Professional Documents
Culture Documents
السرار الربانية
فـــي
النفس البشرية
بإذن ربها ،لكم من حسن الرضا وأصدق الدعاء ،وإلى رفيقة العمر وشقيقة الروح أخلص الدعاء
بالرحمة والغفرة ،إلى هؤلء أهدي كل حرف خطته يدي إبتغاء مرضاة الله ،وكل فكرة اهتديت
إليها وزادتن قرب اا من الحق سبحانه ،جمعن الله وأيكم على ما يحبه ويرضاه ،وختم لي ولكم
عب الفق العرفي الشامل ،لن حص الفاهيم في إطار التفسي اللفظي يفقدها صلتها بالوحدة
الناظمة ،لن القرآن بوحدة أفكاره ونقاء مفاهيمه يمثل منظومة فكرية ،متابطة الجزاء ومتكاملة
الفاهيم ،ول يمكن فهمه إل ضمن صيغة الوحدة الفكرية ،بعد ربطها بالفاهيم التناسقة مع أهدافه
.وكلما كان مفهوم من الفاهيم العقائدية تلفه لغة التجريد ،فسييققححم ل محالة الفكر في بوثقة
التناقض ويغرقه في الغرابة ،وهذا ل محالة سيؤدي إلى خلل في معرفة الحقيقة ،والعمل ضد
مقتضياتها بسبب الخلط الحاصل في البنية العقلية ،مما يجعلها غي قادرة على تنحييت الغالطات
إن أزمة الفاهيم هي إشكالية ذات مظاهر متعددة ،وهذه الظاهر ليس محلها التعارض مع القرآن
والسنة ،أو مع العقل إذ هو راجع إليهما ،وإنما محلها تعارض البرات القتبسة من الرجعية
الساسية لهذا التيار أو ذاك ،لذا وجب إرتداد الكثة إلى الوحدة لتوحيد الجهاز الفاهيمي ،الذي
ومن الؤسف أن جيل الفاهيم العقائدية ترتكز بالساس على البعد اللغوي الطلق ،بإعتبار اللغة
جوهر اا ثابتا ،وهذا البعد الذي تحمله الفاهيم العتبارية أدى إلى إختال الصيورة والتطور
العرفي ،فأصبحت الفاهيم مجرد معاني متناقضة ومتضاربة تختنها الذاكرة ،حاصلتها النهائية
فكم من الفاهيم وجودها بديهي لدينا إل أن ماهيتها موغلة في الكثة التناقضة ،وهذا ما يجعل
إرتداد الكثة إلى الوحدة الحل المثل لتفادي الحية ،الت يخلقها الفهوم اللغوي الفتاض
البحوث عنه في القوامس والناجد الذهبية ،بدل تدبر الوحدة الركوزة في النظومة القرآنية ،قال
تعالى '':أفل يتدبرون القرآن ولو كان من عند غي الله لوجدوا فيه إختلفاا كثياا '' -النساء - 82
قال تعالى '':سنيهم آياتنا في الفاق وفي أنفسهم حت يتبي لهم أنه الحق أولم يكف بأن ربك
على كل شء شهيد '' -فصلت - 53
الية في مجملها تشكل وحدة إرشادية ''سنيهم'' ،أي سنم د حكنهم من إدراك عظمة الكون والنفس من
جهة الفكر والعلم بأحوالهما ،وهذه إشارة بينة وواضحة تدعو إلى إدراك الشياء على حقائقها
بواسطة العلم التجريب ،وهذا ما يبتغيه الحق سبحانه من عباده ،لذا أنزل القرآن الكريم وهو
كتاب هداية .والهداية ل تتحقق عن طريق الجهل الؤدي إلى الضلل ،وإنما تدرك عن طريق
التفكي الفض إلى الصواب ،وهذه الحقائق وكيفياتها ل تتجلى إل بعد حي ،قال تعالى'' :إن هو
إن آيات الفاق والنفس غيب ول سبيل لعرفة كيفياتها وتفاصيلها قبل إدراك حقائقها ،وبالتالي
ل مجال للمقارنة بي من أدرك حقائق الوحي الكونية بدقائقها وتفاصيلها ،وبي من وصفها من
خلل نص ييسممع ول ييرى مدلوله الحقيقي ،لقد كان السلف يصف حقائق آيات الفاق والنفس
وهي محجوبة عنه قياس اا على تواتر الخب ،وضمن حدود إفهام النصوص القيدة بقيود الحيط
العرفي الحدود بواقعه الزمكاني ،ولقد شاء الحق سبحانه أن يجعل لكل آية زمناا خاصاا تتتحقق
فيه ،فآيات الفاق قد كانت كائنة ولكنها أغشيت عن أبصارنا ،ولا ارتقت العلوم دخل النسان في
عص الكتشافات العلمية ،وامتلك أدق أجهزة البحث العلمي فبدأت الرسار في اليضاح والحقيقة
في التجلي ،ووقعت الفاجأة الكبى فتجلت في آيات النفس ،فأرانا الحق سبحانه إياها بواسطة
احلجمهر ''اليكروسكوب''الذي تم إكتشافه سنة ، 1590بحيث تميكن علماء الحياء من رؤية الكائنات
الحية والخليا وأجزائها الصغية ،الت ل يمكن رؤيتها بالعي الجردة ،ثم تطور هذا الجهاز وظهر
ما يسمى ''اليكروسكوب ثلثي البعاد'' ،بحيث يسمح بمشاهدة الزمن الحقيقى والساحة الحقيقية
للتغيات داخل الذرة ،وهي أبعاد أقل كثياا من أبعاد البكتييا والخلية .
وفي مجال آيات الفاق فقد أرانا الحق سبحانه إياها بواسطة القراب''التليسكوب'' ،الذي تم إكتشافه
سنة 1609فتحقق وعد الله وأرانا ما كان خفياا عنا ،بحيث رصد علماء الفضاء الكوني أكث من 300
مليار مجرة فى الكون ،كل منها تحتوى على 300مليار كوكب ونجم ،وتبي لهم بأن الفضاء الكوني
يمت دد إلى ما ل نهاية ،قال تعالى'':وقل الحمد لله سييكم آياته فتعرفونها'' -النمل - 93
إن آية '' الفاق والنفس'' تعد نقلة نوعية بعيدة الدى ،تبي أن الحق سبحانه ل يدعو إلى
العتقاد البن عل منطق الجبار بالقوة ،بل يدعو إلى القناع الفكري البـن على التأمل والتدبر
لن التفكر في خلق الله يع دد من العبادات الت دعا إليها سبحانه ،قال تعالى'':قل سيوا في الرض
فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينش النشأة الخرة إن الله على كل شء قدير - ''.العنكبوت - 20
والفرق بي الرؤية والنظر هو أن الرؤية تتعلق بالمور الحسية وآلتها العي الجردة ،أما النظر
فيتعلق بالمور العنوية الت تعتمد على التأمل والدراك وآلتها العقل ،والقصود من ''فانظروا'' هو
نظر التأمل والتدبر ودراسة الشياء و تحليلها ،وربطها بالحقائق الوضوعية لتتوافق و تتطابق مع
العلم والنطق ،إنطلقاا من إعمال الفكر إعمال واسعا وعميقا ومنظما ،لن علقة العلم باليمان في
الفهم السلمي علقة تكايميلدية ،أي أحدهما يكدمل الخر وهما ل يتناقضان .فالعلم يعدرفنا على
الطبيعة ويكشف لنا قوانينها ،ويعدرفنا على أنفسنا ويكشف لنا ما هو موجود ويوائم بـي النسان
وواقعه ،واليمان يكشف عما ينبغي أن نعمل ويوائم بي النسان وخالقه ،قال تعالى '':وقال
الذين أوتوا العلم واليمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم ل
تب د حي الية الكريمة أن العلم هو الدافع الكب للتفاعل الواعي والهادف مع الوحي اللهي ،واليمان
الصادق هو الذي يحدد سلوك عباد الرحمن ،بإعتبار أن العلقة اليمانية هي الرابطة الحقيقية
الت تربط النسان بالحق سبحانه وبالخرين ،لذا يجب أن ل ينفصل التحصيل العلمي عن الجانب
اليماني ،لن بدون اليمان تطغى على النسان الهواء والنعات الـشيرة ،فتجعله يتناس دوره
الرسالي وعلقاته اليمانية .إن بعض الفـسين يرون أن معرفة ''النفس''يجب أن تكون أسبق
ومعرفة الفاق ألحق ،لن إدراك ''النفس'' يمنح النسان خصوصياته النسانية التجلية في
قدراته العقلية والفكرية والروحية ،وهي الوسيلة الوحيدة للتعاطى مع الوجود والحياة ،ثم بعد
التم دكن من معرفة ''النفس'' آنذاك وجب النتقال إلى معرفة الفاق ،الت تتحقق من إستقبال النسان
لهذا الوجود برؤيته الذاتية ،لن النسان عندما يحاول البحث فى الوجود ،فهذا يعـن أن البحث هو
عبارة عن رؤيا النسان وإحساسه وإنطباعه وإنفعاله ،لنه الكائن الوحيد الذى يستقبل الوجود
بوعي لييسقط عليه رؤيته وأحكامه وتقييماته ،لن ل وجود لعن للشياء بعيداا عن وعي النسان
وإدراك آيات الفاق والنفس يقود كل إنسان عاقل منصف إلى الذعان بوجود ال دله ،والعتاف به
إنطلق اا من التوافق بي معطى الكون النظور ومعطى الكون السطور ،لن دللتهما قاطعة على
وحدة الصدر ،وبالتالي ل يعود النسان بعد ذلك ذاهلا عن تلك الصلة الدائمة بيـنه وبي الخالق
قال تعالى'':الله خالق كل شء وهو على كل شـيء وكيل .له مقاليد السماوات والرض والذين
كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسـرون .قل أفغي الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون'' -الزمر - 64 - 62
إلتباس مفهوم النفس
النسان منذ مولده يجد نفسه مندمجاا ومنسجماا مع الوعي الجتماعي ،الذي يزوده بمجموعة من
الفاهيم البنية على الفكر التسليمي النطباعي ،فيعتقد بأنه يملك مفاهيم شمولدية قادرة على أن
يقيناا ل يرقى إليه الشك ،بينما كان لزاماا عند نمو فكره ونضجه الشخـص من أن يخضع هذه
الفاهيم لنشاط فكره الناقد ،وينتهج الدروب الختبارية لتفعيل الطاقات العرفية الجذرية ،ليتمدكن
من العثور على علقة عميقة ومتماسكة بـي الفاهيم والفكر ،الذي يجب أن يحمل بعداا تعدقلي
لدراك إستنتاجات منسجمة مع النطق ،بدل ا من العتقاد العاطفي وسـرعة التسليم والتباع ،قال
تعالى '' :إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو
إن الكتفاء بإستهلك ''مفهوم النفس'' دون تمحيص وتدقيق إعتقاادا بأنه من الس يلمات ،أدى إلى
أزمة فكرية /سلوكية تجلت بالساس في ظهور إختللت في الستنتاج ،سواء من جهة بناء
البحث أو التفكـي أو السلوك ،وبالتالي ل يمكن أن نتصور أننا نستطيع التفكي بوجه صحيح في
واقع ''مفهوم النفس'' ،بدون النتقال من الفهوم اللغوي التع حددد إلى الكلي اليوحد ،وهذا ييح حدتم علينا
والسؤال وحده هو الذي يقربنا شيئاا فشيئاا من الحقيقة ومجابهتها ،ول يمكننا أن نتصور أن
نـزعة السؤال التجذرة عميقاا في طبيعة النسان عقيمة وباطلة ،ول يستطيع أحد أن يفحلت من
السؤال ،لن النسان عندما يندهش يتساءل عن ع حدلة الشياء ،وهذه مزية فطرية من مزايا العقل
بل هي السبيل الوحد لكتساب العلم والعرفة ،لن بمقدار ما يسأل النسان فهو يكتشف ذاته في
فرادتها ،ويكتنهها إكتناه اا أفضل ويتقدم في تحقيقها ،فيكتشف آفاق العرفة الدائمة التج ددد ،قال
إن الحق سبحانه دعا دعواة صـريحاة إلى إيجاد عقل شغوف بالحقيقة ،ي يتخذ من البحث نقطة
إرتكاز فكرية ،سندها الحجة والبهان فيما يجب معرفته وفهمه ،لتتحيول الفاهيم إلى أفكار مطابقة
للواقع والحقيقة ،لن بهما يتحقق التوافق بي الفهوم والفكر والسلوك ،ول يتم التوافق إل إذا كان
الفهوم قابلا للستيعاب بجهد ذهـن معقول ،ويق حددم أدلة وبراهـي يستطيع الفرد بواسطتها فهم
محتواه لكي تكون أفكاره نابعة من الذات ،وليست مفروضة تحت ضغوط أدياا كان مصدرها ،لن
القصيد الرئي يس من الفهوم هو ترجمته إلى فكر ثم إلى سلوك ،حت ل ينع الفرد إلى توافق زائف
يؤدي إلى زيف سلوكي ،مفيسود الغلدو والتعصب والتطرف بسبب التخلي عن الفهوم ،الذي يستدعي
العقل أن يستمر دائما في التفكـي والبحث للكشف عن الحقائق الذاتية والوضوعية ،لكي يكون
السلوك منسجم اا مع النهج الرباني ،قال تعالى'' :أفل يتدبرون القرآن ولو كان من عند غي الله
ومنذ القدم هناك جدل في الديانات والفلسفات الختلفة حول ''مفهوم النفس'' ،بدءاا من تعريفها
ومرور اا بمنشئها ووظيفتها إلى دورها أثناء الحياة وبعد الوت ،ولقد قام كثي من الفكرين السلمي
سواء في مجال علم الكلم ،أو الفلسفة أو التصوف بدراسات عن ''النفس'' ،قصد تبيان التصدور
ا حلسلمي من خلل ما منحه الحق سبحانه من قيمة كبى ''للنفس'' في القرآن الكريم ،حيث أمر
بحفظها حت تنشأ على سواء الفطرة ،وجعل حفظها من مقاصد الشيعة الساسية لتحقيق
النسجام بي السن الكونية والسن الجتماعية في حياة النسان ،كي يتآلف سلوكه الفطري مع
سلوكه الكتسب ويخضعا م اعا للمنهج الرباني ،لضبط "النفس النموذج"والستويات الفرعية الت
ومفهوم النفس في الثات السلمي بصفة عامة يدل على التي :
* جوهر بسيط غي مادي مدرك للجزئيات والك دليات ،له تع دلق بالبدن تع دلق التدبي وال دتصف
والوت إندما هو قطع هذا التع دلق ،وهي ثلثة أصناف طبقاا لطبائعها :
* النفس المارة بالسوء :مصدر الش والفتنة وتقتن بالهوى ووسوسة الشيطان ،وهي الت
* النفس اللوامة :تعمل كرقيب على النسان حت ل يقع فى العاص ،وتلوم صاحبها وتشعره
* النفس الطمئنة :أرقى درجات الرفعة الت يمكن أن تصل إليها النفس البشية ،بحيث تجد أمنها
وسكينتها في إتباع النهج الرباني ،وتسي بمقتض اليمان إلى التوحيد والحسان ،والب والتقوى
* النفس مرتبطة بالتنفس وباللذات والشهوات الدنيوية ،وتكون على ثلثة أحوال :مطمئنة أو
* إن قوى الفعال في النفس إما جذب وإما دفع ،فالقوة الجاذبة الجالبة للملئم هي الشهوة
وجنسها :من الحبة والرادة ونحو ذلك ،والقوة الدافعة الانعة للمنافي هي الغضب وجنسها :من
* الش كامن في النفس وهو يوجب سيئات العمال ،فإن خلى ال يلـه بي العبد وبي نفسه هلك بي
شها وما تقتضيه من سيئات العمال ،وإن وفقه وأعانه نجاه من ذلك كله ''.ابن القيم''
ك دل الراء تنطلق في تعريفها ''للنفس''من البناء الوصفي لليات بإعتباره شء بديهي ،ومرجع هذا
إلى قصورالوسائل والناهج والدوات ،مما جعل دللة ''النفس''لم ترتق إلى درجة الددقة والنضباط
التام ،بسبب غياب عنـص البهان الفكري الذي يضمن إستقرار دللة الفهوم وإنضباطه ،لذا بقي
لفظ ''النفس'' في منطقة اللتباس الدللي متع ددد التوصيف والدللة ،وهذا ما أفضـى إلى إقرار
خصيصة الغموض والتعميم رغم وحدة الجال العرفدي -القرآن والسنة -الذي تخارجت منه دللة
الفهوم ،لن كل تودجه فكري تـب ين الفهوم الذي ينسجم مع إهتماماته الذهبيه ،وهو ما أفضـي إلى
تع ددد الدللة الوضوعية للمفهوم من حيث هو لفظ ،وهذا ما ساهم في مزيد من إلتباس إشكالية
النحراف الفكري عن إدراك مصدر السلوك ،حيث أصبح محاطاا بجملة من العناصـر التداخلة
والظروف واللبسات العقدة ،الت أضفت عليه تأويلت متعددة شيعبت مقاصده ،فأصبح لغز
''النفس'' كأنه يحاول توضيح ما ل يمكن شحه ،ول فهمه بما يمكن شحه ووصفه .
ومن خلل هذه الفرضيات فإن ''مفهوم النفس'' الثاتي أصبح غي مهيء للستمرارية ،ومسايرة
تطور العرفة بصورة جوهرية ،لنه ما هو إل نتاج قراءات وإجتهادات تخمينية موغلة في ظرفها
التاريخي والزمكاني ،كانت لها صلحيتها خلل حقبة زمانية معينة ،لذا يمكن الجزم بتجاوز مدلول
هذا الفهوم نظر اا لختلف الشوط الوضوعية الت تحكمت في تداوله حينها ،ولقد آن الوان
لواجهة إنغلق الفهوم الثاتي بمنطق التوافق ولغة القناع ،بدل من منطق الغالبة ولغة الكراه
والدوران في حلقات مفرغة ،لن تصحيح الفهوم هو الدافع إلى العتناء بالسلوك ،فقبل إصلح
سلوك النسان لبد من إصلح الفكر الذي يخاطبه لتحقيق التوافق بي الفهوم والفكر ،قال أحمد
أمي '':فرق كبي بـي أن ترى الرأي وأن تعتقده ،إذا رأيت الرأي فقد أدخلته في دائرة معرفتك
مصدر السلوك
في أواخر القرن التاسع عش أصبح السلوك مهمة بناء علم النفس الحديث ،حيث أصبح كعلم
تجريب منفصل عن الفلسفة ،ولقد ظهرت عدة مدارس تهتم بدراسة السلوك أهمها :
* الدرسة البنائية :مؤسسها هو العالم "فونت" حيث أنشأ في جامعة ليبتج بألانيا عام 1879أول
مختب لتحليل الخبة الشعورية الستبطانية للعقل النساني إلى عناصها الختلفة :الوعي
* الدرسة الوظيفية :جاءت كرد فعل وإحتجاج على الدرسة البنائية ،وركزت على سؤال رئيس :
ويعد "وليم جيمس" الؤسس الحقيقي للمدرسة الوظيفية ،ولقد أكد على ضورة استخدام منهج
البحث العلمي ،وأسس أول مختب لعلم النفس في أمريكا عام ، 1875وألف كتاب "مبادئ علم
النفس" ،وب يي فيه بأن علم النفس علم طبيعي بيولوجي ،وبالتالي فعلم النفس هو دراسة الوظائف
العقلية ،وبأن الخبة العقلية عملية شخصية مستمرة وإنتقائية ،والعقل في نظره يتعامل مع
العطيات الواردة من البيئة ،لذا ل يمكن فصل الجسم عن العقل فهما وجهان لعملة واحدة ،وقال في
* الدرسة السلوكية :ظهرت سنة 1912في الوليات التحدة الميكية ،ومن أشهر مؤسسيها جون
واطسون ،الذي حاول تفسي السلوك من خلل علقته بعلم النفس ،والعتماد على القياس
التجريب حت يتمكن العلماء من ملحظته ،وعدم الهتمام بما هو تجريدي غي قابل للملحظة
والقياس .فهو يرى بأن موضوع علم النفس هو سلوك الكائن الحي ،وبأن تعريف علم النفس هو
الدراسة العلمية للمنبهات والسلوك الذي تثيه ،لذا ركز على العلقات بي البيئة وسلوك النسان
* الدرسة الغرضية :تؤكد على أهمية الغرض في تفسي السلوك ،سوااء كان هذا الغرض واضحا
في ذهن الكائن الحي أو غي واضح ،لكنه في نهاية المر ذا قيمة بيولوجية ونفسية هامة له .
ويعد مكدوجال النجليي رائد هذا التجاه ،ولقد ألف كتاب"علم النفس الجتماعي" النشور سنة
، 1908وحرص فيه علي إقامة علم النفس علي أساس إجتماعي ،كما أبرز أهمية الغرائز ووصفها
بأنها هي الحرك الساس والدافع الهام للسلوك ،وفي سنة 1920أكد علي فكرة العقل الجماعي
واعتبه بأنه يسيطر علي سلوك الجماعات الختلفة ويمي بينها .
* الدرسة العرفية :تقوم على أن لفكارنا ولطريقة رؤيتنا لنفسنا ولغينا ،وللعالم من حولنا
تأثي كبي على مشاعرنا وعواطفنا وسلوكنا ،وتدعو هذه الدرسة إلى تغيي عواطفنا ومشاعرنا
وسلوكنا عن طريق تغيي قناعاتنا وأفكارنا ،ولذلك تسمى طريقة علجها بالعالجة النفسية
العرفية .وكلمة معرفية تعن طرائق التفكي أو العرفة والعلومات أو الدراك ،وتؤكد العالجة
العرفية على فحص الفكار والعتقدات التصلة بعواطفنا ،وبسلوكنا وتجاربنا الجسدية والحداث
الجارية في حياتنا ،ومن البادئ الرئيسية في العالجة العرفية أن طريقة إدراكنا واستقبالنا لحدث
ما لها تأثي قوي على ردة فعلنا العاطفية ،والسلوكية والفييولوجية تجاه هذا الحدث .
والفكرة الرئيسية في هذه الدرسة هي كما يلي :إن خلف كل إعتدال في الصحة النفسية تقف فكرة
صحيحة ،وإعتقادات سليمة وطريقة تفكي عقلنية راشدة ،وخلف كل إضطراب إنفعالي تقف فكرة
* الدرسة الفسيولوجية :مع تطدور تقنية التصوير بالرني الغناطيس الوظيفي ،تميكن الخصائيي
من معرفة تركيب الدماغ عند النسان ،ووظيفة كل جزء وعلقته بالجزاء الخرى ،ولقد وجدوا
بأن القشة الخية هي من أكب أجزاء ال خ القدمي حيث تحتل مساحة كبية نسبيا ،وهي مقيسمة
إلى أربعة فصوص :الفص المامي -الفص الجداري -الفص الصدغي -الفص القفوي .
ويعتب الفص المامي أكب الفصوص ،ويمثل حوالي نصف مساحة القشة الخية ،ومن خلل
البحوث الدقيقة تبيي لهم بأنه يؤدي دوراا حيوايا بارزاا في التحكم الرادي ،وييعدرف غالباا على أنه
“الركز التنفيذي'' ،الذي يشارك في الوظائف العقلية العليا ،لنه هو الذي يتيح للنسان تحصيل
الخبات وتحليل العلومات الكتسبة ،والقدرة على تميي العواقب الستقبلية الناجمة عن السلوكيات
الحالية ،كما يم د حكن النسان من الختيار بي السلوكيات الجيدة والسيئة ،بمساعدة مركز التعدقل
والدراك الوجود في هذا الفص ،لذلك يمكن أن يشار إليه لا فيه من هذه الراكز والمكانات ،بأنه
النطقة السؤولة عما يصدر من الخطأ والصواب في مجال السلوك ،لنه مسؤول عن طريق التحكم
في النطق والنظر ،وجميع الحركات الرادية لكل أجزاء الجسم ،وهذا ما جعلهم ييعلنون بأن
الوظائف الحركية عند النسان ،وتصفاته تخضع للوعي والدراك الوجه من قبل الفص المامي
وبالتالي فإن النسان له القدرة على التحكم في سلوكه ،إنطلقاا من إعتبارات ومعلومات تيم
تخزينها وترسيخها مسباقا داخل الفص المامي ،الـيمتض د حمن للرادة الحرة الركوزة في مناطق الحركة
الرادية .
يقول الدكتور ''مايكل كول'' الخصائي في علم العصاب الدراكي في الوقع اللكتوني لجامعة
واشنطن في سانت لويس'' :هناك أدلة على أن قشة الفص المامي هي منطقة الدماغ الت تتذكر
وتحتفظ بالهداف والرشادات ،الت تساعد النسان على الحفاظ على فعل ما هو مطلوب عند
القيام بمهمة ما ،كما أن التواصل الفعال لهذه النطقة مع الناطق الخرى للدماغ من شأنه أن
ولقد أثبتت البحوث الكلينيكية أن تلف الفص المامي عند النسان يؤدي إلى فقدان التحكم في
سلوكه الجتماعي ،والقدرة على إستعمال اللفاظ والتحكم في الحركات والتصـرفات مع تدهور
قدرة التكي ،وروح البادرة لحل الشكلت الت تحتاج لقدرة عقلية متمـية ،إضافة إلى فقدان
الشعور بالسئولية وتد د حني العايي الخلقية ،وهذا دليل قوي على أن الفص المامي يقوم بجميع
الوظائف الواعية الرتبطة بحرية الختيار بي الفجور والتقوى ،وهكذا تيم إيجاد تفسي فسيولوجي
أو عضوي للسلوك النساني ،وبالتالي ''مفهوم النفس'' ما هو إل نشاط الجهاز العصب ،الذي
يقوم بتفسي رد الفعل إلى معناه الوجود في بنك الذاكرة الخصص لذلك ،فتتيكون للنسان فكرة
وإنطلق اا من هذه الفرضية أصبح الطب النفس الحديث يهتم بعلج الدماغ ،ونظام الجهاز العصب
والغدد الصماء لعادة التوازن للنشاط السلوكي ،حت يتميكن النسان من القيام بوظائفه على النحو
المثل ،بما يحقق توافق اا عن طريق التعامل مع الثيات داخلية كانت أو خارجية من حيث إستقبالها
وإدراكها ،وفهمها وتقويمها لتحقيق الستجابة الناسبة ،الت يتحدقق من خللها عمليات الضبط
وفي الونة الخية عرف علم الجنة وهو علم يهتدم بدراسة تنامي الجني ،وتشدكل أعضائه
والليات الت تتضمن عملية تناميه تطوراا مذهلا ،حيث أصبح مجال بحث مهم لدراسة التحكم
الجين في عملية التطور بفضل تطور الجهزة ،كالـمجهر اللكتوني وآلت التصوير ذات البعاد
الثلثية ،وجهاز اللتاساوند الرباعي البعاد ،وهكذا تيم فتح نافذة على رحم ا ي
لم لكشف أرسار
ذلك الكائن البشي وفك غموضها .وهذا التطور ميكن علماء الحياء البيولوجي النمائي اليوم من
فهم آلية تشدكل بنية الدماغ ،وقد تبيي لهم بأن الواليد الجدد يعتمدون في مرحلة مبكرة جداا على
الستعدادت الفطرية ،البمجة في قشة الدماغ لتوجيه خياراتهم ،وهذا ما أشار إليه الحق
سبحانه في قوله '':فطرة الله الت فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكث
والفطرة لغة :الخلقة واليجاد ،وإصطلحاا :الستعدادت والقدرات والقابليات البدنية ،
والوجدانية والعقلية اللزمة ،لخلقة النسان منذ بداية تكدونه ووجوده بشكل طبيعدي .
إن الجني منذ وجوده في بطن أمه يبدأ بالتصف من حيث الفطرة ،الت هي بمثابة ''البمجة
الولى'' ،وهي الت ييمكن أن متتيتب عليها ويتبن كل معرفة بعديية ،ولقد اندهش العلماء عندما
لحظوا في بداية السبوع الثالث والعشين أن الجني في رحم أمه يحس باللم ،ويتجاوب مع
الدبدبات الصوتية إنفعالياا ،حيث تظهر عليه علمة الفرح أو الحزن ،إضافة إلى أنه يبكي تارة
ويبتسم أخرى ،قال تعالى '' :قال ربنا الذي أعطى كل شء خلقه ثم هدى'' -طه - 50
والهداية الربانية كامنة في الفطرة ،الت هي أداة العرفة الولى الحاكية عن أرسار السلوك
النساني ،الذي هو منقادد طبقاا للتوجهات الفطرية ،مثلا :طلب العلم والعرفة يعدب عنهما بفطرة
حب الستطلع ،وطلب القدرة يعدب عنه بفطرة حدب السلطة … ، .وإذا أمعدنا النظر في جميع
السلوكيات سنجد بأن النسان ليسعى دوماا وبالشكل الصحيح لتلبيتها ،بل قد تيقجمرف الفطرة وراء
القيم النح دطة السائدة في الجتمع ،بحسب ما يختاره ذاك الشخص بإرادته ،وإن كان القضاء على
وهذه القدرات الفطرية لها قابلية التطور والتشكل في قالب الجتمع وهي كالتي :
* الستعداد :فطرة تدل على أن النسان منذ ولدته له إستعداد لدراك ،وفهم بعض المور دون
الناسبة ،وقد يظل الستعداد كامنا ل يظهر أثره إذا لم تهيء له الظروف .
ويرى ثورندايك وهو عالم نفس أمريكي بأن الستعداد للسلوك يعن إمكانية القيام به كنتيجة
للتهيؤ العصب ،فالجوع مثل قد يعن إستعداد الفرد للقيام بالبحث عن الطعام لا له من أثر
إشباعي ،في حي أن ما ل يقوم به مؤش على عدم الستعداد .
* القدرة :ما يستطيع الفرد أن يقوم به فعل ،ففعله هو أثر لوجود فطرة القدرة فيه ،وهذه القدرة
مطلقة في حدودها ،ومقيدة بما يحمله النسان من أفكار وقيم ،لن القدرة على الفعل ل تدفع إلى
الفعل ،وإنما وجود القابلية لديه على القيام أو المتناع حسب ما يحمل من قناعات .
* قابلية الفاضلة :فطرة يكون بها النسان يمستعداا للمفاضلة بي شيئي أو أمرين -حرية الختيار-
قصد القبول أو الرفض ،لذا يمكن تفسي قابلية الفاضلة بأنها هي الهداية البتدائية عند كل كائن .
فالحق سبحانه أعطى كل موجود خلقه الختص به ،ثم هداه إلى ما خلقه له من أعمال بإرادته
لجلب ما ينفعه ودفع ما يضه ،وعليه فإدن هداية الرضيع لحلمة الم قصد الرضاعة ،هو ثبوت أدن
هذا الحس له جذور في الفطرة وليس ناتجاا عن العادة .وقابلية الفاضلة تنمو وتتطور بفضل العلم
والعرفة والخبات ،الت ييدحركها النسان عن طريق التعقـل فتصبح هداية دللة وبيان وإرشاد ،لذا
ح قل الحق سبحانه بي أحد من خلقه وبي هذه الهداية ،بل منحهم الستعدادات والقدرات الت
لم مي ي
تساعدهم على إدراكها وإكتسابها ،وهذا أمر مقدور عليه لن توفر له الستعداد والقدرة ،قال تعالى:
''ويزيد الله الذين اهتدوا هدى'' -مريم ، - 76لذا فقابلية الفاضلة لها وظيفتان :
* الوظيفة الولى :إدراك بعض المور وفهمها من دون أي تع دلم أوتعليم ،وهي مشتكة بي جميع
أفراد النوع النساني ،ولولها لا استطاع النسان البقاء والستمرارية في الحياة ،فهو يمارسها
* الوظيفة الثانية :التصديق والعتقاد بما يتصوره ويفهم معانيه ،من قبيل إدراكه بأن النار تحرق
وتسبب له اللم إذا لسها ،وبالتالي فهو يبن تصفاته على أساس مثل هذا العتقاد حت لو لم
يتوجه إليه أو يصح به ،وهذا الدرك هو أصل التفكي النساني ،ولوله لا استطاع النسان
وقابلية الفاضلة يتو دلد عنها الفعل الرادي بعد التجيح الفكري ،أي التعدقـل الذاتي للموضوع قصد
تحديد نوعية الستجابة ،الت هي ليست فعلا تلقائييا أو إنفعالييا أو نتيجاة لدافع غامض ل ندركه
بل هي نتيجة محاكمة عقلية وفكرية ،وبالتالي فكدل تصف مشيوه ش هو نتيجة لتفكي غامض
ومضطرب .وبقدر ما تكون أفكارنا سليمة بقدر ما يكون السلوك رصيناا ومتناا ،وعلى هذا الساس
يمكن القول بأن سلوك الؤمن هو نتيجة تطور تعدقلي متوافق مع تطور روحي ل ينتهي ،أداته
البصية القائمة على تأمل وتددبر الشياء ،وإدراك خفاياها وعواقبها وإستشفاف نتائجها ،قال
تعالى '':قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصية أنا ومن اتبعن وسبحان الله وما أنا من
إن الؤمن الصدوق يجب أن يتصف وفق الفطرة ،وأن يستخدم الشياء بحسب فطرتها والغاية الت
خلقت ،لن الش ل ينشأ من خلق الشء بذاته ،بل ينتج عن إستخدامه في أغراض غي
من أجلها ي
صف النسان بخلف فطرته سيظهر الش والفساد ،قال تعالى'' :ظهر الفساد
ما خلق له ،ومت ت ي
في الب والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون - ''.الروم - 42
والفطرة والغريزة كلهما يرجعان من جهة الصل إلى معن واحد ،ولكن نجد في العم الغلب
تطلق الفطرة على اليول ،والرغبات التعالية والسامية للنسان ،وبالتالي فهي مرتبطة بالقدرات
العقلية ،أما الغريزة فهي تدور في فلك المور الادية ،وتطلق على اليول والرغبات الت لها خلفية
فييائية أو كيميائية ،حيث يكون لها عضو خاص في البدن يكون مظهراا لتحريك ،وتحفي تلك
السلوك هو الفنسان
السلوك :جميع أوجه النشاط العقلى والحركى والنفعالى والجتماعى ،الــت يقــوم بهــا الفــرد لكــى
يتوافق ويتكيف مع بيئته ،ويشبع حاجاته ويحل مشكلته ،وقد يحدث بصورة لإراديـة أو بصـورة
إرادية ،وعندها يكون بشكل مقص ود وواع ي ،وه و لي س شـيئاا ثابت اا ولكن ه يتغــي ويتـأثر بعوام ل
* السلوك الظاهري :الفعال وردود الفعال والستجابات الظاهرية ،أي تفاعل النسان مع البيئة
* السللوك اللداخلي :ل يمك ن رؤيت ه مـن الخ ارج مثـل التفكـ ي والتـذكي ،والدراك والنفع ال …
* الللدواافع الفطريللة :تولــد مــع النســان كالســتعداد والقــدرة والقابليــة ،ففطــرة حــب البقــاء تــدفع
النسان إلى حب الحياة ،وفطرة المومة تدفع إلى العاطفة والحنان إلى غي ذلك من الفطرات .
* الللدواافع التكتسللبة :مــا يتشــبع بــه الفــرد مــن قييــم وأفكــار وعــادات وتقاليــد ،إنطلقــاا مــن البيئــة
-1البعد العدقلي :إن السلوك النساني صادر عن قوة عاقلة ناشطة ،وفاعلة في معظم الحيان .
-2البعد الوجدافني :إن السلوك النساني صادر كـذلك عمـا يح س ويشـعر بـه النسـان إتجـاه ذاتـه
والخرين .
-3البعللد الجتمللاعي :إن الســلوك يتــأثر بـالقيم الجتماعيـة ،والعــادات والتقاليــد العمــول بهــا فــي
الجتمع ،وهو الذي يحكم على السلوك على أنه مناسب أو غي مناسب.
وأهم ما يمي النســان هــو قــدرته وإســتعداده وقــابليته لتطــوير ســلوكه عــن طريــق التعلــم وإكتســاب
الخبة ،مما يمكنه من إتخاذ القرارات العقليه بالقيام بأفعال معينه ،أو التودقف والمتناع عن القيام
بأفعال أخرى ،وبالتالي فإن سلوكياته وتصفاته تنبء عن طابعه الشخصـي .
-1خاصية التنبؤ :إن السلوك النساني ليس ظاهرة عفوية ول يحدث نتيجة للصدفة ،لذا يعتقــد
معدلي السلوك بأن كلما ازدادت معرفتهم بالعوامل البيئية ،وكانت تلك العرفة بش كل موض وعي إل
-2خاصية الضبط :إن الضبط في ميدان تعديل السلوك عادة ما يشــمل تنظيــم ،أو إعــادة تنظيــم
-3خاصية الدقياس :إن علماء النفس طوروا أساليب مباشـرة لقيـاس الســلوك ،كاللحظــة وقــوائم
التقدير والشطب ،وأساليب غي مباشة كإختبارات الذكاء وإختبارات الشخصــية ،وإذا تعــذر قيــاس
السلوك بشكل مباش فمن المكن قياسه بالستدلل عليه من مظاهره الختلفة
ولقد أكدت دراسة ينـشت في ''مجلة علم العصاب الدراكي'' بأنه يمكن توقع القرار ،الذي سيتخذه
النسان بنا اء على نمط النش اط الكهرب ائي فـي ال دماغ ،وتس تند الدراس ة إل ى التجرب ة ال ت أجراهـا
العاحلم الميكي ''بنجامي ليبيت'' ،حي ث نشـ ر بحث اا مـؤ دداه أن الق رار ال ذي يتخـذه النس ان يج ري
إتخاذه في الدماغ قبل أن يكون النسان علــى وعــي بــه ،بمعـــن أن قبــل حالــة الــوعي بــالقرار يمكــن
رصد تغـي سابق في الدماغ ،مثلا القرار بتحريك اليد يجري إتخاذه أول ا في الــدماغ ،فيبــدأ الــدماغ
فـي إرســال أوامـر عصــبية لليـد لتتحـرك قبـل أن يقـرر الفـرد أن يحركهـا ،وليـس مـا كنـا نعتقـد بـأن
إن تحريك اليد هو إرادة قبول الستمرار في تنفيذ القرار ،وهذا ل يعـن بأن مــادامت القــرارات تتخــذ
في الدماغ قبل أن يعي الفرد بها ،فهي علميات بيولوجيــة وعصــبية فــي الــدماغ فقــط ،وأن البســان
أصبح عبارة عن ''ربوت'' .فالعالم''ليبيت'' جعل حرية الرادة في حدود ردود الفعال ل في إنشائها
وإبداعها ،وبالتالي فهو يدعو إلى تصحيح مفاهيمنا وأفكارنا ،لعــادة ترتيــب تصــوراتنا عــن الرادة
الحرة ،فالصورة النمطية تقول إن النسان يعي أول ما يريد فعلــه ،ثـم يتخــذ القـرار بنـاء علــى هــذا
الوعي ،بينما العالم ''ليبيت'' يعكس الصورة لتكون أن القرار ينشأ أول ،ثم بعد ذلك يعيــه النســان
وكما ن يحشت دراسة بدورية "مجلة علم العصاب" أكد فيها الــدكتور ''مارســيل بــراس'' البــاحث بمعهــد
ماكس بلنك للدراك البـشي وعلوم الدماغ بجامعة غنت بألانيا ،بأن منطقة الدماغ الســؤولة عــن
قبول الستمرار في تنفيذ القرار أو نقضه منفصلة عن نظيتها السؤولة عن تقرير الفعل نفسه ،وهو
ما يفـس إندفاع البعض نحو القيام بفعل ما مقابل تـر ددد البعــض الخـر ،وبالتـالي فـإن القــدرة علــى
إيقاف فعل ما تم العداد له ،ث م أعيـد النظـر فيـه تقـ ددم تميــياا هام اا بــي السـلوك الـذكي والسـلوك
إن سلوك النسان بفرعيـه الرئيسـديي ال دتعلــم والتحكــم هــو نتيجــة مباشـــرة للتعدقــل ،ومـا يزيــد هــذه
الفرضية تأكيـدا هـو أن النســان أثنـاء النـوم يكــون فــي حالـة مـن الغيبوبـة ،حيـث تتوقــف الحــواس
الباشة عن الدراك ،ويهدأ الجزء العلوي من الدماغ ،الذي يسيطر على التفكـي والفعال والشــاعر
الرادية ،ويبقى جذع الدماغ مستسل في العمل ،وهو الذي يســطي علــى مركــز التنفــس ،والتحكــم
وبما أن النوم هو حبس للفعال والشاعر الرادية ،فالنسان منقطع عن العمل الرادي الذي ييجــزى
عليه – الثواب والعقاب ،-وبالتالي فالله قد مأقومقف جريان القلم عليه كما ييوحقفه عن اليت ،لن النائم
ص ار ل يمل ك إرادة لرتك اب س وء أو فع ل خــي ،وبالت الي ف القلم ل يج ري بعم ل النسـان وي دحدون
خـيه وشـره إل إذا كان حدياا عاقلا ،وواعياا ومالكاا لرادته الحرة الت تمكنه من الفاضلة .
قال تعالى '' :الله يتوفى النفس حي موتها والت لم تمت في منامها فيمسك الت قض عليها الــوت
ويرسل الخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون - ''.الزمر - 42
إذ اا نشاط الجهاز العصب بما في ذلك من تأمل وتدبر ،وتفكر وإستنتاج ومفاضلة وإرادة حــرة ،كــدل
هـذه العوامـل هـي الحــ حدددة لنوعي ة ســلوك النسـان ،الـذي سـيجزى علي ه إمـا ثوابـاا أوعقابـاا ،وهـذا
النشاط يستطيع النســان إمــا أن يزكيــه أو يدســه ،لن الحــق ســبحانه وهبــه قابليــة الفاضــلة بـــي
الفجور والتقوى ،وهذا هو الراد -الله أعلم -من قول الحق ســبحانه '':ونفــس ومــا ســواها .فألهمهــا
فجورها وتقواها .قد أفلح من زكاها .وقد خاب من دساها - ''.الشمس- 10 - 7 -
السلوك اليمافني
إن الفكر ل يقبل الفراغ فإذا لم تمله بالفكار اليجابية فسوف تملؤه بالفكار السلبية ،لن السلوك
ليس من المور الطبيعية الحتميية الت ل يملك النسان أن يصحدوبه ويقحدومه ،بل طبيعته متحدركة
ومنفتحة على الخـي أو الـش ومؤدية إما إلى الفجور أو التقوى ،وتصويبه يعن إخضاعه لتعقـل
النهج الرباني الذي ييم د حثل قوة حركية فعلية أثناء اليحاء بالفاضلة والستتاج لختيار السلوك
وعندما يستقيم الفكر فإن النسان يتحرك على خ د حط الصاط الستقيم ،وهذا السعى يحتاج للرادة
والعزيمة لتقويم قابلية الفاضلة ،وتوجيهها نحو الصواب بفعل الوعي والدراك اليماني ،البن
إن الحق سبحانه بيي لعباده الفق العملي في بيان آثار اليمان على السلوك ،وربط قضايا اليمان
بالتوجهات العملية للمؤمني ،ليصفوا جهدهم و طاقتهم لحسان العمل ،وتعميم النفع والستعداد
للمحاسبة ،ولقد اشتمل القرآن والسنة على عدد هائل من هذه النماذج السلوكية في كيفية التصف
في مختلف مواقف الحياة ،مما يفرض علينا ضورة دراسة وتحليل هذه النماذج والهارات
السلوكية والتدريب عليها ،بل وضورة تأسيس علوم جديدة في فقه السلوك تهتم بدراسة تلك
الساليب السلوكية ،وتطويرها لتتناسب مع العص وظروفه ،قال تعالى'' :إن الله ل يغي ما بقوم
عنه سلوكاا منحرفاا ،لنه مبن على إتجاهات غي تعدقلية ،وبالتالي ل يمكن تصحيح السلوك إل
عن طريق تغيي العارف والفكار الغلوطة ،لن فطرة قابلية الفاضلة ل تنمو وتتطور إل عن
طريق التبية والتعليم ،الستمدين أسسهما من النظومة الفكرية للمنهج الرباني .
و تعديل السلوك واجب إيماني يعتمد على الجراءات الستندة على إجراء تحليل عملي ،يرتكز على
إستخدام الطرق التجريبة وليس الفتاضية ،البنية على دراسه شاملة للظروف الؤدية لحصول
السلوك القابل للملحظة ،مع مراعاة الفروق الفردية في عملية تعديل السلوك ،فليس كل الفراد
- 1النظرية الذاتية :يحتاج الفرد إلى تبصي بقدراته وإمكانياته ،ومعرفة مدى قابليته للتغيي
مع التوجيه إلى حسن توظيف هذه القدرات ،لتغيي الرؤيا الذاتية من رؤيا سلبية وإنهزامية إلى
- 2النظرية العدقلفنية :ترى أن هناك علقة بي الفكار الت يملكها الفرد وسلوكه ،فإن كانت
الفكار غي منطقية فإن السلوك يصبح غي سوي ،وبالتالي يجب إعادة البناء العرفي ،لن تغيي
السلوك يتم بتغيي العمليات العرفية غي الوظيفية وغي التصلة بالواقع .
- 3النظرية السلوكية :ترى أن السلوك النساني عبارة عن مجموعة من العادات ،الت يتعلمها
الفرد ويتكسبها أثناء مراحل نموه ،وأن السلوك النساني مكتسب عن طريق التعلم ،وسلوك الفرد
- 4فنظرية الرشاد بالواقع :تعتب السلوك الراهن جزء من الواقع ،وترى أن الصحة النفسية ل
تؤدي إلي السلوك السؤول ،وإنما السلوك السؤول هو الذي تنتج عنه الصحة النفسية .
- 5فنظرية التحليل النفس :ترتكز على تحليل العمليات العقلية اللشعورية ،وبيان العلقة بي
الشعور واللشعور ،الذي يكون مخيزن على شكل أفكار ومخاوف ،ورغبات مكوبوتة ليعيها النسان
وكل هذه الجراءات يجب أن تنبن على مباديء الشيعة السلمية وأحكامها ،من أداء الواجبات
والعمل بالطاعات وتجنب النكرات والشبهات ،حت تظهر آثارها في إستقامة السلوك .
عن أبي هريرة رض الله عنه قا :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم '':اليمان بضع وسبعون
شعبة فأفضلها قول :ل إله إل الله ،وأدناها إماطة الذى عن الطريق ،والحياء شعبة من اليمان''.
الطريق ،والحياء شعبة من اليمان '' ،فددل الحديث على أن بعد كلمة التوحيد فإن مفهوم اليمان ل
يستقيم إل بإستقامة السلوكيات التفاوتة في مراتبها ،والطلوب هو التصاف ولو بالحد الدنى من
كل سلوك ،ليصبح السلوك اليماني رائداا أول ا في تصحيح العتقاد والصلة بالحق سبحانه .
جاء في ظلل القرآن لسيد قطب '' :إن اليمان الصحيح مت استقر في القلب ظهرت آثاره في
السلوك ،والسلم عقيدة متحركة ل تطيق السلبية ،فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك
لتحقيق مدلولها في الخارج ،ولتتجم نفسها إلى حركة وإلى عمل في عالم الواقع''.
إن السلوك اليماني هو الذي يكون صادراا عن وعي ،وهذا يتطلب حضوراا ذهنياا قوياا لصدار أحكام
قيمة على السلوكيات ،الت يرفضها أو يتقبلها الؤمن بنااء على قناعاته الفكرية بالنهج الرباني ،لن
في حالة غياب القناعة الفكرية يحدث تنافر بي الفكر والسلوك ،فينتج خلط عجيب وتخبط مريب
في فهم السباب والدوافع ،مما يؤدي إلى تدهور السلوك تدهوراا يطال كل أوجه الواقع ،لن
القناعة الفكرية تع دد شـرطاا مسبقا لضبط وتصحيح السلوك ،لينطلق الؤمن من الباديء والعقائد
الت تبن الذات الواعية ،ليصبح سلوكه واقعاا يلمسه الجتمع ويتأثر به ،ويشعر به كواقع عملي
يستهدف بناء الحياة النسانية إنطلق اا من رؤى فكرية ،تخضع للتطور من أجل بلورة آفاق الوعي
وإستلهام قدراته البداعية والبتكارية ،وتوظيفه توظيفاا مقتدراا على إصلح أحوال الجتمع ،وهذا
هو الدخل الساسـي لتسي خ السلوك اليماني ،الذي ليس يمجيرد فضيلة منفردة بذاتها ،بل هو
أسمى من ذلك لنه يع دد إرشاداا تعدقلياا لتصحيح السلوكيات النحرفة ،وما يصاحبها من خلل
إنفعالي .
والسلوك اليماني إذا سكن أعماق الذات الواعية ،تحرك بقدرة إستجابة لمثيل لها عند الشعور
بالتناقض بي الفكر والسلوك ،فيح د حفز الؤمن على تعديل سلوكه الذميم من خلل مراقبة الرء ذاته
بناهة وتجرد ،ليتمكن من مشاهدة ذاته الحقيقية ،ويتعامل معها بالحكمة والتعدقل لفتح باب
التقدبل والنفتاح والرونة ،لينشء علقة صحدية وسليمة بي السلوك والواقع ،لكتساب قيمة
سلوكية يتح حددد علقته بالخر وعلقته بالحق سبحانه ،لن سلوكه هو الوحيد الذي يعطيه كوندية
ممكنة لسئلة الواجب والضمي ،وهي ك دلها نابعة من مبدأ رئيـس هو إستبدال لـمنطق حدب البقاء
إن النسان بما اكتسب رهـي إن شاء ارتقى وإن شاء نكص على عاقبيه ،ول يمكن تعديل السلوك
حدق في الحرية الباحثة عن
وتصحيحه إل عن طريق الفاضلة والستنتاج ،فإذا كان للنسان م
الحكمة ،فهناك أيضاا واجدب إيماني يلزمه إذا وجدوها عليه أن يعتنقها ،ويؤمن بها لنها وحدها
تقدر أن تسوقه إلى الكمال ،فالحكمة ضالة الؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها .
والعقيدة السلمية عقيدة سلوكية في القام الول وليست مفهوماا ذهنياا مجرداا ،والسلوك في
السلم ل قيمة له إذا لم يكن منبثقاا من هذه العقيدة مطابقاا لقتضياتها ،لذا وجب على الؤمن أن
تكون سلوكياته صادرة عن هدى من الله ،وإستجابة لمره وحب التقرب إليه ،ومسؤولية الؤمن
عن سلوكه تنحص في نطاق ما يدخل في وسع تعقـله ،ونسبة السؤولية تتناسب طرداا وعكساا مع
مقدار الستطاعة ،فما كان من الطباع الفطرية قابلا للتعديل ولو في حدود نسب جزئية كان
خاضعاا للمسؤولية ،إنطلقاا من نسبة التعدقـل وقوة الرادة والعزيمة ،فمت صمم الؤمن بإرادته أن
يكتسب سلوكاا إيمانياا ،فإنه يستطيعه بفضل توجيه تعدقله طبقاا للمنهج الرباني ،لذلك فهو مسؤول
عن إكتساب القدر الواجب شـرعاا منه ،وبالتالي على الؤمن أن يمارس اليمان الذي يتمدي بالتعدقل
لنه ملكة لزمة لدراك الوازع الخلقى ،فهو الذى يوجه النسان إلى الحسن ويمنعه عن القبيح
وبه يف د حرق بي الحق والباطل وييق د حيم المور ،وهو يزيد باليمان و يخفت حت ينطفئ بسبب الكفر
والضلل ،وبالتالي فهو جوهر إنسانية الؤمن ،وهو الحجة البالغة عليه يوم القيامة .
إن السلوك اليماني ليس شيائا خارج منطقة التعقل ودائرة التفكي ،ييؤخذ بالتسليم الطلق وإن لم
يسانده الدليل والبهان ،الذى يفتح أبواباا من الحكمة الربانية الت ل تنتهى ،عن ابن عباس رض
الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" :لكل شء آلة وعدة وإن آلة الؤمن العقل
ولكل شء مطية ومطية الرء العقل ،ولكل شء دعامة ودعامة الدين العقل ،ولكل قوم غاية وغاية
العباد العقل ،ولكل قوم داع وداعي العابدين العقل ،ولكل تاجر بضاعة وبضاعة الجتهدين العقل
ولكل أهل بيت قييم وق ييم بيوت الصديقي العقل ،ولكل خراب عمارة وعمارة الخرة العقل ،ولكل
امرئ عقب ينسب إليه ويذكر به ،وعقب الصديقي الذي ينسبون إليه ويذكرون به العقل ،ولكل
لذا فالناس يستد دلون على التعدقل بما يصدر عن النسان من سلوك ،لن اليمان ل يمكن مشاهدته
ولكن ييستدل عليه بالعراض عن رذائل العمال ،والرغبة الكيدة فى إسداء صنائع العروف
مرضاة للحق سبحاته ،قال تعالى '':من عمل صالحاا من ذكر وأنث وهو مؤمن فلنحيينه حياة
الخي أصيلا ثابتاا يستند إلى أصل كبي ،ل عارضاا مزعزعاا يميل مع الشهوات والهواء حيث
تميل ،وإن العمل الصالح مع اليمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الرض''.