You are on page 1of 21

‫سلسلة‬

‫كيف تجدد إيمانك‬

‫السرار الربانية‬
‫فـــي‬

‫النفس البشرية‬

‫الستاذ التهامي الشامي‬


‫إهداء‬
‫إلى أحبائي أعز الناس إلى قلب ‪ ،‬فلذة كبدي ومهجة حياتي ‪ ،‬ذرية تؤتي خصالها الطيبة كل حي‬

‫بإذن ربها ‪ ،‬لكم من حسن الرضا وأصدق الدعاء ‪ ،‬وإلى رفيقة العمر وشقيقة الروح أخلص الدعاء‬

‫بالرحمة والغفرة ‪ ،‬إلى هؤلء أهدي كل حرف خطته يدي إبتغاء مرضاة الله ‪ ،‬وكل فكرة اهتديت‬

‫إليها وزادتن قرب اا من الحق سبحانه ‪ ،‬جمعن الله وأيكم على ما يحبه ويرضاه ‪ ،‬وختم لي ولكم‬

‫بسعادة الدارين ‪ ،‬إنه على ما يشاء قدير وبالستجابة جدير ‪.‬‬


‫الدقدمة‬
‫ل يمكن تفعيل الفاهيم العقائدية والرقي بها إلى مستوى اليقي ‪ ،‬بدون نفاذ إلى النظومة القرآنية‬

‫عب الفق العرفي الشامل ‪ ،‬لن حص الفاهيم في إطار التفسي اللفظي يفقدها صلتها بالوحدة‬

‫الناظمة ‪ ،‬لن القرآن بوحدة أفكاره ونقاء مفاهيمه يمثل منظومة فكرية ‪ ،‬متابطة الجزاء ومتكاملة‬

‫الفاهيم ‪ ،‬ول يمكن فهمه إل ضمن صيغة الوحدة الفكرية ‪ ،‬بعد ربطها بالفاهيم التناسقة مع أهدافه‬

‫‪ .‬وكلما كان مفهوم من الفاهيم العقائدية تلفه لغة التجريد ‪ ،‬فسييققححم ل محالة الفكر في بوثقة‬

‫التناقض ويغرقه في الغرابة ‪ ،‬وهذا ل محالة سيؤدي إلى خلل في معرفة الحقيقة ‪ ،‬والعمل ضد‬

‫مقتضياتها بسبب الخلط الحاصل في البنية العقلية ‪ ،‬مما يجعلها غي قادرة على تنحييت الغالطات‬

‫الفاهمية للوصول إلى الفكر الصواب ‪.‬‬

‫إن أزمة الفاهيم هي إشكالية ذات مظاهر متعددة ‪ ،‬وهذه الظاهر ليس محلها التعارض مع القرآن‬

‫والسنة ‪ ،‬أو مع العقل إذ هو راجع إليهما ‪ ،‬وإنما محلها تعارض البرات القتبسة من الرجعية‬

‫الساسية لهذا التيار أو ذاك ‪ ،‬لذا وجب إرتداد الكثة إلى الوحدة لتوحيد الجهاز الفاهيمي ‪ ،‬الذي‬

‫ييع دد الركية الساس لي شعية عقائدية ‪.‬‬

‫ومن الؤسف أن جيل الفاهيم العقائدية ترتكز بالساس على البعد اللغوي الطلق ‪ ،‬بإعتبار اللغة‬

‫جوهر اا ثابتا ‪ ،‬وهذا البعد الذي تحمله الفاهيم العتبارية أدى إلى إختال الصيورة والتطور‬

‫العرفي ‪ ،‬فأصبحت الفاهيم مجرد معاني متناقضة ومتضاربة تختنها الذاكرة ‪ ،‬حاصلتها النهائية‬

‫تشويش ذهن وصاعات مذهبية مجانية ‪.‬‬

‫فكم من الفاهيم وجودها بديهي لدينا إل أن ماهيتها موغلة في الكثة التناقضة ‪ ،‬وهذا ما يجعل‬

‫إرتداد الكثة إلى الوحدة الحل المثل لتفادي الحية ‪ ،‬الت يخلقها الفهوم اللغوي الفتاض‬

‫البحوث عنه في القوامس والناجد الذهبية ‪ ،‬بدل تدبر الوحدة الركوزة في النظومة القرآنية ‪ ،‬قال‬

‫تعالى‪ '':‬أفل يتدبرون القرآن ولو كان من عند غي الله لوجدوا فيه إختلفاا كثياا '' ‪ -‬النساء ‪- 82‬‬

‫آيات الافاق والفنفس‬

‫قال تعالى ‪ '':‬سنيهم آياتنا في الفاق وفي أنفسهم حت يتبي لهم أنه الحق أولم يكف بأن ربك‬
‫على كل شء شهيد ''‪ -‬فصلت ‪- 53‬‬

‫الية في مجملها تشكل وحدة إرشادية ''سنيهم'' ‪ ،‬أي سنم د حكنهم من إدراك عظمة الكون والنفس من‬

‫جهة الفكر والعلم بأحوالهما ‪ ،‬وهذه إشارة بينة وواضحة تدعو إلى إدراك الشياء على حقائقها‬

‫بواسطة العلم التجريب ‪ ،‬وهذا ما يبتغيه الحق سبحانه من عباده ‪ ،‬لذا أنزل القرآن الكريم وهو‬

‫كتاب هداية ‪ .‬والهداية ل تتحقق عن طريق الجهل الؤدي إلى الضلل ‪ ،‬وإنما تدرك عن طريق‬

‫التفكي الفض إلى الصواب ‪ ،‬وهذه الحقائق وكيفياتها ل تتجلى إل بعد حي ‪ ،‬قال تعالى‪'' :‬إن هو‬

‫إل ذكر للعالي ولتعليمين نبأه بعد حي''‪ -‬ص ‪- 88 – 87‬‬

‫إن آيات الفاق والنفس غيب ول سبيل لعرفة كيفياتها وتفاصيلها قبل إدراك حقائقها ‪ ،‬وبالتالي‬

‫ل مجال للمقارنة بي من أدرك حقائق الوحي الكونية بدقائقها وتفاصيلها ‪ ،‬وبي من وصفها من‬

‫خلل نص ييسممع ول ييرى مدلوله الحقيقي ‪ ،‬لقد كان السلف يصف حقائق آيات الفاق والنفس‬

‫وهي محجوبة عنه قياس اا على تواتر الخب ‪ ،‬وضمن حدود إفهام النصوص القيدة بقيود الحيط‬

‫العرفي الحدود بواقعه الزمكاني ‪ ،‬ولقد شاء الحق سبحانه أن يجعل لكل آية زمناا خاصاا تتتحقق‬

‫فيه ‪ ،‬فآيات الفاق قد كانت كائنة ولكنها أغشيت عن أبصارنا ‪ ،‬ولا ارتقت العلوم دخل النسان في‬

‫عص الكتشافات العلمية ‪ ،‬وامتلك أدق أجهزة البحث العلمي فبدأت الرسار في اليضاح والحقيقة‬

‫في التجلي ‪ ،‬ووقعت الفاجأة الكبى فتجلت في آيات النفس ‪ ،‬فأرانا الحق سبحانه إياها بواسطة‬

‫احلجمهر ''اليكروسكوب''الذي تم إكتشافه سنة ‪ ، 1590‬بحيث تميكن علماء الحياء من رؤية الكائنات‬

‫الحية والخليا وأجزائها الصغية ‪ ،‬الت ل يمكن رؤيتها بالعي الجردة ‪ ،‬ثم تطور هذا الجهاز وظهر‬

‫ما يسمى ''اليكروسكوب ثلثي البعاد'' ‪ ،‬بحيث يسمح بمشاهدة الزمن الحقيقى والساحة الحقيقية‬

‫للتغيات داخل الذرة ‪ ،‬وهي أبعاد أقل كثياا من أبعاد البكتييا والخلية ‪.‬‬

‫وفي مجال آيات الفاق فقد أرانا الحق سبحانه إياها بواسطة القراب''التليسكوب''‪ ،‬الذي تم إكتشافه‬

‫سنة ‪ 1609‬فتحقق وعد الله وأرانا ما كان خفياا عنا ‪ ،‬بحيث رصد علماء الفضاء الكوني أكث من ‪300‬‬

‫مليار مجرة فى الكون ‪ ،‬كل منها تحتوى على ‪ 300‬مليار كوكب ونجم ‪ ،‬وتبي لهم بأن الفضاء الكوني‬

‫يمت دد إلى ما ل نهاية ‪ ،‬قال تعالى‪'':‬وقل الحمد لله سييكم آياته فتعرفونها''‪ -‬النمل ‪- 93‬‬

‫إن آية '' الفاق والنفس'' تعد نقلة نوعية بعيدة الدى ‪ ،‬تبي أن الحق سبحانه ل يدعو إلى‬

‫العتقاد البن عل منطق الجبار بالقوة ‪ ،‬بل يدعو إلى القناع الفكري البـن على التأمل والتدبر‬

‫لن التفكر في خلق الله يع دد من العبادات الت دعا إليها سبحانه ‪ ،‬قال تعالى‪'':‬قل سيوا في الرض‬
‫فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينش النشأة الخرة إن الله على كل شء قدير‪ - ''.‬العنكبوت ‪- 20‬‬

‫والفرق بي الرؤية والنظر هو أن الرؤية تتعلق بالمور الحسية وآلتها العي الجردة ‪ ،‬أما النظر‬

‫فيتعلق بالمور العنوية الت تعتمد على التأمل والدراك وآلتها العقل ‪ ،‬والقصود من ''فانظروا'' هو‬

‫نظر التأمل والتدبر ودراسة الشياء و تحليلها ‪ ،‬وربطها بالحقائق الوضوعية لتتوافق و تتطابق مع‬

‫العلم والنطق ‪ ،‬إنطلقاا من إعمال الفكر إعمال واسعا وعميقا ومنظما ‪ ،‬لن علقة العلم باليمان في‬

‫الفهم السلمي علقة تكايميلدية ‪ ،‬أي أحدهما يكدمل الخر وهما ل يتناقضان ‪ .‬فالعلم يعدرفنا على‬

‫الطبيعة ويكشف لنا قوانينها ‪ ،‬ويعدرفنا على أنفسنا ويكشف لنا ما هو موجود ويوائم بـي النسان‬

‫وواقعه ‪ ،‬واليمان يكشف عما ينبغي أن نعمل ويوائم بي النسان وخالقه ‪ ،‬قال تعالى ‪ '':‬وقال‬

‫الذين أوتوا العلم واليمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم ل‬

‫تعلمون ‪ -''.‬الروم ‪- 56‬‬

‫تب د حي الية الكريمة أن العلم هو الدافع الكب للتفاعل الواعي والهادف مع الوحي اللهي ‪ ،‬واليمان‬

‫الصادق هو الذي يحدد سلوك عباد الرحمن ‪ ،‬بإعتبار أن العلقة اليمانية هي الرابطة الحقيقية‬

‫الت تربط النسان بالحق سبحانه وبالخرين ‪ ،‬لذا يجب أن ل ينفصل التحصيل العلمي عن الجانب‬

‫اليماني ‪ ،‬لن بدون اليمان تطغى على النسان الهواء والنعات الـشيرة ‪ ،‬فتجعله يتناس دوره‬

‫الرسالي وعلقاته اليمانية ‪.‬إن بعض الفـسين يرون أن معرفة ''النفس''يجب أن تكون أسبق‬

‫ومعرفة الفاق ألحق ‪ ،‬لن إدراك ''النفس'' يمنح النسان خصوصياته النسانية التجلية في‬

‫قدراته العقلية والفكرية والروحية ‪ ،‬وهي الوسيلة الوحيدة للتعاطى مع الوجود والحياة ‪ ،‬ثم بعد‬

‫التم دكن من معرفة ''النفس'' آنذاك وجب النتقال إلى معرفة الفاق ‪ ،‬الت تتحقق من إستقبال النسان‬

‫لهذا الوجود برؤيته الذاتية ‪ ،‬لن النسان عندما يحاول البحث فى الوجود ‪ ،‬فهذا يعـن أن البحث هو‬

‫عبارة عن رؤيا النسان وإحساسه وإنطباعه وإنفعاله ‪ ،‬لنه الكائن الوحيد الذى يستقبل الوجود‬

‫بوعي لييسقط عليه رؤيته وأحكامه وتقييماته ‪ ،‬لن ل وجود لعن للشياء بعيداا عن وعي النسان‬

‫وإدراك آيات الفاق والنفس يقود كل إنسان عاقل منصف إلى الذعان بوجود ال دله ‪ ،‬والعتاف به‬

‫إنطلق اا من التوافق بي معطى الكون النظور ومعطى الكون السطور ‪ ،‬لن دللتهما قاطعة على‬

‫وحدة الصدر ‪ ،‬وبالتالي ل يعود النسان بعد ذلك ذاهلا عن تلك الصلة الدائمة بيـنه وبي الخالق‬

‫قال تعالى‪'':‬الله خالق كل شء وهو على كل شـيء وكيل ‪ .‬له مقاليد السماوات والرض والذين‬

‫كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسـرون ‪ .‬قل أفغي الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون''‪ -‬الزمر ‪- 64 - 62‬‬
‫إلتباس مفهوم النفس‬

‫النسان منذ مولده يجد نفسه مندمجاا ومنسجماا مع الوعي الجتماعي ‪ ،‬الذي يزوده بمجموعة من‬

‫الفاهيم البنية على الفكر التسليمي النطباعي ‪ ،‬فيعتقد بأنه يملك مفاهيم شمولدية قادرة على أن‬

‫ي وآنن ‪ ،‬فييحس فكره عليها ويعتبها مرتكزاا نهائياا تتيح له‬


‫تؤددي جواباا ومعـن لكل سؤال في كل ح ن‬

‫يقيناا ل يرقى إليه الشك ‪ ،‬بينما كان لزاماا عند نمو فكره ونضجه الشخـص من أن يخضع هذه‬

‫الفاهيم لنشاط فكره الناقد ‪ ،‬وينتهج الدروب الختبارية لتفعيل الطاقات العرفية الجذرية ‪ ،‬ليتمدكن‬

‫من العثور على علقة عميقة ومتماسكة بـي الفاهيم والفكر ‪ ،‬الذي يجب أن يحمل بعداا تعدقلي‬

‫لدراك إستنتاجات منسجمة مع النطق ‪ ،‬بدل ا من العتقاد العاطفي وسـرعة التسليم والتباع ‪ ،‬قال‬

‫تعالى ‪'' :‬إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو‬

‫كان آباؤهم ل يعلمون شيئا ول يهتدون ‪ ''.‬الائدة ‪- 104‬‬

‫إن الكتفاء بإستهلك ''مفهوم النفس'' دون تمحيص وتدقيق إعتقاادا بأنه من الس يلمات ‪ ،‬أدى إلى‬

‫أزمة فكرية ‪ /‬سلوكية تجلت بالساس في ظهور إختللت في الستنتاج ‪ ،‬سواء من جهة بناء‬

‫البحث أو التفكـي أو السلوك ‪ ،‬وبالتالي ل يمكن أن نتصور أننا نستطيع التفكي بوجه صحيح في‬

‫واقع ''مفهوم النفس'' ‪ ،‬بدون النتقال من الفهوم اللغوي التع حددد إلى الكلي اليوحد ‪ ،‬وهذا ييح حدتم علينا‬

‫طرح السؤال من جديد ‪ :‬ماهية النفس ؟‬

‫والسؤال وحده هو الذي يقربنا شيئاا فشيئاا من الحقيقة ومجابهتها ‪ ،‬ول يمكننا أن نتصور أن‬

‫نـزعة السؤال التجذرة عميقاا في طبيعة النسان عقيمة وباطلة ‪ ،‬ول يستطيع أحد أن يفحلت من‬

‫السؤال ‪ ،‬لن النسان عندما يندهش يتساءل عن ع حدلة الشياء ‪ ،‬وهذه مزية فطرية من مزايا العقل‬

‫بل هي السبيل الوحد لكتساب العلم والعرفة ‪ ،‬لن بمقدار ما يسأل النسان فهو يكتشف ذاته في‬

‫فرادتها ‪ ،‬ويكتنهها إكتناه اا أفضل ويتقدم في تحقيقها ‪ ،‬فيكتشف آفاق العرفة الدائمة التج ددد ‪ ،‬قال‬

‫تعالى‪ '':‬قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقي'' ‪ -‬البقرة ‪-111‬‬

‫إن الحق سبحانه دعا دعواة صـريحاة إلى إيجاد عقل شغوف بالحقيقة ‪ ،‬ي يتخذ من البحث نقطة‬

‫إرتكاز فكرية ‪ ،‬سندها الحجة والبهان فيما يجب معرفته وفهمه ‪ ،‬لتتحيول الفاهيم إلى أفكار مطابقة‬

‫للواقع والحقيقة ‪ ،‬لن بهما يتحقق التوافق بي الفهوم والفكر والسلوك ‪ ،‬ول يتم التوافق إل إذا كان‬
‫الفهوم قابلا للستيعاب بجهد ذهـن معقول ‪ ،‬ويق حددم أدلة وبراهـي يستطيع الفرد بواسطتها فهم‬

‫محتواه لكي تكون أفكاره نابعة من الذات ‪ ،‬وليست مفروضة تحت ضغوط أدياا كان مصدرها ‪ ،‬لن‬

‫القصيد الرئي يس من الفهوم هو ترجمته إلى فكر ثم إلى سلوك ‪ ،‬حت ل ينع الفرد إلى توافق زائف‬

‫يؤدي إلى زيف سلوكي ‪ ،‬مفيسود الغلدو والتعصب والتطرف بسبب التخلي عن الفهوم ‪ ،‬الذي يستدعي‬

‫العقل أن يستمر دائما في التفكـي والبحث للكشف عن الحقائق الذاتية والوضوعية ‪ ،‬لكي يكون‬

‫السلوك منسجم اا مع النهج الرباني ‪ ،‬قال تعالى‪'' :‬أفل يتدبرون القرآن ولو كان من عند غي الله‬

‫لوجدوا فيه اختلفا كثيا ‪ -''.‬النساء ‪- 82‬‬

‫ومنذ القدم هناك جدل في الديانات والفلسفات الختلفة حول ''مفهوم النفس'' ‪ ،‬بدءاا من تعريفها‬

‫ومرور اا بمنشئها ووظيفتها إلى دورها أثناء الحياة وبعد الوت ‪ ،‬ولقد قام كثي من الفكرين السلمي‬

‫سواء في مجال علم الكلم ‪ ،‬أو الفلسفة أو التصوف بدراسات عن ''النفس'' ‪ ،‬قصد تبيان التصدور‬

‫ا حلسلمي من خلل ما منحه الحق سبحانه من قيمة كبى ''للنفس'' في القرآن الكريم ‪ ،‬حيث أمر‬

‫بحفظها حت تنشأ على سواء الفطرة ‪ ،‬وجعل حفظها من مقاصد الشيعة الساسية لتحقيق‬

‫النسجام بي السن الكونية والسن الجتماعية في حياة النسان ‪ ،‬كي يتآلف سلوكه الفطري مع‬

‫سلوكه الكتسب ويخضعا م اعا للمنهج الرباني ‪ ،‬لضبط "النفس النموذج"والستويات الفرعية الت‬

‫تلحق بها ‪.‬‬

‫ومفهوم النفس في الثات السلمي بصفة عامة يدل على التي ‪:‬‬

‫* جوهر بسيط غي مادي مدرك للجزئيات والك دليات ‪ ،‬له تع دلق بالبدن تع دلق التدبي وال دتصف‬

‫والوت إندما هو قطع هذا التع دلق ‪ ،‬وهي ثلثة أصناف طبقاا لطبائعها ‪:‬‬

‫* النفس المارة بالسوء ‪ :‬مصدر الش والفتنة وتقتن بالهوى ووسوسة الشيطان ‪ ،‬وهي الت‬

‫تسحدول لصاحبها بشت الوسائل لتوقعه فى الثم والخطأ ‪.‬‬

‫* النفس اللوامة ‪ :‬تعمل كرقيب على النسان حت ل يقع فى العاص ‪ ،‬وتلوم صاحبها وتشعره‬

‫بالذنب عندما يخرج عن دائرة الصواب إلى دائرة النحراف ‪.‬‬

‫* النفس الطمئنة ‪ :‬أرقى درجات الرفعة الت يمكن أن تصل إليها النفس البشية ‪ ،‬بحيث تجد أمنها‬

‫وسكينتها في إتباع النهج الرباني ‪ ،‬وتسي بمقتض اليمان إلى التوحيد والحسان ‪ ،‬والب والتقوى‬

‫والقبال على الله‪.‬‬

‫ومن الراء التاثية حول هذا الوضوع ‪:‬‬


‫* النفس ليست بجسم ول بجزء من جسم ‪ ،‬ول بحال من أحوال الجسم ‪ ،‬وإنها شء آخر مفارق‬

‫للجسم بجوهره ‪ ،‬وأحكامه وخواصه وأفعاله ‪ '' .‬ابن مسكويه''‬

‫* النفس مرتبطة بالتنفس وباللذات والشهوات الدنيوية ‪ ،‬وتكون على ثلثة أحوال ‪ :‬مطمئنة أو‬

‫لوامة أو أمارة‪ '' .‬الغزالي''‬

‫* إن قوى الفعال في النفس إما جذب وإما دفع ‪ ،‬فالقوة الجاذبة الجالبة للملئم هي الشهوة‬

‫وجنسها ‪ :‬من الحبة والرادة ونحو ذلك ‪ ،‬والقوة الدافعة الانعة للمنافي هي الغضب وجنسها ‪ :‬من‬

‫البغض والكراهة ‪''.‬ابن تيمية''‬

‫* الش كامن في النفس وهو يوجب سيئات العمال ‪ ،‬فإن خلى ال يلـه بي العبد وبي نفسه هلك بي‬

‫شها وما تقتضيه من سيئات العمال ‪ ،‬وإن وفقه وأعانه نجاه من ذلك كله ‪ ''.‬ابن القيم''‬

‫ك دل الراء تنطلق في تعريفها ''للنفس''من البناء الوصفي لليات بإعتباره شء بديهي ‪ ،‬ومرجع هذا‬

‫إلى قصورالوسائل والناهج والدوات ‪ ،‬مما جعل دللة ''النفس''لم ترتق إلى درجة الددقة والنضباط‬

‫التام ‪ ،‬بسبب غياب عنـص البهان الفكري الذي يضمن إستقرار دللة الفهوم وإنضباطه ‪ ،‬لذا بقي‬

‫لفظ ''النفس'' في منطقة اللتباس الدللي متع ددد التوصيف والدللة ‪ ،‬وهذا ما أفضـى إلى إقرار‬

‫خصيصة الغموض والتعميم رغم وحدة الجال العرفدي ‪ -‬القرآن والسنة ‪ -‬الذي تخارجت منه دللة‬

‫الفهوم ‪ ،‬لن كل تودجه فكري تـب ين الفهوم الذي ينسجم مع إهتماماته الذهبيه ‪ ،‬وهو ما أفضـي إلى‬

‫تع ددد الدللة الوضوعية للمفهوم من حيث هو لفظ ‪ ،‬وهذا ما ساهم في مزيد من إلتباس إشكالية‬

‫النحراف الفكري عن إدراك مصدر السلوك ‪ ،‬حيث أصبح محاطاا بجملة من العناصـر التداخلة‬

‫والظروف واللبسات العقدة ‪ ،‬الت أضفت عليه تأويلت متعددة شيعبت مقاصده ‪ ،‬فأصبح لغز‬

‫''النفس'' كأنه يحاول توضيح ما ل يمكن شحه ‪ ،‬ول فهمه بما يمكن شحه ووصفه ‪.‬‬

‫ومن خلل هذه الفرضيات فإن ''مفهوم النفس'' الثاتي أصبح غي مهيء للستمرارية ‪ ،‬ومسايرة‬

‫تطور العرفة بصورة جوهرية ‪ ،‬لنه ما هو إل نتاج قراءات وإجتهادات تخمينية موغلة في ظرفها‬

‫التاريخي والزمكاني ‪ ،‬كانت لها صلحيتها خلل حقبة زمانية معينة ‪ ،‬لذا يمكن الجزم بتجاوز مدلول‬

‫هذا الفهوم نظر اا لختلف الشوط الوضوعية الت تحكمت في تداوله حينها ‪ ،‬ولقد آن الوان‬

‫لواجهة إنغلق الفهوم الثاتي بمنطق التوافق ولغة القناع ‪ ،‬بدل من منطق الغالبة ولغة الكراه‬

‫والدوران في حلقات مفرغة ‪ ،‬لن تصحيح الفهوم هو الدافع إلى العتناء بالسلوك ‪ ،‬فقبل إصلح‬

‫سلوك النسان لبد من إصلح الفكر الذي يخاطبه لتحقيق التوافق بي الفهوم والفكر ‪ ،‬قال أحمد‬
‫أمي ‪'':‬فرق كبي بـي أن ترى الرأي وأن تعتقده ‪ ،‬إذا رأيت الرأي فقد أدخلته في دائرة معرفتك‬

‫وإذا اعتقدته أصبح مرجعيتك تبعث الجزم واليقي ‪''.‬‬

‫مصدر السلوك‬

‫في أواخر القرن التاسع عش أصبح السلوك مهمة بناء علم النفس الحديث ‪ ،‬حيث أصبح كعلم‬

‫تجريب منفصل عن الفلسفة ‪ ،‬ولقد ظهرت عدة مدارس تهتم بدراسة السلوك أهمها ‪:‬‬

‫* الدرسة البنائية ‪ :‬مؤسسها هو العالم "فونت" حيث أنشأ في جامعة ليبتج بألانيا عام ‪ 1879‬أول‬

‫مختب لتحليل الخبة الشعورية الستبطانية للعقل النساني إلى عناصها الختلفة ‪ :‬الوعي‬

‫والتفكي ‪ ،‬والعرفة ‪ ،‬وبقية العناص الكوتة للخبة الشعورية ‪.‬‬

‫* الدرسة الوظيفية ‪ :‬جاءت كرد فعل وإحتجاج على الدرسة البنائية ‪ ،‬وركزت على سؤال رئيس ‪:‬‬

‫ماهي وظيفة النشاط الدماغي ؟‬

‫ويعد "وليم جيمس" الؤسس الحقيقي للمدرسة الوظيفية ‪ ،‬ولقد أكد على ضورة استخدام منهج‬

‫البحث العلمي ‪ ،‬وأسس أول مختب لعلم النفس في أمريكا عام ‪ ، 1875‬وألف كتاب "مبادئ علم‬

‫النفس"‪ ،‬وب يي فيه بأن علم النفس علم طبيعي بيولوجي ‪ ،‬وبالتالي فعلم النفس هو دراسة الوظائف‬

‫العقلية ‪ ،‬وبأن الخبة العقلية عملية شخصية مستمرة وإنتقائية ‪ ،‬والعقل في نظره يتعامل مع‬

‫العطيات الواردة من البيئة ‪ ،‬لذا ل يمكن فصل الجسم عن العقل فهما وجهان لعملة واحدة ‪ ،‬وقال في‬

‫هذا الصدد ‪":‬إن تفكيي هو أول وأخيا ودائما من أجل فعلي‪''.‬‬

‫* الدرسة السلوكية ‪ :‬ظهرت سنة ‪ 1912‬في الوليات التحدة الميكية ‪ ،‬ومن أشهر مؤسسيها جون‬

‫واطسون ‪ ،‬الذي حاول تفسي السلوك من خلل علقته بعلم النفس ‪ ،‬والعتماد على القياس‬

‫التجريب حت يتمكن العلماء من ملحظته ‪ ،‬وعدم الهتمام بما هو تجريدي غي قابل للملحظة‬

‫والقياس ‪ .‬فهو يرى بأن موضوع علم النفس هو سلوك الكائن الحي ‪ ،‬وبأن تعريف علم النفس هو‬

‫الدراسة العلمية للمنبهات والسلوك الذي تثيه ‪ ،‬لذا ركز على العلقات بي البيئة وسلوك النسان‬

‫الذي يراه بأنه وظيفة الكائن الحي في التفاعل مع بيئته ‪.‬‬

‫* الدرسة الغرضية ‪ :‬تؤكد على أهمية الغرض في تفسي السلوك ‪ ،‬سوااء كان هذا الغرض واضحا‬
‫في ذهن الكائن الحي أو غي واضح ‪ ،‬لكنه في نهاية المر ذا قيمة بيولوجية ونفسية هامة له ‪.‬‬

‫ويعد مكدوجال النجليي رائد هذا التجاه ‪ ،‬ولقد ألف كتاب"علم النفس الجتماعي" النشور سنة‬

‫‪ ، 1908‬وحرص فيه علي إقامة علم النفس علي أساس إجتماعي ‪ ،‬كما أبرز أهمية الغرائز ووصفها‬

‫بأنها هي الحرك الساس والدافع الهام للسلوك ‪ ،‬وفي سنة ‪ 1920‬أكد علي فكرة العقل الجماعي‬

‫واعتبه بأنه يسيطر علي سلوك الجماعات الختلفة ويمي بينها ‪.‬‬

‫* الدرسة العرفية ‪ :‬تقوم على أن لفكارنا ولطريقة رؤيتنا لنفسنا ولغينا ‪ ،‬وللعالم من حولنا‬

‫تأثي كبي على مشاعرنا وعواطفنا وسلوكنا ‪ ،‬وتدعو هذه الدرسة إلى تغيي عواطفنا ومشاعرنا‬

‫وسلوكنا عن طريق تغيي قناعاتنا وأفكارنا ‪ ،‬ولذلك تسمى طريقة علجها بالعالجة النفسية‬

‫العرفية ‪ .‬وكلمة معرفية تعن طرائق التفكي أو العرفة والعلومات أو الدراك ‪ ،‬وتؤكد العالجة‬

‫العرفية على فحص الفكار والعتقدات التصلة بعواطفنا ‪ ،‬وبسلوكنا وتجاربنا الجسدية والحداث‬

‫الجارية في حياتنا ‪ ،‬ومن البادئ الرئيسية في العالجة العرفية أن طريقة إدراكنا واستقبالنا لحدث‬

‫ما لها تأثي قوي على ردة فعلنا العاطفية ‪ ،‬والسلوكية والفييولوجية تجاه هذا الحدث ‪.‬‬

‫والفكرة الرئيسية في هذه الدرسة هي كما يلي ‪ :‬إن خلف كل إعتدال في الصحة النفسية تقف فكرة‬

‫صحيحة ‪ ،‬وإعتقادات سليمة وطريقة تفكي عقلنية راشدة ‪ ،‬وخلف كل إضطراب إنفعالي تقف فكرة‬

‫خاطئة ‪ ،‬ومعتقد غي سليم وطريقة تفكي غي راشدة ‪.‬‬

‫* الدرسة الفسيولوجية ‪ :‬مع تطدور تقنية التصوير بالرني الغناطيس الوظيفي ‪ ،‬تميكن الخصائيي‬

‫من معرفة تركيب الدماغ عند النسان ‪ ،‬ووظيفة كل جزء وعلقته بالجزاء الخرى ‪ ،‬ولقد وجدوا‬

‫بأن القشة الخية هي من أكب أجزاء ال خ القدمي حيث تحتل مساحة كبية نسبيا ‪ ،‬وهي مقيسمة‬

‫إلى أربعة فصوص‪ :‬الفص المامي ‪ -‬الفص الجداري ‪ -‬الفص الصدغي ‪ -‬الفص القفوي ‪.‬‬

‫ويعتب الفص المامي أكب الفصوص ‪ ،‬ويمثل حوالي نصف مساحة القشة الخية ‪ ،‬ومن خلل‬

‫البحوث الدقيقة تبيي لهم بأنه يؤدي دوراا حيوايا بارزاا في التحكم الرادي ‪ ،‬وييعدرف غالباا على أنه‬

‫“الركز التنفيذي''‪ ،‬الذي يشارك في الوظائف العقلية العليا ‪ ،‬لنه هو الذي يتيح للنسان تحصيل‬

‫الخبات وتحليل العلومات الكتسبة ‪ ،‬والقدرة على تميي العواقب الستقبلية الناجمة عن السلوكيات‬

‫الحالية ‪ ،‬كما يم د حكن النسان من الختيار بي السلوكيات الجيدة والسيئة ‪ ،‬بمساعدة مركز التعدقل‬

‫والدراك الوجود في هذا الفص ‪ ،‬لذلك يمكن أن يشار إليه لا فيه من هذه الراكز والمكانات ‪ ،‬بأنه‬

‫النطقة السؤولة عما يصدر من الخطأ والصواب في مجال السلوك ‪ ،‬لنه مسؤول عن طريق التحكم‬
‫في النطق والنظر ‪ ،‬وجميع الحركات الرادية لكل أجزاء الجسم ‪ ،‬وهذا ما جعلهم ييعلنون بأن‬

‫الوظائف الحركية عند النسان ‪ ،‬وتصفاته تخضع للوعي والدراك الوجه من قبل الفص المامي‬

‫وبالتالي فإن النسان له القدرة على التحكم في سلوكه ‪ ،‬إنطلقاا من إعتبارات ومعلومات تيم‬

‫تخزينها وترسيخها مسباقا داخل الفص المامي ‪ ،‬الـيمتض د حمن للرادة الحرة الركوزة في مناطق الحركة‬

‫الرادية ‪.‬‬

‫يقول الدكتور ''مايكل كول'' الخصائي في علم العصاب الدراكي في الوقع اللكتوني لجامعة‬

‫واشنطن في سانت لويس‪'' :‬هناك أدلة على أن قشة الفص المامي هي منطقة الدماغ الت تتذكر‬

‫وتحتفظ بالهداف والرشادات ‪ ،‬الت تساعد النسان على الحفاظ على فعل ما هو مطلوب عند‬

‫القيام بمهمة ما ‪ ،‬كما أن التواصل الفعال لهذه النطقة مع الناطق الخرى للدماغ من شأنه أن‬

‫يساعد على إنجاز الهام بنجاح ‪''.‬‬

‫ولقد أثبتت البحوث الكلينيكية أن تلف الفص المامي عند النسان يؤدي إلى فقدان التحكم في‬

‫سلوكه الجتماعي ‪ ،‬والقدرة على إستعمال اللفاظ والتحكم في الحركات والتصـرفات مع تدهور‬

‫قدرة التكي ‪ ،‬وروح البادرة لحل الشكلت الت تحتاج لقدرة عقلية متمـية ‪ ،‬إضافة إلى فقدان‬

‫الشعور بالسئولية وتد د حني العايي الخلقية ‪ ،‬وهذا دليل قوي على أن الفص المامي يقوم بجميع‬

‫الوظائف الواعية الرتبطة بحرية الختيار بي الفجور والتقوى ‪ ،‬وهكذا تيم إيجاد تفسي فسيولوجي‬

‫أو عضوي للسلوك النساني ‪ ،‬وبالتالي ''مفهوم النفس'' ما هو إل نشاط الجهاز العصب ‪ ،‬الذي‬

‫يقوم بتفسي رد الفعل إلى معناه الوجود في بنك الذاكرة الخصص لذلك ‪ ،‬فتتيكون للنسان فكرة‬

‫عن السلوك مما يجعله في حالة من الوعى به ‪.‬‬

‫وإنطلق اا من هذه الفرضية أصبح الطب النفس الحديث يهتم بعلج الدماغ ‪ ،‬ونظام الجهاز العصب‬

‫والغدد الصماء لعادة التوازن للنشاط السلوكي ‪ ،‬حت يتميكن النسان من القيام بوظائفه على النحو‬

‫المثل ‪ ،‬بما يحقق توافق اا عن طريق التعامل مع الثيات داخلية كانت أو خارجية من حيث إستقبالها‬

‫وإدراكها ‪ ،‬وفهمها وتقويمها لتحقيق الستجابة الناسبة ‪ ،‬الت يتحدقق من خللها عمليات الضبط‬

‫والسيطرة والتكيف ‪.‬‬

‫وفي الونة الخية عرف علم الجنة وهو علم يهتدم بدراسة تنامي الجني ‪ ،‬وتشدكل أعضائه‬

‫والليات الت تتضمن عملية تناميه تطوراا مذهلا ‪ ،‬حيث أصبح مجال بحث مهم لدراسة التحكم‬

‫الجين في عملية التطور بفضل تطور الجهزة ‪ ،‬كالـمجهر اللكتوني وآلت التصوير ذات البعاد‬
‫الثلثية ‪ ،‬وجهاز اللتاساوند الرباعي البعاد ‪ ،‬وهكذا تيم فتح نافذة على رحم ا ي‬
‫لم لكشف أرسار‬

‫ذلك الكائن البشي وفك غموضها ‪ .‬وهذا التطور ميكن علماء الحياء البيولوجي النمائي اليوم من‬

‫فهم آلية تشدكل بنية الدماغ ‪ ،‬وقد تبيي لهم بأن الواليد الجدد يعتمدون في مرحلة مبكرة جداا على‬

‫الستعدادت الفطرية ‪ ،‬البمجة في قشة الدماغ لتوجيه خياراتهم ‪ ،‬وهذا ما أشار إليه الحق‬

‫سبحانه في قوله ‪ '':‬فطرة الله الت فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكث‬

‫الناس ل يعلمون‪ - ''.‬الروم ‪- 30‬‬

‫والفطرة لغة ‪ :‬الخلقة واليجاد ‪ ،‬وإصطلحاا ‪ :‬الستعدادت والقدرات والقابليات البدنية ‪،‬‬

‫والوجدانية والعقلية اللزمة ‪ ،‬لخلقة النسان منذ بداية تكدونه ووجوده بشكل طبيعدي ‪.‬‬

‫إن الجني منذ وجوده في بطن أمه يبدأ بالتصف من حيث الفطرة ‪ ،‬الت هي بمثابة ''البمجة‬

‫الولى'' ‪ ،‬وهي الت ييمكن أن متتيتب عليها ويتبن كل معرفة بعديية ‪ ،‬ولقد اندهش العلماء عندما‬

‫لحظوا في بداية السبوع الثالث والعشين أن الجني في رحم أمه يحس باللم ‪ ،‬ويتجاوب مع‬

‫الدبدبات الصوتية إنفعالياا ‪ ،‬حيث تظهر عليه علمة الفرح أو الحزن ‪ ،‬إضافة إلى أنه يبكي تارة‬

‫ويبتسم أخرى ‪ ،‬قال تعالى ‪'' :‬قال ربنا الذي أعطى كل شء خلقه ثم هدى''‪ -‬طه ‪- 50‬‬

‫والهداية الربانية كامنة في الفطرة ‪ ،‬الت هي أداة العرفة الولى الحاكية عن أرسار السلوك‬

‫النساني ‪ ،‬الذي هو منقادد طبقاا للتوجهات الفطرية ‪ ،‬مثلا ‪ :‬طلب العلم والعرفة يعدب عنهما بفطرة‬

‫حب الستطلع ‪ ،‬وطلب القدرة يعدب عنه بفطرة حدب السلطة …‪ ، .‬وإذا أمعدنا النظر في جميع‬

‫السلوكيات سنجد بأن النسان ليسعى دوماا وبالشكل الصحيح لتلبيتها ‪ ،‬بل قد تيقجمرف الفطرة وراء‬

‫القيم النح دطة السائدة في الجتمع ‪ ،‬بحسب ما يختاره ذاك الشخص بإرادته ‪ ،‬وإن كان القضاء على‬

‫اليول الفطرية بالكامل أمراا مستحيلا ‪.‬‬

‫وهذه القدرات الفطرية لها قابلية التطور والتشكل في قالب الجتمع وهي كالتي ‪:‬‬

‫* الستعداد ‪ :‬فطرة تدل على أن النسان منذ ولدته له إستعداد لدراك ‪ ،‬وفهم بعض المور دون‬

‫ل ‪ :‬علمه بنفسه وما يعرض عليه من جوع وعطش …‪ ، .‬كما أن له إستعداد‬


‫أي تع دلم أوتعليم مث ا‬
‫لكتساب سلوك أو مهارة معينة بنااء علي تكوينه الطبيعي الوروث ‪ ،‬إذا ما تهيأت له الظروف‬

‫الناسبة ‪ ،‬وقد يظل الستعداد كامنا ل يظهر أثره إذا لم تهيء له الظروف ‪.‬‬

‫ويرى ثورندايك وهو عالم نفس أمريكي بأن الستعداد للسلوك يعن إمكانية القيام به كنتيجة‬

‫للتهيؤ العصب ‪ ،‬فالجوع مثل قد يعن إستعداد الفرد للقيام بالبحث عن الطعام لا له من أثر‬
‫إشباعي ‪ ،‬في حي أن ما ل يقوم به مؤش على عدم الستعداد ‪.‬‬

‫* القدرة‪ :‬ما يستطيع الفرد أن يقوم به فعل ‪ ،‬ففعله هو أثر لوجود فطرة القدرة فيه ‪ ،‬وهذه القدرة‬

‫مطلقة في حدودها ‪ ،‬ومقيدة بما يحمله النسان من أفكار وقيم ‪ ،‬لن القدرة على الفعل ل تدفع إلى‬

‫الفعل ‪ ،‬وإنما وجود القابلية لديه على القيام أو المتناع حسب ما يحمل من قناعات ‪.‬‬

‫* قابلية الفاضلة ‪ :‬فطرة يكون بها النسان يمستعداا للمفاضلة بي شيئي أو أمرين‪ -‬حرية الختيار‪-‬‬

‫قصد القبول أو الرفض ‪ ،‬لذا يمكن تفسي قابلية الفاضلة بأنها هي الهداية البتدائية عند كل كائن ‪.‬‬

‫فالحق سبحانه أعطى كل موجود خلقه الختص به ‪ ،‬ثم هداه إلى ما خلقه له من أعمال بإرادته‬

‫لجلب ما ينفعه ودفع ما يضه ‪ ،‬وعليه فإدن هداية الرضيع لحلمة الم قصد الرضاعة ‪ ،‬هو ثبوت أدن‬

‫هذا الحس له جذور في الفطرة وليس ناتجاا عن العادة ‪ .‬وقابلية الفاضلة تنمو وتتطور بفضل العلم‬

‫والعرفة والخبات ‪ ،‬الت ييدحركها النسان عن طريق التعقـل فتصبح هداية دللة وبيان وإرشاد ‪ ،‬لذا‬

‫ح قل الحق سبحانه بي أحد من خلقه وبي هذه الهداية ‪ ،‬بل منحهم الستعدادات والقدرات الت‬
‫لم مي ي‬
‫تساعدهم على إدراكها وإكتسابها ‪ ،‬وهذا أمر مقدور عليه لن توفر له الستعداد والقدرة ‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫''ويزيد الله الذين اهتدوا هدى''‪ -‬مريم ‪ ، - 76‬لذا فقابلية الفاضلة لها وظيفتان ‪:‬‬

‫* الوظيفة الولى ‪ :‬إدراك بعض المور وفهمها من دون أي تع دلم أوتعليم ‪ ،‬وهي مشتكة بي جميع‬

‫أفراد النوع النساني ‪ ،‬ولولها لا استطاع النسان البقاء والستمرارية في الحياة ‪ ،‬فهو يمارسها‬

‫بعفوية وتلقائية ‪.‬‬

‫* الوظيفة الثانية ‪ :‬التصديق والعتقاد بما يتصوره ويفهم معانيه ‪ ،‬من قبيل إدراكه بأن النار تحرق‬

‫وتسبب له اللم إذا لسها ‪ ،‬وبالتالي فهو يبن تصفاته على أساس مثل هذا العتقاد حت لو لم‬

‫يتوجه إليه أو يصح به ‪ ،‬وهذا الدرك هو أصل التفكي النساني ‪ ،‬ولوله لا استطاع النسان‬

‫الوصول إلى الستدلل العقلي على أي شء فضلا عن العتقاد به‪.‬‬

‫وقابلية الفاضلة يتو دلد عنها الفعل الرادي بعد التجيح الفكري ‪ ،‬أي التعدقـل الذاتي للموضوع قصد‬

‫تحديد نوعية الستجابة ‪ ،‬الت هي ليست فعلا تلقائييا أو إنفعالييا أو نتيجاة لدافع غامض ل ندركه‬

‫بل هي نتيجة محاكمة عقلية وفكرية ‪ ،‬وبالتالي فكدل تصف مشيوه ش هو نتيجة لتفكي غامض‬

‫ومضطرب ‪ .‬وبقدر ما تكون أفكارنا سليمة بقدر ما يكون السلوك رصيناا ومتناا ‪ ،‬وعلى هذا الساس‬

‫يمكن القول بأن سلوك الؤمن هو نتيجة تطور تعدقلي متوافق مع تطور روحي ل ينتهي ‪ ،‬أداته‬

‫البصية القائمة على تأمل وتددبر الشياء ‪ ،‬وإدراك خفاياها وعواقبها وإستشفاف نتائجها ‪ ،‬قال‬
‫تعالى ‪'':‬قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصية أنا ومن اتبعن وسبحان الله وما أنا من‬

‫الشكي''‪ -‬يوسف ‪- 108‬‬

‫إن الؤمن الصدوق يجب أن يتصف وفق الفطرة ‪ ،‬وأن يستخدم الشياء بحسب فطرتها والغاية الت‬

‫خلقت ‪ ،‬لن الش ل ينشأ من خلق الشء بذاته ‪ ،‬بل ينتج عن إستخدامه في أغراض غي‬
‫من أجلها ي‬
‫صف النسان بخلف فطرته سيظهر الش والفساد ‪ ،‬قال تعالى‪'' :‬ظهر الفساد‬
‫ما خلق له ‪ ،‬ومت ت ي‬
‫في الب والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ‪ - ''.‬الروم ‪- 42‬‬

‫والفطرة والغريزة كلهما يرجعان من جهة الصل إلى معن واحد ‪ ،‬ولكن نجد في العم الغلب‬

‫تطلق الفطرة على اليول ‪ ،‬والرغبات التعالية والسامية للنسان ‪ ،‬وبالتالي فهي مرتبطة بالقدرات‬

‫العقلية ‪ ،‬أما الغريزة فهي تدور في فلك المور الادية ‪ ،‬وتطلق على اليول والرغبات الت لها خلفية‬

‫فييائية أو كيميائية ‪ ،‬حيث يكون لها عضو خاص في البدن يكون مظهراا لتحريك ‪ ،‬وتحفي تلك‬

‫اليول والحساسات الداخلية ‪.‬‬

‫السلوك هو الفنسان‬

‫السلوك ‪ :‬جميع أوجه النشاط العقلى والحركى والنفعالى والجتماعى ‪ ،‬الــت يقــوم بهــا الفــرد لكــى‬

‫يتوافق ويتكيف مع بيئته ‪ ،‬ويشبع حاجاته ويحل مشكلته ‪ ،‬وقد يحدث بصورة لإراديـة أو بصـورة‬

‫إرادية ‪ ،‬وعندها يكون بشكل مقص ود وواع ي ‪ ،‬وه و لي س شـيئاا ثابت اا ولكن ه يتغــي ويتـأثر بعوام ل‬

‫البيئة ‪ ،‬والحيط الذي يعيش فيه الفرد وهو نوعان ‪:‬‬

‫* السلوك الظاهري ‪ :‬الفعال وردود الفعال والستجابات الظاهرية ‪ ،‬أي تفاعل النسان مع البيئة‬

‫الحيطة به ‪ ،‬وهذا النوع من السلوك يمكن رؤيته من خلل التصفات ‪.‬‬

‫* السللوك اللداخلي ‪ :‬ل يمك ن رؤيت ه مـن الخ ارج مثـل التفكـ ي والتـذكي ‪ ،‬والدراك والنفع ال …‬

‫والدوافع السلوكية قسمان هما ‪:‬‬

‫* الللدواافع الفطريللة ‪ :‬تولــد مــع النســان كالســتعداد والقــدرة والقابليــة ‪ ،‬ففطــرة حــب البقــاء تــدفع‬

‫النسان إلى حب الحياة ‪ ،‬وفطرة المومة تدفع إلى العاطفة والحنان إلى غي ذلك من الفطرات ‪.‬‬

‫* الللدواافع التكتسللبة ‪ :‬مــا يتشــبع بــه الفــرد مــن قييــم وأفكــار وعــادات وتقاليــد ‪ ،‬إنطلقــاا مــن البيئــة‬

‫الحيطة ‪ ،‬والتبية والتعليم والمارسات والتجارب …‪.‬‬


‫البعاد الرئيسية للسلوك ‪:‬‬

‫‪ -1‬البعد العدقلي‪ :‬إن السلوك النساني صادر عن قوة عاقلة ناشطة ‪ ،‬وفاعلة في معظم الحيان ‪.‬‬

‫‪ -2‬البعد الوجدافني‪ :‬إن السلوك النساني صادر كـذلك عمـا يح س ويشـعر بـه النسـان إتجـاه ذاتـه‬

‫والخرين ‪.‬‬

‫‪ -3‬البعللد الجتمللاعي ‪ :‬إن الســلوك يتــأثر بـالقيم الجتماعيـة ‪ ،‬والعــادات والتقاليــد العمــول بهــا فــي‬

‫الجتمع ‪ ،‬وهو الذي يحكم على السلوك على أنه مناسب أو غي مناسب‪.‬‬

‫وأهم ما يمي النســان هــو قــدرته وإســتعداده وقــابليته لتطــوير ســلوكه عــن طريــق التعلــم وإكتســاب‬

‫الخبة ‪ ،‬مما يمكنه من إتخاذ القرارات العقليه بالقيام بأفعال معينه ‪ ،‬أو التودقف والمتناع عن القيام‬

‫بأفعال أخرى ‪ ،‬وبالتالي فإن سلوكياته وتصفاته تنبء عن طابعه الشخصـي ‪.‬‬

‫وخصائص السلوك هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬خاصية التنبؤ ‪ :‬إن السلوك النساني ليس ظاهرة عفوية ول يحدث نتيجة للصدفة ‪ ،‬لذا يعتقــد‬

‫معدلي السلوك بأن كلما ازدادت معرفتهم بالعوامل البيئية ‪ ،‬وكانت تلك العرفة بش كل موض وعي إل‬

‫وأصبحت قدرتهم على التنبؤ بالسلوك أكب ‪.‬‬

‫‪ -2‬خاصية الضبط ‪ :‬إن الضبط في ميدان تعديل السلوك عادة ما يشــمل تنظيــم ‪ ،‬أو إعــادة تنظيــم‬

‫الحداث البيئية الت تسبق السلوك أو تحدث بعده ‪.‬‬

‫‪ -3‬خاصية الدقياس ‪ :‬إن علماء النفس طوروا أساليب مباشـرة لقيـاس الســلوك ‪ ،‬كاللحظــة وقــوائم‬

‫التقدير والشطب ‪ ،‬وأساليب غي مباشة كإختبارات الذكاء وإختبارات الشخصــية ‪ ،‬وإذا تعــذر قيــاس‬

‫السلوك بشكل مباش فمن المكن قياسه بالستدلل عليه من مظاهره الختلفة‬

‫ولقد أكدت دراسة ينـشت في ''مجلة علم العصاب الدراكي'' بأنه يمكن توقع القرار ‪ ،‬الذي سيتخذه‬

‫النسان بنا اء على نمط النش اط الكهرب ائي فـي ال دماغ ‪ ،‬وتس تند الدراس ة إل ى التجرب ة ال ت أجراهـا‬

‫العاحلم الميكي ''بنجامي ليبيت'' ‪ ،‬حي ث نشـ ر بحث اا مـؤ دداه أن الق رار ال ذي يتخـذه النس ان يج ري‬

‫إتخاذه في الدماغ قبل أن يكون النسان علــى وعــي بــه ‪ ،‬بمعـــن أن قبــل حالــة الــوعي بــالقرار يمكــن‬

‫رصد تغـي سابق في الدماغ ‪ ،‬مثلا القرار بتحريك اليد يجري إتخاذه أول ا في الــدماغ ‪ ،‬فيبــدأ الــدماغ‬

‫فـي إرســال أوامـر عصــبية لليـد لتتحـرك قبـل أن يقـرر الفـرد أن يحركهـا ‪ ،‬وليـس مـا كنـا نعتقـد بـأن‬

‫تحريك اليد صادر عن النسان الواعي ‪.‬‬

‫إن تحريك اليد هو إرادة قبول الستمرار في تنفيذ القرار ‪ ،‬وهذا ل يعـن بأن مــادامت القــرارات تتخــذ‬
‫في الدماغ قبل أن يعي الفرد بها ‪ ،‬فهي علميات بيولوجيــة وعصــبية فــي الــدماغ فقــط ‪ ،‬وأن البســان‬

‫أصبح عبارة عن ''ربوت'' ‪ .‬فالعالم''ليبيت'' جعل حرية الرادة في حدود ردود الفعال ل في إنشائها‬

‫وإبداعها ‪ ،‬وبالتالي فهو يدعو إلى تصحيح مفاهيمنا وأفكارنا ‪ ،‬لعــادة ترتيــب تصــوراتنا عــن الرادة‬

‫الحرة ‪ ،‬فالصورة النمطية تقول إن النسان يعي أول ما يريد فعلــه ‪ ،‬ثـم يتخــذ القـرار بنـاء علــى هــذا‬

‫الوعي ‪ ،‬بينما العالم ''ليبيت'' يعكس الصورة لتكون أن القرار ينشأ أول ‪ ،‬ثم بعد ذلك يعيــه النســان‬

‫ولحقا يتخذ قرار قبول الستمرار في تنفيذ القرار أو نقضه‪.‬‬

‫وكما ن يحشت دراسة بدورية "مجلة علم العصاب" أكد فيها الــدكتور ''مارســيل بــراس'' البــاحث بمعهــد‬

‫ماكس بلنك للدراك البـشي وعلوم الدماغ بجامعة غنت بألانيا ‪ ،‬بأن منطقة الدماغ الســؤولة عــن‬

‫قبول الستمرار في تنفيذ القرار أو نقضه منفصلة عن نظيتها السؤولة عن تقرير الفعل نفسه ‪ ،‬وهو‬

‫ما يفـس إندفاع البعض نحو القيام بفعل ما مقابل تـر ددد البعــض الخـر ‪ ،‬وبالتـالي فـإن القــدرة علــى‬

‫إيقاف فعل ما تم العداد له ‪ ،‬ث م أعيـد النظـر فيـه تقـ ددم تميــياا هام اا بــي السـلوك الـذكي والسـلوك‬

‫الندفاعي ‪ ،‬وتميياا بي النسان والحيوان‪.‬‬

‫إن سلوك النسان بفرعيـه الرئيسـديي ال دتعلــم والتحكــم هــو نتيجــة مباشـــرة للتعدقــل ‪ ،‬ومـا يزيــد هــذه‬

‫الفرضية تأكيـدا هـو أن النســان أثنـاء النـوم يكــون فــي حالـة مـن الغيبوبـة ‪ ،‬حيـث تتوقــف الحــواس‬

‫الباشة عن الدراك ‪ ،‬ويهدأ الجزء العلوي من الدماغ ‪ ،‬الذي يسيطر على التفكـي والفعال والشــاعر‬

‫الرادية ‪ ،‬ويبقى جذع الدماغ مستسل في العمل ‪ ،‬وهو الذي يســطي علــى مركــز التنفــس ‪ ،‬والتحكــم‬

‫في ضـربات القلب وباقي الحركات اللرادية‬

‫وبما أن النوم هو حبس للفعال والشاعر الرادية ‪ ،‬فالنسان منقطع عن العمل الرادي الذي ييجــزى‬

‫عليه – الثواب والعقاب ‪ ،-‬وبالتالي فالله قد مأقومقف جريان القلم عليه كما ييوحقفه عن اليت ‪ ،‬لن النائم‬

‫ص ار ل يمل ك إرادة لرتك اب س وء أو فع ل خــي ‪ ،‬وبالت الي ف القلم ل يج ري بعم ل النسـان وي دحدون‬

‫خـيه وشـره إل إذا كان حدياا عاقلا ‪ ،‬وواعياا ومالكاا لرادته الحرة الت تمكنه من الفاضلة ‪.‬‬

‫قال تعالى‪ '' :‬الله يتوفى النفس حي موتها والت لم تمت في منامها فيمسك الت قض عليها الــوت‬

‫ويرسل الخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون ‪ - ''.‬الزمر ‪- 42‬‬

‫إذ اا نشاط الجهاز العصب بما في ذلك من تأمل وتدبر ‪ ،‬وتفكر وإستنتاج ومفاضلة وإرادة حــرة ‪ ،‬كــدل‬

‫هـذه العوامـل هـي الحــ حدددة لنوعي ة ســلوك النسـان ‪ ،‬الـذي سـيجزى علي ه إمـا ثوابـاا أوعقابـاا ‪ ،‬وهـذا‬

‫النشاط يستطيع النســان إمــا أن يزكيــه أو يدســه ‪ ،‬لن الحــق ســبحانه وهبــه قابليــة الفاضــلة بـــي‬
‫الفجور والتقوى ‪ ،‬وهذا هو الراد ‪ -‬الله أعلم ‪ -‬من قول الحق ســبحانه ‪'':‬ونفــس ومــا ســواها ‪ .‬فألهمهــا‬

‫فجورها وتقواها ‪ .‬قد أفلح من زكاها ‪ .‬وقد خاب من دساها‪ - ''.‬الشمس‪- 10 - 7 -‬‬

‫السلوك اليمافني‬

‫إن الفكر ل يقبل الفراغ فإذا لم تمله بالفكار اليجابية فسوف تملؤه بالفكار السلبية ‪ ،‬لن السلوك‬

‫ليس من المور الطبيعية الحتميية الت ل يملك النسان أن يصحدوبه ويقحدومه ‪ ،‬بل طبيعته متحدركة‬

‫ومنفتحة على الخـي أو الـش ومؤدية إما إلى الفجور أو التقوى ‪ ،‬وتصويبه يعن إخضاعه لتعقـل‬

‫النهج الرباني الذي ييم د حثل قوة حركية فعلية أثناء اليحاء بالفاضلة والستتاج لختيار السلوك‬

‫وعندما يستقيم الفكر فإن النسان يتحرك على خ د حط الصاط الستقيم ‪ ،‬وهذا السعى يحتاج للرادة‬

‫والعزيمة لتقويم قابلية الفاضلة ‪ ،‬وتوجيهها نحو الصواب بفعل الوعي والدراك اليماني ‪ ،‬البن‬

‫حدث النسان على البحث والستدلل‬


‫عن التفكي والتأمل والتدبر لطلب الحقائق والعارف ‪ ،‬الت ت ي‬
‫ليصل إلى كماله الطلوب عن طريق الستكمال التدريجي ‪ ،‬وهنا يأتي دور الوحي اللهي الذي جاء‬

‫ليسعف النسان ويد دله على الصاط الستقيم ‪.‬‬

‫إن الحق سبحانه بيي لعباده الفق العملي في بيان آثار اليمان على السلوك ‪ ،‬وربط قضايا اليمان‬

‫بالتوجهات العملية للمؤمني ‪ ،‬ليصفوا جهدهم و طاقتهم لحسان العمل ‪ ،‬وتعميم النفع والستعداد‬

‫للمحاسبة ‪ ،‬ولقد اشتمل القرآن والسنة على عدد هائل من هذه النماذج السلوكية في كيفية التصف‬

‫في مختلف مواقف الحياة ‪ ،‬مما يفرض علينا ضورة دراسة وتحليل هذه النماذج والهارات‬

‫السلوكية والتدريب عليها ‪ ،‬بل وضورة تأسيس علوم جديدة في فقه السلوك تهتم بدراسة تلك‬

‫الساليب السلوكية ‪ ،‬وتطويرها لتتناسب مع العص وظروفه ‪ ،‬قال تعالى‪'' :‬إن الله ل يغي ما بقوم‬

‫حت يغيوا ما بأنفسهم''‪ -‬الرعد ‪- 11‬‬

‫رسية مستغلقة ‪ ،‬بل يرجع بالدرجة الساس إلى‬


‫إن إنحراف سلوك النسان ليس نتاج قوى خفية د‬
‫تحريف الحقائق ‪ ،‬بنا اء على مقدمات مغلوطة وإفتاضات خاطئة ‪ ،‬مما يؤدي إلى تفكـي واهم مينيتج‬

‫عنه سلوكاا منحرفاا ‪ ،‬لنه مبن على إتجاهات غي تعدقلية ‪ ،‬وبالتالي ل يمكن تصحيح السلوك إل‬

‫عن طريق تغيي العارف والفكار الغلوطة ‪ ،‬لن فطرة قابلية الفاضلة ل تنمو وتتطور إل عن‬
‫طريق التبية والتعليم ‪ ،‬الستمدين أسسهما من النظومة الفكرية للمنهج الرباني ‪.‬‬

‫و تعديل السلوك واجب إيماني يعتمد على الجراءات الستندة على إجراء تحليل عملي ‪ ،‬يرتكز على‬

‫إستخدام الطرق التجريبة وليس الفتاضية ‪ ،‬البنية على دراسه شاملة للظروف الؤدية لحصول‬

‫السلوك القابل للملحظة ‪ ،‬مع مراعاة الفروق الفردية في عملية تعديل السلوك ‪ ،‬فليس كل الفراد‬

‫متساوين في القدرات ‪ ،‬ومن أهم نظريات تعديل السلوك ‪:‬‬

‫‪ - 1‬النظرية الذاتية‪ :‬يحتاج الفرد إلى تبصي بقدراته وإمكانياته ‪ ،‬ومعرفة مدى قابليته للتغيي‬

‫مع التوجيه إلى حسن توظيف هذه القدرات ‪ ،‬لتغيي الرؤيا الذاتية من رؤيا سلبية وإنهزامية إلى‬

‫رؤيا إيجابية بناءة ‪.‬‬

‫‪ - 2‬النظرية العدقلفنية ‪ :‬ترى أن هناك علقة بي الفكار الت يملكها الفرد وسلوكه ‪ ،‬فإن كانت‬

‫الفكار غي منطقية فإن السلوك يصبح غي سوي ‪ ،‬وبالتالي يجب إعادة البناء العرفي ‪ ،‬لن تغيي‬

‫السلوك يتم بتغيي العمليات العرفية غي الوظيفية وغي التصلة بالواقع ‪.‬‬

‫‪ - 3‬النظرية السلوكية ‪ :‬ترى أن السلوك النساني عبارة عن مجموعة من العادات ‪ ،‬الت يتعلمها‬

‫الفرد ويتكسبها أثناء مراحل نموه ‪ ،‬وأن السلوك النساني مكتسب عن طريق التعلم ‪ ،‬وسلوك الفرد‬

‫قابل للتعديل والتغيي ‪ ،‬وذلك بإيجاد ظروف تعليمية معينة ‪.‬‬

‫‪ - 4‬فنظرية الرشاد بالواقع ‪ :‬تعتب السلوك الراهن جزء من الواقع ‪ ،‬وترى أن الصحة النفسية ل‬

‫تؤدي إلي السلوك السؤول ‪ ،‬وإنما السلوك السؤول هو الذي تنتج عنه الصحة النفسية ‪.‬‬

‫‪ - 5‬فنظرية التحليل النفس ‪ :‬ترتكز على تحليل العمليات العقلية اللشعورية ‪ ،‬وبيان العلقة بي‬

‫الشعور واللشعور ‪ ،‬الذي يكون مخيزن على شكل أفكار ومخاوف ‪ ،‬ورغبات مكوبوتة ليعيها النسان‬

‫ولكنها يتع دد الح د حفزات القوى لسلوكه ‪.‬‬

‫وكل هذه الجراءات يجب أن تنبن على مباديء الشيعة السلمية وأحكامها ‪ ،‬من أداء الواجبات‬

‫والعمل بالطاعات وتجنب النكرات والشبهات ‪ ،‬حت تظهر آثارها في إستقامة السلوك ‪.‬‬

‫عن أبي هريرة رض الله عنه قا‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ '':‬اليمان بضع وسبعون‬

‫شعبة فأفضلها قول‪ :‬ل إله إل الله ‪ ،‬وأدناها إماطة الذى عن الطريق ‪ ،‬والحياء شعبة من اليمان‪''.‬‬

‫‪ -‬رواه مسلم ‪-‬‬

‫شمعدب متع دددة ‪ ،‬وهي يتؤخذ من مجموع النصوص القرآنية والسنيية‬


‫في هذا الحديث بيان أن اليمان ي‬
‫ولقد م يثل الرسول صلى الله عليه وسلم للشعبة الفضلى بقوله ‪ '':‬أعلها قول ل إله إل الله'' وهي‬
‫كلمة التوحيد ‪ ،‬وميثل للدشمعب السلوكية الت يجب أن تتفرع عليها بقوله ‪ '':‬أدناها إماطة الذى عن‬

‫الطريق ‪ ،‬والحياء شعبة من اليمان ''‪ ،‬فددل الحديث على أن بعد كلمة التوحيد فإن مفهوم اليمان ل‬

‫يستقيم إل بإستقامة السلوكيات التفاوتة في مراتبها ‪ ،‬والطلوب هو التصاف ولو بالحد الدنى من‬

‫كل سلوك ‪ ،‬ليصبح السلوك اليماني رائداا أول ا في تصحيح العتقاد والصلة بالحق سبحانه ‪.‬‬

‫جاء في ظلل القرآن لسيد قطب ‪ '' :‬إن اليمان الصحيح مت استقر في القلب ظهرت آثاره في‬

‫السلوك ‪ ،‬والسلم عقيدة متحركة ل تطيق السلبية ‪ ،‬فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك‬

‫لتحقيق مدلولها في الخارج ‪ ،‬ولتتجم نفسها إلى حركة وإلى عمل في عالم الواقع‪''.‬‬

‫إن السلوك اليماني هو الذي يكون صادراا عن وعي ‪ ،‬وهذا يتطلب حضوراا ذهنياا قوياا لصدار أحكام‬

‫قيمة على السلوكيات ‪ ،‬الت يرفضها أو يتقبلها الؤمن بنااء على قناعاته الفكرية بالنهج الرباني ‪،‬لن‬

‫في حالة غياب القناعة الفكرية يحدث تنافر بي الفكر والسلوك ‪ ،‬فينتج خلط عجيب وتخبط مريب‬

‫في فهم السباب والدوافع ‪ ،‬مما يؤدي إلى تدهور السلوك تدهوراا يطال كل أوجه الواقع ‪ ،‬لن‬

‫القناعة الفكرية تع دد شـرطاا مسبقا لضبط وتصحيح السلوك ‪ ،‬لينطلق الؤمن من الباديء والعقائد‬

‫الت تبن الذات الواعية ‪ ،‬ليصبح سلوكه واقعاا يلمسه الجتمع ويتأثر به ‪ ،‬ويشعر به كواقع عملي‬

‫يستهدف بناء الحياة النسانية إنطلق اا من رؤى فكرية ‪ ،‬تخضع للتطور من أجل بلورة آفاق الوعي‬

‫وإستلهام قدراته البداعية والبتكارية ‪ ،‬وتوظيفه توظيفاا مقتدراا على إصلح أحوال الجتمع ‪ ،‬وهذا‬

‫هو الدخل الساسـي لتسي خ السلوك اليماني ‪ ،‬الذي ليس يمجيرد فضيلة منفردة بذاتها ‪ ،‬بل هو‬

‫أسمى من ذلك لنه يع دد إرشاداا تعدقلياا لتصحيح السلوكيات النحرفة ‪ ،‬وما يصاحبها من خلل‬

‫إنفعالي ‪.‬‬

‫والسلوك اليماني إذا سكن أعماق الذات الواعية ‪ ،‬تحرك بقدرة إستجابة لمثيل لها عند الشعور‬

‫بالتناقض بي الفكر والسلوك ‪ ،‬فيح د حفز الؤمن على تعديل سلوكه الذميم من خلل مراقبة الرء ذاته‬

‫بناهة وتجرد ‪ ،‬ليتمكن من مشاهدة ذاته الحقيقية ‪ ،‬ويتعامل معها بالحكمة والتعدقل لفتح باب‬

‫التقدبل والنفتاح والرونة ‪ ،‬لينشء علقة صحدية وسليمة بي السلوك والواقع ‪ ،‬لكتساب قيمة‬

‫سلوكية يتح حددد علقته بالخر وعلقته بالحق سبحانه ‪ ،‬لن سلوكه هو الوحيد الذي يعطيه كوندية‬

‫ممكنة لسئلة الواجب والضمي ‪ ،‬وهي ك دلها نابعة من مبدأ رئيـس هو إستبدال لـمنطق حدب البقاء‬

‫بهاجس حسن البقاء ‪.‬‬

‫إن النسان بما اكتسب رهـي إن شاء ارتقى وإن شاء نكص على عاقبيه ‪ ،‬ول يمكن تعديل السلوك‬
‫حدق في الحرية الباحثة عن‬
‫وتصحيحه إل عن طريق الفاضلة والستنتاج ‪ ،‬فإذا كان للنسان م‬
‫الحكمة ‪ ،‬فهناك أيضاا واجدب إيماني يلزمه إذا وجدوها عليه أن يعتنقها ‪ ،‬ويؤمن بها لنها وحدها‬

‫تقدر أن تسوقه إلى الكمال ‪ ،‬فالحكمة ضالة الؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها ‪.‬‬

‫والعقيدة السلمية عقيدة سلوكية في القام الول وليست مفهوماا ذهنياا مجرداا ‪ ،‬والسلوك في‬

‫السلم ل قيمة له إذا لم يكن منبثقاا من هذه العقيدة مطابقاا لقتضياتها ‪ ،‬لذا وجب على الؤمن أن‬

‫تكون سلوكياته صادرة عن هدى من الله ‪ ،‬وإستجابة لمره وحب التقرب إليه ‪ ،‬ومسؤولية الؤمن‬

‫عن سلوكه تنحص في نطاق ما يدخل في وسع تعقـله ‪ ،‬ونسبة السؤولية تتناسب طرداا وعكساا مع‬

‫مقدار الستطاعة ‪ ،‬فما كان من الطباع الفطرية قابلا للتعديل ولو في حدود نسب جزئية كان‬

‫خاضعاا للمسؤولية ‪ ،‬إنطلقاا من نسبة التعدقـل وقوة الرادة والعزيمة ‪ ،‬فمت صمم الؤمن بإرادته أن‬

‫يكتسب سلوكاا إيمانياا ‪ ،‬فإنه يستطيعه بفضل توجيه تعدقله طبقاا للمنهج الرباني ‪ ،‬لذلك فهو مسؤول‬

‫عن إكتساب القدر الواجب شـرعاا منه ‪ ،‬وبالتالي على الؤمن أن يمارس اليمان الذي يتمدي بالتعدقل‬

‫لنه ملكة لزمة لدراك الوازع الخلقى ‪ ،‬فهو الذى يوجه النسان إلى الحسن ويمنعه عن القبيح‬

‫وبه يف د حرق بي الحق والباطل وييق د حيم المور ‪ ،‬وهو يزيد باليمان و يخفت حت ينطفئ بسبب الكفر‬

‫والضلل ‪ ،‬وبالتالي فهو جوهر إنسانية الؤمن ‪ ،‬وهو الحجة البالغة عليه يوم القيامة ‪.‬‬

‫إن السلوك اليماني ليس شيائا خارج منطقة التعقل ودائرة التفكي ‪ ،‬ييؤخذ بالتسليم الطلق وإن لم‬

‫يسانده الدليل والبهان ‪ ،‬الذى يفتح أبواباا من الحكمة الربانية الت ل تنتهى ‪ ،‬عن ابن عباس رض‬

‫الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬لكل شء آلة وعدة وإن آلة الؤمن العقل‬

‫ولكل شء مطية ومطية الرء العقل ‪ ،‬ولكل شء دعامة ودعامة الدين العقل ‪ ،‬ولكل قوم غاية وغاية‬

‫العباد العقل ‪ ،‬ولكل قوم داع وداعي العابدين العقل ‪ ،‬ولكل تاجر بضاعة وبضاعة الجتهدين العقل‬

‫ولكل أهل بيت قييم وق ييم بيوت الصديقي العقل ‪ ،‬ولكل خراب عمارة وعمارة الخرة العقل ‪ ،‬ولكل‬

‫امرئ عقب ينسب إليه ويذكر به ‪ ،‬وعقب الصديقي الذي ينسبون إليه ويذكرون به العقل ‪ ،‬ولكل‬

‫سفر فسطاط وفسطاط الؤمني العقل" ‪ -‬أخرجه ابن الجب ‪-‬‬

‫لذا فالناس يستد دلون على التعدقل بما يصدر عن النسان من سلوك ‪ ،‬لن اليمان ل يمكن مشاهدته‬

‫ولكن ييستدل عليه بالعراض عن رذائل العمال ‪ ،‬والرغبة الكيدة فى إسداء صنائع العروف‬

‫مرضاة للحق سبحاته ‪ ،‬قال تعالى ‪ '':‬من عمل صالحاا من ذكر وأنث وهو مؤمن فلنحيينه حياة‬

‫طيبة''‪ -‬النحل ‪- 97‬‬


‫قال سيد قطب لبيان معن الية ‪ '':‬العقيدة هي الت تجعل للعمل الصالح باعثاا وغاياة ‪ ،‬فتجعل‬

‫الخي أصيلا ثابتاا يستند إلى أصل كبي ‪ ،‬ل عارضاا مزعزعاا يميل مع الشهوات والهواء حيث‬

‫تميل ‪ ،‬وإن العمل الصالح مع اليمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الرض‪''.‬‬

You might also like