You are on page 1of 15

‫صــــــلةا‬

‫الساتخــارةا‬
‫وتطوير وتحقيق الذات‬

‫سند بن علي البيضاني‬

‫‪SANAD_ALBEDANI@YEMEN.NET.YE‬‬

‫أخـي المسلم ‪ :‬شارك مع إخوانك في الصدقات الجارية ليوم ل‬

‫الـفــــــــــــــــــــــوائــــــــــد‬ ‫ـــــــــتبة صيـــــــــد‬

‫(‪820064117‬‬ ‫تسجيلت النور السلماية ‪):‬‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد ل رب العالمين والصلةا والسلم على أكرم المرسلين وصحبه الطاهرين ‪ .‬أما بعد ‪.‬‬
‫تمهيد وتنبيه مهمان‪:‬‬
‫‪ (1‬كنت قد كتبت من سابق في هذا الموضوع ضمن سلسلة مسائل مهمة في صلةا الستخارةا ‪ ،‬والذي‬
‫قام موقع صـــيد الفوائد مشكورا بنشرها وبسرعة وهي لزاالت سلسلة واحدةا ‪ ،‬بل أكثر من‬
‫ذلك حينما أخبروني بنشرها على عكس بـقية المواقع السلمية التي راسلتها بهذه الخصوص فلم تتكرم‬
‫حتى بأي رد ‪ ،‬وال المستعان ‪ ،‬فل يشكر ال من ل يشكر الناس ‪.‬‬

‫‪ (2‬ثم لما رأيت إقبال كبيرا في تحميلها وتجولت في الموقع ‪ ،‬شـد انتباهي وجود قسم خاص بكتب‬
‫تطوير الذات والنجاح ؛ فاستخرت على تنقيحها من خللا بعض الضافات التي رأيت أنها مهمة والتي‬
‫ينبغي تسليط الضوء عليها‪ ،‬وبذلك يسهل على الزائر إلى هذا القسم معرفة ما كتب في هذا الباب بعد أن‬
‫كانت مخفية في باب آخر لتكون بإذن ال رسالة مهمة ومستقلة لمن أراد تطوير وتحقيق ذاته والنجاح‬
‫في الدنيا والخرةا ‪ -‬بفضله ومنه سبحانه –‪.‬‬

‫‪ (3‬بلغني أن اليات التي في السلسل الربع تظهر على شكل رموزا بعد تحميلها ‪ ،‬وسبب ذلك أنها‬
‫كتبت بخط يوجد على برنامج خاص )) المصحف العثماني (( ولنه قد يكون غير متوفر لدى كثير ممن‬
‫قاموا بتحميلها‪ ،‬فسوف اجتهد بإذن ال في إرسالا نسخة أخرى قريبا بـخط يكون مـتوفرا على الوورد‬
‫‪.‬فقد كان معدا لدور النشر كما هو موضح في السلسلة الولى ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬أهميتــــــها وفضلـــــــــها‬
‫بما أن الكتاب والسنة قد اشتمل على كل معاني ومقتضيات التوحيد والعبودية والسكينة وصلح البالا‬
‫والسعادةا في الدارين ‪ ، ...‬فإن صلةا الستخارةا قد اشتملت على كل ذلك بما تمثله من برهان عملي‬
‫لهذه المعاني والمقتضيات ‪ ،‬ويمكن تلخيص ذلك من خللا معرفة أهميتها والمتمثلة ف ــي ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫معرفة أسماء وصفات المعبود ووجوب العمل بمقتضاهما ‪ ،‬وأقرب مثالا على ذلك قد‬ ‫‪(1‬‬

‫يصعب على أي مسلم أن يعلم مدى توكله إل إذا كان مكثرا منها‪ ،‬لنها مبنية عليه ‪ ).‬انظر السلسلة‬
‫الولى (‬

‫معرفة حقيقة وصفات النفس البشرية ‪ ،‬فالنسان مخلوق‪ :‬كفور‪ ،‬يئوس‪ ،‬قنوط ‪ ،‬معرض ‪ ،‬ظلوم ‪،‬‬ ‫‪(2‬‬

‫جهولا ‪ ،‬خصيم ‪ ،‬فرح ‪ ،‬مغرور ‪ ،‬هلوع ‪ ،‬قتور ‪ ،‬ول حولا له ول قوةا إل به سبحانه ولكن أكثر الناس‬
‫ل يعلمون ول يؤمنون ‪ ،‬وإن آمنوا فل يعملون لتعويض هذا النقص بالوسائل التي شرعها المولى ‪،‬‬
‫إل من رحم ال ‪.‬‬

‫أنها وحي هذه المة ـ اللهام ـ ولكل مسلم ومتى شاء !‪ .‬وهذا ما يجعل هذه المة أفضل‬ ‫‪(3‬‬

‫من المم السابقة حتى في هذه الجزئية أيضا‪ ،‬فمن هذا الذي ل يحب أن يكون ملهما ومسددا ؟!‬
‫‪ ).‬انظر المبحث الولا الستخارةا وحي هذه المة (‬ ‫بفضل من ال ومننـه‬

‫‪ (4‬ثمارها العظيمة والكثيرةا التي ل تعد ول تحصى ‪ ,‬فأهـمها لهأل التقـوى والورع‬
‫الطامئنان على إخلص النية عند أي عمل ‪ ،‬وأهمها لهأل الدنيا النجاح ‪.‬‬

‫النصوص الشرعية التي دلت على أهميتها ومكانتها‪ ،‬فالمسلم اليوم بحاجة إلى طمأنينة‬ ‫‪(5‬‬

‫القلب في كل ما يحتاجه من تفاصيل الحياةا وما استجد فيها من تعقيدات وكثرت معها التكاليف‬
‫الشرعية ‪.‬‬

‫‪ (6‬فهم السلف لها واعتناؤهم بـها من خللا فقه أقوالهم وتعاملهم معهـ ـ ــا ‪.‬‬

‫‪ (7‬أنـها ليست مجرد ركعتـين بدعاء مخـصوص بل تحـتاج إلى إخـلص النية وتـعلم لتـقانـها‬
‫كالقرآن ‪ ،‬وقد دنلا حديث الستخارةا على ذلك ‪ ).‬انظر السلسلة الثانية والثالثة ( ‪.‬‬

‫‪ ( 8‬النسان بفطرته يحب أن يرى الثمار العاجلة ؛ لهذا فـثمارها تعد من أعظم الحوافز للكثار منها مما‬
‫تجعله يعض عليها بالنواجذ ‪ ،‬فاستخارةا واحدةا تكفي ليحرص المسلم بعد ذلك مـن الكـثار منهـا‪) .‬‬
‫انظر السلسة الثانية (‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشباب وضـرورةا نقاء منهاج تطوير الذات ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫من الجميل أن نرى اليوم كثيرا من شباب المسلمين يسعى بجد إلى تطوير وتحقيق ذاته وسط هــذا‬ ‫‪(1‬‬

‫الركــام الفاســد والمفســد معـ اا‪ ،‬فهــم عمــاد مســتقبل هــذه المــة لي إصــلح أو تغييــر‪ ،‬ومــن كــان يظــن أن‬
‫الخلفة التي على منهاج النبوةا أو خروج المهدي المنتظر قد اقتربا ؛ فليعتقد جازاما بأن ذلك لــن يكــون‬
‫إل والمة قد أعدت نفسها إيمانيا وماديـا‪ ،‬ولن تجد لسنة ال تبديل ول تحويل‪ ،‬ولكن أجمـل منه‬

‫وواجــب أن يكــون ذلــك نابعـ ـا مــن نية خالصة لـ ـ حــتى تــؤتي أكلهــا)‪ (1‬بــدون آثــار وأعـ ـراض‬
‫سلبية ‪ ،‬فهذا العلم هو حصيلة اجتهاد وتجارب إنسانية طاويلة من حيث الزمـن وكـثيرةا مـن حيـث العـدد‬
‫في العالم الغربي ثم حصل البداع عندهم ثم انتقــل إلينـا‪ ،‬فلهـذا تجـد معظـم الكتــب الــتي تحــدثت فــي‬
‫هذا المــر مترجــمة أو مسـتندةا إلــى مراجــع أجنبيــة ؛ ولعـل مـن يتفحـص مــا نقـل وترجـم ؛ يجـده ل يهتــم‬
‫كــثيرا بالجــانب اليمــاني مثــل ضــرورةا إخلص النيــة ومراقبت ــها لي عمــل صــغر أم كــبر وهــذا ولشــك‬
‫سيؤثر سـلبا علـى النتائـج المرجـوةا ‪،‬وهــذا الــذي سـوف نحـاولا توضـيحه فـي هـذه الرسـالة إن شــاء الـ‬
‫تعالى ‪.‬‬

‫‪ (2‬ومع ما بلغوا إليه من تأصيل وتفصيل لجزئيات الجزئيات‪ ،‬والتي تزيد من فرص تطــوير وتحقيــق الــذات‬
‫والنجاح ‪ ،‬إل أنهم ل يزالون يشكون من مشاكل أخرى كثيرةا ومهمة تتلخص فــي عــدم القــدرةا علــى تحقيــق‬
‫الموازانة )‪ (2‬بين تطوير وتحقيق الذات والنجاح وما تحتاج إليــه الــروح مــن تغذيــة إيمانيــة مســتمرةا للمحافظــة‬
‫على هذا التوازان بعد الوصولا إليه ‪.‬‬

‫‪ (3‬فلهذا على المسلم أن يسعى بجد لتطوير وتحقيق ذاته وفقا للمنهج الرباني الذي ليس فيه سلبيات أو‬
‫انحراف عن الفطرةا‪ ،‬وليس معنى ذلك أن نترك ما هو مفيد مــن الغــرب وإنمــا اقصــد البحــث عنهــا مــن فهــم‬
‫الكتاب والسنة والسلف الصالح والتوازان في تغـذية القلب والعقل ‪.‬‬

‫ثالثا ا ‪ :‬ما هأو تطوير الذات ؟ ‪:‬‬


‫من خللا بحث سريع لم أقـف على كتاب يعالج هذه المسألة بكل عناصرها وتفصيلتها ‪ ،‬بحيث تجمع‬
‫شتات المسألة‪ ،‬ولكن في معظم الحيان كنت أجدها تتحدث عن عنصر عام من عناصرها بتفصيلته‪،‬‬
‫وهذا بالطبع ل يحقق تطويرا حقيقيا للذات‪ ،‬لن تطوير الذات للنجاح منظومة متكاملة من المهارات التي‬

‫‪ ()1‬سيأتي معنا أهمية هذه الجزئية في– صيحـــــة إيــمانيــة ‪.-‬‬


‫‪ ()2‬وأقرب مثال على ذلك انتحار ألمريكي الشهير ـ ديـل كارينغـي ـ صاحب الكتاب المشهور))كـيف تكسب الصدقاء وتؤثر‬
‫في الناس ((‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ينبغي اكتسابها‪ ،‬وقد يكون له في بعض الحيان أثرا سلبياا‪ ،‬مما لو لم يتعلم عنصر من العناصر؛ لن كثيرا‬
‫من الناس عندهم عادةا سيئة وهي أن ينظر إلى ما عنده فيستكثره‪،‬وينظر إلى ما عند غيره فيستقلله ‪،‬فينشأ‬
‫بعد ذلك مراهـقة علمية وصدام أخلقي وغير ذلك ‪ ،‬فتحدث ردةا فعل سلبية قوية فل‬

‫يستطيع تحملها لنه غير مؤهل تأهيل عام كاف‪ .‬وهذا ل ينطبق على هذا العلم وحده ؛ ولهذا قدمنا النية‬
‫الخالصة‪.‬‬
‫وإليك أهم عناصره وجزئياته والتي عبارةا عن اكتساب قدرات ومهارات فـي ‪:‬‬
‫تنظيم وإدارةا الوقت ‪.‬‬ ‫‪(1‬‬

‫التفكير المثالي والتعلم وتنمية وتنشيط الذاكرةا ‪.‬‬ ‫‪(2‬‬

‫اتخاذ القرار السليم وحل المشاكل‪.‬‬ ‫‪(3‬‬

‫وضوح الرؤية وتحديد الهدف وكسب الجهد ‪.‬‬ ‫‪(4‬‬

‫التحليل وربط السباب بالنتائج ‪.‬‬ ‫‪(5‬‬

‫القدرةا على التواصل وكسب الخرين ووضع الولويات والبدائل‪.‬‬ ‫‪(6‬‬

‫التحرر من الجمود والقيود المعوقة والثقة بالنفس‪.‬‬ ‫‪(7‬‬

‫البرمجة العصبية واللغوية‪.‬‬ ‫‪(8‬‬

‫الخلصة‪:‬‬
‫إن تطوير الذات عبارةا عن اكتساب القدرات والمهارات لتلك العناصر ليكون متميزا وناجحا‪.‬‬
‫رابعـاا‪ :‬ويحـــق لــــك أن تتساءل !‬
‫بعد الذي تقدم قد يقولا قائـل ‪:‬‬
‫هأـل يمكن حصولا توازان كامــل بيــن تطــوير الــذات المتكامــل مــع المحافظـة علــى نــقاوةا المنهـاج الربــاني‬
‫في الدعوةا ؟ وأن تكون الخرةا أكبر همه ؟‬
‫الجابة ‪:‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫حصولا ذلك إل بمراعاةا عدةا أمـور ‪:‬‬ ‫نعم ‪ .‬ولكن يصعب تصور‬
‫أ ( النسان مفطور على حب العاجلة فكلما أشبع حاجة من احتياجاته انتقل إلى الخرى وهكذا ‪.‬‬
‫ويؤكد ذلك النصوص الشرعية والمشاهدةا والنظريات الغربية ‪.‬مثـل‪ :‬نظرية الحتياجات النسانية لـ‬

‫‪ ()1‬التصور يبنى على ثلثا ‪ :‬المشاهدة – شاهدة النظير‪ -‬الخبر الصادق‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫)) ماسلو (()‪ (2‬وتقولا ‪ )) :‬إن النسان يتحرك لشباع خمس حاجات رئيسية لديه هي ‪ :‬تحقيق الذات‪،‬‬
‫التقدير‪ ،‬الحتياجات الجتماعية ‪ ،‬المن والسـلمة‪،‬والحتياجات الفيزيولوجية‪.‬‬

‫ويتــم إشباع هـذه الحاجات على مراحل بحيث يندفع الفرد لشباع إحداها فإذا فرغ منها وأشبعها‬
‫انصرف إلى الثانية وهكذا ((‪.‬‬
‫ب( المسلم مهما بلغ من العلم الشرعي والورع والتميز في تطوير وتحقيــق ذاتــه سـوف يقابــل أمــورا دقيقــة‬
‫أو محيـرةا)‪ (1‬قــد تقــدح أو تــؤثر علــى درجــة تمســكه بالمنهــاج الربــاني الــذي ينبغــي أن يســلكه للــدعوةا مــن‬
‫وجهــة نظــر غيــره أو نفســه ولكــن عــادةا مــا يبررهــا تحــت مســميات كــثيرةا مثــل المصــالح والمفاســد وخيــر‬
‫الخيريــن وأهــون الشـرين والوســائل والمقاصــد ونحــو ذلــك مــن المــور الــتي يعرفــها طالبــة العلــم ‪ .‬وكــل ذلــك‬
‫ينتــج مــن التأويــل والقيــاس للنصــوص الشــرعية ولــذلك قــالا المــام أح ــمد عبــارةا تســتحق أن تكتــب بمــاء‬
‫الذهب من دقتـها في تشخيص أسباب خطأ المجتهد وهـي ‪ )) :‬أكثر ما يخطـئ الناس في التأويل والقياس‬
‫(( ولول أن المقام ل يسمح بالطاالة ـ لنها تحتـاج إلــى تحقيـق ـ لــذكرت بعــض المثلــة ‪ .‬ولعــل الـ ييســرها‬
‫في رسالة خاصة لموضوع مـا يكون الناس بحاجة إليه ‪.‬‬
‫ج ( إتقــان صــلةا الســتخارةا والكثــار منهــا يمثــل الضــمان النجــع والســلم لكــل مــا ورد مــن محــاذير قــد‬
‫ترافــق المســلم أثنــاء عمليــة تطــوير الــذات بــل ترقــى بــه إلــى أكــثر مــن ذلــك وهــو تحقيق الذات‬
‫والنجاح في الدنيا قبل الخرةا – بإذن ال‪ -‬وذلك من خللا معرفة ثمارهـا ‪.‬‬

‫علمـــــــــات و ثمــــار إتـــقانها ) وساائل عامة‬


‫في تطوير الذات (‬
‫من نعم المولى سبحانه أن جعل للشياء علمات ليطمئن بها القلب أذا عصفت به العواصف أو غيرهـا‬
‫من المور ‪ ،‬ومن علمات إتقان الستخارةا أن يذوق العبد ثمارها في الدنيا قبل الخرةا ‪ ،‬وهذه الثمار قد‬
‫تفسر حرص الرسولا على العتناء بتعليمها ‪ ،‬ومنها ما هو متداخل ومترابط مع بعضها البعض ‪ ،‬ومنها ما‬
‫يتفرع عنها ثمار أخرى فهي شجرةا لنهاية لثمارها ؛ فلهذا ينبغي استحضار ثمار هذه العبادةا ؛ ليزداد‬
‫اليقين بأهميتها ‪ ،‬ومن يتأمل الثمار التالية سيجد معظمها من ثمار التوكل ويمكن تلخيصها كالتالي ‪:‬‬
‫السعادةا في الدنيا‪:‬‬

‫‪ ()2‬عن مقال بعنوان ) كيف تحفز التباع( للدكتور طارق السويدان في موقعـه‪.‬‬
‫‪ ( 1‬راجع السلسة الثالثة‪ :‬كيف تتقنها ؟ باب )) نوعية المسألة ((‬
‫‪6‬‬
‫غاية تطوير الذات السعادةا التي ل تشترى بالمالا أو الجاه أو السلطان أو غير ذلك ‪ ،‬بل هي نعمة‬
‫ربانية ييمنن بها سبحانه على من يشاء ‪ ،‬وتـعرف من خللا سكون النفس وطامأنينة القلب والرضا‬
‫بمقدوره وصلح البالا وكل هذه السمات ملزامة للستخارةا وإل فل يعد صاحبها مستخيرا ‪ ).‬انظر مبحث‬
‫أعمالا قلبية ملزامة لها( ‪.‬‬

‫قالا المام ابن القيم ‪) :‬زااد المعاد ‪. (444 /2 /‬‬


‫))والمقصود أن الستخارةا توكل على ال وتفويض إليه واستقسام بقدرته وعلمه وحسن اختياره لعبده ‪،‬‬
‫وهي من لوازم الرضى به ربا ‪ ،‬الذي ل يذوق طاعم اليمان من لم يكن كذلك وإن رضي بالمقدور‬
‫بعدها فذلك علمة سعادته (( ‪.‬‬
‫وهذا مما ينبغي أن يجعل الباحث عن تطوير ذاته أحرص الناس على التمسك بها والكثار منها ‪.‬‬
‫‪ (2‬تجــــــديد اليمـــــان ‪:‬‬
‫جاء في الحديث الصحيح‪)) :‬إن اليمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ‪ ،‬فاسألوا ال أن‬
‫يجدد اليمان في قلوبكم (()‪ (1‬؛ فلهذا فإن التجديد يبدأ من القلب ‪ ،‬وعلقة ذلك‬
‫بالستخارةا أن فيها من التوكل والطمأنينة والرضا وصلح البالا ما يجعل العبد مستحضرا صفات‬
‫الخالق والمخلوق ‪ ،‬ومن ثم تكون أعماله بمقتضى هذه المعرفة‪ ،‬فكلما ذاق هذه الثمار أكثر من‬
‫الستخارةا وكلما أكثر من الستخارةا ذاق حلوةا اليمان وحينئذ يبقى اليمان متجددا ‪.‬‬
‫‪ (3‬الطمأنينة على إخــــــــــــــــــلصا النية ‪:‬‬
‫لما كان استدامة إخلص النية ومراقبتها شي عزيز ‪ ،‬فإن مجاهدةا النفس لهذا المطلب شيء أعــز‬
‫؛ لن العبد كلما أغلق بابا على الشيطان جاء من باب آخر ‪ ،‬فإذا لم يستطع إغواءه سعى جاهدا‬
‫ليلبس عليه أمر إخلصه في نيته حتى يجعله في حيرةا من أمره خوفا من الرياء أو السمعة ونحو ذلك‬
‫‪ ،‬فلهذا تعتبر الستخارةا لمثل هذه الحالت من أحسن الوسائل للوقاية من ذلك ‪.‬‬

‫في الحديث السالف الذكر دليل على أن اليمان يبلى في قلوب المؤمنين ول يبلى في قلبه ‪،‬‬
‫فإذا تأملنا هذه الحقيقة مع عدم استخارته وعصمته لخرجنا باستنتاج أن كثرةا الستخارةا تجدد‬
‫اليمان وتزيد من أسباب التسديد من ال للمستخير ؛فلهذا لم يكن يستخير مع شدةا حرصه على‬
‫تعليمها ‪.‬‬
‫صيحـــــة إيمانية فهل من مذكــــــــر؟!‬

‫‪ ( (1‬أخرجه الحاكم في المستدرك )ج ‪/1‬ص ‪/45‬حديث ‪ (5‬وصححه ‪ ،‬وصححه اللباني في ))السلسلة الصحيحة ‪. ((1585‬‬

‫‪7‬‬
‫معلوم أن العنصر البشري أساس أي تغـير أو تغـيـير أو إصلح ‪،‬وما الوسائل إل عوامل مساعدةا ليس إل ‪،‬‬
‫ولطالما كان الهم الكبر عند الصالحين من أهأل الورع والتقوى الطمئنان على‬
‫إخلص النية لما لهـا من بركة وأثر عظيم ومتعد في الدنيا قبل الخرةا ‪ ،‬ولقد سئل حـمدون بن أحـمد ‪)) :‬‬
‫ما بالا كلم السلف أنفع من كلمنا ؟ (( فقالا‪ )) :‬لنـهم تكلموا لعز ال ونجاةا النفوس ورضا الرحمن ‪،‬‬

‫ونحن نتكلم لعز النفوس وطارب الدنيا ورضا الخلق (( ‪.‬وهذا يجب أن يقودنا إلى تأمل واقع ثمار‬
‫الدعوةا اليوم التي لها قرابة ) ‪ (70‬عاما‪ ،‬فلو عملنا مقارنـة سريعة بين المدخلت)‪ (1‬والمخرجات‬
‫الدعوية اليوم وبين المدخلت والمخرجات للسلف لوجدنـا العجب العجاب ولتفطر القلب حزنا وألمـا‬
‫مما يراه ‪،‬‬
‫فالمدخلت قديـما كانت متواضعة جدا مقارنة مع مدخلت اليوم ‪ ،‬ولكن مخرجاتـها كانت عظيمة ‪ ،‬وهنا‬
‫يبرزا سؤالا مهم أيـــــــــــــــــــــــن الخلل ‪ :‬هل في المعلـــــم ؟ أو‬
‫المتعلم ؟ أم كليهما ؟ أم ‪ ، ..‬فالمولى سبحانه ل يبارك بعمل الخرةا من أجل الدنيا‪ ،‬ول بعمل‬
‫الخرةا باسم الخرةا ولكن يبارك بعمل الخرةا لجل الخرةا ‪ ،‬وقد يبارك بعمل الدنيا لجل الدنيا لنه‬
‫صــــدق‪ ،‬ولن تجد لسنة ال تبديل‪ .‬فهذه علمة مهمة من علمات الخلص الكثيرةا التي‬
‫يجب أن ل تغيب طارفــة عــين عن كـل داعية عند كل عمل وقد تـم التطرق إلى ذلك في المكاشفة‬
‫السلسلة الولى والثانية ‪.‬‬
‫‪ (4‬تقــوية وزيادةا اليمــان ‪:‬‬
‫اليمان يزيد بالطاعة وتقويته تكون بالتوكل عليه ‪.‬وهذه تمنح الباحث عــن تطــوير ذاتــه قـوةا وتحمل فيــزداد‬
‫خبرةا وتجربة وحكمة في إدارةا نفسه وغيره ‪ ،‬ول ينكس كما حصل لـ )) ديل كارينجي ((‪.‬‬

‫‪ (5‬تقوية التوكل‪:‬‬
‫لما كانت الستخارةا مبنية على التوكل‪ ،‬فبالتالي سيقوى كلما أكثر منها لنه سيرى ثمار التوكل‬
‫وسيزداد يقينه ‪ ،‬وقد ل يشعر بذلك إل بعد حين ‪،‬وهذه واحدةا من مزاياها ؛حتى ل يضعف أمام كيد‬
‫الشيطان من مهابة النفس في التوكل على ال سبحانه عندما كثرةا وقوةا الباطال‪ .‬وما أحوج كل باحث‬
‫عن تطوير ذاته لهذه الميزةا وخصوصا في مجتمعنا العربي والسلمي ‪.‬‬

‫‪ (6‬الطـــــــمأنينـــــة‪:‬‬

‫‪ ( 1‬ويقصد بالمدخلت‪ :‬كثرة انـتشار الوسائل الدعوية مان جاماعات وكليات وماعاهد وماحاضرات ودروس وغيرها مان الماور الكثيرة‬
‫المعروفة التي ل تعـد ول تحصى ‪ .‬والمخرجات ‪ :‬النـتائج والثمار التـي ينبغي ويتوقع جنيها مان هـذه المدخلت ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫وهي ثمرةا ملزامة في كل استخارةا وسوف يأتي الحديث عن ذلك في مبحث أعمالا وثمار قلبية ملزامة‬
‫للستخارةا ‪.‬وهذه ميزةا أخرى ل توجد في قاموس تطوير الذات على المنهاج الغربي بل صراع وقلق من أجل‬
‫البقاء وغير ذلك ‪.‬‬

‫‪ (7‬الرضـــــــــــا‪:‬‬
‫ثمرةا ملزامة في كل استخارةا وسوف يأتي الحديث عن ذلك في مبحث أعمالا وثمار قلبية ملزامة‬
‫للستخارةا ‪.‬‬

‫ساكـــــــون النفس وصـــــــــلحا‬ ‫‪(8‬‬


‫البــــــــــــــــال‪:‬‬
‫ثمرتان ملزامتان لكل استخارةا وسوف يأتي الحديث عن ذلك في مبحث أعمالا وثمار قلبية ملزامة للستخارةا‪.‬‬
‫‪ (9‬تمنـــــع تسلط الشيطــــــــان ‪:‬‬
‫بما أن الستخارةا مبنية على التوكل‪ ،‬فإنها من خير الوسائل للوقاية والعلج من تسلط الشيطان ‪ ،‬قالا‬
‫سمل ن‬
‫طانن نعنلى الكهذينن آنمالنوما نو ن‬
‫عنلى نرببههمم ينتننوككللونن ] النحل ‪. [99 :‬‬ ‫‪ :‬إهنكهل لنمي ن‬
‫س لنهل ل‬

‫طاهن تننذككلروما فنإ هنذا لهم ممامب ه‬


‫صلرونن ]العراف ‪.[201 :‬‬ ‫شمي ن‬
‫ف بمانن ال ك‬ ‫إهكن الكهذينن اتكنقوما إهنذا نما ك‬
‫سلهمم ن‬
‫طائه ن‬
‫وهذه أيضا ل توجد في قاموسهم جملة وتفصيل ول نسمع لها ذكرا في نقل أو ترجمة ‪.‬‬
‫‪ (10‬الوقاية والعلج من التطير ‪:‬‬
‫جاء في الحديث الصحيح‪ )):‬الطيرةا شرك وما منا إل‪ ، ...‬ولكن يذهبه ال بالتوكل(()‪.(1‬‬
‫)) أحكام أهل الذمة ‪. ((1239 /3 /‬‬ ‫قالا المام ابن القيم ‪:‬‬
‫)) فعوض عبادةا المؤمنين بالذان عن الناقوس والطنبور كما عوضهم دعاء الستخارةا عن الستقسام‬
‫بالزالم‪((.‬‬
‫وساو ء الظن والوساواس ‪:‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫‪ (11‬إزالة الشك‬
‫تعتبر الســتخارةا خيــر وســيلة للوقايــة والعلج مــن كــل ذلــك إذا كــان ذلــك ناتجا ا عــن الجهــل بحقيقــة‬
‫الشيء ‪ ،‬ومثاله قد تخشى إن أقدمت على أمر معين أن يفسر بوجهة ل ترضيك ‪،‬فحينئــذ إن تــم هــذا‬
‫المـر بعـد السـتخارةا فقـد أيقنـت أن الـ قـد اختــار لـك الخيـر وإن لـم يتـم فقـد أيقنـت أن الـ صـرف‬
‫ناتجا عــن غيــر الجهــل بالشــيء كــالغيرةا والحســد‬
‫ا‬ ‫عنــك شــرا ‪ .‬أمـا إذا كــان الشــك وســوء الظــن‬
‫ونحــو ذلــك ‪ ،‬فقــد يصــعب علجــه أو الوقايــة منــه بالســتخارةا نتيجــة لختلف الســبب ؛ فلهــذا يجــب‬

‫‪ ( (1‬أخرجه ابن ماجه وأحمد وغيرهما وصححه اللباني والرناؤوط ‪.‬‬


‫‪ ( )2‬الشك ‪ :‬هو التردد بين النقيضين بل ترجيح لحدهما على الخر )التعريفات‪ (1/168 ،‬الجرجاني‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫عليـ ــه أن يبحـ ــث عـ ــن السبب الحقيقي وذلـ ــك مـ ــن خللا مكاشـ ــفة النفـ ــس وقـ ــد تقـ ــدم فـ ــي‬
‫السلسلة الولى والثانية ‪.‬‬

‫وأما الوسواس فالوقاية والعلج منه بما تقدم مهما كــان ســببه لن الشــيطان ليــس لــه ســلطان علــى الــذين‬
‫آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ‪.‬‬

‫إزالة الحيرةا)(‪:‬‬ ‫‪(12‬‬

‫منشأ الحيرةا الجهل بالشيء على حقيقته ‪ ،‬فكل حائر بشيء جاهل به‪ ،‬وليس كل جاهل بشيء حائرا به‬
‫وعادةا ما تكون عند الخواص في المسائل الدقيقة التي قد بذلا فيها كل ما في وسعه ومثاله ما كان‬
‫يفعله السلف في الترجيح والتجريح وسوف تأتي بعض المثلة – في الكتاب‪ ،-‬وقد تكون الحيرةا‬
‫عند غير الخواص في غير المسائل الدقيقة ومن غير بذلا كل ما في وسعه ‪.‬‬

‫والستخارةا تزيل هذا النوع من الحيرةا ‪ ،‬ول يلزم من الســتخارةا الصــابة)‪ .(1‬ولكــن يلــزم المســتخير اعتقــاد‬
‫الصابة إذا بذلا كل ما في وسعه ‪.‬‬
‫‪ (13‬اعتقاد الصابة ‪:‬‬
‫اعتقاد الصابة ثمرةا ملزامة _في حقه ل غيره_ في كل استخارةا ول يصح اعتقاد الصابة إل بعد‬
‫بذلا كل جهد مستطاع مثل البحث والمشاورةا والسؤالا‪ ،‬والستخارةا تحفظ العبد من الزلل وتمنحه‬
‫ثقة بنفسه بإذن ال ؛ لن التسديد بالتيسير أو الصرف من العليم القدير سبحانه‪ ،‬وتعتبر‬
‫وسيلة نفيسة من وسائل الصابة والترجيح‪ ،‬وقد كان السلف يعتمدون على ذلك في كثير من المور‬
‫كالجرح والتعديل والتأليف والفتوى والتحديث وكذلك في المسائل التي ليس فيها أمر شرعي واضح‬
‫‪ ،‬قالا شيخ السلم ‪)) :‬مجموع الفتاوى ‪)) ((10/471‬ومن يرجح في مثل هذه الحالا باستخارةا ال كما‬
‫كان النبي يعلم أصحابه الستخارةا في المور كلها كما يعلمهم السورةا من القرآن فقد أصاب((‪.‬‬
‫‪ (14‬ازدياد الشعور بالمسئولية‪:‬‬
‫الشعور بالمسئولية سمة يجب أن تكون في كل مسلم ‪ ،‬ويجب أن يزداد هذا الشعور في المستخير لنه‬
‫يعتقد بأنه مسدد من المولى سبحانه وتعالى وبالتالي يلزمه الخذ بكل أسباب الصابة كالبحث والمشاورةا‬
‫والسؤالا ‪ ،‬وعادةا ما يظهر هذا بجلء في المسائل التي يعتقد المستخير أنها دقيقة ومحي ـ ـرةا‪.‬‬

‫) ( الحيرة ‪ :‬حالة الحيران وهو الذي ل يهتدي إلى الصواب لشكال المر عليه‪) .‬التعاريف ‪ (1/302‬المناوي‪.‬‬
‫‪ ( )1‬لن الجزم بالصابة أمر غيبي قد تثبت التجربة أو الواقع أو الدليل عكس ذلك ومثاله من السلف من ججرحّ وعجدل ورججح‬
‫بالستخارة ومع ذلك فقد يرى مجتهد آخر عكس ذلك‪ ،‬وعادة ما تكون هذا المور في المسائل الدقيقة المحيرة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ (15‬البـركة في الشيء المستخار ‪:‬‬
‫ما أحوج الناس إليها وما أغفلهم عنها‪ ،‬فأمر اختاره ال ورضيه لك ورضيت به ‪ ،‬أليس من حسن الظن‬
‫بال أن تعتقد اعتقادا جازاما بأن ال سيبارك لك فيه ؟ ومن أمثله ذلك ما سيأتي في باب اعتناء‬
‫السلف كالتأليف وغيره ‪.‬‬

‫تنبـيهـــان ‪:‬‬
‫‪ -I‬قد يستخير عبد في زاواج فيتزوج ثم يطلق باستخارةا ‪ ،‬فهذا ل يخل بالستخارةا ‪ ،‬لنه ل يعلم‬
‫الغيب ‪ ،‬فلعله إن لم يتزوج في حينها لوقع في الحرام ‪ ،‬أو تكون البركة في الذرية التي جاءت‪،‬‬
‫وأما إذا تزوج باستخارةا وطالق بدونـها ‪ ،‬فهذا ليس من التقوى ويشمله مفهوم المخالفة من قوله‬
‫تعالى‪ :‬توتمن تيتلسق ال لته تيحجتعل لبه تمحخترج ا توتيحربزحقبه سمحن تححيبث لت تيححتتسسبب ]الطلق‪ ،[3-2:‬وكذلك قد‬
‫تتزوج فتـاه من شاب باستخارةا ثم يطلقها باستخارةا أو بدونـها فالجواب كما تقدم ‪.‬‬
‫‪ -II‬أي أمر يتحقق باستخارةا فل تتخلى عنه إل باستخارةا ؛ لنك قد تضيع البركة التي فيه دون أن‬
‫تشعر بعد أن كانت بين يديك ‪ ،‬ومثاله ‪ :‬شراء سيارةا باستخارةا وأفادته ثم وجد مشتريا دفع بها ثمنا‬
‫أكثر فباعها دون استخارةا‪.‬‬
‫‪ (16‬المحافظة على النوافـل‪:‬‬
‫قد يطرأ على العبد التهاون أو الكسل نتيجة لضعف عزيمته قالا ‪ :‬تولتقتحد تعسهحدتنآَ إستلى تءاتدتم سمن قتحببل‬
‫فتتنسستي تولتحم تنسجحد لتبه تعحزم ا ]طاه‪ ،[115:‬ولكن احتياجه الدائم للستخارةا سيعينه على المحافظة عليها‬
‫أو الكثار منها ‪.‬‬
‫‪ (17‬الفراساـة والمهابـة والقبــول ‪:‬‬
‫لن الستخارةا مبنية على التوكل وال يحب المتوكلين ‪ ،‬لهذا فالكثار منها تجعل العبد يستحق‬
‫هذه الصفة شعر أم لم يشعر ‪ ،‬فإذا أحبه ال كان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ورجله‬
‫التي يمشي بها ويده التي يبطش بها وجعل له القبولا ‪.‬‬
‫‪ (18‬تصحيح وتوجيه المسار واتضـاحا الرؤيــة ‪:‬‬
‫وفقا للمعاير الدنيوية القاصرةا فإن من أسباب النجاحا وتطوير الذات تحديد المسار‬
‫ووضوح الرؤية والهدف‪ ،‬ومع ذلك فإن أدى ذلك إلى نجاح في الدنيا فقد يؤدي إلى خسارةا الخرةا‪،‬‬
‫فكم من أناس كانوا على استقامة؛ فطلبوا الدنيا دون العتماد على علم ال وقدرته وتيسيره وصرفه‪،‬‬
‫فنجحوا بشيء من حطام الدنيا وخسروا دينهم ‪.‬‬
‫ولكن المستخير بتوكله على ال وتسليم المر له من قبل ومن بعد‪ ،‬جدير به أن يسدده ال إلى‬
‫المسار الصحيح الذي يتناسب مع ما هو ميسر له ‪ ،‬فإذا توافقت هذه السباب مع تيسير‬
‫‪11‬‬
‫المولى سبحانه لها‪ ،‬ازاداد طامأنينة وهدى وبصيرةا‪ ،‬وإذا لم تتوافق هذه السباب مع ما هو ميسر له‪،‬‬
‫سر له المولى سبحانه سبيلا آخر يكون فيه الخير في الدنيا والخرةا ‪ ،‬وهذا من سداد ورحمة ال‬ ‫فسيي ن‬
‫سبحانه‬

‫وتعالى للمستخير‪ ،‬وقد تقدم الشارةا إلى ذلك في المبحث التمهيدي‪.‬‬


‫وكذلك إذا جاءه صارف آخر بعد انقضاء المر‪ ،‬تذكر أنه قد استخار ال فيه‪ ،‬وهذا سيحفظه بإذن من‬
‫أن تتشعب به السبل أو أن تتشتت أفكاره نتيجة لزحمة ومشاغل الحياةا وتعقيداتها الكثيرةا‪.‬‬
‫‪ (19‬تساعد على تنقيح المسائل ونضوجها‪:‬‬
‫قد يستخير العبد في مسألة ثم يلحظ أن الحتمالت والفكار تتوارد إلى ذهنه بعد أن‬
‫كان في غفلة عنها ‪ ،‬فينبغي أن ل يهملها ؛ لنها من ثمار الستخارةا الولى ‪ ،‬وعليه أن يصفيها‬
‫واحدةا تلو الخرى من خللا الستخارةا إلى أن يصل إلى نقطة النهاية ‪ ،‬وهذه كثيرا ما قابلتني ومنها‬
‫هذا الكتاب‪ ،‬أسألا ال أن يبارك فيه وأن يجعله خالصا لوجه الكريم‪ .‬اللهم آمين ‪.‬‬
‫‪ (20‬تساعد على التعلم وزيادةا الخبرةا ‪:‬‬
‫ويتضح ذلك من خللا فهم العلقة التلزامية التي بين الستخارةا والمشاورةا أو السؤال‪،‬‬
‫فقد يقابل المستخير في كثير من الحيان صعوبة في تمييز الصرف أو التيسير‪ ،‬فحينئذ يلزمه‬
‫المشاورةا أو السؤالا ‪ ،‬مما يزيد من خبرته حسب نوعية المسائل التي يستخير فيها ‪.‬‬
‫تساعد على تقويم الذات والقدرات وكسب‬ ‫‪(21‬‬
‫الوقت و الجهد ‪:‬‬
‫نجد اليوم كثيرا من الناس يتنقلون من مشروع إلى مشروع ومن علم إلى علم أو نحو ذلك ‪ ،‬ثم‬
‫يتبين لحدهم أنها ل تناسبه بعد أن أهدر كثيرا من الوقت والجهد والمالا ثم ينعكس ذلك سلبا على‬
‫المجتمع ‪ ،‬ولو أنه استخار ال في كل ذلك لعانه ال على معرفة قدراته في وقت مبكر ‪ ،‬لنه إن‬
‫تيسر له أمر؛ فسوف يبارك ال له فيه ‪ ،‬وإن تعسر فلشك سيجد ما هو ميسر له في بديل آخر ‪،‬‬
‫فكل إنسان ميسر لما خلق له ولكن عليه أن يبحث ذلك من خللا الخذ بالسباب الشرعية ومنها‬
‫الستخارةا ‪.‬‬

‫‪ (22‬التحرر من الخوف وخوف الفشل ‪:‬‬


‫الخوف أكبر عـــــدو للنسان ‪ ،‬فهو يؤدي إلى عبادةا ما دون ال بعلم أو بغير علم ‪ ،‬ومنه ما هو‬
‫جبلي ومشروع وهذا من سعة رحمة أرحم الراحمين لخلقه ‪ ،‬ولكن إتقان الستخارةا والكثار‬

‫‪12‬‬
‫منها تساعد العبد على التحرر من كل النوعين ‪ -‬بإذن ال‪ -‬لنك ستستحضر)‪ (1‬أنك متوكل على ال‬
‫في هذا المر وما من دابة إل هو آخذ بناصيتها ‪.‬‬

‫وقد ينشأ المرء في بيئة ‪ -‬أو لي سبب‪ -‬تؤدي به إلى أن يصبح أسيرا أو حيراين أو يشكو‬
‫الخــوف من الفشل ‪ ،‬فالستخارةا هي أحسن وسيلة للوقاية والعلج ‪.‬‬
‫‪ (23‬التحرر من الجمود والقيود‪:‬‬
‫ل‪،‬‬
‫هناك مثل شائع فاسد يقولا‪) :‬النسان أسير بيئته(‪ ،‬وهذا المر ترفضه الشريعة جملةا وتفصي ا‬
‫فالمستخير بتوكله على ال سبحانه سيتحرر من الجمود والقيود والضغوط التي تفرضها المجتمعات‬
‫الجاهلية اليوم أو العرف أو المناهج التعليمية)‪ (2‬أو ظروف الزمان والمكان وغيرها من المور‬
‫المعوقة‪ ،‬وبالتالي سيساعده ذلك على زايادةا خبراته وقدراته وثقته بنفسه‪.‬‬
‫‪ (24‬تعليم العبد ما لم يعلم ‪:‬‬
‫قالا تعالى ‪ :‬تولت بيسحيبطوتن سبتشحيءء ممحن سعحلسمسه إسلل سبتما تشآَتء ]البقرةا ‪ ، [255 :‬وفي دعائها‬
‫))أستخيرك بعلمك(( وهذا التعليم يتضح للمستخير عندما تظهر له حكمة الصرف أو التيسير‬
‫‪،‬ومثاله قد يستخير العبد في شراء شيء فيصرفه ال عنه ‪ ،‬ثم يجد شيئا آخرا يؤدي نفس الغرض‬
‫بمواصفات وسعر أفضل ‪ ،‬وما كان ليعلم ذلك لول أن وفقه ال للستخارةا بعلمه وكذلك إذا استخار‬
‫في علم أو غيره ويسره له فسيعنلمه منه مال يحاط به‪ ،‬إذا كان يرجح بالستخارةا‪ ،‬كل فكرةا تخطر‬
‫على باله‪ ،‬ثم اجتهد وصبر‪.‬‬
‫قالا شيخ السلم ‪ ) :‬مجموع الفتاوى ‪((330 /8 /‬‬
‫))وكذا دعاء الستخارةا فإنه طالب تعليم العبد ما لم يعلمه وتيسيره له((‪.‬‬
‫وقالا ‪)) :‬مجموع الفتاوى ‪.((142 /4 /‬‬
‫)) فعلمنا أن نستخير ال بعلمه ما نعلم به الخير ونستقدره بقدرته(( ‪.‬‬

‫‪ (25‬التقان والبداع‪:‬‬
‫من ننعم المولى سبحانه وتعالى على المؤمنين أن حبب إليهم اليمان وزاينه في قلوبهم ‪ ،‬والتقان‬
‫والبداع إذا كان بضوابطه الشرعية‪ ،‬فهو مطلب شرعي ومن اليمان ‪ ،‬وقد تقدم أن الستخارةا‬
‫تساعد على وضوح الرؤية وتوجيه وتصحيح المسار وتقويم الذات وكشف القدرات وزايادةا الخبرةا‬
‫والثقــة‬
‫‪ ( ) 1‬للستحضار شأن عظيم في نجاحّ عمل القلب ‪ ،‬وهو من المراقبة والمراقبة شطر الحسان ‪.‬‬
‫‪ ( ) 2‬أنظر فرائد الفوائد‪ /‬الجزء الول‪ /‬باب العلم‪) /‬أيهما أعظم ثمرة البحث الذاتي أم اللزامي( ‪) ،‬ما مدى صحة هذا القول ؟ (‬

‫‪13‬‬
‫بالنفس والتحرر من خوف الفشل والتحرر من الجمود والقيود والضغوط‪ ،‬وكل ذلك يساعد فيما بعد‬
‫على ملك العناصر العامة)‪ (1‬للتقان والبداع ومن ثم القدرةا على الستفادةا من المعطيات المتوفرةا‬

‫من خللا الفهم الدقيق في تفصيل وتحليل المور وربط السباب بالنتائج‪ ،‬فكيف إذا كان مع ذلك‬
‫تسديد من ال وتوفيقه ؟‬

‫‪ (26‬منع المجتهد من الساتبداد بالرأي ‪:‬‬


‫الستبداد بالرأي قد يكون علمة على العجب ‪ ،‬وقد يكون على شكل هأــضــم النفس كقولا‬
‫بعضهم ))لست لها(( وقد ل يشعر بذلك إذا كان ناتجا ا عن اجتهاد وتأولا ‪ ،‬وقد قالا المام‬
‫أحمد‪)) :‬أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس(( ‪ ،‬فلهذا تعتبر الستخارةا وسيلة مفيدةا‬
‫للوقاية والعلج منه إذا كان ناتجا ا عن اجتهاد أو عن أمر ل يعلم سببه إما إذا كان ناتجا ا عن‬
‫محرم فيجب تركه وقد قيل‪ )):‬الحمق من قطعه العجب بنفسه عن الستشارةا والستبداد عن‬
‫الستخارةا(( )‪. (2‬‬
‫‪ (27‬إن كيد الله متين وهأو خير الماكرين‪:‬‬
‫المكر والكيد إيصالا الشيء إلى الغير بطريق خفي)(‪ ،‬ومكر وكيد الخالق سبحانه ليس كمكر وكيد‬
‫المخلوق‪ ،‬وليس كمثله شيء‪ ،‬ومنه سبحانه ما هو استدراج للنتقام والعقوبة ومنه ما هو إلهام للتوفيق‬
‫إلى نعمة‪ ،‬قالا شيخ السلم)‪:(3‬‬
‫))وكيد ال سبحانه وتعالى ل يخرج عن نوعين‪ :‬أحدهما‪ :‬وهو الغلب أن يفعل سبحانه فعلا خارجا‬
‫عن قدرةا العبد الذي كاد له‪ ،‬فيكون الفعل قدرا محض ا ليس من باب الشرع ؛ كما كاد الذين كفروا‬
‫بأن انتقم منهم بأنواع من العقوبات‪ ،‬وكذلك قصة يوسف‪ ....‬ثم قالا‪ :‬فإذا كان المراد بالكيد فعلا‬
‫من ال سبحانه بأن ييسر لعبده المؤمن المظلوم المتوكل أمورا يحصل بها مقصوده بالنتقام من‬
‫الظالم وغير ذلك‪ ،‬فإن هذا خارج عن الحيل الفقهية‪ ،‬فإنما تكلمنا في حيل يفعلها العبد ل فيما‬
‫يفعلها سبحانه‪ ،‬بل في قصة يوسف تنبيه على من كاد كيدا حراماا؛ فإن ال يكيده‪ ،‬وهذه سنة ال في‬
‫مرتكب الحيل المحرمة‪ ،‬فإنه ل يبارك له في هذه الحيل كما هو الواقع‪ ،‬وفيها تنبيه على أن المؤمن‬
‫المتوكل على ال إذا كاده الخلق؛ فإن ال يكيد له وينتصر له بغير حولا منه ول قوةا‪...‬‬

‫‪ ( )1‬أي العلم والعمل والجتهاد وما يلزم من ذلك ‪.‬‬


‫‪ ( (2‬فيض القدير ‪ /772 /1‬المناوي ‪.‬‬
‫) ( ))الفتاوى الكبرى‪ ((3/214/‬ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ ( )3‬المصدر السابق‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬من كيده لعبده هو أن يلهمه سبحانه أمرا مباح ا أو مستحب ا أو واجب ا يوصله به إلى‬
‫المقصود الحسن ‪ ،‬فيكون هذا على إلهامه ليوسف أن يفعل ما فعل هو من كيده سبحانه أيض ا ‪ ،‬وقد‬

‫دلا على قوله ‪ :‬تنحرفتعب تدترتجاءت لمن لنتشآَبء ]النعام‪[83:‬؛ فإن فيه تنبيها على أن العلم الدقيق الموصل‬
‫إلى المقصود الشرعي صفة مدح كما أن العلم الذي يخصم به المبطل صفة مدح(( أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫وعلقة ذلك بالستخارةا أن النتائج مرتبطة بالسباب‪ ،‬والخذ بالسباب الشرعية مطلب شرعي‪،‬‬
‫فالمستخير إنما يأخذ بأعلـــــــــــى السباب وهو التوكل على ال سبحانه وفيها من العلم‬
‫الدقيق الموصل إلى المقصود الشرعي لنها بعلمه وقدرته سبحانه ومن يتأمل كلم شيخ السلم‬
‫يجده حريص ا على بيان هذه المسألة لما لها من أثر عظيم فلهذا أحببت أن أنقله بنصه‪.‬‬

‫ويمكن القولا أن الستخارةا من مكر ال اللطيف للهام هأذه المة إلى التوفيق‬
‫والسداد من حيث العموم‪ ،‬وللمستخير من حيث الخصوص؛ لنها عبادةا سهلة عظيمة الثمار وتجدد‬
‫اليمان بصورةا قد ل يشعر معها العبد بتكلف أو بمتانة هذا الدين‪ ،‬بل هي من الوغول في هذا الدين‬
‫برفق‪ ،‬وهذا ل يعني أنها ل تحتاج إلى إتقان فهي مثل القرآن ‪.‬‬

‫دعـــوةا‪:‬‬
‫أخي المسلم ‪ ، :‬الدال على الخير كفاعله فما هأــي اليوم‬
‫إل ضغطة زر أو نسخها‪.‬‬

‫ول تــــنســــــــــوا إخوانكم من صالح الدعـــــــــــــــــاء‬


‫والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‬

‫‪15‬‬

You might also like