You are on page 1of 255

<

∞√e
Ö˘]
<
^
È÷
Ê˘]
<
hàu
<
∞◊âÜ
π]

Èäe
<
∞nÈ
«j
äπ]
<
∞√∂_
<
‰f
vëÊ
<‰
÷a
<
Ó◊¬
Ê<‹
◊âÊ
<‰
È◊
¬<
!]<
Ó◊
ë

<
‰e
<
–v◊

<
›¯¬˘]<
Ì√
eÖ˘]

€Ò˘]
Ê<
Ìe
^ví÷]
<
l^m

jâ]
<0^í÷]
<
^„
À ◊
âÊ<
^
„iÊ
ÇŒÊ
<Ì⁄
˘]<

^€◊
¬Ê

<ÃÈ
֓
<
Ífi
^„
ffl
÷]
<
ÿȬ
^5c<ÃâÁ
Ë
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف‬
‫األنبياء والمرسلين سيدنا وموالنا محمد وعلى آله وصحبه‪،‬‬
‫وبعد فإن هلل تعالى بين عباده أولياء‪ ،‬هم حجة اهلل على خلقه‪،‬‬
‫والدعاة إلى دينه انهم العلماء العاملين‪ ،‬الذين أخبر عنهم النبى‬
‫‪ r‬فقا‪":‬علماء أمتى كأنبياء بنى اسرائيل‪ ،‬من رآهم اُخِ َذ‬
‫بأنوارهم‪ ،‬وجميل صفاتهم‪..‬‬
‫انظر مثال إلى األمير شكيب أرسالن‪ ،‬لما قابل السيد‬
‫الشريف السنوسى وعايشه عن قرب كتب عنه مابين للجاهل‬
‫أنه مبالغة‪ ،‬بل إنه يقول ان لم يوف السيد حقه لذلك فهو بصدد‬
‫كتابة مؤلف كبير عنه‪ ،‬ويختم هذا الفصل الذى اسماه" بقية‬
‫السلف الصالح وخاتمة المجاهدين سيدى أحمد الشريف‬
‫ل‬‫السنوسى رض اهلل عنه" بهذا الدعاء‪ :‬اللهم إن كان من أج ّ‬
‫العارفين بك‪ ،‬وأبر القائمين بأوامرك ونواهيك‪ ،‬وأشد المحبين‬
‫لعيالك خلق اهلل‪ ،‬وأصلب المتمسكين بكلمتك الحق‪ ،‬وانه كان‬
‫القدوة المثلى بين خالئقك‪ ،‬والحجة الوثقى بحقائقك‪ ،‬والرجل‬
‫الذى أدى إلى آخر نفس من أنفاسه جميع الواجب عليه لدينه‬
‫ولقوله ولناسه ولالنسانية التى كان لها مثاالً‪ ،‬فأعل درجته‬
‫يارب فى جوار قدسك ونور وحشة قبره بأنسك‪(.‬أنظر حاضر‬
‫العالم االسالمى ‪ 393/4‬ط دار الفكر العربى بيروت)‬
‫والشيخ عبد الرازق البيطار بعد أن أطنب فى وصف مآثر‬
‫وفضائل األمير عبد القادر الجزائرى يعترف بعجز قلمه عن‬
‫وصف صفاته ويقول‪ :‬فهيهات أن يصفه الواصف وإن أطال‬
‫الكالم‪ ،‬أو أن يحكيه العارف وإن مأل بطون الدفاتر وبرى‬
‫أسنة األقالم (أنظر حليه البشر فى تاريخ القرن الثالث عشر للشيخ‬
‫عبد الرازق البيطار ‪ 884/2‬طبعة دار صادر بيروت)‬
‫وهذا القاضى حسن عاكسن يقول عن السيد أحمد بن‬

‫‪3‬‬
‫أدريس‪ :‬وكان رضى اهلل عنه سلفاً من السلف‪ ..‬يقصر عن‬
‫التعبير عن شرح فضائله قلمى ولسانى‪ ..‬وعلى الجملة فإنه‬
‫ملك العلم بأزمته‪ ،‬والعرفان بلكيانه وجزئياته‪ ،‬وأيم اهلل الذى‬
‫خلقه فى أحسن تقويم‪ ،‬وحباه هذا الفضل أنه ما شاهدته‬
‫خصوصاً إذا خاطبته إال رأيت العلم والعرفان يلوحان من‬
‫شمائله‪ ،‬ورأيت علماء الدهر عياالً على فضله‪ ،‬وقرأت نسخة‬
‫التقوى من وجهه وألحاظه فاقتنصت شوارد الفادة من ألفاظ‬
‫وذكرت قول ابن الرومى‪:‬‬
‫اوال عجائب صنع اهلل ما ثبتث ملك الفضائل فى لحم وفى‬
‫عصب‬
‫(انظر المنتقى النفيس فى مناقب سيدى أحمد بن أدريس للشيخ صالح‬
‫الجعفرى ص ‪38‬ط ‪.‬دار جوامع الكلم القاهرة)‬
‫وهذا ابن تيمية يقول البن عطاء اهلل السكندرى‪ :‬أشهد أنى‬
‫ما رأيت مثلك فى مصر وال فى الشام حباً هلل او فناءً فيه‪ ،‬أو‬
‫نصياعاً ألوامره ونواهية ‪0.‬انظر مناظرات ابن تيمية مع‬
‫فقهاء عصره للدكتور سيد الجميلى ط دار الكتاب العربى‬
‫بيروت)‬
‫والشيخ تقى الدين بن دقيق العيد يقول عن الشيخ أبو‬
‫الحسن الشاذلى رضى اهلل عنه(طبقات الشعرانى ‪)4/2‬‬
‫وهذا جعفر الخلدى يصف اإلمام الجنيد فيقول‪ :‬لم تر فى‬
‫شيوخنا من اجتمع له علم وحال غير أبى القاسم الجنيد‪ ،‬كانت‬
‫له حال خطيرة وعلم غزير‪ ،‬فإذا رأيت حاله رجحته على‬
‫علمه‪،‬وإذا رايت علمه رجحته على حاله(انظر صفة الصفوة‬
‫البن الجوزى ‪ 414/2‬ط دار المعرفة بيروت)‬
‫وسفيان الثورى كان إذا ذُكر داود الطائى قال‪:‬أبصر‬
‫الطائى أمره(صفة الصفوة ‪ )134/3‬ولما سعى الوشاه بذى‬
‫النون المصرى لدى الخليفة المتوكل وأمر بإحضاره من‬
‫‪4‬‬
‫مصر إلى بغداد‪ ،‬فلما رآه أخذ بحاله‪ ،‬وكان المتوكل بعد ذلك‬
‫إذا ذكر بين يديه أهل الورع يبكى ويقول‪:‬إذا ذكر أهل الورع‬
‫فحيهال بذى النون (انظر الرسالة القشيرية ‪ 54/1‬تحقيق د‪.‬‬
‫عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف ط دار الكتب الحديثة‬
‫القاهرة)‬
‫وهذا بشر الحافى كانوا يقولون ان اسمه بين الناس كأنه‬
‫اسم نبى ‪.‬‬
‫(انظر حلية االولياء لحافظ أبى نعيم ‪ 333/8‬ط دار مكتبة‬
‫الخانجى القاهرة)‬
‫وقال مخلد بن الحسين ـ وقد ذكر عتبة الغالم وصاحبه‬
‫يحيى الواسطى ـ فقال‪ :‬كأنما ربَّتهم األنبياء(الحلية ‪)235/3‬‬
‫وهذا معروف الكرخى وقد ذُكر فى مجلس اإلمام أحمد بن‬
‫حنبل فقال بعض من حضره‪ :‬هو قصير العلم‪ ،‬فقال اإلمام‬
‫أحمد‪ :‬أمسك عافاك اهلل‪ ،‬وهل يراد من العلم إال ما وصل إليه‬
‫معروف؟ (انظر طبقات الحنابلة القاضى ابن أبى يعلى‬
‫‪ 382/1‬ط دار احياء الكتب العربية القاهرة)‬
‫وهذا الربيع بن خيثم كان عبد اهلل بن مسعود رضى اهلل‬
‫عنه إذا نظر إليه قال‪ :‬لو رآك رسول اهلل ‪ r‬ألحبك وألوسع لك‬
‫إلى جبنه‪ ،‬ثم يقول‪{:‬وبشر المخبتين} (صفة الصفوة ‪)30/3‬‬
‫إن من عرفهم ـ ولو بالقراءة عن أخبارهم فى الكتب ـ‬
‫اليملك إال أن يتساءل فى دهشة عظيمة‪ ،‬إن كان هؤالء هكذا‪،‬‬
‫فكيف كان سيدهم‪ ،‬وقدوتهم‪ ،‬والنور الذى أضاء لهم؟ كيف‬
‫كان إذن رسول اهلل ‪ r‬؟‬
‫هذا ماال يحيط به علم الناس وال تطبقه مداركهم‪ ،‬فإن‬
‫الصالحين منذ بدء الخلق إلى يوم القيامه مجتمعون اليعدلون‬
‫قطرة واحدة فى بحر صفاته وعلومه وأنواره صلى اهلل عليه‬

‫‪5‬‬
‫وآلله وسللم‪ ،‬وكيف يصفون من كان خلقه القرآن‪ ،‬والقرآن‬
‫التنقص عجائبه والتغنى فضائله‪ ،‬كيف يعرفون قدر من‬
‫مدحه ربه سبحانه وتعالى فقال {وإنك لعلى خلق عظيم}‬
‫وأعطاه ما لم يعط أحداً من العالمين {ولسوف يعطيك ربك‬
‫فترضى} كيف يصف الناس مقام هذا النبى العظيم‪ ،‬وكيف‬
‫يمكنهم مدحه مهما قالوا وهم من ضعف خلقوا وبالعجز‬
‫وُصفوا‪ .‬كيف توزن كلماتهم فى ذلك مهما بلغت مع كالم اهلل‬
‫عز وعال‪.‬‬
‫وفى مدحه كتب من اهلل‬ ‫أخالى من يحص مديح محمد‬
‫تقرأ‬
‫عليه فكيف االمدح من‬ ‫أيُمدح من أثنى اإلله بنفسه‬
‫بعد ينشأ‬
‫إن قصارى ما يمكن أن يصفه الناس به هو قول األمام‬
‫البوصيرى‪:‬‬
‫حد فيعرب عنه ناطق‬ ‫فإن فضل رسول اهلل ليسر له‬
‫بفم‬
‫لذلك كانت أشنع كلمة قالها عالم مسلم هى كلمة ابن تيمية‬
‫لما قال عن كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ‪ r‬للقاضى‬
‫‪:‬غال هذا‬ ‫‪r‬‬ ‫عياض الذى يبين فيه بعضاً من فضائل النبى‬
‫(*)‬
‫المغيربى‬
‫وماذا عن القاضى عياض ـ أو أهل األرض جميعاً لو‬
‫تحولوا إلى مداح له ‪ r‬ـ أن يقولوا حتى يقول قائل‪ :‬بالغ الناس‬
‫فى وصف فضائله ‪ .r‬واهلل لو وقر فى القلب عظمة اهلل تبارك‬

‫(*) فهرس الفهارس لكتانى ‪244/1‬‬

‫‪3‬‬
‫وتعالى لو قر فيه أيضا عظمه كالمه‪ ،‬وال ستقر فى القلب‬
‫عظمة من قيل فيه هذا الكالم‪.‬‬
‫كذلك ادعى ابن تيمية أن السفر لزيارة النبى ‪ r‬محرم‬
‫باالجماع (!) وأن الصالة التقصر فيه لعصيان المسافر به‪،‬‬
‫(**)‬
‫وأن سائر األحاديث الواردة فى فضل الزيارة موضوعه‬
‫وكذلك منع ابن تيمية االستغاثة برسول اهلل‪ ، r‬وقد كتب‬
‫اإلمام ابن حجر الهيثمى كتابا للرد عليه اسمه الجوهر المنظم‬
‫قال فيه‪ :‬من خرافات ابن تيمية التى لم يقلها عالم قبله وصار‬
‫بها بين الناس أهل االسالم مثلة أنه أنكر االستغاثة والتوسل‬
‫به ‪ ،r‬وليس ذلك كما أفتى به‪ ،‬بل التوسل به ‪ r‬حسن فى كل‬
‫حال قبل خلقه وبعد خلقه فى الدنيا واآلخرة(انظر شواهد‬
‫الحق ‪)133‬‬
‫وقد حدث لقاء بين ابن تيمية وابن عطاء اهلل السكندرى‬
‫الذى قال له‪ :‬أما آن لك يافقيه أن تعترف أن االستغاثة هى‬
‫الوسيلة والشفاعة‪ ،‬وأن الرسول ‪ r‬يستغاث ويتوسل به‬
‫ويستشفع؟ فقال ابن تيمية‪ :‬أما االستغاثة ففيها شبهة الشرك‬
‫باهلل تعالى‪ .‬فقال له ابن عطاء اهلل ‪ :‬إنك كمن أفتى بتحريم‬
‫العنب ألنه ذريعة إلى الخمر‪ ،‬ونخص الذكور غير‬
‫المتزوجين سدًا الذريعة إلى الزنا‬
‫(انظر مناظرات ابن تيمية مع فقهاء عصره للدكتور‬
‫الجميلى نشر دار الكتاب العربى بيروت)‬

‫(**) كتب االمام التقى السبكى كتاباً فى الرد على ابن تيمية فى موضوع‬
‫الزيارة اسمه"شفاء السقام فى زيارة قبر النبى عليه الصالة والسالم طبع‬
‫عدة طبعات‪ ،‬وطبع حديثا بالقاهرة بدار جوامع الكلم فارجع إليه(‪)4‬‬

‫‪4‬‬
‫وقد تصدى البن تيمية كثيرون من علماء عصره‪،‬‬
‫وآخرون انتصروا له‪ ،‬وفى هذا يقول الكتانى‪:‬وهو من األفراد‬
‫الذين كثر الخبط فى شأنهم بين مكفّر وبين ذاهب به إلى‬
‫منزلة المعصومين‪ ،‬وااالنصاف منه قول الحافظ ابن‬
‫كثير‪":‬كان من كبار العلماء وممن يخطئ ويصيب‪ ،‬لكن‬
‫خطأه بالنسبة إلى صوابه كنقطة فى بحر لجى‪ ،‬وخطأه أيضا‬
‫مغفور له كما فى الصحيح أهـ" وقال الحافظ الذهبى فى حقه‬
‫من تذكرة الحافظ بعدما أطراه‪":‬رأيت له بعد موته ضامات‬
‫حسنة‪ ،‬وقد انفرد بفتاوى نيل من عرضه ألجلها‪ ،‬وهى‬
‫مغمورة فى بحر علمه‪ ،‬فاهلل يسامحه ويرضى عنه‪ ،‬فما رأيت‬
‫مثله‪ ،‬وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك أهـ"‬
‫(فهرس الفهارس للكتانى ‪)243/1‬‬
‫وقد كان من الممكن لهذه الهفات أن تنس مع الزمن وال‬
‫يذكر له إال حسناته الكثيرة وعلومه الجمة لوال أن قيض اهلل ـ‬
‫جلت حكمته ـ لهذه الهفات من استخرجها من بين متون‬
‫الكتب‪ ،‬ووصصفها تحت المجهر المكبِّر‪ ،‬وجعل منها قاعدة‬
‫بنى عليها دينه كله‪ ،‬ومقياسًا يحكم به على عقيدة األمة‪.‬‬
‫يقول العالمة الشيخ أحمد زينى رحالن‪ :‬كان الشيخ ابن‬
‫عبد الوهاب صاحب الدعوة الوهابية يخطب للجمعة فى‬
‫مسجد الدرعية ويقول فى كل حطبة‪ :‬ومن توسل بالنبى فقد‬
‫كفر(انظر الدرر السنية فى الرد على الوهابية ص ‪ 134‬ط دار جوامع‬
‫الكلم بالقاهرة)‬
‫وقد كفر هو وفرقته األمة بسبب االستغاثة برسول اهلل ‪، r‬‬
‫وزيارة قبره الشريف‪ ،‬واالحتفال بالمولد النبوى‪،‬وقراءة‬
‫البردة ودالئل الخيرات وغيرها من المدائح النبوية وكتب‬
‫الصالة على النبى ‪ ،r‬وكذلك الصالة على النبى عقب األذان‬

‫‪8‬‬
‫وفى تكبيرات العيد‪ ،‬وإطالق لفظ السيادة على سيد األولين‬
‫واآلخرين ‪ r‬وغير ذلك مما هو هذا القبيل ‪.‬‬
‫وقد تصدى كثير من العلماء لهذه الدعوة فى نشأتها‪،‬‬
‫وردوا على صاحبها وكان ممن تولى الرد عليه أحد أشياخه‬
‫وهو الشيخ محمد بن سليمان الكردى الذى قال له فى رسالة‬
‫بعث بها إليه‪ :‬يا ابن عبد الوهاب سالم على من اتبع الهدى‪،‬‬
‫فإنى انصحك هلل تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين والسبيل‬
‫لك إلى تكفير السواد األعظم من المسلمين وأنت شاذ عن‬
‫السواد األعظم‪ ،‬فنسبة الكفر إلى من شاذ عن السواد األعظم‬
‫أقرب ألنه أتبع غير سبيل المؤمنين(انظر شواهد الحق ‪)143‬‬
‫واليزال إلى يومنا هذا يحمل هذا الميراث المقيت أناس‬
‫قاموا على شئون الدعوة واإلرشاد والفتوى فى أرض‬
‫الحرمين الشريفين‪ ،‬يكفرون المسلمين بحجة المحافظة على‬
‫التوحيد‪ ،‬وليس من جريمة ترتكب على ظهر األرض إال‬
‫وهى مستترة وراء زخرف من القول‪.‬‬
‫ولما طبع الشيخ السيد محمد بن علوى المالكى كتابه القيم‪:‬‬
‫"الذخائر المحمدية"(*) وجمع فيه شذرات من كتب السلف‬
‫فى فضل رسول اهلل ‪ r‬وبعض ما وهبه اهلل تعالى له‪ ،‬وضمنه‬
‫أيضاً بعض ابحاث متعلقة بذلك هاجمه القائمون على الدعوة‬
‫واإلرشاد فى المملكة أشد هجوم‪ ،‬بل كتبوا كتاباً عنوانه‬
‫"حوار مع المالكى فى رد منكراته وضاللته" طبعت منه‬
‫أعداد كبيرة ووُزع مجاناً على حجاج بيت اهلل الحرام‪ ،‬وجاء‬
‫فى مقدمته التى كتبها الرئيس العام إلدارة البحوث العلمية‬
‫واالفتاء والدعوة واألرشاد هذا الكالم‪:‬‬

‫(*) انظر الذخائر المحمدية طبع دار جوامع الكلم القاهرة‬

‫‪9‬‬
‫وقد ساءنى كثيراً وقوع هذه المنكرات الشنيعة والتى‬
‫بعضها كفر بواح من محمد علوى المذكور‪ ،‬كما أثار بما‬
‫نشره فى كتبه من ضالالت وشركيات وبدع منكرة كثيراً من‬
‫أهل العلم وفى مقدمتهم هيئة كبار العلماء حيث أصدروا‬
‫قرارهم رقم ‪ 83‬بتاريخ ‪1401/11/11‬هـ‬
‫باستنكار ما اتجه إليه مذكور من الدعوة إلى الشرك باهلل‬
‫سبحانه وتعالى والدعوة إلى البدع والمنكرات والضالالت‬
‫والبعد عما عليه سلف هذه األمة من سالمة العقيده(**) ‪..‬‬
‫وقال مؤلف الكتاب فى تقديمه‪ :‬لقد تتابعت سموم هذا‬
‫الضال المضل على العقيدة السلفية بما ينشره من مؤلفات‬
‫أطمها وأغمها وأكثرها بالء ومقتا وفحشا كتابه"الذخائر‬
‫المحمدية"وآخرها فيما علمنا ونرجوا أن يكون آخرها فى‬
‫مجال الدعوة إلى البدع والضالالت رسالته البتراء‬
‫المسماه"حول األحتفال بالمولد النبوى الشريف" (ص‪)8‬‬
‫(‪)4‬‬
‫مدخل إلى هذا الكتاب‬
‫اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا الكتاب الذى بين يديك هو‬
‫جزء من كتاب اإلمام النبهانى شواهد الحق فى االستغاثة بسيد‬
‫الخلق ‪ r‬وهو من الكتب التى تقوم شاهداً لصاحبها على صدق‬
‫نيته وعلو همته ومن أولى بذلك منه وهو من عُرف ممن ملك‬
‫حب اهلل ورسوله عليه قلبه‪ ،‬ولقد صدق أمير الشعراء أحمد‬
‫شوقى لما قال فى قصيدته نهج البردة‪":‬وصادق الحب يملى‬
‫صادق الكلم" وقد قرظ هذا الكتاب أئمة العلماء من ذلك من‬

‫(**) حوار مع المالكى تأليف عبد اهلل ابن سليمان بن منيع‪ ،‬طبع على‬
‫نفقة بعض المحسنين‪ ،‬وقف هلل تعالى ‪1403‬هـ ـ ‪1983‬م‬

‫‪10‬‬
‫قاله العالمة الشيخ الببالوى المالكى شيخ الجامع األزهر‬
‫ن بيده الخير والهداية إلى طريق اإلرشاد‬ ‫الشابق‪ :‬وقد م ّ‬
‫باطالعى على هذا الكتاب الذى أرجو أن يكون وسيلة لمؤلفه‬
‫فى بلوغ الدرجات العالية والمنازل الرفيعة {يوم تبيض وجوه‬
‫وتسود وجوه} فإنه على ما أرى أحسن ما وألف فى هذا‬
‫الموضوع الذى كثر النزاع والتخاصم فيه فى هذه األيام‪،‬‬
‫فجزى اهلل مؤلفه أحسن الجزاء وكتب العالمة شيخ مشايخ‬
‫الحنفية ومفتى الديار المصرية سابقاً الشيخ عبد القادر‬
‫الرافعى فقال‪ :‬اطلعت على الكتاب المسمى بشواهد الحق فى‬
‫االستغاثة بسيد الخلق ‪ r‬لمؤلفه العالمة الهمام الشيخ يوسف‬
‫ال نبهانى فإذا هو عين الصواب مؤيدًا بالسنة والكتاب‪ ،‬دالئله‬
‫معضدة وبراهينه مشيده‪ ،‬فيجب االستظالل بظله الظليل‪،‬‬
‫ويكون حقًا عليه التعويل ألنه الحق الذى يرجع إليه فجزى اهلل‬
‫مؤلفه أحسن الجزاء(شواهد الحق ‪ ،)12‬وقال شيخ األسالم‬
‫شيخ الجامع األزهر الشيخ عبد الرحمن الشربنى‪ :‬وقفت على‬
‫كتاب شواهد الحق فى االستغاثة بسيد الخلق فإذا هو شاهد‬
‫عدل آت بالقول الحق والكالم الفصل‪ ،‬جدير بأن يوسم كما‬
‫وسمه مؤلفه بشواهد الحق حجة قائمة على طائفة الضالين‬
‫المضلين‪ ،‬صارم فى نحر المبتدعة الملحدين‪ ،‬تحيا به السنة‬
‫وتموت به البدعة (شواهد الحق ‪)12‬‬
‫وقد كتب المؤلف فى المقدمة تعريف موجز بالكتاب‬
‫وفصوله فقال‪:‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذا كتاب فى بابه فريد‪ ،‬ما على حسنه من مزيد‪.‬‬
‫أسأل اهلل العظيم رب العرش الكريم أن يجعله خالصا لوجهه‬
‫الكريم‪ ،‬ويكفنى وإياه كل ذى فهم سقيم وخلق ذميم ورأى فى‬
‫الدين غير مستقيم‪ ،‬وأن ينفعل به النفع التام العام ويجعله من‬

‫‪11‬‬
‫أعظم الوسائل إلى سعادتى فى الدنيا والبرزخ ويوم القيامة‪،‬‬
‫ولكثرة ماحواه من الشواهد والشهود على مشروعية‬
‫االستغاثة بصاحب المقام المحمود‪ r ،‬سميته‪:‬‬
‫شواهد الحق فى االستغاثة بسيد الخلق‬
‫{ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق } ولم أتعرض‬
‫فى األسم لذكر الزيارة‪ ،‬ألنها من جملة أنواع االستغاثة‬
‫وأفضلها وأنفعها وأكملها فهى داخله فيها‪ ،‬وقد رتبته على‬
‫مقدمة وثمانية أبواب وخاتمة‪.‬‬
‫وذكر ما تحتويه المقدمة والفصول الثملنية فمن شاء فليراجع‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫***‬
‫وقد طبع حزب االستغاثة بسيد السادات ‪ r‬عدة طبقات‬
‫معظمها ضمن كتاب مفرج الكروب الذى يشتمل على الحزب‬
‫وثالث كتب آخر‪ .‬أما هذه الطبعة فهى تحتوى على حزب‬
‫االستغاثات واحده‪ ،‬ولكنا اعقبناه بفصلين نقلنا فيه بعض‬
‫الحكايات من الباب السادس من شواهد الحق‪ ،‬ثم فصل آخر‬
‫به بعض االستغاثات الشعرية لعدد من الصحابة واألئمة‬
‫واألعالم وعلماء األمة وسلفها الصالح مأخوذة فى معظمها‬
‫من الفصل الثامن من شواهد الحق‪ ،‬وقد رأينا إتماماً للفائدة أن‬
‫نضيف فصالً جديداً فيه تعريف بأصحاب االستغاثات‬
‫الشعرية فيما عدا الصحابة واألئمة أصحاب المذاهب الفقهية‬
‫المعمول بها فى األمة‪ ،‬ألنهم ليسوا فى حاجة إلى التعريف‬
‫بهم حتى يدرك القارئ أن االستغاثة برسول اهلل ‪ r‬وهو نهج‬
‫األمة الذى صارت عليه منذ كان رسول اهلل‪ r‬يروح ويغدو‬

‫‪12‬‬
‫(*)‬
‫بينهم وبعد وفاته ‪r‬‬
‫ولعل خير ما نختم به هذه المقدمة هذه السطور من مقدمة‬
‫اإلمام النبهانى رضى اهلل عنه لكتاب شواهد الحق ‪.‬وقال‪:‬‬
‫فاعلم أيها المؤمن المقصر مثلى فى األعمال وقد حمل من‬
‫األوزار أثقال كالجبال أنا معاشر المؤمنين المقصرين‬
‫المذنبين الخاطئين ليس لنا وسيلة إلى رب العالمين بعد كرمه‬
‫الذى عم الخالئق أجمعين إال عبده األكرم حبيبه األعظم سيدنا‬
‫محمد ‪ ، r‬فنسأله تعالى بهذا النبى الكريم الرؤف الرحيم أن‬
‫يغفر ذنوبنا ويفرج كروبنا ويبلغنا من كل خير فى الدنيا‬
‫واآلخرة مطلوبا‪ .‬وينعم علينا فى الدارين من جالئل نعمه‬
‫الغرر بما ال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر على قلب‬
‫بشر‪ ،‬اللهم أنا نتوسل بجاهه لديك أن تجعلنا من أحب عبيدك‬
‫إليه وإليك وأنت ترزقنا رضاك ورضاه فى جملة المؤمنين‬
‫واألمنين فى الدنيا والبرزخ ويوم الدين‪ ،‬وأن تفعل مثل ذلك‬
‫ومحبينا جميع أصولنا وفروعنا‬ ‫بمشايخنا وذرارينا‬
‫وحواشينا‪.‬‬
‫اللهم أرضى عن اإلمام النبهانى وجزاه عنى وعن اإلسالم‬
‫والمسلمين خير الجزاء‪ ،‬وصلى اللهم وسلم وبارك على‬
‫حبيبك سيدنا محمد وآله كما أنت أهله ‪ ،‬وسالم على المرسلين‬
‫والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫(*) جاء فى البداية والنهاية البن كثير‪ ،‬وتاريخ الرسول والملوك للطبرى‬
‫والكامل البن األثير أن شعار المسلمين يوم اليمامة كان"يامحمداه"‬

‫‪13‬‬
‫(‪ )2‬قصة فى العودة إلى الحق‬
‫(*)‬
‫عن مذهب المبتدعين‬

‫عن صالح بن على يعقوب الهاشمى قال‪ :‬حضرتُ المهتدى‬


‫باهلل أمير المؤمنين وجلس للنظر فى أمور المظلومين فى دار‬
‫العامة‪ .‬فنظرت إلى قصص الناس تقرأ عليه من أولها إلى‬
‫آخرها؛ فيأمر بالتوقيع عليها‪ .‬وينشأ الكتاب عليها وتحرير‪،‬‬
‫وتختم وترفع إلى صاحبها بين يديه‪.‬فسرّنى ذلك؛ واستحسنت‬
‫ما رأيت‪ .‬فجعلتُ أنظر إليه؛ ففطن ونظر إلىّ‪ ،‬فغضضت‬
‫عنه‪ ،‬حتى كان ذلك منى ومنه مراراً ثالثاً‪ :‬إذا نظر غضضت‬

‫(*) من كتاب التوابين لإلمام موفق الدين ابم قدامه المقدسى ص‪194‬‬
‫طبعة دار الكتب العلمية بيروت تحقيق عبد القادر األرناؤوط‪،‬‬
‫والهوامش المثبتة هنا منقوله عنه‪)1( :‬هو هارون(الواثق باهلل)بن‬
‫محمد(المعتصم باهلل) بن هارون الرشيد العباسى‪ ،‬أبو جعفر (‪ 200‬ـ‬
‫‪ )232‬من خلفاء العباسية بالعراق‪ ،‬ولد ببغداد‪،‬وولى الخالفة بعد وفاة‬
‫أبيه سنة(‪224‬هـ)فامتحن الناس فى خلق القرآن‪،‬وسجن جماعة‪،‬‬
‫والظاهر أنه تاب عن ذلك فى آخر عمره‪ ،‬ومات فى سامراء‪ ،‬وكالن‬
‫كثير االحسان ألهل الحرمين‪ ،‬حتى قيل‪ :‬إنه لم يوجد بالحرمين فى أيامه‬
‫سائل‪.‬‬
‫(‪)2‬هو محمد بن هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد‪،‬‬
‫أبو عبد اهلل المهتدى باهلل العباسى من خلفاء الدولة‬
‫العباسية(‪222‬ـ‪253‬هـ)ولد فى القاطول بسامراء‪ ،‬وبويع له بعد خلع‬
‫المعتز سنة(‪255‬هـ)‪ .‬وكان حميد السيرة‪ ،‬فيه شجاعة‪ ،‬بأخذ إخذ عمر‬
‫بن عبد العزيز فى الصالح‪ ،‬مدة خالفته أحد عشر شهراً وأيام‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وإذا شُغِل نظرت‪.‬فقال لى‪ :‬ياصالح! قلت‪ :‬لبَّيك ياأمير‬
‫المؤمنين! وقمت قائما‪ .‬فقال‪ :‬فى نفسك منّا شئ تريد ـ أو قال‬
‫ـ تحبّ أن تقوله؟ قلت‪ :‬ننعم ياسيدى ! فقال لى‪ :‬عد إلى‬
‫موضعك‪ .‬فَعُ ْدتُ؛ حتّى إذا قام‪ ،‬قال للحاجب‪ :‬اليبرح صالح‪.‬‬
‫فانصرف الناس؛ ثم أذِنَ لى فدخلت فدعوتُ له‪ ،‬فقال لى‪:‬‬
‫اجلس‪ .‬فجلستُ‪ ،‬فقال‪ :‬ياصالح تقول لى ما دار فى نفسك أو‬
‫اقول أنا ما دار فى نفسى أنَّه دار فى نفسك؟ قلت‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين! ما تعزم عليه وتأمر به‪ ،‬قال‪ :‬أقول أنا‪ :‬إنه دار فى‬
‫نفسى أنّك استحسنت ما رأيت منّا‪ ،‬فقلت أى خليفةٍ خليفتُنا إن‬
‫لم يكن يقول‪:‬القرآنُ مخلوقٌ ؟ فورد على قلى أمر عظيم؛ ث ّم‬
‫قلتُ‪ :‬يانفس! هل تموتين قبل أجلك؟ وهل تموتين إالّ مرّة؟‬
‫وهل يجوز الكذب فى جدّ أو هزل؟ فقلتُ‪ :‬ياأمير المؤمنين! ما‬
‫دار فى نفسى إالّ ما قلتَ‪ .‬ثم أطرق مليّاً وقال‪ :‬ويحك! اسمع‬
‫سرّى عنّى فقلت‪:‬‬ ‫منى ما أقول‪ ،‬فواهللِ لتسمعنّ الحق‪ ،‬ف ُ‬
‫ياسيدى! ومن أولى بقول الحق منك وأنت خليفة رب‬
‫العالممين وابن عم سيد المُرسَلين؟ فقال‪ :‬ما زلت اقول‪ :‬إن‬
‫القرآن مخلوق صدراً من أيام الوثائق‪ ،‬حتى أقدم أحمد بن ابى‬
‫داود(‪ )1‬علينا شيخنا من أهل الشام من أهل "ذَنَةَ"(‪ )2‬فادخل‬
‫الشيخ على الواثق مقيَّداً‪ ،‬وهو جميل الوجه تام القامة حسن‬
‫الشيبة‪ .‬فرأيت الواثق قد استحيى منه ورق له‪ .‬فما زال يدنيه‬

‫(‪ )1‬هو أحمد بن ابى دوَاد بن جرير بن مالك اإليادى أبو عبد‬
‫اهلل(‪130‬ـ‪240‬هـ) أحد القضاة المشهورين من المعتزلة‪ ،‬وحامل لواء‬
‫محنة القرآن‪ ،‬كان عارفاً باألخبار واألنساب‪ ،‬شديد الدهاء‪ ،‬محباً للخير‪.‬‬
‫توفى مفلوجاً فى بغداد‪.‬‬
‫(‪ )2‬أذنة بوزن حسنة أو خشنة‪:‬بلد من الثغور الشامية قرب المصيصة‪،‬‬
‫مشهور‪،‬خرج منه جماعة من أهل العلم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ويقربه حتى قرب منه‪ .‬فسلم الشيخ فأحسن‪ ،‬ودعا فأبلغ‪ .‬فقال‬
‫له الواثق‪ :‬اجلس‪ ،‬فجلس‪ ،‬فقال له الشيخ! ناظر ابن أبى داود‬
‫على ما يناظرك عليه‪ .‬فقال الشيخ‪ :‬يأمير المؤمنين! ابن أبى‬
‫داود يصبى ويضعف عن المناظرة‪ .‬فغضب الواثق وعاد‬
‫مكان الرقة غضباً عليه‪ .‬قال الواثق‪ :‬أبو عبد اهلل بن أبى داود‬
‫يصبى ويضعف عن مناظرتك أنت؟ فقال الشيخ‪ :‬هوِّن عليك‬
‫ياأمير المؤمنين مابك‪ ،‬فائذَنْ فى مناظرته‪ .‬فقال الواثق‪:‬‬
‫ت‬
‫مادعوتك إالللمناظرة‪ .‬فقال الشيخ‪ :‬ياأمير المؤمنين! إن رأي َ‬
‫أن تحفظ على وعليه ما نقول‪ .‬قال‪ :‬أفعلُ‪.‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬يا أحمد! أَخْ ِبرْنى عن مقالتك هذه‪ ،‬هى مقالة‬
‫واجبة داخلة فى عقد الدِّين فال يكون الدِّين كامالً حتى يُقال‬
‫فيه بما قلتَ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال الشيخ‪ :‬يا أحمد! أخبرنى عن‬
‫رسول اهلل‪ r‬حين بعثه اهلل إلى عباده‪ ،‬هل ستر شيئاً مما أمره‬
‫اهلل به فى أمر دينهم؟ قال‪ :‬ال‪ .‬فقال الشيخ‪ :‬فدعا رسول اهلل ‪r‬‬
‫األمة إلى مقالتك هذه؟ فسكت ابن أبى داود‪ .‬فقال الشيخ تكلم!‬
‫فالتفت إلى الواثق‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين! واحدة‪ .‬فقال‬
‫الواثق‪ :‬واحدة‪.‬‬
‫فقال الشيخ‪ :‬يا أحمد! أخبرنى عن اهلل عز وجلل حين أنزل‬
‫القرآن على رسول اهلل ‪ r‬فقال‪{:‬اليَوْمَ أَكْ َم ْلتُ لَكُم دِينَك ْم‬
‫ضتُ لَكُم اإلسالمَ دِيناً}‪[،‬المائدة ‪]3/‬‬ ‫علَيكمْ نِعْمتَى َورَ ِ‬
‫َواَتمْمتُ َ‬
‫هل كان اهلل تعالى الصادق فى إكمال دينه أو أنت الصادق فى‬
‫نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك هذه؟ فسكت ابن أبى داود‪ .‬فقال‬
‫الشيخ‪ :‬أَجبْ يا أحمد! فلم يُجبْ؛ فقال الشيخ‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين! اثنتان‪ .‬فقال الواثق‪ .‬اثنتان‪ ،‬فقال الشيخ‪ :‬يا أحمد!‬
‫أخببنى عن مقالتك هذه‪ ،‬هل علمها رسول اهلل ‪ r‬أم جهلها؟‬

‫‪13‬‬
‫فقال ابن أبى داود‪ :‬علمها‪ .‬قال‪ :‬فدعا الناس إليها؟ فسكت؛‬
‫فقال الشيخ‪ :‬يا أمير المؤمنين! ثالث‪ .‬فقال الواثق‪ :‬ثالث‪ .‬فقال‬
‫الشيخ‪ :‬يا أحمد ! فاتَّسعَ لرسول اهلل ‪ r‬أَن علمها وأمسك عنها‬
‫كما زعمت ولم يطالب أمته بها؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال الشيخ‪ :‬واتَّسع‬
‫ألبى بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان‬
‫وعلىّ بن أبى طالب رضى اهلل عنهم؟ قال ابن أبى داود‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فأعرض الشيخ عنه وأقبل على الواثق‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين! قد قدّمتُ القول‪ :‬إنّ أحمدَ يصبى ويضعف عن‬
‫المناظرة؛ يا أمير المؤمنين! إن لم يتسع لنا من اإلمساك عن‬
‫هذه المقالة بما زعم هذا انه اتَّسع لرسول اهلل ‪ r‬وألَبى بكر‬
‫وعمر وعثمان وعلىّ‪ ،‬فال وّسع اهلل على من لم يتَّسع له ما‬
‫اتَّسع لهم‪ .‬فقال الواثق‪ :‬نعم‪ ،‬إن لم يتَّسع لنا من اإلمساك عن‬
‫هذه المقالة ما اتَّسع لرسول اهلل ‪ r‬وألبى بكر وعمر وعثمان‬
‫وعلىّ فال وسّع اهلل علينا؛ اقطعوا قيد الشيخ! فلما قُطع القيد‬
‫ضرب الشيخ بيدهه إلى القيد حتى يأخذه‪ ،‬فجاذبه الحدّاد عليه‪.‬‬
‫فقال الواثق‪ :‬دع الشيخ يأخذه! فأخذه فوضعه فى كمّه‪ .‬فقال له‬
‫الواثق‪ :‬ياشيخ! لِمَ جاذبت الحدّاد عليه؟ قال‪ :‬ألنى نويت أن‬
‫أتقدّم إلى من أُصى إليه إذا أنا متّ أن يجعله بينى وبين كفنى‬
‫حتى أخاصم به هذا الظالم عند اهلل يوم القيامة‪ ،‬وأقول‪ :‬ياربّ!‬
‫حق‬
‫سلْ عبدك هذا لِمَ قيَّدنى وروَّع اهلى وولدى وإخوانى بال ٍّ‬
‫أوجبَ ذلك علىّ‪ .‬وبكى الشيخ وبكى الواثق وبكينا‪ .‬ثم سأله‬
‫الواثق أن يجعله فى حِلٍّ َوسَعةٍ بما ناله‪ .‬فقال الشيخ‪ :‬واهللِ يا‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬لقد جعلتك فى حلٍّ وسَعة منن أوّل يوم إكرامًا‬
‫لرسول اهلل ‪ ،r‬إذ كنت رجالً من أهله‪ .‬فقال الواثق‪ :‬لى إليك‬
‫حاجة‪ .‬فقال الشيخ‪ :‬إن كانت ممكنة فعلتُ‪ .‬فقال له الواثق‪ :‬يُقي ُم‬

‫‪14‬‬
‫قِبَلنا فننتفع بك وتنتفع بنا‪ .‬فقال الشيخ‪ :‬يا أمير المؤمنين! إن‬
‫ردَّك إياى إلى الموضع الذى أخرجنى عنه هذا الظالم أنفع لك‬
‫من مقامى عليك؛ وأُخبرك بما فى ذلك‪ :‬أصير إلى أهلى‬
‫وولدى فأكف دعاءهم عليك‪ ،‬فقد خلَّفتهم على ذلك‪ .‬فقال له‬
‫الواثق‪ :‬فتقبل منا صلةً تستعين بها على دهرك؟ فقال‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين! التَحلُّ لى‪ ،‬أنا عنها غنىِّ وذو مِرةًّ سوىٌ(‪ .)1‬فقال‪:‬‬
‫سلْ حاجة‪ .‬فقال‪ :‬أو تقضيها يا أمير المؤمنين؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫تأذن أن يُخلى لى السبيل الساعة إلى الثغر‪ .‬قال‪ :‬قد أذنت لك‬
‫فسلم وخرج‪.‬‬
‫َّ‬
‫قال المهتدى باهلل‪ :‬فرجعتُ عن هذه المقالة‪ ،‬وأظنّ أن‬
‫الواثق رجع عنها(‪ )2‬منذ ذلك الوقت‪.‬‬

‫(‪)3‬تعريف بمؤلف الكتاب‬


‫اإلمام الربانى الشيخ يوسف بن اسماعيل‬
‫النبهانى‬
‫المتوفى سنة ‪1350‬هـ‬

‫هو اإلمام الفاضل والهمام الكامل العالم العامل محب النبى‬

‫(‪ )1‬المِرة‪ :‬القوة والشدة‪ ،‬والسوى‪ :‬الصحيح األعضاء‪.‬‬


‫(‪ )2‬ساق هذه القصة بهذا المعنى ابن الجوزى وابن كثير فى سبب ترك‬
‫الواثق للمحنة بسبب الشيخ المذكور‪ .‬ثم قال ابن كثير‪ :‬قال المهتدى‪:‬‬
‫فدخل أبى المنزل فاستلقى على ظهره وجعل يكرر قول الشيخ على‬
‫نفسه ويقول‪ :‬أما وسعك ما وسعهم؟! ثم أطلق الشيخ وأعطاه أربعمائة‬
‫دينار‪ ،‬وسقط من عينيه ابن أبى داود‪ ،‬ولم يمتحن بعده أحداً ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫عليه الصالة والسالم الشيخ يوسف بن اسماعيل بن يوسف بن‬
‫اسماعيل النبهانى نسبة لبنى نبهان قوم من عرب البادية‬
‫توطنوا منذ أزمان قرية إجزم الواقعة فى فلسطين من البالد‬
‫المقدسة‪ ،‬وولد بها سنة ‪ ،1235‬وقرأ القرآن على والده الشيخ‬
‫الصالح الحافظ المتقن لكتاب اهلل الشيخ اسماعيل النبهانى‪ ،‬ثم‬
‫ذهب إلى مصر لطلب العلم باألزهر الشريف سنة ‪ 1283‬إلى‬
‫سنة ‪ 1289‬حيث درس العلوم الشرعية على استاتذته من‬
‫الشيوخ المحققتين وجهابذة العلماء الراسخين ـ يقول هو عنهم‬
‫من لو انفرد كل واحد منهم فى إقليم لكان قائد أهله إلى جنة‬
‫النعيم‪ ،‬وكفاهم ممن كل من عداه فى جميع العلوم‪ ،‬وما‬
‫يحتاجون إليه من منطوق ومفهوم‪( ..‬قال العالمة المحدث الشيخ‬
‫محمد حبيب اهلل الشنقيطى فى ترجمته للنبهانى التى تصدرت كتاب‬
‫شواهد الحق)‬
‫وقال الكتانى‪:‬‬
‫أخذ طرق الصوفية عن مشايخ الوقت‪ ،‬فاألدريسية عن‬
‫الشيخ اسماعيل النواب نزيل مكة‪ ،‬والرفاعية عن الشيخ عبد‬
‫القادر أبى‪ ،‬رباح الدجانى اليافى‪ ،‬والخلوتية عن الشيخ حسن‬
‫رضوان الصعيدى‪ ،‬والشاذلية عن الشمس محمد بن مسعود‬
‫الفاسى وعلى نور الدين اليشرطى‪ ،‬والنقشبندية عن غياث‬
‫الدين اإلربلى وإمداد اهلل الهندى‪ ،‬والقادرية عن حسن بن‬
‫حالوة الغزى وغيرهم‪.‬‬
‫وجال فى بالد الشرق العربى وبر الترك‪ ،‬فدخل األستانة‬
‫والموصل وحلب وديار بكر وشهرزور وبغداد وسامرا وبيت‬
‫المقدس والحجاز‪ ،‬ولما نبه ذكره وعالصيته اختير للقضاء‬
‫فى واليات الشام حتى صار رئيسا لمحكمة الحقوق العليا فى‬
‫بيروت‪ .‬وأول ما ظهر من مؤلفاته كتاب الشرف المؤبد آلل‬

‫‪19‬‬
‫سيدنا محمد ‪(r‬طبع فى بيروت سنة ‪ )1309‬ثم همزيته وبها‬
‫اشتهر‪ ،‬وتناقل الناس مااله من خبر لبالغتها وانسجامها‬
‫وطالوتها‪ ،‬ثم عظم ذكره بما وصنف ونظم ونثر وطبع ونشر‬
‫خصوصاً فى الجناب المحمدى األعظم‪.‬‬
‫وذكر زكى مجاهد انه فى سنة ‪1910‬م زار القاهرة‪،‬‬
‫وقرر الخديوى عباس حلمى الثانى له عشرة جنيهات راتبًا‬
‫شهرياً لمناسبة سعة اطالعه فى العلوم الشرعية‪.‬‬
‫وقال عنه الكتانى‪ :‬بوصيرى العصر‪ ،‬األديب الشاعر‬
‫المغلق الطائر الصيت المحب الصادق‪ ،‬نادرة العصر‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وهو ممن خدم السيرة المحمدية والجناب النبوى أرفع‬
‫الخدمات‪ ،‬وأوقف حياته على ذلك‪ ،‬فنشر وكتب مالم يتيسر‬
‫لغيره فى عصرنا هذا وال عشر معشاره(فهرس الفهارس للكتانى‬
‫‪ 1104/2‬ط دار الغرب االسالمى بيروت)‬
‫وأثنى عليه الشيخ عبد الرزاق البيطار ثناءاً طويالً منه قوله‪:‬‬
‫إن هذا اإلمام والشهم األديب الهمام قد طلعت فضائل محاسنه‬
‫طلوع النجوم الزواهر وسعدت مطالع شمائله بآدابه المعجبة‬
‫البواهر‪ ،‬فهو األلمعى المشهور بقوة اإلدراك‪ ،‬واللوذعى‬
‫المستوى مقامة على ذروة األفالك‪ ..‬فلعمرى لقد أصبح فى‬
‫الفضل وحيداً‪ ،‬ولم تجد عنه النباهة محيصا وال محيداً‪،‬‬
‫وناهيك بمحاسن قلدها‪ ،‬ومناقب أثبتها وخلدها‪ ،‬إذا تليت فى‬
‫المجامع اهتزت لها األعطاف وتشنّفتَ المسامع‪(..‬حلية البشر‬
‫فى تاريخ القرن الثالث عشر للبيطار ‪1314/3‬ط دار صادر بيروت)‬
‫قال الشيخ الشنقيطى‪ :‬أما عبادة الشيخ فقد شاهدت منها‬
‫بالمدينة المنورة ماال يتفق إال لمن خرق اهلل له العادة من‬
‫أوليائه وأصفيائه‪ ،‬وقدمات رحمه اهلل فى بيروت فى أوائل‬
‫شهر رمضان المعظم من سنة ‪1350‬هجرية وهو على عادته‬

‫‪20‬‬
‫من مالزمة أداء الفرائض مع كثرة النوافل والصالة على‬
‫النبى ‪ ،r‬وكان نور العبادة واالتباع للسنة ظاهراً على وجهه‬
‫المستنير‪ ،‬تقبل اهلل منا ومنه وحشرنا فى زمرة شفيع المذنبين‬
‫رسول اهلل ‪ r‬وعلى آله وأصحابه اجمعين‪.‬‬
‫مــؤلفـــاتــه‬
‫قال الشيخ الشنقيطى‪ :‬أما مصنفاته فهى كثيرة جداً‪ ،‬وجلها‬
‫أو كلها فى الحديث ومتعلقاته كالسيرة النبوية والمديح‪ ،‬وعلم‬
‫األسانيد‪ ،‬وتراجم أعيان علماء األمة‪ ،‬والصالة على النبى ‪،r‬‬
‫وتدوين المدائح التى مدحه بها أو مدحه بها غيره من األقدمين‬
‫والمتأخرين من سائر أهل المذاهب األربعة وأكابر المحدثين‪،‬‬
‫ولنذكر ما وقفت عليه من مصنفاته فى الحديث وغيره‪،‬‬
‫فأعظمها وأنفعها كتابه المسمى‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الفتح الكبير فى ضم الزيادة إلى الجامع الصغير‪ :‬وهو‬
‫كتاب جمع فيه بين"الجامع الصغير" وذيله المسمى"زيادة‬
‫الجامع الصغير" وقد اشتمال على أربعة عشر ألف حديث‬
‫وأربعمائة وخمسين حديثا‪ .‬وقد طبع هذا الكتاب فى ثالث‬
‫مجلدات فى شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى‬
‫وأوالده‪ .‬وما تم طبعه إال بعد وفاة المؤلف بنحو سنه‪ .‬وهو‬
‫كتاب التستغنى عنه خزانة محدث إذا لم يوجد من‬
‫المطبوعات فى الحديث مرتبا على حروف المعجم اليوم أكثر‬
‫منه فيما وقفت عليه‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬مع التزام تخريج كل حديث‬
‫وضبطه بالشكل الكامل‪.‬‬
‫‪2‬ـ منتخب الصحيحين مضبوط بالشكلل الكامل وقد اشتمل‬
‫على ثالثة آالف وعشرة أحاديث وقد ذيله بتعليقة سماها قرة‬
‫العين على منتخب الصحيحين‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪3‬ـ وسائل الوصول إلى شمائل الرسول ‪. r‬‬
‫‪4‬ـ أفضل الصلوات على سيد السادات ‪. r‬‬
‫‪5‬ـ األحاديث األربعين فى وجوب طاعة أممير المؤمنين‪.‬‬
‫‪3‬ـ النظم البديع فى مولد الشفيع ‪. r‬‬
‫‪4‬ـالهمزية األلفية (طيبة العزاء)فى مدح سيد األنبياء ‪.r‬‬
‫‪8‬ـ األحاديث األربعين فى فضائل سيد المرسلين ‪.r‬‬
‫‪9‬ـ األحاديث األربعين فى أمثال أفصح العالمين ‪. r‬‬
‫‪10‬ـ قصيدة سعادة المعاد فى موازنة بانت سعاد‪.‬‬
‫‪11‬ـ مثال نعله الشريف ‪. r‬‬
‫‪12‬ـ حجة اهلل على العالمين فى معجزات سيد المرسلين ‪. r‬‬
‫‪13‬ـ سعادة الدارين فى الصالة على سيد الكونين ‪.r‬‬
‫‪14‬ـ السابقات الجياد فى مدح سيد العباد ‪( r‬وهى المعشرات)‬
‫‪15‬ـ خالصة الكالم فى ترجيح دين اإلسالم‪.‬‬
‫‪13‬ـ هادى المريد إلى طريق األسانيد‪.‬‬
‫‪14‬ـ الفضائل المحمدية‪.‬‬
‫‪18‬ـ الورد الشافى يشتمل على األدعية واألذكار النبوية‪.‬‬
‫‪19‬ـ المزدوجة الغراء فى االستغاثة بأسماء اهلل الحسنى ‪.‬‬
‫‪20‬ـ المجموعة النبهانية فى المدائح النبوية واسماء‬
‫رجالها(أربع مجلدات)‬
‫‪21‬ـ نجوم المهتدين فى معجزاته ‪ r‬والرد على أعدائه اخوان‬
‫الشياطين‪.‬‬
‫‪22‬ـ إشاد الحيارى فى تحذير المسلمين من مدارس‬
‫النصارى‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪23‬ـ جامع الثناء على اهلل‪.‬‬
‫‪24‬ـ مفرج الكروب ومفرج القلوب‪.‬‬
‫‪25‬ـ حزب االستغاثات بسيد السادات ‪. r‬‬
‫‪23‬ـ أحسن الوسائل فى نظمم أسماء النبى الكامل ‪. r‬‬
‫‪24‬ـ األسماء فيما لسيدنا محمد ‪ r‬من األسماء‪.‬‬
‫‪28‬ـ البرهان المسدد فى إثبات نبوة سيدنا محمد ‪. r‬‬
‫‪29‬ـ دليل التجار إلى أخالق األخيار‪.‬‬
‫‪30‬ـ الرحمة المهداة فى فضل الصالة‪.‬‬
‫‪31‬ـ حسن الشرعة فى مشروعية صالة الظهر بعد الجمعة‪.‬‬
‫‪32‬ـ رسالة التحذير من اتخاذ الصور والتصوير‪.‬‬
‫‪33‬ـ تنبيه األفكار لحكمة إقبال الدنيا على الكفار‪.‬‬
‫‪34‬ـ سبيل النجاة فى الحب فى اهلل والبغض فى اهلل‪.‬‬
‫‪35‬ـ القصيدة الرائية الكبرى‪.‬‬
‫‪33‬ـ سعادة األنام فى اتباع دين اإلسالم‪.‬‬
‫‪34‬ـ مختصر إرشادا الحيارى ‪.‬‬
‫‪38‬ـ الرائية الصغرى فى ذم البدعة(الوهابية) ومدح السنة‬
‫الغراء‪.‬‬
‫‪39‬ـ جواهر البحار فى فضائل النبى ‪. r‬‬
‫‪40‬ـ تهذيب النفوس فى ترتيب الدروس ‪.‬‬
‫‪41‬ـ اتحاف المسلم بما ذكره صاحب الترغيب والترهيب من‬
‫أحاديث البخارى ومسلم‪.‬‬
‫‪42‬ـ جامع كرمات األولياء ‪.‬‬
‫‪43‬ـ ديوان المدائح المسمى العقود اللؤلؤية فى المدائح‬
‫النبوية‪.‬‬
‫‪44‬ـ األربعين أربعين من أحاديث سيد المرسلين ‪. r‬‬

‫‪23‬‬
‫‪45‬ـ الدالالت الواضحات(شرح دالئل الخيرات)‪.‬‬
‫‪43‬ـ المبشرات المنامية ‪.‬‬
‫‪44‬ـ صلوات الثناء على سيد األنبياء ‪. r‬‬
‫‪48‬ـ القول الحق فى مدح سيد الخلق ‪. r‬‬
‫‪49‬ـ الصلوات األلفية فى الكماالت المحمدية ‪.‬‬
‫‪50‬ـ رياض الجنة فى أذكار الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫‪51‬ـ االستغاثة الكبرى بأسماء اهلل الحسنى ‪.‬‬
‫‪52‬ـ جامع الصلوات على سيد السادات ‪. r‬‬
‫‪53‬ـ الشرف المؤبد آلل محمد ‪. r‬‬
‫‪54‬ـ األنوار المحمدية (مختصر المواهب اللدنية) ‪.‬‬
‫‪55‬ـ صلوات األخيار على النبى المختار ‪. r‬‬
‫‪53‬ـ تفسير قرة العين من اللبيضاوى والجاللين ‪.‬‬
‫‪54‬ـ البشاير االيمانية فى المبشرات المنامية ‪.‬‬
‫‪58‬ـ شواهد الحق فى االستغاثة بسيد الخلق ‪. r‬‬
‫‪59‬ـ األساليب البديعة فى فضل الصحابة وإقناع الشيعة ‪.‬‬
‫‪30‬ـ طيبة الفراء فى مدح األنبياء ‪.‬‬
‫(هذه القائمة مأخوذة عن قائمة مؤلفات النبهانى الواردة فى‬
‫كل من مقدمة كتاب شواهد الحق وترجمته فى األعالم أنه‬
‫بعض األربعينات فى الحديث وغيرها‪ ،‬وكذلك خمس رسائل‬
‫برقم ‪1133‬كتانى من تأليفه بخط يده كل رساله تشمتل على‬
‫‪ 403‬حديثا األولى فى فضل عثمان‪ ،‬والثانية فى فضل أبى‬
‫بكر وعمر وغيرهما‪ ،‬والثالثة فى فضل أبى بكر‪ ،‬والرابعة‬
‫فى فضائل عمر‪ ،‬والخامسة فى فضائل على)‬
‫كذلك عثرت بطريق الصدفة على كتاب له بإسم "غزوات‬

‫‪24‬‬
‫الرسول ‪ "r‬طَبْع دار المعارف بتونس‪ ،‬وهذا يبين أنه ربما‬
‫كانت هناك مؤلفات أخرى له غير معروفه بعد نسأل اهلل‬
‫تبارك وتاعلى أن يقيض لهذا اإلمام العالم العامل من يعرف‬
‫به وبأعماله الجليلة ألن مثله من يُرجى النفع بسيرته وأعماله‪.‬‬
‫واهلل الموفق ‪ ،‬اليوفق إال هو‪(.‬ع)‬

‫‪25‬‬
..
.
...
r

( 1)
: .
. : ...
(2)
. : ... :
( 3)
: ... :
( 4)
... : .
(1)

.
(2)
)
: (
( )
r =
: :
"
(3)

:
r
‫إلى قوله‪ :‬آمين‪ .‬والخامس‪ )5(:‬اللهم إنى أسألك بمحمد‬
‫نبيك‪ ...‬إلى قوله ياأرحم الراحمين‪ .‬وسميته ‪ :‬ـ‬
‫حزب االستغاثات بسيد السادات صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وذكرته فى كتابى شواهد الحق فى االستغاثة بسيد‬
‫الخلق ‪ )*( r‬من جملة البراهين التى التحصى وال تعد‬
‫على جواز واستحسان االغاثة إلى اهلل تعالى بهذا‬
‫العبد الكريم والسيد السند صلى اهلل عليه وسلم وشرَّف‬
‫ومجَّد وقد رأيت أن أفرده هنا لينتفع به المُحِبُّون‬
‫للحضرة النبوية فتقضى بقراءته حاجاتهم الدنيوية‬
‫واالخروية إال أنى زدتُ هنا االسماء الحسنى فى أوله‬
‫وحذفتُ مما اشتمل عليه هناك تخريج هذه االحاديث‬

‫اضجعها فى لحدها ودعا لها فقال ‪ ": r‬اهلل الذى يحيى ويميت وهو حى‬
‫اليموت‪ .‬اغفر ألمى فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك‬
‫واآلنبياء الذين من قبلى فإنك أرحم الراحمين"‬
‫(‪ )4‬حديث نبوى رواه الديلمى عن عمر وعلى رضى اهلل عنهما وهو‬
‫قول النبى ‪" : r‬إذا شجاك شيطان أو سلطان فقل‪":‬يامن يكفى من كل‬
‫أحد‪..‬إلى آخره" ذكره السيوطى فى الجامع الكبير‪.‬‬
‫(‪ )5‬حديث ذكره ابو طالب المكى فى الفصل الخامس من قوت القلوب‬
‫وذكر ان النبى ‪ r‬علّمه ألبى بكر رضى اهلل عنه‪.‬‬
‫(هذه الهوامش من ‪1‬ـ ‪ 5‬نقال عن كتاب شواهد الحق للنبهانى ص ‪)334‬‬
‫(* ) طُبع فى شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى وأوالده‬
‫بمصر سنة ‪ 1988‬وقد طبع مؤخراً عدّة طبقات فى القاهرة وبيروت‬
‫وهو كتاب جليل عظيم الفائدة فارجع إليه (ع)‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫والصيغتين الواردتين عن الشيخ أبى المواهب الشاذلى‬
‫وخليفته الشيخ إبراهيم المواهبى المخاطَب بهما النبى‬
‫‪ r‬النهما مخصوصتان فى وقت زيارته عليه الصالة‬
‫والسالم وبقراءتهما هنا يتغير أسلوب الدعاء الن‬
‫ت‬
‫المخاطَبْ فى جميع االستغاثات هو اهلل تعالى وحذف ُ‬
‫أيضاً لهذا السبب استغاثة شيخنا الشيخ حسن العدوى‬
‫الختالف أسلوبها النه ذكر اهلل تعالى بصيغة الغيبة‬
‫وحذفت أيضاً استغاثة سيدى عبد الغنى النابلسى ألنها‬
‫نفس الحديث النبوى المذكور فى االول وقد زدت هنا‬
‫مما لم يذكر هناك استغاثة سيدى الشيخ محمود‬
‫الكردى الشيخانى المدنى واستغاثة سيدى الشيخ محمد‬
‫تقى الدين الحنبلى الدمشقى وها أنا اذكرهم على‬
‫ترتيب ذكر استغاثتهم فى الحزب وأذكر مع كل واحد‬
‫نفس العدد المذكور قبل دعائه فيه وأبين هنا اسم‬
‫الكتاب الذى نقلته منه فمن شاء معرفة صاحب دعاء‬
‫منها فليراجع اسمه هنا وهى ‪ :‬ـ‬
‫‪1‬ـ دعاء لزين العابدين ابن الحسين من جملة دعاء‬
‫طويل يقرأ يوم عرفة رواه بسنده شارح االحياء فى‬
‫كتاب الحج‪.‬‬
‫‪2‬ـ دعاءان ذكرهما الغزالى فى االحياء ‪.‬‬
‫‪3‬ـ ادعية للجيالنى فى مواضع من صالته الكبرى‬
‫والدعاء األخير من الغنية‪.‬‬
‫‪4‬ـ دعاء للشيخ االكبر فى صالة التوسل‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪5‬ـ صالة الدسوقى المشهورة والتوسل بعدها من حزبه‬
‫حزب المشايخ ‪.‬‬
‫‪3‬ـ أدعية للشاذلى فى حزب الكفاية وحزب الدائرة‬
‫وحزب الطمس ودعاء آخر ‪.‬‬
‫‪4‬ـ دعاءان البن أبى جمرة نقلهما صاحب المدخل‪.‬‬
‫‪8‬ـ دعاء البن الحاج فى المدخل ‪.‬‬
‫‪9‬ـ دعاء للديرينى فى طهارة القلوب ‪.‬‬
‫‪10‬ـ دعاء للتاج السبكى فى حزبه ‪.‬‬
‫‪11‬ـ دعاء البى الحسن السخاوى فى حزبه ‪.‬‬
‫‪12‬ـ ثالث صلوات لمحمد وفا االولى مذكورة فى‬
‫حزب الفردانية البى المواهب الشاذلى‪.‬‬
‫‪13‬ـ دعاءان لعلى وفا األول فى صالته وهو فى‬
‫حزب الفردانية البى المواهب أيض ًا والثانى فى حزب‬
‫النجاة‪.‬‬
‫‪14‬ـ دعاء للجزولى فى دالئل الخيرات وهو حديث مع‬
‫زيادة‪.‬‬
‫‪15‬ـ دعاء البن عباد فى آخر شرح الحكم وعبارته‬
‫بضمير الغيبة فحولتها للخطاب‪.‬‬
‫‪13‬ـ أدعية البى المواهب الشاذلى األول فى حزب‬
‫الفردانية والثانى فى حزب التنزيه والثالث فى حزب‬
‫الحفظ‪.‬‬
‫‪14‬ـ صالة البى العباس المشرعى اليمنى‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪18‬ـ دعاء لخير الدين بن ظهيرة المكى فى آخر‬
‫صالته‪.‬‬
‫‪19‬ـ دعاء عبد الجليل بن عظوم القيراونى فى أواخر‬
‫كتابه تنبيه االنام ‪.‬‬
‫‪20‬ـ دعاء لناصر الدين بن سويدان فى حزبه ‪.‬‬
‫‪21‬ـ دعاء لعمر زين الدين الحالدى الشاذلى فى حزبه‪.‬‬
‫‪22‬ـ دعاءان للشيخ ابى الحسن البكرى المصرى‬
‫االول فى حزب له لم يذكر اسمه والثانى فى حزبه‬
‫الكبير المسمى حقائق الكماالت ‪.‬‬
‫‪23‬ـ دعاءان لمحمد البكرى الكبير االول فى إحدى‬
‫صلواته والثانى فى حزب االنوار ‪.‬‬
‫‪24‬ـ دعاء لزين العابدين البكرى فى حزبه‪.‬‬
‫‪25‬ـ دعاء للشهاب الرملى فى آخر كتابه القول التام‬
‫فى احكام المأموم واالمام‪.‬‬
‫‪23‬ـ دعاء للشيخ محمد بن عنان فى دعاء النصر‪.‬‬
‫‪24‬ـ دعاء للشيخ محمد الذاكر المصرى فى حزب‬
‫التنزيه ‪.‬‬
‫‪28‬ـ دعاء للشيخ الشعرانى فى حزب المناجاة الذى‬
‫يقول فيه إلهى إلهى‪.‬‬
‫‪29‬ـ الصالة التفريجية للتازى‪.‬‬
‫‪30‬ـ دعاء للبركوى فى الطريقة المحمدية‪.‬‬
‫‪31‬ـ دعاء للشيخ محمود الكردى الشيخانى المدنى فى‬
‫كتابيه أدل الخيرات وكفاية المؤمنين‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪32‬ـ دعاء للشيخ محمد تقى الدين الحنبلى الدمشقى‬
‫المشهور بأبى شعر وشعير وهو من أكابر االولياء‬
‫كان فى أواسط القرن الثالث عشر نقلت هذا الدعاء‬
‫من الجزء االول من صلواته على النبى ‪ r‬وهى جزآن‬
‫فى نحو أربعين كراسا وفيها من االستغاثات بسيدنا‬
‫محمد ‪ r‬وبجاهه وبحقه وما أشبه ذلك من العبارات‬
‫شئ كثير مع إنه حنبلى المذهب وأهل البدع الذين‬
‫يمنعون ذلك أكثرهم حنابلة‪.‬‬
‫‪33‬ـ صالة الشيخ محمد البديرى الدمياطى‪.‬‬
‫‪34‬ـ دعاءان للسيد مصطفى البكرى االول فى مقدمة‬
‫صلواته البرية والثانى فى حزب الجواهر الثمينة‬
‫لراكب السفينة‪.‬‬
‫‪35‬ـ دعاء للشيخ محمد عقيلة المكى فى آخر صلواته‪.‬‬
‫‪33‬ـ صالة لسيدى احمد بن إدريس‪.‬‬
‫‪34‬ـ ثالثة أدعية للسيد محمد عثمان الميرغنى االول‬
‫فى صلواته فتح الرسول والثانى فى صالته باب‬
‫الفيض والمدد والثالث فى صالته الجواهر‪.‬‬
‫‪38‬ـ دعاء للشيخ خالد النقشبندى فى صلواته جالية‬
‫االكدار‪.‬‬
‫‪39‬ـ دعاء لشيخنا الشيخ محمد الفاسى الشاذلى فى‬
‫صالته الياقوتية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪40‬ـ دعاء للشيخ محمد الشنوانى فى آخر حاشيته على‬
‫مختصر البخارى البن أبى جمرة رضى اهلل عنهم‬
‫أجمعين ‪.‬‬
‫إذا علمت ذلك تعلم أنه حزب النظير له فى بابه‬
‫بيقين‪ .‬وكيف الوقد اشترك به أربعون وليا من أكابر‬
‫العارفين فكل من أقبل عليه بالقبول سينال إن شاء اهلل‬
‫غاية المأمول‪،‬وهو هـــــذا‪:‬‬

‫اللهُمَّ يَاأَهللُ يَا َرحْمنُ يَا َرحِيمُ يَامَِلكُ يَاقُدُّوسُ‬


‫المُ يَا ُمؤْمِنُ يَامُهَيمِنُ يَاعَزِيزُ يَاجَبَّارُ‬ ‫سَ‬ ‫يَا َ‬
‫ئ يَا ُمصَوِّرُ يَاغَفَّارُ‬‫يَامُتَكَبِّرُ يَاخَاِلقُ يابَارِ ُ‬
‫يَاقَهَّارُ يَاوَهَّابُ يَارَزَّاقُ يَافَتَّاحُ يَاعَلِيمُ‬
‫سطُ يَاخَا ِفضُ يَارَا ِفعُ يَامُعِزُّ‬ ‫يَاقَا ِبضُ يَابَا ِ‬
‫عدْلُ‬ ‫يَا ُمذِلُّ يَاسَمِيعُ يَابَصيرُ يَاحَ َكمُ يَا َ‬
‫يَالَطيِفُ يَاخَبِيرُ يَاحَل ِيمُ ياعَظيمُ يَاغَفُورُ‬
‫يَاشَكُورُ يَاعَلىُّ يَاكَبِيرُ يَاحَفيظُ يَامُقِيتُ‬
‫يَاحَسِيبُ يَاجَلِيلُ يَاكَرِي ُم يَارَقِيبُ يَا ُمجِيبُ‬
‫سعُ ياحَكِيمُ يَا َودُو ُد يَامَجيدُ يَابَاعِثُ‬ ‫يَاوَا ِ‬
‫‪32‬‬
‫يَاشَهِيدُ يَاحَقُّ يَاوَكِيلُ يَا َقوِىُّ يَامَتِينُ يَاوَلىُّ‬
‫حصِى يَامُ ْبدِئُ يَامُعِيدُ يَا ُمحْيِى‬ ‫يَاحَميدُ يَا ُم ْ‬
‫حدُ‬‫جدُ يَاوَا ِ‬ ‫جدُ يَامَا َ‬‫يَامُمِيتُ يَاحَىُّ يَاقَيُّومُ يَاوَا ِ‬
‫َدمُ يَا ُموَخِّرُ يَاأَوَّلُ‬
‫يَاصَ َمدُ يَاقَادِرُ يَامُقْ َتدِرُ يَامُق ِّ‬
‫يَاآخِرُ يَاظَاهِرُ يابَاطِنُ يَاوالىِ يَامُتَعَالِى يَابَرُّ‬
‫يَاتَوَّابُ يَامُنْتَ ِقمُ يَاعَفُوُّ يَا َرؤُوفُ يَامَاِلكَ الْمُ ْلكِ‬
‫سطُ يَاجَا ِمعُ يَاغَنِىُّ‬ ‫جالَلِ واإلِكْرَامِ يَامُقْ ِ‬ ‫يَاذَا ا ْل َ‬
‫يَامُغْنِى يَامَا ِنعُ يَاضَارُّ يَانَا ِفعُ يَانُورُ يَاهَادِى‬
‫يَا َبدِيعُ يَابَاقِى يَاوَارِثُ يَارَشيدُ يَاصَبُورُ‪.‬‬
‫ظمِ‪.‬وَأدْعُوكَ‬ ‫عَ‬ ‫سأَُلكَ اللَّهُمَّ بِاسْ ِمكَ األ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫ِبأَسْماَ ِئكَ ا ْلحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَاَلمْ‬
‫أَعَْلمْ‪ .‬أَنْ ُتصَِّلىَ عَلَى عَ ْب ِدكَ وَنَبِ ّيكَ وَرَسُوِلكَ‬
‫صحْبِهِ ِبأَ ْفضَلِ‬ ‫َمدٍ وَعَلى آلِهِ َو َ‬ ‫سِيِّدنِا ُمح َّ‬
‫حدٍ مِنْ خَلْ ِقكِ إ َِّنكَ حَميدٌ‬ ‫مَاصَلَّيْتَ بِهِ عَلَى َأ َ‬
‫َمجِيدٌ‪ .‬وَأَنْ تُعطِيَهُ اَلوَسِيلَةَ وَالْ َفضِيلةَ وَالْمَقَامَ‬
‫عدْتَهُ إ َِّنكَ الَ ُتخْلِفُ الْمِيعَادَ‬ ‫المَحمُودَ َّالذِى وَ َ‬
‫وَأَنْ تُ ْعطِيَنىِ مِنَ ا ْلخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِـلِهِ وَآجِلِهِ‬
‫ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا َلمْ أَعَْلمْ وَ َتصْرِفَ عَنِّى‬

‫‪33‬‬
‫السُّوءَ كُلَّهِ عَاجِلَهُ وَآجِلَهُ مَاعَلِمْتُ مِنْهُ وَمَاَلمْ‬
‫سأَُلكَ وَأَ َتوَجَّهُ إِلَ ْيكَ بِنَب ِِّيكَ‬
‫أَعَْلمْ‪ .‬أَللهُمَّ إِنِّى أَ ْ‬
‫َمدُ إِنِّى‬ ‫الرحْمَةِيَاس َِّيدَنَا يَا ُمح َّ‬
‫َمدٍ ‪ r‬نَبِىِّ َّ‬ ‫ُمح َّ‬
‫أَ َتوَجَّهُ ِبكَ إِلى رَبِّى فِى حَاجَتِى ه ِذهِ لِتُ ْقضَى‬
‫لِى‪.‬أَللّهُمَّ شَفِّعْهُ فِىَّ (ويـذكــر حــاجتــه)أَللهُمَّ‬
‫َمدٍ أَللّهُمَّ إِنِّى‬
‫َمدٍ وَعَلَى آلِ ُمح َّ‬ ‫صَلِّ عَلَى ُمح َّ‬
‫َمدٍ أَنْ تَكْفِينَى شَرَّ‬ ‫َمدٍ وَآلِ ُمح َّ‬ ‫سأَُلكَ ِبحَقِّ ُمح َّ‬ ‫أَ ْ‬
‫حذَرُ أَللهُم (افعل بى كـــذا‬ ‫مَا َأخَافُ وأ ْ‬
‫وكــــذا) ِبحَقِّ نَب ِِّيكَ وَاألَنْبِيَاءِ َّالذِينَ مِنْ قَبْلِهِ‬
‫حمُ الرَّاحِميِن‪ .‬يَامَن يَكْفِى مِنْ كُلِّ‬ ‫َإنكَ أَ ْر َ‬
‫ف َّ‬
‫حدَ لهُ يَاسَ َندَ مَنْ السَ َندَ لَهُ‬ ‫حدَ مَنْ الَأ َ‬ ‫حدٍ يَا َأ َ‬
‫َأ َ‬
‫الرجَاءُ إِال مِ ْنكَ نَجِّنِى مِمَّا أَنَا فِيهِ‬ ‫طعَ َّ‬ ‫انْ َق َ‬
‫ل بى‬ ‫وَأَعِنِّى عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ مِمَّا َقدْ نَزَ َ‬
‫َمدٍ عَلَ ْيكَ‬ ‫ِبجَاهِ َوجْ ِهكَ الْكَرِيمِ وَ ِبحَقِّ ُمح َّ‬
‫َمدٍ نَب ِِّيكَ‬ ‫سأَلُكَ بِ ُمح َّ‬ ‫آمِينَ‪ .‬أَللّهُمَّ إِنىِ أَ ْ‬
‫ِجيكَ وَكَلِي ِمكَ‬ ‫وَإِبْرَاهيمَ خَلِيِلكَ وَمُوسَى ن ِّ‬
‫المِ مُوسَى‬ ‫حكَ وَكَلِم ِتكَ وَبِ َك َ‬ ‫وَعيِسَى رُو ِ‬
‫َمدٍ ‪r‬‬‫وَإِ ْنجِيل عيِسَى وَزَبُو ِردَا َودَ وَفُرْقَانِ ُمح َّ‬

‫‪34‬‬
‫حىٍ َأ ْوحَيْتَهُ َأوْ َقضَاءٍ قَضيْتَهُ َأوْ‬ ‫وَكُلِّ َو ْ‬
‫عطَيْتَهُ َأوْ غَ ِنىٍ اَقْيَنْتَهُ َأوْ فَقِيرٍ أَغْنَيْتَهُ‬‫سَائِلٍ أَ ْ‬
‫سأَُلكَ بِأسْ ِمكَ الذِّى أَنْزَلْتَهُ‬ ‫َأوْ ضَالٍ َهدَيْتَهُ‪ .‬وَأَ ْ‬
‫سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ‬ ‫المُ‪ .‬وَأَ ْ‬ ‫الس َ‬
‫عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ َّ‬
‫سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ‬ ‫الذِّى ثَبَّتَّ بِهِ أَرْزَاقَ الْع ِبَادِ‪ .‬وَأَ ْ‬
‫َّالذِى َوضَعْتَهُ عَلَى األَ ْرضِ فَاسْتَقَرَّتْ‪.‬‬
‫سأَُلكَ بِاسْمكَ الَّذى َوضَعْتَهُ عَلَى‬ ‫وَأَ ْ‬
‫سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ َّالذِى‬ ‫السَّموَاتِ فَاسْتَقَلَّتْ‪ .‬وَأَ ْ‬
‫سأَُلكَ‬ ‫َوضَعْتَهُ عَلَى ا ْلجِبَالِ َفأَرْسَتْ‪ .‬وَأَ ْ‬
‫سأَُلكَ‬‫شكَ‪ .‬وَأَ ْ‬ ‫بِاسْ ِمكَ َّالذِى اسْتَقَلَّ بِ ِه عَرْ ُ‬
‫حدِ الصَّ َمدِ الوِتْرِ‬ ‫أل َ‬
‫بِاسْ ِمكَ الطُّهْرِ الطَّاهِرِ ا َ‬
‫المُنَزَّلِ فِى كِتَا ِبكَ مِنْ َلدُ ْنكَ مِنَ النُّورِ‬
‫سأَُلكَ بِاسْ ِمكَ َّالذِى َوضَعْتَهُ عَلَى‬ ‫الْمُبِينِ‪ .‬وَأَ ْ‬
‫النَّهَارِ فَاسْتَنَارَ وَعَلَى اللَّيْلِ َفَأظَْلمَ وَبِ َعظَمَ ِتكَ‬
‫وَكِبْرِيَا ِئكَ وَبِنُورِ َوجْ ِهكَ أَنْ ُتصَِّلىَ عَلَى‬
‫َمدٍ نَب ِِّيكَ وَعَلَى آلِهِ وَأَنْ تَرْزُقَنِى الْقُرْآنَ‬ ‫ُمح َّ‬
‫وَالْعِ ْلمَ وَ َتخِْلطَهُ بَِلحْمِى َودَمِى وَسَمْعِى‬
‫حوِْلكَ‬ ‫سدِى ِب َ‬ ‫وَ َبصَرِى وَتَسْتَعْمِلَ بِهِ جَ َ‬

‫‪35‬‬
‫حمَ‬‫ُوةَ إِال ِبكَ يَاأَ ْر َ‬ ‫حوْلَ وَالق َّ‬ ‫وَقُوَّ ِتكَ َفإِنَّ ُه الَ َ‬
‫الرَّاحِمِيِنَ ‪.‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫صطَفَيْتَهُ‬ ‫ن خَلْ ِقكَ وَمَنْ ا ْ‬ ‫جاِه مَنِ انْ َتخَبْتَهُ مِ ْ‬ ‫ِب َ‬
‫سكَ ‪ِ .‬بحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَهُ مِنْ بَرِيَّ ِتكَ وَمَنْ‬ ‫لِنَفْ ِ‬
‫شأْ ِنكَ‪َ .‬و َوصَلْتَ طَاعَتَهُ ِبطَاعَ ِتكَ‬ ‫َأحْبَبْتَهُ لِ َ‬
‫وَمَ ْعصِيتَهُ بِمَ ْعصِي ِتكَ‪ .‬وَقَرَنْتَ ُموَاالَتَهُ‬
‫َمدْنى‬ ‫بِ ُموَاال ِتكَ وَ ُنطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَا ِتكَ‪ .‬تَغ َّ‬
‫َم ُد بِهِ مَنْ جَاءَ إِلَ ْيكَ‬ ‫فِى َيوْمِى هذَا بِمَا تَتَغ َّ‬
‫َلنىِ بِمَا‬ ‫َصالً‪ .‬وَعَاذَ بِاسْتِغْفَا ِركَ تَائِباً وَ َتو َّ‬ ‫مُنَت ِّ‬
‫تَ َتوَلَّى بِهِ َأهْلَ طَاعَ ِتكَ‪ .‬وَالزُّلْفَى َلدَ ْيكَ‬
‫خذْنِى بِتَفْرِيطِى فىِ‬ ‫وَالمْكَانَةِ مِ ْنكَ‪ .‬وَالَ ُتؤَا ِ‬
‫حدُو ِدكَ وَ ُمجَاوَ َزةِ‬ ‫طوْرِى فِى ُ‬ ‫جَنْ ِبكَ وَتَعَدِّى َ‬
‫َأحْ َكاِ َمكَ‪ .‬وَافْتَحْ لِى أَ ْبوَابَ قُرْبَ ِتكَ وَ َرحْمَ ِتكَ‬
‫سعِ إِنِّى إِلَ ْيكَ مِنَ‬ ‫وَرِأْفَ ِتكَ وَرَزْ ِقكَ ا ْلوَا ِ‬
‫الرَّاغِبينَ‪َ .‬وأَتْ ِممْ لِى إِنْعَا َمكَ أَنْتَ خَيْرُ‬
‫الْمُنْعِمينَ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ‪َ .‬وصَلَّى اهللُ عَلَى‬
‫َمدِ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرِينَ‪.‬‬ ‫سَ ِيدِنَا ُمح َّ‬

‫‪33‬‬
‫المُ عَلَيْهِ وَعَلَيْ ِهمْ أَ َبدَ اآل ِبدِينَ ‪.‬‬
‫َالس َ‬
‫و َّ‬
‫(‪) 2‬‬
‫أَللَّهُمَّ إ َِّنكَ قُلْتَ وَ َقوُْلكَ ا ْلحَقُّ (وََلوْ أَنَّ ُهمْ ِإذْ‬
‫ظَلَمُوا أَنْفُسَ ُهمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اهللَ‬
‫جدُوا اهللَ تَوَّاباً‬ ‫واسْتَغْفَرَلَ ُهمُ الرَّسُولُ َل َو َ‬
‫َرحِيِماً) أَللَّهُمَّ إِنَّا َقدْ سَمِعْنَا َقوَْلكَ وََأطَعْنَا‬
‫صدْنَا نَب َِّيكَ مُتَشَفِّعِينَ بِهِ إِلَ ْيكَ فِى‬ ‫أَمْ َركَ وَ َق َ‬
‫ذُنُوبِنَا وَمَا أَثْقَلَ ظُهُورَنَا مِنْ َأوْزَارِنَا تَائِبِينَ‬
‫خطَايَانَا وَتَ ْقصِيرِنَا‪،‬‬ ‫مِنْ زَلَلِنَا مُعْتَرِفِينَ ِب َ‬
‫فَتُبِ اللّهُمَّ عَلَيْنَا وَش َِّفعْ نَب َِّيكَ فِينَا وَارْفَعْنَا‬
‫بِمَنْزِلَتِهِ عِ ْن َدكَ َوحَقِّهِ عَلَ ْيكَ‪ .‬أَللّهُمَّ اِغْفِرْ‬
‫خوَانِنَا‬‫إل ْ‬ ‫لِلْمُهَاجِرِينَ واألَ ْنصَارِ وَاغْفِر لَنَا وَ ِ‬
‫َّالذِينَ سَبَقُونَا بِاإلِيمَانِ‪ .‬إِلهِى إِنْ كُنْتَ‬
‫حمُ إِال َأهْلَ طَاعَ ِتكَ َفإِلَى مَنْ يَفْزَعُ‬ ‫الَتَ ْر َ‬
‫الْ ُمذْنِبُونَ‪ .‬إِلهِى َتجَنَّبْتُ عَنْ طَاعَ ِتكَ عَمْداً‬
‫وَ َتوَجَّهْتُ إِلَى مَ ْعصِيَ ِتكَ َقصْداً‪ .‬فَسُ ْبحَا َنكَ مَا‬
‫ظمَ حُجَّ َتكَ عَلَىَّ وَأَكْرمَ عَ ْف َوكَ عَنِّى‬ ‫عَ‬ ‫أَ ْ‬
‫فَ ِب ُوجُوبِ حُجَّ ِتكَ عَلَىَّ وَانْ ِقطَاعِ حُجَّتِى عَ ْنكَ‬

‫‪34‬‬
‫ت لِى‬ ‫وَفَقْرِى إِل ْيكَ وَغِنَاكَ عَنِّى إِالَّ غَفَرْ َ‬
‫يَاخيْرَ مَنْ دَعَاهُ دَاعٍ وَأَ ْفضَلَ مَنْ َرجَاهُ رَاجٍ‬
‫الةُ‬
‫الص َ‬
‫َمدٍ عَلَيْهِ َّ‬ ‫المِ وَ ِبذِمَّةِ ُمح َّ‬
‫سَ‬ ‫ِبحُرْمَةِ اإلِ ْ‬
‫المُ‪.‬أَ َتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ فَاغفِرْ لِى جَمِيعَ‬ ‫َالس َ‬
‫و َّ‬
‫ذُنُوبِى‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫أَللهُمَّ صَلِّ وَسَِّلمْ عَلَى بَ ْهجَةِ الكَمَالِ‪ .‬وَتَاجِ‬
‫جالَلِ‪ .‬وَبَهَاءِ ا ْلجَمَالِ‪ .‬وَشَ ْمسِ ا ْلوِصَالِ‪.‬‬ ‫ا ْل َ‬
‫وَعَ َبقِ ا ْل ُوجُودِ‪َ .‬وحَيَاةِ كُلِّ َم ْوجُودٍ‪ .‬عِزِّ‬
‫جَاللِ سَ ْلطَنَ ِتكَ‪ .‬وَجالَلِ عِزِّ مَمْلَكَ ِتكَ‪ .‬وَمَلِيكِ‬
‫صُ ْنعِ ُقدْرَ ِتكَ‪َ .‬وطِرَازِ صَ ْف َوةِ الصَّ ْف َوةِ مِنْ‬
‫الصَةِ ا ْلخَاصَّةِ مِنْ َأهْلِ‬ ‫خَ‬‫َأهْلِ صَ ْفوَ ِتكَ‪َ .‬و ُ‬
‫ظمِ‪َ .‬وحَبِيبِ اهللِ األَكْ َرمِ‪.‬‬ ‫عَ‬‫قُرْ ِبكَ‪.‬سِرِّ اهللِ اَألَ ْ‬
‫َمدٍ ‪r‬‬ ‫َرمِ س َِّيدِنَا وَ َموْالَنَا ُمح َّ‬
‫َوخَلِيلِ اهللِ الْمُك َّ‬
‫أَللّهُمَّ إِنَّا نَ َتوَسَّلُ بِهِ إِلَ ْيكَ وَنَتَش ََّفعُ بِهِ َلدَ ْيكَ‬
‫صَاحِبِ الشَّفَاعَةِ الْكُبْرى‪ .‬وَا ْلوَسِيلَةِ‬
‫َرا‪ .‬وَالْمَكَانَةِ الْعُلْيَا‪.‬‬
‫الْ ُعظْمَى‪ .‬وَالشَّرِيعَةِ الْغ َّ‬
‫وَالْمَنْزِلَةِ الزُّلْفَى‪ .‬وَقَابِ َقوْسَيْنِ َأوْ َأدْنَى أَنْ‬

‫‪38‬‬
‫ُتحَقِّقَنَا بِهِ ذَاتاً َوصِفَاتٍ وَأَسْمَاءً وأَفْعَاالً‬
‫وَآثَارًا حَتَّى الَ نَرَى وَالَنَسْ َمعَ وَالَ ُنحِسَّ والَ‬
‫جدَ إِالَّ إِيَّاكَ‪ .‬إِلهِى وَس َِّيدِى بِ َفضِْلكَ‬ ‫َن ِ‬
‫سأَُلكَ أَنْ َتجْعَلَ ُهوِيَّتَنَا عَيْنَ‬ ‫وَ َرحْمَ ِتكَ أَ ْ‬
‫ُهوِيَّتِهِ فِى َأوَائِلِهِ وَنِهَايَتِهِ وَ ِبوُدِّ خُلَّتِهِ َوصَفَاء‬
‫جوَا ِمعِ‬ ‫َمحَبَّتِهِ وَ َفوَاتِحَ أَ ْنوَارِ َبصِيرَتِهِ َو َ‬
‫أَسْرارِ سَرِيرَتِهِ وَ َرحِيمِ َرحْمَائِهِ وَنَعِيمِ‬
‫سأَُلكَ ِبجَاهِ نَب ِِّيكَ س َِّيدِنَا‬
‫نَعْمَائِهِ‪ .‬أَللهُمَّ إِنَّا نَ ْ‬
‫ْرضَا وَالْقَبُولَ قَبُوالً تَامًّا‬ ‫َمدٍ ‪ r‬الْمَغِفْ َرةَ وال ِّ‬‫ُمح َّ‬
‫الَتَكِلْنَا فِيهِ إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ يَانِ ْعمَ‬
‫الْ ُمجِيبُ فَ َقدْ َدخَلَ الدَّخيِلُ يَا َموْالَىَ ِبجَاهِ‬
‫َمدٍ صَلَّى اهللُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسََّلمَ َفإِنَّ‬ ‫نَبيِّكَ ُمح َّ‬
‫غُفْرَانَ ذُنُوبِ ا ْلخَ ْلقِ ِبَأجْمَعِ ِهمْ أَوَّلِ ِهمْ‬
‫َر ِهمْ وَفَاجِ ِر ِهمْ كَقطْ َرةٍ فِى َبحْرِ‬ ‫وَآخِ ِر ِهمْ ب ِّ‬
‫سعِ َّالذِىِ السَاحِلَ لَهُ فَ َقدْ ْقُلْتَ‬ ‫جُو ِدكَ ا ْلوَا ِ‬
‫وَقَوُلكَ ا ْلحَقُّ الْمُبيِنُ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِالَّ َرحْمَةً‬
‫صحْبِهِ‬ ‫لِلْعَالَميِنَ) صَلَّى اهلل عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ َو َ‬
‫َأجْمَعيِن‪ .‬أَلّلهُمَّ إِنَّا نَ َتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ بِنُو ِرهِ‬

‫‪39‬‬
‫السَّارِى فِى ا ْل ُوجُودِ أَنْ ُتحْ ِيىَ قُلُوبَنَا بِنُورِ‬
‫شئٍ َرحْمَةً وَعِلْمًا‬ ‫حَياةِ قَلْبِهِ ا ْلوَاسِع لِكُلِّ َ‬
‫َو ُهدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمينَ‪ .‬وَأَنْ تَشْرَحَ‬
‫َرطْنَا فِى‬ ‫صدْ ِرهِ ا ْلجَا ِمعِ مَا ف َّ‬ ‫صدُورَنَا بِنُورِ َ‬ ‫ُ‬
‫شئٍ َوضِيَاءً وَذكْرَى لِلْمُتَّقِينَ‬ ‫الْكِتَابِ مِنْ َ‬
‫وَ ُتطَهِّر نُفُوسَنَا ِبطَهَا َرةِ نَفْسِهِ الزَّكِيَّةِ‬
‫شئٍ‬ ‫الْمَ ْرضِيَّةِ وَتُعَلِّمَنَا ِبأَ ْنوَا ِر عُلُومِ (وَكُلَّ َ‬
‫حصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُبِينٍ)‪ .‬وَتُسْرِىَ سَرَائِ َرهُ‬ ‫َأ ْ‬
‫فِينَا بَِلوَا ِمعِ أَ ْنوَا ِركَ حَتَّى تُفْنِيَنَا عَنَّا فِى حَقِّ‬
‫حَقِيقَتِهِ فَيَكُونُ ُهوَ ا ْلحَىُّ الْقَيُّومُ فِينَا بِقَيُّومِيَّ ِتكَ‬
‫السَّرْ َمدِيَّةْ فَنَع ِيشُ بِرُوحِهِ عَ ْيشَ ا ْلحَيَاةِ‬
‫صحْبِهِ‬ ‫األَ َبدِيَّةْ صَلَّى اهللُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ َو َ‬
‫وَسََّلمَ تَسْلِيمًا كَثيِراً آمين‪ .‬بِ َفضِْلكَ وَ َرحْمَ ِتكَ‬
‫عَلَيْنَا يَاحَنَّانُ َياَمَنَّانُ يَا َرحْمنُ‪ .‬أَللّهُمَّ إِنَّا‬
‫سأَُلكَ وَنَ َتوَجَّهُ إِل ْيكَ بِكِتَا ِبكَ‬ ‫نَ َتوَسَّلُ ِبكَ وَنَ ْ‬
‫الْعَزِيزِ وَنَب ِِّيكَ الْكَرِيمِ س َِّيدِنَا مُح َّمدٍ ‪ r‬وَبِشَرَفِهِ‬
‫الْ َمجِيدِ وَبأَ َبوَيْهِ إِبْرَاه ِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ‬
‫وَ ِبصَاحِبيْهِ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ َوذِى النُّورَيْنِ‬

‫‪40‬‬
‫حسَنِ‬ ‫عُثْمَانَ وَآلِهِ فَاطِمَةَ وَعَِّلىٍ َووََلدَيْهِمَا ا ْل َ‬
‫وَالحُسَيْنِ وَعَمَّيْهِ حَمْ َزةَ وَالْعَبَّاسِ وَ َز ْوجَتَيْهِ‬
‫خدِيجَةَ وَعَائِشَةَ‪ .‬أَللّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلَيْهِ‬ ‫َ‬
‫وَعَلَى أَ َبوَيْهِ إِبْرَاه ِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَعَلَى آلِ‬
‫الةً يُتَ ْرجِمُهَا لِسَانُ‬ ‫صَ‬ ‫صحْبِ كُلٍ َ‬ ‫كُلٍ َو َ‬
‫األَزَلِ فِى رِيَاضِ الْمَلَكُوتِ وَعَلِىِّ الْمَقَامَاتِ‬
‫وَنَيْلِ الْكَرَامَاتِ وَرَ ْفعِ الدَّ َرجَاتِ وَيَنْ ِعقُ بِهَا‬
‫ض النَّاسُوتِ بِغُفْرَانِ‬ ‫حضِي ِ‬ ‫لِسَانُ األَ َبدِ فِى َ‬
‫الذُّنُوبِ وَكَشْفِ الْكُرُوبِ َودَ ْفعِ الْمُهِمَّاتِ كَمَا‬
‫شأْ ِنكَ الْ َعظِيمِ وَكَمَا ُهوَ‬ ‫ِيتكَ وَ َ‬
‫ُهوَ الالَّ ِئقُ بِإِله َّ‬
‫خصُوصِ‬ ‫الالَّ ِئقُ ِبَأهْلِيَّتِ ِهمْ وَمَنصِبِ ِه ِم الْكَرِيمِ ِب ُ‬
‫خصَا ِئصِ ( َيخْتَصُّ بِ َرحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاهللُ‬ ‫َ‬
‫ذُو الْ َفضْلِ الْعَظ ِيمِ) أللّهُمَّ إِنِّى أَ َتوَجَّهُ إِلَ ْيكَ‬
‫سالَ ُمكَ نَبىِّ الرَّحمْةِ يَارَسُولَ اهللِ‬ ‫َبيكَ عَلَيْهِ َ‬ ‫بِن ِّ‬
‫إِنِّى أَ َتوَجَّهُ ِبكَ إِلَى رَبِّى لِيَغْفِرَ لِى ذُنُوبِى‬
‫سأَُلكَ ِبحَقِّهِ أَنْ تَغْفِرَ لِى‬ ‫أَللهُمَّ إِنِّى أَ ْ‬
‫وَتَ ْرحَمَنِى ‪.‬‬
‫(‪) 4‬‬

‫‪41‬‬
‫سأَلْ ُتكَ وَأَ ْتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ فِى‬ ‫سأَُلكَ أللّهُمَّ فِيمَا َ‬ ‫أَ ْ‬
‫قَبُولِهِ بِمُقَدِّمَةِ ا ْل ُوجُودِ األَوَّلِ وَرُوحِ ا ْلحَيَاةِ‬
‫الرحْمَةِ‬
‫األَ ْفضَلِ وَنُورِ العِ ْلمِ األَكْمَلِ وَبِسَاطِ َّ‬
‫ألجَلِّ السَّا ِبقِ‬ ‫فِى األَزَلِ وَسَماءِ ا ْلخُُلقِ ا َ‬
‫بِالرُّوحِ وَالْ َفضْلِ وَا ْلخَاتِم بِالصُّو َرةِ وَالْبَعْثِ‬
‫صطَفَى‬ ‫ُمدٍ الْ ُم ْ‬ ‫وَالنُّورِ بِالْ ِهدَايَةِ وَالْبَيَانِ َمح َّ‬
‫وَالرَّسُولِ الْ ُمجْتَبَى صَلَّى اهللُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ‬
‫صحْبِهِ وَسََّلمَ تَسْليِمًا كَثيِرًا كَثيِرًا إِلَى َي ْومِ‬ ‫َو َ‬
‫الدِّينِ وَا ْلحَ ْمدُ هللِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‪.‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫َمدِيَّةِ اللَّطيِفَةِ‬
‫أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الذَّاتِ الْ ُمح َّ‬
‫حدِيَّةِ شَ ْمسِ سَمَاءِ األَسْرَارِ وَ َمظْهَرِ‬ ‫أل َ‬
‫اَ‬
‫جالَلِ وَ ُقطْبِ فََلكِ‬ ‫األَ ْنوَارِ وَمَرْكَزِ َمدَارِ ال َ‬
‫ك وَبِسَيْ ِرهِ إِلَيكَ أَمِّنْ‬ ‫ِرهِ َلدَ ْي َ‬
‫ا ْلجَمَال‪ .‬أَللّهُمَّ بِس ِّ‬
‫خوْفِى وَأَقِلْ عَثْرَتِى وََأ ْذهِبْ حُزْنِى‬ ‫َ‬
‫خذْنِى ‘إِلَ ْيكَ مِنىِّ‬ ‫َوحِ ْرصِى وَكُنْ لِى َو ُ‬
‫وَارْزُقْنِى الْفَنَاءَ عَنىِّ وَالَ َتجْعَلْنِى مَفْتُونًا‬
‫حجُوبًا ِبحِسِّى وَاكْشِفْ لِى عَنْ كُلِّ‬ ‫بِنَفْسِى َم ْ‬

‫‪42‬‬
‫سِرٍ مَكْتُومٍ يَاحَىُّ يَاقَيُّومُ بِمَنْ(دَنَا فَ َتدَلَّى فَكَانَ‬
‫قَابَ َقوْسَيْنِ َأوْ َأدْنَى)‪.‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫الرحِي ِم فَاهللُ خَيْرٌ حَا ِفظًا‬ ‫سمِ اهللِ الرَّحمَنِ َّ‬ ‫بِ ْ‬
‫حمُ الرَّاحِمِينَ‪ .‬آمَنْتُ بِاهللِ وَ َرضِيتُ‬ ‫َو ُهوَ أَ ْر َ‬
‫ف اهللِ‬ ‫بِاهللِ وَ َتوَكَّلْتُ عَلَى اهللِ َو َدخَلْتُ فِى كَنَ ِ‬
‫وَاعْ َتصَمْتُ بِكِتَابِ اهللِ وَ َتحَصَّنْتُ بِآيَاتِ اهللِ‬
‫َمدٍ ‪ r‬ابْنِ عَ ْبدِ اهللِ‪.‬‬ ‫وَاسْ َتجَرْتُ بِرَسُولِ اهللِ ُمح َّ‬
‫َمدٍ ‪َ r‬وجِبْرَائِيل وَمِيكاَئِيلَ‬ ‫أَللّهُمَّ ِبحَقِّ ُمح َّ‬
‫المُ‬
‫الس َ‬
‫وَإِسْرَافِيلَ وَعِزْرَائيِلَ وَالرُّوحِ عَلي ِهمُ َّ‬
‫وَ ِبحَقِّ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّ ِيقِ وَعُمَرَ الْفَارُوقِ‬
‫وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ‬
‫ضىَ اهللُ عَنْ ُهمْ َأجْمَعيِنَ أَنْ تَ ْقضِى حَاجَتِى‬ ‫َر ِ‬
‫عوَتِى وَتَكْفِينَى مُهِمَّاتِى وَتَرْ َفعَ‬ ‫وَتَسْ َتجِيبَ دَ ْ‬
‫سأَُلكَ‬ ‫عَنِّى مُلِمَّاتِى يَامَنْ لَه األَمْرُ كُلُّهُ أَ ْ‬
‫ا ْلخَيْرَ كُلَّهُ وَأَعُوذُ ِبكَ مِنَ الْشَّرِّ كُلِّهِ َفإ َِّنكَ‬
‫ح َدكَ الَشَرِيكَ‬ ‫َأنْتَ اهللُ َّالذِى الَ إلهَ إِالَّ أَنْتَ َو ْ‬
‫سأَُلكَ‬ ‫الرحِيمُ أَ ْ‬‫َلكَ‪ ،‬الْغَنِىُّ الْكَرِيمُ الْغَفُورُ َّ‬

‫‪43‬‬
‫َمدٍ ‪ r‬الْهَادِى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ‬ ‫بِالنَّبِىِّ ُمح َّ‬
‫صِرَاطِ اهللِ َّالذِى لَهُ مَا فِى السَّموَاتِ وَمَا فِى‬
‫األَ ْرضِ أَالَ إِلَى اهللِ َتصِيرُ األُمُورُ أَنْ تَهَبَ‬
‫صدْرِى‬ ‫لِى مَغْفِ َرةً مِنْ عِ ْن ِدكَ تَشْرَحُ لِى بِهَا َ‬
‫ضعُ عَنِّى بِهَا‬ ‫وَتُيَسِّرُ لِى بِهَا أَمْرِى وَ َت َ‬
‫َزهُ بِهَا‬ ‫وِزْرِى وَتَرْ َفعُ لِى بِهَا ذِكْرِى وَتُن ِّ‬
‫َدسُ بِهَا سِرِّى وَتَكْشِفُ بِهَا‬ ‫فِكْرِى وَتُق ِّ‬
‫حكَ كَثِيرًا‬ ‫ضرِّى وَتُعْلِى بِهَا َقدْرِى ( َكىْ أُس َِّب َ‬ ‫َ‬
‫وََأذْكُ َركَ كثيرًا إ َِّنكَ كُنْتَ بِنَا بَصيرًا) يَاأهللُ‬
‫شئٍ َقدِيرٌ أَللّهُمَّ‬ ‫يَاعَل ِيمُ يَاخَبيِرُ إ َِّنكَ عَلَى كُلِّ َ‬
‫سأَُلكَ ِبأَسْمَا ِئكَ الْ ِعظَامِ وَ َمالَئِكَ ِتكَ‬ ‫إِنِّى أَ ْ‬
‫المُ‬‫َالس َ‬
‫الةُ و َّ‬ ‫الص َ‬
‫َّ‬ ‫الْكِرَامِ وَأَنْبِيَا ِئكَ عَلَيْ ِهمُ‬
‫وَأَ َتوَسَّلُ إِلَ ْيكَ بِكُلِّ نَبِىِّ أَرْسَلْتَهُ وَكِتَابٍ‬
‫عسِيرٍ‬ ‫ضحْتَهُ وَ َ‬ ‫أَنْزَلْتَهُ وَعَمَلٍ تَقبَّلْتَهُ َوخَفِىٍّ َأ ْو َ‬
‫المٍ َنوّرْتَهُ َوخَائِفٍ‬ ‫ظَ‬ ‫يَسَّرْتَهُ وَرَ ْتقٍ فَتَقْتَهُ َو َ‬
‫َكلمٍ َأصْمَتَّهُ أَنْ َتصْرِفَ كَ ْيدَ مَنْ‬ ‫أَمَّنْتَهُ وَمُت ِّ‬
‫َر َأوْ‬ ‫كَادَنِى بِسُوءٍ َوضَرَّ مَنْ أَرَادَنِى ِبض ٍّ‬
‫حمَ الرَّاحِمِينَ‪.‬‬ ‫ك يَاأَ ْر َ‬
‫صدَنِى بِمَكْرُوهٍ بِ َرحْمَ ِت َ‬ ‫َق َ‬

‫‪44‬‬
‫الرحْمَةِ وَمِي َمىِ الْمُ ْلكِ‬‫ك ِبحَاءِ َّ‬ ‫أَقْسَمْتُ عَلَ ْي َ‬
‫الدوَامِ ‪.‬‬
‫َودَالِ َّ‬
‫(‪)7‬‬
‫ك ا ْلحُسْنَى َوصِفَا ِتكَ‬ ‫سأَُلكَ ِبأَسْمَا ِئ َ‬
‫أَللّهُمَّ إِنِّى أَ ْ‬
‫الْعُلْيَا يَامَنْ بِ َي ِدهِ االِبْتِالءُ وَالْمُعَافَاةُ والشِّفَاءُ‬
‫َمدٍ ‪r‬‬ ‫سأَُلكَ بِمُ ْعجِزَاتِ نَب ِِّيكَ ُمح َّ‬ ‫َالدوَاءُ أَ ْ‬ ‫و َّ‬
‫الةُ‬
‫الص َ‬‫َّ‬ ‫وَبرَكَاتِ خَلِيِلكَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ‬
‫الةُ‬
‫الص َ‬‫المُ وحُرْمَةِ كَلِي ِمكَ مُوسَى عَلَيْهِ َّ‬ ‫َالس َ‬
‫و َّ‬
‫التىِ‬
‫سأَُلكَ ِبصِفَا ِتكَ الْعُلْيَا َّ‬ ‫المُ اشْفِنِى ‪ .‬أَ ْ‬ ‫َالس َ‬
‫و َّ‬
‫حدٌ عَلَى َوصْفِهَا وَ ِبأَسْمَا ِئكَ ا ْلحُس ْنىَ‬ ‫اليَ ْقدِرُ َأ َ‬
‫حصِيَها وأَسأَُلكَ بِذا ِتكَ‬ ‫حدٌ أَنْ ُي ْ‬ ‫التىِ اليَ ْقدِرُ َأ َ‬ ‫َّ‬
‫الجَليلَةِ ونُورِ وجهكَ الكَرِيمِ وَبرَكاتِ نَب ِِّيكَ‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬خا ِتمِ أَنبِيا ِئكَ أَنْ تَشفِيَنى وَتُعافِينَى‬ ‫م َّ‬
‫صحْبِهِ‬ ‫ُحمدٍ وآلِهِ و َ‬ ‫وصَلّى اهلل عَلى س َِّيدِنَا م َّ‬
‫وسََّلمَ تَسْليمًا كثيًرا ‪.‬‬
‫(‪) 8‬‬
‫أللّهُمَّ ال َتحْرِمْنا شَفاعتَهُ والعِنايَتَهُ فِى الدُّنيا‬
‫واآلخِ َرةِ وَأدخِلْنَا بِفَضلِك فى زُمْ َرةِ المُتَّبعيِنَ‬

‫‪45‬‬
‫له ِبِإحْسانٍ إلى َي ْو ِم الدِّين ِبجَاهِهِ عِن َدكَ فَإنَّ‬
‫جَاهَهُ عِ ْن َدكَ عَظيمٌ ‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫ك ِبجَهلٍ فَهَا َنحْنُ قَد‬ ‫عصَيْنا َ‬ ‫إِلهى إِن كُنَّا قَد َ‬
‫عوْنَاكَ بِعَقلٍ حَيثُ عَلِمنَا أَنَّ لَنَا رَبًّا يَغْفرُ‬ ‫دَ َ‬
‫الذُّنُوبَ واليُبَالى‪ .‬إِلهى أَتُح ِرقُ بالنَّارِ وجْهًا‬
‫كانَ لكَ ُمصَلِّـيًا َأوْ لِسانًا كانَ َلكَ ذَاكِراً‬
‫وَداعِيًا‪ ،‬ال بالَّذى دلَّنَا عَل ْيكَ وَرَغَّبَنَا فِيمَا‬
‫ُحمدٍ خَا ِتمُ‬
‫خضُوعِ بَين يَد ْيكَ َوهُو م َّ‬ ‫أَمَرنَا بِال ُ‬
‫ظمُ‬‫أَنبيا ِئكَ وس َِّيدُ َأصْفِيا ِئكَ فإِنَّ حَقَّهُ عَلَيْنا أَع َ‬
‫الحقُوقِ بعدَ ح َِّقكَ كَما أَنَّ مَنزِلَتَهُ َلدَ ْيكَ‬
‫ل خَلْ ِقكَ‪.‬‬
‫أَشْرَفُ مَنَازِ ِ‬
‫(‪)11‬‬
‫ُحمدٍ‬
‫ِسيدِنَا م َّ‬‫أَللّهُمَّ إِنِّى أَسأَلُك وأَتَوسَّلُ إِل ْيكَ ب ِّ‬
‫‪ r‬وَباألَنِبياءِ والمُرسَلِينَ فى َقضَاءِ حَاجَتِى‬
‫يَاسيِّدى يَارَسُولَ اهللِ تَوسَّلْتُ ِبكَ إلى رَبِّى ‪.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫أَللّهُمَّ أَنتَ عُدَّتِى فِى شِدَّتى وَ ُمؤْنِسى فِى‬

‫‪43‬‬
‫حدَتِى وحَا ِفظِى فِى غُرْبتَى ودَلِيلى فِى‬ ‫َو ْ‬
‫حَيْرَتِى ومَ ْلجَِئى إِذا ضَاقَتْ عَلىَّ نَفسِى فِيما‬
‫يَهُولُنِى فَاسْأُلكَ ِبحَقِّ َوجْ ِهكَ الكرِيمِ‬
‫ُحمدٍ خَاتِم النَّبيِّينَ األَمانَ‬
‫وَبِكال ِمكَ ال َقدَيِمِ وبِم َّ‬
‫حذَ ُرهُ فَ َقدِ استَعَنْتُ‬
‫ِبكَ واألَمانَ مِمَّا أَخافُهُ وَأ ْ‬
‫وفوضْتُ أُمُورِى كُلَّها‬ ‫ِبكَ وَاسْتَغَثْتُ إلَ ْيكَ َّ‬
‫لدَ ْيكَ لِ َتحْرُسَنِى وَتَرْعانِى وتَ ْكألَنِى مِنْ شَرِّ‬
‫خدِيعَ ًة َأوْ‬
‫سدًا أَو َ‬ ‫سطُ لى مَكْراً أَوحَ َ‬ ‫مَنْ يَبْ ُ‬
‫فِتْنةً مِن جَميعِ الجِنِّ واإلِ ْنسِ‪ .‬أللّهُمَّ ِبحَقَّ‬
‫العَرشِ والكُرسِىِّ والنُّورِ الذى أَنزلتَ‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬ومَا أَنزَلْتَهُ عَلَيهِ اكْفِنى‬‫وبجَاهِ س َِّيدِنا م َّ‬
‫فِى َيوْمِى هذا شَرَّ مَنْ ال ُقدْ َرةَ لى عَلَيهِ‬
‫وَأَعِنِّى عَلَى مَنْ الطَاقَةَ لى بِهِ وحَنِّنْ عَلَىَّ‬
‫حوَجتنى إليه وَسَخِّر لى قَلْبَ مَن‬ ‫قَلْبَ مَن َأ ْ‬
‫َنظَرَ إِلىَّ وَ َنظَرتُ إِليه‪ :‬حَسْ ِبىَ اهللُ َّالذِىِ‬
‫الإِلهَ إِال ُهوَ عَلَيهِ َتوَكَّلْتُ َو ُهوَ رَبُّ العَ ْرشِ‬
‫ال َعظِيم‪.‬‬
‫(‪)12‬‬

‫‪44‬‬
‫أَللهُمَّ صلِّ على مَقْبُولِ الشَّفَاعَةْ‪ ،‬من جَعَلْتَ‬
‫طَاعَتَهُ لكَ طَاعَة‪ ،‬وَ َقدّمتهُ فى ال ِق َدمِ فَكَانَ لَهُ‬
‫ال َق َدمُ على كلِّ ذِى َق َدمَ‪ ،‬من عَيَّنْتَه فى التَّعَيُّنِ‬
‫َصصْتَهُ بكمَالِ‬ ‫األوَّل بالمَقَامِ األَكْمَلِ َوخ َّ‬
‫النظَامِ وجَعَلْتَهُ لبِنَةَ التَّمَا ِم إِمَامِ جَامعِ األُ ْنسِ‬
‫ِّ‬
‫حضْرَةِ ال ُق ْدسِ‪َ ،‬مظْهَرِ حقيقَةِ‬ ‫وحطيِبِ َ‬
‫ُنزهِ و َمظْهَرِ إِمكانِ الجَمالِ‬ ‫الوُجوبِ الم َّ‬
‫خالَلِ وَأَح َمدِ الجَاللِ وسَلِّم‬ ‫ُحمدِ ال ِ‬‫األنْ َزهِ م َّ‬
‫حضْ َرةِ الدَّيْمُومِيَّة‬ ‫خصُوصِيَّةِ ِب َ‬ ‫المَ ال ُ‬‫سَ‬ ‫عَلَيهِ َ‬
‫وأَ َتوَسَّلُ بِهِ إِليكَ إِلهى فى البُ ْعدِ عن كُلِّ‬
‫سأَلُك القُربَ إِل ْيكَ واالعْتِمَادَ عَلَ ْيكَ‬ ‫الهِى وأَ ْ‬
‫سطْتُ إِليكَ َيدَ الفَاقَةٍ واالفْتِقَارِ وجئِتُ‬ ‫إِلهى بَ َ‬
‫بِكمَالِ الذِّلةِ واالنكِسَارِ وقَد وَقَفْتُ بِالبَابِ‬
‫سؤَالى والَ ُتخَيِّبْ‬ ‫ألحْبابِ فَأجِبْ ُ‬ ‫وتوَسَّلْتُ بِا َ‬
‫ُحمدِ‬
‫آمَالى أَللهُمَّ صَلِّ على َأحْ َمدِ أَم ِركَ وم َّ‬
‫سأَُلكَ أللهُمَّ بِهِ‪ ،‬وبِهِ‬ ‫خَلقكَ وأَسعدِ كَو ِنكَ أ ْ‬
‫سأَُلكَ أَنْ تُصلِّى عَلَيه صَالةً ذَاتيَّةً خَاصَّةً‬ ‫أَ ْ‬
‫بِهِ عَامَّةً فى جَمِيعِ أَلوَاحِهِ الحَرْفِيَّةِ‬

‫‪48‬‬
‫واالسْميَّة وجَميعِ مَراتِبهِ العَقْلِيَّة والعِلميَّة‬
‫صَالةً م َُّتصِلةً اليُمكِنُ انْ ِفصَالُهَا بِسَلْبِ وال‬
‫بِغَير ذِلكَ بَلْ يَستَحيلُ عَقالً وَنَ ْقالً وعلَى آلِهِ‬
‫جوَا ِمعِ والخزَائِنِ‬ ‫ُمهاَتِ ال َ‬ ‫وأَصحابِهِ األ َّ‬
‫ال َموَا ِنعِ وَسَلِّم تَسْلِيمًا كَثيرًا أَللهُم ِبكَ َتوَسَّلتُ‬
‫سوَاكَ رَغِبْتُ‬ ‫شئٍ ِ‬ ‫سأَلْتُ وفَيك ال فى َ‬ ‫وَمِنكَ َ‬
‫الأَسأَلُ مِ ْنكَ سوَاكَ وال أَطلُبُ منك إِالَّ إِيَّاكَ‬
‫أَللهُمَّ وأَتَوسَّلُ إِليكَ فى قَبُولِ ذِلكَ بالوَسيلَةِ‬
‫ُحمدٍ‬
‫العُظمَى والفَضيلَةِ الكُبرَى سيِّدنَا م َّ‬
‫صطَفَى والصَّفِى المُر َتضَى والنَّبىِّ‬ ‫ال ْم ُ‬
‫ُصلىَ عَلَيه صالةً‬ ‫المُجتَبىَ وَبِهِ أَسأَُلكَ أَن ت ِّ‬
‫أبَديَّةً ديمُوميَّةً قَيُّوميَّةً إِلهيَّةً ربَّانيَّةً ِبحَيثُ‬
‫يَشهدُ لى ذلكَ بِعينِ كَمَالِه بِشَهَا َدةِ مَعَارفِ‬
‫صحْبِهِ كَذِلكَ َفإ َِّنكَ وَلىُّ ذَِلكَ‬‫ذَاتِهِ وَعَلى آلهِ َو َ‬
‫ُوةَ إِال بِاهللِ العَلِىِّ ال َعظِيمِ‪.‬‬
‫حوُلَ وال ق َّ‬
‫وال َ‬
‫(‪)13‬‬
‫سأَل ُتكَ ورَغِبتُ فِيهِ مِنْ‬ ‫أَسأَُلكَ فى قَبُولِ مَا َ‬
‫فَضِلكَ وطَلَبْتُهُ مِنكَ بالنُّورِ األَوَّل والسِّرِ‬

‫‪49‬‬
‫الرحْمةِ الرَّبانيَّه‬ ‫َّ‬ ‫األَنْزهِ األَكملٍ عَيْنِ‬
‫الخْتِراعيَّة األَكوَانيَّة صَاحبِ المِلَّةِ‬ ‫والبَ ْهجَةِ ا ِ‬
‫اإلِسالمِيَّةِ والحقَا ِئقِ العَيانِيَّة نُورِ كُل شئٍ‬
‫و ُهدَاهُ وسِرِّ إِرَادتكَ المَكْنُونِ من نُو ِركَ‬
‫سمِ مُختَا ِركَ مِنكَ َلكَ قَبلَ كُلِّ شئ‬ ‫ال ُمطَل َ‬
‫ُجردِ بين مَسَاِلكِ اللُّقىْ كَن ِزكَ‬ ‫و َنوُركَ الم َّ‬
‫سوَاكَ وأَشرفِ خَل ِقكَ َّالذِى‬ ‫َّالذِى لم يُحطْ بِهِ ِ‬
‫ِبحُكمِ إِرَادَ ِتكَ كَوَّنْتَ من نُو ِرهِ أَجرَامَ‬
‫الكِ َفطَافَتْ به‬ ‫األَفالَك وهَياكِلَ األَم َ‬
‫الصَّافُّونَ حَولَ عَرشِك تَعظيمًا وتَكرِيماً‬
‫وأَمرتَنَا بالصَّالةِ والسَّالم عليه بِقَولكَ(إنَّ‬
‫اهلل ومَالئِكَتَهُ يُصلُّونَ على النَّبىِّ يا أَيُّها‬
‫الَّذينَ آمَنُوا صلُّوا عَليهَ وسَلِّمِوا‬
‫تَسليمًا)وَنَشَرْتَ فَوقَ هَامَتهِ فى َتخْتِ مُل ِككَ‬
‫ِلوَاءَ حَم ِدكَ وَقدَّمتَهُ على صَنادِيدِ ج ُي ُوشِ‬
‫خذْتَ لَهُ على‬ ‫ُوةِ عَز ِمكَ وَأ َ‬ ‫سُلطا ِنكَ بِق َّ‬
‫أَصفْيِائكَ بِالحقِّ ميثَا َقكَ األوَّلَ وقرَّبْتَهُ ِبكَ‬
‫ومِ ْنكَ وجَعَلْتَ عليه المُعَوَّلَ ومتَّعتَهُ بجمَاِلكَ‬

‫‪50‬‬
‫فى مَظهَرِ التَّجلِّى وخصَّصتَهُ بِقَابِ قوْسَينِ‬
‫والتدَلِّى وَزجَّيتَ بِهِ فى نُورِ‬ ‫قُربِ الدُنُوِّ َّ‬
‫الُوهيَّ ِتكَ العُظمَى وعَرَّفتَ به آ َدمَ حقَا ِئقَ‬
‫الحُرُوفِ واألَسماء‪،‬خزَائِنِ األَسرَارِ وخَا ِتمِ‬
‫دورَاتِ األَنوَارِ رو َنقِ كلِّ إِشارةٍ لطيِفَةْ‬
‫تُشيرُ إلى كَمَال المعَانِى المُنِيفَةْ باإلِشَارَاتِ‬
‫حضَراتِ الرَّبَّانيَّة ذِى‬ ‫العِرفانِيَّة فى ال َ‬
‫ُحمدٍ الشَّفيعِ‬‫الجنَابِ الرَّفيعِ سَيِّدنا وموالنا م َّ‬
‫‪.‬‬
‫(‪)14‬‬
‫أللّهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ وأَتوَجَّهُ إِليكَ بِحبيِ ِبكَ‬
‫ُحمدُ إِنَّا نتوسَّلُ‬
‫المُصطَفَى عِن َدكَ ياحَبيبنَا يام َّ‬
‫بك إِلى ربِّك فاش َفعْ لنَا عِندَ ال َموْلَى ال َعظِيم‬
‫يانِ ْعمَ الرَّسُول الطَّاهِر أللهُمَّ شفِّعهُ فِينَا‬
‫َبيكَ‬‫ِبجَاهِهِ عِندكَ أَللهُمَّ يَاربِّ ِبجَاهِ ن ِّ‬
‫المُصطَفَى وَرَسُوِلكَ المُرتضَى طَهِّرْ قُلُوبَنَا‬
‫عدُنا عَنْ مُشَا َهدَ ِتكَ‬ ‫من كُلِّ وصفٍ يُبَا ِ‬
‫ومحبتَّكَ وأَمِتْنَا عَلى السُّنَّةِ والجَماعَةِ‬

‫‪51‬‬
‫والشَّوقِ إِلى لِقا ِئكَ يَاذَا الجَاللِ واإلِكْرَامِ‬
‫ُحمدٍ وعَلَى آلِهِ‬ ‫وصلَّى اهلل عَلَى سَيِّدنا م َّ‬
‫صحْبِهِ وسََّلمَ تَسْليمًا والحَمدِ هلل رَبِّ‬ ‫و َ‬
‫العالَميِنَ‪.‬‬
‫(‪)15‬‬
‫طوَت عليهِ‬ ‫خذَنَا بِما انْ َ‬‫ونسأَُلكَ اللهُمَّ أَنْ التُؤا ِ‬
‫ضَمَائِرُنَا وأَكَنَّـتْهُ سرَائِرُنَا مِن أَنْواعِ القَبائِحِ‬
‫والمعَايِبِ التَّى تَعلمُهَا مِنَّا وال نَعلَمُهَا‪ ،‬أو‬
‫نعلمُهَا وال تَسْمَحُ نُفُوسُنَا بالتَّوقِّى مِنها‬
‫َّنزهِ عَنهَا اغتِرارًا مِنَّا بحِل ِمكَ وغَفلَةً مِنَّا‬ ‫والت ُّ‬
‫عَنْ نَظ ِركَ وعِلْ ِمكَ ونَرغَبُ إِليكَ اللهُمَّ أَن‬
‫تمُنَّ عَلينا بِثَوبَه تَمحُو عنَّا كُلَّ حوبَهْ حتَّى‬
‫تَنقَلبَ أعْداؤُنا عنَّا خائِبينَ خَاسئيِنَ داخِرينَ‬
‫صَاغرِينَ لم ينَالُوا مِنْ تح َُّققِ إِرادتِهِم فِينَا‬
‫ع َدمِ إِسعَا ِفكَ إِيَّانَا بِمَا‬
‫مَطلَبًا‪ ،‬ولم يَبلُغُوا مِنْ َ‬
‫طَلَبناهُ مِنكَ مَأربًا‪ ،‬وأَنْ تَشملَ فى ذِلكَ مَعنَا‬
‫كُلَّ مَنْ أَمَّن عَلَى هذا الدُّعَاء مِمَّنْ سَمِعهُ‬
‫ومِمَّنْ دعَا لنَا بِمِثلِهِ مِنْ إخوَاننَا المُسلِمِينَ‬

‫‪52‬‬
‫وَنتوَسَّلُ إِليكَ فى بُلُوغِ األَمَلِ وال ُوصُولِ‬
‫ن انْصرَفنَا بهِ عَنْ‬ ‫ألجَلِّ بِمَ ِ‬‫إِلى المُبتَغَى ا َ‬
‫تَولِّى كُلِّ جحُودٍ وكَفُورٍ وأُخرِجنَا عَلى يَديهِ‬
‫ُحمدٍ‬
‫مِن الظُّلُماتِ إلى النُّورِ سَيِّدنا وموالنَا م َّ‬
‫خَاتِم النَّبيِّينَ وإِمامِ المُرسَليِنَ وحَبيِبِ رَبِّ‬
‫العالَمينَ صلَّى اهللُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ الطَّيِّبين‬
‫الطَّاهرِينَ وأَصحَابِهِ البرَرةِ األَكرَمِينَ‬
‫وتَابعيهِم بِإحسانٍ إِلى يَومِ الدِّينِ وسََّلمَ‬
‫تَسلِيمًا كثيِرًا والحمدُ هللِ ربِّ العَالميِنَ‪.‬‬
‫(‪)16‬‬
‫سمُ عَلَيكَ ِبجَاللِ ال ُهوِيَّة وجَمال‬ ‫أللهم إنِّى أُق ِ‬
‫الحَضرةِ القُدسيَّة واألَنْوارِ ال ُمحَمَّديَّة‬
‫واألَسْرَارِاألَحمَدِيَّة والخِالفَةِ ال ُقطْبانِيَّة‬
‫والمظَاهِرِ الصِدِّيقيَّة والشُّمُوسِ العرفَانيَّة‬
‫والنجُومِ العِلميَّة‬ ‫ُّ‬ ‫واألَقمَارِ اإلِيمانِيَّة‬
‫واألَكوَانِ العمليَّة وبِمَا بَطنَ فِى األّزَلِ وبِمَا‬
‫ظَهرَ فى األَ َبدِ من نَبىٍّ ورسُولٍ وعَالمٍ‬
‫وعَاملٍ ووَلىٍّ ووَارِثٍ وجَامعٍ أَن تَج َم َع لِى‬

‫‪53‬‬
‫خَصا ِئصَ القُربِ ونفَحاتِ الحُبِّ ورقَا ِئقَ‬
‫العِلمِ ودقَائقَ الفَهمِ ولطَائِفَ العِرفَانِ‬
‫وحَضرَاتِ اإلِحسانِ ومَشاهِد الشُّهودِ‬
‫والتَّصريفَ فى ال ُوجُودِ بالسِّرِّ َّالذِى خَضعَ‬
‫شئٌ‬ ‫شئٍ واالسمِ َّالذِى ال َيضُرُّ مَعَهُ َ‬ ‫لَهُ كُلُّ َ‬
‫والذِّكرِ َّالذِى طَردَ كُلَّ شَيطَانٍ مَاردٍ وقَمعَ‬
‫كُلَّ باغٍ حَاسدٍ وقَهرَ كُلَّ ظَالِم وأَعَزَّ كُلَّ‬
‫جذَبَ كُلَّ مُحبٍ صَا ِدقٍ‬ ‫ضعٍ عَالمٍ و َ‬ ‫مُتَوا ِ‬
‫واصطَفَى كُلَّ خَليلٍ ُمصَادقٍ أَللهُمَّ إِنَّا نَسأَُلكَ‬
‫النوَالَ‬
‫قَبُول السُّؤالِ يَامَن اليَزالُ يُعطى َّ‬
‫بِمَنْ خَصَّصتَهُ فى األّزَلِ بِمراتِبِ التَّكميِلِ‬
‫بعدَ الكَمالِ حَائِزِ الفضَيِلَ ِة وصَاحِبِ الوَسيلَةِ‬
‫فاتِحِ خزَائِنِ األَسرَارِ َوخَا ِتمِ دورَاتِ األَنوَارِ‬
‫وَ ْفقَ كُلِّ إِشا َرةٍ لَطيفَة تُشِيُر إِلى كَمالِ‬
‫المعَانِى المنُيفَة باإلِشارَاتِ العِرفانِيَّة فى‬
‫الحضَراتِ الرَّبَّانيَّة ذِى الجنَابِ الرَّفيعِ‬
‫ُحمدٍ الشَّفِيعِ يَاحَم ِيدُ يامَج ِيدُ‬
‫سَيِّدنَا و َموْالَنَا م َّ‬
‫ياصَاحِبَ العَرشِ ال ُمحِيطِ ياحَامِل العَرشِ‬

‫‪54‬‬
‫بِقُدرَتِه عَنْ حَملَةِ العَرشِ بِسرِّ إِسرافِيلَ‬
‫ُحمدٍ ‪r‬‬
‫ومِيكائِيلَ وجِبرَائِيلَ وعِزْرَائِيلَ وبِم َّ‬
‫وأَبِى بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ وعَِّلىٍ وَبِسرِّ‬
‫السوَرِ والخَ ْتمِ وبَأحُونٌ قَافٌ‬ ‫حُروُفِ مَبَادِئ ُّ‬
‫َأدُمَّ حَمَّ هَاءٌ أَمِينٌ األمَانَ األَمانَ يَاحَنَّانُ‬
‫المٌ عَلى‬ ‫سَ‬ ‫عظِيمُ آمِينَ (و َ‬ ‫يَامنَّانُ يَارؤفُ يا َ‬
‫المُرْسلِينَ والحَمدُ للِه رَبِّ العَالَمينَ) ‪.‬‬
‫(‪)17‬‬
‫نَسأَُلكَ اللهُمَّ مِنْ فَضِلكَ ال َعظِيمِ أَن تَمْنحنَا‬
‫بِفَضِلكَ العظِيمِ أَنوَا َر عُلُومِ الرَّقَائِق‬
‫المُحمَّديَّة بِدقِيقِ ‘إِشَارِاتِ (وعَلَّمكَ مَالم‬
‫تَكُنْ تَعلمُ وكَانَ فَضلُ اهللِ عليكَ عَظيمًا)‬
‫و ُتخَصِّصنَا بِكر ِمكَ مِنْ حَض َرةِ الرَّحمةِ‬
‫الشَّامِلةِ والنِّعمَةِ الكَامِلَةِ النَّبوِيَّة ِبإِنَابَةِ الفَتْحِ‬
‫القَريبِ والفتَحِ المُبينِ والفتحِ المطُلقِ فُتُوحِ‬
‫حظَاتِ خطَابِ‬ ‫ال َموَاهِبِ األَحمدَيَّةْ بل َمحَاتِ ل َ‬
‫(اليَومَ أَكمَلتُ لكُم دِينكُم وأَتْمَمْتُ عَليكمْ‬
‫المَ دِينًا) وتُبِيحَنَا‬ ‫نِعْمَتِى وَرَضيتُ ل ُكمُ اإلِس َ‬

‫‪55‬‬
‫منْ أَر َفعِ المخَادِعِ أَعلَى شَرَفِ المجدِ‬
‫األَسنى وَأجَلِّ مَراتِبِ القطُبيَّةِ الكُبرَى‬
‫وأَكمَلِ األَخالقِ العَليَّةِ العُظمَى فى مَقَامِ‬
‫سطَةِ أَح َم ِدكَ‬ ‫قَابِ قَوسَينِ أَو أَدنَى بِوا ِ‬
‫المخصُوصِ بثبَات (ما زَاغَ ال َبصَرُ ومَا‬
‫جسِيمِ‬ ‫طَغَى) ياذا الكَرمِ العَظ ِيمِ وال َعطَاءِ ال َ‬
‫والفَضلِ العَمِيمِ ِبحُرمةِ هذَا الن َِّّبىِ الكَريمِ‪،‬‬
‫أَللهُمَّ إِنَّا نَسأَُلكَ ونَتَوسَّلُ إِليك ِبح ُِّبكَ لحِبيبكَ‬
‫ُوهِ مِنكَ وبَتدَلِّيك لَهُ‬ ‫وحُبِ حَبي ِبكَ َلكَ وبدُن ِّ‬
‫ُسلمَ‬
‫وبالسَّببِ َّالذِى بَي َنكَ وبينَهُ أَن تُصلِّى وت ِّ‬
‫عَليهِ وعَلَى آلهِ وصَحبهِ صَالةً وسَالمًا‬
‫خَصَّصتَهُ بهِمَا لخُص ُوصِيَّتهِ بِمَا اسْتَأثَرتَ‬
‫لَهُ عِنْدكَ فى عَالَم الغَيبِ والشَّها َدةِ‬
‫ل ُمخَاطَب ِتكَ إِياهُ بِقَوِلكَ ما خَلقتُ خَلقًا أَحبَّ‬
‫والأَك َرمَ علىَّ مِنكَ وآتِهِ الوَسِيلَةَ وال َفضِيلَةَ‬
‫والشَّرَفَ االعلَى والدَّرجَةَ الرَّفيِعَة وابعَثْهُ‬
‫حمَ‬‫المقَامَ المحمُودَ َّالذِى وعَدتَهُ ياأَ ْر َ‬
‫الرَّاحِمينَ يَارَبَّ العَالميِنَ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫(‪)18‬‬
‫ُحمدٍ ‪r‬‬
‫أَللّهُمَّ أَ ِفضْ علينَا مِنْ فَا ِئضِ س َِّيدِنَا م َّ‬
‫ُحمدٍ ‪r‬‬
‫واحْشُرْنَا يَارَبَّنَا فِى زُمرةِ س َِّيدِنا م َّ‬
‫ب القَبرِ وأَهوَالِ يَومِ‬ ‫عذَا ِ‬
‫وَأجِرْنَا يارَبَّنَا مِنْ َ‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬وَأ ْدخِلنَا‬ ‫القِيامَةِ ببِرَكاتِ س ََّيدِنَا م َّ‬
‫ُحمدٍ ‪r‬‬ ‫َووَاِلدِينَا الجنَّةَ بِشفاعَةِ سَيِّدنا م َّ‬
‫النظَرَ إِلى وَج ِهكَ الكَرِيم ِبجَاهِ‬ ‫وارْزُقْنَا َّ‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬أللهُمَّ صَلِّ وسلِّم عَلَيه وعَلَى‬ ‫سيِّدِنَا م َّ‬
‫آلِهِ وأَصحَابِهِ وأَزوَاجِهِ وأَ ْنصَا ِرهِ وأَشياعِهِ‬
‫وعَلينَا مَعهُم ياربَّ العَالميِنَ ‪.‬‬
‫(‪)19‬‬
‫أللّهُمَّ اجْعَلنَا فى المَعادِ تَحتَ لِوائِهِ وأَدخِلنَا‬
‫َتحْتَ كَنَفِ جَاهِهِ وعَالئِهِ واجْعَلنَا مِن‬
‫َأصفيَائِهِ وأولِيائِه يَاربَّ العَالمِينَ ‪.‬‬
‫(‪)21‬‬
‫تَبارَكتَ ربَّنَا وتَعَاليتَ عَمَّا يقُولُ الظَّالِمُونَ‬
‫حدُونَ عُلُوًّا كَبيراً ياحنَّانُ يامنَّانُ‬ ‫والجَا ِ‬
‫ياعظِيمَ السُّلطَانِ يا َقدِيمَ االحسَانِ يَادا ِئمَ النِّعمِ‬

‫‪54‬‬
‫سطَ الرِّزقِ يَاوَاسعَ ال َعطَاءِ‬ ‫ياكَثيِرَ الخَيرِ يابَا ِ‬
‫يَادَا ِفعَ البَالءِ ياغَافِرَ الخَطاءِ يَاحَاضِراً ليسَ‬
‫الشدَا ِئدِ ياخَفىَّ اللُّطفِ‬‫بِغَائِبٍ يامَوجُوداً عِندَ َّ‬
‫يالطِيفَ الصُّنعِ ياجَمِيلَ السِّترِ يَاعظِيمَ الذِّكرِ‬
‫ياحَليماً اليَعجَلُ‪ ،‬جزَى اهلل سيِّدنَا ونَبيَّنا‬
‫مُحمَّداً ‪ r‬خيرًا كما هُو أَهلُهُ أَسْالُكَّ اللهُم‬
‫ِبحُرمَةِ هذا النَّبىِّ لدَيكَ أَنْ َتجْعَلَ لِى وألَهلى‬
‫حصِيناً وحِمى عَزِيزاً‬ ‫حصْناً َ‬ ‫حِرزًا مَنيعًا و ِ‬
‫تحْ َفظُ بِهِ نفْسِى وأَهلى ودِينى َووَلدِى‬
‫ودُنْيَاى وآخِرَتِى وجميعَ من تلْحقُهُ عِنَايَتِى ‪.‬‬
‫(‪)21‬‬
‫أَللّهُمَّ بِسرِ الصَّمدَانِيَّةِ والفَردَانِيَّةِ والوَاحدَانِيَّة‬
‫ِزةِ وال ُقدْ َرةِ والحَيَاةِ‬ ‫حدِيَّةِ والع َّ‬ ‫أل َ‬‫وا َ‬
‫ضطَِلعٌ بِعظ ِيمِ قُدرَتِهِ‬ ‫والجَبَرُوتِيَّةِ يامَنْ هُو ُم ْ‬
‫حدَانِيَّتِهِ ياحَىُّ ياقَيُّومُ يَاذَا‬ ‫وعَاِلمٌ بِسرِّ و ْ‬
‫حوْلِ يَاكَثيرَ‬ ‫الجَاللِ واإلِكرَامِ يااهللُ يَاشدِيدَ ال َ‬
‫حمَ الرَّاحِمينَ‬ ‫الطوْلِ يَاذَا ال َفضْلِ ال َعظِيم يَاأَر َ‬‫َّ‬
‫عظِيم‬ ‫ِركَ الذِى أَودَعتَهُ فى َ‬ ‫وبِمكنُونِ س ِّ‬

‫‪58‬‬
‫أَسْمَا ِئكَ وكَمَالِ صِفَا ِتكَ و ِبجَاهِ سيِّدنَا ونَبِيِّنَا‬
‫ُحمدٍ أَفضَلِ َمخْلُوقا ِتكَ وخَيرِ‬ ‫ومَوالنَا م َّ‬
‫ظمِ‬‫عَ‬ ‫خَلقكَ وصَفوَ ِتكَ مِنْ عِبَادكَ النَّبىِّ األَ ْ‬
‫والمَ ْعصُومِ األَكبَرِ صَاحِبِ الحَوضِ والمنِبرِ‬
‫والحَظِّ األَوفَرِ والجَبينِ األَزهَرِ َّالذِى أَنزَلْتَ‬
‫عطَيْنَاكَ ال َكوْثرَ) ونَسأَُلكَ أَنْ‬ ‫عَليهِ (إِنَّا أَ ْ‬
‫َتحْ َفظَنا وأَتْبَاعَنَا مِنْ كُلِّ نَ ْقصِ يُبعدُنَا عَ ْنكَ‪،‬‬
‫وتَ ْعصِمَنَا بعِنَايَ ِتكَ ورعَاي ِتكَ مِن أَنْ نَشتغِلَ‬
‫سوَاكَ‪.‬‬ ‫عَنكَ بِغَيْ ِركَ َأوْ نَميلَ إِلى ِ‬
‫(‪)22‬‬
‫ُحمدٍ‪ r‬عَب ِدكَ ونَب ِِّيكَ‬
‫سأَُلكَ ياأَهللُ بِم َّ‬
‫أَللهُمَّ إِنى أَ ْ‬
‫َّالذِى أَرسَلْتَهُ لِقَمعِ ال ُمخَالِفينَ وَزجرِ‬
‫ن وهَالكِ العَاقِّينَ يَاأَهللُ يَاقَوىُّ ياعَزيزُ‬ ‫الكَاذِبي َ‬
‫ياقَهَّارُ يَاجَبَّارُ يامُنت ِقمُ يامُجيبُ يامَتِينُ‬
‫جالَلِ واإلِكرَامِ‬ ‫ياصَمدُ يامُق َتدِرُ ياذَا ال َ‬
‫سطُ ياصَبُورُ ياأَهللُ يَاأهللُ يامَنْ َأذَلَّ‬ ‫يَامُق ِ‬
‫المُعَانِدينَ وَأَهَلكَ ال ُمخَالِفينَ يامَنْ عَلتْ‬
‫ُقدْرَتُهُ عَلى كُلِّ قُدرةٍ وعِزَّتُهُ على كُلِّ عِزَّة‬

‫‪59‬‬
‫ونِقْمَتُه عَلَى كُلِّ نِقْمَةٍ ياقهَّارُ ياقهَّارُق حم‬
‫حم حم حم حم حم حم إِقْهَرْ أَعدَاءَنَا فإِنَّهُم‬
‫أَعدَا ُؤكُ وأَهِلكْ ُمخَالفِيِنَا َفإِنُهمُ ُمخَالِفُوكَ‬
‫وَامْحُ ما أَثْبَتَّهُ فى نُ ُفوِسِهِم وعُقُولِهِم من‬
‫الضالَلِ وأَزِلْ عَنَّا ظُلمَهُم وأَبعِد ُهمْ عَنَّا فى‬ ‫َّ‬
‫جاِ ِمعُ يَانَا ِفعُ‬
‫الدُّنيَا واآلخِ َرةِ وَأجِرنِى ياأَهللُ يَا َ‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬ياأهللُ‬ ‫آمينَ آمينَ آمينَ بِحقِّ م َّ‬
‫ِحقكَ ثُمَّ‬‫يارحْمنُ يَا َرحِيمُ ياأَهللُ ياحقُّ يَامُبينُ ب ِّ‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬أَنِلْنِى مِيمَ مُلكِ الظَّاهِرِ‬ ‫ِبحَقِّ م َّ‬
‫والبَاطِنِ ‪.‬‬
‫(‪)23‬‬
‫أَللهُمَّ إِنَّى أَسأَُلكَ بِنَيِّر هِدايَ ِتكَ األَعظَمِّ وسرِّ‬
‫كُلِّ سرِّ وسَنَاهُ مَنْ فَتَحتَ بِه خَزَائِنَ الرَّحمَةِ‬
‫والرحَمُوتِ ومَنَحتَ ِبظُهُورِ أَنوَا ِرهِ المُلكَ‬ ‫َّ‬
‫والمَلكُوتَ قُطبِ دائِرةَ الكَمَالِ ويَاقُوتَة تَاجِ‬
‫محَاسنِ الجَمَالِ عَينِ ال َمظَاهِر اإلِلَهِيَّةْ‬
‫ولَطيِفَةِ تَرَوحُنَاتِ الحَض َرةِ القُدسِيَّة َم َددِ‬
‫حدِ اآلحَادِ وسِرِّ‬ ‫األَمدَادِ وجُودِ الجُودِ َووَا ِ‬

‫‪30‬‬
‫ال ُوجُودِ واسِطةِ عِقدِ السُّلُوكِ وشَرفِ‬
‫األَمْالكِ والمُلُوكِ بَدرِ المَعَارِف فى سَموَاتِ‬
‫الدَّقائِقِ وشَ ْمسِ العَوارِفِ فى عُرُوشِ‬
‫طكَ األَق َومِ‬ ‫ظمِ وصِرَا ِ‬ ‫الحَقَا ِئقِ بَا ِبكَ األََع َ‬
‫وبَر ِقكَ الالَّ ِمعِ ونُو ِركَ السَّاطعِ ومَعنَاكَ‬
‫وسركَ‬
‫ِّ‬ ‫َّالذِى هُو ِبأُفقِ كُلِّ قَلبٍ سَلِيمٍ طَالعٌ‪،‬‬
‫َزهِ السَّارِى فى جُزئِيَّاتِ العاَلم وكُلِيَّاتِهِ‬ ‫المُن َّ‬
‫عُلوِيَّاتِهِ وسُفْلِيَّاتِهِ أللهُمَّ إِنَّا نَسأَُلكَ قَبُول‬
‫النوَالَ بِمَنْ‬ ‫السؤَالِ يَامَنْ لم يَزَلْ يُعِطى َّ‬ ‫ُّ‬
‫َصصْتَهُ فى األَزَلِ بِمَراتِبِ التَّكميِلِ بعدَ‬ ‫خ َّ‬
‫الكَمَالِ حَائِزِ الفَضيِلَة وصَاحِبِ الوَسِيلَة‪،‬‬
‫فَاتِحِ فَمَا عَرَفكَ مَنْ عَرَ َفكَ إِالَّ بِهِ ومَا َوصَلَ‬
‫مَنْ وصَلَ إِل ْيكَ إِالَّ مَن َّاتصَلَ بِسَببِهْ‪،‬‬
‫خَليِفَ ِتكَ بِمَحضِ الكَ َرمِ على سَائِرِ َمخْلُوقَا ِتكَ‬
‫ضكَ وسَموَا ِتكَ خَص ِيصِ‬ ‫س َِّيدِ أَهلِ أَر ِ‬
‫خصَا ِئصِ نَعمَا ِئكَ وفُيُوضَاتِ‬ ‫حَضرَ ِتكَ ِب َ‬
‫ظمِ مَنعُوتٍ أَقْسَمْتَ بِعَم ِرهِ فى‬ ‫آالَ ِئكَ أَع َ‬
‫كِتَا ِبكَ وفَضَّلتَهُ بِمَا فَصَّلتَ بِهِ مِنْ أَسرَارِ‬

‫‪31‬‬
‫ُوةِ‬
‫خِطا ِبكَ وفَتحتَ بِه أَقفَالَ أَبوَابِ سَا ِبقِ النُّب َّ‬
‫والجَاللَهْ‪ ،‬وخَتَمْتَ بِه َدوْرَ َدوَائِرِ َمظَاهِرِ‬
‫الرِّسَالَة ورَفَعتَ ذِك َرهُ مَع ذِكِركَ وسَيَّدتَهُ‬
‫بِنِسَبةِ العُبُودِيَّةِ إليكَ َفخَضعَ ألَم ِركَ وشيَّدتَ‬
‫شكَ ال َمحُوطِ ِبحِيطَ ِتكَ الكُبْرَى‬ ‫بِهِ قَوا ِئمَ عَر ِ‬
‫ِعزهِ أَهلَ‬ ‫ومَنطَقتَهُ بِمِ ْنطَقَةِ العِزِّ فَمنطقَ ب ِّ‬
‫ألخْرَى وأَلبَستَهُ مِنْ سُرَادِقَاتِ‬ ‫الدُّنيَا وا ُ‬
‫جالَِلكَ أَشرَفَ حُلَّهْ وتَوَّجتَهُ بِتَاجِ الكَرامَةِ‬
‫وال َمحَبَّةِ والخُلَّه نَبِىِّ األَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ‬
‫والمَبعُوثِ ِبأَم ِركَ إِلى الخَلقِ أَجمَعِينَ بَحرِ‬
‫طمِ ِبأَموَاجِ األَسْرَارِ وَسَيفِ‬ ‫ضكَ المُتَال ِ‬ ‫فَي ِ‬
‫سمِ لحِزبِ الكُفرِ والبَغىِ‬ ‫عَز ِمكَ القَاهِرِ الحَا ِ‬
‫واإلِنكَارِ أَح َم ِدكَ ال َمحْمُودِ بِلسانِ التَّكرِيمِ‬
‫ِالرؤُفِ‬ ‫ب المُسَمَّى ب َّ‬ ‫َم ِدكَ الحَاشِرِ العَاقِ ِ‬ ‫ُمح َّ‬
‫ألوَلِ وأَتوَسَّلُ‬ ‫الرَّحيمِ أَسأَُلكَ بِهِ وبِاألَقْسَامِ ا ُ‬
‫سأَلَ أَنْ تُصلِّى‬ ‫إِل ْيكَ بكَ وأَنتَ ال ُمجِيبُ لِمَنْ َ‬
‫وتُسلِّم عَليه صَالةً تَلِيقُ ِبذَاتكَ وذَاتِهِ أل ََّنكَ‬
‫أَدرى بِمنزلَتِه وأَعَلمُ ِبصِفَاتِهِ عَدداً ال تُدرِكُهُ‬

‫‪32‬‬
‫الظُّنُونُ‪ ،‬زيَادةً على مَا كَانَ ومَا يكُونُ يا‬
‫للشئِ‬‫منْ أَم ُرهُ بَينَ الكَافِ والنُّونِ ويَقُولُ َّ‬
‫َبيكَ ورسُوِلكَ وحَبيِبكَ‬ ‫ُحمدٍ ن ِّ‬
‫كُنْ فيكُونُ بم َّ‬
‫َبيكَ ورسُوِلكَ وخَلِيِلكَ ومُوسَى‬ ‫وإِبرَاهيمَ ن ِّ‬
‫ك وعِيسَى رسُوِلكَ‬ ‫َجي َ‬
‫َفيكَ ون ِّ‬ ‫رسُوِلكَ وص ِّ‬
‫حكَ بِتورَاةِ مُوسَى وإِنجيلِ‬ ‫وكَلِمتكَ ورُو ِ‬
‫صحُفِ إِبرَاهِيم‬ ‫عِيسَى وَزبوُرِ دَا ُودَ و ُ‬
‫ُحمدٍ عليه وعَليهمُ الصَّالةُ‬ ‫وقُرآنِ م َّ‬
‫والتَّسلِيم‪ُ،‬وكلِّ وحىِ أَوحَيتهُ أَو َقضَاءٍ‬
‫قَضيتهُ أَو سَائِلٍ أَعطَيتهُ أَو فَقيرٍ أَغنَيتَهُ‬
‫َأوْغَ ِنىٍ أَقنيتَه أَو ضَعيفٍ قَوَّيتَهُ أَو ضَالٍ‬
‫َهدَيتَهُ أَنا سَائُِلكَ َفأَعطِنى‪،‬أَنَا فَقيرٌ َفأَغْنِنِى أَنَا‬
‫ضَعيِفٌ فَقَوِّنِى‪ ،‬و ِبكَ إِليكَ مِ ْنكَ وَلدَيكَ‬
‫اهدنِى وعلى مَا شِئْتَ من عِل ِمكَ الغَيبىِّ‬
‫والشَّهَادِىِّ وحُك ِمكَ األَحدِىِّ الصَّمدِىِّ دُلَّنِى‬
‫ووَلِّنى‪.‬‬
‫(‪)24‬‬
‫أَللهُمَّ ِبح َِّقكَ أَنتَ ال إِلهَ إِالَّ أَنتَ وبِاس ِمكَ‬

‫‪33‬‬
‫األَسْمَى َّالذِى ما دُعِيتَ بِهِ إِالَّ َأجَبْتَ‬
‫ج ِدكَ األَح ْمىَ َّالذِى اصطَفَيْتَ بِهِ مَنْ‬ ‫وبِ َم ِ‬
‫ك َقدِ‬ ‫ُحمدٍ َّالذِى لَهُ عَلَى كلِّ عِبَا ِد َ‬
‫أَ َردْتَ وبِم َّ‬
‫ل لَهُ‬ ‫اخْتَرتَ وكُلِّ نَبىٍّ لَهُ استَنْ َبأْتَ ورسُو ٍ‬
‫حكَ ال ْمحَفُوظِ‬ ‫أَرسَلتَ وكُلِّ كِتَابٍ له مِنْ لو ِ‬
‫كَتبتَ‪ ،‬وكُلِّ وحْىِّ من عِل ِمكَ القَديمِ على‬
‫رسُِلكَ أَنزَلْتَ و ِبحَقِّ اللهُمَّ وعَظمَتِهَا لدَيكَ‬
‫حدِيَّ ِتكَ ورُبُوبِيَّتكَ عليكَ‬ ‫و ِبجَاللِ ُهوِيَّ ِتكَ وَأ َ‬
‫سعَ كُلَّ شئٍ رَحمةً وعِلماً وأَمَدَّ‬ ‫يَامَن وَ ِ‬
‫ال ُوجُودَ بِفَضلِهِ َوجُو ِدهِ حَنَانةً ورُحماً أَنتَ‬
‫الحَلِيمُ السَّتَّارُ العَفُوُّ الكَريمُ الغَفارُ َأجِرنِى‬
‫عذَابِ النَّارِ ‪.‬‬‫ن خِزىِ الدُّنيَا واآلخِ َرةِ و َ‬ ‫مِ ْ‬
‫(‪)25‬‬
‫أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ الشُّكرَ عَلى نَعمَا ِئكَ ومَزِيدِ‬
‫إِفضَاِلكَ والخِيرةَ فِيمَا َقضَيت والبرَكَةَ فِيمَا‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬أَنْ‬ ‫أَعطَيتَ وتوَسُّلِى إِليكَ ِبجَاهِ م َّ‬
‫تُعَامِلَنِى بِلُط ِفكَ فِى أَقضيِ ِتكَ ونَعُوذُ بِاهللِ‬
‫ال َعظِيم من طُولِ الغَفلةْ واسْتِدرَاجِ المُهْلَة‬

‫‪34‬‬
‫ونَسْتَعِينُهُ ونَسأَلُهُ الهدَايَةِ ونَستَمِدُّ من تَوفِيقهِ‬
‫حُسنَ العِنَايَة فإِنَّهُ ولِىُّ ذِلكَ والقَادِرُ عليه‬
‫ُوةَ‬
‫ل والحولَ وال ق َّ‬ ‫وحَسبُنَا اهللُ ونِعمَ الوكي ُ‬
‫إِال بِاهللِ العَلىِّ العظيمِ‪.‬‬
‫(‪)26‬‬
‫أَللهُمَّ إِنَّى أَسأَُلكَ بِميمَى الملكِ وحاءِ الرَّحمةِ‬
‫ودَالِ الدَّوامِ السَّيِّد الكامِلِ الفَاتِحِ الخَا ِت ِم أَنْ‬
‫تُصلِّى عَليهِ وعَلَى آلِهِ وأَزواجِهِ وأَصحَابِه‬
‫وعِتْرَتِهِ أَجمعيِنَ وأَن تُنَجِّيَنِى مِنْ كُلِّ مَا‬
‫أَخافُ وأَحذَرُ أهللُ أَكبرُ كَبِيراً والحمدُ هللِ‬
‫كثيراً وسُبحانَ اللِه بُك َر ًة وَأصِيالً أَللهُمَّ إِنِّى‬
‫َأسأَُلكَ باس ِمكَ الجَا ِمعِ ونُو ِركَ الالَّ ِمعِ ونَب ِِّيكَ‬
‫شعِ ياشَافِى يانَا ِفعُ‬ ‫ووليكَ الخَا ِ‬ ‫ِّ‬ ‫الشَّا ِفعِ‬
‫يامُعَافِى يَادا ِفعُ اد َفعْ عَنَّا السُّمَّ النَّا ِقعَ والدَّاءَ‬
‫طعَ إ َِّنكَ ُمجِيبٌ سَا ِمعٌ‪.‬‬‫القَا ِمعَ والوَبَاءَ القَا ِ‬
‫(‪)27‬‬
‫نَسأَُلكَ اللهُمَّ َبأَسمَا ِئكَ الحُسنَى وصِفَا ِتكَ‬
‫ُحمدٍ نَب ِِّيكَ المُجتَبَى وحَبيِبِك‬ ‫العُليَا وم َّ‬

‫‪35‬‬
‫المُصطَفَى أَنْ تُطهِّرَ قُلُوبَنَا مِنْ كَبَائرِ كُفرِ‬
‫النَّفسِ والعُجبِ والرَّيَاءِ وحُبِّ الدُّنيَا والثَّناءِ‬
‫والرِّياسَة وتَعَاطىِ الكِبْر‪ ،‬واكحَل َبصَر‬
‫سوَاكَ‬ ‫بَصيِرَتِنَا بإِثْمِدِ عِنَايَ ِتكَ حَتَّى النَرى ِ‬
‫شئٍ‬ ‫وال َنطْلُبَ مِ ْنكَ إِالَّ إِيَّاكَ إ َِّنكَ عَلى كُلِّ َ‬
‫َقدِيرٌ ‪.‬‬
‫(‪)28‬‬
‫َرةٍ فى ال ُوجُو ِد أَن‬ ‫ع َددَ كُلِّ ذ َّ‬‫نَسأَُلكَ اللهُمَّ َ‬
‫تَغفِرَ لنَا ولِكُلِ المُسْلِمينَ يَاكَر ِيمُ يا َودُودُ‬
‫دَعَونَاكَ اللهُمَّ ِبصِدقِ الرَّجاءِ وال َي ْأسِ من‬
‫جميعِ ال َمخْلُوقَاتِ َفأَغثنَا يَارَبَّنا إِغاثَةَ‬
‫الملهُوفِينَ وَأجِبنَا اللهُمَّ ‘ِإجَابَة المُوقِنِينَ‬
‫ُرةَ‬
‫ِبحَقَّ من جَعَلتهُ نُقطَةَ دَائِ َرةِ ال ُوجُودِ َود َّ‬
‫بَحرِ الكَ َرمِ والجُودِ أللهُمَّ َفصَلِّ وسَلِّم عليهِ‬
‫وعَلَى آل ِه وصَحبِهِ أَجمعيِنَ‪.‬‬
‫(‪)29‬‬
‫أَللّهُمَّ صَلِّ صَالةً كامِلةً وسَلِّم سالماً تَامًّا‬
‫عَلى نَبِىٍّ تَ ْنحَلُّ بِهِ العُ َقدُ وتَنفَرِجُ بِه الكُرَبُ‬

‫‪33‬‬
‫حوَائِجُ وتُنَالُ بِه الرَّغَائِبُ‬ ‫وتُقضَى بِهِ ال َ‬
‫وحُسنُ الخَوا ِتمِ ويُستَسْقَى الغَمَامُ ِبوَجهِهِ‬
‫الكَريِم وعَلى آلِهِ وصَحبهِ فِى كُلِّ لَمحَةٍ‬
‫ونَ َفسٍ بِعددِ كلِّ مَعلُومٍ َلكَ ‪.‬‬
‫(‪)31‬‬
‫يَاغياثَ المُستَغِثينَ ويامُجيبَ المُضطَرِّينَ‬
‫ويَاأَ ْرحَم الرَّاحِمينَ ويَاغَافِرَ ذُنُوبِ المُذنِبِينَ‬
‫ِبحُرمَةِ حبيِ ِبكَ المُصطَفَى ونَبِيِّك ال ُمجْتَبَى‬
‫عَلَيه مِن الصَّلواتِ أَزكَاهَا ومِنَ التَّحيَّاتِ‬
‫أَوفَاهَا و ِبحُرمةِ جَميعِ األَنْبيَاءِ والمُرسلِينَ‬
‫والمَالئِكةِ المُقرَّبينَ عليهم الصَّالةُ والسَّالمُ‬
‫أَجمعينَ وأَصحابِ حَبي ِبكَ السَّابِقينَ َّالذِينَ‬
‫رضِيتَ عن ُهمْ و ُهمْ عَنكَ راضُونَ والتَّابِعينَ‬
‫ل ُهمْ بإِحسانٍ‪ ،‬عليهم الرَّحمةُ والغُفرَانُ‬
‫ارحَمْنَا فإِنَّا ُمذْنبُونَ وباآلثَامِ والخَطايَا‬
‫مُعتَرِفُونَ واغفِر لنَا ذُنُوبَنَا وكَفِّرْ عنَّا سيئِّاتنَا‬
‫وتوَفَّنا مَع األَبرارِ إ َِّنكَ أَنتَ الرَّحيمُ الغَفَّارُ ‪.‬‬
‫(‪)31‬‬

‫‪34‬‬
‫ُحمدٍ نَب ِّ‬
‫ِى‬ ‫أَللّهُمَّ إِنِّى أَتوجَّهُ إِليكَ بِنَب ِِّيكَ م َّ‬
‫الرَّحمةِ ياسيِّدنَا يَامُحمَّد إِنِّى أَتوجَّهُ ِبكَ إِلى‬
‫ر َِّبكَ ورَبِّى أَنْ يَرحَمنِى مِما بِى رحمةً‬
‫سوَاهُ ‪.‬‬
‫يُغنِينِى بِهَا عن رَحمةِ من ِ‬
‫(‪)32‬‬
‫أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ بِحقِّ جميعِ مَا قُلتَهُ لِنب ِِّيكَ‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬أَنْ تَهبهُ جَميعَ ما ُيحِبُّهُ وأَن تَجعلنَا‬ ‫م َّ‬
‫ف عنَّا ياعَفُوُّ ياكَرِيمُ‬ ‫من جُملَةِ ما يُحبُّهُ واع ُ‬
‫بِحقِّ من آتَيتَهُ السَّ ْبعَ المثَا ِنىَ والقُرآنَ‬
‫العَظيمَ وقَرنْتَ اس َمكَ بِاسمهِ بأَعلَى مَقَامِ‬
‫ُحمدٍ رسُولُ اهللِ عليهِ‬ ‫بقَولِ الالِهَ إِال اهللُ م َّ‬
‫مِنكَ أَفضَلُ الصَّالةِ وأَتمُّ السَّالمِ ‪.‬‬
‫(‪)33‬‬
‫ُحمدٍ الفاتِحِ‬ ‫أَللّهُمَّ صلِّ وسلِّم على سيِّدنَا م َّ‬
‫الخا ِتمِ الرَّسُولِ الكَامِلِ الرَّحمةٍ الشَّامِلِ‬
‫وعلى آلِهِ وأَصحَابِه وأَحبابِه ع َددَ مَعلُوماتِ‬
‫اهللِ ِبدَوامِ اهللِ صَالةً تكُونُ َلكَ يَاربَّنَا رضَاءً‬
‫ولحِقه أَداءَ وأَسأَُلكَ بِه من الرَّفِيقِ َأحْسَنَهُ‬

‫‪38‬‬
‫ومنَ الطَّرِيقِ أَسهَلَهُ ومن العِلم أَنْفَعَهُ ومِنَ‬
‫العَملِ أَصَلحَهُ ومِنَ المكَانِ أَفسَحهُ ومِنَ‬
‫غ َدهُ ومِنَ الرِّزقِ أَطيبهُ وَأوْسَعهُ‪.‬‬ ‫العَيشِ أَر َ‬
‫(‪)34‬‬
‫أَللهُمَّ إِنَّا نسأَُلكَ بِحب ِيكَ ال ُمصْطفىَ ورسُولكِ‬
‫المُقْتَفَى ِإخْالصًا فى األَعمَالِ وصدقاً فى‬
‫األَقوَالِ واألَحوَالِ ورضًا عمِيمًا وفَيضًا‬
‫جسيِمًا‪ ،‬أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ بِالسِّرِّ المصُونِ‬
‫والدُّرِّ المكَنوُن ومَا أَحتوَتْ عَليهِ أَوائِلُ‬
‫السوَرِ مِنْ سِرِّ سِرٍ للِعقْلِ بَهرَ وأَسأَُلكَ‬ ‫ُّ‬
‫سمِ والن َِّّبىِ‬‫ظمِ والكَنزِ ال ُمطَلْ َ‬ ‫بِاالسمِ األَع َ‬
‫َدمِ من ال ِق َدمِ‬ ‫خ ِم المق َّ‬‫ُعظمِ والصَّفىِّ األَف َ‬
‫الم َّ‬
‫َقدمَ‪ ،‬أَنْ‬‫على مَنْ َتأَخَّرَ عنْ ظُهُورِ نُو ِرهِ أَو ت َّ‬
‫النصْرَ والظَّفرَ والتَّيسيِرَ األَوفَرَ ‪.‬‬ ‫تَصحبنَا َّ‬
‫(‪)35‬‬
‫حمَ الرَّاحِمينِ يَاربَّ العَالميِنَ صلِّ عَلى‬ ‫يَاأَر َ‬
‫ُرةِ عين عِبا ِدكَ الصَّالحِينَ وتَقبَّلنَا بجاهِهِ‬ ‫ق َّ‬
‫آمِين‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫(‪)36‬‬
‫ُحمدٍ نُو ِركَ الالَّ ِمعِ‬
‫أَللهُمَّ صلِّ عَلى مَوالنا م َّ‬
‫ِركَ الهَا ِمعِ الَّذى طرَّزْتَ بِجمَالِهِ‬ ‫ومَظهرِ س ِّ‬
‫األَكوَانَ وَزيَّنْتَ بِبَهْجةِ جاللهِ األَوانَ َّالذِى‬
‫فَتحْتَ ظُهورَ العَاَلمِ مِنْ نورِ حقيقَتِهِ وخَتمْتَ‬
‫صوَرُ الحُسنِ‬ ‫كَمالَهُ ِبأَسرَارِ نُبوَّتِه فَظهَرتْ ُ‬
‫من فَ ْيضِهِ فى َأحْسَنِ تَقويمِ ولوْال هُو ما‬
‫ن العَدمِ الرَّميمِ َّالذِى‬ ‫ظهَرَتْ ِلصُو َرةٍ عَينٌ مِ َ‬
‫مَااستَغاثكَ بِه جَائعٌ إِال شَبعَ وال ظَمآنٌ إِالَّ‬
‫َروِىَ والخَائِفٌ إِالأَمِنَ واللَهفَانٌ إِالأُغيثَ‬
‫وإِنِّى لهفَانٌ مُستَغِيثٌ أَسْتَ ْمطِرُ رَحم َتكَ‬
‫الوَاسِعَةَ من خَزائِنِ جُو ِدكَ َفأَغِثنى يَارَحمنُ‬
‫يَا مَن إِذا نَظرَ بِعَين حِلمهِ وعَفوهِ لم يَظهرْ‬
‫فى جَنبِ كِبريَاءِ حِلمهِ وعَظمةِ عَف ِوهِ‬
‫ذَنبٌ‪،‬اغفرْ لى وتُبْ علىَّ وتَجاوَز عَنِّى‬
‫يَاكرِيم‬
‫(‪)37‬‬
‫ِسرهِ األَغلَى افْتَحْ لنا‬‫أَللهُمَّ ِبجَاههِ األَعلى وب ِّ‬

‫‪40‬‬
‫بَابَ حَضرَاتِهِ واجعَلنا مِنْ أَهلِ شُهُودِ ذَاتِه‬
‫وقَرِّبنَا لَديهِ فى كُلِّ مَش َهدٍ وحَققنا بِهِ فِى كُلِّ‬
‫مَهِبطٍ ومَصعدٍ أَللهُمَّ أَسمِعنَا بِحقِّه لذِيذَ‬
‫عظِيمَ الجَنَابِ‬ ‫خطَابِ وأَبصِرْنَا بجَاهِهِ َ‬ ‫ال ِ‬
‫وأَدخِلنَا ِبجَاهِه إِلى صَدرِ المحْرِابِ أَللهُمَّ‬
‫ِبجَاهِهِ الكَرِيم عُمَّنَا مِنهُ بِفَيضٍ عَظيمٍ أَللهُمَّ‬
‫ِبجَاهِ هذَا النَّبِىِّ الكَرِيمِ والرَّسُولِ العَظيمِ‬
‫والحَبيِبِ ال َفخِيمِ نَسأَُلكَ ال ِهدَايةَ إِلى سَبِيِلكَ‬
‫وطرِي ِقكَ المُسْتَقِيمِ وشُهُودَ نُو ِرهِ الخَطَّافِ‬
‫سمُ اللهُمَّ بِهِ‬‫ببرقِهِ ألَفئ َدةِ أَهلِ االلطَافِ ونُق ِ‬
‫عليكَ ونَقِفُ بِجاهِهِ بين َيدَيكَ نَطلُبُ بِذِلكَ‬
‫ِسرهِ والموتَ‬ ‫االستْقَامَةَ على قَدمِهِ والفَوزَ ب ِّ‬
‫بحرَمِه‪ .‬أَللهُمَّ بِجاهِهِ لديكَ أَقِمنَا بَين يَديْهِ‬
‫ويدَيكَ‪.‬‬
‫(‪)38‬‬
‫ياأَهللُ بكَ تحصَّنتُ وبِعب ِدكَ ورسُوِلكَ سيِّدنَا‬
‫ُحمدٍ ‪ r‬استَجرتُ أَللهُمَّ إِنِّى أَسأَُلكَ يارحمنُ‬ ‫م َّ‬
‫يارَحيمُ بِاسما ِئكَ ال ِعظَا ِم ومَالئِكَ ِتكَ الكِرَامِ‬

‫‪41‬‬
‫ورُسُِلكَ عَليهمْ أَفضلُ الصَّالةِ والسَّال ِم أَن‬
‫تَلمَحنِى بِلمحةِ أَهلِ بَدرٍ ولَ َمحَاتِ ِهمْ وتَن َفحَنِى‬
‫بِن َفحَاتِ ِهمْ بِحقِّ ِهمْ عليكَ يارَبِّ‪.‬‬
‫(‪)39‬‬
‫(إِنَّ اهللَ ومَالئِكتَةُ يُصلُّونَ على الن َِّّبىِ ياأَيُّها‬
‫الَّذيِن آمنُوا صلُّوا عليه وسلِّمُوا تَسليمًا)‬
‫أَللهُمَّ صلِّ وسلِّم على منْ جَعلتَهُ سببًا‬
‫النشِقَاقِ أَسرَا ِركَ الجبرُوتِيَّة وانْ ِفالِق‬
‫أَنوَا ِركَ الرَّحمانِيَّة فصَا َر نَائِباً عن الحضْ َرةَِ‬
‫الرَّبَّانِيَّة وخَلِيفةَ أَسرَا ِركَ الذَّاتيَّة فَ ُهوَ يَاقُوتَّهُ‬
‫حدِيَّةِ ذَا ِتكَ الصَّمديَّة وعَينُ مَظهَرِ صفَا ِتكَ‬ ‫أَ‬
‫حجَاباً عنكَ وَسِرَّا‬ ‫األَزَليَّة فَ ِبكَ منكَ صَارَ ِ‬
‫حجِبْتَ بِه عَنْ كَثِيرٍ من‬ ‫مِنْ أَسرَارِ غيبكَ ُ‬
‫سمُ والبَحرُ الزَّاخِرُ‬ ‫خَل ِقكَ فَهُو الكنزُ ال ُمطَل َ‬
‫طمُ فَنسأَُلكَ أَللهُمَّ بِجاهِهِ لدَيكَ‬ ‫ال ُمطَ ْم َ‬
‫وبِكرَامَتِه عليك أَنْ تَعمُرَ َقوَالبنَا ِبأَفعالِهِ‬
‫وأَسماعَنَا بأَقوَالِهِ وقُلُوبنَا بِانوَا ِرهِ وأَرواحَنا‬
‫ِبأَسرا ِرهِ وأَشبَاحَنَا ِبأَحوَالِهِ وسَرائِرنَا‬

‫‪42‬‬
‫بِمُعَامَلتِهِ و َبوَاطنَنَا بِمُشَا َهدَتِهِ وأَبصارَنَا‬
‫خوَاتِم أَعمَالِنَا فى‬ ‫ِبأَنوَارِ ُمحَيَّا جَمالِهِ و َ‬
‫مَرضَاتِهِ ‪.‬‬
‫(‪)41‬‬
‫أَللهُمَّ اختِم لنَا ِبخَاتِمةِ السَّعادَة واجعلنَا مِنَ‬
‫ُحمدٍ‬
‫سيدِنَا م َّ‬
‫جاِه ِّ‬ ‫َّالذِينَ ل ُهمُ الحُسنَى وزِيَادَة ِب َ‬
‫‪ r‬ذِى الشَّفَاعةِ وآلِهِ وصَحبِهِ َذوِى السِّيادَة‬
‫ُحمدٍ وعَلى آلِهِ‬ ‫وصلَّى اهللُ علَىِّ سيدِنَا م َّ‬
‫وصَحبِه وسلَّم والحمدُ هللِ ربِّ العَالمَينَ ‪.‬‬
‫باب‬
‫فى نقل حكايات وآثار وردت عن العلماء والصالحين‬
‫فى الفوائد التى حصلت لهم من االستغاثة بسيد‬
‫(*)‬
‫المرسلين صلى اهلل عليه وسلم‬

‫أخذت ذلك مما نقله الثقات وذكره األئمة الثالث‬


‫األثبات‪ :‬أبو عبد اهلل النعمان الفاسى فى كتابه (مصباح‬
‫الظالم) والقسطالنى فى كتابه (المواهب اللدنية) ونور‬

‫(*) لم ننقل هنا جميع الحكايات التى أوردها النبهانى ولكن اكتفينا‬
‫ببعضها‪ ،‬وأضفنا قصة واحدة من خارج كتاب شواهد الحق وتمت‬
‫اإلشارة إلى ذلك فى الهامش‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الدين الحلبى فى كتابه (بغية األحالم) وغيرهم‪ ،‬ونقلت‬
‫معظم ذلك فى كتابى (حجة اهلل على العالمين) ورتبته‬
‫على فصول‪:‬‬
‫الفصل األول فى ذكر من استغاث به ‪ r‬للمغفرة‬
‫ونحوها‪.‬‬
‫الفصل الثانى فى ذكر من استغاث به ‪ r‬من األسرى‬
‫ونحوهم‪.‬‬
‫الفصل الثالث فى ذكر من استغاث به‪ r‬للجوع‬
‫والعطش‪.‬‬
‫الفصل الرابع فى ذكر من استغاث به ‪ r‬للسقيا‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫‪1‬ـ فى ذكر من استغاث به صلى اهلل عليه وسلم‬


‫للمغفرة‬
‫ونحوها‬
‫عن محمد بن حرب الباهلى قال‪ :‬دخلت المدينة‬
‫فانتهيت إلى قبر النبى صلى اهلل عليه وسلم فإذا‬
‫أعرابى يوضع على قبر بعيره فأناخه وعقله‪ ،‬ثم دخل‬
‫إلى القبر فسلم سالما حسنا ودعا دعاء جميال‪ ،‬ثم قال‬
‫بأبى وأمى يارسول اهلل إن اهلل خصك بوحيه وأنزل‬
‫عليك كتابا وجمع لك فيه علم األملين واآلخرين وقال‬

‫‪44‬‬
‫فى كتابه وقوله الحق {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم‬
‫جاءوك فاستغفروا اهلل واستغفر لهم الرسول لوجدوا‬
‫اهلل توابا رحيما} وقد أتيتك مقرا بالذنوب مستشفعا بك‬
‫إلى ربك وهو ما وعد‪ ،‬ثم التفت إلى القبر فقال‪:‬‬
‫ت فى القاع أَعظُمُه‬ ‫ياخي َر من دُفِنَ ْ‬
‫ع‬‫فطابَ من طِيبهِنَّ القَــا ُ‬
‫واألك ُم‬
‫النبى الذى تُرجَى شَفاعَتـُـه‬ ‫ُّ‬ ‫ت‬
‫أن َ‬
‫ت‬‫ط إذا ما زَلَّ ِ‬ ‫عندَ الصِّــرَا ِ‬
‫القَــدَمُ‬
‫ت سَاكِنُــــه‬
‫نَفسِـى الفِدا ُء لِقَب ٍر أن َ‬
‫فيه العفَـافُ وفيه الجُـو ُد‬
‫والكَــرمُ‬
‫وركب راحلته فما أشك إن شاء اهلل إال أنه راح‬
‫بالمغفرة ولم يسمع بأبلغ من هذا قط‪ ،‬وروى محمد بن‬
‫عبد اهلل العتبى هذا الخبر وزاد فى آخره قال‪ :‬فغلبتنى‬
‫عيناى فرأيت رسول اهلل ‪ r‬فى النوم فقال لى‬
‫ياعتبىالحق األعرابى وبشره أن اهلل قد غفر له‪.‬‬
‫***‬
‫وقال الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوى‬
‫المنذرى "بلغنى أن الفقيه أبا على الحسين بن عبد اهلل‬
‫بن رواحه بن إبراهيم بن عبد اهلل بن رواحة الحموى‬
‫كتب قصيدة يمدح بها النبى ‪ r‬ويطلب أن تكون جائزته‬
‫‪45‬‬
‫الشهادة فى سبيل اهلل فقتل شهيدا‪ .‬قال الحافظ أبو‬
‫القاسم بن عساكر‪ :‬قتل شهيدًا بمرج عكا فى يوم‬
‫األربعاء فى شعبان سنة خمس وثمانين وخمسمائة‪.‬‬
‫***‬
‫وذكر بعض شيوخ القيروان الثقات أن رجال عزم‬
‫على الحج من بلده‪ ،‬فقال له بعض أصحابه‪ :‬لى إليك‬
‫حاجة وأحب منك أن تعتنى لى بقضائها‪ ،‬فقال له وما‬
‫ذاك؟ فقال أحب أن توصل هذه الرقعة إلى قبر النبى ‪r‬‬
‫وتقرئه سالمى وتدفنها عند رأسه فذلك من أكبر‬
‫حوائجى عندك وال تفتحها والتنظر ما فيها‪ .‬قال‬
‫الرجل ففعلت‪ ،‬فلما وصلت إلى قبر النبى ‪ r‬سلمت‬
‫عليه وسألته فى حوائج تخصنى‪ ،‬ثم فعلت ما سألنى‬
‫صاحب الرقعة‪ ،‬فلما رجعت من الحج ووصلت إلى‬
‫البلد تلقانى صاحب الرقعة إلى ظاهر البلد وأقسم أن‬
‫الأنزل إال عنده ففعلت فأضافنى وأحسن ضيافتى‬
‫ووجه إلى أهلى كذلك‪ ،‬ثم قال لى‪ :‬جزاك اهلل خيرا لقد‬
‫بلغت الرسالة فعجبت من قوله ذلك وعلمه بتبليغ‬
‫الرسالة من قبل أن يسألنى‪ ،‬وكان عند سفرى عهدت‬
‫عنده ولدا صغيرا فقلت من أين علمت أنى فعلت ما‬
‫ذكرت؟ قال اسمع قصتى وذلك أنه كان لى أخ توفى‬
‫وترك ولدا صغيرا فربيته وأحسنت تربيته ثم إنه مات‬
‫وهو صبى فلما كان ذات ليلة رأيت فى النوم كأن‬
‫القيامة قد قامت والحشر قد وقع والناس قد اشتد بهم‬
‫‪43‬‬
‫العطش من شدة الجهد‪ ،‬فبينا أنا كذلك وإذا بابن أخى‬
‫وبيده ماء فسألته أن يسقينى‪ ،‬فقال أبى أحق به منك‬
‫فعظم ذلك علىّ وانتهبت وأنا فزع لهول ما رأيت‬
‫ومحزون مما رأيت من ابن أخى‪ ،‬فلما أصبحت‬
‫تصدقت بجملة دنانير وسألت اهلل تعالى أن يرزقنى‬
‫ولدا فرزقت ذلك الطفل الذى تركته عندى بعد هذا‬
‫السن واتفق سفرك كتبت فى الرقعة التى اصطحبتكها‬
‫أسأل النبى ‪ r‬أن يسأل اهلل تعالى أن يقبله منى رجاء أن‬
‫أجده يوم الفزع األكبر فلما كان يوم كذا وكذا حمّ فلما‬
‫كان الليل مات فعلمت أن الحاجة قد انقضت والرسالة‬
‫وصلت وكان اليوم الذى حمّ فيه الصبى وتوفى عشية‬
‫اليوم الذى كنت فيه عند قبر النبى صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪2‬ـ فى ذكر من استغاث به ‪ r‬من األسرى ونحوهم‬


‫ممن إنقطع فى البرارى والبحار أو وقع فى غير ذلك‬
‫من الشدائد واألسقام وما أشبه ذلك من خوارق‬
‫عاداته‬
‫بعد وفاته ‪r‬‬
‫روى الطبرانى والبيهقى عن أبى أمامة بن سهل بن‬
‫ال كان‬
‫حنيف عن عمه عثمان بن حنيف‪ t‬أن رج ً‬
‫يختلف إلى عثمان بن عفان رضى اهلل عنه فى حاجة‬

‫‪44‬‬
‫له فكان عثمان اليلتفت إليه وال ينظر فى حاجته فلقى‬
‫ابن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف ائت‬
‫الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم‬
‫قل‪ :‬اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد ‪ r‬نبى‬
‫الرحمة‪ :‬يامحمد إنى أتوجه بك إلى ربك فيقضى‬
‫حاجتى وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق‬
‫الرجل فصنع ما قال له‪ ،‬ثم أتى باب عثمان بن عفان‬
‫فجاءه البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن‬
‫عفان فأجلسه معه على الطنفسة فقال‪ :‬ما حاجتك؟‬
‫فذكر حاجته وقضاها له‪ ،‬ثم قال له ما ذكرت حاجتك‬
‫حتى كان الساعة‪ ،‬وقال ما كانت لك من حاجة‬
‫فاذكرها‪ ،‬ثم إن الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن‬
‫جنيف فقال له جزاك اهلل خيرا ما كان ينظر فى‬
‫حاجتى وال يلتفت إلىّ حتى كلمته فىّ‪ ،‬فقال عثمان بن‬
‫حنيف واهلل ما كلمته‪ ،‬ولكن شهدت رسول ‪ r‬وأتاه‬
‫ضرير فشكا إليه ذهاب بصره‪ ،‬فقال له النبى ‪r‬‬
‫أوتصبر؟ فقال يارسول اهلل إنه ليس لى قائد وقد شق‬
‫علىّ فقال النبى ‪ r‬ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين‬
‫ثم ادع بهذه الدعوات قال ابن حنيف فواهلل ما تفرقنا‬
‫وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن‬
‫به ضر قط" ‪.‬‬
‫***‬

‫‪48‬‬
‫قال اإلمام القسطالنى المتوفى سنة ‪ 923‬فى كتابه‬
‫(المواهب اللدنية) فى الفصل الثانى من المقصد‬
‫العاشر ما نصه‪ :‬وأما التوسل به ‪ r‬بعد موته فى‬
‫البرزخ فهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصا‪،‬‬
‫(وفى كتاب مصباح الظالم فى المستغيثين بسيد األنام‬
‫للشيخ أبى عبد اهلل بن النعمان طرف من ذلك) ولقد‬
‫كان حصل لى داء أعيا دواؤه األطباء وأقمت به سنين‬
‫فاستغثت به ‪ r‬ليلة الثامن والعشرين من جمادى األول‬
‫سنة ثالث وتسعين وثمانمائة بمكة زادها اهلل شرفا‬
‫وَمَّن على بالعود إليها بال محنة‪ .‬فبينما أنا نائم إذ جاء‬
‫رجل معه قرطاس مكتوب فيه هذا دواء داء أحمد بن‬
‫القسطالنى من الحضرة الشريفة بعد اإلذن الشريف‪،‬‬
‫ثم استيقظت فلم أجد بى واهلل شيئا مما كنت أجده‬
‫وحصل الشفاء ببركة النبى ‪. r‬ووقع لى أيضا فى سنة‬
‫خمس وثمانين وثمانمائة فى طريق مكة بعد رجوعى‬
‫من الزيارة الشريفة لقصد مصر إذ صرعت خادمتنا‬
‫غزال الحبشية واستمر بها أياما فاستشفعت به ‪ r‬فى‬
‫ذلك فأتانى آت فى منامى ومعه الجنى الصارع لها‪،‬‬
‫فقال لقد أرسله لك النبى ‪ r‬فعاتبته وحلفته أن ال يعود‬
‫إليها ثم استيقظت وليس بها قلبة‪ :‬أى داء كأنما نشطت‬
‫من عقال وال زالت فى عافية من ذلك حتى فارقتها‬
‫بمكة سنة أربع وتسعين وثمانمائة‪ ،‬والحمد هلل رب‬

‫‪49‬‬
‫العالمين‪ ،‬انتهت عبارة المواهب‪.‬‬
‫***‬
‫وقال أبو محمد عبد اهلل بن محمد األزدى الكحال‬
‫األندلسى‪ ،‬وكان رجال صالحا‪ :‬كان باألندلس رجل قد‬
‫أسر له ولد فخرج من بلده قاصدا إلى رسول اهلل ‪ r‬فى‬
‫أمر ولده فلقيه بعض معارفه‪ ،‬فقال إلى أين عزمت؟‬
‫فقال له إلى رسول اهلل ‪ r‬أتشفع به فإن ولدى أسرته‬
‫الروم وقرر عليه ثالثمائة دينار وال قدرة لى عليها‪،‬‬
‫فقال له إن التشفع بالنبى ‪ r‬فى كل مكان نافع فلم يقبل‬
‫إال الوصول إلى النبى ‪ ، r‬فلما جاء المدنية تقدم إلى‬
‫النبى ‪ r‬وأخبره بحاجته وتوسل به‪ ،‬فرأى النبى ‪ r‬فى‬
‫المنام وهو يقول‪ :‬ارجع إلى بلدك فعاد إلى بلده فوجد‬
‫ولده قد خلصه اهلل تعالى فسأله عن حاله فقال‪ :‬إنى فى‬
‫الليلة الفالنية خلصنى اهلل تعالى وجماعة كثيرة من‬
‫األسارى‪ ،‬وإذا تلك الليلة هى ليلة وصول والده إلى‬
‫رسول اهلل ‪.r‬‬
‫***‬
‫وقال إبراهيم بن مرزوق البيانى‪ :‬أسر رجل من‬
‫جزيرة شقر وثقف بالحديد وشد على صدره العصى‪،‬‬
‫فكان يستغيث ويقول يارسول اهلل‪ ،‬فقال له كبير العدو‬
‫قل له ينقذك‪ .‬فقال فلما كان الليل هزة شخص وقال له‬
‫أذن فقال له ما ترى ما أنا فيه فأذن حتى بلغ إلى قوله‬

‫‪80‬‬
‫أشهد أن محمد رسول اهلل‪ ،‬فزال ما كان على صدره‬
‫من الحديد والعصى وظهر بين يديه بستان فمشى فيه‬
‫فانفتح له موضع فدخل منه إلى جزيرة شقر واشتهر‬
‫أمره ببلده‪.‬‬
‫***‬
‫وقال ابن محمد بن المنكدر‪ :‬إن رجال من أهل اليمن‬
‫أودع أباه ثمانين دينارا وخرج الرجل يريد الجهاد‬
‫وقال له إن احتجت إليها فأنفقها إلى أن آتى ان شاء‬
‫اهلل‪ ،‬قال‪ :‬وخرج الرجل وأصاب أهل المدنية سنة‬
‫وجهد قال فأخرجها أبى فقسمها قال‪ :‬فلم يلبث الرجل‬
‫أن قدم فطلب ماله فقال له أبى عد إلىّ غدا قال وبات‬
‫فى المسجد متلوذا بقبر النبى ‪ r‬مرة وبمنبره مرة حتى‬
‫كاد يصبح فإذا شخص فى السواد يقول له دونكها‬
‫يامحمد قال فمد يديه فإذا صرة فيها ثمانون دينارا‪ ،‬قال‬
‫وغدا عليه الرجل فدفعها إليه‪.‬‬
‫***‬
‫وقال أبو القاسم عبيد اهلل بن منصور المقرى كان‬
‫أبى يقترض منى طول األسبوع فتحصل عليه المائة‬
‫واألكثر‪ ،‬فأطالبه فيحلف باهلل إنه يوم السبت يقضى‪،‬‬
‫ففعل ذلك دفعات فسألته من أين لك فبكى وقال يابنى‬
‫أجمع ختماتى وأختمها ليلة الجمعة وأجعل ثوابها‬
‫لرسول اهلل ‪ r‬وأقول يارسول اهلل دينى فيجيئنى من‬
‫حيث الأحتسب ما أقضى به دينى‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫***‬
‫وقال أبو موسى‪ :‬بلغنى أن شيخنا أبا الغيث ربيعا‬
‫الماردينى يقرأ القرآن فى المصحف من غير تعلم‬
‫سبق منه للكتابة‪ ،‬وكنت أنكر ذلك‪ ،‬فلما دخلت عليه‬
‫بمكة وجدته وهو يقرأ القرآن فى المصحف قراءة‬
‫مجوّدة‪ ،‬فسألته عن سبب ذلك‪ ،‬قال‪ :‬كنت فى مدينة‬
‫النبى ‪ r‬أبيت فى المسجد وأخلو به ‪ r‬فتشفعت إلى اهلل‬
‫سبحانه وتعالى بالنبى ‪ r‬أن يسهل على القرآن‬
‫بالمصحف قال‪ :‬وجلست فأخذتنى سنة فرأيت النبى ‪r‬‬
‫وهو يقول‪ :‬قد أجاب اهلل دعاءك‪ ،‬فافتح واقرأ القرآن‬
‫قال‪ :‬فلما أصبح الصباح فتحت المصحف وشرعت‬
‫فى القراءة فكنت أقرأ فى المصحف فربما تتصحف‬
‫علىّ اآلية فأنام فأرى من يقول لى‪ :‬اآلية التى تصحفت‬
‫عليك كذا وكذا‪.‬‬
‫***‬
‫وأخبر الشيخ أبو إبراهيم ورّاد ـ وكراماته‬
‫مستفيضة بالمغرب ـ أنه حج مع رفقة‪ ،‬فلما وصلوا‬
‫إلى مكة وقضوا حجهم وزاروا سافر أصحابه وتركوه‬
‫لقلة مابيده فأتى إلى النبى ‪ r‬واستغاث به وقال‪:‬‬
‫يارسول اهلل‪ ،‬أما ترى أصحابى سافروا وتركونى‪،‬‬
‫قال‪ :‬فرأى النبى ‪ ،r‬فقال له‪ :‬اذهب إلى مكة فإذا أتيت‬
‫إلى زمزم تجد عليها رجال يسقى الناس فقل له إن‬

‫‪82‬‬
‫رسول اهلل ‪ r‬يقول لك احملنى إلى أهلى‪ ،‬قال‪ :‬فجئت‬
‫إلى مكة فأتيت زمزم فلما رآنى قال لى قبل أن اسأله‪:‬‬
‫ترفق علىّ حتى يفرغ الناس‪ ،‬فلما فرغ ودخل الليل‬
‫قال ودّع البيت واخرج بنا إلى أعلى مكة ففعلت‬
‫وخرجت معه أتتبع أثره فلما كان عند الصباح إذا أنا‬
‫بواد فيه أشجار ومياه‪ ،‬فقلت ما أشبه هذا بوادى‬
‫شفشاوة فلما اتضح تحققت فإذا هو وادى شفشاوة‬
‫فجئت إلى أهلى وأخبرتهم الخبر فعجبوا من ذلك‬
‫وعجب الناس فسألونى عن الرفقة فأخبرتهم أنهم‬
‫تركونى عند النبى ‪ r‬فمنهم المصدق ومنهم المكذب‬
‫فبعد عدة أشهر وصل رفقائى فأخبروهم الخبر‪.‬‬
‫***‬
‫وقال أبو العباس أحمد بن محمد اللواتى‪ :‬كانت‬
‫عندنا بمدينة فاس امرأة فكانت إذا أصابها مرض أو‬
‫رأت شيئا يفزعها جعلت يديها على وجهها وسدت‬
‫عينيها وقالت‪:‬محمد‪ ،‬فلما توفيت قال لى قريب لها‬
‫رأيتها فى النوم‪ ،‬فقلت ياعمة رأيت الملكين الفتانين؟‬
‫فقالت نعم جاآنى‪ ،‬فعندما رأيتهما جعلت يدى على‬
‫وجهى وقلت‪ :‬محمد‪ ،‬فلما نزعت يدى عن وجهى لم‬
‫أرهما‪.‬‬
‫***‬
‫وقال أبو عبد اهلل سالم عرف بخواجه‪ :‬رأيت فى‬
‫المنام كأنى فى بحر النيل وأنا بجزيرة‪ ،‬فإذا بتمساح‬
‫‪83‬‬
‫أراد أن يقفز علىّ فخفت منه‪ ،‬فإذا بشخص وقع لى أنه‬
‫النبى‪، r‬فقال لى إذا كنت فى شدة فقل‪ :‬أنا مستجير بك‬
‫يارسول اهلل‪ ،‬فأراد بعض اإلخوان السفر لزيارة النبى‬
‫‪ r‬وكان ضريرا فحكيت له الرؤيا‪ ،‬وقلت له إذا كنت‬
‫فى شدة‪ ،‬فقل‪ :‬أنا مستجير بك يارسول اهلل‪ ،‬فسافر فى‬
‫تلك األيام فجاء إلى رابغ وكان الماء به قليالوكان له‬
‫خادم فراح فى طلب الماء‪ ،‬قال لى فبقيت القربة فى‬
‫يدى وأنا فى شدة من طلب الماء‪ ،‬فتذكرت ما قلت لى‬
‫وقلت‪ :‬أنا مستجير بك يارسول اهلل‪ ،‬فبينما أنا كذلك إذ‬
‫سمعت صوت رجل‪ ،‬وهو يقول لى‪ :‬زم قربتك‬
‫وسمعت خرير الماء فى القربة إلى ان امتألت‪ ،‬وال‬
‫أعلم من أين أتى الرجل‪.‬‬
‫***‬
‫وقال أبو عبد اهلل محمد بن سالم السجلماسى‪ :‬لما‬
‫قصدت زيارة النبى ‪ r‬ورحت على طريق المشاة‪،‬‬
‫فكان إذا لحقنى ضعف قلت أنا فى ضيافتك يارسول‬
‫اهلل فيزول عنى ما أجده من الضعف‪.‬‬
‫***‬
‫وقال أبو العباس الميرلى رحمه اهلل‪ :‬ركبت فى‬
‫البحر فهاج علينا وأشرفنا على الغرق‪ .‬فسمعت قائال‬
‫يقول‪ :‬يا أعداء يا أوالد األعداء ما جاء بكم إلى ههنا؟‬
‫فمددت يدى وقلت اللهم بحرمة نبيك المصطفى عندك‬

‫‪84‬‬
‫إال ما أنقذتنى وسلمتنى‪ ،‬قال فلم أستتم الدعاء إال وقد‬
‫شاهدت المالئكة حفت بالمركب وبشرتنى بالسالمة‪،‬‬
‫فقلت ألصحابى مبشرا لهم‪ :‬فى غداة غد تدخلون إلى‬
‫المرسى سالمين إن شاء اهلل ‪.‬‬
‫***‬
‫قال صالح بن شوشا البلنسى‪ :‬كنا بالمركب فاتبعنا‬
‫مسطح للعدو وأشرف علينا وأراد أن ينطح المركب‪.‬‬
‫فقلت يامحمد نحن فى ضيافتك اليوم فسمعنا هدة فى‬
‫المسطح‪ ،‬فإذا صارى المسطح قد انكسر وسقط قالعه‬
‫وشغلوا بأنفسهم فدخلنا تونس سالمين ببركة النبى ‪.r‬‬
‫***‬
‫وقال على بن مصطفى العسقالنى أبو الحسن‪:‬‬
‫ركبنا فى إباحة بحر عيذاب نطلب جدة فهاج علينا‬
‫البحر ورمينا ما معنا فى البحر وأشرفنا على التلف‪،‬‬
‫فجعلنا نستغيث بالنبى ‪ r‬ونحن نقول يامحمداه‬
‫يامحمداه‪ ،‬وكان معنا رجل مغربى صالح‪ .‬فقال ارفعّوا‬
‫ياحجاج أنتم سالمون‪ ،‬الساعة رأيت النبى ‪ r‬فى المنام‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬يارسول اهلل‪ ،‬أمتك أمتك يستغيثون بك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فالتفت إلى أبى بكر وقال ياأبا بكر انجده‪ ،‬قال فإن‬
‫عينى ترينى أبا بكر وقد خاض البحر وأدخل يده فى‬
‫مقدم الجلبة ولم يزل يجذبها حتى دخل بها البر‬
‫فيسمعكم تستغيثون فأنتم سالمون فسلمنا‪ ،‬فبعد هذا لم‬

‫‪85‬‬
‫نر إال خيرا ودخلنا البر سالمين‪.‬‬
‫***‬
‫وقال أبو عبد اهلل محمد بن على الخزرجى‪ :‬كنت‬
‫بجرجر فدخلت البحر فلطمتنى موجة فأشرفت على‬
‫الغرق‪ .‬فقلت‪ :‬يارسول اهلل مستغيثا بالنبى ‪ r‬فألقى اهلل‬
‫إلىّ عودا فأمسكت به وطلعت ونجانى اهلل باستغاثتى‬
‫بالنبى ‪. r‬‬
‫***‬
‫وقال أبو محمد عبد الحق اإلشبيلى‪ :‬نزلت برجل‬
‫رجل من أهل غرناطة علة عجز عنها األطباء وآيسوه‬
‫من برئها‪ ،‬فكتب عنه الوزير األديب أبو عبد اهلل محمد‬
‫ابن أبى الخصال كتابا إلى النبى ‪ r‬يسأله فيه الشفاء‬
‫لدائه والبرء مما نزل به‪ ،‬وضمن الكتاب شعرا وهو‪:‬‬

‫كتـاب وقيذ فى زمانته مشفى بقبر رسول اهلل أحمــد‬


‫يستشفى‬
‫له قدم قد قيـد الدهر خطوهـا فلم يستطع إال اإلشارة‬
‫بالكـف‬
‫ولما رأى الــزوّار يبتـدرونـــه وقدعاقه عن قصده‬
‫عائق الضعف‬

‫بكى أسفا واستودع الركب إذ غدا‬

‫‪83‬‬
‫تحية صدق تفعم الــركب‬
‫بالعــرف‬
‫فيا خــاتم الـــرسل الشفيــع لربـــه‬
‫دعاء مهيض خاشع القلب‬
‫والطـرف‬
‫دعاك لضر اعجــز النــاس كشفــه‬
‫ليصدر داعيه بما شــاء من‬
‫كشــف‬
‫لرجل رمى فيها الزمــان فقـصـرت‬
‫خطاها عن الصف المقدم فى‬
‫الزحف‬
‫وإنى ألرجــو أن تعـــود ســويــة‬
‫بقـدرة من يحيى العظـام ومن‬
‫يشفـى‬
‫فأنت الــذى نرجوه حيــا وميتــا‬
‫لصرف خطوب التزيغ إلى‬
‫صـــرف‬
‫عليك ســـالم اهلل عـــدة خلقـــه‬
‫ومــا تقتضيه من مزيــد ومن‬
‫ضعـف‬
‫قال فما هو إال أن وصل الركب إلى قبر النبى ‪r‬‬
‫وقرئ الشعر هناك حتى برأ الرجل‪ ،‬فلما قدم الذى‬
‫استودعه إياه وجده كأنه لم يصبه ضر قط‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫وقال الشيخ عبد اهلل محمد بن محمود التجيبى‪:‬‬
‫كانت الحمى تعتادنى فلما كان يوم النوبة أخذتنى‬
‫فأخذت كتاب (الشفا فى شرف المصطفى) وجعلته‬
‫على صدرى وعلى كتفى وقلت‪ :‬تحسبت بك يارسول‬
‫اهلل‪ ،‬قال‪ :‬فزال وجعها فى الحين بعد ما كنت مستلقيا‪.‬‬
‫***‬
‫‪3‬ـ فى ذكر من استغاث بالنبى ‪r‬‬
‫للجــوع والعطش‬
‫وقال اإلمام أبو بكر بن المقرى‪ :‬كنت أنا والطبرانى‬
‫وأبو الشيخ فى حرم رسول اهلل ‪ r‬وكنا على حالة وأثر‬
‫فينا الجوع وواصلنا ذلك اليوم‪ ،‬فلما كان وقت العشاء‬
‫حضرت قبر النبى ‪ r‬فقلت‪ :‬يارسول اهلل‪ :‬الجوع‬
‫الجوع وانصرفت‪ ،‬فقال لى أبو القاسم اجلس‪ ،‬فإما أن‬
‫يكون الرزق أو الموت‪ .‬قال أبو بكر فنمت أنا وأبو‬
‫الشيخ والطبرانى جالس ينظر فى شئ‪ ،‬فحضر بالباب‬
‫علوى فدق ففتحنا له‪ ،‬فإذا معه غالمان مع كل واحد‬
‫منهما زنبيل فيه شئ كثير فجلسنا وأكلنا وظننا أن‬
‫الباقى يأخذه الغالم فولى وترك عندنا الباقى‪ ،‬فلما‬
‫فرغنا من الطعام قال العلوى‪ :‬ياقوم أشكوتم إلى‬
‫رسول اهلل ‪ r‬؟ فإنى رأيت رسول اهلل ‪ r‬فى المنام‬
‫فأمرنى أن أحمل بشئ إليكم‪.‬‬
‫***‬

‫‪88‬‬
‫وقال أبو الخير األقطع‪ :‬دخلت مدينة رسول اهلل ‪r‬‬
‫وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقا‪ ،‬فتقدمت إلى‬
‫القبر وسلمت على النبى ‪ r‬وعلى أبى بكر وعمر وقلت‬
‫أنا ضيفك يارسول اهلل وتنحيت ونمت خلف المنبر‬
‫فرأيت فى المنام النبى ‪ r‬وأبو بكر عن يمينه‪ ،‬وعمر‬
‫عن شماله‪ ،‬وعلىّابن أبى طالب بين يديه‪ ،‬فحركنى‬
‫علىّ وقال قم قد جاء رسول اهلل ‪ r‬قال‪ :‬فقمت إليه‬
‫وقبلته بين عينيه‪ ،‬فدفع ‪ r‬إلىّ رغيفا فأكلت نصفه‬
‫وانتبهت فإذا فى يدى نصف رغيف‪.‬‬

‫‪4‬ـ االستغاثة به ‪ r‬للسقيا (وغيرها)‬


‫قال السمهودى فى خالصة الوفا‪ :‬روى البيهقى‬
‫وابن أبى شيبة بسند صحيح عن مالك الدار وكان‬
‫خازن عمر رضى اهلل عنه قال‪ :‬أصاب الناس قحط‬
‫فى زمان عمر ابن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبى‬
‫‪ r‬فقال يارسول اهلل استسق ألمتك فإنهم قد هلكوا‪ ،‬فأتاه‬
‫رسول اهلل ‪ r‬فى المنام فقال‪ :‬ائت عمر فاقرئه السالم‬
‫وأخبره أنهم مسقون وقل له عليك الكيس‪ ،‬فأتى الرجل‬
‫عمر رضى اهلل عنه فأخبره فبكى عمر ثم قال‪ :‬يارب‬
‫ما آلو إال ما عجزت عنه ‪.‬‬
‫***‬
‫وعن أبى الجوزاء التابعى قال‪ :‬قحط أهل المدينة‬

‫‪89‬‬
‫قحطاً شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت انظروا قبر النبى‬
‫‪ r‬فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى اليكون بينه وبين‬
‫السماء سقف‪ ،‬ففعلوا فمطروا مطرا حتى نبت العشب‬
‫وسمنت اإلبل حتى تفتقت من الشحم‪.‬‬
‫***‬
‫وثبت فى الصحيح"أن عمر رضى اهلل عنه كان‬
‫يستسقى بالعباس لكونه عم النبى ‪ r‬فيسقى" وفى رواية‬
‫الزبير بن بكار "أن العباس رضى اهلل عنه قال فى‬
‫دعائه‪ :‬وقد توجه بى القوم إليك لمكانى من نبيك ‪r‬‬
‫فاسقنا الغيث فأرخت السماء مثل الحبال حتى أخصبت‬
‫األرض" وقال الشيخ العارف عتيق‪ :‬كنا فى ركب‬
‫الحج فأدرك الناس عطش شديد وقل ماؤهم فلجأ‬
‫جماعة من أهل الركب إلى الشيخ إبى النجا سالم بن‬
‫علىّ فاعتزل عنهم ودعا اهلل عز وجل وتشفع إليه‬
‫بالنبى ‪ r‬فأرسل اهلل عليهم المطر حتى عم الركب‬
‫بأجمعهم‪.‬‬
‫***‬
‫ومن لطيف ما نقله الشهاب المقرى فى (نفح‬
‫الطيب) عن أديب األندلس أبى بحر صفو ابن إدريس‬
‫أنه رحل إلى مراكش فى جهاز بنت له بلغت التزويج‪،‬‬
‫وقصد دار الخالفة مادحا فما تيسر له شئ من أمله‪،‬‬
‫ففكر فى خيبة قصده‪ ،‬وقال لو كنت أملت اهلل سبحانه‬

‫‪90‬‬
‫وتعالى ومدحت نبيه ‪ r‬وآل بيته الطاهرين لبلغت أملى‬
‫بمحمود عملى‪ ،‬ثم استغفر اهلل تعالى من اعتماده فى‬
‫توجهه األول‪ ،‬وعلم أن ليس على غير الثانى معول‪،‬‬
‫فلم يكن إال أن صوب نحو هذا المقصد سهما وأمضى‬
‫فيه عزما وإذا به قد وجه إليه فأدخل على الخليفة‬
‫فسأل عن مقصده فأخبره مفصحا به فأنقذه زاده عليه‬
‫وأخبره أن ذلك لرؤياه رسول اهلل ‪ r‬فى النوم يأمره‬
‫بقضاء حاجته فانفصل موفى األغراض واستمر فى‬
‫مدح أهل البيت حتى اشتهر بذلك ‪.‬‬
‫***‬
‫قال أبو القاسم بن تمام (*)‪:‬مضينا إلى قصر الطوب‬
‫فى عشرة أنفس إلى أبى يونس فقلنا له‪ :‬اكتب لنا كتابا‬
‫إلى أم األمير فإن زيادة اهلل األمير أحذ مائتى رجل من‬
‫أهل العلم والقرآن فأرسلهم إلى العسكر رماة(* * )‪.‬فقال‬
‫أبو يونس‪:‬ما نعرف األمير والأمه إنما نعرف اهلل عز‬

‫(* ) وقعت على هذه القصة أثناء مطالعتى فى كتاب رياض النفوس فى‬
‫طبقات علماء القيروان وأفريقيا تأليف إبى بكر عبد اهلل بن محمد المالكى‬
‫طبع دار الغرب االسالمى ببيروت الجزء الثانى ص‪ 124‬وهى ليست‬
‫فى شواهد الحق‪ .‬والهوامش التالية من وضع محقق الكتاب األستاذ بشير‬
‫البكوش‪.‬‬
‫(* * ) لعل هذا يشير إلى ما رواه ابن عذارى فى حوادث سنة‪:291‬ورفع‬
‫زيارة اهلل فقهاء أفريقيا إلى مدينة تونس مستظهرا بهم على أبى عبد اهلل‬
‫الشيعى( البيان المغرب‪.)1:134‬‬

‫‪91‬‬
‫وجل ورسوله ‪ .r‬الليلة نسأل اهلل فيهم ويطلقون إن‬
‫شاء اهلل تعالى‪،‬وكانت ليلة جمعه‪ ،‬فلما كان الليل قام‬
‫أبو يونس فقال‪:‬يأحمد يامحمد ياأبا القاسم ياخاتم النبيين‬
‫ياسيد المرسلين يامن جعله اهلل رحمة للعالمين‪،‬قوم‬
‫أمتك أتونى يسألوننى فى قوم صالحين أن يطلقوا فقد‬
‫سألتك فاسأل اهلل فيهم‪ .‬فلما صلى حزبه ورقد م ّر به‬
‫النبى ‪ r‬فى المنام‪ ،‬فقال له‪ :‬يأبا يونس قد سألت اهلل‬
‫تعالى فيهم وغدًا يطلقون إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫قال ابن تمام‪ :‬فلما أصبحنا قلنا له‪:‬ياسيد ما كان من‬
‫الحاجة؟ فقال‪ :‬قد سألت النبى ‪ r‬فيهم فقال لى‪:‬غدًا‬
‫يطلقون إن شاء اهلل عز وجل‪ ،‬فلما كان يو مالجمعة‬
‫دخلوا على زيارة اهلل بن األغلب صاحب الجيش‬
‫فسلموا عليه فرد عليهم السالم ورحب بهم وقال‬
‫لهم‪:‬يأهل العلم والقرآن لعنة اهلل على ابن‬
‫الصائغ(*)الذى وجهكم إلىّ‪ ،‬قد تركتم كرامة هلل عز‬
‫وجل وللنبى عليه أفضل الصالة والسالم‪.‬‬
‫***‬
‫يقول جامعه الفقير يوسف النبهانى عفا اهلل عنه‪:‬‬
‫ولو جمع ماوقع من ذلك فى كل عصر لبلغ مجلدات‬

‫(* ) هو عبد اهلل بن الصائغ المعروف بصاحب البريد مدبر دولة زيادة‬
‫اهلل الثالث ومتولى أمره‪،‬قتله زيادة اهلل سنة‪(293‬الحلة‬
‫السيراء‪.1:189‬البيان المغرب‪)133"1‬‬

‫‪92‬‬
‫كثيرة‪ ،‬وقد وقع لى من ذلك وهلل الحمد ما جاء مثل فلق‬
‫الصبح‪ ،‬فمن ذلك أنى فى سنة ‪ 1314‬افترى على‬
‫رجل اليخاف اهلل تعالى ما أمر السلطان بعزلى بسببه‬
‫ونقلى من بيروت إلى بالد بعيدة فلما بلغنى ذلك‬
‫أزعجنى وكان يوم خميس‪ ،‬فاستغفرت اهلل فى ليلة‬
‫الجمعة ألف مرة بصيغة‪ :‬استغفر اهلل العظيم‪ ،‬وصليت‬
‫على النبى ‪ r‬بصيغة‪ :‬اللهم صلّ على سيدنا محمد‬
‫وعلى آل سيدنا محمد قد ضاقت حيلتى أدركنى‬
‫يارسول اهلل ثالثمائة وخمسين مرة وغلبنى النوم‪ ،‬ثم‬
‫انتبهت فى آخر الليل‪ ،‬فصليت بهذه الصيغة ألف مرة‬
‫واستغثت بالنبى ‪ r‬إلى اهلل تعالى أن يفرج ذلك الكرب‬
‫عنى‪ ،‬ففى مساء ذلك اليوم الجمعة جاء الخبر‬
‫بالتلغراف من القطسنطينية بأمر السلطان بإبقائى فى‬
‫وظيفتى رياسة محكمة الحقوق فى بيروت نصره اهلل‬
‫تعالى وخذل المفترى وعامله بما يستحق‪ ،‬والذى‬
‫يحقق أن وقوع هذا األمر إنما هو ببركة النبى ‪r‬‬
‫واالستغاثة إلى اهلل تعالى به والصالة عليه ‪ r‬أن العادة‬
‫جارية بأنه إذا صدر أمر السلطان فى مثل ذلك‬
‫اليرجع عنه بوقت قريب كما حصل هذه المرة‪ ،‬ولذلك‬
‫تحققت أنا وكل من عرف قصتى وخدمتى للنبى ‪ r‬من‬
‫المسلمين أن تفريج هذا الكرب لم يحصل إال ببركته ‪r‬‬
‫‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫باب‬
‫فيما ورد من النظم فى استغاثات (الصحابة)‬
‫والعلماء والفضالء به ‪. r‬‬
‫من قرأها أو بعضها بنية قضاء حاجته يرجى له‬
‫(*)‬
‫حصول المقصود ببركة االستغاثة به ‪r‬‬

‫(*) أضفت فى هذا الباب بعض قصائد لصحابة الرسول ‪ r‬وكذلك‬


‫استغاثات لبعض لألئمة اصحاب المذاهب الفقهية األربعة المعمول بها‬
‫فى األمة ‪ ،‬وفى ختام هذا الفضل استغاثات ألمير الشعراء فى العصر‬
‫الحديث الشاعر أحمد شوقى واستغاثات الثنين من كبار األولياء والدعاء‬
‫إلى اهلل لم يذكرها النبهانى لتأخر زمانهما عن زمانه‪ ،‬ثم ضمتت هذا‬
‫الباب بدعاء واستغاثة برسول اهلل ‪ r‬للشيخ عبد المقصود سالم‪.‬‬
‫وقد رتب االمام النبهانى قصائد االستغاثة فى هذا الباب حسب القافية‬
‫ترتيبا ابجديا وقسمه فى فصول فجعل االول قافية الهمزة ثم قافية األلف‬

‫‪94‬‬
‫طالـــب رضى اهلل عنه‬ ‫علـــى بن أبــى‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫إلهــى بحــقِّ الـهـاشمـىِّ وآلِـــه وحُـرم ِة ابراهيَم‬
‫خِلِّك‪..‬أضْــرَعُ‬
‫ك‬‫إل ِهىَ فانشُرنى علىَ دينِ أحَمد تَقِيــَّ ًا نقِيَّـاً قَانِتــاً ل َ‬
‫أخْشَــــعُ‬
‫شَفــاعَتهُ الكُبرى‬ ‫وال تحـرِمَنِّـى ياإلهـى وسيـدى‬
‫ك المُشفَّــعُ‬‫فذا َ‬
‫ونـاجَـاك أخيـا ٌر‬ ‫وصل عليه ما دعـاك مـوحِّـدٌ‬
‫ك رُكَّـــعُ‬‫بِبابـ َ‬
‫[ديوان االمام على بن أبى طالب كرم اهلل وجهه ـ تحقيق د‪.‬محمد عبد‬
‫المنعم خفاجى ـ نشر دار ابن زيدون ـ بيروت ص ‪]99‬‬
‫وقال أيض ًا ‪:‬‬
‫يـدِقُّ خفَـاهُ عن فهــم‬ ‫ف خَفـــىٍ‬
‫وكَـْم هللِ من لُطْــ ٍ‬
‫الـذَّكىِّ‬

‫المقصورة ثم قافية الباءوهكذا وقد جمع فى ذلك عدداً كبيراً من‬


‫المقطوعات الشعرية استغرقت اكثر من سبعين صفحة من القطع الكبير‬
‫ولكنى هنا اكتفيت بعدد منها فقط منعاً للتطويل والسآمة‪ ،‬ورتبت هذه‬
‫االستشهادات ترتيبا تاريخيا حسب سنة الوفاء لصاحب االستغاثة ‪.‬وربما‬
‫تصادف فى هذه المجموعة مقطوعات قليلة غير موجودة فى كتاب‬
‫شواهد الحق‪،‬وستجد تحتها المصدر الذى أخذتها منه‪،‬حتى يتعرف‬
‫القارئ عليهم وحتى تتم الفائدة إن شاء اهلل تعالىولم استثنى من ذلك‬
‫سوى الصحابة رضوان اهلل عليهم واألئمة األربعة الشافعى ومالك وأبو‬
‫حنيفة وابن حنبل لغناهم عن التعريف وقد ذيلت الكتاب بفصل جمعت‬
‫فيه تراجم ألصحاب هذه االستغاثات‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ب‬
‫فـفرَّج كـُربة القلـ ِ‬ ‫وكَمْ يسرٍ أتى من بعد عُسـْر‬
‫الشَّجـِـىِّ‬
‫ك المسـَّـر ُة‬ ‫وتَــأتيــ َ‬ ‫وكَمْ أمــرٍ تُسَـاءُ بـه صباحَـا‬
‫بالـعـشـــِىِّ‬
‫فَثِــقْ بالواحِــدِ الفَــرْ ِد‬ ‫إذا ضَاقَتْ بِكَ األحْوَالُ يوما‬
‫العَـلِـىِّ‬
‫يُغَــاثُ إذا تــوسَّــل‬ ‫تَوسـَّـلْ بالنبــى فكُـلُّ عبـــدٍ‬
‫بــالنبـــىِّ‬
‫ف‬‫فكَـْـم هلل من لُطــ ٍ‬ ‫وال تجزع إذا ما نـاب خطب‬
‫(*)‬
‫خَفـِـىِّ‬
‫[ديوان اإلمام على]‬
‫حســـــان بـن ثــابــــت‬
‫رضى اهلل عنه‬
‫ومالَذ مُنتجِعٍ وجَـار‬ ‫يارُكْنَ معتَمدٍ وعِصْمَـة الئـذٍ‬
‫مُجَــاوِرِ‬
‫َّكى‬
‫فَحباهُ بالخُلُقِ الـز ِّ‬ ‫يامَــنْ تَخيـَّرهُ اإللــهُ لِخَـلْقـِه‬
‫الطَّاهِــرِ‬
‫مددٌ لنص ِركَ مِـْن‬ ‫أنتَ النبىُّ وخَـيرُ عُصْبــةِ آدَمِ‬

‫(* ) قال أبو العباس الشرجى الزبيدى فى فوائد هذه االستغاثة إن لها‬
‫فضال عظيما وإن كثيراً من الناس وقع فى أمر عظيم ضاق به ذرعه‬
‫وعدم الحيلة فيه‪ ،‬فلما توسل بهذه األبيات فرج اهلل عنه (شواهد الحق‬
‫للنبهانى ص‪)405‬‬

‫‪93‬‬
‫(*)‬
‫عزي ٍز قَادِرِ‬
‫[مفاهيم يجب أن تصحح للسيد محمد علوى المالكى ‪]90‬‬

‫ســــــواد بــن قـــــــارب‬


‫رضى اهلل عنه‬

‫قال بين يدى رسول اهلل ‪:r‬‬


‫ُل‬
‫وأنـكَ مـأمُونٌ على ك ِّ‬ ‫فأشْهَـدُ أن اهللَ الرِبَّ غــيَرهُ‬
‫غَائِـبِ‬
‫ن‬
‫إلى اهلل يااْب ِ‬ ‫وأنكَ أدْنَى المُرسَلينَ وَسِيلــ ًة‬
‫ن األطَايِبِ‬
‫االكْرَمِي َ‬
‫وتمام الخبر كاألتى‪:‬‬
‫عن محمد بن كعب القرظى قال‪ :‬بينما عمر بن‬
‫الخطاب رضى اهلل عنه ذات يوم جالس إذ مر به‬
‫رجل‪ ،‬فقيل ياأمير المؤمنين أتعرف هذا المار؟ قال‪:‬‬

‫(* )جاء فى االستيعاب فى ترجمة جناب الكلبى رضى اهلل عنه قال‪:‬روى‬
‫عن النبى عليه الصالة والسالم أنه سمعه يقول لرجل ربعة أى بين‬
‫الطويل والقصير ـ ‪":‬إن جبريل عن يمينى وميكائيل عن يسارى‬
‫والمالئكة قد أظلت عسكرى فخذ فى بعض هناتك ـ أى كلماتك أو‬
‫أراجيزك ـ فأطرق الرجل شيئا ثم طفق يقول‪ :‬وذكر األبيات ‪ .‬قال‪ :‬فقلت‬
‫من هذا الشاعر؟ فقيل حسان بن ثابت‪ .‬فرأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يدعو له ويقول له حيراً‪.‬‬
‫(االستيعاب البن عبد البر مع اإلصابة البن حجر الجزء األول ص‬
‫‪)234‬‬

‫‪94‬‬
‫ومن هذا ؟ هذا سواد بن قارب الذى أتاه رَئِيُّه ـ أى‬
‫تابعه من الجن ـ بظهور رسول اهلل ‪. r‬‬
‫قال فأرسل إليه فقال له‪:‬أنت سواد بن قارب؟ قال نعم‪،‬‬
‫قال‪:‬فأنت على ماكنت عليه من كهانتك؟ قال‪ :‬فغضب‬
‫وقال‪ :‬ما استقبلنى بهذا أحد منذ أسلمت ياأمير‬
‫المؤمنين‪ .‬فقال عمر ياسبحان اهلل‪ ،‬ما كنا عليه من‬
‫الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك‪ ،‬فأخبرنى ما‬
‫أنبأك رئيك بظهور رسول اهلل ‪ .r‬قال‪:‬نعم ياأمير‬
‫المؤمنين‪،‬بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتانى‬
‫رئيى فضربنى برجله وقال‪ :‬قم ياسواد بن قارب‬
‫واسمع مقالتى واعقل إن كنت تعقل‪،‬إنه قد بعث رسول‬
‫من لؤى بن غالب يدعو إلى اهلل وإلى عبادته ثم أنشأ‬
‫يقول (شعراً) ‪. . .‬‬
‫قال‪ :‬قلت ‪ :‬دعنى أنام فإنى أمسيت ناعسا‪ .‬قال‪ :‬فلما‬
‫كانت الليلة الثانية أتانى فضربنى برجله وقال‪ :‬قم‬
‫ياسواد بن قارب (وكرر مقالته وأنشد شعرًا)‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬دعنى أنام فإنى أمسيت ناعساً‪ ،‬فلما كانت‬
‫الليلة الثالثة أتانى فضربى برجله وقال‪(:‬وكرر مقالته‬
‫ثم أنشد شعراً) قال‪ :‬فقمت وقلت‪ :‬قد امتحن اهلل قلبى‪.‬‬
‫فرحّلت ناقتى ثم اتيت المدينة ـ يعنى مكة ـ فإذا رسول‬
‫اهلل ‪ r‬فى أصحابه‪ ،‬فدنوت فقلت‪ :‬اسمع مقالتى يارسول‬
‫اهلل‪ .‬قال‪":‬هات" فأنشأت أقول‪.. :‬‬

‫‪98‬‬
‫وفى رواية ‪ :‬فوقع فى نفسى حب اإلسالم‪ ،‬ورغبت‬
‫فيه‪ ،‬فلما أصبحت شددت على راحلتى‪ ،‬فانطلقت‬
‫متوجها إلى مكة‪ ،‬فلما كنت ببعض الطريق أُخبرت ان‬
‫النبى ‪ r‬قد هاجر إلى المدينة‪ ،‬فأتيت المدينة‪ ،‬فسألت‬
‫عن النبى ‪ ،r‬فقيل لى‪:‬فى المسجد‪ ،‬فعقلت ناقتى‬
‫ودخلت وإذا برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم والناس‬
‫حوله‪ ،‬فقلت‪ :‬اسمع مقالتى يارسول اهلل‪ ،‬فقال أبو بكر‬
‫رضى اهلل عنه‪:‬ادْنُه‪ ،‬فلم يزل حتى صرت بين يديه‪،‬‬
‫قال‪":‬هات فأخبرنى بإتيانك رئيك"‪.‬‬

‫فأنشأت أقول‪:‬‬
‫ت‬
‫ولم يكُ فيما قد بلو ُ‬ ‫أتانى رَئِيىِّ بعـد هَـْدءٍ ورَقْدَةٍ‬
‫بِكَـاذِبِ‬
‫ُؤى‬
‫ك رسُولٌ من لـ ِّ‬
‫أتا َ‬ ‫ثـَـالثَ ليـالٍ قَــولُهُ كُـلَّ ليلـةٍ‬
‫بن غَالِبِ‬

‫ت‬
‫ل اإلا ِر ووَسَّطَ ْ‬
‫ت مِنْ ذَي ِ‬
‫فَشَمَّر ُ‬
‫الوجَنا ُء‬ ‫الذعلبُ‬ ‫بى‬
‫(*)‬
‫غيرالسَباسِبِ‬

‫(* ) الذعلب الوجناء أى الناقة السريعة القوية والسباسب األرض‬


‫المستوية البعيدة والمعنى أنه انطلقت به ناقته السريعة القوية تقطع به‬
‫المسافات الشاسعة سعيا إلى رسول اهلل ‪(. r‬ع)‬

‫‪99‬‬
‫هلل الرِبَّ(**)غَــيـَر ُه‬
‫فأشْهَـــدُ أن ا َ‬
‫ُل‬
‫وأنـَّـكَ مــأمُــونٌ على ك ِّ‬
‫غَــائِـــبِ‬
‫ن وَسِيــلــ ًة‬
‫ك أدنَى المُــرسَلي َ‬‫وأن َ‬
‫ن‬‫هلل ياابَن االكَرمِي َ‬ ‫إلى ا ِ‬
‫األطَـــايِــبِ‬
‫ك ياخَيْ َر مــن مَشَى‬ ‫فَمُرْنَا بما يأتي َ‬
‫ب‬‫ن فيَما جَاءَ شَيْ ُ‬ ‫وإنْ كا َ‬
‫الذَّوائــِبِ‬
‫ن لى شَفِيع ًا يو َم ال ذو شَفاعَةٍ‬ ‫وكُ ْ‬
‫ن‬‫ن عن سَـوادِ ب ِ‬ ‫سِوَاكَ بِمُغْــ ٍ‬
‫قــَارِبِ‬
‫قال‪:‬ففرح رسول اهلل ‪ r‬وأصحابه بمقالتى فرحاً شديدًا‬
‫حتى رئى الفرح فى وجهوهم‪ .‬قال‪ :‬فوثب إليه عمر بن‬
‫الخطاب رضى اهلل عنه فالتزمه وقال‪ :‬قد كنت أشتهى‬
‫أن أسمع هذا الحديث منك‪ ،‬فهل يأتيك رئيك اليوم؟‬
‫قال‪ :‬أما منذ قرأت القرآن فال‪.‬وفى رواية قال‪ :‬فذكر‬
‫القصة وقال بعد إنشاد الشعر األخير ‪ :‬فضحك رسول‬
‫اهلل ‪ r‬حتى بدت نواجذه وقال‪" :‬أفلحت ياسواد"‬
‫(أنظر حياة الصحابة ‪ 538/3‬طبعة دار العلم بدمشق)‬

‫(**) فى هذه الرواية "الشى"‪ .‬قال فى الهامش‪ :‬فى المجمع والدالئل‬


‫والحاكم"الشى" وهو أحسن ‪( .‬حياة الصحابة)‬

‫‪100‬‬
‫وقــــال أعـــرابــــى‬
‫أمام رسول اهلل ‪: r‬‬
‫وأينَ فرارُ الناسِ إال‬ ‫وليــسَ لنـا إال إليـكَ فِـرارنَـا‬
‫إلى الرُسَـلِ‬
‫[دالئل النبوة للبيهقى‪141/3‬ـ روى الحديث بطوله]‬
‫وتمام الخبر كاآلتى‪:‬‬
‫أورد السيد محمد علوى المالكى فى الدخائر المحمدية‬
‫الحديث بكامله نقالً عن أعالم النبوة للماوردى‪ .‬قال‪:‬‬
‫عن أنس بن مالك قال‪ :‬أتى أعرابى إلى رسول اهلل ‪r‬‬
‫فقال‪ :‬يارسول اهلل‪ ،‬لقد أتيناك وما لنا بعير يئط وال‬
‫صبى يـغـطّ‪،‬ثم أنشد ‪:‬‬
‫ى‬
‫أتَيْناكَ والعَـذْراءُ يُدمِى لُبَانُهــا وقدشَغَلتْ أمَّ الصَّب ِ‬
‫عن الط ْفلِ‬
‫وألقَى بِكفَّيهِ الصَّبىُّ استكانَــةً من الجَوعِ ضَعْفاً مَا‬
‫ن واليجلىِ‬ ‫يم ّ‬
‫س إال‬‫ن فِرا ُر النا ِ‬
‫ك فِـرَارنـا وأيـ َ‬
‫س لـنا إال إليـ َ‬‫وليــ َ‬
‫إلى الرُسُـلِ‬
‫فقام رسول اهلل ‪ r‬يجر رداءه حتى صعد المنبر‪،‬‬
‫فحمد اهلل تعالى وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪":‬اللهم اسقنا غيثا‬
‫سحاً طبقاً غير رائث تنبت به الزرع وتمأل به الضرع‬
‫وتحى به اآلرض بعد موتها‪ "...‬فما استتم الدعاء حتى‬

‫‪101‬‬
‫التفت السماء بأروقتها‪ .‬فجاء أهل البطانة يضجون‪:‬‬
‫يارسول اهلل الغرق‪ ،‬فقال‪":‬حوالينا والعلينا" فانجاب‬
‫السحاب عن المدينة كاالكليل‪ .‬فضحك رسول اهلل ‪r‬‬
‫حتى بدت نواجذه وقال‪":‬هلل در أبى طالب لو كان حيا‬
‫لقرت عيناه‪ ،‬من الذى ينشدنا شعره؟ فقال على بن أبى‬
‫طالب كرم اهلل وجهه‪ :‬يارسول اهلل كأنك أردت قوله‪:‬‬
‫ثَمالُ اليتَامَى‬ ‫وأبيضُ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوجْهِ ِه‬
‫عِصْمَ ٌة لألرامِـلِ‬
‫يَعُوذُ به الهُالَّكُ من آل هـَـاشـِم فهُمْ عنَده فى نَعْمَـ ٍة‬
‫ضلِ‬‫وفَوا ِ‬
‫كذَبْتُم وبيتِ اهللِ نَبْزِى مُحمداً ولمَّـا نُقــاتِـلْ دُونَــ ُه‬
‫ونُنَاضِــل‬
‫ونُسْلِمُه حتى نُصــرَّعُ حَولـــهُ وَنذْهَل عن أبنَائنــا‬
‫والحَالئـِـلِ‬
‫وقام رجل من كنانة وأنشد‪:‬‬
‫النـبى‬
‫ِّ‬ ‫لكَ الحمدُ والحمـدُ مِمَّن شَكَــرْ سُقِينــا بِوجْـه‬
‫المَطَـــرْ‬
‫ص مَعْهَـا إلي ِه‬
‫دعَــــا اهللَ خـَـالِقَــهُ دعْـــــوةً وأشْخَـ َ‬
‫البَصَــرْ‬
‫وأسْـ َرعُ حتى رَأينا‬ ‫فلَــمْ يـَـكُ إال كَـلَفِّ الــِّردَاءِ‬
‫الـــــدُّرَرْ‬
‫هلل عـَلْـيَـا‬
‫ث بـِـه ا ُ‬‫أغا َ‬ ‫رِقَــاقُ العَــواِلىَ جُـمُّ البعَــاقِ‬
‫مُضــَرْ‬
‫‪102‬‬
‫ض‬
‫ب ‪ :‬أبي ٌ‬
‫أبــو طَال ٍ‬ ‫وكَـــان كمـا قـَـالـــهُ عَمُّــهُ‬
‫ذو غُـرَرْ‬
‫ك‬
‫وهــذا العَيانُ كَـذَا َ‬ ‫بِه اهلل يَسْ ِقىَ صَـوْبِ الغَمَـامِ‬
‫الخَــــبَرْ‬
‫فقال رسول اهلل‪":r‬إن يك شاعر يحسن فقد أحسنت"‬
‫[الذخائر المحمدية ص‪133‬ط دار جوامع الكلم]‬

‫(*)‬
‫إستغاثات األئمة أصحاب المذاهب الفقهية‬

‫(*)قال العالمة ابن حجر فى كتابه(الخيرات الحسان فى مناقب اإلمام أبى‬


‫حنيفة النعمان) فى الفصل الخامس والعشرين‪:‬إن اإلمام الشافعى أيام هو‬

‫‪103‬‬
‫اإلمـــــام الشــافعــى‬
‫رضى اهلل عنه‬
‫قال مستغيثا بآل بيت رسول اهلل ‪: r‬‬
‫وهُـمــو إلـيــ ِه‬ ‫آلُ الــنـَّبــىِّ ذَرِيـــعَـــــتىِ‬
‫وَسِيــلَـــتــى‬

‫ن‬
‫بِيـَـدِى اليـَـمي ِ‬ ‫أرجُــو بهـــمْ أُعـطـَى غَــداً‬

‫ببغداد كان يتوسل باإلمام أبى حنيفة رضى اهلل عنه‪ ،‬يجيء إلى ضريحه‬
‫يزوره فيسلم عليه ثم يتوسل إلى اهلل تعالى فى قضاء حاجاته‪ .‬وقد ثيت‬
‫توسل اإلمام أحمد الشافعى رضى اهلل عنهما حتى تعجب ابنه عبد اهلل‬
‫ابن اإلمام أحمد من ذلك‪ ،‬فقال له اإلمام أحمد‪:‬إن الشافعى كالشمس‬
‫للناس وكالعافية للبدن‪ .‬ولما بلغ اإلمام الشافعى أن أهل المغرب‬
‫يتوسلون إلى اهلل تعالى باإلمام مالك لم ينكر عليهم ‪.‬‬
‫[شواهد الحق‪]133‬‬
‫ولما حج المنصور وزار قبر النبى ‪ r‬سأل اإلمام مالكاً وهو بالمسجد‬
‫النبوى وقال له‪ :‬يا أبا عبد اهلل أستقبل القبلة وأدعوا أم رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم؟ فقال مالك‪:‬ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة‬
‫أبيك آدم إلى اهلل تعالى‪ ،‬بل استقبله واستشفع به فيشفعه اهلل فيك‪ ،‬قال‬
‫تعالى{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اهلل واستغفر لهم‬
‫الرسول لوجدوا اهلل توابا رحيما}‪.‬ذكره القاضى عياض فى الشفاء‬
‫وساقه بإسناد صحيح‪،‬وذكره اإلمام السبكى فى (شفاء السقام فى زيارة‬
‫خير األنام) والسيد السمهودى فى (خالصة الوفا) والعالمة القسطالنى‬
‫فى (المواهب اللدنية)والعالمة ابن حجر فى(تحفة الزوار)و(الجوهر‬
‫[انظر‬ ‫المنظم)وذكره كثير من أرباب المناسك فى آداب زيارة النبى ‪r‬‬
‫شواهد الحق ص ‪]153‬‬

‫‪104‬‬
‫صَـحِيفَــتـــى‬
‫[ديوان الشافعى حبر األمة وإمام األئمة بتحقيق د‪.‬محمد عبد المنعم‬
‫خفاجى ـ نشر دار ابن زيدون ـ بيروت ص‪]103‬‬

‫اإلمــــام ابـــو حنيفــة النعمــــان‬


‫رضى اهلل عنه‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪:r‬‬
‫ك‬
‫أرجُوا ِرضَا َ‬ ‫ياسِّيدَ السادَاتِ جِئتُـكَ قَاصِــدا‬
‫وأَحْتَمِىبِحَمَاكَ‬
‫قَلبـ ًا مشُوقــًا‬ ‫واهللِ يـاخـَـيْرَ الخَــالئـــقِ إنَّ لى‬
‫الَيرو ُم سِــواكا‬
‫أنتَ الذىمِنْ نُورِكَ البَدْرُاكَتسَى والشمسُ مُشرِقَ ٌة‬
‫بِنُور بَهَـاكـا‬
‫ب‬‫ماذا يقولُ المادِحُونَ ومـا عسَـى أن تَجمعَ الكُتَّا ُ‬
‫مـن معَناكا‬
‫لم تَقـِدر الثقـــالنِ تجمَــعُ نَـزْرَهُ أبدًا‪..‬وما اسْطَاعوا‬
‫ل ُه إدْرَاكـا‬
‫حشَـاشَـةٌ محشـو ٌة‬ ‫بِــكَ لى فــؤادٌ مُغَــرمٌ ياسيـدى و َ‬
‫بِهَـواكــا‬
‫أنا طَامِـعٌ بِالجودِ مِنكَ‪،‬ولم يَكُنْ ألبى حَنِيفةَ فى األنا ِم‬
‫سِـوَاكـا‬
‫فعَساكَ تشفعُ فيه عِنْـدَ حِسَابــه فلقَدْ غَدَا مُتَمـسِّكـًا‬
‫بِعُـراكــا‬

‫‪105‬‬
‫ل‬
‫و َمنْ التَجَا بِحمَاكَ نا َ‬ ‫فألنْتَ أكـرمُ شافِــعٍ ومُشَفّــَعِ‬
‫رِضَاكَ‬
‫غ ٍد‬ ‫فى‬ ‫لى‬ ‫شَفاعةً‬ ‫قِراىَ‬ ‫فاجْ َعلْ‬
‫ت لِواكا‬ ‫فعسَىأُرَىفىالحَشْرِتح َ‬

‫ماحَـنَّ مُشْتَــاقٌ إلى‬ ‫صلى عليـكَ اهلل ياعَلَـمَ الهُـدَى‬


‫مَثْـواكــا‬
‫ن‬
‫ُل م َ‬
‫والـتَّابِعـينَ‪..‬وك ِّ‬ ‫وعلىصَحَابتكَ الكِرَامِ جَميعِهم‬
‫واالكـا‬
‫[مدح الفحول لآلل والرسول جمع وترتيب فارس إمبابى ص ‪21‬ـ وهذه‬
‫بعض أبيات من القصيدة فهى ثالثة وخمسون بيتا]‬

‫‪1‬ـ اإلمـــام أبى حــامــد الغــزالى‬


‫المتوفى سنة ‪505‬هـ‬
‫قال فى قصيدته المنفرجة متوسال برسول اهلل ‪ r‬وبآل‬
‫بيته واصحابه‪:‬‬
‫مَـــرِّ األيـــا ِم مــع‬ ‫فَعَليــهِ صــلَّى الـــربُّ عَلـــى‬
‫الحِجَـــجِ‬
‫وكل‬
‫وكَـذا الفـارُوقِ ِّ‬ ‫وعــلى الصِـدِّيـــقِ خَـليفَـتِــه‬
‫نَجِـــى‬
‫ى‬
‫ِر وفى وسْمَا أعـل َ‬ ‫وعلى عُثمـانَ شَهِـيـــدَ الــدَّا‬
‫الـــدَّرَجِ‬

‫‪103‬‬
‫وكـل‬
‫ِّ‬ ‫دِ كَذا األزواج‬ ‫وأبـــــى الحَسَنَـيْـنِ مع األوال‬
‫شَجِــى‬
‫لُ وسَـار السائِ ُر‬ ‫ما مَــالَ المَـالُ وحــَالَ الحــا‬
‫فـــى الدلـج‬
‫بــالنصْ ِر‬
‫َّ‬ ‫َجلْ‬
‫ع ِّ‬ ‫يـــاربِّ بِـهـــمْ وَبِــــآلهِـــمِ‬
‫وبِـــالفَـــرَجِ‬

‫‪2‬ـ الشيخ أبو مدين المغربى‬


‫(*)‬
‫المتوفى سنة ‪594‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫كُنْ مُنْقِذِى مِن َه ْولِ يَوْ ٍم‬ ‫ياخَيْر مَبْعوثٍ وَأكرَمَ شافِـ ٍع‬
‫مُرْجِفِ‬
‫ح بَرْقٌ فِى السَّما ِء‬
‫مَاال َ‬ ‫صَلّىعَليكَ اهللُ ياخَيْرَالوَرَى‬
‫وَما خَفِى‬
‫[شواهد الحق ‪]382‬‬

‫‪3‬ـ اإلمام أبو عبد اهلل األندلسى القرشى‬


‫المتوفى سنة ‪599‬هـ‬
‫الهــَادِى النَّـاسِ إلى‬ ‫صلَـواتُ اهللِ على المهْـدِى‬
‫النَّـهَــجِ‬

‫(*) انظر الهامش ص‬

‫‪104‬‬
‫ولِســانِ مقَــالـتِـــه‬ ‫وأبـى بكــرٍ فى سِيــَرتـــه‬
‫اللهِــجِ‬
‫فى قِصَّــةِ سَــارِيـ ِة‬ ‫وأبى حَـفْـصٍ وكـرامَــتــهِ‬
‫الـخُلُـجِ‬
‫المُستَحـي ال َمسُ َتحْيَــا‬ ‫وأبى عَمْرو ذى النـوريْــنِ‬
‫البـَهِــجِ‬
‫وافَى بِسحَــائـِبــ ِه‬ ‫وأبى حَسـنٍ فـى العِلْـم إِذا‬
‫الخُــلٌــجِ‬
‫ل بِـهِــ ْم‬
‫وجميـع اآل ِ‬ ‫وعلى السَّبْـطَيـنِ وأمِّهـمَــا‬
‫فَــلُـــجِ‬
‫بَذَلوا األموالَ مــ َع‬ ‫وعلى األصَحابِ بِجْملَتِهم‬
‫المُهَــــجِ‬
‫عَجِّـلْ بالنصـــ ِر‬ ‫يــاربِّ بِـهـــمْ وبِــآلهِــــمِ‬
‫وبِــالفَـرَجِ‬
‫‪4‬ـ اإلمـــــــــــام يحيى الصرصرى‬
‫المتوفى سنة ‪353‬هـ‬
‫وفيه مافىالكرام‬ ‫يامَنْ خَصَائِصُـهُ لمْ يـؤتَهــا أحــدٌ‬
‫الزّهرمُفترِقُ‬
‫عاَ فَقلبِى بِه‬
‫يامَنْ إذانَالنى ضَيْمٌ وضِقــْتُ بـــ ِه ذَرْ َ‬
‫فىكَشِف َه يثِقُ‬
‫لمْ يُبْقِ ذَاالوقَتُ مِنْ قلبِىسِوَىرَمَقٍ فَام ُننْ علىَّبِمَا‬
‫يَحيَا بِه الرَّمَقُ‬

‫‪108‬‬
‫وَدَّ التَّقِىُّ بِـهِ لَـ ْو‬ ‫فـَـإنَّنِى فـى زمَـانٍ أهلُـــهُ شِيَـــعٌ‬
‫ضَمَّ ُه نَفَــقُ‬
‫هلل‬
‫فال تَـذَرْ ِنىَ نَهْبـَـاً لِلخُطُـوبِ بِــ ِه فإِنَّنِى بِكَ بَـْعدَ ا ِ‬
‫أَعْـتَـلِـقُ‬
‫قال أيضا‪:‬‬
‫ـثُ إِذا أجْهَ َد‬ ‫فَأغِثْنَـا يامَنْ هُوَ الغَــوْثُ والـ َغيْـ‬
‫الــورَى الَّألوَاءُ‬
‫ف‬ ‫والجَـوادُ الـذى بِه تُفــْرَجُ الغُّـمـ ـةُ عنَّــا وتُكْشَـ ُ‬
‫الحَـوبـَــاءُ‬
‫يـارَحيمـًا بالمــؤمــنينَ إذا مَــــا ذَهلَتْ عن أبنـائـهَا‬
‫الـرُّحَمـاءُ‬
‫ق من خَوْفِ ذَنبِـه‬ ‫ياشفِيعـــًا فى المُذنِبــين إذا أشْـ ـفـَ َ‬
‫الــبُرَآءُ‬
‫صِى ول ِكنْ تنكُّرِى‬ ‫جُدْ لعاصٍ وماسِوَاى هو العــَا‬
‫استِحَيــاءُ‬
‫وتَـدَاركْــــهُ بالعِنَـــايَــةِ مَـــادَا مَ لـهُ بِالـذِّمـــَام مِنْـكَ‬
‫ذِمَـــاءُ‬
‫يانبَّى الهــدَى استغــاثـَةُ مـلهـُو فٍ َأضَرَّتْ بِحَالِه‬
‫الحَوبَــــاءُ‬
‫كيفَ يصْدَابالذنْبِ قلبُ مُحِبٍ ولـهُ ذِكُركَ الجمِيـلُ‬
‫جَـالَءُ‬
‫ك‬ ‫س يَخْفَىعلي َ‬ ‫لي َ‬ ‫هَــذِه عِلَّـتِـى وأنْــتَ طَبِيــبِـى‬
‫فىالقَلبِ دَاءُ‬

‫‪109‬‬
‫‪ 5‬ـ الشيخ مجـــــد الدين الوترى‬
‫المتوفى سنة ‪332‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪r‬‬
‫ق‬‫ن العَقِيـ ِ‬‫تَبدَّى فقُلنا البدرُ َبلْ وجْهُ أحَمد تجلـىَّ لنَـا بي َ‬
‫ومَكَّــةِ‬
‫ل‬‫تـَوسَّلتُ يـــاربِّى إليكَ بِحُبِّــــهِ لِتَغْفِـ َر زَالَّتِى وتَـْق َب َ‬
‫تَـوبَتِــى‬
‫أيضا ‪:‬‬
‫ُلى بِإفْالَسِى بِـَفقـْـرِى بِفــَاقَّتِى‬
‫بـِذ ِّ‬
‫ت‬‫ل اهلل ِاصْبَحْــ ُ‬ ‫إليكَ رسُــو َ‬
‫أَهَـربُ‬
‫ب الورَى‬ ‫ك أدْرِكنِىإذا حُوسِ َ‬ ‫بِجَاهِ َ‬
‫فإنـِّـى عَليكـُم ذلك اليـَــو َم‬
‫أُحْسَــبُ‬
‫هلل يَغْـفِــ ُر زَلَّـتِـى‬
‫ك أرجُـــو ا َ‬
‫بِمدْحِ َ‬
‫ى‬‫ل عُمْرِ َ‬ ‫ولو كُنتُ عَبْـداً طُـو َ‬
‫أُذْنِــبُ‬

‫قال أيضاً‪:‬‬
‫ح مُحمـ ٍد‬
‫ن يُحْصِى مَــدي َ‬
‫ى مَ ْ‬
‫أخِالَّ َ‬
‫هلل‬
‫وَفى مَــدْحِـــهِ كُتُـبٌ مِـنَ ا ِ‬
‫تُقْـَـرأُ‬
‫‪110‬‬
‫ى اإلِلَــ ُه بِنَفْسِــ ِه‬
‫ن أثَنــ ِ‬ ‫ح مَـ ْ‬ ‫أَيُمــدَ ُ‬
‫عَليهِ فكيـفَ المــدْحُ مِنَ بعــ ُد‬
‫يُنْشَــأُ؟‬
‫ل‬‫جَميلٌ جَلِي ٌ‬ ‫أَمِـينٌ مكِينٌ مُجْتَبَى ذو مَهَابـــَةٍ‬
‫ب مُنَـبَّــأُ‬ ‫للـغُيو ِ‬
‫هلل‬
‫بِه يَـْفَعُ ا ُ‬ ‫خلُ بينِهمِ‬ ‫أمانٌ ألِهلِ األرضِ مُدْ َ‬
‫ب وَيَـدْرَأُ‬ ‫العَذا َ‬
‫ن‬‫لعَلِّى بِغُفْـرَا ِ‬ ‫أَتيْتُ إلى مَدْحِى عُالَهُ مُبَـــادِراً‬
‫ب أُهَنَّــأُ‬
‫الذُّنو ِ‬

‫‪6‬ـ القــــاضـــى البيضـــــاوى‬


‫المتوفى سنة ‪385‬هـ‬
‫(* )‬
‫مستغيثا‬ ‫قال فى تسبيعة لبرده المديح المباركة‬
‫برسول اهلل ‪:r‬‬
‫ض‬
‫كالحَو ِ‬ ‫اهللُ آتـاكَ نُــوراً يُسْتضَاءُ بـه‬
‫يَنْجُوالذىيحظَىبِمَشْرَبِهِ‬
‫صيْتُ وقَلبِـى فى‬
‫ع َ‬
‫وقَدْ رجوتُكَ تَروينى بِأَعْذَبِهِ وإنْ َ‬
‫تَحَجُّـبِهِ‬

‫(*)انظر الكواكب الدرية فى تخميس وتسبيع البردة البوصيرية فى مدح‬


‫خير البرية (طبع مكتبة القاهرة ص‪،)31‬وقد اشتهر هذا التسبيع للقاضى‬
‫اإلمام البيضاوى صاحب التفسير المشهور خاصة بعد أن أنشدها الشيخ‬
‫عبد العظيم العطوانى وسجلها على تسع شرائط كاست واسعة االنتشار‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫ن صَار مُحِيرًا فى َتلَهُّفِ ِه‬ ‫فاآل َ‬
‫ُلول‬
‫(ياأكَرمَ الخلقِ مَالىمَنْ ألوذ به سِوَاكَ عنْدَح ُّ‬
‫ث العَممِ)‬ ‫الحَادِ ِ‬
‫اهللُ عالَّكَ يامَنْ هُوَ أجَلُّ نَبِى يامَنْ يُرَجَّىلِماأرجُوه‬
‫ن طَلَـبِ‬ ‫مِ ْ‬
‫ف يَاعَرَبى‬ ‫ل واألوصَا ِ‬ ‫صِ‬ ‫يازَاكِىَاأل ْ‬
‫أنْتَ الشَّفِيعُ لِذَنِّبى يَـــو َم‬
‫ى‬
‫مُنْقَلبَـ ِ‬
‫ى‬
‫ت فى َنسَب ِ‬ ‫ضقْ ُ‬‫ت غَوثِى اِذَا ما ِ‬ ‫وأنْ َ‬
‫ك بِى‬
‫هلل جَاهُ َ‬ ‫لا ِ‬ ‫ق رسُو َ‬ ‫ن يَضِي َ‬ ‫(ولَ ْ‬
‫إذا الكَـريمُ تَجلَّــى باسْـ ِم‬
‫مُنْتَقِــمِ)‬
‫و َيصْطَفِيـهَا ويُؤتيِهَا‬ ‫اهللُ يُذْهِبُ عَـنْ نَفسِى مَعَرَّتَهَا‬
‫مَسَرَّتَهـا‬
‫وَأسْ َتغِيثُ بِمَـا يَنْفِى‬ ‫لعلَّها أن تَرىِ فى الحَشْرِ قُرَّتَها‬
‫مَضَرَّتهَـا‬
‫س َنضْرَتهَا‬ ‫ت النَّف َ‬ ‫لآ ِ‬ ‫سِ‬‫ياسَيِّ َد الرُ ْ‬
‫(فإنَّ مِنْ جُودِكَ الدنياوضُرَّتَها ومِنْ عُلومِكَ عِل ُم‬
‫ح والقَلمِ)‬ ‫اللو ِ‬
‫‪7‬ـ اإلمام شــــرف الدين محـمــــد البوصيرى‬
‫المتوفى سنة ‪393‬هـ‬

‫‪112‬‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪ r‬فى بردة المديح المباركة(*)‪:‬‬
‫ن ألـــو ُذ بِـــه‬‫ل مَـالِى مَ ْ‬
‫ياأكر َم الرُسُـ ِ‬
‫ث‬‫ل الحـادِ ِ‬ ‫عنْ َد حُلو ِ‬
‫ك ِ‬ ‫سِوا َ‬
‫العَمـــ ِم‬
‫ك بِــى‬ ‫هلل جَاهُـ َ‬
‫لا ِ‬
‫ق رسـو َ‬ ‫ن يَضِي ُ‬ ‫ول ْ‬
‫إذا الكـــريمُ تجلَّى بــاسَــ ِم‬
‫مُنَتَقِــمِ‬
‫ك الـدنيـــا وضُرَّتَهــا‬ ‫ن جُــودِ َ‬ ‫ِن مِ ْ‬ ‫فَإ َّ‬
‫ح‬‫ومِنْ عُلومِــكَ عِلمُ اللَو ِ‬
‫والقَلـــمِ‬
‫[شواهد الحق ‪]394‬‬
‫يارب بالمُصطفـَى بِلِّ ْغ مَقَاصِدَنَا واغْفِ ْر لنَا مامَضَى‬ ‫ِّ‬
‫ياواسِع الكَـرَمِ‬
‫ن بِمَا يَتلُوه‬
‫ُل المسلمي َ‬
‫واغْـفِ ْر إلهِى لِك ِّ‬
‫فىالمسْجدِاألقصَىوفىالحَر ِم‬
‫ن أعظَ ِم‬ ‫س ٌم ِم ْ‬
‫ن بِيتـُ ُه فى طيبـ ٍة حَرَ ُم واسْمـُ ُه َق َ‬‫بِجَـا ِه مَ ْ‬
‫القَسَــمِ‬
‫وقال أيضاً‪:‬‬
‫ت األُمـو ُر فـإنـنـى راجٍ لهَا بِمحَمَّـدٍ‬ ‫وإذا تَعسَّــر ِ‬
‫تَسْهِـيــالَ‬

‫(*)انظر السبب فى نظم هذه القصيدة فى ترجمة اإلمام البوصيرى ص‬

‫‪113‬‬
‫فَرْطَــ ًا تُبَـلِّغْنَــا بـِـهِ‬ ‫اللهــم جَا َه مُحم ٍد‬
‫َّ‬ ‫ل لنـَـا‬‫فاج َع َ‬
‫المَأْمُـوال‬
‫ُف‬
‫كَرَماً‪،‬وك ِّ‬ ‫ب جَهنَّـم‬ ‫ف بِه عنَّا عَـذا َ‬ ‫واصْرِ ْ‬
‫ضَرامَها المَشْعُوال‬
‫ن‬
‫ف دُو َ‬
‫لم تَل ِ‬ ‫واجْعَـل صَالتَكَ دِيـمَ َة مَنُهَـلَّـةً‬
‫ضَرِيحِـ ِه تَهْـليِــال‬

‫‪8‬ـ مـــام تقى الــدين بن دقيــق العيـــد‬


‫المتوفى سنة ‪402‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪:r‬‬
‫دَ بِ ِه شَــوقُـهُ‬ ‫يـارسُـولَ الملِيكِ دَعْـــو ُة مَنْ زا‬
‫وصَحَّ وِدَادُهْ‬
‫ـيـَا شَـدِيـدٌ غُـلوُّه‬ ‫لكَ أشكو حَاالَمن الدينِ والدنـ‬
‫واقتِصَـادُهْ‬
‫ش عَـكْسُـ ُه‬ ‫هـُو هَـمُّ ثنَــى السُـرورَ وغَــمُّ كـَدَّر العي َ‬
‫واطِرَادُهْ‬
‫ت فىالحشْرِ كَـنْزُ ُه‬ ‫وعليكَ السالمُ مِنْ ذِى اشْتِيَاقٍ أن َ‬
‫وعِتَـادُهْ‬
‫[شواهد الحق‪]340‬‬

‫‪9‬ـ هاب محمود الحلبى الحنبلى‬


‫المتوفى سنة ‪725‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫‪114‬‬
‫قَطَّعتُ إال ِمنْ نِدَا ُه‬ ‫يامَنْ وقَفْتُ بِبَابِ مَسْجِدِهِ وقـَدْ‬
‫وسَـائِـلىِ‬
‫ت لدَيـ ِه‬
‫أمْرِىفأن َ‬ ‫سلْ مَنْ يُجِيبُ بِلُطفِهِ المضَّطرَفى‬ ‫َ‬
‫أكَر ُم سَـا ِئلِ‬
‫[شواهد الحق‪]384‬‬
‫وقال أيضاً‪:‬‬
‫ى بِجَــا ِه مُحمـــ ٍد‬‫فيـارب سَامِحْن ِ‬‫ِّ‬
‫ت‬
‫خسْـرِى إن دُعِيـ ُ‬ ‫وإال فَ ُ‬
‫مُحَـاسَــبَا‬
‫ق الـوَرَى‬ ‫ك يَافَالِ َ‬
‫ت يَدِى أرجُو َ‬ ‫مَدَدْ ُ‬
‫ق يُعطِى‬ ‫رب الخل ِ‬ ‫ن غَي َر ِّ‬ ‫ومَ ْ‬
‫الرَّغَــائِبَــا‬
‫ن عَفـ ِو اإلل ِه‬‫س سَأبلُ ُغ ِم ْ‬ ‫ح الحيا ِة بِآيـ ٍ‬ ‫ن رُو ِ‬ ‫وما أنَا مِ ْ‬
‫المَطَـالِـبَـا‬
‫ى مَرْغُـوبـَا‬ ‫حسْ ِب َ‬‫مَالذِى إِلهـى والشَّفِيــ ُع محـمـد ف َ‬
‫إِليـ ِه وَراغِبَــا‬
‫ل النُجـُو َم‬ ‫َاذر شَارِقٌ وماأطلَ َع اللي ُ‬ ‫عليه سَــالمُ اهللِ م َّ‬
‫الثَّوَاقِبـَـا‬
‫ف‬
‫ت علىأَعْطَا ِ‬ ‫ت الصَبَا وهَزَّ ْ‬ ‫هلل مَاهَبَّ ْ‬
‫وصلَّى علي ِه ا ُ‬
‫بَانٍ ذَوَائِبَــا‬
‫[شواهد الحق ‪]331‬‬
‫وقال أيضاً‪:‬‬
‫ن دُونِ األنَام إلى مَنْ فى يَدَيْ ِه زِمَا ُم‬
‫فَوِّضْ أُموركَ مِ ْ‬

‫‪115‬‬
‫النَّفْعِ ذَوَئِبَـا‬
‫‪11‬ـمـــام كمال الدين بن الزملكانى الشافعــى‬
‫المتوفى فى سنة ‪424‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪:r‬‬
‫ياصَاحِبَ الجاهِ عِندَ اهلل خَالِقِــه مَا رَدَّ جَــا َهكَ إال‬
‫ُل أفَّـاكِ‬‫ك ُّ‬
‫ك‬‫ت الشَّفِـيعُ لِفَـتَّا ٍ‬‫أنتَ الوجِيهُ علىَ رَغْم العِدَا أبدا أنْ َ‬
‫وَنُسَّـاكِ‬
‫ب‬‫شفَىاهللُ يومَاًقل َ‬ ‫يافِرقَــةَ الزَّيْـغِ اللُقِّيْتَ صَالِـحَـةً وال َ‬
‫مَرْضَاكِ‬
‫وَمَـن أعَانَكِ فى‬ ‫والحظَيتَ بِجَـاهِ المُصْطَفى أبداً‬
‫الدُّنياووَاالكِ‬
‫ن‬‫سلِ يامَولىاألَنامِ ويا خَي َر الخَال ِئقِ مِ ْ‬ ‫ضلَ الرُّ ْ‬ ‫ياأفْ َ‬
‫س وأَمْالَكِ‬ ‫إِنْـ ِ‬
‫ت‬
‫صنَع ْ‬ ‫ض ما َ‬‫ك أشْكو بَع َ‬ ‫هَا قَ ْد قَصَدتُ َ‬
‫ِبىَ الذُّنوبُ وهَـذا مَلجَـأ‬
‫الشَّــاكِـى‬
‫غ مَـدَى‬ ‫ب عـن بُلــو ِ‬ ‫قَـ ْد قَيَّدَتْنِى ذُنو ٌ‬
‫ى‬‫قَصْدِى إلى الفَوْ ِز منِهَا فَ ِه َ‬
‫أَشــْرَاكِى‬
‫هلل لى واسْأَلْــ ُه عِصْمَـتَــهُ‬
‫فاسْتَغِفـ ِر ا َ‬
‫ى مِـنْ غَــي ِر‬ ‫فِيمـَـا َبقَـى وغِن ً‬
‫إِمسَــاكِ‬
‫‪113‬‬
‫ى الصَّال ُة كمَا‬
‫ك مِن ربِّبنَا أزك َ‬
‫عَلي َ‬
‫ب‬
‫مِنَّا عليكَ السَّـــالمُ الطيِّـ ُ‬
‫الـــزَاكِى‬
‫[شواهد الحق ‪]383‬‬

‫‪11‬ـ الشيخ محمد وفا الشاذلى المصرى‬


‫المتوفى سنة ‪430‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫ن‬‫بِجَاهِكَ أرجُو أ َ‬ ‫إليكَ رسُولَ اهللِ أقبلتُ تائِـبــا‬
‫ى يُقْ َبلُ‬
‫تَوْ ِب َ‬
‫ك على‬ ‫عسِا َ‬
‫َ‬ ‫أتىلكَ يـاذا الطَّ ْولِ عَبْدٌ مُقَصِّرٌ‬
‫َــولُ‬
‫تَقْصِـيرِه تَتَط َّ‬
‫ك السَّامِى ل ُه‬
‫بِمقَدارِ َ‬ ‫حَبيِبى شَفِيعِى أنْتَ هللِ شَافِعِى‬
‫أتَوسّـَـلُ‬
‫ك‬‫ل عَنْ َ‬
‫صالةَ اتِّصَا ٍ‬ ‫عليكَ صَـالةُ اهللِ مِنهُ تَواصَلَتْ‬
‫َصلُ‬ ‫الَتَتن َّ‬
‫[شواهد الحق ‪]384‬‬

‫‪12‬ـ لســـان الـــدين بن الخطيب األنــدلسى‬


‫المتوفى سنة ‪443‬هـ‬

‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬

‫‪114‬‬
‫ن مَكانــُه حَديِث الغريب‬ ‫ل المكِي َ‬‫أيا خَاتَم الرُّسُـ ِ‬
‫الدرفيك غَرِيبُ‬
‫ئ بِال َوفَــــا ِء‬
‫ظ َمِل ٌ‬
‫هلل نَرجُـو وإنَّــ ُه لَحِفَـ ٌ‬ ‫ك بعْ َد ا ِ‬
‫وجَاهَ َ‬
‫رغِيـبُ‬
‫ل بِالثــنَا ِء‬ ‫ك مُطِيــ ٌ‬ ‫ب الفضَا علي َ‬ ‫هلل مَاطَيَّ َ‬
‫ك صالة ا ِ‬ ‫علي َ‬
‫مُطِيـبُ‬
‫[شواهد الحق ‪]331‬‬

‫‪13‬ـ اإلمام عبد الرحيم البرعى اليمنى‬


‫المتوفى سنة ‪803‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫أسير الذنب فيـه لك‬ ‫أجب ياابن العواتك صوت عبد‬
‫صـالة‬
‫تداركنى بجــاهـك مـن ذنـوب وأوزار يضيـق بهــا‬
‫الـفضـاء‬
‫فليس إلى سواك‬ ‫وكن لى ملجــأ فى كل حــال‬
‫تنقصه الدالء‬
‫نجوم الجــو‬ ‫عليك صــالة ربـك ما تـراءت‬
‫أوعصفت رخـاء‬
‫[شواهد الحق ‪]351‬‬

‫وقال أيضا ‪:‬‬


‫محمد سيد الخلق الـــذى امتألت‬

‫‪118‬‬
‫من نوره األرض والسبع‬
‫والسموات‬
‫ذاك الحبيب الذى يرجو عواطفه‬
‫وبــره الخلـــــق أحيـــاء‬
‫وأمـــوات‬
‫موالى مـوالى فرج كل معضلة‬
‫عنى فقد أثقلت ظهــرى‬
‫الخطيــات‬
‫وعد على بما عــودتى كــرمــا‬
‫فكــم جــرت لى بخير منك‬
‫عــادات‬
‫وامنع حماىوهب لىمنك تكرمة يامن مواهبـه خلـد‬
‫وخيـرات‬
‫واعطف علىوخذ ياسيدىبيدى إذا دهتنـى الملمـات‬
‫المهمات‬
‫صلى عليك إلـهى يامحمــد مــا الحت لنورك من‬
‫بدرعالمات‬
‫[شواهد الحق ‪]333‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫ياخيرمن دفنت فى التراب أعظمه‬
‫فطـاب من طيبهــن السهـل‬
‫والجبــــل‬
‫نفـسى الفداء لقبر أنت ســاكنــه‬

‫‪119‬‬
‫فيه الهــدى والنـدى والـعلـم‬
‫والعمــل‬
‫أنت الحبيب الذى ترجى شفاعته‬
‫عند الصرط إذا مـا ضــاقت‬
‫الحيــــــل‬
‫نرجوا شفاعتـك العظـمى لذنبنــا‬
‫بجـــاه وجهــك عنــا يغــفر‬
‫الــزلــل‬
‫ياسيدى يارسول اهلل خذ بيـدى‬
‫فى كل حـادثة مـــا لى بهــــا‬
‫قبـــل‬
‫[شواهد الحق ‪]385‬‬

‫‪14‬ـ لعالمة عبد الرحمن بن خلدون‬


‫المتوفى سنة ‪803‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫ل الكِــرَام ضَراعــَ ًة تَقْضِىمُنَىنَفْسِى‬ ‫سِ‬‫ياسيِّ َد الرُ ُ‬
‫ب حُوبِى‬ ‫وَتُذهِ َ‬
‫ُـل‬
‫ك والمُنَى فِيها تُعَـلِّلُنِـى بِكــ ِّ‬
‫عاقَتْ ذُنوبِىعن جَنَابِ َ‬
‫كـَــذُوبِ‬
‫س‬
‫ك التىأرجو بِهَا صفحَاجَمِيال ليـ َ‬ ‫ب لِىشَفَاعَتَ َ‬ ‫هَ ْ‬
‫بِــالتَشْبِيـبِ‬
‫‪120‬‬
‫ياخَـيْ َر مَـدْعُـ ٍو وخَـيْ َر‬ ‫ك واثِقــًا بِإِجَابَتىِ‬
‫إنى دعَوْتُـ َ‬
‫مُجِــيبِ‬
‫َلى فــوز‬
‫تـُدْنى ع َّ‬ ‫ل تُبَـلِّغُـنِـى الليَـالى زَوْرَةً‬
‫يـا َه ْ‬
‫بالمـرغـــوب‬
‫وأحط أوزارى‬ ‫أمحو خطياتى بإخالصى بهـا‬
‫وأصر ذنـــوبى‬
‫[شواهد الحق ‪]332‬‬
‫‪15‬ـ اإلمام محيى الدين محمد بن يعقوب‬
‫الفيروزاباذى‬
‫المتوفى سنة ‪814‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫ك ومَا فِى‬
‫مَالِىسِوا َ‬ ‫ياأيُّهــا السّيدُ المَرْجُـــوُّ نــائِلُــ ُه‬
‫ذَاك تَمْهيلُ‬
‫ت الزُّخرُيَــا أَمَلى‬ ‫ث وأَن َ‬ ‫ت الغِيا ُ‬ ‫أَن َ‬
‫ل‬‫وَال َغوْثُ واَلغْيتُ واآلمَا ُ‬
‫والسُّولُ‬
‫الدمْ ُع‬
‫وشَافِعِى َّ‬ ‫إِنِّى بِبَابِ رَسُولِ اهللِ سأئـِلُهُ‬
‫ل‬
‫ل مَأْمو ُ‬ ‫والمَسْؤ ُ‬
‫ال عُدْ ٌم‬
‫ن َو َ‬‫َيغْدُو بأَمْ ٍ‬ ‫إِذا أتاهُ مُقِلٌّ مُعْــدِمٌ وَجِـــلٌ‬
‫وتَقْليلُ‬
‫َن‬
‫أَنهَيْتُ قِصَّـةَ حَالى سَيِّـدى فَ َعسَى تَوْقيعُ ِبشْ ٍر بأ َّ‬
‫العَبْ َد مَقْبُـولُ‬

‫‪121‬‬
‫ل‬
‫صَلّىعَلَيْكَ إِلهُ العَرشِ ماصَدَحَتْ حَمامَةٌ وَشَدَا بالَّ ْي ِ‬
‫(*)‬
‫طَخْمِيلُ‬
‫[المجموعة النبهانية ‪]103/3‬‬
‫‪16‬ـ الحافظ ابن حجر العسقالنى‬
‫المتوفى سنة ‪852‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫بجاهك أتقـى فصــل‬ ‫نبـى اهلل يــاخـــير البــرايـــا‬
‫القضــاء‬
‫جنيتــه يداى يـــارب‬ ‫وأرجـو يـاكــريم العفو عمـا‬
‫الحـبـاء‬
‫إلى دار الـنـعـيـم بـــال‬ ‫فقل يا أحمـد بنم على إذهب‬
‫شــقـاء‬
‫صـالة فى الصـباح‬ ‫عليك سـالم رب الناس يتلو‬
‫وفى المسـاء‬
‫[شواهد الحق ‪]352‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫بـأسا سمـا كل‬ ‫ياسيدالرسل الذى فاق الورى‬
‫الوجود وجـودا‬
‫هذى ضراعة مـذنب متمسك بوالئكم من يوم كــان‬
‫وليــدا‬

‫(*) الطخميل ‪:‬الديك (المجموعة النبهانى)‬

‫‪122‬‬
‫بعد الممـات إلى‬ ‫يرجو بك المحيــا السعيد وبعثه‬
‫النعيـم شهيــدا‬
‫أحيـا بك اإليمان‬ ‫صلى عليك وسلـم اهلل الـذى‬
‫والتــوحيــدا‬
‫[شواهد الحق ‪]341‬‬
‫‪17‬ـ الشيخ شمس الدين النُواجى‬
‫المتوفى سنة ‪859‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪:r‬‬
‫فـاشفنى أنت مقصد‬ ‫يـارسـول اإللـه إنــى ضعيـفٌ‬
‫للشفـــاء‬
‫يـارسـتـول اإلله إن لم تعـثـنى فإلى من ترى يكـون‬
‫التجـائـى‬
‫وغيـاثى وعمـدتى‬ ‫أنت ذخرى وعدتى ومـالذى‬
‫ورجـائـــى‬
‫وشفيعى يوم القيامة فى الحشـ ــر فكن لى يـا اكـرم‬
‫الشفعـاء‬
‫يابســيط النوال يا كامل الفضـ ــل وياوافـر النـدى‬
‫والعطــاء‬
‫ـت جدوى يديـك‬ ‫لك قـد جئت زائـــراً وتوسلـ‬
‫واآلالء‬
‫وتـفضـل بالعفـو‬ ‫فأجبنــى يـامصطفى لســؤالى‬
‫فهـو قـــرائى‬

‫‪123‬‬
‫ـل ويا قبلة الهــدى‬ ‫ياإمام الورى ويا جامع الفضـ‬
‫والدعــاء‬
‫كل يـوم فى صحبــه‬ ‫لك منــى تحيـــة وصـــالة‬
‫والمســاء‬

‫‪18‬ـ قال الشيخ عبد الرحمن الصفورى‬


‫الشافعى‬
‫المتوفى سنة ‪894‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫عليا وقد جل عن شبه‬ ‫ياسيـد الخلق يامن حاز مرتبة‬
‫وعن مثل‬
‫ياملجأ الغربــا‬ ‫يادرة األنبياء ياروضـة العلمـا‬
‫ياسيــد الرســل‬
‫اليك وهو من‬ ‫العبد عابد رحمـن الجليـل أتى‬
‫األوزارفىخجل‬
‫يرجو بمدحـه غفــران زلـتـــه مع الرضىوحلول‬
‫الخلد والخلل‬

‫وقال أيضا‪:‬‬
‫اهلل أرســــلـه للعـالمـين هـــــدى‬
‫يوم‬ ‫فى‬ ‫ورحمتة‪..‬وكذا‬
‫حشرهم‬
‫يقال‪:‬تسمع فقل‪،‬واطلب مناك تنل‬
‫‪124‬‬
‫شئت‬ ‫ما‬ ‫وقل‬ ‫وامشفـع‬
‫واحتكـم‬
‫هــذا المقـــام مــا نـالــه أحـــد‬
‫ســــوى محمد ‪ ..‬المبعوث‬
‫بالحكم‬
‫ياسيــد الرسـل ياكنز العفاف ويـا‬
‫ذخر العصاة غدًا ‪ ..‬ياعالى‬
‫الهمـم‬
‫كن منقذى ومغيثى‪..‬أنت معتمدى‬
‫وغير بابــك للحاجـــات لم‬
‫يـــرم‬
‫صلى عليك إله العــرش ما طلعت‬
‫شمس النهار والحت أنجم‬
‫الظلــم‬
‫[مدح الفحول ‪]45‬‬
‫وقال أيضا ‪:‬‬
‫خير البريـة أحمــد المحمــود ‪ ..‬من‬
‫بكفـــه‬ ‫الــزالل‬ ‫نبــع‬
‫كغــــديــر‬
‫ذخرى‪..‬مالذى يوم أنزل حضرئى‬
‫فى وحـدتى‪..‬وكذاك يوم‬
‫نشورى‬
‫ما لى سواه فى الــورى من ملجأ‬

‫‪125‬‬
‫فهو الــذى يرجــى لكل‬
‫عسيـــر‬
‫هو لى شفي ٌع عنـد مــولى لم يـــزل‬
‫بالجــود يجير قلب كل‬
‫كســيـــر‬
‫[نزهة المجالس للصفورى ‪]142‬‬
‫اإلمـــــام جالل الدين السيوطــى‬
‫المتوفى سنة ‪911‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫يـــاأكرم الرسل يامن فى إشارتــه‬
‫حوز المنى وبلوغ القـصــد‬
‫من أمـم‬
‫ومن غــدا فى الورى توشيح ملته‬
‫يزهو على الزاهرين الروض‬
‫والنجم‬
‫تعطفـا لمحـــب فيك ليــس لـــــه‬
‫تعطــف عنك معــدود من‬
‫الخــدم‬
‫ياصاحب العلم الهادى لقاصــتده‬
‫حسن البيــان أجرنى فى حمى‬
‫العلــم‬
‫فمطلبى أنت أولى فى النجاح له‬

‫‪123‬‬
‫وأنت رأى منــه حبــال غيــر‬
‫منفصم‬
‫ومن يلذ بحماه وهو ملــجؤنــا‬
‫فـــال اعتراض بمـا يخشــــاه‬
‫من نقــم‬
‫عليه منا صـــــالة ما لهــا عــدد‬
‫تفصيل مجملها يرنـــو على‬
‫الــديـــم‬
‫[شواهد الحق ‪]393‬‬
‫‪21‬ـ اإلمام أحمد بن حجر الهيثمى‬
‫المتوفى سنة ‪944‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫بمن حطــت بساحـتــه‬ ‫عبيــد هيثـمــى مستجيــر‬
‫الحمـول‬
‫مـدى األيــام ما شــدت‬ ‫عليــه اهلل صلى كل وقـت‬
‫حمول‬
‫[مدح الفحول ‪]20‬‬
‫‪21‬ـ السيـــــد محمد البكرى الكبير‬
‫المتوفى سنة ‪994‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫لـــه مــــواله قـــد‬ ‫أال يــاخـــــير مـبــعــــــو‬
‫قــــــرب‬

‫‪124‬‬
‫فعـنـه قـــط ال‬ ‫ومــن بالعيــــن أبــصـــره‬
‫يـحجــــــب‬
‫بمدحـــــته ولــو‬ ‫ويامــن اليــفى شخــــص‬
‫أطنــــــب‬
‫فــإنـى ضــاق بى‬ ‫أقلـنى عثـــرة عظــمـــت‬
‫المـذهــب‬
‫بـــســر منـــه ال‬ ‫وخـلـصنــى وخصــصنــى‬
‫أسـلــــب‬
‫وإال مــــن لـــه‬ ‫أغـــث ياسيدى لهــفـــــى‬
‫أذهــــــب‬
‫فـــال تخشــى وال‬ ‫وقـــل لى أنت فى جـاهـى‬
‫تتعـــــب‬
‫فمــن تنــصـره ال‬ ‫بك استنصــرت فانصــرنى‬
‫يغــلـــب‬
‫فمـن ذنبــى لـك‬ ‫بك استشفعت قفاشفع لى‬
‫المهـــــرب‬
‫[شواهد الحق ‪]333‬‬
‫وقال أيض ًا ‪:‬‬
‫من رحمـة تصعـد‬ ‫ما أرسل الرحمن أو يرسـل‬
‫أو تنــــزل‬
‫من كل ما يختص أو‬ ‫فى ملكوت اهلل أو ملكــه‬
‫يشمـل‬

‫‪128‬‬
‫نبيـــه مختــــاره‬ ‫إال وطـه المصطفى عبــده‬
‫المــرســـــل‬
‫يعـم هــذا كــل من‬ ‫واســطة فيها وأصل لهــا‬
‫يعقــــل‬
‫فــإنه المقصـــد‬ ‫فلذبـــه فى كل ما ترتجى‬
‫والمــأمـــــل‬
‫فإنــه الملجـــأ‬ ‫وعـذ به من كل ما تخشى‬
‫والمعـــقـــــل‬
‫فهـو شفيــع دائـــا‬ ‫وحــط أحمال الرجا عنده‬
‫يقبـــــل‬
‫أظفارها واستحكم‬ ‫ونــــاده إن أزمــــة أنشــبــت‬
‫المفضـل‬
‫وياخير من فيهم‬ ‫يـــاأكرم الخلـــق علــى ربــــه‬
‫بــه يسـأل‬
‫فرجت كربا بعضه‬ ‫قـد مسنى الكرب وكــم مــرة‬
‫يذهـــل‬
‫برتبـــه عنهــا‬ ‫فالبـذى خصــك بـين الـــورى‬
‫العـال تنــزل‬
‫وإن توقفـت فمــن‬ ‫عجل بإذهاب الـذى اشتكـــى‬
‫أســـأل‬
‫لشـدة أقــــوى وال‬ ‫ولن ترى أعجــز مــنى فمــــا‬
‫أحمــل‬

‫‪129‬‬
‫ولست أدرى‬ ‫وحيلتىضاقت وصبرى انقضى‬
‫ماالــذى أفعل‬
‫أتـاه من غيرك ال‬ ‫وأنت بــاب اهلل أى أمـــــرئ‬
‫يـدخـــل‬
‫زهر الروابى‬ ‫صلـى عليـك اهلل مـا صافحت‬
‫نسمــة شمــال‬
‫سـاجعة أملــودهــا‬ ‫واآلل واألصحـاب ما غردت‬
‫مخضـــل‬
‫فضـاع منــه النـد‬ ‫مسلما ما فــاح نشـر الصبــا‬
‫والمنـــدل‬
‫[شواهد الحق ‪]389‬‬
‫‪22‬ـ اإلمام شهاب الدين أحمد المقرى‬
‫صاحب "نفح الطيب"‬
‫المتوفى سنة ‪1141‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫فـــرار الخـــائــف‬ ‫اليـــك أفـــر من زلـلـــــنى‬
‫الـوجــل‬
‫ــدينــة منتهـــى‬ ‫وكـــان مزار قــبرك بالمــــ‬
‫أمـــلــــى‬
‫لـــه نفسـى بـــال‬ ‫فوفــى اهلل مـــا طمحـــت‬
‫خــــلـل‬
‫بحــار القــــول‬ ‫فخــذ بيــدى غــريــق فــى‬
‫والعمـــــل‬

‫‪130‬‬
‫عليـــه مســالك‬ ‫فأنــت دليـــل من عميـــت‬
‫السـبــــل‬
‫وأنــت عمـــــاد‬ ‫وأنــــت مــــالذ معتعـــــم‬
‫متــكـــل‬
‫ــل فى الغـدوات‬ ‫عليك صــالة ربـــك جــــ‬
‫واألصــل‬
‫ختم المقرى كتاب "نفح الطيب" بهذه األبيات لبن‬
‫حبيب األندلسى ‪:‬‬
‫ياخيــر مبعــوث لـه طلعـــة نـور الهدى منها أقــر‬
‫العيــــون‬
‫من غيث كفيك المغيث‬ ‫جئت إلىناديك ارجوالقرى‬
‫الهتوف‬
‫أوقعنى بين الشجـا‬ ‫كن لىشفيعا فارتكاب الهوى‬
‫والشجــون‬
‫ماهزت الريح قـدود‬ ‫صلى عليك اهلل سبحـــانــه‬
‫الـغصــون‬
‫[شواهد الحق ‪]402‬‬
‫‪23‬ـ الشيــخ إبراهيـــم اللقـــــانى‬
‫المتوفى سنة ‪1041‬هـ‬
‫قال الشيخ إبراهيم اللقانى فى شرحه على الجوهره‪:‬‬
‫ليس للشدائد مما جرّبه المغتمون مثل التوسل برسول‬
‫اهلل ‪: r‬‬
‫ياأكرم الخلق قد ضاقت بى السبل‬

‫‪131‬‬
‫ودق عظمى وغابت عنــى‬
‫الحيــــل‬
‫ولم أجد من عزيز أستجـير بــه سوى رحيم به‬
‫تستشفع الرسل‬
‫مشمرالساق يحمىمن يلوذ بــه يوم البالء إذا مالم‬
‫يكــن بــلـل‬
‫غوث المحاويج إن محل ألم بهم كهف الضعاف‬
‫إذاماعمهاالوجل‬
‫مؤمل البـائس المتروك نصرتــه مكرم حين يعلو‬
‫سـره الخجـــل‬
‫كنزالفقيروعزالجودمن خضعت له الملوك ومن تحبو‬
‫بــــه الملـل‬
‫ولألرامـل ستر‬ ‫من لليتامى ثمـال يــوم أزمتهم‬
‫سابــغ خضــل‬
‫ليث الكتائب يوم الحرب إن حميت‬
‫وطيسها واستحد البيض‬
‫واألســل‬
‫من ترتجى فى مقام الهول نصرتـــه‬
‫ومن به تكشف الغمـــاء‬
‫والعلــل‬
‫يوم التنادى إذا‬ ‫محمـد بـن عبـــد اهلل ملجـؤنــا‬
‫ماعمنا الوهل‬

‫‪132‬‬
‫الفاتح الخــاتـم الميمـون طـائـره بحر العطـاء وكنز‬
‫نفعـه شمـــل‬
‫عنا الغموم‬ ‫اهلل أكبر جاء النصر وانكشــف‬
‫وولىالضيـق والمحل‬
‫بعزمه من رسـول اهلل صـادقـــة وهمـة يمتطيهـا‬
‫الحـازم البطـل‬
‫أغث أغث سيدالكونين قدنزلت بنا الرزاياوغاب‬
‫الخل واألخل‬
‫بعسكرالذنب‬ ‫والح شيبى وولى العمر منهزمـا‬
‫اليلوى به عجل‬
‫وكن شفيع ًا له إن‬ ‫كن للمعنى مغيثا عنــد وحدته‬
‫زلت النعـل‬

‫فجمـلة القــول أنى مـذنــب وجـــل‬


‫وأنت غوث لمن ضاقت به‬
‫السبـــل‬
‫صلى عليـــك إلهـــى دائمـــــ ًا أبـــدا‬
‫ما إن تعــاقبت الضحــواء‬
‫واألصــل‬
‫وآلك الغروالصحب الكرام ذوىالفضـ‬
‫ـل الجلى‪ ،‬والسالم الطيب‬
‫الحفـــل‬
‫[شواهد الحق ‪]390‬‬

‫‪133‬‬
‫‪24‬ـ الشيخ عبد الغنى النابلسى‬
‫المتوفى سنة ‪1143‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫ياأشرف الرسل ضاقت فارسل الفرجا‬
‫فإننى لك قد أضمرت ألـــف‬
‫رجــا‬
‫أنت الحبيب الــذى فى القلب منزلــة‬
‫ومــن محبتــــه تستمــلــك‬
‫المهـجـــا‬
‫وأنت ملجــؤنـــا فـى كــل سنــــدا‬
‫من يلتجـــى لك ياسـر الوجود‬
‫نجـــا‬
‫فكن لعبد الغنى عونــا وكن سنـــدا‬
‫فــإنه فى حمى اإلســـالم قــد‬
‫ولجــا‬
‫أضحىبمدحك مابين‬ ‫وكن شفيعا يوم الزحام فقـد‬
‫الورى لهجا‬
‫صلى وسلم موالنا عليك بال نهايـة ما أتى صبح‬
‫وزال دجــى‬
‫ياأرأف الرحماياغوث‬ ‫ياسيد الشفعا ياأكرم الكرما‬
‫كل شجى‬
‫يرجوك عبد علىاألعتـاب مطــرح‬

‫‪134‬‬
‫ذو مـدمع بذنـوب الــذنب‬
‫ممتـــزج‬
‫أغث أغث يـارسول اهلل أنت لهـا‬
‫فعقدة الخطب قد ضاقت‬
‫علىالـودج‬
‫التهملنى بــأرض الأنيس بهـــــا‬
‫بكربهــا القلب فى ران وفى‬
‫وهـــج‬
‫وكن شفيعى فى يوم ترى صحفى‬
‫منشــورة بذنــوب أثقلـــت‬
‫ثبجــى‬
‫[شواهد الحق ‪]338‬‬

‫‪25‬ـ الشيـــخ مصطفى البكـــرى‬


‫التوفى سنة ‪1132‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪ r‬وبأنبياء اهلل ورسله ومالئكته‬
‫وكتبه‪..‬‬
‫وبعرشه األعلى‬ ‫أدعـو بالسـر المصـون وآلــه‬
‫بنــور جاللـه‬
‫برفيع ذات قدست وتوحــدت وبما نراه من بـديــع‬
‫فعــالـــه‬
‫ى‬
‫وبكل أمالك السموات العلـى وبمـن تهيــم فى عل ّ‬
‫جمــالــه‬

‫‪135‬‬
‫من زائـر أو‬ ‫وبيتــه المعمور ثـم بما حــوى‬
‫طـائـف بظاللـــه‬
‫من بعد مـاقد كـان‬ ‫وبعلــم لوح فصـلتـه يد المنى‬
‫فى إجماله‬
‫قانٍ سمـى التـنزيل‬ ‫بزبور تــوراة وإنجيــل وفـــر‬
‫فى إنـزالــه‬
‫من خصصـوا منا‬ ‫وبأنبيــاء اهلل ثــم بــرســلــه‬
‫بخيـر نـوالـه‬
‫خلص فؤادى من‬ ‫وبسرأهل العزم منهـم برسلـه‬
‫ثقيل عقالـه‬
‫بـمحمد المختار أكرم مرسل كالقاب بـل أدنى دنـا‬
‫وبآلــه‬

‫‪26‬ـ العالمة الشيخ محمد األمير الكببير‬


‫المتوفى سنة ‪1232‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫ياواحد خضع‬ ‫بك يستغيث العبد بدء سؤالـه‬
‫الــورى لجالله‬
‫ميكال جبريـــل‬ ‫قلم ولـوح ثم اسرافيــل مــع‬
‫أمـين مقالــه‬
‫من عمها طـــرا‬ ‫وبأصل كل الكائنات وخيرها‬
‫هـدى إسالــه‬

‫‪133‬‬
‫زوج البتول من‬ ‫وبآلـــه وبصحبـــه السيمـــا‬
‫اعتلى بكماله‬
‫[شواهد الحق]‬

‫‪27‬ـ العارف باهلل الشيخ حسين الدجانى مفتى‬


‫يافا‬
‫المتوفى سنة ‪1274‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫إليك رسول اهلل وجهت وجهتى‬
‫وأرسلت فى ذخار جودك‬
‫مركبـى‬
‫فمن رسول اهلل منـك بنظــرة أزاحم فيهـا األصفيـاء‬
‫بمنكبى‬
‫[شواهد الحق ‪]335‬‬
‫وامنن بقرب فما‬ ‫عطفارسول الرضاللعبدمكرمة‬
‫للعبد تمهيـل‬
‫وما له فى سوى‬ ‫ما ثم للعبد ملجأ غير سيـــده‬
‫علياك تـأميـل‬
‫فليس إال إليك األمر‬ ‫أنت العياذ المالذ المستجار بـه‬
‫مـوكـول‬
‫[شواهد الحق ‪]384‬‬
‫قال أيضا ‪:‬‬

‫‪134‬‬
‫عم األنام فما سيحون‬ ‫ياأكرم الخلق يامن جودراحته‬
‫والنيل؟‬

‫‪28‬ـ الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهانى‬


‫التوفى سنة ‪1350‬هـ ـ ‪1932‬م‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫أى حرب من‬ ‫سيدى يا أبا البتـول دهتنــى‬
‫الخطوب زبون‬
‫بــديون لم أقضهــن‬ ‫وذنوبى قد أتقلتــى ودينـى‬
‫رهيـــــن‬
‫ــه تعـالى سـواك‬ ‫هذه حالتى ومالى لـدى اللـ‬
‫ركــن متين‬
‫كل صعب إذا‬ ‫فارض عنى وكن شفيعىإليه‬
‫رضيت يهـــون‬
‫[شواهد الحق ‪]402‬‬
‫فلقــد اوهى زمــامى‬ ‫يا أبا الزهراء كن لى مسعدا‬
‫جلــدى‬
‫أنت من بـين الورى‬ ‫لست أبغى من سواك المددا‬
‫معتمــدى‬
‫جاهك األعظم أقـوى‬ ‫وعلى ضعفى إذا صال العدا‬
‫عــددى‬
‫[شواهد الحق ‪]403‬‬

‫‪138‬‬
‫كنت فى الحال‬ ‫آه لـوال الجنـاح منى كسـير‬
‫للحجــاز أطــير‬
‫كــل كســر بأحمـــد‬ ‫ويقينى بأحمـد جبر كسـرى‬
‫مجبــــور‬
‫[شواهد الحق ‪]344‬‬
‫ماجار يومازمانىفاستجرب بـــه‬
‫إال أتى النصر وانزاحت به‬
‫الكرب‬
‫الترج خلقا ســواه للنـدى أبــدا‬
‫فعند هذا المــرجى ينتهى‬
‫الطلــب‬
‫[شواهد الحق ‪]335‬‬
‫ومن جوده فى‬ ‫نبىالهدى ياأعظـم الناس نــائال‬
‫العالممين عميم‬
‫شفيع لدى الرب‬ ‫ومن هو فىالدارين خير وسيلة‬
‫الكريم كريم‬
‫عـــرتنى هموم‬ ‫تدارك أغثنى فى أمورى فإننى‬
‫مسهــن أليــم‬

‫فأنت بأســرار‬ ‫وماذكر تفصيالتها لك ألزم‬


‫الغيوب عليم‬
‫[شواهد الحق ‪]399‬‬

‫‪139‬‬
‫‪29‬ـ أحمد شوقى أمير الشعراء‬
‫المتوفى سنة ‪1351‬هـ ـ ‪1932‬م‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫فىاهلل يجعلنى‬ ‫إن جل ذنبىعن الغفران لىأمل‬
‫فىخـــير معتصم‬
‫ألقى رجائىإذا عز المجـير على مفرج الكرب‬
‫فىالدارين والغمم‬
‫إذا خفضت جناح الذل أسأله عزالشفاعة لم أسأل‬
‫سـوى أمـم‬
‫وإن تقــدم ذو تقـوى بصالحة قـدمت بين يديـه‬
‫عـــبرة النــدم‬
‫لزمت بـاب أمير األنبياء ومـن يمســك بمفتاح باب‬
‫اهلل يغتنــم‬
‫فكل فضــل وإحسان وعارفـة مـا بين مستلم منــه‬
‫ومــلتـــزم‬
‫علقت من مدحه حبالً اعـزبه فى يوم العز باألسباب‬
‫واللحـم‬

‫‪31‬ـ اإلمام محمد ماضى أبو العزايم‬


‫المتوفى سنة ‪1356‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬

‫‪140‬‬
‫وعرشا للحقيقـــة‬ ‫رسول اهلل يانــور المـجالـــى‬
‫والكمــــال‬
‫بفضلك‪،‬واقض‬ ‫أفض ياسيدى بحـر العطايـــا‬
‫ياغوثى سؤالى‬
‫شــرابــا يبر لى‬ ‫وناولنى من الحــوض المعلــى‬
‫منــه اتصــالى‬
‫تحلـى منك باالحســان‬ ‫رجــوتك يارســول اهلل أل‬
‫حــالى‬
‫رضاك فجد وحقـك‬ ‫وجئت حماك ياطه وقصـدى‬
‫بالوصال‬
‫وسلــم بــالحقيقــة‬ ‫عليك اهلل قد صلــى حبيبى‬
‫والكمــال‬

‫‪31‬ـ الشيخ صالح الجعفرى‬


‫المتوفى سنة ‪1399‬هـ‬
‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬
‫إليك وأنت تسمع ما‬ ‫أبا الزهراء قد وجهت وجهى‬
‫أقـــول‬
‫فالحــاً دائمـــاً فيه‬ ‫بجاهك يارســول اهلل ارجــو‬
‫القبـــول‬
‫نبــى اهلل يـانعـــم‬ ‫فأنت المصطفى خــير البرايــا‬
‫الرســـول‬

‫‪141‬‬
‫وليس سواك يشفع‬ ‫شفيع الخلق فى يـوم الرزايــا‬
‫أو يقــول‬
‫ومدحك بغيتى وبه‬ ‫وأنت وسيلتى ما دمت حيــا‬
‫الوصـول‬
‫[مديح الفحول ‪]124‬‬

‫ملحق رقم ‪2‬‬


‫ويشتمل على ‪:‬‬
‫أوال‪:‬مبشرة تتعلق بالقصيدة المنفرجة لإلمام الغزالى رضى‬
‫اهلل عنه ثم‬
‫النص الكامل للقصيدة المنفرجه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قصيدة استغاثية للشيخ مصطفى البكرى ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قصيدة استغاثية للشيخ محمد األمير الكبير ثم إجازة‬
‫الشيخ النبهانى‬
‫بثبت الشيخ محمد األمير الكبير‪.‬‬
‫وهى جميعها مأخوذه من كتاب "شواهد الحق"‬

‫‪142‬‬
‫مبشرة تتعلق بالقصيدة المنفرجة لإلمام الغزالى‬
‫(*)‬
‫رضى اهلل عنه‬
‫قال العارف باهلل سيدى السيد مصطفى البكرى رضى اهلل‬
‫عنه فى كتابه [الشيوف الحداد فى أعناق أهل الزندقة‬
‫واإللحاد]‪ :‬ولقد منّ اهلل تعالى على عبدهه الجانى‪ ،‬والمسرف‬
‫المقصر المتوانى‪ ،‬أيام تبيضى لهذه الرسالة‪ ،‬يعنى‬
‫كتابه[السيوف الحداد المذكور] وكنت بيضت منها أربعة‬
‫كراريس‪ ،‬برؤية يوم األربعاء السابع من محرم الحرام عام‬
‫‪ ،1134‬وكان ذلك نهارا‪ ،‬فرأيت كأنى مجاور فى المدينة‬
‫المنورة على ساكنها أفضل الصالة وأتم السالم‪ ،‬ولى كل يوم‬
‫تردد على الحجرة النبوية والوقوف بين يدى خير البرية‪،‬‬
‫اللتماس بركاته التامة وإمدادته العامة‪ ،‬فجئت على العادة‬
‫فرأيت غالما أعرفه قد وقف قبالة الشباك الشريف وهو‬
‫يضحك عن احترام ذاك المقام المنيف‪ ،‬فانتهرته وقلت له‪ :‬أفى‬
‫مثل هذا المقام يكون الضحك‪ ،‬فانزجر الغالم‪ ،‬ثم إنى اعترانى‬
‫حال وبكاء بنحيب وأنا أنادى‪ :‬يارسول اهلل‪ ،‬نداء صب كئيب‪،‬‬
‫فرأيت ذاته الشريفة قد تمثلت لى فى صورة منيفة‪ ،‬وعلى‬
‫رأسه عمامة خضراء‪ ،‬قد عالها المهابة واألنوار ما يجل عن‬
‫الوصف قدرا‪ ،‬فأكببت عليه أقبل يديه‪ ،‬فأحنى علىوقال‪.‬‬
‫ساعدنا أو قال‪ :‬ساعد األمة‪ ،‬فقلت بماذايارسول اهلل؟ قال‪ :‬قل‬

‫(*) جامع كرمات األولياء للنبهانى ‪181/1‬‬

‫‪143‬‬
‫الأله إال اهلل‪ ،‬وأظنه كررها ثالثا‪ ،‬وقل‪:‬اهلل‪ ،‬وأظنه كررها‬
‫كذلك‪ ،‬فقلت على الرأس والعين يارسول اهلل‪ ،‬وقلت فى نفسى‪:‬‬
‫الحمد هلل هذا تلقين من رسول اهلل ‪ ،r‬لكنه بهذين االسمين‪،‬‬
‫ثم قال‬ ‫وأضمرت فى نفسى أنى أشتغل بهما امتثاال ألمره ‪r‬‬
‫عليه الصالة والسالم اقرأ قصيدة الغزالى‪ ،‬ففهمت أنها‪:‬‬
‫يــاربّ فعجـــل بالفــرج‬ ‫الشــدّة أودت بالمنهــــج‬
‫قال ‪ : r‬وزد فيها ثالثة أبيات‪ ،‬فقلت على الرأس والعين‬
‫يارسول اهلل‪ ،‬ثم مشى فتبعته فقلت‪ :‬يارسول اهلل إنى عملت‬
‫قصيدة على وزن قصيدة الغزالى وقد ذكرتها آخر ورد‬
‫السحر‪ ،‬فقلت فيها ‪:‬‬
‫أفضالك ربى منــك‬ ‫بالــذات يسرّ السرّ بمــــن‬
‫رجى‬
‫وبنـــور النـــور‬ ‫بحقيقتـــك العظمى ربـــى‬
‫المنبلـــج‬
‫بمحمــد من جــا بالبلـج‬ ‫بعمـــــاء كنـــت به أزال‬
‫فقال ‪ : r‬من اين لك هذا المدد؟ فقلت منك يارسول اهلل‪،‬‬
‫قال نعم‪ ،‬ثم قال‪ :‬اقرأ قصيدة الغزالى‪ ،‬فقلت على الرأس‬
‫والعين‪ ،‬ولم أزل مسايره حتى وصلت إلى باب السالم‪،‬‬
‫فأردت أن أودعه وأنصرف فانحنيت لتقبيل يده الشريفة‪،‬‬
‫فانحنى علىّ فنزلت على أقدامه الشريفة وأنا أبكى وكأنى‬
‫غائب مدهوش من هيبته‪ ،‬وكشفت رأسى وأمسكت ما عليه‬
‫بيدى اليمنى‪ ،‬وصرت أمسح وجهى ورأسى بدون حائل على‬
‫أقدامه الشريفة والبكاء غالبنى‪ ،‬ثم إنى لما أردت الخروج لم‬
‫أولِّه ظهرى حتى غيِّب عنى‪ ،‬وصرت أقول فى نفسى‪ :‬من‬
‫أنت حتى يخاطبك سيد األنام‪ ،‬ويحنو عليك ويتلطف معك‬

‫‪144‬‬
‫بمثل هذا الكالم‪ ،‬وأنا أبكى‪ ،‬فواجهنى بعض األخوان‬
‫وأخبرنى أن الغالم الذى زجرته أخبر أن فالنا له مدد من‬
‫رسول اهلل ‪ ، r‬والحال أنه خرج قبل أن يرى شيئا ولم يكن فى‬
‫المسجد أحد‪ ،‬فحمدت اهلل سبحانه وتعالى على هذه النعمة‪،‬‬
‫ومحل الشاهد من هذه الرؤيا قوله ‪ : r‬من أين لك هذا المدد؟‬
‫وقولى منك؛ وقوله ‪: r‬نعم؛ وقوله عليه الصالة والسالم اقرأ‬
‫قصيدة الغزالى‪ ،‬فهمت منه أن هناك شدة ستحصل‪ ،‬وأمرنى‬
‫أن أسأل تعجيل الفرج‪ ،‬فما مضى ذلك اليوم والذى بعده حتى‬
‫حصلت شدة عظيمة‪ ،‬ويوم وقوعها رآه ‪ r‬بعض إخوننا وهو‬
‫فى السماء السابعة‪ ،‬لكنه عليه الصالة والسالم فى حركة‪،‬‬
‫فسأل رجال هناك فقال‪ :‬إنه فى حركة الشفاعة‪ ،‬وفهم أنها فى‬
‫الفقير‪ .‬انتهى كالم سيدى مصطفى البكرى بحروفه‪.‬‬
‫وهذه قصيدة اإلمام الغزالى رضى اهلل عنه‪:‬‬
‫يـــارب فعـجــل‬ ‫الشـــدة أودت بــالـمهـــج‬
‫بــالفـــرج‬
‫وبيـــدك تفريــــج‬ ‫واألنفس أمست فى حــرج‬
‫الــحرج‬
‫والويــل لهــــا إن لم‬ ‫ها جت لدعـاك خواطرنـــا‬
‫تهــــج‬
‫عادتــك باللطـــف‬ ‫يامن عوّدت اللطـف أعـــد‬
‫البهــج‬
‫وافتح ما ســـد من‬ ‫وأغلـق ذا الضيـق وشدتـــه‬
‫الفــرج‬
‫واألنــفس فى أوج‬ ‫عجنــا لجنـابــك تقصـــده‬
‫الوهــج‬

‫‪145‬‬
‫يــاضيعتنـــا إن لم‬ ‫وإلى أفضـــالك يــا أمــلى‬
‫نعــــــج‬
‫أو للمضطر ســــواك‬ ‫من للملهوف سواك يغــث‬
‫نجــى‬
‫عن بابــك حتى لم‬ ‫وإساءتنـــا أن تطردنــــــــا‬
‫نلـــــج‬
‫ك أبجت له ما منــك‬ ‫فلكم عاص أخطا ورجــــا‬
‫رجى‬
‫قد ضاق الحبل على‬ ‫يــاخلــقنـــا‬ ‫ياسيدنــــا‬
‫الــودج‬
‫مـا بين مكــيريب‬ ‫وعبـــادك أضحــــو فى ألم‬
‫وشجـــى‬
‫واألعين غـــارت فى‬ ‫واألنس صــارت فى حــرق‬
‫لجـــج‬
‫يــاأزمـــة عـــلك‬ ‫واألزمـــة زادت شــدتهـــا‬
‫تنفـرجـى‬
‫ولســـان بالشكوى‬ ‫جئنــاك بقـلــب منـكســـر‬
‫لـهـــج‬
‫لكن بــرجــائـك‬ ‫والــوف الـزلة فى وجــــل‬
‫ممـتـــزج‬
‫ـذنب بنشر الرحـمة‬ ‫فكم استشفى مـزكــوم الـ‬
‫واألرج‬
‫فيــه األحــوال مــن‬ ‫وبعينـــك ما نلقـــاه ومـــا‬
‫المــرج‬
‫قلــت ادعــونى‬ ‫والفضل أعـم ولكــن قـــد‬
‫فـلنبتهـــج‬

‫‪143‬‬
‫ربّ األربــاب وكل‬ ‫فبكـــل نبى نســــأل يــــا‬
‫نـجـى‬
‫وبما قد أوضــح من‬ ‫وبفضل الذكــر وحكمتـــه‬
‫نهـــج‬
‫وضيـــاء الــنــور‬ ‫وبسرّ األحـــرف إذ وردت‬
‫المنبلـــج‬
‫وبمــا فى واح مــع‬ ‫وبســـرّ أودع فى بــطــــد‬
‫زهــج‬
‫من بسم اهلل لذى‬ ‫وبسرّ البــــاء ونقــطتهــــا‬
‫النهـــج‬
‫وبقهر القاهـــر‬ ‫وبقـــاف القهــر وقوتهـــا‬
‫للمهـــــج‬
‫وعموم النفــع مـع‬ ‫وبــبرد المـــــاء وإساغــتـــه‬
‫الثلـــج‬
‫وبســـرّ الحرقـــة‬ ‫وبســرّ النـــــار وحدتهــــا‬
‫والنضــج‬
‫وبما خـرجت مــن‬ ‫وبـما طعمــت من التطعــيم‬
‫الضــرج‬
‫ذا البطش أغث ياذا‬ ‫يــاقاهــر ياذا الشــدة يـــــا‬
‫الحجـج‬
‫ومصيبتنــا من حيث‬ ‫يــاربّ ظلمنــا أنفســـــــنا‬
‫نــجى‬
‫فلهـذا نـدعــو‬ ‫يـارب خلقنا من عجــــــل‬
‫باللجـــــج‬
‫أنى والقلــب على‬ ‫يـــارب وليس لنــا جلــــد‬
‫وهــــج‬

‫‪144‬‬
‫يدعـــون بقلـــب‬ ‫يــاربّ عبيدك قـد وفــدوا‬
‫منزعـــج‬
‫أحـد يرجـــون لـدى‬ ‫يــارب ضعاف ليس لهــــم‬
‫الهـرج‬
‫أضحـــو فى الشدة‬ ‫يــارب فصاح األلسن قــد‬
‫كالهمج‬
‫يعــــدو يسبقــه ذو‬ ‫السـابــــق منـــا صــار إذا‬
‫العــرج‬
‫جلت عن حيف أو‬ ‫والحكــمة ربى باللغـــــــة‬
‫عــــوج‬
‫فأغثنـــا باللطــف‬ ‫واألمـــر إليـك تـــدبــره‬
‫البـهـــج‬
‫والخيبـــة إن لــــم‬ ‫وادأراج بالعفــو إساءتنـ ــا‬
‫تنـــدرج‬
‫إال مـــوالك لـه‬ ‫يانفــس ومالك من فـــرج‬
‫فعــجـــــى‬
‫ولبـــاب مكارمـــه‬ ‫وبــه فلــذى وبـه فعـــدى‬
‫فلـجــى‬
‫كى تنبسطــىكــى‬ ‫كى تنصلحى كى تنشرحى‬
‫تبتهجى‬
‫أضحوا فىالحندس‬ ‫و يطيب مقامــك مع نفــر‬
‫كالسراج‬
‫من بيــع األنفــس‬ ‫وفـــوا هلل بمــا عهـــــدوا‬
‫والمهـــج‬
‫ذو الرتبــــة‬ ‫وهـم الهــادى وصحابـــته‬
‫والعطــر األرج‬

‫‪148‬‬
‫شرف الجرعـــاء‬ ‫قوم سكنوا الجرعاء وهــم‬
‫ومنعــرج‬
‫عمتـه وظالم الشرك‬ ‫جاوا للكــون وظلمتـــــه‬
‫دجــى‬
‫والظلمـــة تـمحى‬ ‫ما زال النصــر يحفهـــــم‬
‫بالبهـــج‬
‫د الدين عـــزيـزا فى‬ ‫حتى نصروا اإلسالم فعــا‬
‫بهــج‬
‫مــرّ األيــام مــع‬ ‫فعليـــه صــلى الربّ على‬
‫الحجـــج‬
‫وكــذا الفاروق وكل‬ ‫وعلى الصديـــق خليفتــه‬
‫نـجى‬
‫ر وفــى أعـــلى‬ ‫وعلى عثــمان شهيد الدا‬
‫الــــدرج‬
‫وكذا األزواج وكل‬ ‫وأبى الحسنين مــع األوال‬
‫شجى‬
‫ل وســار السائر فى‬ ‫ما مال المـال وحـال الحـا‬
‫الدلج‬
‫عجــل بالنــصر‬ ‫يـــاربّ بهــم وبـآبهـــم‬
‫وبالفـرج‬
‫وقد رأيت أن أختم هذا الباب بذكر استغاثتين جليلتين‬
‫إلمامين جليلين‪ :‬أحدهما العارف باهلل سيدى السيد مصطفى‬
‫البكرى‪ ،‬والثانى اإلمام الكبير الشهير سيدى الشيخ محمد‬
‫األمير الكبير‪ ،‬ولم أذكرهما فى قافية الالم وإن كانتا الميتين‬
‫اعتناء بشأنهما لما اشتملتا عليه من االستغاثة بالنبى ‪ r‬وبعض‬
‫أكابر أولياء أمته بحيث تصلح كل واحدة منهما أن تكون وردا‬

‫‪149‬‬
‫مستقال‪ ،‬وهما غير موجودتين فى المجموعة النبهانية(*)‪،‬‬
‫ألنهما اليحسبان من المدائح النبوية‪ ،‬ولكنهما من االستغاثات‬
‫المرضية‪ ،‬وقد نقلت قصيدة سيدى مصطفى البكرى من‬
‫مجموعة أوراد له ذكر فيها هذه القصيدة االبتهاليه وهى قوله‬
‫رضى اهلل تعالى عنه‪:‬‬
‫وبعرشــه األعلى‬ ‫أدعــــو بالســر المصــون وآلــه‬
‫بنــور جاللــه‬
‫وبمـا نـــراه من بديــع‬ ‫برفيـع ذات قدســـت وتوحدت‬
‫فعـــالــه‬

‫(*) هى سفر جليل جمع فيه اإلمام النبهانى مجموعة كبيرة من المدائح‬
‫النبوية فى أربعة مجلدات بدءاً من مدائح الصحابة رضوان اهلل تعالى‬
‫عليهم وما بعدهم من القرون إلى زمنه رحمه اهلل‪ ،‬وقد قدم له برسالة‬
‫أسماها"الخالصة الوفية فى رجال المجموعة النبهانية ومقدار ما لكل‬
‫واحد منهم فيها من المدائح النبوية"وأتبعها بمقدمه طويلة من اثنى عشر‬
‫فصالً احتوت على فوائد عظيمة فى مدح رسول اهلل ‪.r‬قال فى المقدمة‬
‫عن هذه المجموعة‪ :‬إنى قد بذبلت جهدى فى جمعها من البالد البعيدة‬
‫والقريبة حتى حصلت على مقادير وافره من درر بجور األولياء‬
‫والعلماء‪ ،‬وغرر فحول األدباء والشعراء‪ ،‬واخترت منها بحكم الذوق‬
‫واالجتهاد ما أشبتُّه فيها‪ .‬مع شرحى لغريب ألفاظها ومعانيها ‪ ..‬فدونكها‬
‫مجموعة جامعة ألبكار المحامد المحمدية‪ ،‬ساطعة بأنوار = المدائح‬
‫األحمدية‪ .‬قد جمعت غرر القصائد النبوية فكانت غره فى جبين الزمان‪،‬‬
‫وتممت درر المحامد المصطفوية‪ ،‬فكانت عقوداً لنحو حور الجنان‪ ،‬فهى‬
‫سيدة المجاميع كما أن ممدوحها صلى اهلل عليه وسلم سيد الجميع‪ ،‬وهى‬
‫السفينة الكبرى‪ ،‬بل المدنية العظمى لكونها اشتملت على أكثر من‬
‫عشرين ألف بيت كلها عامرة بمحاسن الصفات واألسماء‪ ،‬فالشكر هلل‬
‫على هذه النعمة العظيمة(طبعت فى القاهرة بمطابع مصطفى البابى‬
‫الحلبى‪،‬وفى بيروت بدار الكتب العلمية)‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫ى‬
‫وبمن تهيـــم فى عل ّ‬ ‫وبكل أمـــالك السمـوات العلى‬
‫جمـــالـــه‬
‫من زائــر أو‬ ‫وببيتـــه المعمـــور يــــد المنــى‬
‫طائـــف بظـاللــه‬
‫من بعد ما قد كان فى‬ ‫وبعلم لـــوح فصلتــه يــد المنى‬
‫إجمـالــه‬
‫قــان سمى التنزيــل‬ ‫بزبــور تــــوارة وإنجيـــل وفـر‬
‫فى إنــزالـه‬
‫من خصصـوا منــا‬ ‫وبأنبيـــاء اهلل ثــم بـرســـولــه‬
‫بخير نوالــــه‬
‫خلص فؤادى من‬ ‫وبسر أهـــل العـزم منهم سيدى‬
‫ثـقيــل عقالـه‬
‫كالقــاب بل أدنى دنـا‬ ‫بمحمد المختـــار أكرم مرســـل‬
‫وبآلــــه‬
‫مَنْ قد سُقوا من‬ ‫وبِصُحبِه السادات أربـاب التقى‬
‫سَلسَبيلِ زُاللِه‬
‫ورفيقهِ فى الغا ِر‬ ‫بصَديقـــهِ وأمين غيبـــةِ سِّـــره‬
‫وارِث حَالِـــهِ‬
‫مَنّ والفَقَ الذِكرُ الحكِيُم‬ ‫وكذَاكَ بالفاروقِ نِعمَ مُحَدِّثـــا‬
‫بِقالــهِ‬
‫مَنّ عَنهُ بَــايَع أحمــ ٌد‬ ‫وكذا بِذى النُّورينِ عُثمانِ التَّقىِ‬
‫ِبشَمالِـــهِ‬
‫ج ِر‬
‫مَنّ حَلِّ كُلَّ الفَ ْ‬ ‫وبإبـن عَمِّ المصطفى بطل الوغـى‬
‫اللِــه‬‫فى أط َ‬
‫س‬
‫ِء يَقينـَــهُ إذ كان شم َ‬ ‫بابِ المدينةِ لم يَزد كَشفُ الغطـا‬
‫زَوالـــهِ‬

‫‪151‬‬
‫عــدُّوا بِه من خَصَّهُم‬ ‫وبِمنّ همُ فى عِــــدَّةِ النُقَبــاءِ إنّ‬
‫بِكمالـــهِ‬
‫يوم اللقا ما اشتقاق‬ ‫بالتابعـــين لهـــم وتــابِعهِـــم إلى‬
‫ل وصالهِ‬ ‫أه ُ‬
‫فوق السمــاك وقد‬ ‫بأبى حنيفـــة من سمــا بعلــومــه‬
‫عال بخصاله‬
‫من لم يكن مر السـوى‬ ‫وبابن إدريس المكمل فى الــورى‬
‫فى بـالـه‬
‫ضاءالوجود وضاع‬ ‫وبمالــك علــم المدينــــة من بــه‬
‫عرف رجاله‬
‫فرد المقـــام فــال‬ ‫وبأحمد المحمــود أوحــد عصــره‬
‫يرى كمثالـــه‬
‫والمــــاتريدى الســنى‬ ‫وباألشعرىمن فاق فى توحيـــده‬
‫بحــــالــه‬
‫فى الضبط لم ينسج على‬ ‫وبمسلــم ثـم البخـــارى الـــذى‬
‫منوالـه‬
‫أيضا بـــداود السخــى‬ ‫وكـــذاك بالبصـرى ثم حبيبهــم‬
‫بمــــالـه‬
‫معروف الكوخى‬ ‫وبعبدك المعروف فىأهل السمــا‬
‫وحسن خاللـه‬
‫وببـشر الحـــافى لخلـــع‬ ‫وبابن أدهــم ثم بابـن خفيفيهـم‬
‫نعالـــه‬
‫مـــان كــذا بالتســترى‬ ‫بفضيل بن عياض ثم بشـــاه كـر‬
‫الوالــه‬
‫قد فـــاز بالمطلوب من‬ ‫بالـــواسطى بأبى سليمـان الــذى‬
‫إقبــالــه‬

‫‪152‬‬
‫ى‬
‫ـبحـر السر ّ‬ ‫وبمن سرىفىالكون طيب عبيره الـ‬
‫المـرتقى بفعـــالــه‬
‫مـن لم يفتــه الفـــذ مــن‬ ‫وبقطب دائرة الوجــود جنيدهـم‬
‫مالــه‬
‫غـــير المنى مــامر‬ ‫أيضــا وبالشبلى أبى بكــر الذى‬
‫قــط ببـــالــه‬
‫دينور فيـه وقــد زهت‬ ‫وبسر ممشاد الذى قـــد شرفـت‬
‫بكمالــه‬
‫قد فاق أهـــل القرب فى‬ ‫بأبى سعيــد ذلك الخــرار مــن‬
‫إجالله‬
‫تتضــوع األكــوان من‬ ‫وبكل مل حوت الرسالة من فتى‬
‫أذيــالــه‬
‫قـــدمى فقـــال مؤيـدا‬ ‫وبمـن لـــه أذن الحبيب بقـــولــه‬
‫فى قالــه‬
‫عــزت مــــداركــه‬ ‫موالى عبد القــادر الفـرد الذى‬
‫على أمثالــه‬
‫ســامى الفتـــوة‬ ‫بــأبى اللثــامين الهمــام المرتضى‬
‫فـاتــك بقتالــه‬
‫ودعــا لمولــده وقــــرب‬ ‫كم فيك من أسرى بشدة بأسـه‬
‫ظاللــه‬
‫من دمعــه قـد جــاد‬ ‫بابن الرفـــاعى الرفيـــع جاللــة‬
‫فى أرسالـه‬
‫ولقـد سقى الظمآن من‬ ‫وبذله قـد صــار شيخ عواجـــز‬
‫جـريا له‬
‫بالجــد ســـار ولم يمــل‬ ‫وبرابع األقطـــاب إبراهيــم من‬
‫بمــاللــه‬

‫‪153‬‬
‫أوج العـلى بــل ذاك‬ ‫ذاك الــدسوقى اإلمام المـــرتقى‬
‫من أقبــالــه‬
‫زاكى الصفا السامى‬ ‫وبتـاج كل العارفين أبى الوفـــا‬
‫على أشكـاله‬
‫مــن يستطيـع الصبر‬ ‫أسداألسودلدى اصطالنارالوغى‬
‫مع أشبــالــه‬
‫يــارب أوصــــل‬ ‫بالحـــاتمى الخــــاتمى كنز الغنى‬
‫جبلنــا بحبــالــه‬
‫وسواه فى التحقيق مثل‬ ‫بدر لــدى جو السماء مكمــل‬
‫هــــالله‬
‫عشــر وأعطـــاه‬ ‫بالشاذلىّ من استقـى من أبحـــر‬
‫المنــى لسؤالـــه‬
‫هو فى حمى التقريب‬ ‫وبسيدى المــرسى وارثــه الذى‬
‫من أبطالــه‬
‫يــاقوتــه العرشى وارث‬ ‫وبكل من سلكوا طريقتــه كذا‬
‫حــالــه‬
‫من ناســـخ فسطـا‬ ‫وبمن لنا غزل الرقيــق فلم يجــد‬
‫على مغزالــه‬
‫مهجــا قست فأنـارهــا‬ ‫أحيا عــلوم الدين كم أحيـا بــه‬
‫بجمالــه‬
‫أبــــداله نقـبــائــه‬ ‫وبأهــل هذا الوقت من أقطابــه‬
‫ورجـــــالــه‬
‫وحباهــم موالى من‬ ‫وبكل من قــد قدموا وتقدمــوا‬
‫أفضــــالــه‬
‫فى بحــــره ورمــالــه‬ ‫وبكل من سكن الوجــود وخيموا‬
‫وجبــالــه‬

‫‪154‬‬
‫قوم لقــد خصوا‬ ‫وبمن هم باقــــون من أهــل الـوال‬
‫بوصف داللــه‬
‫ـعبــاس من أحيا بمــاء‬ ‫بنقيبهــم خضــر وكنيتــه ابـو الــ‬
‫وصالـــه‬
‫إال الــذى لم يلـق نور‬ ‫حى وحقــك لم يقــل بـــوفــاتــه‬
‫جمـــالــه‬
‫أزكى ســالم طــاب فى‬ ‫فعليــه منــى كلمـا هــب الصبــا‬
‫أرساله‬
‫ب‬‫الص ِ‬
‫خَِّلصْ فــؤادَ َّ‬ ‫يــاربنـا فبجبــاه من ذُكـرِوا هنــا‬
‫مِن إِعاللِــ ِه‬
‫ن‬‫فى الذِ ْكرِ خَفــفْ عنه مِ ْ‬ ‫شفْ له ماقد َكشَ ْفتَ لهُم بـما‬ ‫واك ِ‬
‫أثقاله‬
‫طــهَ البشــــي ِر‬ ‫واطلِقْ قيُـــودى بالحبـيب المُجتَبَى‬
‫الهـــاشمـى وآلِــــهِ‬
‫صَقَلـُوه فارتاحُوا‬ ‫والصُحبِ مَنْ للقلب فىحُبِّ المُنى‬
‫حسْن صقالــ ِه‬ ‫لُ‬
‫أدعـــوا بالسر‬ ‫واغفر لغبَدك مصطفى ما أنشدت‬
‫المصــون وآللـــه‬
‫وقال شيخنا الشيخ حسن العدوى المصرى فى‬
‫كتابه(النفحات الشاذلية شرح البردة البوصيرية) وقد نظم شيخ‬
‫مشايخنا خاتمة المحقيقين وعمدة أهل التمكين الجامع بين‬
‫الحقيقة والشريعة العالمة سيدى محمد األمير الكبير(*) رجال‬
‫السلسلة متوسال بهم إلى للله تعالى ومستغيثا بهم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ياواحدا خضع الـــورى‬ ‫بك يستغيث العبـد بدء سؤالــه‬

‫(*) انظر ترجمته ص‬

‫‪155‬‬
‫لجاللــه‬
‫ميكــال جبريــل أمين‬ ‫قلـــم ولــوح ثم إسرافيــل مع‬
‫مقـــالــه‬
‫من عمهـا طــرا هــدى‬ ‫وبأصل كل الكائنات وخيرهـا‬
‫إرسالــه‬
‫زوج البتــول من اعتلى‬ ‫وبــآلـه وبصحبــه ال سيــمــا‬
‫بكمالــه‬
‫من أصلــح الفئتـين‬ ‫وبسبط أحمد نجله حسن الهــدى‬
‫حسن فعـاله‬
‫زاح الضـــاللة‬ ‫بسميـه البصـرى تابعـــه الــذى‬
‫والشكوك بقالــه‬
‫ود ومعـروف ســرى‬ ‫بحبيب العجــمى بالطـــائـى دا‬
‫مجــــالــه‬
‫خلص عبيدك من قيود‬ ‫بجنيــدهــم شبليــهم يـا ربنـــا‬
‫عقــالــه‬
‫مــوالى عبد اهلل قطب‬ ‫بتنــا وريهــــم المعظـــم قــدره‬
‫رجالــه‬
‫قطــع المفــــاوز‬ ‫وبعبــد رحـمن هو المــدنى من‬
‫فاحتظى بوصاله‬
‫ربـى فأحســن فى ربــا‬ ‫وكذاك بابن بشيش الليث الذى‬
‫أشبالـــه‬
‫نشر الطريقــة فاحتمى‬ ‫بالشاذلى على أبى األقطـاب من‬
‫بظــاللــه‬
‫أى من تفـــرد لى‬ ‫خــاطبتــه ســـرا بأنت الشاذلى‬
‫وعـــز بحـــالـه‬
‫نبــه فـــؤادى من‬ ‫بالمغـربى وبالقــــرافى سيـــدى‬

‫‪153‬‬
‫غــوى آمالـــه‬
‫راعى النجائب فى‬ ‫وكذاك بالبــدوى عبنـوس الفتى‬
‫منابت ضــالـه‬
‫جراحى والهنتــان ذى‬ ‫بالعارف الهندى أبىالفضل وبالر‬
‫إحـــاللــه‬
‫ثـــم الجــزولى‬ ‫بمحمــد أمغــــار أزمــوريــهم‬
‫للـــدالئــل وآلـــه‬
‫مـــوالى ادرك حـــائرا‬ ‫وبعبدك التيــاع والغــزوان يــا‬
‫بكــاللــه‬
‫والقطب عيس أنقذه من‬ ‫بالطالب القطــب المـــالذ محمد‬
‫إضـاللــه‬
‫الى الشريف حليف‬ ‫باألنجــرى علىّ وعبد اهلل مــو‬
‫ذخــر مآلــه‬
‫الجــوهــرى من عمنـــا‬ ‫بالواصــل القـصرى ثم بأحمــد‬
‫بنـــوالــه‬
‫من ينزل الرحــمات‬ ‫حاوى الشريعة والحقيقة شيخنا‬
‫ذكر مثــالـه‬
‫قـد أخلص النيــات فى‬ ‫وكذا بعمدتنا العفيفى نعـم من‬
‫أعمـــاله‬
‫وكــذا سمــا األتباع من‬ ‫شيخ سما فوق السماك مقامـــه‬
‫إيصالــه‬
‫فـوفى ووفى واستقــى‬ ‫عبـدا أراد بــه الـهـدى وهدى بـه‬
‫بحبــالــه‬
‫إذ لم يخـب يوم النـدى‬ ‫مأل المــدائن والــبــوادى ذكـــراه‬
‫بسؤالــه‬
‫لما نحــاه مـحـــا رســوم‬ ‫كــم مكــرب لعبت به أيـــامــــه‬

‫‪154‬‬
‫خبالــه‬
‫متمثــال يــاسعيــد فى‬ ‫ياسعــد عـرّج بالمطىّ لــرحــابــه‬
‫أطاللـــه‬
‫جعـل اللثـــام له كمثل‬ ‫والثم ثــــراه فــإنـه قــد فــاز من‬
‫نعــالــه‬
‫واجنى ثمـار األنس فى‬ ‫واستغنم اللــذات فى ذاك الحـمى‬
‫أطــاللــه‬
‫فيــاض أمــداد النــدى‬ ‫واسأل بــه ما شئت تعــط فإنـــه‬
‫هطـالــه‬
‫وغؤينهم ومن اقتـــدى‬ ‫والزم طريقــة صحبــه كأسيرنــا‬
‫بفعـالـــه‬
‫وبأحمــد المختــار ثـــم‬ ‫فبحــق أشيــــاخ لنا يــا ربنـــــا‬
‫بآلـــــه‬
‫واسلك بنــا جمعـا على‬ ‫صــلى عليــه مسلمــا وعليــهــم‬
‫منــوالـه‬
‫وارحم ذليال ضــاق‬ ‫واختم بخـير يــاكريــم وكـن لنــا‬
‫من أثقالــه‬
‫قد حارت األلباب من‬ ‫واصرف بفضلك سيدىعنا األذى‬
‫أهـــواله‬
‫أنــت المحبيب لـكل‬ ‫يـاربنــا يـــا ربنـــا يــــا ربنــــا‬
‫داع وآلـــه‬
‫وبمـا دعــاك به‬ ‫فبسرّ آيات الكتــاب ومــا حوى‬
‫الرســول بقالـه‬
‫من مكرهــم وامنعـه‬ ‫فـــرق جميـــع المفسدين ونجنــــا‬
‫من إيصالـه‬
‫واحفظه من كيد‬ ‫واسمح لناظمهــا بنيــل مــرامـــه‬

‫‪158‬‬
‫الزمان وحالــه‬
‫واحفظه من كيـد‬ ‫واسمــح لقارئــهـــا بنيــل مرامــه‬
‫الزمان وحالـه‬
‫واحفظه من كيـد‬ ‫واسمــح لسامعهـــا بنيـــل مرامـه‬
‫الزمان وحالـه‬
‫لنبينــــا وشفيعنـــا‬ ‫وأدم صالتك والسالم مع الرضــا‬
‫وآللــــه‬
‫أو رنم لحــادى لشبـد‬ ‫ما دامت األفالك أو هــب الص بـا‬
‫وحـــالــه‬
‫بك يستغيث العبــد بدء‬ ‫أو تــــم العــبد األميــر محمــد‬
‫سؤالـــه‬
‫يقول جامع هذا الكتاب الفقير يوسف النبهانى عفا عنه‪ :‬إن‬
‫الشيخ األمير الكبير المذكور هو صاحب الثبت المشهور‪ ،‬وقد‬
‫أجازنى بثبته وما اشتمل عليه من علوم الشريعة والطريقة‬
‫ومن كل معقول ومنقول شيخى اإلمام العالمة الشيخ إبراهيم‬
‫السقا المصرى عن الشيخ محمد األمير الصغير عن والده‬
‫األمير الكبير المذكور‪ ،‬فهو رضى اهلل عنه فى العلم والطريق‬
‫من أكابر أجدادى وإسناده فهذا إسنادى‪ ،‬وحيث إن النظم‬
‫اليسع التعريف التام بأسماء مشايخ سلسلة الطريقة الشاذلية‬
‫الذين ذكرهم‪ ،‬فها أنا أعيد أسماءهم نثرا لزيادة اإليضاح‬
‫ولتحصل زيادة البركة بتكرار أسمائهم الشريفة رضى اهلل‬
‫عنهم‪ ،‬فأقول‪:‬‬
‫قد أجازنى بالطريقة الشاذلية فى ضمن إجازته العامة‬
‫شيخنا الشيخ إبراهبم السقا الشافعى المذكور عن شيخه الشيخ‬
‫محمد األمير الصغير المالكى عن أبيه اإلمام الشهير الشيخ‬
‫محمد الكبير عن اإلمام العالمة الشيخ أحمد الجوهرى‬

‫‪159‬‬
‫الشافعى والعارف باهلل الولى الشهير سيدى عبد الوهاب‬
‫العفيفى المالكى كالهما عن سيدى عبد اهلل بن القصرى‬
‫الكنكسى المغربى‪ ،‬وهو أخذ عن القطب الربانى والفرد‬
‫ا لصمدانى وموالى عبد اهلل بن إبراهيم الشريف العلمى‪ ،‬أقام‬
‫فى القطبانية نيفا وثالثين سنة ولم يقبل على الناس إال بإذن‬
‫من رسول اهلل ‪، r‬وكان ورده كل يوم خمسة وعشرين ألف‬
‫صالة على النبى ‪ ،r‬وهو أخذ عن سيدى أحمد األنجرى‪ ،‬وهو‬
‫أخذ عن سيدى أبى مهدى عيسى بن أبى محمد الحسن بن‬
‫عيسى المصباحى‪ ،‬مات شهيدا منذ سبعين ونيف وتسمعائة‪،‬‬
‫ودفن فى روضة أبيه بالدعداية من أعمال القصر بالمغرب‪،‬‬
‫وهو أخذ عن سيدى أبى عبد اهلل محمد بن على بن مهدى بن‬
‫عيسى بن أحمد الهرواى الزمرانى المعروف بالطالب‪ ،‬توفى‬
‫سنة ‪ ،935‬ودفن خارج باب القليعة من داخل باب الفتوح من‬
‫أبواب فاس‪ ،‬وهو أخذ عن أبى محمد سيدى عبد اهلل الغزوانى‬
‫نزيل مراكش ودفينها‪ ،‬توفى سنة ‪ ،935‬وهو أخذ عن سيدى‬
‫أبى محمد عبد العزيز بن عبد الحق الحرار المعروف بالتباع‬
‫نزبل مراكش أيضا ودفينها‪ ،‬توفى سنة ‪ ،914‬وهو أخذ عن‬
‫سيدى أبى عبد اهلل محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن‬
‫سليمان الجزولى‪ ،‬ثم السماللى صاحب دالئل الخيرات‪ ،‬سلك‬
‫رضى اهلل تعالى عنه اثنا وساتمائة وخمسا وستين مريدا‬
‫وتوفى بأفوغال من بالد مطرازة وهو ساجد فى السجدة‬
‫األولى من الركعة الثانية من صالة الصبح يوم األربعاء من‬
‫شهر ذى القعدة الحرام سنة ‪ 839‬ثم نقل إلى مراكش بعد‬
‫سبعين سنة من موته‪ ،‬ودفن بها‪ ،‬ولما نقل وجد جسمه كيوم‬
‫وفاته لم تعد عليه األرض ولم يغير طول الزمان منه شيئا‪،‬‬
‫وهو رضى اهلل عنه أخذ عن سيدى أبى عبد اهلل محمد بن عبد‬

‫‪130‬‬
‫اهلل مغار المنيطى‪ ،‬وفى استغاثة الشيخ األمير أنه يقال له‬
‫األزمورى‪ ،‬وهو أخذ عن سيدى أبى عثمان سعيد الهرتنائى‬
‫كذا فى عبارة شيخنا العدوى المنقولة عن شيخنا الشيخ البهى‪،‬‬
‫ةفى نظم األمير بلفظ الهنتانى فال أدرى هل هما صحيحان أو‬
‫أحدهما محرف؟ وهو أخذ عن سيدى أبى زيد عبد الرحمن‬
‫الرجراجى وأقام بحرم اهلل عشرين سنة‪ ،‬وهو أخذ عن الشيخ‬
‫أبى الفضل الهندى‪ ،‬وهو أخذ عن الشيخ عينوس البدوى‬
‫راعى اإلبل أويسى زمانه‪ ،‬وأخذ عن شيخ اإلسالم سيدى على‬
‫البدر القرافى صاحب الذخيرة‪ ،‬وهو أخذ عن سيدى أبى عبد‬
‫اهلل المغربى السائح دفين دمنهور البحيرة‪ ،‬وهو أخذ عن قدوة‬
‫الصالحين ومجمع طرق المسلكين وخالصة صفوة العصابة‬
‫الهاشمية وذروة غرة ثمرة الشجرة النبوية‪ ،‬تاج العارفين‪،‬‬
‫وإمام الواصلين القطب أبى األقطاب‪ ،‬الذى أطلعه اهلل على‬
‫جميع أتباعه وهم فى فى األصالب‪ ،‬الفرد الغوث الجامع‬
‫سيدى أبى الحسن الشاذلى على بن عبد اهلل بن عبد الجبار بن‬
‫تميم الرشيف اإلدريسى الحسنى الفاطمى العلوى صاحب‬
‫الطريق ومظهر لواء التحقيق‪ ،‬ولد رضى اهلل عنه بالمغرب‬
‫األقصى عام ثالث وتسعين وخمسمائة‪ ،‬وتوفى بصحراء‬
‫عيذاب وهو قاصد الحج سنة ‪ ،353‬وهو أخذ عن أبى محمد‬
‫سيدى عبد السالم بن بشيش بن منصور بن إبراهيم الحسنى‬
‫اإلدريسىتوفى شهيدا سنة ‪ ،322‬وهو أخذ عن سيدى ألبى‬
‫محمد عبد الرحمن بن الحسين الشريف الحسنى العطار‬
‫المدنى نسبة لمدينة الرسول ‪ r‬الشهير بالزيات لسكناه بحارة‬
‫الزياتين‪ ،‬وهو أخذ عن سيدى عبد اهلل التنايرى كذا فى عبارة‬
‫شيخنا العدوى وهو فى نظم الشيخ األمير بلفظ التناورى‪،‬‬
‫وهو أخذ عن األستاذ أبى بكر الشبلى دلف بن جحدر عن‬

‫‪131‬‬
‫األستاذ سيد الط ائفة أبى القاسم الجنيد بن محمد القواريرى‬
‫توفى سنة ‪ ،244‬وهو عن األستاذ خاله ابى الحسن السرى‬
‫السقطى‪ ،‬وهو عن أبى محفوظ معروف بن فيروز الكرخى‬
‫وهو عن أبى سليمان داود بن نصر الطائى‪ ،‬وهو عن سيدى‬
‫حبيب العجمى‪ ،‬وهو عن السيد الجليل أبى سعيد الحسن‬
‫البصرى التابعى‪ ،‬وهو عن سيدنا وموالنا أبى تراب علىّ بن‬
‫أبى طالب رضى اهلل عنه و َكرّم وجهه‪ ،‬كذا فيما ذكره العدوى‬
‫عن شيخنا العدوى عن شيخه البهى‪ ،‬وهو المشهور من أن‬
‫الحسن البصرى أخذ عن سيدنا علىّ بال واسطة‪ ،‬وفى نظم‬
‫الشيخ األمير ذكر سيدنا الحسن ابن على فيفهم منه أن الحسن‬
‫البصرى أخذ عنه‪ ÷،‬وهو عن أبيه علىّ‪ ،‬وهكذا قال بعض‬
‫ى‬
‫العلماء إن البصرى لم يدرك عليا واهلل أعلم‪ ،‬وأخذ سيدنا عل ّ‬
‫رضى اهلل عنه عن سيد الكائنات سيدنا وموالنا محمد ‪ r‬عن‬
‫سيدنا جبريل عن سيدنا ميكائيل عن سيدنا إسرافيل عن سيدنا‬
‫عررائيل عن اللوح عن القلم عن الجليل جل جالله وتقدست‬
‫صفاته وأسماؤه‪ ،‬هذا هو سند السادة العلية من فروع السادة‬
‫الجزولية‪ ،‬وقد أخذت جميع ذلك من عبارة شيخنا الشيخ حسن‬
‫العدوى فى كتابه (النفحات الشاذلية فى شرح االبردة‬
‫البوصيرية) وهو نقله عن رسالة لشيخه الذى أخذ عنه‬
‫الطريقة الشاذلية وهو سيدى محمد البهى‪ ،‬ألفها فى هذه‬
‫الطريقة ذكر فيها أنه أخذ عنه الطريقة الشاذلية عن السيد‬
‫محمد المرتضى الحسينى يعنى شارح اإلحياء والقاموس‪،‬‬
‫وعن سيدى الحاج عبد الرحمن النقراشى المربنى البحيرى‪،‬‬
‫أما السيد مرتضى فأخذها عن الشهاب أحمد الملوى‪ ،‬وأما‬
‫النقراشى فأخذها عن سيدى عبد الوهاب العفيفى‪ ،‬والعفيفى‬
‫والملوى أخذها عن سيدى عبد اهلل بن محمد القصرى‬

‫‪132‬‬
‫الكنكسى إلى أخر السلسة المتقدم ذكر رجالها‪ ،‬وقد أخذت‬
‫الطريقة العلية الشاذلية عن سيدى العارف باهلل الشيخ محمد‬
‫الفاسى الشاذلى المقيم بالحرمين الشرفين فى مكة المشرفة‬
‫وكان رضى اهلل عنه قد حضر إلى مصر سنة ‪ 1294‬أو‬
‫السنة التى قبلها أو التى بعدها‪ ،‬وكنت إذ ذاك مجاورا فى‬
‫الجامع األزهرى لطلب العلم وسنى دون العشرين فذهبت إليه‬
‫رضى اهلل عنه وقبلت يديه وحصلت لى بركته وطلبت منه‬
‫الطريقة فى جملة من طلبها‪ ،‬وكانوا كثيرين من العلماء‬
‫والطلبة وغيرهم من أهل مصر فأعطانى إياها كما أعطى‬
‫غيرى وسمعت منه إذ ذاك كرمات ذكرها عن نفسه بقى فى‬
‫ذهنى منها أنه رأى جدته السيدة فاطمة الزهراء يقظة فى‬
‫جوار حجرة النبى ‪ r‬وأنها كلمته ورحبت به رضى اهلل عنها‬
‫وعنه‪ ،‬ثم سافر إلى الحجاز ولم أجتمع به بعد ذلك رحمه اهلل‬
‫تعالى ونفعنى ببركاته‪ ،‬وهو شيخ األمير عبد القادر الجزائرى‬
‫الحسنى دفين الشام أحد أكابر األولياء من ساداتنا أهل البيت‬
‫الكرام صاحب كتاب(المواقف فى المعارف اإللهية واألسرار‬
‫القرآنية) وقد اطلعت عليه فوجدته من أقوى األدلة على أن‬
‫مؤلفه كان من أكابر العارفين وأئمة العلماء رضى اهلل عنه‬
‫وعن أولياء اهلل أجمعين‪ ،‬ورأيت له قصيدة طويلة رائية مدح‬
‫فيها شيخه وشيخى الشيخ محمد الفاسى المذكور وذكر فيها‬
‫من مناقبه وأسراره وكثرة انتفاعه بمعارفه وأنواره ما يدل‬
‫على جاللة قدر الشيخ الكببير‪ ،‬وهذا المريد األمير والذى ليس‬
‫له نظير‪ ،‬فقد ذكر فى كتابه(المواقف) المذكور فى الموقف‬
‫الثالث والثمانين‪ ،‬منها أنه اجتمع بالنبى ‪ r‬يقظة فى خلوته فى‬
‫المدينة المنورة‪ ،‬وهذا كما اليخفى مقام فى الوالية عال جدا‬
‫اليصل إليه إال فرد من كمل األولياء وأكابر األصفياء رضى‬

‫‪133‬‬
‫اهلل عنهم وبعد رجوعى من األزهر قدمت إلى عكا من بالدنا‬
‫الشامية واجتمعت فيها سنة ‪ 1290‬بالشيخ العارف باهلل سيدى‬
‫الشيخ على نور الدين اليشرطى الحسنى وهو أخو سيدى‬
‫الشيخ محمد الفاسى فى الطريقة‪ ،‬أخذها عن سيدى العارف‬
‫باهلل أبى عبد اهلل محمد بن حمزة ظافر المدنى رضى اهلل عنه‬
‫فأعطانى بطلبى الطريقة الشاذلية أيضا واجتمعت به مرارًا‬
‫كثيرة ورأيت منه من اللطف واإلقبال نحوى مالم يره كثير‬
‫من الناس حتى إنه يجلس قريبا من حلقة درسى فى الجامع‬
‫بعد العصر ويستمع ما ألقيه ويستمر إلى آخر الدرس فأقوم‬
‫وأقبل يده ويدعو لى‪ ،‬وقد حصل ذلك منه مراراً كثيره مع أنه‬
‫من أعلم العالمين وأعرف العارفين وأكابر أئمة األولياء‬
‫الراسخين‪ ،‬ولكنه كان يفعل ذلك تأليفا لى ونصيحة للمسلمين‬
‫ليرغبوا فى حضور درس فينتفعوا بذلك‪ ،‬ثم سافرت من عكا‪،‬‬
‫وفى سنة ‪ 1301‬رجعت إليها واجتمعت به رضى اهلل عنه‬
‫فجدد لى العهد‪ ،‬وأعطانى إجازة منه فى الطريق نمختومه‬
‫بختمه الشريف‪ ،‬وهذه صورتها(أنظر شواهد الحق للنبهانى ص‬
‫‪)414‬‬

‫‪134‬‬
‫تعـــــريـــف بأصحــــــــــــــاب‬
‫(*)‬
‫االستغــــاثات الشعرية‬

‫‪1‬ـ األمام حجّة اإلسالم أبى حامد الغزالى‬


‫المتوفى سنة ‪505‬هـ‬

‫هو أشهر من أن يُعرّف به‪ ،‬مؤلف كتاب"إحياء علوم‬


‫الدين" الذى قال عنه اإلمام النووى‪:‬كاد اإلحياء يكون‬
‫قرآنا(**)‪ .‬قال اإلمام السبكى فى طبقات الشافعية‬
‫الكبرى‪:‬محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسى‪ ،‬اإلمام‬

‫(*) رأينا أن نضمن هذا الباب بتعريف أيضا بالشيخ عبد المقصود سالم‬
‫مع أنه ليس له استغاثات شعرية ولكن له استغاثه نثرية من كتابه شواهد‬
‫الحق رأينا أن نختم بها هذه االستغاثات‪.‬‬
‫(**) انظر مقدمة كتاب العلم(الكتاب األول من اإلحياء)بقلم الدكتور أحمد‬
‫عمر هاشم ص ط دار المقطم القاهرة ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫الجليل الغزالى حجة اإلسالم ومحجة الدين التى يُتوصل بها‬
‫إلى دار السالم‪ ،‬جامع أشتات العلوم والمبّرز فى المنقول منها‬
‫والمفهوم‪ ..‬جاء والناس إلى ردّ فرية الفالسفة أحوج من‬
‫الظلماء لمصابيح السماء‪،‬وأفقر من الجدباء إلى قطرات الماء‪،‬‬
‫فلم يزل يناضل عن الدين الحنيفى بجالد مقاله‪ ،‬ويحمى حوزة‬
‫الدين حتى أصبح الدين وثيق العرى وانكشفت غياهب‬
‫الشبهات‪ .‬هذا مع ورع طوى عليه ضميره‪ ،‬وخلوة لم يتخذ‬
‫فيها غير الطاعة سيرة‪..‬ترك الدنيا وراء ظهره وأقبل على‬
‫اهلل يعامله فى سره وجهره‪).‬طبقات الشافعية الكبرى ‪191/3‬‬
‫طبقة عيسى الحلبى ـ القاهرة)‬
‫ونقل اإلمام الذهبى فى سيرة أعالم النبالء عن ابى النجار‬
‫قوله‪:‬أبو حامد إمام الفقهاء على اإلطالق وربانى األمة‬
‫باالتفاق‪ ،‬ومجتهد زمانه وعينى أوانه (‪ )322/9‬وقال عنه‬
‫اإلمام اليافعى فى مرآة الجنان‪:‬وكان رضى اهلل عنه رفيع‬
‫المقام‪ ،‬شهد له بالصديقية األولياء الكرام‪ ،‬وهو الحبر الذى‬
‫باهى به المصطفى سيد األنام موسى وعيسى عليه وعليهما‬
‫أفضل الصالة والسالم فى المنام الذى رويناه بإسنادنا العالى‬
‫(*)‬
‫عن الشيخ اإلمام أبى الحسن الشاذلى‬
‫وقال الحافظ ابن كثير‪ :‬كان من أذكياء العالم فى كل ما‬

‫(*)‬
‫قال اإلمام المناوى فى الكواكب الدرية‪:‬قال العارف الشاذلى رضى‬
‫اهلل عنه‪:‬رأيت المصطفى ‪ r‬فى المنام باهى عيسى وموسى عليها السالم‬
‫بالغزالى رضى اهلل عنه‪.‬قال هل فى امتكما مثله؟ قاال‪:‬ال (الكواكب‬
‫الدرية ‪ )403/1‬وقال اإلمام ابو الحسن الشاذلى رضى اهلل عنه قال‪:‬من‬
‫كانت له إلى اهلل حاجة وأراد قضاءها فليتوسل إلى اهلل تعالى باإلمام‬
‫الغزالى [شواهد الحق ‪.]133‬‬

‫‪133‬‬
‫يتكلم فيه‪ ،‬وساد فى شبيبته حتى أنه درّس بالنظامية ببغداد فى‬
‫سنة أربع وثمانين وله أربع وثالثون سنة‪ ،‬فحضر عنده‬
‫رؤوس العلماء‪ ،‬وكان ممن حضر عنده أبو الخطاب وابن‬
‫عقيل وهما من رؤوس الحنابلة‪ ،‬فتعجبوا من فصاحته‬
‫واطالعه‪ .‬قال ابن الجوزى‪ :‬وكتبوا كالمه فى‬
‫مصنفاتهم‪(،‬البداية والنهاية ‪185 /12‬ط دار الكتب العلمية‬
‫بيروت)‬
‫وفى بغداد عاصمة الدنيا وقتذاك درّس بالنظامية ـ اعلى‬
‫المدارس العلمية ومهوى أفئدة العلماء وطالب العلم‪ ،‬يقول‬
‫السبكى‪ :‬واعجب الخلق حسن كالمه وكمال فضله وفصاحة‬
‫لسانه ونُكتهُ الدقيقة وإشاراته اللطيفة وأحبوه‪ .‬وأقام على‬
‫التدريس وتدريس العلم ونشره بالتعليم والفُتيا والتصنيف مدةً‪،‬‬
‫عظيم الجاه زائد الحشمة عالى الرتبة‪ ،‬مسموع الكلمة‪،‬‬
‫مشهور االسم‪ ،‬تضرب به األمثال‪ ،‬وتشد إليه الرحال ويقول‬
‫عبد الغافر الفارس‪ :‬وعلت حشمته ودرجته فى بغداد حتى‬
‫كانت تغلب حشمته األكابر واألمراء ودار الخالفة (طبقات‬
‫الشافعية‪.)203‬‬
‫ولما تمت نعمة وصارت الدنيا رهن إشارته‪ ،‬وحاز من‬
‫العلوم ما جعله يتفوق على أهل عصره حدث له من العناية‬
‫ماعبر عنه فى كتابه المنقذ من الضالل بقوله‪ :‬وكان قد ظهر‬
‫عندى أنه المطمع لى فى سعادة اآلخرة إال بالتقوى وكف‬
‫النفس عن الهوى وأنى رأس ذلك كله قطع عالقة القلب عن‬
‫الدنيا بالتجافى عن دار الغرور واإلنابة إلى دار الخلود‬
‫واإلقبال بكنه الهمة على اهلل تعالى‪ ،‬وأن ذلك القيم إال‬
‫باالعراض عن الجاه والمال والهرب من الشواغل فالعالئق‪،‬‬
‫ثم الحظت أحوالى فإذا أنا منغمس فى العالئق وقد أحدقت‬

‫‪134‬‬
‫بى من الجوانب‪ ،‬والحظت أعمالى وأحسنها التدريس والتعليم‬
‫فإذا أنا فيها مقبل على علوم غير مهمة وال نافعة فى طريق‬
‫اآلخرة‪ ،‬ثم تفكرت فى نيتى فى التدريس فإذا هى غير خالصة‬
‫لوجه اهلل تعالى‪ ،‬بل باعثها ومحركها طلب الجاه وأنتشار‬
‫الصيت‪ ،‬فتيقنت أنى على شفا جرف هار‪ ،‬وأنى قد أشفيت‬
‫على النار وإن لم اشتغل بتالفى األحوال‪( ،‬المنقذ من الضالل‬
‫ص‪.)41‬‬
‫ويقول السبكى‪ :‬عزفت نفسه عن رذائل الدنيا‪ ،‬فرفض ما‬
‫فيها من التقدم والجاه‪ ،‬وترك كل ذلك وراء ظهره وقصد بيت‬
‫اهلل الحرام‪ ،‬واستناب أخاه فى التدريس‪ ،‬ودخل دمشق فلبث‬
‫فيها(فترة) يسيره على قدم الفقر‪ ،‬ثم توجه إلى بيت المقدس‬
‫فجاور به مدة (طبقات الشافعية ‪ )194/3‬وربما كان السبب‬
‫فى سرعة مغادرته دمشق ما ذكره السبكى فى طبقاته فقال‪:‬‬
‫انه صادف دخوله يوماً المدرسة األمينية‪ ،‬فوجد المدرس‬
‫يقول‪ :‬قال الغزالى ـ وهو يدرس من كالمه‪ .‬فخشى الغزالى‬
‫على نفسه العجب‪ ،‬ففارق دمشق‪ ،‬وأخذ يجول فى البالد‬
‫ويزور المشاهد‪ ،‬ويطوف على التُّرب والمساجد‪ ،‬ويأوى‬
‫القفار ويروض نفسه ويجاهدها جهاد األبرار‪ ،‬ويكلفها مشاق‬
‫العبادات بأنواع القرب والطاعات‪(.‬طبقات الشافعية ‪)199/3‬‬
‫وكان من ثمار هذه المجاهدات ان نور اهلل قلبه بالمعرفة‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬وانكشف لى فى أثناء هذه الخلوات أمور اليمكن‬
‫إحصاؤها واستقصاؤها‪ ،‬والقدر الذى اذكره ليُنتفع به أنى‬
‫علمت يقينا أن الصوفية هم السبابقون لطريق اهلل تعالى‬
‫خاصة وأن أحسن السير‪ ،‬وطريقهم اصوب الطرق‪ ،‬وأخالقهم‬
‫أزكى األخالق‪ ،‬بل لو جُمع عقل العقالء وحكمة الحكماء‬
‫وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئا من‬

‫‪138‬‬
‫سيرهم وأخالقهم ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه‬
‫سبيالً‪ ،‬فإن جميع حركاتهم وسكناتهم فى ظاهرهم وباطنهم‬
‫مقتبسة من نور مشكاة النبوة‪،‬وليس وراء نور النبوة على‬
‫وجه األرض نور يُستعناء به‪،‬وبالجملة فماذا يقول القائلون فى‬
‫طريق طهارتها ـ وهى أول شروطها ـ تطهير القلب بالكلية‬
‫عما سوى اهلل تعالى‪،‬ومفتاحها الجارى منها مجرى التحريم‬
‫من الصالة استغراق القلب بالكلية بذكر اهلل‪ ،‬وآخرها الفناء‬
‫بالكلية فى اهلل(المنقذ من الضالل‪.)45‬‬
‫وقد ذكر ابن العماد الحنبلى فى كتابه"شذرات الذهب" أن‬
‫القاضى أبا بكر بن العربى قال‪ :‬رأيت اإلمام الغزالى فى‬
‫البرية وبيده عكازة وعليه مرقعة وعلى عاتقه ركوة وقد كنت‬
‫رأيته ببغداد يحضر مجلس درسه نحو أربعمائة عمامه من‬
‫أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم‪ .‬قال‪ :‬فدنوت منه‬
‫وسلمت عليه وقلت له‪ :‬ياإمام أليس تدريس العلم ببغداد خير‬
‫من هذا؟ قال‪ :‬فنظر إلى شزراً وقال‪ :‬لما طلع بدر السعادة فى‬
‫فلك اإلرادة وجنحت شمس الوصول فى مغارب األصول‬
‫وعـدت إلى تصحيح‬ ‫تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل‬
‫أول منزل‬
‫منازل من تهوى‬ ‫ونادت بى األشواق مهال فهــذه‬
‫رويدك فانزل‬
‫لغزلى نساجاً فكسرت‬ ‫غزلت لهم غزال دقيقاً فلم أجـــد‬
‫مغـزلى‬
‫[شذرات الذهب ‪13/4‬ط دار الكتب العلمية ببروت]‬
‫يقول اإلمام المناوى بعد كالمه عن هذه الفترة‪ :‬وراض‬
‫نفسه وجاهدها جهاد األبرار حتى صار قطب الوجود والبركة‬
‫العامة لكل موجود‪ ،‬والطريق الموصلة إلى رضا الرحمن‬

‫‪139‬‬
‫والمناهج بالتصوف إلى مركز اإليمان‪ ،‬ثم عاد إلى بغداد‪،‬‬
‫وتكلم على لسان أهل الحقيقة وقلبه معلق بما فتح عليه من‬
‫الطريقة‪ ،‬ثم دخل إلى طوس واتخذ بجانب داره مدرسة‬
‫للفقهاء وخافقاه للصوفيه‪ ،‬ووزع أوقاته على تالوة القرآن‬
‫ومجالسة أرباب القلوب وإدامة الصيام القيام حتى كان فى‬
‫جمادى اآلخر سنة ‪ 505‬توضأ وصلى وقال‪ ،‬علىّ بالكفن‪،‬‬
‫فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وقال‪ :‬سمعاً وطاعة للدخول‬
‫على الملك‪ ،‬ثم مد رجليه واستقبل(القبلة) وانتقل إلى رضوان‬
‫اهلل طيِّب الثناء‪ ،‬أعلى منزلة من نجم السماء‪ ،‬اليكرهه إال‬
‫حاسد أو زنديق‪ ،‬وال يسومه بالسوء إال من كان فى قلبه ريب‬
‫أو حاو عن سواء الطريق‪(.‬الكواكب الدرية)‬
‫قال اليافعى‪ :‬وقد وصنف الشيخ الفقيه اإلمام المحدث شيخ‬
‫االسالم عمدة المسندين ومفتى المسلمين‪ ،‬جامع الفضائل‬
‫قطب الدين محمد ابن الشيخ االمام العارف أبى العباس‬
‫القسطالنى رضى اهلل تعالى عنهما كتابا أنكر فيه على بعض‬
‫الناس وأثنى على األمام أبى حامد الغزالى ثناءً حسناً‪ ،‬وذو‬
‫إنساناً ذمّة‪ .‬قال فى أثناء كالمه‪ :‬ومن نظر فى كتب الغزالى‬
‫وكترة مصنفاته وتحقيق مقاالته عرف مقداره‪ ،‬واستحسن‬
‫آثاره‪ ،‬واستصغر ماعظم من سواه‪ ،‬وعظّم قدره فيما أمدّه اهلل‬
‫به من قوله‪ ،‬والمباالة بحاسد قد تعاطى ذمه أو معانداً بعده اهلل‬
‫عن إدراك معانى بهمّة‪ ،‬فهو كما قيل‪:‬‬
‫تعــام لن تعدم‬ ‫قــل لمن عن فضـائـلــه تعامى‬
‫الحسناء ذامـــا‬
‫(مرآة الجنان ‪ 145/3‬ط دار الكتب العلمية ببيروت)‬
‫وأعماله ـ غير احياء علوم الدين ـ كثيرة جليلة‪ ،‬نفع اهلل بها‬
‫نفعاً عظيما‪ .‬نقل اإلمام المناوى عن اإلمام النووى ـ رضى‬

‫‪140‬‬
‫اهلل عنهما ـ قوله فى "لبستانه"عن شيخه البلعتينى رضى اهلل‬
‫عنه قوله‪ :‬أحصيت كتب الغزالى رضى اهلل عنه التى صنفها‬
‫ووزعتها على عمره فخص كل يوم أربعة كراريس‪(.‬انظر‬
‫ماذكره السبكى من مؤلفاته ص ‪.)224‬‬
‫قال اإلمام المناوى‪ :‬عن الشيخ ابن حرازم انه خرج على‬
‫أصحابه ومعه كتاب فقال اتعرفونه ؟ قال‪ :‬هذا اإلحياء‪ ،‬وكان‬
‫الشيخ المذكور يطعن فى الغزالى وينهى عن قراءة‬
‫اإلحياء(*)‪،‬فكشف لهم عن جسمه فإذا هو مضروب بالسياط‬
‫وقال‪ :‬أتانى الغزالى فى النوم ودعانى إلى رسول اهلل ‪ ،r‬فلما‬
‫وقفنا بين يديه قال‪ :‬يارسول اهلل هذا يزعم أنى أقول عليك مالم‬
‫تقل‪ ،‬فأمر بضربى فضربت‪ ،‬وتمام الخبر كما جاء فى طبقات‬
‫السبكى كالتالى‪:‬‬
‫حرْزهم‪:‬‬
‫الشيخ أبو الحسن بن ِ‬
‫لما وقف على"اإلحياء"‪،‬تأمل فيه‪ ،‬ثم قال‪ :‬هذا بدعة‬
‫مخالف للسنة‪.‬‬
‫كل‬
‫وكان شيخنا‪ ،‬مطاعا فى بالد المغرب‪ ،‬فأمر بإحضار ِّ‬
‫مافيها من ُنسَخ"اإلحياء"‪ ،‬وطلب من السلطان أن ُي ْلزِم بذلك‪،‬‬
‫فكتب إلى النواحِى‪ ،‬وشدَّد فى ذلك‪ ،‬وتوعَّد من أخفَى ششيئًا‬

‫(*) فلما استيقظ من منامه‪ ،‬وأصبح‪ ،‬أعلم أصحابه بما جرى‪ ،‬ومكث‬
‫قريبا من الشهر متألما من الضرب‪ ،‬ثم سكن عنه األلم‪ ،‬ومكث إلى أن‬
‫مات وأثر السياط على ظهره‪ ،‬وصار ينظر كتاب"اإلحياء"‪ ،‬ويعظمه‬
‫ويبجله أصالً أصالً‪.‬وهذه حكاية صحيحة حكاها لنا جماعة من ثقات‬
‫مشيخنا‪ ،‬عن الشيخ العرف ولى اهلل ياقوت الشاذلى عن شيخه السيد‬
‫الكبير ولى اهلل تعالى أبى العباس المرسى‪ ،‬عن شيخه الشيخ الكبير ولى‬
‫(طبقات‬ ‫اهلل أبى الحسن الشاذلى رحمهم اهلل تعالى اجمعين‪.‬‬
‫السبكى ‪)230/3‬‬

‫‪141‬‬
‫منه‪ ،‬فأحضر الناس ما عندهم‪ ،‬واجتمع الفقهاء‪ ،‬ونظروا فيه‪،‬‬
‫ثم أجمعوا على إحْراقه‪ ،‬يوم الجمعة‪ ،‬وكان ذلك يوم الخميس‪.‬‬
‫فلما كان ليلة الجمعة‪ ،‬رأى أبو الحسن المذكور فى المنام‬
‫كأنه دخل من باب الجامع‪ ،‬الذى عادته يدخُل منه‪ ،‬فرأى فى‬
‫ركن المسجد نورا‪ ،‬وإذا بالنبىِّ ‪، r‬وأبى بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬رضى‬
‫اهلل عنهما‪ ،‬جلوس‪ ،‬واإلمام أبو حامد الغزالى قائم‪،‬‬
‫بيده"اإلحياء"‪،‬فقال‪ :‬يارسول اهلل‪ ،‬هذا خَصْمِى‪ .‬ثم جَثا على‬
‫ركبتيْه‪ ،‬وزحف عليهما؛ إلى أن وصل إلى النبىِّ ‪ ، r‬فناوله‬
‫كتابَ"اإلحياء"‪،‬وقال‪ :‬يارسولَ اهلل‪ ،‬انظرُ فيه‪ ،‬فإن كان بدعة‬
‫مخالفا لسُنَّتك‪ ،‬كما زعم‪ ،‬تُ ْبتُ إلى اهلل تعالى وإن كان شيئًا‬
‫تستحسِنُه‪ ،‬حصَل لى من بركتِك‪ ،‬فأنْصِفْنى من خَصْمِى‪.‬‬
‫فنظر فيه رسول اهلل ‪ r‬ورقةً ورقةً‪ ،‬إلى آخره‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫واهللِ إن هذا شئٌ حسَن‪.‬‬
‫ثم ناوله أبا بكر‪ ،‬فنظر فيه كذلك‪ ،‬ثم قال‪ :‬نعم‪ ،‬والذى‬
‫ل اهلل‪ ،‬إنه لحَسن ‪.‬‬
‫بعثَك بالحقِّ‪ ،‬يارسو َ‬
‫ثم ناوله عمر‪ ،‬فنظر فيه كذلك‪ ،‬ثم قال كما قال أبو بكر‪.‬‬
‫َد‬
‫ضرْبِه ح َّ‬
‫فأمر النبىُّ ‪ r‬بتجْريد أبى الحسن من ثيابِه‪ ،‬و َ‬
‫المُفْ َترِى‪ .‬فجُرِّد‪،‬وضُرِب‪ ،‬ثم شفَع فيه أبو بكر بعد خمسة‬
‫أسْواط‪،‬وقال‪ :‬يارسول اهلل إنما فعل هذا اجتهاداً فى سنَّتِك‪،‬‬
‫وتعظيما‪ ،‬فعفا عنه أبو حامد عند ذلك‪.‬‬
‫وقال اإلمام الذهبى‪ :‬قال أبو محمد العثمانى وغيره‪ :‬سمعنا‬
‫محمد بن يحيى العبدرى المؤدب يقول‪ :‬رأيت باالسكندرية‬
‫سنة خمس مائة كأن الشمس طلعت من مغربها‪ ،‬فعتبَره لى‬
‫عابر ببدعة محدث فيهم‪ ،‬فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب‬
‫الغزالى بالمرية(بالد األندلس)(سير اعالم النبالء للذهبى‬

‫‪142‬‬
‫‪322/19‬ط الرسالة) قال اإلمام السبكى‪:‬قال الحافظ أبو القاسم‬
‫بن عساكر فى كتاب"التبيين"‪:‬سمعت الشيخ الفقيه اإلمام ابا‬
‫القاسم سعد بن على بن أبى القاسم بن أبى هريرة االسفراينى‬
‫ل‬
‫الصوفى بدمشق قال‪ :‬سمعت الشيخَ اإلمام زينَ القُرَّاء جما َ‬
‫الحرَم أبا الفتح عامر بن نَجا بن عامر العربىّ السَّاوِىّ‪ ،‬بمكَّة‪،‬‬
‫حرسَها اهلل‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫دخلتُ المسجد الحرام‪ ،‬يوم األحد‪ ،‬فيما بين الظهر‬
‫والعصر‪ ،‬الرابع عشر‪ ،‬من شوال‪ ،‬سنة خمس وأربععين‬
‫وخمسمائة‪ ،‬وكان بى نوعا تكسُّر ودَوَران رأس‪ ،‬بحيث إنِّى‬
‫الأقدِر أن أقف أو أجلس‪ ،‬لشدَّة مابى‪ ،‬فكنت أطلبُ موضعاً‪،‬‬
‫أستريح فيه ساعة على جنبى‪ ،‬فرأيت باب بيت الجماعة‪،‬‬
‫حزْ َورَة مفتوحاً‪ ،‬فقصدتُه‪ ،‬ودخلت‬ ‫للرِّباط الرَّامْشتِّى عند باب ال َ‬
‫فيه‪ ،‬ووقعت على جنْبى األيمن‪ ،‬بحذاء الكعبة المشرَّفة‪،‬‬
‫مف َترِشاً يدَىَّ تحت خَدِّى‪ ،‬لكى اليأخذنى النومُ‪ ،‬فتنتقِض‬
‫طهارتى‪ ،‬فإذا رجلٌ من أهل البدعة‪ ،‬معروف بها‪ ،‬جاء ونَشر‬
‫مُصالَّه على باب ذلك البيت‪ ،‬وأخرج لُوَيْحا من جيبه‪ ،‬أظنه‬
‫كان من الحجَر‪ ،‬وعليه كتابة فقبِّله‪ ،‬ووضعه بين وصلى‬
‫صالَّة طويلة‪ ،‬مُرسِال يديْه فيها‪ ،‬على عادتِهم‪ ،‬وكان يسجد‬
‫على ذلك اللُّوَيح فى كل مرة‪ ،‬وإذا فرغ من صالته سجَد‬
‫عليه‪ ،‬وأطال فيه وكان يمُعك خَدَّه من الجانبين عليه ويتضَّرع‬
‫فى الدعاء‪ ،‬ثم رفع رأسه‪ ،‬ووضعه على عينيه‪ ،‬ثم قبَّله ثانيا‪،‬‬
‫وأدخله فى جيْبه‪ ،‬كما كان‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلما رأيتُ كرهْتُه‪ ،‬واستوحشْت منه ذلك‪ ،‬وقلت فى‬
‫نفسى‪ :‬ليت كان رسولُ اهلل ‪ r‬حيَّا فيما بيننا؛ ليخبرَهم بسُوء‬
‫صنيعِهم‪ ،‬وما هم عليه من البِدعة‪.‬‬
‫ومع هذا التفكُّر كنت أطرد النوم عن نفسى‪ ،‬كى‬

‫‪143‬‬
‫اليأخذنى‪ ،‬فتسد طهارتِى‪.‬‬
‫فينا أنا كذلك‪ ،‬إذ طرأ علىَّ النُّعاس‪ ،‬وغلبنى‪ ،‬فكأنى بين‬
‫عرْصَة واسعةً‪،‬فيها ناسٌ كثيرون‪،‬‬ ‫اليقظة والمَنام‪ ،‬فرأيت َ‬
‫واقفون وفى يدِ كلِّ واحدٍ منهم كتابٌ مجلَّد‪ ،‬وقد تحلقوا كلُّهم‬
‫حلْقة‪،‬‬‫على شخص‪ ،‬فسألتُ الناسَ عن حالهم‪ ،‬وعمن فى ال َ‬
‫فقالوا‪ :‬هو رسولُ اهلل ‪ ، r‬وهؤالء أصحاب المذاهب يريدون‬
‫أن ي قرؤا مذاهَبهم‪ ،‬واعتقادَهم من كتبهم‪ ،‬على رسول اهلل ‪،r‬‬
‫ويصحِّحوها عليه‪.‬‬
‫قال‪ :‬فبيْنا أنا كذلك‪ ،‬أنظر إلى القوم‪ ،‬إذْ جاء واحدٌ من أهل‬
‫الحَلقْة‪ ،‬وبيدهِ كتابٌ‪ .‬قيل‪ :‬إن هذا هو الشافعىّ‪ ،‬رضى اهلل‬
‫عنه‪ ،‬فدخل فى وسَطِ الحْلقة‪ ،‬وسلَّم على رسولِ اهلل ‪. r‬‬
‫قال‪ :‬فرأيت رسول اهلل ‪ r‬فى جمالهِ وكمالهِ‪ ،‬متلبسا بالثِّياب‬
‫البيض المغسولة النَّظِيفة‪ ،‬من العمامة والقميص‪ ،‬وسائر‬
‫الثياب‪ ،‬على زِىِّ أهل التصوف ‪.‬‬
‫فرد عليه الجواب‪ ،‬ورحَّب‪ ،‬وقعد الشافعىّ بين يديه‪ ،‬وقرأ‬
‫من الكتاب مذهبَه واعتقادَه عليه‪.‬‬
‫وبعد ذلك جاء شخصٌ ىخر‪ ،‬قيل‪ :‬هو أبو حنيفة‪ ،‬رضى‬
‫اهلل عنه‪ ،‬وبيده كتاب‪ ،‬فسلَّم وقعد بجنْب الشافعىّ‪ ،‬وقرأ من‬
‫الكتاب مذهَبه واعتقادَه عليه‪.‬‬
‫ثم أتى بعده كلُّ مذهب‪ ،‬إلى أن لمَ يَبْقَ إال القليل‪ ،‬وكلُّ مَن‬
‫يقرأ‪ ،‬يقعدُ يجنب اآلخر‪.‬‬
‫فلما فرغوا‪ ،‬إذا واحدٌ من المبتدعِة الملقَّبة بالرافضة‪ ،‬قد‬
‫جاء وفى يده كراريسُ غيرُ مجَّلدة‪ ،‬فيها ذ ْكرُ عقائدهم الباطلة‪،‬‬
‫وهَمَّ أن يدخل الحلْقة‪ ،‬ويقرأها على رسول اهلل ‪ ،r‬فخرج واحد‬
‫إليه‪ ،‬وزجرَه‪ ،‬وأحذ الكراريس من‬ ‫ممن كان مع رسول اهلل ‪r‬‬
‫‪144‬‬
‫حلْقة‪ ،‬وطردَه وأهانه‪.‬‬ ‫يِده‪ ،‬ورمَى بها إلى خارج ال َ‬
‫قال‪ :‬فلما رأيت أن القومَ قد فرغوا‪ ،‬وما بقرَ أحدٌ يقرأ عليه‬
‫شيئا‪ ،‬تقدّمتُ قليال‪،‬وكان فى يدى كتاب مجلَّد‪،‬‬
‫فناديتُ‪،‬وقلت‪:‬يارسول اهلل‪ ،‬هذا الكتاب مُعتقَدى‪،‬ومعتقَد أهل‬
‫السنَّة‪،‬ولو أذِنْت لى حتى أقرأه عليك؟‬
‫ئ ذاك؟‬ ‫فقال رسولُ اهلل ‪ r‬وأىُّ ش ٍ‬
‫قلت‪ :‬يارسول اهلل‪ ،‬هو"قواعدُ العقائد"‪ ،‬الذى صنَّفه‬
‫الغَزَّالىِّ‪.‬‬
‫فأذن لى بالقراءة‪ ،‬فقعدتُ‪ ،‬وابتدأت‪ :‬بسم اهلل الرحمن‬
‫الرحيم‪ ،‬كتاب قواعد العقائد‪ ،‬وفيه أربعة فصول‪:‬‬
‫الفصلُ األول فى ترجمة عقيدةِ أهلِ السُّنَّة‪ ،‬فى كلمتى‬
‫الشهادة‪ ،‬التى هى أح ُد مبانى اإلسالم‪ ،‬فنقول‪ ،‬باهلل التوفيق ‪:‬‬
‫الحمدُ هلل المبدئُ المعيد‪ ،‬الفهَّال لما يريد‪ ،‬ذى العرش‬
‫المجيد‪ ،‬والبْطش الشَّديد‪ ،‬الهادى صَفْوَة العبِيد إلى المنْهج‬
‫الرشيد‪ ،‬والمسلك السَّديد‪ ،‬المنعم عليهم بعد شهادة التوحيد‪،‬‬
‫والترْدِيد‪ ،‬السائق بهم‬‫التشْكيك َّ‬ ‫بحراسة عقائدهم عن ظلمات َّ‬
‫إلى اتّباع رسولِه المصطفى ‪ ،r‬واقْتِفاء صَحْبه األكرمين‬
‫بالتأييد والتسديد‪( ،‬وظل يقرأ فى الكتاب فصالً فصالً حتى‬
‫وصل إلى قوله‪):‬‬
‫وأنه تعالى بَعث النبىَّ األمِّىَّ القرشىّ‪ ،‬محمداً ‪ ،r‬برسالته‪،‬‬
‫إلى كافة العرب‪ ،‬والعجم‪ ،‬والجن‪ ،‬واإلنس‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلما بلغتُ إلى هذا رأيتُ البشاشةَ والبْشرَ فى وجهِه ‪r‬‬
‫ت إلى نَعْته‪ ،‬وصِفَته‪ ،‬فالتفَت إلىَّ وقال‪ :‬أين الغَزَّالىِّ ؟‬
‫إذ انّتهْي ُ‬
‫فقال‪ :‬ها أنا ذا يارسول اهلل ‪.‬‬
‫وزتقدَّم‪ ،‬وسلَّم على رسول اهلل ‪. r‬‬

‫‪145‬‬
‫َّالى يقبِّل يدَه‪،‬‬
‫فرد عليه الجوابَ‪ ،‬وناوله يدَه العزيزة‪ ،‬والغَز ِّ‬
‫ويضع خذَّي ِه عليها؛ تبرُّكا به‪ ،‬وبيده العزيزة المباركة‪ ،‬ثم قعد‪.‬‬
‫ل‬
‫قال‪ :‬فما رأيتُ رسول اهلل ‪ r‬أكثر اسْتِبْشارا بقراءة أح ٍد مث َ‬
‫ما كان بقراءتى عليه"قواعد العقائد"‪.‬‬
‫ثم انته ْبتُ من النوم‪ ،‬وعلى عينى أثرُ الدمع؛ مما رأيت من‬
‫تلك األحوال‪ ،‬والمشاهدات‪ ،‬والكرمات؛ فإنها نعمةٌ جسيمة‬
‫من اهلل تعالى‪ ،‬سيّما فى آخر الزمان‪ ،‬مع كثرة األهواء ‪.‬‬
‫فنسأل اهلل تعالى أن يثبِّتنا على عقيدة أهل الحق‪ ،‬ويُحْيِيَنا‬
‫عليها‪ ،‬ويميتَنا‪ ،‬عليها‪ ،‬ويحشرنا معهم ومع األنبياء ‪،‬‬
‫والمرسَلين؛ والصِّدِّيقين‪ ،‬والشهداء‪ ،‬والصالحين‪ ،‬وحسن‬
‫أولئك رفيقا‪ ،‬فإنه بالفضل جدير‪ ،‬وعلى مايشاء قدير‪.‬‬
‫قال الشيخ اإلمام أبو القاسم اإلسْ َفرَايِنِّى‪ :‬هذا معنى ماحكَى أبو‬
‫الفت ح السَّاوىِّ‪ ،‬أنه رآه فى المنام؛ ألنه حكاه لى بالفارسية‪،‬‬
‫وترجمتُه أنا بال‬

‫‪2‬ـ الشيخ أبو مدين التلمسانى المغربى‬


‫(*)‬
‫المتوفى سنة ‪594‬هـ‬

‫ترجم له ابن المقرى فى كتابه"نفح الطيب" فى معرض‬


‫حديثه عن مدينة تلمسان فقال‪:‬‬
‫وقد خرج بتلمسان من العلماء والصلحاء ماال ينضبط‪،‬‬

‫(*) اختلفُ فى سنة وفاة الشيخ ابو مدين‪ ،‬والذى اثبتناه هنا هو ما اجتمع‬
‫عليه بعض مصادر المغرب واألندلس وهى نفح الطيب البن المقرى‪،‬‬
‫وطبقات المالكية لمخلوق وموسوعة أعالم المغرب تنسيق وتحقيق‬
‫محمد حجى(أنظر حـ‪ 1‬ص ‪385‬ـ ط دار االسالم بيروت)‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫ويكفيها ّدفْنُ ولىّاهلل سيدى أبى مدين بها‪ ،‬وهو شعيب بن‬
‫الحسين األندلسى‪ ،‬شيخ المشايخ‪ ،‬وسيد العارفين‪ ،‬وقدوة‬
‫السالكين أبو عبد اهلل محمد ابن التلمسانى فى كتابه "النجم‬
‫الثاقب‪ ،‬فيما ألولياء اهلل تعالى من المناقب"‪ :‬كان الشيخ سيدى‬
‫أبو مدين فرداً من أفراد الرجال‪ ،‬وصدراً من صدور األولياء‬
‫األبدال‪ ،‬جَمَعَ اهلل له علم الشريعة والحقيقة‪ ،‬وأقامه ركن‬
‫الوجود هادياً وداعياً للحق‪ ،‬فقصد بالزيارة من جميع األقطار‪،‬‬
‫واشتهر بشيخ المشايخ‪ ،‬وذكر التادلى وغيره أنه خرج على‬
‫بده ألف شيخ من األولياء أُولى الكرمات‪ ،‬وقال أبو الصبر‬
‫كبير مشايخ وقته‪ :‬كان أبو مدين زاهداً فاضالً عارفاً باهلل‬
‫تعالى‪ ،‬خاض بحار األحوال‪ ،‬ونال أسرار المعارف‪،‬‬
‫خصوصاً مقام التوكلّ‪ ،‬ال ُيشَق غباره‪ ،‬وال تُجهل آثاره‪ ،‬قال‬
‫التادلى‪ :‬كان مبسوطاً بالعلم‪ ،‬مقبوضاً بالمراقبة‪ ،‬كثير االلتفات‬
‫بقلبه إلى اهلل تعالى حتى ختم له بذلك‪ ،‬أخبرنى مَنْ شهد وفاته‬
‫أنه رآه فى آخر الرمَق يقول‪ :‬اهلل الحق‪ .‬وكان من أعالم‬
‫العلماء‪ ،‬وحفّاظا الحديث‪ ،‬خصوصاً جامع الترمذى‪ ،‬وكان‬
‫يقوم عليه‪ ،‬ورواه عن شيوخه عن أبى ذرّ‪ ،‬وكان يالزم‬
‫كتاب"اإلحياء" ويعكف عليه‪ ،‬وترد علبه الفتاوى فى مذهب‬
‫مالك فيجيب عنها فى الوقت‪ ،‬وله مجلس وعظ يتكلم فيه‪،‬‬
‫فيجتمع عليه الناسُ من تخرج عليه جماعة كثيرة من العلماء‬
‫والمحدثين وأرباب األحوال‪ ،‬وكان شيخه أبو يعزى يثنى‬
‫عليه ثناءً جميالً‪ ،‬ويخصه بين أصحابه بالتعظيم والتبجيل‪،‬‬
‫قرأ بفاس بعد قدومه من األندلس على الشيخ الحافظ أبى‬
‫الحسن بن حرزهم‪ ،‬وعلى الفقيه الحافظ العالمة أبى الحسن‬
‫بن غالب‪ .‬وذكر عنه أنه قال‪ :‬كنت فى أوّل أمري وقراءتى‬
‫على الشيوخ إذا سمعت تفسير آية أو معنى حديث قنعت به‬

‫‪144‬‬
‫وانصرفت لموضع خال خارج فاس أتّخذه مأوى للعمل بما‬
‫إلى‬
‫فُتح به عليّ‪ ،‬فإذا خلوت به تأتينى غزالة تأوى َّ‬
‫وتؤنسنى(نفح الطيب البن المقرى ‪353/9‬ط دار الكتب العلمية‬
‫بيروت)‬
‫وذكر الشيخ مخلوف فى طبقات المالكية فقال‪:‬‬
‫ولى اهلل أبو مدين شعيب بن حسن االندلسى البجاتى شيخ‬
‫المشايخ وسيد العارفين وقدوة السالكين شيخ الطريقة جمع اهلل‬
‫له علم الشريعة والحقيقة كان من الفضالء وأعالم العلماء‬
‫ومن حفاظ الحديث ومناقبه شهيرة وكراماته كثيرة أخذ عن‬
‫الحافظين أبى الحسن بن حرزهم وأبى الحسن بن غالب‬
‫والشيخ أبى يعزى ورحل المشرق فأخذ عن العلماء واستفاد‬
‫من الزهاد واألولياء وتعرف فى عرفة بالقطب الربانى أبى‬
‫صالح الشيخ عبد القادر الكيالنى المتوفى سنة ‪ 530‬ببغداد‬
‫فقرأ عليه بالحرم الشريف كثيراً من الحديث وألبسه الخرقة‬
‫وأودعه كثيراً من أسراره وحاله بمالبس أنواره ثم رجع إلى‬
‫بجاية واشتهر بها أمره وقصد بالزيارة من جميع األقطار‬
‫وتخرج عليه أكثر من ألف شيخ منهم محى الدين بن عربى‬
‫والشيخ أبو محمد صالح بن عبد الخالق التونسى وأبو يوسف‬
‫الدهمائى ا لقيروانى والشيخ طاهر المزوغى السافى وأبو عبد‬
‫اهلل محمد الدباغ والد مؤلف معالم االيمان له مجلس حافل‬
‫للغاية تمر به الطيور وهو يعلم فتقف تسمع وله نظم‬
‫جيد‪(.‬شجرة النور الزليه فى طبقات المالكية لمخلوف ‪134‬ط دار الفكر‬
‫بيروت)‪.‬‬
‫وقال عنه ابن العماد الحنبلى‪:‬‬
‫أبو مدين األندلسى الزاهد العارف شيخ أهل المغرب‬
‫شعيب بن الحسين سكن تلمسان وكان من أهل العمل‬
‫واالجتهاد منقطع القرين فى العباد والنسك بعيد الصيت‬
‫‪148‬‬
‫ويسميه الشيخ محى الدين بن عربى بشيخ الشيوخ ونشر اهلل‬
‫ذكره وتخرج به جماعة من الفضالء كأبى عبد اهلل القرشى‬
‫وغيره وانتهى إليه كثير من العلماء‪ .‬المحقيقين وفضالء‬
‫الصالحين كأبن عربى وله فى الحقائق كالم واسع ومن‬
‫شعره‪:‬‬
‫يامن عال فرأى مافى الغيوب وما تحت الثرى وظالم الليل‬
‫منسدل‬
‫أنت الغياث لمن ضاقت مذاهــبه أنت الدليل لمن حــارت‬
‫به الحيل‬
‫والكل يدعــوك ملهوف‬ ‫أنا قصدناك واآلمال واثقـــــــة‬
‫ومبتهل‬
‫وان سطوت فأنت الحاكم‬ ‫فان عفوت فذو فضل وذو كـرم‬
‫العدل‬
‫(شذرات الذهب ‪)303/4‬‬
‫ومن مشهور كراماته أنه كان ماشياً يوماً على ساحل‪،‬‬
‫فأسره العدوُّ‪ ،‬وجعلوه فى سفينة فيها جماع من أسرى‬
‫المسلمين‪ ،‬فلما استقرَّ فى السفينة توقفت عن السير‪ ،‬ولم‬
‫تتحرك من مكانها‪ ،‬مع قوة الريح ومساعدتها‪ ،‬وأيقن الروم‬
‫أنهم اليقدرون على السير‪ ،‬فقال بعضهم‪:‬أنزلوا هذا المسلم‬
‫فإنه قسيس‪ ،‬ولعله من أصحاب السرائر عند اهلل تعالى‪،‬‬
‫وأشاروا له بالنزول‪ ،‬فقال‪:‬الأفعل إالّ إن أطلقتم جميع مَنْ فى‬
‫السفينة من األسارى‪ ،‬فعلموا أن البُدَّ لهم من ذلك‪ ،‬فأنزلوهم‬
‫كلهم‪ ،‬وسارت السفينة فى الحال‪.‬‬
‫وكان استوطن بجاية ويقول‪ :‬إنها معنية على طلب‬
‫الحالل‪ ،‬ولم يزل بها يزداد حاله على َمرّ الليالى رفعه‪ ،‬ترد‬
‫عليه الوفود وذوو الحاجات من اآلفات‪ ،‬ويخبر بالوقائع‬

‫‪149‬‬
‫والغيوب‪ ،‬إلى أن َوشَى به بغضُ علماء الظاهر عند يعقوب‬
‫المنصور‪ ،‬وقال له‪ :‬إنّا نخاف منه على دولتكم‪ ،‬فإن له شَبَهًا‬
‫باإلمام المهدى‪ ،‬وأتباعه كثيرون بكل بلد‪ ،‬فوقعه فى قلبه‪،‬‬
‫وأهمّه شأنه‪ ،‬فبعث إليه فى القدوم عليه ليخبره‪ ،‬وكتب‬
‫لصاحب بجاية بالوصيّة به واالعتناء‪ ،‬وأن يُحمَلَ خير محمل‪،‬‬
‫فلمّا أخذ فى السفر شقّ على أصحابه‪ ،‬وتغيروا‪ ،‬وتكلموا‪،‬‬
‫فسكتهم وقال لهم‪ :‬إن منيّتى قربت‪ ،‬ولغير هذا المكان قدرت‪،‬‬
‫وال بُد لى منه‪،‬وأنا شيخ كبير ضعيف‪ ،‬القدرة لى على‬
‫الحركة‪ ،‬فبعث اهلل تعالى مَنْ يحملنى إليه برفق‪ ،‬ويسوقنى إليه‬
‫أحسن سوق‪ ،‬وأنا الأرى السلطان وال يرانى‪ ،‬فطابت نفوسهم‪،‬‬
‫وذهب بؤسهم‪ ،‬وعلموا أنه من كراماته‪ ،‬فارتحلوا به على‬
‫أحسن حال‪ ،‬حتى وطئوا به حَ ْوزَ تلمسان‪ ،‬فبدت له رابطة‬
‫العباد‪ ،‬فقال ألصحابه‪ :‬ما أصلحه للرقاد‪ ،‬فمرض مرض‬
‫موته‪ ،‬فلمّا وصل وادى يسر اشتد به المرض‪ ،‬ونزلوا به‬
‫هناك‪(،‬نفغح الطيب ‪)353/9‬‬
‫وعن وفاته قال ابن المقرى‪ :‬توفى سنة ‪ ،594‬وكان آخر‬
‫كالمه‪ :‬اهلل الحق‪ ،‬فحمل فحمل إلى العباد‪ ،‬مدفن األولياء‬
‫األوتاد‪ ،‬وسمع أهل تلمسان بجنازته فكانت من المشاهد‬
‫العظيمة والمحافل الكريمة‪ ،‬وفى ذلك اليوم تاب الشيخ أبو‬
‫على عمر الحباك‪ .‬ونقل المعتنون بأخباره أن الدعاء عند قبره‬
‫مستجاب‪ ،‬وجرّبه جماعة‪ ،‬وقد ُزرَتُه مئين من المرات‪،‬‬
‫ودعوت اهلل تعالى عنده بما أرجو قبوله‪.‬أهـ‪( .‬باختصار يسير)‬
‫وقال ابن العماد الحنبلى أنه لما وصل إلى تلمسان نزل‬
‫واستقبل القبلة‪ ،‬وتشهد وقال‪:‬ها قد جئت‪ ،‬وعجلت إليك رب‬
‫لترضى‪ ،‬فمات ودُفن فى جبانة العباد‪ ،‬وقبره بها مشهور‬
‫مزور‪(.‬الشذرات ‪)303/4‬‬

‫‪180‬‬
‫وقال اإلمام الذهبى عنه نقالً عن الشيخ محيى الدين بن‬
‫ظ‬
‫عربى‪ :‬كان أبو مدين سلطان الوارثين‪ ،‬وكان جمالُ الحفّا ِ‬
‫عبدُ الحقِّ األزدى قد آخاه ببجاية‪ ،‬فإذا دخل عليه ويرى ما‬
‫أيده اهلل به ظاهراً وباطنا‪،‬يجد فى نفسه حالةً سنيةً لم يكن‬
‫يجدها قبلَ حضور مجلس ابى مدين‪ ،‬فيقول عند ذلك‪ :‬هذا‬
‫ث على الحقيقة‪(.‬سير اعالم النبالء ‪)220/21‬‬
‫وار ٌ‬
‫وذكر اإلمامان المناوى والشعرانى فى طبقاتيهما بعض‬
‫أقواله منها قوله‪ :‬ليس للقلب إال وجهة واحدة متى توجه إليها‬
‫حجب عن غيرها‪ ،‬وقوله‪ :‬اإلخالص أن يغيب عنك الخلق‬
‫فى مشاهدة الحق‪ .‬وقوله‪ :‬من خرج إلى الخلق قبل وجود‬
‫حقيقة دعته لذلك فهو مفتون‪ ،‬وكل من ادعى مع اهلل حالةً ليس‬
‫على ظاهره منها شاهدةٌ فاخذروه‪ .‬وقوله‪ :‬الحضور مع الحق‬
‫جنة‪ ،‬والغيبة عنه نار‪ ،‬والقرب منه لذة والبعد عنه حسرة‬
‫وموت‪ ،‬واألنس به حياة‪...‬‬
‫قال المناوى‪ :‬رأى بعض األولياء إبليس فقال له‪ :‬كيف‬
‫حالُك مع أبى مدين؟ قال‪ :‬ما شبّته فى نفسى فيما يُلقَى إليه فى‬
‫قلبه إال كشخص بال فى البحر المحيط‪ ،‬فقيل له‪ :‬لِم تبول فيه؟‬
‫قال‪ :‬حتى انخّسه فال تقع به الطهارة‪ ،‬فهل رأيتم أجهل من‬
‫هذا؟ فكذا انا وقلب أبى مدين‪ ،‬كلما ألقيتُ منه أمراً قلب‬
‫عينه‪(.‬الكواكب الدرية فى تراجم السادة الصوفية للمناوى ‪ 234/2‬ط‬
‫دار صادر بيروت)‬

‫‪ 3‬ـ اإلمـــام أبو عبد اهلل األندلسى القرشى‬


‫المتوفى سنة ‪599‬هـ‬

‫أثنى عليه اإلمام اليافعى ثناءاً عظيماً‪ ،‬ووصفه بأوصاف‬

‫‪181‬‬
‫جليلة منها‪ :‬الشيخ الكبير الولى الشهير إمام العارفين ودليل‬
‫السالكين‪ ،‬صاحب األحوال الفاخرة والكرمات الباهرة أبو عبد‬
‫اهلل محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشى الهاشمى قدس اهلل‬
‫تعالى روحه‪ ،‬كان له التصريف النافذ فى الوجود‪ ،‬والفضل‬
‫الفائض من فيض الجود والباع الطويل فى أحكام‬
‫الوالية‪...‬أحد أركان هذا الشأن‪ ،‬وعلم أعالمه وقدوة ساداته‬
‫األعيان‪ ،‬أجمع على جاللته أكابر االولياء والعلماء‪ ،‬واتفق‬
‫على فضليته سكان الحضرة والحمى‪ ،‬وتبرك الجلة بآثاره‪،‬‬
‫والتمسوا الهدى بإضاءة أنواره‪ .‬وله كالم وكرمات‪ ،‬مودع‬
‫بعضها فى بعض المصنفات مما اعتنى بجمعه وتأليفه الشيخ‬
‫اإلمام الحقيق السيد الجليل تلميذه أبو العباس أحمد بن على‬
‫العسقالنى‪(...‬مرآة الجنان لإلمام اليافعى ‪ 345/3‬طبعه دار الكتب‬
‫العلمية ببيروت)‬
‫وقال عنه قاضى القضاة مجير الدين الحنبلى‪ :‬الشيخ‬
‫الزاهد الصالح الناسك صاحب الكرمات الظاهرة‪ ،‬كان من‬
‫السادات األكابر والطراز األول‪ ،‬وأصله مغربى من الجزيرة‬
‫الخضراء من بر األندلس‪ ،‬جاء إلى مصر وانتفع به مَن‬
‫صحبه أو شاهده‪ ،‬وكان أهل مصر يحكون عنه أشياء خارقه‪،‬‬
‫وله كالم مدوّن‪ ،‬وقدم بيت المقدس أقام به إلى أن توفى فى‬
‫ذى الحجة سنة ‪ 599‬وله خمس وخمسون سنة‪ ،‬ودُفن بمامال‬
‫وقبره ظاهر يزار‪ ،‬وإلى جانبه دُفن الشيخ شهاب الدين بن‬
‫أرسالن‪ ،‬وقد اشتهر عند الناس أن من جللس عند القبرين‬
‫جرّبت ذلك فصحّ‪ ،‬نفع اهلل‬
‫ودعا اهلل بشئ استجيب له‪ ،‬وقد َ‬
‫بهما وجمعنا معهما فى دار كرامته بمنه وكرمه‪.‬‬
‫(االنس الجليل لمجير الدين الحنبلى ‪ 145/2‬طبقة مكتبة المحتسب‬
‫باألردن)‬

‫‪182‬‬
‫‪4‬ـ اإلمام الشهيد يحيى الصرصرى الحنبلى‬
‫البغدادى‬
‫المتوفى سنة ‪353‬هـ‬

‫قال فى الشذرات‪:‬‬
‫هو الشيخ العالمة القدوة أبو بكر زكريا يحيى بن يوسف‬
‫الصرصرى نسبة إلى صَرصَر قرية على فرسخين من‬
‫بغداد‪ ،‬كان إليه المنتهى فى معرفة اللغة وحسن الشعر‪،‬‬
‫وديوانه ومدائحه سائرة وكان حسّان وقته‪ .‬وُلد سنة ‪588‬وقرأ‬
‫القرآن بالروايات على أصحاب ابن عساكر البطائحى وسمع‬
‫الحديث من الشيخ على بن ادريس اليعقوبى الزاهد ـ صحب‬
‫الشيخ عبد القادر وتسلّك به ولبس منه الخرقة‪ ،‬وأجاز له‬
‫الشيخ عبد المغيث الحربى وغيره‪ ،‬وحفظ الفقه واللغة‪ ،‬ويقال‬
‫إنه كان يحفظ صحاح الجوهرى بكاملها‪ ،‬ويقال ان مدائحه فى‬
‫النبى ‪ r‬تبلغ عشرين مجلداً‪ ،‬وقد نظم فى الفقه مختصر‬
‫الخرقى وزوايد الكافى(وله قصيدة داليه فى الفقه الحنبلى‬
‫‪ 2444‬بيتا‪ ،‬شرحها محمد بن أيوب التاذفى فى مجلدين‪ ،‬قاله‬
‫الزركلى فى األعالم) وكان صالحاً قدوة كثير التالوة عظيم‬
‫االجتهاد‪ ،‬صبوراً قنوعاً محبا لطريقة الفقراء ومخالطتهم‪،‬‬
‫وكان يحضر معهم السماع ويرخص فى ذلك‪ ،‬وكان شديداً فى‬

‫‪183‬‬
‫السُّنة‪ ،‬منحرفا على المخالفين لها‪ ،‬وشعره مملوء بذكر أصول‬
‫السنة ومدح أهلها وذم مخالفيها‪ .‬قال ابن رَجب‪ :‬وكان قد رأى‬
‫النبى ‪ r‬فى منامه وبشره بالموت على السنة‪ ،‬ونظم فى ذلك‬
‫قصيدة طويلة معروفة‪ ،‬وسمع منه الحافظ الدمياطى وحدث‬
‫عنه‪ ،‬وذكره فى معجمه‪ ،‬ولما دخل التتار بغداد كان الشيخ‬
‫بها‪ ،‬فلما دخلوا عليه قاتلهم وقتل منهم بعكازه نحو اثنى عشر‬
‫نفساً ثم قتلوه شهيداً برباط الشيخ على الخباز‪ ،‬وحُمل إلى‬
‫صرصر فدُفن بها‪(.‬شذرات الذهب البن العماد الحنبلى ‪)285/5‬‬
‫ترجم له ابن كثير فى البداية والنهاية وقال‪ :‬معظم شعره‬
‫فى مدح رسول اهلل ‪ ، r‬وديوانه فى ذلك مشهور معروف غير‬
‫منكر‪ ،‬وكان ذكياً يتوقد نوراً‪ ،‬وما اشتهر عنه أنه مدح أحدًا‬
‫من المخلوقين من بنى آدم إال األنبياء قتله التتار شهيداً وله‬
‫من العمر ثمان وستون سنة‪.‬‬
‫(البداية والنهاية ‪)244/13‬‬

‫‪184‬‬
‫‪5‬ـ الشيخ مجد الدين الوترى‬
‫المتوفى سنة ‪332‬هـ‬
‫ه و مجد الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبى بكر رشيد‬
‫البغدادى الواعظ الشافعى المشهور بالوترى المتوفى ببغداد‬
‫‪.‬اشتهر بمجموعة من المدائح النبوية سماها"الوتريات فى‬
‫مدح أفضل الكائنات"و"القصائد الوترية فى مدح خير‬
‫البرية"وهى تشمل على تسعة وعشرين قصيدة مرتبة قوافيها‬
‫على حروف المعجم أنشأها فى مدح النبى ‪)*(r‬وجعل لكل‬
‫حرف من حروف الهجاء قصيدة منها ‪21‬بيتا‪(.‬االعالم‬
‫‪29/4‬معجم سركيس‪)1909‬‬

‫(*) الشك أن مدح النبى ‪ r‬من أفضل األعمال ألنه دليل على حبه ‪r‬‬
‫و"المرء مع من أحب يوم القيامة" كما جاء فى الحديث الصحيح(رياض‬
‫الصالحين ‪ ،)19‬وعن زيد بن أسلم قال‪ :‬هلك عثمان بن تطعون فأمر‬
‫بجهازه‪ ،‬فلما وُضع فى قبره قالت امرأته‪ :‬هنيئا لك يا أبا‬ ‫رسول اهلل ‪r‬‬
‫السائب الجنة‪ .‬فقال رسول اهلل‪": r‬وما علمك بذلك؟ قال‪ :‬كان يارسول‬
‫اهلل يصوم النهار ويصلى الليل‪ .‬قال‪":‬بحسبك لو قلت كان يحب اهلل‬
‫ورسوله"(الحلية ‪)103/1‬ولقد كانت السيدة عائشة رضى اهلل عنها‬
‫ترجو لحسان بن ثابت الجنة لمدحه رسول اهلل ‪ r‬فعن عامر عن عائشة‬
‫رضى اهلل عنها أنها قالت ‪ :‬ما سمعت بشعر أحسن من شعر حسان‪،‬‬
‫والتمثلت به إال رجوت له الجنة‪ ،‬قوله ألبى سفيان بن الحارث بن عبد‬
‫المطلب‪:‬‬
‫هجوت محمداً فأحبت عنه وعنـد اهلل فى ذاك الجـزاء‬
‫اتشتمـــه ولست له بكفء فشر كما لخير كما الفداء‬
‫لسانى صارم العيب فيـه وبحـرى التكدره الدالء [تفسير ابن كثير‬
‫‪ 451/3‬سورة النور]‬

‫‪185‬‬
‫‪6‬ـ القـــاضى البيضــــاوى‬
‫المتوفى سنة ‪385‬‬

‫عبد اهلل بن عمر الشيخ اإلمام العالمة المحقق المدقق‬


‫ناصر الدين الشيرازى البيضاوى‪ ،‬صاحب التصانيف‬
‫البديعة المشهورة‪ .‬قاله الصفدى فى الوافى‬
‫بالوفيات(‪ )349/14‬وله التفسير المشهور"أنوار التنزيل‬
‫واسرار التأويل" المعروف بتفسير البيضاوى‪ .‬قال ابن قاض‬
‫شبهة فى طبقاته‪ :‬صاحب المصنفات وعالم أذربيجان وشيخ‬
‫تلك الناحية‪ ،‬ونقل السبكى قوله‪ :‬كان إماما مُبرزاً‪ ،‬نظّاراً‪،‬‬
‫خيِّراً‪ ،‬صالحاً‪ ،‬منعبداً‪ .‬ونقل عن ابن حبيب قوله‪ :‬عالم نما‬
‫ذرع فضله ونجم‪ ،‬وحاكم عظمت بوجوده بالد العجم‪ ،‬برع‬
‫فى الفقه واألصول‪ ،‬وجمع بين المعقول والمنقول‪ ،‬تكلم كل‬
‫من األئمة بالثناء على مصنفاته وفاه‪ ،‬ولو لم يكن له غير‬
‫المنهاج لكفاه‪ .‬ولى أمر القضاء بشيراز‪ ،‬وقابل األحكام‬
‫الشرعية باالحترام واالحتراز‪ .‬ومن تصانيفه طوالع األنوار‬
‫ومطالع األنظار‪ .‬قال السبكى‪ ،‬وهو أجل مختصر ألف فى علم‬
‫الكالم‪ ،‬ومنهاج الوصول إلى علم األصول‪ ،‬مختصر من‬
‫الحاصل‪ ،‬أو المصباح‪ ،‬ومختصر الكشاف‪ ،‬والغاية القصوى‬
‫فى الفقه‪ ،‬ومختصر الوسيط‪ ،‬وشرح المصابيح فى الحديث‪،‬‬
‫وله تعليقة على مختصر ابن الحاجب‪ ،‬وعد الصالح الكتبى‬
‫من مصنفاته شرح المحصول‪ ،‬وشرح المنتخب‪ ،‬وااليضاح‬
‫فى أصول الدين‪ ،‬وشرح التنبيه فى أربع مجلدات‪ ،‬وشرح‬
‫الكافية فى النحو‪ ،‬وتهذيب األخالق فى التصوف‪ ،‬وكتابا فى‬
‫المنطق ‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫ثم رأيت ابن كثير قد عدّ أيضا فى تصانيفه شرح‬
‫المحصول وشرح المنتحب‪ ،‬وشرح التنبيه‪.‬‬
‫(طبقات الفقهاء الشافعية البن قاض شبهه ‪491/1‬ط مكتبة الثقافة الدينية‬
‫القاهرة)‬
‫وأضاف كحالة فى معجمه إلى مؤلفاته شرح مصابيح السنة‬
‫للبغوى سماه تحفة األبرار‪(.‬معجم المؤلفين لعمر رضا كحاله‬
‫‪233/2‬ط مؤسسة الرسالة ببيروت)‬

‫‪7‬ـ اإلمــام شــرف الدين محمـد البوصـيرى‬


‫المتوفى سنة ‪696‬‬

‫قال عنه د‪.‬أحمد عمر هاشم‪ :‬هو محمد بن سعيد‬


‫الصنهاجى أبو عبد اهلل شرف الدين الدالص المولد المغربى‬
‫األصل البوصيرى المنشأ‪ ،‬بدأ حياته بحفظ كتاب اهلل تعالى‬
‫ودرس العلوم الدينية والعربية‪ ،‬وكان جياش العاطفة فى‬
‫محبته للرسول صلوات اللله عليه‪ ،‬صادق االيمان‪ ،‬قوى‬
‫اليقين تدفقت شاعريته الملهمة بالعديد من القصائد فى مدح‬
‫خير البرية عليه أفضل الصالة وأتم السالم‪ .‬وكانت أعظم‬
‫مقصائده وأروع فرائده‪ ،‬درة الشعر الفصيح‪ ،‬بردة المديح‪،‬‬
‫التى لم يشبهها سابق‪ ،‬ولم يقترب منها الحق‪ ،‬وكم من قصائد‬
‫ألفت على غرارها‪ ،‬ونهجت طريقها‪ ،‬ونسجت على منوالها‬
‫ولكنها لم تصل إلى رتبتها حتى أن أمير الشعراء أحمد شوقى‬
‫رحمه اهلل قال عنها فى قصيدته نهج البردة‪:‬‬
‫لصاحب البردة الفيحاء‬ ‫المادحون وأربــاب الهـوى تبـــعٌ‬
‫ذى القـدم‬
‫وصـادق الحب‬ ‫مديحــه فيك حبٌّ خالصٌ وهوى‬

‫‪184‬‬
‫يُملىصادق الكلِــم‬
‫من ذا يعارض صوب‬ ‫اهلل يشهـد أنــــى ال أعارضـــه‬
‫العارض العرم‬
‫يغبـط وليَّــك اليُــذمـم‬ ‫وإنمـا أنا بعـض الغابطيــن ومــن‬
‫وال يُلــــم‬
‫(بردة المديح المباركة شرح وتقديم د‪ .‬أحمد عمر هاشم ـ طبع دار‬
‫المقطم القاهرة)‬
‫وقالت د‪ .‬سعاد ماهر‪ :‬قال الشهاب ابن حجر‪ :‬كان‬
‫البوصيرى رحمه اهلل تعالى من عجائب اهلل فى النظم والنثر‪،‬‬
‫وإن لم يكن له إال قصيدته المشهورة بالبردة لكفاه فخورا‪،‬‬
‫وكذلك قصيدته الهمزية البديعة‪ ،‬وقد ازدادت شهرة البردة إلى‬
‫أن صار الناس يتدارسونها فى البيوت والمساجد‪ .‬وقالت‪:‬‬
‫وكان البوصيرى فى أول حياته العلمية يتولى الكتابة على‬
‫الجبايات ببلدة بلبيس‪ ،‬ثم زهد فى الوظائف الحكومية ومتع‬
‫الحياة الدنيا‪ ،‬ولجأ إلى حياة التصوف واالنقطاع للعبادة‪،‬‬
‫فذهب إلى االسكندرية حيث صحب القطب أبا العباس‬
‫المرسى رضى اهلل عنه‪ ،‬ويقول على مبارك فى خططه‪:‬كان‬
‫البوصيرى و ابن عطاء اهلل السكندرى تلميذين ألبى العباس‪،‬‬
‫فخلع على البوصيرى لسان الشعر وعلى ابن عطاء اهلل ـ‬
‫صاحب الحكم ـ لسان النثر‪.‬‬
‫وقد الزم البوصيرى استاذه وأخذ عنه فظهرت عليه‬
‫بركته‪ ..‬دينا وعلما وورعاً ووالية‪ ..‬ثم نهج بعد ذلك فى شعره‬
‫منهجاً آخر‪ ،‬فصار متصوفاً مادحاً لحضرة رسول اهلل ‪،r‬‬
‫وأخلص الحب هلل ولرسوله‪ ،‬وهام بذلك حتى صار اليبارى‪.‬‬
‫قالت‪ :‬ومسجد اإلمام البوصيرى بمدينة االسكندرية فى‬
‫مواجهة جامع سيدى أبى العباس المرسى‪ ،‬أى أنه جاور‬

‫‪188‬‬
‫استاذه فى حياته وبعد مماته‪.‬‬
‫(مساجد مصر وأولياؤها الصالحون للدكتوره سعاد ماهر طبع‬
‫المجلس األعلى للشئون االسالمية بالقاهرة‪)91/3‬‬
‫وفى سبب نظم هذه القصيدة جاء فى فوات الوفيات‬
‫للكتبى‪ ،‬والمقفى للمقريزى‪ ،‬والمنهل الصافى البن تعزمى‬
‫بردى القصة التالية (وهذة رواية المقريزى) ‪ :‬قال ‪:‬‬
‫فاتفق أنه أصابه فالِج أبطل نصفه‪ ،‬وتعطل مدة‪ ،‬بحيث‬
‫عجز عن االنقالب فى الفرش من جانب إلى آخر‪ ،‬فلما أمضَّه‬
‫ذلك‪ ،‬عزم على نظم قصيدة فى مدح رسول اهلل ‪ ،r‬يستشفع‬
‫بها إلى اهلل تعالى‪ ،‬عساه ينجيه مما به‪ ،‬فنظم القصيدة التى‬
‫تعرف بالبردة وأولها ‪:‬‬
‫ن‬
‫جرَى مِ ْ‬
‫جتَ دَمْعــاً َ‬
‫َمزَ ْ‬ ‫سلَــمِ‬
‫َكرِ جِيرَانٍ بِذِى َ‬‫أَمِنْ تَذ ُّ‬
‫مُقْل ٍة بِـــدَمِ‬
‫وك رر إنشادها مرارا ‪ ،‬وتشفع إلى اهلل سبحانه بنبينا محمد‬
‫‪ ،r‬فى إزالة كربه‪ ،‬وأكثر من البكاء والدعاء‪ ،‬ونام فرأى‬
‫رسول اهلل ‪ r‬فى منامه‪ ،‬وكأنه يمسح بيده المقدسة على ما به‬
‫من الوجع‪ ،‬ثم ألقى عليه بردة‪ ،‬فانتبه وقد عُفى مما به من‬
‫فَوْره‪ ،‬وخرج من منزله‪ ،‬وكان ما تقدم ذكره سرا فيما بينه‬
‫طلِع عليه أحدا من الناس‪ ،‬فلقيه بعض‬ ‫وبين اهلل سبحانه‪ ،‬لم يُ ْ‬
‫الفقراء وقد خرج من بيته وقال له‪ :‬أريد أن تعطينى القصيدة‬
‫التى مدخت بها رسول اهلل ‪ ،r‬فقال‪ :‬وأىَّ قصيدة تريد؟ فإنى‬
‫بقصائد كثيرٍ‪ ،‬فقال التى أنشأتها فى مرضك‪ ،‬التى‬ ‫مدحته ‪r‬‬
‫أولها ‪:‬‬
‫‪... ... ...‬‬ ‫‪... ...‬‬ ‫سلَـــمِ‬
‫َكرِ جِيرانٍ بِذِى َ‬
‫أَمِنْ تَذ ُّ‬
‫‪...‬‬

‫‪189‬‬
‫واهلل لقد سمعناها البارحة‪ ،‬وهى تُ ْنشَد بين يدى من صُنِعت‬
‫فيه‪ ،‬ورأيته ‪ r‬يتمايل عند سماعها‪ ،‬كتمايل القضيب الرَّطْب‪،‬‬
‫وأعجبته‪ ،‬وألقى على من أنشدها بردة‪ .‬فأعطاها القصدية‪،‬‬
‫وشاع المنام بمصر‪ ،‬حتى بلغ الصاحب الكبير بهاء الدين‬
‫على بن محمد بن حنا‪ ،‬فانتسخها‪ ،‬ونذر أن اليسمعها إال وهو‬
‫قائم مكشوف الرأس‪ ،‬فسمعها كذلك‪ ،‬وأُعْجِب بها‪ ،‬وتَبرَك هو‬
‫وأهله بسماعها‪ ،‬وشاع ذلك بين الناس‪ ،‬فاتفق أن سعد الدين‬
‫الفارقىّ موقِّع الصاحب رَمِد رمدا شديدا أشفى منه على‬
‫العمى‪ ،‬فرأى فى منامه كأنه يقال له‪ :‬اذهب إلى الصاحب بهاء‬
‫الدين‪ ،‬وخذ منه البردة‪ ،‬وضعها على عينيك تبرأ من وقتك‪.‬‬
‫فلما أتاه‪ ،‬وقص عليه ما رأى قال‪ :‬واهلل ما عناى من آثار‬
‫النبىِّ ‪ r‬بردة‪ ،‬وفكر ساعة ثم قال‪ :‬لعل المراد قصدية البردة‪،‬‬
‫فنحن نتبرّك بها‪ ،‬وأمر عبده ياقوت أن يقول للخادم‪ :‬افتح‬
‫صندوق اآلثار‪ ،‬وأخرج القصيدة من حق العنبر‪ ،‬وات بها‪،‬‬
‫فلما جاءت وضعها الفارقىّ على عينيه‪ ،‬وقرئت عليه‪ ،‬وكان‬
‫الشفاء‪ ،‬فسميت من حينئذ البردة‪ ،‬واشتهرت بديار مصر‬
‫والشام والمغرب والحجاز واليمن‪ ،‬وشهرة المزيد عليها‪،‬‬
‫وزادوا فى تعظيمها‪ ،‬حتى عملوها تميمة تعليق على‬
‫الرءوس‪ ،‬وزعموا فيها مزاعم كثيرة من أنواع البركة‪ ،‬وهم‬
‫على ذلك إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫‪8‬ــ اإلمــام تقى الدين بن دقيق العيد‬
‫المتوفى سنة ‪402‬هـ‬

‫قال فى الشذرات‪ :‬شيخ اإلسالم تقى الدين محمد بن على‬


‫بن وهب مطيع القشيرى المنفلوطى الشافعى المالكى‬

‫‪190‬‬
‫المصرى ابن دقيق العيد‪ ،‬وُلد سنة ‪325‬هـ وتفقه على الشيخ‬
‫عز الدين بن عبد السالم فحقق المذهبين وأفتى فيهما وسمع‬
‫الحديث من جماعة‪ ،‬وولى قضاء الديار المصرية ودرس‬
‫بالشافعى ودار الحديث الكاملية وغيرهما وصنف التصنيف‬
‫المشهور‪ .‬كان يقول‪ :‬ما تكلمت بكلمة وال فعلت فعالً إال‬
‫أعددت له جواباً بين يدى اهلل تعالى‪ ،‬ويحكى أن ابن عبد‬
‫السالم كان يقول‪ :‬ديار مصر تفتخر برجلين فى طرفيها‪ :‬ابن‬
‫منير باالسكندرية وابن دقيق العيد بقوص‪ ،‬وقال الذهبى فى‬
‫معجمه‪ :‬قاضى القضاه بالديار المصرية وشيخها وعالمها‬
‫اإلمام العالمة الحافظ القدوة الودع شيخ العصر‪ ،‬كان عالمة‬
‫فى المذهبين عارفا بالحديثص وفنونه سارت بمصنفاته‬
‫الركبان وولى القضاء ثمان سنين‪ ،‬وبسط السبكى ترجمته فى‬
‫الطبقات الكبرى قال‪ :‬ولم ندرك أحداً من مشايخنا يختلف فى‬
‫أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس السبعمائة‪،‬‬
‫وقال ابن كثير فى طبقاته‪ :‬أحد علماء وقته بل أجلهم واكثرهم‬
‫علماء دينا وورعاً وتقشفاً ومداومة على العلم فى ليله ونهاره‪،‬‬
‫برع فى علوم كثيره السيما فى علم الحديث فاق فيه على‬
‫أقرانه وبرز على أهل زمانه‪ ،‬رحلت إليه الطلبة من اآلفاق‬
‫ووقع على علمه وورعه وزهده االتفاق (شذرات الذهب البن‬
‫العماد الحنبلى ‪)5/3‬‬
‫وقال فى البدر الطالع‪ :‬اإلمام الكبير صاحب التصانيف‬
‫المشهورة منها اإللمام فى أحاديث االحكام وشرع فى شرحه‬
‫فخرج منه أحاديث يسيره فى مجلدين أتى فيها كما قال الحافظ‬
‫ابن حجر بالعجائب الدالة على سعة دائرته فى العلوم‬
‫خصوصاً فى االستنباط‪ ،‬وجمع كتاب اإلمام فى عشرين‬
‫مجلداً‪ ،‬وصنف االقتراح فى علوم الحديث‪ ،‬وشرح العمدة‪...‬‬

‫‪191‬‬
‫قال الذهبى‪ :‬كان إماماً متفننا مدققاً أصولياً مدركاً أديباً نحويًا‬
‫غواصاً على المعانى وافر العقل كثير السكينة تام الورع مديم‬
‫السند مكباً على المطالعة والجمع سمحاً جواداً ذكى النفس‬
‫نزر الكالم عديم الدعوى‪ ،‬وقال قطب الدين الحلبلى‪ :‬كان ممن‬
‫فاق العلم والزهد‪ ،‬وكان آية فى االتقان والتحرى‪ ،‬شديد‬
‫الخوف دائم الذكر‪ ،‬الينام من الليل إال قليالً وكانت أوقاته كلها‬
‫معمورة‪ ،‬وقال ابن سيد الناس‪ :‬لم أر مثله فيمن رأيت وال‬
‫ال‬
‫حملت عن أجلّ منه فيمن رويت‪ ،‬ولم يزل حافظاً للسانه مقب ً‬
‫على شأنه‪ ،‬ولو شاء العادّ أن يحصر كلماته لحصرها‪ ،‬وله‬
‫تخلق وبكرامات الصالحين تحقق وعالمات العرفين تعلّق‪،‬‬
‫وكان الشهاب محمود يقول‪ :‬لم ترعينى آدب منه ولو لم يدخل‬
‫فى القضاء لكان ثورى زمانه وأوزاعى أوانه‪ .‬قال ابن حجر‪:‬‬
‫قرأت بخط محمد بن عبد الرحيم العثمانى قاضى صفد‬
‫أخبرنى األمير سيف الدين الحامى قال ‪ :‬خرجت يوما إلى‬
‫الصحراء فوجدت ابن دقيق العيد واقفا فى الجبانة يقرأ ويدعو‬
‫ويبكى فسألته فقال‪ :‬صاحب هذا القبر كان من أصحابى وكان‬
‫يقرأ علىّ فمات فرأيته البارحة فسألته عن حاله فقال‪ :‬لما‬
‫وضعتمونى فى القبر جاءنى كلب أنقط كالسبع وجعل‬
‫يروعنى فارتعت‪ ،‬فجاء شخص لطيف فى هيبته حسنة فطرده‬
‫وجلس عندى يؤنسنى فقلت من أنت فقال أنا ثواب قراءتك‬
‫الكهف يوم الجمعة‪ .‬انتهى‪ .‬وله أشعار حسنه محكمة قوية‬
‫المعانى جيدة المبانى‪ ،‬وبالجملة فقد اعترف له أئمة كل فن‬
‫بفنهم ‪.‬‬
‫(البدر الطالع للشوكانى ‪ 229/2‬ط دار المعرفة بيروت)‬

‫‪9‬ـ الشهــاب محمــود الحلبــى الحنبلــى‬

‫‪192‬‬
‫المتوفى سنة ‪425‬هـ‬

‫قال الحافظ ابن حجر العسقالنى‪ :‬وُلد فى شعبان سنة‬


‫‪344‬هـ‪ ،‬وسمع من الرضى بن البرهان ويحيى بن عبد‬
‫الرحمن الحنبلى وجمال الدين بن مالك وتأدب به وبابن‬
‫الظهيرة وتفقه بابن المنجا وغيره‪ ،‬وبرع إلى أن عُين لقضاء‬
‫الحنابلة وفاق االقران فى حسن النظم واإلنشاء والكتابة‪،‬‬
‫وكان محباً ألهل الخير مواظباً على التالوة واألدعية‬
‫والنوافل‪ ،‬وقوراً ساكناً‪ ،‬وقصائده كثيرة تدخل فى ثالث‬
‫مجلدات ‪ ،‬ونثره يدخل فى ثالثين مجلدة‪ .‬قال الصفدى‪ :‬وهو‬
‫أحد الكلمة الذين عاصرتهم وأخذت عنهم‪ ،‬ولم أر من يصدق‬
‫عليه اسم الكاتب غيره‪ ،‬ألنه كان ناظماً ناثراً عارفاً بأيام‬
‫الناس وتراجمهم ومعرفة خطوط الكتابة مع األدب الكثير‬
‫والديانة والعلم والرواية‪ ،‬وله كتاب حسن التوسل فى صناعة‬
‫الترسل‪ ،‬وكتاب أهنى المنائح فى أسنى المدائح‪ ،‬أفرد من‬
‫شعره المدائح النبوية‪ ،‬قال الذهبى‪ :‬لم يخلف فى معناه مثله‪،‬‬
‫وقال البرزالى فى معجمه‪ :‬فاضل كتب فى االنشاء‪ ،‬وفى‬
‫جودة الشعر فاق أهل عصره وأربى على كثير ممن تقدمه‪،‬‬
‫واشتهر بحسن الخلق‪ ،‬وكان اشتغل على ابن مالك فى النحو‪،‬‬
‫وعلى ابن المنجا فى الفقه‪ ،‬وأجاز له يوسف بن خليل‪ .‬قال ابن‬
‫سيد الناس(*)‪ :‬قال لى ابن سلمة الغرناطى‪ :‬ما رأيت أجلّ من‬
‫الدمياطى والشهاب محمود‪ ،‬والشهاب فى بابه أجل من‬
‫الدمياطى‪ ،‬وله ذيل على ذيل القطب اليونينى فى التاريخ‪ .‬من‬
‫شهد شعره القصيدة التى مطلعها ‪:‬‬

‫(*) انظر ترجمته ص‬

‫‪193‬‬
‫أو الصبح إال ماجاله‬ ‫هل البدر إال ما حــواه لثامهـــا‬
‫ابتسامهــا‬
‫توفى بدمشق فى شعبان سنة ‪425‬هـ‬
‫(الدرر الكامنة البن حجر العسشقالنى ‪198/4‬ط دار الكتب العلمية‬
‫بيروتت)‬

‫‪11‬ـ اإلمام كمـال الدين بن الزملكانى الشافعى‬


‫المتوفى سنة ‪727‬هـ‬

‫قال اإلمام النبهانى فى ترجمته‪ :‬هو من أئمة الشافعية‪ ،‬وقد‬


‫ذكره ابن الوردى فى تاريخه وأثنى عليه كثيراً‪ ،‬وترجمه‬
‫الكتبى فى ذيل ابن خلكان بترجمة فائقة(*) ‪ ،‬فمما قاله فيها‪:‬‬
‫محمد بن على عبد الواحد الشيخ اإلمام العالمة قاضى القضاة‬
‫ذو الفنون جمال اإلسالم كمال الدين بن الزملكانى األنصارى‬
‫الدمشقى كبير الشافعية فى عصره‪ .‬وُلد فىشوال سنة ‪334‬هـ‬
‫وطلب الحديث وقرأه‪ ،‬وكان فصيحاً متشرعاً‪ ،‬وكان بصيرًا‬
‫بالمذهب وأصوله قوى العربية قد أتقنها‪ ،‬وكان ذكياً صحيح‬
‫الذهن صائب الفكرة‪ ،‬وأفتى وله نيف وعشرون سنة‪ ،‬وكان‬
‫يضرب بذكائه المثل‪ ،‬وكان شكله حسناً وشيبته منورة بنور‬
‫اإلسالم وعقيدته صحيحة متمكنة أشعرية وفضائله عديدة‪.‬‬
‫صنف أشياء منها رسالة فى الرد على الشيخ تقى الدين بن‬
‫تميمة فى مسألة الطالق ورسالة فى الرد عليه فى مسئلة‬
‫الزيارة‪ .‬قام وهو قاضى القضاة بجلب أكثر من سنتين ثم إن‬

‫(*) انظر فوات الوفيات للكبنى ط دار صادر بيروت تحقيق د‪ .‬احسان‬
‫عباس ‪4/4‬‬

‫‪194‬‬
‫السلطان طلبه من حلب إلى مصر ليوليه قضاء دمشق‪ ،‬وفرح‬
‫الناس بذلك فمرض فى الطريق وأدركه األجل فى بلبيس فى‬
‫ستة عشر رمضان سنة ‪424‬هـ ‪ ،‬وذكر له قصيدة بليغة فى‬
‫مدح النبى ‪ r‬ذكرتها فى المجموعة النبهانية ومنها فى الرد‬
‫على ابن تيمية وشيعته المانعين االستغاثة بالنبى ‪ r‬قوله ‪:‬‬
‫مــا ردّ جــاهـــك إال كل‬ ‫ياصاحب الجـاه عند اهلل خالقــه‬
‫أفــاك‬
‫أنت الشفيـــع لفتـــاك‬ ‫أنت الوجيه على رغم العدا أبدا‬
‫ونســـ اك‬
‫وال شفى اهلل يوما قلـــب‬ ‫يـافرقة الـــزيغ اللقيت صالحــة‬
‫مرضاك‬
‫ومن أعانك فى الدنيـــا‬ ‫وال خطيب بجاه المصطفى أبدا‬
‫(*)‬
‫وواالك‬
‫[شواهد الحق ‪]383‬‬
‫وقال الشوكانى‪ :‬وأطلق عليه الذهبى عالم العصر وكبير‬
‫الشافعية‪.‬ز بله اليد البيضاء فى النظم والنثر وتخرج غالب‬
‫علماء العصر عليه ولم يروا غيره فى كرم نفسه وعلو همته‪..‬‬
‫وقال ابن كثير‪ :‬انتهت إليه رياسة المذهب تدريساً وإفتاء‬
‫ومناظرة‪ ،‬وساد أقرانه بذهنه الوقاد وتحصيلة الذى منعه‬
‫الرقاد وعبارته الراتعة وكلماته الفائقة ولم يسمع أحد من‬
‫الناس يدرس أحسن منه وال سمعت أحلى من عبارته وجودة‬
‫تقريره وصحة ذهنه وقوة قريحته انتهى‪( .‬راجع البدر الطالع‬
‫للشوكانى ‪)212/2‬‬
‫وأورد فى حاشية ديوان االسالم مصنفاته التى منها أيضا‬

‫(*) انظر بقية األبيات ص‬

‫‪195‬‬
‫البرهان فى اعجاز القرآن‪ ،‬والكاشف وتحقيق األولى من أهل‬
‫الرفيق األعلى ووفيات األعيان فى التاريخ والتراجم والمنهاج‬
‫وشرح فصوص الحكم‪ ..‬وقال نقالً عن االسنوى فى طبقات‬
‫الشافعية قال‪ :‬ذكره الذهبى فى تاريخه قال‪ :‬كان شيخنا عالم‬
‫العصر وكان من بقايا المجتهدين ومن أذكياء‪ ،‬أهل زمانه‪،‬‬
‫درّس وأفتى وصنف وتخرج به األصحاب‪( .‬ديوان االسالم‬
‫للغزى تحقيق سيد كسروى حسن‪ 403/2‬ط دار الكتب العلمية بيروت)‬

‫‪11‬ـ الشيــخ محمد وفا الشاذلى المصــرى‬


‫المتوفى سنة ‪361‬هـ‬

‫قال اإلمام عيبد الرؤوف المنادى‪ :‬محمد بن محمد بن وفا‪،‬‬


‫السكندرى األصل ويقال المغربى ثم المصرى الشاذلى‬
‫الصوفى ذو المشحات التوحيدية التى لم ينسج على منوالها‬
‫أحد من البرية‪ ،‬وشيخ الطريقة الوفائية‪ ،‬كان وافر الجـالل‪،‬‬
‫فــائق الخالل‪ ،‬ســار صوت حقيقة واشتهــر بناء تــذكيره‬
‫(الطبقات الكبرى للمناوى الطبعة الثانية)‬
‫كان أميا وله مؤلفات‪ ،‬وللشيخ عبد الوهاب الشعرانى‬
‫مناقبه‪.‬‬ ‫فى‬ ‫كتاب‬
‫(األعالم للزرمكى)‬
‫وقال عنه اإلمام الشعرانى‪ :‬كان من أكابر العارفين‪ ،‬وكان‬
‫أمياً وله لسان غريب فى علوم القدم ومؤلفاته كثيرة‪ ،‬ولما‬
‫دنت وفاته خلع منطقته على األبزارى صاحب الموشحات‬
‫وقال هى وديعة عندك حتى خلعها على ولدى على‪،‬فعمل أيام‬
‫كانت المنطقة عنده الموشحات الظريفة إلى أن كبر سيدى‬
‫على فخلعها عليه ثم رجع اليعرف يعمل موشحاً كما أخبرنى‬

‫‪193‬‬
‫عن نفسه رضى اهلل تعالى عنه أو سمى وفا ألن بحر النيل‬
‫توقف فلم يزد إلى أدان الوفاء‪ ،‬فعزم أهل مصر على الرحيل‬
‫فجاء إلى البحر فقال أطلع بإذن اهلل تعالى‪ ،‬فطلع ذلك اليوم‬
‫سبعة عشر ذراعًا وأوفى فسموه وفا ‪.‬‬
‫(الطبقات الكبرى للشعرانى ‪)21/2‬‬
‫قال العماد الحنبلى عنه‪ :‬العارف باهلل المحقق محمد بن‬
‫محمد المعروف بسيدى محمد وفا‪ ،‬والد بنى وفا المشهورين‬
‫االسكندرانى األصل المالكى المذهب الشاذلى طريقة‪ ،‬ولد‬
‫بثغر االسكندرية ونشأ بها وسلك طريقه الشيخ أبى الحسن‬
‫الشاذلى وتخر ج على يد األستاذ ابن باخل ثم رحل إلى اخميم‬
‫وتزوج بها واشتهر هناك وصار له سمعه ومريدون وأتباع‬
‫كثيرة ثثم قدم مصر وسكن الروضة على شاطئ النيل‬
‫وحصل له قبول من أعيان الدولة وغيرهم‪ ،‬وكان له فضيلة‬
‫ومشاركة حسنة ونظم ونثر ومعرفة باألدب‪ ،‬وكثر أصحابه‬
‫وصاروا يبالغون فى تعظيمه‪ ،‬وكان لوعظه تأثير فى القلوب‪،‬‬
‫ثم سكن القاهرة‪ ،‬ولم يزل أمره يشتهر وذكره ينتشر مع حمل‬
‫الطريقه وحسن السيره إلى أن توفى يوم الثالثاء حادى عشر‬
‫ربيع اآلخر ودفن بالقرافة‪ ،‬وقبره مشهور يزار ‪.‬‬
‫(شذرات الذهب للعماد الحنبلى ‪)203/3‬‬

‫‪12‬ـ لســان الــدين الخطيب األنــدلسى‬


‫المتوفى سنة ‪776‬هـ‬

‫وُلد فى رجب سنة ‪ 413‬بلوشة ـ األندلس ـ وكان سلفه قديما‬


‫يعرفون ببنى وزير‪ ،‬ثم صاروا يعرفون ببنى خطيب نسبة‬
‫الى جده األعلى‪،‬واشتهر بلسان الدين بن خطيب‪ ،‬ونشاء فقرأ‬

‫‪194‬‬
‫القرآن والعربية على أبى القاسم بن جزى وأبى عبد اهلل بن‬
‫النجار‪ ،‬وسمع من أبى عبد اهلل بن جابر وجماعة عدة‪ ،‬وتأدب‬
‫بابن الحناب‪ ،‬وبرزفى الطب وبرع فى الشعر واألدب وفاق‬
‫أقرانه قاله الشوكانى فى البدر الطالع وقال العماد الحنبلى‪:‬‬
‫كان والده بارعاً فاضالً (*) وقال العالمة المقرى فى كتاب‬
‫تعريف ابن الخطيب‪ :‬هو الوزير الشهير الكبير الطائر‬
‫الصيب فى المشرق والمغرب عَلم الرؤساء األعالم الذى‬
‫خدمته السيوف واألقالم‪ ،‬اعترف له بالفضل أصحاب العقول‬
‫(شذرات الذهب ‪)244/3‬‬ ‫الراجحة واألحالم ‪.‬‬
‫قال الزركلى فى االعالم‪ :‬وكان يلقب بذى الوزارتين القلم‬
‫والسيف‪ ،‬ويقال له ذو العمرين الشتغاله بالتصنيف فى ليله‪،‬‬
‫وبتدبير المملكة فى نهاره‪ ،‬ومؤلفاتهتقع فى نحو ستين كتابا‬
‫منها اإلحاطه فى تاريخ غرناطه واللمحة البدرية ورقم الحلل‬
‫فى نظم الدول والكتيبة الكامنة وروضة التعريف بالحب‬
‫الشريف ودرة التنزيل وريحانة الكتاب وديوان شعر‪ ...‬وعلى‬
‫اسمه صنف المقرى كتابه العظيم"فتح الطيب من غصن‬
‫األندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب"‪.‬‬
‫قال االستاذ محمد الكتانى فى مقدمة التحقيق لكتاب‬
‫روضة التعريف البن الخطيب قال ابن خلدون‪ :‬نشأ ابن‬
‫الخطيب بغرناطة وقرأ وتأدب على مشيختها‪ ،‬واختص‬
‫بصحبة الحكيم المشهور يحيى بن هزيل ونبغ فى الشعر‬
‫والترسيل (الكتابة) بحيث اليجارى فيهما ‪.‬انتهى‬

‫(*) جاء فى مقدمه التحقيق لكتاب روضة التعريف بالحب الشريف أن‬
‫والده استشهد سنة ‪ 441‬فى معركة بين المسلمين وبين االسبان فى‬
‫مدينة طريف‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫وتقلد الوزارة فى غرناطة فى الفترة مابين ‪449‬ـ‪،430‬‬
‫وفى سنة ‪ 430‬نكب ابن الخطيب مع سلطانه الغنى باهلل إثر‬
‫إلنقالب الذى ثم فى غرناطة ففقد الغنى باهلل عرشه ونُحى ابن‬
‫الخطيب عن وزارته وأخذت ممتلكاته‪ ،‬غير ان سلطان‬
‫المغرب أبا سالم المرين طلب من سلطان غرناطه (الجديد)أن‬
‫يسمح للغنى باهلل ولوزيره ابن الخطيب بالجواز إلى المغرب‬
‫ضينين عليه فتم ذلك‪.‬‬
‫كان ابن الخطيب يوم ذاك يناهز الخمسين‪ ،‬وهى سن‬
‫االرتداد إلى الشيخوخة‪ ،‬فكانت نكبته فى مثل هذا السن بمثابة‬
‫اليقظة من نوم الغرور بالحياة‪ ،‬كما خلقت فى نفسه الرغبة فى‬
‫التزهد وإطراح األلقاب‪ ،‬واغتنام بقية العمر فى القربات‬
‫واالعتكاف على البتعبد‪ ،‬فقام بعد وصوله إلى المغرب برحلة‬
‫عبر مدن المغرب‪ ،‬يزور المعالم واآلثار‪ ،‬ويطرح نفسه على‬
‫قبور األولياء للتأمل واالعتبار‪ ،‬واتخذ مدينة سال دار إقامة‪،‬‬
‫لم ا لها من المزايا فى هذا الباب‪ ،‬وفيها التقى بالصوفى الشهير‬
‫الشيخ أبى العباس بن عاشر وتأثر به‪ .‬ولكن فى سنة ‪433‬‬
‫رجع إلى األندلس مرة أخرى لتقلد منصب الوزارة بدعوة من‬
‫سلطانه الغنى باهلل بعد أن استرجع عرشه‪ ،‬وألقى بين مقاليد‬
‫المملكة‪ ،‬وبعد سنوات قالئل بدأ ابن الخطيب يشعر بإصر‬
‫الحياة على ظهره‪ ،‬وغيولها المتكبدة من حوله‪ ،‬وتوقانه إلى‬
‫الخالص من ذلك كله‪ ،‬فى هذه الفترة يقول فى احدى‬
‫رسائله‪ ..":‬والنية مع اهلل على الزهد فيما بأيدى الناس معقودة‪،‬‬
‫والتوبة بفضل اهلل عز وجل منقودة‪ ،‬واهلل قد عوض حب الدنيا‬
‫بمحبته"(انظر روضه التعريف بالحب الشريف تحقيق محمد الكتانى‬
‫ط دار الثقافة بالدار البيضاء)‬
‫وسافر لسان الدين الخطيب خلسة إلى المغرب مخلفًا‬

‫‪199‬‬
‫وراءه بالط غرناطة الذى مقصف به المؤمرات والدسائس‬
‫وموجات الحقد والكراهية والحسد التى ماكان عبوره البحر‬
‫إلى المغرب لينجيه منها‪ ،‬فقد مضت األيام وتقلبت الظروف‬
‫واألحوال وقُبض على ابن الخطيب واودع فى السجن‪ .‬يقول‬
‫االستاذ الكتانى‪ :‬وعقد مجلس سلطانى بحضور جماعة من‬
‫الفقهاء واالعيان وأحضر ابن الخطيب أمامهم‪ ،‬فتليت عليه‬
‫االتهامات الموجهة إليه وفى مقدمتها رميه بااللحاد(*) مما‬
‫عزّر وعُذّب‬
‫زعموا أنه ورد فى كتابه روضة التعريف‪ ،‬ثم ُ‬
‫أمام المأل‪ ،‬ووقع التشاور فى مقتله انتهى‪ .‬يقول الحافظ ابن‬
‫حجر‪ :‬وقد اشتهر أنه نظم حين أرادوا قتله األبيات المشهورة‬
‫التى منها‪:‬‬
‫وفات فسبحــان من‬ ‫فقل للعدا ذهب ابن الخطيب‬
‫اليفــوت‬
‫فقل يشمت اليوم من ال‬ ‫فمن كان يشمت منكم بـــه‬
‫يموت‬
‫وأورد هذه القصة قال‪ :‬ذكر الشيخ محمد القصبانى أن ابن‬
‫األحمر وجهه رسوالً إلى ملك الفرنج‪ ،‬فلما أراد الرجوع‬
‫أخرج له كتابا من ابن الخطيب بخطه يشتمل على نظم ونثر‬

‫(*) مفهوم أن هذا اإلتهام الباطل كان ذذريعة لقتله فقط‪ ،‬يقول اإلمام‬
‫الشوكانى‪ :‬وقتله على الصفة المذكورة هو من تلك المجازفات التى‬
‫صار يرتكبها قضاة المالكية ويريقون بها دماء المسلمين بال قران وال‬
‫برهان(البدر الطاالع‪)194/2‬وقال ابن العماد الحنبلى بعد أن ساق‬
‫الكتانى‪ :‬والكتاب الينطوى على شئ مما رماه به خصومه‪ ،‬وال ماينم‬
‫على ذلك من قريب أو بعيد‪ ..‬بل يحق لنا أن نؤكد أن ابن الخطيب كان‬
‫فى هذا الكتاب سُنيا أشعرياً بدون لبس وال خفاء‪( .‬روضة التعريف‬
‫‪)30/1‬‬

‫‪200‬‬
‫فى غايه الحسن والبالغة فأقرأه إياه‪ ،‬فلما فرغ من قراءته قال‬
‫له‪ :‬مثل هذا يُقبل‪ ،‬وبكى حتى بل ثيابه (الدرر الكامنة فى أعيان‬
‫المائة الثامنة البن حجر العسقالنى ‪285/4‬ط الكتب العلمية بيروت)‬
‫من شعره ‪:‬‬
‫قد ضاق بى عن حبك‬ ‫يامن بأكنــاف فــوادى رنـــع‬
‫المتسع‬
‫شح مطــاع وهـــوى‬ ‫ما فيك لى جدوى وال أرعوى‬
‫متتبــع‬
‫وقد رؤى ـ فى المنام ـ بعد الموت‪ ،‬فقيل له ما فعل اهلل بك‬
‫؟ فقال‪ :‬غفر لى ببيتين قلتهما وهما ‪:‬‬
‫والكــون لم تفتح له‬ ‫يــامصطفى من قبل نشـأة آدم‬
‫أغـــالق‬
‫أثنى على أخـالقك‬ ‫أيروم مخلــوق ثنــاءك بعدمـــا‬
‫الخــالق‬
‫(شذرات الذهب ‪)244/3‬‬
‫‪13‬ـ اإلمــــام عبد الــرحيم البرعى اليمنى‬
‫المتوفى سنة ‪813‬هـ‬

‫هو عبد الرحيم بن أحمد بن على البرعى اليمانى‪ :‬شاعر‬


‫متصوف‪ ،‬أفتى ودرّس‪ ،‬له ديوان شعر اكثره فى المدائح‬
‫النبوية(ذكره الزرمكى فى االعالم ‪ 343/3‬وذكر أن سنة وفاته ‪803‬‬
‫هـ)ذكر النبهانى أن سنة وفاته ‪903‬هـ ولعل ذلك خطأ مطبعى‬
‫والصواب األول‪ ،‬وبذلك قال أيضا الشوكانى فى البدر الطالع‪،‬‬
‫وقال‪ :‬الشيخ العالم الشاعر البليغ الشهير عبد الرحمن بن على‬
‫البرعى الهاجرى اليمنى‪ ،‬أخذ النحو والفقه على جماعة من‬
‫علماء عصره حتى تأهل للتدريس‪ ،‬وأتته الطلبة من أماكن‬

‫‪201‬‬
‫شتى‪ ،‬فدرس وأفتى واستهر بالعلم والشعر وهو من العلماء‬
‫األحبار المجتهدين والشعراء البلغاء المجيدين‪ ،‬وله ممادح‬
‫كثيرة فى النبى صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وديوان شعره‬
‫مشهور‪ ،‬ومات فى سنة ‪ 803‬رحمه اهلل تعالى وإيانا‬
‫والمؤمنين آمين‪.‬‬
‫(البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لإلمام الشوكانى الملحق ص‬
‫‪)120‬‬
‫‪14‬ـ العالمــة عبد الرحمن بن خلدون‬
‫المتوفى سنة ‪816‬هـ‬

‫قال مستغيثا برسول اهلل ‪: r‬‬


‫تَقْضِىمُنَى نفسى‬ ‫يــاسيدَ الرُســلِ الكرِام ضَراعــةً‬
‫وتُذ ِهبُ حَوبى‬
‫ِكـل‬
‫عا َقتْ ذُنوبى عَن جَنَابِـكَ والمُنىَ فيهـــا تُعلــلنِى ب ِّ‬
‫كَـــذُوبِ‬
‫صَفحـاً جميــالً عن‬ ‫َهبْ لى شفاعَتكَ التى أرجُو بها‬
‫ح ذُنــوبى‬
‫قبي ِ‬
‫س‬‫فَبِفَضـل جَا ِهكَ لي َ‬ ‫حتْ المــرِئٍ‬ ‫إن النَجـاةَ وإن أُتي َ‬
‫بالتْشبِيـبِ‬
‫إنى دَعــو ُتكَ واثقـــِاً بــإجَابتى يــاخيرَ مـــَدْعـُوٍ وخي َر‬
‫مُجيــبِ‬
‫تُــدنِى علىَّ الفـــو َز‬ ‫يـــاهـلْ تُبلــِغُتى الليـــالىِ زَ ْورَةً‬
‫بالمــرغُوبِ‬
‫ص ُر‬
‫وأَحــطُّ أوزارى وأ ْ‬ ‫أمُــحــ و خَطِيّــــاتى بهـــــا‬
‫ذُنوبى‬
‫عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون(‪432‬ـ‪808‬هـ)الفيلسوف‬

‫‪202‬‬
‫المؤرخ العالم االجتماعى البحاثة‪ ،‬أصله من إشبيلية ومولده‬
‫ومنشأه بتونس‪ ،‬رحل إلى فاس وغرناطة وتلمسانى واألندلس‬
‫وتولى أعماالً‪ ،‬واعترضه دسائس ووشايات‪ ،‬وعاد إلى‬
‫تونس‪ ،‬ثم توجه إلى مصرفأ كرمه سلطانها الظاهر برمؤق‬
‫وولى قضاء المالكية‪..‬وتوفى بالقاهرة ‪ ،‬كان فصيحاً جميل‬
‫الصورة عاقالً صادق اللهجة عزوفا عن الضيم طامحًا‬
‫للمراتب العالمية‪.‬ولما رحل إلى االندلس اهتز له سلطانها‪،‬‬
‫وأركب خاصته لتلقيه وأجلسه فى مجلسه‪ .‬واشتهر‬
‫بكتابه" العبر وديوان المبتدأ والخبر فى تاريخ العرب والعجم‬
‫والبربر"فى سبعة مجلدات‪ ،‬وأولها"المقدمة" وهى تعد من‬
‫أصول علم االجتماع‪ .‬ومن كتبه "شرح البردة"وكتاب فى‬
‫الحساب ورسالة فى المنطق وشفاء السائل لتهذيب المسائل‬
‫وغير ذلك‪(.‬االعالم للزرمكى‪)330/3‬‬
‫وقال السخاوى‪ :‬قال ابن الخطيب فيما حكاه عنه شيخنا‪:‬‬
‫رجل فاضل جم الفضائل‪ ،‬رفيع القدر أصيل المجد‪ ،‬وقور‬
‫المجلس عالى الهمة قوى الجأش متقدم فى فنون عقلية ونقلية‬
‫متعدد المزايا شديد البحث كثير الحفظ صحيح التصور بارع‬
‫الحظ حسن العشرة‪ ،‬مفخر من مفاخر المغرب‪ ..‬وقال‪ :‬وله‬
‫من المؤلفات غير االنشاءات النثرية والشعرية التى هى‬
‫كالسحر التاريخ العظيم المترجم بالعبر فى تاريخ الملوك‬
‫واألمم والبربر‪ ،‬حوت مقدمته جميع العلوم‪ ،‬وجلت عن‬
‫محجتها ألسنة الفصحاء فال تروح وال تحوم (الضوء الالمع‬
‫للسخاوى‪)145/4‬‬
‫وقال الشوكانى‪ :‬وله نظم حسن فمنه‪:‬‬
‫وأطلنى موقف‬ ‫اسرفن فى هجرى وفى تعــذيبى‬
‫عـــبرتى ونحيبى‬

‫‪203‬‬
‫لــوداع مشغةف‬ ‫وأبين يــوم البين وقفــة ساعــة‬
‫الفؤاد كئيب‬
‫(البدر الطالع ‪)339/1‬‬

‫‪15‬ـ اإلمــام محيى الدين محمد بن يعقوب‬


‫الفــــيروزابـــادى‬
‫المتوفى سنة ‪814‬هـ‬
‫اإلمام الكبير الماهر فى اللغة وغيرها من الفنون حفظ‬
‫القرآن وهو ابن سبع سنين وحفظ كتابا من اللغة وانتقل إلى‬
‫الشيراز وهو ابن ثمان سنين وأخذ عن والده وعن القوام عبد‬
‫اهلل ابن النجم وغيرهما من علماء شيراز وسمع على محمد‬
‫بن يوسف االنصارى وارتحل إلى العراق ودخل واسط وقرأ‬
‫بها القراءات العشر ثم دخل بغداد فاخذ عن التاج بن السباك‬
‫والسراج عمر بن على القزوينى وغيرهما ثم ارتحل إلى‬
‫دمشق فدخلها سنة ‪ 455‬فسمع من التقى السبكى وجماعة‬
‫زيادة على مائة كابن القيم وطبقته ودخل بعلبك وحماه وحلب‬
‫والقدس وسمع من جماعة من أهل هذه الجهات واستقر‬
‫بالقدس نحو عشر سنين ودرس وتصدر وظهرت فضائله‬
‫وكثر االخذ عنه وتتلمذ له جماعة من االكابر كالصالح‬
‫الصفدى ثم دخل القاهرة فلقى بها جماعة كالعز بن جماعة‬
‫واالسنوى وابن هشام والبهاء بن عقيل وحج فسمع بمكة من‬
‫اليافعى وغيره وجال فى البالد الشمالية والمشرقية ودخل‬
‫الروم والهند ولقى جمعا من الفضالء وحمل عنهم شيئا كثيرا‬
‫ثم دخل اليمن فوصل إلى زبيد فى سنة ‪ 493‬فتلقاه الملك‬
‫االشرف اسماعيل بالقبول وبالغ فى اكرامه واستمر مقيما‬
‫لديه ينشر العلم فكثر االنتفاع به وقصده الطلبة وقرأ عليه‬

‫‪204‬‬
‫السلطان فمن دونه فى الحديث واستقر قدمه بزبيد إ‘لى أن‬
‫(مات) ‪.‬‬
‫قال الشوكانى فى البدر الطالع‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وله مصنفات كثيرة نافعة‪ .‬منها فى التفسير (لطائف ذوى‬
‫التميز فى لطائف الكتاب العزيز) فى مجلدات و(تنوير‬
‫المقباس‪ .‬فى تفسير ابن عباس)أربع مجلدات و(تيسير فاتحة‬
‫االياب‪ .‬فى تفسير فاتحة الكتاب) فى مجلد كبير‪ ،‬و(شوارق‬
‫األسرار العلية فى شرح مشارق األنوار النبوية) مجلدان‪،‬‬
‫و(النفحة العنبرية فى مولد خير البرية)و(الصالت والبشر فى‬
‫الصالة على خير البشر)و(روضة الناظر فى ترجمة الشيخ‬
‫عبد القادر) فى مجلد كبير و(الدر النظيم المرشد إلى مقاصد‬
‫القرآن العظيم)و(حاصل كورة الخالص‪ .‬فى فضائل سورة‬
‫االخالص) وفى الحديث والتاريخ (شوارق العلية‪ .‬فى شرح‬
‫مشارق االنوار النبوية) أربع مجلدات(وفتح البارى‪ .‬فى شرح‬
‫صحيح البخارى) ولعل ابن حجر لم يسمع بذلك حيث سمى‬
‫شرحه بهذا االسم كمل منه نحو عشرين مجلداً وكان يقدر‬
‫اتمامه فى أربعين و(عمدة الحكام‪ .‬فى شرح عمدة االحكام)‬
‫فى مجلدات و(امتضاض السهاد‪ .‬فى افتراض الجهاد)فى‬
‫مجلد و(االسعاد باالصعاد إلى درجة االجتهاد)ثالث مجلدات‬
‫و(المرقاة الوفية‪ .‬فى طبقات الحنيفة)و(البلغة‪ .‬فى تراجم أئمة‬
‫النحاة واللغة)و(الفضل الوفى‪ .‬فى العدل االشرفى) و(نزهة‬
‫األذهان‪ .‬فى تاريخ أصبهان)و(تسهيل طريق الفصول فى‬
‫االحاديث الزائدة على جامع االصول)و(االحاديث الضعيفة)‬
‫و(الدر الغالى فى االحاديث العوالى) و(سفر السعادة)و(المتفق‬
‫وضعا والمختلف صعقاً) وفى اللغة(الالمع المعلم العجاب‬
‫الجامع بين المحكم والعباب وزيادات امتأل بها الوطاب) وكان‬

‫‪205‬‬
‫يقدر ثمامه فى مائة مجلد كل مجلد يقرب من صحاح‬
‫الجوهرى و(القاموس المحيط‪ .‬والقابوس الجامع لما ذهب من‬
‫لغة العرب شماطيط) فى مجلدين وهو كتاب ليس له نظير‬
‫وقد انتفع به الناس ولم يلتفتوا بعده إلى غيره‪ .‬و(المثلث‬
‫الكبير) فى خمس مجلدات‪ ..‬وغير ذلك من المصنفات الكثيرة‬
‫الواسعة الشهيرة‪ .‬قال التقى الكرمانى‪ :‬كان عديم النظير فى‬
‫زمانه نظماً ونثراً بالفارسى والعربى‪ ،‬وحكى الخزرجى أنه‬
‫دام التوجه فى سنة ‪ 499‬إلى مكة‪ ،‬فكتب إلى السلطان‪:‬‬
‫وقد مر على المسامع الشريفة غير مرة فى صحيح‬
‫البخارى قول سيدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم إذا‬
‫بلغ المرء ستين سنة فقد أعذر اهلل إليه فكيف من نيف على‬
‫السبعين وأشرف على الثمانين‪ .‬وال يجمل بالمؤمن أن تمضى‬
‫عليه أربع سنين‪ .‬وال يتجدد له شوق وعزم إالى بيت رب‬
‫العالمين‪ .‬وزيارة سيد المرسلين‪ .‬وقد ثبت فى الحديث النبوى‬
‫ذلك‪ .‬وأقل العبيد ـ يعنى نفسه ـ له ست سنين عن تلك‬
‫المسالك‪ .‬وقد غلب عليه الشوق حتى جل عمره عن االطوق‬
‫ومن أقصى أمنيته أن يجدد بتلك المعاهد‪ .‬ويفوز مرة أخرى‬
‫بتقبيل تلك المشاهد‪ .‬وسؤاله من المراحم الحسنة الصدقة عليه‬
‫بتجهيزه فى هذه االيام‪ .‬مجرداً عن األهالى واالقوام قبل‬
‫اشتداد الحر وغلبة االوام‪ .‬وأيضاً كان من عادة الخلفاء سلفًا‬
‫وخلفاً وأنهم كانوا ببردون البريد عمداً قصداً لتبليغ سالمهم‬
‫إلى حضرة سيد المرسلين فاجعلنى جعلنى اهلل فداك ذلك‬
‫البريد فال أتمنى شيئاً سواه وال أزيد‪.‬‬
‫فلما وصل هذا إلى السلطان كتب فى طرة الكتاب‪ :‬أن هذا‬
‫شئ ال ينطق به لسانى وال يجرى به قلمى فلقد كانت اليمن‬
‫عمياء فاستنارت وان اهلل قد أحيى بك ما كان ميتا من العلم‬

‫‪203‬‬
‫فباهلل عليك إال ما وهبت له بقية هذا العمر‪ ،‬واهلل يامجد الدين‬
‫يمينا بارة أنى أرى فراق الدنيا ونعيمها وال فراقك انت اليمن‬
‫وأهله انتهى ‪.‬‬
‫وفى هذا الكالم عبرة للمعتبرين من أفاضل السالطين‬
‫بتعظيم قدر علماء الدين‪ ،‬وقد أخذ عنه األكابر فى كل بالد‬
‫وصل إليها ومن جملة تالمذته الحافظ بن حجر والمقريزى‬
‫والبرهان الحلبى(ومات) ممتعا بسمعة وحواسه فى ليلة‬
‫عشرين من شوال سنة ‪ 814‬سبع وعشرة وثمان مائة بزبيد‬
‫وقد ناهز التسعين‪(.‬البدر الطالع للشوكانى ‪ 280/2‬باختصار‪ ،‬وزيادة‬
‫يسيرة فى مصنفات الفيروزبادى من شذرات الذهب البن العماد الحلبى‬
‫‪)123/4‬‬

‫‪16‬ـ الحـــافـظ إبن حجــر العسقالنى‬


‫المتوفى سنة ‪852‬هـ‬

‫شيخ اإلسالم علم األعالم أمير المؤمنين فى الحديث‪،‬‬


‫حافظ العصر شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن على بن محمد‬
‫الشهير بابن حجر العسقالنى األصل المصرى المولد والمنشأ‬
‫والدار والوفاة‪ ،‬الشافعى‪ ،‬مات والده وهو حدث السن وحفظ‬
‫القرآن العظيم‪ ،‬وتولع بالنظم وقال الشعر الكثير المليح إلى‬
‫الغاية‪ ،‬ثم حبب اهلل إليه طلب الحديث فأقبل عليه وسمع الكثير‬
‫بمصر وغيرها‪ ،‬قاله العماد الحنبلى فى الشذرات‪ ،‬وساق‬
‫قائمة طويلة من الشيوخ الكبار الذين سمع منهم فى القاهرة‬
‫وغزة والرملة وبيت المقدس ودمشق واليمن إلى أن جاور‬
‫بمكة‪ ،‬وقال‪ :‬وأقبل على االشتغال (بالعلم)والتصنيف‪ ،‬وبرع‬
‫فى الفقه والعربية وصار حافظ اإلسالم‪ .‬انتهى إليه معرفة‬

‫‪204‬‬
‫الرجال واستحضارهم ومعرفة العالى والنازل وعلل‬
‫االحاديث وغير ذلك‪ ،‬وصار هو المعول عليه فى هذا الشأن‬
‫فى سائر األقطار وقدوة األمة وعالمة العلماء وحجة األعالم‬
‫ومحيى السنّة وانتفع به الطللبة‪ ،‬وحضر دروسه وقرأ عليه‬
‫غالب علماء مصر ورحل الناس إليه من األقطار‪ ،‬ثم وُلِّى‬
‫قضاء القضاة الشافعية بالديار المصرية‪ ،‬والزال يباشر‬
‫القضاء إلى أن عزل تفسه سنة مات وانقطع فى بيته مالزما‬
‫لألشتغال والتصنيف (شذرات الذهب للعماد‪ ،‬الحنبلى ‪)240/4‬‬
‫وقال فى معجم المؤلفين‪ :‬زادت تصانيفه التى معظمها فى‬
‫الحديث والتاريخ واألدب والفقه واألصلين وعلى مائة‬
‫وخمسين مصنفاً منها فتح البارى بشرح صحيح البخارى‪،‬‬
‫واإلصابة فى تمييز الصحابة‪ ،‬والدرر الكامنة فى أعيان المائة‬
‫الثامنة‪ ،‬وديوان شعر‪ ،‬وإنباء الغمر بأبناء العمر‪ ،‬ولسان‬
‫ميزان االعتدال وشرح الهمزية فى مدح خير البرية‬
‫البوصيرى‪ ،‬وتقريب التهذيب‪ ،‬والخصال المكفرة للذنوب‬
‫وغيرها (انظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة‪210/1‬ط مؤسسة‬
‫الرسالة بيروت)‬
‫وقال تلميده السخاوى‪ :‬ولم يزل على جاللته وعظمته فى‬
‫النفوس ومداومته على أنواع الخيرات إلى توفى أواخر ذى‬
‫الحجة سنة اثنتين وخمسين‪ ،‬وكان له مشهد لم يُر مثله‪ ،‬ودُفن‬
‫تجاه تربة الديلمى بالقرافة‪ ،‬وتزاحم األمراء واألكابر على‬
‫حمل نعشه ولم يخلف بعده فى مجموعه مثله‪ ،‬ومن نظمه مما‬
‫قرأته عليه وأنشدنيه لفظاً‪:‬‬
‫وننوى فعال‬ ‫خليلى ولى العمر منا ولم نتب‬
‫الصــالحات ولكنا‬

‫‪208‬‬
‫ُهــد‬
‫وأعمارنــا منا ت ُّ‬ ‫فحتى متى نبنى بيوتاً مشيدة‬
‫ومـا تُبنى‬
‫(الضوء الالمع ألهل القرن التاسع للسخاوى ‪40/22‬ط دار الجيل‬
‫بيروت)‬
‫‪17‬ـ الشيــخ شمس الدين النواحــى‬
‫المتوفى سنة ‪859‬هـ‬

‫قال ابن العماد الحنبلى‪ :‬شمس الدين محمد بن حسن بن‬


‫على بن عثمان النواجى الشافعى المصرى‪ ،‬اإلمام العالمة‬
‫األديب‪ ،‬وُلد بالقاهرة وقرأ بها القرآن وتال ببعض السبع على‬
‫الشيخ أمير حاج والشمس الزراتينى وعلى شيخنا الشمس‬
‫الجزرى وحفظ العمدة والتنبيه والشاطبيتة واأللفيتة وعرض‬
‫بعضها على الشيخ زين الدين العراقى وذكر أنه أجاز له‪ ،‬ثم‬
‫أخذ الفقه عن الشمس البرماوى والبرهان البيجورى‬
‫وغيرهما‪ ،‬والنحو وغيره من المعقول عن الشيخ عز الدين‬
‫ابن جماعة والشمس البساطى وغيرهما‪ ..‬وأمعن النظر فى‬
‫علوم األدب وأنعم حتى فاق أهل العصر‪ ،‬فما رام بديع معنى‬
‫إال أطاعه وأنعم وأطال االعتناء باألدب فحوى فيه قصب‬
‫السبق إلى أعلى الرتب‪ ،‬ومن مصنفاته حاشية على التوضيح‬
‫وكتاب تأهيل الغريب‪ ،‬والشفا فى بديع االكتفا وخلع العذار فى‬
‫وصف العذار وصحائف الحسنات وروضة المجالس‬
‫وغيرها‪( ..‬شذرات الذهب ‪)295/4‬‬
‫وقال عنه اإلمام السيوطى‪ :‬أديب العصر شمس الدين‬
‫محمد بن حسن‪ ..‬وُلد سنة بضع وثمانين وسبعمائة‪ ،‬وأمعن‬
‫النظر فى علوم األدب حتى فاق أهل العصر‪..‬‬
‫(حسن المحاضرة فى تاريخ مصر والقاهرة للسيوطى ‪543/1‬ط عيس‬
‫الحلبى القاهرة)‬

‫‪209‬‬
‫وقال اإلمام الشوكانى‪ :‬وقد اشتهر ذكره وبعد صيته‪ ،‬وقال‬
‫الشعر الفائق‪ ،‬ومن نظمه فى الحافظ حجر‪:‬‬
‫يــؤثـــر باألحــاديث‬ ‫أيــا قاضى القضــاة ومن نــداه‬
‫الصحــاح‬
‫ألخــذ عنـك أخبــار‬ ‫وحقك ما قصــدت حمـــاك إال‬
‫السمـــاح‬
‫فأروى عن يديك خديث وهب واسند عن عطـاء بن أبى‬
‫ربــاح‬
‫ومن نظمه‪:‬‬
‫مسلسـل وفــؤادى منه‬ ‫يامن حديث غرامى فى محبتهم‬
‫معلـــول‬
‫فياله خـــبراً يـــرويــه‬ ‫روت جفونكم أنى قتلت بهـا‬
‫مكحــول‬
‫(البدر الطالع للشوكانى ‪)154/2‬‬

‫‪18‬ـ الشيخ عبد الرحمن الصفورى الشافعى‬


‫المتوفى سنة ‪894‬هـ‬

‫عبد الرحمن بن عبد السالم بن نبهان الصفورى الصالحى‬


‫الشافعى‪ ،‬الشيخ زين الدين‪ ،‬الواعظ‪ ،‬أخذ عن الشيخ خطاب‬
‫والشمس بن حامد والقاضى جمال الدين الباعونى وأخيه‬
‫الشيخ برهان الدين والسيد حمزة الحسينى‪ ،‬وقاضى القضاة‬
‫برهان الدين بن مفلح‪.‬‬
‫(متعة األذهان من التمتع باإلقران بين تراجم الشيوخ واألقران البن‬
‫طولون وابن البرد‪404/1‬ط دار صادر بيروت)‬
‫وجاء فى معجم المؤلفين‪ :‬مؤرخ‪ ،‬مشارك فى بعض‬

‫‪210‬‬
‫العلوم‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬نزهة المجالس ومنتخب النفايس عن‬
‫أخبار الصالحين‪ ،‬والمحاسن المجتمعة فى الخلفاء األربعة‪،‬‬
‫وصالح األرواح والطريق إلى دار الفالح فى المواعظ‪.‬‬
‫(معجم المؤلفين لكحاله ‪)93/2‬‬

‫‪19‬ـ اإلمـــام جـــالل الدين السيوطى‬


‫المتوفى سنة ‪911‬هـ‬
‫قال الكتانى‪ :‬هو اإلمام فخر المتأخرين‪ ،‬علم أعالم الدين‪،‬‬
‫خاتمة الحفاظ أبو الفضل عبد الرحمن بن أبى بكر السيوطى‬
‫الشافعى المصرى‪ ،‬المتوفى بها سنة‪ .911‬هذا الرجل كان‬
‫نادرة من نوادر اإلسالم فى القرون األخيرة حفظاً واطالعًا‬
‫ومشاركة وكثرة تأليف‪.‬‬
‫(فهرس الفهارس للكتانى ‪)1010/2‬‬
‫قال ابن العماد الحنبلى‪ :‬جالل الدين السيوطى الشافعى‬
‫المسند المحقق المدقق صاحب المؤلفات النافعة‪ ،‬وُلد مستهل‬
‫رجب سنة ‪ ،849‬وتوفى والده وله من العمر خمس سنوات‬
‫وسبعة أشهر وقد وصل فى القرآن اذ ذاك سورة التحريم‬
‫وختم القرآن وله من العمر دون ثمان سنين ثم حفظ عمدة‬
‫االحكام ومنهاج النووى وألفية ابن مالك ومنهاج البيضاوى‬
‫وعرض ذلك على علماء عصره وأجازوه‪.‬‬
‫وأجيز باالفتاء والتدريس‪ ،‬وقد ذكر تلميذه الدواوى فى‬
‫ترجمة أسماء شيوخه إجازة وقراءة وسماعاً مرتين على‬
‫حروف المعجم فبلغت عدتهم احدًا وخمسين نفساً واستقصى‬
‫أيضا مؤلفاته الحافلة الكثيرة الكاملة الجامعة النافعة المتقنة‬
‫المحررة المعتمدة المعتبرة فنافت عدتها على خمسمائة مؤلف‬
‫وشهرتها تغنى عن ذكرها وقد اشتهر أكثر مصنفاته فى حياته‬

‫‪211‬‬
‫فى أقطار األرض شرقا وغربا وكان آية كبرى فى سرعة‬
‫التأليف حتى قال تلميذه الدواوى عاينت الشيخ وقد كتب فى‬
‫يوم واحد وثالثة كراريس تأليفا وتحريرا وكان مع ذلك يملى‬
‫الحديث ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة وكان أعلم‬
‫أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه رجاال وغريبا ومتنا وسندا‬
‫واستنباطا لالحكام منه وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتى ألف‬
‫حديث قال لو وجدت أكثر لحفظته قال ولعله اليوجد على‬
‫وجه األرض اآلن أكثر من ذلك ولما بلغ أربعين سنة أخذ فى‬
‫التجرد للعبادة واالنقطاع إلى اهلل تعالى واالشتغال به صرفا‬
‫واالعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم وشرع‬
‫فى تحرير مؤلفاته وترك االفتاء والتدريس واعتذر عن ذلك‬
‫فى مؤلف سماه بالتنفيس وأقام فى روضة المقياس فلم يتحول‬
‫منها إلى أن مات ولم يفتح طاقات بيته التى على النيل من‬
‫سكناه وكان األمراء واألَغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون‬
‫عليه األموال النفيسة فيردها وأهدى إليه الغورى خصيا وألف‬
‫دينار فرد األُلف وأخذ الخصى فأعتقه وجعله خادما فى‬
‫الحجرة النبوية وقال لقاصد السلطان التعد تأتينا بهدية قط فإن‬
‫اهلل تعالى أغنانا عن مثل ذلك وطلبه السلطان مرارا فلم‬
‫يحضر إليهرؤى النبى ‪ r‬فى المنام والشيخ السيوطى يسأله‬
‫يقول له هات ياشيخ السنة‬ ‫‪r‬‬ ‫عن بعض األحاديث والنبى‬
‫ورأى هو بنفسه هذه الرؤيا والنبى ‪ r‬يقول له هات ياشيخ‬
‫الحديث وذكر الشيخ عبد القادر الشاذلى فى كتاب ترجمته أنه‬
‫كان يقول رأيت النبى ‪ r‬يقظة فقال لى ياشيخ الحديث فقلت له‬
‫يارسول اهلل أمِن أهل الجنة أنا قال نعم فقلت من غير عذاب‬
‫يسبق فقال لك ذلك وقال الشيخ عبد القادر قلت له كم رأيت‬

‫‪212‬‬
‫رسول اهلل ‪ r‬يقظة فقال بضعا وسبعين مرة وذكر خادم الشيخ‬
‫السيوطى محمد بن على الحباك أن الشيخ قال له يوما وقت‬
‫القيلولة وهو عند زاوية الشيخ عبد اهلل الجيوشى بمصر‬
‫بالقرافة أتريد أن تصلى العصر بمكة بشرط أن تكتم ذلك على‬
‫حتى أموت قال فقلت نعم قال فأخذ بيدى وقال غمض عينيك‬
‫فغمضتهما فرحل بى نحو سبع وعشرين خوة ثم قال لى افتح‬
‫عينيك فاذا نحن بباب المعالة فزرنا أمنا خديجة والفضيل بن‬
‫عياض وسفين ابن عيينة وغيرهم ودخلت الحرم فطفنا وشربا‬
‫من ماء زمزم وجلسنا خلف المقام حتى صلينا العصر وطفنا‬
‫وشربنا من زمزم ثم قال لى يافالن ليس العجب من طى‬
‫االرض لنا وانما العجب من كون أحد من أهل مصر‬
‫المجاورين لم يعرفنا ثم قال لى إن شئت تمضى معى تقيم‬
‫حتى يأتى الحاج قال فقلت اذهب مع سيدى فمشينا إلى باب‬
‫المعال وقال لى غمض عينيك فغمضتهما فهرول بى سبع‬
‫خطوات ثم قال لى أفتح عينيك فإذا نحن من الجيوشى فنزلنا‬
‫إلى سيدى عمر الفارض وذكر الشعراوى عن الشيخ أمين‬
‫الدينالنجار امام جامع الغمرى أن الشيخ أخبره بدخول ابن‬
‫عثمان مصر قبل أن يموت وأنه يدخلها فى افتتاح سنة ثالث‬
‫وعشرين وتسمعائة وأخبره بأمور أخرى فكان األمر كما قال‬
‫ومناقبه التحصر كثرة ولو لم يكن له الكرمات أال كثرة‬
‫المؤلفات مع تحريرها وتدقيقها لكفى ذلك شاهدا لمن يؤمن‬
‫بالقدر وله شعر كثير غالبه فى الفوائد العلمية واإلحكام‬
‫الشرعية فمنه‪:‬‬
‫مــالهم فى الخيـــر‬ ‫أيهـــا السائــل قومـــــا‬
‫مذهـب‬
‫والى ربـــك‬ ‫أتـــرك النـــاس جميعــــا‬

‫‪213‬‬
‫فــارغـــب‬
‫(شذرات الذهب البن العماد الحنبلى ‪)51/8‬‬
‫قال اإلمام الشعرانى‪ :‬ورأيت بخط الشيخ جالل الدين‬
‫السيوطى عند بعض أصحابه وهو الشيخ عبد القادر الشاذلى‬
‫مراسلة لشخص سأله شفاعة عند السلطان قايتباى‪ ،‬ونصها‪:‬‬
‫أعلم يا أخى أننى اجتمعت برسلول اهلل ‪ r‬إلى وقتى هذا خمسًا‬
‫‪r‬‬ ‫وسبعين مرة يقظة ومشافهة‪ ،‬ولوال خوفى من احتجا به‬
‫عنى بسبب دخولى للوالة لطلعت القلعة وشفعت فيك عند‬
‫السلطان‪ ،‬وإنى رجل من خدام حديثه ‪ ،r‬وأحتاج إليه فى‬
‫تصحيح األحاديث التى ضعَّفها المحدثون من طريقهم‪،‬‬
‫والشك أن نفع ذلك أرحج من نفعك أنت ياأخى‪.‬‬
‫(بغية المستفيد لمحمد العربى السائح ص ‪ 215‬ط دار الجيل‬
‫بيروت)‬
‫فى ترجمة لنفسه فى كتابه حسن المحاضر قال السيوطى‪:‬‬
‫رزقت التبحر فى سبعة علوم؛ التفسير والحديث والفقه والنحو‬
‫والمعانى والبيان والبديع‪ ،‬على طريقة العرب والبلغاء العلى‬
‫طريقة العجم وأهل الفلسفة‪ ،‬والذى اعتقده أن الذى وصلت‬
‫إليه من هذه العلوم السبعة‪ ،‬سوى الفقه والنقول التى اطلعت‬
‫عليها فيها‪ ،‬لم يصل إليه وال وقف عليه أحد من أشياخى‬
‫فضالً عمن هو دونهم‪ ..‬أقول ذلك تحدثا بنعمة اهلل تعالى‬
‫الفخراً ‪ ،‬وأى شئ فى الدنيا حتى يطلب تحصيلها بالفخر وقد‬
‫أزف الرحيل وبدا الشيب‪ ،‬وذهب أطيب العمر‪.‬‬
‫(حسن المحاضر فى تاريخ مصر والقاهرة ‪335/1‬ط عيسى الحلبى‬
‫ـ القاهرة)‬
‫وقال الكتانى‪ :‬قال أبو الحسنات محمد عبد الحى اللكنوى‬
‫فى حواشيه على الموطأ‪" :‬وتصانيفه كلها مشتملة على فوائد‬

‫‪214‬‬
‫لطيفة وفوائد شريفة تشهد كلها بتبحره وسعة نظره ودقة فكره‬
‫وأنه حقيق بأن يعد من مجددى الملة المحمدية فى يده المائة‬
‫العاشرة وآخر التاسعة كما ادعاه بنفسه‪ ،‬وشهد بكونه حقيقاً به‬
‫من جاء بعده كعلى القاري المكى فى المرآة شرح المشكاة"‬
‫اهـ ‪.‬‬
‫قال‪ " :‬شيخ شيوخنا السيوطى هو الذى أحيا علم التفسير‬
‫فى الدر المنثور‪ ،‬وجمع جميع األحاديث المتفرقة فى جامعه‬
‫المشهور‪ ،‬وما ترك فناً إالّ فيه له منن أو شرح مسطور‪ ،‬بل‬
‫وله زيادات ومخترعات يستحق أن يكون هو المجدد فى‬
‫الققرن العاشر كما ادعاه وهو فى دعواه مقبول ومشكور"‬
‫ال‬
‫اهـ‪ .‬وقال الشعرانى‪":‬لو لم يكن للسيوطى من الكرمات إ ّ‬
‫إقبال الناس على تآليفه فى سائر األقطار بالكتابة والمطالعة‬
‫لكان فى ذلك كفاية"اهـ‪ .‬قلت‪ :‬هذا أمر جدير باالعتبار‪ ،‬فإن‬
‫مؤلفاته بالنسبة لمعاصريه وشيوخه حصلت على إقبال عظيم‬
‫عند األمة اإلسالمية لم يحصل عليها غيره‪ ،‬وال تكاد تجد‬
‫خزانة فى الدنيا عربية أو عجمية تخلو عن العدد العديد منها‬
‫بخالف مؤلفات أفرانه وشيوخه فإنها أعز من بيض األنوق‪.‬‬
‫وقال ابن القاضى فى "درة الحجال"‪":‬إن نصانيفه التحصى‬
‫تجاوز األلف"اهـ‪.‬‬
‫ثم أورد جانبا من مؤلفاته حتى وصل إلى الجامع الكبير‬
‫والجامع الصغير فقال تحت عنوان "الجامع الكبير والجامع‬
‫الصغير ومِنّته بهما على المسلمين" قال‪ :‬ومن أهمها‬
‫وأعظمها وهو من أكبر مننه على المسلمين كتابه الجامع‬
‫الصغير‪ ،‬وهو مطبوع مع عدّة شروح عليه واختصارات‬
‫وشرح بعضها أيضا‪ ،‬وأكبر منه وأوسع وأعظم الجامع‬
‫الكبير‪ ،‬جمع فيها عدة آالف من األحاديث النبوية مرتبة على‬

‫‪215‬‬
‫حروف المعجم‪ ،‬وهما المعجم الوحيد اآلن المتداول بين‬
‫المسلمين الذى يعرفون به كلم نبيهم ‪ r‬ومخرجيها ومظانها‬
‫ومرتبتها فى الجملة‪ ،‬وقلّ من رأيته أتصف من الكاتبين اليوم‬
‫وعرف مزية المترجم بكتابيه ومنه على المسلمين‪ ،‬وقد قال‬
‫الشيخ صالح المقبلى فى كتابه"العلم الشامخ" بعد أن استغرب‬
‫أنه لم يتصدّ أحد لجمع جميع األحاديث النبوية على الوجه‬
‫المقرب‪":‬لعلها مكرمة ادخرها اهلل لبعض المتأخرين‪ ،‬وإذا اهلل‬
‫قد أكرم بذلك وأهلّ له من لم يكد يُرى مثله فى مثل ذلك اإلمام‬
‫السيوطى فى كتابه المسمى بالجامع الكبير‪..‬الخ" (‪)1014/2‬‬
‫وذكر فى علوم القرآن ترجمان القرآن والتفسير المسند‬
‫واختصار الدر المنثور فى التفسير بالمأثور وهو مطبوع فى‬
‫ست مجلدات ضخمه من طالعه بتمعن أدهشه وأبهته‬
‫(فهرس الفهارس ‪)1018/2‬‬ ‫وأسكته‪...‬ألخ‬
‫مات رضى اهلل عنه سنة ‪911‬هـ ودُفن فى حوش‬
‫قوصون خارج باب القرافه‪.‬‬
‫(ذكره النبهانى فى جامع كرمات األولياء ‪)158/2‬‬

‫‪21‬ـ اإلمــام أحمد بن حجر الهيتمى‬


‫المتوفى سنة ‪944‬هـ‬

‫قال ابن العماد الحنبلى‪ :‬شهاب الدين أبو العباس أحمد بن‬
‫حجر الهيتمى السعدى األنصارى الشافعى‪ ،‬اإلمام العالمة‬
‫البحر الزاخر‪ ،‬ولد فى رجب ‪909‬فى محلة أبى الهيتم من‬
‫أقليم الغربية مصر‪ ،‬ومات أبوه وهو صغير فلفلة إالمامان‬
‫الكامالن شمس الدين بن أبى الحمايل وشمس الدين الشناوى‪،‬‬
‫ثم إن الشناوى نقله من محلة أبى الهيتم إلى مقام سيدى أحمد‬

‫‪213‬‬
‫البدوى فقرأ هناك فى مبادئ العلوم‪ ،‬ثم نقله فى سنه أربع‬
‫وعشرين إلى جامع األزهر فأخذ عن علماء مصر وكان قد‬
‫حفظ القرآن العظيم فى صغره‪ ..‬وأذِن له باإلفتاء والتدريس‬
‫وعمره دون العشرين‪ ،‬وبرع فى علوم كثيرة من التفسير‬
‫والحديث والكالم والفقه أصوال وفروعاً والفرائض والحساب‬
‫والنحو والصرف والمعانى والبيان والمنطق والتصوف‪،‬‬
‫ومقروءاته اليمكن حصرها‪ ،‬وأما إجازات المشايخ له فكثيرة‬
‫جداً‪ ..‬عنه من اليحصى كثرة‪ ،‬وازدحم الناس على األخذ عنه‬
‫وافتخروا باألنتساب إليه‪ ،‬وممن أخذ عنه شافهة شيخ مشايخنا‬
‫البرهان بن األحدب‪ ،‬وبالجملة فقد كان شيخ اإلسالم‪ ،‬خاتمه‬
‫العلماء األعالم‪ ،‬بحراً التكدّره الدالء‪ ،‬إمام الحرمين كما أجمع‬
‫عليه المأل‪ ،‬كوكباً سياراً فى منهاج سماء السارى يتهدى به‬
‫المهتدون تحقيقاً لقوله تعالى‪{:‬وبالنجم هم يهتدون}واحد‬
‫العصر‪ ،‬ثانى القطر‪،‬وثالث الشمس والبدر‪ ،‬أقسمت المشكالت‬
‫أال تتضح إال لديه وأكدّت المفضالت أن التنجلى إال عليه‪..‬‬
‫وتوفى رحمه اهلل تعالى بمكة فى رجب ودفن بالمعالة فى‬
‫تربة الطبريين‪.‬‬
‫(شذرات الذهب البن العماد الحنبلى ‪)340/8‬‬
‫وقال الكتانى أن له زهاء ثمانين مصنفاً ذكر بعضها‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬شرح الشمائل‪ ،‬والفتاوى الحديثية والخيرات الحسان‬
‫فى مناقب أبى حنيفة النعمان‪ ،‬والصواعق المحرقة فى الرد‬
‫على أهل البدع والزندقة‪ ،‬والملد النبوى‪ ،‬وغير ذلك‪..‬‬
‫(فهرس الفهارس وااألثبات لعبد الحى الكتانى‪334/1‬ط دار الغرب‬
‫االسالمى بيروت)‬
‫وقال الشوكانى‪ :‬برع فى جميع العلوم خصوصاً فقه‬
‫الشافعى‪ ،‬وصنف التصانيف الحسنة‪ ،‬ثم انتقل من مصر إلى‬
‫مكة المشرفة وصنف بها الكتب المفيدة منها األمداد وفتح‬

‫‪214‬‬
‫الجواد شرحاً على اإلرشاد وتحفة المحتاج شرح المنهاج‬
‫وشرح الهمزية وشرح العباب‪ .‬وكان زاهداً متعلالً على‬
‫طريقة السلف‪ ،‬آمراً بالمعروف ناهيا عن المنكر‪ ،‬واستمر‬
‫(البدر الطالع‬ ‫على ذلك حتى مات‪.‬‬
‫للشوكانى‪)109/1‬‬
‫‪21‬ـ السيــد محمــد البكـــرى الكبــير‬
‫المتوفى سنة ‪994‬هـ‬

‫قال فى األعالم‪ :‬محمد بن محمد أبى الحسن البكرى‬


‫الصديقى أبو المكارم شمس الدين‪ ،‬من علماء التصوفين‪ ،‬له‬
‫شعر جيد‪ ،‬مولده ووفاته بمصر‪ .‬قال مترجموه‪ :‬هو المنعوت‬
‫بأبيض الوجه وحيثما أطلق فى كتب التواريخ أو المناقب أو‬
‫الطبقات اسم القطب البكرى أو البكرى الكبير فهو المعنى‪ ،‬له‬
‫كتب منها‪ :‬شرح مختصر أبى شجاع فى فقه الشافعية‪،‬‬
‫وديوان شعر‪ ،‬ورسائل فى التصوف والعبادات‪ ،‬والجوهرة‬
‫المضيئة‪ ،‬وتحفة السالك ألشرف الممالك‪ ،‬وأخبار األخبار‪،‬‬
‫وغيرها‪ ،‬وهو صاحب الحزب المعروف بحزب البكرى ‪.‬‬
‫(األعالم للزرمكى ‪)30/4‬‬
‫وقال النبهانى فى ترجمته نقالً عن ال َغزّى فى كتابه‬
‫السائره بأعيان المائة العاشرة‪ :‬أبو المكارم شمس البكرى‬
‫الكبير اإلمام شيخ اإلسالم أستاذ األستاذين وإمام األولياء‬
‫العارفين‪ .‬ونقل عنه أنه قال فى ترجمة نفسه مانصه‪ :‬نشأت‬
‫فى حجر أبى األستاذ األعظم المجتهد المطلق العالم الربانى‬
‫أبى الحسن تاج العارفين البكرى الصديقى وختمت القرآن‬
‫العظيم حفظاً على ظهر قلب فى أواخر السابعة من عمرى‪،‬‬
‫وصليت به إماما فى تراويح شهر رمضان فى مقام السادة‬

‫‪218‬‬
‫المالكية عند الكعبة الشريفة فى الثامنة‪ ،‬وفيها حفظت ألفية ابن‬
‫مالك وعرضتها على األجالء من العلماء األعالم بمكة‪..‬‬
‫وأتممت حفظ التنبيه لإلمام الحجة المجتهد ولى اهلل الشيخ أبى‬
‫اسحاق الشيرازى فى فقهه اإلمام األعظم محمد بن ادريس‬
‫الشافعى رضى اهلل عنه قبل تمام العاشرة من عمرى‬
‫وعرضته على أعيان بلدتنا مصر حينئذ‪ ..‬واستوفيت البخارى‬
‫دارية لغالبه وراية لباقيه وصحيح اإلمام مسلم وغير ذلك‪،‬‬
‫ومن كتب السنة ومجاميع الحديث وكتب الفقه‪ ..‬وشرعت فى‬
‫التصنيف فى حدود السادسة عشرة‪ ..‬وقد ترجمه سيدى عبد‬
‫الوهاب الشعرانى رضى اهلل عنه فى طبقاته فقال‪ :‬هو الشيخ‬
‫الكامل الراسخ فى العلوم اللدنية والمنح المحمدية الكامل ابن‬
‫الكامل سيدى محمد البكرى رضى اهلل عنه‪ ،‬وشهرته تغنى‬
‫عن تعريفه‪ ،‬وماذا يقول القائل فى حق من أفرغ اهلل تعالى‬
‫عليه العلوم والمعارف واألسرار إفراغاً‪ ،‬ولم يصح ألحد من‬
‫أهل عصره فيما نعلم كما صح له‪ ،‬فإن الناس أجمعوا على أن‬
‫ليس على وجه األرض بلد أكثر علماء من مصر‪ ،‬ولم يكن‬
‫فى مصر أحد مثله‪ ،‬فال ينكر فضله إال من أعماه الحسد‬
‫والمقت‪ ،‬وحجبت معه حجتين فما رأيت أحسن منه خلقا وال‬
‫أكرم منه نفساً وال أجمل منه معاشرة وال أحلى منه منصقاً‪،‬‬
‫ودرس وأفتى فى عملى الظاهر والباطن‪ ،‬واجمع أهل‬
‫األمصار على جاللته‪ ،‬ونشأ رضى اهلل عنه كما نشأ والده‬
‫على التقوى والورع والزهد وعزة النفس حتى أتته الدنيا‬
‫وهى راغمه وأعرف من مناقبه واليقدر االخوان على سماعه‬
‫(جامع كرمات األولياء للنبهانى ‪)312/1‬‬
‫وترجم له اإلمام المناوى فى طبقاته قال‪ :‬محمد البكرى‬
‫شيخ اإلسالم عالم الحرمين ومصر والشام ورُزق من القبول‬

‫‪219‬‬
‫والحظ التام عند الخاص والعام ماال تضبطه األقالم‪..‬‬
‫واختص فى زمنه بإلقاء دروس التصوف الحافلة البديعة ولم‬
‫أر أحداً من علماء عصره كهو فى صيانة مجلسه عن اللفظ‬
‫واللغو والغيبة‪ ،‬فكان مجلسه اليذكر فيه شئ من ذلك البته‪ ،‬بل‬
‫كله فوائد علمية‪ ،‬إما تفسير آيات قرآنية أو كالم على أحاديث‬
‫نبوية‪ ..‬وبالجملة فقد كان فريد عصره ووحيد دهره‪ ،‬وكان‬
‫عظيم الحلم واسع الصدر حسن الخلق جداً اليقابل من يؤذيه‬
‫ولم ينتقم ممن يعاديه‪ ،‬وما ذاك إال بمدد ربانى‬
‫(انظر طبقات المناوى‪ ،‬الطبقة العاشرة رقم ‪)830‬‬
‫‪22‬ـ اإلمــام شهاب الدين أحمد المَقِّرِى‬
‫المتوفى سنة ‪1041‬هـ‬
‫قال المحبى فى خالصة األثر‪ :‬أحمد بن محمد أبو العباس‬
‫المقِّرى التلمسانى المولد المالكى المذهب‪ ،‬نزيل فاس ثم‬
‫القاهرة‪ ،‬حافظ المغرب‪ ،‬حافظ البيان‪ ،‬ومن لم يُر نظيره فى‬
‫جودة القريحة وصفاء الذهن وقوة البديهة‪ ،‬وكان آية باهرة فى‬
‫علم الكالم والتفسير والحديث‪ ،‬ومعجزاً باهراً فى األدب‬
‫والمحاضرات وله المؤلفات الشائعة‪ ..‬وُلد تبلمسان ونشأ بها‬
‫وحفظ القرآن الكريم‪ ،‬وقرأ وحصّل بها على عمه الشيخ‬
‫الجليل العالم أبى عثمان سعيد بن أحمد المقرى مفتى تلمسان‬
‫أو من جملة ما قرأ عليه صحيح البخارى سبع مرات‪ ،‬وروى‬
‫عنه الكتب السته بسنده إلى القاضى عياض بأسانيده‬
‫المذكورة فى كتاب الشفا ‪.‬‬
‫وقال فى معجم المؤلفين‪ :‬وصل إلى فاس وهو فى الثالثة‬
‫والعشرين من عمره‪ ،‬فحضر المجالس العلمية يفيد ويستفيد‪،‬‬
‫ونال مكانة مرموقة فأجازه أقطاب العلم‪ ..‬وتولى مناصب عدة‬
‫كالفتوى واإلمامة والخطابة بجامع القرويين‪ ،‬ثم توجه نحو‬

‫‪220‬‬
‫الشرق قاصداً الحج فوصل إلى مصر‪ ،‬واستقبل بحفاوة وألقى‬
‫(*)‬
‫بعض الدروس فى علم الحديث وعلم الكالم‬
‫ثم توجه إلى الحج وتنقل بين مدن الحجاز ومكة والمدينة‬
‫وزارها عدة مرات‪ ،‬وألف فيها بعض كتبه‪ .‬ثم زار بيت‬
‫المقدس والشام حيث لقى هناك حفاوة وإكراماً من أهلها(معجم‬
‫المؤلفين لكحالة ‪)248/1‬‬
‫يصف المحبى إقامته فى دمشق يقول‪ :‬ولما دخل إليها‬
‫اعجبته فنقل أسبابه إليها واستوطنها مدة إقامته‪ ،‬وأملى‬
‫صحيح البخارى بالجامع تحت قبة النسر بعد صالة الصبح‪،‬‬
‫ولما كثر الناس بعد أيام خرج إلى صحن الجامع تجاه القبة‬
‫المعروفة بالباعونية‪ ،‬وحضره غالب أعيان علماء دمشق وأما‬
‫الطلبة فلم يتخلف منهم أحد‪ ،‬وكان يوم ختمه حافالً جداً اجتمع‬
‫فيه األلوف من الناس وعلت األصوات بالبكاء‪ ،‬فنقلت حلقه‬
‫الدرس إلى وسط الصحن إلى الباب الذى يوضع فيه العلَم‬
‫النبوى فى الجمعات من رجب وشعبان ورمضان‪ ،‬وأُتَى له‬
‫بكرسى الوعظ فصعد عليه وتكلم بكالم فى العقائد والحديث‬
‫لم يسمع نظيره أبداً‪..‬وكانت الجلسة من طلوعع الشمس إلى‬
‫قرب الظهر‪ ،‬ثم ختم الدرس بأبيات قالها حين ودّع المصطفى‬
‫‪:r‬‬
‫كيف يخشى الرجاء‬ ‫ياشفيع العصــاة أنت رجــائى‬

‫(*) قال الشيخ عبد الباقى الحنبلى الدمشقى‪ :‬دخلت مصر سنة ‪28‬‬
‫فوجدته ـ أى المقرى ـ فى صحن الجامع األزهر يقرأ العقائد وله مجلس‬
‫عظيم‪ ،‬فلم يُستنكر عليه ما كان يورده من األعاجيب‪ ،‬ألن العقائد فن‬
‫أهل المغرب‪ ،‬فلما دخل رجب افتتح =البخارى فأتى بما هو‬
‫أعجب‪،‬وكان حافظاً أديباً‪(.‬فهرس الفهارس للكتانى ‪)544/2‬‬

‫‪221‬‬
‫عندك خيبــه‬
‫غيبــة الجسم عنك‬ ‫وإذا كـنت حــاضراً بفــؤادى‬
‫ليست بغيبـة‬
‫أطيب العيش مـا يكون‬ ‫ليس بالعيش فى البالد انقطاع‬
‫بطيبـــة‬
‫نزل عن الكرسى فازدحم الناس على تقبيل يده‪ ،‬وكان ذلك‬
‫فها واألربعاء ‪24‬رمضان سنة ‪ ،1034‬ولم يتفق لغيره من‬
‫العلماء الواردين إلى دمشق ما اتفق له من الخطوة وإقبال‬
‫الناس(خالصة األثر فى أعيان القرن الحادى عشر للمولى محمد‬
‫المحبى ‪302/1‬ط دار صادر بيروت)‬
‫ثم يقول فى معجم األدباء‪ :‬دعا بعدها إلى مصر‪ ،‬فألف‬
‫كتابه المشهور نفح الطيب‪ ،‬وتوفى فى مصر سنة ‪ 1041‬بعد‬
‫أن ترك تراثاً ضخماً منوعاً بين النحو واألدب والتاريخ وعلم‬
‫الحديث والكالم والتفسير والقصائد والتصوف والفقه‪ .‬من‬
‫تصانيفه الكثيرة ‪ :‬نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب‪،‬‬
‫وفتح المتعال فى وصف النعال نعال النبى ‪ ،r‬وأزهار‬
‫الرياض فى اخبار عياض‪ ،‬وروض اآلسى العاطر األنفاس‬
‫فى ذكر من لقيته من أعالم مراكش وفاس‪ ،‬والبدأة والنشأة فى‬
‫(معجم المؤلفين لعمر رضا‬ ‫النظم واألدب‪.‬‬
‫كحاله‪)248/1‬‬
‫وقد ختم المقَّرى كتابه الفريد"نفح الطيب" قاتئال‪ :‬واعلم‬
‫أن هذا الكتاب معين لصاحب الشعر‪ ،‬ولمن يعانى اإلنشاء‬
‫والنثر من البيان‪ ،‬وفيه من حكايات األولياء والعلماء ما‬
‫نظمت فى لبه السطور منه السلوك‪ ،‬وفيه من الوعظ‬
‫واالعتبار ما لم ينكره المنصف عند االختبار‪ ،‬وكفاه انه لم يُر‬
‫مثله فى فنه فيما عملت‪ ،‬وال اقوله تزكية له‪ ،‬ويعلم اهلل تعالى‬

‫‪222‬‬
‫أنى تبرأت من هذا العارض ومنه سلمت‪ ،‬ولو لم يُحز من‬
‫الشرف إال ختمه بهذه األمداح النبوية الشريفة‪ ،‬ذات الظالل‬
‫الوريفة لكان كافيا شافيا‪ ،‬وها أنا أجعل آخره تنبيها للبيب قول‬
‫ابن حبيب‪:‬‬
‫أقر‬
‫نـورُ الهــدى منهـا َّ‬ ‫يـاخـيرَ مبعــوثٍ لــه طلــعـــةٌ‬
‫العُيـــونْ‬
‫ث‬‫مِن غيثِ كَفَّيكَ المغي ِ‬ ‫جئتُ إلى ناديكَ ارجو القِـرى‬
‫الهَتــونْ‬
‫أوقعنـى بين الشَّجا‬ ‫كُنْ لى شفيعاً فارتكابُ الهَـوى‬
‫والشُّجــونْ‬
‫َزتِ الريحُ قُدو َد‬‫كاه َّ‬ ‫صلَّى عليـكَ اهللُ سُـــبحانــــه‬
‫الغُصـــونْ‬
‫وقال النواجى‪:‬‬
‫ورُمتُ تَخلُّصى يـــو َم‬ ‫لِقـد افرطتُ فى حُسن ابتـداء‬
‫الزِّحــام‬
‫ن‬‫حسْـ ِ‬‫لِيــُرشدنى إلى ُ‬ ‫فَبِالمختــارِ أرجــو عَفــْـوَ رَبِّى‬
‫الخِتــــامِ‬
‫(نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن‬
‫الخطيب للمقرى‪349/10‬ط دار الكتب العلمية بيروت)‬

‫(*)‬
‫‪23‬ـ الشيــخ إبراهيــم اللقــانى‬
‫المتوفى سنة ‪1041‬هـ‬

‫(*) أورد اإلمام النبهانى االسم كاآلتى‪ :‬اإلمام الشيخ أحمد اللقانى‪،‬‬
‫والصواب ابراهيم كما ورد فى ترجمته فى خالصة األثر‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫هو اإلمام أبو األمداد الملقب برهان الدين اللقانى المالكى‬
‫أحد األعالم المشار اليهم بسعة االطالع فى علم الحديث‬
‫والدارية والتبحر فى الكالم وكان إليه المرجع فى المشكالت‬
‫والفتاوى فى وقته بالقاهرة وكان قوى النفس عظيم الهيئة‬
‫تخضع له الدول ويقبلون شفاعته وهو منقطع عن التردد إلى‬
‫واحد من الناس‪ ،‬يصرف وقته فى الدرس واإلفادة‪ ،‬واله نسبة‬
‫هو وقبيلته إلى الشرف لكنه اليظهره تواضعا منه وكان‬
‫جامعاً بين الشريعة والحقيقة‪ ،‬له كرامات خارقة ومزايا‬
‫باهرة‪ ،‬حكى الشهاب البشبيشى قال‪ :‬ومما اتفق له أن الشيخ‬
‫العالمة حجازى الواعظ وقف يوماً على درسه فقال له‬
‫صاحب الترجمة‪ :‬تذهبون أو تجلسون‪ .‬فقال له‪ :‬اصبر ساعة‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬واهلل يسمعك حتى ذهب ‪ )**(r‬وألف التاليف النافعة‬
‫ورغب الناس فى استكتابها و أنفع تأليف له منظومته فى علم‬
‫العقائد التى سماها بجوهرة التوحيد‪ ،‬أنشأها فى ليلة باشارة‬
‫شيخه الشيخ الشرنوبى‪ ،‬و أوصاه شيخه المذكور أن ال يعتذر‬

‫(**) حكى حضرة الوالد عليه رحمة اهلل فى مذكراته القصة التالية عندما‬
‫كان يحضر ـ فى مرحلة الصبى المبكرة ـ دروس فضيلة اإلمام الشيخ‬
‫محمود خطاب السبكى مؤسس الجمعية الشرعية‪ ،‬قال‪ :‬وذات ليلة‪ ،‬وكان‬
‫يلقى بعد صالة العشاء درس الفقه‪ ،‬كان يجلس ثانيا إحدى ساقية‪ ،‬رافعا‬
‫األخرى فى وضع رأسى ألنها بها ألم اليمكنه من ثنيها‪ ..‬وإنه لماض فى‬
‫درسه على هذه الجلسة وإذ به يثب من مقعده ويضم الساقين إلى‬
‫بعضهما ثانيا إياها صائحا‪ :‬النبى حضر ياولد‪.‬‬
‫ووليت وجهى شطر أبواب المسجد ألرى من أيها الرسول ‪ r‬قادم ؟!‬
‫واآلن وقد قرأت للمؤمنين وللملحدين‪ ،‬للشرقيين واألوربيين‪ ،‬ومررت‬
‫فى فترات شك وشوامخ إيمان‪ ،‬لو سئلت‪ :‬ماذا تظن أن الشيخ فى ذلك‬
‫المشهد قد رأى أو تصور أو تخيل ؟‬

‫‪224‬‬
‫ألحد ذنب أو عيب بلغه عنه‪ ،‬بل يعترف له به و يظهر له‬
‫التصديق على سبيل التورية تركاً تزكية النفس‪ ،‬فنا خالفه بعد‬
‫ذلك أبداً (له مؤلفات كثيره جليله‪ ،‬انظر خالصة األثر )‪،‬‬
‫وجمع جزءاً فى مشيخته سماه نثر الماثر فيمن أدرك من‬
‫القرن العاشر ذكر فيه كثيراً من مشايخه من أجلهم عالتمة‬
‫األسالم شمس الملة والدين محمد البكرى الصديقى ( أنظر‬
‫ترجمة ص )والشيج االمام محمد الرملى شارح المنهج‪0‬‬
‫(راجع خالصة األثر فى ذكر مشايخه ) وبالجملة فهو متفق‬
‫على جاللته و علو شأنه‪ ،‬وأخذ عنه كثير من األجالء‪00‬‬
‫وغيرهم ممن اليحص كثرة‪ ،‬ولم يكن أحد من علماء عصره‬
‫أكثر تالمذة منه ‪ 00‬وكانت وفاته وهو راجع من الحج سنه‬
‫‪ 1041‬ودفن بالقرب من عقبة أيله بطريق الركب المصرى‪،‬‬
‫وفى هذة السنه توفى الحافظ الكبير أبو العباس المقدسى‬
‫المالكى (انظر ترجمة ص )وقال فيها المصطفى بن محب‬
‫الدين الدمشقى يرثيهما ‪ :‬مضى المقرى أثر اللقانى الحقـــا‬
‫أمامان ما للدهر بعدهما خلف فبدر الدجى أجرى على‬
‫فأثر ذاكالدمع ما فيه من كلف (خالصة األثر فى‬ ‫الخددمعه‬
‫أعيان القرن الحادى عشر للمحبى طبع دار صادر بيروت ‪) 3/1‬‬
‫قال الشيخ ابراهيم اللقانى فى شرحه على الجوهرة‪ :‬ليس‬
‫للشدائد والغموم مما جرّ به المفتون مثل التوسل به ‪ ، r‬ومما‬
‫جرب فى ذلك قصيدتى الملقبة‪ :‬بكشف الكروب بمالحاة‬
‫الحبيب والتوسل بالمحبوب التى أنشأتها بإشارة وردت على‬
‫لسان الخاطر الرحمانى عند نزول بعض المسلمات فانكشفت‬
‫بإذن خالق األرض والسموات وكاشف المهمات الإله غيره‬
‫وال خير إال خيره وهى‪:‬‬
‫ت‬
‫ودقَّ عظمى وغا َب ْ‬ ‫ياأكرمَ الخلقِ قد ضَا َقتْ بِىَ السُبـُلُ‬

‫‪225‬‬
‫ل‬
‫عَنِّىَ الحِيَــ ُ‬
‫ولم أجِـــدْ مِنْ عزيـزٍ أستَجيرُ بـــه سِوىَ رحيمٍ به َتسْ َتشَف ُع‬
‫يـوَم البــالءِ إذا‬ ‫َمرِ الساقِ يحمـى من يَلوذُ بـــه‬ ‫ال ُرسُلُ ُمش ِّ‬
‫ل‬
‫ن بَلـ ُ‬ ‫مــالم يـَكٌ ْ‬
‫كهف الضعاف إذا‬ ‫غوت المحاويــج ان محــل ألمّ بهــم‬
‫مكـرم‬ ‫ماعمهاالوجل مــؤمل البـــائس المتـروك نصـرتـه‬
‫حين يعلـو سـره الخجــل‬
‫لهُ الملوكِ ومن تـخُــو‬ ‫كَنزُالفقيرِ وعِزُّ لجـُودِ مَنْ خضَعتْ‬
‫ل‬
‫بــه المِلــ ُ‬
‫مــن لليتــامى تمثـال يــوم أزمهـم ولألرامل ستــر ســابــغ‬
‫خضــل‬
‫ليث الكتائب يوم الحرب إن حميت وطيسها واستحد البيض‬
‫واألسـل‬
‫ومن بـــه تكشـف‬ ‫من ترتجى فى مقام الهول نصـرتــه‬
‫الغماء والعلل‬
‫محمـــد بن عبـــد اهلل ملجـؤنـــا يــوم التنادى إذا ما عمنا‬
‫الوهــل‬
‫بـحـــر العطاء وكنز‬ ‫الفاتــح الخـــاتم الميمـون طائــــره‬
‫نفعه شـمـل‬
‫عنا الغمــوم وولى‬ ‫اهلل أكبر جاء النصر وانكشفــت‬
‫الضيق والمحــل‬
‫وهمـــة يمتطيهـا‬ ‫بعزمة من رســول اهلل صـادقــــة‬
‫الحــازم البطــل‬
‫بنا الرزايا وغاب الخـل‬ ‫أغث أغث سيد الكزنين قـدنزلت‬
‫واألخــل‬
‫بعسكر الذنب اليلوى‬ ‫والح شيبى وولى العمــر منهزمـا‬

‫‪223‬‬
‫به عجــل‬
‫وكن غوث لمن ضاقت‬ ‫كن للمعنى مغيثامغيثا عند وحدته‬
‫به السبـل‬
‫ما إن تعاقبت الضحواء‬ ‫صلــى عليك إلهى دائمــــا أبــدا‬
‫واألصل‬
‫وآلك الغر والصحب الكرام ذوى الفضـ‬
‫ـل الجلى‪،‬والسالم الطيب‬
‫الحفل‬
‫(شواهد الحق‪)390‬‬
‫أجيب بملء وعيى ويقينى‪ :‬ساعتئذ رأى الرسول ‪ r‬رؤيا‬
‫بصرٍ وبصيرة‪ ،‬ورآه كما كان أصحابه يرونه بغدو بينهم‬
‫ويروح‪..‬‬
‫(انظر مذكرات خالد محمد خالد"قصتى مع الحياة طدار أخبار اليوم‬
‫ص‪)254‬‬
‫راجع أيضا اإلمام السيوطى فى الحادى للفتاوى‪ ،‬قال‪ :‬كثر‬
‫السؤال عن رؤية ارباب األحوال للنبى ‪ r‬فى اليقظة‪ ،‬وأن‬
‫طائفة من أهل العصر ممن القدم لهم فى العلم بالغوا فى إنكار‬
‫ذلك والتعجب منه‪ ،‬وادعوا أنه مستحيل‪ ،‬فألفت هذه الكراسة‬
‫فى ذلك وسميتها"تنوير الحلك فى إمكان رؤية النبى والملك"‪.‬‬
‫(الحاوى للفتاوى للسيوطى ‪255/2‬ط دار الفكر بيروت)‬
‫وقد طبقت هذه الرسالة فى كتيب مستقل بدار جوامع الكلم‬
‫بالقاهرة فراجعها فهى غظيمة الفائدة‪.‬‬

‫‪24‬ـ الشيخ عبد الغنى النابلسى‬


‫المتوفى سنة ‪1143‬هـ‬

‫‪224‬‬
‫ترجمه العالمة الرادى فى كتابه سلك الدرر بترجمة‬
‫وافية تغنى عن غيرها‪،‬قال‪ :‬الشيخ عبد الغنى بن‬
‫اسماعيل‪..‬المعروف كأسالفه بالنابلسى‪ ،‬الحنفى الدمشقى‬
‫النقشبندى القادرى أستاذ األستاتذة وجهبذ الجهابذة‪ ،‬الولى‬
‫العارف ينبوع العوارف والمعارف‪..‬العالم العالمة‪،‬الحجة‬
‫الفهامة‪ ..‬شيخ اإلسالم صدر األئمة األعالم‪،‬صاحب‬
‫المصنفات التى اشتهرت شرقاً وغرباً‪ ،‬وتداولها الناس عجمًا‬
‫وعربا‪ ،‬ذو اآلخالق الرضية‪ ،‬واألوصاف السنية‪ ،‬قطب‬
‫األقطاب‪ ،‬الذى لم تنجب بمثله األحقاب‪ ،‬العارف بربه والفائز‬
‫بقربه وحبه‪ ،‬ذو الكرامات الظاهرة والمكاشفات الباهرة‪.‬‬
‫إن الزمـــان بمثله‬ ‫هيهيات اليأتى الزمــان بمــثلـــه‬
‫لبخيـــل‬
‫وُلد بدمشق فى ‪ 5‬ذى الحجة سنة ‪ ،1050‬وشغله والده‬
‫بقراءة القرآن‪ ،‬ثم بطلب العلم‪ ،‬فقرأ الفقه وأصوله على الشيخ‬
‫أحمد القلعى الحنفى‪ ،‬والنحو والمعانى والبيان والصرف على‬
‫الشيخ محمود الكردى‪ ،‬والحديث ومصطلحه على الشيخ عبد‬
‫الباقى الحنبلى‪ ،‬والتفسير والنحو عن الشيخ محمد المحاسنى‪،‬‬
‫وحضر دروس والده فى التفسير بالمدرسة السليمية وفى‬
‫شرح الدرّ بالجامع األموى‪ ..‬وأخذ طريق القادرية عن الشيخ‬
‫السيد عبد الرزاق الحموى الكيالنى‪ ،‬وأخذ طريق النقشبندية‬
‫عن الشيخ سعيد البلخى‪ ،‬وابتدأ فى قراءة الدروس وإلقائها‬
‫والتصنيف لما بلغ عشرين عاماً‪ ،‬وأدمن المطالعة فى كتب‬
‫الشيخ محيى الدين بن عربى قدس اهلل سره‪ ،‬وكتب السادة‬
‫الصوفية كابن سبعين والعفيف التلمسانى‪ ،‬فعاوت عليه بركة‬
‫أنفاسهم فأتاه الفتح اللدنى‪ ،‬فنظم بديعية فى مدح النبى ‪، r‬‬
‫فاستبعد بعض المفكرين أن تكون من نظمه‪ ،‬فاقترح عليه أن‬

‫‪228‬‬
‫يشرحها‪ ،‬فشرحها فى مدة شهر شرحاً لطيفاً فى مجلد‪ ،‬ثم نظم‬
‫بديعية اخرى‪ ..‬وشرح فى إلقاء الدروس بالجامع‬
‫األموى(صباحاً) وبعد العصر فى الجامع الصغير‪ ..‬ووردت‬
‫عليه أفواج الورادين‪ ،‬وصار كهف الحاضرين والوافدين‬
‫واستجيز من سائر األقطاب والبالد‪ ،‬وعمت نفحاته وعلومه‬
‫األنام والعباد‪..‬‬
‫وتآليفه ومصنفاته كثيرة‪ ،‬وكلها حسنة متداولة مفيدة‪،‬‬
‫ونظمه اليحصى لكثرته‪.‬‬
‫ومن تصانيفه‪":‬التحرير الحاوى بشرح تفسير‬
‫البيضاوى"‪،‬و"كنز الحق المبين فى أحاديث سيد‬
‫المرسلين"‪،‬و"كشف السر الغامض فى شرح ديوان ابن‬
‫رجال‬ ‫ترجمة‬ ‫فى‬ ‫الحديقة‬ ‫الفارض"‪،‬و"وزهر‬
‫الطريقة"‪"،‬ونهاية السول فى حلية الرسول ‪،"r‬و"ورفع‬
‫الريب عن حضرة الغيب"‪،‬و"المقام األسمى فى امتزاج‬
‫األسماء"‪"،‬وكشف النور عن أصحاب القبور"‪،‬و"تعطير‬
‫األنام فى تعبير المنام"‪"،‬والقالئد الفرائد فى موائد الفوائد"فى‬
‫فقه الحنيفية على ترتيب أبواب الفقه‪"،‬وكتاب ريع اإلفادات‬
‫فى ربع العبادات"(*) الذى سماه"ديوان الحقائق وميدان‬
‫الرقائق" وديوان المدائح النبوية المسمى"نفحة القبول فى‬
‫مدحة الرسول ‪" r‬والعقد النظيم فى القدر العظيم"فى شرح‬
‫بيت من بردة المديح‪،‬و"جمع األسرار فى منع األشرار عن‬
‫الظن فى الصوفية األخيار" و"كشف الستر عن فريضة‬
‫الوتر" و"كفاية المستفيد فى علم التجويد"و"وتحفة الناسك فى‬

‫(*) قال عنه الجبرتى‪:‬وهو مؤلف جليل فى مجلد ضخم فى فقه الحنيفية‬
‫نادر الوجود (تاريخ الجبرتى ‪135/1‬ط دار الكتب العلمية بيروت)‬

‫‪229‬‬
‫بيان المناسك"و"الرد المتين على منتقص العارف محى‬
‫الدين"و"سرعة االنتباه لمسألة االشتباه" فى الفقه الحنفى‪،‬و‬
‫"قالئد المرجان فى عقائد االيمان"و"األنوار االلهية شرح‬
‫والفيض‬ ‫الربانى‬ ‫و"الفتح‬ ‫السنوسية"‪،‬‬ ‫المقدمة‬
‫الرحمانى"و"نهاية المراد شرح هدية ابن العماد" فى فقه‬
‫الحنيفية‪،‬و"صرف األعنة فى عقائد أهل السنة" و"تشريف‬
‫التغريب فى تنزيهه القرآن عن التعريب"و"الروض المعطار‬
‫بروائق األشعار"‪...‬وله رضى اهلل عنه غير ذلك من‬
‫التصانيف والتحريرات والكتابات والنظم(*)‪ ..‬كان مصون‬
‫اللسان عن اللغو والشتم‪،‬اليخوض فيما اليعنيه وال يحقد على‬
‫أحد‪ ،‬يحب الصالحين والفقراء وطلبة العلم‪ ،‬ويكرمهم ويجلهم‪،‬‬
‫ويبذل جاهه بالشفاعات لوالة األمور‪ ،‬فتقبل وال تردّ‪،‬مُعرضا‬
‫عن النظر إلى الشهوات‪ ،‬اللذّة له إال فى نشر العلم وكتابته‪،‬‬
‫رحيب الصدر كثير السخاء‪ ،‬وله كرامات التحصى‪ ،‬وكان‬
‫اليجب ان تظهر عليه‪ ،‬وال أن تحكى عنه‪ ،‬هذا مع إقبال‬
‫الناس عليه ومحبتهم له واعتقادهم فيه‪ ،‬ورأى فى أواخر‬
‫عمره من العز والجاه ورفعة القدر ماال يوصف ‪ ..‬وبالجملة‬
‫فهو األستاذ األعظم‪ ،‬والمالذ األعصم‪ ،‬والمعارف الكامل‪،‬‬
‫والعالم الكبير العامل‪ ،‬القطب الربانى‪ ،‬والغوث الصمدانى‪،‬‬
‫من أظمره اهلل فأشرقت به شموس األرشاد والعلوم‪ ،‬وأظمر‬
‫خفيات ما رق عن األفهام‪ ،‬وصير المجهول معلوم‪ ،‬وقد حاز‬
‫تاريخى هذا كمال الفخر حيث احتوى على مثل هذا اإلمام‬
‫الذى أنجبه الدهر وجادبه العصر‪ ،‬وهو أعظم من ترجمته‬

‫(*) قال الزرمكى فى هامش ترجمته‪:‬وأخبرنى السيد أحمد خيرى أنه‬


‫أحصى له ‪ 223‬مصنفاً(االعالم ‪)32/4‬‬

‫‪230‬‬
‫علماً ووالية‪ ،‬وزهداً وشهرة ودراية‪ .‬توفى عصر يوم األحد‬
‫‪ 24‬شعبان‪ ،‬وجمز يوم االثنين ‪ 25‬وصلى عليه فى داره‬
‫وغلقت البلد يوم موته وانتشرت الناس فى جبل الصالحية‪،‬‬
‫وبنى إلى جانب ضريحه جامعاًواالن يتبرك به ويزار (سلك‬
‫الدرر للمرارى ‪ 31/3‬ط دار الكتب العلمية بيروت ‪-‬نقل باختصار )‬
‫قال النبهانى ‪ :‬ولو يكن من كرامته رضى اهلل تغالى عنه إال‬
‫تبحره فى جميع العلوم‪ ،‬وتأليفاته التى التعد والتحص فى‬
‫جميع الفنون لكان ذلك كافياً وافياً‪ ،‬فكيف وله مع ذلك المناقب‬
‫المشهورة والكرامات المأثورة فى حياته وبعد مماته‪.‬‬
‫(انظر جامع كرامات ال نبهانى ‪ 194/2‬ط‬
‫الحلبى)‬

‫‪25‬ـ الشيخ مصطفى البكرى‬


‫المتوفى سنة ‪1132‬هـ‬

‫قال الجبرتى‪:‬شيخ الطريقة والحقيقة‪ ،‬قدوة السالكين‬


‫ومربى المريدين‪ ،‬اإلمام المسلك السيد مصطفى بن كمال‬
‫الدين البكرى الصديقى الخلوتى‪ ،‬نشأ ببيت المقدس على أكرم‬
‫األخالق وأكملها‪ ،‬رباه شيخه عبد الطيف الحلبى وغذاه بلبان‬
‫أهل المعرفة والتحقيق‪ ،‬ففاق ذلك األصل‪ ،‬وظهرت به فى‬
‫أفق الوجود شمس الفضل‪ ،‬خبرع فهماً وعلماً وأبدع نثرًا‬
‫ونظماً‪ ،‬ورحل إلى جل األقطار لبلوغ أجل األوطار‪ ،‬كما دأب‬
‫على ذلك السلف‪ ،‬لما فيه من أكتساب المعالى والشرف‪..‬‬
‫وتكاليفه تقارب المائتين‪ ،‬وأحزابه وأوراده أكثر من ستين‪،‬‬
‫واجلها ورده السحرىإذ هو باب الفتح‪ ،‬وله عليه ثالثة شروح‬
‫أكبرها فى مجلدين‪ ،‬وقد شاد أركان هذه الطريقة واقام‬
‫رسومها وأبدى فرائدها وأظهر فوائدها‪ ،‬ومنحه اهلل من‬

‫‪231‬‬
‫خزائن الغيب ماال يدخل تحت حصر‪ ..‬وكان أكرم من السيل‪،‬‬
‫وأمضى فى السر من السيف‪ ،‬وأوتى مفاتيح العلوم كلها حتى‬
‫أذعن له أولياء عصره ومحقّقوه فى مشارق األرض‬
‫ومغاربها‪ ..‬وحج سنة ‪1131‬ثم رجع إلى مصر وسكن بدار‬
‫عند قبه المشهد الحسينى‪ ،‬وتوفى بها فى ‪12‬ربيع ثان سنة‬
‫‪ ،1132‬ودُفن بالمجاورين‪( .‬تاريخ الجبرتى ‪)144/1‬‬
‫وقال المرادى‪ :‬وعلى كل حال فاستيفاء أحواله يكاد أن يُع ّد‬
‫من المجال‪ ،‬ألن أولياء اهلل تعالى اليمكن حصر أوصافهم لما‬
‫وهبهم اهلل تعالى من فيض فضله‪ ،‬وإنما ذلك قطرة من بحر‪،‬‬
‫أو ذرة من بر‪ .‬وكان مصرفه مثل مصرف أكبر من يكون من‬
‫أرباب الثروة وأهل الدنيا‪ ،‬ولم تكن له جهة تعلم يدخل منها ما‬
‫يفى بأدنى مصرف من مصارفه‪ ،‬ولكن بيده مفتاح التوكل‬
‫لكنز هذا عطاؤنا هذا وذكر بعضا من مؤلفاته فقال‪ :‬ومن‬
‫مؤلفاته"السيوف الحداد فى الرد على أهل الزندقة‬
‫واإللحاد"و"الفرق المؤذن بالطرب فى الفرق بين العجم‬
‫والعرب" ‪ ،‬وهذان التاليفان من أعجب العجاب لمن كُشف له‬
‫النقاب‪ ،‬فمن أراد فليراجعهما ففيهما ما تشتهيه القلوب‪ ،‬وما‬
‫تشتاقه من كل مطلوب ومرغوب‪ .‬وبلغت مؤلفاته مائتين‬
‫واثنين وعشرين مؤلفا‪،‬وله نظم كثير‪ ،‬وقصائد حجة خارجات‬
‫عن الدواوين‪ ،‬تقارب اثنى عشر ألف بيت‪ .‬وقد ترجم رضى‬
‫اهلل عنه كثيراً من مشايخه وممن اجتمع بهم‪ ،‬فمن‬
‫ذلك‪":‬الكوكب الثاقب فيما لشيخنا من المناقب"و"الثغر الباسم‬
‫فى ترجمة الشيخ قاسم"و"الفتح الطرى الجنى فى بعض مآثر‬
‫شيخنا الشيخ عبد الغنى"و"الصراط القويم فى ترجمة الشيخ‬
‫عبد الكريم"و"الدرر المنتشرات فى الحضرات العندية فى‬
‫الغرر البشرات بالذات العبدية المحمدية"وله ديوان"الروح‬

‫‪232‬‬
‫واألرواح"وله "عوارف الجواد التى لم يطرقهن طارق" قد‬
‫أبدع فيه وأغرب‪..‬وكان رضى اهلل عنه من أكابر العرففين‪،‬‬
‫وأجل الواصلين‪ ،‬كان من أفراد العالم علماً وعمالً وزهدًا‬
‫وورعاً ووالية قدّس اهلل روحه‪ ،‬ونور مرقده وضريحه‪(،‬سلك‬
‫الدرر للمرادى‪ )200/4‬بإختصار شديد وتقديم وتأخير فى بعض‬
‫المواضع‬
‫‪26‬ـ الشيخ محمد األمير الكبير‬
‫المتوفى سنة ‪1232‬هـ‬

‫قال الشيخ مخلوف‪:‬‬


‫ابو عبد اهلل محمد بن محمد بن أحمد االشهير باألمير وهو‬
‫لقب جده األدنى‪ ،‬أصلهم من المغرب‪ ،‬نزلوا بمصر فهو‬
‫األستاذ العالم العمدة الفاضل الفهامة‪ ،‬صاحب التحقيقات‬
‫الرائقة والتأليف البارعة الفائقة‪ ،‬شيخ أهل العلم وصدر أهل‬
‫الفهم‪ ،‬المتفنن فى العلوم كلها نقليها وعقليها وأديبها‪ ،‬إليه‬
‫انتهت الرياسة فى العلوم بالديار المصرية‪..‬‬
‫قدم مصر وهو ابن تسع سنين حافظاً للقرآن مجوده على‬
‫الشيخ المنير‪ ،‬وحضر دروس أعيان عصره‪ ،‬واجتهد فى‬
‫تحصيله‪ ،‬وأخذ عن أعالم منهم الصعيدى؛ الزمه أكثر من‬
‫عشرين سنة وانتفع به‪ ،‬والنور السقاط‪ ،‬والتاودى‪ ،‬والبليدى‪،‬‬
‫وأجازوه إجازة عامة‪ ،‬وأخذ عن أعالم غيرهم من أئمة‬
‫المالكية والحنيفية والشافعية والحنبلية وأجازوه إجازة عامة‬
‫منهم حسن الجبرتى ويوسف الحفنى وأخوه محمد عطية‬
‫البصير ومحمد بن عبد السالم الناصرى‪ ..‬وقد ألف فهرسة‬
‫حافلة أتى فيها على تفضيل روايته عن هؤالء األعالم والكتب‬
‫المؤلفة فى السنه والفقه والكالم والتفسير والنحو واللغة‬

‫‪233‬‬
‫والتصوف والقراءات وغير ذلك من الفنون والعلوم الشرعية‬
‫وطرق سندها إلى مؤلفيها وأسمائهم ووفياتهم وابتدأ بالموطأ‬
‫ثم أتى على الكتب المؤلفة فى الحديث وغيره من جميع‬
‫الفنون وختمها بكتب القوم وأحزابهم مسندة‪ ،‬وقال إنما قدمت‬
‫ما يتعلق بالحديث على التفسير وجميع العلوم الشرعية ألن‬
‫التفسير وتلك العلوم مستمدة من حديث الرسول‪ ... r‬وأخرت‬
‫عما ذكر كتب الصوفية وطريقتهم ألنها الزبدة المقتناه‪ ،‬فإن‬
‫الشريعة هى علم الشريعة‪ ،‬والعلوم األولية والمسائل‬
‫والمباحث لفهمه‪ ،‬والطريق هو العمل به‪ ،‬والحقيقة أسرار‬
‫وأنوار يثمرها العمل‪،‬واتقوا اهلل ويعلمكم اهلل أهـ ‪ .‬باختصار‪.‬‬
‫ومهر وأنجب وتصدر إللقاء الدروس فى حياة شيوخه‪ ،‬ونما‬
‫أمره‪ ،‬واشتهر فضله وذِكرُه فى اآلفاق‪ ،‬ووفد عليه الطالبون‬
‫وأخذ عنه من اليعد كثرة‪ .‬له مؤلفات غاية فى اإلتقان‬
‫واإلجادة‪ ،‬رُزق فيها القبول كالمجموع وشرحه‪ ،‬وحاشيته‬
‫عليه‪ ،‬كان شيخه الصعيدى إذا توقف فى موضع يقول‪:‬هاتوا‬
‫مختصر األمير‪ ،‬وهى منقبة شريفة ـ وذكر غير ذلك من‬
‫مصنفاته وقال‪ :‬وكان رقيق القلب لطيف المزاج‪ ،‬وكان لسانه‬
‫فصيحاً وذوقه صحيحاً ونظمه مليحاً‪( .‬شجرة النور الزكية فى‬
‫طبقات المالكية لمخلوف ص ‪332‬ط دار الفكر بيروت) بإختصار‬
‫وقال الجبرتى‪ :‬توفى يوم االثنين عاشر ذى القعدة‪ ،‬وكان له‬
‫مشهد حاصل جداً‪ ،‬ودُفن بالصحراء بجوار الشيخ عبد‬
‫الوهاب العفيفى بالقرب من عمارة السلطان قايتباى‪ ،‬وكثر‬
‫عليه األسف والحزن‪ ،‬وخلف ولده العالمة النحرير الشيخ‬
‫محمداً األمير وهو اآلن أحد الصدور كوالده‪ ،‬يقرأ الدروس‬
‫ويفيد الطلبة ويحضر الدواوين والمجالس العالية (تاريخ‬
‫الجبرتى ‪)403/3‬‬

‫‪234‬‬
‫‪27‬ـ الشيخ حسين الدجانى‬
‫المتوفى سنة ‪1244‬هـ‬

‫قال النبهانى‪ :‬هو الشيخ العارف قبالل‪ ،‬شيخ الطريقة‬


‫والحقيقة والشريعية‪ ،‬الولى الكبير الشهير‪ ،‬صاحب الكرمات‬
‫المشهورة والمناقب المأثورة‪ ..‬وهو سيد شريف حسينى‪،‬‬
‫وأحد أكابر أجداده العارف الربانى السيد أحمد الدجانى دفـين‬
‫بيت المقدس‪ ،‬وله مؤلفات كثيرة فى علوم شتى (جامع كرمات‬
‫االولياء ‪ )52/2‬بإختصار‬
‫وترجم له الشيخ عبد الرازق البيطار بترجمة فائقه قال‬
‫فيها‪ :‬الشيخ حسين بن الشيخ سليم الدجانى‪ .‬هو العالم العالمة‪،‬‬
‫والحبر البحر الفهامه‪ ،‬تاج األفاضل ومنهاج ذوى الفضائل‬
‫والفواضل‪ ،‬اشتهر فضله اشتهار البدر‪ ،‬ومأل ذكره البر‬
‫والبحر‪.‬‬
‫ولد فى مدينة يافا مدينة من مدن الشام على رأس االثنين‬
‫بعد األلف والماتين‪ ،‬ونشأ فى حجر والده الشيخ سليم الدجانى‬
‫الشافعى وقرأ عليه النحو والصرف وعدة كتب من الفنون‬
‫األدبية‪ ،‬والعلوم الشرعية المحمدية‪ .‬وأخذ عنه معظم الكتب‬
‫المتداولة من فقه السادة الشافعية‪ ،‬حتى تعرعرع وبرع‪،‬‬
‫وشملته بركة والده وبه انتفع‪ ،‬ثم رحل بأمر والده إلى الجامع‬
‫األزهر‪ ،‬والمقام الباهر األنور‪ ،‬سنة سبع وعشرين فأدرك‬
‫الطبقة العالية من المشايخ‪ ،‬ممنلهم فى علو االسناد القدم‬
‫الراسخ‪ ،‬كاألستاذ الفضالى‪ ،‬والعالمة األمير‪ ،‬وشبله األوحد‪،‬‬
‫والشيخ حسن العطار‪ ،‬والشيخ محمد الدمنهورى‪ ،‬وذوى‬
‫التدقيق والتحرير‪ ،‬والفاضل الكامل الشيخ أحمد الصاوى‪،‬‬

‫‪235‬‬
‫والعارف باهلل الشيخ عبد اهلل الشرقاوى‪ ،‬وحضر بعض كتب‬
‫السادة الحنفية‪ ،‬على السيد أحمد الطحاوى خاتمة المحقيقن فى‬
‫البالد المصرية وكان أكثر انتفاعه بالعالم الفاضل‪ ،‬واإلمام‬
‫الكامل‪ ،‬السابق فى ميدان الفضل اذا جورى‪ ،‬الشيخ إبراهيم‬
‫الشافعى الباجورى‪ ،‬وحصلت له اشارة باطنية‪ ،‬بالحضور فى‬
‫مذهب اإلمام األعظم أبى حنيفة النعمان‪ ،‬على ضريحه‬
‫سحائب الرحمة والرضوان‪ ،‬فستشار أشياخه الكرام فأذنوا له‬
‫كوالده بقصد االفتاء ونفع االنام‪ ،‬وبقى إلى موته يتعبد على‬
‫مذهب إمام النفيس‪ ،‬عالم قريش محمد بنن ادريس‪ ،‬ومن‬
‫أشياخه فى الفقه النعمانى شيخ الحنفية‪ ،‬فى الديار المصرية‪،‬‬
‫ذو التحقيق الوافى‪ ،‬شيخ منصور اليافى‪ ،‬وممن الزمهم‬
‫وانتفع عليهم بالحضور‪ ،‬شيخنا القدوة المشهور‪ ،‬ذو السر‬
‫الوهبى السيد محمد بن حسين الكتبى‪ ،‬مفتى السادة الحنفية‬
‫ببيت اهلل الحرام‪،‬وبه كان انتقاله لدار السالم‪ ،‬وقد صنف‬
‫مؤلفات وهو فى الجامع األزهر‪ ،‬وبالجملة فعلو همته الينكر‪،‬‬
‫وفضله أشهر من أن يذكر‪ ،‬ثم بعد أجازه شيوخه األمجاد‪،‬‬
‫باالجازات العلية االستاذ‪ ،‬قدم لوطنه يافا المحروسة‪ ،‬وسر‬
‫أبوه واالهالى برؤيته المأنوسة‪ ،‬وذلك فى حدود عام خمسة‬
‫وثالثين‪ ،‬والزم والده إلى ان توفى عام تسعة وثالثين‪ ،‬وقد‬
‫ناهز والده من العمر ثمانين فورث حال أبيه الغنىّ فضله عن‬
‫االطراء والتنويه‪ ،‬وال شك أن الولد سر أبيه‪ ،‬وواظب بعد‬
‫والده علىى االقراء والتدريس‪ ،‬وقرت به عين كل فاضل‬
‫وجليس‪ ،‬فانتفع به كثير من الطالب‪ ،‬وفاقوا ببركة انفاسه‬
‫على االقران واالتراب‪ ،‬وولى وظيفة الفتوى بيافه المحمية‪،‬‬
‫على مذهب السادة الحنفية‪ ،‬بمنشور من مقام المشيخة الكبرى‬
‫فى الدولة العثمانية‪ ،‬وذلك فى حياة والده سنة ست وثالثين‪،‬‬

‫‪233‬‬
‫واستمر بخدمة الفتيا ما ينوف عن أربعين‪ ،‬متحلياً بالورع‬
‫والتقوى‪ ،‬متحريا الصواب وما عليه الفتوى‪ ،‬وكانت االسئلة‬
‫ترد إليه من أقصى البالد‪ ،‬لما اشتهر عنه من العفة وسلوك‬
‫منهج السداد‪ ،‬وكانت فتواه نافذة فى اآلفاق‪ ،‬وهو المرجع عند‬
‫ال‬
‫االختالف والشقاق‪ ،‬وكان منهالً لكل قاصد ورائم‪ ،‬عام ً‬
‫بعلمه اليخشى فى اهلل لومة الئم‪ ،‬محباً للعلماء واالشراف‪،‬‬
‫واليحب أن يأكل مرة إال مع االضياف‪ ،‬وكثيراً ما كان يترنم‬
‫بما قيل‪ ،‬من بديع االقاويل‪ ،‬مما يدل على حالته‪ ،‬وانفراده فى‬
‫جودة وسماحته‪.‬‬
‫فى طيه ضيف مل ٌم‬ ‫المرحبــا بالليــل إن لم يأتنى‬
‫نــــازل‬
‫ان كــان عندى فيـه‬ ‫والصبح ان وافى فال أهالً بـه‬
‫ضيف‬
‫والحاصل أنه كان مطبوعاً على المعروف والخير‪،‬‬
‫مجبوال عفلى المساعدة ودفع الضير‪ ،‬حسن الظن واالعتقاد‪،‬‬
‫بكل حاضر وباد‪ ،‬كثير النصيحة والفوائد‪ ،‬جديراً بالعطايا‬
‫والعوائد‪ ،‬عظيم الهيبة‪ ،‬كريم الثيية‪ ،‬مجلسه محفوظ من الهزل‬
‫المخل والفحش والهذيان‪ ،‬ال تخلو أوقاته من الكتابة واالفادة‬
‫والمراجعة والتحرير فى كل آن‪ ،‬وكان متعلقاً بتعمير الجوامع‬
‫والمساجد‪ ،‬وكان زاهداً فى الدنيا معرضاً عما فيها من‬
‫الحطام‪ ،‬قانعاً بما تيسر من اللباس والطعام‪ ،‬كثير التحمل‪،‬‬
‫صادق التوكل‪ ،‬عربص الجاه بين الوردى‪ ،‬مقبول الكلمة‬
‫واألمراء‪ ،‬وطالما كان ينشد قول من قال‪ ،‬وأحسن فى المقال‪:‬‬
‫هم السالطين‬ ‫ما لذة العيش إال صحبة الفقرا‬
‫والسادات واألمرا‬
‫وقد جمع اهلل له بين العلوم الباطنة والظاهرة‪ ،‬حتى كان‬

‫‪234‬‬
‫فى علم الشريعة والحقيقة آية باهرة‪ ،‬مقصوداً للزيارة‬
‫والرواية عنه من البالد‪ ،‬مورداً للبركة والدعاء واالمداد‪ ،‬وقد‬
‫كان عالمة المذهبين‪ ،‬مشتهر الفضيلة فى الحافقين‪ ،‬أخذ‬
‫الطريقة الخلوية البكرية من العارف باهلل ذى االرشاد‬
‫والتهكين‪ ،‬نجل المحقق الصوفى السيد مصطفى البكرى‬
‫الصديقى وهو السيد كمال الدين‪.‬‬
‫وأخذ هذه الطريقة بعينها عن الفاضل المشهور فى كل ناد‬
‫السيد الشيخ أحمد الصاوى ابى االرشاد‪ ،‬وتكمل على يد‬
‫األستاذ العالمة السيد الشيخ فتح اهلل المالكى خليفة األستاذ‬
‫الصاوى‪ ،‬حينما قد ليافا عام مائتين وأربعين لزيارة البيت‬
‫المقدس الذى هو لكل خير حاوى‪ ،‬وأخذ عنه الطريقة‬
‫الدسوقية االبراهيمية‪ ،‬وحرر له بخطه اجازة سنية‪ ،‬وأخذ‬
‫الطريقة القادرية عن الشيخ العماوى الفالوجى الهمام‪،‬‬
‫واألحمدية البدوية عن الشيخ صالح العِالَّرى السادة الكرام‪،‬‬
‫والرفاعية عن صاحب المشرب االنسى‪ ،‬الشيخ حسن الغزالى‬
‫الرفاعى القدسى‪ ،‬والشاذلية عن والده السيد سليم الدجانى‪،‬‬
‫ونال من اهلل اآلمال واالمانى‪ ،‬وأما كشوفاته وكراماته‪،‬‬
‫وأخباره الغيبية وصالته‪ ،‬ومقاماته المرتقبة إلى ذروة الكمال‪،‬‬
‫فلو اردنا بسطها لخرجنا عن االختصار المطلوب إلى االطالة‬
‫فى المقال‪،‬وله من بديع التأليف‪ ،‬وجميل التصانيف‪ ،‬عدة‬
‫وافرة‪ ،‬نفعا اهلل به وبعلومه فى الدنيا واآلخرة‪ ،‬وكان كثير‬
‫التعلق بالذات المحمدية‪ ،‬وله عدة أشعار يمدح بها ذاته العلية‪.‬‬
‫منها‬
‫لخير من جــاء‬ ‫ولى حنـين سمــا فى كــل آونـــة‬
‫بالتبيان والحكم‬
‫قد عيل صبرى وأيام الصبا ذهبت واليد صفر ودمع‬

‫‪238‬‬
‫العين كالديـم‬
‫عن الوصول‬ ‫وقــد خشيت من األيـــام تمنعنى‬
‫لباهىالنور والشيم‬
‫وله أيضًا ‪:‬‬
‫أال ليت شعـرى واألمــانى كثيرة أأبلغ ما أرجوا من‬
‫سـادة الحمى‬
‫ومن زمزم‬ ‫وهل أنظرن أرض الحجاز وطيبه‬
‫يروىالفؤاد من الظمأ‬
‫وله هذه القصيدة يمدح بها المصطفى ‪:r‬‬
‫ألمتـــه حصـن منبــع‬ ‫أيا رحمة الدارين والسيـد الـذى‬
‫ومعقـــل‬
‫وأشرف أمل الكون‬ ‫فأنت حبيب اهلل أشرف كــائـن‬
‫عقالًوأكمل‬
‫والفضل إال عن‬ ‫فال خــير إال من جنابـك يرتجـى‬
‫عالك يسلسل‬
‫رؤوف رحيـم واصـل‬ ‫وأنت مـــالذ العالمين بأمـرهـــم‬
‫متوكــل‬
‫إليه وأصـــل من بـــه‬ ‫عليك مدار األمر خيرمن التـجى‬
‫يتوســل‬
‫وعجــل بتربــى عليك‬ ‫أغثنى وأوصل من سعـاد حبالنا‬
‫المعــول‬
‫بصنع جميــل منكـــم‬ ‫والحظنىفىكل الشؤون فــإننى‬
‫متــــأمل‬
‫فــإنــك أنـت المنعــم‬ ‫فعنكم أمورى يـاصفتى انظمها‬
‫المتفضــل‬
‫مدى الدهر ما قلب بذكر‬ ‫عليك صــالة اهلل ثـم سالمـــه‬

‫‪239‬‬
‫يُعلل‬
‫لــدار بهــا خـــير‬ ‫وماابن الدجانى المفتىزاد تشوقاً‬
‫النبيين منزل‬
‫وكم له من قصائد وأبيات‪ ،‬أكثرها فى الحكم والتوسالت‪،‬‬
‫وقد افردت بديوان كبير‪ ،‬وهو فى قطرة معروف وشهير‪ ،‬ثم‬
‫انه فى منتصف شوال سنة اربع وسبعين ومائتين وألف قادة‬
‫الشوق والغرام‪ ،‬لحج بيت اهلل الحرام‪ ،‬فرأى المصطفى صلى‬
‫اهلل عليه وسلم فى المنام‪ ،‬وشكا إليه الفاقه فتعهد له بتيسير‬
‫المرام‪ ،‬فعند ذلك شد إزار السفر‪ ،‬وتوجه معتمداً على بارىء‬
‫البشر‪ ،‬وسار معه جملة من األفاضل‪،‬وبعد قضاء الحج ناداه‬
‫مواله‪ ،‬واختاره لجواره واصطفاه‪ ،‬وكانت وفاته بمكة‬
‫المكرمة فى يوم األحد الحادى والعشرين من ذى الحجة‬
‫الحرام سنة ألف وماتين وأربع وسبعين‪ ،‬ودفن فى المعال ما‬
‫بين آمنه الرضا وخديجة أم المؤمنين‪ ،‬وبجوار العالم الدمشقى‬
‫الشيخ عبد الرحمن الكزبرى قدوة المحدثين‪ ،‬وكان مرضه‬
‫ثالثة أيام‪ ،‬عليه رحمة الملك السالم‪.‬‬
‫(حلية البشر فى تاريخ القرن الثالث عشر للشيخ عبد الرازق البيطار‬
‫‪534/1‬ط دار صادر بيروت) بإختصار‬

‫‪28‬ـ األمير عبد القادر الجزائرى‬


‫المتوفى سنة ‪1300‬هـ ـ ‪1882‬م‬

‫وصفه الشيخ عبد الرزاق البيطار ـ وكان ممن حظى‬


‫بالقرب منه ـ بأوصاف جليلة إلى أن قال‪ :‬وأما ذكر نسبه‬
‫الموصول بأشرف بنى وأجلّ رسول فهو التقى العابد والغزى‬
‫المجاهد األمير عبد القادر المغربى الجزائرى بن السيد محيى‬

‫‪240‬‬
‫الدين‪( ...‬وينتهى نسبه لى) السيد عبد اهلل (المحض) بن السيد‬
‫الحسن المثنى بن السيد الحسن السبط بن السيد على بن ابى‬
‫طالب والسيدة فاطمة الزهراء بنت سيد العالمين وإمام األنبياء‬
‫والمرسلين سيدنا محمد ‪ r‬وشرف وعظم وكرم‪( .‬حلية البشر‬
‫‪)883/2‬‬
‫وجاء فى علماء دمشق موجزه له منها‪:‬‬
‫وأصل أسرته من المغرب األقصى‪ ،‬هاجرت من هناك‬
‫إلى نواحى وهران‪ ،‬واشتهر رجال منها بالورع وكانوا قدوة‬
‫للناس‪.‬‬
‫ولد سنة ‪1222‬هـ ببلدة القَيْطنة من أعمال‬
‫(معسكر)بالمغرب األوسط فى بيت علم وتقوى‪ ،‬وتربى فى‬
‫رعاية والده وحفظ القرآن الكريم فى مدرسته‪ ،‬وقرأ عليه الفقه‬
‫وغيره‪ ،‬وأخذ العلم على أهله‪.‬‬
‫(علماء دمشق ‪)488/2‬‬
‫ثم سافر إلى وهران وحصّل منها‪ ،‬وأكمل دراسته وبرع‬
‫فى مختلف العلوم حتى فاق أقرانه باألدب والتوحيد والفقه‬
‫والحكمة العقلية‪ .‬وكان يحفظ أكثر صحيح البخارى‪ .‬كما كان‬
‫له ولع بالفروسية والسالح اليهملهما‪ ،‬فصار فاضالً‪ ،‬وفارسًا‬
‫مدرباً‪ ،‬وجمع بين السيف والقلم‪.‬‬
‫وفى سنة ‪1241‬هـ قصد مكة المكرمة مع والده وبعد أداء‬
‫فريضة الحج توجها إلى دمشق وبقيا فيها مدة‪ ،‬فأخذ هو‬
‫الطري قة النقشبندية على الشيخ خالد النقشبندى‪ ،‬ومنها رحل‬
‫إلى بغداد فأخذ الطريقة القادرية على الشيخ محمود الكيالنى‪.‬‬
‫(علماء دمشق ‪)489/2‬‬
‫وفى سنة ‪1243‬هـ ‪1830/‬م حينما بدأ الفرنسيون باحتالل‬
‫الجزائر‪ ،‬واضطر حسن بك حاكم وهران التركى لتسليم‬

‫‪241‬‬
‫البلدة‪ ،‬دارت رحى القتال بين الحامية الفرنسية واألهالى‪،‬‬
‫وتولى قيادتهم حينئذ والده السيد محيى الدين وقام معه بأمر‬
‫الجهاد فقاتل ستين ‪،‬أظهر خاللهما بسالة وإقدماً‪ ،‬ورباطة‬
‫جأش‪ ،‬وأصالة رأى‪ ،‬مما جمع له محبة الناس ‪.‬‬
‫بايع والده أهل(القيطنة) أميراً عليهم لمكانته العلمية‬
‫وصالحه وشجاعته‪ ،‬ثم اعتزل والده اإلمارة واختاره عوضًا‬
‫عنه وبايعه مجلس علماء مدينة معسكر‪ ،‬ثم بايعه الناس بيعة‬
‫عامة‪ ،‬وقيل إنه بويع بالسلطنة‪ ،‬فلم يرض بلقبها مراعاة‬
‫لسطان فاس‪ ،‬واكتفى بلقب اإلمارة‪.‬‬
‫دمشق‬ ‫(علماء‬
‫‪)489/2‬‬
‫أقام األمير عبد القادر اإلمارة على الفضل والعدل‬
‫والنظام‪ ،‬وباشر األعمال وركب األخطار‪ ،‬وضرب النقود من‬
‫الفضة والنحاس‪ ،‬وأنشأ معامل األسلحة واللباس‪ ،‬وجعل مدينة‬
‫(معسكر)حاضرة إمارته‪ .‬ووضع للدولة الفتية دستوراً تضمن‬
‫مجموعة القوانين التى نظمت الدولة(*) ‪.‬‬
‫(علماء دمشق‪)489/2‬‬
‫ويقول الشيخ عبد الرزاق البيطار‪:‬‬
‫ثم قامت الحروب بينه وبين الفرنسيس على ساق‪ ،‬ولم‬
‫يزل يصول عليهم ويوجه سهام الموت األحمر إليهم‪ ،‬إلى‬
‫آخر تلك القصة‪ ،‬التى اليساعدنا االختصار على ذكر‬
‫تفصيلها‪ .‬وقد ألف سعادة ولده األمير السيد محمد باشا كتابًا‬

‫(*) لما بويع األمير عبد القادر الجزائرى لتولى اإلمارة وزعامة الجهاد‬
‫ضد الفرنسيين وضع لنفسه خاتما نقش عليه‪:‬‬
‫إن تلقه األسد فى آجامها تجم‬ ‫ومن تكن برسول اهلل نصرته‬
‫[انظر البطولة والفداء عند الصوفية ص‪]184‬‬

‫‪242‬‬
‫مستوفى فى ذلك ذكر فيه ترجمة حاله مفصلة من ابتدائها إلى‬
‫(*)‬
‫انتهائها [حلية الشهداء ‪]889/888‬‬
‫وقام هلل حق القيام وصبتة النصرة االلهية فى كثير من‬
‫الوقائع‪ ،‬إلى أن كان فى بعضها ما هو حارق للعادة من‬
‫الكرامات‪ ،‬كطفر فرسه األزرق به ستين متراً حيث أحاطت‬
‫به العساكر الفرنساوية كالحلقة‪ ،‬وراموا مسكه باليد فطفر به‬
‫فرسه على رؤوس العساكر واسلحتهم ذلك المدى ونجا‬
‫راكضاً إلى منعته‪ ،‬ودام محاربا لهم نحو سبع عشرة سنة‪،‬‬
‫وأرسل إلى الحاج أحمد باى ليتحدا ويكونا يدا واحدة‪ ،‬فامتنع‬
‫تجبراً وطغياناً‪ ،‬وبقى األمير مدافعاً ومهاجماً إلى أن سولت‬
‫الغلطات النفسانية المخالفه للديانة اإلسسالمية لسطان المغرب‬
‫االتحاد مع الفرنسيس على محاربته‪ ،‬وقطع عنه سلطان‬
‫المغرب خط التجائه إلى جهات الصحراء‪ ،‬فاضر إلى التسليم‬
‫للفرنسيس‪ ،‬بعد المشاورة مع وكالئه ووزرائه وأمرائه‪ ،‬حيث‬
‫سدت المناهج والمسالك وعز الخالص‪ ،‬والت حين‬
‫مناص‪[.‬حلية البشر‪]2:491‬‬
‫قال المؤلفان فى علماء دمشق ‪:‬‬
‫ولما قرر التسليم أرسل إلى الجنرال المورسيير رئيس‬
‫الجيوش الفرنسية رسوالً من حاشيته ليخبره باستسالمه‪ ،‬فلما‬
‫وصل إلى الجنرال اهتز سروراً وبادر إلى ورقة مهرها‬
‫بختمه على بياض‪ ،‬وأرسلها مع الرسول ليشترط فيها األمير‬
‫ما يريد وبعث معه سيفه‪.‬‬
‫اشترط األمير سالمته وسالمة أسرته ووزارائه وضباطه‪،‬‬
‫واتفق معهم أن يخرج بأسرته إلى عكا أو اإلسكندرية‪ ،‬وأن‬

‫(*)‬

‫‪243‬‬
‫يكون كل من بقى فى البالد آمنًا على حياته وماله‪.‬‬
‫وخدع الفرنسيون األمير‪ ،‬فلما كان فى المركب الحربى‬
‫الذى خصصوه لنقله وكان معه ما يقرب من ثمانين شخصًا‬
‫نقلوهم جميعاً إلى طولون ثم إلى أمبواز بعد ستة أشهر حيث‬
‫بقى فيها سجيناً حتى عام ‪1233‬هـ ‪1852/‬م ‪[ .‬علماء دمشق‬
‫‪]491/2‬‬
‫وكان فى سجنه عالى الهمة لم تؤثر فيه شدة المشاق اغلتى‬
‫أحاطتت به من كل جانب‪ ،‬وكان الناس يأتون إليه من أنحاء‬
‫فرنسا وغيرها لزيارته ومنهم أصحاب المناصب والضباط‬
‫والقواد الذين كانوا يدهشون لسمو همته وتسليمه للقضاء‬
‫والقدر‪ ،‬وتظاهره بالبشر والفرح مع ما هو فيه ‪.‬‬
‫[علماء دمشق ‪]492/2‬‬
‫ثم حضر إليه فى أمبواز اإلمبراطور نابليون الثالث فبشره‬
‫بإطالق سراحه‪ ،‬وأهداه سيفاً مرصعاً‪ ،‬ورتب له فى كل عام‬
‫خمسة آالف ليرة فرنسية ‪.‬‬
‫ولما خرج من أسره توجه إلى باريس ثم اآلستانة حيث‬
‫قابل السلطان عبد الحميد خان فأكرم وفادته وأنعم عليه بدار‬
‫فخمة فى بروسة ‪.‬‬
‫دمشق‬ ‫[علماء‬
‫‪]492/2‬‬
‫وأقام فى بروسة حتى سنة ‪1240‬هـ ‪ ،‬وكان يدرّس فيها‬
‫بجامع العرب القريب من داره‪ ،‬أقرأ فيه ألفية ابن مالك بشرح‬
‫المكودى والسنوسية بشرح المصنف وإيساغوجى للفتاوى‬
‫واإلبريز للدباغ ‪.‬‬
‫وفى سنة ‪1241‬هـ عزم على سكن دمشق‪ ،‬فارتحل إليها‬
‫عن طريق بيروت فاستقبله أهل بيروت استقباال كريمًا‬
‫واجتمع أمراء تلك المنطقة ومشايخها لمالقاته فى جبل لبنان‪،‬‬

‫‪244‬‬
‫ورتبوا جموعهم‪ ،‬وأطلقوا البنادق‪ ،‬وساروا عن يمينه وشماله‬
‫يرتجزون‪ .‬ثم سار يقصد دمشق ودخلها فى حفاوة وتكريم‪،‬‬
‫وتقدمت موكبه كتيبة من الجيش تعزف الموسيقا العسكرية‪،‬‬
‫واستقبله أهل دمشق أحسن استقبال‪ .‬وقيل ‪ :‬إنه لم يدخل‬
‫دمشق عربى رحب به هذا الترحيب منذ صالح الدين‬
‫األيوبى‪.‬‬
‫وإثر دخوله دمشق توجه مباشرة إلى زيارة جامع الشيخ‬
‫محيى الدين بن عربى‪ ،‬ثم اتخذ له مسكنًا بمعرفة والى دمشق‪،‬‬
‫وعرفت داره بدار السيد‪ ،‬وبدأ الزوار يتوافدون إليه فيحدثهم‬
‫فى األمور الروحانية وااليمانية (وكذلك) قرأ(صحيح‬
‫البخارى) فى مدرسة دار الحديث األشرفية‪ ،‬وكتاب (اإلتقان)‬
‫وكتاب (اإلبريز) فى المدرسة الجمقمقية‪ .‬وفى شهر رمضان‬
‫من سنة ‪1245‬هـ اعتكف فى الجامع األموى‪ ،‬وقرأ كتاب‬
‫(الشفا) والصحيحين فى مشهد سيدنا الحسين رضى اهلل عنه‪.‬‬
‫[علماء دمشق ‪]495‬‬
‫ويقول الشيخ عبد الرزاق البيطار ‪:‬‬
‫وفى أول رجب سنة ‪1249‬هـ توجه إلى الحجاز (وهناك)‬
‫أخذ الطريقة الشاذلية عن العارف باهلل الشيخ محمد الفاسى‬
‫واختلى مدة غار حراء فبلغ مطلوبه ونال مرغوبه‪ ،‬وفتحت له‬
‫كنوز األسرار وكشف له عن رموز األستار وبرقت له‬
‫البوارق ووردت عليه الواردات من المنهل الرائق‪ ،‬ونظم‬
‫قصيدته التى يذكر بها بدايته ونهايته‪ ،‬ويمدح بها شيخه ويذكر‬
‫خالفته وواليته‪ ،‬وأولها‪:‬‬
‫أمسعود جاء السعد والخير واليسر وولت جيوش النحس‬
‫ليس لها ذكر‬
‫[حلية البشر ‪]898/2‬‬

‫‪245‬‬
‫فى تلك الفترة اجتمع بالنبى ‪ r‬يقظة فى خلوته فى المدينة‪،‬‬
‫وقد ذكر ذلك فى كتابه المواقف‪ ،‬الموقف ‪ 83‬ويعلق اإلمام‬
‫النبهانى على ذلك بقوله‪ :‬وهذا كما اليخفى مقام فى الوالية‬
‫عال جداً اليصل إليه إال األفراد من كمل األولياء وأكابر‬
‫األصفياء رضى اهلل عنهم (شواهد الحق ‪)414‬‬
‫وفى سنة ‪1289‬هـ قرأ كتاب(الفتوحات المكية) مرتين‬
‫بعد أن أرسل إلى قونية الشيخ محمد الطنطاوى‪ ،‬والشيخ‬
‫محمد الطيب‪ ،‬لتصحيح نسخته على نسخة مؤلفه الشيخ محيى‬
‫الدين بن عربى الموجودة هناك ‪.‬‬
‫(علماء دمشق‪)804 /2‬‬
‫توغل األمير فى آخر عمره بالتصوف وعلوم القوم‪،‬‬
‫وأظهر من الرقائق والمعارف ما أشار إلى سمو مقامه ورفيع‬
‫قدره‪.‬‬
‫وتنقسم حياته الصوفية إلى ثالث مراحل ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬هى المرحلة التى سافر فيها إلى دمشق مع والده‬
‫وأخذ عن علمائها وتلقى الطريقة النقشبندية فيها عن الشتخ‬
‫خالد النقشبندى‪ ،‬والطريقة القادرية التى تلقاها ببغداد عن‬
‫الشيخ محمود الكيالنى القادرى‪ .‬كما أسلفنا ذلك كله‪ .‬وبعد ذلك‬
‫رجع إلى الجزائر فأشأ مراكز فى القرى وبين القبائل لنشر‬
‫الطريقة القادرية‪ .‬وكان هؤالء هم الذين غدوا حركة الجهاد‬
‫التى قام بها األمير بعد ذلك‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬مرحلة عزلته وخلوته فى مدينة أمبواز حين كان‬
‫سجيناً‪ ،‬وإلى هذا اشار فى كتابه المواقف (الموقف ‪.)211‬‬
‫الثالثة ‪ :‬هى المرحلة التى تم له فيها الترقى الصوفى‪،‬‬
‫وصل إليها فى مجاورته بمكة المكرمة سنة ‪1249‬هـ كما‬
‫ذكرنا حيث أقبل على العبادة والخلوة‪ ،‬والتقى بالشيخ محمد‬

‫‪243‬‬
‫الفاسى الذى اعطاه الطريقة الشاذلية ‪.‬‬
‫(علماء دمشق ‪)808/2‬‬
‫ولألمير مؤلفات عديدة منها ‪:‬‬
‫ـ إجابات األمير عبد القادر (وهى أسئلة من بعض علماء‬
‫عصره عن إشكاالت بعض عبارات الصوفية‪.‬‬
‫ـ رسالة فى الحقائق الغيبية ‪.‬‬
‫ـ رسالة فى شرح سورة التكوير (على الطريقة الصوفية)‬
‫ـ المواقف الروحية والفيوضات السبوحية (وهو أشهر‬
‫كتبه؛ فسرّ به بعض اآليات الكريمة واألحاديث الشريفة‬
‫تفسيراً مزجه بالفقه والتاريخ بأسلوب صوفى‪ ،‬وكان يلقى‬
‫مواقفه فى مجالسه الخاصة‪ ،‬ثم اقترح عليه الشيخ عبد الرزاق‬
‫(*)‬
‫البيطار أن يدوّن ذلك ويسجله‪ ،‬فكان هذا الكتاب)‬
‫(علماء دمشق ‪)808/2‬‬
‫ـ تعليقات على حاشية جده عبد القادر (فى علم الكالم)‬
‫ـ الصافنات الجياد (فى محاسن الخيل وصفاتها)‬
‫ـ ذكرى العاقل وتنبيه الجاهل(كتاب فى األخالق والشريعة) ‪.‬‬
‫ـ المقراض الحاد لقطع لسان أهل الباطل واإللحاد ‪.‬‬
‫ـ ديوان شعر ‪.‬‬
‫كان األمير رجالً معتدل الهامة‪ ،‬ممتلئ الجسم‪ ،‬أبيض‬
‫اللون‪ ،‬مشرباً بحمرة‪ ،‬أسود الشعر‪ ،‬كث اللحية‪ ،‬أقنى األنف‪،‬‬
‫أشهل العينين يخضب بالسواد ‪.‬‬
‫وكان عاكفاً على شهود صالة الجماعة فى أوقاتها يالزم‬
‫صالة الفجر فى المسجد اليتخلف عن ذلك إال لمرض ‪.‬‬
‫كثير التهجد والخلوات‪ ،‬كثير الصدقات‪ ،‬يبر العلماء‬

‫(*) كتاب المواقف لألمير عبد القادر الجزائرى مطبوع فى دمشق دار‬
‫اليقظة العربية فى ثالث مجلدات‬

‫‪244‬‬
‫والصالحين والفقراء برواتب شهرية‪ ،‬وينتصب لقضاء حوائج‬
‫العباد‪ ،‬عامالً بتقوى اهلل فى السر والعلن‪ ،‬يصوم شهر‬
‫رمضان على الكعك والزبيب‪ ،‬ويعتزل حالله الناس كلهم‪،‬‬
‫وكانت له خلوة يتحنث فيها بقصره فى دمر ‪.‬‬
‫كان األمير حليماً زاهداً ورعاً‪ ،‬وله إنسانية ذكرنا بعضها‬
‫وخاصة فى حادثة الستين(*)‪.‬وكان معظماً عند ملوك البالد‬
‫األوربية‪ ،‬وكانوا يطلبون صورته ويرغبون أن يكتب عليها‬
‫بخطه فكان يكتب أحياناً هذه األبيات‪:‬‬
‫ولكنــه بالفضل‬ ‫وما المرء بالوجه الصبيح افتخاره‬
‫والخلق األسمى‬
‫فذاك الذى ال ينبغى‬ ‫وإن جمعت للمـرء هذى وهــذه‬
‫بعده نعما‬
‫وكان الناس يلجؤون إليه فى حل مشكالتهم وكان مسموع‬
‫الكلمة اليرد له الوالة طلباً‪ ،‬ويتقربون إليه بتنفيذ ما يشير به‪.‬‬
‫واعتاد الفقراء أن يقصدوه لتجهيز موتاهم‪ ،‬وعيّن مخصصات‬
‫للفقراء تعطى إليهم أيام الجمعة‪ ،‬ومنها الخبز الذى يوزع‬
‫‪29‬ـ الشيخ يوسف بن اسماعيل النبهانى‬
‫المتوفى سنة ‪1350‬هـ‬
‫هو مؤلف هذا الكتاب وقد سبقت ترجمته فى المقدمة ص‬

‫‪29‬ـ أمير الشعـــراء أحمــد شوقى‬


‫المتوفى سنة ‪1351‬هـ ـ ‪1932‬م‬
‫أحمد شوقى بك بن على أحمد‪ ،‬ينتهى أصل أسرته إلى‬

‫وعلماء دمشق‬ ‫(*) انظر فى أخبار حادثة الستين حلية البشر ‪/2‬‬
‫‪/2‬‬

‫‪248‬‬
‫األكراد والعرب‪ ،‬ويلقب بأمير الشعراء‪ ،‬وشاعر اإلسالم‬
‫وشاعر الشرق والغرب‪ ،‬ولد سنة ‪1838‬م فى حى الحنفى‬
‫بالقاهرة‪ ،‬ونشأ بها‪ ،‬وتلقى العلم بمدرسة الشيخ صالح‬
‫والمبتديان والتجهيزية والحقوق‪ ،‬ولما نال شهادة الحقوق‬
‫سافر إلى فرنسا على نفقة الخديوى توفيق‪ ،‬والتحق بجامعة‬
‫مونبليه‪ .‬وزار أثناء طلبه العلم الجزائر وانجلترا‪ ،‬ولما عاد‬
‫إلى مصر عين فى معية األمير‪ ،‬وترقى فى مناصب القصر‪،‬‬
‫وفى سنة ‪1893‬م انتدب ليمثل مصر فى مؤتمر المستشرقين‬
‫الذى عقد فى مدينة جنيف بسويسرا‪.‬‬
‫وفى سنة ‪1924‬م عقد مؤتمر فى مصر لتكريم شوقى‬
‫اشتراك منه علماء وأدباء مصر والعالم االسالمى‪ ،‬وأتته‬
‫الهدايا من مختلف األنحاء‪.‬‬
‫وهو الشاعر الوحيد الذى درس تاريخ الدول‪ ،‬وصور‬
‫طائفة من عظماء الشرق والغرب الذين سجل التاريخ‬
‫أعمالهم‪ ،‬وكان شديد الغيرة على وطنه‪ ،‬عميق االحساس‬
‫بشع ور األمة االسالمية‪ ،‬ويرى أن المسلمين يجب أن يكونوا‬
‫أمه واحدة متحدة الكلمة ليستعيدوا مجدهم الدائر وعزهم‬
‫الغابر‪.‬‬
‫وكان واسع الرواية‪ ،‬واسع الخيال انقادت المعانى‬
‫لقريحته‪ ،‬من تديّن وتاريخ وسياسة وحماسة وفلسفة وزهد‬
‫ووصف ومدح وغزل ونسيب‪ ،‬فعن كل قصيدة من قصائد‬
‫معا ن مبتكره‪ ،‬وأخبار حققتها األيام‪ ،‬وحكم جرت مجرى‬
‫األمثال‪ ،‬وللدين نصيب كبير من شعر شوقى على خالف ما‬
‫عليه كثيرون من نوابغ الشعر كالمتنبى والمعرى والزهادى‪.‬‬
‫وهذه أبيات له فى ذكرى المولد النبوى مما لم ينشر فى‬
‫دواوينه‪:‬‬

‫‪249‬‬
‫منـــار الحق معلمـــه‬ ‫بنـى الـــبر والتـقـــوى‬
‫رسالتــــه ومقـدمــة‬ ‫فعــانى اللوح أشرفهـــا‬
‫إلى آخره‬
‫توفى بالقاهرة سنة ‪1932‬م واحتفلت بجنازته الحكومة‬
‫واألمة‪،‬ودفن فى قرافة السيدة نفيسه‪ ،‬وأوصى أن يكتب على‬
‫قبره هذان البيتان من قصيدة نهج البردة‪:‬‬
‫وكيف اليتسامى‬ ‫يأحمـد الخير لى جـــاه بتسميتى‬
‫بالرسول سمى‬
‫إن جل ذنبىعن الغفران لى أمل فىاهلل يجعلنى فى خير‬
‫معتصـم‬
‫(االعالم الشرقية لزكى مجاهد ‪358/2‬ط دار الغرب االسالمى‬
‫بيروت) بإختصار‬
‫انظر فيه مؤلفاته ومصادر ترجمته فى صفحتان‬

‫‪31‬ـ محمــد مـــاضى أبو العـــزائم‬


‫المتوفى سنة ‪1353‬هـ ـ ‪1934‬م‬

‫هو العالم الربانى إمام عصره ومجدد وقته الشيخ محمد‬


‫ماضى أبو العزائم بن عبد اهلل محجوب بن أحمد بم ماضى‬
‫نسبة إلى عين ماضى بالمغرب‪ ،‬وماضى هو الشيخ أبو‬
‫العزائم ماضى تلميذ وتابع للشيخ أبى الحسن الشاذلى‪ ،‬وينتهى‬
‫نسبه إلى السيد إدريس األكبر‪ ،‬وجده ألمه من نسل الشيخ عبد‬
‫القادر الجيالنى حغظ القرآن صغيراً وحفظ العلوم ومتن‬
‫الموطأ على يد الشيخ عبد الرحمن عبد الغفار من علماء‬
‫األزهر الشريف‪ ،‬وتلقى الطريقة الرفاعية من الشيخ غانم‬
‫الخشاب‪ ،‬واشتغل بالذكر وسماع تراجم األولياء وقراءة‬

‫‪250‬‬
‫أخبارهم وسيرهم‪ ،‬وكذلك بزيارة أولياء اهلل وصحبة أهل‬
‫الصالح والتقوى‪ ،‬ولما بلغ سن السادسة عشره من عمره‬
‫التحق باألزهر الشريف‪ ،‬وتلقى العلم على مشاهير علماء‬
‫عصره كالشيخ حسن الطويل‪ ..‬من ذلك الوقت تملكت قلبه‬
‫محبة الرسول ‪ r‬وفى ذلك يقول‪ :‬حتى كاشفنى اهلل ببعض‬
‫معانيه ‪ r‬الباطنة والظاهرة‪ ،‬وألهمنى سبحانه جُمالً فى الصالة‬
‫عليه ‪ . r‬وتقلب فى عدة وظائف بين مصر والسوان اشتغل‬
‫خاللها بالدعوة إلى اهلل وباالصالح وقد هدى اهلل على يديه جم‬
‫غفير من الناس صاروا من أتباعه ومريديه ‪ ،‬له مصنفات‬
‫كثيرة جداً لم تطبع جميعها إلى اآلن‪ ،‬وله تفسير القرآن العظيم‬
‫أسماه "أسرار القرآن" قال عنه اإلمام األكبر الدكتور عبد‬
‫الحليم محمود شيخ األزهر سابقًا أنه تفسير جامع شامل‪.‬‬
‫وقال اإلمام األكبر الدكتور محمد الفحام شيخ األزهر‬
‫سابقاً‪ :‬عاصرت فى شبابى فترة من فترات حياة اإلمام ‪،‬‬
‫فلمست عن قرب جهاده فى اعالء كلمة الدين‪ ،‬وأسلوبه‬
‫الحكيم فيما يجب أن يكون عليه العلماء الرشدين واألئمة‬
‫الصالحين‪ ،‬وسيرة االمام محمد ماضى أبو العرائم تعتبر‬
‫نبراساً ومناراً للجيل إن هذا الرجل كان فى طليعة المجاهدين‬
‫الذين اليسألون عن جهادهم أجرًا وال عن عملهم شكراً‪ .‬أهـ‬
‫وقال الدكتور مصطفى محمود فى كتابه السر األعظم‪:‬‬
‫ولإلمام اكثر من مائتين من الكتب والمخطوطات من‬
‫المواجيد الشعرية واإللهامات العرفانية‪ ،‬وهو فى نظرى كنز‬
‫لم يكتشف بعد‪ ،‬وقطب ينافس الفحول علما وسلوكاً‪ ،‬وشعره‬
‫رموز عرفانية عالية يفهم منها كل واحد على قدر حظه وما‬
‫قدمناه من علم الرجل ماهو إال نقطة فى بحر‪.‬‬
‫(أبو العرائم وأثره فى التصوف المعاصر لألستاذ عبد المنعم محمد‬

‫‪251‬‬
‫شقرف طبع مكتبة الكليات األزهرية)‬
‫أنظر ترجمته فى األعالم الشرقية لزكى مبارك‪ ،‬وفيها‬
‫يقول انه بعد دارسته باألزهر التحق بمدالسة دار العلوم وبها‬
‫تخرج‪ ،‬واشتغل بالتدريس بالمدارس فى مصر والسودان‪،‬‬
‫وكان ينتهز أوقات فراغه من التدريس ويعظ العامة وأهل‬
‫العلم‪ ،‬ويقرأ دروس الفقه على مذهب اإلمام مالك وغيرها من‬
‫العلوم‪ .‬توفى سنة ‪1353‬هـ ـ ‪1934‬م بالقاهرة‪ ،‬ودُفن بمسجد‬
‫آل العزائم بجهة الحنفى‪(.‬االعالم الشرقية ‪)595/2‬‬

‫‪31‬ـ الشيخ صــــالح الجعفــرى‬


‫المتوفى سنة ‪1399‬هـ‬

‫هو اإلمام العالم التقى الشيخ صالح بن محمد بن صالح‬


‫الجعفرى الصادق الحسينى‪ ،‬وُلد بذقك بالسودان سنة‬
‫‪1328‬هـ وبها حفظ القرآن وأتقنه‪ ،‬ثم وفد إلى مصر ليتلقى‬
‫العلوم باألزهر الشريف وأخذ طريقة القطب الربانى السيد‬
‫أحمد بن إدريس‪ .‬يقول‪ :‬وقد أجازنى بهذه الطريقة شيخى‬
‫واستاذى مربى المريدين الشريف السيد محمد عبد العالى عن‬
‫والده سيدى عبد العالى عن شيخه العالمة السيد محمد بن‬
‫على السنوسى عن شيخه العارف باهلل السيد أحمد بن إدريس‬
‫رضى اهلل عنهم‪ ،‬وقال‪ :‬قبل مجيئى إلى األزهر جاء إلى أحد‬
‫أهل البلد بأول جزء من شرح النووى على صحيح مسلم‬
‫فاستعرته منه وصرت أذاكر منه فرأيت سيدى عبد العالى‬
‫االدريسى رضى اهلل عنه فسلمت عليه وقبلت يده فقال لى مع‬
‫حدة‪" :‬العلم يؤخذ من صدور الرجال المن الكتب" وكررها‬
‫فاستيقظت من منامى وقد ألهمنى ربى بالسفر إلى األزهر‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫وقد تلقى العلم باألألزهر الشريف على يد نخبة من كبار‬
‫العلماء العاملين جمعوا بين العلم والتصوف منهم الشيخ محمد‬
‫إبراهيم السمالوطى والشيخ محمد نجيب المطيعى والشيخ‬
‫حبيب اهلل الشنقيطى والشيخ يوسف الدجوى والشيخ على‬
‫الشائب(االلهام النافع لكل قاصد للشيخ الجعفرى ـ دار جوامع الكلم‬
‫المقدمة)‬
‫وحصل على إجازة االتدريس من كلية الشريعة‪ ،‬وعُين‬
‫إماماً ومدرساً بالجامع األزهر‪ ،‬وأسس الطريقة الجعفرية‬
‫األحمدية المحمدية عن شيخه أحمد بن ادريس‪ ،‬له مؤلفات‬
‫كثيرة فى التصوف‪ ،‬وديوان شعر جيد وهو مجموعة قصائد‬
‫فى مدح الرسول ‪ r‬وأهل البيت‪ ،‬وبعضها يشتمل مواعظ قلبية‬
‫وأحكام فقهية وإرشادات للمريدين والسالكين‪ .‬ومن الكتب فى‬
‫نسب ومدرسة صالح الجعفرى كتاب الحق الجلى لمحمد‬
‫طاهر خراشى العدوى(الموسوعة الصوفية لحنفى ‪)104‬‬
‫انتقل رضى اهلل تعالى عنه إلى جوار ربه سنة ‪1399‬هـ‬
‫بعد حياة حافلة‪ ،‬ودفن بجوار مسجده الذى أنشأه قبيل وفاته‬
‫بحديقة الخالدين بالدراسة بالقاهرة‪(،‬انظر ثبت بمؤلفاته فى مقدمة‬
‫اإللهام النافع ص‪)15‬‬

‫‪32‬ـ الشيخ عبد المقصود سالم‬


‫المتوفى سنة ‪1394‬هـ ـ ‪1944‬م‬

‫هو العارف باهلل الشيخ عبد المقصود محمد سالم موسس‬


‫جماعة تالوة القرآن الكريم بالقاهرة‪ .‬وُلد فى الزقازيق سنة‬
‫‪1314‬هـ ـ ‪1899‬م ونشأ يتيم األم واألب‪ .‬عمل جنديا‬
‫بالبوليس‪ ،‬وتقلب فى محتلف وظائفه وتنقل من بلد إلى بلد‪،‬‬

‫‪253‬‬
‫وأثناء خدمته المبكرة بالشرطة أشتغل بقراءة القرآن‬
‫وبالصالة على النبى ‪ r‬حتى صار ورده خمسة آالف صالة‬
‫فى اليوم والليلة‪ ،‬وفى أيام االجازات أربعة‬ ‫على الرسول ‪r‬‬
‫ألف صالة‪ .‬يقول‪ :‬وبعد فترة من الزمن رأيت رسول اهلل ‪ r‬فى‬
‫بشرى منامية يقول لى ما معناه‪(:‬العليك فى أن تسلك مع‬
‫القوم طريقهم) فأخذت أتصل بكثير من رجال الطرق ما بين‬
‫شاذلية ونقشبندية ورفاعية وعزمية وبيوميه وغيرهم‪ ..‬وقد‬
‫سلكت الطريقة البيومية على يد احد أحفاد سلطان الموحدين‬
‫سيدى على نور الدين البيومى‪ ،‬ثم على يد قطب زمانه الحاج‬
‫محمد أبو خليل المتوفى سنة ‪ ،1920‬ثم من بعده على يد نجله‬
‫التقى الصالح إبراهيم أبو خليل‪ ..‬وممن تأثرت بهم فى حياتى‬
‫الشيخ يوسف اسماعيل النبهانى رضى اهلل عنه‪ ..‬وأخيراً نقلت‬
‫إلى القاهرة فى عام ‪1349‬هـ ـ ‪1930‬م حيث التقيت بكثير‬
‫من رجال الطرق واجتمعت بكبار السالكين طريق اهلل(انظر‬
‫فى ملكوت اهلل للشيخ عبد المقصود سالم ص ‪ )128‬وقد ألهمه‬
‫اهلل تعالى أثناء ذلك صيغ جليلة للصالة على رسول اهلل ‪r‬‬
‫أودعها فى كتابه (أنوار الحق فى الصالة على سيد الخلق سيدنا‬
‫وموالنا محمد)طُبع عدة مرات وانتشر انتشاراً كبيراً واليزال‬
‫أمره فى ازدياد يوما بعد ‪.‬‬
‫توفى الشيخ عبد المقصود سالم سنة ‪1394‬هـ ـ ‪1944‬م‬
‫ودُفن بالقرب من اإلمام الشافعى رضى اهلل عنه‪ .‬قال خليفته‬
‫الشيخ محمد محمود عبد العليم‪ :‬كان رحمه اهلل قدوة حسنة فى‬
‫الدعوة إلى اهلل ومحبة رسول اهلل ‪ ،r‬أمضى حياته فى مجالس‬
‫ورعاية‬ ‫‪r‬‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬وذكر اهلل والصالة على رسول‬
‫األيتام والفقراء إلى أن أنتقل إلى جوار ربه تعالى‪(.‬انظر أنوار‬

‫‪254‬‬
‫الحق ص ‪ 89‬طبع شركة الشمرلى بالقاهرة)‬

‫َبى‬
‫الصَّالةُ والسَّالمُ عليكَ ياسيِّدى يارَسولَ اهللِ‪ .‬يان َّ‬
‫اهللِ‪ .‬يا عبدَ اهلل ـ وكفاكَ شَرف ًا أن تكونَ عَبدًا لِله‪.‬‬
‫الصَّالةُ والسّالمُ عليكَ ياأمانَ الدَنيا ومَال َذ أهلِها‪،‬‬
‫ياحِصْنَ األمةِ ومَعقِدَ رَجائِها‪ .‬يارَحم َة اإلنساني ِة وكعبَ َة‬
‫ف‬‫آمالِها‪ .‬الصّالةُ والسّالمُ عليكَ أيها النّبىُّ الرَّءو ُ‬
‫كل‬
‫سلُ بكَ إلى اهلل تعالَى ُّ‬ ‫الرّحيمُ العَطوف‪ ،‬يامَن يَتو ّ‬
‫ث‬‫هلل مُستغي ٌ‬ ‫مُستغيثٍ ومَلهوف ـ وهَأنَذا يا َرسُولَ ا ِ‬
‫ت‬‫ومَلهوف‪ .‬أَنتَ لها إذا نَزلَ البالءُ واشتَدَّ العنَاءُ‪ ،‬أن َ‬
‫عنَد احتدا ِم‬ ‫ت لَها ِ‬‫لَها عِندَ المُلِمَّاتِ واشتِدادِ األزَماتِ‪ ،‬أن َ‬
‫ت‬‫ج مِن كُلِّ الجِهات‪(.‬أن َ‬ ‫الكُرُباتِ وانسِدادِ أبوابِ الفَرَ ِ‬
‫ت وَسيلَتى‬ ‫هلل‪ .‬أن َ‬
‫وَسيلَتى قَلَّت حِيلَتى‪ ،‬أدرِكنى يانبىَّ ا ِ‬
‫هلل‪ .‬أنتَ وَسيلَتى قَلَّت‬ ‫قَلَّت حِيلَتى‪ ،‬أدرِكنى يانبىَّ ا ِ‬
‫هلل‬
‫سيّدى يارسولَ ا ِ‬ ‫ك يا َ‬ ‫حِيلَتى‪ ،‬أدرِكنى يانبىَّ اهللِ)‪.‬علي َ‬
‫ل‬‫مِن صَلواتِ اهللِ وتَسْليماتِهِ وتحِيَّاتِه وبَركاتِ ِه فى ُك ّ‬
‫لَحظةٍ ما يُناسبُ قدرَكَ العظيمَ‪ ،‬ويَليقُ بِمقامِكَ الكريمِ‪،‬‬
‫ل والتكريمِ‪ ،‬وأقصَى‬ ‫ويَجمعُ لك أَعْلى دَرجاتِ الفَض ِ‬
‫ك‬‫غاياتِ القُربِ والتعظيمِ‪ ،‬وعلى آلكَ وأصحابِ َ‬
‫التسِ‬ ‫وأزواجِكَ وذُرّيِتَكَ وأمَّتِك أكملُ الصال ِة وأتمُّ َّ‬
‫(أنوار الحق للشيخ عبد المقصود سالم ‪)102‬‬ ‫ليم‪.‬‬

‫‪255‬‬

You might also like