You are on page 1of 4

‫نبذة في تاريخ علم المنطق‬

‫يأتي علم المنطق في طليعة العلوم العقلية التي أفرزتها الحضارة الغإريقية ‪ ،‬وفي طليعة العلوم التي‬

‫انتشارا واسع ا لدى الحضاراتالخأرى ‪. .‬‬ ‫انتشرت‬

‫كما أنه ‪ -‬مع قدمه ‪ -‬ليزال في طليعة العلوم التي ما فتأت تنال حظ ا وافرا في عالم التعليم والبحث‬

‫‪.‬‬

‫ويرجع هذا لما له من أهمية علمية تتمثل في افتقار العلوم كافة إليه ‪ -‬كما سنتبين هذا فيما يأتي ‪.‬‬

‫وكان )أرسطو( الفليسوف الغإريقي )‪ 322 - 384‬ق ‪ .‬م( )أول من هذب علم المنطق ورتب مسائله‬

‫وفصوله( ‪ ،‬وأول من ألف فيه ‪ ,‬وتعرف مجموعة مؤلفاته بـ )الورغإانون ‪ ، (organon‬وتضم الكتب‬

‫التالية ‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب المقولت ‪.‬‬

‫‪-‬كتاب العبارة ‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب التحليلت الولى ‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب التحليلت الثانية ‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب الجدل ‪.‬‬

‫‪-‬كتاب السفسطة ‪.‬‬

‫))وقد يضاف إليها ‪:‬‬

‫‪ -‬كتاب الخطابة ‪.‬‬

‫‪ -‬كتاب الشعر(( ‪.‬‬


‫ولما قام أرسطو من إهتمامات في خأدمة هذا العلم لقب بـ )المعلم الول( ‪.‬‬

‫وبعده ألف فرفوريوس الصوري )‪ 304 - 233‬ق ‪ .‬م( كتابه الموسوم بـ )ايساغإوجي ‪(lsagoge‬‬

‫وهي كلمة يونانية معناها )المدخأل( وهو السم الثاني لهذا الكتاب ‪ ،‬لنه يبحث في الكليات الخمسة ‪،‬‬

‫ونقله إلى العربية أبو عثمان الدمشقي وكان ذلك في القرن التاسع الميلداي واخأتصره أثير الدين‬

‫المفضل بن عمر البهري المتوفي سنة ‪ 663‬هـ = ‪ 1264‬م ‪.‬‬

‫وقبله كانت كتب أرسطو في المنطق قد ترجمت إلى العربية في القرن الثاني الهجري ‪ ،‬وقيل في القرن‬

‫الول ‪ ،‬من قبل النقلة السريان وأشهرهم إسحاق بن حنين ) ت ‪ 911‬م( الذي ترجم كتاب )المقولت(‬

‫‪.‬‬

‫وأشهر من أووللى المنطق العناية الفائقة من فلسفة العرب وأعلمهم أبونصر الفارابي )ت ‪ 950‬م( ‪ ،‬قال‬

‫عنه القاضي صاعد الندلسي في كتابه‬

‫)طبقات المم( ‪ :‬انه )بذ ّجميع الفلسفة في صنعة المنطق وأربى عليهم في التحقيق بها ‪ ،‬فشرح‬

‫فامضها ‪ ،‬وكشف سرها وقرب تناولها ‪ ،‬وجمع ما يحتاج إليه منها في كتب صحيحة العبارة ‪ ،‬لطيفة‬

‫الشارة ‪ ،‬منبهة على ما أغإفله الكندي وغإيره من صناعة التحليل وأنحاء التعليم ‪ ،‬وأوضح القول فيها عن‬

‫موادا المنطق الخمس ‪ ،‬وأفادا وجوه النتفاع بها ‪ ،‬وعرف طرق استعمالها ‪ ،‬وكيف تعرف صورة القياس‬

‫في كل ماداة ‪ ،‬فجاءت كتبه في ذلك الغاية الكافية ‪ ،‬والنهاية الفاصلة( ‪.‬‬

‫ولقب الفارابي لذلك بـ )المعلم الثاني( وسمى أرسطو هذا العلم بـ )علم التحليل( ‪ ،‬وبقي على هذا‬

‫السم حتى أطلق عليه شّراح كتب أرسطو اسم )علم المنطق( ‪ ،‬وعرف عند العرب بهذا السم ‪ ،‬كما‬

‫أنه عرف عندهم أيضا بـ )علم الميزان( ‪.‬‬

‫وأطلق عليه أبو حامد الغزالي )ت ‪ 505‬هـ = ‪ 1111‬م( عنوان )معيار العلم( ‪ ،‬وعنون كتابه في فن‬

‫المنطق به ‪ .‬وسمي عند فلسفة بور رويال بـ )فن التفكير( ‪.‬‬


‫وتقدم أن مجموعة كتب أرسطو في المنطق عرفت بـ )الورلكانون( ‪ ،‬وهي كلمة يونانية معناها آلة العلوم‬

‫‪ ،‬لن المنطق يقوم بوظيفة المنهج العلمي العام لكل العلوم ‪ ،‬فهو آلة ووسيلة يعتمدها العالم في تنظيم‬

‫بحثه ليصل إلى نتائج علمية سليمة ‪.‬‬

‫وتبعه في ذلك الشيخ الرئيس ابن سينا )‪ 980‬ـ ‪ 103 7‬م( فوصفه بأنه )خأادام العلوم لنه آله لها‬

‫ووسيلة إليها ( ونعته أبو نصر الفارابي بـ )رئيس العلوم( لنه الجذر الساسي لشجرة المعرفة ‪ ،‬من حيث‬

‫أنه المنهج العام في البحث عن تحصيل المعرفة ‪.‬‬

‫وأطلق عليه الشيخ الرئيس في كتابه )منطق المشرقيين( اسم ‪ :‬العلم اللي ‪ ،‬لنه آلة العلوم أي منهجها‬

‫العام في كل بحث ‪.‬‬

‫ولكنه اشتهر وعرف من بين هذه السماء بـ )علم المنطق( ‪ ،‬ولفظ )المنطق( مأخأوذ من ) النطق ( ‪،‬‬

‫والنطق كما يطلق في اللغة العربية على التكلم يطلق كذلك على الفهم وإداراك الكليات ‪ ،‬ومنه عّبر‬

‫الفلسفة القدماء عن النفس النسانية بالنفس الناطقة أي المدركة للمعقولت ‪.‬‬

‫فعبارة )علم المنطق( تعني )علم التفكير( أو )فن التفكير( كما سماه به فلسفة بور رويال استخلص ا‬

‫للتسمية من واقعه وطبيعته ‪.‬‬

‫ويقسم )المعجم الفلسفي( المنطق إلى‬

‫قسمين ‪:‬‬

‫‪ -‬المنطق الصوري ‪.‬‬

‫‪ -‬والمنطق العام ‪.‬‬


‫ويعرف المنطق الصوري بأنه)) النظر في التصورات والقضايا والقياسات من حيث صورتها ل من حيث‬

‫ماداتها ((‪ ،‬ويقول عنه بأنه )) يطلق ‪ -‬في العاداة ‪ -‬على منطق أرسطو ‪ ،‬أو على المنطق القياسي بوجه‬

‫عام((‪.‬‬

‫أما المنطق العام فهو البحث عن طرق النتقال الفكري لمعرفة أي طريق منها يوصل إلى الحقيقة وأّيها‬

‫يوصل إلى الخطأ ‪ ،‬وهو ل يقتصر على داراسة الصور التي تتألف منها البراهين ‪ ،‬بل يدرس الموادا التي‬

‫يتم بها تأليفها ‪ ،‬وأوضح طرق هذا المنطق الماداي طرق الملحظة والفرضية والتجربة والستقراء ‪،‬‬

‫وغإيرها من طرق البحث العلمي‪.‬‬

‫إل انه قد يلحظ على هذا التقسيم بأن المنطق الصوري أيض ا يدرس موادا القضايا وذلك في ما يعرف بـ‬

‫)مبحث الصناعات( وكذلك يدرس الستقراء ‪ ،‬ويعتبره طريق ا من طرقالستدلل ‪.‬‬

‫نعم الملحظة والتجربة قد ل نجد لهما ‪ -‬بمعناهما المعروف حديث ا ‪ -‬ذكرا في المنطق الصوري‬

‫القديم لنهما من مواليد الفكر الحديث ‪.‬‬

‫ومع هذا أداخأل في الدراسات المنطقية الحديثة للمنطق الصوري في أكثر من مؤللف ‪.‬‬

‫وعليه ‪ :‬ل أرى وجها مهما لهذا التقسيم ‪.‬‬

‫ووصف هذا المنطق بـ )الصوري( نسبة إلى الصورة في مقابلة الماداة لنه ييعنى بصور وأشكال وقوالب‬

‫نظم التفكير النساني فيما اشتهر منه وهو مبحث التصورات ومبحث التصديقات ‪.‬‬

‫ولنه‪-‬كما ألمحت ‪ -‬يبحث أيضا في موادا القضايا ‪ ،‬فيما يسمى بمبحث الصناعات يكون وصفه‬

‫بالصوري من باب التغليب ‪.‬‬

‫وبعد هذه اللمامة بشيء من تاريخ وبعض شؤون هذا العلم ننتقل إلى داراسة وبحث مقدمته العلمية ‪.‬‬

You might also like