إِبْرَاه ِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَعَلَى آلِ
الةً يُتَ ْرجِمُهَا لِسَانُ صَ صحْبِ كُلٍ َ كُلٍ َو َ
األَزَلِ فِى رِيَاضِ الْمَلَكُوتِ وَعَلِىِّ الْمَقَامَاتِ
وَنَيْلِ الْكَرَامَاتِ وَرَ ْفعِ الدَّ َرجَاتِ وَيَنْ ِعقُ بِهَا
ض النَّاسُوتِ بِغُفْرَانِ حضِي ِ لِسَانُ األَ َبدِ فِى َ
الذُّنُوبِ وَكَشْفِ الْكُرُوبِ َودَ ْفعِ الْمُهِمَّاتِ كَمَا
شأْ ِنكَ الْ َعظِيمِ وَكَمَا ُهوَ ِيتكَ وَ َ
ُهوَ الالَّ ِئقُ بِإِله َّ
خصُوصِ الالَّ ِئقُ ِبَأهْلِيَّتِ ِهمْ وَمَنصِبِ ِه ِم الْكَرِيمِ ِب ُ
خصَا ِئصِ ( َيخْتَصُّ بِ َرحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاهللُ َ
ذُو الْ َفضْلِ الْعَظ ِيمِ) أللّهُمَّ إِنِّى أَ َتوَجَّهُ إِلَ ْيكَ
سالَ ُمكَ نَبىِّ الرَّحمْةِ يَارَسُولَ اهللِ َبيكَ عَلَيْهِ َ بِن ِّ
إِنِّى أَ َتوَجَّهُ ِبكَ إِلَى رَبِّى لِيَغْفِرَ لِى ذُنُوبِى
سأَُلكَ ِبحَقِّهِ أَنْ تَغْفِرَ لِى أَللهُمَّ إِنِّى أَ ْ
وَتَ ْرحَمَنِى .
() 4
41
سأَلْ ُتكَ وَأَ ْتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ فِى سأَُلكَ أللّهُمَّ فِيمَا َ أَ ْ
قَبُولِهِ بِمُقَدِّمَةِ ا ْل ُوجُودِ األَوَّلِ وَرُوحِ ا ْلحَيَاةِ
الرحْمَةِ
األَ ْفضَلِ وَنُورِ العِ ْلمِ األَكْمَلِ وَبِسَاطِ َّ
ألجَلِّ السَّا ِبقِ فِى األَزَلِ وَسَماءِ ا ْلخُُلقِ ا َ
بِالرُّوحِ وَالْ َفضْلِ وَا ْلخَاتِم بِالصُّو َرةِ وَالْبَعْثِ
صطَفَى ُمدٍ الْ ُم ْ وَالنُّورِ بِالْ ِهدَايَةِ وَالْبَيَانِ َمح َّ
وَالرَّسُولِ الْ ُمجْتَبَى صَلَّى اهللُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
صحْبِهِ وَسََّلمَ تَسْليِمًا كَثيِرًا كَثيِرًا إِلَى َي ْومِ َو َ
الدِّينِ وَا ْلحَ ْمدُ هللِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
() 5
َمدِيَّةِ اللَّطيِفَةِ
أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الذَّاتِ الْ ُمح َّ
حدِيَّةِ شَ ْمسِ سَمَاءِ األَسْرَارِ وَ َمظْهَرِ أل َ
اَ
جالَلِ وَ ُقطْبِ فََلكِ األَ ْنوَارِ وَمَرْكَزِ َمدَارِ ال َ
ك وَبِسَيْ ِرهِ إِلَيكَ أَمِّنْ ِرهِ َلدَ ْي َ
ا ْلجَمَال .أَللّهُمَّ بِس ِّ
خوْفِى وَأَقِلْ عَثْرَتِى وََأ ْذهِبْ حُزْنِى َ
خذْنِى ‘إِلَ ْيكَ مِنىِّ َوحِ ْرصِى وَكُنْ لِى َو ُ
وَارْزُقْنِى الْفَنَاءَ عَنىِّ وَالَ َتجْعَلْنِى مَفْتُونًا
حجُوبًا ِبحِسِّى وَاكْشِفْ لِى عَنْ كُلِّ بِنَفْسِى َم ْ
42
سِرٍ مَكْتُومٍ يَاحَىُّ يَاقَيُّومُ بِمَنْ(دَنَا فَ َتدَلَّى فَكَانَ
قَابَ َقوْسَيْنِ َأوْ َأدْنَى).
() 6
الرحِي ِم فَاهللُ خَيْرٌ حَا ِفظًا سمِ اهللِ الرَّحمَنِ َّ بِ ْ
حمُ الرَّاحِمِينَ .آمَنْتُ بِاهللِ وَ َرضِيتُ َو ُهوَ أَ ْر َ
ف اهللِ بِاهللِ وَ َتوَكَّلْتُ عَلَى اهللِ َو َدخَلْتُ فِى كَنَ ِ
وَاعْ َتصَمْتُ بِكِتَابِ اهللِ وَ َتحَصَّنْتُ بِآيَاتِ اهللِ
َمدٍ rابْنِ عَ ْبدِ اهللِ. وَاسْ َتجَرْتُ بِرَسُولِ اهللِ ُمح َّ
َمدٍ َ rوجِبْرَائِيل وَمِيكاَئِيلَ أَللّهُمَّ ِبحَقِّ ُمح َّ
المُ
الس َ
وَإِسْرَافِيلَ وَعِزْرَائيِلَ وَالرُّوحِ عَلي ِهمُ َّ
وَ ِبحَقِّ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّ ِيقِ وَعُمَرَ الْفَارُوقِ
وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ
ضىَ اهللُ عَنْ ُهمْ َأجْمَعيِنَ أَنْ تَ ْقضِى حَاجَتِى َر ِ
عوَتِى وَتَكْفِينَى مُهِمَّاتِى وَتَرْ َفعَ وَتَسْ َتجِيبَ دَ ْ
سأَُلكَ عَنِّى مُلِمَّاتِى يَامَنْ لَه األَمْرُ كُلُّهُ أَ ْ
ا ْلخَيْرَ كُلَّهُ وَأَعُوذُ ِبكَ مِنَ الْشَّرِّ كُلِّهِ َفإ َِّنكَ
ح َدكَ الَشَرِيكَ َأنْتَ اهللُ َّالذِى الَ إلهَ إِالَّ أَنْتَ َو ْ
سأَُلكَ الرحِيمُ أَ َْلكَ ،الْغَنِىُّ الْكَرِيمُ الْغَفُورُ َّ
43
َمدٍ rالْهَادِى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ بِالنَّبِىِّ ُمح َّ
صِرَاطِ اهللِ َّالذِى لَهُ مَا فِى السَّموَاتِ وَمَا فِى
األَ ْرضِ أَالَ إِلَى اهللِ َتصِيرُ األُمُورُ أَنْ تَهَبَ
صدْرِى لِى مَغْفِ َرةً مِنْ عِ ْن ِدكَ تَشْرَحُ لِى بِهَا َ
ضعُ عَنِّى بِهَا وَتُيَسِّرُ لِى بِهَا أَمْرِى وَ َت َ
َزهُ بِهَا وِزْرِى وَتَرْ َفعُ لِى بِهَا ذِكْرِى وَتُن ِّ
َدسُ بِهَا سِرِّى وَتَكْشِفُ بِهَا فِكْرِى وَتُق ِّ
حكَ كَثِيرًا ضرِّى وَتُعْلِى بِهَا َقدْرِى ( َكىْ أُس َِّب َ َ
وََأذْكُ َركَ كثيرًا إ َِّنكَ كُنْتَ بِنَا بَصيرًا) يَاأهللُ
شئٍ َقدِيرٌ أَللّهُمَّ يَاعَل ِيمُ يَاخَبيِرُ إ َِّنكَ عَلَى كُلِّ َ
سأَُلكَ ِبأَسْمَا ِئكَ الْ ِعظَامِ وَ َمالَئِكَ ِتكَ إِنِّى أَ ْ
المَُالس َ
الةُ و َّ الص َ
َّ الْكِرَامِ وَأَنْبِيَا ِئكَ عَلَيْ ِهمُ
وَأَ َتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ بِكُلِّ نَبِىِّ أَرْسَلْتَهُ وَكِتَابٍ
عسِيرٍ ضحْتَهُ وَ َ أَنْزَلْتَهُ وَعَمَلٍ تَقبَّلْتَهُ َوخَفِىٍّ َأ ْو َ
المٍ َنوّرْتَهُ َوخَائِفٍ ظَ يَسَّرْتَهُ وَرَ ْتقٍ فَتَقْتَهُ َو َ
َكلمٍ َأصْمَتَّهُ أَنْ َتصْرِفَ كَ ْيدَ مَنْ أَمَّنْتَهُ وَمُت ِّ
َر َأوْ كَادَنِى بِسُوءٍ َوضَرَّ مَنْ أَرَادَنِى ِبض ٍّ
حمَ الرَّاحِمِينَ. ك يَاأَ ْر َ
صدَنِى بِمَكْرُوهٍ بِ َرحْمَ ِت َ َق َ
44
الرحْمَةِ وَمِي َمىِ الْمُ ْلكِك ِبحَاءِ َّ أَقْسَمْتُ عَلَ ْي َ
الدوَامِ .
َودَالِ َّ
()7
ك ا ْلحُسْنَى َوصِفَا ِتكَ سأَُلكَ ِبأَسْمَا ِئ َ
أَللّهُمَّ إِنِّى أَ ْ
الْعُلْيَا يَامَنْ بِ َي ِدهِ االِبْتِالءُ وَالْمُعَافَاةُ والشِّفَاءُ
َمدٍ r سأَُلكَ بِمُ ْعجِزَاتِ نَب ِِّيكَ ُمح َّ َالدوَاءُ أَ ْ و َّ
الةُ
الص ََّ وَبرَكَاتِ خَلِيِلكَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ
الةُ
الص َالمُ وحُرْمَةِ كَلِي ِمكَ مُوسَى عَلَيْهِ َّ َالس َ
و َّ
التىِ
سأَُلكَ ِبصِفَا ِتكَ الْعُلْيَا َّ المُ اشْفِنِى .أَ ْ َالس َ
و َّ
حدٌ عَلَى َوصْفِهَا وَ ِبأَسْمَا ِئكَ ا ْلحُس ْنىَ اليَ ْقدِرُ َأ َ
حصِيَها وأَسأَُلكَ بِذا ِتكَ حدٌ أَنْ ُي ْ التىِ اليَ ْقدِرُ َأ َ َّ
الجَليلَةِ ونُورِ وجهكَ الكَرِيمِ وَبرَكاتِ نَب ِِّيكَ
ُحمدٍ rخا ِتمِ أَنبِيا ِئكَ أَنْ تَشفِيَنى وَتُعافِينَى م َّ
صحْبِهِ ُحمدٍ وآلِهِ و َ وصَلّى اهلل عَلى س َِّيدِنَا م َّ
وسََّلمَ تَسْليمًا كثيًرا .
() 8
أللّهُمَّ ال َتحْرِمْنا شَفاعتَهُ والعِنايَتَهُ فِى الدُّنيا
واآلخِ َرةِ وَأدخِلْنَا بِفَضلِك فى زُمْ َرةِ المُتَّبعيِنَ
45
له ِبِإحْسانٍ إلى َي ْو ِم الدِّين ِبجَاهِهِ عِن َدكَ فَإنَّ
جَاهَهُ عِ ْن َدكَ عَظيمٌ .
()9
ك ِبجَهلٍ فَهَا َنحْنُ قَد عصَيْنا َ إِلهى إِن كُنَّا قَد َ
عوْنَاكَ بِعَقلٍ حَيثُ عَلِمنَا أَنَّ لَنَا رَبًّا يَغْفرُ دَ َ
الذُّنُوبَ واليُبَالى .إِلهى أَتُح ِرقُ بالنَّارِ وجْهًا
كانَ لكَ ُمصَلِّـيًا َأوْ لِسانًا كانَ َلكَ ذَاكِراً
وَداعِيًا ،ال بالَّذى دلَّنَا عَل ْيكَ وَرَغَّبَنَا فِيمَا
ُحمدٍ خَا ِتمُ
خضُوعِ بَين يَد ْيكَ َوهُو م َّ أَمَرنَا بِال ُ
ظمُأَنبيا ِئكَ وس َِّيدُ َأصْفِيا ِئكَ فإِنَّ حَقَّهُ عَلَيْنا أَع َ
الحقُوقِ بعدَ ح َِّقكَ كَما أَنَّ مَنزِلَتَهُ َلدَ ْيكَ
ل خَلْ ِقكَ.
أَشْرَفُ مَنَازِ ِ
()11
ُحمدٍ
ِسيدِنَا م َّأَللّهُمَّ إِنِّى أَسأَلُك وأَتَوسَّلُ إِل ْيكَ ب ِّ
rوَباألَنِبياءِ والمُرسَلِينَ فى َقضَاءِ حَاجَتِى
يَاسيِّدى يَارَسُولَ اهللِ تَوسَّلْتُ ِبكَ إلى رَبِّى .
()11
أَللّهُمَّ أَنتَ عُدَّتِى فِى شِدَّتى وَ ُمؤْنِسى فِى
43
حدَتِى وحَا ِفظِى فِى غُرْبتَى ودَلِيلى فِى َو ْ
حَيْرَتِى ومَ ْلجَِئى إِذا ضَاقَتْ عَلىَّ نَفسِى فِيما
يَهُولُنِى فَاسْأُلكَ ِبحَقِّ َوجْ ِهكَ الكرِيمِ
ُحمدٍ خَاتِم النَّبيِّينَ األَمانَ
وَبِكال ِمكَ ال َقدَيِمِ وبِم َّ
حذَ ُرهُ فَ َقدِ استَعَنْتُ
ِبكَ واألَمانَ مِمَّا أَخافُهُ وَأ ْ
وفوضْتُ أُمُورِى كُلَّها ِبكَ وَاسْتَغَثْتُ إلَ ْيكَ َّ
لدَ ْيكَ لِ َتحْرُسَنِى وَتَرْعانِى وتَ ْكألَنِى مِنْ شَرِّ
خدِيعَ ًة َأوْ
سدًا أَو َ سطُ لى مَكْراً أَوحَ َ مَنْ يَبْ ُ
فِتْنةً مِن جَميعِ الجِنِّ واإلِ ْنسِ .أللّهُمَّ ِبحَقَّ
العَرشِ والكُرسِىِّ والنُّورِ الذى أَنزلتَ
ُحمدٍ rومَا أَنزَلْتَهُ عَلَيهِ اكْفِنىوبجَاهِ س َِّيدِنا م َّ
فِى َيوْمِى هذا شَرَّ مَنْ ال ُقدْ َرةَ لى عَلَيهِ
وَأَعِنِّى عَلَى مَنْ الطَاقَةَ لى بِهِ وحَنِّنْ عَلَىَّ
حوَجتنى إليه وَسَخِّر لى قَلْبَ مَن قَلْبَ مَن َأ ْ
َنظَرَ إِلىَّ وَ َنظَرتُ إِليه :حَسْ ِبىَ اهللُ َّالذِىِ
الإِلهَ إِال ُهوَ عَلَيهِ َتوَكَّلْتُ َو ُهوَ رَبُّ العَ ْرشِ
ال َعظِيم.
()12
44
أَللهُمَّ صلِّ على مَقْبُولِ الشَّفَاعَةْ ،من جَعَلْتَ
طَاعَتَهُ لكَ طَاعَة ،وَ َقدّمتهُ فى ال ِق َدمِ فَكَانَ لَهُ
ال َق َدمُ على كلِّ ذِى َق َدمَ ،من عَيَّنْتَه فى التَّعَيُّنِ
َصصْتَهُ بكمَالِ األوَّل بالمَقَامِ األَكْمَلِ َوخ َّ
النظَامِ وجَعَلْتَهُ لبِنَةَ التَّمَا ِم إِمَامِ جَامعِ األُ ْنسِ
ِّ
حضْرَةِ ال ُق ْدسَِ ،مظْهَرِ حقيقَةِ وحطيِبِ َ
ُنزهِ و َمظْهَرِ إِمكانِ الجَمالِ الوُجوبِ الم َّ
خالَلِ وَأَح َمدِ الجَاللِ وسَلِّم ُحمدِ ال ِاألنْ َزهِ م َّ
حضْ َرةِ الدَّيْمُومِيَّة خصُوصِيَّةِ ِب َ المَ ال ُسَ عَلَيهِ َ
وأَ َتوَسَّلُ بِهِ إِليكَ إِلهى فى البُ ْعدِ عن كُلِّ
سأَلُك القُربَ إِل ْيكَ واالعْتِمَادَ عَلَ ْيكَ الهِى وأَ ْ
سطْتُ إِليكَ َيدَ الفَاقَةٍ واالفْتِقَارِ وجئِتُ إِلهى بَ َ
بِكمَالِ الذِّلةِ واالنكِسَارِ وقَد وَقَفْتُ بِالبَابِ
سؤَالى والَ ُتخَيِّبْ ألحْبابِ فَأجِبْ ُ وتوَسَّلْتُ بِا َ
ُحمدِ
آمَالى أَللهُمَّ صَلِّ على َأحْ َمدِ أَم ِركَ وم َّ
سأَُلكَ أللهُمَّ بِهِ ،وبِهِ خَلقكَ وأَسعدِ كَو ِنكَ أ ْ
سأَُلكَ أَنْ تُصلِّى عَلَيه صَالةً ذَاتيَّةً خَاصَّةً أَ ْ
بِهِ عَامَّةً فى جَمِيعِ أَلوَاحِهِ الحَرْفِيَّةِ
48
واالسْميَّة وجَميعِ مَراتِبهِ العَقْلِيَّة والعِلميَّة
صَالةً م َُّتصِلةً اليُمكِنُ انْ ِفصَالُهَا بِسَلْبِ وال
بِغَير ذِلكَ بَلْ يَستَحيلُ عَقالً وَنَ ْقالً وعلَى آلِهِ
جوَا ِمعِ والخزَائِنِ ُمهاَتِ ال َ وأَصحابِهِ األ َّ
ال َموَا ِنعِ وَسَلِّم تَسْلِيمًا كَثيرًا أَللهُم ِبكَ َتوَسَّلتُ
سوَاكَ رَغِبْتُ شئٍ ِ سأَلْتُ وفَيك ال فى َ وَمِنكَ َ
الأَسأَلُ مِ ْنكَ سوَاكَ وال أَطلُبُ منك إِالَّ إِيَّاكَ
أَللهُمَّ وأَتَوسَّلُ إِليكَ فى قَبُولِ ذِلكَ بالوَسيلَةِ
ُحمدٍ
العُظمَى والفَضيلَةِ الكُبرَى سيِّدنَا م َّ
صطَفَى والصَّفِى المُر َتضَى والنَّبىِّ ال ْم ُ
ُصلىَ عَلَيه صالةً المُجتَبىَ وَبِهِ أَسأَُلكَ أَن ت ِّ
أبَديَّةً ديمُوميَّةً قَيُّوميَّةً إِلهيَّةً ربَّانيَّةً ِبحَيثُ
يَشهدُ لى ذلكَ بِعينِ كَمَالِه بِشَهَا َدةِ مَعَارفِ
صحْبِهِ كَذِلكَ َفإ َِّنكَ وَلىُّ ذَِلكَذَاتِهِ وَعَلى آلهِ َو َ
ُوةَ إِال بِاهللِ العَلِىِّ ال َعظِيمِ.
حوُلَ وال ق َّ
وال َ
()13
سأَل ُتكَ ورَغِبتُ فِيهِ مِنْ أَسأَُلكَ فى قَبُولِ مَا َ
فَضِلكَ وطَلَبْتُهُ مِنكَ بالنُّورِ األَوَّل والسِّرِ
49
الرحْمةِ الرَّبانيَّه َّ األَنْزهِ األَكملٍ عَيْنِ
الخْتِراعيَّة األَكوَانيَّة صَاحبِ المِلَّةِ والبَ ْهجَةِ ا ِ
اإلِسالمِيَّةِ والحقَا ِئقِ العَيانِيَّة نُورِ كُل شئٍ
و ُهدَاهُ وسِرِّ إِرَادتكَ المَكْنُونِ من نُو ِركَ
سمِ مُختَا ِركَ مِنكَ َلكَ قَبلَ كُلِّ شئ ال ُمطَل َ
ُجردِ بين مَسَاِلكِ اللُّقىْ كَن ِزكَ و َنوُركَ الم َّ
سوَاكَ وأَشرفِ خَل ِقكَ َّالذِى َّالذِى لم يُحطْ بِهِ ِ
ِبحُكمِ إِرَادَ ِتكَ كَوَّنْتَ من نُو ِرهِ أَجرَامَ
الكِ َفطَافَتْ به األَفالَك وهَياكِلَ األَم َ
الصَّافُّونَ حَولَ عَرشِك تَعظيمًا وتَكرِيماً
وأَمرتَنَا بالصَّالةِ والسَّالم عليه بِقَولكَ(إنَّ
اهلل ومَالئِكَتَهُ يُصلُّونَ على النَّبىِّ يا أَيُّها
الَّذينَ آمَنُوا صلُّوا عَليهَ وسَلِّمِوا
تَسليمًا)وَنَشَرْتَ فَوقَ هَامَتهِ فى َتخْتِ مُل ِككَ
ِلوَاءَ حَم ِدكَ وَقدَّمتَهُ على صَنادِيدِ ج ُي ُوشِ
خذْتَ لَهُ على ُوةِ عَز ِمكَ وَأ َ سُلطا ِنكَ بِق َّ
أَصفْيِائكَ بِالحقِّ ميثَا َقكَ األوَّلَ وقرَّبْتَهُ ِبكَ
ومِ ْنكَ وجَعَلْتَ عليه المُعَوَّلَ ومتَّعتَهُ بجمَاِلكَ
50
فى مَظهَرِ التَّجلِّى وخصَّصتَهُ بِقَابِ قوْسَينِ
والتدَلِّى وَزجَّيتَ بِهِ فى نُورِ قُربِ الدُنُوِّ َّ
الُوهيَّ ِتكَ العُظمَى وعَرَّفتَ به آ َدمَ حقَا ِئقَ
الحُرُوفِ واألَسماء،خزَائِنِ األَسرَارِ وخَا ِتمِ
دورَاتِ األَنوَارِ رو َنقِ كلِّ إِشارةٍ لطيِفَةْ
تُشيرُ إلى كَمَال المعَانِى المُنِيفَةْ باإلِشَارَاتِ
حضَراتِ الرَّبَّانيَّة ذِى العِرفانِيَّة فى ال َ
ُحمدٍ الشَّفيعِالجنَابِ الرَّفيعِ سَيِّدنا وموالنا م َّ
.
()14
أللّهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ وأَتوَجَّهُ إِليكَ بِحبيِ ِبكَ
ُحمدُ إِنَّا نتوسَّلُ
المُصطَفَى عِن َدكَ ياحَبيبنَا يام َّ
بك إِلى ربِّك فاش َفعْ لنَا عِندَ ال َموْلَى ال َعظِيم
يانِ ْعمَ الرَّسُول الطَّاهِر أللهُمَّ شفِّعهُ فِينَا
َبيكَِبجَاهِهِ عِندكَ أَللهُمَّ يَاربِّ ِبجَاهِ ن ِّ
المُصطَفَى وَرَسُوِلكَ المُرتضَى طَهِّرْ قُلُوبَنَا
عدُنا عَنْ مُشَا َهدَ ِتكَ من كُلِّ وصفٍ يُبَا ِ
ومحبتَّكَ وأَمِتْنَا عَلى السُّنَّةِ والجَماعَةِ
51
والشَّوقِ إِلى لِقا ِئكَ يَاذَا الجَاللِ واإلِكْرَامِ
ُحمدٍ وعَلَى آلِهِ وصلَّى اهلل عَلَى سَيِّدنا م َّ
صحْبِهِ وسََّلمَ تَسْليمًا والحَمدِ هلل رَبِّ و َ
العالَميِنَ.
()15
طوَت عليهِ خذَنَا بِما انْ َونسأَُلكَ اللهُمَّ أَنْ التُؤا ِ
ضَمَائِرُنَا وأَكَنَّـتْهُ سرَائِرُنَا مِن أَنْواعِ القَبائِحِ
والمعَايِبِ التَّى تَعلمُهَا مِنَّا وال نَعلَمُهَا ،أو
نعلمُهَا وال تَسْمَحُ نُفُوسُنَا بالتَّوقِّى مِنها
َّنزهِ عَنهَا اغتِرارًا مِنَّا بحِل ِمكَ وغَفلَةً مِنَّا والت ُّ
عَنْ نَظ ِركَ وعِلْ ِمكَ ونَرغَبُ إِليكَ اللهُمَّ أَن
تمُنَّ عَلينا بِثَوبَه تَمحُو عنَّا كُلَّ حوبَهْ حتَّى
تَنقَلبَ أعْداؤُنا عنَّا خائِبينَ خَاسئيِنَ داخِرينَ
صَاغرِينَ لم ينَالُوا مِنْ تح َُّققِ إِرادتِهِم فِينَا
ع َدمِ إِسعَا ِفكَ إِيَّانَا بِمَا
مَطلَبًا ،ولم يَبلُغُوا مِنْ َ
طَلَبناهُ مِنكَ مَأربًا ،وأَنْ تَشملَ فى ذِلكَ مَعنَا
كُلَّ مَنْ أَمَّن عَلَى هذا الدُّعَاء مِمَّنْ سَمِعهُ
ومِمَّنْ دعَا لنَا بِمِثلِهِ مِنْ إخوَاننَا المُسلِمِينَ
52
وَنتوَسَّلُ إِليكَ فى بُلُوغِ األَمَلِ وال ُوصُولِ
ن انْصرَفنَا بهِ عَنْ ألجَلِّ بِمَ ِإِلى المُبتَغَى ا َ
تَولِّى كُلِّ جحُودٍ وكَفُورٍ وأُخرِجنَا عَلى يَديهِ
ُحمدٍ
مِن الظُّلُماتِ إلى النُّورِ سَيِّدنا وموالنَا م َّ
خَاتِم النَّبيِّينَ وإِمامِ المُرسَليِنَ وحَبيِبِ رَبِّ
العالَمينَ صلَّى اهللُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ الطَّيِّبين
الطَّاهرِينَ وأَصحَابِهِ البرَرةِ األَكرَمِينَ
وتَابعيهِم بِإحسانٍ إِلى يَومِ الدِّينِ وسََّلمَ
تَسلِيمًا كثيِرًا والحمدُ هللِ ربِّ العَالميِنَ.
()16
سمُ عَلَيكَ ِبجَاللِ ال ُهوِيَّة وجَمال أللهم إنِّى أُق ِ
الحَضرةِ القُدسيَّة واألَنْوارِ ال ُمحَمَّديَّة
واألَسْرَارِاألَحمَدِيَّة والخِالفَةِ ال ُقطْبانِيَّة
والمظَاهِرِ الصِدِّيقيَّة والشُّمُوسِ العرفَانيَّة
والنجُومِ العِلميَّة ُّ واألَقمَارِ اإلِيمانِيَّة
واألَكوَانِ العمليَّة وبِمَا بَطنَ فِى األّزَلِ وبِمَا
ظَهرَ فى األَ َبدِ من نَبىٍّ ورسُولٍ وعَالمٍ
وعَاملٍ ووَلىٍّ ووَارِثٍ وجَامعٍ أَن تَج َم َع لِى
53
خَصا ِئصَ القُربِ ونفَحاتِ الحُبِّ ورقَا ِئقَ
العِلمِ ودقَائقَ الفَهمِ ولطَائِفَ العِرفَانِ
وحَضرَاتِ اإلِحسانِ ومَشاهِد الشُّهودِ
والتَّصريفَ فى ال ُوجُودِ بالسِّرِّ َّالذِى خَضعَ
شئٌ شئٍ واالسمِ َّالذِى ال َيضُرُّ مَعَهُ َ لَهُ كُلُّ َ
والذِّكرِ َّالذِى طَردَ كُلَّ شَيطَانٍ مَاردٍ وقَمعَ
كُلَّ باغٍ حَاسدٍ وقَهرَ كُلَّ ظَالِم وأَعَزَّ كُلَّ
جذَبَ كُلَّ مُحبٍ صَا ِدقٍ ضعٍ عَالمٍ و َ مُتَوا ِ
واصطَفَى كُلَّ خَليلٍ ُمصَادقٍ أَللهُمَّ إِنَّا نَسأَُلكَ
النوَالَ
قَبُول السُّؤالِ يَامَن اليَزالُ يُعطى َّ
بِمَنْ خَصَّصتَهُ فى األّزَلِ بِمراتِبِ التَّكميِلِ
بعدَ الكَمالِ حَائِزِ الفضَيِلَ ِة وصَاحِبِ الوَسيلَةِ
فاتِحِ خزَائِنِ األَسرَارِ َوخَا ِتمِ دورَاتِ األَنوَارِ
وَ ْفقَ كُلِّ إِشا َرةٍ لَطيفَة تُشِيُر إِلى كَمالِ
المعَانِى المنُيفَة باإلِشارَاتِ العِرفانِيَّة فى
الحضَراتِ الرَّبَّانيَّة ذِى الجنَابِ الرَّفيعِ
ُحمدٍ الشَّفِيعِ يَاحَم ِيدُ يامَج ِيدُ
سَيِّدنَا و َموْالَنَا م َّ
ياصَاحِبَ العَرشِ ال ُمحِيطِ ياحَامِل العَرشِ
54
بِقُدرَتِه عَنْ حَملَةِ العَرشِ بِسرِّ إِسرافِيلَ
ُحمدٍ r
ومِيكائِيلَ وجِبرَائِيلَ وعِزْرَائِيلَ وبِم َّ
وأَبِى بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ وعَِّلىٍ وَبِسرِّ
السوَرِ والخَ ْتمِ وبَأحُونٌ قَافٌ حُروُفِ مَبَادِئ ُّ
َأدُمَّ حَمَّ هَاءٌ أَمِينٌ األمَانَ األَمانَ يَاحَنَّانُ
المٌ عَلى سَ عظِيمُ آمِينَ (و َ يَامنَّانُ يَارؤفُ يا َ
المُرْسلِينَ والحَمدُ للِه رَبِّ العَالَمينَ) .
()17
نَسأَُلكَ اللهُمَّ مِنْ فَضِلكَ ال َعظِيمِ أَن تَمْنحنَا
بِفَضِلكَ العظِيمِ أَنوَا َر عُلُومِ الرَّقَائِق
المُحمَّديَّة بِدقِيقِ ‘إِشَارِاتِ (وعَلَّمكَ مَالم
تَكُنْ تَعلمُ وكَانَ فَضلُ اهللِ عليكَ عَظيمًا)
و ُتخَصِّصنَا بِكر ِمكَ مِنْ حَض َرةِ الرَّحمةِ
الشَّامِلةِ والنِّعمَةِ الكَامِلَةِ النَّبوِيَّة ِبإِنَابَةِ الفَتْحِ
القَريبِ والفتَحِ المُبينِ والفتحِ المطُلقِ فُتُوحِ
حظَاتِ خطَابِ ال َموَاهِبِ األَحمدَيَّةْ بل َمحَاتِ ل َ
(اليَومَ أَكمَلتُ لكُم دِينكُم وأَتْمَمْتُ عَليكمْ
المَ دِينًا) وتُبِيحَنَا نِعْمَتِى وَرَضيتُ ل ُكمُ اإلِس َ
55
منْ أَر َفعِ المخَادِعِ أَعلَى شَرَفِ المجدِ
األَسنى وَأجَلِّ مَراتِبِ القطُبيَّةِ الكُبرَى
وأَكمَلِ األَخالقِ العَليَّةِ العُظمَى فى مَقَامِ
سطَةِ أَح َم ِدكَ قَابِ قَوسَينِ أَو أَدنَى بِوا ِ
المخصُوصِ بثبَات (ما زَاغَ ال َبصَرُ ومَا
جسِيمِ طَغَى) ياذا الكَرمِ العَظ ِيمِ وال َعطَاءِ ال َ
والفَضلِ العَمِيمِ ِبحُرمةِ هذَا الن َِّّبىِ الكَريمِ،
أَللهُمَّ إِنَّا نَسأَُلكَ ونَتَوسَّلُ إِليك ِبح ُِّبكَ لحِبيبكَ
ُوهِ مِنكَ وبَتدَلِّيك لَهُ وحُبِ حَبي ِبكَ َلكَ وبدُن ِّ
ُسلمَ
وبالسَّببِ َّالذِى بَي َنكَ وبينَهُ أَن تُصلِّى وت ِّ
عَليهِ وعَلَى آلهِ وصَحبهِ صَالةً وسَالمًا
خَصَّصتَهُ بهِمَا لخُص ُوصِيَّتهِ بِمَا اسْتَأثَرتَ
لَهُ عِنْدكَ فى عَالَم الغَيبِ والشَّها َدةِ
ل ُمخَاطَب ِتكَ إِياهُ بِقَوِلكَ ما خَلقتُ خَلقًا أَحبَّ
والأَك َرمَ علىَّ مِنكَ وآتِهِ الوَسِيلَةَ وال َفضِيلَةَ
والشَّرَفَ االعلَى والدَّرجَةَ الرَّفيِعَة وابعَثْهُ
حمَالمقَامَ المحمُودَ َّالذِى وعَدتَهُ ياأَ ْر َ
الرَّاحِمينَ يَارَبَّ العَالميِنَ.
53
()18
ُحمدٍ r
أَللّهُمَّ أَ ِفضْ علينَا مِنْ فَا ِئضِ س َِّيدِنَا م َّ
ُحمدٍ r
واحْشُرْنَا يَارَبَّنَا فِى زُمرةِ س َِّيدِنا م َّ
ب القَبرِ وأَهوَالِ يَومِ عذَا ِ
وَأجِرْنَا يارَبَّنَا مِنْ َ
ُحمدٍ rوَأ ْدخِلنَا القِيامَةِ ببِرَكاتِ س ََّيدِنَا م َّ
ُحمدٍ r َووَاِلدِينَا الجنَّةَ بِشفاعَةِ سَيِّدنا م َّ
النظَرَ إِلى وَج ِهكَ الكَرِيم ِبجَاهِ وارْزُقْنَا َّ
ُحمدٍ rأللهُمَّ صَلِّ وسلِّم عَلَيه وعَلَى سيِّدِنَا م َّ
آلِهِ وأَصحَابِهِ وأَزوَاجِهِ وأَ ْنصَا ِرهِ وأَشياعِهِ
وعَلينَا مَعهُم ياربَّ العَالميِنَ .
()19
أللّهُمَّ اجْعَلنَا فى المَعادِ تَحتَ لِوائِهِ وأَدخِلنَا
َتحْتَ كَنَفِ جَاهِهِ وعَالئِهِ واجْعَلنَا مِن
َأصفيَائِهِ وأولِيائِه يَاربَّ العَالمِينَ .
()21
تَبارَكتَ ربَّنَا وتَعَاليتَ عَمَّا يقُولُ الظَّالِمُونَ
حدُونَ عُلُوًّا كَبيراً ياحنَّانُ يامنَّانُ والجَا ِ
ياعظِيمَ السُّلطَانِ يا َقدِيمَ االحسَانِ يَادا ِئمَ النِّعمِ
54
سطَ الرِّزقِ يَاوَاسعَ ال َعطَاءِ ياكَثيِرَ الخَيرِ يابَا ِ
يَادَا ِفعَ البَالءِ ياغَافِرَ الخَطاءِ يَاحَاضِراً ليسَ
الشدَا ِئدِ ياخَفىَّ اللُّطفِبِغَائِبٍ يامَوجُوداً عِندَ َّ
يالطِيفَ الصُّنعِ ياجَمِيلَ السِّترِ يَاعظِيمَ الذِّكرِ
ياحَليماً اليَعجَلُ ،جزَى اهلل سيِّدنَا ونَبيَّنا
مُحمَّداً rخيرًا كما هُو أَهلُهُ أَسْالُكَّ اللهُم
ِبحُرمَةِ هذا النَّبىِّ لدَيكَ أَنْ َتجْعَلَ لِى وألَهلى
حصِيناً وحِمى عَزِيزاً حصْناً َ حِرزًا مَنيعًا و ِ
تحْ َفظُ بِهِ نفْسِى وأَهلى ودِينى َووَلدِى
ودُنْيَاى وآخِرَتِى وجميعَ من تلْحقُهُ عِنَايَتِى .
()21
أَللّهُمَّ بِسرِ الصَّمدَانِيَّةِ والفَردَانِيَّةِ والوَاحدَانِيَّة
ِزةِ وال ُقدْ َرةِ والحَيَاةِ حدِيَّةِ والع َّ أل َوا َ
ضطَِلعٌ بِعظ ِيمِ قُدرَتِهِ والجَبَرُوتِيَّةِ يامَنْ هُو ُم ْ
حدَانِيَّتِهِ ياحَىُّ ياقَيُّومُ يَاذَا وعَاِلمٌ بِسرِّ و ْ
حوْلِ يَاكَثيرَ الجَاللِ واإلِكرَامِ يااهللُ يَاشدِيدَ ال َ
حمَ الرَّاحِمينَ الطوْلِ يَاذَا ال َفضْلِ ال َعظِيم يَاأَر ََّ
عظِيم ِركَ الذِى أَودَعتَهُ فى َ وبِمكنُونِ س ِّ
58
أَسْمَا ِئكَ وكَمَالِ صِفَا ِتكَ و ِبجَاهِ سيِّدنَا ونَبِيِّنَا
ُحمدٍ أَفضَلِ َمخْلُوقا ِتكَ وخَيرِ ومَوالنَا م َّ
ظمِعَ خَلقكَ وصَفوَ ِتكَ مِنْ عِبَادكَ النَّبىِّ األَ ْ
والمَ ْعصُومِ األَكبَرِ صَاحِبِ الحَوضِ والمنِبرِ
والحَظِّ األَوفَرِ والجَبينِ األَزهَرِ َّالذِى أَنزَلْتَ
عطَيْنَاكَ ال َكوْثرَ) ونَسأَُلكَ أَنْ عَليهِ (إِنَّا أَ ْ
َتحْ َفظَنا وأَتْبَاعَنَا مِنْ كُلِّ نَ ْقصِ يُبعدُنَا عَ ْنكَ،
وتَ ْعصِمَنَا بعِنَايَ ِتكَ ورعَاي ِتكَ مِن أَنْ نَشتغِلَ
سوَاكَ. عَنكَ بِغَيْ ِركَ َأوْ نَميلَ إِلى ِ
()22
ُحمدٍ rعَب ِدكَ ونَب ِِّيكَ
سأَُلكَ ياأَهللُ بِم َّ
أَللهُمَّ إِنى أَ ْ
َّالذِى أَرسَلْتَهُ لِقَمعِ ال ُمخَالِفينَ وَزجرِ
ن وهَالكِ العَاقِّينَ يَاأَهللُ يَاقَوىُّ ياعَزيزُ الكَاذِبي َ
ياقَهَّارُ يَاجَبَّارُ يامُنت ِقمُ يامُجيبُ يامَتِينُ
جالَلِ واإلِكرَامِ ياصَمدُ يامُق َتدِرُ ياذَا ال َ
سطُ ياصَبُورُ ياأَهللُ يَاأهللُ يامَنْ َأذَلَّ يَامُق ِ
المُعَانِدينَ وَأَهَلكَ ال ُمخَالِفينَ يامَنْ عَلتْ
ُقدْرَتُهُ عَلى كُلِّ قُدرةٍ وعِزَّتُهُ على كُلِّ عِزَّة
59
ونِقْمَتُه عَلَى كُلِّ نِقْمَةٍ ياقهَّارُ ياقهَّارُق حم
حم حم حم حم حم حم إِقْهَرْ أَعدَاءَنَا فإِنَّهُم
أَعدَا ُؤكُ وأَهِلكْ ُمخَالفِيِنَا َفإِنُهمُ ُمخَالِفُوكَ
وَامْحُ ما أَثْبَتَّهُ فى نُ ُفوِسِهِم وعُقُولِهِم من
الضالَلِ وأَزِلْ عَنَّا ظُلمَهُم وأَبعِد ُهمْ عَنَّا فى َّ
جاِ ِمعُ يَانَا ِفعُ
الدُّنيَا واآلخِ َرةِ وَأجِرنِى ياأَهللُ يَا َ
ُحمدٍ rياأهللُ آمينَ آمينَ آمينَ بِحقِّ م َّ
ِحقكَ ثُمَّيارحْمنُ يَا َرحِيمُ ياأَهللُ ياحقُّ يَامُبينُ ب ِّ
ُحمدٍ rأَنِلْنِى مِيمَ مُلكِ الظَّاهِرِ ِبحَقِّ م َّ
والبَاطِنِ .
()23
أَللهُمَّ إِنَّى أَسأَُلكَ بِنَيِّر هِدايَ ِتكَ األَعظَمِّ وسرِّ
كُلِّ سرِّ وسَنَاهُ مَنْ فَتَحتَ بِه خَزَائِنَ الرَّحمَةِ
والرحَمُوتِ ومَنَحتَ ِبظُهُورِ أَنوَا ِرهِ المُلكَ َّ
والمَلكُوتَ قُطبِ دائِرةَ الكَمَالِ ويَاقُوتَة تَاجِ
محَاسنِ الجَمَالِ عَينِ ال َمظَاهِر اإلِلَهِيَّةْ
ولَطيِفَةِ تَرَوحُنَاتِ الحَض َرةِ القُدسِيَّة َم َددِ
حدِ اآلحَادِ وسِرِّ األَمدَادِ وجُودِ الجُودِ َووَا ِ
30
ال ُوجُودِ واسِطةِ عِقدِ السُّلُوكِ وشَرفِ
األَمْالكِ والمُلُوكِ بَدرِ المَعَارِف فى سَموَاتِ
الدَّقائِقِ وشَ ْمسِ العَوارِفِ فى عُرُوشِ
طكَ األَق َومِ ظمِ وصِرَا ِ الحَقَا ِئقِ بَا ِبكَ األََع َ
وبَر ِقكَ الالَّ ِمعِ ونُو ِركَ السَّاطعِ ومَعنَاكَ
وسركَ
ِّ َّالذِى هُو ِبأُفقِ كُلِّ قَلبٍ سَلِيمٍ طَالعٌ،
َزهِ السَّارِى فى جُزئِيَّاتِ العاَلم وكُلِيَّاتِهِ المُن َّ
عُلوِيَّاتِهِ وسُفْلِيَّاتِهِ أللهُمَّ إِنَّا نَسأَُلكَ قَبُول
النوَالَ بِمَنْ السؤَالِ يَامَنْ لم يَزَلْ يُعِطى َّ ُّ
َصصْتَهُ فى األَزَلِ بِمَراتِبِ التَّكميِلِ بعدَ خ َّ
الكَمَالِ حَائِزِ الفَضيِلَة وصَاحِبِ الوَسِيلَة،
فَاتِحِ فَمَا عَرَفكَ مَنْ عَرَ َفكَ إِالَّ بِهِ ومَا َوصَلَ
مَنْ وصَلَ إِل ْيكَ إِالَّ مَن َّاتصَلَ بِسَببِهْ،
خَليِفَ ِتكَ بِمَحضِ الكَ َرمِ على سَائِرِ َمخْلُوقَا ِتكَ
ضكَ وسَموَا ِتكَ خَص ِيصِ س َِّيدِ أَهلِ أَر ِ
خصَا ِئصِ نَعمَا ِئكَ وفُيُوضَاتِ حَضرَ ِتكَ ِب َ
ظمِ مَنعُوتٍ أَقْسَمْتَ بِعَم ِرهِ فى آالَ ِئكَ أَع َ
كِتَا ِبكَ وفَضَّلتَهُ بِمَا فَصَّلتَ بِهِ مِنْ أَسرَارِ
31
ُوةِ
خِطا ِبكَ وفَتحتَ بِه أَقفَالَ أَبوَابِ سَا ِبقِ النُّب َّ
والجَاللَهْ ،وخَتَمْتَ بِه َدوْرَ َدوَائِرِ َمظَاهِرِ
الرِّسَالَة ورَفَعتَ ذِك َرهُ مَع ذِكِركَ وسَيَّدتَهُ
بِنِسَبةِ العُبُودِيَّةِ إليكَ َفخَضعَ ألَم ِركَ وشيَّدتَ
شكَ ال َمحُوطِ ِبحِيطَ ِتكَ الكُبْرَى بِهِ قَوا ِئمَ عَر ِ
ِعزهِ أَهلَ ومَنطَقتَهُ بِمِ ْنطَقَةِ العِزِّ فَمنطقَ ب ِّ
ألخْرَى وأَلبَستَهُ مِنْ سُرَادِقَاتِ الدُّنيَا وا ُ
جالَِلكَ أَشرَفَ حُلَّهْ وتَوَّجتَهُ بِتَاجِ الكَرامَةِ
وال َمحَبَّةِ والخُلَّه نَبِىِّ األَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ
والمَبعُوثِ ِبأَم ِركَ إِلى الخَلقِ أَجمَعِينَ بَحرِ
طمِ ِبأَموَاجِ األَسْرَارِ وَسَيفِ ضكَ المُتَال ِ فَي ِ
سمِ لحِزبِ الكُفرِ والبَغىِ عَز ِمكَ القَاهِرِ الحَا ِ
واإلِنكَارِ أَح َم ِدكَ ال َمحْمُودِ بِلسانِ التَّكرِيمِ
ِالرؤُفِ ب المُسَمَّى ب َّ َم ِدكَ الحَاشِرِ العَاقِ ِ ُمح َّ
ألوَلِ وأَتوَسَّلُ الرَّحيمِ أَسأَُلكَ بِهِ وبِاألَقْسَامِ ا ُ
سأَلَ أَنْ تُصلِّى إِل ْيكَ بكَ وأَنتَ ال ُمجِيبُ لِمَنْ َ
وتُسلِّم عَليه صَالةً تَلِيقُ ِبذَاتكَ وذَاتِهِ أل ََّنكَ
أَدرى بِمنزلَتِه وأَعَلمُ ِبصِفَاتِهِ عَدداً ال تُدرِكُهُ
32
الظُّنُونُ ،زيَادةً على مَا كَانَ ومَا يكُونُ يا
للشئِمنْ أَم ُرهُ بَينَ الكَافِ والنُّونِ ويَقُولُ َّ
َبيكَ ورسُوِلكَ وحَبيِبكَ ُحمدٍ ن ِّ
كُنْ فيكُونُ بم َّ
َبيكَ ورسُوِلكَ وخَلِيِلكَ ومُوسَى وإِبرَاهيمَ ن ِّ
ك وعِيسَى رسُوِلكَ َجي َ
َفيكَ ون ِّ رسُوِلكَ وص ِّ
حكَ بِتورَاةِ مُوسَى وإِنجيلِ وكَلِمتكَ ورُو ِ
صحُفِ إِبرَاهِيم عِيسَى وَزبوُرِ دَا ُودَ و ُ
ُحمدٍ عليه وعَليهمُ الصَّالةُ وقُرآنِ م َّ
والتَّسلِيمُ،وكلِّ وحىِ أَوحَيتهُ أَو َقضَاءٍ
قَضيتهُ أَو سَائِلٍ أَعطَيتهُ أَو فَقيرٍ أَغنَيتَهُ
َأوْغَ ِنىٍ أَقنيتَه أَو ضَعيفٍ قَوَّيتَهُ أَو ضَالٍ
َهدَيتَهُ أَنا سَائُِلكَ َفأَعطِنى،أَنَا فَقيرٌ َفأَغْنِنِى أَنَا
ضَعيِفٌ فَقَوِّنِى ،و ِبكَ إِليكَ مِ ْنكَ وَلدَيكَ
اهدنِى وعلى مَا شِئْتَ من عِل ِمكَ الغَيبىِّ
والشَّهَادِىِّ وحُك ِمكَ األَحدِىِّ الصَّمدِىِّ دُلَّنِى
ووَلِّنى.
()24
أَللهُمَّ ِبح َِّقكَ أَنتَ ال إِلهَ إِالَّ أَنتَ وبِاس ِمكَ
33
األَسْمَى َّالذِى ما دُعِيتَ بِهِ إِالَّ َأجَبْتَ
ج ِدكَ األَح ْمىَ َّالذِى اصطَفَيْتَ بِهِ مَنْ وبِ َم ِ
ك َقدِ ُحمدٍ َّالذِى لَهُ عَلَى كلِّ عِبَا ِد َ
أَ َردْتَ وبِم َّ
ل لَهُ اخْتَرتَ وكُلِّ نَبىٍّ لَهُ استَنْ َبأْتَ ورسُو ٍ
حكَ ال ْمحَفُوظِ أَرسَلتَ وكُلِّ كِتَابٍ له مِنْ لو ِ
كَتبتَ ،وكُلِّ وحْىِّ من عِل ِمكَ القَديمِ على
رسُِلكَ أَنزَلْتَ و ِبحَقِّ اللهُمَّ وعَظمَتِهَا لدَيكَ
حدِيَّ ِتكَ ورُبُوبِيَّتكَ عليكَ و ِبجَاللِ ُهوِيَّ ِتكَ وَأ َ
سعَ كُلَّ شئٍ رَحمةً وعِلماً وأَمَدَّ يَامَن وَ ِ
ال ُوجُودَ بِفَضلِهِ َوجُو ِدهِ حَنَانةً ورُحماً أَنتَ
الحَلِيمُ السَّتَّارُ العَفُوُّ الكَريمُ الغَفارُ َأجِرنِى
عذَابِ النَّارِ .ن خِزىِ الدُّنيَا واآلخِ َرةِ و َ مِ ْ
()25
أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ الشُّكرَ عَلى نَعمَا ِئكَ ومَزِيدِ
إِفضَاِلكَ والخِيرةَ فِيمَا َقضَيت والبرَكَةَ فِيمَا
ُحمدٍ rأَنْ أَعطَيتَ وتوَسُّلِى إِليكَ ِبجَاهِ م َّ
تُعَامِلَنِى بِلُط ِفكَ فِى أَقضيِ ِتكَ ونَعُوذُ بِاهللِ
ال َعظِيم من طُولِ الغَفلةْ واسْتِدرَاجِ المُهْلَة
34
ونَسْتَعِينُهُ ونَسأَلُهُ الهدَايَةِ ونَستَمِدُّ من تَوفِيقهِ
حُسنَ العِنَايَة فإِنَّهُ ولِىُّ ذِلكَ والقَادِرُ عليه
ُوةَ
ل والحولَ وال ق َّ وحَسبُنَا اهللُ ونِعمَ الوكي ُ
إِال بِاهللِ العَلىِّ العظيمِ.
()26
أَللهُمَّ إِنَّى أَسأَُلكَ بِميمَى الملكِ وحاءِ الرَّحمةِ
ودَالِ الدَّوامِ السَّيِّد الكامِلِ الفَاتِحِ الخَا ِت ِم أَنْ
تُصلِّى عَليهِ وعَلَى آلِهِ وأَزواجِهِ وأَصحَابِه
وعِتْرَتِهِ أَجمعيِنَ وأَن تُنَجِّيَنِى مِنْ كُلِّ مَا
أَخافُ وأَحذَرُ أهللُ أَكبرُ كَبِيراً والحمدُ هللِ
كثيراً وسُبحانَ اللِه بُك َر ًة وَأصِيالً أَللهُمَّ إِنِّى
َأسأَُلكَ باس ِمكَ الجَا ِمعِ ونُو ِركَ الالَّ ِمعِ ونَب ِِّيكَ
شعِ ياشَافِى يانَا ِفعُ ووليكَ الخَا ِ ِّ الشَّا ِفعِ
يامُعَافِى يَادا ِفعُ اد َفعْ عَنَّا السُّمَّ النَّا ِقعَ والدَّاءَ
طعَ إ َِّنكَ ُمجِيبٌ سَا ِمعٌ.القَا ِمعَ والوَبَاءَ القَا ِ
()27
نَسأَُلكَ اللهُمَّ َبأَسمَا ِئكَ الحُسنَى وصِفَا ِتكَ
ُحمدٍ نَب ِِّيكَ المُجتَبَى وحَبيِبِك العُليَا وم َّ
35
المُصطَفَى أَنْ تُطهِّرَ قُلُوبَنَا مِنْ كَبَائرِ كُفرِ
النَّفسِ والعُجبِ والرَّيَاءِ وحُبِّ الدُّنيَا والثَّناءِ
والرِّياسَة وتَعَاطىِ الكِبْر ،واكحَل َبصَر
سوَاكَ بَصيِرَتِنَا بإِثْمِدِ عِنَايَ ِتكَ حَتَّى النَرى ِ
شئٍ وال َنطْلُبَ مِ ْنكَ إِالَّ إِيَّاكَ إ َِّنكَ عَلى كُلِّ َ
َقدِيرٌ .
()28
َرةٍ فى ال ُوجُو ِد أَن ع َددَ كُلِّ ذ َّنَسأَُلكَ اللهُمَّ َ
تَغفِرَ لنَا ولِكُلِ المُسْلِمينَ يَاكَر ِيمُ يا َودُودُ
دَعَونَاكَ اللهُمَّ ِبصِدقِ الرَّجاءِ وال َي ْأسِ من
جميعِ ال َمخْلُوقَاتِ َفأَغثنَا يَارَبَّنا إِغاثَةَ
الملهُوفِينَ وَأجِبنَا اللهُمَّ ‘ِإجَابَة المُوقِنِينَ
ُرةَ
ِبحَقَّ من جَعَلتهُ نُقطَةَ دَائِ َرةِ ال ُوجُودِ َود َّ
بَحرِ الكَ َرمِ والجُودِ أللهُمَّ َفصَلِّ وسَلِّم عليهِ
وعَلَى آل ِه وصَحبِهِ أَجمعيِنَ.
()29
أَللّهُمَّ صَلِّ صَالةً كامِلةً وسَلِّم سالماً تَامًّا
عَلى نَبِىٍّ تَ ْنحَلُّ بِهِ العُ َقدُ وتَنفَرِجُ بِه الكُرَبُ
33
حوَائِجُ وتُنَالُ بِه الرَّغَائِبُ وتُقضَى بِهِ ال َ
وحُسنُ الخَوا ِتمِ ويُستَسْقَى الغَمَامُ ِبوَجهِهِ
الكَريِم وعَلى آلِهِ وصَحبهِ فِى كُلِّ لَمحَةٍ
ونَ َفسٍ بِعددِ كلِّ مَعلُومٍ َلكَ .
()31
يَاغياثَ المُستَغِثينَ ويامُجيبَ المُضطَرِّينَ
ويَاأَ ْرحَم الرَّاحِمينَ ويَاغَافِرَ ذُنُوبِ المُذنِبِينَ
ِبحُرمَةِ حبيِ ِبكَ المُصطَفَى ونَبِيِّك ال ُمجْتَبَى
عَلَيه مِن الصَّلواتِ أَزكَاهَا ومِنَ التَّحيَّاتِ
أَوفَاهَا و ِبحُرمةِ جَميعِ األَنْبيَاءِ والمُرسلِينَ
والمَالئِكةِ المُقرَّبينَ عليهم الصَّالةُ والسَّالمُ
أَجمعينَ وأَصحابِ حَبي ِبكَ السَّابِقينَ َّالذِينَ
رضِيتَ عن ُهمْ و ُهمْ عَنكَ راضُونَ والتَّابِعينَ
ل ُهمْ بإِحسانٍ ،عليهم الرَّحمةُ والغُفرَانُ
ارحَمْنَا فإِنَّا ُمذْنبُونَ وباآلثَامِ والخَطايَا
مُعتَرِفُونَ واغفِر لنَا ذُنُوبَنَا وكَفِّرْ عنَّا سيئِّاتنَا
وتوَفَّنا مَع األَبرارِ إ َِّنكَ أَنتَ الرَّحيمُ الغَفَّارُ .
()31
34
ُحمدٍ نَب ِّ
ِى أَللّهُمَّ إِنِّى أَتوجَّهُ إِليكَ بِنَب ِِّيكَ م َّ
الرَّحمةِ ياسيِّدنَا يَامُحمَّد إِنِّى أَتوجَّهُ ِبكَ إِلى
ر َِّبكَ ورَبِّى أَنْ يَرحَمنِى مِما بِى رحمةً
سوَاهُ .
يُغنِينِى بِهَا عن رَحمةِ من ِ
()32
أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ بِحقِّ جميعِ مَا قُلتَهُ لِنب ِِّيكَ
ُحمدٍ rأَنْ تَهبهُ جَميعَ ما ُيحِبُّهُ وأَن تَجعلنَا م َّ
ف عنَّا ياعَفُوُّ ياكَرِيمُ من جُملَةِ ما يُحبُّهُ واع ُ
بِحقِّ من آتَيتَهُ السَّ ْبعَ المثَا ِنىَ والقُرآنَ
العَظيمَ وقَرنْتَ اس َمكَ بِاسمهِ بأَعلَى مَقَامِ
ُحمدٍ رسُولُ اهللِ عليهِ بقَولِ الالِهَ إِال اهللُ م َّ
مِنكَ أَفضَلُ الصَّالةِ وأَتمُّ السَّالمِ .
()33
ُحمدٍ الفاتِحِ أَللّهُمَّ صلِّ وسلِّم على سيِّدنَا م َّ
الخا ِتمِ الرَّسُولِ الكَامِلِ الرَّحمةٍ الشَّامِلِ
وعلى آلِهِ وأَصحَابِه وأَحبابِه ع َددَ مَعلُوماتِ
اهللِ ِبدَوامِ اهللِ صَالةً تكُونُ َلكَ يَاربَّنَا رضَاءً
ولحِقه أَداءَ وأَسأَُلكَ بِه من الرَّفِيقِ َأحْسَنَهُ
38
ومنَ الطَّرِيقِ أَسهَلَهُ ومن العِلم أَنْفَعَهُ ومِنَ
العَملِ أَصَلحَهُ ومِنَ المكَانِ أَفسَحهُ ومِنَ
غ َدهُ ومِنَ الرِّزقِ أَطيبهُ وَأوْسَعهُ. العَيشِ أَر َ
()34
أَللهُمَّ إِنَّا نسأَُلكَ بِحب ِيكَ ال ُمصْطفىَ ورسُولكِ
المُقْتَفَى ِإخْالصًا فى األَعمَالِ وصدقاً فى
األَقوَالِ واألَحوَالِ ورضًا عمِيمًا وفَيضًا
جسيِمًا ،أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ بِالسِّرِّ المصُونِ
والدُّرِّ المكَنوُن ومَا أَحتوَتْ عَليهِ أَوائِلُ
السوَرِ مِنْ سِرِّ سِرٍ للِعقْلِ بَهرَ وأَسأَُلكَ ُّ
سمِ والن َِّّبىِظمِ والكَنزِ ال ُمطَلْ َ بِاالسمِ األَع َ
َدمِ من ال ِق َدمِ خ ِم المق َُّعظمِ والصَّفىِّ األَف َ
الم َّ
َقدمَ ،أَنْعلى مَنْ َتأَخَّرَ عنْ ظُهُورِ نُو ِرهِ أَو ت َّ
النصْرَ والظَّفرَ والتَّيسيِرَ األَوفَرَ . تَصحبنَا َّ
()35
حمَ الرَّاحِمينِ يَاربَّ العَالميِنَ صلِّ عَلى يَاأَر َ
ُرةِ عين عِبا ِدكَ الصَّالحِينَ وتَقبَّلنَا بجاهِهِ ق َّ
آمِين.
39
()36
ُحمدٍ نُو ِركَ الالَّ ِمعِ
أَللهُمَّ صلِّ عَلى مَوالنا م َّ
ِركَ الهَا ِمعِ الَّذى طرَّزْتَ بِجمَالِهِ ومَظهرِ س ِّ
األَكوَانَ وَزيَّنْتَ بِبَهْجةِ جاللهِ األَوانَ َّالذِى
فَتحْتَ ظُهورَ العَاَلمِ مِنْ نورِ حقيقَتِهِ وخَتمْتَ
صوَرُ الحُسنِ كَمالَهُ ِبأَسرَارِ نُبوَّتِه فَظهَرتْ ُ
من فَ ْيضِهِ فى َأحْسَنِ تَقويمِ ولوْال هُو ما
ن العَدمِ الرَّميمِ َّالذِى ظهَرَتْ ِلصُو َرةٍ عَينٌ مِ َ
مَااستَغاثكَ بِه جَائعٌ إِال شَبعَ وال ظَمآنٌ إِالَّ
َروِىَ والخَائِفٌ إِالأَمِنَ واللَهفَانٌ إِالأُغيثَ
وإِنِّى لهفَانٌ مُستَغِيثٌ أَسْتَ ْمطِرُ رَحم َتكَ
الوَاسِعَةَ من خَزائِنِ جُو ِدكَ َفأَغِثنى يَارَحمنُ
يَا مَن إِذا نَظرَ بِعَين حِلمهِ وعَفوهِ لم يَظهرْ
فى جَنبِ كِبريَاءِ حِلمهِ وعَظمةِ عَف ِوهِ
ذَنبٌ،اغفرْ لى وتُبْ علىَّ وتَجاوَز عَنِّى
يَاكرِيم
()37
ِسرهِ األَغلَى افْتَحْ لناأَللهُمَّ ِبجَاههِ األَعلى وب ِّ
40
بَابَ حَضرَاتِهِ واجعَلنا مِنْ أَهلِ شُهُودِ ذَاتِه
وقَرِّبنَا لَديهِ فى كُلِّ مَش َهدٍ وحَققنا بِهِ فِى كُلِّ
مَهِبطٍ ومَصعدٍ أَللهُمَّ أَسمِعنَا بِحقِّه لذِيذَ
عظِيمَ الجَنَابِ خطَابِ وأَبصِرْنَا بجَاهِهِ َ ال ِ
وأَدخِلنَا ِبجَاهِه إِلى صَدرِ المحْرِابِ أَللهُمَّ
ِبجَاهِهِ الكَرِيم عُمَّنَا مِنهُ بِفَيضٍ عَظيمٍ أَللهُمَّ
ِبجَاهِ هذَا النَّبِىِّ الكَرِيمِ والرَّسُولِ العَظيمِ
والحَبيِبِ ال َفخِيمِ نَسأَُلكَ ال ِهدَايةَ إِلى سَبِيِلكَ
وطرِي ِقكَ المُسْتَقِيمِ وشُهُودَ نُو ِرهِ الخَطَّافِ
سمُ اللهُمَّ بِهِببرقِهِ ألَفئ َدةِ أَهلِ االلطَافِ ونُق ِ
عليكَ ونَقِفُ بِجاهِهِ بين َيدَيكَ نَطلُبُ بِذِلكَ
ِسرهِ والموتَ االستْقَامَةَ على قَدمِهِ والفَوزَ ب ِّ
بحرَمِه .أَللهُمَّ بِجاهِهِ لديكَ أَقِمنَا بَين يَديْهِ
ويدَيكَ.
()38
ياأَهللُ بكَ تحصَّنتُ وبِعب ِدكَ ورسُوِلكَ سيِّدنَا
ُحمدٍ rاستَجرتُ أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ يارحمنُ م َّ
يارَحيمُ بِاسما ِئكَ ال ِعظَا ِم ومَالئِكَ ِتكَ الكِرَامِ
41
ورُسُِلكَ عَليهمْ أَفضلُ الصَّالةِ والسَّال ِم أَن
تَلمَحنِى بِلمحةِ أَهلِ بَدرٍ ولَ َمحَاتِ ِهمْ وتَن َفحَنِى
بِن َفحَاتِ ِهمْ بِحقِّ ِهمْ عليكَ يارَبِّ.
()39
(إِنَّ اهللَ ومَالئِكتَةُ يُصلُّونَ على الن َِّّبىِ ياأَيُّها
الَّذيِن آمنُوا صلُّوا عليه وسلِّمُوا تَسليمًا)
أَللهُمَّ صلِّ وسلِّم على منْ جَعلتَهُ سببًا
النشِقَاقِ أَسرَا ِركَ الجبرُوتِيَّة وانْ ِفالِق
أَنوَا ِركَ الرَّحمانِيَّة فصَا َر نَائِباً عن الحضْ َرةَِ
الرَّبَّانِيَّة وخَلِيفةَ أَسرَا ِركَ الذَّاتيَّة فَ ُهوَ يَاقُوتَّهُ
حدِيَّةِ ذَا ِتكَ الصَّمديَّة وعَينُ مَظهَرِ صفَا ِتكَ أَ
حجَاباً عنكَ وَسِرَّا األَزَليَّة فَ ِبكَ منكَ صَارَ ِ
حجِبْتَ بِه عَنْ كَثِيرٍ من مِنْ أَسرَارِ غيبكَ ُ
سمُ والبَحرُ الزَّاخِرُ خَل ِقكَ فَهُو الكنزُ ال ُمطَل َ
طمُ فَنسأَُلكَ أَللهُمَّ بِجاهِهِ لدَيكَ ال ُمطَ ْم َ
وبِكرَامَتِه عليك أَنْ تَعمُرَ َقوَالبنَا ِبأَفعالِهِ
وأَسماعَنَا بأَقوَالِهِ وقُلُوبنَا بِانوَا ِرهِ وأَرواحَنا
ِبأَسرا ِرهِ وأَشبَاحَنَا ِبأَحوَالِهِ وسَرائِرنَا
42
بِمُعَامَلتِهِ و َبوَاطنَنَا بِمُشَا َهدَتِهِ وأَبصارَنَا
خوَاتِم أَعمَالِنَا فى ِبأَنوَارِ ُمحَيَّا جَمالِهِ و َ
مَرضَاتِهِ .
()41
أَللهُمَّ اختِم لنَا ِبخَاتِمةِ السَّعادَة واجعلنَا مِنَ
ُحمدٍ
سيدِنَا م َّ
جاِه ِّ َّالذِينَ ل ُهمُ الحُسنَى وزِيَادَة ِب َ
rذِى الشَّفَاعةِ وآلِهِ وصَحبِهِ َذوِى السِّيادَة
ُحمدٍ وعَلى آلِهِ وصلَّى اهللُ علَىِّ سيدِنَا م َّ
وصَحبِه وسلَّم والحمدُ هللِ ربِّ العَالمَينَ .
باب
فى نقل حكايات وآثار وردت عن العلماء والصالحين
فى الفوائد التى حصلت لهم من االستغاثة بسيد
(*)
المرسلين صلى اهلل عليه وسلم
(*) لم ننقل هنا جميع الحكايات التى أوردها النبهانى ولكن اكتفينا
ببعضها ،وأضفنا قصة واحدة من خارج كتاب شواهد الحق وتمت
اإلشارة إلى ذلك فى الهامش.
43
الدين الحلبى فى كتابه (بغية األحالم) وغيرهم ،ونقلت
معظم ذلك فى كتابى (حجة اهلل على العالمين) ورتبته
على فصول:
الفصل األول فى ذكر من استغاث به rللمغفرة
ونحوها.
الفصل الثانى فى ذكر من استغاث به rمن األسرى
ونحوهم.
الفصل الثالث فى ذكر من استغاث به rللجوع
والعطش.
الفصل الرابع فى ذكر من استغاث به rللسقيا
وغيرها.
44
فى كتابه وقوله الحق {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم
جاءوك فاستغفروا اهلل واستغفر لهم الرسول لوجدوا
اهلل توابا رحيما} وقد أتيتك مقرا بالذنوب مستشفعا بك
إلى ربك وهو ما وعد ،ثم التفت إلى القبر فقال:
ت فى القاع أَعظُمُه ياخي َر من دُفِنَ ْ
عفطابَ من طِيبهِنَّ القَــا ُ
واألك ُم
النبى الذى تُرجَى شَفاعَتـُـه ُّ ت
أن َ
تط إذا ما زَلَّ ِ عندَ الصِّــرَا ِ
القَــدَمُ
ت سَاكِنُــــه
نَفسِـى الفِدا ُء لِقَب ٍر أن َ
فيه العفَـافُ وفيه الجُـو ُد
والكَــرمُ
وركب راحلته فما أشك إن شاء اهلل إال أنه راح
بالمغفرة ولم يسمع بأبلغ من هذا قط ،وروى محمد بن
عبد اهلل العتبى هذا الخبر وزاد فى آخره قال :فغلبتنى
عيناى فرأيت رسول اهلل rفى النوم فقال لى
ياعتبىالحق األعرابى وبشره أن اهلل قد غفر له.
***
وقال الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوى
المنذرى "بلغنى أن الفقيه أبا على الحسين بن عبد اهلل
بن رواحه بن إبراهيم بن عبد اهلل بن رواحة الحموى
كتب قصيدة يمدح بها النبى rويطلب أن تكون جائزته
45
الشهادة فى سبيل اهلل فقتل شهيدا .قال الحافظ أبو
القاسم بن عساكر :قتل شهيدًا بمرج عكا فى يوم
األربعاء فى شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة.
***
وذكر بعض شيوخ القيروان الثقات أن رجال عزم
على الحج من بلده ،فقال له بعض أصحابه :لى إليك
حاجة وأحب منك أن تعتنى لى بقضائها ،فقال له وما
ذاك؟ فقال أحب أن توصل هذه الرقعة إلى قبر النبى r
وتقرئه سالمى وتدفنها عند رأسه فذلك من أكبر
حوائجى عندك وال تفتحها والتنظر ما فيها .قال
الرجل ففعلت ،فلما وصلت إلى قبر النبى rسلمت
عليه وسألته فى حوائج تخصنى ،ثم فعلت ما سألنى
صاحب الرقعة ،فلما رجعت من الحج ووصلت إلى
البلد تلقانى صاحب الرقعة إلى ظاهر البلد وأقسم أن
الأنزل إال عنده ففعلت فأضافنى وأحسن ضيافتى
ووجه إلى أهلى كذلك ،ثم قال لى :جزاك اهلل خيرا لقد
بلغت الرسالة فعجبت من قوله ذلك وعلمه بتبليغ
الرسالة من قبل أن يسألنى ،وكان عند سفرى عهدت
عنده ولدا صغيرا فقلت من أين علمت أنى فعلت ما
ذكرت؟ قال اسمع قصتى وذلك أنه كان لى أخ توفى
وترك ولدا صغيرا فربيته وأحسنت تربيته ثم إنه مات
وهو صبى فلما كان ذات ليلة رأيت فى النوم كأن
القيامة قد قامت والحشر قد وقع والناس قد اشتد بهم
43
العطش من شدة الجهد ،فبينا أنا كذلك وإذا بابن أخى
وبيده ماء فسألته أن يسقينى ،فقال أبى أحق به منك
فعظم ذلك علىّ وانتهبت وأنا فزع لهول ما رأيت
ومحزون مما رأيت من ابن أخى ،فلما أصبحت
تصدقت بجملة دنانير وسألت اهلل تعالى أن يرزقنى
ولدا فرزقت ذلك الطفل الذى تركته عندى بعد هذا
السن واتفق سفرك كتبت فى الرقعة التى اصطحبتكها
أسأل النبى rأن يسأل اهلل تعالى أن يقبله منى رجاء أن
أجده يوم الفزع األكبر فلما كان يوم كذا وكذا حمّ فلما
كان الليل مات فعلمت أن الحاجة قد انقضت والرسالة
وصلت وكان اليوم الذى حمّ فيه الصبى وتوفى عشية
اليوم الذى كنت فيه عند قبر النبى صلى اهلل عليه
وسلم.
44
له فكان عثمان اليلتفت إليه وال ينظر فى حاجته فلقى
ابن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف ائت
الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم
قل :اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد rنبى
الرحمة :يامحمد إنى أتوجه بك إلى ربك فيقضى
حاجتى وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق
الرجل فصنع ما قال له ،ثم أتى باب عثمان بن عفان
فجاءه البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن
عفان فأجلسه معه على الطنفسة فقال :ما حاجتك؟
فذكر حاجته وقضاها له ،ثم قال له ما ذكرت حاجتك
حتى كان الساعة ،وقال ما كانت لك من حاجة
فاذكرها ،ثم إن الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن
جنيف فقال له جزاك اهلل خيرا ما كان ينظر فى
حاجتى وال يلتفت إلىّ حتى كلمته فىّ ،فقال عثمان بن
حنيف واهلل ما كلمته ،ولكن شهدت رسول rوأتاه
ضرير فشكا إليه ذهاب بصره ،فقال له النبى r
أوتصبر؟ فقال يارسول اهلل إنه ليس لى قائد وقد شق
علىّ فقال النبى rائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين
ثم ادع بهذه الدعوات قال ابن حنيف فواهلل ما تفرقنا
وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن
به ضر قط" .
***
48
قال اإلمام القسطالنى المتوفى سنة 923فى كتابه
(المواهب اللدنية) فى الفصل الثانى من المقصد
العاشر ما نصه :وأما التوسل به rبعد موته فى
البرزخ فهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصا،
(وفى كتاب مصباح الظالم فى المستغيثين بسيد األنام
للشيخ أبى عبد اهلل بن النعمان طرف من ذلك) ولقد
كان حصل لى داء أعيا دواؤه األطباء وأقمت به سنين
فاستغثت به rليلة الثامن والعشرين من جمادى األول
سنة ثالث وتسعين وثمانمائة بمكة زادها اهلل شرفا
وَمَّن على بالعود إليها بال محنة .فبينما أنا نائم إذ جاء
رجل معه قرطاس مكتوب فيه هذا دواء داء أحمد بن
القسطالنى من الحضرة الشريفة بعد اإلذن الشريف،
ثم استيقظت فلم أجد بى واهلل شيئا مما كنت أجده
وحصل الشفاء ببركة النبى . rووقع لى أيضا فى سنة
خمس وثمانين وثمانمائة فى طريق مكة بعد رجوعى
من الزيارة الشريفة لقصد مصر إذ صرعت خادمتنا
غزال الحبشية واستمر بها أياما فاستشفعت به rفى
ذلك فأتانى آت فى منامى ومعه الجنى الصارع لها،
فقال لقد أرسله لك النبى rفعاتبته وحلفته أن ال يعود
إليها ثم استيقظت وليس بها قلبة :أى داء كأنما نشطت
من عقال وال زالت فى عافية من ذلك حتى فارقتها
بمكة سنة أربع وتسعين وثمانمائة ،والحمد هلل رب
49
العالمين ،انتهت عبارة المواهب.
***
وقال أبو محمد عبد اهلل بن محمد األزدى الكحال
األندلسى ،وكان رجال صالحا :كان باألندلس رجل قد
أسر له ولد فخرج من بلده قاصدا إلى رسول اهلل rفى
أمر ولده فلقيه بعض معارفه ،فقال إلى أين عزمت؟
فقال له إلى رسول اهلل rأتشفع به فإن ولدى أسرته
الروم وقرر عليه ثالثمائة دينار وال قدرة لى عليها،
فقال له إن التشفع بالنبى rفى كل مكان نافع فلم يقبل
إال الوصول إلى النبى ، rفلما جاء المدنية تقدم إلى
النبى rوأخبره بحاجته وتوسل به ،فرأى النبى rفى
المنام وهو يقول :ارجع إلى بلدك فعاد إلى بلده فوجد
ولده قد خلصه اهلل تعالى فسأله عن حاله فقال :إنى فى
الليلة الفالنية خلصنى اهلل تعالى وجماعة كثيرة من
األسارى ،وإذا تلك الليلة هى ليلة وصول والده إلى
رسول اهلل .r
***
وقال إبراهيم بن مرزوق البيانى :أسر رجل من
جزيرة شقر وثقف بالحديد وشد على صدره العصى،
فكان يستغيث ويقول يارسول اهلل ،فقال له كبير العدو
قل له ينقذك .فقال فلما كان الليل هزة شخص وقال له
أذن فقال له ما ترى ما أنا فيه فأذن حتى بلغ إلى قوله
80
أشهد أن محمد رسول اهلل ،فزال ما كان على صدره
من الحديد والعصى وظهر بين يديه بستان فمشى فيه
فانفتح له موضع فدخل منه إلى جزيرة شقر واشتهر
أمره ببلده.
***
وقال ابن محمد بن المنكدر :إن رجال من أهل اليمن
أودع أباه ثمانين دينارا وخرج الرجل يريد الجهاد
وقال له إن احتجت إليها فأنفقها إلى أن آتى ان شاء
اهلل ،قال :وخرج الرجل وأصاب أهل المدنية سنة
وجهد قال فأخرجها أبى فقسمها قال :فلم يلبث الرجل
أن قدم فطلب ماله فقال له أبى عد إلىّ غدا قال وبات
فى المسجد متلوذا بقبر النبى rمرة وبمنبره مرة حتى
كاد يصبح فإذا شخص فى السواد يقول له دونكها
يامحمد قال فمد يديه فإذا صرة فيها ثمانون دينارا ،قال
وغدا عليه الرجل فدفعها إليه.
***
وقال أبو القاسم عبيد اهلل بن منصور المقرى كان
أبى يقترض منى طول األسبوع فتحصل عليه المائة
واألكثر ،فأطالبه فيحلف باهلل إنه يوم السبت يقضى،
ففعل ذلك دفعات فسألته من أين لك فبكى وقال يابنى
أجمع ختماتى وأختمها ليلة الجمعة وأجعل ثوابها
لرسول اهلل rوأقول يارسول اهلل دينى فيجيئنى من
حيث الأحتسب ما أقضى به دينى.
81
***
وقال أبو موسى :بلغنى أن شيخنا أبا الغيث ربيعا
الماردينى يقرأ القرآن فى المصحف من غير تعلم
سبق منه للكتابة ،وكنت أنكر ذلك ،فلما دخلت عليه
بمكة وجدته وهو يقرأ القرآن فى المصحف قراءة
مجوّدة ،فسألته عن سبب ذلك ،قال :كنت فى مدينة
النبى rأبيت فى المسجد وأخلو به rفتشفعت إلى اهلل
سبحانه وتعالى بالنبى rأن يسهل على القرآن
بالمصحف قال :وجلست فأخذتنى سنة فرأيت النبى r
وهو يقول :قد أجاب اهلل دعاءك ،فافتح واقرأ القرآن
قال :فلما أصبح الصباح فتحت المصحف وشرعت
فى القراءة فكنت أقرأ فى المصحف فربما تتصحف
علىّ اآلية فأنام فأرى من يقول لى :اآلية التى تصحفت
عليك كذا وكذا.
***
وأخبر الشيخ أبو إبراهيم ورّاد ـ وكراماته
مستفيضة بالمغرب ـ أنه حج مع رفقة ،فلما وصلوا
إلى مكة وقضوا حجهم وزاروا سافر أصحابه وتركوه
لقلة مابيده فأتى إلى النبى rواستغاث به وقال:
يارسول اهلل ،أما ترى أصحابى سافروا وتركونى،
قال :فرأى النبى ،rفقال له :اذهب إلى مكة فإذا أتيت
إلى زمزم تجد عليها رجال يسقى الناس فقل له إن
82
رسول اهلل rيقول لك احملنى إلى أهلى ،قال :فجئت
إلى مكة فأتيت زمزم فلما رآنى قال لى قبل أن اسأله:
ترفق علىّ حتى يفرغ الناس ،فلما فرغ ودخل الليل
قال ودّع البيت واخرج بنا إلى أعلى مكة ففعلت
وخرجت معه أتتبع أثره فلما كان عند الصباح إذا أنا
بواد فيه أشجار ومياه ،فقلت ما أشبه هذا بوادى
شفشاوة فلما اتضح تحققت فإذا هو وادى شفشاوة
فجئت إلى أهلى وأخبرتهم الخبر فعجبوا من ذلك
وعجب الناس فسألونى عن الرفقة فأخبرتهم أنهم
تركونى عند النبى rفمنهم المصدق ومنهم المكذب
فبعد عدة أشهر وصل رفقائى فأخبروهم الخبر.
***
وقال أبو العباس أحمد بن محمد اللواتى :كانت
عندنا بمدينة فاس امرأة فكانت إذا أصابها مرض أو
رأت شيئا يفزعها جعلت يديها على وجهها وسدت
عينيها وقالت:محمد ،فلما توفيت قال لى قريب لها
رأيتها فى النوم ،فقلت ياعمة رأيت الملكين الفتانين؟
فقالت نعم جاآنى ،فعندما رأيتهما جعلت يدى على
وجهى وقلت :محمد ،فلما نزعت يدى عن وجهى لم
أرهما.
***
وقال أبو عبد اهلل سالم عرف بخواجه :رأيت فى
المنام كأنى فى بحر النيل وأنا بجزيرة ،فإذا بتمساح
83
أراد أن يقفز علىّ فخفت منه ،فإذا بشخص وقع لى أنه
النبى، rفقال لى إذا كنت فى شدة فقل :أنا مستجير بك
يارسول اهلل ،فأراد بعض اإلخوان السفر لزيارة النبى
rوكان ضريرا فحكيت له الرؤيا ،وقلت له إذا كنت
فى شدة ،فقل :أنا مستجير بك يارسول اهلل ،فسافر فى
تلك األيام فجاء إلى رابغ وكان الماء به قليالوكان له
خادم فراح فى طلب الماء ،قال لى فبقيت القربة فى
يدى وأنا فى شدة من طلب الماء ،فتذكرت ما قلت لى
وقلت :أنا مستجير بك يارسول اهلل ،فبينما أنا كذلك إذ
سمعت صوت رجل ،وهو يقول لى :زم قربتك
وسمعت خرير الماء فى القربة إلى ان امتألت ،وال
أعلم من أين أتى الرجل.
***
وقال أبو عبد اهلل محمد بن سالم السجلماسى :لما
قصدت زيارة النبى rورحت على طريق المشاة،
فكان إذا لحقنى ضعف قلت أنا فى ضيافتك يارسول
اهلل فيزول عنى ما أجده من الضعف.
***
وقال أبو العباس الميرلى رحمه اهلل :ركبت فى
البحر فهاج علينا وأشرفنا على الغرق .فسمعت قائال
يقول :يا أعداء يا أوالد األعداء ما جاء بكم إلى ههنا؟
فمددت يدى وقلت اللهم بحرمة نبيك المصطفى عندك
84
إال ما أنقذتنى وسلمتنى ،قال فلم أستتم الدعاء إال وقد
شاهدت المالئكة حفت بالمركب وبشرتنى بالسالمة،
فقلت ألصحابى مبشرا لهم :فى غداة غد تدخلون إلى
المرسى سالمين إن شاء اهلل .
***
قال صالح بن شوشا البلنسى :كنا بالمركب فاتبعنا
مسطح للعدو وأشرف علينا وأراد أن ينطح المركب.
فقلت يامحمد نحن فى ضيافتك اليوم فسمعنا هدة فى
المسطح ،فإذا صارى المسطح قد انكسر وسقط قالعه
وشغلوا بأنفسهم فدخلنا تونس سالمين ببركة النبى .r
***
وقال على بن مصطفى العسقالنى أبو الحسن:
ركبنا فى إباحة بحر عيذاب نطلب جدة فهاج علينا
البحر ورمينا ما معنا فى البحر وأشرفنا على التلف،
فجعلنا نستغيث بالنبى rونحن نقول يامحمداه
يامحمداه ،وكان معنا رجل مغربى صالح .فقال ارفعّوا
ياحجاج أنتم سالمون ،الساعة رأيت النبى rفى المنام.
فقلت :يارسول اهلل ،أمتك أمتك يستغيثون بك ،قال:
فالتفت إلى أبى بكر وقال ياأبا بكر انجده ،قال فإن
عينى ترينى أبا بكر وقد خاض البحر وأدخل يده فى
مقدم الجلبة ولم يزل يجذبها حتى دخل بها البر
فيسمعكم تستغيثون فأنتم سالمون فسلمنا ،فبعد هذا لم
85
نر إال خيرا ودخلنا البر سالمين.
***
وقال أبو عبد اهلل محمد بن على الخزرجى :كنت
بجرجر فدخلت البحر فلطمتنى موجة فأشرفت على
الغرق .فقلت :يارسول اهلل مستغيثا بالنبى rفألقى اهلل
إلىّ عودا فأمسكت به وطلعت ونجانى اهلل باستغاثتى
بالنبى . r
***
وقال أبو محمد عبد الحق اإلشبيلى :نزلت برجل
رجل من أهل غرناطة علة عجز عنها األطباء وآيسوه
من برئها ،فكتب عنه الوزير األديب أبو عبد اهلل محمد
ابن أبى الخصال كتابا إلى النبى rيسأله فيه الشفاء
لدائه والبرء مما نزل به ،وضمن الكتاب شعرا وهو:
83
تحية صدق تفعم الــركب
بالعــرف
فيا خــاتم الـــرسل الشفيــع لربـــه
دعاء مهيض خاشع القلب
والطـرف
دعاك لضر اعجــز النــاس كشفــه
ليصدر داعيه بما شــاء من
كشــف
لرجل رمى فيها الزمــان فقـصـرت
خطاها عن الصف المقدم فى
الزحف
وإنى ألرجــو أن تعـــود ســويــة
بقـدرة من يحيى العظـام ومن
يشفـى
فأنت الــذى نرجوه حيــا وميتــا
لصرف خطوب التزيغ إلى
صـــرف
عليك ســـالم اهلل عـــدة خلقـــه
ومــا تقتضيه من مزيــد ومن
ضعـف
قال فما هو إال أن وصل الركب إلى قبر النبى r
وقرئ الشعر هناك حتى برأ الرجل ،فلما قدم الذى
استودعه إياه وجده كأنه لم يصبه ضر قط.
84
وقال الشيخ عبد اهلل محمد بن محمود التجيبى:
كانت الحمى تعتادنى فلما كان يوم النوبة أخذتنى
فأخذت كتاب (الشفا فى شرف المصطفى) وجعلته
على صدرى وعلى كتفى وقلت :تحسبت بك يارسول
اهلل ،قال :فزال وجعها فى الحين بعد ما كنت مستلقيا.
***
3ـ فى ذكر من استغاث بالنبى r
للجــوع والعطش
وقال اإلمام أبو بكر بن المقرى :كنت أنا والطبرانى
وأبو الشيخ فى حرم رسول اهلل rوكنا على حالة وأثر
فينا الجوع وواصلنا ذلك اليوم ،فلما كان وقت العشاء
حضرت قبر النبى rفقلت :يارسول اهلل :الجوع
الجوع وانصرفت ،فقال لى أبو القاسم اجلس ،فإما أن
يكون الرزق أو الموت .قال أبو بكر فنمت أنا وأبو
الشيخ والطبرانى جالس ينظر فى شئ ،فحضر بالباب
علوى فدق ففتحنا له ،فإذا معه غالمان مع كل واحد
منهما زنبيل فيه شئ كثير فجلسنا وأكلنا وظننا أن
الباقى يأخذه الغالم فولى وترك عندنا الباقى ،فلما
فرغنا من الطعام قال العلوى :ياقوم أشكوتم إلى
رسول اهلل r؟ فإنى رأيت رسول اهلل rفى المنام
فأمرنى أن أحمل بشئ إليكم.
***
88
وقال أبو الخير األقطع :دخلت مدينة رسول اهلل r
وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقا ،فتقدمت إلى
القبر وسلمت على النبى rوعلى أبى بكر وعمر وقلت
أنا ضيفك يارسول اهلل وتنحيت ونمت خلف المنبر
فرأيت فى المنام النبى rوأبو بكر عن يمينه ،وعمر
عن شماله ،وعلىّابن أبى طالب بين يديه ،فحركنى
علىّ وقال قم قد جاء رسول اهلل rقال :فقمت إليه
وقبلته بين عينيه ،فدفع rإلىّ رغيفا فأكلت نصفه
وانتبهت فإذا فى يدى نصف رغيف.
89
قحطاً شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت انظروا قبر النبى
rفاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى اليكون بينه وبين
السماء سقف ،ففعلوا فمطروا مطرا حتى نبت العشب
وسمنت اإلبل حتى تفتقت من الشحم.
***
وثبت فى الصحيح"أن عمر رضى اهلل عنه كان
يستسقى بالعباس لكونه عم النبى rفيسقى" وفى رواية
الزبير بن بكار "أن العباس رضى اهلل عنه قال فى
دعائه :وقد توجه بى القوم إليك لمكانى من نبيك r
فاسقنا الغيث فأرخت السماء مثل الحبال حتى أخصبت
األرض" وقال الشيخ العارف عتيق :كنا فى ركب
الحج فأدرك الناس عطش شديد وقل ماؤهم فلجأ
جماعة من أهل الركب إلى الشيخ إبى النجا سالم بن
علىّ فاعتزل عنهم ودعا اهلل عز وجل وتشفع إليه
بالنبى rفأرسل اهلل عليهم المطر حتى عم الركب
بأجمعهم.
***
ومن لطيف ما نقله الشهاب المقرى فى (نفح
الطيب) عن أديب األندلس أبى بحر صفو ابن إدريس
أنه رحل إلى مراكش فى جهاز بنت له بلغت التزويج،
وقصد دار الخالفة مادحا فما تيسر له شئ من أمله،
ففكر فى خيبة قصده ،وقال لو كنت أملت اهلل سبحانه
90
وتعالى ومدحت نبيه rوآل بيته الطاهرين لبلغت أملى
بمحمود عملى ،ثم استغفر اهلل تعالى من اعتماده فى
توجهه األول ،وعلم أن ليس على غير الثانى معول،
فلم يكن إال أن صوب نحو هذا المقصد سهما وأمضى
فيه عزما وإذا به قد وجه إليه فأدخل على الخليفة
فسأل عن مقصده فأخبره مفصحا به فأنقذه زاده عليه
وأخبره أن ذلك لرؤياه رسول اهلل rفى النوم يأمره
بقضاء حاجته فانفصل موفى األغراض واستمر فى
مدح أهل البيت حتى اشتهر بذلك .
***
قال أبو القاسم بن تمام (*):مضينا إلى قصر الطوب
فى عشرة أنفس إلى أبى يونس فقلنا له :اكتب لنا كتابا
إلى أم األمير فإن زيادة اهلل األمير أحذ مائتى رجل من
أهل العلم والقرآن فأرسلهم إلى العسكر رماة(* * ).فقال
أبو يونس:ما نعرف األمير والأمه إنما نعرف اهلل عز
(* ) وقعت على هذه القصة أثناء مطالعتى فى كتاب رياض النفوس فى
طبقات علماء القيروان وأفريقيا تأليف إبى بكر عبد اهلل بن محمد المالكى
طبع دار الغرب االسالمى ببيروت الجزء الثانى ص 124وهى ليست
فى شواهد الحق .والهوامش التالية من وضع محقق الكتاب األستاذ بشير
البكوش.
(* * ) لعل هذا يشير إلى ما رواه ابن عذارى فى حوادث سنة:291ورفع
زيارة اهلل فقهاء أفريقيا إلى مدينة تونس مستظهرا بهم على أبى عبد اهلل
الشيعى( البيان المغرب.)1:134
91
وجل ورسوله .rالليلة نسأل اهلل فيهم ويطلقون إن
شاء اهلل تعالى،وكانت ليلة جمعه ،فلما كان الليل قام
أبو يونس فقال:يأحمد يامحمد ياأبا القاسم ياخاتم النبيين
ياسيد المرسلين يامن جعله اهلل رحمة للعالمين،قوم
أمتك أتونى يسألوننى فى قوم صالحين أن يطلقوا فقد
سألتك فاسأل اهلل فيهم .فلما صلى حزبه ورقد م ّر به
النبى rفى المنام ،فقال له :يأبا يونس قد سألت اهلل
تعالى فيهم وغدًا يطلقون إن شاء اهلل تعالى.
قال ابن تمام :فلما أصبحنا قلنا له:ياسيد ما كان من
الحاجة؟ فقال :قد سألت النبى rفيهم فقال لى:غدًا
يطلقون إن شاء اهلل عز وجل ،فلما كان يو مالجمعة
دخلوا على زيارة اهلل بن األغلب صاحب الجيش
فسلموا عليه فرد عليهم السالم ورحب بهم وقال
لهم:يأهل العلم والقرآن لعنة اهلل على ابن
الصائغ(*)الذى وجهكم إلىّ ،قد تركتم كرامة هلل عز
وجل وللنبى عليه أفضل الصالة والسالم.
***
يقول جامعه الفقير يوسف النبهانى عفا اهلل عنه:
ولو جمع ماوقع من ذلك فى كل عصر لبلغ مجلدات
(* ) هو عبد اهلل بن الصائغ المعروف بصاحب البريد مدبر دولة زيادة
اهلل الثالث ومتولى أمره،قتله زيادة اهلل سنة(293الحلة
السيراء.1:189البيان المغرب)133"1
92
كثيرة ،وقد وقع لى من ذلك وهلل الحمد ما جاء مثل فلق
الصبح ،فمن ذلك أنى فى سنة 1314افترى على
رجل اليخاف اهلل تعالى ما أمر السلطان بعزلى بسببه
ونقلى من بيروت إلى بالد بعيدة فلما بلغنى ذلك
أزعجنى وكان يوم خميس ،فاستغفرت اهلل فى ليلة
الجمعة ألف مرة بصيغة :استغفر اهلل العظيم ،وصليت
على النبى rبصيغة :اللهم صلّ على سيدنا محمد
وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتى أدركنى
يارسول اهلل ثالثمائة وخمسين مرة وغلبنى النوم ،ثم
انتبهت فى آخر الليل ،فصليت بهذه الصيغة ألف مرة
واستغثت بالنبى rإلى اهلل تعالى أن يفرج ذلك الكرب
عنى ،ففى مساء ذلك اليوم الجمعة جاء الخبر
بالتلغراف من القطسنطينية بأمر السلطان بإبقائى فى
وظيفتى رياسة محكمة الحقوق فى بيروت نصره اهلل
تعالى وخذل المفترى وعامله بما يستحق ،والذى
يحقق أن وقوع هذا األمر إنما هو ببركة النبى r
واالستغاثة إلى اهلل تعالى به والصالة عليه rأن العادة
جارية بأنه إذا صدر أمر السلطان فى مثل ذلك
اليرجع عنه بوقت قريب كما حصل هذه المرة ،ولذلك
تحققت أنا وكل من عرف قصتى وخدمتى للنبى rمن
المسلمين أن تفريج هذا الكرب لم يحصل إال ببركته r
،والحمد هلل رب العالمين.
93
باب
فيما ورد من النظم فى استغاثات (الصحابة)
والعلماء والفضالء به . r
من قرأها أو بعضها بنية قضاء حاجته يرجى له
(*)
حصول المقصود ببركة االستغاثة به r
94
طالـــب رضى اهلل عنه علـــى بن أبــى
قال مستغيثا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :
إلهــى بحــقِّ الـهـاشمـىِّ وآلِـــه وحُـرم ِة ابراهيَم
خِلِّك..أضْــرَعُ
كإل ِهىَ فانشُرنى علىَ دينِ أحَمد تَقِيــَّ ًا نقِيَّـاً قَانِتــاً ل َ
أخْشَــــعُ
شَفــاعَتهُ الكُبرى وال تحـرِمَنِّـى ياإلهـى وسيـدى
ك المُشفَّــعُفذا َ
ونـاجَـاك أخيـا ٌر وصل عليه ما دعـاك مـوحِّـدٌ
ك رُكَّـــعُبِبابـ َ
[ديوان االمام على بن أبى طالب كرم اهلل وجهه ـ تحقيق د.محمد عبد
المنعم خفاجى ـ نشر دار ابن زيدون ـ بيروت ص ]99
وقال أيض ًا :
يـدِقُّ خفَـاهُ عن فهــم ف خَفـــىٍ
وكَـْم هللِ من لُطْــ ٍ
الـذَّكىِّ
95
ب
فـفرَّج كـُربة القلـ ِ وكَمْ يسرٍ أتى من بعد عُسـْر
الشَّجـِـىِّ
ك المسـَّـر ُة وتَــأتيــ َ وكَمْ أمــرٍ تُسَـاءُ بـه صباحَـا
بالـعـشـــِىِّ
فَثِــقْ بالواحِــدِ الفَــرْ ِد إذا ضَاقَتْ بِكَ األحْوَالُ يوما
العَـلِـىِّ
يُغَــاثُ إذا تــوسَّــل تَوسـَّـلْ بالنبــى فكُـلُّ عبـــدٍ
بــالنبـــىِّ
ففكَـْـم هلل من لُطــ ٍ وال تجزع إذا ما نـاب خطب
(*)
خَفـِـىِّ
[ديوان اإلمام على]
حســـــان بـن ثــابــــت
رضى اهلل عنه
ومالَذ مُنتجِعٍ وجَـار يارُكْنَ معتَمدٍ وعِصْمَـة الئـذٍ
مُجَــاوِرِ
َّكى
فَحباهُ بالخُلُقِ الـز ِّ يامَــنْ تَخيـَّرهُ اإللــهُ لِخَـلْقـِه
الطَّاهِــرِ
مددٌ لنص ِركَ مِـْن أنتَ النبىُّ وخَـيرُ عُصْبــةِ آدَمِ
(* ) قال أبو العباس الشرجى الزبيدى فى فوائد هذه االستغاثة إن لها
فضال عظيما وإن كثيراً من الناس وقع فى أمر عظيم ضاق به ذرعه
وعدم الحيلة فيه ،فلما توسل بهذه األبيات فرج اهلل عنه (شواهد الحق
للنبهانى ص)405
93
(*)
عزي ٍز قَادِرِ
[مفاهيم يجب أن تصحح للسيد محمد علوى المالكى ]90
(* )جاء فى االستيعاب فى ترجمة جناب الكلبى رضى اهلل عنه قال:روى
عن النبى عليه الصالة والسالم أنه سمعه يقول لرجل ربعة أى بين
الطويل والقصير ـ ":إن جبريل عن يمينى وميكائيل عن يسارى
والمالئكة قد أظلت عسكرى فخذ فى بعض هناتك ـ أى كلماتك أو
أراجيزك ـ فأطرق الرجل شيئا ثم طفق يقول :وذكر األبيات .قال :فقلت
من هذا الشاعر؟ فقيل حسان بن ثابت .فرأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه
وسلم يدعو له ويقول له حيراً.
(االستيعاب البن عبد البر مع اإلصابة البن حجر الجزء األول ص
)234
94
ومن هذا ؟ هذا سواد بن قارب الذى أتاه رَئِيُّه ـ أى
تابعه من الجن ـ بظهور رسول اهلل . r
قال فأرسل إليه فقال له:أنت سواد بن قارب؟ قال نعم،
قال:فأنت على ماكنت عليه من كهانتك؟ قال :فغضب
وقال :ما استقبلنى بهذا أحد منذ أسلمت ياأمير
المؤمنين .فقال عمر ياسبحان اهلل ،ما كنا عليه من
الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك ،فأخبرنى ما
أنبأك رئيك بظهور رسول اهلل .rقال:نعم ياأمير
المؤمنين،بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتانى
رئيى فضربنى برجله وقال :قم ياسواد بن قارب
واسمع مقالتى واعقل إن كنت تعقل،إنه قد بعث رسول
من لؤى بن غالب يدعو إلى اهلل وإلى عبادته ثم أنشأ
يقول (شعراً) . . .
قال :قلت :دعنى أنام فإنى أمسيت ناعسا .قال :فلما
كانت الليلة الثانية أتانى فضربنى برجله وقال :قم
ياسواد بن قارب (وكرر مقالته وأنشد شعرًا)
قال :قلت :دعنى أنام فإنى أمسيت ناعساً ،فلما كانت
الليلة الثالثة أتانى فضربى برجله وقال(:وكرر مقالته
ثم أنشد شعراً) قال :فقمت وقلت :قد امتحن اهلل قلبى.
فرحّلت ناقتى ثم اتيت المدينة ـ يعنى مكة ـ فإذا رسول
اهلل rفى أصحابه ،فدنوت فقلت :اسمع مقالتى يارسول
اهلل .قال":هات" فأنشأت أقول.. :
98
وفى رواية :فوقع فى نفسى حب اإلسالم ،ورغبت
فيه ،فلما أصبحت شددت على راحلتى ،فانطلقت
متوجها إلى مكة ،فلما كنت ببعض الطريق أُخبرت ان
النبى rقد هاجر إلى المدينة ،فأتيت المدينة ،فسألت
عن النبى ،rفقيل لى:فى المسجد ،فعقلت ناقتى
ودخلت وإذا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم والناس
حوله ،فقلت :اسمع مقالتى يارسول اهلل ،فقال أبو بكر
رضى اهلل عنه:ادْنُه ،فلم يزل حتى صرت بين يديه،
قال":هات فأخبرنى بإتيانك رئيك".
فأنشأت أقول:
ت
ولم يكُ فيما قد بلو ُ أتانى رَئِيىِّ بعـد هَـْدءٍ ورَقْدَةٍ
بِكَـاذِبِ
ُؤى
ك رسُولٌ من لـ ِّ
أتا َ ثـَـالثَ ليـالٍ قَــولُهُ كُـلَّ ليلـةٍ
بن غَالِبِ
ت
ل اإلا ِر ووَسَّطَ ْ
ت مِنْ ذَي ِ
فَشَمَّر ُ
الوجَنا ُء الذعلبُ بى
(*)
غيرالسَباسِبِ
99
هلل الرِبَّ(**)غَــيـَر ُه
فأشْهَـــدُ أن ا َ
ُل
وأنـَّـكَ مــأمُــونٌ على ك ِّ
غَــائِـــبِ
ن وَسِيــلــ ًة
ك أدنَى المُــرسَلي َوأن َ
نهلل ياابَن االكَرمِي َ إلى ا ِ
األطَـــايِــبِ
ك ياخَيْ َر مــن مَشَى فَمُرْنَا بما يأتي َ
بن فيَما جَاءَ شَيْ ُ وإنْ كا َ
الذَّوائــِبِ
ن لى شَفِيع ًا يو َم ال ذو شَفاعَةٍ وكُ ْ
نن عن سَـوادِ ب ِ سِوَاكَ بِمُغْــ ٍ
قــَارِبِ
قال:ففرح رسول اهلل rوأصحابه بمقالتى فرحاً شديدًا
حتى رئى الفرح فى وجهوهم .قال :فوثب إليه عمر بن
الخطاب رضى اهلل عنه فالتزمه وقال :قد كنت أشتهى
أن أسمع هذا الحديث منك ،فهل يأتيك رئيك اليوم؟
قال :أما منذ قرأت القرآن فال.وفى رواية قال :فذكر
القصة وقال بعد إنشاد الشعر األخير :فضحك رسول
اهلل rحتى بدت نواجذه وقال" :أفلحت ياسواد"
(أنظر حياة الصحابة 538/3طبعة دار العلم بدمشق)
100
وقــــال أعـــرابــــى
أمام رسول اهلل : r
وأينَ فرارُ الناسِ إال وليــسَ لنـا إال إليـكَ فِـرارنَـا
إلى الرُسَـلِ
[دالئل النبوة للبيهقى141/3ـ روى الحديث بطوله]
وتمام الخبر كاآلتى:
أورد السيد محمد علوى المالكى فى الدخائر المحمدية
الحديث بكامله نقالً عن أعالم النبوة للماوردى .قال:
عن أنس بن مالك قال :أتى أعرابى إلى رسول اهلل r
فقال :يارسول اهلل ،لقد أتيناك وما لنا بعير يئط وال
صبى يـغـطّ،ثم أنشد :
ى
أتَيْناكَ والعَـذْراءُ يُدمِى لُبَانُهــا وقدشَغَلتْ أمَّ الصَّب ِ
عن الط ْفلِ
وألقَى بِكفَّيهِ الصَّبىُّ استكانَــةً من الجَوعِ ضَعْفاً مَا
ن واليجلىِ يم ّ
س إالن فِرا ُر النا ِ
ك فِـرَارنـا وأيـ َ
س لـنا إال إليـ َوليــ َ
إلى الرُسُـلِ
فقام رسول اهلل rيجر رداءه حتى صعد المنبر،
فحمد اهلل تعالى وأثنى عليه ،ثم قال":اللهم اسقنا غيثا
سحاً طبقاً غير رائث تنبت به الزرع وتمأل به الضرع
وتحى به اآلرض بعد موتها "...فما استتم الدعاء حتى
101
التفت السماء بأروقتها .فجاء أهل البطانة يضجون:
يارسول اهلل الغرق ،فقال":حوالينا والعلينا" فانجاب
السحاب عن المدينة كاالكليل .فضحك رسول اهلل r
حتى بدت نواجذه وقال":هلل در أبى طالب لو كان حيا
لقرت عيناه ،من الذى ينشدنا شعره؟ فقال على بن أبى
طالب كرم اهلل وجهه :يارسول اهلل كأنك أردت قوله:
ثَمالُ اليتَامَى وأبيضُ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوجْهِ ِه
عِصْمَ ٌة لألرامِـلِ
يَعُوذُ به الهُالَّكُ من آل هـَـاشـِم فهُمْ عنَده فى نَعْمَـ ٍة
ضلِوفَوا ِ
كذَبْتُم وبيتِ اهللِ نَبْزِى مُحمداً ولمَّـا نُقــاتِـلْ دُونَــ ُه
ونُنَاضِــل
ونُسْلِمُه حتى نُصــرَّعُ حَولـــهُ وَنذْهَل عن أبنَائنــا
والحَالئـِـلِ
وقام رجل من كنانة وأنشد:
النـبى
ِّ لكَ الحمدُ والحمـدُ مِمَّن شَكَــرْ سُقِينــا بِوجْـه
المَطَـــرْ
ص مَعْهَـا إلي ِه
دعَــــا اهللَ خـَـالِقَــهُ دعْـــــوةً وأشْخَـ َ
البَصَــرْ
وأسْـ َرعُ حتى رَأينا فلَــمْ يـَـكُ إال كَـلَفِّ الــِّردَاءِ
الـــــدُّرَرْ
هلل عـَلْـيَـا
ث بـِـه ا ُأغا َ رِقَــاقُ العَــواِلىَ جُـمُّ البعَــاقِ
مُضــَرْ
102
ض
ب :أبي ٌ
أبــو طَال ٍ وكَـــان كمـا قـَـالـــهُ عَمُّــهُ
ذو غُـرَرْ
ك
وهــذا العَيانُ كَـذَا َ بِه اهلل يَسْ ِقىَ صَـوْبِ الغَمَـامِ
الخَــــبَرْ
فقال رسول اهلل":rإن يك شاعر يحسن فقد أحسنت"
[الذخائر المحمدية ص133ط دار جوامع الكلم]
(*)
إستغاثات األئمة أصحاب المذاهب الفقهية
103
اإلمـــــام الشــافعــى
رضى اهلل عنه
قال مستغيثا بآل بيت رسول اهلل : r
وهُـمــو إلـيــ ِه آلُ الــنـَّبــىِّ ذَرِيـــعَـــــتىِ
وَسِيــلَـــتــى
ن
بِيـَـدِى اليـَـمي ِ أرجُــو بهـــمْ أُعـطـَى غَــداً
ببغداد كان يتوسل باإلمام أبى حنيفة رضى اهلل عنه ،يجيء إلى ضريحه
يزوره فيسلم عليه ثم يتوسل إلى اهلل تعالى فى قضاء حاجاته .وقد ثيت
توسل اإلمام أحمد الشافعى رضى اهلل عنهما حتى تعجب ابنه عبد اهلل
ابن اإلمام أحمد من ذلك ،فقال له اإلمام أحمد:إن الشافعى كالشمس
للناس وكالعافية للبدن .ولما بلغ اإلمام الشافعى أن أهل المغرب
يتوسلون إلى اهلل تعالى باإلمام مالك لم ينكر عليهم .
[شواهد الحق]133
ولما حج المنصور وزار قبر النبى rسأل اإلمام مالكاً وهو بالمسجد
النبوى وقال له :يا أبا عبد اهلل أستقبل القبلة وأدعوا أم رسول اهلل صلى
اهلل عليه وسلم؟ فقال مالك:ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة
أبيك آدم إلى اهلل تعالى ،بل استقبله واستشفع به فيشفعه اهلل فيك ،قال
تعالى{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اهلل واستغفر لهم
الرسول لوجدوا اهلل توابا رحيما}.ذكره القاضى عياض فى الشفاء
وساقه بإسناد صحيح،وذكره اإلمام السبكى فى (شفاء السقام فى زيارة
خير األنام) والسيد السمهودى فى (خالصة الوفا) والعالمة القسطالنى
فى (المواهب اللدنية)والعالمة ابن حجر فى(تحفة الزوار)و(الجوهر
[انظر المنظم)وذكره كثير من أرباب المناسك فى آداب زيارة النبى r
شواهد الحق ص ]153
104
صَـحِيفَــتـــى
[ديوان الشافعى حبر األمة وإمام األئمة بتحقيق د.محمد عبد المنعم
خفاجى ـ نشر دار ابن زيدون ـ بيروت ص]103
105
ل
و َمنْ التَجَا بِحمَاكَ نا َ فألنْتَ أكـرمُ شافِــعٍ ومُشَفّــَعِ
رِضَاكَ
غ ٍد فى لى شَفاعةً قِراىَ فاجْ َعلْ
ت لِواكا فعسَىأُرَىفىالحَشْرِتح َ
103
وكـل
ِّ دِ كَذا األزواج وأبـــــى الحَسَنَـيْـنِ مع األوال
شَجِــى
لُ وسَـار السائِ ُر ما مَــالَ المَـالُ وحــَالَ الحــا
فـــى الدلـج
بــالنصْ ِر
َّ َجلْ
ع ِّ يـــاربِّ بِـهـــمْ وَبِــــآلهِـــمِ
وبِـــالفَـــرَجِ
104
ولِســانِ مقَــالـتِـــه وأبـى بكــرٍ فى سِيــَرتـــه
اللهِــجِ
فى قِصَّــةِ سَــارِيـ ِة وأبى حَـفْـصٍ وكـرامَــتــهِ
الـخُلُـجِ
المُستَحـي ال َمسُ َتحْيَــا وأبى عَمْرو ذى النـوريْــنِ
البـَهِــجِ
وافَى بِسحَــائـِبــ ِه وأبى حَسـنٍ فـى العِلْـم إِذا
الخُــلٌــجِ
ل بِـهِــ ْم
وجميـع اآل ِ وعلى السَّبْـطَيـنِ وأمِّهـمَــا
فَــلُـــجِ
بَذَلوا األموالَ مــ َع وعلى األصَحابِ بِجْملَتِهم
المُهَــــجِ
عَجِّـلْ بالنصـــ ِر يــاربِّ بِـهـــمْ وبِــآلهِــــمِ
وبِــالفَـرَجِ
4ـ اإلمـــــــــــام يحيى الصرصرى
المتوفى سنة 353هـ
وفيه مافىالكرام يامَنْ خَصَائِصُـهُ لمْ يـؤتَهــا أحــدٌ
الزّهرمُفترِقُ
عاَ فَقلبِى بِه
يامَنْ إذانَالنى ضَيْمٌ وضِقــْتُ بـــ ِه ذَرْ َ
فىكَشِف َه يثِقُ
لمْ يُبْقِ ذَاالوقَتُ مِنْ قلبِىسِوَىرَمَقٍ فَام ُننْ علىَّبِمَا
يَحيَا بِه الرَّمَقُ
108
وَدَّ التَّقِىُّ بِـهِ لَـ ْو فـَـإنَّنِى فـى زمَـانٍ أهلُـــهُ شِيَـــعٌ
ضَمَّ ُه نَفَــقُ
هلل
فال تَـذَرْ ِنىَ نَهْبـَـاً لِلخُطُـوبِ بِــ ِه فإِنَّنِى بِكَ بَـْعدَ ا ِ
أَعْـتَـلِـقُ
قال أيضا:
ـثُ إِذا أجْهَ َد فَأغِثْنَـا يامَنْ هُوَ الغَــوْثُ والـ َغيْـ
الــورَى الَّألوَاءُ
ف والجَـوادُ الـذى بِه تُفــْرَجُ الغُّـمـ ـةُ عنَّــا وتُكْشَـ ُ
الحَـوبـَــاءُ
يـارَحيمـًا بالمــؤمــنينَ إذا مَــــا ذَهلَتْ عن أبنـائـهَا
الـرُّحَمـاءُ
ق من خَوْفِ ذَنبِـه ياشفِيعـــًا فى المُذنِبــين إذا أشْـ ـفـَ َ
الــبُرَآءُ
صِى ول ِكنْ تنكُّرِى جُدْ لعاصٍ وماسِوَاى هو العــَا
استِحَيــاءُ
وتَـدَاركْــــهُ بالعِنَـــايَــةِ مَـــادَا مَ لـهُ بِالـذِّمـــَام مِنْـكَ
ذِمَـــاءُ
يانبَّى الهــدَى استغــاثـَةُ مـلهـُو فٍ َأضَرَّتْ بِحَالِه
الحَوبَــــاءُ
كيفَ يصْدَابالذنْبِ قلبُ مُحِبٍ ولـهُ ذِكُركَ الجمِيـلُ
جَـالَءُ
ك س يَخْفَىعلي َ لي َ هَــذِه عِلَّـتِـى وأنْــتَ طَبِيــبِـى
فىالقَلبِ دَاءُ
109
5ـ الشيخ مجـــــد الدين الوترى
المتوفى سنة 332هـ
قال مستغيثا برسول اهلل r
قن العَقِيـ ِتَبدَّى فقُلنا البدرُ َبلْ وجْهُ أحَمد تجلـىَّ لنَـا بي َ
ومَكَّــةِ
لتـَوسَّلتُ يـــاربِّى إليكَ بِحُبِّــــهِ لِتَغْفِـ َر زَالَّتِى وتَـْق َب َ
تَـوبَتِــى
أيضا :
ُلى بِإفْالَسِى بِـَفقـْـرِى بِفــَاقَّتِى
بـِذ ِّ
تل اهلل ِاصْبَحْــ ُ إليكَ رسُــو َ
أَهَـربُ
ب الورَى ك أدْرِكنِىإذا حُوسِ َ بِجَاهِ َ
فإنـِّـى عَليكـُم ذلك اليـَــو َم
أُحْسَــبُ
هلل يَغْـفِــ ُر زَلَّـتِـى
ك أرجُـــو ا َ
بِمدْحِ َ
ىل عُمْرِ َ ولو كُنتُ عَبْـداً طُـو َ
أُذْنِــبُ
قال أيضاً:
ح مُحمـ ٍد
ن يُحْصِى مَــدي َ
ى مَ ْ
أخِالَّ َ
هلل
وَفى مَــدْحِـــهِ كُتُـبٌ مِـنَ ا ِ
تُقْـَـرأُ
110
ى اإلِلَــ ُه بِنَفْسِــ ِه
ن أثَنــ ِ ح مَـ ْ أَيُمــدَ ُ
عَليهِ فكيـفَ المــدْحُ مِنَ بعــ ُد
يُنْشَــأُ؟
لجَميلٌ جَلِي ٌ أَمِـينٌ مكِينٌ مُجْتَبَى ذو مَهَابـــَةٍ
ب مُنَـبَّــأُ للـغُيو ِ
هلل
بِه يَـْفَعُ ا ُ خلُ بينِهمِ أمانٌ ألِهلِ األرضِ مُدْ َ
ب وَيَـدْرَأُ العَذا َ
نلعَلِّى بِغُفْـرَا ِ أَتيْتُ إلى مَدْحِى عُالَهُ مُبَـــادِراً
ب أُهَنَّــأُ
الذُّنو ِ
111
ن صَار مُحِيرًا فى َتلَهُّفِ ِه فاآل َ
ُلول
(ياأكَرمَ الخلقِ مَالىمَنْ ألوذ به سِوَاكَ عنْدَح ُّ
ث العَممِ) الحَادِ ِ
اهللُ عالَّكَ يامَنْ هُوَ أجَلُّ نَبِى يامَنْ يُرَجَّىلِماأرجُوه
ن طَلَـبِ مِ ْ
ف يَاعَرَبى ل واألوصَا ِ صِ يازَاكِىَاأل ْ
أنْتَ الشَّفِيعُ لِذَنِّبى يَـــو َم
ى
مُنْقَلبَـ ِ
ى
ت فى َنسَب ِ ضقْ ُت غَوثِى اِذَا ما ِ وأنْ َ
ك بِى
هلل جَاهُ َ لا ِ ق رسُو َ ن يَضِي َ (ولَ ْ
إذا الكَـريمُ تَجلَّــى باسْـ ِم
مُنْتَقِــمِ)
و َيصْطَفِيـهَا ويُؤتيِهَا اهللُ يُذْهِبُ عَـنْ نَفسِى مَعَرَّتَهَا
مَسَرَّتَهـا
وَأسْ َتغِيثُ بِمَـا يَنْفِى لعلَّها أن تَرىِ فى الحَشْرِ قُرَّتَها
مَضَرَّتهَـا
س َنضْرَتهَا ت النَّف َ لآ ِ سِياسَيِّ َد الرُ ْ
(فإنَّ مِنْ جُودِكَ الدنياوضُرَّتَها ومِنْ عُلومِكَ عِل ُم
ح والقَلمِ) اللو ِ
7ـ اإلمام شــــرف الدين محـمــــد البوصيرى
المتوفى سنة 393هـ
112
قال مستغيثا برسول اهلل rفى بردة المديح المباركة(*):
ن ألـــو ُذ بِـــهل مَـالِى مَ ْ
ياأكر َم الرُسُـ ِ
ثل الحـادِ ِ عنْ َد حُلو ِ
ك ِ سِوا َ
العَمـــ ِم
ك بِــى هلل جَاهُـ َ
لا ِ
ق رسـو َ ن يَضِي ُ ول ْ
إذا الكـــريمُ تجلَّى بــاسَــ ِم
مُنَتَقِــمِ
ك الـدنيـــا وضُرَّتَهــا ن جُــودِ َ ِن مِ ْ فَإ َّ
حومِنْ عُلومِــكَ عِلمُ اللَو ِ
والقَلـــمِ
[شواهد الحق ]394
يارب بالمُصطفـَى بِلِّ ْغ مَقَاصِدَنَا واغْفِ ْر لنَا مامَضَى ِّ
ياواسِع الكَـرَمِ
ن بِمَا يَتلُوه
ُل المسلمي َ
واغْـفِ ْر إلهِى لِك ِّ
فىالمسْجدِاألقصَىوفىالحَر ِم
ن أعظَ ِم س ٌم ِم ْ
ن بِيتـُ ُه فى طيبـ ٍة حَرَ ُم واسْمـُ ُه َق َبِجَـا ِه مَ ْ
القَسَــمِ
وقال أيضاً:
ت األُمـو ُر فـإنـنـى راجٍ لهَا بِمحَمَّـدٍ وإذا تَعسَّــر ِ
تَسْهِـيــالَ
113
فَرْطَــ ًا تُبَـلِّغْنَــا بـِـهِ اللهــم جَا َه مُحم ٍد
َّ ل لنـَـافاج َع َ
المَأْمُـوال
ُف
كَرَماً،وك ِّ ب جَهنَّـم ف بِه عنَّا عَـذا َ واصْرِ ْ
ضَرامَها المَشْعُوال
ن
ف دُو َ
لم تَل ِ واجْعَـل صَالتَكَ دِيـمَ َة مَنُهَـلَّـةً
ضَرِيحِـ ِه تَهْـليِــال
115
النَّفْعِ ذَوَئِبَـا
11ـمـــام كمال الدين بن الزملكانى الشافعــى
المتوفى فى سنة 424هـ
قال مستغيثا برسول اهلل :r
ياصَاحِبَ الجاهِ عِندَ اهلل خَالِقِــه مَا رَدَّ جَــا َهكَ إال
ُل أفَّـاكِك ُّ
كت الشَّفِـيعُ لِفَـتَّا ٍأنتَ الوجِيهُ علىَ رَغْم العِدَا أبدا أنْ َ
وَنُسَّـاكِ
بشفَىاهللُ يومَاًقل َ يافِرقَــةَ الزَّيْـغِ اللُقِّيْتَ صَالِـحَـةً وال َ
مَرْضَاكِ
وَمَـن أعَانَكِ فى والحظَيتَ بِجَـاهِ المُصْطَفى أبداً
الدُّنياووَاالكِ
نسلِ يامَولىاألَنامِ ويا خَي َر الخَال ِئقِ مِ ْ ضلَ الرُّ ْ ياأفْ َ
س وأَمْالَكِ إِنْـ ِ
ت
صنَع ْ ض ما َك أشْكو بَع َ هَا قَ ْد قَصَدتُ َ
ِبىَ الذُّنوبُ وهَـذا مَلجَـأ
الشَّــاكِـى
غ مَـدَى ب عـن بُلــو ِ قَـ ْد قَيَّدَتْنِى ذُنو ٌ
ىقَصْدِى إلى الفَوْ ِز منِهَا فَ ِه َ
أَشــْرَاكِى
هلل لى واسْأَلْــ ُه عِصْمَـتَــهُ
فاسْتَغِفـ ِر ا َ
ى مِـنْ غَــي ِر فِيمـَـا َبقَـى وغِن ً
إِمسَــاكِ
113
ى الصَّال ُة كمَا
ك مِن ربِّبنَا أزك َ
عَلي َ
ب
مِنَّا عليكَ السَّـــالمُ الطيِّـ ُ
الـــزَاكِى
[شواهد الحق ]383
114
ن مَكانــُه حَديِث الغريب ل المكِي َأيا خَاتَم الرُّسُـ ِ
الدرفيك غَرِيبُ
ئ بِال َوفَــــا ِء
ظ َمِل ٌ
هلل نَرجُـو وإنَّــ ُه لَحِفَـ ٌ ك بعْ َد ا ِ
وجَاهَ َ
رغِيـبُ
ل بِالثــنَا ِء ك مُطِيــ ٌ ب الفضَا علي َ هلل مَاطَيَّ َ
ك صالة ا ِ علي َ
مُطِيـبُ
[شواهد الحق ]331
118
من نوره األرض والسبع
والسموات
ذاك الحبيب الذى يرجو عواطفه
وبــره الخلـــــق أحيـــاء
وأمـــوات
موالى مـوالى فرج كل معضلة
عنى فقد أثقلت ظهــرى
الخطيــات
وعد على بما عــودتى كــرمــا
فكــم جــرت لى بخير منك
عــادات
وامنع حماىوهب لىمنك تكرمة يامن مواهبـه خلـد
وخيـرات
واعطف علىوخذ ياسيدىبيدى إذا دهتنـى الملمـات
المهمات
صلى عليك إلـهى يامحمــد مــا الحت لنورك من
بدرعالمات
[شواهد الحق ]333
وقال أيضا:
ياخيرمن دفنت فى التراب أعظمه
فطـاب من طيبهــن السهـل
والجبــــل
نفـسى الفداء لقبر أنت ســاكنــه
119
فيه الهــدى والنـدى والـعلـم
والعمــل
أنت الحبيب الذى ترجى شفاعته
عند الصرط إذا مـا ضــاقت
الحيــــــل
نرجوا شفاعتـك العظـمى لذنبنــا
بجـــاه وجهــك عنــا يغــفر
الــزلــل
ياسيدى يارسول اهلل خذ بيـدى
فى كل حـادثة مـــا لى بهــــا
قبـــل
[شواهد الحق ]385
121
ل
صَلّىعَلَيْكَ إِلهُ العَرشِ ماصَدَحَتْ حَمامَةٌ وَشَدَا بالَّ ْي ِ
(*)
طَخْمِيلُ
[المجموعة النبهانية ]103/3
16ـ الحافظ ابن حجر العسقالنى
المتوفى سنة 852هـ
قال مستغيثا برسول اهلل : r
بجاهك أتقـى فصــل نبـى اهلل يــاخـــير البــرايـــا
القضــاء
جنيتــه يداى يـــارب وأرجـو يـاكــريم العفو عمـا
الحـبـاء
إلى دار الـنـعـيـم بـــال فقل يا أحمـد بنم على إذهب
شــقـاء
صـالة فى الصـباح عليك سـالم رب الناس يتلو
وفى المسـاء
[شواهد الحق ]352
وقال أيضا:
بـأسا سمـا كل ياسيدالرسل الذى فاق الورى
الوجود وجـودا
هذى ضراعة مـذنب متمسك بوالئكم من يوم كــان
وليــدا
122
بعد الممـات إلى يرجو بك المحيــا السعيد وبعثه
النعيـم شهيــدا
أحيـا بك اإليمان صلى عليك وسلـم اهلل الـذى
والتــوحيــدا
[شواهد الحق ]341
17ـ الشيخ شمس الدين النُواجى
المتوفى سنة 859هـ
قال مستغيثا برسول اهلل :r
فـاشفنى أنت مقصد يـارسـول اإللـه إنــى ضعيـفٌ
للشفـــاء
يـارسـتـول اإلله إن لم تعـثـنى فإلى من ترى يكـون
التجـائـى
وغيـاثى وعمـدتى أنت ذخرى وعدتى ومـالذى
ورجـائـــى
وشفيعى يوم القيامة فى الحشـ ــر فكن لى يـا اكـرم
الشفعـاء
يابســيط النوال يا كامل الفضـ ــل وياوافـر النـدى
والعطــاء
ـت جدوى يديـك لك قـد جئت زائـــراً وتوسلـ
واآلالء
وتـفضـل بالعفـو فأجبنــى يـامصطفى لســؤالى
فهـو قـــرائى
123
ـل ويا قبلة الهــدى ياإمام الورى ويا جامع الفضـ
والدعــاء
كل يـوم فى صحبــه لك منــى تحيـــة وصـــالة
والمســاء
وقال أيضا:
اهلل أرســــلـه للعـالمـين هـــــدى
يوم فى ورحمتة..وكذا
حشرهم
يقال:تسمع فقل،واطلب مناك تنل
124
شئت ما وقل وامشفـع
واحتكـم
هــذا المقـــام مــا نـالــه أحـــد
ســــوى محمد ..المبعوث
بالحكم
ياسيــد الرسـل ياكنز العفاف ويـا
ذخر العصاة غدًا ..ياعالى
الهمـم
كن منقذى ومغيثى..أنت معتمدى
وغير بابــك للحاجـــات لم
يـــرم
صلى عليك إله العــرش ما طلعت
شمس النهار والحت أنجم
الظلــم
[مدح الفحول ]45
وقال أيضا :
خير البريـة أحمــد المحمــود ..من
بكفـــه الــزالل نبــع
كغــــديــر
ذخرى..مالذى يوم أنزل حضرئى
فى وحـدتى..وكذاك يوم
نشورى
ما لى سواه فى الــورى من ملجأ
125
فهو الــذى يرجــى لكل
عسيـــر
هو لى شفي ٌع عنـد مــولى لم يـــزل
بالجــود يجير قلب كل
كســيـــر
[نزهة المجالس للصفورى ]142
اإلمـــــام جالل الدين السيوطــى
المتوفى سنة 911هـ
قال مستغيثا برسول اهلل : r
يـــاأكرم الرسل يامن فى إشارتــه
حوز المنى وبلوغ القـصــد
من أمـم
ومن غــدا فى الورى توشيح ملته
يزهو على الزاهرين الروض
والنجم
تعطفـا لمحـــب فيك ليــس لـــــه
تعطــف عنك معــدود من
الخــدم
ياصاحب العلم الهادى لقاصــتده
حسن البيــان أجرنى فى حمى
العلــم
فمطلبى أنت أولى فى النجاح له
123
وأنت رأى منــه حبــال غيــر
منفصم
ومن يلذ بحماه وهو ملــجؤنــا
فـــال اعتراض بمـا يخشــــاه
من نقــم
عليه منا صـــــالة ما لهــا عــدد
تفصيل مجملها يرنـــو على
الــديـــم
[شواهد الحق ]393
21ـ اإلمام أحمد بن حجر الهيثمى
المتوفى سنة 944هـ
قال مستغيثا برسول اهلل : r
بمن حطــت بساحـتــه عبيــد هيثـمــى مستجيــر
الحمـول
مـدى األيــام ما شــدت عليــه اهلل صلى كل وقـت
حمول
[مدح الفحول ]20
21ـ السيـــــد محمد البكرى الكبير
المتوفى سنة 994هـ
قال مستغيثا برسول اهلل : r
لـــه مــــواله قـــد أال يــاخـــــير مـبــعــــــو
قــــــرب
124
فعـنـه قـــط ال ومــن بالعيــــن أبــصـــره
يـحجــــــب
بمدحـــــته ولــو ويامــن اليــفى شخــــص
أطنــــــب
فــإنـى ضــاق بى أقلـنى عثـــرة عظــمـــت
المـذهــب
بـــســر منـــه ال وخـلـصنــى وخصــصنــى
أسـلــــب
وإال مــــن لـــه أغـــث ياسيدى لهــفـــــى
أذهــــــب
فـــال تخشــى وال وقـــل لى أنت فى جـاهـى
تتعـــــب
فمــن تنــصـره ال بك استنصــرت فانصــرنى
يغــلـــب
فمـن ذنبــى لـك بك استشفعت قفاشفع لى
المهـــــرب
[شواهد الحق ]333
وقال أيض ًا :
من رحمـة تصعـد ما أرسل الرحمن أو يرسـل
أو تنــــزل
من كل ما يختص أو فى ملكوت اهلل أو ملكــه
يشمـل
128
نبيـــه مختــــاره إال وطـه المصطفى عبــده
المــرســـــل
يعـم هــذا كــل من واســطة فيها وأصل لهــا
يعقــــل
فــإنه المقصـــد فلذبـــه فى كل ما ترتجى
والمــأمـــــل
فإنــه الملجـــأ وعـذ به من كل ما تخشى
والمعـــقـــــل
فهـو شفيــع دائـــا وحــط أحمال الرجا عنده
يقبـــــل
أظفارها واستحكم ونــــاده إن أزمــــة أنشــبــت
المفضـل
وياخير من فيهم يـــاأكرم الخلـــق علــى ربــــه
بــه يسـأل
فرجت كربا بعضه قـد مسنى الكرب وكــم مــرة
يذهـــل
برتبـــه عنهــا فالبـذى خصــك بـين الـــورى
العـال تنــزل
وإن توقفـت فمــن عجل بإذهاب الـذى اشتكـــى
أســـأل
لشـدة أقــــوى وال ولن ترى أعجــز مــنى فمــــا
أحمــل
129
ولست أدرى وحيلتىضاقت وصبرى انقضى
ماالــذى أفعل
أتـاه من غيرك ال وأنت بــاب اهلل أى أمـــــرئ
يـدخـــل
زهر الروابى صلـى عليـك اهلل مـا صافحت
نسمــة شمــال
سـاجعة أملــودهــا واآلل واألصحـاب ما غردت
مخضـــل
فضـاع منــه النـد مسلما ما فــاح نشـر الصبــا
والمنـــدل
[شواهد الحق ]389
22ـ اإلمام شهاب الدين أحمد المقرى
صاحب "نفح الطيب"
المتوفى سنة 1141هـ
قال مستغيثا برسول اهلل : r
فـــرار الخـــائــف اليـــك أفـــر من زلـلـــــنى
الـوجــل
ــدينــة منتهـــى وكـــان مزار قــبرك بالمــــ
أمـــلــــى
لـــه نفسـى بـــال فوفــى اهلل مـــا طمحـــت
خــــلـل
بحــار القــــول فخــذ بيــدى غــريــق فــى
والعمـــــل
130
عليـــه مســالك فأنــت دليـــل من عميـــت
السـبــــل
وأنــت عمـــــاد وأنــــت مــــالذ معتعـــــم
متــكـــل
ــل فى الغـدوات عليك صــالة ربـــك جــــ
واألصــل
ختم المقرى كتاب "نفح الطيب" بهذه األبيات لبن
حبيب األندلسى :
ياخيــر مبعــوث لـه طلعـــة نـور الهدى منها أقــر
العيــــون
من غيث كفيك المغيث جئت إلىناديك ارجوالقرى
الهتوف
أوقعنى بين الشجـا كن لىشفيعا فارتكاب الهوى
والشجــون
ماهزت الريح قـدود صلى عليك اهلل سبحـــانــه
الـغصــون
[شواهد الحق ]402
23ـ الشيــخ إبراهيـــم اللقـــــانى
المتوفى سنة 1041هـ
قال الشيخ إبراهيم اللقانى فى شرحه على الجوهره:
ليس للشدائد مما جرّبه المغتمون مثل التوسل برسول
اهلل : r
ياأكرم الخلق قد ضاقت بى السبل
131
ودق عظمى وغابت عنــى
الحيــــل
ولم أجد من عزيز أستجـير بــه سوى رحيم به
تستشفع الرسل
مشمرالساق يحمىمن يلوذ بــه يوم البالء إذا مالم
يكــن بــلـل
غوث المحاويج إن محل ألم بهم كهف الضعاف
إذاماعمهاالوجل
مؤمل البـائس المتروك نصرتــه مكرم حين يعلو
سـره الخجـــل
كنزالفقيروعزالجودمن خضعت له الملوك ومن تحبو
بــــه الملـل
ولألرامـل ستر من لليتامى ثمـال يــوم أزمتهم
سابــغ خضــل
ليث الكتائب يوم الحرب إن حميت
وطيسها واستحد البيض
واألســل
من ترتجى فى مقام الهول نصرتـــه
ومن به تكشف الغمـــاء
والعلــل
يوم التنادى إذا محمـد بـن عبـــد اهلل ملجـؤنــا
ماعمنا الوهل
132
الفاتح الخــاتـم الميمـون طـائـره بحر العطـاء وكنز
نفعـه شمـــل
عنا الغموم اهلل أكبر جاء النصر وانكشــف
وولىالضيـق والمحل
بعزمه من رسـول اهلل صـادقـــة وهمـة يمتطيهـا
الحـازم البطـل
أغث أغث سيدالكونين قدنزلت بنا الرزاياوغاب
الخل واألخل
بعسكرالذنب والح شيبى وولى العمر منهزمـا
اليلوى به عجل
وكن شفيع ًا له إن كن للمعنى مغيثا عنــد وحدته
زلت النعـل
133
24ـ الشيخ عبد الغنى النابلسى
المتوفى سنة 1143هـ
قال مستغيثا برسول اهلل : r
ياأشرف الرسل ضاقت فارسل الفرجا
فإننى لك قد أضمرت ألـــف
رجــا
أنت الحبيب الــذى فى القلب منزلــة
ومــن محبتــــه تستمــلــك
المهـجـــا
وأنت ملجــؤنـــا فـى كــل سنــــدا
من يلتجـــى لك ياسـر الوجود
نجـــا
فكن لعبد الغنى عونــا وكن سنـــدا
فــإنه فى حمى اإلســـالم قــد
ولجــا
أضحىبمدحك مابين وكن شفيعا يوم الزحام فقـد
الورى لهجا
صلى وسلم موالنا عليك بال نهايـة ما أتى صبح
وزال دجــى
ياأرأف الرحماياغوث ياسيد الشفعا ياأكرم الكرما
كل شجى
يرجوك عبد علىاألعتـاب مطــرح
134
ذو مـدمع بذنـوب الــذنب
ممتـــزج
أغث أغث يـارسول اهلل أنت لهـا
فعقدة الخطب قد ضاقت
علىالـودج
التهملنى بــأرض الأنيس بهـــــا
بكربهــا القلب فى ران وفى
وهـــج
وكن شفيعى فى يوم ترى صحفى
منشــورة بذنــوب أثقلـــت
ثبجــى
[شواهد الحق ]338
135
من زائـر أو وبيتــه المعمور ثـم بما حــوى
طـائـف بظاللـــه
من بعد مـاقد كـان وبعلــم لوح فصـلتـه يد المنى
فى إجماله
قانٍ سمـى التـنزيل بزبور تــوراة وإنجيــل وفـــر
فى إنـزالــه
من خصصـوا منا وبأنبيــاء اهلل ثــم بــرســلــه
بخيـر نـوالـه
خلص فؤادى من وبسرأهل العزم منهـم برسلـه
ثقيل عقالـه
بـمحمد المختار أكرم مرسل كالقاب بـل أدنى دنـا
وبآلــه
133
زوج البتول من وبآلـــه وبصحبـــه السيمـــا
اعتلى بكماله
[شواهد الحق]
134
عم األنام فما سيحون ياأكرم الخلق يامن جودراحته
والنيل؟
138
كنت فى الحال آه لـوال الجنـاح منى كسـير
للحجــاز أطــير
كــل كســر بأحمـــد ويقينى بأحمـد جبر كسـرى
مجبــــور
[شواهد الحق ]344
ماجار يومازمانىفاستجرب بـــه
إال أتى النصر وانزاحت به
الكرب
الترج خلقا ســواه للنـدى أبــدا
فعند هذا المــرجى ينتهى
الطلــب
[شواهد الحق ]335
ومن جوده فى نبىالهدى ياأعظـم الناس نــائال
العالممين عميم
شفيع لدى الرب ومن هو فىالدارين خير وسيلة
الكريم كريم
عـــرتنى هموم تدارك أغثنى فى أمورى فإننى
مسهــن أليــم
139
29ـ أحمد شوقى أمير الشعراء
المتوفى سنة 1351هـ ـ 1932م
قال مستغيثا برسول اهلل : r
فىاهلل يجعلنى إن جل ذنبىعن الغفران لىأمل
فىخـــير معتصم
ألقى رجائىإذا عز المجـير على مفرج الكرب
فىالدارين والغمم
إذا خفضت جناح الذل أسأله عزالشفاعة لم أسأل
سـوى أمـم
وإن تقــدم ذو تقـوى بصالحة قـدمت بين يديـه
عـــبرة النــدم
لزمت بـاب أمير األنبياء ومـن يمســك بمفتاح باب
اهلل يغتنــم
فكل فضــل وإحسان وعارفـة مـا بين مستلم منــه
ومــلتـــزم
علقت من مدحه حبالً اعـزبه فى يوم العز باألسباب
واللحـم
140
وعرشا للحقيقـــة رسول اهلل يانــور المـجالـــى
والكمــــال
بفضلك،واقض أفض ياسيدى بحـر العطايـــا
ياغوثى سؤالى
شــرابــا يبر لى وناولنى من الحــوض المعلــى
منــه اتصــالى
تحلـى منك باالحســان رجــوتك يارســول اهلل أل
حــالى
رضاك فجد وحقـك وجئت حماك ياطه وقصـدى
بالوصال
وسلــم بــالحقيقــة عليك اهلل قد صلــى حبيبى
والكمــال
141
وليس سواك يشفع شفيع الخلق فى يـوم الرزايــا
أو يقــول
ومدحك بغيتى وبه وأنت وسيلتى ما دمت حيــا
الوصـول
[مديح الفحول ]124
142
مبشرة تتعلق بالقصيدة المنفرجة لإلمام الغزالى
(*)
رضى اهلل عنه
قال العارف باهلل سيدى السيد مصطفى البكرى رضى اهلل
عنه فى كتابه [الشيوف الحداد فى أعناق أهل الزندقة
واإللحاد] :ولقد منّ اهلل تعالى على عبدهه الجانى ،والمسرف
المقصر المتوانى ،أيام تبيضى لهذه الرسالة ،يعنى
كتابه[السيوف الحداد المذكور] وكنت بيضت منها أربعة
كراريس ،برؤية يوم األربعاء السابع من محرم الحرام عام
،1134وكان ذلك نهارا ،فرأيت كأنى مجاور فى المدينة
المنورة على ساكنها أفضل الصالة وأتم السالم ،ولى كل يوم
تردد على الحجرة النبوية والوقوف بين يدى خير البرية،
اللتماس بركاته التامة وإمدادته العامة ،فجئت على العادة
فرأيت غالما أعرفه قد وقف قبالة الشباك الشريف وهو
يضحك عن احترام ذاك المقام المنيف ،فانتهرته وقلت له :أفى
مثل هذا المقام يكون الضحك ،فانزجر الغالم ،ثم إنى اعترانى
حال وبكاء بنحيب وأنا أنادى :يارسول اهلل ،نداء صب كئيب،
فرأيت ذاته الشريفة قد تمثلت لى فى صورة منيفة ،وعلى
رأسه عمامة خضراء ،قد عالها المهابة واألنوار ما يجل عن
الوصف قدرا ،فأكببت عليه أقبل يديه ،فأحنى علىوقال.
ساعدنا أو قال :ساعد األمة ،فقلت بماذايارسول اهلل؟ قال :قل
143
الأله إال اهلل ،وأظنه كررها ثالثا ،وقل:اهلل ،وأظنه كررها
كذلك ،فقلت على الرأس والعين يارسول اهلل ،وقلت فى نفسى:
الحمد هلل هذا تلقين من رسول اهلل ،rلكنه بهذين االسمين،
ثم قال وأضمرت فى نفسى أنى أشتغل بهما امتثاال ألمره r
عليه الصالة والسالم اقرأ قصيدة الغزالى ،ففهمت أنها:
يــاربّ فعجـــل بالفــرج الشــدّة أودت بالمنهــــج
قال : rوزد فيها ثالثة أبيات ،فقلت على الرأس والعين
يارسول اهلل ،ثم مشى فتبعته فقلت :يارسول اهلل إنى عملت
قصيدة على وزن قصيدة الغزالى وقد ذكرتها آخر ورد
السحر ،فقلت فيها :
أفضالك ربى منــك بالــذات يسرّ السرّ بمــــن
رجى
وبنـــور النـــور بحقيقتـــك العظمى ربـــى
المنبلـــج
بمحمــد من جــا بالبلـج بعمـــــاء كنـــت به أزال
فقال : rمن اين لك هذا المدد؟ فقلت منك يارسول اهلل،
قال نعم ،ثم قال :اقرأ قصيدة الغزالى ،فقلت على الرأس
والعين ،ولم أزل مسايره حتى وصلت إلى باب السالم،
فأردت أن أودعه وأنصرف فانحنيت لتقبيل يده الشريفة،
فانحنى علىّ فنزلت على أقدامه الشريفة وأنا أبكى وكأنى
غائب مدهوش من هيبته ،وكشفت رأسى وأمسكت ما عليه
بيدى اليمنى ،وصرت أمسح وجهى ورأسى بدون حائل على
أقدامه الشريفة والبكاء غالبنى ،ثم إنى لما أردت الخروج لم
أولِّه ظهرى حتى غيِّب عنى ،وصرت أقول فى نفسى :من
أنت حتى يخاطبك سيد األنام ،ويحنو عليك ويتلطف معك
144
بمثل هذا الكالم ،وأنا أبكى ،فواجهنى بعض األخوان
وأخبرنى أن الغالم الذى زجرته أخبر أن فالنا له مدد من
رسول اهلل ، rوالحال أنه خرج قبل أن يرى شيئا ولم يكن فى
المسجد أحد ،فحمدت اهلل سبحانه وتعالى على هذه النعمة،
ومحل الشاهد من هذه الرؤيا قوله : rمن أين لك هذا المدد؟
وقولى منك؛ وقوله : rنعم؛ وقوله عليه الصالة والسالم اقرأ
قصيدة الغزالى ،فهمت منه أن هناك شدة ستحصل ،وأمرنى
أن أسأل تعجيل الفرج ،فما مضى ذلك اليوم والذى بعده حتى
حصلت شدة عظيمة ،ويوم وقوعها رآه rبعض إخوننا وهو
فى السماء السابعة ،لكنه عليه الصالة والسالم فى حركة،
فسأل رجال هناك فقال :إنه فى حركة الشفاعة ،وفهم أنها فى
الفقير .انتهى كالم سيدى مصطفى البكرى بحروفه.
وهذه قصيدة اإلمام الغزالى رضى اهلل عنه:
يـــارب فعـجــل الشـــدة أودت بــالـمهـــج
بــالفـــرج
وبيـــدك تفريــــج واألنفس أمست فى حــرج
الــحرج
والويــل لهــــا إن لم ها جت لدعـاك خواطرنـــا
تهــــج
عادتــك باللطـــف يامن عوّدت اللطـف أعـــد
البهــج
وافتح ما ســـد من وأغلـق ذا الضيـق وشدتـــه
الفــرج
واألنــفس فى أوج عجنــا لجنـابــك تقصـــده
الوهــج
145
يــاضيعتنـــا إن لم وإلى أفضـــالك يــا أمــلى
نعــــــج
أو للمضطر ســــواك من للملهوف سواك يغــث
نجــى
عن بابــك حتى لم وإساءتنـــا أن تطردنــــــــا
نلـــــج
ك أبجت له ما منــك فلكم عاص أخطا ورجــــا
رجى
قد ضاق الحبل على يــاخلــقنـــا ياسيدنــــا
الــودج
مـا بين مكــيريب وعبـــادك أضحــــو فى ألم
وشجـــى
واألعين غـــارت فى واألنس صــارت فى حــرق
لجـــج
يــاأزمـــة عـــلك واألزمـــة زادت شــدتهـــا
تنفـرجـى
ولســـان بالشكوى جئنــاك بقـلــب منـكســـر
لـهـــج
لكن بــرجــائـك والــوف الـزلة فى وجــــل
ممـتـــزج
ـذنب بنشر الرحـمة فكم استشفى مـزكــوم الـ
واألرج
فيــه األحــوال مــن وبعينـــك ما نلقـــاه ومـــا
المــرج
قلــت ادعــونى والفضل أعـم ولكــن قـــد
فـلنبتهـــج
143
ربّ األربــاب وكل فبكـــل نبى نســــأل يــــا
نـجـى
وبما قد أوضــح من وبفضل الذكــر وحكمتـــه
نهـــج
وضيـــاء الــنــور وبسرّ األحـــرف إذ وردت
المنبلـــج
وبمــا فى واح مــع وبســـرّ أودع فى بــطــــد
زهــج
من بسم اهلل لذى وبسرّ البــــاء ونقــطتهــــا
النهـــج
وبقهر القاهـــر وبقـــاف القهــر وقوتهـــا
للمهـــــج
وعموم النفــع مـع وبــبرد المـــــاء وإساغــتـــه
الثلـــج
وبســـرّ الحرقـــة وبســرّ النـــــار وحدتهــــا
والنضــج
وبما خـرجت مــن وبـما طعمــت من التطعــيم
الضــرج
ذا البطش أغث ياذا يــاقاهــر ياذا الشــدة يـــــا
الحجـج
ومصيبتنــا من حيث يــاربّ ظلمنــا أنفســـــــنا
نــجى
فلهـذا نـدعــو يـارب خلقنا من عجــــــل
باللجـــــج
أنى والقلــب على يـــارب وليس لنــا جلــــد
وهــــج
144
يدعـــون بقلـــب يــاربّ عبيدك قـد وفــدوا
منزعـــج
أحـد يرجـــون لـدى يــارب ضعاف ليس لهــــم
الهـرج
أضحـــو فى الشدة يــارب فصاح األلسن قــد
كالهمج
يعــــدو يسبقــه ذو السـابــــق منـــا صــار إذا
العــرج
جلت عن حيف أو والحكــمة ربى باللغـــــــة
عــــوج
فأغثنـــا باللطــف واألمـــر إليـك تـــدبــره
البـهـــج
والخيبـــة إن لــــم وادأراج بالعفــو إساءتنـ ــا
تنـــدرج
إال مـــوالك لـه يانفــس ومالك من فـــرج
فعــجـــــى
ولبـــاب مكارمـــه وبــه فلــذى وبـه فعـــدى
فلـجــى
كى تنبسطــىكــى كى تنصلحى كى تنشرحى
تبتهجى
أضحوا فىالحندس و يطيب مقامــك مع نفــر
كالسراج
من بيــع األنفــس وفـــوا هلل بمــا عهـــــدوا
والمهـــج
ذو الرتبــــة وهـم الهــادى وصحابـــته
والعطــر األرج
148
شرف الجرعـــاء قوم سكنوا الجرعاء وهــم
ومنعــرج
عمتـه وظالم الشرك جاوا للكــون وظلمتـــــه
دجــى
والظلمـــة تـمحى ما زال النصــر يحفهـــــم
بالبهـــج
د الدين عـــزيـزا فى حتى نصروا اإلسالم فعــا
بهــج
مــرّ األيــام مــع فعليـــه صــلى الربّ على
الحجـــج
وكــذا الفاروق وكل وعلى الصديـــق خليفتــه
نـجى
ر وفــى أعـــلى وعلى عثــمان شهيد الدا
الــــدرج
وكذا األزواج وكل وأبى الحسنين مــع األوال
شجى
ل وســار السائر فى ما مال المـال وحـال الحـا
الدلج
عجــل بالنــصر يـــاربّ بهــم وبـآبهـــم
وبالفـرج
وقد رأيت أن أختم هذا الباب بذكر استغاثتين جليلتين
إلمامين جليلين :أحدهما العارف باهلل سيدى السيد مصطفى
البكرى ،والثانى اإلمام الكبير الشهير سيدى الشيخ محمد
األمير الكبير ،ولم أذكرهما فى قافية الالم وإن كانتا الميتين
اعتناء بشأنهما لما اشتملتا عليه من االستغاثة بالنبى rوبعض
أكابر أولياء أمته بحيث تصلح كل واحدة منهما أن تكون وردا
149
مستقال ،وهما غير موجودتين فى المجموعة النبهانية(*)،
ألنهما اليحسبان من المدائح النبوية ،ولكنهما من االستغاثات
المرضية ،وقد نقلت قصيدة سيدى مصطفى البكرى من
مجموعة أوراد له ذكر فيها هذه القصيدة االبتهاليه وهى قوله
رضى اهلل تعالى عنه:
وبعرشــه األعلى أدعــــو بالســر المصــون وآلــه
بنــور جاللــه
وبمـا نـــراه من بديــع برفيـع ذات قدســـت وتوحدت
فعـــالــه
(*) هى سفر جليل جمع فيه اإلمام النبهانى مجموعة كبيرة من المدائح
النبوية فى أربعة مجلدات بدءاً من مدائح الصحابة رضوان اهلل تعالى
عليهم وما بعدهم من القرون إلى زمنه رحمه اهلل ،وقد قدم له برسالة
أسماها"الخالصة الوفية فى رجال المجموعة النبهانية ومقدار ما لكل
واحد منهم فيها من المدائح النبوية"وأتبعها بمقدمه طويلة من اثنى عشر
فصالً احتوت على فوائد عظيمة فى مدح رسول اهلل .rقال فى المقدمة
عن هذه المجموعة :إنى قد بذبلت جهدى فى جمعها من البالد البعيدة
والقريبة حتى حصلت على مقادير وافره من درر بجور األولياء
والعلماء ،وغرر فحول األدباء والشعراء ،واخترت منها بحكم الذوق
واالجتهاد ما أشبتُّه فيها .مع شرحى لغريب ألفاظها ومعانيها ..فدونكها
مجموعة جامعة ألبكار المحامد المحمدية ،ساطعة بأنوار = المدائح
األحمدية .قد جمعت غرر القصائد النبوية فكانت غره فى جبين الزمان،
وتممت درر المحامد المصطفوية ،فكانت عقوداً لنحو حور الجنان ،فهى
سيدة المجاميع كما أن ممدوحها صلى اهلل عليه وسلم سيد الجميع ،وهى
السفينة الكبرى ،بل المدنية العظمى لكونها اشتملت على أكثر من
عشرين ألف بيت كلها عامرة بمحاسن الصفات واألسماء ،فالشكر هلل
على هذه النعمة العظيمة(طبعت فى القاهرة بمطابع مصطفى البابى
الحلبى،وفى بيروت بدار الكتب العلمية).
150
ى
وبمن تهيـــم فى عل ّ وبكل أمـــالك السمـوات العلى
جمـــالـــه
من زائــر أو وببيتـــه المعمـــور يــــد المنــى
طائـــف بظـاللــه
من بعد ما قد كان فى وبعلم لـــوح فصلتــه يــد المنى
إجمـالــه
قــان سمى التنزيــل بزبــور تــــوارة وإنجيـــل وفـر
فى إنــزالـه
من خصصـوا منــا وبأنبيـــاء اهلل ثــم بـرســـولــه
بخير نوالــــه
خلص فؤادى من وبسر أهـــل العـزم منهم سيدى
ثـقيــل عقالـه
كالقــاب بل أدنى دنـا بمحمد المختـــار أكرم مرســـل
وبآلــــه
مَنْ قد سُقوا من وبِصُحبِه السادات أربـاب التقى
سَلسَبيلِ زُاللِه
ورفيقهِ فى الغا ِر بصَديقـــهِ وأمين غيبـــةِ سِّـــره
وارِث حَالِـــهِ
مَنّ والفَقَ الذِكرُ الحكِيُم وكذَاكَ بالفاروقِ نِعمَ مُحَدِّثـــا
بِقالــهِ
مَنّ عَنهُ بَــايَع أحمــ ٌد وكذا بِذى النُّورينِ عُثمانِ التَّقىِ
ِبشَمالِـــهِ
ج ِر
مَنّ حَلِّ كُلَّ الفَ ْ وبإبـن عَمِّ المصطفى بطل الوغـى
اللِــهفى أط َ
س
ِء يَقينـَــهُ إذ كان شم َ بابِ المدينةِ لم يَزد كَشفُ الغطـا
زَوالـــهِ
151
عــدُّوا بِه من خَصَّهُم وبِمنّ همُ فى عِــــدَّةِ النُقَبــاءِ إنّ
بِكمالـــهِ
يوم اللقا ما اشتقاق بالتابعـــين لهـــم وتــابِعهِـــم إلى
ل وصالهِ أه ُ
فوق السمــاك وقد بأبى حنيفـــة من سمــا بعلــومــه
عال بخصاله
من لم يكن مر السـوى وبابن إدريس المكمل فى الــورى
فى بـالـه
ضاءالوجود وضاع وبمالــك علــم المدينــــة من بــه
عرف رجاله
فرد المقـــام فــال وبأحمد المحمــود أوحــد عصــره
يرى كمثالـــه
والمــــاتريدى الســنى وباألشعرىمن فاق فى توحيـــده
بحــــالــه
فى الضبط لم ينسج على وبمسلــم ثـم البخـــارى الـــذى
منوالـه
أيضا بـــداود السخــى وكـــذاك بالبصـرى ثم حبيبهــم
بمــــالـه
معروف الكوخى وبعبدك المعروف فىأهل السمــا
وحسن خاللـه
وببـشر الحـــافى لخلـــع وبابن أدهــم ثم بابـن خفيفيهـم
نعالـــه
مـــان كــذا بالتســترى بفضيل بن عياض ثم بشـــاه كـر
الوالــه
قد فـــاز بالمطلوب من بالـــواسطى بأبى سليمـان الــذى
إقبــالــه
152
ى
ـبحـر السر ّ وبمن سرىفىالكون طيب عبيره الـ
المـرتقى بفعـــالــه
مـن لم يفتــه الفـــذ مــن وبقطب دائرة الوجــود جنيدهـم
مالــه
غـــير المنى مــامر أيضــا وبالشبلى أبى بكــر الذى
قــط ببـــالــه
دينور فيـه وقــد زهت وبسر ممشاد الذى قـــد شرفـت
بكمالــه
قد فاق أهـــل القرب فى بأبى سعيــد ذلك الخــرار مــن
إجالله
تتضــوع األكــوان من وبكل مل حوت الرسالة من فتى
أذيــالــه
قـــدمى فقـــال مؤيـدا وبمـن لـــه أذن الحبيب بقـــولــه
فى قالــه
عــزت مــــداركــه موالى عبد القــادر الفـرد الذى
على أمثالــه
ســامى الفتـــوة بــأبى اللثــامين الهمــام المرتضى
فـاتــك بقتالــه
ودعــا لمولــده وقــــرب كم فيك من أسرى بشدة بأسـه
ظاللــه
من دمعــه قـد جــاد بابن الرفـــاعى الرفيـــع جاللــة
فى أرسالـه
ولقـد سقى الظمآن من وبذله قـد صــار شيخ عواجـــز
جـريا له
بالجــد ســـار ولم يمــل وبرابع األقطـــاب إبراهيــم من
بمــاللــه
153
أوج العـلى بــل ذاك ذاك الــدسوقى اإلمام المـــرتقى
من أقبــالــه
زاكى الصفا السامى وبتـاج كل العارفين أبى الوفـــا
على أشكـاله
مــن يستطيـع الصبر أسداألسودلدى اصطالنارالوغى
مع أشبــالــه
يــارب أوصــــل بالحـــاتمى الخــــاتمى كنز الغنى
جبلنــا بحبــالــه
وسواه فى التحقيق مثل بدر لــدى جو السماء مكمــل
هــــالله
عشــر وأعطـــاه بالشاذلىّ من استقـى من أبحـــر
المنــى لسؤالـــه
هو فى حمى التقريب وبسيدى المــرسى وارثــه الذى
من أبطالــه
يــاقوتــه العرشى وارث وبكل من سلكوا طريقتــه كذا
حــالــه
من ناســـخ فسطـا وبمن لنا غزل الرقيــق فلم يجــد
على مغزالــه
مهجــا قست فأنـارهــا أحيا عــلوم الدين كم أحيـا بــه
بجمالــه
أبــــداله نقـبــائــه وبأهــل هذا الوقت من أقطابــه
ورجـــــالــه
وحباهــم موالى من وبكل من قــد قدموا وتقدمــوا
أفضــــالــه
فى بحــــره ورمــالــه وبكل من سكن الوجــود وخيموا
وجبــالــه
154
قوم لقــد خصوا وبمن هم باقــــون من أهــل الـوال
بوصف داللــه
ـعبــاس من أحيا بمــاء بنقيبهــم خضــر وكنيتــه ابـو الــ
وصالـــه
إال الــذى لم يلـق نور حى وحقــك لم يقــل بـــوفــاتــه
جمـــالــه
أزكى ســالم طــاب فى فعليــه منــى كلمـا هــب الصبــا
أرساله
بالص ِ
خَِّلصْ فــؤادَ َّ يــاربنـا فبجبــاه من ذُكـرِوا هنــا
مِن إِعاللِــ ِه
نفى الذِ ْكرِ خَفــفْ عنه مِ ْ شفْ له ماقد َكشَ ْفتَ لهُم بـما واك ِ
أثقاله
طــهَ البشــــي ِر واطلِقْ قيُـــودى بالحبـيب المُجتَبَى
الهـــاشمـى وآلِــــهِ
صَقَلـُوه فارتاحُوا والصُحبِ مَنْ للقلب فىحُبِّ المُنى
حسْن صقالــ ِه لُ
أدعـــوا بالسر واغفر لغبَدك مصطفى ما أنشدت
المصــون وآللـــه
وقال شيخنا الشيخ حسن العدوى المصرى فى
كتابه(النفحات الشاذلية شرح البردة البوصيرية) وقد نظم شيخ
مشايخنا خاتمة المحقيقين وعمدة أهل التمكين الجامع بين
الحقيقة والشريعة العالمة سيدى محمد األمير الكبير(*) رجال
السلسلة متوسال بهم إلى للله تعالى ومستغيثا بهم ،فقال:
ياواحدا خضع الـــورى بك يستغيث العبـد بدء سؤالــه
155
لجاللــه
ميكــال جبريــل أمين قلـــم ولــوح ثم إسرافيــل مع
مقـــالــه
من عمهـا طــرا هــدى وبأصل كل الكائنات وخيرهـا
إرسالــه
زوج البتــول من اعتلى وبــآلـه وبصحبــه ال سيــمــا
بكمالــه
من أصلــح الفئتـين وبسبط أحمد نجله حسن الهــدى
حسن فعـاله
زاح الضـــاللة بسميـه البصـرى تابعـــه الــذى
والشكوك بقالــه
ود ومعـروف ســرى بحبيب العجــمى بالطـــائـى دا
مجــــالــه
خلص عبيدك من قيود بجنيــدهــم شبليــهم يـا ربنـــا
عقــالــه
مــوالى عبد اهلل قطب بتنــا وريهــــم المعظـــم قــدره
رجالــه
قطــع المفــــاوز وبعبــد رحـمن هو المــدنى من
فاحتظى بوصاله
ربـى فأحســن فى ربــا وكذاك بابن بشيش الليث الذى
أشبالـــه
نشر الطريقــة فاحتمى بالشاذلى على أبى األقطـاب من
بظــاللــه
أى من تفـــرد لى خــاطبتــه ســـرا بأنت الشاذلى
وعـــز بحـــالـه
نبــه فـــؤادى من بالمغـربى وبالقــــرافى سيـــدى
153
غــوى آمالـــه
راعى النجائب فى وكذاك بالبــدوى عبنـوس الفتى
منابت ضــالـه
جراحى والهنتــان ذى بالعارف الهندى أبىالفضل وبالر
إحـــاللــه
ثـــم الجــزولى بمحمــد أمغــــار أزمــوريــهم
للـــدالئــل وآلـــه
مـــوالى ادرك حـــائرا وبعبدك التيــاع والغــزوان يــا
بكــاللــه
والقطب عيس أنقذه من بالطالب القطــب المـــالذ محمد
إضـاللــه
الى الشريف حليف باألنجــرى علىّ وعبد اهلل مــو
ذخــر مآلــه
الجــوهــرى من عمنـــا بالواصــل القـصرى ثم بأحمــد
بنـــوالــه
من ينزل الرحــمات حاوى الشريعة والحقيقة شيخنا
ذكر مثــالـه
قـد أخلص النيــات فى وكذا بعمدتنا العفيفى نعـم من
أعمـــاله
وكــذا سمــا األتباع من شيخ سما فوق السماك مقامـــه
إيصالــه
فـوفى ووفى واستقــى عبـدا أراد بــه الـهـدى وهدى بـه
بحبــالــه
إذ لم يخـب يوم النـدى مأل المــدائن والــبــوادى ذكـــراه
بسؤالــه
لما نحــاه مـحـــا رســوم كــم مكــرب لعبت به أيـــامــــه
154
خبالــه
متمثــال يــاسعيــد فى ياسعــد عـرّج بالمطىّ لــرحــابــه
أطاللـــه
جعـل اللثـــام له كمثل والثم ثــــراه فــإنـه قــد فــاز من
نعــالــه
واجنى ثمـار األنس فى واستغنم اللــذات فى ذاك الحـمى
أطــاللــه
فيــاض أمــداد النــدى واسأل بــه ما شئت تعــط فإنـــه
هطـالــه
وغؤينهم ومن اقتـــدى والزم طريقــة صحبــه كأسيرنــا
بفعـالـــه
وبأحمــد المختــار ثـــم فبحــق أشيــــاخ لنا يــا ربنـــــا
بآلـــــه
واسلك بنــا جمعـا على صــلى عليــه مسلمــا وعليــهــم
منــوالـه
وارحم ذليال ضــاق واختم بخـير يــاكريــم وكـن لنــا
من أثقالــه
قد حارت األلباب من واصرف بفضلك سيدىعنا األذى
أهـــواله
أنــت المحبيب لـكل يـاربنــا يـــا ربنـــا يــــا ربنــــا
داع وآلـــه
وبمـا دعــاك به فبسرّ آيات الكتــاب ومــا حوى
الرســول بقالـه
من مكرهــم وامنعـه فـــرق جميـــع المفسدين ونجنــــا
من إيصالـه
واحفظه من كيد واسمح لناظمهــا بنيــل مــرامـــه
158
الزمان وحالــه
واحفظه من كيـد واسمــح لقارئــهـــا بنيــل مرامــه
الزمان وحالـه
واحفظه من كيـد واسمــح لسامعهـــا بنيـــل مرامـه
الزمان وحالـه
لنبينــــا وشفيعنـــا وأدم صالتك والسالم مع الرضــا
وآللــــه
أو رنم لحــادى لشبـد ما دامت األفالك أو هــب الص بـا
وحـــالــه
بك يستغيث العبــد بدء أو تــــم العــبد األميــر محمــد
سؤالـــه
يقول جامع هذا الكتاب الفقير يوسف النبهانى عفا عنه :إن
الشيخ األمير الكبير المذكور هو صاحب الثبت المشهور ،وقد
أجازنى بثبته وما اشتمل عليه من علوم الشريعة والطريقة
ومن كل معقول ومنقول شيخى اإلمام العالمة الشيخ إبراهيم
السقا المصرى عن الشيخ محمد األمير الصغير عن والده
األمير الكبير المذكور ،فهو رضى اهلل عنه فى العلم والطريق
من أكابر أجدادى وإسناده فهذا إسنادى ،وحيث إن النظم
اليسع التعريف التام بأسماء مشايخ سلسلة الطريقة الشاذلية
الذين ذكرهم ،فها أنا أعيد أسماءهم نثرا لزيادة اإليضاح
ولتحصل زيادة البركة بتكرار أسمائهم الشريفة رضى اهلل
عنهم ،فأقول:
قد أجازنى بالطريقة الشاذلية فى ضمن إجازته العامة
شيخنا الشيخ إبراهبم السقا الشافعى المذكور عن شيخه الشيخ
محمد األمير الصغير المالكى عن أبيه اإلمام الشهير الشيخ
محمد الكبير عن اإلمام العالمة الشيخ أحمد الجوهرى
159
الشافعى والعارف باهلل الولى الشهير سيدى عبد الوهاب
العفيفى المالكى كالهما عن سيدى عبد اهلل بن القصرى
الكنكسى المغربى ،وهو أخذ عن القطب الربانى والفرد
ا لصمدانى وموالى عبد اهلل بن إبراهيم الشريف العلمى ،أقام
فى القطبانية نيفا وثالثين سنة ولم يقبل على الناس إال بإذن
من رسول اهلل ، rوكان ورده كل يوم خمسة وعشرين ألف
صالة على النبى ،rوهو أخذ عن سيدى أحمد األنجرى ،وهو
أخذ عن سيدى أبى مهدى عيسى بن أبى محمد الحسن بن
عيسى المصباحى ،مات شهيدا منذ سبعين ونيف وتسمعائة،
ودفن فى روضة أبيه بالدعداية من أعمال القصر بالمغرب،
وهو أخذ عن سيدى أبى عبد اهلل محمد بن على بن مهدى بن
عيسى بن أحمد الهرواى الزمرانى المعروف بالطالب ،توفى
سنة ،935ودفن خارج باب القليعة من داخل باب الفتوح من
أبواب فاس ،وهو أخذ عن أبى محمد سيدى عبد اهلل الغزوانى
نزيل مراكش ودفينها ،توفى سنة ،935وهو أخذ عن سيدى
أبى محمد عبد العزيز بن عبد الحق الحرار المعروف بالتباع
نزبل مراكش أيضا ودفينها ،توفى سنة ،914وهو أخذ عن
سيدى أبى عبد اهلل محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن
سليمان الجزولى ،ثم السماللى صاحب دالئل الخيرات ،سلك
رضى اهلل تعالى عنه اثنا وساتمائة وخمسا وستين مريدا
وتوفى بأفوغال من بالد مطرازة وهو ساجد فى السجدة
األولى من الركعة الثانية من صالة الصبح يوم األربعاء من
شهر ذى القعدة الحرام سنة 839ثم نقل إلى مراكش بعد
سبعين سنة من موته ،ودفن بها ،ولما نقل وجد جسمه كيوم
وفاته لم تعد عليه األرض ولم يغير طول الزمان منه شيئا،
وهو رضى اهلل عنه أخذ عن سيدى أبى عبد اهلل محمد بن عبد
130
اهلل مغار المنيطى ،وفى استغاثة الشيخ األمير أنه يقال له
األزمورى ،وهو أخذ عن سيدى أبى عثمان سعيد الهرتنائى
كذا فى عبارة شيخنا العدوى المنقولة عن شيخنا الشيخ البهى،
ةفى نظم األمير بلفظ الهنتانى فال أدرى هل هما صحيحان أو
أحدهما محرف؟ وهو أخذ عن سيدى أبى زيد عبد الرحمن
الرجراجى وأقام بحرم اهلل عشرين سنة ،وهو أخذ عن الشيخ
أبى الفضل الهندى ،وهو أخذ عن الشيخ عينوس البدوى
راعى اإلبل أويسى زمانه ،وأخذ عن شيخ اإلسالم سيدى على
البدر القرافى صاحب الذخيرة ،وهو أخذ عن سيدى أبى عبد
اهلل المغربى السائح دفين دمنهور البحيرة ،وهو أخذ عن قدوة
الصالحين ومجمع طرق المسلكين وخالصة صفوة العصابة
الهاشمية وذروة غرة ثمرة الشجرة النبوية ،تاج العارفين،
وإمام الواصلين القطب أبى األقطاب ،الذى أطلعه اهلل على
جميع أتباعه وهم فى فى األصالب ،الفرد الغوث الجامع
سيدى أبى الحسن الشاذلى على بن عبد اهلل بن عبد الجبار بن
تميم الرشيف اإلدريسى الحسنى الفاطمى العلوى صاحب
الطريق ومظهر لواء التحقيق ،ولد رضى اهلل عنه بالمغرب
األقصى عام ثالث وتسعين وخمسمائة ،وتوفى بصحراء
عيذاب وهو قاصد الحج سنة ،353وهو أخذ عن أبى محمد
سيدى عبد السالم بن بشيش بن منصور بن إبراهيم الحسنى
اإلدريسىتوفى شهيدا سنة ،322وهو أخذ عن سيدى ألبى
محمد عبد الرحمن بن الحسين الشريف الحسنى العطار
المدنى نسبة لمدينة الرسول rالشهير بالزيات لسكناه بحارة
الزياتين ،وهو أخذ عن سيدى عبد اهلل التنايرى كذا فى عبارة
شيخنا العدوى وهو فى نظم الشيخ األمير بلفظ التناورى،
وهو أخذ عن األستاذ أبى بكر الشبلى دلف بن جحدر عن
131
األستاذ سيد الط ائفة أبى القاسم الجنيد بن محمد القواريرى
توفى سنة ،244وهو عن األستاذ خاله ابى الحسن السرى
السقطى ،وهو عن أبى محفوظ معروف بن فيروز الكرخى
وهو عن أبى سليمان داود بن نصر الطائى ،وهو عن سيدى
حبيب العجمى ،وهو عن السيد الجليل أبى سعيد الحسن
البصرى التابعى ،وهو عن سيدنا وموالنا أبى تراب علىّ بن
أبى طالب رضى اهلل عنه و َكرّم وجهه ،كذا فيما ذكره العدوى
عن شيخنا العدوى عن شيخه البهى ،وهو المشهور من أن
الحسن البصرى أخذ عن سيدنا علىّ بال واسطة ،وفى نظم
الشيخ األمير ذكر سيدنا الحسن ابن على فيفهم منه أن الحسن
البصرى أخذ عنه ÷،وهو عن أبيه علىّ ،وهكذا قال بعض
ى
العلماء إن البصرى لم يدرك عليا واهلل أعلم ،وأخذ سيدنا عل ّ
رضى اهلل عنه عن سيد الكائنات سيدنا وموالنا محمد rعن
سيدنا جبريل عن سيدنا ميكائيل عن سيدنا إسرافيل عن سيدنا
عررائيل عن اللوح عن القلم عن الجليل جل جالله وتقدست
صفاته وأسماؤه ،هذا هو سند السادة العلية من فروع السادة
الجزولية ،وقد أخذت جميع ذلك من عبارة شيخنا الشيخ حسن
العدوى فى كتابه (النفحات الشاذلية فى شرح االبردة
البوصيرية) وهو نقله عن رسالة لشيخه الذى أخذ عنه
الطريقة الشاذلية وهو سيدى محمد البهى ،ألفها فى هذه
الطريقة ذكر فيها أنه أخذ عنه الطريقة الشاذلية عن السيد
محمد المرتضى الحسينى يعنى شارح اإلحياء والقاموس،
وعن سيدى الحاج عبد الرحمن النقراشى المربنى البحيرى،
أما السيد مرتضى فأخذها عن الشهاب أحمد الملوى ،وأما
النقراشى فأخذها عن سيدى عبد الوهاب العفيفى ،والعفيفى
والملوى أخذها عن سيدى عبد اهلل بن محمد القصرى
132
الكنكسى إلى أخر السلسة المتقدم ذكر رجالها ،وقد أخذت
الطريقة العلية الشاذلية عن سيدى العارف باهلل الشيخ محمد
الفاسى الشاذلى المقيم بالحرمين الشرفين فى مكة المشرفة
وكان رضى اهلل عنه قد حضر إلى مصر سنة 1294أو
السنة التى قبلها أو التى بعدها ،وكنت إذ ذاك مجاورا فى
الجامع األزهرى لطلب العلم وسنى دون العشرين فذهبت إليه
رضى اهلل عنه وقبلت يديه وحصلت لى بركته وطلبت منه
الطريقة فى جملة من طلبها ،وكانوا كثيرين من العلماء
والطلبة وغيرهم من أهل مصر فأعطانى إياها كما أعطى
غيرى وسمعت منه إذ ذاك كرمات ذكرها عن نفسه بقى فى
ذهنى منها أنه رأى جدته السيدة فاطمة الزهراء يقظة فى
جوار حجرة النبى rوأنها كلمته ورحبت به رضى اهلل عنها
وعنه ،ثم سافر إلى الحجاز ولم أجتمع به بعد ذلك رحمه اهلل
تعالى ونفعنى ببركاته ،وهو شيخ األمير عبد القادر الجزائرى
الحسنى دفين الشام أحد أكابر األولياء من ساداتنا أهل البيت
الكرام صاحب كتاب(المواقف فى المعارف اإللهية واألسرار
القرآنية) وقد اطلعت عليه فوجدته من أقوى األدلة على أن
مؤلفه كان من أكابر العارفين وأئمة العلماء رضى اهلل عنه
وعن أولياء اهلل أجمعين ،ورأيت له قصيدة طويلة رائية مدح
فيها شيخه وشيخى الشيخ محمد الفاسى المذكور وذكر فيها
من مناقبه وأسراره وكثرة انتفاعه بمعارفه وأنواره ما يدل
على جاللة قدر الشيخ الكببير ،وهذا المريد األمير والذى ليس
له نظير ،فقد ذكر فى كتابه(المواقف) المذكور فى الموقف
الثالث والثمانين ،منها أنه اجتمع بالنبى rيقظة فى خلوته فى
المدينة المنورة ،وهذا كما اليخفى مقام فى الوالية عال جدا
اليصل إليه إال فرد من كمل األولياء وأكابر األصفياء رضى
133
اهلل عنهم وبعد رجوعى من األزهر قدمت إلى عكا من بالدنا
الشامية واجتمعت فيها سنة 1290بالشيخ العارف باهلل سيدى
الشيخ على نور الدين اليشرطى الحسنى وهو أخو سيدى
الشيخ محمد الفاسى فى الطريقة ،أخذها عن سيدى العارف
باهلل أبى عبد اهلل محمد بن حمزة ظافر المدنى رضى اهلل عنه
فأعطانى بطلبى الطريقة الشاذلية أيضا واجتمعت به مرارًا
كثيرة ورأيت منه من اللطف واإلقبال نحوى مالم يره كثير
من الناس حتى إنه يجلس قريبا من حلقة درسى فى الجامع
بعد العصر ويستمع ما ألقيه ويستمر إلى آخر الدرس فأقوم
وأقبل يده ويدعو لى ،وقد حصل ذلك منه مراراً كثيره مع أنه
من أعلم العالمين وأعرف العارفين وأكابر أئمة األولياء
الراسخين ،ولكنه كان يفعل ذلك تأليفا لى ونصيحة للمسلمين
ليرغبوا فى حضور درس فينتفعوا بذلك ،ثم سافرت من عكا،
وفى سنة 1301رجعت إليها واجتمعت به رضى اهلل عنه
فجدد لى العهد ،وأعطانى إجازة منه فى الطريق نمختومه
بختمه الشريف ،وهذه صورتها(أنظر شواهد الحق للنبهانى ص
)414
134
تعـــــريـــف بأصحــــــــــــــاب
(*)
االستغــــاثات الشعرية
(*) رأينا أن نضمن هذا الباب بتعريف أيضا بالشيخ عبد المقصود سالم
مع أنه ليس له استغاثات شعرية ولكن له استغاثه نثرية من كتابه شواهد
الحق رأينا أن نختم بها هذه االستغاثات.
(**) انظر مقدمة كتاب العلم(الكتاب األول من اإلحياء)بقلم الدكتور أحمد
عمر هاشم ص ط دار المقطم القاهرة .
135
الجليل الغزالى حجة اإلسالم ومحجة الدين التى يُتوصل بها
إلى دار السالم ،جامع أشتات العلوم والمبّرز فى المنقول منها
والمفهوم ..جاء والناس إلى ردّ فرية الفالسفة أحوج من
الظلماء لمصابيح السماء،وأفقر من الجدباء إلى قطرات الماء،
فلم يزل يناضل عن الدين الحنيفى بجالد مقاله ،ويحمى حوزة
الدين حتى أصبح الدين وثيق العرى وانكشفت غياهب
الشبهات .هذا مع ورع طوى عليه ضميره ،وخلوة لم يتخذ
فيها غير الطاعة سيرة..ترك الدنيا وراء ظهره وأقبل على
اهلل يعامله فى سره وجهره).طبقات الشافعية الكبرى 191/3
طبقة عيسى الحلبى ـ القاهرة)
ونقل اإلمام الذهبى فى سيرة أعالم النبالء عن ابى النجار
قوله:أبو حامد إمام الفقهاء على اإلطالق وربانى األمة
باالتفاق ،ومجتهد زمانه وعينى أوانه ( )322/9وقال عنه
اإلمام اليافعى فى مرآة الجنان:وكان رضى اهلل عنه رفيع
المقام ،شهد له بالصديقية األولياء الكرام ،وهو الحبر الذى
باهى به المصطفى سيد األنام موسى وعيسى عليه وعليهما
أفضل الصالة والسالم فى المنام الذى رويناه بإسنادنا العالى
(*)
عن الشيخ اإلمام أبى الحسن الشاذلى
وقال الحافظ ابن كثير :كان من أذكياء العالم فى كل ما
(*)
قال اإلمام المناوى فى الكواكب الدرية:قال العارف الشاذلى رضى
اهلل عنه:رأيت المصطفى rفى المنام باهى عيسى وموسى عليها السالم
بالغزالى رضى اهلل عنه.قال هل فى امتكما مثله؟ قاال:ال (الكواكب
الدرية )403/1وقال اإلمام ابو الحسن الشاذلى رضى اهلل عنه قال:من
كانت له إلى اهلل حاجة وأراد قضاءها فليتوسل إلى اهلل تعالى باإلمام
الغزالى [شواهد الحق .]133
133
يتكلم فيه ،وساد فى شبيبته حتى أنه درّس بالنظامية ببغداد فى
سنة أربع وثمانين وله أربع وثالثون سنة ،فحضر عنده
رؤوس العلماء ،وكان ممن حضر عنده أبو الخطاب وابن
عقيل وهما من رؤوس الحنابلة ،فتعجبوا من فصاحته
واطالعه .قال ابن الجوزى :وكتبوا كالمه فى
مصنفاتهم(،البداية والنهاية 185 /12ط دار الكتب العلمية
بيروت)
وفى بغداد عاصمة الدنيا وقتذاك درّس بالنظامية ـ اعلى
المدارس العلمية ومهوى أفئدة العلماء وطالب العلم ،يقول
السبكى :واعجب الخلق حسن كالمه وكمال فضله وفصاحة
لسانه ونُكتهُ الدقيقة وإشاراته اللطيفة وأحبوه .وأقام على
التدريس وتدريس العلم ونشره بالتعليم والفُتيا والتصنيف مدةً،
عظيم الجاه زائد الحشمة عالى الرتبة ،مسموع الكلمة،
مشهور االسم ،تضرب به األمثال ،وتشد إليه الرحال ويقول
عبد الغافر الفارس :وعلت حشمته ودرجته فى بغداد حتى
كانت تغلب حشمته األكابر واألمراء ودار الخالفة (طبقات
الشافعية.)203
ولما تمت نعمة وصارت الدنيا رهن إشارته ،وحاز من
العلوم ما جعله يتفوق على أهل عصره حدث له من العناية
ماعبر عنه فى كتابه المنقذ من الضالل بقوله :وكان قد ظهر
عندى أنه المطمع لى فى سعادة اآلخرة إال بالتقوى وكف
النفس عن الهوى وأنى رأس ذلك كله قطع عالقة القلب عن
الدنيا بالتجافى عن دار الغرور واإلنابة إلى دار الخلود
واإلقبال بكنه الهمة على اهلل تعالى ،وأن ذلك القيم إال
باالعراض عن الجاه والمال والهرب من الشواغل فالعالئق،
ثم الحظت أحوالى فإذا أنا منغمس فى العالئق وقد أحدقت
134
بى من الجوانب ،والحظت أعمالى وأحسنها التدريس والتعليم
فإذا أنا فيها مقبل على علوم غير مهمة وال نافعة فى طريق
اآلخرة ،ثم تفكرت فى نيتى فى التدريس فإذا هى غير خالصة
لوجه اهلل تعالى ،بل باعثها ومحركها طلب الجاه وأنتشار
الصيت ،فتيقنت أنى على شفا جرف هار ،وأنى قد أشفيت
على النار وإن لم اشتغل بتالفى األحوال( ،المنقذ من الضالل
ص.)41
ويقول السبكى :عزفت نفسه عن رذائل الدنيا ،فرفض ما
فيها من التقدم والجاه ،وترك كل ذلك وراء ظهره وقصد بيت
اهلل الحرام ،واستناب أخاه فى التدريس ،ودخل دمشق فلبث
فيها(فترة) يسيره على قدم الفقر ،ثم توجه إلى بيت المقدس
فجاور به مدة (طبقات الشافعية )194/3وربما كان السبب
فى سرعة مغادرته دمشق ما ذكره السبكى فى طبقاته فقال:
انه صادف دخوله يوماً المدرسة األمينية ،فوجد المدرس
يقول :قال الغزالى ـ وهو يدرس من كالمه .فخشى الغزالى
على نفسه العجب ،ففارق دمشق ،وأخذ يجول فى البالد
ويزور المشاهد ،ويطوف على التُّرب والمساجد ،ويأوى
القفار ويروض نفسه ويجاهدها جهاد األبرار ،ويكلفها مشاق
العبادات بأنواع القرب والطاعات(.طبقات الشافعية )199/3
وكان من ثمار هذه المجاهدات ان نور اهلل قلبه بالمعرفة،
فيقول :وانكشف لى فى أثناء هذه الخلوات أمور اليمكن
إحصاؤها واستقصاؤها ،والقدر الذى اذكره ليُنتفع به أنى
علمت يقينا أن الصوفية هم السبابقون لطريق اهلل تعالى
خاصة وأن أحسن السير ،وطريقهم اصوب الطرق ،وأخالقهم
أزكى األخالق ،بل لو جُمع عقل العقالء وحكمة الحكماء
وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئا من
138
سيرهم وأخالقهم ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه
سبيالً ،فإن جميع حركاتهم وسكناتهم فى ظاهرهم وباطنهم
مقتبسة من نور مشكاة النبوة،وليس وراء نور النبوة على
وجه األرض نور يُستعناء به،وبالجملة فماذا يقول القائلون فى
طريق طهارتها ـ وهى أول شروطها ـ تطهير القلب بالكلية
عما سوى اهلل تعالى،ومفتاحها الجارى منها مجرى التحريم
من الصالة استغراق القلب بالكلية بذكر اهلل ،وآخرها الفناء
بالكلية فى اهلل(المنقذ من الضالل.)45
وقد ذكر ابن العماد الحنبلى فى كتابه"شذرات الذهب" أن
القاضى أبا بكر بن العربى قال :رأيت اإلمام الغزالى فى
البرية وبيده عكازة وعليه مرقعة وعلى عاتقه ركوة وقد كنت
رأيته ببغداد يحضر مجلس درسه نحو أربعمائة عمامه من
أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم .قال :فدنوت منه
وسلمت عليه وقلت له :ياإمام أليس تدريس العلم ببغداد خير
من هذا؟ قال :فنظر إلى شزراً وقال :لما طلع بدر السعادة فى
فلك اإلرادة وجنحت شمس الوصول فى مغارب األصول
وعـدت إلى تصحيح تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل
أول منزل
منازل من تهوى ونادت بى األشواق مهال فهــذه
رويدك فانزل
لغزلى نساجاً فكسرت غزلت لهم غزال دقيقاً فلم أجـــد
مغـزلى
[شذرات الذهب 13/4ط دار الكتب العلمية ببروت]
يقول اإلمام المناوى بعد كالمه عن هذه الفترة :وراض
نفسه وجاهدها جهاد األبرار حتى صار قطب الوجود والبركة
العامة لكل موجود ،والطريق الموصلة إلى رضا الرحمن
139
والمناهج بالتصوف إلى مركز اإليمان ،ثم عاد إلى بغداد،
وتكلم على لسان أهل الحقيقة وقلبه معلق بما فتح عليه من
الطريقة ،ثم دخل إلى طوس واتخذ بجانب داره مدرسة
للفقهاء وخافقاه للصوفيه ،ووزع أوقاته على تالوة القرآن
ومجالسة أرباب القلوب وإدامة الصيام القيام حتى كان فى
جمادى اآلخر سنة 505توضأ وصلى وقال ،علىّ بالكفن،
فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وقال :سمعاً وطاعة للدخول
على الملك ،ثم مد رجليه واستقبل(القبلة) وانتقل إلى رضوان
اهلل طيِّب الثناء ،أعلى منزلة من نجم السماء ،اليكرهه إال
حاسد أو زنديق ،وال يسومه بالسوء إال من كان فى قلبه ريب
أو حاو عن سواء الطريق(.الكواكب الدرية)
قال اليافعى :وقد وصنف الشيخ الفقيه اإلمام المحدث شيخ
االسالم عمدة المسندين ومفتى المسلمين ،جامع الفضائل
قطب الدين محمد ابن الشيخ االمام العارف أبى العباس
القسطالنى رضى اهلل تعالى عنهما كتابا أنكر فيه على بعض
الناس وأثنى على األمام أبى حامد الغزالى ثناءً حسناً ،وذو
إنساناً ذمّة .قال فى أثناء كالمه :ومن نظر فى كتب الغزالى
وكترة مصنفاته وتحقيق مقاالته عرف مقداره ،واستحسن
آثاره ،واستصغر ماعظم من سواه ،وعظّم قدره فيما أمدّه اهلل
به من قوله ،والمباالة بحاسد قد تعاطى ذمه أو معانداً بعده اهلل
عن إدراك معانى بهمّة ،فهو كما قيل:
تعــام لن تعدم قــل لمن عن فضـائـلــه تعامى
الحسناء ذامـــا
(مرآة الجنان 145/3ط دار الكتب العلمية ببيروت)
وأعماله ـ غير احياء علوم الدين ـ كثيرة جليلة ،نفع اهلل بها
نفعاً عظيما .نقل اإلمام المناوى عن اإلمام النووى ـ رضى
140
اهلل عنهما ـ قوله فى "لبستانه"عن شيخه البلعتينى رضى اهلل
عنه قوله :أحصيت كتب الغزالى رضى اهلل عنه التى صنفها
ووزعتها على عمره فخص كل يوم أربعة كراريس(.انظر
ماذكره السبكى من مؤلفاته ص .)224
قال اإلمام المناوى :عن الشيخ ابن حرازم انه خرج على
أصحابه ومعه كتاب فقال اتعرفونه ؟ قال :هذا اإلحياء ،وكان
الشيخ المذكور يطعن فى الغزالى وينهى عن قراءة
اإلحياء(*)،فكشف لهم عن جسمه فإذا هو مضروب بالسياط
وقال :أتانى الغزالى فى النوم ودعانى إلى رسول اهلل ،rفلما
وقفنا بين يديه قال :يارسول اهلل هذا يزعم أنى أقول عليك مالم
تقل ،فأمر بضربى فضربت ،وتمام الخبر كما جاء فى طبقات
السبكى كالتالى:
حرْزهم:
الشيخ أبو الحسن بن ِ
لما وقف على"اإلحياء"،تأمل فيه ،ثم قال :هذا بدعة
مخالف للسنة.
كل
وكان شيخنا ،مطاعا فى بالد المغرب ،فأمر بإحضار ِّ
مافيها من ُنسَخ"اإلحياء" ،وطلب من السلطان أن ُي ْلزِم بذلك،
فكتب إلى النواحِى ،وشدَّد فى ذلك ،وتوعَّد من أخفَى ششيئًا
(*) فلما استيقظ من منامه ،وأصبح ،أعلم أصحابه بما جرى ،ومكث
قريبا من الشهر متألما من الضرب ،ثم سكن عنه األلم ،ومكث إلى أن
مات وأثر السياط على ظهره ،وصار ينظر كتاب"اإلحياء" ،ويعظمه
ويبجله أصالً أصالً.وهذه حكاية صحيحة حكاها لنا جماعة من ثقات
مشيخنا ،عن الشيخ العرف ولى اهلل ياقوت الشاذلى عن شيخه السيد
الكبير ولى اهلل تعالى أبى العباس المرسى ،عن شيخه الشيخ الكبير ولى
(طبقات اهلل أبى الحسن الشاذلى رحمهم اهلل تعالى اجمعين.
السبكى )230/3
141
منه ،فأحضر الناس ما عندهم ،واجتمع الفقهاء ،ونظروا فيه،
ثم أجمعوا على إحْراقه ،يوم الجمعة ،وكان ذلك يوم الخميس.
فلما كان ليلة الجمعة ،رأى أبو الحسن المذكور فى المنام
كأنه دخل من باب الجامع ،الذى عادته يدخُل منه ،فرأى فى
ركن المسجد نورا ،وإذا بالنبىِّ ، rوأبى بكر ،وعمر ،رضى
اهلل عنهما ،جلوس ،واإلمام أبو حامد الغزالى قائم،
بيده"اإلحياء"،فقال :يارسول اهلل ،هذا خَصْمِى .ثم جَثا على
ركبتيْه ،وزحف عليهما؛ إلى أن وصل إلى النبىِّ ، rفناوله
كتابَ"اإلحياء"،وقال :يارسولَ اهلل ،انظرُ فيه ،فإن كان بدعة
مخالفا لسُنَّتك ،كما زعم ،تُ ْبتُ إلى اهلل تعالى وإن كان شيئًا
تستحسِنُه ،حصَل لى من بركتِك ،فأنْصِفْنى من خَصْمِى.
فنظر فيه رسول اهلل rورقةً ورقةً ،إلى آخره ،ثم قال:
واهللِ إن هذا شئٌ حسَن.
ثم ناوله أبا بكر ،فنظر فيه كذلك ،ثم قال :نعم ،والذى
ل اهلل ،إنه لحَسن .
بعثَك بالحقِّ ،يارسو َ
ثم ناوله عمر ،فنظر فيه كذلك ،ثم قال كما قال أبو بكر.
َد
ضرْبِه ح َّ
فأمر النبىُّ rبتجْريد أبى الحسن من ثيابِه ،و َ
المُفْ َترِى .فجُرِّد،وضُرِب ،ثم شفَع فيه أبو بكر بعد خمسة
أسْواط،وقال :يارسول اهلل إنما فعل هذا اجتهاداً فى سنَّتِك،
وتعظيما ،فعفا عنه أبو حامد عند ذلك.
وقال اإلمام الذهبى :قال أبو محمد العثمانى وغيره :سمعنا
محمد بن يحيى العبدرى المؤدب يقول :رأيت باالسكندرية
سنة خمس مائة كأن الشمس طلعت من مغربها ،فعتبَره لى
عابر ببدعة محدث فيهم ،فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب
الغزالى بالمرية(بالد األندلس)(سير اعالم النبالء للذهبى
142
322/19ط الرسالة) قال اإلمام السبكى:قال الحافظ أبو القاسم
بن عساكر فى كتاب"التبيين":سمعت الشيخ الفقيه اإلمام ابا
القاسم سعد بن على بن أبى القاسم بن أبى هريرة االسفراينى
ل
الصوفى بدمشق قال :سمعت الشيخَ اإلمام زينَ القُرَّاء جما َ
الحرَم أبا الفتح عامر بن نَجا بن عامر العربىّ السَّاوِىّ ،بمكَّة،
حرسَها اهلل ،يقول:
دخلتُ المسجد الحرام ،يوم األحد ،فيما بين الظهر
والعصر ،الرابع عشر ،من شوال ،سنة خمس وأربععين
وخمسمائة ،وكان بى نوعا تكسُّر ودَوَران رأس ،بحيث إنِّى
الأقدِر أن أقف أو أجلس ،لشدَّة مابى ،فكنت أطلبُ موضعاً،
أستريح فيه ساعة على جنبى ،فرأيت باب بيت الجماعة،
حزْ َورَة مفتوحاً ،فقصدتُه ،ودخلت للرِّباط الرَّامْشتِّى عند باب ال َ
فيه ،ووقعت على جنْبى األيمن ،بحذاء الكعبة المشرَّفة،
مف َترِشاً يدَىَّ تحت خَدِّى ،لكى اليأخذنى النومُ ،فتنتقِض
طهارتى ،فإذا رجلٌ من أهل البدعة ،معروف بها ،جاء ونَشر
مُصالَّه على باب ذلك البيت ،وأخرج لُوَيْحا من جيبه ،أظنه
كان من الحجَر ،وعليه كتابة فقبِّله ،ووضعه بين وصلى
صالَّة طويلة ،مُرسِال يديْه فيها ،على عادتِهم ،وكان يسجد
على ذلك اللُّوَيح فى كل مرة ،وإذا فرغ من صالته سجَد
عليه ،وأطال فيه وكان يمُعك خَدَّه من الجانبين عليه ويتضَّرع
فى الدعاء ،ثم رفع رأسه ،ووضعه على عينيه ،ثم قبَّله ثانيا،
وأدخله فى جيْبه ،كما كان.
قال :فلما رأيتُ كرهْتُه ،واستوحشْت منه ذلك ،وقلت فى
نفسى :ليت كان رسولُ اهلل rحيَّا فيما بيننا؛ ليخبرَهم بسُوء
صنيعِهم ،وما هم عليه من البِدعة.
ومع هذا التفكُّر كنت أطرد النوم عن نفسى ،كى
143
اليأخذنى ،فتسد طهارتِى.
فينا أنا كذلك ،إذ طرأ علىَّ النُّعاس ،وغلبنى ،فكأنى بين
عرْصَة واسعةً،فيها ناسٌ كثيرون، اليقظة والمَنام ،فرأيت َ
واقفون وفى يدِ كلِّ واحدٍ منهم كتابٌ مجلَّد ،وقد تحلقوا كلُّهم
حلْقة،على شخص ،فسألتُ الناسَ عن حالهم ،وعمن فى ال َ
فقالوا :هو رسولُ اهلل ، rوهؤالء أصحاب المذاهب يريدون
أن ي قرؤا مذاهَبهم ،واعتقادَهم من كتبهم ،على رسول اهلل ،r
ويصحِّحوها عليه.
قال :فبيْنا أنا كذلك ،أنظر إلى القوم ،إذْ جاء واحدٌ من أهل
الحَلقْة ،وبيدهِ كتابٌ .قيل :إن هذا هو الشافعىّ ،رضى اهلل
عنه ،فدخل فى وسَطِ الحْلقة ،وسلَّم على رسولِ اهلل . r
قال :فرأيت رسول اهلل rفى جمالهِ وكمالهِ ،متلبسا بالثِّياب
البيض المغسولة النَّظِيفة ،من العمامة والقميص ،وسائر
الثياب ،على زِىِّ أهل التصوف .
فرد عليه الجواب ،ورحَّب ،وقعد الشافعىّ بين يديه ،وقرأ
من الكتاب مذهبَه واعتقادَه عليه.
وبعد ذلك جاء شخصٌ ىخر ،قيل :هو أبو حنيفة ،رضى
اهلل عنه ،وبيده كتاب ،فسلَّم وقعد بجنْب الشافعىّ ،وقرأ من
الكتاب مذهَبه واعتقادَه عليه.
ثم أتى بعده كلُّ مذهب ،إلى أن لمَ يَبْقَ إال القليل ،وكلُّ مَن
يقرأ ،يقعدُ يجنب اآلخر.
فلما فرغوا ،إذا واحدٌ من المبتدعِة الملقَّبة بالرافضة ،قد
جاء وفى يده كراريسُ غيرُ مجَّلدة ،فيها ذ ْكرُ عقائدهم الباطلة،
وهَمَّ أن يدخل الحلْقة ،ويقرأها على رسول اهلل ،rفخرج واحد
إليه ،وزجرَه ،وأحذ الكراريس من ممن كان مع رسول اهلل r
144
حلْقة ،وطردَه وأهانه. يِده ،ورمَى بها إلى خارج ال َ
قال :فلما رأيت أن القومَ قد فرغوا ،وما بقرَ أحدٌ يقرأ عليه
شيئا ،تقدّمتُ قليال،وكان فى يدى كتاب مجلَّد،
فناديتُ،وقلت:يارسول اهلل ،هذا الكتاب مُعتقَدى،ومعتقَد أهل
السنَّة،ولو أذِنْت لى حتى أقرأه عليك؟
ئ ذاك؟ فقال رسولُ اهلل rوأىُّ ش ٍ
قلت :يارسول اهلل ،هو"قواعدُ العقائد" ،الذى صنَّفه
الغَزَّالىِّ.
فأذن لى بالقراءة ،فقعدتُ ،وابتدأت :بسم اهلل الرحمن
الرحيم ،كتاب قواعد العقائد ،وفيه أربعة فصول:
الفصلُ األول فى ترجمة عقيدةِ أهلِ السُّنَّة ،فى كلمتى
الشهادة ،التى هى أح ُد مبانى اإلسالم ،فنقول ،باهلل التوفيق :
الحمدُ هلل المبدئُ المعيد ،الفهَّال لما يريد ،ذى العرش
المجيد ،والبْطش الشَّديد ،الهادى صَفْوَة العبِيد إلى المنْهج
الرشيد ،والمسلك السَّديد ،المنعم عليهم بعد شهادة التوحيد،
والترْدِيد ،السائق بهمالتشْكيك َّ بحراسة عقائدهم عن ظلمات َّ
إلى اتّباع رسولِه المصطفى ،rواقْتِفاء صَحْبه األكرمين
بالتأييد والتسديد( ،وظل يقرأ فى الكتاب فصالً فصالً حتى
وصل إلى قوله):
وأنه تعالى بَعث النبىَّ األمِّىَّ القرشىّ ،محمداً ،rبرسالته،
إلى كافة العرب ،والعجم ،والجن ،واإلنس.
قال :فلما بلغتُ إلى هذا رأيتُ البشاشةَ والبْشرَ فى وجهِه r
ت إلى نَعْته ،وصِفَته ،فالتفَت إلىَّ وقال :أين الغَزَّالىِّ ؟
إذ انّتهْي ُ
فقال :ها أنا ذا يارسول اهلل .
وزتقدَّم ،وسلَّم على رسول اهلل . r
145
َّالى يقبِّل يدَه،
فرد عليه الجوابَ ،وناوله يدَه العزيزة ،والغَز ِّ
ويضع خذَّي ِه عليها؛ تبرُّكا به ،وبيده العزيزة المباركة ،ثم قعد.
ل
قال :فما رأيتُ رسول اهلل rأكثر اسْتِبْشارا بقراءة أح ٍد مث َ
ما كان بقراءتى عليه"قواعد العقائد".
ثم انته ْبتُ من النوم ،وعلى عينى أثرُ الدمع؛ مما رأيت من
تلك األحوال ،والمشاهدات ،والكرمات؛ فإنها نعمةٌ جسيمة
من اهلل تعالى ،سيّما فى آخر الزمان ،مع كثرة األهواء .
فنسأل اهلل تعالى أن يثبِّتنا على عقيدة أهل الحق ،ويُحْيِيَنا
عليها ،ويميتَنا ،عليها ،ويحشرنا معهم ومع األنبياء ،
والمرسَلين؛ والصِّدِّيقين ،والشهداء ،والصالحين ،وحسن
أولئك رفيقا ،فإنه بالفضل جدير ،وعلى مايشاء قدير.
قال الشيخ اإلمام أبو القاسم اإلسْ َفرَايِنِّى :هذا معنى ماحكَى أبو
الفت ح السَّاوىِّ ،أنه رآه فى المنام؛ ألنه حكاه لى بالفارسية،
وترجمتُه أنا بال
(*) اختلفُ فى سنة وفاة الشيخ ابو مدين ،والذى اثبتناه هنا هو ما اجتمع
عليه بعض مصادر المغرب واألندلس وهى نفح الطيب البن المقرى،
وطبقات المالكية لمخلوق وموسوعة أعالم المغرب تنسيق وتحقيق
محمد حجى(أنظر حـ 1ص 385ـ ط دار االسالم بيروت).
143
ويكفيها ّدفْنُ ولىّاهلل سيدى أبى مدين بها ،وهو شعيب بن
الحسين األندلسى ،شيخ المشايخ ،وسيد العارفين ،وقدوة
السالكين أبو عبد اهلل محمد ابن التلمسانى فى كتابه "النجم
الثاقب ،فيما ألولياء اهلل تعالى من المناقب" :كان الشيخ سيدى
أبو مدين فرداً من أفراد الرجال ،وصدراً من صدور األولياء
األبدال ،جَمَعَ اهلل له علم الشريعة والحقيقة ،وأقامه ركن
الوجود هادياً وداعياً للحق ،فقصد بالزيارة من جميع األقطار،
واشتهر بشيخ المشايخ ،وذكر التادلى وغيره أنه خرج على
بده ألف شيخ من األولياء أُولى الكرمات ،وقال أبو الصبر
كبير مشايخ وقته :كان أبو مدين زاهداً فاضالً عارفاً باهلل
تعالى ،خاض بحار األحوال ،ونال أسرار المعارف،
خصوصاً مقام التوكلّ ،ال ُيشَق غباره ،وال تُجهل آثاره ،قال
التادلى :كان مبسوطاً بالعلم ،مقبوضاً بالمراقبة ،كثير االلتفات
بقلبه إلى اهلل تعالى حتى ختم له بذلك ،أخبرنى مَنْ شهد وفاته
أنه رآه فى آخر الرمَق يقول :اهلل الحق .وكان من أعالم
العلماء ،وحفّاظا الحديث ،خصوصاً جامع الترمذى ،وكان
يقوم عليه ،ورواه عن شيوخه عن أبى ذرّ ،وكان يالزم
كتاب"اإلحياء" ويعكف عليه ،وترد علبه الفتاوى فى مذهب
مالك فيجيب عنها فى الوقت ،وله مجلس وعظ يتكلم فيه،
فيجتمع عليه الناسُ من تخرج عليه جماعة كثيرة من العلماء
والمحدثين وأرباب األحوال ،وكان شيخه أبو يعزى يثنى
عليه ثناءً جميالً ،ويخصه بين أصحابه بالتعظيم والتبجيل،
قرأ بفاس بعد قدومه من األندلس على الشيخ الحافظ أبى
الحسن بن حرزهم ،وعلى الفقيه الحافظ العالمة أبى الحسن
بن غالب .وذكر عنه أنه قال :كنت فى أوّل أمري وقراءتى
على الشيوخ إذا سمعت تفسير آية أو معنى حديث قنعت به
144
وانصرفت لموضع خال خارج فاس أتّخذه مأوى للعمل بما
إلى
فُتح به عليّ ،فإذا خلوت به تأتينى غزالة تأوى َّ
وتؤنسنى(نفح الطيب البن المقرى 353/9ط دار الكتب العلمية
بيروت)
وذكر الشيخ مخلوف فى طبقات المالكية فقال:
ولى اهلل أبو مدين شعيب بن حسن االندلسى البجاتى شيخ
المشايخ وسيد العارفين وقدوة السالكين شيخ الطريقة جمع اهلل
له علم الشريعة والحقيقة كان من الفضالء وأعالم العلماء
ومن حفاظ الحديث ومناقبه شهيرة وكراماته كثيرة أخذ عن
الحافظين أبى الحسن بن حرزهم وأبى الحسن بن غالب
والشيخ أبى يعزى ورحل المشرق فأخذ عن العلماء واستفاد
من الزهاد واألولياء وتعرف فى عرفة بالقطب الربانى أبى
صالح الشيخ عبد القادر الكيالنى المتوفى سنة 530ببغداد
فقرأ عليه بالحرم الشريف كثيراً من الحديث وألبسه الخرقة
وأودعه كثيراً من أسراره وحاله بمالبس أنواره ثم رجع إلى
بجاية واشتهر بها أمره وقصد بالزيارة من جميع األقطار
وتخرج عليه أكثر من ألف شيخ منهم محى الدين بن عربى
والشيخ أبو محمد صالح بن عبد الخالق التونسى وأبو يوسف
الدهمائى ا لقيروانى والشيخ طاهر المزوغى السافى وأبو عبد
اهلل محمد الدباغ والد مؤلف معالم االيمان له مجلس حافل
للغاية تمر به الطيور وهو يعلم فتقف تسمع وله نظم
جيد(.شجرة النور الزليه فى طبقات المالكية لمخلوف 134ط دار الفكر
بيروت).
وقال عنه ابن العماد الحنبلى:
أبو مدين األندلسى الزاهد العارف شيخ أهل المغرب
شعيب بن الحسين سكن تلمسان وكان من أهل العمل
واالجتهاد منقطع القرين فى العباد والنسك بعيد الصيت
148
ويسميه الشيخ محى الدين بن عربى بشيخ الشيوخ ونشر اهلل
ذكره وتخرج به جماعة من الفضالء كأبى عبد اهلل القرشى
وغيره وانتهى إليه كثير من العلماء .المحقيقين وفضالء
الصالحين كأبن عربى وله فى الحقائق كالم واسع ومن
شعره:
يامن عال فرأى مافى الغيوب وما تحت الثرى وظالم الليل
منسدل
أنت الغياث لمن ضاقت مذاهــبه أنت الدليل لمن حــارت
به الحيل
والكل يدعــوك ملهوف أنا قصدناك واآلمال واثقـــــــة
ومبتهل
وان سطوت فأنت الحاكم فان عفوت فذو فضل وذو كـرم
العدل
(شذرات الذهب )303/4
ومن مشهور كراماته أنه كان ماشياً يوماً على ساحل،
فأسره العدوُّ ،وجعلوه فى سفينة فيها جماع من أسرى
المسلمين ،فلما استقرَّ فى السفينة توقفت عن السير ،ولم
تتحرك من مكانها ،مع قوة الريح ومساعدتها ،وأيقن الروم
أنهم اليقدرون على السير ،فقال بعضهم:أنزلوا هذا المسلم
فإنه قسيس ،ولعله من أصحاب السرائر عند اهلل تعالى،
وأشاروا له بالنزول ،فقال:الأفعل إالّ إن أطلقتم جميع مَنْ فى
السفينة من األسارى ،فعلموا أن البُدَّ لهم من ذلك ،فأنزلوهم
كلهم ،وسارت السفينة فى الحال.
وكان استوطن بجاية ويقول :إنها معنية على طلب
الحالل ،ولم يزل بها يزداد حاله على َمرّ الليالى رفعه ،ترد
عليه الوفود وذوو الحاجات من اآلفات ،ويخبر بالوقائع
149
والغيوب ،إلى أن َوشَى به بغضُ علماء الظاهر عند يعقوب
المنصور ،وقال له :إنّا نخاف منه على دولتكم ،فإن له شَبَهًا
باإلمام المهدى ،وأتباعه كثيرون بكل بلد ،فوقعه فى قلبه،
وأهمّه شأنه ،فبعث إليه فى القدوم عليه ليخبره ،وكتب
لصاحب بجاية بالوصيّة به واالعتناء ،وأن يُحمَلَ خير محمل،
فلمّا أخذ فى السفر شقّ على أصحابه ،وتغيروا ،وتكلموا،
فسكتهم وقال لهم :إن منيّتى قربت ،ولغير هذا المكان قدرت،
وال بُد لى منه،وأنا شيخ كبير ضعيف ،القدرة لى على
الحركة ،فبعث اهلل تعالى مَنْ يحملنى إليه برفق ،ويسوقنى إليه
أحسن سوق ،وأنا الأرى السلطان وال يرانى ،فطابت نفوسهم،
وذهب بؤسهم ،وعلموا أنه من كراماته ،فارتحلوا به على
أحسن حال ،حتى وطئوا به حَ ْوزَ تلمسان ،فبدت له رابطة
العباد ،فقال ألصحابه :ما أصلحه للرقاد ،فمرض مرض
موته ،فلمّا وصل وادى يسر اشتد به المرض ،ونزلوا به
هناك(،نفغح الطيب )353/9
وعن وفاته قال ابن المقرى :توفى سنة ،594وكان آخر
كالمه :اهلل الحق ،فحمل فحمل إلى العباد ،مدفن األولياء
األوتاد ،وسمع أهل تلمسان بجنازته فكانت من المشاهد
العظيمة والمحافل الكريمة ،وفى ذلك اليوم تاب الشيخ أبو
على عمر الحباك .ونقل المعتنون بأخباره أن الدعاء عند قبره
مستجاب ،وجرّبه جماعة ،وقد ُزرَتُه مئين من المرات،
ودعوت اهلل تعالى عنده بما أرجو قبوله.أهـ( .باختصار يسير)
وقال ابن العماد الحنبلى أنه لما وصل إلى تلمسان نزل
واستقبل القبلة ،وتشهد وقال:ها قد جئت ،وعجلت إليك رب
لترضى ،فمات ودُفن فى جبانة العباد ،وقبره بها مشهور
مزور(.الشذرات )303/4
180
وقال اإلمام الذهبى عنه نقالً عن الشيخ محيى الدين بن
ظ
عربى :كان أبو مدين سلطان الوارثين ،وكان جمالُ الحفّا ِ
عبدُ الحقِّ األزدى قد آخاه ببجاية ،فإذا دخل عليه ويرى ما
أيده اهلل به ظاهراً وباطنا،يجد فى نفسه حالةً سنيةً لم يكن
يجدها قبلَ حضور مجلس ابى مدين ،فيقول عند ذلك :هذا
ث على الحقيقة(.سير اعالم النبالء )220/21
وار ٌ
وذكر اإلمامان المناوى والشعرانى فى طبقاتيهما بعض
أقواله منها قوله :ليس للقلب إال وجهة واحدة متى توجه إليها
حجب عن غيرها ،وقوله :اإلخالص أن يغيب عنك الخلق
فى مشاهدة الحق .وقوله :من خرج إلى الخلق قبل وجود
حقيقة دعته لذلك فهو مفتون ،وكل من ادعى مع اهلل حالةً ليس
على ظاهره منها شاهدةٌ فاخذروه .وقوله :الحضور مع الحق
جنة ،والغيبة عنه نار ،والقرب منه لذة والبعد عنه حسرة
وموت ،واألنس به حياة...
قال المناوى :رأى بعض األولياء إبليس فقال له :كيف
حالُك مع أبى مدين؟ قال :ما شبّته فى نفسى فيما يُلقَى إليه فى
قلبه إال كشخص بال فى البحر المحيط ،فقيل له :لِم تبول فيه؟
قال :حتى انخّسه فال تقع به الطهارة ،فهل رأيتم أجهل من
هذا؟ فكذا انا وقلب أبى مدين ،كلما ألقيتُ منه أمراً قلب
عينه(.الكواكب الدرية فى تراجم السادة الصوفية للمناوى 234/2ط
دار صادر بيروت)
181
جليلة منها :الشيخ الكبير الولى الشهير إمام العارفين ودليل
السالكين ،صاحب األحوال الفاخرة والكرمات الباهرة أبو عبد
اهلل محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشى الهاشمى قدس اهلل
تعالى روحه ،كان له التصريف النافذ فى الوجود ،والفضل
الفائض من فيض الجود والباع الطويل فى أحكام
الوالية...أحد أركان هذا الشأن ،وعلم أعالمه وقدوة ساداته
األعيان ،أجمع على جاللته أكابر االولياء والعلماء ،واتفق
على فضليته سكان الحضرة والحمى ،وتبرك الجلة بآثاره،
والتمسوا الهدى بإضاءة أنواره .وله كالم وكرمات ،مودع
بعضها فى بعض المصنفات مما اعتنى بجمعه وتأليفه الشيخ
اإلمام الحقيق السيد الجليل تلميذه أبو العباس أحمد بن على
العسقالنى(...مرآة الجنان لإلمام اليافعى 345/3طبعه دار الكتب
العلمية ببيروت)
وقال عنه قاضى القضاة مجير الدين الحنبلى :الشيخ
الزاهد الصالح الناسك صاحب الكرمات الظاهرة ،كان من
السادات األكابر والطراز األول ،وأصله مغربى من الجزيرة
الخضراء من بر األندلس ،جاء إلى مصر وانتفع به مَن
صحبه أو شاهده ،وكان أهل مصر يحكون عنه أشياء خارقه،
وله كالم مدوّن ،وقدم بيت المقدس أقام به إلى أن توفى فى
ذى الحجة سنة 599وله خمس وخمسون سنة ،ودُفن بمامال
وقبره ظاهر يزار ،وإلى جانبه دُفن الشيخ شهاب الدين بن
أرسالن ،وقد اشتهر عند الناس أن من جللس عند القبرين
جرّبت ذلك فصحّ ،نفع اهلل
ودعا اهلل بشئ استجيب له ،وقد َ
بهما وجمعنا معهما فى دار كرامته بمنه وكرمه.
(االنس الجليل لمجير الدين الحنبلى 145/2طبقة مكتبة المحتسب
باألردن)
182
4ـ اإلمام الشهيد يحيى الصرصرى الحنبلى
البغدادى
المتوفى سنة 353هـ
قال فى الشذرات:
هو الشيخ العالمة القدوة أبو بكر زكريا يحيى بن يوسف
الصرصرى نسبة إلى صَرصَر قرية على فرسخين من
بغداد ،كان إليه المنتهى فى معرفة اللغة وحسن الشعر،
وديوانه ومدائحه سائرة وكان حسّان وقته .وُلد سنة 588وقرأ
القرآن بالروايات على أصحاب ابن عساكر البطائحى وسمع
الحديث من الشيخ على بن ادريس اليعقوبى الزاهد ـ صحب
الشيخ عبد القادر وتسلّك به ولبس منه الخرقة ،وأجاز له
الشيخ عبد المغيث الحربى وغيره ،وحفظ الفقه واللغة ،ويقال
إنه كان يحفظ صحاح الجوهرى بكاملها ،ويقال ان مدائحه فى
النبى rتبلغ عشرين مجلداً ،وقد نظم فى الفقه مختصر
الخرقى وزوايد الكافى(وله قصيدة داليه فى الفقه الحنبلى
2444بيتا ،شرحها محمد بن أيوب التاذفى فى مجلدين ،قاله
الزركلى فى األعالم) وكان صالحاً قدوة كثير التالوة عظيم
االجتهاد ،صبوراً قنوعاً محبا لطريقة الفقراء ومخالطتهم،
وكان يحضر معهم السماع ويرخص فى ذلك ،وكان شديداً فى
183
السُّنة ،منحرفا على المخالفين لها ،وشعره مملوء بذكر أصول
السنة ومدح أهلها وذم مخالفيها .قال ابن رَجب :وكان قد رأى
النبى rفى منامه وبشره بالموت على السنة ،ونظم فى ذلك
قصيدة طويلة معروفة ،وسمع منه الحافظ الدمياطى وحدث
عنه ،وذكره فى معجمه ،ولما دخل التتار بغداد كان الشيخ
بها ،فلما دخلوا عليه قاتلهم وقتل منهم بعكازه نحو اثنى عشر
نفساً ثم قتلوه شهيداً برباط الشيخ على الخباز ،وحُمل إلى
صرصر فدُفن بها(.شذرات الذهب البن العماد الحنبلى )285/5
ترجم له ابن كثير فى البداية والنهاية وقال :معظم شعره
فى مدح رسول اهلل ، rوديوانه فى ذلك مشهور معروف غير
منكر ،وكان ذكياً يتوقد نوراً ،وما اشتهر عنه أنه مدح أحدًا
من المخلوقين من بنى آدم إال األنبياء قتله التتار شهيداً وله
من العمر ثمان وستون سنة.
(البداية والنهاية )244/13
184
5ـ الشيخ مجد الدين الوترى
المتوفى سنة 332هـ
ه و مجد الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبى بكر رشيد
البغدادى الواعظ الشافعى المشهور بالوترى المتوفى ببغداد
.اشتهر بمجموعة من المدائح النبوية سماها"الوتريات فى
مدح أفضل الكائنات"و"القصائد الوترية فى مدح خير
البرية"وهى تشمل على تسعة وعشرين قصيدة مرتبة قوافيها
على حروف المعجم أنشأها فى مدح النبى )*(rوجعل لكل
حرف من حروف الهجاء قصيدة منها 21بيتا(.االعالم
29/4معجم سركيس)1909
(*) الشك أن مدح النبى rمن أفضل األعمال ألنه دليل على حبه r
و"المرء مع من أحب يوم القيامة" كما جاء فى الحديث الصحيح(رياض
الصالحين ،)19وعن زيد بن أسلم قال :هلك عثمان بن تطعون فأمر
بجهازه ،فلما وُضع فى قبره قالت امرأته :هنيئا لك يا أبا رسول اهلل r
السائب الجنة .فقال رسول اهلل": rوما علمك بذلك؟ قال :كان يارسول
اهلل يصوم النهار ويصلى الليل .قال":بحسبك لو قلت كان يحب اهلل
ورسوله"(الحلية )103/1ولقد كانت السيدة عائشة رضى اهلل عنها
ترجو لحسان بن ثابت الجنة لمدحه رسول اهلل rفعن عامر عن عائشة
رضى اهلل عنها أنها قالت :ما سمعت بشعر أحسن من شعر حسان،
والتمثلت به إال رجوت له الجنة ،قوله ألبى سفيان بن الحارث بن عبد
المطلب:
هجوت محمداً فأحبت عنه وعنـد اهلل فى ذاك الجـزاء
اتشتمـــه ولست له بكفء فشر كما لخير كما الفداء
لسانى صارم العيب فيـه وبحـرى التكدره الدالء [تفسير ابن كثير
451/3سورة النور]
185
6ـ القـــاضى البيضــــاوى
المتوفى سنة 385
183
ثم رأيت ابن كثير قد عدّ أيضا فى تصانيفه شرح
المحصول وشرح المنتحب ،وشرح التنبيه.
(طبقات الفقهاء الشافعية البن قاض شبهه 491/1ط مكتبة الثقافة الدينية
القاهرة)
وأضاف كحالة فى معجمه إلى مؤلفاته شرح مصابيح السنة
للبغوى سماه تحفة األبرار(.معجم المؤلفين لعمر رضا كحاله
233/2ط مؤسسة الرسالة ببيروت)
184
يُملىصادق الكلِــم
من ذا يعارض صوب اهلل يشهـد أنــــى ال أعارضـــه
العارض العرم
يغبـط وليَّــك اليُــذمـم وإنمـا أنا بعـض الغابطيــن ومــن
وال يُلــــم
(بردة المديح المباركة شرح وتقديم د .أحمد عمر هاشم ـ طبع دار
المقطم القاهرة)
وقالت د .سعاد ماهر :قال الشهاب ابن حجر :كان
البوصيرى رحمه اهلل تعالى من عجائب اهلل فى النظم والنثر،
وإن لم يكن له إال قصيدته المشهورة بالبردة لكفاه فخورا،
وكذلك قصيدته الهمزية البديعة ،وقد ازدادت شهرة البردة إلى
أن صار الناس يتدارسونها فى البيوت والمساجد .وقالت:
وكان البوصيرى فى أول حياته العلمية يتولى الكتابة على
الجبايات ببلدة بلبيس ،ثم زهد فى الوظائف الحكومية ومتع
الحياة الدنيا ،ولجأ إلى حياة التصوف واالنقطاع للعبادة،
فذهب إلى االسكندرية حيث صحب القطب أبا العباس
المرسى رضى اهلل عنه ،ويقول على مبارك فى خططه:كان
البوصيرى و ابن عطاء اهلل السكندرى تلميذين ألبى العباس،
فخلع على البوصيرى لسان الشعر وعلى ابن عطاء اهلل ـ
صاحب الحكم ـ لسان النثر.
وقد الزم البوصيرى استاذه وأخذ عنه فظهرت عليه
بركته ..دينا وعلما وورعاً ووالية ..ثم نهج بعد ذلك فى شعره
منهجاً آخر ،فصار متصوفاً مادحاً لحضرة رسول اهلل ،r
وأخلص الحب هلل ولرسوله ،وهام بذلك حتى صار اليبارى.
قالت :ومسجد اإلمام البوصيرى بمدينة االسكندرية فى
مواجهة جامع سيدى أبى العباس المرسى ،أى أنه جاور
188
استاذه فى حياته وبعد مماته.
(مساجد مصر وأولياؤها الصالحون للدكتوره سعاد ماهر طبع
المجلس األعلى للشئون االسالمية بالقاهرة)91/3
وفى سبب نظم هذه القصيدة جاء فى فوات الوفيات
للكتبى ،والمقفى للمقريزى ،والمنهل الصافى البن تعزمى
بردى القصة التالية (وهذة رواية المقريزى) :قال :
فاتفق أنه أصابه فالِج أبطل نصفه ،وتعطل مدة ،بحيث
عجز عن االنقالب فى الفرش من جانب إلى آخر ،فلما أمضَّه
ذلك ،عزم على نظم قصيدة فى مدح رسول اهلل ،rيستشفع
بها إلى اهلل تعالى ،عساه ينجيه مما به ،فنظم القصيدة التى
تعرف بالبردة وأولها :
ن
جرَى مِ ْ
جتَ دَمْعــاً َ
َمزَ ْ سلَــمِ
َكرِ جِيرَانٍ بِذِى َأَمِنْ تَذ ُّ
مُقْل ٍة بِـــدَمِ
وك رر إنشادها مرارا ،وتشفع إلى اهلل سبحانه بنبينا محمد
،rفى إزالة كربه ،وأكثر من البكاء والدعاء ،ونام فرأى
رسول اهلل rفى منامه ،وكأنه يمسح بيده المقدسة على ما به
من الوجع ،ثم ألقى عليه بردة ،فانتبه وقد عُفى مما به من
فَوْره ،وخرج من منزله ،وكان ما تقدم ذكره سرا فيما بينه
طلِع عليه أحدا من الناس ،فلقيه بعض وبين اهلل سبحانه ،لم يُ ْ
الفقراء وقد خرج من بيته وقال له :أريد أن تعطينى القصيدة
التى مدخت بها رسول اهلل ،rفقال :وأىَّ قصيدة تريد؟ فإنى
بقصائد كثيرٍ ،فقال التى أنشأتها فى مرضك ،التى مدحته r
أولها :
... ... ... ... ... سلَـــمِ
َكرِ جِيرانٍ بِذِى َ
أَمِنْ تَذ ُّ
...
189
واهلل لقد سمعناها البارحة ،وهى تُ ْنشَد بين يدى من صُنِعت
فيه ،ورأيته rيتمايل عند سماعها ،كتمايل القضيب الرَّطْب،
وأعجبته ،وألقى على من أنشدها بردة .فأعطاها القصدية،
وشاع المنام بمصر ،حتى بلغ الصاحب الكبير بهاء الدين
على بن محمد بن حنا ،فانتسخها ،ونذر أن اليسمعها إال وهو
قائم مكشوف الرأس ،فسمعها كذلك ،وأُعْجِب بها ،وتَبرَك هو
وأهله بسماعها ،وشاع ذلك بين الناس ،فاتفق أن سعد الدين
الفارقىّ موقِّع الصاحب رَمِد رمدا شديدا أشفى منه على
العمى ،فرأى فى منامه كأنه يقال له :اذهب إلى الصاحب بهاء
الدين ،وخذ منه البردة ،وضعها على عينيك تبرأ من وقتك.
فلما أتاه ،وقص عليه ما رأى قال :واهلل ما عناى من آثار
النبىِّ rبردة ،وفكر ساعة ثم قال :لعل المراد قصدية البردة،
فنحن نتبرّك بها ،وأمر عبده ياقوت أن يقول للخادم :افتح
صندوق اآلثار ،وأخرج القصيدة من حق العنبر ،وات بها،
فلما جاءت وضعها الفارقىّ على عينيه ،وقرئت عليه ،وكان
الشفاء ،فسميت من حينئذ البردة ،واشتهرت بديار مصر
والشام والمغرب والحجاز واليمن ،وشهرة المزيد عليها،
وزادوا فى تعظيمها ،حتى عملوها تميمة تعليق على
الرءوس ،وزعموا فيها مزاعم كثيرة من أنواع البركة ،وهم
على ذلك إلى يومنا هذا.
8ــ اإلمــام تقى الدين بن دقيق العيد
المتوفى سنة 402هـ
190
المصرى ابن دقيق العيد ،وُلد سنة 325هـ وتفقه على الشيخ
عز الدين بن عبد السالم فحقق المذهبين وأفتى فيهما وسمع
الحديث من جماعة ،وولى قضاء الديار المصرية ودرس
بالشافعى ودار الحديث الكاملية وغيرهما وصنف التصنيف
المشهور .كان يقول :ما تكلمت بكلمة وال فعلت فعالً إال
أعددت له جواباً بين يدى اهلل تعالى ،ويحكى أن ابن عبد
السالم كان يقول :ديار مصر تفتخر برجلين فى طرفيها :ابن
منير باالسكندرية وابن دقيق العيد بقوص ،وقال الذهبى فى
معجمه :قاضى القضاه بالديار المصرية وشيخها وعالمها
اإلمام العالمة الحافظ القدوة الودع شيخ العصر ،كان عالمة
فى المذهبين عارفا بالحديثص وفنونه سارت بمصنفاته
الركبان وولى القضاء ثمان سنين ،وبسط السبكى ترجمته فى
الطبقات الكبرى قال :ولم ندرك أحداً من مشايخنا يختلف فى
أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس السبعمائة،
وقال ابن كثير فى طبقاته :أحد علماء وقته بل أجلهم واكثرهم
علماء دينا وورعاً وتقشفاً ومداومة على العلم فى ليله ونهاره،
برع فى علوم كثيره السيما فى علم الحديث فاق فيه على
أقرانه وبرز على أهل زمانه ،رحلت إليه الطلبة من اآلفاق
ووقع على علمه وورعه وزهده االتفاق (شذرات الذهب البن
العماد الحنبلى )5/3
وقال فى البدر الطالع :اإلمام الكبير صاحب التصانيف
المشهورة منها اإللمام فى أحاديث االحكام وشرع فى شرحه
فخرج منه أحاديث يسيره فى مجلدين أتى فيها كما قال الحافظ
ابن حجر بالعجائب الدالة على سعة دائرته فى العلوم
خصوصاً فى االستنباط ،وجمع كتاب اإلمام فى عشرين
مجلداً ،وصنف االقتراح فى علوم الحديث ،وشرح العمدة...
191
قال الذهبى :كان إماماً متفننا مدققاً أصولياً مدركاً أديباً نحويًا
غواصاً على المعانى وافر العقل كثير السكينة تام الورع مديم
السند مكباً على المطالعة والجمع سمحاً جواداً ذكى النفس
نزر الكالم عديم الدعوى ،وقال قطب الدين الحلبلى :كان ممن
فاق العلم والزهد ،وكان آية فى االتقان والتحرى ،شديد
الخوف دائم الذكر ،الينام من الليل إال قليالً وكانت أوقاته كلها
معمورة ،وقال ابن سيد الناس :لم أر مثله فيمن رأيت وال
ال
حملت عن أجلّ منه فيمن رويت ،ولم يزل حافظاً للسانه مقب ً
على شأنه ،ولو شاء العادّ أن يحصر كلماته لحصرها ،وله
تخلق وبكرامات الصالحين تحقق وعالمات العرفين تعلّق،
وكان الشهاب محمود يقول :لم ترعينى آدب منه ولو لم يدخل
فى القضاء لكان ثورى زمانه وأوزاعى أوانه .قال ابن حجر:
قرأت بخط محمد بن عبد الرحيم العثمانى قاضى صفد
أخبرنى األمير سيف الدين الحامى قال :خرجت يوما إلى
الصحراء فوجدت ابن دقيق العيد واقفا فى الجبانة يقرأ ويدعو
ويبكى فسألته فقال :صاحب هذا القبر كان من أصحابى وكان
يقرأ علىّ فمات فرأيته البارحة فسألته عن حاله فقال :لما
وضعتمونى فى القبر جاءنى كلب أنقط كالسبع وجعل
يروعنى فارتعت ،فجاء شخص لطيف فى هيبته حسنة فطرده
وجلس عندى يؤنسنى فقلت من أنت فقال أنا ثواب قراءتك
الكهف يوم الجمعة .انتهى .وله أشعار حسنه محكمة قوية
المعانى جيدة المبانى ،وبالجملة فقد اعترف له أئمة كل فن
بفنهم .
(البدر الطالع للشوكانى 229/2ط دار المعرفة بيروت)
192
المتوفى سنة 425هـ
193
أو الصبح إال ماجاله هل البدر إال ما حــواه لثامهـــا
ابتسامهــا
توفى بدمشق فى شعبان سنة 425هـ
(الدرر الكامنة البن حجر العسشقالنى 198/4ط دار الكتب العلمية
بيروتت)
(*) انظر فوات الوفيات للكبنى ط دار صادر بيروت تحقيق د .احسان
عباس 4/4
194
السلطان طلبه من حلب إلى مصر ليوليه قضاء دمشق ،وفرح
الناس بذلك فمرض فى الطريق وأدركه األجل فى بلبيس فى
ستة عشر رمضان سنة 424هـ ،وذكر له قصيدة بليغة فى
مدح النبى rذكرتها فى المجموعة النبهانية ومنها فى الرد
على ابن تيمية وشيعته المانعين االستغاثة بالنبى rقوله :
مــا ردّ جــاهـــك إال كل ياصاحب الجـاه عند اهلل خالقــه
أفــاك
أنت الشفيـــع لفتـــاك أنت الوجيه على رغم العدا أبدا
ونســـ اك
وال شفى اهلل يوما قلـــب يـافرقة الـــزيغ اللقيت صالحــة
مرضاك
ومن أعانك فى الدنيـــا وال خطيب بجاه المصطفى أبدا
(*)
وواالك
[شواهد الحق ]383
وقال الشوكانى :وأطلق عليه الذهبى عالم العصر وكبير
الشافعية.ز بله اليد البيضاء فى النظم والنثر وتخرج غالب
علماء العصر عليه ولم يروا غيره فى كرم نفسه وعلو همته..
وقال ابن كثير :انتهت إليه رياسة المذهب تدريساً وإفتاء
ومناظرة ،وساد أقرانه بذهنه الوقاد وتحصيلة الذى منعه
الرقاد وعبارته الراتعة وكلماته الفائقة ولم يسمع أحد من
الناس يدرس أحسن منه وال سمعت أحلى من عبارته وجودة
تقريره وصحة ذهنه وقوة قريحته انتهى( .راجع البدر الطالع
للشوكانى )212/2
وأورد فى حاشية ديوان االسالم مصنفاته التى منها أيضا
195
البرهان فى اعجاز القرآن ،والكاشف وتحقيق األولى من أهل
الرفيق األعلى ووفيات األعيان فى التاريخ والتراجم والمنهاج
وشرح فصوص الحكم ..وقال نقالً عن االسنوى فى طبقات
الشافعية قال :ذكره الذهبى فى تاريخه قال :كان شيخنا عالم
العصر وكان من بقايا المجتهدين ومن أذكياء ،أهل زمانه،
درّس وأفتى وصنف وتخرج به األصحاب( .ديوان االسالم
للغزى تحقيق سيد كسروى حسن 403/2ط دار الكتب العلمية بيروت)
193
عن نفسه رضى اهلل تعالى عنه أو سمى وفا ألن بحر النيل
توقف فلم يزد إلى أدان الوفاء ،فعزم أهل مصر على الرحيل
فجاء إلى البحر فقال أطلع بإذن اهلل تعالى ،فطلع ذلك اليوم
سبعة عشر ذراعًا وأوفى فسموه وفا .
(الطبقات الكبرى للشعرانى )21/2
قال العماد الحنبلى عنه :العارف باهلل المحقق محمد بن
محمد المعروف بسيدى محمد وفا ،والد بنى وفا المشهورين
االسكندرانى األصل المالكى المذهب الشاذلى طريقة ،ولد
بثغر االسكندرية ونشأ بها وسلك طريقه الشيخ أبى الحسن
الشاذلى وتخر ج على يد األستاذ ابن باخل ثم رحل إلى اخميم
وتزوج بها واشتهر هناك وصار له سمعه ومريدون وأتباع
كثيرة ثثم قدم مصر وسكن الروضة على شاطئ النيل
وحصل له قبول من أعيان الدولة وغيرهم ،وكان له فضيلة
ومشاركة حسنة ونظم ونثر ومعرفة باألدب ،وكثر أصحابه
وصاروا يبالغون فى تعظيمه ،وكان لوعظه تأثير فى القلوب،
ثم سكن القاهرة ،ولم يزل أمره يشتهر وذكره ينتشر مع حمل
الطريقه وحسن السيره إلى أن توفى يوم الثالثاء حادى عشر
ربيع اآلخر ودفن بالقرافة ،وقبره مشهور يزار .
(شذرات الذهب للعماد الحنبلى )203/3
194
القرآن والعربية على أبى القاسم بن جزى وأبى عبد اهلل بن
النجار ،وسمع من أبى عبد اهلل بن جابر وجماعة عدة ،وتأدب
بابن الحناب ،وبرزفى الطب وبرع فى الشعر واألدب وفاق
أقرانه قاله الشوكانى فى البدر الطالع وقال العماد الحنبلى:
كان والده بارعاً فاضالً (*) وقال العالمة المقرى فى كتاب
تعريف ابن الخطيب :هو الوزير الشهير الكبير الطائر
الصيب فى المشرق والمغرب عَلم الرؤساء األعالم الذى
خدمته السيوف واألقالم ،اعترف له بالفضل أصحاب العقول
(شذرات الذهب )244/3 الراجحة واألحالم .
قال الزركلى فى االعالم :وكان يلقب بذى الوزارتين القلم
والسيف ،ويقال له ذو العمرين الشتغاله بالتصنيف فى ليله،
وبتدبير المملكة فى نهاره ،ومؤلفاتهتقع فى نحو ستين كتابا
منها اإلحاطه فى تاريخ غرناطه واللمحة البدرية ورقم الحلل
فى نظم الدول والكتيبة الكامنة وروضة التعريف بالحب
الشريف ودرة التنزيل وريحانة الكتاب وديوان شعر ...وعلى
اسمه صنف المقرى كتابه العظيم"فتح الطيب من غصن
األندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب".
قال االستاذ محمد الكتانى فى مقدمة التحقيق لكتاب
روضة التعريف البن الخطيب قال ابن خلدون :نشأ ابن
الخطيب بغرناطة وقرأ وتأدب على مشيختها ،واختص
بصحبة الحكيم المشهور يحيى بن هزيل ونبغ فى الشعر
والترسيل (الكتابة) بحيث اليجارى فيهما .انتهى
(*) جاء فى مقدمه التحقيق لكتاب روضة التعريف بالحب الشريف أن
والده استشهد سنة 441فى معركة بين المسلمين وبين االسبان فى
مدينة طريف.
198
وتقلد الوزارة فى غرناطة فى الفترة مابين 449ـ،430
وفى سنة 430نكب ابن الخطيب مع سلطانه الغنى باهلل إثر
إلنقالب الذى ثم فى غرناطة ففقد الغنى باهلل عرشه ونُحى ابن
الخطيب عن وزارته وأخذت ممتلكاته ،غير ان سلطان
المغرب أبا سالم المرين طلب من سلطان غرناطه (الجديد)أن
يسمح للغنى باهلل ولوزيره ابن الخطيب بالجواز إلى المغرب
ضينين عليه فتم ذلك.
كان ابن الخطيب يوم ذاك يناهز الخمسين ،وهى سن
االرتداد إلى الشيخوخة ،فكانت نكبته فى مثل هذا السن بمثابة
اليقظة من نوم الغرور بالحياة ،كما خلقت فى نفسه الرغبة فى
التزهد وإطراح األلقاب ،واغتنام بقية العمر فى القربات
واالعتكاف على البتعبد ،فقام بعد وصوله إلى المغرب برحلة
عبر مدن المغرب ،يزور المعالم واآلثار ،ويطرح نفسه على
قبور األولياء للتأمل واالعتبار ،واتخذ مدينة سال دار إقامة،
لم ا لها من المزايا فى هذا الباب ،وفيها التقى بالصوفى الشهير
الشيخ أبى العباس بن عاشر وتأثر به .ولكن فى سنة 433
رجع إلى األندلس مرة أخرى لتقلد منصب الوزارة بدعوة من
سلطانه الغنى باهلل بعد أن استرجع عرشه ،وألقى بين مقاليد
المملكة ،وبعد سنوات قالئل بدأ ابن الخطيب يشعر بإصر
الحياة على ظهره ،وغيولها المتكبدة من حوله ،وتوقانه إلى
الخالص من ذلك كله ،فى هذه الفترة يقول فى احدى
رسائله ..":والنية مع اهلل على الزهد فيما بأيدى الناس معقودة،
والتوبة بفضل اهلل عز وجل منقودة ،واهلل قد عوض حب الدنيا
بمحبته"(انظر روضه التعريف بالحب الشريف تحقيق محمد الكتانى
ط دار الثقافة بالدار البيضاء)
وسافر لسان الدين الخطيب خلسة إلى المغرب مخلفًا
199
وراءه بالط غرناطة الذى مقصف به المؤمرات والدسائس
وموجات الحقد والكراهية والحسد التى ماكان عبوره البحر
إلى المغرب لينجيه منها ،فقد مضت األيام وتقلبت الظروف
واألحوال وقُبض على ابن الخطيب واودع فى السجن .يقول
االستاذ الكتانى :وعقد مجلس سلطانى بحضور جماعة من
الفقهاء واالعيان وأحضر ابن الخطيب أمامهم ،فتليت عليه
االتهامات الموجهة إليه وفى مقدمتها رميه بااللحاد(*) مما
عزّر وعُذّب
زعموا أنه ورد فى كتابه روضة التعريف ،ثم ُ
أمام المأل ،ووقع التشاور فى مقتله انتهى .يقول الحافظ ابن
حجر :وقد اشتهر أنه نظم حين أرادوا قتله األبيات المشهورة
التى منها:
وفات فسبحــان من فقل للعدا ذهب ابن الخطيب
اليفــوت
فقل يشمت اليوم من ال فمن كان يشمت منكم بـــه
يموت
وأورد هذه القصة قال :ذكر الشيخ محمد القصبانى أن ابن
األحمر وجهه رسوالً إلى ملك الفرنج ،فلما أراد الرجوع
أخرج له كتابا من ابن الخطيب بخطه يشتمل على نظم ونثر
(*) مفهوم أن هذا اإلتهام الباطل كان ذذريعة لقتله فقط ،يقول اإلمام
الشوكانى :وقتله على الصفة المذكورة هو من تلك المجازفات التى
صار يرتكبها قضاة المالكية ويريقون بها دماء المسلمين بال قران وال
برهان(البدر الطاالع)194/2وقال ابن العماد الحنبلى بعد أن ساق
الكتانى :والكتاب الينطوى على شئ مما رماه به خصومه ،وال ماينم
على ذلك من قريب أو بعيد ..بل يحق لنا أن نؤكد أن ابن الخطيب كان
فى هذا الكتاب سُنيا أشعرياً بدون لبس وال خفاء( .روضة التعريف
)30/1
200
فى غايه الحسن والبالغة فأقرأه إياه ،فلما فرغ من قراءته قال
له :مثل هذا يُقبل ،وبكى حتى بل ثيابه (الدرر الكامنة فى أعيان
المائة الثامنة البن حجر العسقالنى 285/4ط الكتب العلمية بيروت)
من شعره :
قد ضاق بى عن حبك يامن بأكنــاف فــوادى رنـــع
المتسع
شح مطــاع وهـــوى ما فيك لى جدوى وال أرعوى
متتبــع
وقد رؤى ـ فى المنام ـ بعد الموت ،فقيل له ما فعل اهلل بك
؟ فقال :غفر لى ببيتين قلتهما وهما :
والكــون لم تفتح له يــامصطفى من قبل نشـأة آدم
أغـــالق
أثنى على أخـالقك أيروم مخلــوق ثنــاءك بعدمـــا
الخــالق
(شذرات الذهب )244/3
13ـ اإلمــــام عبد الــرحيم البرعى اليمنى
المتوفى سنة 813هـ
201
شتى ،فدرس وأفتى واستهر بالعلم والشعر وهو من العلماء
األحبار المجتهدين والشعراء البلغاء المجيدين ،وله ممادح
كثيرة فى النبى صلى اهلل عليه وآله وسلم ،وديوان شعره
مشهور ،ومات فى سنة 803رحمه اهلل تعالى وإيانا
والمؤمنين آمين.
(البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لإلمام الشوكانى الملحق ص
)120
14ـ العالمــة عبد الرحمن بن خلدون
المتوفى سنة 816هـ
202
المؤرخ العالم االجتماعى البحاثة ،أصله من إشبيلية ومولده
ومنشأه بتونس ،رحل إلى فاس وغرناطة وتلمسانى واألندلس
وتولى أعماالً ،واعترضه دسائس ووشايات ،وعاد إلى
تونس ،ثم توجه إلى مصرفأ كرمه سلطانها الظاهر برمؤق
وولى قضاء المالكية..وتوفى بالقاهرة ،كان فصيحاً جميل
الصورة عاقالً صادق اللهجة عزوفا عن الضيم طامحًا
للمراتب العالمية.ولما رحل إلى االندلس اهتز له سلطانها،
وأركب خاصته لتلقيه وأجلسه فى مجلسه .واشتهر
بكتابه" العبر وديوان المبتدأ والخبر فى تاريخ العرب والعجم
والبربر"فى سبعة مجلدات ،وأولها"المقدمة" وهى تعد من
أصول علم االجتماع .ومن كتبه "شرح البردة"وكتاب فى
الحساب ورسالة فى المنطق وشفاء السائل لتهذيب المسائل
وغير ذلك(.االعالم للزرمكى)330/3
وقال السخاوى :قال ابن الخطيب فيما حكاه عنه شيخنا:
رجل فاضل جم الفضائل ،رفيع القدر أصيل المجد ،وقور
المجلس عالى الهمة قوى الجأش متقدم فى فنون عقلية ونقلية
متعدد المزايا شديد البحث كثير الحفظ صحيح التصور بارع
الحظ حسن العشرة ،مفخر من مفاخر المغرب ..وقال :وله
من المؤلفات غير االنشاءات النثرية والشعرية التى هى
كالسحر التاريخ العظيم المترجم بالعبر فى تاريخ الملوك
واألمم والبربر ،حوت مقدمته جميع العلوم ،وجلت عن
محجتها ألسنة الفصحاء فال تروح وال تحوم (الضوء الالمع
للسخاوى)145/4
وقال الشوكانى :وله نظم حسن فمنه:
وأطلنى موقف اسرفن فى هجرى وفى تعــذيبى
عـــبرتى ونحيبى
203
لــوداع مشغةف وأبين يــوم البين وقفــة ساعــة
الفؤاد كئيب
(البدر الطالع )339/1
204
السلطان فمن دونه فى الحديث واستقر قدمه بزبيد إ‘لى أن
(مات) .
قال الشوكانى فى البدر الطالع ،وقال:
وله مصنفات كثيرة نافعة .منها فى التفسير (لطائف ذوى
التميز فى لطائف الكتاب العزيز) فى مجلدات و(تنوير
المقباس .فى تفسير ابن عباس)أربع مجلدات و(تيسير فاتحة
االياب .فى تفسير فاتحة الكتاب) فى مجلد كبير ،و(شوارق
األسرار العلية فى شرح مشارق األنوار النبوية) مجلدان،
و(النفحة العنبرية فى مولد خير البرية)و(الصالت والبشر فى
الصالة على خير البشر)و(روضة الناظر فى ترجمة الشيخ
عبد القادر) فى مجلد كبير و(الدر النظيم المرشد إلى مقاصد
القرآن العظيم)و(حاصل كورة الخالص .فى فضائل سورة
االخالص) وفى الحديث والتاريخ (شوارق العلية .فى شرح
مشارق االنوار النبوية) أربع مجلدات(وفتح البارى .فى شرح
صحيح البخارى) ولعل ابن حجر لم يسمع بذلك حيث سمى
شرحه بهذا االسم كمل منه نحو عشرين مجلداً وكان يقدر
اتمامه فى أربعين و(عمدة الحكام .فى شرح عمدة االحكام)
فى مجلدات و(امتضاض السهاد .فى افتراض الجهاد)فى
مجلد و(االسعاد باالصعاد إلى درجة االجتهاد)ثالث مجلدات
و(المرقاة الوفية .فى طبقات الحنيفة)و(البلغة .فى تراجم أئمة
النحاة واللغة)و(الفضل الوفى .فى العدل االشرفى) و(نزهة
األذهان .فى تاريخ أصبهان)و(تسهيل طريق الفصول فى
االحاديث الزائدة على جامع االصول)و(االحاديث الضعيفة)
و(الدر الغالى فى االحاديث العوالى) و(سفر السعادة)و(المتفق
وضعا والمختلف صعقاً) وفى اللغة(الالمع المعلم العجاب
الجامع بين المحكم والعباب وزيادات امتأل بها الوطاب) وكان
205
يقدر ثمامه فى مائة مجلد كل مجلد يقرب من صحاح
الجوهرى و(القاموس المحيط .والقابوس الجامع لما ذهب من
لغة العرب شماطيط) فى مجلدين وهو كتاب ليس له نظير
وقد انتفع به الناس ولم يلتفتوا بعده إلى غيره .و(المثلث
الكبير) فى خمس مجلدات ..وغير ذلك من المصنفات الكثيرة
الواسعة الشهيرة .قال التقى الكرمانى :كان عديم النظير فى
زمانه نظماً ونثراً بالفارسى والعربى ،وحكى الخزرجى أنه
دام التوجه فى سنة 499إلى مكة ،فكتب إلى السلطان:
وقد مر على المسامع الشريفة غير مرة فى صحيح
البخارى قول سيدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم إذا
بلغ المرء ستين سنة فقد أعذر اهلل إليه فكيف من نيف على
السبعين وأشرف على الثمانين .وال يجمل بالمؤمن أن تمضى
عليه أربع سنين .وال يتجدد له شوق وعزم إالى بيت رب
العالمين .وزيارة سيد المرسلين .وقد ثبت فى الحديث النبوى
ذلك .وأقل العبيد ـ يعنى نفسه ـ له ست سنين عن تلك
المسالك .وقد غلب عليه الشوق حتى جل عمره عن االطوق
ومن أقصى أمنيته أن يجدد بتلك المعاهد .ويفوز مرة أخرى
بتقبيل تلك المشاهد .وسؤاله من المراحم الحسنة الصدقة عليه
بتجهيزه فى هذه االيام .مجرداً عن األهالى واالقوام قبل
اشتداد الحر وغلبة االوام .وأيضاً كان من عادة الخلفاء سلفًا
وخلفاً وأنهم كانوا ببردون البريد عمداً قصداً لتبليغ سالمهم
إلى حضرة سيد المرسلين فاجعلنى جعلنى اهلل فداك ذلك
البريد فال أتمنى شيئاً سواه وال أزيد.
فلما وصل هذا إلى السلطان كتب فى طرة الكتاب :أن هذا
شئ ال ينطق به لسانى وال يجرى به قلمى فلقد كانت اليمن
عمياء فاستنارت وان اهلل قد أحيى بك ما كان ميتا من العلم
203
فباهلل عليك إال ما وهبت له بقية هذا العمر ،واهلل يامجد الدين
يمينا بارة أنى أرى فراق الدنيا ونعيمها وال فراقك انت اليمن
وأهله انتهى .
وفى هذا الكالم عبرة للمعتبرين من أفاضل السالطين
بتعظيم قدر علماء الدين ،وقد أخذ عنه األكابر فى كل بالد
وصل إليها ومن جملة تالمذته الحافظ بن حجر والمقريزى
والبرهان الحلبى(ومات) ممتعا بسمعة وحواسه فى ليلة
عشرين من شوال سنة 814سبع وعشرة وثمان مائة بزبيد
وقد ناهز التسعين(.البدر الطالع للشوكانى 280/2باختصار ،وزيادة
يسيرة فى مصنفات الفيروزبادى من شذرات الذهب البن العماد الحلبى
)123/4
204
الرجال واستحضارهم ومعرفة العالى والنازل وعلل
االحاديث وغير ذلك ،وصار هو المعول عليه فى هذا الشأن
فى سائر األقطار وقدوة األمة وعالمة العلماء وحجة األعالم
ومحيى السنّة وانتفع به الطللبة ،وحضر دروسه وقرأ عليه
غالب علماء مصر ورحل الناس إليه من األقطار ،ثم وُلِّى
قضاء القضاة الشافعية بالديار المصرية ،والزال يباشر
القضاء إلى أن عزل تفسه سنة مات وانقطع فى بيته مالزما
لألشتغال والتصنيف (شذرات الذهب للعماد ،الحنبلى )240/4
وقال فى معجم المؤلفين :زادت تصانيفه التى معظمها فى
الحديث والتاريخ واألدب والفقه واألصلين وعلى مائة
وخمسين مصنفاً منها فتح البارى بشرح صحيح البخارى،
واإلصابة فى تمييز الصحابة ،والدرر الكامنة فى أعيان المائة
الثامنة ،وديوان شعر ،وإنباء الغمر بأبناء العمر ،ولسان
ميزان االعتدال وشرح الهمزية فى مدح خير البرية
البوصيرى ،وتقريب التهذيب ،والخصال المكفرة للذنوب
وغيرها (انظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة210/1ط مؤسسة
الرسالة بيروت)
وقال تلميده السخاوى :ولم يزل على جاللته وعظمته فى
النفوس ومداومته على أنواع الخيرات إلى توفى أواخر ذى
الحجة سنة اثنتين وخمسين ،وكان له مشهد لم يُر مثله ،ودُفن
تجاه تربة الديلمى بالقرافة ،وتزاحم األمراء واألكابر على
حمل نعشه ولم يخلف بعده فى مجموعه مثله ،ومن نظمه مما
قرأته عليه وأنشدنيه لفظاً:
وننوى فعال خليلى ولى العمر منا ولم نتب
الصــالحات ولكنا
208
ُهــد
وأعمارنــا منا ت ُّ فحتى متى نبنى بيوتاً مشيدة
ومـا تُبنى
(الضوء الالمع ألهل القرن التاسع للسخاوى 40/22ط دار الجيل
بيروت)
17ـ الشيــخ شمس الدين النواحــى
المتوفى سنة 859هـ
209
وقال اإلمام الشوكانى :وقد اشتهر ذكره وبعد صيته ،وقال
الشعر الفائق ،ومن نظمه فى الحافظ حجر:
يــؤثـــر باألحــاديث أيــا قاضى القضــاة ومن نــداه
الصحــاح
ألخــذ عنـك أخبــار وحقك ما قصــدت حمـــاك إال
السمـــاح
فأروى عن يديك خديث وهب واسند عن عطـاء بن أبى
ربــاح
ومن نظمه:
مسلسـل وفــؤادى منه يامن حديث غرامى فى محبتهم
معلـــول
فياله خـــبراً يـــرويــه روت جفونكم أنى قتلت بهـا
مكحــول
(البدر الطالع للشوكانى )154/2
210
العلوم ،من مؤلفاته :نزهة المجالس ومنتخب النفايس عن
أخبار الصالحين ،والمحاسن المجتمعة فى الخلفاء األربعة،
وصالح األرواح والطريق إلى دار الفالح فى المواعظ.
(معجم المؤلفين لكحاله )93/2
211
فى أقطار األرض شرقا وغربا وكان آية كبرى فى سرعة
التأليف حتى قال تلميذه الدواوى عاينت الشيخ وقد كتب فى
يوم واحد وثالثة كراريس تأليفا وتحريرا وكان مع ذلك يملى
الحديث ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة وكان أعلم
أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه رجاال وغريبا ومتنا وسندا
واستنباطا لالحكام منه وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتى ألف
حديث قال لو وجدت أكثر لحفظته قال ولعله اليوجد على
وجه األرض اآلن أكثر من ذلك ولما بلغ أربعين سنة أخذ فى
التجرد للعبادة واالنقطاع إلى اهلل تعالى واالشتغال به صرفا
واالعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم وشرع
فى تحرير مؤلفاته وترك االفتاء والتدريس واعتذر عن ذلك
فى مؤلف سماه بالتنفيس وأقام فى روضة المقياس فلم يتحول
منها إلى أن مات ولم يفتح طاقات بيته التى على النيل من
سكناه وكان األمراء واألَغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون
عليه األموال النفيسة فيردها وأهدى إليه الغورى خصيا وألف
دينار فرد األُلف وأخذ الخصى فأعتقه وجعله خادما فى
الحجرة النبوية وقال لقاصد السلطان التعد تأتينا بهدية قط فإن
اهلل تعالى أغنانا عن مثل ذلك وطلبه السلطان مرارا فلم
يحضر إليهرؤى النبى rفى المنام والشيخ السيوطى يسأله
يقول له هات ياشيخ السنة r عن بعض األحاديث والنبى
ورأى هو بنفسه هذه الرؤيا والنبى rيقول له هات ياشيخ
الحديث وذكر الشيخ عبد القادر الشاذلى فى كتاب ترجمته أنه
كان يقول رأيت النبى rيقظة فقال لى ياشيخ الحديث فقلت له
يارسول اهلل أمِن أهل الجنة أنا قال نعم فقلت من غير عذاب
يسبق فقال لك ذلك وقال الشيخ عبد القادر قلت له كم رأيت
212
رسول اهلل rيقظة فقال بضعا وسبعين مرة وذكر خادم الشيخ
السيوطى محمد بن على الحباك أن الشيخ قال له يوما وقت
القيلولة وهو عند زاوية الشيخ عبد اهلل الجيوشى بمصر
بالقرافة أتريد أن تصلى العصر بمكة بشرط أن تكتم ذلك على
حتى أموت قال فقلت نعم قال فأخذ بيدى وقال غمض عينيك
فغمضتهما فرحل بى نحو سبع وعشرين خوة ثم قال لى افتح
عينيك فاذا نحن بباب المعالة فزرنا أمنا خديجة والفضيل بن
عياض وسفين ابن عيينة وغيرهم ودخلت الحرم فطفنا وشربا
من ماء زمزم وجلسنا خلف المقام حتى صلينا العصر وطفنا
وشربنا من زمزم ثم قال لى يافالن ليس العجب من طى
االرض لنا وانما العجب من كون أحد من أهل مصر
المجاورين لم يعرفنا ثم قال لى إن شئت تمضى معى تقيم
حتى يأتى الحاج قال فقلت اذهب مع سيدى فمشينا إلى باب
المعال وقال لى غمض عينيك فغمضتهما فهرول بى سبع
خطوات ثم قال لى أفتح عينيك فإذا نحن من الجيوشى فنزلنا
إلى سيدى عمر الفارض وذكر الشعراوى عن الشيخ أمين
الدينالنجار امام جامع الغمرى أن الشيخ أخبره بدخول ابن
عثمان مصر قبل أن يموت وأنه يدخلها فى افتتاح سنة ثالث
وعشرين وتسمعائة وأخبره بأمور أخرى فكان األمر كما قال
ومناقبه التحصر كثرة ولو لم يكن له الكرمات أال كثرة
المؤلفات مع تحريرها وتدقيقها لكفى ذلك شاهدا لمن يؤمن
بالقدر وله شعر كثير غالبه فى الفوائد العلمية واإلحكام
الشرعية فمنه:
مــالهم فى الخيـــر أيهـــا السائــل قومـــــا
مذهـب
والى ربـــك أتـــرك النـــاس جميعــــا
213
فــارغـــب
(شذرات الذهب البن العماد الحنبلى )51/8
قال اإلمام الشعرانى :ورأيت بخط الشيخ جالل الدين
السيوطى عند بعض أصحابه وهو الشيخ عبد القادر الشاذلى
مراسلة لشخص سأله شفاعة عند السلطان قايتباى ،ونصها:
أعلم يا أخى أننى اجتمعت برسلول اهلل rإلى وقتى هذا خمسًا
r وسبعين مرة يقظة ومشافهة ،ولوال خوفى من احتجا به
عنى بسبب دخولى للوالة لطلعت القلعة وشفعت فيك عند
السلطان ،وإنى رجل من خدام حديثه ،rوأحتاج إليه فى
تصحيح األحاديث التى ضعَّفها المحدثون من طريقهم،
والشك أن نفع ذلك أرحج من نفعك أنت ياأخى.
(بغية المستفيد لمحمد العربى السائح ص 215ط دار الجيل
بيروت)
فى ترجمة لنفسه فى كتابه حسن المحاضر قال السيوطى:
رزقت التبحر فى سبعة علوم؛ التفسير والحديث والفقه والنحو
والمعانى والبيان والبديع ،على طريقة العرب والبلغاء العلى
طريقة العجم وأهل الفلسفة ،والذى اعتقده أن الذى وصلت
إليه من هذه العلوم السبعة ،سوى الفقه والنقول التى اطلعت
عليها فيها ،لم يصل إليه وال وقف عليه أحد من أشياخى
فضالً عمن هو دونهم ..أقول ذلك تحدثا بنعمة اهلل تعالى
الفخراً ،وأى شئ فى الدنيا حتى يطلب تحصيلها بالفخر وقد
أزف الرحيل وبدا الشيب ،وذهب أطيب العمر.
(حسن المحاضر فى تاريخ مصر والقاهرة 335/1ط عيسى الحلبى
ـ القاهرة)
وقال الكتانى :قال أبو الحسنات محمد عبد الحى اللكنوى
فى حواشيه على الموطأ" :وتصانيفه كلها مشتملة على فوائد
214
لطيفة وفوائد شريفة تشهد كلها بتبحره وسعة نظره ودقة فكره
وأنه حقيق بأن يعد من مجددى الملة المحمدية فى يده المائة
العاشرة وآخر التاسعة كما ادعاه بنفسه ،وشهد بكونه حقيقاً به
من جاء بعده كعلى القاري المكى فى المرآة شرح المشكاة"
اهـ .
قال " :شيخ شيوخنا السيوطى هو الذى أحيا علم التفسير
فى الدر المنثور ،وجمع جميع األحاديث المتفرقة فى جامعه
المشهور ،وما ترك فناً إالّ فيه له منن أو شرح مسطور ،بل
وله زيادات ومخترعات يستحق أن يكون هو المجدد فى
الققرن العاشر كما ادعاه وهو فى دعواه مقبول ومشكور"
ال
اهـ .وقال الشعرانى":لو لم يكن للسيوطى من الكرمات إ ّ
إقبال الناس على تآليفه فى سائر األقطار بالكتابة والمطالعة
لكان فى ذلك كفاية"اهـ .قلت :هذا أمر جدير باالعتبار ،فإن
مؤلفاته بالنسبة لمعاصريه وشيوخه حصلت على إقبال عظيم
عند األمة اإلسالمية لم يحصل عليها غيره ،وال تكاد تجد
خزانة فى الدنيا عربية أو عجمية تخلو عن العدد العديد منها
بخالف مؤلفات أفرانه وشيوخه فإنها أعز من بيض األنوق.
وقال ابن القاضى فى "درة الحجال"":إن نصانيفه التحصى
تجاوز األلف"اهـ.
ثم أورد جانبا من مؤلفاته حتى وصل إلى الجامع الكبير
والجامع الصغير فقال تحت عنوان "الجامع الكبير والجامع
الصغير ومِنّته بهما على المسلمين" قال :ومن أهمها
وأعظمها وهو من أكبر مننه على المسلمين كتابه الجامع
الصغير ،وهو مطبوع مع عدّة شروح عليه واختصارات
وشرح بعضها أيضا ،وأكبر منه وأوسع وأعظم الجامع
الكبير ،جمع فيها عدة آالف من األحاديث النبوية مرتبة على
215
حروف المعجم ،وهما المعجم الوحيد اآلن المتداول بين
المسلمين الذى يعرفون به كلم نبيهم rومخرجيها ومظانها
ومرتبتها فى الجملة ،وقلّ من رأيته أتصف من الكاتبين اليوم
وعرف مزية المترجم بكتابيه ومنه على المسلمين ،وقد قال
الشيخ صالح المقبلى فى كتابه"العلم الشامخ" بعد أن استغرب
أنه لم يتصدّ أحد لجمع جميع األحاديث النبوية على الوجه
المقرب":لعلها مكرمة ادخرها اهلل لبعض المتأخرين ،وإذا اهلل
قد أكرم بذلك وأهلّ له من لم يكد يُرى مثله فى مثل ذلك اإلمام
السيوطى فى كتابه المسمى بالجامع الكبير..الخ" ()1014/2
وذكر فى علوم القرآن ترجمان القرآن والتفسير المسند
واختصار الدر المنثور فى التفسير بالمأثور وهو مطبوع فى
ست مجلدات ضخمه من طالعه بتمعن أدهشه وأبهته
(فهرس الفهارس )1018/2 وأسكته...ألخ
مات رضى اهلل عنه سنة 911هـ ودُفن فى حوش
قوصون خارج باب القرافه.
(ذكره النبهانى فى جامع كرمات األولياء )158/2
قال ابن العماد الحنبلى :شهاب الدين أبو العباس أحمد بن
حجر الهيتمى السعدى األنصارى الشافعى ،اإلمام العالمة
البحر الزاخر ،ولد فى رجب 909فى محلة أبى الهيتم من
أقليم الغربية مصر ،ومات أبوه وهو صغير فلفلة إالمامان
الكامالن شمس الدين بن أبى الحمايل وشمس الدين الشناوى،
ثم إن الشناوى نقله من محلة أبى الهيتم إلى مقام سيدى أحمد
213
البدوى فقرأ هناك فى مبادئ العلوم ،ثم نقله فى سنه أربع
وعشرين إلى جامع األزهر فأخذ عن علماء مصر وكان قد
حفظ القرآن العظيم فى صغره ..وأذِن له باإلفتاء والتدريس
وعمره دون العشرين ،وبرع فى علوم كثيرة من التفسير
والحديث والكالم والفقه أصوال وفروعاً والفرائض والحساب
والنحو والصرف والمعانى والبيان والمنطق والتصوف،
ومقروءاته اليمكن حصرها ،وأما إجازات المشايخ له فكثيرة
جداً ..عنه من اليحصى كثرة ،وازدحم الناس على األخذ عنه
وافتخروا باألنتساب إليه ،وممن أخذ عنه شافهة شيخ مشايخنا
البرهان بن األحدب ،وبالجملة فقد كان شيخ اإلسالم ،خاتمه
العلماء األعالم ،بحراً التكدّره الدالء ،إمام الحرمين كما أجمع
عليه المأل ،كوكباً سياراً فى منهاج سماء السارى يتهدى به
المهتدون تحقيقاً لقوله تعالى{:وبالنجم هم يهتدون}واحد
العصر ،ثانى القطر،وثالث الشمس والبدر ،أقسمت المشكالت
أال تتضح إال لديه وأكدّت المفضالت أن التنجلى إال عليه..
وتوفى رحمه اهلل تعالى بمكة فى رجب ودفن بالمعالة فى
تربة الطبريين.
(شذرات الذهب البن العماد الحنبلى )340/8
وقال الكتانى أن له زهاء ثمانين مصنفاً ذكر بعضها،
ومنها :شرح الشمائل ،والفتاوى الحديثية والخيرات الحسان
فى مناقب أبى حنيفة النعمان ،والصواعق المحرقة فى الرد
على أهل البدع والزندقة ،والملد النبوى ،وغير ذلك..
(فهرس الفهارس وااألثبات لعبد الحى الكتانى334/1ط دار الغرب
االسالمى بيروت)
وقال الشوكانى :برع فى جميع العلوم خصوصاً فقه
الشافعى ،وصنف التصانيف الحسنة ،ثم انتقل من مصر إلى
مكة المشرفة وصنف بها الكتب المفيدة منها األمداد وفتح
214
الجواد شرحاً على اإلرشاد وتحفة المحتاج شرح المنهاج
وشرح الهمزية وشرح العباب .وكان زاهداً متعلالً على
طريقة السلف ،آمراً بالمعروف ناهيا عن المنكر ،واستمر
(البدر الطالع على ذلك حتى مات.
للشوكانى)109/1
21ـ السيــد محمــد البكـــرى الكبــير
المتوفى سنة 994هـ
218
المالكية عند الكعبة الشريفة فى الثامنة ،وفيها حفظت ألفية ابن
مالك وعرضتها على األجالء من العلماء األعالم بمكة..
وأتممت حفظ التنبيه لإلمام الحجة المجتهد ولى اهلل الشيخ أبى
اسحاق الشيرازى فى فقهه اإلمام األعظم محمد بن ادريس
الشافعى رضى اهلل عنه قبل تمام العاشرة من عمرى
وعرضته على أعيان بلدتنا مصر حينئذ ..واستوفيت البخارى
دارية لغالبه وراية لباقيه وصحيح اإلمام مسلم وغير ذلك،
ومن كتب السنة ومجاميع الحديث وكتب الفقه ..وشرعت فى
التصنيف فى حدود السادسة عشرة ..وقد ترجمه سيدى عبد
الوهاب الشعرانى رضى اهلل عنه فى طبقاته فقال :هو الشيخ
الكامل الراسخ فى العلوم اللدنية والمنح المحمدية الكامل ابن
الكامل سيدى محمد البكرى رضى اهلل عنه ،وشهرته تغنى
عن تعريفه ،وماذا يقول القائل فى حق من أفرغ اهلل تعالى
عليه العلوم والمعارف واألسرار إفراغاً ،ولم يصح ألحد من
أهل عصره فيما نعلم كما صح له ،فإن الناس أجمعوا على أن
ليس على وجه األرض بلد أكثر علماء من مصر ،ولم يكن
فى مصر أحد مثله ،فال ينكر فضله إال من أعماه الحسد
والمقت ،وحجبت معه حجتين فما رأيت أحسن منه خلقا وال
أكرم منه نفساً وال أجمل منه معاشرة وال أحلى منه منصقاً،
ودرس وأفتى فى عملى الظاهر والباطن ،واجمع أهل
األمصار على جاللته ،ونشأ رضى اهلل عنه كما نشأ والده
على التقوى والورع والزهد وعزة النفس حتى أتته الدنيا
وهى راغمه وأعرف من مناقبه واليقدر االخوان على سماعه
(جامع كرمات األولياء للنبهانى )312/1
وترجم له اإلمام المناوى فى طبقاته قال :محمد البكرى
شيخ اإلسالم عالم الحرمين ومصر والشام ورُزق من القبول
219
والحظ التام عند الخاص والعام ماال تضبطه األقالم..
واختص فى زمنه بإلقاء دروس التصوف الحافلة البديعة ولم
أر أحداً من علماء عصره كهو فى صيانة مجلسه عن اللفظ
واللغو والغيبة ،فكان مجلسه اليذكر فيه شئ من ذلك البته ،بل
كله فوائد علمية ،إما تفسير آيات قرآنية أو كالم على أحاديث
نبوية ..وبالجملة فقد كان فريد عصره ووحيد دهره ،وكان
عظيم الحلم واسع الصدر حسن الخلق جداً اليقابل من يؤذيه
ولم ينتقم ممن يعاديه ،وما ذاك إال بمدد ربانى
(انظر طبقات المناوى ،الطبقة العاشرة رقم )830
22ـ اإلمــام شهاب الدين أحمد المَقِّرِى
المتوفى سنة 1041هـ
قال المحبى فى خالصة األثر :أحمد بن محمد أبو العباس
المقِّرى التلمسانى المولد المالكى المذهب ،نزيل فاس ثم
القاهرة ،حافظ المغرب ،حافظ البيان ،ومن لم يُر نظيره فى
جودة القريحة وصفاء الذهن وقوة البديهة ،وكان آية باهرة فى
علم الكالم والتفسير والحديث ،ومعجزاً باهراً فى األدب
والمحاضرات وله المؤلفات الشائعة ..وُلد تبلمسان ونشأ بها
وحفظ القرآن الكريم ،وقرأ وحصّل بها على عمه الشيخ
الجليل العالم أبى عثمان سعيد بن أحمد المقرى مفتى تلمسان
أو من جملة ما قرأ عليه صحيح البخارى سبع مرات ،وروى
عنه الكتب السته بسنده إلى القاضى عياض بأسانيده
المذكورة فى كتاب الشفا .
وقال فى معجم المؤلفين :وصل إلى فاس وهو فى الثالثة
والعشرين من عمره ،فحضر المجالس العلمية يفيد ويستفيد،
ونال مكانة مرموقة فأجازه أقطاب العلم ..وتولى مناصب عدة
كالفتوى واإلمامة والخطابة بجامع القرويين ،ثم توجه نحو
220
الشرق قاصداً الحج فوصل إلى مصر ،واستقبل بحفاوة وألقى
(*)
بعض الدروس فى علم الحديث وعلم الكالم
ثم توجه إلى الحج وتنقل بين مدن الحجاز ومكة والمدينة
وزارها عدة مرات ،وألف فيها بعض كتبه .ثم زار بيت
المقدس والشام حيث لقى هناك حفاوة وإكراماً من أهلها(معجم
المؤلفين لكحالة )248/1
يصف المحبى إقامته فى دمشق يقول :ولما دخل إليها
اعجبته فنقل أسبابه إليها واستوطنها مدة إقامته ،وأملى
صحيح البخارى بالجامع تحت قبة النسر بعد صالة الصبح،
ولما كثر الناس بعد أيام خرج إلى صحن الجامع تجاه القبة
المعروفة بالباعونية ،وحضره غالب أعيان علماء دمشق وأما
الطلبة فلم يتخلف منهم أحد ،وكان يوم ختمه حافالً جداً اجتمع
فيه األلوف من الناس وعلت األصوات بالبكاء ،فنقلت حلقه
الدرس إلى وسط الصحن إلى الباب الذى يوضع فيه العلَم
النبوى فى الجمعات من رجب وشعبان ورمضان ،وأُتَى له
بكرسى الوعظ فصعد عليه وتكلم بكالم فى العقائد والحديث
لم يسمع نظيره أبداً..وكانت الجلسة من طلوعع الشمس إلى
قرب الظهر ،ثم ختم الدرس بأبيات قالها حين ودّع المصطفى
:r
كيف يخشى الرجاء ياشفيع العصــاة أنت رجــائى
(*) قال الشيخ عبد الباقى الحنبلى الدمشقى :دخلت مصر سنة 28
فوجدته ـ أى المقرى ـ فى صحن الجامع األزهر يقرأ العقائد وله مجلس
عظيم ،فلم يُستنكر عليه ما كان يورده من األعاجيب ،ألن العقائد فن
أهل المغرب ،فلما دخل رجب افتتح =البخارى فأتى بما هو
أعجب،وكان حافظاً أديباً(.فهرس الفهارس للكتانى )544/2
221
عندك خيبــه
غيبــة الجسم عنك وإذا كـنت حــاضراً بفــؤادى
ليست بغيبـة
أطيب العيش مـا يكون ليس بالعيش فى البالد انقطاع
بطيبـــة
نزل عن الكرسى فازدحم الناس على تقبيل يده ،وكان ذلك
فها واألربعاء 24رمضان سنة ،1034ولم يتفق لغيره من
العلماء الواردين إلى دمشق ما اتفق له من الخطوة وإقبال
الناس(خالصة األثر فى أعيان القرن الحادى عشر للمولى محمد
المحبى 302/1ط دار صادر بيروت)
ثم يقول فى معجم األدباء :دعا بعدها إلى مصر ،فألف
كتابه المشهور نفح الطيب ،وتوفى فى مصر سنة 1041بعد
أن ترك تراثاً ضخماً منوعاً بين النحو واألدب والتاريخ وعلم
الحديث والكالم والتفسير والقصائد والتصوف والفقه .من
تصانيفه الكثيرة :نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب،
وفتح المتعال فى وصف النعال نعال النبى ،rوأزهار
الرياض فى اخبار عياض ،وروض اآلسى العاطر األنفاس
فى ذكر من لقيته من أعالم مراكش وفاس ،والبدأة والنشأة فى
(معجم المؤلفين لعمر رضا النظم واألدب.
كحاله)248/1
وقد ختم المقَّرى كتابه الفريد"نفح الطيب" قاتئال :واعلم
أن هذا الكتاب معين لصاحب الشعر ،ولمن يعانى اإلنشاء
والنثر من البيان ،وفيه من حكايات األولياء والعلماء ما
نظمت فى لبه السطور منه السلوك ،وفيه من الوعظ
واالعتبار ما لم ينكره المنصف عند االختبار ،وكفاه انه لم يُر
مثله فى فنه فيما عملت ،وال اقوله تزكية له ،ويعلم اهلل تعالى
222
أنى تبرأت من هذا العارض ومنه سلمت ،ولو لم يُحز من
الشرف إال ختمه بهذه األمداح النبوية الشريفة ،ذات الظالل
الوريفة لكان كافيا شافيا ،وها أنا أجعل آخره تنبيها للبيب قول
ابن حبيب:
أقر
نـورُ الهــدى منهـا َّ يـاخـيرَ مبعــوثٍ لــه طلــعـــةٌ
العُيـــونْ
ثمِن غيثِ كَفَّيكَ المغي ِ جئتُ إلى ناديكَ ارجو القِـرى
الهَتــونْ
أوقعنـى بين الشَّجا كُنْ لى شفيعاً فارتكابُ الهَـوى
والشُّجــونْ
َزتِ الريحُ قُدو َدكاه َّ صلَّى عليـكَ اهللُ سُـــبحانــــه
الغُصـــونْ
وقال النواجى:
ورُمتُ تَخلُّصى يـــو َم لِقـد افرطتُ فى حُسن ابتـداء
الزِّحــام
نحسْـ ِلِيــُرشدنى إلى ُ فَبِالمختــارِ أرجــو عَفــْـوَ رَبِّى
الخِتــــامِ
(نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن
الخطيب للمقرى349/10ط دار الكتب العلمية بيروت)
(*)
23ـ الشيــخ إبراهيــم اللقــانى
المتوفى سنة 1041هـ
(*) أورد اإلمام النبهانى االسم كاآلتى :اإلمام الشيخ أحمد اللقانى،
والصواب ابراهيم كما ورد فى ترجمته فى خالصة األثر.
223
هو اإلمام أبو األمداد الملقب برهان الدين اللقانى المالكى
أحد األعالم المشار اليهم بسعة االطالع فى علم الحديث
والدارية والتبحر فى الكالم وكان إليه المرجع فى المشكالت
والفتاوى فى وقته بالقاهرة وكان قوى النفس عظيم الهيئة
تخضع له الدول ويقبلون شفاعته وهو منقطع عن التردد إلى
واحد من الناس ،يصرف وقته فى الدرس واإلفادة ،واله نسبة
هو وقبيلته إلى الشرف لكنه اليظهره تواضعا منه وكان
جامعاً بين الشريعة والحقيقة ،له كرامات خارقة ومزايا
باهرة ،حكى الشهاب البشبيشى قال :ومما اتفق له أن الشيخ
العالمة حجازى الواعظ وقف يوماً على درسه فقال له
صاحب الترجمة :تذهبون أو تجلسون .فقال له :اصبر ساعة،
ثم قال :واهلل يسمعك حتى ذهب )**(rوألف التاليف النافعة
ورغب الناس فى استكتابها و أنفع تأليف له منظومته فى علم
العقائد التى سماها بجوهرة التوحيد ،أنشأها فى ليلة باشارة
شيخه الشيخ الشرنوبى ،و أوصاه شيخه المذكور أن ال يعتذر
(**) حكى حضرة الوالد عليه رحمة اهلل فى مذكراته القصة التالية عندما
كان يحضر ـ فى مرحلة الصبى المبكرة ـ دروس فضيلة اإلمام الشيخ
محمود خطاب السبكى مؤسس الجمعية الشرعية ،قال :وذات ليلة ،وكان
يلقى بعد صالة العشاء درس الفقه ،كان يجلس ثانيا إحدى ساقية ،رافعا
األخرى فى وضع رأسى ألنها بها ألم اليمكنه من ثنيها ..وإنه لماض فى
درسه على هذه الجلسة وإذ به يثب من مقعده ويضم الساقين إلى
بعضهما ثانيا إياها صائحا :النبى حضر ياولد.
ووليت وجهى شطر أبواب المسجد ألرى من أيها الرسول rقادم ؟!
واآلن وقد قرأت للمؤمنين وللملحدين ،للشرقيين واألوربيين ،ومررت
فى فترات شك وشوامخ إيمان ،لو سئلت :ماذا تظن أن الشيخ فى ذلك
المشهد قد رأى أو تصور أو تخيل ؟
224
ألحد ذنب أو عيب بلغه عنه ،بل يعترف له به و يظهر له
التصديق على سبيل التورية تركاً تزكية النفس ،فنا خالفه بعد
ذلك أبداً (له مؤلفات كثيره جليله ،انظر خالصة األثر )،
وجمع جزءاً فى مشيخته سماه نثر الماثر فيمن أدرك من
القرن العاشر ذكر فيه كثيراً من مشايخه من أجلهم عالتمة
األسالم شمس الملة والدين محمد البكرى الصديقى ( أنظر
ترجمة ص )والشيج االمام محمد الرملى شارح المنهج0
(راجع خالصة األثر فى ذكر مشايخه ) وبالجملة فهو متفق
على جاللته و علو شأنه ،وأخذ عنه كثير من األجالء00
وغيرهم ممن اليحص كثرة ،ولم يكن أحد من علماء عصره
أكثر تالمذة منه 00وكانت وفاته وهو راجع من الحج سنه
1041ودفن بالقرب من عقبة أيله بطريق الركب المصرى،
وفى هذة السنه توفى الحافظ الكبير أبو العباس المقدسى
المالكى (انظر ترجمة ص )وقال فيها المصطفى بن محب
الدين الدمشقى يرثيهما :مضى المقرى أثر اللقانى الحقـــا
أمامان ما للدهر بعدهما خلف فبدر الدجى أجرى على
فأثر ذاكالدمع ما فيه من كلف (خالصة األثر فى الخددمعه
أعيان القرن الحادى عشر للمحبى طبع دار صادر بيروت ) 3/1
قال الشيخ ابراهيم اللقانى فى شرحه على الجوهرة :ليس
للشدائد والغموم مما جرّ به المفتون مثل التوسل به ، rومما
جرب فى ذلك قصيدتى الملقبة :بكشف الكروب بمالحاة
الحبيب والتوسل بالمحبوب التى أنشأتها بإشارة وردت على
لسان الخاطر الرحمانى عند نزول بعض المسلمات فانكشفت
بإذن خالق األرض والسموات وكاشف المهمات الإله غيره
وال خير إال خيره وهى:
ت
ودقَّ عظمى وغا َب ْ ياأكرمَ الخلقِ قد ضَا َقتْ بِىَ السُبـُلُ
225
ل
عَنِّىَ الحِيَــ ُ
ولم أجِـــدْ مِنْ عزيـزٍ أستَجيرُ بـــه سِوىَ رحيمٍ به َتسْ َتشَف ُع
يـوَم البــالءِ إذا َمرِ الساقِ يحمـى من يَلوذُ بـــه ال ُرسُلُ ُمش ِّ
ل
ن بَلـ ُ مــالم يـَكٌ ْ
كهف الضعاف إذا غوت المحاويــج ان محــل ألمّ بهــم
مكـرم ماعمهاالوجل مــؤمل البـــائس المتـروك نصـرتـه
حين يعلـو سـره الخجــل
لهُ الملوكِ ومن تـخُــو كَنزُالفقيرِ وعِزُّ لجـُودِ مَنْ خضَعتْ
ل
بــه المِلــ ُ
مــن لليتــامى تمثـال يــوم أزمهـم ولألرامل ستــر ســابــغ
خضــل
ليث الكتائب يوم الحرب إن حميت وطيسها واستحد البيض
واألسـل
ومن بـــه تكشـف من ترتجى فى مقام الهول نصـرتــه
الغماء والعلل
محمـــد بن عبـــد اهلل ملجـؤنـــا يــوم التنادى إذا ما عمنا
الوهــل
بـحـــر العطاء وكنز الفاتــح الخـــاتم الميمـون طائــــره
نفعه شـمـل
عنا الغمــوم وولى اهلل أكبر جاء النصر وانكشفــت
الضيق والمحــل
وهمـــة يمتطيهـا بعزمة من رســول اهلل صـادقــــة
الحــازم البطــل
بنا الرزايا وغاب الخـل أغث أغث سيد الكزنين قـدنزلت
واألخــل
بعسكر الذنب اليلوى والح شيبى وولى العمــر منهزمـا
223
به عجــل
وكن غوث لمن ضاقت كن للمعنى مغيثامغيثا عند وحدته
به السبـل
ما إن تعاقبت الضحواء صلــى عليك إلهى دائمــــا أبــدا
واألصل
وآلك الغر والصحب الكرام ذوى الفضـ
ـل الجلى،والسالم الطيب
الحفل
(شواهد الحق)390
أجيب بملء وعيى ويقينى :ساعتئذ رأى الرسول rرؤيا
بصرٍ وبصيرة ،ورآه كما كان أصحابه يرونه بغدو بينهم
ويروح..
(انظر مذكرات خالد محمد خالد"قصتى مع الحياة طدار أخبار اليوم
ص)254
راجع أيضا اإلمام السيوطى فى الحادى للفتاوى ،قال :كثر
السؤال عن رؤية ارباب األحوال للنبى rفى اليقظة ،وأن
طائفة من أهل العصر ممن القدم لهم فى العلم بالغوا فى إنكار
ذلك والتعجب منه ،وادعوا أنه مستحيل ،فألفت هذه الكراسة
فى ذلك وسميتها"تنوير الحلك فى إمكان رؤية النبى والملك".
(الحاوى للفتاوى للسيوطى 255/2ط دار الفكر بيروت)
وقد طبقت هذه الرسالة فى كتيب مستقل بدار جوامع الكلم
بالقاهرة فراجعها فهى غظيمة الفائدة.
224
ترجمه العالمة الرادى فى كتابه سلك الدرر بترجمة
وافية تغنى عن غيرها،قال :الشيخ عبد الغنى بن
اسماعيل..المعروف كأسالفه بالنابلسى ،الحنفى الدمشقى
النقشبندى القادرى أستاذ األستاتذة وجهبذ الجهابذة ،الولى
العارف ينبوع العوارف والمعارف..العالم العالمة،الحجة
الفهامة ..شيخ اإلسالم صدر األئمة األعالم،صاحب
المصنفات التى اشتهرت شرقاً وغرباً ،وتداولها الناس عجمًا
وعربا ،ذو اآلخالق الرضية ،واألوصاف السنية ،قطب
األقطاب ،الذى لم تنجب بمثله األحقاب ،العارف بربه والفائز
بقربه وحبه ،ذو الكرامات الظاهرة والمكاشفات الباهرة.
إن الزمـــان بمثله هيهيات اليأتى الزمــان بمــثلـــه
لبخيـــل
وُلد بدمشق فى 5ذى الحجة سنة ،1050وشغله والده
بقراءة القرآن ،ثم بطلب العلم ،فقرأ الفقه وأصوله على الشيخ
أحمد القلعى الحنفى ،والنحو والمعانى والبيان والصرف على
الشيخ محمود الكردى ،والحديث ومصطلحه على الشيخ عبد
الباقى الحنبلى ،والتفسير والنحو عن الشيخ محمد المحاسنى،
وحضر دروس والده فى التفسير بالمدرسة السليمية وفى
شرح الدرّ بالجامع األموى ..وأخذ طريق القادرية عن الشيخ
السيد عبد الرزاق الحموى الكيالنى ،وأخذ طريق النقشبندية
عن الشيخ سعيد البلخى ،وابتدأ فى قراءة الدروس وإلقائها
والتصنيف لما بلغ عشرين عاماً ،وأدمن المطالعة فى كتب
الشيخ محيى الدين بن عربى قدس اهلل سره ،وكتب السادة
الصوفية كابن سبعين والعفيف التلمسانى ،فعاوت عليه بركة
أنفاسهم فأتاه الفتح اللدنى ،فنظم بديعية فى مدح النبى ، r
فاستبعد بعض المفكرين أن تكون من نظمه ،فاقترح عليه أن
228
يشرحها ،فشرحها فى مدة شهر شرحاً لطيفاً فى مجلد ،ثم نظم
بديعية اخرى ..وشرح فى إلقاء الدروس بالجامع
األموى(صباحاً) وبعد العصر فى الجامع الصغير ..ووردت
عليه أفواج الورادين ،وصار كهف الحاضرين والوافدين
واستجيز من سائر األقطاب والبالد ،وعمت نفحاته وعلومه
األنام والعباد..
وتآليفه ومصنفاته كثيرة ،وكلها حسنة متداولة مفيدة،
ونظمه اليحصى لكثرته.
ومن تصانيفه":التحرير الحاوى بشرح تفسير
البيضاوى"،و"كنز الحق المبين فى أحاديث سيد
المرسلين"،و"كشف السر الغامض فى شرح ديوان ابن
رجال ترجمة فى الحديقة الفارض"،و"وزهر
الطريقة""،ونهاية السول فى حلية الرسول ،"rو"ورفع
الريب عن حضرة الغيب"،و"المقام األسمى فى امتزاج
األسماء""،وكشف النور عن أصحاب القبور"،و"تعطير
األنام فى تعبير المنام""،والقالئد الفرائد فى موائد الفوائد"فى
فقه الحنيفية على ترتيب أبواب الفقه"،وكتاب ريع اإلفادات
فى ربع العبادات"(*) الذى سماه"ديوان الحقائق وميدان
الرقائق" وديوان المدائح النبوية المسمى"نفحة القبول فى
مدحة الرسول " rوالعقد النظيم فى القدر العظيم"فى شرح
بيت من بردة المديح،و"جمع األسرار فى منع األشرار عن
الظن فى الصوفية األخيار" و"كشف الستر عن فريضة
الوتر" و"كفاية المستفيد فى علم التجويد"و"وتحفة الناسك فى
(*) قال عنه الجبرتى:وهو مؤلف جليل فى مجلد ضخم فى فقه الحنيفية
نادر الوجود (تاريخ الجبرتى 135/1ط دار الكتب العلمية بيروت)
229
بيان المناسك"و"الرد المتين على منتقص العارف محى
الدين"و"سرعة االنتباه لمسألة االشتباه" فى الفقه الحنفى،و
"قالئد المرجان فى عقائد االيمان"و"األنوار االلهية شرح
والفيض الربانى و"الفتح السنوسية"، المقدمة
الرحمانى"و"نهاية المراد شرح هدية ابن العماد" فى فقه
الحنيفية،و"صرف األعنة فى عقائد أهل السنة" و"تشريف
التغريب فى تنزيهه القرآن عن التعريب"و"الروض المعطار
بروائق األشعار"...وله رضى اهلل عنه غير ذلك من
التصانيف والتحريرات والكتابات والنظم(*) ..كان مصون
اللسان عن اللغو والشتم،اليخوض فيما اليعنيه وال يحقد على
أحد ،يحب الصالحين والفقراء وطلبة العلم ،ويكرمهم ويجلهم،
ويبذل جاهه بالشفاعات لوالة األمور ،فتقبل وال تردّ،مُعرضا
عن النظر إلى الشهوات ،اللذّة له إال فى نشر العلم وكتابته،
رحيب الصدر كثير السخاء ،وله كرامات التحصى ،وكان
اليجب ان تظهر عليه ،وال أن تحكى عنه ،هذا مع إقبال
الناس عليه ومحبتهم له واعتقادهم فيه ،ورأى فى أواخر
عمره من العز والجاه ورفعة القدر ماال يوصف ..وبالجملة
فهو األستاذ األعظم ،والمالذ األعصم ،والمعارف الكامل،
والعالم الكبير العامل ،القطب الربانى ،والغوث الصمدانى،
من أظمره اهلل فأشرقت به شموس األرشاد والعلوم ،وأظمر
خفيات ما رق عن األفهام ،وصير المجهول معلوم ،وقد حاز
تاريخى هذا كمال الفخر حيث احتوى على مثل هذا اإلمام
الذى أنجبه الدهر وجادبه العصر ،وهو أعظم من ترجمته
230
علماً ووالية ،وزهداً وشهرة ودراية .توفى عصر يوم األحد
24شعبان ،وجمز يوم االثنين 25وصلى عليه فى داره
وغلقت البلد يوم موته وانتشرت الناس فى جبل الصالحية،
وبنى إلى جانب ضريحه جامعاًواالن يتبرك به ويزار (سلك
الدرر للمرارى 31/3ط دار الكتب العلمية بيروت -نقل باختصار )
قال النبهانى :ولو يكن من كرامته رضى اهلل تغالى عنه إال
تبحره فى جميع العلوم ،وتأليفاته التى التعد والتحص فى
جميع الفنون لكان ذلك كافياً وافياً ،فكيف وله مع ذلك المناقب
المشهورة والكرامات المأثورة فى حياته وبعد مماته.
(انظر جامع كرامات ال نبهانى 194/2ط
الحلبى)
231
خزائن الغيب ماال يدخل تحت حصر ..وكان أكرم من السيل،
وأمضى فى السر من السيف ،وأوتى مفاتيح العلوم كلها حتى
أذعن له أولياء عصره ومحقّقوه فى مشارق األرض
ومغاربها ..وحج سنة 1131ثم رجع إلى مصر وسكن بدار
عند قبه المشهد الحسينى ،وتوفى بها فى 12ربيع ثان سنة
،1132ودُفن بالمجاورين( .تاريخ الجبرتى )144/1
وقال المرادى :وعلى كل حال فاستيفاء أحواله يكاد أن يُع ّد
من المجال ،ألن أولياء اهلل تعالى اليمكن حصر أوصافهم لما
وهبهم اهلل تعالى من فيض فضله ،وإنما ذلك قطرة من بحر،
أو ذرة من بر .وكان مصرفه مثل مصرف أكبر من يكون من
أرباب الثروة وأهل الدنيا ،ولم تكن له جهة تعلم يدخل منها ما
يفى بأدنى مصرف من مصارفه ،ولكن بيده مفتاح التوكل
لكنز هذا عطاؤنا هذا وذكر بعضا من مؤلفاته فقال :ومن
مؤلفاته"السيوف الحداد فى الرد على أهل الزندقة
واإللحاد"و"الفرق المؤذن بالطرب فى الفرق بين العجم
والعرب" ،وهذان التاليفان من أعجب العجاب لمن كُشف له
النقاب ،فمن أراد فليراجعهما ففيهما ما تشتهيه القلوب ،وما
تشتاقه من كل مطلوب ومرغوب .وبلغت مؤلفاته مائتين
واثنين وعشرين مؤلفا،وله نظم كثير ،وقصائد حجة خارجات
عن الدواوين ،تقارب اثنى عشر ألف بيت .وقد ترجم رضى
اهلل عنه كثيراً من مشايخه وممن اجتمع بهم ،فمن
ذلك":الكوكب الثاقب فيما لشيخنا من المناقب"و"الثغر الباسم
فى ترجمة الشيخ قاسم"و"الفتح الطرى الجنى فى بعض مآثر
شيخنا الشيخ عبد الغنى"و"الصراط القويم فى ترجمة الشيخ
عبد الكريم"و"الدرر المنتشرات فى الحضرات العندية فى
الغرر البشرات بالذات العبدية المحمدية"وله ديوان"الروح
232
واألرواح"وله "عوارف الجواد التى لم يطرقهن طارق" قد
أبدع فيه وأغرب..وكان رضى اهلل عنه من أكابر العرففين،
وأجل الواصلين ،كان من أفراد العالم علماً وعمالً وزهدًا
وورعاً ووالية قدّس اهلل روحه ،ونور مرقده وضريحه(،سلك
الدرر للمرادى )200/4بإختصار شديد وتقديم وتأخير فى بعض
المواضع
26ـ الشيخ محمد األمير الكبير
المتوفى سنة 1232هـ
233
والتصوف والقراءات وغير ذلك من الفنون والعلوم الشرعية
وطرق سندها إلى مؤلفيها وأسمائهم ووفياتهم وابتدأ بالموطأ
ثم أتى على الكتب المؤلفة فى الحديث وغيره من جميع
الفنون وختمها بكتب القوم وأحزابهم مسندة ،وقال إنما قدمت
ما يتعلق بالحديث على التفسير وجميع العلوم الشرعية ألن
التفسير وتلك العلوم مستمدة من حديث الرسول ... rوأخرت
عما ذكر كتب الصوفية وطريقتهم ألنها الزبدة المقتناه ،فإن
الشريعة هى علم الشريعة ،والعلوم األولية والمسائل
والمباحث لفهمه ،والطريق هو العمل به ،والحقيقة أسرار
وأنوار يثمرها العمل،واتقوا اهلل ويعلمكم اهلل أهـ .باختصار.
ومهر وأنجب وتصدر إللقاء الدروس فى حياة شيوخه ،ونما
أمره ،واشتهر فضله وذِكرُه فى اآلفاق ،ووفد عليه الطالبون
وأخذ عنه من اليعد كثرة .له مؤلفات غاية فى اإلتقان
واإلجادة ،رُزق فيها القبول كالمجموع وشرحه ،وحاشيته
عليه ،كان شيخه الصعيدى إذا توقف فى موضع يقول:هاتوا
مختصر األمير ،وهى منقبة شريفة ـ وذكر غير ذلك من
مصنفاته وقال :وكان رقيق القلب لطيف المزاج ،وكان لسانه
فصيحاً وذوقه صحيحاً ونظمه مليحاً( .شجرة النور الزكية فى
طبقات المالكية لمخلوف ص 332ط دار الفكر بيروت) بإختصار
وقال الجبرتى :توفى يوم االثنين عاشر ذى القعدة ،وكان له
مشهد حاصل جداً ،ودُفن بالصحراء بجوار الشيخ عبد
الوهاب العفيفى بالقرب من عمارة السلطان قايتباى ،وكثر
عليه األسف والحزن ،وخلف ولده العالمة النحرير الشيخ
محمداً األمير وهو اآلن أحد الصدور كوالده ،يقرأ الدروس
ويفيد الطلبة ويحضر الدواوين والمجالس العالية (تاريخ
الجبرتى )403/3
234
27ـ الشيخ حسين الدجانى
المتوفى سنة 1244هـ
235
والعارف باهلل الشيخ عبد اهلل الشرقاوى ،وحضر بعض كتب
السادة الحنفية ،على السيد أحمد الطحاوى خاتمة المحقيقن فى
البالد المصرية وكان أكثر انتفاعه بالعالم الفاضل ،واإلمام
الكامل ،السابق فى ميدان الفضل اذا جورى ،الشيخ إبراهيم
الشافعى الباجورى ،وحصلت له اشارة باطنية ،بالحضور فى
مذهب اإلمام األعظم أبى حنيفة النعمان ،على ضريحه
سحائب الرحمة والرضوان ،فستشار أشياخه الكرام فأذنوا له
كوالده بقصد االفتاء ونفع االنام ،وبقى إلى موته يتعبد على
مذهب إمام النفيس ،عالم قريش محمد بنن ادريس ،ومن
أشياخه فى الفقه النعمانى شيخ الحنفية ،فى الديار المصرية،
ذو التحقيق الوافى ،شيخ منصور اليافى ،وممن الزمهم
وانتفع عليهم بالحضور ،شيخنا القدوة المشهور ،ذو السر
الوهبى السيد محمد بن حسين الكتبى ،مفتى السادة الحنفية
ببيت اهلل الحرام،وبه كان انتقاله لدار السالم ،وقد صنف
مؤلفات وهو فى الجامع األزهر ،وبالجملة فعلو همته الينكر،
وفضله أشهر من أن يذكر ،ثم بعد أجازه شيوخه األمجاد،
باالجازات العلية االستاذ ،قدم لوطنه يافا المحروسة ،وسر
أبوه واالهالى برؤيته المأنوسة ،وذلك فى حدود عام خمسة
وثالثين ،والزم والده إلى ان توفى عام تسعة وثالثين ،وقد
ناهز والده من العمر ثمانين فورث حال أبيه الغنىّ فضله عن
االطراء والتنويه ،وال شك أن الولد سر أبيه ،وواظب بعد
والده علىى االقراء والتدريس ،وقرت به عين كل فاضل
وجليس ،فانتفع به كثير من الطالب ،وفاقوا ببركة انفاسه
على االقران واالتراب ،وولى وظيفة الفتوى بيافه المحمية،
على مذهب السادة الحنفية ،بمنشور من مقام المشيخة الكبرى
فى الدولة العثمانية ،وذلك فى حياة والده سنة ست وثالثين،
233
واستمر بخدمة الفتيا ما ينوف عن أربعين ،متحلياً بالورع
والتقوى ،متحريا الصواب وما عليه الفتوى ،وكانت االسئلة
ترد إليه من أقصى البالد ،لما اشتهر عنه من العفة وسلوك
منهج السداد ،وكانت فتواه نافذة فى اآلفاق ،وهو المرجع عند
ال
االختالف والشقاق ،وكان منهالً لكل قاصد ورائم ،عام ً
بعلمه اليخشى فى اهلل لومة الئم ،محباً للعلماء واالشراف،
واليحب أن يأكل مرة إال مع االضياف ،وكثيراً ما كان يترنم
بما قيل ،من بديع االقاويل ،مما يدل على حالته ،وانفراده فى
جودة وسماحته.
فى طيه ضيف مل ٌم المرحبــا بالليــل إن لم يأتنى
نــــازل
ان كــان عندى فيـه والصبح ان وافى فال أهالً بـه
ضيف
والحاصل أنه كان مطبوعاً على المعروف والخير،
مجبوال عفلى المساعدة ودفع الضير ،حسن الظن واالعتقاد،
بكل حاضر وباد ،كثير النصيحة والفوائد ،جديراً بالعطايا
والعوائد ،عظيم الهيبة ،كريم الثيية ،مجلسه محفوظ من الهزل
المخل والفحش والهذيان ،ال تخلو أوقاته من الكتابة واالفادة
والمراجعة والتحرير فى كل آن ،وكان متعلقاً بتعمير الجوامع
والمساجد ،وكان زاهداً فى الدنيا معرضاً عما فيها من
الحطام ،قانعاً بما تيسر من اللباس والطعام ،كثير التحمل،
صادق التوكل ،عربص الجاه بين الوردى ،مقبول الكلمة
واألمراء ،وطالما كان ينشد قول من قال ،وأحسن فى المقال:
هم السالطين ما لذة العيش إال صحبة الفقرا
والسادات واألمرا
وقد جمع اهلل له بين العلوم الباطنة والظاهرة ،حتى كان
234
فى علم الشريعة والحقيقة آية باهرة ،مقصوداً للزيارة
والرواية عنه من البالد ،مورداً للبركة والدعاء واالمداد ،وقد
كان عالمة المذهبين ،مشتهر الفضيلة فى الحافقين ،أخذ
الطريقة الخلوية البكرية من العارف باهلل ذى االرشاد
والتهكين ،نجل المحقق الصوفى السيد مصطفى البكرى
الصديقى وهو السيد كمال الدين.
وأخذ هذه الطريقة بعينها عن الفاضل المشهور فى كل ناد
السيد الشيخ أحمد الصاوى ابى االرشاد ،وتكمل على يد
األستاذ العالمة السيد الشيخ فتح اهلل المالكى خليفة األستاذ
الصاوى ،حينما قد ليافا عام مائتين وأربعين لزيارة البيت
المقدس الذى هو لكل خير حاوى ،وأخذ عنه الطريقة
الدسوقية االبراهيمية ،وحرر له بخطه اجازة سنية ،وأخذ
الطريقة القادرية عن الشيخ العماوى الفالوجى الهمام،
واألحمدية البدوية عن الشيخ صالح العِالَّرى السادة الكرام،
والرفاعية عن صاحب المشرب االنسى ،الشيخ حسن الغزالى
الرفاعى القدسى ،والشاذلية عن والده السيد سليم الدجانى،
ونال من اهلل اآلمال واالمانى ،وأما كشوفاته وكراماته،
وأخباره الغيبية وصالته ،ومقاماته المرتقبة إلى ذروة الكمال،
فلو اردنا بسطها لخرجنا عن االختصار المطلوب إلى االطالة
فى المقال،وله من بديع التأليف ،وجميل التصانيف ،عدة
وافرة ،نفعا اهلل به وبعلومه فى الدنيا واآلخرة ،وكان كثير
التعلق بالذات المحمدية ،وله عدة أشعار يمدح بها ذاته العلية.
منها
لخير من جــاء ولى حنـين سمــا فى كــل آونـــة
بالتبيان والحكم
قد عيل صبرى وأيام الصبا ذهبت واليد صفر ودمع
238
العين كالديـم
عن الوصول وقــد خشيت من األيـــام تمنعنى
لباهىالنور والشيم
وله أيضًا :
أال ليت شعـرى واألمــانى كثيرة أأبلغ ما أرجوا من
سـادة الحمى
ومن زمزم وهل أنظرن أرض الحجاز وطيبه
يروىالفؤاد من الظمأ
وله هذه القصيدة يمدح بها المصطفى :r
ألمتـــه حصـن منبــع أيا رحمة الدارين والسيـد الـذى
ومعقـــل
وأشرف أمل الكون فأنت حبيب اهلل أشرف كــائـن
عقالًوأكمل
والفضل إال عن فال خــير إال من جنابـك يرتجـى
عالك يسلسل
رؤوف رحيـم واصـل وأنت مـــالذ العالمين بأمـرهـــم
متوكــل
إليه وأصـــل من بـــه عليك مدار األمر خيرمن التـجى
يتوســل
وعجــل بتربــى عليك أغثنى وأوصل من سعـاد حبالنا
المعــول
بصنع جميــل منكـــم والحظنىفىكل الشؤون فــإننى
متــــأمل
فــإنــك أنـت المنعــم فعنكم أمورى يـاصفتى انظمها
المتفضــل
مدى الدهر ما قلب بذكر عليك صــالة اهلل ثـم سالمـــه
239
يُعلل
لــدار بهــا خـــير وماابن الدجانى المفتىزاد تشوقاً
النبيين منزل
وكم له من قصائد وأبيات ،أكثرها فى الحكم والتوسالت،
وقد افردت بديوان كبير ،وهو فى قطرة معروف وشهير ،ثم
انه فى منتصف شوال سنة اربع وسبعين ومائتين وألف قادة
الشوق والغرام ،لحج بيت اهلل الحرام ،فرأى المصطفى صلى
اهلل عليه وسلم فى المنام ،وشكا إليه الفاقه فتعهد له بتيسير
المرام ،فعند ذلك شد إزار السفر ،وتوجه معتمداً على بارىء
البشر ،وسار معه جملة من األفاضل،وبعد قضاء الحج ناداه
مواله ،واختاره لجواره واصطفاه ،وكانت وفاته بمكة
المكرمة فى يوم األحد الحادى والعشرين من ذى الحجة
الحرام سنة ألف وماتين وأربع وسبعين ،ودفن فى المعال ما
بين آمنه الرضا وخديجة أم المؤمنين ،وبجوار العالم الدمشقى
الشيخ عبد الرحمن الكزبرى قدوة المحدثين ،وكان مرضه
ثالثة أيام ،عليه رحمة الملك السالم.
(حلية البشر فى تاريخ القرن الثالث عشر للشيخ عبد الرازق البيطار
534/1ط دار صادر بيروت) بإختصار
240
الدين( ...وينتهى نسبه لى) السيد عبد اهلل (المحض) بن السيد
الحسن المثنى بن السيد الحسن السبط بن السيد على بن ابى
طالب والسيدة فاطمة الزهراء بنت سيد العالمين وإمام األنبياء
والمرسلين سيدنا محمد rوشرف وعظم وكرم( .حلية البشر
)883/2
وجاء فى علماء دمشق موجزه له منها:
وأصل أسرته من المغرب األقصى ،هاجرت من هناك
إلى نواحى وهران ،واشتهر رجال منها بالورع وكانوا قدوة
للناس.
ولد سنة 1222هـ ببلدة القَيْطنة من أعمال
(معسكر)بالمغرب األوسط فى بيت علم وتقوى ،وتربى فى
رعاية والده وحفظ القرآن الكريم فى مدرسته ،وقرأ عليه الفقه
وغيره ،وأخذ العلم على أهله.
(علماء دمشق )488/2
ثم سافر إلى وهران وحصّل منها ،وأكمل دراسته وبرع
فى مختلف العلوم حتى فاق أقرانه باألدب والتوحيد والفقه
والحكمة العقلية .وكان يحفظ أكثر صحيح البخارى .كما كان
له ولع بالفروسية والسالح اليهملهما ،فصار فاضالً ،وفارسًا
مدرباً ،وجمع بين السيف والقلم.
وفى سنة 1241هـ قصد مكة المكرمة مع والده وبعد أداء
فريضة الحج توجها إلى دمشق وبقيا فيها مدة ،فأخذ هو
الطري قة النقشبندية على الشيخ خالد النقشبندى ،ومنها رحل
إلى بغداد فأخذ الطريقة القادرية على الشيخ محمود الكيالنى.
(علماء دمشق )489/2
وفى سنة 1243هـ 1830/م حينما بدأ الفرنسيون باحتالل
الجزائر ،واضطر حسن بك حاكم وهران التركى لتسليم
241
البلدة ،دارت رحى القتال بين الحامية الفرنسية واألهالى،
وتولى قيادتهم حينئذ والده السيد محيى الدين وقام معه بأمر
الجهاد فقاتل ستين ،أظهر خاللهما بسالة وإقدماً ،ورباطة
جأش ،وأصالة رأى ،مما جمع له محبة الناس .
بايع والده أهل(القيطنة) أميراً عليهم لمكانته العلمية
وصالحه وشجاعته ،ثم اعتزل والده اإلمارة واختاره عوضًا
عنه وبايعه مجلس علماء مدينة معسكر ،ثم بايعه الناس بيعة
عامة ،وقيل إنه بويع بالسلطنة ،فلم يرض بلقبها مراعاة
لسطان فاس ،واكتفى بلقب اإلمارة.
دمشق (علماء
)489/2
أقام األمير عبد القادر اإلمارة على الفضل والعدل
والنظام ،وباشر األعمال وركب األخطار ،وضرب النقود من
الفضة والنحاس ،وأنشأ معامل األسلحة واللباس ،وجعل مدينة
(معسكر)حاضرة إمارته .ووضع للدولة الفتية دستوراً تضمن
مجموعة القوانين التى نظمت الدولة(*) .
(علماء دمشق)489/2
ويقول الشيخ عبد الرزاق البيطار:
ثم قامت الحروب بينه وبين الفرنسيس على ساق ،ولم
يزل يصول عليهم ويوجه سهام الموت األحمر إليهم ،إلى
آخر تلك القصة ،التى اليساعدنا االختصار على ذكر
تفصيلها .وقد ألف سعادة ولده األمير السيد محمد باشا كتابًا
(*) لما بويع األمير عبد القادر الجزائرى لتولى اإلمارة وزعامة الجهاد
ضد الفرنسيين وضع لنفسه خاتما نقش عليه:
إن تلقه األسد فى آجامها تجم ومن تكن برسول اهلل نصرته
[انظر البطولة والفداء عند الصوفية ص]184
242
مستوفى فى ذلك ذكر فيه ترجمة حاله مفصلة من ابتدائها إلى
(*)
انتهائها [حلية الشهداء ]889/888
وقام هلل حق القيام وصبتة النصرة االلهية فى كثير من
الوقائع ،إلى أن كان فى بعضها ما هو حارق للعادة من
الكرامات ،كطفر فرسه األزرق به ستين متراً حيث أحاطت
به العساكر الفرنساوية كالحلقة ،وراموا مسكه باليد فطفر به
فرسه على رؤوس العساكر واسلحتهم ذلك المدى ونجا
راكضاً إلى منعته ،ودام محاربا لهم نحو سبع عشرة سنة،
وأرسل إلى الحاج أحمد باى ليتحدا ويكونا يدا واحدة ،فامتنع
تجبراً وطغياناً ،وبقى األمير مدافعاً ومهاجماً إلى أن سولت
الغلطات النفسانية المخالفه للديانة اإلسسالمية لسطان المغرب
االتحاد مع الفرنسيس على محاربته ،وقطع عنه سلطان
المغرب خط التجائه إلى جهات الصحراء ،فاضر إلى التسليم
للفرنسيس ،بعد المشاورة مع وكالئه ووزرائه وأمرائه ،حيث
سدت المناهج والمسالك وعز الخالص ،والت حين
مناص[.حلية البشر]2:491
قال المؤلفان فى علماء دمشق :
ولما قرر التسليم أرسل إلى الجنرال المورسيير رئيس
الجيوش الفرنسية رسوالً من حاشيته ليخبره باستسالمه ،فلما
وصل إلى الجنرال اهتز سروراً وبادر إلى ورقة مهرها
بختمه على بياض ،وأرسلها مع الرسول ليشترط فيها األمير
ما يريد وبعث معه سيفه.
اشترط األمير سالمته وسالمة أسرته ووزارائه وضباطه،
واتفق معهم أن يخرج بأسرته إلى عكا أو اإلسكندرية ،وأن
(*)
243
يكون كل من بقى فى البالد آمنًا على حياته وماله.
وخدع الفرنسيون األمير ،فلما كان فى المركب الحربى
الذى خصصوه لنقله وكان معه ما يقرب من ثمانين شخصًا
نقلوهم جميعاً إلى طولون ثم إلى أمبواز بعد ستة أشهر حيث
بقى فيها سجيناً حتى عام 1233هـ 1852/م [ .علماء دمشق
]491/2
وكان فى سجنه عالى الهمة لم تؤثر فيه شدة المشاق اغلتى
أحاطتت به من كل جانب ،وكان الناس يأتون إليه من أنحاء
فرنسا وغيرها لزيارته ومنهم أصحاب المناصب والضباط
والقواد الذين كانوا يدهشون لسمو همته وتسليمه للقضاء
والقدر ،وتظاهره بالبشر والفرح مع ما هو فيه .
[علماء دمشق ]492/2
ثم حضر إليه فى أمبواز اإلمبراطور نابليون الثالث فبشره
بإطالق سراحه ،وأهداه سيفاً مرصعاً ،ورتب له فى كل عام
خمسة آالف ليرة فرنسية .
ولما خرج من أسره توجه إلى باريس ثم اآلستانة حيث
قابل السلطان عبد الحميد خان فأكرم وفادته وأنعم عليه بدار
فخمة فى بروسة .
دمشق [علماء
]492/2
وأقام فى بروسة حتى سنة 1240هـ ،وكان يدرّس فيها
بجامع العرب القريب من داره ،أقرأ فيه ألفية ابن مالك بشرح
المكودى والسنوسية بشرح المصنف وإيساغوجى للفتاوى
واإلبريز للدباغ .
وفى سنة 1241هـ عزم على سكن دمشق ،فارتحل إليها
عن طريق بيروت فاستقبله أهل بيروت استقباال كريمًا
واجتمع أمراء تلك المنطقة ومشايخها لمالقاته فى جبل لبنان،
244
ورتبوا جموعهم ،وأطلقوا البنادق ،وساروا عن يمينه وشماله
يرتجزون .ثم سار يقصد دمشق ودخلها فى حفاوة وتكريم،
وتقدمت موكبه كتيبة من الجيش تعزف الموسيقا العسكرية،
واستقبله أهل دمشق أحسن استقبال .وقيل :إنه لم يدخل
دمشق عربى رحب به هذا الترحيب منذ صالح الدين
األيوبى.
وإثر دخوله دمشق توجه مباشرة إلى زيارة جامع الشيخ
محيى الدين بن عربى ،ثم اتخذ له مسكنًا بمعرفة والى دمشق،
وعرفت داره بدار السيد ،وبدأ الزوار يتوافدون إليه فيحدثهم
فى األمور الروحانية وااليمانية (وكذلك) قرأ(صحيح
البخارى) فى مدرسة دار الحديث األشرفية ،وكتاب (اإلتقان)
وكتاب (اإلبريز) فى المدرسة الجمقمقية .وفى شهر رمضان
من سنة 1245هـ اعتكف فى الجامع األموى ،وقرأ كتاب
(الشفا) والصحيحين فى مشهد سيدنا الحسين رضى اهلل عنه.
[علماء دمشق ]495
ويقول الشيخ عبد الرزاق البيطار :
وفى أول رجب سنة 1249هـ توجه إلى الحجاز (وهناك)
أخذ الطريقة الشاذلية عن العارف باهلل الشيخ محمد الفاسى
واختلى مدة غار حراء فبلغ مطلوبه ونال مرغوبه ،وفتحت له
كنوز األسرار وكشف له عن رموز األستار وبرقت له
البوارق ووردت عليه الواردات من المنهل الرائق ،ونظم
قصيدته التى يذكر بها بدايته ونهايته ،ويمدح بها شيخه ويذكر
خالفته وواليته ،وأولها:
أمسعود جاء السعد والخير واليسر وولت جيوش النحس
ليس لها ذكر
[حلية البشر ]898/2
245
فى تلك الفترة اجتمع بالنبى rيقظة فى خلوته فى المدينة،
وقد ذكر ذلك فى كتابه المواقف ،الموقف 83ويعلق اإلمام
النبهانى على ذلك بقوله :وهذا كما اليخفى مقام فى الوالية
عال جداً اليصل إليه إال األفراد من كمل األولياء وأكابر
األصفياء رضى اهلل عنهم (شواهد الحق )414
وفى سنة 1289هـ قرأ كتاب(الفتوحات المكية) مرتين
بعد أن أرسل إلى قونية الشيخ محمد الطنطاوى ،والشيخ
محمد الطيب ،لتصحيح نسخته على نسخة مؤلفه الشيخ محيى
الدين بن عربى الموجودة هناك .
(علماء دمشق)804 /2
توغل األمير فى آخر عمره بالتصوف وعلوم القوم،
وأظهر من الرقائق والمعارف ما أشار إلى سمو مقامه ورفيع
قدره.
وتنقسم حياته الصوفية إلى ثالث مراحل :
األولى :هى المرحلة التى سافر فيها إلى دمشق مع والده
وأخذ عن علمائها وتلقى الطريقة النقشبندية فيها عن الشتخ
خالد النقشبندى ،والطريقة القادرية التى تلقاها ببغداد عن
الشيخ محمود الكيالنى القادرى .كما أسلفنا ذلك كله .وبعد ذلك
رجع إلى الجزائر فأشأ مراكز فى القرى وبين القبائل لنشر
الطريقة القادرية .وكان هؤالء هم الذين غدوا حركة الجهاد
التى قام بها األمير بعد ذلك.
الثانية :مرحلة عزلته وخلوته فى مدينة أمبواز حين كان
سجيناً ،وإلى هذا اشار فى كتابه المواقف (الموقف .)211
الثالثة :هى المرحلة التى تم له فيها الترقى الصوفى،
وصل إليها فى مجاورته بمكة المكرمة سنة 1249هـ كما
ذكرنا حيث أقبل على العبادة والخلوة ،والتقى بالشيخ محمد
243
الفاسى الذى اعطاه الطريقة الشاذلية .
(علماء دمشق )808/2
ولألمير مؤلفات عديدة منها :
ـ إجابات األمير عبد القادر (وهى أسئلة من بعض علماء
عصره عن إشكاالت بعض عبارات الصوفية.
ـ رسالة فى الحقائق الغيبية .
ـ رسالة فى شرح سورة التكوير (على الطريقة الصوفية)
ـ المواقف الروحية والفيوضات السبوحية (وهو أشهر
كتبه؛ فسرّ به بعض اآليات الكريمة واألحاديث الشريفة
تفسيراً مزجه بالفقه والتاريخ بأسلوب صوفى ،وكان يلقى
مواقفه فى مجالسه الخاصة ،ثم اقترح عليه الشيخ عبد الرزاق
(*)
البيطار أن يدوّن ذلك ويسجله ،فكان هذا الكتاب)
(علماء دمشق )808/2
ـ تعليقات على حاشية جده عبد القادر (فى علم الكالم)
ـ الصافنات الجياد (فى محاسن الخيل وصفاتها)
ـ ذكرى العاقل وتنبيه الجاهل(كتاب فى األخالق والشريعة) .
ـ المقراض الحاد لقطع لسان أهل الباطل واإللحاد .
ـ ديوان شعر .
كان األمير رجالً معتدل الهامة ،ممتلئ الجسم ،أبيض
اللون ،مشرباً بحمرة ،أسود الشعر ،كث اللحية ،أقنى األنف،
أشهل العينين يخضب بالسواد .
وكان عاكفاً على شهود صالة الجماعة فى أوقاتها يالزم
صالة الفجر فى المسجد اليتخلف عن ذلك إال لمرض .
كثير التهجد والخلوات ،كثير الصدقات ،يبر العلماء
(*) كتاب المواقف لألمير عبد القادر الجزائرى مطبوع فى دمشق دار
اليقظة العربية فى ثالث مجلدات
244
والصالحين والفقراء برواتب شهرية ،وينتصب لقضاء حوائج
العباد ،عامالً بتقوى اهلل فى السر والعلن ،يصوم شهر
رمضان على الكعك والزبيب ،ويعتزل حالله الناس كلهم،
وكانت له خلوة يتحنث فيها بقصره فى دمر .
كان األمير حليماً زاهداً ورعاً ،وله إنسانية ذكرنا بعضها
وخاصة فى حادثة الستين(*).وكان معظماً عند ملوك البالد
األوربية ،وكانوا يطلبون صورته ويرغبون أن يكتب عليها
بخطه فكان يكتب أحياناً هذه األبيات:
ولكنــه بالفضل وما المرء بالوجه الصبيح افتخاره
والخلق األسمى
فذاك الذى ال ينبغى وإن جمعت للمـرء هذى وهــذه
بعده نعما
وكان الناس يلجؤون إليه فى حل مشكالتهم وكان مسموع
الكلمة اليرد له الوالة طلباً ،ويتقربون إليه بتنفيذ ما يشير به.
واعتاد الفقراء أن يقصدوه لتجهيز موتاهم ،وعيّن مخصصات
للفقراء تعطى إليهم أيام الجمعة ،ومنها الخبز الذى يوزع
29ـ الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهانى
المتوفى سنة 1350هـ
هو مؤلف هذا الكتاب وقد سبقت ترجمته فى المقدمة ص
وعلماء دمشق (*) انظر فى أخبار حادثة الستين حلية البشر /2
/2
248
األكراد والعرب ،ويلقب بأمير الشعراء ،وشاعر اإلسالم
وشاعر الشرق والغرب ،ولد سنة 1838م فى حى الحنفى
بالقاهرة ،ونشأ بها ،وتلقى العلم بمدرسة الشيخ صالح
والمبتديان والتجهيزية والحقوق ،ولما نال شهادة الحقوق
سافر إلى فرنسا على نفقة الخديوى توفيق ،والتحق بجامعة
مونبليه .وزار أثناء طلبه العلم الجزائر وانجلترا ،ولما عاد
إلى مصر عين فى معية األمير ،وترقى فى مناصب القصر،
وفى سنة 1893م انتدب ليمثل مصر فى مؤتمر المستشرقين
الذى عقد فى مدينة جنيف بسويسرا.
وفى سنة 1924م عقد مؤتمر فى مصر لتكريم شوقى
اشتراك منه علماء وأدباء مصر والعالم االسالمى ،وأتته
الهدايا من مختلف األنحاء.
وهو الشاعر الوحيد الذى درس تاريخ الدول ،وصور
طائفة من عظماء الشرق والغرب الذين سجل التاريخ
أعمالهم ،وكان شديد الغيرة على وطنه ،عميق االحساس
بشع ور األمة االسالمية ،ويرى أن المسلمين يجب أن يكونوا
أمه واحدة متحدة الكلمة ليستعيدوا مجدهم الدائر وعزهم
الغابر.
وكان واسع الرواية ،واسع الخيال انقادت المعانى
لقريحته ،من تديّن وتاريخ وسياسة وحماسة وفلسفة وزهد
ووصف ومدح وغزل ونسيب ،فعن كل قصيدة من قصائد
معا ن مبتكره ،وأخبار حققتها األيام ،وحكم جرت مجرى
األمثال ،وللدين نصيب كبير من شعر شوقى على خالف ما
عليه كثيرون من نوابغ الشعر كالمتنبى والمعرى والزهادى.
وهذه أبيات له فى ذكرى المولد النبوى مما لم ينشر فى
دواوينه:
249
منـــار الحق معلمـــه بنـى الـــبر والتـقـــوى
رسالتــــه ومقـدمــة فعــانى اللوح أشرفهـــا
إلى آخره
توفى بالقاهرة سنة 1932م واحتفلت بجنازته الحكومة
واألمة،ودفن فى قرافة السيدة نفيسه ،وأوصى أن يكتب على
قبره هذان البيتان من قصيدة نهج البردة:
وكيف اليتسامى يأحمـد الخير لى جـــاه بتسميتى
بالرسول سمى
إن جل ذنبىعن الغفران لى أمل فىاهلل يجعلنى فى خير
معتصـم
(االعالم الشرقية لزكى مجاهد 358/2ط دار الغرب االسالمى
بيروت) بإختصار
انظر فيه مؤلفاته ومصادر ترجمته فى صفحتان
250
أخبارهم وسيرهم ،وكذلك بزيارة أولياء اهلل وصحبة أهل
الصالح والتقوى ،ولما بلغ سن السادسة عشره من عمره
التحق باألزهر الشريف ،وتلقى العلم على مشاهير علماء
عصره كالشيخ حسن الطويل ..من ذلك الوقت تملكت قلبه
محبة الرسول rوفى ذلك يقول :حتى كاشفنى اهلل ببعض
معانيه rالباطنة والظاهرة ،وألهمنى سبحانه جُمالً فى الصالة
عليه . rوتقلب فى عدة وظائف بين مصر والسوان اشتغل
خاللها بالدعوة إلى اهلل وباالصالح وقد هدى اهلل على يديه جم
غفير من الناس صاروا من أتباعه ومريديه ،له مصنفات
كثيرة جداً لم تطبع جميعها إلى اآلن ،وله تفسير القرآن العظيم
أسماه "أسرار القرآن" قال عنه اإلمام األكبر الدكتور عبد
الحليم محمود شيخ األزهر سابقًا أنه تفسير جامع شامل.
وقال اإلمام األكبر الدكتور محمد الفحام شيخ األزهر
سابقاً :عاصرت فى شبابى فترة من فترات حياة اإلمام ،
فلمست عن قرب جهاده فى اعالء كلمة الدين ،وأسلوبه
الحكيم فيما يجب أن يكون عليه العلماء الرشدين واألئمة
الصالحين ،وسيرة االمام محمد ماضى أبو العرائم تعتبر
نبراساً ومناراً للجيل إن هذا الرجل كان فى طليعة المجاهدين
الذين اليسألون عن جهادهم أجرًا وال عن عملهم شكراً .أهـ
وقال الدكتور مصطفى محمود فى كتابه السر األعظم:
ولإلمام اكثر من مائتين من الكتب والمخطوطات من
المواجيد الشعرية واإللهامات العرفانية ،وهو فى نظرى كنز
لم يكتشف بعد ،وقطب ينافس الفحول علما وسلوكاً ،وشعره
رموز عرفانية عالية يفهم منها كل واحد على قدر حظه وما
قدمناه من علم الرجل ماهو إال نقطة فى بحر.
(أبو العرائم وأثره فى التصوف المعاصر لألستاذ عبد المنعم محمد
251
شقرف طبع مكتبة الكليات األزهرية)
أنظر ترجمته فى األعالم الشرقية لزكى مبارك ،وفيها
يقول انه بعد دارسته باألزهر التحق بمدالسة دار العلوم وبها
تخرج ،واشتغل بالتدريس بالمدارس فى مصر والسودان،
وكان ينتهز أوقات فراغه من التدريس ويعظ العامة وأهل
العلم ،ويقرأ دروس الفقه على مذهب اإلمام مالك وغيرها من
العلوم .توفى سنة 1353هـ ـ 1934م بالقاهرة ،ودُفن بمسجد
آل العزائم بجهة الحنفى(.االعالم الشرقية )595/2
252
وقد تلقى العلم باألألزهر الشريف على يد نخبة من كبار
العلماء العاملين جمعوا بين العلم والتصوف منهم الشيخ محمد
إبراهيم السمالوطى والشيخ محمد نجيب المطيعى والشيخ
حبيب اهلل الشنقيطى والشيخ يوسف الدجوى والشيخ على
الشائب(االلهام النافع لكل قاصد للشيخ الجعفرى ـ دار جوامع الكلم
المقدمة)
وحصل على إجازة االتدريس من كلية الشريعة ،وعُين
إماماً ومدرساً بالجامع األزهر ،وأسس الطريقة الجعفرية
األحمدية المحمدية عن شيخه أحمد بن ادريس ،له مؤلفات
كثيرة فى التصوف ،وديوان شعر جيد وهو مجموعة قصائد
فى مدح الرسول rوأهل البيت ،وبعضها يشتمل مواعظ قلبية
وأحكام فقهية وإرشادات للمريدين والسالكين .ومن الكتب فى
نسب ومدرسة صالح الجعفرى كتاب الحق الجلى لمحمد
طاهر خراشى العدوى(الموسوعة الصوفية لحنفى )104
انتقل رضى اهلل تعالى عنه إلى جوار ربه سنة 1399هـ
بعد حياة حافلة ،ودفن بجوار مسجده الذى أنشأه قبيل وفاته
بحديقة الخالدين بالدراسة بالقاهرة(،انظر ثبت بمؤلفاته فى مقدمة
اإللهام النافع ص)15
253
وأثناء خدمته المبكرة بالشرطة أشتغل بقراءة القرآن
وبالصالة على النبى rحتى صار ورده خمسة آالف صالة
فى اليوم والليلة ،وفى أيام االجازات أربعة على الرسول r
ألف صالة .يقول :وبعد فترة من الزمن رأيت رسول اهلل rفى
بشرى منامية يقول لى ما معناه(:العليك فى أن تسلك مع
القوم طريقهم) فأخذت أتصل بكثير من رجال الطرق ما بين
شاذلية ونقشبندية ورفاعية وعزمية وبيوميه وغيرهم ..وقد
سلكت الطريقة البيومية على يد احد أحفاد سلطان الموحدين
سيدى على نور الدين البيومى ،ثم على يد قطب زمانه الحاج
محمد أبو خليل المتوفى سنة ،1920ثم من بعده على يد نجله
التقى الصالح إبراهيم أبو خليل ..وممن تأثرت بهم فى حياتى
الشيخ يوسف اسماعيل النبهانى رضى اهلل عنه ..وأخيراً نقلت
إلى القاهرة فى عام 1349هـ ـ 1930م حيث التقيت بكثير
من رجال الطرق واجتمعت بكبار السالكين طريق اهلل(انظر
فى ملكوت اهلل للشيخ عبد المقصود سالم ص )128وقد ألهمه
اهلل تعالى أثناء ذلك صيغ جليلة للصالة على رسول اهلل r
أودعها فى كتابه (أنوار الحق فى الصالة على سيد الخلق سيدنا
وموالنا محمد)طُبع عدة مرات وانتشر انتشاراً كبيراً واليزال
أمره فى ازدياد يوما بعد .
توفى الشيخ عبد المقصود سالم سنة 1394هـ ـ 1944م
ودُفن بالقرب من اإلمام الشافعى رضى اهلل عنه .قال خليفته
الشيخ محمد محمود عبد العليم :كان رحمه اهلل قدوة حسنة فى
الدعوة إلى اهلل ومحبة رسول اهلل ،rأمضى حياته فى مجالس
ورعاية r القرآن الكريم ،وذكر اهلل والصالة على رسول
األيتام والفقراء إلى أن أنتقل إلى جوار ربه تعالى(.انظر أنوار
254
الحق ص 89طبع شركة الشمرلى بالقاهرة)
َبى
الصَّالةُ والسَّالمُ عليكَ ياسيِّدى يارَسولَ اهللِ .يان َّ
اهللِ .يا عبدَ اهلل ـ وكفاكَ شَرف ًا أن تكونَ عَبدًا لِله.
الصَّالةُ والسّالمُ عليكَ ياأمانَ الدَنيا ومَال َذ أهلِها،
ياحِصْنَ األمةِ ومَعقِدَ رَجائِها .يارَحم َة اإلنساني ِة وكعبَ َة
فآمالِها .الصّالةُ والسّالمُ عليكَ أيها النّبىُّ الرَّءو ُ
كل
سلُ بكَ إلى اهلل تعالَى ُّ الرّحيمُ العَطوف ،يامَن يَتو ّ
ثهلل مُستغي ٌ مُستغيثٍ ومَلهوف ـ وهَأنَذا يا َرسُولَ ا ِ
تومَلهوف .أَنتَ لها إذا نَزلَ البالءُ واشتَدَّ العنَاءُ ،أن َ
عنَد احتدا ِم ت لَها ِلَها عِندَ المُلِمَّاتِ واشتِدادِ األزَماتِ ،أن َ
تج مِن كُلِّ الجِهات(.أن َ الكُرُباتِ وانسِدادِ أبوابِ الفَرَ ِ
ت وَسيلَتى هلل .أن َ
وَسيلَتى قَلَّت حِيلَتى ،أدرِكنى يانبىَّ ا ِ
هلل .أنتَ وَسيلَتى قَلَّت قَلَّت حِيلَتى ،أدرِكنى يانبىَّ ا ِ
هلل
سيّدى يارسولَ ا ِ ك يا َ حِيلَتى ،أدرِكنى يانبىَّ اهللِ).علي َ
لمِن صَلواتِ اهللِ وتَسْليماتِهِ وتحِيَّاتِه وبَركاتِ ِه فى ُك ّ
لَحظةٍ ما يُناسبُ قدرَكَ العظيمَ ،ويَليقُ بِمقامِكَ الكريمِ،
ل والتكريمِ ،وأقصَى ويَجمعُ لك أَعْلى دَرجاتِ الفَض ِ
كغاياتِ القُربِ والتعظيمِ ،وعلى آلكَ وأصحابِ َ
التسِ وأزواجِكَ وذُرّيِتَكَ وأمَّتِك أكملُ الصال ِة وأتمُّ َّ
(أنوار الحق للشيخ عبد المقصود سالم )102 ليم.
255